المختصر الفقهي لابن عرفة

ابن عرفة

بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على سيدنا محمد وسلم قال الشيخ الفقيه الإمام العالم العلامة أبو عبد الله محمد بن محمد بن عرفة الورغمي التونسي رضي الله عنه: الحمد لله الواحد الأحد سمعًا وعقلًا، واهب العقل وباعث الرسل رحمة وفضلًا، الغني لذاته عن خالص عبادة خلقه قولًا وفعلًا، الحاكم بينهم فيما اختلفوا فيه فرعًا وأصلًا، الموفي كلًا بعلمه فيه يوم تجد كل نفس ما عملت قسطًا وعدلًا، وصلى الله على خاتم رسله وأنبيائه سيد ولد آدم محمد المخصوص بعموم الدعوة وقبول الشفاعة العامة إعجازًا ونفعًا، الفار عنها كل من سواه من خليل وكليم وروح وأب أصلًا وفرعًا، يوم تبلى السرائر وتشيب الأصاغر، وتفر إليه الأمم وترًا وشفعًا. وبعد: فهذا مختصر في الفقه المالكي قصدت فيه جمع ما يحصل بهدي الله تحصيله ذكر مسائل المذهب نصًا وقياسًا، معزوة أقواله لقائلها أو ناقلها إن جهل، فلا إجمال ولا التباسًا، وتعريف ماهيات الحقائق الفقهية الكلية، لما عرض من النقل والتخصيص، واعتبار الحقائق الجعلية، والتنبيه على ما لا عاصم منه من غلط ووهم واهم، ورد تخريج أو مناقصة بفرق قائم، سهل ارتقاء قنتهما، وخرق جنتهما، والاعتماد على متواتر قوله صلى الله عليه وسلم: «إنما الأعمال بالنيات» آجلًا، والاعتصام بنتيجة مقدمتي حال الناظر فيه

علمًا ودينًا عاجلًا، مستشهدًا بقول المدونة على من على غيرها اعتمد، أو غير سبيلها اقتصد، وذاكره لذاته مقررًا، أو لحاجته لتفسير أو تقييد محررًا، سالكًا، في ذلك وسط الإيجاز والاختصار، حرصًا على سرعة الفهم والاستبصار، مستعينًا بالله وعليه متوكلًا، وإياه أسأل أن يجعله لكل خير محصلًا، ولكل فضل متممًا ومكملًا.

كتاب الطهارة

[كتاب الطهارة] الطهارة: صفة حكمية توجب لموصوفها جواز استباحة الصلاة به أو فيه أو

باب النجاسة

له فالأوليان من خبث والأخيرة من حدث. [باب النجاسة] والنجاسة توجب لهم منعهما به أو فيه، والحدث يأتي.

باب الطهورية

[باب الطهورية] والطهورية توجب له كونه بحيث يصير المزال به نجاسته طاهرًا. [باب التطهير] والتطهير: إزالة النجس أو رفع مانع الصلاة.

باب الماء الطهور

وقول المازري وغيره: الطهارة إزالة النجس أو ما في معناه بالماء أو ما في معناه، إنما يتناول التطهير، وهي غيره لثبوتها دونه في ما لم يتنجس وفي المطهر بعد الإزالة. [باب الماء الطهور] فالماء الطهور ما بقي بصفة أصل خلقته غير مخرج من نبات ولا حيوان ولا مخالط بغيره.

وقول ابن الحاجب: "الباقي على أصل خلقته" يبطل طرده ماء الورد ونحوه ولا يجاب بإطلاقه المطلق، لأنه المعرف ومثله ما سخن أو برد. اللخمي: وما كان عن برد أو جليد.

وروى علي: والندى يجمع من الورق. والمغير بمكث أو مجاور أو ملازم غالبًا كطحلب أو حمأة، أو محل جريه شب أو تراب كذلك، وفي كون نقلهما كذلك ثالثها: التراب لا غيره لنقلي المازري عن الأصحاب، وعبد الحق. وجعل اللخمي الأول المذهب، وابن بشير المشهور، وبه أفتى ابن رشد وبنقيضه ابن الحاج. وقول ابن عبد السلام: يصح تقسيم الماهية باعتبار أنواعها تارة وباعتبار أوصافها أخرى، يرد بأن قوله: باعتبار كذا إن أراد به كل ما تنقسم به الماهية بطل قوله: "باعتبار أنواعها"، لأن الماهية لا تنقسم بأنواعها، بل بفصولها، وإن أراد به ما تنقسم إليه بطل قوله: "باعتبار أوصافها"، لأن الماهية لا تنقسم لأوصافها ضرورة بطلان قولنا: الجسم ينقسم إلى حركة وسكون. وقول ابن الحاجب: "المغير بالدهن طهور"، وقول ابن عبد السلام: حقه أن يستغنى عنه بالمجاور، لأنه يجاور ولا يمازج، يرد بأن ظاهر الروايات وأقوالهم: كل تغير بحال معتبر وإن لم يمازج.

ونص ابن بشير: "المغير بمخالطة الأدهان غير مطهر"، ونقل عبد الحق عن ابن عبد الرحمن عن الشيخ والقابسي: "ما استقي بدلو دهن بزيت غير طهور". الشيخ: روى علي: لا بأس بمغير ريحه بحمأة أو طحلب إن لم يجد غيره. وفي كون الملح المنقول كتراب، ثالثها: المعدني لا المصنوع لابن القصار والقابسي، والباجي. ابن رشد: "في طهورية ما ذاب منه الثلاثة" ولم يعزها. وفي طهورية المتغير بحبل استقائه ثالثها: إن لم يكن تغيره فاحشًا لابن زرقون وابن الحاج، وفتوى ابن رشد، في المغير به أو بالكرب. وفي متغير الريح بحلول طيب لا يتحلل كالعود نقلا المازري عن بعض الناس وبعض أصحابنا. قال: وعليه نزاع المتأخرين في المغير ببخور مصطكى. قلت: جزم اللخمي بإضافته صواب. وفيما غير لونه ورٌق أو حشيٌش غالب ثالثها: يكره للعراقيين والإبياني، وقول السليمانية: تعاد الصلاة بوضوئه في الوقت.

وروى ابن غانم فيما تغير لونه وطعمه ببول ماشية ترده وروثها: "لا يعجبني الوضوء به ولا أحرمه". الباجي: لأنها لا تنفقك عنه غالبًا، كقول العراقيين. اللخمي: "لأنه كثير تغير بطاهر قليل"، وجعل في سلب طهوريته وكراهيته قولين، وتبعه ابن رشد مفتيًا بطهورية ماء البئر المتغير بالخشب والحشيش اللذين تطوى بهما. وما خولط ولم يتغير كثيره طهور- ولو بنجس- اتفاقًا عند الأكثرين. ابن رشد: شذت رواية ابن نافع في الكثير بنجس. ابن زرقون: روى كراهته، وأشار لها التونسي، وسمع موسى ابن القاسم: ما عجن بماء بئر وقعت فيه نجاسة طرح. ابن رشد: نحا لنجاسة كثير الماء بيسير النجس، وروى علي نحوه. وفي كراهة اغتسال جنب قبل غسل أذاه في كثير راكد يحمل أذاه سماع ابن القاسم وقوله مع ابن رشد عنها.

وفي قليله بطاهر طرق: اللخمي: طهور اتفاقًا. الباجي عن القابسي: غير طهور، المازري عنه: مكروه. ابن رشد: اتفاقًا اتقاه القابسي، فعليه يتوضأ ويتيمم. ابن زرقون: في طهوريته ثالثها: مشكوك فيه يستعمله ويتيمم للمشهور والقابسي مع أصبغ وغيرهما. وفيها: لا يتوضأ بماء، بل فيه طعام أو جلد أقام به أيامًا، ولو أخرج مكانه جاز منه الوضوء، وليس قلة مقام الخبز به كالجلد ولكل شيء وجه فأخذ منها القولان بناء على أن الطول مظنة المخالطة أو التغير. وسمع ابن القاسم: "لا بأس بماء وضوئه إن أدخل فيه أصبعه أو سواكه بعد جعلهما في فيه". ابن رشد: ما لم يكثر البصاق. وفي قول ابن الحاجب: "في تقدير موافق صفة الماء مخالفًا نظر" نظٌر، لأن الموافق قل أو كثر في قليل أو كثير الروايات والأقوال واضحة ببيان حكم صوره، ولا شك في عدم قصر الحكم على التغير المحسوس ولذا قيل ما قيل في مسألة القباسي، وتقدير الموافق مخالفًا قلٌب للحقائق كالمتحرك ساكنًا. وما توضئ به إن كان بعضو مستعمله ما يحرم به فمخالط وإلا ففي طهوريته ثالثها: إن كان وضوء تجدد لا رفع حدث، ورابعها: مشكوك فيه يتيمم مع وضوئه لابن القاسم مستحسنًا تركه لغيره، ورواية ابن القصار عنه مع أصبغ وخلف عن روايته، ورواية الشيخ ورواية الطراز واللخمي عن ابن القصار عن الأبهري.

ابن حارث: اتفقوا على كراهته، ونقل القرافي في تعليل عدم طهوريته بأنه أديت به عبادة أو رفع مانعًا قولين، فإن انتفيا كماء الرابعة فطهور، وانتفاء أحدهما كماء طهر ذمية لزوجها من الحيض نقية الجسد أو ضوء التجدد على القولين- لا أعرفه. الشيخ: من أحدث ولم يجد إلا قدر وضوئه بمستعمل بعض أعضائه تعين. فخرجه اللخمي والصقلي على المستعمل وفيه نظر على ما مر، وكون كل عضو يطهر بانفراده أو لا، وفيها: "لا يتوضأ بماء توضئ به مرة ولا خير فيه". ابن القاسم: إن لم يجد غيره توضأ به أحب إلي، إن كان الذي توضأ به طاهرًا. فقال ابن رشد: خلاف. وغيره: وفاق، ورده ابن رشد بظاهر منع مالك إجزاء مسح رأسه يبلل لحيته برد باحتمال منعه لقلته. وفيها: "إن اغتسل في ماء حياض الدواب جنٌب غسل أذاه قبل دخولها فلا بأس به، وإن اغتسل في قصرية فلا خير في مائها، وإن كان غير جنب فلا بأس به". وفي طهورية قليلة بنجاسة، ونجاسته طرق: الخمي: ثالثها: يكره، ورابعها: مشكوك فيه لرواية أبي مصعب والمدونة وابن الجلاب. وعلى الشك في وضوئه به وتيممه لصلاة واحدة أو لصلاتين والتيمم مقدمٌ- قولا

ابن مسلمة مع ابن المجاشون وابن سحنون. فإن أحدث بعده فالأول اتفاقًا. ابن رشد: في طهوريته مكروهًا مع وجود غيره ونجاسته روايتا المدنيين والمصريين مع قول ابن القاسم أبو عمر: بالأولى قال ابن وهب. الباجي: الأربعة الأقوال للروايتين وظاهر المذهب ومن ذكر. وفيها: "إن اغتسل جنٌب قبل غسل أذاه في مثل حياض الدواب أفسدها". وفيها: لابن القاسم "إن شرب من إناء ماٍء ما يأكل الجيف والنتن من الطير تركه وتيمم"، فإن توضأ به وصلى أعاد في الوقت.

عبد الحق: تناقض. ابن بشير: أجيب بأن مراده جمعهما وبعده وبأن الإعادة في الوقت لرعي الخلاف. الباجي: أعاد في الوقت لصلاته بنجاسة. وتعقبه ابن بشير بأنها اختلطت بكل أجزاء الماء فلا تبقى بمحل واحد، يرد فإن أراد باختلاطها بكل أجزاء الماء ملاقاتها على المعية فمحال لقلتها وعلى البدلية غير لازم، ولم يذكره جواب تناقض، بل لتحقيق قول ابن القاسم: "طهور لرفعه الحدث" لقوله: يعيد في الوقت مكروه، لأن به نجاسة لإيجابه غسل ما ناله، واستظهر بقبول الشيخ قول بعض أصحابه: "من توضأ بماء نجس غير مغير، ثم اغتسل تبردًا، صح وضوءه" وينهض جوابًا بزيادة تقديم التيمم لرجحان صلاة المتيمم طاهر الأعضاء على المتوضئ نجسها كقول مطرف ورواية ابن العربي لو نال خفًا مسح في وضوء نجاسةٌ ولا ماء خلعه وتيمم، ولذا قيد البرادعي إعادته في الوقت بعدم علمه، لقوله فيها: "من توضأ بماء نجس ظنه طاهرًا أعاد في الوقت". وفي قدره طريقان: المقدمات: حده قدر ماء الوضوء تحله قطرة نجس، وقدر القصرية يحله أذى الجنب. البيان: في كون ماء الجرة والزير يحله ماء فوق القطرة نجسًا غير مغير له من القليل أو الكثير الذي لا يؤثر فيه إلا مغيره- معروف قول ابن القاسم مع روايته وسماع موسى منه.

ابن العربي عن المجموعة: ما إن حرك أحد طرفيه تحرك الآخر. وفيها: روى علي وابن وهب: "لا يعجبني الوضوء بسؤر الكلب القليل ولا بأس به بكثيره كالحوض ونحوه". وتقدم أذى الجنب في مثل حياض الدواب. المازري: والجاري كالكثير. وزيادة ابن الحاجب: "إن كثر المجموع، ولا انفكاك للجرية"- لا أعرفها. وقول ابن عبد السلام: "يعني من أصل الجري لمنتهاه"، وألحق "من النجاسة له" وهم، لأن ما يحفه يمنع غايته، إذ ما قبل النجاسة غير مخالط، وقول الكافي: "إن وقعت في جاٍر نجاسٌة جرى بها فما بعدها منه طاهر" مفهومه نجاسته. وما خولط وغير مخالطة لونه أو طعمه مثله، وفي اعتبار تغير الريح. ثالثها: إن تغير شديدًا للمشهور وابن رشد عن ابن الماجشون وسحنون من قوله: "من توضأ بماء تغير بما حل فيه تغيرًا شديدًا أعاد أبدًا". وقول ابن رشد مرة: ألغى ابن الماجشون تغير الريح مطلقًا، ومرة: إذا أنتن الماء واشتدت رائحته من موت دابة فنجس اتفاقًا، تناقض. وقول عياض: أجمعوا على نجاسة ما غير ريحه نجٌس، بعيد. وقول ابن بشير في قول ابن الماجشون: لعله بالمجاورة، يرده نقل الباجي عنه: "إن وقعت فيه ميتة لم تضره إن تغير ريحه فقط".

وما جعله بالفم مجه مفهوم سماع القرينين استحباب غسل يد من دلك أسنانه في مضمضته قبل دخولها إناءه، كراهته. وسمع موسى ابن القاسم: التطهير به. ابن رشد: ما لم يضفه ريقه. ابن زرقون: في التطهير به روايتا موسى عن ابن القاسم وأشهب، وقول ابن بشير في طهورية النجس: "يزول تغيره بلا نزح قولان"- لا أعرفه. وسمع أشهب: طهور ماء بئر الدور المنتن بنزع ما يذهب نتنه، وفيها لسحنون أثر قول ربيعة "إن تغير لون الماء أو طعمه نزع منه قدر ما يذهب الرائحة منه": "إنما هذا في البئر". وجهل الشيخ بعضهم بقوله في ماجلٍ قليل الماء وقعت فيه فأرة: "يطين حتى يكثر ماؤه فيشرب"، قال: فإن فعل شرب؟! ما تغير بموت برية سائلة النفس نجس. ابن رشد: وتطهير بئره بنزع ما يذهب تغيرها. اللخمي عن أبي مصعب: بكل مائها. ومن توضأ به أعاد أبدًا. ابن رشد: اتفاقًا. ابن زرقون: لابن شعبان عن ابن القاسم: في الوقت.

وما ماتت به ولم تغيره يترك إن وجد غيره، وإلا ففي طهوريته ونجاسته ثالثها: مشكوك فيه للمشهور وابن القاسم مع الشيخ عن سحنون، وهو مقتضى قول الباجي: رأيت له يهريقه ويتيمم، وابن الماجشون مع الباجي عن سحنون وابن زرقون عن أبيه: وعليه في كيفية التيمم والوضوء ما مر، وفي إعادة من توضأ به أبدًا أو في الوقت، ثالثها: إن علمه ليحيي وابن القاسم مع روايته مع علي وابن حبيب. وفي كراهة ما عجن به وحرمته كميتةٍ نقلا ابن رشد عن رواية السبائي وعن عيسى عن ابن القاسم. وفي سماع القرينين: لا يعجبني ويطعمه البهائم. وسماع ابن القاسم: "قمح بل به وقلي كالميتة" يحتمل كون الأول فيما لم يتغير والثاني فيما يتغير، وسمع القرينان أيضًا: "طرحه وعلفه البهائم" فحمله الأبهري على الكراهة. الباجي: "تحتملها والتحريم"، قال: وفي غسل مصابه ونضحه ثالثها: لا يغسل رفيع ثوب ويباع ويصلى به كذلك، ويستحب غسل غيره ثوب أو جسد لابن القاسم وابن نافع وابن الماجشون، وسمع القرينان: "غسل ثوب غسل به" ومرة "نضح ما أصابه" ففرق ابن رشد بأن بالغسل عمته النجاسة، وفي الثانية لم تعمه. قلت: إن غسل بكل الماء فحسن وببعضه لا فرق. وتطهير ذي المادة نزع ما يطيبها.

أصبغ: بقدر مائه والدابة ومكثها. اللخمي عن أبي مصعب: نزع كله وذكره ابن العربي رواية، وروى علي: "إن سال من فرثها أو دمها نزع كله إلا أن يغلب ماؤه". ابن العربي: روى ابن أبي أويس: يطهره سبعون دلوًا. المغيرة: أربعون وعنه خمسون. عبد الملك: في بئر ماتت بها فأرة ينزع أربعون دلوًا أو خمسون أو ستون أو سبعون. وفي كون آبار الزرانيق والسواني كالدور أو لا تفسد ولو بشاة ما لم تتغير- قولًا ظاهر الروايات وأصبغ مع ابن عبد الحكم وابن الماجشون، ولم يذكر الباجي غيره. وفي تطهير ما لا مادة له كالجب كذلك أو بنزع كلها قولان لابن وهب ولها. الباجي: البرك الكبار جدًا لا تفسد بموت فيها ما لم تتغير. وسمع القرينان: كراهة الغسل بماء الحمام السخن. ابن رشد: لتسخينه بالنجس واختلاف الأيدي فيه، وسمعا: ترك ماء بئر جهل سبب نتنها بالدور ما لم يوقن كونه ليس من نجس. ابن رشد: وماء بئر أو غدير بصحراء لا يدري سبب نتنته طهور لحمله على أن من ركوده. وسمع ابن القاسم: من سقط عليه ماء السقائف في سعة ما لم يوقن نجاسته، وسمعه عيسى: من سقط عليه ماء عسكر فسأل أهله فقالوا: طهر صديقهم إن لم يكونوا نصارى. المازري: خبر العدل بنجاسته مبينًا سببها أو لا ومذهبه فيه كالمخبر- مقبوٌل، وإن أجمل مخالف مذهبه استحب تركه. فالحيوان والجماد غير منفصل منه ولا مسكرًا طاهر، وقول ابن الماجشون

باب الميتة

وسحنون: "الخنزير والكلب نجس" حمله الأكثر على سؤرهما، ورجح أبو عمر نجاسة عين الخنزير. ابن العربي عن سحنون: عين الكلب نجس، وشك فيه ابن الماجشون. اللخمي عن سحنون: المأذون فيه طاهر وغيره نجس. والمعروف نجاسة ما أسكر كثيره وأباه ابن الحداد، وخطأ ابن رشد، أخذه ابن لبابة من إباحة مالك أكل خمر خللت. [باب الميتة] ما مات لا بزكاة. فميتة برٍّي ذي نفس سائلة غير إنسان كالوزغ نجس ونقيضها طاهر، وفي الآدمي قولًا ابن شعبان مع ابن عبد الحكم وابن القصار مع سحنون، وأخذ اللخمي الأول من قولها: "لبن المرأة الميتة نجس"، وعياض منه ومن

قولها: "تكره الصلاة عليه بالمسجد" قولين. وفي كون الكافر متفقًا عليه طريقًا المازري وعياض عن بعض البغداديين مع المازري عن بعض المتأخرين. وعلى الطهارة قال بعض البغداديين: "ما أخذ منه بعد موته طاهر لموافقة المأخوذ الكل في موجب طهارته وقبل موته نجس لمخالفته إياه فيه". وقول ابن عبد السلام: "ليس كذلك" بعيد، لمنعه مستدلًا عليه لا بنقل ولا دليل وله بأن الموت كالحياة في طهارته يرد بأن حكم المأخوذ: (التبعية لشخص المأخوذ) منه في حكمته بعلته وقد فقدت، بل قال الطراز: "على طهارة الآدمي لا ترد لسن وسن سقطت، لأن ما أبين من الحي ميتة". وترد على قول ابن وهب بطهارتها لا يقال: العلة الإنسانية المحسوسة وقد وجدت، لمنعها بالحياة المتفق على عليتها والمتفق عليه أرجح وبأن الإنسانية المحسوسة محل. ابن نافع وأشهب: "ميتة غير ذي النفس السائلة نجس". وسمعا: "لا بأس بأكل ما مات فيه خشاش ويبينه إن باعه". ابن رشد: بناء على عدم شرط زكاته كقول القاضي خلاف قول ابن حبيب. قلت: المفرع على عدم شرط زكاته أكله لا أكل ما حل فيه لثبوته على شرط زكاته إن تميز على المشهور. وفيها: "إن وقع خشاش بقدر أو إناء أكل طعامه وتوضئ بمائه". الصقلي: أكل إن تميز الخشاش فأزيل أو لم يتميز وقل وكثر الطعام كاختلاط قملة بكثيره وقيل: مطلقًا على رواية أكل ميتة الجراد. وفرق بما روى أنه نثرة حوت وأبعد ابن بشير قول أبي عمر: "إن سقط قبل أكٍل لا"، وقول اللخمي: "إن طال حتى خرج منه شيء أو تفرقت أجزاؤه كان كشيء حلته نجاسة يطرح الطعام ويختلف في الماء إن لم يتغير لشرطه زكاة الجراد وشبهه"- يرد بأن المشهور عدم نجاسته بالموت. وفي أكل ذكي جراد طبخ مع ميتته قولا سحنون وأشهب، وتصويب اللخمي قول أشهب: "بخروج ما يغير الماء من ميتته وقبول ذكيه إياه بناء على نجاسته"، وقول

اللخمي: "إن طال حتى خرج منه شيء". وفي طهارة ميتته طويل الحياة بالبر بحريًا كالضفدع والسلحفاة وترس الماء ونجاسته- ثالثها: "إن كان مبيته بالماء" لمالك وابن نافع مع ابن دينار وعيسى عن ابن القاسم. عبد الحق: ميتة الضفادع البرية نجسة لا تؤكل. وفي ذي دم منقول كالبرغوث والقمل والبعوض قولان، لقول سحنون: "لا بأس بثريد وقع به برغوث" مع رواية ابن حبيب في البعوض، وابن القصار في البرغوث مع أبي عمر عن أكثر أصحابنا فيه وفي القملة. الباجي: "يحتمل نجاسته إن كان به دم وطهارته إن لم يكن". الطراز: قال بعضهم: القملة نجس، لأنها من الإنسان، لا البرغوث، لأنه من تراب". والشعر والصوف والوبر من أي محل أخذ غير قلع ولو من غير مذكًي، طاهر، وفي شعر الخنزير قولا ابن القاسم مع مالك، وأصبغ، وقول ابن الحاجب: "وقيل: والكلب"، وقبول ابن عبد السلام شارحه لا أعرفه. وأوجب ابن حبيب غسل شعر الميتة واستحسنه فيها. وفي طهارة عظم الميتة طرق: ابن شاس: "فيه وفي قرنها وظلفها ثالثها: طرفها لا أصلها لابن وهب والمشهور وبعض المتأخرين". ابن بشير: "في استعمال ناب الفيل وبيعه ثالثها: إن صلق لابن الماجشون والمشهور ومطرف". الباجي: "في الانتفاع بعظمها وناب الفيل ثالثها: إن صلق. ورابعها: إن لم يستره لحكم كالسن للأخوين. ومالك وأصبغ مع ابن وهب وابن حبيب". وفي صحة بيعهما إن صلقا قولا ابن وهب ومالك. أصبغ: "لا يفسخ إن فات ويفسخ إن لم يصلق وإن فات". وسمع يحيى ابن القاسم: يكره الشرب ببيض نعامة مات فرخها وشربها تداويًا

لسقيها الميتة التي كانت بها، فخرجها ابن رشد على كراهة مالك الامتشاط والادهان بعظم الميتة وجوازه على إجازته ابن وهب والأخوان وأصبغ. قلت: الأظهر إجراؤها على طهارة نجس الفخار بخمر. وفي ريشها طرق: ابن شاٍس: "شبه الشعر وشبه العظم مثلهما وما بعد فعلى القولين". ابن بشير: "ما اتصل بالجسم كالعظم وطرفه كالشعر". وروى الباجي: "ما له سنٌخ في اللحم مثله وما لا كالزغب طاهر". والدمع والعرق والمخاط والبصاق كمحله. وفيها: "متغير القيء عن حال الطعام نجس". التونسي واللخمي: إن شابه أحد أوصاف العذرة. ابن رشد: أو قاربها. وقول ابن العطار: "قيء البلغم والصفراء نجس، لأنه مائع من وعاء نجس" يوجب تنجيسه مطلقًا، وسمعت نقل ابن عبد السلام عن القرافي: البلغم طاهر والسوداء نجس وفي الصفراء قولان. والذي في القواعد والذخيرة له: "الصفراء كالبلغم" والقولان حاصلان من نقله ونقل ابن العطار. ابن رشد: "القلس ماء حامض طاهر. والقيح والصديد وبول محرم الأكل وعذرته والمذي والودي ومسفوح الدم نجس، وفي غير مسفوحة- قولا المشهور، وابن شعبان مع ابن مسلمة، كروايتي اللخمة في حرمة أكله وحله قائلًا: ولو لم يظهر أكل اتفاقًا كشاة شويت قبل تقطيعها. وفي دم السمك قولا المشهور والقابسي. وفي دم الذباب والقراد روايتا ابن العربي. وخرج اللخمي دم ما لا نفس له سائلة على افتقاره للزكاة وعدمه. والمعروف طهارة بول مباح الأكل وروثه. ابن بشير: المشهور طهارة بوله. وسمع أشهب: لا بأس بشرب بول الأنعام لا مأكول لحمه غيرها.

وقول ابن لبابة: التفرقة في جواز الشرب لا الطهارة محتمل، وسمع موسى ابن القاسم: إن وقعت قطرة بول دابة ولو مأكولًا لحمها بإناء وضوء أفسدته. ابن رشد: أي: أنجسته كقول الحنفي، واتفق قول مالك بطهارته وهو مشهوره في مأكول اللحم غيرها. وفي نجاستها منه عن غذاء نجس ثالثها: الوقف لها ولأشهب وروايته. وفي عرقه قولا الإبياني مع ابن حبيب والصقلي. وفي بول صغير آدمي لم يأكل طعامًا ثالثها: أنثاه للمشهور، واللخمي مع الباجي عن رواية الوليد، واللخمي مع الصقلي عن ابن وهب. ابن وهب: عدم أكله اقتصاره على لبنه. الباجي: عدم تغذية لبنًا ولا غيره. قال: ويحتمل عدم استقلاله بطعام عن لبن. التلقين: "بول مكروه الأكل مكروه". وفيها: "مساواة بول الخيل لكثير الدم". وفي المختصر: "لا يصلى ببول الخيل والدواب". وخرج ابن رشد قولي ابن القاسم وسحنون بإعادة مصٍّل ببول فأرة في الوقت ونفيها على تحريمها ونجاسة بولها وحليتها وطهارته. الشيخ عن أبي بكر: إن كانت بحيث لا تصل لنجاسة، فلا بأس ببولها. وفيها: "يغسل ما أصاب بولها". الشيخ عن ابن حبيب: بول الوطواط وبعره نجس. قلت: قال بعضهم: لنجاسة غذائه، وبعضهم: لأنه ليس من الطير، لأنه يلد ولا يبيض فهو كفأرة. ابن القاسم: ورواية المبسوط: ذرق البازي، وإن أكل ذكيًا نجس، فخرجه ابن رشد على رواية منع أكل ذي مخلب من الطير. والمني نجس: أبو عمر: لمجرى البول. ابن بشير: وقيل لاستحالته لفساد.

ابن شاس: وقيل: لأصله وهو الدم. قالا: وعليهما مني المباح وغيره، ويردان بأن استحالته كالمخاط، وبأن الدم بالباطن غير نجس. عياض: ماء الفرج ورطوبته عندنا نجس. قلت: وقبول النووي نقل بعض أصحابهم: "إذا ألقى الجنين وعليه رطوبة فرج أمه فطاهر بإجماع لا يدخله الخلاف في رطوبة الفرج"- يرد بأن الأصل تنجيس ما اتصل به نجس رطب، وبعدم وجوده في كتب الإجماع، ولقد استوعبه ابن القطان ولم يذكره. ولبن الخنزير نجس، والآدمي ومأكول اللحم طاهر، وفي غيرهما ثالث: طهارته وتبعيته ويكره المحرم لرواية محمد. ابن بشير: لا بأس بلبن الحمار، والمشهور ويحيى بن يحيى مع المغيرة لقولهما: "من صلى بلبن أتان أعاد في الوقت". وبيض الطير طاهر وسباعه والحشرات كلحمها. وسمع ابن القاسم: غسل ماء بيض له ريح، فأطلقه الشيخ، وقال ابن رشد: تنظفًا لا لنجاسة، كسماعه استحباب غسل ناتف إبطه يده. وفي لبن الجلالة ثالثها: "يكره" لابن رشد عن ابن القاسم وسحنون واللخمي عن ابن حبيب قال: وبيضها ولبن شارب الخمر مثله وعرقه نجس. التونسي: ويحتمل الطهارة كتخلل خمر. اللخمي والمازري: في طهارته قولان ورجحها بطهارة الخمر بانتقالها بخلاف رماد الميتة ونحوها لنجاسة عينها.

عبد الحق: على طهارته حذاق المذهب. ابن رشد: في طهارة عرق مأكول اللحم يشرب ماء نجسًا ولبنه وبوله ونجاسته ثالثها: "الألبان فقط". ورابعها: "والأعراق" لأشهب وسحنون، ولم يعز الآخرين. قال: وفي عرق ولبن السكران قولا أشهب وسحنون، وقيل: اللبن طاهر لا العرق، واستحب ابن القاسم تأخير ذبح جدي رضع خنزيرًة، ليذهب ما ببطنه، وأجاز أكل طير صيد بخمر. اللخمي: "وعلى نجاسة عرق السكران يحرم ذلك حتى تذهب منفعة غداء النجاسة. وعلى نجاسة لبن الميتة ينجس لحم الشاة تشرب نجسًا والبقل يسقاه ما لم يطل عهده". قلت: تأثير اتصال النجس الرطب بمائع أقوى من اتصاله بعد تغير أعراضه بغير مائع. العتبي عن ابن نافع: لا يسقى بماء نجس مأكول لحم ولا بقل إلا أن يسقى بعده طاهرًا. ابن رشد: يحتمل أنه كرهه للخلاف في نجاسة لبنه كرواية ابن وهب تعليل كراهته بذلك أو خوف ذبحها قبل ذهاب ما في بطنها من ذلك الماء النجس، ولا وجه لقوله في البقل: لو تنجس بسقيه كانت ذاته نجسة وما طهر بعد ذلك بسقيه ماء طاهرًا طاهر. ابن بشير: ما تحجر بآنية خمر كعرق السكران. اللخمي: يختلف فيما صار من نجاسة جمرًا ودخانًا لذهاب رطوبتها كدبغ، وطهارته أحسن. وأجمعوا على طهارة المسك، وإن كان خراج حيوان لاتصافه بنقيض علة النجاسة "الاستقذار". إسماعيل: فأرة المسك ميتة طاهرة. الباجي: إجماعًا لانتقالها عن الدم كالخمر للخل. وفيها: "كل ما لا يفسد الثوب لا يفسد الماء"، فنقضه عبد الحق بالمائع الطاهر،

ورجح الجواب بأن مراده أن المنفي عن الماء إفساد شربه على الجواب بأن مراده كون المنفي إفساده يسيرًا، والكثير لا يفسد الثوب ويفسد الماء. عياض: يفسد أي ينجس، فنقض بيسير الدم وبول ذي السلس لا يفسد ثوبه وهو الأخص فيصدق الأعم وهو الثوب، وردًا بأن مراده من حيث نوعه، وبأن الأخص إنما يستلزم إن كان مثبتًا، أما منفيًا فلا. وسؤر معتاد النجس إن رئي بفيه فكحلوله وإلا طاهر، من الهر والفأرة، الأكثر لعسر الاحتراز. اللخمي: "لندور استعمالها النجس" ومن غيرهما. ابن بشير: في طهارته ونجاسته ثالثها: لها الماء لا الطعام. قلت: الأول: رواية علي، والثاني: تخريج اللخمي على نجاسة الماء لزعمه وضوح استوائهما وجعل تفريقها بينهما تناقضًا. وفيها: "لا يتوضأ بسؤر نصراني ولا ما أدخل يده فيه". ابن رشد عن ابن حبيب: طاهران. سحنون: نجسان. وسمع سحنون رواية ابن القاسم: ما أدخل يده فيه نجس وسؤره طاهر. وروى ابن القاسم أيضًا: سؤره مكروه وفي إعادة مصٍّل به إن وجد غيره ثلاثٌة: يعيد الوضوء لا الصلاة، والصلاة في الوقت، والأول في سؤره، والثاني فيما أدخل يده فيه، وإلا فقولان: يتوضأ به، فإن تيمم، أعاد أبدًا ويتيمم، فإن توضأ، ففي إعادته في الوقت، ثالثها: في ما أدخل يده فيه. وسؤر غير معتادها طاهر. وفيها: "يجوز الوضوء بسؤر الدواب وهو وغيره سواء". اللخمي: سمع ابن وهب: سؤر البغل والبرذون والفرس غيره أحب إلي ولا بأس به إن اضطر إليه. عبد الحق عن ابن حبيب: أجاز ابن القاسم سؤر الدواب الآكلة روثها ما لم ير بأفواهها وقت شربها لفعله أكثرها وأحب تركه إن وجد غيره، فإن رئي بها وقت شربها

فنجس وسؤر جلالتها آكلة العذرة نجس. وفيها: "يصلي بما نسجه الذمي لا بما لبسه". وفي المختصر: وإن كان جديدًا. ابن عبد الحكم: يصلي به. ابن رشد: ما لم يطل لبسه. وفي صلاته بما لبسه في كفره ولم يعلم نجاسة به قولًا زياد بن عبد الرحمن وأشهب. ابن العربي: "تجوز بما نسجه الكافر المذكي إجماعًا ومثله المجوسي عندنا". اللخمي: "ملبوس النوم وشارب الخمر وقميص غير المصلي ولباس الوسط نجس لقلة محسني الاستبراء، ولباس رأس غير المصلي أخف وأكثر الناس غير مصٍّل". وما شك في حال لابسه غسل احتياطًا، ونجاسة الجديد عيٌب. ابن العربي: "ثوب الصبي عندهم نجس، والصواب: إن استقل بغسل حدثه وقبله طاهٌر، لأن حاضنته تنظفه". $$$ طعام ينجس ما سرى فيه بقدر زمن مكثه وبمعائه كله، وحلول يسيره بكثير مائعه. الإفريقيون: في نجاسته قولًا المشهور وسماع ابن القاسم: "كثير الماء تقع فيه قطرة بول أو خمر لا تنجسه والطعام والودك مثله إلا أن يكون يسيرًا". ابن رشد: "الجمهور بنجاسته" فيحمل والطعام والودك مثله على أن حلولهما في الماء لا يفسده والصواب تخطئة سعيد بن نمر قول فقهاء إلبيرة في دقيق طحنت فيه فأرة يغربل ويؤكد أخذًا بهذه الرواية. وطرح سليمان الكندي صاحب سحنون عجين دقيق اختلطت به قملة وألحق غيره بها البرغوث وأباه غيره وفرق بأنه كالذباب يتناول الدم، والقملة من الإنسان كدمه. ابن رشد: طرح كثير العجين إغراق، لأنها لا تنماع فيه فلا يحرم كثيره كاختلاط محرمه بكثير نسوٍة، فإذا خففنا أكل بعضه لاحتمال كونها في باقية خففنا باقية، لاحتمال كونها فيما أكل. قلت: ظاهره عدم وجود النص بأكله، ولعبد الحق عن سحنون في ثريد سقطت

فيه قملة لم توجد: أنه يؤكل. ابن رشد: وفتوى سعيد بن نمر بطرح قصرية فقٍع لسقوط فأرة بها أخرجت مكانها حية وحكاية غيره ذلك عن رواية ابن وهب شذوذ. الباجي: خفف سحنون زيتًا وجد به فأرة يابسة لدلالة يبسها على صبه عليها لا موتها فيه". الباجي: "في كثير الزيت تموت به فأرة أو نحوها أو تسقط به ميتة ولم تغيره المشهور قول مالك: "أكرهه". ابن سحنون: عن ابن نافع: لا يضره ذلك. ابن الماجشون: إن ماتت به طرح وإلا فحلال. وخفف سحنون بول دواب درس الطعام فيه. ابن رشد: للضرورة والخلاف في نجاسته. ابن القاسم وابن وهب: لا تؤكل بيضة طبخت مع أخرى فيها فرخ لسقيها إياها. اللخمي إثر ذكره روايتي تطهير لحم طبخ بماء نجس: وعلى أحد قولي مالك تؤكل السليمة. وصوبه لأن صحيح البيض لا ينفذه مائع ومنه ناقض ابن رشد قول ابن القاسم في البيض بقوله: يطهر اللحم النجس ورطب البيض يخرج من ميتة نجس وفي يابسة قولا مالك وابن نافع. اللخمي: انعكاس دخان ميتة في ماء أو طعام ينجسه. وخرجه ابن بشير على انقلاب أعراض النجاسة. المازري: دخانها أشد من رمادها، وسمع ابن القاسم: لا يؤكل خبز نضج بوقيد روث الحمير، وأكل ما بقدر طبخت به خفيف يكره بدءًا. ابن رشد: لرعي القول بنجاسة دخانه وهو عندنا غير نجس. ابن القاسم: لا أرى أن يوقد بعظم الميتة في الحمام ولا بأس بخلاص الفضة به. وفي جواز انتفاع غير الأكل بمتنجسه كوقيد بغير مسجد وعلف وبيع طريقان: ابن رشد: "ثالثها: الانتفاع لا البيع لابن وهب مع روايتي ابن القاسم وأشهب وابن الماجشون، وابن القاسم مع أكثر أصحاب مالك".

ابن زرقون: "في الانتفاع به ثالثها: لا يسقى الماء النجس لمأكول ولا سريع قلع الخضر بخلاف الزرع والنخل لابن حبيب وابن القاسم وأبي مصعب مع ابن وهب". أصبغ وابن عبد الحكم وابن الماجشون: لا بأس بإطعام ما عجن بماء نجس غير متغيٍر رقيقه الكفار. سحنون: لا يطعمهم ولا يمنعهم. وتخريج اللخمي على الجواز طلي السفن بشحم الميتة فاسد الوضع لحديث الصحيحين: (يا رسول الله أرأيت شحوم الميتة يطلى بها السفن وتدهن بها الجلود ويستصبح به الناس؟ قال: "لا"). وقول التلمساني وغيره: القياس المقابل للنص فاسد الوضع، ومشهور قول ابن الحاجب: "لا يستعمل شحم الميتة والعذرة على الأشهر"، وشاذ قول ابن بشير: على المعروف لا أعرفهما لقبول ابن حارث قول ابن عبد الحكم: "العجب ممن أجاز الاستصباح بزيت وقعت فيه فأرة ولو جاز لجاز بشحم الميتة". ثم وجدت في النوادر: قال ابن الجهم والأبهري: "لا بأس أن يوقد بشحم الميتة إذا تحفظ منه". محمد: لا يحمل الميتة لكلبه ويأتي به لها. وفيها: "إن وقد بعظم ميتة على حجر أو طين فلا بأس". فأخذ منه ابن الكاتب خلاف قول محمد ورد بأنه بعد الوقوع، وللمغيرة: "جواز سقي نجس الماء المتغير دواب ذوات اللبن". الباجي: "المشهور منع التداوي بالخمر ظاهر الجسد"، وفي نجس غيره قولا ابن سحنون ومالك.

وفي تطهير اللحم يطبخ بماء نجس أو تقع به نجاسة، ثالثها: "إن وقعت بعد طيبه" لسماع موسى ابن القاسم وسماع أشهب والثالث نقله ابن رشد عن الحنفي واختاره وتبعه ابن زرقون وهو قصور لنقله عبد الحق والصقلي عن السليمانية، وخرج اللخمي على روايتي تطهير اللحم تطهير الزيتون يطرح في ماء نجس، وروى إسماعيل: طرحه، لسقوط فأرة فيه. سحنون: إن تنجس زيتون قبل طيبه طرح وبعده غسل وأكل. وفي تطهير الزيت بطبخه بماء مرتين أو ثلاثًا ثالثها: "إن كثر"، ورابعها: "إن تنجس بماء ماتت فيه دابة لا بموتها فيه" لابن اللباد مع سماع ابن القاسم والباجي عنه وأصبغ ويحيي بن عمر مع ابن الماجشون. الباجي: وفي تطهير آنية الخمر بطبخ ماء فيها روايتان. والآنية من طاهر الجلد جائزة، ومذكي المأكول طاهر. وفي طهر جلد الميتة بدبغة خمسة: ابن سحنون وابن عبد الحكم: يطهر مطلقًا. ابن وهب: إلا الخنزير. ابن رشد: والدواب لقوله فيها: يصلى على مذكي السباع لا الحمار، ووقف في الكيمخت. وما طهر بالزكاة عنده طهر بالدبغ، ودليل سماع القرينين: "لا يطهر به إلا المأكول"، وصريح سماعهما: "إلا الأنعام"، وسمع القرينان: "لا يطهر جلد السبع بزكاته ولا دبغه".

ابن حبيب: يطهر بهما غير عاديها والفرس، لا عاديها كالحمار وتطهر بالدبغ. الباجي عن ابن عبد الحكم: شرط بيعه بيانه. ابن زرقون: روى محمد كراهة الانتفاع بجلد الفرس يدبغ أو يذكى له وأشهب: بجلد الحمار يدبغ. ابن حارث: جلد ما اختلف في حله طاهر بزكاته مطلقًا اتفاقًا، وما اتفق على حرمته روى ابن القاسم مثله. ابن حبيب: ميتة. وسمع يحيى ابن القاسم: لا بأس بالبخور بلحوم السباع إذا ذكيت. ابن رشد: هذا على قولها بإعمال الزكاة في جلودها. ابن شاس: كل حيوان غير الخنزير يطهر بزكاته كأجزائه من لحم وعظم وجلد. وقال ابن حبيب: لا يطهر بها، بل يصير ميتة. ابن حارث: جلد ما اختلف فيه طاهر بزكاته مطلقًا اتفاقًا، وما اتفق على حرمته روى ابن القاسم مثله، ابن حبيب: ميتة. وفي كمال طهارة الدبغ وخصوصها باستعماله في اليابسات والماء فقط قول سحنون مع ابن عبد الحكم، وابن وهب وسماع القرينين والمشهور. وفيها: "أتقي الماء فيها في خاصتي ولا أحرمه". ابن حارث: اتفقوا على جواز الجلوس والطحن عليه. قلت: اتقاه بعضهم خوف تحلل شيء منه في الدقيق، ولابن حبيب جواز جعله قربة لبن وزق زيت، وتخريجه الباجي على عدم نجاسة المائع بمخالطة النجس إلا ما غيره، وهم، بل على طهارة الدبغ مطلقًا. وروى الباجي: الدبغ ما أزال شعره وريحه ودسمه ورطوبته. $$$ الذهب والفضة حرام استعمالها. عياض عن المذهب، والقاضي وابن الجلاب: واقتناؤها، وجوزه الباجي، لأن فيها جواز بيعها قائلًا: لو منع لفسخ، ورده ابن سابق بمنع الملازمة، لصحة ملك مادتها قائلًا: وعليهما منع الإجارة على عملها ونفي ضمان صوغها، فرده ابن الحاجب بنفيهما

مصادرة. وفي منعها لو غشيت بغيرهما أو موهت من غيرهما بهما قولا نقل ابن سابق بناء على أنه لعينها أو لفخر الزينة. عياض: اعتبار السرف يجوز الأول ويمنع الثاني، وقيل: العكس لاستهلاك العين، واعتبار العين بمنعهما. وفي منع المضبب وذي حلقة ثالثها: يكره للباجي وابن العربي وعياض مع رواية العتبي: لا يعجبني أن يشرب فيه أو ينظر فيها. ومن نفيس الجواهر: ثالثها: "يكره" لابن العربي والباجي بناء على علة السرف أو التشبه بالعجم، وابن سابق. وإزالة نجاسة لباس المصلي ومحله وجسده: ابن القصار والتلقين والرسالة: واجبة والخلاف في إعادته للشرطية. الجلاب وشرح الرسالة والبيان والأجوبة: سنة والخلاف لترك السنة. المعونة: روايتان. اللخمي: في وجوبها. ثالثها: "مع الذكر والقدرة" لسماع ابن وهب: "يعيد الناسي أبدًا" وأشهب لقوله: "يعيد هو والعامد في الوقت"، ولها لإيجابها إعادة القادر الذاكر أبدًا وغيره في الوقت. وتعجب المازري من نقل القاضي تأثيم العامد اتفاقًا لمنافاته قول السنة، ووقف بعض شيوخه عن جوابه، وغيره بإنما الخلاف في وجوبها بالكتاب أو السنة. المازري: وهذا على نفي تأثيم تارك السنة، لأنه يوجبها. قلت: وهو قول أبي عمر. الشيخ عن ابن حبيب: والمعتبر محل قيامه وقعوده وسجوده وموضع كفيه لا أمامه أو يمينه أو شماله، ثم قال: إن تعمد الصلاة لنجاسة أمامه أعاد إلا أن يبعد جدًا أو يواريها عنه شيء. وفيها: "من صلى وبين يديه جدار مرحاض أو قبر، فلا بأس به إذا كان موضعه طاهرًا".

وسمع عيسى نهي ابن القاسم عن الصلاة إليه أو لمجنون أو صغير أو كافر أو مأبون في دبره، فإن تعمد ذلك، لم يعد ولا في الوقت. وفيها: "من صلى على موضع ذي نجاسة جفت أعاد في الوقت كانت تحت جبهته أو أنفه أو غيره". عياض: "وسقوط طرف ثوبه على جاف نجاسة بغير محله لغو". ونقل القرافي عن التخليص شرط النية في إزالتها لا أعرفه، بل نقل ابن القطان الإجماع على لغوها ولو هم بالقطع أو الإعادة لرؤيتها في الصلاة أو بعدها في الوقت. ففي إعادتها فيه أو أبدًا قولا الشيخ عن سحنون مع ابن القاسم وابن حبيب مع الأخوين وروايتهما. وفي كون نجاسة أدخلت باطن الجسد كما بظاهره ولغوها نقل اللخمي عن رواية محمد: يعيد شارب قليل خمر لا يسكره صلاته أبدًا مدة ما يرى بقاؤه ببطنه. وقول التونسي: "ما بداخل الجسم من طهارة أو نجاسة" لغو. وفي كون الوقت وقت أداء ذي العذر أو اختياري مشاركتها ثالثها: "الأول للمضطر والثاني للناسي" للتهذيب عن ابن وهب مع روايته، والباجي عن رواية السبائي: "في النهارية الغروب"، وسماع ابن القاسم: "الاصفرار"، فخرج الباجي عليهما: "في المغرب والعشاء طلوع الفجر أو ثلث الليل أو نصفه"، والتهذيب عن رواية محمد، وعزا اللخمي الأول لرواية المبسوط وابن حبيب في النهاريتين والليليتين وخرجه على نفي إثم المؤخر للغروب وعلى ثبوته ما لم يخرج المختار، واختار كونه اختياري المعادة لا مشاركتها، قال: وقول من قال: يعيد الليلية إلى الفرج لجواز التنفل إليه وكراهته بعد الاصفرار لا يتم، لأن الإعادة بنية الفرض لا النفل. وفي كون وقت الجمعة مختار الظهر أو الفراغ منها ثالثها: "الغروب" للشيخ عن عبد الملك وسحنون وروايتهما وابن حبيب. الباجي: وقت الأداء. قلت: ولو رأى في محل سجوده نجاسة بعد رفعه فقال بعض أصحابنا: يتم صلاته متنحيًا عنه.

وقلت: يقطع، لإطلاق قولها: "من علم في صلاته أنه استدبر القبلة أو شرق أو غرب قطع وابتدأ صلاته بإقامة، وإن علم بعد صلاته أعاد في الوقت". وأخبرت عن بعض متأخري فقهاء القيروان فيمن رأى بعمامته بعد سقوطها عنه نجاسة في صلاته: يتمادى ويعيد في الوقت. وعفي عما يشق: فيها: "لا يغسل دم قرحة يسيل دون إنكاء، ومتفاحشه يستحب غسله". الباجي: إن لم يتصل سيله وأمكن التوقي منه قطع له الصلاة ولو سال بنفسه. وفيها: "ولا دم البراغيث إلا ما تفاحش" فظاهره وجوبه، ويفرق بسرعة تفاحشه في القرحة. واستحب صلاة الأم في ثوب لا ترضع فيه، فإن لم تقدر غسلت البول جهدها، وقول ابن شاٍس: "وعن حدث يستنكح" لا أعرفه نصًا لغير الكافي، وقياسه على ما مر وعدم نقضه تام. وفيها: "إن خرج بول مستنكٍح في صلاته أو مذيه درأه بخرقة وتمادى". الشيخ عن ابن حبيب: يستحب إعداده ما يقيهما به عن ثوبه. وسمع ابن القاسم: تخفيف بول فرس الغازي يصيبه بأرض الحرب إن لم يكن له ممسك غيره ويتقيه بأرض الإسلام ما استطاع ودين الله يسر. وفي ترك ابن الحاجب قيد بلد الحرب وقيد ابن شاس قيد فقد الممسك، تعقب. وفيها: ليحيى بن سعيد: "من به باسور يخرج فيرده بيده عليه غسلها إلا أن يكثر ذلك". وقيده بعضهم باضطراره لرده، وسمع ابن القاسم: "يغسل قليل الدم". الداودي: إلا يسيره جدًا لقوله: "لا يغسل دم البراغيث ما لم ينتشر" ولقبوله الباجي قال: "يسيره جدًا لا يغسل كدم البرغوث". والبثرة يعصرها وما فوقه يسيرًا يجب غسله، ولا يمنع صلاة، وكثيره يمنعها. قلت: يرد أخذه من دم البراغيث بمشقتها ولذا لم يقيد عفوها باليسارة جدًا، بل بعدم التفاحش الأعم من اليسير جدًا. المازري عن ابن حبيب: إنما عفي عن قليله ما لم يره قبل صلاته.

وفيها: "يغسل قليل كل دم ولو كان دم ذباب". ابن العطار عن ابن عبد الرحمن: إنما عفي عنه في البدن لا الثوب. وفي كون يسير دم الحيض والميتة كغيره أو ككثيره، ثالثها: "دم الحيض كالبول" لروايتي الباجي عن ابن القاسم مع سماعه وابن وهب مع ابن حارث عن أشهب مع ابن الماجشون. التونسي وابن رشد: يسيره في ثوب المرأة إن صلى به رجل كالمرأة، لأن يسير ما لم يخرج من جسده كالخارج منه في العفو. المازري: أشار بعض المتأخرين إلى أن العفو عنه للرجل متفق عليه، وأنكره غيره لندور نيله. قلت: في قصر الاعتبار على الغلبة والندور دون اعتبار خروجه في محل البول، نظر. $$$ القيح والصديد روايتا اللخمي، وخرج عليها تخصيص عفو يسير الدم بدم شخص المعفو عنه لعدم مشقة غيره. واليسير ابن سابق: "ما دون الدرهم وما فوقه كثير"، وفي يسارة الدرهم روايتا علي وابن حبيب. ابن بشير: قدر الخنصر والدرهم كثير، وفيما بينهما قولان، والأول أصح لنقل الباجي رواية علي: "الدرهم يسير". وسمع أشهب: لا أجيبكم بتحديده هو ضلال، الدراهم تختلف. ونقل ابن المنذر عن مالك: "تعاد الصلاة من كثير الدم وكثيره نصف الثوب فأكثر" غريب بعيد، وعن أثر المخرجين الباجي اتفاقًا ونقضه ابن زرقون بقول ابن حبيب ومالك مرة: "لا يجزئ استجمار واجد ماٍء" ورجع عن غسل النعل والخف من روث الدواب وبولها لدلكه بخلاف الكلب وغيره، وخصه ابن حبيب وعيسى عن ابن القاسم بالخف. المازري: ويمكن على تفريق بعضهم بين الشك واليقين في العفو الفرق بين الليل والنهار لشك الليل ويقين النهار. الطراز: خص سحنون دلك الخف بالأمصار وما يكثر فيه الدواب.

الباجي: لا نص في الرجل وأراها كالخف. وقد يفرق بإفساد غسل الخف، وخرجها اللخمي على النعل فاختار هو وابن العربي غسلها لغير من شق عليه شراء نعل. وفيها: "لا بأس بطين المطر ومائه بالطرق ويصيب الجسد أو لباسه، وإن كان فيه العذرة وسائر النجاسات". الشيخ: "ما لم تكن النجاسة غالبًة أو عينًا قائمة"، وتبعه الباجي وابن رشد. ابن بشير: يحتمل التقييد والخلاف. ابن جماعة: لا نص في طين المطر يبقى في الثوب للصيف ونحوه، وليس كثوب ذي السلس بعد برئه، لأن البول أشد. قلت: لعله لم يقف على قول ابن العطار: "إنما يعفى عن ماء المطر في الطرق مدة ثلاثة أيام من نزوله" أو رآه خلاف ظاهر المذهب. الباجي: "وعما تطاير من نجاسة الطرق وخفيت عينه وغلب على الظن ولم تتحقق وقبله المازري". عياض: رواية إسماعيل غسل قدر رؤوس الإبر من البول استحسان وتنزه- خلاف معروف قوله. وروى الشيخ: إن جعل مرتك صنع من عظم ميتة بقرحة وجب غسله. ابن حبيب: إن لم يغسله، فليس بنجاسة لحرقه النار، وخفف ابن الماجشون الصلاة به. وفي إلغاء نجاسة طرف حصير لا يماس مطلقًا، وإن لم يحركه قولا عبد الحق عن المتأخرين قال هو والصقلي: وحركة طرف عمامته النجس معتبر، لأنه لابسها. قلت: تعليلهما يوجب اعتباره ساكنًا. وللقرافي فيه عن السليمانية: يعيد في الوقت ولو طالت. ونقل ابن الحاجب "اعتبار نجاسة طرف الحصير ساكنة"- لا أعرفه، وللقرافي عن الإبياني: من نزع نعله لنجاسة أسفله ووقف عليه جاز كظهر حصير. وفيها: "لا بأس بصلاة مريض على فراش نجس إن بسط عليه طاهرًا كثيفًا".

الصقلي: خصه بعض شيوخنا به وعممه بعضهم في الصحيح. قلت: في اختصار ابن رشد مبسوطة يحيى بن إسحق عن أصبغ تخصيصه بالمريض. القاضي: يكفي مسح دم السيف لزواله به وفساده بغسله. اللخمي: اختلف في طهر ما بولغ في مسح نجاسته غير باٍق منها شيء وطهره أحسن. ابن العربي: مسحها من صقيل كاٍف لإفساده غسله وقيل: لانتفائها. وفي كون البدن والثوب غير باقٍ منها شيء فيهما كذلك قولا المتأخرين، والحق الغسل لبقاء ما لا يرى. ابن شاس: مفهومه لو تحقق نفيها كفى، ومقتضى مشهور التعليل بالإفساد يوجب غسله مطلقًا. وسمع ابن القاسم: ليس على مجاهد غسل دم سيفه. ابن رشد: للعمل، وسمع: يكفي مسح دم السيف. ابن القاسم: لو صلى به دونه لم يعد في وقت. عيسى: إن كان في جهاد أو صيد عيشه. ابن رشد: قول عيسى تفسير. قلت: مفهومه خلاف ما تقدم. وفيها: "غسل مواضع المحاجم"، وفي إعادة ماسحها ولو عمدًا في الوقت ثالثها: "العامد أبدًا" لأبي عمران مع ظاهرها عند اللخمي وابن حبيب والصقلي. وفي كون طهر ذيل المرأة المطال للستر بمروره على محل طاهر من يابٍس قشٍب أو رطب النجاسة، أو من مروره بندٍّي نجس ثلاثة لرواية ابن نافع معها، والداودي عن بعض أصحاب مالك وابن اللباد عنهم، وسمع القرينان: من توضأ، ثم وطئ موضعًا قذرًا جافًّا، فلا بأس عليه قد وسع الله على هذه الأمة، فعلله ابن اللباد بأن مشيه بعده على طاهر يطهره كالدرع، واللخمي بأن رفع رجليه بالحضرة يمنع اتصال نجاسته بهما

إلا ما لا قدر له. والمازري وبعضهم بأن الماء يدفع عن نفسه، فلا ينجسه إلا ما يغيره، ولا ينحل من النجاسة ما يغير ماء رجليه، وحملها ابن رشد على قدر لا توقن نجاسته، ولو تيقنت وجب غسل قدميه لتعلق النجاسة بهما لبللهما. وفي طهر الفم بانقطاع دمه بمجه نقلا اللخمي مرجحًا الأول، وابن العربي مرجحًا الثاني. وفيها: "كره لمن بثوبه قطرة دم نزعه بفيه ومجه، بل يغسله". وفي قصر التطهير على الماء، وإلحاق كل قلاٍع به كالخل- قولان لها ولنقل ابن بشير. الشيخ عن يحيى بن عمر وأبي الفرج: قيل المضاف مطهر والصواب عدمه. المازري: نقل اللخمي إزالتها بمائع أخذه من قول ابن حبيب "من بصق في صلاته دمًا فلا شيء عليه" يرد باحتمال أنه لقلته لشرطه عدم تفاحشه. قلت: بل أخذه من قول القاضي في مسح السيف. ابن العربي: لو جففت الشمس موضع بول لم يطهر على المشهور، وعليه لو زال عينها بمضاف أو قلاع في تنجيس رطب بمحلها نقلا عبد الحق عن بعض المتأخرين مع ابن عبد الرحمن عن القابسي وابن العربي مجهلًا مخالفه والتونسي مع عبد الحق، ومعروف قول القابسي عنده والشيخ وابن رشد قائلًا اتفاقًا. ومن أدخل يده في آنية زيت أكثر من ثلاث بان أن بأولها فارة ميتة، فالثلاث نجس، وفي الرابع فما فوقه نقل ابن حارث عن ابن عبد الحكم قائلًا: ولو كانت مائة، وقول أصبغ وبقاء الطعم معتبر.

ابن العربي: واللون والريح إن عسرا لغو، وتخريج ابن عبد السلام لغوه مطلقًا على الغاية ابن الماجشون في الماء، يرد بأن دلالة الشيء على حدوث أمر أضعف منها على بقائه لقوته بالاستصحاب، وبأن الماء يدفع عن نفسه قاله اللخمي. الباجي: رواية أشهب أخاف في ركوة الخمر تغسل أن يبقى ريحها إما لاعتبار تغير ريح الماء أو خوف حد شارب مائها. الشيخ: روى محمد إن طهر ما صبغ ببول فلا بأس به. ابن القاسم: ترك الصبغ به أعجب إلي. وغسالتها متغيرة نجسة: ابن العربي: كمغسولها. وغير المتغيرة قالوا: طاهرة كمغسولها. قلت: يرد بانتقال النجاسة منه لها، وبظاهر مفهوم قول ابن القاسم فيها: "ما توضئ به لا ينجس ثوبًا أصابه إن كان الذي توضأ به طاهرًا، وعلى قولهم: "التزم بعض من لقينا لو غسلت قطرة بول في بعض جسد أو ثوب وشاعت غسالتها غير متغيرة في سائره لم تنفصل عنه كان طاهرًا، وأخذ ابن العربي منه الفرق بين طرو الماء على النجاسة والعكس مع تخريجه طهوريتها على حلول يسيرها في يسيره تناقض، والجواب بقصر الفرق على طهارته دون طهوريته يرده قبوله نقله عن علمائنا إدخال متنجس ماء إجانة كصبه عليها إلا أن يريد بطروه عليها اتصاله بها مزيلًا لها عن متنجس وطروها عليه اتصاله بها دون إزالة وفيه بعٌد. وإن جهل محلها غسل ما يستلزمه، ولو قسم ثوبه لاحتمال قسمه. ابن العربي: ولو كان أحد كميه تحراه خلافًا لبعض العلماء وبعد فصلهما إجماعًا. وفيها: "من جهل موضع نجاسة أيقن نيلها ثوبه غسله، وإن علم ناحيتها غسلها فقط، ومن شك في نيل نجس ثوبه نضحه". ابن رشد: قول ابن لبابة وابن نافع يجب غسله، وإنما النضج مع الغسل فيما ورد فيه حديث: "اغسل ذكرك وأنثييك وانضح" خلاف المذهب.

قلت: يريد أن قصره على ما شك في نيله من نجاسة بعضه لنقل ابن رشد عن ابن نافع بعد هذا، فإن شك في نجاسة مصيبه ففي نضحه رواية ابن القاسم، ونقل الباجي عن المذهب: فإن شك فيهما فلا نضح. وسمع عيسى ابن القاسم: من لصق ثوبه بجدار مرحاض ندٍّى إن كان نديه كغبار، فليرشه، وإن كان شبيها بالبلل، فليغسله. وفي صفته طرق عيسى بن مسكين عن سحنون: رش ظاهر ما شك فيه وباطنه. عياض: هذا فيما شك في ناحيتيه وإلا فالتي شك في نيلها فقط. القابسي: رش موضع الشك ببيده رشة واحدة وإن لم يعمه، إذ لا يجب غسله، وإن رشه بفيه أجزأه. عياض: لعله بعد غسل فيه من بصاقه وإلا كان مضافًا. وفي النية له قولا بعضهم وابن محرز وتمسكه بأنه إن كانت نجاسة، فلا نية وإلا فأوضح يرد بمنع عموم الأولى فيما ظهر تعبده، ويجاب بمنع تعبده، لأن حكم إزالة النجاسة غلبية الماء عليها لقولهم: الغسالة غير المتغيرة طاهرة وماء النضح غالب لقلة النجاسة إن كانت، فإن رد بأن الرش غير ملزوم، لوصول الماء النجاسة لكونه رشًا لا يعم سطح المحل المشكوك فيه فلا غلبية. أجيب بأن (إزالة) كثرة نقط الماء على سطحه مظنة لنيل نجاسته إن كانت والظن كاٍف. وفي كون الجسد كالثوب ولزوم غسله نقلًا ابن رشد عن شاذ ابن شعبان مع عبد الحق عن أبي عمران والمازري مع المذهب والمشهور. وفيها: "ليس عليه غسل أنثييه من المذي إلا أن يخشى إصابته إياهما"، فأخذ منه الباجي المشهور، وفي رده المازري بأنه تعلق بدليل خطاب لا نص، نظر، وغيره الشاذ من قولها: والنضح طهور لما شك فيه، ورد بأنه عام وخاص. قال بعض شيوخ شيوخنا: والبقعة تغسل اتفاقًا ليسر الانتقال لمحقق، وبعض شيوخنا الفاسيين: كالجسد، ونقله عن قواعد عياض. وفي إعادة تاركه في الوقت ثالثها: "إن كان ناسيًا وإلا فأبدًا" لعيسى مع سحنون

وابن القاسم مع سماعه موسى فيما لم يره في ثوب احتلم فيه، والقرينين مع ابن الماجشون وابن حبيب قائلًا: لا يعيد من تركه فيما لم يره في ثوب احتلم فيه مع ابن رشد عن ابن نافع. المازري: لا فرق بينه وبين ما شك فيه. قلت: لعله عنده وهٌم لا شٌك لقول الباجي عنه عن ابن الماجشون: إن كان لغير شك كالجنب والحائض لم يعد، ونضح لما يستقبل، وخرج القاضي الثاني على استحبابه ووهمه ابن العربي وقال: واجب، وعدم الإعادة، لأنه تعبد دون شرط. وفيها: "يكره نوم الجنب في ثوب به نجاسة". ويغسل الإناء لولوغ الكلب في مائه سبغًا ندبًا، وروي وجوبًا، وفي إناء الطعام روايتان لابن وهب. $$$ وفي كونه تعبدًا أو لنجاسته أو لشكها أو لاستقذاره خامسها: "خوف كلبه" للمازري مع الباجي، ورواية اللخمي وابن زرقون عن يحيى بن يحيى مع المغيرة، والباجي عن ابن الماجشون، ونقل المازري مع ابن بشير المشهور، وابن رشد: ورد بنقل الأطباء امتناع ولوغ الكلب، وأجاب حفيده بأن المانع تمكنه، والسبع الأكثر تعبد. الصقلي: لتشديد المنع. ابن رشد: لسنة الرقيا، وقول ابن بشير: "لعدم الإنهاء" لا أعرفه. وفي تراخيه لحين استعمال وفوره قولان للأكثر مع رواية عبد الحق والمازري عن تخريج بعضهم على التشديد مع نقل ابن رشد، وخرجهما على كونه للنجاسة أو تعبدًا، الباجي وابن رشد: لا يفتقر لنية. قلت: فيه على التعبد نظر. المازري: لا نص في تكرره بتعدد الكلاب والأظهر عدمه، فنقل ابن بشير وابن شاس قولين، وقول ابن الحاجب: "لا يتعدد على المشهور" خلافه. وفي خصوصه بالمنهي عن اتخاذه الباجي: روايتان. ابن رشد وابن زرقون: ثالثها لابن الماجشون: بالحضري، وتفسيره اللخمي بالمنهي عنه يمنع كونه ثالثًا.

وفي لحوقه الخنزير روايتان، وعلى غسل إناء الطعام في طرحه، ثالثها: إن قل، لابن رشد عن روايتي ابن وهب وابن القاسم، والمازري مع اللخمي عن مطرف. ابن الماجشون: لا يطرح، ولو عجن بمائه طرح، لأنها نجاسة أدخلها المكلف. وفي طهور سؤره من الماء ونجاسته ثالثها: "إن كان مأذونًا فيه"، ورابعها: "إن كان بدويًا فمشكوك في نجاسته" للباجي عن رواية علي فيها مع ابن رشد عنه، وعن ابن وهب، وأشهب ورواية ابن القاسم فيها قائلًا هو والباجي عنه: كسائر السباع، وله عن رواية علي في المجموعة: "في السباع غير الهر" مع ابن رشد عن رواية ابن وهب فيه، كسائر السباع ونقله قائلًا: هو أظهر الأقوال، ورواية أبي زيد عن ابن الماجشون. وفرق عبد الحق لابن القاسم بينه وبين الدجاج المخلاة ببقاء النجاسة بمناقرها ولحس الكلب ما على فيه. اللخمي: والسبع وإن لم يفترس كالدجاج المخلاة. وفيها: "لا تعاد صلاة بوضوئه به". وفيها: "لا يعجبني بقليله"، وسمع أبو زيد ابن القاسم: لا بأس بالوضوء من حوض شرب منه كلب وأما الخنزير، فلا. ابن رشد: قوله في الخنزير: بعيد. ابن رشد: وعلى نجاسته لا يغسل بمائه، وعلى التعبد قيل: يغسل به والأظهر منعه. ابن زرقون: كرهه القزويني وغيره لا يجزئ لمفهوم الحديث. ابن زرقون: وعلى قياسه يجوز بماء غيره ولغ فيه كلب. وإن اشتبه طهور على فاقده بنجس، ففي تيممه وتعدد وضوئه وصلاته بعدده وواحد، ثالثها: "ويغسل أعضاءه مما سبق" لسحنون وله مع ابن الماجشون وابن مسلمة.

محمد وابن سحنون: يتحرى. ابن القصار كابن مسلمة: إن قلت. ومحمد: إن كثرت. ونقل الباجي وتابعه تفصيل ابن القصار يدل على إطلاق ابن مسلمة. والشيخ عنه: "إلا أن تكثر المياه فلا، أيغتسل ثلاثين مرة؟! " وكذا لو كثرت الثياب وفيها ثوب طاهر فقط، فإنه كمن معه منها ثوب نجس. وقول ابن عبد السلام في تعبير ابن الحاجب عن الثاني: "يتوضأ ويصلي حتى تفرغ" نقضه القول بالوضوء بعدد النجس وزيادة واحدة بين وهمه لتفسيره بظاهر فاسٌد، وقبوله مع يسر تقييده، إذ لا يقول أحد في آنية ثلاثة أحدها نجس: يتوضأ ويصلي بعددها. ابن العربي والطرطوشي عن المذهب: اشتباه إناء بول كمتنجس. المازري: على التحري إن تغير اجتهاده بعلم أعاد صلاته وبظن قولان كنقض ظن الحاكم بظنه، ولو عدمت إلا واحدًا، فلا نص وعلى الأول يتيمم وعلى الثاني والثالث، يتوضأ كالجمع بينهما في مشكوك فيه، وعلى التحري في تحريه قول المازري ونقله ابن شاس، وعلى الثالث لو حضرت صلاة أخرى وطهارته باقية، صلى وغسل أعضاءه، وتوضأ من الأول إن علمه، فإن جهله أو أحدث توضأ منهما كفعله أولًا. وتعقب بعض شيوخ شيوخنا قوله في الباقي على طهارته: يتوضأ من الأول مع بقاء طهارة وضوئه، وأجاب ابن جماعة بأن قول ابن مسلمة صحة رفض الطهارة فلعله رفضها. قلت: ما ذكره ابن شاس إجزاًء هو في النوادر نص بزيادة: إن جهله أو أحدث غسل أعضاءه وتوضأ منهما. وعن سحنون وابن الماجشون: من غير غسل أعضائه قالا: ولو كان معه ثوبان أحدهما نجس مجهول توضأ من أحدهما وصلى مرتين بالثوبين، ومن الآخر كذلك، وهذا يرد جواب ابن جماعة بخصوص مذهب ابن مسلمة في الرفض، والجواب لما كان الوضوء الثاني ملزومًا لنية رفع الحدث استلزم رفض الأول نية وفعلًا، وخصوص ابن مسلمة إن ثبت بالنية فقط ولا يرد برواية ابن سحنون لو توضأ متيمم وصلى فبان

نجاسة مائه، لم ينتقض تيممه، لأن التيمم لا يرفع حدثًا. وإن اشتبه نجس ثوب بطاهر فابن العربي: الصحيح يتحرى. الشيخ عن سحنون وابن الماجشون: يصلي بهما. وقاله عن ابن مسلمة بقيده المتقدم. وعن علم نجاسة في صلاته، ففيها: "يقطع"، وفي المدنية: "ولو كان مأمومًا". الباجي: وعليه قال سحنون: إن ألقي عليه ثوب نجس، فسقط مكانه ابتدأ. وروى أبو الفرج وإسماعيل: إن أمكنه نزع ثوبها وإلا قطع. اللخمي عن ابن الماجشون: وإلا تمادى، وأعاد ابن العربي عن أشهب: يخرج لغسلها ويبني. وفيها: "إن رأى في صلاته يسير دم تمادى وله نزعه". القابسي: ولو كان قيمصًا. الصقلي: إن كان عليه ساتر. التونسي: إن خف نزعه. ولو تمادى ناسيًا فابن حبيب: يعيد أبدًا، وأبعده اللخمي لزعمه أن القطع استحسان، وجعله المازري واجبًا لقول ابن حبيب. ابن العربي: وعلى أحد قوليهما يعيد الناسي أبدًا. ولو علمها بنعله، فللمازري عن بعضهم: إن أخرج رجله دون تحريكه صحت صلاته. وسمع القرينان: إن انفجر دمله بيسير مضى في صلاته وإلا قطع. ابن رشد: يسيره ما يفتله الراعف. اللخمي: (إن) غسل كثيره بماء حضره تمادى كقول مالك: ينزع ثوبه النجس ويتمادى. قلت: وما لا تكف تقدمت في المعفو عنه. ودائم الرعاف يصلي كذلك، ويومئ لضرر سجوده.

ابن رشد: أو لخوف تلطخه إجماعًا، ولا يعيد إن كف في الوقت. البيان: لا يبعد خلافه على عدم فرض رفع النجاسة. المازري: في إيمائه له قولا ابن حبيب وابن مسلمة. القابسي: يومئ للركوع قائمًا وللسجود جالسًا. وغير الدائم يؤخر لكفه ما لم يخرج المختار، نقل ابن رشد: الضروري، فإن نزل فيها ويذهبه فتله بعليا الأنامل فتله ومضى، وأنامل غيرها كدم غيره. وقول الباجي: عليا أنامل اليد يسير، وقوله عن ابن نافع: "عليا الأنامل الأربع قليل" يقتضي قصره على يد واحدة. وفيها: "فتله بأصابعه وأتم". وفي قول اللخمي والمازري في فتل كثير يذهبه فتله لثخانته، والخروج لغسله، قول ابن حبيب عن ابن الماجشون كان يمسحه بأصابعه حتى تختضب فيغمسها في حصباء المسجد ويردها ويتم صلاته، ورواية المبسوط: "إن كثر، فلا أحبه حتى يغسله بناء على رعي قدر النجاسة لا محلها والعكس. نظر. وما كثر، فله غسله ويبني مأمومًا وإمامًا. وفي رجحانه على القطع وعكسه، ثالثها: "يجب"، ورابعها: "يخير"، وخامسها: "يقطع" لابن رشد عن مالك وابن القاسم، وأخذه من قول ابن حبيب: إن استخلف متكلمًا جهلًا، بطلت خلاف قول ابن القاسم، والتلقين، وللباجي عن مالك الثاني فقط، والكافي عن مالك وطائفة من أصحابه لاستدباره القبلة عمدًا، وفي بناء الفذ نقلا ابن رشد عنها مع أصبغ وابن مسلمة وسماع ابن القاسم وابن حبيب. الباجي: روايتان، المشهور الثانية. وفي صحته قبل عقد ركعة ثالثها: "إن كان مأمومًا"، ورابعها: "ما لم تكن جمعة"، وخامسها: "يستحب القطع فيها" لسحنون وابن عبد الحكم مع سماع ابن القاسم ونقل ابن رشد ورواية ابن وهب معها عند ابن رشد وابن حبيب وأشهب، وعلى الأول

لو كانت جمعة، ولم يعقد ركعة ولا أدركها فيها: "ابتدأ ظهرًا"، وصوب الصقلي قول سحنون بانيًا على إحرامه لا قول بعض الصقليين بإحرام جديد، ونقل عياض الرابع معكوسًا معزوًا لرواية ابن وهب وظاهرها عند شيخه ابن رشد- وهم. ويخرج ممسكًا أنفه ساكتًا غير واطئ نجسًا لأقرب ماء يمكن. اللخمي: ولو مستدبر القبلة. ابن حبيب: "غير متفاحش بعده"، وجهل كلامه مبطل وفيه ناسيًا، ثالثها: "إن كان في مضيه" لابن رشد مع ابن حارث عن ابن حبيب، ومحمد مع أبيه، واللخمي مع الشيخ عن ابن حبيب، ونقل ابن شاس الثالث معكوسًا خلاف ما تقدم، ونقل ابن بشير والمازري: ووطء رطب النجاسة غير زبل الدواب وبولها مبطل، وفي القشب قولا ابن سحنون وابن عبدوس. ابن بشير: مشيه على نجاسة ككلامه في أقواله وتجاوز ماء لغيره مبطل. سحنون: لو شك حين ذهابه في وضوئه فتوضأ، فتيقن بقاءه، بطلت، ولو تيقنه حين همه به، لم تبطل. وفي بنائه على جزء الركعة ثالثها: "إن كانت غير أولاه" لابن حارث عن ابن حبيب مع ابن الماجشون قائلين: رفعه من ركوع أو سجود أو تشهد بعد رعافه رفع لها، فخرجه اللخمي على عدم فرض الرفع، وابن رشد مع ابن حارث عنها مع ابن رشد

عن ابن القاسم وابن حارث عن أشهب مع عبد الملك. وفي بقائه في حكم إمامه، وخروجه عنه حتى يرجع إليه من غسل دمه، ثالثها: "إن كان عقد ركعة"، ورابعها: "إن أدركها معه بعد رجوعه" لمحمد وسحنون ونقل ابن رشد قائلًا: على الأول إن أفسد الإمام صلاته، أو أتمها الراعف بموضعه لظنه الكاذب فراغ إمامه، بطلت عليه، ولزمه سهو إمامه، وحمل عنه سهوه كقول محمد: إن سجد إمامه بعده لتلاوة ورجع بعد سلامه كان عليه قراءتها ليسجدها، وعلى الثاني العكس في الجميع. اللخمي عن ابن القاسم: إن أتم مكانه، فبان خطأ ظنه عدم إدراك إمامه، صحت. اللخمي: وكذا العكس. وفي بطلان صلاة من خرج منها لرعاف أو حدث ظنه فبان كذبه المشهور واللخمي مع ابن عبد الحكم، وعلى الأول لو كان إمامًا في صحة صلاة مأمومه، ثالثها: "إن كان بحيث لا يمكنه علم كذي ظلمة" للباجي مع الشيخ عن سحنون واللخمي عن ابن القاسم وابن حارث عن ابن عبدوس ويحيى بن عمر مستدلًا بقول أشهب: "لا يبطلها ضحكه عمدًا"، ولها مع ابن حارث عن سحنون والباجي عن مقتضى قول ابن القاسم والصقلي مع اللخمي عن سحنون: ويرجع في غير جمعة لظن إدراكه ركعة ولسلام إمامه قولان لها ولابن شعبان، وإلا أتم مكانه، وروى السبائي: يرجع مطلقًا إن كان بأحد المسجدين، وفي الجمعة: فيها: "يرجع لمسجدها". الباجي: كقول محمد في سجدتي سهوها القبلي: لا يجزئ في غيره. ابن رشد: قال بعض أصحابنا: في أقرب مسجد منه، وهو ظاهر تعليل سماع ابن القاسم، لأن الجمعة لا تصلى في البيوت. ابن شعبان: لأدنى ما تصح فيه بصلاة الإمام، فإن أتم مكانه، صحت، وقول اللخمي فيها ثلاثة، القولان، وقال المغيرة: "إن منعه واٍد أضاف لركعة أخرى، ثم صلى أربعًا" مشكل، لأنه الأول وعليه حمله المازري والصقلي، وقول ابن بشير وتابعه ابن الحاجب: ثالثها: "إن أمكنه رجع وإلا أتم مكانه" غرور بظاهر قول اللخمي، وأخذ

الصقلي الثالث من قول أشهب: "من هرب مأموموه بعد ركعة أتمها جمعة". وفيها: "إن رعف بعد تشهده قبل سلام إمامه ذهب لغسله ورجع وتشهد ليسلم، وبعد سلامه سلم بحاله". الصقلي واللخمي: وكذا لو سلم إمامه قبل ذهابه. وقول ابن عبد السلام: "إن رعف بعد تشهده لم يعده" خلاف نصها المقبول. ابن سحنون: صلاة من ائتم به في باقي صلاته بعد سلام إمامه باطلة. والقضاء: فعل ما فاته بصفته، والبناء: بصفة تالي ما فعل هنا فقط، وفي باب المسبوق على أنها أولها له. ابن رشد: وفي تقديم القضاء عليه قولا سحنون وابن حبيب مع محمد وابن القاسم. الصقلي: هو أحد قولي سحنون. وعليه ففي جلوسه قبل القضاء على وتر قولا محمد مع اللخمي عن ابن القاسم وابن حبيب كمدرك ثانية رباعية رعف باقيها. وتخصيص ابن بشير الخلاف بهذه دون مدرك ثانية رباعية وثالثتها: "ورعف في رابعتها أنه لا يجلس على ركعة البناء اتفاقًا" خلاف مقتضى تعليله مع الصقلي وابن رشد الجلوس بأنه فعل الإمام وأنه لا يقام لقضاء إلا من جلوس، ونص اللخمي والمازري: ولو أدرك الرابعة وفاتته الأولى ورعف في الثالثة ففي تأخير الثالثة عن الأولى قولا ابن حبيب وسحنون، ونقضه ابن رشد بأصله وأجاب عن ابن حبيب بتصيير إدراك الرابعة الثالثة قضاء، ويجتمعان في متم أدرك ثانية مقصر ومدرك ثانية خوف حضر. ولا بناء في غيره: أشهب: "إن بنى في غسل نجاسته، صح". الشيخ عن محمد: "يرجع الراعف لإتمامه بقية صلاة الجنازة والعيدين بموضعهما، ولو أتم العيد ببيته، أجزأ". وقيد ابن رشد رجوعه بظنه إدراك الميت أو بعض صلاة الإمام وإلا أتم بموضعه قال: ولو كان إمامًا استخلف. أشهب: إن كان قبل أن يكبر للجنازة شيئًا أو يعقد ركعة وخاف فوتهما فعلهما كذلك كفعلهما بثوب نجس لا يجد غيره بخلاف فعلهما بالتيمم، لأنه حاضر صحيح.

[فرائض الوضوء] النية: ابن رشد وابن حارث: اتفاقًا. المازري: على المشهور. وهي القصد به رفع الحدث أعني المنع من الصلاة مطلقًا لا من جزئيته، هذا في التيمم، فلذا قالوا: لا يرفع الحدث، وبه يرد قول اللخمي: "التيمم يرفع الحدث" وقولهم: "لا يرفعه وتستباح به الصلاة" متناٍف. الباجي: أو استباحة كل ممنوعه، واستباحة بعضه جزئيًا كصلاة معينة أو كليًا كمطلق صلاة أو النافلة لا بقيد دون غيره مجزئٌة له اتفاقًا، ولغيره ثالثها: "يستحب" للباجي عن المشهور، ومقابله، ورواية الشيخ: "من توضأ لنافلة أحب إلي أن يتوضأ لكل صلاة" وبقيده يأتي. والموضأ المعتبر نيته لا نية موضئه. ابن بشير: "أو امتثال الأمر" والثلاثة متلازمة، ولذا لو أثبت أحدها نافيًا الآخر، فسدت. المازري: "نية التطهير الأعم من الخبث والحدث لغو". الباجي: "في إجزاء نية التطهير لا الجنابة" روايتا ابن شعبان قال: "وعلى الأولى أكثر أصحابه". اللخمي: "روى أشهب من توضأ يريد الطهر لا الصلاة أجزأه". وفيها: "من توضأ ليكون على طهر أجزأه". وفي كونها لأول فعله أو فرضه قولا الباجي عن القاضي مع بعض الأصحاب وابن القصار. وفي عفو يسير الفصل نقلا ابن رشد والمازري مصححًا الثاني، وسمع عيسى ابن القاسم: من أتى الحمام لغسل جنابته أو أمر أهله بوضع ماء غسل جنابته أو ذهب للنهر لغسل جنابته فاغتسل ناسيًا جنابته أجزأه. سحنون: يجزئ في النهر لا الحمام.

ابن رشد: لو خرج لهما للغسل فقط فاغتسل ناسيًا دون تحمم وغسل ثوب أجزأه وبعدهما لم يجزئه اتفاقًا فيهما، ولو خرج للغسل بعد التحمم وغسل الثوب فاغتسل بعدهما ناسيًا فالقولان. وعدم دوامها ذكرًا لا يرفعه حكمًا ما لم يطل فصل فعلها. وفيها: "من بقيت رجلاه فخاص بهما نهرًا دلكهما فيه بيده ولم ينو تمام وضوئه لم يجزئه"، فحملوه على ناسيهما، وزيادة عياض عن القاضي: لأنه قام من مجلس وضوئه فزال حكم نيته، إن أراد مع نسيانه غسلهما، فهو الأول وإن أراد مع ذكرهما منع لزوم تجديدها لذكره وعدم الطول. وقوله: "وعليه لو توضأ بضفة نهر فنسي غسل رجليه فغسلهما لحينه من طين أجزأه" يرد بأن نسيانهما قطع استصحاب نية الوضوء ونية التنظف لغو، وتخريجه على الشاذ فيمن صلى ركعتين نفلًا إثر سلامه من اثنتين سهوًا- أقرب إلا أن يرد بفرق نية التقرب في النفل. وفي إبطال رفضها الوضوء روايتا ابن القصار. ابن بشير: في صحتها مفرقة على الأعضاء قولان على طهر كل عضو بفعله أو بالكل. وخرجهما عز الدين على تعدد فعلات الوضوء واتحادها. قلت: يريد نفي شرطية اعتبار هيئة الاجتماع ولزومها، ولذا منع تفريقها على ركعات الفرض للإجماع على اعتبارها فيها، وبذا يفهم جواب استشكال تصور تفريقها على ركعات الفرض للإجماع بأن ناوي الوضوء إن لم ينو العضو معينًا، فهو المطلوب وإلا فقد زاد، لأن نيته معينًا أتم من نيته من حيث كونه بعض الوضوء رجحان دلالة المطابقة على التضمين، فيرد بأن نيته معينًا إن كان على أن رفع الحدث بالمجموع فهو ما قلتم، وإن كان على أن رفعه به من حيث ذاته وكذا سائر أعضائه فمحل القولين بناء على أن رفع حكم المتعلق بكل من حيث كونه كلًا كحكم المتعلق بآحاده من حيث ذواتها دون اعتبار هيئة اجتماعها كإجزاء عتق كل عبده عن ظهاره اتفاقًا، واختلافهم في إجزاء عتق نصفه عن ظهاره ثم باقيه عنه. ابن بشير والمازري والباجي: "ومنه لبس خف اليمين قبل غسل اليسرى".

وقولا الشيخ والقابسي: في لزومهما في إعادة إمرار يد من مس ذكره أثناء غسله على أعضاء وضوئه. ونفى ابن العربي وجوده بإجماع الأمة على منع من غسل وجهه ويديه مس المصحف قبل تمام وضوئه مجريًا مسألة الخف على أن الدوام كالإنشاء أو لا، ويرد بأن الإجماع لاحتمال عدم تمام وضوئه وتمامه كاشف رفعه عما فعل حين فعل ككشف بت عقد الخيار بته يوم نزل. وعلى قول القابسي لو مسه عقب إكمال غسله فقال الصقلي: عليه الوضوء اتفاقًا. المازري: في كونه كأثنائه قولا المتأخرين، وتعجب من سبق، فهم أحوطيه قول الشيخ، لبطلانه على عدم إجزاء نية أصغر الحدث عن الأكبر لإتمامه غسله بها. قلت: إتمامه بها غير لازم ولا يجاب بإتمامه بها حكمًا، لأنها آخر النيتين، لأن آخر النيتين، لأن الحكمي في ما قصد أولًا، وإتمامه بنية الأصغر لم يكن. وقبل الباجي والمازري تخريج ابن القصار صحة نية صلاة معينة دون غيرها لها فقط أو مطلقًا على الرفض ونفيه، ونقل ابن بشير إبطالها لا أعرفه. ابن زرقون: لهو لبعض البغداديين. المازري: لبعض الشافعية وخرج عليها رفع حدث البول دون الغائط، وجعله ابن بشير كتناقض أحد الثلاثة. قلت: يرد تخريج الصحة بأن تأثير المانع في أمر ثبت نصًا أو بعد تقرر ثبوته أضعف منه في أمر ثبت لزومًا أو حين ابتدأ ثبوته. أبو الفرج: "نية وضوء القراءة كالصلاة". ابن حبيب: "ونية النوم اتفاقًا". ومثله نية دخول الأمير، ورواه ابن نافع. الباجي: "ودخول المسجد والسعي"، وأبطل الكل القاضي بأن وضوءها فضل. ابن رشد: "في الصلاة بوضوء النوم قولان ولا يصلي بوضوء دخول الأمير اتفاقًا". اللخمي: إن نوى الفضيلة من بان حدثه، فابن عبد الحكم وسحنون: لا يصح. مالك: يصح.

أشهب: يكره. الباجي: وفي صحة نية وضوء مجدد بان حدثه قولا أشهب وسحنون مع ابن عبد الحكم. ابن العربي: ورويا. الباجي: "ومثله مجدد الغسل"، ورده ابن زرقون بأنه مستحب في الوضوء لا الغسل. الشيخ: ما روي لأشهب: "من ذكر مسح رأسه من أحد وضوئيه للصبح من حدث، وللظهر تجديدًا مسح وأعاد الصبح فقط" غلط، لأن نية التجديد إن كفت، فلا مسح وإلا أعاد الظهر. قلت: هذا على حصر قوله في الإجزاء دون كراهة خلاف نقل اللخمي عنه، ولعله منها أخذه فلا غلط. وفي صحته لجنابة إن كانت فكانت قولا عيسى وسماعه ابن القاسم. الباجي: "على وجوب غسل الشاك تجزئ اتفاقًا وعلى استحبابه القولان". قلت: لعل سماعه في الوهم لا الشك والظن باٍق في الأول لا الثاني، ولذا قال اللخمي: "شك الجنابة كالحدث، وتجويز جنابته دون شك لغو لو اغتسل له ثم تيقن لم يجزئه"، والتونسي وعبد الحق كالباجي. وفيها: "لو نوى الجنابة والجمعة صحت". أبو عمر والباجي: قال ابن مسلمة: بطلت. ابن رشد: رواية الإسفراييني عن مالك شاذة. الجلاب: "إن قصد بغسل جنابته نيابته عن جمعته أجزأ، وإن خلطهما في نيته لم يجزئه عن شيء ويحتمل إجزاؤه لجمعته فقط"، وهذه مخرجة ذكرها الأبهري فحملت على خلافه وعلى وفاقه بأن الجمعة فيها تبع، ووفق بعض شيوخ بلدنا بأنه نواهما فيه كلية، وفي الجلاب نواهما كلًا وسمع القرينان "لا يصح لجمعة نويت مع عيد". اللخمي وابن زرقون: "لاتصاله بالرواح" وعلى نفيه ابن وهب تصح لهما. ابن رشد: سمعه زونان من ابن وهب ورواه أبو قرة.

ولو نوى الجمعة ناسي جنابته فأصبغ وابن عبد الحكم وابن القاسم وروايته: لا يجزئه. ابن وهب وابن كنانة والقرينان والأخوان وروايتهم تجزئه: وعكسه. ابن مسلمة وأشهب: يجزئه، فخرجه الباجي على عدم شروط نيته، وابن محرز على صحته بماء الورد، وحكاه العتبي عن ابن القاسم قائلًا: "إن كان عند الرواح". ابن رشد: "لأن نية الجنابة أوجب من الجمعة فاقتضتها". مالك وأكثر أصحابه: "لا يجزئه"، وروى إسماعيل: "يجزئ للجنابة عن الجمعة لا العكس"، عكس ابن حبيب، ابن القاسم: "يجزئ للتعليم ورفع الحدث". وفي صحته لرفع الحدث والتبرد نقلا المازري ونية الأكبر تجزئ للأصغر. اللخمي: "لو اغتسل للجنابة فذكر أنما عليه الوضوء أجزأه". قلت: وخرج على ترك الترتيب وأجزأ غسل الرأس عن مسحه وعكسه كمتوضئ ذكر جنابته يبني على ما غسل. الباجي: "لا في المائية وفي التيمم خلاف". المازري: "قولان". ابن زرقون: ظاهر قولها: "من لم يغسل شجة مسحها في غسله بعد برئها حتى صلى أعاد إن كانت بغير محل وضوئه" الإجزاء. وصح غسل الذمية من حيضها- لحق زوجها المسلم- دون نية. ابن رشد: "لأنه تعبد في غير المتعبد كغسل الميت وإناء الكلب". وفي جبرها عليه للجنابة والحيض ثالثها: "للحيض فقط" لرواية ابن رشد وسماع أشهب ولها، وأول جبرها للجنابة على أن بجسمها منها أذى. وغسل الوجه بإيصال الماء له صبًا: عياض: في وجوب التدلك في الوضوء والغسل قولا المشهور وابن عبد الحكم

مع رواية أبي الفرج ورواية الطاطري. قلت: ظاهر قول أبي عمر: "لا ينكر التعبد بإمرار اليد في الوضوء دون الغسل" ولا يجب رده له، لأنهما أصلان إنما يرد الفرع للأصل خصوص الخلاف بالغسل دون الوضوء. أبو عمر: روى ابن القاسم: "لا يجزئ من توضأ بنهر حتى يغسل رجليه بيديه". ابن القاسم: أو بإحداهما. أبو عمر: "يلزم من قال: لا يجزئ غسل إلا بمرور اليد أن لا يجزئ غسل إحداهما بالأخرى". ابن رشد: قول محمد بن خالد: "لا يجزئ غسيل رجليه إلا بيديه إما لعدم إمكان دلك إحداهما بالأخرى، أو لأنه دون ضرورة- استخفاٌف". الباجي: "شرط الغسل إمرار اليد على العضو قبل ذهاب الماء عنه، لأنه بعده مسح". قلت: يأتي في الغسل فيه خلاف. وفي شرط نقله الغاسل لمغسوله قولا ابن حبيب مع ابن رشد عن دليل سحنون وابن الماجشون وابن القاسم معها لقولها في خائض النهر، وجعل ابن رشد مسح رأسه بما ناله من رش دون يديه مجزئًا عند ابن القاسم خلاف نقل بعض شيوخنا ومن لقيناه عدم إجزائه اتفاقًا. وفي كون قول ابن رشد: "إجماعهم على إجزاء انغماس الجنب في الماء وتدلكه فيه يدل على ما اختلفوا فيه من الوضوء" دليلًا على أن كل صور الغسل متفق على عدم شرط النقل فيها، أو إنما اتفقوا على صورة الانغماس، ولو اغتسل خارج الماء كان

باب الوجه

كالوضوء - نظر، والثاني أظهر، وقاله بعض من لقيت فقول ابن عبد السلام: "معنى النقل وصول الماء للعضو ولو من ميزاب لا نقله بفعل الغاسل أو نائبه كما ظنه بعضهم" فغلط" قصوٌر. [باب الوجه] والوجه من منبت شعر الرأس المعتاد حتى الذقن والعذار منه، وفي كون البياض بينه وبين الأذن منه ثالثها: "في غير الملتحي" للباجي عن رواية ابن وهب في المبسوط والشيخ عن روايته والقاضي عن بعض متأخري أصحابنا، ووهم ابن زرقون. الباجي في رواية المبسوط، لأنها كرواية الشيخ وانفرد القاضي بأنه سنة. اللخمي: "خفيف العذار كعدمه ويجب ما تحت مارنه وظاهر شفتيه وأسارير جبهته وغائر جفنه لا ما غار جدًا من جرح أو خلقة". وفي كراهة تخليل اللحية واستحبابه ووجوبه ثلاثة لسماع ابن القاسم معها وابن حبيب وابن عبد الحكم مع روايتي ابن نافع وابن وهب. الباجي: "إن لم تستر البشرة، وجب إيصال الماء لها، وإلا، فلا". التلقين: "خفيف شعر الوجه يجب إيصال الماء لبشرته، ويسقط في كثيفه. ابن بشير: وقيل: يجب.

وفي وجوب غسل ما طال منها عن الذقن قولان لابن رشد عن معلوم المذهب، وسماع موسى رواية ابن القاسم وقاله الأبهري. وفي وجوب غسل محل اللحية لسقوطها قولا ابن الطلاع وابن القصار وظاهر قول عبد الحق وبعض شيوخه في انغماس الجنب، والمازري في نية رفع الحدث وإزالة النجاسة وسماع أبي زيد ابن القاسم: "لا بأس بوضوئه بطهور ينقله لأعضائه. وبها ماء نجس"، وقول ابن القاسم فيها في ماء توضئ به: "إن لم يجد غيره توضأ به، ولا ينجس ثوبًا أصابه إن كان الذي توضأ به أولًا طاهرًا" عدم شرط طهارة المحل قبل ورود الماء لغسل الوضوء خلافًا للجلاب وأخذ قوله من قول ابن مسلمة في اشتباه الآنية: "ويغسل أعضاءه مما قبله"، يرد بكونه لاحتمال قصور وضوئه الثاني عن محل الأول وأخذه له من قول الباجي: رأيت له" من كان بذراعه نجاسة فتوضأ، ولم ينقها، أعاد أبدًا"، يرد بأن نصها في النوادر بزيادة: "فكأنه لم يغسل محلها، ولو كانت برأسه، أعاد في الوقت، لأن ترك بعضه لا شيء فيه" فهذا بين في أن إعادته لتركه محلها، فإذا كانت في الرأس في الوقت، لأنها فيه لصلاته بنجاسة. وغسل اليدين إلى المرفقين، وفي وجوب غسل المرفقين ثالثها: احتياطًا للمشهور، واللخمي عن أبي الفرج مع الباجي عن رواية ابن نافع واللخمي عن القاضي مع الباجي عن أبي الفرج وتخليل أصابعهما أوجبه ابن حبيب واستحبه ابن شعبان. ابن حارث عن ابن وهب: رجع مالك عن إنكاره إلى وجوبه، لما أخبرته بحديث ابن لهيعة: "كان صلى الله عليه وسلم يخللها في وضوئه". قلت: في الاحتجاج بابن لهيعة ثالثها: "ما سمع منه قبل حرق كتبه". وفي إجالة الخاتم ثالثها: "إن ضاق" للخمي عن ابن شعبان مع ابن عبد الحكم

ورواية ابن القاسم وابن أبي سلمة مع ابن زرقون عن ابن عبد الحكم. الصقلي عن ابن حبيب: "إن ضاق أحببت تخليله ليمس الماء محله وليس ذلك عليه" إن اتسع. وقول ابن عبد الحكم: "ينزعه" خلاف قول مالك وأصحابه. ابن بشير: قول ابن عبد الحكم يحتمل الندب والوجوب. وفي العفو عن محل يسير عجين أو زفت أو قير لصق بظرفه أو ذراعه نقلا ابن رشد عن أبي زيد بن أمية مع محمد بن دينار وظاهر قول أشهب مع قول ابن القاسم. الشيخ عنه: من توضأ على مداد بيده أجزأه. وذكره الطراز عن رواية محمد وقيده بالكاتب، وقيده بعض شيوخنا برقته وعدم تجسده، إذ هو مداد من مضى. وسمع القرينان جواز اختضاب المرأة حائضًا أو جنبًا. ابن رشد: "لأن الخضاب لا يمنع رفع غسلهما حدثهما". ولو نبت في ذراع أخرى أو في العضد وامتدت إلى الذراع الأصلية أوجب بعضهم غسل الثانية. عبد الحميد: فيه نظر. وفي السليمانية: "أو نبت كف في عضد دون ذراع غسلت فقط". ومن لا يد له ولا رجل ولا دبر ولا ذكر، وفضلته من سرته فهي كدبره وفرض اليد والرجل ساقط. ونسمة من سرتها لأسفل خلق امرأة ومن فوق خلق ثنتين تغسل أيديهما الأربع وتمسح رأسيهما، ويصح وطؤها بنكاح، وتعقبه عياض بأنهما أختان يرد بمنعه لوحدة منفعة الوطء لاتحاد محله.

الطراز: إن وجد الأقطع من يوضئه ولو بأجر لزمه كشراء الماء، وإن لم يجد فوجوب مسه الماء أظهر من سقوط لمسه الأرض بوجهه. وغسل ما طال من الظفر كالمسجون كما طال من اللحية. ومسح كل الرأس وما طال من شعره للرجل والمرأة، وسمع موسى رواية ابن القاسم: "ليس عليهما مسح ما طال عنه"، وقاله الأبهري: وهو من ملاصق الوجه، وآخره فيها وفي سماع موسى رواية ابن القاسم: "حتى آخر شعر القفا"، وعزاه اللخمي لابن شعبان وجعل المذهب حتى آخر الجمجمة. الشيخ: وشعر الصدغين منه. الباجي: هو ما فوق العظم لحلقه المحرم وما دونه من العذار. اللخمي: بياض ما فوق الأذن منه. والرواية: ترك بعضه لا يجزئ. ابن مسلمة: يجزئ ثلثاه. أبو الفرج: ثلثه. الباجي عن أشهب: مقدمه يجزئ. ابن زرقون: زاد البرقي عنه: إن مسح بعضه أعاد. ابن شاس: روي عنه إجزاء مطلق بعضه. وسمع مع ابن نافع: من مسح مقدمه أعاد. أشهب: "لا يعيد، قيل له: أيمسح بعضه؟ قال: أيغسل بعض وجهه؟! ". ابن رشد: "ذهب أشهب في هذه الرواية لإجزاء البعض كالشافعي". قلت: إنما الرواية في الناصية. ابن عبد السلام: "إنما الخلاف بعد الوقوع، وما حكاه بعض أشياخي عن بعض الأندلسيين أنه ابتداء لم أره". قلت: ظاهر قول المازري إثر ذكره الأقوال "هذا القدر الواجب والكمال في الإكمال اتفاقًا"، وما ذكره من الإجزاء متعلق الأجزاء أن الخلاف في الواجب ابتداء وهو ظاهر عزو ابن رشد لأشهب قول الشافعي، ومقتضى قول ابن حارث عن

أشهب: "من ترك ما سوى مقدم رأسه وضوؤه جائز"، وروى عن ابن عمر. ولأن ظاهر اختلافهم أنه في أقوال ومذاهب لا في مراعاة خلاف. والقول بوجوب الشيء قبل فعله وسقوطه بتركه لا على معنى رعي الخلاف غير معقول، لأنه يؤدي إلى انقلاب الواجب غير واجب، وإجزاء غسله لابن شعبان. ابن سابق: وأباه غيره وكرهه آخرون وقول ابن الحاجب: "ويجزئ في الغسل اتفاقًا" إن أراد باعتبار رفع حدث الجنابة فحق إذا هو المنوي وإن أراد باعتبار حصول فضل تقديم الوضوء فلا، لرواية علي وابن القاسم منع تأخير غسل الرجلين. وفيها: "إن كان معقوصًا مسحت على ضفرها ولا تمسح على حناء أو خمار أو غيره". الطراز: "إن كانت الحناء بباطن الشعر لم يمنع كالتلبيد". ابن حبيب: "إن كثرت شعرها بصوف أو غيره لم يجز مسحه حتى تنزعه، ويجدد الماء لمسحه". الشيخ عن ابن حبيب: "وليأخذ الماء لمسحه بيده، ثم يرسله أو يصبه من يد لأخرى". وفيها لمالك: "إن مسحه ببلل لحيته لم يجزئه". العتبي عن ابن القاسم: "ويعيد أبدًا"، وأجازه ابن الماجشون" إن كفى وبعد عن الماء"، فخرجهما اللخمي وابن رشد على طهورية المستعمل وعدمها، ومقتضى قول المازري "الاتفاق على منع مسحه ببلل اللحية ابتداء، وإنما الخلاف بعد الوقوع" يرد بنقل الشيخ عن ابن الماجشون ما نصه: "إن بعد عن الماء، فليمسح به". ابن رشد: "لا يجزئ ببلل ذراعيه لعدم كفايته"، ونقل ابن زرقون فيه عن ابن الماجشون: "كبلل اللحية" يرد بنقل الشيخ عنه: "إن مسحه ببلل ذراعيه لم يجزئه". وأجراه اللخمي على الماء المستعمل، وأجراه المازري ومسحه ببلل اللحية عليه. وفي تجديد الماء إن نفد بالله قبل استيعابه نقلا اللخمي عن رواية ابن حبيب في المرأة مع سماع أشهب مطلقًا وإسماعيل مع قول ابن القاسم: إن مسح بأصبع واحدة أجزأه. قلت: قيد عبد الحق إجزاء الأصبع بتكرير إدخالها في الماء.

ابن حبيب عن ابن القاسم: "لا يجزئ مسحه بمطر أصاب رأسه ويجزئه بما أصاب يديه ولو حلقه" ففي إعادة مسحه ثالثها: "يبتدئ الوضوء" للخمي مع نقله عن عبد العزيز، والمذهب فيه وفي تقليم الأظفار، وعياض عن عبد العزيز مع نقل الصقلي عنه "انتقض وضوؤه كنزع الخف"، فإيجاب اللخمي "على من قطعت يده أو بضعة غسل ما ظهر أو مسحه إن شق خلافها" وخطأ الطراز تخريجه على المسح. ابن رشد: "ومن صلى الخمس بوضوء وجب لكل صلاة فذكر مسح رأسه من وضوء أحدها مسحه وأعاد الخمس"، فلو أعادها ناسيًا فجواب ابن رشد بمسحه وإعادة العشاء فقط، وتوهيمه من قال: يعيد الخمس واضح الصواب، وعزو القرافي في جواب ابن رشد لبعض التعاليق عن سحنون لم أجده. وغسل الرجلين: اللخمي: "الكعبان كالمرفقين". عياض: "قد يفرق بأن القطع تحت الكعبين بخلاف المرفقين". وفي كونهما الناتئين في الساقين أو الكائنين عند معقد الشراك قولان لها ولعياض عن رواية ابن نصر مع اللخمي عن رواية ابن القاسم، وفي المختصر إنكارها مالك. زاد ابن رشد: "وقيل مجتمع العروق من ظهر القدم". اللخمي عن رواية ابن القاسم: رجع مالك عن رواية أشهب "إنكار تخليل أصابعهما" إلى رواية ابن وهب "يخللها" وهو الصواب لوجوب التدلك، واستحبه ابن حبيب. قلت: في أول سماع ابن القاسم مثله وفي أثنائه إنكاره. ابن رشد: "ورواه ابن وهب". قلت: هذا خلاف نقل اللخمي روايته، وللباجي وابن رشد عن ابن وهب كابن حبيب. وظاهر إجزائها دلك خائض النهر برجليه إحداهما بالأخرى سقوطه الأعم من الإنكار والإباحية، وعلى تخليلهما قال القرافي عن بعض العلماء: "يبدأ بتخليل خنصر اليمني ثم ما يليه وبإبهام اليسرى ثم ما يليه للابتداء بالميامن". وفيها: "يغسل أقطع الرجلين موضع القطع وبقية الكعبين، لأن القطع تحتهما، ولا

يغسل أقطع الذراعين موضع القطع، لأن المرفقين من الذراعين، وقد أتى عليهما القطع". فتعقب قوله: "أتى عليهما القطع" بأنه إن كان حدًا لم يصل إليهما، وإن كان قصاصًا، فلا اختصاص للجناية بهما، ويجاب بأنه جواب لأمر فرض. وموالاة فعلاته مطلوبة: اللخمي: في إبطاله تفريقها ثالثها: "عمدًا لا نسيانًا مطلقًا"، ورابعها: "لا نسيانًا في المسموح" لابن وهب وسماعه مع ابن عبد الحكم وابن القاسم مع مالك ورواية ابن حبيب. الشيخ: ورواه الأخوان وعليه قال الباجي: روى الأخوان أن المغسول سنة كالممسوح، ورواية أبي زيد وابن حبيب إن كان رأسًا لا خفًّا قال بها ابن مسلمة، وقال ابن حبيب: هي سهو. ابن زرقون: سوى ابن مسلمة بين الرأس والخف خلاف رواية أبي زيد. الشيخ: قول ابن حبيب: "ناسي اللمعة يغسلها فقط" خلاف أصله، إذ لا فرق بين لمعة وكل عضو. ابن رشد: "في فرضها وسنتها" ثالثها: "في المغسول سنة في الممسوح" لابن أبي سلمة والمشهور ورواية الأخوين وعلى الأول يعيد الصلاة مفرقة ناسيًا، وعلى الثاني لا يعيد الناسي، وفي العامد قولا ابن القاسم وابن عبد الحكم، وذكر ابن بشير. الرابع: "لا بقيد النسيان" خلاف نقل اللخمي والشيخ والمازري. $$$ التفريق لغو، ولو عجز ماؤه وجف وضوءه ففي بنائه. ثالثها: "إن أعد مما يكفيه فغضب أو أريق" للباجي عن رواية ابن وهب مع عياض عن رواية ابن أبي أويس وعياض عن قول بعضهم: يحتمل أنهما على وجوبهما مع الذكر واللخمي. وفيها: "إن قام لعجز مائة وقرب ولم يجف بنى". الباجي: "في اعتبار الطول بالجفاف أو باجتهاد المتطهر لعمل في الصلاة قولان"، "وفي كون فقد ذاكر لمعة ما يغسلها به حين ذكرها كعجز ماء وضوئه أو لا يبطل وضوؤه ولو طال فقده ما لم يفرط"- نقلا عبد الحق عن شيوخه والإبياني. وفيها: "إن لم يغسل ما ترك سهوًا حين ذكره استأنف الغسل والوضوء".

وسننه غسل يديه الطاهرتين قبل إدخالهما إناءه. أبو عمر: "المشهور كراهة تركه". أشهب: "ليس ذلك عليه" وسمعه ابن القاسم. ابن زرقون: ورواه ابن شعبان. ابن رشد: "في كونه سنة أو مستحبًا قولان". وفي غسلهما قرب غسلهما ولو لوضوء بطل قول ابن القاسم مع ابن وهب وإحدى الروايتين وأشهب مع الأخرى، وذكرهما المازري عن الأصحاب تخريجًا على كونه تعبدًا أو للنظافة، قصوٌر. الباجي: "وفي كونه بنية أو لا قولان على أنه تعبد أو للنظافة". وقبل ابن رشد قول ابن لبابة: "إن لم يعد غسلهما في وضوئه لم يجزئه". الصقلي وعبد الحق: "إن نوى بغسلهما السنة وإن نوى الفرض، أجزأه كمنكس". ورجع ابن عبد الرحمن إليه عن كونه غير منكس له. وسمع ابن القاسم: "إن أدخلهما من نوم في إناء، فلا بأس بمائه". ابن حارث عن ابن غافق التونسي: "أفسده ولو كان طاهرهما". ابن رشد: "إن أيقن بنجاستهما فواضح، وإن أيقن طهارتهما فطاهر، وإن شك فكذلك، وإن كان جنبًا". ابن حبيب: "إن بان جنبًا فنجس". وفي استحباب غسلهما مفترقتين أو مجتمعتين نقلا ابن زرقون عن مالك وابن القاسم، فذكرهما المازري تخريجًا على التعبد والنظافة، قصوٌر. وسمع القرينان: "أحب إلى أن يفرغ على يده اليمنى ثم يغسلهما". ابن رشد: "هذا كسماع عيسى ابن القاسم استحباب غسلهما مجتمعتين-

باب المضمضة

وصوب اختيار ابن القاسم- أخذ الماء لبقية وضوئه بيمناه "عن قول مالك" بيديه معًا". الباجي: خير فيهما ابن حبيب والشيخ والقاضي. [باب المضمضة] $$$ القاضي: "هي إدخال الماء فاه فخضخضه ويمجه ثلاثًا". [باب الاستنشاق] الاستنشاق: جذب الماء بأنفه ونثره بنفسه، ويده على أنفه ثلاثًا، وكرهه مالك دونها ويبالغ غير الصائم. عياض: الاستنشاق والاستنثار عندنا سنتان، وعدهما بعض شيوخنا سنة واحدة". قلت: ظاهر اقتصار الرسالة والتلقين والجلاب والصقلي والمازري وابن رشد وابن العربي على المضمضة والاستنشاق مع نقل الشيخ عن ابن حبيب: "مسنونه

المضمضة والاستنشاق ومسح الأذنين". وقولها: "من تركهما لم يعد صلاته، وأعادهما" أنهما سنة واحدة، وظاهر قول الكافي: "المضمضة والاستنشاق والاستنثار ومسح الأذنين سنة" أنهما سنتان وهو نص المقدمات، وقول أول الرسالة: "من سننه المضمضة والاستنشاق والاستنثار" ظاهر في الثاني، وقولها آخرها كالتلقين ظاهر في الأول. الشيخ: روى ابن القاسم وابن وهب وابن نافع وعلي: لا بأس بالمضمضة والاستنشاق من غرفة واحدة. ورووا إلا عليًا: إن مضمض بغرفة واستنشق بأخرى فواسع. ابن القاسم: قيل له: فثلاث فأبى أن يحد فيه. الباجي: في كون الأولى فعلهما معًا من غرفة ثلاثًا أو لكل واحدة ثلاثًا قولا أصحابنا في فهم قول مالك. ابن رشد: الأولى الأول فإن شاء الثاني مضمض ثلاثًا بواحدة واستنشق كذلك ويفعلهما تاركهما. وفي إعادة صلاته في الوقت ثالثها: في العمد للخمي ونقله وسماع يحيى ابن القاسم وعزا ابن رشد الثاني لابن حبيب وخرج إعادته أبدًا من ترك السنة عمدًا قال: وهو المشهور المعلوم لابن القاسم. ولا يعيد الناسي اتفاقًا. ابن بشير: "ما ترك من سننه إن فعل في محلها عوض كغسل اليدين قبل إدخالهما في الإناء، وإعادة مسح الرأس من المقدم للمؤخر لم تعد، وإلا أعيدت كالمضمضة والاستنشاق". قلت: يرد بعموم نقل الشيخ عن ابن حبيب: "إعادة ما ترك من مسنونة"، وإن سلم في اليدين فلاستحالة تلافيه لتقييده بالقبلية، وتلافيها مستحيل أو موجب إعادة الوضوء فتصير السنة واجبة. ومسح أذنيه: الباجي: في فرضه ونفله قولا ابن مسلمة مع الأبهري، وسائر أصحابه مع ظاهر المذهب، ونقل ابن رشد فيه الاستحباب يحتمل أنه تفسير للندب أو لا فيكون ثالثًا.

القاضي: "داخلهما سنة". وفي فرض ظاهرهما قولان في الجلاب قال: "لا يعيد تارك ظاهرهما"، والقياس يوجب الإعادة، وفي كونه ما يلي رأسه أو وجهه قولا ابن سابق مع بعض المتأخرين وبعضهم. اللخمي: الصماخان سنة اتفاقًا. وفي فرض ظاهر أشرافهما وباطنهما قولا ابن مسلمة مع قولها: "الأذنان من الرأس" وابن حبيب، وعلى الفرض في إعادة وضوء تاركهما عمدًا قولا بعض أصحاب الأبهري لعدم تعميمه المسح، وابن مسلمة معها للخلاف فيه، وفي كونهما من الرأس. الشيخ: روى ابن عبد الحكم: يدخل أصبعيه في صماخيه. وفي استحباب تجديد الماء لهما وتخييره فيه ثالثها: "تركه كتركهما" الباجي عن مالك وابن مسلمة وابن حبيب. وكيفية مسحهما مطلق في الروايات، وفي الموطأ "كان ابن عمر يأخذ الماء بأصبعيه لأذنيه" فقال عيسى: يقبض أصابع يديه سوى سبابتيه يمدهما ثم يمسح بهما داخلها وخارجهما. الباجي: يحتمل أنه يأخذ الماء بأصبعين من كل يد لحديث ابن عباس: "باطنهما بالسبابة وظاهرهما بالإبهام". قلت: نقل الشيخ عن ابن حبيب: "يأخذ الماء بأصبعين يمسحهما مرة ظاهرهما وباطنهما" يحتمل الوجهين. وفي الرسالة: "يفرغ الماء على سبابتيه وإبهاميه وإن شاء غمسهما في الماء ثم يمسح أذنيه ظاهرهما وباطنهما". ورد اليدين من منتهى المسح لمبداه.

ابن رشد: "وقيل: فضيلة". اللخمي: في كون رد اليدين ثالثه فضيلة قولا إسماعيل والأكثر. وترتيب فرضه كما ذكر والمضمضة فالاستنشاق أولًا والأذنان إثر الرأس مطلوب. وفي كونه في مفروضه سنة أو فرضًا ثالثها: "مستحب" لابن رشد عن المشهور مع اللخمي عن رواية الأبهري، وأبي عمر عن أخرى روايتي علي، والباجي عن ابن حبيب والأخوين: لا يعيد منكٌس صلاته، وأبي عمر عن أولى روايتي علي: "يعيدها" مع اللخمي عن أبي مصعب وابن مسلمة والمازري مع اللخمي عنها، وثالث نقل ابن بشير: "واجب مع الذكر ساقط مع النسيان". ابن رشد: "وعلى المشهور إن نكس بحضرة الماء المقدم وما بعده"، ولو كان ناسيًا وإن جف وضوؤه فالعامد قيل: يعيد وضوءه وصلاته. ابن حبيب: "وضوءه فقط" لقولها: "ما أدري ما وجوبه" لا يعيده والناسي في إعادته ما قدم فقط أو وما بعده قولا ابن القاسم وابن حبيب وتعقب التونسي وابن رشد الأول بعدم حصول الترتيب لتأخير المقدم عما يؤخر عنه، وأجاب ابن رشد بأن: "المقدم كمتروك ذكر بعد طول لا يعاد ما بعده"، ورده بلزوم إعادة صلاته، وبعض الأندلسيين بحصوله بمجموع فعله أولًا وثانيًا، ورده المازري بلزومه في حضرة وضوئه وابن رشد الثاني بأنه تفريق وهو يبطل به الوضوء والصلاة، ولو سهوًا، ويجاب بحصول الموالاة أولًا. ابن زرقون: "في إعادته خمسة: فيها استحبابًا ورواية على إيجابًا ونحوه لأبي مصعب وابن مسلمة. ابن حبيب: إلا الناسي. ابن مسلمة: إلا في المسموح. وروى ابن حبيب: لا إعادة. قلت: ظاهر نقله عن ابن مسلمة إلا في المسموح أنه يبتدئ الوضوء في غير المسموح، وقال: أولًا وروى ابن مسلمة: "إن قدم رجليه على رأسه مسحه فقط، وإن قدم ذراعيه على وجهه أعادهما، وإن طال ابتدأ، وهذا ليس فيه ابتداء وضوء". وفي قوله: إثر قوله: نحوه لأبي مصعب وابن مسلمة روى ابن بطال أنه "لا بأس

به ابتداء"- نظر. ابن زرقون: وفي إعادة الصلاة ثالثها: "في الوقت" لأبي مصعب ولها والمجموعة. ابن رشد: "وترتيب المسنون مع المفروض مستحب في الموطأ، لقوله: من غسل وجهه قبل مضمضته لم يعد غسله". ابن حبيب: "سنة أخف من مفروض مع مفروض قال مرة: منكسه عمدًا يعيد وضوءه، ومرة: لا يعيده إن فارق وضوءه، وسهوًا لا شيء عليه". فضل: يريد إن فارق وضوءه وإلا أعاد المقدم وما بعده لأصله في ذكر سنة منه بحضرته. ابن رشد: ويحتمل كونه خلاف أصله كالموطأ. وفي سقوط رعيه في المسنون ووجوبه فيه نقل عياض مع أبي عمر عن مالك وابن زرقون مع الصقلي عن ابن حبيب: يعيد عامد تنكيسه في مفروضه أو مسنونه. المازري: "لو وضأه أربعة معًا قال بعٌض: موجبه تنكيٌس". $$$: وقاله ابن حبيب وعلي وروى إنكارها، والواقدي إباحتها. عياض: الأول مشهور الروايات. والأظهر أنه سنة لدلالة الأحاديث على مثابرته صلى الله عليه وسلم وإظهاره والأمر به، وهو باليمنى أولى ورواه ابن العربي، بقصب الشجر وأفضلها الأراك، وضعف كراهته بعضهم بذي صبغ للتشبه بالنساء لجواز الاكتحال وفيه التشبه بهن.

قلت: قد كرهه مالك أيضًا لذلك. وفي إجزاء غاسول مضمض به عنه قولا ابن العربي وبعض المتأخرين، وكرهه ابن حبيب بعود الرمان والريحان، وسمع ابن القاسم: "من لم يجد سواكًا فأصبعه يجزئ". اللخمي: "والأخضر للمفطر أولى"، وظاهر التلقين: "هما له سواء". وتقديم اليمين: والبدء بمقدم الرأس ظاهرًا ذاهبًا لقفاه. ابن رشد: "وقيل: سنة". الباجي عن أحمد بن داود: "يبدأ بناصيته ذاهبًا لمقدم رأسه، ثم إلى قفاه، ثم إلى ناصيته". الجلاب: "كالأولى ملصقًا طرفي يديه رافعًا راحتيه عن فوديه، وفي ردهما يلصقهما بهما ويفرق طرفي يديه". قال القاضي عنه: "لئلا يتكرر المسح ولا فضل فيه". ورده ابن القصار بأن منعه وعدم فضله بماء جديد. وفي كون تكرار المغسول مرتين سنة أو فضيلة ثالثها: "الثانية سنة، والثالثة فضيلة" لعياض عن شيوخنا، والرابعة: ممنوعة. ابن بشير: إجماعًا. وروى: لا يقتصر على واحدة. المازري: "للحض على الفضيلة والعامي لا يكاد يستوعب بواحدة، ولذا روى بزيادة: إلا من العالم. المازري: "هذه غرت الإسفراييني فحكى عن مالك وجوب الثنتين". أبو عمر: "روى ابن عبد الحكم: لا أحب الاقتصار على اثنتين وإن عمتا". وتعقب قولها: "لم يوقت واحدة ولا اثنتين ولا ثلاثًا إلا ما أسبغ" بأن الإسباغ بأحدهما فيصير إلا واحدة أو اثنتين أو ثلاثًا، فيتناقض, ويجاب بأنه أخص منها لوجودها دونه ولا تناقض في استثناء أخص من أعم. عياض: "أجمعوا على أن لا يتعدى في الوضوء حدوده لحديث: "فمن زاد فقد

تعدى وظلم". وقول ابن بشير: "المعروف عدم تحديد غسل الرجلين، لأن المطلوب إنقاؤهما" خلاف نص الرسالة وظاهر غيرها. المازري في شرح الجوزقي: "إن كانتا نقيتين فكسائر الأعضاء وإلا فلا تحديد إجماعًا". وفي إيقاع المكرر بمجرد نية الفضل أو نية فعل ما أمكن تركه من الأولى أو إكمال الفرض كإعادة الفذ. ونية الوجوب أربعة: للمازري عن الأكثر، وقولي بعض المتأخرين، والبيان ورد المازري، الثاني: بأن التكرار بعد تيقن حصول ما وجب فلا شك لتنافيهما سلمناه، لكن لا يفيد إن تبين ترك، لأن في إجزاء نية الواجب دون جزم خلافًا، والثالث: بأن الصلاة تتقرر دون فضل الجماعة وبه، فأمكن تداركه بإعادتها جماعة، لأنها صفة لها، وفضل ثانية الغسل خاص بها لا تتصف به الأولى فامتنع تحصله لها بها. عبد الحق: "وعلى الأول لو تبين نقص الأولى، فالأصح لا تجزئ عنه". المازري في شرح الجوزقي: "اختلف فيها أبو عمران وابن عبد الرحمن قال أحدهما: يعيد، والآخر: لا". ولو شك في الثالثة، ففي فعلها نقلا المازري عن الأشياخ بناء على اعتبار أصل العدم كركعات الصلاة أو ترجيح السلامة من ممنوع على تحصيل فضيلة، وخرج عليهما صوم يوم عرفة من شك في كونه عاشرًا.

ابن رشد والصقلي: جعل الإناء على اليمين وأن لا يتوضأ في الخلاء فضيلتان. بعض متأخري القرويين: وأن لا يتكلم في وضوئه. عياض: اختيار أهل العلم ما ضاق عن إدخال اليد فيه وضع عن اليسار. الشيخ: يستحب قوله إثر وضوئه: "اللهم اجعلني من التوابين واجعلني من المتطهرين". وفيها: "لا بأس بالمسح بالمنديل بعد الوضوء"، ورواه علي: "قبل غسل الرجلين، وإني لأفعله". الطراز: "ظاهر الجلاب منعه قبل تمامه لمنعه تفريق الطهارة لغير عذر". الباجي: "أقل ماء الوضوء مٌّد والغسل صاع". وعزاه عياض لابن شعبان وقال: "المشهور عدم التحديد". وفيها: "استحسان وضوء بعض من مضى بثلث المد"، وسمع ابن القاسم: بثلث مد هشام: "ويفضل منه". وفيها: "أنكر قول من قال في الوضوء: حتى يقطر أو يسيل". فقيل: حده بهما، وقيل: لزومهما إياه. ويؤمر مريد حدث أن يبعد: التلقين: "ولو كان بولًا". ومال أبو عمر للغوه فيه قائمًا، ويذكر فيه نحو "أعوذ بالله من الخبث والخبائث" قبل فعله في غير معٍّد له، وفيه قال اللخمي: "قبل دخوله". وروى عياض جوازه فيه. ويعد المزيل، ويستتر فلا يرفع ثوبه حتى يدنو من الأرض، ويصمت. ابن العربي: "ولا يلتفت يمينًا وشمالًا، ويستر رأسه"، ويقول: إذا خرج من الخلاء: "اللهم غفرانك"، و"الحمد لله الذي سو غنيه طيبًا وأخرجه خبيثًا".

ابن حبيب: "ويتقي الجحر والمهواة وليبل دونها يجري إليها". واستشكال ابن عبد السلام الفرق بينهما يرد بأن حركة الجن فراغ المهواة لا سطح جسمها، وظل الجدر والشجر وقارعة الطريق وضفة الوادي وقربه، وراكد الماء ولو كثر لا الجاري، ولا بأس به بمغتسله المنحدر إن أتبعه ماء. التلقين: "كثير الراكد جدًا كمستبحر مثله". وروى ابن عبد الحكم وابن عبدوس: "لا يستقبل ولا يستدبر" بفلاة على النهي، ورواية أبي عمر وابن رشد: لا يجوز، ورواية المازري المنع فظاهره التحريم وبه يفسر قولها: "كره". ويجوزان بمرحاض وساتر اتفاقًا وبمرحاض فقط طريقان. المعلم: "يجوز اتفاقًا"، وقبله عياض في الإكمال. التهذيب: "يجوز". وقول بعض شيوخنا: "لا يجوز"، وزعمه أنه منصوص موافق لها- بعيد. قلت: نقله عياٌض في التنبيهات خلاف قبوله في الإكمال. وبساتر فقط قولا التلقين مع اللخمي عنها، وابن رشد والمجموعة مع المختصر بناء على أنه للمصلين أو للقبلة، وألزم اللخمي الأول جواز استقبال من سدل ثوبه ناحية المصلين خلفه. وفي جواز الوطء مستقبلًا قولا ابن القاسم وابن حبيب. اللخمي: "يمنع المنكشفان في الصحراء، ويختلف في المدن، ويجوز للمستترين فيهما". ابن بشير: "في جوازه على الإطلاق وكونه كالحدث قولان"، وفي حملها على الأول أو الثاني طريقان. ابن رشد: "حملها بعضهم على الأول بعيد". ولا يمس ذكره بيمينه. ابن حبيب: "ولا يمتخط بها". المازري: (يأخذ المستجمر من بول ذكره بشماله يمسح به الحجر لحديث: "النهي

أن يستجمر بيمينه". عياض: "إن لم يمكنه أمسك بيمينه ما يستجمر به وحرك بشماله ذكره إليه". وقول الطحاوي: "يمسك ما يستجمر به برجليه بعد جلوسه" لا يمكن في كل حال. وفيها: "لا بأس بالبول قائمًا حيث لا يتطاير وإلا كره". الباجي وابن بشير عن الأشياخ: "قيامه بطاهر رخو جائز ومقابله يدعه، وجلوسه بصلب طاهر لازم ومقابله مقابله". اللخمي: "اختلف في استنجائه بشمال فيها خاتم به اسم الله تعالى". وسمع ابن القاسم خفته، وقبح ابن رشد قوله: "إني لأفعله، وأوله بعضه أصبعه فشق نزعه". [الاستنجاء] الاستنجاء: إزالة البول والغائط عن مخرجهما، وحكمه كالنجاسة.

وفيها: "لا يستنجى من ريح". ويستحب بالجمار ثم الماء وأحدهما كاٍف. اللخمي وابن حبيب وروايته: "لا يجزئ الأول إن وجد الماء"، وعلى المشهور روى أبو عمر: "غير المعتاد من السبيلين مثله". الطراز: "جواز القاضي الاستجمار من الدم والقيح وشبهه ويحتمل المنع". القرافي: "لا يجزئ المرأة الاستجمار من البول لتعديه محله لجهة المقعدة، وكذلك الخصي". $$$ بالماء وفي كون ما $$$ جدًّا كالمخرج أو بالماء- قولا الجلاب مع رواية ابن رشد وابن حارث، والشيخ، والجلاب عن ابن عبد الحكم مع ابن رشد عن ابن حبيب وابن أبي حازم. الباجي عن ابن أبي حازم ورواية العراقيين: "ما لابد منه غير المخرج كالمخرج". أبو عمير: "قال ابن خويز منداد عن مالك وأصحابه: ما قاربه مما لابد منه لا يجزئ فيه غير الماء". ابن زرقون: "إنما رأيت له كالعراقيين"، وفي الزاهي: "كابن عبد الحكم". والمني بالماء والمذي مثله، وقول ابن بشير: "على المشهور" لا أعرفه. وقول المازري: "قال بعض أصحابنا: يجزئ معه الاستجمار كالبول"- معارٌض بقول أبي عمر: "لا يختلف أن صاحب المذي عليه الغسل إنما اختلفوا في غسل محله أو كل الذكر". وفي غسل كل الذكر أو محله- قولا أكثر الإفريقيين مع ظاهر رواية علي فيها،

واللخمي مع البغداديين. وعلى الأول في وجوب النية قولا بعضهم والشيخ. وفي إعادة صلاة من اقتصر على محله أبدًا وصحتها- قولا الإبياني ويحيى بن عمر وبعده. ابن بشير: "أخذ بعضهم وجوب غسله عند الوضوء وقبله لا يجزئ من رواية علي لا يغسل أنثييه من المذي عند الوضوء إنما عليه غسل ذكره". القرافي: "مغسول الثيب من فرجها في البول كالبكر، لأن مخرج البول قبل مخرج البكارة والثيوبة، وتغسل الثيب في الحيض كل ما ظهر من فرجها حين جلوسها والبكر ما دون العذرة، ويحتمل أن يقال: البول يجري عليه فيغسل، والأول أظهر". وسائر أجزاء الأرض من زرنيخ ونحوه كالجمار: اللخمي: "في جواز غيره من طاهر لا حرمة له ولا تعلق به حق كالعود والخرق والحممة" وإعادة فاعله في الوقت رواية ابن وهب وقول أصبغ. وما تعلق به حق كالعظم والروث وجامد نجس. روى ابن وهب: لا بأس به، وابن القاسم: كراهته. ويمنع بذي حرمة أو سرف كالطعام والفضة والمكتوب، وفي إجزائه نقلا اللخمي. ابن حبيب: "نهي عن الحممة والجلد والبعر ومن استنجى به أو بحجر واحد أساء وأجزأ". ابن زرقون: "وأبطل ابن عبد الحكم صلاته، وعزا عياض الأول لبعض البغداديين والثاني لابن القصار بعبارة "لا يجزئ". الباجي: "النجس ينجس المحل فيجب الماء". ابن رشد: "إن كان رطبًا أعاد الصلاة في الوقت اتفاقًا" وأجازه الجلاب بالتراب وتعليل عياض منع الحممة بأنها كالتراب خلافه. وبالنخالة وتعقبه ابن زرقون بأن بها طعامًا، ومنع سحنون غسل اليد بها، وكرهه مالك، وأجازه ابن نافع ولعله في الخالصة. المازري: "شذ بعض الفقهاء فمنعه بعذب الماء، لأنه طعام".

قلت: ويتخرج على رواية ابن نافع منعه بطعام إلى أجل، وضبطه المازري بـ "كل منٍّق طاهر غير مطعوم ولا ذي حرمة"، فأخرج العظم والزجاج والنجس والطعام ولو للجن، وحائط المسجد، وزاد عياض: "منفصل جامد غير ذي شرف ولا منجس غيره" فأخرج اليد والرطب والحجر المبتل والجدار ولو لمرحاض. قلت: المنقي يخرج المبتل، وإنما أخرج ابن زرقون بالمنفصل اليمين. الجلاب: والاستبراء إخراج ما بالمحلين من أذى واجب مستحق". وروي بالنفض والسلت الخفيفين باليسرى، وسمع ابن القاسم: "ليس القيام والقعود وكثرة السلت بصواب". اللخمي: "من عادته احتباسه، فإذا قام نزل منه وجب أن يقوم ثم يقعد، فإن أبى نقض وضوءه ما نزل منه بعده". مالك: "ربيعة أسرع امرئ وضوًء وأقله لبثًا في البول، وابن هرمز يطيلهما ويقول: مبتلًى لا تقتدوا بي". الشيخ: وصفته أن يغسل يده ثم $$$ لو يمسح $$$ ولو بيده فيحكها بالأرض فيغسلها، ثم دبره، ويصل صب الماء ويسترخي قليلًا ويجيد عركه ولا تضر رائحة يده". الباجي: "تقديم قبله قبل دبره في الاستجمار أفضل والواجب الإنقاء". $$$ وفي إجزاء ما أنقى دونها نقلا المازري عن المذهب وابن شعبان مع أبي الفرج قال: "وعليه في شرط نقاء الثلاثة أو آخرها قولان". قلت: في تصور الأول نظر، ولعله على تقدير تكررها لنقاء محلها. ابن شعبان: "ولا يجزئ ذو ثلاث شعب عنها". ونقل ابن بشير "يجزئ" لا أعرفه، وقول الجلاب: "لا بأس بالاقتصار على حجر واحد أنقى كان ذا شعبة أو شعب" لا يثبته. الباجي: وعليه يجب لكل مخرج ثلاث شعب. ونقل ابن بشير "يجزئ لهما" ثلاث- لا أعرفه. اللخمي: "إن أنقى بأربع أو ست طلب الوتر".

وفي مسح المحل بكل حجر منها أو لكل صفحة حجر والثالث لهما ثالثها: "الثالث للمسربة" للباجي مع الأكثر والأخفش والدارقطني لروايته حديثه. وفي إعادة تاركهما ساهيًا في الوقت ثالثها: "أبدًا لابن مسلمة مع سماع أبي زيد ابن القاسم ورواية أشهب وتخريج اللخمي على إعادة ذي نجاسة أبدًا، فقيد الشيخ الثاني بالماسح والمبعر وابن رشد الأول بغيرهما لقول ابن القاسم: أن اقتصر على حجر واحد لم يعد. وفي العفو عن عرق محل الاستجمار يصيب الثوب ونجاسته- قولا الباجي وابن القصار. [ناقض الوضوء] ناقض الوضوء لذاته حدث المعتاد من السبيلين في ذاته ووقته وكيف خروجه:

البول والمذي والودي والغائط والريح. وفي غير المعتاد كدود أو حصي أو دم، ثالثها: "إن قارنه أذى أو بلة" لابن عبد الحكم وابن رشد على المشهور ولم يعز الثالث، وعزاه اللخمي لابن نافع، وسمع عيسى ابن القاسم: "ماء الحامل قرب وضعها كبولها".، وسمع القرينان فيه: "ليس بشيء". ابن رشد: أي لا يتوضأ منه وهو الأظهر، لأنه غير معتاد". اللخمي: "والدم من الذكر كالدم من الدبر، والمعتاد إن دام- لغو، وإن تكرر لعلة فروى المازري: "ينقض وإن شق". وروى اللخمي مرة: "لا وضوء"، ومرة: "إن كان في زمن يشق"، ومرة: "يتوضأ في شدة البرد، فإن شق وقرن صلاتين في وقتيهما، فلا بأس". ابن رشد: "إن قرنهما ولا مشقة ففي إعادته في الوقت قولان من روايتهما محمد في المستحاضة لتسوية محمد معها بين السلس والاستحاضة". الباجي: "ظاهر قول ابن القصار يجب الوضوء بخروج دم الاستحاضة مرة بعد مرة إلا أن يكثر بالساعة لقوله: من اعتراه مذٌي المرة بعد المرة توضأ إلا أن يستنكحه فيستحب له لكل صلاة وجوب الوضوء من المذي لغير لذة، وهو خلاف المشهور، إنما حملها الشيوخ على مذي اللذة". ابن بشير: "إن كثرت ملازمته استحب وضوءه" وعكسه المشهور وجوبه وأسقطه البغداديون وإلا فقولان، وحيث يستحب ففي استحباب غسل فرجه قولا الطراز وسحنون قائلًا: "النجاسة أخف من الحدث". وفي لزوم غسل الخرقة عند صلاته- نقلا القرافي عن الإبياني وسحنون. وفي كون المعتبر فيه اللزوم وقت الصلاة أو الأيام قولا شيوخ شيوخنا ابن جماعة والبوذري والأظهر عدد صلواته.

وفسر ابن عبد السلام الأكثر بإتيان البول ثلثي كل ساعة ليلًا ونهارًا، وتعقبه الأول بأنه فرض نادر بناء على فهمه منه قصر وجود البول على أوقات الصلوات وهو وهم إنما مراد ابن جماعة قصر المعتبر منه على الموجود أوقات الصلوات، وقوله أيضًا: "إن كان الأمر على ما قال: لم يخل وقت صلاة من بول قل أو كثر فلابد من ناقض فتستوي مشقة الأقل والأكثر فيستوي الحكم" يرد بأنه مشترك الإلزام لما اختار. وفي كون تكرر مذي العزبة كمعتاد- نقلا ابن رشد، وخرجهما على روايتهما إن كثر مذيه لطول عزبة أو تذكر أو إذا تذكر لزمه الوضوء. الجلاب: "إن أمكن رفعه بنكاح أو تسٍّر وجب الوضوء" فقيد بمضي زمن إمكان فعل أحدهما عادة. ابن بشير: "ما قدر على رفعه المشهور كمعتاد". ونقل ابن الحاجب: "العفو عنه للتذكر" لا أعرفه. وأفتى اللخمي: "فيمن إن توضأ أحدث في صلاته وإن تيمم فلا بأنه يتيمم". والمستحاضة في وجوب وضوئها لكل صلاة واستحبابه روايتا اللخمي. وفي جواز إمامة من سقط وضوء، لذلك لسليم ثالثها: "تركه أحسن إلا لذي صلاح" لنقلي ابن رشد، وعزاهما عياض لسحنون وابن أبي سلمة وبعض شيوخ عياض مع سحنون. ابن بشير: "وكذا كل نجاسة يشق غسلها كذي قروح". وفي كون القيء المتغير لأحد أوصاف العذرة مثلها في النقض- نقلا اللخمي وصوب الأول قال: كصيرورة إحدى النجاستين تخرج من جائفة على العادة وتكررها كالسلس.

[$$$ الوضوء $$$] $$$ بمظنونه سبب حدث. ولم $$$ الجنون والإغماء $$$ أو سببه $$$ اللخمي عن ابن القاسم مع مالك والقاضي وخرج عليها: "نقض من جن قائمًا أو قاعدًا بحضرة قوم لم يحسوا منه شيئًا". قلت: لا يلزم من عدم إحساسهم عدمه. ويلزمه في النوم. قال أبو الفرح: وروي عن ابن القاسم: النوم حدث، والمشهور سبب، وفيه طرق: اللخمي: "خفيف قصيره لغو، مقابله ناقض، خفيف طويله يستحب" مقابله قولان، غيره في الثالث قولان. الصائغ: "ذو مظنة الطول والحدث كالسجود ناقض" ومقابلة كالقيام واحتباء اليدين لغو وفي قسيمهما كجلوس استناد وركوع قولان. ابن زرقون: "في نقض نوم المستند دون طول روايتان، وفي الساجد دون طول روايتان". فيها، وبالنقض قال ابن حبيب. ابن رشد: "ثقيل نوم المضطجع ناقض وإن لم يطل، والجالس والراكب إن طال، $$$ ونوم القائم لغو وإن طال. $$$ وفي كون الاستناد كالجلوس أو

الاضطجاع خلاف، وفي أجوبته: نوم المضطجع ناقض ولو لم يطل والقائم لغو، لأنه لا يطول. وفي نقض الساجد مطلقًا أو إن طال- قولان، والقاعد لغو إلا أن يطول، وفي كون الراكع كالقائم أو الساجد قولان، ففيه ثلاثة أقوال. قلت: لا يثبت الثالث إلا بلغو نومه ولو طال وهو نقيض مفهوم تعليل لغو القائم بأنه لا يطول، وقول ابن القصار: "من نام قائمًا، عليه الوضوء"، خرجه اللخمي على أن النوم حدث، لأن نومه لا يطول ولا يستثقل ولا يغلب فيه حدث. المازري: إما لإلحاقه بالنوم الثقيل أو المشكوك فيه مع إيجاب الشك الوضوء. قلت: فحاصل نقضه، لأنه حدث أو ذو ثقل أو مشكوك في كونه حدثًا. ابن العربي: قول أبي المعالي: "لا وضوء على المستثفر" صحيح على المذهب، لأنه ليس حدثًا، فإذا توثق بسد المخرج ألغي إلا أن يدوم ثقيلًا. واللمس كالمباشرة إن أثار لذة ولو دون قصد نقض ودونها ولا قصد لغو. ابن رشد: اتفاقًا فيهما. وفي القصد رواية أشهب وسماع عيسى ابن القاسم مع ابن رشد عنها وقول المازري فيه قولان هما مبنيان على الرفض إن أراد إثباتهما تخريجًا كإثبات اللخمي الأول تخريجًا عليه فقصور ومردود بقوة الفعل، وإن أراد مجرد الإجزاء رد الأول بذلك. وروى محمد وعيسى عن ابن القاسم: إن مس مريٌض دنٌف ذراع امرأته ينظر هل يجد لذة فلم يجدها فعليه الوضوء، فحملها ابن رشد على النقض بالقصد، واختار اللخمي عدم نقضه وإن نقض الرفض، لأن الرافض عزم على رفضه وهذا نوى اختبار شيء هل يكون. ورووا: مس الشعر تلذذًا ناقض، ومرة: ما علمت مسه لذلك. الجلاب: مس الشعر والسن والظفر ناقض. قلت: وإجراء الثانية فيهما واضح. وقبلة ترحم الصغيرة ووداع الكبيرة المحرم ولا لذة لغو. ابن رشد: ولو قصدها في الصغيرة ووجدها إلا على النقض بلذة التذكر.

قلت: يرد بقوة الفعل. قال: وقصدها الفاسق في المحرم ناقض، قال: وغيرهما لقصد لذة ناقض اتفاقًا، ودونه. ثالثها: "إن كانت على الفم" لأصبغ مع رواية أشهب، وابن رشد عنها، وابن حارث عن ابن عبد الحكم مع الأخوين، والمازري عن بعض أصحابنا مع عياض عن رواية المجموعة وظاهرها. وفيها: "لا شيء على من قبلته امرأته على غير الفم إلا أن يلتذ". وروى ابن نافع: إن قبلته مكرهًا فعليه الوضوء. الصقلي: يريد: ولو على غير الفم، وروى ابن عبدوس: على المكرهة على الفم الوضوء. وفي إعادة مقبل للذة أبدًا وما لم يمض يوم- نقل التهذيب عن سماع عيسى ابن القاسم وسحنون، ونقل اللخمي عنه: ما لم يمض يومان. وفيها: والحائل سمع ابن القاسم لا يمنع، وعلي: إن كان خفيفًا. ابن رشد: تفسير اللخمي رواية علي أحسن إن كان باليد، وإن ضمها، فالكثيف كالخفيف. سحنون: من ألبسته امرأته ثوبه أو نزعت خفه فالتذ أحدهما، فلا وضوء عليه. ابن رشد: كرواية علي لا وضوء في الجسة فوق كثيف. وفي $$$ لذة النظر- نقلا المازري عن بعض أصحابنا وجمهورهم. الشيخ: قول ابن بكير: "لذة القلب تنقض" لا أعرفه. وفي $$$ بين الإنعاظ، ثالثها: "إن اختلفت عادته في تعقبه مذي" للباجي عنها مع نقله عن ابن شعبان، ورواية ابن نافع واللخمي. وفي $$$ الذكر ثمانية: ابن رشد: روى أشهب ينقض وأخرى يستحب، وعزاها الباجي لابن وهب، وأبو عمر لإحدى روايتيه. وفيها لمالك: بباطن الكف لا بظهره ولا ذراعه، وعزاها اللخمي لرواية أشهب قائلًا: لا بباطن الأصابع. وفيها لابن القاسم: أو بباطن الأصابع لقول مالك بباطن الكف، وباطن الأصابع

مثله فجعله ابن رشد تفسيرًا لعزوه لمالك فيها بباطن الكف أو باطن الأصابع، ومقتضى قول اللخمي خلاف ابن العربي وابن زرقون عن الوقار. أو بباطن الذراع، الباجي عن العراقيين: إن التذ. الشارقي عن ابن نافع: إن مسك الكمرة. أبو عمر: روى ابن وهب: إن تعمد مسه. ومحمل نقل الصقلي عن ابن القصار والأبهري أن مسه لشهوة بعضو ما، ولو من فوق حائل نقض على وجود اللذة ولذا عمم في العضو والحائل فيكون وفاقًا لنقل الباجي وأبي عمر والمازري عنهم ولقول ابن رشد: لا نقض في العامد بظهر الكف أو الذراع إن لم يلتذ اتفاقًا. وعلى اعتبار باطن الكف والأصابع في حرف اليد والأصابع نقلا ابن العربي قال أصحابنا: على تقديم الحظر على الإباحة والعكس. وفي مسه بأصبع زائدة- نقلاه عن بعض أصحابنا. وفي إعادة صلاة ماسه ثالثها: "في الوقت"، ورابعها: "ناسيًا فيه وعامدًا أبدًا" وخامسها: "ماسه مطلقًا فيما قرب كاليومين" للخمي عن ابن نافع مع الباجي عنه، مع عيسى بن دينار، وأبي عمر عن أصبغ، وأبي زيد عن ابن القاسم وسماع سحنون أحد قوليه مع أول قولي مالك، وثانيهما مع سماع سحنون ثاني قولي ابن القاسم وابن حبيب وابن زرقون مع الصقلي عن سحنون ولابن بشير مع اللخمي عنه: الثلاثة كاليومين، وذكر الباجي الثاني والثالث مفرعين على عدم النقض. ومسه من آخر: ابن العربي: لغو. المازري: الجمهور كذكر نفسه، إلا داود لحديث: "من مس ذكره فليتوضأ"،

ورده بعض أصحابنا بحديث: "من مس الذكر الوضوء"، وعندي إن مسه للذة نقض على قول البغداديين، فيكون كاللمس إن أمكن وجود اللذة به غالبًا، وأما على رأي المغاربة، فإنما صحت الأحاديث بذكر نفسه، ولو صحت مطلقًا أمكن أن تخص بالعادة على رأي في الأصول. وذكر البهيمة كالغير. قلت: اختصاص قوله: "عندي" يرد بقولها أول ترجمة الملامسة: "إن مست امرأة ذكر رجل لشهوة، فعليها الوضوء ولغيرها كمرض أو نحوه لا ينقض". وفيها ذكرها اللخمي والصقلي وقوله: "ذكر البهيمة كالغير" يرد بمباينة الجنسية. ابن العربي: ومسه مقطوعًا لغو. المازري: كذكر الغير. قلت: يرد بأن الحياة مظنة اللذة ونقيضها مظنة نقيضها. $$$ الأبلي المصري منا وابن العربي. قلت: مع ظاهرها الباجي. والمازري: روى ابن القاسم: مسه فوق ثوب ناقض. وعلي: إن كان خفيفًا. ابن زرقون: إنما روايتاهما في مس النساء. ابن رشد: مسه فوق كثيف لغو وفوق خفيف الأشهر رواية علي ينقض. ابن العربي: ثالث الروايات إن كان خفيفًا. $$$ روى ابن القاسم وأشهب: لغو، وعلي: ينقض، وابن أبي أويس: إن ألطفت أو قبضت عليه. الباجي: حملها بعض أصحابنا على روايتين وخص تعلق الوجوب بالإلطاف "إدخال أصبعها"، والأبهري: على اتفاقهما على النقض باللذة ونفيه دونها. الصقلي: إن قبضت أو ألطفت نقض اتفاقًا للزوم اللذة وإلا فالقولان.

ابن بشير وعبد الحق: قيل بظاهرها. ابن رشد: رابع الروايات: يستحب، وردها الأبهري للثالثة. وروى ابن رشد إلغاء مس الدبر ولو التذ، ونقل عبد الحق تخريجه حمديس على الفرج ورده باللذة، ورد ابن سابق فرق عبد الحق بأن حمديسًا لم يعلل باللذة، بل بمجرد اللمس وهٌم، لأن مجرد اللمس بالنسبة إلى اللذة كطردي والفرق بمثل هذا الوصف. قال إمام الحرمين والمازري: لا يختلف في قبوله. وقول المازري: "خرجه بعض أصحابنا على مس المرأة فرجها لاقتضائه العموم كاقتضائه مس المرأة فرجها" فيه تناٍف، لأن قوله: "يتخرج" يقتضي القياس، وقوله: "لاقتضائه العموم" يقتضي النص، فالأول يرد بالفرق، والثاني لا يثبت كونه مذهبًا. وخرج المازري وابن العربي مس الخنثى فرجه على الشك في الحدث، ثم قال: لو مس أحدهما وصلى ثم توضأ ومس الآخر وصلى فقال ذانشمند: يحتمل إعادته الصلاتين كذاكر صلاة من صلاتين وعدم الإعادة، لأن كل صلاة تمت باجتهاد كأربع صلوات لأربع جهات باجتهادات مع تيقن بطلان ثلاث منها. قلت: كل اجتهاد أوجب جهة وكل مس لغٌو أو مبطل على تخريجه على الشك في الحدث فكيف يقاس المبطل أو اللغو على الموجب. وشك السليم في حدثه: ابن العربي: في إيجابه الوضوء واستحبابه ثالثها: "إن كان في صلاة ألغي"، ورابعها: "يقطعها"، وخامسها: "إن كان لريح خيل ألغي". وقال: ويرجع الرابع للأول. قلت: نقله الخمسة مقبول لثقته، وفهمه رجوعه للأول يرد لاحتمال تغايرهما بعدم قطع الأول إن شك فيها فزال وقطع الرابع لبطلان جزء محل الشك منها فتبطل كلها. ابن بشير عن اللخمي: في إيجابه ثالثها: "إن لم يكن في صلاة"، ورابعها: "إن لم

يكن لسبب حالي كريح لم يسمع ولم يشم"، وخامسها: "يستحب" فأثبت الأول والأخير، ونفى الثالثة بأن المسقط يستحب والمستحب لا يقطع صلاة. قلت: فأين نفي الرابع؟ قلت: لعله يريد لأن ما لسبب حالي وهم وقسيمه يرجع للأول، وقصر المازري الخلاف على الوجوب والسقوط. ونص اللخمي خمسة، روى ابن وهب: أحب وضوءه. وفيها: يجب. وروى: إلا أن يكون في صلاة فيتم، وروى ابن القصار: يقطع، وابن حبيب: إن خيل له ريح فشك أو دخله الشك بالحس، فلا وضوء، وإن شك هل بال أو أحدث توضأ. قلت: فرابعه كابن العربي وليس فيها سقوط. الباجي: حمل العراقيون رواية ابن القاسم "لا وضوء" على نفيه والمغاربة على استحبابه. ولو $$$ طهرًا وحدثًا وشك في أحدثهما فقال ابن العربي: لا نص لعلمائنا. وقال: إمام الحرمين: الحكم نقيض ما كان عليه وهو صحيح أقوالنا إلغاء الشك، فمن كان قبل الفجر محدثًا جزم بعده بوضوء وحدث شك في أحدثهما فمتوضٌئ لتيقن وضوئه وشك نقضه، ولو كان متوضئًا فمحدث لتيقن حدثه. وشك رفعه. ابن محرز: صوره ست: إن تيقنهما وشك في الأحدث فالوضوء واجب، ولو شك معه في وجودهما فكذلك، ولو أيقن الحدث وشك في رفعه فواجب، فإن شك مع ذلك في تقدمه فأوجب، ولو تيقن الوضوء وشك في نقضه جاء الخلاف، فإن شك مع ذلك في تقدمه فالوضوء أضعف. اللخمي: والمستنكح يبني على أول خاطريه وإلا ألغاه. وفي نقضه الردة قول يحيى بن عمر مع قول ابن القاسم وروايته نقضها الحج وسماعه موسى يستحب وضوءه. المازري: وفي الرفض قولا أصحابنا، وروى ابن شعبان: من تصنع لنوم فلم ينم توضأ. ابن عبدوس: من قدم ما يفطر في سفر، ففقد الماء، فأتم صومه، استحب قضاؤه.

وضعفهما اللخمي بأنهما إنما أرادا النقض فلم يفعلا، ولو وجب، لوجب غسل من أراد الوطء فكف. المازري: والتزامه كمنكر شرعًا. قلت: شبيه إرادة الفطر أثناء الصوم الرفض أثناء الوضوء لا بعده. الشيخ: روى ابن سحنون: لو توضأ متيمم فصلى فبان نجاسة الماء لم ينتقض تيممه. بعض شيوخ عبد الحق: رافض الوضوء في أثنائه إذا عاد لإكماله بالقرب بنية كإحرام الحج أثناءه وإتمامه بنية لا يضر بخلاف الصلاة والصوم لوجوب اتصال أجزائهما. قلت: يرد بامتناع رفض الإحرام اتفاقًا فاستلزم بقاؤه بقاء ما فعل فيه وغير ما ذكر لا ينقضه. وفيها: "أن يتمضمض من اللبن واللحم، ويغسل الغمر إذا أراد الصلاة". ابن رشد: الغسل بالعسل واللبن والنخالة وامتشاط المرأة بالنضوح يعمل من التمر والزبيب الروايات كراهته لا حرمته. وسمع أشهب: لا يعجبني غسل الرأس بالبيض وغسل اليد بالأرز أخف هو كالأشنان. ابن رشد: الأرز بسكون الراء إن لم يكن طعامًا فلا وجه لكراهة الغسل به، وإن كان طعامًا فمكروه، وروايته بتحريك الراء وشد الزاي خطأ لا وجه لتخفيف الغسل به، لأنه من رفيع الطعام. قلت: يلزمه في الغسل به وهو حمل سماع ابن القاسم فيه "لا يعجبني" على الكراهة. ويمنع الحدث مس المصحف وحمله ولو بعلاقة أو وسادة: الشيخ عن أبي بكر ولا يقلب ورقه بعود أو غيره. وقول أبي عمر: "أجمع فقهاء الأمصار ألا يمسه إلا متوضئ" يزيف توهم خلافه من قول اللخمي: قيل: الوضوء لمس المصحف مندوب إليه ويجب حمله على ما حمل عليه المازري: قول بعضهم غسل

المستحاضة قبل الخمسة عشر يومًا مستحب، قال: لا يتوهم أنها لا تأثم إن صلت دون غسل، بل تأثم إجماعًا. فمعنى كونه مستحبًا أن لها ترك الصلاة لا فعلها دون غسل. $$$ من يحمل ما فيه $$$ غير مقصود. وسمع ابن القاسم: ولا بأس بمس الصبي $$$ وحففه للكبير المتعلم. ابن القاسم: والمعلم. وكرهه ابن حبيب للمعلم. الشيخ عنه: والمتعلم الكبير. الصبي المتعلم $$$ مالك، وكرهه ابن حبيب وأجاز له الجزء. الصقلي: في كراهة مس المتعلم اللوح ثالثها: "للرجل". ابن زرقون: هذا غلط نقله من النوادر لا العتبية. قلت: نصها: سمع أشهب: لا يمس الرجل يقرأ القرآن لوحه. ابن رشد: أي غير المتعلم لسماع ابن القاسم خفته. وفي النوادر عنها روى أشهب: لا أرى مسه غير متوضئ. قلت: سبب الغلط عموم غير متوضئ في الصبي. وسمع أبو زيد ابن القاسم: لا بأس بكتب الحائض القرآن في اللوح وقراءتها فيه للتعليم، ومقتضى الروايات: لا بأس بالتفاسير غير ذات كتب الآي مطلقًا وذات كتبها إن لم تقصد. وأطلق ابن شاس الجواز. $$$ الصبي من قرآن إن كان فيما يكنه. ابن رشد: أجازه في المرض وفيه في الصحة لما يتوقع من مرض أو عين سماع أشهب ورواية غيره، والخيل والبهائم كذلك.

باب موجب الغسل

[باب موجب الغسل] وموجب الغسل: خروج المني بلذة، ومغيب حشفة غير خنثى أو مثلها من مقطوعها في دبر أو قبل غير خنثى ولو من بهيمة ماتت على من هي منه، أو غابت فيه ولو مكروهًا أو ذاهبًا عقله، وقول ابن محرز: "ثاني موجباته مغيب الحشفة في قبل أو دبر من آدمي" خلاف قبولهم نقل ابن شعبان وابن العربي عن المذهب أن البهيمة

كالآدمي إلا أن يرد لمن عليه الوجوب لا لسببه. عياض: وروى إسماعيل: لا غسل على نائمة أو مكرهة ما لم تلتذ. وسمع ابن القاسم رواية مطرف: "لا غسل بالوطء في الدبر" فخرجه ابن رشد على منعه وإيجاب الغسل بمجاوزة الختان الشرج على إباحته. قلت: اتفاق الأكثر على الغسل، والمنع يأباه اللخمي، وابن العربي: بعض الحشفة لغو. وحشفة الخنثى وفرجه خرجه المازري وابن العربي على الشك في الحدث قال: ومغيب الحشفة ملفوفة الأشبه إن كانت رقيقة أوجب. ابن شعبان: إن أدخلت زوجة العنين ذكره فرجها لزمه الغسل. الشيخ: أعرف فيه اختلافًا. ابن العربي: والبكر تجامع إن حملت وجب، لأن المرأة لا تحمل حتى تنزل أفادناه شيخنا الفهري. وفي كون غير البالغة مع $$$ مثلها- نقلا اللخمي عن ابن سحنون مع أشهب والوقار مع ابن نافع. الشيخ: وعلى الأول لو صلت دون غسل. أشهب: أعادت. سحنون: بالقرب ما لم يطل كاليوم والأيام. واللخمي عن ابن سحنون كأشهب. وفي كون غير البالغ مثله الكبيرة أو إن $$$- قولان لأصبغ ولها. اللخمي: والخلاف في غسله كالصغيرة مع بالغ.

وفيها: إن دخل فرجها ماء واطئها دونه، فلا غسل ما لم تلتذ. ابن القاسم: أي تنزل. ابن شعبان: لا غسل ما لم تنزل. وقيل: وإن لم تنزل وهو المختار احتياطًا. قلت: ظاهره وإن لم تلتذ، وقال ابن شاس: إن لم تلتذ فلا غسل وإلا فالقولان. ولأبي إبراهيم عن رواية ابن وهب: تغتسل لا بشرط لذة. وفي إيجاب المني لضرب دون لذة- قولا ابن شعبان وابن سحنون فجعله ابن بشير المشهور وفيه: بلذة غير معتادة كلذة حكة أو ماء سخن أو سبق قولا سحنون مع ابن شعبان ونقله وضعفه الخمي. وفيه: دون لذة بعد تذكر أو ملاعبة أو مغيب بلا إنزال اغتسل له ثالثها: "إلا في المغيب" للشيخ عن سحنون وسماع عيسى ابن القاسم قائلًا: "في غير المغيب الأحسن الغسل" وليس بالقوي وسماعه إياه أيضًا، ونقل اللخمي وابن رشد الثاني دون استحباب وما عزواه وعزاه ابن زرقون لابن القاسم، وعلى الأول في إعادة الصلاة نقل الشيخ عن رواية علي مع أصبغ وابن كنانة، وعن بعض أصحاب سحنون مع محمد ورواية ابن القاسم مع الباجي عن أصبغ، ولم يحك عنه غيره. وعلى الثاني في الوضوء مع إعادة الصلاة ودونها ثالثها: "يستحب الوضوء" اللخمي عن رواية المجموعة مع سماع ابن القاسم، وظاهر سماعه عيسى مع قائله في الغسل والجلاب. ونقل اللخمي سماع ابن القاسم لم أجده. ومن خرج بقية منيه بعد الغسل وبال أولًا، روى علي وابن وهب وابن نافع: غسل مخرج البول وتوضأ. وابن القاسم: ويعيد الصلاة. عبد الحق: روى ابن حبيب خروج مائه من فرجها بعد غسلها كبولها. والمنتبه يجد منيًا جهل وقت حدوثه- يغتسل، وكذلك في ثوبه وفي إعادته من آخر نومة فيه أو أولها ثالثها: "إن كان ينزعه" لظاهر الموطأ مع الشيخ عن روايتي علي وابن القاسم وقول ابن مسلمة وتخريج الباجي وأبي عمر على تأثير الشك في الحدث بعد الصلاة في إعادتها، والباجي عن أكثر الشيوخ مع اللخمي والشيخ عن رواية ابن حبيب، وقول ابن القاسم فيمن رأت بثوبها حيضًا لا تذكر إصابته إن كانت لا تتركه

وعلى جسدها أعادت صلاة مدة لبسه، وإن نزعته فمدة آخره، وتعيد صوم ما تعيد صلاته ما لم تجاوز عادتها. ابن حبيب: بل يومًا فقط. اللخمي: عدد نقط الدم إن لبسته بعد الفجر ما لم تجاوز عادتها. ولو شك في كونه منيًا أو $$$ فروى علي: لا أدري. وابن نافع: يغتسل. ونقل ابن شاس: "يغسل ذكره ويتوضأ" لا أعرفه نصًّا. اللخمي: شك الجنابة كالحدث وتجويز جنابته دون شك لغو لو اغتسل له ثم تيقن لم يجزئه. قلت: قاله ابن القاسم وقال عيسى: يجزئه وقول اللخمي على قول ابن حبيب: "لا وضوء على من خيل له شك بريح أو دخله شك بحٍّس لا غسل عليه" يرد بأن الشك في هذا غير ملزوم للشك في سابق، والشك في البلل ملزوم له. $$$ كالرجل وفي الحديث: "ماء المرأة رقيق أصفر والرجل غليظ أبيض" قالوا: كرائحة الطلع. $$$ الحيض $$$ وفيها: ثم قال: "تتطهر أحب إلي" واختاره ابن القاسم. الباجي واللخمي والمازري: قال مالك مرة: تغتسل، ومرة: ليس ذلك عليها. وابن القاسم: واسع. فقول ابن عبد السلام: "استشكلوا ظاهر الرسالة بوجوبه" إن كان لمخالفته المدونة، فالمشهور قد لا يتقيد بها، وإن كان لعدم وجوده فقصور. وسمع أشهب: من ولدت دون دم اغتسلت. اللخمي: هذا استحسان، لأنه للدم لا للولد، ولو اغتسلت لخروجه دون الدم لم يجزئها. ابن رشد: معنى سماع أشهب: دون دم كثير، إذ خروجه بلا دم ولا بعده محال عادة. ونقل ابن الحاجب نفيه رواية وابن بشير قولًا لا أعرفه. وفيها: إن حاضت جنب، فلا غسل عليها حتى تطهر. عبد الحق: ضعف بعض شيوخنا قول ابن وهب: "إن أرادت القراءة اغتسلت، لأن الجنب لا يقرأ" بأن غسل

الحائض لجنابة لا يرفعها. قلت: حاصله رد بدعوى عرية عن دليل. وإسلام الكافر: ابن بشير: على المشهور والشاذ استحبابه. وعزاه ابن العربي لابن شعبان والمازري لإسماعيل محتجًا بـ "الإسلام يجب ما قبله" فألزم الوضوء. قلت: إنما يلزم على أنه بجنابته فلعله عنده لغيرها. ابن رشد: روى ابن وهب إسقاطه وهو بعيد. وفي كون الوجوب لجنابته أو تعبدًا أو لإسلامه لنص "المشركون نجس" ثلاثة لابن القاسم وابن شعبان، والمازري عن القائلين باستحبابه، وعلى الأولين تيممه لفقد الماء وهو نص ابن القاسم. وسقوطه عمن لم يجنب وثبوته. اللخمي: إن لم يكن جنبًا اغتسل لنجاسة جسمه، وإن قرب عهده بالماء فلا. ابن رشد: سماع سحنون ابن القاسم: "إنما يجب عليه إن كان أجنب" مفسر لكل الروايات. وجعل المازري لازم كونه للجنابة الوجوب، ولازم كونه للإسلام الاستحباب، وابن بشير الوجوب. وفيها: لابن القاسم: "إن اغتسل وقد أجمع على الإسلام أجزأه، لأنه إنما اغتسل له". اللخمي: إن كانت نيته النطق وإلا فلا. ابن رشد: لأن إسلامه بقلبه إسلام حقيقي لو مات قبل نطقه مات مؤمنًا. ابن العربي: الصحيح لا يكون مسلمًا حتى ينطق فلا يصح غسله قبل نطقه. قلت: لعل قول ابن رشد في العازم وابن العربي في غيره أو في غير الآبي، وابن العربي فيه: لاستحياء ونحوه كأبي طالب. وتمنع الجنابة كالحدث الصلاة وقراءة القرآن في أشهر الروايتين على المنع، روى ابن عبد الحكم: لا بأس بقراءته الآيات اليسيرة. ابن حبيب: الآيات عند نوم أو فزع. الباجي: يقرأ اليسير ولا حد فيه تعوذًا وتبركًا. المازري: الآية والآيتين وتوقف بعض من لقيناه في آية الدين لطولها من {يَا أَيُّهَا} إلى {عَلِيمٌ} [البقرة: 282]. قلت: ولمفهوم نقل الباجي تعوذًا وتبركًا ودخوله المسجد ولو عابرًا. عياض: روى الخطابي جوازه عابرًا، وأجازه ابن مسلمة مطلقًا، فألزمه اللخمي

الحائض المستثفرة، ورده عياض فإن قيل: الدم ما استثفرت به يمنعه لمنع إدخال المسجد متنجسًا. قلت: لعل ابن مسلمة يجيزه مستورًا دمه ببعضه، ذكره اللخمي عن أحد نقلي ما ليس في المختصر. بعض أصحاب الشيخ: ينبغي لمن احتلم في مسجد تيممه لخروجه. وللجنب الأكل والشرب والجماع. ووضوء الجنب لنومه مستحب، وسمع ابن القاسم: ولو نهارًا. وأوجبه ابن حبيب ورواه اللخمي. وفي $$$ ليبيت بطهر أول $$$ لغسله $$$ ابن الجهم مع ابن حبيب: "يتيمم إن فقد الماء"، وروايته، وخرج عليه اللخمي عدم تيمم فاقده وعدم نقضه حدث غير الجماع، وجعله ابن العربي المذهب، ورواه ابن حبيب، وعلى الأول ينقضه والمعروف صفته كغيره. ابن العربي عن ابن حبيب: إن ترك فيه غسل رجليه أجزأه. قلت: هذا خلاف أصله ليبيت على طهر، وروى ابن عبد الحكم معها سقوطه عن الحائض، وشاذ قول ابن الحاجب: "على المشهور" لا أعرفه إلا تخريجًا على الأول. $$$ وخرج المازري سقوطها عليه في الوضوء. الباجي: ينوي الجنابة أو ما يغسل له كل الجسد وجوبًا أو استحبابًا أو استباحة كل موانعها أو بعضها. قلت: ويجئ ما مر في الوضوء. $$$ فابن حبيب: تنويهما فإن نوت إحداهما ففي إجزائها ثالثها: "إن نوت الحيضة"، ورابعها: "تجزئ الجنابة في الأولى لا العكس" للصقلي عن ابن القصار مع ظاهر نقل الباجي عن أبي الفرج وعن ابن عبد الحكم وابن زرقون عن ابن القاسم، وتخريج المازري والباجي على اختلافهما لمنع الجنابة القراءة والحيض الوطء، والصقلي عن سحنون وعبد الحق عن ابن عبد الرحمن، ونحوه للتونسي قائلًا: في صحة غسله لجنابة ظنها وقت كذا بان أنها قبله، نظٌر. ابن رشد: نية الحيض تجزئ عن الجنابة اتفاقًا. $$$ وفي وجوب $$$ المشهور وأبي عمر عن رواية مروان

الطاطري. ابن رشد: حمل أبي الفرج وجوبه لعموم الجسد، فلو أيقن وصوله لطول مكثه بالماء أجزأ دونه، بعيٌد، وعزا عبد الحق لأبي الفرج استحبابه. ولو تدلك إثر انغماسه ففي إجزائه- قولا الشيخ والقابسي. بعض شيوخ عبد الحق: لو كانت بجسمه نجاسة لم يجزئه، لأنها لا تزول إلا بمقارنة الدلك للصب فتبقى لمعة وما عجز عنه ساقط. وفي وجوب ما أمكنه بنيابة أو خرقة ثالثها: "إن كثر "للباجي عن سحنون وابن حبيب وابن القصار. وباطن الأذن الصماخ يستحب مسحه وظاهرهما كالجسد. والمضمضة والاستنشاق سنتان، وسمع ابن القاسم سقوط تخليل اللحية وأشهب وجوبه. القاضي: يستحب. وفي كون وجوبه لإيصال الماء البشرة أو باطن الشعر- نقلا المازري عن الحذاق وبعض شيوخه مع رواية ابن وهب تخليلها واجب لإيصال الماء للبشرة وتخليل شعر الرأس واجب، وتخريجه القاضي على الروايتين في اللحية رده الباجي بأن بشرة الرأس ممسوحة في الوضوء ومغسولة في الغسل، فاختلف لذلك حكم شعرها وبشرة الوجه مغسولة فيهما فاتحد حكم شعرها، وقول ابن الحاجب الأشهر وجوب تخليل اللحية والرأس وغيرهما لا أعرفه. وفيها: تضغث شعرها ولا تنقض ضفرها. ابن بشير: إن لم يكن حائل وإلا نقض. القاضي: وبدؤه أن يغسل يديه. اللخمي: ثم محل الأذى. المازري: ليسلم من مس ذكره في غسله. اللخمي: ويعيد غسل محل الأذى للجنابة. المازري: قول بعض شيوخنا "لو غسله بنية الجنابة وإزالة النجاسة أجزأه" متعقب متى اعتقد المغتسل عدم فرض زوال النجاسة. قلت: إنما قال اللخمي: "إن نوى الجنابة حين غسل النجاسة أجزأه" فلم يذكر نية زوال النجاسة، إذ لا تفتقر لنية. نعم قول اللخمي خلاف شرط الجلاب تقدم طهارة

محل الوضوء ثم يزيل أذاه ثم يتوضأ. اللخمي: وينوي الجنابة وإن نوى الوضوء أجزأه. $$$ تمامه بغسل $$$ وجواز تأخيرهما لتمام غسله- نقلا الباجي عن روايتي علي وابن القاسم ذاكرين إن أخرهما: "أعاد الوضوء بعد غسله"، وقول ابن حبيب مع رواية ابن وهب وابن زرقون عنها. ابن بشير: وقيل إن كان محله وسخًا أخرهما، وذكر الروايتين في طلب التقديم والتأخير لا في جوازه. المازري: مقتضى الأولى: لا تخلل اللحية حين غسل وجهه ولا الرأس حين مسحه، ومقتضى الثانية: تخليلهما حينئٍذ. قلت: رواية علي وابن القاسم إعادة الوضوء لتأخيرهما هو باعتبار تلافي أفضلية ابتداء الغسل بالوضوء كقوله فيها: "إن اغتسل قبل وضوئه أجزأه" وإلا فهو خلاف إجماعهم على استلزام الغسل الوضوء. $$$ كالوضوء تجزئ $$$ اللخمي: وكذلك عكسه كمتوضئ ذكر جنابته يبني على ما غسل. الباجي: لا في المائية وفي التيمم خلاف. المازري: قولان. ابن زرقون: ظاهر قولها: "من لم يغسل شجًة مسحها في غسله بعد برئها حتى صلى أعاد إن كانت بغير وضوءه" الإجزاء. وكرهه في الدائم ولو لظاهر جسده، وأجازه له ابن القاسم وسمع جوازه في الفضاء ابن رشد: لقصر وجوب ستر العورة عن الآدمي، وسمع: لو لم يجد جنب نجسة يده إلا قليل ماء احتال في غسلها قبل إدخالها بثوب أو فيه أو غيره فإن عجز فلا أدري. وخرجه ابن زرقون على قليل بنجاسة لم تغيره وظاهر قول ابن رشد: إن أنضاف بفيه لم يطهرها عدم فائدة غسلها به، وهو خلاف قوله: ما زالت نجاسته بمضاف لا ينجس ما لاقاه. وفيها: لا بأس بما أنتضح من غسل الجنابة في إنائه. عبد الحق عن ابن الماجشون: إن كان مغتسله منحدرًا، يسرح ما سقط فيه من بول وإلا أنجس ما أصابه.

ويتيمم لفقد الماء المسافر والمريض العاجز عن فعل الوضوء: ابن حارث: اتفاقًا، ولو كان واجدًا للماء. ابن رشد: إن كان واجده فقولان لابن القاسم مع روايته فيها وسماعه تفسير: {وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا} [النساء: 43]، هو المريض لا يجد نهوضًا للماء ولا من يناوله. قلت: لعله القادر على استعماله. ابن وهب: وميد البحر مرض. وفي الحاضر يخاف فوت الوقت إن ذهب إليه روايتها وابن مسلمة مع سماع ابن القاسم. الباجي: وعلى التيمم المشهور لا يعيد. ابن حبيب وابن عبد الحكم: أبدًا. ابن زرقون: ورواه المختصر. وروى اللخمي: في الوقت، وعليه لو كانت جمعة قولا بعض البغداديين مع المازري عن ابن القصار وأشهب، وعزا الصقلي لابن القصار المنع، وظاهر نقله عن بعض شيوخه: لو قيل بالأول ويعيدها ظهرًا بوضوء ما بعد اختياره، ولذا نقله القرافي بلفظ: قال بعضهم: يتيمم ويعيد. ويتيمم المسافر ولو لنفل أو مس مصحف، ومنعه ابن أبي سلمة لغير الفرض. المازري واللخمي: والمريض مثله. وفي تيمم الحاضر للسنن ثالثها: "للعينية كالفجر لا الكفاية كالعيد" لابن سحنون وابن بشير عنها واللخمي عن المذهب. وفيها: لابن القاسم: "يتيمم المريض والمسافر للخسوفين، ولمالك: "لا يتيمم محدث في صلاة عيد". والجنازة غير متعينة كالعيد والمتعينة. قال القاضي: كفرض. وتردد ابن القصار لرواية الصلاة على قبر من فاتته.

المازري: قول ابن وهب: إن انتقض وضوؤه بعد خروجه لها تيمم وإلا فلا، لأنه رأى الخارج غير متوضئ كمختار ترك الماء وغيره مضطر يخشى فوته دون بدل. وفي شرط السفر بالقصر ثالث الطرق قولان لابن زرقون عن المذهب لنصه ابن حبيب مع الباجي والقاضي وابن بشير. التونسي: نصها: عدمه، فلعله على تيمم الحاضر. ولابن رشد في مثلها من العتبية مثله، وشرط القاضي إباحة السفر، وقول ابن الحاجب: "على الأصح" لا أعرفه نصًا. وطلب الماء إن تحقق فقده ساقط، وسمع موسى ابن القاسم كراهة تعريسهم دون الماء بثلاثة أميال خوفًا على مالهم، وصوب ابن رشد تعريسهم قال: وفي إعادتهم إن فعلوا، ثالثها: "في الوقت" لابن القاسم وابن عبد الحكم مع ظاهر السماع، وأصبغ. وسمع أيضًا سقوط طلبه على ميل أو نصف ميل خوف عناء أو سلابة أو سباع. ابن رشد: مفهومه طلبه في ميل إن لم يخف. وفي النوادر: إن شق فيه تيمم. وسمع أيضًا: ليس القوي كالضعيف ما ضعف عنه وشق سقط. سحنون: طلبه على ميلين ساقط ولو في حضر. وسمع ابن القاسم سعة ترك سؤال فاقده أصحابه حيث يتعذر. ابن رشد: ويلزم في مفهومه، ولو تركه ممن يظن إجابته فظهر عنده، أعاد أبدًا. وسمع أبو زيد رواية ابن القاسم: "لا يلزمه سؤاله من يعلم منعه". وسمع أشهب: يسأل حيث يظن إعطاءه، وليس عليه سؤال أربعين، ولو ظهر عند من سأله، فجحده لجهله إياه، ولو علم به أعطاه، ففي إعادته في الوقت أو أبدًا سماع أبي زيد وابن رشد عن أصبغ، وضعف اللخمي والمازري قوله: "إن لم يسأل في الرفقة الكثيرة، لم يعد. وفي الصغيرة أعاد في الوقت. وفي الثلاثة أعاد أبدًا". وأجيب بأن الثلاثة مظنة وجود الماء، لامتناع اتكالهم على غيرهم لانفرادهم، ورد بأنه لو كان لعلمه، لأن علم حال الثلاثة الرفقاء أقرب من علم حال غيرهم، وقول ابن الحاجب: "في الطلب ممن يليه من الرفقة.

ثالثها: إن كانوا نحو الثلاثة طلب وإلا أعاد أبدًا" لا أعرفه. وألزم القزويني وسَحنون قبول هبة فاقده إياه. ابن سابق: اتفاقًا. ابن العربي: لا يلزم وثمنه لا يلزم. وفيها: إن فقده قليل الدراهم إلا بثمن أو كثيرها ورفعوا ثمنه تيمم. وحد ابن الجلاب رفعه بالثلث. وروى أشهب: ليس على كثير الدراهم شراء القربة بعشرة دراهم؛ بل بالثمن المعروف. اللخمي: إن كان بموضع رخص كالدرهمين اشتراه، ولو بزيادة مثليه، وبموضع غلاء كثير الزيادة مع قليل الثمن ضرر. وعدم آلة رفعه كعدمه، ولو خاف فوت الوقت لرفعه، ففيها: "يتيمم ولا إعادة"، ثم قال: يعيد الحضري. وسمع عيسى: يرفعه الحضري، ولو ذهب الوقت. قالوا: وهو المختار. وخرج ابن رُشْد على رواية معن: سقوط صلاته أداء، وقضاء لفقده سقوطها كذلك لفوته برفعه كذلك. ولو خاف فوته لاستعماله ففي تيممه - قولا الصقلي مع القاضي وابن القُصار ورواية الأبهري وبعض القرويين. المازري: ولو لم يجد إلا قدر وضوئه أو ما يغسل به نجاسة بغير محله فلا نص، فعلى أن غسل النجاسة سنة يتوضأ، وعلى رواية ابن حبيب عن أكثر الرواة "خلع فاقد ماء خفًا مسحه لنجاسته وتيمم بغسلها. قُلتُ: لابن رُشْد في رواية ابن حبيب نظر فتدبره. ابن العربي: يغسلها؛ إذ لا بدل عن غسلها وعن الوضوء بدل. وروى على إن قدر فاقد الماء على جمع وضوئه من الندى لم يتيمم. المازري: لا نص في جنب لم يجد ماء إلا وسط مسجد.

وأخذ بعض المتأخرين من قول مالك: "لا يدخل الجنب المسجد عابر سبيل" دخوله لأخذ الماء؛ لأنه مضطر. قُلتُ: ذكر ابن الرقيق: أن محمد بن الحسن سأل عنها مالكًا بحضرة أصحابه فأجابه بأن لا يدخل الجنب المسجد، فأعاد محمد سؤاله، فأعاد مالك جوابه، فأعاد محمد؛ فقال له مالك: فما تقول أنت؟ قال: يتيم ويدخل لأخذ الماء، فلم ينكره مالك. $$$$$ نفسه بطلبه أو استعماله أو خوف عطش آدمي كعدمه. المازري: والظن كالعلم. وروى ابن نافع: يتيمم ذو الماء يخاف العطش خاف الموت أو الضرر. المازري: خوف الموت للعطش كالخوف على النفس، وخوف المرض له كخوف حدوثه. وسمع ابن القاسم: إن استقى رجلٌ ذا ماء قليل لوضوئه إن خاف موته سقاه، وإن لم يبلغ منه الأمر المخوف؛ فلا قد يكون عطشه خفيفًا. ابن رُشْد: سمع أشهب: يتيمم لخوف عطش نفسه، وخوفه على غيره كنفسه. عياض: قال من أصحابنا أحمد بن صالح المصري عرف الطبري من أصحاب ابن وهب: من خاف على نفسه من الغسل أجزأه الوضوء لحديث عمرو بن العاص. قال ابن أبي دليم: ولم يقل به أحد من فقهاء الأمصار إلا بعض المحدثين. ابن بشير: والحيوان غير الآدمي مثله. قُلت: إن أمكن بيعه أو بيع لحمه برخص ما يشتري به الماء، ولا ضرورة به ألغي. بن بشير: والقول بإلغاء الخوف على المال بعيد، ولعله في عدم غلبة ظن الخوف. الباجي: عن المذهب وابن مسلمة جواز سفر التجر والرعي حيث يتيقن عدم الماء، وفيه لخوف حدوث مرض أو زيادته أو تأخر برئه نقلا المازري عن المشهور

والباجي عن رواية ابن القُصَّار. وفيها: "إن صح بعض جسده، وبأكثره جراجات غسل الصحيح، ومسح الجريح، وإن لم يبق إلا يد أو رجل تيمم. ابن عبد الرحمن: فلو غسل ومسح؛ لم يجزئه كواجد ماء لا يكفيه غسل ومسح الباقي. ورده ابن محرز بأن مسح الجريح مشروع، وفتوى ابن رُشد: تيمم من خشي على نفسه من غسل رأسه دون مسحه بعيد والأظهر مسحه. وفيها: "منع وطء المسافر وتقبيله، وليس معهما ما يكفيهما، وليس كذي شجة له الوطء لطول أمره"، فقالوا: لقرب الأول وعكسوا حكميهما لعكس وصفيهما. ابن رُشد: المنع استحباب، وأجازه ابن وهب. الطراز: منعه ابن القاسم البول إن خفت حقنته. وشرطه للفرض دخول وقته: أبو عمر: خلافًا لابن شعبان. ابن بشير: شذ القول بصحته قبله بناء على رفعه الحدث. المازري عن ابن خويز منداد: في رفعه الحدث روايتان. وقول القرافي: "عزاه ابن شاس لابن شعبان" لم أجده في الجواهر؛ بل فيه اشتد نكير القاضي أبي محمد على مضيفه للمذهب، وفسر به ابن العربي مرة المذهب ونصره، وقال مرة: الحدث سبب له أحكام الوضوء يرفعه، والتيمم الأحكام لا السبب ونصره، وإياه صوب ابن شاس، وعلى المشهور القاضي والمازري وابن رُشد: المشهور

راجي القدرة على الوضوء آخره والشاك وسطه. ابن رُشد: وهو آخر أوله. والآيس يستحب له أوله. وروى مُطرف: الراجي قرب آخره. وروى ابن نافع وابن وهب: إنما التيمم آخره. وابن عبد الحكم: المسافر مطلقًا أوله. المجموعة: الراجي آخره وغيره وسطه. ابن حبيب وابن عبد الحكم والأخوان: الآيس أوله وغيره آخره. ابن رشد عن ابن حبيب: المريض آخر الوقت المستحب، فإن وجد الماء بقية الوقت؛ أعاد. قلت: في تأخيره لآخر الوقت مع قوله: "وجد الماء بقية الوقت" تناف؛ إلا أن يريد بالثاني الضروري. الشيخ: روى ابن نافع: الراجي آخره وغيره وسطه، وذكره المازري غير معزو. اللخمي: يجوز الجميع أوله ولو تيقن إدراكه قبل فوت الوقت كالوضوء، والاستحسان رواية ابن القاسم. قلتك: لم يتقدم له ذكر لها؛ فلعله يريد روايتها. وفيها: لا يتيمم أوله إلا مسافر آيس، ولا يعيد إن وجده في الوقت، وإن أيقن فآخره، فإن قدم أوله؛ أعاد إن وجد الماء في الوقت، والمسافر يجهل الماء أو الخائف عدم بلوغة والمريض وسطه، ويعيدون إن وجدوه في الوقت إلا الجاهل. ابن حارث عن ابن نافع: وإلا المريض الفاقد مناوله. ابن حبيب وأصبغ وابن عبد الحكم والأخوان: يعيدون حتى الجاهل. المازري: فسرها بعضهم بالمريض مطلقًا، والأكثر بالفاقد مناوله، والعاجز عن مسه كالمسافر الآيس. قلت: وقاله ابن حارث عن ابن حبيب. الشيخ: والخائف: خائف عدم إدراكه أو سباع أو مرض.

الصقلي: قيل: إن وجد المسافر ما أيسه؛ أعاد لخطئه. ابن أبي زمنين: ووسط الظهر نصف القامة. ابن محرز عن محمد بن سفيان: ثلث القامة لبطء حركة الشمس قبل الزوال وسرعة حركتها بعد الميل. قلت: يريد باعتبار الظل لا نفس الحركة، فإن قدم ذو التأخير؛ ففي إعادته في الوقت أو أبدًا. ثالثها: "إن ظن إدراكه وإن أيقن فأبدًا؛ لروايتها، وابن عبدوس مع ابن القاسم في المبسوط والصقلي عن ابن حبيب. المازري: وذو التوسط يقدم لا يعيد اتفاقًا بعد الوقت. الأخوان وابن عبد الحكم وأصبغ: الوقت المختار وهو في المغرب قبل مغيب الشفق. وفيها: "تأخير المغرب لطامع إدراك الماء قبل مغيب الشفق". وفي العشاء ثلث الليل ووجود ماء يسعه يبطله، فلو ضاق عن استعماله؛ فالقاضي لا يبطله، وخرجه اللخمي على التيمم به حينئذٍ. المازري: هذا آكد لحصوله بموجبه وفي الصلاة لا يبطله، وخرجه اللخمي، ونقل الطراز عن بعض الأصحاب إبطاله نقله الكافي معللاً بالقياس على معتدة الشهور ترى دمًا أثناء عدتها، قال: ومال إليه سحنون وهو صحيح نظرًا واحتياطًا. قُلت: والقياس يرد بأن نظير الدم أثناء العدة وجود الماء أثناء التيمم، ونظير وجوده في الصلاة وجود الدمبعد حلبة الترويج، وهو جواب المعارضة المعروف في التيمم بالمعتدة، وتخريجه اللخمي على العريان يجد ثوبًا فيها، وذاكر صلاة، وناوي الإتمام، ومن قدم عليه والٍ في الجمعة - يرد بأنه لا بدل، وتفريطه وتسببه، وتقرر العزل

بالنزول. فإن ذكره في رحله؛ قطع. وسمع سحنون ابن القاسم: إن وجدا وضوء أحدهما وتشاحا تقاوياه. ابن رشد: شرط تقاويهما بتشاحهما يقتضي جواز شركهما أو تكره والتيمم، وذلك بعيد؛ بل يلزم مطلقًا إن كانا مليين لوجوب شرائه. وتيمم تاركه دون بلوغه ما يسقط شراءه باطل، وإن كانا عديمين؛ قسم هو أو ثمنه وتيمما، وإن شاءا أسهم عليه، ومن صار له؛ أتبع بقيمته حظ صاحبه، ووجب وضوؤه، وإن كان أحدهما مؤسرًا؛ لزمه بقيمته إن لم يحتج المعدم لحظه. سحنون: ولو بدر أحدهم حين رؤيته فتوضأ به؛ لم يبطل تيمم غيره. ابن رشد: وكذا لو بادر إثر وصولهم قبل إمكان مقاواته، وبعد إمكانها يبطل تيمم غيره، ولسحنون: لا يبطل ولو تركه اختيارًا. وله: لو قال: ذو وضوء لمتيممين هو لأحدكم، فتركوه لأحدهم بطل تيممه فقط إن كثروا وتيمم الكل إن قلوا كالأربعة، ولو قال لثلاثة: هو لكم بطل تيمم من ترك له فقط. ابن رشد: هذا خلاف سماعه وجوب المقاواة وتفسيره ابن لبابة بأن قال: "لكم لم يبطل إلا تيمم من أسلم له ولو قلوا، وإن قال: لأحدكم بطل للكل ولو كثروا" بعيد؛ بل ظاهره إن كثروا؛ لم يبطل إلا تيمم من أسلم له قال: لأحدكم أو لكم، وإن قلوا؛ ففي لكم كذلك، وفي لأحدكم يبطل للكل. وسمع أبو زيد رواية ابن القاسم: إن نزلوا بصحراء ولا ماء لهم ثم وجدوا ماءً قريبًا جهلوه أعادوا في الوقت. الشيخ: روى علي: لا يعيد مسافر طلبه بوجوده في الوقت. وفي إعادة ناسي الماء في رحله. ثالثها: "في الوقت" لأصبغ مع الأخوين وابن عبد الحكم وروايته ولها. ابن شاس: لو أدرج في رحله أو ضل فيه بعد جد طلبه لم يقطع ولم يقض، وظاهر رواية الأخوين: "نسيه أو خفي عليه" دخول الخلاف فيهما، ولو ضل رحله، وتابع في طلبه لم يعد في الوقت.

قلت: ما عزاه للأخوين رواية؛ إنما عزاه الشيخ قولاً. وفيها: "تسوية جهله بنسيانه وأنه إن ذكره فيها قطع". وتخريج ابن شاس تماديه على نفي إعادته يرد بأن ذكر المانع في الصلاة أشد منه بعدها. ولو نسي ذو إعادة في الوقت أن يعيد بعد ذكرها لم يعد بعده. ابن حبيب: يعيد. ابن بشير: ويجري في كل معيد في الوقت. ابن رُشد: هذا أصل ابن حبيب، وحكاه عن ابن الماجشون عن مالك، وهو أحد قولي ابن القاسم في سماعه عيسى ودليل سماعه أبي زيد. والميت أولى بمائة لغسله من جنب حي، وهو أولى لعطشه، ويغرم قيمته وما بينهما. ابن العربي: الميت أولى لنجاسته وآخر غسله. وسمع عيسى ابن القاسم وعبد الملك ابن وهب: الحي أولى ويغرم قيمة حظ الميت. ابن رُشد: وفي مقاواة الحي ورثة الميت إن أرادوها نظر. ابن العربي: إن اجتمع جنب وحائض فهي أولى. الطراز: هما سواء. الكافي: وقيل: الحي أولى. ويتيمم بطاهر التراب غير منقول، وفي كون منقوله كوجه الأرض وقصر التيمم عليه قول ابن القاسم مع سماعه وعيسى عن ابن وهب، وابن رُشد مع اللخمي عن ابن بكير. وعلى صلب الأرض لعدمه. اللخمي: اتفاقًا. وقول ابن شاس: "وقيل: لا مطلقًا" لا أعرفه لغير نقل الباجي، منعه ابن شعبان لا بقيد، وذكره اللخمي بعد قوله: "اتفاقًا" يقتضي تقييده بوجود التراب ومع وجوده ثالثهما: "ويعيد في الوقت" للمشهور وابن شعبان وابن حبيب.

الشيخ: روى علي يتيمم بالحجر إن فقد الصعيد. وفي خالص الرمل المشهور وقول ابن شعبان. اللخمي: يجوز بتراب السباخ اتفاقًا. وفيها: أيتيمم على الجبل والصفا وخفيف الطين فاقد التراب؟ قال: نعم. وقول ابن الحاجب فيه "وقيل: إن عدم التراب" لا أعرفه نصًا في الطين. وفي كون معدن الشب والزرنيخ والكبريت والكحل والزاج كالأرض، ثالثها: "إن لم يجد غيرها وضاق الوقت" للخمي مع البغداديين عن المذهب والطراز عن الوقار والصقلي عن السليمانية راويًا المغرى كالأرض. المازري: ويمنع بالجير. الباجي: ويجوز على قول ابن حبيب. الجلاب: لا بأس به بالجص والنورة قبل طبخها. اللخمي: يمنع بالجير والآجر والجص بعد حرقه والياقوت والزبرجد والرخام والذهب والفضة، فإن فقد سوى ما منع وضاق الوقت تيمم به. وفي الملح ثالثها: "المعدني" لابن القُصار، وبعض أصحاب الباجي مع ابن محرز عن السليمانية معللاً بأنه طعام، والباجي مع نقل اللخمي، ورابعهما للصقلي عن سليمان في السليمانية: إن كانت بأرضه وضاق الوقت عن غيره. وفي الثلج ثالثها: إن عدم الصعيد، ورابعها: ويعيد في الوقت بالصعيد، للباجي عن روايات علي وأشهب وابن القاسم واللخمي عن ابن حبيب. الباجي: زاد ابن وهب في روايته الأول وبالحجر. اللخمي: وجامد الماء والجليد مثله. بعض البغداديين: في الزرع قولان: الصقلي عن الأبهري، والمازري واللخمي عن ابن القُصار، وأبو عمر عن ابن خويز منداد: يجوز على الحشيش. الوقار: وعلى الخشبة. المازري: فيهما نظر.

والجدار إن ستره جير أو جص منع وإلا، سمع ابن القاسم: يجوز للمريض إن كان طوبًا نيئًا، محمد عنه: يمنع إلا لضرورة. ابن حبيب: إن كان حجرًا أو آجرًا؛ جاز إن لم يجد ماء ولا ترابًا، وتعقبه التونسي وابن رُشد بأنه مطبوخ، ومنه ألزمه الباجي جوازه على الجير. الشيخ عن أصبغ: من تيمم بصعيد نجس عالمًا أعاد ابدًا. ابن حبيب: والجاهل في الوقت. ابن محرز عن حمديس: من تيمم على موضع نجس؛ أعاد أبدًا كمتوضئ بمتغير بنجس، وعزاه الصقلي لأصبغ في غير الواضحة. وفيها: المتيمم على موضع نجس كمتوضئ بماء غير طاهر - يعيدان في الوقت. الشيخ عن أبي الفرج: إن أرد أن نجاسته لم تظهر ظهورًا يحكم بها له؛ فهو كما شك فيه، وإلا فالفرق أن الماء يرفع الحدث بخلاف التيمم. ابن محرز وخلف: فرق أبو بكر النعالي بأن طهور الماء يعرف بالحس يقينًا، وطاهر الصعيد؛ إنما يعرف بالاجتهاد ظنًا؛ فنجس الماء ينتقل منه إلى طهور يقينًا، والصعيد إنما ينتقل منه إلى طاهر ظنًا. ومنويه استباحة الصلاة لا رفع الحدث على المعروف، وتعقب المازري قول القاضي: فائدة رفعه عدم وجوب استعمال الماء واجده قبل حدثه بالاتفاق على استعماله. وفي وجوب تعيين الفعل المستباح به واستحبابه نقلا الباجي عن ابن حبيب، وابن القاسم مع مالك، وفي إجزائه لوضوء عن جنابة نسيت ثالثها: "يعيده والصلاة في الوقت "لابن رُشد مع اللخمي عن ابن مسلمة والباجي عن روايته، وسماع أبي زيد معها ورواية ابن وهب. اللخمي: ولو نوى الجنابة، ثم أحدث؛ فظاهر المذهب ينوي الجنابة. وعلى إجازة ابن شعبان وطء الحائض تطهر بالتيمم تنوي الحدث الأصغر؛ وهو قول ابن القاسم فيها: لا يطأ مسافر امرأته بتيمم حيضها ولا ماء معهما، ولا يحدثان أكثر من حدث الوضوء.

قلت: قول ابن شعبان: "بناء على رفعه الحدث، وأخذه من منع ابن القاسم أن يحدثا أكثر من حدث الوضوء "إن رد بأن ذلك للزوم وقوع حدث الجنابة من الزوج؛ إذ هو غير جنب لا لأن جنابتها ارتفعت، أجيب بأن نصها: قلت: إنها جنب، فإذا كان معه قدر غسله أيطؤها؟ قال: لا لقول مالك تيممها طهر لما كانت فيه، فليس له نقضه عليها. قلت: الحق أن منعه وطأها؛ لأن التيمم لا يرفع منعه الحيض، لا لأنها طهرت منه؛ ولذا لو حضرتها صلاة أخرى قبل حدثها الأصغر تيممت، ويمتنع أن تنوي الحدث الأصغر؛ لأنه لم يقع، وهذا يرد أصل تخريج اللخمي وقول سحنون: "لا يطؤها حتى يجدا ما تغتسل به من حيضها، ثم ما يغتسلان به"، وقول القابسي: "لو كفاها قدر مائة الذي معه؛ لزمه دفعه لطهر حيضها" وفاق لها. ابن العربي:$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$ لأن الحدث الأصغر إنما يبطل التيمم في أحكامه كما لا يبطل الطهارة الكبرى. قلت: هذا مخالف لنقل اللخمي عن المذهب موافق لأخذه. وفيها: إن كان مع الجنب قدر وضوئه فقط تيمم ولم يتوضأ. وقول ابن عبد السلام: "هذا على اضمحلال كل شروط الطهارة الصغرى مع وجوب الكبرى، وفيه في المذهب خلاف" لا أعرفه بل قول ابن العربي: "أجمعوا على استلزام الغسل الوضوء". التلقين: ولو وجد دون كفايته لم يستعمله. وقول ابن عبد السلام: "التزم استعماله في الوضوء بعض أئمتنا بناء على أن كل عضو يطهر بانفراده "لا أعرفه لغير الأعرج؛ بل قول المازري: "في عدم لزوم استعماله على أن كل عضو يطهر بانفراده كلام يغمض". قلت: لعله لأن الاستباحة إنما تثبت بالوضوء أو التيمم والمركب من جزأيهما غيرهما، ولا يلزم من سببية كلًّ سببية جزئه، أو لاحتمال تقييد طهر كل عضو بتمام الوضوء كما مر.

ويعم الوجه مسحًا: ابن شعبان: ولا يتبع غضونه، وفي وجوبه للمرفقين أو الكوعين، ولهما مستحب ثالثها: "الجنب للكوعين وغيره للإبطين"، ورابعها: "للمنكبين مطلقًا" لروايتي الباجي وابن لبابة، وسمع ابن القاسم، وقال: معها يعيد ذو الكوعين فقط في الوقت. ابن نافع: أبدًا. المازري: فأخذ له وجوبه للمرفقين، وقيل: لإيجاب عمد ترك السنة الإبطال. ابن عبد الحكم: وينزع خاتمه. ابن شعبان: ويخلل أصابعه. اللخمي: على قول ابن مسلمة ترك قليل العضو عفو يصح دون نزع أو تخليل. الشيخ: لا أعرفه لغير ابن شعبان. وصفته فيهما قال ابن عبد الحكم: مطلق مسحهما كغسلهما. اللخمي: على التيمم بالصفا لا تعتبر صفة، وعلى شرط التراب فالمشهور أحوط، ويجزئ الآخر إن بقي من التراب ما يعم به. ابن شاس: رد بعضهم تفصيله بأن المشهور عدم رعي التراب، وثبوت رعي الصفة. قُلت: هذا لو كان إجراءً على المشهور لا اختيارًا منه، وظاهر قوله: "أحوط ويجزئ" اعتبار الصفة في الصحة لا في الكمال وهو بعيد، وعلى المشهور قال الباجي: روى ابن القاسم: يضع يسراه على ظاهر أطراف أصابع يمناه ماسحًا إلى المرفقين، ثم باطنهما إلى باطن أطراف أصابعه، ثم اليسرى كذلك. والأخوان: إلى باطن الكوعين، ثم الكف بالكف، وكذا ذكرها التونسي لبعضهم تفسيرًا للمدونة وابن الطلاع، ثم اليسرى إلى باطن أطراف أصابعها. وفيها: يبدأ فيمر اليسرى من فوق كف اليمنى إلى المرفق، ومن باطنه إلى الكف، ويمر اليمنى على اليسرى كذلك، ففسرها الأكثر بالأولى واللخمي بالثانية. ابن رشد: تحتملها، وظاهر الروايات مسح ظاهر إبهام اليمنى مع ظاهر أصابعها.

وللرسالة وابن الطلاع: إذا بلغ باطن كوعها أمر باطن إبهام اليسرى على ظاهر إبهام اليمنى. وقول ابن الحاجب عنها تلو قوله: كذلك، ولابد من زيادة، فقيل: أراد، ثم يمسح الكفين، وقيل: أراد إلى منتهى الأصابع فيهما، وقبوله ابن عبد السلام لم أجده فيها، ولا ذكره عياض؛ بل قال: سقط إلى كفه عند ابن عتاب وغيره. وفي كونه بضربة أو ضربتين ثالثها: "الجنب بضربة وغيره باثنتين "لابن الجهم ولها ولابن لبابة، وعلى الثاني لو تيمم بواحدة؛ فروى محمد: يجزئه، وسمعه ابن القاسم في الناسي. ابن حبيب: يعيد في الوقت. ابن نافع: أبدًا. اللخمي: على التيمم بالصفا تجزئ الواحدة، وعلى قصره على التراب تجزئ إن بقي منه ما يعم اليدين. المازري: خالفه غيره ورآه غير معلل، ولو لم يجد منه إلا قدر ضربة؛ فقال ابن القُصَّار لا يستعمله، فخرجه الباجي على قول ابن نافع قال: وعلى قول مالك يجزئه لوجهه ويديه، وذكره ابن الطلاع عن ابن القاسم ومالك. ولا يشترط وضع اليدين منفرجتي الأصابع. ابن بشير: اشترط الشافعية ضم أصابعهما في وضعهما على الأرض للوجه، وتفريقهما في وضعهما عليها لليدين لرعيهم المسح بالتراب، فإذا فرقهما في الضربة للوجه علق التراب بين أصابعه، فيصير مسح ذلك الموضع بتراب قصد به الوجه، ولا يشترط هذا على المشهور، وقد يلزم من راعي التراب اشتراطه. قلت: مقتضى تعليله عدم شرطية الشافعية التفريق في الضربة لليدين.

وقال الإسفراييني: نص الشافعي على التفريق في الضربتين كلتيهما، وأن الممنوع في صحيح قولهم إنها هو تكرير التيمم بالتراب الساقط من الوجه أو الباقي عليه لا بغيرهما، والباقي بين الأصابع ليس أحدهما، والقول الثاني عندهم جوازه، ويرد إلزامه من راعى التراب بأن تكرار التيمم عندنا بترابٍ تيمم به؛ جائز. قال الشيخ: سمع موسى ابن القاسم: لا بأس أن يتيمم بتراب تيمم به. ابن رشد: لأن التراب لا يتعلق به من أعضاء التيمم ما يخرجه عن حكم التراب كما يتعلق بالماء بعض وسخ الأعضاء. وفيها: نفض اليدين مما يتعلق بهما خفيفًا. عياض: لضرر كثيرة بتلويث وجهه أو دقيق حجر يؤذيه. ولو مسح بيديه بعد الضرب غير محله، ثم مسحه بهما، فقال الطابثي: لا نص، ومقتضى معروف المذهب عدم شرط التراب الإجزاء. وقال بعض أصحاب عبد الحق: لا يجزئ. وترتيبه وموالاته كالوضوء: وفيها: لابن القاسم: إن نكس وصلى أعاد لما يأتي. التونسي: يريد للنفل. وقول ابن عبد السلام عن بعض من لقي: "يريد بقوله: يرتب لما يستقبل"؛ أي: يرتب تيممه فيما يأتي، قال: وهذا إنما يحسن في المنكس عمدًا لا نسيانًا. قلت: لفظها: "يعيد" لا "يرتب" و "يعيد" يأبى ما ذكره. وينتقل به للفرض إثره. التونسي: ما لم يطل جدًا. وسمع أبو زيد ابن القاسم: لا يركع للضحى بتيمم الصبح، ويمنع قبله. المازري: روى خفة تقدمة ركعتي الفجر، وعلى الأول في إعادة الفرض في الوقت أو أبدًا رواية الواضحة مع قول محمد ونقله. ويركع به للطواف ركعتيه: التلقين: لا يكاد يتصور لطواف إلا لمريض وفي النفل، ومس المصحف به للنوم

رواية ابن حبيب والمجموعة عن ابن القاسم، ونقل ابن الحاجب: "الطواف بعد الفرض كالنفل "لا أعرفه في واجبه". ومنع الفرض به للنفل، وروى ابن سَحنون عن ابن القاسم: يعيد فاعله في الوقت. الصقلي عن ابن حبيب: أبدًا. الشيخ عن أشهب: يجزئ الصبح به للفجر. الباجي: روى محمد بن يحيى خفة الصبح به بعد ركعتي الفجر. الشيخ عن ابن القاسم: ويصلي ركعتي الفجر إثر الوتر بتيممه له بعد الفجر ويوتر بتيمم النفل. ابن رشد: ويتنفل به ما شاء إذا اتصل، فإن أخر بعد تيممه أو اشتغل في أثناء تنفله بطل. الشيخ عن المختصر: للمتيمم التنفل ما لم يطل، والمشهور منع فرضين بتيمم واحد. ابن القاسم: ولو لمريض لا يطيق مس الماء. الباجي: لوجوب الطلب أو منعه قبل الوقت. المازري عن القاضي: لعدم رفعه الحدث. الشيخ: روى أبو الفرج: تقضي المنسيات بتيمم واحد، قال: ولبعض أصحابنا لمن لا يطيق مس الماء لمرض جمع صلاتين بتيمم واحد. فعزو ابن الحاجب الأول لأبي الفرج والثاني للتونسي قصور إن عناه بأبي إسحاق، وإن عنى ابن شعبان كابن شاس فلم أجده له؛ بل نصه في الزاهي: من جمع صلاتين تيمم تيممين. ولم يذكره غيره. وعلى المشهور في إعادة الثانية في الوقت أو أبدًا، ثالثها: "إن اشتركتا"، ورابعها: "ما لم يطل كاليومين" لأبي عمر عن يحي عن ابن القاسم وسماعه أبو زيد مع الأخوين وأبي عمر عن أصبغ مع الباجي عن يحيى عن ابن القاسم والشيخ عن ابن سحنون. ابن رشد: والوقت الغروب.

وقيل: قامة للظهر وقامتان للعصر، وعموم رواية تعدده للمنسيات يوجبه على من نسي صلاة من الخمس. وفاقد الماء والمتيمم به في صلاته وقضائه أربعة متقابلة لابن القاسم وابن القُصار عن المذهب مع ابن خويز منداد وابن العربي عن مالك وابن نافع وروايتي معن والمدنيين وسحنون مع ابن العربي عن أشهب وأصبغ مع ابن حبيب. اللخمي عن القابسي: يومئ المربوط للتيمم بالأرض بوجهه ويديه كإيمائه بالسجود إليها، وعددها ابن العربي ستة فكرر منها الثاني واختار قول أشهب. [مسح الخفين] ومسح الخفين في الوضوء بدل غسل الرجلين - وقد لبسا على طهر وضوء - في جوازه ثالث الروايات: "في السفر لا الحضر" والمشهور الأولى. ابن الطلاع: رخصة، وقيل: سنة وقيل: فرض، قال: والأحسن نفس المسح فرض والانتقال إليه رخصة. وفي منعه على الجورب مطلقًا أو إن لم يجلد ثالثها: "إن لم يجلد المقدم" لروايتي أبي عمر، والشيخ عن رواية المختصر، ورابعها رواية ابن العربي: "إن كان صفيفًا وله نعل؛ مسح عليه". وفي الجرموق روايتا الباجي. الشيخ: والباجي عن ابن حبيب: هو خف غليظ لا ساق له.

ابن القصار: خف فوق خف. اللخمي عن ابن القاسم: شيء يعمل من غير الجلد ويعمل عليه جلد، وقول ابن شاس: "وقيل: خف غليظ ذو ساقين"، واتباعه ابن الحاجب لا أعرفه وخلاف نقل الشيخ والباجي عن ابن حبيب، وتفسير ابن عبد السلام قول ابن الحاجب فيه: "وقيل يمسح عليهما مطلقًا" بمسحه وإن لم يكن جلد - لا أعرفه؛ بل قول الصقلي: "إن لم يكن جلد لم يمسح اتفاقًا" ونحوه للجلاب. وفي المسح على خف فوق خف روايتان لها ولابن وهب، فإن نزع الأعلى مسح الأسفل كغسل الرجل لنزعه. اللخمي: إن لبس الأعلى بعد مسح الأسفل اتفاقًا. ولا يمسح على غير ساتر كل محل الغسل، وروى الوليد: "يمسح ويغسل ما بقي"، فغمزه الباجي بأن هذا إنما يعرف للأزواعي وهو كثير الرواية عنه، ومال إليه المازري ورده ابن عبد السلام بأنه أحد رجال الصحيحين، ولم يوهمه أحد. قلت: قال المزي والذهبي عن بعضهم فيه: مدلس ولم يفضله، ومقتضى كلام الثلاثة انفراده بالرواية، ونص كلام ابن رشد ومفهومه عدم انفراده والاقتصار على مسحه دون غسل ما بقي قال: وروى علي وأبو مصعب والوليد: يمسح المحرم على مقطوع أسفل من الكعبين، وزاد الأوزاعي: ويغسل ما بقي. وفيها: "يمسح على ذي الخرق اليسير لا الكثير". ابن القاسم: الكثير أن يظهر منه القدم. ابن خويز منداد: أن يمنع المشي به. ابن رُشد: ليس في قولها وقول ابن حبيب: "إن كان تفاحشه لا يعد به الخف خفًا لم يمسح، وإن لم يتفاحش مسح وإن أشكل فلا "، ورواية ابن غانم: "يمسح ما لم يذهب عامته"، وفي آخر روايته: "إن خف خرقه مسح" - جلاء ولا شفاء، ومدلول الكتاب والسنة أن الثلث آخر حد اليسير وأول الكثير فيجب مسح ما دون الثلث ومنع ما بلغه أعني ثلث القدم لا كل الخف، إن كان خرقه شقًا أو قطعًا لا يمكن غسل ما بدا منه وإلا فلا. قلت: قوله: "الثلث آخر وأول" حكم بضدين على متحد إلا أن يقول آخر الشيء ليس منه.

وشرطه لبسه على طهارة حدث بالماء، ولو بالغسل، ونقل الطراز عن بعض المتأخرين: "لا يمسح على خف لبس على طهارة الغسل" لا أعرفه. وفي المسح على ما لبس على استباحة تيمم - قولا أصبغ وابن حبيب مع الأخوين معها. ابن رشد عن ابن لبابة: شرطه لبسه على طهارة خبث فقط. وفي مسح لابس اليمنى قبل غسل اليسرى ثالثها: "إن غسل اليسرى" لتحصيل ابن رُشد عن سماع موسى رواية ابن القاسم والمشهور ومُطرف، ثم قال: "في سماع موسى: من ليس له إلا قدر وضوئه فغسل رجليه قبل ومسح خفيه ثم أكمل وضوءه أو نام قبل إكماله؟ قال مالك: أحب إلي إعادة غسل رجليه بعد وضوئه وإن ترك أجزأه". رد ابن لبابة وغيره جوابه للنائم في استحباب غسله وإجزاء مسحه والأظهر رده للمنكس فقط. قلت: هذا خلاف تحصيله، وفسرها الباجي كابن لبابة وحملها المازري على عدم شرط لبسه على طهارة الحدث، وعلى المشهور قال العُتبِي عن سَحنون: إلا أن ينزعهما ويلبسهما. ابن عنه: أو ينزع اليمنى ويلبسها. وفي منع لابسه للمسح كالمرأة على الحناء والرجل لينام فيعيد إن مسح أبدًا، وكراهته فلا يعيد - قولان للصقلي عن سحنون مع علي والشيخ عن رواية ابن حبيب وابن رُشد عن رواية مُطرف والصقلي عن أصبغ مع اللخمي عن ابن الماجشون، وقول عبد الحق عن ابن أبي زمنين عن العُتبي عن سحونون: "لا يعيد" لم أجده في العتبية. وفيها: "لا يعجبني في المرأة للحناء ولا خير فيه للرجل لينام"، فقول البرادعي فيها: "يكره" متعقب. الباجي: المشهور منع مسح من لبسهما له، وقول ابن عبد السلام عن بعضهم عن أصبغ: "يجوز لهما ولا يكره" لا أعرفه؛ بل قول الصقلي والباجي عنه: "يكره"، وقول ابن حارث: "اتفقوا على كراهة لبس المرأة للحناء"، واختار التونسي جوازه لهما. ابن القاسم: لا يمسح عليهما محرم. الشيخ: لعصيانه بلبسهما ولو لبسهما لعلة مسح.

وخرج المازري جوازه على قصر العاصي بسفره، ونقله ابن الحاجب نصًا لا أعرفه، ولا نص في الخف المغصوب وفيه نظر، وقياسه على المحرم يرد بأن حق الله آكد، وقياسه على مغصوب الماء يتوضأ به والثوب ليستتر به والمدية يذبح بها والكلب يصطاد به والمال يحج به والصلاة بالدار المغصوبة - يرد بأنها عزائم. سحنون: ويمسح على المهاميز ولا ينزعهما. قلت: يحتمل للمسح أوله وبعده. وفي صفته بعد زوال طينه ست: المختصر: يسرح الماء من يديه ويمسح بيد من فوق الخف ويد من تحته إلى حذو الوضوء، ولا يتبع غضونه. اللخمي: قيل يبدأ من الكعبين مارًا لأصابعه. ابن عبد الحكم: يده اليمنى على ظاهر أطراف أصابع اليمنى واليسرى على مؤخر خفه من عقبه يمرها تحته إلى آخر أصابعه، واليمنى إلى عقبه. وفيها: أرانا مالك فوضع اليمنى على ظاهر أطراف أصابع اليمنى واليسرى تحت باطن خفه يمرهما حذو الكعبين. الشيخ كالأخوين: ويداه في اليسرى على العكس. الصقلي عن ابن شبلون: بل هما فيها كاليمنى. ابن بشير: فسرها الشيخ بانفراد كل رجل بمسح. وابن شبلون: يمسحهما مرة واحدة. وفيها: "إن خص أعلاه أعاد صلاته في الوقت وأسفله أبدًا". اللخمي وابن نافع: أبدًا فيهما.

أشهب: يجزئه فيهما. الشيخ عن ابن سحنون: رجع سحنون لإعادة من اقتصر على أعلاه في الوقت عن إجزاء أعلاه. ابن شاس: يكره الغسل والتكرار، وقول ابن عبد السلام عن ابن حبيب: "إن غسله لنجاسة مستتبعًا نية الوضوء أجزأه" لا أعرفه؛ بل نقل الشيخ عنه: لو غسله ينوي مسحه أجزأه، ويمسح لما يستقبل أحب إلي. ولو غسل طينه ليمسحه فنسي أعاد صلاته، وسمع موسى ابن القاسم: إن عم مسحه بأصبع واحدة أجزأه كرأسه، والمشهور لا تحديد. وروى ابن نافع: من الجمعة إلى الجمعة. الأبهري: روى أشهب للمسافر ثلاثة أيام وسكت، وفي رسالة مالك لهارون ذلك وللمقيم يوم وليلة، وأنكر عزو الرسالة له. الطراز: وعلى رواية أشهب لو مسح مقيم وسافر قبل مدته تخرج بناؤه على ذلك على المسافر ينوي الإقامة بعد ركعة. قلت: الأظهر كالأمة تعتق أثناء عدتها تبني على الرق، وقال المازري: لا نص. وخرجها على اختلاف قولها في كفارة من أصبح صائمًا فسافر فأفطر. وفي بطلان وضوئه بنزع الخف وصحته بغسل محله ثالثها: "إن غسل بالفور صح" لرواية زيد بن شعيب ومحمد بن يحيى والمشهور. الباجي: روى ابن وهب: أحب إن طال أن يبتدئ. ولو نزع أحدهما ففي صحة غسل محله أو مسحه إن كان خفًا دون نزع الآخر ثالثها: "إن كان خفًا" لسماع القرينين وابن حبيب وسماع عيسى ابن القاسم "إن كان خفًا" وأبى زيد "إن كان رجلاً"، وعليه قال ابن القاسم: إن كان خفًا فمسح ثم أعاد الأعلى مسح عليه. ابن رُشد: هذا على قول مُطرف لا المشهور في منع مسح لابس اليمنى قبل غسل اليسرى، ولأن بنزع الأعلى انتقضت طهارته فلما مسح الأسفل صار قد طهر بعد أن مسح على خف الرجل الأخرى. قلت: يرد بمنع النقض بمجرد النزع؛ بل مسح الأسفل إثر نزع الأعلى كدوام.

لبس الأعلى، وجعل اللخمي وجوب النزع للغسل المذهب وقال: إن لم ينزعه أجزأ المسح. وعلى الوجوب لو عسر نزعه وضاق الوقت ففي مسحه وقطعه وتيممه رابعها: "إن قل ثمنه ولو كان لغيره قطعه وإلا مسح" للإبياني ونقليه وعبد الحق. وفيها: خروج عقبه لساق خفه قليلاً وقدمه كما هي غير نزع، وخروج قدمه لساقه نزع. يمسح على ما شق غسله وعلى جبيرته إن شق مسحه دواء أو غيره ولو وضعها عليها محدثًا. اللخمي: وعلى عصابتها إن تعذر حلها أو أفسد دواءها. بعض شيوخ عبد الحق: من كثر عصائبه وأمكنه مسح أسفلها لم يجزئه على ما فوقه. وتخريجه الطراز على خف فوق خف يرد بأن شرط الجبيرة الضرورة بخلاف الخف. وعلى العمامة إن شق مسح الرأس وعليه إن شق غسله، وفتوى ابن رُشد بتيمم من خشي على نفسه من غسل رأسه تعقبت، فإن شق جعل الجبيرة أو تعذر غسل ما سواه إن كان بمحل التيمم وإلا ففي تيممه ووضوئه تاركًا ما شق ثالثها: "هما"، ورابعها: "إن قل توضأ" لعبد الحق وغيره وبعض شُيوخه، ونقل ابن بشير: ويجب فعل الأصل حين البرء وتأخيره ترك للموالاة. فلو سقطت في الصلاة أو برئ قطع فردها أو غسل، فلو نسي غسل ما كان عن جنابة، ففيها: "إن كان في مغسول الوضوء أجزأ وقضى ما صلى قبل غسله، وإلا غسل وقضى كل ما صلى"، ونوقضت بعدم إجزاء تيمم ناسي جنابته، وفرق الصقلي بأن التيمم كفعل ما هو بدله، وغيره بأنه بدل. $$$$$$ غسل جنابته مسح رأسه لمشقة غسله فمسحه في وضوئه ففي إجزائه قولا ابن عبد السلام وبعض شيوخه، وصوب بأنه للغسل واجب لكل الرأس إجماعًا وللوضوء قد لا يعم وإن عم فالعموم غير واجب إجماعًا، فصار كفضيلة عن واجب. قلت: وبأن مسح الغسل كالغسل والمسح لا يكفي عن الغسل.

[تعريف الحيض] الحيض: دم يلقيه رحم معتاد حملها دون ولادة خمسة عشر يومًا في غير حمل وفي حمل ثلاثة أشهر خمسة عشر يومًا ونحوها، وبعد ستةٍ عشرين ونحوها فأقل في الجميع، فيخرج دم بنت سبع ونحوها.

الأيسة، وفي كون دمها حيضًا في العبادات قولا الصقلي عن أشهب مع الشيخ عن رواية محمد وقول ابن حبيب معها، وعليه في وجوب الغسل لانقطاعه قولا ابن حبيب وابن القاسم، وكونها بنت الخمسين أو السبعين ثالثها: "سئل النساء" لابن شعبان وابن شاس وابن حبيب مع سماع القرينين، ولم يحك الباجي غير الأول وابن رُشد غير الثالث، وقول ابن شاس لا أعرفه. وفيها: إن حاضت آيسة سئل النساء، ونظر فإن كان مثلها يحيض وإلا فلا، ألا ترى أن دم بنت سبعين ليس حيضًا. ولا يخرج حيض الحامل لأن الواقع عادة معتاد، ولا حد لأقله في العبادات. وفي كون الصفرة والكدرة حيضًا مطلقًا أو ما لم يكونا بعد اغتسال قبل تمام طهر قولان لظاهر التلقين مع الجلاب والمدونة وابن الماجشون موجبًا منه الوضوء، وجعله الباجي والمازري المذهب، واللخمي خلاف المدونة. أبو عمر: في كونهما حيضًا مطلقًا وإن كان في حيض أو استظهار وفي غيرها استحاضة روايتان لها ولعلي. $$$$$$$ خمسة عشر يومًا على الشهور، وعلى قول ابن نافع تستظهر معتادة خمسة عشر يومًا بثلاثة، ثمانية عشر، وعلى رواية محمد بيومين سبعة عشر، وقول ابن عبد

السلام: "تردد بعضهم في صحته عن ابن نافع "قصور لنقله ابن حارث واللخمي عنه وتخريجه إياه على رواية محمد، وأخذ اللحمي من رواية محمد: "يحبس عليها كريها شهرًا للإفاضة" كونه لا غاية له ما لم يتغير. وأكثر الطهر غير محدود وأقله روى ابن القاسم: "العادة". وابن الماجشون: "خمسة أيام"، سحنون: "ثمانية"، وأخذه الشيخ منها. ابن حبيب: "عشرة". ابن مسلمة: "خمسة عشر"، واعتمده القاضي، وجعله ابن شاس المشهور. فإن دام دم المبتدأة فروى أكثر المدنيين معها: تمكث خمسة عشرة، وعلي: أيام لداتها، وابن وهب: واستظهار ثلاثة أيام كقول أصبغ. القاضي: ما لم تزد على خمسة عشر يومًا. اللخمي: لو قيل تنظر للداتها من قرابتها لحسن، وذكر المازري في الزائد على عادتها لخمسة عشر يومًا ما يأتي في المعتادة، ونحوه قول ابن رُشد: عادة لداتها كعادتها. وإن دام بالمعتادة؛ ففيها: تمكث خمسة عشر يومًا ثم رجع لعادتها والاستظهار بالثلاثة ما لم يزد على خمسة عشر. وفي كونها بعد الخمسة عشر طاهرًا حقيقة فتوطأ أو احتياطًا تصلي وتصوم وتقضي ولا توطأ روايتا ابن القاسم وابن وهب، وأخذ ابن مناس الأول من قولها: إن حاضت قبل الإفاضة أو نفست حبس كريها لها قدر أيامها والاستظهار وأقصاه للنفاس. وصوبه ابن رُشد ورده القابسي بمنع نصها على طوافها إن قصرت أيامها عن اثني عشر يومًا. ابن رُشد: أولها الشيخ بأنها لا تطوف ويفسخ كراؤها. قلت: رده في النكت بنقل سحنون عن ابن القاسم "تطوف بعد استظهارها"، ثم قال في التهذيب: إنما وجدت لسحنون "تحبس أقصى حبس النساء الحيض؛ أي: خمسة عشر يومًا" وهو غير ما قلت في النكت. اللخمي عن ابن عبد الحكم: عادتها فقط. الباجي عن المغيرة وأبي مصعب: كذلك وتمام الخمسة عشر كرواية ابن وهب،

فإن زاد دمها على خمسة عشر يومًا فالزائد على عادتها استحاضة، وإلا فعادة انتقلت إليها وقضت ما صامت، وعن ابن الماجشون وابن مسلمة: خمسة عشر في أول حيضة دام دمها، وفي الثانية ابن مسلمة: عادتها فقط. ابن الماجشون: وتستظهر. وفي استظهار مختلفة العادة على أكثرها أو أقلها - قولا المشهور وابن حبيب. ابن رُشد: قول ابن لبابة: "تغتسل لأقل عادتها والزائد استحاضة" خطأ صراح، وأطلق الأكثر الخلاف في دوام الدم، وقال اللخمي: إن دام رقيقًا مشكلاً، وإن دام بلون الحيض وريحه فحيض. وسمع ابن القاسم: المستحاضة تترك الصلاة بعد استظهارها جهلاً لا تقضي. واستحب ابن القاسم قضاءها. وفي كون دم الحامل كحائل ولغوه ثالثها: "يحتاط" للمشهور وابن لبابة مع قول ابن القاسم فيمن اعتدت بحيض ثم ظهر حملها: لو علمته حيضًا مستقيمًا لرجمتها. وقول الداودي: لو أخذ فيها بالأحوط تصلي وتصوم وتقضيه ولا توطأ لكان أحوط. وعلى المشهور إن دام فروى ابن القاسم وعلي وابن الماجشون: عادتها. ومُطرف وأشهب وابن عبد الحكم: وتستظهر. وقالاه وأصبغ، ولأشهب فيها: هذا إلا أن تستريب فالأول. وروي فيها له: إلا أن لا. وفيها لمالك: يجتهد لها ولا حد له وليس أول الحمل كآخره، ولابن وهب: هو حيض ما لم يطل، ولابن القاسم: في ثلاثة أشهر ونحوها خمسة عشر يومًا أو نحوها وبعد ستةٍ عشرون ونحوها، وروى سليمان في أوله خمسة عشر وفي آخره خمسة وعشرون لا يبلغ ثلاثين. ابن حبيب: تبلغها. وروى الجلاب وأصبغ وابن شعبان: بعد شهرين أو ثلاثة عشرون، وبعد ستة أشهر ثلاثون. ابن وهب: ضعف عادتها مرة، وروى مُطرف: أيام عدم حيضها في حملها أيام حيضها فيه ما لم يجاوز أكثر الناس، وقاله أصبغ مطلقًا.

ابن زرقون: وروي عن مالك: وليس بحسن. وعلى السابع قال الإبياني: الشهر كالثلاثة وما فوقها فما فوق الستة. ابن شبلون: الشهران كالحائل والستة كالثلاثة. التلمساني كذلك: والستة كما بعدها. قُلت: على الأول تدخل أقوال المعتادة فتبلغ اثنين وعشرين. عبد الحق: رواية إسقاط "لا" في قول أشهب" إلا أن تستريب" غير صحيحة، ومحملها على إسقاط "لا" كالثانية ومعناها استمرار حيضها كل شهر. والريبة إنما هي انقطاع دمها في أول شهر من حملها أو ثاني أو ثالث وقول بعضهم: "الريبة هذا أو قلة دمها أو كثرته" غير صحيح. والدم ينقطع بطهر غير تام المشهور: كمتصل تغتسل كلما انقطع فتطهر حقيقة. ابن مسلمة وابن الماجشون: إن كانت أيام دمها أكثر وإلا فأيامه حيض وأيام انقطاعه طهر دائمًا، وعليه في كون عدتها يحتمل كونها سنة أو بالأشهر وتعيين الأشهر قولا عبد الحق عن ابن القُصار. والتونسي: وطلاقها في طهرها جائز، وعلى الأول لو طلق فيه ففي جبره على الرجعة قولا أصحاب ابن عبد الرحمن معه وغيره. وما ميزته مستحاضة بعد طهر تام حيض في العبادة. ابن حارث: اتفاقًا. وفي العدة قولان ولسحنون مع محمد وأشهب وابن الماجشون. وفيها: لابن القاسم: النساء يزعمن أن دم الحيض يباين دم الاستحاضة برائحته ولونه، وصحيح حديث النسائي: "دم الحيض أسود" يعرف بأن رجاله رجال مسلم، فإن دام دمها فطريقان: ابن رُشد: في استظهارها ثالثها: "إن دام بصفة ما يستنكر لا بصفة دم استحاضتها "لأصبغ مع ابن الماجشون ورواية محمد وسماع عيسى ابن

القاسم. اللخمي: إن دام بلون دم استحاضتها فاستحاضة وبلون دم الحيض حيض، وما أشكال في استظهارها ثالثها: ترفع لخمسة عشر، واختار إن أشكل أمرها بشبه دم حيضها دم استحاضتها فمستحاضة، وإن أشكل بأن ما دام فوق دم استحاضتها ودون دم حيضها فحيض. ومنقطع دم الاستحاضة بطهر غير تام كمتصلة: وفيها: إن رأت الدم خمسة عشر يومًا ثم الطهر خمسة ثم الدم أيامًا ثم الطهر سبعة فمستحاضة، واستشكل بأن مجموع عدم حيضها خمسة عشر وهو طهر، ورد بوجوب رد الدم لأقرب دم لا يفصله عنه طهر تام، وأخذ منها الشيخ أن الطهر ثمانية فقبله ابن بشير وأباه عياض. وعلامتا الطهر الجفوف: خروج الخرقة جافة، والقصة البيضاء، روى علي: هي كالمنى، وروى ابن القاسم: كالبول، وفي كونها أبلغ أو الجفوف ثالثها: "سواء" لابن القاسم وابن الحكم والداودي مع القاضي، وثمرته انتظار الأقوى معتادته إن رأت الآخر ما لم يضق الوقت، وفي كونه الضروري أو الاختياري قولا شيوخ عبد الحق وابن القاسم. الأخوان تنتظر المبتدأة الجفوف. الباجي: نزع ابن القاسم لقول ابن عبد الحكم فقبله ابن بشير ورده المازري بأن قوة القصة لأجل اعتيادها فتأخرها معتادة يوجب شكًا وفي المبتدأة لا يوجبه لعدم اعتيادها، يرد بأن قوتها إن كان لذاتها لزم النقض، وإن كان لاعتيادها فالمختلفان إذا نقص منهما متساويان لم يزالا كذلك ضرورة. $$$$$$$$ طهرها $$$$$$$$$$$ وفي وجوبه قبل الفجر لاحتمال إدراك العشاءين والصوم قولا الباجي عند الداودي وسماع ابن القاسم: لا؛ إذ ليس من عمل الناس. ابن رُشد: يجب في وقت كل صلاة موسعًا يتعين آخره بحيث تؤديها فلو شكت في طهرها قبل الفجر قضت الصوم لا الصلاة. الشيخ عن ابن حبيب: إن رأته غدوة وشكت في كونه قبل الفجر لم تقض صلاة

ليلها وصامت إن كانت في رمضان وقضته احتياطًا. ويمنع الحيض الصلاة، والصوم وتقضيه دونها، ودخول المسجد، ومر إلزام اللخمي ابن مسلمة، ومس المصحف، وروى ابن العربي جوازه كقراءتها، والطلاق، والطواف، والوطء في الفرج، وفي منعه بعد طهرها قبل غسلها ثالثها: "يكره" للمشهور والمبسوطة عن ابن نافع مع عياض عن تأويل بعض البغداديين قول مالك عليه وابن بكير. وفي منعه بتيمم صحيح - قولان لها ولابن شعبان، وفيها: منعه ولو كان معه قدر مائة حتى يكون معهما ما يغتسلان به. سحنون: وما تغتسل به قبل وطئها. القابسي: لو كفاها قدر مائة لزمه دفعه لغسلها من حيضها ما لم يكن جنبًا. قلت. أو على غير وضوء فلا. وفيها: منعه دونه تحت الإزار، وخففه ابن حبيب وأصبغ. وفي قراءتها روايتا ابن القاسم مع الأكثر وغيره. عياض: وقراءتها في المصحف دون مسها إياه كقراءة حفظها. الباجي: قال أصحابنا: تقرأ ولو بعد طهرها وقبل غسلها. قلت: يشكل بتعليلهم بعدم إمكانها الغسل، وقال عبد الحق: لا تقرأ ولا تنام حتى تتوضأ كالجنب. [تعريف النفاس] النفاس: دم إلقاء حمل، فيدخل دم إلقاء الدم المجتمع على المشهور. عياض:

قيل: ما خرج قبل الولد غير نفاس وما بعده نفاس، وفيما معه قول الأكثر والقاضي. ولا حد لأقله، وفيها: إن دام جلست شهرين، ثم قال: قدر ما يراه النساء. ابن الماجشون: الستون أحب إلي من السبعين والقول بالأربعين لا عمل عليه. ابن الحارث عن عبد الملك: المعتبر الستون ولا يسأل نساء الوقت لجهلهن. مُطرف: به رأيت مالكًا يفتي. وتقطعه كالحيض وما بعد طهر تام حيض، ولو وضعت ولدًا وبقي آخر ففيها: دم الأول نفاس، وقيل: دم حامل وعليهما إضافة دم الثاني واستقلاله، وسمع أشهب: إن ولدت دون دم اغتسلت. ابن رُشد: أي دمًا كثيرًا؛ إذ خروجه بلا دم ولا بعده محال عادة. ابن بشير: في وجوب الغسل بخروجه بلا دم ولا بعده قولان. اللخمي: قول مالك "تغتسل" استحسان؛ لأنه للطهر من الحيض لا لخروج الولد، ولو نوت النفساء بغسلها خروج الولد لا الحيض لم يجزئها وهو كالحيض، وعلل ابن عبد السلام قول ابن الحاجب: "ولا تقرأ" بعدم تكرره كالحيض، وهو ظاهر نقلهم رواية الجواز في الحائض، وفي التلقين: دم الحيض والنفاس يمنع أحد عشر شيئًا، وفي قراءة القرآن روايتان فظاهره أنهما سواء.

كتاب الصلاة

[كتاب الصلاة] الصلاة: قيل: تصورها عرفًا ضروري، وقيل: نظري؛ لأن في قول الصقلي وغيره، ورواية المازري: "سجود التلاوة صلاة" نظرًا، وعليه فهي قربة فعلية ذات إحرام وتسليم، أو سجود فقط فيدخل هو وصلاة الجنازة.

باب الوقت في الصلاة

[باب الوقت في الصلاة] والوقت عرفًا: كون الشمس أو نظيرها بدائرة أفق معين أو بدرجة علم قدر بعدها منه.

وقول المازري: "حركات الأفلاك"؛ صالح لغةً لا عرفًا لعدم صلاحيته جوابًا عنه عرفاً.

باب وقت الأداء والقضاء

[باب وقت الأداء والقضاء] فوقت الأداء ابتداء تعلق وجوبها باعتبار المكلف، والقضاء انقطاعه. [باب الأداء الاختياري والضروري] والأداء اختياري، وهو المذكور غير المنهي عن تأخير فعلها عنه أو إليه،

وضروري وهو المذكور المنهي عنه إليه فلا تنافي بين الأداء والعصيان، وعلى تفسيره

باب وقت الفضيلة ووقت التوسعة

المازري بأنه وقت مطابقة امتثال الأمر يتنافيان، ويكون وقت الضرورة لغير ذي عذر قضاء، وهو قد رضي قول ابن القُصَّار أنه وقت أداء. وتنافيهما عزاه التونسي للمخالف ونفيه لنا. [باب وقت الفضيلة ووقت التوسعة] والاختياري فضيلة إن ترجح فعلها فيه عن اختياري آخر وإلا فتوسعة.

باب زوال الشمس

وفي كون الوجوب متعلقًا بكل الوقت أو بما يسع الفعل منه مجهولاً يعينه الواقع نقلا المازري عن الجمهور مع الباجي عن أكثر المالكيَّة وتخريجه على المذهب في خصال الكفارة خلاف إيجاب ابن خويز منداد جميعها، وجعل المازري الخلاف في الخصال لفظيًا وتعقبه إجراء الباجي باقتضائه مساواة آحاد ما يسع الفعل من الوقت لآحاد الخصال وليسا كذلك؛ لأن الخصال مكلف بها وآحاد ما يسع الفعل غير مكلف به فاستحال وجوب كل الخصال لإجماعهم على عدم تأثيم فاعل بعضها، ولا يمتنع وجوب كل آحاد ما يسع الفعل من الوقت؛ لأن وجوبه بمعنى كونه محلاً للواجب، ومعنى كون الشيء محلاً لكذا صلاحيته لحلوله به لا حلوله بالفعل؛ لأنهم يقولون: الجوهر محل للحركة وإن كان ساكنًا - يرد بمنع تفسير كون الشيء محلاً لصلاحيته له العرية عن الفعل عرفًا؛ بل يقيده لأنه أقرب للحقيقة، والأول إن سلم فهو في عرف الأصولي ولا يلزم الفقيه اتباعه، وقيد الفعل في تفسير المحل بمنع وجوب كل أجزاء الوقت على المعية، وتتعين البدلية فصارت كالخصال. وفي شرط جواز التأخير بالعزم على الأداء قولا القاضي مع الباقلاني والباجي مع غيره. [باب زوال الشمس] فأول الظهر زوال الشمس وهو كونها بأول ثاني أعلى درجات دائرتها يعرف بزيادة

أقل ظلها. القرافي: منع ابن القُصَّار التقليد في دخول وقتها ولو لعامي لوضوحه، فأورد وقت المغرب، فيجاب بأن وضوح وقت الظهر لتأخيرها عن الزوال والمغرب المطلوب إيقاعها إثره، ويجب كون الجمعة كالمغرب، وفي كون آخر اختياره ما قبل تمام القامة بقدر العصر وتمامها أولها أو تمام القامة. وأول العصر يليها ثالثها: "قدر أربع ركعات تليه الثانية تشركها فيه العصر"، ورابعها" "من الثانية كذلك" لابن زرقون مع النكت عن ابن حبيب وابن زرقون عن محمد والباجي عن القاضي مع رواية أشهب وابن زرقون مع عياض عن رواية الخطابي عنه، وعزا ابن رُشد واللخمي الثاني لابن حبيب، ولم يحكيا الأول، قال ابن رُشد: والنقل عنه أن بينهما فاصلاً لا يصلح لإحدى الصلاتين لا يصح، قال: والمشهور الشركة والأظهر في الأولى لا الثانية. الصقلي عن أشهب: أرجو لمن صلى العصر قبل انقضاء القامة والعشاء قبل مغيب الشفق أن يكون قد صلى وإن لم يكن بعرفة. وفي كون أفضله في مسجد الجماعة ربع القامة مطلقًا وفي شدة الحر وفي غيره أول الوقت روايتا ابن القاسم وأبي الفرج، وفي كون الفذ كذلك أو أول الوقت قولا الباجي عن القاضي مع أبي عمر عن ابن القاسم، وابن حبيب مع أبي عمر عن ابن عبد الحكم والبغداديين. اللخمي: الجماعة الخاصة كالفذ أول الوقت ويستحب الإبراد بالصيف. وفي كونه لنحو ذراعين أو فوقهما بيسير ثالثها: ما لم يخرج الوقت، ورابعها: لا إلى آخر وقتها، للباجي والمازري عن ابن حبيب وهو واللخمي وابن العربي عن ابن عبد الحكم والشيخ عن أشهب، وصوب المازري كونه لانقطاع حر يومه المعين ما لم

يخرج الوقت. قلت: يوجب اختلاف الوقت على الجماعة. وفي كون آخر العصر ما لم تصفر الشمس أو القامعين روايتا ابن القاسم وابن عبد الحكم. وفي كون أفضله في مسجد الجماعة أوله أو تأخيرها قليلاً كنحو ما استحب في الظهر أو لذراع قول الجمهور والقاضي وأشهب. الشيخ عن ابن حبيب: استحب تعجيلها يوم الجمعة أكثر من تعجيلها في غيرها لرفق الناس؛ لأنهم يهجرون. ابن القاسم: ذكرته لمالك فقال: ما سمعته من عالم وهم يفعلونه وهو واسع. اللخمي: قيل أول النهاريتين وآخرهما سواء. أبو عمر: مال بعض أصحاب مالك إلى أن أول الوقت وآخره في الفضل سواء. عياض: تأويل بعض الشيوخ عن مالك أن كل أجزاء الوقت سواء في الفضل بعيد. قلت: وخلاف نقل اللخمي عن ابن سحنون أجمعوا أن أول المغرب أفضل وتعقب المازري قول التلقين: "تأخيرها عن ما استحب تأخيرها إليه مكروه" بأن باقي القامة وقت اختيار اتفاقًا والاختيار غير مكروه وإنما أطلقه غيره بقيد تفسيره بترك الأفضل. قلت: قال الباجي: قال ابن القاسم: كره مالك تأخير العشاء إلى ثلث الليل. وحاصله هل مطلق نقيض المستحب مكروه أو لا؟ وأول المغرب غياب جرم الشمس، وفي كون آخره آخر ما يسعها بغسلها أو لم يغب الشفق ثالثها: "ما يسعها بعد مغيبه وهو أول العشاء فيشتركان" للمشهور وابن مسلمة مع أخذه أبو عمر واللخمي والمازري وابن رشد من قول الموطأ: "إذا غاب الشفق خرج وقت المغرب ودخل العشاء"، والباجي مع ابن العربي منها، واللخمي عن أشهب مع ابن العربي، ولم يحك الباجي في الامتداد غيره. واعتبار ما يسعها بغسلها لازم لوجوبه وعدمه قبل وقتها وإجماع مانع تكليف ما

لا يطاق على امتناع التكليف بمؤقت بما لا يسعه وباعتباره يفهم قول المازري: فاعلها إثر الغروب والمتواني قليلاً كلاهما أداها في وقتها، ورواه ابن العربي مصرحًا باعتبار قدر الأذان والإقامة ولبس الثياب معه، ولأشهب في المجموعة: إن صلى العشاء قبل المغيب رجوت إجزاءه. فشركهما قبله وتعجيلها أفضل اتفاقًا. وفي كون آخر العشاء ثلث الليل أو نصفه قولا أشهب مع ابن القاسم ومالك وابن حبيب مع محمد، والشفق: الحمرة. ابن شعبان: أكثر أجوبة مالك الحمرة فأخذ منه اللخمي وابن العربي: أقلها البياض، ورده المازري باحتمال أنه رواية ابن القاسم "أرجو أنه الحمرة والبياض أبين" وهذا تردد منه لا جزم. وفي كون أفضله تأخيرها قليلاً أو لثلث الليل ثالثها: "أوله" لروايتي أبي عمر ورواية العراقيين. ابن حبيب: تؤخر شيئًا في الشتاء وفوقه برمضان والفذ ما لم يخف نومًا. اللخمي: تعجيلها إن حضر الناس وتأخيرها إن تأخروا. وسمع ابن القاسم: أكره تسميتها العتمة، واستحب تعليم الأهل والولد تسميتها العشاء وأرجو سعة تكليم من لا يفهمها العشاء بالعتمة. ابن رُشد: في كتاب ابن مزين: من قال: فيها العتمة كتبت عليه سيئة. قلت: فيكون حرامًا وقول الشيخ: "تسميتها العشاء أولى" خلافها، وسمع ابن القاسم كراهة النوم قبلها قيل: فبعد الصبح قال: ما أعلمه حرامًا. وأول الصبح، - في الموطأ وهي الوسطى، لا قول ابن حبيب: الوسطى العصر -: طلوع الفجر بياض الأفق المنتشر، وفي آخره طريقان: القاضي والمازري: طلوع الشمس.

ابن العربي: لا يصح غيره، الأكثر وأبو عمر: في كونه الإسفار الأعلى أو طلوع الشمس روايتا ابن القاسم وابن وهب مع قول الأكثر. وفيها: وآخره إذا أسفر. وفي كون الإسفار ما إذا تمت الصلاة بدا حاجب الشمس أو ما تبين به الأشياء تفسيرا عبد الحق مع الشيخ أبي محمد وابن العربي مع عبد الحق عن بعض المتأخرين، وفي قول ابن الحاجب: تفسير أبي محمد إياه بما إذا سلم بدا حاجب الشمس يرجع بهما إلى وفاق" نظر لاحتمال تفسيره بتقدير الصلاة لا بجواز فعلها. وكون الآخر ما بعد التمام لا ما به التمام كتحديدهم إياه بطلوع الشمس؛ بل الراجع بهما إليه نص الشيخ عن ابن حبيب: آخره الإسفار الذي إذا تمت الصلاة بدا حاجب الشمس وسقط الوقت؛ لأن قوله: سقط الوقت ينفي احتمال الأمرين. وخرج الباجي من منع مالك راجي الماء قبل طلوع الشمس من التيمم كون الإسفار اختيارًا، ومن رواية ابن نافع "صلاتها أول الوقت فذًا أحب منها جماعة في الإسفار" كونه ضرورة للاتفاق على فضل الجماعة والاختلاف في فضل أول الوقت على آخره، ورده المازري باحتمال كونه عنده لدليل أرجح من رجحان الاتفاق على الاختلاف، وباختلاف المذهب في ترجيح أول الوقت فذًا على آخره جماعة. ابن رُشد: روى زياد: الصبح أول وقتها فذًا أفضل منها آخره جماعة. وفي الأجوبة: المذهب أن أول الوقت أفضل إلا في مسجد الجماعة فتأخيرها شيئًا عن أوله أفضل وأفضله أوله. الشيخ عن ابن حبيب: إلا في الصيف فالإسفار. وقال مرة: بنصف الوقت، وإياه نقل اللخمي عنه. وفيها: استحباب الظهر والعصر والعشاء بعد تمكن الوقت وذهاب بعضه. عياض: تأوله شيوخنا على الجماعات والفذ أول الوقت أولى له، وقال بعضهم: والفذ أيضًا، وروى إسماعيل: صلاة الظهر عند الزوال صلاة الخوارج. $$$$$ تالي الاخيتاري في النهاريتين للغروب وفي الليليتين للفجر وفي الصبح ما تقدم.

ووجوب الصبح والعصر والعشاء على ذي مانع الكفر ولو ردة والحيض والنفاس والإغماء والجنون والصبا برفعه لقدر ركعة آخره، وفي كونها بسجدتيها قولا ابن القاسم وأشهب، وفي كونها بقراءتها وطمأنينتها قول القاضي مع ظاهر الروايات وتخريج اللخمي على عدم فرضيتها. وفي سقوطها بطروه لقدر الركعة أو لأقل لحظة منها ثالثها: "لا تسقط عن معتمد التأخير إلا لقدر كل الصلاة"، ورابعها: "إلا لقدر ركعة إن كان متعمد التأخير متوضئًا" لظاهر المذهب وابن الحاجب واللخمي عن بعض المتأخرين وألزمه عدم قصر المتعمد يسافر حينئذٍ، والمازري عن بعض أشياخه واختاره اللخمي فلعله هو. وفي كون تمام المدركة بالركعة أداء أو قضاء قولا أصغ إن صلت ركعة فغربت فحاضت لا تقضي، ونقل اللخمي مع ابن شاس عن سحنون. اللخمي: الأول أشهر والثاني أقيس، والمعروف السقوط بالإغماء مطلقًا. الشيخ: وقيده ابن الماجشونن باتصاله بمرض قبله أو بعده قال: ولو أغمي على صحيح من الفجر لطلوع الشمس وأفاق صحيحًا قضى. الشيخ: لو ذكر مسافر عصرًا فصلى ركعة فغربت فنوى الإقامة ففي تماديه وبطلانها فيعديها أربعًا ثالثها: "ركعتين" لسحنون ومحمد وأصبغ. محمد: لو أحرم لها قبل الغروب وأغمي عليه بعده سقطت، وقول أصبغ في الحائض حسن ولا يعجبني قوله في المسافر. الشيخ: ثم رجع لقول أصبغ، قال محمد: ولو سافر لثلاث ناسيًا نهاريتيه فأغمي عليه في تشهد الظهر لم يقضها، ولو سافر لركعتين فأغمي عليه في رابعة الظهر قضاهما. وغير ذي العذر يؤخر إليه قال ابن محرز: روى ابن القاسم يكره وأتمه مؤديًا. التونسي: وبه فسر أشهب وابن وهب والداودي حديث: "من تفوته صلاة العصر كأنما وتر أهله وماله"، وفسره سحنون والأصيلي والباجي بالتأخير عنه.

ابن زرقون: انظر هل مقتضى الأول تأثيم المؤخر إليه والثاني عدمه، وقول ابن الحاجب عن ابن القُصَّار: "مؤدٍ عاصٍ" لا أعرفه بل نقل المازري عنه لا يلحقه وعيد لكنه مسيء، وهذا للكراهة أقرب، وتعقب ابن بشير قول التونسي بمنافاة التأثيم الأداء لملزومية الأول مخالفة الأمر والثاني موافقته يرد بمنع ملزومية الثاني لموافقته؛ بل لابتداء تعلقه ببعض المكلفين، ولا تنافي بينه وبين تأثيم آخر، ومؤخره لقدر ركعة آخره، قال ابن بشير: مقتضى المذهب مؤد، ونقل اللخمي الإجماع على تأثيمه يرده اتفاق المذهب على قصر عامد التأخير يسافر حينئذٍ. قلت: هذا لزعمه منافاة التأثيم الأداء، ونقل الإجماع التونسي والمازري رده ابن الحاجب بنص ركوع الوتر لركعتين لطلوع الشمس، يرد بأنه لأصبغ، وقد سلم تخريج اللخمي له وجوبه ورده ابن عبد السلام بنقل أبي عمر عدم تأثيمه عن إسحاق والأوزاعي وغيرهما لا عن بعض أصحابنا كما ظنه واضح. وفي وجوب أولى المشتركين بإدراك ركعة فوق قدرها أو قدر الثانية ثالثها: "فوق قدر أقلهما" لأصبغ مع أشهب وابن القاسم ومالك وابن عبد الحكم مع ابن مسلمة وابن الماجشون والصقلي عن سحنون، وعزا له غيره الثاني، فلو طهرت لأربع في الحضر قبل الفجر وجبتا على الأول، والثالث والثانية فقط على الثاني، ولثلاث في السفر العكس. العتبي: قال أصبغ: هي آخر مسألتي ابن القاسم، وأخبرته بقولي وقول ابن عبد الحكم فقال: أصبت وأخطأ، وأخبر سحنون بذلك فقال: أصاب وأخطأ أصبغ وروايته غلط. ابن رُشد: الصحيح قول سحنون، وتخريج التونسي وجوب الأولى فقط على الثاني مع القول بسقوط حينية بمنسية تستوعب وقتها أو مع سقوطها عن فاقد غير عقله، وقبوله المازري يرد بأن المنسية لتقرر وجوبها قوي استحقاقها الوقت وسقطت

عن الفاقد لامتناع تكليفه بنوع العبادة. المازري: فلو حاضت سقط ما يجب عند قائله. قلت: ومقتضى الاحتياط الاحتياط وقصر الأولى لسفر وإتمامها لقدوم بإدراكه ركعة بعد قدر الثانية مثلها، فلو سافرت لثلاث قبل الغروب قصرهما ولأقل العصر فقط ولأربع قبل الفجر قصر العشاء، ولأقل الرواية كذلك وروى الجلاب: يتم. ولو قدم لخمس قبل الغروب أتمها ولأقل العصر فقط، ولأربع قبل الفجر أتم ولأقل قصر وخرج الجلاب إتمامه. وفي اعتبار قدر الطهر مع الركعة لزوال العذر ثالثها: "إلا للكافر"، ورابعها: "والمغمى عليه" للقاضي مع الباجي عن أصبغ وسحنون، وتخريج بعض شُيوخ المازري على شرط الطهارة في الأداء لا الوجوب، وابن القاسم وابن حبيب مع روايته عن الأخوين، وقول الشيخ: "الصبي كالحائض واتفقوا فيها" يقتضي لا نص فيه، فقول ابن الحاجب: "اتفقوا في الصبي" خلافه، وللباجي عن ابن نافع لا يعتبر للحائض. اللخمي: وعلى الثاني يتيمم لأدائها كالحاضر. محمد: رجع ابن القاسم لوجوب قضاء حائض أحدثت بعد غسلها وتوضأت فغربت ما لزمها عن سقوطه قياسًا وقضائه احتياطًا. ابن رُشد: روى أبو زيد عن ابن القاسم لا تقضي. وسمع أصبغ ابن القاسم: لو ظهر نجاسة ماء طهرها فكطهرها حينئذٍ وسواها. ابن رُشد بسماعه: قضاء التي أحدثت. وسمع سحنون أشهب: لو علمت بعد طهرها عدم طهر مائه غير متغير ولو أعادته غربت الشمس صلت به؛ لأن صلاتها بثوب غير طاهر أداء خير منها بطاهر قضاء. ابن رُشد: ظاهره لو أعادت طهرها فغربت قضت خلاف سماع أصبغ: إن حمل على ما لم يتغير وهو أظهر من حمله على ما تغير لقوله فيها: يتيمم ويتركه. وقول اللخمي: إن قدم لخمس قبل الغروب فتوضأ فبقي أربع فالظهر سفرية خلاف ظاهر الروايات، وبمنع قياسه على ذي المانع تعلق الوجوب به قبل الضيق

بخلاف ذي المانع. ابن رُشد: في اختصاص العصر بأربع قبل الغروب عن الظهر سماعا يحيى وعيسى مع أصبغ. ابن القاسم: فعلى الأول من صلت العصر ناسية للظهر إن حاضت لأربع قبل الغروب قضتها وهو سماع يحيى. وإن قدمت لذلك قصرتها وإن سافرت لركعتين أتمتها، وإن صلتها بثوب نجس والعصر بطاهر وذكرت للأربع لم تعدها، وعلى الثاني العكس في الكل وهو سماع عيسى في الحائض والقادم قائلاً: غير هذا خطأ. مع سماع أصبغ فيها وفي المسافر. قلت: هذا إن صليت العصر وإلا اختصت به اتفاقًا. وعزا الصقلي الأول لابن الماجشون وابن عبد الحكم في القصر والإتمام والسقوط، وقاله ابن حبيب في السقوط لحيض، وبالثاني في الإتمام استحسانًا ناقلاً عن أصبغ: الاستحسان عماد الدين لا يكاد المغرق في القياس إلا مفارقًا للسنة. وفي سقوط حينية ارتفع حيض أو إغماء لقدر ما تجب به بمنسية ذكرت تستوعبه ثاني قولي ابن القاسم وأولهما مع محمد، وسمع سحنون أشهب: ولو قدرت خمسًا فصلت الظهر فغربت قضت العصر. ولو غربت لصلاتها ركعة أو ثلاثًا ففي تشفيعها بنية النفل ثم تصلي العصر وسعة قطعها على وتر نقل الشيخ سماع عيسى ابن القاسم وقول أصبغ. الشيخ: روى محمد وابن حبيب: إن قدرت أربعًا فصلت العصر فبقي قدر ركعة صلت الظهر والعصر. ابن القاسم: لا تعيدها. محمد: إنما تعيدها إن علمت قبل سلامها. وسمع عيسى ابن القاسم: من احتلم بعد العصر صلى الظهر والعصر، وإن كان صلاهما. ابن رُشد: لأنهما قبل بلوغه نفل. قلت: نقل ابن بشير عدم إعادتها عن المذهب لا أعرفه.

ويمنع النفل غير ركعتي الفجر بطلوعه حتى ترتفع الشمس وبعد صلاة العصر حتى تغرب. ابن حارث: اتفاقًا لغير أسير قرب للقتل بعد العصر في ركعتيه حينئذٍ رواية الوليد وقول سحنون مع رواية ابن نافع، وسمع ابن القاسم: من ذكر بعد ركعة من عصره أنه صلاه شفعها؛ لأنه لم يتعمد نفلاً بعد العصر. ابن رُشد: لأن منعه حينئذٍ للذريعة لإيقاعه عند الغروب أو الطلوع؛ ولذا جاز نفل من لم يصل العصر بعد صلاته غيره، فلو منع لذات الوقت ما جاز، ولو ذكر قبل ركوعه فالأظهر قطعه كسماعه: إن أحرم من صلى ظهرًا وحده مع إمام ظنه في تشهده الأول فسلم سلم معه، ولو أنه أتمها ركعتين فإن أبى فلا شيء عليه، ولو ذكر بعد إحرامه فيما يجوز النفل بعده جرت على قولي ابن القاسم وأشهب في وجوب إتمام من أصبح صائمًا لقضاء فذكر أنه لا شيء عليه. وقول اللخمي: لا بأس بالنفل بعد الفجر إلى إقامة الصلاة، كنقله عن مالك وأشهب جواز نفل ست ركعات بعد الفجر خلاف قولها: لا يعجبني بعد الفجر غير ركعتيه إلا من فاته حزب ليلته أو تركه فليصله بين الفجر وصلاة الصبح وما هو من عمل الناس إلا من غلبته عيناه فأرجو خفته. ولا بأس بقراءة السجدة حينئذٍ وسجودها. وفي ركوع من طاف حينئذٍ ما لم يسفر وتأخيره لارتفاع الشمس نقلا اللخمي عن مُطرف ومالك، وروى اللخمي: ويمنع لإمام الجمعة إثرها بالمسجد، وفي جوازه لغيره فيثاب بفعله وكراهته فيثاب لتركه ولا يأثم لفعله ثالثها: "يستحب تركه وفعله واسع فيثاب ترك أو صلى" لابن رُشد عن سماع أشهب وأول صلاتها وثانيها وعلى الثاني في جوازه صلاة جنازة في المسجد إثرها نقلا حسان والمازري. وسمع القرينان سعة تنقل الإمام في غير الجمعة بمقامه أو يتنحى قليلاً. ابن رُشد: هذا خلاف كراهته في أول صلاتها تنفله بموضعه، وفي ثانيها أن يثبت فيه وإن انحرف عنه إلا في سفر أو في فنائه ليس إمام جماعة. ولا يكره وقت الاستواء، وروى أبو عمر واللخمي: لا أكره فيه ولا أحبه.

الباجي: رواه ابن وهب ففيه بعض كراهة، ورواها ابن بشير نصًا. الشيخ: وروى ابن القاسم كأني رأيته كره الصلاة بين الظهر والعصر. وفي الركوع بعد أذان المغرب قبل صلاته ثالثها: "للتحية فقط" لسماع ابن القاسم قول مالك: "أدركت بعض الشيوخ يفعله"، وسماعه "لا يعجبني"، وتخريج ابن رُشد على حديث الأمر بالتحية. اللخمي: يكره لتأخيرها ولا بأس به إلى أن تقام الصلاة. وفي منع سجود التلاوة بعد صلاة الفجر والعصر ثالثها: "إن أسفرت أو اصفرت"، ورابعها: "بعد العصر مطلقًا والصبح إن أسفر" للموطأ وأبي عمر عن رواية ابن الحكم ولها، ولابن حبيب عن الأخوين، وظاهر نقل المازري الاتفاق على منع السجود حين الإسفار أو الاصفرار، وصرح به ابن حارث، وقال اللخمي: لو قيل: يسجد حين الإسفار؛ لأنه وقت اختيار للفريضة لا حين الاصفرار؛ لأنه وقت ضرورة لكان حسنًا. وفي صلاة الجنازة حينئذٍ دون خوف تغيرها ولو أسفر واصفرت أو ما لم يسفر وتصفر نقل أبي عمر رواية ابن عبد الحكم والباجي عن مختصره معها ابن زرقون نقلهما متنافٍ، ونقل ابن شاس وتابعه منعها بعد صلاة الصبح والعصر عن الموطأ وهم؛ بل نقل أبو عمر الإجماع على جوازها حينئذٍ. وفي أولوية صلاة المغرب قبلها والتخيير فيهما روايتا ابن وهب وابن القاسم فيها. الصقلي عن أشهب: يقدم المغرب لضيق وقتها ولو خشي تغير الميت جاز مطلقًا. ابن زرقون: هو الذي حكى الباجي عن ابن عبد الحكم. الشيخ عن المجموعة: لو أحرم في وقت منع قطع ولا قضاء. وفيها: من نذر صلاة يوم بعينه لم يصل وقت المنع ولا يقضيه. يحكى عن الصلاة بالمزبلة والمجزرة ومحجة الطريقة. ابن حبيب: ويعيد العامد والجاهل أبدًا والساهي في الوقت لا المضطر للطريق كمسافر تجوز صلاته بها. وفيها: أكرهها بها لما يقع بها من روث الدواب وبولها وصلاة من صلى تامة ولو كانا بها.

ابن حبيب: لا يصلي بها وهما بها إلا لضيق المسجد في الجمعة. الشيخ: فيه في الجمعة وغيرها. وسمع ابن القاسم منع قراءة ما فوق ثلاث آيات بالحمام ولا بأس بالصلاة فيه. ابن رُشد: أي: بخارجه حيث يخلع الثياب وهو طاهر حتى توقن نجاسته أو داخله إن أيقن طهارته لحمل مالك النهي فيه على نجاسته، وهو نجس حتى توقن طهارته. وفيها: لا بأس بها فيه إن أيقن طهارته. اللخمي والمازري: كرهها القاضي به مطلقًا. وورد النهي عنها بالوادي ونقله ابن الحاجب عن المذهب لا أعرفه، وروى ابن حبيب كراهتها بمطعن الإبل وإن بسط طاهرًا، زاد ابن عبدوس في رواية ابن القاسم: ولو لم يجد غيره. ابن حبيب: يعيد العامد والجاهل أبدًا. أصبغ: يعيد مطلقًا في الوقت، وسمع يحيى ابن القاسم: إن سلم المعطن من نجاسة الناس فلا بأس. المازري: المعطن مبركها عند الماء، زاد الجوهري: لتشرب عللاً بعد نهل، والعلل: الشرب الثاني. اللخمي والمازري عن ابن وهب: إنما يكره بالمنهل، وأما المزبلة فلا بأس. الجوهري: المنهل الماء ترده الإبل في الرعي، وأبلت الإبل أبولاً إذا اجتزأت بالرطب عن الماء. المازري: خص ابن الكاتب النهي بالمطعن المعتاد، وما كان لمبيت ليلة؛ فلا لصلاته صلى الله عليه وسلم لبعيره في السفر. قلت: لعله في غير معطن.

المازري: خرج بعضهم على تعليله بنفارها البقر، ورده القاضي بشدته، وخرج عليه المازري الجواز بعد انصرافها. وفي كراهتها بالمقبرة ثالثها: "إن نبشت أو كانت لمشرك"، ورابعها: "إن كانت لمشرك" لراوية أبي مصعب مع نقل ابن القطان الإجماع على منعها فيما قدم منها، ولها وللباجي عن القاضي وابن القاضي وابن حبيب قائلاً: يعيد العامد والجاهل أبدًا في العامرة لا الدراسة. اللخمي عن القاضي: تكره بالجديدة. وتجزئ ولا تجوز بقديمة إن نبشت إلا ببسط طاهر عليها. وتكره بالكنيسة العامرة اختيارًا فإن تحقق نجاستها فواضح، وإلا ففي إعادته في الوقت مطلقًا أو ما لم يضطر فلا يعيد ثالثها: "الجاهل أبدًا وغيره في الوقت ولو اضطر" لسحنون وسماع أشهب مع ابن رُشد عنها، وابن حبيب، وقيد قولها المازري ببسط ثوب طاهر وأطلقه ابن رُشد، والدراسة من آثار أهلها. ابن حبيب: لا بأس بالصلاة فيها. ابن رُشد: اتفاقًا إن اضطر للنزول بها والإكراه على ظاهر قول عمر. وفيها: كره الصلاة في الكنائس لأجل الصور، فالقبلة التي هي بها أشد. وكرهها في الأسرة والقباب والمنابر وشبهها؛ لأن هذه خلقت خلقًا قال: وأما الثياب والبسط والوسائد فتمتهن، وقال أبو سلمة بن عبد الرحمن: ما يمتهن فلا بأس به وأرجو خفته وتركه دون تحريم أحب إلي. قلت: في قوله: خلقت خلقًا نظر. وسمع ابن القاسم: لا بأس بالصلاة في مساجد الأفنية يدخلها الدجاج والكلاب. ابن رُشد: ما لم يكثر دخولها. المازري عن ابن حبيب: من صلى ببيت كافر أو مسلم لا يتنزه من نجاسة أعاد أبدًا.

باب الأذان

[باب الأذان] الأذان يجب على أهل المصر كفاية يقاتلون لتركه: أبو عمر: روى: الطبري إن تركه أهل المصر عمدًا بطلت صلاتهم، وروى أشهب: إن تركه مسافر عمدًا أعاد صلاته. قلت: هو الذي عزا عياض لرواية الطبري قال: وهو نحو قول المخالف بوجوبه. وفي كونه بمساجد الجماعات سنة أو واجبًا طريقًا البغداديين والشيخ، وفي الموطأ: "إنما يجب في مساجد الجماعات". المازري: فسر القاضي الوجوب بالسنة وغيره السنة بعدم شرطيته. اللخمي عن ابن حبيب: من صلى بمنزلة أو أم جماعة لا بمسجد لا أذان عليهم. وفيها: ليس الأذان إلا بمساجد الجماعة أو موضع يجمع فيه الأئمة، وإن كان في حضر وكذا إمام المصر يخرج لجنازة تحضره بالصلاة يؤذن ويقيم. ابن حبيب: الفذ الحاضر والجماعة المنفردة لا أذان عليهم. مالك: إن أذنوا فحسن، ومرة: لا أحبه. فقال اللخمي والمازري: خلاف، ورده ابن بشير بحمل نهيه على نفي تأكده كالجماعة لا على نفي حسنه؛ لأنه ذكر. وروى أبو عمر: لا أحب لفذ تركه، واستحبه ابن حبيب ومالك للفذ المسافر ومن بفلاة لما ورد فيه، فعزو ابن بشير وابن الحاجب استحبابه لهما للمتأخرين قصور. ولا أذن لغير فرض وقتي.

الشيخ عن أشهب: ولا لوقتي يفيتها. عياض عن القزويني: حكى الأبهري عن المذهب رواية بالأذان لأولى الفوائت، وقال الأبهري: إن رجا اجتماع الناس أذن. والإقامة لكل فرض سنة: وفيها: لا أذان على امرأة ولا إقامة، وإن أقامت فحسن. وهو في الجلاب لابن عبد الحكم وروى الطراز عدم استحسانها لها؛ إذ لم ترو عن أزواجه صلى الله عليه وسلم. الشيخ: وروى يحيى ابن القاسم: إن صلى صبي أقام. التونسي والشيخ عن أشهب: خروج الوقت لفعلها يسقطها. وفيها: على ذاكر صلوات إقامة لكل صلاة. ابن المسيب وابن المنكدر: يسرها الفذ في نفسه. الشيخ عن أشهب: أحب إلي رفع الصوت بالإقامة. وفيها: تجزئ صلاة عامد تركها ويستغفر الله. اللخمي عن ابن كنانة: يعيد. وفيها: من دخل مسجدًا صلى أهله لم تجزئه إقامتهم. ولمالك في المبسوط: يقيم أحب إلي. اللخمي: استحبه ولم يره سنة. قال: ولابن مسلمة: إنما الإقامة لمن يؤم يقيم لنفسه، ولمن يأتي بعد فمن دخل معه؛ كان أقام له. المازري: هذا إشارة لقول المخالف إن المنفرد لا يفتقر لها بمعنى يختص به.

ولفظه: "الله أكبر أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن محمدًا رسول الله حي على الصلاة حي على الفلاح الله أكبر لا إله إلا الله" مثنى الجمل إلا الأخيرة. عبد الحق عن ابن الأنباري عن ثعلب: موقوفة كما سمع وقبلاه. الإبياري: إعراب الله أكبر أولى للعوام، وألزم قائله إعراب الصلاة والفلاح، وجوز ابن حمدين إعراب أولى جملتي التكبير الثاني، وألزمه في أولى أوله. المازري في شرح الجوزقي: اختار شُيوخ صقلية جزم الأذان وشيوخ القزويني إعرابه والجميع جائز. المازري: لو أوتر الأذان لم يجزئه والمشهور ترجيع الشهادتين مثناة أرفع من صوتها أولاً. المازري: جعل شيخنا روايته لما كثروا لم يرجع عن الأول مذهبا له غير المشهور. ابن رُشد: مذهب مالك الترجيع، وذكر نحوه في هذا الأصل لمالك. وفي رفع التكبير الأول عن خفضها قبل الترجيع كرفعه أخيرًا وخفضه كخفضها نقلا عياض عن أبي عمران مع ابن أبي زمنين، وروايتي أبي قرة وابن وهب وسماع أشهب، واللخمي مع أبي مصعب وظاهرها، وفي الإكمال: هما روايتان المشهور الأولى. قلت: اختيار المازري الأول، وعبد الحميد الثاني، وعزا أبو عمر الأول لبعض متأخري أصحاب مالك والثاني له، ويزاد قبل التكبير الأخير في نداء الصبح "الصلاة خير من النوم" مرتين لها ومرة لابن وهب.

اللخمي والمازري: روى ابن شعبان: من تنحى في ضيعته عن الناس أرجو كونه من تركها في سعةٍ. وذكرها الباجي بلفظ: إن تركه فلا بأس وقوله: أحب إلي. ولفظ الإقامة كالأذان غير مثناة الجمل إلا التكبير بزيادة "قد قامت الصلاة" قبل آخره، مرة لها، وروى البصريون مرتين معربة الجمل. وفي إجزائها شفعًا غلطًا نقلا المازري عن أصحابنا والمشهور، وعزا الصقلي الأول لأصبغ. الشيخ: روى ابن القاسم: إن بعد تأخير الصلاة عن الإقامة أعيدت. وفي إعادتها لبطلان صلاتها مطلقًا أو إن طال نقل عياض عن ظاهرها وبعضهم، وعزا المازري الأول لبعضهم أخذًا من قولها: من رأى نجاسة ثوبه قطع وابتدأ الإقامة، ولم يحك الثاني. ولا بأس أن يقيم خارج المسجد للإسماع وروى علي: وإن كان على النار أو ظهر المسجد وإن كان ليخص رجلاً بالإسماع فداخل المسجد أحب إلي. وسمع ابن القاسم: لا يقيم أحد في نفسه بعد الإقامة ومن فعله خالف. ابن رُشد: السنة؛ لأن السنة إقامة المؤذن دون الإمام والناس. قلت: أخذ بعضهم خلافه من رواية ابن وهب فيها كراهة إقامة المعتكف مع المؤذن؛ لأنه عمل يرد بأن المعية في الإقامة الكلية لا الجزئية، ونقل بعضهم كراهة إقامة الإمام لنفسه لا أعرفه، وفي أخذه من كلام ابن رُشد نظر. وفيها: جائز أن يقيم غير من أذن. وفي قول ابن العربي: لو أقيمت لمعين فلم يكن قام غيره أعيدت وتجهيله مخالفه حين أمر بإعادتها نظر. ويؤذن المريض لنفسه قاعدًا، وفي الصحيح روايتان لأبي الفرج ولها، ويؤذن الراكب وفي إقامته روايتان لابن وهب مع قول ابن كنانة ولها، وقيد أبو عمر الأولى بسرعة السير. وفيها لمالك: واسع جعل أصبعيه في أذنيه في أذانه للإسماع. فألحق به ابن القاسم الإقامة.

الشيخ: استحبه ابن حبيب للمؤذن. وفي المختصر: لا بأس أن يستدير يمينه وشماله وخلفه. ابن حارث: فيها شدة إنكار دورانه والتفاته وأجازه ابن القاسم للإسماع. ابن حبيب: كان بلال يبدؤه ووجهه للقبلة ثم يستدبر بوجهه دون بدنه ويختمه كبدئه. ولا يتكلم فيه ولا يرد سلامًا ويرد بعده. وفيه: إشارةً، قولا الشيخ معها وابن اللباد مع مختصر الوقار. الشيخ عن ابن القاسم: إن خاف على آدمي أو دابة تكلم وبنى. وفيها: إن تكلم بنى. اللخمي: إن طال ابتدأ ولو كان لحفظ آدمي، وسمع موسى ابن القاسم: إن رعف مقيم أو أحدث قطع وأقام غيره، وإن رعف مؤذن تمادى، فإن قطع وغسل الدم ابتدأ. اللخمي: إن قرب بني. أشهب: إن رعف مقيم أو أحدث أو مات أو أغمي عليه ابتدأ، فإن بنى هو أو غيره أجزأ. الشيخ: يريد توضأ بعد إفاقته أو صحح إقامة المحدث، وتعقبه التونسي بأن وضوءه طول وإقامة المحدث لا تجوز. ولو أراد الأذان فأقام لم يجزئه، وفي العكس قولا مالك وأصبغ، وله ولابن القاسم: لو نسي جله بنى بالقرب وأقله كحيعلة مرة لا يضر. ولأشهب: لو قدم التشهد الثاني أخره عن الأول. أشهب: أذان أحد مسجدين متلاصقين أو متقاربين أو أحدهما فوق الآخر لا يكفي عنه في الآخر، وسمع: ليس التثويب بصواب. ابن رُشد: روى ابن حبيب أنه ضلال، والأصح قول المؤذن إذا أبطؤوا بين الأذان والإقامة: قد قامت الصلاة حي على الصلاة حي على الفلاح، وقيل: قوله: في أذانه

عقب: "حي على الفلاح: حي على خير العمل"، روي أن عليًا رضي الله عنه كان يقوله: ابن حبيب: لا حرج في قوله: ولا يحمل عليه العامة. قلت: بفه فسره اللخمي وقال: هو مذهب الشيعة. شرط المؤذن: الإسلام، والذكورية، والعقل، ولو ارتد بعده بطل، ولا أذان للسكران، وفي صحته من الصبي المميز ثالثها: إن لم يوجد غيره، ورابعها: إن كان ضابطًا تبعًا لبالغ لرواية أبي الفرج ولها ولرواية أشهب واللخمي. وفيها: لا يؤذن ولا يقيم إلا من احتلم. والوضوء شرط الإقامة لا الأذان، وفي أذان الجنب خارج المسجد نقل اللخمي عن سحنون مع ابن نافع وابن رُشد وأبي عمر عن روايته، وسماع موسى ابن القاسم: لا يؤذن جنب. ففسره اللخمي بالكراهة. وفيها: يؤذن غير المتوضئ ولا يقيم. اللخمي عن أشهب: لا يؤذن لصلاة من صلاها ويعيدون الأذان والإقامة ما لم يصلوا. ونقله الشيخ والتونسي والصقلي وأذن لها، وروى ابن وهب جواز أذان من أذن بموضع ولم يصل في آخر، فنقل ابن عبد السلام منعه لأشهب وجوازه لبعض الأندلسيين وهم وقصور لمفهوم نقل من مر ورواية ابن وهب. ويستحب كونه صيتًا إشهب: ومن أفضل أهل الحي. ويجب كونه عدلاً عالمًا بالوقت إن اقتدي به، وأنكر مالك التطريب. الشيخ رُشد: عن أشهب إن أذن في سرا ويل فقط أعاد كمن لم يؤذن. الشيخ عنه: من أذن وأقام في تبان من شعر أو سراويل أعادهما إن لم يصلوا، وخالفه ابن القاسم.

ولا بأس بأكثر من واحد بموضع واحد. ابن حبيب: يؤذنون جميعًا كل غير مقتد بغيره أو يترتبون كعشرة في الصبح والظهر والعشاء وخمسة في العصر وفي المغرب واحد. التونسي: يريد أو جماعة مرة، ومنع ابن زرقون أذانهم جميعًا للتخليط ومنع ما يجب من الحكاية وجهر بعضهم على بعض. ويستحب حكايته، وإطلاق ابن زرقون وجوبها لا أعرفه، وفي كونها لآخر التشهدين أو آخره معوضًا الحيعلة بالحوقلة قولان؛ لها، ولابن حبيب مع رواية ابن شعبان والمازري، وعلى الأول في قول التشهد مرة واحدة ومعاودته إذا عاوده المؤذن معه أو قبله نقلا الباجي عن ابن القاسم والداودي، وفي تخييره في قول ما بعد الحيعلة ومنعه نقلا الباجي عن ابن القاسم والقاضي، وفيها لمالك الذي يقع في قلبي إلى آخر التشهد ولو فعل ذلك لم أر به بأسًا. الشيخ: أي لو أتم الأذان مع المؤذن، وصوب بعض شيوخ عبد الحق لو انتهى إلى التشهد فقط، وعزا اللخمي تفسير الشيخ لسحنون. وفي تكريرها لثان اختيار شيوخ اللخمي مع نقل المازري ونقلهما وظاهر لفظ اللخمي: أنه لابن عبد الحكم. وفيها: إن عجلها قبله فلا بأس. وروى علي: أحب إلي بعده. الباجي: إن كان في ذكر أو صلاة فالأول وإلا فلا. وفيها: في صلاته ثالثها: في النفل لابن وهب مع رواية بي مصعب وابن زرقون مع سحنون ورواية بن القاسم، فلو حيعل في صلاته ففي بطلانها قولا عبد الحق عن بعض القرويين مع أبي عمر والأصيلي مع الباجي عن رواية ابن خويز منداد: أساء وتمت صلاته. ولا يؤذن لصلاة قبل وقتها إلا الصبح وفي جوازه له بعد صلاة العشاء أو نصف الليل أو لسدسه الآخر ثلاثة للوقار وابن حبيب وسحنون مع ابن وهب. ابن العربي: وقيل: ثلث الليل وقيد الأول بصلاة العشاء آخر وقتها.

الطراز: والأحسن آخر الليل دون تحديد، وإليه أشار في الموطأ. ونقل القرافي عن ابن حبيب جواز أذان الجمعة قبل الزوال لا أعرفه؛ بل قول الشيخ عنه: يؤذن للصبح وحدها قبل الوقت، وقول ابن حارث: "اتفقوا على منعه قبل الوقت إلا للصبح". المازري: المشهور جواز الإجارة على الأذان، ومنعها ابن حبيب. الشيخ عنه: إنما كان إعطاء عمر عليه من مال الله كإجرائه للقضاة والولاة رزقًا، ولا يجوز لهم من مال من حكموا له بالحق. وفي جوازها على إمامة الفرض ثالثها: تجوز تبعًا للأذان لابن عبد الحكم وابن حبيب والشيخ عنه رواية ابن القاسم. عياض: عليه حمل الأكثر لفظ صلاتها، وعلى الثاني حمله بعض الأندلسيين لنص إجارتها بذلك، وعلى الثالث لو تعذرت إمامته فقط ففي إكمال أجره وحط منابها منه قولا بعض المتأخرين محتجا بلغو استحقاق مال العبد وجائحة ثمرة الأصل المبيعين معهما، وعبد الحق وابن محرز محتجًا باعتبار حلية السيف التبع له وخلفة الزرع المشترطة تبعًا له إن إسحقت الحلية أو نقض بيع الخلفة بجائحة أو تحبب، وأجاب عن الأولين بأن اشتراط مال العبد له لا لمبتاعه وسقوط الجائحة لسقوط السقي عن البائع كبيعها يابسة لا للتبعية كبيعها تبعًا لعروض، وعبد الحق: بأن الإجارة على الصلاة وحدها مكروهة لا محرمة. ابن فتوح: إن غاب الإمام أو المؤدب في حاجته الجمعة ونحوها فلا بأس، وإن طال مغيبه فلأهل المسجد توقيف الإمام والمعلم بمنعه من ذلك ولا يحط من الأجر شيء، وكذا إن مرض الإمام الأيام اليسيرة ولو طال مرضه أو مغيبه سقط من أجره مناب ذلك. قلت: يريد بالطول أولاً ابتداءه وثانيًا تمامه، وإلا تناقض. ابن فتوح: روى أشهب: الاستئجار لقيام رمضان مباح، وإن كان بأس فعلى الإمام. وروى ابن القاسم: مكروه.

قلت: ومقتضاه الحكم بالأجرة إن فات العمل وأخبرت أنها نزلت بأبي إسحاق بن عبد الرفيع فلم يحكم للإمام بشيء. ابن رُشد: قال بكر القاضي: وروى علي لا بأس بها على الفرض لا النفل. ابن رُشد: لعدم لزومه ولزوم الفرض؛ فكأن العوض ليس عنه. ابن شاس: للإمام أن يستأجر على الأذان من بيت المال. واختلف في إجارة غيره. سند: اتفقوا على جواز الرزق وفعله عمر. ابن رُشد: أرزاق القضاة والولاة والمؤذنين من الطعام لا يجوز بيعه قبل قبضه؛ لأنها أجرة لهم على عملهم. قلت: ظاهره خلاف ما تقدم لابن حبيب أن ذلك ليس بإجارة. وفي كون الأحباس عليهما إجارة أو إعانة لا يدخلها الخلاف - فهم بعضهم من أقوال الموثقين وقول بعض شيوخ شيوخنا. قلت: إنما أقوال الموثقين في استئجار الناظر في أحباس المساجد من يؤذن ويؤم ويقوم بمؤنة المسجد فلعله فيما حبس ليستأجر من غلته لذلك وأحباس زمننا ليست كذلك إنما هي عطية لمن قام بتلك المؤنة، وهذا كاختلافهم في امرأة إمام المسجد له دار حبست عليه مات إمامه فقال ابن العطار وغيره من الموثقين: لجيران المسجد إخراجها قبل تمام العدة. المتيطي: أنكره بعض القرويين، وقال: لا فرق بينها وبين زوجة الأمير، وقال بعض شيوخنا: لو كانت أحباس المساجد على وجه الإجارة لافتقرت لضرب الأجل. قلت: للمخالف منع نفي اللازم. وفيها: لا تخرج امرأة الأمير المعتدة للقادم حتى تنقضي عدتها. وكذلك من حبست عليه دار وعلى آخر بعده لا يخرج الثاني زوجة الأول حتى تتم عدتها. وشرطها: رفع الحدثين أو التيمم، وطهارة الخبث في ثوبه وبدنه ومكانه على ما مر، وستر العورة عن الآدمي فرض، وفيه في الخلوة قول ابن رُشد في سماع ابن القاسم

جواز الغسل في الفضاء: يكره التجرد لغير حاجة في الفضاء وغيره. قال مالك لهارون: إياك والتجرد خاليًا. المازري: ويستحب الستر في الخلوة. ابن شاس: ي وجوبه قولان. وفي كونه مدة الصلاة سنة أو فرضًا قولا الباجي عن إسماعيل مع ابن بكير والأبهري، وابن محرز عن الأكثر، وأخذ ابن رُشد من قول ابن القاسم: من ابتدأها عريانًا مضطرًا ثم أمكنه الستر فيها فأبى أعاد في الوقت. وأخذ اللخمي وابن العربي من قول أشهب: من صلى باديها أعاد في الوقت، وابن العربي مع أبي الفرج، وتخريج الباجي عليهما صحة صلاة تاركه مع إثمه وبطلانها، خلاف نقله عن ابن القُصَّار: سترها فرض ويعيد تاركه في الوقت، وقول أبي عمر: أجمعوا على إعادة كاشف بعض عورته عمدًا أبدًا، فرد ابن بشير قول اللخمي: في كونه في الصلاة فرضًا أو سنة خلاف بأن لا خلاف في فرضه وإنما هو في شرطيته - تعسف. وفي عورة الرجل خمسة: للباجي عن جمهورنا: ما بين سرته وركبتيه. المازري: عن بعض أصحاب مالك: وهما. وحكاه ابن بشير غير معزو. اللخمي عن أصبغ: السوءتان. الجلاب واللخمي عن أشهب: والفخذان. الباجي السوءتان مثقلها وإلى سرته وركبتيه مخففها، وصححه عياض مصرحًا بخروج السرة والركبة. اللخمي: قيل ستر كل جسد المصلي واجب، ثم ذكره عن تخريج أبي الفرج من قول مالك: كسوة الكفارة أدنى ما تجزئ به الصلاة ثوب وخمار للمرأة وثوب للرجل. وفي الأمة ثلاثة: فيها: ما سوى الوجه والكفين ومحل الخمار، وروى إسماعيل وسوى الصدر. أصبغ: من السرة إلى الركبة، قائلاً: تعيد لكشف فخذيها لا الرجل، وتفسير ابن عبد السلام قول ابن الحاجب: هي كرجل بتأكد؛ ومن ثم جاء الرابع المشهور: إن صليا

باديي الفخذين تعيد الأمة، خاصة في الوقت" بإعادتها أبدًا ونفيها عنهما وإعادتها في الوقت، والمشهور؛ يقتضي نفي إعادتها في الوقت ولا يعرف؛ بل الأربعة اشتراكهما وافتراقهما في الإعادتين. والحرة عورة: الباجي: ودلالها وقصتها إلا وجهها وكفيها، ولأبي عمر: قيل: وقدميها، وفي إعادتها لكشف ذلك ثلاثة أقوال: مالك إن بدا صدرها أو شعرها أو قدماها أعادت في الوقت وإلا أبدًا. اللخمي على قول أشهب: العريان في الوقت يعيد في الوقت ولو صلت عريانة. قلت: عريها أشنع. قال: وعلى قوله: كسوتها للكفارة ثوب وخمار ويجب كل ذلك. وأخذ ابن عبد السلام من قول ابن الحاجب: "ورأس الحرة وصدرها وأطرافها كفخذ الأمة" عدم إعادة الحرة الكاشفة ذلك في الوقت مبني على تفسيره المتقدم تعقبه، وغير معروف، وقول القرافي عن ابن نافع في العتبية: إن صلت بادية الشعر أو ظهور القدمين لا إعادة عليها في وقت ليس فيها؛ إنما في سماعه: لا تخمر رأسها وتكشف نحرها. ابن رُشد: ألزمها ستر نحرها للآية. وسمع موسى ابن القاسم: من سقط خمارها في صلاتها إن قرب ردته وإن بعد قطعت. ابن رُشد: اتفاقًا. الشيخ عن أشهب: إن بدا بعض رأسها أو ذراعيها أو بطنها أو فخذها أعادت في الوقت. وكل ذات رق كالأمة، إلا أم الولد ففيها: كالحرة وإعادتها لعدم القناع في الوقت أوجب منها. ابن حارث عن ابن عبد الحكم: هي كالأمة. وقول ابن الجلاب وأبي عمر: "المكاتبة كأم الولد" خلافها. وروى اللخمي: بنت إحدى عشرة كالبالغة. قال: وبنت ثمانٍ أخف.

وفيها: من تؤمر بالصلاة كالبالغة في الستر. وفيها: بلغني عن مالك: إن صلت منتقبة لم تعد. ابن القاسم: وكذا المتلثمة. اللخمي: يكرهان، ويستدل على وجهها إن خشيت رؤية رجل. وشدد مالك كراهة تغطية اللحية في الصلاة، وقول ابن شعبان: لا يغطي لحيته، ولا بأس بتغطية ذقنه مشكل. ابن رُشد: قول ابن الجهم: إنما كره تغطية الأنف ليباشر به الأرض في سجوده منقوض بالنهي عن تغطية الفم. الطراز: في كراهة تغطية لحيته روايتان، واستحب ابن رُشد تلثم المرابطين؛ لأنه زيهم به عرفوا وهم حماة الدين، ويستحب تركه في الصلاة، ومن صلى به منهم؛ فلا حرج. وفي الأمة البادي رأسها تعلم في صلاة عتقها أربعة: سمع موسى ابن القاسم: إن لم تستره فكعامدة وإلا فلا وأحب إلي إن صلت ركعة شفعتها نافلة. وعيسى: كذلك إن لم تستره اختيارًا وإلا فلا إعادة. سحنون: تقطع وإلا فكعامدة. أصبغ: مثله إن عتقت قبل إحرامها وإلا استحب ستره. ابن الحاجب: فلو طرأ علم بعتق في الصلاة لمنكشفة الرأس إلخ. قال ابن عبد السلام: الخلاف في كلامه إنما هو فيمن دخلت في الصلاة بعد عتقها. ابن الحاجب: ولم تعلمه. فتعقبه بعض فقهاء بجاية وقال: كلام المؤلف عام فيها، وفيمن عتقت في أثناء الصلاة، وبلغه تعقبه فأجابه بإنكار كونه في شرحه فنظرنا نسخه فوجدناها كلها على ما قاله المتعقب عنه، وتعقب ابن عبد السلام قول أصبغ: "إن كان العتق قبل الصلاة فكالمعتمدة تعيد في الوقت كناسي الماء يعيد أبدًا" بأنه إن صح التشبيه أعادت أبدًا كناسي الماء وإلا بطل التشبيه، وأجاب بأن قصده عدم التسوية في الحكم بين من هو من أهل الخطاب بالشرط قبل دخول العبادة، وبين من ليس من أهل ذلك الخطاب. قُلت: ذكر أقسام القياس في أصول الفقه تسقط وورد هذا السؤال؛ لأن أحد

أقسامه قياس التسوية وهو ما تكون نتيجة القياس فيه مجرد التسوية بين أمرين حسبما نقله الباجي والقرافي في «شرح المحصول»، وهو في المدونة، وقياس أصبغ هذا منه، وتقريره أنه لما ثبتت عنده مساواة ترك الماء نسيانًا لتركه عمدًا في حكم التيمم، وجبت مساواة ترك ستر الحرة رأسها نسيانًا لتركه عمدًا بجامع شرطية الستر والوضوء في الصلاة، والمساواة في التيمم توجب الإعادة أبدًا وفي الستر توجبها في الوقت، فلا مباينة بين حكم الأصل والفرع، وهذا كقولها في الحج الثالث: ويحكم في صغير كل صيد مثلما يحكم في كبيره كمساواة الحر الصغير للكبير، والمساواة في الصيد توجب الجزاء وفي الحر توجب الدية، وجوابه بأن قصده عدم التسوية يرد بأن النطق بالقياس إنما هو الجمع لا التفريق من تأمل أدنى تأمل في باب القياس علم هذا ضرورة. ابن القاسم: العريان عجزًا يستطيع سترة في الصلاة يستتر وإلا أعاد في الوقت. سحنون: يقطع، وقول ابن بشير وتابعه: "ما شف كالعدم وما وصف لرقته كره" وهم لرواية الباجي تسوية إعادة الصلاة بأحدهما، ولسماع موسى: "من صلت برقيق يصف تعيد إلى الاصفرار". ابن رُشد: وقيل للغروب. وسمع القرينان كراهة لباس النساء القرافل ولم يكن من لباسهن، ويقال: من شر النساء المتشبهة بالرجال. وفيها: لا تصلي أم الولد إلا بقناع كالحرة ودرع أو قرقل يستر ظهور قدميها. وفي إعادة مصل بسراويل فقط اختيارًا قولان لأشهب ولها. ابن حارث: والإزار كذلك. وفاقد الستر يصلي عريانًا، وسمع عيسى ابن القاسم: لا يعيد إن وجد ثوبًا في الوقت. ولم يحك ابن رُشد غيره. المازري: المذهب: يعيد في الوقت. وتبعوه، وللشيخ عن أشهب: يعيد في الوقت. وفيها: إن وجد ثوبًا نجسًا وحريرًا صلى به وأعاد في الوقت. ومن وجد ساتر إحدى عورتيه أو بعضها لزمه، وفي جعله للقبل وتخييره ثالثها: لدبره لنقلي الكافي والطرطوشي.

وفيها: لا بأس أن يصلي محلول الأزرار وليس عليه سراويل ولا مئزر. وسمع ابن القاسم: البرانس من لباس المصلين، ابن رُشد: لا تجوز فيه إلا فوق قميص أو إزار أو سراويل. وإن العدد فاقد الستر في ظلمة جمعوا، وفي جمعهم في ضوء بإمام وسطهم غاضي بصرهم قيامًا وانفرادهم متباعدين قولان لابن الماجشون ولها، وعليه إن أعجزهم التباع ففي جلوسهم إيماء وقيامهم غاضي بصرهم قولان للمتأخرين. اللخمي: لو حضرهم نساء كذلك صلين جلوسًا. سحنون عن ابن القاسم: إن وجدوا ثوبًا صلوا به أفذاذًا لا يؤمهم به أحدهم، فلو كان لأحدهم وفيه فضل عن ستر عورته ففي جبره على صلاتهم به واستحبابه قولا ابن رُشد واللخمي معبراً بقوله: استحب جبره. الطراز: وإن لم يكن له غيره استحب دفعه لغيره يصلي به. ولو سقط ساتر عورة إمام في ركوع رده قربه بعد رفع رأسه، ففي بطلانها عليه وعليهم أحد قولي سحنون وقول ابن القاسم، خرجهما ابن رُشد على فرض الستر وسنته قال: ولو أعجزه أخذه بالقرب فعلى الفرض يستخلف فإن تمادى بطلت عليه وعليهم، وعلى السنة لا يستخلف ويعيدون في الوقت. وفي بطلان صلاة من تعمد نظر عورته من مأموميه قولا سحنون والتونسي، وخرج ابن رُشد عليهما بطلانها بغصب فيها، ونقل ابن حارث قول سحنون متفقًا عليه. ابن عيشون: من نظر عورة إمامه أو نفسه بطلت صلاته بخلاف غيرهما ما لم يشغله ذلك أو يتلذذ به. ويقدم الثوب نجسًا على التعري ولأشهب: إن عكس أعاد به في الوقت. المازري: لتركه ما أمر به اتفاقًا قال أو لأن النجس أقرب للكمال من التعري لتقديمه عليه اتفاقًا، ورده بقول سحنون: "لا يعيد مصل بنجس حرير أو غيره بحرير طاهر"، وأجاب بأن الإعادة استحباب ولبس الحرير حرام. قلت: لابن محرز عنه: إن صلى بحرير نجس أعاد في الوقت بحرير طاهر، فلا

سؤال، وفي بعضها كنقل المازري وهو الصواب؛ لأنه كذلك في النوادر. الصقلي عن بعضهم إن علم تقديم النجس أعاد به أبدًا. وفي تقديم التعري على الحرير قولا أشهب مع ابن القاسم وأحمد بن خالد، وتخريج اللخمي والمازري على تقديمه الحرير على النجس المقدم عنده على التعري واقتضاء جعله ابن الحاجب المشهور كونه منصوصًا وقبوله ابن عبد السلام - لا أعرفه إنما نقله ابن شاس كالشيخين تخريجًا، وقول ابن عبد السلام للمازري عن تناقض ابن القاسم اعتذار لا أعرفه؛ بل تخريجه تقرير للتناقض، ومن لم يجد إلا حريرًا ونجسًا فابن القاسم فيها: بالحرير ويعيد في الوقت، وخرج له عكسه من متقدم نصيه، وقول أصبغ: بالنجس ويعيد في الوقت وإن صلى بالحرير لم يعد تناقض، وجوب المازري بترجيحه أولاً عموم النهي، وفي الإعادة خصوصه بالصلاة تقرير للتناقض ويجاب بمانعية العصيان القدوم وعدم مانعية الإجزاء. ولبس الرجل خالص الحرير حرام وأجازه ابن حبيب لحكة وابن الماجشون في الجهاد ورواه والمشهور منعهما. الشيخ: إجازة ابن الماجشون افتراشه والاتكاء عليه خلاف قول مالك، فقول ابن العربي: يجوز للزوج الجلوس عليه تبعًا لزوجته - لا أعرفه، وأجاز منه ابن القاسم الراية، وابن حبيب: تعليقه سترًا، والكل خيط العلم به والخياطة به، وجوز بعض أصحاب المازري الطوق واللبنة. ابن حبيب: لا يجوز جيب ولا زر. وفي النهي عن العلم قدر أصبع، وجوازه، ثالثها: يجوز وإن عظم، لسماع ابن القاسم، ورواية أبي مصعب، وقول ابن حبيب. وفي إعادة مصل بثوب حرير معه ساتر غيره أو بخاتم ذهب في الوقت قولا سحنون مع ابن القاسم وابن رُشد عن أشهب، والصقلي عنه مع ابن وهب وابن الماجشون ونقل ابن الحاجب عدم صحتها لا أعرفه، وبه دون ساتر، ثالثها: أبدًا، لأشهب وابن عبد الحكم مع ابن وهب وابن الماجشون وابن حبيب وألزمه المازري ذلك في المغصوب والدار المغصوبة والمعروف خلافه قال: ولا فرق إلا رجحان حق الشرع على الآدمي.

وفي كراهة ما سداه حرير، ثالثها: يجوز الخز لا غيره، ورابعها: منعهما لسماع ابن القاسم مع حجها. ابن رُشد: وعليها رواية مُطرف لبس مالك ساج إبريسم، والمازري عن بعض المتأخرين الأكثر جوازه، مع ابن رُشد عن سماع ابن القاسم: لبس ربيعة قلنسوة خز وكان صالحًا، وابن رُشد عن ابن حبيب وعن ظاهر المذهب. ابن رُشد: والخز ما لحمته وبر الإبل وتخصيصه بالإباحة للعمل. ويستحب التجمل بحسن الثياب للصلاة ويتأكد في الجماعة ولا سيما بالمساجد، وسمع ابن القاسم: لا بأس أن يؤم أصحابه في السفر بلا رداء ولا عمامة. ابن رُشد: فيها وفي كتاب ابن حبيب: أحب جعله على عاتقه عمامة. وفيها: أكره لأئمة المساجد الصلاة دون رداء إلا في سفر أو موضع اجتماعي وأحب إلى أن يجعل على عاتقه عمامة أو غيرها. وفي نفي الكراهة بالعمامة على عاتقه كالرداء قولا أبي عمران وابن الكاتب، وسمع ابن القاسم: كراهة الصلاة بمساجد القبائل بغير رداء. وأن لا بأس أن تصلي المرأة بلا مرط ولا قلادة إنما يفتى بهذا العجائز. ابن رُشد: كره صلاتها دون قلادة ابن سيرين: للتشبه بالرجال وأفتى أنس بن مالك: لا تصلي امرأة إلا بقلادة في عنقها وإن لم تجد إلا سيرًا، وسمع أشهب: لا يصلى في المسجد الجامع في الرداء والسراويل والله إنها في السراويل لقبيحة وما كنت ألبسه إلا تحت قميص. ابن رُشد: الإزار أستر منه؛ لأنه يصف ومن صلى به وحده أجزأه، وقال أشهب: يعيد في الوقت، ومن أذن به أعاد الأذان فإن صلى لم يعد وكان كمن صلى دونه. وسمع ابن القاسم: أحب جعل المسافر يصلي بالسيف والقوس عمامة على عاتقه والقوس لا يسبه السيف. ابن القاسم: أحب جعله لذي السيف وما ذاك بضيق ولا يصلي بالقوس. ابن رُشد: مقتضى قوله: "القوس لا يشبه السيف" إجازة صلاته بالسيف وتخفيفها بالقوس ووافقه ابن القاسم في إجازتها بالسيف مع استحباب عمامة على عاتقه وخالفه في تخفيفها بالقوس، وأجازه ابن حبيب بهما دون عمامة على عاتقه، وهذا في الجهاد

والرباط، وتكره في الحضر بالسيف والقوس. ابن حبيب إلا أن يعزم عليهم السلطان لأمر فلا بأس أن يصلي متقلدًا سيفه متنكبًا قوسه، وليطرح على سيفه عطافًا أو رداء أو ساجًا أو عمامة. وفيها: من صلى محتزمًا أو جمع شعره بوقاية أو شمر كميه؛ فإن كان لباسه أو في عمل فحضرت الصلاة فلا بأس، وإن تعمد إكفات شعر أو ثوب فلا خير فيه. فقول عياض: قول الداودي كراهته لمن فعله للصلاة خلاف الآثار وعمل الصحابة خلافها. وسمع ابن القاسم في مصل برداء أو إزار طرحه في تربعه عن منكبيه لحر خفته في نفل لا فرض، وسمع ابن القاسم: لا بأس بالسدل في الصلاة لمن عليه غير إزار. ابن رُشد: صفته أن يسدل طرفي ردائه بين يديه فينكشف صدره وبطنه، ومعنى إجازته إن كان مع الإزار ثوب يستر سائر جسده، وأجازه فيها وإن لم يكن عليه إلا الإزار أو سراويل ومعناه في غلبة الحر إذ ليس من الاختيار أن يصلي مكشوف الصدر والبطن. وفي الجامع سمع ابن القاسم: لا بأس بالسدل في الصلاة. ابن رُشد: في كتاب الصلاة ما ظاهره بشرط أن يكون مع الإزار ما يستر سائر جسده وكرهه بعض العلماء مطلقًا ففي جوازه لذي إزار ثالثها: إن كان عليه غيره. قلت: مقتضى تقييده قولها قول واحد شرط الساتر غير الإزار في غير الحر لا في الحر؛ ولذا لم يحك ابن العربي عن مالك إلا الجواز. ويكره اشتمال الصماء؛ أن يشتمل بثوب يلقيه على منكبيه مخرجًا يده اليسرى من تحته ولا إزار عليه، وفي كراهتها مع الإزار قولا ابن القاسم مع آخر قولي مالك وابن رُشد مع أولهما. والاضطباع: أن يرتدي ويخرج ثوبه من تحت يده اليمنى. ابن القاسم: هو من ناحية الصماء. والاحتباء: إدارة الجالس بظهره وركبتيه إلى صدره ثوبه معتمدًا عليه. اللخمي: إن لم يكن على عورته ستر منع. والتوشح: أخذ طرفه من تحت يده اليمنى ليضعه على كتفه اليسرى، وأخذه من

باب استقبال الكعبة

تحت اليسرى ليضعه على كتفه اليمنى جائز. وفيها: ما خف من حقن أو قرقرة صلى به وما شغله أو أعجله فلا، فإن صلى أحببت إعادته أبدًا. فحمله عياض على الاستحباب. بعض أصحاب الباجي: ما خف صلى به وإن ضم بين وركيه قطع فإن تمادى أعاد في الوقت، وإن شغله وأعجله فأبدًا. اللخمي: هذا أو الغثيان أو ما يهمه إن خف استحب زواله قبلها فإن صلى به أجزأته، وإن أعجله وخف شغل قلبه أعاد في الوقت وإن لم يدر كيف صلى فأبدًا. [باب استقبال الكعبة] واستقباله الكعبة فرض في الفرض إلا لعجز قتال أو مرض أو ربط أو هدم أو

خوف لصوص أو سباع. اللخمي: ووقته كالتميم. والنفل إلا لراكب دابة في سفر قصر فيه أو في الوتر فيصليه عليها جالسًا حيثما ما توجهت به. وفيها: وأما في حضر أو سفر غير قصر فلا، وإن كانت إلى القبلة. ومن تنفل في محمله فقيامه تربع ويركع كذلك ويداه على ركبتيه فإذا رفع رفعهما، ويومئ بالسجود وقد ثنى رجليه فإن لم يقدر أو مأ متربعًا. وسمع ابن القاسم: المصلي في محمله يعيى فيمد رجله أرجو خفته، ولا يصلي محولاً وجهه لدبر البعير. ابن رُشد: ولو كان تحويله تلقاء الكعبة. وسمع القرينان: أرجو أن لا بأس بتنحية وجهه عن الشمس تستقبله. وروى اللخمي: يرفع عمامته عن جبهته إذا أومأ ويقصد الأرض. ابن حبيب: ولا يسجد على قربوسه، ويضرب دابة ركوبه وغيرها ولا يتكلم. ورواية ابن حبيب: السفينة كالدابة خلافها، فلعله في الصغيرة. ولا يصح فرض صحيح أمن على راحلته، ولا مريض هو بالأرض أتم وفيه مساويًا منعه لسماع ابن القاسم معها، وجوازه إن عجز عن السجود والجلوس بالأرض لسماع يحيى رواية ابن القاسم، وجوازه إن عجز عن الأول لابن حبيب وابن عبد الحكم ورواية أشهب، وفسرها اللخمي والمازري بالكراهة، وابن رشد والتونسي بالمنع.

ونصها. لا يعجبني. والمذهب جواز النفل في الكعبة وزعم ابن عبد السلام أنه المشهور وتفسيره به قول ابن الحاجب: "المشهور جوازه فيها لا الفرض" وهم نقلاً وفهمًا؛ لأن المشهور راجع لـ "لا الفرض" ولم يقل بمنع النفل إلا داود. وسمع القرينان: تخييره الراكع به في أي نواحيه ثم رجع لاستحباب جعل الباب خلفه لفعله صلى الله عليه وسلم إياه. وفيها: لا يصلى فيها فرض أو وتر أو ركعتا الفجر أو طواف واجب. ورجع في سماع ابن القاسم عن منع ركعتي نفله فيه إلى جوازهما فيه. اللخمي: كره الفرض فيها. مالك: وأعاده في الوقت. وابن حبيب: أبدًا، واستحب أشهب تركه فيها ولم يعده؛ وظاهره: ولو إلى الباب مفتوحًا، وهو ظاهر رد ابن القُصَّار على الشافعي بطلانها للباب مفتوحً بصحتها في أرضها لو تهدمت، ولا يلزم للعجز. الصقلي عن أصبغ: العامد أبدًا. ورواية ابن القاسم: في الوقت كمن صلى لغير القبلة يريد ناسيًا، وفي التهذيب لأصبغ: يعيد الفرض في الوقت. وركعتا طواف السعي أو الإفاضة فيه كتركهما. عبد الحق: تناقض فخرج قول إحداهما في الأخرى في الكافي. حكى محمد: لا إعادة ولا في الوقت. $$$$$$: اللخمي: لا نص في الصلاة إليه فقيل: باطلة لعدم القطع بأنه منه والحق أن ستة أذرع منه تواترًا. وقول عياض: المقصود استقبال بنائه لا بقعته، ولو كان البقعة لاتفقوا على استقبال الحجر يبطلها إليه ولو تيقن كونه منه. $$$$$$$$$$ على ظهره ممنوع. ابن حبيب: والنفل.

الجلاب: لا بأس به عليه. وفي إعادة الفرض عليه ثلاثة للباجي عن محمد والمازري واللخمي عن أشهب: لا إعادة. ابن عبد الحكم: كأبي قبيس. ورده اللخمي بأن من على أبي قيس ككل غائب عنه ينوي استقبال عينه ولو نوى ما فوقه فقط بطلت. الباجي عن ابن حبيب وأشهب ومالك: يعيد أبدًا. المازري عن القاضي: إن أقام ساترًا فكالصلاة فيه وإلا فعلى قولي اعتبار العين أو السمت بمكة، فنقل ابن شاس عن المازري عن أشهب: إن كان بين يديه قطعة من سطحه فكجوفه واتباعه ابن الحاجب وشارحه وهم إنما نقله عن أبي حنيفة، لا يقال: إجزاؤه على السمت يوجب بقاء جزء من سطحه وإلا فلا سمت؛ لأن شاذروانه منه فهواؤه سمت. وقول عياض: لا خلاف في اعتبار العين بمكة، وقول القرافي: المعتبر بها السمت اتفاقًا خلاف إجراء القاضي على العين والسمت. وتمكن تيقن الاستقبال يوجبه اللخمي، ولو بصعود مستعل يبصر منه تيقنه من منزله. الباجي: وتمكن فاقده من اجتهاده يوجبه وتمكن فاقده. المازري: كالعامي من تقليده عدلاً عالمًا يوجبه. ابن القُصار: يجوز تقليد محاريب البلاد التي تكررت صلواتها ونصبتها الأئمة ومقدماته كذلك تيقنًا واجتهادًا وتقليدًا. ابن شاس: الجاهل إن كان بحيث لو اطلع على وجه الاجتهاد أدركه لزمه وإلا قلد. وفي كون الواجب جهته أو سمت قولا الأبهري مع الأكثر وابن القُصَّار قائلاً: كثرة مسامتيه ممكنة ككثرة مسامتي كوكب معين.

المازري: إن أراد مراد النظام بمسامته كل جزء من محيط دائرة مركزها وهو إمكان انطباق محيطها عليها ماسًا له للزوم كون كل جزء من محيطها ومركزها طرفي خط مستقيم فقد رده المتكلمون بأن ضيق ما بين طرف الخطوط من جهة المركز وسعته من جهة محيطه ملزوم لامتناع انطباق كل المحيط مماسًا للمركز، وإن أراد كون البيت بمرأى من كل مصل لولا البعد والحائل فمسلم، وكان كل مصل مسامتًا ببصره لا بجسمه. قلت: مراد النظام بعيد لا يرد استفسارًا عنه والمسامتة بالبصر لولا البعد كافية؛ لأن المسامتة المطلوبة هي بحيث يكون جزء من سطح وجه المصلي ومن سمت البيت طرفي خط مستقيم، وذلك ممكن صف المصلين كالخط المستقيم الواصل بين طرفي خطين متباعدين خرجا من المركز للمحيط في جهته؛ لأن كل نقطة منه ممر لخارج من المركز للمحيط. وصوب القرافي استشكال عز الدين تصور قولي وجوب الجهة أو السمت بأن تكليف البعيد استقبال عين البيت لا يطاق؛ بل إذا أنتج اجتهاد جهة غلب الظن بأنه وراءها وجبت إجماعًا، ووجوب جهتها إجماعًا مبطل وجوب سمتها، وبإجماعهم على صحة صلاة ذوي صف مائة ذراع، وعرض البيت خمسة فبعض الصف خارج عن سمته قطعًا، وجوابه الأول بأن معنى وجوب الجهة وجوب مقصد إن بان خطأ البيت لم يعد، ومعنى وجوب السمت وجوبها وسيلة لعين البيت إن بان خطؤه أعاد، والثاني بأن الواجب الاستقبال العادي الحاصل في نظر ذوي صف طويل بعيد عن نخلة لها لا الحقيقي؛ إذ لو قرب منها؛ بان بطلان استقبال أكثره إياها. وزاد القرافي: أن البيت لمستقبله كمركز دائرة لمحيطها والخطوط الخارجة من مركز لمحيطه كلما قربت منه اتسعت ولا سيما في البعد. قلت: يرد قول عز الدين بنفي لزوم تعين الجهة؛ بأنه لا يلزم من نفي استقبال العين الجهة لجواز السمت وهو مجموع البيت وهوائه، وتقدم تقرر إمكانه ودعواه الإجماع على الاكتفاء بالجهة إن أراد بقيد عدم وجوب السمت منع بنقلهم وجوبه وبدونه أعم منه فلا يدل على سقوطه، وقول القرافي: "البيت كمركز دائرة لمستقبليه"

يمنع كونهم على خط مستقيم والفرض كونهم عليه. الباجي: الفرض اجتهاد طلب العين، وحصول الجهة يكفي، ومحرابه صلى الله عليه وسلم قطعي يستدل به. روى العتبي: سمعت أن جبريل أقامه. وسمع أشهب: أن قبلته من البيت الميزاب. والمقلد يعجزه مقلد قال ابن عبد الحكم: يصلي حيث شاء ولو صلى أربعًا كان مذهبًا وعزا سند الأول للكافة، ولابن مسلمة: يصلي أربعًا. وفي إعادة من استدبر أو شرق أو غرب باجتهاد أو نسيان بغير مكة في الوقت أو أبدًا ثالثها: "الناسي أبدًا" لابن رُشد عن المشهور، وابن سحنون مع المغيرة والقابسي. الباجي: إنما قاله. المغيرة: إن استدبر والعامد ومن بمكة مطلقًا أبدًا. وفي إعادة الجاهل في الوقت أو أبدًا قولا ابن الماجشون وابن حبيب ورجحه اللخمي بأنه صلى لغير القبلة قطعًا، وجعله ابن الحاجب المشهور، وقبله ابن عبد السلام في شرحه ومقتضى قولهم المشهور: أن الجهل في العبادات كالعمد. وفي الكافي: من صلى لغيرها دون اجتهاد وهو يمكنه فلا صلاة له. قال "ع" نقله لي عنه وبلغني عن ابن عبد السلام أنه رجع إلى أن الأول المشهور وهو ظاهر قولها: من استدبر أو شرق أو غرب يظن أنها القبلة وعلم في الصلاة قطع وابتدأ بإقامة وبعدها يعيد في الوقت. ولم يقيدوه. ابن رُشد: إن صلى لغير القبلة جهلاً بوجوب استقبالها أعاد أبدًا اتفاقًا. وفي كون الإعادة إلى الاصفرار أو الغروب روايتان لها ولأبي عمر. ابن رُشد: ومن صلى بغير اجتهاد لم يجزئه وإن أصاب القبلة. وفيها: إن علم أنه شرق أو غرب ابتدأها بإقامة. وخرج سند بناءه على بناء طارح نجاسة ذكرها فيها، ومن انحراف يسيرًا لغير مكة بنى مستقيمًا.

باب تكبيرة الإحرام

وفي تكرير اجتهاده لكل صلاة أو إن مضى زمن تغير الأدلة قولا ابن شاس وسند، وإن اختلف مجتهدان لم يأثما، ولو قال لأعمى فيها: أخطأ مقلدك المجتهد فصدقه انحرف وبنى. ابن سحنون: إن أخبره عن اجتهاده، ولو أخبره عن عيان قطع. قلت: كونه عن عيان مع كونه أولاً عن اجتهاد مشكل. [باب تكبيرة الإحرام] $$$$ الصلاة تكبيرة الإحرام هو ابتداؤها مقارنًا لنيتها.

ابن العربي: الإحرام نية وقول. المازري في شرحه: حكى بعض أصحابنا البغداديين أن تكبيرة الإحرام ركن لا شرط خلافًا لأبي حنيفة، وفي تعليقه على الجوزقي حكى الصائع في كون الإحرام والسلام من نفس الصلاة أم لا على قولين. قلت: فظاهره في المذهب. وفي كون فائدتهما فساد صلاة من نظر عورة إمامه حين إحرامه وصحتها على متقدم قول سحنون أو فسادها لتقديمه قبل الوقت وصحتها - قولا الصائغ والمازرى زاد في تعليقه فائدته فساد صلاة من قارن إحرامه وسلامه إحرام إمامه وسلامه. قلت: وأيضًا قطع من ألقي عليه ثوب نجس فسقط عنه فيه وتمامه على متقدم قول سحنون. وفساد الصلاة بتعمد كشف العورة وعدم النية فيه وصحتها. وفي صحة يسير تقدمها ثالث طرقها قولان لابن رُشد والقاضي مع الشيخ واللخمي.

ابن العربي: أجمعوا على مقارنتها له وتخريج بعض متأخري المغاربة صحة يسير تقدمها عليه في الوضوء جهل لحمله الأصل على الفرع، وللمازري نحوه. أبو عمر: حاصل مذهب مالك: لا يضر عزوبها بعد قصده المسجد لها ما لم يصرفها لغير ذلك. وفي الطراز: قول حدوث يلزم عند الإحرام ذكر حدث العالم وأدلته إثبات الأعراض وامتناع خلو الجواهر عنها وإبطال حوادث لا أول لها، وأدلة العلم بالصانع وما يجب له تعالى ويستحيل عليه ويجوز له، وأدلة المعجزة وصحة الرسالة، ثم الطرق التي بها وصلنا التكليف هفوة. قال المازري: أردت ابتاعه فرأيت في نومي كأني أخوض بحرًا من ظلام فقلت: هذه والله قولة الباقلاني. وفي لزوم ما نوى من عدد ركعات خلاف، فمن ائتم بمقيم ظنه مسافرًا فأتم في صحة صلاته وإعادته في الوقت أو أبدًا ثلاثة لابن رُشد عن أشهب وابن حبيب وسماع ابن القاسم وعز ابن حارث الأول لرواية ابن القاسم والثاني لسحنون وسماع عيسى ابن القاسم، وفي عكسه الثلاثة لابن رُشد عن ابن القاسم وأصل مالك. وفي صحتها لمن ظن ظهرًا جمعة وعكسه ثالثها: في الأول لمحمد محتجًا بقول مالك: "إن أحرم بعد ركوع إمامه في ثاني جمعته ظنه في أولاها أتمها ظهرًا"، وأشهب ولها. ابن رُشد: قيل: القصر كجمعة والتمام كظهر فيتخرج أربعة الصحة والإبطال وصحة إن نوى القصر أو جمعة فأخطأ لا العكس والعكس، وقيل: لا فالإجزاء ولو نوى منوي إمامه جاهلاً قصره وإتمامه أجزأه. ابن رُشد: اتفاقًا. فقول المازري وابن بشير: "في لزوم نية عدد الركعات قولان" خلافه. اللخمي: أجاز أشهب دخوله جاهلاً كونه في جمعة أو خميس. وغروبها وتحويلها يسيرًا لنقل سهوًا دون عمل مغتفر، وفي صحة ما عمل به رواية

أشهب مع قوله وقول غيره. ابن رُشد: قول أشهب: "إن لم يسلم أو سلم على أن سهو السلام لغو وعلى عدم لغوه" يلغي ما عمل ويرجع إن قرب إن طال ابتدأ، وعلى الثاني قال: إن لم يعمل بها إلا ركعة ركعها بنية النفل وقرأها بنية الفرض ألغاها وأتم، وإن طال بطلت صلاته، ودون طول ففي بطلانها والإلغاء والبناء. وقرأها بنية الفرض ألغاها وأتم، وإن طال بطلت صلاته، وإن قرأها بنية النفل ألغاها دون طول ففي بطلانها والإلغاء والبناء قولان لابن القاسم وابن الحكم مع ابن وهب والأخوين وروايتهم والبناء عند قائله ولو حالت نيته بعد سلامه سهوًا. اللخمي عن مُطرف وأشهب: يلغي ويتم ولو طال بما لا يبطل الفرض زيادته فيه سهوًا. وروى ابن شعبان: من نسي بعض فرضه حتى أحرم بنفل بطلت. فإطلاق ابن الحاجب: إن أتمها بنية نفل بطلت لا أعرفه. محمد وعبد الملك: إن تنفل إثر سلامه من فرض قبل تمامه سهوًا تم به. ابن بشير: قيل وكذا لو علم سهو سلامه من اثنتين فتعمد نقلاً تم به. عبد الملك: تعمد خامسة بان أنها رابعة تجزئ. الصقلي: قيل لا تجزئه واختلف في إجزائها إن كانت سهوًا والأشبه الإجزء ونفيه على قول ابن وهب: "ما بطل من صلاة الفذ قضاء". قلت: عزا ابن محرز الإجزاء لسحنون ولم يحك غيره، وأفتى ابن رُشد بأن نقلها من فرض لآخر أو لنفل سهوًا دون طول ولا ركوع مغتفر، وإلا ففي اغتفارهن وبطلانها قولا أشهب وابن القاسم. المازري: في صحة ظهر أكملت بنية عصر سهوًا قولان، وقيل: قول بعض أشياخه لو تيقن إحرامه للظهر بعد شكه في عصره أجزأه اتفاقًا، وفي نقل اللخمي: "إن أتم فرضه بنية التطوع ليقضيه أجزأه ويعيد استحسانًا" نظر، وفي وجوب إعادتها لرفضها بعد تمامها نقلاه. ولفظها "الله أكبر" ويكفي الأخرس نيته، وفي العاجز لعجمته ثلاثة: الأبهري:

مجرد نيته، أبو الفرج: بما دخل الإسلام. بعض شُيوخ القاضي: بترجمة لغته وفيها: كره أن يحرم بالعجمية. وينتظر الإمام قدر استواء الصفوف. ونقل ابن عبد السلام: أن أبا عمر خير في الانتظار والإحرام عند قد قامت الصلاة لم أجده وإنما نقله عن أحمد. ورفع اليدين عنده فضيلة: الصقلي: وقيل سنة. ابن شعبان: روى ابن القاسم لا يرفع. ابن رشد: روي في ثاني حجها تضعيفه، وفي سماع أبي زيد إنكاره، وسمع ابن القاسم وابن هوب وعلي: ما بلغني أن ذلك على المرأة ويجزئها أدنى من الرجل. وخص عياض ما في الحج بالأسدية قال: وهي في المدونة مصلحة بإثباته، قال: وأخذ تضعيفه من رواية ابن وضاح في صلاتها كان يضعف رفعهما قال سحنون: إلا في تكبيرة الإحرام بين، لا من رواية غيره إسقاط، قال سحنون: وفي منتهاه ثلاثة. سمع أشهب: حذو صدره. ابن رُشد: هو ظاهرها. اللخمي والمازري: وقيل حذو أذنيه. وعزاه عياض لابن حبيب. المازري والباجي: مشهور الرواية حذو المنكبين. عياض: جمع بعض مشايخنا بين روايات الحديث وقولي مالك يجعلهما مقابلة على صدره وكفاه حذو منكبيه وأطراف أصابعهما مع أذنيه. وفي صفته أربعة: المازري وشيوخه والعراقيون: قائمتان كفاه حذو منكبيه

وأصابعه حذو أذنيه. سحنون: مبسوطتان بطونهما للأرض. المازري: روي عن بعض المتأخرين: قائمتان مع عطف الأصابع. عياض: وقيل مبسوطتان بطونهما للسماء. قال: ومقتضى الروايات مقارنة الرفع للتكبير أو مقاربته له. وكره مالك رفع العامة الأيدي كذلك وهم في الدعاء والتوجه وتطويل ذلك. وفي رفعهما في غير المشهور تركه، وروى ابن عبد الحكم: يرفع لرفع الركوع، وابن وهب: وعنده، وله: وإذا قام من اثنتين. أبو عمر: روى ابن خويز منداد لكل خفض ورفع. الباجي: لم يشرع لتكبير سجود. ابن رشد: كرهه فيها. وفي سماع ابن القاسم: للركوع ورفعه. وسمع أشهب والسبائي: استحسانه مع توسعة تركه، ورواه ابن وهب دونها وخيره مرة. وفي إرسال يديه ووضع اليمنى على اليسرى أربعة: سمع أشهب: لا بأس به. والقرينان: يستحب. والعراقيون: يمنع. وفيها: يكره وضع يمناه على يسراه في الفرض لا النفل لطول القيام. ابن رشد: فدون طول يكره فيه. ابن شاس: حمل كراهتها القاضي والباجي على الاعتماد. قلت: الذي للباجي يحتمل حملها على غير الاعتماد؛ لئلا يعتقد الجهال ركنتيه. ابن رُشد: في جوازه في الفرض والنفل وكراهته ما لم يطل النفل ثالثها: "يستحب لها" لأشهب مع سماع القرينين ورواية جامع العُتبي معها ورواية الأخوية وتأويل بعضهم اتفاق قول مالك على الثالث ورواية الكراهة خوف اعتقاد وجوبه بعيد. عياض: روى الواقدي: يمسك بالكف أو بالرسغ، واختار بعض شيوخنا قبض

كف اليمنى على رسغ اليسرى جمعًا بين حديثي وضع اليمنى على اليسرى ووضع اليمنى على ذراعه اليسرى. ابن حبيب: ليس لوضعهما موضع معروف. القاضي: تحت صدره فوق سرته. وقراءة الفاتحة بعد التكبير الباجي: وشذت رواية الواقدي صحتها دونها. ونحوه نقل الشيخ روى علي: من لم يقرأ في صلاته أحب إلى إعادته. وفي قول: "سبحانك اللهم وبحمدك تبارك اسمك وتعالى جدك ولا إله غيرك" بينهما ومنعه ثالثها: "يستحب" لرواية ابن شعبان قوله: مالك مع سماع ابن القاسم: "لا بأس بقوله إذا كبر: سبحانك اللهم ربنا وبحمدك" وروايتها وابن رُشد عن رواية السبائي، وخرج اللخمي عليه دعاء "اللهم باعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب، اللهم نقني من الخطايا كم ينقى الثوب الأبيض من الدنس، اللهم اغسلني من خطاياي بالماء والثلج والبرد" وصوبه لثبوته. الباجي: كره مالك دعاء التوجه: "وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض حنيفًا وما أنا من المشركين". ابن حبيب: لا بأس به قبل إحرامه. ابن شعبان: وروى ابن وهب قوله: مالك. وللزاهي: حق على كل قائم للصلاة قول "سبحان الله العظيم وبحمده". وفي كراهة البسملة واستحبابها في الفرض ووجوبها رابعها: "لا بأس بها" للمشهور، وابن رُشد عن ابن مسلمة. والمارزي عن ابن نافع مع عياض عن ابن سلمة. وأبي عمر عن ابن نافع. وفي النفل لابن رشد روايتان لا يقرؤها. ويقرؤها رواية عياض عن ابن نافع: لا يتركها بحال. قلت: فيها التخبير. ابن رُشد: وفي النقل بين السورتين روايات يقرؤها ولا إلا في قراءة عرضًا

والتخيير. المازري: حكم من قرأ له ولا يتعوذ في فرض. ابن رُشد: سماع أشهب كراهة الجهر به في رمضان خلافها. اللخمي في المجموعة: الأمر في الصلاة بعد الفاتحة، فيلزم جاهلها تعلمها، فإن ضاق وقتها ائتم، فإن انفرد ففي صحتها قولا أشهب ومحمد مع سحنون، فإن لم يجد فابن سحنون والشيخ عن ابن القاسم وأشهب: فرضه ذكر الله تعالى. المازري: مقتضى قول الأبهري سقوط غير لفظ التكبير عمن لا يحسنه سقوطه. عبد الحق: استحب إسماعيل وقوفه قدر الفاتحة والسورة يذكر الله تعالى. القاضي: وقوفًا ما. ابن رشد: أما قدر تكبيرة الإحرام وفي غير الأولى أقل مسمى القيام فلازم هو واللخمي: ويعيد كل صلاته فذًا بعد قدر تعلمه. وإطلاق نقل المازري عن بعض أصحابنا "لا يجب على أمي أن يأتم يقتضي عدم إعادته قال: لو سمعها أمي أثناء صلاته فحفظها فلا نص، ثم قال: قال ابن سحنون عن أبيه: وبعض أصحابنا يتم صلاته كعاجز عن القيام قدر عليه أثناءها. الصقلي عن بعض القرويين: لا يقطع من لا يحسن القراءة صلاته بإتيان محسنها. قلت: لو أحصر عنها فذ أثناءها فرجا عودها في الوقت أو بعده كمقدم رجا رفع رعاف حدث فيها فيهما ولا تلزم مأمومًا خلافًا لابن العربي في السرية ولا يقرؤها في جهرية. الباجي: روى ابن نافع إن كان إمامه يسكت بين التكبير والقراءة قرأها حينئذٍ. وأشار أبو عمر لتخريج قراءة من لم يسمع قراءة إمامه من إجازة بعض أصحاب مالك كلام من لم يسمع خطبته. ابن زرقون: هو قول ابن نافع. وفي لحوق السرية بها واستحبابها فيها ثالثها: "سنة" لابن حبيب مع ابن عبد الحكم وأشهب وابن وهب والمشهور رواية أبي عمر عازيًا الثاني لنقل ابن خويز منداد والأبهري وإسماعيل.

وفي وجوبها في كل ركعة أو جلها أو نصفها أو ركعة. خامسها: "الترجيح في الأولين" للخمي عن مالك مع الباجي عن العراقيين وأبي عمر عن ابن القاسم وعياض عن المشهور وابن رشد عن مالك وأبي عمر عنه واللخمي مع الشيخ عن المغيرة،- وعزو الإكمال للمغيرة والجل وهم؛ ومالك. فعلى الأول قال اللخمي: إن تركها في ركعة ألغاها فإن صارت ثالثة ثانية سجد قبل وإلا بعد. قلت: وكذا في أكثر من ركعة كترك سجود وعلى الثاني طريقان. اللخمي: هي في الأقل سنة يسجد لسهو تركها ويختلف في عمده بالسجود والإبطال قال: ولابن الماجشون يسجد لتركها في ركعة مطلقًا وفي أكثر يعيد، وروى ابن حبيب: يسجد لتركها من ركعة من غير الثنائية ومنها أو من ركعتين من غيرها ويعيد. ابن رُشد وابن حارث والشيخ عن محمد: اتفق قوله على إعادة تاركها في ركعتين، وفي واحدة ثلاث: يسجد قبل، ومرة ويعيد، ومرة يلغيها ويسجد بعد، فأخذ به ابن القاسم مرة ومرة بالإعادة فجعله اللخمي مقتضى قوله بالترجيح. الشيخ: أخذ ابن الماجشون بالأول. ابن رُشد: فعلى الإعادة إن ذكر قبل ركوعه قرأ وفي سجوده بعد لسهو قراءته خلاف وبعد رفعه من ركوعه أو سجدة قطع، وبعد سجوده سمع أبو زيد ابن القاسم: يقطع. ومحمد عنه: يتم ركعتين، وفي وقوف الثالثة جلس ثم سلم وبعد الثالثة يتم رابعة ويسجد قبل ويعيد أبدًا. ابن القاسم: مرة احتياطًا، ومرة يعيد أحب إلي، ومرة يتم الرابعة وتكون نافلة ويعيد. وفي ركوع قبل رفعه في كونه كقيامه أو كرفع ركوعه نقل محمد عن ابن القاسم وسماعه سحنون، وقاله أصبغ في ركوع الأولى زاد: إن شاء اجتزأ بصلاته أو أعادها، وعلى الإلغاء تصير تالية ركعة تركها بدلها ويفوت تلا في سورة تاليتها بوضع ركوعها والسجود لما ألغي إن انفرد بعد، ومع نقص سورة أو جلوس قبل.

قلت: رواية الشيخ القطع فيما تقدم بسلام، وما ذكره ابن رشد على الإعادة هو نص نقله عن ابن القاسم فناقض التونسي قوله: بإتمامها أربعًا وأنه يتم سجدتي الثالثة بقطعه الأولى إن لم يتم سجدتيها. قلت: يفرق بيسير ما فعل وكثرته وقول ابن عبد السلام في قول ابن الحاجب: "وقيل: في ركعة وقال: تجزئ سجدتا السهو قبل" يعني موجبها في ركعة يقول في تركها من ركعة يسجد قبل، ولفظ المؤلف يقتضي إجزاء سجود السهو في تركها في أكثر من ركعة وليس كذلك على النقل الصحيح، وكذا يلزم في تركها من ركعة على وجوبها في الجل والرواية خلاف ذلك ولهم تفصيل في بعض مسائله خلاف يطول جلبه يرد باتفاق نسخ النوادر على ما نصه: روي عن المغيرة من لم يقرأ في الظهر إلا في ركعة أجزأه سجود السهو قبل السلام، وقوله: "وكذا يلزم إلى ذلك" يرد بأنه إن أراد باللازم السجود لتركها من ركعة فهو نص الروايات لا خلافها وإن أراد لتركها من أكثر فمحال صورته، وقوله: "لهم تفصيل" لا أعرف منه غير ما مر. وقال أشهب وأصبغ وابن عبد الحكم: يعيد في الركعة ويلغي في ركعتين وثلاث قائلاً ما لم يسلم فإن سلم أعاد. أصبغ: إن قرب رجع وألغي. قلت: ذكر ابن حارث والشيخ قول أشهب من المجموعة كما تقدم ومن كتاب محمد عنه: يسجد ويعيد استحبابًا. ابن رشد: ففي تركها من ركعتي ثلاثية أو رباعية أو من ثلاثة منها الإعادة والإلغاء. لمالك وأصبغ مع أشهب وابن عبد الحكم، وفي كون تركها من ركعة ثنائية كرباعية فتجيء ثلاثة. مالك: أو كركعتين منها فتجيء قولا الإعادة والإلغاء قولان والأول ظاهرها وقول ابن الماجشون. قلت: عزا ابن حارث والشيخ في تركها من ركعة ثنائية لابن الماجشون السجود،

ولا إعادة ولأصبغ وابن عبد الحكم الإلغاء، ولابن حبيب وروايتي مُطرف وابن القاسم السجود والإعادة. ابن رُشد عنهما وعن أشهب: إن تركها من ركعتين أعاد ومن ركعة ألغى. وفي ترك آية منها ثلاثة للمازري عن بعضهم: كتركها. إسماعيل عن المذهب: يسجد بعد، وقيل: لا سجود. عبد الحق: يلقن مسقط آية منها وإن لم يقف. وفيها: لا يعرف مالك التسبيح في الركعتين الأخيرتين. ابن رُشد: مثله سماع أبي زيد ابن القاسم: لا أصلي خلف من لا يقرأ في آخرتي الظهر. وسمع القرينان: إن سبحوا بإمامهم لعدم جهره بقراءة الصبح فلم يجهر حتى فرغ قال: قرأت في نفسي أعادوا في الوقت. ابن رشد: حمله على أنه قرأ سرًا جهلاً. وفي إعادته ثالثها: في الوقت لا أنه قرأ في قلبه؛ لأن قراءة القلب لغو توجب الإعادة أبدًا. ولا يقرأ بالشاذ، وفيها: إعادة من قرأ بقراءة ابن مسعود أبدًا. الصقلي: كان يقرأ ويفسر في غير الصلاة. وفيها: لا يفسر فقارئها بتلك يعيد أبدًا؛ لأنها خلاف مصحف عثمان. ابن وهب: قلت لمالك: أقرأ ابن مسعود رجلاً {طَعَامُ الأَثِيمِ} [الدخان: 44] فجعل الرجل يقول: طعام اليتيم، فقال له: طعام الفاجر أيقرأ بهذا؟ قال: نعم. فخرج منه اللخمي عدم إعادة المصلي بها. المازري: تخريجه زلة؛ لأن الإبدال يخل ببلاغته، وتأول الرواية إن صحت. ابن محرز وابن شعبان لو بدل المغضوب بالمسخوط أو أنعمت بأفضلت منع إجماعًا. وقول ابن عبد السلام: في التمهيد عن مالك إجزاء قراءة الشاذ وجوازها بدءا - وهم إنما فيه روى ابن وهب: جائز أن يقرأ بقراءة عمر: {فَاسْعَوْا إلَى ذِكْرِ اللَّهِ} [الجمعة:

9]، لحديث: "أنزل القرآن على سبعة أحرف فاقرءوا ما تيسر منه"، وروايته في طعام الأثيم، أبو عمر: معناه في غير الصلاة ولم يجز فيها؛ لأن غير مصحف عثمان خبر واحد لا قطعي وإنما ذكرنا قول مالك تفسيرًا للحديث. وسمع ابن القاسم كراهة النبر في قراءة الصلاة. ابن رُشد: هو إظهار الهمز بكل موضع وكذا جرى عمل قرطبة أن لا يقرأ إمام جامعها إلا لورش، وإنما ترك منذ زمن قريب، ويحتمل أنه الترجيع الذي يحدث معه نبرأأأ أو فعل بعض المقرئين من تحقيق الهمز والترقيق والتغليظ والروم والإشمام وإخفاء الحركة وإخراج كل الحروف من مخارجها؛ لشغل ذلك عن فهم حكمه وعبره وتدبره. قلت: هذا الاحتمال لا يليق لاتفاق كل القراء عليه وتواتره ولاسيما إخراج الحروف من مخارجها حتى قيل ما قيل فيمن لم يفرق بين الظاء والضاد، ولا يشغل ذلك قارئًا محصلاً بل مبتدئًا أو متعلمًا. ويستحب قول المأموم سرًا إثر ختم فاتحة إمامه "آمين". الشيخ: مادًا مخففًا، وقيل: قاصرًا. عياض: حكاه ثعلب وأنكره ابن قتيبة. الدوادي: مده وشد ميمه لغة شاذة، ثعلب: هي خطأ. وفي كون معناها اللهم استجب لنا وأهدنا سبيل من أنعمت عليهم، أو أشهد الله، أو كذلك فعل - ثلاثة لنقل أبي عمر.

المازري: قيل: عبراني عرب وبني على الفتح، وقيل: بضم النون اسم لله سقط حرف ندائه. وفيه: إن لم يسمعه تحريًا ثالثها: "يخير" لابن عبدوس مع لقمان وعيسى مع يحيي بن عمر ورواية الشيخ وسماع ابن نافع، وتصويب ابن رُشد الثاني بقوله: "المصلي ممنوع من الكلام والتأمين كلام أبيح له قوله في موضعه فإذا تحراه قد يضعه في غيره "ظاهر في إباحته لا ندبه، عكس قوله في المقدمات: لا فرق بينه وبين سائر المستحبات إلا أنه آكد فضلاً. والفذ كذلك إثر ختمه والإمام مثله في السرية. الباجي: اتفاقًا. وفي الجهرية روايتا المدنيين والمصريين، وابن بكير، مخير. ابن حارث: فيها لا يؤمن، وروى ابن نافع والأخون: يؤمن، وقالوه، وفي غيرها يؤمن فيما أسر فيه، واختار اللخمي جهره به ليسمع وخيره غيره، وخير ابن العربي الثلاثة في السر والجهر. عياض عن الأبهري: يجهر المأموم. وفي كون سورة إثره لغير مأموم في أوليي الفرض واجبة أو سنة - ثالثها: مستحبة للخمي عن قول عيسى: تعاد لتركها جهلاً أبدًا، والمدونة وأشهب مع مالك لنفيهما السجود في تركها سهوًا، ورد المازري الأول بإعادة تارك السنة عمدًا، وابن بشير الثالث بقول قصر السجود على ما ورد فيه ولم يرد فيها، ولابن بشير: يسجد تاركها عمدًا. وفي المختصر: لا يقرأ ببعض سورة. وروى الواقدي: لا بأس بمثل آية الدين فقول عياض: "المشهور يسجد تاركها عمدًا ككلها" بعيد. وقراءتها المأموم كالفاتحة. وسمع ابن القاسم: يقرأ المأموم إن أتم سورته قبل إمامه. الشيخ عن المختصر: وإن شاء سكت أو دعا فإن لم يتم آيته حتى ركع إمامه تبعه.

الباجي: يكره في الثانية سورة قبل سورة الأولى. عياض: لا خلاف في جوازه، وإنما يكره في ركعة واحدة، وسمع ابن القاسم: هو من عمل الناس وهو الترتيب سواء. ابن حبيب وابن عبد الحكم ورواية مُطرف: الترتيب أفضل. ابن رُشد: لعمري إنه أحسن؛ لأنه جل عمل الناس. ويكره تكرير سورة الأولى في الثانية، وروى ابن حبيب: يتمها ولو ذكر في أولها، وقراءتها في ثالثها أو رابعة، وحسنها ابن عبد الحكم فيهما، واختاره اللخمي لرواية ابن عبد الحكم جواز ثلاث سور في كل من الأوليين، وهي في النفل مستحبة. ابن رشد لسماع ابن القاسم: لا سجود لتركها في الوتر سهوًا. الشيخ: روى ابن نافع: لا بأس بالنفل بأم القرآن فقط. فقول ابن شاس وتابعه: "سنة في أوليي كل صلاة سوى ركعتي الفجر" لا أعرفه، وفي طلب تركها في ركعتي الفجر قولان للخمي عن فعل مالك مع أبي عمر عن رواية ابن وهب واللخمي عن رواية ابن شعبان مع أبي عمر وعن رواية ابن القاسم، وسمع ابن القاسم كراهة تكرير سورة الإخلاص في النفل، وسعة ركوع مصل أحصر عن تمامها دون قراءة سورة أخرى، واستحب ابن القاسم قراءتها، وسمع القرينان: إن تعايا فكر قليلاً فإن لم يتفكر قرأ سورة أخرى. وفي المختصر: لا بأس بطول قراءة ثانية الفرض عن الأولى، وفي الواضحة استحباب عكسه فجعلهما المازري قولين، وجهل ابن العربي من لم يطول الأولى عن الثانية. وفي استحباب طول الصبح عن الظهر وتساويهما فيه ثالث الطرق وقولا يحيى عن مالك وأشهب. الباجي وابن رُشد والمازري: ثم العشاء ثم العصر والمغرب. ابن حبيب: الصبح والظهر نظيران قراءتهما من البقرة إلى عبس والعصر والمغرب من الضحى إلى آخره والعشاء إذا الشمس كورت ونحوها. علي: بالحاقة ونحوها.

وفيها: أطولها قراءة الصبح والظهر، ولا بأس بسبح في صبح السفر والأكرياء يعجلون الناس. وروي ابن حبيب: إن افتتح في العصر طويلة تركها وإن قرأ نصفها ركع، ولو افتتح قصيرة بدل طويلة تركها فإن أتمها زاد غيرها وإن ركع بها فلا سجود. الباجي: إن كان طول ما يطول يوجب ركوع ركعة بعد وقتها خففت. الشيخ: في المختصر: لا بأس أن يفتح على الإمام في فرض أو نفل مأمومه أو من ليس في صلاة وروى ابن حبيب: لا يلقن ولو خرج من سورة لأخرى حتى يقف ينتظر. الباجي: وظاهره لمن تقدم إن غير آية رحمة بآية عذاب أو تغييرًا يقتضي كفرًا لقن. قلت: وكذا إن كان ذلك بوقف قبيح. ويستحب القنوت سرًا دون تكبير بعد سورة ثانية الصبح فلا سجود لتركه. ابن سحنون: سنة. وفي السليمانية: يسجد لسهوه. الطليطلي: من سجد له بطلت صلاته. ابن زياد: تعمد تركه يبطلها. يحيى بن يحيى: لا يفعل. قلت: هو ظاهر تفسير ترجمة الموطأ بـ "كان ابن عمر لا يقنت". ابن رُشد: قال يحيى بن يحيى: من التزم القنوت في صلاته سجد إذا سها عنه. وفيها: لابن مسعود: القنوت سنة ماضية. وروى الباجي: قبل الركوع أفضل، وعكس، ابن حبيب وفيها هما سواء وفعل مالك قبل. وفيها: بعد لا يكبر له روي عن علي أنه كبر حين قنت. الجلاب: لا بأس برفع يديه في دعاء القنوت. وسمع ابن القاسم من أدرك القنوت بعد ركوع الإمام قنت إذا قضى، ولو أدرك

ركعة وقنت معه في قضائه. ابن رُشد: إن أدرك ركوع الثانية لم يقنت في قضائه درك قنوت الإمام أم لا؟ وهذا على أن ما أدرك آخر صلاته، وعلى أنه أولها، وقول أشهب: "أنه بان في القراءة والفعل" يقنت قنت مع الإمام لا؟. قلت مفهوم قول مالك "وقنت معه" إنه إن أدرك الركعة دون القنوت قنت في قضائه خلاف قول ابن رُشد. وفيها: ليس فيه دعاء مؤقت. وروي ابن وهب تعليم جبريل: "اللهم إنك نستعينك ونستغفرك ونؤمن بك ونخنع لك ونخلع ونترك من يكفرك، اللهم إياك نعبد ولك نصلي ونسجد وإليك نسعى ونحفد، نرجو رحمتك ونخاف عذابك إن عذابك الجد إن عذابك بالكافرين ملحق". وفي التلقين: بعد "نحفد" "اللهم اهدنا فيمن هديت وعافنا فيمن عافيت وقنا شر ما قضيت إنك تقضي ولا يقضى عليك، لا يذل من واليت ولا يعز من عاديت تباركت وتعاليت". وفيها: لا بأس بالدعاء لغيره وعلى الظالم ولنفسه لدنياه وأخراه في قيامه وجلوسه وسجوده. فقيده ابن الجلاب ببعد القراءة في القيام وببعد التشهدين في جلوسهما، وروى الشيخ: أيدعو في كسوته؟ قال: يريد ذكر السراويل؟! ليدع بما دعا الصالحون وبما في القرآن. ابن شعبان: لو قال: يا فلان فعل الله بك فسدت صلاته لأنه كلام. الشيخ: لم أره لغيره. وفيها: ولا يدعو في ركوعه. عبد الحق: ولا بعد إحرامه قبل القراءة ولا قبل التشهد. الطراز: ولا في قيامه قبل قراءته ولا في الفاتحة. الصقلي وعبد الحق عن ابن عبد الرحمن: إنما يكره قبل الفاتحة في الركعة الأولى،

وأجازه اللخمي في الركوع، وعزاه المازري لأبي مصعب. ابن رُشد: إنما يكره في القيام قبل القراءة وجلوس التشهد قبله والركوع. الكافي: إنما يكره في الركوع ولو سمى من دعا له أو عليه لم يضره. وفي القنوت في وتر ثاني نصف رمضان روايتا علي وابن نافع معها. ويجهر في الصبح والجمعة وأوليي الليليتين. وسمع سحنون ابن القاسم: تحريك لسان المسر فقط يجزئه وأحب إسماع نفسه. ابن رُشد: وجهره إسماع غيره وأحب فوق ذلك. الباجي: روى علي جهر المرأة إسماع نفسها فقط. قلت: فيها: يسمع نفسه في الجهر وفوقه قليلاً. والمرأة دونه فيه وفي التلبية، وتسمع نفسها، فجهر المرأة مستحب سر الرجل، وقراءة القادر لا بحركة عدم. وفي كونها سنة أو فضيلة أو واجبًا ثلاثة للباجي عن أكثر أصحاب مالك معه قائلاً: يسجد لتركه أحدهما سهوًا في غير السير كـ {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (1) الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ العَالَمِينَ} [الفاتحة: 1، 2]، ورواية أشهب: لا سجود فيه، وابن القاسم لقوله تبطل بعمد تركه. ابن رُشد: في بطلان ذات السر بجهر تأولاً كمسافر أم في جمعة من لا تلزمهم - ثالثها: "يعيدون في الوقت" لها ولابن نافع في بعض رواياتها مع سماع أبي زيد ابن القاسم والموطأ ورواية المبسوط. ومن أسر ما يجهر به عمدًا في إعادته ثالثها: "في الوقت" لعيسى مع سماعه ابن القاسم ونقل ابن رُشد وسماع أشهب، وأجراها اللخمي في كل عمد ترك سنة منها قال: ورابعها: أبينها يسجد سجود السهو. والشيخ في المختصر: لا بأس بالجهر في نفل الليل والنهار، وابن حبيب: هو ليلاً أفضل. وعنه استحباب رفع الصوت ليلاً والسر نهارًا. القاضي: يكره الجهر نهارًا.

وسمع أشهب طرد ابن المسيب عمر بن عبد العزيز في خلافته من جواره في المسجد لرفعه صوته بالقراءة، وكان حسن الصوت فخرج عمر لذلك. ابن رُشد: لا يجوز لمصل في المسجد وإلى جنبه مصل رفع صوته بالقراءة، ومن قضى ركعة جهرًا لا يجوز له أن يفرط في جهره بقرب مصل مثله. وقيام الإحرام والقراءة الفرض ومدتهما لمأموم فرض قادره في الفرض. قلت: والوتر وركعتي الفجر بعض شيوخ شيوخنا؛ لقولها: لا يصليان في الحجر كالفرض وقران قدميه كرهه فيها واستحبه مرة ووسع أخرى. واستناد من يسقط بزواله مبطل: اللخمي: إن فعله سهوًا أعاد ركعته ويجزئه على رعي عدم فرض القيام وغيره مكره. والعاجز يستند فيها لا لحائض أو جنب. الشيخ عن ابن القاسم مع سماعه عيسى: إن فعل لحائض أعاد في الوقت، ونقله المازري في الجنب. عبد الحق عن الشيخ: لنجاسة ثوبهما أو جسدهما فلو طهرا جاز. القاضي: لإعانتهما في الصلاة فألزم غير المتوضئ. اللخمي: لأنهما كنجس لمنعهما المسجد، وخرج جوازه على إجازة ابن مسلمة دخولهما إياه. فإن عجز جلس، واستحب فيها تربعه. اللخمي وابن عبد الحكم: كالتشهد. وقول ابن رُشد "والمستحب التربع اتفاقًا" قصور.

باب الإقعاء في الصلاة

[باب الإقعاء في الصلاة] وكره الإقعاء في الصلاة، المحدثون وبعض الفقهاء: الجلوس على صدور قدميه ماسًا بأليتيه عقبيه. أبو عبيدة وأبو عبيد وبعض الفقهاء: جلوسه على أليتيه ورجلاه من كل ناحية. الشيخ وابن رُشد: على أليتيه ناصبًا فخذيه. المازري: عن أبي عبيد ناصبًا ساقيه ويداه بالأرض. وقول ابن الحاجب "قيل: ناصبًا قدميه" لا أعرفه، وذكر التونسي الأولى وعزا قول الشيخ لأبي عبيد وقال: كلاهما لا يجوز في صلاة. وذكر اللخمي الأول قال: وقيل جلوسه على أليتيه باسطًا فخذيه، قال: وكلاهما غير حسنة. وذكر أبو عمر الأولى والثانية. ابن زرقون: كرههما مالك. اللخمي: فإن عجز اضطجع. وفيها: جلوسه ممسكًا أحب من اضطجاعه. الصقلي: إن اضطجع أعاد. ونقله المازري، وزاد ابن بشير: أبدًا. وروى الشيخ: متوكئ خير من جالس، وعن ابن حبيب: وممسك قاعدًا أولى من راقد، وسمع القرينان: صلاته متوكئًا على عصا أحب إلي من جلوسه في الفرض والنفل. ابن رُشد: لأنه لما سقط عنه فرض القيام صار له نفلاً كما هو في النافلة. وفي مستحب صفته أربعة محمد والأخوان: على أيمن جنبيه فأيسرهما فظهره. سحنون والباجي عن ابن القاسم: على أيمنه فظهره. ووهم ابن حبيب ابتداء ابن القاسم بظهره، ونقله ابن محرز عن أشهب وابن مسلمة،

وفيها: على جنبه أو ظهره. المارزي: أولت بالجنب فالظهر تقصيلاً لا تخييرًا، وظاهر قوله تقديم الأيمن على الأيسر اتفاقًا. فذوا الجنب أبو عمر: وجهه إلى القبلة وذو الظهر رجلاه لها، ومن عجزه ركوع أو سجود أومأ لركوعه قائمًا. اللخمي: ولسجوده جالسًا إن يشق جلوسه. التونسي وابن بشير عن الأشياخ: يومئ للأولى من انحطاط ركوعه؛ لأنه لا يجلس قبلها فإن تعذر جلس ثم أومأ به. وفيها: ويمد يديه إلى ركبتيه في ركوعه. اللخمي: ويومئ بهما في سجوده إلى الأرض من عجز عن جلوسه. الشيخ عن ابن نافع: ويداه على ركبتيه فيهما. ولا ينصب بين يديه ولا يرفع لجبهته شيئًا يسجد عليه، وفيها لابن القاسم ومالك: إن جهل وفعل ذلك لم يعد. أشهب: إن رفع ما مس به وجهه دون إيماء أعاد أبدًا. اللخمي: إن قصد ما نصب دون الأرض لم يجزئه؛ لقول مالك: يحسر عمامته عن جبينه في إيماء سجوده وقبله. المازري: وفيها الإيماء بظهره ورأسه. المازري: أو الطرف لمن عجزه غيره. وفي إيمائه وسعه بالانحناء قولان للخمي من رواية ابن شعبان: من رفع ما يسجد عليه إن أومأ جهده صحت وإلا فسدت، ومن قوله فيها: يومئ القائم بالسجود أخفض من الركوع وأجزأه. والمازري: على أن حركة الركن مقصودة أم لا، ورده ابن بشير بأنها هنا مقصودة. وفي لزوم المومئ وضع يديه بالأرض أو الإيماء بهما إن عجز تخريج عياض على قولها: يمد المومئ للركوع يديه على ركبتيه. مع تخريجه على مبطل صلاة من لم يرفع يديه بين سجدتيه وبعض القرويين، وظاهر

قولها في المصلى جالسًا يومئ بظهره ورأسه، ولم يزد مع بعض القرويين، والتخريج على إسقاطها سجود ذي قروح بجبهته على أنفه، وقول ابن نافع: يجعلها على ركبتيه. قلت: بالأول قال اللخمي، فلو قدر على القيام لا بعد سجوده ففي سجوده ويتم جالسًا أو إيمائه به في غير الأخيرة قولا اللخمي مع التونسي وغيرهما. المازري: لا وجه له ووجهه ابن بشير بأن الإيماء بدل الركوع والسجود، والقيام لا بدل له؛ لأن القعود من أفعال الصلاة. قلت: قوله ومن تبعه: "لا نص في فاقد غير النية، وللشافعية يجب قصدها، وللحنفي سقوطها والأول أحوط"- قصور لقول ابن رُشد: في سقوطها عن الغريق العاجز عن الإيماء وغيره وقضائها رواية معن عن مالك في المكتوف كذلك، وقوله فيها: من تحت الهدم لا يستطيع الصلاة يقضي. قلت: والظاهر نص فقهي. اللخمي وابن رشد: والعاجل عن قيام السورة يركع إثر الفاتحة. قلت: لأن قيام السورة لقارئها فرض كوضوء النفل لا سنة كما أطلقوه وإلا جلس وقرأها، والقادر على قيام الفاتحة دون قراءتها يجلس. ابن بشير: على القول بوجوب الفاتحة في ركعة أو في جلها يقوم قدر ما يمكنه فيما سوى ركعة أو في أقلها وفي غيرها يجلس ليقرأ. ابن عبد السلام: قول ابن الحاجب "إن عجز عن الفاتحة قائمًا فالمشهور جلوسه" في تصوره نظر، وينبغي إن عجز عن بعض القيام أو القراءة سقط. قلت: قد صوره اللخمي وغيره: ومن عجز عن بعض قيام الفاتحة جلس لتمامه ولم يسقط. الشيخ عن ابن حبيب: من أعجزته قراءة لسانه أجزأته بقلبه. وسمع موسى ابن القاسم في مريض لا يستطيع قراءة ولا تكبيرًا إن حرك لسانه بها قدر طاقته أجزأته صلاته وإلا فلا. ابن رُشد: أي لا يستطيع إسماع نفسه بهما في السر ولا رفع صوته في الجهر إلا بمشقة، ولو عجز عن تحريك لسانه أجزأته؛ لأن العجز عن الفرض يسقطه إجماعًا.

وسمع أشهب: صلاته بسورة قصيرة في الظهر والصبح أحب من جلوسه. ابن رُشد: هذا الواجب. ابن مسلمة: مشقة القيام عجز وقبلوه. ابن عبد الحكم: خوف عود علة وعدم ملك خروج الريح بالقيام عجز عنه. قلت: الأوجز مشقة إباحة التيمم فإن زال عجزه رجع لما قبله. الشيخ عن أشهب: لا يعيد مريض صح في وقت صلاة عجزه، وسمعه عيسى وموسى من ابن القاسم، وسمع أشهب: إن خرج غريق صلى إيماء لعجزه أعاد في الوقت لا بعده. وفيمن قدح ماء بعينيه طرق: اللخمي والمازري: إن جلس مومئا جاز، وفيه: مستلق ثلاثة، لها: يعيد أبدًا. وروى ابن حبيب: في اليوم وشبهه وما طال كره ابن الحاج إن قدح لصداع جاز وللرؤية الخلاف. ابن رُشد: في جوازه وصلاته كذلك ومنعه ووجوب قيامه وإن ذهبت عيناه روايتا ابن وهب وابن القاسم. قلت: وسمع عيسى رواية علي: لا أدري ما هذا وبدل القيام والركوع والسجود والرفع منهما كأصله في ذكره القولي. وسمع ابن القاسم: المريض القريب المسجد يصله ماشيًا ويصلي جالسًا لا يعجبني ولو وصله صحيحًا فمرض صلى جالسًا. ابن رُشد: كما قدر على مشيه يقدر على قيامه فيقوم على قدر طاقته في كل ركعة. قلت: الفرض مشقة قيامه فكيف يكلف به، فوجهه ترجيحها ببيته قائمًا عنها بالمسجد جالسًا. وفي الإيماء خوف تلطيخ الثياب بطين ثالثها: "إن لم يكن واسع المال أو كانت ذات قيمة والطين يفسدها "لابن عبد الحكم مع سماع القرينين ورواية زياد مع رواية ابن حبيب ونقله عن أصحاب مالك قائلاً استحب تأخيره إلى آخر الوقت، وتخريج ابن

رشد على شراء ماء الوضوء وفسر الوقت ابن حبيب بالمختار ثم إن وصل حيث لا طين أعاد في الوقت، وسمع ابن القاسم: للخائف من لصوص تخفيف ما لا ينقض صلاته. ابن رُشد: أي ترك ما زاد على أقل ما يجزئ من قيام وركوع وسجود، ولو ترك التشهد والسورتين أساء وأجزأته. وفيها: يصلي الخائف من سباع ونحوها إن نزل عن دابته إيماء عليها وأحب أن يعيد إن أمن في الوقت بخلاف العدو. اللخمي: الموقن بزوال الخوف والآيس منه والراجي في التأخير والتعجيل والتوسط كالتيمم وقال المغيرة: يعيد خائف العدو كخائف السباع. ابن رُشد: من لم يعد منهم في الوقت لم يعد بعده، وقال ابن حبيب: يعيد وهو دليل سماع أبي زيد ابن القاسم. والقادر جلوسه في النفل: ابن حبيب: ومد إحدى رجليه إن عيي، وركوعه إيماء جالسًا أو قائمًا واستناده قائمًا خففه. وفي الاضطجاع في النفل ما للخمي ثالثها: "لمرض" للأبهري والشيخ عن بعض أصحابنا والجلاب. وفي جواز جلوس مبتدئه قائمًا اختيارًا قولان لها ولأشهب، وفي بقاء خلافهما لو ابتدأها ناويًا قيامها قولان لابن رُشد مع أبي عمران وبعض شيوخ عبد الحق قائلاً: تصير بالنية كنذر؛ كقولهما في لغو ما نوى من سورة طويلة ولزومها. اللخمي: إن نوى إتمامها جالسًا أو التزمه قائمًا جاز جلوسه ولزم قيامه، وإن نواه ولم يلتزمه فقولاهما والأول أحسن؛ لأن الإحرام لا يوجب لزوم القيام إذ له الإحرام على أنه بالخيار في الجلوس والقيام.

باب الركوع

قلت: مفهوم قوله: "إن نواه فقولاهما" مقتض قصر قول أشهب على ناوي القيام وهو عام فيه، وفي غير ناويه وهو ناويه وهو مقتضى استدلاله على تصويب الأول فأول قوله وآخره متنافيان والخلاف في لزوم ما نوى كالخلاف في لزوم الطلاق بالنية. عياض: والركوع، الباجي: المجزئ منه أن يمكن يديه من ركبتيه. اللحمي: هو قوله فيها. ابن شعبان: أخفه بلوغ يديه آخر فخديه، وسمع أشهب: لا يرفع رأسه ولا ينكسه أحسنه اعتدال ظهره. [باب الركوع] المازري: هو انعطاف الظهر مطأطأ. ونحوه قول ابن شاس: أقله انحناؤه بحيث تقارب راحتاه ركبتيه ويستحب نصب ركبتيه عليهما يداه. ابن العربي وابن شعبان: مفرقة أصابعهما ومجافاة الرجل ضبعيه متقاربًا كالسجود. وفيما: يفرقهما في ركوعه ويضمها في سجوده قال: كره أن يحد فيه حدًا ورآه بدعة والذكر له وللسجود. ورفعه: الله أكبر ورفعه منه مطلوب. وسمع ابن القاسم: من خر من ركعته ساجدًا لم يعتد بها وأحب تماديه معتدًا بها ويعيد صلاته. سحنون: روى علي لا إعادة عليه.

ابن رُشد: في كونه سنة أو فرضًا قولان عليهما قولا مالك في كون عقدها الركوع أو رفعه، فعلى السنة يسجد تاركه سهوًا قبل وعمدًا يستغفر الله وهي رواية علي، وعلى الفرض تبطل في العمد، ويرجع محدودبًا في السهو قاله محمد، ويسجد قبل، فإن فات رجوعه لبعده ألغاها ويسجد بعد، وقول ابن القاسم: لا يعتد بها ظاهره كان ناسيًا أو عامدًا وتماديه رعيًا للخلاف. قلت: عزا الشيخ لمالك استحباب تماديه وإعادته وزاد عن محمد: إن رجع قائمًا بطلت صلاته. واعتداله إثر رفعه منه مطلوب فإن لم يعتدل فابن القاسم ورواية ابن وهب: جزئه ويستغفر الله تعالى. التونسي وأشهب والشيخ عن ابن وهب: يعيد. القاضي وابن القُصَّار: عن بعض أصحابنا يجب ما قرب للقيام. ابن رُشد: أوجبه ابن عبد البر ودليله قول ابن القاسم يستغفر الله السنة؛ إذ لا يلزم استغفار لترك فضيلة يسجد لتركه سهوًا ورواية ابن القاسم "لا سجود له"؛ أي: لتركه مرة - كرواية عدمه لترك تكبيرة. والطمأنينة في الاعتدال والأركان وجوبها للخمي عنها وعن الجلاب. ابن رُشد عن سماع عيسى: سنة. وصوبه اللخمي مرة عن ابن القاسم غير واجبة، ومرة قيل: فضيلة والزائد على أقلها. ابن شعبان: عن بعضهم فرض موسع وبعضهم نفل وصوبه اللخمي، ولا يقرأ فيه ذكره التسبيح وعده القاضي فضيلة.

وفيها: قال مالك: لا أعرف قول الناس في الركوع "سبحان ربي العظيم"، وفي السجود "ربي الأعلى"، فأنكره ولم يحد فيه حدًا ولا دعاء مخصوصًا والدعاء فيه تقدم. عياض: وقول إسحاق بن يحيى عن يحيى بن يحيى وعيسى: "من لم يذكر الله في ركوعه ولا سجوده أعاد صلاته "أوله القاضي التميمي بترك ذلك لتركه الطمأنينة الواجبة. ابن رُشد: تعمد تركه حتى التكبير كمتعمد ترك السنة. قلت: قال في البيان: إنما قالاه استحسانًا لا وجوبًا. وسنة رفعه للفذ "سمع الله لمن حمده"، وفضيلته "ربنا ولك الحمد"، وللإمام المشهور الأول، وروى ابن شعبان مثله وقاله ابن نافع. اللخمي وعياض: وللمأموم المشهور سنته الثانية ابن نافع وعيسى: كالفذ عياض: نقله الباجي والمازري عنهما خطأ؛ لأن نص ابن نافع: يقول الإمام: "سمع الله لمن حمده"، ويقول: "ربنا ولك الحمد" وإذا قال: {وَلا الضَّالِّينَ} [الفاتحة:7] يقول: "آمين"، والإمام ومن وراءه في هاتين المقالتين سواء، فظاهره في قول: "ربنا ولك الحمد"، وقول: "آمين". قلت: هذا نص ابن نافع فأين نص عيسى إلا أن يكون بنص ابن نافع أخذ. وروى ابن القاسم "ولك" وابن وهب "لك". الشيخ: اختار مالك "لك" وابن القاسم "ولك". أبو عمر: قول مالك أصح من جهة الأثر. وفي الاقتصار على "ربنا" وزيادة "اللهم" قبله طريقان لابن حارث مع المعلم والإكمال والكافي والمنتقى وحديث الموطأ ومسلم، والتلقين مع شرحه، والجلاب ولفظها.

باب السجود

[باب السجود] والسجود: مس الأرض أو ما اتصل بها من سطح محل المصلي كالسرير بالجبهة والأنف، وفي صحته بأحدهما فيها: بالجبهة، وبأنفه يعيد أبدًا. أبو الفرج عن ابن القاسم: بل في الوقت. ابن حبيب: أبدًا فيهما. وفيها: من بجبهته قروح أومأ ولم يسجد على أنفه. أشهب: إن سجد عليه أجزأ. اللخمي: على قول ابن حبيب يجب، وفي كون قول أشهب وفاقًا أو خلافًا طريقا الصقلي مع شيخه عتيق وبعض شيوخه مع ابن القُصار. وروى ابن القاسم: لا أحب وضع جبهته على محل مرتفع لا يمس أنفه، وكره مالك شد جبهته بالأرض. وفي استحباب وضع ركبتيه قبل يديه والعكس ثالث الروايات: لا تحديد لابن شعبان والمبسوط وابن حبيب، واستحب اللخمي تأخيرها عن ركبتيه في قيامه. ابن شعبان: الاختيار وضعهما قبل ركبتيه ويرفع كذلك، ويضعهما بين سجدتيه على فخذيه مبسوطتين وعدم رفعهما بين سجدتيه، بعض أصحاب سحنون: لا يجزئ وخففه بعضهم. وسمع يحيى: قبض الساجد أصابعه على شيء أو لغير عذر عمدًا يستغفر الله منه.

سند: محمله أنه مس الأرض ببعض كفه ولو لم يمسها إلا بظاهر أصابعه لم يجزئه. ابن رُشد: إيجاب الاستغفار يدل أنه سنه فيتخرج في تركه عمدًا لا لعذر قولان. وسمع ابن القاسم: أرجو خفة ترك وضع يديه في سجوده لإمساك عنان فرسه إن لم يجد بدًا. ابن رُشد: هذا أحسن من سماعه زيادة ولا أحب له تعمده. وسمع موسى ابن القاسم: إن لم يضع يديه على ركبتيه ولا بالأرض لجعل كيسه تحت إبطه لعجزه عن جعله في كمه لثقله وبالأرض خوف أن يخطف لم يعد، وإن لم يخف ومنعه وضع يديه على ركبتيه أعاد. ابن القُصَّار: يقوى في نفسي أنه على الركبتين وأطراف القدمين سنة. ودليل تسوية اللخمي الوجه بها في الأمر بها صح، وقياس المازري إجزاء كور العمامة على إجزاء سترها وجوبها. ابن العربي: أجمعوا على وجوبه على السبعة الأعضاء. وروى الشيخ: ينصب قدميه في سجوده. وفيها: من سجد على كور عمامته كره. ابن حبيب وبن عبد الحكم: إن كان قدر طاقتين وإن كثف أعاد في الوقت إن مس أنفه الأرض، وذكر الباجي رواية لابن حبيب. المازري: هذا فيما شد على الجبهة لا ما برز ومنع لصوقها بالأرض. قلت: ظاهر قوله أجازه مالك وشرط ابن حبيب قلة طاقاتها أنه خلاف، وقال التونسي: وفاق اللخمي إن كثفت العمامة لم يجزئه. وفي المبسوطة عن ابن القاسم: إن سجد على بعض عمامته أجزأه. أصبغ: وكذا على كلها وإن لم يخرج من جبهته شيئًا. ابن رُشد: هذا خلاف دليل قول ابن القاسم. وفي جعل يديه حذو صدره لا أذنيه والعكس قولا ابن شعبان، واللخمي مع ابن مسلمة، ونقل الطراز عن ابن مسلمة حذو منكبيه. وفيها: يوجههما إلى القبلة ولم يحد أين يضعهما. وفيها: يرفع بطنه عن فخذيه في سجوده ويجافي ضبعيه تفريجًا متقاربًا، وله وضع

ذراعيه على فخذيه في طول سجود النفل ولا يفترش ذراعيه. اللخمي عن مالك: إلا في طويله. واستحب ابن شاس أن يفرق بين ركبتيه، وروى علي: لا تفرج المرأة في ركوع ولا سجود. ابن حبيب: يستحب مباشرة الأرض بوجهه ويديه ولا بأس بحائل لحر أو برد. اللخمي: ويستحب القيام عليها ويجوز على حائل من نبات لا يستنبت كحصير أو خمرة. اللخمي: وشبهه مما لا يقصد بترفه، وفي ثياب الكتان والقطن الكراهة لها، وأجازه ابن مسلمة ويحيى بن يحيى، وغير نباتها كالصوف مكروه. اللخمي وابن رُشد: وما عظم ثمنه من حصر السامان. ابن حبيب: لا بأس أن يقوم ويقعد على ما كره، وروى الرخصة في الطنافس في المسجد في رمضان للقيام والجلوس عليها. وروى ابن القاسم كراهة البسط إلا أن يجعل عليها خمرة أو حصير لا المزوجة لصغرها. وظاهر قول ابن عبد السلام ظاهر قول ابن الحاجب "استحباب ترك ما تنبته الأرض إلا لحر أو برد"، والمذهب جوازه على ما لا ترفه فيه اختيارًا أنه خلاف المذهب، وليس كذلك لما تقدم. وفيها: لا يضع يديه إلا على ما يضع عليه جبهته ويجوز سجوده على ما لا يضع عليه كفيه لحر أو برد. وتبدي المرأة كفيها حتى تضعهما على ما تسجد عليه. ابن مسلمة: لا ينبغي على ثوب جسده ولا على يديه في كميه. المازري: كشفهما مستحب. اللخمي: اختلف إذا لم يبرزهما من كميه. الجلاب: وسمع ابن القاسم: صلاتها بغير خضاب أحسن وكان يخففه. ابن رُشد: يريد خضاب رجليها، وخضاب يديها ينبغي نزعه قولاً واحدًا لسماعه نزع الرامي الأصابع والمضرية للصلاة في غير حرب.

باب الرفع من الركوع والرفع من السجود

وكره حمل الحصباء والتراب من الظل إلى الشمس يسجد عليه. الصقلي وخلف: لا بأس به في غير المساجد. [باب الرفع من الركوع والرفع من السجود] والرفع منه، وتعقب ابن دقيق العيد قول ابن الحاجب: "الرفع منه كالركوع"؛ لظهوره في خلاف فيه يمتنع لتوقف الثانية عليه، وإن علل اللخمي به وجوبه، وصرح المازري وابن رُشد بالاتفاق عليه - يرد بأن رفع الركوع لذاته؛ لتصور حصول الواجب بعده دونه، فشاذه عدم وجوبه لذاته وهذا متصور في رفع السجود لذاته، ولذا قال اللخمي: قول ابن حبيب: إن رفع من ركوع أو سجود بعد رعافه اعتد به بناء على عدم وجوب الرفع فيهما. وقدر رفعه ذكر المازري فيه نصا قول ابن القاسم وأشهب في اعتدال رفع الركوع وأجزأ فيه الثالث. الباجي: في كون الجلسة بين السجدتين فرضًا أو سنة خلاف، وعلى الفرض في فرض الطمأنينة خلاف، ويستحب فيه الدعاء، ولا بأس بالتسبيح ولا يقرأ فيه، وتقدم قول يحيى بن يحيى وعيسى بن دينار، وروى الشيخ: لا دعاء بين السجدتين ولا تسبيح ومن دعا فليخفف. اللخمي: لا يدعو بينهما فقول ابن الحاجب لا بأس بالدعاء في الرفع منه لا أعرفه.

لم يقوم دون جلوس، ولا شيء في تعمده، وفي السجود له سهوًا وعدمه ما لم يكن قدر التشهد سماع أشهب وقول ابن كنانة مع ابن أبي حازم وابن القاسم، وروايتي ابن وهب وابن أبي أويس، واستحب ابن العربي الجلوس لثبوته قال: وقولهم بالسجود له وهم عظيم. وفي الاعتماد على يديه للقيام من السجود أو التشهد ثلاثة فيها: مباح، واستحبه مرة، وخفف تركه أول سماع ابن القاسم، وكره تركه آخره، وسماع أشهب، وصوبه ابن رُشد وفعل كل ركعة سواء. وتكبير كل ركن فعلي سنة: اللخمي: وقيل فضلية. المازري: رأى بعض المتأخرين وجوبه لقوله: إن طال عدم سجود تاركه بطلت. ابن رُشد: في كون مجموعه سنة أو كل تكبيرة سنة سماعًا أبي زيد وعيسى ابن القاسم وهما فيها. ومحله حين الحركة إليه إلا قيام الثالثة فعقب استقلاله، وفي بعض نسخ تقريب خلف عن ابن الماجشون: حين قيامه. وقاله ابن العربي. وجلوس قدر التسليم، وأما جلوس تشهده والتشهد الأول عقب إكمال الثانية في غير الثنائية فكالتشهدين سنة، وروى أبو مصعب وجوب الأخير. ابن زرقون: ظاهر نقل أبي عمر عنه وجوبهما، والمستحب في كل جلوس الصلاة على وركه الأيسر ثانيًا رجله اليسرى ناصبًا اليمنى وباطن إبهامها يلي الأرض. الباجي: لا جنبها. ابن زرقون: خير في الرسالة فيهما. وكفاه في جلوسهما على فخذيه قابضًا اليمنى إلا سبابتها وحرفها إلى وجهه، زاد ابن بشير: كعاقد ثلاثة وعشرين. ابن الحاجب: تسعة وعشرين، والمروي ثلاثة وخمسين. ابن بندود: الواحد: ضم الخنصر لأقرب باطن الكف منه، والاثنان: ضمه مع البنصر كذلك، والثلاثة: ضمهما مع الوسطى كذلك، والأربعة: ضمها ورفع الخنصر،

والخمسة: ضم الوسطى فقط، والستة: البنصر فقط، والسبعة: ضم الخنصر فقط على لحمة أصل الإبهام، والثمانية ضمها والبنصر عليها، والتسعة: ضمهما والوسطى عليها، والعشرة: جعل السبابة على نصف الإبهام، والعشرون: مدهما معًا، والثلاثون: إلزاق طرف السبابة بطرف إبهامه، والأربعون: مد إبهامه على جانب سبابته، والخمسون: عطف إبهامه كأنها راكعة، والستون: تحليق السبابة على أعلى أنملتي إبهامه على جانب سبابته، والخمسون: عطف إبهامه كأنها راكعة، والستون: تحليق السبابة على أعلى أنملتي إبهامه، والسبعون: وضع طرف إبهامه على وسطى أنامل السبابة مع عطف السبابة إليها قليلاً، والثمانون: وضع طرف السبابة على ظفر إبهامه، والتسعون: عطف السبابة حتى تلقى الكف وضم الإبهام إليها، والمائة: فتح اليد بها. وفيها: هي كالرجل في جلوسه. وفي المختصر: جلوسها وكل شأنها في صلاتها كالرجل إلا في اللباس. الشيخ: يريد والانضمام. قلت: فيلزم الجهر، وروى علي: تجلس على وركها الأيسر وفخذها اليمنى على اليسرى وتضم بعضها لبعض قدر طاقتها، ولا تفرج بخلاف الرجل. وفي استحباب الإشارة بالإصبع في تشهده أو عند "أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له" - ثالثها: لا يحركها، ورابعها: مخير لسماع ابن القاسم مرة مع قوله: رأيته يحركها ملحًا. ورواية الباجي ونقله مع الشيخ عن يحي بن عمر ونقلهما عن ابن القاسم: يمدها ساكنة جنبها الأيسر لوجهه، وسماع ابن القاسم مرة، وسمع تخفيف تحريكها تحت ساجه. وقول ابن رُشد: "الإشارة هي السنة من فعله صلى الله عليه وسلم" ضد قول ابن العربي: "إياكم وتحريك أصابعكم في التشهد ولا تلتفتوا لرواية العتبية فإنها بلية".

باب التسليم في الصلاة

وفيها: استحب مالك: "التحيات لله الزاكيات لله الطيبات لله الصلوات لله، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله"، ولم يعرف فيه بسم الله الرحمن الرحيم. ويستحب الدعاء عقب الأخير، وفي جوازه عقب الأول رواية ابن نافع مع رواية المختصر والشيخ عن رواية علي: ليس هو موضع دعاء. ووسع فيه ابن القاسم راويًا: تشهدهما سواء وجلسة الثاني أطول. محمد: تشهد الصلاة سنة والصلاة عليه صلى الله عليه وسلم فرض. ابن محرز: لعله يريد في الجملة لا في الصلاة. ابن زرقون: حكى وجوبها في التشهد عن محمد. عياض: حكى بعض البغداديين عن المذهب في المسألة السنة والفضيلة والوجوب، وعزاه لمحمد، وسمع ابن القاسم: من نسي تشهده حتى سلم إمامه تشهد ولم يدع. [باب التسليم في الصلاة] والتسليم بالسلام عليكم، القاضي: إثر تشهده. فلو نكر فالشيخ والقاضي: لا يجزئ. ابن شبلون: يجزئ. ابن شبلون: يجزئ. ابن محرز: قال أشهب: رأيت مالكًا يبدأ بيمينه ثم يساره، ثم على الإمام في كل ذلك سلام عليكم. الباجي: قال مالك: لا يجزئ، وروي عن ابن شعبان: يجزئ، والذي رأيت له ذكره عن قوم.

قلت: ثم قال: اختار بعض أصحابنا سلام عليكم فالأقوال ثلاثة. ط وفيها: ترجيح الرد بالسلام عليكم على عليك السلام. وفي المختصر: لا يقوله. وفيها: يسمع الإمام ومن يليه ولا يجهر جدًا. وسمع ابن وهب: أحب عدم جهر المأموم بالتكبير: وربنا ولك الحمد، فإن أسمع من يليه فلا بأس وتركه أحب، ولا يحذف سلامه ولا تكبيره حتى لا يفهم ولا يطيله جدًا، وفي الواضحة: ليحذف الإمام سلامه ولا يمده قلت: مفهوم سماع ابن وهب: إن أسمع من يليه؛ فلا بأس يحتمل بطلان صلاته، وكنت أسمعه عن ابن نافع ولم أجده إلا في صلاة المسمع ولعله في غيره أحرى. وفي استحبابه النية ولزوم تجديد نية الخروج قولا المتأخرين، وعزاهما ابن العربي للمعروف من المذهب وابن حبيب عن ابن الماجشون، ولم يحك ابن رُشد غير الأول قال: ولا يفضل عن الصلاة فصلاً باتًا إجماعًا لصحة تلافي بعض نقص فرضها بعده إجماعًا، وفي فصله عنها فصلاً غير بات قولان خرج عليهما افتقار من رجع لباق عليه من فرضها لإحرام وعدمه، وعلى الأول قولها: من أراد بعد وتره نفلا تربص قليلاً. قلت: لا يرد ما نقل من الإجماع بالإجماع على صحة صلاة من أحدث عقب سلامه؛ لأن مراده ارتفاع حكم الصلاة بعد تمامها به عن انسحابها على تاليها وانسحابها عليه. وسلام غير المأموم قبالته متيامنًا قليلاً، وفي كونه كذلك وبدايته من يمينه نقلاً الإكمال عن تأويل بعض الشيوخ مع التنبيهات عن ابن سعدون، والرسالة والشيخ في غيرها مع الباجي، وعبد الحق وعياض عن ظاهرها، فالإمام والفذ تسليمة. اللخمي: ورويت ثانية عن اليسار. أبو الفرج: إن كان عن يسار الإمام أحد، وروى المازري: يخفي سلامه للرد على من على يساره؛ لئلا يقتدي به فيه. قلت: ففي الإمام ثلاثة: عياض: الأول المشهور ومن العجب قول ابن زرقون "لم يختلف قل مالك للإمام واحدة".

وسمع عبد الملك ابن وهب: لا يسلم مأموم مسلم اثنتين إلا بعد الثانية، وسمع ابن القاسم: وقيامه لقضائه كذلك. والمأموم رويت تسلمتان يرد بإحداهما على الإمام، ورويت ثالثة على من على يساره وإليه رجع بعد تقديمها على رد الإمام، ورويت ثالثة على من يساره وإليه رجع بعد تقديمها على رد الإمام. الرسالة: إن لم يكن سلم عليه أحد لم يرد عن يساره. وفي رد من قضى روايتان. المازري: علل ثبوته ببقاء حكم الإمام عليه ونفيه بأن شرط الرد الاتصال وهذا يدل على الخلاف ولو كان من يرد عليه حاضرًا، وزعم بعض أشياخي الاتفاق إن كان حاضرًا. ومن سلم عن يساره فتكلم قبل سلامه عن يمينه ففي بطلان صلاته قولا الزاهي واللخمي عن مُطرف، ولو كان عامدًا فذًا. اللخمي: إن سلم عن يساره لتحلله صحت صلاته، وللفضيلة ليتحلل بالثانية فنسيها وطال أمد انصرافه بطلت، ولظنه تقديم سلام تحلله إن رأى صحته بالثانية صحت وإلا بطلت. قلت: الصواب في القسم الثاني بطلانها لكلامه؛ إذ هو فرض المسألة، وتعليله بما ذكر غير الفرض وتعليله بما ذكر قبيح لإيهامه تحصيل حاصل وثبوت مفهوم باطل ضرورة استقبال كلامه بالبطلان وإلا كان قلبًا لفرض المسألة. ابن رشد: إن نسي السلام الأول وسلم الثاني لم يجزئه على قول مالك وأجزأه على ما تأولنا على قول ابن المسيب وابن شهاب، ولو سلم شاكًا في تمام صلاته لم يصح رجوعه لتهامها، ولو بان تمامها فقال ابن حبيب: صحت والأظهر قول غيره فسدت.

قلت: عزا الشيخ صحتها أيضًا لكتاب ابن سحنون وبطلانها لابن عبدوس عن سحنون. وسمع عيسى ابن القاسم: صلاتهم خلف من تمادى عامدًا وقد أحدث بعد تشهده حتى سلم مجزئة. عيسى: لا تجزئهم. ابن رشد: قول ابن القاسم رعي لقول الحنفي. الباجي لابن القاسم: من أحدث في تشهده؛ صحت صلاته كالحنفي. ابن زرقون: إنما له سماع عيسى أنها تجزئهم، فلعله استخف سلامهم لأنفسهم كما استخف للراعف بعد سلام إمامه سلامه كذلك. قلت: كون الراعف أخف من المحدث بتمادي عمدًا واضح. المازري: إنما يتم قول الباجي إن قصد به الخروج لشرطه الحنفي. قلت: أو على قول أشهب وابن عبد الحكم بصحتها خلف من تمادى محدثًا عالما، ورعي المذهب أقرب من غيره. وفي كراهة الدعاء بالعجمية في الصلاة وخفته ثالثها: "إن علم كونه اسمًا في تلك اللغة جاز "لنصها وسماع ابن القاسم جوابه عنه بـ {لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إلاَّ وسْعَهَا} [البقرة: 286]، وأخذ اللخمي من قولها: وما يدريه أن الذي قال هو كما قال، وروى اللخمي سعته في غير الصلاة. وفيها: نهى عمر عن رطانة الأعاجم. الصقلي: قيل في المساجد، وقيل بحضرة من لا يفهم كالتناجي. وقضاء فائتها واجب: عياض: سمعت بعض شُيوخي حكى أنه بلغه عن مالك قولة شاذة بسقوط قضاء تاركها عمدًا، ولا يصح عنه ولا عن غيره من الأئمة سوى داود وأبي عبد الرحمن الشافعي، وخرجه سند على قول ابن حبيب بتكفيره؛ لأنه مرتد تاب. وفي قضاء الحربي يسلم ما تركه ببلد الحرب نقلا المازري عن سحنون وابن عبد الحكم.

قلت: لعله على نقل المتيطي. في كون من أقر بالشهادتين وأبى التزام الصلاة وأخواتها بعد التشديد عليه مرتدًا أولا - قولا أصبغ والمشهور وبه القضاء. أولا - قولا أصبغ والمشهور وبه القضاء. وفي قضاء المستحاضة ما تركته جهلاً مدة استحاضتها ثالثها: "إن كانت أيامًا يسيرة" لابن رُشد عنها، وعن ابن شعبان مع ظاهر سماع أبي زيد رواية ابن القاسم ونقل ابن رُشد، وتأول ابن زرقون سماع أبي زيد المذكور بما بينها وبين خمسة عشر يومًا. وترتيب ما لم يخرج وقته كنهاريتي يومه واجب قبل فعلهما، فإن نكس ناسيًا أعاد في الوقت. ابن رُشد: إن لم يعد عمدًا أو جهلاً بالحكم أو ببقاء الوقت أو نسيانًا ففي إعادته بعده شاذ قول ابن القاسم مع ابن حبيب ومشهوره، وأورد قول مالك بوجوب إعادة عصر من صلتها لظهرها لأربع في ظنها فبان لخمس بعد صلاة ظهرها وهي كناسية، وأجاب بقول محمد: إنها علمت بكذب ظنها قبل سلامها فكانت ذاكرة صلاة في صلاة، وناسية على القول باختصاص الظهر بأربع من الزوال فوقت ظهرها للظهر كزوال الشمس لها فصلاتها العصر فيما اختصت به الظهر كصلاتها قبل وقتها. قلت: جوابه الأول يؤدي إلى رد قول مالك لقول محمد، وظاهره خلافه، وعلى الخلاف حمله اللخمي، وجوابه الثاني ذكره اللخمي ترجيحًا لقول محمد على قول مالك، ويرد بأن قدر الظهر إثر الزوال لا شركة للعصر فيه بوجه لأحد، وهذا الوقت وقت العصر لغير هذه؛ بل الفرق أن خطأ هذه غير مستند لسبب ونسيان الناسية مستند لخروج وقت الظهر، ومشهور قول ابن القاسم هو أول سماع عيسى في الجهل والنسيان وشاذه آخره، وعزاه الشيخ لرواية الأخوين في النسيان. وإن نكس جهلاً وجبت إعادته. ابن رُشد: اتفاقًا. المازري: خرج بعضهم عدم شرط الترتيب من قول مالك: "من قدم عصر يومه على ظهره جهلاً ولم يذكر يومه لم يعد". قلت: خرجه الباجي من رواية علي قال: ولابن القاسم نحوه.

ابن زرقون: هي خلاف نقل ابن رُشد الاتفاق فلعله لم يقف عليها، والمشهور تقديم يسير ما فات على ما حضر ولو ضاق وقته. بعض شيوخ عبد الحق: واليسير بقية كيسير أصلاً. ورجع ابن القاسم لسقوط قضاء الوقتية عن ذاكر ما يستغرق وقتها من ذي عذر. ابن وهب: الوقتية أحق وخير أشهب. ابن بشير عن البغداديين: تقديم المنسية مستحب. فقول ابن رُشد "يقدم اليسير اتفاقًا" غريب ويناقض قوله في البيان والأجوبة: ليس وقت ذكر المنسية بمضيق لا يجوز تأخيرها عنه بحال كغروب الشمس للعصر وطلوعها للصبح؛ لقولهم: إن ذكرها مأموم تمادى، وكذا الفذ عند ابن حبيب؛ لأنهم إذا قدوا المنسية على الوقتية كانت أشد فورًا إلا أن يجاب برعي الترتيب، وفي اليسير طرق: ابن بشير الأربع يسير لا الست وفي الخمس قولان. البيان: الست كثير، وفي كثرة الأربع قولان لظاهرها وسحنون مع سماع ابن القاسم، وفي كثرة الخمس قولان لهما. الصقلي: لا خلاف في يسارة الأربع وعلى الأول لو نكس ناسيًا أعاد في الوقت. وفيها: رجع فقال: لا يعيد مأمومه. وفي خروج وقت الجمعة بسلامها أو كالظهر فيعيدها ظهرًا نقلا ابن رُشد عن سحنون مع أشهب والليث وغيرهم وابن القاسم، وقول ابن شاس: "عنها: لا يعيدها. قال سحنون: رجع لإعادتها وعليه أكثر الرواة "لا أعرفه، فإن لم يعد نسيانًا أو جهلاً ببقاء الوقت أو الحكم ففي إعادته بعده ما تقدم. وفي كون الوقت الضروري أو الاختياري روايتا اللخمي، ولم يحك ابن رُشد غير الأول؛ وعليه لو قدر الباقي أربعًا فأعاد العصر فبقي قدر ركعة قال الصقلي: في إعادته الظهر فقط أو والعصر ثالثها: إن لم يعلم خطأه في العصر لسحنون مع أشهب وابن حبيب مع رواية محمد وقوله. قلت: إنما قاله في الحائض تطهر. الشيخ عن سماع أشهب: يعيد العصر، ولم أجده فيه وعمدًا أو جهلاً في إعادته أبدًا.

أو في الوقت ثالثها: "إن ذكرها فيها وفي الوقت إن أحرم ذاكرًا" لسماع عيسى ابن القاسم مع رواية ابن الماجشون وسحنون والمقدمات عنها مجريًا الثلاثة في تقديم عصر على ظهر فاتا. فلو ذكره في صلاة فذ ففي استحباب قطعها ووجوبه ثالثها: إن أحرم ذاكرًا. لسماع سحنون ابن القاسم مع اللخمي عن مالك، وعنه مع قول ابن حبيب، والبيان عنها. وله عن ابن حبيب: إن خرج وقت المنسي تمادى وإن لم يركع وإلا قطع ولو كان على وتر. الباجي: وعليهما لو أتمها إعادته في الوقت أو أبدًا. ابن رُشد: في المستحب في كيفية قطعة سبعة. سمع أشهب في ذاكر ظهر يومه في عصره ولو عقب إحرامه يتم ركعتين. ابن رُشد: وكذا ظهر غير يومه. وفيها: يقطع ما لم يركع. وفيها: يقطع مطلقًا في النفل ولا فرق بينه وبين الفرض، وقيل: يقطع في النفل، وإن ركع لا الفرض إن ركع، ولابن القاسم فيها: لا يقطع في نفل، وإن لم يركع. وفيها: له إن ركع أتم ركعتين وإن ركع ثلاثًا أو لم يركع قطع. ابن حبيب: إن ذكر مشاركتها قطع ولو كان مأمومًا مطلقًا وغيرها تمادى مأمومًا، وأتم ركعتين فذًا، وقيل: إن ضاق الوقت قطع ما لم يركع وإلا تمادى. المازري: لو ذكرها في المغرب ففي قطعه وتماديه كغيرها قولان لابن حبيب فذًا كان أو مأمومًا إن صلى واحدة شفعها وثلاثًا ربعها، ولها؛ لأن أصل ابن حبيب ذكر الفائتة يفسد ما هو فيه وإتمامه بنية النفل، فإذا كان هذا أصله أمر بقطع المغرب لمنع النفل قبلها. وأصل المدونة: إن ذكرها فيه لا يفسدها وإنما يعيدها في الوقت استحبابًا، وألزم بعض أشياخي ابن حبيب وجوب القطع ولو كان مأمومًا؛ إذ لا معنى لرعي فضل الجماعة في صلاة فاسدة.

قلت: ما ذكره لابن حبيب أولاً وآخرًا مثله عنه في التهذيب متناف، فإن أراده فواضح وإلا فلازم. وإمام ولو في جمعة في قطعه ومنع استخلافه وصحته ثالثها: "إن لم يركع وإلا استحلف"، ورابعها: "وإلا أتمها وأعاد وحده" لابن رُشد عن أول قوله في سماع عيسى في بعض الروايات وثاني قوله فيه وابن كنانة، وخامسها عن ابن كنانة: "إن لم يركع استخلف وإلا أتم وأعاد ذكره المازري قائلاً: نقل ابن حبيب وغيره عنه الاستخلاف مطلقًا وإنما في كتابه ما فصلته. الشيخ: رجع ابن القاسم عن الأول للثالث. المازري: قول الإبياني: لو تمادى بهم أعادوا أبدًا بناء على فسادها بذكر منسية. ومأموم لا في جمعة في تماديه وقطعه ثالثها: ما لم يكن وقت المذكورة باقيًا فيقطع، ورابعها: ما لم يكن في المغرب لها ولابن زرقون عن ابن كنانة. وللشيخ مع الصقلي عن ابن حبيب ناقلاً عن ابن رُشد والباجي، ولو كان على وتر، والمازري عنه ولم يحك الشيخ عنه إلا الثاني. الباجي: مذهب ابن القاسم تماديه فرض ويعيد لفضل الترتيب، وقول ابن حبيب: تماديه نفل ويعيد أبدًا. ابن رزقون: ظاهر قوله خلافه وأن ذلك يفسدها، وعلى الأول لو كان في المغرب لم يشفعها، وروى اللخمي: يشفعها، وخرجها على فسادها بالذكر. وفي تماديه في الجمعة مطلقًا ويعيدها ظهرًا أو إن أيقن إدراك ركعة منها بعد المنسية قطع وإلا تمادى ولم يعد - قولان للقابسي عن المذهب مع ابن محرز عن سحنون عن أكثر الرواة وأكثر قول ابن القاسم وأشهب، وفسر ابن رُشد المذهب بالثاني، وقال: في إعادته إن تمادى لعدم إيقانه الجمعة ظهرًا قولا ابن القاسم وأشهب. وسمع ابن القاسم: من أدرك مع إمام ركعة أو ركعتين من صلاة ظنها ظهرًا بان أنها عصر قطع بسلام، وإن أدرك ركعة أو ثلاثًا سلم عن شفع. ابن رُشد: القطع والتشفيع قولان قالهما في وقتين أخطأ المؤلف في جمعهما مفسرًا الأول بالثاني، الأول كقطع ابن حبيب بمنسية باق وقتها، والثاني على قولها يتمادى.

وفيها: إن ذكر فذ منسية بعد إحرام فريضة قطعها، وبعد ركعة منها شفعها وقطع، وبعد شفع سلم، وبعد ثلاث أتمها. ابن القاسم: استحب قطعها ولو كان مأمومًا أتمها في الجميع، وأعاد إن بقي وقتها وما قبلها إن وسعه معها فظاهرها إن ذكره بعد ركعة من الصبح كغيرها. وقال المازري عن بعض شيوخه: مقتضى قول ابن القاسم يقطع الرباعية بعد ثلاث؛ ليؤثر ذكره قطعه في الصبح. قلت: ظاهره قبوله ولم أجده للخمي؛ بل للباجي، وقبله ابن زرقون، ويرد باحتمال كونه؛ لذلك مع منع النفل بأربع، وبها علله فضل لا يقال: إتمامها أربعًا هو بنية الفرض، قاله الصقلي؛ لأنه يرد بفهم فضل المتقدم وقبوله عياض والتونسي، وبأنه ظاهر نصها وهو يتمها أربعًا ثم ليقطع، فلو كانت بنية الفرض ما حسن قوله: "ثم ليقطع"، ونقل ابن رُشد أن مذهبها أن ذكر المنسية فيها يفسدها، وقول الرسالة: "من ذكر صلاة في صلاة فسدت عليه هذه"، فظاهرها أن المغرب أيضًا كذلك، وهو خلاف قوله: "إن أقيمت عليه فيها بعد ركعة قطع" وقول الطليطي: "ويتمها أبين". ابن رُشد: الركعة في ذكر صلاة في صلاة أو إقامة صلاة على من هو في صلاة على قول من يفرق في ذلك بين أن يركع أو لا هو عقدها بسجدتيها. وفي تقديم كثيرة على الوقتية للخمي والمازري ثلاثة: ابن القاسم وابن حبيب: يقدمه إن قدر عليه على الوقتية في وقتها وإلا قدم الوقتية. ابن عبد الحكيم: يصلي ما قدر فإن ضاق الوقت فالوقتية. ابن مسلمة: يقدمه وإن خرج الوقت، إن استوفاه فنقل المازري عن ابن القُصار: أجمعوا على تأخيرها إن ضاق الوقت خلافه، ومثله قول ابن رُشد: إن وسع وقت الوقتية المنسيات معها قدمها وإلا فالوقتية اتفاقًا. قال ابن رُشد: والوقت. قال ابن حبيب: الاختياري، ويحيى بن عمر عن ابن القاسم: الاصفرار، وسمع منه سحنون الغروب، وعزا المازري واللخمي قول ابن حبيب لأشهب معه. قال المازري: ورواية تأخير الظهر والعصر للاصفرار جنوح إلى أنه لهما اختياري.

قلت: قول ابن القاسم بتقديم الكثير إن قدر على الوقتية في وقتها هو سماعه سحنون، وعزاه الشيخ لسماع أبي زيد معه، وفيه أن الوقت الغروب، وعزاه الصقلي لأبي زيد فقط وفيه أن الوقت الاصفرار، وعزا الغروب لرواية سحنون، وخرج على تقديم المنسيات أنه لو ذكرها في صلاة أول وقتها قطعها. قلت: لم يعز الشيخ الاصفرار إلا لرواية عن مالك، ولم أجد سماع أبي زيد بوجه، وقول الصقلي: كل هذا خلافها، وموافقها قول سحنون في كتاب الشرح: إن ذكر خمسًا فأكثر بدأ بالحاضرة ثم المنسيات، ولا يعيد الحاضرة ولو كان في وقتها فكذا لو ذكرها بعدها - خلاف نقل المازري عن المذاهب: من ذكر صلوات كثيرة أمكنه فعلها مع الحاضرة في وقتها بدأ بالفوائت قبلها لوجوب الترتيب، وقول الرسالة: إن كثرت المنسيات بدأ بما يخاف فوات وقته ونحوه في النوادر ولابن رُشد. ولازم تقديم الكثير على الوقتية إعادتها بعده في الوقت، وهو ظاهر قول المازري: من صلى منسية في وقت حاضرة أعاد الحاضرة في وقتها؛ للترتيب. وقال الوقار: إنما يعيدها إن كانت المنسيات خمسًا فأقل. وفيها: وقت إعادة المفعولة إلى الغروب وإلى الفجر وتدرك بركعة منه. وتعقب تقي الدين كون المشهور هنا إلى الغروب وفي النجاسة إلى الاصفرار، فأجابه ابن جماعة بأن الترتيب آكد، ورده ابن عبد السلام: بمنعه نقلاً؛ لأن موجب الطهارة ابن وهب وموجب الترتيب ابن الماجشون فقط، ونظرًا بأن أدلة الطهارة كثيرة قوية ولا أعلم لابن الماجشون دليلاً يسلم، ويمكن أن يفرق جريًا على أصل المشهور بأن الترتيب آكد لتقديم المنسية على الوقتية وإن أخرت عن وقتها، ويصلي بالنجاسة عند ضيق الوقت عن غسلها. قُلت: قوله: لم يقل بوجوب الترتيب غير ابن الماجشون يرد بما تقدم من عزوه لابن حبيب ومُطرف ومالك وابن القاسم، وتفريقه بما ذكر يرد بأنه نفس ما أنكر على شيخه قصارى أمره أنه يبن سببه، ويرد باحتمال كون ذلك تفريعًا على ما وقع عنه السؤال، وقد يفرق بأن ترتيب الصلاة راجع لزمنها وهو لازم وجودها لذاته، والطهارة راجعة لها بواسطة فاعلها؛ لأنها صفة له واللازم لا بوسط آكد منه بوسط،

وبأن الشارع لم يرخص في تنكيسها بحال ورخص في النجاسة اضطرارًا، وبأن مفسدة التنكيس أشد للزوم تعلقه بصلاتين والنجاسة بصلاة واحدة. وفي وجوب الترتيب في الفوائت المختلفة المجهول ترتيبها قولان لسماع عيسى ابن القاسم وأخذ ابن رُشد من قوله فيها: من صلى ذاكرًا فائتة لم يعد بعد الوقت. ووقت الفائتة بعد فعلها فات، ولا يعتبر تعيينها بيومها المجهول من الأسبوع اتفاقًا؛ لأن مطلق الأسبوع بالنسبة إلى مطلق أيامه كجنس تعلق الشك بيوم منه كتعلق اليمين بعموم جنس يسقط وببعضها كتعلق اليمين ببعضه. وفي طلبه بالمجهول من بعضه قولان لسماع عيسى مع ابن حبيب وابن رُشد عنها قائلاً: هو المشهور، ونوازل سحنون، وابن لبابة مع سحنون ومحمد، واختاره في المقدمات قائلاً: لو صلاها ليوم فبان أنها بخلافة لم يجزئه. ابن رُشد: لو ذكر ظهرًا وعصرًا إحداهما للسبت والأخرى للأحد صلى ظهرًا وعصرًا على لغو الترتيب والتعيين، وعلى اعتبارهما قال ابن حبيب: ظهرًا وعصرًا للسبت، ثم كذلك للأحد، وسمع عيسى: ظهرًا للسبت ثم عصرًا للأحد ثم عصرًا للسبت ثم ظهرًا للأحد. وعلى الترتيب لا التعيين يصليهما والمبتدأة إحداهما بين اثنين من الأخرى، واختاره الصقلي. وإبطاله اعتبار الأيام بلزوم صلاة من جهل يوم ظهر من الأسبوع ظهر كل أيامه، ومن سنة كذا ظهر كل أيامها - يرد بما تقدم من لغو المتعلق بعموم الجنس دون المتعلق ببعضه، واستشكال ابن عبد السلام إعادة التي فعلت أولاً لاحتمال تأخرها بأنها قد فعلت وإعادة ما فعلت بعد الوقت ساقطة - يرد بأنه فيما فعل على أنه مرتب في وقته. ابن رُشد: فلو شك كون السبت قبل الأحد فعلى الأول والثالث كما مر، وعلى الثاني يصليهما لأحد اليومين بين صلاتهما للآخر مرتين، وعلى التعيين لا الترتيب كما مر في الثاني من الأولى. وعلى اعتبار تعيين الأيام سئل الصائغ عن قول بعض طلبته في إحرامه صلاة المغرب ليلة كذا أشيء سمعه منه؟ فأنكره واعتذر بأن الطالب موسوس، ثم أشار

لتخريجه على اعتبار أيام المنسيات. المازري: تخريجه يفتقر لبسط طويل. قلت: اقتضاء الإطلاق صرف الفعل لوقته الموقع فيه يوجب افتقار ما أوقع في غير وقته لنية صرفه له وعدمها فيما أوقع فيه، ولو ذكر صلاة يوم شك في كونها حضرًا أو سفرًا صلاها حضرًا. وفي إعادة خمسها للسفر أو ما يقصر منها فقط نقلا المازري حكاية ابن سحنون عن بعض أصحابنا وابن القاسم بناء على حصول التعيين بالسفر والحضر ولغوه. وتحصيل ترتيب ما ترك نسقًا وجهل ترتيبه بصلاته ويعيد بقدر مربع بقيته بعد طرح واحد منه مبتدئًا بما به بدأ. وسمع عيسى من نسي ظهرًا وعصرًا شك في الأولى والسفرية منهما صلاهما تمامًا بعدهما، قصرًا، أو العكس، وعزاه الشيخ أيضًا لأصبغ وسحنون. الصقلي عن بعض أصحاب الشيخ: إن شاء ظهرًا تمامًا ثم عصرًا قصرًا ثم تمامًا ثم ظهرًا قصرًا ثم تمامًا ثم عصرًا قصرًا. ابن حارث: سمع عيسى: من نسي ظهرًا أو عصرًا شك في الأولى منهما وفي كونها لسفر أو حضر، فذكر الجواب الأول قال: ولسحنون ظهرًا تمامًا ثم عصرًا قصرًا، ثم ظهرًا قصرًا، ثم عصرًا تمامًا. ابن سحنون: ثم رجع لست إحداهما تمامًا وقصرًا بين اثنين من الأخرى كذلك، ولبعض أصحابنا ظهرًا تمامًا ثم عصرًا قصرًا ثم تمامًا ثم ظهرًا ثم عصرًا تمامًا ثم ظهرًا تمامًا. المازري: إنما سمع عيسى شكه في سفرية إحداهما، وما ذكر لسحنون أولاً فيما صور يختل باحتمال كونهما لسفر والظهر سابقة، وباحتمال كونهما لحضر والعصر سابقة، ولا يوجد في هذه الرتبة عصر تمامًا سابقة ظهرًا تمامًا، وذكره الجواب يختل باحتمال كونها لسفر والعصر سابقة إن بدأ بهما للحضر، وباحتمال كونها لحضر والعصر سابقة إن بدأ بهما للسفر، وما ذكره أخيرًا يختل بعدم وجود عصر قصر بعد ظهر قصر. أصبغ: إن ذكر ظهرًا وعصرًا جهل أولاهما وهل هما معًا لحضر أو سفر صلى ظهرًا تمامًا ثم قصرًا ثم عصرًا قصرًا ثم تمامًا.

الصقلي: لا وجه له بل ظهرًا تمامًا ثم قصرًا بعد الأخرى وقبلها كذلك. سحنون: من ذكر خمس صلوات مختلفات من خمسة أيام لا يدري أي الصلوات هي صلى صلاة خمسة أيام. ابن رُشد: هذا على المشهور من اعتبار تعيين الأيام. قلت: هذا مشكل لأن الأيام مجهولة مطلقًا ولا أعلم خلافًا في لغوها. المازري: يبعد الخلاف فيها لو روعيت أعاد من ذكر ظهر يوم مجهول ظهر كل يوم مضى من عمره، ولأن سحنون لا يقول بالتعيين، ولو كان كذلك لزم أن يصلي صلاة أيام الأسبوع، والحق أنه جار على أصل المذهب، وإنما لزمه صلاة خمسة أيام؛ لأن جهل صلاة من يوم يوجب صلاته لا يقال: صلاة يوم يستلزم كل منسية؛ لأن شرط إجزاء صلاة يوم نية صرفها ليومها في الواقع وأيامها الواقعة هي فيها متعددة متغايرة. ويجب تيقن فعل الفائتة، فذاكر صلاة من يوم يصلي خمسًا، وذاكرها وثانيتها إلى خامستها على البدلية يصلي ستًا بدؤه بالصبح أولى من الظهر يعقب كل صلاة بذات عدد المعطوفة، وسادستها مثلها من يوم آخر يصلي صلاة يومين، وتقريره المازري بفعله كل صلاة مرتين نسقًا غير لازم لحصول المطلوب بإعادة الخمس بعد فعلها نسقًا، وذا أحسن لانتقال فيه من يوم آخر مرة فقط وفيما قاله ينتقل خمسًا. وضبطه قسم عدد المعطوفة على خمس فإن انقسم فهي خامستها، وإن بقي واحد فمثلها وإلا فهي السمية للبقية، فلو تكرر العطف متواليًا صلى ما يجب لما قبل آخرها وزاد تاليته لاستلزام كل معطوف عليها خمسًا مما يجب لما عليه عطف، وكذا. قال الجلاب: إن نسي صلاتين مرتبتين لا يدري أيتهما لليل أو نهار ولا الليل قبل النهار صلى ستًا متوالية بدأه بالظهر أولاً، وثلاثًا سبعًا وأربعًا ثمانيًا وخمسًا تسعًا. فلو كانت المعطوفة غير متوالية فكما لو كانتها. فلو ذكر صلاتين من يوم وليلة جهل أولاهما صلى سبعًا يبدأ بصلاة الليل وبها يختم، ولو عكس صلى ثمانيًا. وعكس ابن الماجشون. الشيخ: هذا على أن الصبح ليلة والمعروف لمالك نهارية.

قلت: المعتبر اعتقاد الذاكر. وفيها: من ذكر يسير صلوت صلاها حينئذٍ، فإن كثرت صلى على قدر طاقته وذهب لحوائجه، فإذا فرغ صلى أيضًا حتى يتمها. وفي أول أجوبة ابن رُشد: قضاء المنسية والمتروكة غلبة أو عصيانًا يجب حين الذكر والقدرة لا تؤخر عن ذلك إجماعًا، وفي آخرها ليس وقت ذكر الفائتة أو الفوائت بمضيق عن تأخيرها كآخر وقت المفروضة؛ إنما يؤمر بتعجيل الفائتة خوف معالجة الموت، فيجوز تأخيرها حيث يغلب على ظنه أداؤها فتجب بالذكر لا على الفور. ولا ينتفل من هي عليه ولا يقوم لرمضان ويصلي الفجر والوتر ونحوهما، وتقضى بصفة وجوبها على القادر وما عجز عنه قبل القضاء عفو. الشيخ: في كتاب محمد: لو ذكر ذاكر ظهر وعصر شك في أولاهما قبل سلامه من ثالثة فعلهما سجدة من إحدى الثلاث سجدها وأتى بركعة بناء وسجد قبل وأعاد الثانية فالثالثة، ولو ذكرها بعد سلامه أصلحها وأعاد الثانية فقط؛ لأن بذكر السجدة قبل سلام الثالثة فسدت لاحتمال كون السجدة من الثانية سابقة عليها لا يقال: يلزم إعادة الثالثة لاحتمال كون السجدة من الثانية سابقة لتقريرها. الشيخ: بأن ترتيب ما فعل وخرج وقته ساقط. قلت: وبه يتضح نقل ابن سعدون عن محمد: لو ذكر أن السجدة من الظهر الأولى لم يعد شيئًا. ولو ذكر عصرين متواليين وظهرًا شك في تقديمها عنهما صلاهما نسقًا بين ظهرين، ولو ذكر سجدة شك في محلها قبل سلام الأخيرة أصلحها وأعاد عصرًا ثم ظهرًا، وبعد سلامها عصرًا فقط. ولو شك في افتراق العصرين صلى ظهرًا بين عصرين نسقًا مرتين. ولو ذكر ظهرين وعصرين شك كيف يستيقن صلى سبعًا يثني كل صلاة بالأخرى لا يجزئ عصران معًا بين ظهرين معًا لخلوه من ظهر بين عصرين، ولا ظهران معًا بين عصرين لخلوه من عصر بين ظهرين. قلت: لزوم السبع لوجوب صلاة كل واحدة بعد الأخرى ثلاثًا؛ لأنها حاصل

ممكن حالاتها الست فقدم الظهرين معًا على العصرين معًا وعكسه، وتقدم الظهرين على العصرين مفرقين بهما وعكسه، كذلك وتوسط العصرين معًا بين ظهرين وعكسه، وتقرير انحصار حالاتها الممكنة في الست ببيان انحصار أقسامها بين النفي والإثبات فيها، وبسطه: أن الظهرين إما مجتمعان أو لا؛ فإن بان الأول فالعصران إما مجتمعان أو لا، فإن كانت مجتمعتين فإما والظهران مقدمان أو لا وهما الحالتان الأوليان، فإن كان الثاني من حال العصر لزمت الحالة السادسة فهذه ثلاث حالات، وإن كان الثاني من حال الظهرين وهما افتراقهما؛ فالعصران إما مجتمعان أو لا، فإن كان الأول فهي الحالة الخامسة، وإن كانتا مفترقتين، والفرض؛ أن الظهرين كذلك؛ فالظهر إما متقدمة أو لا، فإن كان الأول فهي الحالة الثالثة وإلا فهي الرابعة. قال: فإن ذكر سجدة من إحداهن في الأخيرة أعادها بعد إعادة ما قبلها وبعد سلامها منه ما قبلها فقط. ولو ذكر ظهرين شك في كونهما لسفر وفي الكون إحداهما له صلى أربعًا قصرًا فتمامًا فقصرًا فتمامًا، ولو ذكر معهما ظهرًا شك في كونها قبلهما أو بعدهما أو بينهما صلى ستًا بصفة ما مر، وذلك تمام بين قصرين وعكسه. ولو ذكر ظهرين شك في تقديم السفرية منهما صلى تمامًا بين قصرين، فإن ذكر معهما ظهرًا لا يدري سفرًا أو حضرًا ولا متى هي صلى خمسًا بدأها وختمها قصرًا. ولو ذكر ظهرين شك في السفرية منهما وتقدمها وصلاة مجهولة له شك في سفريتها وتقدمها الظهرين صلى ثلاثًا للظهرين كما مر وصلاة يوم تمامًا وقصرًا، ثم الثلاث للظهرين كما مر فذلك أربع عشرة. ولو ذكر ظهرين ويقدمها للظهرين صلى ثلاثًا للظهرين كما مر، وصلاة يوم تمامًا وقصرًا، ثم الثلاث للظهرين كما مر، ولو ذكر ظهرين شك في كونهما لسفر أو كون إحداهما له وصلاة مجهولة صلى أربعًا للظهرين كما مر وصلاة يوم تمامًا وقصرًا فذلك اثنتا عشرة. قلت: قياس التي قبلها أن يعيد الأربع التي للظهرين إلا أن يكون تيقن كون المجهولة بعد الظهرين.

ولو ذكر سجدتين من يومين لا يدري أهما لحضر أو سفر أو إحداهما صلى يومًا للسفر، ثم يومًا للحضر، ثم رباعياته قصرًا، ثم تمامًا فذلك ست عشرة. ولو ذكرهما من يومين سفر وحضر شك في سابقتهما صلى يومًا للسفر، ثوم يومًا للحضر ينوي بصبحه ومغربه للثاني، وينوي برباعياته يوم الحضر كان أولاً أو ثانيًا، ثم رباعياته قصرًا لليوم الثاني فذلك ثلاث عشرة. ورجع محمد عن إعادة المغرب كالرباعية إلى هذا. ولو ذكر صلاة يومين إحداهما لسفر شك في سابقتهما صلى أربع عشرة بصفة ما مر، ويعيد المغرب كالرباعية؛ لأنه إن كان الحضر أولاً سقطت صلاة اليوم الأول؛ لأنه للسفر إلا صبحه؛ لأن النية بها لأول يوم سفرًا كان أو حضرًا، والمغرب ليست كذلك؛ لأنها إنما تكون بعد صلاة النهار. ولو ذكر معهما سجدة من مجهولة شك في كونها لسفر وكونها قبل اليومين أو بعدهما أو بينهما صلى خمسة أيام بين كل يومين لسفر يوم حضر، ثم رجع محمد إلى أربع عشرة صلاة كاليومين إذا انفردا وقبله. الشيخ: وفيه نظر لتأديته للغو ذكر السجدة من المجهولة، قال: ولو قال في اليومين: لا أدري سفريتين أو إحداهما صلى لأول يوم معقبًا قصر رباعياته بتمامها، ولثاني يوم كذلك فذاك ست عشرة، ولو صلى لأول يوم قصرًا معقبًا رباعياته بتمامها، ولثاني يوم كذلك لم يصب لصلاته المغرب قبل صلاة نهارياتها. ولو ذكر مع هذين اليومين سجدة من مجهولة من غير اليومين لا يدري قبلهما أو بعدهما أو بينهما صلى لثلاثة أيام معقبًا قصر رباعياتها بتمامها. قلت: ضابط عدد ما يصلي لترتيبه في المختلفات بما مر، وتقرير توجيهه أن المطلوب إيقاعها على كل ممكن أوضاعها؛ لأنه الموصل لتحصيل وضعها في الواقع الواجب ضرورة وجوب الترتيب، وتعدد وجوب هذه الأوضاع إنما هو بقبلية الشيء عن الشيء وبعديته عنه، ولما استلزمت بعدية كل من أحد الشيئين عن الآخر منها بعد فعلها كل موقعة معقبة بخلافها إلا آخرها - أن هذا الوضع أوجب كون آخرها بعد كل ما

سواه منها، فيجب تحصيلها أيضًا لكل ما سواه منها، فاستلزمت بعدية آخرها عن كل ما سواه قبليته عن كل ما سواه بما مر، فأسقط ضرورة حصول كل أوضاعه، وعدد بعدية غير آخرها عن كل ما سواه داخلاً فيه آخرها هو عدد ما سواه داخلاً فيه آخرها، وذلك مجموعها إلا واحدًا، وعدد ما يجب حصول هذه البعدية له مجموعها إلا آخرها لما مر من إسقاط؛ وهو مجموعها إلا واحدًا، فوجب ضرب مجموعها إلا واحدًا في مجموعها إلا واحدًا وهو نفس تربيعه. وإن تماثل صلاتان فأكثر فافعل كما مر في المختلفات، واطرح من المربع المذكور ضرب مجموع كل صنف من المتماثلات في أقل منها بواحد، وضرب ما زاد على الواحد من كل صنف منها فيما زاد على واحد من مخالفة، ولو كان في نفسه متماثلاً، ولا تجتزئ بضرب المماثل في مخالفه المماثلة عن ضربه فيه؛ وجه الطرح الأول أن مجملة بعديات كل مماثل عن مماثله عدد كل مماثلة؛ وهن كل المتماثلات إلا واحدًا، وهي واجبة لكل مماثل عمومًا، ووجه الثاني أن بعدية المخالف عن متماثلين فأكثر بوضع ما بينهما كبعديته عنها فكل وضع لها لسقوط الترتيب بينهما. ومعرفة صدق نتيجة الضابط أن تعرف ما يجب لأقل عدد تعرف ما يجب له ضرورة، ثم خذ واحدًا مما بقي من عدد مسألتك وما ماثله إن كان له مماثل فممكن أوضاعه مع ما عرف هو، وضعه قبل جملة آحاد ما عرف وبعدها وبين كل منها، ثم خذ نتيجة الضابط لذلك الأقل مع ما أخذت مما بقي من عدد مسألتك، فإن استلزمت النتيجة جميع تلك الأوضاع دون زيادة عليها فقد بان صدقه، ثم افعل فيما بقي من عدد مسألتك كذلك حتى تنتهي إلى آخرها فتصلي في ظهرين وعصر خمسًا، وفي مغرب معها عشرًا، وفي عشاء معها سبعة عشر، وفي ثلاث من الظهر مع عصر سبعًا، وفيها مع مغرب ثلاث عشرة، وفيها مع عشاء إحدى وعشرين، وفي ظهرين وعصرين سبعًا، وهنا لم يجتزئ بضرب ظهر في عصر عن ضرب عصر في ظهر وفي مغرب معها ثلاث عشرة، وفي ثلاث من الظهر وعصر سبعًا، وفي أربعة منها مع عصر تسعًا، ومع عصرين إحدى عشرة، وفي ثلاث من الظهر وثلاث من العصر وثلاث من المغرب خمسة وعشرين.

ومطلق السهو لا يبطلها وسجدتا سهو الزيادة المازري والقاضي: سنة. الطراز: واجبتان، ولنقص سنتها في وجوبهما وسنيتهما ثالثها: "التفصيل" لأخذ المازري من بطلانها بتركه وقول ابن عبد الحكم وتفصيل يأتي، فللأول بعد السلام، وللثاني في كونه قبله أو تخييره روايتا المشهور والمجموعة، وفي كونه لهما قبل أو بعد روايتا المشهور وابن القاسم. وضعف ابن رُشد توهيم ابن لبابة رواية ابن القاسم وأخذه من قوله فيها: يسجد مصلي النافلة خمسًا سهوًا بعد لنقص السلام زيادة الركعة. ابن حبيب: لو سجد لنقص قبل ثم تكلم قبل سلامه سجد بعده. وسمع عيسى: سجود الشاك في سجود النقص والزيادة قبل، ورواه محمد قال: وقيل: بعد وسجود المتم لشك بعده. المازري والباجي عن ابن لبابة: قبله. وفي سجود المستنكح بشك النقصان بعد أو قبل ثالثها: "لا سجود" لسماع عيسى ابن القاسم مع سماعه، وفضل مع ابن حبيب وابن رُشد عن رواية فضل مع الباجي عن روايتي أبي مصعب وابن نافع. ابن رُشد: ولا يتم ما شك في نقصه. قال: من كثر سهو نقصه أصلحه، وفي سجوده بعد إصلاحه قول فضل ورواية محمد. وفي وجوب تشهد القبليتين ثالثها: "يستحب" لرواية ابن القاسم وابن حارث عن رواية أشهب مع اللخمي عن عبد الملك، وابن عبد الحكم مع ابن رُشد عن ابن وهب. ويتشهد للبعديتين، ابن رُشد: اتفاقًا. قال ابن حبيب: ولا يطول ولا يدعو. فلو أحدث قبل سلامهما ففي إعادتهما قولا مالك وابن القاسم. عياض: إن أحدث بينهما أعادهما اتفاقًا. الشيخ: طرح ابن عبدوس قول أشهب إن أحدث قبل السجدة الثانية فأحب إلى أن يتوضأ ويأتنفهما، فإن سجد الباقية أجزأه، ولو كان إمامًا استخلف من يسجد بهم الباقية، وأحب إلي أن يبتدئهما.

محمد: إن ذكر سلامهما بالقرب رجع فسلم وإن تباعد أعادهما. وفي سر سلامهما روايتان، وفي الإحرام لهما ثالثها: "إن طال تأخيرها" للخمي عن روايتين، وسماع عيسى رجوع ابن القاسم عن الثانية قائلاً: لا يهوي لهما من قيام بل يقعد ويسجد. ابن رُشد: أجمعوا على عدمه في القرب. ولو قدمهما ففي إعادتهما ثالثها: "إن قدم ناسيًا"، ورابعها: "عمدًا يبطلها" لمحمد عن ابن القاسم وسماعه عيسى، ورواية أصبغ معها، وابن رُشد عن ابن لبابة وأشهب. وتأخير القبليتين عفو، وروى محمد: إن ذكرهما قرب سلامه رجع لهما بإحرام، وكذا كل راجع لباق عليه بالقرب. وفيها: لو شك في سجدتي السهو أو في إحداهما سجد ما شك فيه ولا سجود عليه. عيسى عن ابن القاسم: لو تيقن عدم نقص سجد له سجد بعد سلامه. وروى محمد: ليس في سجدتي السهو سهو. ولو شك هل سجد واحدة أو اثنتين سجد أخرى وتشهد وسلم ولا شيء عليه، وكذا لو سجد لسهوه ثلاث سجدات؛ فلا سهو عليه. اللخمي: إن كان بعديًا، وفي القبلي يسجد بعد سلامه. ابن عبدوس: روى علي من سلم من اثنتين وسجد لسهو كان عليه، ثم ذكر أتم صلاته وأعاد سجود سهوه. سحنون: وكذا لو كان قبليًا. فإن سها عن بعدي ففيها: يسجد متى ما ذكر ولو بعد شهر، فإن ذكر في صلاة فبعدها، وعن قبلي يسجد بالقرب. وفي شرط المسجد إن كانتا من جمعة قولا محمد وابن شعبان في الرعاف، فإن طال ففي بطلانها ثالثها: "إن كان لفعل لا قول"، ورابعها: "إن كان للجلوس الأول أو الفاتحة" وخامسها: "إن كان لثلاث تكبيرات أو تسميعات"، وسادسها: "إن كان لترك ثلاث سنن "للخمي عنها، وابن عبد الحكم، والصقلي عن رواية القاضي، واللخمي عن رواية ابن عبد الحكم، ومحمد عن أحد قولي ابن القاسم، وابن رُشد قائلاً: سننها ثمان: السورة، وكيف كل القراءة، والتكبير غير الإحرام، والتحميد، والتشهدان،

وجلوسهما. وفي كون كل تكبيرة سنة أو مجموعها سنة سماع عيسى مع أحد قوليها، وسماع أبي زيد. وفي سقوط القبلي غير المبطل بالطول طرق. اللخمي: إن لم يسجد لترك الجلوس الأول حتى طال بعد سلامه سجد وصحت صلاته. المازري: ظاهر مذهب أصحابنا يسجد متى ما ذكر. عياض عنها: إن لم يسجد لترك التشهدين أو تكبيرتين أو سمع الله لمن حمده مرتين حتى أحدث أو طال بعد سلامه؛ فلا شيء عليه، ولا سجود. الشيخ عن كتاب محمد والمختصر: إن ذكرهما بعد طول أو حدث وهما لترك أم القرآن من ركعة أو لقيام من اثنتين بطلت صلاته وإلا لم تبطل ظاهره ولا سجود. الجلاب: يسجد متى ما ذكر. الصقلي: هما كاللتين بعد السلام. وذكر ما يبطل تركه في صلاة افتتحها بعد طول كذكرها فيها وقبله كذكر بعض صلاة، صوره: فرض في فرض. فيها: إن قرب سجد ولو كان مأمومًا وإن تباعد أو ركع؛ بطلت الأولى. الصقلي: وإن لم يرفع رأسه. وسحنون يقول: عقد الركعة رفع الرأس إلا في هذه. ابن بشير: على الخلاف في عقدها. اللخمي عن ابن وهب: الركعة الخفيفة لغو والمبطل الطول جدا، وروي: إن ركع أتم وأعاد الأولى أو قطع وأصلحها. ونقل ابن بشير وابن الحاجب: "أن الطول عقد الركعة" لا أعرفه إلا في نفل من نفل، وعلى قولها قال المازري: في قطعها عن نفل تنازع الأشياخ. قال: وفرق ذو الأول بأن الفرض الثاني يستلزم خروج وقت الأول والنفل لا يستلزمه، ولو استلزمه قطعه، وبلزوم العود للفرض، وبأن نيته تغيرت بخلاف

النفل فيهما. قلت: قال عبد الحق: هذه الفروق تأنيس لا تسلم من اعتراض، وبالأول فرق بين قطع ذاكر فرض في نفل وإتمام ذاكر سجدة من فرض في نفل. اللخمي: في بطلان الأولى بركوعه وإصلاحها ولو ركع ركعتين قولا ابن القاسم وابن عبد الحكم. ابن بشير: إن طال تمادى وإلا فقولان. المازري: استحب ابن القاسم سجوده القبلي للأولى إن طال بعد تمام. الثانية فرض في نفل، فيها: كالأولى إن طال أو ركع بطلت الأولى وأتم النافلة. الصقلي: إن اتسع الوقت، ولو ضاق قطع إن لم يركع كذكر فرض في نفل. وروى ابن شعبان: تبطل بالإحرام. أشهب ومُطرف: يصلح الأولى ولو بعد ست ركعات، وذكرهما اللخمي والمازري في أقوال الأولى، ومقتضى رعي قول الندب جزء الوجوب جري رواية ابن شعبان في الأولى، وعدم جري قول أشهب فيها لشدة تباين الفرضين؛ لأنهما قسيمان نفل في فرض. ابن القاسم: يتمادى. ابن عبد الحكم: يصلح النفل ولو بعد ثلاث. وسمع ابن القاسم: إن سها إمام عن سجود سهوه سجد مأمومه. ابن رُشد: لا تبطل ببطلانها على إمامه بتركه؛ لأنه لا يحمله. ابن رُشد: الخشوع الخوف باستشعار الوقوف بين يدي الخالق فرض غير

شرط، ولا في ركن منها مظنته الإقبال عليها. ويسير فعل ما ليس من جنسها عمدًا لمصلحتها جائز لقوله فيها: يمشي لسترة قريبة. وإن قام مأموم وحده بيسار إمامه أداره من خلفه ليمينه. وقول الشيخ: روى ابن نافع من رفع من ركوع، فرأى فرجة مشى لسدها إن قربت. ابن حبيب: إن بعدت صبر حتى يسجد ويقوم، وسماع ابن القاسم: لا بأس أن يشير لمن خرج عن صفه بجنبه ليستوي. ولأمر واجب أو ضرورة عفو كإنقاذ نفس أو مالٍ ذي بالٍ لسماع عبد الملك رواية ابن القاسم: إن أرادته حية قتلها. ابن رشد: وتمادى ما لم يطل. وسماع ابن القاسم: إن تقدم أو تأخر في تشهده عن صفه لضيقه؛ فلا بأس. وسماع القرينين: حمل ولده إذا قام ووضعه إذا سجد لضرورة جائز. ابن رُشد: ولابن القاسم: إن فعله لحب ولم يشغله لم يعد. قلت: الذي في سماع موسى: إن أمسكته أمه راكعة وساجدة لا تضعه لم تعد. الباجي: إن كان على عاتقها أو في ثوب معلق بها، وإن أمسكته بيدها تضعه وترفعه فكثير يبطلها. وفي جوازه لحفظ يسير مال وكراهته كمنع شاة أكل طعام أو ربط زق - نقلا ابن رُشد عن ابن القاسم ومالك ولغيرهما. وروى الشيخ: يكره ترويحه في فرض لا نفل، وله عن أشهب: إن عبث بالحصى عمدًا لم يفسد. وفي الإشارة لجواب أو رد سلام وكراهته قول ابن وهب معها، ورواية زياد، وجوز ابن رُشد الثاني لا الأول وعليهما جواز السلام عليه وكراهته. الشيخ عن ابن الماجشون: لا بأس بالمصافحة فيها. وسمع أبو زيد: من رمى طيرًا في صلاته أساء، ولا تفسد إن لم يطل. ابن رُشد: إن كان جالسًا والحجر والقوس بجنبه، ولو تناولهما قائمًا؛ بطلت.

وعليه القلس عفو، وإن ابتلعه بعد فصله عمدًا ففي بطلانها نقلا الشيخ عن ابن القاسم وابن رُشد عن رواية ابن نافع: أساء ولا قضاء عليه. وفيها: إن ابتلع فلقة حبة بين أسنانه، أو أنصت لمخبر يسيرًا، أو روح رجليه، أو التفت غير مستدبر؛ فلا شيء عليه. ويكره أن يصلي وفي فيه دينار أو درهم أو وكمه محشو بشيء أو مفرقعًا أصابعه، وروى ابن حبيب: إن تثاءب قطع قراءته ووضع يده على فيه. عياض المشهور يسير فعل ما ليس من جنسها عفو كالإشارة بالحاجة، وإصلاح الثوب، وحك الجسد، وشبهه. وحكى أبو يعلى العبدي من متأخري أئمتنا أنه مفسد للصلاة. وسهوه منجبر: ابن رُشد: يتخرج وجوب السجود لتحويل خاتمه في أصابعه سهوًا على قولين. الشيخ عن المجموعة: ابتلاع قلس بعد فصله سهوًا منجبر. ابن رُشد: إن وجب فعله كقتل حية أرادته لم يسجد له وإن كره كقتلها ولم ترده في سجوده قولان. وإن لم يجز كأكل يسير في سجوده وبطلانها قولان: وفيها: إن سلم من اثنتين ساهيًا وانصرف فأكل أو شرب ابتدأ وإن لم يطل. ورويت مرة بالواو. وفيها: إن شرب ناسيًا سجد. ابن رُشد: وعلى أن سهو السلام لا يحول أكله بعده كقبله. قلت: الشيء مع غيره أكثر منه وحده. عياض: ورواية الواو أصوب والأخرى على أن الانصراف معه طول أو أطال الشرب، ويخرج من الروايتين نقل شيوخنا: في جبر خفيف الأكل ونحوه وبطلانها به قولان. وكثيره مبطل فإن وجب لحفظ نفس وجب القطع. وتخريج اللخمي والمازري بناء على فعله على قول أشهب" "يبني من خرج لغسل

نجاسة ثوبه"؛ يرد بأنه لإصلاحها. وفي جواز القطع لحفظ مال ذي بال نقلا ابن رُشد عن ابن القاسم ومالك. قلت: الأظهر اعتبار ما يضر ولغو ما لا. وفيها: إن انفلتت دابته مشى لها فيما قرب غير مستدبر وقطع إن بعدت وطلبها. ابن رُشد: إن ضاق وقتها تمادى وإن تلفت ما لم يخف على نفسه إن تركها ككونه في مفاز؛ كقولهم في حاج ذكر عشاء ليلة وقوفه: إن صلاها فاته، وإن وقف فاتته يصليها. قلت: يؤخذ من نقل الشيخ روى ابن سحنون: "إن خاف إمام تلف دابته أو متاعه استخلف" وجوبه وإلا كان مختارًا فلا يستخلف. وعمد قيء أو ابتلاعه بعد فصله مبطل، وفي غلبة قيئه سماع القرينين مع رواية ابن القاسم وسماع عيسى مع المشهور، وفي بطلانها بابتلاع مفصوله سهوًا أو غلبة ثالثها: "إن سها" لقولي ابن القاسم ونقل ابن رُشد. ويسير عمد فعل ما من نوعها ولو سجدة مبطل، وسهوه منجبر، وفي إعادة من قام لخامسة بعد تشهده قولان لظاهرها، ونقل عياض. وفي السجود ليسيره جدًا كرجوعه بعد تزحزح لقيام نقلا المازري عن أشهب وابن حبيب. وفي جبر كثر سهوه وبطلانها به نقلا اللخمي عن رواية مُطرف: "لا تبطل ظهر لزيادة أربع" مع ابن حارث عنه والمشهور. وفي كون الكثير النصف أو ركعتين أو أربعًا ثلاثة: للخمي عن ابن نافع مع ابن كنانة وابن الماجشون قائلين: "ولو في ثنائية، وعزاه ابن زرقون لسحنون فقط. ولازم قول ابن بشير على بطلان الظهر بمثلها، قيل: تصح الصبح بمثلها؛ لأنه لا يصح على أن الكثير النصف أو ركعتان، ويحتمل على أنه ثلاث أو أربع فهي المحقق. ونقل ابن الحاجب "مثلها" لا أعرفه وأخذه من لازم نقل ابن بشير متعذر. وفي كون المغرب كالرباعية أو الثنائية نقلا ابن بشير، ولو صلى المغرب خمسًا ففي سجوده وبطلانها ثالثها: "يسجد ويعيد في الوقت" لسماع عيسى ابن القاسم مع تخريج

ابن رُشد على قوله فيها: من شفع وتره ساهيًا سجد بعد سلامه. وعلى رواية سحنون عن ابن القاسم: إن أتم مسافر سهوًا أعاد أبدًا، وسماع أبي زيد: من صلى الشفع أربعًا وسجد؛ أعاد في الوقت. وفي السجود لطول الجلوس الأول المخرجة عن حده والفصل بين الركوع والسجود والسجدتين لتذكر يقين ثالثها: "إن كان بموضع لم يشرع طوله" لسحنون، وسماع ابن القاسم وابن رُشد مع أشهب. وفيها: من فكر قليلاً فتيقن أنه لم يسه؛ لا سجود عليه. والجلوس على وتر سهوًا قدر تشهده يسجد له، وفي سجوده لما دونه مطمئنًا قولان لسماع القرينين وابن القاسم في المدنية مع ابن كنانة وبن أبي حازم، وروايتي ابن وهب، وابن أبي أويس وابن رُشد. ولا سهو على إمام شك فجلس ينظر صنع الناس، ومن تبع إمامه في سهو خامسة عمدًا؛ بطلت صلاته دون من لم يتبعه موقنًا زيادتها. عياض عن سحنون: إن سبحوا به وإلا بطلت عليهم. الشيخ عن محمد: لا تبطل على الإمام إن لم يجتمع كلهم على خلافه، ولو أجمعوا فخالفهم لشكه؛ بطلت عليه وعليهم لوجوب رجوعه عن شكه ليقينهم. وفي صحة صلاة من لم يتبعه غير موقن أنها خامسة قولان من قولي محمد وسحنون في صلاة العامدين إذا كان الإمام أسقط سجدة، والأول ظاهر قولها: صلاة من لم يتبعه تامة. محمد: والمسبوق كغيره ولا يعتد بها في جهله أنها خامسة؛ بل يقضي ركعة. وروي اللخمي: يعتد بها إن اتبعه وهو لا يعلم، وتخريجه عليه صحتها لتابعه فيها دون إسقاط سجدة عالمًا أنها خامسة جاهلاً منع إتباعه - يرد باحتمال إرادة مالك لقوله في المسبوق: وهو لا يعلم؛ أي أنها خامسة، وتخريجه على أن الجهل كالسهو أقرب. محمد: ولو قال: أسقطت سجدة الأولى فالعكس. الشيخ: يريد من لم يتبعه لتيقنه سلامتها صحت صلاته. الصقلي عنه: إن أيقنوا أنه لم يسه.

اللخمي: وإن لم يوقن وهو أعذر من الناعس. سحنون: إن تأول العامد استحبت إعادته وإلا وجبت وأجزأت تابعه سهوًا فيهما. ونقل ابن بشير: "يقضي ركعة في قوله: "أسقطت سجدة" لا أعرفه، وقوله: كالخلاف فيمن صلى نفلاً إثر فرض " أعتقد تمامه" فتبين نقصه ركعتين واضح فرقه. وأجزأت المسبوق دون قضاء. ابن بشير: قيل لا تجزئه. محمد: إن أجمعوا أنه سجدها؛ لم تجزئ خامسة مسبوقًا، ولو لم يتبعه لعلمه أنها خامسة، وأجمعوا على سقوطها للكل بطلت صلاته، وللإمام فقط في كونها كذلك وصحتها لم ويقضيها الإمام كمستخلف على ثلاث قولا سحنون ومحمد. ولو كان أسقط سجدة غير الأولى ومن معه فالمسبوق في الخامسة كغيره، ولو علم أنها خامسة. الشيخ: يريد: وليس بموقن سلامة ما أدرك معه. محمد: ويقضي الأولى. ولو ذكر في جلوسه الخامسة سجدة لا يدري ركعتها لم يسجدها وسجد لسهوه قبل ما لم يوقن سلامة الأوليين فبعد. ومن قام لثالثة نفل رجع ما لم يركع، وإلا ففي رجوعه إن لم يرفع روايتان لها ولغيرها، وإلا أتم أربعًا. ابن مسلمة: إن كان في ليل قطع. وعلى الأول في سجوده قبل أو بعد ثالثها: "إن لم يجلس على الثانية"، ورابعها: "إن جلس فلا سجود عليه" لابن القاسم ومالك وابن مسلمة واللخمي. ونقضه علة الأولى بنقض السلام بلزومه في الظهر خمسًا يرد باستقلال الركعتين في النفل ونفيه في خامسة الظهر، ولا ينقض بأن السلام فرض لا ينجبر بسجود؛ لأن رعي كون النفل أربعًا يصير سلام الركعتين كسنة، وفرع على كونه قبل أو بعد كون الأربع في قيام رمضان ترويحتين أو ترويحة، ويرد بأن المعتبر فيه عدد الركعات وهي معتبرة مطلقًا، وإلا أمر بالرجوع بعد ثالثة. ويرجع فيما زاد على الرابعة متى ما ذكر، وصوب اللخمي: إن صلى خمسًا أو سبعًا

شفعها، ورواية الأقل قول ابن القاسم فيها: "يرجع بعد الخامسة سهوًا فيسلم ويسجد" - واضحة، وراوية الأكثر: "ثم يسجد". قال ابن عتاب وابن رُشد: هي على رواية زياد سجود النقص والزيادة بعد. غيرهما: هي على قول بعضهم النفل أربع لقوله فيها: لأن النافلة في قول بعضهم أربع. ورده عياض بامتناع فتوى مجتهد بقول غيره، والتعليل للفرق بين إتمام من صلى ثالثة أربعًا بخلاف مصلي الخامسة. يحيى بن عمر واللوبي: جوابه وهم. وفيها: من لم يدر أجلوسه في شفعه أو وتره سلم وسجد وأوتر. النكت: لاحتمال إضافة الوتر إلى الشفع قبل سلامه، ورده في التهذيب بأنه إن لم يكن إضافة؛ فلا سجود، وإن كان سجد قبل السلام؛ لنقص سلام الشفع كقول محمد في قول أشهب "من أضاف وتره لشفعه سجد" يريد قبل - يرد بمنعه كشاك في خامسة. وعن كلام غير إصلاحها مما ليس من ذكرها مبطل وإن قل، ووجب لإنقاذ نفس. اللخمي: إن ضاق وقتها اغتفر كالمقاتلة. وفرق المازري بأن المقاتلة فيها أول الوقت مغتفرة بخلاف واجب الكلام فيها فيه. وما من ذكرها كفتحه على من ليس في صلاته في بطلانه نقلا اللخمي عن سحنون مع ابن القاسم، وابن حبيب مع أشهب. وروى ابن عبد الحكم: لا بأس بفتحه على إمامه في فرضه ونفله. الباجي: وروى ابن حبيب: لا إلا أن ينتظر الفتح أو خلط آية رحمة بآية عذاب أو غير بكفر، وإن لم يفتح عليه حذف تلك الآية، فإن تعذر ركع ولا ينظر مصحفًا بين يديه. الباجي: إن كان في الفاتحة نظر. عبد الحق: إن نسي منها آية لقن وإن لم يقف، وسمع ابن القاسم: تخفيف تعوذ القارئ يحصر ويلقن؛ فلا يتلقن وتخييره في ركوعه أو ابتداء سورة أخرى، واختار ابن

القاسم ابتداءه. ولو نبه غيره بقرآن كـ: {لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إلاَّ وسْعَهَا} [الحجر: 46] و {يَا يَحْيَى خُذِ الكِتَابَ بِقُوَّةٍ} [مريم: 12] فطريقان. المازري: إن أتى به ففي بطلانها قولا بعض البغداديين وابن حبيب، ولو وافق فرفع صوته لم تبطل، وخرج اللخمي الأول على بطلانها بالفتح. ابن رُشد: في بطلانها برفع صوت ذكر أو قرآن لإنباه غيره قولا ابن القاسم وأشهب، بخلاف رفع صوت التكبير في الجوامع؛ لأنه لإصلاحها. قلت: لابن حارث عن حماس بن مروان رفعهم مبطل، ورده لقمان بعدم إنكاره علماء الأمصار بمكة، وصلاة المسمع تأتي. والتسبيح لإعلام أنه في صلاة عفو، وتخريج المازري: إبطالها به من الفتح يرد بالحاجة للإعلام، وسمع موسى ابن القاسم: لا يعجبني قوله لخبر سمعه: "الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات - أو - على كل حال" أو استرجاعه. وسمع القرينان: من قال لسماع قراءة إمامه الإخلاص: الله كذلك لم يعد. وفيها: يسبح الرجال والنساء للحاجة، وضعف تصفيقهن. اللخمي: وقيل: يصفقن. قلت: سمع ابن القاسم سؤال مالك عنه فقال: يقال ذلك، وقد جاء التسبيح وهو أحب إلي. ولإصلاحها كإمام سلم من اثنتين ولم يفقه التسبيح فكلمه بعضهم فسأل بقيتهم فصدقوه، أو زاد أو جلس في غير محل ولم يفقه التسبيح فكلمه بعضهم في بطلانها، ثالثها: "إن كان في سهو سلام لا من اثنتين" لابن رُشد عن أكثر أصحاب مالك مع ابن حارث عن يحيى بن يحيى، واللخمي عن ابن وهب وابن كنان، والمغيرة، وابن القاسم مع المشهور. وابن زرقون عن يحيى بن يحيى مع سحنون. ابن حبيب: لمن رأى في ثوب إمامه نجاسة أن يدنو ويخبره كلامًا. سحنون: تبطل ولو كان لعدم إفهامه إشارة.

ابن رُشد: وسؤال الإمام قبل سلامه مبطل لوجوب بنائه على يقينه حتى ينبه، بخلاف سماع موسى ابن القاسم: جواز سؤال من استحلف كم صلى الأول إذا لم يفهم إشارة، وعلى الثاني إن تيقن صدقهم بنى. وفي بنائه إن تيقن كذبهم وانصرافه ثالثها: "إن كانوا فوق ثلاثة" لروايتي ابن القُصار، والمازري مع اللخمي عن ابن مسلمة. ابن محرز عنه: إن كانوا جماعة لا واحدا، وعلى انصرافه قال سحنون: يتمون أفذاذًا أو يستخلفون. وإن شك فقال الباجي: في تأثير شكه بعد سلامه بيقين قولان لأصحابنا. اللخمي: المعروف بناؤه على يقينه ولا يسأل. أصبغ: يسأل بخلاف من شك قبل سلامه. ابن عبد الحكم: يسأل وإن شك قبل السلام. قلت: هذا خلاف نقل ابن رُشد، ونقل الشيخ عن ابن القاسم: إن شك قبل سلامه، فسألهم بطلت صلاتهم. وفي رجوع الشاك لعدلين ليسا في صلاته وبنائه على حكم نفسه نقلا اللخمي عن المذهب مع ابن الجلاب عن أشهب، والعُتبي عن ابن القاسم معها. وفي عدل ثالثها: " يستحب ترك تصديقه" لرواية محمد: أرجو لمن أخبره واحد بكمال طوافه أنه في سعة، وابن القاسم والشيخ عن المغيرة. الشيخ: روى ابن نافع لا يقبل شاك هل صلى خبر ثقة أنه صلى والموسوس أرجو قبوله. وحيث لا يبطل كلامه يبني إن قرب، ولم يخرج من المسجد ولو كان بصحراء، فقال أشهب: ما لم يجاوز الصفوف بقدر ما يمنع أن يصلي بصلاتهم، وفي بنائه إن بعد نقل اللخمي عن أشهب مع رواية المبسوط وروايتها. وفي صفة بنائه طرق. ابن رُشد: على إخراج سلام السهو من الصلاة يبني بإحرام، وقاله ابن القاسم ورواه، فيرجع إلى ما فارق فيه صلاته؛ إن سلم من ركعتين رجع لجلوسه، ومن وتر

وذكر قائمًا رجع لرفعه من السجود ولا يجلس، وعلى عدمه يبني دونه وهو قول القرينين وابن الماجشون ومحمد، فإن ذكر قائمًا كبر وقرأ ولا يرجع لجلوسه؛ لأن قيامه لانصرافه مضاف لصلاته، وإن ذكر جالسًا قام وكبر وهذا على قول ابن القاسم إن كان سلم من ركعتين وإن سلم من وتر رجع وقرأ دون تكبير قائمًا كان أو قاعدًا، ولا بيان في المدونة هل يرجع للجلوس أو لا إلا ظاهر قول سحنون: "رجع صلى الله عليه وسلم يوم ذي اليدين بتكبير". ويحتمل كونه للإحرام أو للقيام من اثنتين، وزعم بعض أصحابنا أن قول ابن القاسم فيها: "من ظن سلام إمامه فقام لقضائه ثم سلم إمامه ألغى ما قرأ وابتدأ قراءته، ولا يرجع لجلوسه ويسجد قبل سلامه "كقول ابن نافع: "من سلم من اثنتين ساهيًا فذكر قائمًا لا يرجع لجلوسه" خلاف قول ابن القاسم: "يحرم ويرجع لجلوسه". ففرقت بأنه بالسلام من اثنتين عند ابن القاسم خرج من صلاته فيحرم ويعود لجلوسه؛ لأن نهضته لم يفعلها لصلاة، وظان سلام إمامه لم يخرج من صلاته ونهضته في حكم إمامه لغو؛ فكأنه أسقطها فلا يرجع لها كإسقاط الجلسة الوسطى، فقال: نهضته في حكم إمامه كقراءته في حكمه، فكما يعيد قراءته يعيد نهضته. فقلت: محل النهضة فات؛ إذ لا يمكن إلا بانحطاط ليس في الصلاة ومحل القراءة لم يفت، فقال: قول ابن القاسم "من سلم من ركعتين يحرم ثم يجلس". فقلت: لا يصح هذا عنه ولا عن غيره، وأخطأ من حمل قوله على ذلك؛ بل معناه أن يجلس ثم يحرم؛ لإجماعهم على عدم رجوع مسقط الجلسة الوسطى لها بعد اعتداله لزيادة انحطاطه، ولا ينقض بانحطاط رجوع ذاكر سجدة في قيام ثانية؛ لأنه لركن وهو السجدة والنهضة يجزئ عنها سجود السهو كالجلسة الوسطى. قلت: قوله: "وهذا على قول ابن القاسم .... إلى آخره "مشكل بحكايته عنه أن بناءه بإحرام. ابن زرقون: في كونه بتكبير ثالثها: "إن قام ولو لم ينصرف" للقنازعي مع ابن نافع وبعضهم مع ظاهر قول ابن القاسم وبعض القرويين. ابن بشير: إن قرب جدًا فلا يكبر اتفاقًا، وإن توسط فقولان.

وعلى القول بالتكبير لو لم يكبر في بطلانها نقل ابن رُشد عن أحمد بن خالد مع الطليطلي، وابن زرقون عن ابن نافع، ونقله عن القنازعي مع رواية ابن وهب. وعزا عبد الحق الأول للشيخ، وابن أخي هشام وابن شبلون والثاني للأصيلي. الطليطلي: إن سلم جالسًا كبر للبناء ثم كبر للقيام. الباجي: لو كان رجوعه بعد فراقه محله ففي رجوعه للجلوس ثالثها: " إن سلم من شفع لا وتر" لابن القاسم وابن نافع وابن حبيب، وضعفه عبد الحق والباجي والصقلي بأن نهضته الأولى لم تكن للصلاة فلا فرق بين شفع ووتر. الباجي: وعلى الأول في تكبيره قبل جلوسة أو بعده قولا ابن القاسم وابن شبلون، وعزاهما ابن زرقون لرواية المختصر وابن القاسم في المجموعة، قلت: كذا ذكرهما اللخمي عنهما في ناسي السلام، وظاهر قول الطليطي ومفهوم نقل الباجي "لو ذكر جالسًا كبر جالسًا، وظاهر قول ابن بشير "كبر قائمًا؛ لأنه للإحرام يكبر قائمًا"، وهو ظاهر قول ابن شاس في قول ابن القاسم المقابل قول ابن شبلون كالإحرام الأول. قال ابن عبد السلام: إن ذكر جالسًا أحرم كذلك ولا يقوم اتفاقًا؛ بل أنكر ابن رُشد وجود قول بجواز إحرامه قائمًا، ثم يجلس ووهم ناقله عن ابن القاسم، ولا يرضى إنكاره لثبوته من غير الطريق التي أنكرها. قلت: قوله: "لا يقوم اتفاقًا" مع قوله: "لثبوته من غير الطريق التي أنكرها تناقض. وقوله: "أنكر ابن رُشد ... إلى آخره" وهم؛ إنما أنكر أن يحرم من ذكر في قيامه قائمًا، ثم يجلس حسبما مر، وهذا وإن استلزم ذلك مع قوله: "لا يرضى إنكاره ... إلى آخره" يقتضي ثبوته عن ابن القاسم في الذاكر جالسًا وليس كذلك. ويلقي سلامه، قال اللخمي: إن ذكره بمحله ولا طول سلم دون تكبير وتشهد وسجد لسهوه، ونقله الشيخ وظاهره عن ابن القاسم، وقول ابن بشير وتابعيه: "لا سجود عليه" - لا أعرفه نصًا، وبعد فراقه إياه دون طول في تكبيره قولا محمد مع ابن القاسم في المجموعة، ومالك وابن القاسم في كتاب ابن سحنون، وعلى الأول في تكبيره قبل جلوسه أو بعده قولا مالك وابن القاسم. وفي تشهده قولا ابن القاسم في المجموعة وكتاب محمد.

وبعد طول وطهارته باقية في كونه كذلك وبطلانها رواية المبسوط ومقتضى أصلها. وفيها: إن شك في سلامه سلم ولا سجود. اللخمي والمازري: إن ذكر بمحله ولم يطل وإلا فكعدم سلامه لاحتماله. الشيخ: روى ابن القاسم وعلي: إن بدأ بسورة وختم بأخرى فلا بأس، وإن خرج سهوًا لأخرى فيها سجدة، فإن قرأ يسيرًا سجد السجدة وعاد للأولى، وإن قرأ جلها أتمها. وفي سجود سهو ترك الجهر ثلاثة: قبل، وبعد، ولا سجود، لها، وللمازري عن رواية أشهب، وسماع القرينين: ويسجد لسهو جهرا لسر. بن رُشد: اتفاقًا، وفرق بأن فعل ما تركه سنة أشد من ترك ما فعله سنة لحديث: "إذا أمرتكم بأمر"، وعلى السجود فلو ذكر قبل ركوعه أعاد صوابًا، وفي سجوده سماع عيسى ابن القاسم ومحمد عن أصبغ مع سماع القرينين، وروى ابن القاسم: خفيف الجهر فيما يسر عفو. قلت: ظاهره قدرًا أو صفة. وفيها: يسير أحدهما في الآخر عفو كإعلانه الآية ونحوها، واستشكل سجوده للجهر بعد بأنه قسيم السر؛ فلا يستلزمه، ويجاب بأن الزيادة هنا أشد من النقص لفرق ابن رُشد. ولو سبح بإمام أسر فلم يجهر ففي إعادة مأمومه مطلقًا أو ما لم يقل: "سهوت" فيسجد معه لسهوه - ثالثها: "إن كان مأمومًا أو ظهر للحيته حركة صدق وإلا أعاد" لسماع ابن القاسم، وقوله: واللخمي.

ولو قدم السورة أعادها بعد الفتحة: الصقلي: وفي سجوده بعد روايتان والأولى مذهبها لقولها: من قرأ قبل تكبير العيد كبر وقرأ وسجد لسهوه. وفيها: إن قرأ السورة في الأخريين فلا سجود عليه. أبو عمر: اتفاقًا إلا روية شذت تبعها من جهل الأصول. الجلاب: لبعض أصحابنا عن أشهب يسجد. ابن رُشد: في سجوده لذلك أو لذكر بين السجدتين قولان. فتعقب ابن عبد السلام نقل ابن الحاجب القولين في قراءتها في إحدى الأخريين؛ حسن. ولو أعاد القراءة لسهوه عن جهرها ففي سجوده سماع عيسى ابن القاسم: من أعاد الفاتحة لسهوه عن جهرها سجد. وسماع القرينين: من أعاد قراءته لسهوه عن جهرها لم يسجد، مع سماع عيسى ابن القاسم: من شك في قراءته الفاتحة بعد قراءة السورة قرأها وأعاد السورة ولم يسجد. وأخذها ابن رُشد من قولها في مسألة العيد، وقولها: "من قدمها على أم القرآن أعادها بعدها"، مع قولها: "من قرأها في الأخريين لا سجود عليه". وفرق عبد الحق بأنه في العيد قدم قرآنًا على غيره وفي الأخرى عليه. ورده ابن رُشد بأن المزيد واحد وهو قرآن يرد بأن معناه: أن الشيء في غير محل نوعه أشد مباينة منه في محل نوعه، وبأنها في العيد أكثر أم القرآن وسورة. ولذا قال الصقلي عن سحنون فيها: يسجد لطول القيام لا للقراءة، ولو قلت: لم يسجد. الشيخ عن ابن الماجشون: إن بدل "سمع الله لمن حمده" بـ "الله أكبر" أو العكس سجد قبل، ورواه الأكثر فيها بالواو، وابن أبي زمنين بأو. وفيها: يرجع يقول كما وجب عليه، فإن لم يرجع؛ سجد قبل. قيل: يقول: "سمع الله لمن حمده" فقط لفوت محل التكبير، وقيل: يقولهما، وأنكر

أبو عمران السجود لذلك. وسمع ابن القاسم: التنحنح للإفهام منكر لا خير فيه. ابن رُشد: كتنحنح الجاهل للإمام يخطئ في قراءته، وفي صحة صلاته قولان لابن رُشد عن هذا السماع، مع الشيخ عن الأبهري عن رواية ابن القاسم وابن رُشد عن رواية المختصر مع الشيخ عن ابن القاسم. المازري: وهو لضرورة الطبع وأنين الوجع عفو. فنقل عياض القولين في تنحنح المضطر وهم. وفيها: النفخ كالكلام. وروى: علي ليس مثله. ابن رُشد: في استخلاف الإمام يقهقه غلبة ولو تعمد نظر سببها أو سماعه وبطلان صلاته وصلاتهم - سماع عيسى ابن القاسم استخلافه، وإنكاره يحيى بن عمر، وعلى الأول في إتمامه خلف مستخلفه وقطعه فيحرم كمسبوق - سماعه وقول فضل وعلي: الأول يعيد، وفي إعادة القوم بعض روايات السماع وجل رواياته مع رواية مُطرف. ابن رُشد: وعمدها مع القدرة على تركها مبطل على كل مصل اتفاقًا. وفي كون إبطالها أبين من إبطال عمد الكلام للزومها عدم الوقار والخشوع أو العكس لعدم صراحة حروفها قولا ابن رُشد وإسماعيل. ابن كنانة: يستخلف إن ضحك عمدًا ويحرم كمسبوق. ابن رُشد: إن أراد تعمد سببه فضحك فكالفصل، وإن أراد ضحكًا اختيارًا فشذوذ. قال: وفي كون القهقهة نسيانًا كالكلام نسيانًا أو كالغلبة قولا سحنون مع محمد وابن حبيب مع ابن القاسم وروايته مع رواية مُطرف. وفيها: يقطع الفذ ويتمادى المأموم ويعيد. وسمع أشهب: يسجد المبتسم قبل. ابن رشد: ييد: ولو عامدًا، وسمع عيسى: لا يسجد ولو ناسيًا. الصقلي: في السجود له سهوًا قبل أو بعد ثالثها: "لا سجود" لابن عبد الحكم ورواية أشهب ولها.

وفيها: لا يحمد الله المصلي إن عطس، فإن فعل ففي نفسه وتركه خير له، ولا يرد على من شمته ولا إشارة في نفل، وكان مالك إذا تثاءب في غير الصلاة سد فاه بيده ونفث، وما أدري ما فعله في الصلاة. ونقص الركن لا ينجبر إلا به، ويفوته عقد ركوع بعد برفعه، وفي عقده بوضع يديه على ركبتيه أو برفع رأسه روايتا أشهب مع محمد وأصبغ، وسماع القرينين مالكًا يقول: إن لم يطمئن رجع، وابن القاسم. وعليه قال المازري: لو ذكر ركوعًا راكع في الثانية فقال بعضهم: يرفع بنية الأولى وتصح، وأنكره غيره؛ لأن وضعه كان للثانية، وقال: يرفع لها أو يركع للأولى ويرفع. قلت: يأتي لأشهب البناء على الثانية. وفي كونه سهوًا كخامس مفوتًا نقلا المازري واللخمي. وفي فوته بالسلام نقلا الشيخ عن سحنون مع المغيرة وابن القاسم، وأحد قولي عبد الملك وابن حبيب عنه قائلين: تفويت سلام الإمام على المأموم كسلامه، وسمع عيسى ابن القاسم: لا يفوت سلام الإمام تلافي المأموم. فإن ذكر ركوعًا ففي رجوعه قائمًا أو محدودبًا سماع أشهب مالكًا محبًا كونه إثر قراءة. وتخريج اللخمي والمازري على عدم قصد حركة الركن. ولو سجد ساهيًا عن رفع ركوعه ففي رجوعه محدودبًا ليرفع منه وتماديه ثالثها: "ويعيد"، ورابعها: "يرجع قائمًا معتدلاً ليسجد منه" لمحمد ورواية اللخمي وقوله مع ابن حبيب. ولو ذكر بعد عقد أخرى ففي إلغاء ركعة واعتبارها ويعيد صلاته تخريج اللخمي على رجوعه قائمًا، وقول ابن حبيب. وسجدة في رجوعه جالسًا أو هاويًا سماع أشهب مع الشيخ عن ابن الماجشون وعياض عن أخذ بعضهم من قولها: من ذكر سجدة في قراءة أو ركوع رجع فسجد، وقولها: من ذكر في ركوع الثانية سجدة للأولى خر لها مع رواية أشهب مثل ذلك، ورد عياض قولها الأول لهذا.

ولو ذكر في قيام الثالثة سجدة ففي هويه لها منه أو بعد جلوسه نقل العُتبي عن ابن القاسم مع ابن وهب، والشيخ عن عبد الملك مصوبًا الأول؛ لأنه قام من جلوس، وسجدتين لا يجلس. ولو ذكر في خفض ركوعه سجودًا ففي انحطاطه له منه أو بعد قيامه نقلا اللخمي ورجح الثاني، والأول سماع القرينين، وخرجهما المازري على لغو حركة الركن وقصدها. ولو ذكر سجود ركعة وركوع تاليتها في جبرها بسجود الثانية تخريج اللخمي والمازري على جبر ابن مسلمة سجود الرابعة بسجود السهو قبل. ونصها: ومناقضتها عياض وابن رُشد، واللخمي بجعلها الركعة الثانية أولى يرد بأن ما ثبت للكل لا يلزم للجزء، وبأنه تابع فيبطل ببطلان متبوعه. المازري: وعلى نصها إن كان المتروك سجدة كاختصار الشيخ سجد بعد، وسجدتين ولم يسجدها من قيام سهوًا. قال بعضهم: يسجد قبل، وخرجه المازري على أن حركة الركن مقصودة. الشيخ عن سحنون لو ذكر في تشهد الصبح سجودًا أو ركوعًا لا يدري محلهما سجد وبنى على ركعة وسجد بعد. أشهب: لو ذكر سجود الأولى وركوع الثانية في ركوع الثالثة بنى عليها ثلاثًا وسجد بعد. ابن عبدوس: قبل لنقص قراءة الثالثة. وما فات تداركه في كون ركعته لفذ أو إمام قضاء أو أخرى أداء قولا أشهب مع ابن وهب وابن القاسم ونقل المازري عزو محمد الثاني للمدنيين قائلاً: إليه رجع ابن عبد الحكم يوهم أن يقول ابن القاسم خلافه والمنصوص له ما تقدم. الشيخ عن يحيى بن عمر: قول ابن وهب غلط، وفي كتاب ابن سحنون: لو ذكر في تشهد الرابعة سجدتين شك في اجتماعهما ومحلها سجدهما وتشهد وبنى على ركعتين وسجد قبل، وأحب إعادة صلاته، وثلاث سجدات كذلك يسجد سجدتين ولا يتشهد ويبنى على ركعة وسجد قبل وكذا في أربع.

المازري: وتجري على القولين في البطلان بكثرة السهو. اللخمي: لو ذكر سجدة من أربعة بعد خامسة سهوًا ففي صحة تلافيها قولان، وعليه في الإتيان بالرابعة وصيرورة الخامسة بدلها قولان. قلت: عزا ابن حارث الأول لمالك وابن القاسم والثاني لأشهب وسحنون ومحمد. اللخمي: ولو شك في سجدة من إحداهما فعلى الأول يجبر الرابعة ويسلم، وعلى الثاني وعدم الصيرورة يأتي بركعة، وعلى الصيرورة يسلم فقط. وهو شك في سجدتين شك في اجتماعهما من إحداهما فعلى الأول يجبر الرابعة بسجدتين، وعلى الثالث يجبر الخامسة بسجدة فقط؛ لأن سقوطها من الرابعة يصحح الخامسة، ومنه يصحح الرابعة، ومنه تبقى للخامسة سجدة فقط، وعلى الثاني يأتي بركعة والسجود في الكل بعد. الشيخ: روى محمد: إن شك في سجدتيه آخر صلاته هل هما لها أو لسهوه القبلي سجد أربعًا لها ولسهوه. سحنون: لو قام إمام عليه سجدة سبحوا به ما لم يخافوا عقد الثانية فيصلوها معه ويه أولى لهم ويقومون كلما قام أو جلس على ثانية زعمه أو رابعته، فإذا سلم صلوا ركعة بإمامة أحدهم ويجزئهم أفذاذًا، وسجدوا قبل سلامهم، واقتضاء قول ابن الحاجب: "أتم بهم أحدهم على الأصح" وجوب ذلك ومنعه - لا أعرفه، وتوجيهه ابن عبد السلام بكون الفائتة أداءً أو قضاء - يرد بأن القضاء المانع من الجماع ما فات المأمومين دون إمامهم، لا ما فات جميعهم، وتخريجه جلوسهم بجلوسه وسجودهم بعد سلامه على أن الأول قضاء؛ لأنه في محله - يرد بما مر وبأنها إن كانت قضاء؛ فلا سجود عليهم الملزومية القضاء حمل الإمام زيادتهم قبل سلامه، ولا زيادة لهم بعده، ونقله عن ابن القاسم "إن خافوا عقده سجدوها" لا أعرفه دون استحباب إعادتهم. ابن رُشد: لو نسي إمام سجدة من الأولى فتبعه قوم عامدون وقوم ساهون وسجدها قوم وفاته فعلها - ففي صحتها لساجدها فيجلسون في قيامه لرابعته حتى يسلم بهم ويسجد قبل إن ذكر بعد عقد الثالثة وبعد إن ذكر قبله، وبطلان صلاتهم

لاعتدادهم بها في حكمه ومخالفتهم له في نيات الركعات- ثالثها: "لغو سجودهم كإمامهم" لسماع ابن القاسم قائلاً: أحب إعادتهم، وأصبغ وكتاب محمد، وعلى الأول لو ذكر قبل فوتها فقال أصبغ: يسجدونها معه، وأباه ابن القاسم والساهون كإمامهم. وفي بطلانها على العامدين سماع عيسى والتخريج على ما لكتاب محمد. قلت: القول بوجوب سجودها معه عزاه الشيخ أيضًا لمحمد قائلاً: لو استخلف لحدثه من سجدها بهم وإلا بطلت صلاته، وعزاه اللخمي لسحنون ولغيره استحبابه، وزاد الشيخ لابن القاسم: ويعيد صلاته استحبابًا. ابن رُشد: وإن لم يكن ساهون بطلت على العامدين وصحت لساجديها اتفاقًا ويجلسون لقضاء الإمام ويسلم بهم ويسجدون بعد، ولو ذكر قبل فوتها ففي سجود من كان سجدها ما مر. قلت: للخمي عن سحنون لغو سجودهم وهم كإمامهم. وترك الفاتحة تقدم، وفي السجود لنسيان آية منها قول إسماعيل عن المذهب، ونقل أبي عمران والشك في النقص كتحققه، وفي كون ظن الإكمال كذلك أو كتحققه نقلا اللخمي. والموسوس يبني على أول حكميه، فلو ذكر سجودًا لم يذكر ركعته يصح به ما لا يصح دونه سجده كذكره في قيام ثالثة سجدتين شك في محلهما وافتراقهما، وإلا ففي سجوده إياه لاحتمال كونه مما لم يفت قول مالك مع أكثر أصحابه والشيخ عن سحنون قائلاً: إن لم يسجدها بطلت صلاته، وأصبغ مع أبي زيد، والشيخ والصقلي عن أشهب، وعزا اللخمي له الأول. ويبطل عدد ما هو منه ويبني على ما بقي ويتشهد إن كان الباقي شفعًا. وفي تشهده إن كان وترًا لاحتمال ذكرانها مما لم يفت نقل ابن عبدوس مع محمد عن عبد الملك، ونقل ابن حبيب عنه مع قول محمد، وظاهر نقل اللخمي والمازري عنه لابن القاسم. محمد وعبد الملك: لو شك قبل تشهده إثر قضائه ركعة في سجدة منها أو من رابعة إمامه سجد وتشهد.

محمد: لأنها آخر صلاة إمامه، والمأموم في تلافيه ومفوته ولو لخوفه من إمامه كغيره وما فاته قضاء اتفاقًا. الشيخ عن ابن عبدوس ومحمد وسحنون: ولا يسجد لما ألغى ولا لنقص السورة والجلوس بصيرورة غير الأوليين إحداهما بخلاف غيره لحمل إمامه عنه وما تحقق فوته لا سجود لقضائه، وما شك فيه سجد لقضائه لاحتمال زيادته. قلت: وهذا ينقض كلية قولهم الشك في النقصان كتحققه ونحوه في المستخلف. الشيخ عن سحنون: إن ذكر بعد سلامه مع إمامه أربع سجدات مجتمعات شك في محلها لم يسجد وأتى بركعتين قضاء وسجد بعد سلامه. قلت: هذا مشكل؛ إذ لا احتمال زيادة في قضائه. الشيخ عن سحنون: لو ذكر إمام فات مأمومه أولاه في تشهده الأول سجدة شك في محلها سجدها وتشهد وبنى على ركعة فقط، فإن أيقنوا على سلامة الثانية لم يسجدوا معه وينبغي رجوعه عن شكه ليقينهم، فإن عمل على يقينه تبعوه في قيامه وجلوسه وفي ركعة احتياطه ليقينهم بطلان الأولى، فإن شكوا في سلامتها سجدوا معه لها وتبعوه، إلا في ركعة احتياطه رجع سحنون عن عدم إتباعهم له فيها لاحتمال كونها خامسة إلى إتباعهم له لاحتمال تيقن أنها رابعة، وقضوا ركعة على قوليه معًا، وعلى الأول في لبثهم عن إتباعه قيامًا أو جلوسًا نقلا ابنه وابن عبدوس عنه، فإن أيقنوها من الثانية سجدوها معه وتبعوه إلا في جلوسه على ثانيته؛ لأنها عندهم ثالثة، وفي ركعة احتياطيه، لأنها عندهم خامسة وقضوا بعد سلامه ركعة. وفي سجوده قبل أو بعد قولاه وبعد استحب ابنه. ويتبعونه في سجود سهوه القبلي معه، وفي البعدي بعد قضائهم لا معه، ولو ذكرها في آخر تشهديه وشك في محلها سجدها وبنى على ثلاث وسجد قبل، فإن أيقنوا سلامة ما أدركوا لم يسجدوا معه سجدة التحري وتبعوه في ركعة احتياطه وسجدوا معه قبل، وإن شكوا في سلامتها سجدوا معه للتحري، ولم يتبعوه في ركعة احتياطه وسجدوا معه قبل، وأتوا بعد سلامه بركعتين إحداهما قضاء رجع لتقديمها على الأخرى أداء على العكس. ابن عبدوس: ويعيدون سجود السهو بعد السلام لاحتمال كون السجدة من

الرابعة، فتكون إحدى ركعتيهم زيادة فلا يجزئ عنها سجودهم معه، ورجع لإتباعهم له في ركعة الاحتياط، وقضوا الأولى ثم سجدوا بعد. محمد: لو ذكر إمام من فاته ركعتا ظهر سجدة جهل محلها ومأمومه سجدة من إحدى ركعتيه تبعه في سجودها، وركعة احتياطه بنى وسجد معه قبل وقضى ركعتين: ثم قال: يسلم بسلامه ويبتدئ صلاته؛ لأن ركعة احتياط الإمام قد تكون ساقطة عنه إن كانت السجدة من الرابعة وهذا هي عليه بيقين، والركعتان اللتان فاتتاه عليه قضاؤهما فذًا فلا يجزئه أن يأتم به فيهما. الشيخ: انظر لم قال: يسلم من ثلاثة على الشك، ولم يأمره يأتي بركعتين يتعرض أن يصادف ما يجزئه، ثم يعيد وله شبهة، وأراه لأن المتيقن ركعتان فجعلهما نفلاً. قلت: في قوله: "ركعة احتياطه قد تكون ساقطة عنه لجواز كون السجدة من الرابعة وهي على مأمومه بيقين" - نظر؛ لاحتمال سقوطها أيضًا عن المأموم لجواز كون سجدته المسقطة من الرابعة. وفي قوله: "لا يجوز أن يأتم به في ركعتي قضائه" نظر؛ لأنه لم يأتم به في شيء منها، ولذا وجب عليه قضاؤهما إنما أئتم به في ثالثة غيرهما وهي إحدى الركعتين اللتين أدركهما، وصواب علة قطعة احتمال كون المسقطة للإمام من رابعته وللمأموم من الثالثة فتصير كالأوليين قضاء فذًا فلا تجزئه مؤتمًا. وفي إتيان الإمام بركعة بدل ركعة ترك سجدتها وسجدها بعض مأموميه قضاء أو بناء؛ ثالثها: "إن سجدها كل من معه" لثاني نقل الشيخ عن محمد وله ولأول نقله عنه، ولم ينقل الصقلي وابن رُشد وغيرهما غيره. وما يأتي به إن كان بناء تبعه فيه كل مأموميه ولو كان فعله، ولو كان قضاء؛ فلا يتبعه فيه أحد ولا مسبوق، عليه قال محمد: ولو ذكر إمام في تشهد رابعته سجدة الثانية وسجدها من فاتته الأولى ونسيها الباقون أتى بركعة يتبعونه فيها حتى من سجدها، ولو سجدها كلهم لم يتبعه فيها أحد، ولو ذكرها من الأولى وسجدها كلهم وذكر بعضهم سجدة الثانية لم يتبع الإمام في الركعة التي يأتي بها أحد ولا ذاكر سجدة الثانية، وليقضها بعد سلامه، قال: وركعة احتياطه الواجبة لشكه في عدد ما صلى أو في سجدة.

سحنون: من أدرك رابعة فذكر بعد قضائه سجدة جهل محلها سجد وتشهد وأتى بركعة بأم القرآن فقط، وسجد قبل؛ لاحتمال كونها مما أدرك فتكون أولى قضائه أول صلاته جلس فيها وقام في ثانيته، ولو لم تفته إلا ركعتان قضاهما يقرأ في التي يأتي بها بأم القرآن وسورة وسجد قبل لاحتمال كونها مما أدرك فتكون أولى قضائه ثانية قام فيها. ونقص السنة عمدًا في بطلانها به ثالثها: "يسجد قبل"، ورابعها: "يعيد في الوقت" لبعض أصحاب مالك وابن القاسم وغيره، واختاره الجلاب، ونقل اللخمي: وسهوًا فعلاً أو قولاً كالسورة أو التشهد يسجد. وفي السجود لنقص تكبيرة قولان للجلاب عن ابن القاسم ولها، ولأكثر ثالثها: "بعد" للمشهور ونقل ابن بشير وأشهب، وابن رُشد عنه: وكذا سمع الله لمن حمده ناقلاً عنه إن سجد قبل لم يفسد بخلاف ما مر له في القنوت. وفي التهذيب: إن ترك التشهدين سجد قبل. وتعقب القرافي تصويره؛ لأن السجود للأخير قبل السلام ذكر له قبل فوت محله فيفعل، وأجاب بتصويره حيث يجلس ثلاثًا في مسائل اجتماع القضاء والبناء. قلت: لفظها: أرأيت إن كان سهوه يسجد له قبل السلام كترك تكبير وسمع الله لمن حمده مرتين أو التشهدين فنسي أن يسجد حتى طال، قال: أما التشهدان والتكبيرتان وسمع الله لمن حمده مرتين فإن أحدث أو طال كلامه؛ فلا سجود عليه ولا شيء. قلت: فنفي السجود، فقول أبي سعيد "يسجد قبل سلامه" ليس فيها، فإن قلت: جعله فيها منسيًا يقتضي صحة فعله لو ذكر، فمنه قال أبو سعيد: يسجد قبل سلامه. قلت: الجواب من وجهين الأول: أنه إنما جعله فيه منسيًا بعد سلامه حتى طال وفعله بعد سلامه قبل الطول يصح، فإن قلت: لا يصح لقولها مع الشيخ عن رواية ابن حبيب: "إن نسي التشهد الآخر وسلم رجع إن قرب فتشهد وسلم وسجد بعد سلامه، وإن طال فلا شيء عليه" قلت: هذا معارض بقول المازري: في المدونة: إن ذكر تارك التشهد الآخر وهو بمكانه سجد لسهوه وإن طال فلا شيء عليه، ونحوه للصقلي، فيكون فيها قولان الثاني أن قولها: فنسي أن يسجد من لفظ السائل لا في الجواب فلا عبرة به.

وسمع ابن القاسم: من سها عن تشهده حتى سلم إمامه تشهد دون دعاء وسلم، ولا سجود عليه. ويرجع المتزحزح لقيام الثالثة دون جلوس قبل فراقه الأرض. الباجي: ولا سجود عليه. ابن بشير: إن نهض ولم يفارق الأرض رجع ولا سجود عليه على المشهور. وفي رجوعه بعد فراقها قبل اعتدال قيامه قولان لابن حبيب مع روايته ومفهوم سماع ابن القاسم، وسماع القرينين وابن رُشد عن ابن القاسم، ولها لم يحك الجلاب غير الأول. وفيها: إن نسي الجلوس الأول حتى استقل عن الأرض تمادى. فصوب عياض تفسير الشيخ بمفارقتها بركبتيه ويديه قال: وقبولهم تفسير ابن المنذر وابن شعبان بمفارقتها بأليتيه لا يتصور؛ لمنع مالك رجوعه قبل قيامه على أليتيه؛ بل لو رجع عليهما وقام أجزأ على عدم شرط الطمأنينة ويسجد لترك التشهد فقط. فلو رجع عمدًا أو جهلاً ففي سجوده قبل أو بعد كالساهي قولان لأبي عمر عن أشهب مع علي. وسماع القرينين وابن حارث عن ابن القاسم وأشهب. وثالثها: "تبطل" لعيسى مع ابن عبد الحكم وسحنون وابنه وابن الماجشون وضعفه أبو عمر. المازري: المشهور صحتها قال: وعلى الأول لا يتم الساهي جلوسه لجعل السجود عوضًا منه، ولا يجتمع عوض مع معوض منه وعلى الثاني يتمه. ابن بشير وابن حارث: إن رجع بعد قيامه سهوًا لم تفسد اتفاقًا، فنقل ابن شاس عن ابن سحنون: "تفسد إن رجع غير قاصد" خلافه. ونقص الفضيلة لا سجود له، ويترتب سهو الإمام السابق على مدرك ركعة معه عليه ومدرك غيرها لا يترتب عليه بعديه. الصقلي عن أشهب: لا يلزمه ولكن يسجده احتياطًا، وفي قبليه سماع عيسى ابن القاسم معها وسماعه، ورواية ابن القاسم مع رواية زياد.

المازري: إن كان قبليًا فابن القاسم: لا يتبعه وسحنون يتبعه وحيث يترتب يسجد للنقص معه. ابن عبدوس: غير ابن القاسم يؤخره لقبل سلامه، وتخريجه ابن رُشد على "أن ما أدرك أول صلاته" يرد بأن لزومه حكم الإمام يقتضي التبعية مطلقًا، والأولى توجيهه باحتمال سهو يحدث له. وللزيادة بعد قضائه. وفي رجحان قيامه لقضائه إثر سلام إمامه أو سجوده ثالث الروايات قولها: "سواء"، واختار ابن القاسم فيها الأولى، وفي سماع أصبغ الثانية، فلو سجد لها معه سهوًا أعاده وجهلاً أو عمدًا في كونه كذلك، وبطلان صلاته سماع عيسى ابن القاسم وقوله: ولو سجد معه حيث يجب وسها في قضائه فابن رُشد: يسجد لسهو قضائه كفذ اتفاقًا. اللخمي: في نيابة سجوده معه عن سهو قضائه قولا ابن الماجشون وأشهب مع ابن القاسم. ولو سها بنقص وسهو إمامه بعدي ففي سجوده قبل أو بعد قولان لهما ولابن حبيب. وعزو ابن بشير الثاني للمنصوص والأول للتخريج على أنه فيما يقضيه كالفذ وهم لمخالفته الصقلي واللخمي والمازري، وانفراده بسهو في قضائه كفذ. ولو استخلفه من عليه قبلي ففي سجوده له إثر تمام صلاة الأول أو صلاتهن سماع أصبغ ابن القاسم وسماعه موسى مع ابن رُشد عن أشهب، وبعدي يسجده بعد سلامه ويكفي لسهو زيادة في استخلافه وقضائه. وفي كفايته عن نقص فيهما وصيرورته قبل سلامه ثالثها: "إن كان فيما يقضي وإن كان في استخلافه فقبل سلامه" لسماع أصبغ ابن القاسم، وابن عبدوس عن غيره وبن رُشد مع ابن حبيب. الشيخ: روى علي: سجود المأموم لسهو كلامه بعد سلام إمامه خفيف، ولو سلم وانصرف لظن سلام إمامه، ثم رجع قبله حمله عنه، ولو رجع بعده سلم وأحببت سجوده بعد. ابن القاسم: بلغني عن مالك يسجد قبل.

وسمع عيسى ابن القاسم: من أحرم خلف إمام في تشهده الآخر فسلم معه سهوًا ثم علم فبنى يسجد بعد. والمزحوم عن ركوع إمامه والقائم لقضائه قبل سلامه يذكران في فصل المسبوق. وذو الإسلام غير حديثه علمه وجوب الخمس ضروري من الدين فجحده ردة. القاضي: وكذلك جحد فرض الوضوء والغسل لها. وفي استتابته ولزوم قتله قولا الأكثر وابن أبي سلمة، وعلى الأول ففيها: في الحال. أو في ثلاثة أيام روايتان ورجحهما اللخمي وابن رُشد. وجعلهما الباجي الأصل، قال: وفي تخويفه فيها قولا أصبغ ومالك، وإن أقر وأبى قال ابن رُشد: يقتل اتفاقًا وفي قتله لذنب أو لأن تركها دليل كفره ثالثها: "لأنه كفر" لمالك مرة ولأصبغ معه وابن حبيب، ولا يورث على الأخيرين. المازري واللخمي: وإن قال: لا أصلي قتل. وفي قتله كفرًا أو حدًا نقلا المازري عن ابن حبيب ومالك. اللخمي: في استتابته كجاحد وتعجيل قتله قولان. وإن قال: "أصلي" ولم يفعل ففي قتله أو المبالغة في أدبه قولا مالك وابن حبيب، وإنما يقتل لقدر ركعة قبل طلوع الشمس وغروبها وطلوع الفجر للصبح والعصر والعشاء، وله مع أربع قبل الغروب وطلوع الفجر للنهاريتين والليليتين على القولين في اعتبار سجودها أو مجرد ركوعها. اللخمي: لا يعتبر قراءة الفاتحة للخلاف. المازري: ولا الطمأنينة. وخرج عبد الحميد على رعي الخلاف لقدر تكبيرة الإحرام. ابن خويز منداد: لأربع قبل الغروب، وخطأ المازري قوله: "لآخرن وقتها الاختياري" إلا أن يقول المؤخر عنه: قاض أثم. وفي قتل القائل لا أصلي كذلك أو لا يؤخر قولا الأكثر وابن زرقون عن ابن الماجشون. وفي قتله بامتناع قضاء ما فات قولا المتأخرين، وفرق بالخلاف في وجوبه المازري، وبإجازة مالك تأخيره المشغل.

وفي كون القتل بالسيف أو بالطعن نخسًا سماع أشهب وقولن بعض المتأخرين. ويؤمر الصبيان بالصلاة إذا أثغروا، وفي تفريقهم في المضاجع وأدبهم على تركها حينئذٍ أو إذا بلغوا العشر قولان لسماع ابن القاسم مع سماعه عيسى، وابن رُشد معه مع ابن وهب، واختار اللخمي الأول في الأول والثاني في الثاني. وسمع أشهب: يؤدب ولا يضرب بعض الضرب. ابن رُشد: أي إنما يضرب خفيفًا. صلاة الخمس جماعة: أكثر الشيوخ سنة مؤكدة ولا نص رواية. أبو عمر وابن محرز والمازري عن بعض أصحابنا: فرض كفاية. التلقين: مندوبة مؤكدة الفضل. العارضة مندوبة يحث عليها. ابن رُشد: مستحبة للرجل في خاصته فرض في الجملة سنة بكل مسجد. وفي أفضليتها بالكثرة قولا ابن حبيب والمشهور، وسمع ابن القاسم: أرجو كون تارك إتيان المسجد المصلي ببيته للطين وأذى الطريق في سعة. ولا يتخلف عروس عن الظهر والعصر ولا يعجبني تركه الصلاة كلها. ابن رُشد: إن تركها في جماعة بالمسجد وخفف له ترك بعضها لتأنيس أهله. وإذا أقيمت الصلاة بموضع صلاة منع فيه ابتداء غيرها حينئذٍ والجلوس به، ولزمت من به إن لم يصلها وصلى ما قبلها أو صلاها فذًا وهي مما تعاد. الباجي: رحاب المسجد الممنوع فيها الفجر مثله. الشيخ: من كان بمجلس قوم فأقاموها أمر بالدخول معهم للحديث، فإن كان مصليها فذًا بغيره وهي مما تعاد وسمع الإقامة، فروى الشيخ معها: لا تلزمه إعادتها جماعة. الجلاب: من صلى وحده أعاد في جماعة. التلقين: يستحب. اللخمي: معها له أن يعيد. وفي الموطأ: لا بأس أن يعيد.

وفي المبسوط: إن مر وهم يصلون فلا يدخل؛ لأنه يوجب على نفسه أن يعيد وذلك لا ينبغي. وأقلها اثنان أو إمام راتب، ولذا فيها: لا يعيد. ونقل ابن الحاجب: تعاد مع واحد لا أعرفه. وفي الكافي: يعيد المنفرد ولو كان إمامًا راتبًا. قلت: فلا يعاد معه. الباجي: لو صلى مؤذن مسجد ولا إمام له راتب ففي كونه كجماعة أو فذ قولا عيسى وابن نافع، قال: معنى قول عيسى في مؤذن راتب بمسجد لا إمام له. وفي إعادة مصل ببيته بزوجته نقل ابن زرقون عن الأزهر بن معتب مع ابن كنانة، ورواية موطأ زياد وعبد الحق عن أبي عمران مع القابسي قائلاً: أو أجنبية، وابن زرقون عن ابن أخي هشام وجماعة القرويين. وفي إعادة مصل مع صبي قولا عبد الحق عن ابن عبد الرحمن مع ابن زرقون عن ابن كنانة وبعض شيوخ عبد الحق. التونسي: ولا يعيدها مأموم بناسي حدثه لحصول حكم الجماعة له لصحتها له جماعة كذلك. وفي إعادة الإمام في العكس نظر. المازري: لا نظر فيه مع قبوله الأول؛ لأنه والعكس سواء. قلت: بل النظر متقرر لاحتمال كون العكس أحرى فضلاً عن كونهما سواء؛ لأن عمد المحدث فيهما يبطلها على غيره في الأولى لا العكس، ويحتمل الفرق بأن لزوم نية المأموم للاقتداء الملزومة للجماعة تثبتها له وعدم لزومها للإمام مع حدث مأمومه تلغيها، وكذا لو كانت جمعة انبغى أن تصح له للزوج نيته الإمامة، فإن أقيمت غير المغرب على من في أولاها أو أولى نفل ففي إتمامها نفلاً إن لم يخف فوت ركعة وقطعها ثالثها: إن كان في أولاها، ورابعها: عكسه لابن رُشد عن ابن حبيب مع عيسى وتخريجه على قوله فيها: يقطع إن كان في أولاها، ورواية أشهب والفضل عن أصحاب مالك وحمل روايتها: يتم في النفل لا الفرض عبد الحق عليه لعدم رجوعه للنفل وبقاء نيته.

وابن رُشد: على التناقض. وتقرير المازري الثاني بأن الفرض لو أتم أتم نفلاً وذلك قطع له فاستخف قطعه مع قوله الثالث: إن إتمام النفل بنيته والفرض لو أتم أتم بغير نيته وتغييرها ينتقل فاستخف قطعه مشكل؛ لأنه الثاني وإن كان في ثانيتهما أتمهما نفلاً. ابن رُشد: اتفاقًا. الصقلي واللخمي: ما لم يخف فوت ركعة. المازري: ظاهر الروايات الإطلاق. ولابن سحنون عن ابن القاسم: لو كان في أولى المغرب قبل عقدها أتمها ركعتين، وقال: ظاهره ولو فاته الإمام بركعة، وإن كان في ثالثتها سلم من اثنتين وإن عقدها ففيها يتمها فرضًا. الصقلي: ما لم يخف فوت ركعة رواه أشهب. المازري: في تقييد بعضهم إتمامها بعدم خوف فوت ركعة نظر؛ لأنه إنما يتمها فرضًا. وإن أقيمت المغرب على من في أولاها قطع. ابن رُشد: اتفاقًا. قلت: اللخمي عن ابن حبيب يتمها نفلاً. قال: وفي ثانيتها في قطعه وإتمامها نفلاً قولا ابن القاسم مع روايته وابن حبيب مع روايته سحنون عن ابن القاسم، وبعد إتمام الثانية في قطعه وإتمامها رواية سحنون عنه وابن حبيب معه في بعض رواياتها، وبعد عقد الثالثة أتمها اتفاقًا. وفي عقدها بالركوع أو الرفع منه اختلاف وتناقض. ابن حبيب: في صحة النفل قبلها. قلت: لعل إتمامها ثالثة لفعل جلها فرضًا لا لمنع النفل قبلها، وقوله في عقدها بالركوع أو الرفع منه خلاف يوهم كونه المعروف من قولي أشهب وابن القاسم، وعزا الصقلي هنا الأول لابن القاسم في المجموعة وأشهب في «العتبية»، والثاني له في المجموعة.

وإن أقيمت على من به وعليه ما قبلها ففي لزومها بنية النفل وخروجه لما عليه نقلا ابن رُشد عن أحد سماعي ابن القاسم والآخر مع قوله فيها: لا ينتفل من عليه فرض مع اللخمي عن ابن عبد الحكم يخرج من المسجد. ابن رُشد: ويضع الخارج يده على أنفه لسماع سحنون عن ابن القاسم في الخارج لإقامة ما لا يعاد. وإن أقيمت وهو في فرض قبلها فللخمي والمازري عن ابن القاسم: كمن هو فيها إن أتم ركعة شفعها ما لم يخف فوت ركعة مع الإمام. قلت: يريد ويعيد للترتيب. وسمع ابن القاسم: إن طمع أن يتمها ويدرك صلاة الإمام أتمها وإلا قطع ودخل معه واستأنف الصلاتين، واستحب ابن القاسم أن يتم ركعتين إن عقد ركعة، فقيده ابن رُشد بقول أصبغ ما لم يخف فوت ركعة. قلت: تقدم نقله عنه نصًا المازري حمل بعض المتأخرين قول مالك على ما لم يخف فوت ركعة. قلت: هو الصقلي قال: وفرق مالك بينها وبين إقامة ما عليه بأن تمام هذه يحصلها مع التي تصلى مع الإمام وقطعها يبطلها ولا يعتد بالتي تصلى مع الإمام، ويحتمل أن يقول في إقامة ما هو فيه يتمه كقوله في إقامة غير ما هو فيه وإليه نحا في رواية أشهب وهو القياس؛ لأن القطع لئلا يدخل في صلاتين معًا فوجب أن يكون الحكم في ذلك سواء. قلت: قوله: القياس مع عدم ذكره ما يبطل ما ذكره من الفرق لغو. وصوب اللخمي قول ابن عبد الحكم يتم فرضه مخففًا ولو لم يدرك المقامة، واستشكال ابن رُشد قول مالك: قطع ودخل مع الإمام بأن قطعه لمنع النفل قبل فرضه الأول قاله في غير هذه ودخوله مع الإمام إجازة له؛ لأنه إنما يفعلها بنية النفل يرد برعي حرمة الإمام بدخوله معه، ونقل ابن الحاجب يتمها ما لم يخف فوت كل الصلاة لا أعرفه إلا ما تقدم لمالك، وللشيخ عن ابن القاسم فيمن أقيم عليه العصر وقد صلى نصف الظهر يتمها إن طمع بإدراك الصلاة مع الإمام.

وفي إعادة غير المغرب أو العشاء إذا أوتر ثالثها: يعاد غير المغرب والعصر والصبح، ورابعها: الجمع لها وللمجموعة عن ابن القاسم مع اللخمي عن رواية العُتبي وتخريجه على تعليل الأول بأن الإعادة نفلن والمازري مع الباجي والكافي عن المغيرة وذكره اللخمي تخريجًا على إعادة المغرب، وعلى الأول إن نسي قائم وذكر قبل ركعة قطع وبعدها. الشيخ: في الواضحة: شفعها وسلم. وسمع عيسى ابن القاسم: أحب قطعه فإن شفعها رجوت خفته. ابن رُشد: استحبابه القطع يأتي على ما فيها وذكرنا الخلاف في مسألتها آخر رسم نقدها. قلت: ما ذكره هو ما تقدم في المغرب فقام على من فيها وبعد ركعتين ظاهر ما تقدم يقطع نفلاً، ونقل ابن بشير وقيل: يتمها لا أعرفه، وعلى منع إعادتها وعبد ثلاث سمع ابن القاسم: يشفعها ويسلم. وروى ابن حبيب: ولو ذكر بقرب سلامه وإن بعد فلا شيء عليه. اللخمي: إن كان رفض الأولى جعل هذه فرضه. ولابن وهب مع رواية علي: يسلم ويعيدها. وتقييده ابن الحاجب بالطول بعد السلام خلاف نصها، وعلى الثاني لو أعاد العشاء ففي إعادة الوتر قولا سحنون ويحيى بن عمر. وسمع القرينان: من صلى الظهر وحده ووجدهم في المسجد في تشهدهم الآخر لا يدخل معهم. ابن رُشد: لأن مدرك غير ركعة فذ. وفي كونها بنية النفل أو الفرض ورفض الأولى أو التفويض رابعها: بنية فرض مكمل لرواية الباجي مع ابن رُشد عن أشهب وأخذه من سماع عيسى ابن القاسم ورواية الباجي ونقل المازري فلو تبين بطلان الأولى ففي إعادته طريقان. ابن رُشد: قولان لأشهب وسماع عيسى مع سحنون ابن القاسم. المازري وابن حارث ثالثها: إن دخل في الثانية ذاكرًا الأولى لابن الماجشون وابن

القاسم وأشهب، ويرد الثالث بأن الكلام فيما فعل بنية الإعادة ولذا لم يذكر ابن رُشد. ولو أعادها لاعتقاد صلاتها فذكر أنه ما صلاها ففي إجزائها قولا ابن القاسم وأشهب، ولو أحدث في الثانية ففي إعادتها ثالثها: إن أحدث بعد عقد ركعة، ورابعها: إن أعادها بنية الفرض أو التفويض روايات إلا الثالث لعبد الملك وسحنون وخرجت على نية الإعادة وبالأولى قال ابن كنانة معللاً بأنه لا يدري أيتها صلاته وسحنون معللاً بوجوبها بالدخول، وخرج عليهما المازري لو أحدث عليه أعاد على الأول لا الثاني. ويرد بأن تعليله بوجوبها لا بالدخول؛ لأن الفرض لا يحصل بمجرد النية؛ بل بها والفعل فوجبت الثانية بتمام رفض الأولى لا أنها نفل وجب بالدخول وأجريت على النية فعلى النفل المعتبر الأولى وعلى الفرض المعتبر الثانية، فإن بطلت؛ فللخمي والمازري في الإعادة قولان خرجاهما على صحة الرفض ونفيها. ويرد بأن صحة نية فرض الثانية توجب صحة الرفض لامتناع فرضيتها مرتين، وقول ابن عبد السلام لو شرط رفض الأولى لصحة الثانية ففي لزوم إعادتها لبطلانها نظر يرد بامتناع هذا الفرض؛ لأنه وقف رفض الأولى على صحة الثانية وصحتها موقوفة على نية فرضها ونية فرضها موقوفة على رفض الأولى لامتناع رفضها مرتين فرفض الأولى متوقف على نفسه، وعلى التفويض المعتبر صحتها للرواية الرابعة فيمن أحدث في الثانية، وتعليل ابن كنانة وقول اللخمي وابن رُشد صحة إحداهما خلافها ووفاق لنقل الشيخ عن سحنون إن ذكر معيد مغرب سجدة من إحداهما أجزأت صلاته لصحة أحداهما وهو خلاف نقله عنه إن ظهر أن الأولى بغير وضوء أو بثوب نجس لم تجزئه الثانية وقول ابن الحاجب صحة الأولى لا أعرفه، وعلى الإكمال الأولى فقط وتخريج ابن عبد السلام الثانية فقط من اعتبار أحد وضوءي المجدد يرد باستقلال وضوء التجديد عن الأول وعدم استقلال المعادة؛ لأنه قصد بهما تحصيل صفة الأولى وهي الإكمال وإذا بطل الموصوف بطلت صفته. وسمع ابن القاسم لو دخل في جلوس إمام ظنه الأول فسلم سلم وانصراف. ابن القاسم: وقد قال: لو ركع ركعتين.

ابن رُشد: انصرف لأنه دخل بنية الفرض لا النفل. اللخمي: روى إسماعيل إن نوى فرضها أتمها وإن لم يرفض الأولى لم يلزمه إتمامها. قلت: وعزا الشيخ قول ابن القاسم للمغيرة وابن الماجشون معه قال: وروى علي ينبغي أن يجلس ولا يحرم فإن كانت باقية أحرم وإلا انصرف. ولا يؤم معيد وفي إعادة مأمومه أبدًا مطلقًا أو ما لم يطل قولان لابن حبيب معها وسحنون. اللخمي: إن نوى الفرض صحت على الفرض والتفويض صحت إن بطلت الأولى والنفل؛ صحت على إمامة الصبي، وفي رده المازري بأنه ينوي الفرض نظر؛ لأنه ممتنع؛ بل ينوي عينها فقط. وفي منع إعادتهم جماعة قولا ابن حبيب وظاهرها والمذهب: لمن صلى جماعة أن يعيد في جماعة بأحد المساجد الثلاثة لا غيرها ونقله ابن بشير عن ابن حبيب فقط قصور، وإلزام اللخمي عليه إعادة جامع في غيرها فذا فيها يرد بأن جماعتها أفضل من فذها، وتمسك المازري معه بقوله فيها: من أتى أحد المساجد الثلاث، وقد جمع فيه واجبًا جماعة في غيره صلاته فيه فذا أفضل منها جماعة في غيره يرد بأنه لا يلزم من ترجيح فعل قبل فعل مفضول عنه جواز إعادته بعد فعل مفضوله؛ لأنه حكم مضى كترجيح جماعة كبرى على صغرى أو إمام أفضل على مفضول بل اللازم أحروية إعادة فذ فيه لأن الفذ يعيد في جماعة في غيرها، ورده ابن بشير بأن الإعادة إنما وردت في العكس والموضوع موضع عيادة مع قوله: أولاً هو القياس تناقض. ومن أتى مسجده صلى الله عليه وسلم فوجد الناس منصرفين من صلاتهم في كون صلاته فيه فذًا أفضل منها في جماعة خارجه والعكس قولان لسماع القرينين معها، وابن رُشد عن بعض روايات سماعها: بل يصلي في الجماعة، قال: وجمع ابن لبابة بحملها على من دخل المسجد وحمل الأخرى على من لم يدخله لا يصح لأن صلاة الفذ فيه إن كانت أفضل ترجحت مطلقًا وإلا فالعكس، وما وقع في بعض النسخ؛ بل يصل في المسجد بالجماعة خطأ، والمعروف لا تعاد جماعة في ذي إمام راتب في الخمس وأجازه أشهب قال لأصبغ في المسجد وقد صلى الناس: تنح لزواية وائتم بي ففعل.

اللخمي والمازري: ولا قبله إلا بعد ضرر طول انتظاره. قلت: فقوله فيها: إن جمعوا قبل حضوره؛ فله أن يجمع يتقيد به وعلى المنع في منعه في ذي إمام راتب في بعضها في سائرها روايتا ابن القاسم وأشهب خرجهما ابن رُشد على أنه لتفريق الجماعة أو لتطرق المبتدعة أو للأول فقط، وقول اللخمي يجوز حيث المنع بإذن إمامه خلافهما روى ابن حبيب إن صلى مؤذنه وحده المعتاد نيابته عن إمامه لم يجمع ثانية. اللخمي: إن صلى بعد وقته بيسير فلإمامه إعادتها؛ لأنه عاجله. وسمع أشهب: إن طلعوا السفينة بعد جمع أهلها صلاة لم يجمعوها. ابن رُشد: ليست خلاف إجازتها صلاة من فوقها بإمام ومن تحتهم بإمام لأنهما موضوعان، واختلاف عيسى وابن نافع تقدم. اللخمي: إن علم تعمد فذ مخالفة إمام منع. وشرط الإمام إسلامه، وفي إعادة مأموم كافر ظنه مسلما أبدًا مطلقًا وصحتها فيها جهر فيه إن أسلم ثالثها: إن كان آمنًا وأسلم لم يعد لسماع يحيى رواية ابن القاسم مع قوله، وقول الأخوين وابن حارث عن يحيى وعن سحنون والعُتبي عنه ونقله المازري عنه دون قيد إن كان آمنا قال: وتأول قوله: إن أسلم بأنه تمادى على إسلامه وتعقبه بعضهم بأنه جنبًا جاهلاً. وفي قتله إن لم يسلم أو نكاله وطول سجنه ثالثها: إن كان آمنا لا عذر له لابن رُشد عن الأخوين مع أشهب وابن القاسم مع روايته وابن حارث عن يحيى والعُتبي عن سحنون، وعلى الثالث في تصديقه في دعوى العذر، ونقلا ابن رُشد عن أبي زيد عن ابن القاسم وسماعه يحيى مع ابن وهب. وتردد بعض البغداديين في إعادة مأموم زنديق للمشقة يدل على أنه فيما كثر. وذكوريته روى ابن أيمن: تؤم المرأة النساء.

اللخمي: إن عدم رجل. أبو إبراهيم الأندلسي: يعدن في الوقت. المازري مع الشيخ عن سحنون: الخنثى إن حكم بذكوريته كرجل وبأنوثته كامرأة. قلت: فالمشكل مشكل لتناقض مفهومي شرطيه. ابن بيشر: المشكل كامرأة. قلت: لانتقاء لازم ذكوريته وهو تعصيبه، ولذا لم يرث من الولاء شيئًا. $$$$$، وفي إعادة مأمومه ثالثها: في الوقت إن استحلف لتمامها لها ولأبي مصعب وأشهب وسمع ابن القاسم: خفة إمامته بأمثاله في المكتب، ووهم اللبيدي الشيخ في نقله في نوادره: قول أبي مصعب بعدمه من كتاب قائلاً فهم بإصلاحه فعجله أجله. وفي إمامته في النفل روايتان للجلاب مع سماع أشهب ولها. $$$$ روى محمد: من ائتم بسكران أعاد أبدًا. وسمع ابن القاسم: لا يؤم المعتوه. سحنون: ويعيد مأمومه. الشيخ: روى ابن عبد الحكم لا بأس بإمامة المجنون حين إفاقته. $$$$$$ بما لا تصح الصلاة إلا به، وفيها: لا يؤم الأعراي ولا في سفر وإن كان أقرأهم. ابن حبيب: لجهله السنن.

غيره: لنقص فرض الجمعة وفضل الجماعة. الشيخ عن المختصر: إن أم أجزأهم كمتيمم بمتوضئين كرهه مالك، ولم يكرهه ابن مسلمة. وقدرته عليه فيمنع من عجز عن ركوع أو سجود أو الفاتحة كأخرس أو أمي. الشيخ عن ابن حبيب: لا يؤتم بمن لا يتم ركوعًا أو سجودًا، ومن ائتم به أتمها. وفي إمامة الجالس عجزًا بقيام قولا أشهب مع رواية الوليد جوازها واستحباب قائم لجنبه علمًا على حركاته والمشهور. الجلاب: يعيد مأمومه في الوقت. ابن رُشد: قول بعض أصحاب مالك: يعيد الإمام بعيد. وفي إمامته بجلوس مثله، طرق، المازري: في ذلك خلاف، زاد اللخمي جوازها أحسن. الباجي: في جوازها روايتا أبي زيد وسحنون عن ابن القاسم. ابن زرقون: روى مُطرف إن أم جالس جلوسًا جهلاً أعادوا في الوقت. ابن رُشد: يؤم الجالس لعذر مثله اتفاقًا، ومعنى رواية سحنون بالأصحاء وسوقها الشيخ على أنها بالمرضى وهم. وعلى المنع في إعادتهم دونه أبدًا وفي الوقت ثالثها: الجميع أبدًا لها وللجلاب مع رواية أبي عمر وسحنون عن بعض أصحابنا وعزا الباجي الأول لأصبغ وابن عبد الحكم والأخوين. وروى موسى منع إمامة مضطجع لمرض بمثله. ابن رُشد: القياس جوازه إن أمكن الاقتداء. المازري: على إمامة الجالس، قال أصحابنا: لا يؤم مومئ؛ إذ لا يأتم ذو ركوع وسجود بمن لا يفعلهما كفرض بجنازة. قلت: مفهومه لو استويا جاز كابن رُشد. ولابن الماجشون ورواية ابن نافع: لا بأس بإمامة الأقطع وكل ذي عيب ولو في الجمعة والأعياد.

ابن وهب: لا يؤم أقطع وإن حسنت حاله، ولا أشل لا يضع يده بالأرض. ابن رُشد: يريد يكره. اللخمي: في جواز إمامه اللحان ثالثها: إن كان في غير الفاتحة، ورابعها للقاضي مع ابن القُصار: إن لم يغير المعنى. والأحسن المنع إن وجد غيره فإن أم لم يعد مأمومه، فعزا المازري الثاني للقابسي معبرًا عنه بعدم صحتها خلفه زاد الصقلي عنه: إن لم يستو حالها، وعزا الثالث لابن اللباد والشيخ زاد الصقلي وابن شبلون. المازري: نقل اللخمي الجواز مطلقًا لا أعرفه. قلت: عزاه ابن رُشد لابن حبيب، واختاره الصقلي عن الشيخ والقابسي: منه من لا يميز بين الظاء والضاد. عبد الحق: أخذ القابسي قوله من قول مالك فيها فيمن لا يحسن القرآن، ولم يفرق يبن أم القرآن ولا غيرها. ابن رُشد: أخذه ذلك؛ لأنه حمله على من لا يحسن القراءة وهو بعيد غير صحيح، والمروي جواز إمامة من به لكنة. إسماعيل: إن كانت في غير قراءته وأبعده اللخمي بأنها طبع فلا تخصه قال: ولا يعيد مأمومه اتفاقًا. قُلتُ: إن أراد الفاتحة أمكن لعدم اشتمالها على كل حرف، وإليه نحا ابن محرز بقوله: لا يؤم إن كان تغييره في الفاتحة، وإن كان مغلوبًا؛ لأنه لم يأت بما حمل عن مأمومه. ابن رُشد: الألكن: الذي لا يبين قراءته، والألثغ: من لا يتأتى نطقه ببعض الحروف، والأعجمي: من لا يفرق بين الظاء والضاد والسين والصاد وشبه ذلك لا يعيد مأمومه اتفاقًا وتكره إمامته مع وجود مرضي غيره. ولا يؤم أمي قارئًا فإن فعل أعاد مأمومه وفي إعادته ثالثها: إن علم أن ثم قارئًا للمازري عن ابن القاسم مع سماعه موسى وابن رُشد معه عن أشهب. وللمازري عن بعض أصحابنا ولا أميا وعزاه الطراز لظاهر قول ابن القاسم.

المازري لابن حبيب عن جماعة من أصحابنا إلا أن لا يجدوا قارئًا. سحنون: ويخافوا فوات الوقت. قُلت: لابن حارث عنه يؤمهم لا بقيد وقاله أبو عمر والصقلي عن بعض القرويين، ولا يقطع لإتيان قارئ. وللطراز: إن أتاه قارئ قطع على قول ابن القاسم إن لم يركع أو بعد ثلاث وبعد شفع إن ركع. وفيها: لا يؤم غير محسن القراءة محسنها وهو أشد من إمام ترك القراءة. حملها القابسي على اللحان وابن رُشد على الأمي. المازري: تكره إمامة القارئ في مصحف في الفرض لا النفل وتمنع فيه إن نظر لحصر. وفي إعادة مأموم مبتدع كالحروري والقدري ثالثها: في الوقت، ورابعها: "أبدًا إلا في والٍ أو خليفة، وخامسها: إلا في الجمعة لا تعاد وللمازري عن أصبغ ورواية سحنون عن كبار الرواة وابن القاسم وابن حبيب والمازري واللخمي عن ابن عبد الحكم. وفيها: لا يؤتم بأحد من أهل الأهواء ولا في جمعة إلا أن يخافه ويعيد ظهره ووقف في إعادة من ائتم به فقيل الخائف صلى بنية الإعادة فوجبت وغيره بنية الاجتزاء فوقف. ابن رُشد: تأولها بعضهم بعكس تفرقة ابن حبيب. المازري: المبتدع بخلاف في الأصول القطعية كافر، وفيما يشكل كالمعتزلي الخلاف. وفي إعادة مأمومه للخلاف في كفره وفسقه ولمالك والقاضي فيهم قولان وغر هذا ابن عبد السلام فقال: إنما فرضها أكثرهم في المخالف في الصفات فلا معنى لذكر ابن الحاجب الحروري؛ لأنهم إنما نقموا التحكيم على علي وكفروا بالذنب وما تكلموا في الصفات، وقصر عن معرفة رواية الشيخ وابن حبيب عن مالك من ائتم بأحد من أهل الأهواء أعاد أبدًا إلا إمامًا واليًا أو خليفة لائتمام ابن عمر بالحجاج، ابن حبيب ونجدة الحروري. وسمع القرينان ترك الصلاة خلف الإباضية والواصلية ومساكنتهم أحب إلي.

ابن رُشد: هما فرقتان من الخوارج، وفيها: لا يناكحوا، ولا تشهد جنائزهم، ولا يسلم عليهم. القاضي: إن اختلف مجتهدان في القبلة لم يؤم أحدهما الآخر. اللخمي: إن نزل ففيه خلاف. قال أشهب: من ائتم بمن لا يرى الوضوء من القبلة أعاد أبدًا بخلاف من لا يراه من مس الذكر. سحنون: يعيد فيهما ما لم يطل فعليهما لا يأتم مالكي بشافعي؛ لتركه مسح كل رأسه، ولا العكس؛ لتركه البسملة. ورده المازري بنقل الإجماع على صحة الاقتداء بالمخالف في الفروع الظنية، واعتذر عن قول أشهب بأنه رآه طعيًا، قال: ولذا لم يقله في مس الذكر. قلت: فما عذره عن سحنون؛ بل الإجماع في المخالف من حيث اعتقاده لا من حيث تركه ما يوجبه المأموم، فهذا المخرج فيه. $$$$$، وفي إعادة مأموم الفاسق في الوقت أو أبدًا ثالثها: إن تأول، ورابعها: إن كان واليًا أو خليفة لم يعد وإلا أبدًا، وخامسها: إن خرج فسقه عن الصلاة أجزأت وإلا أبدًا، وسادسها: لا إعادة لنقل ابن رُشد مع اللخمي، وابن وهب مع مالك والأبهري وابن حبيب واللخمي والباجي من قول ابن وهب: لا يعيد مأموم عاصر خمر. ونقل ابن بشير كراهة إمامة المأبون لا أعرفه، وهو أرذل الفاسقين. وسمع ابن القاسم: لا يؤم أغلف. سحنون: ولا يعيد مأمومه. ابن عبدوس: روى ابن القاسم: لا بأس أن يؤم محدود صلحت حاله. وروى ابن حبيب: لا يؤم قاتل عمد وإن تاب. وله عن الأخوين وأصبغ وابن عبد الحكم: لا ينبغي أن يؤتم بمجهول إلا راتبًا بمسجد. الزاهي: لا يؤتم بمجهول.

قلت: إن كانت تولية أئمة المساجد لذي هوى لا يقوم فيها بموجب الترجيح الشرعي لم يأتم براتب فيها إلا بعد الكشف عنه، وكذا كان يفعل من أدركته عالمًا دينًا. ويؤم العبد في النفل راتبًا كالقيام والفرض غير راتب، وفي كراهته فيه راتبًا ثالثها: إن كان أصلحهم لم يكره لابن القاسم وعبد الملك، واللخمي قال: وفي كراهته في السنن قولا ابن القاسم وتخريج المازري مع اللخمي وعلي قول عبد الملك في الفرض. قلت: فيها: إن أم في عيد أعادوا. فظاهر نقل اللخمي الكراهة خلافه، وروى علي: لا يؤم إلا أميين حيث يحتاجون إليه. ابن رُشد: يجوز أن يؤم في العيد على قول ابن حبيب أنها تجب عليه. وفي جوازها في الجمعة ثالثها: إن وقعت صحت لابن رُشد عن سحنون مع أشهب وابن القاسم مع روايته، وابن بشير عن أحد قولي أشهب، ونقل ابن عبد السلام جواز استخلافه فيها لا أعرفه إلا نقله ابن رُشد في المسافر قائلاً: بخلاف العبد. وفيها: إن أم فيها أعاد وأعادوا. ابن حبيب: أبدًا. وكره مالك ولد الزنى راتبًا، وأجازه أشهب وغيره أحب إليه. الباجي عن عيسى وابن عبد الحكم: لا يكره إن كان أهلاً. وكره مالك الخصي راتبًا، ولابن الماجشون، ورواية ابن نافع: لا بأس به ولو في جمعة. عيسى وابن الماجشون: لا بأس بإمامة العنين. ابن رُشد: من علم تسليم من حضره أحقية إمامته لم يستأذنهم وإن خاف كراهة بعضهم استأذنهم، وإن كرهه أكثر الجماعة أو أفضلهم وجب تأخره وأقلهم استحب وحال من ورد على جماعته لغو. ومستحق الإمامة: السلطان أو خليفته ثم رب المنزل. مالك: وإن كان عبدًا. المازري: جعل مالك ملك المحل يربي على نقص الرق، ولربة المنزل تقديم من

يصلح، ويستحب لها الأرجح. ابن رُشد: يستحب لرب المنزل تقديم الأولى منه. ورد عياض تخصيص الخطابي تقديم ذي السلطنة على الأعم بالجمعة والأعياد بتقديمه شيوخنا عمومًا، قال: وحكى المارودي تقديم رب المنزل عليه ثم الأب والعم وإن صغر على ابن أخيه، وفي تقييده بما لم يكن ابن الأخ أفضل قولا سحنون ومالك، وخرجه اللخمي في الأب، ورده المازري بقوة الأبوة من العمومة. ثم في الأرجح طرق: اللخمي: العالم ثم القارئ الماهر، ثم الصالح، ثم الأسن، ثم ذو الهيئة. ابن رُشد: الفقيه، فالمحدث، فالقارئ الماهر، وإن كانوا في الفضل على العكس لمسيس حاجة الصلاة فالأسن في الإسلام. ابن شعبان: الفقيه فالقارئ الصالح الحال فالأسن فإن استووا فأحسنهم وجهًا وأحسنهم خلقًا. المازري عن الخطابي: يقدم ذو سلف له سابقية في الإسلام على غيره. ابن بشير: إن تشاح متساوون لفضلها لا لرياسة اقترعوا. وقوله: لا نص في الأفقه مع الأصلح وللشافعية قولان قصور لقولها: أحقهم بها أعلمهم إذا كانت حاله حسنة، وقول أبي سعيد إذا كان أحسنهم حالاً متعقب. ابن بشير: وتقديم الحسن الصوت على كثير الفقه محذور، وعلى مساويه غير مكروه؛ لأنها مزية خص بها قال صلى الله عليه وسلم لأبي موسى: "لقد أوتيت مزمارًا من مزامير آل داود".

باب رسم الإمامة

[باب رسم الإمامة] والإمامة: أن يتبع مصل في جزء من صلاته غير تابع غيره.

ولذا قال محمد وابن حبيب: من ائتم بمأموم بطلت صلاته. وشرط صحة صلاة المأموم مطلقًا نية اتباعه إمامه. والإمام التلقين: أن ينوي الإمامة في الجمعة والخوف. زاد المازري: والاستخلاف مع ابن بشير نظر؛ لأنه كمؤتم به ابتداء لصحة صلاتهم أفذاذًا، وقوله في فضل الجماعة: يلزمه صحة إعادة مؤتم به لم ينوها في جماعة، وما زاده المازري ذكره أبو إبراهيم عن ابن محرز في القصد والإيجاز عن القاضي. وسمع موسى بن معاوية ابن القاسم: من أم نساء تمت صلاتهن إن نوى إمامتهن، وقاله مالك، فأخذ منه ابن زرقون وجوبها في إمامة النساء. وقال ابن رُشد: وفي الرجال بتوجيهه إياها بوجوب حمل الإمام القراءة وضمانه ولا حمل إلا بنية. وإلحاقه الجنازة بالجمعة في وجوب الجماعة يلحقها بها في نية الإمامة، وكذا في الجمع للمطر فإن قلتك ظاهر سماع موسى شرطيتها في صلاة النساء فقط، وهي في الخوف والجمعة شرط في صلاة الإمام أيضًا قلت: لأن الجماعة شرطهما فلو نوى كل من مصليين إمامته الآخر صحت صلاتهما فذين، وائتمامه به بطلت فلا ينتقل فذ لجماعة ولا عكسه. الشيخ عن سحنون: لو دخل على مأموم بآخر ثالث قدم المأموم إمامًا بطلت صلاتهم، ولو أقام على صلاته صحت له دونهما. المازري عن ابن حبيب: لو جهل إمام في سفر فائتم بطائفة إمامه صحت صلاته دون مأموميه. قلت: كطروء عجز قيامه، زاد الشيخ عنه: وقاله ابن القاسم، وغيره من أصحاب

مالك، وقال الباجي - بدل "وغيره" -: ومن لقيت. فلو صح مأموم مريض بمثله قام وفي إتمامه فذًا أو مأمومًا قولا ابن حارث عن سحنون ويحيى بن عمر. سحنون: لو ائتم رجل بآخر فشكا في تشهدهما في الإمام منهما سلما معًا فعلى الخلاف في المقارنة وإن تعاقبا صحت للثاني فقط لو كان أحدهما سفرا سلم المسافر وأعاد وائتم الآخر ولا يعيد فقها وأن لا يتبع مفترض متنفلاً. المازري: تردد بعض أصحابنا في ائتمام ناذر ركعتين بمتنفل، وخرجه بعض شيوخنا على إمامة الصبي، ورد بنية الفرض، وأبطل أصحابنا صلاة من ائتم بإمام في خامسة سهوًا، ولو قيل بصحته لم يتخرج عليه لأنها بنية الوجوب. ابن حبيب: لو ذكر إمام بعد سلامه أنه كان صلاها في بيته أعاد مأمومه أفذاذًا لقول بعض العلماء لا إعادة عليهم. التلقين: وعكسه جائز. قلت: على جواز النفل بأربع أو في سفر، وتماثل فرضهما في الظهر وقسيمه. الصقلي: وفي المنسي اتحاد يومها. ويطلب تأخر إحرام التابع وسلامه. ابن رُشد: إن بدأ بعد بدئه التكبير صح وإن أتم معه، وقبله بطل وإن أتم بعده اتفاقًا فيهما وأعاد إحرامه. وفي قطعة الأول بسلام أو دونه قولان. قلت: الثاني لها والأول قال التونسي: لسحنون. قال: ولو بدأه معه فقال مالك: يعيد بعده، فإن لم يفعل وأتم معه أو بعده ففي صحته قولا ابن عبد الحكم مع سماع سحنون ابن القاسم، وابن حبيب مع أصبغ. قلت: مع الشيخ عن رواية سحنون يعيد صلاته والسلام مثله. اللخمي والمازري عن ابن عبد الحكم: إن لم يسبقه إمامه بحرف بطلت. الشيخ: روى سحنون إن أحرم معه أعاد. عبد الملك: إن ذكر بعد ركعة تمادى وأعاد.

وفي إعادة من كبر قبله دون سلام أو بعده قولان لها مع مالك وسحنون. اللخمي: لو أتم لنفسه بسابق إحرامه بطلت على الأول لا الثاني. وقول سحنون تبطل تناقض، ورده المازري بأن سلامه لرعي الخلاف لا لصحتها عنده. قلت: مفهوم قول ابن رُشد: وإن أتم معه وعموم مفهوم قول ابن عبد الحكم: إن لم يسبقه متعارضان في بطلان صلاة من سبقه إمامه بحرف، وتأخر عنه في التمام والأظهر بطلانها؛ لأن المعتبر كل التكبير لا بعضه. ابن رُشد: المحرم قبل إمامه كمن نسي تكبير إحرامه وكبر للركوع غير ناو به إحرامه، وفي غيرهما روى الشيخ متابعته أحسن، وأوجبه اللخمي، وروى ابن حبيب له فعله معه في غير قيام الجلوس. عياض: في كون المختال في إتباعه في غيرهما بأثر شروعه أو تمام فعله ثالث الروايات: الثاني في القيام من اثنتين. الباجي: يمنع فعله معه ورفعه أو هويه قبل فعله قدر الواجب مما هما منه مع إمامه كعدمه وبعده وقبل إمامه فيه طرق: اللخمي: سماع ابن القاسم من رفع لظنه رفع إمامه رجع؛ ليرفع برفعه أحسن من سماع أشهب من سجد قبل إمامه، فسجد ثبت معه، ولا يرفع ثم يسجد، وقول سحنون من رفع إمامه بعده رجع فسجد ما فعل إمامه أتبع للحديث. الباجي: إن علم من رفع قبل إمامه إدراكه راكعًا لزم رجوعه وإن علم عدمه فروى أشهب وابن حبيب: لا يرجع، ورجعه سحنون باقيًا قدر ما فاته. ابن رشد: من ركع قبل إمامه رجع ما لم يلحقه فلا يرجع لسماع أشهب ذلك فيمن سجد قبل إمامه، وإن رفع قبله فابن حبيب: لا يرجع لما منه رفع وهو تفسير المذهب عند شيوخنا ونحوه روى ابن القاسم ورجعه سحنون كما مر، ولا يلزم مثله في الخفض قبله؛ لأن طول السجود والركوع مشروع وطول القيام قبل السجود غير مشروع والقيام قبل الركوع وإن شرع طوله فمخصوص بالإجماع. الباجي: إن رفع معه أو انحط وزاد الإمام على أقل فرضه صح ائتمامه، وإن اقتصر

عليه فعلى مقارنة الإحرام. قلت: تبعية الإحرام شرط أو سبب بخلاف غيرها. وروي ابن القاسم لا يمنع النساء الخروج للمسجد. الباجي: يحتمل القضاء على الزوج وندبه. ابن مسلمة: يكره للبينة الرائحة والجميلة المشهورة. ولعياض عنه تمنع الجميلة المشهورة. وفيها: لا يمنع النساء من المسجد، وأما الاستسقاء والعيدان فتخرج المتجالة. وسمع القرينان تخرج المتجالة له وللجنازة ولا تكثر التردد والشابة المرة بعد المرة لهما. ابن رُشد: حاصله معها منع الشابة من الخروج للجنازة إلا لقريبها، ومنعها منه للمسجد إلا لفرض ومنعها منه للاستسقاء والعيدين واجب على الإمام. وقول يحيى بن مزين لا يقضى على زوجها بخروجها للمسجد في الفرض وله منعها وأدبها وفاق للمدونة؛ إذ معناه في المنع العام، ويكره لها في خاصتها الإكثار من الخروج إلى المسجد. وسمع القرينان: إن تزوج امرأة على أن لا يمنعها المسجد ينبغي أن يفي لها ولا يقضى عليه. ابن رُشد: وكذا لو لم تشترطه لحديث: "لا تمنعوا إماء الله مساجد الله"، وهو مع الشرط آكد الحديث: "أحق الشروط أن توفوا به ما استحللتم به الفروج"، ولأنه وفاء

بالعهد خلفه علامة النفاق ولرعي قول من يوجبه. قال ابن شهاب: كان من أدركت من العلماء يقضي به لحديث: "أحق الشروط". ثم قال ابن رُشد: تحقيقه إن انقطع من المتجالة أرب الرجال فمثله وإلا تخرج ولا تكثر. وشابة غير فاذة تخرج للفرض ولجنازة قريبها، وفاذة الأولى لا تخرج. ولا يثبت حكم الجماعة بأقل من إدراك ركعة. سمع ابن القاسم: حدها إمكان يديه بركبتيه قبل رفع إمامه. أبو عمر: قول أبي هريرة: من أدرك القوم ركوعًا يعتد بها لم يقله أحد من فقهاء الأمصار، وروي معناه عن أشهب. قلت: لعله لازم قوله عقد الركعة وضع اليدين على الركبتين. قلت: لو زوحم عن سجود الأخيرة مدركها حتى سلم إمامه فأتى به في أحد قولي ابن القاسم ففي كونه فيها فذًا أو جماعة قولان من قولي ابن القاسم وأشهب في مثله في جمعة يتمها ظهرًا أو جمعة. الصقلي وابن رُشد: يدرك فضلها بجزء قبل سلامه. قلت: نقل الشيخ عن سحنون: من أدرك التشهد فضحك الإمام فأفسد فأحب للمدرك أن يبتدئ احتياطًا خلافه. ويكبر لما يدرك من سجود لا الجلوس. وفي مد الإمام ركوعه لمن أحس دخوله نقل الصقلي عن سحنون في السليمانية قائلاً: ولو طال، والشيخ عن ابن حبيب ولم يحك غيره مع سماعه ابن القاسم، ففسره ابن رُشد بالكراهة قال: وأجازه بعض العلماء في اليسير لا يضر بمن معه. قلت: يقوى الأول إن كانت الأخيرة. ولو خشي فوت ركعة إن مر للصف من حيث يدرك ركوع الإمام إن دب ففي تخييره وتأخيره حتى الصف ثالثها: حتى قربه، لسماعي ابن القاسم وأشهب وابن رُشد

عن رواية ابن حبيب، وبحيث لا يدركه إن دب في تأخيره له وركوعه دونه قولا ابن رُشد مع مالك قائلاً: إن ركع دونه أجزأه وأخر دبه لرفعه من سجوده، والتونسي مع ابن القاسم فيها، وسمع أشهب: إن كثر من بباب المسجد راكعين ركع معهم، وإن قلوا؛ تقدم للصف. ابن رُشد: هذا استحسان؛ إذ لا فرق بين يسير وكثير، ولا ركع مع اليسير؛ صحت صلاته اتفاقًا. ولو كان بحيث لا يمكنه الدب لكثرة المشي؛ لم يركع. قلت: هذا خلاف نقل الشيخ رواية ابن نافع: إن خاف فوته إن دخل المسجد ركع على بلاط خارجه. وفي كون ما يدب فيه صفين أو ثلاثة ثالثها: قدر ما يدرك السجود مع إمامه لنقلي اللخمي والمازري عن إسماعيل. وفي دبه راكعًا أو بعد رفعه أو سجوده ثلاثة لها، ولرواية المازري وسماع أشهب. وسمع ابن القاسم: لا بأس بإسراع المشي للصلاة إذا أقيمت ما لم يسع أو يخب، وبتحريك فرسه ليدرك الصلاة. ابن رُشد: ما لم يخرجه إسراعه عن السكينة. وفوت بعضها ككلها، ولا يؤخر إحرامه من دخل المسجد، وإن أدرك ما لا يعتد به. قلت: إن كانت الصبح؛ ففي إحرامه خلاف يأتي في الفجر. واستحب مالك عدم إحرامه حين الشك في إدراكها، فإن فعل فسمع أشهب يقضيها، وتمت صلاته، وعيسى. ابن القاسم: يسلم مع الإمام، ويعيد، وروى ابن شعبان لا يعيد، فقال ابن رُشد: في الأولى يقضيها، ويسجد بعد. وعزا الشيخ الثاني لابن الماجشون فقط. والمذهب بطلان صلاة مأموم من نسيها.

وتخريج اللخمي صحتها على صحتها خلف ناسي جنابته بعيد؛ لأنها جزء والطهارة شرط، والركن أقوى. وفي حمل إمامه تكبيرة إحرامه نقل اللخمي عن رواية ابن وهب والمشهور، ونقل الصقلي رواية ابن وهب له، ولأشهب بزيادة، والأفضل إعادة الصلاة احتياطًا، وعزاها ابن زرقون لرواية المعيطي، وعلى المشهور لو ذكره قبل ركوعه كبر له وبعده، ونواه بتكبيره فيها أجزأه، وذكره أبو عمر رواية، فنقله المازري عن بعض الشيوخ تخريجًا على الغسل للجنابة والجمعة معًا قصور الصقلي إن كبره قائمًا، واكتفى محمد بقيامه بعده، فألغى ما بينهما، واعتد بما بعدهما. المازري: حكى الصائغ عن بعضهم أظنه ابن أبي صفرة قوله فيها: لا يصح بدؤها بركوع إلا لمأموم نص في عدم شرطه فيه للمأموم. قلت: به فسرها الباجي وابن بشير. وإن لم ينوه به؛ ففي قطعه وتمامه ويعيد، ثالثها: إن طمع بإدراك ركوع إمامه لرواية الباجي، ومحمد مع ابن القاسم وأصبغ مع مالك، وقيد محمد قطعه بسلام. المازري: وقيل: دونه. وفي تقييد تماديه بتكبيره لركوعه قائمًا نقلا عياض. الشيخ عن ابن حبيب: يقطع في الجمعة ويبتدئ. ورواه يحيى عن ابن القاسم، وله في المجموعة: يتمها ويعيدها ظهرًا. قلت: الذي سمع يحيى: من نسي تكبيرة الإحرام في أولى الجمعة يجزئه أن يكبر في الثانية، ويجعلها أولى صلاته في الجمعة لا في غيرها. ابن رُشد: يريد: فيجزئ يجوز له ابتداء في الجمعة؛ لتحصل له محققة لا في غيرها؛ لأن الاختيار فيه تماديه وإعادته والإجزاء بعد الوقوع عام فيهما. الشيخ: وفي كون تكبير السجود مثله ولغوه رواية محمد وقوله. اللخمي عنه: تكبير السجود والرفع مثله، وإن لم يكبر له ابتدأها.

اللخمي عن أبي مصعبك إن شاء؛ قطع أو أتم، وأعاد وعلى الأول في ابتدائه بعد سلام رواية المجموعة وقول ابن حبيب. ابن القاسم: إن كبر قبل إمامه ولم يكبر لركوع، ولا سجود أحببت أن لا يحرم حتى يقطع بسلام. التونسي: الأشبه إن إحرامه قبله كالعدم. قلت: هو ظاهر ما تقدم لابن رُشد. ولو نسي تكبير ركوع الأولى، وكبر لركوع الثانية، ففي الموطأ: أحب أن يبتدئ، فحمله أبو عمر على الوجوب، وفرق ابن رُشد: بينها وبين الأول ببعد ما بين النية والتكبير. ومن فاتته ركعة وكبر لركوع الثانية ناسيًا تكبيرة إحرامه فلابن حبيب يقطع بلا سلام فضعفه ابن رُشد وروى علي: يتم ويعيد كأول ركعة. محمد: بعد قضاء الركعة، ولو شك قبل ركوعه أو بعده ولم يكبر؛ له ابتداء. وفي كونه بعد قطعه بسلام نقل ابن رُشد: ودليل الواضح، وبعد تكبير ركوعه يتم ويعيد. وتكبير غير المأموم لغير إحرام ناسيًا تكبيره لغو. وفيها: إن نسي تكبيرة إحرامه حتى ركع؛ قطع، كذا روى الأكثر والأقل كبر، فخرجها عياض على روايتي الأكثر والأقل في قطعه بسلام أو دونه. ابن رُشد: ولو ذكر قبل ركوعه؛ فالقطع دون سلام اتفاقًا، وسمع أشهب: إن كان إمامًا أعلم من خلفه فيحرم ويحرمون، فإن لم يعلمهم؛ فإحرامهم الأول لغو. وفي كون تكبيره للركوع ينوي به الإحرام؛ كالمأموم أو لغو قولان لتخريج أبي الفرج على عدم وجوب الفاتحة في كل ركعة، والمدونة. فإن شك في تكبير إحرامه فطرق: الصقلي في قطعه وتماديه، ويعيد قولا ابن القاسم وابن الماجشون، وثالثها لسحنون: يتم ويسألهم بعد سلامه، فإن أيقنوا إحرامه أجزأتهم، وإلا أعاد وأعادوا. اللخمي: إن ذكر قبل ركوعه ابتدأ دون سلام وبعده القولان.

ابن رُشد: ثالثها: إن ذكر قبل ركوعه. قلت: فالأقوال أربعة، وخرج اللخمي تيقنه بعد سلامه، وقد تمادى شاكًا على من شك في وضوئه وتمادى وتيقنه بعد تمامه في صحتها روايتا محمد عن مالك مع أصحابه والعُتبي عن أشهب مع ابن وهب. قلت: الأولى سماع عيسى ابن القاسم، والثانية سماع سحنون أشهب، ويرد على الأول بأن الشرط أضعف من الركن؛ ولذا كمل سحنون قوله بأنه لو شك في وضوئه استخلف، وفرق بأنه لو ذكر بعد سلامه حدثه أجزأته، وعدم إحرامه لم يجزئهم. ومن نعس عن ركوع إمامه حتى رفع أو سها أو زوحم أو شغل بحل إزاره أو ربطه؛ ففي تلافي ركوعه، وإلغائه لإتباع إمامه ثالث الروايات: إن كان عقد ركعة أحرم قبل ركوعه أو بعد بحيث يدركه وعلى تلافيه؛ ففي كونه ما لم تفته سجدتاها أو أولاهما، أو رفع ركوع تاليتها، أو خفضه أربعة للؤلؤي مع المازري عن المشهور وابن أبي زمنين، وبعض أصحابه والمازري عن المنصوص، والتخريج على عقده بالوضع، ونقلهما اللخمي عن مالك. ابن رُشد: إن زوحم عن السجود في الركعة الأخيرة؛ ففي سجوده ما لم يسلم الإمام، أو ما لم يطل الأمر بعد سلامه قولان على الخلاف في سلام الإمام هل هو كعقد ركعة أم لا؟. اللخمي والمازري: شرط الركعة المانعة تلافيه إمكانه فعلها. فلو نعس حتى ركع إمامه ثانية تلافى الأولى. أشهب وابن وهب: إن أحرم قبل ركوعه فالأولى وإلا فالثانية. قال ابن القاسم: إن زوحم فالثانية وإلا فالثالثة. أصبغ: إن شغل فالثانية وإلا فالثالثة. ابن رُشد عن ابن الحكم: الأولى في الجمعة، والثانية في غيرها. وللجلاب عنه: إن سها في غير الجمعة؛ فالأولى وفيها الثانية. وفي كون إلغاء المزحوم عن سجود أولى الجمعة؛ لخوف عقد إمام الثانية بسلام بخلاف غير الجمعة أو دونه قولا الإبياني وشيوخ عبد الحق معها.

باب البناء والقضاء في المسبوق

وفي القيام للقضاء بتكبير، أو إن كان من شفع قولان لابن عبد الحكم مع ابن الماجشون. وفيها: يقوم مدرك التشهد بتكبير. فقال ابن رُشد: تناقض، ولم يرض بما فرق به واحده من سماع أشهب: من كبر لإحرامه، وسجدة أدركها لا يبتدئ بتكبير إحرام، وتلك التكبيرة تكفيه. وأقرب منه سماع القرينين: يكفي مدرك تشهد الجمعة تكبيرة أولاً ولا يكبر أخرى. وسمعا: تشهد مدرك ركعة لتشهد إمامه، ورد ابن رُشد احتجاج ابن الماجشون به على قيامه بتكبير بأنه فيه في حكم إمامه وبعد سلامه في حكم نفسه. [باب البناء والقضاء في المسبوق] والبناء والقضاء تقدم رسمهما، وفي فعل فائت المسبوق قضاء أو أداء طرق.

الشيخ والتونسي: والأكثر الفعل بناء، والقراءة قضاء. بعض شيوخ المازري: الفعل بناء وفي القراءة روايتان. ابن بشير: ثالث البناء والقضاء فيهما الأولى. قلت: عزوهما هو وتابعوه للخمي وهم لقوله: قال مالك: بالبناء والقضاء فيهما ولا وجه لردهما لقول واحدٍ؛ إذ لا تكون ركعة أولى قراءة وثانية فعلاً. وجوابه فيها عن مدرك ركعة من الظهر: يقرأ أولى قضائه بالحمد، وسورة هو على

البناء، واحتاط بزيادة السورة للخلاف. وسمع أشهب: مدرك المسبوق آخر صلاته. سحنون: المعروف لمالك أولها. أبو عمر: رواية ابن القاسم أولها المشهور، فحمل ذو الأولى على القراءة والثانية على الفعل فاتفقا وذو الثانية على الخلاف في القراءة وذو الثالثة عليهما مع قوله فيهما. ابن بشير: رد بعض أشياخي وجود القضاء في الفعل وأول دليله، فوقفته على قول ابن سحنون مدرك ركعة المغرب يأتي بركعتين جهرًا نسقًا؛ فقال: الكتب لا تقوم بأنفسها. ابن رُشد: حملها على الوفاق بعيد، وعلى الخلاف في الفعل لا يصح؛ لعدم معرفته له، والحق البناء في الفعل والقضاء في القراءة والخلاف في غيرهما، فعلى الثانية تخالف نية الإمام مأمومه ولا يضر. ويقنت من فاتته أولى الصبح، ويقوم مدرك ركعتين لقضائه بتكبير، فإن سجد مع إمامه لسهو قبلي، ثم سها سجد له، وإن كان سهو إمامه بعديًا؛ أضافه لسهوه القبلي، وعلى الأول العكس في الجميع، وإنما البناء فيهما لأشهب. أبو عمر: إجماع مالك وأصحابه على أن مدرك ركعتين يقرأ فيهما كإمامه، ويقضي بأم القرآ، وسورة يصحح رواية أشهب. وقضاؤه بعد سلام إمامه، وسمع ابن القاسم بعد ثانيته إن كان يسلم اثنتين. وسمع أشهب: إن قضى ركعة قبل سلامه جهل ذلك ألغاها، وجلس حتى يسلم فيقوم لقضائها. ابن رُشد: أي جهل عدم سلامه لا الحكم، وشذ ابن نافع في اعتداده بالركعة، ولو لجهله الحكم، ولعيسى عن ابن القاسم نحوه، والخلاف مشهور فيمن صلى في حكم إمام لم يدرك من صلاته شيئًا. ونقل المازري قول ابن نافع فيمن ظن سلامه، وسجد لما يلغي مما فعل بعد سلام إمامه كسجود أو رفع.

وفي سجوده لما فعل قبل سلام إمامه سماع أشهب والمشهور. وفيها: إن ظن سلامه، فقام فسلم عليه قائمًا أو راكعًا ابتدأ قراءته، وسجد قبل سلامه. فخرج رجوعه للجلوس على قول ابن نافع فيمن سلم من ركعتي فرض سهوًا، وفرق بخروج المسلم من الصلاة، ورواية المختصر يسجد بعد، ولا سجود للمغيرة وعبد الملك. ابن القاسم: إن ائتم مسبوقون؛ بطلت صلاتهم. محمد: لو قضى ركعته بعد سلام إمامه فقال له: أسقطت سجدة الأولى، فإن ركعها بقرب لا يمنع بناء إمامه ابتدأها، وأحب سجوده قبل لنقص النهضة ولطول يمنعه؛ صحت ما لم يكن صبحًا، ويسجد قبل لنقص قراءتها؛ لأنها أقرب وإن كانت صبحًا أعادها؛ لأن نقص الفاتحة يبطلها، ولو كان مستخلفًا صح قضاؤه مطلقًا، وفي الاستخلاف تمامها إن شال الله تعالى. ويستحب وقوف الرجل عن يمين إمامه والاثنان خلفه، والخنثى خلف الرجل مطلقًا، والأنثى خلفه. ابن حبيب: والصغير يثبت كالكبير، وغيره لغو. اللخمي: مقتضى رواية ابن حبيب بدء الصف من خلفه، ثم يمينه، ثم يساره أحسن من قوله فيها. قلت: فيها: من جاء، وقد قامت الصفوف قام خلفه أو يمينه أو شماله، وتعجب ممن قال: حذوه. وفرق المازري بأن الرواية في الصف الأول وهذه في غيره، وروى ابن حبيب: يكره تقطيع الصفوف. وفيها: لا بأس أن تقوم طائفة عن يساره لا تلصق بمن عن يمينه. فتعقبها التونسي بأنه تقطيع وحمله ابن رُشد على أنه بعد الوقوع ويكره ابتداء. ولا تكره بين الأساطير لضيق ودونه قولا المبسوط ومفهومها وروى ابن وهب لا بأس بها في المقصورة والصف الأول ما هو بداخلها إن كانت مباحة وإلا فما

بخارجها، ونقل بعض معاصري شيوخنا أنه الموالي للإمام مطلقًا أنكر عليه، وبحث عنه فلم يوجد. وفيها: لا بأس بمنفرد خلف صف، ويخطئ بجذبه أحدًا منه ومطيعه. وسمع ابن القاسم: لا بأس أن يخرج من الصف في التشهد لضيق أمامه، وروى علي: أو خلفه، وروى أبن وَهب: إن خرج اختيارًا أعاد، وأباه ابن حبيب. المازري عن ابن وهب: بطلت صلاته. ابن رُشد: لو صلى وحده، وترك فرجة بالصف مختارًا أساء، وصحت صلاته على المشهور، وروى ابن وهب: من صلى خلف صف وحده؛ أعاد أبدًا. وروى علي: من رأى فرجة؛ سدها. وابن القاسم: ويخرق لها صفًا. وابن نافع: وثلاثة إن كانت قبلته، وإن رفع من ركوع فرآها وقربت؛ تقدم لها. ابن حبيب: إن بعدت فبعد؛ رفع سجوده. ابن رُشد: إن كانت عن يمينه أو شماله؛ فغيره أولى بسدها، وقال ابن حبيب: له أن يخرق لسدها الصفوف، وسمع ابن القاسم: لا بأس أن خفة صلاة الرجل بسقائف الحرم دون التقدم لسد الفرج لحر الشمس، وتقطيع أهل المدينة صفوفهم لذلك. ابن حبيب: أرخص مالك للعالم أن يصلي مع أصحابه بموضعه ببعد من الصفوف ما لم يكن فيها فرج فليسدوها. وفي التهذيب: إن صلت بين صفوف الرجال أو صلى خلف النساء لضيق فلا بأس وسمعه موسى من ابن القاسم دون علة. وفي الطراز عبر أبو سعيد بقوله: لضيق وليس بشرط. قلت: نصها: لا تفسد صلاتها وسط الرجال لقول مالك من وجد مسجدًا امتلأ بالرجال والنساء فصلى خلفهن تمت صلاته وهو أشد ممن صلى وسطهن، ونقل ابن عبد السلام عن ابن القاسم تفسد لهما كالحنفي خلاف نص سماع موسى منه، ولعله وهم من قول ابن زرقون لابن القاسم لا يأتم النساء بمن لم ينو إمامتهن كالحنفي. وفي صحتها بالمسمع وله ثالثها: إن أذن إمامه للمازري عن المتأخرين، ورابعها:

إن لم يتكلف رفع صوته، وخامسها: إن كثروا في غير فرض كالعيد والجنازة، وسادسها: والجمعة لنقل عياض. وفيها: لا يعجبني كون الإمام فوق المسجد والناس خلفه أسفل، ولا بأس بعكسه لا في جمعة ثم كرهه والأول أقول، ولا يعجبني أنه فوق السفينة والقوم تحته، ولا بأس بعكسه. ابن رُشد: إن لم يكن فيها الإمام واحد؛ فالمختار كونه فوق حيث أكثر الناس، وهو ظاهر سماع أشهب. قلت: هذا عكسها فلعله حيث ينفرد الإمام بفوق. وفيها: وجائز من فوق بإمام ومن أسفل بإمام ومن غير الجمعة بدور يرى من كواها عمل الناس والإمام أو يسمع وفي دور قبلته يسمع منها لا أحبه. ولا بأس بذوي سفن متقاربة الإمام في إحداها وبنهر صغير أو طريق بين الإمام ومأمومه. الشيخ عن ابن عبد الحكم: إن فرقت ريح إمامهم عنهم؛ استخلفوا. وعن أشهب: إن عظم عرض الطريق جدًا؛ لم يجزئهم إلا أن يكون بها مأمومون. وعن ابن حبيب: إن صلى إمام سفينة فوقها بقوم أعاد الأسفلون في الوقت. وفيها: أكره أن يصلي إمام على أرفع مما عليه من خلفه ويعيدون أبدًا؛ لأنهم يعبثون إلا يسير الارتفاع كما بمصر. عياض: إن كان لتعليم؛ جاز كصلاته صلى الله عليه وسلم على المنبر. ابن رُشد: وكذا كونه أخفض والجماعة أرفع تكبرًا. الشيخ: اليسير كعظم الدراع فضل دليل يعبثون لو كان لضيق جاز، وقاله سحنون ويحيى بن عمر.

باب الاستخلاف في الصلاة

التونسي: ولو صلى الإمام بمكان مرتفع من غير قصد التكبر ككونه فوق السفينة والقوم تحته أجزأتهم وأساؤوا، وكذا لو افتتحها بمكان مرتفع وحده؛ فأتى من ائتم به. واختلف إن كان أسفل والقوم فوق السقف؛ ففي المدونة: لا بأس به، وعلى سماع موسى ابن القاسم: لا ينبغي لقوله: إن كان أرفع ممن خلفه، أو كانوا أرفع منه؛ فلا بأس به إذا تقارب، فساوى بين ذلك، وسمع ابن القاسم: لا بأس بها فوق سرير. ابن رُشد: لأنه كغرفة. ابن القاسم: أحب موضع الصلاة من مسجده صلى الله عليه وسلم في النفل: العمود المخلق، وفي الفرض: الصف الأول. ابن رُشد: في كون العمود كان قبله صلى الله عليه وسلم، أو أقرب عمود إلى قبلته قول ابن القاسم وسماعه. قلت: في قوله في الفرض نظر؛ لأن فضل مسجده صلى الله عليه وسلم أفضل من الصف الأول في غيره. [باب الاستخلاف في الصلاة] الاستخلاف تقديم إمام بدل آخر لإتمام صلاة؛ سببه: طروء مانع إمامته

كرعاف بناء أو عجز عن ركن، أو مانع صلاته كذكر حدث أو غلبته. ابن القاسم: إن أصاب الإمام قطر نجس استخلف. ابن رُشد: إن كان له ثوب آخر وإلا تمادى وأعاد في الوقت إن وجد غيره أو ما

يغسله به. الشيخ عن سحنون: إن حصر عن قراءة الثانية، وخاف دوام حصره استخلف، وعن ابن عبد الحكم لا يبنى لفساد صلاة الإمام إلا في الحدث. وأجاز سحنون استخلافه لخوفه على دابته أو متاع أو هلاك نفس. الشيخ: لو شك في وضوئه فقال سحنون: يستخلف بخلاف شكه في إحرامه، وقاله في المجموعة ثم وقف، وقال: إن كان متوضئًا كيف يقطع. قلت: فرق بين قوله: شك في وضوئه، وشك في حدثه حسبما مر. المازري: لا يستخلف لحصر قراءة بعض السورة. قلت: في مفهومه لحصره قراءة بعض السورة عن كلها نظر؛ لأنه ترك سنة غلبة لا فوات ركن. وروى ابن القاسم: ذكر ترك قراءة ركعتين يبطلها فلا يستخلف. ابن حبيب لو ذكر أنه صلاها في بيته قطع. الصقلي: القياس أن يستخلف. وفي استخلافه لذكر منسية قولا سحنون مع أحد قولي ابن القاسم وابن عبد الحكم مع الآخر، ومالك، وابن حارث عن ابن حبيب والأخوين، وابن كنانة، وابن دينار، وقاله أصبغ إتباعا، والأول قياسًا. وفي القهقهة خلاف تقدم. سحنون واستخلافه لرعاف بان كذبه في الرعاف، والرواية يستخلف من في الصف الموالية. اللخمي: استحبابًا. الباجي: الأفضل إشارة. وفيها: إن قال: تقدم أفسد صلاته دونهم فيتأخر في العجز، ويخرج في الآخر. الباجي: واضعًا يده على أنفه. ابن القاسم: والمستخلف راكعًا أو ساجدًا أو جالسًا أو قائمًا يدب كذلك. اللخمي: إن قرب وإن بعد قام. ابن القاسم: إن أحدث راكعًا رفع، واستخلف من يدب راكعًا فيرفع، ويتم. يحي بن عمر: بلا تكبير لئلا يتبع.

وقيل: يستخلف قبل رفعه، فلو رفعوا برفعه ففي إجراء بطلان صلاتهم على أن حركة الركن مقصودة أم لا وصحتها كمن رفع قبل إمامه لرفع مأموم معه ظنه إمامه طريقا ابن بشير وتهذيب عبد الحق. اللخمي عن محمد: من أحرم خلف راكع في ثانية جمعة فلم يركع حتى استخلفه يركع ويرفع بهم وتصح له ركعة، ولو رفعوا قبل ركوعه ركعوا لركوعه كمن رفع قبل إمامه. وفي ثبوت إمامة المستخلف الصالح للإمامة بقبوله أو التزام المأمومين ذلك طريقا ابن محرز مع بعض شيوخ عبد الحق، وعياض مع حذاق شيوخه. وقوله فيها: لو خرج المستخلف قبل علمه شيئًا وقدم غيره أو هم أجزأتهم وعليهما بطلانها لو تقدم غيره بعد قبوله قبل التزامهم إياه فاتبعوه. وقول ابن شاس وتابعه لو تقدم غير المستخلف صحت على المنصوص بناء على نص سحنون به. وتركه في غير جمعة ليتموا أفذاذًا. فيها: لا يعجبني. وإن فعلوه أو أحدهم فالمعروف صحتها. وأخذ الباجي واللخمي من عموم قول ابن عبد الحكم كل من لزمه أن يتم مأموما فأتم فذا بطلت صلاته بطلانها. ورده المازري وابن بشير باحتمال أن مراده من فعله مختارًا مردود بأنه مختار وقول أبي عمر جملة قول مالك وأصحابه إن ذكر أنه جنب أو على غير وضوء فخرج ولم يقدم أحد قدموا متمًا به فإن أتموا أفذاذًا أجزأتهم صلاتهم؛ فإن انتظروه فسدت. وروى يحيى عن ابن نافع: إن انصرف ولم يقدم وأشار إليهم أن امكثوا كان حقًا عليهم أن لا يقدموا حتى يرجع فيتم بهم. مع قوله أول الفصل: أجمعوا أنه لا يبني إمام ولا غيره على ما عمل من صلاة بغير طهارة،

إنما اختلفوا في بناء من أحدث على ما قد صلى وهو طاهر قبل حدثه متناقض إلا أن يحمل على جنابة أو حدث حدث في صلاته. ولو قدم بعضهم رجلاً وباقيهم آخر فلأشهب صحتها لهما وبئس فعل الثانية. وخرج اللخمي: صحتها للثانية على المعروف، وقول ابن عبد الحكم. وفي الجمعة يبطلها، ويخرجها الباجي من قول أشهب وابن سحنون: من انفض من خلفه في ثانية جمعته صلاها فذًا وتمت جمعته صحة جمعة من تركه في ثانيتها يرد بأنه مضطر، ونقله ابن بشير نصًا لا أعرفه. وشرطه أحرمه قبل سببه. فلو فاته ركوعه فاستخلف على سجوده فليمتنع وليقدم غيره. فلو سجد بهم وأتم ففي بطلان صلاتهم نقل الشيخ عن أشهب مع ابن القاسم، ونقل محمد مع ابن حارث عن ابن القاسم وغيره. اللخمي: بناء على اعتبار عدم اعتداده به فيلزم اقتداء فرض بنفل أو لزومه له. ابن رُشد: بناء على أنهم في سجودهم مؤتمون به أو أفذاذ على شاذ قول ابن نافع يعتد بما فعل في حكم إمامه. قلت: فلو تعمد إبطالها في سجوده بطلت عليهم على الأول لا الثاني. سحنون لو قال: إمام لمدرك رابعة استخلفه فيها أسقطت قراءة الأولى وسجود الثانية وركوع الثالثة سجد وتشهد وصحت له ركعتان وأتى بركعتين بأم القرآن فقط، وسجد قبل وأعادوا لكثرة السهو. الشيخ: هذا على قول من قال: يؤتم به في السجدة وأكثر أقوالهم يستخلف هذا من لم يفته شيء يسجدها بهم. قلت: يريد سحنون ويقضي لنفسه ركعتين. ولو أحرم بعده بطلت على تابعه وصحت له إن لم يقبل، وإلا فقال سحنون: إن استخلف على وتر بطلت. وعلى شفع صحت. ابن عبدوس: هذا على قول ابن القاسم في عمد ترك السورة، وعلى قول علي يعيد، وأبطلها ابن حبيب ما لم يستخلف على كلها.

المازري: شفع المغرب كوتر غيرها. سحنون: لو أحرموا قبل إمامهم فأحدث قبل إحرامه فقدم أحدهم بطلت عليهم إن لم يجددوا إحرامًا. ويتم قراءة الأول إن سمعه عند الجمهور، وروى السبائي يبدأ السورة أحب إلي، وإلا بدأ بالفاتحة. الصقلي عن السليمانية: ولو مكث الأول قدر قراءتها لاحتمال نسيانها أو طول قراءتها. ويستخلف المسافر مثله فإن قدم مقيمًا ففي سلام المسافرين وإتمام المقيمين بإتمامه ركعتي الأول أو حتى يسلم ثالثها: "يفعل الثاني، فإن أتم ركعتي الأول فتأخر فقدم من المسافرين من يسلم بهم وقام الحضريون للإتمام أفذاذًا أو مؤتمين به جاز " للشيخ عن ابن كنانة، وسحنون مع ابن القاسم وأشهب وعبد الملك والمصريين. واللخمي عن أشهب متممًا قوله بأن لهم أن يقدموا من يسلم بهم. قلت: عزو صحتها لمن ائتم به لأشهب خلاف قول ابن رُشد عن أشهب وابن عبد الحكم وأصبغ: من صلى فذًا ما يجب جماعة أو بالعكس أعاد. وابن القاسم: لا يعيد. قلت: له في سماع سحنون: يعيد، وفي سماع موسى: أحب أن يعيد بعد الوقت. الشيخ: رجع ابن القاسم عن سلام المسافرين لتربصهم حتى يسلم. ونقل ابن عبد السلام انتظاره إذا أتم صلاته ليتم المقيمون ويسلم بهم - لا أعرفه إلا من تخريج اللخمي المسألة على صلاة الخوف. وتعقبه عدم ذكر ابن الحاجب قول عيسى ببطلانها لاستخلافه مقيمًا متعقب، إنما قاله في مسافر نوى الإقامة فاستخلف. وغره تعليل الصقلي قوله: بتنافي حال المسافرين بإمامي سفر وحضر وهو وهم؛ لأن عيسى قاله أيضًا في إمامته بمقيمين فقط. وعلله بتحول نيته. ابن رُشد: يريد رعي القول بتماديه يصيره كعامد قطعها فلا يستخلف. الشيخ عن ابن حبيب: لو قدم مقيمًا فسلم من اثنتين ساهيًا اجتزأ به السفريون

وسلموا وسجدوا بعد سلامهم، وجلس الحضريون حتى سجد المستخلف بعد سلامه فيتمون أفذاذًا ويسجدون بعد سلامهم. سحنون: لو جهل المستخلف الحضري ومن خلفه كون الأول مثله أو مسافرًا أتم بجميعهم حضرًا وصحت له وأعادوا لاحتمال كونه مسافرًا فلا يتم المسافرون ولا يتم الحضريون. محمد: ولو كان المستخلف مسافرًا فكذلك ويتم هو ويتم المسافرون قصرًا والحضريون إتمامًا فإن أمهم أحد فمنهم لا من غيرهم. الشيخ: إذ لعل الأولى أجزأتهم جماعة فلا يعيدونها على الترغيب خلف مفترض. الشيوخ: زاد محمد إن شاءوا أفذاذًا أو جماعة خلف أحدهم. والمسبوق يتم صلاة الأول. وفي إشارته لجلوسهم ليسلموا بسلامه بعد قضائه وتقديمه من يسلم بهم نقلا ابن عبدوس عن الجمهور مع ابن القاسم وابن حارث عن المغيرة مع الأخوين. وأخذ الباجي من قول سحنون "إن ضحك المستخلف في صلاته قضائه أحببت قضاءهم "خروجهم من إمامته بإتمام صلاة الأول، ولو كان فيهم مسبوق ففي تأخير قضائه بعد سلام المستخلف وقضائه معه نقل سحنون عن أصحابه فلو ائتموا به فرجع سحنون بعد وجوب إعادتهم ونفيها لاستحبابها. اللخمي: لمن فاته مثله قضاؤه معه ويسلم بسلامه أو لأنفسهم كأولى الخوف أو يقدموا مسلما بهم أو تأخير قضائهم بعد سلامه. ولو استخلف رجلاً من أمه وحده ففي بنائه على حكم نفسه أو إمامه، ثالثها: "يبتدئ" لظاهر نقل الشيخ عن سحنون مع سماع عيسى ابن القاسم ومحمد فيمن أدرك ثانية الصبح فاستخلفه عليها من أمه وحده يصلي الثانية ويجلس ثم يقضي الأولى، وأصبغ. ولم يحك ابن رُشد الثاني وضعف قول ابن القاسم بأن من ابتدأ في جماعة لا ينبغي أن يتم فذا ويرد بأن ذلك في القادر أن يتم في جماعة. الشيخ عن سحنون قول من قال: لا يبني وإن استخلف ومن قال: لا يبني

استخلف أم لا كلاهما خطأ. كذا وجدته في عتيقتين مصححتين بإثبات الواو قبل "إن استخلف"، ولا يتقرر معها تغاير القولين ويتقرر تغايرهما بسقوطها؛ لأن ثبوت الاستخلاف بقبوله يصير صلاته صلاة مستخلف ولازمها وجود مستخلف عليه وهو متنف فيبطل ملزومه وهو صلاته. وسمع موسى ابن القاسم: إن جهل ما صلى الأول أشار ليعلموه إشارة فإن جهل ومضى سبحوا به فإن لم يجد بدًا من كلامه فلا بأس. ابن رُشد: هذا على قول ابن القاسم وروايته لا على قول ابن كنانة وسحنون. قلت: ولذا قال: يقدم عالمًا فإن أبى صلى ركعة وتزحزح لقيامه فإن سبحوا تشهد فتزحزح له فإن سكتوا علم أنها ثالثة وإن سبحوا علم تمام صلاة الأول فقضى. وسمع عيسى ابن القاسم: من استخلف لحدثه بعد ركعة فتوضأ وانصرف فأخرج خليفته، وتقدم أتم صلاته وجلسوا حتى يتم لنفسه ويسلم بهم لتأخر أبي بكر لقدومه صلى الله عليه وسلم وتقدمه. قلت له: فلو علم قبح فعله بعد ركعة قال: يقدم خليفته فإن عدم فغيره ممن أدرك كل الصلاة. ولو ابتدأ صلاته حين أخرج خليفته أعادوا وإن لم يتبعوه. يحي بن عمر: لا يجوز تأخير الخليفة لأحد. ابن رُشد: هذا في رجوعه صلى الله عليه وسلم من صلحه بين بني عمرو بن عوف ومعناه أنه تقد الناس مؤتمًا بأبي بكر، ولو صح كونه تقدم إمامًا كان خاصًا به أو منسوخًا بفعله في مرضه حيث جاء وصلى مؤتمًا بأبي بكر، وقول أبن القاسم بصحتها رعي لقول العراقيين بالبناء في الحدث ومقتضى المذهب بطلانها عليه؛ لأنه بحدثه بطلت صلاته فصار مبتدئا لها من وسطها، وعليهم؛ لأنهم أحرموا قبله إلا على مذهب عدم الارتباط وهذا على ظاهر نص السماع أنه أحرم بعد إخراجه خليفته، ولو تأول متأول أنه قبله صح جواب ابن القاسم على تأويله وهو بعيد وكذا لو حمل الحديث على أنه صلى الله عليه وصلم أحرم قبل تقديمه، صح معنى الحديث وبناء المذهب عليه. قلت: قوله: لو تؤول أنه أحرم خلف خليفته قبل إحرامه صح جواب ابن القاسم

مشكل بل هو التزام لإمامته وكذا قوله: (لو حمل الحديث .... الخ). وقصر ابن عبد السلام الخلاف على الإمام الراعف الباني وهم وقصور. سحنون: لو قال: الأول لمسبوق استخلفه على ركعتي ظهر بعد صلاتهما: أسقطت سجدة، صلى بمن خلفه إن شكوا ركعة بأم القرآن فقط وقضى ركعة وسجد بهم قبل سلامه، وقيل: قبل قضائه وإن أيقنوا فعلها قعدوا وصلى المستخلف ما عليه. ولو قال: أشك فيها قرأ فيها بأم القرآن وسورة لاحتمال عدم السقوط فتكون قضاء ويجلس عليها لاحتماله فتكون بناء ويصلون معه إن شكوا ويسجدون قبل، ولو قاله بعد قضائه سجد قبل ومن خلفه وصلوا ركعة بناء وسجدوا بعد إن لم يوقنوا سقوطها. ابن رُشد: سجوده بعد قضائه سماع موسى ابن القاسم، وإثر تمام صلاة الأول سماع أصبغ إياه. وتيقن كل المأمومين فعلها يسقطها عنهم ويوجبها على الإمام قضاء وشك بعضهم يوجبها على الشاك فتكون بناء. محمد: لو استخلف من صلى معه ركعتين على ركعتين فذكر الأول بعد تمامها سجدة فإن شك المستخلف والقوم صلوا رابعة بناء وسجدوا قبل فإن أيقنوا السلامة فلا شيء عليهم. ولو ذكر المستخلف أيضًا سجدة من إحدى الأخيرتين سجد وتشهد وأتى بركعتين بناء وسجد قبل ويعيدون لكثرة السهو. محمد: ولو استخلف من فاتته ركعتان على ركعتين فقال له: الأول في تشهده إثر صلاته ركعتي الأول قبل قضائه أسقطت سجدتين من الأوليين فذكر بعض ما تقدم ثم قال: ولو قاله بعد صلاته ركعة فقط صارت الثالثة ثانية وهو لم يجلس عليها فليصل بهم ركعتين بناء فيتشهد فيسجد بهم قبل فيأتي بركعة قضاء فيسلم بهم ولو قاله حين قدمه سجد بهم سجدة وبنى على ركعة وصلى بهم ثلاثا بناء يتشهد آخرها وينتظرون قضاءه ركعة ويسلم بهم. الشيخ: ويسجد بعد سلامه قال: ويعيد من خلفه لاحتمال إصابته بالسجدة محلها فيصير مستخلفًا على اثنتين وتصير الثالثة واجبة عليه فذا فلما صلوها معه بطلت

صلاتهم ولو لم يتبعوه أعادوا لاحتمال وجوب إتباعهم والأولى تقديم غيره. ولو قاله بعد قضائه فذكر مثلما تقدم ثم قال: ولو قاله بعد قضائه ركعة فقط جلس فتشهد فسجد بهم كما كان يفعل الأول وصلوا بعد قضائه ركعة بناء. ولو قال له قبل قضائه: تركت سجدتين لا أدري من ركعة أو ركعتين صلى بهم ركعة أخرى وجلسوا يتشهدون وقام فأتى بالرابعة وسجد بهم قبل وسلم بهم فإن أيقنوهما من ركعة تمت صلاتهم وإن شكوا أتوا بركعة بناء أفذاذًا وأعادوا الصلاة لتركهم إتباع المستخلف في الرابعة ولو تبعوه فيها وأعادوا لها لعلهم ائتموا فيما يلزمهم أفذاذًا كان أحب إلي. ولو قال له قبل قضائه: أسقطت سجدتين من الأوليين وصدقه القوم صلاهما بهم بناء وسجد قبل ولو قاله بعد قضائه سجد بهم قبل وصلوا بعد سلامه ركعتين بناء ولو قاله بعد قضائه ركعة تبعوه في الرابعة وصلاها بهم بناء وسجد قبل، وصلوا بعد سلامه ركعة بناء ولو قال: لا أدري هل هما من ركعة أو ركعتين لم يتبعوه في الرابعة. الشيخ: لاحتمال كونهما من ركعة فيكون المستخلف فيها قاضيًا وسجد بهم بعد تمامها قبل سلامه، وأتوا بركعة بعد سلامه، وسألوا الأول فإن ذكر أنهما من ركعة تمت صلاتهم، وإلا أعادوها؛ لتركهم إتباع المستخلف فيما عليهم. وصلاة من علم موجب فسادها لإمامه باطلة ومن جهل حدثه في صحتها ثالثها: إن كان ناسيًا له، ورابعها: وقرأ المأموم، وخامسها: في غير جمعة لابن عبد الحكم مع أشهب. وتخريج اللخمي على أحد قولي ابن القاسم في ذكر الإمام منسية والمشهور وابن الجهم وتخريج اللخمي على شرطها بإمام. وذكر ابن حارث الاتفاق على الثالث. ولو تعمد إمام قطع صلاته أو خروجه منها ثم عمل بهم شيئًا بطلت عليهم ولو لم يعمل ففي بطلانها عليهم نقلا اللخمي عن ابن القاسم وأشهب. وسترة المصلي غير مأموم حيث توقع مار. قال عياض: مستحبة.

الباجي: مندوبة. ابن العربي: متأكدة. الكافي: حسنة وقيل: سنة. وفيها: لا يصلي حيث يتوقع المرور إلا لها فإن أمن صلى دونها. ابن حبيب: كالأول. المازري: رآها من سنة لصلاة. وأقلها قدر عظم الذراع في جلة لرمح. ابن حبيب: أو جلة الرمح الحربة. وفيها: يستره قدر مؤخرة الرحل وهو نحو عظم الذراع في جلة الرمح. ابن رُشد: أجاز ابن حبيب دون مؤخرة الرحل ودون جلة الرمح وإنما كره ما رق جدًا. وما استلزمه من طاهر ثابت غير مشوش مثله. وروى ابن حبيب: القلنسوة والوسادة ذواتا ارتفاعه سترة ورواه علي بقيد إن لم يجد. وروى ابن القاسم: لا بأس بالبعير لا الخيل لنجاستها وكأنه رأى البقرة والشاة كالبعير. ابن رُشد: إن استتر بالخيل والبغال والحمير أساء، ولا إثم على المار خلفها. وفيها: الخط باطل. وروى الشيخ: والوادي والماء والنار، وعلي: لا يستتر بنائم ولا متحلقين ونقل اللخمي جوازها للمتحلقين وخرج على الأول منعها لسترة وراءها رجل مواجهه. وقول القرافي: روى العُتبي عن أشهب جواز الخط غلط؛ إنما روي يصلي بالصحراء إلى سترة، فإن فقدها صلى دونها. قلت: ولا يجعل خطًا؟ قال: لا يجعل خطًا وأرى ذلك واسعًا. ابن رُشد: أي صلاته لغير سترة إن فقدها واسع لا أن الخط واسع لأنه عنده باطل وإن لم يجد سترة. قلت: وغره لفظ النوادر وهو ما نصه: روى ابن وهب: الخط باطل قال أشهب في العتبية: لا يجعل بين يديه خطًا، وأراه واسعًا.

قال غيره: يخطه من القبلة للمصلي لا من يمينه لشماله. قلت: فالتعقب عليه وعلى الشيخ. وفي المبسوطة: قال مُطرف: خط ابن جريج في الحصا خطًا صلى إليه فحصب في مسجدنا من كل حلقة فلم ينته فنادوه من كل ناحية الحق بالسترة يا جاهل. ابن رُشد: روي أن أمة قالت لابن جريج وهو يصلي لخط خطه: واعجبا لجهل هذا الشيخ بالسنة، فقال بعد سلامه: وما جهلي؟ قالت: صلاتك للخط حدثتني مولاتي عن أمها عن أم سلمة أنه صلى الله عليه وسلم قال: "الخط باطل"، فذهب بها لمولاتها فأخبرته بذلك، فقال: بيعينيها؛ أعتقها، قالت: إن أحبت، قالت الأمة: لا وذكرت بسندها الأول أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا اتقى العبد ربه ونصح مواليه فله أجران"، فلا أحب أن أنقض أجرًا وقد عرضت على مولاتي ذلك وتعطيني من مالها بالعقيق ما يكفيني. ابن القاسم وأشهب: لا بأس أن يصلي لظهر رجل لا جنبه وروى ابن نافع خفته، وابن القاسم جوازها للطائفين. وتركها إن كان معتليًا لا يرى رؤوس الناس وإلا استتر والسترة أحب إلي، ويكره بحجر واحد. وفي استتاره بذات محرم قولا الجلاب ورواية علي وفي المختصر أرجو سعة سترته بصبي. ابن حبيب: بلغني إثم من مر بين يدي من صلى لغيرها على المار.

الشيخ عن غيره: إنما منع المرور بين يدي من صلى لها. اللخمي: إن مر غير مضطر بين يدي تاركها حيث المرور أثما وعكسهما لم يأثما وبين يدي تاركها حيث أمن المرور أثم المار وعكسه المصلي. المازري أثم بعض المتأخرين المار مطلقًا. وأخذ ابن عبد السلام من التأثيم الوجوب يرد بأن اتفاقهم على تعليقه بالمرور نص في عدم الوجوب وإلا لزم دون المرور. وروى علي إن سقطت أقامها إن خف. وفيها: يتنحى لها المسبوق القاضي إن قربت ولو مقهقرًا وإن بعدت أقام ودرأ المار جهده. وروى ابن نافع بالمعروف. أشهب إن بعد أشار له فإن مشى أو نازعه لم تبطل فأطلقه الشيخ. أبو عمر إن كثر بطلت. وقول ابن العربي من صلى لغير سترة، قيل: لا يمر بين يديه بقدر رمية حجر، وقيل: سهم، وقيل: رمح، وقيل مقدار مضاربة السيف، والكل غلط إنما يستحق قدر ركوعه وسجوده خلاف تلقيهم قول أشهب في الإشارة بالقبول. وروى ابن القاسم من مر فلا يرد، ونقل عياض تأويل رده لأشهب لا أعرفه. فلو درأه فمات فابن شعبان خطأ. أبو عمر ديته في ماله. المازري: خرجه بعضهم من قول مالك في سقوط سن العاض بنتر المغضوض. أبو عمر: وقيل: دمه هدر. وفي المستحب من قربها ثلاثة روى ابن القاسم ليس من الصواب قدر صفين. اللخمي قيل: شبر، وقيل: ثلاثة أذرع، وكان شيخنا أبو الطيب يدنو قائمًا شبرًا فإذا ركع تأخر. الداودي أقله الأول وأكثره الثاني. اللخمي يجعل مثل الحربة إلى حاجبه الأيمن. أبو عمر: أو الأيسر قالا: لا يصمد له صمدًا.

وفيها: لا خير في جعل مصحفه في القبلة يصلي إليه. وفيها: لا يناول من على يمينه من على يساره. وروى ابن القاسم: ولا يكلمه فيها ولا بأس بالمرور بين الصفوف. مالك: لأن الإمام سترة لهم. القاضي سترته سترة لهم فخرج عليهما منع المرور بين الإمام وبينهم وجوازه. ابن بشير: قيل: مترادفان. أبو إبراهيم: تعليل مالك فاسد؛ لأنه إذا كان سترة لهم امتنع المرور بينه وبينهم. ويجاب بأن مراده سترة لمن يليه حسًا وحكمًا ولغيره حكمًا فقط والممنوع فيه المرور الأول فقط وبه يتم التخريج، والمذهب ولا يقطعها مار. الإبياني لو أحرم من اعتقده لم يضره إنما زاد تكبيرًا وقراءة. المازري: يريد: من لم يكن ركع. وحكم بناء مسجد الجماعة والجمعة كفعلهما. اللخمي: يجب في كل قرية بناء مسجد لإقامة الجماعة ويندب له في محله بعيدة عن جامع بلدها. وسمع القرينان المسجد الذي أسس على التقوى مسجده صلى الله عليه وسلم. ابن رُشد: هذا الصحيح لا قول بعضهم مسجد قباء. ومنع سحنون صعود المؤذن منارًا يرى منه ما في الدور، ولو كان بينه وبينها فناء واسع. ابن رُشد: هذا بين على قول مالك: "الاطلاع ضرر بين يجب قطعه" وكذلك عندي على قول بعض أصحابه من أحدث في ملكه اطلاعًا على جاره لا يقضى عليه بسده ويستر الجار على نفسه؛ لأن المنار ليس ملكًا للمؤذن إنما يصعده للثواب ولا يدخل في نافلة بمعصية، والبعد كالقرب إلا ما لا يتبين فيه الأشخاص والهيئات والذكور من الإناث. وفيها: المسجد حبس لا يورث إذا كان صاحبه أباحه للناس وأكره بيتًا للسكني فوقه لا تحته. ولا يصلح بناء ليكريه ممن يصلي فيه. وسمع القرينان لا خير في بناء مسجد قرب آخر ضرارا فأما لخير فلا بأس.

سحنون: لا بأس بأحدث مسجد ثان بقرية لكثرة أهلها وعمارتهم إياهما، وإن قل أهلها وخيف تعطيل الأول منعوا لأنه ضرار. ابن رُشد: إن كان الثاني يفرق جماعة الأول فإن ثبت قصد بانيه للضرار هدم وترك مزبلة وإن لم يثبت ترك خاليًا ما لم يحتج إليه لكثرة الناس أو انهدام الأول. ابن القاسم وسحنون لا بأس بجعله في بيته محرابًا. ابن رُشد: ويحترم احترام المسجد. وفيها: الصدقة بثمن ما يجمر به المسجد أحب إلي وكراهة الكتب والتزويق بقبلته. وسمع ابن القاسم: كره الناس تزويق المسجد حين جعل بالذهب لشغله المصلين. ابن رُشد لابن نافع وابن وهب: جواز تزويق المساجد بما خف والكتب في قبلتها ما لم يكثر. وسمع القرينان من خرج من المسجد بيده حصباء نسيها أو بنعله إن ردها فحسن وما ذلك عليه. وفيها: لا يبصق في حائط قبلة المسجد ولا على ظهر حصيره ويدلكه ولا به غير محصب فإن كان محصبًا فلا بأس أن يبصق تحت قدميه وأمامه أو يمينه أو شماله ويدفنه. عياض: حمل على التخيير إن أمكن دفنه كقول ابن نافع. قلت: عزاه الباجي لروايته بزيادة والأفضل يساره وحمله عياض على المضطر لأحدهما قال: والمختار يساره وتحت قدمه فإن كان عن يساره أحد وتعسر تحت قدمه فيمينه ثم أمامه وهو دليل قولها: إن كان عن يمينه ويساره رجل بصق أمامه. وسمع ابن القاسم: لا بأس بالتنخم تحت حصيره وكرهه به في نعله إلا أن يعجز عن تحت حصيره وسمع كراهته قتل القملة أو دفنها به. ابن رُشد: والشيخ: قتل البرغوث أخف عنده. اللخمي: البرغوث من دواب الأرض ولا بأس بطرحه به واستخف مرة قتل ما قل من قمل أو براغيث. وتقتل به العقرب والفأرة. وسمع ابن القاسم والقرينان كراهة الترويح به بالمراويح.

وسمع ابن القاسم كراهة تفقيص الأصابع به وبغيره وخصه ابن القاسم به. ابن رُشد: كرهه به في الصلاة فقط وسكت عن غيرها وسمع لا بأس بتشبيك الأصابع به في غير الصلاة. وأومأ داود بن قيس ليد مالك مشبكًا أصابعه به ليطلقه وقال: ما هذا فقال مالك: إنما يكره في الصلاة. ابن رُشد: صح في حديث ذي اليدين تشبيكه صلى الله عليه وسلم بين أصابعه بالمسجد. وسمع ابن القاسم: كراهة دخوله بريح أكل الثوم. قيل: البصل والكراث مثله قال: ما سمعته في غيره وما أحب أن يؤذي الناس. وسمع عيسى ابن القاسم إن آذى فمثله. ابن رُشد: عليه يجب حمل قول مالك لوجود علة النهي وقوله: "لا أحب أن يؤذي الناس" تجوز؛ لأن ترك إذايتهم واجب لا متسحب. زاد الشيخ عن محمد عن ابن القاسم: وكذلك الفجل إن آذى. وسمع ابن القاسم: لا أحب لذي منزل مبيته به وسهل فيه للضيف ومن لا منزل له. الشيخ: روى علي لا أحب فراشًا به للجلوس أو وسادة، ولا بأس أن يضطجع فيه للنوم. وسمع ابن القاسم: كراهة الطعام به كصنع الناس في رمضان وخفة أكل الضيف يبيت به. ابن رُشد: يريد التمر وشبهه من جاف الطعام وسمع أرجو خفة يسير الطعام ولا يعجبني ألوان اللحم ولا برحابه وسمع صحة تعليق الإقناء بمسجده صلى الله عليه وسلم لضيافة من أتى يريد الإسلام وجواز أكل الرطب بالمسجد يجعل فيه صدقة. وفي المجموعة: روى ابن نافع: أرجو خفة فطرهم على كعك أو تمر منزوع النوى أو زبيب وقد أكثروا حتى إن الصلاة تقام وهو في أفواههم وما هذا عندنا قال عنه علي:

يشرب فيه الماء لا الطعام إلا المعتكف أو مضطر أو مجتاز. وسمع ابن القاسم: ما أكره شربة السويق إلا للمضمضة وخروجه لبابه يشربها أحب إلي. وسمع خفة الشيء الخفيف مثل السويق ولم يحك ابن رُشد في شربة السويق عنه إلا الكراهة. وسمع خفة كتب ذكر لحق به ما لم يطل وجواز قضاء الحق على غير وجه التجر والصرف. وسمع موسى ابن القاسم: لا بأس بوضوء طاهر بصحن المسجد وتركه أحب إلي. ابن رُشد: قول سحنون: "لا يجوز" أحسن لما يسقط من غسالة الأعضاء، وكره مالك الوضوء بالمسجد وإن جعله في طست وذكر أن هشامًا فعله فأنكر عليه الناس. وروى الشيخ كراهة السواك به. سحنون: ولا يعلم به الصبيان ولا يخاط به. وفيها: لا يأخذ المعتكف به من شعره وأظفاره ولا يدخل إليه حجام لذلك وإن جمعه وألقاه وإنما كرهه لحرمة المسجد. ولم يحك الشيخ في قص الشارب وتقليم الأظفار إلا الكراهة. ونقل ابن عبد السلام عن ظاهر قول ابن حبيب جوازهما به لغير المعتكف لا أعرفه ولو جاز لغيره فهو أحرى للزومه المسجد وفي الاعتكاف بيانه. وسمع ابن القاسم معها: يجنبه الصبي إن كان يعبث أو لا يكف إن نهي. اللخمي: والمجنون. الشيخ عن ابن وهب: ولا توقد به نار ولا ينادي به لجنازة. وفي كراهة النداء بها نقلا ابن رُشد عن ابن القاسم. ولم يحك الشيخ غير الجواز لابن وهب. وروى ابن القاسم النهي عن السؤال فيه. ابن عبد الحكم: ولا يعطى سائل به. وروى الشيخ: لا ينبغي رفع الصوت في المسجد ولا بالعلم كان الناس

ينهون عنه. عياض: أجازه ابن مسلمة بالعلم. ابن حبيب: لا بأس بشعر غير الهجاء، والغناء به، وكان ابن الماجسون ينشده فيه ويذكر أيام العرب لم يحك الشيخ غيره. ابن رُشد: لا ينشد به شعر ولا ضالة. روى ابن حبيب: من دمي فوه به انصرف حتى ينقطع وإن كان بغيره بصق ولا يقطع صلاته إلا أن يكثر جدًا. الشيخ: لغير ابن حبيب: إن خف أرسله من فيه في غير المسجد. وروى الشيخ: أكره إدخاله الخيل والبغال لنقل ما يحتاج لمصالحه ولينقل على الإبل والبقر. وفي خروج من رأي بثوبه كثير دم منه ولو كان في صلاة وتركه بين يديه ساترًا نجاسته ببعضه نقلا اللخمي عن ابن شعبان وغيره. وفي فتوى ابن رُشد بسعة إدخال من لا غنى عن مبيته بالمساجد من سدنتها لحراستها ومن اضطر للمبيت بها من شيخ ضعيف وزمن ومريض ورجل لا يستطيع الخروج ليلاً للمطر والريح والظلمة ظروفًا بها للبول نظر لأن ما يحرس بها اتخاذه بها غير واجب وصونها عن ظروف البول واجب ولا يدخل في نفل بمعصية. اللخمي ولا تسل به سيوف، ولا يحدث به حدث الريح ولعب الحبشة به نسخ. عياض: أو لأنه من عمل البر. وأفتى ابن لبابة وابن وليد وسعيد بن معاذ وغيرهم بعدم منع المتحلقين بالمساجد للخوض في العلم وضروبه لفعله الأئمة ومالك. ابن سهل: إطلاقه غير صحيح إنما ذلك لمن يوثق بعلمه ودينه وقصر كلامه

باب القصر في السفر الشرعي

على ما يعلمه في غير أوقات الصلوات حين لا يضرون بالمصلين. وأفتى ابن لبابة أصحابه بمنع جلب الأغنام بفناء المسجد لتزبيلها وضرر غبارها بالمسجد. ابن هشام: خالف أهل الأندلس مذهب مالك بإجازتهم غرس الأشجار بالمساجد أخذا منهم بمذهب الأوزاعي. [باب القصر في السفر الشرعي] القصر: قصر ذي السفر غير المكروه الرباعية ركعتين مشروع. أبو عمر عن المذهب سنة قال: رواه ابن خويز منداد وأبو مصعب بزيادة مؤكدة. قلت روايته في النوادر سنة فقط. إسماعيل وابن الجهم فرض قائلا رواه أشهب. اللخمي: وقاله ابن سحنون. المازري: ومال إليه محمد الصقلي، ونقله القاضي عن جماعة من البغداديين. الشيخ عن ابن سحنون: قول مالك: ومن قال بقوله فرض المسافر ركعتان. الأبهري: مستحب. الباجي عن بعض أصحابنا: مباح. المازري: لا يكاد يوجد إلا أن يتعلق بما قيل خير الأبهري دون ترجيح قلت: ظاهر نقل أبي عمر عن البغداديين التخيير المطلق ورد ابن رُشد نقل ابن الجهم رواية

أشهب بأن الموجود في روايته إنما هو فرض المسافر ركعتان وهذا خلاف كونه فرضا إذا تدبرته وبأنه لو كان فرضا أعاد من أتم ولو في جماعة أبدا ولم يقله ولا احد من أصحابه. قلت: رده الأخذ من رواية أشهب يرد بسماع اصبغ. ابن القاسم: إن أدرك مسافر من صلاة مقيم تشهده فقط صلى قصرا لا يحل له أن يتم. وعدم وجود القول بالإعادة أبدا لا يدل على نفيه للاكتفاء بملزومه فعلى الفرض قال المازري: هو كالحاضر في منويه وعلى غيره قال اللخمي: يحرم على احدهما معينا أو الخيار فيهما. المازري: هذا على عدم لزوم عدد الركعات فإن احرم على التمام عمدا أو نسيانا أو جهلا أو تأولا أعاد في الوقت ولو أربعا إن حضر فيه لابن رشد عن المذهب مع نص سحنون. الشيخ عن محمد في ناسي سفره: رجع ابن القاسم إليه عن اكتفائه بسجود السهو. المازري: ورواها ابن نافع. فلو قصر عمدا ففي بطلانها قولان لها ولابن رشد عن ابن حبيب وأشهب, وان احرم على القصر فأتم عمدا ففي إعادته أبدا أو في الوقت نقل ابن رشد قائلا في المقدمات: هو المشهور, وفي البيان: هو الآتي عليها. والعتبي عن يحنون وعزا الشيخ الأول لابن حبيب, وسهوا ثالثها: "يسجد لسهوه" للشيخ عن سحنون مع تخريج ابن رشد على قول ابن القاسم" من زاد نصف صلاته أعاد أبدا"., ونقل البيان مع تعليله بان سهوه صادف فعلا صحيحا كمن صلى خامسة سهوا فذكر سجدة من أول ركعة ونقله مع تخريجه على قوله فيمن صلى المغرب خمسا والفجر أربعا والوتر ركعتين, زاد في المقدمات: وكل هذا الخلاف لابن القاسم, وعزا الشيخ الأخير لمحمد قائلا: ليس هذا كسهو اجمع عليه. فان قام إمام مقصر لإتمام لم يرجع لتسبيحه, فقال ابن رشد: في سلام المسافرين لأنفسهم أو باستخلافهم بعضهم وتربهم لسلامهم بسلامه رابعها: "يتبعونه". قلت: فيها: لا يتبعونه ويسلمون بسلامه ويعيد وحده في الوقت. وعزا المازري الرابع لمالك قائلا: ويعيدون.

الشيخ: روى ابن عبد الحكم وابن وهب وابن كنانة يسلمون وينصرفون. وقال سحنون: إن بلغ موضعا لو تنبه لم يجزئه انبغي أن يستخلف السفريون مسلما بهم ويتم الحضريون ويسلمون. ابن عبدوس هو رفع ركوع الرابعة. محمد: إنما قال مالك: ينتظرونه للخلاف في المسافر ولو انتظروا حضريا حتى زاد ركعتين بطلت صلاتهم. ابن رشد: على الأول, وعلى الثاني: لا إعادة عليهم في كل حالة إلا أن يتم بنية إقامته فيعيدون أبدا. وعلى الثالث: حيث يعيد في الوقت في إعادتهم قولان لسحنون, ولها على سريان نقص صلاته لصلاتهم وعدمه وحيث يسجد للسهو يسجدون له وحيث يعيد أبدا لعمده يعيدون, ولكثرة سهوه ففي إعادتهم قولان على قياس قول سحنون واصل ابن القاسم لعدم إتباعهم إياه في سهوه. وعلى الرابع: إن أتموا بنية إعادتهم وجبت ومتأولين أتباعه وأحرم على الإتمام أعاد هو في الوقت وفي إعادتهم فيه أو أبدا قولان. ولو احرم على القصر وأتم عامدا ففي إعادته وإعادتهم فيه أو أبدا قولان. ولو احرم على القصر وأتم عامدا ففي إعادته وإعادتهم في الوقت أو أبدا قولان تقدما. ولو كان نوى الإقامة ففي إعادتهم ثالثها: في الوقت من المسافر يأتم بمن ظنه مسافرا بانت إقامته. قلت: قال الشيخ: روى على أن أتم بهم جهلا أعادوا وروى ابن القاسم: في الوقت. ابن رشد: لو كان مأموموه مقيمين وتابعوه واحرم على الإتمام متأولا ففي إعادتهم ثالثها: "في الوقت" من القولين فيمن وجب أن يصلي فذا فجمع مع عدم سريان إعادة الإمام في الوقت وسريانه. قلت: في بنائه على من جمع ما يجب فذا نظر لان الإمام بإحرامه على التمام

كحضري للشيخ عن محمد إن أتم أعاد هو والمسافرون في الوقت والمقيمون روى ابن عبد الحكم كذلك وقال اصبغ وابن القاسم أبدا. محمد: صواب لجمعهم ما وجب فذا. محمد: وقيل: إن احرم على أربع أعادوا لذلك وقال اصبغ وابن القاسم: كلهم في الوقت وان احرموا على ركعتين أعادوا أبدا. ابن رشد: فان لم يتبعوه بطلت صلاتهم على القول أنهم إن اتبعوه أعاد في الوقت وصحت على القول: أعادوا أبدا وعلى قول سحنون يعيدون كإمامهم في الوقت. وان احرم على القصر وأتم عامدا وتبعوه فعلى إعادته أبدا هم كذلك وعلى إعادته في الوقت في إعادتهم فيه القولان وان لم يتبعوه فعلى ما تقدم. وان أتم ساهيا فعلى صحتها له ويسجد لسهوه في صحتها لهم قولان على الخلاف في مسبوق بركعة تبع إمامه في خامسة سها بها. قلت: عزاهما يحيي بن إسحاق لابن كنانة وابن القاسم. ابن رشد: وعلى إعادته في الوقت أو بعده تجري إعادتهم على ما تقدم. قلت: قال الشيخ عن علي: معروف قول مالك ليس عليه إلا سجود السهو ويبني مامومه المقيم ولا يعتد بركعتي سهوه ويسجد للسهو كإمامه وقال ابن حبيب. الشيخ: يريد ولم يتبعوه في ركعتي سهوه. ابن حبيب: إن اعتدوا بهما أعادوا أبدا. ابن رشد: فان لم يتبعوه فعلى صحتها له ويسجد لسهوه يتمون بعد سلامه ويسجدون وعلى إعادته أبدا لكثرة السهو لا سجود عليهم ولا إعادة وان أتم بنية الإقامة قبل إحرامه فان تبعوه صحت لهم وإلا بطلت. وسمع ابن القاسم: من صلى بقوم قصرا في حضر ناسيا ابتدءوا صلاتهم. ابن رشد: ولو احرموا خلفه على الإتمام ولو احرم هو عليه ثم نسي فسلم على القصر رجع بالقرب فان لم يرجع أتموا صلاتهم. وفي ترجيح ائتمامه بمقيم على القصر فذا وعكسه على انه سنة مقالات ثالثا: إن كان بمسجد الحرمين أو الأمصار الكبار لا القرى الصغار وان كانت بها الجمعة, ورابعهما: إن كان الإمام ذا سن أو فضل أو فهم, خامسها: إن كان ذا سن أو فضل أو

صاحب المنزل, وسادسها: "هذا أو صاحب مسجد" للخمي عن ظاهر قول مالك وابن حارث عن اصبغ مع ابن القاسم ورواية مطرف واللخمي عن روايتي الثمانية وابن شعبان, وسماع ابن القاسم: لا ينبغي لمسافرين تقديم مقيم لكن إن قدموه لسنه أو فضله أو لأنه صاحب المنزل أتموا خلفه, وسماع أشهب: بزيادة وان كان صاحب المنزل عبدا. ابن رشد: إنما قاله في صاحب المنزل لما في ترك صلاتهم حلفه من بخس حقه. ابن حبيب: ائتمام المتم بالمقصر أحسن من عكسه في الكراهية فأخذ منه المازري الكراهة فيهما إلا في مساجد الأمراء لاستثنائه ذلك. ابن حارث: اتفقوا على انه إن ائتم بمقيم في احد المساجد الثلاثة أو ما عظم من مساجد الأمصار أو مع الإمام الأكبر انه يتم ولا يعيد وان أتم مع مقيم في غير ذلك فابن القاسم لا يعيد وابن الماجشون يعيد في الوقت وقال ابن سحنون لأبيه: روى ابن الماجشون إن ائتم بمقيم أعاد. قال: هذا قلب المسائل وإبطالها قال: واتفقت الروايات انه إن اجتمع مسافرون ومقيمون قدم كل فريق إماما منه إلا بالمساجد الجامعة التي يصلي بها الأمراء فان المسافرين يتمون معه. الباجي: هذا حيث لا يكون إمام راتب. المازري: أشار ابن حارث للاتفاق على أن فضل القصر لا يرجح على الجماعة الكثيرة التي ذكر كقول ابن حبيب فضل الجماعة يختلف بالكثرة قلت تقدم لفظ اتفاق ابن حارث وإنما هو في عدم الإعادة لا في ابتداء الائتمام وبناؤه على قول ابن حبيب يمنعه أن المشهور أنها لا تختلف بالكثرة. وفيها: إن أدرك مسافر ركعة خلف مقيم أتم. ابن حارث: روى ابن الماجشون لا يجوز أن يتم مسافر وحده ولا مع إمام مقيم فان فعل أعاد في الوقت إلا في مسجد الحرمين أو أمهات القرى كمصر والكوفة وفيما صغر منها عليه الإعادة ظاهره ولو كانت الصغيرة ذات جمعة وكذا وقع نصا في رواية الشيخ والصقلي وظاهر نقل المقدمات عن ابن حبيب يعيد في الوقت ما لم تكن صلاته بالجماعة في المسجد الجامع خلافه. وفي كون إدراك ركعة دون تمامها كركعة استخلف على تمامها كذلك أو لا قولان

باب سبب القصر في الصلاة

لأصحاب مالك غير ابن وهب وله. وفي كون وقت الإعادة في الباب المختار أو كل النهار قولا البياني والشيخ مع عبد الحق قائلا: كإعادة ما فعل لترتيبه والقصر أحرى وفي قول أبي عمران إن أدرك معه ركعة ثم فسدت صلاته أعاد على قول مالك أربعا نظر. يحيي بن إسحاق: إن أدرك مسافر ثانية جمعه فأتمها بعد سلام إمامه أربعا أعادها وفي إعادته إياها أربعا أو ركعتين قولا ابن القاسم مع مالك وابن أبي حازم وعلى فرض القصر لا يأتم فان ائتم ففي بطلانها وصحتها فيتم ثالثها ويقصر للمازري عن القاضي وعن قول بعضهم لا يمتنع انتقال فرضه بالدخول كالعبد والمرأة في الجمعة والصقلي عن رواية ابن حبيب في غير مساجد أمهات الحواضر ورابعها للخمي عن الجلاب والمازري عن بعض نسخه يتم معه ويعيدها أبدا قصرا ورد الابهري الثاني بان العبد والمرأة دخلا أولا في الخطاب وعذرا لحق الغير وعلى الثالث في سلامه وانتظاره ما مر ولو ائتم مسافر بمقيم في منسية لهما فقال أشهب وسحنون مرة: يتم المسافر ومرة لا ولا ينتظر سلامه. [باب سبب القصر في الصلاة] وسببه: سفر معزوم على طوله جزما, وقول ابن الحاجب: "سفر طويل" يوجب

تأخر القصر عن حصوله وإلا تقدم المسبب سببه وهما باطلان سمعا وعقلا وجوابه بأنه على حذف شروع ونحوه يرد بأنه عطفه عليه وحذف إرادة يرد بتقييده بشرط العزم وما علقه به إذ العزم الإرادة أو هي أخص في العرف الأصولي ولا عرف بأنها اعم. فالطويل أربعة برد ستة عشر فرسخا عشر غلا غير منهي عنه ثمانية وأربعون ميلا والميل ألفا ذراع قاله ابن حبيب. أبو عمر: الأصح ثلاثة آلاف وخمس مائة. ابن رشد: وقيل ثلاثة ألاف. والألف ذراع خمسمائة باع للفرس وقيل الجمل. المحكم والصحاح الميل مد البصر. القرافي قيل: الذراع ستة وثلاثون إصبعا والأصبع ست شعرات بطن إحداهما لظهر الأخرى كل شعيرة ست شعرات من شعر البرذون وروي مسيرة يومين وروي يوم وليلة وفي المبسوط في البحر يوم. المازري: رد الرابع للثالث لان حركة البحر أسرع والثالث للثاني لان الليلة بدل

اليوم الثاني والكل للأول لأنه السير المعتاد. ابن بشير: إن كان سير البحر بالساحل فالأميال كالبر وإلا فرواية المبسوط وسمع أشهب: خمسة وأربعون ميلا وفي المبسوط أربعون وقاله ابن حبيب. ابن شاس روى أبو قرة اثنان وأربعون. والبحر كالبر وقيل في البحر: يوم وليلة. ومن قصر في ستة وثلاثين ميلا فقال ابن القاسم: لا يعيد. يحيى بن عمر: أبدا ابن عبد الحكم في الوقت وفيما دون ذلك أبدا لأنه لم يختلف فيه, اللخمي: يريد في المذهب فقول ابن بشير قول اللخمي لم يختلف فيه في المشهور وهم لاتفاق المذهب على عدمه فيما دون الأربعين وهم. ابن رشد: إن قصر في اقل من خمسة وأربعين إلى ستة وثلاثين أعاد في الوقت. وفي المقدمات: إن قصر في أقل؛ الأكثر: إلى أربعين لم يعد وفي اقل منه إلى ستة وثلاثين ففي إعادته في الوقت قولان. ولا يعتبر في طوله رجوعه وفيها: من في دورانه في القرى أربعة برد قصر. اللخمي يريد زائدا على ما يصير فيه من دورانه وجهة لبلده فجعله سند خلافا وقال: الدائر كالمستقيم فلو رجع لمنسي بوطنه في سفر قصر قبل بلوغ أمده ففي قصره قولا محمد مع الشيخ عن ابن الماجشون وابن القاسم ورويا وان كان سفر بر وبحر فللباجي عن ابن القاسم إن كان مجموعهما مسافة قصر قصر. محمد إن بدأ بالبر الأقل من مسافته ولا يسير إلا بالريح لم يضما وإلا ضما. ويقصر كل حاج حتى المكي إلا المنوي والعرفي بمحلهما. الباجي: لان عمل الحج إنما يتم في أكثر من يوم وليلة مع لزوم الانتقال من محل لآخر ولان الخروج من مكة لعرفة والرجوع لها لازم فلفق ولذا لا يقصر عرفي بعد وقوفه وتوجهه لمنى ومكة لان رجوعه لعرفة لوطنه فلا يضم وسمع عيسى ابن القاسم لا يقصر المنوي إذا أراد أن يفيض بخلاف العرفي. الباجي: لان رجوع المنوي بعد إفاضته لوطنه والعرفي لغيره فإذا أفاض لعرفة من منى أتم قلت في السماع المذكور كل من يقصر بمنى يقصر إذا أفاض ومن كان يتم

بها يتم إذا أفاض. ابن رشد: في قصر العرفي بمنى نظر؛ لان قصره إنما هو قياس على المكي وقصر المكي للسنة ولا يتعدى بالسنة محلها إذا لم توافق الأصول, ورواية بعضهم كل من كان يقصر بعرفة يقصر إذا أفاض غلط؛ لان المنوي يقصر بعرفة فيلزم أن يقصر إذا أفاض وهو نقيض قوله: لا يقصر. وسمع ابن القاسم: رجوع مالك عن إتمام المكي وناوي الإقامة بمكة والمحصبي في رجوعهم لمكة ومقامهم بمنى ليخف الناس إلى قصرهم حتى يصلوا المحصب. ابن القاسم: والأول أعجب إلي. العتبي عن اصبغ: رجع فقال الآخر: أعجب إلي وقاله اصبغ وسحنون ونقله الباجي في المكي والمنوي فقط ولم يذكر المحصبي وصرح بتقصيرهما بالمحصب قال: والقولان بناء على أن التحصيب مشروع أو لا قال: ويلزم عليه قصر المنوي في رجوعه من مكة لمنى لأنه بقي عليه عمل من الحج وذكر المازري كلام الباجي وقال: تعليله هذا مقصور على صلاة المحصب وقد ذكر القولين في المكي المتأخر بمنى وكذا ذكرهما محمد في المتأخر بمنى تحضره الصلاة بها أو في طريقه مجملا ويلزم على هذا قصر المنوي في رجوعه من مكة لمنى لبقاء بعض عمل الحج قلت زعمه قصر تعليل الباجي القولين على صلاة المحصب حتى يناقض به كونهما في غيرها وهم لان التعليل بصرف قدومه للتحصيب وهو من عمل الحج لا لوصول وطنه وليس التعليل بحصوله بالمحصب وقوله: يلزم على هذا يقتضي كونه من عنده وتقدم تصريح الباجي به ويرد بأنه بوطنه والتحصيب خارجه وفي قوله: يقصران بالمحصب نظر لأنه في الرواية جمع المحصبي معهما وذلك يمنع دخول ما بعد حتى فيما قبلها وهو التقصير. وان عدل عن غير طويل له لأمن أو يسر أو حاجة, المازري: لا بد منها قصر وإلا ففي السليمانية: لا. سند إن لم يقصد إلا الترخص تخرج قصره على قولي مالك في مسح لابس الخف للترخص قلت: يرد بان القصد أقوى من الوسيلة وتخريجه ابن عبد السلام على قصر صيد اللهو والعاصي بسفره يرد بان الأصل أن العصيان لا يرفع حكم السببية كالصحة

في الصلاة والحج وسبب القصر سفر لمطلوب والسفر للقصر خلافه وفي السليمانية لو اسلم قاصد من مصر القير وان بقلشانة لم يقصر. اللخمي: وكذا البلوغ والعقل وفي طهر الحيض نظر. المازري: يحتمل كونه أحرى لان الكافر مخاطب بها على رأي وهي لا إجماعا والفرق إنها مخاطبة قبله إجماعا والمانع متوقع الرفع قلت ولاسيما على أن القضاء بالأول. وسمع ابن القاسم: يتم الخارج لنفوذ بيع ما معه وروى ابن نافع والرعاة يتبعون الكلأ كأهل الجيش في جشرهم. اللخمي: الجشر ترك ركوب الخيل لرعيها. وفيها: لا يقصر طالب الآبق. واستحسن اللخمي قصره بعد بلوغ أمده مطلقا لظهور طول سفره فلو عزم بعد بلوغ ما طال على بلوغ زيادة دونه ورجوعه فقال بعض أصحاب الصقلي: يتم فيها, والصقلي: يقصر كتقصير مسافر لشرق خرج لمهم غربا. علي: يريد يرجع لطريق اقصر وممره على منزله منه لسفره غير داخل بلده يقصره في البريد. قلت: هذا مصادرة ويرده رواية الشيخ: من سار بريدين فرجع لطريق اقصر وممره على منزله ولم يرد النزول به أتم في رجوعه حتى يجاوزه. وفيمن برز عازما فأقام قبل مسافته ينتظر لاحقا طرق. اللخمي: انتظاره من لا يسافر دونه إن شك في خروجه قبل أربعة أيام أتم وإلا قصر. وسمع أشهب: المكترون للحج يبرزون على بريد من مصر ويحبسون اليومين أحب إتمامهم لجلهم وقت سيرهم. ابن رشد: سمع ابن القاسم الأمير يخرج على فرسخ يقيم لاجتماع حشمه يتم لإقامته لتكمل حوائجه, ومن خرج من مصر لبئر عميرة فيقيم اليومين لاجتماع الناس يقصر, قال: لعدم عزمه في الأولى على السير, قيل: أربعة أيام وعزمه في الثانية عليه

قبلها, وفرق بعضهم بتعذر سفر الأمير دون حشمه وإمكان سفر الآخر دون الناس ضعيف لتعذر سفر المنفرد دونه وحملها بعضهم على التناقض لأ حروبه قصر الإمام لتمكنه من جبر حشمه ضعيف إذ المعتبر في قصره عزمه على حركته من محل تقدمه قبل الأربعة. قلت: حصره اعتبار القصر فيما ذكر مصادرة. الشيخ: روى ابن نافع في بئر عميرة أحب إتمامهم. ابن بشير: إن جزم بوقف سفره على لاحقه أتم وبعكسه قصر وان تردد فللمتأخرين قولان. وفيها: من واعد من يمر به أو تقدمه ليلحقه دجون أمد القصر فان لم يسافر إلا به أتم وان عزم دونه قصر. وفيها: يتم المسافر حتى يبرز عن قريته فيقصر. اللخمي عن ابن حبيب: وينقطع عن بيوتها انقطاعا بينا. وروى الإخوان بمجاوزة ذات الجمعة بثلاثة أميال, وغيرها ببساتينها لا زرعها ونقل سند رواية ثلاثة أميال في غير ذات الجمعة لا اعرفه إلا لإطلاق الجلاب وروى ابن شعبان في البحر بتخليف بيوتها ومرة بمواراتها. وفي ثالث حجها: إن برز مكي لذي طوى مسافرا أتم حتى يسير لأنها من ومكة, وفي رجوعه فيها قصر ولو على ميل منها حتى يدخلها أو قربها. وسمع ابن القاسم: وكذلك من أقام على ميل حتى الليل لكره دخولها نهارا. الشيخ: سمع أشهب من قرب بميل ونحوه أتم ولم أجده في العتبية. القاضي ورواية الأخوين: مبدؤه منتهاه. الشيخ: في المجموعة لابن الماجشون حتى يدخل أهله. الباجي: عن المجموعة روى حتى يدخل منزله. ابن بشير: المسافر من بيوت العمود بمفارقة المحال. وفي لغو سفر المعصية واعتباره المشهور والباجي عن رواية زياد ومنعه ابن حبيب أكل الميتة وصوب الصقلي أكله لإحياء النفس. قلت: ولأن مناطه الاضطرار لا السفر والمكروه كسفر صيد اللهو فيها: لا يقصر.

وفي رفعه بغير وطنه وارض الحرب بنية إقامة أربعة أيام أو عشرين صلاة قولا ابن القاسم واللخمي عن محمد مع ابن رشد عن سحنون وابن الماجشون وعلى الأول يعد يوم دخل إن دخل أوله وإلا ففي لغوه وجبره بجزء من خامسه قولا ابن القاسم والمازري عن ابن نافع وفي منع نية إقامة الأربعة ضم ما قبلها لما بعدها ثالثها لقصر ما قبلها لا لقصر ما بعدها لابن رشد عن ابن القاسم وسحنون. المازري رويا ولنقل الشيخ في رواية ابن القاسم من خرج لضيعتين بعد أولاهما ثلاثون ميلا وأخراهما ضعفها ونوى إقامة عشرة أيام لا يدري ما يقيم في كل ضيعة يقصر. الشيخ: إن نواها في الأولى أتم إليها واختلف في قصره للثانية. ونية ما يرفعه لا يرفعه ببلد الحرب. الباجي وابن حبيب: وإقامته وان كثرت غير منوي منها ما يرفعه لا يرفعه كمنتظر حاجة أو برء أو محبوس ريح ببحر. وينبغي للإمام إعلام عسكره قدر مقامه, وروى ابن نافع: أحب لوالي البحر يأتي دمياط يقيم بها ينتظر أمر الإمام بسيرهم لأهلهم إتمامهم, ورواية اللخمي: من قدم بلدا لبيع تجر شاكا في قدر مقامه أتم؛ لان رجوعه ابتداء سفر إلا أن يعلم رجوعه قبل الأربعة الأيام خلاف قول ابن الحاجب: إن لم ينور رافعه قصر في غير وطنه أبدا ولو في منتهى سفره وكونه بوطنه يرفعه. محمد: ومروره بوطنه مجتازا به لغيره كسفر منه إليه, وهو مسكنه أو ما به سرية يسكن لها أو زوجة بني بها لا ماله وولده, وروى محمد: نية دخوله تمنع ضم ما قبله لما بعده ولو ترك دخوله عند وصوله قصر حينئذ إن كان يقصر وإلا فبعد ظعنه إن بلغ بقية سفره قدرة. ابن رشد: رجوعه عن نية إقامة ما يرفعه بغير وطنه كعدمها بخلاف رجوعه عن نية دخول وطنه وصوره أربع: إن استقل ما قبل وطنه وما بعده فواضح وعكسه والمجموع مستقل إن نوى دخوله أتم فان رجع لتركه اعتبر ما بقي, وان لم ينو دخوله قصر فإن نواه بعد سيره شيء ففي قصره قولا سحنون وغيره ومثله لو نوى الرجوع

لبلده قبل بلوغ قدره ففي قصره قولا سحنون والواضحة مع كتاب محمد وكذا لو نوى رجوعه بعد أن صار لما هو مع ما سار اقل من قدره ولو استقل ما قبل وطنه وقصر ما بعده أتم فيما بعده لا فيما قبله وعكسه عكسه. ومن أتم لنية إقامة الأربعة ثم رفع نية الإقامة ففي قصره حينئذ أو بعد ظعنه نقلا الشيخ عن ابن حبيب وسحنون, وان رجع من قصر لما سكنه ليقيم به دون الأربعة كمن أوطن مكة بضعة عشر يوما فخرج لعمرة من الجحفة ويقيم بمكة يومين ويسافر ففيها رجع مالك إلى القصر. واختاره ابن القاسم والأول روى ابن نافع, وقادم مكة لسكانها بعد حج فخرج له قبل مقامه بها الأربعة في قصره فيه نقل اللخمي عن ابن مسلمة ورواية ابن شعبان مع الشيخ عن رواية ابن نافع. وفيها: من رده ريح لما خرج منه أتم حتى يخرج. سحنون: إن لم يكن وطنه قصر. المازري عنه: ولو كان فيه يتم. الصقلي: إن أتم فيه لإقامة الأربعة فعلى قول مالك في مسالة مكة ورده المازري بقول سحنون قصر, والمردود أكد من المعتمر لعدم نية المردود الرجوع ونيته المعتمر وترجيح اللخمي الأول بأن شكه أول سفره في رده الريح يضعف رفضه إقامته كمن لا يسير إلا بسير صاحبه يرد بمنع شكه بل هو وهم وظنه كاف في جزمه بالرفض. اللخمي: ومن رده غاصب باق على قصره حتى ينوي إقامة أربعة أيام. محمد: من خرج مما أتم به لإقامة الأربعة لباقي سفره الطويل فرجع بعد ميلين لحاجة المختار من قولي مالك قصره كابن القاسم واصبغ. وفي بطلان صلاة من نوى الإقامة فيها وإتمامها قصرا ثالثها: "إن كان قبل ركعة أتمها أربعا وإلا قصر" لها ولابن رشد عن اللخمي وابن حبيب مع ابن الماجشون. الشيخ: روى ابن حبيب: إن أتمها أربعا مطلقا أجزأت, وعلى الأول في إتمامها إن كان فذا نافلة قولان لها ولابن رشد على احد قولي ذكر صلاة في صلاة وان كان إماما ففي استخلافه ما مر وعليه قال ابن القاسم: لا يمها نفلا؛ بل يدخل معهم. الشيخ عن ابن حبيب وابن الماجشون إن نوى بعد ركعة أتم قصرًا وإلا

استخلف. القاضي: لا إعادة على ناو مقاما بعد فراغها. وفيها: أحبها. فقيل: لاحتمال غفلته عن تقدمها. بعض شيوخ المازري لرعى تعلق الوجوب بآخر وقتها. الشيخ عن سحنون رد الريح محرما لوطنه كنية إقامته. قلت: الفرق كناسي الماء ومن أتاه. الشيخ: في كتاب محمد: إن أتم عمدا أو سهوا ثم نوى الإقامة فيها أعادها أربعا أبدا وصحبة الأهل في السفر لغو ومحله ما لم تؤد واختص السفر بأقل وقت وجوبها وتقدم كون قضائها قصرا قصرا ولو في الحضر كعكس ذلك. وجمع المشتركين المريض خوف الإغماء ومشقة الحركة المشهور جوازه. المازري: منعه ابن نافع مطلقا. الباجي: كخوفه ما يمنعه الثانية أو به حمى لخوف إغمائه ولم يحك الثاني فقول ابن بشير يجتمع المريض مطلقا اتفاقا قصور وقول ابن الحاجب يجمع للإغماء وفي غيره قولان وعكسه ابن عبد السلام لا اعرفهما وعلى الأول في جمعه أول وقت الأولى أو لوقتيهما ثالثهما: النهاريتان أول الأولى والليلتان أول الثانية ورابعها: إن كان للأول ففي وقت الأولى وإلا ففي العشائين لمغيب الشفق وفي غيرهما وسط وقت الظهر وخامسها: وإلا فلوقتيهما للخمي عن ابن شعبان والباجي عن سحنون مع اللخمي عن رواية ابن عبد الحكم وابن زرقون عن ابن شعبان واستغربه لظهور عكسه بضيق وقت المغرب وسعة الظهر والمدونة واللخمي عن ابن حبيب وقال: الوسط ربع القامة. ابن أبي زمنين: نصفها. محمد بن سفيان: ثلثها وتعقب ابن زرقون قول الباجي إن كان الثاني فروى ابن القاسم في آخر وقت الظهر وأول العصر بان نصها ما تقدم. الشيخ: روى علي: لمريد طلوع البحر بعد الزوال ويخاف عجزه عن القيام في العصر لعلمه بميده جمعه بينهما بالبر قائما, وسمع موسى ابن القاسم: لذي حمى

تأخيرها لزوال حماه ما لم يخرج وقتها. ابن رشد: قيل مختارها وقيل مختار مشاركتها. وظاهر سماع ابن القاسم في المغرب ما لم يطلع الفجر وللعتبي واصبغ وعيسى وابن أبي زمنين: إن جمع لخوف ذهاب عقله فسلم أعاد. وفيه لخوف عدو سماع عيسى ابن القاسم لا يجمع له, ثم قال: إن فعل فلا بأس وعلى الثاني. قال الباجي: إن توقع الخوف مع تأخير الصلاة جمع أول الوقت فان كان خوفا يمنع الإقبال عليها والانفراد لها جمع لوقتها المختار كالمرض ولسفر في جوازه وكراهته، ثالثها: للنساء ويكره للرجال ورابعها: لا يجمع وان جد سيره للمشهور والباجي عن ابن القاسم مع رواية عياض وابن العربي واللخمي عن ابن عبان مع رواية عياض وابن رشد عن سماع ابن القاسم. وفي شرطه بجد السير ثالثها للرجال لا للنساء للأكثر معها وابن رشد وأبي عمر عن ابن حبيب مع الشيخ عن ابن الماجشون واصبغ وبعض شيوخ عبد الحق ولم يذكره المازري. وبخوف فوت مهم ثالثها للرجال لا للنساء لأشهب معها بلفظ أمر بدل مهم والمازري عن ابن حبيب مع اصبغ وابن الماجشون. اللخمي وبشرط خوف على نفس أو مال أو مشقة لخوف الرفقة إن لم يجمع وخرج تعارض جمعهما جماعة مع تأخيرهما فذا على قولي مالك في ترجيح جمع عمل ليلة المطر لفضل الجماعة مرة ومنعه لترجيح الوقت أخرى. الباجي: دليل قول الأصحاب جوازه في سفر تقصر فيه الصلاة. وقيل الصقلي نقله القاضي عن المذهب وصرح المازري به. قلت: ظاهر استدلال ابن سعدون للمذهب بقوله: سفر تقصر فيه الصلاة فجاز الجمع به كسفر الحج خلافه ولعله غره قول القاضي اثر قوله: يجوز في سفر غير القصر خلافا للشافعي سفر مباح فأشبه ما تقصر فيه فإن زالت بمنهله ونوى نزوله بعد المغرب جمع به وقبل الاصفرار لا جمع وبينهما قال: المازري في جمعه نظر للزوم كون

الثانية في غير مختارها. اللخمي: يجوز تأخيره الثانية وهو أولى. المازري: هذا على عدم تأثيم من أخر إليه وإلا ففيه نظر. قلت: رده اللخمي بقوله: لا إثم للضرورة. ابن بشير: المشهور الجمع وقيل: يؤخر الثانية وقول ابن الحاجب: "قالوا: بخير" يريد في تأخير الثانية إذ هو المقول ولا اعرفه لغير الشيخين وقول ابن شاس: "أشار بعض المتأخرين لتخييره إن شاء جمع في المنهل وان شاء بعد النزول إذ في كلا الحالين إخراج إحدى الصلاتين عن وقتها المختار" تعقبه ابن عبد السلام بأن في تأخير الجمع إخراج كليهما عنه ويرد باحتمال وان شاء صلى الثانية بعد النزول لقرينة نقله عمن لم يقله إلا كذا ويصدق التعليل بظاهرة أو لعل قوله إحدى بالمعجمة والراء وتفسيره قول ابن الحاجب بما تعقبه متعقب بعدوله عن تفسير بصواب هو المقول إلى خطأ عنده أو بقصوره. وان رحل قبل الزوال ونوى بعد الغروب جمعها لوقتهما وقبل الاصفرار لآخرهما وبينهما قال اللخمي والمازري: جاز تأخير جمعه قاله ابن مسلمة. ابن رشد: لوقتهما, فلو جمع عند الزوال فروى علي يعيد في الوقت فخرج عليه الباجي من جمع دون جد سير عند معتبره ورده المازري بأن رعي وقت الثانية أكد من جد السير. الشيخ عن ابن كنانة: من جمع لجد سير ثم أقام بمكانه لم يعد. قلت: يعارضه جمع خائف فقد عقله وسلم ويوافقه نص ابن القاسم لتا يعيد مصل جالسا لعذر زال في الوقت والليليتان كالنهاريتين. وفيها: إن ارتحل بعد الزوال جمع حينئذ ولم يذكر في العشائين الرحيل من المنهل. سحنون: هما سواء أي الرحيلان فقيل: هما وفاق وقيل: خلاف لندوره بعد الغروب ولفضل الجماعة بمسجد بين العشاءين في جوازه ثالثها بمسجده صلى الله عليه وسلم فقط ورابعها: بمساجد المدينة فقط وخامسها: بالمسجدين فقط وسادسها: بالبلاد المطيرة الباردة كالأندلس فقط للمشهور واللخمي عن مالك مع الباجي عن قول ابن القاسم

من جمع بينهما حضرا دون مرض أعاد الثانية أبدا ورواية زياد وسماع القرينين وتخريج اللخمي عليها مع المازري عن قول مالك من فاته الجمع بأحد الحرمين صلى العشاء بهما قبل مغيب الشفق لفضلهما ورواية ابن العربي وتفسير ابن عبد السلام قول ابن الحاجب: "وقيل: يختص بمسجد المدينة" بالرابع لزعمه حصر رواية الاختصاص به قصور لشهرة رواية زياد, وعلى المشهور؛ في جوازه راجحا أو مرجوحا طريقا اللخمي مع الأكثر وابن رشد من تعليله قول مالك أرجو لمن صلى ببيته لطين وأذى بطريقه أنه في سعة بأن فضل الوقت أكثر من فضل الجماعة فإذا ترك فضله لهذه العلة جاز ترك فضل الجماعة لها ورواية زياد في ترجيح أول الوقت تقدمت. وروى ابن عبد الحكم: الجمع ليلة المطر سنة وهو فيها لابن قسبط فقيل دليله وقيل صفته وسمع ابن القاسم: لهم الجمع وان ظنوا دوام المطر. ولو ارتفع بعد صلاة المغرب بنية الجمع. قال الشيخ: يجمعون لعدم أمن عوده. المازري: إن امن فلا. وفي الطين طريقان. ابن رشد: فيه ذا وحل قولان لسماعي ابن القاسم وأشهب مع الواضحة والمدونة. اللخمي: أجازه مرة للطين وقال مرة: ارجوه في الطين وكثير الوحل. والمعروف منعه في النهاريتين للمطر وأثبته الباجي وابن الكاتب من الموطأ أراه في المطر ورده بأنه تفسير لفظ لا نتيجة اجتهاد. وفيها: تؤخر المغرب شيئا اوتجمعان قبل مغيب الشفق وينصرفون وعليهم إسفار قليل. فسره ابن رشد بنصف الوقت وقال ابن عبد الحكم وابن وهب وأشهب: أول الوقت. ابن رشد: وروى وخرجهما على رعي امتداد وقت المغرب واتحاده. اللخمي: روى ابن عبد الحكم تؤخر المغرب ويطيلون أذان العشاء لمغيبه وقاله أشهب.

المازري هذا يحيل معنى الجمع وغير المنصرفين من المسجد حتى يقنتوا في رمضان لا يجمعون وفي إعادتهم إن جمعوا ثالثها أن بقي أكثرهم لابن الجهم وسماع القرينين والشيخ وناقض ابن لبابة الثاني بقول ابن عيسى واصبغ العتبي وابن مزين بإعادة مريض جمع خوف ذهاب عقله فسلم لظهور فوات على الجمع فيهما ففرق ابن رشد بأن المريض صلى فذا فيتلافى ما فاته من فضل الوقت وهؤلاء صلوا جماعة ناب فضل جماعتهم مناب فضل الوقت كمسافر أتم فذا يعيد وخلف مقيم لا يعيد. وفيها: من أدرك جمعا وقد صلى المغرب جمع ثانيته. الشيخ عن ابن حبيب واصبغ وابن عبد الحكم: لا يجمع فان جمع لم يعد. ابن القاسم: يعيد أبدا. فخرج عليه ابن رشد مثل قول ابن الجهم لترجيحه فضل الوقت على الجماعة ويلزمه نفي الجمع المتفق عليه عنده. أصبغ عن ابن القاسم: إن حدث مطر بعد صلاة المغرب فلا جمع. اصبغ إن جمع فلا حرج. الشيخ: اعرف فيها قولا اجهل قائله. وعلل الأول بلزوم تقدين العشاء عن وقت جمعهما فعكسهما الصقلي فألزم قائل الجمع أول الوقت جمعهم ورده المازري بفقد نية الجمع أول الصلاتين قال: وخرج بعضهم جمعهم ونفيه وفي التي قبلها على عدم شرط نية أول الصلاتين وثبوته وقول ابن الحاجب: "في تأخير نية الجمع للثانية قولان" وقبوله ابن عبد السلام لا اعرفه ولا يتم رد المازري إلا بنفيه. وسمع القرينان يجمع جار المسجد وان قرب. أبو عمر: والغريب يبيت به يحيي بن عمر والمعتكف. عبد الحق: إن كان إمامهم جمع مأموما ونقله ابن عبد السلام استحب ائتمامه لا اعرفه. وفي جمع جارة مسجد تصلي في منزلها بجماعته قولا بعضهم وعبد الحق مع أبي عمران وتعقب بالثانية. اللخمي في الآذان: لهما في كل جمع قولا المشهور وابن الماجشون مع رواية

باب رسم صلاة الجمعة

أبي عمر. الجلاب: قيل: بإقامتين بدون أذان. وعلى المشهور في كونه بمقدم داخل المسجد أو صحنه قولا على عن مالك وابن حبيب قائلا يخفض صوته والمشهور منع التنفل بين جمعها وسمعه أشهب وجوزه ابن حبيب, ولم يحكه ابن رشد, وروى العتبي: ولا بعده بالمسجد. وسمع ابن القاسم لا يوتر جامع قبل الشفق, وإجازته بعضهم لإمام قوم لا يقرؤون واضح. ابن سعدون عن أبي القاسم عبد الحق: يوتر ليلة الجمع بعد العشاء قبل الشفق. [باب رسم صلاة الجمعة] صلاة الجمعة: ركعتان تمنعان وجوب ظهر على رأي أو تسقطها على آخر.

باب في شروط وجوب الجمعة

واجبة عينا وجهل أبو عمر حامل رواية ابن وهب: هي سنة على ظاهرها وحملها على دليل وجوبها في غير الأمصار وهو العمل وقياسها على وجوبها بالأمصار أو على طريق الشريعة التي سلكها المسلمون وخرج اللخمي فرضها كفاية من قول ابن نافع وابن وهب إن صلى من تلزمه ظهر الوقت سعي إدراكها لم يعد ونفاه عن المذهب ابن بشير. [باب في شروط وجوب الجمعة] وشرط وجوبها الذكورية وتجزئ المرأة عن ظهرها. وفي الحرية طريقان, ابن حارث شرط اتفاقا. اللخمي: هو معروف قول مالك لقول ابن شعبان هو مشهورة وقوله: قال أيضا على من قدر من عبد إتيانها: يلزمه ذلك ويقام لها من حانوت ربه ورواية ابن وهب إن قدر عليها عبد فهي عليه, وتعقب المازري أخذه بان ما في رواية ابن شعبان اثر حانوت ربه زيادة لأنه إذا حضرها صار من أهلها قال: وهذه العلة تدل على عدم وجوبها في الأصل يرد بان ظهور منطوقه في الوجوب مقدم على المفهوم وموجب إرادة من أهل أدائها ولو سلم فأين رده من قوله: هو مشهوره ومن رواية ابن وهب.

باب شروط أداء الجمعة

المازري: لرب العبد منعه صلاة العيد لا صلاة الجمعة إلا أن يضر به في حاجه له. ابن القصار: قال بعض أصحابنا: هو مخاطب بها في الأصل وعذر في الترك لحق ربه وأباه بعضهم للزومه في الحج قائلا إنما أجزأته عن الظهر لأنها بدل عنه والحج غير بدل, وروى أبو مصعب اكره لمكاتب تركها وعلى السقوط تجزئه عن ظهره كالمرأة. والإقامة وفي إجزائها عن ظهر مسافر قولا مالك وابن الماجشون. والكون بمصرها أو قربه روى علي وسمع أشهب: هو ثلاثة أميال. ابن رشد: هذا خلاف قولها وزيادة يسيرة, قلت: ومثلها نقل الشيخ رواية ابن عبد الحكم. وفي كونها من منارها أو من حيث قصد من سافر من محلها رواية علي وقول ابن عبد الحكم ونقل ابن الحاجب وجوبها على من بستة أميال أو بريد, وقبوله ابن عبد السلام وهم إنما نقلوهما في اقل مبيح أحداثها قرب جمعة أخرى عن ابن حبيب ويحيي بن عمر وأخذهما من توهم لزومها لقدر مانع الأحداث يرد بمنع اللزوم لتقرر الفرض بالظهر ولقول الباجي وقبوله المازري وابن شاس: الصحيح قول زيد بن بشر اقله فرسخ؛ لان كل موضع السعي منه يجب به إقامتها لذوي شروطها. وتعليل ابن بشير قدر الستة بأنه مجموع مسافة لزوم السعي للجمعتين والبعد من محلها بمصرها ملغى. ابن رشد: ولو بلغ ستة أميال ورواه ابن أبي اويس وابن وهب. [باب شروط أداء الجمعة] $$$$$$ إمام, وفي شرطه بكونه المخوف خلافه ثالثها: به أو بمأموره أو بمجمع عليه لابن رشد مع اللخمي عن رواية يحيى بن عمر والمشهور وابن مسلمة, وعلى المشهور قال مالك وابن القاسم: لو منعهم وقدروا فعلوا, وفرق أشهب بين منعه وسكوته.

اللخمي: لو أحدث الإمام مقدم الأمير فاستخلفه أو ترك فاستخلفوا أجزأ اتفاقا. وفي صحة إمامتها مسافر ثالثها: إن استخلف بعد عقدها لسحنون مع أشهب, وابن القاسم, وابن رشد عن ابن حبيب مع الأخوين وعلى المشهور يعيدها القوم في وقتها وفي المسافر, ثالثها في الوقت فخرجها ابن رشد على الخلاف فيمن جهر في سرية عمدا. قلت: ونيابة نية الجمعة عن الظهر إلا أن يراعى اتحاد عدد الركعات هنا. وفيها: إن مر إمام مسافر بقرية بعمله يجمع فيها جمع بهم. وإنما كان له ذلك؛ لأنه إمامهم فقرره الباجي بان وجوبها على واليها لاستيطانه أوجبها على موليه لاستحقاقه الإمامة دونه. ولا تصح جمعة خلف ذي ظهر فانتقل منه لها لتصح إمامته بخلاف القصر لصحة اقتداء المقيم بالمقصر. المازري في حمله إياها على الوجوب نظر؛ بل قوله في المدونة: كان له ذلك دليل جوازها له لا وجوبها عليه فلو جمع بمن لا تجب عليهم ففي بطلانها وصحتها فيتم المقيمون ثالثها: تصح له دونهم, ورابعها: يعيد الكل في الوقت لها ولسماع أبي زيد ابن القاسم مع روايتي ابن مزين وابن عبد الحكم مع ابن نافع ورواية وابن رشد عن مالك وجماعة. وفي اعتبار قدرها بمحلها أو عدد مكلفها روايتا اللخمي فعلى الأول فيها: يصليها أهل الخصوص والقرية المتصلة البناء زاد مرة ذات الأسواق. وسمعه أشهب وروى مطرف ذات ثلاثين بيتا وأسقطها سحنون عن أهل المنستير. ابنه وما أقامها بقلشانة وسوسة وسفاقص إلا زحفا, وأنكر ابنه إقامتها ابن طالب بأولج. اللخمي: أخبرت أن بها عشرة مساجد. يحيي بن عمر: اجمع مالك وأصحابه أن لا تقام إلا بمصر, وعلى الثانية روى الإخوان أن قاربوا ثلاثين رجلا جمعوا. ابن شعبان وزيد ابن بشر إن بلغوا خمسين, وعن مالك لا تقام بأربعة. القاضي والباجي المعتبر من تتقرى بهم قرية يمكنهم ثواؤهم بها, فجعله

المازري المشهور. الباجي: رد أصحابنا قول الشافعي لا تنعقد إلا بأربعين دون الإمام لحديث جابر ما بقي حين انفضوا معه صلى الله عليه وسلم إلا اثنا عشر رجلا مقتضى إجازتها باثني عشر وإمام. وفي شرط نية استيطانهم قولا القاضي مع نقل ابن بشير على معروف المذهب, ورواية ابن القاسم إقامتها جماعة مرت بقرية خالية نوت إقامتها شهرا مع سماعه جمع قوم رابطوا بثغر ذي بيوت متصلة وسوق ستة أشهر, وتقييدها ابن رشد بكونه ذا أهل يجمعون بناء على الأول. وفي وجوبها على أهل العمود والمحال المسكونة مقيمين رواية عيسى عن ابن القاسم وسماع أشهب ابن رشد على خلاف سماع عيسى ابن القاسم حمله الأكثر ويحتمل حمله على المنتجعين غير القارين فلا يكون خلافا والأول اظهر, وتخريج اللخمي عليه سقوطها عن أهل الخصوص والقرى, يرد باستيطانهما. وفي إقامتها الإمام إن فر من تقام به وبقي العبيد والنساء قولا أشهب وسحنون قائلا: المسافر كالعبد, وإلزامه أشهب واضح وعليه ينتظرهم ما لم يخرج وقتها, والصبيان لغو اتفاقا. وفي لغو شرط بقاء الجماعة بعد إحرامهم واعتباره لسلامها أو لتمام ركعة ثلاثة لابن رشد عنها ونقله مع غيره عن سحنون مع ابن القاسم وأشهب. المازري: ونقله بعض الخلافيين عن مالك لا اعرفه ولعل قول أشهب غره, ووجه ابن رشد الأول بقصة انفضاضهم للعير إلا اثني عشر رجلا. وقول ابن عبد السلام: الجماعة شرط صحة إقامتها بالبد ووجوبها على أهله, ولا يشترط حضور عددها في كل جمعة؛ لحديث جابر, إن أراد أن عدد الجماعة شرط كفاية فيها فلا قائل به, وان أراد انه شرط في وجوبها لا في أدائها فباطل؛ لان ما هو شرط في الوجوب شرط في الأداء, وإلا أجزأ الفعل قبل وجوبه عنه بعده, ولا ينقض بإجزاء

الزكاة قبل الحول بيسير؛ لأنه بناء على أن ما قارب الشئ مثله, وإلا أجزأت قبله مطلقا, ولا بإجزائها للمرأة والعبد؛ لأنه مشروط بتبعيتهما لذي شرط وجوب في فعله الشخصي, وان أراد صحتها باثني عشر قبل إحرامها أو بعد فهما ما تقدم للباجي وابن رشد. ولو فر إمامهم بعد عقد ركعة فالمعروف بطلانها, وتخريج اللخمي صحتها لهم من قول أشهب إن احدث إمام عمدا في تشهده استخلفوا مسلما يرد برعي الخلاف في التسليم وتخريجه المازري من عموم قول أشهب لا تبطل صلاة مأموم بإبطالها إمامه عمدا إن صح اقرب وأخذه أيضا من قول ابن عبدوس لو هرب الإمام بطلت عليهم كبطلانها عليه بهروبهم مع قول أشهب في هروبهم عنه, يرد بكونه قياس أحرى لوضوح كون تبعية المأموم إمامه اشد من تبعيته إمامه فلا يلزم من ثبوت نقيض الحكم في الأصل عند قائله ثبوته في الفرع؛ لان اختصاصه بما به الاحروية يوجب كون كونه فرقا. ومسجد, الباجي وابن رشد: اتفاقا. وللقزويني عن الصالحي ليس بشرط لعدم ذكره في قوله فيها: القرية المتصلة البناء ذات الأسواق يجمع أهلها. وتعقبه الباجي بالإجماع وعدم الوثوق بعلمهما وان الصالحي مجهول, ورده عياض بان الصالحي أبو بكر بن علويه الابهري لاتفاقهما في الكنية والنسب خص الأول بالصالحي, وأخذه اللخمي من قول مالك أهل الخصوص المتصلة كالبيوت يجمعون وان لم يكن لهم وال فلم يذكر المسجد, وعياض من قول سحنون إن خلى عدو بين أسرى تجب على مثلهم وبين إقامة شرائعهم أقاموها ولو كانوا في سجن. ويرد اخذ الصالحي واللخمي بنصها في بناء الراعف الجمعة لا تكون إلا في المسجد والسكوت لا يعارض نصا وبأنه شرط الأداء لا الوجوب, واخذ عياض بأن تخليته تمكين من إقامة شرطها وعلى شرطه في كونه في الصحة لا في الوجوب أو فيها قولان خرجهما ابن راشد على تقرر مسمى المسجد بشرط كونه ذا بناء وسقف أو كونه ذا فضاء حبسا للصلاة فقط وعلى الأول أفتى الباجي بمنعها بمسجد انهار سقفه وأباه

ابن رشد بان هدمه لا يمنع اسمه مسجدا وان منعه عدمه ابتداء. ولو نقلت بعذر لآخر ففي شرط نقلها بنية التأبيد قولا الباجي مع مسائل ابن رشد ومقدماته. الباجي: لقوله فيها: في الراعف في الجمعة العالم بتسليم إمامه لا يبني إلا في المسجد؛ لان الجمعة لا تكون إلا في المسجد, فلو صحت بغيره لبنى بأقرب مسجد. ورده ابن رشد بقول بعضهم يبني به، أو لان رجوعه إليه لابتدائها به, وخارجه غير محجور مثله إن ضاق واتصلت الصفوف وان لم تتصل فقولان لها ولأشهب, وان لم يضق فثالثها يكره إلا لعذر لابن مزين ابن القاسم مع رواية ابن أبي أويس, وابن رشد عن ظاهرها وظاهر سماع ابن القاسم وسحنون, ورواية المازري. وفيها: لا أحبها في الأفنية إلا لضيقه. وروى ابن شعبان تجزئ خارجه وان لم يضق ولم تتصل. فإيهام ابن الحاجب قصر الخلاف على احد العدمين, ونقل ابن عبد السلام قصره بعضهم عليهما معا خلاف الروايات, ولابن شعبان يصليها ذو رائحة ثوم بفناء المسجد لا رحابه. المازري: في جري قول سحنون في صلاته نظر. وفي منعها بمحجور مطلقا أو ما لم تتصل به الصفوف قولان لها, ولابن مسلمة. وعلى المنع في إعادتهم أبدا قولا ابن القاسم وابن نافع. وفي صحتها على ظهر المسجد, ثالثها: للمؤذن, ورابعها: إن ضاق, لأصبغ مع الأخوين, ورواية أبي زيد, وابن رشد عن أشهب. وابن القاسم فيها مع ابن رشد عن رواية المبسوطة, ولابن الماجشون وحمديس. ولا تقام بموضعي مصر. ابن عبد الحكم, ويحيي بن عمر: إن عظم كمصر فلا باس بها بمسجدين. ابن القصار: وان كانت ذات جانبين كبغداد. اللخمي: إن كثروا وبعد من يصلي بأفنيته.

وعلى الثاني إن أقيمت ففيها الصحيحة ذات العتيق. قال مالك: قال بعضهم: أولهما صلاة, وعليه قال سند: لو صليتا بحديثين صحت المنفردة بإذن الإمام, وإلا فالسابقة إحراما, فان جهلت أعاد الكل ظهرا, فان احرما معا أعادوا جمعة واحدة, وعليه لا يجوز إحداثها بقربها بثلاثة أميال اتفاقا. وفي جوازه بأزيد منها, أو ببعدها بستة أميال, ثالثها: ببريد. للباجي عن زيد بن بشر ويحيى بن عمر وابن حبيب مع نقل الشيخ الأول والثالث. وقول ابن الحاج لكل قرية أن يجمعوا وان قربوا ولا نص في منعه قصور. وخطبتان: وفي فرضهما وسنتهما, ثالثهما: الأولى فقط, لابن القاسم وابن الماجشون مع رواية الثمانية. إن صلوا بلا خطبة أجزأت ورواية ابن حبيب, وقول ابن بشير لا نص في وجوب الثانية ونقل اللخمي لا تساعده الروايات يرد بنقل الباجي وابن الحارث عن ابن القاسم: إن لم يخطب في الثانية ما له بال أعادوا. والمعروف على وجوبهما شرطيتهما. وقول ابن الحاجب نفيها لا اعرفه, وأخذه من رواية الثمانية أجزأت أو قول ابن شاس. صرح القاضي أبو بكر بشرطيتهما بعيد. واقلها قال ابن القاسم: وروى القاضي مسماها لغة. ابن العربي: حمد وتصلية وتحذير وتبشير وقرآن. العارضة: إن اقتصر عليه أجزأ وفي أجزاء تحميده أو تسبيحة أو تهليلة قولا ابن عبد الحكم مع روايته, ومطرف وابن القاسم. وفي كون التكبيرة كذلك قولان لنص أبي عمر, وسياق المازري, وروى الباجي يعيد ما لم يصل. وعزو ابن شاس إجزاء ما قل لابن الماجشون, وقبوله ابن عبد السلام وعزوه نقله عنه لابن الجلاب وهم إنما نقله الباجي والمازري عن مطرف, والجلاب عن ابن

عبد الحكم. ويستحب بدؤها بالحمد وختمها بأستغفر الله لي ولكم. وقصر الثانية عن الأولى. وفي الطهارة لها طرق: القاضي والجلاب: مستحبة. ابن العربي: فرض. اللخمي: قولا مالك وسحنون. الصقلي والمازري: إن خطب دون وضوء في إعادته قولا محمد ومالك. سحنون: إن خطب جنبا أعاد أبدا. الشيخ: يريد ذاكرا. سحنون: إن ذكر جنابة انتظروا غسله وبني إن قرب, فأخذ المازري منه عدم وجوبها. قال: وحمله على استقلال ما يأتي به خطبة تعسف. ونقل ابن الحاجب فرض طهارتها دون شرطيتها, لا اعرفه, وأخذه من مجموع قولي سحنون تكلف ومناف لأخذ المازري عدم وجوبها من بنائه. وفيها: إن أحدث استخلف متمها. فأخذ عياض منها شرطها. وجلوس الخطيب قبلها بمحلها ليؤذن لها سنة, ونقل ابن الحاجب وجوبه, وقبوله ابن عبد السلام: لا اعرفه, وأخذه من قول الباجي: السنة أن يرقى المنبر إذا دخل ولا يركع؛ لأنه يشرع في فرض بعيد. وفي تعيينه اثر دخوله وجواز تأخره عن جلوسه مع الناس قولان لابن زرقون عن الباجي وابن حبيب. ويسلم حين دخوله وفي سلامه أثر جلوسه على المنبر, ثالثها: إن كان إذا دخل رقي المنبر أو وقف إلى جنبه سلم, وإن كان مع الناس يركع فلا لنقل ابن بشير, وسماع ابن القاسم إنكاره معها, والشيخ عن ابن حبيب, ولم يحك ابن بشير الثالث ولا الشيخ والباجي واللخمي الأول. خطبتيه سنة.

الباجي: اتفاقا. ابن القاسم: كجلوسه بين السجدتين. ابن العربي: فرض. وفي كون قيام الخطبة فرضا أو سنة طريقا الأكثر, وابن العربي. وفي شرط حضورها الجماعة طرق ابن القصار والقاضي, واللخمي لا نص وظاهر المذهب وجوبه. ابن رشد: قولان لها ولغيرها. الباجي: الوجوب نصها؛ لان فيها: لا يجمع إلا بالجماعة والإمام يخطب. وصوبه عياض من هذه الرواية, قال: ورواية شيوخنا والمختصرين إلا بالجماعة, والإمام بالخطبة, ورده المازري بمفهوم قوله فيها: في الإمام يخطب فيهرب عنه الناس إن لم يرجعوا ليصلي بهم الجمعة صلى أربعا. وظاهر المذهب إسرارها كعدمها وقول ابن هارون قالوا: لو أسرها حتى لم يسمعه احد أجزأت وأنصت لها لا اعرفه. وفي استحباب توكئه على عصا بيمينه خوف العبث مشهور روايتي ابن القاسم وشاذتهما, وفي أغناء القوس عنها مطلقًا أو بالسفر فقط رواية ابن وهب وابن زياد, ويستحب: كونه على منبر غربي المحراب. وروى ابن القاسم تخيير من لا يرقاه في قيامه يمينه أو شماله, ورجح ابن رشد يمينه لمن يمسك عصا بقرب المحراب وبيساره لتاركها ليضع يمينه على عود المنبر. وشرطها: وصل الصلاة بها ويسير الفصل عفو. المازري: أشار أشهب إلى وصلها بها وصل أولييي الرباعية بأخرييها. وإمامة خطيبها إلا لعجز أو حدث أو رعاف والماء بعيد فيستخلف. وفيها: من حضر الخطبة أولى. ولأشهب: إن قدم غيره ابتداؤها أحب إلي. وسمع: لا بأس به. فإن قرب ففي استخلافه وانتظاره قولا مالك وابن كنانة مع ابن أبي حازم.

ولو قدم وال بعزله قبل تمام صلاته ابتدأ الخطبة أو من يقدمه. ولو المعزول بعد تمام صلاته أن قدم فيها ولسحنون: أن بني القادم على خطبة المعزول أعادوا أبدا. المازري عن ابن حبيب وأشهب وابن حارث عنه: لا باس ببنائه. قلت: إنما هو في سماعه لمن استخلف لمرض أو حدث أو رعاف وإنما نقله ابن رشد عن الأخوين. قال: وحجتهم أن أبا عبيدة قدم وخالد يخطب فأمره أن يتم ضعيفة؛ لان أمره بتمام الخطبة والصلاة استخلاف, وباقي خطبته كاف عن تجديدها. قلت: قوله: أمره بالصلاة خلاف نقل الصقلي والمازري أن أبا عبيدة صلى بخطبة خالد, وقبلوا نقل ابن حبيب قدوم أبي عبيدة على خالد. ونقل عز الدين: وصل كتاب تولية أبي عبيدة وعزل خالد وهم صفوف للحرب فأسره حتى انقضت خوف الفشل, لكفاءة خالد بالحرب, وفي اكتفاء أبي الربيع عن الطبري: قدم شداد بن أوس بوفاة أبي بكر وولاية أبي عبيدة وعزل خالد والناس يقاتلون فكتم شداد الخبر حتى ظفر المسلمون. وعن ابن إسحق ورد كتاب أبي عبيدة قبل فتح دمشق فكتمه استحياء من خالد حتى فتحها. المازري: بناؤهما ذو الأصل على ثبوت حكم النسخ ببلوغه أو نزوله يرد بصحتها إن قدم في وقتها بعد صلاتها اتفاقا, وفي الجواب بذهاب وقتها بفعلها نظر. قلت: لبعض شيوخ عبد الحق: إن قدم قبل خروج وقتها بعدها بطلت ورده ابن رشد بمفهوم سماع عيسى ابن القاسم: إن تمادى الأول عالما بعزله بطلت. ويجب استماعها, والصمت لهما, وبينهما, وفي غير سامعهما ولو بخارج المسجد طرق: الأكثر كذلك. ابن حارث: اتفاقا. ابن العربي: في التكلم بين النزول من المنبر والصلاة روايتان. قلت فيتخرج التخطي لفرحة حينئذ عليهما. ابن زرقون عن ابن نافع: لا باس بكلام من لم يسمعها بخبر, أو حاجة.

وفيها: ولا يجب بعدهما قبل الصلاة. وسمع ابن القاسم: بلغني أن عبد الله بن رواحه سمعه صلى الله عليه وسلم يقول على المنبر: ((اجلسوا)) , وهو مقبل للجمعة فجلس بالطريق. ابن رشد: فيه استحباب الإنصات بالطريق حيث يسمع كلام الإمام, وقال الإخوان: إنما يجب بدخول المسجد, وقيل: بدخول رحابه التي تصلى بها الجمعة من ضيقه. قلت: هذا يدل على أن رحاب المسجد خارجة عنه, وقد تقدم أنها ما يحوزها غلقه. ابن العربي: في المتكلم بين النزول من المنبر, والصلاة روايتان. قلت: فيتخرج التخطي لفرجة حينئذ عليهما. ولا يجب لقراءة كتاب ليس منها. وفي وجوبه حين سبه, أو مدحه المحرم قولا مالك وابن حبيب, وصوب اللخمي التكلم حين سبه. ابن العربي: رأيت زهاد بغداد والكوفة إذا دعي لأهل الدنيا صلوا, وتكلموا, وبعض الخطباء يكذب حينئذ فالشغل عنهم بطاعة واجب. ولا يسلم, ولا يرد, ولا يشرب ماء, ولا يشمت: وفي حمد العاطس في نفسه, أو سرا قولا مالك وابن حبيب. ابن حارث: وفي خفيف الذكر سرا في نفسه, ومنعه قولا ابن القاسم, وابن عبد الحكم قائلا: معاذ الله أن يحرك لسانه يكفيه الضمير, ولا يحرك حصباء, ولا مصوتا كجديد ثوب, وروى: لا باس ينهي لاغ بتسبيح خفيف, أو إشارة, ونقل الباجي الإشارة عن عيسى, وقال: مقتضى المذهب منعه.

وسمع ابن القاسم: لا يحصب احد لاغيا. ابن رشد: في الموطأ حصب ابن عمر متحدثين؛ فهو واسع. والتهليل, والاستغفار, والدعاء, والتعوذ, والصلاة عليه صلى الله عليه وسلم لأسبابها جائز, وفي جهره قولا ابن شعبان مع ابن حبيب, ومالك. وفيها: جواز أمر الخطيب, ونهيه, وجواب من كلمه. ابن رشد: اتفاقا, والاحتباء, وروى ابن نافع: جواز مد رجليه. وابن حبيب: وجوب استقبال الخطيب من بالمسجد, وخارجه, وان لم يسمعه, ولم يره, وجوز التفات مستقبله يمينا, وشمالا, وان استدبر القبلة. وفيها: حين يخطب يجب استقباله, وأسقطه اللخمي عمن بالصف الأول, فجعله بعض من لقيت خلاف المذهب. ويمنع جلوسه لها التخطي لفرجة, والنفل, ولو نحته ابن بشير: اتفاقا, وفي منعه بخروجه لها نقل الباجي عنها, وعنه في المختصر, وفي قطعه لمن افتتحه حين المنع لدخوله حينئذ روايتا ابن شعبان, وابن وهب مع سحنون قائلا: ولو شرع في الخطبة. ابن رشد: لو افتتحه حينئذ من كان بالمسجد قطع اتفاقا. وفي تخفيف من خرج عليه فيه, واستمراره قولان. للمازري عن رواية ابن شعبان: يتم قراءته بالفاتحة فقط مع سماع ابن القاسم: إن كان في التشهد سلم ولم يدع, وقول ابن حبيب: يطيل في دعائه ما أحب, مع ابن رشد عن رواية ابن وهب: يدعو مادام الأذان. والمازري عن رواية ابن عبدوس: واسع إتمامه في آخر ركعة ما بقي عليه من الآيات. وجوز السيوري التحية, ولو في الخطبة, وقول ابن شاس: رواه محمد بن الحسن عن مالك لا اعرفه. ويجب إتباعها. المحرم الاشتغال بغيره بأذان جلوس الإمام على المنبر على مدركها به, وغيره بأقل إدراكه.

وخرج الباجي وجوب سعيه بحيث يدرك الخطبة, على وجوب شهودها, لا على شرطها بحضورهم. وفي كونه مؤذنا, أو ثلاثة نقلا أبي عمر عن روايتي ابن عبد الحكم, وابن القاسم. المازري: ولتعلق الوجوب به جعله ابن عبد الحكم واجبًا. ابن العربي: كان يؤذن حين جلوسه صلى الله عليه وسلم واحد, ثم يقيم آخر, ثم زاد عثمان ثالثا بالزوراء قبل جلوسه, ثم قلب الناس الأذان فهو بالمشرق كبقرطبة, وأما بالمغرب فثلاثة لجهل مفتيهم, سمعوا أنها ثلاثة فجهلوا أن الإقامة منها. قلت: يرده نقل ابن حبيب: كان إذا رقى صلى الله عليه وسلم المنبر للزوال أذن ثلاثة مترتبة بالمنار, واستمر؛ فلما كثر الناس أمر عثمان بأذان للزوال بالزوراء فإذا خرج أذن الثلاثة, ثم نقل هشام أذان الزوراء للمنار, والثلاثة بين يديه. ونقل ابن الحاجب كون أذان الجلوس مرتين, وقبوله ابن عبد السلام- لا أعرفه. ابن رشد: الأذان بين يديه بدعة مكروهة, سمع ابن القاسم: نهيه. وفي المجموعة: إنما أحدثه هشام. أبو عمر: قول بعض أصحابنا: لم يكن بين يديه صلى الله عليه وسلم, وإنما أحدثه هشام؛ قول من قل علمه بذلك؛ لنص ابن إسحاق عن الزهري عن السائب قال: كان يؤذن بين يديه صلى الله عليه وسلم, ويدي أبي بكر, وعمر. قلت: ابن إسحاق مختلف فيه, جرحه أئمة, ورماه مالك بالكذب, وقال: ونحن نفيناه من المدينة. ويستحب التبكير بعد الزوال, وفي كونه كذلك بعد طلوع الشمس, وكراهته قولا ابن حبيب, ومالك. وفي فسخ بيع من تلزمه حين وجوبه, ولو ممن لا تلزمه, ثالثها: إن كان معتادًا له. لها, ولرواية علي, وأبي زيد عن ابن الماجشون. وعلى المنع إن فات ففي وجوب الثمن, أو القيمة حين القبض, ثالثها: بعد الصلاة. للصقلي عن ابن عبدوس مع سحنون والمغيرة, وابن القاسم, وأشهب, فقيده

الصقلي بقبضه بعد الصلاة, قال: ولو قبضه قبلها فقيمته حينئذ. وفي حلية الربح, وصدقته, ثالثها: يكره لمالك, وابن القاسم, واصبغ مع روايته عنه: يتصدق به أحب إلي. ابن رشد: لو قال: يرد لبائعه, ويتصدق به عنه إن فقد كان وجها. الصقلي: جوز حينئذ ابن القاسم الهبة, والصدقة, والنكاح, وفسخه اصبغ بعد البناء بالمسمى؛ فخرجهما عليه القاضي, وفرق الصقلي بقوة شبهة البيع دونهما. المازري: في لحوق العتق بالهبة في المنع نظر لحرمته. ابن عبد الحكم: والإقالة, والشركة, والشفعة كالبيع؟. الجلاب: والإجارة. ونقل القرافي فيها خلافا لا اعرفه, والذي في سماع عيسى: سألته عن النكاح يعقد حينئذ قال: لا يفسخ, وهو جائز, فظاهره بعد الوقوع. وخرج أبو عمران عليه بيع مؤخر الظهر, والعصر لخمس ركعات, وقاله إسماعيل, وأباه سحنون. وفرق القاضي بقوة الجمعة لعدم قبولها القضاء, وجوز الشيخ لمحدث حينئذ لم يجد ماء إلا بثمن شراءه. وسمع ابن القاسم رفع الأسواق حينئذ. ابن رشد: منع تبايع من لا تجب عليهم بها ويجوز لهم بغيرها. لخوف على نفس, أو مال. ابن شعبان: أو يمين بيعة لظالم, أو عجز مرض, أو عمى ولا قائد, أو تمريض أب, أو زوج, أو ولد, أو ضائع. وفيه عن الجذمي لضر الناس قولا سحنون, وابن حبيب مع مطرف قائلين: يمنعون مخالطة الناس بالمسجد في غيرها. المازري: إن امتازوا ببعض فناء المسجد لضيقه وجبت. وفيه بشديد المطر روايتان. مالك: لا بشديد مرض صاحب. وسمع ابن القاسم: سقوطها لشأن ميت من إخوانه, ابن رشد: إن خاف ضياعه, وتغيره.

وروى ابن نافع: لا بجنازة بعض أهله, سحنون: إلا أن يخاف تغيره. وللباجي عن ابن حبيب: ولغسل ميت عنده. ولخوف حبس لدين قولا ابن رشد مع اللخمي وسحنون, مع رواية ابن شعبان, وسمع ابن القاسم: لا أحب تركها خوف غر مائه, ابن رشد: يريد خوف بيع ماله عاجلا, ويرجو وفره بتأخيره لما يخر له. بعض العلماء: ولو خاف سجنه الحاكم في غير موضع السجن, أو ضربه سقطت اتفاقا. والنص لا يسقط عن عروس, وقول الباجي: اختلف فيه, وفي المجذوم, وذي المطر الشديد ظاهره في المذهب, والأكثر عن سحنون: قال بعض الناس. ابن بشير: حمل المتأخرون حكاية سحنون على المذهب, وجهل ابن رشد قائله, وخرجه اللخمي على أنها فرض كفاية, وقبله المازري, ورده ابن بشر بنفيه عن المذهب لظنه أن التخلف للمذهب, ولذا قال: المشهور لا يتخلف, ونقل اللخمي كالأكثر. وفيه بشهود من بخارج مصرها عيد يومها روايتا ابن وهب مع القرينين, والمدونة. ابن حارث: أنكر الثلاثة رواية ابن القاسم. وفي كراهة سفر من تجب عليه يومها قبل زوالها روايتا ابن القاسم, وابن زياد مع ابن وهب. وفي حرمته, وكراهته بعد الزوال قبل النداء قولا المعروف, وظاهر رواية المختصر مع رواية اللخمي: لا يخرج فجعله استحسانا. ابن رشد: يحرم اتفاقا. ورد رواية المختصر لاحتمالها للسفر قبل الزوال. وفي كون سفر من يجب سعيه قبل الزوال لبعده كغيره قبل الزوال, أو بعده قولا المتأخرين. وفي لزومها لمن سافر قبل وقت المنع فأدركه قبل ثلاثة أميال قولا الباجي,

وابن بشير. وفي بطلان ظهر مسافر أدركها بوطنه, ثالثها: إن صلى ظهره ببعد ثلاثة أميال عنها لابن القاسم مع مالك, وأشهب قائلا: إن صلاه فذا فله أن يجمع, وإلا فلا, وسحنون. المازري عن الباجي: إن علم إدراك جمعة وطنه لم يجزئه ظهر قبلها. وفيها: من أقام بمكة أربعا فحبسه كريه يوم التروية حتى جمع الناس لزمته الجمعة. ابن عبد الحكم: يلحق إمامه ليدركها معه, وان دخل وقتها فبطريقه. اللخمي: بناء على رعي إقامته, أو سنة الحاج. ولو صلى من تلزمه ظهرا لوقت سعي إدراكها ففي إعادته بعد فوتها قولا المشهور, وابن نافع مع ابن وهب, فخرجهما المازري على تعلق الوجوب بالجمعة, ويقضي ظهرا, أو الظهر ويسقط بها, ويرد بامتناع قصور تعلق الوجوب بالظهر للإجماع على منعه, ولا شئ من الممنوع بواجب, وخرج اللخمي الشاذ برعي عدم فرضها عينا. ولو صلاها قبل إمامه لوقت لو سعى لم يدركها صحت. ابن رشد: اتفاقا. الشيخ عن المغيرة: لو صلى ظهرا لظنه ذلك فأدركها فصلاها فذكر انه احدث قبلها أعادها ظهرا. وروى المازري: للمريض صلاة ظهره وقت الجمعة. ابن شاس: راجي زوال عذره يؤخر لفوتها, وتلزم مدركها بعد زوال عذره, ولو صلى كالبلوغ. ابن رشد: إن برئ مريض, أو عتق عبد لإدراك ركعة منها بعد صلاتهما ظهرا ففي لزومها إياهما قولان من قولي ابن القاسم, وسحنون مع أشهب في المسافر. قلت: للشيخ عن أشهب: لو أدرك منها ركعة ذو رق صلى ظهرا فعتق فهي فرضه, وإلا أجزأته ظهره, وله عن ابن حبيب: لو صلاها صبي ثم احتلم لخمس ركعات أعادها ظهرا.

ونقل ابن الحاجب عدم إعادتها لزوال العذر نصا, وقبوله ابن عبد السلام لا اعرفه. ولمن لم تجب عليه غير مسافر صلاة ظهره قبل إقامتها. الشيخ عن أشهب: إن صلى عبد أو امرأة ظهره فذا صلاتها, والله اعلم آيتهما صلاته, وان صلاة جماعة لم أحبها له. ابن رشد: من لم تجب عليه: المرضى, والمسافرون, وأهل السجن المعروف جمعهم, وشذ ابن القاسم مرة فمنعه. وفي جمع ذوي عذر التخلف قولا أشهب مع ابن وهب وروايتهما وابن القاسم, مع سماعه في تخلفهم للبيعة. بناء على أن منع جمع تاركها ليحافظوا عليها, أو خوف تطرق المبتدعة, وله: في عذر المطر الغالب يجمعون. ومن فاتته: المشهور: لا يجمعون, وللقرينين, ومالك: يجمعون. الشيخ عن سحنون: يجمع الجذمى ظهرهم بإقامة دون أذان. ابن رشد: وعلى المنع في الكل لو جمعوا لم يعيدوا. وتاركوها لا يجمعون, وفي إعادتهم إن جمعوا روايتا يحيي, وابن عبدوس عن ابن القاسم, وقال اصبغ, وصوبه ابن رشد قائلا: قد قيل يجمعون, والخلاف في إعادتهم على الخلاف فيمن وجب عليه أن يصلي فذا فصلى بإمام فعليه لا يعيد الإمام. قلت: إنما الخلاف فيمن وجب عليه أن يصلي فذا فصلى في جماعة, وعلى هذا الإمام كالمأموم. وان ذكر بعد سلام إمامه مدرك ركعة سجدة سجدها, وفي تمامها جمعة, أو ظهرا, ثالثها: ويعيد ظهرا, ورابعها: نفلا لأشهب, وابن القاسم, ومحمد مع اصبغ, وتخريج ابن رشد على منع محرم على قصر إتمامه خلف متم. فلو قضى, وذكرها من أحداهما ففي إتيانه بركعة, أو سجدة فقط, ثالثها: بهما. لأشهب, ومحمد مع ابن عبد الحكم وعبد الملك, وابن القاسم قائلين: ويسجد بعد, ويعيدها ظهرا. ولو ذكرها من التي أدرك فقال اصبغ: يشفعها بركعة, ويعيدها ظهراً.

محمد: لا يعجبنا بل يبني عليها ثلاث ركعات ظهرا بخلاف سفري أدرك ركعة حضري فذكر جدة منها بعد قضائه ركعة يسلم, ويبتدئ صلاة سفر, ولا يبني على إحرامه للحضر. والجمعة,. والظهر حضر لقوله: في ظان الخميس جمعة. وفيها: من أدرك جلوسا أتمها ظهرا. ابن رشد: اتفاقا؛ لأنه بنية الظهر يحرم. قلت: هذا اصح من قول بعض شيوخ شيوخنا: يحرم بنية الجمعة لموافقة نية إمامه. ابن رشد: لو احرم اثر رفع الإمام من الركوع ظانا انه في الأولى فبان انه في الثانية, فروى محمد: يلني على إحرامه أربعا, واستحب أن يجدد إحراما بعد سلام الإمام من غير قطع. وعلى قول أشهب, ورواية ابن وهب في عدم بناء الراعف على إحرام الجمعة: لا يبني هذا. الشيخ عن محمد: ولو ذكر مسبوق استخلف بعد قضائه قبل سلامه سجدة من ذات الاستخلاف فلا جمعة له, ولو سجدها القوم فان أسقطوها سجدوها الآن, وتشهدوا, وصلى ركعة وحده, وسلم بهم وسجد بهم للسهو, وأعاد ظهرا, وينبغي أن يبني على ركعة قضائه ثلاثا ظهرا, ويقدم القوم من يسجد بهم, ويتشهد, ويسلم, وتتم جمعتهم. ولو شك في كونها منها, أو من ركعة قضائه فحكمه كذلك, والقوم إن شكوا سجدوا كما تقدم, وإلا فلا, وقال سحنون: يسجد فيتشهد فيأتي بركعة جهرا, ويسجد بعد فتتم جمعته إن كانت مما استخلف عليها بطلت, وصارت ركعة القضاء المستخلف عليها, وان كانت من القضاء فالمحتاط بها زيادة فان علم القوم سلامة ما صلى بهم تمت جمعتهم, ولا يسجدوا للسهو؛ لأنه في القضاء, وان علموا أنها منه لم يتبعوه؛ لأنه حال دونها ركعة القضاء فإذا فرغ صلوا ركعة جهرا, وسجدوا بعد. محمد: ولو ذكرها بعد قضائه مما استخلف عليها, وذكر القوم سجدة من الأولى

بطلت عليه, وعليهم, ولم يجز لهم إن يقدموا من يسجد بهم تمام ركعة الاستخلاف؛ لأنه كان عليهم اتباعه في ركعة القضاء, ويقضون الأولى أفذاذا, ويسجدون, ويعيدون الجمعة, وتجزئهم الخطبة الأولى ما لم تبعد, ولو أدركه القوم قبل رفعه من ركعة القضاء سجد بهم, وبنوا على ركعة جمعة, ولو ذكرها القوم من أولاهم بعد قضاء المستخلف, وكمال ركعة استخلافه تمت جمعته, وسجد بعد, وصلوا بعده ركعة أفذاذا, وسجدوا بعد. والغسل لها مطلوب, وصفته, وماؤه كالجنابة. وجوزه ابن شعبان بماء الورد, وعزاه ابن العربي لأصحابنا, والمعروف انه سنة لآتيها, ولو لم تلزمه, وروى أشهب: مستحب. الأبهري: لبعض أصحاب مالك: سنة مؤكدة لا يجوز تركها دون عذر فانفرد اللخمي بالوجوب منه, ورده المازري بتأثيم تارك السنن, وقول ابن عبد السلام: أطلق في المدونة عليه الوجوب اغترار بلفظ التهذيب إنما هو فيها بلفظ حديث. ومن دخل المسجد ناسيه خرج له إن علم إدراكها. ولا يجزئ قبل الفجر, والمشهور شرط وصله برواحها, ويسير الفصل عفو. ولابن وهب, وسماع أبي قرة: إن اغتسل بعد الفجر أجزأه رواحه به, فاخذ اللخمي, والمازري, وابن رشد منه عدم شرطه, وحمله الصقلي على انه وصله. الجلاب: إن وصل به أول نهاره أجزأ. اللخمي: إن اغتسل في الفجر ففي بطلانه, ولو راح بعد الزوال, ة ثالثها: إن صلى به صبحه, وأقام بالمسجد حتى الجمعة لم يعجبني. لابن القاسم, وابن وهب, ومالك. وروى ابن نافع: أحب لآتيها من ثمانية أميال إعادة غسلها, ومن خمسة عشر واغتسل قبل الفجر ليجزئه, ولا يجزئ قبل الفجر. ويستحب التطيب لها والزينة: قال ابن حبيب: وقص شاربه, وظفره, وسواكه, ونتف إبطه, واستحداده إن احتاج. وفيها: تستحب قراءاتها بـ {الجمعة} , ثم بـ {هل أتاك}.

وروي: أو بـ {سبح} , وهم الآن بـ {المنفقين}. وأول وقتها كالظهر, وخطبتها قبله لغو. المازري: ونقل بعض الخلافيين عن مالك صحتها قبله وهم. وآخره؛ اللخمي عن ابن الماجشون, والمازري عن ابن القاسم: ما لم يدخل العصر. وعليه قال ابن القصار: يدركها بركعة قبله, وعزاء ابن رشد للابهري قائلا: بسجدتيها, وإلا أتمها ظهرا. أبو عمر عن ابن الماجشون: إن زاد ظل المثل قبل سلامها أتمها ظهرا. الباجي: وقاله ابن عبد الحكم, واصبغ. اللخمي: وقيل: ما لم تصفر. ونحوه للمازري عن اصبغ. سحنون: ما لم تبق أربع ركعات للغروب. ابن رشد: وهو سماع عيسى ابن القاسم, وظاهر قولهما: وان كان لا يدرك بعض العصر إلا بعد الغروب, وفيها: ما لم تبق ركعة. وفي اعتبار قدر الركعات بالوسط, أو بمعتاده نقلا المازري عن بعض أصحابنا, وغيره منا, وروى مطرف. أبو عمر, وابن القاسم: الغروب. ابن رشد: هو بعض رواياتها. أبو عمر عن ابن القاسم: إن صلى ركعة فغربت أتمها. وفيها: إن استنكروا تأخير إمامها جمعوا وسنه إن قدروا, وإلا صلوا ظهرا, وتنفلوا معه. اللخمي: المستنكر خروج وقتها, ولا يتنفل بها معه إلا خائف. المازري عن بعضهم: إن اعتاد ذلك صلوا ظهرا ربع القامة. ابن حبيب: خائف صلاتها ظهرا قائما يومئ كخوف عدو. والرواية: كراهة ترك العمر يوم الجمعة كاهل الكتاب. الشيخ عن ابن حبيب: ليس من السنة رفع الأيدي بالدعاء عقب الخطبة إلا

لخوف عدو, أو قحط, أو أمر ينوب فلا باس بأمر الإلمام لهم بذلك, ولا باس أن يؤمنوا على دعائه, ولا يعلنوا جدا. [صلاة الخوف] صلاة الخوف حين قتال العدو بقدر الطاقة دون ترك ما يحتاج له من قول, وفعل إن دهمهم فيها, وإلا فلا. ابن حبيب, ومحمد: كذلك آخر وقتها. محمد: وكذا بالبحر. وفيها, وفي الجلاب: لا إعادة إن آمنوا في الوقت, وتقدم قول المغيرة. قلت: دليل نفي الإعادة في الوقت تقديمها عن آخره, والأظهر كالتيمم فلو أمنوا بانهزامه, وطلبه أثخن, فلابن عبد الحكم: يتمونها أمنا, ابن حبيب: مخيرون. ورواه. وقول ابن شاس: ثالثها: إن أمنوا كرته لا اعرفه إلا لابن بشير تقريرا, لكون القولين خلافا في حال. ابن سحنون: خوف السبع مثله. ابن حبيب: وخوف اللصوص, وحين خوفه يصلي الإمام بأذان, وإقامة. وفي صفتها: خمسة, المشهور: بطائفتين. محمد: توسعة, ورخصة, ولو صلوا بإمام واحد, أو بعضهم بإمام وبعضهم فذا أجزأتهم. اللخمي: مقتضاه جواز صلاتها بإمامين إذ لو كان علة اجتماعهم على إمام واحد عدم الخلاف على الأئمة ما جاز صلاة بعضهم فذا. المازري: يفرق بان جمع طائفة أخرى بإمام أثقل على الإمام الأول من صلاة بعضهم فذا, قال: وتعليل بعضهم صفتها بمصلحة الاجتماع على إمام واحد خلاف تخريج اللخمي إلا أن يريد المعلل تعليل جواز الصفة لا استحبابها. الشيخ عن أشهب: إن كان عدوهم قبلتهم, وأمكن صلاتهم جميعا فلا يعدل عن صلاة الخوف طائفتين خوف أن يفتنهم العدو فيصلي بالأولى شطر غير المغرب, وركعتيها فتتم صلاتها أفذاذا, والأخرى تحرس, ورجع لانتظار الإمام حينئذ الثانية قائما عن انتظاره جالساً.

الشيخ عن ابن حبيب: وبه أخذ ابن القاسم مع الأخوين, واصبغ, وبالأول ابن عبد الحكم, وابن كنانة, وابن وهب, الشيخ عن محمد: إنما قال ابن وهب بالثاني فعلى الأول. قال الباجي: إن شاء دعا, أو سكت, وعلى الثاني في قراءته, ثالثهما: إن كانت بأم القرآن, وسورة لنقل اللخمي, وله عن ابن سحنون مع أشهب, والشيخ عن ابن حبيب مع الباجي عنه بزيادة: بحيث تدرك الثانية بعض قراءته, وعلى الثاني, قال: إن شاء دعا, أو سكت. اللخمي عن أشهب: تنصرف الأولى له قبل تمامها, ويصلي بالثانية ما بقى, وتقضي فتنصرف له, وتأتي الأولى لتقضي, قال: وحمل ابن حبيب عليه في هذه الصفة: وتقضي الطائفتان معا. ليس كذلك. المازري: نقل بعض البغداديين عنه: تنصرف الثانية له قبل قضائها لتأتي الأولى للقضاء, ثم تقضي الثانية. لا يعرف له. أبو عمر: عن بعض أصحابنا تحرم الطائفتان معا, وتركعان معا, ولا يختلفان إلا في السجود على حديث ابن عياش الزرقي. واستحسنه اللخمي لحديث مسلم, وفيه- بعد ركوع الصفين-: ((... ثم سجد, وسجد الصف الذي يليه خاصة, ثم قام هو والصف الذي سجد, وسجد الصف المؤخر, وقاموا, وتقدم الصف المؤخر, وتأخر المقدم, ثم بعد ركوعهما سجد المقدم, ثم المؤخر, ثم سلم بهم)). والمشهور: الحضر كالسفر, وخصها ابن الماجشون به. وظن موجبها كعلمه, ولو ظهر كذبه فلا إعادة, واستحبها محمد. وسمع سحنون ابن القاسم: لو زال الخوف بعد صلاته بالأولى أتمها بهم, ولا أحب ائتمام الثانية به, ويؤمهم غيره أحب إلي, ثم قال: أحب إلي أن يأتموا به. ابن رشد: لا وجه للأول. ولو صلى غير الثنائية بكل طائفة ركعة ففي بطلانها للكل, وصحتها للثانية, والأخيرة, ثالثها: للأخيرة فقط. لسحنون, وابن حبيب, وتخريج ابن رشد على وجوب

تأخير قضاء من فاتته ركعة عن سلام الإمام. وسجود الأولى لسهو إمامها معهم على سنته معجلًا قبله, والثانية على تعجيل سلامه كمسبوق, وإلا فبعد قضائها معه, ورجع سحنون فيمن فاتته من الأولى ركعة عن قضائه حين انتظار الإمام لقول ابن القاسم بتأخيره بعد سلامه. ولو كانت من المغرب ففي صلاته, ثالثها: ويؤخر قضاءه لبعد سلام الإمام, وتأخيرهما معًا, وتعجيلهما قبله, رابعها: يدخل بثالثته مع الثانية, ثم يقضي. لابن لبابة, مع سماع سحنون ابن القاسم, ونقل ابن رشد مع تخريجه على تقديم القضاء على البناء, وأحد قولي سحنون, وصوبه, ونقله, وضعفه بأنه من الطائفة الأولى فيجب أداؤه الثالثة فذا فأداها جماعة. قلت: قال الصقلي: إليه رجع سحنون. وسمع سحنون ابن القاسم: لو ذكر آخر الثنائية إمامها من إحدى ركعتيه سجدة سجدها, والثانية معه فصارت الأولى, ويصلي ركعة بالأولى, وسجد بعد سلامه قبل قضائها. ابن رشد: إن أيقنت الثانية سلامه ركعتها لم تسجد معه قاله ابن القاسم فصارت هي الطائفة الأولى, ولا تعيد اتفاقًا. وقال ابن عبدوس: إن شكت فكذلك, وتعيد لاحتمال كونها من الثانية فلا تزال الطائفة الثانية ثانية فقد سلمت قبل إمامها, وإن أيقنت الأولى سلامة ركعتها تمت صلاتهما, وقضى الإمام وحده رمعة قبل قيام التي معه لركعتها, وسلم بهم. الشيخ عن المجموعة, وكتاب ابن سحنون, ونحوه في العتبية: لو ذكر في قيامه ينتظر إتمام الأولى سجدة من الأولى, سجدها, والقوم إن شكوا, وأعادوا الثانية كمقتضي قبل سلام الإمام, ولو أيقنوا سلامتها سلموا, وانصرفوا, ولو ذكرها بعد الركعة الثانية, وشك في محلها سجدها, والطائفة الثانية إن شكوا, وتشهدوا معه, وقام, وصاروا الطائفة الأولى. ابن عبدوس: ويعيدون لاحتمال كونها من الثانية فيصيرون سلموا قبل إمامهم, وإن أيقنوا سلامة ما صلوا معه لم يسجدوا, وصاروا الطائفة الأولى, فإن شك الأولون

صلوا معه ركعة الاحتياط, وصاروا الثانية, وسجدوا بعد, ولا يأتم به غيرهم فيها لاحتمال سقوطها عنه, وأما هو، والأولون فقد صحت لهم إحدى الصلاتين. ولو ذكرها في تشهد المغرب الأول, وشك في محلها سجدها بهم, وصلى بهم ثانية, وأتموا, وسجدوا بعد, ويصلي بالثانية ركعة للاحتياط ويقضون ركعتين, ويعيدون لاحتمال سقوط ركعة احتياطه. ابن عبدوس: وتعيد الأولى صلاتها، لاحتمال كون السجدة من الثانية, فصلى بهم ثلاث ركعات فخرجوا عن سنة صلاة الخوف, ولو أيقنوا سلامة الركعتين لم يتبعوه في السجدة ولا الركعة فإذا قام الإمام أتمو صلاتهم وسجدوا بعد, ولو شك في محلها بعد ذهاب الأولى سجدها بالثانية, وتشهد بهم صلى بهم ركعة وتشهد, ابن سحنون عنه: وصلوا ركعتين أولاهما بأم القرآن وسورة. ابن عبدوس عنه: كلاهما بهما ويعيدون لاحتمال كونهم طائفة ثانية سلموا قبل إمامهم, قالا عنه: والأولون إن أيقنوا سقوطها أو شكوا صلوا معه ركعة الاحتياط وأعادوا صلاتهم دونه لإحتمال كونها من الثانية فتبطل صلاتهم أولا لسقوطها, وثانيًا لائتمامهم به في رابعة هي له نفل ولو تيقنوها من الأولى صحت صلاتهم ثانيًا, ولو شك في تشهده الأخير في محلها سجدها بالأخيرين وصلوا في قيامه ليأتي بركعته احتياطه ركعتين. ابن سحنون عنه: كلاهما بأم القرآن وسورة، قالا عنه: وسجدوا قبل. ابن عبدوس عنه: وأعادوا لاحتمال كونهم الأخيرين سلموا قبل إمامهم, قالا: والأولون إن شكوا صلوا معه ركعة الاحتياط, فصاروا أخيرين, وقضوا ركعتين بأم القرآن, وسورة, ثم سجد بهم، ثم سلم على حديث يزيد بن رومان، وعلى حديث القاسم: يسجد بهم, ثم يسلم, ثم يقضون, ولا يعيدون صلاتهم بخلاف المسألة الأولى لأن ركعة احتياطه في هذه إن كانت نافلة صحت صلاتهم أولًا. الشيخ عن ابن عبدوس, وابن سحنون عنه: لو أحدث بعد ركعة من غير الثنائية, أو إثرها منها قبل قيامه استخلف, وبعد قيامه لا يستخلف لخروجهم عن إمامته إذا لو تعمد حدثُا, أو كلامًا لم يضرهم.

صلاة العيدين روى ابن عبد الحكم: سنة لأهل الآفاق ينزلها من ثلاثة أميال, زاد في سماع أشهب: الجمعة. ابن العربي: لا يقاتل أهل بلد على تركها. قول ابن عبد السلام: اختار بعض الأندلسيين أنها فرض كفاية- لا أعرفه إلا لنقل المازري عن بعض الشافعية. وقول ابن بشير: لا يبعد كونها فرض كفاية لأنها إظهار لأبهة الإسلام. وقول ابن حارث عن ابن حبيب: هي واجبة على كل من عقل الصلاة من النساء, والعبيد, والمسافرين إلا أنه لا خطبة عليهم. ظاهر في وجوبها, ولاإجماع يمنعه إذ هو قول الحنفي إلا أنه مناقض لقوله أول الباب. واتفقوا على أنها لا تجب على النساء ولا على أهل القرى البعيدة عن الحواضر. الشيخ: روى ابن عبد الحكم: يستحب المشي لها. ابن محرز عن ابن وهب: لا بأس لمن بعد أن يركب. وسمع القرينان: إنما يجمعها من تلزمه الجمعة. ابن عبدوس: روى ابن القاسم يصليها أهل قرية بها عشرون رجلًا. أشهب: استحبها لهم لا الجمعة. عياض: في لزومها من لا تلزمه الجمعة من صغار القرى رواية المجموعة, ورواية ابن نافع مع العتبية, وهما فيها. وروي ابن حبيب: تلزم كل مسلم, والنساء, والعبيد, والمسافرين, ومن عقل الصلاة من الصبيان. وعزاه للأخوين. وسمع ابن القاسم: لا يعجبني السفر بعد فجر يوم العيد قبل صلاته إلا لعذر. ابن رشد: ولو طلعت الشمس حرم سفره. وفيها: قلت لمالك: أيؤمر العبيد, والنساء بالخروج لها؟ وهل تجب عليهم كما تجب على أحرار الرجال؟ قال: لا، ومن حضرها منهم لم ينصرف لعمل بيته وسيده إلا بانصراف الإمام.

اللخمي: ومن ليست عليه؛ في صلاته إياها, ومنعه, ثالثها: جماعة لا فذًا, لقولها: إن لم يشهدها النساء استحببته لهن لا يصلينها إلا لا أفذاذًا لا يؤمهن أحد. فعليه يصليها المسافرون, وأهل صغار القرى جماعة, أو أفذاذًا, وقول ابن شعبان: لا يصليها من ليست عليه, مع رواية إسماعيل: لا يصليها الإمام المسافر, وما رأيت من فعله, وسماع عيسى ابن القاسم: إن شاء من لا جمعة عليهم صلوها بإمام, وإن خطبوا فحسن. عياض: الثالث وإن قبله المازري وهم, أو تغير من النقلة, والمتوجه ضده لقوله فيها: لا يؤم النساء فيها أحد, ويصلينها أفذاذًا, ولقوله حين ذكره روايتي المبسوط, وابن شعبان: على هذين القولين لا يتطوعوا بها جماعة. قلت: فلا يتم أخذ الأول من المدونة. ابن حبيب: إن شاء أهل قرية لم تجب عليهم صلوها أفذاذًا, أو جماعة بارزين, أو غير بارزين. أشهب: لا يجمعها من لم يحج بمنى، ولا بأس إن صلاها فذًا. قلت: هذا دليل لعياض فتحصل الأقوال أربعة. الباجي: في جمعها من فاتته قولان لابن حبيب: لا بأس أم يجمعها من فاتته بمن بقي من أهله, وقولها: لا يجمعها بمن لم يشهدها من النساء أحد. قلت: كذا هي في المدونة فقول أبي سعيد: لا تؤمهن واحدة منهن, موهم مفهومًا نص على نفيه. وهي ركعتان بلا أذان ولا إقامة يكبر في قيام الأولى قبل قراءتها سبعًا بالإحرام, وفي الثانية خمسًا مع القيام يمها قدر تكبير مأمومه. ابن حبيب: دون دعاء. الشيخ عن محمد عن أشهب: إن زاد إمام على سبع, أو خمس لم يتبع. وفيها: إنما يرفع يديه لتكبيرة الإحرام, وروي ابن كنانة، ومطرف: استحب رفعهما في كل تكبيرة فيهما, وروى على لاتخييره. ابن حبيب: من لم يسمع تكبير إمامه تحراه, ويتلافاه قبل ركوعه, ويعيد القراءة. ونقل ابن بشير: لا يعيدها لا أعرفه إلا رواية على: لا يعيد السورة مقدمها على

الفاتحة بعدها, وفيها: يعيدها, ويسجد, ونوقضت بقولها: من قدم السورة على الفاتحة أعادها, ولا يسجد. ورد ابن بشير فرق بعضهم بأنه قدم فيها قرآنًا على قرآن, وفي الأولى قرآنًا على غيره بأن السجود للزيادة, وهي فيهما قرآن, وجعلهما قولين. ويفوت برفعه, وفيها: وانحنائه. وخرج ابن بشير تفويته بانعقاده بالرفع, ويضعف لنفيه قائلة هنا, ولذا قال الصقلي: وضع يديه عقد في هذه, وذكر السجود القبلي في فرض, أو نفل, وسجود التلاوة في نفل, والسورة. ابن حبيب: ويسجد لسهو شيء منه. والمسبوق به سمع ابن القاسم, وروي هو, وابن كنانة, ومطرف: يكبره قبل الركوع. ابن حارث عن أصبغ, وابن عبد الحكم, وابن وهب, وابن الماجشون: لا يكبر إلا تكبيرة واحدة. وسمع عيسى ابن القاسم: إن كان في الثانية كبر خمسًا, وفي القضاء سبعًا, وعنه أيضًا ستًا. ابن حبيب: ستا فيها, وفي القضاء, والسابعة تقدمت للإحرام. اللخمي: على أن ما أدرك أول صلاته يكبر سبعًا, ويقضي خمسًا, وعلى العكس العكس. ورد المازري الأول بمعارضة مخالفة الإمام, وألزمه قراءة مدرك الشطر الرباعية السورة إن أمكنه. وبركوعهما، سمع عيسى ابن القاسم: يكبر للأولى سبعًا, وروى عنه أيضًا ستًا, والثانية خمسًا. وابن رشد: السبع رواية حجها, كقوله في صلاتها: يقوم مدرك التشهد بتكبير, وقول ابن الماجشون: يقوم القاضي بتكبير مطلقًا, وخلاف أصل ابن القاسم قيامه في غير محل الجلوس دون تكبير.

والست قول صلاتها: من أدرك جلوسها كبر, وقضى باقي التكبير, والصلاة, قال: وجواب بعضهم عن مناقضة قيام مدرك التشهد بتكبير لعدم تكبير القائم من غير محل الجلوس باستحباب اتصال قراءة أول صلاته بتكبير يضعف بقوله في مدرك جلوس الإمام في العيد: أنه يكبر سبعًا؛ لأن الواحدة منها للقيام, ومعه من التكبير ما تتصل به قراءة أول صلاته. وقراءتها جهرًا: الشيخ روى علي: بـ {وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى} ونحوها, فيها: {سُبْحَ} {وَالشَّمْسَ} ونحوها, واستحب ابن حبيب: {قِ} , و {اقْتَرَبَتِ}. والخطبة أثرها سنة: روى الصقلي: لا يخرج لها منبر. الشيخ عن أشهب: إخراجه واسع, وروى ابن حبيب: لا يخرجه من شأنه يخطب بجانبه. القاضي: يخطب كالجمعة من الجلوسين, والإتكاء. المازري: في جلوسه أولها روايتان. ويستفتح خطبتها بالتكبير: وروى أشهب كسماع ابن القاسم: لا حد له. واستحب ابن حبيب, وأصبغ, وابن عبد الحكم, والأخوان: أولهما سبعًا سبعًا نسقًا, ثم ثلاثًا ثلاثًا. ابن رشد عن ابن حبيب, والأخوين: يكبر أول الأولى تسعًا, وأول الثانية سبعًا, وخلال كل فصل ثلاثًا. وروى إسماعيل: تكثيره سنة, وفي الثانية أكثر. المغيرة: كثرته عي. وسمع ابن القاسم: ينصت في العيدين, والاستسقاء كالجمعة. وروى القرينان, وابن وهب, وعلي: ليس الكلام فيها كالجمعة, وإن أحدث فيها تمادي. وفي تكبيرهم بتكبيرة قولا مالك, والمغيرة.

ابن حبيب: ويذكر فيها في الفطر: سنة زكاته, ويحض على الصدقة, وفي الأضحى: الأضحية، والزكاة. أشهب: إن قدمها أعادها, وإلا أساء, وأجزأت, ولا ينصرف قبلها إلا لعذر. وروى علي: سنتها بمكة المسجد, وبغيرها الخروج للمصلى. وفيها: إلا من عذر. والمعروف: منع النفل إن صليت بالصحراء. عياض عن ابن وهب: يجوز بعدها لا قبلها. ابن أبي زمنين: يجوز مطلقًا لغير الإمام, وله: يكره وبالمسجد, ثالثها: بعدها لرواية ابن القاسم, وابن زرقون عن ابن نافع, مع زياد وابن زرقون عن الأخوين, مع ابن كنانة, وأبي عمر عن روايتي أشهب وابن وهب. الشيخ: استحب ابن حبيب مرة تركه بعدها مطلقًا حتى الزوال. الباجي: الصواب جوازه بعدها بغير المسجد. وفيه بعد طول المكث, ويجوز قبلها بغيره اتفاقًا. ووقتها من حل النافلة للزوال: الباجي, وعياض: لا أذان لها, ولا إقامة اتفاقًا من فقهاء الأمصار. ابن العربي: إجماعًا. الباجي: الفطر, والأضحى سواء. وروى أبو عمر: يؤخر الفطر, ويعجل الأضحى. الشيخ: روى أشهب, وابن وهب: لا تقضى. وروى: يستحب لها الطيب, والزينة, والمشي, والرجوع من طريق أخرى. ابن حبيب: وهو للإمام ألزم. والأكل قبل خروجه للفطر: الباجي: من تمر إن وجد وترًا, ونقل ابن الحاجب استحباب تركه في الأضحى- لا أعرفه, بل فيها, وفي الموطأ: لا يؤمر بذلك في الأضحى. أبو عمر: ظاهره التخيير, واستح غيره تركه حتى يأكل من أضحيته. والغسل, ابن حبيب: أفضله بعد صلاة الصبح. وفي المختصر, وسماع القرينين:

هو قبل الفجر واسع. ابن زرقون: ظاهره, ولو غدا بعد الفجر. ابن رشد: لم يشترط فيه اتصاله بالغدو لأنه مستح غير مسنون. قلت: اختيار اللخمي مساواته لغسل الجمعة لحديث الموطأ: "يوم الجمعة جعله الله عيدًا للمسلمين فاغتسلوا", وأوجبه على ذي رائحة أحب شهود العيد. وروى ابن القاسم: إن دخل منزله بعد صلاة الصبح لم يجزئه. غدو الإمام / روي أبو عمر: قدر ما يصل للمصلى, وقد برزت الشمس. وروى اللخمي معها: قدر ما يصل له حلت الصلاة. ابن حبيب: إذا حل النفل, وفوقه إن كان فيه رفق بالناس. والناس: روى ابن حبيب معها: إّا طلعت الشمس. اللخمي: لمدركها بذلك, وغيره بحيث يكونون مجتمعين قبل وصول الإمام. وروى علي: لا بأس به قبل الطلوع. وروى أبو عمر: يستحب إثر صلاة الصبح. والتكبير فيها: يسمع من يليه. ابن حبيب: وفوقه شيئًا. وفي ابتدائه بطلوع الشمس, أو الإسفار، أو انصراف صلاة الصبح, رابعها: وقت غدو الإمام تحريًا, للخمي عنها وعن ابن حبيب, ورواية المبسوط, وابن مسلمة وللعتبي عن رواية ابن القاسم كابن حبيب. وفي كفه بوصول الإمام المصلى, أو بصلاته, ثالثها: برقية المنبر. للخمي عنها, وعن ابن مسلمة, ورواية العتبي. ابن حبيب: يكبرون بتكبير الإمام بعد وصوله جهرًا دون الأول. وفيها, وفي سماع ابن القاسم: التكبير في العيدين سواء.

ابن رشد: أنكره النخعي في عيد الفطر قال: إنما يفعله الحواكون. وفيها: جواب ابن القاسم عن كيف التكبير؟ ما كان يحد في هذه الأشياء حدًا". الشيخ: استحب ابن حبيب: الله أكبر الله أكبر, لا إله إلا الله, الله أكبر، الله أكبر, ولله الحمد على ما هدانا, اللهم اجعلنا لك من الشاكرين, وزاد أصبغ: الله أكبر كبيرًا, وسبحان الله بكرة وأصيلًا, ولا حول ولا قوة إلا بالله. وفيها: لا تصلي بموضعين. سحنون: إن صلاها أهل بلد لشدة مطر بمسجد لم تحملهم أفنيته صلاها بقيتهم أفذاذًا. اللخمي: إن كثروا تخرج جمعهم بمسجد آخر على إقامة الجمعة بمسجدين، وإن قلوا تخرج جمعهم بغير مسجد على من فاتتهم جمعة. ويستحب تكبير كل مصل إثر خمس عشر فريضة من ظهر يوم النحر: الشيخ عن ابن الجهم, واللخمي عن بعض أصحاب سحنون: إثر ست عشرة. وفيها: قال ابن القاسم: سألته عن التكبير فلم يحد فيه حدًا, وبلغني عنه: الله أكبر ثلاثًا, ثم فيها: روى علي: الله أكبر ثلاثًا. وفي أثناء سماع ابن القاسم مانصه: قال علي عن مالك في التكبير: الله أكبر ثلاثًا, ولم يحد مالك ثلاثًا إلا أنا نستحسن ثلاثًا, ومن زاد أو نقص؛ فلا بأس. ابن رشد: وقع التحديد في المدونة في رواية علي من قول مالك وهو من قول علي. الشيخ: روى ابن القاسم كعلي, ثم قال عنه, وعن أشهب: لم يحد فيه حدًا. عياض: المشهور حده بثلاث. الشيخ: وفي المختصر, ورواية أشهب: مستحب. ابن حبيب: إلى والله الحمد. المازري عن ابن شعبان روى الواقدي: التكبير دبر الفرض, والنفل على الرجال, والنساء, وفي غير الصلاة, وفي الطريق, وفي غير ذلك. الشيخ: عن عبد الملك: لا يكبر إثر نفل. وفي المختصر: لا يكبر النساء. الشيخ عن المختصر: من نسيه كبره ما دام بمجلسه فإن قام منه فليس عليه. ونقل المازري عنه: من نسيه أتى به متى ذكره- لا أعرفه.

وفيها: من نسيه رجع فكبر إن قرب, وإن بعد فلا شيء عليه وإن سها عنه الإمام كبر المأمومون, ويكبر القاضي بعد قضائه. الشيخ عن أشهب: ويؤخر عن سجود السهو البعدي. ابن سحنون: قضاء صلاة تكبير بعد أيام التشريق دونه. وفيه قضائها فيها قولا الصقلي عن بعضهم, وأبي عمران, وخص عبد الحق القولين بذكرها أم التكبير, وعزا الأول لابن الجوهري. ابن بشير: في التكبير في قضاء منسية منها قولان. وفيها: منع التكبير أيام منى في غير دبر الصلوات. وروى اللخمي:" لا بأسبه", وصوبه. وعزاه الصقلي لابن حبيب. وسمع ابن القاسم: إن كبروا بين الصوات فلا بأس, ولم يفعله من يقتدي به إلا إثرها. وسمع ابن القاسم: التكبير دبر الصوات بأرض العدو ما سمعته إنما أحدثه المسودة. ابن رشد: سكت عنه في غير دبرها, وفي جهادها, وسماع أشهب إجازته في غير دبرها بحضرة العدو, وغيرها فكلا الروايتين مبينة للأخرى, ابن حبيب: استحبه العلماء في العساكر, والرباطات دبر صلاتي العشاء, والصبح تكبيرصا عاليًا ثلاثًا, وكرهوا أن يتقدم واحد بالتكبير, والتهليل ويجيبه الباقون, ولا بأس بالتحزين فيه, ويكره التطريب. ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ روى ابن حبيب: لا أعرفه, ولا أنكره, ورأيت أصحابه لا يبدؤون به, ويعيدونه على قائله, ولا بأس بابتدائه. ؟؟؟؟؟؟؟ الشيخ: روى ابن عبد الحكم: سنة وفيها:- زيادة- لا تترك. الشيخ: روى ابن عبد الحكم: في المسجد, وقال ابن حبيب, وأصبغ: تحت سقفه, أو في صحنه, أو خارجه بالبراز.

وصوب اللخمي الأول في كبير المصر, ووسع في صغيره, وفي شرطها بالجماعة قولا ابن حبيب، والمشهور, وفي تعلقها بكل مأمور بالصلاة, وخصوصه بمن عليه الجمعة قولا المشهور, واللخمي عن رواية ابن شعبان وإن كان بقرية خمسون رجلًا, ومسجد جمعوها. وفيه نظر لاحتمال كونه شرطًا في جمعها فقط. وسمع ابن القاسم: إن تطوع من يصلي بأهل البادية صلاة الكسوف فلا بأس. ابن رشد: يريد الذين لا تجب عليهم الجمعة, وأما من تحب عليهم فلا رخصة في تركهم الجمع للكسوف. الشيخ عن أشهب: من لم يقدر عليها مع الإمام من ضعيف, أو امرأة صلاها فذًا, وروى علي: لا تقضى. وأول وقتها أول حل النفل: الباجي: اتفاقًا. وفي آخره: خمسة: روى ابن القاسم: ما قبل الزوال, وابن وهب: آخر حل النفل, والجلاب: تصلى بعد العصر, وفي كل وقت، وقاله القاضي. اللخمي: قال الأخوان: تصلى بعد العصر ما لم تحرم الصلاة, فعبر عنه ابن شاس: بما لم تصفر الشمس. يحيى بن إسحاق عن أصبغ: كالم يدخل العصر, وعزا ابن حارث رواية ابن وهب لابن حبيب, وأصبغ, وابن عبد الحكم, والأخوين منكرين قول ابن القاسم. ابن حبيب: يقفون قبل حل النفل يدعون, ويكبرون فإن تمادت صلوها، وإلا حمدوا الله تعالى, وروى علي: لا تصلى بعد العصر بل يجتمعون يدعون, ويكبرون. وهي ركعتان في كل ركعة ركوعان, وقيامان، وروى ابن عبد الحكم: بلا أذان، ولا إقامة. وفيها: لو تمت قبل انجلائها لم تعد, ولكن يدعون ومن شاء تنفل. ولو تم شطرها فانجلت ففي إتمامها كذلك, أو نفلًا قولا أصبغ, وسحنون ابن زرقون عن ابن شيرين: قيل تقطع, وقيل تتم نفلًا.

وقراءتها سرًا. ابن زرقون: روى الترمذي وابن شعبان: جهرًا. وفي تحديد طول القيام الأول بقراءة البقرة, ثم ما بعدها مرتبًا لكل قيام سورة, أو بمطلق الطول نقلا اللخمي عن مالك, والقاضي. وفي إعادة الفاتحة في القيام الثاني, والرابع قولا المشهور, وابن مسلمة. والركوع نحو قيامه, وفي إطالة السجود روايتان لها, ولابن عبد الحكم. ولا خطبة, وروى ابن عبد الحكم: يستقبل الناس بعد سلامه يعظهم, ويأمرهم بالدعاء, والتكبير, والصدقة, والعتق. ومدرك ثاني الركوع مدرك ركعته. عبد الحق: تقدم على صلاة العيد, وهي على الجمعة, ويؤخر الاستسقاء إن اجتماعات في يوم لمنافاة أبهة العيد ذلة الاستسقاء، ولو أقيم بعده يومه جاز. ورده المازري على الشافعي معه بامتناعه عادة لاستمرارها بأنه آخر الشهر, قال: إلا أن يريد معرفة حكم مقدر بخلافها. قلت: سبقه الغزالي بهذا العذر. وزاد ابن شاس عنه: الكلام في خوارق العادة ليس من دأب الفقهاء. وجواب القرافي بتصوره في أسرى صومهم, وعيدهم بالتقدير لا التحقيق؛ يرد بأن الكلام في الفرض الصادق لا الكاذب, وقرر الامتناع بأنها إنما تكسف لحيلولة القمر بيننا وبينها في درجتها يوم تسع وعشرين, وفي عيد الفطر بينهما نحو ثلاث عشرة درجة, وفي الأضحى نحو مائة وثلاثين. قلت: زعم ابن العربي بطلان كون الكسوف بحيلولة القمر, وكون خسوفه بدخوله في ظل الأرض بسبعة أوجه لاخلاف قول المازري, وجماعة فعلى رأي ابن العربي لا سؤال. وصلاة خسوف القمر: اللخمي, والجرب: سنة. ابن بشير, والتلقين: فضيلة. وفيها: ركعتان كنافلة. ابن الماجشون: كالخسوف أفذاذًا. والمشهور كونها في البيوت، ولا تجمع. وروى علي: يفزعون للجامع يصلون أفذاذًا, ويكبرون، ويدعون.

وصوب اللخمي قول أشهب: يجمعون, وخرج على قوله: يصلون في شديد الريح, والظلمة أفذاذًا, وجماعة لأنفسهم لا يجملهم لذلك إمام فزعهم للصلاة في الزلازل, وكره فيها السجود في الزلازل, وخرج اللخمي على رواية سجود الشكر السجود في خوف الزلازل, وغيرها. صلاة الاستسقاء: روى ابن عبد الحكم معها: سنة. اللخمي: لجدب, أو شرب, ولدواب بصحراء, أو سفينة. الشيخ: عن ابن حبيب: قلة النهر كالمطر, ولا بأس به أيامًا. أصبغ: استسقي لنيل مصر خمسة وعشرين يومًا نسقًا حضره ابن القاسم, وابن وهب, وصالحون. اللخمي: ولسعة خصب مباح, ولنزول الجدب بغيرهم مندوب إليه {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى} , وحديثي: " من استطاع أن ينفع أخاه فليفعل", " دعوة المسلم لأ؟ خيه بظهر الغيب مستجابة", ورده المازري بإنه بالدعاء لا سنة الصلاة. وسمع أشهب: قيل: أهل برقة إذا كثر مطرهم سال واديهم بما يشربون فمطروا فزرعوا, ولم يسل واديهم بما يشربون أيستسقون؟ قال: نعم, وأنكر قول من أنكره. فأطلقه الشيخ. ابن رشد: إنما يريد الدعاء به؛ لأن صلاة الاستسقاء إنما تكون عند شدة الحاجة للغيث, وروى أبو مصعب: إنما تصلى حين الحطمة الشديدة. ابن حبيب: وسنتها خروجهم للبراز مشاة بثياب بذلة متواضعين متضرعين وجلين, ويخرج الإمام كذلك إّذا ارتفعت الشمس متوكئًا على عصا, أو غير متوكئ إلى المصلى, وروى الشيخ: لا يكبر في الاستسقاء إلا في الإحرام. ابن الماجشون ليس في الغدو لها جهر بتكبير, ولا استغفار. وروى ابن عبد الحكم: لا يكبر الإمام في ممشاه.

ابن بشير: المشهور لا يكبرون في غدوهم. وفيها: هي ركعتان قراءتها جهرا: {سُبْحَ} , ونحوها. الشيخ: روى ابن عبد الحكم: بلا أذان ولا إقامة. ابن حبيب: من فاتته صلاها إن شاء. وفي كون وقتها صحوة فقط, أو إلى الزوال, ثالثها: وبعد المغرب, والصبح للباجي عنها, وعن ابن حبيب, ولسماع أشهب. ابن زرقون: وتأويله ابن رشد بالدعاء خلاف ظاهره. قلت: وسياقه ابن شعبان, والمازري، وابن سعدون. وفيها: إذا سلم استقبل الناس فجلس جلية ثم قام فخطب دون منبر كالجمعة. وفي التلقين: عليه. الشيخ: خير فيه أشهب. اللخمي: وأبو عمر: رجع لتأخيرها إثر الصلاة, وسمع: إّا سلم استقبل الناس فجلس جلسة ثم قام فخطب. ابن حبيب: يأمر فيها بالطاعة, ويحذر من المعصية, ويحض على الصدقة, ويجتهد في الدعاء بالسقيا. ابن الماجشون: ويصل كلامه بالاستغفار، ويأمرهم به. وفيها: لا تكبير في خطبتها, ولا في صلاتها. اللخمي: ولا دعاء لأمير. وفيها: إّا أتممها استقبل القبلة قائمًا, وهم قعود يحول رداءه يجعل ما على يمينه على يساره, وما عليه على يمينه, ولا يجعل أعلاه أسفله. الجلاب: له قلبه بجعل أسفله أعلاه. اللخمي: بجعل أسفله أعلاه يجعل ما على جسده للسماء فيصير ما على يمينه على يساره, وما عليه على يمينه, وعزاه الصقلي لأصبغ. المازري: رواية ابن عبد الحكم: يجعل ما على ظهره يلي السماء وما للسماء على ظهره خلاف روايتها. عياض: من جعلها خلافها وهم إذ لا يتأتى جعل ما على يمينه على يساره ولا يقلبه فيجعل أعلاه أسفله إلا بجعل ما على ظهره يلي السماء.

قلت: مقتضاه تفسيرها بجعل ما على يمينه على يساره, وما عليه على يمينه مع بقاء سطحه الظاهر ظاهرًا فتصير الحاشية العليا سفلى, ومقتضى قول اللخمي, والمازري العكس, ومقتضى الجلاب جواز جمعهما. ابن حارث عن سحنون روى التونسيون: يحول قرب فراغها. وعلي: بين خطبتيه. ابن الماجشون: بعد صدر خطبته. وفي تحويل الناس غير النساء بتحويله جلوسًا قولان للمشهور, واللخمي مع ابن عبد الحكم |, وعياض عن ابن وهب. وفيها: ثم يدعو الإمام قائمًا, والناس قعود. ولم أحفظ طوله, وأراده وسطًا. الشيخ عن ابن حبيب: يطيلونه حتى يرتفع النهار. وسمع ابن القاسم قول مالك: أنكر أبو سلمة على رجل رآه قائمًا عند المنبر رفع صوته بالدعاء, ورفع يديه. ابن رشد: إنما أنكر الكثير منه لأنه فعل اليهود, وأما على وجه الاستكانة فمحمود أجازة فيها في مواضع الدعاء, وفعله, واستحبه رهبة بطونهما للأرض, وسمع ابن القاسم: لا يعجبني رفعهما في الدعاء. ابن رشد: ظاهره خلاف إجازتها رفعهما فيه في مواضعه كالاستسقاء وعلافه, والمشعر الحرام, ومقامي الجمرتين, والأولى حمل سماع ابن القاسم كراهته في غير مواطنه فلا يكون خلافًا. الشيخ: روى علي: استحسن رفعهما في الاستسقاء. وسمع: وقوفهم حين دخولهم المسجد، وخروجهم للدعاء بدعة, وسمع: ليس بصواب قيام الرجل إثر صلاته يدعو, ولا قيامه مع أصحابه عند انصرافهم يدعون, وكراهة اجتماعهم للدعاء عند ختم القرآن, وفي المساجد للدعاء بعد عصر يوم عرفة, ابن رشد: كفعل بعض الأئمة عندنا من الخطبة على الناس عند الختمة في رمضان والدعاء فيها والتأمين عليه. وفي التنقل قبلها, وبعدها بالمصلى, وكراهته روايتان لها, ولابن حبيب مع ابن وهب.

وفي منع أهل الذمة من الخروج لها قولان للخمي مع أشهب, ولها. وعليه قال ابن حبيب: يخرجون بخروج الناس بناحية عنهم لا قبلهم، ولا بعدهم, ولا يمنعون من إظهار صليبهم وشركهم بخلافه في أسواق المسلمين, وجمعهم. اللخمي عن القاضي: لا بأس أن يخرجوا بعدهم. والرواية: ليس قبله صيام, وتطوعه خير. ابن الماجشون: لا بأس بصيام اليوم, واليومين, والثلاثة. ابن حبيب: يؤمرون بصوم يومه, وثلاثة أحب. وفيها: لا يخرج لها حيض, ولا من لا يعقل الصلاة من الصبيان، ولا يمنع من يعقل منهم, ولا غير حائض. وروى اللخمي: يكره للشابة ولا تمنع. قيام رمضان ابن حبيب: فضيلة. أبو عمر: سنة. والجمع له بالمسجد حسن, وفي كونه بالبيت أفضل، وإن أقيم بالمسجد، ثالثها: إن أقيم به فلا بأس به لا بالبيت، وإلا فالمسجد لرواية أبي عمر, وقوله, وابن عبد الحكم, وفي تمهيده عن الطحاوي: أجمعوا على منع تعطيل المسجد منه. وفيها: قيامه بالبيت لمن قوي أفضل. وفيها أيضا: كنت أصلي معهم فإّذا جاء الوتر انصرفت قبله. فأخذ منه عياض أنه كان يصلي معهم, ثم رجع لصلاته ببيته. وهو فيها: تسع وثلاثون ركعة يوتر منها بثلاث. وروى اللخمي: الذي آخذ به ما جمع عليه عمر إحدى عشرة ركعة. ابن حبيب: رجع عمر إلى ثلاث وعشرين. وفيها لمالك: ليس الختم له سنة. ولربيعة: لو أقيم بسورة أجزأ. اللخمي: والختم أحسن, ويصل الثاني قراءة الأول, وتجوز به بالمصحف، وتكره

به بالفرض، ولا ينظر إن شك فيه بين يديه. ابن حبيب: إمامة حافظ المفصل فقط يردده أحب إلى من ختمه بالمصحف, وبه أحب من تكريره بسور المغرب, وأعظم مالك القراءة بالألحان. ابن حبيب: لا بأس بالتحزين دون تطريب وترجيع. ولا يسلم مسبوق مع إمامه وفي كونه في ثانيته فذًا موافقًا حركة إمامه, أو مؤتمًا به فيها رواية الأكثر, ونقل ابن حبيب عن ابن القاسم, وقبله اللخمي، وابن رشد. الشيخ: أظنه تأوله عليه, وإنما مراده موافقة حركته كنص روايته. ابن رشد: أولاها قول سحنون وابن عبد الحكم: يقضي ركعة مخففًا ويدخل معهم. ابن حبيب: الترويحة أربع ركعات لكل ركعتين يفصل بين كل ترويحة بركعتين خفيفتين أفذاذًا. وفي المبسوط: من ركع بين الأشفاع فلحقوه قبل ركوعه دخل معهم إن عجز عن تمام ركوعه, ولحوقهم وإن عقد ركعة أمها. الجلاب: لا بأس بالنفل بين الأشفاع إن جلس الإمام، وإلا فلا. عمر عن رواية المصريين: لا قنوت في النصف الآخر من رمضان. الباجي: روى ابن القاسم شدة إنكاره. الشيخ: قال ابن حبيب: كانوا يقتنون فيه بعد رفع ركوع الوتر, ويجهرون بالدعاء. وقاله مالك. أبو عمر: روى ابن وهب إنما ذلك في النصف الآخر منه يلعن الكفرة, ويؤمن من خلفه. وروى المدنيون: يقنت فيه الإمام، ويؤمن من خلفه. وروى ابن نافع: إن شاء فعل, أو ترك. الباجي: يختص القنوت عند مالك بالصبح, وروى علي: وفي وتر النصف الآخر من رمضان.

قلت: نقله عن رواية علي خلاف نقل الشيخ عنه, ونقله عن ابن نافع خلاف نقل أبي عمر عنه. وفي كون القنوت فيه للإمام, أو لكل مصل نقلًا أبي عمر عن رواية المدنيين, مع رواية ابن وهب. زاد فيها اللخمي: وينصت من خلفه, ويؤمنون عليه كلما وقف. والباجي عن رواية علي: لا قنوت فيه. وروى ابن وهب: يقنت في النصف الثاني بعد رفع ركوع الوتر يجهر الإمام، ويسر من خلفه, ويؤمنون عليه كلما وقف. ومن دخل وهم يصلون, وعليه العشاء، فابن حبيب: له تأخيرها للدخول معهم ما لم يخرج مختارها, وروى ابن وهب، وابن نافع: لا يؤخرها, وروى ابن القاسم: يصليها وسط الناس, ومرة بموخر المسجد, ونحوه للجلاب. قلت: مقتضاه عدم إجزاء القيام قبل العشاء كفعل بعض أهل زماننا بالصيف. والركوع قبل الجلوس في المسجد وقت النفل في الموطأ: حسن لا واجب, وأجاز فيها للمار فيه تركه, وكره لغيره القعود دونه. ونقل ابن الحاجب: لم يأخذ مالك بجواز تركه للمار؛ وهم. الجلاب: من تكرر دخوله بعد ركوعه لم يعده, ومن جلس دونه تلافاه ويكفي عنه الفرض. وسمع ابن القاسم: لا بأس بالركوع داخل مسجده صلى الله عليه وسلم قبل سلامه عليه صلى الله عليه وسلم والعكس واسع, ابن القاسم: أحب إلى أن يبدأ بالركوع. ابن رشد: لحديث" إّذا دخل ليركع" والفاء للتعقيب, وتوسعة مالك؛ لأن المنهي عنه الجلوس قبل الركوع. وسمع القرينان تأخير داخل المسجد الحرام ركوعه عن طوافه. ؟؟؟؟؟ ابن رشد: اتفاقًا.

أبو عمر: ضارع مالك بقطع الصبح له القول بوجوبه. وأخذه اللخمي, وابن زرقون من قول سحنون: يجرح تاركه, وأصبغ: يؤدب, واعتذر بعض شيوخ المازري عن الأول بأن تركه علامة استخفافه بأمور الدين, والمازري عن الثاني بأن تأديبه لاستخفافه بالسنة كقول ابن خويز منداد: من استدام ترك السنة فسق, وإن تمالي عليه أهل بلد حوربوا, ورد ابن بشير: الأول: باحتمال تركه تهاونًا بعد علمه بدليله, والثاني: بأنه على أحد القولين بوجوب تغيير المنكر فيما طريقه الندب- بعيد لأنه خلاف الظاهر, ووجوب التغيير متعلق بالمغير, والبحث في المغير عليه. والمعروف أنه واحدة: ابن زرقون: سمع أشهب ثلاث يسلم لأخرها لا قبل ثالثها, وقاله ابن نافع. قلت: قال عياض: أجاز ابن نافع أن يوتر بواحدة ابتداء, ثم نقل عنه: إّا صلى شفعصا قبل وتره وصله به كركعات المغرب. قلت: وإنما سمع أشهب سئل عمن أوتر بالناس في رمضان, قال: لو كنت صانعه لم أسلم قبل الثالثة لأن بعض الناس يوتر بثلاث. ابن رشد: يريد لو أوتر بهم لعارض عرض للإمام الذي شأنه يوتر كذلك كقول ابن القاسم: في مدرك ركعة أو ركعتين خلف من يوتر بثلاث لا يفصل بينهما بسلام: يتم ثلاثًا دون سلام, قال الأخوان: يسلم معه في الثانية, ومذهب مالك الوتر واحدة. قلت: أول سماع أشهب على موافقة الإمام على أنه ثلاث كما نقله ابن زرقون. اللخمي: اختلف في عدده فقال مالك مرة: الوتر واحدة, وقال في صيامها: الوتر ثلاث, وقال محمد: من ذكر سجدة لا يدري أمن الشفع, أو الوتر سجد, وأعاد الشفع, والوتر فلو كان واحدة كفته السجدة. وقبل المازري الأول, ورده ابن بشير باحتمال أن من مراده يسلم قبل ثالثها لقوله فيها: الوتر واحدة. ورده عياض بأن لفظها: الوتر ثلاث لم يقله مالك عن نفسه, ولا فعله إنما أخبر عن فعل الأمراء, وأنه نهى أمير المدينة أن ينقص من عدد القيام لما سأله عنه, ولذا قال:

إذا جاء الوتر انصرفت عنهم. قلت: لفظ الوتر ثلاث هو فيها من حكاية ابن القاسم عن فعلهم لا من لفظ مالك كما ذكر عياض, ورد المازري الثاني بأن إعادة الشفع لاتفاق المذهب على كراهة وتر المقيم الصحيح بواحدة دون شفع قبلها. قلت: مقتضى كلامهم فهمهم عنه أنه ثلاث دون فصل بسلام, وظاهره عندي أن مراده أنه ثلاث يسلم قبل الأخيرة فيرجع لقولهم: لا بد من شفع قبله ينويه له, ولذا لم يذكره بوجه, ولأنه ذكر عقيب أخذه من الصيام ما نصه: وقال في المسافر: لا يوتر بواحدة، وروى علي: بوتر بواحدة, وقال سحنون: لو أوتر بواحدة شفعها بالقرب, وإن طال أجزأه, ثم ذكر قول محمد، وبه يتم أخذه من قول محمد: و؟ إلا كان الواجب أن يبني على ركعة, ويكون أخذه من كتاب الصيام من قوله آخره: قلت لمالك: أيسلم الإمام من الركعتين في الوتر؟ قال: نعم. وفيها: الوتر واحدة, ثم قال: لا بد من شفع قبلها. الباجي: هذا المشهور. ابن زرقون: قال ابن نافع: لا بأس أن يوتر بواحدة دون شفع. قلت: هذا خلاف نقله عنه مثل سماع أشهب, ونقل المازري الاتفاق على الكراهة. الباجي: وعلى المشهور إن أوتر دونه شفعه بالقرب فإن طال ففي إجزائه, وإعادته بعد شفع قولا سحنون, وأشهب، وأوتر سحنون في مرضه بواحدة. وفيها: لا بد من شفع قبله يسلم منه في حضر, أو سفر. ومن صلى خلف من لا يفصل بينهما بسلام تبعه. أشهب: يسلم, ويحرم. وعلى الأول قال مالك: من أدرك معه الأخيرة بني عليها شفعًا لا يسلم منه كإمامه. الشيخ عن أشهب: من أوتر بواحدة أعاد وتره ما لم يصل الصبح. سحنون: إن قرب شفعها, وأوتر، وإن بعد أجزأه لقول مالك: لا بأس أن يوتر

المسافر بركعة. الشيخ: أوتر سحنون في مرضه واحدة. فعزو المعلم: وتر المسافر بواحدة لبعض أصحابنا قصورٌ. وفي شرط اتصاله به قولان لعيسى عن ابن القاسم مع روايتي المدنية, والمجموعة، وسماع القرينين. ووقته: من بعد الشفق, والعشاء إلى الفجر. ولابن سعدون عن أبي القاسم عبد الحق: يوتر ليلة الجمع بعد العشاء قبل الشفق كما قدم الفرض قبله, وفعله قبل صلاة العشاء, ولو سهوًا لغوٌ. ولا يقضى بعد صلاة الصبح اتفاقًا. وفي قضائه بعد الفجر قبلها قولان لها مع الأكثر, واللخمي مع أبي مصعب. ولو ذكره لركعة قبل طلوع الشمس فالصبح. ولركعتين؛ اللخمي عن ابن القاسم, والصقلي عن محمد: كذلك. أصبغ: يوتر بواحدة. وقول ابن الحاجب:" إن اتسع لثانية فالوتر على المنصوص, ويلزم القائل بالتأثيم تركه" تعقبوه بجعل نصها مخرجًا. وفيها: إن لم يقدر إلا على الصبح وحدها إلى طلوع الشمس صلى الصبح, وترك الوتر. الشيخ, والصقلي: ولأربع, وما تنفل بعد العشاء؛ أصبغ: أوتر بثلاث. الباجي, ومحمد: بواحدة. اللخمي: هذا على قول ابن القاسم, وذكر قول أصبغ لا بقيد أنه تنفل بعد العشاء. ابن بشير: ولخمس, وما تنفل بعد العشاء يترك الفجر للشفع فإن تنفل ففي تركه قولان. وسمع عيسى ابن القاسم: وتر من ذكره بعد الفجر إن تنفل بعد العشاء ركعة, وإلا شفع بركعتين. وفيها: يستحب ختمه صلاة الليل.

وفي إعادته لنفل بعده روايتا «المبسوط» , وغيره. الشيخ: قال في «المختصر»: من أوتر بالمسجد ثم أراد التنفل تنفل, قال: والذي فيها: يؤخر قليلًا وإن انصرف لبيته تنفل ما أحب. وسمع ابن القاسم: منع من أوتر مع الإمام في رمضان أن يصل وتره بركعة ليوتر بعد ذلك؛ بل يسلم معه, ويصلي بعد ذلك ما شاء، وقال: قبل ذلك: ويتأنى قليلًا أعجب إلاي. وفي قراءة الشفع بما تيسر, وتعيين {سُبْحَ} , و {الْكَفِرُونَ} , ثالثها: إن كان أوتر إثر تهجد. وإن اقتصر على شفعه فالثاني لرواتي المجموعة, وابن شعبان مع عياض عن بعض القرويين, وتقييد الباجي رواية المجموعة مع تفسير عياض المذهب به. المازري: وقع في نفسي, وأنا ابن عشرين سنة عدم تعيين قراءاته للوتر إثر تهجده فأمرت به إمام تراويح رمضان, فأنكره شيوخ فتوى بلدنا, وطلبوا أمر القاضي بمنع ذلك, وكان يقرأ علي, ويصرف الفتوى فيما يحكم به إلى فأبى إلا أن يناظروني فأبوا ثم خفت اندراس الشفع عند العوام إن لم يختص بقراءة فرجعت للمألوف, ثم بعد طول رأيت الباجي أشار إلى ماكنت اخترته إلا أن يكون أراد المتهجدين في غير رمضان. قلت: إنما قاله الباجي تقييدًا لرواية ابن عبدوس لا تفسيرصا للمذهب؛ بل تعليلًا لمخالفة رواية التعيين, ولو ناظروه حجوه, أما باعتبار المذهب فرواية التقييد أولى لما تقرر من دليل رد المطلق للمقيد, وأما باعتبار الدليل فلحديث أبي" أنه صلى الله عليه وسلم كان يوتر بثلاث ركعات يقرأ في الأولى بـ {فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ} وفي الثانية بـ {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ} , وفي الثالثة بـ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} , والمعلوم منه صلى الله عليه وسلم التهجد. اللخمي: رجع مالك لقراءة الوتر بالفاتحة, والإخلاص, والمعوذتين, وروى ابن

نافع: التزمه الناس, وليس بلازم, وروى ابن القاسم: إني لأفعله. يحيى بن إسحاق عن يحيى بن عمر: لا يختص بقراءة. ابن العربي: يقرأ فيه المتهجد من تمام حزبه, وغيره بـ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} فقط لحديث الترمذي, وهو أصح من حديث قراءاته بها مع المعوذتين, وانتهت الغفلة بقوم يصلون التراويح فإذا انتهوا للوتر قرؤوا فيه بـ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} , والمعوذتين. وسمع ابن القاسم: من قرأة بالفاتحة فقط سهوًا فلا سجود عليه. ابن بشير: وعمدًا ففي بطلانه قولان على عمد ترك السنة. قلت: لو كان الزائد على أم القرآن سنة سجد لسهوه, وسماع ابن القاسم خلافه, وعلله ابن رشد بأنه مستحب, وروى علي: إن نسي قراءته شفعه, وسجد, وأوتر. سحنون: إن ذكر الفاتحة شاكًا من الشفع أو الوتر؛ سجد قبل، فإن تقدمت له أشفاع أعاد الوتر فقط وإلا أعاد الشفع قبله. قلت: هذا على عدم شرط الاتصال, وخير الإبياني ويحيى بن عمر في الجهر في الشفع, وألزماه في الوتر, قالا: فإن أسره سهوًا سجد قبل, وجهلًا بطل. الصقلي: قيل لا سجود لسهوه كترك السورة, واستبعد عبد الحق بطلانه. الباجي: يجهر به الإمام, والأفذاذ في المسجد يسرونه. ولو ذكره في صلاة الصبح لوقته ففي قطع الفذ روايتان لها, وللمبسوط. وروى علي: يخرج له من المسجد بعد الإقامة, والإمام: قال الشيخ: روى مطرف وابن القاسم: يقطع. خرج المازري, واللخمي تماديه على الفذ. الباجي: قال المغيرة: لا يقطع, ولم يفرق بين فذ, ولا غيره, وهو أولى به. وفي قطع المأموم, وماديه, وثالثها: بخير لروايتي ابن القاسم, ورواية ابن وهب. اللخمي: يتمادى بنية النفل. وتعقب ابن زرقون قول أبي عمر: أجمعوا أنه لا يقطع المأموم لذكره الوتر, بقولها: يقطع. ابن زرقون: إنما الخلاف ما لم يركع فإن ركع ركع تمادى فذًا كان, أو إمامًا, قال: وفي

جواز تحويل نية الوتر للشفع, والعكس، ثالثها: لا العكس لأصبغ, ومالك, ومحمد. قلت: ظاهره أن قول أصبغ تحول ابتداًء, وإنما ذكر الشيخ عنه بعد الوقوع, وذكر قول محمد ابتداًء. وفيها: يوتر في سفر القصر على راحلته حيث توجه. ولا يوقعه في الحجر فأخذ من الأول جوازه جالسًا, ومن الثاني منعه, والفجر. وفي إجزاء وتر من شفعه ناسيصا سجوده بعد, وإعادته روايتا المدونة, والمبسوط مع الشيخ عن محمد. وسمع ابن القاسم: من أوتر ثم ذكر أنه كان أوتر؛ شفعه. ابن رشد: إن كان بالقرب. الشيخ: قال المغيرة: ويسجد بعد يريد لجلسته. قال عنه علي: وإن تكلم بعده إن قرب, وإن طال أجزأه وتره الأول. الشيخ عن سحنون: من ذكر في تشهد وتره سجدة لا يدري منه أو من إحدى ركعتي شفعه فإن تقدم له شفع غيره سجد سجدة, وتشهد, وسلم, وسجد بعد, وأجزأه, وإلا سجد لهذه, وشفعها, وسجد بعد, ثم أوتر, ولو تيقنها من الشفع, ولم يتقدم له شفع غيره شفع هذه ثم أوتر, وإلا سلم وأجزأه, ولو ذكر الفاتحة, ولم يدر منه أو من شفعه سجد قبل, وأعاد شفعه ووتره, ولو كان ذكر سجدة سجدها، وتشهد وسلم وسجد لسهوه وأعاد شفعه ووتره ولو تقدمت له أشفاع. الشيخ: يريد في المسألة الأولى فله ألا يعيد إلا الوتر، ولو شفع هذا الوتر, ثم أوتر أجزأه, واخترت الأول لكراهة مالك بمن أحرم على وتر أن يشفعه, وروى علي: من لم يسلم من شفعه حتى قام رجع مالم يركع فإن ركع تمادى وأجزأه. أشهب: إن رفع رأسه أتم الثالثة سجد. محمد: يريد قبل سلامه. سحنون: وإن شاء مضى على وتره أو أتمها أربعًا وسجد لسهوه يريد قبل على قول ابن القاسم ثم أوتر.

ركعتا الفجر: في كونها فضيلة, أو سنة قول أصبغ مع سماع أشهب وقوله, ومع ابن رشد عن سماع ابن القاسم: الوتر أوجب منه, وعن ظاهرها, وسماع أبي زيد, وأبي عمر عن علي وصوبه. وفيها: شرطهما نية تعينهما. ولو ذكرهما بالمسجد وأقيمت الصلاة ففي لزوم ائتمامه, وخروجه لركوعهما إن كان الوقت واسعًا قولا المشهور, والجلاب. وبخارجه في ركوعهما في غير أفنيته اللاصقة به مالم يخف فوت الركعة الأولى، أو مالم يخف فوت الصلاة، ثالثها: له تركها ويأثم للباجي عن رواية ابن القاسم, ورواية غيره. الشيخ: روى ابن نافع: إن سمع الإقامة قرب المسجد دخله وتركها وإن بعد ركعهما. وروى ابن القاسم: مالم يخف فوت ركعة, ولم يذكر القرب. وسمع ابن القاسم: من وجد الإمام في تشهد الصبح, ولم يركع الفجر فقعد معه أرى أن يكبر. ابن القاسم: ويركع الفجر بعد طلوع الشمس. ابن رشد: هذا أحسن من قول ابن حبيب: لا يكبر فإذا سلم الإمام ركع الفجر. وفي إسكات الإمام المؤذن لركوعهما, ومنع إسكاته نقلا الباجي عن المذهب, ورواية الصقلي. الباجي والشيخ: روى ابن القاسم: إن سمع الإمام قبل خروجه إقامته لم يسكته وركع قبل خروجه. الشيخ عن ابن حبيب: صلاتهما بالبيت أحب إلى. ابن محرز عن السليمانية: بالمسجد أحب إلى؛ لأن إظهار السنن خير. ومن أتى المسجد بعد ركوعهما فروى ابن القاسم, وابن وهب: يركعهما، وابن نافع: لا يعيدهما, ففسر ابن رشد, واللخمي, وابن العربي, وابن عبد الرحمن, وأبو

عمران إعادتهما بركعتي التحية. ونقل ابن بشير عن بعض المتأخرين إعادتهما بنية ركعتي الفجر- لا أعرفه. اللخمي: ولو أتاه قبل ركوعهما فعلى الأول: له ركوع التحية ثم يركعهما, أو يجتزئ بهما. وعلى الثاني: يجتزئ بهما, وخرجهما على الخلاف في جواز النفل بعد الفجر. عبد الحق عن القابسي: يركع التحية قبلهما. أبو عمران: تكفي ركعتا الفجر. عبد الحق: كأنه ضعف الأول. ؟؟؟؟ بعد طلوع الفجر الشيخ عن أشهب: إن ركعهما، ولم يوقن بالفجر لم يجزئاه. وفيها: إن تحراه في غيم فركع فلا بأس فإن بأن أنه قبل الفجر ففي إعادتهما قولان لها, ولابن حبيب مع ابن الماجشون. الشيخ عن ابن وهب: إن ركع ركعة قبله, وأخرى بعده فغيره أحب إلى, وفي المختصر: لا يجزئه, وسمع ابن القاسم: إن أسفر جدًا فلا يركعهما. الشيخ عن المختصر: لا أحب لمسافر تركهما. وروى الباجي: من نسيهما قضاهما بعد طلوع الشمس, فحمله ابن العربي على ظاهره. وقال الأبهري: مجاز عن نفل مكانه. الشيخ: في المختصر: إن صلاهما بعد طلوع الشمس فحسن, وليس بلازم. ابن محرز: عن ابن شعبان: من فاتتاه ركعهما ما لم تزل الشمس, وقال الباجي: وقتهما إلى الضحى. ؟؟؟ قراءتهما بالفاتحة فقط. اللخمي: روى ابن شعبان: وسورتين من قصار المفصل. الشيخ: رواه ابن القاسم, ولم يفعله. أحمد بن خالد: {الْكَافِرُونَ} {الإخلاص}.

الشيخ: روى ابن وهب حديثهما, قال: وأعجب مالكًا. ابن حبيب: روي عنه صلى الله عليه وسلم بآية {آمَنَ الرَّسُولُ} , وفي الثانية بآية: {قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ}، وبـ {الْكَافِرُونَ} {الإخلاص} أحب من الفاتحة فقط. والرواية: ةسر قراءتها: اللخمي: اختلف فيه, وصوب الجهر. وفيها: جواز الكلام بعد ركعتي الفجر قبل صلاة الصبح, وكراهته بعدها لطلوع الشمس أو قربه. ولا بأس بالضجعة بين ركعتي الفجر, وصلاة الصبح: والشيخ: لا يفعل استنانًا. ابن بشير: المشهور أنها غير مشروعة. الشيخ عن ابن حبيب: استحبها. والنفل ركعتان, وسهو زيادته تقدم. وفيها: جوازه جماعة ليلًا, أو نهارًا فأطلقه اللخمي, وقيده الصقلي, وابن أبي زمنين بقول ابن حبيب, وروايته: إن قلت الجماعة كالثلاثة, وخفي محلهم. ومن قطعة عمدًا طوعًا قضاه: الشيخ عن أشهب: من أحرم له على أربع فذكر في ركوع الثالثة جلس وسلم, ولا قضاء, ولو قطع قضى ركعتين, ولو قطع بعد عقد الثالثة أعاد أربعًا يسلم من كل ركعتين, ولو تنفل أربعًا عامدًا ترك القراءة فيها, أو في الثانية مع الثالثة, أو الرابعة أعاد ركعتين فقط. الشيخ عن المجموعة: من سلم من ركعتين خلف متنفل بأربع قبل سلامه لم يعدهما؛ لأنه متأول, ولو جلس في ناله لعذر من نذرها قائمًا قضاها. وسمع ابن القاسم مرة:/ الصلاة أحب إلى من مذاكرة الفقه, ومرة: العناية بالعلم بنية أفضل. وسمع: مصلاه صلى الله عليه وسلم أحب موضوع إلى من مسجده للنفل. ابن القاسم: وهو العمود المخلق وللفرض الصف الأول.

وسمع ابن القاسم: أحب النفل نهارًا في المسجد, وليلًا في البيت. ابن رشد: لشغل باله بأهل بيته نهارًا فلو أمن من ذلك كان بالبيت أفضل. وسمع: نفل الغريب بمسجده صلى الله عليه وسلم أحب إلى وغيره ببيته. ابن رشد: لأن الغريب لا يعرف وغيره يعرف وعمل السر أفضل. وسمع: أكره مد سجود النفل بالمسجد, والشهرة, وليس من عمل الناس أن يتنفل, ويقول: أخاف أني ضيعت فرضًا, وما سمعت أحدًا من أهل الفضل عمله. ابن رشد: قيام كل الليل لمن يصلي الصبح مغلوبًا عليه مكروه اتفاقًا. وفي كون من لا يغلب عليه كذلك, وجوازه له روايتان. وسمع أشهب: لا بأس برفع صوته بقراءة صلاته في بيته وحده, ولعله أنشط له, وكانوا بالمدينة يفعلونه حتى صار المسافرون يتواعدون لقيام القراء. وسمع ابن القاسم: استحبابه, وحكاية ما تقدم. ابن رشد: هذا لمن حسنت نيته ليقتدي به فيحصل له أجر الاقتداء به. عياض: من الرغائب صلاة القادم ركعتين. وفي كون صلاة الضحى نفلًا, أو فضيلة نص التلقين مع الرسالة, وظاهر قول أبي عمر: ورد في فضلها, والوصية بها آثار كثيرة. قال: وقيام الليل لا عند العلماء مرغب فيه, وعندي سنة. الشيخ: يستحب النفل بعد الظهر بأربع يسلم من كل ركعتين, وكذا قبل العصر, وبعد المغرب بركعتين. الجلاب: الركعتان بعد المغرب مستحبة كركعتي الفجر. وفيها: ليس قبل الصلاة, ولا بعدها ركوع معلوم إنما يوقته أهل العراق. سجود التلاوة: الأكثر: سنة, لقولها: يسجدها بعد العصر، والصبح ما لم تصفر, أو يسفر كالجنازة. والقاضي, وابن الكاتب: فضيلة لقولها: يستحب أن لا يدعها في إبان صلاة.

والمشهور إحدى عشر سجدة: آخر الأعراف, و {وَالآصَالِ} في الرعد [آية:15] , و {يُؤْمَرُونَ} في النحل [آية:50] , و {خُشُوعاً} في سبحان [آية:109] , و {وَبُكِيّاً} في مريم [آية:58] , و {مَا يَشَاءُ} في الحج [آية:18] و {نُفُور} في الفرقان [آية:60] , و {الْعَظِيمِ} في النمل [آية:26] , ونقل ابن عبد السلام عن مالك: محلها منها {وَمَا يُعْلِنُونَ} [النمل:74]- وهم، لنص ابن حبيب, والشيخ, والباجي, وغيرهم. و {لا يَسْتَكْبِرُونَ} في السجدة [آية:15]. الصقلي, والوقار, وابن حبيب: {وَحُسْنَ مَآبٍ} في ص [آية:25] , الباجي, والقابسي: {وَأَنَابُ} [ص:24]. وفيها: و {تَعْبُدُونَ} في حم السجدة. ابن وهب: {يَسْأَمُونَ} [فصلت:38] وخير ابن حبيب. ابن محرز عنه: هذه العزائم, وغيرها أربع ثانية {تُفْلِحُونَ} [آية:77] , وآخر النجم, والانشقاق. القاضي: بل {لا يَسْجُدُونَ} [آية:21] , وآخر القلم. المازري: عنه وعن ابن وهب: الكل عزائم. وروى القاضي: أربع عشرة عزيمة, وأسقط ثانية الحج. ابن بشير: جمهور المتأخرين أنه اختلاف, وقال القاضي: الكل سجدات عزائمها إحدى عشرة لقول الموطأ: عزائم السجود إحدى عشرة. ابن شاس: حماد بن إسحاق كالقاضي. ويسجد قارئها, وسامعه لحفظ, أو تعلم إن صلح لأن يؤمه، فإن لم يسجد ففي سجود السامع نقل الباجي رواية ابن القاسم مع ابن رشد عنها, وقول الأخوين, وعزاه الشيخ لابن عبد الحكم, وأصبغ عائبًا قول ابن القاسم: يسجد, وابن رشد لابن حبيب, وخرجه اللخمي لسماع الصبي, وسجوده على إمامته في النفل, وحسنة. وسجود السامع لامرأة، أو لمن على غير وضوء، وسامعه للثواب إن لم يسجد القارئ لم يسجد, وفي سجوده لسجوده نقلا ابن رشد عن سماع ابن القاسم, وابن

حبيب مع ظاهرها. وسامعه دون جلوس لاستماعه. الباجي: لا يسجد، وقيل يسجد, وهو شاذ. وفيها: كره أن يجلس عامدًا للقراءة، والسجود لا يريد تعليمًا. وسمع ابن القاسم: لا يسجد لسجوده. وفيها: كره قراءة السجدة فقط. عبد الحق عن غير واحد من شيوخه: موضع السجدة فقط لا آيتها, المازري: وقيل: آيتها. وفي سجود المعلم, والمتعلم أول مرة نقلا الشيخ عن ابن القاسم مع رواية ابن نافع, وأصبغ، مع ابن عبد الحكم. ابن حارث: اتفقوا على نفيه في ترددها. اللخمي, والمازري: وعلى الأول إن قرأ متعلم آخر تلك السجدة سجدها وحده, وإن قرأ غيرها سجداها لأن قارئ كل القرآن يسجد كل سجداته. وفي تكرير سجود غيرهما لتكريره سورتها قولا المازري, ونقله عن بعض المتأخرين قائسًا على عدم تكرير وضوء الجنب للنوم إذا أحدث, ويفرق بأن التكرير في القارئ اختياري. الشيخ: روى ابن وهب, وابن القاسم: لمن عرض ابنه اليفع لا سجود عليه إن كان للتعليم, وكذا المعلم لأنه يكثر. قلت: ظاهره نفي سجودهما في تعدد السجدات غير المكررة, ونحوه قول ابن رشد. قيل: يسجد المعلم بسجود القارئ البالغ أول ما يمر بسجدة لا فيما بعد ذلك. وقيل: ليس ذلك عليه بحال خلاف ما مر للخمي, والمازري. وتجوز قراءتها في النفل, ويسجد. اللخمي: إن لم يسجد الإمام لم يسجد مأمومه.

والإمام في الفرض: الشيخ، وابن زرقون: روى ابن وهب: يقرأها، ويسجد، وأشهب: إن قلت الجماعة، وإلا يقرأها وابن القاسم فيها: كراهتها مطلقا، مع رواية الأخوين مطلقا. ابن حبيب: لا يقرأها في السرية. زاد الصقلي عنه: ويقرؤها في الجهر إن قل من خلفه. اللخمي: تكره له إن كثرت جماعته، وفي السرية مطلقا فإن قرأ سورتها استحب ترك قراءة السجدة، فإن قرأها سجد، وأعلن بها في السر، وإن قلت جماعته في الجهر منعها فيها، وأجازها في العتبية. عبد الحق: وفي المجموعة: ولم لم يجهر بها في السر، وسجد ففي سجود المأموم، ومنعه لاحتمال سهوه نقلا المازري عن ابن القاسم، وسحنون، وقول عبد الحق في السلمانية. قلت: إن لم يتبعوه على قول ابن القاسم، قال: لا شيء عليهم. قلت: لو كان عليهم ما جاز تركه يرد بجواز رعي الخلاف. وفي قراءتها الفذ في الفرض قول اللخمي مع ابن حبيب، وتخريجه على رواية العتبي: قراءتها الإمام، وعبد الحق معه عنها. وروى محمد: لا يقرؤها خطيب فإن فعل ففي نزوله لسجودها، ومنعه روايتا أشهب، وعلي، وروى أشهب: إن لم يسجدها يجدها الناس، وهم في سعة، وينبغي له قراءتها إذا صلى ليسجدها. وهو كالصلاة دون إحرام، وسلام. وفيها: لا أحب قراءتها من على غير وضوء، وفي غير إبان صلاة. شيوخ عبد الحق: موضع السجدة لا آيتها، وصوبه ابن رشد. الصواب اختصار آيتها لأن الأول يغير المعنى بعدم اتساق النظم. ويكبر له، ولرفعه في الصلاة، وفي غيرها ضعفه ثم قال يكبر، ووسع ابن القاسم. وفي الرسالة: يكبر لها، وفي التكبير في الرفع منها سعة، والتكبير أحب إلي. ابن حبيب: من جازها بيسير سجد، وبكثير يعيدها، ويسجد ويقرأ من حيث

انتهى فيهما. وحد اللخمي اليسير بالآيتين. قلت: لذا استحب بعضهم تأخير السجود فيما اختلف في محله. وروى ابن عبدوس: ولو سجد في قراءته قبلها ظنها السجدة قرأها في باقي صلاته، وسجد لسهوه بعد. وفيها: لو ذكره بعد رفع ركوع نفل أعادها في ثانيته. عبد الحق: يقرأ السجدة. وفي إعادتها بعد الفاتحة، أو قبلها قولا الشيخ، وابن عبد الرحمن. وبعد رفع ركوع ثانيته. فيها: لا شيء عليه إلا أن يدخل في نافلة؛ اللخمي عن أشهب: إن ذكر جالسا، أو بعد سلامه سجد، وصوبه. قلت: بناء على أن لا فضل له في الصلاة عليه في غيرها. الشيخ عن ابن حبيب: دخوله في أخرى كجلوسه في ترك إعادتها. وبعد رفع ركوع فرض لا يعيدها في ثانيته. ابن حبيب: يعيدها. الشيخ: وعزاه لأحد قولي ابن القاسم، وذكره الصقلي ورواية له عن مالك، وأصحابه. ولو ذكره في خفض الركوع، فقال مالك: كرفعه. وأشهب: يخر ساجدا. المارزي: نحا ابن حبيب بجوار ركوعه لصلاته به، والمعروف منعه، ولعله رأى سجود الصلاة يعني عنه كالجنابة عن الجمعة. وعلى المعروف إن قصده فركع سهوا، فاللخمي عن مالك في العتبية: يمضي على ركوعه. وابن القاسم: يخر ساجدا، ويقوم فيقرأ.

ابن حبيب: ويسجد بعد إن طال ركوعه. الشيخ: أي اطمأن. ابن القاسم: وإن لم يذكر حتى رفع ألغى ركعته. الصقلي: فيسجد فيقوم فيقرأ شيئا، ثم يركع، ويسجد بعد. وتعقب المارزي قوله: فيقرأ شيئا بقول ابن حبيب: من سجد آخر سورة قام، إن شاء ركع، أو بعد قراءة شيء من الأخرى. وروى أشهب: يعتد بركوعه، وروى علي: ويقرأ السجدة في باقي صلاته، ويسجد لسهوه بعد. وقال المغيرة: لا سجود سهو عليه. وصوبه المارزي. ووجه السجود بأن حركة الركوع لما حالت نيتها صارت كالعدم، وأخر سجودها لأنه نقص ضعيف. وخرج المارزي قول ابن القاسم، ورواية أشهب على أن حركة الركن مقصودة. وتحويل نيه الفرض للنفل مانع، وعلى نقيض ذلك، واستبعد تأويل ابن حبيب قول ابن القاسم: إلغاء ركعته، أي: في النيابة عن السجود، وخرجهما الشيخ على الخلاف في تحويل نية الفرض للنفل. وأول الاعتدال على من قصد الركوع بانحطاطه ساهيا عن السجدة، وفهم تخريج المارزي يصوب أتباعه ابن شاس، ويرد قبول ابن عبد السلام تخريجه ابن الحاجب على مجرد قصد الحركة، ولغوها. وروى علي: إن سجد لتلاوته سجدتين ساهيا سجد بعد، ولو سجد قبلها سهوا عندها وسجد بعد. وفي السجود للشكر، وكراهته، ومنعه ثلاث روايات لابن القصار مع قولي اللخمي، وابن حبيب، ولها، وسماع القرينين: أنه ضلال مجمع على تركه، ولم يحك ابن رشد غيره.

كتاب الجنائز

[كتاب الجنائز] حضور المحتضر كتمريضه فرض كفاية يتأكد على أوليائه: الشيخ: روى ابن حبيب: لا أحب ترك توجيه المحتضر، وابن القاسم مرة: ما علمته من الأمر القديم. ولم يذكره ابن رشد إلا من رواية علي قال: ودليل عدم مشروعيته عدم نقله عن أحد من الصحابة. قلت: في النوادر عن ابن حبيب روي التوجيه عن علي بن أبي طالب، وجماعة من السلف. الشيخ: روى ابن القاسم، وابن وهب: على شقه الأيمن، فإن عجز فعلى ظهره ورجلاه للقبلة. ابن رشد: اتفق عليه مالك، وأصحابه، وخرج بعض من قال في المريض: يصلي على ظهره كونه على ظهره، وقياسه على وضعه في قبره أبين. ابن حبيب: لا أحبه قبل إحداد بصره. ولا بأس عند رأسه بقراءة القرآن (يسَ) أو غيرها، وإنما كرهه مالك استنانا، ويستحب تقريبه طيبا، ولو بخورا. وسمع ابن القاسم، وأشهب: ليست القراءة، والبخور من العمل. وروى ابن حبيب: يلقن الشهادتين، ويغمضه من حضره إثر قضائه قائلا: بسم الله، وعلى ملة رسول الله صل الله عليه وسلم، اللهم سهل عليه أمره، وسهل عليه موته، وأسعده بلقائك، واجعل ما خرج إليه خيرا مما خرج عنه. ولا يحضره إلا أفضل أهله لا حائض، ولا جنب. ابن رشد: تلقينه مستحب. اللخمي: ويلقن مرة بعد مرة بينهما مهلة. ابن شعبان: إغماضه سنة. وروى ابن عبد الحكم: لا بأس بإغماضه الحائض، والجنب. اللخمي: اختلف في تجنبه الحائض، والجنب، والمنع أحسن.

الشيخ عن ابن حبيب: يستحب ألا يكون قربه ثوب غير طاهر. ونقل ابن عبد السلام عن غير المذهب: شد لحييه قبل برده تشويه خلقه. وعن المذهب: جعل حديدة على بطنه خوف انتفاخه. قلت: ذكر سند الأول، ولم يعزه لغير المذهب، قال: يشد لحيه الأسفل بعصابة تربط عند رأسه خوف دخول الهوام فاه. قلت: تعليل ابن شعبان إغماضه لخوف دخول الماء عينيه يؤكد شد لحييه، وجعل الحديدة لا أعرفه في المذهب، ونقل ابن المنذر إباحته عن الشعبي، والشافعي. وفيها: لا يبقر على جنين يضطرب بطن أمه. الشيخ عن سحنون: إن كملت حياته ورجي خلاصه بقر. وقيده اللخمي بكونه في السابع، أو التاسع، أو العاشر، وعزاه أيضا لأشهب. وروى إسماعيل: يخرج من محل الولادة إن أمكن، وأحاله اللخمي، وعلى البقر قال سند: من خاصرتها اليسرى لأنه أقرب للولد، ويليه أخص أقاربها، والزوج أحسن. وفي البقر على مال كثير علم بينة- ثالثها: إن لم يكن صالحا، أو فقيها لابن القاسم مع العتبي عن أصبع، والشيخ عن أحد قولي سحنون ونقله عن ابن عبد الحكم: رأيت بمصر رجلا مبقورا على رمكة مبقورة. ابن حارث عنه: كان جنازة من كبار البلد مبقورا يركب فرسا مبقورة، وابن حبيب مع الأخوين، وابن شعبان واللخمي قائلا: لا على وديعة ابتلعها حفظا موسرا، أو معسرا، ولا يضمها حيا. ويبقر الغاصب العديم، والموسر كمال نفسه: الصقلي، والشيخ عن ابن القاسم: يبقر على الوديعة. عبد الحق عن سحنون: لا يبقر على ما قل. عبد الحق: في كونه ما دون ربع دينار، أو نصاب الزكاة خلاف، قال: وأجاب أبو عمران عن مقيم شاهد على ميت لم يدفن أنه بلع له دنانير بحلقه ليبقر بطنه قائلا: اختلف في القصاص بشاهد واحد، وتعقب عبد الحق وغيره منع ابن القصار أكل

خائف الموت جوعا ميتة آدمي، وتخريجه ابن بشير: على البقر يرد بقوة حرمة من علمت حياته دون مرجوها لوجوب القصاص فيه دونه إجماعا. [غسل الميت] ويغسل الميت المسلم غير الشهيد: ابن شعبان: ولو كان اغتسل قبل موته. وفي من استشهد جنبا قولا أشهب مع ابن الماجشون، واللخمي عن سحنون. وفي كونه سنة أو فرض كفاية- قولا الشيخ مع الأكثر، واللخمي عن سخنون، والقاضي مع البغداديين. ولا يغسل من لا يصلى عليه مطلقا: وروى علي: يغسل الدم السقط لا كغسل الميت. ابن حبيب: ويلف في خرقة، وييمم لفقد الماء. اللخمي: لأنه عبادة، وألزم قول ابن شعبان: هو للنظافة- نفيه. ابن العربي: الأظهر أنه عبادة، ونظافة. وروى ابن عبدوس: يغسل المتهشم بهدم، والمجدور، والمتسلخه ما لم يتفاحش ذلك. وسمع أبو زيد ابن القاسم، وروايته: ذو الجدري. والمشرح، ومن إن مس سلخ يصب عليه الماء برفق. فقول ابن بشير: الجسد المقطع ييمم- خلافه. وفيها: إن خيف على جريح، أو مجدور التزليع بالغسل صب عليه الماء برفق، ولا ييمم لقول مالك: لا ييمم إلا رجل مع نساء، أو امرأة مع رجال. والرجال مع نساء غير محارمه، ولا رجل- ييممنه إلى المرفقين. سحنون: إن صلين عليه، ثم قدم رجل لم يغسله، ولو حضرهن كتابي ففي تعليمهن إياه ليغسله، ثالثها: ثم ييممنه لرواية ابن حبيب، وأشهب، وسحنون. وفي كون محارمه كذلك استحبابا، أو غسلهن إياه مجردا، أو من فوق ثوب؛ ثلاثة.

لأشهب، وعيسى مع عياض عن رواية المختصر، وسخنون وابن رشد عن سماع أبي زيد ابن القاسم، وعليه قال اللخمي: لا بأس بإلصاق الثوب جسده ويحرك غسلا به. وفيها: يغسلنه ويسترنه. فحمله اللخمي على ستر كله، وغيره على عورته. وفيها: لا بأس بغسلهن ابن سبع سنين. الشيخ: وروى ابن وهب: وابن تسع. اللخمي: المناهز ككبير. والمرأة مع رجال غير محارمها ييممها للكوعين: ولو حضرتهم كتابية: جاءت الثلاثة معزوزة ومع محارمها: ابن رشد: قال أشهب: ييممها لا يغسلها، وروى: يصب عليها الماء لا يباشر جسدها، ولا من فوق الثوب. وفيها: يغسلها من فوقه غير مفض بيده لجسدها. ورابعها لابن حبيب: يغسلها وعليه ثوب يصب الماء بينه وبينها خوف لصوقه بجسدها وظاهره يباشر جسده بيده ومعناه عندي ويده بخرقة فيما بين سرتها وركبتيها إلا أن يضطر لذلك. قلت: وخامسها كالرابع: ويده ملفوفة في كل غسلها، وسادسها: الأول إن كان صهرا؛ للخمي، وروايته، وذكر قول أشهب بلفظ: "أحب" كالشيخ زاد عن سحنون: لم يقله من أصحابنا غيره، وذكر ابنه لرواية ابن وهب كرواية أشهب. الشيخ عن أشهب: الصغيرة مشتهاة ككبيرة. وغير مشتهاة: اللخمي: يغسلها مجردة مستورة العورة أفضل، والرجال إن عدمن مستورة العورة. الشيخ: في غسلهم الصغيرة جدا روايتا ابن حبيب عن مالك مع أصحابه وابن مزين عن ابن القاسم.

ومرتي الرجل من ذات خارمه الذراعان والشعر وما فوق النحر، ومرئيها منه كرجل منه. عياض: اتفاقا. وفي كونه من أجنبي كذلك، أو كرجل من ذات محرمه، ثالثها: كمرئيه منها لنقل عياض ونقليه مع نقلي ابن رشد مضعفين ثالثها، وألزمه ابن رشد أن تيممه المرأة للكوعين فقط، قال: ولا يوجد لنا. وفي كون مرتيها من أخرى كرجل من آخر، أو منها نقلا عياض عن ظاهر المذهب مع ظاهرها، والقاضي مع سحنون. ابن شعبان: ويعجل غسله إلى موته. ابن حبيب: وييستأني بالغريق ربما غمر الماء قلبه ثم أفاق. ابن رشد: والأولى كونه عند إرادة حمله، وسمع عيسى ابن القاسم: إن غسل من العشي/ وكفن من الغداة أرجو أن يجزئه. الشيخ عن ابن حبيب: لا بأس بتقبيله قبل غسله، وعنه: يوضأ كالحي. المارزي: قال أشهب مرة: في ترك وضوئه سعة، وأخرى: إن وضئ فحسن. ابن بشير: المشهور استحبابه. وفي كونه في الغسلة الأولى أو الثانية نقلا عن المازري. وفي تكريره بتكرير غسله نقلاه عن أشهب، وإنكار سحنون. الباجي: غسلات الوضوء إن كررت مرة مرة، وإلا فثلاث. اللخمي وغيره: يبدأ بميامنه؛ ورواه المارزي. الشيخ عن أشهب: ويدخل يده عليها خرقة نقيه فاه لتنظيف أسنانه وينقي أنفه. وقال ابن حبيب، وأصبغ: يكفي إن كثر الموتى غسلة واحدة دون وضوء، وصب الماء صبا، ولا بأس إن كثروا جدا ولم يوجد ولم يوجد غاسل بإقبارهم دون غسل، وبالنفر في قبر واحد. ابن شعبان: يجوز بماء الورد ونحوه إن لم يكن سرفا لأنه للقاء الملائكة لا للتطهير. الشيخ: الاكتفاء به خلاف قول أهل المدينة، قال: وقوله: لا يغسل بماء زمزم

ميت، ولا نجاسة خلاف قول مالك وأصحابه. قلت: وأبعد منه سماعي ابتداء قراءتي فتوى ابن عبد السلام: لا يكفن في ثوب غسل بماء زمزم. وخير ابن شاس بين سخن الماء وبارده. وفي الجلاب: لا بأس بالسخن. وهو ظاهر المذهب. والمطلوب الإنقاء: اللخمي: لم يقصر عن الثلاث فإن أنقى بأربع خمس، وست سبع. ابن رشد: يستحب الوتر، وأدناه ثلاث. قلت: وقاله ابن حبيب ولم يحد أكثره، فظاهره أنه لو أنقى بثمان أوتر. أبو عمر: قول أكثر أصحاب مالك أكثره ثلاث. المازري: حكموا عن مالك: المعتبر الإنقاء لا العدد؛ تعلقا برواية ابن القاسم: ليس فيه حد معلوم. وفيها: روى ابن وهب: يستحب ثلاثا، أو خمسا بماء وسدر في الأخيرة كافور. فأخذ منه اللخمي غسله بالمضاف كقول ابن شعبان: تنظفا. ابن حبيب: الأولى: بالماء وحده، والثانية: بغاسول بلده إن عدم السدر، فإن عدما فبالماء فقط، والثالثة: بكافور. وروى ابن عبد الحكم: لا بأس بالنطرون، والحرض إن فقد السدر. أشهب: إن عظمت مؤنة الكافور ترك. التونسي: خلط الماء بالسدر يضيفه، وصبه على الجسد بعد حكه به لا يضيفه. قلت: إن كان أخذ اللخمي من كلا الأمرين كان خلافا للتونسي، وإن كان من الأول كان وفاقا، وعليهما طهارة الثوب النجس يصب الماء عليه بعد طليه بالصابون. وسمع موسى ابن القاسم: لا بأس بإرسال شعرها، أو جعله بين أكفانها ولا أعرف ظفره. ابن رشد: هو حسن. ولم يعزه، وعزاه الشيخ لابن حبيب قال: لحديث أم عطية.

والمذهب تجريده للغسل مستور العورة: أشهب: لا يطلع عليه غير غاسله ومن يليه. ابن العربي: كله عورة يستحب غسله عليه ثوب. وظاهر قول عياض: استحب العلماء غسله تحت ثوب لتغيره بالمرض، وكراهته حيا أن يطلع عليه بتلك الصفة- دخول مالك فيهم. الباجي: ظاهر قول أصحابنا إنما يستر عورته، وابن حبيب من سرته إلى ركبته. المازري: واستحب سحنون ستر صدره وصوبه بعضهم. قلت: صوبه اللخمي في من نحل جسمه. الباجي عن أشهب: يستر صدره ووجهه. اللخمي: ستر المرأة منها كالرجل منه من السرة إلى الركبة، وعلى قول سحنون: يستر كل جسدها بالحمام تستره في الغسل، ويخف في المتجالة. وفيها: يفضي لفرجه بيده عليها خرقة. الباجي: كثيفة مطوية مرارا. وفيها: إن اضطر لأن يباشر بيده فعل. الباجي: لإباحة ضرورة التداوي رؤيتها. اللخمي: منع ابن حبيب مباشرتها أحسن كمنع ذلك من حي عجز عن إزالة نجاسة وصحة صلاته كذلك ولا يزال له ظفر ولا شعر. سحنون: ولا يفعله قبل موته لذلك. ابن حبيب وأشهب: وينقي وسخ أظفاره. الشيخ عن ابن حبيب: وما سقط له من شعر وغيره جعل في أكفانه. ونقله الباجي عن ابن حبيب. وفيها: يعصر بطنه خفيفا. فإن خرج منه فضلة غسل محلها. وفي عادة وضوئه- نقلا المازري عن أشهب، وأبي عمر عن أكثر أصحاب مالك، وقولا سحنون وابن عبد الحكم: بطهارة ما ينشف به ميت، ونجاسته على طهارته،

ونجاسته مع تنجيس النجس غير المنفصل منه شيء ما حل قيه. ونقل الشيخ عن ابن القرطي: لا يصلي به، ولا بما أصابه من مائه. خلاف قولهم في الغسالة غير المتغيرة. وفي جواز غسل الجنب، وكراهته- قولا ابن شعبان مع ابن عبد الحكم، ورواية ابن حبيب مع رواية ابن القاسم. وعزا ابن رشد الأول لرواية ابن نافع، ولابن عبدوس عن ابن القاسم، وأجازوه للحائض. وفي وجوب الغسل من غسله- ثالثها: يستحب لسماع ابن القاسم/ وابن رشد عن رواية ابن حبيب، وابن القاسم مع اللخمي عن أشهب. ابن رشد: الأظهر أن قول ابن القاسم كسماعه لا فهم الشيخ عنه أنه مستحب. ويغسل أحد الزوجين صاحبه، ولو قبل البناء: وفيها: ولو وضعت حملها منه. زاد الشيخ عن ابن حبيب، وابن الماجشون: ولو تزوجت واستحب الصقلي منعها إن تزوجت. الشيخ: وفي كراهة غسله إياها بعد نكاحه أختها- قولا ابن حبيب مع أشهب وآخر قولي ابن القاسم، وأولهما. ولم يعزه ابن رشد إلا لسحنون. وما يفسح لغو وما أمضي كصحيح: سحنون: وذو خيار العيب مثله فخرجه اللخمي على قول ابن القاسم: يفيت خياره الموت؛ وعلى قول عبد الملك: ينتقل لوارث ذي الخيار إن رد فلا غسل. ويمنعه الطلاق البائن، وفي الرجعي روايتان: لها، وللمبسوط. وفي القضاء للزوج على أوليائها، ثالثها: إن كانت حرة، ورابعها: إن كان حراً. وشرط العبد إذن ربه لنقلي ابن رد، وابن بشير، واللخمي عن سحنون قائلا: كأنه أجاز للسيد غسلها، ونقل ابن بشير.

وفي القضاء به للزوجة طريقان: ابن رشد: قولان، وعزاهما اللخمي لمحمد، وسحنون، وعزا المازري الأول لمحمد عن ابن القاسم. ابن بشير: ثالثها: إن كانت حرة. اللخمي: إن لم يكن له ولي، أو عجز، وجعله لغيره قضي لها اتفاقا. وليس لسيدته جعله لرجل. وفيها: يستر كل منهما عورة صاحبه. التونسي: ظاهر قول ابن حبيب: يغسل أحدهما صاحبه والميت عريان اختيارا- رؤية كل منهما عورة صاحبه إذ عورتهما في التحقيق كجسدهما، ولتقدم إباحة ذلك في الحياة. أبو عمر: أجمعوا على حرمة نظر فرج حي أو ميت غير الطفل الذي لا أرب فيه. الشيخ عن سحنون: ولا تغسل النصرانية زوجها إلا بحضرة المسلمين، وبعدهما الأولية على رتبة الصلاة. اللخمي: البنت، وبنت البنت في المرأة كالابن وابنه في الرجل. والملك المبيح للوطء كالمدبرة، وأم الولد كالنكاح وغيره كالمعتق بعضها، والمعتقة إلى أجل، والمشتركة لغو. سحنون: للأمة غسل سيدها العبد. اللخمي: إن أعان الزوج بصب الماء ذو محرم منها ستر كل جسدها، إلا المتجالة فكالرجل، وإعانته ذات محرم منها كغسلها لها. الكفن والحنوط: تكفين الميت بستر كله مطلوب، وهو، ومؤنة مواراته مقدم على دينه غير المحوز هو رهنا به. والشهيد بقتل معترك الخروج للجهاد تكفيه ثيابه الساترة، ولو أراد وليه زيادة عليها ففي كونها لا بأس بها، ومنعها نقلا المازري، واللخمي عن أصبغ مع أهب ومالك، ولم يعرف ابن رشد والصقلي الثاني. والشيخ عن العتببي عن أصبغ: إن عراه العدو فحسن أن يكفن فقبله الشيخ.

ابن رشد: بل واجب. المازري: وإن لم يستر ما عليه جميعه ستر باقيه. اللخمي: اتفاقا فيها. وفي نزع درعه، ثالثها: إن كثر ثمنها، لها، ولرواية ابن شعبان، وتخريج اللخمي على قول ابن القاسم: لا ينزع خاتم إلا نفيس الفص، ونقله الشيخ عن مطرف لا ابن القاسم. وفي نزع القلنسوة، والخفين قولا أشهب، واللخمي مع ابن بير، والشيخ عن ابن القاسم مع روايته، وعن مطرف، وتزال عنه سائر آله الحرب. المازري: في كون من مات بعد أن أشكلت حياته بعد ضربه العدو بالمعركة كمجهز عليه، أو كغير شهيد قولا سحنون مع مالك، وأشهب. وروى اللخمي: من أكل أو شرب بين الحياة. ابن القصار: من عاش يوما يأكل، ويشرب بين الحياة. وفيها: من به رمق وهو في غمرة الموت كمجهز عليه، ومن بقيت له حياة ببينة كغيره. الباجي: في كون قتيل العدو في عقر داره كذلك، ثالثها: إن قاتل لأصبغ مع سحنون، وابن القاسم، وابن وهب مع أشهب. المازري: في كون قتيل غير المعترك كقتيله، ثالثها: إن قاتل لأصبغ مع سحنون وابن وهب، وابن شعبان، وابن القاسم. قلت: للشيخ عنه في العتبية: قتيل غير المعترك يغسل. وفي المجموعة: لا يغسل، ونقل المازري عنه ثالث. ابن رشد: نصها كأصبغ، وابن وهب، ودليلها كابن القاسم. الشيخ عن أصبغ وسحنون وأشهب: والمرأة والصبية، والصبي كالرجل. وروى ابن القاسم: المبطون، والغريق، وصاحب ذات الجنب، والمطعون، والحريق، وذو الهدم، وذات الحمل كغيرهم وإن كانوا شهداء. والمذهب رفع الموت

حكم الإحرام. أبو عمر وابن رشد: الفرض من الكفن ساتر العورة، والزائد لستر غيرها سنة. ابن بشير: أقله ثوب يستر كله. ابن عبدوس عن أشهب: لا بأس بثوب واحد، ولو لامرأة، وعنه أيضا: لا يكفي إلا لضرورة. ابن بشير: أو لوصية. سحنون: إن زاد وارث على وصيته بثوب فلا قول لآخر إن حمله ماله. ابن شعبان: إن أوصى بيسير في كفنه منع بعض الورثة من الزيادة ما لم يجتمعوا. ابن رشد: يريد في صفته لا النقص من ثلاثة. وفيها: أحب أن لا ينقص عن ثلاثة أبواب إن وجد. اللخمي وأبو عمر والمازري عن عيسى: يحبر الوارث والغريم على ثلاثة أثواب تشبيهه. ابن محرز عن عيسى: إنما يجبر الغرماء على ثيابه التي لا تباع لدينه. ابن حبيب، ورواية ابن عبدوس: ثوبان أحب من ثوب. ابن حبيب: وثلاثة أحب من أربعة، وروي: أحبه خمسة: عمامة، ومئزر، وقميص، ويلف في ثوبين، والمرأة آكد يشد مئزرها بعصاب من حقويها لركبتيها، وثوب، وخمار، وتلف في ثوبين. ابن شعبان: أقله لها خمسة وأكثره سبعة. اللخمي: يستحب الوتر فوق اثنين، ولا يزاد على سبع، واستحب في المدونة العمامة. وفي الواضحة: القميص. وسمع يحيى ابن القاسم: أحبه ثلاثة بيض يدرج فيها بلا قميص، ولا عمامة فقبله الشيخ. ابن رشد: المعروف له، ولروايته من شأنه أن يعمم، ولا أعرف هذا المسموع له، وإنما أعرفه في العشرة من سماع يحيى من ابن نافع لا ابن القاسم. اللخمي: واسع المدارج بلا قميص، ولا عمامة لا قميص وحده، ولا مدارج وعمامة دونه.

الشيخ عن مطرف: يجعل من عمامته تحت حلقه كالحي، ويترك منها ذراع لتغطية وجهه، ويترك من خمار المرأة كذلك. ولو أوصى فيه بسرف ففي سقوطه، وكونه في ثلثه قول أهب مع ابن القاسم ورواية علي، والشيخ عن سحنون مع رواية اللخمي. الشيخ عن ابن شعبان: هيئته إن تشاحوا كلباس حياته. ابن محرز عن عيسى: يجبر الورثة على ثلاثة أثواب، والغرماء على ثيابه التي لا تباع لدينه. ابن حبيب: يستحب إيصاؤه أن يكفن في ثياب جمعته، وصلاته، وإحرام حجه. ولو سرق بعد دفنه ففي لزوم إعادته، ثالثها: إن لم يقسم ماله لابن القاسم، وأصبغ، وسحنون. وأبعد ابن رشد جعله بعضهم تفسيرا لقول ابن القاسم. وكفن ذي رق على ربه حتى المكاتب. وفي كونه على أب لابن نفقته على أبيه، والعكس، ثالثها: الأول استحبابا لا العكس لابن القاسم مع ابن الماجشون، وأصبغ، وسحنون. وقال بالأول اللخمي. ويختلف في وجوبه لخادم أبيه الواجبة نفقتها عليه. وفي كونه والمؤنة للزوجة الواجبة النفقة على زوجها عليه، أو لا، ثالثها: إن كانت فقيرة وجبت، ورابعها: استحبت. لابن رشد عن ابن الماجشون مع الشيخ عن روايته في الواضحة وعن سحنون مع ابن رشد عن سماع عيسى ابن القاسم قائلا: إن كان لها ولد فعليه في عدمها، ورواية ابن الماجشون في العتبية، والشيخ عن سحنون قائلا: إن كانت أمة فعلى سيدها. الشيخ: وعلي: أن نفقتها على زوجها كالحرة، والفقير على بيت المال فإن تعذر فكفاية. اللخمي: إن فقد ساتر كله بدئ بسوءته من سرته إلى ركبتيه، وما فضل لما فوق ذلك إلى صدره. قال: وجنسه الكتان والقطن. الشيخ عن ابن حبيب: ما جاز في حياته.

قلت: فيدخل الصوف، ويستحب الأبيض، ومنع اللخمي الأزرق، والأخضر، والأسود، وكرهه ابن بشير. وسمع عيسى ابن القاسم: يكفن في المورس، والمزعفر، وغيره من الألوان، وكره مالك المعصفر. ابن رشد: روى علي جوازه، ولو لرجل، وأجازه ابن حبيب للمرأة. وفيها: يكفن في العصب وهو الحبرة. أشهب: الجديد، والخلق الساتر سواء، ولا يجب غسله إلا لنجاسة، أو وسخ. ومن الحرير، ثالثها: يجوز للنساء. لابن رشد عن سماع ابن وهب: توسعته، وقولها: يكره، وابن حبيب. قلت: سماع ابن وهب: لا يعجبني فإن وقع سعته، ابن حبيب: لا بأس بذي علم للرجل، الشيخ: روى ابن عبد الحكم: لا يكفن فيخز، وابن وهب: كراهته، وابن القاسم: للرجل والمرأة. ابن حبيب: لا بأس به للمرأة، وما اضطر إليه من متروك فعل. والحنوط: روى ابن وهب: المسك، والعنبر، وطيب الحي. أشهب: ينشف الميت بثوب مستور العورة، وقد أجمر كفنه وترا أولى من شفع ثم يبسط أوسعه ثم ما يليه. ابن حبيب: ويذر على باطن كل منهما الحنوط، أشهب: وتحنيط لحييه ورأسه واسع. ابن حبيب: تحنط مساجده: وجهه، وكفاه، وركبتاه، وقدماه، وفي عينيه، وفمه، وأذنيه، ومرفقيه، وإبطيه، ورفغيه، وفي القطن بين فخذيه مشدود الخرقة إلى حجرة مئزره. أبو عمر: وجميع جسده إن كثر الحنوط. سحنون: ويسد دبره بقطن فيه ذريرة يبالغ فيه برفق. ابن حبيب: وتسد أذناه ومنخراه بقطن بكافور ثم يعطف الثوب المواليه. أشهب: أيمنه على أيسره والعكس واسع ثم ما يليه إلى آخرها ويشد الثوب عند

رأسه ورجليه، ويحل عند لحده. ابن شعبان: ويخاط عليه كفنه. وفي حمل سريره كيف تيسر، واستحباب حمل أربعة يبدؤوا بمقدمه الأيسر يمين الميت، ويختم بمقدمه الأيمن يسار الميت، ثالثها: بمقدم الجانب الأيمن، ثم مؤخره، ثم بمقدم الجانب الأيسر، ثم مؤخره. للمشهور، والشيخ عن ابن حبيب، واللخمي عن أشهب. وفيها: القول بالابتداء باليمين بدعة. ابن حببيب: لا يمشي به الهوينا بل مشية الشاب في حاجته، ولا يحمله كافر، ولا بأس أن يقوم على قبره ويحفره ويطرح عليه التراب، ويحمل على الدابة إن لم يوجد حامل، أشهب: وحمل الصبي على الأيدي أحب منه على النعش أو الدابة ولا بأس به عليها، روى مطرف: من شأن الناس الازدحام على حمل جنازة الصالح. الأخوان: حمل عمر أسيد بن الحضير، وسعد بن أبي وقاص ابن عوف، وابن عمر أبا هريرة، ابن شعبان: لا يحمل حتي يتكامل مشيعوه. الشيخ: روى أشهب: لا بأس بحمله غير متوضئ، وسمع ابن القاسم: كراهته لعدم صلاته. ابن رشد: إن علم ما يتوضأ به بموضع الجنازة لم يكره، ولم يحك رواية أشهب، وجعلهما المازري قولين. الشيخ عن ابن حبيب: لا بأس بحمله من البادية للحاضرة، ومن موضع لآخر، مات سعيد بن زيد وسعد بن أبي وقاص بالعقيق فحملا للمدينة، ورواه ابن وهب، وروى علي: لا بأس به إلى المصر إن قرب، ابن حبيب: يكره إعظام النعش، وأن يفر تحت الميت قطيفة حرير، أو حمراء، ولا بأس به للمرأة، ولا يفرش نجس، ولا بأس بستر الميت بثوب يزال عند إقباره، ولا بأس بالساج، والوشي لا الأحمر على نعش المرأة، وسمع موسى ابن القاسم: لا يترك سترها بقبة، ولو في سفر، وأكره المباهاة في قدرها زينة. اللخمي: في كون الرجال مشاة أمامها أفضل، أو خلفها قولا أشهب مع مالك،

وأبي مصعب مع مقتضى قول مالك فيها: لا بأس بالمشي أمامها. قلت: هذا وهم؛ إنما فيها: المشي أمامها هو السنة. اللخمي: في استحباب تقدمها الراكب، وتأخره عنها قولا أشهب، وغيره. قلت: عزاه الشيخ لابن شعبان، وكره ابن حبيب الركوب في غير الرجوع. ابن بشير: في أولوية التقدم، أو التأخر، ثالثها: المشهور المشاة، والنساء يتأخرن عن الرجال. الباجي: في منعهن الخروج على الجنائز، ثالثها: الشابة في غير الولد، الوالد، والزوج، ونحوهم، ورابعها: الجواز إلا للشابة فيكره. لابن حبيب مستحبا منعهن الإمام، ولو على أقرب القريب، وسماع ابن القاسم، والمدونة، ورواية عياض. ابن رشد: تخرج المتجالة مطلقا، وتمنع الضخمة مطلقا. ولا بأس أن تسبق، ونسخ القيام لها، وفي كونه نسخ وجوبه لندب، أو لإباحة نقلا ابن رشد عن ابن حبيب، وظاهر المذهب، وسمع ابن القاسم: بئس العمل نزع الأردية في الجنائز. ابن رشد: ونحوه عندنا تبييض الولي على ميته. قلت: ونحوه عندنا تسويده، وخفف ابن حبيب نزعه في جنازة من يخصه بحمله. ولا يصلى على شهيد، لا يغسل لغير جنابة، ويصلى على غيره، وتوهيم الجوزقي في نقله عن مالك: لا يغسل، ويصلى عليه- صواب لاتفاق المذهب، ونقل ابن المنذر، وغيره عنه خلافه. القابسي: لا نص لمالك بوجوبها، وإجازته إياها بتيمم الفرض، وتشبيهه فعلها بعد العصر بسجود التلاوة دليل عدم وجوبها، ورد بأن ذلك لكونها كفاية. وفي وجوبها، وسنتها نقل المازري عن سحنون مع ابن عبد الحكم وأشهب ورواية الجلاب، وأصبغ، وقال مرة: سنة واجبة. ابن زرقون: في تلقين الشارقي: هي مستحبة، ورواه ابن عيشون. وفي كراهة انصراف من شهد جنازة دون صلاتها، وإباحته سماعا أشهب، وابن القاسم.

ابن رشد: بناء على شرط استحقاق ثواب هودها بالصلاة ونفيه. وفي كونها بإمام رط إجزاء: يجب تلافيه ما لم يفت، أو كمال: يستحب تلافيه طريقا ابن رشد واللخمي. وفي منع إعادتها بعد الإجزاء قبل إقباره رواية أبي عمر، واختياره مع نقل بن رشد، واستدل ابن عبد الحكم: "بلا تصل"؛ فرده اللخمي بأن النهي عن شيء إنما يكون أمرا بضده إذا كان واحدا كالنهي عن الفطر أمراً بالصوم، لا متعددا، وضد المنع من الصلاة أعم من وجوبها، وندبها، وإباحتها. المازري: لم يكن من خائضي علم الأصول بل حفظ منها شيئا ربما وضعه غير محله كهذه مثل مرة الضد بنقيض الفعل، ومرة بنقيض الحكم فالأول: من قاعدة الأمر بالشيء نهي عن ضده، والثاني: من قاعدة المفهوم، وشرط الأولى: اتحاد متعلق الحكمين، والثاني: تعدده، والمتعلق في هذه متعدد المنافق والمؤمن فليست من الأولى؛ بل من الثانية، وإليه أشار الشيخ، والبغداديون، وتقرير تعقبه على القواعد أن مقتضى المفهوم ثبوت نقيض الحكم المنطوق في نقيض متعلقه، ونقيض النهي أعم من الوجوب، والندب، والإباحة، لا يقال: الإباحة منفيه إجماعا فتعين الطلب؛ لأنه تمسك بالإجماع، والمدعى النص وحده، ولأن الطلب أعم من الوجوب المدعى، وكون نهي الآية تحريما فيوجب كون مفهومه الوجوب يفتقر لما لا يسع تقريره. وقول ابن بشير: قول اللخمي غلطة فاحشة؛ لأن الضد حقيقة الأمر فإن كان النهي تحريما كان وجوبا، وإن كان كراهة كان ندبا غلطة فاحشة لنص المازري- وهو الحق-: نقيض النهي أعم من الوجوب، والإباحة وقوله: كون ضد التحريم الوجوب لا يسع تقريره. وسمع ابن القاسم: الجلوس بالمسجد أحب إلي من شهود الجنازة إلا لحق جوار، أو قرابة أو مرجو بركته. ابن القاسم: وكذا كل مسجد. ابن رشد: أفضل الصلاة: الفرض، ثم الوتر، ثم الجنازة، ثم السنة، ثم الفضيلة، ثم النافلة.

وتمنع على من حكم بكفره ولو صغيرا. وفي اعتبار ردة الصغير المميز، ولغوها قولان لها، ولسحنون قائلا: يجبر على الإسلام بغير القتل، ويورث، وفي اعتبار إسلامه قولا ابن القاسم/ وصوب اللخمي الأول فيهما. التونسي عن ابن عبدوس: تناقض ابن القاسم في قوله: تقع الفرقة بإسلامها، وتوطأ به إن كانت مجوسية لا بإسلامه، وسواها به سحنون، وقال: لا توطأ به. وسمع موسى ابن القاسم: إن اختلط كافر بمسلمين غسل الكل، وصلي عليهم، ونوى المسلمون. والنفقة عليهم. وفي كون العكس كذلك أو لا قولا سحنون، وأشهب. العتبي عن سحنون: لو التبس مسلم بيهودي معهما مال جهل ربه منهما أنفق عليهما منه، ونوي بالصلاة عليهما المسلم، ووقف باقيه. ابن رشد: إن استحقه ورثة أحدهما حيز له ما كفن به الآخر من بيت المال، وإن ادعاه ورثتهما، ولا بينه حلفا، وقسم بينهما. ولو وجد بفلاةِ أو زقاق مدينة من شك في إسلامه ففي مواراته بلا غسل وصلاة، أو بهما إن علم اختتانه بمر اليد على محله من فوق ثوب قولا ابن حبيب مع سماع موسى ابن القاسم، وابن وهب. الشيخ عن ابن كنانة: ما لفظه البحر إن عرف أنه مسلم دفن، سحنون: إن عميت العلامات؛ فإن كان غالب سفنه للمسلمين صلي عليه، أو نوي بالدعاء المسلم، وفي العكس العكس. وفي الصلاة على المبتدعة كالقدرية، والإباضية كأهل الكبائر، ومنعها لكفرهم نقل ابن محرز عن سحنون حاملا نهي مالك عن شهود جنائزهم على الأدب لهم، مع ابن رشد عن سماع القرينين: ترك الصلاة خلف الإباضة أحب إلي، وعن سماع ابن القاسم: ما آية أشد على أهل الأهواء من آية: (يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ (106)) (آل عمران: 106) مع قول جهادها: يستتاب القدرية فإن تابوا، وإلا قتلوا. عياض: الأول آخر قوليه وهو دليل قولها: لا يعيد مأمومه أبداً، والثاني قول ابن شعبان، ورواية التستري عن مالك نصاً.

وفي جبر الصبي غير العاقل دينه من سبي أهل الكتاب، ثالثها: إن لم يسب معه أبوه، ورابعها: أو أمه، وخامسها: إن لم يكن معه أبوه في ملك، وسادسها: أو أمه لابن نافع، وابن القاسم، ورواية معنن، مع رواية المدنيين، وابن الماجشون، ونقلي ابن رشد. وسمع ابن خالد ابن القاسم: لو عقل دينه لم يجبر، ابن رشد: لا نص يخالفه، ويتخرج على بعد جبره من عدم اعتبار إسلامه. قلت: هذا ممتنع لا بعيد لأنه يخرج للشيء على نقيضه، ولو مات حيث يجبر ففي كونه مسلمًا بمجرد ملكه مسلٌم، أو حتى ينوي إسلامه، أو حتى يقدم ملكه ويزينه زي الإسلام ويشرعه شرائعه، أو حتى يعقل ويجيب حين إثغاره، خامسها: حتى يجيب بعد احتلامه لابن دينار مع رواية مع، وابن وهب، وابن حبيب، ونقل ابن رشد، وسحنون، وعزا عياض الأولين لروايتين فيها. وصغير سبي المجوس يجبر إن لم يسب معه أحد أبويه اتفاقًا، وإلا فعلى ما مر. وفي جبر كبير سبي المجوس قولا ابن القاسم. ولا يجبر كبير سبي أهل الكتاب. ابن حبيب: لا يجبر مما ولد للكتابي في ملك مسلم بخلاف السبي وعكسه أبو مصعب. الشيخ عن ابن حبيب: إن وجد منبوٌذ ميتًا، أو مات بعد وجوده صلي عليه، ولو وجد بكنيسة عليه زي النصارى إن كان ببلد مسلمين بخلاف الكبير لجبره. الشيخ: روى علي: الكتابية تموت بحمل من مسلم يلي دفنها أهل دينها بمقبرتهم. فنقل ابن غلاب عن المذهب: تدفن بطرف مقبرة المسلمين- وهٌم. وسمع ابن القاسم معها: لا يغسل المسلم أباه الكافر، ولا يتبعه إلا أن يخاف ضياعه فيواريه، الشيخ عن أشهب: ولا يتعمد به قبلة أحد، وروى ابن حبيب: لا بأس أن يقوم بأمر أمه الكافرة، ويكفنها ثم يسلمها لأهل دينها، ولا يصحبها إلا أن يخشى ضياعها فيتقدم إلى قبرها، ولا يدخلها فيه إلا أن لا يجد كافيًا، وقاله ابن حبيب في الأب، والأخ، وشبهه، وزاد: إن لم يخش ضياعه، وأحب حضور دفنه فليتقدمه معتزلًا عنه، وعن حامله.

الشيخ: روى علي إن مات ذمي ليس معه أحد من أهل دينه ووري لذمته. قلت: مفهومه لو كان حربيًا فلا. وفيها: إن خيف ضياع الكافر ووري. وفي تركها على المعروف بالفسق لقيام الغير بها، ثالثها: إن أدب فمات لم يجتنب لروايتي ابن شعبان مع ابن وهب، وابن حبيب، واللخمي. وفيها: من مات بجلد الحد صلى الإمام عليه. وفي اجتنابها الإمام على قتيل قصاٍص، أو حٍّد، ولو قتل دونه قولا المشهور، والمازري عن ابن نافع في قتيل الحد، وزاد ابن رشد عنه: في قتيل القصاص، وابن عبد الحكم: في المرجوم: فألزمه اللخمي قتيل القصاص، وفرق ابن رشد بأن الرجم كفارة بإجماع بخلاف القود، وقتل الحرابة لقوله تعالى: {ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآَخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ} [المائدة:33]. وفي قتل المحارب قبل صلبه، أو على خشبته، ثالثها: الإمام مخير لأشهب، وابن رشد مع ابن الماجشون، وابن القاسم. وعلى الأول يصلى عليه قبل صلبه، وعلى الثاني في الصلاة عليه على خشبته، وتركها، ثالثها: ينزل عنها للصلاة، ويدفن، ورابعها: ويعاد عليها لنقل ابن رشد قولي ابن الماجشون وقولي سحنون. ويصلى على من ولد إن علمت حياته، وروى مطرف كراهتها عليه في المنزل، وتأول ابن حبيب فعله ابن عمر بعجزه، وإن جهلت فكالسقط لا يصلى عليه، والصراخ دليلها اتفاقًا. ابن حبيب: ولو كان خفيًا. اللخمي عن القاضي: وطول مكثه مدة لا يبقى لها إلا حي. وفي رضاعه قول ابن وهب، ورواية اللخمي. المازري: إلغاءه تشكيك في الضروريات. وفي حركته البينة، وعطاسه، ثالثها: الأول فقط لنقل اللخمي، وروايته مع قول ابن حبيب: ولو أقام يومًا يتنفس، ويفتح عينيه، واختيار اللخمي.

ابن حارث عن عون عن يحيى: حركة من أقام أكثر من عشرين يومًا لغو. عبد الحق: قول القاضي: طول المكث كاستهلال أحسن، وبوله لغو. وفي الصلاة على بعض الجسد مطلقًا، وإن كان رأسًا، وإن بلغ النصف، أو الجل مجتمعًا، خامسها: أو مفرقًا لابن رشد عن ابن حبيب مع ابن أبي سلمة الماجشون وابنه وابن رشد والشيخ عن رواية ابن حبيب وسماع موسى ورواية ابن القاسم معبرًا بالجل أو الأكثر لفظ المدونة مع قول أشهب: لا يصلى على شقه مع رأسه. الشيخ عنه: ويصلى على البدن دون رأس، وأطراف لا العكس. وفي الصلاة على غريق، أو أكيل قولا ابن حبيب مع ابن أبي سلمة، والمشهور. وفي منعها على قبر من صلى عليه قولا المشهور، واللخمي مع نقله، ورواية ابن القصار، وأبي عمر، ونقله عن ابن عبد الحكم، وابن وهب، وزاد ابن رشد في رواية ابن القصار: ما لم يطل، وأقصى ما قيل فيه شهر. ابن رشد: من دفن دون صلاة أخرج لها ما لم يفت فإن فات ففي الصلاة على قبره قولا ابن القاسم مع ابن وهب، وسحنون مع أشهب، ورواية المبسوط، وشرط الأول: ما لم يطل حتى يذهب الميت بفناء أو غيره. وفي كون الفوت إهالة التراب عليه، أو الفراغ من دفنه، ثالثها: خوف تغيره لأشهب، وسماع عيسى ابن وهب، وسحنون مع عيسى وابن القاسم. الشيخ عن أشهب: نسيان غسله كنسيان صلاته. التونسي: رواه علي. ابن بشير: قيل: يخرج للصلاة ما لم يتغير، وقيل: لا مطلقًا، وقيل: إن طال، فظاهر نقل ابن الحاجب، ونص ابن عبد السلام: يخرج مطلقًا- لا أعرفه. ابن بشير: وكذلك اختلف فيمن دفن معه ما عز ثمنه، أو مست الحاجة إليه. الشيخ: سمع عيسى ابن القاسم: من دفن بثوب لغيره نبش لأخذه ربه ما لم يطل، أو يرح الميت. العتبي عن سحنون: يخرج لثوب عليه لغيره، أو خاتم، أو دنانير، وفي كتاب ابنه: إن نسي في قبره كيس أو ثوب رجل أخرج بحدثانه، وإن طال نبش ما لم يعطه الورثة

قيمة ثوب. وتكبيرها أربع: ابن رشد: إجماعًا فإن زاد إمام لم تبطل، ولا يتبع. وفي انتظار سلامه، وتعجيله قبله نقل الشيخ عن محمد عن أشهب مع ابن حبيب عن الأخوين، ورواية ابن الماجشون، واللخمي عن ابن وهب، والشيخ عن رواية ابن القاسم مع سماع ابن وهب، وعزا أبو عمر الأول لروايتهما. وفي اعتداد مسبوق بها فيكبرها، ولغوها، ولو كبرها قولا أصبغ، وابن رشد مع أشهب، والأخوين، ورواية ابن الماجشون. الشيخ عن ابن حبيب: إن نقص عن الأربع أتمها إن قرب، وإلا ابتدأ ما لم يدفن. وفي استحباب رفع اليدين في الأولى فقط، أو كلها، أو لا يرفع، رابعها: في الأولى، ويخير في غيرها لروايتي ابن القاسم، وابن وهب فيها، واللخمي عن رواية ابن القاسم مالكًا مع ابن رشد عن الأسدية، والشيخ عن ابن حبيب عن فعل ابن القاسم، وسماع القرينين. والمسبوق ببعض التكبير فيها لا يكبر حتى يكبر إمامه زاد في رواية ابن عبد الحكم: ويدخل معه بالنية، ونحوه رواية علي: ينتظر داعيًا. وسمع القرينان: يكبر واحدة، ويقضي بعد سلام إمامه باقي التكبير. ابن حارث: روي لأشهب يكبر، ولا يعتد بها. القابسي: إن مضى جل الدعاء أمهل، وأيسره كبر. الشيخ: روى ابن نافع: من فاته كل التكبير لم يكبر. المازري: أخذ منه القابسي قصر الخلاف على مدرك بعضه. قلت: على تخريج اللخمي على الغائب في القاضي يكبر. وفي قضاء التكبير متتابعًا، أو بدعاء، ثالثها: مخير، ورابعها: إن ترك له الميت لرواية علي معها، وأبي عمر عن رواية ابن شعبان مع تخريج اللخمي على الصلاة على الغائب، وأبي عمر عن ابن شعبان، وابن الجلاب، ونحوه قول ابن حبيب: إن تأخر رفعها أمهل في دعائه، وإلا فإن دعا خفف.

وبين كل تكبيرتين دعاء، وفي استحباب ابتدائه بالحمد، والصلاة روايتان، وذلك في سائر التكبير واسع، وفي الدعاء بعد الرابعة قولا اللخمي مع سحنون، وابن حبيب، ولا يتعين دعاء اتفاقًا، وقول ابن بشير: لا يستحب دعاٌء معين اتفاقًا، بعيٌد، بل في المشهور، وللشيخ في الرسالة والنوادر مستحب طويل، والأقرب مستحب. الصقلي: في الأولى، الحمد لله الذي أمات، وأحيا، والحمد الذي يحيي الموتى له العظمة، والكبرياء، والملك، والعزة، والسناء، وهو على كل شيء قدير، اللهم صل على محمد، وعلى آل محمد، وارحم محمدًا وآل محمد، وبارك على محمد، وعلى آل محمد، كما صليت، ورحمت، وباركت على إبراهيم، وعلى آل إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد، اللهم اغفر له، وارحمه، واعف عنه، وعافه، وأكرم نزله، ووسع مدخله، واغسله بماء، وثلج، وبرد، ونقه من الخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس، وأبدل له دارًا خيرًا من داره، وأهلًا خيرًا من أهله، وزوجًا خيرًا من زوجه، وقه فتنة القبر، وعذاب جهنم. وفي الثانية: ما تقدم من الحمد، والتصلية، ثم: اللهم إنه عبدك، وابن عبدك، وابن أمتك كان يشهد أن لا إله إلا أنت، وأن محمدًا عبدك، ورسولك، وأنت أعلم به، اللهم إن كان محسنًا فزد في إحسانه، وإن كان مسيئًا فتجاوز عنه، اللهم لا تحرمنا أجره، ولا تفتنا بعده. وفي الثالثة: ما تقدم من حمد، وتصلية، ثم، اللهم إنه عبدك ابن أمتك أنت خلقته، ورزقته، وأنت هديته للإسلام، وأنت قبضت روحه، وأنت أعلم بسره، وعلانيته جئنا شفعاء له، اللهم إنا نستجير بحبل جوارك إنك ذو وفاء وذمة، أعذه من فتنة القبر، ومن عذاب جهنم، اللهم إن كان محسنًا فزد في إحسانه، وإن كان مسيئًا، فتجاوز عن سيئاته، اللهم نول له قبره، وألحقه بنبيك صلى الله عليه وسلم. وفي الرابعة: بعد الحمد، والتصلية، اللهم اغفر لحينا، وميتنا، وحاضرنا، وغائبنا، وصغيرنا، وكبيرنا، وذكرنا، وأنثانا أنت تعلم متقلبنا، ومثوانا، ولوالدينا، ولمن سبقنا بالإيمان، اللهم من أحييته منا فأحيه على الإسلام، ومن توفيته منا فتوفه على الإيمان، وأسعدنا بلقائك، وطيبنا للموت، واجعل فيه راحتنا. الشيخ: لا تقول في المرأة أبدلها زوجا خيرًا من زوجها.

وروى اللخمي في الطفل يسأل له الجنة ويستعاذ له من النار. اللخمي عن ابن حبيب: يقول بعد الحمد، والتصلية: اللهم إنه عبدك، وابن عبدك أنت خلقته، وأنت قبضته إليك، وأنت أعلم بما كان عاملًا، وصائرًا إليه، اللهم جاف الأرض عن جنبيه، وأفسح له في قبره، وافتح أبواب السماء لروحه، وأبدله دارًا خيرًا من داره، وأعذه من عذاب القبر، وعذاب النار، وصيره إلى جنتك برحمتك، وألحقه بصالح سلف المؤمنين في كفالة إبراهيم، واجعله لنا، ولأبويه سلفًا، وذخرًا، وفرطًا، وأجرًا، وثقل به موازينهم، وأعظم به أجورهم، ولا تحرمنا، وإياهم أجره، ولا تفتنا، وإياهم بعده. نقول ذلك إثر كل تكبيرة. وفي النوادر عنه: إنما يقول إثر التكبير الأولى الحمد، والتصلية، وهذا الدعاء إثر غيرها. اللخمي: وقيل الطفل لا يعذب لقوله تعالى: {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا} [الإسراء:15]. والمشهور: لا يقرأ. الباجي عن أشهب: يقرأ إثر الأولى بالفاتحة، وسمع زياد: إن كبر الإمام دون دعاء أعاد الصلاة. ابن رشد: أقله اللهم اغفر له. عبد الحق عن إسماعيل: قدر الدعاء بين كل تكبيرتين قدر الفاتحة، وسورة. العتبي عن ابن القاسم: يسلم الإمام واحدة يسمع من يليه، والمأموم واحدة يسمع نفسه، ولا بأس أن يسمع من يليه. ابن رشد: سماع ابن غانم: يرد على الإمام من سلم عليه مفسر لسائر الروايات. الباجي: في جهر الإمام بسلامه وسره روايتا ابن القاسم، وغيره فيعرف سلامه بانصرافه، والمأموم يسره، وفي رده على إمامه روايتا ابن غانم، وابن حبيب وهما على جهره وسره. ابن زرقون: كذا نقل الشيخ رواية ابن حبيب، ونقلها عبد الحق، والصقلي من الواضحة: لا يرد عليه إلا من سمعه، وكذا روى ابن غانم. وجمع الجنائز في صلاة جائز، وفي مستحب وضعها طرق. الشيخ: في جعلها صفًا من الإمام للقبلة أو التخيير فيه. وفي جعلها من المغرب للمشرق صفًا، أو صفوفًا إن كثرت، ثالثها: إن كانا اثنين، وإلا فمن المغرب للمشرق، ورابعها: إن كانت عشرين لابن عبدوس عن رواية ابن

القاسم أول قوله، وثانيه مع رواية أشهب، وقول ابن كنانة: أحب في رجلين كون أحدهما خلف الآخر، وإن جعلا سطرًا فواسع، وأشهب معه قائلًا: الثلاثة كالاثنين، وابن حبيب عن الأخوين. اللخمي: إن كانوا رجالًا، أو نساًء في جعلهم صفًا إلى القبلة، والتخيير في ذلك. وفي جعلهم من المشرق إلى المغرب روايتان، واختار الأولى في النساء مطلقًا. والرجال إن قل كفنهم، ولم يكن قطنًا ليبعدوا عن الجماعة: ابن رشد: إن قلت كثلاثة، ونحوها. ابن حبيب: إلى ما دون عشرين ففي جعلها صفًا واحدًا إلى القبلة، أو التخيير فيه، وفي جعلها صفًا من الغرب إلى الشرق رواية ابن كنانة، أول قوله ورواية غيره آخره، ويقومان منها. وإن كثرت جعلت صفوفًا اتفاقًا، والأولى وترًا يقوم الإمام عند وسطها. وفي الشفع بين رجلي أيمنه، ورأس أيسره، والأفضل أيمنه، ثم أيسره، ثم تالي الأفضل، فالأفضل. والأفضل فيما صف للقبلة ما يلي الإمام. ويقدم بالغ الحر الذكر على غيره اتفاقًا، وفي تقديم صغيرة على بالغ ذي الرق الذكر قولان لابن رشد عن ابن حبيب مع ابن القاسم وابن أبي حازم ورواية ابن حبيب، وسماع موسى ابن القاسم مع رواية المبسوط: ويقدم على غيره اتفاقًا. ويقدم ذو الرق الذكر- ولو لم يبلغ- على خنثاه، وعلى الأنثى- ولو حرة- وقاله ابن رشد واللخمي. الباجي عن ابن حبيب: عمن لقي من أصحاب مالك: تقدم الحرة على صغيرة، وقبله ابن زرقون، ولم أجده في النوادر، وإنما فيها له عنهم: يقدم العبد على الحرة. وفي تقديمه- ولو لم يحتلم- على خنثى الحر طريقا المقدمات مع اللخمي، وأول قول ابن رشد في البيان وآخره. ويقدم الخنثى على أنثاه مطلقًا، والحرة على ذات الرق، والبالغ على غيره فالمراتب اثنتا عشرة خارج ضرب الخنثى، ومقابليه في الكبير والعبد ومقابلهما. ابن محرز عن القاضي: يقدم الصبي على الخصي، والخصي على المجبوب فتبلغ

المراتب عشرين بزيادة خارج ضرب الذكر الحر كبيرًا، أو صغيرًا، والعبد كذلك في الخصي والمجبوب. المازري: الخصي، والخنثى بعد العبد قبل الأنثى. اللخمي: استحب تقديم خصي الحر على صغيرة قد قيل يكون إمامًا راتبًا مطلقًا، ويقدم في كل صنف منها الأعلم، والأفضل على الأسن. وفي تقديم الأعلم على الأفضل، أو العكس قولا ابن رشد مع أحد نقليه، والآخر: والأسن على من دونه. وسمع ابن غانم: ولو نوى الإمام أحدها، ومن خلفه جميعها فغير منوي الإمام كمن لم يصل عليه. وروى ابن نافع: لو نوى امرأة رجلًا، أو العكس لم تعد، وقد يصلى على جنازة من لا يعرف أنها رجل، أو امرأة في ليل، أو أخريات الناس ذلك واسع. وأحل أولياء متعددها بإمامة صلاتها أفضلهم إن اتحد صنفها. ولو كانا رجلًا، وامرأة، ووليها أفضل، فروى ابن حبيب: يقدم، وابن الماجشون: ولي الرجل قائلًا: ماتت أم كلثوم بنت علي امرأة عمر، وابنها زيد بن عمر معًا فكانت فيهما ثلاث سنن: لم يرث أحدهما الآخر، وقدم الحسن ابن عمر للصلاة، ووليه الغلام. الصقلي عن غيره: ودفنا في قبر، وجعل الغلام للقبلة. أشهب: ويقف الإمام وسط الميت أحب إلي، وإن تيامن لصدره فحسن. الشيخ: في المدونة عن ابن مسعود: في المرأة عند منكبيها. وروى ابن غانم: وسطها. ابن شعبان: حيث شاء من الميت. اللخمي: الأحسن التيامن للصدر في الرجل مطلقًا، والمرأة إن كان عليها قبة، أو كفنها بالقطن، وإلا فوسطها، ويجعل رأسه عن يمين الإمام. سحنون وابن القاسم: لو عكس لم يعد، ولو صلوا لغير القبلة لم يعد بعد دفنه، وقبله، سحنون: كذلك. ابن القاسم: إعادتها حسن لا واجب.

أشهب: تعاد ما لم يخف فسادها. فرد ابن رشد قول سحنون لابن القاسم، وزاد له: تعاد ما لم ينقض النهار، أو الليل إن صلى عليها نهارًا، أو ليلًا. وسمع موسى ابن القاسم: صلاتها ناسي وضوئه خلف متوضئ مجزئة. وصلاتها إمام ناسي جنابته يجزئه كالفرض. ابن رشد: فيجري خلافها فيها. وسمع موسى ابن القاسم: إن قهقه إمامه بطلت، وإن أحدث، أو رعف استخلف، وإلا قدموا بعضهم. الشيخ: وقاله سحنون، ولابنه عن أشهب: إن قهقه، أو تعمد كلامًا قدموا من يتمها بهم، وابتدأ هو خلفه. ولم يحكه ابن رشد. وقولها: إن توضأ لاستخلافه لحدثه فأدرك بعض التكبير إن شاء رجع، أو ترك، دليل سقوط الكفاية بشروع من يكفيه فيه. أصبغ، وابن القاسم، وابن الماجشون: إن ذكر إمامها منسية تمادى. ابن رشد: وقاله ابن حبيب مطلقًا، ويلزمه إن كان في خناق وقت المنسية أن يستخلف كالفرض. وروى ابن غانم: وصي الميت بالصلاة عليه أولى من الولي. الشيخ: روى سحنون: إن كان لعداوة بينه وبين وليه فالولي أحق. اللخمي: الوصي أحق، وإن كان لعداوة الولي إن لم يكن ذا دين، وفضل لتهمته في تقصيره في الدعاء له، وإن كان دينًا فاضلًا فهو أحق من الوصي. ابن محرز عن سحنون: والوصي أحق من الخليفة، وهو أحق من الولي. ابن رشد: في تقديم خليفته على الخطبة، والصلاة مطلقًا على الولي، أو إن كان ذا إمرة شرطة، أو جند، أو قضاء، ثالثها: لا يشترط في القاضي خلافته على صلاة، ورابعها: الولي مقدم عليه لابن حبيب عن ابن القاسم، والمدونة، وابن وهب، والأخوين. ابن رشد: نقل ابن حبيب عن ابن القاسم لا يوجد له نصًا، والخليفة على الصلاة دون خطبة أو على إمرة فقط الولي أحق منه اتفاقًا. وفي كون والي الخليفة على موضٍع كالمدينة، ومصر مقدمًا اتفاقًا، أو اختلافًا، احتماٌل، لقول ابن الحارث: اتفقوا على تقديم

والي المصر الذي إليه الطاعة ولاية الصلاة، والعزل عنها، وقول اللخمي: اختلفوا في غير السلطان الأمير الأعلى، وأحق الأولياء أقعدهم كالنكاح فإن تساووا ففي تقديم الأفضل على الأسن، أو القرعة رواية ابن حارث ونقله عن أشهب. ابن رشد: إن استووا علمًا، وفضلًا، وسنًا فأحسنهم خلقًا فإن استووا ففي القرعة، وتقديم الأحسن خلقًا قولان. وسمع القرينان: صلاة غير الابن المراهق على أبيه أحب إلي. ابن رشد: المراهق من أنبت، وآنسه الاحتلام، ولم يبلغ أقصى سنه، فإن أقر بعدم الاحتلام لم يصل عليه، وإن ادعاه فهو، والمستحب صلاة غيره، واختلاف قول مالك فيمن طلق، أو وجب عليه حد إنما يرجع لتصديقه في عدم احتلامه، وإنما لم يصل عليه إذا أقر بعدم الاحتلام لأنه غير مثاب، وقيل: مثاب. قلت: هو الحق لحديث: "ألهذا حج؟ قال: نعم". وفي صحة تقديم الأحق أبعد ممن يليه قولا ابن حبيب مع أصبغ وابن الماجشون، وابن عبد الحكم. وسمع أشهب: منع تقديم ابن صغير ابن عمه على ابن أخيه البالغين فجعله ابن حارث كابن عبد الحكم، وتعقبه ابن رشد بأنه لصغره. وفي تقديم الأبعد الحر على الابن العبد قولا السليمانية، وابن محرز. وفيها: إن أتى بجنازة أثناء الصلاة على أولى كملت على أولى كملت عليها، وابتدئت على الثانية. وفي الصلاة عليها بالمسجد، ومنعها، ثالثها: يكره، لقوله اللخمي: إجازتها عائشة أحسن، ونقله عن ابن شعبان: لا توضع به لأنها ميتة، وعنها، وقول ابن حبيب: لو فعل ما كان ضيقًا، لفعله سهيل، وعمر وأقرب للجواز منه للكراهة، وعبر المازري عن المذهب بالمنع.

وفيها: أكره وضعها بالمسجد فإن وضعت قربه فلا بأس أن يصلي عليها من به بصلاة الإمام إن ضاق خارجه بأهله. وفيها: إن لم يحضره إلا نساء صلين عليه واحدة واحدة. ابن لبابة: أفذاذًا مرة واحدة، وإلا كان إعادة للصلاة، وقد منعها، ورده القابسي رواية العسال: واحدة بعد واحدة. الشيخ عن أشهب: تؤمهن إحداهن وسطهن. ابن حبيب: اللحد أحب من الشق إن أمكن. مالك: كٌل واسٌع، واللحد أحب، وهو الحفر في قبلة القبر، والشق في وسطه. ابن حبيب: يستحب أن لا يعمق القبر جدًا، بل قدر عظم الذراع فقبله الشيخ. وقال الباجي: لعله في حفر اللحد، وأما نفس القبر فيكون أكثر. ابن عات: من رأى تعميقه القامة والقامتين، إنما رآه في أرض الوحش، أو توقع النبش. وسمع موسى ابن القاسم: أكره الدفن في التابوت، وجعل الألواح على اللحد إن وجد لبن أو آجر. ابن رشد عن ابن حبيب: أفضله اللبن، ثم الألواح، ثم القراميد، ثم الآجر، ثم الحجارة، ثم القصب، ثم سن التراب، وهو خير من التابوت. ابن القاسم وأشهب: لا بأس باللبن، أو القصب، أو اللوح. سحنون: لم يكره الألواح غير ابن القاسم. ابن عات عن بعضهم: التابوت مكروه عند أهل العلم، وقال بعض الصالحين: ما جنبي الأيمن بأحق بالتراب من جنبي الأيسر، وأمر أن يحثى عليه التراب دون غطاء. وسمع موسى ابن القاسم معها: الزوج أولى بإنزال المرأة قبرها من وليها. ابن سيده: اللبنة، واللبنة: ما يعمل من الطين بالتبن، وربما عمل بدونه والجمع لبن ولبن. أشهب: تسنيم القبر أحب من ترفيعه. ابن حبيب: لا يرفع.

اللخمي عن ابن مسلمة: لا بأس أن يرفع، وهو الزيادة على تسنيمه. الجلاب: يسطح، ولا يسنم، ويرفع عن الأرض قليلًا بقدر ما يعرف به. وضعف عياض تفسيرها اللخمي بكراهة تسنيمها، لأنه فيها لآثارها لا لأجوبتها. وسمع ابن القاسم: كراهة البناء على القبر وجعل البلاطة المكتوبة عليه. ابن القاسم: لا بأس بالحجر، والعود يجعل على القبر يعرف. ابن حبيب: لا يجصص، ولا يبيض بالتربة. ابن عبد الحكم: لا تنفذ الوصية بالبناء على القبر. اللخمي: يريد بناء البيوت، ولا بأس بالحائط اليسير ارتفاعه حاجزًا بين القبور لتعرف. وفتوى ابن رشد بهدم بناء على قبر نحو عشرة أشبار دليل حمل الكراهة على التحريم. ابن بشير: بناء المباهاة حرام، أو لحوز الموضع جائز، ولتمييز القبر عن غيره نقل اللخمي الكراهة لها، والجواز لغيرها، وهو الظاهر، وتحمل كراهتها على غر التمييز. المازري عن ابن القصار: إنما يكره عليها، أو حولها في الأرض المباحة للتضييق، وهو في المملوكة جائز، وضعف عياض تخريج بعضهم جواز البناء عليه من تجويز أشهب ترفيعه، وقال الحاكم في مستدركه إثر تصحيحه أحاديث النهي عن البناء، والكتب على القبر: ليس العمل عليها فإن أئمة المسلمين شرقًا، وغربًا مكتوب على قبورهم، وهو عمل أخذه الخلف عن السلف. وأفتى ابن رشد بوجوب هدم ما بني في مقابر المسلمين من السقائف، والقبب، والروضات، وألا يبقى من جدرانها إلا قدر ما يميز به الرجل قبر قريبه لئلا يأتي من يريد الدفن بذلك الموضع، وذلك قدر ما يمكن دخوله من كل ناحية دون باب- ونقض ذلك لقربه- قال: وإن كان باؤها في ملك بانيها فحكمها حكم بناء الدور. قلت: إن كانت حيث لا يأوي إليها أهل الفساد. ومن دفن في ملك غيره دون إذنه في إخراجه المالك مطلقًا، أو إن كان بالفور نقلاً

ابن بشير واللخمي. الشيخ: إن طال فله الانتفاع بظاهر أرضه، ومن دفن في قبر غيره بجبانة لم يخرج، وفي لزوم فاعله حفر مثله أو قيمة حفره، أو الأقل منها، أو من قيمة الثاني، رابعها: الأكثر منهما لجواب بعض العلماء سؤال سحنون، وابن اللباد، والقابسي، واللخمي، ونقل ابن الحاجب: ما يختاره من حفر، أو قيمة حفر، أو ما يختار عليه منهما، وقبوله ابن عبد السلام- لا أعرفه. وقبر غير السقط حبٌس، ولو اطلع عليه بدار مبتاعها فالرواية: يخير، وتعقبها عبد الحق بأنه يسير فتجب قيمته، ورده ابن بشير بأن لزومه كثرة. ابن عبد الغفور: تحرث المقبرة بعد عشر سنين إن ضاقت عن الدفن، وقال غيره: لا يجوز أخذ حجر المقابر العافية، ولا لبناء قنطرة، أو مسجد، وعلى هذا لا يجوز حرثها، ثم قال: إن حرثت قبل عفوها، أو بعد جعل كراؤها في مؤنة دفن الفقراء. ابن عبدوس: روى ابن القاسم في ذوي فناء يرمون به غابوا فدفن فيه فقدموا فأرادوا تسوية قبوره للرمي فيه: لهم ذلك فيما قدم، ولا أحبه في الجديد. الشيخ: لو كان ملكهم كان لهم الانتفاع بظاهرها. ابن رشد: لو كانت ملكهم كان لهم نبشها، وتحويلهم لمقابر المسلمين، وفعله معاوية لما أراد إجراء العين التي بجانب أحد، قال جابر: لما أراده نادى مناديه بالمدينة من كان له بها قتيل فليخرجه، وليحوله فأخرجناهم رطابًا ينثنون، وسمع ابن القاسم: لا بأس بالمساجد على القبور العافية وكراهتها على غير العافية فوجه ابن رشد الأول بأن القبر حبس، والمسجد كذلك، وما كان لله يستعان ببعضه في بعض. ابن حبيب: أحب إلى دفن السقط، ومن لم يستهل صارخًا بالمقبرة، وإن دفن بالمنزل فجائز. ابن بشير: في دفن السقط بالبيوت قولان، وفي كونه عيبًا بها قولان. ابن حبيب: لا بأس بالقعود على القبر، وفسر مالك النهي عنه بالقعود عليه للغائط، والبول، قال: ولا بأس بالمشي عليه إذا عفا، ولا أحبه، وهو مسنم، والطريق دونه.

وسمع ابن القاسم: واسع المقام بعد صلاتها لدفنها والانصراف قبله. ابن رشد: لأن الدفن عبادة مستقلة. قلت: هذا حيث الصلاة عليها عند قبرها، وأما إن كانت قبل وصوله فالأظهر مقام مشيعها لدفنها لكراهة إبطال العبادة. عياض: في انصراف مشيعها عنها دون علة قبل الصلاة روايتان، وفي وقف الانصراف عنها بعد دفنها على إذٍن نقله رواية ابن عبد الحكم قائلًا: إلا أن يطول، والمشهور. الشيخ: روى علي: ليس في عدد من ينزل القبر سنة شفع، أو وتر نزل قبره صلى الله عليه وسلم العباس، وابنه الفضل، وعلي، واختلف في الرابع هل هو صالح مولاه "شقران"، أو أسامة بن زيد، أو عبد الرحمن بن عوف، ولا بأس بنزوله بخف أو نعل، والزوج أحق بإدخال زوجه قبرها فإن لم يكن فأقرب محارمها. ابن القاسم: إن لم يكونوا، فأهل الفضل. سحنون: إن لم يكونوا، فالنساء فإن لم يكن، فأهل الفضل. ابن حبيب، وأصبغ: إن لم يكونوا فقواعد النساء فإن لم يكن، فأهل الفضل. ابن حبيب: وللزوج الاستعانة بذي محرم، فإن لم يكن، فبذي الفضل عند أعلاها، والزوج عند أسفلها. قالوا: ويستر قبرها بثوب. أشهب: ولا أكرهه في الرجل. ابن عبدوس عن أشهب: إذا وضعه في لحده قال: باسم الله، وعلى ملة رسول الله صلى الله عليه وسلم، اللهم تقبله بأحسن قبول، وإن دعا بغيره فحسن، والترك واسع، وإن أدخل من القبلة، أو سل من جهة رأسه من الشق الأيسر منك وأنت في القبر فواسع. ابن حبيب: من جهة القبلة أحب إلي، ويلحد على شقه الأيمن للقبلة، وتمد يمناه على جسده، ويعدل رأسه بالتراب ورجلاه برفق، وتحل عقد كفنه. وسمع موسى: إن ذكروا بعد أن ألقوا عليه يسير تراب أن وضعه على شقه الأيسر لغير القبلة حول لها، وبعد فراغ دفنه لم ينبش. ابن رشد: لأن وضعه للقبلة مطلوب غير واجب. الشيخ: وقاله أشهب وسحنون، وقال سحنون أيضًا: إن جعلوا رأسه مكان

رجليه، أو استدبروا به القبلة، وواروه، ولم يخرجوا من قبره نزعوا ترابه، وحولوه للقبلة، وإن خرجوا من قبره، وواروه تركوه. ابن حبيب: يخرج ما لم يخف تغيره، وسمع موسى: إن جمعوا في قبر للضرورة فالرجل للقبلة، ثم الصبي، ثم المرأة. قلت: يؤخذ هذا الترتيب في تعدد قبورهم بمكان واحد، وفي تقديم إقبارهم، ونزلت هذه في شيخنا ابن هارون، وزوجه، وحضره السلطان أبو الحسن المزيني رحمه الله فسأل شيخنا أبا عبد الله السطي في تعيين من يقدم منهما فقال: الأمر واسع. وفيها: إن دفن رجل، وامرأته في قبر جعل الرجل للقبلة قيل: أيجعل بينهما حاجز من صعيد؟ قال: ما سمعت منه فيه شيئًا. الشيخ عن ابن حبيب: لا بأس بحمل منفوس النساء معها إن استهل جعل لناحية الإمام إن كان ذكرًا، وإلا أخر عنها، ونويت بالصلاة دونه إن لم يستهل، ولا بأس أن يدفن معها، ولو استهل. وسمع ابن خالد ابن القاسم: إن دفن ابن مسلم صغير من نصرانية بمقبرة النصارى ترك إن خيف تغيره، وإلا فلا بأس أن يخرج لمقبرة المسلمين. ابن رشد: ظاهره أن إخراجه لا يلزم. وسماع عيسى ابن القاسم في نصرانية أسلمت حين موتها فدفنت بمقبرة النصارى لزوم إخراجها ما لم تتغير أوضح لأنهم يعذبون في قبورهم فتتأذى. قلت: فيلزم إخراجها مطلقًا. ابن عبدوس عن ابن القاسم، وابن حبيب عنه، وعن ابن الماجشون، وأصبغ: ميت السفينة إن طمعوا بالبر في يوم، ونحوه أخر إليه، وإلا جهز، وشد كفنه عليه، ووضع بالبحر كوضعه في قبره، ولا يثقل بشيء، وحق على واجده بالبر دفنه. سحنون: يثقل. ابن حبيب: لا بأس بالصلاة عليها، ودفنها ليلًا، وقاله مطرف، وابن أبي حازم، ودفن الصديق، وفاطمة، وعائشة رضي الله عنهم ليلًا. الشيخ عن ابن حبيب: البكاء قبل الموت، وبعد مباح بلا رفع صوت، ولا كلام

يكره، ولا اجتماع نساء. انتهر عمر رضي الله عنه نساء يبكين على ميت، فقال صلى الله عليه وسلم: "دعهن يا ابن الخطاب فإن العين دامعة، والنفس مصابة، والعهد حديث". ويكره اجتماعهن للبكاء، ولو سرًا، ونهى عمر في موت أبي بكر أن يبكين، وفرق جمعهن، وكذا في موت خالد، ونهى صلى الله عليه وسلم عن لطم الخدود، وشق الجيوب، وضرب الصدور، والدعاء بالويل، والثبور، وقال: "ليس منا من حلق، ولا خرق، ولا دلق، ولا سلق". والحق: حلق الشعر، والدلق: ضرب الخدود، والسلق: الصياح في البكاء، وقبيح القول. وسمع ابن القاسم: لا بأس أن يؤذن الناس بالجنازة دون رفع صوت. ابن رشد: إجماعًا. وفي كراهته برفعه، واستخفافه رواية ابن رشد، وسماع عبد الملك ابن وهب. الشيخ عن ابن حبيب: يكره الضحك، والاشتغال بالحديث في الجنائز، وقد كان صلى الله عليه وسلم يرى عليه فيها الكآبة. ابن حبيب: في التعزية ثواب كثير. ابن شاس: سنة. ابن حبيب: روي أن الله يلبس الذي عزاه لباس التقوى، وأنه صلى الله عليه وسلم كان إذا عزى قال: "بارك الله لك في الباقي، وآجرك في الفاني"، وقال لامرأة في ابنها: "إن لله ما أخذ، وله ما أبقى، ولكل أجل مسمى، وكل إليه راجعون فاصبري، واحتسبي،

واصبري، وإنما الصبر عند أول الصدمة"، قال: وأبي عمر بن عبد العزيز، وعبد الملك التعزية في المرأة، غير ابن حبيب عن مالك: إن كان فبالأم. غيره: كل واسع. وقال صلى الله عليه وسلم: "ليتعز المسلمون في مصائبهم بالمصيبة بي"، وجعل مصيبة الزوجة والقرين الصالح مصيبة. ابن حبيب: والتعزية عند القبر واسع في الدين، والأدب في المنزل. وفي كتاب ابن سحنون: لا تعزى الشابة، وتعزى المتجالة، وتركه أحسن كالسلام عليهما. وفي تعزية المسلم بأبيه الكافر قولان لابن رشد مع تخريجه على قول ابن سحنون، ومالك بتعزية الكافر لجواره بأبيه، وسماع ابن القاسم، وعلى الأول قال مالك: يقول: بلغني مصابك بأبيك ألحقه الله بكبار أهل دينه وخيار ذوي ملته، وسحنون يقول: أخلف الله لك المصيبة، وجازاك أفضل ما جازى به أحدًا من أهل دينك. قلت: في الأول إيهام كون أهل ملته بعد هذه الملة في سعادة، وإلا كان دعاء عليه. ابن رشد: تعزية المسلم بأبيه الكافر بالدعاء له بجزيل الثواب في مصابه، وتهوين مصابه بمن مات للأنبياء عليهم السلام من قريب، وأب كافرين لا بالدعاء لميته. قلت: في التعزية بمن مات للأنبياء نظر. وسمع القرينان جواب: أيبعث بطعام لأهل الميت؟ أكره المناحة فإن لم تكن فليبعث. ابن رشد: هو من المندوب المرغب فيه. ابن حبيب: لا بأس بزيارة القبور والجلوس إليها والسلام عليها عند المرور.

وروى ابن عباس: لا بأس بزيارتها. وليس من العمل. وروي عنه تضعيفها. ابن شعبان: إنما أذن فيها ليعتبر بها إلا قادم مات وليه في غيبته فيأتيه فيدعو له. عياض: سهل القرويون زيارته مدة أول سابعه، ومنعه الأندلسيون، وشددوا كراهة بدعته، واتفقوا على منع المباهاة. الشيخ عن ابن حبيب: ضرب الفسطاط على قبر المرأة أجوز منه على قبر الرجل ضربه ابن الحنفية على قبر ابن عباس، وأبقاه عليه ثلاثة أيام، وفعلته عائشة على أخيها عبد الرحمن فأمر ابن عمر بنزعه، وقال: إنما يظله عمله. وسمع أصبغ قول ابن القاسم عن عبد الرحمن بن خالد: الروح ذو جسد، ويدين، ورجلين، وعينين، ورأٍس يسل من الجسد سلًا:

ابن رشد: حكى ابن حبيب عنه أن هذا هو النفس، والروح: النفس المتردد في الإنسان، والصواب: أنهما مترادفان لآية: {اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا} [الزمر: 42]، وحديث: "إن الله قبض أرواحنا". قلت: قال الشيخ: هذا قول سعيد بن الحداد، وغيره من أصحابنا، ثم ذكر قول عبد الرحيم، وعز الباجي الأول للباقلاني، وجميع أصحابه. ابن رشد: ومعناهما الشكل المذكور المسمى نسمة المعروض للقبض، والإخراج، والتنعيم، والتعذيب، وحياة الجسم معنى لا يقوم بنفسه يخلق الله حياته باتصال الروح به، وموتها بانفصاله عنه ربطًا عاديا لا موجبًا عن الروح لأن الأجسام لا توجب حكمًا، وقبض الروح بالوفاة إخراجه، وفي النوم منعه الميز، والحس، والإدراك لا قول بعضهم: إخراجه وله حبل متصل بالجسم كشعاع الشمس إذا حرك الجسم رجع إليه أسرع من طرفة العين. الشيخ: قول أهل السنة بقاء الأرواح ذات السعادة منعمة، وذات الشقاوة معذبة إلى يوم الدين، وتظاهرت الأحاديث بأن أرواح المؤمنين تأوي إلى قناديل معلقة تحت العرش تعلق من شجر الجنة أي: تأكل، وحديث: "في حواصل طير خضر" غير صحيح. قلت: صححه مسلم في أرواح الشهداء فقط. أبو عمر عن مالك: بلغني أرواح المؤمنين مرسلة تسرح حيث شاءت. وفتنة القبر، وسؤال الملكين فيه، وعذابه، ونعيمه حق، في الإرشاد: تواترت

الأخبار به، ولم تزل استفاضته في السلف، وتفصيله في كتب الاعتقاد، وموضع الفقه: العمليات. المازري: أجمعوا على أن أولاد الأنبياء صلوات اله عليهم، وسلامه في الجنة. وفي كون أولاد المؤمنين كذلك أو في المشيئة نقلا ابن شد، وغيره، وعزا المازري الأول للجمهور، وقال: وأنكر بعضهم الخلاف فيهم. قلت: في النوادر: لم يختلف العلماء أنهم في الجنة، وفي أولاد الكفار القولان، وقيل: في النار، وقيل: تؤجج لهم نار فمن عصى أمره بها ففي النار، ومن أطاع في الجنة، وقبل عياض استدلال بعض العلماء على استحباب القراءة على القبر لحديث الجريدتين، وقاله الشافعي.

كتاب الزكاة

[كتاب الزكاة] الزكاة اسمًا: جزء من المال، شرط وجوبه لمستحقه بلوغ المال نصابًا. ومصدرًا: إخراج جزء إلى آخره. وعلم وجوبها لغير حديث الإسلام ضروري، وروى ابن رشد: جاحده كافر. قلت: يريد غير الحديث. وأبطل قول ابن حبيب: تاركها كافر. ونصاب الفضة: خمس أواق مائتا درهم وزنه خمسون حبة شعيرًا وخمسان.

باب معرفة نصاب كل درهم أو دينار

والذهب: عشرون دينارًا وزنه اثنان وسبعون حبة. وقول العزفي: قول ابن حزم وزن الدرهم الشرعي: سبعة وخمسون حبة وستة أعشار وعشر العشر، ووزن الدينار اثنان وثمانون حبة، خلاف الإجماع صواب، وإتباعه عبد الحق وابن شاس وابن الحاجب وهٌم. [باب معرفة نصاب كل درهم أو دينار] ومعرفة نصاب كل درهم أو دينار غيرهما بقسم مسطح عدد النصاب المعلوم وحبات درهمه أو ديناره على حبات المجهول نصابه والخارج النصاب، لأنه ضرورة مسطح عدد حبات الدرهم أو الدينار المجهول نصابه وعدده، وخارج قسم مسطح عددين على أحدهما هو الآخر. ووزن الدرهم التونسي المسمى بالجديد على اختبار بعض محققي المقادير بتونس عام ستة وثمانين وستمائة: ستة وعشرون حبة شعيرًا وسطًا مقطوف الذنب، وعلى ما اختبرته عام ستين وسبعمائة أربعة وعشرون حبة. ووزن الدينار التونسي على اختبار الأول: ثمانون حبة، وعلى ما اختبرته ثلاث وثمانون حبة. فنصاب الدرهم التونسي خارج قسم مسطح حبات الدرهم الشرعي، وعدد نصابه ثمانون وعشرة آلاف على حبات التونسي، فعلى الأول ثلاثمائة درهم وسبعة وثمانون درهمًا وتسعة أجزاء من ثلاثة عشر جزءًا، وعلى ما اختبرته أربعمائة درهم وعشرون، ونصابه من الذهب خارج قسم مسطح حبات الدينار الشرعي، وعدد نصابه ألف وأربعمائة وأربعون على حبات التونسي، فعلى الأول ثمانية عشر، وعلى ما اختبرته سبعة عشر وتسعة وعشرون جزءًا من ثلاثة وثمانين جزءًا، ونقص عدد النصاب أو وزن آحاده إن كثر ولم تجر كوازنة يسقطها اتفاقًا، وإن جازت، فثالثها: إن كثر نقصها لابن رشد عن ابن لبابة مع اللخمي عن رواية ابن القصار وابن رشد عن الموطأ مع اللخمي عن محمد قائلًا: ولو نقص كل دينار ثلاث حبات. ابن رشد عن سحنون مع اللخمي عن ابن القاسم ومالك. وفي كون يسير نقص

غير الجائزة كثيره قولان، لنص ابن بشير مع ابن رشد. ومفهوم قول اللخمي: إن كثر النقص ولم تجز كوازنة سقطت اتفاقًا. وخص ابن رشد الأقوال بما جرى عددًا. قال: وإن جرت وزنًا وجازت كوازنة وكثر نقصها سقطت اتفاقًا، وإن قل ونقصت بكل ميزان، ففي زكاتها قولان، وإن نقصت ببعض الموازين، فنص البغداديين الوجوب ويجري نفيه على اجتماع موجب ومسقط. الباجي: إن جرى المسكوك وزنًا، فلا زكاة في ناقص، وعددًا قال مالك: لا زكاة إلا فيما جاز كوازن، وفي تفسيره جوازه باختلاف الموازين أو بالنقص المغتفر عادة قولا ابن القصار مع الأبهري والقاضي، والأظهر وجه ثالث: استواؤهما في الفرض منهما، كقول محمد: إن نقص كل مثقال حبتين وجاز كوازن زكيت ويبعد وجوده. ابن زرقون: لا يبعد، فإن الدينار المالكي يجوز كالأغماتي والمراكشي ويفضلانه بطيبهما وثلاث حبات. الباجي: وحمل العراقيون قول مالك على الموزونة والقاضي المعدودة فلا اختلاف. قلت: قوله: (وجه ثالث) وهٌم، لأنه نفس قول القاضي. الباجي عن ابن حبيب: إن كثر النقص وجازت كوازنة بالبلد زكيت، وعلى من له بهذا البلد فضة كوزن مائتي درهم الجائزة كوازنة الزكاة، فحمله الباجي وابن رشد على أن المعتبر عنده عدد النصاب بوزن كل بلد، فنسباه لخرق الإجماع وألزمه الباجي وجوبها في عشرين من رباعي صقلية واعتبار مكيال كل بلد في نصاب المكيل والفطرة، وبرأه المازري بأن مراده ما جاز كوازنة بالوزن الأول، ورد ابن بشير إلزامه في رباعي صقلية بأنه عندهم جزء. قلت: تبرئة المازري ترد بنقل النوادر له، ولو كانت دراهمهم على دخل مائة وعشرين أو أكثر في المائة الكيل ففيها الزكاة، كذا فسره من لقيت من أصحاب مالك. الباجي عن سحنون وابن القاسم: إن نقصت يسيرًا عنها زكيت.

ابن مزين عن عيسى: لا تعتبر دراهم الأندلس في الزكاة، بل دراهم الكيل. والمعتبر خالصهما أو رديئهما برداءة معدنه لا لنقص تصفيته مثله، وبنقص تصفيته. الباجي: لا نص، وأرى إن قل وجرى كخالص فمثله، وإلا اعتبر خالصه فقط، وبه فسر ابن بشير المذهب وبمضاف. الباجي: إن كان لضرورة الضرب فكخالص. القاضي: كدانق في عشرة، وإن كثر فللباجي: المعتبر خالصه، وله عن ابن الفخار: إن كان ما غش به أقله فكخالص جميعه. المازري: إن قيده بجوازها كخالصة فهو إجراء. التونسي: على نقص الوزن، وإلا فخلاف المذهب. اللخمي: المعتبر خالصه وقيمة نحاسه. الصقلي: في تقويم نحاسه حين زكاته مطلقًا، أو إن كان مديرًا قولان. ونقل ابن بشير: إن كان ما غش به أكثره تبعه خالصه، لا أعرفه ولا يكمل نقص بجودة. ابن بشير: ولا سكة اتفاقًا. اللخمي: معتبر المغشوش خالصه، ويختلف في تقويم سكته وأن تقوم أبين. ونقل الشافعي عن مالك تزكية مائة وخمسين تساوي مائتين قراضة، أنكروه. وتكميله بقيمة الصياغة يأتي. ويضم جزء نصاب أحدهما لكل الأجزاء أو جزئه، وأباه ابن لبابة. أبو عمر: عدم ضمه صحيح، لتباينهما بالتفاضل فيهما. ولا زكاة في حلي حبس للبس جائز في الحال.

أبو عمر: اتفاقًا في النساء. ابن زرقون: ردئ. الماوردي عن مالك: زكاة كل حلي. أبو عمر: قيل: في حلي الرجل الزكاة. وعلى الأول لو حبس لصداق من يتزوج، ففي وجوبها قولا ابن القاسم مع سماعه، وابن حبيب عن ابن عبد الحكم، والمدنيين وابن رشد عن أصبغ مع أشهب. ابن رشد: ولو حبسه لامرأة يتزوجها، أو أمة يبتاعها، ففي وجوبها قولا ابن القاسم مع المدنيين، والصقلي عن ابن عبد الحكم وابن حبيب وأصبغ مع أشهب. اللخمي: وعليهما ما حبسه أب أو أم للبس ابنته إذا كبرت، وذكر التونسي الثاني نصًا لابن حبيب. الباجي: روى مطرف من له حلي للباس لا ينتفع به زكاة. قلت: فكأنه الأول. وفي وجوبها فيما حبس لكراء، ثالثها: إن كان لرجل، للخمي عن روايتي بعض البغداديين وابن مسلمة مع ابن الماجشون في الأولى، وابن حبيب مع روايته قائلًا: هو من لباسهن ولو شئن لبسنه. وللباجي عنه: سقوطها فيما هو من حلي الحابس. وقول عياض عن الباجي: إنما الخلاف في إكراء النساء حلي الرجال والعكس لا أعرفه، إنما نقل قول ابن حبيب ولم يحك غيره. وفيها: لا زكاة فيما اتخذنه ليكرينه كالجيب يكرينه للعرائس. في الموازية: ولو كانت عنسة.

اللخمي: هذه أشد من قول ابن حبيب. قلت: لمفهوم قوله: (لو شئن لبسنه). وفي وجوبها فيما حبسه وارث لبيع أو حاجة إن نزلت قولا ابن القاسم وأشهب مع رواية ما ليس في المختصر. المازري: بناء على بقاء حكم أصله أو إلحاقه صورته بالعرض، وخرج عليهما مع اللخمي: لو حبسه غير ناو شيئًا ووحده على الثاني لو حبسه لتجر، قال: ونصوصهم زكاته، لقوة اقتضاء مادته مع نية التجر، ولو كبرت امرأة عن لبس حليها فنوت بيعه إن احتاجت، فللصقلي عن ابن حبيب تزكيته احتياطًا، وعن غيره لا زكاة. فأخذ منه المازري أنه كعرض لا تنقله نية التجر عن القنية. قلت: البيع للحاجة أضعف من التجر، لاستلزام التجر النمو دونه. وذكر الباجي قول ابن حبيب: زكته فقط دون احتياط. ومثله ذكر التونسي غير معزو كأنه المذهب، زاد: وكذا لو كانت تلبسه ثم كبرت فحبسته لذلك. ونقل ابن بشير عدم انتقال مقتناه بنية التجر إليه. وزيادة ابن الحاجب: موروثه، لا أعرفه غير تخريج ما مر للمازري. وفيما حبس لعارية طرق. الباجي: لا زكاة.

ابن حبيب: إن حبسته امرأة لا رجل. اللخمي: هما سواء يزكيان. عياض: لا يصح هذا في المرأة، لأنه فيها كاتخاذها إياه للباس بناتها وخدمها، ويقال ذلك في الرجل لحديث: "زكاة الحلي عاريته". والإجارة تنمية بخلاف العارية. وفيها: لا زكاة فيما حبس لإصلاحه. الصقلي: قيده بعض أصحابنا بما يمكن من غير إنشاء بعد سبكه وقبله المازري. الباجي: روى محمد لا زكاة في التبر والحلي المكسور يريد أهله إصلاحه. والحلي المزكي متصلًا بعرض غير مربوط به له حكمه، وإن ربط به مصوغًا عليه ففي كونه كعرض وتزكيته تحريًا، ثالثها: إن كان تبعًا. ورابعها: يتبع الأقل الأكثر فيزكي قيمة العرض إن قل كالحلي، وإن كان موروثًا، لسماع القرينين مع اللخمي عنها، والبيان عن رواية ابن القاسم مع المقدمات عن روايته فيها وشاذ روايته، ونقل اللخمي قائلًا: على الأول يستقبل وارثه بثمنه حولًا. وفسر ابن لبابة رواية لابن القاسم فيها: بأنه كعرض، ويزكي ثمنه حين بيعه ولو كان موروثًا. اللخمي: وعلى الثاني إن ورث استقبل بمناب قيمته العرض من ثمنها مفضوضًا عليه وعلى قيمة الحلي مصوغًا. وإن اشتراه مديرًا، ففي تزكيته وزنه أو مع قيمة صياغته نقلا ابن رشد عنها وعن التونسي. وإن اشتراه محتكر زكى وزنه، فإن باعه، ففي تزكيته مناب قيمة العرض كاستقبال وارث به، أو ما زاد على ما زكى أولًا القولان، ولو ظهر بعد فضله فضل عن ما زكى تحريًا زكى. ابن رشد: وفيها روى ابن القاسم وعلي وابن نافع: من اشترى حليًا أو وزنه

فحبسه لتجر أو بيع كلما احتاج، وروى أشهب فيمن اشترى حليا لتجر معهم مربوطًا بالحجارة ولا يستطيع نزعه، لا زكاة فيه حتى يبيعه، وغير المربوط كالعين يزكيه كل عام. وفي رواية، قيل: وروى أشهب زكاه وأسقط معهم، فهذه الرواية واضحة، والأولى قال بعضهم: خطأ، لاقتضائها تزكية ثمن الأحجار الموروثة حين بيعها. وعرض الإرث يستقبل بثمنه اتفاقًا. ابن لبابة: معناها تزكية مناب الحلي المربوط الموروث حين البيع فتكون روايتها فيه ثلاثة أقوال. قلت: يريد رواية أشهب وابن القاسم وهذه، قال: وقال بعضهم معناها أن المدير يقومه كرواية أشهب فتراجع رواياتها لقولين، وبعضهم هذا قائلًا: رواية ابن القاسم أولًا في غير مربوط، فيرجع لقول واحد. والصواب جعل جواب غير أشهب الجواب المذكور بعد رواية أشهب في غير المربوط، فانفرد أشهب برواية المربوط وغيره بغير المربوط، وإليه ذهب سحنون فيما جلب من الروايتين. ويحتمل هذا مع رواية أشهب معهم في غير المربوط وجوابه والتبس بتقديم الراوي بعض الكلام على بعض. قلت: عزا عياض الأول لابن أبي زمنين وغيره. ومباح الحلي ملبوس النساء ولو لشعورهن وأزرار ثيابهن ولو ذهبًا، وخاتم الرجل فضة وأنفه، وما شد به محل سٍّن سقطت ولو من ذهب. المازري والباجي: يحلى المصحف والسيف بالفضة. ابن بشير: المصحف وبالذهب، وفي السيف به قولان. ابن رشد: في كراهة الذهب للمصحف قول ابن عبد الحكم مع روايته ورواية محمد في الموطأ. وفي لحوق آلة الحرب السيف، ثالثها: إلا السرج واللجم والمهاميز والسكاكين. ورابعها: وأن لا يتقى به. ويضم للباجي عن ابن وهب ورواية ابن القاسم مع قوله وابن حبيب ونقل ابن بشير، وعزا الشيخ الأول لابن شعبان. وفي كون حلي الصبي كصبية فلا يزكى، أو كرجل فيزكى قولا اللخمي محتجًا

بقولها: لا بأس أن يحرموا وعليهم الأسورة. وابن شعبان، ولم يحك الشيخ غيره. والآنية للاستعمال تقدم كونها محرمة. اللخمي: تكسر على مالكها ويفسخ بيعها ويتصدق بثمن الصياغة إن فات، وللقنية تقدم خلافها، وأخذ المازري الجواز من قولها: ظهور شقها بعد بيعها عيب، والمنع من قولها: لا زكاة في آنية ابتاعها مدير وزنها عشرة وقيمتها عشرون. قلت: أخذه المنع يرد بأنه كحلي كذلك وترك أخذه من قولها: وإن أفاد آنية زكى وزنها لا قيمتها نوى تجرها أو قنيتها إذ ليست مما أبيح اتخاذه- قصوٌر. وأخذ اللخمي من عدم فسخ بيعها كراهة اقتنائها أو جوازه، قال: وعلى الكراهة المزكي وزنها دون صياغتها وثمنها إن باعها. وعلى الإباحة إن كانت تبعًا زكيت كموصوفها وإلا فكعرض يقومها المدير ويكمل بقيمتها نصابه ويؤخر زكاتها لبيعها المحتكر. ابن بشير: في إلغاء قيمة الصياغة المباحة واعتبارها قولان. وعليه فالمنصوص كعرض يزكي ثمنها ولا يكمل بها نصاب ويتخرج تكميله بها على تكميل نصاب حلي بأحجار لا تخلص منه. قلت: يرد بأن الأحجار عين قائمة والصياغة جزء صوري ولذا اقترفنا في استحقاق ما زيدا فيه. الشيخ عن ابن شعبان: وحلية الجدار يزكى فضلها عن أجر إخراجها إن كان. والحلول شرط غير نيل المعدن فإن ضاع بعض النصاب لتمام حوله قبل تمكن الأداء ففي تزكية الباقي قولا ابن الجهم والمشهور. المازري: بناء على أن الفقراء شركاء أو لا لجواز إعطاء رب المال من غيره، وأجراه الشافعية على أن السبب الحول والتمكن سبب الضمان أو مجموعها. قلت: هذا الحق لأن الأول إن أريد مع الثاني فالثاني كاف، وإن أريد دونه لم يتم لجواز كونهم شركاء والسبب المجموع لا الحول وحده. ابن حارث: إن أخرج زكاته لمحلها فضاعت لم يضمنها اتفاقًا.

باب رسم الربح المزكي

وفي إجزائها وزكاة ما بقي قولان لرواية ابن وهب معها وابن عبد الحكم. وروى محمد: إن أخرجها ليسير أيام بعد الحول أو قبله ضمنها. محمد: وبعده بيوم وشبهه أو قبله بيومين أو لما يجوز تقديمها إليه لم يضمن. ابن القاسم: إن وجدها وهو لا يضمنها لزم إخراجها ولو كان حينئذ فقيرًا مدينًا. وروى ابن نافع: إن أخرجها من صندوقه بناحية بيته ضمنها. الشيخ: إن كان إمام تدفع إليه وإلا لم يضمن إن كان عند الحول، ومعنى ضمانه تزكية ما بقي. [باب رسم الربح المزكي] والربح: زائد ثمن مبيع تجر على ثمنه الأول ذهبًا أو فضة. وفي كون حوله حول أصله ولو قصر الأصل عن ثمن ما ربح فيه ولم ينقد أو إن لم يقصر أو نقد، رابعها: من يوم قبضه لابن رشد عن المشهور. ورواية زياد، وسماع أشهب وروايته مع ابن عبد الحكم فمن باع بثلاثين دينارًا ما ابتاعه بعشرين بعد حولها يزكي عشرين ويستقبل بالربح من يوم ربحه. وعزا المازري والصقلي الثاني لرواية ابن وهب، والباجي الثالث لرواية ابن نافع والصقلي لرواية أشهب، وعلى الثاني والثالث في كون حول ما لم يزك لكونه مناب ما قصر الأصل عنه من ثمن ما ربح فيه أو مناب ما لم ينقد من يوم قبضه أو الشراء نقلا ابن رشد عن روايتي أشهب ومحمد قائلا: إليها رجع مالك. وعزا الباجي الثانية لرواية ابن القاسم قائلًا: ذلك في ربح ما لم ينقد كأن ينقده غدًا

أو إلى شهر زاد الصقلي استحب محمد في باب المديان تزكيته على حول التمكن إن اشترى على أن ينقده. وعلى الأول في الحكم بملكه من حين ملك أصله أو قبضه أو الشراء، ثلاثة للمغيرة وأشهب وابن القاسم، وعليها في تزكية من أنفق خمسة من عشرة حولية اشترى ببعضها لتجر ما باعه بخمسة عشر، ثالثها: إن أنفق بعد الشراء لهم، وصوبه اللخمي إن كانت قيمة المشترى يوم النفقة خمسة عشر، ولو أنفق قبل حولها ما لم يزك اتفاقًا. المغيرة: لما استوى الإنفاق بعد الشراء وقبله قبل الحول فكذا بعده فجعله ابن محرز قياس عكس قائلًا: هو أضعف من الشبه، والمازري قائلًا: في قبوله خلاف. قلت: في قوله: قياس عكس- نظٌر، لأن قياس العكس حسبما قرره ابن التلمساني وغيره من المحققين: هو قياس شرطي متصل استثنى فيه نقيض تاليه ثبتت ملازمته لمقدمه بوصٍف دار وجوده معها في صورة مجمع عليها هي المقول لها: أصله. ونقيضه مع تلازم نقيضها في أخرى هي المقول لها: عكسه. وهذا لا يتقرر في هذه الصورة، والأقرب كونه قياس تسوية وهو: ما الحكم الثابت به مجرد تسوية. قال الباجي: في قبوله خلاف. قلت: ومنه قول ثالث حجها، ويحكم في صغير كل شيء أصابه من الصيد مثل ما يحكم في كبيره كمساواة الحر الصغير للكبير في ديته. ومن فهم ما قلناه وأنصف عرف ضعف قول الأصفهاني في تعريف قياس العكس بأنه: إثبات نقيض حكم الأصل في الفرع ليتحقق نقيض علة حكم الأصل في الفرع، ونقضه بمثل قياس لإثبات نقيض حكم شرب الخمر وهو حرمته في البول ليتحقق نقيض الأصل فيه وهو عدم إسكاره. وقول ابن الحاجب فيه مثل لما وجب الصيام في الاعتكاف بالنذر وجب بغير نذره وعكسه الصلاة لما لم تجب فيه بالنذر لم تجب بغيره. الأقرب أنه قياس تسوية لما أجمع على مساواة الاعتكاف بالنذر وغيره في الصلاة فكذا في الصوم. وناقض التونسي الآخرين بقول ابن القاسم في منفق عشرة فائدة بعد حول أفاد في نصفه أخرى لا زكاة فيها إن تم حولها، وأشهب: يزكيهما ناقلا عنه اللخمي

تلفها كنفقتها. ويقرر لنقض ابن القاسم بأن بعض النصاب المنفق بعد حوله إن عد موجودًا عند تمام شرط زكاة باقيه زكيت الفائدتان وإلا فلا زكاة على ذي الخمسة عشر. ولنقض أشهب إن عد مفقودًا لم تزك الفائدتان وإلا زكى ذو الخمسة عشر. وأشار المازري بالجواب لابن القاسم بمقارنة المنفق في مسألة خمسة عشر ما به يتم النصاب في حول معين للحكم بوجود الربح يوم الشراء وعده في الفائدتين، ولأشهب بتقرر ملكه على كل النصاب حسًا في الفائدتين وعدمه في الخمسة عشر ومرور الحول يكفي بنوعه دون شخصه. ابن عبد السلام: تفريع الثلاثة الأقوال على المعروف تناقض، لأن الحكم بملكه يوم الشراء أو الحصول يناقض تزكيته لحول أصله. قلت: يرد بأن المفرع الحصول باعتبار تكميل كمية النصاب وهو مغاير للحكم له بحول أصله ضرورة مغايرة الكم الزمان ولا يلزم من تلازم الأمور وجودية كونها كذلك اعتبارية. وعليه في كون ربح ما ثمنه دين لا شيء يجعل فيه فائدة، أو يزكي لحول من يوم الشراء، ثالثها: من يوم السلف للباجي عن المغيرة مع رواية ابن وهب ورواية أشهب مع رواية ابن القاسم قائلًا: إليها رجع ورواية ابن نافع وقاله علي وابن القاسم قائلًا: من قال عني هو فائدة كذب، ورابعها: للمازري عن مطرف: إن نقد بعضه من ماله فكل الربح لما بعد، وذكره الباجي رواية له وعارضها برواية ابن نافع. ولو اشترى بما تبين ما نقد فيه أربعين لا يملك غيرها وباعها لحول بثلاثمائة زكى الأربعين ومنابها من الربح والباقي فائدة. وسمع عيسى ابن القاسم: من تسلف عرضًا فتجر به حولًا أو دنانير فتجر بها أو اشترى عرضًا بدنانير فتجر به ثم باعه بعد حول زكى فضل سلفه. ابن رشد: هذا هو المشهور الربح على حول أصله وحول متسلف العرض من يوم تجره لا يوم سلفه، لأن عين العرض غير مزكاة ومتسلف العين من يوم سلفه لتعلق الزكاة بعينها ومشتري العرض من يوم شرائه.

باب رسم الفائدة المزكاة

وقول ابن الحاجب: وقيل كالأصل بعد الشراء لا قبله- يقتضي ثبوت كونه من يوم الشراء في ربح ما اشترى بحاضر غير دين نقد والمجموع نصاب فصاعدًا ولا أعرفه. [باب رسم الفائدة المزكاة] والفائدة: ما ملك لا عن عوض ملك لتجر. يستقبل بها حول من يوم قبضها إذا بلغت نصابًا وتضم ناقصة لما بعدها نصابًا بذاته أو بها. أبو عمر: اتفاقًا. المازري: قول عبد الحميد: نقل السيوري عن المذهب: ضم الثانية إلى الأولى كالماشية لم نجده بعد البحث. والكاملة تنقص قبل حولها كناقصة ابتداء فلو تلفت الأولى أو أنفقت بعد حولها ناقصة ففي زكاتها مع ما بعده نصابًا بذاته، أو بها نقلا اللخمي عن أشهب وابن القاسم. ولو زكيت الأولى لحولها ونقصتها زكاتها عن النصاب أو لحول ما بعدها لقصورها عنه وفي مجموعها نصاب ففي كون حول الأولى يوم ملكها، أو ملك الثانية، ثالثها: إن كانت نصابًا نقصها زكاتها عنه للمازري عن أشهب وابن مسلمة وابن القاسم وعزا اللخمي الثلاثة لأصولهم في الاقتضاء مع نص ابن مسلمة في الفائدتين.

ابن القاسم: واجتماعهما في حوٍل قاصٌر مجموعهما فيه يوجب جمعهما. الشيخ: يريد ولو نميا. قلت: هو نص سماعه عيسى وبلوغ إحداهما نصابًا بربح قبل اجتماعهما في حول ناقصتين كبلوغهما إياه ابتداء إن كان قبل مضي حولها وإلا فحولها من يوم بلغته. ونسبة المضمومتين إلى ثالثة كأولى لثانية. وقرر ابن رشد سماع عيسى ابن القاسم قائلًا: إليه يرجع ما فيها من ألفاظ ملتبسة فإن قصرا عن نصاب وجمعهما حول آخرهما مقصرتين بطل حولاهما وصارا مالًا واحدًا فإن بلغاه بربح قبل حول أولاهما زكاة حينئذ وبقيتا على حوليهما وإن بلغاه به بعد حول أولاهما قبل حول الثانية زكاة وانتقلت الأولى ليوم بلغاه وبقيت الثانية على حولها إن حل وهما نصاب فإن حل وهما دونه ثم بلغاه به بعد حول أولاهما قبل حول الثانية زكاه وانتقلت الأولى قبل حول الأولى انتقلت الثانية ليوم بلوغه أيضًا. فالأقسام أربعة: انتقالهما بحول واحد، وبقاؤهما، وانتقال إحداهما فقط، وانتقالهما الحولين. ابن عبدوس عن ابن القاسم: لو أفاد عشرين ثم عشرة ثم عشرة وزكى الأولى ثم أنفقها قبل حول الثانية ضمهما للثالثة وكذا لو بقي من الأولى خمسة والثالثة خمسة ضمهما وزكى عن خمسة عشر. الشيخ: لو صارت الثانية بربح خمسة عشر زكاها لحولها إن بقي من الأولى خمسة ولو جرت الزكاة في جميعها زكى كلا منها لحولها ما دام في مجموعها نصاب. ولكتاب ابن سحنون: لو أفاد خمسة عشر دينارًا ثم ثلاثة وربح في مشترى ثلاثة منها بعد خلطها ثلاثة بقيتا على حول أخراهما ولو ربح ستة كانت الأولى على حولها. الشيخ: يريد إن ربح قبل أن يضمهما حول أخراهما وفيه ولو شك في تعيين ما ربح لإحداهما جعل للأخرى.

باب الغلة المزكاة

[باب الغلة المزكاة] والغلة: ما نما عن أصل قارن ملكه نموه حيوان أو نبات أو أرض. ومال العبد كصفته وما انتزع منه فائدة. وفي كون ثمن غلة ما ابتيع لتجر ولا زكاة فيها لجنسها أو عدم نصابها فائدة أو ربحًا قولا المشهور ونقل ابن بشير مع الصقلي وهي رواية زياد. ولو كانت مزكاة ففي تزكيته ثمنها لحوٍل من يوم بيعها أو زكاتها نقل الشيخ عن رواية محمد مع ظاهرها، وتخريج ابن بشير على كون ثمن غير مزكاها ربحًا، وجعله ابن الحاجب المشهور- وهٌم. الشيخ: روى علي وابن نافع: من ابتاع زرعًا لتجر مع أرضه فزكاه فثمنه فائدة. ابن نافع: إن كان حين شرائه لم يبد صلاحه. وروى محمد: لو باع شجرة تجر بها ثمر وجبت زكاته فمناب الشجر على حول أصلها وتزكى الثمرة وحول منابها من يوم قبضه ولو لم تجب زكاتها فكأصلها وما جذ قبل بيعه غلة. اللخمي: في كون الثمر غلة بطيبه أو يبسه أو جذه ثلاثة، وتمام الصوف كالطيب وتغسيله كيبسه، وجزه كجذه. قلت: ظاهره أن الغلة المزكاة كغيرها والصوف كالثمر. وفي النوادر كون ثمر النخل غلة بالزهو لعيسى عن ابن القاسم مع ابن عبدوس

عنه مع أشهب ومحمد عنه: الصوف وثمر ما لا يزكى ثمره غله بجزه وجده وقبلهما كجزه من أصله ولسحنون في الصوف مثله. وفي كون صوف غنٍم تم اشتريت به مشترى أو غلًة؟ قولا ابن القاسم وأشهب. وغلة ما اكتري لتجر ربح، وضعف قول أشهب: فائدة. وزرع ما اكتري، وزرع يجب لتجر في الثلاثة ربح، ولقنية في الثلاثة فائدة. الباجي: اتفاقًا فيهما وإلا ففي كونه فائدة ولو كان المقتنى الحب وحده أو ربحًا إن كان كذلك وتبعيته الأرض فقط أو الحب فقط أو مع الزراعة فقط، سادسها: يفض على الثلاثة للصقلي وأبي عمران ورواية اللخمي وعياض عن أحمد بن خالد مع غيره من القرويين وظاهرها وتخريج اللخمي على رواية الزرع في الشركة الفاسدة لذي الزريعة وابن بشير عن عبد الحميد وعزا الباجي كونه فائدة إن كان المقتنى الحب وحده لبعض المغاربة قال: ولا يصح على قول أشهب الناقل عرض القنية للتجر بالنية ويحتمل على قول ابن القاسم: الربح والفائدة بناء على نقل الزراعة حب القنية للتجر، لأنها عمل ونية وعدمه، لأنها عمل زكاة الحب لا العين ولو زرع للقنية والأرض والحب للتجر فلا نص ومقتضى المذهب فائدة. الشيخ عن ابن عبدوس عن أشهب: إن اكترى للتجر واشترى حنطة وزرع للتجر فالزرع فائدة. قلت: هذا خلاف قول الباجي: اتفاقًا، وحكاه ابن حارث عن أشهب وسحنون وبه رده عياض. وفي كون الكتابة غلة، أو ثمنًا، ثالثها: إن لم نفضل خراجه بأمر بين، لها ولنقل اللخمي واختياره وصوب ابن عبد السلام الأول إن عجز والثاني إن عتق وعلى الأول في كون ثمنها غلة أو ثمنًا قولان.

باب دين المحتكر المزكي

[باب دين المحتكر المزكي] ودين المحتكر ذهبًا أو فضة من قرض أو ثمن ما ملك لتجر، يزكى بقبضه لحول فصاعدًا مرة، وألزم الصقلي قول أشهب: لو زكاة قبل قبضه أجزأه وإنما لم آمره به خوف تلفه، بل قبضه زكاته لكل عام ولو أخره فارًا ففيها زكاة لعام واحد. وسمع أصبغ ابن القاسم: لكل عام. ويضم المقتضى لما قارنه في ملكه حولًا. وفي ضم المعدني لغيره مقتضى أو غيره قولا القاضي والصقلي عنها. وفي كون الحوالة به كقبضه أو حتى يقبضه المحال قولا ابن القاسم وتأويل ابن لبابة قول أصبغ، وأباه ابن رشد. وفي كون حول المقتضى يوم قبضه أو إن كان نصابًا بذاته أو بما قبله، ثالثها: ولا تنقصه زكاته عنه لأشهب والمشهور، وابن مسلمة فلو اقتضى ثلاثين ثلاث مرات سواء فالأحوال على الأول ثلاثة، وعلى الثاني يضم الأول للثاني، ويضمان على الثالث للثالث، وما ضاع من جزء اقتضى في تكميل ما بعده به كالمنفق، ثالثها: إن لم يكن نيته ترك التصرف فيه حتى يكمل للمشهور ومحمد واللخمي. ابن حارث: اتفقوا على التكميل بما أنفق وفرق محمد بالانتفاع. المازري: أشار بعض المتأخرين لاتفاقهم على لغو الضائع قبل إمكان تزكيته إن بلغ نصابًا والظاهر أنه كالجزء إلا أن يفرق بأن تلف الجزء بعد الخطاب بالزكاة وإنما أخرت خوف تلف الدين قبل قبضه وتلف النصاب قبل الخطاب لعدم تمكنه. قلت: قبوله هذا الفرق يقتضي تقييد الخلاف في ضياع الجزء بكونه بعد إمكان زكاته لو كان نصابًا وبه فسر ابن رشد المذهب. القاضي: يكمل الجزء المقتضى بما يقتضي بعده على خلاف في ضياعه وإنفاقه وإبقائه.

المازري: لا خلاف في إنفاقه ومال بعضهم للغو ما أنفق لإنفاقه قبل وجوب زكاته ويمكن أخذه القاضي من سؤال محمد عن ضم ابن القاسم ما أنفق من مقتضى لما بعده وإلغائه في الفائدتين تنفق إحداهما بعد حولها نصف حول أخرى ثم وإن كان أجاب باجتماع المقتضين في حول معين ونفيه في الفائدتين فلاح للقاضي السؤال دون الجواب فخرج عليه، أو لعله وقف عليه مقولًا منصوصًا وقول القاضي وإبقائه مشكل لأنه لا خلاف فيما قبض وبقي حتى قبض ما يكمله وحمله بعض أشياخي على خلاف ابن مسلمة المتقدم بعيد، وحمله عبد الحميد على قول ابن مسلمة: لا زكاة فيما اقتضى حتى يكون في كل قبضه نصاب لا يصح لعدم وجوده لابن مسلمة. قلت: هذا خبط بعيد والأقرب كون الخلاف في مجموع الثلاثة لا في كل واحد منها أي على الخلاف في مانعيه ضياعه فيشترط إنفاقه وإبقاؤه كقولنا على الخلاف في إمساك الصائم جزءًا من الليل وعدمه. ولو اقتضى دينارًا ثم آخر واشترى بهما سلعتين مفترقتين أو مجتمعتين فصورهما إحدى عشرة لأنه إن اشترى بالأول قبل شرائه بالثاني فبيعه سلعته إما قبل شرائه بالثاني أو بعده أو بعد بيعه سلعته أو معه، وكذا إن اشترى بالثاني قبل، وإن اشترى بهما لوقت واحد فبيع سلعة الأول إما قبل بيع سلعة الثاني أو بعده أو معه فالأولى إن باع بتسعة عشر زكاها مع الثاني. محمد: ولو لم يزك حتى ابتاع بالثاني سلعة باعها بعشرين وبها باع سلعة الأولى زكى إحدى وعشرين لأن ربح الثاني ما ابتيع بعد وجوب زكاته فحوله من يوم وجبت. والثانية: إن باع بتسعة عشر زكاها مع الثاني وحول ربحه من يومئذ وبأقل يضمه لثمن سلعة الثاني. والثالثة: إن باع سلعة الثاني بتسعة عشر ففي زكاتها مع الأول ويكون حول ربحه من يومئذ وتأخيرها لبيع سلعة الأول فإن بيعت بتسعة عشر زكيت مع الثاني وكان حول ربحه من يوم حصل قولا ابن عبد الرحمن وغيره. الصقلي: بناء على أصلي أشهب وابن القاسم في مسألة المغيرة ثم ظهر لي غلط الثاني، لأنه لو تلفت سلعة الأول أو قصر ثمنها عن تسعة عشر زكاه مع ثمن سلعة

الثاني فلا يؤخر محقق لمحتمل ولو تلفت السلعة في مسألة المغيرة فلا زكاة. قلتُ: يرد بمنع تحقيق زكاته، لأن شرطها تزكية ربح الثاني على حوله وشرطه عدم بيع الأول بتسعة عشر ولم يحصل وعدم شرط الشرط كعدمه. والرابعة: إن باع كل سلعة بعشرين، قال ابن بشير وابن شاس: يزكي أربعين. قلت: هذا على قول أشهب، وإحدى وعشرين على قول ابن القاسم والمغيرة. وحول ربح الثاني من يومئذ. والخامسة: إن باع بتسعة عشر زكى عشرين. والسادسة: كذلك وحول ربح الأول من يومئذ ولا يجري فيها قول المغيرة، لأن بقبض ثمن سلعة الثاني وجبت زكاته مع الدينار الأول لتقدم قبضه وربح الثاني على أصل المغيرة كمقتضى معه. ولو اقتضى دينارًا فابتاع به سلعة ثم اقتضى تسعة عشر زكى حينئذ عشرين والفرق بين هذه والثالثة أن بلوغ ثمن سلعة الأول تسعة عشر في المسألة الثالثة يوجب عدم تزكية ربح ثمن سلعة الثاني على اعتبار حصوله يوم الشراء حسبما مر، وعلى أصل المغيرة بلوغ ثمن سلعة الثاني في المسألة السادسة لا يوجب عدم تزكية ربح ثمن سلعة الأول لأنه إنما قبض بالفعل فهو كمقتضى مع دينارها وبهذا يتقرر الفرق بين هذه وبين ما يأتي فيه إجراء قول المغيرة مع زيادة تقرير أن المغيرة إنما يعد الربح حاصلًا يوم حصول أصله الحصول الذي منه ابتداء حوله لترقب زكاته فإن وجبت زكاته لموجب فمن حينئذ وبهذه الزيادة يتضح قولنا آخر مسألة، لأن بعد ربح الدينار الأول كمقتضى معه يوجب تعلق الوجوب بالثاني حين قبضه فيكون حول ربحه من حينئذ لتقرر وجوب زكاة أصله قبل حصوله. والسابعة: إن باع بتسعة عشر جرت على قولي ابن عبد الرحمن وغيره. الثالثة والثامنة: إن باع كل سلعة بعشرين كالرابعة. والتاسعة والعاشرة: على قولي ابن القاسم وأشهب: إن باع بتسعة عشر زكى عشرين وربح الآخر يوم قبضه كعرض تجر بيع بعضه بنصاب ثم باقيه، وعلى قول المغيرة يزكي عشرين وربح الآخر ربح ما وجبت زكاته.

والحادية عشرة: على قولي ابن القاسم وأشهب إن باع كلًا بعشرين زكى أربعين، وعلى قول المغيرة إحدى وعشرين وحول ربح الثاني من يوم قبضه فقول ابن الحاجب: إن باعهما معًا بأربعين واضح- ليس واضحًا وقوله: في بيع سلعة أحدهما ثم بيع سلعة الآخر والشراء بأحدهما قبل بيع سلعة الآخر: يزكي ربح أحدهما. وفي تزكية ربح الآخر قولان على أصلي ابن القاسم وأشهب في كون الربح من وقت الشراء أو الحصول- وهٌم لأنه إن كان الشراء بالأول قبل وباع سلعته قبل زكاه وربحه والدينار الآخر دون ربحه، لأنه ربح ما وجبت زكاته على أصلهما معًا وكذا لو اشترى بالثاني قبل. وفي زكاة واهب دين لغير مدينه منه بقبضه منه وسقوطها قولا ابن القاسم وأشهب. وفي زكاة المحيل الملي ما أحال به بالحوالة أو قبض المحال قول ابن القاسم وتأويل ابن لبابة قول أصبغ وضعفه ابن رشد، وخرج اللخمي سقوط زكاته على الهبة، ويرد بانتفاع المحيل، ونقله ابن الحاجب وابن بشير نصًا لا أعرفه. اللخمي: على تزكيته هو مال يزكيه ثلاثة إن كانوا أملياء. ولو تصدق بنصاب قبل بعد عزله من ماله بسنين ففي زكاته لمدة عزله وسقوطها قولا ابن القاسم وسحنون. ابن رشد: بناء على أن قبوله يوجب ملكه من يوم القبول أو الصدقة كتب عقد الخيار وعليهما لو كان للصدقة علة في كونها للمتصدق عليه أو المتصدق. وفيها: لو وقف عينًا أو إبلًا ليفرق في السبيل أو الفقراء أو ثمنها فلا زكاة فيما أدرك الحول من ذلك. والدين على غير متمول فائدة بعد قبضه كدية أو مهر ذهبًا أو فضة أو نعمًا، ومعينها كمعين الشجر من يوم وجبا ولو لم يقبضا، وحول ثمن عرض القنية الحال من يوم قبضه. اتفاقًا، وفي المؤجل طريقان. اللخمي: في كونه كذلك أو من يوم بيعه قولا المشهور وابن الماجشون مع المغيرة.

ابن رشد: إن ملك لا بشراء بناٍّض فالقولان فإن أخره فرارًا تخرج بقاؤه على القولين وزكاته لكل عام على قولين وإن ملك به فحوله من يوم بيع وإن أخر فرارًا زكاه لكل عام اتفاقًا. الشيخ: إن باع مدير عرضًا ورثه أو اقتناه إلى أجل ففي زكاة ثمنه لقبضه، أو لحول من يوم بيعه، ثالثها: يستقبل به لروايتي ابن عبدوس وابن حبيب عن ابن الماجشون وابن القاسم مع غيره. ولو التبست أحوال الاقتضاء والفوائد فالأكثر يضم آخر الاقتضاء لأوله. وفي كون الفوائد كذلك أو العكس قولا ابن حبيب مع روايته والمشهور. اللخمي: في ضم الثاني للأول أو العكس ثالثها لمحمد في الاقتضاء واختار حولًا وسطًا كحق تنازعه اثنان. قلت: الثالث نصها، فلا يخصص بمحمد. وتضم الفائدة ناقصة لمقتضٍى قارنها في ملك حولا ولا تضم لمقتضى قارنها أنفق قبلها لم يضم إلى مقتضى بعدها اتفاقًا. وفي ضمها لمنفق بعدها قبل حولها نقلا اللخمي عن أصل أشهب مع مالك وابن القاسم. ولو اقتضى خمسة أنفقها ثم أفاد عشرة أنفقها بعد حولها ثم أخرى كذلك ثم اقتضى خمسة ففي زكاة الخمسة الأخيرة نقل الصقلي عن بعض أصحابه مع ابن عبد الرحمن وعن حذاق أصحابه وصوبه الصقلي. ابن بشير: لو اقتضى عشرة فأنفقها ثم أفاد عشرة ثم اقتضى بعد حولها خمسة ففي زكاة الجميع وسقوطها، ثالثها: تزكى الخمسة فقط للمتأخرين. وقول ابن الحاجب: يضم الاقتضاء للفائدة قبله أو بعده فإن كمل باقتضاء قبل حولها تفرقا، وقيل: كخليط وسط واضٌح إشكاله لمن أنصف وفهم المذهب وحمل اللفظ على ظاهره.

باب رسم عرض التجر المزكي

[باب رسم عرض التجر المزكي] وعرض التجر: ما ملك بعوض ذهب أو فضة للربح أو به له، إن حبس لارتفاع سوقه ثمنه كدين. [باب في عرض الغلة] وعرض الغلة: ما ملك بذلك لابتغاء غلته.

باب عرض القنية المزكي

[باب عرض القنية المزكي] وعرض القنية: ما ملك لا لأحدهما. اللخمي: وبقر حرث التجر وماعون التجر قنيٌة. الشيخ: في كون عرض الغلة كالقنية أو التجر روايتا ابن القاسم واختارها، وابن نافع وابن حبيب واللخمي الثانية. المغيرة: إن بنى لتجر قاعة تجر فكل الدار تجر ومناب قاعة القنية قنية. وفي كون ما اشترى لتجر وقنية تجرًا أو قنية روايتا أشهب وغيره. وفي كون ما ملك لتجر بعرض تجرًا أو قنية طريقان. اللخمي: قولان فيما ملك بدين لا شيء يجعل فيه. ابن حارث: إن كان عرض القنية من شراء فقولا ابن القاسم مع أحد قولي أشهب وقوله الآخر: وإن كان بإرث فقنية اتفاقًا. الشيخ: لا ينتقل ما ملك لقنية ولو بشراء بالنية للتجر، وفي انتقال العكس للعكس روايتا ابن القاسم وأشهب قائلين بروايتهما. ولم يحك ابن بشير غير الأولى قال: وفي رد ما نوى به القنية بعد التجر إليه بالنية قولان، ولو نوى الغلة والقنية أو التجر تعين حكمهما. وفي قول ابن الحاجب وابن بشير فيهما قولان على الأولوية- نظٌر لأن العمل بالراجح واجب لا راجح. ونقل ابن هارون عن اللخمي القولين جزمًا لا أعرفه.

باب المدير

وعجز المكاتب كعدم كتابته. [باب المدير] والمدير فيها: من لا يكاد أن يجتمع ماله عينًا. وروى ابن عبد الحكم: من لا يحصي ما يخرجه وما يقبضه، وروى معها: يقوم عروضه في شهر من السنة. الباجي: هو رأس حوله، ونقل المازري عنه: هو الشهر المكمل حوله ظاهر لفظها بعيد معنى لأنه إيجاب للزكاة قبل تمام الحول بل الواجب حمله على أول الشهر من السنة الثانية، ويؤيده قولها: إن نض له في وسط السنة أو طرفيها درهم قوم لتمامها. اللخمي: في وقت تقويمه ثلاثة، فيها: شهر من السنة يريد وسطها لأنه بين المالك والفقير. ابن نافع: يزكي ما نض لتمام حوله كمقتضى من دين فإن اختلطت أوقات النضوض عين شهرًا إن كثر نضه قربه وإن قل بعده يقوم فيه كل ما بيده يزكي منه ما زاد على ما كان زكاه وصار ابتداء حوله في كل ماله. ابن مزين عن أشهب: يقوم لحول من يوم باع بالعين. ولمحمد عنه نحو ابن نافع. ابن زرقون: عنه إن باع بنصاب زكاه حينئذ.

التونسي: يريد ويقوم عروضه. ابن نافع: يزكي ما نض كمقتضى ولا تقويم وقاله عيسى في أول عام وما بعده كقولها. قلت: فحاصلها قولًا وتأويلًا سبعة، وعلى التقويم في شرطه بنضوض بعض ماله في السنة درهمًا فأكثر، ثالثها: بشرط كونها في آخرها للمشهور، ورواية الأخوين والباجي مع القاضي وعلى الأول إن نض شيء بعد حوله لا فيه قوم ومن حينئذ حوله. الباجي: وعلى الثاني في جواز إخراج زكاته عرضًا بقيمته روايتا ابن نافع والقاضي، وحكاهما المازري في المدير مطلقًا. وسمع عيسى ابن القاسم: يخرج المدير زكاته عينًا، ولم يحك ابن رشد غيره. الصقلي عن أبي عمران: زيادة ثمن ما قوم على قيمته لغو بخلاف زيادة وزن حلي التحري على ما تجري فيه. ابن حارث: من أسلم وله عرض تجٍر احتكارًا استقبل بثمنه حولًا. وفي كون المدير كذلك أو يقوم لحوٍل من يوم أسلم قولا يحيى بن عمران وابن عبد الحكم. قلت: بناء على أن تقويم المدار لاختلاط أحواله أو كونه كالعين وعلى الأول ما نض كمقتضى. اللخمي: لو أدار بعين بعد ستة أشهر بنى عليها حوله ولو بار عرضه ففي انتقاله للحكرة قول سحنون مع ابن نافع وابن الماجشون ورواية الباجي مع قول ابن القاسم وخصهما اللخمي ببوار اليسير. الباجي: في حد البوار بعامين أو العادة قولا سحنون مع ابن نافع وابن الماجشون. وما بعضه مدار ومحتكر إن تساويا فلكٍل حكمه، وإلا ففي كونه كذلك، وتغليب الأكثر، أو إن كان المدار، وإلا فالأول، رابعها: تغليب المدار لابن رشد عن أصبغ وابن الماجشون وعيسى وتفسيرها ابن لبابة. ووهم ابن زرقون عزو الشيخ لسماع أبي زيد ابن القاسم وعزا الأول لابن نافع أيضًا.

وفي كون دين تجره المرجو كدين غيره وزكاته مع عرضه، ثالثها: المؤجل للمغيرة، والمشهور، والباجي عن ابن القاسم، وعزا اللخمي الثاني لابن القاسم، قال: ومحمد خلافه مع المغيرة في المؤجل أجلًا بعيدًا وهو تبع لما بيده. المازري: ظاهر الروايات عدم التقييد بالأقل، ولم يحك اعتبار بعد الأجل. وعلى المشهور في تزكيته بعدده أو قيمته، ثالثها: الحال لابن حبيب مع سماع عيسى ابن القاسم وروايته في الموازية، وابن حارث عن ابن عبدوس مع ابن رشد عن سحنون، وظاهرها والصقلي عن سحنون، وصوبه ابن رشد، وجعله بعضهم تفسيرًا للأولين خلاف الظاهر. وفي تقويم دينه الطعام قولا ابن عبد الرحمن والإبياني. ابن بشير: في تقويم آلة الحائك وماعون العطار قولا المتأخرين بناًء على اعتبار إعانتهما في السلع وبقاء عينها، وتقدم قول اللخمي: وغير المرجو في كونه كدين غيره أو سلعته قولا المشهور، والمازري عن ابن حبيب، وسمع عيسى ابن القاسم: يحسب ما لا يرتجى وهو يسوى ثلث قيمته. ابن رشد: هذا نفس قولها: لا يزكى ما لا يرتجى فإنه لا قيمة له. ابن القاسم: لو نوى حكرته قبل حوله بشهر صار محتكرًا، وتعقبه المازري بتهمة الفرار وأجاب بأن الأصل سقوط زكاة العرض فعارض به قول أصبغ: إدارة بعض ماله ناويًا إدارة باقيه كإدارة كله ويرد بأنها نية وفعل. الباجي: ودين قرضه المرجو كدين غيره اتفاقًا، وعزاه المازري ليحيى بن عمر وابن حبيب وزاد إن أخره فرارًا زكاه لكل عام. اللخمي: على أصل ابن القاسم كدين تجره إن كان أقل ماله، وحكاه ابن شاس لا بقيد أقل ماله وعزاه لظاهر الكتاب. وسمع يحيى ابن القاسم: يقوم بضاعته فإن أخر لقدومها زكاها لكل عام. ابن رشد: إن جهل قدرها وعجز عن توخيها أخر لقدومها زكاتها لكل عام. ولا زكاة في مال ذي رق، وقول ابن هارون وقع في المدونة: زكاة مال العبد على سيده، لم أجده ولا من نقله بل قال ابن بشير: لا تجب اتفاقًا ونقله ابن المنذر عن

الثوري والشافعي وإسحاق وأحد قولي عمر. وسمع عيسى رواية ابن القاسم: من لم يجد مع عبده في شركته له إلا خمسة أوسق أو خالطه في عشرين شاة لمثلها لا زكاة على واحد منهما. ابن رشد: قال الشافعي: مال العبد لسيده فأوجب عليه تزكيته ونحوه لابن كنانة قال: ويزكي جميعه ويضع مع عبده ما شاء. قلت: قال نحوه دون مثله لاحتمال رعي انسحاب ملكه بعض على سائره لضعف ملك العبد لقولها: من أعتق كل عبد يملك بعضه نفذ عتقه في جميعه. ويستقبل المعتق بعينه وماشيته كربه إن انتزعه، ومعشره إن سبق موجبها فيه عتقه سقطت وإلا وجبت. وإسلام الكافر كالعتق. والمذهب وجوبها على الصبي والمجنون. وخرج اللخمي سقوطها عن ناضه المتروك تنميته منه على ناض رشيٍد سقط أو نسي محل دفنه ثم وجده، ورده ابن بشير بأن العجز لوصف المالك لغو اتفاقًا بخلافه لوصف المال يرد بأنه تفريق صوري بل يرد بأن فقده يوجب فقر مالكه وعجز الصبي والمجنون لا يوجبه. ابن حبيب: يصدق الولي في إخراجها إن كان مأمونًا. الشيخ واللخمي: إنما يزكي الوصي عن يتيمه إن أمن التعقب أو خفي له ذلك وإلا وقع كقولهم في التركة: يجد فيها خمرا. والدين عن عوض ولو لغير المدين أو مؤجلًا كدية الخطأ يسقط اعتبار قدره في زكاة الذهب والفضة الحولية لا في غير حوليهما ولو ماثله. محمد: أو كان في إحياء زرع أو ثمرة أو عمل معدن. اللخمي: القياس إسقاطه اعتبار قدره مطلقًا، لأنه يصير فقيرًا أو غارمًا إن كان عدله أو أكثر. وقول أشهب: الدين أولى من زكاة العين فرط فيها أم لا، وما فرط فيه من زكاة ماشية أو حب أو ثمر، لا ما لم يفرط فيه منها، موهٌم إسقاطه زكاة فرط فيها ولو في غير حولي الذهب والفضة وليس كذلك. ويجاب أن مراده بأولى فيما فرط فيه تقديمه عليها عند ضيق ما بيده عنهما لا

إسقاطها وفيما لم يفرط فيه إسقاطه اعتبار قدره، ولذا فرق بين حولي العين وغيره، وذكره الصقلي غير مبين متعقب، لأنه لفظ واحد استعمل في متباينين وقولها معهم لاحتماله سقطت عن مال الأسير والمفقود مشكل لأنه شك في مانع، والأظهر لاحتمال الموت الملزوم للشك في شرطها أعني حوله في ملك مالك معين. ودين الزكاة نقل الأكثر مثله. ابن بشير: وقيل: لغو. المازري: دين الكفارة، والهدي لغو، ونفقة الزوجة مطلقًا مسقطة. وفي نفقة الولد، ثالثها: إن قضي بها، للتونسي مع محمد ونقله عن أشهب، وابن حبيب عن ابن القاسم مع ابن حارث عن نصها، وعياض عن ظاهرها، وعن رواية بعض نسخها: عطف نفقة الولد على الوالد في عدم الإسقاط وعياض عن محمد عن ابن القاسم مع اختصارها. الأكثر والمازري عن ابن حبيب عن أشهب، ورد عبد الحق قول بعض شيوخه إلغاء ابن القاسم نفقة الولد إنما هو فيمن حدث وجوب نفقته لعسره بعد يسره وقول أشهب فيمن لم يتقدم له يسر فيتفقان بأن ظاهر قول ابن القاسم لغوها مطلقًا. وفي نفقة الوالد المقضي بها قولًا أشهب وابن القاسم فيها، ودون قضاء لغو الباجي لمحمد عن ابن القاسم كأشهب. المازري: تعقب الشيخ لغو نفقة الولد وأوله بما أنفقوه بتحيل لا بسلف وأيده بعضهم برجوع من أنفق على ولد غائب موسر عليه وخص بعضهم التعقب بلغو نفقة الولد لأصالة ثبوتها. المازري: لا مانع من بقاء الروايات على ظاهرها، لأن دليل إسقاط الدين الزكاة قياسه على إسقاطه الإرث وعلة إسقاطه كونه عن عوض وهي مفقودة في نفقتها. قلت: يلزمه لغو دين الزكاة. اللخمي عن محمد: أجر رضاع الولد حيث يجب على الأم في عدم الأب والولد وملائها ومثلها لا يرضع، أو في موت الأب ولا مال للولد يسقط، قال: هذا أحسن إن كانت استرضعت لهم أو امتنعت من رضاعه لشرفها وإلا فلا.

وفي المهر قولا ابن القاسم واللخمي مع ابن حبيب لاعتبار تعلقه بالذمة وقصر طلبه على موت أو فراق عادة، وجعل ابن بشير وتابعه متعلق القولين الدين المعتاد بقاؤه في الذمة إلى الأجل البعيد كالمهر يقتضي وجود الثاني في غير المهر ولا أعرفه، وقول ابن رشد وغيره: المهر نحلة لا عن عوض يمنع لحوق دين غيره به. وفيها: أجر الأجير والحمال مسقط إن عملا. اللخمي: وإلا فلا إن لم تكن في الإجارة محاباة لجعله دينه فيه. بعض شيوخ عبد الحق: ما لم يعملاه أجرة في قيمته وما بقي منه مسقط. وفي جعل المسقط فيما يباع على مفلس، ثالثها: غير دين الزكاة لمحمد عن أشهب مع ابن القاسم ومالك، وأخذ الصقلي من قولها: من ابتاع سلعة بعشرين دينارًا بعد حولها قبل زكاتها فباعها بأربعين زكى للعام الثاني تسعة وثلاثين ونصفًا إلا أن يكون له عرض يعدل نصف دينار فليزك عن أربعين. وابن زرقون مع اللخمي عن ابن عبد الحكم مع قتبان والشيخ عن سماع يحيى ابن القاسم، وأخذ عياض من قولها: يزكى مال القراض المدار لكل سنة إلا ما نقصته الزكاة. وقولها: لا يزكي من فرط في زكاته إلا ما بقي عن دين الزكاة لعدم تقييده بعدم عرض يجعل فيه دين الزكاة. كما قيده في غيره ورجح به رواية ابن عتاب بدأ قولها المتقدم: من ابتاع سلعة بعشرين دينارًا بعد حولها قبل زكاتها، فقال أشهب عن رواية ابن عيسى، والأكثر إسقاط (قال أشهب) ووصلها بكلام ابن القاسم، وعلى عزوها له اختصرها الشيخ وغيره، وقول عياض: إنما عزا محمد جعله في عرض لمالك وأشهب لا لابن القاسم خلاف نقل الصقلي عن محمد عزوه لمالك وابن القاسم وعلى الأول المشهور في شرط ما يجعل الدين فيه بملكه حولًا نقلا محمد عن ابن القاسم وأشهب واختاره محمد وعزاه لأصحاب ابن القاسم، وناقضه بقوله: المعتبر قيمة المجعول فيه حين حلول الحول ونقص قيمته قبله لغو، لأن زيادته حين الحلول كملكها حينئذ، ورده الصقلي والمازري بأن حول الربح من يوم أصله يثبت ملكها من أول الحول. وفيها: لو وهب مديٌن دينه ولا شيء له غيره استقبل به.

وقال غيره: يزكيه، فخرجهما الصقلي على قوليهما في العرض، ثم نقل قول الشيخ: لو وهب لمدين عرض قبل الحول بيوم، فقال ابن القاسم: يزكي وأباه غيره، ولابن القاسم مثله، ثم قال إثر رده مناقضة محمد قولي ابن القاسم إن كان من هذا أخذ الشيخ لابن القاسم قولين فلا أخذ له. قلت: ما عزاه الشيخ لابن القاسم وغيره عكس ما عزاه محمد لابن القاسم وأشهب، وفي قول الصقلي: إن كان من هذا أخذ الشيخ إلى آخره- نظٌر، لأن المأخوذ من هذا عدم شرطية مرور الحول، وهذا الذي يجعله الشيخ قول ابن القاسم والمأخوذ له هو مدلول قول الشيخ، ولابن القاسم كقول غيره وقول غيره شرطية مرور الحول عليه. ابن رشد: شرط مرور الحول قول مالك فيها يستقبل المدين الموهوب، وسماع عيسى ابن القاسم: من له مائة غلة عليه مثلها أفاد مائة أخرى نصف حولها لا يزكي الأولى إلا لحوٍل من يوم أفاد الثانية ولغوه سماعه له: يزكي ذو مائتين عليه مائة أولاهما عند حولها قبل حلول الأخرى جاعلًا دينه فيها كقول مالك في ذي مائة عليه مائة وله مائٌة ديٌن يزكي مائته جاعلًا ما عليه فيما له، ورد ابن رشد قياسه باحتمال قول مالك فيمن حال الحول على مائته الدين. وفي جعله في خاتمه قولا ابن القاسم وأشهب، وفيه في ثوبي جمعته مطلقًا أو إن كانت لهما تلك القيمة، ثالثها: إن كانا له سرفًا للخمي ولها والصقلي والباجي عن أشهب. ويشكل قولها بأن الأولى عكسه لأنهما إن لم يكونا ذوي قيمة صارا كلبسة مهنة زائدة على ما تكفيه، ويجاب بأن فرض كونهما ثوبي جمعته يوجب لهما خصوصًا عن لبسة المهنة. وفي زكاتها: يباع عليه كل عروضه إلا ثياب جسده وعيشه مع أهله الأيام، وروى محمد وابن حبيب قدر الشهر. ابن رشد: ليس خلافًا إنما هو على قدر الأحوال وعرف تقوت أهل ذلك المكان، وأهله من تلزمه نفقتهم من زوجات وأولاد وأمهات أولاد ومدبريه.

وسمع ابن القاسم ترك لبسته إلا أن يكون لها فضل عن لبس مثله، وشك مالك في ترك قدر كسوة امرأته، سحنون: لا تترك. ابن رشد: هذا في ابتداء كسوتها وما لبسته قبل فلسه من كسوة مثلها ترك اتفاقًا في البيان قال ابن لبابة: وروى ابن نافع: لا يترك له شيء. ابن رشد: هذا القياس، والأول استحسان، لأن الغرماء لما علموا ذلك كأنهم عاملوه على ذلك. قلت: ولذا أفتى في دين الغصب أنه لا يترك له شيء. وفي المقدمات: روى ابن نافع: لا يترك له إلا ثوب يواريه وهو قول ابن كنانة: لا يترك له شيء. اللخمي: ويباع مضجعه وفي بيع كتب العلم طريقان. اللخمي: ثلاثة أقوال الجواز، والكراهة، والمنع لابن عبد الحكم قائلًا: بيعت كتب ابن وهب بثلاثمائة وستين دينارًا حضرية وغير واحد من أصحاب مالك وغيرهم وكان أبي وصيه. وقول مالك: مرة، ورواية محمد: لا تباع والوارث وغيره في النفع بها سواء. المقدمات: في جوازه وكراهته قولان لابن عبد الحكم مع سماع ابن القاسم يجوز رهنها. ولها: ومن له مائتان وعليه مائة في تزكيته إحداهما فقط لجعل الأخرى في دينه وتزكيتها معًا لنقل جعل الدين عن كل ما زكي لغيره، ثالثها: إلا قدر زكاة إحداهما لنقل جعل الدين لما زكي أولًا فقط، ورابعها: إن اختلف حولهما، فالثالث للصقلي عن تفسير الشيخ قول ابن القاسم، ونقل الباجي مع الصقلي والشيخ عن ابن حبيب، ونقل المازري مع اللخمي، وتقدم سماع عيسى: يزكي أولاهما حولًا جاعلًا دينه في الأخرى، وألزمه ابن رشد الثاني قائلًا: لا يزال يزكي كلًا منهما عند حلوله إلا ما زاد دينه على ما بيده من الأخرى. قال: وفي كون المدير كغيره وكونه لا يزكي إلا أولاهما حلولًا فقط جاعلًا دينه في الأخرى قول ابن مزين قائلًا لابن لبابة لما قال له: سواء كان مديرًا أو غيره ما هذا

السؤال يا بليد، وقول ابن لبابة مع العتبي قائلًا:- لما أخبره ابن لبابة بقول ابن مزيٍن- أخطأ، والصحيح قول ابن مزين. ومن قبض مائة كراء داره خمس سنين ففي تزكيته كلها لمضي عام أو منابه منها ومناب قيمة الدار وما بقي كلما يسكن شيئًا زكى قدره منه أو هذا ومناب العام الأول إلا قدر زكاته. رابعها: لا يزكي إلا قدر قيمة الدار وكلما سكن شيئًا زكى قدره من مناب الأول لابن رشد عن ظاهر أول مسألة من سماع سحنون ابن القاسم، وعن روايته عنه مع إجرائه على عدم شرط الحول فيما يجعل فيه الدين، وعن لازم هذه الرواية مع إجرائه على قول محمد في مسألة الأجير الآتية إن شاء الله تعالى، ونقله مع إجرائه على قول مالك في المدين يوهب له دينه. قلت: عزا الشيخ الأول للعتبي وابن عبدوس عن سحنون قائلًا: الهدم أمر طارئ سويت الدار الكراء أم لا؟ كما يزكي ثمن السلعة وقد تستحق، والثاني لعيسى عن ابن القاسم قائلًا: قد تهدم الدار فيرد ما قبض، ولابن سحنون عن أبيه. قلت: الذي في العتبية سماع سحنون ابن القاسم. التونسي: يجب على قول ابن القاسم: قد تنهدم الدار فيرد ما قبض جعل الدين في قاعتها لا بنائها، فقبله الصقلي وحمله على أن قيد قول ابن القاسم بجعل كراء غير العام الأول في قيمة الدار يجعله فيها مهدومة وهو وهٌم، لأن ابن القاسم إنما اعتبر الهدم في مانعيته حصر تعلق حق المكتري في المنافع إذ لو انحصر فيها ثم ملك المكتري جميع الكراء من يوم قبضه ملكًا سالمًا عن الدين فتجب زكاة جميعه، وعدم انحصاره فيها يوجب تعلق مناب باقي المدة من الكراء في ذمة المكري، فيجب جعله فيما له من عرض وهي الدار، فيجعل فيها على صفتها حينئذ صحيحة، ولذا علل سحنون قوله بأن الهدم طارئ وشبهه بالاستحقاق وقال: سويت الدار الكراء أم لا؟. وعلى طريقتهما حصل ابن بشير فيها أربعة أقوال الأول والثاني، وتزكية مناب الأول فقط وخرجه على قصر جعل الدين في العين وتزكية مناب الأول ومناب قيمة الدار مهدومة، وبمقتضى نقل ابن رشد وابن بشير تم نقل ابن الحاجب فيها ستة. قلت: وإلزام التونسي سائغ.

ولو قبض أجرة عمله ثلاث سنين ستين دينارًا ففي تزكيته لمضي عام كلها، أو عشرين فقط، أو تسعة وثلاثين ونصفًا ثلاثة لتخريج الشيخ على قولي سحنون في الدار، وما رجع محمد إليه، وما رجع عنه، ورابع ابن الحاجب: لا يزكي شيئًا هو لازم رابع ابن رشد في الدار، وجعل الصقلي الأول لازم ما رجع عنه محمد، وقول ابن حبيب في ذي مائتين عليه إحداهما، وألزمهما أن من عليه ثمانمائة دينار له مثلها وعشرون وزكاة ماله إلا عشرين قال: وهذا خلاف أصلنا. اللخمي: لو اكترى بمائة في نصف حولها دارًا أكراها بمائتين ففي زكاته لتمام حولها المائتين أو مائة وخمسين قولان للغو احتمال الهدم واعتباره فيرجع عليه بمائة يرجع منها على المكري الأول بخمسين ثالثها مائة فقط وهو أحسن، لأن الزائد لم يتم حوله. قلت: إنما يحسن على أن الربح فائدة أو على اعتبار احتمال فلس المكري الأول. الشيخ: في كتاب محمد جعل دينه فيما زكاه من معدن ونحوه لسحنون. المازري: ظاهر الروايات جعله فيه اتفاقًا وخرجه عبد الحميد على الخلاف في جعله في المائة المزكاة لذي مائتين عليه إحداهما. وفرق الصقلي بأن الدين لا يسقط زكاتها فهي كماشية. وسمع عيسى ابن القاسم: جعل دينه في ماشية يزكيها. وفي كتاب محمد: في ماشية زكاها زاد الصقلي: وفي حب زكاه، وفي جعله في قيمة المكاتب عبدًا أو مكاتبًا ثالثها، في قيمة كتابته لأصبغ واللخمي عن ابن القاسم والصقلي عنه وعزا الثاني لأشهب قائلًا: مكاتبًا بقدر ما بقي عليه وعزا الباجي له الأول أيضًا. قلت: والفرق بين الثاني والثالث اعتبار الولاء في القيمة، إذ هو الثابت لربه ولغوه إذ هو لازم بيع الكتابة أو إلغاء قدر الكتابة واعتبارها خلافًا لنقل الشيخ والصقلي عن أشهب لنص جناياتها: المعتبر في قيمة المكاتب يقتل قيمة رقبته مع قوته على الأداء وضعفه ولا ينظر لقلة ما بقي عليه وكثرته ولو تساوى مكاتبان في رقبتهما وقوتهما على الأداء وبقي من كتابه أحدهما دينار فقط ولم يؤد الآخر شيئًا فقيمتها سواء، ولا يتخرج قول كتابتها: إن أوصى بمكاتبه أو كتابته له أو لأجنبي جعل في الثلث الأقل من قيمته

مكاتبًا. كما لو قتل أو قيمة كتابته، وقال أكثر الرواة: أو كتابته لا قيمتها للاحتياط للزكاة والعتق ولا يتحد قولا ابن القاسم وأشهب في قيمته مكاتبًا لإلغاء ابن القاسم اعتبار قدر كتابته ونقل الصقلي عن أشهب اعتباره. أبو عمران: لو عجز وفي رقبته فضل عن قيمته أو لا زكى قدر فضله. وفيه في قيمة المدبر عبدًا أو في خدمته ثالثها فيما يجوز بيعه منها كعامين ونحوهما ورابعها لا يجعل في شيء منها لابن القاسم مع قول محمد: اتفق عليه أصحاب مالك والصقلي عن نقل القاضي مع المازري عنه، ونقل الجلاب واللخمي والتونسي مع سحنون ونوقض ابن القاسم بقوله في هباتها: من تصدق بكل ماله لا شيء في مدبره، وسحنون بقوله: يتصدق بثلث خدمته ويجاب لابن القاسم بأن وجوب السنة آكد من وجوب الاقتراف كقولها: من أعتق جنين أمته بيعت في دينه الحادث. بخلاف أمته الحامل من ابنه لأن هذا عتق سنة لا اقتراف. ولسحنون بمانعية الغرر التقويم بخلاف الصدقة. ابن بشير: إن تأخر التدبير عن الدين جعله فيه اتفاقًا ونحوه للصقلي ويناقض قول ابن القاسم قيمته عبدًا. قول تدبيرها: من باع مدبره فمات بيد مبتاعه صرف ما زاد من ثمنه على قيمته على رجاء عتقه وخوف رقه في تدبير أواخر كتابه. وقول نكاحها قيمة ولد المدبرة تغر متزوجها بحرية كذلك، ويفرق بظلم الأول ومظلومية الثاني والمعتق إلى أجل. اللخمي: يجعل في خدمته اتفاقًا. ابن بشير: على عدم جعله في المدبر فهو أحرى وإلا جعل في خدمته. قلت: فنقل ابن الحاجب الأول نصًا متعقب وتخريجه على المدبر إن جهل أجله واضح وإلا فلا. محمد: مخدم غيره سنين يجعل دينه في مرجع رقبته وبفتح الدال حياته أو سنين في خدمته وعزاه الصقلي عنه لأشهب وتعقبه اللخمي في الأولين بمنع بيع مرجعهما والخدمة ورد قياسه على المدبر برعي القول بجواز بيعه، قال: وقوله في المخدم سنين: يحسن لجواز بيع خدمتها ويختلف فيه كما مر فيمن اكترى دارًا ثم أكراها بنقد وفيه في

قيمة طعام سلم أو في رأس ماله نقلا المازري عن عبد الحميد وابن شعبان. قلت: يجريان على قولي عبد الرحمن والإبياني في المدير، وخرج المازري الزرع قبل بدو صلاحه على خدمة المدبر. وفي جعله في ذي إباٍق قريب مرجٍو قولان لأشهب ولها، وفي حذف ابن الحاجب قريب- نظٌر، وفي جعله في دينه طرق. الشيخ: في المجموعة لابن القاسم وأشهب يجعله في دينه المرجو. سحنون: في قيمة دينه عيسى عن ابن القاسم إن كان على غير مليء. الشيخ: دليله إن كان على مليء ففي عدده وهذا إن كان حالًا وإلا ففي قيمته. ابن بشير: في كونه في قيمته أو عدده ثالثها إن كان مؤجلًا أو حالًا على غير مليء وقال: يحتمل تفسيره الأولين. المازري: ظاهر الروايات في عدده مطلقًا. الصقلي: هو ظاهرها والصواب في قيمة المؤجل. ابن عبد السلام: ظاهرها إن كان مرجوًا ففي قيمته، ولو كان حالًا فإن تم كان رابعًا وهو أقرب من الثالث. قلت: هذا وهٌم وشٌك إثر جزٍم لأن نصها: ملك من عليه دين مائة وله مائة مرجوة على مليء وله مائة زكاها. ابن هارون عن ابن عتاب: أربعة: القيمة مطلقًا، والعدد مطلقًا، وفي الحال لا المؤجل، وفي المليء لا غيره. اللخمي: إن كان ماله حالًا أو مؤجلًا كأجل ما عليه أو أقرب ففي عدده، وإلا ففي قيمته على أن يقبض لمدة ما بينهما ونص اللخمي معها: غير المرجو كالعدم، وظاهر قول ابن الحاجب: إن كان حالًا مرجوًا ففي عدده وإلا ففي قيمته. اعتبار قيمته إلا أن يقال: لا قيمة لغير مرجو. اللخمي: إن كان غريمه موسرًا بنصف دينه حالًا جعل نصف ما عليه في نصف ماله، وزكى وإن جعل منابه في حصاصه جعل في قيمة دينه والقياس لغوه، لأنه لا ينبغي بيعه لجهله.

ومال القراض: الشيخ عن سحنون: إن تم حوله بيد العامل ولم يشغل بعضه زكى مكانه. وسمع أصبغ ابن القاسم، والشيخ عن الواضحة، وروى اللخمي: إن بعدت غيبة العامل عن ربه لم يزكه حتى يعلم حاله أو يرجع إليه، فلو تلف، فلا زكاة، فإن حضر والمال محتكر كمال ربه فلا زكاة حتى المفاصلة. وخرج اللخمي زكاته عينًا حين تمام حوله على تزكيته مرارًا حينئذ، لأن عين غير المدير كعرضه ورده ابن بشير بأنه كدين فيقومه المدير ولا يزكيه غيره وقبله ابن الحاجب، ويرد بقول اللخمي: يد العامل كيده، لأنه أجيره بجزء من الربح كأجيره بمعلوم يزكيه بيده اتفاقًا وخرجه عليه بيده نعمًا أو زرعًا. ابن عبد السلام: ثبوت حق العامل في عينه صيره كقابض لحق نفسه فصار بيده كدين لربه، وفيه تكلف، لأن حق العامل فيه موجود فيما إذا كانا مديرين ومع هذا فإنه يزكي كل عام قبل نضوضه في أحد القولين. قلت: ظاهره تعقب للجواب بعد تقريره وهو في الحقيقة تتميم للجواب أو لغو لا تعقب، لأن حكم المدير خلاف المحتكر وعلى الأول في تزكيته مرة أو لكل عام غير نقص زكاة ما قبله وغير نقص ما بعده، ولو عاد بعد عام نقصه طريقان، البيان الأول فقط. ابن بشير: قولان وتبعه ابن الحاجب وقبله شارحاه وفيه نظر، لأنه مال محتكر أو دينه وعلى تقدير ثبوته يجب حمل عدد أعوامه على نضوضه لكل عام منها لا على مطلق زمنه، وعليه قال ابن بشير: لو كان في الأول مائتين، وفي الثاني مائة، وفي الثالث مجموعهما زكى للأولين مائة مائة وللثالث ثلاثمائة. قلت: يريد غير نقص الزكاة. والمدار كربه في زكاته كل عام بيد عامله أو حتى المفاضلة نقلا اللخمي عن ابن حبيب مع إحدى روايتي محمد وسحنون مع ابن القاسم والأخرى، ولم يحك ابن رشد غيره وعزاه لأبي زيد عن ابن القاسم ولقراضها والواضحة وسماع عيسى ابن القاسم. التونسي: بناء على أن القراض كدين يقوم أو كغائب عن ربه لقدرته على التصرف

في الدين يبيعه وعدم تصرفه في القراض لمنع بيعه، وعليه قال ابن رشد في زكاة قدر قيمته في كل عام غير نقص زكاة ما قبله أو وغير ما نقص بعده ولو عاد بعد عام نقصه قولان لظاهر قراضها، ونقل بعضهم، وقيل: هو ظاهر الروايات، لأنه فائدة تأخيره للمفاصلة. قلت: هو نص نقل الشيخ عن ابن سحنون عنه وعلى الأول في زكاته من عند ربه أو منه نقل اللخمي عن ابن حبيب مع ظاهر رواية محمد ونقل ابن بشير عن تخريجه اللخمي: على نعم القراض وفطر عبيده، ونقله ابن الحاجب نصًا لا أعرفه إلا قول اللخمي: يختلف هل تخرج منه أو من عند ربه فإخراجها من المال على أصل زكاة العين وقياس على النعم، وإن كان أحدهما مديرًا فابن محرز: كمالين أحدهما مدار، والصواب إعطاء كٍل حكمه، ونحوه للتونسي. ابن بشير: هذا إن كان المراعى حال ربه وعلى إعطاء العامل حكم نفسه يعتبر حاله فقط في كل المال أو في حظه فقط، ورده ابن عبد السلام وابن هارون بالاتفاق على اعتبار حال رب المال في كله أو فيه إلا حظ العامل. قلت: لابن القاسم إلغاؤه إذا كان العامل مديرًا. ابن رشد: إن كان ربه محتكرًا وعامله مديرًا وما بيده أكثر مال ربه أو أقله على إعطاء المدار الأقل حكمه أو العكس وما بيده من مال الإدارة أو من غيره وهو الأقل فكمديرين، وإن كانا محتكرين فكمحتكر وإن كان العامل فقط وما بيده الأكثر ففي زكاته لعام حين المفاصلة أو بتقويمه لتمام كل حول من مال ربه قولان على قول ابن دينار: زكاة المحتكر أكثر مالين أحدهما مدار كمحتكر، وتأويلها ابن لبابة كمدار وعليه في زكاته كل المال أو الأحظ لعامٍل قولا ابن حبيب وأصبغ عن ابن القاسم. قلت: وعزاه اللخمي لكتاب محمد. وفي ذكره قول ابن لبابة في هذا القسم مع ذكره الأول فقط وهما مديران، أو رب المال فقط، ومال القراض الأقل أو الأكثر وهو من مال الإدارة، نظر. وسمع أصبغ ابن القاسم: إن كان العامل مديرًا، زكاه لكل عام حين المفاصلة. ابن رشد: لا قبله اتفاقًا.

قلت: ظاهره ولو كان ربه مديرًا، وسمعه إن كان ربه مديرًا فقط قومه مع ماله كل عام وزكاه وحظه في ربحه. قلت: يفرق بين تقويمه في هذا وعدمه إذا كانا مديرين بلزوم زكاة العامل لكل عام إذا كان مديرين وعدمه إذا كان العامل محتكرًا وتزكية حظ ربه من ربحه بمقتضى حاله. ابن رشد: إجماعًا، وفي تكميله نصابه بحظ العامل من الربح نقلاه عن سحنون مع محمد وأشهب وروايته ونقلي ابن رشد وظاهر المذهب قلت هو نص قراضها وفي كون حظ العامل كذلك أو بمقتضى حاله ثالثها بمقتضى حالهما لسحنون مع محمد وأشهب وروايته ونقلي ابن رشد قال: ورابعها: لابن القاسم هذا في عدم الدين والشروط إلا في النصاب. قلت: عزا ابن شاس الثاني لكتاب محمد والثالث لابن القاسم، وقول المقدمات: يتخرج زكاته على ثلاثة أقوال ولم يعز منها غير الأول يقتضي كون الباقيين تخريجًا، وقول ابن بشير: فيه ثلاثة أقوال يقتضي أنها منصوبة والأقرب أنها مستقرأة من مسائل جزئية، وفي قولها: إن سقطت عن حظ العامل لتفاصلهما قبل حوله فهو فائدة- نظٌر، لأنه كما يعتبر تمام الحول عليه قبل المفاصلة فكذا بعدها ويجاب بأنه بعدها غيره قبلها لتغاير ملكيه إياه فيهما لجبر نقص المال به قبلها لا بعدها وتغاير الملكين يوجب تغاير المملوك، وإن اتحد، كقولها: من ملك عبدًا حلف بعتقه على بر بعد بيعه، بإرث لا يتعلق به ذلك الحلف وفيه نظر. ابن رشد: ولابن القاسم في اعتبار النصاب برأس المال وحظ ربه فقط أو به وكل الربح، ثالثها: الأول مع ما بقي منه للحول وحظ ربه النصاب بلوغ حظ العامل النصاب، وعلى الأول روى أبو زيد عنه: لو قبض بعض رأس ماله قبل الحول فالمعتبر بلوغ ما بقي منه للحول وحظ ربه النصاب. ابن رشد: وعليه لو قبضه كله قبل الحول فالمعتبر بلوغ حظ ربه، قال: وتأول محمد عن ابن القاسم إن قبض كل رأس ماله قبل الحول سقطت عن العامل ولو بلغ حظ رب المال النصاب، ولو قبض بعضه وقصر باقيه مع حظه من الربح عن النصاب فإن

بقي بيده مما أخذ ما يكمله نصابًا زكى العامل من حظه ما ينوب ما بقي بيده وهذا تناقض. التونسي: لو رد لربه من ثمن سلع قراضه مائة رأس ماله لثمانية أشهر من يوم عمله وباع باقيها لتمام حوله بأربعين ففي زكاة العامل حظه إن كان النصف نقلا ابن عبدوس عن ابن القاسم قائلًا: لو كان له ثلثا الربح لم تزك لسقوطها عن رب المال، ومحمد عنه اللخمي: هو أصله لقوله فيها: ما صار للعامل قبل تمام حوله فائدة. محمد عنه: ولو كان المردود منها خمسة وتسعين فلا زكاة حتى يبيعه بخمسة وأربعين، ولو باعه بخمسة وعشرين فلا زكاة، وقال أصبغ ومالك: يزكي. محمد: وهو الصواب والذي يزكيه نصف دينار حظه من مناب الخمسة بقية رأس المال من الربح ونقل اللخمي عن محمد في بيعه ما بقي بخمسة وأربعين ما تقدم للتونسي عنه في بيعه إياه بخمسة وعشرين ولعله تغيير من الكتبة. قلت: ولا ينقض نقله عن ابن القاسم تزكية حظ العامل باعتبار حاليهما في عدم الدين بنقل التونسي لو استغرق دين العامل حظه إلا درهمًا زكاه ونحوه. اللخمي: لأن معناه أن رب المال غير مدير والنصاب معتبر بحاله فقط، وفي اعتباره الحول على رب المال فقط أو وعلى العامل من يوم أخذه لا من يوم عمله قولان لظاهر قراضها ونص زكاتها. قلت: هو نصها في اعتباره الحول على العامل ظاهر في كونه من يوم أخذه، لأن لفظها إنما يزكى حظ العامل إذا عمل به سنة من يوم أخذه، ثم قال: إن حال عليه حول من يوم أخذه وعليه دين، فلا زكاة عليه. وزكاة نعمه كغيره، وفي إلغائها كنفقتها وكونها على ربه، ثالثها: على العامل حظ ربحه منها. للخمي عن مختصر ابن عبد الحكم، وعنها مع المجموعة، وتخريجه ولم يعين أصله وأشار لقول أشهب في زكاة فطر عبيده، وعلى الثاني إن غاب ربه أخذت منها، وإلا ففي كونها كذلك أو من مال ربه نقل ابن حبيب عن رواية المدنيين والمصريين، وأكثر أصحاب مالك والصقلي عن ظاهرها مع نقله عن ظاهر قولي الشيخ ومحمد عنها.

اللخمي: وزرع القراض كنعمه. وفي استقبال مغصوب عين ترد له بعد أعوام، وزكاتها لعام فقط، ثالثها: لكل عام إن رد معها ربحها لروايتي ابن حبيب ومحمد ابن القاسم وأشهب وغيرهما من الرواة، وعبد الحق عن ابن القصار وضعفه، لأن ربحه لا يجب رده فرده هبة. وفي قول ابن هارون: أشار اللخمي لتخريج زكاته في كل عام على المعجوز عن تنميته نظر لأنه إنما خرج النعم المغصوب على القول بعدم رد غلتها على العين يغلب عن تنميتها بتلف أو بكونها ورثت ولم يعلم بها والنعم المغصوبة ترد بعد أعوام إن لم تكن زكيت ففيها لابن القاسم: تزكى لعام فقط وله مع أشهب لكل عام فخرج اللخمي الأول على عدم رد الغلات، وخرج عليه أيضًا استقباله بها عليه في العين ثم فرق برد الولد وهو عظم غلتها. ابن بشير: لم يقل أحد باستقباله للاتفاق على رد الولد إلا قول السيوري: أنه غلة، فنقل ابن الحاجب استقباله نصًا وهٌم. اللخمي: وعلى رد الغلات الثاني اتفاقًا، وعلى عدم الرد لو زكيت عند الغاصب تختلف في رجوع ربها عليه بزكاتها، لأنه يقول: لو ردت علي قبل زكاتها لم أزكها، ولا يأخذها الساعي منك لو علم أنك غاصب. الصقلي: وعلى الثاني لو اختلف قدرها في أعوامها فكمختلف عنه. وفيها: لو كانت زكيت لم تزك. عبد الحق: اتفاقًا وقول بعض القرويين فيه الخلاف، لأنه ضمنها فيغرم لربها ما يؤديه للساعي غير صحيح، لأن ما دفع عنه له واجب عليه. والنخل المغصوبة ترد مع ثمرها تزكى إن لم تكن زكيت. عبد الحق: بخلاف النعم في قول، لأن لربها أخذ قيمتها لطول حبسها فأخذها كابتداء ملكها ولو أخذ قيمة التمر لجده الغاصب قبل طيبه أو لجهل مكيلتها زكى قيمتها. قلت: لا يصلح الأول، لأنه كبيعها قبل طيبها فلو رد مما بلغ كل سنة نصابًا ما إن قسم على سنيه لم يبلغه لكل سنة وهو نصاب فأكثر ففي زكاته استحسان.

ابن محرز: وقياسه مع التونسي وعزا أبو حفص الأول لابن عبد الرحمن واختاره، والثاني لابن الكاتب قال: ثم رجع إلى أنه لو قبض أوسق زكى خمسة وترك الثلاثة حتى يقبض وسقين. وما ورث من ذهب أو فضة فتأخر قبضه عامًا فأكثر. اللخمي: في زكاته لعام فقط وإن علم به أو لكل عام أو إن علم به أربعة. الشيخ: إن لم يعلم به سنين ففي زكاته بقبضه لعام واستقباله رواية ابن وهب مع روايتي علي وابن نافع وروايتهم مع رواية ابن القاسم. اللخمي: وفيها لمالك: ما قبض من إرث بمكان بعيد فائدة، وقولها: إن قبضه رسوله بعد أعوام فحوله من يوم قبضه، يدل على لغو علمه به. وروى محمد: إن لم يعلمه ووقفه الحاكم زكى لعام فقط. مطرف: إن جهله ففائدة وإن علمه وعجز عن قبضه فلعام وإن لم يعجز ووقفه الحاكم لمن جهله فلكل عام. الشيخ عن المغيرة: إن وقفه الحكم لمن لم يعلمه زكاه لكل عام، وإن ضمنه لمن وقفه عنده فلعام فقط. اللخمي: والصواب إن عد عجزه عن تنميته مانعًا استقبل مطلقًا، وهو ظاهرها في ثمن دار بيعت لورثة وإلا زكى لكل عام وهو أحسن لأنه تمنى به. وقبض رسول الوارث كقبضه ومدة تخلفه لعذر كمدته قبل قبضه، ويختلف في لغو مدة حبسه الرسول تعديًا وكونه فيها كدين. الشيخ: لو حبسه وكيله سنين ففي زكاته لكل عام أو لعام فقط قولا أصبغ ورواية ابن القاسم مع محمد: قائلًا لو تركه قادرًا على قبضه فلكل عام، وكذا لو كان مفوضًا له. وفيها: حول إرثه الأصاغر من يوم قبضه وصيهم معينًا لهم. وفي قبضه لهم مع كبار من يوم قسمه. الشيخ: في لغو قبضه لكبار وكونه لهم كصغار ولو بغير إذنهم وحدهم أو مع صغار قولا ابن القاسم وأشهب وروايتاهما.

وفيها: وارث النعم والمعشر كقبضه. وفي تزكية اللقطة لعام فقط، أو لكل عام، ثالثها: إن اتصل رجاؤه القوي حتى أخذها وإلا استقبل للشيخ عن محمد عن مالك مع أصحابه وروايتي علي وابن نافع والمغيرة مع سحنون قائلين ما لم يرد ملتقطها أكلها فتصير كدين وابن حبيب وعزا العتبي الأول لسماع ابن القاسم وقول ابن بشير وتابعه "الثالث: يستقبل مطلقًا". خلاف ما تقدم، ونقل ابن حارث الاتفاق على الزكاة وفي صيرورتها دينًا على ملتقطها بإرادته أكلها، أو بتحريكه لها نقلا الشيخ عن سحنون مع المغيرة وعن ابن القاسم في المجموعة وعزا ابن رشد الأول لروايتي ابن القاسم وابن وهب. وفي زكاة ما ضل محل دفنه ثم وجد لكل عام مطلقًا، أو إن دفنه بيت أو موضع يحاط به، وإن دفنه بصحراء أو بما لا يحاط به فلعام فقط، ثالثها: عكسه للشيخ عن مالك ومحمد واللخمي عن ابن حبيب، ورابعها: لعام فقط لنقل ابن بشير مع ابن رشد عن رواية علي قائلًا: هي أصح الأقوال قال: ورواية ابن نافع: لا زكاة في الوديعة حتى تقبض فتزكى لعام فقط إغراٌق إلا أن يحمل على مودع غائب. قلت: لفظ النوادر: روى ابن نافع وعلي: من ضاع ماله فرجع ماله فرجع له بعد أعوام زكاه لعام فقط، وروى ابن نافع: وكذا الودائع. قلت: لعله يريد تضيع ثم ترجع وقدرها من الذهب والفضة ربع العشر. وفيها: فيما زاد على النصاب ربع عشره ولو قل. وفي التلقين: ما زاد بحسابه في كل ممكن. وقبله المازري. قلت: الأصل أن ما وجب وتعذر بذاته وأمكن بغيره وجب الغير له كجزء من الرأس في غسل الوجه، وجزء من الليل في الصوم. وفي إخراج أحدهما عن الآخر طرق. ابن حارث وابن محرز: يخرج الفضة عن الذهب اتفاقًا وذكره ابن محرز بلفظ الدراهم عن الدنانير وتعليله اللخمي بكون الدراهم أسهل على الفقير يقتضي قصره على المسكوك. ابن حارث: روى ابن نافع معها يجوز الذهب عن الورق.

قلت: عزاه الشيخ لروايتي ابن عبد الحكم ومحمد بن حارث عن سحنون: لا يجوز ذهب عن فضة. ابن محرز: كره ابن كنانة وابن القاسم الذهب عن الورق. الصقلي عن ابن مزين: كرها الدنانير عن الورق. ابن القاسم: إلا دينار المديان يدفعه في دينه. ابن عبدوس عن سحنون: الورق عن الذهب أجوز من العكس، ابنه عنه: لو وجد درهما رديئًا فيما صرفه ليفرقه ضمنه. ابن بشير: ثالثها: يجوز الورق عن الذهب لا العكس. قلت: الثاني خلاف اتفاق ابن حارث وابن محرز، وعلى الجواز في كونه بقيمته يوم إخراجه، أو بعشرة دراهم لدينار، ثالثها: الأول ما لم ينقص عن الثاني للمازري عن المشهور مع الباجي عن ابن القاسم وابن نافع والقاضي مع الأبهري، وابن حبيب، وسمع ابن القاسم: له أن يخرج عن نقد الذهب والفضة من غيرها. الباجي: يجوز إخراج زكاة المال من غير جنسه اتفاقًا، ولا يخرج غيرهما عن أحدهما فإن وقع فالمشهور لا يجزئ. ابن حارث: قاله أصبغ عن ابن القاسم، وقال أشهب: إن أعطى عرضًا أجزأه فإن وجب في مسكوك ذهٍب جزٌء لم يوجد ففي إجزاء قدره غير مسكوك، ولزوم قيمته مسكوكًا دراهم نقلا ابن محرز عن ابن حبيب والقابسي، ولم يحك اللخمي غيره غير معزو كأنه المذهب، قال: ولو اختلفت سكك أربعين دينارًا أخرج قيمة ربع عشرها، ونقل ابن بشير قول القابسي: والمخرج ذهب وهم وربا، وله: ولا يكسر كامل اتفاقًا، وفي كسر الرباعي ونحوه قولان. ابن رشد: الذهب مقطوعًا مجموعًا يخرج منه وما هو مثاقيل قائمة لا تقطع ويخرج قيمته دراهم. ونقل ابن الحاجب جواز إخراج أدنى أو أعلى بالقيمة لا أعرفه، بل قول محمد: لا يخرج عن رديء قيمته من نوعه جيدًا بل قيمة رديء الذهب فضة وعكسه أو منه، وسمع القرينان: له إخراج زكاة حلي التجر منه.

ابن رشد: لا كراهة في قطعه. قلت: إن كان فسادًا ففيه نظر. وفي إخراج قدره تبرًا ولزوم قيمته دراهم نقل الصقلي عن ظاهرها مع ابن محرز عن ابن الكاتب وأبي عمران مدعيًا إجماعهم عليه ونقل الصقلي عن الشيخ مع القابسي، وعلى الأول في قيمته مصوغًا أو تبرًا قولا ابن الكاتب محتجًا بأن جزأه مصوغًا كالصيد في الجزاء وتبرًا كمثله نعمًا والمقوم بالطعام الصيد لا المثل وأبي عمران محتجًا بلزومية إجماعهم على إجزاء قدره تبرًا على لغو صياغته. ابن محرز: اشتهرت مناظرتها وصنف كٌل على صاحبه، وذكر عبد الحق قوليهما في الحلي والآنية، وخص الصقلي قوليهما بالآنية، وقال ابن بشير واللخمي: صوغها ملغى اتفاقًا. اللخمي: زكاة حلي تجر غير المدير منه مصوغًا أو قيمة ذلك الجزء مصوغًا، لأن صياغته تبع، وقيل: وزنه في جودته غير مصوغ، ويخرج عند بيعه مناب زيادة صوغه، والمدير يقوم صياغته. $$$ في ملكه طرق: اللخمي: في كونه لربه، أو لنظر الإمام، ثالثها: في غير معدن النقدين لأحد قولي سحنون مع ابن حبيب قائلًا به في العنوة والصلح، ومالك والآخر لسحنون، وصوبه ابن رشد في كونه لرب أرضه أو للإمام في غير أرض الصلح رواية ابن القاسم مع قوله فيها وسماعه يحيى وسحنون مع رواية محمد. ابن رشد: فإن أسلم الصلحي رجع أمره للإمام. وتخصيص ابن عتاب قول ابن القاسم بما ظهر بعد إسلامهم دون ما أسلموا عليه يرد بسماعه يحيى إن أسلم وبيده معدن أو بأرضه رجع للإمام. ابن رشد: لا يلتئم على أصل ابن القاسم رجوعه للإمام إلا ما ظهر بعد إسلامهم وما قبله أصله بقاؤه لهم، ومثله روى محمد وظن بعض أهل النظر أن روايته هذه كقول سحنون خلاف قول ابن القاسم غير صحيح بل هي على أصل ابن القاسم ملك الأرض لا يوجب ملك باطنها.

الباجي: ما ظهر منها بأرض صلح في كونه لنظر الإمام أو لأهله قول ابن حبيب مع نقله عمن لقي من أصحاب مالك وابن نافع مع ابن القاسم. ابن زرقون: إنما قاله ابن حبيب في فيافي أرضهم ومعدن مملوك أرضهم لهم اتفاقًا. المازري: في كونه لهم أو للإمام قولان. ابن بشير: ما بغير مملوكة لنظر الإمام، وبمملوكة لغير معين مثله وقيل لمن فتحها ولمعين ثلاثة. اللخمي: وما نيل متصلًا من معدن ذهب أو فضة كمقتضى من دينهما الحولي يضم ما نيل منه لما قبله ولو أنفق. ابن رشد: وفي ضمه لما تلف بغير سببه قولا ابن القاسم ومحمد وإنما هذا الخلاف إذا ثبت لوقت لو تلف فيه المال بعد حوله لم يضمنه. وفي ضم نيل لما انقطع قبله طريقان. الباجي: لا يضم. ابن رشد: لا يضم لما انقطع قبله إن تلف قبل ابتداء نيل الثاني اتفاقًا، وفي ضمه إن تلف بعد ابتداء نيل الثاني قولا أشهب وابن القاسم في ضم عشرة تلفت حين حولها نصف حول أخرى إليها. الشيخ: روى ابن حبيب إن انقطع عرق فظهر آخر لم يضما. ابن رشد: وانقطاع نيل معدن وابتداء آخر كانقطاعه وابتدائه في معدن في عدم الضم، ولو بدأ نيل الثاني قبل انقطاع الأول ففي ضمه لو قولا ابن مسلمة مع قول ابن القاسم، وروايته فيها: ضم ما زرع لما حصد بعد زرعه، لأن المعادن كزرع الأرضين، وسحنون. وعلى الأول يضم كل معدن لما قارنه لا لما فارقه ولو فارق مقارنه. وخرج اللخمي عليهما ضم نيل معدن لمثله حوليًا وعدمه. الجلاب: يضم ما نيل من ذهب معدن لنيله فيه فضة. الباجي: انظر الآتي على قول سحنون: لا يضم معدن لآخر. ونقل ابن الحاجب عدم ضمهما نصًا- لا أعرفه.

وفي شرط زكاته بالإسلام والحرية نقل الشيخ عن سحنون وابن الماجشون. وفي كون الشركاء فيه كواحد في النصاب وشرط استقلال كل به نقلاه عنه وعن سحنون. وفي كون ما نيل منه دون كبير عمل مثله أو مخمسًا، ثالثها: إن قل للخمي مع نقله عن كتاب ابن سحنون، وكتاب محمد معها وتخريجه على قول كتاب ابن سحنون: يخمس الركاز إن قل، قال: ومحمل قول تخميسه على أنه لم ينل غيره وإن ناله وهو معه نصاب ودونه دونه اعتبر الأكثر من خمسه أو زكاة المجموع. قلت: كنيل تسعة عشر دينارًا وندرة قدرها دينار أو ندرة قدرها ثلاثة وعزا الباجي الأولين لروايتي ابن نافع وابن القاسم معبرًا عن متعلقيهما بالندرة التي لا تفتقر لتصفية ولا تخليص بل لحفر وطلب، وعمله مستحقه بإجارة واضح. وفي جواز كرائه كأرض لحرث نقلا ابن زرقون عن أشهب مع رواية ابن نافع وقول سحنون مرة وقوله أخرى. الخمي: وعلى الجواز يمنع معدن ذهب به أو بفضة كمنع ابن القاسم كراء الأرض لحرث حنطة بها أو بعسل. وفي دفعه بجزء من نيله معلوم نقلا ابن رشد عن فضل مع ابن القاسم في الأسدية وأصبغ مع محمد وأكثر أصحاب مالك. ولم يعز ابن زرقون الأول إلا لابن الماجشون. ومصرف واجبه كالزكاة، ونظر الإمام فيه بالأصلح جباية أو إقطاعًا: الباجي: إنما يقطعه انتفاعًا لا تمليكًا فلا يجوز بيعه من أقطعه. ابن القاسم: ولا يورث عن من أقطعه. أشهب: يورث. الباجي: لعله يريد تركه الإمام بيد وارثه كإقطاعه لا إرثه حقيقة، لأن ما لا يملك لا يورث. ابن زرقون: هو ظاهر قول أشهب، لأن نصه: وارثه أحق به ولم يقل يرثه وفي إرث نيل أدرك قول أشهب ونص شركتها.

باب الركاز

[باب الركاز] وفي الركاز خمسه بأخذه: في الواضحة معها هو دفن جاهلي. اللخمي: في تخميس ما قل منه قولها ورواية ابن سحنون. وفي كون ما طلب منه بمال أو كبير ركازًا نقلاه عن مالك مرة وعن الموطأ معها. قلت: فيها أولًا لمالك: في دفن الجاهلي الخمس نيل بعمل أم لا. وفيها آخرا مع الموطأ: سمعت أهل العلم يقولون: إنما الركاز دفن الجاهلية ما لم يطلب بمال ولا كبير عمل وما طلب بمال وكبير عمل أصيب مرة دون مرة فغير ركاز. عياض: قيل قولاها: اختلاف وقيل: وفاق هذا في المعدن والأول في الدفن. قلت: لفظها الأخير كالموطأ ما طلب بمال وكبير عمل فغير ركاز عطفًا بالواو فيتعارض مفهوما نفيهما معًا وإثباتهما معًا، ونقل اللخمي الآخر معطوفًا بأو وعليه قول ابن الحاجب: إن كان أحدهما فالزكاة. وفيها: في دفن الجاهلية من نحاس وجوهر وحديد وشبهه الخمس. اللخمي: ثم رجع عن رجوعه عنه. زاد محمد: وكذا العمد والخشب والصخر، قال: ورجوع ابن القاسم لعدم تخميسه أبين خلافًا للأخوين وابن نافع. الباجي: هو بفيافي العرب والصحاري التي أسلم أهلها غير عنوة لواجده لا يخمس وبأرض عنوة، اللخمي: في كونه لواجده أو لفاتحها قولان لأصبغ مع الأخوين وابن نافع قائلًا مرة: إن كان جاهليًا ولها، زاد محمد عن ابن القاسم: إن علم أنه لم يكن لأهل تلك العنوة فلواجده ويخمس، وعلى الثاني إن عدم فاتحوها وورثتهم، ففي كونه

للمسلمين، أو لقطة نقلاه عن محمد عن ابن القاسم وسحنون. وبأرض حرب: فيها: للجيش الذي به وصلها واجده. وبأرض صلح: لغير معين، وواجده غير صلحي في كونه له أو لأهلها، ثالثها: إن جاز كونه لهم عرف به كدفين مسلم، وإلا فلواجده مخمسًا للخمي عن أصبغ مع من تقدم معه ولها ولأشهب. وعلى الثاني في تخميسه قول الجلاب وقولها، وإن كان صلحيًا فالثلاثة للباجي عن ابن القاسم وغيره وأشهب. وفيها لمالك: إن وجد بدار رجل بأرض صلح فهو للذين صالحوا. ابن القاسم: إن وجد ربها وهو ممن صالح عليها فله، وإن كان من غيرهم فلهم. عبد الحق: يريد إن وجد بدار بأرض صلح وهي لغير صلحي فهو للذين صالحوا وإن كان صلحيًا فله، كذا فسره بعض شيوخنا ونقله عنه محمد واختصارها أبو سعيد على أنه لهم، ولو كانت لصلحي، وإنما يكون له إن وجده، تأويل فاسد يوجب له قوانين وأي فرق بينه وبين غيره في وجدانه إياه. قلت: كأبي سعيد اختصرها الشيخ وعقبه بما تقدم لمحمد عن ابن القاسم فظاهره إثبات قولين له. وفي تخميس ما قل منه نقلا اللخمي عنها وعن رواية ابن سحنون وعزاهما الشيخ لروايتي ابن نافع. الباجي عن ابن نافع: والعبد والكافر كالحر المسلم في تخميسه. اللخمي: في كون ركاز أرض بيعت لمشتريها أو بائعها قولا ابن القاسم ومالك وهو الصواب لأن من اختط أرضًا أو أحياها ملك باطنها اتفاقًا ولا يملك بالشراء إلا المعتاد فجهله البائع لا يبطل ملكه له وجهله المبتاع لا يوجبه له. قلت: يريد ببائعها محييها لا غيره ولا يستشكل عطفه الإحياء على الاختطاط لتفسيرهم إياه بالإحياء، لأنه أحيا للسكنى كدور المدن والأمصار والأول لغيرها من غرس ونحوه. الشيخ: في كون ركاز وجده مشترى أرضه أو غيره في منزل غيره لواجده أو لرب

أرضه قولان لابن نافع مع كتاب ابن سحنون ورواية علي. وفيها: ما غسل من تراب بساحل بحر وجد به ذهبًا أو فضة معدن. اللخمي: إن كان من بقية مال جاهلي وقلت مؤنة غسله فركاز، واختلف فيه قول مالك إن كثرت وإن أتت به سيول من معدن احتمل كونه معدنًا والأظهر فائدٌة، كقول مالك في زيتون جبلي لم يحيى جني منه نصاب. قلت: الأظهر تخميسه كندرة لقوة الشبه. وما لفظه البحر ولم يملك كعنبر، ولؤلؤ لآخذه دون تخميس كصيد. وسمع ابن القاسم: لمن أسلم دابته بسفر آيسًا منها أخذها ممن أخذها وأنفق عليها فعاشت. ابن رشد: لمسلمها آيسًا منها بنية ردها أخذها ممن أخذها إن كان أشهد بذلك أو لم يشهد وتركها بأمن وماء وكلأ، وإلا ففي تصديقه ثالثها بيمين، وبنية عدم ردها لا يأخذها، وبغير نية في حمله على الأول أو الثاني قولان، وعلى الأخذ فعلى ربها نفقة أخذها لا أجر قيامه عليها إن قام عليها لنفسه، ولو قام عليها لربها فله أجره إن أشهد بذلك وإلا ففي تصديقه ثالثها بيمين. وسمع أيضًا: لمن طرح متاعه خوف غرقه أخذه ممن غاص عليه وحمله بغرم أجرهما. ابن رشد: هي كالتي قبلها وفاقًا وخلافا. ولسحنون: من أخرج ثوبًا من جب وأبى رده لربه فرده فيه فطلبه ربه فلم يجده فعليه إخراجه ثانية وإلا ضمنه. محمد: إن أخرجه فله أجره إن كان ربه لا يصل إليه إلا بأجر. وسمع أيضًا: لمن أسلم متاعه بفلاة لموت راحلته أخذه ممن احتمله بغرم أجر حمله. ابن رشد: أخذه حفظًا لربه أو تملكًا لظنه تركه ربه ولو أخذه اغتفالا فلا حمل له. ابن شاس عن ابن العربي ما ترك من حيوان بمضيعة فقام عليه غيره فأحياه ففي كونه لربه أو آخذه روايتان والثانية أصح.

وفيها: ما وجد مما لفظه البحر إن كان لمسلم لقطة، ولمشرك لنظر الإمام لا لواجده. زاد في سماع عيسى: وما شك فيه لقطة. ابن رشد: ما لفظه من مال معطوب لقطة اتفاقًا بخلاف ما ألقاه ربه لنجاته. وفيها: ما وجد على وجه الأرض من مال جاهلي أو بساحل البحر من تصاوير الذهب والفضة فلواجده مخمسًا. ونقل ابن بشير فيما لفظه البحر من مملوك مسلم أو ذمي لواجده مطلقًا خلاف تفصيل ابن رشد بين ما ألقي لنجاة أو كان عطبا. ابن بشير: وما لفظه لحربي إن كان معه وأخذ بقتال أو بخوفه من أخذه لعدم حصوله في قبضة الإسلام فله مخمسًا، وإن لم يخفه لحصوله في قبضة الإسلام ففي لا لواجده. وقول ابن الحاجب: إن أخذ بقتال خمس وإلا ففيءٌ قاصرٌ للغوه خوف أخذه. زكاة النعم، منها الإبل: في كل خمس شاة. وفي كونها من صنف أكثر كسبه أو كسب أهل محله ضأنًا أو معزًا روايتان للباجي عن رواية ابن نافع: لا يكلف أن يأتي بما ليس عنده، مع اللخمي عن ابن حبيب، ورواية ابن سَحنون، ولها، وللمازري عن ابن حبيب: ربها مخير، واختاره اللخمي. الباجي عن ابن حبيب: إن كان من أهل صنف فمنه، وإن كان من أهل صنفين فمن كسبه، فإن كسب الصنفين خير الساعي. ابن زرقون: نقل فضل والشَّيخ عن ابن حبيب: إن كان من أهل الصنفين خير الساعي. ولم يذكرا ما زاده الباجي فتأمله. بعض شُيوخ المازري: إن عدم بمحله الصنفان طولب بكسب أقرب بلد إليه. ولو أخرج عن الشاة بعيرًا يفي بقيمتها ففي إجزائه قولا عبد المنعم والباجي مع ابن العربي وتخريجه المازري على إخراج القيم في الزكاة بعيد، لأن القيم بالعين حتى أربع وعشرين. وفي خمس وعشرين بنت مخاض فإن فقدت فابن لبون.

اللخمي عن محمد: في أخذه نظرًا مع وجودهما باختيارهما قولا ابن القاسم وأشهب وعدمهما كوجودهما، قال: وحمل محمد على ابن القاسم إنه بالخيار لقياسه وجودهما على عدمهما في مائتين غلط لأن ثمرة القياس مساواة عدمهما في خمسة وعشرين لوجودهما فيها لا بثبوت الخيار، وأنكر المازري نقل اللخمي عن ابن القاسم من كتاب محمد أخذه نظرًا إن وجدا قال: وإنما فيه إن عدما. اللخمي: ولو لم يلزمه الأنثى حتى أحضر الذكر ففي لزوم قبوله قولا ابن القاسم وأصبغ مخرجًا من عدم إلزامه قبول بنات اللبون لو أحضرها في المائتين المفقود منها السنان، وأنكر المازري وجوده لابن القاسم نصًا بل مخرجًا من مسألة المائتين. قلت: يرد تخريجه باستواء سني المائتين في التخيير وترتيبهما في خمسة وعشرين. ابن محرز: لو أراد أن يأتيه بالذكر ففي قبوله برضا الساعي قولا ابن القاسم وأشهب ورد توجيه القابسي قبوله بأنه لما أحضره صار كأنه كان بها بأنه إحالة لصورتها وبلزوم قبوله فاحتج المازري برده بلزوم قبوله على ضعف نقل اللخمي عن ابن القاسم لزوم قبوله. إلى ست وثلاثين ففيها بنت لبون إلى ست وأربعين ففيها حقة إحدى وستين ففيها جذعة إلى ست وسبعين ففيها بنتا لبون إلى إحدى وتسعين ففيها حقتان، فإن بلغت إحدى وعشرين ومائة ففي تعين ثلاث بنات لبون، أو حقتين، ثالثها: يخير الساعي فيهما لابن القاسم وأشهب مع ابن مسلمة وابن الماجشون والمغيرة ومالك وسماع القرينين، وعلى الخيار في ثبوته مع أحد السنين وتعينه روايتا ابن القاسم وابن عبدوس. وفي كون الخيار نتيجة نظٍر أو لتعارض الدليلين قولا اللخمي وغيره. المازري وابن بشير: وعليهما روايتا ابن عبدوس وابن القاسم، لأن كونه نتيجة يوجب قبول ما وجد والتعارض يوجب استئناف النظر لكل نازلة. إلى مائة وثلاثين، ففي كل أربعين بنت لبون، وفي كل خمسين حقة، وفي مائتين أربع حقاق أو خمس بنات لبون. وفي كون الخيار للساعي، أو لربها، ثالثها: إن وجدا لابن القاسم مع مالك

واللخمي مع القاضي ومحمد قائلًا: الحقاق الكرائم كالعدم. المازري: إن وجد بها أحد السنين تعين، قال: وعلى المشهور لو لم يوجدا فأحضر ربها أحد السنين، ففي بقاء خيار الساعي، ولزوم أخذه كما لو كان فيها قولا أصبغ وابن القاسم. ومعرف واجبها في مائة وثلاثين فصاعدًا قسم عقودها فإن انقسمت على خمسين فعدد الخارج حقاق، وعلى أربعين بنات لبنون، وعليهما فيجيء الخلاف. وانكسارها على خمسين يلغى قسمها، وعلى أربعين الواجب عدد صحيح خارجه بنات لبون وبدل لكل ربع من كسره حقة من صحيح خارجه. وقول ابن بشير: "كلما زاد على مائة وثلاثين عشرة بدل بنت لبون بحقة فإن زاد بعد حصول كلها حقاقًا ردت بنات لبون بزيادة واحد" منقوض بمائتين وعشرة لاقتضائه على أن في مائتين أربع حقاق أن فيها خمس بنات لبون وهو خطأ بل حقة وأربع بنات لبون، وعلى أن فيها خمس بنات لبون منقوض بمائتين وستين لاقتضائه أن فيها ست بنات لبون وواجبها حقتان وأربع بنات لبون ويصلح بزيادة فإن بلغ التبديل أربعًا بنى على أكثر عدد السنين. ودفع أفضل سنًا في توقف قبوله على رضا المصدق طريقا ابن بشير والأكثر. ولو دفع أفضل أو أدنى، وأخذ عن الفضل عوضًا، أو أعطى ففي جوازه، وكراهته، ثالثها: لا يجزئ لمالك وابن القاسم مع أشهب وأصبغ معها، والأشهر في أسنانها حواٌر فبنت مخاض فبنت لبون فحقة فجذعة فثنية فرباع فسديس فبازل فمخلف فبازل عام أو عامين أو مخلف عام أو أكثر مطلقًا، وقيل إلى خمس، فالحوار ما لم يتم سنة فإن أتمها مخاض كذا إلى آخره. والفصيل: الفطيم، وفي كونه مرادف الثاني، أو قبله وبعد الحوار قولا الجوهري وأبي داود. $$$ في كل ثلاثين تبيع وهو الجذع. وفي كونه ما أتم سنة أو سنتين قولا ابن حبيب مع ابن شعبان والقاضي وابن نافع. وفي عدم جبره على أخذ أنثاه موجودة معه أو دونه روايتا ابن القاسم وأشهب مع

قول ابن حبيب. وفي كل أربعين مسنة أنثى. وفي كونها ما أتمت سنتين أو ثلاثة نقلا اللخمي عن ابن شعبان وابن حبيب مع القاضي، وعزا له الباجي الأول، ولمحمد الثاني. ومعرف واجبها قسم عقودها فإن انقسمت على أربعين فالخارج عدد مسنات وعلى ثلاثين عدد أتبعة وعليهما يجيء الخلاف، وانكسارها على أربعين يلغي قسمها، وعلى ثلاثين الواجب عدد صحيح خارجه، وبدل لكل ثلث من كسره مسنة من صحيح خارجه. والغنم: في كل أربعين منها شاة إلى مائة وإحدى وعشرين ففيها شاتان إلى مائتين وشاة فثلاث شياه إلى أربعمائة ففي كل مائة شاة. وسنها جذع أو ثني، وخص ابن حبيب المعز بالثني. وفي شرط أنوثة المأخوذ قولا ابن القصار، وابن القاسم مع أشهب، وتعقب المازري على اللخمي وجوده لهما في المجموعة بأن نصها: لا يؤخذ ما فوق الثني أو تحت الجذع تعسف ينبني على عدم عموم المفهوم. وفي كون المدونة كقولهما أو محتملة طريقا اللخمي والمازري. وفي شرط ابن حبيب في المعز الأنوثة مطلقًا طريقا اللخمي مع الباجي والصقلي. وفيها: ولا يأخذ إلا الثني أو الجذع، والجذع من الضأن والمعز في أخذ الصدقة سواء ولا يؤخذ تيس ويحسب ككل ذات عوار. وفي كون التخيير بين الجذع والثني للساعي أو لربها قولا أشهب وابن نافع. ابن حبيب: والجذع ما أتم سنة. الشيخ: وقاله أشهب وابن نافع وعلي. ابن وهب: عشرة. أشهر وغيره: ثمانية. علي أيضًا: ستة. ولا يؤخذ الخيار كذات اللبن والربى والأكولة والفحل. الشيخ: وقاله أشهب وابن نافع وعلي. ولا الشرار كالسخلة والتيس والعجفاء وذات العوار. وفي أخذها لكونها أغلى ثمنًا قولان لها ولابن القصار. فإن كانت كلها كذلك ففي وجوب المجزئ من غيرها، والأخذ منها، ثالثها: إن

كانت خيارًا أو سخالًا، ورابعها: إن كان سخالًا لها ولابن عبد الحكم قائلًا: لولا خلاف أصحابنا في السخال كان بينا ومطرف وابن الماجشون ونقل ابن بشير الثالث إن كان خيارًا فقط. وروى عثمان ابن الحكم: يؤخذ من العجاف لا السخال والمعيبات. وصوبه الصقلي إن عجف أكثر غنم بلده. وأنكر ابن رشد نفي بعضهم القول بالأخذ من الصغار، وعلفها وعملها لغو. وفي كون ما نسل من وحشي معها منها، ثالثها: إن كانت الأم منها. ابن بشير: لترجيح الموجب على المسقط وعكسه واعتبار تبعية الأم في الرق وضده. ويضم صنفا النوع، العراب للبخت، والجواميس للبقر، والضأن للمعز. ابن لبابة: لا تضم للضأن، فإن وجبت شاة من صنفين فإن استويا خير الساعي. ابن رشد: اتفاقًا. اللخمي: القياس نصفان، وإلا فمن الأكثر مطلقًا. ابن مسلمة: إن كان الأقل نصابًا خير الساعي. قلت: وفي جري قياس اللخمي منضمًا لأصل ابن مسلمة نظر، وإن وجبت شاتان وتساويا فمنهما وإلا ففي لغو الأقل أو الأخذ منه إن أثر أو كان نصابًا، أو لم يكن أقل من وقص الأكثر. خامسها: إن كان أكثر من فضل الأكثر على نصف المجموع وإن لم يكن نصابًا، لنقلي ابن بشير وابن رشد مع قوله: ألزمه سحنون ابن القاسم من قوله: في أربعين جاموسًا وعشرين بقرة تبيعان منهما، لقول سحنون: قول ابن القاسم فيها خير من قوله: في مائة وعشرين وتسعة وثلاثين شاتان من الأكثر. والباجي عن ابن القاسم مع قولها: في مائة وعشرين وأربعين شاتان منهما. وابن رشد من قولها: في ثلاثمائة وستين وأربعين أربع من الأكثر فناقضها بالتي قبلها وخرجهما على تزكية الوقص ونفيه، قال: إلا أن يجعل وقص نصب المئين غير مزكي بخلاف ما قبلها لظاهر الحديث. وتخريج اللخمي في اثنين وثمانين وتسعة وثلاثين شاتان منهما من قول ابن القاسم في مسألة الجواميس، ورد ابن بشير إلزام سحنون بتصور الخلاف في كون الشاة عن

أربعين أو عن مائة وعشرين، وتبيع الجواميس يمتنع كونه عن جميعها ويجب كونه عن ثلاثين منها، فيجب ضم باقيها للبقر وهو أقل منها. قلت: وبأن قصور المؤثر عن النصاب في المسألتين يوجب ضم الزائد من الأكثر على عدد ما وجب فيه إلى المؤثر في مسألة الغنم أكثر وفي البقر أقل. ابن رشد: وعن سحنون التبيعان من الجواميس. وفي قول الباجي: "في قول ابن القاسم: في مائة وعشرين وأربعين شاتان منهما مع قوله: في الجواميس نظر"، نظر لاتحادهما في الأخذ من الصنفين. وتقريره ابن عبد السلام بأن أصل ابن القاسم إلغاء الأقل إن قصر عن النصاب وقد اعتبره في مسألة الجواميس بعيد، لأن المعارض لها حينئذ هذا الأصل لا مسألة مائة وعشرين وأربعين. وبعد تسليمه يجاب بمنع إلغاء ابن القاسم المؤثر إن قصر مطلقًا، بل إن لم يكن أكثر مما يضاف إليه من الأكثر، فإن قرر بإضافته فضل الأكثر من البقر وعدمه في الغنم، إذ لو أضافه كانت الثانية منه لأنه أكثر، أجيب بعدم استقلال الأقل بالثانية في البقر واستقلاله بها في الغنم. وقول ابن بشير: إلزام الباجي ابن القاسم قول سحنون في مسألة الجواميس ليس بشيء، لوجوب تبيعين، فيجب أحدهما عن ثلاثين جاموسًا، فيجب ضم باقيها للبقر وهي أقل، وإنما يلزم كونها من الجواميس. سحنون: القائل بالفض وهم لعدم وجوده له، بل هو موجود لنقل ابن رشد عنه أولًا التبيعان من الجواميس، لكن إنما يوجد له في هذا النقل لزومان، لأن لازم القول قول، ومعنى ذلك أن الأربعين من الجواميس يؤخذ عشرون منها مع عشرة من البقر فيجب تبيع، وكذلك الباقي مع الباقي، فيجب كون التبيعين من الأكثر، وهذا هو معنى الفض المذكور، لكن لم يوجد له مفسرًا هكذا إنما وجد له تبيعان مطلقًا، ولهذا قال المؤلف: وهم لعدم وجوده له. وابل إن اتحد صنف المأخوذ منها فواضح، كأربعين وأربعين، وخمسين وخمسين. وإن اختلف وتساوى الصنفان خير الساعي كمائة وثلاثين منهما، وإن اختلف ففي إلغاء الأقل بكونه أقل النصف الثاني واعتباره بكونه أكثر بإلغاء نصاب بنت مخاض أو بقصوره عن نصاب السن المأخوذ وبلوغه إياه طريقان للخمي، لقوله: في خمسين وستة

وعشرين بنتا لبون منهما، لأن الثانية عن ثمان وثلاثين الأقل أكثرها، وفي ستين وستة وعشرين الأكثر، لأن الأقل أقل نصفها. وابن الحاجب لقوله: لم يختلف في ستين وثلاثين ولا في ستين وأربعين واختلف في خمسين وستة وثلاثين، وفي خمسين وستة وأربعين، وفي إحدى وعشرين ومائة إلى تسع وثلاثين ما هر في المأخوذ والمأخوذ منه. ونصاب بنت اللبون على أصل ابن الحاجب هنا أربعون، والأظهر أن الحقة خمسون. وقول ابن عبد السلام: ستة وأربعون. يرد بأن ما ذكر فيه: لابنة اللبون أربعون ذكر فيه للحقة خمسون. وحول النعم غير مشتراة بما الزكاة في عينه من يوم ملكت وفي كون المشتراة بعين كذلك، أو على حول ثمنها قولا المشهور واللخمي عن ابن مسلمة مع الصقلي عن أشهب. الشيخ: أنكر سحنون قول عبد الملك: من اشترى بحب زكاة غنمًا زكاها لحول من زكاة حبه. ونعم التجر نصابًا كمقتناها لا يقومها مدير. المازري: نقل ابن حارث عن أشهب يقومها شذوذ. ابن القاسم: إن باعها بعد حولها قبل مجيء الساعي زكي ثمنها ورد لمال إدارته. اللخمي: ينبغي على قوله: إن باعها بأقل من قيمتها يوم قوم لم يضمن النقص لعدم تعديه بالتأخير، وبأكثر لا يزكي الزائد، لأنه حدث في العام الثاني. المازري: فيه نظر، لأنه ثمن عرض تجر زكي يوم بيع لا بحكم الإدارة. اللخمي: وعلى خروج مال الإدارة منها بإقامته حولًا يزكي ثمنها غير مدار، وإن علم عدم بقائها لتمام حولها قومها. قلت: إن تم حول ثمنها. وما دون نصاب لقنية أو تجر أو غلة كعرض لذلك، ولو قومها مدير ثم وجدها الساعي نصابًا بولادة وتم حولها من يوم اشتراها، ففي تزكيتها حينئذ أو لحول من يوم قومت قولا بعض شيوخ الصقلي مع التونسي واللخمي. ومبدلها بعين إن فر من زكاتها زكى اتفاقًا، وفيما يؤخذ به طريقان، ابن بشير: بما كان اتفاقًا. ابن زرقون واللخمي: روى ابن شعبان من باع إبلًا يذهب فرارًا زكى الثمن.

وفي شرط الفرار بكونه بعد الحول أو قربه كالخليطين قولا ابن الكاتب والصقلي. وقول ابن زرقون: أطلق مالك مرة إن باعها وقد وجبت صدقتها زكاها لا الثمن، ولم يقيده بفرار يوهم أنه خلاف المعروف وليس كذلك، لقوله: بعد وجوبها. والفار وغيره فيه سواء، ولذا قال الباجي والصقلي: إن باعها بعد الحول من لا ساعي له فعليه زكاة النعم، وإن لم يفر فنعم قبل زكاتها كعرضه، وبعدها في بنائه على حولها واستئنافه قولا الأكثر مع المشهور، واللخمي عن ابن عبد الحكم مع تخريج التونسي على أحد قولي مالك في المقتناة. ابن رشد: يبني اتفاقًا. ونعم القنية نصابًا بعين قبل زكاتها رجع مالك عن ائتناف حولها إليه من يوم ملكها وقاله جل أصحابه إلا أشهب وابن عبد الحكم. التونسي وابن رشد: القياس الأول، أو من يوم ملك ثمنها وبعدها، قال محمد مرة: يبني اتفاقًا. ابن حبيب: قال مطرف وأشهب: يستقبل. التونسي: وعزاه مرة محمد لمالك. قلت: وهو ظاهر نقل ابن زرقون. روى ابن حبيب: إن كانت قنية استأنف. فالحاصل: في بنائه ثالثها إن كان زكاها لمحمد عن مالك في أول نقليه، وثانيهما مع مطرف وأشهب وأولهما. وفي بناء حولها على حول ثمنها العين طرق. التونسي: المنصوص لا يبني، ويتخرج على بناء أحد الجنسين على الآخر وبناء العين عليها بناء حولها عليه. اللخمي: قولا مالك وابن مسلمة. ابن رشد: لا يبني اتفاقًا. وفي بناء مبدلها غير فار بجنسها ولو قصر الأول عن نصاب روايتان لها مع كتاب محمد قائلًا محمد: اتفاقًا.

ولابن زرقون عن رواية ابن سحنون. وبجنس آخر. الباجي: روايتان بهما. قال ابن القاسم وأشهب: وبالأولى قال ابن وهب وابن الماجشون. ابن رشد: قولان، لسماع القرينين مع رواية ابن حبيب عن مالك وأصحابه غير ابن القاسم ولها. اللخمي: ثالثها: إن كان الأول نصابًا، لابن مسلمة: ولها، ولمحمد: ولو باع بعين ثم ابتاع بها من صنفها، أو أقال بعد قبض الثمن أو قبله ففي بنائه واستقباله، ثالثها: إن اشترى ممن باعها منه للباجي عن رواية الأخوين، وأشهب مع ابن القاسم وابن زرقون عن رواية ابن حبيب عن مالك وأصحابه، وعزا الصقلي الثاني لرواية ابن القاسم وأشهب، واللخمي لقول محمد فقط. وفيها: إن فر ببيع جنس بآخر فأخذ أخذ بزكاة الأول. قلت: ولا تتخرج رواية ابن شعبان في العين، لقرب العين من أصله وبعد أحد الجنسين من الآخر. زاد الشيخ من كتاب ابن سحنون: وكذا لو وهبها فرارًا. وفيها: لو أخذ غنمًا عن قيمة استهلكت ففي البناء قولا ابن القاسم. وقيد حمديس البناء باستهلاكها بعيب يوجب خياره فيها وإلا استأنف. وذكره ابن رشد لنفسه وقال: لو كانت بيد الغاصب لم تفت بوجه بنى اتفاقًا، وعبد الحق لنفسه، وقيد أخذها ببعد معرفة القيمة. قال: وهذا إن ثبت الاستهلاك، وإلا بنى وحمل على البدل. ابن محرز عن القابسي: إنما يصح قولا ابن القاسم لو باعها بعين على أن يأخذ بها غنمًا لا في الاستهلاك، إذ لو استحقت المأخوذة لم يرجع إلا بقيمة الأولى. قلت: لا يحسن في هذا اختلاف، لأنه محض بدل. ابن محرز: إنما هذا الخلاف في البيع لتهمتهما على إسقاط الزكاة بذكر الثمن، وتقييدها بعض مذاكرينا بصيرورتها لحمًا، يرد بفساد أخذ الغنم عنها سلمناه، تكون حينئذ مأخوذة عن لحم لا غنم، ورد تأويل حمديس بأنه لا يصلح إلا في الغصب لا في

الاستهلاك الذي هو لفظها. قلت: هذا أقرب من حملها على البيع إن فسرها به ومن الغلط إن أصلحها به، وفائدتها ولو بشراء تضم لما بعدها إن نقصت عن نصاب ولو بموت بعد الحول قبل مجيء الساعي بيوم، وإلا ففي ضم الثانية للأولى وبقائها لحولها ثالثها إن كانت سعاة للمشهور مع أصبغ عن المصريين قائلًا: وإن لم تكن سعاة، والصقلي عن ابن عبد الحكم، والشيخ مع كتاب ابن سحنون، والأول والأخير بناء على أن الضم لتأدية عدمه وجوب شاتين في أربعين، وأربعين وثلاث في مائة ومائة وواحدة، أو لمشقة تكرير السعاة. وقول اللخمي: الأول أحسن، يرد بأن المدعى تأخير زكاة الثانية من حيث كونها زائدة على الأولى لا من حيث قطعها عنها ونسلها يضم مطلقًا. سحنون: لو ردت نعٌم بعيب أو فلس بعد تزكيتها فزكاتها على بائعها. وقيل: يبني على حولها. وخرج الصقلي على أن الرد بيع يستأنف. ونقله ابن الحاجب نصًا. وقبوله ابن عبد السلام لا أعرفه. ولو ردها بائعها من مفلس هرب بعد حولها حولًا، زكيت لعام واحد، فإن تركها فالمشتري كهارب عامين، فلو ماتت إلا شاة ففي أحقية البائع بها أو الساعي قولا سحنون وغيره. اللخمي: بناء على أنه نقض أو ابتداء، ولو ماتت كلها واشترى شاة وعليه دين ففي أحقية الساعي وتحاصصهما قولاهما. وقول اللخمي: الدين أحق، لأن زكاة التفريط لا تعارض الدين، يرد بأنها زكاة هارب لا زكاة تفريط.

باب الخلطة في الزكاة

[باب الخلطة في الزكاة] الخلطة: اجتماع نصابي نوع نعم مالكين فأكثر فيما يوجب تزكيتهما على ملك واحد، وصح لا يجمع بين مفترق ولا يفرق بين مجتمع خشية الصدقة؛ كخلطة ثلاثة لكل أربعون، وافتراق اثنين لكل شاة ومائة، والمنصوص الأخذ بما كان. اللخمي: يحمل الحديث على الوجوب، ورواية ابن شعبان: من باع إبلاً بعد الحول بذهب فراراً زكى زكاة العين على الندب، ورده ابن بشير بتحقق النقض في الفرع واحتماله في الأصل، ونقض ابن عبد السلام رده بأنه في الفار ملزوم لنقيض قصده؛ لأنه نفى الزكاة وفي الخليط عين قصده، يرد بمنع كونه في الفار ملزومًا لنقيض قصده؛ لتناول رواية ابن شعبان الفار بعدمها، حيث يقصر ثمنها عن نصاب العين، أو يكون لقنية أو تقليلها، واحتجاج اللخمي على حمله على الندب بأن من قصد سقوط الحج عنه بصدقته ما ينفي استطاعته، أو سافر في رمضان لسقوط صومه، أو أخر صلاته ليصليها في سفره قصرًا، أو امرأة لتحيض فتسقط؛ لم يعاملوا بنقيض قصدهم، يرد بأنه في الحج تكليف ما لا يطاق، وبأن السفر والتأخير غير منهي عنهما والتفريق والاجتماع نهي عنهما، وتعبيره بالندب دون الكراهة متعقب.

ويثبت الفرار بالقرينة والقرب على المشهور، خلافاً لقول القاضي: المعتبر حالهما عند مجيء الساعي، إلا بأمارة تقوي التهمة، وصوَّبه اللخمي وفسرها برجوعهما قرب مضي الساعي لما كانا عليه، وفي القرب الموجب تهمتهما خمسة. ابن القاسم: اختلاطهما لأقل من شهرين معتبرٌ ما لم يقرب جداً. ابن حبيب: أقله شهر وما لدونه لغو. محمد: أقل من شهر معتبر ما لم يقرب جدَّاً. ابن بشير: في كون موجب التهمة شهرين ونحوهما أو شهرًا ثالث الروايات دونه. والإحلاف عند الإشكال كيمين التهمة ثالثها: يحلف المتهم. الباجي: لا يؤخذا بنقيض حالهما إلا أن يتيقن فرارهما، وإن شك فيه حملا على ظاهرهما. القاضي: إن اتهم أحلف وإلا فلا. وأخذ ابن عبد السلام عدم الإحلاف وإن كان متهما من قولها: من قال فيما بيده قراض، أو وديعة، أو مديان، أو لم يحل الحول لم يحلف؛ يرد بأنه في العين أمين. وموجبها: الباجي: خمسة؛ الاجتماع في منفعة الراعي بإذنهما، وشرط تعدده الحاجة إليه. قلت: ظاهر نقل الشيخ عن ابن حبيب وابن القاسم تعددهم متعاونين كواحد خلافه؛ لأن التعاون أعم من الحاجة إليه. ومنفعة الفحل بملكهما إياه أو ضربه في الكل، ولم يذكر في تعدده شرطا، وشرط ابن بشير فيه كالراعي. ومنفعة الدلو، الباجي: قيل الرشاء، وقيل: الماء. ومنفعة المراح بملكهما منفعته مشاعا بينهما حيث تجتمع للمبيت، وقيل: للقائلة، وعزاه عياض للقابسي، والأول لأبي عمران. الباجي: وخامسها المبيت. عياض: حقيقة المراح المبيت وجعله فيها مرة نفسه ومرة غيره، وجعل اللخمي الخامس الحلاب وأسقط المبيت، ونقل عن القاضي (المسرح) بدل (المراح).

وفي المعتبر منها أربعة. ابن القاسم وأشهب: الجل. القاضي عن ابن حبيب: الراعي. الباجي: الذي له عندنا الراعي والمرعى لاستلزامها الفحل. الأبهري: اثنان منها أثرها حكم مالك واحد إن استقل كل منهما بالوجوب. ابن زرقون: اكتفى ابن وهب في النصاب ببلوغه مجموع حظهما. ولا أثر لخلطة عبد أو ذمي، خلافا لابن الماجشون فألزمه اللخمي المقصر عن الحول والنصاب، ورده ابن بشير بمراعاة الخلاف في خطاب الكافر وتزكية ما بيد العبد عليه أو على سيده. وخلطة العبد سيده وشركته كأجنبي، وقال ابن كنانة يزكي السيد الجميع وفض ما وجب على نصبهاما، وفي اعتبار الوقص غير مؤثر روايتان؛ لقولها: رجع مالك عن تساوي ذي تسعة مع ذي خمسة إلى ترادهما في الشاتين. اللخمي: إن أثر اعتبر اتفاقا؛ كتسعة مع ستة. وفي الرجوع بمثل المأخوذ إن كان شاة أو قيمته نقلا الباجي عن أشهب، وابن القاسم. قال: بناء على أنه سلف أو استهلاك. قال: وإن كان جزءا فقيمته اتفاقا منهما، وشاذ ابن الحاجب: لا جزء على المشهور، ونقله ابن رشد وابن شاس لا أعرفه، إلا قول أشهب: ليس لمن أخذت منه حقة عنهما أخذ خليطه بجزء من حقة، ومن قال: له أن يعطيه جزاء منها لم أعبه ولا يؤخذ منه؛ لأنه لم يجزم به بل جزم بنقيضه، سلمناه مدلوله خيار المأخوذ منه لا لزومه، وفي كون القيمة يوم الأخذ أو القضاء نقل الباجي عن ابن القاسم، وتخريج الشيخ على أصل أشهب. قلت: لم يذكر الباجي عن أشهب إلا قوله بالمثل في الشاة لا في جزئها، وقول الشيخ: القيمة يوم القضاء؛ إنما خرجه على قوله في الجزاء "لم أعبه"، وكذا نقله التونسي، فإن أخذ من غير نصاب أو منه وحظ كل قاصر عن نصاب قاصرا غصبا فلا تراد، وإن

تأول ترادا، وفي ترادهما على عدد نعمهما أو مالكيهما المشهور، وقول اللخمي: يختلف في ذلك. قلت: غالب قوله يختلف فيما أحد قوليه مخرج، فلعله يريد على قول ابن القاسم في تلف دينار من مائة لرجل ودينار جهل لمن تلف؛ أنه منهما أنصافا، فلو أخذ شاتين فالثانية ظلم. سحنون: إن تفاضلتا ترادا في نصفي قيمتها، ثم قال في الدنية: الصقلي: إن لم تجز الدنية ترادا الأفضل، إلا أن تكون شاة لحم ففي وسط. وسمع عيسى ابن القاسم: لو أخذ من أربعين لأربعة بالسواء شاتين من غنم رجلين، فنصف شاة كل منهما مظلمة عليه ورجعا على صاحبيهما بربعي شاة بقتسمانها. ابن رشد: لو كانت قيمة إحداهما درهمين وقيمة الاخرى ضعفهما؛ فعلى سماع عيسى يترادون في نصفيهما، يجب على كل واحد ثلاثة أرباع درهم، يبقى لذي درهمين ربع درهم وللآخر درهم وربع، وذلك ما على الباقي، وعلى سماع يحيى نصفها مظلمة بينهما، على ذي درهمين نصف درهم، ونصف يبقى درهم ونصف، عليه في نصفيهما المعتبر كونه زكاة ثلاثة أرباع درهم، يبقى عليه ربع يدفعه مع ما على الآخرين لذي الأربعة. قلت: يرد بأنه لم يعترض في سماع يحيى لنصف المظلمة بحال وغرم ذي الدرهمين منه ما للآخر ظلم، ولو لزمه لزم الباقيين، وإن قصر حظ أحدهما وقصد غصب ما زاد على الواجب فلا تراد، والواجب إن أخذ من غير ربه رجع به عليه. اللخمي: لو أخذ من سبعين شاة من ذي الثلاثين رجع صاحبه بقيمتها، ولو أخذ منه شاتين رجع بواحدة، ومنهما إن كانت المأخوذة من الأربعين لا تجزئ ومن الثلاثين تجزئ فأخذها قبل أخذها من الأربعين؛ رجع عليه وإلا فلا، وإن تأول ففي ترادهما كلما أخذ أو ما زاد طرق. اللخمي: قولا محمد وابن عبد الحكم وخص الصقلي الثاني بأحدهما من نعم ذي النصاب. ابن حارث: ثالثها: إن أخذ ممن قصر حظه لها، ولابن الماجشون وابن

عبد الحكم. اللخمي: لو كان لأحدهما مائة وعشرة ولخليطه إحدى عشرة وأخذ 1 شاتين تأولا تراجعا فيهما وتعديا من الأكثر أو منهما، وشاة الأكثر تجزئه فلا رجوع، ومن الأقل أو منهما وشاة الأكثر لا تجزئ رجع عليه، فإن لم تجزئا لم يرجع وعلى الأكثر زكاته. قلت: كما اعتبر ما يجزئ في التعدي فكذا في التأول، وعلى المشهور وابن عبد الحكم: لو أخذ بنت لبون من اثنين وثلاثين وأربعة ترادهما إياها أو قيمة ما بين السنين، وخرج اللخمي تنصيف ما زاد من تنصيف دية من رجعت بينة زناه وشهيدا إحصانه على البينتين، ورده ابن بشير بأن موجب الحكم في الزكاة العدد وقد تفاوت، وفي القتل الزنا والإحصان وقد تساويا. والشريكان كالخليطين ولا تراد بينهما، وخرجه اللخمي من عدم زكاة الوقص؛ كمائة وعشرين بينهما أثلاثا؛ لأن عدم زكاة الوقص تصير فضل الأحظ لغوا فتساويا في المخرج عنه، وفضل الاحظ الآخر في المأخوذ بثلث فيرجع بنصفه، ويرد بأن ذلك حالة الانفراد والشركة أثرت كون الأربعين المخرج عنها مبهمة فهي بينهما أثلاثا كهلاكها، ويجاب بأن إلغاء الوقص وشرطية النصاب في حظيهما يوجي أن الأربعين المأخوذ عنها مبهمة فيما أصدق من حظيهما لا مطلقا، بخلاف الهلاك، والمطلق قبل البناء ومجيء الساعي شريك فيما أصدق من نعم معينة، وفي بقاء حوله على حاله قبل العقد أو منه، ثالثها: يستقبل، للخمي عن المذهب من ابن بشير عن أكثر المتأخرين، والصقلي عن محمد عن ابن القاسم عن مالك، وعن محمد مع سحنون وأشهب. اللخمي: لو كان ثمانين شاة والطلاق لحول من العقد وأتى الساعي وقد قسما بالسواء أخذ منها شاة، وفي أخذ شاة منه قولان على بقاء حوله واستئنافه، وأربعون أخذه بشاتين، ولو وجدهما شريكين ففي وجوب شاة عليهما أو نصفها عليها فقط، ثالثهما: شاة عليها فقط؛ بناء على بقاء حوله وعلى استقباله مع التخريج على قول ابن الماجشون بتأثير خلطة غير ذي حول في إسقاط منابه وعلى استقباله ولغو تأثيره ولو كان لها حول قبل نكاحه، ففي وجوب شاتين عليهما أو شاة عليه وعليها نصف شاة وعشر ثمنها أو

نصف شاة عليها فقط، رابعها: شاة عليها بناء على بقاء حوله ولغو التأثير، وعلى بقاء حوله والتأثير، وعلى استقباله والتأثير وعليه ولغو التأثير، ولو كانت اثنين وثمانين أخذه بشاة لأول عامه وللثاني شاة عنهما. قلت: هذا على بقاء حوله، وعلى استقباله يجري ما تقدم من لغو التأثير واعتباره. اللخمي: إن وقع الطلاق قرب مجيء الساعي؛ زكيت على حكم الافتراق، ولو وجدهما لم يقسما لعدم التهمة، وتقرر من اجتماعهما في موجب الخلطة وإن طال أمرها بعد الطلاق ووجدهما لم يقسما فشريكان، وقسمهما حين قدومه لغو. قلت: في الأولين نظر؛ للزومهما استئناف الحول، وأن لا يكون له من غلتها شيء، خلاف المشهور فيهما. وفيها: لو نزل الساعي قبل قسمتهما أو بعد وقد تخالطا فخليطان، وفي أن خليط الخليط خليط أو الوسط خليط كل طرف بما خالطه به فقط طريقان. اللخمي وابن رشد: ثالثها: للوسط حكم الأول ولكل طرف الثاني، ورابعها: الوسط كذلك وكل طرف مخالطه بكل ماله لابن رشد عن ابن حبيب مع رواية مطرف، وقول ابن الماجشون مرة وسحنون معه أخرى، والشيخ عنهما، والعتبي عن بعض المصريين. ابن بشير: ثالثها: الوسط خليط كل منهما بكل ماله وكل طرف كذلك ولا خلطة بينهما، ورابعها: الوسط كذلك وكل طرف بما خالطه به فقط فالجميع ستة. ابن رشد: لو خالط ذو إبل عشرين بكل عشرة مثلها؛ لوجب على الأول بنت لبون على كل طرف رعها، وعلى الثاني ثمان شياه كذلك، وعلى الثالث الوسط كالأول وكل طرف كالثاني، وعلى الرابع الوسط كالأول وعلى كل طرف ثلث بنت مخاض. قلت: وعلى السادس على الوسط ثلثا بنت مخاض وعلى كل طرف شاتان، وعلى الخامس الوسط كذلك، وعلى كل طرف ثلث بنت مخاض. وفيها: يجمع على الرجل ما افترق من ماشيته بالبلاد، فإن خالط ذو أربعين ذا أربعين له ببلد آخر مثلها أديا شاة ثلثها على ذي الأربعين. ابن رشد: إنما فيها هذه لا خليط خليط، فتحتمل قول ابن حبيب، وحملها شيوخنا

على قول بعض المصريين، ويجري في المسألة على الثاني شاة على ذي الأكثر ونصف على الآخر وعلى الثالث نصف شاة عليه وعلى ذي الأكثر ثلثا شاة. قلت: كذا ذكر اللخمي، وزاد الباجي من إلغاء الوقص شاة بينهما نصفين، وقول اللخمي: لو خالط بعشرة مثلها وبخمسة عشر ذا عشرة وانفراد بعشرة؛ أدى شاتين وثلاثة أخماس بنت مخاض وسبعيها بناء على الثاني، وإضافة ما انفرد به للأكثر، وقوله: لأن كل ملكه خمسة وثلاثون فيها بنت مخاض ينوب العشرة المنفردة سبعاها يرد بملزومية الحكم في عشرة خلطة ذي العشرة بزكاتها بالإبل والغنم معا وهما متنافيان. ومجيء الساعي إن كان شرط وجوب، وفي كونه كل المذهب أو مشهورة طرق الأكثر الأول. اللخمي: في أجزاء إخراجها بعد الحول قبل مجيء الساعي قول محمد وابن القصار. ابن حارث: قولان لنقله من قال للمصدق أديت صدقة مالي صدق، وإن كان الإمام غير عدل، وإلا فقولا أشهب إن كان ذو الماشية عدلاً وابن القاسم. ابن بشير: في كونه شرط وجوب أو أداء قولا المشهور والشاذ. قلت: وقول ابن الحاجب: المشهور اشتراط مجيئه إن كان، وعليه لو مات قبله أو أوصى بها أو أخرجها لم تجب ولم تبد ولم تجزئه كابن حارث واللخمي؛ لدلالة ظاهر لفظه على إجزاء إخراجها قبل مجيئه على الشاذ، ولا يثبت إجزاء على شرطه في الأداء؛ لأن ما فعل قبل شرط أدائه لغو وظاهره ثبوت التقديم إن أوصى بها على الشاذ وهو وهم؛ لأن التقديم من الثلث والثابت على الشاذ الوجوب من رأس المال، وعلى المشهور لو مر به الساعي وغنمه دون نصاب فرجع فوجدها بلغته بولادة ففي سقوط زكاتها رواية محمد، وروى اللخمي مع ابن عبد الحكم قائلا ما أدري وجه قول مالك. قلت: هو كونه كحكم حاكم بعدمي والمشهور أنه كوجودي. ولو ضل بعض النصاب بعد حوله فمر به الساعي ناقصا ثم وجد بعده؛ ففي زكاته وانتقال حوله ليومئذ لا ينتظر الساعي في الحول الثاني، أو إن أيس منه، والمرجو على حوله الأول، ثالثها: المرجو على حوله والميئوس منه فائدة؛ فلا زكاة لابن القاسم

ومحمد وابن رشد. وروى محمد: لربما الأكل منها والبيع والهبة بشرط حوزها بعد الحول قبل مجء الساعي إن لم يرد فرارا فيحسب. وفي كون ما هلك إثر عدها قبل أخذ زكاتها كهلاكها قبله ولزوم أخذ ما وجب مما بقي، ثالثها: الساعي شريك فيما بقي كشركته في الجميع لأبي عمران مع اللخمي والصقلي، ونقله وتخريجه من تلف بعض نصاب العين بعد حوله قبل التمكن، ولو تغير شطرها المعدود بنقص أو نماء قبل عد الباقي؛ ففي البناء على عدة الأولى أو ماله قولا المتأخرين، وخبر ربها عن قدرها إن لم يصدقه ساعيه لغو، وإلا فطرق الأكثر لغو. اللخمي: إلا في السبق فكعدها؛ لتعلق واجبه بذمته فالزيادة والنقص في حول ثان، وينبغي إن نزل وهي مائتان، فقال: نأخذ منها شاتين فأصبح وقد ولدت؛ أن لا يأخذ غيرهما؛ لأنها ولدت في العام الثاني. ابن بشير: إن صدقه؛ ففي النقص كما لو ضاع جزء من العين قبل التمكن، وفي الزيادة طريقان ما صدقه فيه، وقولان. وقول ابن عبد السلام على تصديقه نقصها بذبحه غير فار كموتها لا أعرفه، إنما ذكر ابن بشير نقصها بالموت وشبهه بضياع جزء العين، وإنما سوى بينهما محمد بعد الحول قبل مجيء الساعي كنصها. والفار منه يؤخذ بزكاة عام بلوغه كغيره ويضمن زكاة ما قبله، فإن فر بأكثر مما وجد له لم يصدق في نقصه لغير عام بلوغه. ابن بشير: اتفاقا، وإن فر بأقل ففي أخذه لكل عام بعدده إن ثبت ببينة، أو ما وجد له مسقطاً من كل عام زكاة ما قبله نقلا الباجي عن كل أصحابنا إلا أشهب جعله كمتخلف عنه، وعلى المشهور لو لم تكن بينة صدق في عدم زيادتها على ما به فر عام فر، وفي تصديقه في غيره نقلا الباجي مع اللخمي عن ابن القاسم وابن رشد وابن حارث، والشيخ عنه اللخمي عن ابن حبيب، والباجي عن ابن الماجشون قال: فلو هرب بأربعين فوجدت بعد أعوام ألفا، فقال: لم تزل أربعين إلى عامنا؛ فلابن حبيب عن ابن الماجشون وغيره من أصحابنا: لا يصدق ويؤخذ لسائر الأعوام على ما

هي الآن. ابن زرقون: الأول عام يصدق فيه، كذا في المجموعة وكتاب محمد. قلت: لا تعقب فيه؛ لأن لفظة "سائر" تفهمه، وإلا كان يقول لكل أعوامه، وفي الابتداء بالآخر أو بالأول نقلا ابن رشد عن محمد عن ابن الماجشون وسخنون مرة، وأصبغ وروايته عن ابن القاسم، والباجي عن رواية ابن حبيب والعتبي عن سحنون مع سماع عيسى ابن القاسم واللخمي عنه. ابن بير: المشهور الابتداء بالأول، وعليه يؤثر المأخوذ في زكاة ما بعده سقوط قدر أو سن؛ يريد: وشرط تأثيره كونه من نوع ما بعده، فلو فر ثلاث سنين وغنمه أربعون ببينة وجاء في الرابعة وهي من أولها حساً أو حكمًا ألف، فعلى قول أشهب زكاة عامه الآخر عشر وكل عام غيره تسع، وعلى المشهور والابتداء للآخر ثلاث عشرة، وعلى الابتداء للأول سمع عيسى ابن القاسم شاة لثلاث سنين وتسع للرابعة، وسمعه أيضا فيمن فر ثلاث سنين وهي فيها ثلاثمائة وفي الرابعة أربعون عليه للثلاث تسع وللرابعة شاة. الصقلي وابن رشد: كسره الألف في الأولى بالمأخوذ وعدم كسره الأربعين به تناقض. ابن رشد: والقياس قوله في كتاب محمد: لا شيء في الأربعين لهذه السنة. قلت: لولا نص ابن القاسم على ابتدائه بالأول فيهما كانت الثانية على أنه بالآخر ولا تناقض. اللخمي: لو فر بأربعين خمس سنين. فقال أشهب وأصبغ: عليه خمس، وابن القاسم: شاة لابتدائه بأول عام، ولو فر بأربعين أربعة أعوام ببينه وجاء وهي ألف في الخامس بفائدة، فغلى الابتداء بالأول عليه شاة فقط، وعلى قول عبد الملك وأصبغ عليه عشر للآخر وأربع في ذمته، وقيد ابن رشد قول ابن القاسم في الأولى بأنها لو كملت ألفا بفائدة أثناء الرابعة ببينة سقطت زكاة الألف فيها لنقص ما بيده عن نصاب. وفيها: القدرة عليه كتوبته، ونقل ابن عبد السلام تصديق التائب دون من قدر عليه لا أعرفه إلا في عقوبة شاهد الزور والزنديق، والمال أشد من العقوبة لسقوط الحد

بالشبهة دونه. وتخلف الساعي في إجازته تأخيرها، ولو أعواما لمجيئه وإلجائه إياه، ثالثها: لا ينتظر؛ لرواية اللخمي مع نقله: إن أتاه الساعي بعد إخراجها لتخلفه أجزأه، ونقله عن عبد الملك: لا يجزئه، واختياره محتجا بأن الساعي وكيل. قلت: في النوادر روى محمد: من تخلف ساعيه انتظره، وكذا إن حل حوله بعد نزوله بيسير إن كان الإمام عدلًا وإلا أخرج لحوله إن خفي له، وإن خاف أخذه انتظره، ولا يضمن زكاة مدة تحلفه ولا نقصها ولو بذبح أو بيع. الباجي: ما لم يرد فرارا. اللخمي: على أن مجيئه غير شرط يضمن ما أكل. قال: والقياس إن تخلف عن خمس من الإبل خمس سنين فضاعت أن يضمن زكاتها، وعلى التأخير في أخذه لما هي فيه نصاب مستمرا قي سني تخلفه لعام مجيئه بما وجد بيده مسقطا من كل عام زكاة ما قبله إن كان المأخوذ من نوعها، أو بما بيده فيها مصدقا فيه مسقطا منه كذلك قولان؛ لها مع الأكثر، والمشهور واللخمي مع عبد الملك للعمل والقياس والابتداء بأول عام. اللخمي: اتفاقًا فلو تخلف عن دون نصاب فتم بولادة أو بدل؛ ففي عده كاملا من يوم تخلفه أو كماله مصدقا ربها في وقته قولا أشهب وابن القاسم مع مالك، بناء على أن سني تخلفه كنسه أو لا، ولو كمل بفائدة؛ فالثاني اتفاقا، وعليه لو تخلف عن نصاب ثم نقص ثم كمل؛ فكما مر في الصورتين خلافا ووفاقا، والقولان هنا لابن القاسم ومحمد مع اللخمي، وقول الشيخ: لعل محمدا عنى بها إن كانت تزكى قبل ذلك إلا أن الساعي غاب عنها وهي أقل من نصاب، بعيد ولذا لم يذكره اللخمي. ولو نخلف عن خمس وعشرين من الإبل خمس سنين؛ ففي وجوب بنت مخاض وست عشرة شاة مطلقا، أو إن كانت فيها بنت مخاض، وإلا فخمس منها، ثالثها: إن كانت بها وعزلها للمساكين فهي لهم يأخذها الساعي، ولو وجدها جذعة وتلفها منهم وباقي سنيه بالغنم، وإن أبقاها لنفسه فخمس بنات مخاض لابن القاسم وعبد الملك واللخمي. قال: ولو صارت فيها في الرابعة فأربع منها وأربع شياه وإن لم يبقها لنفسه، وإلا فخمس منها.

وفيها: إن تخلف عن خمس إبل خمس سنين أخذه بخمس شياه. زاد محمد في روايته: ولو كان يبيع لذلك يبيع لذلك بعيرا منها، وروى محمد: إن تخلف عن أربعين جفرة أو تيسا سنين؛ فإنما عليه شاة ولا حجة للساعي أن زكاتها من غيرها. قلت: لأنها من نوعها ولا يستشكل تصويرها بأن بقاءها ينقلها عن سنها؛ لجواز بدلها كل عام بأصغر منها، ولو باع من تخلف عنه ساعيه سنين غنم تجر بنصاب عين؛ ففي زكاته لعام أو لكل عام تزكى له لو بقيت مسقطا من كل عام زكاة ما قبله ما لم تنقص عن نصاب. نقل الشيخ عن القرينين ومحمد، وسمع أبو زيد ابن القاسم: من تخلف ساعيه فأوصى بزكاته لم تبد، وروى اللخمي إن قدر على خوارج بعد سنين، فقالوا: أدينا زكاتها؛ صدقوا إن لم يكن تغلبهم لامتناع أدائها. وفيها: إن غلبوا على بلد ثم قدر عليهم أخذوا بزكاة ما تقدم. أشهب: إن قالوا أديناها تركوا إلا عام ظهورهم. ابن عبدوس عنه: إن قالوا أديناها لعام الظهور بعد حولها صدقوا. عياض: وبه فسرها الأكثر، وقال فضل: لا يصدقوا، وعليه حمل لفظها وعزاه لغير أشهب. وفيها: إن غلبوا على بلد وأخذوا زكاة الناس والجزية أجزأتهم. الصقلي: روى محمد والمتغلبون كالخوارج. قلت: ولذا قال ابن رشد عن سحنون في ذي أربعين شاة عشرة تحت كل أمير بالأندلس وإفريقية ومصر والعراق إن كانوا عدولا أخبرهم وأتى كلا منهم بشاة للأمير ربعها، فإن أخذه كل منهم بربع قيمتها أجزأه. الشيخ عن ابن عبدوس عن أشهب: إن طاع بها لخارجي أجزأته.

التونسي: إن طاع بها لوال جائر لا يضعها موضعها لم تجزئه. وفيها: يبعث السعاة طلوع الثريا استقبال الصيف، وتعقبه ابن عبد السلام بأنه ملزوم لإسقاط عام بعد نحو ثلاثين سنة. قال: والصواب البعث أول المحرم؛ لأن الأحكام إنما هي متعلقة بالعام القمري لا الشمسي، يرد بأن البعث حينئذ لمصلحة الفريقين لاجتماع الناس بالمياه لا؛ لأنه حول لكل الناس، بل حوله القمري، فاللازم فيمن بلغت أحواله من الشمسية ما تزيد عليه القمرية حولا كونه في العام الزائد كمن تخلف ساعيه لا سقوطه، وفي بعثهم سنة الجدب وتأخيره للخصب ليأخذوها وما تقدم رواية أصبغ وسماع القرينين، ونقل ابن هارون تفسير الثاني بسقوط زكاة ما تقدم عن الباجي لم أجده له، وعن ابن بشير كذلك؛ لأن لفظه محتمل والرواية نص بما قدمناه، وعلى الأول في أخذ زكاة العجاف منها وتكليف ربها شراء غيرها نقلا الباجي عن مقتضى قول مالك ونص محمد. ابن زرقون: إنما قاله فيمن عجفت غنمه دون الناس، فإن لم تكن سعاة أخرجت كالعين. اللخمي: اتفاقا. الشيخ عن كتاب ابن سحنون: كذلك من لم تبلغه السعادة، وسمع ابن القاسم: على من بعد عن موضع اجتماع الناس بالمياه، ولا يأتيه ساع جلب زكاته للمدينه، فإن ضعفت عن الوصول لزمه، أو مصالحة الساعي على قيمتها. اللخمي: من بعد عن الساعي ولم يحضره فقراء نقلها للمدينة، وفي كون أجرة نقلها منها أو عليه نقله، وثاني نقل ابن بير، وسمع ابن القاسم: كراهة ضيافة الساعي وإعارته دابة رب الماشية وخفف شرب مائه. الشيخ: روى علي وابن نافع: وصديقه كغيره، وروى سحنون: لا بأس أن يحمل على بعيره من الصدقة ما خف. وجعللها من الثبات أجناس الأول: حب غير ذي زيت في كونه المدخر للعي غالبا؛ البر، والشعير، والسلت، والعلس، والأرز، والذرة، والدخن، والقطنية، أو بقيد خبزه فتسقط القطاني، ثالث الروايات: كل مأكول مدخر للخمي ومحمد وابن عبد الحكم مع القاضي وتعقب ابن

بشير إثباتها اللخمي بردها للأولى تعسف، والأشقالية. ابن حارث: اتفاقا. ابن رشد وابن زرقزن: قولا الأكثر ومطرف. أصبغ: هو حب مستطيل مصوف. الباجي: هي العلس، وفي الكرسنة سماع القرينين أنها من القطاني، ولابن رشد عن ابن حبيب: هي جنس، وفي المبسوطة عن ابن وهب ويحيى بن يحيى: لا زكاة فيها، وصوبه ابن زرقون وابن رشد: بأنها علف، والجلاب والشيخ عن المختصر: لا زكاة في الحلبة. الثاني: حب ذي الزيت؛ الزيتون، والجلجلان. ابن زرقون عن ابن وهب: لا زكاة في الزيتون. اللخمي: ولا في الجلجلان بالمغرب؛ لأنه لا يتخذونه إلا للدواء، وحب الفجل. ابن حارث: اتفاقا. اللخمي: قيل لا زكاة فيه. الجلاب: والماش. أبو عمر في الكافي: هو حب الفجل. قلت: عطف الجلاب عليه حب الفجل يأباه، وقال بعضهم هو الجلبان الأخضر المعروف عندنا بتونس بالبسيم. الجوهري: هو حب معرب أو مولد، ولم يذكره ابن سيده، الرازي الطبيب عن ابن جناح: هو حب أصغر من اللوبيا له عين كعينها رأيته بقرطبة جلب لها من المشرق، وعن غيره: هو حب مدور شيه العدس، وقيل: هو الجلبان. وفي حب القرطم وهو العصفر والكتان، ثالث روايات الصقلي: القرطم لا الكتان، وبالأولى قال أصبغ، وبالثانية سحنون، والثالث رواية ابن القاسم. ابن بشير: فيهما مع حب الفجل، ثالثها: إن كثر زيتها، وألحق اللخمي بها بذر السلجم بمصر والجوز بخراسان؛ لاتحاد زيتهما بهما للأكل. الثالث: ثمر الشجر التمر والعنب، وفي غيرهما، ثالثها: التين فقط للباجي مع غيره

عن ابن حبيب مع اللخمي عنه مع ابن الماجشون، والموطأ وأبي عمر عن ابن حبيب مع إسماعيل، والأبهري مع أتباعهم، وروى ابن القصار: فيه الترجيح. أبو عمر: اتفق مالك وأصحابه على نفيها في اللوز والتفاح وشبههما. ابن زرقون: لعله لم يعرف قول ابن حبيب. قلت: ولا رواية ابن عبد الحكم، وقول القاضي. اللخمي: المذهب أن ما لا ييبس من رطب وعنب كغيره، وعلى أن للأتباع حكمها لا تزكى، ونقله ابن الحاجب نصا لا أعرفه. وفيها: زكاة البلح الذي لا يزهى، فتعقبه فضل؛ لأنه علف وكتب اسمه عليه. سحنون: وحمله أبو عمران وعياض على نضج حلاوته أخضر، وروى محمد وابن عبدوس: لا زكاة فيما أخذ من شجر الجبال، فإن نقى ما حوله من الشعر لجمعه ثم ينقطع عنه فكذلك، وإن كان ليكون له في المستقبل زكاه. وللمعروف لا زكاة في العسل. ابن حارث: أوجبها فيه ابن وهب، ونقل القرافي عن سند: لم يختلف المذهب في العسل؛ قصور. والنصاب: خمسة أوسق، وما زاد مثله. قلت: هو من عنب بلدنا ستة وثلاثون قنطارا تونسيا؛ لأنها يابسة اثنا عشر، وهي خمسة أوسق، والوسق: ستون صاعا نبويا، وهو أربعة أمداد، وهو رطلان، وهو اثنا عشر أوقية، وهي عشرة دراهم وثلثان، وهو تقدم، وقفيز بلدنا وسق، ولا زكاة على شريك قصر حظه في أكثر من نصاب عنه، ولو كان وراثا مات مورثه قبل وجوبها فيه والموصى له معينا قبل وجوبها كوارث والمؤنة عليه. وفيها: لو أوصى بزكاته زكيت، ولو صار لكل مسكين مد؛ لأنهم إنما يستحقونها بعد يبسها. ابن الماجشون: لا يؤخذ منهم؛ لأنها لهم. ابن حبيب عن أشهب وابن القاسم: نفقة حظ المساكين من مال الميت. الصقلي عن الشيخ: من الثلث، فإن خاف الزرع بنفقته عليه أخرج منه محمله، فإن

لم يترك مالا؛ فإن أنفق الوارث أخذ نفقته من ثلثه وللمساكين الأقل من باقيه أو عشر الزرع، وإلا سوقي وللمساكين من حظ الوارث الأقل من ثلثه أو عر كل الزرع. أشهب: إن أوصى بزكاته عن الورثة؛ فإن بلغ حظ كل منهم نصابا بطلت؛ لأنها لوارث، وإن لم يبلغه حظ لزمت إن بلغه المجموع، وإلا بطل من زكاة المجموع مناب من بلغه ولزم مناب الآخرين. الشيخ: روى محمد من أوصى بثلث زرعه بعد طيبه للمساكين بدئ بزكاته وثلث باقيه للوصية. أصبغ: إن قصد بثلثه الزكاة فقدرها من رأس ماله، وما زاد ففي ثلثه غير مبدإ، والرواية واللخمي عن المذهب: المعتبر كيل الحب بعد يبسه، وفي كون المعتبر في الزيتون كيله يوم جذاذه أو بعد تناهي جفافه. نص اللخمي عن المذهب والصقلي عن السليمانية. اللخمي عن عبد الملك: المعتبر فيما لا يترتب من عنب وتمر بمنزلته كيله بحاله، وقيل: بعد يبسه وهو أصوب. الشيخ عن المجموعة: روى ابن القاسم في بلح لا يزهي إن بلغ خمسة أوسق زكى ثمنه. أشهب: وقيمته إن أكله. ابن سحنون: روى علي وابن نافع يخرص ما لا يتزبب زبيبا، وقاله ابن القاسم وأشهب فيما لا يثمر من رطب وبلح. وتضم الأنواع لجنسها؛ فالبر والشعير والسلت جنس، وقول ابن بير في نصوص المذهب يوهم خلافا مخرجا، ولا ينهض من قول السيوري والصائغ البر والشعير في الربا جنسان؛ لتفريق الموطأ ببين الزكاة والربا بالذهب والفضة، وفي كون العلس منه أو جنسا منفردا قول ابن كنانة مع الباجي عن رواية ابن حبيب وعن مالك وأصحابه غير ابن القاسم وأصبغ مع روايته عنه، والباجي عن ابن وهب قال: والمشهور أن الأرز والذرة والدخن أجناس، وروى زيد بن بشير عن ابن وهب: إنها من جنس البر في الربا فيلزم في الزكاة.

اللخمي: قوله الليث صواب، وقول ابن بشير قي إضافة بعض الثلاثة لبعض في الربا قولان تخريجها الباجي في الزكاة صواب يدل أنها جنس منفرد، ولا أعرفه ولا قاله الباجي، والقطاني فيها: هي الفول واللوبيا والحمص والجلبان والعدس وشبهها، وسمع عيسى ابن القاسم: والترمس. ابن رشد: اتفاقا. قلت: زاد الجلاب عليها البسيلة قائلا وشبه ذلك. الباجي: البسيلة الكرسنة. وفيها: طرق البيان جنس منفرد اتفاقا. اللخمي عن القاضي: وقيل أجناس. الباجي: الرواية الأول، وفي البيع روايتان، فقيل: يجزئ الثانية في الزكاة، وقيل: لا، وهو ظاهر تفريق الموطأ بالذهب والفضة، والصواب أنها أجناس، وفي كون الأرز الجلجان جنسين أو من القطنية سماع القرينين، وابن رشد عن رواية زياد، والتمر، والزبيب، والتين أجناس لأنواعها. اللخمي: والزيزت أجناس، ومتفرق الأمكنة كمتحدها. وروى سحنون: لا يضم زرع صيف لشتاء. الباجي: اتفاقا في الأرض الواحدة وظاهرا في الأرضين، وفي ضمهما باجتماعهما في الصيف أو الشتاء، نقل الباجي عن سحنون مع الشيخ عن رواية ابن نافع. ابن بشير: في شرط الضم بالاتحاد في أحد الفصول الأربعة أو بزراعة الثاني قبل حصد الأول قولان، وعزاهما اللخمي لروايتي سحنون وابن نافع وصوب الثاني، ولم يحك ابن رشد غيره، فلو زرع الثاني قبل حصد الأول والثالث بعده وقبل الثاني، فإن لم يكن في كل واحد نصاب، وفي الثاني مع كلا الطرفين على البدلية نصاب؛ زكاهما بضمه لهما إن بقى حب السابق لحصد اللاحق، فلو أنفق السابق قبل حصد اللاحق؛ فخرج ابن رشد زكاتهما على قولي أشهب وابن القاسم في عرتين فائدتين أنفق أولاهما بعد حول أثناء حول الثانية ثم حل، ولو زكى الثاني مع الأول وفيه مع الثالث نصاب قبل زكاته يخرج أيضا زكاة الثالث على قولي أشهب وابن القاسم في الفوائد كذلك، ولو

زرع الثاني قبل حصد الأول والثالث ببعد حصد الثاني وقبل الأول؛ فالأول وسط لهما، وأجرى ما مر من التخريجين في الإنفاق ونقص الوسط زكاته، فإن لم يكن في الوسط مع كلا الطرفين على البدلية نصاب وفيه على المعية نصاب، فقال اللخمي، وابن رشد: لا زكاة، وخرجه ابن بشير على خليط الخليط، فإن كمل بأحدهما، وهو مع الآخر قاصر؛ فاللخمي: لا زكاة في القاصر، ونص ابن الحخاجب، وظاهر ابن بشير: كخليط الخليط، والأظهر إن كمل من الأول والوسط زكى الثالث، وإن كان منه ومن الثاني عدم زكاة الأول، وظاهر نقل الشيخ، ونص الباجي أن ما اختلف في ضمه عام فما من أرض واحدة أو أرضين، فقول ابن عبد السلام: لا خلاف في عدم ضمها من أرض واحدة، إنما هو في ضمهما من أرضين وهم وقصور، وما به تجب. اللخمي وابن رشد: المشهور الطيب مبيح البيع. قلت: في الجلاب ما أكل من الزرع بعد إفراكه حسب خلافه؛ لأنه لا يباع به إلا أن يريد بعد تناهي إفراكه. المغيرة: الخرص. ابن مسلمة: الجذ والحصد. اللخمي: قول مالك مرة يترك الخارص لرب الثمر ما يأكل ويعري كقول المغيرة، فلا يحسب ما يخرج قبل يبسها. ابن بشير: سمعنا في المذكرات بدل الجذ اليبس. اللخمي: مرة قيل: تجب باليبس، وقيل: بالجذ. ابن بشير: وفائدته انتقال الملك بإرث أو راء قبل ما يجب به عند قائله أو بعد، فيجب على الثاني أو الأول، ومنه حكم ثمرة العبد بعد عتقه. الشيخ عن أشهب: من انتزع من عبده ثمرة بعد طيبها فلا شيء عليه، وإن كان قبله فالزكاة عليه، وكذا الزرع. ويخرص التمر والعنب حين حل بيعهما. الباجي: وغيره لحاجة ربه لأكله وبيعه وصدقته قبل يبسه. اللخمي: وخص بهما؛ لأنه عادة فيهما ولا يكاد يعرف في غيرهما.

الباجي: لأن حبهما ظاهر وغيرهما مستور، وفي خرص الزيتون، ثالثها: إن احتيج لأكله، أو لم يؤمن أهله عليه؛ لرواية ابن عمر والمشهور وابن زرقون عن ابن الماجون. زاد اللخمي عنه: وسائر الثمار. ابن بشير: إن احتيج لأكل غير التمر والعنب، في خرصه قولان. ابن عبد الحكم: إن خيف على الزرع خيانه ربه جعل عليه حافظ، وروى ابن نافع: يخرص نخلة نخلة ويجمع الجميع. الباجي: يخرص ما يحصل من ثمرها ب بعد يبسها. قلت: وبه يفسر قول ابن الحاجب: ويسقط نقصه، وتعقب بعض من لقيناه تفسيره ابن عبد السلام بإسقاطه ما يظن نقصه بسقوط أو أكل طير، بأنه خلاف نصها صواب، وفي تجفيفه بترك ما يأكل ربه ويعري ولا ينال في رؤوس الشجر، والساقطة، واللاقطة، والواطئة، ثالثها: يترك الأربعة الأخيرة؛ لابن حبيب مع رواية القاضي، وروايتها واللخمي. ابن رشد: في وجوب إحصاء ما أكل أخضر بعد وجوب الزكاة، ثالثها: في الحبوب لا الثمار لمالك والليث وابن حبيب. الشيخ عن ابن عبدوس: لا يحسب ما أكله بلحا، بخلاف الفريك والفول الأخضر وشبهه. مالك: ما أكل من قطنية خضراء أو باع إن بلغ خرصه يابسا نصابا؛ زكاه بحب يابس، وروى محمد: أو من ثمنه. أشهب: من ثمنه. ويكفي الخارص الواحد. الباجي: للعمل، بخلاف حكمي الصيد؛ لأنهما يخرجان من غير جنسه فأشبه التقويم، وروى علي وابن نافع: لا يخرص إلا عدل عارف. الصقلي: روى سحنون لو اختلف ثلاثة زكي ثلث مجموع ما قالوه. ابن بشير: إن تساوت معرفتهم، وإلا فالأعرف.

المجموعة: روى أشهب إن فسد كرمه بعد خرصه فلا شيء عليه. ابن القاسم: ولو بقي منه دون نصاب، وعلى قول ابن الجهم: يزكي ما بقي. الباجي: ويصدق في الجائحة. أبو عمر: ما لم بين كذبه، وإن اتهم أحلف. ابن القاسم: وجائحة ما بيع إن لم توجب رجوعا لغو، وإلا سقطت زكاة ما أسقطته واعتبر ما بقي. الشيخ: روى أهب إن استأجر على خرط زيتونه بثلثه فعليه زكاته، ولو بان خطأ الخارص؛ ففي البناء عليه إن كان ثقة عارفا أو على ما ظهر، ثالثها: إن كان زمن عدل، للخمي عن رواية محمد في الزيادة: إن كان الخارص ثقة عارفا فخرج عليه النقص، وقول ابن نافع في الزيادة قائلا: خرصه عالم أو غيره فخرج عليه النقص إن ثبت، وقول أهب وذكرها التونسي وعوا الأول بشرطه لرواية علي وابن نافع: بزيادة إن خرصه غير عالم زكى الزيادة، وصوب قول ابن نافع وتبعه اللخمي. التونسي: ولا يصدق في النقص إلا بدليل ظاهر. ابن بشير: غير العارف لغو اتفاقا، وفي العارف القولان. ابن رشد: عن بعضهم في البناء عليه أو على ما ظهر مطلقا، أو إن كان من عدل، رابع الراوايات: إن كان عارفا اتفاقا. قال ابن رشد: هذا خطأ، بل إن كان غير عارف أو زمن جور فالمعتبر ما ظهر اتفاقا، ولم بذكر الصقلي الخلاف إلا إذا وجد أكثر مما خرص، وقال ابن شاس بعد ذكر القولين الأولين: وقيل يلزمه إخراج الزكاة ولا يصدق في النقص. قلت: ظاهره ولو قام به دليل ظاهر فيكون خامسا، وفي الجلاب: إخراج ما زاد على الخرص حسن غير واجب. قال ابن القاسم وغيره: يزكى لقلة إصابة الخراص اليوم وإن نقص الخرص لم تنتقص الزكاة، وظاهرة طرقهم سواء أكل أو باع أو ترك. وقال ابن شاس: وما خرص إن شاء ربه أكل أو باع وضمن الزكاة، وإن شاء ترك ولم يضمن وزكى ما وجد، وإن خالف قول الخارص، وإن نقص عن النصاب؛ فلا

زكاة، ونحوه قول الجلاب: يخرص الكرم والنخل إذا بدا صلاحهما ويترك بينه وبين ربه؛ إن شاء باع أو أكل وضمن حصة الزكاة، وإن شاء ترك ولم يضمن، وقول ابن الحاجب: والمشهور أنهم إذا تركوه فالمعتبر ما وجد؛ لا أعرفه. وفيها: إن وجد من خرص عليه أربعة خمسة أحببت زكاته لقلة إصابة الخراص اليوم. فحملها الأكثر على الوجوب، وعياض وابن رشد على الاستحباب. والواجب: عشر ما شرب دون كلفة مؤنة كالسيح والمطر، وما شرب بعروقه، ونصفه إن شرب بها كغرب أو دالية. وما اشتري شربه في وجوب عشره أو نصفه قولا ابن حبيب مع ابن بشير عن المشهور، وعبد الملك بن الحسن، وخرج عليه الصقلي نصف عشر الكروم البعل المشق عملها. اللخمي: وفيما اشتري أصل مائه العشر؛ لأن السقي منه غلة، وفيما سقي بواد أجري إليه بنفقة مصف عشر أول عام وعشر ما بعده. ابن بشير: ظاهر النص العشر مطلقا، وما شرب بهما وتساويا فابن القاسم يعتبر ما حيي به، وروى محمد: يقسم عليهما بقدر زمنيهما، وإن تفاوتا؛ فثالثها: الأقل كالأكثر للخمي عن ابن القاسم، وله عن تخريج القاضي مع الباجي، والصقلي عن نقله، ورواية محمد مع ابن زرقون عن رواية علي وابن نافع، وقول ابن القاسم وعبد الملك. وفي كون الأكثر ما قارب الثلثين أو ما بلغهما عبارتا الصقلي عن ابن القاسم، وابن رشد عنه مع ابن الماجشون ومالك قالوا: وما زاد على النصف بيسير كمساو. قلت: ويتخرج الأقل كالأكثر ما لم يكن الأقل بعلا من المالين أحدهما مدار،

وصوب اللخمي قسمه على ما يحصل بالأول وما زاد الثاني عليه، ولو كان لا يحصل بالأول شيء ألغي، والقياس اعتباره؛ إذ لولاه لم ينتفع بالثاني، فإن جهل ما يحصل بالأول قسم على قدر السقيين. ويؤخذ من الحب كيف كان، وإن اختلف أنواعه فمن كل بقدره والتمر الوسط منه، وفي كون أعلاه وأدناه كذلك أو يأتي بالوسط. نقل الشيخ عن ابن سحنون عن ابن نافع مع روايتي ابن القاسم وأشهب وقوليهما، وقولها وسحنون مع عبد الملك، وروايه ابن نافع، ونقله اللخمي عنه؛ خلاف. نقل الشيخ والصقلي وابن حارث عنه: ولو اختلفت أنواعه ففي الأخذ من كل بقدره أو من الوسط روايتا أشهب وابن القاسم قائلين بهما ففيهما، ثالثها: قول ابن القاسم معها. وفي كون الزبيب كالحب أو التمر نقلا اللخمي وابن رشد عن المذهب، وما لا يتزبب. قال محمد: من ثمنه أو قيمته إنأكله لا زبيبا. التونسي: ولم يقل هل يجزئه إن أخرج زبيبا أم لا. قلت: ذكر الشيخ كونه من ثمنه رواية ابن القاسم، وكونه من قيمته إن أكله قولا أهب، وروى علي وابن نافع: من ثمنه، إلا أن يجد زبيبا فيلزم شراؤه. ابن حبيب: من ثمنه، فإن أخرج عنبا أجزأه، وكذا الزيتون الذي لا زيت له، والرطب الذي لا يتمر إن أخرج من حبه أجزأه. وواجب الزيتون من زيته، وصوب اللخمي قول ابن عبد الحكم وابن مسلمة: من حبه، وظاهر نقل ابن الحاجب تخيير رب المال، لا أعرفه، وروى ابن نافع: إن عصر جلجلانه فمن زيته، وإلا فمن حبه، وروى اللخمي: من ثمنه إن باعه، وصوب من حبه مطلقا. ابن بشير: في كونه فيه وفي الزيتون وحب الفجل من زيتها أو حبها، ثالثها: كيفما أخذ أجزأ.

وروى محمد: من باع زيتونه أو ما يبس من رطب وعنب أتى بمثله زيتا وزبيبا وتمرا ويأتمن المبتاع على ما يجد فيه، فإن كان كافرا فليتحفظ من ذلك. أصبغ: إن لم يعلم توخاه وزاد ليسلم. أشهب: للساعي أخذه زيتا أو ثمنا. وفيها: من باع زيتونا له زيت أو رطبا يتمر أو عنبا يتزبب فليات بما لزمه زيتا أو تمرا أو زبيبا. الرسالة: يخرج من زيت ذي الزيت، فإن باعه أجزأه إخراجه من ثمنه. اللخمي: روى محمد إن باعه عنبا كل يوم وجهل خرصه فمن ثمنه. وفيها: من باع حبه بعد يبسه أتى بما لزمه حبا، فإن أعدم أخذ من المبيع نفسه إن وجد ورجع مبتاعه بقدر ثمنه على بائعه. أشهب: لا يؤخذ منه؛ لأن بيعه كان جائزا، وصوبه سحنون والتونسي. اللخمي: هذا إن باع ليخرج الزكاة، وإن كان لا يخرجها فالأول، ويصح شرطها على المبتاع إن كان عالما نصابها، ثقة بأدائها وعلم بلوغه المبيع، فإن شك امتنع إلا أن يشترط قدرها مطلقا. وزكاة التمر الموهوب قبل وجوبها منه. ابن رشد: وفي كون زكاتها على ملك الواهب أو الموهوب له المعين قولان لابن القاسم مع قوله فيها وسحنون مع ظاهر سماعه إياه. قلت: ذكره الشيخ عن محمد عن رواية ابن القاسم وعن سحنون إن كان دفعها للموهوب له فعليه، وإلا فعلى الواهب وبعده. قال ابن رشد في كونها على الواهب أو منه بعد يمينه ما وهب ليزكيها من ماله، رواية أشهب وقول ابن نافع، وروي: إن تصدق بزرع يبس على فقير فعشره زكاة وباقيه صدقة. وفي زكاة الصدقة قبل الطيب على ملك المتصدق أو المتصدق عليه نقلا ابن رشد، وكذلك العرية، وعلى الأول في كونها من مال المعري أو منها نقلاه. ابن رشد: روايات ضمان ما تلف من زكاة أو نصابها فيها مشكلة، وتنازعنا في

المناظرة قبل الطيب على ملك المتصدق فيها عند شيخنا ابن رزق كثيرا، وتحصيلها: إن تلف بتفريط ضمن اتفاقا، ودونه بالأندر لم يضمن، وببيته دونه؛ لتلفه قرب إدخاله ولم يمكنه دفعه لمستحقه قبل إدخاله، أو في مدة انتظار ساعيه، ولو طال فقال مالك مرة: يضمنه بخلاف العين، ومرة: لا كالعين، وثالثها: لابن القاسم: إن أشهد من له ساع لانتظاره لم يضمن، ولو لم يكن له ساع ففي كونه عنده كالعين، وثالثها: لابن القاسم: لا يضمن مطلقا، أو إن أشهد نظر، والأول أظهر وكل المال وعشره بعد عزله سواء عندهما، وقال أشهب: إن عزل عشره فضاع دون تفريط ولا ساعي له لم يضمنه كالعين، وإلا فهو منه ومن الساعي ويأخذ العشر الباقي كأنه لا يجيز مقاسمته الساعي. قلت: كذا نقله عنه عبد الحق عليه عشر ما بقي، ولازم تعليل ابن رشد انفراد القاسم بضمانه. قال: وقول التونسي إن أدخله بيته ليتصرف فيه ضمنه وخوفا عليه لم يضمنه لا يختلف فيه، إنما الخلاف إن جهل ذلك. عياض: روى عنه إن أدخله منزله ضمنه، ومرة: إن أخرج زكاته ليأتيه المصدق ضمن، وفي المال إن لم يفرط لم يضمن، فقال بعض القرويين: ليس خلافا، ورد الثانية للأولى، وقول ابن القاسم بزيادة الإشهاد وفاق؛ لاحتمال أن يشهد ليسقط عنه الضمان ثم يأكله، وإشهاده بالأندر وبعد إدخاله سواء وإليه نحا أبو عمران. قلت: حمل قول ابن القاسم على الضمان مع نصه بنفيه يمتنع. والحبس غير محوز كمال ربه، والمحوز إن كان ذا نبات على مجهول زكي على ملكه، وما على معين ففي كونه كذلك، أو على ملك المحبس عليه بشرط بلوغ حظ مستحقه نصابا قولا ابن القاسم وكتاب محمد، فخرجهما ابن رشد على قولي ابن القاسم وأشهب في عدم إرثه عن المحبس عليه بالإبار وارثه به. التونسي والصقلي عن ابن الماجشون: إن كانت على مستحقها سقطت. ابن رشد: وإن كان حيوانا أو عينا للانتفاع به فكالأول. ونسل الحيوان إن كان كأصله فكأصله، وإن كان ليفرق فطرق. التونسي عن ابن القاسم: إن كان على مجهول كأصله، وعلى معينين إن بلغ حظ كل

منهم نصابًا زكى لحول من يوم الولادة، وإن لم يقبض. اللخمي: إن كان على معين فلا زكاة فيه إلا على مستحقه بحول من يوم أخذه نصابا، وعلى مجهول لا زكاة عند ابن القاسم. ابن رشد: نسلها كثمر النبات، وإن وقف الحيوان ليفرق فحال حوله؛ ففي زكاته، ثالثها: إن كان على معين لمحمد عن ابن القاسم، وظاهر كتابه عن غيره، وأشهب مع ظاهرها، وعلى الأول إن كانت على مجهول اعتبر بلوغ جملتها النصاب، وعلى معين بلوغه حظ مستحقه، وعزا اللخمي لابن القاسم الثاني ولمحمد قائلا: وكذلك النخل مفرقا بينهما وبين العين بنوهما حين الوقف دون العين. ابن رشد: ونسل ما وقف ليفرق إن سكت عنه كأصله، وإن كان ليفرق على غير من تفرق عليه أصله فكنسل ما وقف للانتفاع بغلته، والعين الموقوفة لتفرق في زكاتها على ملك ربها ولغو زكاتها، ثالثها: إن كانت على معين زكيت عليهم، فيعتبر بلوغ حظ كل منهم النصاب؛ لتخريج ابن رشد على رواية محمد في الماشية، ونص روايته معها وعلى تزكية فائدة العين بحولها قبل قبضها. وفيها: على المساجد طرق. التونسي: ينبغي زكاتها على ملك ربها فيضاف لماله غيرها. اللخمي: قول مالك: زكاتها على ملك ربها؛ للعمل، والقياس قول مكحول: لا زكاة فيها؛ لأن الميت لا يملك والمسجد لا زكاة عليه، ككونها لعبد. أبو حفص: لو حبس جماعة كل نخلا له على مسجد، فإن بلغ مجموعها نصابا زكى. ومصرفها الثمانية في آية: (إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ) (سورة التوبة الآية 60)، واستحب مالك ولاية صرفها غير من وجبت عليه، وصرفها في أخذها غير العامل مجزئ. وفي ترادف الفقير والمسكين نقلا أبي عمر عن كل أصحاب مالك مع الجلاب، وعبد الجليل الصابوني عن رواية علي مع ابن بشير عن الأكثر وعليه روى أبو عمر؛ الفقير: ذو بلغة لا تكفيه، والمسكين: لا شيء له. ابن زرقون عن أبي تمام: عكسه.

الباجي عن ابن وهب وابن زرقون عن رواية على: المتعفف عن السؤال، والمسكين: السائل، ونقل ابن بشير عكسه ولم يعزه، وهو ظاهر نقل الصقلي واللخمي عن رواية المغيرة، وفي الزاهي: قيل من به زمانة، والمسكين: الصحيح، وقيل: العكس، وشرطها: الإسلام، والحرية. الشيخ عن محمد عن أصبغ: لا يجبني إعطاؤها ذا هوى إلا خفيفه. الأخوان: لا يعطي ذا هوى ومن فعل أساء وأجزأته، وسمع عيسى ابن القاسم: يعطي أهل الأهواء إن احتاجوهم من المسلمين. ابن رشد: إن خف هواهم؛ كتفضيل علي على كل الصحابة والقدري والخارجي عن القولين في تكفيره، ومنعها ابن حبيب غير المصلي على أصله. الشيخ: المصلي أولى منه ويعطى إن كان ذا حاجة بينة، فإن أعطاها فاقد الإسلام والحرية أو غنيا عمدا لم تجزئه، وجهلا دون غرور ترد، فإن أتلفوها ففي غرمهم قولا اللخمي وعبد الحق مع بعض شيوخه. اللخمي: إن تلفت بغير سببهم لم يضمنوها، فإن غروا وأكلوها غرمها الغني والكافر، وفي كونها في ذمة العبد أو رقبته نقلا عبد الحق، وصوب الصقلي الثاني. اللخمي: لو هلكت بغير سببهم ضمنوها. قال: ويختلف حيث لا غرم ولا عمد في غرم دافعها. الباجي: إن أعطاها غنيا أو كافرا جهلا، ففي إجزائها قولا ابن القاسم في الأسدية والمدونة، ولا يجزئ لمن لزمت نفقته مليا. ابن زرقون عن عياض: روى أبو خارجة عنبسة بن أبي خارجة جواز إعطائها من تلزمه نفقته، وعارضها أبو العباس بن عجلان من متقدمي شيوخ شيوخنا بقوله في الإكمال: أجمعوا على منع إعطائها والديه وولده في حال تلزمه نفقتهم، وأجاب بأن فقرهم إن لم يشتد لم تجل نفقتهم وجاز إعطاؤهم، وإن اشتد فالعكس. قلت: ويحمل الإجماع على من حكم له بالنفقة، وجواز الإعطاء على من لم يحكم له من أب أو ولد كان غنيا فافتقر، ولذا أفتى ابن رشد بعدم رجوع أحد ولدين غنيين أنفق على أبيه الفقير مشهدا ليرجع على أخيه بمنابه عليه معللا بأنها لا تجب إلا بالحكم.

الشيخ: روى مطرف لا يعطيها من في عياله غير لازمة نفقته له قريبا أو أجنبيا، فإن فعل جهلا أساء وأجزأته إن بقي في نفقته. ابن حبيب: إن قطعها بذلك لم تجزئه، ونقله الباجي في القريب فقط ولم يقيد إجزاء إعطائه بجهله، وفي كراهة إعطائه قريبا لا تلزمه نفقته وجوازه واستحبابه، رابعها: لا تجزئ لجد ولا لولد ولد، وتجوز لذي إخوة أو عمومة أو خئولة؛ لروايات ابن القاسم ومطرف والواقدي والشيخ عن ابن حبيب. الباجي: إن ولي صرفها غيره جازت له اتفاقا. الشيخ: روى ابن القاسم لمن ولي صرف زكاة غيره إعطاء قرابته بالاجتهاد، وفي عدم إجزائها لزوجها مطلقا أو إن صرفها عليها فيما يلزمه، ثالثها: إن صرفها عليها مطلقا للباجي عن رواية ابن حبيب وابن شاس مع الشيخ عن أشهب، والباجي عن أشهب مع ابن حبيب مع اللخمي عنه. وفيها: منعه إياه. فحملها ابن زرقون وغيره على عدم إجزائه، قال: وحملها ابن القصار على الكراهة، وعزاه ابن محرز لشيوخه. اللخمي: إن أعطى أحد الزوجين الآخر ما يقضي دينه جاز. وفيها: لا يعجبني جعل دين على فقير في زكاته. قال غيره: لأنه تاو لا قيمه له أو له قيمة دون، ولا يجوز إعطاء تاو ولا أقل. فحملها بعض من لقيت على الكراهة لظاهر "لا يعجبني"، وغيره على المنع كفتوى ابن رشد بعدم إجزائه، والأظهر الأول لابن القاسم والثاني للغير. الشيخ: في إجزائه قولا أشهب وأصبغ مع ابن القاسم، وقول ابن عبد السلام: لو أعطاها إياه جاز أخذها منه في دينه، خلاف تعليل الباجي رواية ابن حبيب منع إعطاء الزوجة زوجها؛ بأنه كمن دفع صدقته لغريمه ليستعين بها على أداء دينه. قلت: الأظهر إن أخذه بعد إعطائه بطوع الفقير دون تقدم شرطه أجزأه، وكرهها كذلك إن كان له ما يواريه وعيشه الأيام، وإلا فلا؛ كقولها: في قصاص الزوجة بنفقتها في دين عليها وبشرط كما لم يعطه، وفي إجزائها لشاب صحيح قولا ويحيى ابن عمر.

اللخمي: إن كان ذا صنعة تكفيه وعياله فغني، وإن لم تكفه أعطي تمام كفايته، وإن كسدت أو لم يكن ذا صنعة، ولم يجد ما يحترف به أعطي، وإن وجده ففيه القولان، وفي منع مالك النصاب أخذها من لا يكفيه. نقلا اللخمي مصوبا الأزل بالإجماع على وجوبها عليه فهو غني. الباجي: روى محمد إعطاء ذي أربعين دينارا، وهذا يدل على أن المراعى قدر الحاجة. ابن زرقون: هذا وهم، وإنما في النوادر ذي أربعين درهما. الشيخ عن ابن حبيب: إلى مائة. وفيها: إعطاؤها ذا دار وخادم لا فضل في ثمنهما عن سواهما. زاد الشيخ عن مالك وفرس، وروى المغيرة: إن بلغ الفضل نصابا لم يعط، وإلا أعطي ما لا يبلغه معه، وروى علي وابن نافع: إعطاء ذي عقار لا يغنيه ثمنه. علي وابن نافع: لا حد لقدر ما يعطى، وهو بقدر ما يرى من حاجته، وروى المغيرة: يؤثر صالح الحال ولا يمنع سيئه. ابن حبيب: لا بأس أن يعطى المتعفف من دينار إلى خمسة. اللخمي: اختلف في إعطاء نصاب، والصواب قدر كفايته لوقت خروجها، ومنع المغيرة إعطاء النصاب، ولو يحك ابن رشد غيره، وفي الجلاب أجاز مالك إعطاءه ما يغنيه نصابا فما فوقه، ومنع عبد الملك النصاب، وتخريج ابن بشير إعطاء النصاب على عدم منعه إعطائها، ومنعه على منعه يرد بأن منع المانع المتقدم الوجود أشد من المقارن. اللخمي: ولا يعطى من أتلف ماله إلا أن يتوب أو يخاف عليه، وسمع ابن القاسم تصديق مدعي الفقر. اللخمي: ما لم معروف الملاء فيكلف إثبات ذهابه، ولو ادعى عيالا صدق الطارئ ومن تعذر كشفه، ولو استغنى بعد أخذها لم ترد منه. والعامل: جابيها يعطى بقدر عمله ولو كان غنيا. اللخمي: ولا يستعمل آلي.

باب الرقيق

ابن محرز: ولا صبي ولا امرأة، وفي العبد والكافر قولا محمد مع ابن القاسم، واللخمي مع تخريجه على إعطاء ابن عبد الحكم الجاسوس الكافر، ويرد بشرف منصب الولاية، وعلى المنع قال ابن القاسم: إن فات ردا ما أخذا وأعطيا من غيره. محمد: من حيث تعطى الولاة. اللخمي: من الفيء. ابن بشير: إن استعمل فقير أعطي لفقره وعمله. قلت: إن لم يغنه حظ عمله. الشيخ عن ابن القاسم: إن كان العامل مديانا لم يأخذ منها بغرمه إلا بإعطاء الإمام. ابن شاس: ذو وصفين يستحق سهمين، وقال ابن القصار: لا يعطى سهمين بل بالاجتهاد، وروى محمد: لا ينبغي أن يأكل منها ولا ينفق إن كان الإمام غير عدل، ولا بأس إن كان عدلا. والمؤلفة قلوبهم: في كونهم ذوي قدرة على الأذاء أسلموا لم يتمكن إسلامهم، أو كفارا أو مسلمين لهم أتباع يعطون ليتمكن إسلامهم، أو ليسلموا، أو ليسلم أتباعهم؛ ثلاثة للباجي عن المذهب مع ابن زرقون عن ابن مزين عن ابن القاسم وابن حبيب، ونقل اللخمي. وفي انقطاعهم لفشو الإسلام فلا يعود سهمهم، وعوده إن احتيج إليهم، قول أصبغ مع الباجي عن المذهب، ورواية ابن رشد وابن زرقون عن القاضي. [باب الرقيق] شراء رقيق يعتقون وولاؤهم للمسلمين، وفي شرط إسلامهم رواية أبي عمر مع الشيخ عن أصبغ والباجي عن ابن القاسم شرطها كواجب الرقاب ونقل ابن بشير، وفي إجزاء المعيب نقلا الباجي عن ابن حبيب مع اللخمي عن ابن

نضر، ومالك وأصحابه والباجي عن ابن القاسم، والعتبي عن أصبغ، وفي جواز إعانة مكاتب بها وكراهتها ومنعها، رابعها: إن أتم ذلك عتقه، وخامسها: إن لم يقدر على أداء كتابته وإن لم يتم عتقه للخمي عن غير مالك مع ابن رشد عن ابن القاسم، واللخمي عنها مع رواية محمد مرة وابن رشد عنها، واللخمي وعن رواية محمد أخرى مع الشيخ عن الأخوين وأصبغ وابن رشد عن المغيرة. قلت: للشيخ روى المغيرة: (وَفِي الرِّقَابِ) (التوبة: 60) المكاتب لا يقوى فيؤدي عنه، وفي رواية ابن نافع وابن القاسم ما يعتق به. اللخمي: وعلى الأول إن عجز ردت، ولو اشترى منها مكاتب فأعتق؛ ففي جوازه ومنعه فيرد روايتا أصبغ. ابن رشد: من أعتق مكاتبه أو مدبره أو أم ولده لم يجزئه، وقولا الجلاب، الرقاب: شراء رقيق يعتقون وولاؤهم للمسلمين، وقيل: إنه في إعانة المكاتب في آخر كتابته، والباجي في العتبية عن ابن وهب، وفي الرقاب: المكاتبون، يحتمل إرادتها جواز صرفها فيها أو قصره عليها كالشافعي، والأول ظاهر، ولم أجد ما ذكره الباجي عن العتبية فيها، ولم يحكه ابن رشد ولا الشيخ، وحمله ابن عبد السلام على قصره عليها بعيد. وفي إجزاء عتق مدبر منها روايتان. ابن رشد: هذا خلاف منعها بيعه للعتق، أو لعله حيث يجوز بيعه، وفي إجزاء عتق جزء، ثالثها: إن أتم عتقه؛ لتخريج اللخمي على إجزاء المكاتب، وعلى شرط واجب الرقاب ومطرف. وفي إجزائها في عتق عبد ربه عن نفسه نقلا اللخمي عن روايتي ابن شعبان ومحمد، وعزا الشيخ الأول لمطرف، ولو اشترى منها من أعتقه عن نفسه قائلا: والولاء للمسلمين؛ ففي إجزائه والولاء للمسلمين، ونفيه والولاء له. نقلا الشيخ عن أشهب وابن القاسم، ونقلهما اللخمي بعتقه قائلا: والولاء للمسلمين.

قال: ولو أعتق عبده عن نفسه قائلا: والولاء للمسلمين لم يجزئه اتفاقا. وفي جوازها في فك الأسير قولا ابن حبيب قائلا: هو أحق وأولى من فك الرقاب التي بأيدينا مع ابن عبد الحكم، وأصبغ معها. ابن عبد الحكم: لو أخرجها فأسر قبل صرفها جاز فداؤه بها، ولو افتقر لم يعطها وفرق بعودها له، وفي الفداء لغيره. ابن حارث: لو أطلق أسير بفداء دين عليه أعطي اتفاقا؛ لأنه غارم، والغارم مدين آدمي لا في فساد، القاضي: ولا سفه فإن أدان لفساد ولم يتب منع. اللخمي: اتفاقا، فإن تاب فنقل اللخمي وقول ابن عبد الحكم. ودين نفقة الزوجة وأرش خطأ دون الثلث كمباح، وأرش العمد كفساد. وفي صرفها في دين ميت قولا ابن حبيب ومحمد، ونقله أبو عمر مجمعا عليه. ابن زرقون: لعله لم يعرف قول ابن حبيب. وفي مدين زكاة فرط فيها وأعدم قولان، صوب اللخمي منعه؛ لأنها غصوب. ابن بشير: ودين الطفارة كالزكاة، وضعفه ابن عبد السلام بأن غالبها بدله الصوم فلا دين، ومجيزه لم يشترط عجزه. قلت: ما ليس بدله؛ كفارة التفريط، وفطر رمضان على المشهور، وثبوت البدل لا يمنع، إنما تقررها دينا على اعتبار حاله يوم أدائها لا يوم وجوبها، ونقل ابن بشير فيهما قولين. قال: بناء على أنها على التراخي أو الفولا، وعزا الباجي الأول لمالك والثاني لابن القاسم، وروى الشيخ عن ابن القاسم: إن قدر على العتق فأخر فأعسر فصام ثم أيسر فليعتق. قال الشيخ: وفيها: من ظاهر وهو معسر ثم أيسر فلم يعتق حتى أعسر فليصم، إنما ينظر ليوم يكفر. قلت: أخذ اعتبار يوم الأداء من هذه يرد بأن كفارة الظهار يؤمر بها دون لزومها قبل الوطء وتلزم به، فلعله في غير اللازمة والكلام في اللازمة.

باب الغارم

[باب الغارم] وفي شرط الغارم بعد فضل ما بيده عن دينه أو بقصوره عنه، ثالثها: بإجحاف دينه به ولو فضله ما بيده. الباجي عن رواية القاضي: يعطى وإن كان له مال بإزاء دينه، فإن لم يف به فغارم فقير، وعن الداودي قال مالك مرة: يعطى إن كان محتاجا، وأشار أخرى: يعطى ولو كان بيده أكثر من دينه. ابن زرقون: ثلاث الروايات متغايرة، ومقتضى الأخيرة إعطاء الحميل الغني إن وجب غرمه وأجحف به. الباجي: شرطه تغير حاله بعدم إعطائه؛ كذي أصول يستغلها ركبه دين يلجئه لبيعها فيخرج عن حاله، وذو الابتذال والسعي يدان ليكون غارما لا تحل له؛ لأن منعه لا يخرجه عن حالة ابتذاله. ابن رشد: في كون الغارم ذا دين، وإن وجد قضاءه أو إن لم يجد قضاءه؛ قول أحمد بن نصر وغيره: وهما وفاق؛ لأن معنى الثاني إن لم يجد قضاء يغنيه ما يفضل عنه، فمن لا فضل له عما يباع في دين فقير غارم، ومن هو له ولا فضل في كل ما له عن كل ما يحتاج إليه في كونه كذلك أو فقيرا فقط قولان، بناء على قول ابن القاسم مع روايته بعدم جعل القضاء فيه، ودليل قولها مع أشهب: يجعله فيه وهو القياس لإجماعهم على جعل الدين فيه لزكاة ناضه. وفي فضله عما يحتاج إليه يفي بدينه كمدين بألف له دار وخادم قيمتهما ألفان يكفيه ألف لدار وخادم في كونه فقيراً أو غنياً قولان على قولي ابن القاسم وأشهب، ومن لا دار له ولا خادم إن كان ذا عين أو عرض قنية أو تجر يفي بدينه فقير لا غارم؛ لأن الدين لا يستغرق ما بيده، وإن كان ذا نعم تزكى فلا يأخذ زكاة لأنه من أهلها؛ إذ لا يسقط الدين زكاة النعم، وقول ابن بشير: تردد اللخمي في الغارم يسقط دينه أو يقضيه من غيرها لم أجده، إنما قال: إن استغنى قبل قضائه ففيه إشكال، ولو قيل يرد كان وجهاً.

باب ابن السبيل

وفي سبيل الله: روى أبو عمر: الجهاد, والرباط, اللخمي: يعطى الغازي الفقير حيث غزوه الغني ببلده, والغزاة المقيمون في نحر العدو وإن كانوا أغنياء حيث غزوهم. وفي ذي الكفاية حيث غزوه غنيًا ببلده رواية الشيخ: لا بأس, وعدم قبوله أحب إلى, وذكره الباجي بصيغة: ومعه ما يغنيه وهو غني ببلده. أصبغ: يجوز له أخذها. أبو عمر: روى ابن وهب يعطى الغازي وملازم موضع الرباط إن كانا غنيين. ابن زرقون عن عيسى وابن حبيب عن ابن القاسم: لا يحل لهما, وترد ممن أخذها ليغزو بها فجلس. اللخمي عن ابن عبد الحكم: يجعل منها في الحملان, والسلاح, والقسي, وآلة الحفر, والمنجنيق, وسفن الغزو, وكراء النواتية, ولو صالح مسلمون عدوًا أعجزهم دفعه على مال أعطوا منها. ابن بشير: المشور لا تصرف في بناء سور لاتقاء غرة العدو, ولا إنشاء أسطول وشبهه. (باب ابن السبيل) وابن السبيل: روى أبو عمر ذو سفر طاعة. قال: والمشهور أنه الغازي. قلت: لا أعرفه, ولا شرط سفر الطاعة بل الإباحة. اللخمي: لو كان في سفر معصية لم يعط ما لم يتب أو يخف موته, وغناه ببلده لغو, وفي إعطاء غني ببلده معه ما يكفيه روايتا الباجي مع نقله عن أصبغ. ابن زرقون: فيه وفي الغازي غنين, ثالثها: يعطى الغازي فقط لرواية أصبغ عن ابن القاسم مع مالك مرة, وابن حبيب عن ابن القاسم مع عيسى وأصبغ. اللخمي: لو وجد مسلفًا وهو غني ببلده, ففي منعه, ثالثها: إن وجده بشرط إن تلف ماله فهو في حل.

قال ومن اضطر لخروج من بلده أعطي ما يبلغه ولرجوعه إن اضطر له. قلت: إن كان غنيًا منع, وإلا فلفقره, وفيه لكونه ىبن سبيل نظر, وروى محمد: يصدق ذو هيئة الفقر أنه ابن سبيل, والمقيم سنة أو سنتين يقول: أقمت لفقد ما أتحمل به, إن عرف صدقه أعطي, وأخاف أن يأخذ ويقيم. وفي حرمة الصدق على آل النبي صلى الله عليه وسلم, ثالثها: الواجبة لا التطوع, ورابعهما: عكسه للباجي عن أصبغ مع ابن نافع والأخوين والأبهري, وسماع أصبغ ابن القاسم وبعض أصحاب ابن القصار. وفي الأول أربعة؛ ابن القاسم ومالك وأكثر أصحابه: بنو هاشم. عياض عن أصبغ: بنو قصي. الباجي واللخمي وابن رشد عنه: بنو غالب. عياض عنه: وقيل كل قريش. وفي كون مولى الآلي مثله قولًا أصبغ مع ابن نافع والأخوين وابن القاسم. عياض: وقول ابن بطال إنما الخلاف في مولى بني هاشم غلط. وفيها: لا تدفع في كفن ولا بناء مسجد ولا لعبد ولا كافر, ونقل ابن هارون عن ابن عبد الحكم: إعطاءها لذمي ضعف عن الخدمة, لا أعرفه, بل قول أبي عمر: أجمعوا ألا تعطى لذمي. إخراجها؛ ابن القصار: المذهب افتقاره لنيتها ولا نص, وقول مالك: من أعتق عن أحد ظهاريه بعينه, ثم ظنه الباقي فكفر عنه؛ لم يجزئه للآخر يثبته, ونفاه بعض أصحابنا وأظنه لإجزاء أخذها الإمام كرهًا ولا يتم؛ لأن علمه بأخذها منه استلزمها. قلت: يرد أخذه من الظهارين بأن صرف الفعل بنية لغير ما لا يفتقر صرف إليه لها يبطل صرفه إليه؛ كغاصب طعام دفع مثله لربه صدقة لا يجزئه عما غصب, وقول ابن الحاجب في جواب ابن القصار في المكره: وألزم إذا لم يعلم.

إن أراد بيان لازم قوله فواضح لإجزائه. اللخمي: على الخلاف فيمن كفر عن غيره أو ذبح أضحيته بغير أمره, وإجرائه ابن بشير على افتقارها ونفيه, وإن أراد رده ببطلان لازمه رد بمنعه لما تقدم, ورد ابن بشير إجراء اللخمي على الأضحية بتعنها بالشراء أو القول, ورد ابن بشير والصقلي تمسك النافي بأخذها كرهًا بإجزاء نية الإمام كارتجاعه على مطلق في الحيض أبي الرجعة, وخرج ابن بشير لغو افتقارها من أنهم شركاء فيكون كرد وديعة أو دين, ومقتضاه لو أخذ قدرها من ماله ودفع للمساكين لا بنيتها لأجزائه, وقال اللخمي والصقلي: لا تجزئه, وروى ابن عبدوس: أخذها الإمام العدل من مانعها. أشهب: ويؤديه. ابن شعبان: إن أخفى ماله سجن, وإن كانوا جماعة قوتلوا إن امتنعوا, ولا يقاتلوا على منع زكاة الفطر, وروى محمد كالموطأ: كل من منع فريضة عجز المسلمون عن أخذها منه وجب جهاده لأخذها. ابن العربي: تجزئ المكره ولا يثاب. وفي تصديق من قال: ما معي قراض, أو بضاعة, أو علي دين, أو لم يحل حولي دون يمين طرق. اللخمي وعبد الحق: في المتهم روايتان لها ولغيرها. الصقلي: ثالثها: غير المتهم, لها ولنقله وابن مزين غيرهما ثالثها: مفسرهما. اللخمي يسأل أهل رفقة القادم, فإن لم يوجد مكذب صدق, ولا يصدق مقيم في دعوى حدوث عتقه أو إسلامه لظهوره, ويكشف في دعوى القراض والدين, ويصدق في دعوى عدم الحلول. وفي إجزاء عرض عن عين كقيمة نقلا ابن حارث عن أشهب وابن القاسم, ولو ذبح شاة زكاته ففرقها؛ ففي إجزائه قول أشهب وسماع عيسى ابن القاسم مع ابن حبيب عنه, وفي كراهة إخراج العين عن الحب وعكسه وعدم إجزائه, ثالثها: يكره الأول ولا يجزئ العكس, ورابعها: لا يجزئان, إلا الحب عن العين زمن الحاجة له لابن رشد مع أصبغ, وابن دينار وابن وهب وابن أبي حازم وابن حارث عن ابن نافع,

وروايته وسماع أبي زيد مع زيادة عيسى عنه العين عن الماشية كالعين عن الحب, وابن رشد عن ابن حبيب. وفيها: من أجبره المصدق على أخذ ثمن عن صدقته رجوت إجزاءه, وروى ابن القاسم وابن نافع: دفعها للإمام العدل وسؤاله إياها. وفيها: لا ينبغي تفريقها دونه. وفي تصديقه من قال: صرفتها في محلها, إن كان صالحًا قولا أشهب وابن القاسم, وفي إجزائها إن لم يسأله. نقل الشيخ عن محمد, ونقل اللخمي. أشهب: إن كان الإمام غير عدل صدقه وما أراه فاعلًا, ومن خفي له تفريقها دونه لم يجزئه دفعها له, وإلا فروى ابن القاسم وابن نافع: إن كان يحلفه عليها أجزأه دفعها له. أشهب: إن أكرهه فلعلها تجزئه وأحب إعادتها, ودفعها ابن عمر لوالي المدينة. ابن رشد: في إجزاء دفعها لمن لا يضعها موضغها؛ قولها مع أصبغ وابن وهب وأحد قولي سماع عيسى ابن القاسم, وثانيهما: التونسي عن ابن القاسم: لا يجزئه. أصبغ: العلماء على خلافه, وخرجهما ابن بشير على صحة قسم الغاصب ولغوه, ورده ابن عبد السلام: بأنه بناء على أنهم شركاء, والمشهور خلافه يرد بمنعه, بل على أنها غير متعلقة بذمة ربها وهو المذهب , وليس الكلام في المفرط. الشيخ: وروى ابن نافع من جحد الساعي نصف ما عنده فصدقه وأخذ بزكاة ضعفه ظلمًا, لم يجزئه عما جحده, ودفعها لخارجي تقدم في تخلف الساعي. وتصرف حيث ربها والمال: الباجي: روى المغيره لا يحبسها ويجريها على من يتصدق بها عليه. اللخمي: يبدأ العامل ثم الأول خوف حدوث وجوب المواساة فلو وجد مؤلف بدئ به؛ لأن تثبيت الإيمان آكد من إطعام الفقير, ويبدأ بالغزو إن خشي على الناس, وابن السبيل على الفقير إن كان مقامه أشق من ترك الفقير. وفيها: يؤثر من الأصناف أحوجها, والرواية: نقلها إن لم يوجد بمحلها.

مطرف: أو فضلها عنه للأقرب وإلا فطريقان. الباجي: المشهور إن كان فقراء محلها أحوج أو مساوين لم ينقل إلا فاضل إغنائهم, وإلا فرق بمحلها بقدر اجتهاد الإمام ونقل باقيها للأحوج. ومقتضى رواية ابن وهب وغيره: لا بأس ببعث الرجل بعض زكاته للعراق, فإن كان ببلده أحوج أحببت عدم بعثه جواز نقلها. قلت: لبعضها. قال: وعلى رواية المنع في إجزائها إن نقل قولا ابن اللباد وسحنون. اللخمي: في نقلها أربعة؛ منعه مالك مرة مصوبًا نقل بعضها لمن أصابتهم سنة, وقال مرة: لا بأس به. سحنون: لا يجزئ ناقلها. ابن الماجشون: يقسم منها لفقراء محلها ومساكينه, والستة الباقية بأمر الإمام في أمهات البلاد, واستحب مرة حملها للمدينة لصبر أهلها على لأوائها. وروى ابن نافع: ما على أميال من محلها كمحلها. سحنون: وكذا ما دون مسافة القصر, فإن تلفت في مسافة النقل؛ ففي ضمانه تخريجا الباجي على روايتي منعه وجوازه مع الصقلي عن محمد, وعليه في وجوب بعثها لقدر تمام حولها بوصولها ومنعه حتى يتم قولا محمد والباجي. ابن زرقون: قال الشيخ- يريد محمد-: كذا ينبغي له أن يعمل إن بعث لا أنه لا يضمن إن فعل وهلكت قبل محلها, وظاهر مساق كلام محمد عدم ضمانها فتأمله. قلت: نص النوادر: روى محمد واسع أن يبعث من زكاته للعراق, وأحب إلى أن يؤثر من عنده إن كان محتاجًا, فإن لم يكن كذلك فلا بأس به, فإن هلكت بالطريق فلا شيء عليه. محمد: هذا إن بعثها قبل محلها بقدر ما يكون حلولها عند بلوغها. الشيخ: يريد محمد إلى آخره. وفي تأخير من حل حول ماله الغائب عنه زكاته لمكانه ولزوم تعجيلها إن لم يحتج أو وجد مسلفًا روايتان, وقيد اللخمي الخلاف بمن ظن إيابه قبل حول فعيق, وإلا

باب زكاة الفطر

فعليه أن يوكل فإن أبي عمرت ذمته ولزم إخراجها الآن على أحد قولي مالك: المعتبر محل المالك, أو على جواز النقل, وعلى قول سحنون: يؤخر. قلت: على أن المعتبر محل المال, وفي إجزائها قبل الحلول بيسير قولا المشهور معها, والباجي عن رواية ابن عبد الحكم, وسماع القرينين تقديمها كالصلاة قبل وقتها مع أبي عمر عن رواية ابن وهب وخالد بن خراش وابن رشد عن حمل ابن نافع قول مالك وقوله: ولا بساعة. واليسير, اللخمي: روى محمد يومان لا أزيد. ابن حبيب: عشرة. ابن القاسم: شهر, وقيل: نصفه. عياض: روى زياد شهران, ونقلها ابن رشد سوى الرابع, وعزا الخامس للمبسوط وتمم كل قول بنحو ذلك, وقول ابن بشير: قيل ثلاثة أيام, وقيل: خمسة لا أعرفهما, ومقتضى الثاني اعتبار كسر اليوم, ومقتضى قول التونسي: لو كانت كالصلاة انبغى أن يحسب الوقت الذي أفاد فيه من اليوم وهذا ضيق لغوه. وفي إجزاء زكاة الدين والعرض قبل قبضه وبيعه, ثاثلها: الدين؛ لنقل اللخمي ومحمد عن ابن القاسم وأشهب, وعزو ابن عبد السلام الأول لأشهب لا أعرفه. [باب زكاة الفطر] زكاة الفطر مصدرًا: إعطاء مسلم فقير لقوت يوم الفطر صاعًا من غالب القوت أو جزئه المسمى للجزء المقصور وجوبه عليه, ولا ينتقص بإعطاء صاع ثان؛ لأنه زكاة كأضحية ثانية, وإلا زيد مرة واحدة. واسمًا: صاع إلى آخره, يعطي مسلمًا إلى آخره.

وفي حكمها طرق. الباجي واللخمي: واجبة. ابن رشد: قال بعض أصحابنا سنة. أبو عمر: قول بعض أصحاب مالك سنة ضعيف. قال وقول الشيخ سنة فرضها رسول الله صلى الله عليه وسلم تمريض لا شيئ. ابن العربي: في فرضها روايتان إحداهما محتملة. وفي وقت وجوبها طرق: اللخمي: في كونه بأول جزء ليلة الفطر أو فجرها أو طلوع شمس يومها, رابعها: لجزء من يوم الفطر إلى غروبها لأصبغ مع أشهب وابن القاسم مع الأخوين وبعض أصحاب مالك وكلها رويت إلا الثالث, ونقل ابن بشير الرابع بإدراك جزء من ليلة الفطر إلى غروب شمس يومه.

اللخمي: فعلى الأول يجب على من مات أو باع أو أعتق أو أبان زوجته بعد الغروب ليلة الفطر, لا على من ولد أو أسلم حينئذ, وكذا قبلية طلوع الفجر وطلوع الشمس وبعديتهما, ومن قال بترقبها سائر اليوم راعى ترقبها فيه. ابن رشد: في وجوبها بالأول أو الثاني روايتا أشهب وابن القاسم, وقولاهما: وفي حد انتقالها خمسة؛ غروب شمس يوم الفطر لأحد قولي مالك. فيها: زكاة من بيع يوم الفطر على مبتاعه, وابن الماجشون: زوالها, ونقل القاضي: طلوعها. الرابع: طلوع الفجر. الخامس: غروب الشمس آخر رمضان, فأخذ محمد وأشهب في أحد قوليه بالرابع مراعيين غيره؛ لقولهما فيمن بيع بعد الفجر إلى غروب الشمس: زكاته واجبة على بائعه مستحبة لمبتاعه, وبعد غروب شمس آخر رمضان العكس فيهما, وكذا في سائر ما تنتقل به. قلت: وعزا التونسي لأشهب ثاني أربعة. اللخمي: ناقلًا عنه: إن بيع قبل طلوع الفجر وجبت على المشتري واستحبت للبائع. ابن رشد: وقال أشهب أيضًا بكل الأقوال احتياطًا؛ لقوله: من بيع بين الغروبين وجبت على بائعه ومبتاعه معًا, وكذا سائر ما ينتقل إليه وهو على قول أبي الفرج وغيره في ترجيح دليل الإباحة على دليل الحظر, وعلى قول الأبهري بالعكس يسقط عنهما, وعلى تخيير المجتهد يخير في إيجابها على أحدهما. قلت: الأظهر في الأولين العكس, ففي كون زكاة من بيع بين الغروبين على بائعه أو مبتاعه, أو على بائعه ومستحبة لمبتاعه إن بيع بعد طلوع الفجر والعكس إن بيع قبله, أو هذا دون العكس إن بيع قبله, خامسها: عليهما, وسادسها: سقوطها عنهما, وسابعها: يخير الساعي في أخذها من أحدهما لأول الأربعة, ونقل ابن بشير وابن رشد عن أشهب أولًا, ونقل التونسي عنه وابن رشد عنه ثانيًا, وتخرجه على قول الأبهري وعلى القول بالتخيير, وصوب عياض قول بعضهم: لا تسقط عن من مات بعد الفجر اتفاقًا.

وفيها: إن مات موص بها ليلة الفطر أخرجت من رأس ماله, وإن لم يوص أمر وارثه ولم يجبر, ولا تسقط بموت من تلزمه عنه ليلة الفطر. ابن حبيب: وقول أشهب باستحبابها لمن أسلم بعد فجر آخر رمضان دون وجوبها عليه, لعدم صوم بعضه شاذ ينقضه وجوبها على من ولد حينئذ. ابن رشد: فيتحصل في النصراني ستة أقوال. قلت: قبلية فجر آخر يوم من رمضان, وغروب شمسه, وفجر يوم الفطر, وطلوع شمسه, وزوالها, وغروبها ولو من يوم الفطر على من بيع بيعًا فاسدًا؛ ففي كونها عنه على مبتاعه, أو إن مضى يوم الفطر بعد فوت العبد, وإن لم يفت بشيء فعلى البائع, ثالثها: إن لم يرد لفوته ولو بعد يوم الفطر, وإلا فعلى البائع للخمي عن ابن القاسم, وأشهب وابن حبيب مع ابن الماجشون. قلت: في نقله قول أشهب تعارض مفهوميه, ونقل الشيخ واضح. قال: ذكر محمد عنه إن أدركه الفطر ولم يفت بشيئ فعلى بائعه, ولو فات بعد ذلك, وإن أدركه فائتًا فعلى مبتاعه. الشيخ عن محمد/ ولو رده يوم الفطر , فقال ابن القاسم: على مبتاعه, وأشهب: على كل منهما زكاة كاملة, وكذا رده ليلة الفطر كأمه حاضت ليلته أو يومه. أشهب: وكذا العبد يباع بعهده الثلث فانقضت ليلته أو يومه, ولو مضى يوم الفطر قبل مضي الثلاث فعلى بائعه فقط, ولو بيع بالبراءة فعلى مبتاعه فقط. اللخمي عن ابن حبيب: المعيب يرد أو يمضي كمبيع بيعًا فاسدًا, ونقله الشيخ عن ابن الماجشون. اللخمي: لو مر يوم الفطر على مبيع بخيار فعلى بائعه اتفاقًا. قلت: على نقل ابن رشد أنه بإمضائه ممضى من يوم وقع مع قول أشهب في عبيد القراض على مبتاعه. وفيها: يستحي إخراجها بعد الفجر قبل الغدو للمصلى, وبعده واسع, فجعل اللخمي قوله: يستحب, وواسع قولين لقوله الأول: أحسن, ورده ابن بشير بأنه بيان لوقتي المستحب والجائز, وقرر أخذ اللخمي بأنه بناء على نقيض المستحب مكروه

فمنع, فاستدل بأنه لو لم يكن نقيض المستحب مكروهًا ما كان المستحب مستحبًا؛ لأن النقيض إن تساوى طرفاه لم يستحب نقيضه, فوجب ترجيح عدمه وهو المروه, وأجيب بالتساوي في عدم الذم والتفاوت في المدح, وبذا صح انقسام الموسع لفضيلة واختيار, وقول ابن الحاجب: يستحب إخراجها بعد الفجر قبل الغدو اتفاقًا, يرد بنقل سند: من أوجبها بطلوع الشمس لم يستحبه حينئذ لعدم وجوبها, وغرة قبوله رد ابن بشير على اللخمي مع ظنه كون خلاف اللخمي يرجع للوقت المستحب, فصرح بنقيضه وهو الاتفاق فيه وظنه وهم؛ لأن خلاف اللخمي راجع لما بعد الصلاة هل هو مكروه أولا, وكونه واسعًا لا يوجب كون الأول غير مستحب؛ كوقت الفضيلة والسعة في قامة الظهر, وإنما يوجب ذلك على كون نقيض المستحب مكروهًا وقد تقدم. وفي إجزائها قبل الفطر بيومين قولان لها, ولسحنون مع ابن ملمة, وابن الماجشون والباجي عن المشهور, وخرجه ابن رشد على تقديم الزكاة قبل الحول, ويرد بخصوص وقت إغنائها. الشيخ: في إجزاء إخراجها قبله بيسير قولا المصريين من الرواة وابن الماجشون. التونسي عن أصبغ ومحمد: لا بأس بإخراجها قبله بثلاثة أيام قائلًا: إن أخرجها قبل بيومين فهلكت ضمنها. التونسي: فيهنظر؛ لأنه وقت تجزئ فيه. اللخمي: إن علم بقاؤها بيده إلى وقت وجوبها أجزأت اتفاقًا؛ لأن لدافعها قبله انتزاها, فتركها كابتداء دفعها, وجعل ابن بشير الثلاثة كاليومين والجواز كالإجزاء. وفي وجوبها بملكها زائدة على واجب قوت يومه, أو بعدم إجحافها به, أو بملكه قوت خمسة عشر يومًا, رابعها: بغنائه المانع أخذها للتلقين مع الجلاب, وأبي عمر عن رواية أبي تمام, والصقلي عن ابن حبيب, واللخمي عنه مع القاضي, والصقلي عن رواية ابن وهب, ورواية أبي عمر مع اللخمي عن قول ابن الماجشون: من حلت له سقطت عنه. قال: ومثله رواية محمد إن أخرجها ذو عسرة أيأخذها؟

قال: لا, أيخرج ويأخذ. قلت: في جعله مثله نظر؛ لأن مقتضى قول ابن الماجشون وجوبها على من له ما يمنعها وتحل له بإخراجها, ومقتضى قول مالك سقوطها عنه, وإلا لزم منعها من تجوز لمثله؛ لكونه أخرجها وهو بعيد, وفي لزومها من فضلت عن قوت يوم فطره بما أعطيها واستحبابها. نقل الصقلي عن ابن حبيب والجلاب قائلًا: لأن غناه حدث بعد وقت وجوبها. وفيها: يؤديها من حلت له, والمحتاج إن وجد, ونقل ابن شاس وتابعه: سقوطها عمن تحل له الزكاة يوجب شرط ملك النصاب في وجوبها, وقال اللخمي: لا يشترط اتفاقًا, وعلى الأول في أمره فاقدها بتسلفها إن وجد قولان لها ولمحمد ... القابسي: سمعت تقييد الأول بملكه عوضها أو ذكره لمقرضه صرف ما استقرضه فيها, ونحو قولها نقل أبي عمر رواية أشهب وجوبها على من ليس عنده من أين يؤديها. وفي وجوبها على مالك عبد فقط إحدى الروايتين, وقول أشهب مع الأخرى. اللخمي: بناء على اعتبار يسره به, أو كونها مواساة لا تشق. وتلزم عن من تلزمه نفقته: وفي شرط إسلامه قولا المعروف والمبسوط عن ابن وهب. وفي وجوبها على الزوج عن زوجته الواجبة نفقتها؛ المشهور وقول ابن أشرس مع المبسوط عن ابن نافع, وعلى الأول فير وجوبها عن أكثر من خادم إلى أربع أو خمس إن اقتضاه شرفها, ثالثها: عن خادمين فقط للعتبي عن أصبغ مع ابن رشد عن رواية ابن شعبان, والمبسوط المبسوطة, ويحيى عن ابن القاسم مع ابن رشد عن ظاهرها وسماعه أصبغ. الشيخ عن ابن حبيب وأصبغ وابن عبد الحكم والأخوين: يؤديها عن زوجة أبيه الفقير وخادمها. اللخمي: يؤديها عن خادمي أبويه المحتاجين إليهما غير زوجين, فإن كانا هما وكا فيتهما خادم الأب أداها عنها دون الأخرى, والعكس يسقط نفقتهما ليسر الأب بخادمه, وروى الباجي: المخدم يرجع لحرية على ذي خدمته, ولربه؛ قال في كونها عليه أو على المخدم, ثالثها: إن قلت خدمته لسحنون مع أشهب, ولها وابن عبد الحكم مع محمد عن ابن القاسم وابن الماجشون.

الباجي: رجع ابن القاسم للأول, وفي نفقته الثلاثة للباجي عن سحنون, وذوي الأول في الفطرة مع ذوي الثاني وابن الماجشون. عياض: في كونها على ربه أو المخدم, ثالثها: على العبد في ماله لروايتين وهما فيها, ورواية ابن الفخار وهي قول الموثقين أنها في كبسه وخدمته إلا أن تقل الأيام فعلى ربه, وقيل: إن كثرت فعلى المخدم, وإلا فعلى ربه, وقيل: إنما الخلاف في الكثيرة وفي القليلة على ربه وهو قول سحنون. قلت: تفسيره رواية كونها في ماله في كسبه خلاف نص نكاحها كسبه ليس ملًا ونفقة زوجته في ماله لا في كسبه, وظاهر مأذونها. اللخمي: الموصى بخدمته لرجل وبرقبته لآخر من يومئذ كالراجع لربه في فطرته ونفقته. قال: ولو جعل رقبته مدة خدمته لوارثه وبعدها لأجنبي, صار الخلاف في فطرته ونفقته بين المخدم والوارث؛ لأن ماله إن مات وقيمته لوارثه إن قتل له. وفطرة الأجير بنفقته عليه. التونسي: قد يخرج على المخدم إلا أن يفهموا دخولها في نفقة المخدم دون الأجير. وفي وجوبها عن مشترك فيه على الأجزاء أو الرؤوس, ثالثها: على كل زكاة كاملة, لها, ولنقل ابن بشير والباجي عن رواية ابن الماجشون مع الصقلي عنه, وابن حارث عن رواية علي, فلو كان بين حر وعبد ففي سقوط مناب العبد وثبوته على الحر نقلا ابن شاس عن المذهب والأخوين. وفي وجوب كلها على مالك بعض معتق بعضه, أو بقدر ملكه وما بقي ساقط, أو على العبد, أو إلا أن يعدم فالأول, خامسها: سقوطها عنهما للباجي عن رواية الأخوين مع المبسوطة عن أصبغ, وابن زرقون عن أشهب معها, واللخمي عنه مع رواية المبسوط, والباجي عن ابن مسلمة, واللخمي مع أبي عمر عنه, وابن زرقون غن أبي مصعب مع المبسوطة عنه, وعن ابن أبي أويس. وفي كونها عن المكاتب عليه أو على ربه , ثالثها: سقوطها عنهما لروايتي القاضي, ونقل اللخمي مع ظاهر رواية الجلاب.

وفي سقوطها عن عبد عليه مثله لا يملك غيره قولها, ونقل الصقيلي عن أشهب. وفي سقوطها بالدين كزكاة العين نقل الصقلي مع اللخمي عن القاضي, وعن أشهب مع رواية الصقلي. والمرهون والجاني والآبق المرجو كغيرهم. ابن القصار: والمغصوب مثله في رجائه وإياسه. وفي كونها لاعن عبيد القراض على ربه من غيره أو منه مسقطة من رأس ماله أو لا كنفقتهم, رابعها: منه, وعلى العامل بقدر حظه من ربح في كل المال إن كان, وخامسها: من مال ربه, كذلك لها مع الباجي عن رواية ابن القاسم, وابن وهب وأصبغ مع أشهب, وابن حبيب والباجي عن رواية أشهب مع تفسير ابن أبي زمنين قوله فيها وتفسيره الصقلي, ويناقض بعده الربح في زكاته يوم حصوله لا قبله وهنا أحرى, ويجاب بأنه وقت تعلق الوجوب فيهما. وقدرها صاع مطلقًا: الصقلي عن ابن حبيب: من البر نصفه. وفيها: تؤدى من القمح والشعير والتمر والأقط والزبيب والسلت والذرة والدخن والأرز. ابن رشد: ليحيى عن ابن القاسم من الخمسة الأول. ابن الماجشون من الأربعة والسلت. أشهب: من الستة. ابن حبيب: من كلها والعلس. الباجي: على أنه من جنس القمح والشعير في زكاة الحب فكذا في الفطرة والأقيس عليهما. الباجي: قول بعض المتأخرين لا يخرج من زبيب؛ يرد بالإجماع, وسمع ابن القاسم: لا يؤديها من التين من ليس طعامهم غيره. البيان: في إجزائها من القطنية إن كانت عيشتهم سماع أبي زيد ابن القاسم, وقول أشهب فيها, وروي عن ابن القاسم, وقيد الأول في المقدمات بكونها عيشهم في

الخصب والجدب, وقيد به رواية يحيى عن ابن القاسم: لا يخرج من السلت والذرة والدخن والأرز إلا أن يكون عيشهم. قال: وعليه لا يخرج من القطنية والجلجلان وإن كان عيشهم. اللخمي: في أدائها من القطنية والتين والسويق عيشًا لهم قول ابن القاسم ومحمد مع روايته. وفيها: لا تجزئ من دقيق. ابن حبيب: تجزئ بريعه, وكذا الخبز. الصقلي وبعض القرويين: قول ابن حبيب تفسير الباجي خلاف. ابن العربي يخرج من كل عيش لبن أو لحم أو غيرهما, وفي كون المعتبر مما يؤدي منه مقتاته لا لبخل أو مقتات أهل بلده نقلا ابن رشد عن محمد والمذهب قائلًا: إلا أن يعجز عن قوت بلده فمن قوته. ابن حبيب: إن كان قوته أحد الثلاثة الأول أخرج ما شاء منها ولو من أدنى قوته منها, وإن كان أحد السبعة الباقية أخرج من قوته وقوت بلده منها, فإن أخرج غيره منها لم يجزئه. ابن رشد: ظاهره ولو كان أرفع من قوته وقوت بلده وأن المعتبر من السبعة قوت بلده دون قوته إلا أن يعجز عن قوت بلده فمن قوته الأدنى. وروى الباجي: من قوته الأرفع منها وتجزئ من قوت بلده ومن قوته الأدنى لعسره ولبخل من قوت بلده. وفي كون مصرفها فقير الزكاة أو عادم قوت يومه. نقل اللخمي وقول أبي مصعب, وخرج عليهما إعطاءها من ملك عبدًا فقط, ولا يتم إلا بعجز قيمته عن نصاب أو كونه محتاجًا له. وفيها: جواز إعطائها عن متعدد مسكينًا واحدًا, وصوب اللخمي منع أبي مصعب إعطاءه أكثر من صاع. وفيها: يؤديها المسافر حيث هو, وإن أداها عنه أهله أجزأه, وسمع القرينان: يؤديها عن نفسه إذ لا يدري أتؤدى عنه ألا, لا عن أهله لعلهم أدوها.

قلت: فيلزم في الأول ويجب بالمشقة. ابن رشد: هذا إن ترك ما يؤدونها منه ولم يأمرهم بأدائها عنه, ولو أمرهم بأدائها عنه لم يؤدها, ولو لم يترك ما يؤدونها منه لزمه أداؤها عنهم.

كتاب الصيام

[كتاب الصيام] الصوم: رسمه عبادة عدمية وقتها وقت طلوع الفجر حتى الغروب فلا يدخل ترك ما تركه ورع لعدم اقتضائه- لذاته- الوقت المخصوص, وقد يحد بأنه كف بنية عن إنزال يقظة, ووطء, وإنعاظ, ومذي, ووصول غذاء غير غالب غبار أو ذباب أو فلقة بين الأسنان لحلق أو جوف زمن الفجر حتى الغروب دون إغماء أكثر نهاره,

باب في شروط الوجوب في رمضان

ولا يرد بقول ابن القاسم يبر حالف ليصومن غدا فبيت وأكل ناسيا لقول ابن رشد: هذا رعي للغو الأكل نسيانا, وإلا زيد إثر ((جوف)) غير منسيه في تطوع. وقول ابن رشد: إمساك عن الطعام والشراب والجماع من طلوع الفجر إلى غروب الشمس بنية يبطل طرده قولها في من صب في حلقه ماء, ومن جومعت نائمة, ومن أغمي عليه أكثر نهاره, أو أمذى أو منى يقظة. (باب في شروط الوجوب في رمضان) فصوم رمضان واجب, جحده وتركه كالصلاة, والشرط في وجوبه الإسلام والبلوغ.

باب في شرط صحة الصوم

(باب في شرط صحة الصوم) $$$$$ وعدم الحيض والنفاس كل زمنه.

ابن بشير: قضاء ذي أحدهما, والمسافر والمريض مجمع عليه. وفي وجوبه حين وصفهم عند الأصولي, ثالثها: على المسافر فقط. ابن رشد: الأول في وجوبه ووجوب قضائه, والإقامة والصحة في وجوبه فقط, والقول بأنهما لصحته بعيد لأجزائه منهما والعقل وعدم الدمين في وجوبه وصحته, لا وجوب قضائه, والبلوغ في وجوبه ووجوب قضائه لا في صحته. وفي استحباب قضاء يوم إسلامه قولها, وتخريج اللخمي على عدم استحباب أشهب إمساكه بقيته, ونقله عن مالك في الموطأ يمسك بقيته وهم؛ إنما فيه: أحب قضاءه. وتعقب عياض تخريجه بان لا ملازمة بين ترك الإمساك وعدم القضاء لثبوت الترك في الحائض وثبوت القضاء, ولا بين الإمساك والقضاء لثبوت الإمساك في فطر المتطوع ناسيا, ولا قضاء يرد بأن دعوى الملازمة في الأول إنما هي في ترك الصوم اختيارا, وفي الثاني بأن دعواها إنما هي حيث كون الصوم باطلا. أبو عمر: روى ابن القاسم يكف عن أكله بقية يومه ولا يقضي. وعزاه الباجي لابن الماجشون قال: وقال أشهب وابن خويز منداد: له أن يأكل ويجامع. عياض: أجراهما. الباجي: على الخلاف في خطاب الكافر بالفروع وهو بعيد؛ لأنه يلزمه في سابق يوم إسلامه وان يكون ذلك واجبا ولا قائل به.

وفيها: لا يقضي صبي احتلم في رمضان يوم احتلامه. اللخمي: لو بان حمل صبية قضت ما دخلت في ثلاثة أشهر قبله من رمضان. وفي استحبابه للصبي المطيق, ثالثها: يلزمه ويقضي ما افطره للصقلي عن أشهب, والمشهور وابن الماجشون. وفي فضاء المطيق مطلقا أو في خمسة أعوام ونحوها لا في عشرة, ثالثها: إن بلغ سليما للمشهور, والشيخ عن ابن حبيب عن اصبغ مع المدنيين وروايتهم, والجلاب عن عبد الملك, وسمع ابن القاسم رقيق العجم يعلمون الإسلام والصلاة فيصلون كما يعلمون ولا يفقهون صوم رمضان لا يمنعون الأكل حتى يعرفوا الإسلام. والإغماء بعد الفجر حتى الغروب مبطل وبعده قليلا لغو: اللخمي: اتفاقا. الصقلي عن ابن عبد الحكم: مبطل كالحيض. وفي لغوه قبل الفجر ولم يطل بعده: سماع أشهب, وقولها. وفيه بعده قدر نصف نهاره ولها, والشيخ عن ابن حبيب عن ابن القاسم. وأكثره: ثالثها: يقضي استحسانا, ولو لم يقض ما عنف, للخمي عن ابن وهب مع الصقلي عن ابن نافع ومطرف, ولها, ولأشهب. الصقلي عن ابن الماجشون: الإغماء قبل الفجر دون مرض متصل به قبله أو بعده كنوم, والجنابة ولو من دم لغو. أبو عمر عن أبي الفرج عن عبد الملك: جنابة الدم تمنعه مطلقا. الجلاب عنه: إن ضاق وقت طهرها عن غسلها قبل الفجر والشاكة في طهرها قبل الفجر تصوم وتقضي.

باب فيما يثبت به شهر رمضان وغيره

(باب فيما يثبت به شهر رمضان وغيره) ويثبت رمضان وغيره بشهادة عدلين حين في مصر صغير مطلقا وكبير في غيم: ابن زرقون: أجاز أشهب في المبسوطة شهادة امرأتين مع رجل برؤيته. ابن عبد الحكم: أو بخبر من يستحيل تواطؤهم على الكذب عادة بها عنهم, ولو كان فيهم نساء وعبيد. الباجي: اتفاقا. ابن الماجشون: إن فقد حكم من يعتني بإثباته صام وافطر من رآه أو أخبره برؤيته من يثق به وحمل عليه من اقتدى به. الشيخ: كيف يحمل عليه غيره, ولو رآه الحاكم ما حمل الناس عليه. عبد الحق: لعل الحمل عائد لمن ثبت عنده من يثق به. وأخذ اللخمي منه حمل الإمام الناس عليه برؤية واحد يثق بصدقه. الباجي وغيره عن المذهب: نقل ثبته بالبينة أو الاستفاضة بأحدهما لمحل كثبته به. الباجي عن ابن الماجشون: إن ثبت ببينة عند حاكم غير الخليفة خص من تحت طاعته. أبو عمر: ورواه المدنيون, وقاله المغيرة وابن دينار وأجمعوا على عدم لحوق حكم رؤية ما بعد كالأندلس من خراسان. ابن حارث: قال ابن الماجشون روى ما ثبت ببينة خص ما قرب من محلها. المازري: في لزوم ما ثبت بمدينة أخرى قولان. قلت: ظاهر نقل ابن حارث: ولو ثبت بموضع الخليفة. والمازري: ولو ثبت بالاستفاضة. ونص ابن بشير كظاهر لفظ المازري: إن ثبت عند الخليفة لزم سائر عمله اتفاقا,

وقال عياض: إنما الخلاف إذا نقل ببينة لا بالاستفاضة. $$$$$$ قولا الشيخ مع نقله عن ابن مسير وأبي عمران؛ قائلا: إنما قاله ابن ميسر في من بعث لذلك وليس كنقل الرجل لأهله؛ لأنه القائم عليهم. وصوب ابن رشد والصقلي قول الشيخ وقال: لا فرق بينه وبين نقله لأهله. ولم يحك اللخمي والباجي غيره, ونقل ابن الحاجب الخلاف في نقله لأهله لا اعرفه. $$$$$$$$$$ سحنون: ولو كان عمر بن عبد العزيز. ابن حارث: اتفاقا؛ وتخريج اللخمي قبوله من قول ابن ميسر والشيخ وابن الماجشون رد بالمشقة. ابن بشير: لما رد المتأخرون دليل ثبوته للخبر لا للشهادة لرؤي تهم الفرق بعموم حكم الخبر وخصوص حكم الشهادة أو جدوا في المذهب قولة بقبول خبر الواحد فيه ولا توجد إلا في نقل ما ثبت عند الإمام. ابن محرز: لا يقبل فيه الواحد إلا أن بعثه الإمام لذلك كمكشفه. وعلى هذا أجازه ابن ميسر وليس طريقه خبرا بل شهادة؛ لان الخبر إنما يثبت حكما على غير معين, والشهادة لا تثبته إلا على معين. $$$$$$ ثالثها: إن نظروا موضعا واحدا ردت لابن رشد عنها مع التونسي عن يحيي بن عمر, وسحنون مع ابن رشد عن معنى سماع عيسى ابن القاسم واللخمي, ومال التونسي لكونه تفسيرا لهما, وسمع القرينان: إن لم ير بعد ثلاثين من رؤيتهما فهما شهيدا سوء. ابن عبد الحكم: إن تأخر قبول بينة للكشف عنها لم يصم حتى تعدل فإن فات قضى. ابن رشد: من اخبره عدلان برؤيتهما لزمه. الباجي: إن قل عدد رائيه توقف ثبته على الشهادة عند القاضي. $$$$$$ وإلا ففي استحباب رفعه وتركه نقلا اللخمي

عن أشهب والقاضي. ونقل ابن بشير بدل استحبابه وجوبه؛ لا اعرفه. الشيخ عن أشهب: يجب رفع المرجو, ولو علم جرحة نفسه. وفيها: من رأى هلال رمضان وحده فليعلم الإمام لعل غيره رآه معه فتجوز شهادتهما. ويصوم المنفرد مطلقا ويقضي لفطره ويكفر لعمده: فان تأول فقولان: لها ولأشهب. والمنفرد بشوال في استحباب فطره حضرا بنيته ووجوبه: نقلا ابن رشد عن ابن حبيب مضعفا قوله والمذهب. ويمنع الأكل ولو آمن: اللخمي: لا يمنع إن أمن بحضر ولا بسفر مطلقا. الباجي: يفطره المسافر وحده لاحتمال رؤيته غيره, ولو عدم رؤيته غيره وجب صومه. ابن زرقون: هذا وهم؛ لان للمسافر الفطر إلا أن يريد سفرا غير الإقصار. قلت: لعله تبع سماع أبي زيد ابن القاسم لا يفطر مسافر في جماعة, وان كان بمفازة وحده افطر. وما رئي اثر الزوال للمقبلة وفيما قبله: قولا المشهور واللخمي عن رواية ابن حبيب مع قوله, وعيسى وابن وهب. ورده ابن العربي بأنه بناء على الحساب النجومي, يرد بأن ابن حبيب تمسك فيه برواية عن عمر. وفي ضم منفرد لآخر بما يليه, ثالثها: إن رآه ليلة ثلاثين لرؤية الأول, لا إحدى وثلاثين, ورابعها: عكسه إن كانت رؤية الثاني في غيم, وإلا بطلتا لتخريج ابن رشد على ضم الشهادتين المتفقتي الحكم, ويحيى ابن عمر, ونقل ابن رشد عن بعضهم محتجا بملزومية صدق الثاني صدق الأول لامتناع رؤيته ليلة تسع وعشرين وعدمها ليلة إحدى وثلاثين, وورده ابن رشد بملزومية صدق الأول للثاني ضرورة رؤيته ليلة إحدى

باب صوم يوم الشك

وثلاثين واللخمي محتجا بمجرد رد ابن رشد. وبإكمال ثلاثين متى غم ولو شهورا وحساب المنجمين لغو. ابن بشير: ركون بعض البغداديين له في الغيم باطل. قلت: لا اعرفه لمالكي؛ بل قال ابن العربي: كنت أنكر على الباجي نقله عن بعض الشافعية لتصريح أئمتهم بلغوه حتى رايته لابن سريج, وقال بعض التابعين. (باب صوم يوم الشك) ويوم الشك صبيحة ليلة غيم التماسه: ابن بشير: ينبغي إمساكه لوصول أخبار المسافرين. وقول ابن عبد السلام: الرواية ظاهرها الكف جميع النهار- لا اعرفه. فان ثبت وجب القضاء والكف ولو أكل: وفيها: من تعمد فطره فلا كفارة إلا أن يتهاون بفطره لعلمه ما على متعمده فطره, وثاني نقل ابن بشير في كفارة غير المتاول لا اعرفه. ولا يجب إمساك بقية يوم زوال مانع الحيض والمرض والسفر والصبا: ولذا حل وطأ القادم حليلة له مسلمة طهرت يومها وفي حليلته الكافرة, ثالثها: إن كان طهرها في يومها للباجي عن قول أشهب وابن خويز منداد: للكافر يسلم بعد الفجر من رمضان الأكل والجماع بقية يومه, وعبد الحق عن ابن شعبان, وعن بعض شيوخ عبد الحق رادا قول ابن شعبان بقياسها على المسلمة.

ومن الأول أخذ الباجي عدم تكليفه بالرفوع. قال: وقاله ابن القاسم, وتكليفه أظهر؛ وهو قول الأكثر. وفي استحباب إمساك الصبي بقية يوم احتلامه: نقلا أبي عمر, واللخمي عن المذهب مع المجموعة عن أشهب. الشيخ عن أبي حبيب: إفاقة المغمى عليه كطهر الحائض. وفي وجوب كف المفطر من عطش بقية يومه, ومنع المضطر عن زائد مقيم رمقه من الميتة. نقلا الشيخ عن ابن حبيب؛ قائلا: إن أكل عمدا لا متاولا لم يكفر, وابن سحنون مع أبيه, وابن رشد عن رواية داود بن سعيد. الصقلي: رو ابن عبدوس من افطر لعطش شديد أو مرض ثم وطئ أخاف عليه. عبد الملك: إن بدأ بالوطء كفر وإلا فلا. القاضي: لكل مباح له الفطر لعذر مع العلم برمضان التمادي. ابن بشير: يصام يوم الشك نذرا وقضاء أو اتصالا. قلت: في إجزائه قضاء إن ثبت كونه من رمضان خلاف يأتي. ابن عبد السلام: معنى كونه نذرا موافقته أياما نذرها, ولو نذر يوم الشك من حيث هو يوم الشك سقط؛ لأنه نذر معصية. قلت: كونه معصية يرد بأن المشهور عدم كراهة صومه. وفي صومه تطوعا وكراهته: نقلا الشيخ عن عبد الملك مع مالك, والصقلي عن ابن مسلمة, ونقل اللخمي عنه الجواز وكراهة الأمر بفطره خوف اعتقاد وجوبه, وللباجي عنه: كراهته إلا لمن كان يسرد الصوم. وفيها: لا ينبغي صوم اليوم الذي يشك فيه. والرواية لا يصام احتياطا: الشيخ: روى ابن حبيب يفطر ولو آخر النهار, وخرج اللخمي صومه وجوبا من

الشاك في الفجر, ومن وجوب صلاة من زاد دمها على عادتها وبخمسة عشر وصومها. ورد ابن بشير الأول: بموافقة أهل البدع في صوم يوم الشك, والثاني: بموافقة المنجمين يرد بمنع شهرتهم به, وبعدم تصوره لقول المنجم مرة كامل ومرة ناقص, وقوله: تعبدنا بان لا نصوم إلا برؤية أو كمال العدد يرد بمنعه. وردهما ابن الحاجب بثبوت النهي يرد بأنه إن أراد حديث عمار: ((من صام اليوم الذي يشك فيه فقد عصى أبا القاسم)) منع كونه مسندا, وان صححه الترمذي, وقبله عبد الحق, وابن القطان وابن دقيق العيد لاحتمال كونه عن دليل واضح عنده, ولذا أجازه احتياطا ابن عمر وعائشة وأسماء واحمد. وان أراد حديث ابن عمر: ((لا تصوموا حتى تروه)) فهو عام في ليلة الصحو والغيم, أو اعلم منهما على القولين في الفعل المنفي, والتخصيص بالقياس جائز, فضلا عن التقييد, بل يرد بأنه لا يلزم من ترك الاستصحاب لاحتمال تعلق وجوب تقرر تركه لاحتمال وجوب لم يتقرر, والثاني بأن الاحتياط حيث احتمال الوجوب مساويا والأحاديث: ((فأكملوا)) ونحوه تنفيه. وفيها: إن صامه تطوعا فإذا هو رمضان لم يجزئ, وروى الشيخ: لا يجزئ صومه احتياطا ولو وافق. وتعقب اللخمي قول أشهب: كمن صلى الظهر شاكا في وقته بأنه في الظهر مأمور

بالتربص وفي الصوم بالتعجيل, يرد بأنه مصادرة إذ النزاع في التعجيل, ويجاب بان مراده أن التربص في الصلاة لا يمنع الأداء, وفي الصوم يمنعه. وقبل عياض تأويل ابن لبابه على أشهب يجزئ صومه احتياطا, وخرجه عياض على أجزاء صوم تحري الأسير. ونقل ابن الحاجب بطلان اغتسال الشاك بثبوت حدثه؛ لا اعرفه. ومن تعذر استعلامه الرؤية كمل, ورمضان يبني على ظنه: ابن عبدوس عن ابن القاسم وعبد الملك وأشهب: إن أشكل على أسير أو تاجر ببلد حرب تحراه. اللخمي: صام أي شهر أحب وخرج وجوب كل سنة على صيام ناسي يوم معين نذره أبدا كل الدهر, وصلاة جاهل القبلة أربعا. قلت: يرد الثاني بيسره. قال وفي بعض نسخ الجلاب عن ابن القاسم: لا يصام بتحر دون مرجح ما قال ولو شك في شهره: هل هو رمضان أو شوال صامه فقط. قلت: يريد: فان ساوى عدده عدد ما قبله قضى يوما, وان كان شهره اقل قضى يومين وإلا فلا قضاء. قال: وهل هو هو أو شعبان أو شوال أو في الأولين فقط صامه وتاليه, فلو بان لمن تحراه أن صومه قبله قضاه: ابن رشد: اتفاقا وبعده أجزأه. ابن رشد: اتفاقا ثم قال: استحب ابن كنانة قضاءه. قلت: لابن حارث عن اصبغ يعيده. ولو بان أنه شهر رمضان؛ في أجزائه: نقلا ابن رشد عن سحنون مع أشهب وابن القاسم. قلت: لم أجده له, وأخذه ابن رشد من سماعه عيسى: يعيد كل رمضان صامه إن لم يدر قبل رمضان صام أو بعده؛ بعيد, مع نقله عنه إنه إن بان أنه بعده أجزأه. بل ذكر الشيخ سماع عيسى بزيادة: فليعد كل ما صام حتى يوقن أنه صادفه أو

صام بعده. ونقل عياض عن ابن القاسم في العتبية كابن رشد، وخرجه على قول مالك: من صام يوم الشك لرمضان مصادفة لم يجزئه. ويرد بأن نية تعيين مبهم علم امتناع عدمه أقوي من نية محتمل لا يمتنع عدمه. وإن بقي شاكاً ففي وجوب قضائه قولا ابن القاسم، وسحنون مع أشهب وابن الماجشون. ورد التونسي قول ابن القاسم بأن من صلى لجهة باجتهاد دون يقين ثم انتقل لموضع تيقن قبلته: لا يعيد لعدم ظهور فساد اجتهاده، يرد بعدم استناد صومه لاجتهاد بل هو تحر. وهو بأن صومه شعبان في كل من ثلاثة أعوام. فابن الماجشون: يقضي الأول فقط. اللخمي والشيخ: وقاله سحنون. فضل: هذا خطأ بل يقضي الجميع. اللخمي: هو مقتضي قول مالك كمصل ظهر يومين قبل زوالهما. الصقلي والباجي: قيل يقضي الجميع. وصوبه ابن أبي زمنين وخرجهما الباجي على إجزاء نية الأداء عن القضاء وعدمه، وصوب ابن رشد تخطئة فضل، وخرج الأول على إحدى روايتيها: من صام رمضان قضاء عن آخر أجزأه وعليه القضاء. وقول فضل على الرواية الأخرى ولا جامع بينهما إلا صرف الصوم عن محل له سابق إلي محل لاحق، وعلى القول لا يجزئ عن واحد منهما، ويرد تخريجه على الأخرى بأنه لا يلزم من صرف الصوم بالنية عن محله الواجب له لمحل آخر واجب صرفه لمحل آخر لم يجب بعد. وتخريجه على القول: لا يجزئ عن واحد منهما؛ بأنه لا يلزم من بطلان الصوم بنية قضاء - حيث يجب أداء - بطلانه بنيته أداء حيث يجب قضاء؛ لأن الأول صرف للفعل عن محله الأصلي، والثاني عن محله الفرعي.

ونحو تخريج ابن رشد للتونسي. وفي تعليل قول ابن الماجشون بتعيين شعبان للقضاء أو بعدم شرط إجزاء صوم رمضان بنية لعامه المخصوص _ قولا بعض المذاكرين قائلا: لو صام رجباً لم يجزئه _ وقول ابن محرز. وسمع عيسي ابن القاسم: لو صام شهراً لنذره فإذا هو هو لم يجزئه أحدهما. ابن رشد: عدم إجزائه لرمضان لعدم نيته وأما لنذره فيدخله الخلاف ممن صام رمضان قضاء عن آخر. الشيخ: عن ابن القاسم وأشهب وعبد الملك: لو صام شهراً تطوعاً، فإذا هو هو لم يجزئه. عبد الملك: بخلاف إجزاء تطوع الطواف عن واجبه؛ لأن نفل الصوم إذا قطع غلبة لم يقض بخلاف الحج وتخريج اللخمي إجزاءه على إجزاء صوم رمضان قضاء عن أداء بجامع إلغاء نية صرف الصوم عن زمنه لغيره يرد بأن نية قضاء الواجب أقرب لأدائه من نية التطوع إليه. وشرط كل صوم نيته ليلاً لا بشرط تلوها الفجر: ابن رشد: وصحح ابن الماجشون صوم من جهل ثبوت رؤية رمضان عند الحاكم أو بعموم علمه أهل البلد حتى أصبح. عياض: روي ابن الماجشون صحة صوم من لم يعلم رمضان إلا في يومه، وقاله سحنون وأخذ منها. وفي لغوها مقارنة للفجر وإجزائها رواية: ابن عبد الحكم وقول القاضي. وصوبه اللخمي بما حاصله كلما جاز الأكل حتى الفجر لا يجب الإمساك إلا معه. والأول حق لآية {حَتَّى يَتَبَيَّنَ} [البقرة:187]، وحديث: ((حتى ينادي ابن أم مكتوم فإنه لا ينادي حتى يطلع الفجر))، وكلما لم يجب الإمساك إلا مقارناً للفجر لم تجب

النية إلا كذلك لعدم فائدة تقدم النية على المنوي، وتبعه ابن رشد. ويرد بأن ظاهرة حصر وجوب النية في المقارنة، وهو خلاف الإجماع وبأن أول جزء من الإمساك واجب للنية كسائره؛ وكلما كان كذلك لزم تقدم نيته عليه؛ لأنها قصد إليه، والقصد متقدم على المقصود وإلا كان غير منوي. ($$$$$$$$$$$$$$$$$) قول ابن عبد الحكم مع إحدى روايتيه والمشهور مع الأخرى. اللخمي: في لحوق ما صح تتابعه _ كرمضان للمسافر، وقضائه، وصوم اليمين، والأذى، والصيد، وما تعذر كنذر الاثنين والخميس أبداً _ به، ثالثها: الأول لرواية المختصر، وسماع موسي ابن القاسم، ورواية المبسوط، وعزا اللخمي الثاني للأبهري. أبو عمر: لم يختلف ابن القاسم ولا مالك في لزومها كل ليلة في رمضان للمسافر والمشهور عاشوراء كغيره. الباجي عن ابن حبيب: خص بصحبته لمن لم يبيته أو أتمه بعد أكل. عياض عن ابن الماجشون: كل فرض معين لا يشترط تبييته. ابن رشد: في الاكتفاء بنيته أوله في حائض أثناء رمضان طهرت فيه ونذر صوم كل اثنين، ثالثها: في الحائض لأشهب مع سماع عيسي ابن القاسم ورواية المختصر وأحد قولي ابن القاسم مع مالك فيها، وقول ابن القاسم فيها: لأن يوم الحيض لها كليل والصواب الثاني، ومثلهما من أفطر في رمضان لعذر أو مرض ثم صح. ابن محرز: ليست الحائض مثلهما؛ لأن علمها طريان طهرها بعد حيضها يقتضي نيتها ذلك أولاً ولم يحك اللخمي غير قول ابن الجلاب من أفطر في رمضان لعذر جدد نيته. الصقلي عن الأبهري: قول مالك لا تبييت على من شأنه صوم يوم بعينه أو سرد

باب في مبطل الصوم

الصوم يشبه أن يكون استحباباً والقياس لزوم التبييت كل ليلة. الصقلي: أو كان ذلك نذراً، وفيها لمالك إن شكت بعد الفجر في طهرها قبله مضت على صومه وقضته. ابن القاسم: لخوف طهرها بعده. عياض: أخذ منه لابن القاسم من تعليله بالشك دون عزم تبييت الأول ورد بأنه رجح التعليل بالمتفق عليه. وقيل: شكت بعد أن نوت بجزم تقدم وأخذ منها لمالك رواية ابن الماجشون. قلت: لتناول ظاهرها أول يوم من رمضان؛ ورفض النية قبل انعقاده يمنعه. وفي إبطاله إياه بعده قولا اللخمي معها، والواضحة، وثالثها: للصقلي عن سحنون إنما القضاء مستحب. اللخمي: بخلاف نية إبطاله بأكل بداله عنه لبقاء نية التقرب وعدمها في الأول وروي ابن عبدوس في مسافر صام في رمضان فعطش فقربت له سفرته ليفطر فأهوي بيده فقيل له لا ماء معك فكف: أحب قضاءه. وصوب اللخمي سقوطه. قلت: استحباب قضائه ذكره الشيخ من رواية ابن أشرس قال: وأعرف رواية أنه لا شيء عليه وهو جل قوله. [باب في مبطل الصوم] ويبطله وصول غذاء لحلق أو معدة من منفذ واسع:

وسمع أصبغ ابن القاسم: بلع الدرهم، والحصى، واللوزة بقشرها لغو في النفل، ولو عمداً، والفرض إن كان سهواً، وإلا قضى، والعابث بنواة أو طين ينزل حلقة لغو في النفل مطلقاً، وفي الفرض كأكل لتغذيتهما وإن نسي قضاء فقط. ابن رشد: لازم لغوه في النفل نفي الكفارة، ولازمها قضاء النفل، وقال ابن الماجشون: الكل كأكل لأن الحلق حمى. الباجي: وقاله سحنون، وروي معن: بلع الحصاة بين أسنانه لغو، ومن الأرض كأكل. وفي القضاء لما وصل من العين للحلق، ثالثها: إن وصل للجوف في الفرض لا النفل للخمي عنها، وعن أبي مصعب والشيخ عن ابن حبيب: وفي جواز الاكتحال طريقان. اللخمي: فيه وفي كراهته روايتا أشهبة قال: فمن عادته عدم وصوله جاز له، ومن عادته وصوله وجب منعه على القضاء واستحسن على نفيه. الشيخ عن أصبغ وابن عبد الحكم ومطرف: لا بأس بالكحل وكرهه ابن القاسم. ابن الماجشون: لا بأس به بالإثمد ولو مسك بالعقار الواصل للحلق مكروه.

وفيها: لا يكتحل إن كان عصره يصل لحلقه. الشيخ: كره أشهب وابن الماجشون الاستسعاط، وروي ابن وهب إن وصل ما استسعط به -أو صب في أذنه -حلقه قضي، وإلا فلا وأخبرت عن ابن لبابة يكره الاستنشاق البخور ولا يفطر. عبد الحق عن السليمانية: من تبخر بدواء فوجد طعم الدخان في حلقه قضي. وفي القضاء بمائع الحقنة في الفرض والنفل قولها مع الشيخ عن أشهب، ونقل اللخمي مع اختياره. وفيها: تكره بمائع ولا بأس بالسبور ولم أسمع في من قطر في إحليله شيئاً، وهو أخف من الحقنة، ونقل ابن الحاجب القضاء في لا أعرفه. وفيها: دواء الجائفة بمائع لغو؛ لأنه لا يبلغ محل الطعام، وقول ابن الحاجب كالحقنة لا أعرفه. عبد الحق عن السليمانية: إن وجد طعم دهن رأسه قضى. ونقل ابن الحاجب عدم قضائه مطلقاً لا أعرفه. الشيخ عن ابن سحنون: لا كفارة فيما أدخل من غير الفم. ابن بشير: اتفاقاً إلا قول أبي مصعب فيما أدخل من منفذ واسع. وفيها: لغو الذباب غلبة. الشيخ: استحباب أشهب قضاءه غير بين. سحنون وأشهب وابن الماجشون: وغبار الطريق لغلبته. الجلاب: وغبار الدقيق. اللخمي: في لغوه وإيجابه القضاء قولا القاضي، وأشهب. قلت: إنما نقله عنه الشيخ والصقلي في غير النفل. التونسي: في لغو غبار الدقيق والجبس والدباغ لصانعه نظر لضرورة الصنعة وإمكان غيرها. ابن شاس: اختلف في غبار الجباسين. وروي ابن محرز: لا يفطر من عطش في رمضان من علاج صنعته.

($$$$$$$$$$$$$$$$$$$$) ابن محرز: والقياس جوازه كسفر التجر ثم خرجه على الخلاف في القدح المحوج للجلوس في الصلاة. ($$$$$$$$$$$$$$$$$$$) الشيخ: استحباب أشهب قضاءه غير بين. ابن رشد: إلغاؤها ابن الماجشون خلاف أصله أن الحلق حمى. وإلا فأبو مصعب كأكل. اللخمي: وروي ابن عبد الحكم لا شيء عليه إن جهل. ابن حبيب: إن تناولها من الأرض، وإلا فلغو مطلقاً، بذا فسره من لقيت من أصحاب مالك. الشيخ: قول ابن عبد الحكم عن أشهب إن تعمد قضى؛ يريد: إن أمكن طرحها. ($$$$$$$) الشيخ عن ابن القاسم: وبلع ريقه. الباجي: يريد بعد زوال طعم الماء منه، وفي حجها، أكره غمس الصائم رأسه في الماء والسواك باليابس كل النهار، وفيها: ولو بل ويكره بالرطب خوف تحلله. ابن حبيب: إلا لعالم. وقول ابن عبد السلام: حكي عن البرقي كراهته آخر النهار كالشافعي، لا أعرفه. وقول الباجي إثر تفسيره الخلوف بأنه تغير ريح الفم بما يحدث من خلو المعدة بترك الأكل: قول البرقي، وهو تغير طعم الفم وريحه لتأخر الطعام ليس على أصل مالك بل على مذهب الشافعي: لا يقتضيه، ولذا لم يذكره عياض إلا في تفسير الخلوف لا في السواك. ويرد قول الباجي بأن زيادة البرقي "تغير طعم الفم" لا ينافي أصل مالك؛ لأنه جعله مسبباً عن تأخر الطعام لا عن شيء بالفم تذهبه الإزالة. الباجي: في قوله إن جهل مج ماء اجتمع من سواكه الرطب فلا شيء عليه نظر؛ لأنه يغير ريقه ففي عمده الكفارة، وفي نسيانه وتأويله القضاء.

ويبطله مغيب ما يوجب الفسل: وخرج ابن القصار من قول مالك: لا غسل على من وطئت نائمة أو مكرهة لم تنزل عدم إفساد صومها به. والمني بلذة يقظة: ابن رشد: قصد اللذة بالنظر، والتذكر، واللمس، والقبلة والمباشرة، إن لم ينعظ لغو، وإن أنعظ ففي نقضه، ثالثها: بالمباشرة فقط لسماع ابن القاسم، ورواية أشهب فيها وابن القاسم، وأنكره سحنون. الباجي: وروي ابن وهب لا قضاء، وروي ابن القاسم في سماعه عيسي: المباشرة وغيرها سواء. ابن زرقون: الذي فيه التفرقة بينهما. عياض: في القضاء بإنعاظ القبلة والمباشرة قولان؛ لها مع روايتي العتبي وحمديس، والأخوين مع العتبي عن ابن القاسم وأشهب وابن وهب فيها، وقيل: إنما الخلاف في إنعاظهما وإنعاظ النظر واللمس لغو. ابن رشد: فإن أمذى فالقضاء. وإن أمني فأحرى والكفارة إن تابع إلا فثالثها: في اللمس وما بعده لابن رشد عن مالك فيها في اللمس وما بعده والأولان بالحمل عليهما وأشهب وابن القاسم فيها. قلت: قيد اللخمي الكفارة بغير معتاد السلامة من المني. ابن رشد: المذي عن تذكر أو نظر دون قصد اللذة إن توبع ناقض وإلا فقولان لسماع ابن القاسم في التذكر وروايته فيه والنظر محمول عليه فيهما، وقال متأخر والبغداديين: المذهب أن قضاء المذي عن قبلة استحباب. عياض: في وجوب القضاء لمذي واستحبابه، ثالثها: إن كان عن لمس أو قبلة أو عمد نظر، لا عنه غير عمد لأكثر الشيوخ، وبعضهم وابن حبيب، وللمغيرة: لا قضاء له ولو عن لمس. ابن بشير: إنزال مجرد الفكرة دون تتابع إن كثر لغو للمشقة. قلت: فالنظر أحرى.

اللخمي: لو نظر غير قاصد فانزل ففي القضاء قولا ابن حبيب والقاضي. ($) ومعطوفة على من لا يأمن المني ($) اللخمي: وعليه يحمل قولها إن قبل فأنزل كفر، وقول ابن القاسم في المبسوط: إن باشر فأنزل كفر. ($) من أمنه دون المذي حرام على نقضه، مستحب على عدمه، وإن أمنهما فمباح. عياض: المباشرة أشد وأخوف من القبلة. ابن بشير: في حرمة الشاك في أمنه وكراهته قولان. عياض: في كراهة القبلة مطلقاً، وإباحتها للشيخ مطلقاً، أو في النفل مطلقاً. مشهور قول مالك ورواية الخطابي، وابن وهب. ($) المرأة كالمني ($) غلبة لغو إن لم يرجع منه شيء، وإن رجع بعد وصوله غلبة أو نسياناً ففي القضاء رواية ابن أبي أويس في الغلبة، وابن شعبان في الناسي؛ فخرج اللخمي قول أحدهما في الآخر. وظاهر قول ابن الحاجب أنه عمداً كذلك لا أعرفه؛ بل ظاهر أقوالهم أنه كأكل وفي إيجاب مختارة القضاء أو استحبابه، ثالثها: في الفرض، وفي التطوع لغو، ورابعها: إن كان لغير عذر فكأكل لها، ولأخذ اللخمي من قول ابن القاسم لا يقطع تتابعاً، ورواية ابن حبيب وابن الماجشون. ($) ما أمكن صرحه منه كأكل: ابن حبيب: في ابتلاع القلس جهلاً الكفارة. ابن القاسم مع رواية ابن نافع: لا قضاء في ابتلاعه ناسياً، فأخذ منه الباجي عدم كفارة عامده، وروي داود بن سعيد إن وصل فاه فرده فلا قضاء. ابن القاسم: رجع مالك عنه إلي قضاء من رده بعد بلوغه حيث يمكن طرحه. الجلاب: إن بلعه من لسانه فعليه قضاؤه، وقبله لا شيء عليه. ($) ابتلاع لخامة ولو عمداً بعد إمكان ($) ولقضها قولا ابن حبيب ناقلاً عنه ابن حارث أساء، وقدر مع نقله عن العتبي عن أصبغ عن ابن القاسم قائلاً أراني

سمعته من مالك والشيخ عن سحنون شاكاً في كفارة العامد قائلاً إن تعمد أخذها من الأرض كفر ونقل ابن حارث عنه الجزم بالكفارة دون شك. ابن شاس: ابتلاع دم خرج من شفته أو سنه غلبةً لغو، واختياراً في قضائه قولان. وفيها: إنما تكره الحجامة للتغرير فمن سلم فلا شيء عليه، وقول الباجي هذا على المشهور. وفي المدنية عن ابن نافع عن مالك وعيسي عن ابن القاسم: لا يحتجم قوي ولا ضعيف حتى يفطر ربما ضعف القوي بناء على أن مقتضي المشهور قصر الكراهة على الضعيف. ومثل رواية ابن نافع ذكر الشيخ عن رواية ابن وهب. وفيها كراهة ذوق الطعام ومضغ العلك ولمس الأوتار بفيه، ومداواة الحفر فيه. الشيخ عن أشهب: إن كان في صبره لليل ضرر فلا بأس به نهاراً. ابن حبيب: عليه القضاء؛ لأن الدواء يصل لحلقه. الباجي: لا شيء عليه عندي كالمضمضة، ولو بلغ جوفه غلبة قضى، وعمداً كفر، وكذا ما كره. ابن زرقون: فيصير المباح والمكروه سواء؛ إن سلم فلا شيء عليه، وفي الغلبة القضاء، وفي العمد الكفارة. ابن حبيب: إن وصل حلقة قضى، وروي ابن نافع ويكره لحس المداد. زاد أشهب ولو في النفل. وفي حجها وغمس رأسه في الماء. وزمنه مر: وفي حرمة أكل الشاك في الفجر وكراهته، ثالثها: مباح لنقل اللخمي مع رواية الصقلي، وأبي عمران واللخمي عنها، وعن قول ابن حبيب القياس الأكل وزاد الصقلي عنه والاحتياط المنع كقول مالك، فإن أكل فبان قول أكله قبل أو بعد فواضح وإلا ففيها: يقضي. وقاله أشهب استظهاراً.

ابن حبيب: يستحب. عياض: حمل أصحابنا قول مالك: يقضي؛ على الاستحباب. قلت: وتخريج اللخمي: لا شيء عليه من لغو الشك في الحدث، يرد بتأخره في الوضوء، ومقارنته في ابتداء الصوم هنا وبأنه في الوضوء في فعله، وفي الفجر في خارج عنه، وما في فعله أضعف؛ لأنه لو كان لعلمه أو ظنه؛ لأن إدراك الإنسان فعله أوضح من إدراكه ما خرج عنه. وفيها: شكه بعد أكله كقبله. وروي ابن عبدوس من قال له رجل: أكلت في الفجر، وآخر: بل قبله قضى. اللخمي: لشكه، ولو علم شيئاً بني عليه. قلت: فقصر ابن الحاجب الخلاف على الناظر دليله قاصر؛ تطويل. ابن حبيب: يجوز تقليد المؤذن العدل العارف فإن أكل في أذان سأله إن كان كذلك وإلا قضى. الباجي: من بحضرٍ يؤذن مؤذنوه عند الفجر في وجوب كفه بأذانهم وهو يري أن الفجر ما طلع، وبعدم أذانهم وهو يري أن الشمس غربت، رواية ابن نافع وعيسي عن ابن القاسم في المدينة، فإن طلع الفجر وهو آكل أو شارب كف ولا قضاء. ابن بشير: على القول بوجوب لإمساك جزء من الليل يمكن تخريج إيجاب القضاء عليه لوجوبه وتأثيمه دونه لعدم وجوبه لذاته. قلت: فلا قضاء إذ لا ثبوت لمحتمل. ونقل ابن الحاجب الجزم بالتخريج لا أعرفه. ($$$) عن ابن القاسم ولا قضاء. ابن الماجشون: ويقضي، وشاذ قول. ابن بشير: ويكفر لا أعرفه. ابن القاسم: لا قضاء إن لم يخضخض بعده. ابن القصار: إن لبث قليلاً عمداً كفر. الباجي: وجوب الإمساك إلي الليل يقتضي وجوبه إلي أول جزء منه غير أنه لا بد

باب في موجب القضاء لرمضان

من إمساك جزء منه لتيقن إمساك النهار. ابن زرقون: زاد في الإيماء: هذا قول أصحابنا ولا يحتاج إليه؛ لأنه لازم الإمساك حتى الغروب. أشهب: تأخير الفطر عن الغروب لحاجة أوسع ويكره تنطعاً. ابن حبيب: لا ينبغي لرؤية النجوم. والشاك في الغروب كموقن عدمه، فإن أكل قضى اتفاقاً، وفي الكفارة قول الباجي مع ابن زرقون عن ابن عبيد، وابن عيشون وأبي عمر والصقلي مع القاضي وابن القصار وغيرهم، وابن زرقون عن أبي عمران. [باب في موجب القضاء لرمضان] ويجب قضاء رمضان وواجبه المضمون بفطره بأي وجه كان ولو مكرهاً والمعين به عمداً اختياراً: عياض: مشهور مذهب مالك قضاء مفطر في رمضان نسياناً. قلت: لعل الشاذ عنده ما تقدم من سماع عيسي ابن القاسم في الحالف: ليصومن غداً؛ فبيت وأكل ناسياً. فلو ذكر في قضاء رمضان أنه قضاه ففيها: لا يجوز فطره. الشيخ: إن أفطر قضى. أشهب: لا قضاء ولا أحب فطره. وفي وجوب قضائه بفطر مرض في الحضر، وثالثها: إن لم يختص بفضل للخمي عن رواية المبسوط مع عياض عن رواية ابن وهب في بعض رواياتها، والمشهور وعبد الملك. الشيخ عن المغيرة: من صام أول شهر نذره معيناً فمرض باقيه أو وسطه وصام باقيه فلا قضاء عليه، ولو أفطر أوله اختياراً فمرض باقيه قضى جميعه، ولو ندم إثر فطر

أوله فصام يوماً فمرض باقيه فلا قضاء عليه. وفيه بنسيان الثلاثة: للمشهور، والشيخ عن سحنون مع ابن محرز عنه مع ابن عبدوس، ونقل الشيخ قول عبد الملك في فطره بمطلق غلبة. وجعل ابن الحاجب الثاني المشهور وهم. وفيه بحيض الثلاثة لقضاء اعتكافها على رأي تسوية مرض ناذر عكوفه أوله وآخره ونص صومها وعموم قول عبد الملك. ابن بشير: فيه بفطر عذر الثلاثة، ورابعها: في النسيان لا المرض أو الحيض وفيه بسفر سماع القرينين وجوب القضاء، وفيها: لا أدري. ابن القاسم: وكأنه أحب قضاءه ويجب إتمام نفله. الشيخ: روي ابن القاسم لا يفطر إلا لعذر كالفرض. مطرف: ويحنث الحالف عليه بالله مطلقاً وبالطلاق والعتق والمشي إلا أن يكون لذلك وجه: وأحب طاعة والديه إن عزما على فطره ولو بغير يمين. زاد ابن رشد عنه إن كان رقة عليه لإدامة صومه. وقال عيسي بن مسكين لصاحب له في صوم تطوع أمره بفطره: ثوابك في سرور أخيك المسلم بفطرك عنده أفضل من صومك، ولم يأمره بقضائه. عياض: قضاؤه واجب ولم يذكره لوضوحه. قلت: هذا خلاف المذهب ونقل بعض شيوخنا عن الشيخ الصالح الفقيه أبي علي حسن الزبيدي أنه قال لصائم متطوع حضره طعام جماعة: كل ونعلمك فائدة، فلما أكل أخذ بأذنه وقال له: إذا عقدت مع الله عقداً فلا تنقضه. قلت: لعله علم منه عزمه على الفطر تأويلاً، ويجب قضاؤه بعمد فطره، لا لعذر، ويجب كف مفطره ناسياً. وسمع ابن القاسم استحباب قضائه ولم يحك ابن رشد غيره. ابن بشير: في استحبابه قولان. الشيخ: روي ابن نافع لا وجه لكف مفطره عمداً إلا لعذر. ونقل ابن الحاجب وجوب كفه لا أعرفه.

وكف المفطر ناسياً في رمضان والنذر المعين وحيث لا يوجب قضاء واجب؛ فإن أفطر مختاراً وجب القضاء وفي غيرها يستحب، وهو في مبهم يقطع عدم كفه تتابعه آكد منه في غيره لا واجب لنفي لازمه قطعاً تأثيمه، وقولها: إن أفطر ناسياً أثناء مبهم نذر متتابع ترك الأكل بقيته، ووصل قضاءه فإن أكل فيه بطل تتابعه. وإن أكل في متتابع كفارة مضى على صومه معناه الاستحباب لا الوجوب لما مر ولقول التلقين عقب ذكره حكم فطر رمضان والنذر المعين ما نصه إلا أن في هذين يجب الإمساك بقيته. ولا يستشكل حصره هذا بالنفل؛ لأنه مراد بمفهوم أحرى من النذر المعين، ولقول عياض: في قولها في مفطر أول يوم من مبهم نذر متتابع أو في قضاء رمضان: إن شاء أفطر واستأنف، ولا أحب فطره: ليس هذا تناقضاً بين الكراهة والإباحة، إنما أراد أن يفرق بينهما وبين التطوع؛ لأنه يأثم بفطره فيه؛ لأنه يبطل عملاً يصح له. ولا يلزمه قضاؤه وفي الأولين يلزمه القضاء ولا يأثم بفطره فيهما. قلت: فجعل علة وجوب الإمساك في غير زمن رمضان عدم وجوب قضاء نفس ما أفسد أو المركب منه ومن غيره وكلاهما منتف في المبهم المذكور. وفي وجوب قضاء النفل بفطر لا لعذر في سفر واستحبابه، ثالثهما: إن ابتدأه في حضر وإلا فلا للشيخ عن روايات ابن القاسم، والمختصر، وابن حبيب. أشهب: إن سافر فأفطر لحر أو عطش دون خوف على نفسه قضى. وفي إيجاب الفطر لغير عذر في قضاء قضائه مع أصله وقضاء الأول فقط نص سماع سحنون ابن القاسم مع تفسير ابن رشد سماعه يحيي، وسماعه عيسي يقول: قيل ليس عليه إلا يوم واحد مع ابن رشد عنه في حجها الأول وسمع يحيي إيجابه في قضاء النفل وقضاء قضاء رمضان يومين قائلاً إنما في قضائه يوماً مكانه فحمله ابن رشد على الأول، وأنه سكت عن قضاء رمضان لوضوح وجوبه. ابن عبد السلام: لم يحك الشيخ في فطر قضاء رمضان إلا يوماً واحداً وأشار لإجزائه على مسألة التطوع، وذكر الصقلي الخلاف فيها نصا وفيه نظر؛ لأن نقله في هذه المسألة إنما هو من النوادر، وليس فيها.

قُلتُ: ما ذكره من إجزاء الشيخ لم أجده في النوادر بوجه، وتعليل تعقبه نقل الصقلي بأنه إنما هو من النوادر وليس فيها يرد باحتمال نقله من متن العتبية، ولا يبعد أخذه إياه من نص سماع عيسي ابن القاسم على من أفسد قضاء حجه حجتان لقول مالك ذلك إذا أفطر يوماً من قضاء رمضان فقضاه فأفطر في قضائه عليه يومان بجعل قوله "فقضاه فأفطر في قضائه" تفسيراً وتصويراً لقوله لقول مالك ذلك إذا أفطر يوماً من رمضان فالضمير في "فقضاه" عائد على رمضان لا على قضائه؛ والفاء كالواو في قوله تعالي: ($) ويؤيده احتجاج ابن القاسم بها على مسألة الحج، وهي نص في القضاء لا في قضاء القضاء. وحملها ابن رشد عليه اعتباراً بظاهر لفظ مسألة الصوم يرد بنص مسألة الحج وهي الأصل. وفي ظهارها: من أفطر في قضاء رمضان قضى يوماً واحداً. ابن حارث: اتفاقاً، وخص الخلاف بقضاء النفل وقضاء قضاء رمضان. قلت: لأبي عمر: من أفطر في قضاء رمضان لزمه يومان قاله ابن وهب، وروي عن ابن القاسم. ومقتضى توجيهه الصقلي بأنه لما أفسد القضاء وجب قضاؤه، وعليه القضاء الذي كان عليه. وقول ابن رشد: لو أفطر في قضاء ثم في قضاء فثلاثة أيام الأول ويوم قضائه الأول ويوم قضائه الثاني يعدده بتكرره مطلقاً ولا نص بخلافه ونفيه. ابن عبد السلام: لا أعرفه. ($$$$$$$$$$$$$$$$$$)، فإن أخره لعذر مرض أو سفر ففي لزومها مطلقاً أو إن سلم قدره قبل تاليه من عذر مطلقاً، ثالثها: قبله يليه لعياض عن ظاهر نقل أبي عمران عن أشهب، وعن قولها: إن مات لقدرة قبل تاليه وجبت مع اللخمي، والجلاب وتأويلها ابن رشد، وابن زرقون، ورواية المبسوطة مع تأويلها البغداديون والقرويون وأشهب في المجموعة ورواية ابن

نافع وظاهر قول ابن بشير الاتفاق على نفيها في اتصال العذر، وهو ظاهر عزو الإكمال الكفارة فيه لبعض السلف واختار اللخمي لا فدية على من مات لقدره قبل تاليه، واستشكل الثاني؛ لأنه لا فور ولا توسعة مطلقاً بل بشرط سلامة العاقبة؛ يريد: وهو مغيب ومتأخر ففي كون القضاء على الفور أو التراخي لبقاء قدره قبل تاليه بشرط السلامة أو مطلقاً الثلاثة. وأخذ ابن رشد من قولها في الموت الأول أظهر من أخذ اللخمي منه الثالث، إذ لا يلزم من عدم الفدية عدم الفور؛ ففي قول ابن الحاجب لا يجب فوراً اتفاقاً نظر. وفي اختيار اللخمي ونص المذهب مع قبول عياض، ونقل أبي القاسم الكياه: أجمعوا على أنه لو مات قبل السنة على وجوب الفدية لا لعصيانه بل لوجوبها على الشيخ الكبير نظر. الشيخ: روي ابن القاسم لا يتطوع قبله ولا قبل نذر. ابن حبيب: أرجو سعة تطوعه بمرغب فيه قبل قضائه. ابن رشد: في ترجيح صومه يوم عاشوراء تطوعاً أو قضاء، ثالثها: هما سواء، ورابعها: منع صومه تطوعاً لأول سماع ابن القاسم، ومقتضي الفور. وفي كون قدرها مداً نبوياً مطلقاً أو بالمدينة ومكة وفي غيرهما وثلثاً، ثالثها: بالمدينة، ومكة كغيرهما، ورابعها: بالمدينة وبمكة كغيرها مداً ونصفاً للمشهور والشيخ عن أشهب وعياض عنه والباجي عنه وفسر الشيخ قول أشهب بشبع كل بلد. اللخمي: في كون وقت الإطعام حين القضاء أو من حين وجوبها قولان: لها، ولأشهب قائلاً: تقديمها على وجوبها لغو. الجلاب: الاختيار الأول حين القضاء أو من حين وجوبها على القضاء أجزأه. ومصرفها مسكين واحد: وفيها: لا تجزئ أمداد كثيرة لمسكين واحد.

باب زمن قضاء الفطر في رمضان

قلت: يريد من رمضان واحد؛ لأن فدية أيام الرمضان الواحد كأمداد اليمين الواحدة والرمضانات كاليمينين. ويقدم على صوم الهدي القضاء إن ضاق ($) وإلا ففي كونه كذلك - أو العكس- ثالثها: التخيير لنقل ابن بشير، ولها ولنقل اللخمي عن أشهب. اللخمي: هذا في سبعة التمتع أو ثلاثته إن تأخرت لرجوعه، وإلا فإن لم يبق للوقوف إلا قدرها تعينت؛ لأنها أداء ضاق وقته، وإن بقي أكثر وهو بمكة يتم الصلاة خير للتوسعة فيهما، وإن كان أحدهما أداء، وإن كان ممن يقصر أخر القضاء لسقوط الأمر به في السفر. وفي تعليل المشهور بمنع التفرقة بين صومي الثلاثة في الحج والسبعة أو بفورية صوم الهدي وورود جواز تأخير القضاء طريقاً الصقلي مع عبد الحق واللخمي ويلزم الأول الإنفاق إن أخرت الثلاثة عن الحج. عبد الحق: لو أخرهما عن رمضان آخر قدم القضاء. أشهب: صوم الظهار كالهدي فخرج اللخمي في قولها في الهدي. ابن عبدوس عن أشهب: من دام مرضه في رمضان حتى أنقضي آخر بدأ بالأول ويجزئ العكس. [باب زمن قضاء الفطر في رمضان] وزمن قضائه غير زمنه وما حرم صومه: اللخمي: أو وجب بنذر. وفي كونه على الفور أو ($) نقلاً ابن رشد. وفي صحته في المعدودات ثالثها: في آخرها لنقل اللخمي، والثاني لها ولأشهب قائلاً: يفطر متي ما ذكر وإن أتم لم يجزئه. ولو صام رمضان عن آخر ففي إجزائه للأول أو الثاني، ثالثها: لغو لروايتي

الجلاب، واللخمي عن أشهب مع سماع يحيي ابن القاسم، وابن رشد عن سحنون، وأحمد بن خالد. وتحتمل الروايتين لروايتي قولها: وعليه قضاءالآخر _ بكسر الخاء وفتحها _ وبالأولي قال سحنون وفسرها التلباني، وبالثانية فسرها إسماعيل، وأبو الفرج والشيخ وابن شبلون، وعزا الجلاب الثالث لمحمد مع الفدية لأيام الأول، وكفارة الانتهاك لأيام الثاني ما لم يعذر بجهل، وقول ابن محرز: قال الشيخ: يريد ما لم يعذر بجهل يدل على أنه غير نص له. اللخمي: ولو شرك بينهما فيه فالثلاثة أيضاً، وقول ابن حبيب بالثالث في الأولى، والثانية في التشريك خلاف القياس. ابن رشد: لو صامه في سفر قضاءً فابن القاسم: لغو وغيره: يجزئه. وفي ظهارها لو صامه لظهار أو نذر فالثالث. وخرجها اللخمي على الأولي ويأتي رده قال: وكذا لو قضاه في نذر معين وناقض حمديس بين قولي صيامها وظهارها. وفوق بعض المذاكرين بأن نية مماثل الشيء أقرب في الإجزاء عن نية الشيء من نية مخالف الشيء. وقول ابن محرز: هذا غلط ينتج العكس؛ لأن كل ما قرب المشارك في النية كان أشد تأثيراً في عدم استقلال أحدهما بالنية، وكل ما كان أبعد كان الاستقلال أقرب، يرد بأن نية المماثل ملزومة لنية أخص وصف الشيء فالشيء منوي باعتباره ونية المخالف غير ملزومة لذلك وبه يرد تخريج اللخمي. وفيها: من حج لفرضه ونذره أجزأ له فقط. اللخمي: وقيل لفرضه فقط وقيل لغو. وتتابع قضاء رمضان والنذر المعين يستحب: قلت: مقتضى نقل الشيخ عن المغيرة: إن أفطر ناذر شهر معين عشرة أوله وصام باقيه أجزأه وصله به عشرة قضاء، ولو صام أوله وأفطر عشرة آخره ابتدأه من أوله: وجوب تتابع قضاء المعين؛ فيلزم في رمضان والواجب عدد الأول.

باب في موجب الكفارة في ($) رمضان

($$$$$$$$$$$)، ففي كون المعتبر عدد الأول، أو كل الثاني فيجزئ وإن كان أقل ويكمل وإن كان أكثر قولان لنقل اللخمي عن المذهب مع الشيخ عن ابن عبد الحكم، والشيخ عن أبي بكر بن محمد عن رواية بن وهب، مع نقل اللخمي قائلاً هذا وهمٌ. ونقله ابن الحاجب بقيد إكماله إن كان أكثر دون إجزائه إن كان أقل، لا أعرفه. [باب في موجب الكفارة في ($) رمضان] ($$$$$$$$$$) بموجب الغسل وطئاً وإنزالاً والإفطار بما يصل إلي الجوف أو المعدة من الفم. ($) ينوي الفطر قولًا ابن القاسم مع مالك، وأشهب مع إحدى روايتي أبي الفرج. وفيها: لو أصبح ينوي الفطر، ثم نوى الصوم قبل طلوع الشمس كفر. أشهب: لا كفارة. الصقلي: لعله فيمن صام بعضه إذا لا ترتفع نية إلا بفعل، ولو كان أول صومه كفر اتفاقاً. وفيها: الشك في قول مالك بكفارة من نوى الفطر بعد الصبح. ابن القاسم: أحب إلي أن يكفر. سحنون: لا كفارة وقضاؤه مستحب. فخرجهما عياض على صحة رفضه وامتناعه. الشيخ عن ابن حبيب: من نوى الفطر بعد الفجر نهاره لم يفطر بالنية.

وأكل الناسي ومخطئ الفجر وظان الغروب لا يوجبها، وفي جماع الناسي، ثالثها: يتقرب بما استطاع من الخير، لها ولابن الماجشون والمبسوط. ولا على مكروه على أكل أو شرب أو امرأة على وطء، وفي الرجل عليه قولان لها ولابن الماجشون. عياض: ورواه ابن نافع. اللخمي: أخذ بعضهم من كفارة المكره على الوطء كفارة المجامع ناسياً يرد برواية ابن حبيب: من أكره رجلاً على الشرب عليه الكفارة، بخلاف النائمة توطأ؛ لأنها غير مخاطبة مع نفيها عن الأكل ناسياً يرد برواية ابن حبيب اتفاقاً. وفي وجوبها على المكره بوطئه عن من أكرهها، ثالثها: يجب عليه لاجترائه على انتهاك صوم غيره كصومه لا عنها لأشهب مع ابن القاسم ومالك وسحنون مع الباجي عن ابنه، ورواية ابن نافع واللخمي. قلت: وعلى الأول والثالث وجوبها على المكرهة وسقوطها لو مات المكره عديماً وثبوت الولاء للمكره، أو المكره لو كفر بعتق أو امتناع تكفيره به وصحته إن كانت المكرهة أمة. الشيخ عن بعض أصحابنا: طوع الأمة سيدها إكراه. الصقلي: إلا أن تطلبه. وفيها: لا كفارة على من جومعت نائمة أو صب في حلقة ماء كذلك ولا على فاعله. سحنون: هذا خير في قوله: الإكراه بالوطء. الشيخ: وقاله ابن القاسم وأشهب في المجموعة، وقال ابن حبيب: الكفارة على من أكرههم. ومن أكره امرأته على القبلة فأنزلت، ففي لزومه الكفارة عنها نقلا ابن محرز عن حمديس مع عياض عن تأويلها. الشيخ وابن محرز عن ابن شبلون مع عياض عن ظاهرها، والقابسي. ونقل ابن الحاجب وجوبها على مكره رجل على وطء لا أعرفه إلا من قول ابن

حبيب في النائم. وقول اللخمي: انتهاك صوم غيره كنفسه وكفارة المكره الحر عن الحرة عتق أو إطعام لا صيام. وعزوه الباجي للمغيرة فقط يوهم اختصاصه به وليس كذلك وأجازها اللخمى به على أصله أن انتهاكه صوم غيره كصومه، فإن كفرت عن نفسها بصوم لم ترجع بشئ وبعتق أو إطعام رجعت عليه. ابن شعبان: فإن كان معسرًا فمتى أيسر. عبد الحق وابن محرز: بالأقل من المكيلة أو قيمتها أو قيمة العتق. ابن شعبان: إن كان عبدًا فهى جناية، لربه إسلامه أو فداؤه بالأقل من قيمة الإطعام أو الرقبة. ابن محرز: يريد: الرقبة التى يكفر بها لا رقبة الجاني خلاف ما حكاه الشيخ. قُلتُ: ونقل الصقلي كالشَّيخ. والمعروف لا كفارة فى الواصل من غير الفم. اللخمي: وأوجبها أبو مصعب في الواصل من الأنف والأذن والحقنة لا العين. ولا على ذي تأويل قريب، وهو المستند لحادث كقولها في من قدم من سفر ليلًا فأصبح مفطرًا لظنه إنما يلزم من قدم نهارًا، ومن طهرت ليلًا ولم تغتسل حتى أصبحت فظنت لا صوم لها، ومن خرج لرعي على ثلاثة أميال فأفطر لظنه سفرًا. وقول أشهب: أو من أصبح جنبًا فظن فساد صومه فأفطر تأولًا. وفى ذي التأويل البعيد قولان لابن عبد الحكم، ولها كمن قال اليوم يوم أحم أو أحيض فأفطر فحم وحاضت. ولو أحتجم فتأول فأفطر لفي كفارته قولان ابن حبيب مع أَصْبَغ وسماع عيسى ابن القاسم مع سماعه: لو أفطروا يوم ثلاثين لرؤيتهم هلال شوال نصف نهارهم فلا شئ عليهم غير القضاء. وقول ابن شاس ومتعمد الفطر يمرض أو يسافر أو يجن أو تحيض المشهور عليه الكفارة نظرًا للحال، وسقوطها نظرًا للمآل إنما هو في النسخ الصحيحة، ومعتقد

باب في قدر كفارة العمد للفطر في رمضان

بالعين أثر الميم من الاعتقاد لا أنه متعمد من العمد. ولما ذكر ابن الحارث قول مالك والأكثر في ذي الحمى وذات الحيض المعتادين قال: بمنزلة من تعمد الفطر ثم مرض آخر نهاره الكفارة تلزمه. ولو أكل ناسيًا ثم أكل أو وطئ تأولًا، ففي الكفارة ثالثها: فى الوطء فقط لابن عبدوس عن المغيرة مع ابن الماجِشُون، ولها مع الصقلى عن أصلى ابن القاسم وأشهب، ولابن حبيب عن ابن الماجشون. اللخمي: في كون الجاهل كعامد أو كذي تأويل قريب قول ابن حبيب في متناول فلقة حبة جهلًا، ومعروف المذهب لو جامع حديث إسلام لظنه قصر الصوم على منع الغذاء فقط عذر. اللخمي: علة المذهب الانتهاك فمن جاء مستفتيًا صدق ولا كفارة ومن ظهر عليه صدق فيما يشبه ولزمته فيما لا يشبه، وجبر على إخراجها؛ لأن مقتضى حاله جحدها. [باب في قدر كفارة العمد للفطر في رمضان] وقدر طعامها ستون مدًا نبويًا لستين مسكينًا بالسوية: أشهب: المد أحب إلي من الغداء والعشاء. اللخمي: وصنفها ككفارة اليمين. وفي كون الكفارة الإطعام فقط أو هو المستحب ثم الصوم ثم العتق أو وجوب ترتيبها، كالظهار أو استحبابه كالظهار أو أحدها تخييرًا؛ سادسها: الأول للمفطر بالفداء والعتق، والصوم بالجماع للخمي عنها، وعن رواية ابن القاسم، والباجي عن ابن حبيب، وعياض مع الشَّيخ عنه، واللخمي عن أشهب مع عياض عن روايتي ابن وَهْب وابن أبي أويس، واللخمي عن أبي مصعب. الباجي: أفتى متأخرو أصحابنا بالإطعام في الشدة والعتق في الرخاء، وأبو إبراهيم بصوم ذي سعة الغنى.

وبادر يحيى بن يحيى الأمير عبد الرحمن حين سأل الفقهاء عن وطء جارية له في رمضان بكفارته بصومه؛ فسكت حاضروه ثم سألوه لم لا تخيره في أحد الثلاثة؟ فقال: لو خيرته وطئ كل يوم وأعتق؛ فلم ينكروا ولا عياض. وحكاه فخر الدين عن بعضهم، وتعقبه بأنه مما ظهر من الشرع إلغاؤه واتفاق العلماء على إبطاله. قُلتُ: ولا يرد هذا بتعليل المفتى بما ذكر؛ لأنه ينافيه والتصريح به موحش. الشَّيخ عن أشهب: والصوم كالظهار. اللخمي: والعتق مثله. وقول ابن الحاجب هي إطعام ستين مسكينا مداً مداً كالظهار تابعاً قول ابن بشير هي ستون مداً لستين مسكيناً كالظهار، موهم أنه بالهاشمي. وفى ($) إطعام الكفارة ($) رمضان ($) كيمينٍ واحدة لا يأخذ منها المسكين الواحد إلا ليوم واحد أو أيامه كأيمان يجزئ أخده لليومين نظر. وهذا أبين وقول الجلاب لو أطعم ستين لإحدى كفارتيه ثم أطعمهم في اليوم الثاني للأخرى أجزأه مفهومه لو أطعمهم عنها في يوم واحد لم يجزئه وفيه نظر. عياض: تأويل بعض المتأخرين قولها: "لا يعرف مالك غير الإطعام لا صوماً ولا عتقاً وفي ظهارها ما للعتق وماله" بقصرها عليه؛ لا يحل؛ لأنه خرق للإجماع؛ قال القاضي: لم يختلف العلماء أالثلاثة كفارات، إنما اختلفوا في التخيير أو الترتيب ومحملها ترجيح الإطعام لحاجة أهل المدينة. ($) ($) أيام ($) ولو فبل إخراجها لا بتعدد موجبها قبله اتفاقاً، وبعده نقلا ابن بشير عن المتأخرين. الصقلي والشَّيخ عن ابن حبيب: ويكفر السفيه بالصوم فقط. ابن بشير: على تعيين الإطعام يكفر به عنه وليه وعلى التخيير بالصوم فقط، وعلى الترتيب على الخلاف في كفارة ظهاره.

الشًّيخ: والعبد بالصوم فقط؛ فإن أضر بربه بقيت دينًا عليه، وبالإطعام إن أذن ربه. ويؤدب عامد فطره انتهاكًا إن ظهر عليه: وفي الآتي مستفتيًا ثالثها: ذو الهزء لا الستر لتخريج اللخمي على قولها: يعاقب المعترف بشهادة الزور، وعلى قول سَحنون لا يؤدب مع رواية المبسوط واختياره. وسفر القصر يبيح فطره وسمع ابن القاسم البحر كالبر. الشَّيخ: روى ابن نافع، ولو أقام ببلد ما لا يوجب إتمامه. وفي رجحانه على الصوم وعكسه، ثالثها: في سفر الجهاد، ورابعها: هما سواء لابن الماجِشُون والمشهور، والصقلي عن ابن حبيب، واللخمي عن سماع أشهب. ومبيح تبييت الفطر الاتصاف به لا نيته: أبو عمر: اتفاقًا. اللخمي: لا يفطر قبل تلبسه به اتفاقًا. أبو عمر عن إسماعيل القاضي عن محمد بن كعب قال: أتيت أنس بن مالك، يريد: سفرًا في رمضان فأكل؛ فقلت: سنة؟ فقال: نعم ثم ركب. ولو عزم فأفطر ففي الكفارة طرق: اللخمي: أربعة. أشهب: لا كفارة ولو أقام. سَحنون: كفر ولو سافر. ثم قال: إن أقام وإلا فلا. ابن القاسم وابن الماجِشون: إن أفطر قبل أخذه في أهبة سفره كفر، ولو سافر وبعده وسافر لم يكفر. ابن الماجِشُون: إن أفطر قبل أخذه في أهبة سفره كفر، ولو سافر وبعده وسافر لم يكفر. ابن الماجِشُون: لو عيق عن السفر كفر، وعزا الباجي الأول لأشهب وسَحنون، والثاني لمالك. وذكر قول ابن القاسم مع ابن الماجِشُون دون قيد سافر أو لم يسافر.

وعزا أبو عمر الثالث لابن الماجِشُون، وسمع عيسى ابن القاسم: إن أصبح صائمًا ثم أراد سفرًا فتأول فأكل قبل خروجه ثم سافر فلا كفارة. ابن رُشد: في كفارته ثالثها: إن أقام، ورابعها: إن أفطر قبل أخذه فى أهبته ولو سافر، وبعده لا كفارة إن سافر. وفي منع فطر من سافر بعد الفجر صائمًا بعد خروجه، ثالثها: يكره للمشهور، والباجي عن ابن حبيب، وابن القُصَّار. وعلى الأول إن أفطر ففي الكفارة قول ابن كنانة مع المغيرة ومالك. وفي منع فطر من نواه فيه المشهور، وقول مُطَرَّف. وعلى الأول في الكفارة، ثالثها: إن لم يتأول، ورابعها: إن أفطر لجماع لها مع سماع موسى رواية ابن القاسم قائلة: ولو تأول، وللمغيرة مع ابن كنانة، ورواية ابن نافع وابن رُشْد مع أشهب أبن الماجِشُون فتخصيص ابن بشير وتابعيه الخلاف بغير المتأول وهم لسماع موسى. ابن رُشْد: لو صامه في سفر قضاء فابن القاسم لغو وغيره يجزئه الأول. ابن شاس: وقضاء آخر فيه سفر الحضر ولا ينعقد فيه سفرًا نفلٌ وضعف ابن العربي رواية انعقاده فيه. الباجي عن أشهب: للمريض المشق صومه فطره، وعن البغداديين: إن خاف من صومه أو ظن أن يزيد فيه أو يديمه أو يحدث آخر جاز فطره. أبو عمر: قيل لا يفطر من خاف زيادته؛ لأنها غير متيقنة. قُلتُ: وكذا دوامه أو حدوث غيره وهذا ورواية ابن القُصَّار فى التيمم خلاف قول الباجي: لا أعلم من خص الفطر بخوف الهلاك. اللخمي: صوم ذي المرض إن لم يشق واجب، وإن شق فقط خير، وإن خفيف طوله أو حدوث آخر منع، فإن صام أجزأه، وضعف بنية الصحيح، وشيخوخته كالمرض. الباجي: لا يجب إطعام عليه واستحسنه سَحنون. ابن البشير: في وجوبه قولان، وفي قوله: يحرم صوم المريض إن أدى لتلفه أو أذى

شديد، وإن شق ولم يؤد لذلك لم يحره، وله الفطر إن خاف الموت، أو دام المرض، أو زيادته أو حدوثه تناف. وسمع أَصْبَغ ابن القاسم: إن خاف الصائم من حر أو عطش المرض أو الموت أفطر. ابن رُشْد: اتفاقًا في الموت، وفي المرض قولان. وصوم الجامل إن لم يشق واجب، وإن خيف منه حدوث علة عليها أو على ولدها منع وإلا خيرت. وفي قول الباجي إن خيف على ولدها أبيح فطرها اتفاقًا نظر. بل يجيب وفي إيجاب فطرها الإطعام، ثالثها: إن خيف على ولدها، ورابعها: إن خيف عليه قبل ستة أشهر، وخامسها: يستحب لروايتي ابن وَهب وابن القاسم فيها، واللخمي عن ابن الماجِشُون مع الباجي عن ابن حبيب، واللخمي عن أبي مصعب وأشهب فيها. والمرضع ولدها غن لم يضر رضاعها أو أضر وأمكن إرضاعه غيرها، ولو بأجر وجب صومها، وإن لم يمكن وخيف عليها أو عليه حرم، وإن شق خيرت، والأجر من ماله ثم من مال الأب ثم من مال الأم إن لم يجحف بها. وفي إيجاب فطرها الإطعام روايتان لها، ولابن عبد الَحكم، وسمع ابن القاسم إن اشتد عليها الحر في نذر معين تفطر وتطعم، وتصوم بعد ذلك. ابن رُشْد: لأنه كرمضان إلا في كفارة الانتهاك. وصوم يوم الفطر والنحر حرام والمعدودات يصومها المتمتع، وفي غيره ثالثها: الوقف، ورابعها: رابعها: للخمي عن رواية ابن الحَكم: أرجو إجزاء صومها المظاهر مع قول المغيرة، وقول أبى الفرج يعتكفها صائمًا ناذر عكوفها. وقول أشهب: يفطرها ناذرها، ورواية محمد الوقف، وروايتها. وفيها: لا يقضي فيها رمضان ولا غيره. ولا يبتدئ فيها صوم ظهار، ولا قتل وشبهه إلا من ابتدأه قبلها، فمرض فصح فيها

($) ويصوم ثالثها: ويصومه ناذره وفي إجزاء صومها لكفارة اليمين بالله تعالى ثالثها: في الرابع، ورابعها: الوقوف في الجميع للخمى مع أبى مصعب، والمغيرة، ومحمد، وابن القاسم فيها. قُلتُ: قاسه ابن القاسم فيها على قول مالك في نذره والنذر المطلق. الباجي: تأول بعض شُيُوخنا عن مالك إباحته مطلقًا غير مؤبد. ابن رُشْد: أنه شكر على ما مضى مستحب وبشرط يأتي جائز والتكرر مع مرور الأيام مكروه. وفيها: كره مالك نذر صوم يوقته. فنقل ابن الحاجب عن المذهب كراهة مطلق النذر وهم. ولا يجاب بقول اللخمي يستحب لمريد التقرب بطاعة فعلها دون نذر لحديث: "لا تنذروا"؛ ولأنه يعقبه الندم ويأتى به متثاقلاً؛ لأنه اختيار له لا نقل مذهب، وبناء على أن نقيض المستحب مكروه، ومر بحثه. ويحب الوفاء بنذر حائزه. وسمع ابن القاسم منع التطوع بالصوم قبل نذره. ابن رُشْد: سواء على فوره وتراخيه فمنصوص عدده واضح. ($) ($) ($) ($) ($) ولو نقص وإلا ففي كونه تسعاً وعشرين أو ثلاثين قولا اللخمي مع تخريجه على قول مالك في: علي هدي شاة، وابن عبد الحَكم، والشَّيخ عن ابن حبيب مع عياض عن ابن الماجِشُون. وفيها: يجعل الشهر الذي يفطر فيه ثلاثين يومًا؛ فقال ابن أخي هشام: لعله في ما

ابتدأه لغير هلال. الشَّيخ: وفى قولها نظر ألا يكون فطره أوله وعلى الأول لو كان فطره لأمر الشرع كذي الحجة؛ ففي كونه كذلك وإتمامه ثلاثين قولا عبد الحق م ابن محرز عن بعضهم, وعن ابن شبلون ابن الكاتب، وعبد الحق عن بعضهم ونصف الشهر إن ابتدأه لهلاله خمسة عشر. ومن تلوها كذلك إن كان ثلاثين وإلا ففي كونه كذلك أو أربعة عشر يومًا. نقل اللخمي عن المذهب، وعن تقل ابن الماجِشُون تخريج بعض أصحابنا من عدم حنث من حلف لا كلمتك قبل مضي نصف الشهر فكلمه بعد عصر الخامس عشر ونقص الشهر ورده اللخمي بصحة تعلق عدم الكلام بنصف النهار دون باقية، وامتناعه في الصوم فيجيب باقيه قال: والحق أن نصفه في عدم الكلام أربعة عشر يومًا وليلة الخامس عشر إلى طلوع الشمس فقط. قُلتُ: عزا الشَّيخ الأول لابن الماجِشُون، والثاني: لقول ابن الحبيب قائلا والأول أحب إلينا. الشَّيخ: وذكر ذلك ابن سَحنون عنه، وقال في قول الذي عاب وكذا لو حلف ليكلمن فلاناً قبل مضي نصف الشهر فكلمه بعض عصر خمسة عشر لا بعد أربعة عشر ونصف في حنث عليه؛ لأن العمل ف نصفه الأول على خمسة عشر لا على أربعة عشر ونصف في نقصه؛ فكذا يكون الأربعة عشر ونصف من الناقص. قُلتُ: ولم يحك ما ذكره اللخمي بحال. وفيها: ناذر سنة معينة يصومها إلا يوم الفطر وأيام النحر ولا يقضيها ولا رمضان، كناذر صلاة يوم لا يلزمه ساعات النهي ثم قال: يقضي ناذر ذي الحجة أيام النحر. ابن القاسم: قوله الأول أحب إلي إلا أن ينوي قضاءها. اللخمي: استحب أشهب قضاءها. عياض: روى فيها عن أشهب استحباب قضاء اليومين بعد يوم النحر. ابن حارث عن ابن كنانة: لا بفطر منها إلا يوم الفطر والنحر.

عياض: ولأبي الفرج مثله، ورواه ابن أبي أويس وفي جري الخلاف في قضاء رمضان والاتفاق على عدمه طريقا عبد الحق عن بعض شُيوُخه مع الأبهري راوياً قضاءه، وابن محرز، وظاهر نقل اللخمي مع ابن محرز عن بعض المذاكرين، وبعض شُيوُخ عبد الحق. وسمع ابن القاسم: لا قضاء على ناذر سنة معينة ليوم منها كان نذره أبداً. وخرج ابن رُشْد قضاءه على قضاء رمضان منها، ولا قضاء لنذر أيام الحيض والفطر والأضحى. عياض: في المبسوط: من نذر يوم الفطر والأضحى عالماً بهما قضاهما وإلا فلا. اللخمي: إن علمها وحرمتهما أو ظن فضل صومهما فلا قضاء. وإن ظنهما كسائر الأيام ففي قضائهما قولا عبد الملك وغيره. ويستحب لعالم حرمتهما التقرب بصوم كفارة لنذره: في وجوب تتابع مطلق النذر, ثالثهما: في الشهر والسنة لا الأيام لابن كنانة، ومالك، واللخمي مع ابن الماجِشُون، ولو نذر سنة مبهمة، ففي وجوب اثني عشر شهراً غير رمضان مطلقًا أو إلا أن ينوى متابعتها فكمعينة قولا المشهور واللخمي عن أشهب. الشَّيخ: فى قضاء ناذر سنة مبهمة ما لا يصام منها روايتا المجموعة. وفيها يصوم اثني عشر شهراً ليس فيها رمضان ولا يوم الفطر ولا أيام الذبح، فأخذ منه الباجي وابن الكاتب صومه الرابع. عياض: وقيل لا لاندراجه في أيام الذبح لاتصاله بها ومساواته لها في حكم الرمي التكبير لقول ابن حبيب, ولا أيام الذبح الأربعة، وفى المختصر ولا أيام منى. ونتابع ما نذر متتابعًا لازم ولا يقطع التتابع فطر مرض الحضر، والحيض طارئًا، ولا مبيتًا، ولأفطر ما بيت صومه غلبة أو نسيانًا أو غلطًا. وفيها: لا يبطله قيئه غلطا ويقضي. ويقطعه عمده ولو بعد فطره بأحدها وتبييت فطره عمدًا: ابن عبدوس: روى ابن القاسم يقطعه مرض أهاجه سفره، ولو مرض فيه لغير

حر ولا برد فمشكل لخوف إهاجنه السفر وكأنه أحب ابتداءه وهو أحب إلي. وفي قطعه تبييت فطره نسيانًا نقلا اللخمي عن رواية محمد مع الشَّيخ عن عبد الملك وعن ابن عبد الحَكم. وجهلًا تخريج اللخمي على الأول، وأخذه من قولها: من صام ذا القعدة وذا الحجة جهلًا يظن إجزاءه أجزأه. عياض: جهله غفلته عن أن في الشهر ما لا يحل صومه كما بينه في المدنيَّة والمبسوطة أو ظن جواز صومه كله أما جهله لزوم تتابع صوم الظهار فلا يعذر به. وناذر يوم قدوم فلان إن قدم ليلًا صام صبيحته واختار اللخمي لغوه، ولو نذره أبدًا لأن الليل لا يقبل صومًا والنهار لم يقدم فيه ولو قدم نهارًا فالمشهور مع ابن القاسم لغوه. أَصْبغ وأشهب وابن الماجِشُون: عليه قضاؤه؛ قائلًا: إن بيت صومه له لعلمه دخوله لم يجزه. قال: ولو قدم والناذر مريض قضاه أول يوم صحته ولو قدم يوم فطر أو أضحى ففي قضائه تخريج اللخمي على قول عبد الملك وقول أشهب. قُلتُ: يريد: قول عبد الملك في نذره أحد اليومين فقول ابن الحاجب خرجها اللخمي على الأولى ليس كذلك, ولو خرج لرد بأن منع صوم يوم قدومه لفوت شرط التبييت لا لذاته وفي قدومه يوم الفطر لهما. قال اللخمي: ولو كان بيت صومه تطوعًا أو لقضاء رمضان أو لظهار أجزأه. قُلتُ: وفي النوادر عن أشهب: لا يجزئه لنذره ولا لما صامه له. ولو نسي يومًا معينًا نذره فقال الشَّيخ عن سَحنون: يصوم أي يوم شاء، وقال أيضًا أجزأه يوم الجمعة ثم قال: الجمعة كلها. قال ولو نذره أبدًا صام الأبد. وسمع سحَنون ابن القاسم: إن نسي ناذر صوم يوم قدوم فلان يوم قدومه صام آخر أيام الجمعة.

ابن رشد: يريد: ونذره أبدًا ولذا قال يصوم آخر أيام الجمعة يريد أبدًا. ولو نذره لا أبدًا قضاه على قول أشهب مطلقًا وعلى قول ابن القاسم إن قدم دليلًا؛ أي: يوم شاء اتفاقًا. قلت: ينقض الاتفاق قول سحنون في التي قبلها. وفي النوادر ما نصه: ومن العتبية قال سحنون: قال ابن القاسم: من نذر صوم يوم يقدم فلان أبدًا فنسي يوم قدومه صام آخر يوم من الجمعة الجمعة. وسمع عيسى ابن القاسم: من نذر صوم هذه السنة وهو في سنة مضى نصفها صام اثني عشر شهرًا. ابن رشد: سمع أشهب إن نوى وعلى الأول يصوم أحد عشر شهرًا. وفي تكميلة على عدد باقي في شهر حلقة تسعة وعشرين يومًا أو ثلاثين, قولان: على قول ابن القاسم وأشهب في ناذر صوم يوم قدوم فلان فقدم نهارًا. وقول اللخمي: القياس لا شئ عليه إلا باقيها؛ لأن الإشارة تعينها كعلي صلاة هذا اليوم إنما يلزم باقيه, يرد بأن ابتداء السنة متأت فحملها على بعضها مجاز مع يسر الحقيقة وابتداء اليوم من حين الإشارة ممتنع حمله على بعضه مجازًا. سحنون: ولو نذر صوم هذا الشهر يومًا صام يومًا فقط وهذا اليوم شهرًا صامه بعينه ثلاثين يومًا. ابن عبدوس: روى ابن القاسم من نذر صوم رمضان عامه بالمدينة فمرضه فلا شيء عليه وإن شغل عنه صام رمضان قابله بها. وسمع أبو زيد ابن القاسم: من نذر صوم شوال إن شفي فشفي نصفه صام باقية فقط. وسمع ابن القاسم: من نذر الخميس فصام الجمعة يظنه إياه أرجو إجزاءه. ابن رشد: كصوم أسير شوالًا يظنه رمضان. الشيخ: روى أشهب وابن القاسم وابن وهب: لا بأس بصوم الأبد لمفطر ما منع صومه, وسرده صالحون. ابن حبيب: حسن لمن قوي عليه فحملوا النهي على ذي مشقة أو تعميمه فيما منع.

وفطر ناذر الدهر نسيانًا أو لعذر لغو وعمدًا في كونه كذلك, ولزوم كفارة التفريط أو الانتهاك قولا سحنون في سماعه عن ابن القاسم معه, وكتاب ابنه. ولو لزمه صوم كفارة لصامه, وفي لزوم كفارة التفريط قولا سحنون وابن حبيب مع روايته فيه, وفي صوم من نذر الاثنين والخميس أبدًا لظهاره. وكره مالك الوصال ولو إلى السحر: اللخمي: هو إليه مباح لحديث:" من أراد أن يواصل فليواصل إلى السحر". أشهب: من واصل أساء. ابن حبيب: ورد الترغيب في صوم التروية أنه كسنة ويوم عرفة وأنه كسنتين. أشهب وابن وهب وابن حبيب: فطره أفضل للحاج قوة على دعائه. وسمع ابن القاسم كراهة الاجتماع بالمساجد بعد صلاة العصر للدعاء يوم عرفة وورد في يوم عاشوراء والرواية أنه عاشر محرم. ابن حبيب: فيه استوت السفينة, وفلق البحر وأغرق فرعون وقومه, وولد عيسى, وخرج يوسف من الجب, ويونس من الحوت, وتيب على قومه. وخرج ابن رشد صومه تطوعًا قبل نذر على تراخيه وفوره. وفي صوم الأشهر الحرم محرم ورجب وذي القعدة وذي الحجة وهذا أولى من عدها من عامين, وشوال وشعبان خصوصًا يوم نصفه. وفي الموطأ لم أر أحدًا من أهل العلم والفقه يصوم الستة الأيام بعد الفطر يكرهونه ويخافون بدعته وأن تلحق برمضان. الباجي عن مطرف: إنما كرهه مالك لذي الجهل لا لمن رغب فيه لما جاء فيه. ومال اللخمي لا ستحبابها. المازري: عن بعض شيوخنا: لعل الحديث لم يبلغه أو لم يثبت عنده أو لأن العمل بخلافه, وأجاز مالك صوم الجمعة منفردًا.

ابن عبدوس عنه: كان بعض العلماء يصومه وأراه كان يتحراه وما سمعت من ينكره. قول ابن حبيب:" ورود الترغيب فيه" ضعيف لصحة حديث مسلم عن أبي هريرة " لا تخصوا يوم الجمعة بصيام من بين الأيام إلا أن يكون في صوم يصومه أحدكم", وإليه مال اللخمي. الداودي: لم يبلغ مالكًا الحديث. اللخمي: رغب في ثلاثة من كل شهر فقالت عائشة: كان صلى الله عليه وسلم لا يعين. وروى أبو ذر الأيام البيض الثالث عشر وتالياه. واستحب القابسي تعجيلها من أوله وروى الشيخ كراهة تعمد صوم البيض, واستح ابن حبيب صوم أول يوم الشهر وعاشره والعشرين. الباجي: قوله أنه صوم مالك ضعيف. ابن رشد: روي عن مالك أنه كان يصوم الأيام البيض وكتب إلى هارون الرشيد يحضه على ذلك, وإنما كرهه في هذه الرواية لسرعة أخذ الناس بقوله فيظن الجاهل وجوبها. ابن شعبان: أفضل النفل أول يوم من الشهر وأول كل عشر منه.

وفيها: من علمت شأن زوجها حاجته لها لم تصم دون إذنه, وإن علمت عدم حاجته فلا بأس أن تصوم. قلت: مفهوماهما في جاهلتها متعارضان, والأقرب الجواز؛ لأنه الأصل. ابن رشد: وكذا أم الولد والسرية. الباجي: من صام منهن ولو دون إذن لم يجز فطره. وانظر هل للزوج والسيد إفطارهن مع عدم الإذن, والمعرفة بالحاجة بعد التلبس بالصوم. وسمع أصبغ ابن القاسم لا يمنع زوجته النصرانية من صومها مع أهل دينها, ولا يكرهها على أكل ما يجتنبونه. وسمع ابن القاسم للعبد الصوم دون إذن ربه إن لم يضر به. ابن رشد: وكذا أمة الخدمة. الباجي: قال ابن شعبان. قيل: لا يجوز صوم العبد دون إذن ربه, وإن لم يضر به وبه أقول.

كتاب الاعتكاف

كتاب الاعتكاف الاعتكاف لزوم مسجد مباح لقربة قاصرة بصوم معزوم على دوامة يومًا وليلة, سوى وقت خروجه لجمعة أو لمعينه الممنوع فيه.

وقول ابن الحاجب: لزوم المسلم المميز المسجد للعبادة صائمًا كافا عن الجماع ومقدماته يومًا فما فوقه بالنية؛ يرد بحشو المسلم المميز والنية والجماع لإغناء العبادة والمقدمات عنها؛ ويبطل طرده بلزومه لمجرد العبادة المتعدية, وبأن حال من اعتكف يومًا خرج فيه لحاجة الإنسان حين خروجه- إن كانت اعتكافًا- أبطلت عكسه؛ لعدم لزومه حينئذ, وإلا بطل باعتكافه سائر يومه غير وقت خروجه, ويبطله حال من أتم يومه قبل تمامه. وقول ابن عبد السلام ذكره الصوم في قيود الرسم يشعر أنه ركن يرد بأن قيود الرسم لا تلزم ركنيتها, لجواز أنها أو بعضها خاصة, وأكثر عباراتهم أنه شرط. القاضي: هو قربة كالشيخ: نفل هير. الكافي: في رمضان سنة, وفي غيره جائز. العارضة: سنة, لا يقال فيه مباح وقول أصحابنا في كتبهم جائز جهل. ابن عبدوس: روى ابن نافع: ما رأيت صحابيًا اعتكف, وقد اعتكف صلى الله عليه وسلم حتى قبض وهم أشد الناس أتباعًا, فلم أزل أفكر حتى أخذ بنفسي أنه لشدته نهاره وليلة سواء, كالوصال المنهي عنه مع وصاله صلى الله عليه وسلم؛ فأخذ ابن رشد منه كراهته. مالك: فيصح من المسلم عاقل التقرب, والزوجة وذو رق كغيرهما, ويفتقران- غير المكاتب فيما لا يضر بربه- لإذن الزوج والسيد. وفيها: إن أذن لهما فليس له قطعة إن دخلا. ابن شعبان: له منعهما ما لم يدخلا. ورواه اللخمي في منعه الإحرام بعد إذنه قبله, واختار خلافه. واحتجاجه بأنه أسقط حقه كقوله: أنت حر اليوم من هذا العمل؛ فإنه لا يستعمله. قال: وهو في الحج أبين لعظم ثوابه, يرد بمنع لزومه إسقاط عمله؛ لأن كل ما للعبد لربه انتزاعه ما لم يتعلق به حق لغير العبد, ولم يحك عياض عن مالك إلا نقيض قول ابن شعبان في الاعتكاف. وفيها على الأمة والعبد قضاء نذرهما قبل عتقهما بعده, ويجزئهما فعله بإذنه قبله, ولو منعه ربه اعتكافًا التزمه على نفسه؛ لزمه إن عتق, كقول مالك في من نذرت مشيًا أو

صدقة؛ لربها منعها, فإن عتقت لزماها إن بقي مالها بيدها, وفي عتقها إن حلفت بصدقة مالها؛ لزمها إن حنثت. ابن القاسم: إن رده ربها بعد حنثها؛ لم يلزمها. فقال بعض الأندلسيين: تناقض؛ وفرق القرويون بأن مسألة السقوط في مال معين, ومسألة اللزوم غفي غير معين؛ لقوله فيها: إن بقي مالها بيدها, كقول سحنون: إن رد مذره عكوفًا معينًا سقط وإلا فلا. وقيل: رد في مسألة السقوط صدقتها, وفي مسألة القضاء إنفاذها. عياض: وقيل تم الكلام بقوله منعها, وما بعده ابتداء. قلت: استدلاله يمنع ابتدءاه, والاستدلال بشرط بقاء مالها بيدها على عدم التعيين ينتج العكس, والصواب لا تعارض , فلا تناقض, ولا حاجة لفرق؛ لأن مسألة اللزوم لم يذكر فيها ردًا, بخلاف مسألة العتق حسبما تقدم من نصها. وقول ابن رشد: ليس في مسألة الاعتكاف بيان؛ لأن لا رد فيها وهو معناها, وتأويلها بعضهم على أن معناها بعد الرد لا يصح؛ لأن المعلوم من أقوالهم في عطية الزوجة لا يلزمها إن زالت العصمة بعد رد الزوج إن بقي المال بيدها, وحجر السيد أقوى من الزوج بعيد لظهور نصها في أن لا رد. ابن محرز: عارض أشهب ابن القاسم في قوله بأن السيد إن حلل عبده من إحرام حج بغير إذنه لزمه قضاؤه إن عتق, وأجاب ابن محرز بحمله على حج كان نذره. ولا تخرج معتكفة لعدة إلا بعده, فلو تقدمت منعته, ولو نذرت شهرًا معينًا ثم لزمتها قبله؛ ففي لزومها بيتها لها لتقدمها على الشهر ولغو اعتكافها وخروجها له التقدم نذره أول قولي الصقلي وثانيهما. قلت: الأول: مقتضى قول ابن القاسم فيها من غر بعثار دابته في حمل دهن من مصر إلى فلسطين فعثرت بالعريش ضمن قيمته به. والثاني: مقتضى قول غيره قيمته بمصر؛ لأنه منها تعدى. والمعروف لزومه المسجد مطلقًا. ابن رشد: شذ قول ابن لبابة بنفيه.

وفي كونه ركنًا أو شرطًا: نص القبس مع ظاهر المقدمات والإكمال والذخيرة. اللخمي: في استحباب عجزه عن رحبته وعكسه, ثالثها: سواء؛ لرواية ابن عبدوس لم أراه إلا في عجزه, ورواية ابن وهب لم أره إلا في رحبته, ولها. قلت: نصفها في أول باب: لا بأس به في رحابه وفي آخره وليعتكف في عجزه؛ فظاهرها كالأول. قال: وفي جواز ضرب الأبنية في رحابة قولان: لها ولا بن وهب. الباجي: رحابه صحنه. الموطأ: لا يعتكف فوق ظهره ولا في المنار. الجلاب: لعلها التي لا يحوزها غلقه. ومقابل الأشهر في قول ابن الحاجب بخلاف سطحه على الأشهر , لا أعرفه. الشيخ: روى ابن عبد الحكم أكره دخوله بيت القناديل يعتزل فيه للصلاة, ومن اعتكف بمكة له أن يدخل الكعبة. الباجي: في إباحة أذانه بالمنار, ومنعه روايتان. وفيها: كره مالك للمؤذن المعتكف أن يرقى على ظهر المسجد, واختلف قوله فيه وفي صعوده المنار فقال مرة: لا, ومرة: نعم, وجل قوله ورأيي كراهته. أبو عمر: في جوازه في كل مسجد وقصره على مسجد الجمعة روايتان. عياض: زاد في رواية ابن عبد الحكم أو رحابه التي تجمع فيها الجمعة. الباجي: إنما كرهه في مسجد غير الجمعة لمن تلزمه فيه. اللخمي: إن اعتكف به فأخذته الجمعة في اعتكافه خرج إليها, وفي بطلانه وتمامه بالجامع, ثالثها: بمكانه الأول لرواية المجموعة وابن الجهم مع مالك وعبد الملك. ابن زرقون: من أخذته الجمعة فيه خرج إليها, وفي بطلانه وصحته بالجامع, ثالثها: إن اعتكف ما تأخذه فيه, وإن اعتكف مالا تأخذه فيه فمرض فخرج, ثم صح, فرجع فأخذته فيه بنى للمشهور, ورواية ابن الجهم وعبد الملك.

وروى ابن رشد: لا يصح في مساجد البيوت ولا لامرأة. وفيها: لا يعجبني أن تعتكف في مسجد بيتها, إنما الاعتكاف في المساجد العامة. ويخرج لحاجة الإنسان: الباجي: يستحب كونها في غير داره. وقال ابن كنانة: لا يدخل بيته ويتوضأ في غيره. الشيخ: روى ابن نافع يكره دخوله منزله المسكون لحاجة الإنسان, فإن دخل أسفله وأهله في علوه؛ فلا بأس. وفيها: أكرهه في بيته خوف الشغل بأهله, وكان من مضلا يتخذ بيتًا قرب المسجد غير بيته, ويخرج الغريب حيث تيسر عليه, ولا أحب بعده. وإطلاق لفظ ابن الحاجب: ولو بعد خلافها ولا أعرفه. الباجي: يستحب أن يستنيب من يشتري له ما لا بد له منه, فإنه تعذر جاز خروجه له. أبو عمر: إن خرج لشراء فطره أو غسل جنابته أو لجنازة أب أو ابن لا قائم بهما غيره؛ ففي ابتدائه روايتان. اللخمي: على قول عبد الملك يفسده خروجه للجمعة يفسده لطعامه. قلت: هذا خلاف ما نقل عنه في الجمعة. وسمع ابن القاسم لا يعجبني خروجه لأخذ طعامه من بيته, ولا بأس أن يغتسل حيث يخرج لحاجته للجمعة أو تبردًا ولغير ذلك. وتخريج اللخمي منع خروجه لغسل الجمعة على منعه لصلاة العيد يرد بأن غسل الجمعة تبع لها, وهي من فعل الاعتكاف, بخلاف صلاة العيد. وفيها: لا ينتظر في خروجه لغسل جنابته جفاف ثوبه, واستحب أن يكون له ثوب آخر. وروى ابن نافع: لا يعجبني إن أجنب أول الليل أن يؤخر غسله للفجر. قلت: تعجيله واجب؛ لحرمة مقام الجنب بالمسجد. الشيخ: روى ابن وهب لا يعجبني دخوله الحمام لغسل جنابته لبرد الشتاء.

وفيها: لا بأس بخروجه لشراء طعامه إن لم يجد كافيًا, ثم قال: لا أراه, وأحب أن ر يعتكف حتى يكمل حوائجه. قال عنه ابن نافع: لا يخرج لشراء طعام ولا غيره. ابن رشد: إنما اختلف قوله بالجواز والكراهة لمن لا يجد كافيًا في ابتداء اعتكافه, فإن دخل فلا كراهة في خروجه لذلك, ولا يبطل اعتكافه اتفاقًا. قلت: هذا خلاف متقدم رواية أبي عمر وتخريج اللخمي وقوله: اختلف قول مالك: فمنع خروجه له مرة ولو مع الضرورة , وأجاز مرة مع القدرة على استعداده. الباجي: ويأكل بالمسجد, فإن خرج له أو لصلاة؛ بطل اعتكافه. الشيخ عن المجموعة: كره أن يخرج له بين يدي المسجد , ولا بأس به داخل المنارة ويغلق عليه بابها. وفيها: لا بأس أن تأكل معه زوجته بالمسجد وتصلح رأسه, ما لم يتلذذ منها ليلًا أو نهارًا. الصقلي: يريد: ويخرج لها رأسه من باب المسجد. وروى ابن نافع: لا يخرج لأداء شهادة وليؤدها بمسجده. اللخمي: روى العتبي: يؤديها به, وتنقل عنه. ابن محرز: كذي عذر المرض وغيره. قال: والأولى أنه كغائب وبقية اعتكافه كمسافة الغيبة. وسمع ابن القاسم: يخرج لمرض أحد أبويه ويبتدئ اعتكافه. ابن رشد: لأنه لا يفوت , وبرهما يفوت. وفي الموطأ: لا يخرج لجنازتهما. ابن رشد: لأنه غير عقوق, ولا يخرج لعيادة مريض. الشيخ عن ابن القاسم: ولا لعلاج عينيه, وليأته من يعالجه. وفيها: لا يعود بالمسجد مريضًا, ولا يقوم به ليعزي أو يهنئ أو ينكح, إلا أن يغشاه بمجلسه, ولا بأس أن ينكح ويتطيب, ويبيع ويبتاع ما خف من عيشه, ونقله أبو عمر بإسقاط: من عيشه.

الجلاب: لا يبيع بالمسجد. وفيها: ولا يأخذ من شعره وأظفاره, ولا يدخل إليه لذلك حجامًا, وإن جمعه وألقاه, وإنما كره ذلك لحرمة المسجد. الشيخ عن ابن حبيب: أما طيب وحلق شعر, وقص ظفر , وقتل دواب, وعقد نكاح له أو لغيره, فلا يحرم عليه في مجلسه, إلا أنه يكره له الاشتغال بشيء من هذا. وقول ابن عبد السلام: ظاهره إباحته في المسجد لغير المعتكف؛ يرد بمنعه, ولا يوهم ذلك إلا من مفهوم يكره له الاشتغال بشيء من هذه, فيدل على نفي الكراهة لغيره, فيرد بأن المفهوم هو ثبوت نقيض يكره الاشتغال بشيء من ذلك لغير المعتكف, وهو أعم من ثبوت كل ما ذكر أو بعضه وحرمة الباقي أو كراهته, كمفهوم يكره للمعتكف القيام لعقد النكاح بالمسجد وتزويقه. وروى ابن نافع: ولا يحكم إلا فيما خف, وابن وهب: لا بأس أن يتزين بالحلي. وفي قصر عمله على الصلاة والقراءة والذكر وعمومه في عموم كل عبادة المشهور, وقول ابن وهب, وفيها: لا يعجبني أن يصلي بمكانه على جنازة. ابن نافع عنه: وإن اتصل به المصلون عليها. وفي المعونة: جوازها به. وفي أذانه بالمسجد طريقان. اللخمي: جائز. عياض: إن كان يرصد الأوقات أو يؤذن بغير معتكفة من رحاب المسجد فيخرج إلى بابه, كره, وإلا فظاهرها جوازه, وكرهه في العتبية. فضل: اختلف قول مالك فيه. مطرف: له أن يؤم. عياض: روى ابن وضاح عن سحنون: لا يجوز أن يؤم في فرض ولا نفل, ثم قال إن كان لا يمشي مع المؤذنين؛ فلا بأس. الإكمال: منع سحنون إمامته في فرض أو نفل في أحد قوليه, وكذا أذانه في غير منار.

باب ما يجب به خروج المعتكف من المسجد

وفيها: أكره أن يقيم الصلاة مع المؤذنين؛ لأنه يمشي إلى الأمام وذلك عمل. وفيها: لا يجلس مجالس العلماء, ولا يكتب العلم إلا ما خف, وتركه أحب. الجلاب: لا بأس أن يكتب بالمسجد ويقرئ غيره القرآن بموضعه. ابن العربي: كل ما جاز في المسجد جاز له من علم وتدريس, إنما الخلاف في ما بخارجه. والمذهب أن يصوم شرط له, وأسقطه ابن لبابة, وعلى الأول؛ يكفي في تطوعه كونه في واجب رمضان أو غيره, وفي كون منذوره كذلك ولزوم صوم له. نقلا الصقلي مع ابن حارث عن ابن عبد الحكم وسحنون مع ابن الماجشون وعزو الباجي الأول لمالك تعقبه ابن زرقون: بعدم وجوده له. ولم يحك اللخمي غير الثاني وقيده بكون الناذر نوى له أنه لا يكون إلا في صوم غير واجب, ولو علم صحته في واجب أو جهل شرط الصوم فيه؛ صح فيه في واجب, وقول ابن القاسم فيها: إن حاضت في شعبان ناذرة عكوفة وصلت قضاءها بما اعتكف وإلا ابتدأت؛ ظاهره الأول. ولو منع مرض صومه فقط؛ ففي بقائه بمعتكفة وخروجه حتى يصح قولا القاضي مع تخريج اللخمي على قولها: إن صح أو ظهرت , ورواية المجموعة. [باب ما يجب به خروج المعتكف من المسجد] وتخرج منه لطرو حيض أو مرض يمنعه أو إغماء أو جنون: فإن زال قبل الغروب؛ ففي وجوب رجوعه حينئذ قولها: إن صح أو طهرت رجعا لحينهما قبل الغروب وتخريج اللخمي على رواية المجموعة. التونسي: ظاهر قول ابن القاسم فيها: إقامته ليلة الفطر بالمسجد, وهو يقول لا يقيم به لامتناع صومه وأيام الذبح ولياليها لمن اعتكف عشر ذي الحجة فمرض ثم صح كليلة الفطر وصومه.

وروى ابن القاسم: من صح قبل يوم الفطر فرجع لتمامه بعده لا يثبت فيه بمعتكفه. وروى ابن نافع: يرجع بعد صلاة العيد, وذكر التونسي عن عبد الملك في عيد الأضحى: كمن اعتكف عشر ذي الحجة فمرض ثم صح؛ ففرق ابن محرز لخوف إيهام صوم يوم الفطر, والتونسي بعدم قبوله الصوم. عياض واللخمي: تناقض وأخذه منه صحة اعتكاف من تعذر صومه لكبر أو عطش؛ يرد بانسحاب حكم الصوم قبله وبعده عليه. ابن حارث عن ابن عبدوس: أخذ سحنون برواية ابن نافع, وقال عنه ابنه: لا يخرج لصلاة عيد. الجلاب: لو اعتكف خمسًا من رمضان وخمسًا من شوال خرج يوم الفطر باقيًا عليه حرمة العكوف ويرجع قبل الغروب. وقال عبد الملك: لا يخرج ويومه كليل. وقول ابن عبد السلام في قول ابن الحاجب: ولو طرأ ما يمنعه الصيام دون المسجد كالمريض إن قدر والحائض تخرج ثم تطهر؛ ففي لزوم المسجد, ثالثها: المشهور يخرجان, فإذا صح وطهرت رجعا تلك الساعة وإلا ابتدأ. قوله: مشكل غاية؛ لإيهامه أن الخلاف في لزوم الحائض كالمريض؛ وإنما الخلاف في لزوم المريض وفي عودها للمسجد, لا في لزومها له. وإطلاق اللزوم على العود مجاز بعيد, واستعمال اللفظة في حقيقتها ومجاز يرد بمنع نفي اللزوم عنها؛ لأن لزومه لها هو نقيض مفارقته, وهو متصور فيهما, فكونه في المريض مستصحبًا حسًا وحكمًا وفيها حكمًا فقط؛ لا يكذب قولنا هو لازم لها, فلا يكون مجازًا, فلا بعد ولا جمع بين حقيقة ومجاز, وبأن ظاهر قوله وضوح تصور الأقوال الثلاثة بعد ارتكاب ما ذكر من المجاز المذكور ولا يتضح؛ لأن الثالث هو الأول فيها, ويتصور باعتبار تعميم قوله بما يمنعه الصيام في الصورتين وفي المرض المانع المسجد وتقريرها: الأول: بقاء ذي المرض مانع الصوم فقط ورجوع ذي المرض المانع المسجد

باب مبطل الاعتكاف

والتي طهرت؛ لاشتراك الكل في منع مفارقة المسجد, وهو معنى اللزوم. الثاني: خروج الأول وعدم رجوع الآخرين. الثالث: خروج الأول ورجوع الآخرين. [باب مبطل الاعتكاف] وتبطله القبلة والمباشرة للذة ولو ليلًا: ابن رشد: اتفاقًا. الشيخ عن ابن القاسم: ولو سهوًا. عياض: اتفاقًا, وفي المقدمات شذ قول ابن لبابة: يصح الاعتكاف بغير المسجد ولا يلزمه ترك المباشرة إلا فيه. وشك اللخمي في بطلانه بذلك بوجود اللذة خلاف إطلاق مطرف وقبوله. ابن رشد: كظاهرها. أبو عمران: وطء المكرهة كالمختارة. الصقلي: والنائمة كاليقظانة والاحتلام لغو. عياض: وتقبيله مكرهًا لغو إن لم يلتذ. ابن محرز: في إبطاله الكبيرة كقذف وشرب قليل خمر قولا البغداديين والمغاربة. أبو عمر: روى الأول ابن خويز منداد, وفيها: إن سكر ليلًا وصحا قبل الفجر؛ فسد اعتكافه, فقال الأولون: إنه للكبيرة, والآخرون: لتعطيل عمله. ابن محرز: وعليه لو سكر من لبن أدخله على نفسه؛ أفسده. اللخمي: إن علم أنه يذهب عقله, قال: ويفسده شرب قليل خمر لا يسكره. على رواية محمد: إعادة صلاته أبدًا مدة ما يرى بقاءه في بطنه وعلى رأي نجاسة عرق شارب الخمر؛ لبطلان صلاته تلك المدة ويبني بعد ذهاب ذلك على ما مضى من عكوفه. قلت: في بنائه نظر؛ لأنه إفساد بعمد والحائض كغيرها, وفي قصر حرمته عليها

باب ما يوجب ابتداء كل الاعتكاف

مدة خروجها في منع لذة الرجال بالقبلة والجسة لا في منع التصرف وعمومه إلا في المسجد فقط سماع أبي زيد ابن القاسم وقول سحنون. [باب ما يوجب ابتداء كل الاعتكاف] ؟؟؟؟ اتصال أيامه وابتداء كله بإفساد بعضه عمدًا مطلقًا ونسيانًا بغير فطر الغذاء, وبه يقضي ثانيًا إن كان من رمضان. الباجي: أو واجب غيره, وإن كان في نفل ففي عدم قضائه نقل الباجي عن ابن الماجشون مع ابن رشد عن ابن سحنون, ورواية ابن زرقون مع ظاهرها عنده, وابن رشد عن ابن القاسم قائلًا بشرط اتصاله. الصقلي: قول ابن حبيب لا قضاء خلاف قول مالك ويحتمل الوفاق. ونقل ابن الحاجب سهو غير الأكل كآكل وهم, وما مرض فيه من نذر مبهم أو رمضان قضاه ومن غيره في قضائه, ثالثها: إن مرض بعد دخوله لابن رشد عن رواية ابن وهب فيها وسحنون وتأويل ابن عبدوس قول ابن القاسم فيها. وفيها: إن مرض شعبان ناذر عكوفه؛ لم يقضه, ومن نذرت عكوف شعبان فحاضت فيه وصلت القضاء بما اعتكفت فيه وإلا ابتدأت. قال سحنون: هذه مختلطة والأصل لا قضاء. وفرق ابن عبدوس بما مر, وقاله أبو مصعب وغيره: بأن قضاء الحائض على قضاء ناذر ذي الحجة أيام النحر؛ لأن تكرر الحيض يصيرها كناذرة أيامه, ومال إليه الطابثي ووفق أبو تمام بأن معنى وصلت قضاءها: أي: اعتكاف ما بقي من الشهر لا أيام حيضها.

وشرط منافيه لغو: عبد الحق عن بعض البغداديين: لو نذره كذلك لم يلزمه إلا بدخوله فيبطل شرطه, والخارج منه في السواحل والثغور لخوف رجع مالك عن ابتدائه لبنائه قائلًا: لا يعتكف في زمن خوف ولا يدع ما خرج له من غزو. اللخمي: إن ابتدأ في أمن فكمرض, وخروجه لطلب حق يبطله. وفي ابتداء من أخرجه قاض لحق واستحبابه روايتا: ابن القاسم وابن نافع فيها, وفيها: لا ينبغي إخراجه إلا أن يعتكف لددا. اللخمي: إن بقى لتمامه يسير لم يخرجه إلا أن يخاف تغيبه ولم يأت بحميل. قلت: كقولها: لا يرد عبد بعيب إحرامه إن قرب إحلاله ومن أخر بناءه ابتدأ. وقول ابن الحاجب: ما اختلف في إيجابه الكفارة اختلف في إيجابه الاستئناف. نقضوه وحر بالوطء ناسيًا لإيجابه الاستئناف اتفاقًا. وقوله: وما اختلف في وجوب قضاء صيامه اختلف في قضائه؛ نقضوه بمذي القبلة والمباشرة. ابن رشد: في كون أقل مستحبة يومًا وليلة أو عشرة قولا ابن حبيب وغيره. ابن حبيب: وأعلاه عشرة. ابن رشد: وعلى أنها أقلة؛ أكثره شهر ويكره ما زاد عليه. قال: وقول مالك مرة أقل الاعتكاف يوم وليلة ومرة عشرة؛ أي: أقل مستحبة لا واجبة؛ إذا لا يلزم من نذر اعتكاف أقل من العشر العشر اتفاقًا, وناذر مبهمة يلزمه على الأول يوم وليلة, وعلى الثانية عشر. المازري: قولا مالك فيمن نذره مبهمًا ولا حد لأكثره ولا لأقله لمن نذره. أبو عمر: روى ابن وهب أقله ثلاثة أيام. اللخمي: مادون العشرة كرهه فيها, وقال في غيرها: لا بأس به ويجب بالنذر وأقله بابتدائه وغيره به مع النية. الشيخ عن عبد الملك: لا بها فقط. وقول ابن العربي:" نذر الكافر لا يلزم إجماعًا, وقوله صلى الله عليه وسلم لعمر حين قال نذرت

اعتكافًا في الجاهلية:" أوف بنذرك"؛ لأنه نواه وعزم عليه. وكل عبادة يتقرب بها العبد تلزمه بمجرد النية العازمة الدائمة كالنذر في العبادات" كالنص في لزومه بمجرد النية. قال عبد الملك وسحنون: لو ابتدأ خمسًا بقين من رمضان ناويًا خمسًا من شوال أو عشرًا ناويًا فطر خامسها لم تلزمه الخمسة الثانية. قلت: يناقضان بقولها: لو خرج ناويًا سير عشرين ميلًا وإقامة أربعة أيام ثم سير عشرين ميلًا وإقامة أربعة أيام؛ قصر من حين خروجه, ويجاب بقوة منافاة عدم الاعتكاف؛ لأنها لذاته وضعف منافاة الإقامة حكم السفر؛ لأنها لبلوغها أربعة أيام لا لذاتها, وما مر لعبد الملك في الجلاب لعله بنذر وما نذر منه لزم. اللخمي: إن كثر ما يضر به ضررًا بينًا؛ سقط ما يضر لرده صلى الله عليه وسلم تبتل عثمان. قلت: التبتل منهي عنه, والاعتكاف نفل أو سنة, ونذر يوم يوجبه وليلة. ابن حارث: اتفاقًا وفي كون نذر ليلة كذلك ولغوه قولها وقول سحنون, وتصويبه اللخمي: بأنه إن صح ما نذره أتى به وإلا سقط. قال ويلزم ابن القاسم من نذر ركعة أو صوم بعض يوم ركعتان وصوم يوم؛ يرد: بأن قوله وإلا سقط يمنع لزومه؛ لأن ما لا يصح إن كان لذاته سقط, وإن كان لكونه جزءًا من طاعة منع سقوطه بل كونه كذلك يوجبه؛ لأن ما لا يتوصل للواجب إلا به وهو مقدور واجب, وظاهر قوله بطلان ما ألزمه ابن القاسم, وليس كذلك؛ بل هو حق يؤيده ما مر لابن رشد في أن العشر أقل مستحبه لا واجبه, واتفاق المذهب على أن النذر كالشروع في الإيجاب, واتفاق المذهب على أن مطلق الشروع فيما لا يتجزأ من

باب الجوار في الاعتكاف

العبادات يوجب كلها فكذا نذره. وفي شرط يومه بدخوله عند مغرب ليلته أو قبل الفجر قولان؛ لنقل اللخمي عنها يدخل المغرب ويخرج في غير ليلة الفطر مع ابن رشد عن سحنون, والمعونة, مع اللخمي عن رواية المبسوط وابن محرز عن البغداديين. قلت: ومعنى قول مالك في الموطأ:" يدخل المعتكف معتكفه قبل الغروب" الاستحباب لا اللزوم؛ لنقل الشيخ عن المجموعة: روى ابن وهب: يدخل معتكف العشر إذا غربت الشمس, ولنقل اللخمي عنها اتحاد وقت دخوله وخروجه. الشيخ عن ابن الماجشون: إن دخله قبل الفجر لم يعتد بيومه فيما التزم من أيامه, وهو في يومه معتكف إن فعل فيه ما يقطع اعتكافه؛ لزمه ما يلزم المعتكف. قلت: يريد يلزمه بدله يوم وليلة, وقول اللخمي: أرى دخوله عند طلوع الفجر لقول عائشة:" كان صلى الله عليه وسلم يعتكف العشر وكنت أضرب له خباء فيصلي الصبح ثم يدخله" وهم؛ لأن الضمير للخباء لا للاعتكاف, وفي رواية مسلم:" إّا أراد أن يعتكف صلى الفجر ثم دخل معتكفه" أي: محل اعتكافه وقاله عياض. ابن رشد: وحمل قولي سحنون والمعونة على الخلاف أظهر من حمل بعضهم الأول على النذر والثاني على النفل. قلت: هو الصقلي قائلًا ظاهر الروايات أنها قولان. [باب الجوار في الاعتكاف] والجوار, روى ابن وهب في المجموعة مع ابن القاسم فيها كالاعتكاف, الا جوار مكة يقيم نهاره فقط لا صوم فيه. وفي إيجاب نيته والدخول فيه بمكة وغيرها يومًا كالصوم أو لا قولا عبد الحق والصقلي عن أبي عمران قال: لأنه ذكر لا صوم فيه يتبعض كالقراءة لا يلزم من نوى

قدرًا منه جميعه, وفيها لمالك: جوار مكة إنما يلزم بالنذر لا بالنية. ابن القاسم: ونذره بغير مكة لازم إن كان بمسجد بلده. ابن رشد: إن جعل على نفسه فيه الصيام فكاعتكاف يجب بالنية والدخول. ومن نذر اعتكافًا بمسجد غير بلده لزم ببلده إلا مسجد مكة أو المدينة أو إيلياء فيه ويخرج في غير العشر الأواخر من رمضان لغروب آخر أيامه. واختار اللخمي لطلوع فجر تلك الليلة لحديث أبي سعيد: "حتى إذا كان ليلة إحدى وعشرين وهي الليلة التي يخرج من صبيحتها". وفي العشر يؤمر بالمكث لطلوع الفجر ليخرج لصلاة العيد. وفي كونه وجوبًا إن خرج قبله أو أحد منافيًا فسد اعتكافه- أو استحبابًا فلا يفسد بهما- نقل اللخمي عن ابن الماجشون, مع أبي عمر عن رواية المبسوط, وقول سحنون: هي السنة المجمع عليها, والقاضي, مع سماع ابن القاسم, وأبي عمر عن تحصيل مذهب مالك رادًا قول سحنون بوجود الخلاف. الباجي: روى ابن القاسم وسحنون عنه: لهع الخروج لغروب الشمس. ابن زرقون: انظر أين روياه إنما في العتبية, وكتاب ابن سحنون: إن خرج لم يضره لا أنه يخرج ابتداء. الباجي: انظر لو كان مريضًا يقدر على الاعتكاف ويعجز عن المشضي لصلاة العيد, هل يقيم ليلة الفطر أم لا؟ وفيها: إن أوصى ناذر عكوف مات قبل فعله بإطعام أطعم عنه لكل يوم مسكين مدًا نبويًا, ولو نذره عاجزًا عن صومه وأوصى بالإطعام إن لزمه فلا شيء عليه. الشيخ عن ابن حبيب: أفضله العشر الأواخر من رمضان. لالتماس ليلة القدر.

روي في الموطأ التمسوها في التاسعة والسابعة والخامسة. زاد فيها: قال مالك أرى التاسعة ليلة إحدى وعشرين والسابعة ليلة ثلاث وعشرين والخامسة ليلة خمس وعشرين. الباجي: قال عيسى عن ابن القاسم رجع مالك, وقال: هذا حديث مشرقي لا أعلمه. الشيخ: روى ابن حبيب التمسوها في تاسعة أو سابعة أو خامسة أو ثالثة أو آخر ليلة وفسره كما تقدم. ابن رشد: المذهب أنها تنتقل وأغلب انتقالها في العشر الوسطى ليلتي سبع عشرة وتسع عشرة وفي العشر الأواخر في أوتارها. وقول ابن حبيب: تتحرى جميع لياليها على كمال الشهر, بعيد. قال: والقول برفعها غير صحيح, وعلى الصحيح. قيل: لا تنتقل مبهمة في كل العام, وقيل: في كل الشهر, وقيل: في العشر الوسطى والأخرى, وقيل: في الأخرى, وقيل: معينة ليلة إحدى وعشرين, وقيل: ثلاث وعشرين, وقيل: سبع وعشرين, وقيل: ثلاث وعشرين أو سبع وعشرين. أبو عمر: قول مالك والشافعي والثوري وأحمد وإسحاق وأبي ثور تنتقل في العشر الأواخر. قلت: فيتحصل فيها تسعة عشر قولًا. الأول: مبهمة في كل السنة قاله ابن مسعود. الثاني: لعياض عن ابن عمر وغيره من الصحابة مبهمة في كل الشهر. الثالث: في العشر الوسطى والأخرى.

الرابع: في الأخرى فقط. الخامس: روايتها مع رواية ابن حبيب والموطأ. السادس: لا بن العربي عن الأنصار تنتقل في أشفاع العشر الأواخر. السابع: نقل ابن رشد عن المذهب. الثامن: نقله عن ابن حبيب. التاسع والعاشر والحادي عشر والثاني عشر: ما ذكر من أقوال التعين. والثالث عشر: لا بن العربي عن ابن الزبير ليلة سبع عشرة. الرابع عشر: لعياض عن علي وابن مسعود ليلة سبع عشرة أو إحدى وعشرين أو ثلاث وعشرين. الخامس عشر: له عن الحسن وقتادة وغيرهما ليلة أربعة وعشرين. السادس عشر: لنقل ابن العربي ليلة خمس وعشرين. السابع عشر: لنقله ليلة تسع وعشرين. الثامن عشر: ليلة التاسع عشر لنقل عياض. التاسع عشر: رفعها.

كتاب الحج

[كتاب الحج] الحج: قال ابن هارون: لا يعرف؛ لأنه ضروري للحكم بوجوبه ضرورة وتصور المحكوم عليه ضرورة ضروري, ويرد بأن شرط الحكم تصوره بوجه ما, والمطلوب معرفة حقيقته, وابن عبد السلام: لعسره, ويرد بعدم عسر حكم الفقيه بثبوته ونفيه وصحته وفساده, ولازمه إدراك فضله أو خاصته كذلك. ويمكن رسمه بأنه عبادة يلزمها وقوف بعرفة ليلة عاشر ذي الحجة, وحده بزيادة: وطواف ذي طهر أخص بالبيت عن يساره سبعًا بعد فجر يوم النحر, والسعي من الصفا للمروة ومنها إليها سبعًا بعد طواف كذلك لا يقيد وقته بإحرام في الجميع.

ووجوبه مرة, وفي فوره وتراخيه ما لم يخف فوته قولا العراقيين وابن محرز مع المغاربة, وابن العربي وابن خويز منداد وسحنون وفتوى ابن رشد, وأخذه اللخمي من قول مالك: لا يخرج له معتدة وفاة. وابن رشد: معه من رواية ابن نافع: يؤخر لإذن الأبوين عامين, وابن رُشْد من سماع أشهب: لا يعجل تحنيث حالف: لا تخرج زوجته بخروجها له ولعله يؤخر سنة, وقول سحنون: لا تسقط شهادة تاركه اختيارًا حتى يطول للستين, فحد ابن رشد تأخيره بها. قلت: أخذه من المعتدة ضعيف؛ لوجوب العدة فورًا إجماعًا وتقدمه. ورد ابن بشير الثاني بوجوب طوع الأبوين, يرد بقولها: إذا بلغ الغلام فله أن يذهب حيث شاء, وسماع القرينين: سفر الابن البالغ بزوجته ولو إلى العراق وترك أبيه شيخًا كبيراً عاجزًا عن نزع الشوكة من رجله جائز, فقبله ابن رشد, وحمله ابن محرز على عدم الحكم به لا على عدم وجوبه بعيد جدًا, ورده ابن عبد السلام بأن متعين الوجوب يبطلها كصلاة أخر وقتها؛ يرد بأن البحث في مؤخر لا يكون قضاء إجماعًا. وعلى فوره في كونه بعد أول عام مستطيعه قضاء أو قولا ابن القصار وغيره.

باب فيما يجب الحج به وما يصح به

[باب فيما يجب الحج به وما يصح به] ويجب بالتكليف, والحرية, والاستطاعة, والإسلام كالفروع. [باب الاستطاعة في الحج] وفي كون استطاعته قدر الوصول أو زادًا وراحلة قولا المشهور وابن حبيب مع ابن أبي سلمة وسحنون. الشيخ: يريد لبعيد الدار, وعلى الأول في كون قدرة غير معتاد مشي عليه استطاعه قولا اللخمي والباجي مع القاضي, وصوب عبد الحق قول بعض العلماء: من الاستطاعة وجود الماء في كل منهل وقدره سائل بالحضر على سؤال كفايته بالسفر, وأعمى على وصوله بقائد استطاعة. ولا يجب على فقير غير سائل بالحضر قادرًا على سؤال كفايته بالسفر. ابن رشد: اتفاقًا, وفي إباحته له وكراهته روايتا ابن عبد الحكم وابن القاسم. قلت: إليه يرجع قول اللخمي اختلف فيمن يخرج يسأل؛ فروى ابن عبد الحكم: لا بأس به, وقال أيضًا: لا أرى لمن لا يجد ما ينفق خروجه لحج أو غزو يسأل.

باب في مسقط وجوب الحج

اللخمي: يريد: فيمن كان في مقامه لا يسأل, ونقل ابن شاس سقوطه عن معتاد السؤال ظانًا وجوده من يعطيه لا أعرفه. وسمعه يحيى: يجب بيعه قرية لا يملك غيرها لحجه وترك ولده للصدقة. ابن رشد: إن أمن ضيعتهم, ونقل ابن الحاجب: لا يعتبر ضياعه أو ضياع من يقوت لا أعرفه, وسمع ابن القاسم: يقدم على نكاح العزب. ابن رشد: إن نكح أثم ومضى, وإن خاف العنت أخره. وفيها: ينبغي للعزب يفيد مالًا حجه به قبل زواجه به وهو أولى من قضاء دين أبيه. الصقلي: لأن الحج عندنا على الفور. قلت: إن أراد تعليله بالفور فلا يتم لصحة تقديم مندوب على آخر, وإن أراد أخذه منه فأبعد لظهور" ينبغي " في الندب, وقوله: أولى من قضاء دين أبيه. وفي وجوبه بما إن حج به طلق بفقده النفقة قولان؛ لتخريج ابن رشد على فوره وتراخيه. اللخمي: ولا تعتبر نفقة رجوعه إلا إن بقي ضاع فيعتبر لأقرب مكان معيشته. الشيخ: روى ابن نافع ومحمد: من عليه دين ليس عنده قضاءه لا بأس أن يحج. سحنون: ويغزو, وروى محمد: إن كان له وفاء أو يرجو قضاءه فلا بأس أن يحج. محمد: معناه إن لم يكن معه غير قدر دينه فليس له أن يحج إلا أن يقضيه أو يتسع وجده. [باب في مسقط وجوب الحج] ويسقط بطلب نفس أو ما بمجحف أو مالا حد له وبما لا يحجف قولا المتأخرين. اللخمي: لا يسقط بغرم اليسير. قال: وظاهر قول القاضي ولا بكثير لا يحجف. والبحر الآمن مع أداء فرض الصلاة كالبر وإلا سقط. الشيخعن المجموعة: روى ابن القاسم كراهته لغير أهل الجزر, وفي كونه مع الصلاة جالسًا والسجود على ظهر أخيه مسقطًا أو لا؟ سماع أشهب, وتخريج اللخمي

باب شروط الحج على المرأة

على قول أشهب بصحة جمعة من سجد على ظهر أخيه وإباحة سفر تجر ينقل للتيمم. اللخمي: يترجح البر الموصل من عامه على البحر المباح الموصل من عام آخر على التراخي, ويتعين على الفور وإن تساويا تساويا. وفي كون المرأة فيه كالرجل وسقوطه عنها به قولا اللخمي وسماع ابن القاسم مع روايته في المجموعة. ابن رشد: قيل يسقط به عن الرجل وهو ضعيف. [باب شروط الحج على المرأة] والمعروف شرطه على المرأة بصحبة زوج أو محرم: الموطأ: جماعة النساء كالمحرم. اللخمي: قول ابن عبد الحكم: لا تخرج مع رطل دونه أحسن من قول مالك: تخرج مع رجال أو نساء لا بأس بهم. وروى ابن رشد: جماعة الناس كالمحرم. وفيها: من ليس لها ولي تخرج مع من تثق به من الرجال والنساء. الباجي: لا يعتبر في كبير القوافل وعامر الطرق المأمونة. الشيخ: روى ابن حبيب لها أن تخرج للفرض بلا إذن الزوج, وإن لم تجد محرمًا ولا بد في التطوع من إذنه والمحرم. وسمع القرينان لا تخرج مع ختنها دون جماعة الناس. ابن رشد: كسماع ابن القاسم كراهة سفرها مع ربيب أو حمو لحداثة حرمتها. الباجي: كراهته مع ربيبها لعدواتها الربيب وقلة شفقته. وفي كون مشيها من بعد كالرجل أو عورة, ثالثها: إن كانت غير جسيمة أو رائعة للخمي عن قوله فيها: نذر المشي عليهما سواء, ورواية محمد واللخمي ورد ابن محرز الأولين للثالث. قلت: أخذ اللخمي منها خلاف رواية محمد هو مناقضتها. ابن الكاتب: بها, ويردان بأن معناها المشي الواجب عليهما سواء؛ أي: في إكماله

والعود لتلافيه وغير ذلك, لا أن مشيهما سواء في الوجوب , فلفظ" عليهما" متعلق بـ" نذر" لا بـ"سواء". الشيخ: روى محمد: الحج على الإبل والدواب لمن قدر أحب إلى من المشي كما فعل صلى الله عليه وسلم واختار اللخمي عكسه. ويصح بالإسلام والعقل كالصبي المميز والعبد, ولا يجزئهما إن بلغ أو عتق بعد إحرامه, وللسيد تحليل ذي رق أحرم بغير إذنه, وشك ابن عبد السلام في جواز تحليل الصغير والكبير السفيه وليه قصور؛ لقبول الصقلي والشيخ قول أشهب: لو عتق أو بلغ عقب تحليله سيده أو ليه فأحرم لفرضه أجزأه, وسماع ابن القاسم إحرام المولى عليه سفه لا يمضى وقبله الشيخ, وتعليله ابن رشد بأنه قبل أشهر الحج وميقاته بعيد. وإذن رب ذي رق في إحرامه يمنع تحليله منه, وفي صحة منعه منه قبله رواية اللخمي وقوله: وتمسكه بأنه حق وجب له مر في الاعتكاف. وفي صحته لغير المميز قولان لها, وللخمي مع رواية ابن وهب: يحج بابن أربع لا برضيع, وفي المجنون قولان لها, ولتخريج اللخمي على الصبي, وقول الباجي عدم العقل يمنع صحته خلاف النص, ونقله ابن عبد السلام عن بعض شارحي الموطأ من المتأخرين تعميمة أو قصور, وعلى صحته يحرم عنهما وليهما بتجريدهما ناوية ولا يلبي عنهما, ويجرد المناهز من ميقاته ومن لا ينتهي كابن ثماني سنين قرب الحرم, وفي كتاب محمد: لا بأس أن يترك عليه مثل القلادة والسوارين. وفيها: لا بأس أن يحرم بأصاغر الذكور في أرجلهم الخلاخل وعليهم الأسورة, وكره مالك تحليتهم بالذهب. التونسي: ظاهره إباحة لبسهم ذلك ذهبًا أو فضة, ولبس الفضة ذكور البالغين حرام إلا الخاتم والسيف, وفي المنطقة خلاف, وخفف الناس لهم لبس الحرير, والأشبه تكليف الولي منعهم ذلك, وإباحة شغل السوار والخلخال محله خلاف قوله: ينزع الكبير في إحرامه ما بعنقه من كتب. عياض: كراهة حلي الذهب لهم على التحريم؛ لقوله بعد ذلك: أكره الحرير لهم كالرجال.

قال: وتخفيفه ذلك إنما هو الإحرام, ولو سئل عن جواز لبسهم لمنعهم, كذكر الآنية في كتب الصرف. قلت: ظاهر كلام ابن رشد حمل الكراهة لهم على بابها. وفضل نفقة الصبي على وليه إن لم يخف ضياعه. وفي كون فديته وجزاء صيده كجناية أو على وليه, ثالثها: إن خيف ضياعه؛ لنقل محمد والتونسي عن ثالث حجها, والشيخ عن محمد عن رواية ابن وهب, وفي الكافي عزو الأول لبعض أصحاب مالك والثاني للأشهر عن مالك. التونسي واللخمي: وجزاء صيده بالحرم دون إحرامه جناية إن كان خيف ضياعه وإلا فعلى وليه, ولا يصح عن مرجو صحته, ولأشهب: إن واجر صحيح من يحج عنه لزم للخلاف. ابن بشير: لا يصح عن قادر اتفاقًا, ونحوه للخمي. والمعضوب: من لا يرجى ثبوته على راحلة. الباجي: كالزمن والهرم في إجازته عنه, ثالثها: لابنه, للخمي مع أشهب وأحد قولي مالك, وثانيهما وأبي مصعب مع ابن وهب, والشيخ عن ابن حبيب قائلًا: ويجزئه. الجلاب: يكره استئجاره من يحج عنه, فإن فعل مضى, ولا يجب عن ميت شرورة في ثلثه, وقول ابن الحاجب: لا يلزم عن ضرورة على الأصح لا أعرفه, وقول ابن شاس: قيل يحج عنه إن كان ضرورة. يحتمل الصحة لا اللزوم, ونقله ابن هارون عن ابن بشير وهم, وفيه تطوعًا ثلاثة المعضوب, وللصقلي عن ابن وهب: يصح عن قريبه, وفيه بوصية الثلاثة. أبو عمر: في قول القاضي تصح النيابة في نفله دون فرضه نظر؛ لمنع مالك أن يؤاجر له ذو رق, والنفل يصح منه كالحر, وروى محمد فيمن أوصت به إن وسعه ثلثها وإلا أعتق به؛ يعتق به وإن وسعه. ابن حارث: أنكره سحنون, قال: يحج. وفيها: تنفذ وصيته به ولا يفعل دونها ويتصدق عنه من أراده أو يعتق أو يهدي, وللقرافي نفذ أشهب وصية الضرورة به من رأس ماله, وإن أوصى بمشي حنث فيه,

ففي نفوذه أو هديين, ثالثها: يهدي عنه بقدر الكراء والنفقة لسحنون وابن رشد عنها مع ابن القاسم وسماعه وسماع سحنون. ابن القاسم: فيمن أوصى بما يجب عليه في حنث مشي. ابن رشد: وقول ابن كنانة لا تنفذ وصيته بحج ولا مشي ويهدي عنه نفقته ذلك أو يتصدق به هو قياس المذهب أن ليس من البر حج أحد عن أحد. وروى ابن وهب كراهة إجارة المرء نفسه فيه. اللخمي عن ابن القاسم: ولا نقض له بعد عقدها, ولازم قياس القاضي جوازها على الطوع به, وظاهرها نفيها. وفيها: إجاره من حج أحب إليه, فإن استأجروا صرورة جهلًا أجزأ. قلت: مفهوم نقل الشيخ عن ابن القاسم إن واجروا جهلًا صرورة لا يجد السبيل أجزأ خلاف إطلاقها. الشيخ عن أشهب: لابأس بإجارة صرورة لا يجد سبيلًا, ومن وجده لا ينبغي أن يعان على ذلك فإن فعلوا أساءوا وأجزأ, وتجزئ المرأة عن الرجل. وفي جواز استئجار ذي الرق والصبي ومنعه نقلا اللخمي, وعليه إن وقع في إجزائه, ثالثها: في ذي الرق للجلاب, ولها وللخمي عن ابن القاسم. وعلى عدم الإجزاء في ضمان المستأجر ونفيه إن جهل الحكم, ثالثها: إن لم يجتهد في كونه حرًا لغير ابن القاسم فيها, وتخريج اللخمي على لزوم شراء الشريك الفاسد شريكه وابن القاسم فيها. قلت: يرد التخريج بضرر المستأجر له بتلف ماله ولا مفوت له شرعًا, بخلاف الشراء الفاسد فيهما, والنيابة بعوض معلوم بذاته إجارة إن كان عن مطلق العمل, وجعل إن كان عن تمامه, وبلاغ إن كانت بقدر نفقته. وفيها: الإجارة أن يستأجره بكذا وكذا دينارًا على أن يحج عن فلان له ما زاد وعليه ما نقص, والبلاغ: خذ هذه الدنانير فحج بها عنه على أن علينا ما نقص عن البلاغ, أو فحج بها عنه, والناس يعرفون كيف يأخذون؛ إن أخذوا على البلاغ فبلاغ, وإن أخذوا على أنهم قد ضمنوا الحج فقد ضمنوه.

قلت: يريد بالضمان لزومه الحج بذلك العوض زيادة عليه ولا رد منه. محمد عن ابن القاسم: ينفق في البلاغ ما يصلحه مما لابد منه من كعك وزيت وخل ولحم مرة بعد أخرى وشبه ذلك، والوطاء واللحاف والثياب، ويرد فضل ذلك والثياب وإنا لنكرهه، وهذه والإجارة في الكراهة سواء، وأحب إلينا أن يؤاجر نفسه بمسمى؛ لأنه إن مات قبل أن يبلغ كان ضامنًا لذلك. محمد: يريد ضامنًا للمال يحاسب بما سار ويؤخذ من تركته ما بقي، وهذا أحوط من البلاغ، ولا يؤاجر من ماله غيره إلا أن يكون حجًا مضمونًا. وما لزم الأجير من دم أو فدية فعليه إلا لخطأ ذي بلاغ وضرورة فعله فكنفقته. وفيها: لو تلف ما قبضته لنفقته قبل إحرامه رجع ونفقة رجعته عليهم، ورويت عليه وهذه روى الشيخ عن ابن حبيب والصقلي الأولى. اللخمي: عليهم إلا أن يعقد على نفقته من الثلث فمما بقي، فإن قبض كله فعليه، فإن تمادى فنفقته غير رجعته من حيث تلف عليه. وفي لزوم الحج من بقية الثلث قولا أشهب وابن القاسم، وتعقب ابن عبد السلام المذهب في فسخها بذهابه بأن الإجارة منعقدة فلا موجب لفسخها، يرد بأن التلف موجب فوت نفقة ما بقي وهي عرض وطعام معينان ضرورة تعين ما هما به، وعدم تعلقهما بذمة يوجب الفسخ كاستحقاق أحد ثوبين معينين استؤجر بهما بعد استهلاك الأجير أحدهما وعمله منابه، وكاستحقاق أحدهما بعد فوت الآخر بيد مبتاعهما بطعام معين أكل مبتاعه منابه، ولو تلف بعده ففي كون نفقة تماديه على مستأجره مطلقًا، أو إن لم يكن للميت مال قولان لها مع ابن شبلون والقابسي وابن حبيب. وصد أجير مضمونه: اللخمي: إن صد بعدو أو مرض قبل إحرامه ولم يشق بقاؤه لقابل لزم، وإن شق فله فسخ إجارته وقدر عمله من أجره، وإن كان أحرم فأقام لقابل وحج بإحرامه أو بعد تحلله أجزأ واستحق أجره، وإن لم يقم حط من أجره قدر ما بقي من مكة لعرفة وسائر المناسك. التونسي عن ابن حبيب: إن حصر بمكة بمرض فحل بعمرة لم يجزئ الميت وله

كل أجره؛ لأن المناسك تبع، ولوصول مكة ينسب عمله إن مات قبلها، وضعفه اللخمي لبقاء عمل المناسك. $$$$$$ طرق: اللخمي: له بقدر عمله لمحل حصره ولو قبل إحرامه، ولا شيء له في عمرة تحلله ولا بقائه محرمًا لقابل. الشيخ: إن تحاكما تحاسبا، فإن سكتا وحج قابلاً أجزأ، وليس فسخ دين في دين، وإن قيل: إذا لم يعملا عليه؛ بعض أصحابه يجب خلفه. ابن رُشد: هذا الصواب إذ لا تتعين السنة كإجارة على سوق قلة ماء اليوم إن لم يسقها وجب خلفها بالغد. وقول ابن العطار: تتعين به وهو قول ثالث حجها، وقول ابن العطار: لا تصح الإجارة إلا بتعيينها، فقال: يعقدها على سنة مسماة لم تأت بعد على أنه موسع عليه في تعجيلها، خلاف سماع أبي زيد ابن القاسم تصح على سنة مبهمة. ابن بشير: في وجوب تعيين سنتها وعدمه، فتجب أول سنة قولا المتأخرين، ولم يحك الصقلي غير الأول عن الشيخ. ابن بشير: لو أراد أجير صد بقاءه لقابل بإحرامه أو بآخر ففي كون ذلك له قولا المتأخرين. وفيها: إن مات أجير بالطريق فله بقدر ما بلغ. القابسي: ويستأجر من موضع موت الأول أو صده. وذو بلاغ معينه. اللخمي: إن صده عدو مطلقًا أو مرض قبل إحرامه فله نفقة رجعته ومدة مرضه، وبعده تمادى ونفقة تماديه ورجعته على مستأجره. وسمع أبو زيد ابن القاسم: من وطئ في حج أجرة عليه القضاء من ماله؛ استؤجر مقاطعة أو بلاغًا ذلك واحد، وإن منعه أمر من الله مرض أو كسر، فإنه يقضي عن الميت أحب إلي، وإن استؤجر مقاطعة فعليه القضاء على كل حال، وكذا من خفي عليه الهلال أو أحصر حتى فاته الحج وما أشبهه.

ابن رُشد: في قوله استؤجرن مقاطعة أو بلاغًا ذلك واحد نظر؛ لأن بوطئه في البلاغ يضمن المال، فحجه به فسخ دين في دين، والواجب أخذ المال منه ويستأجر به هذا أو غيره إجارة أو بلاغًا، وحمله على الصواب بقصر قوله: (عليه القضاء من ماله) على الإجارة، ثم استأنف قوله: (مقاطعة أو بلاغًا ذلك واحد) أي: في مطلق الضمان، وأنه في الإجارة الحج، وفي البلاغ المال. قلت: حمله الصقلي على ظاهره. ابن رُشد: وقوله في ذي الأمر من الله يقضي لم يبين من مال من يقضي؛ فقال ابن لبابة: من مال الميت وجوبًا، ويستحب كون قاضيه الأجير، والصواب: "يقضي" على ما لم يسم فاعله من مال المستأجر إن لم ينص الميت على البلاغ، وإلا فمن ثلث باقي التركة إن لم تقسم، وإلا ففي كونه من بقية الثلث أو ثلث باقي التركة قولان لظاهرها، وسماع عيسى في شراء عبد ثان لوصية بشراء عبد يعتق فمات بعد شرائه قبل عتقه، وقوله بعد ذلك: إن استؤجر مقاطعة فعليه القضاء على كل حال؛ أي: سواء أفسده بوطء أو فاته بمرض أو كسر، وقوله: أو أحضر. قال ابن لبابة: لا يريد حصر عدو؛ لأن حكمه أن يحل وله من الأجر بقدر ما بلغ كذا في مختصر أبي زيد والمدونة. قلت: وكذا ذكر الصقلي عن محمد عن ابن القاسم. ابن لبابة: وإنما يريد شبه حصر المرض كمتهم في دم. ابن رُشد: والصواب حمله على حصر العدو وهو والإفساد بالوطء والفوت بالمرض وخفاء الهلال سواء في وجوب القضاء لقوله: إن الاستئجار كان مقاطعة، ومعناه: على حجة مبهمة إن تعذرت أول سنة وجب قضاؤها، وإنما يفترق حصر العدو من المرض في المعينة، هذا فيه في المدونة: له من الأجر بقدر مبلغه فقط، ومثله لو أفسده بوطء أو فاته بخطأ عدد لزمه رد المال ومنع القضاء؛ لأنه فسخ دين في دين، وما فاته بمرض لم يقع له فيها جواب، ويحتمل أن يفسر قول ابن القاسم فيها بقول ابن حبيب المتقدم. سند: إن صد ذو جعل فلا شيء له، ولو تمتع الأجير بعمرة عن نفسه وحج عن

الميت ففي إجزائه وإعادته، ثالثها: إن لم يشترطوا إحرامه من الميقات وإلا فالقضاء، ورابعها: إن كان خروجه عن الميت وأحرم عنه من مكة وإلا فالقضاء لابن رُشد عن إحدى روايتي سماع ابن القاسم مع رواية الصقلي، وثانيهما مع ابن رشد عما رجع إليه ابن القاسم فيها، وعما رجع عنه مع الصقلي، والشيخ عن الأسدية قائلة: إن لم يشترطوا إحرامه من أفق ما أو من ميقاته، واللخمي عن محمد، وخامسها للتونسي عن بعض مواضع كتاب محمد: إن شرطوا عدم تقدم عمرة رد المال، ونص ثاني روايتي سماع ابن القاسم: يضمن الحج أو يرد المال، ونقله الصقلي عن ابن القاسم ولم يقيده، وقال ابن رُشد: ليس تخييرًا بل إن كان على الإجارة فالقضاء وإن كان بلاغًا رد المال؛ لأنه فسخ دين في دين. وفي كون الإعادة من ميقاته أو محل الإجارة قولا التونسي مع الصقلي وبعض شُيوخه، ولو شرطوا عدم متعته فتمتع عن الميت، فرجع ابن القاسم عن عدم إجزائه لقول مالك: يجزئ. ولو قرن للميت؛ ففي إجزائه والدم عليه لتعديه، ثالثها: إن لم يشترطوا إفراده للخمي عن ابن حبيب مع ابن الماجشون، ورواية ابن عبد الحكم ومحمد عن ابن القاسم والجلاب عنه، وعلى الثاني في رده المال وحجه ثانية نقلا اللخمي عن ابن القاسم ومحمد عنه. وفيها: إن تمتع معتمرًا عن نفسه حج ثانية وإن قرن كذلك رد المال. محمد: رجع ابن القاسم لحجه ثانيًا، وعلى الأول فرق القابسي بظهور التعدي والخيانة، وبعض المذاكرين بأن حج الأول مضمون والثاني معين. ورد ابن محرز الأول بأن القران قد يكون ظاهرًا بإرداف أو نطق، والثاني بأنه خلاف ظاهرها، وفرق بأن المتمتع أتي بكل الفعل والخلل في وصفه، والثاني: بأنه خلاف ظاهرها، وفرق بالمتمتع أتى بكل الفعل والخلل في وصفه، والثاني: ببعضه لشركته فيه. واختار التونسي في المتمتع رده نقص المتعة عن الإفراد إن كان معينًا، وإن كان مضمونًا فكقبض سلم علم عينه بعد فوته.

قُلت: قبض الحج حكمي نقصه يمنعه، بخلاف ما قبض حسًا وفات. قال: وقوله رد المال؛ لعله ما ينوبه من حيث قرن، وحمله على ظاهره لتهمته أن كل مشيه كان لنفسه بعيد. اللخمي: متعد في القران يفسخ في المعين والمضمنون إن اطلع عليه، وإن أتى مستفتيًا فلا. ابن بشير: إن قرن أو تمتع وشرط إفراده الميت لم يجزئه اتفاقًا، وإن شرطه الوارث فقط فقولان، وإن لم يشترط، فثالثها: إن جعل العمرة لنفسه، وقول القرافي: إن أفرد أو قرن من شرط تمتعه لم يجزئه، كمن حج عن عمرة، لا أعرفه نصًا. الصقلي: لو استأجروا جهلاً صرورة لم يجد سبيلاً فحج عن نفسه والميت؛ ففي إجزائه عن نفسه ويعيد الميت وبطلانه عنهما ويعيد للميت روايتا أبي زيد وأصبغ عن ابن القاسم، وقاله أصبغ ومحمد. محمد عن ابن القاسم: إن شرطوا إحرامه من الميقات فأحرم من غيره فعليه البدل وقاله أصبغ. وفي تعلق الفعل بعين الأجير أو ذمته قولان للصقلي عن بعض القرويين وبعض شيوخه. الشيخ عن محمد عن ابن القاسم: إن مات أجير حج ففي ماله. ابن بشير: إن اختص الأجير بمعنى تعين. ابن شاس: وكذلك معين الميت وعليهما الخلاف في بطلانها بإبايته. وفيها لابن القاسم: إن أوصى بحج عبد أو صبي معينين عنه بأجر أنفذ إن أذن ربه أو أبوه، وإذن الوصي كالأب إن كان نظرًا كخروجه بإذنه لتجر غيره لا يجوز إذن وصي. التونسي: إن كان صرورة ظن إجزاء حجهما أنفذ في حر بالغ دونهما لقصده الفرض، وظنه لغو، وعزاه الشيخ لمحمد عن ابن القاسم، وله فيها: إن أبى وليه من إذنه وقف المال لبلوغه ليحج، أو يأبى فيرجع ميراثًا. ولو أبى رب العبد ففي وقفه لرجاء عتقه قول الصقلي محتجًا بالوصية بشرائه

لعتقه مع أحد نقلي التونسي وعبد الحق مع غير واحد من شيوخه، وثاني نقل التونسي، وعزا الشيخ الأول لأشهب نصًا. وفيها: لو أوصى صرورة بحج فلان عنه فأبى؛ فليحج غيره، وغير الصرورة يرجع ميراثًا؛ كإباية مسكين قبول وصية له بعينه، ورب عبد من بيعه لوصية بعتق عينه غيره، غير الصرورة مثله؛ لأن مراده بالحج نفسه، بخلاف العتق والصدقة. ولو عين عددًا ليحج به عنه معين أو غيره؛ ففي كون فضله عن حجه ميراثًا أو للأجير إن عينه، أو قال: يحج عنه به رجل، وإن قال: حجوا به عني، أو يحج به عني؛ ففي حجات والأحسن في حجة واحدة، ثالثها: للأجير إن عينه، وإلا ففي حجات لها، وللشيخ عن محمد وأشهب، وله عن سحنون: من استؤجر لحج ميت بمال فأقاله الوصي بعد تلف دابة اشتراها الأجير من المال وأجر غيره ببقيته؛ إن عاقده على الإجارة غرم الأجير ثمن الدابة ويحج عن الميت ثانية ببقية المال، وإن عاقده على البلاغ فالدابة للورثة ومضى الحج. قلت: لا فرق بين الإجارة والبلاغ في صرف كل المال في حجج. التونسي عن أشهب: إن كان صرورة أنفذ كل العدد في حجة، وإلا فالأولى كذلك، وإن أنفذ في حجات فواسع، ولو لم يعلموا الأجير المعين بالعدد ورضي بدونه فله ما فضل عند أشهب لا ابن القاسم. اللخمي: أرى إن لم يعين أجيرًا فالفضل ميراث، إلا أن يرى أنه مما يحج به حجتين فصاعدًا فيصرف في حجات، إلا أن يكون قصد الميت إنفاق الأجير ذلك في حجته. ابن بشير عن محمد: إن سمى واحدة فميراث، وإن ظهر قصد كل المال لرجل معين لزم. ابن رُشد: ثلث الموصى بأن يحج به عنه إن كثر بحيث يحج به حجات لزمت، وما فضل حج به ولو من مكة، وإن أشبه ثمن حجه ففضلها ميراث كقولها فيها في فضل أربعين دينارًا. الصقلي عن أشهب: الصرورة يصرف كل ثلثه في حجة، واستحسنه في غيره عن صرفه في حجج.

باب إحرام الحج

ابن رُشد: ولو أوصى بحجة منه فواحدة، ولو قال: حجوا عني وحمل ثلثه أكثر من حجة؛ ففي لزوم الزائد قولان على اقتضاء التكرار والوحدة، ولو قال: يحج فلان عي ثلثي أو عدد فواحدة اتفاقًا، وفي كون ما فضل له أو ميراثًا قولان فيها، واختار الأول سحنون، ورد ابن لبابة الأول للثاني بعيد، ولو قال: يحج فلان عني فقط فأبى بأجر مثله زيد ثلثه إن لم يكن وارثًا، فإن أبى فكما مر. ويحج عنه من محل موته، فإن قصر عنه المال فمن حيث أمكن إن لم يتعين، وإلا فسمع عيسى وأصبغ تبطل. أصبغ وأشهب: من حيث وجد إلا أن يقول: لا يحج عنه إلا من كذا، وقاله محمد في الصرورة. وأفتى أبو عمران بعدم لزوم إشهاده على إحرامه عنه، وخرج قبول قوله على أجير توصيل كتب ومكتر أذن له في بناء، وألزمه الصقلي وابن عبد الرحمن إذ عليه يدخلون. وفيها: إن أوصى بعمرة أنفذت. [باب إحرام الحج] وللحج أركان: الأول: الإحرام، استشكل عز الدين معرفته وأبطل كونه التلبية بعدم ركنيتها وكونه النية بأنها شرط الحج، وعرفه تقي الدين: بأنه الدخول في أحد النسكين والتشاغل بأفعالهما. ورده ابن عبد السلام: بأن ما يدخل به النية والتلبية والتوجه لغير المكي والأولان له، والواجب منها النية فقط، وغير الواجب لا يكون جزء الواجب، ويرد بوجوب التوجه مطلقًا لتوقف سائر الأركان عليه. الصقلي والقاضي: هو اعتقاد الدخول في حج أو عمرة. قلت: إن أراد تقي الدين حقيقة الدخول لزم كونه بعده غير محرم، وإن أراد مطلق فعلهما لزم نفيه في الإحصار والنوم والإغماء، ويبطل الثاني بنفيه في الأخيرين والغافل عن اعتقاده وهم محرمون اتفاقًا أو إجماعًا، ولا يردان بأن الدخول في الحج مضاف إليه فتتوقف معرفته على الحج والإحرام جزؤه فتتوقف معرفته عليه فيدور لمنع الثانية؛

لجواز معرفته بغير الحد التام، وكل كلامهم غلط سببه عدم الشعور بميز الإحرام عن ما به ينعقد؛ فالإحرام صفة حكمية توجب لموصوفها حرمة مقدمات الوطء مطلقًا وإلقاء التفث والطيب ولبس الذكور المخيط والصيد لغير ضرورة لا تبطل بما تمنعه، وعدم نقضه بإحرام الصلاة وحرمة الاعتكاف واضح.

باب ما ينعقد به إحرام الحج

[باب ما ينعقد به إحرام الحج] ويعقد بالنية مع ابتداء توجه الماشي، أو استواء الراكب على راحلته: وشرط ابن حبيب تلبيته كتكبيرة الإحرام، وفيه بالتقليد والإشعار معها قولا إسماعيل عن المذهب والأكثر عنه، وفيه بمجرد النية طرق. المازري وابن العربي وسند: ينعقد لها. اللخمي: كاليمين بها. ابن بشير: المذهب لا ينعقد بها وفيها: من قال أنا محرم يوم أكلم فلانًا فهو يوم يكلمه محرم. فقول ابن عبد السلام عن بعض شُيوخه: لم أر لمتقدم في انعقاده بمجرد النية نصًا قصور، ولا يرتفع برفض أو إفساد إلا بتحلل خاص. $$$$$$$: في الحج ما قبل زمن الوقوف من أشهره؛ وهو شوال تالياه؛ وآخرها روى ابن حبيب: عشر ذي الحجة، ونقل اللخمي: وأيام الرمي، وذكره ابن شاس رواية، وروى أشهب باقيه. الباجي: فائدته تأخير دم الإفاضة، فتوجيه اللخمي قوله فيها: "إن أفاض قرب

مضي أيام منى فلا دم، وإن طال فالدم"برعي الخلاف خلافه فلا يحرم قبله، فإن فعل انعقد, ونقل اللخمي: لا ينعقد ومال إليه. وروى الشَّيخ: لا يقيم محرم مطلقًا بأرضه إلا إقامة مسافر، ويستحب إهلال المكي أول ذي الحجة. ومكانيه فيها: إحرام مريده من مكة منها، وفيها أيضًا: يستحب من المسجد الحرام. وروى محمد وسمع القرينان: يحرم من جوف المسجد. قيل: من بيته؟ قيل: بل من جوف المسجد. قيل: من عند باب المسجد؟ قيل: بل من عند باب المسجد. ابن رُشْد: لأن السنة كون الإحرام إثر نفل بالمسجد فإذا صلى وجب إحرامه من مكانه؛ لأن التلبية إجابة إلى بيته الحرام وبخروجه يزداد من البيت بعدًا، بخلاف خروجه من غيره من مساجد المواقيت بخروجه يزداد البيت قربًا. اللخمي: قوله في المبسوط: من حيث شاء من مكة أصوب. الباجي: فى كون إحرامه من داخل المسجد أو بابه راويتا أشهب وابن حبيب. وفيها لمالك: إحرام أهل مكة ومن دخلها بعمرة من داخل الحرم، وأحب لآفاقي حل بعمرة في أشهر الحج له نفس أن يحرم من ميقاته. وفرق عبد الحق بأن الأول على ما يجب والثاني على الأولى، وقول ابن عبد السلام: أكثر النصوص استحباب المسجد، ولم يحك لزومه غير ابن بشير قصور؛ لنقل الشَّيخ رواية محمد وسماع أشهب: أيحرم من بيته؟ قال: بل من جوف المسجد، وعبارة ابن رُشْد عنه: (بوجب)، وأحب ابن القاسم لمريد حج منها دخلها حلالًا أن يحرم من الحل.

اللخمي: وعلى قول مالك من ميقاته, وروى محمد: أحب لمكي يحج عن غيره خروج لميقانه. وفيها: إن أحرم من الحل مكي أو تمتع فلا دم؛ لأنه زاد ولم ينقص, وقول ابن الحاجب فيه: جاز على الأشهر لا أعرفه, إلا قول اللخمي فى كراهة الإحرام قبل الميقات وجوازه روايتان, وعزا الباجي رواية الجواز لمحمد مقيدة بعدم قرب الميقات, وفي وجوب الحل لإحرام قران الملكي قولا ابن القاسم وإسماعيل مع محمد وسَحنون؛ فإن قرن بالحرم لزم, وإحرام مريده من غير مكة من ميقاته؛ فميقات المدني ذو الحليفة, والشامي المصري والمغربي الجحفة. وروى الشَّيخ: إن حج في البحر أحرم إذا حاذاها. القرافي: إن أمن رد الريح, واليمني يلملم, والنجدي قرن, والعراقي ذات عرق, ومحاذي كل منهما مثله, ولمن بعدها روى الشَّيخ: من داره أو من مسجده. ومن مر بميقات غيره أحرم منه إلا ذا ميقات الجحفة إن مر بذي الحليفة فهي أفضل له من أن يؤخر للجحفة. ابن حبيب: إن كان يمر بها. اللخمي: يريد: أو بنحاذيها, وروى أبو قرة: إن مر مدني بغير طريق المدينة أحرم بمحاذاة الجحفة. وفي كراهته قبله, ثالثهما: إن قرب منه؛ لروايتي اللخمي, ورواية الشَّيخ: ويلزم اتفاقًا. الشَّيخ: روى محمد أول مسجدي الجحفة أولى, وسمع ابن القاسم: كل واسع, وفي تأخير المدني إحرامه للجحفة لمرض لا أعرفه, إلا نقل عن أبي عمر: إن أخذ مدني للجحفة؛ ففي الدم قولا مالك وبعض أصحابنا, وتعديه حلالٌ لغير دخول مكة ولا بحج ولا بعمرة عفو لغير ضرورة, وفي دمه قولا ابن شبلون مع ظاهرها والشَّيخ, وخرجا على الفور وعدمه. ونقل ابن بشير الأول لا بقيد كونه أحرم, وهو ظاهر تعليل ابن شلبون بأنه متعد

وفي تعديه, ونقله عنه عن عبد الحق بزيادة: أحرم بعد تعديه, ولأحدهما ممنوع: فإن أحرم بعده ولو لخوف فوت, إن رجع فعليه دم ولو رجع محرمًا. وفيها: يرجع ما لم يحرم إن لم يخف فوتًا ولا دم, وقول ابن الحاجب: إن كان جاهلًا وإلا فدم, لا أعرفه. محمد: وقيل إن شارف مكة أحرم ولم يرجع. الصقلي: إن رجع فحرم فلا دم, وقول ابن شاس: فيه دم، لا أعرفه, وجعل اللخمي وابن بشير وابن بشير وابن شاس منقول محمد وفاقًا بعيد. ابن حبيب: إن أحرم بعد قربه فلا دم، ولدخولها المتكرر فعل كجلب الحطب والفاكهة جائز، واستحب اللخمي إحرامه أول مرة. ابن القُصَّار: ومثله لقتال جائز، ولدخولها لحاجة أو تجر. أبو مصعب: لابأس به. وفيها: لا يفعل ولا دم، وروى القاضي: عليه دم، على نفيه إن أحرم، ففي الدم قولان للشيخ عن رواية محمد، وعنه مع روايته عن أبي اليزيد عن ابن القاسم: من دخل مكة حلالًا ثم حج منها فلا بأس بذلك، وخروجه للحل أحب إلي. الكافي: في وجوب الدم روايتان، وقول ابن الحاجب: إن جاوزه حلال قاصدًا مكة لا بحج ولا عمرة، فثالثهما: المشهور إن أحرم وكان صرورة فدم، ورابعها: إن كان صرورة، وخامسها: إن أحرم فلا أعرف ثالثهما: ولا رابعها:، ولابن القاسم: ولمن خرج لحاجة قربها كجدة والطائف ناويًا عوده دخولها حلالًا. ابن رُشْد: كقوله فيها لمن عليه هدى اشتراه بعد أيام منى بمكة يخرجه للحل ويدخله حلالًا. وقول مالك: لمن عيق بد خروجه متنقلًا منها عن قرب رجوعه حلالًا، والقرب مادون المواقيت إذ لا يودع له، ومن بعد سفره أول طال مقامه بغيرها أو سكن قربها لا يدخلها حلالًا. وفاسد الحج فيه كصحيحه، وفي بقاء دم فائته الراجع لعمرة قولان لأشهب ولها،

ولو تعداه ذو مانع رق أو صبي أو كفر ثم أحرم بعد زواله فلا دم. وفيها: أرجو أن لا دم على مغمى عليه جاوزه ثم أفاق فأحرم، ولرب ذي رق إدخاله حلالًا، وروى محمد كراهته في الفاره لا الصغير والأعجمي.

باب فى العمرة

[باب فى العمرة] العمرة: روى محمد سنة واجبة. ابن الجهم وابن الحبيب: فرض مرة. ابن الحارث: عنه فرض على غير أهل مكة. أبو عمر: حمل بعضهم قول مالك فى الموطأ لا نعلم من رخص فى تركها على فرضها؛ جهل. ووقتها: لفير حاج ملق، ولو في أيام الرمي. ابن رُشْد: ولو حل منها ففيها، وتعليله ذلك في سماع ابن القاسم. وفيها: فإن إحلاله بعد أيام الرمي غير صحيح، وللحاج عدا أيام رميه، ولو تعجل حتى الغروب الرابع. وفيها: لايحرم قبل غروبه. ابن القاسم: إن أحرم بعد رميه وإفاضته انعقد. عياض: ظاهرها إن أحرم بعد رمي الرابع لم ينعقد. محمد: ينعقد، ولا يصح له فعلها قبل الغروب، ولو وطئ بعد تمامها قبله فسدت وقضاها.

بعض شُيُوخ عبد الحق: لا يدخل الحرم قبل الغروب. محمد: وإحرامه قبل رمي الرابع ولو نعجل لغو. اللخمي وابن رُشْد: القياس صحتها بحل إحرام حجه. وروى محمد: هى في أشهر الحج بعد أفضل منها قبله ولا بأس بها لصرورة. وفي كراهة تكررها في عام قولا المشهور واللخمي مع محمد ومُطَرَّف. عبد الملك: لا بأس بها في كل شهر. وروى محمد: لا بأس بها امن حج بعد أيام رميه، وأن يعتمر في المحرم، ثم قال: أحب لمن أقام تركها للمحرم. وروى ابن حبيب: أحب للمعتمر إقامة ثلاث بمكة. وميقاتها للآفاقى كحجه، ولمن بالحرم طرف الحل ولو بخطوة والجعرانة أو التنعيم أفضل. وركناها: الطواف والسعي في إحرام جمع فيه بين الحل والحرم، فلو أحرم بها منه لزم وخرج للحل، لا أعرفه. وفي وجوب فديته لحلقه لأتمامها جهلًا قبل خروجه للحل روايتا يحيى بن عمر ومحمد. الشَّيخ: الثانية غلط. وأداء الحج: إفراد، وقران، وتمتع، وفي تفضيل أحدها على الآخر قولا المعروف وأبي عمر، وعلى المعروف في كون أفضلها الإفراد أو التمتع، ثالثهما: الإفراد للمراهق، والتمتع حيث يشتد الإحرام لطول أمده والقران لغيرهما إن لم يشأ الإفراد للمشهور واللخمي ورواية أشهب، وعلى الأول أفضلية القران على التمتع والعكس نقلا ابن بشير وابن شاس، وروى محمد: يكره قران المكي.

باب الإفراد في الحج

[باب الإفراد في الحج] والإفراد: الحرام بنية حج فقط. وسمع ابن القاسم: من أراد الإفراد فأخطأ ولفظ بالقران صح مفرد. [باب القران] والقران: الإحرام بنية الحج والعمرة، وإن سمى قدم العمرة، ولو عكس ناويًا القران فقارن وإلا فمفرد. وفيا: مجرد النيَّة أحب من التسمية، وإردافه قبل طافها قران، وفي لغوه بأول شرط، أو تمام سعيها؛ أربعةلابن عب الحَكم مع أشهب قائلًا: إن قطع طوافه تم قرانه، واللخمي عن قولي بن القاسم عن نقل القاضي مع الباجي عن الموطأ قائلًا عن القاضي روي الكل غير الثاني. وفيها: الثالث مكروهًا. وفيها: إن أردف بعد سعيه قبل حلاقه كان مفردًا وعليه دم تأخير حلاق عمرته. الصقلي: إن حلق افتدى، وفي سقوط دم تأخيره قولا المتأخرين كقولي سقوط دم محرم تعدى الميقات رجع إليه، وقولي ابن القاسم وأشهب في سقوط سجود من قام اثنتين برجوعه. وفيها: يكره بعد ركوعه، وفى سعيه، فإن فعل أتم سعيه وحل واستأنف. عياض: ألزمه الأكثر إحرامه بذلك الحج، ونفاه يحيى بن عمر، وفسر بعضهم حل بإتمام سعيه وغيره بحلقه. قُلتُ: الأول لازم الأكثر، والثاني لازم قول ابن عمر: وإردافه بعد ركنيها في

إحرام من الحرم قران لفوات شرطهما، وتقرر إردافه كإحرام مكي بحج إن كان في طواف أتمه، وقبل سعيه يؤخره. وفيها: إن أردف مكي دخل بعمرة ففات حجه لمرضه تحلل بعمرة يخرج لها للحل واستشكل، وعلى القارن غير المكي دم وعممه عبد الملك واللخمي، والمكي: ساكنها، وما لا يقصر فيه مسافر منها كذي طوى، وفي كون ما فوقه دون بعد القصر مثله قولا ابن شعبان مع ابن حبيب عن المذهب والأكثر عنه. وفيها: على من دخل قارنًا فطاف وسعى قبل أشهر الحج وحج من عامه؛ دم القران؛ فخرجه اللخمي على اختصاص حج القارن بالطواف والسعي دونها كقول مالك فيها: إن رمى قارن مراهق جمرة العقبة حلق، ونفيه على اشتراكهما فيهما كقول ابن الجهم في القارن المراهق؛ لا يحلق حتى يسعى، واستشكل مفهوم، وحج من عامه، ويجاب بأعماله مخصصًا في التحلل منه بعمرة لمرض أو عدو. فقول ابن الحاجب: شرط دم القران حجه من عامه وهم أو قصور؛ لنقله مفهومًا مشكلًا نصًا. وفيها لابن القاسم: من جامع في عمرته ثم أحرم بالحج لم يكن قارنا ولا يردف حج على عمرة فاسدة. الشَّيخ عن كتاب محمد: ولا يلزمه ذلك الحج، وقال عبد الملك: يرتدف عليها ولا عمرة ولا حج عليه. اللخمي: وإذا لم يصح إرداف حج على عمرة ولا عمرة على حج ففي لزوم القضاء نقل القاضي وقول مالك.

باب المتعة

[باب المتعة] والمتعة: إحرام من أتم ركن عمرته. روى ابن حبيب: ولو تأخر شوط في أشهر الحج لحج عامه لا حلقها، فلو أحرم به قبله لزمه، وتأخير حلقها ولا متعة فإن حلق افتدى. وفي سقوط دم التأخير ما مر، ويوجب الدم بشرط كونه غير مكي وهو موطنها، أو ما لا يقصر مسافر منها فيه كـ "ذى طوى". ابن الحارث: اتفاقًا، وفيما فوقه دون القصر قولا ابن شعبان مع ابن حبيب عن المذهب والشَّيخ مع الأكثر، ونقل اللخمي: "ما دون الميقات كمكة" ثالث قاله ابن بشير. اللخمي: القياس إن أحرم منوي أو عرفيُّ من مكة أن لا دم؛ لأنه لتمكنه من تأخير إحرامه إلى وطنه والمعتبر استيطانه قبل العمرة، فلو قدم بعمرة ناويه لم يفده؛ لإنشائها غير مستوطن. وقوله فيها: لأنه قد يبدو له؛ مشكل، وناقضه ابن رُشْد بتصديقه الولي ينتقل

في حرز مدعيًا إرادة استيطان غير بلد المحضون في نزعه من أمه، وقول ابن الحاجب: هو غير مكي على الأصح، وقبوله ابن عبد السلام لا أعرفهما، إلا قول اللخمي: الصواب عدم متعته؛ لأن الأصل استصحاب نيته حتى ترتفع ولا يتم؛ لأنه عكس وصفا العلة غيره كما مر. وسمع ابن القاسم: إن ترك آفاقي أهله بمكة وخرج لتجر أو غزو وقدمها متمتعًا فلا دم. ابن رُشْد: لأن تركه بيته استيطان. محمد: وكذا لو سكنها دون أهل، فقول أبي عمر: لا يكون مكيًا حتى يستوطنها عامًا؛ مشكل، ولابن سهل وابن القطان في قدوم مرضى موضعًا يستحقون غلة حبس مرضاه باستيطانهم أربعة أيام قبل قسمها، ولابن مسلمة من يوم استوطنوا ويفرض لهم. وفيها: دو أهلين بمكة وغيرها من مشتبهات الأمور والدم أحوط. أشهب: ما كثرت إقامته به نسب إليه. اللخمي: هذه غير الأولى، وبعدم رجوعه لأفقه أو مسافته. الشَّيخ: مصر للإفريقي كأفقه لعد إمكانه حجه منه إن رجع إليه، وضعف اللخمي قول محمد: رجوع الحجازي لمثل أفقه لغو، ونحوه قول الصقلي: القياس مثل أفق الحجازي كأفقه، ولابن كنانة: رجوع الشامي للمدينة كأفقه. المغيرة: مطلق الرجوع لبعد القصر كأفقه، وشرط ابن شاس كونهما عن واحد، ونقله ابن الحاجب لا أعرفه، بل في كتاب محمد: من اعتمر عن نفسه ثم حج من عامه عن غيره؛ متمتع، وفساد العمرة كصحتها؛ إذ من دمه شاة يجزئ تقليده وإشعاره بعد إحرام حجه، وقبله؛ قولا ابن القاسم وأشهب مع عبد الملك. وسمع ابن القاسم: إن مات قبل رمي جمرة العقبة فلا دم عليه، وبعد وجب. فإن مات قبله لم تجب عليه. قُلتُ: ظاهره لو مات يوم النحر قبل رميه لم يجب، وهو خلاف نقل النوادر عن

كتاب محمد عن ابن القاسم، وعن سماعه عيسى: من مات يوم النحر ولم يرم فقد لزمه الدم. قُلتُ: ولم أجده في سماع عيسى، ويجب من رأس ماله، وفي وجوبه مطلقًا ووقفه على إيصائه به وإلا لم تجب، ولا من ثلثه كزكاة عين حل حولها في مرضه قولا أشهب مع ابن القاسم وسَحنون، وفرقوا للأول بمظنة ظهوره وإخفائها. فقول ابن الحاجب: يجب بإحرام الحج، يوهم وجوبه على من مات قبل وقوفه ولا أعلم في سقوطه خلافًا، ولعبد الحق عن ابن الكاتب عن بعض أصحابنا: من مات بعد وقوفه فعليه الدم، ولأشهب وابن القاسم وعبد الملك: إن ذكر متمتع بعد حله شوطًا لا يدري من عمرته أو حجه طاف وسعى، وفدية واحدة الحلقه ولباسه، ودم متعته يكفي لقانه إن كان الشوط من العمرة. محمد: وإن كان أشهب لا يصحح إردافًا بعد طواف شوط فهنا لنسيانه الشوط وبعده امتنع بناؤه عليه فصار كمردف قبل طواف شئ، ولو وطئ رجع فطاف وسعى وأدى لقارنه أو تمتعه وعليه فدية واحدة ثم يعتمر ويهدي. الشَّيخ: لا يصير قارنًا على قول ابن القاسم إن كان من العمرة ووطئ قبل إحرامه بالحج. قول محمدك هو قارن أفسد قرانه عليه بدله قارنًا في قولهم أجمعين لا أعرف معناه إلا على قول عبد الملك، وروى محمد وسمع ابن القاسم أن لفظ ناوي الإفراد بالقران غلطًا فمفرد، وللصقلي في العتبيَّة: ثم قال مالك عليه دم. قُلتُ: لم يثبت هذا في رواية ابن رُشْد ورأيته في عتيقة من النوادر مقابلة بالأم محوقًا عليه، ومن نوى مطلق الإحرام فلابن محرز عن أشهب: خير في الحج والعمرة، وللصقلي واللخمي عنه: الاستحسان إفراده والقياس قرانه، وتعقبه التونسي بأن لازم قوله في الإقرار بحتمل "أقله" العمرة، ولأشهب: من نسي ما نوى فقارن. ابن ميسر: يحدث نيَّة الحج لاحتمال كون المنسي عمرة. الصقلي: صواب. ابن بشير: هو نفس قول أشهب، وقول ابن عبد السلام "جعله بعضهم خلافًا" لا أعرفه. إلا قول عبد الحق عقب ذكره قول ابن ميسر عقب ذكره قول

أشهب قول أحمد هذا صواب، فتدبره. اللخمي: هذا للمدنيين لإحرامهم بالعمرة والمغربي لا يعرف غير الحج. قال: والشك في إفراد وقران قران، وفي عمرة وحج حج، وأهدى لتأخير حلق العمرة لا لقران؛ لأنه لم يحدث نيَّة؛ فإن كانت بحج فواضح، وإن كانت بعمرة فما زاد على فعلها لا يصيره قارنًا. وقول ابن الحاجب: لو شك هل أفرد او تمتع طاف وسعى لجواز العمرة، ولا يحلق لجواز الحج، وقال أشهب: قارن وينوي الحج لجواز التمتع فيها، صورته مسألة اللخمي ولا أعرف فيها قول أشهب، وقوله ينوي الحج. ($) الإحرام ولو بعمرة ($) ($) ($) أو ($) وروى ابن خويز منداد: آكد من غسل الجمعة. عبد الملك: لازم ولا دم إن ترك. ابن بشير: مفهوم قول عبد الملك لا إثم في تركه جهلًا أو سهوًا إثم العامد والشاك فيه. قُلتُ: ذكره الشَّيخ رواية لمحمد بزيادة. قالسَحنون: أساء، ومن أحرم دونه ففيه طرق. ابن محرز: روى محمد يغتسل. الصقلى وعبد الحق: ثالثها: إن سار ميلًا ولم يهل فعله لنقلي ابن الكاتب عن علمائه، وعبد الملك. ابن بشير: إن طال ترك وإلا فقولان. وفيها: إن اغتسل له بالمدينة وخرج فوره فأحرم من ذي الحليفة أجزأه، وإن فعله بها غدوة وراح عشيته فأحرم لم يجزئه. ونقل البراذعي والصقلي عنها "أعاده" ليس فيها، ويصل به إحرامه. وفي استحبابه لمريد حج من المدينة بها معقبًا بخروجه فيحرم بذي الحليفة وتخييره فيه وتأخيره إليها.

نقل الشّيخ عن ابن الماجِشون مع سَحنون قائلًا: إن أردت الانطلاق من المدينة فأت القبر فسلم كدخولك أولًا ثم اغتسل والبس ثوبي إحرامك وأهل عقب ركوعك بذي الحليفة، ورواية محمد وقول مالك فيها: تغتسل الحائض والنفساء إذا أحرما، مع لفظ أبي سعيد: من أحرم من ذي الحليفة اغتسل بها. وروى محمد: أكره أن يغتسل بالمدينة بكرة ويؤخر خروجه للظهر. وروى محمد: هو اوجب من غسل دخول مكة ورواح صلاة عرفة، ويدلك فيه رأسه وجسده بما يشاء دونهما. وروى الشَّيخ: لا تغتسل للدخول حائض ولا نفساء. أبو عمر: وروي يغتسلان له. وفي الجلاب: يغتسل لكل أركان الحج، فأخذ منه القرافي لطواف الإفاضة قال: ولأشهب يغتسل لزيارته صلى الله عليه وسلم ورمي الجمار. قُلتُ: إنما في النوادر له: لولا أنه يؤمر به لزيارة القبر والرمي لأحببته، وأخاف أنه ذريعة لاستنانه وإيجابه، ومن فعله في خاصته رجوت له خيرًا. وروى محمد: غسل الدخول بذي طوى، وإن فعله بعد دخوله فواسع. الشَّيخ: روى ابن وَهْب استحبه بعض العلماء للسعي والرمي ووقوفه بمزدلفة. سَحنون: فإذا اغتسل ولو بالمدينة لبس ثوبي إحرامه. مالك: إن لبس ثيابه حتى ذي الحليفة نزعها فلا بأس. ابن حبيب: يستحب ثوبان يرتدي بأحدهما ويأتزر بالآخر. الجلاب: لا بأس أن يأتزر ويرتدي، ويستحب إحرامه عقب صلاة والنفل أفضل. الشًّيخ عن محمد: روى ابن وَهْب من أتى ميقاته بعد الفجر تربص حتى يصلي الصبح ويحل النفل أحب إلي. وفيها: من أتى وقت منع النافلة تربص إلا أن يكون خائفًا أو مراهقًا فليحرم دون صلاة. وسمع ابن القاسم: يجبر الكري أن ينيخ بالمكتري بباب المسجد ذي الحليفة ليصلي فيركب.

وروى محمد: تحرم الحائض من رحلها إن كانت بالجحفة أو بذي الحليفة قرب المسجد لا من داخله، ولا يحرم إلا في ثوب طاهر وينشئه ملبيًا ولو بالمسجد الحرام، وتلبيته سنة من ابتدائه ولو بعمرة، ويلبي الطفل المتكلم ولا يلبى عن من لا يتكلم. والمروى: لبيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة للك والملك لا شريك لك. أشهب: من اقتصر على تلبيته ص اقتصر على حظٍّ، ومن زاد فلا بأس أن يزيد. زاد عمر: لبيك لبيك، لبيك وسعديك، والخير بيديك، لبيك والرغباء إليك والعمل. وروى محمد: يلبي الأعجمي بلسانه الذي ينطق به، ومن لم يلب وكبر أو توجه ناسيها حتى طال فدم، فإن لبى حين أحرم وترك؛ ففي الدم، ثالثها: إن لم يعوضها بتكبير وتهليل للمشهور وكتاب محمد واللخمي. الباجي: معنى قول الجلاب: التلبية مسنونة غير مفروضة؛ أي: ليست ركنًا، وإلا فهي واجبة يرفع الرجل صوته وسطا، ولو بمسجد عرفة ومنى ويسمع من يليه بمسجد غيرهما، وفى لحوق مساجد ما بينهما بهما، ثالثها: إن كانت غير معمورة. الباجي عن رواية ابن نافع وعن المشهور واللخمي: والمرأة نفسها فقط. الباجي، وروى محمد وابن حبيب: يستحب في كل شرف وبطن، ودبر كل صلاة، ولقاء الناس، واصطدام الرفاق، وإثر النوم وسماع ملبٍّ، وروى محمد: يلبي الإمام دبر صلاته مرة قبل قيامه. وفي كفها للحاج بابتداء الطواف أو دخول مكة أو الحرم لمن أحرم من ميقاته أو المسجد أربعة لأشهب معها وروايتي الباجي ومحمد واللخمي عن رواية المختصر. ابن بشير: المشهور بدخول بيوت مكة، وعزاه للخمي عن المختصر، ولم أجده له إلا بالمسجد. وفيها: كرهها مالك من أول طوافه حتى يتم سعيه، ويقول في فتواه: لا يلبي في طواف ولا سعي، فإن لبى فهو في سعة. اللخمي: في جوازها للطائف وكراهتها روايتان، ويلبي بعد سعيه.

الباجي: في عوده لها نعد طوافه أو سعيه روايتا أشهب ومحمد. وفي قطعها بزوال شمس يوم عرفة أو برواحه للصلاة أو للموقف أو بوقوفه أربع روايات لمحمد وابن القاسم وأشهب ومحمد مع ابن رُشْد عن رواية ابن وَهْب، وفي قول ابن القاسم فيها ثبت مالك على الثاني وعلمنا أنه مذهبه لقوله: لا يلبي الإمام على المنبر ويكبر بين ظهرانى خطبته، وقول التونسي: يلبي بين ظهرانيهما على الثالث نظر؛ لأن ذكر الخطبة آكد والتكبير منه. وقوله: ثبت على هذا، يبطل ما ذكر عن ابن خلدون من ردها لقول واحد، وعن غيره لقولين، وللجلاب والكافي: برمي جمرة العقبة إن أحرم من عرفة، ونقله القاضي: مطلقًا، وصوبه اللخمي. وروى محمد: للغادي من منى لعرفة أن يلبي أو يكبر. الشَّيخ: قال سَحنون بالثانية وابن عبد الحَكم وأَصْبَغ بالثالثة. عبد الحق: من أسلم أو عتق عشية عرفة لبى؛ إذ لا إحرام دون تلبية وقطع مكانه. قُلتٌ: عزاه الشَّيخ لمحمد عن أشهب، والباجي لمالك وذكره في العتق فقط. المازري: اختلف القائلون لقطعها برمي جمرة العقبة هل برمي حصاة أو بالسبع. وروى محمد وسمع ابن القاسم: لا يلبي راجع لحاجته في رجوعه، وفي المعتمر ولو بفوت حج. فيها: يقطعها المعتمر من ميقاته أول المحرم، ومن الجعرانة أو التنعيم بدخول مكة أو المسجد، وفي المختصر: ذو الجعرانة بدخول مكة، وذو التنعيم برؤية البيت ودخول المسجد وواسع لهما حتى يدخلا المسجد. فحمله اللخمي على الخلاف، وتعقبه ابن بشير بأن معناه رفع الحرج لا ما يؤمر به ابتداء، وسمع ابن القاسم: المحرم من ميقاته كما تقدم ومن لم يحرم منه إذا دخل المسجد. ابن رُشْد عن الأبهري: المحرم من الجعرانة إذا دخل بيوت مكة، ومن التنعيم إذا دخل المسجد.

فقول ابن الحاجب: المعتمر من ميقاته وفائت الحج لرؤية البيت ومن القرب لبيوت مكة أو المسجد؛ وهمٌ ونقيض مقتضى المذهب، وتلبية الفاسد كالصحيح. وروى محمد: لا يرد ملب سلامًا حتى يتم، وتلبية الفاسد كالصحيح. وروى محمد: لا يرد ملب سلامًا حتى يتم، ويستحب لقادم مكة من طريق المدينة دخولها من ثنية كداء. الخليل: بفتح الدال والكاف والمد غير منصرف، وفي حديث ابن عمر بالصرف، وحديث الهيثم بن خارجة بضم الكاف مقصورًا، وللقابسي وغيره بشد الياء. محمد: هي الصغرى بأعلى مكة يهبط منها على الأبطح والمقبرة تحتها عن يسار النازل، والخروج من ثنية كدي بضم الكاف. الخليل: وشد الياء. غيره: بل والقصر. محمد: هي الوسطى بأسفل مكة راويًا من عكس فلا حرج. ابن حبيب: إذا دخلت مكة فأت المسجد لا تعرج على شئ، دخل ص من باب بني شيبة وخرج للصفا من باب بني مخزوم وللمدينة من باب بني سهم. فإذا رأيت البيت رفعت يديك وقلت: اللهم انت السلام ومنك السلام فحينا ربنا بالسلام، اللهم زد هذا البيت تشريفًا وتعظيمًا ومهابة، وزد من شوفه وكرمه بمن حج إليه أو اعتمر تشريفًا وتكريمًا وتعظيمًا.

باب المراهق

وروى ابن عبدوس: إذا استقبل الركن حمد الله تعالى وكبره، ولم أسمع في رفع اليدين حينئٍذ ولا عند رؤية البيت شيئًا، وتأخير دخول القادم وقت منع النفل يأتي فيطوف طواف القدوم إثر دخوله قبل الركوع كل محرم بحج من حلَّ ولو كان مكيًّا، سوى مراهق أحائض ودخولها نهارًا مستحب. عياض: لفعله صلى الله عليه وسلم. قُلتُ: ورواه مالك عن ابن عمر، وروى الشَّيخ: لا بأس أن تؤخر ذات الجمال تقدم نهارًا طوافها لليل. القاضي: إنما هو على من قدم مكة. الباجي: ظاهره ثبوته على من أحرم من الحرام، ويختص سقوطه بالمكي كدم القران. قُلتُ: كونه كدم القران يسقطه عن مكي أحرم من الحل والمنصوص لا يسقط ونقله الباجي، وهو سنة وسماه فيها واجبًا وفرضًا يستدركه ما لم يراهق. وفي الدم بتركه قولا ابن القاسم مع مالك وأشهب. اللخمي والتونسي ومحمد: ناسيه كعامد تركه، واختاره ابن الجلاب، ونقله عن الأبهري وعن ابن القاسم: لا دم عليه. قُلتُ: هو ظاهر تعليلها سقوط الدم عمن طافه محدثًا بأنه غير عامد كالمراهق. [باب المراهق] أبو عمر: المراهق من خاف فوت الوقوف إن طاف وسعى. الباجي: من ضاق وقت إدراك وقوفه عنهما لما لابد له من أمره.

وروى محمد: للمراهق تعجيل طوافه وتأخيره، وله عن أشهب أحب تأخيره غن قدم يوم عرفة وتعجيله إن قد يوم التروية، وروى ابن عبد الحَكم: إن قدم يوم التروية ومعه أهل أو يوم عرفة فله تأخيره، ويوم التروية ولا أهل عجل. وفيها: يؤخر المحرم من مكة سعيه لأثر إفاضته، فإن طاف وسعى قبل وقوفه أعاد سعيه إثرها، وإن يعده كفاه وأيسر شأنه هدى، وشاذ قول ابن الحاجب: هدى على المشهور، لا أعرفه، إلا تخريج التونسي من عدمه فيها على مفيض محدث طاف تطوعًا بطهارة، ويفرق بتقديم نيَّة الإفاضة فيحكم بانسحابها، وشرط مطلقه طهارة الحدث، فإن طاف محدث لقدوم سعي بعده أو إفاضة أعاد ولو رجع لبلده، وقال المغيرة: لا يرجع ويجزئه. وفي إجزاء تطوع من أفاض محدثًا قولان لها ولابن عبد الحكم. اللخمي: إن طاف قربه لا ينوي نفلًا ولا فرضًا اجزأه؛ للخلاف في إجزاء ما فعل دون نيَّة كوقوف من لم يعرف عرفة بها، وفسرها الصقلي بعدم الدم، ففي قول ابن الحاجب: (في الدم نظر)، وتخريجه بعضهم من قوله فيها: من سعى بعد طواف قدوم لم ينوبه فرضًا ولا نفلًا وما ذكر حتى وصل بلده؛ يجزئه وعليه دم والدم في هذا خفيف؛ يرد بما تقدم نيَّة الإضافة. وفيها: إن ذكر معتمر طوافه محدثا رجع من بلده حرامًا كمن لم يطف، وإن كان حلق افتدى، وإن أصاب النساء والصيد والطيب فعليه الجزاء. قال في كتاب محمد: وفي طيبه الفدية وفي إصابة النساء بالعمرة والهدي. وفيها: إن طاف محدثٌ لقدوم سعى بعده وأتم حجه بإفاضة بطهر ووطئ رجع حلال اللبس فقط ليطوف ويسعى ويعتمر ويهدي ولا يعيد حلقه، وطيبه عفو؛ لأنه بعد الجمرة، وفساد طواف قدومه عفو؛ لأنه غير عامد كالمراهق ولكل صيد جزاء، وجل الناس قال: لا عمرة. التونسي: روى محمد لا دم لفساد قدومه كظاهرها، وروى أيضًا: من أحرم بحج جنبًا وأتمه كذلك أعاد طوافه وسعيه وتم حجه وعليه دم، فجعل فساد طواف القدوم كعدمه في إيجاب الدم.

ورواية محمد: "لا يعتمر حتى تنقضي أيام الرمي، ونكاحه قبل عمرته فاسد" تناقض؛ لأنه إن حل بطوافه وسعيه صح نكاحه، وإلا امتنعت عمرته. قُلتُ: دم المحرم جنبًا لعله تأخير إفاضته عن أيام الرمي لا لفساد قدومه، وعمرته لما كانت جابرة حجه أشبهت ركنه، وإن سعى تطوعًا بعد إفاضة صحيحة من سعى بعد أن طاف لقدوم محدثًا؛ ففي لغو سعيه الثاني وصحته قولا عبد الحق وبعض شَيوَخه محتجَّا بأن تطوع فعل الحج ينوب عن واجبه، ورده عبد الحق بأن ذلك فيما يصح التطوع به والسعي ليس كذلك. قُلتُ: لأبي إسحاق عن ابن الماجِشُون من تطوع بالرمي، وقد نسي جمرة العقبة أجزأه ذلك، مع أن الرمي ليس مما يتطوع به في غير الحج. ولو بنى من أحدث فيه ففي بطلانه قولا ابن القاسم ورواية ابن حبيب قائلًا: يبنى الراعف. وشرط كماله طهارة الخبث لسماع القرينين: يكره بثوبٍ نجس. وفيها: إن ذكر أنه طاف واجبًا بنجاسة لم يعد كذكره بعد وقت صلاته. انب رُشْد: القياس إن ذكرها فيه ابتداء. قُلتُ: حكاه الشَّيخ عن أشهب قال عنه: وبعده أعاده، والسعي إن قرب، وإلا استحب هديه، وذكره عنه ابن رُشْد دون استحباب هدي، وقال: ليس هذا بقياس. وقول ابن الحاجب: إن ذكرها فيه بنى، لا أعرفه. ولو طاف بها عامدًا ففي صحته وإعادته أبدًا قولان؛ لأخذ ابن رُشْد من سماع القرينين: يكره بثوب نجس، وتخريجه على الصلاة فإن ذكرها بعده وقبل ركعتيه، فقال ابن رُشْد: ابتدأه، وبعدهما إن أجزأتا، وإلا فطرق الصقلي وابن رُشْد في وجوب إعادتهما باقيًا وضوءه واستحبابها قولا محمد وأَصْبَغ، وعزا ابن رُشْد الأول لابن القاسم وصوب قول أَصْبَغ معبرًا عنه: بلا إعادة، قائلًا بخروج وقتهما بهما، وعزا الصقلي أيضًا الأول لابن القاسم وأشهب قائلًا: يعيد الطواف والسعي. ابن بشير: في إعادتهما قولان بناء على بقاء وقتهما وانقطاعه بسلامه. اللخمي: إن صلاهما بثوب نجس فأصل ابن القاسم: لا يعيدهما لخروج وقتهما

بهما، وفي كتاب محمد: يعيدها ما دام بمكة، فإن خرج لبلده فلا ويبعث هديًا. قال: وليس بينًا وأرى إعادتهما إن كان بمكة ما لم تخرج أيام الرمي، وبعدها في شهرها يختلف في إعادتهما، وبعده لا إعادة لتبعيتهما الطواف لا شئ عليه حيث يكون أداء وحيث يكون قضاء موجبًا للدم فقضاء الركعتين كذلك. قُلتُ: يريد حيث لا شئ عليه يعيدهما لأنهما كمتصلتين به، وفي نقيضه نقيضه. وشرط صحته: جعل البيت عن يساره. اللخمي: إن نكس رجع من بلده، وعزاه الصقلي لأشهب. ابن بشير: وقيل لا للخلاف، وكونه خارج البيت داخل المسجد فلا يجزئ داخل الحجر. في كتاب محمد: لو ابتدأ من بين الحجر الأسود وبين الباب أجزأه ولا شئ عليه. ابن الجلاب: إن بدأ بغير الحجر الأسود أغلى ما قبله. اللخمي: لو تسور من طرفه أجزأه؛ لأنه ليس من البيت وليس يحسن فعله. ابن شاس: ولا شاذروان البيت ما اسقط من عرض أسسه من خارجه وقربه أفضل. وفيها: لا بأس به وراء زمزم لزحام. وفي صحته في سقائفه له قولا ابن القاسم وأشهب ولا لزحام في عدم رجوعه له من بلده قولا الشَّيخ وابن شبلون، وخرجهما الصقلي على قولي ابن القاسم وأشهب متممًا قول الشَّيخ بالدم، ونقل ابن عبد السلام في تفسيره. الباجي: بعدم الدم لم أجده. وفيها: إن طاف فيها لحر الشمس لا زحام أعاد، وألحق اللخمي بها ما وراء زمزم، ورده سند بأن زمزم في جهة واحدة فقط، فقول ابن الحاجب: لا من وراء زمزم وشبهه على الأشهر إلا من زحام، لا أعرفه، وبلوغه سبعا غير ذات تفريق كثير. اللخمي: عمد تفريق يبطله إلا يسيره، أو لعذر مع بثاء طهره، وحدثه ولو غلبة يوجب بطلانه، فلو بنى بعد طهره؛ ففي بطلانه قولا ابن القاسم، ورواية ابن حبيب قائلًا: يبنى الراعف.

الباجي: يسير عمد تفريق مكروه ونسيان بعضه ككله. محمد: رجع إليه ابن القاسم بعد أن خفف الشوطين. وفيها: يبني ما لم يطل أو يحدث، وفي الموطأ: شك النقص كتحققه. الباجي: يحتمل أن الشك بعد تمامه غير مؤثر، وسمع ابن القاسم: تخفيف مالك للشاك قبول خبر رجلين طافا معه. الشَّيخ: في رواية قبول خبر رجل معه. الباجي: عن الأبهرى القياس إلغاء قول غيره وبناؤه على يقينه كالصلاة، وقاله عبد الحق، وفرق الباجي: بأنها عبادة شرعت فيها الجماعة والطواف عبادة لم تشرع فيها فيعتبر قول من ليس معه فيها كالوضوء والصوم. وبدؤه ومنتهاه: الركن الأسود. الباجي، روى داود بن سعيد: إن بدأ من اليماني ألغى ما قبل الركن الأسود ونحوه لابن القاسم، فإن أتم طوافه على ذلك وركع؛ فابن كنانة: يعيد إن ذكر قريبًا، وإن بعد أو أحدث أجزأه وأهدى. عيسى عن ابن القاسم: إن لم يذكر حتى أحداث ابتدأ طوافه وسعيه، فإن خرج من مكة وبعد أهدى. عبد الحق عن كتاب محمد: لو ابتدأه من بين الحجر الأسود وبين الباب بيسير أجزأه ولا شئ عليه. ابن الجلاب: إن بدأ بغير الحجر الأسود ألغى ما قبله. وروى محمد: ن ذكر شوطًا بعد سعيه وركع وسعى. وفيها: من ذكر من طواف السعي بعد ركوعه وسعيه شوطًا بنى إن قرب باقيًا وضوءه وركع وسعى، وإن طال ابتدأ وإن وطئ بعد رجوعه رجع كمن طافه محدثًا وطئ بعد رجوعه. وقول ابن الحاجب: إن ذكر وقد كمل سعيه بعض طوافه ابتدأه على المشهور، لا أعرفه. ويقطع لإقامة فرض ويتمه لسلامه، ظاهر سماع القرينين: يقطعه لإقامة العصر.

وقول ابن رُشْد: اتفاقًا، أمره به لا تخييره، وقول الجلاب: لا بأس بقطعه، يقتضي تخييره، ولا يقطعه لجنازة، فإن فعل ففي ابتدئه وبنائه قولا ابن القاسم وأشهب. الجلاب: لا بأس أن يطوف بعد الإقامة شوطي قبل الإحرام. قُلتُ: رواه محمد، وزاد: وأما المبتدئ فأخاف أن يطول ورص فيه. في ابتدائه لخروج نفقة نسيها وبنائه إن كان قدر زمن الجنازة قولا ابن القاسم، وتخريج اللخمي على الثاني، ورده ابن بشير بشبه الجنازة به؛ لأنها صلاة. وروى أشهب: لا يخرج منه لركوع فجر، وعسى به في التطوع ويبني. الباجي: بعض الشوط لا يبني عليه. ويركع ركعتيه ($): ابن حبيب، وابن شعبان: يستحب قرءتهما بـ} قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ} [لكافرون:1 [و} قُلْ هُو َاللَّهُ أَحَدٌ} [الإخلاص:1]. ابن عبدوس ابن القاسم: يركعهما بطوافه أول دخوله خلف المقام، وقاله ابن شعبان في كل طواف. وفي وجوبهما وسنتهما، ثالثها: كطواف للباجي والصقلي مع اللخمي، والتونسي، والقاضي وابن بشير مع ابن رُشْد. ويسير تأخيرهما ما لم يحدث عفو. اللخمي: لو فرق بين طوافه وركوعه ناسيًا ففي بنائه على طوافه وابتدائه رواية محمد: من نسيهما حتى سعى صلاهما وسعى، ونقل محمد: إعادة طوافه، وروى: إن أحدث قبلهما مقاربًا مكة أعاد طوافهما الواجب، وإن بعد فعلهما وأهدى، ولا يعيد التطوع إلا أن يشاء إن لم يعتمد حدثه، ويلزم على بناء الناسي في الواجب بناء المحدث. زفيها: لا يجزئ مكتوبة عنهما. وسمع أشهب: كراهة جمع ركوعي أسبوعين لآخرهما، فإن ابتدأ ثانيًا قبل ركوع الأول قطعه له فإن أتممه ففي ركوعه لكل منهما أو ركعتين فقط قولا المشهور، والباجي عنابن القاسم. اللخمي: وكذلك ثالث ورابع، وقياد المذهب ن الثاني طول يوجب استئناف ما

تقدم من طواف. روى محمد: أحب لقادم علم لأنه لا يدرك الطواف إلا بعد العصر أن يقيم بذي طوي للغروب، فإن دخل بعد العصر فلا بأس أن يؤخر طوافه، فإن طاف وأخر ركعتيه حتى صلى المغرب فركع وسعى؛ فإن كان بطهر واحد أجزأه وإلا أعاد طوافه وسعيه، فإن تباعد من مكة بعث هديًا ومن أفاض من منى ولم يصل العصر فيطوف بعدها، ومن طاف قبل حل النفل أخر إليه وأجزأه ولو في الحل ما لم يحدث. وروى الشَّيخ: أحب مقامه بالمسجد حتى يركعهما. وقول ابن الماجِشُون: لا بأس بهما بعد الصبح غلسًا. قال: وروى محمد استحب تأخيرهما عن صلاة المغرب. اللخمي عن محمد: يقدم المغرب، وسع فيه أبو مصعب. قُلتُ: وسمعه ابن القاسم. ابن رُشْد: الأظهر تعجيلما لخفتهما وفضل صلتهما بالطواف، بخلاف صلا الجنازة الأفضل تأخيرها إذ لا فضل في تعجيلها. وسمع: أرجو خفة ركوعهما في إقامة الصبح بمكة لإطالتهم الإقامة لقطع الطواف، وكذا ركعتا الفجر، ولو سعى قبلهما ولو في وقت منهما وقارب مكة؛ ففي لزوم إعادة طوافهما وسعيهما، ثالثها: السعي فقط؛ لرواية محمد مع الباجي عن أصل المذهب، ونقليه عن ابن القاسم وعلى الأول المشهور فيها: إن ذكرهما بعد تمام نسكه ولم يطأ هما من طواف السعي السابق الوقوف فهدي وإلا فلا، وفرق بأن طواف القدوم متعين الوقت بخلاف الإفاضة. القرافي: إن قلنا تختص الإفاضة بوقت معين لزم الدم. وفيها: ويؤاخذ المعتمر بموجب الفدية قبلهما، وسمع ابن القاسم: مع ثاني حجها إن ذكرهما من إفاضته بعد وطئه أفاض وركعهما ثم أعتمر وأهدى، وإن بعد فهدي مطلقًا. ابن رُشْد: إن ذكرهما من إفاضته بعد وطئه بالقرب فمضى لبلده وجب رجوعه

للإفاضة والعمرة على القول: من وجبت إعادته في الوقت فلم يعد حتى خرج وجبت إعادته بعده. وقلت: يفرق بمشقة العود لمكة. اللخمي: إن ذكرهما من الطواف الأول قبل يوم التروية ركعهما بعد طوافه وسعيه، وإن ذكرهما يوم التروية استحب طوافه، فإن لم يطف وذكرهما بمعرفة؛ ففي سقوط دم ترك طواف قدوم كمراهق ولزومه لتفريطه بالنسيان قولان، وإن ذكرهما بعد ذي الحجة ولم يطأ لزم دم تأخير الإفاضة، وفي دم تأخير القدوم القولان، وإن كانتا من طواف الإفاضة؛ حيث يعيده بعد أيام الرمي في شهره، ففي الهدي قولان وبعده يهدي. وروى ابن حبيب: إن كانتا من وداع فلا هدي. ابن عبد الرحمن: إن صاد قبلهما أو أحرم لحج حيث يعيد طوافهما وسعيهما فلا جزاء وهو قارن، فقيل: تناقض ولا قران والجزاء مستحب. التونسي: لو نكح ناسيًا ركوعه، فإن ذكر قرب مكة فسخ وبعد بعده أشبه إمضاءه، واختلف في نكاح المريض إذا صح. ويطلب فيه مشي القادر، فإن جمل أو ركب فللقاضي: كره وروى محمد: لا يجزئه. الباجي: إنما يريد أنه مكروه؛ لقول مالك: يعيد، فإن لم يعد بعث بهدي. وفيها: أعاد إن لم يفت طال فدم. أبو عمر عن ابن القاسم: المحمول يرجع من بلده ليطوف ويهدي، والراكب إن طال أهدى فقط، وعن أشهب فيهما: بعد مكة كوصول بلده. ابن بشير: في رجوعهما بعد وصولهما قولان. والعاجز: قال سَحنون: يحمل ولا يركب؛ لأن الدواب لا تدخل المسجد. الباجي: له ركوب طاهر الفضلة. وروى الشَّيخ: إن أفاق مريض أحب أن يعيد. قال: قال مالك: من به مرض أو ضعف لا يقوى أن يمشي يركب، ثم رجع عن

قوله: أو ضعف. واستلام الحجر الأسود بفيه: في ابتدائه وفي اختصاصه بواجبه وعمومه في كل طواف قولها: ليس عليه استلامه في ابتدائه إلا ف الطواف الواجب إلا أن يشاء، ولا يدع التكبير كلما حاذاه في كل طواف حتى التطوع. وقول التلقين بعد ذكر استلام الحجر في ابتدائه: صفة كل الطواف واحدة، مع نقل اللخمي عن المذهب: من طاف تطوعًا ابتدأ بالاستلام، وأطلق الصقلي وغيره قولها، وقول ابن الحاجب: حمل قولها على التأكد، لم أعرف حامله. وفيها: يزاحم عليه دون أذى، فإن شق؛ لمسه بيده أو عود إن بعد ووضعهما عل فيه دون تقبيل، وروى ابن شعبان: به، وخير أشهب، فإن تعذر كبر. ويستلم اليماني إذا وصله بيده لا فيه دون تقبيلها، وروى محمد: به، وصوبه اللخمي فيهما، فإن تعذر كبر ومضى. وفيها: واسع كلما حاذهما أن يستلمهما ولا يدع التكبير كلما حاذهما، ولا بأس أن يستلم الحجر من لم يكن في طواف. الشَّيخ: إن كان طاهرًا. الجلاب: يستلم الحجر الأسود في أشواطه كلها. وفيها: إذا تم طوافه استلم الحجر قبل خروجه للصفا، فإن طاف بعد ذلك فليس عليه استلامه قبل خروجه لمنزله إلا أن يشاء. محمد: ولا يستلم عند خروجه اليماني. وسمع القرينان معهما: لا شئ في ترك الاستلام، ونقل البراذعي والصقلي عنها: ولا يستلم الركنين اللذين يليان الحجر، ولا يكبر إذا حاذاهما لم أجده نصًا، بل هو دليل عدم ذكرهما، وتعليل أبي عمر عدم استلامهما بكونهما على غير قواعد إبراهيم وقبولهم إياه. قال عياض: لو ردا على قواعد إبراهيم استلما، ونقله بعضهم عن القابسي لم أجده صريحًا بل تعليله استلامهما ابن الزبير برده إياهما عل قواعد إبراهيم.

وقول ابن الحاجب: يكبر لهما، لا أعرفه. وفيها: كره مالك قول الناس عند استلام الحجر إيمانًا بك وتصديقًا بكتابك، ووضع الخدين والجبهة عليه، وقال: بدعة. الشَّيخ عن ابن حبيب: إنما كرهه خوف أن يرى واجبًا، ومن فعله في خاصته فذلك له، وفعله ابن عمر وابن عباس. قال: ويقول عند استلامه باسم الله والله اكبر، اللهم إيمانًا بك وتصديقًا بما جاء به محمد نبيك. ونقله ابن شاس من أوله إلى: وتصديقًا بكتابك ووفاء بعهدك وإتباعًا لسنة نبيك محمد صلى الله عليه وسلم. الشَّيخ عن ابن حبيب: ويستحب الدعاء حينئذٍ} رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّار} [لبقرة:201 [اللهم إليك بسطت يدي وفيما عندك عظمت رغبتي فاقبل مجيئي وأقل عثرتي، والتلبية فيه تقدمت. الشَّيخ عن ابن حبيب: يلزم الطائف السكينة والوقار. اللخمي: مقبلًا على الذكر والنهليل والحمد. وفيها: إن باع أو اشترى فيه لم يعجبني، ولا بأس بحديث خفيف فيه، ولا ينشد شعرًا. اللخمي: يستخف ثلاثة أبيات وعظًا أو تحريضًا على الطاعة، وروى ابن حبيب: يكره فيه الحديث لا الكلام. وفيها: كراهة القراءة فيه. اللخمي: أجازها أشهب إ قلت وخفت. قُلتُ: ذكره الشَّيخ رواية له بلفظ: لا بأس، وزاد: ون يسرع في مشيته أو يتأنى. وروى محمد: لا بأس بشرب الطائف الماء إن عطش. ابن حبيب: والنساء خلف الرجال، وروى محمد كراهة تغيظه فم الرجل وتنقب المرأة.

باب الرمل

[باب الرمل] الرمل: يطلب في ثلاثة أشواط؛ أول طواف القدوم للرجال لا النساء. التلقين: هو الخبب. الباجي: الإسراع بالخبب، ولا يحسر عن منكبيه ولا يحركهما. قُلتُ: سمع ابن القاسم: لا يحسر عن منكبيه فيه. ابن رُشْد: زاد فى كتاب محمد: ولا يحركهما. ابن رُشْد: إن انحسرا أو تحركا لشدة رمله فلا بأس. قد قيل: الرمل: الخبيب الشديد دون الهرولة. الباجي: وقول الجوهري "هو أن يثب في مشيه وثبًا خفيفًا يهز منكبيه لا الوثب الشديد" إن أراد قدر وثبة تحريك منكبيه بتحرك جسده لا قصد إفرادهما به فحسن. ابن بشير: مشى فوق المشي المعتاد دون الجري، ومنعه الزحام يسقطه، ومن تركه جهلًا أو نسيانًا. قال مرة: عليه دم، ثم رجع عنه، وقال مرة: إن قرب أعاد، ثم رجع، وبه قال ابن القاسم. محمد عن أشهب: إن كان بمكة أعاد وإن فات فدم. عبد الملك: لا يعيد وعليه دم. وذكر اللخمى ثبوت الدم وسقوطه مفرعين على عدم الإعادة في القرب، وذكرهما أبو عمر مفرعين على البعد، وعزا سقوط الدم لابن القاسم، ورواية ابن وَهْب وثبوته لرواية معن. الشَّيخ: روى ابن القاسم كابن وَهْب. الباجي: روى ابن كنانة، وابن نافع: يرمل في الإفاضة من أحرم من مكة مكيًّا أو غيره.

الشَّيخ والباجي قال في المختصر: من أخر طوافه حتى صدر رمل. الشًّيخ: روى محمد: رمل من أحرم من مكة أحب إلي. اللخمي: قال مالك مرة: رمل من أحرم من التنعيم أحب إلي وليس كوجوبه فيمن أحرم من الميقات، وقال مرة: هما سواء، وقول ابن عبد السلام: نقل ابن الحاجب تركه في المراهق ونحوه، والمحرم من التنعيم، لم أجده في المذهب بعد البحث عليه؛ يرد بقول ابن بشير في مشروعيته لمن أحرم من التنعيم قولان موجهًا الثاني بأنه إنما ورد فيمن أحرم من بعدٍ، وإن أراد عدم وجوده لأقدم منه فصواب. الشَّيخ: قال في المختصر: يرمل المعتمر مكيُّا أو غيره. وفيها: يستحب لمن اعتمر من الجعرانة أو التنعيم، وليس كوجوبه على من اعتمر من ميقات. الشَّيخ: روى محمد من فاته الحج لا يدع الرمل. وفي رمل من طاف بصبي، ثالثها: يستحب للخمي عن أَصْبَغ مع الشَّيخ في النوادر وظاهره عن مالك والشَّيخ عن ابن القاسم وأَصْبَغ. وفي رمل من طاف بمريض قول الشَّيخ، وتخريج اللخمي على قول ابن القاسم في الصبي، وروى محمد: لا يطوف به من لم يطف لنفسه. زاد فيها: لئلا يدخل طوافًا في طوافين، فإن طاف له ولنفسه ففي إجزائه عن الصبي لا حامله وعكسه، ثالثها: لا مطلقًا، ورابعها: الأول مع استحباب إعادته عن الصبي، وخامسها: يجزئ عنهما مع استحباب إعادته عن حامله للخمي عن ابن القاسم وعبد الملك ومحمد مع رواية ابن شعبان وأَصْبَغ وابن القاسم مرة، وسعيه لهما يجزئ اتفاقًا، وقبلوا قول ابن حبيب: لا بأس أن طاف بثلاثة طوفًا واحدًا. اللخمي: إن طاف به ماشيًا أجزأهما، وإن طاف لنفسه ومعه رجل يعلمه أجزأهما اتفاقًا. وفيها: لم يكره الطواف بالخفين والنعلين وكره دخول البيت بهما، أو يرقى بهما الإمام بهما منبره صلى الله عليه وسلم، وأجاز ابن القاسم دخول الحجر بهما، وضعفه اللخمي؛ لأن ستة منه من البيت.

الشَّيخ: كرهه أشهب قال: وروى محمد: لا بأس بدخول البيت بهما في حجزته أو يده، وإذا صلى فلا يجعلهما بين يديه وليكونا في إزاره. والخروج للصفا إثر تمام ركعتي الطواف سنة. أبو عمر: إجماعًا. الباجي: لا ينصرف ليلته حتى يسعى، إلا لضرورة يخاف فوتها أو يرجو بالخروج ذهابها؛ كخوف على منزله أو حقنةٍ، وكره الخروج للمرض لأنه لا يذهبه، فإن فعل فروى محمد: يبتدئ طوافه، وظاهر المذهب: إن لم يبدأ حتى رجع فعليه دم. قُلتُ: سمع ابن القاسم من مرض إثر ركوعه فعجز عن السعي حتى نصف النهار أكره تفريقه بينهما. ابن القاسم: إن أصابه ذلك ابتداء؛. ففسره ابن رُشْد بما يأتي من سماع القرينين. الشَّيخ: روى أشهب من أتى ليلًا فطاف، ولم يسمع حتى أصبح؛ فإن بقي طهره أجزأه، ون أحدث أعاد طوافه وسعيه وحلقه إن كان بمكة، فن خرج منها فهدي. وروى محمد: إن أتم طوافه ثم طاف أسبوعين تطوعًا فأحب إلي أن يبتدئ طوافه وسعيه، فإن لم يعد الطواف رجوت أن يجزئه. وسمع القرينان: من طاف لعمرته ليلًا وسعى بعد الصبح بعد نقض وضوئه بئس ما صنع وعليه هدي، ولو ذكر بمكة بعد حلقة ابتدأ الطواف والركوع والسعي والحلق. ابن رُشْد: وعليه دم لحلقه الأول، وإن لم يكن حلق فلا، ولو لم ينتقض وضوؤه وبعد ففي إعادته طوافه سماعا ابن القاسم والقرينين، ولم يحد مالك بابًا يخرج منه. الباجي: يريد: أن الخروج من باب الصفا ليس من المناسك إلا أنه أقرب. قُلتُ: فيترجح لسرعة اتصال السعي بالطواف، ويستحب وقوفه بأعلى الصفا حيث يرى البيت. وروى الباجي: يكره أن يقعد لغير مرض، فإن قعد فلا شيء عليه في حديث الموطأ: يكبر ثلاثًا ويقول: لا اله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو

على كل شيء قدير ثلاثًا ويدعو. ابن حبيب: يقول في ثالثة التكبير؛ الله اكبر كبيرًا والحمد لله كثيرًا ... إلى آخره، ويكرر التكبير والتهليل الدعاء سبع مرات، قال: ولا يدع الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم. الشَّيخ: روى هذا عن ابن عمر. وفيها: ليس في الدعاء على الصفا والمروة توقيت، وتضعيف مالك رفع اليدين على الصفا والمروة. ابن حبيب: يرفعهما حذو منكبيه وبطونهما للأرض ثم يكبر ويهلل ويدعو. الباجي: وعندي أن هذا عند الذكر والتعظيم ولعله الذي ضعف مالك، وأما في دعاء الطل والتضرع فيرفع يديه وبطونهما للسماء ثم يمشي للمروة ويسعى في المسيل. أبو عمر: هو الوادي بينهما. الباجي: السعي بين العلمين سعي بين سعيين وهو الخبب رواه الأشهب. قُلتُ: وبالخبب بر عن الرمل فظاهره مساواتهما في الاشتداد في المشي والهرولة. ابن شعبان: ثم ميل أخضر ملصق بركن المسجد إ ذا بلغه سعى سعيًا أشد من الرمل حول البيت حتى يخرج من المسيل لميل أخضر هنالك فيعود لهيئته ماشيًا حتى يرقى أعلى المروة، فيحتسب وقوفه بأعلاها حيث يرى البيت فيقول ما قال بالصفا كما تقدم، ثم يرجع كذلك للصفا فيقف كذلك حتى يسبع مروره بينهما كذلك بالانتهاء إلى المروة، والابتداء بها لغو. الباجي: رجع في المبسوط عن وجوب الدم لترك السعي بالمسيل. قُلتُ: ما تقدم للشيخ في ترك الرمل ذكره في ترك السعي بالمسيل. وفيها: إن رمل كل سعيه أجزأ وأساء، والنساء كالرجال، ويسعين بالمسيل مشيًا

ولا يرقين أعلاهما إن لم ينفردن، والمذهب شرط وجوبه قولان لابن عبد الحَكم ولهما كما مر، وتقريرهما ابن عبد السلام لتخريج التونسي المتقدم رده وهٌم؛ لأنه في الدم لا جزاء في إجزاء السعي. وفيها: لا يجزئ إلا بعد طواف ينوي فرضه، وتقدم من سعى بعد طواف لم ينو فرضه ولا نفله. الشَّيخ: روى محمد من بدأ بالسعي قبل الطواف أعادهما ولو خرج من مكة. وفيها: إن أصابه حقن توضأ وبنى، وخفيف جلوسه أثناءه مغتفر، فإن أطال كالتارك لما كان فيه ابتداء. الشَّيخ: يبتدئ الطواف. الصقلي: ظاهر قول ابن حبيب يبتدئ السعي فقط، وروى ابن عبد الحَكم: من رجع لسعي فليطف قبله. الباجي: اتفاقًا. الشَّيخ: إن أطال جلوسه ولم يبتدئ فلا شيء عليه، ونقل ابن الحاجب عن محمد: إن تباعد أهدى، لم أجده. وفيها: لا يسعى راكبا لغير عذر. الباجي عن ابن نافع: الكبر عذر، فإن ركب لغير عذر أعاد، فإن طال فعليه دم، ونقله الصقلي عن رواية محمد، وإن أخره المأمور بطواف القدوم أجزأه، وفي الدم متقدم القولين، فإن أخره المأمور بطواف القدوم أجزأه، وفي الدم متقدم القولين، فإن أخره إلى طواف الوداع؛ ففي إجزائه تخريجا اللخمي على قولي مالك وابن عبد الحَكم في التطوع. قُلتُ: في التخريج على الثاني نظر؛ لأن الوداع آكد من التطوع وظاهر نقلهما ابن الحاجب منصوصين، لا أعرفه. وفيها: لو ترك شوطين منه ولو في عمرة فاسدة رجع له من بلده. اللخمي: روى إسماعيل إن تركه وبعد وطال الأمر وأصاب النساء أجزأه الهدي، ونقله ابن العربي عن مالك في العتبيَّة لم أجده، وأجمعوا على أنه ركن في العمرة. ابن الحارث: إن نسيه ورجع حاجًّا أو معتمرًا، فقال أشهب: يتم حجه أو عمرته

ثم يسعى السعي الأول. سَحنون: ليس هذا معتدلًا لأنه على إحرامه. ابن الحارث: ويشهد لسَحنون قول أشهب وروايته في ناسيه: إن أصاب النساء أعاد الطواف والسعي، وعليه في إصابته بعد العقبة عمرة وهدي. ابن شاس: روى ابن وَهْب استحب بعض العلماء الغسل للسعي والوقوف بعرفة والمزدلفة ورمي الجمار. وسمع ابن القاسم: من أحدث في سعيه فأتمه فلا شيئ عليه، وأحسن أن يتوضأ ويتمه. الشَّيخ: روى أشهب إن حاضت في سعيها أو بعد ركوعها أتمته وأجزأها. الشَّيخ: روى محمد وابن الحبيب والعُتْبِىّ إن أقيمت عليه الصلاة تمادى إلا أن يضيق وقتها فليصلها. ($) روى محمد: ثلاث: الأولى: بعد صلاة الظهر سابع ذي الحجة بالمسجد الحرام يعملهم فيها مناسكهم؛ خروجهم لمنى صلاتهم بها الظهر حتى صلاتهم يوم عرفة، وغدوهم منها وغير ذلك. والثانية: بعد زوال يوم عرفة يعملهم باقي مناسكهم إلى الثالثة صلاتهم بعرفة ووقوفهم بها، ودفعهم ومبيتهم بمزدلفة وصلاتهم بها، ووقوفهم بالمشعر ودفعهم منه، ورمي الجمار، والحلق، والنحر، والإفاضة، ويجلس وسطها. وفي وقت أذانه اضطراب. الشَّيخ والباجي عن ابن حبيب: في جلوسه بين خطبتيه، وسمع ابن القاسم: والإمام يخطب. أبو عمر: قدر ما يفرغان جميعًا. ابن محرز عن القابسى: معناه إن شرع في الثانية؛ لأنه فرغ من تعليمهم في الأولى، وفي ثاني صلاتها إذا فرغ من خطبته جلس على المنبر وأذن المؤذن وأذن المؤذن فإذا فرغ أقام ونزل

الإمام فصلى، ففي ثاني حجها إن شاء وهو يخطب أو بعد فراغه. قيل: فقبل أن يأتي الإمام أو قبل أن يخطب؟ قال: ما أظنهم يفعلون، ثم يصلي الظهر والعصر قصرًا ويتم العرفي. وفيها لابن القاسم: لا أحب كون الإمام عرفيًّا. وجمعهما سنة. أبو عمر إجماعًا. وفيها: من فاته جمع الإمام جمع وحده. زاد في رواية سماع ابن القاسم: ولو كان قادرًا عليه. ابن محرز عن محمد: لا يجمع ما فاته، ولم يحكه ابن رُشْد. وفيها إن ذكر منسية في الأولى أو الثانية بطلت عليه وعليهم. ابن القاسم: ويستخلف من يجمع بهم، أو يصلي العصر بهم ويخرج يصلي لنفسه المنسية ثم يجمع أو يصلي العصر. الباجي: معنى قول أصحابنا العراقيين: لا خطبة يوم عرفة أنه لا تعلق لخطبتها بالصلاة؛ إذ لا تنقلها للجهر ولا عن القصر والجمعة بعدها قصر سر، ولو صلى بغير خطبة أجزأ. أبو عمر: إجماعًا. ابن الحبيب: يبدأ بالخطبة إذا زالت الشمس، أو قبل الزوال بيسير قدر ما يفرغ الخطبة وقد زالت الشمس. الشَّيخ: في قوله نظر؛ لقوله أولًا: إذا زالت الشمس فرح لمسجد عرفة، فكيف قال: يخطب قبل أن تزول الشمس بعد الخطبة، وقال: يؤذن إذا جلس في الخطبة؟ والأذان لا يكون إلا بعد الزوال، وقال أشهب: إن خطب قبل الزوال لم يجزئه وليعد الخطبة ما لم يصل الظهر؛ يريد: بعد الزوال. والثالثة: بعد ظهر ثاني يوم النحر يعملهم فيها الرمي، ووقته، وكيف هو، ويوم نفرهم، وجواز التعجيل في يومين، وتعجيل الإفاضة، وسعة تأخيرها، والمبيت بمنى لياليها، ولا جهر في صلاة شيء منها ولو كان يوم جمعة؛ لأنها ساقطة، والحكم: القصر

لغير العرفي والمنوي: وفي جلوسه فيها وفي الأولى قولا ابن حبيب مع الأخوين قائلين: يفتتح كلاًّ منهما بالتكبير ويكبر خلال كل خطبة كالعيد، ومحمد: وفي صلاتها يجلس أول كل خطبة ووسطها. والخروج لمنى: يوم التروية ثامن ذي الحجة. الجلاب: ضحى. الشَّيخ عن ابن حبيب: إذا زالت الشمس فطف سبعًا وراكع واخرج. وروى محمد: يخرج قدر ما يصلي بمنى الظهر، ويكره المكث حتى يمسي لغير شغل. وروى الشَّيخ: إن أدرك وقت الجمعة من تلزمه بمكة وجبت عليه، والمسافر: استحب أَصْبَغ صلاته، ومحمد خروجه قائلا: المستحب خروجه قبل ذلك، وإنما تكلم مالك فيمن لم يفعل فيبيت بها، ولا دم في تركه. وكره مالك البناء بها؛ لأنه يضيق على الناس، والتقدم لها قبل ذلك وإلى عرفات قبل يومها. وفي كراهة تقديم الأبنية لها قولان لها وللخمي عن أشهب. والغدو منها إلى عرفات. روى محمد: إذا طلعت الشمس، ولا بأس لضعيف هو أو دابته أن يغدو قبل طلوعها. ابن حبيب: من عبر منها لعرفة قبل طلوعها فلا يجز بطن محسر حتى تطلع على ثبير. الباجي: لأن ما قبل بطن محسر من منى. وفيها: إذا فرغ الإمام من الصلاة دفع الناس بدفعه، أو بدفع من ناب عنه لذكره منسية أو مستخله لحدث. ابن حبيب: إذا سلم الإمام من جمعه ركب فارتفع لعرفات يقف راكبًا عند الهضاب مع الناس يهللون ويكبرون ويحمدون.

باب في الوقوف الركني

وكل عرفة موقف: وقرب الإمام أفضل، وقاله أشهب، وروى الشَّيخ: لا أحب أن يقف على جبال عرفة بل مع الناس، ليس موضع من ذلك أفضل من غيره. وفيها: إن وقف جنبًا من احتلام أو على غير وضوء أجزأه، كونه طاهرًا أحب إلي. الشَّيخ عن ابن الماجِشُون: لا أحب تعمد الوقوف بغير طهر، وروى ابن وَهْب وغيره: الركوب أحب إلي من الوقوف قائمًا، وقيده اللخمي بعدم إضرار الدواب، والرواية: يدعو الماشي قائمًا فإن أعيا جلس. أشهب: إن وقف بنفسه وترك دابته ولا علة بها فلا شيء عليه. الشَّيخ: روى ابن حبيب كراهة أن يستظل يومئذ من الشمس بشيء. ابن حبيب: إذا دعوت وسألت فابسط يديك، وإذا رهبت واستغفرت وتضرعت فحولهما فلا تزال مستقبل القبلة خاشعًا متواضغًا كثير الذكر بالتهليل والتكبير التحميد والتسبيح والصلاة عليه صلي الله عليه وسلم والاستغفار والدعاء لنفسك وأبويك حتى الغروب. [باب في الوقوف الركنى] والوقوف الركني كون غير مشي ليلًا بعرفة سوى عرنة:

وفيها لابن القاسم: إن تعمد الوقوف مع الإمام ووقف بعده ليلًا أجزأه وقد أساء وعليه دم، وللصقلي عن سَحنون: لا دم. أبو عمر: روى ابن حبيب: عرفة بالحل وعرنة بالحرم، وروى محمد: هي وادي عرنة. وفي إجزاء الوقوف بها مع الدم وعدم إجزائه، ثالثها: يكره لأبى عمر عن رواية خالد بن مروان، وأبي مصعب مع لفظ الجلاب عن بعض شُيُوخنا، وابن شاس عن المذهب، وظاهر الروايات وظاهر الروايات نقل الجلاب عن المذهب. وفى إجزائه بمسجد عرفة، ثالثها: الوقوف للخمي عن ابن مزين مع محمد قائلًا: حائطه القبلي على حد عرنة سقوطه بها، وأَصْبَغ وابن الحَكم مع مالك. وفيها: كره مالك بناؤه، وقال: إنما أحدث بعد بني هاشم بعشر سنين. وفي إجزاء مرور من مر بعرفة عارفًا بها مطلقًا أو إن نوى به الوقوف، ثالثها: وذكر الله تعالي، فإن نوى ولم يذكره لم يجزئه، ورابعها: الوقف لعبد الحق عن رواية ابن المنذر مع أبي عمر عن رواية أبي ثور، وتخريج اللخمي وعبد الحق على إجزاء وقوف المغمى عليه، وعلى رواية محمد: من دفع قبل الغروب من عرفات، ولم يخرج منها إلا بعده أجزأه وعليه دم، وابن محرز مع الشَّيخ عن محمد، واللخمي عن رواية الموازيًّة ومالك فيها. قُلتُ: وعزا ابن محرز تخريج اللخمي معن رواية محمد لابن الكاتب، وعلى الثالث في إجزاء مطلق الذكر أو ما له بال نقل اللخمي عن ظاهر قول محمد وتخريجه على ذكر الخطبة.

وفيها: قلت من مر بها بعد دفع الإمام ولم يقف أيجزئه؟ قال: قال مالك: من وقف ليلًا بعد الإمام أجزأه، لم نكشفه عن أكثر من هذا، وأنا أرى إن نوى بمروره الوقوف أجزأه. وفي إجزاء من مر بها جاهلًا بها روايتا ابن المنذر مع تخريج اللخمي، دليل قول ابن القاسم فيها مع تخريج اللخمي عن رواية محمد. وفي إجزاء من وقف به مغمى عليه مطلقًا، أو إن أغمي عليه بعرفة بعد الزوال ولو قبل وقوفه، ثالثها: إن أغمي عليه بعدهما، لها وللخمي عن روايتي الأخوين وابن شعبان مع أشهب. وفي لغوه بعد الزوال قبل الغروب وإجزائه، نصوص المذهب وتخريج اللخمي من رواية الأخوين في المغمي عليه؛ لتشبيههما عدم إجزاء الوقوف في الإغماء قبل الزوال به قبل الفجر في الصوم، والإجزاء بعده به بعد الفجر في الصوم، وفتوى يحيى بن عمر إن هربوا من عرفات قبل تمام وقوفهم لفتنة كسنة العلوي أجزأهم، وقول عياض: معروف قول مالك لا يجزئ، وذكر الشَّيخ عن سَحنون مثل قول يحيى بن عمر ولم يحكه ابن رُشْد عن غيره. محمد: إن ذكر منسية إن صلاها فاته الوقوف قبل الفجر وقف إن كان قرب عرفة وإلا صلى. ابن عبدد الحَكم: إن كان آفاقيًّا وقف وإلا صلى. الصائغ يصلي إيماء كالمسايف، ورده ابن بشير بخوفه على نفسه قال: وهو قياس على الرخص، وفرضها ابن بشير في ذاكر عشاء ليلته. اللخمي: إن كان مر بعرفة ثم خرج؛ فعلى إجزاء المرور يصلي، وعلى عدمه يختلف، وأرى أن يقف لسرعة تلافي الصلاة وتأخر الحج، ولو ذكر قبل عرفة ولو صلى فات وقوفه تمادى ووقف ثم صلى، وعلى القول الآخر: تمادى فيصلي بأول عرفة وأجزأه لوقوفه. وفي إجزاء وقوف أهل الموسم العاشر غلطًا، نقل الطرطوشي اختلافي قولي ابن القاسم وسَحنون.

ابن الكاتب: اتفق فقهاء الأمصاء وأتباع مالك على الإجراء قال: ووقوفهم الثامن غلطًا لغو، وعزا ابن العربي إجزاءه لابن القاسم وسَحنون واختاره، وسمع أَصْبَغ ابن القاسم: يجزئ العاشر لا الثامن. الشَّيخ: اختلف فيه قول سَحنون. ابن رُشْد: حمل بعضهم اختلافه على العاشر، وبعضهم على الثامن، وهو محتمل لوجود الخلاف فيهما، وغلط المنفرد لا يجزئ مطلقًا اتفاقا. ويقبض الإمام بالناس بالمزدلفة ($) الغروب: وفيها لابن القاسم: من دفع قبله بعد الغروب أجزأه، والسنة بدفعه. ابن حبيب: إذا دفعت فارفع يديك إلى الله تعالى وادفع وعليك السكينة وامش الهوينى، وإن كنت راكبًا فالعنق، فإن وجدت فرجة فلا بأس أن تحرك شيئًا، وأكثر من ذكر الله وتحميده. الشَّيخ: في المختصر: لا بأس أن يتأخر الناس بالدفع ما لم يسفروا، ومن دفع فلا ينزل بعض المياه ويتعشى ويقضي حاجته. وفيها: يستحب مروره بين المأزمين يصلي بها المغرب والعشاء جمعًا قصرًا لغير المزدلفي من يسير بيسير الناس، فلو صلاهما لوقتيهما ففي إعادتهما، ثالثها: في الوقت للصقلي عن ابن المذهب وابن القاسم، ولو جمعهما بعد الشفق قبل وصولها؛ ففيها لابن القاسم: أعادهما. محمد عن أشهب: لا يعيد إلا إن صلى قبل الشفق فيعيد أبدًا. قُلتُ: تقدم عنه في الأوقات لا يعيد. بعض شُيُوخ عبد الحق: معنى قول ابن القاسم يعيدهما معا، وقيل: العشاء فقط. عبد الحق: والأول ظاهرها. وفيها: من وقف بعد الإمام لم يجمع. ابن القاسم: إن رجى وصولها في ثلث الليل أخر الجمع إليها. ابن بشير: أو إلى نصف الليل على أنه المختار. وفيها: من لم يطق مشي الناس لعلة به أو بدابته جمعها حيث يغيب الشفق.

قيل: إن أدركها الإمام قبل مغيب الشفق، قال: ما أظنه يكون، ولو كان ما أحببت جمعه حتى يغيب الشفق. الشَّيخ عن ابن حبيب: الجمع مع الإمام أفضل منه دونه وحطه رحله بعد صلاة المغرب أحب إلي، إلا لثقل دابة أو عذر، ولا يتعشى قبل صلاة المغرب ولو خف، بل بعده إن خف، بل بعده إن خف، فإن طال فبعد صلاة العشاء. وفي وجوب الدم بترك النزول بها قبل الفجر أو قبل طلوع الشمس، ثالثهما: لا دم مطلقًا للشيخ عن أشهب قائلًا: ولو في ضعفه النساء أو الصبيان، وابن القاسم معها، واللخمي عن ابن الماجِشُون. أبو عمر: إن تركه فقط لعذر فلا شيء عليه، وإن تركه والوقوف بالمشعر، ولو لعذر فعليه دم. وفيها: إن نزل بها ودفع أول الليل، ولم يقف ليدفع مع الإمام فلا دم عليه. وسمع ابن القاسم: من دفع من عرفة فلم يصل لمزدلفة حتى فاته الوقوف لعذر مرض أو غيره فعليه دم. ابن رُشْد: لأن وقوف المشعر من مناسك الحج وسننه، وقال ابن الماجِشُون: من فرائضه. قُلتُ: ظاهره كون الدم لترك الوقوف لا النزول، وهو خلاف إيجابها الدم لترك النزول وإسقاطها إياه لترك الوقوف. الشًّيخ في كتاب محمد: يستحب ليلة المزدلفة كثر الصلاة والذكر. والرحيل: منها: بعد صلاة الصبح غلسًا، ثم يركب فيقف بالمشعر الحرام. ابن حبيب: هو ما بين جبلي مزدلفة. قال: ويقال لها أيضًا: جمع، وكلها موقف سوى بطن محسر، ويقف الإمام حيث المنارة التي على قزح. قال: وارفع يديك بالدعاء والذكر وأكثر التهليل. أشهب: قرب الإمام أفضل، ومن وقف مغمى عليه أجزأه، والوقوف بعد الفجر

قبل الصلاة لغو ولا دم في تركه، والدفع منه لمنى في الحديث: ((إذا أسفر جدًّا))، وفي المختصر: إذا أسفر الإسفار الذي يجوز تأخير الصلاة إليه. وفيها: لا يقفون إلى الإسفار وليدفعوا قبله، ويستحب الدفع بدفع الإمام لا قبله، وواسع للنساء والصبيان أن يتقدموا أو يتأخروا. ابن حبيب يفعل في الدفع من المشعر من السكينة والذكر كدفع عرفة يهرول ببطن محسر. وسمع ابن القاسم: أحب للماشي أن يسعى على قدميه في هبوطه من بطن محسر كالراكب. ابن حبيب: وكان عروة يقول لا إله إلا أنت، أنت تحيي بعدما أمت، وغيره: ($) وسمع ابن القاسم: ليس على قول عروة العمل، هذا شيء قد ترك، فيرمي جمرة العقبة بعد طلوع الشمس راكبًا قبل حط رحله بسبع حصيات، استحب مالك كونها أكبر من حصى الحذف قليلًا، وفي الصحيح: كحصى الحذف، وقاله الباجي. وروي محمد: استحباب لقطها دون كسرها، وليس عليه غسلها، واستحب ابن حبيب لقطها من مزدلفة. الباجي: ليس الرمي بها حين وصوله، وما رمى به. الباجي: المشهور لا يرمى به. وروى ابن وَهْب: من سقطت له حصاة أخذ من موضعه حصاة رمى بها، وروى ابن القاسم: يكره رميه بما رمى به، فإن فعل فأرجو خفته. التونسي: إن رمي بما رمي به أعاد ما لم تمض أيام الرمي فلا شيء عليه، وخفف مالك الحصاة الواحدة.

أشهب: إن نفذت حصاه فأخذ من الجمرة حصاة رمى بها لم يجزئه. الباجي: يظهر لي أنه كتكرير الوضوء بالماء. قُلتُ: سبقه به ابن شعبان. اللخمي: قال ابن شعبان: لا يجزئه؛ لأنه تعبد به كماء توضئ به. قُلتُ: تقد لابن رُشْد في تكرير التيمم بالتراب خلافه. اللخمي: هذا فيما رمى به غيره، ولو كرر رميه بحصاة سبعًا لم يجزئه. قُلتُ: كأنه خلاف ظاهر قولها: من نفد حصاه فأخذ ما بقي عليه من حصى الجمرة أجزأه. أبو عمر: أحسن ما قيل في قلة الجمار بمنى قول أبي سعيد وابن عباس: إنها قربان ما تقبل منها رفع ولولاه كانت أعظم من ثبير. وروى ابن رُشْد: إنما يجزئ بالحصا لا المدر ولا الطين اليابس. قُلتُ: هذا يرد توقف حسان بن مكي من طبقة المازري في إجزاء الرمي بالخاتم والحجر النفيس لمن بقيت عليه حصاة ولم يجد غير ذلك، ويكبر مع رمي كل حصاة واحدة بعد أخرى. روى محمد: رافعًا صوته بالتكبير. وفيها: قيل: إن سبح؟ قال: السنة التكبير، فإن رمى السبع مرة احتسب منها بواحدة، فإن ترك التكبير فلا شيء عليه. أبو عمر: إجماعًا. ورمى محمد: يرميها من أسفلها مستقبلها، منى عن يمينه والبيت عن يساره، فإن عسر لزحام فمن فوقها، ثم رجع فقال: لا إلا من أسفلها. أبو عمر: أجمعوا إن رماها من أسفل أو فوق ووقعت الحصاة في الجمرة أجزأه، وإن لم تقع فيها ولا قربها أعاد. وفيها: وضعها في الجمرة وطرحها فيها لغو ولم أسمعه. ابن حارث عن أشهب: إن نوى بالطرح الرمي أجزأه.

وفيها: ولو وقعت على محمل فطارت بقوة الرمي لها أجزأ، ولو نفضها ربه فوقعت بها لم تجزئه. ($)، ثم يحلق: وفيها: إن ضلت بدنته طلبها إلى الزوال ثم فعل كغيره، فلو حلق قبل ذبحه ففيها: لا شيء عليه. المازري وغيره عن ابن الماجِشُون: يفتدي، فلو حلق قبل الرمي افتدى، وشاذ قول ابن البشير: لا فدية، لا أعرفه فلو نحر قبل رميه فلا شيء عليه. عياض: اتفاقًا. ابن زرقون: رأيت في بعض نسخ المنتقى عليه هدي ثم يأتي مكة لطواف الإفاضة سبعًا كما مر. وفيها: كره أن يقال طواف الزيارة أو زرنا قبر النبي صلي الله عليه وسلم. عبد الحق: ذكر عن أبي عمران: لأن حكم الزيارة الإباحة وزيارته صلي الله عليه وسلم واجبة، وأجابني حين سألته بأن كلمةً أعلى في النفوس من كلمةٍ، والزيارة استعملت في عموم الموتى فكره مساواته لغيره في اللفظ، وقيل: لما جاء من فضل الزائر على المزور، ورأيت في تأليف لبعض الشافعيَّة حديثًا: ((من حج ولم يزرنى فقد جفاني)). وسئل الشَّيخ عمن استؤجر لحج وشرط عليه زيارته صلى الله عليه وسلم فلم يزر لعذر منه؟ قال: يرد من الأجرة قدر الزيارة. وقال غيره: يرجع ليزور، فإن أفاض قبل رميه؛ ففي لغوه وإجزائه مع الهدي، ثالثها: تستحب إعادته للخمي عن مالك، وله مع ابن القاسم وأَصْبَغ، فإن أفاض قبل حلقه؛ ففي إجزائه وإعادته، ثالثها: يستحب، ورابعها: الأول مع وجوب دم؛ لرواية اللخمي والشَّيخ مع أبي عمر عن رواية ابن عبد الحَكم، واللخمي عن رواية محمد، والباجي عن بعض أصحابنا. ونقل ابن عبد السلام مع عياض عن مالك في الموطأ: أحب إلي أن يهدي، ليس

فيه صريحًا، وفي أخذه من قول الموطأ: سأل من وطئ امرأته بعد أخذه من شعرها بأسنانه بعد إفاضتها قبل تقصيرها؟ فقال: مرها فتأخذ من شعرها بجملين. قال مالك: استحب في مثل هذا أن يهريق دماً؛ لقول ابن عباس: ((من نسي من نسكه شيئًا فليهرق دمًا)). الباجي: يحتمل استحباب مالك أن يكون بمعنى الوجوب، وقبل ذبحه، في إجزائه وإعادته نقل اللخمي عن المذهب وتخريجه على رواية محمد، فإن تعقب بأنها استحباب والمخرج وجوب؛ أجيب بأنه في المستحب عكس مرتبة، وفي المخرج عكس مرتبتين، وفيه نظر لاختلاف حكمي الأصل والفرع. وفيها: تعجيل الإفاضة يوم النحر أفضل، فإن أخرها حتى أتى مكة بعد أيام التشريق فلا بأس، ولو أخرها والسعي بعد وصوله من منى أيامًا وطال أهدى. اللخمي: هذا استحسان لرعي الخلاف وعلى رواية: آخر شهر الحج تمام عشر ذي الحجة على مؤخرها عن أيام الرمي الدم، وعلى أن آخرها تمام ذى الحجة لا دم إلا بتأخيرها عنه، ويرجع عقب إفاضته للمبيت بها ثلاث ليال. الشيخ: روى محمد: واسع له إن سمع الأذان أن يقيم حتى يصلي، وإن سمع الإقامة فله أن يصلي. قًلتُ: لعله وهو خارج المسجد، وسمع القرينان: أحب إلي رجوع من أفاض يوم الجمعة لمنى من إقامته لصلاتها. وفي وجوب الدم بالمبيت بغيرها جل ليلة أو كلها رواية محمد معها، ونقل الباجي رواية ابن عبد الحَكم. وسمع أَصْبَغ ابن القاسم: من حلف لا بات عليه حق فلان الليلة حد المبيت قدر نوم الناس إلى آخر ما تؤخر له الصلاة ثلث الليل. ابن رُشْد: حنثه بعدم قضائه إلى ثلث الليل، والصواب إلى أكثر من نصف الليل,

واحتج بقوله فى الدم، ويجاب بأن من فوق النصف تمامه والثلث بعضه فحنثه به على المشهور، وقوله: (حد المبيت) يريد أقله لا تمامه. وروى ابن نافع: من بات وراء العقبة ليالي منى فعليه دم، وروى إسماعيل: من زار البيت فمرض بمكة فبات بها فعليه هدي يدخله من الحل الحرم. عياض: المبيت بها الثلاث سنة إلا لذي سقاية أو رعاية أو تعجيل يمشي كل يوم من أيامها للرمي يبدأ بالجمرة التي تلي مسجد منى من فوقها بسبع كما مر. وفي النوادر: وظاهره لمالك: إذا رماها تقدم وأطال الوقوف أمامها للدعاء، ثم يرمي الوسطي وينصرف عنها ذات الشمال ببطن المسيل يقف أمامها مما يلي يسارها مستقبل البيت كما فعل في الأولى، كان القاسم وسالم يقفان فيهما قدر قراءة السريع سورة البقرة. عبد الحق عن ابن حبيب: وقوفه في الثانية دون الأولى. اللخمي، والباجي: يقفان فيهما للدعاء والذكر. أبو عمر: لا شئ في ترك الوقوف والدعاء. وعزا الباجي انصرافه عن الثانية ذات الشمال لرواية ابن عبد الحكم. عياض: الوسطى عند العقبة الأولى قرب مسجد منى في وقوفه عندها كالأولى، وانصرافه عنها ذات الشمال ببطن المسيل فيقف للدعاء كالأولى قولا مالك ومحمد، ورفع اليدين للدعاء تقدم، ويثلث بجمرة العقبة ولا يقف عندها. الباجي: لضيق موضع الوقوف عندها، ولذا لا ينصرف من أعلاها. قُلتُ: في النوادر روى محمد: ينصرف من حيث شاء منها. وروى عن ابن القاسم: من عكس ترتيبها أعاد المقدم وما بعده فقط وسمعه ابن القاسم. ابن رُشْد: لا دم في تلاقي ترتيبها أداءً، وفيه قضاء القولان، وفي فوته الدم اتفاقًا. الباجي: روى إسماعيل مشيه في رمي يوم النحر وركوبه في رمي غيره مغتفر. ابن حبيب: أيام منى أيام ذكر، كان عمر ر يكبر أول النهار في قبته، أو حيث كان من منى رافعًا صوته ويكبر الناس بتكبيره، ثم يكبر كذلك إذا ارتفع النهار ثم إذا

زالت الشمس حتى ترتج منى بالتكبير ويبلغ مكة وبينهما ستة أميال. وروى الباجي: المقام بمنى أيام التشريق نهارًا مشروع لا يزول منها إلا لعذر ولا يكثر، وروى ابن عبد الحكم: لا يتنفل بطواف أيامها وأرجو خفته لمن فعل. الشَّيخ: روى محمد: له أن يطلع أهله بمكة أيام منى ليصيب منهم وينظر في ظهر له ما لم يختلف كل يوم أو يطيل المقام. وفيها: إن قدر على حمل المريض القادر على رميه حمل له، ولا يرمي الحصاة في كف غيره ليرميها عنه، وإن لم يقدر على حمله أو عجز عن الرمي رمى عنه غيره، ووقف للدعاء، ويتحرى هو وقتيهما ليكبر لكل حصاة ويدعو وعليه دم. محمد: اختلف قول ابن القاسم في وقوفه، وقال أشهب: يقف، ولو صح في أيام الرمي رمى. وفي سقوط الدم نقل محمد عن أشهب وقولها، ابن عبد الحَكم: إن رجي صحته في أيام الرمي أخر لآخرها وإلا رمي عنه. الباجي: يحتمل كون ذلك قولاً واحداً إن كان من يحمله حمل، وإلا فإن رجي إطاقة ذلك بقية أيام الرمي أخر إليه، وإن لم يرج رمى عنه، ويحتمل كون ذلك قولين في تأخير الراجي وتعجيل الرمي عنه، وعلى رواية ابن عبد الحَكم يعتبر غالب ظنه كعادم الماء في التيمم والجنون والإغماء كالمرض. وفيها: يرمي الصبي العارف الرمي، ويرمي عن غير العارف من رمى لنفسه، فإن لم يرم العارف أو لم يرم عن الآخر فالدم على من أحجهما. بعض شُيُوخ عبد الحق: لأنه في مظنة قدرته على أمره بالرمي، والرمي عنه بخلاف صيده؛ لأنه في غير مظنة رؤيته. الباجي: روى أشهب: لا يرمي عن صبي أو مريض إلا من رمى لنفسه كل جماره. الشَّيخ عن ابن حبيب: إن جهل فرمى جمرة لنفسه ثم عن الغير ثم الأخريين كذلك أجزأهما، وروى محمد: لغير الإمام والمكي تعجيل الذهاب من منى بعد رمي ثالث يوم النحر قبل الغروب لا بعده، ولو بات بمكة فيسقط عنه رمي الرابع. الشَّيخ: قول ابن حبيب: يرمي له إثر رميه للثالث؛ خلاف قول مالك وأصحابه،

باب وقت أداء جمرة العقبة

وروى محمد: من تعجل بعد الغروب أساء وعليه دم، وللمتعجل أن يقيم بمكة ولا يضره، وعزاه ابن رُشْد لمحمد لا لروايته. الباجي عن ابن حبيب وابن الماجِشُون: إن بات بها لزمه الرجوع لرمي الرابع. ابن حبيب: إن لم يرجع لرميه فعليه دم، وكان يجب عليه آخر لترك المبيت. قُلتُ: نص النوادر ونقل الصقلي: قال عبد الملك: إن بات المتعجل بمكة فعليه دم. محمد: يريد: ويرمي من الغد، وكرهه مالك للإمام. الباجي عن ابن القاسم: رجع مالك عن قوله: لا بأس به للمكي لمنعه إلا لعذر تجر أو مرض، والأول أحب إلي. الشَّيخ: وروى محمد: من أفاض وليس شأنه التعجيل فبدا له بمكة أن ينفر فذلك له ما لم تغب عليه الشمس بمكة. وسمع ابن القاسم: من تعجل فأتى مكة فأفاض وانصرف فغابت عليه الشمس بمنى؛ لأنها طريقه، أو رجع لشيءٍ نسيه بها فهو على تعجيله. مالك: رخص للرعاء ترك رمي ثاني النحر لثالثه مع رميه، ثم هم كغيرهم. محمد: وإن رعوا نهارًا ورموا ليلًا أجزأهم لرخصته صلى الله عليه وسلم لهم في ذلك. [باب وقت أداء جمرة العقبة] ووقت أداء جمرة العقبة يوم النحر من طلوع الفجر إلى الغروب. وفيها: رميها قبل الفجر لغو ولو للنساء والصبيان، وبطلوع الفجر يحل رميها

باب أول وقت الرمي

والشأن ضحوة حين وصولها. وسمع عيسى ابن القاسم: سنته من طلوع الشمس إلى الزوال. ابن رُشْد: إن رماها بعد الفجر قبل طلوع الشمس أو بعد زوالها قبل الغروب أساء ولا شيء عليه، وان تركها حتى غربت فاته الرمي ووجب الدم اتفاقًا. قُلتُ: يرد بقول مالك فيها: إن ترك بعضها حتى الليل رمى ما ترك وما نسي لا كلها. ابن القاسم: وأحب قولي مالك أن عليه دمًا. قُلت: يرمي ليلًا تاركها أو بعضها؟ قال: نعم. قلت: عليه دم؟ قال: قاله مالك مرة، ومرة لم يره عليه. الصقلي وعبد الحق عن غير واحد من القرويين: إنما اختلف قوله في تارك بعضها لا كلها. عبد الحق، وقال بعضهم: وفي كلها. ابن حارث عن ابن حبيب: في ترك كلها بدنة، وفي ترك ست فأقل دم. قُلتُ: فعلى الدم يكون الليل قضاء، وعلى نفيه وقت ضرورة أداء، وعلى ظاهر قول ابن رُشْد فوتًا. [باب أول وقت الرمي] وأول وقت رمي الأيام الثلاثة من الزوال، وآخره إلى الغروب. وسمع عيسى ابن القاسم: سنته من الزوال إلى الاصفرار، فإن اصفرت فات إلا لعليل أو ناس. قُلتُ: يريد: وقت الاختيار زمن الاصفرار إلى الغروب ضرورة.

الشَّيخ: روى محمد رمى أيام منى بعد الزوال قبل صلاة الظهر، فإن رمى بعدها أجزأه. قال فى الواضحة: وقد أساء، ويعيد من رمى قبل الزوال. [باب $ $ $ $] $ $ $ $ $ وقول الباجي: من غروب شمس اليوم إلى غروب آخر أيام الرمي، الليل والنهار وسواء، فلا قضاء للرابع. ونقل ابن الحاجب عن الباجي: قضاء كل يوم تاليه، وقول ابن بشير: تردد الباجي في كون الليلة التي تلي يوم النحر قضاء أو أداء، تعقبهما ابن عبد السلام بعدم وجودهما في المنتقى حسن، ويأتي لابن الماجِشُون فوت رمي جمرة العقبة بزوال شمس الرابع، وقضاء المنسية يوجب إعادة ما بعدها من يومها مطلقًا، ومن غيره في وقته لا ما بين ذلك. اللخمي عن أبي مصعب: يقضي المنسية، قال: ولم يقل إن كانت الأولى أعاد ما يعدها. ابن بشير: قيل لا يعيد ما بعد المنسية من يومها فيه، وخرج عليه عدم إعادة ما فعل من غيره والوقت باقٍ. وسمع يحيى ابن وَهْب: صفة قضاء رمي يومين في الثالث؛ رمي الثلاث للأول, ثم رميها للثاني، ثم للثالث، لا رمي الأولى لهما ثم الثانية لهما. ابن رُشْد: كقضاء صلوات يومين. التونسي: انظر لو بقي بعد قضاء ما نسي للغروب قدر رمي جمرة فقط هل يجعله للأخيرة كمن طهرت لركعة قبل الغروب، أو يعيد الثلاثة كلها كعبادة واحدة، أوتسقط؛ لأنها لا تعاد بعد الغروب، وقبله ابن عبد السلام وابن هارون. قُلتُ: الظاهر غير ذلك كله وهو إعادة أولاها فقط؛ لنقل الشَّيخ عن ابن القاسم:

من صدر في اليوم الرابع فذكر أنه لم يرم رجع، فإن لم يدرك قبل الغروب إلا رمي جمرة أو جمرتين رمى ما أدرك وعليه للأخيرة دم، فجعل الوقت للأولى قضاء، فكذا ترتيبًا. فإن قيل: إن كانت جمرات اليوم كركعات امتنع فعل بعضها فقط، وإن كانت كصلوات يوم لم يعد ما بعد المنسية من يومها كالصلوات. أجيب بأنها كصلوات متوالية وترتيبها زمن القضاء واجب مطلقًا. فإن قيل: يلزم إعادة ما بعدها من غير يومها. أجيب بأن الإعادة للترتيب والموالاة. وذاكر حصاة من جمرة؛ في رميه إياها فقط أو السبع، ثالثها: إن ذكرها يومها لا بعده لها، وللباجي معللًا الثالث بامتناع كون الجمرة أداء وقضاء، ومجريًا الآخرين على سقوط الموالاة، ووجوبها عن ابن كنانة وأشهب مع ابن القاسم في المدينَّة. وجعل ابن الحاجب الثاني المشهور، وتعبيره عن الثالث بقوله: ثالثها: إن كان يوم القضاء اكتفى، وهمٌ، وجعل ابن بشير الأول المشهور، وقال: في إعادة ما فعل بعدها ما مر. قُلتُ: إن ذكرها من أول يوم وجهل جمرتها. قال مالك مرة: يرمي الأول بحصاة ثم الأخريين وبه أقول، ثم قال: يرمي الأولى بسبع كالأخريين. فذكر عبد الحق توجيهه عن ابن أخي هشام بأنه ظن برميه أول حصاة أنها الثانية فنوى في الأولى الثانية، وفي الثانية الثالثة إلى آخرها، فأنكره القابسي ووهم ناقه عن ابن أخي هشام، وقال: لو لزم لكل حصاة نيَّة لزم لكل ركعة وهو باطل؛ لأنه لو ذكر سجدة الأولى بعد عقد الثانية عادت الثانية أولى. وعارضه بعض القرويين في عدم لزومه في الصلاة بدعوى لزومه فيها محتجًّا بقولها: لو ذكر سجود الأولى وركوع الثانية لم ينصرف سجودها للأولى، وأحد القولين فيمن صلى خامسة فذكر سجدة الأولى لا تنجبر بالخامسة. وصوب ابن محرز قول القابسي، وأجاب عما عورض به بأن السجود تبع للركوع فإذا بطل بطل، فجزء الركعة يجب تعيينه لها، والركعة لا يجب تعيينها لأولى أو ثانية أو

غيرها وصوب توجيهه بوجوب الموالاة قائلًا: لو ذكر قبل كمال الجمرة الثانية بعض الأولى بنى عليه، ولو ذكره بعد كمال الثانية ابتداء الأولى وأعاد الثانية، ووجهه ابن رُشْد بأن رمي الأولى بواحدة مع احتمال كون المنسية من غيرها يصير رميها شفعًا والسنة الوتر وليس كالصلاة؛ لأن سجود السهو يشفع شفعها ويوتر وترها. قُلتُ: فيلزم تناقض قوليها في وجوب الموالاة. وفيها: لو ذكر رميه يومه بخمس خمس بنى على خمس الأولى فقط وكمل ولا شئ عليه. محمد: لو رمى الثلاث بحصاة حصاة سبعًا رمى الثانية بست والثالثة بسبع. الشَّيخ عن ابن حبيب: إن رمى جمرة عنه ثم عن فيره ثم الأخريين كذلك أجزأ وأخطأ. قُلتُ: حكاه عبد الحق عن القابسي قائلًا: لو رمى حصاة عنه ثم أخرى عن صبي لم يعتد إلا بحصاة واحدة فقط. عبد الحق: لا يصح هذا عنه ولعله غلط من ناقله؛ لأنه يسير تفريق بين رميه، كما لو رمى حصاة وتراخى يسيرًا، وليست كمسألة محم في الثلاث بحصاة حصاة لتوقف رمي غير الأولى على تمام رمي ما قبلها. الصقلي: ويدل على صحة رميه لنفسه وللصبي. قول محمد: يعتد برميه للأولى، وقولها: في رمي الثلاث بخمس خمس. قُلتُ: يفرق بشدة منافاة فصل الرمي للغير؛ لافتقاره لنيَّة تخصه عنه، ويقوي غلط الناقل عن القابسي نقله عنه اعتداده بحصاة واحدة فقط، وليست الأخيرة رميه لنفسه وهي مفصولة على ما يبنيه عليها إلا برمية واحدة للصبي، ولو لم يبين واعتد كان الفاصل فيه أكثر. ولو رمى كل حصاة له ولغيره لم يجزئه لأحدهما. ابن بشير: ولا يدخله الشاذ في الطواف؛ لأنهما طافا معًا محمول وماشٍ والرمي واحد شرك فيه.

محمد عن ابن وَهْب: لا يعيد الرمي من فعله على غير وضوء ولا يتعمده. أهب: لا يرمي إلا وهو طاهر. قُلتُ: إن ترك جمرة أو كل الجمرات حتى مضت أيام منى تم حجه وعليه بدنة، فإن لم يجد فبقرة، فإن لم يجد فشاة، فإن لم يجد صام، وأما حصاة فعليه دم. وروى محمد: في ترك حصاة شاة، وفي جمرة بقرة. محمد: وفي كلها بدنة. وسمع يحيى رواية ابن وَهْب: على من نسي كل الجمار أو العقبة بدنة، وفي جمرة غيرها شاة، وفي جمرتين بقرة، كان يستحب هذا ويرى أدنى الهدي يجزئه. ابن رُشْد: الأقيس قول أشهب: هدي لترك المزدلفة، وثانٍ للجمار، وثالث لمبيت منى. الشَّيخ عن ابن حبيب عن ابن الماجِشُون: إن ترك العقبة حتى الليل فدم، وحتى اليوم الثاني أو قبل انقضاء أيام منى فبدنة، فإن لم يذكر حتى زالت أيام منى بطل حجه. قُلتُ: هذا نحو نقل ابن رُشْد، وروى الواقدي: من تركها حتى صدر من منى وقد رمى غيرها أيام منى عليه الحج من قابل، وفي إيجاب رمي القضاء الدم قولاها. الشَّيخ: سمع ابن القاسم نفيه ثم رجوعه إليه، وقاله ابن القاسم، وزعم ابن هارون قصر الخلاف في وجوب الدم على مؤخره لليلة الموالية يوم رميه، ولو آخره عنها لصبيحتها وجب الدم اتفاقًا. يرد بسماع يحيى رواية ابن وَهْب: إن نسي رمي يوم أو يومين رمى ما فاته في الثالث وأهدى. ابن وَهْب: إن أخر ذلك عمداً، وإن نسي فلا هدي عليه. ابن رُشْد: روايته مثل أول قوليها، وثانيهما: لا هدي عليه إن كان ناسياً، وفي العمد الهدي، وكذا إن تركها حتى مضت اتفاقاً فيهما.

الباجي: روى الأخوان: من نسي كل الجمار أيام منى فذكر في آخرها بعد الزوال رمى لليوم الأول على سنته، ثم للثاني والثالث على سنتهما. وفي ثبوت الدم روايتان، وقال ابن وَهْب: إن تعمد فعليه دم، وغن نسي فلا. ابن حبيب: إن رمى قبل صدره فلا دم، وإن ذكر بعد نفره فعاد فرمى قبل الغروب فعليه دم، وإن نسي جمرة كاملة فذكرها في يومها بعد رمي غيرها رماها وأعاد ما بعدها وقت أدائه، وإن ذكرها بعد فوت القضاء فلا رمي، ويتخرج الدم فيها على ما تقدم لابن رُشْد. قُلتُ: في تخريج السقوط نظر؛ لأن تأخيره لوقت القضاء أخف منه لوقت الفوت، وخلاف ما تقدم لابن رُشْد من الاتفاق على الدم، ومثله قول الباجي: إن ذكر حصاة بعد فوت القضاء فعليه الدم، لا نعلم فيه خلافًا، إلا أن يريد نصًّا لا تخريجًا، هذا على فهم ابن زرقون كلامه. وفي لفظ الباجي ما يقتضي أن مراده بقوله: (فيتخرج الدم فيها على ما تقدم) أي: ينقسم ذكره إياها في لزوم الدم لذكره إياها وقت أدائها فلا دم، أو وقت قضائها فالخلاف المذكور، أو وقت فواتها فالدم اتفاقًا. عياض: اتفقوا أن بخروج أيام التشريق يفوت الرمي إلا العقبة، إلا ما قاله أبو مصعب: إنه يرمي متى ذكر كمن نسي صلاة صلاها متى ذكر. محمد عن أَصْبَغ: السنة رمي الإمام آخر يوم وينصرف وقد أعد رواحله قبل ذلك، أو يأمر من يلي له ذلك، ولا يرجع إليه. وروى محمد: لا يقيم من رمى آخر يوم وليصل بطريقه، ولا يصلي بمسجد منى يومه ذلك غير الصبح، فإن كان له ثقل وعيال تأخر ما لم تصفر الشمس. وسمعه ابن القاسم، وفيه: كيف يصنع وهو لا يستطيع ان يتحمل حينئذ بعياله وثقله؟ قال: يؤخر ما لم تصفر.

باب ما يقع به التحلل الأصغر

[باب ما يقع به التحلل الأصغر] التحلل الأصغر: برمي العقبة يوم النحر؛ لرواية محمد: برميها حل له كل شئ إلا النساء والصيد والطيب. وفيها: أكره لمن رمى جمرة العقبة الطيب، فإن تطيب فلا فدية. وكذا نقل عن المذهب الجلاب، والباجي، وأبو عمر، والمازري، وابن بشير، وقال عياض: اختلف قول مالك إذا تطيب قبل إفاضته في وجوب الدم عليه. [باب فوت رمي جمرة العقبة] وفوت رمي العقبة بخروج وقته كفعلها في الإحلال الأصغر؛ لسماع عيسى ابن القاسم: من مضى إثر وقوفه لبلده رجع لابسًا ثيابه. والمذهب أن الحلق والتقصير نسك وتحلل، وروى محمد: تعجيلهما إثر الرمي. وروى الشيخ: لا يلبس ثيابًا حتى يحلق، فإن لبس فلا شئ عليه، وهو نصها في العمرة. ومؤخر السعي لكونه مراهقًا كغيره اتفاقًا، ولكونه قارنًا في كونه كذلك وتأخير حلقه حتى يسعى المشهور، وقول ابن الجهم بناء على اضمحلال حكم العمرة في القرآن واعتبارها. وفيها: إن حلق بمكة بعد أيام منى أو في الحل في أيام منى فلا شئ عليه، وإن أخر حتى رجع إلى بلده ناسيًا أو جاهلًا فعليه الهدي. وروى الباجي: ثم يرجع لمنى ذاكر حلاقه بمكة لحلقه بمنى، فإن حلق بمكة أجزأه. قال: وروى محمد: إن ذكر حلقه أيام منى حلق ولا دم، وغن ذكره بعدها حلق وأهدى.

باب التحلل الأكبر من الحج

ابن القاسم: إن تباعد بعد الإضافة أهدى، ولا حد لذلك. الباجي: هذان القولان جاريان في القول بإعادة الإفاضة وعدمها. الصقلي عن أشهب: من حلق بعد أيام الرمي أحببت هديه. قُلتُ: لم يذكره الشَّيخ. الشَّيخ: روى محمد: من لم يقدر على حلق ولا تقصير لوجع فعليه بدنة، فإن لم يجد فبقرة، فإن لم يجد فشاة. وسمع ابن القاسم: إن نسيت التقصير فذكرته ببلدها بعد سنين قصرت وعليها دم. وسمع ابن القاسم: كراهة دخول المعتمر المبيت إثر سعيه قبل حلقه، وكراهة طواف من أتم سعيها ليلًا وأخر حلقها قبل تطوعًا. [باب التحلل الأكبر من الحج] والأكبر بطواف الإفاضة سبعًا كما مر: الباجي: به نهاية الإحلال. الشَّيخ: روى محمد: إن وطئ بعد إفاضته قبل حلقه فعليه دم. وشاذ قول ابن الحاجب: إن وطئ بعد إفاضته قبل حلقه فعليه هدي بخلاف الصيد على المشهور، لا أعرفه. وفيها: على من وطئ قبل حلق عمرته بعد سعيها هدي، وسمعه ابن القاسم. ابن رُشْد: اتفاقًا. وحلق متعذر التقصير لقلته، أو ذي تلبيد، أو ضفر أو عقص متعين، وحلق غيره أفضل من التقصير في الحج. ابن حبيب: ويستحب بدؤه بالشق الأيمن. وسمع ابن القاسم: حلق المعتمر أفضل من تقصيره إلا أن يعقبه الحج بيسير أيام فتقصيره أحب إلي.

الشَّيخ: وفيها الشأن غسل الحاج رأسه بالخطمي والغاسول حين إرادة حلقه. زاد في رواية محمد: ولا بأس أن يتنور ويقص أظفاره ويأخذ من شاربه ولحيته قبل حلقه. ابن القاسم: أكره غسل المعتمر رأسه أو لبسه قميصًا قبل حلقه. الباجي: ليس بخلاف؛ لأن الحاج وجد منه تحلل برمي جمرة العقبة والمعتمر لا تحلل له قبل حلقه. وفي إجزائه بالنورة قولها، ونقل الصقلي عن أشهب. قُلتُ: وعليه في لزوم الدم كتأخيره وسقوطه ويمر الموسى كالأقرع نظر، والأظهر الأول لتسببه. وروى ابن عبد الحَكم: ليس تقصير الرجل أخذه أطراف شعره بل جزه جزاًّ، فإن لم يجزه وأخذ منه أجزأه وأخطأ. الأبهري: معناه أخذ ما يقع عليه اسم التقصير لا أخذ يسير شعره. الباجي: في هذا نظر؛ لأن مالكًا منعه ما تفعله المرأة، وما تفعله يقع عليه اسم التقصير، ولو كان أخذًا من أطراف الشعر. وفيها: ما أخذ من كل شعره أجزأه، وليس على النساء إلا التقصير. روى محمد: ولو لبدت. الباجي: بعد زوال تلبيدها بامتشاطها. ابن حبيب: نهى صلى الله عليه وسلم عن حلقهن وقال: مثلة. وروى محمد: إن آذاها قمل رأسها فلا بأس بحلقه، وروى ابن حبيب: يقصرن قدر الأنملة أو فوقها بيسير أو دونها به. ورواية الطراز: قدر الأنملة، لا أعرفه. وفيها: ولتأخذ في الحج والعمرة من كل قرونها الشئ القليل، وما أخذت من ذلك أجزأها.

الشَّيخ: روى محمد: حلق الصبية أحب إلى من تقصيرها، وسمع ابن القاسم التخيير. اللخمي: بنت تسع كالكبيرة، ويجوز في الصغيرة الأمران، وحلق بعضه أو تقصيره لغو، ولا نص في تعميمه منهما والأقرب الكراهة. وفيها لابن القاسم: في وطئه أو وطئها بعد تقصيره بعضًا وتركه بعضًا الدم. الصقلي: يريد: وقد أفاض. وشاذ قول ابن الحاجب: إن اقتصر على بعضه لم يجزئه على المشهور، لا أعرفه، وفي قول الطراز: الخلاف في تعميمه كالخلاف في تعميم مسحه في الوضوء نظر للباء. وفيها: يمر الأقرع الموسى على رأسه، ويستحب إذا حل أخذه من لحيته وشاربه وأظافره من غير إيجاب وفعله ابن عمر. وفيها: إذا رجعوا من منى نزلوا بأبطح مكة يصلون به الظهر والثلاث بعدها ويدخلون مكة أول الليل ومن أدركه وقت صلاة قبله صلاها مكانه. الشَّيخ: روى محمد: استحب نزول الإمام المحصب إذا صدر بعد أيام منى، فإن لم يفعلوا فلا بأس، وروى ابن وَهْب: هو حسن للرجال والنساء لا واجب، وروى ابن حبيب: لا يحصب متعجل، ولمن صلى الظهر والعصر بالمحصب دخول مكة قبل أن يمسي. وفيها: استحب مالك لمن يقتدي به أن لا يدع نزول الأبطح، ووسع لمن لا يقتدي به في تركه وكان يفتي به سرًّا، وفي العلانية بالنزول به لجميع الناس. وروى الشَّيخ: أحب للإمام إن ننفر يوم جمعة صلاته بأهل مكة الجمعة، ولا يقيم بالمحصب، وقول المازري: "سنة التحصيب النوم بالشعب الذي يخرجه للأبطح ساعة من الليل" لا أعرفه في المذهب بل فعلًا مسندًا. وفيها: قلت أين الأبطح عند مالك؟ قال: لم أسمع أين هو لكن الأبطح معروف؛ هو أبطح مكة حيث المقبرة. الباجي: وروى محمد: المحصب موضع بأعلى مكة خارجها متصل بالجبانة التي بطريق منى ويقال له الأبطح.

باب طواف الصدر

عياض: وهو البطحاء وهو خيف بني كنانة. أبو عمر: المحصب بين مكة ومنى، هو أقرب لمنى وهو البطحاء وهو خيف بني كنانة، ودليله قول الشافعي: وهو عالم بمكة وأحوازها: يا راكبًا قف بامحصب من منى ... فاهتف بقاطن خيفها والناهض وقول ابن أبي ربيعة: نظرت إليها بالمحصب من منى. [باب طواف الصدر] وطواف الصدر: طواف الوداع مستحب لكل خارج من مكة لبعٍد منها أو لمسكنه ولو قرب مطلقًا. وفيها: هو على النساء والصبيان والعبيد وكل أحد، واختصارها البراذعي والصقلي بزيادة: "من حج من إثر على" تطويل موهم. وفيها: إن سافر مكي ودع. اللخمي: هو على كل خارج منها لا يريد رجوعًا أو يريده عن بعد. وفيها: يسير شغله بعده قبل خروجه لا يبطله، وإن أقام بعض يوم أعاده. اللخمي: هذا أصوب من رواية ابن شعبان: من ودع ثم أقام الغد بمكة فهو في سعة أن يخرج. وفيها: من ودع وأقام به كريه بدي طوى يومه وليلته لم يعد. زاد الشَّيخ في رواية ابن عبد الحَكم: وكذا من أقام بالأبطح نهاره، ويرجع له من لم يبعد. وفيها: رد له عمر من مر ظهران، ولم يحد له مالك أكثر من القرب، وأرى أن يرجع ما لم يخف فوت صحبة أو يمنعه كريه. وروى الشَّيخ: من بلغ مر الظهران لم يرجع له، والرواية: لا دم في تركه. أبو عمر: أجمعوا أنه من سنن الحج، ثم قال: قال مالك: لا دم في تركه، فرآه مستحبًا لا سنة واجبة. ابن زرقون: انظر هذا مع قوله: (أجمعوا).

قُلتُ: المنفي كونه سنة واجبة، والمجمع عليه أنه سنة مطلقًا فلا تناقض. وفيها: إن خرج إثر طواف عمرته أو إفاضته سقط، وإن خرج لعمرة من الجعرانة أو التنعيم سقط، ومن ميقات ودع. الباجي عن أشهب: لا توديع عليه. قال: وفي كونه نسكًا لفراق البيت أو الحج قول ابن القاسم مع روايته: من خرج إثر عمرته سقط، وإن أقام بعد ذلك ودع، وقول أشهب: من أفاض ثم عاد لرمي منى ثم صدر ودع، فإذا طاف هذا الطواف الذي هو آخر نسكه وأقام أيامًا فلا وداع عليه إلا أن يشاء. وفيها: من فاته الحج ففسخه في عمرة او أفسد حجه فعليهم طواف الصدر إن أقام مفسد حجه بمكة؛ لأن عمله آل لعمرة، فإن خرج مكانه فلا شئ عليه. ابن شبلون: قوله: (إن أقام مفسد حجه) وهمٌ من ناقله إنما هو المعتمر؛ لأن المفسد يتم حجه، لا مآل له لعمرة وعليه التوديع، ولو لم يقم بمكة كصحيح الحج. عبد الحق وبعض شُيُوخه: لا وهم؛ لأن ضمير (عمله) عائد على ذي الفوت فقط. قُلتُ: يبقى وهم قوله: إن أقام مفسد حجه بمكة. وغن حاضت قبل إفاضتها؛ ففي حبس كريها لها معتاد أيامها ولاستظهار أو خمسة عشر يومًا، ثالثها: واستظهار يومين، ورابعها: شهرًا ونحوه؛ لسماع أشهب وابن رُشْد عنها غير حاكٍ غيرهما، والشيخ عن روايتي أشهب، وضعفهما اللخمي بأنها بعد خمسة عشر طاهر. ابن رُشْد: وعلى الأول إن زاد دمها فظاهرها تطوف كمستحاضة. وتأولها الشيخ بمنعه وفسخ كرائها كرواية ابن وضهب بالاحتياط، وروى محمد: إن كان مثل يومين حبس كريها ومن معه، وإن كان أكثر فكريها فقط. وفيها: حبسه لنفاسها أقصى أمده. ابن رُشْد: سمع القرينان استحسان إعادتها إياه في العلف مدة حبسه، وسمعا لا حجة للكري بعدم علمه حملها.

الشَّيخ عن ابن اللباد: كان الحبس زمن الأمن، وأما اليوم فالفسخ لخوف الطرق. عياض: اتفاقًا. اللخمي: يختلف هل يفسخ أو يكري عليها، وسمعا: لو شرطت عليه عمرة في المحرم بعد حجها لم تحبس لحيضها قبلها. قيل: أيوضع لها من الكراء شيء؟ قال: لا أدرى ما هذا. ابن رُشْد: إنما حبس في الحج لامتناع خروجها قبل إفاضتها وإمكانه في العمرة لعدم إحرامها به. قُلتُ: مفهومه إن أحرمت حبس. قال: والصواب فيما وقف فيه مالك إن أبت الرجوع وأبى الصبر عليها فسخ كراء ما بقي لحقها في العمرة؛ لأنها عليها سنة واجبة، وإن كانت نذرتها فأوضح. الشَّيخ: روى محمد: إتيان من ودع الملتزم واسع، ومن التزم لا يتعلق بأستار الكعبة بل يقف ويدعو مستقبلًا، وكان ابن عباس يقف عند الملتزم بين الركن والباب، ولا يقبل ويدنو حتى يكاد أن تمس ثيابه البيت. ابن حبيب: استحب مُطَرِّف أن يعتنق الملتزم ويلح بالدعاء، ورواه ابن وَهْب وقاله ابن نافع وابن الماجِشُون، وروى ابن وَهْب: يقال للملتزم أيضًا المتعوذ، وروى ابن الماجِشُون: الملتزم ما بين الركن والباب. وروى محمد: دخول البيت حسن. قيل: النساء يحرصن عليه. قال: هن الجهلة الجفاة. ابن حبيب: إن قدرت المرأة على دخوله مع نساء فلتدخله لما فيه من الرغبة. قال: وكان عمر بن عبد العزيز إذا دخله قال: اللهم إنك وعدت الأمان دخال بيتك وأنت خير منزول به في بيته، اللهم أجعل أمان ما تؤمنني به أن تكفينى مؤنة الدنيا وكل هول دون الجنة حتى تبلغنيها برحمتك، وروى محمد: لا يدخله بنعليه، ولا بأس بهما في حجزته أو يده، وإن صلى لم يجعلهما بين يديه وليكونا في إزاره، ولم أسمع أنه صلى الله عليه وسلم

اعتنق شيئًا من أساطينه حين دخله. ($$$) أبو عمر: إجماعًا, فيجب القضاء والهدي هو والقاضي ولو كان سهوًا, ورواه الباجي: وبعده إن وطئ بعد رميه قبل إفاضته ففي فساده وصحته عليه عمرة وهدي؛ نقل الباجي رواية ابن القصار مع أبي عمر عن إسماعيل وأبي الفرج ورواية أبي عمر مع الباجي عن المشهور. قلت: هو قولها بزيادة: هديه بدنة, فإن لم يجد فبقرة, فإن لم يجد فشاة. الباجي: قول ابن القصار: "إن أخرج شاة مع قدرته على بدنة أجزأه على تكره", يدل على أنها مستحبة. الشيخ عن المختصر: ويعتمر من ميقاته أحب إلي من التنعيم, وذكره الصقلي رواية. الباجي: روى ابن القصار: لو وطئ بعد يوم النحر قبلهما لم يفسده وعليه عمرة وهديا الفساد وتأخير الرمي. ابن الماجشون: عمرته ليأتي بطواف في إحرام صحيح, وتضعيفه إسماعيل بأن عمرته توجب طوافها فلا تصح لها وللإفاضة معًا؛ يرد بأن المطلوب إتيانه بطواف في إحرام لا ثلم فيه لا بقيد أنه إفاضة. الشيخ: لو وطئ بعد إفاضته قبل رميه يوم النحر أو بعده؛ ففي فساده وصحته وعليه هدي فقط, ثالثها: ويعيد إفاضته استحبابًا, ورابعها: إن وطئ يوم النحر فعمرة وهدي, وإلا فهدي لأشهب مع ابن وهب, وابن القاسم مع ابن كنانة, ومحمد عن أصبغ, وابن حبيب عنه مع ابن الماجشون اللخمي: في إفساده بعد الوقوف قبلهما أو قبل أحدهما, ثالثها: إن كان يوم النحر

باب مفسد العمرة

قبل رميه وإفاضته, ورابعها: إن قبل رميه ولو بعد أيام منى؛ لروايتي أبي مصعب راويًا: ولو كان رمى, والقاضي راويًا: ولو كان لم يعمل شيئًا, ولها ولابن الماجشون. قلت: ونقل أبي عمر مع الصقلي, وابن حارث عن أبي مصعب: إن وطئ بعد طلوع فجر ليلة النحر فعليه عمرة وهدي, وقبله فسد حجة, خامس: وذكر رواية أبي مصعب فيمن وطئ ليلة المزدلفة, قال: ثم رجع مالك لصحة حجه وعليه عمة وهدي, وقول الصقلي فيمن وطئ بعد رميه إفاضته أو العكس على صحة حجة في لزوم عمرته مع الهدي قولان يقتضي سقوطها عمن وطئ بعد رميه قبل إفاضته يوم النحر وثبوتها في العكس بعد يوم النحر, وصرح بهما ابن الحاجب وقبلوه ولا أعرفهما, وأخذ الأول مما مر من تضعيف إسماعيل بعيد؛ لجواز كونه لتعليل وجوبها لا لوجوبها. وفي قضاء فسد مع الأصل قولا ابن القاسم مع سماعه, وعبد الملك مع سماع سحنون. ابن وهب: وعليه في وجوب هدي أو هديين نقلا أبي عمر عن عبد الملك وابن وهب, وعزا الشيخ لمحمد قول عبد الملك. ابن رشد: وعلى الأول لو أفسد قضاء قضائه قضى ثلاثًا. [باب مفسد العمرة] وتفسد العمرة به قبل تمام سعيها, فيجب القضاء والدم, وفي فسادها به بعده قبل حلقها وجبرها بالدم. نقل الشيخ روايتي محمد. قلت: الثانية روايتها, وسماع ابن القاسم, وقول ابن رشد: اتفاقا, قصور. وفيها: نحر هدي الفوات في القضاء لا قبله, ولو خاف الموت. ابن القاسم: إن نحره في عمرة القضاء أجزأه, وخففه مالك ثم استثقله. ابن القاسم لا أحب نحره قبل قضائه, فإن فعل وحج أجزأه؛ إذا لو مات قبل

حجة أهدي عنه. الباجي عن أصبغ: إن نحره قبل قضائه لم يجزئه, وقال بعض العلماء: يجزئه. قال: وروى أشهب نحر هدي الفساد في قضائه, فإن عجله فابن الماجشون: يجزئه, ويحتمل على قول اصبغ في الفوات لا يجزئه. والإنزال: بقصد كالوطء, والاحتلام لغو. وفيها: إنزاله للمس, أو إدامة هزة الركوب, أو عبث بذكره, أو فعل المرأة كشرار النساء العبث بنفسها حتى أنزلت مفسد. اللخمي: الإنزال عما يشك في كونه عنه مفسد, وفيه عما الغالب عنه عدمه الهدي, وفي فساده بالإنزال عن تكرر النظر والفكر وإيجابه الهدي فقط نقلا اللخمي عن محمد مع ابن القاسم, وروايته وابن حارث عن الحكم, وأشهب مع روايته. زاد الشيخ فيها والعتبي في سماع القرينين: يهدي بدنة ويتقرب بما استطاع من خير. ابن رشد: مثله ظاهر قول مالك في الموطأ رواية يحيي. اللخمي: اتفق ابن القاسم وأشهب على عدم إفساد إنزال النظر والفكر غير متكررين. قلت: عزاه ابن حارث لاتفاق كل المذهب. الباجي: رواه ابن القاسم. ابن ميسر: ويهدي. الباجي: معناه جريه على قلبه من غير قصد. وفيها: إن أنزل بنظر لم يتبعه فعليه دم وحجة تام, وناقضة اللخمي بقوله في الصوم: من نظر أو تذكر ولم يدم فأنزل عليه القضاء فقط, وإن أدام فهو والكفارة, إلا أن يحمل على استحباب القضاء. قلت: يفرق بيسير الصوم, وتخريجه لغو إنزال قبلة وغمز من عادته عدمه عنهما على لغوه عن النظر والفكر غير متكررين؛ يرد بأن الفعل أقوى. وفيها: من جامع امرأته في حجها افتراقا إذا أحرما بحجة القضاء حتى يحلا.

الشيخ: روى محمد وسمع القرينان: لا يتسايران ولا يجتمعان في منزل لا بالجحفة ولا بمكة ولا بمنى. ابن القصار: لم يبن مالك وجوبه أو استجابة وعندي مستحب. قلت: هو نقل الجلاب. اللخمي: إن جهل استحب, وإن تعمد وجب في كل حليلة له, وظاهر قول الأبهري: "قيل ذلك عقوبة كقاتل مورثه" وجوبه فيها لا في غيرها, وألزم ابن محرز تحسين إسماعيل تعليله سليمان بن حرب بأنه إذا بلغ موضع وطئها لعله يفعله كون افتراقهما منه لا من حيث يحرمان. الكافي: والافتراق في العمرة كالحج. وفيها: إن أكره نساءه أحجهن وكفر عنهن وإن بن منه. الشيخ: روى محمد: إن تزوجت جبر متزوجها على إذنه لها, وسمع ابن القاسم على واطئ أمته المحرمة إحجاجها والهدي عنها. ابن رشد: زاد ابن الماجشون: ولو باعها. محمد: وهو عيب فيها. ابن محرز عن السليمانية: إن عجز عن إحجاجها فليبعها ممن يحجها كبيعها عليه في دين عجز عن قضائه, ول أحرمت بغير إذنه فله إحلالها, وقاله سحنون. اللخمي: لا يجوز بيعها في غير فلس على قول سحنون للتخيير على المشتري بجبره على تركها لقضاء حجها. وفي كون مطلق وطئه أمته غير طالبة ذلك منه إكراهًا أو حتى يكرهها قول ابن القاسم مع ظاهر سماعه ونص روايته, وتخريخ ابن رشد من قول ابن الماجشون: من زوج ابنته فأرسل أمته بدلها فوطئها الزوج حدت إلا أن تظن أنها زوجت منه. قلت: يرد بأن طوعها إكراه فيما له إكراهها وليس هذا منه, وللصقلي في الصوم: وطؤه إياها بعد طلبها ذلك منه طوع. وسمع عيسى ابن القاسم: ليس عليها صيام ولا حج لملائها وفلس زوجها مكرهها.

ابن رشد: إن كانت حجة إكراهها نفلًا, وإلا لزمها أداؤها وتتبعه بما أنفقت, ولها أن تهتدي وتتبعه بالأقل من قيمته أو ثمنه. الشيخ عن محمد عن ابن القاسم: لها أن تحج مكانها في عدمه وتتبعه بنفقتها فيها. اللخمي: ولو كانت أكثر من نفقة العام الأول. محمد عنه: فإن صامت عن الهدي لم تتبعه به. عبد الحق: هذا أصل اختلف فيه قول ابن القاسم. قال محمد عنه: إن لم يجد ما يحجها به ولا ما يهدي عنها فعليها أن تحج وتهدي وتتبعه بذلك, فإن صامت لعجزها عن الهدي لم تتبعه به, وقاله أصبغ. التونسي: لو أطعمت عن فدية الأذى رجعت عليه بالأقل من النسك أو الإطعام, وانظر لو نسكت شاة؛ لأنها أرفق بها حين نسكت وهو معسر قم أيسر وقد غلا النسك ورخص الإطعام؛ فقال: إنما أغرم الإطعام لأنه الآن اقل قيمة. قلت: في رجوعها بفدية الذي نظر؛ لأنه من فعلها إلا أن يكون سببه مرضًا نزل بها. وفيها: مع محمد عن ابن القاسم: لها حصاص عن مائة بما وجب لها يوقف لحجها, فإن ماتت رد حظ الإحجاج وأنفذ حظ الهدي. ابن بشير: وقيل يسقط بناء على لزومه بالفساد أو القضاء. ويجب تمام فاسده وقضاؤه. الجلاب: ولو كان نفلًا وفيه معها قابلًا. وفيها: تجديد من وطئ في حجة إحرامه قبل تمامه لغو ولا يقضي واجب بنفل. ابن شاس: زمن إحرام الأول لغو. وفيها: يحرم مفسد عمرته أو حجة للقضاء من حيث أحرم أولًا, إلا إن كان أحرم أولًا قبل ميقاته فمنه, فإن تعدي الميقات في القضاء فدم. التونسي: إن أحرم أولًا قبل ميقاته جهلًا فكون قضائه منه صواب, وإن كان تقربًا فالصواب من حيث أحرم أولًا. اللخمي: مجمل قول مالك: يحرم من حيث أحرم أولًا على أنه جاوز الميقات أولًا

غير متعد, وظاهر نقل ابن شاس: يحرم في القضاء من الميقات مطلقًا, ووصف إفراده معتبر كضديه. وفي إجزاء القران عن الإفراد قولا عبد الملك ومحمد معها. اللخمي: الصواب الأول لجبر الهدي وصمه ولإجزائه عن فرضه, والفرض الإفراد, ولا يقال: العمرة تطوع فيكون شرك بين فرض ونفل؛ لأن المقضي إن كان الفرض فلا يكون قضاؤه اشد منه, وإن كان الفرض فلا يكون قضاؤه اشد منه, وإن كان نفلًا فأوضح. قلت: يرد بأن متعلق الفرض الأعم من الثلاثة وفعله أحدها يعنيه, وابتداء فعل الحج يوجبه وهي متباينة ضرورة تنافي فصولها وحدة الإفراد, وتقدم عمرة التمتع, ومعية عمرة القران, وأحد المتباينين لا يسد مسد الآخر لا يقال: لا يتعين الفرض بما فعل كخصال الكفارة لو أعتق فاستحق له أن يكفر بغيره؛ لأن للحج تعينًا لا يشارك فيه لوجوب تمام فاسده, ولو سهوًا وقضائه ولو فوتًا. وفي إجزاء حج وعمرة مفردين عن قران قوله, والمعروف, وقول ابن بشير: الروايات لا يقضي مفردًا عن تمتع, وقال اللخمي: يجزئ لأنه المفسد لا العمرة, وهو ظاهر لولا اعتبار الروايات اتحاد صفة القضاء, والمقضي قصور لنقل الصقلي والشيخ عن كتاب محمد ما عزاه للخمي, وإنما اقتصر اللخمي بنقل الإجزاء في العكس عن أصله. وعزو ابن عبد السلام ما في كتاب محمد للصقلي عن العتبية لم أجده للصقلي ولا في العتبية, وقوله, وزاد الشيخ عن ابن القاسم في العتبية: يعجل هدي التمتع ويؤخر هدي الفساد؛ موهم أن في العتبية إجزاء الإفراد عن التمتع وليس فيها؛ إنما فيها تعجيل هدي من أفسد تمتعه, ولم يذكر قضاءه مفردًا بوجه. الشيخ في غير العتبية: من أفسد قرانه فقضاه قارنًا متمتعًا لم يجزئه, اللخمي: لا وجه له؛ لأنه إنما أفسد عمرة فعليه قضاؤها. قلت: هذا وهم؛ لأن المفسد حج قران فقط على رأي, أو هو وعمرة على رأي, فأما عمرة فقط فمحال, ولو قال: يجزئ لأن العمرة في القضاء زيادة جبرت بدم, استقام على أصله.

اللخمي عن عبد الملك: من أفسد عمرة تمتعه قضى متمتعًا, وتعقبه بأنه لا وجه له إنما أفسد عمرة فقط فلا قضاء لغيرها. قلت: ذكرها الشيخ عن محمد عن أشهب قائلًا: يقضي عمرته فقط, ولم يذكر ما ذكره اللخمي عن عبد الملك. ووجهه أن عمرة التمتع كجزء من حجة ضرورة تأثيرها فيه حالًا هي كونه تمتعًا لا مستقلة عنه, ولذا لم يجزئ الإفراد عنه على المشهور. وفيها: إن وطئ قارن بعد سعيه قضى قارنًا, وتصويب اللخمي تعقب سحنون بأن فساده بعد تمام عمرته فيقضي مفردًا؛ يرد بأن المفسد باقي حج هو قران لا إفراد اتفاقًا فوجب قضاؤه كذلك. وفي ارتداف الحج على عمرة فاسدة ولغوه قول ابن الماجشون والمشهور, ولا يرد توجيهنا قول عبد الملك في فساد عمرة التمتع بقوله: يقضي هذا القارن عمره فقط؛ لأن العمرة لو وجبت في الحج حالًا صح ففيهما وإلا فلا, فإن عمرة القران مضمحلة وعمرة التمتع قائمة بنفسها لبقاء أركانها لها. وهدي فساد التمتع والقران لا يسقط هدي صحيحهما. وفي سقوط هدي التمتع بفوته قولا أصبغ وابن القاسم. وفي إسقاط هدي فوات القران هدية سماع ابن القاسم مع ابن رشد عن الموطأ, ومحمد عن أبي زيد عن ابن القاسم, وتخريجه ابن رشد من قول ثالث حجها: على من وطئ ثم فات حجة هديان؛ يرد بأن فوات المفرد لا يرفع فساده وفوات القران يرفعه ضرورة ارتفاعه بارتفاع أحد المقترنين. الشيخ: لو فات قرانه المفسد ففي لزومه أربع هدايا أو ثلاث روايتا أبي زيد وأصبغ عن ابن القاسم. محمد: الأولى أحب إلي, فقول الباجي في لزوم هدي قران, وإن فات وسقوطه نقلا محمد رواية ابن القاسم, ونقل أبي زيد عنه وهم. وتعدد الوطء ولو في نساء كمفرده مطلقًا, وفي تكرير مفسد حجة حلقة وتطيبه ولبسه لاعتقاد حله جهلًا أو تأويلًا فدية واحدة, والعامد والناسي فيه سواء كصحيحه,

باب ممنوع الإحرام

وتكرير صيده فيه كتكريره في صحيحه. ومقدمات الجماع: القاضي: يكره. الشيخ عن ابن حبيب: هي من الرفث المنهي عنه. وفيها: إن قبل أو غمز أو جس أو باشر أو تلذذ ولم ينزل فحجه تام وعليه دم. الأبهري: الدم استحسان. التونسي: ظاهر ولو أمذى. ابن رشد: في إباحة المحرم الآمن نفسه امرأته ومنعه سماع القرينين لا بأس أن يمسك المحرم يد امرأته إذا أمن على نفسه ولم يخف شيئًا, ورواية ابن القاسم: لا يقربها إلا إن ألجئ, وهو أظهر. الشيخ: روى محمد: من قبل امرأته فلم ينزل فليهد بدنه, وإن غمزها بيده فأحب أن يذبح, ولا بأس برؤيته شعرها, ويكره رؤيته ذراعيها وأن يحملها على المحمل وللناس سلالم, وأن يغسل أحد الزوجين محرمًا الآخر, وسمع ابن القاسم: لا يقلب جارية للابتياع, وروى أشهب: لا يحضر نكاحًا, فإن حضر أساء, والمذهب منعه عقد نكاحه لا جعته. الشيخ: روى محمد: لا بأس أن يفتي في أمور النساء. [باب ممنوع الإحرام] وممنوع الإحرام غير مفسده: التطيب وإزالة الشعث ولبس الرجل المخيط لكيف لبسه كالقميص والجبة والبرنس والقلنسوة. الباجي: لا المخيط على صورة النسج كمئزر أو رداء مرقعين. وفيها: التخليل والعقد والتزرر كالخياطة. قلت: ولذا قالوا الملبد والمنسوج على صورة المخيط الممنوع مثله, ولبس المخيط

الممنوع لبس الجائز؛ جائز, ونقل ابن عبد السلام إجازة التخلل عن كتاب محمد لم أجده ولا لغيره. وفيها: جائز طرح قميصه على ظهره يتردى به دون دخول فيه وتوشحه بثوبه دون عقده واختباؤه به. الباجي: روى محمد إباحة جعل القميص, وما في معناه على كتفيه وجعل كميه أمامه, وروايته كراهة الارتداء بالسراويل إنما هو لقبح زي السراويل عنده؛ ككراهته لغيره لبسه مع رداء دون قميص. الشيخ: روى محمد: من لم يجد مئزرًا لا يلبس سراويل, ولو افتدى, وفيه جاء النهي, وروى ابن عبد الحكم: يلبسه ويفتدي. الشيخ: روى ابن عبدوس: لا بأس فيما يحمل من وقره أن يعقده على صدره, وفي المختصر: لا بأس بجعل متاعه في حبل ويلقيه خلفه والحبل في صدره. وفيها: أكره إدخاله منكبيه في القباء, وإن لم يدخل يديه في كميه ولا زرره عليه؛ لأنه لباس ففيه الفدية, وروى أبو عمر: إن أدخل فيه كميه افتدى. الباجي: موجب الفدية منه ما دفع حرا أو بردًا ولو قل زمنه, أو ما طال كيوم ونحوه. قلت: كذا ذكره الشيخ رواية. وفيها: إن طال لبسه قميصًا أو كساء خلله عليه حتى انتفع افتدى, فإن نزعه أو حله مكانه فلا. ابن رشد: الاختيار إحرامه في ثوب يأتزر به وآخر يضطبعه وهو اشتماله به مخرجًا منكبه الأيمن آخذًا طرف ثوبه من تحت إبطه اليمن ملقيه على منكبه اليسر, فإن لم يكن له إلا ثوب واحد توشحه فيخرج طرفه اليمن من تحت إبطه اليمن يلقيه على منكبه الأيسر وطرفه الأيسر من تحت إبطه اليسر يلقيه على منكبه الأيمن, فإن لم يثبت إلا بعقده في قفاه لقصره ائتزر فإن صلى به معقودًا ففي الفدية وسقوطها رواية محمد وسماع ابن القاسم, وروى ابن أبي أويس: ما أشبه أن تكون عليه الفدية وما هو بالبين قلت: كيف الائتزار رشق طرفي حاشيته العليا بين جسمه وحاشيته العليا مشدودة

بجسمه. الجلاب: لا بأس أن يرتدي ويتطيلس ولا يستثفر بمئزره, واختلف قوله فيه عند الركوب والنزول والعمل. الشيخ: وسعه في المختصر عند الثلاثة, وروى ابن نافع: منعه عند الركوب. الشيخ في كتاب محمد: إن احترم فوق إزاره ولو بحبل أو ائتزر بمئزر فوق آخر افتدى, إلا أن يبسطهما فيأتزر بهما, وقاله ابن عبدوس عن عبد الملك قائلًا: لا بأس برداء رداء. الشيخ: روى محمد: أحب لباس المحرم إلى البياض. وفيها: كراهة المعصفر المفدم ولو للمرأة في الإحرام وللرجل في غيره. عياض وغيره: كان محمد بن بشير القاضي يلبس المعصفر ويتحلى بالزينة من كحل وخضاب وسواك, سأل رجل غريب عنه فدل عليه, فلما رآه قال: أتسخرون بي أسألكم عن قاضيكم تدلوني على زامر فزجروه, فقال له ابن بشير: تقدم واذكر حاجتك فوجد عنده أكثر مما ظنه زونان في لباس الخز والمعصفر, فقال: حدثني مالك أن هشام بن عروة فقيه المدينة كان يلبس المعصفر, وأن القاسم بن محمد كان يلبس الخز ثم ترك الخز. قال يحيي بن يحيي: لا يلزم من يعقل ما يعاقب عليه. وفي لزوم الفدية بالمعصفر المفدم نقلا الباجي عن العراقيين مع ظاهر مذهب مالك وأشهب مع رواية أبي عمر. الباجي: روى ابن حبيب: لا بأس بلبس المحرمة المعصفر المفدم ما لم ينتفص عليها, وفي المورس والمزعفر الفدية؛ لأنهما طيب. أبو عمر: لو غسل حتى ذهب ريحه فلا بأس به عند جميعهم, وروى ابن القاسم كراهته, ولم يحك اللخمي عنه. وفيها: كراهته إلا أن يذهب كل لونه, فإن لم يخرج ولم يجد غيره صبغه بالمشق وأحرم فيه. ولا بأس بالمورد والممشق.

التونسي: المورد المعصفر بعد غسله. اللخمي والباجي: المعصفر غير المفدم, وفي تفسيره البلوطي بما صبغ بورد نظر؛ لأنه طيب كالورس. الباجي عن ابن عبدوس: كره أشهب المعصفر, وإن لم ينتفض لمن يقتدي به. الشيخ: روى محمد: لا بأس بالأصفر لا بورس ولا زعفران. اللخمي: يجوز الأزرق والأخضر وشبهه. ابن العربي: يكره المصبغ إنما هو الأبيض. الشيخ: روى محمد: إن أحرم بثوب به لمعة زعفران فلا شيء عليه وليغسله إذا ذكره, فقبله الشيخ, وسمعه ابن القاسم, فقال ابن رشد: يريد بعد غسلها ولا يستخف قبله؛ لأنه طيب. وسمع ابن القاسم وروى محمد: لا بأس أن يحرم بثوب مطبع بدهن. ابن القاسم: ولو كانت به رائحة طيبة ما لم يكن مسكًا أو عنبرًا, وروى محمد: لا ينام ولا يجلس على مزعفر أو مورس, فإن فعل دون حائل كثيف افتدى إن كان صبغًا كثيرًا والمعصفر اخف. ويحرم عليه ستر رأسه. أبو عمر وابن رشد: إجماعًا, ووجهه. قال أبو عمر: أخذ فيه مالك بقول ابن عمر: ما فوق ذقنه من رأسه, وقال: إن غطى وجهه افتدى, وقال ابن القاسم: لم اسمع منه شيئًا ولا فدية فيه لما جاء عن عثمان, وقال مرة: إن طال فانتفع به افتدى. قلت: الأول نص أول حجها كره مالك تغطية ما فوق ذقنه, ولم أسمع فيه إن فعل شيئًا ولا أرى عليه شيئًا لما جاء عن عثمان, والثاني نص ثاني حجها, وهو في التهذيب في ثالثه إن لم يزل تغطية رأسه أو وجهه حتى انتفع فعليه الفدية وإلا فلا. ابن القصار: ستره مكروه لا حرام. القاضي: في حرمته وكراهته قولا متأخري أصحابنا. الباجي: عليهما الفدية ونفيها.

ابن رشد: في فديته قولان. الصقلي: خرج بعض أصحابنا الفدية ونفيها على روايتين. اللخمي: نفاها أبو الفرج وابن القصار والقاضي وثبوتها أحسن لحديث: ((ولا تخمر وجهه)). قلت: ظاهر نقل أبي عمر أن قول ابن القاسم: لا فدية فيه, خلاف قول مالك, وحمل بعضهم قول ابن القاسم على تغطية ما فوق الذقن دون عموم الوجه فلا يكون خلافًا. ويؤيده نقل الشيخ: روى محمد: لا بأس أن يواري بعض وجهه بطرف ثوبه, وظاهر قول ابن الحاجب: لا يحرم على الرجل تغطية وجهه على المشهور إباحته ولا أعرفه. ابن عبد السلام: قول ابن الحاجب: لما جاء عن عثمان أنه غطى ما دون عينيه, لا أدري من أين نقل أنه ما دون عينيه, إنما في الموطأ: غطى وجهه بقطيفة أرجوان. قلت: قد نص انه من المدونة, وكذا نقله الصقلي عنها, ومقتضى تعقبه عليه تباين لفظ الموطأ ولفظ ابن الحاجب, ولا يصح ذلك إلا بتغطية عينيه, ومعلوم عادة نفيه فهما مترادفان, ونقل الثر بالمعنى المرادف سائغ, بل التعقب على ابن الحاجب أن لفظها لما جاء عن عثمان فقط لا بزيادة أنه غطى ما دون عينيه. وسمع ابن القاسم: أكره جعل وجهه على وسادة من شدة الحر, ولا باس بوضع خده عليها, وعبر عنه ابن شاس: توسده جائز. وروى محمد: لا بأس بجعل يده على رأسه أو وجهه من الشمس وهذا لا يدوم. وسمع ابن القاسم: للمحرم وضع يده على انفع من غبار أو جيفة مر بها. ابن القاسم: واستحب له ذلك إن مر على طيب.

وسمع القرينان: لا يجفف رأسه إذا اغتسل, به يحركه بيده. ابن رشد: كرهه خوف أن يجففه بشدة فيقتل دوابه, ولو جففه برفق لم يكره. قلت: الأظهر لأنه شبه تغطيته, وفي هذا الباب ذكره الشيخ. قال: وخففه في المختصر قائلًا: تركه أحب إلي, ولأن خوف قتلها بيده أبين منه بثوبه. وفيها: لا بأس بحمله على رأسه خرج زاده أو جرابه, فإن حمله لغيره طوعًا أو بأجر افتدى. التونسي: انظر لو كان عيشه بحمله على رأسه. اللخمي: إن حمل خرج زاده خلًا, وهو غني افتدى. وفيها: لا ينبغي حمله تجرًا له ولم اسمعه من مالك. الصقلي عن ابن حبيب: إن فعل افتدى. أشهب: إلا أن يكون لعيشه. اللخمي: معنى قول ابن القاسم: لا يحمل تجرًا له, أنه لم يضطر له. الشيخ: روى محمد: لا بأس باستظلاله بالفسطاط والبيت المبني والقبة وهو نازل, ولا يستظل في البحر ولا يوم عرفة إلا مريضًا فيفتدي. المازري وابن العربي عن الرياشي: قلت لابن المعذل ضاحيًا في شدة حر قد اختلف في هذا فلو أخذت بالتوسعة؛ فقال: $$$$$$$$$$$$$$$$$$ وفي كون الكساء على أعواد بالأرض كفسطاط ومنع استظلاله به نقلا الشيخ عن يحيي بن عمر مع ابن الماجشون. الشيخ: روى محمد: لا بأس أن يستظل تحت المحمل سائرًا, ومنعه سحنون, ونقله عنه التونسي بلفظ (ماشيًا) بدل (سائرًا). وسمع القرينان: لا يستظل في محمله, ولو كان عديلًا لا مرأة وتستظل دونه.

ابن رشد: هذا كقوله فيه الفدية؛ لأنه كتغطيته رأسه, وروى ابن شعبان: يستحب فديته إن فعله اختيارًا ويجوز لضرورة معادلة امرأة أمرض. ابن رشد: ولا يرفع فوق رأسه ما يظله وله رفع ما يقيه المطر فوقه. وفي رفع ما يقيه البرد رواية ابن أويس وقول ابن القاسم. التونسي: لا يستظل المحرم في محمله إلا أن يكون مريضًا فيفتدي, وذلك للمرأة حلال؛ لأنها تغطي رأسها. وقول ابن هارون: في استظلاله مع المرأة في محمل, ثالثها: يجوز لها دونه لروايتي محمد وأشهب, ونقل اللخمي وهم؛ لأنه لها جائز اتفاقًا, إذ لا إحرام في رأسها, وغرة لفظ ابن شاس وهو لفظ النوادر. روى محمد: لا يعجبني أن يجعلا عليهما ظلا وعسى أن يكون فيه بعض سعة إن اضطر إليه, وروى أشهب: لا يستظل هو وتستظل هي, وقاله ابن القاسم. قلت: فلم يذكر الشيخ رواية أشهب غلا لظهورها في المنع, وظهور رواية محمد في الكراهة لا؛ لأن معناها اختصاصه بالمنع دون رواية محمد؛ بل هما معًا لاختصاصه بالمنع دون المرأة, وكذا وقع في جميع ما رأيت من نسخ ابن شاس والنوادر لفظ (إن اضطر) مسند لضمير المفرد دون ألف بعد راء (اضطر) لا لضمير المثنى بألف بعدها. اللخمي: إن كان بمحارة كشف عنها راكبًا أو نازلا وإلا افتدى, ولا بأس بكونه في ظلها خارجًا عنها, وكذا إن كان ماشيًا. وفيها: لا بأس بربط منطقته لنفقته تحت إزاره وجعل سيورها في ثقبها وجعل نفقة غيره فيها بعد نفقته. قلت: مفهومه منعه ابتداء, وظاهر قول الجلاب: لا بأس بجعل نفقة غيره مع نفقته, ولا يجوز لنفقة غيره فقط, وقول اللخمي: لا بأس بجعل نفقة غيره مع نفقته, جوازها لهما ابتداء. اللخمي: إن أبقاها لذهاب ربها وهو عالم افتدى, وإن لم يعلم فلا فدية؛ لقول ابن القاسم: من أحرم وعنده صيد مودع لم يرسله فإن أرسله ضمن. قلت: يرد بقدرته على جعلها حيث حفظ تجره.

قلت: لو شدها فوق إزاره أو لنفقة غيره افتدى. الجلاب: وكذا في تركها بعد نفاذ نفقته. ابن حبيب: وكذا للؤلؤ تجره. وفيها: كره شدها في عضده أو فخذه أو ساقه. ابن القاسم: إن فعل فلا فدية. الشيخ عن أصبغ: أما في عضده فالفدية. التونسي: كأنه عنده غير معتاد فأشبه ربطه عضده, وإذا سلم أن لا فدية في شدها على فخذه, فكونها في عضده أقرب لشدها الناس فيه, وقلة شدها في الفخذ لعدم ثبوتها. وظاهر نقل ابن الحاجب: الفدية في العضد والفخد, لا أعرفه نصًا وخرج اللخمي لبسها اختيارًا على تقليد السيف اختيارًا. ابن بشير: في لبسها اختيارًا الفدية اتفاقًا. ابن رشد: في وجوب الفدية لشدها تحت إزاره, ثالثها: إن شدها لغير حفظ نفقته من تخريج له يأتي إن شاء الله تعالى, ونقل ابن بشير وجوب الفدية لشدها كذلك اضطرارًا لا أعرفه نصًا, وروى الباجي: كونها من جلد أو خرق سواء. وفي كتاب محمد: لا بأس بربط نفقة من ليس له منطقة في إزاره. أبو عمر عن ابن علية: أجمعوا على أن له عقد الهميان والإزار على وسطه. وفيها: إن احتزم لغير عمل فوق افتدى, وله جاز ولا فدية. وروى محمد: جواز تقليد السيف لحاجة دون فدية ولغيرها ينزع ولا فدية. الشيخ عن ابن وهب يفتدي. وعزاه اللخمي وابن رشد لأصبغ. الصقلي عن محمد عنه: لا فدية. وفي الفدية في الخاتم قولان؛ لنقل اللخمي: معروف قوله في هذا المنع, مع قول ابن رشد: دليل تخفيفها أن تحرم بالصبي وفي رجليه الخلاخل وعليه السورة أن الرجل بخلافه.

ونقل اللخمي رواية ابن شعبان مع أخذه من قولها في الصبي, قال: ولا خلاف انه كالكبير فيما يجتنب في الإحرام, وأخذا ابن رشد من قولها: لا فدية في صغار الخرق تلصق على قروح, ومن رواية ابن شعبان الآتية. وفيها: الفدية في جعل قطن بأذنيه لشيء فيهما. الصقلي: لأنه محل إحرام بخلاف الجسد. وسمع ابن القاسم: من جعل صدغين أو عصب رأسه افتدى. ابن رشد: زاد أول حجها: وكذا إن ألصق بقرحه خرقًا غير صغيرة, وفي ثاني حجها تعصيب الجسد كالرأس. قال: وذلك لعله أو غيرها في الفدية سواء. قلت: يريد: ويفترقان في الإباحة والمنع. التونسي: فيها لا فرق بين صغير خرق التعصيب والربط وكبيرها. وفي كتاب محمد: لا شيء في لطيف ما يربط به والأول أشبه. الشيخ: روى محمد: رقعة قدر الدرهم كبيرة فيها الفدية. وسمع ابن القاسم: لا بأس ولا فدية في جعل فرجه في خرقة عند نومه. وفي لفها على ذكره أو تعصيبه بها لبول أو مذي الفدية. ابن رشد: وقيل لا فدية في كل هذا الأصل؛ لرواية ابن شعبان: لا شيء على من أصاب أصبعه شيء فجعل عليه حناء لفها بخرقة ولبس المنطقة, فتفريقه فيها من لبسها اختيارًا أو لضرورة حرز نفقته قول ثالث. التونسي: من بعنقه كتاب نزعه لإحرامه. وفيها: لغو جر لحافه على وجهه نائمًا ولو طال إن نزعه إثر انتباهه, وفعل غيره به ذلك يأتي في الطيب. وفيها: إحرامها في يديها ووجهها وينبغي سدل ردائها عليه من فوق رأسها لستر لا لحر أو برد, وما علمت رأيه في تجافيه عن وجهها أو إصابته, ولا ترفع عليه خمارها من أسفله, فإن فعلت افتدت؛ لأنه لا يثبت إلا بعقد. قيل: العقد طردي لأنها تلبس المخيط؟ أجيب بأن ذلك فيما الأصل جواز ستره. الشيخ: سمع ابن القاسم: إن سترته لحر أو برد افتدت, ونقله الباجي كأنه

المذهب غير مخصوص بسماع. اللخمي على نفي فدية الرجل في سترٍة تستره, وتعقب ابن هارون وابن عبد السلام جعل ابن الحاجب المذهب جواز سترها بسدل ثوبها دون عقد ولا إبرة بعدم تقييده بكونه عن رؤية أجنبي لقيها؛ يرد بأن لفظ الستر يستلزمه, ولذا جعل في المدونة كونه لستر قسيم كونه لحر أو برد, وكذا في كلام الباجي سواء. وروى ابن حبيب: إن تنقبت أو تبرقعت أو تمثلت افتدت. ويشكل قولها: إحرام الرجل في وجهه ورأسه, وإحرام المرأة في وجهها ويديها, باقتضائه اختصاصها بإحرام اليدين دون الرجل, ويجاب بأن المقسم ليس مطلق الإحرام فيلزم نفيه عن يدي الرجل دونها وهو باطل, بل المقسم الإحرام الخاص ببعض بدن المحرم دون باقيه, فهو في الرجل الكشف وعدم الستر وذلك في وجهه ورأسه دون يديه, وهو في المرأة ستر وجهها ترفهًا أو ستر يديها بمخيط, فخصوصه باليدين إنما هو للمرأة دون الرجل. الباجي: يجب على المرأة تعرية يديها من القفازين ويستحب من غيرهما, فإن أدخلتهما في قميصها فلا شيء عليها. وفيها: يكره للمحرم لبس الجوربين والخفين, فإن فقد النعلين أو تفاحش رفع ثمنها لبس الخفين مقطوعي أسفل الكعبين. وروى أبو عمر: في لبسهما كذلك مع وجود النعلين الفدية. الصقلي: قول ابن حبيب وابن الماجشون: لا رخصة اليوم في لبسهما كذلك لكثرة النعال ومن فعله افتدى خلاف قول مالك. قلت: الحق أنه في تحقيق مناط الحكم لا فيه, وقبول عبد الحق: قول بعضهم قليل الدراهم ككثيرها في منع الخفين لوجود النعلين, خلاف جواز تيممه لقدرة المشي حافيًا. وروى الشيخ: إن جرب خفًا لبسه ثم نزعه مكانه فلا شيء عليه. ابن شاس: لا يلبس الرجل القفازين. ابن بشير: من معنى المخيط لبس ما يستر اليدين, ونقل ابن هارون سقوط الفدية

في لبسهما لا أعرفه. وللمرأة لبس الخفين لا القفازين, فإن فعلت ففي الفدية رواية الشيخ وقول ابن حبيب. وشم مطلق الطيب منهي عنه, ولا فدية في مذكره ولو بمسه كالورد والياسمين والخيري والريحان والحناء, ولا في مجرد شم مؤنثه كالمسك والكافور والزعفران والورس. وفي كون شمه دون مس ممنوعًا أو مكروهًا نقلا الباجي عن المذهب وابن القصار. قلت: هو نصها. وفيها: يقام العطارون بين الصفا والمروة أيام الحج, ولا تخلق الكعبة أيامه. الشيخ: روى محمد كراهة بيعه الزنبق وشبهه مما يعلق- والله حسيب من فعله- وكراهة خروجه في رفقه أحمال طيب, ولا بأس بوضع يده على أنفه إن مر بطيب. الشيخ: لابن القاسم في العتبية أحبه. ابن رشد: قيل في شمه كذلك الفدية. قلت: لم لغيره فعله خارج المذهب, وفي استعماله الفدية, وفي مسه دون علوق شيء منه نقلا اللخمي عن رواية ابن القاسم والقاضي قائلًا: ولو علقت ريحه. وفيما نزع قرب علوقه نقلاه عن رواية ابن القاسم وعن ابن القصار, وصوبه لقول مالك: يغسل ما لصق به من خلوق الكعبة ولا فيه وله تركه إن قل. الصقلي عن ابن وهب: فيه الفدية. الشيخ: روى محمد: إن كثر ما لحق من خلوق الركن أحب غسله قبل تقبيله, وإن ثل فهو في سعة, ولا يتطيب قبل إحرامه بما بقي ريحه بعده. الباجي: إن فعل فلا فدية؛ لأنها إنما تجب بائتنافه بعده إلا أن يكثر بحيث يبقى بعده ما يوجبها, وقول بعض القرويين: ما يبقى بعده ريحه كفعله بعده؛ إن أراد في المنع فقط فصحيح, وإن أراد وفي الفدية فلا. وفيها: إن خضب رأسه أو لحيته, أو المرأة رأسها أو رجليها أو طرفت أصابعها

بحناء أو وسمة افتديا, وإن خضب جرح إصبعه برقعة حناء صغيرة فلا فدية وبكبيرة افتدى, وفي رقعة بمؤنث طيب الفدية ولو صغرت. وفي أكله ما خلط بطيب لم تمسه نار طرق. ابن الحارث: لا يجوز اتفاقًا, وفي الفدية فيه قولان. الباجي: روايتان. قلت: يحمل قول ابن حارث في غير المستهلك, ونقل اللخمي والباجي فيه, وكذا قال الباجي عن الأبهري: المعتبر في استهلاكه لونه وريحه, وعن محمد: لونه وطعمه. قال: ويحتمل اعتبار الجميع كما في الماء وأن يعتبر كل منهما ما ذكره فقط, فخص الأبهري ريحه عن طعمه لأنه خاصة الطيب. وسمع ابن القاسم: لا بأس بشربه الفلونية والترياق فيها زعفران, إذ ليس له فيها قدر ولا يرى. ابن رشد: ليس خلاف قولها لا يأكل طعامًا ذا زعفران إن لم تمسه نار. الشيخ: روى ابن وهب: من شرب ماء فيه طيب فلا شيء عليه, وقاله أشهب. محمد: هذا فيما طبخ أو ما ذهب لونه وطعمه. الأبهري: قول مالك تكره الدقة الصفراء وشراب فيه كافور لعدم استهلاكه وطبخه وفيه الفدية, وما مسه نار في إباحته له مطلقًا أو استهلك, ثالثها: ولم يبق إثر صبغة بيد ولا فم للباجي عن الأبهري والقاضي, والشيخ عن رواية ابن حبيب قائلا: كالخبيص والخشكنان الأصفر. ابن حارث: في جواز شرب دواء فيه طيب وكراهته, ثالثها: يفتدي؛ لسماع ابن القاسم: شرب الترياق وشبهه وبه زعفران لا قدر له, ورواية ابن وهب: من شرب ماء فيه طيب فلا شيء عليه ولا يعد, ورواية ابن حبيب: إن شربه افتدى, وقول ابن شاس: لو بطلت رائحة الطيب لم يبح إن أراد, وتجب الفدية مع تحقق ذهاب كلها ففيه نظر. وقوله: لا فدية في حمل قارورة مصممة الرأس إن أراد, ولو علقت رائحته ففيه نظر, وتفسير ابن عبد السلام عطف ابن الحاجب على القارورة ونحوها بفأرة مسك غير مشقوقة بعيد؛ لأنها كطيب.

وموجب الفدية سهو فعله وجهله واضطراره كمختار عالمه, وتخريج اللخمي لغو اضطراره على لغو الاضطرار للمنطقة, والحمل على الرأس, وتقلد السيف والفدية فيها على الفدية فيه, واختياره عدم الفدية في الجميع مستدلًا بإباحته صلى الله عليه وسلم لمن لم يجد نعلين لبس الخفين مقطوعين أسفل الكعبين, وإباحته ستر ظهور القدمين عند عدم النعلين؛ لعدم قصد النفع بذلك إنما قصد رفع الحفاء؛ يرد بأن الطيب أشد ولذا حل اللبس قلبه. وفيها: إن طيب نائمًا فلا شيء على النائم إن غسله إثر انتباهه. اللخمي: يختلف فيه قول ابن القصار: لا شيء عليه. قلت: ظاهرة ثبوت قول خلاف قول ابن القصار ولم أجده, وقرره ابن عبد السلام بتخريجه على قول مالك في غير النائم وقلبه, وإكراه النائم وعدم انتفاعه به زمن اتصاله به يأباه. وفي كتاب محمد معها: الفدية على من طيبه. الصقلي عن أشهب: لا شيء عليه وعلى الأول. قال محمد: لا تجزئه بصوم. وفي أمر النائم بها لإعدام الفاعل قول محمد مع رواية اللخمي, وتخريج الصقلي على سماع عيسى ابن القاسم: ليس من وطئها زوجها كرها محرمة في إعدامه حج ولا صيام. محمد: إن افتدى النائم بنسك أو إطعام تبعه بالأقل من ثمنهما, وبصوم لا يتبعه بشيء, ولو طيب محرم آخر نائمًا ففي لزومه فدية أو فديتان قولا الشيخ والصقلي مع القابسي. اللخمي: وفدية إماطة حلال عن محرم أذى بإذنه عليه.

وفيها: على من حلق رأس نائم أو غطاه الفدية. اللخمي: الصواب لغو تغطيته كالنائم حال نومه, بخلاف الحلاق لانتفاعه به بعد يقظته, إلا على ما قاله ابن حبيب. قلت: لم يذكر عنه ما يفهم منه هذا الإجزاء, ولعله ما يأتي للشيخ عنه ويبعد من حيث عدم ذكره اللخمي عنه. وفيها لمالك: جائز أن يدهن عند إحرامه وبعد حلاقة بالبان غير مطيب والزيت وشبهه, ولا يعجبني ما يبقى ريحه. اللخمي: القياس منعه مطلقًا قبل إحرامه كمنعه بعده جميع لبسه وتطيبه عند إحرامه وبعده. قلت: قد فرق بين عدم الشعث وإزالته, والمنافي للإحرام إزالته لا عدمه, وكذا جاز إحرامه إثر احتمامه وحلقه ومنع بعده. وفيها: إن دهن رأسه بزيت أو بزيت الفجل افتدى. وروى ابن عبد الحكم من الموطأ: إن قطر في أذنه بانًا غير مطيب لوجع أو جعله في فيه فلا فدية. وقول التونسي: في تقطيره في الأذن الفدية ولم يحك غيره وهم. ابن شاس: في ترجيل اللحية بالدهن ودهن الأصلع رأسه به الفدية, واستشهد ابن القاسم فيها على الفرق بين الضرورة والاختيار بقول مالك: إن دهن بزيت غير مطيب شقوق يديه أو رجليه فلا فدية, وإن دهن يديه أو رجليه لزينة افتدى. الباجي: إن دهنهما للقوة على العمل فلا فدية. الكافي: إن دهن به باطن كفه أو قدمه فلا فدية, وباطن ساقيه قال مالك: يفتدي. الشيخ: في الفدية بدهن ظاهر الكف والقدمين وسائر الجسد رواية ابن حبيب, وقول اللخمي, ورواية أبي عمر: يكره دخوله الحمام. وفي الفدية به؛ لأنه مظنة الإنقاء أو إن تدلك, ثالثها: وأنقى, ورابعها: إن بالغ في الإنقاء وخاف قتل الدواب, وإلا فلا لروايات اللخمي مصوبًا الأولى, وابن حارث عن رواية ابن وهب.

الكافي: لا بأس بدخوله تداويًا لا لإنقاء, فإن فعل؛ فقال مالك: لا يفتدي, وروى ابن عبد الحكم: إن خاف قتل شيء من الدواب فأحب فديته. وفيها: في غسل رأسه بخطمي الفدية, وفي جواز غسل يديه بأشنان دون طيب ومنعه قولها. ونقل ابن حارث عن ابن حبيب قائلًا: ولا بدقيق, ونقل ابن عبد السلام عنه لفظ الكراهة لا أعرفه. واكتحال المحرم مطلقًا لدواء جائز, وفيه بمطيب الفدية, ولزينة ممنوع, وفي الفدية بغير مطيب, ثالثها: على المرأة لها, وللخمي عن القاضي عن بعض أصحابنا, والجلاب عن عبد الملك, ونقل ابن الحاجب: لا فدية فيه بمطيب, وقبوله ابن عبد السلام لا أعرفه. وفيها: جائز للمحرمة لبس الحرير والحلي. اللخمي عن القاضي: زينة المحرم ممنوعة؛ ككحل النساء ولبس الحلي وغيره. وفي كونه منع كراهة أو حظر يوجب الفدية قولا أصحابنا. الشيخ: روى محمد والعتبي: للمحرم أن يتسوك وإن أدمى فاه ويبط جراحه ويقطع عرقه ويقلع ضرسه قلت: لازم نقل القاضي منع الزينة منع السواك بالجوز ونحوه, ويمنع تقليم الظفر. الشيخ: روى محمد: إن قص ظفرين دون كسر افتدى. ابن القاسم: لا شيء في الواحد إلا أن يميط به أذى. أشهب: يطعم فيه شيئًا, وروى ابن وهب: لو أطعم فيه مسكينًا. وفيها: إن أماط به أذى افتدى, وإن لم يمطه به أطعم شيئًا, ولو انكسر قلمه ولا شيء عليه. وتقليم المحرم حلالًا لغو, ويمنع الإحرام إزالة الشعر اختيارًا, ويوجب الفدية مطلقًا إلا ما عمت ضرورته. الجلاب: في حلق رأسه أو موضع المحاجم من رقبته أو عانته الفدية.

وفيها: وفي حلق القفا أو موضع المحاجم لضرورة. الشيخ عن ابن حبيب: الحلق لها في سائر الجسد كالرأس. وفيها: وفي كل ما أماط أذى. الشيخ في كتاب محمد: ولو قل كنتف شعر من أنفه أو عينه, أو أخذ من شاربه, أو حلق موضع شجة. وفيها: في نتف شعره أو شعرات شيء من طعام, ولم يحد فيها دون إماطة أذى أكثر من حفنة هي ملء يد واحدة. وفيها: لا شيء فيما انقلع لتخليل لحيته في وضوئه, أو من رأسه وأنفه في امتخاطه, أو حلق من ساقه في ركوبه. الجلاب: ولا فيما سقط من شعر رأسه لحمل متاعه. زاد في كتاب محمد: ولا في الشعرتين من لحيته لحريره, وفيها لابن القاسم: ولا في سقوط كثير شعر لاغتساله تبردًا. الجلاب: ولا في انتثار بعض شعر انفه لإدخال يده فيه. الشيخ: روى ابن حبيب: أكره حجامته اختيارًا, ولا فدية عن لم يحلق شعرًا. سحنون: لا بأس بها إن لم يحلق, لا برأسه, وإن لم يحلق خوف قتل الدواب. وسمع ابن القاسم: من شأنه أكل أظفاره وشعر لحيته ففعله محرمًا فعليه الفدية؛ يريد- فيما أظن- وإن كان مرارًا. ابن رشد: لأنه أماط أذي. وسمع: لا أحب نظر المحرم في مرآة, فإن نظر فلا شيء عليه وليستغفر الله تعالى, وسمع القرينان كراهته للمحرمة. وقتل الخشاش ودواب جسم الحيوان وإزالتها اختيارًا عن ما لا تحيى إلا به. وفي إيجاب قتل كبير دواب الجسم كالقمل والقراد الفدية أو شيئًا من طعام, ثالثها: قبضة؛ لرواية الشيخ مع الصقلي عن ابن الماجشون: إن حلق محرم رأس آخر فعليه فديتان, وابن القاسم ومحمد: زاد الباجي ويجب أن يكون بدله صوم يوم, قال: ولا نص لأصحابنا في كونه قتل صيد أو إلقاء تفث, وتحتملهما على البدلية والمعية,

فيشبه الصيد لحرمة قتله بغير جسم لا يباح؛ كإتلاف شعر وجد بالأرض, ولا تجوز إزالته عن جسمه كفرخ صيد عن عشه. ويجوز له إلقاء الذر, فعلى أنه إلقاء تجب الفدية بكثيره دون قليله. قلت: لو كان قتل صيد افتقر للحكمين. وفيها: قال في قمله أو قملات حفنة طعام, وله وإلقاء دواب غير جسم الحيوان عنه كالنمل والدود والبرغوث والبعوض والبق والذباب والعلق, ودواب غير جسم الإنسان عنه كالقراد والحلم والحمنان عنه, ودواب غير البعير والدابة عنهما كالعلق جائز, لا دواب البعير كالقراد والحلم والحمنان عنه. وروى محمد: إن وجد عليه بقة فأخذها فماتت بيده فلا شيء عليه, وروى ابن القاسم وأشهب: إن وقعت من رأسه قملة على ثوبه فله نقلها لموضع أخفى, وروى أشهب أيضًا: لا ينقلها. فإن قتل دواب غير الجسم, فقال الشيخ عن أشهب: عليه شيء من طعام وكثيره كقليله, وعن مالك في البراغيث والبعوض إن أطعم شيئًا فهو أحب إلي. الباجي: قال مرة: أحب إلي أن يطعم, ومرة: لا يطعم. قلت: لعلها رواية الشيخ لا باس بقتله البراغيث لا القمل, وروى الشيخ: إن لدغته ذرة أو نملة فقتلها, ولم يشعر فيطعم شيئًا, وكذا إن وطئه ببعيره. الباجي: ليسير ضرر لدغها وطرحها يرفعه. وروى الشيخ: إن كثر عليه الذر لم يقتلها, فإن حك فقتلها أطعم شيئًا. وفيها: من طرح الحمنان والحلم والقراد عن بعيره فليطعم. وشاذ قول ابن الحاجب: على المشهور, وقول ابن عبد السلام: عزاه بعضهم لمالك, لا أعرفه, إلا قول مالك في الموطأ: أكرهه. روى ابن وهب: من وطئ ذبابًا لكثرته أطعم مسكينًا أو مسكينين, ثم قال مالك إن غلب فلا شيء عليه. ابن عبد الحكم: هذا أحب إلي. وروى ابن القاسم: في جرادة حفنة طعام.

محمد: بحكم عدلين, فإن أداها دونه أعاد. أبو عمر: في الجرادة حفنة طعام, وفي كثيره قيمته منه. وفي المختصر: إن كثر الجراد وعجز عن اجتنابه فقتله لغو, وإن اطعم مساكين فلا بأس. وفيها: لا يصاد جراد بحرم مكة أو المدينة, ولو تقلب في نومه على جراد أو ذباب أو فراخ حمام أو غيره من الصيد فقتله فعليه الكفارة. الشيخ عن كتاب محمد: لا بأس في قتل الضفدع. أشهب: وقيل يطعم شيئًا. أبو عمر: لم يجز مالك غسل المحرم رأسه في غير الجنابة وكرهه. قلت: فيها يجوز صب الماء على جسده ورأسه بحرً أو غيره, ويحركه في الجنابة بيده حين صبه الماء عليه, وأكره غمس رأسه في الماء خوف قتل الدواب, فإن فعل أطعم شيئًا. ونقلها ابن الحاجب مسقطًا: (إن فعل أطعم) موهم إسقاط إطعامه. أبو عمر: كان ابن وهب وأشهب يتغاطسان في الماء محرمين مخالفة لابن القاسم. ابن عباس, رما قال لي عمر بن الخطاب ونحن محرمان: تعال أباقك في الماء أينا أطول نفسًا. قلت: هذا من عمر غريب لعدم فائدته وصغر ابن عباس. وفيها: يجوز تبديل ثوب إحرامه وبيعه. الشيخ: روى محمد: أكره للمحرم غسل ثوبه إلا لنجاسة أو وسخ فليغسله بالماء وحده وإن كانت به دواب, ولا يغسل ثوب غيره خوف قتل الدواب, فإن فعل اطعم شيئًا من طعام, فإن أمن ذلك فلا شيء في غسله. وسمع ابن القاسم: لا بأس ببيع إزاره لقمله. سحنون: هذا تعريض لقتله. ابن رشد: يريد كطرده صيدًا من الحرم للحل وليس مثله؛ لأنه في الحرم حرام على الحلال, والقمل في ثوب المحرم للحلال قتله.

ولو أعطى إزاره جاريته المحرمة لتزيل قمله ففعلت؛ ففي لزوم الفدية أو شيء من طعام قول اصبغ مع سماع ابن القاسم: عليه فدية واحدة, وسحنون معه كقوله فيها: إن حلق محرم رأس حلال فعليه شيء من طعام. ابن رشد: أخذ بعضهم من هذا السماع, وقول مالك فيها: في حلق محرم رأس حلال الفدية, وجوبها في كثير القمل لا يتم؛ لأنها في السماع لإماطة أذى عن نفسه لا لقتل القمل, وقولها: لأن أصل وجوب الفدية حلق الرأس بنص عم رأسه ورأس غيره. الشيخ عن ابن حبيب: إن فلى رأسه حتى انتفع أو ثوبه أو نشره أو كثر ما ألقى منه افتدى, وإن أمر بذلك غلامه المحرم فعليه الفديتان. قلت: هذا خلاف السماع في الجارية فدية واحدة, وقول ابن رشد: إنه لإماطة الأذى لا لقتل الدواب, ودليل لأخذ بعضهم المتقدم رده. الشيخ: روى ابن وهب: لا يقص محرم شارب حلال ولا حرام, فإن فعل فلا شيء عليه, وروى مع ابن القاسم: إن حلق من شعر حلال ما أيقن أنه لم يقتل به دواب فلا شيء عليه. وسمع: أيجعل ذو إبرية برأسه قبل إحرامه خلًا ويفتدي, لأنه يشكو شديد إذاية دوابه. قال: لا يعجبني, هذا يصيب الناس, وهو قريب فليصبر. وسمع: على من جعلت برأسها يوم إحرامها قبله زاؤوقًا الفدية خوف قتله قملًا بعده. اللخمي: متعدد موجب الفدية بنية واحدة كواحده, ولو بعد ما بين آحاده. الشيخ: روى محمد: ولو كان بينهما أيام. اللخمي: لو فعل الثاني بنية حادثه وبعد عن الأول ففديتان, وإن قرب ففي المدونة: فدية واحدة. قلت: مثلها روى محمد. اللخمي: اختلف في هذا الأصل؛ كقوله قبل البناء: أنت طالق, أنت طالق, أنت

طالق ونوى أولًا واحدة وكرر بنية محدثة أو استثنى بها, والقياس: القرب كالبعد. ابن بشير: في تعدد الفدية به قولان, ولم يحك أبو عمر والتونسي غير الأول. قال: لو قلم أظفار يد اليوم والأخرى غدًا ففديتان؛ لأنها بنية حادثة. وفيها: إن لبس وتطيب وحلق وقلم في فور واحد ففدية واحدة, وإن فعلها شيئًا بعد شيء ففي كل وجه فدية, وإن تطيب مرة بعد فكل وجه فدية, ولو نوى علاج قرحة بمطيب حتى تبرأ ففدية واحدة, فلو ظهرت أخرى فداواها به ففدية أخرى, وقال مالك في ذات حمى تعالجت بمطيبات مختلفة: إن كان ذلك بموضع واحد وقرب بعضه من بعض ففدية واحدة. قلت: ظاهرها اشترط القرب مطلقًا في وحدة الفدية. التونسي: إن داواها ولم ينو الدوام حتى عاودها عن قرب ففدية واحدة, وعن بعد فديتان. اللخمي: إن داوى بطيب معين ثم بآخر قرب الأول ففدية واحدة, وإن بعد فديتان, ولو كان الثاني قبل ذهاب ريح الأول؛ لأنه لولاه لذهب ريحه. وفيها لمالك: لو لبس قلنسوة لوجع ثم نزعها لبرئه فعاد وجعه فلبسها ففديتان, ولو نوى حين نزعها إن عاد وجعه أعادها فواحدة, ولو نوى لبس ثياب مدة أيام جرأة أو نسيانًا أو لمرض ففدية واحدة. الشيخ: روى محمد: لو دام لبسه لها في صحته في مرضه ثم في صحته ففدية واحدة, ولو دام لبسه في مرضه في صحته ففديتان. وعزاه اللخمي لمحمد, وقال: لأنه نواه أولًا لمرضه فقط, وقياس أصله فدية واحدة؛ لأن لبس صحته قريب من مرضه, وحكاه التونسي غير معزو كأنه المذهب ولم يتعقبه. الشيخ: زاد ابن حبيب عن ابن الماجشون: لإقبال مرض ثانية ثم صح منها وهو عليه, أو لم يمرض ثانية إنما عليه فديتان. اللخمي: دوام طيبه في صحته لمرضه ثم صحته ودوام طيبه في مرضه لصحته كدوام اللبس فيهما.

الشيخ عن ابن حبيب عن ابن الماجشون: لو لبس قميصًا لم ينو غيره ثم جبة ثم فروا ففدية واحدة, ولو لبس قلنسوة ثم عمامة ثم تظلل ففدية واحدة, ولو لبس سراويل احتاج إليه ثم قميصًا ففديتان وفي عكسه فدية, وروى محمد: لا ينبغي فعل موجب الفدية اختيارًا وأعظه عن ذلك. وإحرام العمرة كالحج: ويحرم بمطلقه أو كون الصائد أو المصيد بالحرم؛ مطلق صيد البر ولو كان مملوكًا أو غير مأكول. وفيها: إن قتل بازًا معلمًا وداه غير معلم وغرم قيمته معلمًا لربه. الشيخ: روى محمد: لا يقتل وزغًا ويقتلها الحلال في الحرم, فإن قتلها المحرم تصدق بشيء مثل شحمة الأرض, ولا قردًا ولا خنزيرًا. ابن القاسم: ولو كان أهليًا, ولا خنزيز الماء, ووقف فيه محمد. وزاد الباجي في رواية محمد: في القرد الجزاء, وفي قول ابن القاسم: في الخنزير كذلك. اللخمي: القياس أن الوزغ كالعقرب والفارة ولولا أذاها ما ورد الحض على قتلها؛ إذ لا يجوز إتلاف نفس لغير علة. الشيخ: روى محمد: يجوز له قتل الفأرة والعقرب والحية, ولو لم يريداه وصغيرهما. اللخمي عن القاضي: لا يقتل الحية والفأرة إن لم تريداه. وفيها: له ابتداء قتل سباع الوحش والنمور التي تعدو وتفترس. الشيخ: زاد في كتاب محمد: والفهد. وفيها: لا صغارها التي لا تعدو. الشيخ عن ابن القاسم: إن قتلها لم يدها. أشهب: يديها. ابن رشد: في منع قتلها وكراهته وإباحته ثلاثة؛ لأشهب, وابن حبيب مع ابن القاسم, وأشهب مرة. قلت: عزاه الباجي للبرقي عنه, وخرج التونسي قوله على اعتبار حاله ومآله,

وصح حديث نفي الحرج عن قتله الكلب في الموطأ هو السبع والنمر والفهد. أشهب: يقتل الكلب ولو لم يعقر. القاضي: لا يقتل الكلب العقور إلا أن يبتدئ. قلت: زاد الشيخ في قول أشهب: ولو كان كلب ماشية, وفي أضحيتها على من قتل مأذونًا فيه قيمته, وفي قتله الذئب, ثالثها: إن عدا عليه للشيخ عن روايتي ابن عبد الحكم, وقوله معللًا بدخوله في اسم الكلب, ولم يعز ابن رشد الأول إلا لابن حبيب, قال: وهو الصحيح على حال الذئب عندنا ولعلها بالمشرق لا تعدو ولا تفترس, وسمع القرينان منع صيد الثعلب والذئب. وفيها: إن أرسل كلبه على ذئب في الحرم فأخذ صيدًا فعليه جزاؤه, وفي قتله الهر الوحشي والثعلب والشبع الجزاء إلا أن تبتدئه. الشيخ عن ابن حبيب: والدب مثلها. أصبغ: يدي الضبع ولو بدأته. ابن حبيب: هذا غلط. أبو عمر: لا شيء في الزنبور يدفع لأذاه. وفي قتل الغراب والحدأة مطلقًا أو حتى تبتدئاه. نقل اللخمي عن أبي مصعب مع الباجي عن ظاهر قوله في الموطأ قائلًا: هو الأشهر عنه, والشيخ عن مالك مع أشهب وابن القاسم, والباجي عن روايته أشهب, وأبي عمر عن رواية ابن وهب, وعليه إن قتلهما ولم يؤذيا ففي الجزاء نقلاه عنهما. وفي الجزاء في قتل صغيرها, ثالثها: الذي لا حراك له للتونسي عن المذهب, ولم يحك غيره مع اللخمي عن أصبغ, وأحد نقلي ابن بشير مع تخريج الباجي على قول ابن القاسم في صغير الأسد, والشيخ عن أصبغ مع الباجي عن ابن القاسم. وفيها: يكره قتل الطير ولو سباعها, وفيه الجزاء ما لم تؤذه, فله قتلها. التونسي: يحتمل عدم إرادته الغراب والحدأة؛ لحديث إباحة قتلهما وإرادتهما, وحمل الحديث على كونهما حينئذ مؤذيين. وقول ابن عبد السلام في قول ابن الحاجب عن أصبغ: من عدا عليه سبع طير

فقتله وداه بشاة. ابن حبيب: هذا غلط, تبع في هذا النقل بعض من عادته اتباعه له, والذي في النوادر إنما تغليطه له في الضبع فقط قصور لقول الباجي. قال أشهب: في الطير الفدية ولو ابتدأته بالضرر, وقال أصبغ من عدا عليه شيء من سباعها فقتله وداه بشاة. ابن حبيب: هذا غلط, وليس عدم ذكره الشيخ بنقد على مثل الباجي. زاد ابن شاس: حمله بعض المتأخرين على من قدر بدفعه دون قتله, وقبول أبي عمر قول إسماعيل لا يلحق ولد الكلب العقور به؛ لأنه لا يعقر صغيرًا, وقد سمى صلى الله عليه وسلم الخمس فواسق, وفواسق فواعل, والصغير لا يفعل؛ يرد بأن معنى فواعل على وزن فواعل لا أنها ذات فعل, وإلا لم تقتل حتى تفعل, وتمسكه بلفظ عقور أبين. وحلال له صيد الماء: فيها: كترسه والضفدع لا طير الماء فيه الجزاء كسلحفاة البر, ونقل الباجي إباحة صيده الضفدع عن رواية «المبسوط» وكتاب محمد, وفيه لأشهب: يطعم قاتله شيئًا. قال: لعله على قول مالك وابن نافع لا يؤكل إلا بذكاة, قال: ويتخرج إباحة صيده السلحفاة؛ وهي ترس الماء على قولي مالك وابن نافع بجواز أكلها دون ذكاة ومنعه. ورواية «المبسوط» منعه صيد سلحفاة البر لاعتقاده كونها برية, والأصح أنها لا تكون إلا بالماء, وتخرج منه كالضفدع. ويجب جزاؤه بقتله مطلقًا, وأخذه إن أرسله حيث ينجو لغو. الشيخ عن أشهب: ولو كان أخذه بمكة وأرسله بالأندلس. وسمح يحيى ابن القاسم: إن أرسله حيث يخاف هلاكه يديه.

ابن رشد: هذا يفسر ما فيها, ويؤيده قول ابن كنانة: نزل عمر دار الندوة فدخل عليه عثمان ونافع بن عبد الحارث, فقال لهما: نزلت هذه الدار لأستقرب بالمسجد فوضعت ثيابي على هذا الشيء- ناتئ تجعل عليه الثياب- فوقعت عليه حمامة فخفت أن تؤذي ثيابي فأطرتها فوقعت على الواقف الآخر فخرجت حية فأكلتها, فخشيت أني تسببت بحذفها فاحكما؛ فقال أحدهما لصاحبه: ما تقول في ثنية عفراء نحكم على أمير المؤمنين, فقال الأخر: نعم فحكما بها عليه. الشيخ عن كتاب محمد: إن صاده بالحرم فأطلقه بحل لا يتيقن له فيه من الحفظ مثل ما له بالحرم وداه. وفيها: إن طرده من الحرم وداه. الصقلي: إن كان لا ينجو بنفسه, قاله ابن القاسم وأشهب, وجرحه إن بريء سليمًا لغو, وإن برئ ناقصًا ففي غرم نقصه ولغوه, ثالثها: إن كان نقصه يسهل اصطياده لمحمد مع سماع عيسى ابن القاسم قائلًا: ولو كان عوزًا أو كسرًا مع ابن القصار, وابن رشد عازيًا الثاني لظاهر ثاني حجها. ابن محرز: لبعض العلماء في حلب ظبية ما بين قيمتها قبله وبعده. الشيخ عن محمد وابن القاسم: إن جرحه ثم قتله بعد برئه فعليه ما نقصه وجزاؤه, وقبله جزاؤه فقط. اللخمي: إنفاذ مقاتله كقتله, وإصابة ما الغالب حياته معه لغو في جزائه, وفيما أشكل أمره قولا ابن الماجشون ومحمد, وعليه يستحب تأخير جزائه خوف كونه قبل موته, فإن وداه ثم رآه حيا لوقت لا يجيء من إصابته له فلا شيء عليه, ولوقت لا يرفع شك موته منها استحسن أن يديه بعد مهلة. الصقلي عن ابن حبيب عن ابن الماجشون: إن غاب بعد إصابته بما يقتله فليده, فإن وداه ثم رآه حيًا ثم عطب فليده؛ وداه قبل وجوبه. الشيخ: روى محمد: لا أحب أن يصحب محرمًا كلب باز, فإن فعل فما أرى من أمر بيٍن إن لم يكن أفلت أو أرسل على شيء. أشهب: إن أدخل حلال الحرم بازيًا أخرجه, فإن أفلت على حمام وداه إن ضيع.

الشيخ: لو فزع لرؤيته فعطب, ففي الجزاء قول ابن القاسم معها, ومحمد مع نقله عن أشهب, وابن حبيب عن أصبغ, والصقلي عن سحنون وصوبه؛ كتعلقه بأطناب فسطاطه. وزاد اللخمي في نقل ابن حبيب عن أصبغ: إلا أن تكون من المحرم حركة يقر لها. اللخمي: يريد حركة على الصيد, آكد حرمة منه. وفيها: لا شيء على من صاد طيرًا ونتفه ثم حبسه حتى نسل فطار. محمد: يدعه حيث ينسل وعليه جزاؤه. ابن حبيب: يحسبه حتى يتم ريشه فيرسله ويطعم مسكينًا, فإن غاب قبل تمامه وخيف عطبه وداه. اللخمي: فعليه إذا جرحه وعجز عن النجاة هل يحبسه ليبرأ أو يرسله ويغرم جزاؤه. وفيها: من أمر عبده بإرسال صيد معه فظنه أمرًا بقتله فعليه جزاؤه. ابن القاسم: وعلى العبد إن كان محرمًا. فحمله ابن محرز على ظاهره, قال: لأن فعله كفعل سيده بآلة. قال: وقول ابن الكاتب: لأن سيده سبب له في أخذه, ول صاده بغير إذنه لم يكن على السيد شيء, خلاف ظاهر قول مالك. اللخمي: القياس لا شيء على السيد؛ لأن الخطأ من العبد لا منه. ابن القاسم: لو أمره بذبحه فأطاعه فعلى كل منهما جزاؤه. أبو عمر: لو أكرهه على ذبحه فعلى السيد الجزاءان, ولا أعرف مقابل جعل ابن الحاجب قولها: المشهور سوى ما مر, ولو نصب شبكة خوفًا من ذئب أو سبع فهلك بها صيد ففي جزائه, ثالثها: إن نصبها بحيث يتخوف على الصيد, لها ولسحنون وأشهب. اللخمي: إن كان لخوفه على شاتين منع نصبها, وإن كان على كثير جاز. وفيها: ما هلك بتعلقه بأطناٍب فسطاطه أو بئر مائة لغو. الجلاب عن ابن القاسم: في تعلقه بأطناٍب يديه. ولو أرسله على سبع بالحرم فأخذ صيدًا, ففي جزائه نصها مع الشيخ عن محمد,

ونقله عن ابن القاسم وأشهب, ونقله الصقلي بزيادة: إلا أن يرسله عليه بقربه. وفي الجزاء بدلالته على قتله, ثالثها: إن كان المدلول حرامًا للخمي عن أشهب مع قول ابن وهب: هو أحب إلي, ولها قائلة: وليستغفر الله؛ مع الشيخ عن محمد عن ابن القاسم مع الباجي عن مشهور قول مالك, واللخمي عن عبد الملك, ومحمد عن أشهب قائلًا: وليستغفر الله ويديه القاتل, ونقل ابن بشير الثالث معكوسًا, وعده ابن عبد السلام وابن هارون رابعًا بعيد؛ لاختصاصه على نقله دون عكسه الثابت نقله. التونسي: إذا لزمه, والمدلول حرام فأحرى وهو حلال خوف لغو الصيد. قلت: أخذه من قولها في الإمساك: ولو رمى حلال من الحل صيدًا بالحرم وداه, وفي العكس قولان لها, ولمحمد عن أشهب مع اللخمي, والصقلي عن ابن الماجشون, وذكره الشيخ عنه بلفظ: له إرسال كلبه من الحرم على صيد بالحل بعيدًا من الحرم لا يسكن بسكونه. ولو رماه من الحل فيه فمر السهم بهواء الحرم؛ ففي الجزاء قولا ابن القاسم وأشهب مع اللخمي قائلًا: وكذا إرسال كلبه. ابن شاس: إن لم يكن له طريق سواه, وإلا فلا شيء عليه. ولو أرسل كلبه على قريب من الحرم فقتله به أو بعد إخراجه منه وداه, وبقربه قولان لرواية الشيخ مع نقله عن بعض أصحابنا, ونقل اللخمي وروايته مع قول ابن القاسم, ولم يحك التونسي غيره. ولو أرسله على بعيد منه فقتله قربه فلا جزاء, وفي أكله قولان لظاهرها ونقل اللخمي. ولو قتله فيه أو بعد إخراجه منه؛ ففيها: لم يؤكل ولا جزاء. ولو رماه بالحل فتحامل فمات بالحرم, فإن كان أنفذ مقتله, فقال محمد: يؤكل ولا جزاء, وخرج التونسي نقيضهما على أحد قولي ابن القاسم وأشهب بقتل مجهز على من أنفذ مقاتله غيره دونه, والأشبه قتل منفذها لا المجهز, ويرد بأنه لا يلزم من إسناد حكم الفعل لفاعل إسناده لمكان الفعل لتأثير الفاعل دونه, وإن لم ينفذها لم يؤكل. اللخمي: في أكله نقلا العتبي عن أشهب, ومحمد عن أصبغ, والأول أبين؛ لأنه

مات من ضربه بالحل ناجزًا, وليس كمجهز على من ضرب, ولم ينفذ مقتله لانفراد ضارب الصيد بضربه, فكان القتل مضافًا له, وتعدد الضارب في القتل يوجب إضافته للمجهز. محمد: ولا جزاء فيه. التونسي: الأشبه الجزاء, ولو ضرب عبد فعتق فمات فلا قصاص. ابن القاسم: وفيه الدية. أشهب: قيمته. وفيها: لو رماه وهما بالحل فجرى فأدركته الرمية بالحرم أو أرسل كلبه على ذئب بالحرم فأخذ صيدًا وداه أيضًا. الصقلي عن أشهب: إن كان قربه حين إرساله. وفيها: لو أرسله على صيد فأشلاه غيره, فإن انشلى به وداه أيضًا. الصقلي عنه: لا شيء عليه. وما على غصن بالحل أصله بالحرم؛ في كتاب محمد معها لابن القاسم: لا بأس بصيده. وروى ابن عبد الحكم كقول ابن الماجشون: لا يصاد. محمد: ولا يقطع, ونوقض قولها بقولها: يمسح ما طال من شعر الرأس, وجواب عبد الحق باتصال طرف الشعر, ويجاب بان متعلق المسح الشعر من حيث كونه نابتًا بالرأس, ومتعلق الصيد الحيوان من حيث محله, ومحله الحل؛ لأنه محل محله, ولذا قال محمد في العكس: يقطع ولا يصاد ما عليه. وفيها لابن القاسم: إن أفسد وكرًا فلا شيء عليه, إلا أن يكون فيه بيض أو فراخ فعليه في البيض ما على المحرم في الفراخ؛ لأنه عرضهما للهلاك. عبد الحق عن الشيخ, وابن محرز عن اللوبي: لاحتمال موت الفرخ بعد خروجه حيا. ابن محرز في بعض رواياتها: ما على المحرم في الفراخ والبيض.

ومن أحرم ومعه صيد يقوده أو في قفص؛ فالمعروف وجوب إرساله. اللخمي: وقال أشهب: إن سافر به فلا شيء عليه, ومن أرسله من يده فعليه قيمته. قال محمد في قوله: (إن سافر فلا شيء عليه) يريد ويرسله, وظاهر قول أشهب خلاف قول محمد, ولو وجب إرساله لم يضمنه مرسله منه. قلت: ذكره الشيخ من كتاب محمد رواية لأشهب لا قولًا له, ولفظها: لا يسافر به, فإن فعل فلا شيء عليه؛ يريد ويرسله, ومن أرسله منه فعليه قيمته. ابن زرقون عن الشيخ: اختلف في استدامة إمساكه فجوزه أشهب ومنعه غيره الجلاب: إن امسكه فمات بيده وداه. وفي زوال ملكه عنه بإحرامه قولا المبسوط معها, وابن القصار مع الأبهري والجلاب. الباجي: وعليهما صحة ملك صائده له قبل لحوقه بالوحش ونفيه. قلت: وضمان قاتله بيده ونفيه. الشيخ عن محمد عن ابن القاسم وأشهب: لو أرسله المحرم فأخذه رجل لم يكن له أخذه منه إذا حل. ابن القصار: وعليهما ضمان مرسله من يد ربه ولزومه, وقبله الباجي وابن زرقون, ويرد بأن إرسال واجب فلا يضمن فاعله بل يجريان على وجوب إرساله ونفيه. الشيخ عن محمد: لو لم يرسله حتى حل أو خرج به الحلال للحل لزمه إرساله, وسمع سحنون ابن القاسم: لو صاده محرمًا أو حلالًا ثم احرم أو دخل به الحرم فحسبه حتى حل أو خرج للحل فأكله وداه, وخالفني أشهب, فقال: لا شيء عليه. ونوقض المشهور به في عدم إراقة خمر خللها من أمر بإراقتها أو حبسها حتى تخللت, ويجاب بأن حكم التخليل حرمة الإراقة فرفعت وجوبها لمناقضة متعلقها متعلقة ضرورة مناقضة عدم الشيء وجوده, وحكم الإحلال جواز الإمساك والإرسال, فلم يرفع وجوب الإرسال لعدم منافاة متعلقة؛ ولذا قيل: الجواز جزء

الوجوب، وإذا نسخ بقي الجواز، وأورد إن كان الدوام كالإنشاء فلا يرسله بعد إحلاله؛ كإنشاء صيده حينئذ، وإلا لم يجب إرسال ما صيد قبل الإحرام، ويجاب بما مر مع التزام الأول؛ لأن حكم إنشاء الصيد للمحرم وجوب إرساله، وللحلال جواز إمساكه؛ فلا يرفع وجوبه لما مر. وفيها: إن تركه ببيته فلا شيء عليه. عبد الحق: إن كان إحرامه منه كساكن وراء الميقات فعليه إرساله كما بقفص صحبته، ونحوه للباجي، وأباه الصقلي مفرقًا بأن القفص هو حامله ومنتقل به. قلت: هو ظاهر الموطأ فيه لمالك: من أحرم وعنده صيد صاده أو ابتاعه فليس عليه إرساله، ولا بأس بجعله عند أهله. الشيخ: روى محمد: إن أحرم مكي وفي بيته فراخ حمام من حمام مكة فأغلق عليها بابًا فمتن فليهد عن كل فرخ شاة. وفي كون ما برفقته كما معه أو كما ببيته قولا الجلاب، واللخمي مع محمد. وفي لغو صيد الناسي والمخطئ ومكرره عمدًا أو جزائه قولا ابن عبد الحكم والمشهور، والشريك في موجب الجزاء كمستقل. أشهب: لو قطع محرم رجل طير وذبحه آخر ودياه. محمد: إن كان في فور واحد بخلاف الآدمي إذ لم يقتله. الباجي: وداه القاطع. وفيها: لو أمسكه محرم ليرسله؛ فإن قتله محرم وداه دون ممسك، وحلال ممسكه دونه. سحنون: لا شيء عليهما. الصقلي: وعلى الأول يغرم لممسكه أقل قيمته أو جزائه. وفيها: لو أمسكه لقاتل وداه معه إن كان محرمًا وإلا فممسكه فقط. محمد عن أشهب: إن أخذ محرم صيدًا فقتله بيده حلال بالحرم ودياه، وعلى القاتل قيمته له أيضًا، ولو كان عبدًا أو نصرانيًا أو صبيًا، ولا جزاء على النصراني، ولو قتله بيده في الحل وداه المحرم فقط وعلى قاتله قيمته.

محمد: إنما عليه له الأقل منهما. اللخمي: ليس هذا قول أشهب؛ لقواه في العتبية: إن أكله بعدما حل فلا شيء عليه، فجنح لقول بعضهم: له إمساكه حتى يحل، ولو كان غرمه لما ادخله فيه غرم الجزاء قل أو كثر، ونقله التونسي عن محمد عن ابن القاسم، وقال: يريد أمسكه ليطلقه، وقوله: (يديه الممسك أيضًا) خلاف قولها. وقوله: (يغرم قيمته) بعيد؛ لأنه لا يملكه، بل ما أدخل عليه من غرم الجزاء. قلت: قوله: خلاف قولها؛ يرد بأنه بناء على قوله: (يريد ليطلقه) وهو بعيد؛ لأن الفرض أنه أخذه وقتله عقبه، وقوله: (لأنه لا يملكه) إن كان ذلك لابن القاسم فكما قال، وإن كان لأشهب فلعله كابن القصار لا يبطل ملكه. وفي كتاب محمد: إن أودع حلال حلالًا صيدًا بالحل ثم أحرم ربه، فإن كانا رفيقين أرسله، وإن لم يكونا في رحل واحد فكما خلفه ببيته، ولو أحرم مودعه رده لربه إن حضر. ابن حبيب: فيرسله إن كان محرمًا وإلا فله حبسه. محمد عن ابن القاسم: إن كان غائبًا لم يرسله، فإن فعل ضمنه، ولو كان يوم استودعه محرمًا أرسله وضمنه. اللخمي: يريد: إن غاب ربه، ولو حضر رده له. وفي الواضحة وكتاب محمد: إن اشترى محرم صيدًا أرسله ولو حل. ابن حبيب: إن جهل فرده لربه وداه. وفي كتاب محمد: وظاهره لأشهب: لو اشترى عشرة من الطير فذبح بعضها ناسيًا ورد باقيها لزم بائعها قبولها، وعليه لكل طير عدله طعامًا، لا يجزئ عن جميعهم شاة. وسمع عيسى ابن القاسم: إن ابتاع حلال صيدًا من حلال على خيار ربه فأحر ما وقف، فإن لم يختر فهو منه وسرحه، وإن اختار فمن مبتاعة ويسرحه، فإن سرحه قبل وقف البائع ضمنه. ابن رشد: هذا إن قبضه المبتاع قبل أن يحرما، ومعنى قوله في البائع: إن استرده وصار بيده أو قفصه، ولو استرده وبعثه به من يد مبتاعة لبيته لم يكن عليه إرساله، ولو

أحرما، وهو بيد بائعه وجب عليه إرساله ولم يجز إمضاء بيعه، ولو كان في بيت البائع ثم أحرما لم يجب إرساله. الباجي: إن وهبه حلال لمحرم فقبله حرم رده عليه؛ لملكه له بالقبول على قول ابن القصار، ولخروجه من ملك الواهب بالهبة وإن لم يدخل في ملك الموهوب له على قول القاضي أبي إسحاق. قلت: قول ابن القصار إنما هو عدم إبطال طروء الإحرام على ملكه ملكه، ولا يلزم منه عدم إبطاله طروء ملكه على الإحرام؛ لرجحان دوام ثبوت ما ثبت على حدوث ما لم يثبت. وخروجه من ملك الواهب بالهبة مع امتناع قبول الموهوب له ملكه ممنوع؛ كهبة مسلم عبدًا مسلمًا لكافر على القول بامتناع تقرر ملكه عليه، وما صاده أو ذبحه محرم ميتة له ولغيره. وفيها مع الموطأ: لا يتعدد جزاء صائد بأكله صيده، ولو أكله محرم غيره ففي جزائه نقلا محمد رواية أشهب وقول ابن القاسم، وأمره بصيده أو ذبحه كشركته. وفيها: إن شق بيض نعام فأخرج جزاءه لم يصلح أكله ولا لحلال. اللخمي: ما صيد له أو ذبح بغير أمره ميتة. أبو عمر، روى أشهب: لا يحل ولا لحلال. قلت: ظاهر سماع يحيى ابن القاسم: لا أحب لحلال أكله، فإن أكل فلا شيء عليه؛ كراهته. وفيها: لا يأكله حرام ولا حلال. اللخمي: ما ذبح بحلال لا يحرم بإحرامه. الشيخ عن محمد، روى أشهب: ما صيد لحلال لا بأس بأكله إياه بعد إحرامه. عبد الحق: في كراهة أكل المحرم ما صيد قبل إحرامه روايتا ابن القاسم. الباجي: ما صاده حلال لحلال مباح لمحرم اتفاقًا، وفي الجزاء بأكله ما صيد له طرق. اللخمي: ثالثها: إن أكل عالمًا.

الجلاب: إن أكل محرم مما صيد له أو من أجله استحببنا له أن يكفر. الباجي عن ابن القصار: وجوب الجزاء بأكله مما صيد من اجله عالمًا استحسان، والقياس: لا جزاء عليه، وقاله أصبغ. زاد ابن شاس عنه: غير هذا خطأ. أبو عمر: اتفق قول مالك على جزائه إن أكله عالمًا أنه صيد له، وروى أشهب: لا يحل أكله ولا لحلال. الباجي: اختلف قول مالك هل يجزئ كل الصيد أو قدر ما أكل. اللخمي: لو أكل منه محرم غيره جهلًا به فلا جزاء، وفي العالم قولان، والصواب لغو الأكل مطلقًا. الباجي: لو أكل منه محرم غيره؛ ففي الجزاء روايتان. وسمع يحيى ابن القاسم: إن أكل ما صيد له عالمًا وداه، وإلا فلا، ويكره أكله له بعد إحلاله، فإن أكل فلا جزاء، ويكره أكله ما صيد لمحرم أو لغيره حين إحرام من لم يصد له، ولا جزاء عليه إن أكله بعد إحلاله، فغن أكل فلا جزاء، ثم قال: عليه جزاؤه إن علم. ابن رشد: فيه خمسة في أكل من صيد له وغيره منه، ثالثها: غيره، وعلى الثاني في الجزاء بع عالمين، ثالثها: على من صيد له. قال: وفي أكل المحرم من صيد حلال بحل، ثالثها: إلا إن صيد له، ورابعها: أو لمحرم غيره. ابن العربي: في أكل المحرم الصيد، ثالثها: إلا ما صيد من أجله، ورابعها: ما صيد وهو حلال لا وهو حرام لعطاء مع أبي حنيفة وجماعة، وعائشة، ولمالك مع أحمد والشافعي وعلي، وفي أكل المحرم المضطر الميتة ولا يصيد وعكسه قولا مالك في الموطأ، واللخمي عن ابن عبد الحكم، ولم يذكره ابن زرقون، ولا فيما جمع. اللخمي: ظاهر قوله في الموطأ: لأن الله رخص في الميتة، ولم يرخص في الصيد؛ عدم أكله، وإن لم يجد ميتة كأحد القولين في منع المضطر لخمر منها، وعد الأقوال أو لا ثلاثة؛ فذكر الأولين وقال، وقول القاضي: من قتل صيد لضرورة وداه؛ يحتمل جوازه

ابتداء ومنعه وأرى جوازه لإحياء النفس لا الجوع، وفي أكل الميتة باضطرار الجوع أو لخوف الموت خلاف. قلت: إذا كان قول القاضي محتملًا فما الثالث إلا أن يعده اختياره كفعل ابن رشد في البيان. الشيخ: روى ابن حبيب: يكره ذبح المحرم حمام البيوت يتخذ للفراخ ولا يديه. محمد عن أصبغ: يديه، وروى محمد: إن ذبح محرم بمكة حمامًا إنسيًا أو وحشيًا أدخلها من غير حمام الحرم فعليه قيمته طعاما لا شاة. وكراهة ذبح الحمار الوحشي إذا دجن أو ركوبه للحج. ابن القاسم: إن أصاب محرم حمارًا وحشيًا دجن وداه، وسمع عيسى رواية ابن القاسم: إن قتل ظبيًا داجنًا وداه وغرم قيمته لربه، ولو كسره، فإن برئ فلا جزاء وعليه ما نقصه. وفيها: كره مالك ذبح المحرم الحمام، ولو إنسيًا لا يطير؛ لأن أصله يطير، لا الإوز والدجاج؛ لأن أصلها لا يطير. التونسي: إن طار منها شيء فنادر. الصقلي: للإوز أصل يطير فينبغي أن لا يذبحها. وفيها: يجوز ذبح الحلال بالحرم الحمام والصيد يدخله من الحل لطول أمرهم، وما أدركت من كرهه الإعطاء ثم أجازه أخذ من مفهوم طول أمرهم منعه لمن حل غير مكي، وفي سماع ابن القاسم. قال ابن القاسم: لا بأس بذبح أهل مكة الحمام الرومية التي تتخذ للفراخ. ابن رشد: دليله منعهم ذبح سائر الحمام والطير الوحشي، وجميع الصيد إن دخلوا به من الحل، خلاف معلوم المذهب ونصها. وفيها: لا بأس بقطع ما يستنبت بالحرم لا ما ينبت به ولو يبس، إلا الإذخر والسنا، ولا جزاء في قطع ممنوعة، ولا بأس برعى حشيشه وشجره، وأكره احتشاشه ولو لحلال خوف قتل الدواب كالمحرم بالحل، ونهى صلى الله عليه وسلم عن خبط شجره وأذن في

هشة ورعيه. مالك: الهش تحريك الشجر بمحجن ليسقط ورقه ولا يعضد، والعضد: الكسر. الشيخ: روى محمد: له أن يحتش بغير الحرم وعند الحاجة متوقيًا الدواب، ويقطع في غير الحرم العصا والقضيب ويخبط لبعيره. قلت: مقتضى قول أبي عمر: أجمعوا على أنه لا يحتش بالحرم إلا الإذخر وأنه لا يرعى حشيشه؛ إذ لو جاز لجاز احتشاشه. عدم وقوفه على نصها أو نسيانه. وقول الباجي: السنا عندي كالإذخر، ولم أر فيه نصًا لأصحابنا، ولم يزل ينقل للبلاد للتداوي، ولم ينكره أحد قصور لمتقدم نصها، والاتفاق على نقله لا يدل على جواز قطعه؛ لاحتمال كونه مما يسقط بالريح والمطر. الباجي: لو نبت ما يستنبت أو استنبت ما ينبت اعتبر جنسه لا حاله. (؟؟؟؟؟) وفي منع صيده للحلال، وفي لغو جزائه ولزومه؛ المشهور مع سماع القرينين، ونقل الجلاب مع اللخمي والمازري، وعياض عن ابن نافع، وابن رشد عنه وعن القاضي. قال عياض، وقال ابن القصار عن بعض اصحابنا: هو الأشبه بمذهب مالك، ويأتي للباجي عن ابن نافع: لا جزاء فيه. قال: وقال القاضي: مقتضى تفضيل مالك المدينة على مكة ان فيه الجزاء كقول ابن أبي ذئب. الصقلي: روى أشهب: لم أسمع في صيدها جزاء ومن مضى أعلم ممن بقي.

قيل: أيؤكل صيدها؟ قل: ليس كصيد مكة وإني أكرهه، فراجعه السائل، فقال: لا أدري ولا أحب أن أسال عن مثل هذا. وفيها: عمر الذي نصب معالم الحرم بعد بحثه عنها. وروى الشيخ: بلغني أن عمر جدد معالم الحرم ووضع أنصابها بعد كشفه عنها من يعرفها قديمًا. ابن القاسم: الحرم خلف المزدلفة بميلين وهي في الحرم، وسمعت أنه يعرف بأنه لا يدخله سيل الحل ويدخله سيله. محمد عن غير واحد من أصحابنا: حده لما يلي المدينة نحو أربعة أميال إلى منتهى التنعيم، ولما يلي العراق بثمانية أميال إلى مكان يعرف بالمقطع، ولما يلي عرفة تسعة أميال. قال مالك: وعرفة بالحل، ولما يلي اليمن سبعة أميال إلى موضع يعرف بأضاة، ولما يلي جدة عشرة أميال إلى منتهى الحديبية، وهي بالحرم. زاد الباجي عن مسلم بن خالد الزنجي: ولما يلي نجد سبعة أميال. الباجي: وفي هذا نظر؛ لأن بين مكة وعرفة ثمانية عشر ميلًا، وهو نحو ما بين مكة والحديبية، وبين مكة والجعرانة، وبين مكة وحنين، ولو كان بين مكة والحديبية سبعة أميال ما كان بين مكة وجدة ما تقصر فيه الصلاة. وقال مالك: بينهما ثمانية وأربعون ميلًا، وإنما يقع الوهم في قدر الميل. قال ابن حبيب هو ألف باع، والباع: ذراعان، وكثير من الناس قال: الباع أربعة أذرع، وسمعت أكثر الناس يقولون مدة مقامي بمكة: إن التنعيم خمسة أميال. الشيخ عن ابن حبيب: حرم المدينة ما بين لابتيها، بريد في بريد. الباجي عن ابن نافع: إحداهما التي ينزل بها الحاج. أبو عمر: إذا رجعوا من مكة. الباجي: والأخرى تقابلها بشرقي المدينة في أقصى العمران خارجة عنه، وحرتان أخريان من الجوف والقبلة هما في طرف العمران.

قال ابن نافع: فما بين هذه الحرار فيما دار بها محرم صيده وقطع شجره على بريد من كل شق، فمن عصى وصاد أثم ولا جزاء عليه. وحصر عدٍو وفتنة محرمًا بحج جهل ذلك عن الوقوف والبيت يبيح تحلله، وفي وجوب تأخره حتى يوم النحر وصحته حين إياسه من زواله، ولو في وقٍت لو زال أدرك الحج. نقلا الشيخ عن أشهب قائلًا: ولا يقطع تلبيته حتى يروح الناس لعرفة، وابن القاسم مع الباجي عن ابن الماجشون أيضًا. وفيها: للمحصر بعدم أو فتنة في حج أو عمرة إذا أيس أن يصل للبيت تحلله حيث هو من البلاد. وفيها أيضًا: لا يكون محصرًا حتى يصير إن خلي لم يدرك الحج في باقي أيامه. الصقلي: قول بعض شيوخنا: ثاني قولها تفسير للأول، أبين من قول غيره: هما قولان، ونقل ابن بشير لغو الشك اتفاقًا، ولأن الشك في المانع لغو، وينحر ما معه من هدي حيث تحلل ويحلق به. وفيها: إن أخر حلقه لرجوع بلده فلا شيء عليه. الشيخ عن محمد عن أشهب: إن أخره مضت أيام منى فعليه هدي. الباجي: روى محمد: من علم بحصره فلا يحرم، فغن أحرم فليس بمحصر، وقبله ابن زرقون، ونصه في النوادر. قيل لابن القاسم: إن أحصر قبل أن يحرم ثم أحرم؟ قال: ما أحسب يحل هذا إلا البيت. التونسي: من أحرم عالمًا بالعدو لم يحل بحال. اللخمي: إن أحرم عالمًا أنه يمنع لم يحل، وهو مجمل قول محمد، وإن شك فمنعوه لم يحل، إلا أن يشترط الإحلال كقول ابن عمر. ابن بشير: قول اللخمي: إنما يتحلل من أحرم غير عالم حصره، أو علمه وشرط تحلله إن صد؛ خلاف ظاهر المذهب أنه يجوز تحلله مطلقًا، إلا أن يلتزم عدمه فهذا قد

يقوى فيه قول اللخمي. قلت: هذا قصور غير ما تقدم. اللخمي والتونسي: من أحرم من حيث لا يدرك حج عامه فأحصر عنه؛ لم يحل إلا بحصر عن حج تاليه، ولم يعزواه، وعزاه الشيخ لمحمد عن ابن القاسم. التونسي واللخمي: ومن أحصر عن معتاد طريقه وقدر على أبعد منه دون خوف ولا منع جواز بأجمالٍ لم يتحلل، ولم يعزواه، وظاهر مساقة في النوادر لابن القاسم، وعزاه الباجي لابن الماجشون. التونسي: لو ذهب العدو قبل أن يحل ولا يقدر على الوصول حل لفواته الحج، ولم يجب فسخه في عمرة. اللخمي: قول عبد الملك في كتاب محمد: إن ذهب الخوف قبل أن يحل فله أن يحل؛ يريد: إن فاته الحج وهو يبعد عن مكة، ولو كان بقرب لم يحل إلا بعمرة بعد مضي أيام منى. فإن صد عن البيت بعد الوقوف؛ ففي كونه كقبله وتربصه لإفاضته، ثالثها: يخير فيهما، ورابعها: يتربص أيامًا ثم يحل لسحنون مع ظاهر نقل الصقلي رواية ابن حبيب. والشيخ عن ابن الماجشون قوله: من صد عن مكة وقف وشهد جميع المناسك وحل ومضى. والتونسي عن بعض رواياتها مع الصقلي عن إحدى روايتي محمد عن ابن القاسم، والتونسي والباجي عن المذهب قائلًا: ويأتي بكل المناسك. وفيها: من صد بعد وقوفه تم حجه ولا يحل إلا بإفاضته، وعليه لكل ما فاته من رمي ومبيت هدي واحد. سحنون: يريد بمرض. الصقلي: كذا روى ابن حبيب، ووقع لابن القاسم في كتاب محمد، وفي موضع آخر: بعدو، وصوبه اللخمي. الشيخ: لأنه يجزئه حجه، بخلاف من صد قبل وقوفه. الصقلي: يريد: ويمضي لإفاضته حلالًا إلا من النساء والصيد والطيب، وقبول

الصقلي قول محمد: لو كان بعدو لم يهد يرد؛ بأن ذلك في تحلل لم يتم حجه كما قال الشيخ. وخامسها للخمي: إن كانت معينة حل، وإن كانت مضمونة أو حجة الإسلام، فعلى قولها فيمن وطئ قبل إفاضته؛ صح حجه وعليه عمرة يحل ثم يعتمر، وعلى قول ابن الجهم: بطل حجه؛ يخير في إحلاله ليقضيها والبقاء لتجزئه. قلت: تخريجه الأول على الواطئ قبل إفاضته يوجب تأخير إحلال المحصر عن يوم النحر؛ لقولها: إن وطئ فيه قبلها وقبل رميه بطل حجه. ونقل ابن الحاجب ني الهدي مع لزوم تمامه بالإفاضة، وقبول ابن عبد السلام وعزوه ابن هارون لمحمد؛ وهم؛ لأنه حج تم ترك منه سنن، وقول محمد بنفي الهدي إنما قاله على مذهبه أ، هـ يحل دون إفاضة. وإن أحصر عن عرفة فقط وبعد عن مكة، فقول اللخمي: حل مكانه صواب، وإن قرب منها؛ ففي كون تحلله بعمرة أو دونها قولان لنص اللخمي، ولظاهر قول الباجي: من دخل مكة وحصر عن الوقوف طاف وسعى وأخر حلاقه، فإن أيس أو شق طول انتظار؛ حلق وحل وله حكم الحاج لا المعتمر، وقاله ابن الماجشون. وإن كان أحرم بالحج من مكة حل ولا طواف عليه ولا سعي لقدوم؛ لسقوط طواف الورود عنه، والإفاضة لا تكون إلا بعد وقوف. قلت: ظاهر ما نقل أولًا وعزاه لابن الماجشون أنه لا يحل قادر على الطواف والسعي إلا بهما، ونص نقله أخيرًا خلافه؛ فلعل الأول على أصل ابن الماجشون القائل: يجزئ تحلله عمن حج الفرض أو القادر على طواف القدوم والسعي، وقول ابن عبد السلام فيه: إن كان ممن أهل بمكة أو ممن أحرم بها من غيرهم روايتان: إحداهما أنه يتحلل بعمرة. والأخرى أهل مكة كغيرهم؛ أي: يتحلل ولا شيء عليه لا طواف ولا سعي؛ لسقوط طواف القدوم عن من أحرم بمكة، وطواف الإفاضة مشروط بتقدم الوقوف؛ لا أعرفه، إنما نقل الناس الخلاف بين المكي وغيره في خروج محصر المرض للحل حسبما يأتي إن شاء الله تعالى.

وفي سقوط فرضه بتحلله نقل الشيخ عن ابن حبيب عن ابن الماجشون قائلًا: إنما استحب له مالك القضاء مع ابن حارث عن أبي مصعب محتجًا بظاهر رواية الموطأ، ورواية ابن وهب: لا قضاء على محصر بحال. ونقل الشيخ عن معروف قول مالك في غير الواضحة مع ابن حبيب وابن القاسم والأكثر. المازري: حكى الداودي في كتاب النصيحة عن النعالي سقوط فرض الحج عمن أراده فصده عدو وإن لم يحرم، وأظن أنه حكاه عن آخر من أصحابنا، وكان بعض أصحابنا يستبشع هذا القول. عياض: لم أجده فيها إلا لابن شعبان لا لتلميذه النعالي. قلت: لم أجد في الزاهي لابن شعبان إلا ما نصه: من أحصره عدو عن فرضه أعاده، ولعل معنى سقوطه عند هذا القائل أنه حيث يغلب على ظن المكلف دوام الحصر زمن قدرته لا ثبوته وقتًا ما، وهذا كغالب الأزمنة بإفريقية، ولذا قل من حج من شيوخنا مع مشاهدة قدرتهم صحة ومالًا ومجاوزتهم سن الستين، ولا يوجب بتحلل المحصر دمًا إلا أشهب واختاره ابن العربي. وقتال الحاصر البادئ به جهاد ولو كان مسلمًا، وفي قتاله غير بادئ نقل سند وابن الحاجب مع ابن شاس عن المذهب، والأول الصواب إن كان الحاصر بغير مكة، وإن كان بها فالأظهر نقل ابن شاس؛ لحديث: ((إنما أحلت لي ساعة من نهار)). وقول ابن هارون: الصواب جواز قتال الحاصر، وأظنني رأيته لبعض أصحابنا نصًا، وقد قاتل ابن الزبير ومن معه من الصحابة الحجاج، وقاتل أهل المدينة عقبة؛ يرد بأن الحجاج وعقبة بدؤوا به وكانوا يطلبون النفس. ونقله عن بعض أصحابنا لا أعرفه، إلا قول ابن العربي: إن ثار أحد فيها واعتدى

على الله تعالى قوتل؛ لقوله تعالى {حَتَّى يُقَاتِلُوكُمْ فِيهِ} [البقرة: 191]. وفيها: إن ألجئ المحرم لتقليد السيف فلا بأس به. سند: يكره إعطاء الحاصر كافرًا أو مسلمًا مالًا؛ لأنه ذلة. ابن شاس: لا يعطاه إن كان كافرًا؛ لأنه وهن. قلت: الأظهر جوازه، ووهن الرجوع لصده أشد من إعطائه. والمحصر في العمرة: فيها: إن أيس من الوصول للبيت حل، وألزم اللخمي أشهب تأخيره إلى وقت إحلاله ولو بعد. الشيخ: روى محمد: محصر المرض ومن فاته الحج لخطأ العدد أو خفاء الهلال أو شغل أو بأي وجه غير العدو مكيًا أو غيره لا يحله إلا البيت. ابن العربي: إن لم بقدر على البيت لطول مرضه وبعد داره حل كالعدو. الشيخ: روى محمد: قال ابن شهاب: لا حصر على مكي، وإن نعش نعشًا. محمد: يريد وإن حمل على نعش لعرفة وغيرها لمرضه. ابن المنذر عن ابن شهاب: لا بد أن يقف بعرفة، وإن نعش نعشًا. قلت: ونقله الباجي عن أشهب، وهم فيما أظن. وفيها: وفي غيرها: يحل من فات وقوفه -غير محصر العدو- بعمرة مؤتنفة الطواف والسعي، ولو تقدم لحج قران، ولا يؤتنف لها إحرام اتفاقًا بل إجماعًا، ويكفي لها تقدم دخوله أولًا من الحل بحج، فإن كان أحرم من الحرم خرج للحل. وفيها: لو دخل مكي بعمرة فأضاف لها حجًا فأحصر بمرض حل بعمرة يطوف لها ويسعى بعد خروجه للحل، ويناقض بقولها: من رجم وقد سرق ضمن ما سرقه ضمان السارق لا الغاصب؛ لأن المستلزم إن بقي حكمه مع مستلزمه كحكم قطع السرقة مع الرجم، فكذا إحرام العمرة أولًا من الحل وإن كان زال، كإحرامه أولًا للعمرة من الحل بإرادفه الحج ضمن السارق كالغاصب لزوال حكم السرقة، ويجاب بأن مستلزم حكم السرقة الرجم، وقد ثبت فبقي حكمها لثبوت مستلزمه، ومستلزم العمرة الحج المردف عليها، وقد فات فيبطل فعلها من الحل لفوات مستلزمها، ولا

يلزم هذا في بقاء حكم دخوله من الحل للحج؛ لأنه لم يرد عليه مغير بحال. التونسي: معنى تحلله بعمرة؛ أي: يفعلها لا أنها حقيقة، وإلا لزم قضاؤه عمرة لو وطئ في أثنائها. قلت: هذا خلاف نصها، ونص سماع عيسى ابن القاسم: من فاته الوقوف طاف وسعى ونوى به العمرة، وقول الأشياخ -ابن رشد وغيره- وزعمه بطلان اللازم، أعني: قضاء عمرة لو وطئ فيها حق، قاله الشيخ عن ابن القاسم، ونقله ابن الحاجب صواب. وقول ابن عبد السلام: يمكن أن يقال يجب قضاؤها؛ لأن الحج لما فات عاد عمرة، خلاف قول ابن القاسم ولازم استدلال التونسي، ويجاب: بأن قضاء الحج يستلزم قضاءها؛ لأنها كانت تفعل بإحرامه حسبما تقدم، بخلاف مفسد عمرة وحج مفردين، ونحو قوله قول عبد الحق ابن الجهم: أنكر بعض المالكية تحلله بعمرة؛ لأن الحج لا ينقلب عمرة، ورده ابن الجهم: بأن العمرة كما انقلبت للحج انقلب لها، ولا يعلم في الأصول تحلل محرم بما ليس حجًا ولا عمرة. اللخمي: إن كان أحرم من مكة خرج للحل إن قدر ثم دخل بعمرة، فإن لم يخرج وطاف وسعى وحلق ثم أصاب النساء؛ فلا شيء عليه، وقد قال مالك: من أحرم من الحرم وطاف وسعى قبل الوقوف ثم أفاض ثم حل وأصاب النساء فلا شيء عليه. قلت: استدلاله هذا لا يتم؛ لأنه في حج جمع فيه بين الحل والحرم ضرورة وقوفه؛ لقوله: (أفاض) وشرط العمرة جمعه بينهما ولم يحصل. وقول ابن الحاجب: لا يجدد إحرامهما إلا من أشأ الحج أو أردفه في الحرم؛ وهم، وحمله على أنه تجوز بالإحرام عن الخروج للحل بعيد، ولا ينبغي لمنصف فعله؛ لأنه تغليظ لا يحل. ابن حارث: اتفقوا في المتمتع ينشئ الحج من مكة فيمرض عن شهود المناسك أنه يخرج للحل فيدخل بعمرة. واختلف في المكي يهل بمكة فيمرض عن شهود المناسك، فقال مالك في الموطأ: هو محصر عليه ما على الآفاقي.

ابن نافع: هذا خطأ في الكتاب والمكي كالمتمتع يخرجان للحل للدخول بعمرة، وكذا روى ابن القاسم فيهما. قلت: ففي شرط تحلل من أحرم بحج من مكة فأحصر عن الوقوف فمرض بخروجه للحل، ثالثها: إن كان متمتعًا لمعروف المذهب مع روايته ابن القاسم، ونقل اللخمي عن المذهب وابن حارث قائلًا: اتفقوا عليه في المتمتع، مع ابن نافع عن مالك في الموطأ قائلًا: هذا خطأ، والمذهب الأول. وفي جواز بقائه على إحرامه لحجه عامًا أخر، ثالثها: إن لم يدخل مكة؛ لرواية ابن القاسم فيها مع معروف المذهب. ونقل الصقلي نقل ابن المنذر رواية ابن وهب: لا يجزئه حجه به قابلًا، ونقل ابن الحاجب وعزوه ابن عبد السلام لها مفسرًا ثاني نقل ابن الحاجب إن أراد ولا يجزئه لقابل؛ وهم لنصها نفيضه، وإن أراد: ويجزئه، امتنع تفسيره به، وكذا عزوه إياه مع ابن هارون لرواية محمد، وروى محمد: إن أحب مقامه لقابل فبدا له أن يحل بعمرة فله ذلك. اللخمي: وكذا لو نوى أن يحل ثم بداله فذلك له، وعزا الأول لمحمد لا لروايته. ونقل الصقلي رواية ابن نافع كابن القاسم: ولو حج به قابلًا ففي أمره بالهدي احتياطًا نقل الشيخ رواية أشهب، وقول أصبغ مع روايتي ابن القاسم وابن وهب. قلت: وهو ظاهرها. وروى محمد: إن أحب مقامه لقابل فبدا له أن يحل بعمرة جاز ذلك. اللخمي: وكذا لو نوى أن يحل ثم بدا له فذلك له، وعزا الأول لمحمد لا لروايته، وعلى المعروف فيها: أحب لكل من فات حجه نفوذه في عمل العمرة على إهلاله الأول لا يهل بالعمرة إهلالًا مستقبلًا يقطع تلبيته أوائل الحرم. الشيخ عن أشهب: وإحرامه بعمرة حينئذ لغو. وفيها: وإنما له البقاء على إحرامه ما لم يدخل مكة، فإن دخلها حل ولا يبقى على إحرامه، فإن بقي فحج به قابلًا أجراه، ومن بقي عليه إلى أشهر الحج لم يحل. الصقلي عن محمد: ولو دخل مكة.

اللخمي: من قرب من مكة أو كان بها استحب إحلاله، وإن بعد خير؛ لتقابل مشقتي نفوذه وبقاء إحرامه، ولو حل في أشهر الحج؛ ففي لغوه وصحته ويكون متمتعًا إن حج من عامه أو لا يكون متمتعًا؛ ثلاثة لا بن القاسم فيها، ورجحه التونسي بناء على ما مر له: إن فعل تحلله بالطواف والسعي ليس عمرة. اللخمي عن محمد: إن كان من فات حجه قد أفسده لزمه تحلله. اللخمي: لأن حجه به فاسد، وذكره الصقلي، والباجي، والشيخ رواية. وفواته يوجب دمًا وقضاءه، وتقدمت صفته: وفيها مع الموطأ: يقضيه قابلًا. اللخمي: في كون القضاء على الفور قولان، ولا يسقط دم الفساد دم الفوات ولا دمه. ونقل ابن عبد السلام: يسقط في حج الإفراد لا في التمتع والقران المفسدين كمتناًف ولا أعرفه، ويسقط دم الفوت دم القرآن والتمتع، وفيه خلاف تقدم. وقول ابن هارون: روى اللخمي لزوم دم القرآن والتمتع الفائتين؛ لم أجده له. وقول ابن الحاجب: يجب القضاء ودم الفوت لا دم القرآن ومتعة الفائت بخلاف المفسد، وشبهت بمتعدي الميقات يحرم ثم يفوت أو يفسد. حاصلة إسقاط دم فوت القرآن والمتعة دمهما لا دمي إفسادهما، كإسقاط فوت الحج دم تعدي ميقاته لا دم فساده، وتقريره ابن هارون بمتعدي الميقات يموت، قال: لزوال موجبه؛ إذ لا يجب إلا على من أراد مكة، فإذا قطعه الموت صار كمن قصد موضعًا دونها؛ وهم؛ لأنه يدل على أنه لوفاته وبلغ مكة لم يسقط عنه دم تعدي الميقات، والمنصوص فيها وفي غيرها لابن القاسم سقوطه، وللتونسي عن أشهب ثبوته. وفيها: إن كان مع محصر المرض هدي حبسه لحله إلا أن يخاف عليه لطول مرضه فليبعث به، ولا يجزئه عن دم الفوت، وفي جواز تعجيل دم الفوت والفساد قبل القضاء ومنعه، فإن عجله أجزأ، ثالثها: لا يجزئ، ورابعها: طلب تعجيله في الفائتة والمفسدة لروايات اللخمي، ونقل التونسي قائلًا: لأنه لهما، وعزا الثالث الصقلي لأشهب ولم يعزه الشيخ والباجي إلا لأصبغ.

وفيها: لا يقدم دم الفوات ولو خاف الموت، ولو نحره في عمرة قبل قضائه أجزأه، وخففه مالك ثم استثقله، وأرى أن يجزئ؛ لأنه لو مات أهدي عنه، ولو لم يجزئه ما أهدي عنه بعد موته. عبد الحق: لازم استدلاله أنه يهدى عن الميت، وإن لم يوص به؛ كقوله في وجوب دم المتعة بموته بعد رمى جمرة العقبة. وقال بعض شُيُوخنا: لا يجب دم الفوت بموته قبل القضاء إلا أن يوصي به، كقول سحنون في دم المتعة المذكور، والمذهب لغو اشتراط الإحلال بالمرض. وفي كون حبس السلطان بتهمة دم كالعدو أو كالمرض، ثالثها: إن حبس بظلم لا بحق لابن بشير عن بعض المتأخرين فيه، وفي حبس الدين وسماع ابن القاسم معها والصقلي قائلًا: لو قاله قائل لم أعبه، ثم جزم بصوابه. ابن القُصَّار: إن حبس بحق فكالمرض وإلا فلا نص، ويحتمل الأمرين. قلت: قولها وسماع ابن القاسم نص فقهي إلا أن يريد نصًا أصوليًا. ابن رُشد: لو حبس ظلمًا بغير تهمة، ولا سبب كان كالعدو. وفي عزو ابن عبد السلام الثالث له نظر؛ لأن محل الخلاف فيمن حبس بتهمة، وقول ابن رشد في غيره. ولرب العبد المحرم دون إذنه تحليله، وفي وجوب قضائه إن أذن له أو عتق قولا ابن القاسم، واللخمي مع سحنون وأشهب. وفي سقوط نذره المضمون يرده فلا يلزمه إن عتق قولا مالك واللخمي مع أشهب. وفيها: إن أذن له في القضاء قضى وصام، إلا أن يهدي عنه ربه أو يطعم. يحيى: لا أعرف في هذا إطعامًا. الصقلي وابن محرز: علم العبد بتمكن ربه من إحلاله كعمده التحلل فيلزمه الفدية. زاد عبد الحق عن بعض القرويين: لو صاد أو وطئ وقت إحلاله ربه ثم عتق؛ لزمه من الجزاء ما يلزم من فعله في حال إحرامه.

الشيخ: وعليه دم الفوت. محمد عن أشهب: لا ينسك ولا يهدي عما لزمه في ذلك إلا بإذن ربه، فإن أبى فلا يمنعه الصوم إلا أن يضره. التونسي: وله منعه بعد إذنه ما لم يحرم. اللخمي: قول مالك: غير بين الصواب؛ لزومه كلزوم قوله: أنت حر اليوم من هذا العمل، ولو أحرم بإذنه فلا رد له كتطوع الزوجة. وفيها: يقضى لهما بذلك، وفي جواز بيعه، ثالثها: إن بيع من محرم أو قرب إحلاله؛ لها ولسحنون واللخمي. وفيها: ليس لمبتاعة تحليله وله رده به إن جهله ما لم يقرب إحلاله، وزعم ابن بشير الاتفاق على بيعه قرب إحلاله، ونحوه نقل ابن حارث قول سحنون بزيادة: إلا أن يكون بقي من حجه يومان. خلاف نقله اللخمي دونها. وفيها: ما لزم من أذن له من جزاء أو فدية وفوت حج في ماله إن أذن ربه وإلا صام، ولا يمنعه إن كان سببه خطأ أو ضرورة، وإلا ففي منعه قولان لها ولابن حبيب مع ابن حارث، والشيخ عن ابن الماجشون وابن وهب. ولو افسد حجه عمدًا؛ ففي لزوم الإذن في قضائه نقلا الشيخ عن أصبغ ومحمد مع أشهب، ولم يذكرهما اللخمي، بل قال: على الفور لا يمنعه، وعلى التراخي يستحب طوعه ربه سنتين. محمد عن أشهب: إن فانه لم يمنعه أن يتحلل بعمرة إن قرب من مكة، وإن بعد فله إبقاؤه على إحرامه لقابل ولا إذن في تحلله. وللزوج تحليل امرأته من إحرام التطوع؛ لرواية ابن حبيب: لا تخرج في التطوع إلا بإذنه. ابن شاس: إن أبت التحلل فله مباشرتها والإثم عليها دونه، وفي لزومها قضاء التطوع ومعين النذر إن حللها نقلا اللخمي عن ابن القاسم، وسحنون مع أشهب. وروى ابن حبيب: ليس لها عليه نفقة في خروجها لفرض الحج.

عبد الحق والصقلي: يريد نفقة الحج لا نفقة الزوجية كالمريضة. ابن بشير: ليس له منعها من فرضها إذا تعين، فيتعين باستطاعتها على الفور، وعلى التراخي تردد المتأخرون في تمكينه من منعها ونزلوا عليه قضاء رمضان والصلاة أول وقتها. وقول ابن الحاجب: ليس له منعها على الأصح كالصلاة أول الوقت وقضاء رمضان؛ يقتضي الاتفاق عليهما خلاف نقل ابن بشير، وهو الأصح. وفيها لابن القاسم: إن حللها من فرض أحرمت به دون إذنه، ثم أذن لها عامه فحجت؛ أرجو أن يجزئها لفرضها وقضائها؛ لأنها قضت واجبًا بواجب، بخلاف قضاء العبد بعد عتقه ينوي به الفرض وقضاء ما حلله منه ربه؛ لأنه أدخل تطوعًا في واجب. فجعل ابن حارث قول سحنون: لا يصح إحلالها؛ خلافًا لابن القاسم فيها دليل حملها على ظاهرها، ونحوه قول الشيخ في قول محمد: وتحليله لها باطل، هذا قول أشهب. وقول عبد الحق في التهذيب: الأمر على قول محمد إحلاله لها باطل. وفي النكت عن غير واحد من القرويين: لأنها أحرمت قبل أشهر الحج أو الميقات، وقاله ابن رشد، وابن محرز، والتونسي. عبد الحق: وقيل إنما أجاب عن قضائها ما كانت فيه؛ أنه يجزئها لا عن تحليلها. قلت: القضاء ملزوم للتحليل. ابن بشير: الأكثر أنه باطل، فإن أفسده عليها تمادت عليه ولزمه نفقة حج قضائها، فجعله بعض المتأخرين تفسيرًا لها، ومعنى أنه حللها؛ أي: في ظنها جهلًا بذلك، ولو حاكمته ما لزمها تحليله. الصقلي: فصار في تحليلها قولان. اللخمي: إن أحرمت بفرض قبل الميقات أو منه ببعد عن وقت الحج وهو حلال فله إحلالها، وشاذ قول ابن الحاجب: إن أحرمت قبل الميقات فله تحليلها على المشهور، لا أعرفه إلا من إطلاق بعض الروايات. وسمع عيسى ابن القاسم: لمن تركت مهرها لزوجها لإذنه في فرض حجها أخذه. ابن رشد: زيادة الدمياطي عن ابن القاسم: إن لم تعلم أنه ليس له منعها مفسرة

باب دماء الإحرام

هذا السماع. قلت كذا قاله في التهذيب، وفي المنتخبة رواية الدمياطي عنه ابن القاسم بعد أن قال عن مالك مثل سماع عيسى. قال يحيى بن عمر: قول ابن القاسم أحب إلي. الصقلي: يحتمل كونه وفاقًا لا خلافًا. ابن شاس: لمستحق الدين منع المحرم الموسر الخروج يجب أداؤه ويمتنع تحلله، فإن كان معسرًا أو مؤجلًا دينه لم يمنع الخروج. قلت: إن كان إيابه قبل حلوله؛ لقولها: لرب الدين منعه من بعيد السفر الذي يحل فيه دينه. [باب دماء الإحرام] ودماء الإحرام: هدي ما كان لصيد أو تمتع أو قران أو نقص أو فساد أو فوت. الطرطوشي: يجب في الحج في نحو أربعين خصلة. قلت: إن أراد بالنوع لم تجاوز الثلاثين، وإن أراد بالشخص فهي إلى الألف أقرب؛ لإمكان بلوغه بإيجاد الصيد. ونسك: ابن شاس: هو ما كان لإلقاء تفث أو رفاهية يمنعها المحرم، وهو أوجز من قول ابن الحاجب: أو رفاهية من المحظور المنجبر.

وقول ابن هارون: تعريف الأول يغني؛ لأن تعريف أحد النوعين المنحصر جنسهما فيهما يعرف الآخر كتعريف الزوج بأنه العدد المنقسم بمتساويين؛ فإنه تعريف للفرد بأنه العدد الذي لا ينقسم بمتساويين؛ يرد بأن ذلك في الحقائق العقلية؛ لأن خاصية الأخر لا بد أن تكون مساوية لنقيض خاصية الأول، وإلا لما انحصر جنسهما فيهما، لا الشرعية؛ لأنها جعلية يجوز كون خاصية الآخر لابد أن تكون مساوية لنقيض خاصية الآخر أو أخص، وقصر المشترك بينهما عليهما كانحصار جنس أداء الصلاة الرباعية في تمام وقصر مع كون خاصية التمام عدم نقصها عن أربع، وخاصية القصر أخص من نقيضها؛ لأنه نقيض شطرها وهو أخص من نقيضها، لأنه أخص من نقصها عن أربع، ولا يقال: بل خاصية التمام عدم نقص شطرها، فخاصية القصر غير نقيضها؛ لأنه لو كان كذلك لصح التمام بثلاث ضرورة استلزام وجود الخاصة ما هي له وهو

باطل إجماعًا؛ ومن ثم صح صرف النسك للهدي وامتنع صرف أحد النوعين العقليين للآخر، وكلاهما في الجنس والسن ولعيب كالأضحية. اللخمي: يجب بالتقليد والإشعار إن سيق لو صم في حج أو عمرة ما يقلد ويشعر والغنم بالنية وإن لم تسق. فإن فلس أو مات لم يأخذه غريم ولا وارث، وكذا التطوع والنذر على المعروف. وعلى قولها: لو ساقته امرأة تطوعًا في عمرة ثم قرنت فنحرته عن قرانها أجزأها. وقولها: من ساق هديًا في عمرته في أشهر الحج فأخره لتمتعه أجزأه له لا يتعين بهما، والمعتبر سلامته حين تقليده وإشعاره وعيبه بعدهما لغو. الصقلي وعبد الحق عن الأبهري: القياس حدوثه كموته. اللخمي عنه: حدوثه كموته. ابن بشير: قيل المعتبر سلامته حين ذبحه. قلت: فلو قلده معيبًا وذبحه سليمًا أجزأ على الآخر لا الأولين والعكس يجري على الأول لا الأخيرين. الشيخ عن ابن حبيب: إن قلده سمينًا فنحره فوجده أعجف أجزأ إن كانت مسافته يحدث فيها عجفه، وإلا لم يجزئه في الواجب، وعكسه لا يجزئه إن كانت مسافته قد يسمن فيها، وإلا فأحب بدله، وقاله ابن الماجشون. وإذا لم يجز لعيبه أو عطب قبل وصوله بحيث لا ينفذ؛ فالمنصوص لا يرد ولا يباع، وخرج اللخمي جواز رده وبيعه على عدم وجوبه بالتقليد والإشعار. وقول عبد الملك: إن عطب قبل محله جاز بيعه، وقول أبي مصعب: لمن استحق بعض معتقه عن واجب رد عتق باقية، وعلى المنصوص: يجب بدله في الفرض والنفل والنذر المضمون، وفي التطوع والنذر المعين نقلا الصقلي عن محمد مع أصبغ، والشيخ معها. قلت: هو ظاهر نقل النوادر عن ابن القاسم ورواية أشهب. وأرش ما منع الأجزاء فيما يجب بدله يرجع ملكًا، وفي كون ما لا يجب بدله كذلك أو جعله في هدي إن بلغه وصدقته إن قصر، ثالثها: إن نذر ثمنه وجب. الثاني: وإن

تطوع به استحب، للشيخ عن رواية أشهب مع أحد قولي ابن القاسم، ولها، وللخمي عن المذهب. وعزا الصقلي الأول لأشهب مع ابن القاسم في المجالس كعيب عتق التطوع ولها وعلى قولها فرق الصقلي وبعض القرويين وابن شاس بأن القصد في الهدي التقرب بثمنه للفقراء وفي العتق عين العبد، قالوا: ولو أهدى ما ملكه قبل إرادة الهدي واشترى العبد للعتق انعكس حكماهما. وأرش ما لا يمنع الإجزاء فيما يجب بدله في وجوب جعله في هدي إن بلغ وصدقته إن قصر واستحبابه قولان، لظاهرها، ونقل اللخمي عن المذهب، وفيما لا يجب بدله فيها يجعله في هدي إن بلغه وإلا تصدق به. اللخمي: إن نذر ثمنه وجب ذلك وإن تطوع به استحب. وفيها: إن جنى عليه بعد تقليده وإشعاره أجزأه، وأرش جنايته كأرش عيبه. اللخمي: على قول الأبهري لا يجزئه ويغرم الجاني قيمة هدي سليم؛ لأن تعديه أو جبه عليه كغرم حالق رأس محرم وواطئ امرأته محرمة كرهًا ما استحق كما مات وما يجعل ثمن ما يجب بدله فيه وغيره. قال اللخمي: إن كان نذر ثمنه أمر بالوفاء به، وإن تطوع به استحب له إمضاؤه. الصقلي: روى محمد أمر مالك بجعله في هدي آخر. وفيها: إن استحق ما أهداه معتمر في أشهر الحج لمتعته أعليه بدله؟ قال: نعم يجعل ثمنه في هدي، كقول مالك في عيب هدي بدنه تطوعًا علمه بعد تقليدها وإشعارها فجعله في هدي شاة، وفي اختصارها أبو سعيد إيهام. التونسي: إن استحق هدي التطوع جعل ثمنه في آخر، والقياس رجوعه لربه كالهبة والمعتق يستحقان. (؟؟؟؟؟؟؟؟) روى محمد: تفتل فتلاً، أحبها من نبات الأرض. الشيخ عن ابن حبيب: اجعلها مما شئت، وصوبه اللخمي؛ لحديث عائشة: ((فتلتها

باب إشعار الإبل بسنامها

من عهن))، ومنعها ابن القاسم من الأوتار. قلت: فكذا الشعر. الشيخ: روى محمد بنعلين أحب إلي من نعل. ابن حبيب: من لم يجد نعالًا أو ضن بها قلد بما شاء. قال ابن عمر: ولو أذن مزادةٍ. وقول ابن شاس قيل: يكره تقليد النعال، لا أعرفه، وفي منعه في الغنم قولا المشهور واللخمي مع ابن حبيب. [باب إشعار الإبل بسنامها] وإشعار الإبل بسنامها شق يسيل دمًا: الشيخ: روى أشهب قائلًا: بسم الله والله أكبر، ومحمد ووجهها للقبلة. [باب الطول والعرض في الإبل والحيوان] وفي كونه عرضًا أو طولًا نقلا الشيخ عن رواية محمد مع ابن رشد عنها وعن ابن حبيب. الباجي: الإشعار طولًا من جهة مقدمه لجهة عجزه لينتشر دمه، ولو كان مع عرض البعير كان يسيرًا. وفسر الصقلي قولها: (عرضًا) بكونه بعرض السنام فقط من العنق للذنب، وفي كتاب ابن حبيب: في الأيسر طولًا.

اللخمي: قال مالك: عرضًا، وابن حبيب: طولًا. قلت: لم أجد لغويًا فسر الطول إلا بضد العرض، والعرض إلا بضد الطول. وقال البيضاوي في مختصره الكلامي: الطول البعد المفروض أولًا، وقيل: أطول الامتدادين المتقاطعين في السطح والأخذ من رأس الإنسان لقدمه، ومن ظهر ذوات الأربع لأسفلها، والعرض هو: المفروض ثانيًا، والامتداد الأقصر والأخذ من يمين الإنسان ليساره ورأس الحيوان لذنبه، والطول والعرض كميتان مأخوذتان مع إضافتين. قلت: لعل العرض عند مالك في النعم كنقل البيضاوي، وهو الطول عند ابن حبيب كما مر فيتفقان. وفي أولويته في الشق الأيمن أو الأيسر، ثالثها: إنما السنة في الأيسر، ورابعها: هما سواء للخمي؛ لحديث ابن عباس ونقله، ورواية المبسوط، وسماع ابن القاسم مع ابن رشد عنها، ونقل المازري عن المشهور، وأبي عمر، ونقله سند عن محمد لا أعرفه؛ بل روايته الثالث غير مخالف له. وفي أخذه له من قوله: في إشعار ابن عمر من الشقين؛ أي: من أي الشقين أمكنه نظر. ابن رشد: تفسير محمد فعل ابن عمر خلاف ما في سماع ابن القاسم للعتبي عن سحنون عن ابن القاسم عن نافع عن ابن عمر أنه كان يشعر بدنه بيده من الشقين معًا إذا كانت صعابًا؛ إنما كان يفعله ليذللها. وقول عياض: جمهور العلماء وأئمة الفتوى على أنه في الأيمن، ولم يحك غيره؛ يدل على أنه المذهب عنده وليس كذلك، ووجه الباجي كونه في الأيسر: بأنها توجه للقبلة وهو كذلك فلا يليه منها إلا اليسر، وابن رشد: بأن السنة كون المشعر مستقبلًا يشعر

بيمينه وخطامها بشماله، فإذا كان كذلك وقع الأيسر، ولا يكون في الأيمن إلا أن يستدبر القبلة أو يشعر بشماله أو يمسك له غيره. قلت: إنما يصح ما قالا إن أراد بتوجيهها للقبلة كالذبح لا ورأسها للقبلة، وفي إشعار إبل لا سنام لها قولها، ورواية محمد، وفي البقر، ثالثها: إن كان لها أسنمة لابن حبيب، ولها ولرواية محمد، ولا يشعر الغنم. الباجي: الأفضل أن يليها الرجل بنفسه. قلت: لفعلهما رسول الله صلى الله عليه وسلم وابن عمر، وسمع ابن القاسم، وأرى قول ابن شهاب: تقلد المرأة وتشعر؛ خطأ، لا يفعلهما إلا من ينحر، ولا أرى أن تفعلهما وهي تجد رجلًا يفعلهما، ولو اضطرت لأمر جاريتها بذلك أجزأها. الباجي: إجازته فعل الجارية دليل أن كراهته خوف إظهارها ما يجب ستره لا الأنوثة. قلت: قوله في الرواية: إلا من ينحر؛ يدل على انه للأنوثة، ومسألة الجارية بعد الوقوع اضطرارًا وكذا النحر، إلا أن محمدًا رواها فذكر بدل (النحر)، (الذبح) وبدل (أجزأها)، (فذلك لها). عياض وابن رشد: يستحب لسائقه فعلهما من ميقاته ولباعثه من حيث بعثه، وفي كراهة فعلهما بذي الحليفة مؤخر إحرامه للجحفة نقلا الباجي سماع ابن القاسم مع رواية محمد ورواية داود بن سعد: لا بأس به، وفعلهما بمكان واحد أحب إلي. وروى محمد: ثم يجلل البدن إن أحب وليس بواجب، وروى إسماعيل خصوص الإبل بالتجليل. الباجي: لأنها أفضل الهدي والأدون زيادة جلاله في الثمن ليكون الأفضل أولى، وفي الموطأ: كان ابن عمر يجلل بدنه القباطي، والأنماط والحلل يكسو بها الكعبة، فلما كسيت هذه الكسوة كان يتصدق بها ولا يشق جلالها ولا يجللها حتى يغدو من منى لعرفات. الشيخ روى محمد: لا تجلل بالمخلق، وغيره من الألوان خفيف، والبياض أحب إلى، وشق الجلال أحب إلي إن قل ثمنه كدرهمين ونحوهما ليثبت لا المرتفعات.

وروى أشهب: ما علمت من ترك شقها غير ابن عمر؛ لأنه كان يجلل الرفيع وكان لا يجلل حتى يغدو من منى. وفي غير رواية أشهب كان يجلل بذي الحليفة، فإذا مشى ليلًة نزعها، فإذا قرب من الحرم جللها، فإذا خرج إلى منى جللها، وينزعها حين النحر. وقول اللخمي: قال مالك في الموطأ: ينزع الجلال لئلا يخرقه الشوك ويترك القباطي؛ لأنها جمال؛ لم أجده. وفي تقديم التقليد والإشعار على ركوع الإحرام وعكسه نقلا اللخمي عنها وعن رواية المبسوط وصوبها لحديث ابن عباس بذلك. قلت: سماع ابن القاسم مثلها. ابن رشد: الاختيار تقديم التقليد قبل الإشعار؛ لأنه قبله أمكن وتقديمهما على الإحرام لئلا يشتغل بهما بعده، فإن عكس شيئًا من ذلك فلا حرج، والمعروف جواز أكل من وجب عليه دم لوصم حج أو عمرة مطلقًا منه. محمد: وقيل لا يأكل من دم الفساد، وألزم اللخمي عليه دم غيره وتبعه ابن بشير وعياض. ابن عبد السلام: خرج بعضهم عليه غيره وهو لازم، وظاهر قول قائله أنه لا يتعدى لغيره، ومثل هذا لا يصح التخريج عليه، بل صحة الإلزام تدل على بطلان القول لبطلان لازمه. قلت: إنما ذكره اللخمي والأشياخ في سياق التخريج لا في سياق الإبطال، وليس في قول محمد ما يدل على أن قائله قال: لا يتعدى إلى غيره سلمناه. قوله: (مثل هذا لا يصح التخريج عليه ... إلى آخره) إن أراد في بعض المذاهب الأصولية فمسلم ولا يضر ذلك القائل بالتخريج؛ لأنه قائل بالمذهب آخر، وإن أراد اتفاقًا فباطل؛ لأن في المسألة قولين هما المشهوران للقاضي والشافعي ومالك في الحكم بتكفيرنا في الصفات، فإنه قال بذلك مع تصريحه بالبراءة من الكفر، ونحوه تخريج ابن رشد واللخمي وغيرهما منصوص قولي مسألتين متناقضتين في كلتيهما. ويأكل من الجزاء والنسك إن عطب قبل محله، ونقل ابن الحاجب منعه؛ لا أعرفه

لغير ابن العربي، وفي منعه منه في محله وكراهته المشهور. ونقل الباجي رواية داود بن سعيد: إن كان جاهلًا فلا شيء عليه، مع اللخمي رواية ابن نافع، وجعل ابن هارون رواية داود قولًا ثالثًا بعيد لمساواة الجهل العمد في الحج ومال الغير. اللخمي: ويأكل من نذر الهدي المضمون مطلقًا، ومن نذر المساكين المضمون قبل لا بعد، وعكسه نذر الهدي معينًا وتطوعه. وفي كون المنع تعبدًا أو لاتهامه على عطبه قولا اللخمي محتجًا بقول محمد: من أكل من بدل جزاء ضل قبل محله ثم وجده نحره وأبدل الثاني؛ لأنه صار تطوعًا، والقاضي، ويمنع من نذر المساكين معينًا متطوعًا والتطوع منويًا لهم مطلقًا، ثم قال، قال مالك مرة: لا يأكل من نذر المساكين، ومرة: استحب تركه. ابن العربي: لعلمائنا في الأكل من الهدي، ثالثها: بعد لا قبل، ورابعها: الأول إلا الجزاء ونحوه، وخامسها: إلا دم الفساد، وعزا الأول أيضًا لرواية ابن نافع والأخير لمحمد، وفرق له بأنه تغليظ عقوبة فإباحة أكله ضده. وفيها: من عطب هدي تطوعه قبل محله نحره وألقى قلائده في دمه ورمى عنده جله وخطامه وتركه للناس، فإن أكل منه أو أمر فقيرًا يأكل منه أو اخذ شيئًا منه فعليه بدله. الشيخ عن أشهب: إن أعطى جلال بدنته الواجبة بعض ولده فلا شيء عليه، وقال ابن القاسم: الجل والخطام كاللحم. ومن باع جلال هديه؛ ففي صدقة ثمنه مطلقًا أو إن قصر عن ثمن هدي قولا شيوخ عبد الحق، وصوب الأول؛ لأن الجلال للمساكين. ومن بعث معه لا يأكل منهن فإن أكل منه لم يضمن، ولو أكل بأمر ربه ضمنه ربه، ولو تصدق به دون أمره لم يضمن؛ فأخذ منه اللخمي التعبد خلاف قول القاضي، قال: إذ لا يتهم في أنه يعطبه ليأكل غيره، ويرد بأن بأمره يتهم على التهييج في عطبه. ولا يباع من مطلق الهدي شيء، ولو قبل محله، ولا يؤاجر منه جازره. اللخمي عن ابن الماجشون: له بيع ما عطب من واجب قبل محله.

زاد الشيخ رواية ابن حبيب كراهته بعد ذكره قول مالك لا يبع من لحمه في بدله شيء. محمد: إن بيع بعد تقليده وإشعاره رده، فإن فات أتى بائعه بمثله ولو بأكثر ثمنًا، فلو زادت قيمته على مثله اشترى بالجميع هديًا. ابن عبد الرحمن: لو وجده منحورًا رد ورد ثمنه وأجزئه كأجزاء نحر الرفقاء هدايا بعضهم عن نفسه غلطًا. ابن محرز: فيه نظر لقصد الرفيق القربة، وما جاز له الأكل منه فله أن يطعم منه غنيًا. اللخمي: أو ذميًا. قلت: فيها لا يتصدق بشيء من الهدي على فقير ذمي، وما منعه لا يطعمهما منه ولا من تلزمه نفقته. وفيها: كما لا يطعمهم من زكاته، ولو أطعم غنيًا من الجزاء أو الفدية ففي إجزائه نقلا اللخمي عن كتاب محمد وابن القاسم وخرج عليهما الذمي، وذكرهما التونسي فيه نصًا، قال: كوكيل أذن له في البيت كسر آنية منه لم يضمنه. ابن القاسم: وضمنه غيره، وإعطاؤه والغني الزكاة غلطًا كذلك. قال: ويختلف إن أطعمهما جهلًا بالحكم. وفيها: لا يطعم من جميع الهدي غير مسلم، فإن فعل أبدل الجزاء والفدية لا غيرهما، وهو خفيف وقد أساء. اللخمي: يريد نذر المساكين، وهذا على قوله: ترك الأكل منه استحسان، وعلى القول الآخر: يكون كالجزاء. ابن عبد السلام، قول بعض شارحي المدونة: إنما يريد بذلك نذر المساكين خاصة؛ لا وجه له، إنما هو ما قاله في الضحايا: لا ينبغي أن يطعم من هذه القربات ذمي. قلت: ليس في لفظ اللخمي (إنما) ولا (خاصة) فإن أراد معنى كلامه لا لفظه لم يبعد، ولكن تعليل قوله: (لا وجه له) بما ذكر أجنبي؛ لأن قول اللخمي: يريد نذر

المساكين؛ إنما هو في نفيه البدل لا في إطعام الذمي، وتفسيره به حسن؛ لأنه المتوهم كونه كالجزاء والفدية. وفيها: من ساق هديًا في عمرته في أشهر الحج نحره إذا تم سعيه، فإن أخره ليوم النحر لم يجزئه لمتعته؛ لأنه لزمه نحره أولًا، ثم قال: أرجو أن يجزئه. عبد الحق: يريد أنه ساقه لمتعته فاعتبر مرة وجوبه بالتقليد والإشعار قبل وجوبه، ومرة تقدم قصد وجوبه، ولو ساقه على محض التطوع لم يجزئه؛ لتمتعه بوجه، وإن أكل مما منع فطرق. الجلاب: في وجوب بدله أو بدل ما أكل روايتان بالثانية قال عبد الملك. اللخمي: اختلف في الجزاء والفدية هل يلزم البدل أو قدر ما أكل، وقال في التطوع: عليه بدله، ويتخرج فيه الأثر، وقال في نذر المساكين: قدر ما أكل؛ لأن منعه أضعف منه في التطوع. الباجي: في لزوم البدل في الجزاء والفدية أو قدر ما أكل المشهور، وقول عبد الملك: وفي نذر المساكين القولان فيهما. التونسي وعبد الحق عن بعض شيوخهما: قولها بالبدل في مضمونه، وقدر ما لأكل في معينه، وذكره ابن محرز، وقال عن ابن شبلون: هما سواء إنما عليه قدر ما أكل. قلت: فالأقوال بعد التأويل قولا أربعة: القدر، والبدل، والقدر في مطلق النذر، ورابعها: في معينه، ورواية عياض: لا شيء عليه في النذر مطلقًا؛ هي رواية داود المتقدمة. وعلى غرم القدر في كونه لحمًا أو ثمنه طعامًا نقلا الباجي عن بعض أصحابنا، وعن محمد عن ابن حبيب عن ابن الماجشون، وعزا ابن محرز الثاني لابن الكاتب واختار غرم اللحم إن علم قدره وإلا فقيمته، ونقل ابن شاس: غرمه ثمنًا مطلقًا؛ لا أعرفه. الشيخ عن ابن حبيب عن ابن الماجشون: لو اختلط واجب بتطوع فضل أحدهما لزم بدله ومنع الأكل منهما كما لو لم يضل. ابن الماجشون: من أبدل جزاء ضل فوجده نحر البدل معه إن قلده وصار تطوعًا.

محمد: ولو أكل منه بعد بلوغه قبل وجود الأول أبدله، إلا أن يجده ويصير البدل تطوعًا. الشيخ: نقلها محمد عنه في الجزاء أصح من نقلها ابن حبيب عنه في الواجب. قلت: ظاهره في الكل من البدل لزوم بدل هدي فقط، ويلزم على قضاء القضاء هديان مساواة الفرع الأصل والأحروية؛ لأنه لو ذكر صوم الأول ففي لزوم تمام القضاء خلاف، وتمام البدل بعد تقليده لازم اتفاقًا. الشيخ: روى محمد: نتاج البدنة بعد التقليد والإشعار ينحر معها، وقبلهما يستحب فيه ذلك. فأطلقه الجلاب، وقال محمد: يريد: إن نوى بأمه الهدي قبلهما. قلت: ظاهر أقوالهم قصر حكم التقليد والإشعار في تعلق حكم الدم بالولد وطرق العيب وغيرهما على ما شرعا فيه؛ فلا تلحق الغنم، ويحتمل كون سوقها هديًا كذلك ولاسيما وقعها، ولا أعرف فيه نصًا. وأطلق الشيخ رواية محمد: له بدل هديه ما لم يقلده ويشعره، وظاهره ولو بأدنى منه، وتقييده بالأضحية يمنعه، وتقدم قول اللخمي: تجب الغنم هديًا بالنية وإن لم تسق. وصوب ابن محرز قول أشهب: يجب الهدي بالنية مع سوقه كالتقليد والإشعار. قلت: هو خلاف تقييد محمد المتقدم، وإلا كان الولد حينئذ كالولد قبلهما. ابن محرز: وفي وجوبه بمجرد النية نظر؛ لم يوجب مالك العكوف بمجردها، واختلف قوله في الطلاق بها، واختلف في عقد اليمين بها. وفيها: نتاج الهدي يحمله على غير أمه، فإن لم يجد فعليها، فإن لم يكن فيها ما يحمله تكلف حمله. وقول اللخمي: إن خيف عليها بحمله تركه ليكبر فينقله إن كان بمستعتب، وإلا ذبحه كهدي تطوع عطب؛ ظاهره سقوط تكلف حمله على غيرها خلاف نصها. أبو عمر: إن عجز عن تكلف حمله ولم يجد له حافظًا فكهدي تطوع عطب. الشيخ عن أشهب: إن خلفه فعليه أن ينفق عليه حتى يجد محملًا لا محل له دون البيت، فإن باعه أو ذبحه فعليه بدله كبيرًا.

الشيخ عن ابن القاسم: إن نحره بالطريق أبدله ببعير لا يجزئه ببقرة. ابن الماجشون: ولد التطوع مثله، وولد الواجب كتطوع. وفيها: لا يشرب من فضل لبنها عن ري ولدها، فإن فعل فلا شيء عليه؛ لأن من مضى أرخص فيه. اللخمي: قال مالك: يتصدق به، وقيل: لا بأس أن يشربه. الشيخ عن محمد: إن أضر بها ترك حلا بها حلبت قدر ذلك. ابن حارث: اتفقوا على منع ما يروي فصيلها، فإن لم يكن أو فضل عنه؛ فقال مالك: لا يشرب، فإن فعل فلا شيء عليه. أشهب: لا بأس به وإن لم يضطر، ويسقيه من شاء ولو غنيًا. الباجي: روى ابن عبد الحكم: إن اضطر جاز له شربه. قلت: وعزاه الشيخ لابن وهب. سند عن مالك: لا يشربه إلا من ضرورة، وروي المنع مطلقًا. ابن القاسم: إن أضر بولدها في لبنها فمات أبدله بما يجوز هديه. وفيها: من احتاج لظهره ركبه. الباجي: روى ابن نافع: لا بأس بركوبه غير فادح لا بمحمل، ولا يحمل زاده ولا ما يتعبه، وذكره اللخمي ولم يحكيا فيه خلافًا. وفي الجلاب: إن اضطر لحمل متاعه عليه حمله حتى يجد غيره. وفي لزوم نزوله بعد ركوبه محتاجًا إن ارتاح نقل الجلاب عن المذهب مع قول إسماعيل: دليل المذهب نزوله، وظاهر نقل الشيخ رواية ابن وهب: لا يركبه إلا من ضرورة، وقولها، وصوب اللخمي الأول. التونسي: إن نزل لحاجة أو بدل لم يركبها حتى يحتاج كأول مرة. وروى محمد: الشأن نحر البدن قائمة مقيدة اليدين للقبلة، ولا يعقلها إلا من يخاف ضعفه عنها، وكان ابن عمر ينحرها كذلك بيده ويتلو {فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ} [الحج:36]. وفيها، قال مالك: الشأن نحرها قيامًا.

قلت: أمعقولة، أو مصفوفة اليدين؟ قال: لا أقوم على حفظ ذلك الآن، ولا باس بنحرها معقولة إن امتنعت. محمد عن مالك: لا تعرقب بعد النحر إلا أن يخاف انفلاتها، وينحرها باركة أحب إلي من ذلك، وقائمة يمسكها من كل ناحية رجل أحب إلي من نحرها باركة. وقول ابن الحاجب: تنحر قائمة معقولة أو مقيدة، وفي الذبائح تنحر الإبل قائمة معقولة، وقبوله ابن عبد السلام وابن هارون لا أعرفه إلا نقله ابن رشد عن بعض العلماء: قائمة معقولة. وفي ثاني حجها: كره مالك نحر هديه أو أضحيته غيره، ويجزئه إن كان مسلمًا، وإلا فعليه بدله. اللخمي: يستحب كونه ذا دين وصون، فإن كان يضيع الصلاة استحب الإعادة للخلاف في ذكاته. ولو كل يهوديًا أو نصرانيًا؛ ففيها: لا يجزئه. أشهب: يجزئه وهو أحسن على القول بصحة ذكاتهم. مالك: المسلم، لأن القربة لا تفتقر لنية الذابح، ولو أمر غيره بذبح جزائه أو نسكه غير معلٍم بهما أجزأه، ولو وكله على التقرب بها وغاب عنه لم يجزئه؛ لامتناع القربة منه، ولو وكله على أن يوكل مسلمًا؛ فإن أعلم الذمي الذابح أنه هدي أو أضحية ونوى الذابح ذلك أجزأه، وإن لم يعلمه ونوى الذمي القربة لم يجزئه وكانت ذكية، وتستحب إعادتها ليخرج من الخلاف؛ لقول مالك مرة: غير ذكية، وغن كان يهوديًا فأبين؛ لحرمة شحمها عليه على أحد القولين، وأن الذكاة تتبعض فيكون مضحيًا ببعض شاة. قلت: قوله: وتستحب نسق على، وهو أحسن. وفيها، بلغني عن مالك: من وجد هديًا ضل عن ربه فنحره عنه أجزأه. محمد: وروى ابن وهب يعرفه واجده إلى ثالث أيام النحر ثم ينحره عن ربه. مشقة حفظه فينحره بمكة، ولو نحره عن نفسه غير ربه دون وكالة ربه أو معها أو خطأ؛ ففي إجزائه عن ربه، ثالثها: في الخطأ للخمي مع محمد وأشهب ولها، وعلى الثاني

في إجزائها عن ذابحها إذا ضمن قيمتها رواية أبي قرة في غالط بشاة مقلدة، وقول أشهب قائلًا: تجزئ الأضحية كذلك؛ ففرق له اللخمي بأن الهدي إنما ضمنه بذبحه بالحرم، وشرطه الجمع فيه بين الحل والحرم ففات شرط إجزائه بخلاف الأضحية، وضعف رواية أبي قرة بفوت شرط الجمع فيه بين الحل والحرم، إلا أن يقول: سوقه من الحل استحسان كما قال في الطواف الأول، والسعي لا يأتي به إلا من أتى به من الحل، فإن أحرم من مكة وسعى وطاف قبل وقوفه ثم حل وأصاب النساء أو رج لبلده أجزأه. قلت: يرد بأنه ضمنه هديًا مجموعًا فيه بينهما فاعلًا هو ذلك في غيرهما، وهذا مع تضمينه يصير كأنه هديه والسعي جزء اعتبر فيه حكم كله لتبعيته. اللخمي: وعلى الثاني أصل ابن القاسم منع بيعها؛ لقوله: ذلك فيما عطب من تطوع قبل محله وأضحية وجدت بعد خروج الأضحى، وأجازه عبد الملك في تطوع عطب قبل محله، وأشهب في الضحية إذا لم يضمن الذابح. قلت: نقله عن ابن القاسم في الأضحية سهو، وروى محمد: من تصدق بثمن الهدي لفقده لم يجزئه، ولو دفعه بعد بلوغه محله لمساكين أمرهم بذبحه فاستحيوه فعليه بدله ولو كان تطوعًا، ولو سرق حيًا مقلدًا فعليه بدله إن كان واجبًا وبعد ذبحه أجزأه ولوكالة، ولو هلك أو ضل قبل نحره بمحله وجب بدل واجبه لا تطوعه، والمذهب لا يشترك في دم واجب مطلقًا، وفي تطوعه، ثالث الروايات: تجوز في عمرة تطوعًا للمشهور، واللخمي عن رواية محمد، والصقلي مع أبي عمر عن رواية ابن وهب، وجعلها سند الثانية. اللخمي: أجاز ابن عمر وجماعة في التمتع دون الجزاء شركة سبعة فأقل في بدنه أو بقرة، ونحا إليه مالك بقوله في ناذر بدنه لم يجدها ولا بقرة: يجزئه سبع من الغنم، ودم التمتع شاة، فإذا كفت سبع منها عن بدنه كفت عن سبع منها. قلت: يرد بأنه لا يلزم من كفايتها عن البدنة عكسه، وإلا كفت البدنه عن شبع تمتعات، وبأن حكم الافتراق أخف من الواجب ابتداء.

وجزاء الصيد مخير فيه؛ مثله، أو طعام، أو صيام. أبو عمر: مثله في المنظر والبدن. التلقين: مقاربه في صورته وقدره مثله. ابن زرقون: وكذا مثله في أحدهما أو مقاربه فيه. ابن رشد: في كون مثله في النحو والعظم أو الهيئة والخلقة؛ أي: أشبه النعم به قولان لها ولغيرها. التلقين: في الحمار والإبل بقرة، وفي النعامة بدنه. اللخمي: روى محمد: سمعت فيها بدنه. الجلاب: وفي الظبي شاة. وفي جزاء الفيل بمطلق بدنه، أو بقيد عظمها خراسانية ذات سنامين، أو بوزنه طعامًا أو قيمته طعامًا؛ خامسها: قيمة شبع لحمه للباجي ويعض القرويين قائلًا: إن فقدت فقيمته طعامًا مع ابن ميسر وبعض القرويين قائلًا: لا رواية فيه وقيمته ضرر لغلاء عظمه ونابه معرفًا قدره بجعله بمركب ليعرف قدر نزوله فيجعل به طعام ينزله قدره، واللخمي ناقلًا الأول مضعفه وتخريجه على رواية ابن اللباد قيمة الصيد قدر شبع لحمه. وفيها: لكل صيد نظير من النعم. الباجي: الضبع كالضبي. الشيخ عن محمد: في الضب اختلاف، وروى ابن وهب: شاة، وابن القاسم: قيمته طعامًا أو صيامًا، وكذا الثعلب. قلت: الثانية روايتها. الباجي عن ابن القصار: قياس المذهب فيه شاة، ولمحمد عن ابن القاسم: ما يقتضي أن فيه الإطعام. ابن شاس: في كون جزائه شاة أو إطعامًا قولان. الباجي: روى ابن حبيب: في الأرنب واليربوع عنز، وابن عبد الحكم: ليس فيها دون الظبي إلا إطعام أو صيام.

وفيها: في الضب والأرنب وشبهه قيمته طعامًا أو عدد إمداده صيامًا، وفي حمام مكة شاة. الصقلي: إن صيدت بالحرم، أما بالحل فحكومة؛ لقولها: يجوز صيدها الحلال بالحل. الشيخ عن محمد: قال عبد الملك: روي إن لم يجد شاة صام عشرة أيام، ليس فيه صدقة ولا تخيير. اللخمي: وعليه لا يفتقر لحكمين. قلت: ذكره محمد رواية ابن محرز عن يحيى بن عمر عن عبيد عن أصبغ: إن شاء شاة، أو قدر شبعها من طعام أو صوم يوم لكل مد. وفي كون حمام الحرم مثله أو حكومة نقلاه عن أصبغ مع عبد الملك ومالك وابن القاسم. أبو عمر: وقال أيضًا بالأول. الشيخ في كتاب محمد: القمري كالحمام. أصبغ: وكذا اليمام. عبد الملك: إنما في ذلك حكومة. وفيها: اليمام كالحمام، والدبسي والقمري إن كان عند الناس من الحمام ففيه شاة. اللخمي: إن كثر بمكة وإلا فحكومة. وفيها: يحكم في صغير كل صيد ككبيره كمساواة صغير الحر لكبيره في الدية، ورواه محمد. الباجي: والمعيب كسليم. قلت: فواضح قول ابن الحاجب والذكر والأنثى سواء، وفي كون جزاء الجنين عشر جزاء أمه أو صوم يوم، ثالثها: ما نقص أمه لها مع نصوص المذهب، وتخريج اللخمي على قول ابن نافع في البيضة غير مراع كونها ذات فرخ، وعلى القول في جنين الأمة ما نقصها مع قول محمد في جنين البهيمة، وما استهل صغير وإن تحرك بعد خروجه فقط كونه كجنين أو صغير نقلا اللخمي عن ابن القاسم وأشهب.

وفي كون جزاء البيضة عشر جزاء الأم أو صوم يوم؛ ثالثها: إن كان بها فرخ وإلا فالثاني، ورابعها: إن كان بها وإلا فصوم يوم أو إطعام مسكين، وخامسها: كأمه. اللخمي عن ابن القاسم وابن نافع وأبي مصعب، والصقلي عن ابن وهب، وإحدى رواياتها، ولعبد الحق عن الموطأ: في بيض النعامة عشر ثمن بدنه، وفي بعض الموطآت: عشر ثمن النعامة. قلت: لعله يريد بالثمن الجزاء فيتفقان. وفيها: على المحرم في كسر بيض الوحشي أو الحلال في الحرم عشر ثمن أمه، ولو كان فيه فرخ، إلا أن يستهل بعد كسره فككبيره. قلت: في كون نقل محمد عن ابن القاسم: أحب إلى إن خرج فيه فرخ أن يجزئ للشك في حياته إلا أن يوقن بموته قبله برائحته تقييدًا لها أو خلافًا؛ نظر، والأظهر الأول. القابسي: في بيضة حمام مكة عشر قيمة شاة طعامًا؛ تقوم الشاة بدراهم ويشترى بعشرها طعام. أبو عمر: كقول ابن الماجشون في أكل بعض الجزاء، وقول ابن القاسم في أكل بعض النذر قدر ما أمل طعامًا. أبو عمران: لو كسر عشر بيضات ففي كل بيضة واجبها لا شاة عن جملتها؛ لأن الهدي لا يتبعض، كمن قتل من اليرابيع ما يبلغ قدر شاة لا يجمع فيها. قلت: الأظهر في البيض جمعها؛ لأنها أجزاء كل، بخلاف اليرابيع هي أجزاء قائمة بنفسها وعشر البيض كمبتاع في كرات بعشرة أجزاء دينار لا وجود لجزء منها الواجب دينار، وكقولها فيمن حلف بعتق عبده فباعه ثم صار له في إرثه من عشرة أعبد لا تتعلق به اليمين كما لو ورثه بعينه. وفيها لابن القاسم: إن أفسد وكر طير فيه بيض وفراخ؛ ففي البيض ما في الفراخ. الشيخ: لاحتمال أن يكون في البيضة فرخ. قال: ورويت في البيض ما على المحرم في البيض وفي الفراخ ما على المحرم في الفراخ.

الصقلي في رواية الدباغ: في البيض ما على المحرم في الفراخ والبيض، ووجهه الصقلي بأنه لنا احتمل هلاكه قبل فقسه أو بعده لزمه الأمران احتياطًا. قلت: احتمالهما على البدلية لا المعية، وما في الفرخ يستلزم الآخر قطعًا، والاحتياط تحصيل ما يجب احتمالًا لا ما تحقق نفيه. والطعام فيها: قيمته على حاله حين أخذه لا ينظر لفراهته ولا جماله ولا تعليمه بطعام ذلك الموضع مما يجزئ في كفارة اليمين لا قيمة مثله. الشيخ: روى محمد: يقوم الصغير بما يقوم به الكبير، وفي لزوم إخراج قيمته بالطعام أو قدر شبع لحك المصيد أو ما يشترى بقيمته دراهم من الطعام؛ رابعها: التخيير فيه، وفي الأول لها مع الباجي عن محمد، وللخمي عن رواية ابن اللباد، مع ابن حارث عن يحيى بن عمر، مع ابن الماجشون وأشهب، وله عن ابن عبد الحكم وعن ابن حبيب. اللخمي: رواية ابن اللباد: يطعم قدر شبع الصيد. اللخمي: هذا كقولها يقوم على قدره، وهو أحسن؛ لأنه بالمثل وليس كالدية؛ لورود الأمر فيها بتسوية الصغير بالكبير، وفي الصيد بالنظير. الكافي: لو قوم بدراهم ثم قومت بطعام أجزأن والأول أصوب عند مالك، والتقويم للحكمين. قلت: مثله في كتاب محمد، وظاهر قولها: لو قوم بدارهم واشترى بها طعامًا رجوت سعته؛ خلافه، ونقلها ابن الحاجب بلفظ أبي عمر دون قوله: والأول أصوب. وفيها: ويعطى كل مسكين مدًا نبويًا.

قلت: ظاهره يكمل كسره، وفي الجلاب: لا يكمل كسره. الباجي: لو قيل يكمل لم يبعد؛ لأن لكل مسكين قدرًا لا يتبعض. وفيها: إنما يحكم به عليه حيث أصاب الصيد. زاد الشيخ عن كتاب محمد: إن لم يكن به من يقومه فبأقرب المدن إليه، وعبر عنه الباجي بأنه إن لم يكن به أنيس. في كتاب محمد: يفرقه بموضع إصابته أو أقرب محل به فقراء إليه إن لم يكونوا به. وفي أجزاء إخراجه بغيره؛ ثالثها: إن اتفق سعراهما أو كان الأول أرخص، ورابعها: إن اتفق سعراهما، فإن كان الأول أغلى أجزأ ما ابتاعه بثمنه به، وإن كان أرخص أجزأه قدر الطعام، وخامسها: يجزئ ما ابتاعه بقيمة الطعام في الأول، ولو كان حيث أخرج أغلى؛ لقول مالك في «الموطأ»: حيث أحب أن يفعله فعله، ولقوله فيها: يحكم عليه بالمدينة ويطعم بمصر إنكارًا لفعل ذلك. ابن القاسم: يريد لا يجزئه، وللصقلي عن محمد عن ابن القاسم، وللباجي مع أشهب عن ابن حبيب، ولهما عن سماع يحيى بن وهب. الباجي: قولها بناء على تقويمه بالطعام، وقول أصبغ كالموطأ على تقويمه بالدراهم ثم يشتري بها طعامًا. وقول ابن رشد: قول ابن وهب تفسير لما في «الموطأ» ولما فيها بعيد. قال: وقول ابن حبيب: إن لم يخرجه حيث أصاب أخرجه على أرخص السعرين احتياط واستحسان، كقوله في الزكاة: تخرج الدراهم عن الدنانير بأكثر قيمتها أو عشرة بدينار. وقول «التلقين»: لا يجوز إخراج شيء من جزاء الصيد بغير الحرم إلا الصيام يقتضي منع إطعام من أصاب صيدًا يحل به. وفيها: لو أعطى المساكين دراهم أو عرضًا عن طعام لم يجزئه. والصيام: عدل الطعام لكل مدٍّ أو كسره يوم، ولا يصح ملفقًا منهما، ولو لعدم تمام المساكين، ويستحب تمامه، وشرط الجزاء في المثل والإطعام كونه بحكمين. فيها: ولا يكونان إلا عدلين فقيهين.

زاد اللخمي في روايته: بما يحتاج إليه من ذلك. وفيها: يجوز كونهما دون إذن الإمام. روى محمد: يحكمان في كبيره وصغيره والجراد فما فوقه، فإن كفر قبلهما أعاد بهما. ونقل اللخمي عن محمد فيمن وطئ ببعيره على ذر أو نمل فقتله حكومة؛ إن أخرجت بغير حكومة أعاد، فجعله صيدًا يفتقر لحكمين لم أجده في النوادر. أبو عمر: لو اجتزأ المكفر عنهما بحكومة الصحابة فيما حكموا به كان حسنًا. روي عن مالك: يجتزئ في حمام مكة وحمار الوحش والظبي والنعامة بحكومة من مضى، ولا بد في غيرها من الحكومة. وفيها: لا يكتفيا بما روي وليبتدئا الاجتهاد ولا يخرجان فيه عن آثار من مضى. وفيها: إن اختلفا ابتدأ الحكم غيرهما وينقض بين خطئهما كحكمهما بشاة فيما فيه بدنه أو بقرة أو ببدنه فيما فيه شاة، وذكرهما اللخمي بزيادة: إن أخرج ما حكما به لم يجزئه، والاستحسان أن يجزئه في خطئهما ببقرة فيما فيه شاة. قال: ولو حكما بما فيه الطعام بنعم لم يجزئه. محمد: وأحب إلينا كونهما بمجلس واحد من واحد بعد واحد. وفي صحة انتقاله عما حكما به بإذنه طرق: اللخمي: قولان لابن القاسم وابن شعبان. الباجي: ثالثها: ما لم ينفذا عليه الحكم، لها منتقلًا لحكمهما أو غيرهما، وللقاضي والجلاب. ابن شاس: ثالثها: ما لم يلتزم ذلك بعد الحكم به لتفسيرها بعضهم وابن العربي، وتفسيرها ابن محرز مع ابن الكاتب. وفدية الأذى على التخيير في صوم ثلاثة أيام فيها حيث شاء: اللخمي: وعلى أن الأمر فور يصوم بمكة لا يؤخر لرجوعه إن وجبت قبل وقوفه، وإن اختار الصوم صام قبله، وفي إباحة صومه أيام منى وكراهته نقلاه عنها وعن كتاب محمد. قلت: عزاه الشيخ لرواية ابن نافع وهو ظاهر قولها: لا يصوم تاليي يوم النحر

غير المتمتع. زاد الشيخ عن أشهب: لا يجزئه. أو نسك شاة فيها حيث شاء: الصقلي: شرط ابن الجهم كونها بمكة، وخرج اللخمي تعجيلها على الفور، أو إطعام ستة مساكين لكل مسكين مدان نبويان. فيها: لا يجزئ الغداء والعشاء بلوغهما المدين. الشيخ عن أشهب: إلا أن يبلغاهما. وفيها: من عيش ذلك البلد من بر أو شعير. اللخمي: قول محمد: إن أطعم الذرة نظر مجزاه من القمح فيزيد من الذرة قدره غير بين؛ لأنه صلى الله عليه وسلم أوجب مدين وغالب قوتهم التمر. قلت: ويلزمه في الشعير؛ لأنه جعل قدره كالقمح. والإبل أفضل دم، ثم البقر، ثم الغنم، وروى محمد: من لم يجد هديًا لزمه أو ثمنه ولا مسلف صام، فإن تصدق بثمنه لعدم وجوده لم يجزئه صومه ثلاثة أيام في حجه، لا يؤخره ليهدي ببلده، وصوم المتمتع الثلاثة من يوم يحرم إلى يوم عرفة، وقال أيضًا: يكون آخرها يوم عرفه والقارن مثله. اللخمي: هذا إن أيس من الهدي قبل وقوفه، وصومه موسع من حين إحرامه إلى يوم عرفة لا يؤخره عنه، واختلف قول مالك في صومه إياه والاستحباب كمال صومها قبله. ابن بشير: في كراهة صومه قولان. اللخمي: وإن شك في وجوده قبله استحب تأخيره لآخر وقته، فإن صام ثم وجده قبل خروج وقت الصوم أجزأه.

الشيخ: روى محمد: صوم القارن كالمتمع واجب تأخيره للعشر أو بعده إن رجا هديًا. اللخمي: فإن صام المتمتع او القارن موقنًا بوجوده قبل خروج وقت الصوم؛ ففي إجزائه قولان على قولي ابن القاسم وابن حبيب في المتيمم الموقن بوجود الماء في الوقت يجده فيه بعد صلاته، وتعقبه ابن بشير بأن الهدي غير متعلق بوقت بخلاف الصلاة؛ يرد بتعلقه به حسبما يأتي. الشيخ عن أشهب: يؤخر المتمتع لا يجد هديًا إلى أن يكون آخر الثلاثة يوم عرفة ليجده أو مسلفًا، فلو عجلها أو ترك السلف، وهو يجده أجزأه صومه. وفيها: من وجد مسلفًا فلا يصوم إن كان موسرًا ببلده. وسمع القرينان: يصوم القارن لفقد الهدي الثلاثة ما بين إحرامه ليوم عرفة، ويستحب أن يؤخر رجاء الهدي. ابن رشد: الاختيار صوم السادس وتالييه، فإن أفطر السادس صام السابع وتالييه لا ينبغي أن يؤخر، وهو إن أيس من وجود الهدي قبل يوم النحر بثلاث لم يستحب تأخير صومه، فإن صام ثم وجده من حيث لم يظن لم يجب عليه هدي، وإن علم وجود الهدي قبل يوم النحر بثلاث لم يصم، وإن صام لم يجزئه، وإن شك في وجوده فهذا يستحب تأخيره رجاء وجدان الهدي، فإن صام ثم وجده أجزا صومه على قول ابن القاسم، ولم يجزئه على قول ابن حبيب، على قوليهما فيمن صلى بتيمم، ولا علم له بالماء ثم وجده في الوقت. قلت: هذا أحسن مما تقدم للخمي، وروى محمد: إن لم يصمها متمتع أو قارن صامها أيام منى وله وطء أهله لياليها، ومنع صومها لا أعرفه إلا لنقل ابن بشير، وتابعه اللخمي: إن لم يصمها فيها صامها عقبها فورًا قضاء. قلت: ظاهره أن لها أداء وقضاء، ونحوه للباجي خلاف مقتضى تعقب ابن بشير. وفيها: إن لم يصمها حتى مضت أيام التشريق صام بعد ذلك إن شاء وصلها بسبع أولًا. اللخمي: والصوم لعدمه في حجة القضاء لفوت أو فساد كالتمتع، فإن لم يصمها

قبل يوم عرفة صام أيام منى على أحد أقوال مالك، ولو صام قبل إحرام حجة القضاء؛ ففي إجزائه وكراهته وعدم إجزائه الثلاثة في الهدي. ابن رشد: في وجوب صوم الثلاثة في الحج على القارن والمتمتع فقط، أو عليهما وعلى من أفسد حجه أو فاته، أو عليهم وعلى من وجب عليه الدم بترك شيء من حجه من يوم أحرم إلى حين وقوفه؛ رابعها: أو لتركه ذلك ولو كان بعد وقوفه كترك نزول المزدلفة أو جمرة لأصبغ قائلًا: لا يجب على من أفسد أو فاته إلا استحسانًا، وابن القاسم: في العشرة والأخيران قائمان منها، وفائدة الخلاف: وجوب صوم من لم يصم قبل يوم عرفة أيام منى ومنعه إياها، وصوم السبعة إذا رجع. وفي كونه من منى أو لبلده روايتها إذا خرج من منى أقام بمكة أو لا، ورواية المختصر: في أهله؛ أحب إلي. زاد في رواية محمد: إلا أن يقيم بمكة، وصومه بطريقه يجزئه. اللخمي: هذه أحسن؛ لتخفيف الشرع صوم رمضان بالسفر، ولقول مالك لامرأة قرنت عام أول ولم تجد هديًا وقدمت العام صومي ثلاثة في إحرامك وسبعة إذا رجعت، فأسقط صومها في السفر، وإن كانت عادت لأهلها. قلت: قوله إذا رجعت أعم من رجوعها من منى أو لأهلها، ولو عجل السبعة قبل وقوفه؛ ففي إجزائها رأي اللخمي، ونقله عن ظاهر المذهب محتجًا بأن تأخيرها توسعة فأجزأ تقديمها كرمضان في السفر. وروى محمد: من لزمه دمان كقران وفوت ووجد واحدًا صام ثلاثة في إحرامه وسبعة إذا رجع، وإن لم يجد صام ستة في إحرامه وأربعة عشر إذا رجع. ابن شاس: في نقل الشيخ التتابع في صوم التمتع أحب إلي. قلت: روى أبو عمر: التتابع في كل صوم ذكر في القرآن أحب إلي في كفارة يمين أو غيرها. قلت: في صومها يستحب تتابع قضاء رمضان، وصوم الجزاء، والمتعة، وكفارة اليمين، وصوم ثلاثة في الحج، فنقله عن الشيخ قصور. ابن شاس: وقال ابن حارث: لابد من اتصال الثلاثة بعضها ببعض وكذا السبعة.

قلت: لم أجده له. وسمع ابن القاسم: من أحرم يوم التروية متمتعًا لا بأس أن يصوم يوم عرفة ويومين من أيام التشريق. ابن رشد: هذا على أصله أن صوم الثلاثة في الحج والسبعة بعد رجوعه لا يلزم متابعة شيء من ذلك، وعلى قول ابن حبيب: الثلاثة متتابعات، لا يجوز صوم يوم عرفة لأجل فطر يوم النحر، قال: وهو ظاهر سماع القرينين. وروى محمد: إن نسي الثلاثة حتى صام السبعة، فإن وجد هديًا فأحب إلي أن يهدي وإلا صام. أصبغ: يعيد حتى يجعل السبعة بعد الثلاثة. الصقلي: يريد: يعيد سبعة فقط ويحتسب من الأولى بثلاثة، كمن قدم السورة قبل الفاتحة يعيد السورة فقط، وكمن أطعم في كفارة الصوم ثلاثين مدين يجزئه إطعام ثلاثين غيرهم مدًا. التونسي: لا بد من إعادة ثلاثة ثم سبعة؛ لأنها إنما تكون إذا رجع ولا يجزئ منها ثلاثة؛ لأنه أوقعها في غير موضعها، ولأنه لو وجد هديًا بعد صومها لأهدى، فلو أجزأت منها ثلاثة ما أمره أن يرجع للهدي. قلت: يرد الأول بأن الموقع منها في غير محله كل السبعة لا بعضها، ولا يلزم من بطلان الكل بطلان جزئه، والثاني: بعدم بطلان اللازم؛ لما مر من قول مالك: إن وجد هديًا فأحب إلى أن يهدي، والحق أن استئناف الثلاثة مستحب لا لغو كقول الصقلي: ولا واجب كقول التونسي لقول مالك المتقدم. وصوب ابن عبد السلام قول الصقلي ولم يحك قول التونسي، وقوله: وهذا على قول الأكثر؛ لا يصح ضم السبعة للثلاثة، وأما على قول ابن وهب وابن حبيب: التفريق بين الثلاثة والسبعة رخصة لمن شاء صوم العشرة في حجه فيجزئه صوم ثلاثة فقط؛ يرد بأنه إن حمل المسألة على أنه صام السبعة قبل وقوفه بطل تخريجه على ما نقله عن ابن وهب؛ لأن السبعة لا تصح إلا بعد وقوفه حسبما نقله التونسي واللخمي عن المذهب وهو ظاهر الروايات، وإن حمل المسألة على أنه بعد وقوفه وهو ظاهر الرواية؛

بطل عزوه للأكثر عدم الضم لتلقي الشيوخ بالقبول قول الجلاب معها: إن لم يصم أيام منى صام بعد ذلك إن شاء وصل الثلاثة بسبع أو لم يصل، وأيضًا رعي قواعد المذهب يمنع تصور محل الخلاف الذي ذكره بين ابن وهب والأكثر؛ لأن صوم الثلاثة إن كان قبل وقوفه فلا خلاف في المذهب في منع وصل السبعة بالثلاثة، وإن كان أيام منى فلا خلاف في صحة وصلها بها أو استحبابه على المشهور أن الرجوع من منى فلا يتصور فيه ما نقله عن الأكثر، وإن كان بعد أيام منى. فإن قلت: إذا صح اتصالها بها فما المانع من اعتداده بكلها ثلاثة للثلاثة وأربعة من السبعة فيأتي بثلاثة فقط؟. قلت: يمنعه أنه إن حملت المسألة على أنه صام قبل وقوفه بطل أن يكون شيء منها للسبعة؛ لأن شرط صومها كونه بعد وقوفه، وإن حملت على أنه بعده فجوابه إن شرط السبعة كونها بعد تحقق تقدم الثلاثة، وهو مفقود لاحتمال كونه الثلاثة من السبعة أوائلها أو أواخرها وشرط الشرط تحققه لا احتماله، بل الراجح جعلها من آخرها؛ لأنها أبعد من تأثير نية صومها على أنها السبعة من أولها. وروى محمد: المعتمر في الصوم كالحاج يصوم ثلاثة؛ يريد في إحرامه وسبعة بعد ذلك. قال: ومن نسي حلق عمرته حتى أحرم بالحج صام ثلاثة وسبعة بعد ذلك. وفيها: ما صنع في عمرته من ترك ميقات أو وطء أو ما يوجب هديًا فلم يجده صام ثلاثة أيام وسبعة بعد ذلك. ومن عجز في مشي نذر صام متى شاء؛ لأنه يقضي في غير حج فكيف لا يصوم في غير حج، ومن لم يصم حتى رجع لبلده وله بها مال لم يجزئه الصوم وبعث بالهدي، وكذا من أيسر قبل صومه، ولو صام من وجد مسلفًا، وهو موسر ببلده ففي إجزائه. نقل الشيخ عن أشهب في كتاب الصوم، وابن شاس عن المذهب. وفيها: من وجد مسلفًا وهو موسر ببلده لم يصم، ومن أيسر بعد صوم يوم أو يومين في تماديه ورجوعه للدم، ثالثها: بعد يومين لابن حارث عن ابن القاسم، وابن عبد الحكم، وابن الماجشون، وفي ظهارها إن وجده أول يوم، فإن شاء تمادى أو أهدى.

باب محل ذكاة الهدي الزماني

وسمع ابن القاسم: إن مات المتمتع بعد صومه الثلاثة وقبل السبعة أهدي عنه. ابن رشد: من وجد الهدي بعد صوم الثلاثة لم يجب عليه، فقول مالك: يهدى عنه استحسان؛ لأنه لا يصوم أحد عن أحد. وحكم هدي متمتع مات بعد رمي جمرة العقبة تقدم في فصل التمتع. ابن شاس: ما انتقل عنه من بدل لآخر شرطة ترك المنتقل عنه جملة لا يلفق واجب من صنفين. قلت: ولا اضطرارًا كما تقدم عنها، ونقل ابن هارون صحة تلفيقه من اثنين من صنفه لا أعرفه. وفي قياسه على الكفارة نظر؛ لظهور التعبد في مسائل الحج. [باب محل ذكاة الهدي الزماني] وفي محل ذكاة الهدي الزماني بعد فجر يوم النحر نهارًا: فيها: لا يجزئ قبل فجره ولا ليلًا بعده. اللخمي عن أشهب: يجزئ في ليلتي تالييه، وروى محمد: نحره بمنى قبل الإمام مجزئ. [باب محل ذكاة الهدي المكاني] والمكاني منى بشرط كونه في يوم النحر أو تالييه في حج: روى محمد: منى كلها منحر إلا ما خلف العقبة والأفضل عند الجمرة الأولى. وفي شرطه بوقفه المشهور، وقول اللخمي مع ابن الماجشون: وعلى المشهور، المشهور قولها: وقف جزء من الليل، كما مر. وفيها: إن ضل بعد تقليده وإشعاره أجزأ وقفه غير ربه كرسوله به، ولا يجزئ وقف التجار، وما وقف به إن بيت به بالمشعر الحرام فحسن، وإلا فلا شيء عليه.

قيل: أيخرج به يوم التروية لمنى ثم يدفع به لعرفة؟ قال: لم أسمع منه أكثر من وقفه بعرفة، ولا يدفع به قبل الغروب، ولو ذكى بمكة ما وقف به ففي إجزائه، ثالثها: إن ذكى بعد أيام منى لنقلي اللخمي، وله عن أشهب مع الشيخ عنه مع ابن القاسم قائلًا: ولو تعمد تركه حتى مضت منى، وله عن ابن حبيب عن ابن الماجشون: إن جهل فنحر بمكة ما محله منى أجزأه وأساء. وفيها: من ضل هديه بعد وقفه فوجده بعد أيام منى نحره بمكة. قال لي مرة: وعليه بدله، وقال قديمًا فيما بلغني عنه: يجزئه، وبه أقول. ولو ضل قبل وقوفه به فوجده أيام منى فنحره بمكة؛ ففي إجزائه قولا أشهب، ونقل اللخمي مع نقل الشيخ عن محمد رواية أشهب: كل هدي لا ينحر بمكة إلا بعد أيام منى، وصوب اللخمي الإجزاء في كلها محتجًا بالاتفاق على إجزاء ألجزاء بمنى مع نص (؟؟؟؟؟؟؟)، فإذا أجزأ ذلك أجزأ بمكة ما حكمه منى. ومحل ما فات وقفه بمكة، بشرط إدخاله من حل واجبًا أو تطوعًا. وقول ابن الحاجب: إن جدده بعد عرفة غير واجب فله نحره بغير إخراجه للحل؛ وهم، وتأويله ابن عبد السلام على أنه جذور لا هدي بعيد، وإرادته تعمية وتغليط، وقبوله ابن هارون وحمله على ظاهره وقوله، وهو ظاهر المدونة قائلًا: الفرق بينهما أن الواجب أكد فاشترط فيه الجمع بين الحل والحرم بخلاف التطوع لضعفه؛ وهم بشيع، وفي ثالث حجها: كل هدي واجب أو تطوع لم يوقف محله مكة، إن كان أدخله من الحل لم يخرجه إليه ثانية، والمروة أفضل. وروى محمد: ما يلي بيوتها من منازل الناس مثلها لا الحرم. وسمع القرينان: لا يجزئ نحر هدي عمرة إلا ببيوت مكة حيث البنيان، لا بالحرم قبل دخول مكة أو عند ثنية المدنيين؛ لقوله تعالى {مَعْكُوفًا أَنْ يَبْلُغَ مَحِلَّهُ} [الفتح: 25]، وقد نحر صلى الله عليه وسلم هديه بالحديبية في الحرم، سمعت ذلك.

ابن رشد: معناه نحره في الحرم إذا كان بالحديبية؛ لأنها في الحل ولم يكن صلى الله عليه وسلم ممنوعًا من الحرم فبعث بهدية من الحديبية فنحر بالحرم. وساق الشيخ هذه الرواية في نوادره مساقة فاسدة غير صحيحة على ما تأوله فيها، فقال: روى أشهب عن مالك في العتبية أن الحديبية في الحرم، وقيل: إن نحره صلى الله عليه وسلم في الحديبية في الحل لا الحرم. قلت: قال عياض في المشارق: الحديبية قرية صغيرة سميت ببئر هناك عند مسجد الشجرة، بينها وبين المدينة تسع مراحل ومرحلة إلى مكة. قال مالك: هي من الحرم. قال ابن القصار: بعضها من الحل. الباجي: روى ابن القصار لمن نحر هدي جزاء بمنى أو بمكة إطعام فقراء الحل منه ينقل ذلك لهم. في الموطأ: من بعث معه بهدي لينحره في حج وهو معتمر آخر نحره بحجه. الباجي: لأن ربه وقفه بأيام منى فعلى المبعوث معه وقفه ونحوه يوم النحر بمنى حج أو لم يحج. قال: وروى محمد: لو أدركه ربه معتمرًا لم ينحره في عمرته وأخره حتى ينحره في حج. الباجي: كما لو قلده لينحره في حج فدخل متمتعًا لأخره بحجة. قلت: في النوادر روى محمد: من بعث بهدية ثم أدركه معتمرًا فأحب إلي أن لا ينحره حتى يحل. قال عنه ابن القاسم: إذا حل من عمرته نحره لا يؤخره لمنى، ولو كان إنما بعث به في حج وأخره لينحره فيه، وأجزأ ما قلد قبل تمتع أو قران عنه تقدم. والنسك لا تختص بأيام ولا نهار ولا مكان كطعامه وصومه، فإن جعل هديًا فهدي، وتقدم حكم ولاية ذكاته وتسميتها في الذبائح.

باب الأيام المعلومات

[باب الأيام المعلومات] والأيام المعلومات يوم النحر وتالياه، والمعدودات تاليه وتالياه، فالمعلوم يوم الأضحية، والمعدود يوم رمي الجمرات، وسمع ابن القاسم: يوم الحج الأكبر يوم النحر لا يوم عرفة. **

كتاب الصيد

[كتاب الصيد] الصيد: مصدرًا: أخذ غير مقدور عليه من وحش طير أو بر أو حيوان بحر بقصد، فلا يتوهم إضافة (أخذ) لفاعٍل، واسما: ما اخذ ... إلى آخره. وقول ابن عبد السلام: ترك ابن الحاجب تعريفه لجلائه؛ يرد بأن الجلاء المغني عن التعريف الضروري لا النظري، فإن أراده لم يفده، والأول ممنوع، وهو من حيث ذاته جائز إجماعًا.

باب شرط الصائد فيما تعذرت ذكاته في البر

الشيخ: روى ابن حبيب: من جعله كسبًا أو قرم للحم فلا بأس به ولو كان غنيًا، وروى الأخوان خفته لأهل البادية، وخروج الحضري له خفة وسفه. حسين بن عاصم عن ابن القاسم: لا أرى صيد البر إلا لذي حاجة، وصيد البحر والأنهار أخف؛ لا بأس بصيد الحيتان. اللخمي: هو لعيشه اختيارًا مباح، ولسد خلته أو لتوسيع ضيق عيش عياله مندوب إليه، ولإحياء نفس واجب، وللهو مكروه وأباحه ابن عبد الحكم، ودون نية أو مضيع واجبًا حرام. [باب شرط الصائد فيما تعذرت ذكاته في البر] (؟؟؟؟) ما تعذرت ذكاته (؟؟؟) إسلام صائده وقصده ذكاته؛ فصيد الكافر غير

باب رسم المصيد به

كتابي ميتة، وفي كون الكتابي مثله أو كمسلم، ثالثها: يكره للمشهور، والشيخ عن أشهب مع ابن وهب، ويحيى ابن إسحاق عن ابن نافع، وابن حبيب مع رواية محمد، وصوب ابن العربي وغيره الثاني. وروى محمد: لا يوكل صيد سكران ولا مجنون. وفيها: ولا صبي لا يعقله، والمعروف ولا مرتد. اللخمي: هو كمن ارتد لدينه. ابن حبيب: أكره صيد الجاهل بحدود الصيد غير متحر صوابه. [باب رسم المصيد به] المصيد به: حيوان معلم أو آلة غيره؛ فشرط الحيوان إرساله، فلو خرج دونه ثم أغراه؛ ففي إباحته، ثالثها: إن زاده ذلك قوة وانشلاء للخمي مع التونسي عن أصبغ، وابن القاسم مع مالك وابن الماجشون، ولم يعز الباجي الأول إلا لرواية ابن القصار، وعزا ابن رشد الثالث لأصبغ مع ابن الماجشون وابن نافع، وروايته وظاهر سماع ابن القاسم: لا أحب أكله؛ كراهته، ولم يتعرضه ابن رشد بحمله على ظاهره ولا صرفه عنه. المازري: لو زجره عن خروجه فرجع ثم أشلاه فكإرساله من غير يده.

فيها: رجع عن حله، واختار ابن القاسم حله، وابن حبيب: إن قرب من يده، ولو ترك انبعاثه بعد إرساله وطال ثم انبعث فلغو وقريبا. اللخمي: ظاهرها كذلك، وعلى حل ثاني صيد من جماعة أرسل عليها حل، ورده المازري بأنه في عمله، وبأن ظاهر قوله: حل كلها ولو طال ما بين أولها وآخرها؛ فيلزم حله وإن طال وهو وافق على حرمته. ويسمى حين إرساله ورميه، ولفظها وحكم تركها في الذبائح. الباجي: لو سمى حينئذ ثم قدر عليه سمى لذكاته أيضًا، ولم أر فيه نصًا. وإرسال مجوسي كلب مسلم ولو معه لغو، بخلاف إرساله كلب مجوسي. وفي التعليم طرق: اللخمي: في كونه الإنشلاء أو الانزجار أو والإجابة، رابعها: لغو أنزجار الطير؛ لقول ابن القاسم: إن عجز عن خلاص الصيد من كلبه أو بازه حتى مات أكل؛ ولأشهب مع ابن القاسم وابن حبيب عنه، وابن حبيب مع ابن الماجشون. ابن بشير: ليس هذا اختلافًا والمعتبر ما يمكن عادة. ابن العربي: المعتبر الإنشلاء والإجابة عند الدعاء. وفي شرط عدم أكله طرق؛ الأكثر لغوه. ابن العربي: في الكلب روايتان. ابن بشير: لا يعتبر في الطير اتفاقًا، والكلب المعروف مثلهن وحكى أبو تمام عن المذهب قوله: باعتباره. وفيها: الفهد وجميع السباع كالكلب، وسباع الطير كالبازي إذا علمت. وروى ابن حبيب: إلا النمر لأنه لم يفقه. ابن شعبان: المعتبر ما يفقه التعليم ولو كان سنورًا أو ابن عرس. اللخمي: لا ينبغي بغير معلم لا يعلم إدراك ذكاته كمقدور عليه، فإن علم جاز، ثم صيده كمقدور عليه سليمًا أو جريحًا منفوذ المقتل أولًا مرجوًا حياته أو لا. وقتيل المعلم مع غير معلم أو أحدهما وجهل، وقتيل المعلم بعد إمساكه الآخر ميتة، ولو ظن أنه قتيل المعلم؛ فظاهر الموطأ ميتة، ونقل ابن بشير فيه وفي كل مظنون

موجب حله حله، ونحوه في قتيل حجر ذي حد، وما ذبح في الماء، والمرمي بسهم مسموم. وشرط الآلة: كونها ذات حد تجريح. وفيها: ما خرقه حد معراض أو عصا أو عود ولم ينفذ مقتله فمات أكل كالسهم. ابن حبيب عن ابن القاسم: لا يعجبني أكل صيد رمي بحجر حاد يذبح به؛ إذ لعله بعرضه. الباجي: يريد: لو علم إصابته بحده أكل. ابن حارث: في أكل ما مات بخرق طرف المعراض، ثالثها: إن أصابه بالأرض لا الهواء لابن القاسم وأشهب قائلا: لاحتمال موته بالسقطة، ويحيى بن عمر فيها: من رمى صيدًا فأثخنه حتى عجز عن الفرار ثم رماه آخر فقتله؛ طرح وضمنه للأول. زاد اللخمي عن أشهب: ضمنه عقيرًا، وقال: إن جرحته رمية الأول فقط وقتلته رمية الثاني أو حبسته دون إعانة الأولى فللثاني وبها بينهما تساوت الرميتان أو اختلفتا في القوة. اللخمي: قول ابن شعبان: "لو كان لأحدهما جارح وللآخر اثنان، أو كان بينهما على التفاوت فالصيد بينهما نصفين"، خلاف معروف قول مالك وأصحابه أنه على قدر أجزائهما كمنفعة الدابة والعبد، ورده المازري بأن الفعل للصائد والخارج تبع حسبما قيل في غصبه. وما مات بسهم مسموم لم ينفذ مقتله ولا أدركت ذكاته طرح. ابن رشد: اتفاقًا. وفيه- إن أدركت- سماع ابن القاسم مع حكاية ابن حبيب وابن رشد مع سحنون وإن أنفذ مقتله فطريقان. ابن رشد عن ابن حبيب: لا يؤكل لأن السم شركة في إنفاذ مقتله. ابن رشد: ويدخله الخلاف من المذبوح في الماء. الباجي: علة خوف إعانة السم على قتله منتفية، فإن أمن خوف السم على أكله كالبقلة جاز أكله على أصل ابن القاسم، وفيه نظر على أصل ابن نافع في رعيه نفوذ

باب المصيد

السهم المقتل قبل سقوطه في الماء، إن نفذه فيه لم يؤكل. ولو رمى صيده في الجو أو الجبل فسقط ميتًا منفوذ المقتل؛ ففيها: أكل، وغير منفوذ. قال ابن حارث: اختلف ففيه، فذكر قول ابن القاسم فيها: لا يؤكل. قال: وقال أشهب: لو قال قائل يؤكل كان قولًا؛ لأن الموت من الرمية. قال يحيى بن عمر: أنكر سحنون قول أشهب. [باب المصيد] المصيد: تقدم في الرسم، وناد النعم في كونه كوحش أو مقدور عليه؛ ثالثها: البقر؛ لأن لها فيه أصلًا؛ لتخريج اللخمي على الوحش لعلة العجز عنه، وعلى قول ابن حبيب في النعم يعجز عن ذكاتها بسقوطها في مهواة يطعنها حيث أمكن.

وفرق ابن رشد مع المازري: بتحقق الفور، ولم يتعرضا لعلة العجز؛ فلعله لوضوح الفرق بين الأصل والطارئ والمشهور، وابن حبيب قائلًا: لا باس أن تعرقب غير البقر وتعقر عقرًا لا يبلغ مقتلًا ثم تذكى. ونقض التونسي قوله: لا يلحق غير البقر بها؛ بقوله في الساقط في المهواة: بجامع العجز عن ذكاتهما. وقو ابن عبد السلام: في الفرق نظر، لأن البعير الناد أقوى شبهًا بالوحش من الساقط؛ يرد بان العلة العجز لا التوحش، ولذا لو حصل الوحش بعد الإرسال بحيث يقدر عليه بلا مشقة صار كالنعم، فغن كانت العلة العجز تم الفرق. والوحش يتأنس كالنعم، وكذا لو عجز أو حل بعد الإرسال بحيث يقدر عليه بلا مشقة، وبخلاف قتيل مرسل ثان أمسكه الأول بعد إرساله؛ لنص كتاب محمد في الأول، وأصبغ في الثاني. وخرج اللخمي قول أحدهما في الأخرى بناء على اعتبار المال أو وقت الإرسال، ورده المازري بعدم الثقة بدوام إمساكه، وترجح ابن بشير في صحة التخريج، ورده بالفرق المذكور. وعبر ابن الحاجب بان دوام إمساكه موهوم، فرده ابن عبد السلام بأنه مظنون، قال: والظن في الأحكام الشرعية كالقطع، وحققه بأنه لو أرسل الثاني بعد إمساك الأول لما أكل. قلت: تفسيره بالموهوم إن قصد به نقل رد فليس كذلك، وإن قصد كونه من عنده؛ فإن أراد مطلق إمساكه فغير صادق بل هو مشكوك فيه وبه يرد دعوى ابن عبد السلام أنه مظنون، واستدلاله بعدم أكله لو أرسل الثاني بعد حبسه الأول، يرد بأن الشك في موجب ذكاة الصيد يحرمه، وإن أراد دوام إمساكه دون قتل من الأول والثاني حتى يصل إليه صائده فيذكيه كما في مسألة محمد فصادق وعليه يجب حمله فيتم. وقول ابن عبد السلام: المظنون كالمتحقق؛ يرد بأنه في الظن المتعلق بعين الحكم الشرعي لا بسببه ضرورة الفرق بين ظن حل لها في الحوت وظن كون المصيد هو المرسل عليه.

الشيخ عن كتاب محمد، والعتبي عن أصبغ: ما اضطره الجارح لحفرة لا خروج له منها، أو انكسر رجله فكنعم. محمد: وكذا ما بجزيرة صغيرة يتأتى أخذه منها. العتبي عن أصبغ: ما بالغار والغيضة والفراخ بوكر شاهق يخاف العطب في نيله ولا حيلة في طرحه برمح ونحوه كوحش. اللخمي: قتيل جارحي مرسل واحد أرسلهما معًا كقتل جارح واحد، ولو قتله تقدم، والمرسلان على التعاون والشركة كواحد، وعلى استقلال كل عن الآخر إن استقل جارح بقتله فلربه، ولو تأخر إرساله، وإن استويا في إدراكه وقتله فبينهما، وإن حبسه أحدهما وقتله الآخر طرح وضمنه رب القاتل إن كان المرسل الثاني. المازري: إن جهل الثاني إرسال الأول، وكان قبل إمساكه لم يضمنه؛ لأنه جبار، وظاهر قول اللخمي: يضمنه، ولو كان كذلك فجعل الأول كمستحق له بسبق إرساله، ويلزمه لو أمسكه الثاني عن الفرار وقتله أن يختلف في أكله كقتله ما سقط بحفرة، والمحرم أكله صيده له مثله. اللخمي: صيد الخنزير لأكله غير مضطر حرام، ولمضطر. قال الوقار: يستحب ذكاته. قلت: فيه نظر؛ لأن الرخصة تعلقت به من حيث كونه ميتة لا من حيث ذاته، وتذكية الميتة لغو. اللخمي: وصيده لقتله جائز؛ لقول مالك: يجوز قتله أبدًا. قلت في ولائها: من ورث من عبده النصراني خنزيرًا سرحه. اللخمي: والأسد والنمر والفهد والذئب على حرمتها مثله إلا أن ينوي الانتفاع بجلده فينوي ذكاته، ورده ابن بشير بأن ذكاتها لجلودها إنما هو على كراهتها؛ يرد بان ظاهرها تحريمها مع قول مالك فيها: إذا ذكيت جاز لبس جلودها والصلاة عليها. ابن القاسم: وفيها. اللخمي: وعلى كراهتها يكره رميها للأكل ويجوز للقتل.

قال: والثعلب والضبع أخف منها، له رميها بنية الذكاة أو دونها. ابن بشير: قوله: (أو دونها) إن أراد لخوف إذايتها فظاهر، وإلا فلأي شيء تقتل، وشرط النية تعلقها بذكاته. الشيخ عن كتاب محمد: من رمى صيدًا لينفره من محله لا لصيده فكنعم ونحوه، وسمع ابن وهب، وروى محمد، وقال ابن حبيب: ما رؤاه إن نواه من حيث إنه مباح كفى. قلت: لا أعلم فيه خلافًا لأخذه ابن عبد السلام من كلام ابن الحاجب: وإن نواه من نوع بان خلافه فقولان؛ لنقل الشيخ عن أشهب: من رمى غرابًا بان أنه غيره أكل، وعن أصبغ: من رمى تيتلا فإذا هو ظبي لم يؤكل. وصوب التونسي الأول، قال: وانظر لو أراد ذبح كبش فذبحه فإذا هو نعجة، والأصوب أكله، وأشار المازري لجري القولين على الخلاف الأصولي في كون الجهل بالصفة جهلًا بالذات، أو لا يدل على أنه خلاف حقيقي، وقال ابن بشير: هما خلاف في حال إن لم يخص نية ذكاته بعينه أكل، وإلا فلا. قلت: لا يعترض قوله: (وإلا فلا) بصحة الوضوء لصلاة بعينها دون غيرها للمزومية صحته لغيرها، ضرورة أن نية رفع الحدث عنه في معينة على القول بصحة الوضوء يرفعه عنه ضرورة، وكلما أرتفع لم يعد إلا أن يحدث ثانيًا، ولا لزوم بين نية ذكاة معين ونية ذكاة غيره، وللمسألة شبه بمسألة ناصح ومرزوق في عتقها الأول، فاعتبرها بها. وفيها: لو رمى حجرًا أو سبعًا أو خنزيرًا فإذا هو صيد لم يؤكل، ولو رمى سبعًا لذكاه جلده فإذا هو ظبي؛ ففي جواز أكله نقلا عبد الحق عن شيوخه وصوب طرحه، ولم يحك أبو حفص غيره، وجعلها التونسي مسألة نظر، وخرج المازري القولين على القولين في تبعيض الذكاة. ولو نوى غير ما رأى بجهة معينة، فطريقان: اللخمي: ما بغيضة أو غار أو وراء أكمة إن كان بها صيد في حله بقتله وكونه كنعم قولا مالك وسحنون مع أشهب.

الباجي: ما لا يختلط به غيره كالغار المشهور أكله ومنعه أشهب، وما قد يختلط غيره به كالغيضة والحدقة. أصبغ: يؤكل، ومنعه ابن القاسم. وسمع ابن القاسم: من أرسل بازه على ما اضطرب إليه لرؤيته إياه دون مرسله لا أحب أكل؛ لاحتمال أنه غيره، إلا أن يوقنه برؤية غير مرسله أنه هو، أو بعدم طيران طير غيره من محله. ابن رشد: هذا إن نوى ما اضطرب إليه فقط، ولو نواه وغيره أكل؛ لقولها: إن نوى جماعة وما وراءها مما لم يره أكل الجميع، ولرواية محمد: من أرسل كلبه لإحداد نظره والتفاته يمينًا وشمالًا أكل ما أخذ، وهذا أظهر من حمل بعضهم سماع ابن القاسم خلافها، ووفاق قول سحنون وأشهب، وقال اللخمي: في مسألة محمد أجازه مالك مرة وكرهه أخرى. وقول ابن الحاجب: ولو أرسله ولا ظن صح على المشهور؛ يريد: مسألة الغيضة، وما ذكر معها لشهرة ذكرها، وتفسيره ابن عبد السلام بمرئي مباح جهل جنسه بعيد؛ لعدم وجود مقابل المشهور فيه، بل سماع ابن القاسم في الطائر نص بإباحته. اللخمي: المرسل على متعدد إن نوى معينًا منه فغيره كنعم، وإن نوى واحدًا لا بعينه فالثاني كنعم، فلو شك في الأول منهما فكلاهما كنعم، وإن نوى أكثر من واحد فأخذ أكثر منه بسهم أكلا، وبغيره ثالثها: إن كان شغله بأخذ الأول يسيرًا لابن القاسم مع ابن وهب، ومالك ومحمد واللخمي، وما أمكنت ذكاته فكنعم، وإلا كفى جرحه. اللخمي: في أكل ما مات بضرب سيف أو تنييب دون جرح أو بصدم قولا أشهب وابن القاسم. قلت: عزا ابن شعبان قول أشهب لابن وهب معه. عياض: ومماسته كصدمة. قلتك الذي في النوادر عنه، نطحها كصدمها، وقول عياض: "ظاهر الكتاب إن نيبته ولم تدمه أكل مع قوله ثانيًا: لا يصح تنييب إلا بإدماء وإن قل، وهو مقتضى قوله في الكتاب: إن لم تنيبه لم يؤكل "متناقض.

وقول التونسي: قال ابن القاسم: لو كدمته أكل بخلاف الصدم، ظاهره وإن لم تدمه. قال: ولم يذكروا خلافًا مات يجري من طلب الكلب، وفيه نظر. وفيها: إن لم ينفذ الجارح مقتله وقدر على خلاصه منه، أو عجز وقدر على ذكاته تحته لم يؤكل إلا بها، فلو زهقت نفسه قبل إمكانها أكل إن نيبه، ولو ذكاه وهو ينهشه قادرًا على خلاصه منه لم يؤكل. ابن القاسم: إلا أن يرقن موته بذكاته، فحمله ابن رشد على خلاف قول مالك. وفيها: إن شغله عن ذكاته إخراج آلتها من خرجه أو انتظار من هي معه لم يؤكل، وسمع ابن القاسم: إن بادر لإخراجها من حزامه. محمد: أو من خفه فمات الصيد أكل. اللخمي عنه: وكذا لو مات في قدر ما لو كانت شفرته بيده لم يدرك ذكاته. قلت: يريد: وكذل لقدر ما يخرجها من خفه أو حزامه، وأجراها المازري على قولي الأصوليين في تكفير من مات بعد بلوغه تاركًا للنظر في زمن لا يسعه، وكونه في الجنة على المشهور في الصبيان بناء على اعتبار تركه أو ماله، وعلى قولي الفقهاء بكفارة من أفطرت في رمضان لاعتقاد حيضها في يومها ثم حاضت فيه ونفيها. وفيها: إن أنفذ مقتله فحسن فري أوداجه. الحلقوم: وكذا الحلقوم إن فرى الجارح أوداجه، وظاهر قول عياض اختصاص ذلك بالودجين لخروج الدم منهما دون الحلقوم، وهو ظاهر قولها: إن أفراهما الجارح فقد فرغ من ذكاته، فيجب أتباع الصيد لاحتمال إدراك ذكاته. فيها: إن توارى عنه فوجده قتيلًا به أثر جارحه أو سهمه أكل ما لم يبت، وإن أدركه آخر نهاره. زاد في سماع يحيى ابن القاسم: إن لم يجد قربه صيدًا ثانيًا يشككه في المرسل عليه منهما. اللخمي: هذا إن كانا قتيلين، ولو وجد احدهما حيًا أكل القتيل؛ إلا أن يتنزه عنه في الجارح لا السهم، لانتفاء احتمال الانتقال عن المرسل عليه لغيره، ولو وجد سهمه

فيه أو كلبه عليه، أو عرف المرسل عليه أكل وإلا فلا، رواه ابن حبيب. المازري: إن وجد كلبه متعلقًا به وذلك بعد طول، وأشار بعض أصحابنا إلى اختلاف فيه لاحتمال كونه غير المرسل عليه. قلت: ظاهره ولو كان جادًا في إتباعه، قال: وروى ابن القصار ما يدل على استباحته وإن لم يتبعه، قال: ومن قال هذا رأى العقر ذكاة فلا يبطل باحتمال؛ ولحديث البهزي المخرج في الصحيح: أنه صلى الله عليه وسلم مر بظبي حاقف فيه سهم؛ فقال البهزي: إنه سهمه، فلم يسأله صلى الله عليه وسلم هل كان يتبعه أو ترك إتباعه اختيارًا. وفيها: إن رجع عن إتباعه ثم وجده من يومه قتيلًا لم يؤكل؛ لاحتمال إدراك ذكاته لوتبعه. اللخمي: هذا إن وجده غير منفوذ، ولو وجده منفوذًا؛ فإن كان برمي أكل، وبجارح طرح، إلا أن يعلم أن الجارح بقتله سريعًا لقوته وضعف الصيد. الشيخ عن أصبغ: أو كان أنفذه قبل رجوعه عنه، ولو بات ووجده ميتًا غير منفوذ. ابن رشد: يطرح اتفاقًا. قلت: وقاله ابن حارث، وزاد قال ابن القاسم: ليس السهم كالجارح؛ لأن سهمه يعرفه. اللخمي: الصواب رواية ابن القصار: لا بأس بأكله في السهم والجارح، ولو رجع عن إتباعه اختيارًا. المازري: ظاهر قول مالك في الموطأ كراهتهن ثم ذكر رواية ابن القصار. قلت: ففي أكله، ثالثها: في السهم، ورابعها: يكره، وفي المنفوذ، ثالثها: في غير السهم، ورابعها: يكره لابن القاسم قائلًا فيها: لم أجد لمالك فيه حجة أكثر من أنه السنة مع محمد عن أشهب، وللخمي عن ابن الماجشون مع الصقلي عن ابن حبيب،

ونقله عن أشهب وابن عبد الحكم، والباجي عن رواية ابن القصار، واللخمي عن محمد مع الصقلي عنه، مع أصبغ قائلًا: لم أجد رواية ابن القاسم طرحه في كتاب السماع ولا في رواية غيره، فهي منه وهم، أو عن بلاغ ضعيف، واللخمي عن رواية أشهب مصوبًا رواية ابن القصار المتقدمة. وقول ابن الحاجب في قول مالك: تلك السنة عورض بنقل خلافه وانفراده. أما نقل خلافه فثابت لرواية الصحيحين في حديث عدي: ((فغن غاب عنك يومًا فلم تجد فيه إلا أثر سهمك فكل إن شئت))، ورواية مسلم في حديث أبي ثعلبة قال صلى الله عليه وسلم: ((كل ما ردت عليك قوسك ذكيا أو غير ذكي)). قال: وإن تغيب عني؟ قال: ((وإن تغيب عنك، ما لم يضل أو تجد فيه أثرًا غير سهمك))، ورواية النسائي في حديث عدي: قلت يا رسول الله إنا أهل صيد وإن أحدنا يرمي الصيد فيغيب عنه الليلة أو الليلتين فيتبع الأثر فيجده ميتًا. قال: ((إذا وجدت السهم فيه ولم تجد فيه أثر سبع وعلمت أن سهمك قتله فكله))، وكذا انفراده لعدم وجود روايته غيره. وقول ابن عبد السلام: أما انفراده به فغير صحيح؛ لذكر أبي داود عن أبي رزين قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم بصيد، فقال: إني رميته من الليل فأعياني ووجدت سهمي

فيه من الغد وقد عرفت سهمي، فقال: ((الليل خلق من خلق الله عظيم لعله أعانك عليه شيء انبذها عنك))، وقريب منه في بعض طرق عدي بن حاتم؛ يرد بأن الكلام في المسند، وقوله: وقريب منه في بعض طرق عدي؛ لا أعرفه، بل نصه: أو ظاهره خلافه. وقول ابن رشد، قول ابن عباس: ما أصميت فكل، وما أنميت فلا تأكل. أظنه مرفوعًا لا يثبت به كونه مسندًا. ابن القاسم: الإصماء ما لم يبت، والإنماء ما بات. ولم أجد نقل معارضة قول مالك لغير ابن الحاجب؛ بل نقلوا معارضة أصبغ لرواية ابن القاسم بانفراده بها، ونقل غيره من الرواة خلافها. ولو ترك مار بصيد قادر على ذكاته ذكاته؛ فقال اللخمي عن محمد: الذي سمعت طرحه، ونقله الصقلي عنه مع روايته، ونقله ابن محرز كأنه المذهب. زاد التونسي: وفيه بعد؛ لعجز ربه عن ذكاته وغيره لا يلزمه، بل يقال له قتلته فعليك قيمته. قلت: إنما ألزموه ذكاته حيث يخاف موته، وهو مظنة لفعل الجارح به ما يصدق مذكيه في خوف موته. (؟؟؟؟؟؟؟؟) ابن محرز: فيه نظر، ومقتضى قول التونسي نفيه. اللخمي: كان يتنازع في تضمينه، ونفيه أحسن، ولو كانت شاة كذلك فواضح؛ لخوف تكذيبه في خوف موتها فيضمنها. المازري: جنح بعضهم لتضمينه؛ لأنه مال مسلم قدر على صونه عن التلف فتركه. ابن بشير: المنصوص تضمينهن قاله محمد، ويجري في المذاكرات جريه على قولين في الترك، هل هو فعل فيضمن، أو لا فلا؟

وأشار إليه ابن محرز. قلت: لم يشر ابن محرز إلى أن الترك فعل بحاٍل، بل إلى كونه موجبًا للضمان فقط، ولا أعلم قولًا بأن الترك فعل، بل اختلف المذهب في حكم الحاكم إذا كان متعلقة تركًا وعدمًا، هل يوجب الحكم باحترامه كما إذا كان متعلقة فعلًا أو لا؟ وفرق بين كون الترك فعلًا وكون حكمه كذلك. واختلف الأصوليون في صحة التعليل بالعدم الإضافي، وفي كون متعلق النهي فعل الضد أو مجرد الترك. نقلا ابن التلمساني عن أكثر المعتزلة مع بعض أصحابنا، والغزالي مع أبي هاشي قائلً: ليس الترك فعلًا بحال؛ لأنه تعالى موصوف به أزلًا ولا فعل أولًا. قال ابن التلمساني: تسمية الباري تاركًا إن أراد مجرد نفي الفعل فحق معنًى بعيد لفظًا؛ إذ لا يقال في العرف تارك لكذا إلا لما كان بفرضية الثبوت. قلت: لم يتعقب في شرح الدينية إطلاق كونه في الأزل تاركًا، بل به أجاب عن إشكال العجز في كون القادر قادرًا على الفعل والترك، وقال ابن عبد السلام. قال أبو هاشم: تركه الفعل غير مقدور، وإلا لزم أن يكون عدم الفعل في الأزل مستندًا إلى القدرة وهو غير لازم؛ لأن المقدور مشروط تقدم القصد عليه، الذي هو مشروط بعدم ذلك المقدور؛ لاستحالة القصد إلى تحصيل الحاصل. قلت: المنقول عن أبي هاشم وما مر عنه لا أعرفه بهذا اللفظ، وقد يرجع إلى معنى ما تقدم، وقوله: (هو غير لازم) لا يصح، بل لزومه واضح؛ لأن دعوى أبي هاشم عنده ترك الفعل غير مقدور؛ فقوله: (وإلا لزم) معناه: إن لم يثبت لترك الفعل أنه غير مقدور ثبت له أنه مقدور، وإلا ارتفع عنه النقيضان، وكلما ثبت كونه مقدورًا كان الترك في الأزل مقدورًا ولا مقدور إلا لله. أما استدلاله على عدم لزومه بقوله: (لأن المقدور ...) الخ. فحاصلة أن المقدور مشروط تقدم عدمه عليه، وهذا حق؛ يريد: كلما كان كذلك استحال كونه أزليًا؛ لأن شرط الأزلي عدم تقدم عدمه عليه، وهذا إنما هو إبطال للازم نقيض دعوى أبي هاشم، فهو تقرير لتمام دليله لا إبطال لملازمته كما زعم، فهو إبطال لدعوى الخصم بما

يصححها، فيرجع للقول بالموجب أو لقلب النكتة. وسبب الغلط في هذه الشرطية أن نقول: لازمها، وهو كون الترك في الأزل مقدورًا، باطل من حيث تنافي جزئيه، وهما: كونه في الأزل، وكونه مقدورًا، لملزومية المقدور سبقية العدم، وملزومية الأزل نقيضه، وهذا اللازم من حيث مجموع جزئيه مناف للازم أحد جزئي الملزوم؛ لأن الملزوم كون الترك مقدورًا فأحد جزئيه مقدور، والمقدور مناف للأزل حسبما مر، وهو أعني لازم الشرطية لازم لملزومها من حيث مجموع جزئيه لذاتيهما، وهما كون الترك مقدورًا؛ لأن لازم الشيء باعتبار حقيقته لا ينفك عنه أزلًا ولا غيره، كلزوم العلم للعالم حسبما تقرر في اللازم الذاتي، وفي فصل الحقيقة والمحقق، فملازمة الشرطية ثابتة من حيث مجموع جزئي ملزومها، ولازمها باطل من حيث تنافي جزئيه. إذا تقرر هذا فسبب الغلط في توهم بطلان ملازمة هذه الشرطية اعتبار المنافاة بين لازم أحد جزئي ملزومها وهو مقدور، وجزء لازمها وهو كونه في الأزل، وهذا غير قادح؛ لوجود العلاقة الدالة على اللزوم، وهو اعتبار مجموع جزئي الملزوم، ونظيرها قولنا: لو كان هذا الساكن متحركًا كان منتقلًا عن حيزه، فالساكن متوهم كونه قادحًا في الملازمة، وليس كذلك لوجود مقتضيها وهو متحرك، والبحث في هذه الشرطية نحو من بحث ابن واصل في قولهم في السالبتين المعدولة والمحصلة لو كذبتا لصدقت موجبتاهما، وقد بيناه في مختصرنا المنطقي فعليك باستحضاره يتضح لك الحق، والله أعلم. ابن محرز: إن وجب ضمان المار وجب في التلف بترك حفظ مال عن هلاك، أو خلاص رجل من أسد، أو مواساة بفضل طعام أو شراب، أو سقي زرع، أو إعطاء خيط جائفة أو مخيطها، أو ماسك حائط جار عن سقوط، أو التقاط مال ذي قدر، أو شهادة بحق أو بحبس وثيقة به، ولو قطعها فالضمان أبين. ابن بشير: متفق عليه، وقتل شهيدها أضعف؛ لأنه تعد على سبب الشهادة لا عليها. قلت: وقتل الزوجة قبل البناء في النكاح، والحاصل أن مجرد عدم الفعل إن كان

لعجز لم يوجب صمانًا اتفاقًا. وفي إيجابه حكم فعله المطلوب في إسقاط قضاء قابله خلاف من عادم الماء والصعيد، ومطلق الحركة للصلاة عاقلًا، والحصر عن تمام فرض حجه، وإلا فإن كان لموجب من حاكم؛ ففي إيجابه حكم احترام فعله قولان، وإلا فإن كان من ملتزم فعله كالمسائل المتقدمة أوجب ضمانه اتفاق؛ كالمودع والمقارض والحارس، وإلا فقولان، ,إجراؤهما على كون الترك فعلًا أو يبطل بالحارس ونحوه، أما المنع ففعل يوجب الضمان والقود في النفس إن أتضح سببية المنع في الموت، كمنع ساقط في لجة خلاصه منها، وتمامه في موجبي الضمان والقود من كتابيهما. سمع أصبغ ابن القاسم: صيد العبد يتعدى عليه غير ربه ببعثه يصيد له لربه. ابن رشد: اتفاقًا، وذكره المازري كأنه المذهب معبرًا عنه بغصب العبد قائلًا: هذا على رد الغلاة، فتبعه ابن بشير. وفي السماع: ما صاده بتعد على فرس؛ له وعليه أجر مثله. ابن رشد: وكذا نبلع وقوسه اتفاقًا، وقاله المازري. ابن بشير: ينبغي أن لا يتفق في الفرس إذا كان هو المدرك. وفي كون الكلب كالعبد أو الفرس سماع أصبغ ابن القاسم قائلًا: إن شاء ربه دفع أجر عمل المتعدي، وإن شاء أسلم الصيد. زاد ابن حبيب عنه وعن الأخوين: وأخذ أجر كلبه أو بازه. وقول أصبغ مع سحنون في الكلب والبازي. أصبغ: بئس ما قال ابن القاسم لاستقلال العبد بعمله، وجل عمل الكلب للصائد. أصبغ: وعليه أجر الكلب كالدابة يعمل عليها. وقول ابن عبد السلام: "نص ابن القاسم والأخوان أن لرب الكلب والبازي والفرس ترك الصيد للصائد وأخذ قيمة العمل، والأمر في ذلك والعبد سواء، وعندي فيه نظر؛ لأن الغاصب إذا حكم عليه برد الغلة إنما يقضى عليه برد ما حصل بيده لا

بقيمة عمل العبد الذي أجرة "؛ يرد بأن ما ذكر من نصهم ليس كذلك إنما قاله ابن القاسم فيمن تعدى عليها حسبما مر من نص السماع، وكذا لفظ النوادر؛ لأن نصها: من صاد بكلب غيره أو بازه، وكون حكم ما ذكروه حقًا في المتعدي واضح كالضروري من المذهب، وغره عبارة المتأخرين في المسألة بالغصب، ومن طالع كتب المتقدمين حمل لفظ الغصب على حقيقة لغًة وعلم ضعف إجراء المازري المسألة على رد غلة المغصوب، ومن أنصف علم الحق، والله أعلم بمن اهتدى. ابن رشد: قول ابن القاسم أظهر من قوليهما؛ لأن جل العمل للكلب والبازي؛ لأنهما اتبعا الصيد وأخذاه، وإنما للمتعدي التحريض فلربهما شيئان، وللمتعدي شيء واحد، فوجب كون الصيد لربهما على ما تأول لابن القاسم في المزارعة الفاسدة؛ الزرع لذي شيئين من الأرض والبذر والعمل لا لذي واحد منهما. ورده ابن عبد السلام بأن ما ذكره في المزارعة مختلف فيه، فمخالفه فيها يخالف في الصيد، أو يفرق بأن المتزارعين دخلا على الشركة بخلاف الصائد ورب الكلب، وهذا معتبر في الشركة والقراض؛ يرد بأن مخالفه هنا لم ينقل عنه في المزارعة مخالفته وبإنتاج الفرق العكس؛ لأنه إذا حرم الأخذ الداخل على الشركة المرضي كونه شريكًا، فأحرى من لم يرض استقلاله بالصيد فنظير الزرع الصيد. وسمع عيسى ابن القاسم: لا بأس بأكل طير يصاد بوضع خمٍر له يشربها يسكر. قلت: يريد: ويكره صيده بها؛ لأنه استعمال لها، ولم يذكره ابن رشد. والحالات: يجد الصيد بها غير ناصبها أو يطرده فيسقط بها بعد استقلاله بنفسه عن طرده لناصبها، ولو سقط بها لطرده بعد استيلائه عنه دون قصد طرحه بها لطارده، فلو قصده؛ فقال ابن رشد: لا بيان فيها في الواضحة ولا العتبية، ومقتضى مذهبهم لطارده وعليه قيمة نفعه بها. قلت: سبقه به اللخمي. ابن عبد السلام: ظاهر ما حكاه في النوادر عن العتبية الشركة فيما فرضه ابن رشد، ولم أجده في العتبية بذلك الظهور. قلت: لم أجد في النوادر ما حكاه عنها، بل ظاهرها أنه لطارده دون شيء، ونصها

من سماع عيسى ابن القاسم: إن أعيوه وأشرفوا على أخذه كالمقتدرين عليه, فضغطوه حتى وقع في المنصب, فهو لطارده دون رب المنصب, وقاله أصبغ. فإن سقط فطره دون رب المنصب, وقاله أصبغ. فإن سقط فطرده دون استقلاله بنفسه ول بعد عنه, ففي كونه له وعليه له أجر مثله أو تركه له؛ لأصبغ وسماع عيسى ابن القاسم, وقياس ابن رشد على قول ابن القاسم في صيد متعد على كلب به, وما طرده لدار أخذ بها في كونه لطارده فقط أو شركة بينه وبين ربها, ثالثها: الأول وعليه بقدر انتفاعه بها, لعبد الحق عن قولي شيوخه, وقول ابن رشد, ولم يحك اللخمي غير الأول, وعزا ابن حارث الأول لابن القاسم وأشهب, قال: ولو لم يضطره طارده لها فدخلها الصيد, فقال ابن القاسم: لرب الدار, وأشهب: لطارده, وفيما ند من صائده وصاده غيره طريقان: اللخمي والمازري: إن صيد قبل توحشه وبعد تأنسه فالأول اتفاقًا, ونحوه للتونسي, ولو صاده بعد توحشه؛ فثالثها: إن تأنس عند الأول لابن عبد الحكم قائلًا: ولو توحش عشرين سنة, ومالك مرة مع ابن القاسم ومرة مع ابن الماجشون, والصواب الأول. اللخمي: لو أرسله الأول اختيارًا فلصائده اتفاقًا. ابن بشير: لو صاده ثاٍن بعد نده من الأول؛ ففي كونه للثاني أو الأول, ثالثها: إن طال زمن نده. قلت: هذا يتناول صورة الاتفاق, ونحوه قول ابن نافع في المبسوطة: هو للثاني, وإن لم يكن هروبه هروب انقطاع. اللخمي: وعلى أنه بالتوحش للآخر, لو قال ربه: ند منذ يومين, وقال الأخر: لا أدري, فقال ابن القاسم: ربه مدٍع. سحنون: بل صائده, وهو الصواب لتحقق ملك ربه وجزمه, فلو خرج صائده بطول فكذلك للأول, وذكر ابن بشير القولين فيهما مفرعين على ثالثة. ابن رشد: قول ابن نافع: ربه مدع عليه البينة, يناقض قوله: هو للصائد وإن لم يكن هروب انقطاع, ولو ملكه ربه بشراء؛ ففي كونه كذلك أو له مطلقًا قولا محمد وابن الكاتب, محتجًا بأن الأرض المحياة تحيي بعد رجوعها لحال إهمالها أولًا

لربها إن ملكها بشراء مطلقًا, بخلاف ملكه إياها بإحياء. وفيها: من صاد طيرًا في رجله سباقان, أو ظبيًا في أذنه قرطان أو في عنقه قلادة؛ عرف بذلك, فإن كان هروبه هروب انقطاع وتوحش فهو لصائده, وإلا فلربه, فظاهرها لمحمد. ويملك الصيد بأخذه: سحنون: لو رأى واحد من قوم عشًا, فقال: هو لي لا تأخذوه, أو وجدوه كلهم فأخذه أحدهم؛ فلآخذه, فلو تدافعوا عنه فلكلهم. قلت: هذا إن كان بمحل غير مملوك, وما بمملوك لربه. وفيها: إن أبان عقر الصيد يده أو رجله أو فخذه أو جناحه أو خطمه لم يؤكل ما بان منه؛ مات بذلك أو ذكي, وكذا ما بقي معلقًا به بقاء لا يعود لهيئته أبدًا, وما علم أنه يعود لهيئته كباقيه, وإن أبان رأسه أو نصفه أكل جميعه. ابن رشد: وكذا نصف رأسه؛ لأنه مقتل. المارزي: وكذا إن كان مع الرأس أقله. قلت: وفيما سوى ذلك طرق. روى محمد: إن أبان وركيه مع فخديه لم يؤكل المبان, وسمع عيسى ابن القاسم: إن أبان وركيه أكلا. المازري: قال بعضهم: ليس هذا اختلافًا, وحمل رواية محمد على أن القطع لم يبلغ الجوف. الباجي: في أكل المبان مع غير الرأس بكونه الأكثر, أو بوصول القطع للجوف؛ ثالثها: بكونه لا تتوهم حياته بعده, لرواية محمد وابن حبيب مع ابن القاسم, وتعليل ابن القصار, قلت: عزاه اللخمي لابن الجلاب. ابن رشد: لو أبان وركيه مع فخديه ولم يجز له نصفين ولا بلغت الضربة جوفه, فروى محمد: لا يؤكل المبان. ابن حبيب: ما لم يكن كل عجزه مع وركيه؛ لأن القطع من جوفه الصواب أكله

ولو بقي كل عجزه في الأعلى؛ لأنه لا يمكن حياته. روى اللخمي: لا بأس باتخاذ أبرجة الحمام وإن عمرت من حمام الناس. اللخمي: ما لم يحدث الثاني بقرب الأول. قلت: في ضحاياها لا يصاد حمام الأبرجة, وما صاده منها عرف به, فإن جهل ربه تصدق به. الشيخ عن ابن كنانة: لا يمنع اتخاذها وإن أضربت بزرع جيرانه وثمارهم, وأكره أن يؤذي أحد, ثم ذكر عن ابن حبيب عن مطرف منع اتخاذها هناك, وعزا التونسي وابن العربي لأصبغ إجازته من غير كراهة, فالأقوال ثلاثة, وإن دخل حمام برج في آخر, فإن عرف وقدر على رده رد. اللخمي: اتفاقًا, ثم قال: الأحسن عدم رده؛ لأنه غير مملوك للأول, إنما هي على سبيل الإيواء, تأوي اليوم بموضوع وغدًا بآخر. قلت: فيجوز اصطيادها, وإن عرفت ولم يقدر على ردها؛ فقال ابن القاسم: لا شيء على من صارت له. ابن حبيب: يرد فراخها, وإن لم تعرف وجهل عشها فلا شيء عليه. وحمام البيوت لقطة: له بيعه فيتصدق بثمنه, وحبسه ويتصدق بقيمته, وإن لم يتصدق بشيء فواسع؛ لاستخفاف مالك حبس يسير اللقطة. التونسي عن سحنون: لو تزوجت حمامة البيوت مع ذكر له, ردها ونصف الفراخ؛ لأن الذكر والأنثى من الحمام سواء تعاونهما في زق الفراخ وتربيتهما. الشيخ: روى ابن القاسم: لمن نصب جبحًا بجبل ما دخل فيه من نحل. أشهب: إن كانت جبلية, والمربوبة أسوة بين أربابها, ولا أحب نصبه بها, وما به كثير نحل مربوبة وكثير نحل غير مربوبة له نصبه به, وما دخله إلا أن يعلم أنه لقوم فيرد لهم وكره ابن كنانة نصه قرب جباح الناس. ابن حبيب عن مطرف: لا تنصب جباح النحل حيث تضر بأهل القرية في زرعهم وثمرهم؛ بخلاف الماشية للعجز عن الاحتراس منها, ولقول مالك في الدابة الضارية فساد الزرع تغرب وتباع على ربها, وكذا الإوز والدجاج الطائرة التي لا يقدر على

الاحتراس منها, وأجاز اصبغ كل ذلك كالماشية, وقاله ابن القاسم. العتبي عن سحنون: لو ضرب فرخ نحل على آخر بشجرة أو في بيت فهو لرب الأول والبيت. ابن رشد: قول التونسي "لعله أراد إنهما دخلا جبح الثاني كانا له, ولو بقيا بالشجرة وعاشا بها وأفرخا كان لهما وعسلهما بينهما, تفسير" وإنما يكونان لم دخل جبحه إن طال حتى فات إخراجهما وقسمهما بينهما؛ كدخول حمام برج في آخر إن قدر على ردها, وإلا بقيت لمن ثبتت في برجه. اللخمي: لو دخل فرخ جبح في آخر, فقال سحنون: هو لمن دخل عنده وعلى قول ابن حبيب في الحمام إن لم يقدر على ردها رد أفراخها؛ يرد قدر ما يكون من عسلها. قلت: تقدم له إن جهل عش الحمام لم يرد لها فرخ, ومحل النحل مجهول أبدًا فلا يرد عسلًا. قال: وأرى إن رضي من صار إليه بإعطاء قيمته أن له ذلك والحكم الأول في النحل أقوى من الأبراج؛ لأن النحل تملك, والحمام إنما هي تأوي إلى الأبراج.

كتاب الذبائح

[كتاب الذبائح] الذبائح: لقب لما يحرم بعض أفراده من الحيوان لعدم ذكاته أو سلبها عنه, وما يباح بها مقدورًا عليه, فيخرج الصيد الحيوان المأكول ذو النفس السائلة إن ذكي أو

كان بحريًا غير خنزيره وطافيه حلال, وغير ميتة حرام لغير مضطر إجماعًا فيهما غير الآخرين, وذي نفس غير سائلة. وقول ابن عبد السلام: مرادهم بالمأكول ما أبيح أكله؛ فقول ابن الحاجب: أجمعوا على إباحة المذكي المأكول؛ غير سديد؛ لأن تقديره أجمعوا على إباحة أكل المذكي المباح الأكل؛ يرد بأن مرادهم به ما أبيح أكله بتقدير ذكاته؛ لأنهم يطلقونه عليه حيًا. وجواب ابن هارون بأن مراده ذكر الإجماع على إعمال الذكاة فيه؛ يرد بأنه وإن سلم على بعده لا يرفعه ما ادعى من قبح تركيب كلامه. والذكاة: تصح من المميز المسلم. روى محمد: لا تصح من مجنون ولا سكران ولو أصابا. وسمعه ابن القاسم بزيادة: وهما لا يعقلان. ابن رشد: إجماعًا, قال: وإن كان السكران يخطئ ويصيب لم ينبغ أكل ذبيحته؛ للشك في نيته الذكاة, ولا يصدق لفسقه وينوي في حق نفسه. ولابن رشد في موضع آخر: يختلف في السكران الذي يخطئ. وروى محمد: لا تصح من أعجمي لا يعرف الصلاة. وفيها: ولا من مجوسي ولا مرتد مطلقًا. ابن حارث: اتفاقًا, واختار اللخمي أنه كذي دين من ارتد إليه. وفي اعتبار إسلام صغير عقل الإسلام نقله قولي ابن القاسم, وفي اعتبار ردته نقله عنه وعن سحنون. قلت: في جنائزها: من ارتد قبل البلوغ لم تؤكل ذبيحته ولا يصلي عليه. وفي ثالث نكاحها: من أسلم فمات وله ولد مراهق فأسلم لم يرثه بذلك حتى يتقرر إسلامه بعد بلوغه. وفيه: إن أسلم صبي وتحته مجوسية لم يفسخ نكاحه إلا أن يثبت على إسلامه

حتى يحتلم. وفيه: جواز وطء رب المجوسية الصغيرة التي عقلت الإسلام بجبره إياها عليه؛ فنوقضت بالأوليين, ويجاب بأنه اعتبر في هذه لأنه نفى مانع, وألغي في الأوليين؛ لأنه مقتض فسخًا أو إرثًا أو جزاء من مقتضيه. اللخمي: في صحة ذكاة المسلم التارك الصلاة قولا مالك وابن حبيب. ابن رشد: يختلف في البدعي المختلف في تكفيره, والعربي النصراني, والعجمي يجيب للإسلام قبل بلوغه. وفي جواز ذكاة المرأة والصبي وكراهتها, ثالثها: لضرورة؛ لمالك وأبي مصعب ورواية محمد. ابن رشد: هو أشد كراهة منها؛ لرواية محمد تذبح أضحيتها ولا يذبح أضحيته. قلت: فيه نظر؛ للزوم مانعها دونه, ومنعه الأضحية؛ لأنها مكلفة دونه وهي مطلوبة أن تلي ذبحها. وروى محمد: يجوز من الأغلف والجنب والحائض. ابن القاسم: والأخرس. وسمع القرينان: تكره من الخصي. ابن رشد: والخنثى والأغلف, وروى محمد وسمعا صحة ذكاة السارق. ابن رشد: اتفاقًا. وفيها ليحيي بن إسحاق عن ابن كنانة: إن كان نصرانيًا أو جهل كونه مسلمًا لم تؤكل. وفيها لمالك: ذكاة رجال الكتابيين ذميهم وحربيهم جائزة, فسوى بهم ابن القاسم نساءهم وصبيانهم مطيقي الذبح. الشيخ: روى محمد كراهة ذبائحهم, وما هو ملك لهم أخف. قلت: مقتضى قول ابن كنانة في السارق عدم أكل مذكى الكتابي. وفيها كراهة الشراء من مجازهم عمر أن يكونوا في أسواقنا جزارين أو صيارفة وأمر أن يقاموا منها.

قال مالك: يريد: لا يبيعون في أسواقنا في شيء من أعمالهم, وأرى أن يكلم الولاة أن يقيموهم. ابن حبيب عن الأخوين: نهي عن الشراء منهم, والمشتري منهم رجل سواء ولا يفسخ شراؤه. وفي حرمة مذكاهم من ذي ظفر وإباحته, ثالثها: يكره للخمي عن أشهب مع ابن القاسم, وابن الحكم مع ابن وهب, ونقله قائلًا: بناء على لغو ذكاتهم؛ لاعتقادهم حرمتها واعتبارها لنسخ حرمتها بملتنا ونيتهم إياها وإن كانت فاسدة, وعليهما لو وكل رجل آخر على نحر أو ذبح والآمر يعتقد أن ذلك ذكاة والمأمور لا يعتقده, وليس كرمي شاة بحديدة ذبحتها ممن لا يريد ذكاتها, ويختلف على هذا فيمن ذبح شاة إتباعا لفعل الناس جاهلًا شرع حكم الذكاة, وعزا الباجي الأول لابن حبيب قائلًا: هي الإبل وحمر الوحش والنعام والإوز, وما ليس بمشقوق الخف ولا منفرج القائمة. ابن زرقون: نحوه في المدونة, وأباحه ابن لبابة, وهو ظاهر قول أشهب في المبسوطة. وفي حرمة شحوم مذكاهم؛ الثلاثة للخمي عن رواية محمد ابن القصار عن ابن القاسم مع أشهب, والباجي عن رواية ابن حبيب قائلًا: كحرمة أكل ثمنها, ونقل اللخمي رواية المبسوط: لا بأس به مع ابن نافع, وعن ابن القاسم مع الباجي عن رواية القاضي, وخرج اللخمي الأولين على تبعيض الذكاة وعدمه. ابن حبيب: هي الثرب وشحم الكلى وما لصق بالقطنة وشبهها من الشحم الخالص لا ما اختلط بلحم أو عظم, ولا الحوايا وهي المباعر بنات اللبن. وقول ابن رشد: لا أعرف نص خلاف لقول ابن حبيب إلا ما لأشهب في المبسوط قائلًا: للتأويل, قصور لنقل اللخمي عن ابن وهب وابن عبد الحكم. ابن رشد: وقال ابن لبابة: يحل كل ذي ظفر والشحوم, قال: لأنه من طعامنا فهو حل لهم؛ لقوله تعالى: ($$$$$$$$) وما حل لهم فهو من طعامهم فهو حل لنا لما قبله, وتحريمهم إياه لغو؛ لنسخ شرعهم بشرعنا, كما حل لنا صيدهم يوم السبت وإن حرموه.

ابن رشد: لا يصح هذا فيما نحروه أو ذبحوه من ذي ظفر لعدم قصدهم ذكاته, ولو ذبحوه بأمره تخرج على قولين في مسلم ولي نصرانيًا ذبح نسكه. وفيها: كان مالك يجيز الطريفة, وهي فاسدة ذبيحة اليهود لأجل الرية, ثم كرها. ابن القاسم: لا تؤكل. الباجي: ظاهرة المنع جملة, ولو حمل على التحريم ما بعد. العتبي: نهى ابن كنانة عنه. ابن رشد: فيها لابن القاسم: لا تؤكل كقول ابن كنانة؛ فهي ثلاثة: الإجازة, والكراهة, والمنع, ترجع لقولين؛ لأن المكروه من قبيل الجائز. الشيخ: روى محمد: إن عرف أكل الكتابي الميتة لم يؤكل ما غاب عليه. قلت: كذا نقلوه وقبله, والأظهر عدم أكله مطلقًا لاحتمال عدم نية الذكاة. وقول ابن عبد السلام: أجاز ابن العربي أكل ما قتله الكتابي ولو رأيناه يقتل الشاة؛ لأنه من طعامهم, يرد بأن ظاهره نوى بذلك الذكاة أولًا وليس كذلك, بل نصه أولا ما أكلوه على غير وجه الذكاة؛ كالخنق وخطم الرأس ميتة حرام, ثم قال: أفتيت بأن النصراني يفتل عنق الدجاجة ثم يطبخها تؤكل؛ لأنها طعامه وطعام أحباره, وإن لم يكن ذلك عندنا؛ لأن الله أباح طعامهم مطلقًا, وكل ما يرونه في دينهم فهو حلال لنا إلا ما كذبهم الله فيه. قلت: فحاصله أن يرونه مذكي عندهم حل لنا أكله, وإن لم تكن ذكاته عندنا ذكاة, وفي حل ذبيحة الكتابي لمسلم ملكه بإذنه وحرمتها ثالثها: تكره؛ لسماع القرينين: لا بأس به مع زيادة ابن أبي حازم فيه: وبئس ما صنع, وابن رشد مع اللخمي عن رواية ابن أبي أويس, وسماع يحيي ابن القاسم مع الشيخ عن رواية محمد: يكره ذبح العبد النصراني لربه إلا لضرورة. وسمع ابن القاسم: لو منع كتابي مسلمًا ذبح شاة بينهما لعدم أكله ذبيحته؛ لم أحب تمكينه المسلم من ذبحها. ابن رشد: يقاويه إياها, فإن مكنه من ذبحها فعلى ما مر. وفي كراهة ما ذبحوه لكنائسهم وحرمته, ثالثها: لا بأس به؛ لها, ولابن رشد عن

ابن لبابة مع العتبي عن سحنون, وعن سماع عبد الملك بن الحسن أشهب مع ابن حارث عن ابن وهب. قلت: وعزاه العتبي في سماع ابن القاسم لعيسى وابن وهب, وفيما ذبحوه لأعيادهم الأولان. قلت: والتخريج على الثالث وفيما ذكروا عليه اسم المسيح الكراهة, والإباحة لابن حارث عن رواية ابن القاسم مع رواية أشهب, وعنه قائلًا: أباح الله ذبائحهم لنا وعلم ما يفعلون, وروى الباجي ومحمد ابن حبيب كراهة الجميع, وما ذبح للصليب من غير تحريم. ابن حبيب: لأنه تعظيم لشركهم, وقال ابن القاسم:- فيما بيع من وصية نصراني لكنيسة- لا يحل شراؤه ومشتريه رجل سوء. ابن حارث: ما ذبحوه على الأصنام أو النصب حرام اتفاقًا. التونسي: الظاهر أن ما ذبح للصليب كذلك إلا أن يكون ما ذبح للأصنام لا يقصد به ذكاة. محمد: تؤكل ذبيحة السامري- صنف من اليهود ينكرون البعث- لا ذبيحة الصابئ, وليست كحرمة ذبيحة المجوسي. التونسي: الصابئ لم يتمسك بكل دين النصرانية ووافق المجوسي في بعض دينه, فما الفرق بينه وبين السامري إلا أن يكون السامري تمسك بجل دين اليهودية. محمد: تؤكل ذبيحة النصراني العربي والمجوسي إذا تنصر. الحسن: لو قال مجوسي لمسلم اذبحها لنا فاستقبل القبلة وسمى الله أكره أكلها. محمد: لذبحها بهذا الشرط, ولو أمره بذبحها لإضافة مسلم فذلك جائز وإن أعدها لعيده. ابن حبيب: لا ينبغي الذبح لعوام الجان لنهيه صلى الله عليه وسلم عن الذبح للجان.

باب معروض الذكاة

قلت: إن قصد به اختصاصها بانتفاعها بالمذبوح كره, وإن قصد التقرب به إليها حرم. [باب معروض الذكاة] معروض الذكاة: النعم غير جلالة. الشيخ عن محمد ابن القاسم: لا بأس بأكل جدي إثر رضاعه خنزيرة, وسمعه عيسى: أحب إلي أن لا يذبح جدي رضع خنزيرًا حتى يذهب ما ببطنه من غذائه, ولو ذبح مكانه فأكل لم أربه بأسًا. ابن رشد: أكل ما يتغذى بالنجاسة من ماشية وطير حلال اتفاقًا. قلت: للشيخ عن ابن حبيب كراهتها, وغيره: مفترس الوحش, أم الخنزير فحرام

وغيره يأتي. ($$$$$$$$) ($$$$$$$$) قال أبو عمر: روى ابن عبد الحكم: هي ما يفترس ويأكل اللحم لا الكلأ. وفيها طرق. الشيخ عن ابن حبيب: اتفق المدينون على حرمة عادي السباغ؛ كالنمر والذئب والليثة والكلب, وغير عاديها؛ كالدب والثعلب والضبع والهر وحشيًا وإنسيًا مكروه. ابن الماجشون: كل ما يفترس ويعض إذا أخذ لم يؤكل. اللخمي: في حرمة كل ذي ناب؛ السبع والنمر والذئب والكلب وكراهتها قولا ابن الماجشون والأبهري مع ابن الجهم, وذكر أبو عمر الأول رواية. الباجي: في كراهة كل السباع ومنع أكلها, ثالثها: حرمة عاديها؛ الأسد والنمر والذئب والكلب, وكراهة غيره كالدب والثعلب والضبع والهر مطلقًا؛ لرواية العراقيين معها, وابن كنانة مع ابن القاسم, وابن حبيب عن المدنيين. وروى محمد: النمر والفهد حرام, والذئب والثعلب والهر مكروه, واتفق قول مالك على كراهة ما لا يعدو ابتداء غالبا كالهر والثعلب والضبع, وما يعدو ابتداء كرهه مرة وحرمه أخرى, وقول ابن كنانة مع ابن القاسم يحتملهما. اللخمي: حكى الجلاب أن الضبع والأسد سواء. قلت: في عدم الأكل ولم يحك سواه, وفي صيدها قال مالك: لا أحب أكل الضبع والثعلب والذئب والهر الوحشي والإنسي ولا شيئًا من السباع. قلت: الأظهر حملها على تحريم العادية بقولها: من سرق سباع الوحش التي لا تؤكل لحومها وبلغت قيمة جلودها بعد ذكاتها ثلاثة دراهم؛ قطع.

وإليه يرد لفظ كراهتها؛ لنقل العتبي عن مالك: لم يكن الناس يقولون هذا حرام بل إنا نكرهه, وهذا الذي يعجبني, وقبول أبي عمر قول الحسن: الفيل ذو ناب يلحقه بما تقدم, ونحوه نقل الباجي قول الأبهري: إن نحر جاز الانتفاع بعظمه وجلده. ابن حبيب: لا يحل القرد. أبو عمر: لا أعلم خلافا انه لا يؤكل. الباجي: بعد ذكره قول ابن حبيب ظاهر مذهب مالك وأصحابه عدم حرمته لعموم الآية, ولم يرد فيه نص كراهة, فإن كره فللخلاف. ابن شعبان: لا يباع وأجاز بعض أصحابنا ثمنه وأكله إذا كان يرعى الكلأ. محمد: لا يحل ثمنه ولا كسبه وما سمعت عن أصحابنا فيه شيئًا. ابن شاس: ما اختلف في مسخه كالفيل والدب والقنفد والقرد والضب؛ حكى اللخمي في جواز أكله وتحريمه خلافًا. قلت: لم أجده له, إنما ذكر في الضب والقرد خلافا فقط, وذكره ابن بشير مسقطًا منه الفيل والقنفد. وفي صيدها: يجوز أكل الضب والأرنب والوبر والضرابيب والقنفد, ولا أحب الضبع والثعلب والذئب والهر وحشيًا أو إنسيًا ولا شيئًا من السباع. وفي ذبائحها: ولا بأس باليربوع والخد والحيات. وروى ابن حبيب: والحرباء الحرطون- وهو الورل- وكراهة الفأرة دون تحريمها. ابن رشد: هي من ذي الناب من السباع, وروى ابن حبيب: كراهة الحيات لغير ضرورة ولا تداٍو. الكافي: لا تؤكل الوزغ, وسائر الحيات لغير ضرورة الوحش في التلقين وغيره مباح. والحمر: ابن حبيب: يؤكل وحشيها لا إنسيها اتفاقًا فيهما. الباجي: في حرمتها وكراهتها روايتان, ولم يحك ابن القصار غيرها. الباجي: والبغال مثلها.

ولو دجن حمار وحشٍ فصار يعمل عليه؛ ففي جواز أكله ومنعه قولا ابن القاسم ومالك فيها. محمد عن ابن كنانة: يؤكل ولو ربي صغيرًا, وأرى رواية ابن القاسم كراهته وهمًا. الباجي: في كراهة الخيل وإباحتها قول مالك, ونقل ابن حبيب قائلًا: البراذين منها, ولم يحك المازري غير الأول. ابن بشير: ثالثها: حرام. قلت: هو ثالث سلمها: ما قوله في الدواب الخيل والبغال والحمير باللحم؟ قال: قال مالك: لا بأس به ولو إلى أجل؛ لأن الدواب لا تؤكل لحومها. ابن القاسم: وأكرهه بالضبع والثعلب والهر لكراهتها مالكٌ. قلت: فتخصيصه هذه بالكراهة دليل تحريم الخيل كسائر الدواب. اللخمي: هي أخف من الحمر, والبغال بينهما. وفي افتقار حلية الجراد لذكاة قولها مع المشهور, والصقلي عن ابن عبد الحكم محتجًا بقوله صلى الله عليه وسلم: «أحلت لنا ميتتان؛ الحوت والجراد» مع الشيخ عن ابن حبيب عن مطرف, والباجي عنهما. وللصقلي في كتاب الطهارة قال مرة: لا تؤكل ميتته, ومرة تؤكل, وهذا ظاهر مذهبه, ونقل اللخمي عن ابن القصار: لا تؤكل ميتته, ولو وقع في قدرٍ أو نارٍ أكل مشكلٌ؛ لأن ما يفتقر لذكاة يفتقر لنيتها. وفي كون ذكاته مجرد أخذه أو فعل ما يموت به غالبًا. نقل الصقلي عن ابن وهب والمشهور, وعليه فيها: كقطع رؤوسها أو طرحها في النار أو سلقها أو قلوها لا بموتها بجعلها في الغرائر. وفي كون قطع أرجلها أو أجنحتها ذكاة قولا ابن القاسم فيها مع ظاهر رواية محمد, ونقل الشيخ عن أشهب: إن ماتت من قطع أرجلها أو أجنحتها لم تؤكل, ومقتضى قول ابن القاسم فيها لم اسمعه من مالك يوجب كون عزوه الباجي لمالك

دونه وهم. الشيخ عن أشهب: لو طرحت في ماء حار أكلت, ولم يؤكل ما زايلها من أفخاذها, وأما الأجنحة فكصوف الميتة وتؤكل هي, ولو سلقت أفخاذها معها طرحت كلها, فقبله التونسي. وقال الشيخ: هذا غلط بين, وقول ابن شاس في كونه إلقائه في ناٍر أو ماٍء حار ذكاة قولا ابن القاسم مع مالك وأشهب خلاف نقل الشيخ وغيره. ابن حارث: كنت أسمع بعض الرواة أخذه ذكاته. وفي ذكاتها بإلقائها في ماء بارد رواية محمد ونقل الصقلي عن سحنون كراهته مع زيادة الشيخ عنه: ولم يجز ذلك إلا في ماء حار, والباجي عنه: لا تؤكل, قال: بناء على إن المعتبر ما تموت به مطلقًا أو عاجلًا, وقول اللخمي على افتقاره للذكاة يسمى عليه من فعلها, مفهمه على نفيه لا يسمى, وتقدم للصقلي والباجي عن ابن عبد الحكم: تؤكل ميتته, ثم نقلا عنه: لابد من التسمية عليه عندما يكون منه موته من قطع رأس وغيره؛ لأنه ذكاته. وفيها: سئل مالك عن شيء بالمغرب يقال له الحلزون يتعلق بالشجر في الصحاري, قال: هو كالجراد عن سلق أو شوي أكل ولا تؤكل ميتته. عياض: هو بفتح الحاء واللام كذا ضبطناه عنهما. قلت: لم يذكره الجوهري, وفي المحكم: جلزة دويبة معروفة. قلت: أرأيت هوام الأرض كلها خشاشها وعقاربها ودودها وحياتها وشبهه, قال, قال مالك: لا بأس بأكل الحيات إذا ذكيت في موضع ذكاتها لمن احتاج غليها, ولم أسمع منه في هوام الأرض شيئًا, إلا أنه قال في خشاشها: إن مات في ماء أو طعام لم يفسده وما لا يفسدها فلا بأس بأكله إذا ذكي كالجراد. عياض: هذا صحيح المذهب, وفي تخريج بعضهم أكله دون ذكاة كالجراد نظر, وقاله القاضي واللخمي. قلت: خرجه على الجراد, وأخذه من قول التلقين في الطهارة: حكم الخشاش كدواب البحر لا ينجس ولا ينجس ما مات فيه.

قلت: وهذا لا يدل على أكله دون ذكاة ولا تستلزمه كما مر لابن القاسم, وعزا الباجي أكله لمطرف وابن عبد الحكم, وجعله ابن بشير مقتضى قولها: لا ينجس ما مات فيه, قال: وهو قول القاضي في التلقين, خلاف قول ابن حبيب: لا يؤكل غلا بذكاة, وفي الكافي: جماعة من المدنيين لا يجيزون أكل الخشاش, ومسألة وقوع الخشاش في قدر تقدمت وإطباقهم على تأويلها يضعف وجود القول بأكل الخشاش دون ذكاة, وغلا كان مأخوذًا منها. ($$$$$$$$) الطعام: ظاهر الروايات كغيره, وقول ابن الحاجب: لا يحرم أكل دود الطعام معه, وقبوله ابن عبد السلام وابن هارون لم أجده, إلا قول أبي عمر: رخص قوم في أكل دود التين, وسوس الفول والطعام, وفراخ النحل لعدم النجاسة فيه, وكرهه جماعة ومنعوا أكله, وهذا لا يوجد في المذهب, وقول التلقين: ما لا نفس له سائلة كالعقرب هو كدواب البحر لا ينجس ولا ينجس ما مات فيه, وكذا دواب العسل والباقلاء ودود الخل؛ يدل على مساواته لسائر الخشاش. وفيها لمالك: لا بأس بأكل الضفادع وإن ماتت؛ لأنها من صيد الماء. اللخمي عن ابن نافع: الضفدع ينجس بالموت وينجس ما مات فيه. التلقين: يؤكل كل حيوان البحر, وإن لم يكن له شبه بالبر دون ذكاة, لو قتله مجوسي أو كان طافيًا. الشيخ: كره ابن حبيب الجريث, قال: لأنه يقال غنه ممسوخ. قلت: الجريث يالجيم والراء مشددة والثاء مثلثة ضرب من السمك, قاله الجوهري وابن سيده. الباجي: في إباحة ما يبقى حيًا بالبر كالضفدع والسلحفاة والسرطان دون ذكاة, ثالثها: الأول فيما مأواه في الماء ولو رعى بالبر, والثاني فيما مأواه بالبر وغن عاش بالماء؛ لها, ولمحمد بن دينار, وعيسى عن ابن القاسم. ابن رشد: هذا القول تفسير مذهب مالك. وسمع القرينان: ترس الماء يقيم حيًا حتى يذبح, قال: هو من صيد البحر إنما يذبحونه لاستعجال موته, ولا أكره ذبحه لذلك لا لما يدخل على الناس من الشك,

فإن لم يكن فلا بأس. اللخمي: روى مختصر الوقار: استحب ذبحه؛ لأن له بالبر رعيًا, وفي إباحة خنزير الماء ومنعه وكراهته, رابعها: الوقف للصقلي مع أحد نقلي ابن بشير قائلا: لا أراه حرامًا, والباجي عن رواية ابن شعبان فيه وفي كلب الماء, وقول ابن حبيب ومالك فيها قائلا: أنتم تقولون خنزير, وربما حمله بغض من لقيناه الحرمة؛ أي أنتم أيها العرب تقولون خنزير وكل خنزير محرم. الباجي: روى ابن شعبان كراهته, وكراهة كلب الماء رواية ابن حبيب. أبو عمر عن الليث: لا يؤكل إنسان الماء. وكل الطير مباح حتى جلالته: ابن رشد: اتفاقا من العلماء. قلت: في الكافي جماعة من المدنيين لا يجيزون سباع الطير, ولا ما أكل الجيف منها, وفي الزاهي: روى ابن أبي أويس: لا يؤكل ذو مخلب من الطير. المازري: لعل أصحابنا يحملون النهي عنه على التنزيه, وقول ابن القاسم, وسحنون, والرواية المشهورة: عدم كراهة الخطاف, وروى علي كراهتها. ابن بشير: وقع في الخطاف, وما في معناها الكراهة, فلعله لقلة لحمها. قلت: لم يذكر غيرها غيره, وعلله ابن رشد بذلك مع تحرمها بمن عششت عنده؛ لأنها تعشش في البيوت. قلت: وهذا يقتضي قصرها عليها, وفي الزاهي: كره ابن وهب أكل الهدهد والصرد. قلت: لحديث ابن عباس: ((أنه صلى الله عليه وسلم نهى قتل أربع من الدواب؛ النملة, والنحلة, والهدهد, والصرد)) أخرجه أبو داود عن رجال الصحيح. ابن حبيب: ذو السم منه إن خيف حرم وإلا حل. الباجي: لا تؤكل حية ولا عقرب.

باب آلة الصيد

الأبهري: إنما كرهت لجواز كونها من السباع والخوف من سمها, ولم يقم على حرمتها دليل, ولا بأس بها تداويًا ولذا أبيح الترياق. روى ابن حبيب كراهة العقرب, وذكاتها قطع رأسها. وفي ثاني حجها: لا باس بأكل الحيات إذا ذكيت, ولا أحفظ عنه في العقرب شيئًا, وأرى أنه لا بأس به, وقول ابن بشير: حكى المخالف عن المذهب جواز أكل المستقذرات, وكل المذهب على خلافة, خلاف رواية ابن حبيب: من احتاج لأكل شيء من الخشاش ذكاه؛ كالجراد, والعقرب, الخنفساء, والجندب, والزنبور, واليعسوب, والذر, والنمل, والسوس, والحلم, والدود, والبعوض, والذباب. [باب آلة الصيد] الآلة: ما يقطع اللحم بضغطة لأسفل في التلقين, ولو كان زجاجًا. قلت: فيخرج المنشار؛ كقول ابن حبيب" لا خير في منجل الحصد المضرس لا الأملس, قال: ولو قطع المضرس قطع الشفرة فلا بأس به, وما أراه يفعل ذلك, وروى محمد: ما ذبح بفلقة قصبة أو عصا أو حجر لضرورة أكل. وفي كون العظم كذلك قولها مع ابن حبيب: ولو من غير ذكي, وقول المارزي: لم أر فيه نص خلاف, وأحزأه بعض شيوخنا كالسن؛ لحديث: ((وأما السن فعظم)). وقول الكافي: قيل لا بأس به, وقيل: مكروه, وقيل: لا ذكاة به بحال. وكون السن والظفر كحجر ثالثها: إن كانا منزوعين للخمي عن ابن القصار مع

باب الذكاة

الباجي عن ظاهر المبسوط, وابن شاس عن رواية ابن وهب فيه, والباجي عن رواية ابن القصار مع رواية محمد والشيخ عن ابن حبيب. ابن رشد: وقيل: يجوز بالظفر لا السن. وفيها مع رواية محمد وابن حبيب, وأقوالهم تقييد ما سوى آلة الحديد بعدمها. ابن حبيب: وخوف موتها, ومعها مكروه, ابن حبيب: وقد أساء ولا يحرم أكلها, وقول ابن الحاجب: تجوز به ولو كان معه سكين؛ ظاهره عدم كراهته, ونقله ابن عبد السلام عن المذهب, ولم أعرف إلا ما في الكافي, وفي أخذه منه احتمال, وقال عياض: لا يذكى بغير الحديد معه اتفاقًا. [باب الذكاة] والذكاة: نحر, وذبح, وفعل ما يعجل الموت بنية في الجميع: فالأول للإبل, وهو والثاني في البقر واستحب فيها الذبح للآية, وروى ابن أبي أويس: من نحرها فبئس ما صنع, والذبح لغيرهما. الباجي: الخيل كالبقر, وتقدم للأبهري: إن نحر الفيل جاز الانتفاع بعظمه وجلده. وفي حل ذبح ما ينحر وعكسه في غير الطير اختيارًا, ثالثها: الأول لأشهب وابن حارث عن ابن القاسم مع ابن رشد عن رواية محمد مع ظاهرها, وزيادة رواية محمد: ولو ساهيًا, وغير واحد عن ابن بكير القاضي في حمل رواية المنع على التحريم, والكراهة قولا ابن حبيب وغيره. العتبي عن سحنون عن ابن أبي سلمة: يؤكل ما ينحر بذبحه وعكسه اختيارًا. ابن رشد: قيل عدم آلة الذبح ضرورة تبيح نحره وكذا عكسه, وقيل: الجهل في ذلك ضرورة. ونحر الطير حتى النعامة لغو. ابن رشد: لأنها لا لبة لها, وظاهر قوله في المقدمات أن الطير كالغنم في نحرها, وفي النوادر: محمد عن أشهب: إن ذبح بعيرًا ونحر بقرة اختيارًا أكل, وقال ابن أبي

سلمة في العتبية: ما نحر من طير وغيره أكل, ونقل اللخمي عنه إجازة ذبح الإبل ونحر الغنم والطير يقتضي جوازه ابتداء. وما عجز عنه في مهواة جاز فيه ما أمكن من ذبح ونحر, فإن تعذرا؛ ففي حله بطعنه في غير محلهما قول ابن حبيب والمشهور, وقول البرادعي فيه: ما بين اللبة والمنحر منه منحر ومذبح, تعقبه عبد الحق بأن لفظها: ما بين اللبة والمذبح, واللبة هي المنحر. ومحل النحر: الباجي اللبة. الجوهري: هي محل القلادة من الصدر من كل شيء. اللخمي: ظاهر المذهب مطلق الطعن في الودج بين اللبة والمنحر يجزئ, وعن عمر في المبسوط: أمر من نادى: النحر في الحلق واللبة, وقال مالك: ما بين اللبة والمذبح منحر ومذبح, فإن ذبح أو نحر أجزأ, ولا يجزئ الطعن في الحلقوم دون ودج؛ لأنه لا يسرع به الموت ولا يثج له الدم. قلت: قوله أولا: (بين اللبة والمنحر) سهو؛ لأنهما شيء واحد. وسمع القرينان أم عمر المتقدم. ابن رشد: عبر بالنحر عن الذكاة؛ لأنه جل فعلهم يومهم ذلك كما يسمى يوم النحر, وليس مراده التخيير في أن النحر في الحلق أو اللبة؛ لأنها محل النحر والحلق محل الذبح, ولا يكون أحدهما محل الأخر؛ لو نحر شاة في مذبحها لم تؤكل اتفاقًا, وحمل بعض المتأخرين قوله على التخيير, قال: وظاهر المذهب وذكر تمام كلام اللخمي, قال: وقاله ابن لبابة هذا لا يصح, بل معنى قول عمر ما ذكرناه, وما ذكره عن مالك إنما قاله في الضرورة فيما يسقط بمهواة, ومقتضى نقل اللخمي أولًا عن ظاهر المذهب مع قوله أخيرًا: إن كان في المنحر قطع الوجدين؛ لأنه مجمعهما, أنه فيما بين اللبة والمذبح بقطع ودج في اللبة بقطعهما, وظاهر نقل ابن عبد السلام أنه شرط في أول كلامه قطع ودج وفي آخره قطع الودجين؛ أنه اختلاف قول وليس كذلك, بل تفصيل كما مر, وظاهر قول الرسالة: لا يجزئ في الذكاة إلا قطع الثلاثة؛ أنه كالذبح. الشيخ: روى محمد: الشأن نحر البدن قائمة, حسبما مر في الحج. وسمع ابن القاسم: تنحر البدن قيامًا أحب إلي, والبقر والغنم تضجع وتذبح.

وفي كتاب محمد: السنة اخذ الشاة برفق فيضجعها على شقها الأيسر للقبلة ورأسها مشرف, يأخذ بيده اليسرى جلد حلقها من اللحي الأسفل فيمده لتبين البشرة؛ فيضع السكين حيث تكون الجوزة في الرأس, ثم يسمي الله ويمر السكين مرًا مجهزًا بغير ترديد, فيرفع دون نخع وقد حدت الشفرة قبل ذلك, ولا يضرب بها الأرض, ولا يجعل رجله على عنقها, ولا يجرها برجلها, وكره ربيعة ذبحها وأخرى تنظر, وكره مالك ذبحها على شقها الأيمن إلا لأعسر. ابن حبيب عن اصبغ: لو فعله اختيارًا أكلت. ابن حبيب: يكره ذبح العسر. وسمع ابن القاسم ذكر مالك قول عمر لمن أضجع شاة وهو يحد شفرته: على ما تعذبها ألا حددتها قبل, وعلاه بالدرة. ابن رشد: أسنده ابن مسعود. قلت: رجحه عبد الحق مرسلًا عليه مسندًا, وتعقبه ابن القطان بأنه غير موصول, وفي خفة ذبح شاة وأخرى تنظر وكراهته. نقل ابن رشد عن مالك محتجًا بنحر البدن مصطفة, وابن حبيب راًدا له بأنه في البدن سنة. وفيها: نهى مالك الجزارين يدورون حول الحفرة يذبحون حولها وأمرهم بتوجيهها للقبلة. الشيخ عن محمد: ترك توجيهها للقبلة سهوا عفو, وعمدًا لا أحب أكلها. ابن حبيب: إن كان عمدًا لا جهلا لم تؤكل. اللخمي عنه: حرم أكلها, وقاله محمد. وسمع القرينان: ذبح الطير قائمًا, ذابحه غير مستقيم, هو استخفاف لا يفعله مفلح, ويؤكل. والتسمية مطلوبة: وتركها نسيانًا عفو, واستخفافًا يحرمها. ابن حارث وابن بشير: اتفاقًا فيهما, وعمدًا في حرمتها وكراهتها وحلها؛ ثلاثة للخمي عن أصبغ من عيسى وابن زرقون عن رواية ابن القاسم فيها: لا تؤكل, ونقله

عن الأبهري والقاضي, وتفسير ابن القصار وابن الجهم رواية ابن القاسم وابن زرقون عن أشهب. التونسي عنه: تركها جهلًا عفو. ابن بشير: قيل هي سنة, والخلاف على ترك السنة عمدًا وقيل واجبه مع الذكر ساقطة مع النسيان. ولو لم يسمع أجير ذبح أضحية تسميته من شرط عليه إسماعه إياها, وقال: سميت؛ ففي سقوط أجره فقط أو تضمينه الأضحية, ثالثها: له أجره ولا ضمان؛ لشيخي عبد الحق وأبي عمران محتجًا بأنه لا يظن بمسلم تركها عمدًا فهو صادق أو ناس, ولقول مالك في قول ابن عياش لما أمر عبده بالتسمية ثلاثا في كل مرة: سميت ولم يسمعه والله لا أطعمها أبدًا, ليس ذلك على الناس إذا قال الذابح سميت, إلا من أخذ به في نفسه فلا بأس. أبو عمران: ولو غاب ذلك لحم الشاة فلربها القيام به وينظر في قلته وكثرته, وقاله ابن عبد الرحمن, وقال عن إسماعيل القاضي: إنما تركها ابن عياش؛ لأنه كان بالمدينة عبيد مجوس يخاف كونه منهم, وعن أبي عمران: إن كان أجر من يسمع التسمية أكثر فله أجر مثله. وفيها: يسمى الله تعالى عند النحر أو الذبح وعلى الضحايا, وليقل بسم الله والله أكبر. ابن القاسم: ليس بموضع صلاة عليه صلى الله عليه وسلم ولا يذكر الله, وإن شاء زاد في الأضحية: اللهم منك وإليك وبك, أو منك الرزق وبك الهدى وإليك النسك, وهو حسن ومعنى كراهة مالك لمن التزمه شرعا كالتسمية, وقال هذا بدعة. ابن شعبان: قوله:} رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ {[البقرة: 127 [على ما يتقرب به من هدي أو نسك أو أضحية أو عقيقة حسن, ولا بأس بقوله: اللهم منك العطاء, ولك النسك, وإليك تقربت.

باب مقطوع الذكاة

ابن حبيب: قوله باسم الله, أو الله أكبر, أو لا إله إلا الله, أو سبحان الله, أو لا حول ولا قوة إلا بالله كاٍف, ويكره قوله محمد رسول الله. وسمع ابن القاسم معها كراهة قوله: صلى الله على رسول الله, وصوب ابن رشد إجازته. ابن حبيب. [باب مقطوع الذكاة] وما بقطعة الذكاة: قال اللخمي: كل الحلقوم والودجين والمرئ في الجوزة أتحتها مرة واحدة مجمع عليه, وفي حصولها بدون المرئ؛ المشهور, ونقل اللخمي رواية أبي تمام, وعزاه ابن زرقون له لا لروايته وعياض لرواية البغدادين. الباجي: لا أعلم من اعتبره غير الشافعي. وفي حصولها بالودجين فقط؛ أخذ ابن رشد من قولها: إن أدرك الصيد منفوذ المقاتل استحب أن يفري أوداجه, فإن فراها الجارح فرغ من ذكاته, ومن رواية المبسوط: لا باس بذبيحة سقطت بماء بعد قطع ودجيها, مع اللخمي منهما ومن القول بأكل ذات الجوزة في البدن ونصها مع الروايات, ورد عياض الأخذ الأول بأن ذبح الصيد المنفذ مقتله إنما هو لسرعة موته وخروج دمه لا لذكاته, وقطع الحلقوم لا يخرجه؛ ولذا قال قبلها: إن أنفذ الجارح مقتله ففرى أوداجه أجهز عند مالك, ولم يذكر الحلقوم, وبأن قطع الودجين ملزوم لقطع الحلقوم لمروره عنهما. قلت: وبه يرد أخذه من رواية المبسوط, ويرد الأخذ من الغلصمة بأن قطع ما فوق الجوزة قام مقام الحلقوم, وأخذه من رواية الاكتفاء بأحد الودجين مع الحلقوم بين. وعلى المنصوص في كون قطع نصف الحلقوم أو ثلثيه ككله ولغوه.

نقل الشيخ سماع يحيي ابن القاسم في الطير مع نقله عن ابن حبيب مطلقًا وسحنون. ونقل ابن عبد السلام تخصيص بعض من لقيه قول ابن القاسم بالكير لصعوبته؛ يرد بنقل الشيخ قول ابن حبيب مطلقًا. وظاهر قول الكافي: إن قطع أكثر الحلقوم أكلت عند مالك, وأكثر أصحابنا أنها لا تؤكل بقطع النصف. عياض: في جوازها بقطع الحلقوم مع أحد الودجين قولا مالك. قلت: ولو بقي يسير الأوداج فقط؛ فظاهر الروايات والرسالة معها, ونص ابن شعبان والشيخ عن سحنون: لا تؤكل. قال ابن محرز: لا تحرم. ($$) جوزته ببدنه في منع أكله وجوازه, ثالثها: يكره لنقل العتبي عن سحنون مع ابن عبد الحكم وأصبغ وأشهب, وسماع أبي زيد رواية ابن القاسم, واللخمي عن محمد, وابن حارث عن ابن مزين مصرحًا بحرمتها, وابن شعبان, والشيخ عن أشهب مع ابن وهب, وأبي مصعب, وموسى بن معاوية, وابن عبد الحكم, وأبي زيد, وأول قولي سحنون, وابن وضاح منكرًا سماع أبي زيد رواية ابن القاسم قائلا: لم يتكلم فيها إلا أيام ابن عبد الحكم ونزلت به, ويحيي بن إسحاق عن يحيي بن يحيي, وابن حارث عن مطرف: لا بأس, وللقابسي سند صحيح لابن وضاح: سألت أبا زيد عن سماعه رواية ابن القاسم فأنكره, ولم يحك الكافي غيره, ونقل ابن بشير. اللخمي: أنكر أبو مصعب الأول قائلًا: هذه دار الهجرة والسنة لم يذكر فيها شرط كون العقدة في الرأس بحال. الشيخ عن محمد بن عمر: على الأول إن بقي منها في الرأس قدر حلقة الخاتم أكلت, وإلا فلا. ابن رشد واللخمي: إن بقي قدر نصف الدائرة؛ فعلى قولي ابن القاسم وسحنون في اعتبار قطع نصف الحلقوم ولغوه.

الشيخ: قال شيوخنا إن أخطأ بها الجازر ضمن. قلت: يريد إن فرط، ولو تم ذبحه بعد رفع يده؛ فقال عبد الحق عن القابسي: إن رفع وهي بحيث تعيش فعوده كبدئه، وإلا فإن عاد ببعٍد لم تؤكل، وبقرب، ثالثها: تكره، ورابعها: إن رفع معتقدًا تمامه لا مختبرًا ولا ليعود، وخامسها: عكسه لسحنون، وابن حبيب، وابن وضاح عن سحنون، والشيخ عن تأويل بعض أصحابه عنه مع قول ابن زرقون عقب نقله. الباجي: ذكره الصقلي عن سحنون روايًة، وعبد الحق عن قبول القابسي قوله ابن عبد الرحمن قائلًا: إن وجدت الرواية بعكسه أو نقل عن سحنون فغلط. التونسي: انظر لو غلبته قبل تمام الذكاة فقامت ثم أضطجعها وأتم الذكاة وكان أمرًا قريبًا، هل تؤكل على ما مر؟ قلت: قال أبو حفص بن العطار: تؤكل لأنه معذور، ولم يقيده بقرب، ونزلت أيام قضاء ابن قداح في ثور وحكم بأكله وبيان بائعه ذلك، وكانت مسافة هروبه نحوًا من ثلاثمائة باع. الصقلي عن سحنون: لو قطع الحلقوم وعسر مر السكين على الودجين لعد حدها فقلبها وقطع بها الأوداج من داخل لام تؤكل. قلت: أنظر لو كانت حادة، والأحوط لا تؤكل. وفيها مع الباجي عن محمد وابن حبيب: ما ذبح من القفا لم يؤكل، وسمعه القرينان بزيادة: لو أراد الحلقوم فانحرف أكلت. الباجي: يريد: أنه قطع الحلقوم والودجين قبل النخاع، ومعني قول ابن حبيب: إن ذبح في إحدى الصفحتين لم تؤكل؛ أنه استوعب ذلك بعد قطع النخاع. قلت: في صيدها: إن ذبح من القفا أو العنق لم تؤكل. وشرط الذكاة بورودها على حي موته بها باليقين العادي واضح. فيها: إن تردت ذبيحة بعد ذبحها من جبل، أو وقعت في ماء أكلت. زاد في سماع القرينين: ولو خيف موتها من غم الماء والظن ضرورة مثله. سمع ابن القاسم: إن ذبحها ورأسها في الماء، وهي حية اضطرارًا فلا بأس،

باب دليل الحياة في الصحيح

واختيارًا في كونها كذلك ولغوها. تفسير ابن رشد سماع ابن القاسم في ذبحها ورأسها في الماء قادرًا على ذبحها ورأسها فوق الماء قائلًا: كقول ابن القاسم في أكل صيد ذكي وحياته مستيقنة والكلاب تنهشه، وقول ابن نافع ذبحها ورأسها في الماء قادرًا عليه ورأسها فوقه مع قول مالك يمنع أكل صيد ذكي كما مر. والشك يوجب حرمتها: وشاذ قول ابن الحاجب: على المشهور؛ أنكروه. [باب دليل الحياة في الصحيح] ودليل الحياة في الصحيحة في كونه سيلان دمها أو شخبه: نقل ابن رشد قائلًا: اتفاقًا مع الباجي عن محمد واللخمي عنه. ابن رشد: ولو لم يسل دمها ولم تتحرك فكمنخنقة بلغت ما لا تعيش منه دون مقتل بها. الباجي: عدم سيلان دمها وحركتها غير ممكن عندي، فلا معنى لذكره. في المريضة تذكى مستجمعة الحياة طريقان. الباجي: تؤكل. ابن رشد: اتفاقًا من أصحابنا وإن أيس منها. أبو عمر: إجماعًا. اللخمي: غير مشارفة الموت تصح ذكاتها. [باب في المريضة المشرفة للموت] وفي مشارفته وهي التي إن تركت ماتت: قول مالك: إن ذكيت، وفي مختصر الوقار: لا تؤكل. [باب في دليل استجماع حياة المريضة] ودليل استجماعها: محمد: حركة رجلها أو ذنبها أو طرف عينها.

ابن حبيب: واستفاضة نفسها في جوفها أو منخريها، وعبر عنه ابن رشد بكونه في حلقها، قال: وحركة الارتعاش والارتعاد ومد يد أو رجل أو قبضها وسيلان الدم لغو اتفاقًا. قلت: في لغو القبض نظر. اللخمي: لغو الاختلاج الخفيف وحركة العين أحسن؛ لأن الاختلاج يوجد بعد الموت وحركة الرجل والذنب أقوى من حركة العين؛ لأن خروج الروح من الأسافل قبل الأعالي. قلت: قوله: (أحسن) يوهم أن في الاختلافًا، وتعليله ومتقدم نقل ابن رشد ينفيه. الشيخ عن محمد عن ابن القاسم وابن كنانة: إن تحركت ولم يسل دمها أكلت، وسمعه أبو زيد منها، وظاهر قول ابن رشد الاتفاق على ذلك، وقول ابن عبد السلام: خرج أكلها على المنخنقة إذا أيس منها ولم تنفذ مقاتلها؛ لم أجده، ولعله يوهم ذلك من تخريج ابن رشد ذلك في الصحيحة حسبما مر. وفي كون اعتبار دليل الحياة بعد الذكاة فقط أو بعدها أو في حالها، ثالثها: هذا أو قبلها لنقل المقدمات والبيان عن ابن حبيب، وعن رواية ابن وهب. ابن رشد: وهذا ضعيف، وعزا الباجي الثاني لابن نافع، وظاهر جواب مالك ولم يحك غيره. والمصابة بأمر غير مرض ولا مانع عيشها غالبًا كصحيحة، والمصابة بما أنفذ مقتلها فيها طرق. الباجي: ذكاتها لغو اتفاقًا. ابن رشد: هذا المنصوص، ويتخرج اعتبارها من سماع أبي زايد ابن القاسم، قيل: من أجهز على من أنفذ مقاتله غيره ويعاقب الأول فقط، والصواب رواية سحنون، وعيسى عنه عكسه. اللخمي: إن كان إنفاذها بموضع الذكاة فرى الأوداج لم يؤكل وإلا فقولان. فيها لمالك: لا تؤكل مقطوعة النخاع، ولابن القاسم: أكل منتشرة الحشوة.

باب المقاتل

[باب المقاتل] الباجي: المقاتل انقطاع النخاع؛ المخ الأبيض في فقار العنق أو الظهر، أو انتثار الدماغ أو الحشوة، وخرق الأوداج وانفتاق المصير كل منها مقتل اتفاقًا. عبد الحق: وقطع الودج الواحد مقتل. محمد: وقطع بعض الأوداج والحلق مقتل. قلت: وأطلق الأكثر قولهم خرق المصير، وكذا وقع لمحمد وابن حبيب عن مطرف، وقال ابن رشد: معنى قولهم في خرق المصير؛ إذا خرق أعلاه في مجرى الطعام والشراب قبل تغيره لحال الرجيع؛ لعدم حياتها أكثر من ساعة، وخرق أسفلها حيث الرجيع غير مقتل لبقائها به زمانًا تتصرف. ولو وجد كرش صحيحة بعد ذبحها مثقوبًا؛ ففي حرمتها قولا شيوخ ابن رشد قائلًا: نزلت في ثور فحكم ابن مكي بفتوى ابن حمد يس بطرحها بالوادي دون فتوى ابن رزق بأكلها، وبيان ذلك في بيعها، فغلبت العامة خدمة القاضي لعظم قدر ابن رزق عندهم فأخذوه من أيديهم وأكلوه، وهو الصواب لما قدمته من الموجود المعلوم بالاعتبار. قلت: ويؤيده نقل عدد التواتر من كاسبي البقر بإفريقية أنهم يثقبون كرش الثور لبعض الأدواء فيزول عنه به، وقول ابن عبد السلام أنه محل الطعام قبل تغيره، خلاف تعليل ابن رشد صحة قول ابن رزق، ولعله يريد كمال تغيره. وفي كون اندقاق العنق مقتلًا نقلا الباجي وابن رشد رواية الأخوين وابن القاسم، وفي انشقاق الأوداج نقله قولي ابن عبد الحكم وأشهب مع غيره من أصحاب مالك. قلت: فيتخرج عليه النخاع. عبد الحق: شدخ الرأس دون انتثار الدماغ، وشق الجوف قطع مصير ودون انتثار شيء من الحشوة غير مقتل، والروايات أن كسر الصلب دون قطع النخاع غير مقتل، وليحيى بن إسحاق عن ابن كنانة: كسره أو دمغ الرأس مقتل. عياض: بما روي عن ابن القاسم من جواز أكل منتثرة الحشوة كان يفتي من قدماء

شيوخنا إبراهيم بن حسان بن خلد وحاج في ذلك سحنونا وأعجبت فتواه ابن لبابة. قلت: إنما ذكر يحيى بن إسحاق عن ابن القاسم كراهة أكلها لا جوازه، إلا أن يريد الجواز الأعم من المكروه فيصدق عليه لا قسيمه. عياض: وعد شيوخنا قطع المصير وانتثار الحشوة وجهين، وهو عندي راجع لشيء واحد؛ لأنه إذا قطع أو شق انتثرت الحشوة، وهو بين من لفظها في كتاب الديات، وقول بعض شيوخنا: انتثارها خروجها عند شق الجوف منها؛ يرد بأن مجرد الشق غير مقتل اتفاقًا، وكذا انتثارها، لمشاهدة علاجها بردها وخيط الجوف عليها، وقد قال بعض شيوخنا: إنما يكون شق الميعى مقتلًا في أعلاه حيث يجري الطعام، وبهذا لا يكون قول ابن القاسم خلافًا لما روى غيره. قلت: جعل اللخمي قول ابن القاسم بأكل منتثرة الحشوة قولًا بإعمال الذكاة في منفوذة المقتل، وجعله عياض قولًا بأنه غير مقتل، وتمسك عياض بلفظ دياتها غير تام نصه. قال: قال مالك: الشاة يخرق السبع بطنها فيشق أمعاءها فينتثرها لا تؤكل، وهذا إنما يدل على أن الأسد قد يشق أمعاءها شقًا يكون سببًا لانتثار أمعائها، لا أنه كلما انشق المصير انتثرت الحشوة، ولا على أن شقها هو انتثارها، بل عطفه عليه يدل على أنه غيرها. وقوله: ليس مجرد انتثارها مقتلًا. إن أراد مجرد خروجها فمسلم، وليس هذا مراد الشيوخ به، وإن أراد ولو زال التصاق بعضها ببعض أو التزاقها بمقعر البطن منعناه، وهذا هو مراد الأشياخ به، وما ادعاه من العلاج إنما هو في الأول لا في هذا، وبالضرورة أن هذا مباين لقطع المصير ولا تلازم بينهما في الوجود، وليحيى بن إسحاق عن ابن كنانة: لا يؤكل ما خرجت أمعاؤه. والموقوذه وما معها ما أصابه مطلق ضرب أو سقوط لأسفل أو سطح أو عقر إن رجيت حياتها فكصحيحة، وإن أنفذت مقاتلها فكما مر، وإلا فإن أيست حياتها أو شك فيها؛ ففي حلها كمريضة وحرمتها، ثالثها: إن شك فيها لابن رشد عن ابن القاسم مع

باب في الجنين الذي تكون ذكاته بذكاة أمه

سماعه، والباجي عن أصبغ، وابن رشد عن ابن الماجشون مع ابن عبد الحكم، والباجي عن روايته أيضًا، وابن رشد عن سماع القرينين. وفيها: لا تسلخ الذبيحة ولا تنخع ولا يقطع رأسها قبل موتها، فإن فعل أكل ذلك منها، ولو أبان رأسها بذبحها جهلًا أكلت اتفاقًا، وعمدًا، ثالثها: الأول، وإلا أن ينوي أولًا إبانة الرأس جملة، ولم يفصل النية فينوي ذكاه موضع والتمادي فتطرح؛ لنقل الباجي عن ابن حبيب مع أصبغ وابن القاسم والأخوين واللخمي. وفي كراهة أكل البقر تعرقب عند الذبح ثم تذبح؛ نقل ابن زرقون عن فضل رواية ابن القاسم، وقوله: لا يعجبني قول مالك ولا بأس بأكلها. وسمع ابن القاسم: لا بأس بقطع الحوت وإلقائه في النار حيًا. ابن رشد: كرهه غير شديدة في موضعين من سماع القرينين. وسمعا: لا يعجبني شق المنهوش جوف الشاة ليدخلها رجله تداويًا، قيل: فبعد ذبحها قبل موتها؟ قال: يقول: إنه على وجه التداوي، وكأنه يكرهه. ابن رشد: خففه بعد ذبحها، وقوله أولًا: لا يعجبني. حمله على الحظر لا الكراهة أبين. وفي استحباب ذبح الدابة الميؤوس منها إراحة لها أو عقرها دونه خوف إيهام حل أكلها، ثالثها: تكره للعتبي عن ابن القاسم، وابن رشد على الآتي عن سماع القرينين وابن القاسم. [باب في الجنين الذي تكون ذكاته بذكاة أمه] والجنين يموت بذكاة أنه يبطنها ذكي إن تم خلقه وثبت شعره.

وسمع ابن القاسم: يمر المدية على حلقه ليخرج دمه، وسمعه أبو زيد: ركض ببطن أضحيتي جنينها بعد ذبحها فتركته حتى أخرجته ميتًا فذبحته وأكلت منه. ابن رشد: إن خرج ميتًا أو حيًا فمات ذبحه أكل دون ذبح، وإن شك في دوام حياته لم يؤكل إلا بذكاة. قلت: هو نقل الباجي عن عيسى عن ابن القاسم: إن شك في حياته لم يؤكل إلا بذكاة، ولو علم أنه لا يعيش؛ ففي استحباب ذبحه وشرط أكله به نقل ابن رشد عن مالك وعيسى بن دينار مع يحيى بن سعيد. قلت: إنما عزاه الباجي ليحيى بن سعيد، وعزا لعيسى: أحب إلي ألا يؤكل إلا بذكاة. قال: ونحوه روى محمد وابن وهب، وزاد في روايته: فإن سبقهم بنفسه كره أكله. قال الباجي: رعيًا لقول يحيى بن سعيد. ابن العربي: إن خرج حيا فمات بالفور قال محمد كره أكله وقال ابن الجلاب لا يحل. قلت: لفظه إن استهل صارخا ذكي، فإن مات قبل ذكاته لم يؤكل، وجدت في استغناء ابن عبد الغفور في نسخة صحيحة ما نصه: قال ابن كنانة إذا استخرج حيًا ومثله لا يعيش لو ترك لم يحل ولو ذكي، ونحوه لابن القاسم أيضًا. قلت: إن رد بأن حياتها إن ألغيت كفت فيه ذكاه أمه وإلا كفت ذكاته، أجيب بمنع لزوم كفاية ذكاته؛ لأنه كمنفوذ مقتله ضرورة أنه لا يعيش، وظاهر الروايات وأقوال الأشياخ أن المعتبر نبات شعر جسده لا شعر عينه فقط، خلافًا لبعض أهل الوقت وفتوى بعض شيوخ شيوخنا. الباجي: المعتبر من تمام خلقه أنه كمل منه خلقته، ولو خلق ناقص يد أو رجل،

وتم خلقه على ذلك لم يمنع نقصه من تمامه. وقول ابن العربي في القبس عن مالك: إن لم يتم خلقه فهو كعضو منها ولا يذكى العضو مرتين، ظاهره أن قول مالك عنده أكله، وإن لم يتم خلقه دون ذكاه، وذكر في العارضة عن مالك كنقل الجماعة، واختار هذا لنفسه. وفي حل أكل مشيمته، ثالثها: إن حل أكله بذكاة أمه، وتم خلقه ونبت شعره؛ لقول ابن رشد في سماع موسى من كتاب الصلاة: السلا؛ وعاء الولد، هو كلحم الناقة المذكاة، وجواب الصائغ وبعض شيوخ شيوخنا. وسمع أبو زيد ابن القاسم: ولد البقرة تزلقه إن كان يعيش فلا بأس بأكله بذكاة، وإن شك لم يؤكل. ابن رشد: اتفاقًا، وليس كمريضة علم أنها لا تعيش لتقدم تقرر حياتها دونه. ابن حبيب: وروى استثقال أكل عشرة دون تحريمها؛ الطحال، والعرق، والغدة، والمرارة، والعسيب، والأنثيان، والكليتان، والحشا، والمثانة، وأذنا القلب، وصوب الشيخ جواب عبد الله بن إبراهيم بن الإبيان بأكل خصى الخصي. قلت: هو ظاهر قول ثالث سلمها: حكم القلب والرئة والطحال والكلى والخصى كاللحم، وتعليل الشيخ ذلك بقوله: هو كالغدة الغرا يصل إليها ولم يبن عن البدن ظاهر في أكل المشيمة.

كتاب الأضاحي

[كتاب الأضاحي] الأضحية اسمًا: ما تقرب بذكاته من جذع ضأن أو ثني سائر النعم سليمين من بين عيب مشروطًا بكونه في نهار عاشر ذي الحجة أو تالييه بعد صلاة إمام عيده له، وقدر زمن ذبحه لغيره، ولو تحريًا لغير حاضر؛ فتخرج العقيقة والهدي والنسك في زمنها،

هذا على نقل ابن رشد جواز بيع ما ذكى مقصودًا به ذلك التقرب غير مجزئ لعيبه، وعلى روايته: لا يباع ما وجد بعد ذبحه لذلك معيبًا لا يجزئ، مع قول ابن القاسم: ما ذبح يوم التروية لظنه يوم ذبح لا يباع. تعرف بما ذكي من نعم قصد به قربة الذكاة المشروطة بأنها في نهار عاشر ذي الحجة لتدخل فأسدتها المشاركة لصحيحتها في جزء خاصتها، وهو المنع من بيعها، وفي حكمها طرق.

الموطأ والجلاب عن مالك: سنة غير واجبة. التلقين والكافي، والمعلم، والمقدمات: سنة مؤكدة. الشيخ عن ابن حبيب: تاركها آثم. وعزاه الصقلي والباجي لابن القاسم معه فأخذا منه مع اللخمي وجوبها. الباجي: الأول أشهر. المازري: وقع لأصحابنا التأثيم بترك السنن على صفة فقد ينحو إليه. ابن حبيب: وإن كان الأظهر حمله على الوجوب. وفيها لابن القاسم: من اشتراها وتركها حتى مضى وقت ذبحها أثم؛ فأخذ منه الصقلي، والباجي واللخمي، وابن رشد وجوبها، وقول ابن العربي: إنما أوجبها بعد الشراء يرده، وقول اللخمي: لو لم تجب قبل الشراء لم تجب بعده؛ يرد بأنه كشروع في نفل. المازري: قال بهذا الأخذ بعض شيوخنا، وكان شيخنا يرده بقوله: لعله رآه باشترائها ملتزمًا ذبحها فأثم بترك ما التزم. الشيخ: روى محمد: سنة واجبة؛ فأخذ منه اللخمي وجوبها، وقبل الباجي حمله القاضي على تأكد سنيتها. ابن العربي: قال مالك في الموطأ: سنة مستحبة، وابن المواز: سنة واجبة، وروى ابن حبيب: إن وجد فقير ثمنها أو مسلفًا فليتسلف، وفي كونها أفضل من الصدقة بثمنها روايتا ابن رشد. وفيها: الصدقة بثمنها أحب لمالك منها أو هي أحب؟ قال: قال: مالك: لا أحب تركها لمن قدر عليها.

ابن حبيب: هي أفضل من العتق. وقول ابن عبد السلام: نقل بعض المتأخرين أنها مستحبة غير سنة ولم يسم قائله؛ لا أعرفه قوله، لعله أخذه من قولها: يستحب لمن قدر أن يضحي؛ بعيد لزيادته (غير سنة) ولفظها يحتمله. قوله: أو من رواية أفضلية الصدقة بثمنها؛ يرد بأنه لو صح كانت نافلة، إذ هو حكم الصدقة ولا قائل به، وبأنه ليس رد الأضحية لحكم الصدقة بأولى من العكس فتكون الصدقة بثمنها سنة. وقصر ابن الحاجب نقله على الوجوب، وقولها: يستحب؛ يقتضي حمله على السنة، وإلا كان مخلًا بذكر المنصوص أو كل المذهب على رأي، فحمله ابن عبد السلام على إرادته مجرد الاستحباب بعيد. وقوله: يمكن أخذ الوجوب من قولها: الضحية واجبة على كل من استطاع؛ يرد بأن هذا اللفظ ليس فيها إنما هو في بعض نسخ التعذيب، ولفظ المدونة: قلت الناس كلهم عليهم الأضحية إلا الحاج؟ قال: نعم؛ فهو في لفظ السائل دون لفظ وجوب. وفيها لمالك: إن ضلت أو ماتت أو سرقت فعليه أن يأتي بأخرى. وفي زكاتها: من أسلم بعد فجر يوم الفطر استحب له زكاة الفطر. قال مالك: والأضحى أبين أن ذلك عليه؛ يعني الضحية، واختصرها أبو سعيد، والأضحية أبين في الوجوب. ولفظ الزاهي: لو لم يجد غير ثمنها لوجبت عليه ولا يأخذه الإمام بها قال تعالي: (؟؟؟؟) ظاهر في وجوبها. ووجوبها الملغي طروء عيبها بتمام ذبحها، وفي كون ابتدائه قبل فري أوداجها كذلك نقل الباجي عن إسماعيل القاضي قائلا: لأنه نية وفعل، ومفهوم قول ابن حبيب: إن أصابها عيب بعد فري أوداجها وحلقومها أجزأته. وفيها لابن القاسم: لو أراد ذبحها فاضطربت فانكسرت أو اعورت لم تجزه، ولم أسمعه.

وفي كون قوله: أوجبتها أضحية يوجبها إيجابًا يلغي طروء عيبها كالتقليد والإشعار أو كشرائها بنية الأضحية فقط، ثالثها: يوجب ذبحها ويمنع بيعها لنقل الصقلي عن إسماعيل القاضي، وعن مالك مع أصحابه، وابن رشد عن إسماعيل، وعزاه الأول لغيره وأبطله بأنه يلزمه إن ماتت قبل ذبحها أن يجزئه، ويرد بلزومه في الهدي، والأول ظاهر قول الجلاب: إن ضلت أضحيته ووجدها بعد أيام الذبح فليس عليه ذبحها إلا أن يكون أوجبها قولًا فيلزمه ذبحها، ولم يعز ابن رشد في البيان لمالك غير الثاني، وفي المقدمات: المشهور أنها تجب بالذبح، وروى ابن القاسم ما يدل أنها تجب بالتسمية قبل الذبح، قال: لا تجزئ الأضحية بعد أن تسمى. ووجوبها المانع بدلها إلا بخير منها بشرائها بنية الأضحية اتفاقًا. وقول ابن الحاجب: وتجب بالتزام اللسان أو بالنية عند الشراء على المعروف فيهما؛ كالتقليد والإشعار في الهدي، وبالذبح؛ مشكل لأنه إن أراد الأول وهو ظاهر قوله: (كالتقليد) بطل في قوله: (أو بالنية عند الشراء) لأنه ليس كذلك اتفاقًا، وإن أراد الثاني بطل فيه؛ لأن له البدل بالأحسن اتفاقًا، وبطل في قوله: (وبالذبح) إذ لا يتصور فيه بدل، ولو بدلها بخير منها على المعروف. ونقل ابن عبد السلام عنها: له بدلها بمثلها؛ وهم. إنما نصها: قال مالك: لا يبدلها إلا بخير منها، و (بدلها بمثلها) نقله الصقلي، والشيخ في مختصر أو للمدونة عنها، وتبعه أبو سعيد غفي اختصاره، وتعقبه عبد الحق بأن نص المدونة ما قلناه، وفضل ثمنها في شرائه أفضل منها أو مثلها أو دونها في وجوب صدقته وندبه. ظاهر قول محمد: ليتصدق به؛ لأنه جعله لله تعالى، ونص ابن حبيب عن مالك ومن لقي من أصحابه قائلًا: إن اشترى بكل ثمنها دون دونها تصدق بما بين قيمتهما كفضله. وفيها: قلت إن اشترى دونها ما يصنع بفضل ثمنها؟ قال: قال مالك: لا يجوز أن يستفضل من ثمنها شيئًا، وأنكر الحديث الذي جاء في هذا.

ابن القاسم: إن عجز ثمنها عن مثلها أتمه. وفي قول ابن الحاجب: وإن لم يوجبها جاز إبدالها بخير منها لا بدون نظر؛ لأنه إن اشتراها بنية الأضحية وجبت على المعروف عنده، فامتنع بدلها مطلقًا، وإن اشتراها لا بنيتها فهي حينئذ كشاة لحكم له بيعها فضلًا عن بدلها بأدنى، إلا أن يحمل على أنه نواها أضحية بعد شرائها دون نيتها، ولا يرد بقول ابن عبد السلام: النية دون فعل معها أو قول لغو؛ لأنه إن أراد في إيجابها المانع بدلها مطلقًا فمسلم ولا يعارض ما قلناه، وإن أراد أنه لغو مطلقًا منعناه، وقد مر اختلافهم في إيجاب نية إتمام النفل قائمًا قيامه، وكذا في قول: (ولعله) على الكراهة، وإلا فمقتضاه جواز الترك؛ لأنه إن أعاد ضمير (لعله) على منع بدلها بالدون كان الملزوم لجواز الترك تحريمه تقرير: هذا بعد تسليم تصور؛ لأنه يقول: كلما كان المنع من بدلها بالدون على غير الكراهة فمعناه جواز الترك؛ أي: فمقتضى المذهب جواز الترك، أو فمقتضى ذلك المنع جواز الترك، يعني: واللازم باطل فالملزوم مثله، واللازم بعد جواز الترك فالملزوم على تقريره هو تحريم بدلها بالدون، وهذا تقرير كلام ابن الحاجب على ما فهم عنه ابن عبد السلام واعتراضه عليه من بدلها بالدون على غير الكراهة هو على التحريم، وإذا كان على التحريم فهو ملزوم لمنع الترك لا لجواز كما قال، وأما الوجه الآخر بدلها بالأفضل؛ فتقريره: كلما كان بدلها بالأفضل على غير الكراهة فهو جائز الترك؛ أي: مباح والملزوم باطل والاعتذار عليه بين، وهذا ضمير مقتضاه على ما تقدم، وأما إن أعدناه على عدم إيجابه فيظهر اندفاع الاعتراض فانظر، وهو غير ملزوم لجواز الترك بل لمنعه، وإن أعاده على بدلها بالأفضل؛ فحينئذ إن أراد بجواز الترك لا لبدل منعت الملازمة، وإن أراد لبدل منع بطلان اللازم. وحمله ابن عبد السلام على الأول، قال: واستدل على أنه على الكراهية بأنه لو لم يكن كذلك فمقتضى المذهب جواز ترك الأضحية رأسًا بناء على عدم وجوبها، وذلك مستلزم لجواز بدلها بالدون مطلقًا؛ يرد بأن ظاهر قوله: (وإلا فمقتضاه) أنها عنده لزومية وهي على هذا اتفاقية، والمنصوص أنها لا تستعمل في العلوم إلا أن يريد جواب الشرط محذوف، وهذا دليل صحة الملازمة؛ أي وإلا فهو باطل؛ لأن مقتضى المذهب جواز الترك فيصح اللفظ على بعد ولا يتم دليلًا.

قوله: عدم وجوبها ملزوم لجواز بدلها بالدون قطعًا؛ يرد بما مر من لزوم قيام النافلة بمجرد نيته فأين القطع، وكان ابن الحاجب في غنية عن هذا الاستدلال بقول ابن الجلاب، والاختيار أن لا يبدلها بأدنى منها، ولذا فسر ابن رشد منع بدلها بالدون بالكراهة. وسمع عيسى: رواية ابن القاسم كراهة أستفضال بعض ثمنها في شرائه أفضل منها. ابن رشد: إن اشترى دونها بالثمن تصدق بما بين قيمتيهما وبأقل بذلك وبالفضل وسمع ابن القاسم: إن اشترى ثانية ضحى بالتي هي أفضل، وسمع: لا بأس أن يعطى أمه أضحيته. ابن رشد: يريد: ويشتري مثلها أو أفضل. وفيها: من أشترى ضحايا يسميها له ولغيره لا بأس أن يذبح لنفسه ما سمى لغيره إن كان أفضل. ابن رشد: ويكره ذبحه لغيره ما سمى لنفسه؛ لأنه أدنى، والاختيار أن يشتري له مثل ما سمى أو أفضل. والمذهب سماع ابن القاسم: من مات قبل ذبح أضحيته وعليه دين يحيط بها بيعت له، وسمع: إن لم يكن دين استحب لورثته ذبحها عنه، فإن شحوا فهي من ماله. ابن رشد: لأن أصل مالك وكل أصحابه إنما تجب بالذبح. وسمع عبد الملك أشهب: لا يضحي بها عنه وهي ميراث. ابن رشد: أي: لا يلزمهم إلا أن يشاءوا كسماع عيسى. قلت: ظاهر سياق النوادر أن في استحبابه قولين. قال الشيخ في المختصر، وكتاب محمد عن مالك: من مات عن أضحيته قبل ذبحها فهي ميراث. محمد: استحب ابن القاسم ذبحها عنه. وقول ابن الحاجب: بخلاف ما اوجب فإنها تذبح، مع قوله: تباع للدين مطلقًا؛ متناف؛ لأنها إن كانت مالًا له ورثت عند عدم الدين، وإلا لم تبع له إن كان حادثًا.

الشيخ عن ابن حبيب: روى ابن القاسم إن مات بعد ذبحها لم تبع في دين، وسمعه عيسى من ابن القاسم بزيادة: للغرماء أخذها إن لحقه دين، وللغرماء أيضًا أخذ ما قلد من بدنه كما لهم رد عتقه. فقبله الباجي وقيده ابن رشد بالدين السابق على التقليد، قال: لتشبيهه بالعتق. الباجي: وكذا الأضحية بعد إيجابها باللفظ على رأي قائله. وقول ابن عبد السلام: عدم بيع لحمها للدين؛ مشكل، ينبغي تعلق الدين بلحمها كتعلقه بها حية، وتشبيه من شبه لحمها بأم الولد بعيد؛ لأنها إنما سقط حق الغرماء فيها لأن من أحاط الدين بما له ليس ممنوعًا من وطء جاريته، ولا من شراء جارية للوطء، ولا من النكاح، فلما لم يمنع من ذلك كان الحمل مفوتًا؛ لأنه من آثار ما أذن فيه، وشراء الأضحية أو الهدي ممنوع منه فينبغي أن ترد وإن فاتت بالذبح؛ يرد من حيث احتمال نقله بنقل التونسي: لا تباع بعد ذبحها اتفاقًا، ومن حيث استدلاله بمنع كونه ممنوعًا من شراء الأضحية، بل ذلك جائز ما لم يقم الغرماء عليه، كما يمنع عند قيام الغرماء عليه من ابتداء الوطء في الأمة، فضلًا عن منع شرائه إياها، وقع ذلك في سماع عيسى ابن القاسم من كتاب المديان. قال ابن رشد: اتفاقًا. وإذا أقر بأنه يجوز شراء أمه الوطء فكيف يدعي على المذهب منع شرائه الأضحية، وهل يسوغ هذا إلا مع الوقوف على نص يمنع له شراء الضحية، وهو غير موجود في المذهب فيما أعلم بعد البحث عنه، بل ذكر الشيخ رواية ابن حبيب: إن وجد فقير ثمنها أو مسلفًا فليتسلف، ولم يقيده مالك ولا ابن حبيب ولا الشيخ بإذن المسلف في ذلك، وشراؤه الأضحية أبين في الجواز من شراء الأمة للوطء؛ لأنها سنه مؤكدة والتسري ليس كذلك؛ ولأن الأضحية أمر معتاد عند الناس أكثر من التسري، واللخمي هو الذي شبهها بأم الولد، قال: كما لو اشترى أمة ليتخذها أم ولد؛ لهم بيعها قبل الإيلاد لا بعده؛ لأن كل ذلك مما العادة أن يفعله، وكلام اللخمي حسن، وهم جواب عن قول التونسي: أخذها الغرماء قبل ذبحها، ومنعهم منها بعده تناقض؛ لأنهم إن عاملوه على أن يضحي فلا يأخذوها، وإلا فلهم أخذها بعد الذبح كالعتق، وتقرير

كلام اللخمي جوابًا باختيار الأول. قوله: (فلا يأخذوها) باطل بالتسري، فإنه مما عاملوه عليه لجوازه له ابتداء ولهم منعه منه قبل فعله حسبما في السماع، ولا يرد باستشكاله كما في الأضحية للجواب عنهما بالفرق بين حكمي إحاطة الدين والتفليس، وقيام الغرماء عليه تفليس. وفي حكم أكلها بعده طرق: اللخمي: في كون أكل الذكر والأنثى والزوجة سواء كحالهم في حياة الميت، أو الذكر مثل حظ الأنثيين قولان وذا أصوب، ويلزم الأول منع الغاصب منها؛ لأنه لم يكن ينتفع بها في حياته، وتختص بها الزوجة والابنة إن كانتا، ولا يعترض الثاني بمنع تعلق الدين به؛ لأنه لا يصح بيعه. الباجي: يأكلها ورثته، وفي جواز قسمها ومنعه قولان لسماع عيسى ابن القاسم مع رواية الأخوين، ورواية محمد بناء على أن القسمة تمييز أو بيع. التونسي: في قسمها بينهم على المواريث قولا أشهب وابن القاسم وهو أشبه. ابن رشد في أكلها أهل بيته على نحو أكلهم في حياته، وإن لم يكونوا ورثته وقسمها ورثته على الميراث، ثالثها: يقتسمونها على قدر ما يأكلون لسماع ابن القاسم وسماعه عيسى وظاهر الواضحة. وسمع أصبغ ابن القاسم أرش عيب أضحية علم بعد ذبحها أيام الذبح أو بعده إن منع أجزاؤها صنع به ما شاء وإلا تصدق به؛ لأنه أوجبها وسماها أضحية فلم يذكر ابن رشد فيه خلافًا. الكافي: انتفع به وأجراه مجرى ضحيته وتستحب صدقته. ابن بشير: إن لم يوجبها ففي الصدقة به قولان، وفي منع بيع لحمها ذات عيب لا تجزئ رواية الواضحة ونقل ابن رشد وعزوًه ابن عبد السلام لأصبغ ل أعرفه وعن ابن الفخار وابن دحون وابن الفساري الطليطلي وابن عتاب وابن القطان وابن مالك ما

يقتدي بجواز ردها بعيب يمنع الأجزاء، ولبعضهم جواز رضى ربها بأخذها بدل ثمنها؛ لأنها عين شيئه، ولم يتعقبه ابن سهل عليهم ولا ابن رشد. القابسي: ما ذبح قبل الإمام لا يباع وإن كان لا يجزئ؛ لأنه صلى الله عليه وسلم سماه نسيكة، والنسك لا يباع فلم يتعقبه المازري، وقال عياض: فيه نظر. وفي جواز حلبها قولان للشيخ عن أشهب مع المبسوطة عن رواية ابن وهب، ولها عن ابن نافع قائلا: إن أضر بها ولا ولد لها حلب وتصدق به، ونقل ابن عبد السلام رواية ابن وهب عن المبسوطة بقيد أن لا ولد لها وجعله ثالثا، ولم أجد فيها إلا كما نقلته دون قيد. وفيها لابن القاسم: لم أسمع من مالك فيه شيئًا وكره لبن الهدي، وفي الحديث: لا بأس بشربه بعد ري فصيلها، وأرى إن لم يكن للأضحية ولد أن لا يشربه إلا أن يضر بها، وفي جز صوفها قبل ذبحها أربعة أقوال. سمع ابن القاسم لا يجزه بعد تسميتها، فإن فعل أساء وأجزأته ولا يبعه. الشيخ: وقاله ابن القاسم أن جزه قربه. سحنون: إن باعه فلا بأس بأكل ثمنه. محمد عن أشهب له جزه وبيعه ونقله الشيخ أيضًا عن ابن القاسم عنه، وهو خلاف قول اللخمي اتفق ابن القاسم وأشهب على أنه ليس له جزه، وحمل ابن رشد سماع ابن القاسم: لا يبعه على استحباب ترك بيعه قال: كالصدقة يفضل ثمنها، وعزاه ابن زرقون لابن القاسم وحمله على الكراهة، واستحب اللخمي بيعها إن جزها واشترى غيرها كاملة الصوف؛ لأنه جمال لها، وفي قبول ابن عبد السلام ما وقع في بعض أجوبة عبد الحق من اشترى شاة ونيته جز صوفها لينتفع به ببيع وغيره جاز له، ولو جزه بعد ذبحها نظر، لأنه إن شرطه قبل ذبحها فذبحها يفيته وبعده مناقض لحكمها فيبطل على أصل المذهب في الشرط المنافي للعقد.

وفي وجوب ذبح ما ولدته قبل ذبحها ومنعه، ثالثها: يستحب لا بقيد وليس بواجب، ورابعها: به للمبسوطة عن ابن وهب والشيخ عن محمد عن أشهب لا يذبحه، ورأيت في نسخة عتيقة من النوادر زيادة: (ولا يجوز) بخط فوقه (أحب إلي) والشيخ عن رواية محمد ومثبتها وممحوها والفرق بينهما ما بين الاستحباب الأعم القابل لقيد الوجوب والأخص المقيد بنقيضه، ونقل التونسي قول أشهب بزيادة (ولا يجوز)، وعلله بقصور سنه عن الأضحية أو بأنه لا كبير انتفاع به فذبحه تعذيب وفرق بين الممحو والمثبت بإيهام الأول التسهيل في بقائه، وفي نقل ابن عبد السلام عن ابن حبيب إن شاء ذبحه أو تركه حاملا له على مجرد الإباحة نظر؛ لأنه في النوادر بزيادة ما نصه كما له أن يبدلها، وكذا له شرب لبنها وإن تصدق به فحسن، ولابن حارث اتفقوا على أن ذبحه حسن، ولو ذكيت وهو ببطنها فهو كلحمها إن حل. سمع أبو زيد ابن القاسم ركض ولد أضحيتي بنعجة في بطنها بعد ذبحها، فأمرت بإخراجه بعد تركه حتى مات فذبحته فسال دمه فأمرت فشوي لي منه. ابن رشد: إذا كان تم خلقه ونبت شعره. وفيها لمالك: إن أصابها بعد شرائها سليمة عور لم يجز بخلاف الهدي الواجب. ابن القاسم: لأنها لم تجب والهدي وجب، ولذا لو ضلت، ولم يجدها إلا بعد أيام الذبح صارت كماله، ولو لم يكن ضحى ببدلها بخلاف وجوب ذبح هدي ضل ثم وجد بعد ذبح بدله، ولو اختلطت أضحيتا رجلين بعد ذبحهما أجزأتاهما، وفي لزوم صدقتهما بهما وجواز أكلها إياهما قول يحيى بن عمر وتخريج اللخمي على عكس علة كراهة محمد أكل من اختلط رأس أضحيته برؤوس ضحايا عند الشواء رأس غيره منها قائلا: لعل غيرك لا يأكل متاعك، ولو اختلطتا برؤوس الفران كان خفيفًا. اللخمي: لأنه إنما كرهه لإمكان تصدق الآخر وعدم أكله وهو استحسان، ولو تحققت صدقته لم يحرم على الآخر أخذه، ولأنه كلقطة طعام لا يبقى وكونه للشواء أشد كراهة؛ لأنه معروف فيرد له على القول بمنع أخذ العوض. قلت: لعل خفته لجواز أخذه عنده، ولم يحك المازري غير الأول وكذا عبد الحق، واعترضه فقال: ما أرى المنع من أكلها وهي شركة ضرورية كالورثة في أضحية

مورثهم والتعدي على لحمها في فضل البيع. ابن بشير: لو اختلطت أضحية أو جزء منها بغيرها ففي إباحة أخذ العوض قولان. قلت: ظاهره أنهما منصوصان، ولو كان ما اختلطت به غير أضحية. العتبي عن سحنون: من اشتركا في شراء أضحيتين ثم أخذ كل منهما شاة منهما، فإن تساويا فلا بأس وإلا كره أخذ أحدهما التي هي أدنى، فإن فعل أجزأه إن لم يأخذ من شريكه ثمنًا. ابن رشد: أخذه كتركه إن أخذه تصدق به وإلا فبما بين قيمتهما، وينبغي بيعهما التي هي أدني ويتقاويان الأخرى فمن تركها اشترى مثلها. التونسي بعد ذكره قول سحنون قال: وقال غيره: يجزئه لأنها وجبت بالقسم، وعزاه اللخمي لابن عبد الحكم وصوباه بأن الواجب لكل منهما نصف شاة لا يصح به أضحية، فآخذ الأدنى لم يبع شيئًا كان يقدر أن يضحي به. التونسي: ولو قصد القربة بما دفعه ثمنا انبغى أن يبيع ما أخذ ويشتري بجملة ما كان أخرجه. ابن بشير: لو اختلطتا قبل الذبح فالرواية قسمت، وعلى آخذ الأدنى بدله بمثل الأفضل، وهذا ظاهر إن عينها وإلا كان مستحبًا. قلت: لم أجد هذه الرواية وعدم ذكرها من تقدم مظنة عدمها، وقول ابن الحاجب: " وأما قبله فالمنصوص إذا قسمت فآخذ الأقل أبدله بمساوي الأفضل، وقيل: بالاستحباب" لا يوافق نقل ابن بشير ولا من تقدم، وسمع عيسى ابن القاسم لو اختلط كبش أضحية بغنم كان ربه شريكا لربها في أكل الغنم إن كانت غنمه مائه أعطى رب الكبش جزءا من مائة جزء وجزء منها. قلت: فإن تعجل رب الكبش الأخذ أعطي شاة بالقيمة من وسطها لا من أدناها ولا من أعلاها. ابن رشد: هذا كقولها فيمن اشترى عدلا على أن فيه خمسين ثوبا فوجده أحد وخمسين، فإن قسمها على هذا القول ضرب على كل رأس أو ثوب، فإن طلب لذي

الواحد ما قيمته جزء من مائة جزء وجزء منها أخذه، وإن طار ما قيمته أكثر كان رب الأكثر من الغنم والثياب شريكا له فيه بما زاد، فإن كان أقل ضرب له ثانية فما خرج كان له فيه تمام الجزء وباقية لذي الأكثر، ثم قال في الغنم غير هذا يعطى ذو الواحد مما قيمته منها ذلك الجزء، فإن كان واحدا أخذه وإن تعدد أخذه بالسهم، وقاله أيضًا في الثياب والأول أصوب، وهو اختيار ابن القاسم، ولو تلف منها شيء أو استحق قبل القسم ففي كون الباقي بينهما على تلك الشركة أو لذي الأكثر تسعة وتسعون جزءا ونصف من مائة جزء ولذي الواحد نصف جزء. مشهور قول مالك مع قوله الغنم والثياب وقول ابن القاسم في الثياب، وثاني قولي مالك فيهما مع قول ابن القاسم، وعليه لا تثبت به الشفعة إلا بعد الحكم بالشركة كما لو ابتاع من أرض قرية عرفها مبذرا مداه غير معينة شرط خيارها أو وهب له منها ذلك، ثم يباع جزء مشاع من القرية قبل تكسير الأرض ومعرفة مبلغ المبيع أو الموهوب من جملتها فيرضيان بالبقاء على الشركة فتجب له الشفعة على الأول لا الثاني، ومن ضحى بأضحية غيره غلطا لم تجز ربما وله بيعها، قاله ابن حبيب والمازري وإن ضمنها ذابحها، ففي إجزائها له ثالثها: إن عرف ذلك بعد فوت لحمها، للشيخ عن محمد وابن القاسم مع روايته وابن حبيب. قلت: الثاني قولها: المازري: قال ابن حبيب: إن جاء ربها بعد فوتها وضمن ذابحها قيمتها لم تجز عن ذابحها، ومن قال: لا تجزئ مع القيام ذابحها وإن ضمنها رأى أنها لما فاتت وصار لا يقدر على أخذها ترجح القول بالاعتداد بها. قلت: ما عزاه لابن حبيب عكس ما حكى الشيخ وغيره عنه، وقوله: (ومن قال إلى آخره) هو ما حكاه غير واحد عنه وضعف محمد قول ابن القاسم وقال: هذه من المجالس لم تتدبر وأجرى المازري الأولين على حصول حكم المترقب إذا أمضى يوم ترقبه أو يوم مضى، وقبل الشيخ تمسك محمد بالقياس على إجزاء عتق ظهار أمضاه مستحق رقبته، ونقله المازري بعبارة احتج بالقياس على إمضاء شهادات من أعتق ونكاحه بعد عتقه بإمضاء مستحقه عتقه، ورده ابن عبد السلام بأنه إن أراد بالمقيس عليه عتق غالط بعبد غيره عن ظاهره منعنا حكمهن وإن أراد عتق مشتر إياه فرق بأن

الفقهاء يرون مشتريه كما كمالكه يعطونه حكمه في كل المسائل، وإن أراد في كل المسائل أو أكثرها؛ لأنه لو هلك عنده بأمر من الله لم يلزمه غير ثمنه. قلت: سبقه بهذا ابن محرز وعبد الحق، ويرد بأنه إن أراد بقوله: (كمالكه) حقيقة نفوذ أمره فيه فباطل باتفاق المذهب على رد عتقه الذي هو أقرب للإمضاء، وإن أراد مجرد ضمانه إياه فمسلم، ولا يتم فرقا لوجوده في المقيس؛ لأن بأخذه الأضحية وإضجاعه إياها ضمنها بمثل ذبحها إذ لو ماتت أو اعورت حينئذ ضمنها، وفي التفرقة بقوة ضمان المشتري لإيجابه الغله له إن أخذ المستحق ربه وغرمها الغالط نظر لاحتمال اعتبارها ولغوها بإناطة الحكم بمجرد المشترك؛ لأنه أبسط، وبسيط العلة أرجح وهو ظاهر قول عبد الحق. قلت لبعض شيوخنا: يلزم على هذا التفريق لو غصب شاة فضحى بها فأخذ ربها قيمتها أن يجزئه فقال: نعم، وأباه غيره، قال: لأن هذا ضمان تعد والأول أبين، واحتج محمد أيضًا بالقياس على ثبوت حكم أن الولد للأمة بما ولدته قبل استحقاقها بإمضاء مستحقها بيعها. قال ابن عبد السلام: ويرد بما تقدم؛ لأنه لو وطئ جارية غيره غلطا لم تكن له أم ولد إن حملت واختار ربها أخذ القيمة. قلت: لا تكون له أم ولد وهم بل تكون به أم ولد؛ لأن كل أمة عتق ولدها على واطئها بأبوته واستقر ملكه إياها قبل ولادتها فهي أم ولد له والقيمة على الواطئ غلطا يوم الوطء على المعروف، فإذا أغرم قيمتها فقد ملكها قبل ولادتها. وترجم الشيخ في نوادره: باب ما تكون به الأمة أم ولد من وطء الشبهة من إحلال أو غلط فذكر فيها إن أولد أمة بعثها له من أمره بشراء أمة بأن أنها غير التي اشتراها له فهي له أم ولد. واحتج محمد أيضًا بالقياس على إجزاء الهدي بإمضائه مستحقه بعد تقليده وإشعاره، ورده ابن عبد السلام بأنه لا يشبه الأضحية إلا إن وجد بها حية يرد يمنعه؛ لأن التقليد فيها كالذبح باعتبار حدوث العيب بعده مع إجزائها به بإمضائها المستحق، لا يقال: فالهدي لو عطب قبل محله لم يجزه فتمام القربة إنما هو بالذبح، وهو بعد إمضاء

المستحق لا يتصور هذا في الأضحية إلا إن استحقت قدر الذبح؛ لأنا نقول المردود نفيه علة قياس محمد، هي ثابتة بما أشرنا إليه، وهي كون إمضاء المستحق فيما سبقه فيه فعل قربة تلغى طروء عيبه، فإن أراد إبطاله بما ذكره فرقا لا نفي علة قياس. أجيب بأن فعله الذبح بعد التقليد والإشعار دون الذبح لنقل محمد وغيره عن ابن القاسم في الهدي بغلط بذبحه غير ربه وإشعاره، فيذبحه عن نفسه إن ذلك لا يمنع إجزاءه من ربه. ابن محرز: لابن حبيب عن أصبغ: من ذبح أضحية رجل عن نفسه تعديا أجزأته وضمن قيمتها، فمن قال: هذا لم يلزمه ما نسبناه لابن القاسم، ومن أباه فرق بان المتعدي لا شبهة له بخلاف المخطئ. اللخمي: وإذا لم تجز في الغلط كان له أن يضمن الذابح، فإن ضمنه أو أخذها لم تبع للخلاف في إجزائها. قلت: تذكر ما قاله في كتاب الحج. وسمع عيسى ابن القاسم: إن ضمن الغالط فلا يبع لحمها بأكله أو يتصدق به وأكره بيعه، والمذهب منعها بغير النعم وما أمه منها كغيرها. ابن شعبان: مثلها. الشيخ: رواية المختصر وغيره أفضلها الضأن ثم المعز، وفي فضل البقر على الإبل وعكسه، ثالثها: لغير من بمنى للمشهور مع رواية المختصر والقاضي وابن شعبان والشيخ عن أشهب قائلا: لا أرى على من بمنى أضحية. وأنثى كل صنف أفضل من ذكر ما بعده، وفي فضل الذكر على أنثى صنفه وتساويها روايتا اللخمي عن المختصر والمبسوط. المازري: الأولى المشهور، ولم يحك الباجي غيرها. وفي الفحل والخصي طريقان: اللخمي: اختلف فيه ففي المختصر الفحل أولى. ابن شهاب: لا ينقص خصي الضأن شيئًا.

المازري: المشهور تفضيل الفحل، وقال ابن شهابك هما سيان. ابن حبيب: سمين الفحل أحب إلي من سمين الخصي، وهو أحب إلي من هزيل الفحل، ولم يحك الباجي غيره، وأقل سنها جذع الضأن وثني غيره، وتقدما في الزكاة، وسمع القرينان أكره التغالي فيها أن يجد بعشرة دراهم فيشتري بمائة. ابن رشد: لأنه يوحي إلى المباهاة. قال أبو أيوب: كان الرجل يضحي بالشاة عن أهل بيته ثم صارت مباهاة، وذلك في زمنه فكيف الآن. اللخمي: يستحب استفراهها لقوله تعال: {بِذِبْحٍ عَظِيمٍ} [الصافات: 107]، والقياس على قوله صلى الله عليه وسلم: ((أفضل الرقاب أغلاها ثمنا)). قلت: ظاهره خلاف الأول إلا أن يحمل على التغالي لمجرد المباهاة. عياض: الجمهور على جواز تسمينها وكرهه ابن شعبان لمشابهة اليهود. الشيخ: روى ابن وهب عن عدد من الصحابة والتابعين استحباب كونها بكبش عظيم سمين أقرن ينظر في سواد ويسمع فيه ويشرب فيه. زاد الصقلي عنه أملح: قال: وهو ما كان بياضة اكثر من سواده. ابن العربي: أفضلها ما اختار صلى الله عليه وسلم، الأقرن الفحيل. اللخمي: يجتنب ذو عيب ويغتفر غير بينه، فلا تجزئ بينة العرج أو العور أو المرض أو العجفاء التي تنقي، وفي كونها التي لا شحم لها أو لا مخ لها، ثالثها: التي لا شيء لها منهما لابن حبيب ونقل اللخمي والجلاب. وقول اللخمي: وعلى الثاني إن كانت بأول ذهاب شحمها، وهي قوية لم يقل مخها أجزأت؛ يرد بأنها حينئذ ذات الأمرين إلا أن يريد بأول ذهاب عقب ذهاب. وفيها: يسير العرج غير المانع لحوقها بالغنم خفيف. الشيخ عن سحنون: تجزئ التي أقعدها الشحم.

وسمع القرينان المجبورة بعد كسر إن صحت حتى لا ينقص من ثمنها ولا مشيها، ولا صحتها فكصحيحة. ابن رشد: إن برئت عن عرج يسير فمغتفر. وفيها: والبياض غير كائن شيء منه على الناظر مغتفر. الباجي: روى محمد إن منعها البياض بكونه على الناظر فعور. الباجي: وكذا ذهاب أكثر ضوئها. زاد اللخمي وذهاب يسيره مغتفر. ابن الحارث: اختلف إن البياض على بعض الناظر فقال مالك: لا تجزئ، وقال أشهب: إن كان على أقله أجزأ. قلت للباجي: روى محمد إن كان على الناظر بياض يسير لا يمنعها أن تبصر أجزت، وقول ابن عبد السلام ظاهر قول أشهب إن نقص نظرها شيئًا لم تجز لا أعرفه، وخلاف نقل ابن حارث، وفي لحوق بين عيب غير الأربعة بها وقصر منع الإجزاء عليها قول الأكثر مع المشهور واللخمي عن ابن الجلاب مع ابن القصار والبغداديين. قلت: بناء على تقديم على مفهوم العدد وعكسه، وفي الجلاب معها لا تجزئ السكاء وهي المخلوقة بلا أذنين، وعطف في التلقين على الأربعة قطع بعض الأعضاء المأكولة أو نقصه خلقة. وفيها: لا بأس بيسير قطع الأذنين وشقها. اللخمي: قطع ما دون الثلث يسير وما فوقه كثير، وفي كثرته قولا ابن حبيب ومفهوم قول محمد: النصف كثير. زاد الشيخ عنه عندنا، وعزاه الباجي لابن القاسم، الشق أيسر من القطع شق النصف يسير. المازري: رواية المتأخرين تشير إلى أن الشق والقطع باعتبار الكثرة سيان، ورأى بعض المتأخرين أن الشق أيسر من القطع. الباجي في المبسوط: وسع مالك في يسير شق الأذن كالسمة ونحوها، وعندي لا يمنع الإجزاء إلا أن يشوه خلقها.

وفيها: لا بأس بالسكاء وهي الصغيرة الأذنين. ابن القاسم: نحن نسميها الصمعاء. الباجي: إن قبح صغر أذنيها خلقها وشوهها لم تجز. الشيخ عن محمد: لا بأس بيسير قطع الذنب والثلث عندنا كثير. الباجي: الصحيح أن الثلث من الأذن يسير ومن الذنب كثير؛ لأنه لحكم وعصب والأذن طرف جلد ونحوه للمازري. وسمع القرينان الكبش يقطع الراعي من ذنبه قبضة ليخف، يجتنب في الضحايا إن وجد غيره. ابن رشد: قطع ربع الذنب يسير ونصفه كثير اتفاقا فيهما، وفي كثرة الثلث ويسارته قولا ابن حبيب مع ابن وهب، وظاهر قول محمد النصف كثير من غير إن حد فيه حدا، ولم يحد في المدونة فيه نصفا من ثلث والثلث آخر اليسير وأول الكثير. قلت: قول محمد وقولها إنما هو في الأذن لا الذنب والذنب أشد. وقوله: (الثلث آخر اليسير وأول الكثير) يرد بأنهما إن صدقا عليه لزم صدق الضدين على موضوع واحد، وإلا فغير صادق فليس هو منه في شيء، وقد يجاب بأن هذا في الحكم الواحد فلعله باعتبار حكمين كالثلث في حكم تطوع ذات الزوج والثلث في معاقلة المرأة الرجل. وصح النهي عن الخرقاء والشرقاء والمقابلة والمدابرة. اللخمي: الخرقاء مثقوبة الأذن، والشرقاء مشقوقتها، والمقابلة مقطوعة الأذن من قبل وجهها، والمدابرة من قبل قفاها. أبو عمر: المقابلة مقطوعة طرف الأذن، والمدابرة ما قطع من جانبي أذنها، وله في الكافي كاللخمي بزيادة ترك ما قطع معلقا بها كزنمة، وقاله الجوهري. اللخمي: قد يحمل النهي على ما كثر من ذلك. ابن القصار: هذا يمنع الاستحباب لا الإجزاء. الباجي: هذا مطلق والمذهب كثير القطع يمنعه. قلت: قول ابن القصار على أصله في قصر عيب عدم الإجزاء على الأربعة، فقول

ابن الحاجب النهي عنها بيان للأكمل على الأشهر، يرد بأنه قول ابن القصار والمذهب خلافه حسبما مر للخمي والباجي. وفيها: كسر خارج القرن دون إدماء عفو وإلا فثالثها: إن لم يدم لابن رشد عن محمد عن أشهب وعن النخعي قائلاً إليه: نحى ابن حبيب وسماع ابن القاسم لا يعجبني ذلك ففسره بعدم الإجزاء؛ لأنه مرض. اللخمي عن ابن حبيب: لا تجزئ مكسورة خارجه وداخله وإن لم يدم، وإن ذهب خارجه فقط أجزأت، ولا أري إجزاءها إن كثر شينها أو لم يشنها وبان مرضه بإدمائه، وقيد قول أشهب بخفة مرضها به. وفي مستأصله القرنين دون إدماء نقلا الشيخ عن كتاب محمد وعن ابن حبيب. محمد عن ابن القاسم: لا تجزئ الجرباء إن كان مرضا. وفيها: لا تجزئ الحمرة وهي البشمة ولا الجرباء؛ لأنهما مرض، وفي ثالث حجها لا تجزئ ذات الدبرة الكبيرة. ابن القاسم: فكذا الجرح الكبير، وسقوط الأسنان لإثغار عفو ولكسر يمنع الإجزاء. ابن رشد: اتفاقا فيهما، وسمع ابن القاسم لا بأس بالتي خفت أسنانها أو سقطت لكبر أو هرم. ابن رشد عن ابن حبيب: لا تجزئ ساقطتها لكبر. المازري: هذا خلاف في حال هل ذلك نقص شين أو لا، وروى محمد لا بأس بذاهبة سن واحدة، وروى إسماعيل لا يضحي بها. اللخمي: محمله على الاستحسان لخفته. وذكره الباجي بلفظ: إن ذهب لها سن أو أسنان فلا يضحى بها وتركه على ظاهره، وكذا ابن بشير، وذكر القولين فيها وفي ذهاب سنين ولم يحكهما المازري إلا في سن واحدة وجعلهما خلافا في حال. الشيخ عن ابن حبيب: إن طرحت ثنيتها ورباعيتها دون إثغار لم تجز، ومفهومه عدم لحوق ما لا يساويهما في الجمال بهما.

باب المأمور بالأضحية

الشيخ عن ابن القاسم: لا بأس بالهرمة. أصبغ: ما لم تكن بينة الهرم، الباجي: لا نص في المجنونة ولا تجزئ. اللخمي: إن لازم جنونها. الكافي: لا بأس بالثولاء إذا كانت سمينة. قلت في الصحاح: الثول بالتحريك جنون يصيب الشاة فلا تتبع الغنم، وتستدير في مرتعها وشاة ثولاء وتيس أثول. اللخمي: لا تجزئ البكماء ويتقى نتن الفم، وفي كتاب محمد لا خير في يابسة الضرع، ولا بأس بيابسة بعضه. الصقلي عن محمد: لا خير في شطور الضرع كله، وقال طاوس: إن كان أحد أطبائها يحلب أجزت. [باب المأمور بالأضحية] المأمور بها: الشيخ: روي محمد لا ينبغي لحر قدر عليها تركها إلا لحاج بمنى. قلت: لفظها ليست على حاج وإن كان من ساكن منى أبين لإيهام مفهوم الأول والصغير أو الأنثي أو المسافر كقسيمه. وسمع القرينان الضحية في السفر كغيره إلا أن المسافر عسى به أن يشتغل، ولا يقدر على الإقامة لالتماس الضحايا. ابن زرقون في المبسوط عن ابن أبي أويس: سقوطها عن المسافر كصلاة العيد، وفي كتاب محمد لا يضحي عن أم ولد أو ذي رق أو من في البطن أو ميت، وسمع

القرينان: له أن يضحي عن أمهات أولاده، وهو من ذلك في سعة ابن حبيب إن ضحى رب أم الولد أو ذي رق عنها أو أمرهما بها من أموالهم أو ماله فحسن وتقدم قوله وروايته إن وجد فقير مسلفا تسلف، وقال ابن بشير: لا يؤمر بها من تجحف بماله ابن حبيب على الأب أضحية من عليه نفقته من ولده، ولو ولد له ولد آخر أيام النحر، وقد ضحى أو لم يضح فعليه أن يضحي عنه، ومن أسلم حينئذ فعليه أن يضحي، وتقدم قولها فيه وروى أشهب في يتيم له ثلاثون ديناراً يضحى عنه بنصف دينار. ابن حبيب: يلزم من بيده مال يتيم أن يضحى عنه منه كنفقته. وفيها: لا أضحية عليه عن زوجته ابن رشد أوجبها عليه عنها. ابن دينار: وتقدم قول أشهب لا أري على من بمنى أضحية، وفي ثالث حجها: أرأيت لو أن رجلا اشتري بمنى شاة ولم يقفها، ولم يخرجها لحل فيدخلها الحرم وينوي بها الهدي إنما نوي بها أضحية قال: يذبحها ضحوة وليست أضحية؛ لأن أهل منى ليس عليهم أضحى في رأي وهي في التهذيب في ثاني حجها بزيادة وليست بأضحية يعني ولا هدي لأن أهل منى ليس عليهم أضاحي فكل شيء في الحج فهو هدي، وما ليس في الحج أضاحي. التونسي: شاة اللحم لا توقت بضحوة فلعله لإرادة التقرب بها أمره بسنة الأضحية مع أنها ليستها. قلت: الأقرب أنها هدي؛ لأن توقيتها بضحوة يمنع أنها شاة لحم مع نفي أنها أضحية فانحصر أمرها في الهدي رعيا للقول بعدم شرط وقفه، ولا يضر عدم نيتها هديا؛ لأن نية التقرب بها مع امتناع أنها أضحية استلزمته، والمذهب منع الشركة فيها بالملك. ابن رشد: روي ابن وهب جواز الشركة في هدي التطوع ويلزم في الأضحية على القول بعدم وجوبها. قلت: يرد برعي الخلاف، وبأنها آكد من تطوع الهدي.

باب فيمن يشرك في ثواب الأضحية

[باب فيمن يشرك في ثواب الأضحية] والمذهب لربها إدخال أهل بيته فيها وتجزئهم، ولو كانوا أكثر من سبعة: الباجي واللخمي: بشرط قرابتهم وكونهم في نفقته ومساكنه، وعبر عنه اللخمي بكونهم في بيته، وقاله المازري وعزاه لابن حبيب. قلت: هو ظاهرها، وظاهر قول ابن بشير لغو المساكنة، وروى عياض: للزوجة وأم الولد حكم القريب. ابن حبيب: ذو الرق كأم الولد في صحة إدخالها ربها في أضحيته. اللخمي والباجي: وتسقط عن المدخل، ولو كان مليا، وفيها تجزئ الشاة الواحدة عن أهل البيت وأحب إلي أن يذبح عن كل نفس شاة إن قدر. اللخمي: من لزمته نفقة قريبه لزمه أضحيته عنه أو إدخاله معه أو مع من له إدخاله معه. الباجي والمازري: ولحمها باق على ملك ربها دون من أدخله معه فيها يعطي من شاء منهم ما يريد وليس لهم منعه من صدقة جميعها، وروى محمد لا يدخل يتيمه معه، ولا مع يتيم آخر، ولو كانا أخوين ولا جده مع جدته؛ إلا أن يكونا زوجين. الشيخ عن ابن ميسر: بإذن الجد. محمد: وكذا ذبحه عن جده وعمومته وعماته الصغار. اللخمي إن أدخل من لم يجز إدخاله لم تجز عن أحدهما، وسمع ابن القاسم أحب إلي أن يلي ذكاة أضحيته بيده، وروى محمد لا يلي ذبحها غير ربها. محمد: إلا لضرورة أو ضعف. ابن حبيب: أو كبر أو رعشة ونحو ذلك وروي محمد إن أمر مسلماً غيره دون عذر فبئس ما صنع ويجزئه. وروي ابن حبيب: إن وجد سعة فأحب إلي أن يعيدها بنفسه صاغرا. ابن زرقون: وفي مختصر ابن عبد الحكم قد قيل: لا يجزئه، وروى محمد وقال: لتل المرأة ذبح أضحيتها بيدها أحب إلي وكان أبو موسى الأشعري يأمر بناته بذلك، ولا

يذبح الصبي أضحيته. ابن رشد: الأظهر منع ذبحها أضحيتها إلا لضرورة لنحره صلي الله عليه وسلم عن أزواجه في الحج ولم يأمرهن به، ولو نواها المأمور عن نفسه ففي إجزائها عن ربها أو ذابحها، ثالثها: لا عن واحد منهما لسماع القرينين وابن رشد عن أصبغ قائلا: ويضمن قيمتها وعن فضل وصوب ابن رشد الأول بأن المعتبر نية ربها كالموصي لا نية الذابح كالموصى، ورده ابن عبد السلام بأن شرط النائب في الذكاة صحة ذكاته بدليل منع كونه مجوسياً فنيته إذاً مطلوبة، فإذا نواها لنفسه لم يجز ربها، والموصي لا تطلب منه نية بدليل صحة كونه جنبا، ويجاب بأن الكلام في نية التقرب لا نية الذكاة، ولو استناب نصرانيا ففي إجزائها قولان لأشهب قائلا: وقد أساء مع الباجي عن روايته وعن ابن القاسم فيها مع الشيخ عن رواية ابن وهب، وقول بعضهم لو غر كتابي بإسلامه ضمن وعوقب، واضح على المشهور وعلى قول أشهب ينقص من أجرة ما بينهما كما مر في المغلصمة. اللخمي: إن استناب من يضيع الصلاة استحب أن يعيد للخلاف في صحة ذكاته، ولو ذبحها عن ربها غيره دون نص نيابة، فطرق اللخمي إن كان غير قريب ولا صديق لم يجزه فإن كان ولدا، أو من في عياله ففي إجزائها قولا ابن القاسم وأشهب، ولمحمد عن ابن القاسم: ولو ذبح أضحية جاره عنه إكراما له، فرضي لم تجزه ثم قال لو كان لصداقة ووثق أنه ذبحها عنه أجزأ. الباجي: فيها لابن القاسم إن كان مثل ولده في عياله ليكفيه ذبحها أجزأه وإلا فلا. زاد عنه محمد: أو بعض من في عياله ممن يحمل ذلك عنه. زاد عنه أبو زيد أو لصداقته إن وثق بذبحه إياها عنه. الباجي: يحتمل أنه أراد بقوله: فيها: وفي كتاب محمد: من يدخله رب الدار في أضحيته، ويكون ذلك معني قوله: (ممن يحمل ذلك عنه) ويحتمل أن يريد الولد الذي فوض إليه بالقيام في أمره ويحتمل أن يريد بالصديق المفوض إليه بالقيام في أمره، وإن أراد غيره فظاهر المذهب عدم الإجزاء إلا أن يكون رواية في إجزاء ذبحها المتعدي إذا

لم يضمنه وهو وجه ضعيف. الشيخ عن ابن حبيب: ينبغي أن يأكل منها، وأن يكون أول أكله منها يوم النحر ويطعم كما قال الله تعالي، ثم قال: وليس عليه أن يعم منها القانع والمعتر والبائس الفقير وهو كأصناف الزكاة والقانع. قال مالك: السائل وغيره المتعفف عن السؤال. المعتر: الزائر المعترض لما ينال دون سؤال والبائس الفقير. محمد: تستحب صدقته ببعض أضحيته، فإن لم يتصدق بشيء جاز وصدقته بكلها في كونه خطأ أو أعظم أجرا روايتا ابن حبيب ومحمد، وصوب اللخمي الأول. الباجي: هما بناء على أن الأمر بالأكل ندب أو إباحة والروايات في تحديد قدر الأكل والصدقة. الجلاب: الاختيار أكل أقلها وقسم أكثرها، ولو قيل: يأكل الثلث وقسم الثلثين كان حسنا، وفي التلقين يدخر القدر الذي يجوز أكله. الكافي: يأكل ويطعم نيا ومطبوخا، ونقل ابن الحاجب تحديد الصدقة بالثلث أو النصف وقبوله ابن عبد السلام لا أعرفه. وروى محمد: لا بأس أن يطعم الغني والعبد والمسلمين، وفي إعطاء الذمي منها ما يبين به سماع ابن القاسم لا بأس أن يهدي منها لأهل الذمة ورجوعه لقوله: لا خير فيه. ابن القاسم: الأول أحب إلي. الشيخ عن ابن حبيب أرخص ابن كنانة أن يطعم منها النصراني معناه عندي فيمن في عياله وضيفه وتعمد البعث لهم لا يجوز، كذا فسره الأخوان، وقاله أصبغ عن ابن القاسم. ابن رشد: إنما الخلاف فيما يبين به، ولو كان في عياله أو غشيهم يأكلون أطعم منه اتفاقا، وهذا يرد حمل ابن حبيب قول مالك على الوفاق بأنه كره البعث إليهم إن لم يكونوا في عياله، وأجاز أن يطعموا منه إن كانوا في عياله. وقول ابن عبد السلام: جعل ابن رشد الخلاف في البعث دون من في عياله عكس قول ابن حبيب يدل على أن ابن حبيب جعل الخلاف فيمن في العيال دون البعث إليهم خلاف.

نقل ابن رشد عنه: أن لا خلاف في القسمين، وعبارة نقل النوادر المنع لمالك، وابن القاسم إنما هي بلفظ الكراهة لا بلا خير فيه؟ الشيخ عن ابن حبيب: خفف ابن وهب إطعام أهل الذمة منها وخص النهي بالمجوس. ابن العربي عن الطرطوشي لو أقام بأضحيته سنة عرسه أجزأته، ولو عق بها عن ولده لم تجزه؛ لأن المقصود في الوليمة الإطعام لا إراقة الدم، وفي العقيقة الإراقة كالأضحية والمذهب منع بيع شيء منها ولا بماعون حتى جلدها وفيها صوفها وشعرها وغيره التلقين مع ثاني حجها ولا يعارض بشيء منها لجازر، وسماع ابن القاسم لا بأس بإعطاء الظئر النصرانية تطلب فروة ضحية ابنها فروتها، ومن لحمها يدل على إعطاء القابلة والفران والكواش ونحوهم ومنعه بعض شيوخ بلدنا. الباجي: إن فات مابيع منها، فقال ابن حبيب: إن باع جلدها جهلا فعليه صدقه ثمنه. ابن عبد الحكم: يصنع بالثمن ما شاء. سحنون: يجعل ثمن جلدها في ماعون، وثمن لحمها في طعام يأكله. الباجي: يحتمل قول ابن عبد الحكم أنه كالحنفي يجيز بيع جلدها بغير العين فيما يعار وينتفع به. قلت: مقتضاه قصر قول ابن عبد الحكم على الجلد، وفيه نقله الصقلي والشيخ اللخمي لابن القاسم كابن عبد الحكم لقوله: في هدي نذر المساكين بعد بلوغ محله يستحب ترك أكله منه ولا شيء عليه إن أطعم غنياً أو نصرانياً. قلت: البيع أشد منهما، وإن ساواهما فأخذ من أجازه إطعام الذمي منها أقرب وظاهرة عموم قول ابن عبد الحكم في الجلد واللحم خلاف ما تقدم، وسمع أصبغ ابن القاسم لو باع بعض أهله جلد أضحيته أو لحما وضعه لهم منها تصدق بثمنه بعينه ولا شيء عليه إن أنفقوه. أصبغ: إن رخص لهم في بيعه فكبيعه. ابن رشد: إن أنفقوه فيما لا غناء له عنه لزمه الصدقة بقدره.

باب أيام الذبح

الشيخ: أجاز سحنون إجارة جلدها وجلد الميتة؛ يريد: بعد دبغه. قلت: ولم يذكر هو ولا الباجي ولا الصقلي كونه خلافا، وحكاه ابن شاس بعد نقله عن المذهب لا تجوز إجارته، وسمع عيسي رواية ابن القاسم كراهة دهن الحذاء شراك النعال بشحم أضحيته. ابن رشد: لأن للشحم حصة في ثمن النعال. الشيخ: في جواز بيعه مالكه بعطيته. نقل ابن حبيب عن أصبغ ومحمد مع روايته، ورواية لا يتصدق يجلدها على من يعلم أنه يببيعه، وسمع ابن القاسم لا تبع جاريةٌ جلد أضحية وهبه لها ربها. ابن رشد: لقدرته على انتزاعه والحجر عليها فكأنه باعه، ولو وهبه لمسكين جاز له بيعه. [باب أيام الذبح] وأيام الذبيح: ووقته يوم النحر وتالياه يفوت بفوتها، وفيها إن ضلت فوجدها بعد أيامها أو فيها، وقد ضحى ببدلها صنع بها ما شاء. [باب في وقت الذبح] ووقته في الأول بعد صلاة العيد للإمام وغيره وذبحه: روى محمد: الصواب ذبح الإمام بالمصلي بعد نزوله عن المنبر، ثم يذبح الناس في منازلهم ولمن شاء ذبح بالمصلى بعد ذبح الإمام، والإمام تأخير ذبحه إلي داره. قلت: مقتضى قول ابن رشد السنة ذبحه بالمصلي كراهة ذبحه بمنزله، وفيه قبله بمنزله طريقان. الصقلي واللخمي وابن رشد والمازري: إن لم يتوان الإمام بعد وصوله منزله ففي إجزاء من ذبح قبله بحيث لو ذبح بالمصلي كان ذبح هذا بعده. قولا أبي مصعب ونقل اللخمي عن محمد مع الشيخ عن روايته وابن رشد عن ابن القاسم مصوبا هو واللخمي الأول.

الشيخ: روى محمد لو كان بعد توانيه أجزأه. ابن بشير: إن توانى فالمشهور لا تجزئ وقول ابن الحاجب: فإن لم يبرزها ففي الذبح قبله قولان، ولو توانى خلاف الطريقين ويوهم أن الخلاف في جواز الذبح قبله ابتداء، ومقابل المشهور في قول الباجي إن أظهر الإمام نحر أضحيته إثر صلاته فمن ذبح قبله فالمشهور لا يجزئه لا أعرفه بل ظاهر لغظ عياض والمازري وغيرهما نفيه. الشيخ عن أشهب: إن أخر الإمام ذبحه لم ينتظر. ابن رشد: إن كان لعذر غالب انتظروه إلي الزوال، آخر وقت صلاة العيد. وفيها: قال مالك لا تجزئ من ذبح قبل الإمام من أهل المدن، ويتحر أهل البوادي ومن لا إمام لهم من أهل القرى صلاة أقرب الأئمة إليهم، فإن تحروا فأخطئوا بالذبح قبله ففي إجزائها قول ابن القاسم فيها مع الباجي عن رواية الأخوين ومحمد منكرا الأول بإمكان تأنيهم مع رواية أشهب، وفي كون المعتبر إمام الصلاة أو إمام الطاعة طريقا ابن رشد واللخمي قائلا: المعتبر أمير المؤمنين كالعباسي اليوم أو من أقامة لصلاة العيد ببلده أو عمله على بلد من بلده ومن كان سلطانا دون أن يقيمه أمير المؤمنين غير معتبر، ومن ليس لهم غيره يتحرون كأهل البوادي يتحرون أقرب الأئمة الذين أقامهم أمير المؤمنين، وقول ابن عبد السلام في قول اللخمي: لا يعتبر المتغلبون نظر لنصوص المذهب بنفوذ أحكامهم وأحكام قضاتهم يرد بعدم إمكان غير ذلك، وإمكان الثاني لتحين وقت الإمام غير المتغلب كما لو كان وآخر ذبحه أختياراً واستدلاله بقول عثمان، وهو محصور للقائل له أنه يصلي للناس إمام فتنة وأنت إمام العامة أن الصلاة من أحسن ما يفعله الإنسان، فإذا أحسن الناس فأحسن معهم، فإذا أساءوا فاجتنب إساءتهم، ينتج عكس ما ادعاه؛ لأن البغي إساءة إجماعا ولا سيما البغاة على عثمان رضي الله عنه فوجب اجتناب الاقتداء بالبغاة لإساءتهم. قلت: وصريح نصها مع سائر الروايات بأقرب الأئمة وكون المعتبر إمام بلد من ذبح عن مسافر لا إمام بلد المسافر ظاهر في كونه إمام الصلاة لامتناع تعدد إمام الطاعة، وعليه لا يعتبر ذبح إمام طلاتنا؛ لأن إخراج السلطان أضحيته للذبح بالمصلي دليل عدم نيابته إياه في الاقتداء بذبحه خلافاً لبعضهم.

وفي وقته في الثاني طريقان: الشيخ: عن محمد لا يراعى في الثاني والثالث ذبح الإمام، ولكن إذا حلت الصلاة، ولو ذبح بعد الفجر أجزأه، وعزاه الباجي لرواية ابن حبيب واللخمي لابن القاسم بلفظ: لا يضحي يوم النحر ولا بعده حتى تحل الصلاة. قال: وقال أصبغ: ليس ذلك عليه أن ينتظر قدر صلاة الإمام؛ يريد: بالأمس ولكن إذا حلت الصلاة ولو ذبح بعد الفجر أجزأه فأجرى الذبح في هذين اليومين مجرى جواز نحر الهدي إذا طلع الفجر. ابن بشير: في مراعاة مضي وقت صلاة الإمام فيهما المشهور، والشاذ إن ذبح بعد الفجر أجزأه. قلت: ظاهره عدم الإجزاء على المشهور وهو خلاف نص الروايات، ولا يذبح في ليلهما وفي الإجزاء فيه نقلا اللخمي رواية ابن القصار مخرجا عليه الهدي وهو قول ابن القاسم. قلت: هو نصفها. قال: وقال أشهب: يجزئ الهدي لا الأضحية. قال: ولا تجزئ ليلة الرابع اتفاقاً، وفي فضل ما قبل الزوال على ما بعده من يوم قبله وعكسه. نقلا اللخمي مع محمد وابن حبيب وعبارة ابن الحاجب يحتمل كون الخلاف في المساواة وقصره على غير اليوم الأول ولا قائل بهما.

باب العقيقة

[باب العقيقة] العقيقة: ما تقرب بذكاته من جذع ضأن أو ثني سائر النعم سليمين من بين عيب مشروطاً بكونه في نهار سابع ولادة آدمي حي عنه، فتخرج الأضحية عنه وعلى رواية يبدل سائر النعم بالمعز وعلى رواية يزاد أو سابع سابعه أو سابعه وقول ابن الحاجب ذبح الولادة يبطل طرده بذبح غير النعم وبذبحها بعدموت الولد وبه لولادة غير آدمي ويبطل عكسه بأنه لا يتناول إلا ما ذبح للولادة، وهذا هو الخرس لا العقيقة؛ لأنها ما ذبح عن المولود لا للولادة قاله الجوهري وغيره وهو نص حديث: ((تذبح عنه يوم سابعه)).

وفي كون أصل الإطلاق وضعها لشعر المولود أو لقطع الأوداج والحلقوم نقلا أبي عمر عن أبي عبيدة مع الأصمعي وابن حنبل منكراً الأول، وفي حكمها عبارات. الشيخ: روى ابن حبيب سنة واجبة يستحب العمل بها وكانوا يكرهون تركها، وقال محمد مستحبة غير واجبة. ابن حبيب: ليست كوجوب الأضحية. ابن رشد: قال ابن حبيب سنة غير واجبة وقيل مستحبة، وسمع ابن القاسم يقع في قلبي أنها شريعة الإسلام، ولم يحك المازري غير أنها مستحبة. الباجي: مقتضي قول مالك أنها من مال الأب لا من مال الولد، وظاهر قوله يعق عن اليتيم من ماله أنها لا تلزم قريباً غير الأب. وروى محمد لا يعق عبد عن ابنه ولا يضحي إلا بإذن ربه وفي مأذونها: ولو كان مأذونا لا يعق إلا بأذنه، والروايات: الرأس يجزئ للذكر كالأنثي. الباجي عن ابن حبيب: الأخذ بقول عائشة عن الغلام شاتان حسن. الجلاب: لا يجمع اثنان في شاة، وفي سماع القرينين روى معن من وافق يوم عقيقة ولده يوم الأضحى ولا يملك إلا شاة عق بها. ابن رشد: إن رجا الأضحية في تالييه وإلا فالأضحية؛ لأنها آكد قيل سنة واجبة، ولم يقل في العقيقة. قلت: سبقه به اللخمي، ونقلا عن العتبي إن كان يوم ثالث الأضحي فالأضحية وعزاه الشيخ له ولابن حبيب، وسمع القرينان لا يعق عن من مات قبل سابعه، وفي قصرها على الغنم دون سائر النعم قولا ابن شعبان مع سماع سحنون ورواية

ابن القاسم وابن رشد عن كتاب محمد وسماع القرينين مع رواية ابن حبيب قائلاً الضأن أفضل. زاد الشيخ عنه كالأضحية قائلاً وسنها واجتناب عيوبها، ومنع بيع شيء منها مثلها. ويوم ذبحها يوم سابع الولادة، وفي اعتبار عد أيامه طرق. الباجي عن المذهب والشيخ عن رواية ابن حبيب: من أيام أول يوم ولد قبل غروب شمس ليله. ابن بشير والمازري عن المذهب واللخمي والتلقين والجلاب: من أول يوم ولد قبل فجره وعليه إن ولد بعد الفجر في عد ذلك اليوم والغاية، ثالثها: إن ولد في نصفه الأول ورابعها: يستحب إلغاؤه للخمي مع نقله عن ابن الماجشون وأبيه ومالك في زكاتها وفي الثمانية راجعاً عنه لما فيها وعن أصبغ. قلت: قولها في آخر زكاتها. ابن رشد: في عدها من أول يوم ولد قبل غروب شمس ليلته أو قبل فجره أو قبل زواله، رابعها: منه ولو بعد الزوال لابن الماجشون وابن القاسم مع روايته فيها وفي غيرها وابن الماجشون عن أول قولي مالك وابن أبي سلمة واختيار أصبغ إلغاء يوم ولد، فإن حسب سبعة أيام من تلك الساعة إلي مثلها اجتزأ بذلك حسن. ووقت ذبحها في سماع ابن القاسم معها وجه ذبحها ضحوة، وهي سنة ذبح الضحايا وأيام منى. وفي إجزاء ذبحها بعد فجر يومه قول ابن رشد مع ابن الماجشون وتخريج ابن رشد على قياس مالك ذبحها ضحوة، وإجازة الادخار منها على الأضحية مع رواية المبسوطة ونقله اللخمي عن المبسوط بلفظ إن ذبحها قبل الضحى لم تجزئه وفي فوتها بقوتها في السابع وفعلها في السابع الثاني، فإن فات ففي الثالث، ثالثها: فيما قرب من الأول، ورابعها: في السابع الثاني فقط للمشهور مع رواية ابن القاسم والشيخ عن ابن عبد الحكم مع إحدي روايتيه ورواية ابن وهب بزيادة إن فات لم يعق عنه وسماع القرينين والجلاب، وسمع يحيي بن القاسم لا تجزئ ذبحها ليلاً، ولم يحك ابن رشد

خلافه. ابن بشير: هذا هو المنصوص ويختلف فيه كالأضحية. قلت: لا يصح التخريج في ليل سابعه الأول؛ لأنه كليل يوم النحر بل في ليل سابعه الثاني أو الثالث أو ما قرب من الأول على عدم القصر على الأول، وسمع القرينان لا بأس أن يطعم منها نيئاً وغيره. وسمع ابن القاسم يطبخ ويأكل منها أهل البيت ويطعم الجيران، وأما الدعاء إليها فإني أكره الفخر. زاد في سماع القرينين إن أرادوا صنعوا من غيرها ودعوا، وسمع عيسي ابن القاسم لا يعجبني أن يصنع منها صنيعاً يدعو إليه وثاني نقل ابن بشير في الدعاء لها كالولائم قولان لا أعرفه. وقول ابن عبد السلام هو ظاهر قول ابن حبيب يرد بأن نصه في النوادر حسن أن يوسع بغير شاة العقيقة لإكثار الطعام ودعاء الناس إليه روى أن ابن عمر ونافع بن جبير كانا يدعوان إلي الولادة فظاهره أن الدعاء لطعام الولادة لا العقيقة وتقدم كونه غيرها، فإن منع ظهوره منعنا أخذ نقيض نص الروايات منه لاحتماله المتساوي، وسمع ابن القاسم شأن الناس إطعامها، وسمع عيسي إطعام أهل الحاجة أحب إلي من الأغنياء، وأرجو أن لا شيء على ما فعله، ولا بأس بالإدخار منها كالأضحية. ابن حبيب: يستحب حلق رأسه يوم سابعه. الجلاب: هو معني حديث: ((وأميطوا عنه الأذي))، وفي استحباب الصدقة بوزنه فضة وكراهته وإباحته ثلاثة لابن رشد مع نقله الموطأ عن فاطمة رضي الله عنها وأبي عمر عن أهل العلم قائلاً هو آكد على من لم يعق لقلة ماله واللخمي عن ابن حبيب والشيخ قائلاً أو وزنه ذهباً ورواية ابن بشير قائلاً: بوزنه ذهباً وقول الجلاب، وحمل الباجي سماع ابن القاسم ليس الصدقة بوزنه فضة من عمل الناس على أنه غير مشروع وفعله

دون اعتقاد لزومه فعل بر، وقال ابن رشد: يريد: ليس هو مما التزمه الناس، ورأوه واجباً لا أنه مكروه بل هو مستحب. ابن حبيب: معني قول مالك تكسر عظامها لمنعه الجاهلية. القاضي: يريد: أنه جائز لا مستحب، ونهى مالك أن يمس الصبي بشيء من دمها لفعله الجاهلية قال: ويجعل على رأسه بدله خلوق، ومقتضي القواعد وجوب التسمية. وسمع ابن القاسم يسمي يوم سابعه. ابن رشد: لحديث: ((يذبح عنه يوم سابعه ويحلق ويسمى))، وفيه سعة لحديث: ((ولدلي الليلة غلام فسميته باسم أبي إبراهيم))، وأتي صلي الله عليه وسلم بعبد الله بن أبي طلحة صبيحة ولد فحنكه ودعا له وسماه، ويحتمل حمل الأول على منع تأخير تسميته عن سابعه فتتفق الأخبار وعلى قول مالك قال ابن حبيب لا بأس أن يتخير له الأسماء قبل سابعه ولا يسمى إلا فيه، وفي تسمية السقط ومن مات قبل سابعه قولا ابن حبيب قائلاً: لرجاء شفاعته ومالك قائلاً في حديث يوم السقط يوم القيامة لأبيه: ((تركت تسميتي)) لا أعرفه مع جنائزها في السقط وغير المستهل. الباجي: من أفضلها ذو العبودية لحديث: ((إن أحب أسمائكم عند الله تعالي عبد الله وعبد الرحمن))، وقد سمى صلي الله عليه وسلم بحسن وحسين. وروى العتبي أهل مكة يتحدثون ما من بيت فيه اسم محمد إلا رأوا خيراً أو رزقوا.

الباجي: ويمنع بما قبح كحرب وحزن وما فيه تزكية كبرة ومنعها مالك بمهدي قيل: فالهادي. قال: هذا أقرب؛ لأن الهادي هادي الطريق. الباجي: وتحرم بمالك الأملاك لحديث: ((هو أخنع الأسماء عند الله)). عياض: غير صلي الله عليه وسلم اسم حكيم وعزيز للتشبيه بأسماء صفات الله تعالي. قال: وفقهاء الأمصار على جواز التسمية والتكنية بأبي القاسم والنهي عنه منسوخ، واستحسن بعض شيوخ شيوخنا جواب الشيخ الفقيه القاضي أبي القاسم ابن زيتون حين قال له سلطان بلده أمير إفريقية المستنصر بالله أبو عبد الله بن الأمير أبي زكريا: لما سأله حين دخوله عليه عن اسمه لم تسميت بأبي القاسم مع صحة حديث: ((تسموا باسمي ولا تكنوا بكنيتي)) بقوله: إنما تسميت بكنية صلي الله عليه وسلم ولم أتكن بها وسمع ابن القاسم: لا بأس بتكنية الصبي قيل كنيت ابنك بأبي القاسم قال ما فعلته بل أهل البيت ولا بأس به. ابن رشد: لا بأس يدل على أن تركه أحسن لما في إيهام ظاهره من الإخبار بالكدب ولا إثم فيه؛ لأن القصد ترفيعه بذلك لا الإخبار، وروى الباجي لا ينبغي بجبريل. وسمع أشهب ولا بياسين. ابن رشد: للخلاف في كونه اسماً لله أو للقرآن أو هو بمعني إنسان. قلت: مقتضي هذا التعليل الحرمة، وفي الإكمال كرهها الحارث بن مسكين بأسماء الأنبياء، وفي المدارك تقدم رجل لخصومة عند الحارث بن مسكين فناداه رجل باسمه

إسرافيل فقال له الحارث لم تسميت بهذا وقال صلي الله عليه وسلم: ((لا تسموا بأسماء الملائكة)) فقال له لم سمي مالك بن أنس بمالك وقال الله تعالي {ونَادَوْا يَا مَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ} [الزخرف:77] ثم قال لقد تسمى الناس بأسماء الشياطين فما عيب ذلك يعني الحارث أسمه ويقال هو أسم أبليس. قلت: يرحم الله الحارث في سكوته الصواب معه؛ لأنه محمل النهي في الاسم الخاص بالوضع أو الغلبة كإسرافيل وجبريل وإبليس والشيطان، ومالك وحارث ليسا منه لصحة كونهما من نقل النكرات للأشخاص المعينة أعلاماً من اسم فاعل مالك وحارث كقاسم. العتبي: قال مالك قال صلي الله عليه وسلم: ((انظروا كيف صرف الله عني أذي قريش وسبها يسبون مذمما وأنا محمد)). ابن رشد: هذا دليل واضح لأهل السنة، والحق أن الاسم عين المسمي حقيقة؛ لأنه صلي الله عليه وسلم جعل صرف سبهم تعلقه بمذمم لا بمحمد فمفهومه لو علقوه بمحمد للحقه، ولو كان الاسم غير المسمى ما لحقه، ولو علقوه بمحمد، وفى كون الاسم المسمي أو غيره ثالثها: هذا فيما كان اسماً لله تعالى باعتبار صفة فعل كخالق، وإلا فالأول لأهل الحق والمعتزلة مع الأشعري في بعض كتبه والباقلاني وفرق بين اعتبار لفظ الكلمة واعتبار معناها، وهي المسمي بها، فإذا جعلت جزء كلام ففي كونها في بالاعتبار الأول منوياً معها لفظ مسمى وباء داخلة على الاسم أو بالاعتبار الثاني فلا منوي معها كدعوت الرحمن؛ أي: المسمى بالرحمن أو الذات العلية المتصفة بالرحمة فالأول بناء على أن الاسم غير المسمى والثاني على أنه هو وعليه يدل عموم الاستعمال

الحقيقي لا المجازي. قلت: هذا يضعف تفصيل الباقلاني وزعم بعضهم قصر الخلاف على لفظ اسم وهم نشأ عن عدم فهم استدلالهم بقوله تعالي {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى} [الأعلى:1]، و {مَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِهِ إلاَّ أَسْمَاءً سَمَّيْتُمُوهَا} [يوسف:40]. ابن رشد: وقول المعتزلة على أن أصلهم في أن أسماء الله تعالى وصفاته غيره؛ لأنها عندهم محدثة وأنه تعالى كان بغير اسم ولا صفة حتى خلق خلقه فخلقوا له أسماء وصفات لقولهم الاسم هو التسمية، وهي الكلام والقول الذي يحرك به اللسان وأن الوصف هو الصفة _ تعالى الله عن ذلك _. قلت: فيجب كون موجب قول الأشعري الذي حكاه عنه خلاف ذلك، والصواب في نقله عنهم أن الوصف هو الصفة عكسه، وهو أن الصفة هي الوصف لنقل الإمام وغيره من المتكلمين اتفقت المعتزلة على صرف العلة الوصف والصفة إلى قول الواصف وامتنعوا من إطلاق الصفة. قال الإمام: الذي ارتضى شيخنا والشيخ أبو الحسن الباهلي وغيرهما من أصحابنا أن من الأسماء ما الاسم فيه المسمى كالموجود والقديم والذات ومنها ما هو منها غيره كالفاعل والعالم منا والقادر والخالق لله تعالى والرازق وكل صفات أفعاله، ومنها ما لا يقال فيه هو هو ولا هو غيره كالعالم والقادر، والحاصل أن التسمية القول الدال على الاسم والاسم الصفة أو الذات والمسمى الذات، قال الأستاذ ابو بكر وكثير من أئمتنا: الاسم المسمى مطلقاً فالاسم عندهم مدلول اللفظ من حيث هو كذلك لا بإعتبار كونه ذاتاً أو صفة وهو المسمى باللفظ، وقالت المعتزلة الاسم هو التسمية وهو قول المسمى، وقول الأستاذ أبي منصور وبعض الأصحاب: الاسم مشترك بين التسمية القولية والمسمى غير القولي حسن. قال مشايخنا: قول سيبويه الأفعال أمثلة أخذت من لفظ أحداث الأسماء يدل أن الاسم المسمى، وجواب تمسك المعتزلة بحديث: ((إن لله تسعة وتسعين اسما))

بأنه أطلق على التسمية مجازاً أو برأي الأستاذ أو بإلتزام أنها المسميات أعني الصفات لتقرر التعدد فيها بصفات الأفعال ولا ننكر التعدد في صفات الذات القديمة، ولا يرد هذا بدعوى امتناع تصور التعدد في أسماء الذات كالموجود والقديم والإله لجواب القاضي بصرفها لصفات نفسية لازمة زائدة على الذات هي أحوال عند مثبتها فيرجع التعدد لها. قلت: إن قلت فما الجواب على القول بنفي الحال وهو قول المحققين. قلت: بكونهما اعتباريتين والوجود نفس الموجود وجواب قول هذا خروج عن الفقه بأنه تتميم لما افتتحه ابن رشد والعتبي ومالك والقصد تكميل فائدة ما تكلم القوم فيه والأعمال بالنيات. والختان: للذكور. الجلاب: سنة. التلقين: واجب بالسنة غير فرض ولم يحك المازري غيره. الرسالة: سنة واجبة. الصقلي: سنة مؤكدة، وروى ابن حبيب هو من الفطرة لا يجوز إمامة تاركه اختياراً ولا شهادته. الباجي: لأنها تبطل بترك المروءة، ولو أسلم شيخ كبير يخاف على نفسه منه ففي تركه ولزومه نقلا أبي عمر عن ابن عبد الحكم وسحنون قائلاً أرأيت إن وجب قطع سرقة أيترك للخوف على نفسه ولم يحك الباجي غير قول سحنون دون هذه المقالة قائلاً مقتضاه تأكد وجوبه. قلت: في قطعه للسرقة مع الخوف على نفسه نظر، وإذا سقط قصاص المأمومة للخوف فأحري القطع لحديث: ((تدرأ الحدود بالشبهات)) ويكون كمن سرق ولا يدله يؤدب بما يليق ويطاق. أبو عمر: لو ولد مختوناً فقالت فرقة تجر عليه الموسى، فإن كان فيه ما يقطع قطع

وأباه آخرون. قلت: يجري على الأقرع في الحج وصوب بعض من لقيت تعليله الفخر بنقص لذة شهوة الجماع. قلت: لأن الإحساس بسطح مكنون أتم منه بضاح كاللسان والشفة لكن يرده ما يأتي تعليله في الخفاض والأقرب النظافة من بقايا فضله المحل، وروى ابن حبيب كراهته يوم ولادته أو سابعه لفعله اليهود إلا لعلة يخاف على الصبي فلا بأس واستحبابه من سبع سنين إلى عشر، وروى اللخمي يختتن يوم يطيقه. الباجي: اختار مالك وقت الإثغار، وقيل عنه من سبع إلى عشر وكل ما عجل بعد الإثغار فهو أحب إلي. والخفاض في النساء: الرسالة: مكرمة، وروى الباجي وغيره الخفاض كالختان، ومن ابتاع أمة فليخفضها إن أراد حبسها، وإن كانت للبيع فليس ذلك عليه. الباجي: قال مالك النساء يخفضن الجواري. قال غيره لا ينبغي أن يبالغ في قطع المرأة قال صلي الله عليه وسلم لأم عطية وكانت تخفض: ((أشمي ولا تنهكي فأنه أسرى للوجه وأحظي عند الزوج)). الشيخ: أي: أكثر لماء الوجه ودمه وأحسن في جماعه. روى العتبي: الذبيح إسحاق ابن حبيب كالعراقيين: إسماعيل. قلت: هي مسألة علمية دليلها ظني فقبلوه؛ لأنها ليست من العقائد فيرد رد الصائغ على المازري تمسكه بحديث ((سبع أرضين)) في أن الأرضين سبع بأنه ظني والمسألة علمية.

كتاب الأيمان

[كتاب الأيمان] الأيمان: اليمين عرفاً قيل معناها ضروري لا يعرف والحق نظري؛ لأنه مختلف فيه. الأكثر: التعلق منه لترجمتها كتاب الأيمان بالطلاق، وإطلاقاتها وغيرها، ولو لم

يكن حقيقة ما لزم في الأيمان اللازمة دون نية إذ لا يلزم مجاز دونها ورده بلزومه دونها إذا كان راجحاً على الحقيقة، يرد بأنه المعنى من الحقيقة العرفية. ابن رشد وابن بشير وغيرهما: مجاز وكل مختلف فيه غير ضروري. فاليمين قسم أو التزام مندوب غير مقصود به القربة أو ما يجب بإنشاء لا يفتقر لقبول معلق بأمر مقصود عدمه، فيخرج نحو إن فعلت كذا فلله علي طلاق فلانة أو عتق عبدي فلان. ابن رشد: لا يلزم الطلاق؛ لأنه غير قربة. قلت: عزاه الشيخ لكتاب محمد؛ والعتبي لسماع عيسي ابن القاسم. ابن رشد: ويلزم العتق ولا يجبر عليه وإن كان معيناً؛ لأنه نذر ولا وفاء به إلا بنية وما أكره عليه غير منوي له. ابن العربي: اليمين ربط العقد بالامتناع والترك أو بالإقدام على فعل بمعنى معظم حقيقة أو اعتقاداً ويرد بتكرار الترك وخروج الغموس واللغو والتعليق. وسمع القرينان كان عيسي عليه السلام يقول لبني إسرائيل: كان موسى ينهاكم أن تحلفوا بالله إلا وأنتم صادقون وأنا أنهاكم أن تحلفوا بالله صادقين أو كاذبين. ابن رشد: قول عيسى خلاف شرعنا؛ لأنه صدر منه صلي الله عليه وسلم كثيراً وأمره الله به ولا وجه لكراهته؛ لأنه تعظيم لله تعالى ويحتمل أن يكون كراهته عيسى عليه الصلاة

باب فيما تصح فيه اليمين شرعا اتفاقا

والسلام خوف الكثرة فيؤول إلى حلف كذب أو تقصير في الكفارة. الشيخ عن ابن حبيب: أقول كقول عمر: اليمين مأثمة ومندمة، وما يكاد من حلف يسلم من الحنث. [باب فيما تصح فيه اليمين شرعا اتفاقا] والحلف بما دل على ذاته العلبة جائز، وفيه بصفته الحقيقية كعلمه وقدرته وعزته وجلاله وعظمته وكبريائه وإرادته ولطفه وغضبه ورضاه ورحمته وسمعه وبصره وحياته ووجوده وكلامه وعهده وميثاقه وذمته وكفالته طريقان الأكثر كالأول. اللخمي: اختلف في جوازه بصفاته كعزته وقدرته فالمشهور جوازه. وروى محمد وابن حبيب لا يعجبني بـ ((لعمر الله))، وأكرهه بـ ((أمانة الله)). قلت: جعله الخلاف في قدرته منهما يرد بما يأتي لابن رشد في لعمر الله وباشتراك أمانة الله. ابن حبيب عن ابن الماجشون: أمانة الله يمين. الشيخ وعبد الحق عن أشهب: إن أراد التي بين خلقه فغير يمين، وإن أراد صفة ذاته فيمين وكذا العزة وبمخلوق. اللخمي: يمنع. ابن رشد: يكره. وفيها: أكرهه بغير الله أو برغم أنفي لله. الشيخ: روى ابن حبيب أكره قوله: رغم أنفي لله، وقول الصائم والذي خاتمه على فمي. ابن حبيب: لما بلغ عمر بن عبد العزيز موت الحجاج خر ساجداً وقال: رغم أنفي لله الحمد لله الذي قطع مدة الحجاج، فلا بأس بالتأسي به في مثل هذا.

باب فيما يوجب الكفارة باتفاق

[باب فيما يوجب الكفارة باتفاق] وبما عبد كاللات والعزى، أو نسب له فعل كالأزلام إن عظم فكفر وإلا فعصيان، والأول على مستقبل ممكن من عاقل بالغ مسلم يوجب حنثه الكفارة بشرط يأتي. وفي كون الثاني كذلك طريقان؛ الأكثر: كذلك، ورواية علي: لا كفارة في المصحف والقرآن منكرة، وأولت على إرادة المحدث من جسم وصوت. ابن رشد: إن نوى المحدث أو القديم فواضح وإلا فالقولان. اللخمي: في إيجابه بالصفة الكفارة كالعزة والقدرة، ثالثها: الوقف للمشهور ورواية علي وابن القاسم لقوله في لعمر الله وأيم الله أخاف كونه يميناً. قلت: يرد بما مر، وبقول ابن الحارث اتفقوا على أن الحلف بصفة من صفاته تعالى يمين يجب بها الكفارة. ابن حبيب: أيم الله يمين وصوبه ابن رشد فيه وفي كل لغاته، وقال في الكفارة في لعمر الله نظر؛ لأن العمر على الله محال ووجه قول أصبغ بالكفارة بحمل العمر على البقاء، ووقف ابن القاسم بالخلاف في أن البقاء ثبوتي أو عدمي.

باب في لغو اليمين والغموس

قال: وفيها لابن القاسم كأصبغ. ويلزم باللفظ والنية، وفي مجردها روايتا الطلاق بها وفي لزوم عكسه: وكونه لغواً لا كفارة فيه قولان. لها مع المشهور وإسماعيل مع الأبهري واللخمي. الشيخ: رد بعض البغداديين قول عائشة: اللغو قول الرجل لا والله، وبلي الله، لقول مالك: لأنها لا تعني تعمد الكذب بل الظن. [باب في لغو اليمين والغموس] وفيها: إنما اللغو الحلف بالله على ما يوقنه فيتبين خلافه لا شيء فيه. والغموس الحلف على تعمد الكذب أو على غير تعيين أعظم من أن يكفر. قلت: فيدخل الظن، وقاله الصقلي، ونقله عن الشيخ، وجعله الباجي لغواً، وقاله الشيخ في رسالته وله عن ابن حبيب: الحلف على عمد الكذب من الكبائر. محمد: وكذا الحلف على شك أو ظن، فإن صادف صدقاً فلا شيء عليه، وقد خاطر. الشيخ: قوله على ظن يريد ولا يوقنه، وقوله في اللغو: الحلف على ما يظنه يريد ويوقنه. وفيها: من قال والله ما لقيت فلاناً أمس، وهو لا يدري ألقيه أم لا ثم علم أنه كما حلف بر، وإن كان بخلافه أثم كمتعمد كذب. عياض: يريد بـ يبر؛ وافق البر، لا نفي إثم الحلف على الشك، وإن كان دون إثم المتعمد، ولا يصح فهم بعضهم سقوطه. وقول بعضهم هو كقول العتبية والواضحة من قال: إن لم تمطر السماء غداً فامرأته طالق فلم تطلق عليه حتى أمطرت لا شيء عليه؛ لا يصح؛ لأن هذا تعليق على أمر ثبت نقيضه وأثم الحالف بجرأته وهي ثابتة ومذهب المدونة لزوم الطلاق بأول قوله كطلاق الهزل. قلت: هذا خلاف ما مر لمحمد، ووفاق لقول اللخمي قول ابن القاسم أنه بر،

والصواب أنه أثم، ويجوز كون إثمه أخف من العامد، فإن بقي على شكله فهو آثم. الشيخ: روى ابن حبيب الإلغاز في اليمين لمكرٍ أو قطع حق يصيرها غموساً، وما كان لعذر أو خوف سخط أخيك، فلا بأس به. وفيها: قيل من حلف بالله ما له مال وله دين عرض أو غيره أو شوار أو خادم قال: لم أسمعه وأراه حانثاً ما لم يكن له نية كقول مالك فيمن حلف بطلاق ما يملك ثوباً وله ثوبان مرهونان إن كانا كفاف دينه لم يحنث إن كانت تلك نيته، وإلا حنث وإن لم يكن فيهما فضل. قلت: جواب ابن القاسم مشكل والصواب أنها لغو بخلاف مسألة مالك؛ لأنها بطلاق ثم رأيته للتونسي هكذا. عياض: رويت ونوي ما أقدر إلا على ثوبي هذين ورويت ما أقدر على غيرهما، ورويت ما أقدر عليهما، ولو لم ينو ففي حنثه، ثالثها: إن كانا فيهما فضل لعياض عن رواية الجمهور فيها، وتخريج اللخمي على رعي القصد مع نقل ابن بشير، ورواية ابن المرابط مع الدباغ. وصوب التونسي الأول قال: كحنثه بمال عليه دين يستغرقه. ولو نوي وفيهما فضل ففي حنثه روايتها وقول يحيي بن عمر: فقيده الصقلي بأنه لم يستحلفه غريم ولو نوي، ولا فضل فنصها والأكثر لا حنث. التونسي: قد يقال إن قدر على بيعهما وتعجيل الدين فهو ذو مال فيحنث. وأظن في ذلك خلافاً، والمعروف لا لغو ولا غموس في المستقبل، وتعليق ابن الحاجب اللغو به لا أعرفه وقبوله ابن عبد السلام وقوله يتأتى في المستقبل كالماضي والحال. وأكثر كلام الشيوخ حصرها فيهما، يرد بأن شأن العلم الحادث تعلقه بما وقع لا بالمستقبل؛ لأنه غيب فلا يلزم من ترك الكفارة في حلفه على ما وقع تركها في حلفه جزماً على ما لم يقع لعذر الأول وجرأة الثاني. التونسي: الأشبه في مستقبل ممتنع؛ كوالله لا تطلع الشمس غداً أنه غموس. قلت: هوظاهر قولها على تعمد الكذب.

باب صيغة اليمين

الصقلي: من حلف مهدداً بعض أهله مجمعاً على الكفارة وعدم الوفاء بيمينه لم يأثم. قلت: ظاهره لو كان غير مهدد أثم ولا لغو ولا غموس في غير موجب الكفارة. ابن رشد: اتفاقاً. وعممه ابن بشير في كل يمين لا يقضى بموجب حنثها لعدم البينة عليها على قول إسماعيل، ومثله قول اللخمي: اختلف قول مالك في الطلاق بغير نية. وفي اختصار المبسوطة لابن رشد: من حلف بطلاق لقد دفع ثمن سلعة لبائعها فبان أنه إنما دفعه لأخيه فقال: ما كنت ظننت إني دفعته إلا للبائع فقال مالك حنث. وابن الماجشون: لا شيء عليه أنما أصل يمينه أنه دفع إليه في ما يري، وأنه لم يحبسه عنه. قلت: ذكره هذا في ترجمة نصها: الحالف على أمر يظنه فيتبين غيره يقتضي الخلاف في لغو الطلاق وليس كذلك بل في حمل لفظ على ظاهره أو التخصيص بالبساط. العتبي عن سحنون: من قال لشهود ذكر حق له قد ضاع لي فاكتبوا لي بدله وحلف بالطلاق ما يعلمه في موضع من المواضع، ولا هو في بيته ثم وجده في بيته لا يحنث؛ لأنه أراد علمه. ابن رشد: حمله على البساط دون اللفظ، وهو المشهور. [باب صيغة اليمين] الصيغة: ما صرح فيه بأداة القسم والمقسم به كأقسم بالله، وأشهد بالله يمين. الباجي: اتفاقاً. اللخمي: قولان لابن القاسم، ونقل سحنون أنها غير يمين. ($) وأقسم ناوياً بالله قولان لها، ولابن شعبان، وتخريجهما اللخمي: على

اليمين بالقلب يرد ببعض اللفظ، ومثله أعزم على فعل نفسه وعزمت بالله ولو على غيره يمين. والمعروف لغو أحلف أو أقسم غير منوي معه مقسم به: ونقل ابن بشير الكفارة فيه لا أعرفه. ويرد زعم ابن عبد السلام انفراد ابن الحاجب بنقله. سحنون: قوله علم الله إن فعلت كذا إن أراد علم الله فيمين وإلا فلا شيء. التونسي: إن نوى حرف القسم ونصت بحذفه كالله لأفعلن فيمين، وإن كان خبراً فلا، إلا أن ينوي اليمين. أشهب: من قال الله يعلم أني لا أفعل كذا ففعله لو كفر. ابن رشد: لاحتمال إرادة الخبر أو القسم. اللخمي عن ابن عبد الحكم: لا ها لله يمين بخلاف الله علي راع أو كفيل. وفي كون معاذ الله أو حاشا لله يميناً قولان لنقل اللخمي والشيخ. وعلى عهد الله يمين، وفي وعده قولان لها ولابن حارث عن رواية الدمياطي. وفي أعاهد الله قولا ابن حبيب وابن شعبان، وفي أبايع الله قولا ابن حبيب واللخمي مع تخريجه على قول ابن شعبان في أعاهد الله. الشيخ عن ابن حبيب: وفي عاهدات الله أو بايعت الله الكفارة. وفي المبسوطة لابن كنانة: في الحلف بالعهد عتق أو ثلاث كفارات، فلو قال: أعاهد الله عهداً لا أخيس به ففي حله بالكفارة ولزومه كعهده المعاقدة رواية أشهب ونقل ابن رشد عن الدمياطي عن ابن القاسم وقال ابن رشد ومحمد: وروى من أعطي عهد الله لزمه ولا كفارة له. ابن حبيب: أعظم من أن تكفر. وكذلك عهد الله وعلى عهد الله يكفر. وفي لزوم اليمين بالله مرادة بلفظ مباين للفظها كالطلاق بذلك نظر. وأخذه ابن رشد من نقله عنها من قال: لا مرحباً؛ يريد: به الإيلاء مولٍ، قال:

وقيل: معناه والله لا مرحبًا بك إذ لا يعبر عن أسم الله بغير اسمه والأظهر كاليمين بالنية. وفي النذر المبهم كعلي نذر ولو قيد فلا كفارة له إلا الوفاء به كفارة يمين، والتزام ملة كفر أو صفة قبيحة أو تحريم غير الزوجة أو ذعاء بمؤلم؛ كهو يهودي أو سارق إن فعل كذا وكذا عليه حرام أو عليه غضب الله ساقطٌ وليستغفر الله تعالي. وفي أشد ما أخذه أحد على أحد إن أخرج الطلاق والعتق كفارة يمين، وإلا ففي كونها كذلك أو لزوم عتق رقيقه وطلاق نسائه والمشي لبيت الله وصدقة ثلث ماله، ثالثها: وعشر كفارات لابن وهب وابن القاسم ورواية المبسوط، ونقل الباجي عن عيسي في الأول ثلاث كفارات وفسرها بالصدقة والمشي وكفارة يمين، وقال ابن عبد السلام حمل غيره الكفارات على ظاهرها. قلت: هذا وهم منهما، ولا أعلم من ذكره غير الباجي؛ لأن نص رواية عيسي من قال على عهد الله وغليظ ميثاقه وكفالته وأشد ما أخذه أحد على أحد _ وعزل عن ذلك الطلاق والعتق _ فعليه ثلاث كفارات؛ في عهد الله كفارة، وغليظ ميثاقه كفارة، وأشد ما أخذه أحد على أحد كفارة. ابن رشد: عدد بها الكفارة لقصده النذر، ولو أقسم بها كانت واحدة لرجوعها لصفة واحدة هي الكلام إلا على ما له في القرآن والكتاب والمصحف، ولم يوجب لكفالته كفارة؛ لأنها مخفوضة ولو كانت مرفوعة لوجب لها كفارة ثالثة وجعل محمد الكفارة الثالثة لكفالته قال: وفي أشد ما أخذ أحد على أحد؛ إن لم يكن نية ما ذكر من طلاق وغيره فجعله الصقلي خلاف نقل العتبي ونقل ابن بشير فيها تعلقها بسائر الأيمان كيمين البيعة. وفي الأيمان اللازمة اضطراب: ابن هشام عن الأبهري وأبي عمر: لا شيء فيها إلا الاستغفار؛ وعنه أيضًا كفارة يمين. ابن المناصف: خرجه أبو عمر لابن القاسم ما في معناه ومن قوله في أشد ما أخذ أحد على أحد ونقله الباجي عن الجرجاني مستدلاً بما روى عن عائشة ((كل يمين وإن

عظمت كفارتها كفارة اليمين)) الباجي: هذا لا يصح ولو صح لخص أو كان مذهبًا لها لا توافق عليه. ابن العربي عن الطرطوشي: ثلاث كفارات. ابن هشام عن أبي عمر الإشبيلي: طلقة بائنة. الباجي: رأيتها في بيعة أهل المدينة ليزيد بن معاوية وفي عهود الخلفاء بعده، ولا نص فيها مخلصًا لمتقدم وأجمع العلماء أنها أيمان لازمة يجب بها طلاق نسائه وعتق رقيقه، فإن لم يكونوا له فعتق رقبة والمشي لبيت الله حاجًا وصوم شهرين متتابعين؛ لأنه أعم الصوم وصدقة ثلث ماله. المتيطي عن الشيخ وكثير من الأندلسيين، وعن عبد الحق عن ابن عبد الرحمن: يجب بها طلاق نسائه ثلاثًا والمشي لمكة وصدقة ثلث ماله وعتق عبيده وكفارة يمين؛ وقاله ابن سهل عن أبي المطرف محتجًا بقول مالك فيها: من حنث ولم يدر هل حلف بصدقة أو طلاق أو عتق أو مشي لزمه الجميع. واختاره عبد الحق ونقل عن أبي عمران والمتيطي عنه وعن القابسي وابن عبد الرحمن وبعض الأندلسيين: أن الطلاق واحدة رجعية. زاد عبد الحق عن أبي عمران: ويستحب له أن يلزم نفسه ما زاد. ابن سهل عن بعض فقهاء طليطلة: الطلاق واحدة بائنة قال ولا وجه له. ابن بشير: إن قصد التعميم فبالثلاث وإلا فواحدة. واختار عبد الحميد الثلاث ونقل عن السيوري نقض حكم حاكم فيها بواحدة عول على جواب مفت ليس بذلك، وزاد ابن عتاب عن بعضهم كفارة ظهار، وزاد ابن بشير صوم عام لمعتاد الحلف به واختار ابن محرز أقل مسمى العتق والصدقة والطلاق. ابن رشد: لا وجه لمن أسقط منها ما ألزمه الشيوخ، ولا من جعل الطلاق فيها بائنة أو رجعية. ابن المناصف: إن نوي عمومًا أو خصوصًا لزمه منويه وإن نوى مسماها عرفًا عالماً أن منه الطلاق، وهو أكثر واقع زمننا فطلقة واحدة، وإن نوي مطلق اليمين جاهلًا مسماها عرفًا احتمل السقوط وكفارة يمين.

وعزا ابن بشير صوم الشهرين للأشياخ وجعله عن القول بكفارة الظهار وتعقبه بتقديم العتق فيه على الصوم ليسره بالباقي بعد ثلاثة. قلت: جعله صوم الشهرين كفارة الظهار، وعزوه إياه للأشياخ مشكل؛ لأن الباجي علله بأنه أعم صوم وجب، ولم نعرفه لغيره، ولذا قال ابن زرقون: صوم الشهرين وعتق ما لا في ملكه غير معروف. الشيخ عن كتاب محمد: من قال في حلفه بأيمان البيعة: إنما نويت: بالله، وبالمشي، وبالعتق، وشبهه ولم أرد طلاقًا؛ نوي. قلت: ظاهره ولو لم يكن مستفتيًا. وسمع ابن القاسم: من قال أحلف ويميني على مثل يمينك فحلف بعتق أو طلاق أو أنكر مكانه لم تلزمه يمينه وإلا لزمته. ابن رشد: معنى سقوطها إن ادعى أنه ظن أنه لا يحلف بذلك لسماعه عيسي، ونقل ابن حبيب زيادة ويحلف على ذلك، ومعني لزومها إن كان للحالف زوجة أو عبيد وإلا لم تلزمه لسماعه أبو زيد ونقل ابن حبيب بزيادة إلا أن يقول كقوله محاكاة له أو على مثل ما حلفت به فيلزمه. اللخمي: لو قال والله لا أكلمك ولآخر ولا أنت بنية من أول يمينه تعلقت بهما وإن حدثت بعدها فعلى القولين في حدوث نية الاستثناء بعد اليمين ونسق طلقة ثانية قبل البناء. قلت: لا يلزم من لغو الاستثناء لغو المعطوف؛ لأن الحل أشد من اللزوم، ولا من لغو الثانية لغو المعطوف؛ لأن لازم الأولي ينافي لزوم الثانية، وتعلق اليمين بالمعطوف عليه لا ينافيه بالمعطوف وظاهر سماع ابن القاسم تعلقها به.

باب فيما تتعدد فيه الكفارة

[باب فيما تتعدد فيه الكفارة] وتتعدد الكفارة بتكرر اليمين على واحد بالشخص بنية تعدد الكفارة. [باب فيما تتحد فيه الكفارة] وتتحد بنية التأكيد وإلا فطريقان: ابن رشد: لا تتعدد عند مالك وأصحابه بالله في والله ثم والله ثم والله. اللخمي: ولو كررت في مجالس. وقال محمد: وأري تعددها. وقال ابن عبد الحكم يتعدد في: والله ووالله ويتحد في والله والله. وفيها: إن نوى كل يمين غير التي قبلها فكفارة واحدة إلا أن ينوي بها ثلاثة أيمان فذلك عليه كقوله ثلاثة نذور. عياض: في حمل لفظها على شرط تعددها بنية كونها كنذور عليه، أو بنية كونها أيمانًا مستقلة غير مؤكدة قولا الأكثر وأبي عمران ولفظها في رواية هي أبداً يمين واحدة إلا أن يريد بها محمل النذور، وثلاثة أيمان عليه فيكون كذلك، وفي بعض النسخ: أو

باب فيما يتعدد به موجب الحنث كفارة أو غيرها

ثلاثة أيمان وفي أكثرها: محمل النذور ثلاثة أيمان وتكرير المقسم به دون المقسم عليه وتكرير هما معًا سواء؛ لفرض اللخمي والباجي المسألة على الأول وهي فيها على الثاني. وتتعدد في تكرير النذر المبهم عطفًا وغيرها، ولو معلقًا على معين، ولو قبل ذكره كعلي نذر ونذر إن كملت زيدًا ما لم ينو الاتحاد. وسمع ابن القاسم في الحلف بعشرين نذراً عشرون كفارة، وفي كون لفظ اليمين كذلك أو كصيغة القسم قول مالك ومحمد، وفي تعددها بتكرير الصفة المختلفة اللفظ، ثالثها: إن تغايرت لابن رشد عن ظاهر رواية عيسي عن ابن القاسم في الحالف بالقرآن والكتاب والمصحف، والصقلي عن ابن حبيب واللخمي مع التونسي وأبي عمران وسحنون. وفي تكرير الحلف بالله موصوفًا بصفات متغايرة كفارة واحدة. الشيخ عن كتاب محمد في والله العزيز العليم كفارة واحدة. وقاله التونسيفي تكرير: الحلف به موصوفًا بها وألزمه ابن رشد مع رواية عيسي تعددها كالصفات المتغايرة ورواه أبو عمر. وفي قول ابن رشد: إن قيل العالم هو المريد القادر وليس العلم الإرادة ولا الإرادة القدرة. قيل: إن كان كذلك فليست هي غيرها إلا في المحدث نظر، وتتعدد في ذكر الصفة مع الذات كوالله وعزته، وفي اليمين مع النذر لقول محمد في: والله لا فعلت كذا، وعلى نذر إن فعلته كفارتان. [باب فيما يتعدد به موجب الحنث كفارة أو غيرها] ويتعدد موجب الحنث كفارة أو غيرها بتعدد اليمين مع تغاير متعلقها، ولو بكونه جزءا من الآخر أو لازمًا له مساويًا على رأي.

سمع ابن القاسم فيمن حلف لا كلمتك غدًا، ثم حلف لا كلمتك بعد غد كفارتان. الصقلي: ولو حلف لا كلمه غدًا، ثم حلف لا كلمه غدا ولا بعد غد، فإن كلمه غدًا فكفارتان ثم إن كلمه بعد غد فلا شيء عليه، ولو كلمه بعد غد فقط فكفارة واحدة، ولو قدم يمينه الثانية على الأولى فكفارة واحدة مطلقًا كما لو كرر يمينه الثانية واختلف أصحابنا في الأول وهذا الحق. قلت: قوله كما لو كرر يمينه الثانية يرد باتحاد متعلقيهما، ومتعلقاهما إذا قدم الثانية على الأولي متغايران بالكل والجزء، والجزء من حيث كونه جزاء مغاير له من حيث

باب في شرط الاستثناء بمشيئة الله

كونه غير جزء ولذا رجح اللخمي قول ابن القاسم فيمن حلف بالطلاق لا كلم إنسانًا، ثم حلف بالطلاق لا كلم زيدا فكلمه تلزمه طلقتان ولا ينوي. وسمع ابن القاسم على من حلف بالله لا حنث في يمينه بالله فحنث كفارتان. ابن رشد: لابن القاسم في المبسوطة كفارة واحدة. وفيها: لو تغايرت اليمينان ككون الثانية بعتق أو طلاق لزم موجبا حنثيهما معًا لتباينهما. [باب في شرط الاستثناء بمشيئة الله] في الاستثناء بمشيئة الله تعالي في ذات الكفارة يرفع حكمها، وسمع أشهب: إن نوي به الاستثناء، وإن كانا لهجًا لقوله تعالي: {ولا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ} [الكهف:23]، {لَتَدْخُلُنَّ المَسْجِدَ} [الفتح:27] لم تغن شيئًا. الشيخ عن محمد: وكذا إن كان سهوًا أو استهتارًا. وتفسير ابن عبد السلام كونه لهجًا بأنه غير منوي وكونه للتبرك بقوله تعالي: {ولا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ} [الكهف:23] خلاف سماع أشهب. وسمع عيسى ابن القاسم من حلف لا فعل كذا إلا أن يقضي الله أو يريد غيره ليس ثنيا. عيسى: هو في اليمين بالله ثنيا فحمله ابن الحارث وابن رشد على خلاف في اليمين بالله واختار قول عيسي. وظاهر النوادر حمل قول ابن القاسم على اليمين بالطلاق فلا يكون خلافًا؛ والأول أظهر لسماعه إياه في الأيمان بالطلاق من قال لأمرأته: إن فعلت كذا وإلا أن يقدر فأنت طالق إن فعله؛ حنث. ابن رشد: لأشهب: لا شيء عليه؛ وهو القياس والنظر إذ لا فرق بين الاستثناء بقضاء الله أو قدره أو مشيئته، وابن القاسم يري أنه لا ينفعه إلا في المشيئة فقط.

ولو قال: إن فعلت كذا إلا أن يشاء الله فأنت طالق؛ نفعه استثناؤه عند الجميع، وقال ابن دحون لا ينفعه ذلك على قياس هذه الرواية، والمذهب أن قوله إلا أن أرى غير ذلك معتبر نافع في كل يمين. وفي كون إلا أن يريني الله غير ذلك كذلك أو لا ينفع. قول عيسي مع ابن القاسم، وقول أصبغ وهو في غيرها لغو مطلقًا. وفي الراجع لفعل علق عليه طلاق خلاف يأتي إن شاء الله. وهو بإلا وبإلا أن معتبر في كل يمين. وشرطه في الكل عدم فصله اختيارًا. وفي شرطه بنيته قبل تمام يمينه نقلا ابن رشد مع اللخمي والباجي عن محمد والمشهور. الصقلي: وخلف الأول رأي محمد. قلت: وظاهر النوادر أنه رآه ورواه، وعزاه اللخمي لإسماعيل ورجحه. زاد عنه ابن محرز لامتناع اتصاله دون تقدم نيته قبل تمام اليمين لفظ نقل الشيخ والصقلي عنه شرط تقدمه قبل آخر حرف من المقسم به، وظاهر نقل اللخمي من المقسم عليه. ابن رشد: على هذا يجب حمله، وجعل ابن الحاجب قول محمد مقابلاً للمنصوص متعقب ولا سيما مع ثبوت كونه رواية. وقول ابن الحارث فيها لمالك: إن نسقه بيمينه دون سكوت أجزأه، وقال سحنون لا يجزئه حتى يعقده في يمينه. وقال محمد: حتى ينويه قبل الهاء من والله عالم الغيب والشهادة. يقتضي أن الأقوال ثلاثة وفيه بعد، وقال عياض إثر نقله عن الشافعي: سكتة التنفس والتذكر لا تضر وهي كالوصل. تأوله بعضهم عن مالك قال: والذي يمكن أن يوافق عليه مالك أن مثل هذا لا يقطع كلامه إذا كان عازمًا على الاستثناء ناويًا له وإليه أشار ابن القصار. قلت: ظاهر أقوال أهل المذهب أن سكتة التذكر مانعة مطلقًا.

وفي البيان بعد ذكره المشهور؛ وقيل: شرطه في العدد عقد يمينه عليه أو كونه مع آخر حرف من كلامه، يقوم الأول من قولها في أنت طالق وأنت طالق وأنت طالق قبل البناء هي ثلاث إلا أن ينوي واحدة، وهو أظهر؛ لأن الصحيح عدم وقوع الطلاق بنفس تمام اللفظ بل حتى يسكت سكوتًا يستقر به الأمر والثاني من قولها في أنت طالق البتة وأنت علي كظهر أمي لا ظهار عليه، وقولاها متناقضان يتخرج كا منهما في مسألة الآخر. قلت: يفرق بأن بينونة البتة ترفع العصمة، وغير الثالثة قبل البناء لا ترفعها. وظاهر الروايات لا فرق بين العدد، وغيره من نقل الشيخ عن سحنون في أنت أنت طالق وأنت طالق وأنت طالق إلا واحدة إن نوى التأكيد فاستثناؤه لغو كواحدة إلا واحدة، وإن لم يكن له نية فهي ثلاث استثني منها واحدة تلزمه اثنتان. ولم يحك عياض فيه عن المذهب إلا شرط عقد اليمين عليه قال: وإلا لم ينفعه، ولو وصله به ومثله في المقدمات. عياض: وشرطه في مشيئة الله تعالي أو مشيئة مخلوق النطق به اتفاقًا، إلا ما خرجه اللخمي إذا نواه قبل اليمين من انعقادها بالنية. قلت: هذا يقتضي قصر تخريجه على نيته قبل اليمين، وليس كذلك بل قال على قول مالك: "تنعقد اليمين بالنية"؛ يصح استثناؤه بالنية، ولم يختلف أن المحاشاة تصح بالنية؛ لأنها إخراج قبل اليمين، وكذا الاستثناء إذا كانت بنيته قبل اليمين؛ لأنها محاشاة ويرد الأول بأن العقد أيسر من الاستثناء؛ لأنه كابتداء حكم، والاستثناء كنسخة، ويأتي نحوه لابن محرز. محمد: شرطه في "إن" و "إلا أن" نطقه به. عياض عن ابن رشد: اتفاقًا. قال: وأخذ بعضهم خلافه من قولها: "من حلف لا فارق غريمه حتى يستوفي حقه ففر منه إن كان نوى لا يفارقه مثل قوله: لا أخلي سبيله إلا أن يفر فلا شيء عليه. ومن حلف ليأكلن هذا الطعام غدًا فسرق حنث إلا أن يكون نوى إلا أن يسرق" لا يتم؛ لأنها على معني المحاشاة لا الاستثناء.

قلت: قوله اتفاقًا خلاف قول ابن رُشْد في رسم أخذ يشرب خمرًا. قال ابن أبي حازم: الاستثناء بـ (إلا أن) يصح بالنية؛ خلاف نقل محمد: لا يصح اتفاقًا، وأخذه من لم يمعن النظر من قولها: من فر منه غريم حلف ألا يفارقه حنث إلا أن يكون نوى ألا يفارقه كقول الرجل لا أخلي سبيلك إلا أن تفر، لا شيء عليه لا يصح؛ لأنه إنما نواه في قصر المفاعلة على فعل نفسه بنيته إلا وشبهه مدلول الاستثناء بإلا أن نطقًا. قلت: يريد: و "إلا أن" استثناء بخلاف إلا. محمد: وكذا إلا، وقيل تكفي نيتها، وعزاه الصقلي لابن أبي حازم، وابن رشد لرواية أشهب في رسم الجنائز. قلت: الذي فيه: من حلف واستثنى فقال: في علمي فذلك له ما أجودها إن كان صادقًا والأول للمشهور وعزاه الشَّيخ لابن القاسم، وسماعه ولأشهب. ابن محرز: لا وجه لتفرقته بين الأولين. قلت: فرق ابن رشد وغيره بأنها لإخراج بعض الجملة في كل الأحوال، والأولان لإخراج كلها في بعض الأحوال ويرد بأن كل الجملة تعدل كل الأحوال، وبعضها يعدل بعض الجملة فاستويا، ويجاب بأن إخراج بعض الجملة يبقي اللفظ بدلا في بعضها حينئذ، وإخراج كلها لا يبقيه حينئذ. ابن محرز: إنما فرق الفقهاء بين الاستثناء والمحاشاة فما كان وقفًا لحكم اليمين أو رفعًا له لم يصح إلا بالنطق، وما كان رفعًا له لم يصح إلا بالنطق، وما كان رفعًا لحكم اليمين عن بعض ما تناولته أو إيقافًا له؛ إن عزله عن يمينه في دخوله في يمينه أولًا بنية كفت؛ وهذه المحاشاة، وإن لم يعزله فإخراجه استثناء وشرطه النطق؛ لأنه حل لما عقد. قلتُ: هذا راجع لما تقدم من الفرق وخلاف قوله أولًا: لا فرق وعلى شرط النطق بإلا. قال محمد: يكفي في العطف على المستثنى نية عطفه، ولو كان مستحلفاً ما لم يكن عليه بينة في يمين طلاق. ورده ابن محرز بقوله: المعطوف شريك المعطوف عليه في إعرابه وحكمه فاستويا،

باب الثنيا

واختار إن عزله عن دخوله أولًا في يمينه بنيته كفته؛ ويرد بأن المستثني ورد على المستثني منه قبل نقضه والمعطوف بعده، وبأن النطق إنما هو شرط في الاستثناء لا في المستثني والعطف عليه لا على الاستثناء. وعلى المشهور في شرطه بإسماعه المحلوف له قولا سحنون مع الصقلي عن محمد وابن القاسم مع ظاهر سماعة، فخرجهما ابن رشد على كونها على نية المحلوف له أو الحالف. ابن رشد: تخصيص العام بصفة كالاستثناء بإلا يجب اتصاله ونطقه على المشهور خلاف رواية أشهب: الحالف يستثني فيقول: في علمي له ذلك. [باب الثنيا] وسمع عيسي ابن القاسم شرط الثنيا حركة لسانه وتنفع النية دونها. ابن رشد لأن الثنيا استدراك بالاستثناء بعد صدور اليمين دون النية، والنية قصر عقد اليمين على بعض مدلولها الظاهر ولا يشترط فيه النطق اتفاقا. قلت: هذا ما فسر به ابن محرز المحاشاة. وفيها: من حلف بطلاقٍ ما له مالن وقد ورث قبل يمينه مالاً لم يعلمه حنث إلا أن ينوي: أي يعلمه فلا يحنث. محمد: قيل إن استثني علمه بحركة لسانه، وإلا لم تنفعه النية. قلت: ظاهره أن النية يشترط فيها حركة اللسان كالثنيا خلاف ما تقدم إلا أن يريد فيما يقضي به عليه فقط. وفي كون الاستثناء رفعا للكفارة أو حلًا لليمين قول محمد مع ابن شاس عن ابن القاسم وظاهر قول ابن رشد مع أبي عمر والباجي، وابن شاس عن ابن العربي، وابن الماجشون.

باب المحاشاة

وقول ابن عبد السلام: لا فائدة له إلا بتكلف يرد بيسر وجوده، وهو قول مالك فيها: هو مولٍ؛ وقول غير: ليس موليًا، ويرد بأن روايتها: منكفر زال إيلاؤه ويتم إجراء قول مالك عليه منضمًا للقول بأن كفارة المؤلي لا ترفع إيلاءه، وهو نقل اللخمي عن ابن الماجشون مع رواية ابن عبد الحكم قائلين ولو كانت يمينه بمعين عجل التكفير به. [باب المحاشاة] وفي صحة محاشاة الزوجة في الحلال عليه حرام والحلف لذي حق وعليه بينة، ثالثها: إن كان متبرعًا لا مستحلفًا للصقلي عن نقل أشهب مع رواية ابن حبيب والعتبي عن سماع أصبغ قوله، ونقله عن ابن أبي حازم وغيره من المدنيين، والباجي عن ابن الماجشون، والصقلي عن رواية ابن القاسم وقوله قائلا: تضييقه عليه حتى حلف، أو حلفه لخوفه أن لا يتخلص إلا بحلفه كاستحلافه. ابن رشد: لو لم يكن عليه بينة ففي قبول محاشاته الأقوال في كون اليمين على نية الحالف أو المحلوف له قال: ولو حلف لنفسه لا لغيره، فله نيته في الفتيا اتفاقًا، ولو كانت محاشاته بأداة الاستثناء لم تكف النية على المشهور. الباجي: إن حاشا زوجته وعليه بينة نوي. الأبهري: ويحلف على ذلك؛ وقيل: لا يمين عليه. ابن القاسم: له نيته. عبد الحق: إن لم ينو إخراجها قبل تمام الحلال عليه حرام، فإخراجها استثناء شرطه النطق، ولو قصد إدخالها أولًا مع غيرها لم ينفعه استثناؤه إياها بحال. أشهب: إن قال الحلال كله عليه حرام لم ينو. الباجي: فيجري في الأيمان تلزمه وكل الأيمان. قلت: ما عزاه للأبهري سمعه القرينان، وما عزاه لأشهب في كله وهم؛ لأن الشيخ إنما نقله عنه في إخراجها بإلا قال ما نصه: قال أشهب في المجموعة: لو قال الحلال كله عليه حرام ونوي في نفسه إلا امرأتي لم ينفعه وهو مدع.

الشيخ: قوله مدع إشارةٌ إلى أن نيته تنفعه فيما بينه وبين الله تعالي. ونقل ابن الحاجب صحة إخراجها بالنية استثناء ومحاشاة. عزوه ابن عبد السلام لابن القاسم والمشهور، وعزوه ابن هارون لها وهمٌ، إنما عزاه ابن رشد وغيره لابن حبيب. وقولها: إنما هو في المحاشاة في تخييرها من قال: كل حلال عليه حرام حرمت عليه امرأته فقط إلا أن يحاشيها بقلبه. وفي الكفارة قبل الحنث طرق: الباجي: في إجزائها ولو بالصوم روايتان، ومثله قول التلقين في تقديمها روايتان وأنواعها في ذلك سواء. اللخمي: إن كان على بر فأربعة: روى القاضي يجوز ابتداءً، وابن القاسم ومحمد إن فعل أجزأه، وابن الجلاب: لا يجزئ وقيل: يجوز في اليمين بالله تعالي لا في بطلاق أو عتق أو مشي. يريد: في غير آخر طلقة أو عبد معين. وروى ابن القاسم وقال: من آلى بعتق مبهم أجزأه قبل حنثه فيجري عليه الطلاق وأجاز مالك لمن على حنث تقديم كفارته. ابن الماجشون: لا تجزئه. قلت: فالأقوال في البر والحنث خمسة: ابن الحارث: اتفقوا في ذات الحنث على جوازها قبله إن عزم على عدم البر وفي ذات البر على استحباب تأخيرها عنه. محمد: معني إجزائها قبله أن حنث قربه. ابن القاسم: هذا في اليمين بالله لا في غيره وقال بعض أصحابنا وأشهب: له تحنيثه نفسه ولو في الطلاق ولو ضرب أجلا. محمد: لا يجزئ تحنيثه إن ضرب أجلا. وقاله ابن الماجشون وابن القاسم وسحنون وأصبغ إلا في اليمين بالله، وفي الكافي قيل: يجزئ تقديمها بغير الصوم لا به.

باب في يمين البر والحنث

وفيها: استحبها مالك بعد حنثه، وتجزئ قبله ولو بصوم. ومن قال: والله لأضربن فلاناً إن وقت أجلاً لم يكفر قبله وإلا كفر. كقول مالك في من قال: أنت طالق إن لم أتزوج عليك وأراد ألا يتزوج عليها فليكفر ويراجعها ولا شيء عليه. ولو قال: إلي شهر فلا يحنث نفسه حتي يحنث. وفيها لمالك: أعجب إلي ألا يكفر قبل الحنث، فإن فعل أجزأه. وقول اللخمي: القياس لا فرق بين ذات الحنث وذات البر لاستوائهما في عدم وجوبها حينئذ، يرد بأن استصحاب حال ذات الحنث توجبها، وذات البر تنفيها، والاستصحاب معتبر شرعاً. [باب في يمين البر والحنث] ويمين البر ما متعلقها نفي أو وجود مؤجل، ويمين الحنث خلافها: اللخمي عن محمد: يمينه ليكلمن زيداً أو ليضربن هذه الدابة كمؤجلة؛ لأن حياتهما كأجل. وعكس ابن كنانة لقوله: من حلف بعتق جاريته ليسافرن فله وطؤها؛ وليذبحن بعيره لا يطؤها. وفي كون ذات أجل ضربه القاضي تلومًا لإيقاع المحلوف عليه من فعل الغير حنثًا أو براً قولا ابن القاسم، وأشهب فيها في عتق أمة حلف بعتقها لتفعلن كذا فمات من أجل

ضربه القاضي تلومًا لفعلها، ورقها بناء على أنه مات على حنث أو بر. قلت: وهما بناء على أن لازم القول كقول أو لا. ويوجبها الحنث وينقسم إلي الأحكام الخمسة لثبوته بنقيض المحلوف عليه ولا يخلو عنها، وقاله ابن بشير، وقصره اللخمي على الأربعة غير المحرم. قلت: لعله لوضوحه وشرط إيجابه الكفارة وغيرها في يمين التعليق كونه طوعًا في يمين كذلك من مكلف مسلم ينفذ منه ما علقه لو نجزه، فيخرج فاقد العقل بغير سكر الخمر لا ذو الغضب. سمع القرينان لزومها معه. ابن رشد: اتفاقًا، وفي الموازية يمين ذاهب العقل بشرب سكران غلطا أو لدواء ساقطة بخلاف سكر الخمر. قلت: يريد في شاربه طائعا ذاكرًا. وفي لغو حنث من حلف قبل بلوغه بعده ولزوم الكفارة المشهور، ونقل ابن رشد عن ابن كنانة. وحنث من حلف بعتق صبي أو سفيه أو عبد بعد بلوغه أو رشده أو عتقه في إيجابه العتق ولغوه، ثالثها: في العبد فقط، رابعها: وفي السفيه، للمشهور، وابن كنانة، ونقلي ابن رشد قائلًا: أختلف قول مالك في السفيه والكافر كالصبي. وفي عتقها: لغو حنث النصراني بعد إسلامة في حلفه بعتق عبده النصراني وكذا كل أيمانه وفي جنايتها حنثه في يمينه بعتق عبده المسلم يوجب عتقه كعتقه إياه. ويمين المكره لغو، وقيده اللخمي بعدم نية الحلف، فإن نواه عالماً لا لضيق زمن إسقاطه لزم؛ قال: وإلا فظاهر المذهب سقوطه، ويحتمل الخلاف. وإطلاق الروايات: السجن إكراه؛ وقيده اللخمي في غير ذي القدر بتهديده بطول المقام. والتهديد بالضرب أو القيد إكراه، وفي التهديد بالسجن، ثالثها: لذي القدر، لنقلي اللخمي واختياره. ابن رشد: والصفع لذي القدر إكراه. قلت: يريد يسيره.

وكثيره إكراه مطلقاً وفيه بالمال قولا ابن القاسم مع ابن الماجشون وأصبغ. وقصر اللخمي الخلاف على غير القليل وعزا ابن محرز الأول لمالك وأكثر أصحابه. ابن بشير: خلاف في حال إن كثر فإكراه وإن قل بالنسبة لربه فلا. ابن الحاجب: ثالثها: في الكثير. ابن رشد: ثالثها: إن كان بجميع ماله، ورابعها: إن دفع مع ذلك بحلفه عن نفسه ضرراً كطلب لص من غني تعيين ماله ليأخذه، فإن لم يحلف ضربه وإن حلف صان ماله ولم يعز إلا الأول لابن الماجشون وأصبغ قال: واستحب أصبغ أن لا يحلف في اليسير، والرابع لمطرف. وفي لغوه بإيقاع موجبه بغير الحالف طرق: اللخمي: من استخفي عنده من طلب قتله ظلماً فأحلف عليه وإن أبي قتل المطلوب دون ضرر الحالف فقال الأخوان ومالك: حانث. ابن رشد: لأنه لا نص، وحاصل المذهب حانث، وإن لم يحلف فلا حرج. ابن محرز: إن قيل له إن لم تحلف قتلنا زيدًا أو ضربناه ضربًا مبرحًا في لزوم يمينه قولا مالك مع ابن القاسم وأشهب. ابن شاس وابن بشير: الصحيح أن خوفه على غيره كنفسه. وفيه بعقوبة الولد تخريج اللخمي على قول ابن الماجشون في المال، وقول أصبغ. وفي لغوه على تحصيل واجب قولا مطرف وأصبغ مع ابن الماجشون وابن حبيب. وفي لزوم يمين الطلاق ثلاثًا قبل سؤالها خوف ضرر البدن رواية اللخمي وقول ابن الماجشون. وفي الحنث بموجبه إكراهًا طرق: ابن رشد: ثالثها: في يمين الحنث لا البر لوراية عيسي ومقتضي القياس والمشهور. قلت: عزاه التونسي لابن القاسم والثاني لأشهب. ووجه الثالث أن متعلق الإكراه كفًا أو فعلًا عدمٌ. وله في نوازل أصبغ: لا يحنث بالإكراه في: لا أفعل اتفاقًا.

إنما الخلاف في: لأفعلن المشهور حنثه، وابن كنانة لا يحنث. وله في سماع عيسي ابن القاسم: وجه التفرقة أن الرجل أملك بترك الفعل منه بالفعل فلم يعذر الحالف على الفعل بالإكراه على تركه لقوة ملكه الترك بتركه يفعل ما شاء من أضداده دون قصده لمعين منها، وعذر الحالف على ترك الفعل بالإكراه عليه لضعف ملكه الفعل لا يفعله إلا بترك كل أضداده؛ وعلى هذا من حلف ليصومن غدًا فمرضه مرضًا يمنعه حنث إلا أن ينوي إلا أن أمرض؛ ولو بان أنه يوم الفطر لم يحنث؛ لأنه إنما حلف على صوم يؤجر عليه. اللخمي: إن كتف الحالف على ترك الدخول فأدخل لم يحنث، وإن أكره فدخل أو منع الحالف على الدخول منه في حنثه قولان على رعي اللفظ والقصد. ابن الحارث: لو احتمل الحالف لا أدخل دار فلان فأدخلها مكرهًا دون تراخ منه، ولا مكث بعد إمكان خروجه لم يحنث اتفاقًا. وكذا لو أدخلته دابة هو راكبها لم يقدر على إمساكها. قلت: زاد في سماع عيسي ابن القاسم: ولا نزوله عنها. وفي إكراه القاضي نقلا ابن رشد عن ابن الماجشون وأكثر الرواة مع كتاب التخيير منها. وفي الموازية: من حلف لا حمل لفلان دراهم فدسها في حمل حيتان استحمله إياه حنث وعوقب الداس. ابن حبيب عن أصبغ: من حلف ليصومن الأثنين أبدًا لا يحنث بفطره إياه لمرض أو كونه يوم عيد. ابن رشد: والإكراه على الفعل المتعلق به حق لمخلوق لغو اتفاقًا. وفي غيره قولان لابن حبيب وسحنون مع ثالث نكاحها: كشرب الخمر أو الزنا بمن لا زوج لها مختارة أو مكرهة. وفي حنث من حلف لا فعل غيره كذا ففعله مكرهًا نقل المجموعة عن رواية ابن نافع في لا خرجت زوجته، وعن سحنون: من قال لأمرأته أنت طالق إن دخلت هذه الدار فأكرهها غيره على دخولها لم يحنث، ولو أكرهها هو خفت أنه رضى الحنث، وفي

باب الكفارة

كون المعتبر في حصول موجبه غلبة الظن به أو اليقين الذي لا شك فيه نقل ابن محرز عن المذهب، وسماع عيسي ابن القاسم مع الشيخ عن محمد. [باب الكفارة] وأنواع الكفارة: إطعام عشرة مساكين كالزكاة أو كسوتهم أو عتق رقبة تخييرًا لمن وجد. اللخمي: زوج المرأة وولدها الفقيران كأجنبي. [باب الطعام] والطعام من أحب المقتات غالباً؛: أصبغ: لا يجزئ تين ولا قطنية، ولو كانت عيشهم، وخرجها الباجي على زكاة الفطر. وفيها: لا يجزئ سويق أو دقيق في كفارة كما لا يجزئ في الفطر. وما أعطي في سائر الكفارات مما هو عيشهم أجزأ. وفي كون المعتبر عيش أهل البلد، أو المكفر غير البخيل، ثالثها: الأرفع إن قدر لروايتي المدونة ومحمد قائلاً: الذرة دون الشعير: وابن حبيب وعزا الباجي الأول لابن الماجشون في الفطر وجعل رواية محمد أشهر. وقدره من القمح بالمدينة المشرفة مدٌ نبويٌ لكل مسكين، وفي كونه في غيرها كذلك، أو قدر وسط شبع الأهل قولا ابن القاسم، ومالك فيها. محمد: أفتي بمصر ابن وهب بمد ونصف، وأشهب بمد وثلث وأنه الوسط من عيش أهل الأمصار. قلت: فعدم قصر ابن الحاجب قوليهما على غير المدينة وهمٌ.

وفي كون الواجب من غير البر قدر وسط الشبع من غيره أو قدر مبلغ شبع البر قولان للخمي عن المذهب، والباجي مع النوادر عن محمد، وعبر التونسي عن الأول: بينبغي، وعن الثاني: نقل اللخمي يجزئ عدل الحب دقيقًا بريعه. الباجي والصقلي عن ابن حبيب: والخبز كذلك. أبو عمر: أصل مالك يجزئ الغداء والعشاء دون إدام. قلت: فيها لمالك: يجزئ الغداء والعشاء. قلت: أيطعمهم الخبز قفاراً؟ قال: بلغني عن مالك الخبز والزيت، وذكر الشيخ والباجي عن ابن حبيب: أجزاه الغداء والعشاء بزيادة حتى يشبعوا. اللخمي: في إجزاء الخبز قفاراً قولا ابن مزين وابن حبيب، وعزاه الباجي لرواية أصبغ وقيده بقصور الغداء والعشاء عن الواجب حبًا، ولأبي عمران: إن أشبعهم بأقل من الواجب حبًا أجزأ، وتقييد التونسي أكلهم مجتمعين بتقارب شبعهم يقتضي وجوب الواجب حبًا. وروى الصقلي: يطعمهم الخبر مأدومًا بزيت ونحوه. اللخمي: اختلف في صفة الإدام. قيل: الزيت يجزئ. قال ابن حبيب: أو لبنٍ أو قطنيةٍ أو بقلٍ. اللخمي: على أن المعتبر عيش المكفر الواجب قدر الوسط من قدر أكله وأكل أهله، إن كان أكثر من قدر أكل البلد لم يجزئهم قدر أكل أهل البلد، وإن كان أقل لقلة أكله وأكل أهله لم يجب قدر أكل أهل البلد. قلت: ظاهر المذهب في اعتبار عيشه أو عيش أهل البلد إنما هو في صنف المأكول لا في قدره. في المبسوطة قال يحيي بن يحيي: لا أعرف في كفارة اليمين بالله غداءً ولا عشاءً بل مداً نبويًا، ويعطي الفطيم كالكبير. وفي الرضيع: ثالثها: إن كان الطعام حبًا لا مصنوعًا للجلاب مع التلقين وظهارها

باب الكسوة

شارطين كونه آكلاً لطعام، وأحد نقلي اللخمي دون شرط، ونقله والباجي عن أصبغ موجهاً له بأنه لا يأكل الطعام المصنوع، وبيعه يعسر بخلاف الحب. قلت: هذا خلاف شرط أكله الطعام. وإنكار ابن عبد السلام وجود الثاني لغير نقل ابن بشير يرد بنقله اللخمي، ونقله عن بعض المتأخرين إعطاء الصغير ما يكفيه؛ لا أعرفه؛ بل توجيه الباجي كون كسوته ككبير بالقياس على كون طعامه كذلك دليل الاتفاق عليه في الطعام ولعله نقل قول هذا المتأخر في عكسه في الكبير لقول عياض: قول ابن القاسم في اليمين بالله حيثما أخرج مداً نبوياً أجزأه. وقول ظاهرها: يعطى الرضيع كالكبير إن أكل الطعام؛ يدل على أن المراعى المد المعلوم لا قدر شبع الآخذ خلاف قول بعض الشيوخ إن كان قوم لا يشبعهم الهاشمي زيدوا قدر شبعهم، فإن أعطاهم غير مستحق بطلت إن كان عالماً وإلا ففي إجزائها قولان للأسدية، ولها، ولم يعزهما اللخمي وقيدهما بفوتها، قال: وإلا انتزعت، وعدم الإجزاء أحسن بخلاف الزكاة؛ لأن المطلوب فيها الإخراج، وقد حصل ولذا لو ضاعت بعده دون تفريط أجزأ. وفي الكفارة لا تجزيء؛ لأن المطلوب إيصالها، قال: وعليه إن غر غرم، ويختلف في كونها جناية في رقبة العبد، وإن لم يغر لم يضمن ما تلف. وفي ضمانه ما أكل قولان كالزكاة، قال: وعلى الإجزاء يغرم؛ لأن مستحقها الفقير ولم يسلط عليها. [باب الكسوة] وكسوة الكبير فيها ما تحل به الصلاة؛ للمرأة درع وخمار، وللرجل ثوب: الباجي وابن حبيب: قميص وإزار يشتمل به. الباجي: لا نص فيما يؤتزر به، ولا يشتمل به والأظهر منعه؛ لأنه ليس كسوة يجزئ للقصيرة ما لا يجزئ للطويلة. وفي كراهة كسوة الصغير؛ ثالثها: الرضيع، ورابعها: من لم يؤمر بالصلاة للباجي

عن ابن القاسم، وسماعه عيسي، والصقلي عن محمد وأبن حبيب. وفي كون كسوة الصغير ككبيرة أو كسوة سنه وعن أبن الماجشون؛ ثالثهما: الصبية كرجل، ورابعها: لها درع دون خمار إن لم تؤمر بالصلاة لعيسى عن أبن القاسم، ونقل اللخمي عنه، وعن أبن الماجشون مع الباجي أبن حبيب، ونقله مع الصقلي عن أشهب، وأبن رشد عن أبن حبيب. أبن بشير: لا يشترط كون الكسوة ككسوة أهله ونفسه. ورأي اللخمي لزومه. قلت: هذا وهم؛ بل قال: لا يلزم كونها ككسوتة، ولا كأهله، ولا كأهل بلدة ثم قال: قول أبن الماجشون: كسوة الصبية كرجل، وقول أبن القاسم: كسوة الصغيرة ككبيرة استحسان لو كانت الكسوة كالإطعام يراعي فيها الكفر وأهله لكسي الرجل ذو الهيئة كسوة مثله من أعداد القمص والعمامة وما عليها والسراويل والنعلين والشمشكين. وفي المرأة كسوة أهله من حرير أو خز إن كانت تمتهن ذلك في بيتها. قلت: ولا يؤخذ منه كونه تخريجاً علي قولي أبن الماجشون وأبن القاسم؛ لأن سياقه إنه إبطال لجري قوليهما؛ لأن العمامة وسترها والنعلين والحرير والخز لا يصح القول بإلزامه. فلو أعطي طعام عشرة أقل أو أكثر وله أخذ الزائد من كل مسكين علي مد إن كان قائماً والبناء علي ما دونه. وفي شرط البناء عليه بقيامه قولان لأحمد بن خالد زاعماً أنه ظاهرها، وعياض مع الأكثر راداً قول أحمد بظاهرها. قلت: بل بنصها إجزاء الغداء والعشاء فلو انتهبها مستحقوها وفاتوا وعلم ما صار لكل منهم فواضح؛ وإلا فإن كانوا عشرة فأقل بني علي واحد. وأكثر لا يبني علي شيء وفي جواز كونها إطعاماً وكسوة روايتا محمد والمدونة عن ابن القاسم ورويا.

باب في شروط الرقبة

وفيها: لو كفر بالثلاثة عن ثلاث غير مشرك أجزأ فلو شركها فيها أبطلها محمد: إلا ثلاث كسوة ومثلها إطعاماً ويكمل فقبله الشيخ والصقلي التونسي: الصواب علي الأول يبني علي ثمانية عشر، وعلي الثاني علي تسع، وتبعه اللخمي قائلاً: قول محمد غلط قلت: بل وجهه وجوب انصراف كل نوع ليمين حكماً فيبطل ما أضيف منه لغيرها بالتشريك ويصح باقي قائلي التفريق لا العتق لامتناعه فيه. ونقل أبن الحاجب عن محمد: يبني علي ستة مجمل. وصرف كفارة لمصرف أخري صرفت قبل وجوب الثانية جائز، وإلا فقال التونسي واللخمي: الأحسن لا يعطي من أعطاه الأولي. الباجي: يجوز وكرهه مالك. أبن بشير: في جوازه وعدمه قولان، ونقلهما أبن الحاجب في إجزائه. الصقلي: عن محمد عن أبن القاسم: إن فعل أجزأه إن لم يجدها غيرهم. وفيها لمالك: من أطعم مساكين عن إحدى كفارتيه لا يعجبني أن يعطيهم في كفارته الأخرى. وإن لم يجد غيرهم وقد مضت أيام زاد في ظهارها: لا يعجبني أن يعطيهم في كفارة اليمين الأخرى. أبن القاسم: وكذا وإحداهما عن يمين بالله والأخرى عن ظهار أو غيره. عبد الحق عن أبى عمران عن الشيخ: إنما ذلك لاختلاط النية في الكفارتين، ولو ميزهما في نيته أجزأه، وصوبه أبو عمران. قلت: لفظ ظهارها يأباه [باب في شروط الرقبة] وشرط الرقبة إيمانها: فيها: لا يجزئ في ظهارها أو غيره إلا مؤمنة سليمة، وعتق الجنين لا يجزئ، ولا يرد،

والفطيم والرضيع لقصر النفقة أرجو جوازه وكذا الأعجمي. عياض عن الشيخ: معناه الذي يجبر علي الإسلام وإن لم يسلم، ومثله في كتاب محمد قائلاً: لأنه علي دين مشتريه. سحنون وأشهب وأبن اللباد وأبي زمنين والأكثر: معناه وقد أسلم، وعزا عبد الحق الأول لرواية أبن القاسم: قال: وسألت أبا عمران مع قواهم: لا يصلي عليه فذكر كلاماً حاصله التزام السؤال. وقد يفرق بعموم منافاة الصلاة الكفر ضرورة منافاتها له بنوعها وجنسها، بخلاف منافاته العتق إياه بنوع كفارة لا بجنسه ضرورة صحة عتق الكافر بل قيل إنه أفضل من عتق المسم إذا كان أكثر ثمناً. وفي جزاء المجوسي: ثالثها: إن كان صغيراً لم يعقل دينه للخمي عن قول مالك في الأعجمي: غيره أحب إلي، وأشهب مع أبن وهب واللخمي قال: وفي صغير الكتابي قولا أبن القاسم، والسابقين. أبو مصعب: ولد النصراني ملكاً لمسلمٍ مسلم. وعكس أبن حبيب فقال: إن ولد في ملك مسلمٍ لم يجبر، وإن سبي ولا أب معه فكصغير مجوسي. وروي: إن أعتقه إثر ملكه لم يجزئه، وبعد أن شرعه بشرائع الإسلام وزياه بزيه وإن لم يفهم أجزأ. أبن الماجشون: إن لم يكن معه أبواه، ولم يعقل دينه فمسلم يملكه مسلم. وصوبه اللخمي قائلاً: وكذا إن كان أحد أبويه رقاً إذ لاذمة في الولد إلا إن كان أبواه حرين. والعيب المانع تمام السعي يمنع الإجزاء.

فيها: كالعمى، أو يبس شقٍ لفالجٍ، وقطع اليد. اللخمي: والشلل، وفقد الأصابع، والإقعاد. وخفيف العيب لغو. اللخمي: كالخفيف من مرض، أو عرج أو صمم. قلت: في نذورها: كره الأعرج مرة وأجازة مرة وآخر قوله لا يجزئ إلا خفيفة. الباجي: اختلف قوله في الأعرج بالإجزاء ومنعه، ثم رجع إلي: إن كان خفيفاً أجزأ. أبن رشد: حاصل قوله: أجزأ خفيفة لا فاحشة. اللخمي معها: وكجدعٍ في الأذن، أو قطع أنملة، قال: وبعض الأسنان. الباجي عن أبن حبيب: أو الضرس. أبن رشد: ويجزئ ولد الزنا اتفاقاً، واستحسن مالك غيره. وفيها: لا يجزئ أجذم ولا أبرص. اللخمي: لم يفرق أبن القاسم بين قليله وكثيرة، وقال أشهب: يجزئ خفيف البرص؛ فيلزمه خفيف الجذام. قلت: البرص أخف قال: وكذا بداية السل، ثم قال: يجزئ الأبرص إذا كان خفيفاً لا مرضاً بيناً. وفي إجزاء الأعور؛ روايتها، ونقل اللخمي رواية محمد وعزاه أبن رشد لأبن الماجشون، والباجي لرواية المبسوط. اللخمي: في الصمم والعرج البين قولا أشهب ومالك، وعزاهما أبن رشد لأحد قولي أشهب، وثانيهما مع أبن القاسم. وفي الخصي ولو كان الذكر قائماً، ثالثها: يكره للخمي عن أشهب، ومالك، ولها، وعزا أبن رشد الأول لسماع القرينين، والثاني لسماع عيسي أبن القاسم. اللخمي عنه: لا يجزئ الأخرس أو ذاهب الظاسنان أو أشراف الأذنين، وعلي قول أشهب في الأصم: يجزئ. الباجي: متغير مخارج الحروف إلي العجمة تغيراً شديداً يعسر فهمه غالباً كالأبكم.

وفيها: لا يجزئ المجنون ولو أفاق أحياناً. اللخمي: لم يبعد أشهب بقوله إن كان يجن مرة في الشهر أجزأه. وفي إجزاء المريض في غير النزع نقل اللخمي عن محمد، وعنها، وعزا الباجي الأول لأبن الماجشون. وفي أقطع الأصبع، ثالثها: إن كان الخنصر أو مواليها لغير أبن القاسم. فيها مع أبن الماجشون قائلاً: ولو كان الإبهام، ولها، واللخمي. الباجي: اختلف قول أبن القاسم في المبسوط في أقطع أصبع. وفيها: لا يجزئ أقطع الأصبعين. اللخمي: لو كانت إحداهما من يدٍ والأخرى من رجل أجزأ. الباجي عن القاضي: لا يجزئ أقطع الإبهامين. الباجي عن العتبي عن أبن القاسم: إن ظهر بأمةٍ أعتقها حمل أجزأ، ورجع بقيمة العيب. قلت: ظاهره ويفعل بالقيمة ما شاء، ولم أجد هذا في العتبية بل في سماع سحنون رواية أبن القاسم: يجعل قيمة عيب عبد أعتقه لظهاره في رقبة أو تمامها. أبن رشد: اتفاقاً إن كان عيباً يجوز في الرقاب الواجبة. وسمع محمد بن خالد داود بن سعيد: من أعتق رقبةً واجبةً بان أن نصفها حر دلس به البائع ردها علي بائعها. أبن رشد: المشهور إمضاء عتقه ورجوعه بقيمة العيب. العتبي عن أصبغ: لو أعتق منفوساً فكبر أخرس أو أصم أو مقعداً أو مطبقاً أجزأ؛ لأنه يحدث، ولو ابتاعه كذلك فكبر كذلك لم يرده به. أبن محرز: والدين المانع سعيه لنفسه لصرفه لقضاء دينه، وزمانه الشيخوخة يمنعان إجزاءه بخلاف الصغير لاستقباله ذلك، ولذا جاز بيعه، ولا يجزئ ذو عقد حرية أم الولد، أو معتق بعضه، أو إلي أجل، أو مكاتب، أو مدبر لربه أو لمبتاعه في غير الأخيرين. وفي نقض بيعهما ومضيه يمضي عتقهما دون إجزاء أو بإجزاء، رابعها: في المدبر

مطلقاً والمكاتب إن رضي بيعه لأنقال اللخمي واختياره. وفيها في فوتهما بالعتق دون إجزاء، ثالثها، في المدبر: وإن ابتاع زوجته حاملاً منه فأعتقها لم تجز. ولا يجزئ عتق إلي الرجل كما لا يرفع تقويماً لعتق نجز ولا عتق أمة ناجزا حملها لغير معتقها كما دون عتق وله أمة حامل منه أعتقها عن كفارته لوقف جاز عتقها علي وضعها. وسمع عيسي أبن القاسم: من أعتق بعض عبده لظهاره ثم كمله أو أبي فجبره الحاكم فكمله أجزأه وإن أبي كمله الحاكم. أبن رشد: ولا يجزئ كقولها من اعتق حظه لذلك فقوم عليه باقيه لم يجزه، ومنع أبن الماجشون إجزاءه بتكميله بعتق باقيه أو بشرائه حظ شريكة وعتق لوجوب تكميله فيهما. وحمل بعضهم قول أبن القاسم فيها علي قول أبن الماجشون لا يصح؛ لأن دليل قولها أن التبعيض عنده إنما هو أن يعتق حظ شريكه حيث لا يلزمه أن يقوم عليه وإنما يصح أن يحمل عليه قول سحنون. قلت: نصها: قلت: إن أعتق معسراً لظهاره نصف عبد ثم اشتري باقية فأعتقه لذلك قال: ما سمعت منه في هذا بعينه شيئاً إلا أنه قال: إن ملكه بعد ذلك لم يعتق عليه، فإذا لم يعتق عليه لم يجزه لظهاره والظهار لا يكون فيه تبعيض العتق. سحنون: ولو كان حين اعتق بعضه موسراً لم يجزه تكميله إن قوم عليه؛ لأنه يحكم عليه بعتقه كالذي يشتري بشرط العتق. اللخمي: لو أعتق لظهاره عبداً له فيه شرك ففي إجزائه، فيغرم نصف قيمته قولا أبن القاسم قائلاً: ليس لشريكه منعه، وقول أصبغ: لا يعجبني ثم ذكر قوله فيها: من أعتق حظه ثم اشتري باقية فأعتقه لظهاره أو قوم عليه لم يجزه، ثم ذكر سماع عيسي أبن القاسم وقال: هذا اختلاف ولا فرق بين ملكه كله أو بعضه ثم ذكر قول أبن الماجشون له ولأصبغ وخرج علي قول أبن القاسم أجزأه إذا قوم عليه شريكه أو أيسر فابتاعه واختار إن أعتق جميعه إن تخير شريكه، فإن أجازه أجزأ وإن أبى قوم عليه.

حينئذ ولم يجزه. قلت: في قذفها إن أعتق أحد الشريكين في الأمة جميعها، وهو ملي لزم شريكه. أبن القاسم: وليس لشريكه عتق حصته. قال سحنون: له ذلك عند كل الرواة غيره. أبن بشير: خرج اللخمي الخلاف إذا كان باقية لغيره، والفرق ظاهر، والمشهور أن التكميل فيما يملك كله بالسراية، وفيها يملك بعضه بالحكم. قلت: هذا خلاف نصها: من أعتق نصف عبده، ثم فقد وقف باقية كسائر ماله. اللخمي: في عدم إجزاء عتق ما اشتري بعتق وإجزائه إن جهل مطلقاً، أو إن كان لا وضيعة في ثمنه، رابعها: إن شرطه لكفارته أجزأ مطلقاً. اللخمي عنها وعن أبن كنانة وأبن القاسم وعبد الحق عن محمد قائلاً: فيه نظر لعدم تمام ملكه وأعرف فيها عدم إجزائه أراه لأبن ميسرة ومحمد. اللخمي: وقول أبن القصار إن قال: اعتق عبدك لظهاري بجعل ففعل أجزأ، هو أصل أبن القاسم في إجزائها عن الغير، ولا فرق بين العوض وعدمه. قلت: فيلزم تناقض قولها من أعتق عبده عن كفارة رجل فرضيه أجزأه، ومن أعتق عبده عن ظهار رجل بجعل لزمه الجعل، وكان الولاء له ولم يجزه. بل الفرق أن الأول معروف فألغي فيه اعتبار الحجر، والثاني مكايسة فاعتبر فيه الحجر فمنع كونه مملوكاً ملكاً تاماً. وفيها: لا يجزئ ما يجب عتقه لقرابة، ولو ملكه لذلك. اللخمي: لو ملكه وعليه دين يرده أجزأه لكفارته بإذن رب الدين. قلت: إن كان بإسقاطه من دينه ثمنه، وملكه بشراء لا بغير عوض فواضح كأنه اشتراه من بائعه وكفر به عنه وإلا فإذنه كعدم دينه فيجب عتق لقرابة؛ لأنه إن قام بدينه فلا عتق وإلا فلا مانع. قال: ولو كفر عنه غيره بعتق ممن يجب عليه عتقه بملكه بغير أمره أجزأه علي قول أبن القاسم.

وفي إجزائه بأمره قولان بناء علي أن أمره كملكه أولا كالقولين في فسخ نكاح من أعتق زوجها عنها بأمرها: قلت: هما قولا أبن القاسم وأشهب في ولائها لكن بمال دفعته الزوجه للمعتق. محمد: لو اشتري وصي بعتق رقبة واجبة أبا الموصي فأعتقه أجزأه إن لم يكن أوصي بشرائه؛ وإلا ففي عدم إجزائه قولا محمد قائلاً: كما لو اشتراه هو؛ واللخمي قائلاً: ليس كذلك؛ لأنه لا يعتق علي ميت كما لو قال اشتروه ممن هو بيده لإساءته إليه، ولا تعتقوه لم يعتق. وفي لقتطها من أعتق آبقاً عن ظهاره لم يجزه إلا أن يعرف في الوقت مكانه وسلامته من العيوب أو يعلم ذلك بعد العتق: الباجي عن أصبغ: لا يجزئ الآبق إلا أن يوجد بعد عتقه سليماً ويعلم كونه حين عتقه صحيحاً فلو كان يومئذ عليلاً ثم صح أو صحيحاً ثم اعتل لم يجزه حتى يكون صحيحاً في الحالين وروي أكثره عن أبن القاسم. قلت: اعتبار سلامته في لخالين خلاف ظاهرها، والقياس. وقول أبن شاس: يجزئ المرهون، والجاني إن فديا واضح. وفي قولها: يجزئ المغضوب نظر؛ لعدم قدرة العبد علي التخلص. ونصها والروايات لا يجزئ فيها عرض ولا ثمن ولا تجزئ في غير ما ذكر ولو في بناء مسجد أو كفن أو دفن ميت. قال: فإن وهبت له كفارته أو تصدق بها عليه أو اشتراها قال: لم أسمع منه إلا كراهة شراء صدقة التطوع وهذه أشد. غير واحد من شيوخ عبد الحق: لمن دفع فيها عرضاً جهلاً ذاكراً لأخذه أنه كفارة استرجاعه أو ثمنه إن كان قائماً، وإلا لم يضمنه الفقير، ومن لم يجد أحدها صام ثلاثة أيام يستحب تتابعها. الصقلي: روي محمد لا يصوم حتى لا يجد إلا قوته أو كونه ببلد لا يعطف عليه فيه، ولأبن مزين عن أبن القاسم نحوه، وعزا اللخمي الأول لمحمد لا لروايته. قال: وهذا حرج، مقتضي الدين التوسعة فوق هذا.

الباجي: المعتبر في ذلك أن يفضل عن قوت يومه ما يحصل به أقل ما يجزئ من الثلاثة. قلت: الأقرب عجز ما يباع في فلسه ويكمل عتقه عن تمام أحد الثلاثة ينقله للصوم. وقول ابن عبد السلام: لا يبعد إلزام من قدر علي بعض غير العتق فعله ذلك وينتظر ملك تكميله، يرد بأن عدم الكل بعدم الكل أجزائه كعدمه بعدم كلها فلو لزم انتظاره بالأول لزم بالثاني وهو خلاف بالإجماع. اللخمي: اختلف في ذي مال غائب. أبن القاسم: لا يجزئ صومه وليتسلف. كقوله: لا يجزئ المظاهر إلا الصوم، وإن طال مرضه. أشهب: قيل إن قرب مجيئه أو تسلف، فإن صام واجداً مسلفاً أجزأه؛ كقوله: يجزئ المظاهر إن مرض إطعامه ولمحمد معها لمن أحاط الدين بماله كفارته بالصوم لا كمالك دار أو خادم وإن قل ثمنها. الباجي: المعتبر حاله حين تكفيره لا يوم يمينه ولا حنثه. ولمحمد عن أبن القاسم: إن ترك العتق واجده فأعدم فصام، ثم أيسر فليعتق، لم أسمعه من مالك. الشيخ: في ظهارها: إن تظاهر معسراً ثم أيسر فلم يعتق حتى أعسر فليصم إنما ينظر ليوم يكفر. الباجي: المشهور عن مالك الإجزاء كمن ترك الصلاة أول الوقت صحيحاً فمرض آخره فصلاها جالساً أجزأه، ووجه الأول عندي الاستحباب. قلت: الأقرب أنه علي قولي الفور والتراخي، وذكر الباجي قول أبن القاسم في كفارة اليمين بالله وكذلك الشيخ، ولم يذكرها عبد الحق إلا في كفارة الظهار. قال عن بعض شيوخه: إنما قال أبن القاسم هذا إذا وطئ فلزمته الكفارة، ولو لم يطأ فلم يكفر حتى أعسر فصام ثم أيسر فلا يؤمر بالعتق. ابن حارث: يجزئ بغير الصوم عن الميت دون إذنه.

وفي الحي: ثالثها: بإذنه لمحمد عن أشهب ونقله ومحمد وعزا الباجي الثاني لمحمد لا لنقله، وزاد ولأبن الماجشون والثلاثة في ظهارها لقياس أبن القاسم علي قول مالك فيها عن الميت، ولغيره ولأبن القاسم، وللباجي عنه يجزئ بغير إذنه إن رضيه بعد العتق، وإن لم يرضه فقال أبو عمران: لا يجزئ. ولا يجزئ العتق لذي رق ولو أذن له ويجزئ الصوم بشرطه. وفي غيرها بإذن ربه: قال اللخمي: ثلاثة. فيها أرجو إجزاءه، والصوم أحب إلي. وأنكر أبن الحبيب قوله: أرجو، وقال: لا بأس به، وأخبرني به الأخوان عن مالك، وعنه مع أبن الماجشون: لا يجزئ. وفيها لمالك: إن أذن له في إطعام اليمين بالله تعالي أجزأه، والصوم أبين، وفي قلبي منه شيء. أبن القاسم: يجزئه؛ لأنه لو كفر عنه بإطعام أجزأه. وفي كون اليمين علي نية الحالف طريقان: أبن رشد وأبن زرقون فيما يقطع به حق غيره علي نية المحلوف له إجماعاً مع إثمه. وفي غيره في كونها كذلك أو علي نيته، ثالثها: إن كان مستحلفاً، ورابعها: عكسه وخامسها: يفرق بين المستحلف والمتطوع فيما يقضي به عليه، وفي غيره الأول وسادها: وفي غيره الثاني للعتبي عن سحنون مع سماع عيسي أبن القاسم في الأيمان بالطلاق، وعيسي مع سماع زونان ابن وهب، وسماع أبن القاسم وسحنون مع أبن الماجشون، ودليل سماع عيسي مع نص يحي عنه، وأصبغ وسماعه أبن القاسم. اللخمي: إن أحلفه طالبه، فإن كانت بما يقضي به عليه من طلاق أو عتق وعليه بينة لم ينو، وإلا ففي كونها على نيته أو نية طالبه قولان. وإن طاع بها قادراً علي انصرافه دونها فالقولان. وإن دفع بها ظلماً لا يخلص منه إلا بها فعلي نيته، وله أن يلغز بها، وإن لم تكن في حق ولا دفع ظلم ففي جواز إلغازه وكراهته قولان.

باب فيما يوجب النية في اليمين مطلقا

وفي كتاب ابن الحبيب: إن ألغز في يمينه ليفر من حق فلا كفارة ويأثم، وفي غيره: ولا يأثم. قال اللخمي: فجعلها علي نيته وإن كان في حق، ثم قال عن أبن حبيب: ما كان في خديعة ففيه الإثم والنية نيتك وما في حق عليك فالنية فيه للحالف؛ قاله مالك. قلت: ظهره خلاف ما مر لأبن رشد. وسمع القرينان في مبتلي بغيرة زوجته حلف لها لا وطئ جارية له ناوياً برجله بطنها أكرهه؛ لأنه يجر لغير ذلك. أبن رشد: اللغز اعتذار أو تطيب للنفس لا في حق يتعلق به في إعماله دون كراهة في فعله ومعها، ثالثها: لغو؛ لأنها علي نية المحلوف له لأبن حبيب وسماع القرينين ورواية تخييرها. وفي لغوه بخديعة في حق وجواز وإعماله مع تأثيمه قولان وعلي الثاني يحلف فيما يقضي به عليه إن كان مقراً، فالحلف علي ما نوي كانت بينة أم لا. ولو أنكر فلما ثبت ادعي النيه لم يقبل. [باب فيما يوجب النية في اليمين مطلقاً] وفيه إن وفقت ظاهر ($) أو خالفته بأنه اعتبرت اتفاقاً، وإلا فطرق. الصقلي عن محمد: إن بعدت جداً كدعوي نيته مطلقة أو ميتة في طلاق أو كذباً في تحريم ألغيت. وإن خصصت في الأفراد والأزمنة ولا قرينة قبلت في الفتيا لا القضاء، ولو بإخراج الراجح كدعواه في لا وطئ جاريته أن مراده بقدمه، وفي حكمة طالق، أن مراده جاريته حكمة لا زوجته حكمه. ومع القرينة ينوي في القضاء كقول من حلف لزوجته أو شرط لها في عقد نكاحها طلاق من يتزوج في حياتها أن مراده مدة كونها زوجته وكقول من حلفت بعتق لا دخل.

عليها من قرابتها أحد لعتبها زوجها علي دخولهم لها ومات زوجها أن مرادها مدة حياته واقتضاء العرف التخصيص كالقرينة، والقضاء أن يكون علي يمينه بينة فإن لم تكن نوي وقيل: هذا إن لم يخاصم، فإن خوصم وروفع فإقراره كبينة عليه، ولم يحك. أبن رشد وغيره وعزاه لمحمد، ولم يحك أبن بشير غير الأول. اللخمي: إن كانت يمينه مما لا يقضي بها أو كانت ولا بينة علي صدق وإلا فلا إلا أن يكون لنيته بساط أو عادة فينوي وسمع عيسي أبن القاسم: لو قال في إن راجعتك فأنت طالق إنما نويت في العدة نوي مستفتياً لا مع قيام البينة عليه. أبن رشد: إقراره باليمين بعد رفعه كالبينة وقاله محمد وكذا لو قال: في إن ارتجعتك إنما نويت بعدها، ولو قال: إنما نويت فيها؛ ففي سماع عيسي رواية أبن القاسم: لا ينوي. أبن القاسم: ينوي مع يمينه. أبن رشد: لم يذكر أقامت عليه بينة أم لا؟ وينبغي ولو قامت عليه. قلت: بل ذكره لأنه قوله مع يمينه. ولو قال في لا راجعتك: إنما نويت بعدها ففي تنويته مطلقاً أو إن كان مستفتياً أو لنيته بساط: تخريج أبن رشد علي سماع عيسي أبن القاسم المتقدم، وسماعه أصبغ مع نحو قول مالك. أصبغ: وإن تزوجها جواباً لمن قال: ارتجعها كارتجعتها. وفي مواضع من البيان: النية المخالفة ظاهر لفظه فيما لا يقضي فيه او في الاستفتاء مقبولة اتفاقاً: قلت: يأتي في مسمي الخمر خلاف الاتفاق. قال: وفي غيرهما ولا دليل عليها من بساط ولا غيره ولا تقبل اتفاقاً والنية المحتملة.

باب في شرط النية

وفي غيرهما تقبل في اليمين التي لم يتقدم له إنكارها مع الدليل دون يمين ودونه بها وإن تقدم إنكارها فأقر بها لقيام البينة لم ينو فيها. المقدمات: النية إن خالفت ظاهراً لم تقبل بحال، وإن احتملها اللفظ ورجحت بقرينة قبلت دون يمين ولا فبيمين. [باب في شرط النية] قال: وشرط النية حصولها قبل تمام اليمين، وهى بعدها، ولو وصلت بها لغو بخلاف الاستثناء، وله في سماع عيسي إن خالفت نيته ظاهر لفظه ولها بساط قبلت مع يمينه ودون بساط كمن حلف بطلاق ما خان فلاناً في سفر فشهد أنه خانه في سفر فقال: نويت في سفري هذا أو لا كلم فلانا فشهد أنه كلمه أمس فقال: نويت اليوم لم ينو اتفاقا. قال شرط النية حصولها قبل تمام اليمين هي بعدها، ولو وصلت بها لغو بخلاف الاستثناء، فإن لم تكن نية فطرق. اللخمي: إن كانت عادة تخاطبٍ حمل عليها إن لم يعرف الحالف موجبها لغة أو عرفه وترك استعماله وإلا حمل علي موجبه لغة وهذا مع عدم العادة في الاستعمال والبساط فإن كانا فثلاثة أقوال: يقدم ما يوجبه اللفظ عليهما، ويقدم علي العادة، والبساط عليه، ويقدمان عليه والبساط علي العادة. [باب في البساط] والبساط سبب اليمين، ورد أبن بشير نقل اللخمي بقوله: لا ينبغي أن يختلف في تقديم البساط يرد بصحته. ابن رشد: إن لم تكن له نية ففي حمل يمينه علي بساطها ثم علي ما عرف من قصد الناس بأيمانهم ثم علي ظاهر لفظها أو عليه ثم علي البساط ثم علي العرف، ثالثها: علي البساط، ثم علي ظاهر اللفظ للمشهور مع سماع القرينين وقول أبن كنانة وأبن نافع وأصبغ وسحنون قائلاً إن لم يكن لليمين بساط فاهرب منها وسماعه مع سماع القرينين.

رواية ابن القاسم مع قوله: فيمن قال لزوجته وقد سمرت قومي، فإن الزيت غال، فقالت: لا، فقال: أنت طالق إن لم تقومى لأصبنه في البلاعة، فلم تقم فصبه دون البلاعة هو حانث وفي مسائل مثلها. وقوله: أقيم الأول والثالث منها وخرج الثاني علي الخلاف وفي قصر العام علي سببه. أبن بشير: إن فقدت النية والبساط ففي حمله علي مقتضاه لغة أو عرفاً أو شرعاً إن كان ثلاثة. واللفظ المحتمل لأكثر وأقل في حنثه به: نقل اللخمي: روايتي محمد في حنث من قال لامرأته حاملا إذا وضعت فأنت طالق بوضعها أحد ولدين ببطنها أو بوضعها. أبن بشير: هذا بناء علي أنه لا يحنث في هذا إلا بوجود ما حلف عليه وفي حنثه في إن وطئتك فانت طالق بمغيب الحشفة أو بالوطء التام نقلا اللخمي. وسمع عيسي أبن القاسم من حلف بالطلاق لا كلم فلاناً إلي الصدر لا يكلمه إلي آخر الصدرين ولا يحنث بكلامه في الأول، وفي إن لم يكلمه في الصدر فهب طالق يكلمه في الأول، ولا يحنث بتأخير كلامه للثاني. وفي الحنث ببعض كل، ثالثها: إن لم يقل كله للمشهور مع رواية الشيخ عن محمد ولو قال كله، ونقل اللخمي قول الجلاب يتخرج فيها قول: بعدمه، واللخمي مع أبن سحنون. أبن بشير: عد اللخمي الخلاف مع تأكيده بكل ليس كذلك التصريح به رفع الخلاف، وعكسه لو صرح بالبعضية فلو نوي ذلك نوي فيما لا يقضي به عليه مطلقاً، وفي غيره إن لم تكن عليه بينة. قلت: يرد رده بنص رواية محمد وشهرة استعمال كل بمعني الكلية لا الكل فيتعلق بالأجزاء وسوي الجلاب بين بعض كل أو واحد من عدد. قلت في عتقها: من قال لزوجيته إن دخلتهما هاتين الدارين فأنتما طالقتان لا حنث بدخول إحداهما.

أشهب: يحنث في الداخلة فقط. قال: والأول والحنث فيهما لا شيء. أبن رشد: اتفق مالك وأصحابه علي حنث من حلف لا فعل فعلين بأحدهما ولا فعل فعلا ببعضه، وفي حنثه في مسألة عتقها الثلاثه، وعزا الثاني لسماع عيسي أبن القاسم في من قال لعبديه: أنتما حران إن شئتما ولسماعه أبو زيد فيمن قال: عبدي صدقة عليكما إن شئتما أيضاً. وفيها: حنث من حلف لا هدم هذه البئر بهدم حجر منها. اللخمي: لأن القصد عدم قربها لا بمجرد اللفظ؛ لأن ذلك لا يقع عليه اسم انهدام. العتبي عن سحنون: ناقض أبو يوسف المغيرة في الحنث ببعض بيضة دون البر به، فأجابه بأن قصد الحالف كراهة مطلقاً، ولو دل بساط علي قيد كلها كمريض طلب أهله تكلفه أكلها فحلف لا أكلها لا يحنث ببعضها. قلت: ليس هذا خلاف رواية محمد؛ لأن قصد الكل لا يقبل الكلية بخلاف لفظ كل وسمع عيسي ابن القاسم من قال: إن صلي ركعتين فامرأته طالق فقطع بعد إجرامه حنث. ويحنث ($) الصوم حتى طلع الفجر في ($) لا صام: وفيها: عدم الحنث بذوق ما لم يصل لحلقة في لا أكله. وفيها: حنث من حلف لا أكل خبزاً وزيتاً بأحدهما إلا أن ينوي جمعهما؛ فخرجه أبن رشد علي عدم رعى القصد وصوب اللخمي قول أشهب لا يحنث مطلقا؛ لأن المراد ألا يأكل الخبز مأدوما به وكذا فى الخبز مع الخبز ويحنث فى لا آكل زيتا وجبنا بأحدهما. وفيها: من حلف لا امرأته هذين الثوبين ونيته لا كساها إياهما جميعًا حنث بأحدهما. التونسي واللخمي والصقلي: يريد: جميعا في الكسوة لا الزمان وحمله أشهب على معية الزمان فلم يحنثه بأحدهما حتى ينوي المعية في الكسوة وعزا عبد الحق ما للتونسي

للشيخ، وزاد عنه فارق جوابه في تنويته في لا آكل خبزا وزيتا؛ لأن العرف جمعهما بخلاف الثوبين ليس العرف جمعها. وسمع أبو زيد ابن القاسم من حلف لا وطئ فرج حرام فوضع يده في محاسن جارية امرأته وضمها إليه حتى أنزل حنث. وفي كتاب محمد: لو حلف لا خرجت لبيت أهلها فخرجت فردها قبل وصولها حنث، ولو حلف لا خرجت لحج فردها بعد إحرامها حنث وقبله لم يحنث. محمد: يحنث. وفي سماع أصبغ: روى أبن وهب من حلف لا لبس ثوب امرأته فأدخل عنقه في ثوب، فإذا هو ثوبها فنزعه حنث، ومن حلف لا ركب دابة فلان فأدخل رجله في الركاب فلما استقل من الأرض وهم أن يقعد على السرج ذكر؛ لايحنث إلا أن يستوي عليها. أبن رشد: لا خلاف في الثوب والدابة إن استوى عليها بجسمه حنث، وإن لم يقعد على السرج، أدخل إحدى رجليه في الركاب فتعلق بالدابة مستقلا عن الأرض غير مستو على الدابة ولا وضع رجله الأخرى عليها لم يحنث اتفاقا فيهما، ولو وضعها عليها فذكر قبل أن يستوي عليها؛ تخرج حنثه على القولين فيمن أدخل إحدى رجليه دارًا حلف لا دخلها، وهو معتمد على الخارجة. والبر في المتجزئ؛ بكله، للرواية في لأتزوجن لا يبر إلا بالبناء: الشيخ عن ابن عبدوس عن المغيرة إلا أن يكون بساط. وسمع عيسى أبن القاسم في: لأتزوجن على امرأتي امرأةً أمسكها سنة؛ فتزوج امرأة ماتت بعد أحد عشر شهراً لايبر بأخرى يمسكها سنة أخرى. سحنون: يجزئه إمساكها بقية الأولى. قال: ومن حلف ليخرجن اليوم للقيروان، فرجع من بعض الطريق لحاجة فأقام يومه إن أراد بذلك تهديدًا لغيره ولا بينة عليه لم يحنث وإلا حنث. ومن حلف لا خرج مع أمه لموضع كذا إلا مع ختنها فخرج معها ثم رجع ختنها بعد سير يومين إن خرج معها من ذلك الموضع حنث.

وسمع عبد الملك بن الحسن أبن القاسم: يحنث من حلف بالبتة لا قام من وضوئه حتى يفرغ منه بذكره بعد قيامه ترك مسح أذنيه أو المضمضة. ابن رشد: لشمول لفظ الوضوء سننه. الشيخ واللخمي عن أبن حبيب عن أبن الماجشون: ومن حلف ليكسون أمته جبة صوف ففعل وندم، فإن نوى وقتًا لم يبر إلا به، وإلا فإن كان لأدبها فإلى ما تتأدب به وإن كان عند طلبها كسوتها فإلى وقت كسوتها المستقبلة. ولو حلف ليردن ثوبًا ابتاعه على بائعه لم يبر إلا بقبوله البائع أو يحكم عليه، ولو استحلفه البائع لا رده عليه، فحلف حنث برده عليه، وإن لم يقبله ولم يحكم عليه به. ابن رشد: اتفاقًا فيهما؛ ولو حلف لا رده عليه لا لاستحلافه البائع. ففى حنثه برده دون قبول وحكم عليه، قولا أصبغ مرة مع عبد الملك وأبن حبيب عن أصبغ معه عن أبن القاسم، وسماعه عيسى، وسمعه من حلف لا باع دابته حتى تأكل الربيع إن لم ينو شيئًا بر بأكلها يومًا واحدًا، وإن نوى السمن فيما تسمن فيه ودوام المحلوف عليه كابتدائه إن أمكن تركه. الشيخ عن ابن عبدوس عن ابن القاسم: كاللبس والسكنى والركوب لا الحمل والحيض والنوم. ولو قال لحامل أو حائض أو نائمة: إذا حملت أو حضت أو نمت فأنت طالق لم تطلق بتلك الحالة بل بمستقبل فيعجل في الحيض لإتيانه وجعله أشهب كالحمل. التونسى: اختلف في كون تمادي الحيض والحمل والنوم كالركوب. وفي حنث الحالف: إن دخلت هذه الدار-وهو فيها-بعدم خروجه مكانه: نقلا محمد عن أشهب وأبن القاسم. ولو حلف لا دخل على فلان بيتا، فدخل المحلوف عليه على الحالف ففيها خاف مالك حلته: ابن القاسم: لا يحنث إلا أن ينوى لا اجتمعت معه فيه. الشيخ عن محمد: قيل: لا شئ عليه إن لم يقم معه. التونسى: قال مالك: لا يعجبنى، وعقب قول أبن القاسم بقوله في كتاب محمد:

ويخرج مكانه وفي خروجه نظر؛ لأن إقامته غير دخول ومن حلف لا دخل بيتًا هو فيه لا يؤمر بالخروج منه. قلت: نحوه قول عيسى من حلف بطلاق امرأته لا ركب سفينة فلان، فخالعها ثم ركبها ثم تزوجها، وهو راكب فيها إن نوى الكون فيها حنث إن لم ينزل مكانه، وإن نوى الدخول فلا شئ عليه. وفي كون دوام التزويج كابتدائه قولا أبن القاسم لنقل الصقلي عنه: حنث من حلفت بعتق أمتها إن تزوجت فلانًا فتزوجته بعد بيعها ثم اشترتها، وعدم حنث من حلف بعتق أمته إن تزوج فلانة فتزوجها بعد بيعها، ثم اشتراها. والمذهب: النسيان كالعمد في الحنث، واختار السيوري وأبن العربي خلافه. وسمع عيسى أبن القاسم: من حلف بطلاق ليصومن غدًا، فأصبح صائما وأكل ناسيًا لا شئ عليه. ابن دحون: هذه حائلة ومقتضى أصولهم في الحنث بالنسيان حنثه. ابن رشد: ليست بحائلة لأن الأكل نسيانا في التطوع لا يبطله. ابن رشد: وأصل المذهب أن الجهل والخطأ في موجب تكرر الحنث كالعلم والعمد. سمع يحيى أبن القاسم من حلف ليقضين الحق ربه يوم الفطر فكان بموضعه يوم السبت فقضاه فيه ثم جاء الثبت من الحاضرة أنه الجمعة حنث. الشيخ عن الموازية: من حلف لا وطئ امرأته حنث بوطئه إياها نائمًا لا يشعر كالناسي. قلت: الناسي مفرط عاقل والنائم غير عاقل. العتبي عن أصبغ: لا يحنث في لا أخذ من فلان درهمًا بأخذه منه ثوبًا فيه درهم رده حين علمه. ابن رشد: لأبن القاسم في المبسوطة: يحنث إلا أن ينوي كقوله فيها: فيمن حلف لا مال له وله مال ورثه لم يعلمه ولابن كنانة كأصبغ فيما لا يسترفع فيه الدررهم. وعلى قول سرقتها الفرق بين ما يسترفع فيه وما لا؛ فالأقوال ثلاثة: عدم الحنث

لرعي القصد، والحنث لرعي اللفظ دونه، والثالث استحسان. وحنث اليمين يسقطها ولذا لا يتعدد ما يوجبه الحنث بتكرر موجبه إلا بلفظ أو نية أو عرف، ولفظه كلما، ومهما، لا إن وإذا: ابن رشد: قال مالك: إن أراد بمتى معنى كلما لزمه. قلت: كذا نقله دون اقترانها بما وهى في المدونة باقترانها بها، ونصها: لو قال إن تزوجتك أبدًا، أو إذا ما أو متى ما، حنث مرة فقط إلا أن ينوي بمتى ما معنى كلما. وقول ابن الحاجب: في متى ما اضطراب؛ لعله يريد: تعارض لفظ المدونة، ونقل القاضي وغيره من الأصوليين، وأبن بشير أنها مثل كلما. ويستشكل قولها بأن نية التكرار توجبه بكل لفظ فلا وجه لتخصيصه بمتى ما، ولذلك لم يعتبر أبن رشد اقترانها بها؛ ويجاب بأن صريح لفظ المعنى لا يتوقف ثبوته به على نيته، بل لا يقبل صرفه عنه وكنايته الظاهرة لا يتوقف عليها، ويقبل صرفه عنها، وكنايته البعيدة لا تثبت فيها إلا بنيته بإن وإذا و "أبدًا" بعيدة في التكرار فلا يثبت فيها إلا بنيته ومتى ما قريبة من كلما مجرد أرادة كونها بمعناه يثبت التكرار بها دون استحضار نيته. وسمع أبن القاسم من حلف إن نام حتى يوتر فعليه صدقة دينار لزمه لكل ليلة نامها دينار؛ لأني لم أجد أحدًا يوجب هذا إلا أن عليه في كل ما فعل ما حلف عليه لا يريد مرة واحدة ألا أن ينويه. ابن رشد: هذه خلاف قولها: إنما على من حلف لا كلم فلانًا عشرة أيام، فكلمه مرة بعد مرة كفارة واحدة. وسماع أشهب فيمن حلف ليضربن عبده إن أبق. وسماع أبن القاسم فيمن حلف بطلاق امرأته إن بات عنها، وسماعه فيمن حلف ليضربن امرأته إن خرجت لبيت أهلها. ومثله في سماعه أبو زيد وهذا الخلاف على اختلاف الأصوليين في الأمر المقيد بصفة هل يتكرر بتكررها أم لا؟ قلت يرد بأن التكرار في الوتر علله مالك بتقرر العرف في التزامه تكرير الجزاء

بتكرر شرطه ومحمل السماعات على عدم تقرره، وليست مسألة الكلام من هذا بوجه. وفيها: إن شرط في عقد نكاحها إن تزوج عليها فأمرها بيدها، فنكح عليها امرأة، ولم تقض قلها القضاء إن نكح عليها أخرى. قلت: حمل "إن" على التكرار للعرف في التمليك وإيعابه يأتي إن شاء الله تعالى. واليمين بمعين بعد ارتفاع متعلقها تعود بعوده إن كانت بطلاق ما لم تنقض العصمة، وغن كانت بعتق معين: ففى عودها بعوده لملكه اختيارا بعد خروجه منه كذلك المعروف، وقول أبن بكير محتجًا بالطلاق، ورده بعض شيوخ عبد الحق بأن عدم عود يمين الطلاق لوقوع الطلاق ونفوذه والعتق لم يقع، ولذا لو كان العبد نصرانيًا فأعتقه الحالف أو الحالف أو غيره فلحق بدار الحرب، ثم سبي فملكه الحالف لم تعد يمينه، وبأن عود العبد كعود المرأة من طلاق غير البتات لجواز شرائه كجواز نكاحها لا كعودها بعد البتات لمنع نكاحها؛ إلا بعد زوج فهي كامرأة أخرى وعلى المعروف لو عاد بإرث لم تعد. وفيها: ولو صار في حظه من تركة هو بعضها. الصقلى عن أبي عمران: وملكه بإسلامه ربه في جناية كإرثه ولو عاد ببيع بعد بيعه السلطان في فلس قبل حنثه ففى عودها قولا أبن القاسم وغيره في عتقها، وعلى الأول لو باعه فيه بعد حنثه ففى عدم عوده قولا مالك مع سائر أصحابه، وسماع عيسى أبن القاسم: من حنث في حلفه بعتق عبده، فرد غرماؤه عتقه وبيع عليه ثم ملكه بشراء أو صدقة عادت يمينه. ابن رشد: لأن العتق لما رد كان كمن لم يحنث. الصقلي: هذا خلاف قول مالك وأصحابه إلا أن يحمل على رده وبيعه بفعل الغرماء دون حكم. قلت: والصدقة بمعين كذلك، واليمين بمطلق لا تقبل الرفع لامتناع رفعه، فلو انتقل المحلوف عليه عن حالة تعلق اليمين به فيها لغيرها لم يتعلق به؛ لأنه في الثانية غيره في الأولى. فلو عاد إليها فقال اللخمي: في كتاب محمد: من حلف لا كلم فلانًا ما دام بمصر،

فخرج إلى الحج ورجع، أو لا دخل عليه الدار ما دام في هذا المنزل، فانتقل عنه ثم عاد لم تعد عليه اليمين فيهما. وقال سحنون: من حلف لا شرب نبيذًا إلى سنة مادام بأطرابلس وخرج منها بعد شهر، ثم عاد إليها تعود يمينه لتمام السنة؛ لأن قصده الصبر إلى سنة وإن لم يقم، وقال أبن القاسم: من حلف بطلاق امرأته لا يبنى بها حتى يوفيها مهرها، فطلقها قبل البناء، ثم تزوجها بأقل من مهرها الأول عادت عليه يمينه ما لم يبت طلاقها. قلت: قوله: "لأن قصده الصبر إلى سنة" إن كان من قول سحنون فهو وفاق لمحمد وإلا فظاهره خلافه، وقول أبن القاسم وفاق؛ لأنه لم يقل ما دامت في العصمة، هذه الأصول، وذكروا فروعًا. فيها: من حلف على قضاءٍ غدًا بربه اليوم، وفي أكل طعام كذلك يحنث. اللخمي: لو قصد المطل في القضاء؛ وكان مريضًا في الثاني بر فيه وحنث في الأول. قلت: بر المريض ذكره الشيخ عن أشهب، وسمع أبن القاسم عدم حنث من حلف لمن طلبه في سلف خمسة عشر لا يملك إلا عشرة بوجوده تسعة فقط. ابن رشد: اتفاقًا. وسمع عيسى أبن القاسم: من حلف ليقضينه حقه في شعبان ورمضان بر بقضائه كله في شعبان أو بعضه فيه، وباقيه في رمضان، وأحب إلي في كل منهما نصفه، وإن قضى كله في رمضان حنث. ابن رشد: ظاهره إن قضى خمسه في شعبان بر، ومعناه إن كان المال كثيرًا لخمسه قدر، ولا يبر في اليسير إلا بالثلث، والقياس أن الكثير مثله كقولهم فيمن حلف ليرضينه من حقه أنه يبر بالثلث. قلت: في سماعه أبن القاسم يبر بالبعض فقيده أبن رشد بالثلث وتقييده به حسن، ولا يلزم في الأولى؛ لأن الإرضاء لا يحصل بكل قدر، ومسمى الظرفية يحصل به. بل مفهوم قوله: إن قضى كله في رمضان حنث دليل بقاء لفظ البعض على إطلاقه، وقوله إن كان لخمسه قدر يرد بأن نسبة كل جزء معين من قدر معين منسبة مثله من

آخر قل أو كثر عقلًا كالأعداد المتناسبة، وشرعًا كالثلث في الوصايا وعطية الزوجة. الشيخ عن محمد عن أبن القاسم لو حلف ليقضينه فيهما، وفي شوال بر بقضائه بعضه في الأول وباقيه في شوال ولا يعجبنا قول من قال غره؛ لأنه لو حلف ليقضينه في كل شهر منها دينارًا فقضاه دينارين في شعبان، ودينارًا في شوال أو دينارًا في شعبان ودينارين في شوال، ولم يقضه في رمضان شيئًا؛ بر. قلت: في الأخيرة نظر لخلو رمضان عن قضائه فيه وقبله. محمد عن أبن القاسم وأشهب: يحنث في لا شرب سويقًا أو لبنا بأكله وبشربه في اكله. زاد فيها: غلا أن يكون له في اللبن نية أو في السويق لما يعرض من نفخه. ابن بشير وأبن شاس يحنث في لا اكل بشرب لبن أو سويق إن تبين أنه قصد التضييق بترك الغداء، ولو تبين أنه قصد الأكل دون الشرب لم يحنث، ولا يحنث بشرب الماء وما في معناه. ونقل أبن الحاجب حنثه مع عدم النية والبساط؛ لا أعرفه. وقول ابن عبد السلام في شرحه له: هذا مما بني على البساط، ولو لم يكن ولا قصد لما حنث خلاف نص أبن الحاجب كونه عند عدم كل منهما فيحسن تعقبا لا تفسيرًا. وسمع أصبغ أبن القاسم من حلف لا أكل من عمل امرأته منها عليه فدعا بعسل له فأتته بزيت لها أو دهن خطأ فشربه يحنث بالزيت لا الدهن. ابن رشد: هذا على حمله على قصده ما يتخذ للأكل، وعلى حمله مطلق اللفظ يحنث، وسمعه أبو زيد لا يحنث في لا يتعشى بشرب الماء، ولا بالنبيذ، ويحنث بالسويق لا بالسحور. ابن رشد: لأن النبيذ شراب لا طعام والسويق طعام. وفي حنث من فقد دراهم ببيته فاتهم بها زوجته وحلف بالطلاق ما أخذها غيرك، ثم وجدها بموضع جعلها فيه ونسيه: سماع أبن القاسم قائلًا: خالفنى أبن دينار فسألنا مالكا فوافقني، وأبن رشد عن أبن الماجشون مع روايته قائلًا: نزلت بالمدينة فسئل عنها عامتها فاتفقوا أن لا حنث،

مع الشيخ في من دفن مالًا فلم يجده غلطًا بموضعه فحلف بالطلاق ما أخرجه غير امرأته ثم وجده بموضع آخر عن مالك والمغيرة وغيرهما، وعزاه أبن رشد لأحد قولي أبن القاسم وأحد قولي مالك. الشيخ روى أبن حبيب والعتبي من سئل عن هدير حمامه حين بيعه فحلف بالطلاق إن كان يسكت وقال: نويت كثرة هديره؛ لم يحنث، وروى أبن حبيب وكذا من ذكر له وطؤه فحلف أنه لا ينزل عن بطن امرأته، وقال أردت الكثرة. ابن الماجشون وقاله المغيرة وجميع كبرائنا، وسمع عيسى أبن القاسم من حلف لخصمه لا غاب عن دار القاضي حتى يقضي بيننا بره بحضوره إياه حين يأتي الناس. ابن رشد: لأن المقصد المتيقن لا يعتبر اللفظ دونه اتفاقًا. قلت: للشيخ عن الموازية من حلفت لزوجها إن فعل كذا ليكونن بينهما كل شيء ففعله ليس لها مصرف إلا تحنيث نفسها؛ لأنها جمعت كل شيء وهذا لا يحاط به. قلت: مقتضى ما تقدم برها بأشد ما تقدر عليه مما تغيظه به. وفي حنث من نازعه صهره وطلب طلاق أخته فقال: إن انتقلت عني اليوم فهي طالق فأتاها أخوها، وقال: طلقك فانتقلي فانتقلت، ثم عملت فقالت: والله ما انتقلت لهواي بل لقوله: طلقك، وقامت بذلك بينة. نقلا الشيخ عن سحنون وعيسى عن أبن القاسم. الشيخ عن أبن سحنون عن أبيه فيمن حلف بالطلاق ليغيظن امرأته أو ليسودن وجهها بر بما يغيظها. وفيها: لا يبر من حلف ليضربن عبده مائة سوط بضربه بمائة سوط مرة أو برأس سوط أو بسوطين خمسين. التونسي: لا يحتسب بضربه بمائة سوط مرة لعدم إيلامها. قلت: قوله لا يحتسب في ضربه بالسوطين خمسين بخمسين، وقول اللخمي في ضربه بسوط له رأسان القياس بره بذلك كضربه رجلان خمسين خمسين، مع وقع ضربهما معا يرد بأن ألم الضربة بالسوط الواحد ذي الرأس الواحد من الرجل الواحد أشد منه بغير ذلك.

ونقل ابن الحاجب الإجزاء في الضرب بالمائة مرة؛ لا أعرفه. وزيادة الشيخ عن أشهب: إلا أن ينوي ذلك، ولا بينة عليه لا يثبت. وفي الواضحة: وظاهرة لمالك يبر الحالف على الضرب بما يوجع منه، وإن لم يكن شديدًا. وسمع القرينان من حلف لعبد له إن عدت لأضربنك فعاد فضربه، بر أن ضربه ضربا لا عذابا ولا دون. قلت: فيه نظر؛ لأن بساط الحلف على ضرب يمنعه العود إن عاد وقد فاته. وروى أبن القاسم من حلف ليكسرن عودا بيده على رأس أمته فكسره ثم ضربها به حتى انفلق، حنث. محمد عنه: إلا أن ينوى فيحلف ويدين. ابن عبدوس عنه: من حلف ليضربن عبده الرأس فضرب وجهه حنث، وإن لم يرد ذلك بر إذا ضرب وجهه وخديه لا يضرب اللحي الأسفل ولا الأنف، وإن حلف لا ضرب رأسه حنث بضرب وجهه إلا أن يريد فوق رأسه. قلت: كذا وجدته في عتيقين من النوادر فلعل مراده بالرأس أو لا أعلاه. محمد عن أبن القاسم: يحنث في لأضربنه بلكزة أو بفتل أذنه أو قرصه إلا أن ينوى بالسوط أو غيره. الشيخ سمع القرينان: لايبر في ليضربن أمته بالضرب في قدميها لقوله تعالى: قلت: الضرب أعم من الجلد، وما لزم الأخص قد لا يلزم الأعم، وفيها حنث من حلف لا ضرب عبده بضربه من أمره إلا أن ينوى بفسه. وسمع أبو زيد أبن القاسم من رمى امرأته بعصا فشكت، وقالت ضربتني فحلف بالبتة ما ضربها بيده فهو حانت إلا أن ينوى بيده لطمة أو مثل ما يضربه الناس، وأفتي فيها بالمدينة بهذا، ولو كانت عليه بنة ما نويته. ابن رشد: معناه إن عوتب على مطلق ضربها، ولو عوتب على ضربه إياها بالعصا لنوي لبساطه.

والقضاء من حلف عليه لأجل بان بعده أن ما قضي فيه بين النقص أو بأمر لا يجوز؛ ففي حنثه قولها مع أبن القاسم وأشهب في المجموعة وتخريج اللخمي على رعي المقصد؛ لأنه حلف ألا يلد، ولو استحق ففي حنثه، ثالثها: إن أخذه مستحقه لأشهب مع أبن القاسم في المجموعة وأبن رشد عن ظاهرها، وظاهر قول سحنون يحنث من حلف ليقين عشرة دنانير لأجل دفع فيها سوار ذهب فيه أحد عشر مثقالا ومضى الأجل، ومساع أصبغ. أشهب: بر من قضى طعام سلم حلف ليقضينه قبل أجله بان بعده أنه قضاه ممن ابتاعه منه قبل كيله ويفسخ قضاؤه ولا بن رشد مع اللخمي عن ابن كنانة. قلت: ظاهر سماع أبن القاسم إن أمضاه مستحقه ما أرى فيه من أمر بين الوقف، وللشيخ عن أشهب في المجموعه كابن القاسم قائلا: إلا أن ينوي جهده واجتهد فلا يحنث إن لم تقم عليه بينة. أبن رشد: إن كان المستحق عينًا، فإنما الخلاف فيه إن قامت عليه بينة لى القول بتعينها، وعلى نفيه وهو قول أشهب وأحد قولي أبن القاسم في المدونة لا يحنث وتعلق الغرم بذمته. وسمع أبو زيد أبن القاسم: من حلف ليقضين فلانًا دينارًا لأجل فقضاه دينارًا تسلفه من عبده وكيله القائم بأمره ومضى الأجل حنث. قلت: كقولها من حلف لا ركب دابة فلان حنث بدابة عبده، وعلى قول أشهب لا يحنث وتفسيرها أبن رشد بأن السلف من مال عبده غير راجح ر موهم بره إن كان من ماله والأول ظاهر سياقها في النوادر. وفيها: لو اشترى مأذون له أبا سيده جهلا عتق. وفي البر بالقضاء الفاسد الواجب فسخه، قولا أصبغ مع سماعه أشهب وسحنون. الشيخ: سمع يحيى أبن القاسم من حلف لمن عليه طعام سلم ليوفينه إلى أجل كذا قم أخذ منه مع آخر سلمًا شركة بينهما فحل أجل الأول فوفاه طعامه في غيبة شريكه فقدم فدخل معه فيما قبض بعد الأجل حنث. الشيخ: كذا وقعت في العتبية والمجموعة: فحل أجل الأول؛ وهو غلط، وفي

بعض نسخ المجموعة: فأعطاه عند الأجل عدد الصفقة الأولى؛ وهذا أصح؛ لأنه لما لم يفسر ما دفع قسم على الصفتين. ابن رشد: قوله قسم على الصفقتين تبع فيه ظاهر سماع يحيى ابن القاسم وهو وهم؛ لأن الواجب قسمه على الدين غير المشترك، وعلى مناب ربه من المشترك فيه فما نابه فيه كان بينهما، وقول ابن دحون هذه المسألة وهم؛ لأنه لو كان لرجلين دين بينهما على رجل لأحدهما عليه دين آخر فقضاه قدره لم يكن عليه للآخر مقال إلا أن يكون معسرًا على اختلاف في ذلك هو الوهم. قلت: يريد لوجوب الفض كما ذكره؛ وفيه نظر لعدم إتيانه بدليل عليه. وقياسها على قولها في من قبض مائة ممن له عليه مائتان: إحداهما برهن، يرد بأن موجب الفض منازعة الدافع والمنازع هنا غيره. ولأشهب في المجموعة: حنث من حلف ليقضين عشرة عليه لأجل ولربها عليه أخرى فقضاه عشرة، وقال بعده: هي عشرة الحلف، وقال ربها غيرها لوجوب قسمها عليها. وسمع ابن القاسم في لأقضين صدرًا من حقه لو قيل: يبر بالنصف كان قولًا، والثلثان أحب إلي أن ينوي شيئًا فهو ما نوى. ابن رشد لابن نافع يبر بالثلث وفي الجل بالثلثين، ومن حلف علي قضاء حق قصد عينه لم يبر بعوضه طلقًا، وإلا فكذلك إن قصرت قيمته عنه، وإلا ففيها بر ثم كرهه والأول أحب إلي، وفي المجموعة بعد قوله بر لابن القاسم وابن وهب، ثم قال مالك: لا أرى ذلك. ابن القاسم إنما كرهه للذريعة. قلت: ظاهر: "لا أرى ذلك" حنثه. وفي كونه بمعنى الكراهة نظر: وسمع أشهب إن كان العوض جارية لم يبر إلا بحيضها قبل الأجل. زاد الشيخ ورواه ابن نافع. اللخمى: لو باعه به عرضًا بيعًا فاسدًا والأجل قائم، فإن فات وقيمته كالدين بر

مطلقًا، وأقل بر إن قضى تمامه فيه وإلا حنث. وإن مضى الأجل وهو قائم، فقال سحنون: يحنث؛ وأشهب: لا يحنث وأرى بره، وإن كان فيه وفاء، ولو علم الفساد إن قصد البيع، وإن أراد ليقوم فيه بعد ذلك لم يبر، ولو ظهر به عيب في الاجل فرضيه وقيمته تفي بالحق، وأن لم تف حنث على رعي اللفظ وبر على المقصد إن وفت قيمته سليمًا به، وهو غير مدلس، ولو فات بر إن غرم قيمة العيب. قلت: هذا واضح إن قام بحقه وإلا فكقبوله قائما أقل من الدين، ولا يفرق بأن قبوله قائما شراء له بكل دينه، وفي الفوت محض ترك؛ لقوله وبعده إن فات حنث على أحد القولين، وإلا ففي حنثه قولا سحنون وأشهب في الفاسد فتعقبه ابن بشير بأن البيع الفاسد في نقله الملك أو شبهته ثلاثة أقوال وبيع المعيب ينقله اتفاقاً، فإن رده تخرج علي القولين في كون رده نقضا أو ابتداء. وسمع عيسي ابن القاسم لو أقاله حنث إن قصرت قيمة المبيع حينئذ عن ثمنه، ولو فسخا الإقالة؛ لأنه ابتداء بيع، وقاله مالك وسمعه أبو زيد: لو وجد بالمبيع المحلوف علي القضاء ثمنه عيباً قضاه ثم رد المعيب. أصبغ: لو رده قبل قضائه حنث وقاله ابن وهل. ابن رشد: لو فات المبيع استحب دفعه ثمنه ثم يرجع بحصة العيب، ولو دفعه دونها ففي حنثه قولان لسماعي عيسي أن القاسم والثاني أظهر. وسمعه لو استحق أو كان بيعه حراما كدرهم بدرهمين لم يبر إلا بقضائه التونسي: القياس إن رده بعيب أو لفساد بيعه عدم حنثه بعدم قضاء ثمنه وسمع لا يبر بقيام بينة بتقدم قضائه، ولا بإقرار ربه به إلا أن يقضيه ثم يرده. قلت: رعي المقصد يوجب بره ذلك. ابن القاسم في المجموعة: لو ابتاع منه ما دفعه له عن دينه، فإن كانت قيمته ستة والدين خمسة فلا بأس به، وإن كانت خمسة والدين دينار فلا خير فيه، ولو خاف الحنث لقرب الأجل فاشتري من الطالب بثمن مؤجل لأبعد من الأجل ما باعه وقضاه ثمنه، فإن تعاملا علي ذلك حنث، وليس عليه في السلعة الثانية إلا الثمن الذي باعها به.

وسمعه عيسى من ابن القاسم. الشيخ: عن ابن القاسم وأشهب ومالك لا يبر بهبته ربه إياه. وخرج التونسي عدم حنثه بها من أحد القولين بعدم حنثه في لا وضع من حقه شيئاً بتأخيره؛ لأن قيمته مؤخراً أقل منها معجلاً. ومن نقل محمد عن ابن القاسم عدم حنث من حلف ليقضين طعاماً ربه ففقد ما يحمله عليه فأعاره ربه ما حمله عليه كما لو استرخصه؛ فزاده المبتاع في الثمن لم يحنث. محمد: أراه حانثاً. ابن حبيب: إن كان لأجل فقبله قبله حنث، ولو قضاه ثانية قبل الأجل، وإن ردها بر بقضائه فيه، وإن لم يرد ولم يقبل بر بقضائه فيه وله القيام بالهبة وقاله أصبغ. العتبي عن أصبغ: لو خاف الطالب حنث من حلف له علي قضاء عشرة فدفع عشرة لمن أسلفها الحالف بر بقضائها إن لم يكن علم وليس الدافع له من قبل رب الحق، وصارت عليه ابتداء سلف لربها. الشيخ: عيسي رواية ابن القاسم، وقوله: لو ورثه استحب دفعه للإمام ويرده عليه. ابن عبدوس: وروي ابن وهب إرثه كقضائه. وفيها: لا يبر برهن به. وسمع أبو زيد ابن القاسم: ولو حلف ليقضينه أو رهناً به بر بقضاء بعضه ورهنٍ بباقيه. ولو عين الرهن لم يبر برهن نصفه بنصفه ويبر برهن كله ببعضه: وفي المجموعة: من حلف ليقضين عشرة دنانير ربها لأجل فأعطاه خمسة عشر حتى يوازنه فحل الأجل حنث. ولو قال له: اتزنها منها فوزنها قبل الأجل بر وبعده، ثالثها: إن كانت العشرة قائمة وفي المقبوضة عشرة قائمة فرادي، وإن كانت مختلفة الوزن وفي مجموعها أكثر من ثلاثة عشر قائمة حنث لابن عبدوس عن المغيرة مع ابن سحنون عن ابن القاسم وعن أبيه وابن عبدوس عن ابن القاسم قائلا: تلفها قبل الأجل كاتزانها بعده، وعلى الثاني لو

ضاعت منها عشرة قبل الأجل ففي حنثه قولا سحنون، ونقل ابنه عن بعض أصحابنا قائلاً: ويضمن خمسة. الشيخ: بره يجعل الخمسة الباقية اقتضاء إذ لم يبق فيها موازنة مع الخمسة التي ضمن من العشرة التالفة. قال: وقال محمد: لو حلف ليقضينه طعامه لأجل فأتي بقمح فصبه له، وقال: سأرجع إكتاله لك فتراخي فلما خاف الحالف الحنث إكتاله لنفسه، ثم حان الأجل حنث. قيل: فيرفعه للسلطان؟ قال: ليقضه السلطان ولا يخرجه من يمينه. قلت: محمد أن الذي إكتاله الطالب، وإياه قضي السلطان، ولو كان الحالف لبر برفعه للسلطان. وفيها: لا يبر حالف علي قضاء حق بحوالة به. وسمع عيسي ابن القاسم: يبر الحالف لا خرج أجل كذا، وأنت تسألني شيئًا بحوالته به على أصل دين لا بحمالة به. التونسي: ليس بمناقض لها. الصقلي: الظاهر أنهما سواء؛ لأنه إذا فارقه بلا حق له عليه فقد استوفي حقه. قلت: سقوط الحق أعم من قضائه فلا يستلزمه ولذا لم يبر بالهبة، وسمع منه حنث من حلف لرب حق ليقضينه اليوم بحوالة به فيه، ولو ليقبضه من المحال عليه يومه. وحنث من حلف لا أجزتك به بحوالة به: ابن رشد: حمل لفظه علي أنه أراد أخذ الحق منه، ولو حمله علي ظاهره لبر كسماعه منه بر من حلف لمدين له لا آخذ منه في دينار له دراهم فأحال عليه من أخذ من المحال عليه به دراهم. ابن رشد: ولو أسقط منه حنث إن أخذ فيه دراهم من المحال عليه أو غيره، وسمع من حلف لذي حق لأرضينه يبر بحوالته به أو رهن أو حميل أو قضاء بعضه لا بتأخيره ربه.

ابن رشد: شرط بره أمران: الأول: رضا ربه، القاني: ملاء المحال عليه وثقة الحميل ووفاء الرهن بثلث الحق وبلوغه القضاء، فإن عدم حنث وإن عدم الأول حنث إلا أن يدعي أنه نوي ذلك، وهو مستفت وإن عدم الثاني حنث إلا علي القول ببره بتأخيره رب الحق علي رواية ابن وهب وأحد قولي ابن القاسم. قلت: لم يعزه ابن حارث وأن حبيب إلا لابن وهب دون سائر أصحاب مالك. وقضاء وكيل ربه عليه نصا أو تفويضا لغيبته كقضائه؛ فلو عدما وخاف الحنث فالروايات يبر بقضاء السلطان: ابن حارث عن ابن القاسم والشيخ عن رواية محمد وابن رشد عن المذهب: ويبرأ وهو مقتضي قول عبد الحق؛ لأنه قضاء علي الغائب بإبراء ذمة الغريم كما لو حضر. فلو تعذر السلطان ففي بره بقضاء وكيل ضيعته. نقل ابن رشد عنها مع ابن القاسم في العشرة قائلاً: ولا يبرأ؛ والشيخ عن كتاب محمد بزيادة: أو بقضاء أجنبي ولا يبرأ، وابن رشد عن دليل سماع عيسي ابن القاسم: لو قضي في غيبته وكيلاً علي قبضه بر. وفي بره بقضاء وكيل ضيعته مع وجود السلطان: نقل ابن رشد عن ظاهرها وعن تفسيرها ابن لبابة، وعزاهما عياض لمختصريها ولنقلي كتاب محمد. الصقلي والشيخ عن محمد: وقد قيل لو دفع لبعض الناس بغير عذر من سلطان وأشهد لم يحنث. ابن رشد: القياس لا يبر حيث لا يبرأ. وفيها: لو تعذر السلطان بر بإحضاره لعدول زاد سحنون: ولا يحنث بمطله بعد ذلك ولا بعدم دفعه لوكيله، وروي محمد يبر بدفعه لإمام يتلفه مطلقاً، ويضمنه إن علم وإلا فلا. اللخمي: أري أن يضمن؛ لأنه خطأ علي نفسه، وظاهر الروايات وألفاظ الشيوخ تخصيص البر بذلك بمغيبه، ومقتضي أصل عدم العذر بموجب الحنث غير الإكراه

تسويه غيبته بحضوره في البر بما به يبرأ. وسمع عيسي ابن القاسم: لو غاب الحالف لم يبر بقضاء غيره عنه دون أمره، ولو كان وكيله علي البيع والتقاضي والقيام بحوائجه اللخمي عن ابن الماجشون: يبر بقضاء بعض أهله عنه، ولو من ماله وقول ابن القاسم: لا يبرأ أحسن قلت: لم يحك ابن رشد غيره، وفي صحة نقل اللخمي نظر لنقل الشيخ عن الموازية والمجموعة ما نصه: إن غاب الحالف أبرأه قضاء بعض أهله عنه من ماله أو من مال نفسه ولا يبرئه إلا أن يبلغه قبل الأجل فيرضي به، وقاله ابن الماجشون وأصبغ وسمع سحنون ابن القاسم: لو قضي عنه القاضي من ماله لطلب زوجته ذلك خوف حنثه بطلاقها أو لطلبه رب الحق لم يبر إلا بقضاء وكيله سلطان أو غيره، وتخريج ابن رشد: بره بقضاء السلطان علي قوله: لو حلف لا يقضي غريمه فقضاء عنه السلطان حنث يرد بأن ما يوجب الحنث قد لا يوجب البر. الشيخ عن ابن حبيب: إن سجن فقضي عنه السلطان بر، وإن مضي الأجل، ولم يقض عنه لم يحنث وحنثه أصبغ قلت: إنما يتصور عدم حنثه مع عدم القضاء علي أن إكراه السلطان إكراه، وكون الحالف غير قادر علي رفع ما لأجله سجن وسمع عيسي ابن القاسم: من أحلف مبتاعي سلعته لأجل أن يقضياه إليه لم يبر أحدهما بقضاء الآخر عنه دون إذنه، ولو ابتاعها شركة بينهما إلا أن يتحاملا بثمنها ابن رشد: إن تحاملا بر أحدهما بقضاء حقه فقط أو بقضاء الآخر عنه، ولو شرط البائع أخذ من شاء بحقه لم يبر أحدهما إلا بقضاء كل الحق كمتفاوضين ابتاعا سلعة لأجل وحلفا كذلك وسمع ابن القاسم: من حلف لا قضي م عليه حتى يسجن ثم يسجن؛ يريد: أياماً وحلف ربه لا آخره إلا بحكم فغاب فقضي عنه عمه بر ربه، ولا يحنث الغريم وعادت يمينه علي قضاء عمه لا يقضيه حتى يسجن أياماً ابن رشد: ظاهر قوله أياماً، ولو في مرة واحدة لقوله: يريد بذلك أياماً، ولا معنى

لما روي عن ابن القاسم: أحب إلي أن يقيم يوماً وليلةً، ثم يطلق يسجن كذلك ثلاثاً؛ لأنه إن كان مستفتياً فله نيته، وإلا تخرج وجوب ما استحبه علي قولين أصحهما وجوبه علي القولين في أنت طالق إذا حملت، وهي حامل هل تطلق به أو بحمل آخر وسمع عيسي ابن القاسم من حلف ليقضين غريمه حقه لأجل كذا إلا أن يؤخره فأراد تأخيره فليشهد له لئلا ينكر تأخيره بعد الأجل ابن رشد: يريد فيما يقضي عليه الشيخ عن كتاب محمد، وسماع عيسي ابن القاسم: من أمرت من يدفع ديناراً سلفاً لرجل، وتحلفه ليقضينه لأجل كذا إلا أن يؤخره الدافع فغاب الدافع فقال: فذي غيبته قبل الأجل كل من أخذت عليه يميناً في حق فقد أنظرته حتى ألقاه وله أيمان علي ناس إن ثبت قوله ببينة لم يحنث وإلا حنث، ولو لقيه فأخره فهو له مخرج، ولو فارقه بعد لقائه، ولم يؤخره حنث، ولا ينفعه تأخير المرأة محمد: وقيل ليس هذا بشيء وتأخيرهما معا هو النافع ولا ينفع الحالف إشهاده بتأخير حقوقه حتى يفصح بتأخيره إذ ليس له فيه إلا التأخير إلا أن يكون لا حق له قبل أحد ابن رشد: عدم انتفاعه بتأخير المرأه مع أن الحق لها خلاف قولها ينفع الحالف المستثني تأخير رب الحق تأخير وارثه أو الوصي أو الغرماء، وهي أحق منهم ووجه أنها لما أمرته باستحلافه كأنها فوضت له في ذلك. قلت: تفويضها لا يمنع عزله، وفيها: من حلف ليقضين الحق ربه، وقد مات جاهلا موته فليقض وارثه. ابن رشد: إن مات قبل إمكان قضائه لم يجنث؛ وبعده في حنثه مطلقاً قولان بناء علي حمله علي الفور أو التراخي وعلي الثاني إن نوي مطلق أدائه بر بقضاء وارثه، وإن نوي أداءه له حنث وإلا ففي حمله علي الأول أو الثاني قولان لها ولظاهر سماع ابن القاسم في العتق. ابن حارث في المجموعة: لو قال لأجل فمات ربه قبل الأجل فقضي وارثه بعده لم يحنث.

قلت: هذا خلاف ظاهر قولها: لو قال إلا أن يؤخره فمات أجزأه تأخير ورثته إن كانوا كباراً أو وصيهم إن كانوا صغاراً ولا دين وإلا لم يكن لهم تأخير. محمد عن أشهب: يجزئه تأخير الوصي مع الدين، فإن قام ربه سقط التأخير. ابن حارث في عدم حنثه بتأخير الوصي قولا: ابن القاسم وسحنون مع غيره. الشيخ: في المجموعة عن أ [ن القاسم: تأخير الوصي علي غير نظر يبر به، والوصي ظالم، وقال غيره: لا يجوز تأخيره. ابن حارث وابن عبدوس: لو أخره ربه دون سؤال فروي ابن القاسم خفته قائلاً: الغائب كالحاضر لو افترقا لافترق المليء من المعدم؛ لأنه لا يقدر أن يأخذ منه شيئاً، وروي غيره إن كان نوي ذلك وعليم رب الحق أن يمينه كانت علي ذلك لم يحنث، واليمين عليه: لما أخره إليه. أشهب: إن علم الحالف ذلك في وقت لو قضي فيه لم يحنث. اللخمي: لو أخره ولم يعلم فقال مالك عسي أن يجزئه. ابن وهب: هو في سعة. اللخمي: علي رعي المقصد يحنث؛ لأنه ألا يلد فإن لم يعلم فقد لد. الشيخ في المجموعة عن ابن القاسم: تأخير الوصي علي نظر يبر به والوصي ظالم، وقال غيره: لا يجوز تأخيره. وفيها: يجزئه تأخير الغرماء في موته إن أحاط الدين بماله علي أن يبرؤوا ذمة الميت. قلت: وكذا في حياته مفلساً، وقيده أبو عمران بكون الحق من جنس دين الغرماء. قلت: وإلا جاء فسخ الدين في الدين، وفي المجموعة عن ابن القاسم: لو كان الدين غير محط فرضي الغرماء بالحوالة عليه وأخروه وأبرؤوا الورثة لم يجزئه إلا أن يجعل الورثة لهم ما كان لهم من التأخير؛ لأن الطالب لو أحال بالحق رجلاً فأنظره المحال لم يبر إلا أن يجعل بيده التأخير كما كان له وسمع عيسي ابن القاسم لو قال: إلا أن يؤخره أو رسوله فقرب الأجل وأبي ربه تأخيره فأخره رسوله لم يحنث. ابن رشد: حكي يحي عن أبي زيد عن ابن القاسم: لا يجوز تأخير رسوله إن أبي ربه، والرواية أحب إلي.

ابن رشد: ليس اختلافاً؛ تكلم في الأولي في عدم حنثه إذ لم يشترط في يمينه كون تأخير رسوله برضاه، والثانية في عدم لزوم رب الحق تأخير رسوله. وسمع ابن القاسم: لو قال إلا أن يؤخره في مثل يمينه التي حلف له بها فأشهد بتأخيره شهراً من قبل نفسه والحالف حاضر لم يسأله ذلك لم يحنث بتأخيره. ابن رشد: وتبقي عليه يمينه لقوله في مثل يمينه التي حلف له بها، ولو لم يقله ففي بقائها قولان لسماع ابن القاسم ودليل قوله في مثل يمينه، ولو قال: إلا أن يوسع له في الأجل أو يفسح له فيه لبقيت عليه اتفاقاً، وسمع يحي ابن القاسم: لو أخره لسفر عرض له مدة سفره وعشرين يوماً فرجع من أثناء سفره لعذر لصوص أو غيرها بطل تأخيره مدته والعشرين يوماً. قيل: فإن رجع لغير إقامة بل ساعياً فيه لانتظار رفقة تؤمنه فحل الأجل قبل خروجه أثبت له النظرة إن خرج؟ ابن رشد: لم يجبه؛ وجوابه أن له النظرة إلا قدر ما تأخر للعذر؛ فإن كان بقي من أجله يوم وأخره شهراً ومدة السفر ثلاثة أشهر وأقام للعذر شهرا فله نظرة شهرين مع العشرين يوماً فليوكل من يقضيه في غيبته قبل مضيها وإلا حنث وللطالب عليه حميل بذلك. ابن عبدوس عن سحنون: من حلف لا خرج حتى يعلم غريمه فأعلمه فنهاه فخرج إن أراد بإعلامه إذنه حنث وإلا فلا. زاد ابنه عنه: وما أري حلفه إلا لإذنه. وسمع عبد الملك أشهب من حلف ليقضينه حقه إذا أخذ عطاءه فأخذ بعضه فقضاه لم يحنث. ابن رشد: لو لم يقضه وفيه وفاء بالحق أولاً ففي حنثه، ثالثها: إن لم يقضه من حقه بقدر ما أخذ من عطائه الأول اعتبار بالمعني، والثاني: بظاهر لفظه. قلت: والثالث اعتبار بمجموعها؛ وفيها: من حلف ليقضينه حقه رأس الشهر أو عند رأسه أو إذا استهل فله يوم وليلة من أول الشهر. التونسي: له في ليقضينه في الهلال يوم وليلة، ويجب توسعته ليلتين حتى يقمر.

اللخمي: أرى له ثلاثة أيام في الهلال؛ لأن العرب تسميته في الأولي والثانية هلالاً والثالثة والرابعة قمراً إلا أن يعرف الحالف هذه التسمية إلا لأول يوم أو لثانيه فيحمل علي ذلك. قلت: كذا وجدته في غير نسخة ولا ينتج مراده. التونسي: لو قال عند انسلاخ الهلال أو انقضائه ففي حنثه برؤية الهلال أو بمضي يوم وليلة قولان. قلت: عزاهما الشيخ لمحمد عن ابن القاسم: وإلي كذا في حنثه بانقضاء يوم ما قبله أو بانقضاء يوم وليلة مما بعده؛ قولها في إلي رمضان مع محمد عن ابن القاسم وروايته فيه، وفي غيره من أسماء الزمان والشيخ: عن ابن وهب مع ابن الماجشون وروايتهما. وسمع عبد الملك ابن القاسم وأشهب: في لأقضينك حقك إلي الليل له الليل كله. ابن رشد: هذه شاذة والصواب حنثه بغروب الشمس ووجهها جعله إياها بمعني عند، كقول ظهارها أنت علي كظهر أمي إلي قدوم فلان. الشيخ عن الموازية: في لأقضينه إلي عشرة أيام له اليوم العاشر وإلي الجمعة يحنث بغروب شمس الخميس. العتبي عن أصبغ: الحنث في لأقضينه إلي الحصاد بانقضائه، ويقضي عليه في عظمه. ابن رشد: ورواه ابن حبيب، وعزاه لابن الماجشون، وابن عبد الحكم وابن القاسم وفيه نظر، ومقتضي"إلي" حنثه بعظم الحصاد. وفي حنثه في إلي صلاة الظهر بميل الفيء أو بانقضاء صلاة الجماعة؛ فإن لم يكن جماعة فبانقضاء القامة قولا محمد وابن الماجشون. الشيخ: ولابن القاسم: حده ان تصلي الجماعة والعامة. الشيخ: عن الموازية له فيما قيد باللام، كقوله: لروؤية الهلال أو بمجيئه وغيرهما يوم وليلة؛ إلا قوله: لانسلاخ؛ فبغروب الشمس يحنث، وإلا الحلول رمضان في كونه كالأول، أو الثاني قولا أصبغ مع أول نقل محمد عن ابن القاسم، وثانيه: قال: وله فيما

قيد بإذا أو عند كإذا ذهب كذا أو إذا جاء الهلال، أو إذا انسلخ ونحوه يوم وليلة. وفي كون عند انسلاخه كذلك، وبحنثه بغروب الشمس قولا ابن القاسم قائلا: في كعند مطلقاً. اللخمي: له في انسلاخ الهلال يوم وليلة ويحنث في انسلاخ الشهر بانقضائه، وفي الموازية إن قال: حين ينقضي أو يستهل أو غيرهما أمر بتعجيله وله يوم وليلة ولفظ نقل اللخمي عنها عجل القضاء ما استطاع ولا حد في ذلك. ابن حبيب عن ابن الماجشون: إن قال: إذا جاء الهلال فلم أقضه فامرأته طالق؛ فليس وقتاً للقضاء بل لانعقاد يمينه فمن حينئذ لا يقرب زوجته، ولو قال بدل:"فلم" و"لم" كان وقتتا للقضاء إن لم يقضه بعد يوم وليلة حنث. الشيخ في المجموعة لابن القاسم في قوله: إن قدم أبي ولم أقضه فامرأته طالق، فقدم ولم يقضه حنث إلا أن ينوي أنه إذا قدم قضاه فله يوم وليلة. قلت: وجه قول ابن الماجشون جعله"فاء" فلم أقضه"جواب" إذا" لصلاحية "الفاء" لجواب الشرط و"فاء" فامرأته طالق" لسببية عدم القضاء المقيد أوله بمجيء الهلال في الطلاق و"الواو" لما امتنع جعلها جوابا لـ"إذا" تعين كونه "فاء" "فامرأته طالق". اللخمي: يحنث في بحلول رمضان بانقضاء شعبان. وسمع سحنون ابن القاسم: إن قرن ب"إلي" انسلاخ الهلال أو استهلاله أو رؤيته أو دخوله، أو رمضان، أو انقضاءه، أو حلوله، أو مجيئه، أو آخر الهلال، أو ذهابه، أو رأسه. أو قرن بـ"في" انسلاخ الهلال، أو آخر رمضان، أو رمضان، أو انقضاءه، أو ذهاب الهلال، أو قرن ب"اللام" انسلاخ الهلال، أو حلول رمضان، أو قرن بـ"عند" آخر الهلال حنث بغروب الشمس، وإن قرن"في" برؤية الهلال، أو استهلاله، أو دخوله، أو مجيئه، أو حلوله، أو قرن"إذا" بحل الهلال أو استهل أو رؤي أو انقضي أو دخل، أو أخذ أو ذهب أو جاء رأسه، أو قرن"حين" بيجيء الهلال أو يحل أو ينقضي أو يستهل، أو يذهب، أو قرن"اللام" برؤية الهلال، أو رأسه، أو استهلاله، أو مجيئه، أو قرن"عند"

بالهلال، أو رؤيته، أو رأسه، أو ذهابه، أو انسلاخه، أو استهلاله، أو دخوله، أو انقضاء رمضان فله يوم وليلة. قلت: هي خمسون سؤالاً. ابن رشد: اضطرب ابن القاسم في ألفاظ منها قوله: لحلول رمضان يحنث بغروب الشمس ولمجيئه، ولرؤية الهلال له يوم وليلة. وقوله: عند آخر الهلال يخنث بغروب الشمس، وعند انسلاخ الهلال له يوم وليلة ونحو هذا إذا اعتبرته كثير، ولابن كنانة في نحو التي جعل ابن القاسم فيها يوماً وليلة يحنث إن لم يقضه ليلة الهلال إلي ضحي اليوم الثاني حين تقوم الأسواق وتكون الموازين ويشهد الناس علي حقوقهم. الشيخ: سمع عيسي ابن القاسم ومحمد عنه حنث من حلف لأقضينه في رمضان بغروب شمس آخر يومه. قال: وفي موضع آخر الذي عندنا أن الليلة لليوم المقبل، فإن كانت عندهم للماضي لم يحنث بالقضاء فيها. وفي حنث من حلف لا بات لغريمه عنده حقه ببقائه ثلث الليل أو أكثر من نصفه، ثالثها: إن حلف نهارا حنث بالغروب، وإن خلف عشاء فبانقطاع الرجل، وهدو الناس بيوتهم؛ لسماع أصبغ ابن القاسم وقول ابن رشد: مع أخذه من قولها: إنما الدم في ترك مبيت مني بتركه جل ليلة، وقول أصبغ: وقد مر في الحج فيها كلام. ولو حلف علي القضاء في شهر قبل دخوله ففي حنثه بانقضاء يوم وليلة منه أو بانقضاء كله قولا أصبغ وابن وهب. وفي حنث من حلف لأقضينه في نصف الشهر بقضائه في خامس عشر منه، ولو أول نهاره، ثالثها: إن نقص الشهر للشيخ عن الموازية مع ابن عبدوس عن أشهب ومحمد عنه مع أصبغ وابن وهب والشيخ عن عبد الملك قائلاً: ولو بعد عصره، وأبي زيد عن ابن القاسم. التونسي: لو قال في أول الشهر فله منه عشرة أيام ويشبه أن يكون له يوم وليلة وسمع عيسي رواية ابن القاسم غدوة ما قبل نصف النهار.

وفي كون بكرة أو إلي الضحى الأعلى: نقل ابن رشد عن كتاب محمد وسماع عيسي رواية ابن القاسم بزيادة العشي من وقت الظهر إلي الغروب. ابن رشد: يريد: من وسط وقت الظهر لقوله: عن بعض من مضي ما أدركت الناس يصلون الظهر إلا بالعشي ولا شك أنهم لم يكونوا يؤخرون إلي آخر الوقت، وسمع سحنون ابن القاسم في لأقضينه صلاة الظهر يقضيه أول ما يصلون عند الزوال. قلت: فإن لم يقضه حتى صلي بعض الناس وبقي آخرون؟ الشيخ: لم يذكر جواباً، فقال أبو بكر ابن محمد: لا شيء عليه. ولابن سحنون عن أبيه لا يحنث إلي آخر وقت الظهر، وفي العيد بتأخيره عنه، وفي كون العبد أول يوم فقط أو ثلاثة. نقلا الشيخ عن سحنون قائلا: مبدؤه من ليلته، وأصبغ قائلا: من بعد صلاته. اللخمي: وقيل يومان، وقال سحنون: الأول: في الفطر. والثاني: في الأضحى. قال: وأيام التشريق أربعة. ابن القاسم: في لأقضينك إذا ذهب العيد؛ أيام التشريق منه. وقال أيضاً: في ليقضينه في العيد، فقضاه في أيام التشريق حنث، فرأي العيد اليوم الأول؛ لأن أول أيام التشريق اليوم الثاني، وأول قوليه أحسن. العتبي عن أصبغ: في لا وطئها إلي العيد: إن وطئها قبل انصراف الإمام من صلاة العيد حنث، وفي لا دخل بيته يوم العيد لا يدخله يومه ولا يومين بعده. ابن رشد: هذا علي المشهور في تقديم المعني علي اللفظ. وقول سحنون لا يدع الدخول إلا يوم العيد فقط علي اعتبار اللفظ دون المعني، وفي أحد فصول السنة بتأخيره عنه، وفي كون أول الصيف يونيه أو نصف مايه، ثم لكل فصل ثلاثة أشهر نقلا العتبي عن أصبغ مع ابن حبيب عنه، وعن ابن القاسم وابن الماجشون وابن رشد عما وقع لابن حبيب في الزكاة.

وفي ثبوت بر الحالف علي القضاء بقوله: قضيت مع يمينه ولو حكم عليه بغرمه بعد يمين طالبه، أو بسقوط الحق بشاهدين لا غيرهما، ثالثها: أو بإقراره به أو بشاهد وامرأتين أو حلفه مع شاهد، ورابعها: إقراره به إن كان ثقة مأمونا كبينة لابن رشد عن رواية زياد والأخوين مع روايتهما، وظاهر سماع ابن القاسم، وسماع عيسي رواية ابن وهب، والآتي علي قول سحنون في كتاب ابنه، وابن عبد الحكم مع أشهب، وسماع عيسي ابن القاسم وابن نافع قائلاً: مع يمينه، وقوله في سماع ابن القاسم طلق عليه بالبينة التي أشهدها علي الحق يريد بالحق اليمين. ولو لم يكن علي يمينه بينة إلا أنه أقر بها لما ($) ($) كون إقراره كذلك أو يقبل قوله ($) علي قولين. وقيام البينة علي أصل الحق وعدمها سواء؛ خلافاً لقول ابن دحون: قيامها علي أصل الحق كقيامها علي ليمين؛ أخذاً منه بظاهر السماع. ولو أنكر اليمين وأقر بعداً ($) الحق في ($) قد قامت عليه البينة أقام بينة بدفعة ($) علي خلاف قائم من المدونة. وسمع القرينان من حلف بعتق لا فعل كذا حتى يفعل فلان كذا؛ ففعل الحالف ما حلف أنه لا يفعله؛ فخاف حنث نفسه فأخبره صاحب له أن ما أوقفت فعلك عليه أخبرني فلان أنه فعله قبل فعلك أحب عتقه ما يدريه أن صاحبه كذب؟ ابن رشد: دليله لو تيقن صدقه بر وفيه نظر لاحتمال كذب فلان في قوله: أنه فعله وإنما يبر بتيقن فعله والذي يتيقن به شهادة عدلين قاله سحنون في نحو هذا. وسمع أشهب في نحوه: لا تقبل فيه شهادة أربع نسوة، وهو دليل سماع عيسي ابن القاسم: ولو أخبره مخبر عدل بوقوع ما حلف عليه قبل فعله جاز له أن يفعل؛ لأنه قبل فعله خبر وبهده شهادة. قلت: لأن متعلقة قبله عام وبعده خاص برفع لزوم الحنث. وسمع القرينان: إن حلف صانه لا دفع مصنوعه لربه حتى يقبض درهماً وحلف ربه لا قضاه درهما يبران بقضائه أجنبي إن نوي قبضه لا يبالي ممن قبضه. ابن رشد: فيه نظر لدلالته علي أنه إن لم تكن تلك نيته لم يبر بذلك، وظاهر لفظه

يوجب بره وإن لم تكن تلك نيته، ولو حكم له حلف علي أخذه من ربه وقال: نويت مطلق أخذه، وسميت ربه علي العادة نوي ولو كانت عليه بينة، ولو حكم له بأقل من درهم فقال: نويت حقي لا عين الدرهم ينوي. ولو فر غريم من حلف لا فارقه حتى يقبض حقه ففي حنثه مطلقاً، أو إن تراخي له قولا ابن القاسم ومحمد قائلا: لو قال لا فارقتني أو لا افترقنا حنث. ابن بشير: اتفاقاً. اللخمي: بناء علي حمله علي التضييق عليه حتى يقضيه أو ظاهر اللفظ. زاد الصقلي لمحمد: ويحلف ما هذا الذي أراد إذا أكره. التونسي: يحتمل أن ابن القاسم حمله علي معني لا افترقنا، فصار كـ"لا فارقتني." قلت: في سماع عيسي ابن القاسم: كقول محمد. اللخمي: يبر في إن فارقتك ولي عليك حق بالحوالة لا البرهن. وفيها: لا يحنث في لا ضاجعتك بمضاجعتها إياه نائماً ولا في لا قبلتك بتقبيلها إياه غير مسترخ ويحنث في لا قبلتني أو ضاجعتني بكل حال. اللخمي: إنما يحنث بالاسترخاء بالقبلة علي الفم لا علي غيره، ولو قال: إن قبلتني فتركها قبلته علي غير الفم حنث، إلا أن ينوي الفم. قلت: مفهوم قوله: "فتركها". خلاف قولها:"بكل حال". زاد الصقلي عن محمد في عدم حنثه في: لا قبلتك بتقبيلها إياه غير طائع أنه يحنث كما مر. وسمع عيسي ابن القاسم: يحنث في لا ضاجعته زوجته بمضاجعتها إياه مستغفلة له لا في ضاجعها وكذا فيطلا فارقته" ولا"لا فارقها". ابن رشد: سوي بينهما وفرق فيها بينهما لم يحنثه في"لا ضاجعها" بمضاجعتها إياه غلبة وحنثه في لا فارقه بمفارقته إياه غلبة من جهة المعني لا اللفظ؛ لأنه حمل"لا فارقه" علي معني"لا فارقتني". ابن عبدوس: روي ابن القاسم: من حلف لا وضع من ثمن سلعته شيئاً لا يقبل منه، رب إقالة خير من وضيعة.

باب فيما يوجب الحنث في تعذر المحلوف علي فعله

وقال غيره عنه: لو حلف بعد البيع ثم أقاله حنث. ابن القاسم: يريد: إن كانت قيمة المبيع يومئذ أقل من ثمنه وسمعه منه عيسي وأصبغ في المجموعة. قيل: فإن أخره قال: قال مالك: رب نظرة خير من وضعية تكون للعشرة أحد عشر قيل: فما حده قال: قدر تقاضيه اليوم واليومان. التونسي: في حنثه بتأخيره قولا مالك والحنث أصوب. اللخمي: الثاني أبين. الشيخ عن ابن القاسم وابن نافع: لو قبضه ثم سأله المبتاع هبة فوهبه حنث. ابن رشد: إن نوي بلا وضع عدم رفقه حنث بتأخيره وإن نوي الوضعية فقط لم يحنث؛ فإن حلف بما يقضي عليه فيه، ففي قبول نيته بيمين أو دونها سماع القرينين وغيره، وإن لم ينو شيئاً ففي حنثه رواية ابن وهب وظاهر سماع القرينين وعليه يحلف أنه لم ينو شيئاً علي القول بتوجه يمين التهمة ولا يحنث في لا أنظره بالوضعية اتفاقا. قلت: إن لم ينو عدم رفقه. [باب فيما يوجب الحنث في تعذر المحلوف علي فعله] والمحلوف علي فعله غير مؤجل تعذره بانعدام محله بعد الحلف قبل إمكانه لا يوجب حنثا وبعده يوجبه. فيها: من حلف ليذبحن حمامات ليتيمه، فقام مكانه فوجدها ميتة لا يحنث. اللخمي علي قولها: من حلف ليبيعن أمته فوجدها حاملا يحنث يحنث بناء على

رعي اللفظ أو المعني. قلت: شبقه بمناقضتها سحنون وفرق عبد الحق والتونسي بامتناع التكليف بالمستحيل في الحمامات ولغو الإكراه في لأفعلن في الأمة، وفي الموازية: من حلف ليقطعن عذق كذا فوجده قطع لا شيء عليه إن لم يتوان قدر إمكان قطعه. ابن سحنون عن أبيه: من حلف ليطأن امرأته فقطع ذكره قبل وطئه لا يحنث إن لم يفرط. التونسي: لو طارت الحمامات حنث، وفيها: من حلف علي ضرب فلان فمات بعد إمكانه حنث. وسمع عيسي ابن القاسم: من حلف إن جاء ربيبه بيته بخبز ووجده ليطرحنه بالخربة فجاء الربيب بخبز، فصاحت به أمه فهرب به، إن تواني في أخذه حنث. ابن رشد: كقولها في الحمامات. قلت: إن فهمه علي حصول وجدانه، فهروبه به كسرقته لا كموته، وإن فهمه علي عدمه فليست كمسألة الحمامات؛ لأن ذبحها محلوف عليه والمهروب به غير محلوف عليه وتعذره بسرقة في إيجابه الحنث مطلقاً، أو إن فرط قولان: الظاهر المذهب مع نقل التونسي في الحمامات تطير والشيخ عن أشهب. وسمع القرينان: من حلف بطلاق ليخاصمن رجلاً عند فلان ناوياً عينه فمات، أو عزل قبل خصومته حنث. قيل: فإن أقام شهرين بعد يمينه لم يخاصمه فمات أو عزل؛ قال ذلك له إلا أن يطول جداً أو تدخله أناة شديدة. ابن دحون: معناه أنه تعذرت خصومته في الشهرين، ولو تأتت فتركها حتى عزل أو مات حنث إن طال تأنيه جداً. ابن رشد: قوله غير صحيح؛ لأنه إذا تعذرت خصومته لم يحنث، ولو طال الأمر ما عسي أن يطول، وإن أمكنت خصومته حنث فيما دون الشهرين، ومعني المسألة أنه يصدق في الشهرين أن الخصومة تعذرت له فيها، ولا يصدق إن طال جداً. وتعذر المحلوف عليه مؤجلاً بسرقة محله؛ في الحنث به قولها مع الشيخ عن ابن

القاسم في المجموعة، وعنه في الموازية مع أشهب وأصبغ في ليأكلهن هذا الطعام فسرق، وتعذره بموته في أجله؛ في عدم حنثه، ولو فرط وحنثه إن فرط المعروف ونقل اللخمي عن ابن كنانة وابن حازم. ابن رشد: قال في المدينة حنثه أبين من كل شيء. ابن القاسم: هذا باطل، وقول مالك: لا يحنث بقوله فأخذ منه ابن رشد أن"لأفعلن مؤجلاً" يمين حنث، فصور تعذره أربعة؛ لأنه مؤجل، وغيره بعدم أو تلف، وانعدام بعض المحلوف عليه لا يوجب حنثاً. سمع عيسي ابن القاسم: من قال: امرأته طالق إن لم يفترعها الليلة فوطئها فوجدها ثيباً لا يحنث، فإن علم أنها ثيب فلم يطأها حنث. ابن رشد: لأن المحلوف عليه مجموع الوطء والافتراع فتركه الوطء مع إمكانه يوجب حنثه، ولو حلف ليذهبن ($) دون وطء لم يحنث بوجودها ثيباً وإن لم يطأ. وسمع القرينان: من أرسلت لزوجها إن لم تعبث لي ابنتي الليلة، فعلي كذا، فلم يجده رسولها حتى الليل؛ لا حنث عليها كمن حلف لأخيه إن لم يأته الليلة فعليه كذا، فوجده رسوله مات أو غاب أو سجن، ولم يزد فيها ابن رشد شيئاً. قلت: وفي قوله"سجن" نظر إلا أن يريد ظلماً. وفي الحنث بتعذر المحلوف عليه بجنون الحالف خلاف الشيخ عن ابن حبيب، لو جن الحالف علي القضاء لأجل فيه بر بقضاء الإمام، فإن لم يفعل لم يحنث كما لو حلف لم يلزمه، وقال أصبغ: يحنث والأول أحب إلي. ($) المحلوف عليه بتقدم ثبوت ($) يمنع انعقاد يمينه: سمع عيسي ابن القاسم: من حلف بالطلاق لا وضعت ابنته صداقها عن زوجها، فقالت، وضعته منذ سنتين وشهد به أربع نسوة لم يحنث إن استوقن تقدم وضعها، ولم يرد إن كانت وضعته. ابن رشيد: يمينه علي المستقبل حتى يريد غيره، وظاهر أن اليقين لا يكون بشهادة النساء، وقال سحنون لكن قال: بشهادة عدلين، ولو امتنع الفعل شرعاً فقط كمن حلف ليطأن امرأته الليلة فوجدها حائضاً ففي حنثه مطلقاً، ثالثها: إن فرط قدر ما

يمكنه الوطء قبل حيضها، ورابعها: إن كان ظاناً طهرها لم يحنث لابن رشد عن ابن القاسم في الواضحة قائلاً: مثله في الأيمان بالطلاق منها، في من حلف ليبيعن أمته فوجدها حاملاً مع الشيخ عن ابن حبيب عن أصبغ، ونقل محمد رجع ابن القاسم لعدم حنثه، ولو أمكنه الوطء قبل حيضها؛ لأنه أجله قائلاً: الأول: القياس علي أصولنا، والشيخ عن ابن حبيب مع سحنون، وابن القاسم وابن دينار، وابن رشد عن أصبغ في سماع عيسي ابن القاسم في كتاب التخيير ونقله في سماعه في الأيمان بالطلاق إن وجد المحلوف علي وطئها حائضاً وعلي بيعها حاملاً، فإن نوي إن كانت طاهراً أو حائلاً لم يحنث؛ وإلا فإن لم يكن ظاناً أنها طاهر أو حائل حنث وإلا فقولان لمالك وابن القاسم. وعزو ابن عبد السلام الأول لابن القاسم في الإيمان بالطلاق من المدونة وهم؛ بل الصواب عزو ابن رشد المتقدم، ثم لو وطئها حائضاً، ففي حنثه وبره مع منعه منه قولا ابن القاسم مع ابن دينار والشيخ عن محمد مع سحنون. وسمع عيسي ابن القاسم: في ليطأنها لا يبر حائضاً، ولا في رمضان ويحنث في لا وطئها بأحدهما. ابن رشد: الصواب نقل محمد عن ابن القاسم، الصواب بره بذلك، وللشيخ عن ابن دينار: يحنث بوطئها حائضاً كابن القاسم. وفيها: حنث من حلف: لا وهب بالصدقة والعارية إلا أن تكون له نية في العارية. الشيخ: روي ابن القاسم وأشهب يحنث بكل ما نفعه به. أشهب: وبالعمري والحبس إلا أن تكون له نية يعرف لها وجه. اللخمي عن محمد: لا يحنث في لا أعاره بهبته إن حلف؛ لأنه أفسد عاريته أو حبسها عنه، أو لأنه يعاف لباس الناس ثيابه، أو يريد صونها، وإن حلف لقطع النفع عنه حنث. وسمع ابن القاسم: من حلفت لا وهبت عبدها لا يعجبني صدقتها به

على ولدها. ابن رشد: لأن الهبة تعتصر والصدقة لا تعتصر، ولا تنوي فيما يحكم به عليها، ولو حلفت علي الصدقة وقالت: نويت لأنها لا تعتصر لم تحنث بالهبة علي من تعتصر منه. التونسي عن محمد: يحنث في لا وهب فلانا كذا بهبته إياه وفلان غائب، وإن لم يقبله. التونسي: فيه نظر إلا أن يريد لا أوجبت علي نفسي هبة. وسمع القرينان: من حلف لا تزوج حتى تعطيه أمه عشرين ديناراً، أيصلح أن تعطيه إياها فإذا تزوج نزعتها منه؟ قال: لا بأس. ابن نافع: هذا غلط. الشيخ: يريد مالك أنها لم تواطئه علي ذلك. ابن رشد: لا وجه لها غير هذا. ابن حبيب عن ابن الماجشون: يحنث في: لا وصله بالسلف والعارية وكل منفعة، ولو قال: نويت بالدنانير والدراهم لم ينفعه إلا بحركة اللسان. الشيخ: المعروف ينفع التخصيص بمجرد النية إنما اللفظ في"إلا" و"إلا أن" وقبله الصقلي. قلت: لعله في التي يقضى عليه بها وعليه بينة. ابن حبيب: عنه في لا أسفله لا يحنث بصلة ولا عارية ولا ببيع إلي أجل قد يكره السلف للمطل. قلت: وكذا البيع لأجل يعرض له. وسمع عيسي ابن القاسم: حنثه في"لاأسلفه" بتأخيره بائعه بثمن سلعة اطلع علي عيب بها لقول البائع: أخرني وأنا أقبل سلعتي. ابن رشد: هو في معني السلف وليس سلفاً بل يسمي إنظاراً، وينوي أنه أراد السلف الذي هو عن ظهر يد، ولو قامت عليه بينة فيما يقضي عليه؛ فلا يحنث وهذا علي قول ابن القاسم في صلحها بإجازة التأخير لإسقاط إثبات العيب، أو اليمين عليه وعلى

دليل قول مالك فيها وسماع القرينين: أن تأخيره لا يجوز لم يحنث؛ لأنه ليس في معني السلف بل شبه بيع، لأنه إنما أخره لإسقاط ما ذكر لا للرفق به. وقال ابن الماجشون: وروي في"لا ينفعه ما عاش" يحنث بتكفينه. وفي الموازية: وبوصيته له ولو رجع عنها. قلت: في الحنث بها نظر ولا سيما إن لم يعلم بها المحلوف عليه. وسمع ابن القاسم: لو كان الحالف وصياً علي صدقه لم يحنث بإعطائه إن نوي من ماله. ابن القاسم: وإلا فلا يعطه شيئاً. وسمعه عيسي: إن أمر غلامه فسقاه حنث. ابن الماجشون: لو نهي عنه شاتمه لم يحنث، ويحنث بتخليصه ممن وجده متشبثاً به، وإن أراد أن يتحمل برجل، فأثني عليه سواء، فلم يحتمل به، فإن قصد نفعه بصرف الحمالة عنه حنث. قلت: ما يوجب الحنث قصده وعدمه سواء. وسمع ابن القاسم: لا يحنث في: لا دخل عليه من فلان نفع بما يصيبه منه ولده الكبير مطلقاً، ولا الصغير بما لا يسقط عنه مؤنته، ويحنث بما يسقطها كثوب أو طعام يغنيه، ويحنث في لا أكل رؤوساً ولا نية ولا بساط برؤوس النعم وفي رؤوس السمك، والطير، ثالثها: لا برؤوس السمك والجراد لابن القاسم في المجموعة معها وأشهب والشيخ عن ابن حبيب ونقل اللخمي عنه كأشهب، ونوقض ابن القاسم بقوله: من وكل من يشتري له جارية أو ثوباً، ولم يصف لا يلزمه ما لا يشبه كسبه، وأشهب بقوله: يلزمه، ويجاب للأول بأن تقييد المطلق بالعرف أخف من تخصيص لعام به، وبأن حق الله آكد من الآدمي وللثاني بأن العرف القولي آكد من الفعلي، وبأن العرف العام أقوي من الخاص. وسمع عيسي ابن القاسم: في لا أكل من طعام فلن فاشتريا طعاماً أكلاه معاً لا يحنث إن أكل قدر حظه فأقل، وسمعت عن مالك شيئاً، وهو رأي ولا أحبه ابتداء، ولو قدما طعاميهما فأكلاه كذلك خفت حنثه.

أصبغ: لا يحنث. ابن رشد: إن كان للمن لا لخبث كسبه، ويحنث في: لا أكل بيضاً ببيض الدجاج، وفي بيض سائر الطير والسمك قولا ابن القاسم في المجموعة معها، وقول ابن حبيب: لا يحنث ببيض الحوت. أشهب: يحنث بكل بيض استحساناً لا قياساً لقرب بيض الطير من الدجاج ومنه ما يشبهه في الخلقة والطعم ويحنث في: لا أكل لحما بلحم النعم، وفي لحم غيرها قولا ابن القاسم في الموازية، وأشهب في المجموعة، وناقضه اللخمي بقوله: في البيض لقرب لحم بعض الوحش من النعم كبيض الطير من الدجاج، ونقل التونسي عن أشهب: إنما يحنث بلحم ذوات الأربع وهم لنص النوادر عنه في المجموعة لا يحنث في اللحم والرؤوس إلا بلحم الأنعام الأربع ورؤوسها. ابن حبيب عن ابن الماجشون: لا يحنث في لحوم الوحش بلحم الطير الوحشي، وفي الموازية: لا يأكله ولا إنسيه. قلت: قوله في"الإنسية" كغلط. ابن عبدوس عن ابن القاسم: يحنث في اللحم بالقديد لا العكس، واستشكل ابن عبد السلام وغيره قولها: يحنث في اللحم بالشحم لا العكس، بأن اللحم أعم من الشحم فيجب أن يحنث فيه باللحم؛ لأن الأعم جزء الأخص، وجزء الشيء بعضه والبعض يوجب الحنث ويجاب بأن ذلك في البعض المحسوس لا المعقول. ابن حبيب عن ابن الماجشون: يحنث في اللحم بكل ما أكل من الشاة من كرش وأمعاء ودماغ وغيره. وسمع عيسي ابن القاسم لا يحنث في اشتري لزوجته لحما أو حوتا لعشاء بشرائه ذلك لغدائها ولا فضل فيه عن الغداء، ولا في"لا غدى فلاناً" بكونه عشاه. وفيها: من من عليه معطيه شاة، فحلف لا أكل من لحمها، ولا شرب من لبنها يحنث بكل ما اشتري بثمنها من طعام، أو كسوة لا بما يعطيه من غير ثمنها شاة أو غيرها. التونسي: الأشبه ألا ينتفع منه بشيء؛ لأنه كره منه، ولا يتصرف في الشاة إن لم

يقبلها واهبها إلا بالصدقة لعدم دخولها في يمينه أو لا لأنه جهد المقدور. ابن عبدوس عن ابن القاسم: يحنث في الخبز بالكعك لا العكس. ابن حبيب: والخشنكان كالخبز. اللخمي: يحنث في الخبز بالإسفنج كالكعك، علي اللغة، أو قصد التضييق لا علي العرف ولا في أحدهما بالآخر ولا بالخبز. ابن بشير: الأقرب حنثه في الخبز بالإطرية والهريسة والكعك. قلت: الحنث بالهريسة بعيد. العتبي عن أصبغ: من حلف لا أكل كل يوم إلا خمس قرص، فعملتها امرأته أكبر مما كانت إن أكل أكثر من قدرها أولاً حنث. ابن رشد: لأنه المراد لا أكثر من عددها، ولو قال: إنما نويت عددها نوي إن كان مستفتياً، ولو قيل: لا ينوي مطلقا لبعد نيته كان قولاً. ابن سحنون عن أبيه: يحنث في: لا أكل مما تنبته الأرض بما تنبته الجبال لا العكس. الشيخ عن ابن حبيب: يحنث في: لا أكل عسلا بعسل القصب وبطعام دخله العسل. ابن بشير: حنثه ابن القاسم بعسل القصب، وأجري الشيخ علي قول أشهب عدمه، وفي نقل ابن عسل الرطب بدل عسل القصب. ابن رشد: لا يحنث في الزيت مطيب بعنبر ونحوه مبيح التفاضل منه. وفي المطيب بأشجار الأرض: سماع ابن القاسم: ونقل ابن رشد مقيداً سماع ابن القاسم: بكونه بأشجار الأرض لا بالمسك والعنبر. محمد وابن حبيب: يحنث في الزيت بزيت الفجل والقرطم والكتان، ولو اختلفت عناصيرها. ابن حبيب: وفي الخل والنبيذ بكل خل، ونبيذ، والإدام. ابن حبيب: يحنث فيه بما هو في العرف إدام؛ منه الخل والزيت والإهالة والزيتون

والجبن والحالوم والصير واللفت والكامخ والمري والشيراز. ابن بشير: لم يعد ابن حبيب فيه اللحم، وجعله اللخمي منه. قلت: لعل سكوت ابن حبيب لوضوحه وتقدم في الكفارة. وفي كون الملح منه سماع أصبغ. أشهب: ولو كان مخصاً. وقول ابن حبيب: ولو كان مطيباً ناقلاً الحنث به عن بعض العلماء. ابن رشد: أفتي كل منهما بعرف موضعه. قال: والإدام لغة: ما يستطاب به الخبز، فلا يحنث في لا أكل إداماً بالتمر والعنب والتين وشبهه إذ لا يطلق عليه إدام ولو حلف لا آكل خبزا بإدام، فأكله بأحدهما جري علي الخلاف في رعي المقصد، الأشهر رعيه فلا يحنث. الشيخ عن ابن حبيب: يحنث في الفاكهة برطبها ويابسها منها التمر والعنب والرمان والقثاء والبطيخ والخربز، والقصب وأخضر الفول، والحمص والجلبان. زاد محمد: والموز والأترج. قال: وقاله ابن القاسم وابن وهب في البطيخ. قال: وقال محمد: إذا حلف علي يابسها ورطبها حنث بما ضمه أسم فاكهة. الصقلي: وهذا أجود أن لا يحنث في اليابس إلا إذا ذكره. محمد وابن حبيب: يحنث في لا آكل غنماً بالضأن أو المعز لا بأحدهما في الآخر. ابن القاسم: وفي الدجاج بالديكة لا بدجاجة في الديك، وسمعه عبد الملك ولا بالديك في الدجاجة. محمد وابن حبيب: يحنث في لا آكل كباشاً بالنعاج والصغار مطلقاً لا بالصغار في لا آكل كبشاً. الصقلي: وكذا عندنا في لا آكل كباشاً لا يحنث بالصغار ولا إناث الكبار. ابن حبيب: لا يحنث في لا آكل نعجة أو نعاجاً بصغير مطلقاً، ولا بكبار لذكور. محمد: لا يحنث في لا آكل خروفاً بكبير. الشيخ عنه: ويحنث في العتود ووقف عنها محمد. أصبغ: أمرهما واحد.

ابن حبيب: لا يحنث في العتود بالخروف ويحنث في العكس. وفي تيس أو تيوس بالعتود، وصغير ذكور المعز، ولا يحنث في عتود أو عتدان: ابن حبيب: أو جديان بالتيوس. ولا بكبار الإناث، ويحنث بصغارها: ابن حبيب: يحنث في التيوس بالجدي. ولا يحنث في: لا كلمه، بسلام صلاته بالمحلوف عليه أو خلفه: اللخمي: اتفاقاً. ابن عبد السلام: سلام الصلاة الأول أخص من الكلام فيحنث به كما يحنث بما اختص باسم عن أعمه كالحنث بالكعك في الخبز، والرؤوس في اللحم وبعسل القصب في العسل. قلت: يرد بأن دلالة العرف علي منع صدق أعم السلام عليه أقوي منه فيما ذكر، ولذا قال فيها: وليس مثل هذا كلاماً وبأنه في غير السلام يصدق الأعم علي الأخص مقيداً به؛ يقال: لحم الرأس، وعسل القصب، وخبز الكعك، ولا يقال: كلام سلام الصلاة. وفي عدم حنثه بتسليمه ثانية وهو إمام الصلاة قولا التونسي مع الشيخ عن ابن ميسر ومحمد، فأطلقه الشيخ، وقيده التونسي، والصقلي بسماعه المحلوف عليه، واللخمي به وبكونه عن يسار الإمام. ابن رشد: وكذا إن كان مأموماً يسلم عن يساره ثانية من غير رد والمحلوف عليه عن يساره. وفي حنثه بتسليمة الرد وهو مأموم للمحلوف عليه وقد سمعه قولان لمحمد عن ابن القاسم مع أشهب، والعتبي عن ابن وهب، ولها. وجعل ابن رشد رده علي المحلوف عليه، وهو عن يساره كرده علي الإمام ونسبه لها، ولم أجده فيها. وفي حنثه بالإشارة إليه، ثالثها: في التي يفهم بها عنه لابن رشد عن أصيغ مع ابن الماجشون، وسماع عيسي ابن القاسم مع سماعه، وابن رشد عن ظاهر إيلائها، وابن

عبدوس عن ابن القاسم، وفي سماع عيسي: أحب تركه. ابن رشد: في لا كلمها إن نوي اعتزالها حنث بوطئها وتقبيله إياها وإن نوي عدم اعتزالها فلا وإلا فظاهر سماع ابن القاسم: لا يحنث بذلك. وقال أصبغ: يحنث لفهمها ما يريد كالإشارة. وسمع عيسي ابن القاسم: من حلف لا سأل فلاناً حاجة فاحتاج إليه فلزم الجلوس إليه ولم يكن يجلس إليه لا أحبه، ولا يحنث به ولو فهم المحلوف عليه حاجته من طول جلوسه. أصبغ: إن فهمه من طوله حنث. قالا: ولو عرض بكلام مع نفسه دون أحد أو مع غير المحلوف عليه وهو يسمع حنث. ابن رشد: قول ابن القاسم علي أصله في لغو الإشارة وفي تفرقة أصبغ نظر. قلت: ففي نفي حنثه، ثالثها: إن فهم المحلوف عليه بطول جلوسه لتخريج ابن رشد علي الحنث بالإشارة في لا كلمه وسماع أصبغ ابن القاسم، وقوله، وسمع عيسي ابن القاسم يحنث بفتحه علي المحلوف عليه في صلاته لا العكس. وسمعه لو قال لنائم: أيها النائم الصلاة خير من النوم، فرفع رأسه فإذا هو من حلف عليه حنث، وكذا لو ثقل نومه ولم يسمع كلامه كحنثه بكلامه أصم أو من لم يسمعه لشغله بكلام آخر، ولا يحك ابن رشد فيه خلافاً وللشيخ عن محمد عن أصبغ: إن تيقن ثقل نومه ولم يحركه لم يحنث، كمكلم ميت، وقال ابن القاسم: يحنث في الأصم وقال أيضاً: لا يحنث فيه. قلت: ينبغي إن حلف عليه سليما فكلمه أصم أن لا يحنث. اللخمي: في حنثه إن كلمه بحيث يسمع ولم يسمع لشغل أو غيره، أو صاح به نائماً فلم يستيقظ قولا ابن القاسم ومحمد ولابن عبدوس عن ابن القاسم: إن كلمه ببعد بحيث لا يسمع لم يحنث، وإلا حنث، وإن لم يسمعه. محمد: ولو قا الحالف لمن دق بابه من أنت؟ فإذا هو هو حنث لا في العكس. ابن عبدوس روي أشهب: وقال محمد: لو حلف لا كلمه إلا ناسياً حنث بكلامه

إياه جاهلاً. ابن القاسم: وكذا في العكس. عبد الحق: ويصدق في الأولي إن قال: كلمته ناسياً في يمين طلاق وعليه بينة. وسمع القرينان: لو كلم غير المحلوف عليه بحضرته مريداً إسماعه فسمعه حنث، وإن لم يسمعه ففي حنثه قول ابن رشد مع نقله عن عيسي بن دينار، وسماع أبي زيد ابن القاسم مع سماع القرينين. وفيها: إن سلم علي جماعة فيها المحلوف عليه حنث إلا أن يحاشيه. الشيخ في الموازية: إن سلم علي من رأي من جماعة، وعرف، أو سلم عليهم ولم ير معهم غيرهم فإذا هو فيهم لم يحنث. يحي بن عمر: يحنث. وفي حنثه بقراءة المحلوف عليه كتابه إليه أو سماعه رسوله إليه، ثالثها، بالكتاب فقط لابن رشد عن ابن القاسم مع روايته فيها، وابن عبد الحكم مع أشهب، وسماع القرينين مع ابن الماجشون. زاد الشيخ عن محمد عن أشهب: إلا أن يسمع الكلام الذي أرسل به الرسول فيحنث. الشيخ في الواضحة: لو أمر الحالف من يكتب عنه للمحلوف عليه؛ لم يحنث به بحال إلا أن يقرأه الحالف أو يقرأ عليه أو يمليه. وفي حنثه بمجرد وصوله أو حتى يقرأه ولو عنوانه: نقلا اللخمي عن المذهب وابن رشد عنه مع نصه ابن حبيب. وعليه في حنثه بمجرد قراءته أو بقيد كونها لفظاً قولان لظاهر قول ابن حبيب، ونص أشهب قائلا: لأن من حلف لا يقرأ جهرا فقرأ بقلبه لم يحنث. قلت: إن رد بأن قوله جهراً في الأصل يمنه القياس؛ لأنه ليس كذلك في الفرع لمنه أنه ليس كذلك في الفرع؛ لأن كلام الغير لا يكون إلا جهراً، وهو المحلوف عليه.

ابن حبيب: لو قال الرسول اردده أو اقطعه فعصاه، ودفعه للمحلوف عليه فقرأه أو رماه كاتبه فأخذه المحلوف عليه فقرأه لم يحنث. وسمع ابن القاسم، وروي ابن وهب: لو رد الكتاب قبل وصوله لم يحنث. ابن رشد: اتفاقا، وهو نصها، وقولها عقيبه- وهو أحد قوليه-: لا يعود عليها إذ لا خلاف فيه. ولو كتبه عازماً عليه بخلاف كتاب الطلاق عازماً قلت: التي قبلها مسألة تنويته المشافهة. وفي تنويته في الكتاب والرسول، ثالثها: فيه لابن القاسم مع روايته فيها وسماعه عيسي، ورواية ابن رشد وأحد قوليها. وفي حنثه بقراءته ما كتب به إليه المحلوف عليه. نقل الشيخ أحد قولي ابن القاسم، وقول أشهب مع قول محمد: أنكر غير واحد من أصحاب ابن القاسم قوله بالحنث، والشيخ عن ابن عبدوس عنه، وابن رشد عن إحدى روايتي أبي زيد عنه. الشيخ عن أبي زيد عنه: لو أمر عبده فقرأه عليه حنث، ولو قرأه عليه غيره بغير إذنه؛ لم يحنث، وسمع أبو زيد لو كتب لغيره فأمر المكتوب إليه الحالف أن يقرأه له فقرأه؛ لم يحنث. الشيخ عن أشهب وابن الماجشون: لا يبر في كلمته إلا بمشافهته. وفي حنث من حلف بطلاق: إن كلمته امرأته حتى تقول له: إني أحبك. بقولها: غفر الله لك ونعم. قول ابن القاسم محتجا بحكم مالك له: يحنث من حلف بطلاق امرأته لا كلمها حتى تفعل كذا، ثم قال لها في ذلك النسق: فاذهبي الآن- كالقائل: إن شئت فافعلي أو لا- علي ابن كنانة في قوله لا يحنث. أصبغ: قول ابن كنانة أصوب؛ لأنه من تمام مساق اليمين، وقد قال لي ابن القاسم في أخوين حلف أحدهما لا كلم الآخر حتى يبدأه فحلف الآخر كذلك هما علي إيمانهما إن كلم أحدهما الآخر حنث.

ابن رشد: مثل قول ابن كنانة وأصبغ سمع محمد بن خالد ابن القاسم: من حلف لزيد بطلاق لا كلمه حتى يبدأه فقال له زيد: إذاً والله لا أبالي؛ ليست هذه تبدية تبرئه، وهو الصواب؛ لأنه الجاري علي تقديم المقصد علي مجرد اللفظ. قلت: يجاب لابن القاسم عن مناقضته أصيغ بأن الحنث يقع بأدنى مما به البر، وللشيخ عن سحنون: يمين الأخ الثاني تبرئة للأول، وإذا كلم الثاني برئا معاً. ولو حلف بالريف لا كلم أخاه حتى يرجع من حجه فكلمه بالفسطاط بعد رجوعه من حجه قبل وصوله للريف ففي حنثته سماع عيسي ابن القاسم، والشيخ عن كتاب محمد. الشيخ عن ابن حبيب: لا يحنث في لا كلمه بمواكلته ولا يوطئها في لا كلمها. وسمع القرينان: من حلف لا كلم ابنته، ولا شهد لها محيا ولا مماتا، ولا دخل بيتها فجلس قريباً من بيتها فخرجت إليه فقبلته وأطعمته بيدها لا شيء عليه. قيل: منزلها في حائط، ومن دونه حائط آخر فقعد الأب لما انتهي إلي الحائط الأدنى قال: هذا مشكل، ولا أدري ما هو. ابن رشد: القياس جوابه أولا لا يحنث. محمد عن أشهب: من حلف لا كلمه إلا فيما لابد له منه فكلمه في حق وقع له عليه حنث. ابن حبيب عن أصبغ: ولو قال: إلا في شراء وخصومة فكذبه في كلامه رجلا حنث إلا أن يكون ما كذبه فيه من سبب شرهما، ولو شتمه ابتداء حنث. وسمع أصبغ ابن القاسم: من حلف لا يبتدئ رجلاً فصالح امرأته فابتدأه ثم راجع امرأته فابتدأه لا شيء عليه. الشيخ: هذه ليست أصولنا، فقوله: فابتدأه الثانية في بعض روايات العتبية وليست في بعضها، وأراه غلطاً ابن رشد: قوله: صحيح. قلت: الأقرب حمل قوله: لا يبتدئه علي ابتداء معين وهو ما بعد يمينه يليه فصار كحفله بذلك لا كلم فلاناً ثالث يوم حلفه فصالح امراته ثم كلمه فيه ثم راجعها بعد

الثالث أن يمينه لا تعود لانعدام متعلقها، وفي حنث من حلف لا كاتب وكيله بإرساله رسولا يقبض ما بيده. نقل محمد عن ابن وهب، وقول ابن ميسر. ابن عبدوس عن ابن القاسم وأشهب: يبر في ليعلمنه بكذا أو ليخبرنه به بكتابه به أو رسول، ويحنث بأحدهما في لا أعلمه أو لا أخبره. وفيها: من حلف إن علم كذا ليعلمن به فلانا فعلماه معاً، إن لم يعلمه حنث. اللخمي: يريد: إن لم يعلم الحالف علم المحلوف عليه ذلك، وإلا لم يحنث إلا علي رعي اللفظ. وفيها: من حلف لمن أسر سرا لأن لا أخبر به أحدا، ثم قال: لمن أخبره أنه أسره إليه أيضاً: ما عملت أنه أسره لغيري؛ حنث. ومن حلف لينتقلن، في الواضحة: لا يحنث بالتأخير. زاد في الموازية: والتعجيل أحب إلي. الللخمي: في الموازية: إن أقام ثلاثة أيام يطلب منزلا أرجو ألا شيء عليه. قيل: إن أقام شهراً. قال: إن تراخي في الطلب خفت حنثه. قال: وقول الواضحة هو الأصل في لأفعلن. قلت: في حمله ما في الموازية علي خلاف الواضحة نظر؛ لأن ما في الموازنة إنما ذكره فيمن منت عليه زوجته بسكناه دارها فحلف لأنتقلن؛ فحلفه لرفع ما منت عليه به فطول إقامته سبب تمن به عليه بخلاف الحالف علي مطلق الانتقال. ابن رشد: في حمل يمينه لأفعلن علي الفور فيحنث بتأخيره أو علي التراخي فلا يحنث به قولان: لأول سماع يحي ابن القاسم مع سماعه أبو زيد في العتق، ورواية ابن القاسم في المدينة فيمن حلف لأنتقلن يخرج حين حلفه ولو في جوف الليل، ولثاني سماع يحي مع المشهور، وسمع ابن القاسم من حلف لينتقلن فلان من داره فانتقل؛ لا يحنث برجوعه بعد ذلك. وناقضها ابن رشد بسماع القرينين: من حلف علي أخ مساكن له ليبيعن شاته

وليخرجنها فباعها يحنث بشرائها الأخ من مشتريها منه, وأجاب بأنه لما كان للكون ف الدار لفظ يختص به, وهو السكني كان عدوله عنه لقوله لينتقلن دليل إرادة مطلق الخروج لا دوامه ولما لم يكن بكون الشاة معه لفظ يختص به؛ حمل قوله ليخرجنها على عمومه. اللخمي: روى محمد له أن يرجع بعد شهر, ولو رجع بعد خمس عشر يوما أجزأه. وسمع ابن القاسم: أيرجع بعد خمسة عشر يوما؟ قال: يزيد عليها. ابن القاسم: لا شئ عليه إن رجع بعد خمسة عشر, وأحب إلي بلوغه الشهر. ابن رشد: وكذا إن رجع بعد أن أقام أكثر من يوم وليلة لقول محمد فيمن حلف ليخرجن من المدينة القياس خروجه لما لا تلزم منه الجمعة يقيم به ما قل أو كثر. ابن حبيب عن ابن الماجشون: لا أحب أن ينتقل على شهر لكن على غير نية توقيت ثم إن بدا له بعد شهر رجع. أصبغ: إن رجع قبله لم يحنث. ابن رشد: لو أبى المحلوف على انتقاله من الانتقال, وهو ممن لا جبر للحالف على انتقاله ففي ضرب قدر ما يرى أن الحالف قصده أجلا لانتقاله, فان أخره عنه حنث, وكونه كحلفه على فعل نفسه لا يحنث إلا بموت المحلوف عليه قولان, وعلى الأول لو كانت يمينه بطلاق في منعه الوطء خلاف, وعلى منعه إن اجل أكثر من أربعة أشهر دخل عليه الايلاء, وعلى الثاني لا يطأ ويدخل عليه الايلاء. وفي حنث من حلف لا سكن دارا هو بها ساكن بعدم خروجه حين حلفه, ولو بليل ولم يجد إلا بغلاء أو ما لا يوافقه أو بإقامته يوما وليلة أو بأكثر, رابعها: بإقامته بعد الصبح أكثر مما ينتقل إليه مثله لها, ولأشهب واصبغ قائلا: حد المساكنة عندنا بعد اليمين يوم وليلة, واللخمي مع قول ابن رشد: ظاهر أول سماع ابن القاسم انه يفسح له قدر ما يرتاد فيه موضعا. قلت: قول اصبغ في حد المساكنة؛ يريد: التي لا يحنث بها وإلا تناقض, وعزا محمد فيما نقل ابن الحارث وابن رشد لأشهب مثل اصبغ, ولم يعزوا له غيره, قال: وقول ابن

لبابة لا يمنع خلال ذلك من الوطء؛ صحيح. التونسي: لو شرع في النقلة فأقام ثلاثة أيام ينقل لكثرة قشه, وتعذر نقله في يوم واحد ينبغي أن لا شئ عليه؛ لأنه المقصود. قلت: مثله قولها ذلك في اخذ طعام من دين, ورد القابسي نقل يحيي عن عبيد لا اعلم من قال برواية ابن القاسم بقول ابن حبيب لا اعلم من وسع في تأخير خروجه إلا أشهب واصبغ وربما أفتى القابسي بقول أشهب. اللخمي: لو حلف ليسكننها بر على قول أشهب بيوم وليلة, وعلى قول اصبغ بأكثر, وعلى رعي القصد لا يبر إلا بطول مقام يرى انه قصده. قلت: يلزمه على إجرائه البر على ما به الحنث بره على قول ابن القاسم بساعة ونحوها, وما يوجب الحنث قد لا يوجب البر. ويحنث بعدم نقل أهله وولده, وظاهر قول ابن رشد لا يحنثه أشهب بترك كل متاعه إن انتقل بأهله وولده. الاتفاق على الحنث بعدم نقلهما, وسمع ابن القاسم من حلف لا ساكن أخت امرأته الساكنة معه فخرج عنهما, وبقيت زوجته بالبيت أياما حتى وجد منزلا ضمها إليه فيه ثم سافر فتهدم منزله فرجعت زوجته لأختها حتى رجع من سفره ينوى, فان لم ينو إلا تدخل على أختها لتزورها وتمرضها فلا باس بدخولها وتمريضها, ولا حنث عليه؛ لأنه خرج ولم يسكن بها, وإنما كان ذلك منها على غير ما نوى. اصبغ: معناها انه نوى عدم مساكنتها بنفسه وإلا حنث بتركه زوجته معها حتى وجد منزلا. ابن رشد: تأويل اصبغ غير صحيح؛ لأنه لو كان كما قال لما قال يحنث برجوعها إلى أختها على وجه السكني, ولا يحنث إن فعلت ذلك على وجه الزيارة والتمريض إلا أن يكون نوى ذلك. قلت: في نسبة حنثه برجوعها إلى سماع نظر, وفي حنثه بعدم نقله متاعه؛ ثالثها: إن كان لاختلافه مع جيرانه أو لما يقع بين النساء والصبيان لم يحنث وان كان لخوف خيانتهم حنث لها قائلة الرحلة انتقاله بكل شئ مع ابن رشد عن المشهور ولأشهب

واللخمي, وعلى الأول قال محمد عن ابن القاسم: إن أبقاه صدقة على رب الدار أو غيره لم يحنث. قلت: إن قبله حينئذ وان تأخر عن قدر ما يحنث به جرى حنثه على المترقب هل يعد حاصلا يوم حصوله أو يوم حصول سببه, ولو ترك ما لا حاجة له به من خشبة أو وتد أو مسمارا إهمالا له لم يحنث وليعود إليه في حنثه به اتفاقا أو لا يحنث عند ابن القاسم طريقا ابن رشد مع بعض شيوخ الصقلي, والصقلي. وفي تركه نسيانا قولا ابن وهب ومحمد. ابن بشير: متاع الزوجة الذي يستخدمانه معا كمتاعه بخلاف ما تفردت به من متجر ونحوه. اللخمي في حنثه في لا سكنها باختزانه فيها قولان لأصلي ابن القاسم وأشهب, ثم قال: قد يستخف عدم نقله المطامير لان العادة عدمه. وتعقب ابن بشير إجراء اللخمي على أصل ابن القاسم باحتمال اعتباره سابق السكنى. التونسي: إن أكرى المطامير ثم سكن أو سكن ثم إكراها لم يلزمه نقلها ألا أن لا يثق بها إلا لمكان سكناه فينقلها, وفي حنثه في لا ساكنه بدار بمساكنته إياه بدار قسماها بجدار واستقل كل قسم بمرافقه؛ اختلاف. الشيخ كرهه مالك ولم يحنثه ابن القاسم. أشهب: إن حلف وهو بهذا الموضع ساكن؛ حنث, وان كان ساكنا فيما لا يشبه قرب هذا الآن لم يحنث. قلت: العكس أصوب لما يأتي, وسمع اصبغ ابن القاسم لا يجوز لمن حلف لا ساكن أخاه وهما بدار واحدة إن يبنيا جدارا بينهما. ابن رشد: يريد: ويحنث خلاف قوله فيها لا باس به ولا يحنث. زاد في العشرة إن لم تكن بينهما خوخة, ولا ما يصل منه احدهما للأخر بحاجة دون خروج الباب, ثم قال: إن كان لما يقع بين العيال جاز, وان كره جواره لم يجز اتفاقا فيهما, وان لم تكن له نية فالقولان ولو عين الدار لم يبر بالجدار اتفاقاً.

قلت: فيها: قلت: من حلف لا ساكن فلانا بدار سماها أولا فقسمت بحائط ولكل نصيب مخرج وحده فسكن كل منهما نصيبا. قال: قال مالك في رجلين ساكنين بدار حلف احدهما كما ذكرت وسكنا كما وصفت وصرفا بابي نصيبهما لمسكنين لا يعجبني. ابن القاسم: لا باس به ولا حنث. قلت: ظاهر قوله سماها أولا خلاف قول ابن رشد لو عين الدار لم يبر بالجدار اتفاقا, وعلى الثاني في لغو الجدار اتفاقا, وعلى الثاني في لغو الجدار من جريد وكونه كالبناء. نقل الشيخ عن ابن الماجشون مع ابن رشد عن ابن حبيب: لا أحبه, وتفسيرها ابن محرز. وفي نقل ابن الحاجب عن مالك الشك نظر؛ لأنه غير الكراهة. التونسي: لعل قول مالك في قسم منافعها لا رقبتها, وينبغي إن زال سبب يمينه أن لا يحنث, ولو كان قسم منافع, وتعقب ابن الكاتب عدم حنثه بقولها: إن لم يخرج لوقته حنث والبقاء يتأخر إلا أن يخرج احدهما بنفس اليمين, ورده ابن محرز بان الشروع فيه كالشروع في النقلة لا يضر طولها كالكيل والحمل فيما يجب قبضه ناجزا في البيوع. وفيها: لا يحنث في لا ساكنه بمساكنته له فيما لم يكن في مساكنته قبل حلفه, ومثله لابن عبدوس عن أشهب. اللخمي: إن كان حين حلفه بمحلة انتقل لأخرى, وبمحلتين في مدينة لا شئ عليه إلا أن يساكنه في قرية, وان كانا في قرية انتقل لأخرى؛ لان القرية كمحلة. الشيخ عن محمد في لا جاور في أمهات القرى: يتنحى عن الطريق التي تجمعهما في الدخول والخروج, وفي البادية قال عنه: أولا يتنحى حتى ينقطع ما بينهما من خلطة العيال والصبيان, ولا ينال بعضهم عارية بعض والاجتماع به إلا بالكلفة والتعب وتكون رحلته كرحلة جماعتهم من مكان لآخر, وقال عنه ثانيا: يتنحى عما يجمعهما في الشرب ابن عبدوس: قال ابن القاسم: وروى في لا جاور إن كانا في دار خرج منها وفي رحبة يتنحى حتى ينقطع بينهما تناول العيال وأذاهم, وبالبادية والخصوص حتى لا

تلتقي أغنامهم في الرعي. قلت: قوله إن كانا في دار ظاهره يجزئه الخروج ولو لدار قربها, والظاهر لزوم خروجه لدار لا يصدق عليه فيها انه جار له وتحقيق الجار في الوصايا. ابن رشد: إن كانا في ربض واحد انتقل لآخر حيث لا يجمعهما مسجد, وان لم يكونا في ربض واحد انتقل لمدينة أخرى. الشيخ عن الموازية: إن أذاه جاره فحلف لا ساكنه أو لا جاوره في هذه الدار أبدا لم يحنث بمساكنته في غيرها إن لم تكن نية, وان كره مجاورته أبدا حنث, وكذا في لا ساكنه بمصر. وسمع ابن القاسم: لا يحنث في لا ساكنه بسفره معه وينوى. ابن القاسم: إن لم تكنن له نية فلا شئ عليه, ومثله لمحمد عن أشهب. ابن رشد: إلا أن ينوي التنحي عنه, وان لم ينو التنحي عنه لم يحنث بزيارة لم تطل فان طالت فقيل يحنث, وقال أشهب واصبغ في احد قوليه: لا يحنث على الخلاف في رعي المقصد المظنون إذا خالف ظاهر اللفظ المظنون. وفي كون الطول ما زاد على ثلاثة أيام ونحوها, ولو كانا بحاضرة واحدة أو كثة الزيارة نهارا أو المبيت دون مرض إلا أن يأتي من بلد آخر فلا باس بإقامته ثلاثة أيام دون مرض, قولان لسماع يحيى بن القاسم, ولم يجبه عن كون أهله معه في إقامته ثلاثة أيام, والظاهر عدم حنثه إن لم تكن يمينه لما يدخل بين النساء, وابن القاسم مع روايته, وابن حبيب عن مالك وأصحابه وهو اختلاف في مدلول الزيارة عرفا فكل أجاب بمقتضى عرفه وفيها ليست الزيارة بسكنى, فإذا كانت يمينه لما يدخل بين النساء والصبيان فهو اخف, وان أراد التنحي فأشد؛ فحملها ابن العطار على حنثه بزيارته بالعيال والصبيان. التونسي: يريد بقوله: اشد حنثه بزيارته, وبقوله: اخف عدمه, ولا يحنث بإقامته أياما أو مرضه إن مرض. اللخمي: قال اشد ولم يقل يحنث؛ لأنه تنحى عنه, ولو حمله على المقاطعة لحنث إذا لقيه فكلمه, والحالف لا آكل من شئ مشار إليه ولا نية.

في الموازنة والمجموعة لابن القاسم وأشهب: يحنث بما تولد عنه ما لم تكن له نية لا بما تولد هو عنه. ابن رشد: لم ير أشهب الحنث بالبسر من الطلع لبعد ما بينهما. قلت: إنما في النوادر عن الموازية والمجموعة قال ابن القاسم وأشهب: من حلف لا آكل بسره, واستحسن أشهب إن لا يحنث في الطلع ببسره لبعده عنه في النفع والمعنى. الصقلي: كالخل من العنب قالا: ويحنث في لا آكل من لبن هذه الشاة بسمنها, ولو استخرج قبل يمينه. وفي حنثه في لا آكل طعاما بما يتولد عنه مطلقا أو في الشحم من اللحم, والنبيذ من التمر, والزبيب من العنب, والمرق من اللحم, والخبز من القمح, والعصير من العنب, ثالثها: لا يحنث إلا في النبيذ من التمر أو التين أو الزبيب أو المرق من اللحم لمحمد عن ابن وهب وعن ابن القاسم والشيخ عن ابن حبيب. محمد: إلا أن يكون له نية في النبيذ والعصير, ولا يحنث بخل ذلك كله لبعده عنه في المعنى والصنعة, وقال أشهب. ابن رشد عن ابن القاسم: إخراج القمح من المستثنيات. ابن بشير: إن نكر فالمذهب لا يحنث بما يتولد عنه إلا أن يقرب جدا كالسمن من الزبد ففي حنثه قولان, وأجرى اللخمي الخلاف مطلقا والمذهب ما قلناه. قلت: ما تقدم من الروايات عن من تقدم تصحح نقل اللخمي لا ابن بشير؛ فلو قال: هذا الطعام ففي كونه كذلك أو يحنث بما يتولد عنه مطلقا قولان للشيخ عن محمد عن ابن القاسم, وأشهب: لا يحنث في لا آكل هذا اللبن بسمنه أو جبنه أو زبده مع نقل محمد: قيل: من حلف لا آكل هذا القمح لا يحنث بخبزه حتى يقول: من هذا القمح. محمد: وهذا أجود, واللخمي عنه, ونقل الشيخ عن ابن حبيب: من حلف لا آكل من هذا اللبن أو لبن هذه الشاة لا يأكل ما يتولد عنه, وكذا هذا العنب أو عنب هذا الكرم أو هذا الرطب أو رطب هذه النخلة يحنث بتمره, ولا يحنث في لا آكل من هذه النخلة رطبا أو من هذا الكرم عنبا أو من هذه الشاة لبنا بأكل تمره أو زبيبه أو سمنه أو

جبنه هذا أحسن ما سمعت, واختلف فيه أصحابنا, وخرج اللخمي: الحنث ونفيه في لا أكلت هذا التمر بنبيذه على القولين في المشار إليه, وفي الموازية: وهو لأشهب في المجموعة لا يحنث في لا آكل من هذه الضأن بزبدها إلا أن ينوي ذلك. ابن شاس: إن أشار لمعين وبعدت الاستحالة فلا يحنث, وان قربت جدا, وكان الغالب لا يؤكل حتى يصنع فيه ما صنع حنث. قال محمد: لم يره ابن القاسم إلا في خمسة: في الخبز من القمح, والمرق من اللحم, والعصير من العنب, والنبيذ من التمر أو الزبيب. قلت: إنما قاله محمد في المنكر حسبما مر, ونقص ابن شاس: الزبيب من العنب. ابن ميسر: اختلف فيمن حلف لا أكل من هذه النعجة, فأكل من نسلها. وتقرير ابن عبد السلام قول ابن الحاجب: " لو قال هذا القمح وهذا الطلع وهذا اللحم حنث على المشهور"بقوله: المشهور هو لابن القاسم وأشهب نصا عليه سحح في المجموعة فيمن حلف لا يأكل لبنا أو لا يشربه له أكل ما يتولد عنه من سمن وزبد وجبن, ومثله ذكر محمد: والشاذ قول ابن حبيب, واختاره محمد: يرد بان قول ابن القاسم وأشهب إنما هو في المنكر والكلام في المعرف المشار إليه. ونقل ابن الحاجب: الحنث في العنب بنبيذه التمر والزبيب لا اعرفه, وهو ابعد منهما. ابن عبدوس عن أشهب: لا يحنث في الآكل من هذا القمح بما ينبت منه, ولا بما اشترى بثمنه إلا أن يريد التضييق على نفسه. ابن القاسم: هذا إن كره الحب لرداءته, وان كان للمن حنث. وفي الموازية: من حلف لا لبس ثوبا؛ اكره لبسه ما اشترى بثمنه إلا أن يكرهه لشئ فيه. زاد ابن القاسم في المجموعة: وكذا الطعام إن كرهه لخبثه أو رداءته أو سوء صنعته, وان كان للمن فلا يأكل ما اشترى بثمنه. وفيها: إن وهبه رجل شاة فمن عليه فحلف لا يشرب من لبنها, ولا يأكل من لحمها إن أكل مما اشترى بثمنها أو اكتسى منه حنث, ويجوز أن يعطيه من ير ثمنها ما

شاء إلا أن ينوي لا انتفع منه بشئ. سحنون: من حلف لا آكل كن هذا العجين حنث بما عجن بخميره إن كانت يمينه للمن أو كراهة الدقيق, وان كان لكراهة ملك مالكه فتحول ملكه لم يحنث, وفي حنث من حلف لا آكل خلا ولا نية بمرق ما طبخ به قولا محمد مع ابن حبيب والصقلي عن سحنون واصبغ وابن القاسم في الموازية معها, وصوب التونسي الأول, وفي حنثه لا آكل سمنا ولا نية بسويق لت به, ولا طعم له ولا رائحة, ثالثها: إن حلف لمضرته حنث, وان كان؛ لأنه قيل له: انك تشتهيه لم يحنث؛ لابن عبدوس عن ابن القاسم معها والشيخ عن ابن ميسر وابن عبدوس عن أشهب: واتفقوا على حنثه بوجود طعمه. وفرق اللخمي وعبد الحق عن أبي عمران وابن عبد الرحمن لقولها: في الخل والسمن بأن الخل مستهلك لا يمكن استخراجه وبقاء السمن وإمكان إخراجه, وقاله إسماعيل بزيادة لو حلف لا آكل هذا الخل بعينه حنث بما طبخ به كيف كان وتقدم للشيخ عن ابن حبيب: يحنث في لا آكل عسلا بما طبخ به. الصقلي عن سحنون: يحنث في لتا أكل زعفرانا بما طبخ به ولا ينوى؛ لأنه لا يؤكل إلا كذا. اللخمي: لو حلف لا كلمه شهورا أو أياما أو سنين, فثلاثة من المسمى إلا أن يريد الطول, فلا يجزئه إلا ما يرى انه طول. ابن بشير: المنصوص اقل الجمع ثلاثة من المسمى, وهو على أن الذمي تعمر بالأقل, وعلى أنها لا تبرئ إلا بالأكثر يلزم الدهر. وتضعيفه ابن هارون: منكر فلا يعم, يرد بأنه منفي لأنه طرف له. العتبي عن اصبغ: في ليتزوجن إلى أيام وهي ثلاثة ولا يتزوج أياما مثله وهو اشد. ابن رشد: لأنه اقل الجمع في عرف الكلام, وقيل: هو كذلك لغة, ولا يراعى القول انه اثنان, وان كان مذهب مالك. قلت: زيف الابياري كونه قولا لمالك قال: وأخذه له من حجبه الأم بأخوين يرد بجواز أخذه من قياس تسوية الاثنين بالثلاثة في حكم الإرث كمساواة الاثنين الثلاثة من البنات والأخوات في استحقاق الثلثين؛ وقصر أمام الحرمين فائدة الخلاف على

مثبتي تخصيص العام لاثنين أو ثلاثة, ومنع كونه في الفقهيات وخالفه المازري فأجراه في الإقرار. قال عن ابن الماجشون: في "له عندي دراهم" يلزمه درهمان, وقال مالك: ثلاثة وإجراء الفقهاء ذلك على ذلك موجود في كتب لا تحصى, وزاد الابياري أجراه في الوصايا والالتزامات وغير ذلك. قلت: فتدخل الإيمان. اللخمي: فلو قال الشهور ففي كونه سنة. لقوله تعالى: (إن عدة الشهور) (التوبة:36) أو الأبد قولان: فلو قال الأيام فالأبد وعلى السنة في الشهور أيام الأسبوع فقط؛ فلو قال: السنين فالأبد, وضعف ابن بشير: تخريج اللخمي بان لا دليل من الشرع على أن الأيام الأسبوع, وسمع سحنون ابن القاسم: من حلف لا كلمه يوما, وهو في الضحى يكف لمثل تلك الساعة, ولو قال في الليل كف لذلك الحين. ابن رشد: الليلة من الغروب لطلوع الشمس أو الفجر على رأي, واليوم بآخر الدورة عنها, كنص القرآن, واختلف قول مالك في إلغاء بقية اليوم ويلزم في الليلة. ولو حلف نهارا لا كلم فلانا ليلة أو عدة ليال, أو في الليل يوما أو عدة لم يجب إمساك بقية يومه, ولا بقية ليلته واستأنف ما حلف عليه ولابن سحنون عن ابنه في لا يكلمه ليلة فذلك على بقية ليلته, وفي لا يكلمه يوما لابد أن يكون الليل والنهار فجعل ليلة كقوله هذه الليلة فلم يلزمه الإمساك إلى بقيتها, وهو بعيد ويلزمه أن يجعل قوله: يوما؛ كقوله: هذا اليوم؛ فلا يلزمه الإمساك إلا بقية ذلك اليوم للغروب, فإنما يخرج على القول إن اليوم من الطلوع للطلوع, أو من الغروب للغروب. وفي بر الحالف ليهجرنه بثلاثة أيام أو شهر, ثالثها: بمضي مدة عادتهما الاجتماع فيها دونه, للشيخ عن أبي مطر مع ابن حبيب عن اصبغ وابن الماجشون, وسماع عيسى ابن القاسم وسحنون: مستحبا الزيادة, والشيخ عن الموازية واللخمي ناقلا الثاني عن محمد؛ وعزا ابن رشد الثاني لابن حبيب عن ابن القاسم. وفي كونه طوله شهرا أو سنة, ثالثها: الشهر ونحوه فيما نقص أو زاد, ورابعها: ثمانية أشهر لابن أبي مطر, والشيخ عن الموازية مع ابن عبدوس عن رواية ابن القاسم

والشيخ عن ابن حبيب مع ابن الماجشون وابن عبدوس عن ابن القاسم. ابن الماجشون: ليس عليه في ليهجرنه سنة وصلها بيمينه بخلاف لا كلمة سنة. قلت: يجري في الأول نقل ابن رُشد القولين في حمله على الفوز أو التراخي. ونقل ابن الحاجب في الهجران الأبد أنكر، وقبول ابن عبد السلام نقله فيه سنة لا أعرفه. ابن الماجشون: الهجران، وإن بربه جرحة. وقول ابن عبد السلام: ما لم يكن لأمر ديني حسن منصوص عليه. اللخمي: يحنث في ليهجرنه اليوم بسلامه عليه، وفي بره في لا هجره بسلامه عليه مع الكف عن كلامه قولان: على رعي اللفظ والمقصد. قلت: الأظهر بره ببقاء ما كان قبل الحلف. اللخمي: في لا أكلمه حينًا أو الحسن سنة، وإلى حين لما فيه طول، وإن كان دون سنة. قلت: ظاهر لفظ التهذيب من حلف لا فعل شيئًا إلى حين، أو زمان أو دهر؛ فذلك كله سنة خلاف نقل اللخمي. ولفظ المدونة: قلت: إن قال: والله لا أقضينك حقك إلى حين، كم الحين؟ قال: قال مالك: الحين سنة والزمان سنة وبلغني عنه الدهر سنة، وروى ابن وهب: أنه شك في الدهر. اللخمي: ودهرًا أو زمانًا أو عصرًا سنة، فلو عرف فقيل: كذلك. وقال الداودي: الأكثر في الزمان والدهر الأبد. وقاله ابن شعبان في العصر. وروى ابن حبيب: في الدهر أكثر من سنة. ابن رُشد: قال مطرف: السنتات في الدهر قليل. زاد اللخمي عنه: لا أوقت فيه وقتا. قال: وأرى الدهر كالعصر في الأبد، وفي الزمان إشكال. وروى العتبي: في لا يبيعها في هذه السنة يأتنف اثني عشر شهرًا؛ إلا أن يكون له

نية في تعيينها فيه. اللخمي: فيه نظر؛ لأن قوله هذا يقتضي عين تلك السنة؛ إلا أن يكون الباقي منها أقلها، وتقدمت في الصوم. وفيها: في حنث من حلف لا أذن لزوجته في خروج بسكوته بعد علمه بخروجها عنها. زاد ابن حبيب عن الأخوين، وأصبغ وابن القاسم: إلا أن يحلف على التأثم والتحرج عن الإذن لها، ويتركها على سخطه وغير رضى فلا يحنث. وفيها: من حلف لا خرجت امرأته إلا بإذنه فأذن لها بحيث لا تسمع، وأشهد بذلك فخرجت بغير إذنه قبل علمها به حنث. ونقل ابن الحاجب: عدم حنثه لا أعرفه وتقرير ثبوته ابن هارون وابن عبد السلام، بتخريج اللخمي: عدم حنثه من قول مالك: من حلف ليقضين الحق ربه لأجل كذا إلا أن يؤخره فأخره، ولم يعلم ومضى الأجل دون قضائه لا يحنث؛ وهم لأنه إنما خرجه في حلفه لا خرجت إلا أن يأذن لها. قال: ولو حلف لا خرجت إلا بإذنه، فأذن لها، ولم تسمع ثم خرجت حنث، ولم يذكر فيها خلافًا وكذا ذكر ابن بشير المسألتين. وسمع ابن القاسم: لو مر بأمها فقالت له: ألا تأذن لها في إتيانها إلي، فقال: نعم آذن لها وأرسلها إليك فأرسلت إليها أمها أنه أذن لك، فخرجت؛ إن أراد بقوله ذلك الإذن لها لم يحنث وإلا حنث. ابن رُشد: إن لم يرد به الإذن ففي حنثه قولان: على رعي اللفظ والمعنى؛ لأن معنى يمينه ألا تعصيه بخروجها دون إذنه ألا ترى أنه لو خرجت بعد إذنه قبل علمها به حنث. وسمع القرينان: من طلبت زوجته عند خروجه لسفره إذنه لها في الخروج حيث كانت تخرج فحلف لا إذن لها حتى يرجع ثم كف عن الخروج لعذر أيأذن لها؟ قال: إن نوى عدم إذنه لغيبته وخوف كثرة خروجها إذ لا واعظ لها فهو أخف. ابن رُشد: ناقضها الأشياخ بسماع أصبغ ابن القاسم: من حلف بطلاق لا دخلت

امرأته موضع كذا حتى يقدم من سفره فكف عنه يمينه باقية لقدر قدومه. والفرق بينهما: كون يمين الأول لطلب امرأته قرينة في إرادة ما يدعي أنه نواه، وهو مستفت لم يأذن، بل سأل هل يأذن، ويمين الثاني لا عن سؤال يتقرر منه بساط ينوي به ويمينه بطلاق، ولم يأت مستفتيا ولو كانه، أو كانت يمينه بغير طلاق نوي اتفاقا في مخالف لظاهر لفظه، ومن حلف لا خرجت إلا بإذنه فأراد سفرًا، في بره بإذنه لها في الخروج متى شاءت، وحيث شاءت، ثالثها: إن لم يقل لموضع، للشيخ عن ابن حبيب عن أشهب مع ابن الماجشون ومحمد عنه قائلا: إلا أن يقول نويت هذا الأمر جملة فينوي مع يمينه، ولو أراد سفرًا أو وقت وقتًا له سبب، فأذن لها إليه لما لا تقدر أن تستأذنه لغيبته، فيجزئ هذا ما كان له وقت، وللإذن فيه جملة سبب، وابن حبيب عن أصبغ مع ابن القاسم ومالك ومُطرف وابن عبدوس ومحمد عن أصبغ وابن القاسم قائلين: لو قال لدار فلان أجزأه إذن واحد بخلاف إلى موضع. زاد في سماع عيسى رواية ابن القاسم: وتخبره بالمكان، ولو أذن لها لموضع فخرجت ثم رجعت ثم خرجت بإذنه السابق، ففي حنثه مطلقًا أو ما لم ترجع من الطريق لحاجة كثوب تتجمل به، ثالثها: إن رجعت بعد بلوغها الموضع، للشيخ عن محمد عن ابن القاسم مع ابن حبيب عنه مع أصبغ ومحمد عن ابن وهب مع سماع أبي زيد ابن القاسم قائلاً: إلا أن ترجع تركا لمخرجها الأول فيحنث، وابن حبيب عن ابن نافع مع الأخوين واختاره، وصرح ابن بشير: بأن الأقوال ثلاثة ولم يعزها. ابن رُشد: تحصيلها إن حلف لا خرجت حنث بخروجها، ولو بإذنه فإن قال: إلا بإذني فقط أجزأ. قوله: أخرجي حيث شئت، أو كلما شئت؛ فإن أذن لها في موضع معين فمضت لغيره حنث، ولو مضت لغيره بعد مضيها إليه ففي حنثه قولا أصبغ مع سماع أبي زيد ابن القاسم: ونقل الواضحة عنه، فلو رجعت من الطريق، ثم خرجت دون إذن؛ فإن رجعت تاركة الخروج حنث، ولشيء نسيته من ثوب يتجمل به في حنثه قولان لابن القاسم في الواضحة مع أصبغ، وسماع أبي زيد ابن القاسم مع ابن نافع والأخوين، فلو قال: إلى موضع فأذن لها لموضع فخرجت لغيره فقط؛ أو لغيره بعده حنث، ولو

خرجت بغير إذن بعد رجوعها من خروجها بإذن فعلى ما مر، وفي بره بقوله: أخرجي حيث شئت قولا أشهب مع ابن الماجشون، وأصبغ مع مُطرف، وابن القاسم وروايته: ولو رجع عن إذنه لها فخرجت به ففي حنثه قولان لسماع عيسى. ابن القاسم: حنث من حلف لا أخذ من مال امرأته شيئًا إلا بإذنها، فأذنت له أن يأخذ ما شاء ثم نهته؛ بأخذه منه بعد نهيها. وسماع أشهب: لا يحنث من حلف لا رجعت امرأته إلى موضع جلوسه إلا أن يشاء برجوعها إليه بعد قوله لها: "لا تأتيني" بعد قوله لها: " تعالي إن شئت". وقاله أصبغ في نوازله، وخرجه ابن دحون على قول سحنون فيمن شرط لامرأته لا أخرجها إلا برضاها؛ فأخرها به، ثم طلبت ردها: لا يلزمه ذلك. خلاف قول ابن القاسم: يلزمه. وفي الموازية: في لا أعارت امرأته شيئًا إلا بإذنه لا ينفعه، أذنت لك أن تعيري كلما شئت حتى يعرف ما تعيره؛ كقوله: "إن خرجت إلا بإذني"؛ فقيل: ليس مثله وليس بشيء حتى يقول شيئًا من الأشياء؛ كقوله: "إن خرجت إلى موضع"، وقوله: "إن أعرت شيئًا"؛ كقوله: "إن خرجت". قُلت: الأظهر أن قوله: "إن أعرت"؛ كقوله: "إن خرجت"، وقوله: "شيئًا"، كقوله: "إلى موضع"، وقوله: "من الأشياء"؛ كقوله: "من المواضع". وسمع عيسى: من حلف لا خرجت امرأته من هذه الدار إلى رأس الحلول؛ فأخرجها ما لا بد منه كرب الدار أو سيل أو هدم أو خوف لا حنث عليه، ويمينه حيث انتقل باقية. ابن رُشد: اتفاقًا، وأحال على ما قدمه في عدم الحنث في أل أفعل بالإكراه عليه. وللشيخ عن ابن عبدوس روى ابن نافع: من حلف لا خرجت امرأته من باب بيتها حتى الصدر، وغاب وكان من شأن المبيضة ما كان فخافت؛ فخرجت من دبر البيت لأمها حنث. ابن دحون: لا يحنث بإخراجه هو إياها؛ لأن معنى يمينه صونها إلا أن ينوي، ولا يخرجها هو.

ابن رُشد: الصواب حنثه إلا أن ينوي عدم إخراجه إياها، ويلزمه اليمين حيث انتقلت ولا ينفعه. قوله: إن خرجت من هذه الدار؛ لأن المقصد صونها من مطلق الخروج إلا أن يعلم أنه كره تلك الدار لما يختص بها، أو يدعي نية وهو مستفت. قلت: يحتج لابن دحون بنقل الشيخ عن ابن سحنون عن أبيه لا يحنث بإخراجها قاض لتحلف عند المنبر، ولا بإخراجها زوجها لنقله. وسمع القرينان: من حلف بطلاق لا خرجت إلا بحكم أحب ألا يخبر الحاكم بحبه الحاكم عليه به لكن يخبره غيره، ولا بأس بحكم الحاكم به عالمًا حبه ذلك. ابن رُشد لابن عبد الحكم: إن جهل فأخبره بذلك فما أشبهه أن يحنث، والقياس لا يحنث؛ لأن حبه إياه لا يمنع إسناد خروجه للحكم، وإنما يحنث إن ترك إبطال حجه للمرأة قادرًا على إبطالها. وفي بر من حلف ليخرجن من المدينة، ولا بساط بخروجه لما يقصر منه المسافر، وما يتم فيه عند وصوله أو لما لا تلزم منه الجمعة أو لمسافة القصر منها، رابعها: بالخروج عن كل عملها لابن رُشد عن أصبغ رواية محمد مع قول مالك هذا القياس. وسماع ابن القاسم مع رواية محمد: هذا استحسان، وهو أبرأ للشك، وأحسن في الرأي. وعن ابن كنانة الشيخ سمع ابن القاسم: إن حلف صاحب خيمة لينتقلن من منزلة انتقل نقلة يعرف أنها نقلة لا أحبها لموضع قريب. وروى محمد في ليسافرن يخرج لمسافة القصر ويقيم شهرًا أحب إلى، فإن رجع دون الشهر لم يحنث. ابن بشير: هذا على الحمل على العرف الشرعي، وعلى اللغوي يكفي أقل سفر، وعلى العرفي يعتبر مسماه فيه. قلت: قوله: يكفي أقل اللغوي، إنما يفيد أن لو بين مسماه لغة، وهو لم يبينه فكيف يعرف أقله. وفي الصحاح: السفر قطع المسافة.

وفي المحكم: السفر خلاف الحضر. ابن بشير: قيل لابد من إقامة شهر، وقيل: خمسة عشر يومًا، وقال محمد: القياس يجزئ أدنى زمن. قلت: ظاهر قوله: لابد من شهر، أنه إن قصر عنه حنث، خلاف رواية محمد، ومثلها نص ابن القاسم في سماعه من أحب أن يرجع لما حلف أن ينتقل منه بعد أن أقام فيما انتقل إليه خمسة عشر يومًا ليزد عليها. قلت: ولو حلف لأنتفين فلا نص، ونزلت منذ قل لي شيخنا ابن عبد السلام: نزلت فأتوا فها يعني فقهاء بلدنا تونس حرسها الله بالخروج لما ليس تحت طاعة سلطانها. قلت: وهو عرف فعل سلاطينها في نفيهم من غضبوا عليه، وعرف قضاتها في نفي من ثبت تدليسه رسوم الوثائق بكتبه ما يحكي به خط بعض العدول. وفي حرابتها نفي عمر بن عبد العزيز محاربًا أخذ بمصر إلى شعب. قال مالك: كان ينفي عندنا إلى فدك وخبير. وفيها: لا يحنث في لا دخل على فلان بيتًا بالمسجد ليس على مثل هذا حلف وسمعه عيسى من ابن القاسم في لا يأويه معه سقف بيت، وذلك ما لا يستطاع غيره، ولم يكن المسجد من البيوت التي نوى، ولمحمد عن ابن القاسم مع سماعه أبو زيد في لا يجتمع هو وفلان في بيت يحنث بالحمام؛ لأنه يقدر على عدم دخوله. ابن رُشد على قوله في سماع عيسى: لم يكن المسجد فيما مضى من البيوت لا يحنث بالحمام والقولان قائمان منها يحنث في لا آكل لحمًا بلحم الحوت. قلت: فأشار إلى تناقض قوليها في المسجد ولحم الحوت. ويجاب بأن المسجد أبعد في صدق لفظ المحلوف عليه عليه من لحم الحوت في صدقه عليه ضرورة اختصاصه عنه بلفظ، وهو المسجد ولم يختص لحم الحوت بلفظ عن المحلوف عليه إنما تخصص بالإضافة، وهي كذلك في المسجد. وقال ابن رُشد في موضع آخر: لا فرق بين المسجد والحمام. اللخمي: تعليل الحنث بقدرته على عدم دخوله الحمام ينتقض بالمسجد، وفي حنثه

في لا دخل عليه بيتًا حياته بدخوله عليه ميتًا سماع القرينين وقول سحنون. ابن رُشد: بناء على حمل حياته على معنى الإبداء والحقيقة، ولو قال (أبدًا) بدل (حياته) لحنث اتفاقًا إلا أن ينوي به حياته. وسمع القرينان: عدم حنث من حلف لا دخلت امرأته على أختها بيتًا حتى يأتيها فماتت أختها، ولم تأتها بدخولها عليها ميتة. ابن رُشد: لأنه حمله على إرادة ألا تبتدئ بالدخول عليها مع قدرتها على الإتيان إليها، وجعله ابن دحون مناقضًا لقوله في لا دخل عليه حياته غلط ظاهر على ما بيناه، وظاهره لا يحنث، ولو ماتت بعد مضي قدر ما يمكنها فيه إتيانها، ولم تأتها فهو مناقض لسماع عيسى ابن القاسم حنث من حلف لا دخلت امرأته بيت أبيها حتى يقدم أخوها من سفره فمات؛ بدخولها إن لم يكن نوى مدة قدومه عادة. العُتبي عن أصبغ في لا دخل بيت فلان ما عاش فدخله بعد موته قبل دفنه حنث فجعله ابن رُشد كسماع القرينين. الصقلي: وعلى قول سحنون لا يحنث، ونقلها ابن بشير بلفظ: لا دخل عليه بيتًا ما دام في ملكه. قال: وتعقبها بعض الشيوخ بخروجه بموته عن ملكه، ورأى في الرواية بقاء حقه في تجهيزه للدفن نوعًا من الملك. وسمع القرينان: حنث من حلف لا أدخل فلان فلانًا بيته بإدخاله إياه برضى الحالف إلا أن يستثني إلا برضاي. ابن رُشد: بشرط اتصاله ونطقه على المشهور أو يكون نوى ذلك. وفيها: لا يحنث في لا دخل هذه الدار بدخوله إياها بعد أن خربت فصارت طريقًا، فإن دخلها بعد أن بنيت حنث. محمد: إن دخلها بعد أن حولت مسجدًا لم يحنث، ويستشكل بأن باقيها بعد هدمها إن كان بعضها حنث بدخوله على قولنا بالحنث بالبعض، وإلا لم يحنث بعد بنائها، ولاسيما بغير نقضها. ويجاب بأن محمد الأجزاء ما لا يثبت كونه جزءًا إلا مع هيئة اجتماعية، وهو دونها

غير جزء ومعها جزء كالمبتدأ من الجملة الابتدائية لا يصدق عليه أنه جزء جملة ابتدائية إلا معها بخلاف بعض الرغيف يصدق أنه بعضه بعد ذهاب الهيئة الاجتماعية، فلو حلف لا تكلم بجملة ابتدائية حنث بتكلمه بزيد فقط من جملة زيد قائم لا به من قام زيد أو غير مركب. وفيها: يحنث في لا دخل دار فلان بقيامه على ظهر بيت منها، وجواب مناقضتها ببطلان الجمعة على ظهر المسجد الاحتياط. وسمع أبو زيد ابن القاسم: لا يحنث في لا يؤويه وفلانًا سقف بيت بمروره به بطريق سقيفة نافذة تسلك بغير إذن. ابن حبيب وأصبغ وابن الماجشون في لا يجمعه وفلانًا سقف ولا نية يحنث باجتماعه معه في موقف أو بصحراء. الصقلي: القياس عدم حنثه إن لم تكن له نية. ابن حبيب: وإن لم يرد إلا مجامعته في بيوت السكني لم يحنث بغير السقف، ولا بالمسجد ولا يجتمعان في مجلس فيه، ويحنث بالحمام والمسجد والسجن طوعًا. الصقلي: ينوي ولو كانت عليه بينة في يمين طلاق. ابن حبيب وأصبغ: يحنث في لا جامعه تحت سقف بدخول المحلوف عليه عليه ولو خرج مكانه. العُتبى عن أصبع: يحنث في لا جامعه تحت سقف بإدخاله الإمام السجن كارهًا إلا أن ينوي طائعًا. ابن رُشد: إن سجنه في حق عليه، ولو سجنه ظلمًا لم يحنث قاله محمد، وهو صحيح؛ لأنه مكره في لا فعل، ولا يحنث فيه مكرهًا اتفاقًا. الشيخ: روى ابن القاسم من حلف بطلاق امرأته لا يأويهما سقف حتى تأتيه، وتقبل رأسه وتعتذر إن دخلت عليه، وفعلت ذلك بر، وإن خرجت ولم تفعل حنث، وقال: وفيمن بات زوجها عند ضرتها ليالي فحلفت لا باتت معه تحت سقف حتى يبيت معها قدر ذلك يبيت معها في غير سقف قدر ذلك. قلت: يقرر تناقضها بأن وقوع المحلوف على نفيه مدة تحصيل المحلوف على

تحصيله إن أوجب الحنث لزم في الأولى، وإلا لم يضر في الثانية، ويجاب بأنه إن كان حاصلًا حين اليمين لم يضر كالأولى، وإلا ضر كالثانية. قال محمد بعد ذكره قول مالك: لا يعجبني، ومخرج يمينها ألا يتقاربا إلا أن تكون لها نية. أصبغ في العتبية: يحنث حيثما بات معها إن مسها إلا أن تنوي الإصابة فلا تبرأ إلا بها. ابن القاسم: من حلف لا دخل بيت أبيه يومين حتى يفرغ ما بيني وبينك فلم يدخله يومين، ولم يفرغ ما بينهما لا حنث عليه. وسمع عيسى رواية ابن القاسم: من حلف لا دخل بيت فلان يحنث بدخوله داره التي لا تدخل إلا بإذنه ويقطع السارق منها؛ لأنها إن كانت جامعة لناس شتى لا يقطع من سرق منها. ابن القاسم: لا يحنث مطلقًا إلا أن يكون نوى داره، أو قال منزله فيحنث بداره إلا أن تكون مشتركة. ابن رُشد: لم يحنثه ابن القاسم إلا ببيته الذي يبيت به اعتبارًا باللفظ دون المعنى، وقول مالك عكسه وهو المشهور. وفي سماع أبي زيد ابن القاسم مثله. وفي الموازية: لا دخل لفلان بيتًا يحنث بسقيفته إن اكتراها فلان لنفسه وحده، وإن اكترى منها مجلسًا. فقط لم يحنث. وسمع أبو زيد ابن القاسم: يحنث بدخول حجرة الدار في لا دخل بيتًا منها. ابن رُشد: هذا خلاف سماعه عيسى لا يحنث في لا دخل بيته بدخوله داره الخاصة به. الشيخ عن الموازية: لا يحنث في لا دخل هذا البيت بدخوله بعد تحويله مسجدًا. ابن حبيب عن مالك وأصبغ: من حلف لا دخل دار فلان لا يدخل حانوته، ولا جنانه ولا قريته، ولا ماله فيه أهل أو متاع، وإن لم يملكه إلا أن يكره عين الدار لما فيها من عيال الرجل أو غير ذلك.

ومن حلف لا دخل بيتًا أو لا خرج منه ففي حنثه بإدخاله إحدى رجليه أو إخراجها مطلقًا، أو إن اعتمد عليها دون الأخرى، ثالثها: ولو اعتمد عليها، ورابعها: إن منعت من غلق الباب لسماع عيسى ابن القاسم وابن حبيب عن ابن الماجشون، واختيار ابن رُشد والشيخ عن نقل يحيى بن عمر مع قوله: وهو أحب إلي. ابن الماجشون: لا شيء عليه إن أدخل رأسه وصدره، ولا في إدخاله مضطجعًا رجليه أو رأسه فقط، ولو أدخل رأسه وصدره حنث، ومن حلف ليبيعن عبده إلى أجل كذا فباعه فرد عليه بعده بعيب دلس فيه ففي حنثه. نقلا بن عبدوس عن أشهب وعن مُطرف مع ابن حبيب عن ابن الماجشون. أشهب: لو لم يكن مدلسا ورد عليه بعد الأجل لم يحنث، وفيه يبيعه مبينًا عيبه؛ وإلا حنث. قلت: كأنه تناقض. اللخمي: من حلف ليبيعه لم يبر إن رد بعيب، ولو باعه فاسدًا، ومضى الأجل ففي حنثه مطلقًا أو ما لم يفت في الأجل، ولو حكم به بعده نقلا ابن حبيب عن ابن القاسم وأصبغ مع الأخوين. ابن رُشد: لا يبر بيعه بخيار حتى يبت، فلو كان لأجل بت بعده يخرج على انعقاده ببته يوم نزل أو بت. وفي المجموعة للمغيرة: من حلف ليبيعن نصف ماله بنصف مال من حلف ليبيعن نصف مال الحالف إن ظنا حله وعليه حلفا، حلفا على ظنهم ذلك، ولم يحنثا، وإن علما حرمته حنثا، ولو فعلاه؛ لأنه مردود أبدًا. قلت: الأظهر إن فعلا برا؛ لأن علمهما حرمته دليل إرادتها مجرد فعله لا بقيد الحلية كمن حلف على محرم فعله. ابن عبدوس عن ابن القاسم: يحنث في لا بعه بمؤاجرته. وسمع ابن القاسم في لا باع نصيبه من دار لشريكه لا يحنث بأخذه بالشفعة من مشتر ليس من سبب شريكه، لأن تباعة الشريك على المشتري لا على الحالف. ابن رُشد: يلزم على تعليله حنث من حلف لا باع من فلان ببيعه ممن اشترى له،

وليس من سببه. قلت: بناء على لزوم عكس العلة، ولازم تعليله بالتباعة عدم حنثه، ولو كان من سببه فيناقض لازم مفهوم ليس من سببه. ومن حلف لا باع كذا ففي الموازية: يحنث ببيعه حرامًا. اللخمي على قول أشهب: أن الفاسد ينقل الملك، والضمان أبين. الشيخ في الموازية: لو باعه بخيار فليس ببيع حتى يمضيه، وسمعه عيسى ابن القاسم. ابن أبي مطر: إن كان الخيار للمشتري وحده حنث. اللخمي: أرى أن لا يحنث، وفي الموازية: لو نسي فقال من جاءني فيه بعشرة فهو له لم يحنث إلا بإتيانه أحد له بعشرة لشهرين فأقل من يوم. قوله: (ويلزمه البيع ويحنث). محمد: أحب إلي أن لا يلزمه إلا لشهر فأقل. قلت: في خيارها لا يجوز الخيار إلى شهر في شيء من البيوع. التونسي عن محمد: لو حلف لا باعه من فلان، ثم قيل له: فلان يطلب سلعة كذا فنسي، فقال: قد بعتها منه بعشرة حنث، وإن لم يقبل ذلك فلان. محمد: أحب إلي أن لا يحنث حتى يقبل، وكذا هبة الثواب. وسمع سحنون ابن القاسم: من باع دارًا بينه وبين امرأته غير معلم مبتاعها أنها بينهما فعلم فقال لا أدفع الثمن إلا بحضرة زوجتك فحلف بطلاقها لا باعها منه فقام المشتري عند السلطان فسلمت له المرأة ذلك لم يحنث. ابن رُشد: وقال أصبغ يحنث بناء على حمل لفظه على ظاهره لا على عدم تسليم المبيع. وسمع عيسى ابن القاسم: في لا باع عبده فرهنه فباعه السلطان لدينه لا يحنث، ولا شيء عليه إن اشتراه. ابن رُشد: قول يحيى بن عمر معناه أن يمينه بعتقه فبيع لدينه دون عتقه؛ لأن الدين يرده؛ صحيح على لغو إكراه السلطان، ومعنى لا شيء عليه إن اشتراه؛ أي: لا يحنث فيه

بما تقدم لأجل يمينه فيه لسماعه عيسى في كتاب العتق، ويحتمل حلها؛ لأن الحنث في اليمين لا يتكرر. وفي الحنث: في لا باع سلعة بأخذ قيمتها من غاصب لفوتها بنقص مطلقًا، ثالثها: إن كان يسيرًا لابن رُشد عن سماع عيسى ابن القاسم في رسم باع، وسماعه في كتاب المكاتب وسماعه في النذور قائلاً: الكثير الثلث. قلت: لفظ المكاتب إن كان السرج قائمًا حنث، وإن فات فلا فعله فوت عينه. الشيخ عن ابن عبد الحكم: لو حلف لا باع منه شيئًا فأعتق المحلوف عليه حظه من عبد بينهما فقوم عليه السلطان حظ الحالف لم يحنث. وسمعه في لا باعد عبدًا إلا بثمانية عشر نقص كل دينار منها خروبتان فباعها بتسعة عشر نقص كل دينار منها ثلاث حبات ومجموعها أكثر من الثمانية عشر إن نوى الوزن بر وإلا حنث. ابن رُشد: ظاهره لغو البساط. العُتبي عن أصبغ في لا باع إلا بأزيد من مائة يبر بدينار، وقاله ابن القاسم: وبنصفه في نصفها إلا بخمسة في خمسها. أشهب: يبرئه فيه. واستحب ابن الماجشون في المائة ثلاثة، ونحوه قول سحنون: لا يبر بدينار فيها. ابن عبد الحكم: يبر بدون ربع دينار. ابن رُشد: وهو بعيد. ابن عبدوس عن ابن القاسم: في لا باع إلا بمائة فباعها بمائة وعشرين لأجل إن سوى الدين عرضًا يسواها بر وإلا حنث. ابن نافع: في لا باع بكذا فباع به لأجل حنث؛ إلا أن ينوي بدين أو نقد. قلت: ظاهره، ولو كان فيما يقضي به عليه وفيه نظر. وسمع عيسى ابن القاسم في لا أكرى منزله بأقل من ثمانية لا يحنث بكراء نصفه بأربعة، فإن أكرى باقيه بأقل حنث. ابن رُشد: إن أكرى نصفه أولاً بأقل من أربعة حنث، ولو أكره بأكثر وباقيه بأقل

من نصفها وفي الجميع ثمانية ففي حنثه سماع أصبغ ابن القاسم، وقول الواضحة؛ وهو الأصح. قلت: سماعه أصبغ هو من حلف لا باع سلعتيه إلا بعشرة فباع إحداهما بعشرة ثم الأخرى بخمسة إن كانت مصابها من العشرة بر وإلا حنث. محمد: لو حلف لا باع إلا بمائتين فباع بها حنث بوضعه منها في المجلس، لا بعد يومين. الشيخ: زاد في العتبية: ويحلف ما أراد إلا عقد البيع بها. ابن حبيب: يحنث ولو بعد طول إلا أن ينوي في عقد البيع، وعليه مخرج يمينه. ابن عبدوس عن ابن القاسم: إن قبض بعض الثمن ودفع السلعة ثم استوضعه المبتاع لم ينبغ بقرب البيع، ولا بأس به بعد الطول. وسمع ابن القاسم حنث من حلف لا وضع من ثمن سلعته شيئًا برد شيء منه بعد قبضه عليه. ابن رُشد: لو رده ووضعه في غير المجلس بنية حادثة نوى فيما لا يقضي عليه. وفيه: لا يصدق إلا بعد يومين سمعه ابن القاسم في العتق مثل - قولها - وفي الصرف. الشيخ عن ابن حبيب، والعُتبي عن أصبغ: من حلف بصدقة سلعته إن باعها إلا بكذا؛ فباعها بأقل مضى للبيع، وتصدق بكل الثمن إن لم يحاب، وبتمام القيمة إن حابى، وبمنابه من الربح فقط؛ إن كانت من قراض. ابن رُشد: قيل: لا يتصدق بمصابه من الربح لعدم تقرر حقه فيه؛ قبل نض المال لربه؛ للزوم جبر ما يخسر فيه به. والقولان قائمان من قراضها. قلت: هما قولها: إن باع بمحاباة لم يجز، ولو كان في المال فضل. سحنون: هذه جيدة إذ لم يلزمها في حظه للزوم جبر، وضيعة تنزل في المال به. وقولها: لا تجوز محاباته إلا في حصة ربحه من تلك السلعة. قلت: الأظهر حمل قول أصبغ على وقت المفاصلة إذ بها يتبين كونه له لا قبلها،

ولا يتخرج من ثاني قوليها؛ لأنه فيها عطية بتة يقضي بها، وحيزت لا معلقة في يمين، ولا يقضي بها، ولم تجز. الشيخ: سمع ابن القاسم: لا يبر في ليشترين عبدًا بشرائه أباه. وله عن ابن عبد الحكم: يحنث في لا اشترى من فلان شيئًا بتقويم السلطان عليه حظ فلان في عبد بينهما؛ أعتق الحالف حظه منه ثم رجع عن حنثه. وسمع ابن القاسم: من حلف لا اشتري من فلان لا يعجبني أن يشترك مع رجل في سلعة اتباعها منه، ولا أرى أن يشتري منه غلامه. ابن رُشد: لمضارعته أنه وكل من ابتاع له منه، وعبده إن اشتراها بمال السيد حنث، ولو كان بغير علمه، وإن اشتراها بمال نفسه تخرجت على الخلاف في لا ركب دابة فلان فركب دابة غلامه. قلت: ظاهر قوله لا يعجبني عدم حنثه به ولازم قول مرابحتها، وإن أشركت في سلعة رجلاً أو وليتها إياه، ثم حطك بائعك من الثمن ما يشبه استصلاح البيع جبرت أن تضع عمن أشركته نصف الحطيطة لا عن من وليته، فإن حططته لزمه البيع وإلا فهو بالخيار؛ حنثه في الشركة لا التولية. وقول ابن رُشد في العبد يؤيد ما قلناه فيمن تسلف من عبد ما قضاه لربه لحلفه عليه. وسمع ابن القاسم فيمن حلف لا اشترى لزوجته شيئًا فاشترى لنفسه شيئًا فطلبته بتوليته استثقالها. ابن القاسم: لا يحنث إن فعل إلا أن يكون عند مواجبته البيع. التونسي: لأنه هنا كوكيل لها. ابن رُشد: إن اشتراها بنية توليتها حنث بتوليتها، ولو بربح بعد افتراقهما، ودون نيتها لا يحنث بها بعد افتراقهما، ولو دون ربح، ولا قبلة بربح ودونه في حنثه، ولو على أن العهدة عليه وعدمه، ولو أنها على البائع، ثالثها: يحنث على أنها على البائع، ولا يحنث على أنها على المشتري لسماع ابن القاسم مع ظاهر سماع عيسى روايته، وما في التفسير ليحي، وسماع عيسى ابن القاسم.

العُتبى عن سحنون في لا اشترى أكثر من عشر شياه يحنث باشترائه مع رجلين ثلاثين بالسوية، ومرة لا يحنث إلا أن يطير له في القسم أكثر من عشر. ابن رُشد: هذا على أنها تمييز، وعلى أنها بيع لا يحنث بخمسة عشر؛ بل بأكثر؛ لأن المشترى في خمسة عشر ثلثاها، وذلك عشرة. الشيخ عن أصبغ في الواضحة: لا يحنث مبتاع سلعة في لا أقال منها ببيعها من بائعها بأكثر ويحنث بأقل، ومطلقًا إن أراد حرمانها له، ويحنث في لا استقال مطلقًا إلا أن يحلف على الأنفة من الإقالة فلا يحنث ببيع ظاهر مطلقًا، والبائع في لا أقال لا يحنث بابتياعها منه بأقل، ويحنث بأكثر ومطلقًا إن أراد عدم ارتجاعها، والمعتبر من الزيادة، والنقص بينهما الذي به يفارق البيه الإقالة، ويحنث في لا استقال مطلقًا إلا أن يكون على الأنفة فلا يحنث بالشراء الظاهر مطلقًا. قلت: سمع عيسى ابن القاسم في لا يقيل ولا يضع من الثمن أكره أن يأخذ مبيعه ودينارًا عن الثمن، فإن رده عليه. ابن رُشد: إن فعل حنث؛ لأنه إقالة بزيادة، ولم يستثنها من عموم لفظه، ولعل المبيع مع الدينار لا يفي بالثمن؛ فيكون وضعه فيحنث بالوجهين، ولا يحنث بالرد بالعيب؛ لأنه غير إقالة. الشيخ عن أصبغ في الواضحة: يحنث في لا باع ما ابتاع من بائعه، وفي لا ابتاع ما باع من مبتاعه بالإقالة. ولا يحنث في لا نقص من بيعها بكذا فباعها به بالإقالة، فإن كان يحضره البيع عادت يمينه، وإلا سقطت إن كان بيعًا لا دلسة فيه. قلت: لو كان ذلك في ليبيعنها إلى أجل وفات فحيث تعود يمينه يحنث، وحيث لا تعود لا يحنث. وله عن الموازية: من ابتاع بعيرًا فأستقيل منه فقال: إن أقلت منه فهو بدنة فقال بائعه هو لامرأة فأقاله. قال مالك: إن كان بقضية لم يحنث، وإن طاع حنث أراه؛ يريد: قضى أنه للمرأة. قال مالك: فليشتر بدنة يهديها.

محمد: إن فات وإلا فليهده بعينه إلا أن تقوم للمرأة بينة. اللخمي: من حلف ليتزوجن على زوجته بر ببنائه بحرة من مناكحة بنكاح صحيح اتفاقًا. قلت: ظاهره ولو كان تزويجه لمجرد بره. وسمع عيسى ابن القاسم: لا يبر حتى يتزوج ويبني. ابن رُشد: قيل: لا ذا تزوجها ليبر في يمينه، ولا يمسكها، وإنما يبر إن تزوجها نكاح رغبة، والروايات وقول الرواة لا يبر بالفاسد. وذكر اللخمي عن ابن القاسم. قال: يريد: ولو بنى، إذا كان يفسخ بعد البناء وإلا بر، والقياس: بره مطلقًا إن بنى لحصول قصده إساءتها بمباشرته غيرها، ولا فرق عند الأولى وعنده بين كونه صحيحًا أولاً، ولأنه لو أصاب في الصحيح مرة، ثم طلق لبر، ولقول محمد عن ابن القاسم: من حلف ليصيبن امرأته اليوم، فأصابها فيه حائضًا بر قال: واختلف إن تزوج من ليست من مناكحه. فقال مالك: لا يبر. محمد: سهل فيه ابن القاسم. الشيخ: عن المغيرة لا يبر إلا بما يشبهه ويشبه زوجته، وذكر تسهيل ابن القاسم. ابن عبدوس عنه: لا يبر بنصرانية ولا دنية ولا بفاسد، ورواه ابن وهب. وروى ابن نافع: من حلف بظهار ليتزوجن على امرأته أحب إلي أن يكفر إذ لعله يتزوج من لا يتزوج مثله مثلها. اللخمي: لا يبر بتزويج أمه على قول مالك. ابن القاسم: يبر إن لم يجد طولاً لحرة، وإن وجد فعلى الفاسد، وقول ابن القاسم أحسن لحصول النكاية بالوضيعة، ولأنه معتاد الإيمان. وفي البر بمجرد العقد قولا ابن القاسم مع مالك وأشهب. قلت: لم يحكه ابن رُشد بحال. اللخمي: لو حلف ليتزوجن في هذا الشهر فتزوج فيه وبنى بعده. ففي كتاب محمد: يحنث، ورواه العُتبي والأمر في هذا أشكل ممن طلق، ولم يدخل؛

لأن الشأن تراخي البناء عن العقد. ولو حلف ليتزوجن اليوم فتزوج فيه وأخر البناء، فهذا أبين، ولو حلف لينكحن على زوجته فمن قال: لا يقع النكاح إلا على البناء لم يبر إلا به، ومن قال: يقع على العقد حقيقة تخرج على ما تقدم، وفي لا يتزوج عليها يحنث بالعقد. الشيخ عن يحيى بن يحيى: لو حلف لإحدى زوجتيه بطلاق الأخرى ليتزوجن عليها، وللأخرى بطلاق الأولى لا يتزوج عليها فتزوج أخته من رضاعة، وبنى جاهلاً فسخ وحنث في الأخرى، ولم يبر في الأولى. وسمع عيسى ابن القاسم: من قال: إن لم أتزوج عليك فأنت طالق البتة، ثم قال: من تزوجها فهي طالق البتة عجل بتاتها إلا أن ترضى بالمقام دون وطء ولا نظر منه إليها، فإن رفعته طلقت مكانها. ابن رُشد: وقيل: يضرب لها أجل الإيلاء والقولان قائمان من إيلائها، ومن حلف لا فعل فعلاً لفلان؛ ففعله لمن ناب عنه جاهلاً به غير وكيل له، ولا من سببه لم يحنث وإن كان أحدهما فطريقان. ابن رُشد: إن كان أحدهما ففي حنثه فيهما مطلقًا، أو إن علم كونه كذلك؛ ثالثها: في السببي مطلقًا. لابن حبيب ولأشهب مع روايته في السببي والوكيل مثله وعن نصها في الوكيل والسببي مثله، وتفسيرها بعضهم، وهو بعيد. قلت: إنما نصها في السببي، ولا ذكر فيها للوكيل. اللخمي: إن فعله لوكيله، وليس من سببه لم يحنث، وإلا فإن علم أنه من سببه حنث. وفي حنثه إن قال: ما علمته قولا ابن القاسم في المجموعة وأشهب، وأرى إن كان ممن لا يجهل ذلك أن يحنث، وإن أشكل أمره أحلف، ولم يحنث وللقرائن في ذلك أثر. وفي كون السببي الصديق الملاطف، ومن في عياله، أو من ناحيته أو من يدير أمره لا الصديق ولا الجار. نقلا اللخمي عنها وعن ابن حبيب، وعبر ابن رُشد عن قوله بالقائم بأمر له.

التونسي: لو قال الحالف للسببي أني حلفت أن لا أبيع من فلان، فقال: أشتري لنفسي لا له، ثم ثبت أنه له اشتراه حنث. ولو قال: هو بعد الشراء له اشتريت لم يصدق، ولا يحنث الحالف. قلت: هذا خلاف نصها؛ لأنه بعد ذكر شرطه قال: فلما وجب البيع. قال المشتري: ادفع السلعة للمحلوف عليه، له اشتريتها. قال: قال مالك: لزمه ولا ينفعه ما قدم ويحنث ونص شرطها لو قال: علي يمين لا أبيع من فلان فقال: إنما اشتري لنفسي فباعه على ذلك، وهو يرد قول اللخمي مع التونسي لو قال: أبيعك بشرط إن اشتريت لفلان فلا بيع بيننا فثبت أن له اشترى لا نبغي أن لا يحنث. التونسي: انظر لو اشتراها لنفسه، ثم ولاها المحلوف عليها بالحضرة بحيث تكون عهدته على البائع هل يحنث؟ ثم ذكر ما تقدم من سماعه ابن القاسم، وفعل غير الحالف ما حلف على عدمه بأمر الحالف كفعله. وفيها: يحنث في لا أشتري كذا بشرائه غيره له بأمره، وكذا في لا باع ولا ينوي. محمد: نواه أشهب فيه، وفي لا أشتري، وأباه ابن القاسم وتقدم مثله في لا ضرب. وسمع عيسى ابن القاسم: حنث من حلف لا زوج ابنته فلانًا بتزويجها إياه مولاه بإذنه. وروى ابن حبيب: يحنث في لا حل عبده من قيده بحل العبد نفسه بغير إذنه إن لم يرده حين علم به. وفيها: لا أفعل حتى يأذن فلان فمات فلان إن فعل حنث، وأذن وارثه لغو؛ لأنه لا يورث. محمد: إن أذن له مرة لم يعد إلا بإذنه إلا أن يقول له: افعل متى شئت. أشهب: إن رجع عن أذنه قبل فعله فلا يفعل؛ فإن فعل حنث. ابن رُشد: لو حلف بطلاق لا وطء حليلته إلا بإذنها؛ فوطئها، وقال: أذنت ففي تصديقه ولو كذبته، وتكذيبه ولو صدقته إلا أن تقوم بينة، ثالثها: إن صدقته، ولا

باب ما لا يتعلق باليمين بالمحلوف عليه دائما

يحلف، ورابعها: لسماع سحنون ابن القاسم - ويحلف. أصبغ: يصدق إن كانت زوجته أو أم ولده وجاء مستفتيًا، وإن كان مشهودًا عليه أو مخاصمًا؛ لم يصدق إلا ببينة. ابن رُشد: ظاهره لا يصدق في غيرهما، ولو كان مستفتيًا؛ وهو بعيد. قلت: بل قريب؛ لأن غيرهما ليس إلا أمته أو مدبرته، والأصل فيها الإكراه لا الطوع. وسمع عيسى ابن القاسم: في أنت طالق إن دخلت دار أبيك، حتى يقدم أخوك فمات قبل قدومه، إن نوى الأجل تربصت قدر قدومه؛ وإلا حنث إن دخلت. ابن رُشد: إن نوى الأجل اعتبر، مات أو عاش، ويحلف على نيته إن لم يكن مستفتيًا، وكذا إن كان لذلك بساط، ولو أراد استرضاء أخيها بذلك سقطت يمينه، وإن لم تكن نية ولا بساط، ففي حمله على الأجل وحنثه بدخولها مطلقًا، قولان. لسماع أشهب اعتبار المعنى دون اللفظ، وسماع عيسى ابن القاسم حنثه بدخولها مع سماعه أصبغ في كتاب العتق وعليهما من حلف لا كلم فلانًا حتى يرى الهلال فعمي قبل الهلال. قال مالك في المبسوط: إن كلمه حنث. وقال ابن الماجشون: لا يحنث بكلامه بعد رؤيته. وسمع أبو زيد ابن القاسم في لا آكل هذا حتى يأكل منه فلان، أو لا ابتاع كذا حتى يبتاع كذا، ولا نية فأكلاه معًا أو ابتاعاه معًا يحنث. [باب ما لا يتعلق باليمين بالمحلوف عليه دائمًا] $$$$$$$ أن تقييد المحلوف عليه بملك معين يمنع تعلق اليمين به في غيره.

باب فيما يوجب تعلق اليمين بالمحلوف عليه

[باب فيما يوجب تعلق اليمين بالمحلوف عليه] وبذاته يوجب تعلقها به دائمًا: ابن رُشد: يتعين بتعلقها به مشارًا إليه أو مسمى باسمه. وفي كون تعلقها بمملوك من حيث إضافته لربه فلان يوجب تعلقها به من حيث ذاته أو من حيث ملكه فلان فقط. سماع عيسى ابن القاسم: حنث من حلف لا استخدم عبد فلان باستخدامه بعد عتقه إلا أن ينوي ما دام في ملكه. ونصها مع سماعه يحيى من من على أخيه بفاكهة جنانه، فحلف أخوه لا دخل ذلك الجنان حنث بدخوله إياه بعد بيعه أخوه، ولو قال: إن دخلت جنانك لم يحنث بذلك، وكذا في لا ركب دابة فلان أو هذه الدابة. ابن دحنون: وقعت المسألة في بعض الكتب مر على أخيه بالراء لا بالنون، فإن كانت بالراء حنث كلما دخلها. قال: هذا الجنان أو جنانك، ولو خرجت من ملكه؛ لأنه لم يتقدم بساط للمن فيحمل عليه. ابن رُشد: ليس للمن أثر في التفرقة إنما التفرقة بذكر الإشارة وعدمها. وقوله: حنث كلما دخلها غلط؛ لأن الحنث لا يتكرر على المشهور المعلوم. قلت: فلو أضاف وأشار فالمعتبر الإشارة؛ لأن الذاتي مقدم على العرضي، ولأن العموم الموافق للخصوص في حكمه مقدم عليه؛ كقولها في لا سكن دار فلان هذه؛ يحنث إن سكنها في غير ملكه ولو حلف لا أكل طعام فلان فأكله بعد عطيته له حنث إن كان من ناحية المن، وكذا لا لبس ثوبه لا يقال فيحنث بعطيته؛ لأن المراد المن بأكله لا مطلقه. وفيها: لو دخل ابن الحالف على المحلوف عله فأطعمه خبزًا، فخرج به الصبي فأكل منه أبوه، ولم يعلم حنث. عبد الحق: قيده بعض القرويين بكون الأب قادرًا على عدم قبوله لابنه، لكون

الطعام يسيرًا لا ينتفع به إلا بأكله، والأب قائم بنفقته، ولو كان عاجزًا لم يكن له رده فلا يحنث، وعبده وابنه في ذلك سواء، وله رد هبة لعبده إلا أن يكون مدينًا. التونسي: ولو كان كثيرًا لانبغى أن لا يحنث لعدم قدرته على رده فما أكله إلا في ملك ابنه. وفيها: يحنث في لا سكن دارًا فلان بسكناه دار بعضها له، وفي لا أكل طعامه بطعام بعضه له، ولا لبس ثوبا غزلته فلانة بثوب غزلت بعضه، والتقييد بالغالب لغو. سمع ابن القاسم: حنث من حلف لا أكل لحمًا في صحفة بأكله لحمًا في طبق. ابن رُشد: لأن تقييد الفعل بما الغالب فعله فيه لا يتقيد به وبما ليس كذلك يتقيد به لو حلف لا أكل لحمًا في طبق لم يحنث به في صحفة، ولو حلف لا أكل فاكهة في طبق حنث بها في صحفة. قلت: هذا راجع لقاعدة إلغاء المفهوم الخارج مخرج الغالب، ومال الشيخ عز الدين لاعتباره محتجًا بأن ذكره مع غلبته أحرى في اعتباره من اعتبار ما ليس غالبًا؛ لأن غلبته تمنع كون ذكره لمجرد الاتصاف به أو مدحه أو ذمه؛ لأن الغالب كمنطوق به فتعين كون فائدة ذكره لنفي الحكم عند عدمه، وما ليس غالبًا جاز كون ذكره لمجرد الاتصاف به، فلم يلزم كونه لنفي الحكم عند عدمه وتعلق الحلف بجزئي لا يعدوه لأعم إلا بمعنى يقتضيه أو بساط. سمع ابن القاسم: من حلف بطلاق لا جاور أو لا ساكنه في هذه الدار أبدًا أو لا ساكنه بمصر لا يحنث بمساكنته إياه في غيرها. وفيها: من حلف لأمير طوعًا لئن رأى أمرًا ليرفعنه إليه فعزل أو مات لزمه رفعه لمن ولى بعده إن كان صلاحًا للمسلمين، ولو حلف لا دخل من باب هذه الدار أو من هذا الباب فحول عن حاله أو أغلق وفتح غيره حنث بدخوله إلا أن يره الباب لمعنى فيه دون الدار، وتعلقه بمطلق يقيده البساط يقيده ما لم ينو إلغاءه. سمع عيسى ابن القاسم في قوم ذكروا هلال رمضان فقال بعضهم: يرى الليلة فحلف بعضهم بطلاق إن رئي الليلة لا صام مع الناس فريء؛ فخرج من جوف الليل لسفر قصر، فأصبح مفطرًا يحنث إلا أن ينوي ذلك فينوي، ولو قامت عليه بينة.

ابن رُشد: يريد: مع يمينه ونوى مع البينة؛ لأنه نوى ما يحتمله لفظه. والقدرة على الفعل المعلق على حصوله أمر قبل القدرة عليه كحصوله. سمع أبو زيد: من خافت زوجته في أمة له رهن بيدها، أن يطأها إذا افتكها؛ فحلف إن افتكها ليتصدقن بها، فأيسر فترك افتكاكها أخشى حنثه، كقول مالك في لأقضينك: إذا أخذت عطائي فأمكنه أخذه فتركه يحنث. ابن رُشد: حنثه في عدم القضاء ظاهر كمتقدم سماع ابن القاسم في العطاء والأظهر في مسألة الأمة عدمه؛ لأنه لم يقصد تعجيل فكها، ولذا قال: أخشى حنثه لا أنه حانث. قلت: فيشكل قياس ابن القاسم لاختلاف حكمي أصله وفرعه، وسماع ابن القاسم هو: من حلف ليقضين دينه إذا وقع عطاؤه بيده حنث بعدم قضائه إن تهاون في قبضه حين أمكانه. ابن رُشد: ظاهره يحنث بترك قبضه حين مضى وقته لوجه يوجد فيه، وإن لم ييأس منه بعد. وقال محمد: قيل لا يحنث حتى يرتفع العطاء وييأس منه بناء على اعتبار المعنى أو اللفظ، وفعل سبب الشيء المحلوف على عدم فعله كفعله. العُتبي عن أصبغ: من خرجت امرأته لأهلها فحلف لا بعث في ردها، فبعث لولده منها الصغير، فرجعت تأخذه حنث؛ كقول مالك: من حلف لا أخرج امرأته من المدينة إلا برضاها، فأقام بمصر لم يبعث لها نفقة فخرجت إليه حنث. تحقيق مسميات وفعل: سمع عيسى ابن القاسم: من حلف لقد قامت سلعته عليه بأكثر من عشرة، وقامت بأقل لا ينبغي إلا أن ينوي الكراء والمؤنة. ابن رُشد: ما له عين قائمة في السلعة معتبر في ثمنها دون نية كالكمد والفتل، وما لا يحسب له ربح لا يعتبر إلا بنية. وسمع ابن القاسم في لا أدخل بيتًا بليل لا يحنث بدخوله بعد الفجر، ويحنث به في لا أدخله بنهار. ابن رُشد: لا يحنث فيه بدخوله بعد الغروب، ولولا اتباع الإطلاق الشرعي حنث

في بليل بطلوع الفجر؛ لأن مقتضى النظر كون النهار من طلوع الشمس لغروبها، والليل من غروبها لطلوعها. ولأصبغ فيمن حلف ليدخلن بزوجته ليلة الجمعة يبر بدخوله بها بعد طلوع فجرها إن كان عادة الناس إدخالهن بعد طلوع الفجر، والقياس كما لو كان أول الليل غروب الشمس كون أول النهار طلوعها لولا حكم الشرع ووجهه كون الضياء بعد الفجر في زيادة وبعد الغروب في نقص. والمذهب حنثه في لا شرب خمرًا بما أسكره كثيره إلا أن ينوي الخمر بعينها وهو مستفت. ابن رُشد: في قصر لفظ الخمر على ماء من العنب أو عليه وعلى ماء من التمر أو عليهما، وعلى ماء من الزبيب أقوال أهل العراق. وفي تنويته في ذلك، ثالثها: إن كان مستفتيًا لسماع ابن القاسم في الحدود مع سماعه عيسى في أيمان الطلاق، ومحمد محتجًا بأنه لا ينفعه قوله: بعينها في الخمر، واللفظ أقوى من النية مع ابن حبيب وروايته والدمياطي عن رواية ابن القاسم والسماع الأول والثاني: خلاف الأصول فيمن حلف لا كلم فلانًا، أو لا لبس ثوبًا، ويقول: نويت شهرًا أو ثوب وشي. سمع أصبغ ابن القاسم: في لا حضر عرس فلان، فصنع بعده طعامًا إن كان لمكان العرس لم يحضره الحالف، وإن كان لغير ذلك فلا بأس. أصبغ: إن كان بقرب العرس لم يحضره، وإن زعم أنه لغيره، فإن حضره حنث. ابن رُشد: إلا أن يكون حلفه لزحام العرس. العُتبي عن أصبغ: يحنث في لا جلس على بساط بالمشي عليه إن أراد اجتنابه، والانتفاع بالجلوس عليه. ابن رُشد: في بعض الكتب أو الانتفاع بالجلوس عليه والصواب عطفه بالواو؛ لأنه إن أراد الانتفاع بالجلوس عليه لم يحنث بالمشي، والرواية: إن لم يكن له نية حنث بالمشي وفيها: يحنث في لاكسا زوجته بإعطائها دراهم اشترت بها ثوبًا أو بفكه لها ثيابها

ثم أمر بمحوها، ولم يجب. ابن القاسم: إن نوى لا وهب لها ثوبًا ولا اشتراه لم يحنث وإلا حنث. قلت: هو ما محي. الشيخ عن سماع عيسى ابن القاسم والموازية في: لاكساها ولا أطعمها ففك لها ثوبًا أو طعامًا رهنًا حنث ثم وقف. وفي العتبية: ثم رجع لحنثه إن لم تكن نية، وإن نوى الشراء لم يحنث. وذكر محمد هذا لابن القاسم. الشيخ عن أشهب في: لاكسا فلانة فأعطاها دنانير فاكتست ثوبًا حنث، ولا ينوي في خصوص الدنانير. قلت: فيلزم أن يحنث بكل ما يتوصل إليه بالدنانير، وهو نقل الشيخ عن المجموعة: يحنث بهبته عرضًا أو دابة. وفيها: وينوي في ذلك في الزوجة خوف أن تخدع. التونسي: وكذا الأجنبي السفيه أو المخدوع. ابن حبيب: ينوي في الزوجة لا الأجنبي قاله مالك وأصحابه. اللخمي: يحنث في لاكساه بالدراهم، وفي العكس بالكسوة إلا أن يقوم دليل على إرادة عين ما حلف عليه. الشيخ: سمع أشهب وهو في المجموعة لرواية ابن نافع في: لا أخدم أم ولده ولا اشتري لها خادمًا؛ فأعطاها دنانير فاشترت بها خادمًا لا يحنث. قيل: هي لا تشتري إلا بإذنه، فإن أذن أو علم فسكت حنث. قال: لا ولها أن تشتري. ابن رُشد: هذا خلاف قولها: وفي لاكسا امرأته فأعطاها دراهم والمشهور في الحمل على المعنى إن لم تكن نية دون الحمل على اللفظ، والآتي على قوله بحنثه، ولا

ينوي أنه إنما أراد ألا يخدمها، ولا يشتري بها هو لها. قلت: ظاهر قوله: لا، ولها أن تشتري عدم وقف شراء أم الولد على إذن سيدها، والمذهب خلافه، ونحوه قول البرادعي في شفعتها: ولأم الولد والمكاتب الشفعية والعبد المأذون؛ فإن لم يكن مأذونًا فذلك. وسمع أبو زيد ابن القاسم: حنث من حلف لا كسا زوجته بقوله لها: خذي ثوبي وأعطني ثوبك إن كان ثوبه خيرًا من ثوبها. ابن رُشد: يريد: حنث بمجرد لفظه، وإن لم تأخذه، وهذا على لزوم العطية بقوله: خذه، وهو مقتضى رواية أشهب في الموازية في البيع، ومقتضى سماع أشهب في البيع: لا يلزم بذلك حتى يقول أعطيتك. وسمع عيسى ابن القاسم: من كسا امرأته قرقل كتان فسخطته، فحلف لا كساها قرقل كتان سنة، ولا نية له لا يحنث بقرفل خز. ابن رُشد: لأن مخرج يمينه لا يكسوها ما تكره، فلو كساها ذلك من غير الكتان، وهو أدنى من الكتان حنث، ولو أعطاها دنانير لشراء ما هو أرفع من قرقل الكتان، فاشترت به لنفسها ثوبًا لم يحنث، وليست خلاف قولها يحنث في لا يكسوها ثوبًا بإعطائه إياها دارهم فاشترت بها ثوبًا. وسمع القرينان: حنث من حلف لا اضطجع على هذا الفراش بالتحافه به مع زوجته بعد فتقه. ابن رُشد: قيل: لا يحنث بناء على اعتبار اللفظ، ولو قال: نويت الاضطجاع فقط نوي. وفيها: يحنث في لا لبس هذا الثوب بطرحه على منكبيه أو ائتزاره به أو لفه على رأسه أو على فرجه لا بجعله عليه حين بال، وتحويله عن كيفيته لكيفية أخرى سواء إلا أن يكره الأولى لما يخصها. ابن رُشد: لو لف الثوب أو الإزار على رأسه أو ألقاه على ظهر أو ائتزر بعمامة لا يؤتزر بمثلها ففيها يحنث. وقال سحنون: لا يحنث.

وفي المجموعة لابن القاسم: من حلف لا لبست امرأته من ثيابه فطرح ثوبًا منها فوق مشملة، فدخلت تحت ذلك ناسيًا يمينه حنث. وسمع أبو زيد ابن القاسم: لا يحنث في لا تعشى بشرب ماء أو نبيذ أو سحور، ويحنث بشرب السويق، وقيد اللخمي السحور بكونه آخر الليل. وسمع ابن القاسم: من حلف بطلاق لا يدخل بطن ابن آدم أخبث من مسكر أرى أن يفارق امرأته ليس فيه ما في الربا {فأذنوا بحرب} [البقرة: 279]. ابن رُشد: حمل أخبث على معنى أشد تحريمًا أو إثمًا أو جرمًا. قيل: ألزمه الطلاق؛ لأنه رأى الربا أشد منه في الثلاثة، وعلى هذا لو حلف على كون الربا كذلك لم يحنث، وقيل: لأنه حلف على مغيب أمره، وعليه لو حلف على كون الربا كذلك حنث، وهذا أولى لعدم النص في ذلك، وهذا إن كانت نية أو بساط تدل على أراد أنه أشد في ذلك، وإلا حمل على أنه أراد أشد ضررًا دينًا ودنيًا لإذهابه العقل الموجب الوقوع في عدة مفاسد. قلت: ظاهر السماع عدم وقفه على نيَّة ولا بساط. وسمع عيسى ابن القاسم من قال: لختنه احلف لي بالطلاق أن تقضي لي حاجة فحلف بالبته، فقال: هي أن تطلق ابنتي، فطلقها واحدة، فقال: إنما أردت البتة، فالقول قول الأب إن كان ذلك نسقًا، وإن اختلفا بعد افتراقهما فالقول قول الزوج إلا أن يقيم الأب بينة. سحنون: لو كان السائل عبدًا لسيده وقال: هي أن تعتقني لم يلزمه إذ ليس العتق من الحوائج التي تقضى، فلو سأله أن يحلف على أن يقول مثل ما يقول، فحلف فقال العبد قل أنت حر لزمه ذلك وإلا حنث. ابن رُشد: الظاهر أن ابن القاسم يوافق سحنونا في مسألة العبد ولسحنون في مسألة الطلاق أنه لا يلزمه إن قال: ما ظننت أنك تسألني طلاقًا إلا أن يكون تقدم ما يدل عليه فيلزمه. وقال ابن دحون: قول ابن القاسم في الطلاق؛ كقول سحنون: وإنما ألزمه الطلاق في هذه المسألة؛ لأن الزوج وافق الأب، ولو قال: ما ظننت أنك تسألني طلاقًا ما لزمه،

والظاهر أنه يخالفه؛ لأن الطلاق إنما سأله الأب لغيره والعبد إنما سأل العتق لنفسه، والعتق والطلاق لا يقال لهما حاجة بالنسبة لمن هما له، ويقال لهما حاجة بالنسبة لمن سألهما لغيره، وقول سحنون في: قل أنت حر على قول أشهب في لزوم العتق باللفظ دون النية. قلت: الأظهر أنه لا لفظ ولا نية؛ لأن "أنت" في لفظ العبد قل "أنت حر" لا يصدق على العبد؛ لأنه متكلم و "أنت" للمخاطب بل إنما يصدق على السيد؛ فمثل قوله حينئذ قول السيد: أنا حر، لا أنت حر، وصرف المماثلة لمعنى اللفظ أولى من صرفها لنفس اللفظ؛ لأن اللفظ مقصود للمعنى لا العكس. وسمع أبو زيد ابن القاسم: لا يحنث لا صحبه في حاجة بعوده في مرضه، ولا بإجابته لأكل طعام إلا أن يريد اعتزاله. ومن قال: أنت طالق إن سألتني الطلاق فلم أطلقك؛ فسألته إياه فقال: أمرك بيدك فطلقت نفسها ففي حنثه سماع يحيى ابن القاسم وقول سحنون. ابن رُشد: إن لم تطلق نفسها، ولا طلقها في المجلس حنث اتفاقًا، وإن طلقه في المجلس أو طلقت نفسها؛ فقول ابن القاسم صحيح إن ملكها ونيته إن ردت بقيت زوجته. وقول سحنون صحيح إن ملكها ونيته إن ردت طلقها، وإنما الخلاف إن لم تكن نية. العتبى عن سحنون: من حلف لا رجع من سفره حتى يستغي يبر بمائتي درهم إن كانت لمثله غنى، ولا دين عليه. ابن رُشد: وسمع محمد بن خالد: ابن القاسم فيمن حلف لا بنى بزوجته حتى يدفع لها صداقها، فطلقها قبل البناء، وأخذت نصفه، ثم تزوجها يمينه عليه باقية. ابن رُشد: لم يبين بما يبر ومراده: يدفع صداقها الثاني، ولو كان أقل من الأول؛ لأن معنى حتى يدفع لها صداقها؛ أي: حقها. وسمع أبو زيد ابن القاسم في: ليغسلن رأس فلان فغسله ميتًا يحنث. ابن رُشد: ويحنث به في لا غسله، ولو قال: لا غسله حياته فف حنثه بغسله

باب النذر

ميتا قولان. وفي كون التسري مطلق وطء الأمة أو بقيد اتخاذها له، ثالثها: هو الحمل لابن رُشد عن مالك مع عامة أصحابه، وقول ابن القاسم في: الحلف عليه يبر بوطئها مرة وابن كنانة وغيره، وفي الطلاق والعتق تعليقهما، والاستثناء فيهما. [باب النذر] النذر الأعم: من الجائز إيجاب امرئ على نفسه لله أمرًا لحديث: "من نذر أن يعصي الله"، وإطلاق الفقهاء على المحرم نذرًا. وأخصه المأمور بأدائه التزم طاعة بنية قربة لا لامتناع من أمر هذا يمين حسبما مر، وقاله ابن رُشد، ومن ثم خرج رواية محمد مع سماع أبي زيد: لزوم هدى ناقة من قال لها، وقد نفرت أنت بدنة إن لم تقدمي فلم تقدم قائلاً: أردت زجرها بذلك لكي تمضي. ورواية ابن حبيب: لا شيء عليه على حمل لفظه على أنه يمين لخروجه مخرج اليمين قائلاً: لأن المذهب أن اليمين بما فيه تلزم أو على أنه نذر لا يمين؛ لأن الرجل لا يحلف إلا على فعله، أو فعل عاقل فكان نذرًا بطل لازمه، وهي النية فبطل، وقول بعضهم هو التزام طاعة غير مطرد، وضعف قول ابن شاس هو الالتزام والإيجاب واضح. وفي حكمه ابتداءً طرق: الباجي: جائز ما لم يعلق بدنيوي كبرء مريض أو ملك كذا فكيره. ابن رُشد: مستحب إن كن مطلقًا شكرًا لأمر وقع. ومباح: إن علق بآتٍ لا متكرر، ومكروه بمتكرر، ثم قال في حديث: "إنما يستخرج به من البخيل" لعله لم يبلغ مالكًا أو رآه فيمن قصد تعجيل ما يجب تعجيله

باب في شروط وجوب النذر

أو تأخير ما يحب تأخيره. عياض: تأول بعض شيوخنا عن مالك إباحة مطلقة غير مؤبد، وفي صيامها كره مالك صوم يوم يوقته. وفي القبس: لا خلاف بين العلماء في كراهة التزامه. وقول ابن عبد السلام نصوص المذهب كراهة معلقة، ومتكررة لا غيرهما راجع لنقل عياض، وقد جعله تأويلاً لا نصًا فانظر ما الصادق منهما. فنذر المحرم، وفي كون المكروه، والمباح كذلك أو مثلهما قولا الأكثر مع ظاهر الموطأ والمقدمات. التونسي: علي نذر أن لا أشربتها نذر معصيةن وصوب كونه حلفًا عليه، ومبهمه تقدم. وأداء نذر الطاعة لازم مطلقًا. ابن بشير: للأشياخ عن ابن القاسم في نذر اللجاج والغضب كفارة يمين. ابن رُشد: نذر الغضب لازم اتفاقًا كيمينه. [باب في شروط وجوب النذر] وشرط لزومه التكليف والإسلام: ابن رُشد: أداء ملتزمه كافرًا بعد إسلامه عندنا ندب. ابن رزقون: المغيرة: يوجب الوفاء بما نذر في الكفر. وسمع ابن القاسم من سئل أمرًا قال: على فيه مشي أو صدقة كاذبًا، إنما يريد أن يمنعه لا شيء عليه، إنما يلزمه في العتق والطلاق، وإن كانت عليه بينة. ونذر غير الطاعة ساقط. ونذر صوم يوم الفطر والنحر، وبعض طاعة تقدم.

ابن رُشد: قول ابن القاسم في علي نذر أن أعتق عبدي فلانًا أحب له الوفاء به، ولا يلزمه مجاز بل هو لازم. وفي الحكم عليه به قولاً أشهب وابن القاسم، وهو مراده بلا يلزمه. وإذا نذر المشي إلى مكة أو الحلف به المعروف لزومه، وعد أبي عمر قول ابن القاسم لابنه في حنثه به: "أفتيك بقول الليث كفارة يمين، فإن عدت أفتيتك بقول مالك" قولا لقوله: المشهور لزومه؛ بعيد؛ لأنها فتوى بغير مذهب إمامه، ونقله عن ابن عبد الحكم: إن لم يرد به حجًا ولا عمرة سقط. وقول اللخمي: وعلى أحد قولي مالك وابن القاسم في الحمل على مجرد اللفظ دون العادة لا يلزمه، ونقله عن أشهب في كتاب محمد، ومن قال: علي المشي إلى مكة لا شيء عليه خلاف قول الباجي لو حمل على مجرد اللفظ سقط، وهو باطل اتفاقًا. وقول ابن حارث: اتفق مالك وأصحابه على لزوم المشي القائل: علي المشي إلى مكة، وعلى المعروف إن نوى حجًا أو عمرة تعين وإلا ففيها مع روايات وأسمعة فعل ما شاء منها. عبد الحق: معنى قولها في غير الضرورة والضرورة لا يجعله في حج؛ لأنه يؤخر فرضه، وتقديمه أولى لرواية البغداديين فوره. قلت: ظاهر أول كلامه الوجوب وآخره الأولوية، ثم نقل عن محمد: إن كان أشهر الحج، وهو صرورة فبدؤه بالفرض أفضل، وإن أراد الراحة بدأ بمشيه في عمرة ويحرم بعدها للفرض، وقاله مالك: وإن كان في غيرها فلا بأس أن يبدأ بنذره. اللخمي: إنما يتخير في أحدهما المدني، ويتعين الحج للمغربي؛ لأنه لا يعرف العمرة، وإن عرفها لا يقصد مشيها وخرجهما ابن بشير على كون اللزوم لغلبة اللفظ في إرادة أحد النسكين، وعادة المغربي الحج، أو لملزومية دخول الحرم أحدهما. وفيها: لو عين في نذره أو يمينه أحدهما ألزم. الصقلي: وقال ابن حبيب: إن سمى عمرة فله جعله في حج؛ لأنه أزيد، ولم يره ابن القاسم، وأجازه غيره من أصحاب مالك. اللخمي: ورواه ابن حبيب مرة.

ولزوم النسكين أو أحدهما بالنية، واللفظ الصريح واضح، وبمجرد لفظ علي المشي في خصوصه بإضافة المشي لأحد الستة مكة والمسجد الحرام والكعبة وبيت الله - غير ناو غير المسجد الحرام قاله الباجي - والحجر الأسود والركن، أو لمكة وما شملته، ثالثها: للأربعة الأول، ورابعها: للحرم أو ما شمله، وخامسها: أو عرفة، وسادسها: بعض المشاعر كعرفة أو الصفا أو المروة أو منى كأحد الستة لها، وللخمي عن أصبغ وعياض عن ابن لبابة عن تفسيرها بعضهم، ونقل ابن بشير مع الصقلي عن أصبغ، واللخمي عن ابن حبيب، وابن حارث عن أشهب مع الصقلي عنه، وزاد إن نوى عينها سقط وعوض مني بذي طوى، وعزا عياض الأول لتأويلها الشيخ، وجمهور الشُيوخ معبرًا عن الخامس والسادس بقوله شيئًا من أجزاء البيت، ونقل ابن بشير: "لا يلزم إلا من ذكر مكة" إن لم يرد للثاني كان سابعًا؛ ولا أعرفه، وعلى الأول في إلحاق الحجر والحطيم بالبيت نقلا الباجي عن ابن القاسم مع عياض عن الشيخ عنه، وابن حبيب عنه. وفيها: إن قال أضرب بمالي حطيم الكعبة أو الركن لزمه حج أو عمرة؛ فأخذ منه عياض الأول، وزيف أخذ ابن لبابة منها أن ما في المسجد كالمسجد. التونسي عن محمد بن رُشد: سمعنا في المناظرة أخذه منه لابن القاسم، وهو خلاف ما نص عليه حين عد مواضع وجوب المشي، وفي كون الركوب والذهاب ومرادف المشي في الوصول كالمشي، ثالثها: الركوب فقط لأشهب مع الصقلي عن ابن القاسم وقوليه فيها، وفرق أبو عمران للثالث بأن عطف الركوب على المشي عن ابن القاسم وقوليه فيها، وفرق أبو عمران للثالث بأن عطف الركوب على المشي في الآية صيره أخاه قال: ويحتمل كون الركوب كغيره وألزم أشهب الركوب ناذرة، وعليه لو مشى؛ في صرف نفقته في هدي لمن ينفقه في حج كما كان ينفقه نقلا الصقلي عن بعض شيوخه وغيره، وفي لغو قوله علي المشي، ولم يقصد به شيئًا، وإلزامه المشي قولها، ونقل غير واحد عن أشهب. وقول اللخمي: قال أشهب في كتاب محمد: من قال علي المشي إلى مكة لا شيء عليه بعيد من أصله، وفي بعض النسخ اللخمي المضي بدل المشي، ولم أجده في النوادر. $$$$$$$$ ساقط: وفيها: إن أهدى فحسن، والمشي على الرجال والنساء واحد؛

فناقضها ابن الكاتب بقول مالك: لا شيء عليهن في الفرض إلا فيما قرب؛ لأن مشيهن فتنة لتثنيهن والفرض أوجب من النذر. وأجاب ابن محرز: بأن منهن من ليس مشيهن كذلك، وهو المسوي. اللخمي: إن كانت شابة ومشيها عورة مشت الأميال محتجرة عن الناس، ثم تركب وتهدي. ويمشي الناذر من حيث نذر. وفي كون الحالف مثله أو من حيث حنث، ثالثها: إن كان على حنث لرواية ابن القاسم مع تخريج ابن رُشد على قول عتقها من حلف إن كلمت فلانًا فكل مملوك أملكه من الصقالبة حر يعتق عليه ما اشتراه منها بعد يمينه قبل حنثه وتخريجه على رواية عبد الملك من قال: إن كلمت فلانًا فكل امرأة أتزوجها بمصر طالق إنما تطلق عليه من تزوج منها بعد حنثه لا قبله بعد يمينه والتونسي. وعزو ابن عبد السلام الثاني للتخريج على مسألة العتق وهم. اللخمي: إن انتقل لبلد مثل مسافة الأول مشى منه؛ لأن المعتبر قدر الخطى، ولو خرج من بلد حلفه فمضى على غير تلك الطريق، وهي مثلها في القدر أجزأه؛ لأن القصد التقرب بمشي ذلك القدر، ولو انتقل لأقرب بيسير ففي مشيه منه، ويهدي ولزوم رجوعه ليمشي من محل حلفه قولا أبي الفرج وغيره، وبكثير يرجع. وعلى الأول قال عبد الملك: يمشي من أي موضع شاء من بلد حلفه لا من موضعه منها، وقوله ونقله غير واحد كأنه المذهب. وفيها: يمشي الحالف من حيث حلف. وروى محمد: له مشي أقصر طريق؛ فقبله الشيخ، وقيده الباجي بأن كان معتادًا. ابن رُشد: لا يجوز نذر التحليق في المشي كنذر مدني مشيًا على الشام أو العراق. الصقلي عن محمد: لو حلف بمكة مشى من الحل بعمرة؛ فلو أحرم بمكة جهلاً خرج راكبًا ومشى منه، وكذا لو نوى أنه محرم حين حنثه، وإن كان الإحرام قد لزمه، وعن مالك في هذا إن حلف في غير المسجد، فليمش للبيت من حيث حلف، فإن حلف في المسجد؛ فليخرج إلى الحل.

وذكره ابن محرز عن محمد بلفظ: حلف بالمشي إلى بيت الله، وهو بمكة قال عنه: وقال مالك في موضع آخر: إن كان في غير المسجد مشى إلى البيت من حيث حلف. التونسي: إن قال علي المشي إلى مكة، وهو بها فقيل: يمشي إلى البيت دون حج ولا عمرة. التونسي: لأنه كأنه نذر المشي إلى البيت أشبه من قال وهو في بلد علي أن أصلي في مسجده فعليه أن يمضي إليه. واختلف فيمن حلف بمكة في غير المسجد فقيل: يحرم بعمرة من الحل، وذكر ما تقدم لمحمد. اللخمي: أو قال بالمسجد علي المشي إلى مكة أو المسجد دخل من الحل بعمرة. زاد التونسي: إذ لابد أن يكون ليمينه معنى قال: فإن قيل: لأي شيء لم يحرم بالحج من المسجد فيمشي المناسك. قيل: تأويل الرواية أنه قصد العمرة أو الحج من الموضع المعتاد، وهو الحل فوجب مشيه من الحل، فإن أحرم من المسجد أخل بذلك. اللخمي: ولو قال علي المشي إلى المسجد، وهو بمكة مضى من موضعه للمسجد فقط وقال مرة: يدخل من الحل بعمرة. وفي ركوب البحر لناذر المشيب من صقلية منها للإسكندرية؛ لأنه معتاد سير الحج أو لإفريقية؛ لأنه أقرب بر، ثالثها:؟ لإفريقية؛ لأنه معتاد الحالفين لابن عبد الرحمن، وأبي عمران، والصقلي. ابن رُشد: لا يجوز أن يحلق في طريقه ليقل ركوبه البحر، فإن ركب البحر اختيارًا لكونه المعتاد؛ ففي إجزائه قولان لتخريج الباجي على حمل اللفظ على المعتاد دون الحقيقة، ومفهوم سماع القرينين، وآخر مشي العمرة السعي، ومشي الحج الإفاضة. وفي مشي الجمار، ثالثها: إن أخر الإفاضة عنها لابن حبيب، ومحمد عن ابن القاسم ولها. وصوب اللخمي كونه مكة كمصر في علي المشي إلى مصر في حج، ويفرق بأن

المشي إلى مكة غلب في معنى علي المشي إلى الحج أو العمرة. واتصال زمن مشيه المعتاد مطلوب: وتفريقه لعذر عفو لغيره فيه طرق. اللخمي: روى محمد: إن مشى من الإسكندرية فأقام بمصر شهرًا، ثم بالمدينة شهرًا، ثم أتم عمرته أجزأه؛ يريد: وكذا في نذر مشي الحج معينًا، ومضمونًا كقول مالك وابن القاسم بعدم لزوم تتابع نذر صوم سنة، وعند ابن حبيب يأتي بالمشيم متتابعًا قال: كمن عليه صوم شهرين متتابعين، وهذا على أصله في لزوم تتابع نذر صوم سنة، وسمع ابن القاسم إن سار من وجب عليه شيء من الإسكندرية إلى الفسطاط؛ فأقام به شهرًا ثم مشى بعد ذلك فلا بأس به. ابن رُشد: هذا إن حج من عامة ذلك، ولو أقام حتى حج من عام آخر لم يجزه على قول ابن حبيب فيمن ركب في مشيه من غير عذر على أن يقضيه في عام آخر. التونسي: لو أقام ثلث الطريق سنة يستريح، ثم أقام بعد الثلث الثاني مدة كذلك، ثم مشى فقضى حجة لم يضره ذلك، وانظر هل يلزم على قول ابن حبيب فساده بالتفرقة أو إنما يقوله فين ركب بعد أن مشى في حجة. اللخمي: قول مالك فيها: من ركب لعجز، ثم مشى ما ركب في عام آخر أهدى لتفريق مشيه نحو قوله ابن حبيب. ابن رُشد: هو الآتي على قول ابن حبيب قالا: إذ لو جاز له التفريق لما كان عليه هدي. قلت: ظاهر لفظ اللخمي أن خلاف ابن حبيب في التفريق الزماني نص، وظاهر كلام ابن رُشد أنه تخريج من التفريق بالركوب، وظاهر كلام التونسي أنه لا نص له في التفريق الزماني، ورد الصقلي قول ابن حبيب في التفريق بالركوب اختيارًا بقوله: لو أقام في كل منها أيامًا أجزأه مشيه بإجماع يقتضي موافقته عليه؛ فنقل اللخمي قول ابن حبيب إن أراد أنه نص له عورض بنقلي التونسي والصقلي، وإن أراد أنه تخريج له كنص ابن رُشد رد تخريجهما بأن التفريق بالركوب أشد من التفريق الزماني؛ لأن التفريق بالركوب تفريق بفعل ضد المطلوب الذي هو المشي والتفريق في الزمان إنما هو بترك المطلوب والترك أخف من الفعل؛ ولأن التفريق بالركوب في نسكين وبالزمان في نسك.

واحد، ونقل ابن الحاجب عدم الإجزاء وقبوله شارحوه بناء على صحته لابن حبيب. ابن بشير: لو مشى، ثم أقام مختارًا في نذر حج عام بعينه حتى فات أثم ولزمه القضاء على أصله المذهب. قلت: ومقابل المعروف في قول ابن الحاجب: "على المعروف" لا أعرفه. وتركه لنسيان أو عذر كالصوم والاعتكاف كذلك وركوب يسير لعذر لا يعود له في نسك آخر. وفي لزوم الهدي مطلقًا أو إن كان له قدر، ثالثها: يسقط إن بعد مكانه لسماع ابن القاسم معها. ونقل ابن بشير عن المذهب، وابن رُشد عن رواية ابن وهب قائلاً: كمصر. وفي كونه قدر يوم أو يومين نقل الشيخ رواية محمد مع الصقلي عنه، وعن ابن حبيب مع الباجي عن روايته قائلاً: هذا فيمن بعدت داره ومن عن بمكة بيومين أو ثلاثة، اليوم في حقه كثير، ولم أر فيه نصًا. قلت: تشهد له الروايات في الزيادة، وعلى قدر ثمن حلف لا باع فيه. الشيخ في موضع آخر من كتاب محمد: يوم وليلة بدل يومين. ابن محرز عن محمد: إن ركب يومين لم يكن عليه عود، ولم يذكر هل ركب لمرض أو لا؟ وفي لفظ المنتقى ونقله ابن زرقون ما نصه: إن ركب أقل من اليوم في رواية ابن حبيب أو اليوم والليلة في رواية محمد رجع فمشي ما ركب، وإن كان ركوبه أقل من ذلك أهدى ولا رجوع عليه. قلت: فقوله: أو لا أقل سهو قلم لا وهم؛ فهم لمعادلته إياه بقوله ثانيًا، وإن كان ركوبه أقل. وفيها: إن ركب في الإفاضة فقط لم يعد، وأهدى لقول مالك في ركوب لمرض. ابن محرز: أي: في ركوبه من منى لمكة قال هو والتونسي عن فضل لو ركب اختيارًا وجب مشيه ثانية، وقيل: الدم فيه خفيف. قلت: في الواضحة: إن مرض فركب في رمي الجمار أو الإفاضة لم يرجع

وعليه دم. وفيها: لو ركب عقب سعيه سائر المناسك حج ثانية ليمشي ما ركب. وفي وجوب الدم، ثالثها: يستحب لنقل ابن بشير والشيخ عن رواية محمد ما دام عليه. ابن القاسم لقول بعض الناس بتمام سعيه، ثم مشيه وعياض عن زيادة بعض الأندلسيين رواية فيها قال: ولم يذكرها مختصر والقرويين، وهي صحيحة معناها في العتبة، وكتاب محمد. ابن الكاتب: انظر لما أرجعه والمناسك أقل من يوم. ابن محرز: لأنها المقصد. الباجي: لأنها المناسك. زاد التونسي: ولحبس الحاج بها أيامًا ولذا يقصر. الصقلي: لركوبه يومي التروية، وعرفة وأيام الرمي. اللخمي: ركوب المناسك اختيارًا يوجب عوده على أي وجه كان مشيه اتفاقًا ليمشي ما ركب، ولعجز أو مرض إن كان في نذر حج مضمون كذلك، ولو كان في عام معين وسمى حجًا أو لا أو مضمونًا، ولم يسم حجًا أجزأ، ولا شيء عليه عند مالك، وكذا لو تطوع بمشي جعله في حج قضى الحج ماشيًا مناسكه على قول ابن القاسم. قلت: فيما نقله في التطوع نظر ولم أجده لغيره. اللخمي: إن ركب نصف طريقه بطل مشيه لرواية عبد الملك لو كثر ركوبه يركب، ثم يعجز، ثم يمشي، ثم يركب بطل مشيه، وكذا لو مشى ميلين ثم ركب لعلة إلى الروحاء، ثم مشى حتى مكة. وروى محمد: إن مشى عقبة وركب أخرى حتى بلغ بطل مشيه. اللخمي: هذا إن أمكنه الصبر بمحل عجزه لزواله؛ فيمشي أكثر من ذلك، ولو لم يرج زواله أو لا رفقة غير رفقته ما ركب فقط. قلت: لعل بطلانه لذلك مع عدم ضبط محل ركوبه فلا يلزم فيما يضبطه.

ابن رُشد: إن ركب جل الطريق بطل مشيه رواه عبد الملك، ومثله في كتاب محمد. قلت: لفظه في النوادر كما مر، وظاهره مع اللخمي اعتبار النصف لا الجل. ابن رُشد: وإن كثر ما ركب، ولم يكن جل الطريق رجع ليمشي ما ركب. الجلاب: إن ركب كثيرًا أعاد ليمشي ما ركب، وأهدى ونحوه للتلقين. الباجي: إن ركب كثيرًا كركوب عقبة، ومشى أخرى؛ فروى محمد بطل مشيه. وروى ابن حبيب يمشي ما ركب دون تفصيل. قلت: وكذا فيها. وفي الموطأ: محمد: لو مشى كل الطريق في الثانية سقط الدم. ابن محرز: عورض بعدم سقوط سجود سهو بإعادة صلاته. وأجاب بأن إعادة الصلاة خطأ فلا تسقط ما وجب والعاجز لم يأت بما التزم فله تعيينه بمشي تام غير ملفق وعبر بن بشير عن المعارضة بالتعقب وعزاه للأشياخ وعزا فرق ابن محرز لبعضهم. قال: ومن رجع من قيام من اثنتين لجلوسهما في سجوده قبل أو بعد قولان فعلى الأول لا يسقط الدم وعلى الثاني يسقط. قلت: التخريج على الأول يرده فرق ابن محرز، وقد سلمه؛ لأنه منهي عن الرجوع اتفاقًا. وفيها: لو عاد فلم يوعب مشي ما ركب لم يعد ثانية وأهدى. محمد: يجزئه عن كل ذلك هدي واحد. قلت: يريد: إن بان عدم إيعابه ثانية قبل إحرامه لم يلزمه. وفيها: لو علم عدم إيعابه المشي في عوده لم يعد وأهدى. الباجي عن ابن حبيب: الأولى بدنة؛ فإن لم يجد فبقرة؛ فإن لم يجد فشاة؛ فإن لم يجد صام عشرة أيام متى شاء. قلت: لو علم إيعابه إلا يسيره ففي عوده للغو اليسير، وعدمه لعدم إيعابه نظر والأول أقيس. والثاني: ظاهرها وظاهر الروايات.

وفيها: لو علم أو لا عدم إيعابه كشيخ كبير أو زمن أو مريض أيس البرء خرج، ولو راكبًا ومشى، ولو نصف ميل وركب وأهدى، وإن رجا مريض إفاقة يقدر بها على المشي تربص. اللخمي: إن كان نذره مضمونًا وإلا خرج راكبًا إن قدر، ولو خرج كذلك في المضمون لم يجزه كراكب اختيارًا لعدم خطابه بالخروج حينئذ. والعود لإيعاب المشي في إطلاقه في الأمكان وقصره طريقًا الباجي مع ظاهرها وابن رُشد مع اللخمي قائلاً: إن قرب كالمدينة عاد، وإن بعد كإفريقية لم يعد، وإن توسط كمصر ففي عوده روايتا محمد وابن مزين وعزا ابن رُشد أيضًا الأولى لها، وعلل عدم العود من إفريقية بأنه أشق من العود ثالثة من المدينة. وفي كون الركوب اختيارًا ككونه لعذر، وإبطاله المشي نقلا الصقلي عن ظاهرها مع قول محمد من جهل فركب المناسك رجع والجاهل كالعامد وعن ابن حبيب مع عزوه لبعض أصحاب مالك. قلت: هو ظاهر ما يأتي لابن رُشد واللخمي عن المذهب، وظاهر الروايات لا فرق بين مضمون ومعين في ركوب العجز. وقال اللخمي: إن كان في عام بعينه فيختلف في القضاء؛ لأنه مغلوب. وفيها: من كثر نذر مشيه ما لا يبلغ عمره فليمش ما قدر عليه من الزمان ويتقرب بما يقدر عليه من خير. التونسي: تقربه بذلك ندب؛ لأن نذر ما لا يقدر عليه ساقط. وفيها مع الموازية: لمن أبهم مشيه جعله ثانيًا لإيعابه في غير الأول، ولو كان حجًا. الشيخ: يريد: إن كان مشيه في غير المناسك. سحنون: إن جعل الأول في حج تعين ثانيًا، ولو مشى في غير المناسك، ولو فاته حجه حل بعمرة ماشيًا وكفته وحج قابلاً راكبًا، وفي لزومه مشي المناسك قول ابن القاسم مع سحنون ومالك فيها مع الصقلي عن رواية محمد وظاهر نقله أولاً عنه مع ابن محرز عنه قوله: لم تجزه عمرته عن مشيه واستأنف الحج عنه قابلا كقول ابن القاسم وألزمه حمديس مالكًا من قوله فيمن ركب المناسك.

وأجاب ابن محرز بما حاصله: أن النذر قضي بالعمرة في الفوات وحجه ثانيًا لقضاء فائت حجه من حيث ذاته لا من حيث كونه نذرًا، وحج ماشي المناسك ثانيًا لإتمام نذر مشيه، واحتج ابن القصار لمالك على ابن القاسم بقوله لا دم على من أحرم بعد ميقاته ففاته لرجوعه للعمرة، والصقلي له على مالك بقوله في ماشي المناسك: وبأنه لما وجب قضاؤه وجب مشيه كناذر اعتكاف رمضان المعين فمرضه لما وجب قضاؤه صومًا لزم اعتكافًا، ولو نذر اعتكاف شعبان المعين فمرضه لم يقضه. الصقلي عن يحي بن عمر عن ابن القاسم: لو أفسد حج مشي نذره بوطء بعرفة أتمه وقضى ماشيًا من الميقات لا من قبله؛ لأن ما جاز فيه من مشي وطئه لا يبطله وعليه هديا الفساد والتلفيق. قلت: في سماع يحيى ابن القاسم سألته عمن وطئ بعرفة في نذر مشي حج يتم حجه ماشيًا، أو راكبًا من حيث وطئ هل يقضي ماشيًا من حيث حلف أو من حيث ركب، وهل يجزئه مشيه بعد وطئه حتى يحل بعمرة قال: يقضي ماشيًا من ميقات حجه المفسد؛ لأنه المشي الممنوع فيه الوطء ومشيه قبله مجزئ. قلت: أعليه مع هدي الفساد هدي تبعيض المشي؟ ابن رُشد: معناه هل يجزئه مشيه بعد وطئه حتى يحل بعمرة إن حجه فاته بعد الفساد لعدم جواز فسخ الحج، ولو فسد في عمرة. ورأيت لبعض الشيوخ في حواشي الكتب على هذه المسألة قد روي عن مالك: أن فاسد الحج يصير إلى عمرة، وهو غلط لم يوجد لمالك ولا لغيره وأراه وهم للفظ وقع في ثالث حجها ليس على ظاهره أو لمسألة وقعت في النوادر خطأ في النقل، وقوله مشيه قبل ميقاته مجزئ خلاف قول مالك وابن القاسم فيها، ونص ابن حبيب أن الركوب اختيارًا يوجب إعادة كله، ولم يجبه عن هدي التفريق والآتي على قوله في السماع بصحة متقدم مشيه سقوطه، وعلى قولها يعيد المشي من حيث حلف إلا أن يكون وطئه ناسيًا فيجزئ مشيه من الميقات، ويجب عليه هدي التفريق. قلت: كذا في البيان والأظهر لزوم الدم على ما في السماع؛ لأنه في الاعتداد بمشي ما قبل الميقات كالناسي فكذا في الدم أحرى، وفيها له أداء فرضه عقب أداء نذره بعمرة

متمتعًا أو غيره فلو أحرم بحج له أو لفرضه مفردًا أو قارنًا الحج له والعمرة لنذره، فاللخمي عن مالك: لا يجزئ له بل لنذره، وعنه: ولا له وعن المغيرة ولا له بل لفرضه قال: وأرى إن فرق أجزأ لهما، وعزا الصقلي الثالث: لعبد الملك والمغيرة والباجي له ولابن عبد الحكم. الشيخ والصقلي عن محمد: معنى قول ابن القاسم: إن أبهم نذره، ولو عينه بحج فالثاني. الباجي: ظاهر قول ابن القاسم الإطلاق. الصقلي: قال بعض أصحابنا عن بعضهم: قول محمد خلاف قول ابن القاسم في حجها إن حج عبد بعد عتقه لفرضه وقضاء حج حلله منه سيده في رقه أجزأه لقضائه دون فرضه. ورده الصقلي بأن حج العبد كان تطوعًا لا نذرًا، وهو أقوى من التطوع. قلت: سبقه بهذا الجواب التونسي، وأضاف التعقب لنفسه لا لغيره، ووجه الثالث باستحقاق تعجيل الفرض الوقت كما قيل في صوم رمضان قضاء يجزئ أداء لا قضاء. محمد: ولو مشى لنذره ثم أحرم من الميقات لفرضه أجزأ له ومشى لنذره من ميقاته. قلت: ظاهره ولا هدي للتفريق. وأداء ما لزم نذرًا أو يمينًا مستحب فوره ولم يحك الباجي غيره. اللخمي: قول القاضي النذر مطلقًا ومعلقًا محمول على الفور؛ لأن من حلف لا فعل لزمه الكف عقب يمينه غير صحيح؛ لأن عدم تعجيله فيه يوجب حنثه بخلاف النذر. وأداء الإحرام نذرًا أو يمينًا إن قيده بزمان أو مكان لزم منه قاله الباجي كأنه المذهب وعزاه الشيخ للموازية. قلت: هو نص المدونة بزيادة ولو نواه قبل أشهر الحج وإن أطلقه، ففقيها إن حنث في أنا محرم بحج أو أحرم بحج قبل أشهر الحج لم يلزمه حتى يأتي، فيحرم حينئذ، ولو قبل ميقاته.

الشيخ: إن كان يدرك الحج يتأخر إحرامه إليها وإلا أحرم لأقل زمن يدركه قبلها. القابسي: إنما يلزمه حينئذ خروجه ويؤخر إحرامه لدخولها. الصقلي: قول الشيخ أولى؛ لأنه معنى نذره، ولقول الموازية مرة يحرم في أشهره، ومرة في إبان الحج. التونسي: ظاهر قول سحنون في أنا محرم: هو محرم بنفس حنثه، وفي أنا أحرم لا ينعقد عليه بحنثه حتى يحرم. وعزاه اللخمي وابن محرز لنص قوله قال: ووجه القاضي بأن النذر معني يتعلق بالحظر، فإذا وجد شرطه وجب أصله الطلاق، ولا ينتقض بالصلاة والصوم؛ لأنهما أضيق من الحج لجواز النيابة فيه دونهما. وتعقب اللخمي قول سحنون بأن: الإحرام قربة وشرطها النية المقارنة. قلت: يلزم في الصدقة، والعتق المعينين إلا أن يريد في القربة التي هي صفة للمكلف أو فعله؛ وفيه نظر لعموم دليل النية في الجميع. ابن بشير: اختلف في حمل قول سحنون على ذلك أو على تعجيل الإنشاء فقط. وفيها: إن حنث في "أنا محرم بعمرة" لزمه أن يحرم حين يحنث إن وجد رفقة، وإلا أجزأ بها. اللخمي عن سحنون: لا يؤخر إليها في أنا أحرم، وأنا محرم فبنفس حنثه كالحج. وفيها: إن قال حين أكلم فلانًا فأنا محرم يوم أكمله يكون محرمًا، يوم يكلمه، ويوم أفعل كذا فأنا أحرم بحجة كقوله "فأنا محرم بحجة". التونسي: لم يبين كونه محرمًا يوم يكلمه حكمًا أو إنشاء، وهو ظاهر الموازية إنشاؤه: قلت: ظاهر ما تقدم لمحمد في من حلف بمكة بمشي أنه محرم حكما، وهو قوله: وإن كان الإحرام قد لزمه. وفيها: حنثه في أنا أحج بفلان؛ كقول مالك: في أنا أحمل فلانًا إلى بيت الله إن نوى تعب نفسه بحمله على عنقه حج ماشيًا وأهدى فقط؛ وإلا حج راكبًا وأحجه معه، ولا هدي، فإن أبي فلا شيء عليه.

ابن القاسم: قوله "أحج به" أوجب عليه من "أحمله إلى بيت الله" لا يريد على عنقه؛ لأن إحجاجه طاعة. التونسي: لفظ أحج بفلان يقتضي لزوم الحج للناذر، ولفظ أحمله لا يقتضيه إلا بنية. الصقلي: بل يقتضيه، ولقول ابن القاسم: أحج بفلان أوجب من أحمله. قلت: يريد: لاقتضاء افعل الشركة، ونحوه قول عبد الحق عن القابسي معناه أنه أوجب في خروجه هو ولزومه. وفيها: روى علي إن نوى حمله لمكة، فإنما عليه إحجاجه فقط، فإن أبي سقط. التونسي: لا يختلف فيه إنما الكلام إن فقدت النية هل عليه شيء أم لا؟ ابن رُشد: في حمل حنث الحالف بحمل فلان على عنقه إلى بيت الله، ولا نية على حجه ماشيًا دونه، ولا هدي أو على حجه راكبًا مع إحجاج الرجل قولان لسماع ابن القاسم ولها. قلت: تعقبها اللخمي بأن مدلوله إما حمله على عنقه، فيحج ماشيًا دون إحجاج الرجل، أو حمله من ماله فيحج من ماله فقط أو هما، فيلزمه الأمران والأظهر الثاني؛ لأنه المقصود ومدلوله لغة وشرعًا. قلت: سماع ابن القاسم هو: من حلفت بحمل ابن عمها لبيت الله إن تزوجته، فتزوجت مشت إلى بيت الله، فإن عجزت ركبت وأهدت، ولو تمتعت بعمرة لنذرها وحجة لفرضها أجزأها، وعليها هدي متعتها. ابن رُشد: إيجابه مشيها خلاف المدونة في عدم إيجابه، وعدم إيجابه الهدي لمشقة الحمل خلاف إيجابها إياه له، ولو منعها وليها الهدي لركوبها، وهدي المتعة ولم تصم، فعليها الهدي إذا ملكت أمرها. وفيها: من قال: أحمل هذا العمود أو هذه الطنفسة إلى بيت الله يحج ماشيًا، ويهدي لمشقة حمله. الصقلي: روى محمد: إن ركب لعجز كفاه الهدي الأول، ولو كان المشي مما يقوى على حمله حج راكبًا، ولا شيء عليه في ماله، ونقله الباجي بلفظ: إن كان لا مشقة في

حمله راكبًا قال: والهدي فيه استحباب. وقال ابن حبيب: الهدي في نذر الحفاء استحباب. قلت: هو قولها فاحتجاجه به أقوى. اللخمي: قول مالك يحج ماشيًا استحسان؛ لأن نذر حمل ذلك معصية، وإن ظنه طاعة لم يلزمه. وسمع ابن القاسم: من حنث في حلفه بحمل شيء على عنقه إلى بيت الله؛ فركب لعجزه إنما عليه هدي واحد. ابن رُشد: هذا خلاف قولها يهدي لمشقة الحمل إلا أن يفرق برعي القول بعدم وجوب المشي في اليمين، والأظهر أنه اختلاف قول، وأن الهدي في ذلك استحباب كهدي نذر الحفاء. وسمع سحنون ابن القاسم: من حلف بالمشي إلى بيت الله يمشي ذراعًا، ويحفر ذراعًا يمشي، ولا هدي عليه. ابن رُشد: كسماع ابن القاسم من حلف أن يحمل الشيء على عنقه إلى بيت الله، ومن نذر صلاة بمسجد بلده بغير مكة والمدينة وإيلياء؛ ففي لزومه صلاته به وإجزائها ببيته. نقل الشيخ رواية ابن حبيب: يمشي إليه ويصلي فيه مع. الباجي عن الموازية: من نذر صلاة بغير مسجد أحد الثلاثة صلى بموضعه إلا أن يقرب جدًا فليأته، ورواية اللخمي: من نذر مشيًا لغير مسجد أحد الثلاثة صلى ببيته، وبمسجد غير بلده غير أحد الثلاثة إن لم يحتج لراحلة لقربه في لزومها فيه وإجزائها ببيته. نقل الجلاب عن المذهب مع الباجي عن الموازية ورواية ابن حبيب، وعموم رواية اللخمي المتقدمة، وإن احتاج لراحلة فقال الباجي: لا يجوز قصده ونذره محذور. وفيها: لو نذرها بمسجد غير أحدها صلى بموضعه، ولم يأته، وإن التزامها بمسجد أحدها غير مكي ولا مدني ولا مقدسي لزمته فيه نذرًا ويمينًا. وفي لزوم المشي إن نذره لذلك في أحد الأخيرين، ثالثها: إن قرب للباجي عن ابن

وهب وعنها وعن غيرهما. وللخمي عن إسماعيل سقوط لزوم المشي في المسجد الحرام قائلاً: ولا يدخله إلا محرمًا، وعمم ابن بشير الخلاف في المشي في الثلاثة، وظاهر الروايات ما تقدم. وفيها لمالك في علي المشي إلى مسجد إيلياء أو مسجده صلى الله عليه وسلم يأتيهما راكبًا لا ماشيًا والقائل: علي المشي إلى بيت الله هو الذي يمشي، وصوب التونسي واللخمي والمازري لزوم المشي. عياض: ألحق ابن مسلمة مسجد قباء بالثلاثة في لزوم إتيانه ناذره. وفيها: لغو علي المشي إلى بيت المقدس أو المدينة إلا أن ينوي الصلاة بمسجديهما أو يسميهما فليأتهما راكبًا ولا هدي. قلت: ظاهره، ولو كان مكيًا، ومسجده صلى الله عليه وسلم والمسجد الحرام أفضل من مسجد إيلياء. وفي أفضلية مسجده صلى الله عليه وسلم على المسجد الحرام، والعكس المشهور، ونقل عياض عن ابن حبيب مع ابن وهب قال: ووقف الباجي في ذلك. المازري: قال بعض شيوخنا: لو نذرها مدني أو مكي بمسجد إيلياء صلى بموضعه والعكس بعض شيوخنا الأولى إتيانه للخروج من الخلاف. قلت: ما عزاه لبعض شيوخه هو نص اللخمي، وذكره ابن بشير وقال: ظاهر المذهب لزوم إتيانه لأحد الثلاثة، وإن كان موضعه أفضل مما التزم المشي إليه. وقول ابن الحاجب: لو كان في أحدها والتزم الآخر لزمه على الأصح، والمشهور إلا أن يكون الثاني مفضولاً إنما يقتضي نقل ابن بشير واللخمي. وقول ابن السلام: أنه يقتضي قولاً ثالثًا بالسقوط مطلقًا، وتعقبه وجوده، يرد بمنع اقتضائه ذلك بل عدوله عن صيغة "ثالثها" دليل عدم إرادته ذلك. وفيها: نذر عكوف بمسجد كنذر الصلاة فيه إلا أن الاعتكاف لا يكون في البيوت، ومن نذره بمسجده صلى الله فليأته. قلت: ظاهره، ولو كان مكيًا، وإن نذر رباطًا أو صومًا بمحل تقرب كعسقلان

والإسكندرية لزمه فيه، ولو كان مكيًا أو مدنيًا. التونسي: إن نذره من بساحل بآخر ففي لزوم خروجه نظر. قلت: إن كان أشد خوفًا من محله لزم، وإن كان العكس سقط، وإن كان مساويًا؛ فكالصلاة فيه خلاف تقدم في القرب. ومن نذر هديًا مطلقًا إن نوى نوعًا لزم؛ وإلا ففي إجزائها له، وأمره ببدنة إن لم يجدها فبقرة إن لم يجدها فبشاة، إن لم يجدها صام عشرة أيام نقلا الشيخ في الحج عن الموازية، وفي النذور عن الواضحة. وفي عزوها: اللخمي: لحجها ونذورها نظر؛ لأنه في نذورها معلق على فعل حنث فيه، وفي حجها مطلق، وقد فرق بينهما في مدبرها في أنت حر بعد موتي، ولا نية جعله معلقًا تدبيرًا ومطلقًا وصية والأصوب قول الصقلي: قيل: المعلق أشد؛ لأنه يمين، وقيل: هما سواء؛ اختلاف قول، ولذا نقل الشيخ مسألة النذور غير معلقة. قلت: وتبعه ابن الحارث، وفي نذر بدنة بدنة إن لم يجدها. قال اللخمي عن ابن نافع: لا تجزئ بقرة وحسنه، والمشهور تجزئ إن لم يجدها فسبعٌ من الغنم؛ فإن لم يجدها ففي وقفه على ذلك، وإجزاء صوم سبعين يومًا؛ ثالثها: أو إطعام ستين مسكينًا لكل مد لها، وللخمي مع الصقلي، والشيخ عن رواية ابن حبيب وعن أشهب، وقول ابن عبد السلام: نقل ابن الحاجب وغيره من المتأخرين الثاني، وهو لا يوجد نصًا إنما هو ظاهر قولي مالك وأشهب؛ يرد بأنه في «النوادر» نص لهما. وقوله في كتاب محمد: "إن لم يجد بقرة فسبعٌ من الغنم" يدل على أنه في المذهب، ولاسيما مع قول ابن رُشد ما في كتاب محمد غير معزو لابن القاسم وليس كذلك؛ لأن نصه في «النوادر»: إن لم يجد بقرة، فقال سالم وخارجة وعبيد الله بن محمد: سبع من الغنم. وقال ابن المسيب: عشر، وبالأول قال مالك: فأنت ترى قصر عزوه لابن المسيب، ولفظ الصقلي نحوه. وفيها: لا أعرف لمن لم يجد الغنم صومًا الحج لجواز النيابة فيه دونها، وتعقب اللخمي قول سحنون بأن: الإحرام قربة وشرطها النية المقارنة. قلت: يلزم في الصدقة والعتق المعينين إلا أن يريد القربة التي هي صفة للمكلف

أو فعله؛ وفيه نظر لعموم دليل النية في الجميع. ابن بشير: اختلف في حمل قول سحنون على ذلك أو على تعجيل الإنشاء فقط. وفيها: إن حنث في "أنا محرم بعمرة" لزمه أن يحرم حيث حنث إن وجد رفقة؛ وإلا أجزأ بها. اللخمي عن سحنون: لا يؤخر إليها في أنا أحرم، وأنا محرم فبنفس حنثه كالحج. كقوله: فأنا أحرم بحجة. التونسي: لم يبين كونه محرمًا يوم يكلمه حكمًا أو إنشاء، وهو ظاهر الموازية إنشاؤه. قلت: ظاهر ما تقدم لمحمد فيما حلف بمكة بمشي أنه محرم حكمًا، وهو وقوله: وإن كان الإحرام قد لزمه. وفيها: حنثه في أنا أحج بفلان؛ كقول مالك: في أنا أحمل فلانًا إلى بيت الله إن نوى تعب نفسه بحمله على عنقه حج ماشيًا وأهدى فقط؛ وإلا حج راكبًا وأحجه معه ولا هدي، فإن أبى فلا شيء عليه. ابن القاسم: قوله: أحج به أوجب عليه من أحمله إلى بيت الله لا يريد على عنقه؛ لأن إحجاجه طاعة. التونسي: لفظ أحج بفلان يقتضي لزوم الحج للناذر، ولفظ أحمله لا يقتضيه إلا بنية. الصقلي: بل يقتضيه، ولقول ابن القاسم: الحج بفلان. إن أحب صام عشرة أيام، فإن أيسر كان عليه ما نذر، كقول مالك في عاجز عن عتق نذره لا يجزئه صوم إن أحب صام، فإن أيسر أعتق. الصقلي عن محمد: إن شاء صام عشرة أيام، وقيل: شهرين إن لم يجد رقبة، ولم أروه. ومن نذره معينًا صالحًا من ماله من حيث يصل. ففيها: لزمه أداؤه، فإن لم يصل اشترى بثمنه مثله، وجائز بثمن البقر إبل لا غنم، إن لم يقصر عن البقر. اللخمي: له أن يشتري بثمن ست من الغنم فأقل بدنة لا بثمن مثله، وجائز بثمن البقر إبل لا غنم؛ إن لم يقصر عن البقر. اللخمي: له أن يشتري بثمن ست من الغنم فأقل بدنة لا بثمن ما فوق سبع إلا أن

لا يبلغها؛ لأن البدنة جعلت عوضًا عن سبعة. قلت: مفهومها ست وسبع متناقضان لاختلاف كيفيهما، والمعتبر الثاني لموافقته التعليل. ونقل ابن بشير منع شراء أفضل من جنس الأول لا أعرفه. اللخمي: يشتري من حيث يرى أنه يبلغه لا يؤخر إلى موضع أغلى إلا أن لا يجد من يسوقه فلا بأس أن يؤخر إلى مكة، ولو وجد مثل الأول ببعض الطريق لم يؤخر لأفضل منه بمكة. قلت: فيه لمالك: يشتري بثمن السلعة شاة بمكة ولابن القاسم فيما لا يصل من إبل يشترى بثمنها هدي من المدينة أو مكة أو من حيث أحب، وله أيضًا فيما لا يبلغ من بقر يشترى بثمنها هدي من حيث يبلغ، ويجزئه عند مالك من المدينة أو مكة أو من حيث أحب من حيث يبلغ. ومن نذر ما لا يهدي معينًا من ماله أو حنث به، ففيها: يبيعه ويهدي ثمنه. ابن القاسم: إن لم يبعه وبعث به بعينه لم يعجبني. اللخمي: يشتري من حيث يبلغ، فيجزئه عند مالك من المدينة أو مكة من حيث يرى أنه أصلح ويبلغ حسبما مر، وإن كان يبلغ ثمن ذلك بدنة وهو ببلده أصلح اشتراه الآن وبعث به. وسمع ابن القاسم: من نذر هدي دابته، أو عبده له جعل قيمته أو ثمنه في هدي. الصقلي: مثله في الموازية للشيخ من قولهم كراهة حبس الصدقة وإخراج قيمتها. وفرق بأن المقصود في هدي ما لا يهدى عوضه، وفي الصدقة عنيها. بعض القرويين: إنما الكراهة في صدقة التطوع لا في الخلف بها؛ لأن المتصدق قاصد القربة بخلاف الحالف، فقبله عبد الحق ورده الصقلي: بأن الحالف متصدق على تقدير فاستويا. ابن رُشد: قال بعض أهل النظر: سماع ابن القاسم خلاف قولها، يخرج ثمن ذلك إذا لم يخيره فيه، وفي قيمته. وسماع ابن القاسم: كراهة حبس من جعلت خلخالها إليها في السبيل

بإخراج قيمتها. قال سحنون: للرجوع في الصدقة. ابن رُشد: ليس اختلافًا بل السماع مفسد لها؛ لأن ما يهدي أو ينتفع به في السبيل لا يجوز إخراج قيمته بدله اتفاقًا، وما لا يهدى يجوز ذلك فيه اتفاقًا، وإن جعل في السبيل ما لابد من بيعه ليصرف ثمنه في مثله كالخلخالين كره ذلك فيه، وعلى أخراج القيمة. قال ابن عبد السلام: لا يكتفي بتقويمه العدول بل ينادى عليه، فإذا بلغ ثمنًا خير فيه. قلت: ظاهره، ولو كانت قيمته أكثر. قال: ومثل هذا طلب الوارث الموصي، وارثه بالثلث إخراج ثلث التركة دون بيع لرغبتهم فيها، أو خوفًا من الولاة على التركة، فرأيت بعض القضاة من شُيوخنا يمكنه من ذلك، ويشترط عليه الزيادة على القيمة في الاجتهاد. قلت: قوله: لا يكتفي بتقويمها، يرد بنص السماع على تخييره بين القيمة والثمن، وعلى قوله: لا يتصور بينهما بل بين أخذه، وتركه، وهو خلاف السماع، وبأن مقتضى قوله: أنه لو وقف على ثمن دون قيمته كان له أخذه به، وهو خلاف السماع، وما ذكره في التركة لخوف ظلم الولاة صواب، وأما لرغبة الوارث في التركة فلا؛ لأن القاضي كوكيل على بيع، وعلى التمكين لخوف الظلم لا يقوم ذلك على الوارث باعتبار حال المبيع فقط بل مع اعتبار كونه تركة، لأنها أغلى، ولذا نص أن إدخال غير التركة فيها دلسة. وروى ابن حبيب في: جاريتي هدي، عليه هدي. الشيخ: لعله يريد: أم ولده. وسمع سحنون ابن القاسم: لو نذره مبهمًا كثوب فعليه الوسط يبعث بقيمته يشترى به هدي. محمد عن أشهب: لو نذر معيبًا أو جذعة من المعز أخرجه بعينه، وإن كان مبهمً أهداه سليمًا ثنيًا. الشيخ عن محمد: في المعيب المعين يهدي قيمته أو بعيرًا سليمًا.

التونسي: الأشبه في المعيب غير معين سقوطه كنذر صلاة في وقت لا تحل، واختلف في قضاء نذر صوم أيام الذبح، ويوم الفطر. اللخمي: أرى المعين والمبهم سواء الجاهل ليس عليه إلا ما نذر يبيع المعين، ويخرج قيمة المبهم. والعالم ناذر معصية يستحب له إخراج سليم؛ ليكون كفارة له، ولو قصر ما يجب صرفه في هدي عن أدناه؛ ففيها لمالك: يدفعه للحجبة يجعلونه فيما تحتاج إليه الكعبة، وأعظم أن يشرك معهم غيرهم. قال: بلغني أنه صلى الله عليه وسلم دفع المفاتيح لعثمان بن طلحة من بني عبد الدار؛ فكأنه رآها ولاية منه صلى الله عليه وسلم. ابن القاسم: أحب إلي أن يتصدق به. الصقلي عن اصبغ: يتصدق به على أهل مكة فقط، وقاله اللخمي من عند نفسه قال: كلحمه لو بلغ، ولأنهم لا يفون بما يدفع لهم، ولو أشرك به في هدي كان زوجها. ابن الحاجب بعد ذكره قولي ابن القاسم ومالك وقيل: يختص أهل الحرم بالثمن، وقيل: يشارك به في هدي. ابن عبد السلام: لا أذكر هذين القولين لأحد من أهل المذهب إلا قول اللخمي المتقدم. قلت: حكاهما ابن بشير، وفي غزوه الثاني للخمي نظر؛ لأنه لم يجزم به، وهدي ملك الغير أو نذره فيها لغو. ابن بشير: إن أراد إن ملكه، ففي لزومه إن ملكه المشهور، والشاذ في لزوم العتق والطلاق معلقين على الملك والنكاح قبلهما، ونذر هدي الحر فيها في اليمين به هدي. الصقلي: لأنه جرت فيه سنة قياسًا على قصة إبراهيم عليه السلام. اللخمي: وقال مالك مرة: كفارة يمين. ابن بشير: إن قصد الهدي فظاهر، وإن قصد نذر المعصية سقط، وإلا فعلى الخلاف

في عمارة الذمة بالأكثر أو الأقل. الشيخ: روى ابن حبيب في قوله لابنه أو أجنبي: أهديك لبيت الله نذرًا أو هديًا أو يمينًا هدي وإحجاجه إن أبى سقط، وهديه بدنة إن لم يجدها فبقرة إن لم يجدها فشاة إن لم يجدها صام عشرة أيام، وقال مالك: أحب إلى في ابنه هدي بدنتين، وقال ابن حبيب: لو حلف بنحر ابنه أو أجنبي، فإن نوى الهدي أو قال: عند المقام أو البيت أو المنحر أو منى أو مكة فهدي كما ذكرناه، وإلا فرجع مالك عن كفارة يمين لسقوطها، وبالأول قال أصبغ: وكذا في أنحر نفسي. وفيها لمالك في حنثه بنحر ولده كفارة يمين ثم قال: إن نوى الهدي لزم، وإلا فلا كفارة ولا غيرها. ابن القاسم: هذا أحب إلي من الذي سمعت منه إن قال: عند مقام إبراهيم فهدي وإلا فكفارة. قلت: فإن قال: بين الصفا والمروة قال: لم أسمع وكل مكة منحر، وهذا أحرى؛ لأنه منحر والمقام غير منحر، ويلزم في أبويه ما في ولده. وسمع أبو زيد ابن القاسم: لا شيء في قوله لابنه: أنت بدنة إلا أن يريد الهدى. ابن رُشد: هذا كقوله: أنا أنحره هو أحد أقوال مالك فيها، وحاصل قول مالك فيها: إن نوى الهدي أو سمى المنحر، فالهدي اتفاقًا، وإلا فمرة قال: الكفارة ومرة: لا شيء عليه. اللخمي: إن أراد بأنحر ولدي قتله سقط، وإن أراد الهدي أو قال عند المقام أو الصفا أو المروة، فقال مالك: هدي ومرة كفارة يمين والأول أبين. وهذا نذر معصية ويستحب إتيانه بطاعة كفارة لقوله: إلا أن يظن جوازه فلا شيء. قلت: في قوله: نذر معصية مع كونه قسيم كونه أراد قتله نظر. ابن بشير عن الباجي: يذر نحر الأجنبي ظاهر المذهب سقوطه؛ لأنه معصية، والقريب إن سمى ما يدل على الهدي لزم، وإلا ففي سقوطه، ولزوم كفارة يمين قولان.

قلت: إنما في المنتفى ما تقدم لابن حبيب وفيه تسوية الأجنبي بالقريب في ذلك، وزاد قال القاضي: من نذر ذبح ابنه في يمين أو على وجه القربة فعليه هدي، وإن نذره نذرًا مجردًا لا يقصد به القربة سقط؛ انظر فرق بين النذر واليمين ظاهره إيجاب الهدي في اليمين مطلقًا، وكأنه رأى اليمين آكد؛ لأنه التزام معلق بصفة، وليس بالبين. الصقلي: قال بعض فقهائنا: إنما عليه الهدي في أنحر ولدي إن علقه بفعل، وإلا فلا شيء عليه إلا أن يقصد القربة فعليه الهدي. قال: وهو في كتاب الأبهري. الصقلي: هما عندي سواء لا شيء عليه إلا أن ينوي وجه الهدي. قال: هو. وأبو عمر عن محمد: عليه في الحلف بنحر عبده ما في ولده. الصقلي: عنه بخلاف هدي عبده، وظاهر الروايات، وألفاظ الأشياخ: أن الهدي في ذلك شاة، وصرح بها فيها عن علي رضي الله عنه وعطاء، وهو مقتضى ما في الموازية من نذر ذبح نفسه، فليذبح كبشًا مع الاستناد فيه لقصة إبراهيم عليه السلام، ومتقدم رواية ابن حبيب بدنة كما مر من التدريج. وفيها: ينحر من قال: علي نحر بدنة أو لله علي هدي بمكة. قلت: يريد: أو مني بشرطه. الشيخ عن أشهب: من دخل بعمرة في أشهر الحج ومعه هدي تطوع نحره بمكة إلا أن يكون نذره بمنى، فإن نحره بمكة قبل عرفة فعليه بدله. وفيها في: أنحر جزورًا أو لله علي جزوره ينحره حيث هو، ولو نذره لمساكين غير موضعه. وسوق البدن لغير مكة من الضلال. ابن القاسم: والمعينة وغيرها سواء. اللخمي: وقاله ابن حبيب. الصقلي واللخمي: قال أشهب: وروى محمد: إن نوى مساكين غير موضعه نحره حين نوى، وصوبه اللخمي قال: ولو نوى هديه لذلك البلد كان نذر معصية يستحب أن يفي به بمكة. الصقلي عن ابن حبيب: إن نذر الجزور بمكة لزمه بها، وليس بهدي، ونقله

اللخمي بلفظ: نحره بها، ولم يكن عليه أن يقلده، ولا يشعره. قلت: ظاهره له ذلك فيصير هديًا كفعل ذلك في نسك. الباجي: عندي أن النذر إنما هو في إطعام لحمها لا إراقة دمها؛ لأن الإراقة لا تكون قربة إلا في هدي أو أضحية فمن نذر نحر جزور بغير مكة فاشتراه منحورًا أو تصدق به أجزأه، وما التزم إخراجه في سبيل الله مما يصلح بعينه للجهاد أو حلف به كالهدي في إخراج عينه أو ثمنه إن تعذر وصوله لمحله إلا أنه لا يشترى بثمنه إلا مثله لاختلاف المنافع فيه. التونسي: فإن لم يبلغ مثله اشترى به أقرب غيره إليه، فإن قصر عنه فكما لا يصلح فيها كعبده يبيعه ويدفع ثمنه لمن يغزو به من موضعه إن وجد وإلا بعث به. وفيها: سبيل الله الجهاد والرباط من السواحل والثغور، وليست جدة منها إنما كان الخوف بها مرة. الباجي عن سحنون: يعطي منه من في موضع الجهاد من النساء والصبيان، وفي إعطاء من تعطل عن العمل كالمفلوج والأعمى قولاً سحنون. قلت: سمع ابن القاسم: لا يعطي منه من راهق، ولم يحتلم، ولو رمى بالقسي وقاتل وغيره أحب إلي، ويعطي المريض ويستأذن ربه وخففه في الوصية. ابن القاسم: لا بأس به إلا مريضًا أيس أو ذا ضرر كالمفلوج والأعمى. ابن رُشد: لا يعطى منه مقعد ولا أعمى ولا امرأة ولا صبي، ولو قاتل ولا خلاف أنه لا يعطي منه المريض الميئوس منه، ولا المفلوج وشبهه، ولا أقطع إحدى الرجلين أو اليد اليسرى. وسمع عيسى ابن القاسم في مالي لوجه الله يخرج ثلثه. أصبغ في الصدقة: لا في غيرها وفي عبده لوجه الله العتق، وفي التزام صدقة كل المال أو هديه مبهمًا نذرًا أو يمينًا طرق. ابن حارث وابن بشير: والأكثر لا يلزمه كله اتفاقًا. ابن رُشد في سماع عيسى في لزومه في اليمين به أو ثلثه رواية ابن وهب والمشهور. قلت: وله في سماع ابن القاسم في الصدقة: من نذر صدقة جميع ماله لم يلزمه إلا

الثلث، ولم يحك غيره، وعلى الأولى في لزوم ثلثه أو كفارة يمين في الحلف به، ثالثها: كفارة يمين أو زكاة ماله، ورابعها: على الموسر الثلث، وعلى المسدد الزكاة، وعلى المقل الكفارة للمشهور، وأبي عمر عن ابن وضاح عن أبي زيد عن ابن وهب، وعن أبي الطاهر عنه وعن غيرهما عنه، وحكى ابن رُشد عن ابن حبيب عنه الثاني والأخير وعبر عن المسدد بقليل المال، وعن المقل بالمعدم. قال: وحلفه بصدقة ما يفيد أو يكتسب أبدًا لغو اتفاقًا، وإلى مدة أو في بلد في لغوه ولزومه قولاً أصبغ مع سماع عيسى ابن القاسم ولابن حبيب عن ابن عبد الحكم مع ابن القاسم، ومحمد بن أصبغ، وهو الصواب كالعتق كذلك. وحلفه بكل مال يملكه لأجل في لزوم ثلث ماله فقط أو ثلث ما يملك للأجل، ثالثها: وكله، ورابعها: كله فقط، وخامسها: لا شيء عليه لغير ابن عبد الحكم، وله في سماع عيسى ولابن حبيب عن ابن عبد الحكم مع ابن القاسم ولنقلي ابن رُشد قائلاً: الثلاثة الأول على حمل أملكه على الحال، والاستقبال والأخيران على حمله عليه فقط. قال: ونذرن صدقة جميع ما يفيده أبدًا يوجب ثلثه، وإلى أجل يوجب كله إليه اتفاقًا فيهما، ولم ينص في المدونة ولا في غيرها على التفرقة في هذا بين النذر واليمين، والوجه حمل هذه المسائل على اليمين لا النذر، وإنما يستويان عند مالك، وجميع أصحابه في الصدقة بجميع ما يملك من المال لقوله صلى الله عليه وسلم لأبي لبابة، وقد نذر أن يخلع من جميع ماله "يجزئك من ذلك الثلث". وفي جواز الصدقة بكل المال نقلا اللخمي، ورواية محمد، وقول سحنون في العتبية: من تصدق بكل ماله، ولم يبق ما يكفيه ردت صدقته. قلت: لم أجد فيها إلا سماع ابن القاسم من تصدق بكل ماله، وتخلى عنه صحيحًا فلا بأس به، وظاهر قوله: ردت صدقته أنه لا يلزمه شيء، وإنما ذلك لسحنون في الصدقة به لبعض ولده، وهي خلاف مسألة الأجنبي، ولا يستلزمها.

ابن بشير: وعلى عدم اللزوم في لزوم ثلثه أو ما لا يجحفه قولان المشهور، وغيره. ومن تصدق بمعين هو كل ما له ففي لزومه أو ثله فقط، ثالثها: ما لا يجحف لها، وللصقلي عن ابن نافع مع ابن حارث عن أصبغ، والشيخ عن ابن عبد الحكم، ونقل ابن بشير: فلو تصدق ببعضه أكثر من الثلث، ففي لزومه أو ثلثه، ثالثها: ما لا يجحف، لها مع الصقلي، والشيخ عن الواضحة: ولو قال: إلا درهمًا، والصقلي عن رواية ابن وهب، ونقل ابن بشير، ونقل ابن عبد السلام ما نقله الشيخ عن الواضحة لمحمد لم أجده. الباجي: روى ابن حبيب عن مالك وأصحابه: الحنث بصدقة عدد يوجب جميعه، وما قصر عنه ماله باق في ذمته. الباجي: وعلى رواية ابن وهب، وقول ابن نافع: يجزئه ثلث ماله. قلت: وعليه انظر لو لم يكن له مال هل يلزمه شيء؟ وعلى المشهور لو نذر هدي كل ماله أو حنث به ففي النفقة عليه من باقي ماله أو منه قولان لسماع عيسى ابن القاسم مستدلاً بقول مالك من وجبت عليه صدقة ماله، وليس بموضعه مساكين حمله عليه من عنده، ونقل الصقلي ناقلاً لو قال: ثلثي فالنفقة عليه من باقيه اتفاقًا. قال: والصواب هما سواء. ابن رُشد: إن أراد ابن القاسم بالصدقة غير الزكاة فواضح، وإلا لم يلزمه حملها. قال: ولو قال: إبلي هدي؛ فالنفقة عليها من عنده. ونذر شيء لميت صالح معظم في نفس الناذر لا أعرف نصًا فيه، وأرى إن قصد مجرد كون الثواب تصدق به بموضع الناذر، وإن قصد الفقراء الملازمين لقبره أو زاويته تعين لهم إن أمكن وصوله لهم. وفيها: مالي في الكعبة أو رتاجها أو حطيمها لغو. قال لي بعض الحجبة: الحطيم ما بين الباب إلى المقام. ابن حبيب: هو من الركن الأسود إلى الباب إلى المقام. الشيخ: روى ابن حبيب في مالي في رتاج الكعبة نذرًا أو يمينًا كفارة يمين، ثم قال

مالك: لا شيء عليه، وكذا في الحطيم. ابن حبيب: إن نوى كونه لكعبة دفع ثلثه لخزنتها يصر في مصالحها، فإن استغنى عنه بما أقام السلطان تصدق به، وإن لم ينو شيئًا فكفارة يمين. أبو عمر: عن ابن أبي أوي مشهور قول مالك: إخراج ثلث ماله لا كفارة يمين. وفيها: في مالي في كسوة الكعبة أو طيبها دفع ثلثه للحجبة لذلك. ومن كرر الحلف بصدقة ثلث ماله، ولو معبرًا عنه بماله بعد إخراجه لحنثه فيه لزم في ثلث ما بقي. ابن رُشد: اتفاقًا. قلت: وكذا النذر كذلك، ولو كرره بعد حنثه قبل إخراجه، ففي كونه كذلك أو ثلثه مرة يكفه قولان لابن رُشد عن مقتضى القياس، وعن دليل سماع يحيى ابن القاسم مع حكاية ابن حبيب عن مالك، وبعض أصحابه. قلت: كذا وجدت وبعض أصحابه في نسختين من البيان، وفي عتيقتين من النوادر، قاله مالك وأصحابه، لا بعض أصحابه، وجعله الأول مقتضى القياس يدل أنه غير منصوص. وفي النوادر ما نصه عن الموازية قال ابن القاسم: من حلف بصدقة ماله فحنث، ثم حلف بصدقة ماله فحنث؛ فليخرج ثلث الأول، ثم ثلث ما بقي. ولو كرره قبل حنثه، ففي لزوم ثلث واحد لجميع الأيمان، ولو اختلفت وتعددت أوقاتها أو أوقات حنثها حنث في بعضها فأخرج ثلثه، ثم حنث في بقيتها كتكررها بعتق عبد معين، أو لأول حنثه ثلثه، أو لثانية ثلث ما بقي إلى آخرها نقلا ابن رُشد عن سماع يحيى ابن القاسم قائلاً: كانت أيمانه في أيام مفترقة أو غير مفترقة أو كان حنثه كذلك، وعن سماع أبي زيد محتملاً كونه لابن القاسم أو لابن كنانة فعلل ابن رُشد كونه، ولو كان حنثه في أيام بأن عقد اليمين لا يوجب صدقة الثلث إنما يوجبها الحنث. وعزا الباجي الثاني لأحد قولي ابن القاسم وقول أشهب معبرًا عنه يخرج عن اليمين الأولى ثلث ماله، ثم ثلث ماله عن اليمين الثانية، ونص سماع أبي زيد من كرر مالي في سبيل الله على أشياء مختلفة حنث في كلها أيجزئه الثلث؟

قال: هو رأي ابن كنانة، ولست أقوله، وأرى أن يخرج ثلث ماله، ثم ثلث ماله، ثم ثلث ما بقي. ابن رُشد: ظاهره أن ابن القاسم حكي عن ابن كنانة إجزاء ثلث واحد، وأنه لم يقله بل عليه ثلث ما بقي، وهذا خلاف معلوم مذهبه في الدواوين، وخلاف الأصول، ويحتمل أنه انتهى جواب ابن القاسم عند هو رأيي، ووصل العُتبي به قول ابن كنانة، ولست أقوله فيكون الثاني لابن كنانة. الصقلي: عن محمد: ابن القاسم من حلف بصدقة ماله فحنث، ثم حلف به، فحنث فليخرج ثلث الأول، ثم ثلث ما بقي ثم قال: ثلث واحد يجزئه، وقال ابن كنانة: وبالأول أخذ محمد وأشهب. مالك: من حلف بصدقة ماله فحنث، وقد زاد فعليه ثلثه يوم حلف؛ فإن نقص فثلثه يوم حنث، وإن حلف، ثم نما، ثم حنث فيه بيمين ثانية، ثم نما، ثم حنث فيه بيمين ثالثة، ثم نما فليخرج ثلث ما معه الآن؛ وهو ثلث الأول وثلث الزيادات، ولو لم يزد لم يخرج إلا ثلثًا واحدًا؛ ولو حنث أولاً وماله، ثم حنث، وهو ستون، ثم حنث، وهو أربعون فليس عليه إلا ثلث المائة إلا أن يبقى بيده أقل من ثلثها؛ فلا شيء عليه غير ما بيده إلا أن يذهب بإتلافه أو أكله فيلزمه دينًا. ابن رُشد: لا شيء عليه فيما نقص ماله يوم حنثه عنه يوم حلفه بغير استنفاق. قلت: يريد: ولا تفريط، ومثله للباجي عن ابن حبيب. وفي النوادر عن أصبغ: لو حلف لأفعلن فتلف ماله قبل حنثه ضمن وبعده لا يضمن، وقاله محمد. الشيخ: يريد: ولم يفرط، وإنما ضمنه أصبغ قبل الحنث؛ لأنه كان على حنث. قلت: فيجب بعده، وقال فيه: لا يضمن. محمد: إن حلف إن فعل أو لا فعل لم يضمن ما أكل، وفي لأفعلن أو إن لم يفعل ضمن ما تلف بسبب، ولو زاد يوم حنثه عنه يوم حلفه بربح؛ ففي لغوه وإخراج ثلثه قولان لابن رُشد عن سماع يحيى ابن القاسم مع الواضحة وغيرها، وقول ابن القاسم القياس فيمن حلف بعتق رقيقة لا فعل عدم دخول أولادهم في اليمين.

وابن دينار: ولو زاد بولادة ففي لغوها، وإخراج ثلثها قولان له عن ابن دينار لقوله: لا يدخل الولد في اليمين، بالعتق مع ما تقدم لابن القاسم وروايته بدخول الولد في اليمين بالعتق مع ما تقدم إن فعل. قلتك عزا الباجي إخراج ثلث الولد في الصدقة بالمال لرواية ابن حبيب. ابن رُشد: وعكس قول ابن دينار يدخل الربح دون الولد أولى للاختلاف في اليمين بصدقة المال. ولو نقص باستنفاق ففي لغوه وإخراج ثلثه سماع يحيى ابن القاسم، ونقل الباجي عن رواية ابن حبيب. ابن رُشد: ما تلف بعد حنثه دون تفريط لا شيء عليه اتفاقًا. وبتفريط في كونه كذلك، ولزوم ثلثه قول هباتها مع الواضحة وأصبغ عن ابن القاسم في المبسوطة، وعن دليل ما له فيها. ابن رُشد: هو مقتضى النظر والقياس كالزكاة يفرط فيها. قلت: عزاه وقياسه على الزكاة الباجي لسحنون. وما أنفقه بعد حنثه في لغوه ولزوم ثلثه. نقل ابن رُشد عن سماع عيسى ابن القاسم مع الباجي عن محمد عن أشهب، ونقله عن محمد عن ابن القاسم مع ابن رُشد عن أصبغ عن ابن القاسم في المبسوطة، ومحمد وابن حبيب. الباجي: صدقة ثلث المال تتعلق بالرقيق والحبوب والعين إلا أن ينويها فقط، وأجرة المدبر والمعتق إلى أجل كعين، وفي إخراج ثلث خدمتها قولا أشهب وابن القاسم. وفي إخراج ثلث ما يتأدى من الكتابة أو ثلث قيمتها نقلاه عن أشهب قائلاً: إن عجز أخرج ثلثه وابن القاسم قائلاً: إن عجز أخرج ثلث فضل قيمة رقبته عن قيمة كتابته، وفي هباتها من قال: كل مال أملكه صدقة أمر بإخراج ثلث ماله من عين وعرض ودين وقيمة كتابة، فإن رقوا أخرج ثلث فضل الرقبة عنها، ولا شيء عليه في أم ولده، ولا مدبرته، وتقدمت فيها معارضة في الزكاة.

الباجي عن محمد عن ابن القاسم وأشهب: لو امتنع من جعل ماله في السبيل من إخراج ثلثه إن كان لمعين أجبر عليه، ولغير معين في جبره قولا ابن القاسم وأشهب محتجًا بأنه لا يستحق طلبه معين وبلزومه في الزكاة. قلت: ولها طالب معين، وهو الإمام. وفي هباتها: من تصدق بداره على معين في غير يمين قضي عليه بها، وعلى مساكين أو على معين في حنث يمين لم يقض عليه، ولو نذرت أو حنث زوجة بصدقة كل مالها، ففي صحة رد الزوج لزوم ثلثها؛ نقلا الشيخ عن أصبغ مع ابن حبيب عن ابن القاسم وعن ابن حبيب عن روايته وسماعه سحنون وابن حبيب عن رواية ابن الماجشون. وإن حلفت بأزيد من الثلث، ففي سقوط الثلث برد الزوج قول ابن القاسم في سماعه سحنون: لا يسقط برده في الكل مع الشيخ عن ابن حبيب عن ابن القاسم وابن حبيب عن ابن الماجشون منكرًا قول ابن القاسم. الباجي: ابن الماجشون كابن القاسم في العتق: لامتناع عتق البعض. وسمع ابن القاسم في مولى عليها حلفت بصدقة ما تملك إن تزوجت ابن عمها، فتزوجته عليها صدقة ثلث مالها. سحنون: هذا خطأ؛ لأنها في ولاية. ابن رُشد: معنى وجوب صدقته إذا ملكت أمرها، وبقي المال بيدها. وسمع ابن القاسم مثل قول سحنون؛ لأن حجرها أشد من حجر الزوجة والعبد، ولو رد الولي فعلها لم يلزمها شيء. الباجي مع الشيخ عن أصبغ والأخوين: ولو أشهد الزوج بإمضاء حنث زوجته قبل حلفها لم يلزمه، وبعده يلزمه. قلت: الآتي على قولها في صوم عبد أذن في إحرامه كجزاء صيد خطأ أو عمدًا لزوم إذن الزوج قبل حلفها في حنثها غير عمد، ولو أضر بالزوج. وفي حنثها عمدًا ما لم يضر به. الباجي: ونذرها ما يتعلق بجسدها إن لم يضر به كركعتين وصوم يوم لم يمنعها تعجيله، وإن أضر ككثير الصلاة والصوم والحج فله منعها، وبقي في ذمتها.

أبو عمر: هذا في غير المؤقت. وفي سقوطه بخروج وقته، ولزوم قضائه قولان. العُتبي عن سحنون: من قال علي صدقة يجزئه ربع درهم. قيل: فالفلسان. قال: ما زاد أحسن. ونذر ذي رق ما يلزم الحر يلزمه، ولربه منعه فعله. ابن حارث: اتفقوا في الأمة تنذر مشيًا إلى مكة فيرده ربها، ثم تعتق أن يلزمها، ولو رد صدقة نذرتها. ففي سقوطه قول سحنون ورواية اعتكافها. وفي سقوط نذره برد ربه عقده متقدم نقلي اللخمي عن ابن القاسم وأشهب في نذره حجًا، ووجوب أداء النذر المعلق على أمر بحصوله واضح وبحصول بعضه ظاهر الروايات عدمه بخلاف اليمين. وسمع أبو زيد ابن القاسم: من نذر إن رزقه الله ثلاثة دنانير صام ثلاثة أيام، فصامها بعد أن رزق دينارين، ثم رزق الثالث؛ لم يجزئه صومه، ولو نذر إن قضى الله عنه دينه مائة دينار صام ثلاثة أشهر فصامها بعد قضاء الله المائة إلا دينارًا أو نصفًا أرجو أن يجزئه، وأفتى به وضعفه ابن رُشد القياس عدم إجزائه ووجه رجاءه إجزائه اعتبار كون التعليق على زوال نقل الدين لا على عدده، ويقوم من سماع عيسى ابن القاسم في كتب الصدقة أنه يلزمه أن يصوم بقدر ما أدى الله عنه فالأقوال ثلاثة. ومصرف المال يجعل صدقة الفقراء والمساكين. وسمع عيسى ابن القاسم من قال: مالي لوجه الله أخرج ثلثه. اصبغ في الصدقة: لا غيرها ومخرج قوله في عبده لوجه الله العتق. وسمع أبو زيد ابن القاسم من حنث في: إن فعلت كذا فكل شيء لي لوجه الله، وله رقيق أخرج ثلث قيمتهم صدقة لا عتقًا. ابن رُشد: لو خصهم في نذر أو يمين كان مخرج ذلك عتقًا لسماعه عيسى.

كتاب الجهاد

[كتاب الجهاد] الجهاد: قتال مسلم كافراً غير ذي عهد؛ لإعلاء كلمة الله أو حضوره له، أو دخول أرضه له، فيخرج قتال الذمي المحارب على المشهور أنه غير نقض، وقول ابن

هارون: وهو قتال العدو لإعلاء كلمة الإسلام غير منعكس بالأخيرين، وهما جهاد اتفاقاً. وقول ابن عبد السلام: هو إتعاب النفس في مقاتلة العدو كذلك، وغير مطرد؛ لدخول قتال لإعلاء كلمة الله، وحاصل أنقال المذهب أنه فرض كفاية على قادر عليه لم ينزل به عدو، ولم يبلغه نزوله بمن عجز عن دفعه من مسلم أو ذمي، ونقل ابن القطان الإجماع عليه. ونقل المازي عن ابن المسيب وغيره: أنه فرض عين، ونقل ابن عبد السلام عن سَحنون: أنه سنة- لا أعرفه، وفرض الكفاية حرام عموم تركه، فمن ثم قال سَحنون: ومع كونه فرض كفاية لا ينبغي أن يعطل الإمام الجهاد. وفي «الكافي»: فرض على الإمام إغزاء طائفة للعدو يخرج بها هو أو من يثق به، وفرض على الناس في أموالهم وأنفسهم الخروج المذكور لا خروجهم كافة. والنافلة منه: إخراج طائفة بعد أخرى، وبعث السرايا وقت الغرة والفرصة. زاد ابن شاس عنه: وعلى الإمام رعي النصفة في المناوبة بين الناس، وعزا القرافي جميع ذلك لعبد الملك. التلقين: لا يجوز تركه لهدنة إلا لعذر. اللخمي عن الداودي: بقي فرضه بعد الفتح على من يلي العدو، وسقط عن من بعد عنه. المازري: قوله: بيان لتعلق فرض الكفاية بمن حضر محل متعلقه قادراً عليه دون

من بعد عنه لعسره، فإن عصى الحاضر تعلق بمن يليه. وقول سَحنون: كان فرضاً واليوم ليس فرضاً إلا أن يعين الإمام بعثًا نظراً للإسلام فتجب طاعته، وجهازهم من بيت المال، يتأول على أنه لا يتحقق فرضه إلا بأمر الإمام. قُلتُ: في قوله: يتأول؛ نظر لأنه حمل غير مرجوح من اللفظ، وغير مخالف لقواعد المذهب. وفي الاستذكار: من قام غيره بسد ثغوره؛ فهو له نفل. ابن سَحنون: روى ابن وَهْب: تطوع الجهاد أفضل من تطوع الحج، وسمع عيسى ابن القاسم: الحج أحب إلى من الغزو إلا في الخوف ومن الصدقة إلا في مجاعة، والصدقة من العتق، وقد يعرض لفرض الكفاية ما يوجبه على الأعيان. في التلقين: وقد يتعين في بعض الأوقات على من يفجؤهم العدو. الشيخ عن سَحنون: إن نزل أمر يحتاج فيه إلى الجميع؛ كان عليهم فرضاً، ولو سبي المشركون النساء والذرية والأموال؛ وجب استنقاذهم على من قوي عليه، ولو ساروا لحصونهم مالم يخافوا على أنفسهم أو أهليهم، وينفر من بسفاقس لغوث سوسة أن م يخف على أهله برؤية سفن أو خبر عنها، ولتعينه أولاً. غزا النبي صلى الله عليه وسلم في ثانية الهجرة غزوة الأبواء؛ وهي غزوة ودان في صدر صفر، ثم بواط بناحية رضوى في شهر ربيع الأول، ثن العشيرة في جمادي الأول، ثم بدر الكبرى في رمضان. روى العتبي: في السابع عشر منه. أبو الربيع: وفرغ منها في عقبه أو في شوال. في ثالثتها: غزوة طلب غطفان إلى نجد سلماً في صفر؛ وهي غزوة ذي أمر، ثم غزوة ذي أمر، ثم غزوة بحران معدن بالحجاز سلما في شهر ربيع الأخر، ثم غزوة بني قينقاع، حوصروا فنزلوا على حكمه صلى الله عليه وسلم، وشفع فيهم عبد الله بن أبي، ثم غزوة أحد في شوال، ثم غزوة

حمراء الأسد على ثمانية أميال من المدينة سادس عشر شوال. ثانية يوم وقعة أحد سلماً إرهاباً للعدو، وفي رابعتها: غزوة بني النضير في شهر ربيع الأول، ثم ذات الرقاع في جمادي الأول سلماً، ثم بدر الثالثة في شعبان سلماً. وقول البخاري: غزوة ذات الرقاع بعد خيبر؛ لأن أبا موسى الأشعري جاء بعد خبير، حدثني محمد بن العلاء، أن أبو أسامة عن يزيد بن عبد الله بن أبي بدة عن أبي بردة عن أبي موسى قال: "خرجنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في غزاة، ونحن ستة نفر بيننا بعير نعتقبه، فنقبت أقدامنا، ونقبت قدماي، وسقط أظفاري، فكنا نلف على أرجلنا الخرق، فسميت غزوة (ذات الرقاع)؛ مشكل لاتفاق أهل السير فيما عملت أنها في الرابعة، وخيبر في السابعة، ولم يتعبه السهيلي ولا أبو عمر مع وقوفهم على حديث البخاري فيما يظن بهم إلا أن يحمل شهوده إياها قبل هجرته للحبشية، لصحة قدومه على النبي صلى الله عليه وسلم قبل هجرته للحبشة، وفي خامستها: دومة الجندل سلماً في شهر ربيع الأول، ثم الخندق؛ وهي الأحزاب في شوال، ثم غزوة بني قريظة إثرها، فنزلوا على حكم سعد، وفي سادستها: طلب بني لحيان إلى عسفان سلماً في جمادي الأولى، ثم بعد ليال طلب عيينة بن حصن إلى ما ذي قرد لما أغار على سرح المدينة وفات، ثم غزوة بني المصطلق؛ وهي المريسيع في شعبان، وفيها حادث الإفك. ابن رُشْد: هذا أصح من القول أنها قبل الخندق. قالوا: ثم غزوة الحديبية في ذي القعدة بعد قدومه صلى الله عليه وسلم من بني المصطلق. وقول ابن الحاجب: في المريسيع عمرة الحديبية؛ وهم، وفي سابعتها: غزوة خبير خرج إليها صلى الله عليه وسلم في أثناء محرم، وفي منصرفه منها فتح وادي القرى، وبعدها في ذي

القعدة عمرة القضاء، وقول ابن بشير وأبن الحاجب: في غزوة خيبر: عمرة القضاء؛ وهم. وفي ثامنتها: غزوة مؤته ببعثه صلى الله عليه وسلم إلى الشام الجيش المؤمر عليه زيد بن حارثة، ثم فتح مكة لعشرين من رمضان، ثم غزوة حنين وقعتها أول شوال، ثم الطائف منصرفه صلى الله عليه وسلم من حنين، وفي تاسعتها: غزوة تبوك سلماً؛ وهي جيش العسرة، فيها جهز عثمان تسعمائة بعير ومائة فارس، وفيها تولى المستحملون وأعينهم تفيض من الدمع، وتخلف كعب بن مالك، مرارة بن الربيع، وهلال بن أمية، وفي عد أبي عمر، وأبي الربيع، وغيرهما العمرتين في الغزوات نظر؛ لاتفاقهم على أن خروجهما إنما كان للعمرة لا للحرب. أبو الربيع: وبعوثه وسراياه صلى الله عليه وسلم ثمانية وثلاثون، ورواه ابن العربي إسحاق. ورورى محمد: لا يخرج لغير متعينه ذو ق، ولو كان مكاتباً إلا بإذن ربه، ولا ذو أبوين إلا بإذنهما. محمد: إن خج دونه رجع حتى يأذنا. مالك: إن أبيا؛ فلا يكابرهما، ولا يأكل جهازه، وليرفعه أو ثمنه إن خاف فساده، إلا إن كان ملياً؛ فليفعل به ما شاء حتى يمكنه الغزو، فإن مات؛ فهو ميراث، ولو كان جعله على يدي غيره إلا أن يوصي به، فيخرج من ثلثه، أو يشهد بإنقاذه على كل حال فمن رأس ماله. سَحنون: وأحد الأبوين كالأبوين ولو كانا مشركين إلا أن يعلم أن منعهما كراهة إعانة المسلمين. سَحنون: وبر الجد والجدة واجب وليس كالأبوين أحب أن يسترضيهما ليأذنا له، فإن أبيا؛ فله أن يخرج، ولا شيء عليه في عم أو عمة، ومن له إخوة وأخوات وعم وعمات وخال وخالات إن كان القائم بهم، ولا يخاف ضيعتهم بخروجه، فمقامه أفضل وإلا فخروجه، ومن تلزمه نفقته من زوجة وولد إن ترك نفقتهم لهم؛ فله الخروج، وإن كان إنما يعود بعمل يده أمر بالمقام دون قضاء؛ إذ ليس على الفقير مؤاجرة نفسه لينفق، ورورى ابن سَحنون: وسمع ابن القاسم: للمدين العديم الغزو دون إذن غريمه.

سَحنون: لو كان ملياً بدينه، ويحل قبل قدومه؛ فله الخروج إن وكل من يقضي عنه. ابن رُشْد: روى ابن حبيب: توسعة خروجه إن خلف وفاء بدينه، أو كان بإذن غرمائه. ابن رُشْد: وظاهره: لزوم استئذانه غريمه إن لم يدع وفاءً وهو بعيد. العُتبيّ عن سَحنون: أردت غزواً في البحر، فنهاني عنه ابن القاسم. ابن رُشْد: لأنه علم أنهم كامزا لا يغزون على الصواب، ولا يحافظون فيه على الصلاة في أوقاتها؛ لأنه في البحر على الصواب من أفضل الأعمال لحديث أم حرام. قُلتُ: أو لرجحان العلم له على الجهاد. وأفتى ابن رُشْد بسقوط فرض الحج عمن بالأندلس قال: لعدم شرطه؛ وهو الاستطاعة التي هي القدرة على الوصول مع الأمن على النفس والمال، فإذا سقط فرضه؛ صار نفلاً مكروهاً لتقحم الغرر. قُلتُ قوله: في قوله: نفلاً مكروهاً نظر؛ لأن النفل من أقسام المندوب، وهو والمكروه ضدان، والشيء لا يجامع الأخص من ضده في موضوع واحد إلا أن يريد نفلاً باعتبار أصله مكروهاً باعتبار عارضه كقسم المكروه من النكاح مع أن مطلق النكاح مندوب إليه. قال: وإن وجدت الاستطاعة فمن أدى فرضه فجهاده أفضل من حجه. قُلتُ: هو نقل الشيخ عن رواية ابن وَهْب. قال: ومن لم يؤد فرضه لخرج على القولين في فور الحج وتراخيه، وهذا إن سقط فرض الجهاد عن الأعيان؛ لقيام من قام به، وإن تعين؛ فهو أفضل من حج الفرض اتفاقاً، وأهل العدوة كالأندلس، وهذا في غير من يقوم بفرض الجهاد من حماة الدين، الجهاد هو الواجب عليهم؛ لعدم تعين الحج عليهم إلا من بلغ الستين. وفي النوادر: ونحوه للقاضي: يخرج لتعينه مطيقه، ولو كان صبياً أو امرأة أو ذا رق

دون إذن. وشرطه وجوبا عيناً القوة عليه، وهي كون العدو ضعف المكلف فأقل، وفي كون الضعف في العدد أو العدة والجلد إن أدركت نسبتهما قولا الأكثر، وابن حبيب مع ابن الماجِشُون وروايته، وعلى الأول قال ابن حبيب: لا يحل فرار مائة من ضعفها، ولو كان أشد سلاحاً وقوة وجلداً، إلا أن يكون العدو بمحل مدده، ولا مدد للمسلمين، ففي التولية سعة. الصقلي: المعتبر العدد مع تقارب القوة في السلاح، أما لو لقي مائة غير معدة ضعفها معداً؛ فلا؛ لأن الواحد كان معداً يعدل عشرة غير معدة. وفي الموازيًّة: لا يحل الفرار من الضعف إلا انحرافاً للقتال أو تجيزاً للفئة؛ كالانحياز للجيش العظيم أو سرية متقدمة لمتأخرة عنها، وقاله عبد الملك رواياً: لا ينحاز إلا لخوف بين. ابن سَحنون عن ابن القاسم: لا يحل فرار الناس إن فر إمامهم من ضعف عددهم، ومن فر من الزحف لم تقبل شهادته إلا أن تظهر توبته. قُلتُ: إنما تظهر بثبوته في زحف آخر. ابن رُشْد: الفرار كبيرة. الشيخ: أنكر سَحنون قول العراقيين: لا يفر اثنا عشر ألفاً من عدو ولو كثروا، وعزا ابن رُشْد قول العراقيين لأكثر أهل العلم، وقال به قال: وهو دليل قول مالك، ولم يحك إنكار سَحنون بحال. وروى عبد الملك: ليس أمر الجيش كالسرايا في الانحراف، ولهم سعة أن يثبتوا لقتال أكثر منهم بأضعاف كثيرة وهو يجدون مصرفاً عنهم، وإن علموا أنهم إن ثبتوا قتلوا؛ فأحب انصرافهم إن قدروا، ومن ثبت حتى قتل، رجوت له أفضل الشهادة؛ وإنما الشهادة لمن أيقنت بالموت قبل الموت فاحتسب كما قال عمر، وروى أشهب كراهة ذلك. قُلتُ: كذا وجدته في عتيقتين: أفضل الشهادة والصواب: فضل الشهادة. قُلتُ كذا وجدته في عتيقين: أفضل الشاهدة والصواب: فضل الشهادة. ابن حبيب: وروى أشهب: أحب انصراف من لقى عشرة أو أكثر لعسكره، وهو

في سعة من قتالهم. وروى علي: إن لقيت سرية أضعافهم، فإن علمو أنهم لا ينكدوا العدو؛ فلا يلقوهم؛ لئلا يستأسر بقتلهم. محمد: لمن نزل العدو بع وحده ودعاء للأسر أن يقاتل أو يستأسر. وفي الواضحة وكتاب ابن سَحنون: عن ابن وَهب عن ربيعة: إن حصر عدو أهل قرية إن لم يقاتلوا؛ ماتو جوعاً، وإن خرجوا لقتاله قتلوا أحب إلي خروجهم لقتاله. وفي كتاب ابن سَحنون: إن أعجزهم الجوع عن القتال؛ خرجوا إن طمعوا في الأسر، وعرف ذلك من العدو، وإلا ماتو جوعاً ولم يخرجوا. قُلتُ: للتونسي كلام طويل في الانتقال من موت لآخر، وسمع القرينان: حمل رجل أحاط به العدو على جيشه خوف الأسر خفيف. ابن رُشْد: وله أن يستأسر اتفاقاً، وحمل الرجل وحده من الجيش الكثيف على جيش للعدو للسمعة والشجاعة مكروه اتفاقاً. قُلتُ: الصواب: حرمته، ولعله مراده. قال: وحمله محتبساً بنفسه؛ ليقوي نفوس المسلمين في كونه مكروهاً منهياً عنه، أو جائزاً مستحباً لقوي قول ابن العاصي مع غيره، وفعل جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه مع أبي أيوب الأنصاري، والقولان قائمان من السماع، والثاني الصحيح. محمد: روى أشهب في الرجل بين الصفين يدعو للمبارزة: لا بأس به إن صحت نيته. وروى سَحنون: لا تنبغي إلا لمن يثق بنفسه خوف إدخال الوهن على الناس، وقد بارز أنس بن مالك مرزبان الداره من البحرين فقتله، وأخذ منطقته وسواريه، فقوما بثلاثين ألفاً أو أربعين. قال لي معن عن مالك: إن دعا العدو للمبارزة، فأكره أن يبارز أحد إلا بإذن الإمام واجتهاده، ونقل عياض عن مالك: تجوز المبارزة مطلقاً دون شرط أمر الإمام، ولم ينقل غيره، إن أراد بالأمر الإذن، فهو خلاف نقل الشيخ، وإن الأخص منه؛

فإخلال بنقل شرط الإذن، فلة خيف قتل المبارز؛ ففي جوازه عضده. نقل الشيخ قولي سَحنون مقيداً الأول بعد قتل الكافر؛ لأن مبارزته كعهد أن لا يقتله إلا واحد، وقاله أشهب، كما لو أسره جاز خلاصه منه. سَحنون: قيل لمالك: أيعضد إن خيف عليه؟ قال: إن خاف الضعف فلا يبارز. وعزا الباجي الثاني لمحمد عن ابن القاسم وأشهب. الشيخ عن سَحنون: لو بارز ثلاثة أو أربعة مثلهم؛ جاز أن يعضد من فرغ من مبارزة أصحابه كما فعل علي وحمزة يوم بدر. ابن حبيب: قال أهل العلم: لا بأس بالمبارزة بإذن الإمام، رب رجل ضعيف يقتل فيهد الناس، ولا بأس أن يعضد إن خيف قتله. وقيل: لا، لأجل الشرط، ولا يعجبنا؛ لأن العلج إن أسره وجب علينا أن نستنقذه، وقد ضرب شيبة رجل عبيدة بن الحارث بن عبد المطلب في المبارزة فقطعها فكر عليه حمزة وعلي فاستنقذاه منه. قُلتُ: كانت مبارزة علي وصاحبيه مبارزة جمع لجمع، وتقدم لسَحنون جواز العضد فيه. روى البزار عن علي رضي الله عنه قال: تقدم عتبة بن ربيعة وتبعه ابنه وأخوه فنادى: من يبارز؟ فبادر إليه شباب من الأنصار، فقال: من أنتم؟ فأخبروه، فقال لا حاجة لنا فيكم، إنما أردنا بني عمنا، فقا رسول الله صلى الله عليه وسلم: قم يا حمزة، قم يا علي، قم يا عبيدة بن الحارث. قال: فأقبل حمزة إلى عتبة، وأقبلت إلى شيبة، وأقبل عبيدة إلى الوليد. قال: فلم يلبث حمزة صاحبه إلى أن فرغ منه. قال: ولم ألبث صاحبي. قال: واختلفت بين الوليد وبين عتبة ضربتان، وانتحر كل واحد منهما صاحبه.

قال: فأقبلت أنا وحمزة إليهما، وفرغنا من الوليد واحتملنا عبيدة. الجوهري: انتحر القوم على الشيء إذا تشاجروا عليه، وتناحروا في القتال. الشيخ: روى سَحنون وغيره: كراهة مبارزة الرجل أباه المشرك وكره قتله إبتداءً. قالوا: ولا بأس بقتل ذوي محارمه مبارزة وغيرها. سَحنون: إن اضطره أخوه المشرك فلا بأس بقتله، وليس الجد كالأب عندنا في هذا. الشيخ عن الموازيَّة: أيغزي بغير إذن الإمام؟ قال: أما الجيش والجمع؛ فلا إلا بإذن الإمام، وتوليته والياً عليهم، وسهل مالك لمن قرب من العدو، ويجد فرصة، ويبعد عليه الإمام. محمد: كمن هو منه على يوم، ونحوه لأبي زيد عن ابن القاسم: إن طمع قوم بفرصة في عدو قربهم، وخشوا إن أعلمهم إمامهم منعهم، فواسع خروجهم، وأحب استئذانهم إياه. وسمع القرينان: من نزل بهم عدو؛ استأذنوا الإمام في قتاله إن قرب وإلا قاتلوه. ابن حبيب: سمعت أهل العلم يقولون: إن نهى الإمام عن القتال لمصلحة؛ حرمت مخالفته إلا أن يدهمهم العدو. وسمع أصْبَغ ابن القاسم في أهل ثغر تبينت لهم غزة في عدو، والإمام منهم على أيام: لا بأس بإخراج سراياهم دون إذنه إن أمنوا على أنفسهم. ابن رُشْد: لو حضرهم لم يخرجوا دون إذنه إن كان عدلاً لسماع عبد الملك ابن وهب: إن كان غير عدل لم يشترط إذنه في مبارزة ولا في قتال. ابن رُشْد: وطاعته لازمة، ولو كان غير عدل ما لم يأمر بمعصية للأحاديث الثابتة. الشيخ عن سَحنون: تجب طاعة الأمير ولو فيما لا يعلمون عاقبته، ولا يسألوه عنها.

قُلتُ: يريد: إذا كان عدلاً. قال: وقد منع عمرو بن العاص جيشه، وقيد النار في ليلة باردة، فلما قدموا شكوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم. قال عمرو: كان في أصحابي قلة، فكرهت أن يراهم العدو، فأعجبه صلى الله عليه وسلم ذلك. قال: وإنما يسألونه فيما يخاف فيه الهلكة، ويجتمه على أنه خطأ، فيسألونه ويناظرونه، فإن أظهر صوابه؛ أطاعوه وإلا فلا، وقد رجع الصحابة لرأي أبي بكر في قتال أهل الردة وإنفاذ جيش أسامة، وإن رأى بعضهم رأي الأمير رجع إليه من خالفه، والإمارة في الحرب غير الإمارة في غيره، إنما يقدم فيها العالم بها مع الفضل، ولا ينظر في نسبه أعربي هو أو مولى؟ وقد يقدم فيها الأدنى فضلاً على الأفضل لفضل علمه بها. وسمع القرينان/ قيل لمالك: يقال: خير السرايا أربعمائة. قال: قد بعث صلى الله عليه وسلم أبا عبيدة على سرية فيها ثلاثمائة، وربما بعث الرجل والرجلين سرية. ابن سَحنون عنه: ليس في السرية حد؛ إنما ذلك باجتهاد الوالي بقدر ما يرى من شدة الخوف وكثرة العدو. وسمع أَصْبَغ ابن القاسم: لا بأس ببعث السرايا سراً وعلانيةً، ولا أرى إلا أن يكون كتيبة من ذوي شجاعة ولو قلوا، (رب رجل خير من كتيبة)، ولا ينبغي أن يكون في غرر؛ لأن وهنها وهن للجيش. الشيخ عن الموازيَّة: لا تخرج سرية دون إذن الإمام. عبد الملك: إن خرجوا دون إذنه عصوا، ولا ينفلون ويؤدبون. سَحنون: أصحابنا يرون إن خرجوا في قلة وغرر دون إذنه؛ فله منعهم الغنيمة؛ أدباً لهم. سَحنون: أما جماعة لا يخاف عليهم؛ فلا يحرموا الغنيمة. وروى ابن القاسم في قوم أتوا المصيصة، فوجدوا الوالي اخرج سرية، فلحقوا بهم، ولم يدخلوا القرية خوف منع الوالي من لحوقهم بهم؛ لا بأس بذلك.

باب الرباط

[باب الرباط] والرباط: المقام حيث يخشى العدو بأرض الإسلام لدفعه. الباجي: ولو بتكثير السواد. الشيخ: عن كتاب ابن سَحنون وغيره: قال مالك ليس من سكن بأهله كالإسكندرية وأطرابلس ونحوهما من السواحل بمرابطين؛ إنما المرابط من خرج من منزله يرابط في نحر العدو حيث الخوف. ابن حبيب: قال مالك: سكان الثغور؛ يريد بالأهل والولد ليسوا بمرابطين، وذكر مثل ما تقدم. الباجي: وعندي أن من اختار استيطان ثغر للرباط فقط، ولولا ذلك لأمكنه المقام بغيره؛ له حكم الرباط. قُلتُ: هو مقتضى نقل ابن الرقيق أن سبب خط القير وان بمحلها رعي كون بينها وبين البحر أقل من مسافة القصر؛ لتكون حرساً. الباجي: إذا ارتفع الخوف عن الثغر كقوة الإسلام به أو لبعده عن العدو؛ زال حكم الرباط عنه. وقد قال مالك فيمن جعل شيئاً في السبيل: لا يجعل في جدة؛ لأن الخوف الذي كان بها ذهب.

الشيخ عن ابن حبيب: روى إذا نزل العدو بموضع مرة؛ فهو رباط أربعين سنة. وروى ابن وَهْب: الرباط أحب إلي من الغزو، على غير وجهه، وهو على الصواب: أحب إلي من الرباط. ابن رُشْد: إلا إذا خيف على موضع الرباط. الباجي: لا يبلغ الرباط درجة الجهاد. ابن سَحنون: روى ابن وَهْب: لم يبلغني أن أحداً ممن يقتدي به من صاحب وغيره خرج من المدينة للرباط إلا واحداً أو اثنين، وهي أحب المساكن إلا من خرج له، قم رجع إليه. ابن حبيب: روى عنه صلى الله عليه وسلم: (تمام الرباط أربعين ليلة). وفي غضبها: يكون بالثغور. فيقال: قال الإمام: لا تجز سواه إلا بإذني. قال مالك: ويقول: لا تصلوا إلا بإذني لا يلتفت لقوله، وفي الدعوة قبل القتال طرق. الشيخ عن ابن سَحنون: في وجوبها ثالثهما: تسقط فيمن قرب؛ كالمصيصة وطرطوس للحسن، ومالك مع أكثر العلماء، ورواية ابن الماجِشُون. اللخمي: تجب لمن لم تبلغه دعوة الإسلام اتفاقاً، وفيمن بلغته روايتان، ثم قال: تجب على الجيش العظيم فيمن لا يطيقه، وغلب على الظن إجابته للإسلام أو الجزية، وقد يظن عدم قبول ذلك منه لتأخره، ومن علم قبول ذلك منه، ولم يغلب على الظن إجابته ورجيت؛ استحبت، وإن لم ترج؛ أبيحت، وإن قل المسلمون وخشي تحرز العدو منهم؛ منعت. المازري: ضبط المذهب للمتأخرين: من جهل الدعوة؛ وجبت له، وفي غيره قولان، وعندي ثالثهما من جهلها، ورابعها في كثير الجيش الآمن غائلة العدو لا في غيره لأحد قوليه لها فيها، وابن سَحنون عنه، وثاني قوليهما، وظاهر كلام أَصْبَغ، ثم قال: من عاجلنا سقطت، وإن أمكنت، وتحقق جهله بها؛ وجبت إجابته ورجت، ولو يحسن اختلافاً، والأحسن حمله وتفصيلاً.

ابن رُشْد: من لم يبلغه أمر الإسلام، أو بلغه، وجهل ما يدعى إليه، وظن إنما يقاتل؛ ليغلب أو يملك؛ وجبت دعوته في الجيوش، وعلى قول جل أهل العلم أن دعوة الإسلام عمت العالم سقط الأول، ومن علم ما يقاتل عليه؛ لم يلزم إعلامه قبل بعث السرايا إليه، وجاز للإمام إعلامه بذلك لا لأمير السرية إذا دخل؛ لأنه تأليب عليها، وفي سقوطها في الجيوش، والصوائف ووجوبها مطلقاً، أو إن رجيت إجابته، رابعها: إن تيقنت؛ وجبت، وإن رجيت؛ استحبت، وإن أيست؛ جازت. لسَحنون مع الآتي على مذهب مالك وأَصْبَغ ويحيى بن سعيد فيها وغيره: ومن شك في بلوغه الدعوة، فإن بعد عن الدروب؛ حمل على عدم بلوغها إياه، اتفق عليه قول مالك، ولو قرب، ففي كونها كذلك؛ فتجب دعوته أولاً، فتسقط قولا مالك فيها. وسمع ابن القاسم في قتال المصيصة: لا يقاتلوا إلا أن يدعوا. ابن بشير: في كثير الجيش الآمن وللمتأخرين، في هذه الروايات طرق: أولاها: ردها للثالثة. وثانيها: ردها لثلاثة أقوال: ثالثها: ثالثها المازري: في سبب الخلاف طريقان: الفقيه: اهتلاف الأحاديث في ثبوتها وفيها الآيل لتقديم المثبت أو النافي أو الجمع بينهما. وفي الطريق الأصولية قولان: قال بعض الأصوليين: هو ما قيل: لم يخل العقل من سمع لقوله تعالى: (الْغَيْظِ كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَاتِكُمْ نَذِيرٌ) [الملك:8]، (وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا) [الإسراء:15]، (وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلَّا خلا فِيهَا نَذِيرٌ) [فاطر:24]؛ فعموم الإرسال للخلق يوجب بلوغ الدعوة، وما قيل: بخلوه عنها، فلسنا على ثقة بأن الكفار علموا ما يدعون إليه. وقال بعضهم: هو قول أهل السنة بعدم تحسين العقل وتقبيحه فلا يوجب شيئاً، فتجب الدعوة للإعلام بما أوجب الشرع. وقول المعتزلة بتحسينه، فتسقط الدعوة لخطاب الكافر من ناحية عقله، ولنا فيهما

تعقب يطول ذكره، وذكر ابن بشير الطريقين دون تعقب، وقد يتعقب بأنه لا يلزم من عدم الخلو عن السمع سقوط الدعوة؛ لأن السمه ينسخ بعضه من بعضاً، فتجب الدعوة للإعلام بالنسخ، وبيان الناسخ، وبأنه لا يلزم من إدراك العقل وجوب التكليف بالتوحيد ووجوب الإرسال إدراك متعلق الدعوة، وعلى وجوب الدعوة لو قوتل من وجبت له دونها فقتل وسبي فطرق: ابن محرز عن سَحنون: لا دية ولا كفارة ولا ضمان. ابن محرز: كمن قتل مرتداً قبل استتابته. قيل: دمه هدر، ونحوه للصقلي، وحكاه المازري كأنه المذهب. قال: وقال بعض أصحابنا البغداديين: القائل بهذا لو قتل دونها من تمسك بمقتضى كتابه، وآمن بنبيه ونبينا صلى الله عليه وسلم وجهل بعثه؛ ففيه الدية، فإن أراد الدية الكاملة؛ فهو كقول الشافعي، وهو يجري على القولين في ثبوت حكم النسخ بنزوله أو بلاغه. قُلتُ: اللازم عليه ديته في دينه لا دية المسلم. ابن بشير: على مذهب المعتزلة لا دية فيها، وعلى خلو العقل من سمع تلزم الدية. وقال بعض البغداديين: لا نص فيه، وخرجه على القولين في خلو العقل من سمع. قُلتُ: الذي للباجي: قال ابن القُصًّار: ولا نص فيها لمالك. والأظهر عندي قول أبي حنيفة: لا دية، ولم يذكر تخريجاً. ابن رُشْد: إم قتل أو سبي قبل الدعوة من لم يبلغه أمر الإسلام، أو بلغه، وجعل ما يدعي إليه، وظن أن قتاله ليقتل أو يملك؛ رد في الأول ولا الثاني، وعلى قول جل أهل العلم أن جعوة الإسلام عمت العالم؛ سقط الأول. وفيها: فرق بين الروم والقبط. وقال: لا يقاتلوا ولا يبيتوا حتى يدعوا. عبد الحق: لأنهم لا يفقهون ما يدعوة إليه. زاد في تهذيبه: وأنكر بعضهم هذا، وقال: هم من أحذق الناس في الأعمال والحساب وغير ذلك؛ إنما العلة أنهم ركنوا بظلم في عهد كان لهم، وعزا ابن محرز الأول

للمذاكرين والثاني لابن شبلون القرافي: قيل: لشرفهم بسبب مارية وهاجر، وقوله صلى الله عليه وسلم: "استوصوا بالقبط خيرًا فإن لهم نسبًا وصهرًا". قُلتُ: تعليل وجوب دعوتهم بعدم فهمهم إياها متناف، وفي كراهة تبييت العدو وإجازته رواية ابن عبد الحَكم وقول محمد. اللخمي: من وجبت دعوته؛ منع تبييته، ومن استحبت؛ كره، ومن أبيحت؛ أبيح ما لم يخفف على المسلم؛ لجهلهم موضع العدو، وفي وصفة الدعوة طرق: عبد الحق عن ابن حبيب: إنما يدعو إلى الإسلام جملة، وإلى الجزية كذلك لا تذكر الشرائع إلا أن يسلموا، فيبين لهم، أو يسألوا عن الجزية فتبين لهم، وقاله الأخوان. الشيخ عن ابن حبيب: أمر صلى الله عليه وسلم أن يدعوا إلى الإسلام والصلوات الخمس، وصوم رمضان، والحج والزكاة. ومقتضى الروايات؛ إنما يدعى إلى الجزية من تقبل منه حسبما يأتي إن شاء الله. اللخمي: هي أقسام مرجعها أن يدعوا إلى الرجوع عن الوجه الذي به كفروا، ثم بعد ذلك إلى الصلاة والزكاة والصوم والحج؛ فإن أقر بالتوحيد والرسالة وأنكر الصلاة أو الزكاة أو الصوم أو الحج؛ فمرتد إن رجع للإقرار بذلك، وإلا ولم تقبل منه جزية. قُلتُ: هذا خلاف ظاهر نقل الموثقين عن المذهب. قال ابن فتوح وابن العطار وابن الهندي: من أجاب إلى الإسلام مجملاً، ولم يقر بالصلاة، ثم ارتد؛ لم يقتل إلا أن يثبت أنه صلى ولو صلاة واحدة. ابن الهندي: ويؤكده قول ابن عبد الحَكم: إن أسلم وحسن إسلامه، ثم رجع؛ استتيب. قال: فقوله: حسن إسلامه؛ يدل على اعتباره بالقول والعمل.

المتيطي: إن لم يوقف الإسلامي على شرائع الإسلام؛ فالمشهور أنه يؤدب ويشدد عليه، فإن أبي؛ ترك في لعنة الله، ولم يقتل، وقاله مالك، وابن القاسم، وابن عبد الحَكم وغيرهم، وبه القضاء. وقال أَصْبَغ في الواضحة: إذا شهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله، ثم رجع ولو عن قرب؛ فهو مرتد وإن لم يصل. المتيطي: لو اغتسل لإسلامه ولم يصل إلا أنه حسن إسلامه، ثم رجع عنه، فإنه يؤمر بالصلاة، فإن أبي، قتل، وقال ابن القاسم: لا يقتل حتى يصلي ولو ركعة. وفيها: لا توطأ الأمة من غير أهل الكتاب حتى تجيب إلى الإسلام بأن تشهد أن لا إله إلا الله أو تصلي. الشيخ عن سَحنون: من أجاب للإسلام أو الجزية؛ لم يؤمر بالتحول من محله إن كان تحت حكم الإسلام آمنًا من غيره وإلا تحول إليه. وفيها: لعليَّ رضي الله عنه: الدعوة ثلاث مرات، وفي الأمر بدعاء المحارب للتقوى قبل قتاله لمن لم يعالجه، والنهي عنه أولى روايتي اللخمي معها، وقول عبدالملك قائلاً: خذه من أقرب حاله مع ثاني روايتي اللخمي يجب على من لقي لصًا حرصه على قتله، ولو قطع على غيرك، وسلمت منه؛ وجب رجوعك إليه، ولو طلب ثوبًا أو ما خف، ففي إعطائه لترك قتاله رواية اللخمي معها، وقول عبد الملك: لا يعطه إن رجا دفعه، وخرجهما اللخمي على وجوب جهاده وعدمه، واختار إن كان غير مشهور؛ لم يبح قتله إلا لضرورة دفعه عن نفسه، وإن كان مشهورًا ممتنعًا بموضع إن ترك تحصن به، وعاد للحرابة تعين قتاله، وإن كان غير ممتنع ممن يريد قتاله، ولا يخاف على أحد منه؛ لم يقتل إلا أن يؤذن الإمام إلى قتاله، ولم يجب، وذلك للإمام. الشيخ: قال سَحنون: أجمع العلماء على جواز القتال في الشهر الحرام، وروى: لم أسمع أحدًا قال: لا يقاتل في الشهر الحرام، وروى سَحنون: لم يزل الناس يغزون الروم، وغيرهم وتركوا الحبشة، وما أرى تركهم إلا لأمر، فلا يخرج إليهم حتى يستبان أمرهم، فإن كانوا ظلموا؛ لم يقاتلوا، والاستعانة بالكفار في منعها ثالثها إن لم يكونوا منحازين بناحية للمشهور،

وابن رُشْد عن رواية أبي الفرج مع نقل عياض: قال بعض علمائنا: إنما كان النهي في وقت خاص. وابن بشير عن الشاذ واللخمي مع الشيخ عن ابن حبيب قائلاً: لا بأس أن يقوم بحربي يسالمه على من لم يسالمه. وقول ابن بشير: وعلى الشاذ في جوازه مطلقًا أو في الخدمة مطلقًا خلاف نصها: لا بأس أن يكونوا نواتية أو خدمًا، ولا يستعان بهم في القتال. وروى اللخمي: يجوز استعماله في خدمة أو صنعة. ابن رُشْد: لا بأس أن يستعار منهم السلاح، ولو استعين بهم؛ ففي الإسهام لهم طريقات: ابن رُشْد: إن كانوا مكافئين للمسلمين، أو هم الغالبون؛ قسمت الغنيمة بينهم وبين المسلمين قبل أن تخمس، ثم يخمس سهم المسلمين فقط. عياض: في الإسهام لهم إن كان جيش المسلمين إنما قوي بهم قولا سَحنون ومالك. وسمع يحيى ابن القاسم: لا أحب إذن الإمام لهم في الغزو، ولا يخمس ما غنموا، ولا يقسمه بينهم حكم المسلمين إلا أن يرضوا فيقسم بينهم قسم الإسلام، وإلا فأمرهم لأساقفتهم. قُلتُ: ظاهره: عدم اشتراط رضا اساقفتهم في القسم بينهم وفيه خلاف. ابن رُشْد: في منعه من الخروج، وتركهم دون إذن لهم قولا أَصْبَغ يمنعون أشد منع، ودليل السماع: لا أحب إذن الإمام لهم.

باب الديوان

[باب الديوان] والديوان: لقب لرسم جمع أسماء أنواع المعدين لقتال العدو بعطاء. وفيها: لسَحنون عن الوليد بن مسلم عن الأوزاعي: أوقف عمر والصحابة رضي الله عنه الفيء وخراج الأرضين للمجاهدين، ففرض منه للمقاتلين والعيال والذرية؛ فصار سنة، فمن افترض فيه ونيته الجهاد؛ فلا بأس به، وأسند سَحنون أن أبا ذر قال لمن قال له: لا أفترض: افترض فإنه اليوم معونة وقوة، فإذا كان ثمن دين أحدكم فلا تقربوه. وفيها: لم ير مالك بأسًا بمثل ديوان مصر، والمدينة ودواوين العرب. اللخمي: إن كان العطاء من مباح. قُلتُ: هو معنى قول مالك. اللخمي: ويستحب كون الغزو دون أجر، وسمع ابن القاسم: لا أرى لغني قبول فرس أو سلاح أعطيه في الجهاد، ولا بأس به للمحتاج. ابن رُشْد: قبول المحتاج أفضل إجماعًا لأنه من إعلاء كلمة الله بالقوة على الجهاد، وسمع ابن القاسم: من أعطي شيئًا في السبيل من الوالي؛ فلا بأس به. ابن القاسم: يريد: الخلفاء، وغيرهم لا يجوز الأخذ منه. ابن رُشْد: إلا أن يكون فوض لهم في ذلك. وفيها: بسند الوليد بن مسلم إلى ابن محيريز قال: (ذوو العطاء أفضل من المتطوعة لما يروعون). قُلتُ: في سنده ابن لهيعة وهو ضعيف، وحاصله الترجيح بكثرة العمل، فإذا اتحد كان دون عطاء أفضل.

ابن رُشْد: من أعطى شيئًا في السبيل؛ فالمذهب قصر صرفه في غزوه إلى بلوغه رأس مغزاه، وما فضل بعد بلوغه لا يرجع لملك معطيه، وفي جواز إنفاقه منه في رجوعه، وصرف باقيه في غزو غيره، وصيرورة كله ملكًا له، ثالثها: وجوب صرف كله في غزو غيره، ورابعها: إن أعطاه لينفقه فيه على نفسه رد باقية لربه، وإن أعطاه لينفقه فيه لا على نفسه؛ رد ما بقي في السبيل لا بن حبيب، وأحد قولي سَحنون مع فضل عن مالك وأصجابه، وسماع القرينين، وثاني قولي سَحنون، وعلى الثالث في استحباب صرفه هو لغيره في السبيل دون رده لربه؛ ليصرفه ربه في ذلك، وتخييره في الأمرين سماعًا ابن القاسم والقرينين. وسمعا: لو قال: أردت كون الفضل ملكًا للمعطي لسماع ابن القاسم ذلك في قوله صدق، وسمع ابن القاسم: لو قال: أردت كونه لي؛ صدق، ولو كان المعطي في السبيل فرسًا أو سلاحًا؛ ففي حمله على التحبيس حتى ينص على التبتيل وعكسه حكاية سَحنون رواية ابن القاسم وظاهر سماعه، وسمع: من أعطي شيئًا في حج؛ ففضله لربه. ابن رُشْد: الفرق عند مالك أن الغزو لا منتهى له وللحج منتهى، وعليه لو أعطي عينًا في غزاة معينة؛ رجع فضلها لربها، وسمع من تجهز لغزو، وبدا له أحب دفع جهازه لغيره. ابن رُشْد: ولو بدا له في تأخيره لخروجه في غزاة أخرى؛ رفعه لها، ولو خيف فساده رفع ثمنه لها إلا أن يكون موسرًا يجد مثل جهازه في غزاة أخرى، فليفعل به ما شاء، وسمع من أوصى بمال في السبيل أحب إلى أن يعطي من يغزو به من بلد الموصى من بعثه؛ ليقسم في الثغور والرباط خوف ضياعه بالطريق. ابن رُشْد: خير فيه في سماع أشهب في الوصايا. قُلتُ: لعله مع الأمن. وفيها: لمالك: لا بأس بجعل القاعدة من ديوان للخارج منه دونه، وربما لم يخرج لهم عطاء، وهو العمل عندنا. ابن القاسم: جعله لمن ليس من أهل الديوان لم أسمعه منه ولا يعجبني، وهو أشد كراهة من كراهته لمن يرابط مؤاجرة فرسه في غزو أو رباط، ولم يعجبه لمن معه في سبيل

الله فرس أن يؤاجره، والجعالة لمن في ديوان ليست إجارة؛ لأن عليهم سد الثغور. التونسي: لو عين الإمام من يخرج باسمه أو صفته؛ لم يجز أن يجعل لمن يخرج عنه إلا بإذنه، وينبغي إن أتاه بمن يقوم مقامه أن يقبله. الصقلي: وسهم الخارج بجعالة من ديوان واحد للجاعل، ولا للخارج، به أفتى شُيُخنا، وحكي عن بعض القرويين. قُلتُ: الأظهر أنه بينهما؛ لأنه لولا الجعالة احتمل وجوب خروج الجاعل بالقرعة فيكون الخارج أجيرًا، فيستحقه الجاعل، ويحتمل العكس فيستحقه الخارج، أما لو كانت المجاعلة بعد تعين الجاعل بقرعة، أو كان الخارج من غير ديوانه فكما قالوا، وفيه نظر؛ لأن قواعد الشرع تقتضي أن استحقاق الإسهام؛ إنما هو بمباشرة حضور القتال، أو الخروج له إن عاقه عن حضوره ما لا يقدر على دفعه، وتركه اختيارًا لا في مصلحة الخارجين يمنعه، وسمع القرينان في بعوث يتجاعل فيها؛ لخوفها كبعوث المغرب يغرم فيها القاعد للجاعل، فيكون اللوالي الحوى في بعضهم من أهل الفضل والصلاح جعله في ذلك الرفع؛ ليسلم من الغرم. قال: هذا شيء جعل للسلطان فهو أخف. ابن رُشْد: قد كره أن يحابي بعض أهل الفضل والصلاح بجعله في الذين يمسكهم للحاجة إلهم؛ ليسلموا من الغرم، وخففه إن لم يحاب، ولم يكن له بد من إمساك بعضهم للحاجة إليه، وذلك مكروه للسائل. وفيها: عن ابن عباس: لا بأس بالطوى من ماحوز لآخر إذا ضمنه الإنسان. قُلتُ: الطوى: المجاوزة. في المحكم: طوى المكان إلى المكان جاوزه. والماحوز: الناحية. في المحكم: كل ناحية على حدة حيز، وجمعه أحياز نادر، وقياسه حيائز بالهمز عند سيبويه، وحياوز بالواو عند أبي الحسن.

قُلتُ: ومعنى ضمنه الإنسان: أي: كفي فيه وقام بحربه. وفيها: ليحيى بن سعيد والليث: لو قال في الطوى: خذ بعثي وبعثك، وأزيدك دينارًا أو بعيرًا؛ فلا بأس به. قال عبد الرحمن بن شريح: يكره أن يعقد الطوى قبل أن يكتتبا في البعثين اللذين يتطاويان فيهما فيقول أحدهما للآخر: اكتتب في بعث كذا، وأنا أكتتب في بعث كذا، ثم يعقدان الطوى على ذلك، وأما بعد الكتابة؛ فلم أسمع من ينكره إلا من يفعله التماسًا للزيادة في الجعل. التونسي: كون ذلك قبل الكتابة غير متصور؛ لأنه لم يجب عليهما شيء يخرجان فيه، ولا فائدة في إعطاء أحدهما الآخر شيئًا في شيء لا يجب عليه وبعد الكتابة، وحضور الخروج جائز، وقبل حضورها يقول: خذ بعثي وآخذ بعثك، وما كان لي فهو لك، وما كان ذلك؛ فهو لي وأزيدك كذا، فهذا هو الدين بالدين، ولعله المعنى الذي كره أن يعقد الطوى قبل الكتبة، يريد: قبل حضور ما يأخذانه وحلوله. قُلتُ: يرد إلزامه الدين بالدين بأنه ليس يع في الرواية: ما كان لي؛ فهو لك، وما كان لك؛ فهو لي، إنما فيها: خذ بعثي وآخذ بعثك؛ حسبما مر، ومعناه: اخرج لبعثي بالمغرب، وأخرج لبعثك بالشام، وأزيدك كذا لسهولة بعث الشام؛ فالزيادة هنا لمكان السهولة كما كانت في الجعائل لمكان القعود، وعلى تسليم ثبوت ذلك في الرواية لا يلزم الدين بالدين؛ لأن ما يأخذانه إنما هو من معط واحد؛ لأنهما من ديوان واحد، وغالب العطاء من صنف واحد وهو العين، فإن تساوا عطاءاهما؛ فلا معاوضة، وآل الامر لمحض الزيادة، وإن اختلفا؛ صارت الزيادة من العطاء، ولا يدفعه من عنده، وإنما يتصور ذلك إن التزم كل واحد دفع ذلك من عنده في ذمته، ولو كان كذلك؛ كان ربا أشد من الدين بالدين، إلا أن يكون عطاء أحدهما من غير صنف عطاء الآخر، فيكون الدين بالدين، وحمل الأثر على ذلك بعيد، وهذا يرد توجيهه أثر عبد الرحمن بما ذكر، ووجهه أنه قبل الكتاب يؤدي إلى كذبهما عند الكتب وبعدها لا يؤدي إليه. وفيها: قلت: لو تنازعا في اسم في العطاء، فأعطى أحدهما الآخر دراهم على أن يدع له الاسم.

قال: قال مالك: من أراد بيع ما زيد في عطائه بعرض؛ لم يجز، فكذا مسألتك. التونسي: يريد: خرج العطاء لزيد بن عمرو فادعياه واسم كل منهما كذلك. اللخمي: إن كان تنازعهما قبل خروج العطاء يخير الإمام فيهما، وإن كان عند خروجه دون بعث وهما من ديوان واحد؛ تحالفا، وقسم العطاء نصفين، ومن نكل منهما اختص به منازعه الحالف، فإن أثبتا معًا فرق بين اسميهما، وإن كان حين بعث ... معينة هما منها؛ فكذلك، إلا أن يرى الإمام بعث أحدهما دون الآخر، فإن كان أحدهما ليس منها؛ كان العطاء للآخر إلا أن يرى الإمام خروج من ليس منها أولى، وإن كانا من بعث مبهم كقوله: يخرج بعث الثغر الفلاني، أو الجيش الفلاني؛ تحالفا كما مر ويخرجان أو يقترعان، فمن طارت قرعته خرج دون أخذ شيء من منازعه، واقتراعهما للتخفيف عليهما في عدم خروجهما معًا لا ليرد أحدهما على الآخر شيئًا؛ لأن حق الأمير إنما هو على أحدهما فقط. التونسي: لو كان تنازعهما في عطاء لخروج غير ثابت؛ تخير الأمير فيهما. وفيها: ما سمعت منه في الإدراب بالنساء لأرض الحرب شيئًا، وقال: لا بأس أن يخرج بهن إلى السواحل كالإسكندرية، ولا بأس عندي بالغزو بهن في عسكر أمين، سَحنون: ويخرج بأهله لأمين المواضع الكثير الأهل كالإسكندرية وتونس، وشك في سفاقس وسوسة، ولا يخرج لغيرهما من سواحلنا. وروى ابن حبيب تعليل النهي عن السفر بالقرآن لأرض العدو لخوف نيله العدو. ابن حبيب: لما يخشى من استهزائهم وعبثهم، وتصغير ما عظم الله. وقول اللخمي: اختلف في ذلك، فذكر قول مالك، وقول ابن حبيب يقتضي تباينهما وليس كذلك؛ لأن قول ابن حبيب تفسير لقول مالك. سَحنون: ولا يجوز ولا في جيش كبير. ابن حبيب: خوف نسيانه فيناله العدو. اللخمي: هذا استحسان، والغالب السلامة.

الباجي عن ابن الماجِشُون: لا يسعف الطاغية طلبه مصحفًا يتدبره، ولا يعلم كافر قرآنًا ولا كتابًا. محمد وابن حبيب: ولا بأس بقراءته عليه احتجاجًا. عياض: أجاز الفقهاء الكتب لهم بالآية، ونحوها في الكتاب يدعون به الإسلام والموعظة. أبو عمر: يجوز ذلك للضرورة. وفيها: لمن أحرق العدو سفينته طرح نفسه في البحر؛ لأنه فر من موت لآخر. ربيعة: صبره أولى، وقال أيضًا: لا يفر من موت لآخر أيسر. اللخمي عنه: له أن يثبت للموت ولا يفر للأسر. وروى أبو الفرج: لمن أظله العدو إلقاء نفسه في البحر. اللخمي: كلاهما غير بين، لا يلقي نفسه بنفس إتيانه العدو، والأسر مقدم على الموت، والطرح لخوف موت الحرق خفيف، والموت بما ينزل أولى منه بفعل نفسه. وفي وجوب أكل الميتة وإباحتها لخائف الموت بالجوع خلاف. قُلتُ: لم يذكر عز الدين ابن عبد السلام غير وجوب الأكل، وساقه مساق الاتفاق عليه، وهو ظاهر كلام الصقلي وغيره. قال عز الدين: إن استوت مدة الحياة في الإحراق والإغراق؛ فالأصح عدم لزوم الصبر على الأشد ألمًا؛ إنما يجب الصبر عليه إذا تضمن الصبر بقاء الحياة. قُلتُ: هذا إن تساوت الحالتان في الثبوت على ذكر الشهادتين وإلا ترجحت حالته. وسمع سَحنون ابن القاسم: لمن خاف نارًا أن يلقي نفسه في الماء فيموت ابن رُشْد: قاله مالك فيها: وربيعة مرة، ومرة قال: لا يحل، والصواب أن تركه أفضل وفعله جائز. ابن بشير: مارجي فيه السلامة من بقاء أو انتقال وجب. وفي جواز انتقاله في القطع بالتساوي قولان: التونسي عن سَحنون: لو بلغ من حصره عدو من الجوع ما أعجزه عن القتال، ولا

نجاة بأسر صبر للموت جوعًا، ولا يخرج لقتله العدو، وأشار لإجراء خروجه لقتله على الانتقال من موت لموت. وتعقب ابن عبد السلام عزو بعضهم هذا لابن سَحنون بأنه إنما ذكره الشيخ على أنه من كلام ربيعة، ولم يتعقب إجراءه. وفي تعقبه على بعضهم نظر؛ لأن التونسي ذكره نصًا لابن سَحنون، فالناقل عن التونسي برئ؛ لأنه نقل عن ثقة، ولفظ النوادر محتمل؛ لأن نصه بعد ذكره كلامًا لربيعة من الواضحة وكتاب ابن سَحنون. قال في كتاب ابن سَحنون: فيحتمل عود ضمير (قال) على ربيعة، ويحتمل أن يكون كلام ربيعة انقضى، وأتى بكلام ابن سحنون في كتابه على عادته، ويرد إجراء التونسي بأن الانتقال إنما أجازوه حيث لا يوجب تشفيًا للعدو بنيله قتل المسلم بيده. والأسير إن ترك بعهده ألا يهرب، أو لا يخون ظاهر أقوالهم لزومه اتفاقًا، وهو ظاهر قول ابن حارث: يجب على المسلم الوفاء بعهده العدو اتفاقًا. **** العقد ولو كان مكرهًا عليه، أو إن كان غير مكره؛ نقلا المازري عن الأشياخ: وإن ترك دون استئمان ويمين؛ فله الهروب بنفسه، وما أمكنه من قتل، وأخذ مال إن قدر على النجاة، وإن ترك بائتمان أو أيمان طلاق أو غيره، ففي كونه كذلك أو كالعهد، قالثها: له الهروب بنفسه فقط لابن رُشد عن المخزومي في المبسوطة مع ابن الماجِشُون، وسماع عيسى ابن القاسم مع سماعه أَصْبَغ والأخوين مع روايتهما. قُلتُ: وعزاه الشيخ لسَحنون وروايته، وعزا الصقلي الثاني لسَحنون، وعزا الشيخ والصقلي لمحمد: المواعيد كالعهد. وفرق اللخمي بينه وبين اليمين بخوف اعتقادهم عدم وفاء الإسلام بالعهد؛ إذ لا حل له، ولليمين حل بإيقاع موجب الحنث، ونحوه للتونسي.

الشيخ عن أشهب: لايحل سرقته ثوبًا دفعوه ليخيطه لهم. محمد عن ابن القاسم: له سرقة أموالهم لامعاملتهم بالربا. محمد: لاشيء عليه بعد خروجه فيما سرقه منهم، ويستحب صدقته بما أبى. وسمع عيسى ابن القاسم: لايخمس ماخر جبه. ابن رُشْد: قول محمد: هذا إن أسر من بلاد المسلمين، وإن أسر من غزو، وخرج إله خمس، بعيد على أنه ساقه تفسيرًا للمذهب. قلت للشيخ: عن ابن حبيب عن الأخوين مع مالك: إن هرب أسير الجيش ببلد الحرب لولا الجيش ماأمكنه هروب فيما هرب به من جملة الغنيمة إلا مال نفسه، وماكان وهبه، وهو مصدق فيما يدعيه بيمينه. ولو عوهد أسير على تخليته لإتيانه بمال وإلا رجع، فعجز عنه، ففي لزوم رجوعه ومنعه نقل ابن حارث مع الشيخ تخريج سَحنون على قول مالك في الرهن: بأيدينا يسلم أنه يرد الدين إليهم، وقول سَحنون. ابن حبيب عن الأخوين: ولو أطلقه العدو على أن يأتيه بفدائه، فله بعث المال دون رجوعه، فإذا لم يجد فداءً، فعليه أن يرجع، ولو عوهد على أن يبعث بالمال، فعجز عنه فاليجتهد فيه أبدًا ولا يرجع، وقاله أَصْبَغ. قُلتُ: الفرق بينهما شرط رجوعه في الأولى دون الثانية. سَحنون: لو عاهدوه على بعث الفداء، فإن عجز رجع فعجز، ففي لزم رجوعه قولا أصحابنا، وبالأول قال أشهب، وإنه لحسن، وربما تبين لي الآخر. سَحنون: لمن اسلم من حربي قتل من أمكنه من حربي وأخذ ماله، ولو أخذه ملكهم، فأنكر إسلامه، فتركه لا لمسلم دخل إليهم على أنه كافر، لأن إدخالهم إياه على ذلك أمان، لو ذكر للملك إسلامه فقال له: أنت آمن، أو زاد: والحق بأرض الإسلام، فإن لم يؤمنه المسلم، ولم يقل شيئًا، ولا فشا بالبلد تأمينه الملك، فله قتل من أمكنه، وأخذ ماله، ولو أخذ فقال: هو نصراني او جئت لأقاتل معكم، ففي جواز ذلك له ومنعه نقلا الشيخ قولي أهل العراق وسَحنون، وفي كتاب ابنه من دخل إليهم بأمان، ولو من أحدهم حرموا عليه، ولو أباح لهم ملكهم أخذ مالهم، ومن غدروه بعد تأمينه،

فله فعل ما أمكنه فيهم، ولو غدره عامتهم، فأنكر عليهم ملكهم، وغيره فهم على عهدهم. وفيها: لابن القاسم: لو نزل بنا عبد حربي بأمان فأسلم ومعه مال لسيده، فالمال للعبد لايخمس، وقد ترك النبي صلى الله عليه وسلم للمغيرة إذ قدم مسلمًا مالًا أخذه لأصحابه. أبن حبيب: عن أَصْبَغ: المال لسيده إلا أن يكون استأمن على الإسلام، ومامعه أول نزوله، فيكون كما لو هرب به مسلمًا، وقول ابن القاسم: أحب إلي. سَحنون عن أشهب: هو حر ولا يعرض لما بيده، وعليه الوفاء لربه برجوعه إليه بالمال وهو حر عليه، لأنه لو بعث أسير بتجر، فهو حر، ولايكلف الرجوع، ولايمنع مما في يده، وعليه الوفاء لباعثه بما خرج عليه. ****** المسلمين: فيه طرق، الأكثر واجب. الباجي: في وجوبه وكونه نفلًا قول جمهور أصحابنا مع مالك، وقول أشهب في الفداء يخمر لايدخل في نقل بمعصية. ابن بشير: سما نفلًا، لوجوبه على الكفاية لا الأعيان إلا أن يتعين، وسمع القرينان استقاذهم بالقتال واجب فكيف بالمال. زاد اللحمي في روايته مع سماع أَصْبَغ رواية أشهب، ولو بجميع أموال المسلمين. قُلتُ: مالم يخش استيلاء العدو بذلك، وفي المبدأ بالفداء منه طرق. ابن بشير: بيت المال، فإن تعذرت فعلى عموم المسلمين والأسير كأحدهم، فإن ضيع الإمام والمسلمون ذلك، وجب على الأسير من ماله. ابن حارث: عن ابن عبدوس عن سَحنون: يفدى المسلم من ماله، فإن لم يكن له مال، فمن بيت المال. اللخمي: أرى أن يبدأ بماله، ثم بيت المال، ثم الزكاة على المستحسن من المذهب، فإن لم تكن، فعلى المسلمين على قد أموالهم إن لم يستغرقها الفداء، فإن استغرقها فدي بجميعها.

وسمع القرينان: من رهنه أبوه، فمات ففداه مسلم، ليرجع بفدائه في قدر إرثه من أبيه أو على التركة قال: لو فداء الإمام. ابن رُشْد: يريد: من بيت المال، لأنه الواجب، فإن لم يفده، ولا أحد من المسلمين، فالواجب كونه من رأس مال أبيه، فإن قصر فعلى الابن، ويتبع به في عدمه على ظاهر الروايات. الشيخ عن سَحنون: إن رهنه أبوه في تجارة، فعليه فداؤه ويؤدب، فإن مات فمن تركته، وإن رهنه في مصلحة المسلمين، فعلى الإمام فداؤه. وفي الفداء بآلة الحرب: ومالايملك من خمر وخنزير وميتة، ثالثها: بالآلة مطلقًا لابما لايملك، ورأبعها: عكسه للشيخ عن سَحنون عن ابن القاسم، وابن حارث عن أشهب مع الباجي عنه مع ابن الماجِشُون وابن رُشْد عن قول ابن القاسم: هو بالخمر أخف منه بالخيل مع قول النخمي عن أشهب: يفدى بالخيل والسلاح لاالخمر والخنزير والميتة، وعسكه أبن القاسم فقال: لايصلح بالخيل وهو بالخمر أخف، وخامسها: لابن رُشْد عن ابن حبيب: يجوز بالخيل والسلاح مالم تكثر بحيث يتقوى به، وعلى الأول. قال ابن رُشْد والشيخ عن سَحنون: يأم الإمام أهل الذمة بدفع ذلك لهم، ويحاسبون به من جزيتهم، فإن أبوا، لم يجبروا، ولا بأس بابتياع ذلك لهم وهذه ضرورة، وفي الفداء بأسارى الكفار القادرين على القتال نقل ابن حارث عن سَحنون مع الشيخ عن الأخوين وأَصْبَغ قائلين: وإن كان المشرك ذا قدر عندهم ونجدة أن لم يرضوا إلا به، ونقل ابن رُشْد مع ظاهر نقل الباجي عن ابن القاسم: لايجوز بما يتقوون به، ونقل اللخمي قول أَصْبَغ بزيادة مالم يخش بفدائه ظهورهو على المسلمين، وخوف وقوع الضرر بقتالهم مغتفر. قال: عن ابن سَحنون: ويفدى بصغارهم أن لم يسلموا، وبالذمي إن رضي، وكانوا لايسترقونه، وعزا الشيخ عدم الفداء بمن أسلم من صغير لرواية ابن نافع. قال سَحنون: إن عقلوا الإسلام، وروى إن لم يكن معهم أحد أبويهم، فلهم حكم الإسلام.

وقول ابن عبد السلام: أنكر ابن حارث وجود الخلاف في الفداء بالأسارى، لم أجده له، بل ماتقدم مع قوله عن أشهب: لابأس أن يقبل في فدية رجال الكفار المال، وأنكره سَحنون، ومن فدى حرًا أجنبيًا، ولادليل على عدم اتباعه في رجوعه عليه وعدمه مطلقًا، ثالثها: على بيت المال، فإن تعذرت فعلى المسلمين، ورأبعهما: هذا إن كان عديمًا لسماع أًصْبَغ أبن القاسم مع أبن رُشْد عن ظاهر الروايات والموازيَّة وأبن بشير عن مقتضى عزو الباجي الأول لجمهور أهل المذهب مفسرًا قول غير الجمهمور بالقول يأخذ مافدي من لصوص مجانًا، ومقتضى القياس عن اللخمي، ومقتضاه عند ابن رُشْد، وعلى الأول في رجوعه به، ولو كان أضعاف ثمنه، وإن كره أو مالم يعلم صدق قوله: كنت قادرًا على الخروج دون شيء أو بأقل، وفدي دون أمره وعلمه، فلا يتبع بما كان قادرًا على الخروج دون قولان لسماع أَصْبَغ مع الموازيَّة واللخمي. الشيخ عن سَحنون: لو فداه ذمي بخمر أو خنزير أو ميتة، تبعه بقيمة ذلك وقيمة الميتة إن كانت مما يتمالكونه، وكذا لو اشتراه بذلك أو كافأه به عن هبته له. قُلتُ: لم والمكافأة تطوع؟ قال: لأنهم يقصدون الثواب، ولو فداء بذلك مسلم، لم يتبعه بشيء. زاد الباجي: يحتمل على قوله بإجازة الفداء بالخمر والخنزير أن يتبعه بثمن ذلك. قُلتُ: يرد احتماله بأن القاتل بعدم اتباعه سَحنون القائل بجواز الفداء بذلك، وإلا تناقض ولاتناقض، إذ لايلزم من الفداء به الاتباع، وأول قولي ابن الحاجب في رجوع المسلم عليه بالخمر ونحوه، وإن كان اشترى الخمر لذلك قولان لا أعرفه، وفي أخذه من قول الباجي محتمل بعده، ولم يحك ابن رُشْد غير الثاني، وقيد قول سَحنون في الذمي بكونه أخرج ذلك من عنده، ولو اشتراه، لتبعه بثمنه. الشيخ عن سَحنون: لو فدى جماعة فيهم ذو القدر والغنى وغيرهما، فإن علم العدو ذلك، وزرع الفداء على تفاوت أقدارهم وإلا فبا لسوية، وكذا لو كان فيهم عبيد ولربهم تركهم لفاديهم. الباجي: القريب غير ذي محرم كالأجنبي في اتباعه بفدائه. ابن رُشْد: اتفاقٌا، وذو محرم لايعتق كذلك إن كان بأمره ليتبعه به، وإلا ففي كونه

كذلك، وسقوط أتباعه ثالثها: إن جهله الفادي، ورابعهًا: إن لم يتوارثا لتخريج ابن زرقون من قول المغيرة: يتبعه في الكتابة، والباجي عن المذهب، والشيخ عن سَحنون مع ابن رُشْد من قولها: يرجع المكاتب بما ودى عن من معه في كتابته ممن لايعتق عليه مطلقًا، وتخريج ابن زرقون من قول أشهب لايرجع عليه، والباجي عن سَحنون مع ابن زرقون عن ابن حبيب عن مالك وأصحابه، وتخريجه من قول ابن كنانة لايرجع على ماودي عنه في كتابته أن وارثه، وذو محرم يعتق عليه يتبعه إن كان بأمره، وإلا فثالثها: إن لم يعلم، ورابعها: إن لم يعلم لم يتبعه، وإلا تخرج على لزوم الثواب بينهما، ونفيه لتخريج ابن زرقون من قول المغيرة يتبعه في الكتابة، والباجي عن المذهب والشيخ عن سَحنون محتجًا بأن الفداء ليس ملكًا، وإلا فسخ نكاح الزوجة بالفداء، واللخمي محتجًا بأنه قصد الشراء والملك. قلت: يرد باحتجاج سحنون وبامتناع الملك فيه ولذا قال فيها يحيى بن سعيد: من فدى ذمية، فلا يطؤها، وله عليها مافداها به، وهي على أمرها. اللخمي: لو أشهد قبل فدائه باتباعه تبعه اتفاقًا إلا أن يكون الأب فقيرًا، لأنه مجبور على فدائه، لأنه آكد من نفقته، وعزو ابن بشير الاتباع بأمر الفادي للمتأخرين قصور، لثبوته في الروايات حسبما ذكره السيخ وغيره، ونقل ابن الحاجب عدم رجوعه مع كونه بأمر المفدي والتزامه لاأعرفه، بل نقل الباجي الإجماع على اتباعه. الشيخ: سمع عيسى ابن القاسم: وروى ابن سَحنون عن المغيرة ومالك: من فدى زوجته، أو اشتراها من حربي، تبعها بفدائها إن جهلها. ابن حارث: اتفاقًا. ابن رُشْد عن فضل: لو قالت له: افدني وأعطيك الفداء وإلا فثالثها: إن امرته بفدائها لابن حارث عن ابن سَحنون عن سَحنون مع تخريج الباجي من إحدى روايتي القاضي بالثواب بينهما، وسماع عيسى ابن القاسم مع تخريج ابن رُشْد من قولها في المكاتب يؤدي كتابته ومعه أمرأته لايرجع عليها بشيء. والباجي عن سَحنون قائلًا: أصل ذلك من لايرجع عليه بثواب لا يتبعه بفداء

وعكسه عكسه، وتخريج الباجي على إحدى روايتي القاضي لاثواب بينهما. والشيخ يحيى بن يحيى مع ابن حبيب عن ابن القاسم ورواية الأخوين. زاد اللخمي في التخريج على رواية الثواب بينهما: بعد حلفه مافداها إلا ليتبعها. قال: ولو أشهد الفادي منهما باتباعه قبل فدائه تبعه اتفاقًا، ولم يعز ابن بشير القول بالاتباع إلا للتخريج على الثواب، وتبعه ابن عبد السلام، وتعقب التخريج بقوله: يمكن أن تسمح النفوس بالهدية لاالفداء، ولاسيما نزارة الهدية وكثرة الفداء، ويرد بإنتاجه نقبض ماادعاه الصقلي والشيخ. وروى أبن نافع في: أفدني وأضع عنك مهري وهو خمسون دينارًا، ففداها بعبد قيمته خمسون دينارًا: لاشيء له مهرها إلا أن يفديها جاهلًا أنها امرأته. قُلتُ: فرض جهلها مع وضع مهرها عنه متناف. وسمع يحيى أبن القاسم: لو قالت: افدني وأسقط مهري عنك، فإن لم تسم الفداء لم يحل، فإن فداها، فله فداؤه والمهر باق، فإن سمته، فإن كان المهر عينًا والفداء بعين من غير جنسه، لم يجز إلا تقبضه صرف الحال، ويعيده عليه للفداء، وإن كان بعين مماثلة للمهر مقاصة، جاز مطلقًا إن حل وإلا جاز بقدره وبأقل ضع وتعجل، وبأكثر ذهب بأكثر إلى أجل، ويعرض جائز إن عجل الفداء وإلا فدين بدين، وكذا إن كان عرضًا والفداء يعرض مخالف أو عين وإن كان طعامًا، لم يجز بغير صنفه بحال وبه بعد حلوله جائز مطلقًا وقبله بقدره فقط، وإلا جاء ضع وتعجل أو حط عني الضمان وأزيدك. ابن رُشْد: قوله: (ذهب بأكثر إلى أجل) لايصح، بل هو تعجيل حق له وزيادة عليه، وفي قوله: في الطعام جائز بقدره، وإن لم يحل نظر، إذ لايجوز أخذ طعام من سلم بغير موضع قبضه قبل أجله، فلا يصح قوله إلا إن أعطى الطعام في موضع شرط قبضه فيه، وإذا وجب الرجوع بالفداء. قال الباجي وأبن بشير: يرجع بالمثل في المثلي والقيمة في غيره. ابن عبد السلام: الأظهر المثل مطلقًا، لأنه قرض.

قُلتُ: الأظهر إن كان الرجوع بقول المفدي: افدني وأعطيك الفداء، فالمثل مطلقًا، لاأنه قرض نقله ابن رُشْد عن فضل، ولم يتعقبه في سماع عيسى من كتاب التجارة بأرض الحرب، وإن كان بغيره،. فقول الباجي: لأن السلعة المفدي بها لم يثبت لها تقرر في الذمة، ولاالتزامه قبل صرفها في الفداء، فصار دفعها كهلاكها في قولها: لو هلكت السلعة المستعارة للرهن عند المرتهن، وهي مما يغاب عليه، لاتبع المعير المستعير بقيمتها، وكقولها: إن دفع حميل بدنانير عنها سلعة، تبع الغريم بالأقل من قيمتها أو الدين. ابن بشير: لو جعل لفاديه جعلًا، فالمنصوص سقوطه، وينبغي إن تكلف مالا يلزمه، فله بقدر كلفته. الشيخ عن ابن حبيب: من قالت له زوجته: افدني ولك كذا، فلاشيء له إلا فداؤه. قُلتُ: خرج على المسألة بعضهم: أجر فادي مابأيدي اللصوص، وأجر غفير القافلة، وهي أحرى في قوافل التجر، ولو فداه وماله، فالفادي أحق به من غرمائه، وفي كونه، لأنه فداه أو لتعليق الفداء بذمته جبرًا نقلا الصقلي قول محمد أولّا، وعن عبد الملك مع تصويب محمد. قوله: فادى أم الولد أحق بما في يد ربها من غرمائه، ولو كان للمفدي مال، لم يفد معه، ففي اختصاص الفادي به فقلا اللخمي مع الصقلي عن عبد الملك، والشيخ عن سَحنون واللخمي مع ظاهر نقل الصقلي عن محمد. اللخمي: وعلى الأول له فداء نفسه بما خلفه، ولو كره غرماؤه، لتغليب درء ضرر الأسر، وخوف فننته في دينه، ولو اختلفنا في قدر الفداء، ففي كون القول قول المفدي مطلقًا أو إن أشبه، إلا فقول الفادي إن أشبه، وإلا ففداء المثل إن حلفا أو نكلا، ومن حلف دون صاحبه قبل قوله وإن لم يشبه، ثالثها: القول قول الفادي إن كان الأسير بيده مطلقًا، ورابعها: إلا ان يدعي مالا يشبه، فله فداء مثله لسماع عيسى ابن القاسم، وابن رُشْد عن قاعدة المذهب، وعن سَحنون وعن ابن أبي حازم، ولو أنكر انه فداه، وخرجا معًا من دار الحرب، أو ادعى كل منهما أنه فدى الآخر، فالقول قول منكر الفداء.

ابن رُشْد: إن كان منكر الفداء في يد مدعيه، قبل قوله. وسمع يحيى ابن القاسم: لو هرب أسير برقيق من دار الحرب، فادعى أحدهم أنه حر مسلم سبي صغيرًا، وهو فصيح ينتسب لقوم يخبر عن منازلهم، وشهد عدول بسبي صغير من هناك، ولا يدرون أهو هذا؟ لايقبل قوله إلا بيينة على عينه، أو أنه كان بدار الحرب مسلمًا. ويقاتل العدو بكل قاصر على مقابليه عادة. اللخمي: ويحرق سورهم ويرمون بالنار إن لم يمكن غيرها، وخيف على المسلمين منهم اتفاقًا، ولو خالطهم النساء والذرية، ويختلف إن طلبهم المسلمون، فدفعوا عن أنفسهم بالنار هل يرمون بها كمن لم يقدر عليه إلا بها؟ التونسي: انظر لو كان فيهم مسلمون هل يرمون لنجاة المسلمين منهم؟ وكيف إن كان معهم من المسلمين الاثنان فقط، والمسلمون عدد كثير، وموت الاثنين خير من موت عدد كثير، فلهذا وجه. اللخمي: أرجو خفته إن كان معهم النفر اليسير من المسلمين. ابن بشير: هذا على قوله يطرح الرجال بالقرعة من السفن للضرورة، وانكره المحققون، لتساوي الحرمة ولغو الكثرة. قال: ولو تترس العدو بمسلمين، وخفيف من تركهم استئصال جمهور المسلمين ففي تركهم ترجيحًا لدرء مفسدة قتل الترس، لأنها عاجلة ومفسدة استيلاء العدو آجله يمكن صرفها، وقتلهم ترجيحًا لدرء مفسدة كلية على جزئية قولان للشافعيَّة. قُلتُ: إنما ذكر أبن الحاجب خلاف الشافعيَّة حيث يكون ترك الترس يؤدي إلى هلاك كل الأمة لاجمهور الأمة. ابن شاس: لو تترس كافر بمسلم لم يقصد الترس، ولو خفنا على أنفسنا، فإن دم المسلم لا يستباح بالخوف، ولو تترسوا في الصف، وإن تركوا انهزم المسلمون، وخيف استئصال قاعدة الإسلام أو جمهور المسلمين، وأهل القوة منهم وجب الدفع، وسقطت حرمة الترس. قُلتُ: وقال الغزالي: غن كان ترك الترس يؤدي إلى قتل كل الأمة رمي الترس، لأنه

مقتول، ولو ترك وإن لم يؤد إلى قتل كل الأمة، لم يرم. قُلتُ: اعتماد منكري قول اللخمي والتونسي، إنما هو على أن القول بذلك قول بما شهد الشرع بإلغائه، لحكم الشرع بمساواة الواحد للكثير في الاحترام، ولعلهم أخذوه من قتل الجماعة المباشرة لقتل الواحد به كالواحد به، ومساوي المساوي مساوٍ على أن في ذلك خلافًا بين العلماء، وقد يجاب بمنع كونه مما شهد الشرع بإلغائه، أما في مسألة الرمي بالنار، فالأقل فيها تبع لمن وجب قتله، والتبعية شهد الشرع باعتبار جنسها أو نوعها، وشهادة الشرع بإلغاء الكثرة مع القليل، إنما تثبت حيث استقلال القليل، وعدم تبعيته، وذكر أبو عمر عن الشافعي قولًا برميهم، وإن تترسوا بأسرى، ولم يقيده بالخوف منهم، وأما في مسألة القرعة، فالقول بها إنما كان لشهادة الشرع باعتبار ارتكاب أقل الضررين اللازم أحدهما دون أكثرهما، كنقل عز الدين وجوب قطع يد من ألم بها يؤدي إلى إتلاف النفس مع اعتبار الشارع نوع القرعة، ومالايتوصل للواجب إلا به، فهو واجب، وإن لم يقع هذا الاضطرار إلى رميهم بالنار. فقال ابن رُشْد: إن لم يكن في الحصن غير المقاتلين، ففي جواز رميهم بالنار، ومنعه قولان لها، ولسَحنون مع رواية محمد بن معاوية، وعزاه اللخمي أيضًا لابن القاسم. ابن رُشْد: ويجوز تغريقهم ورميهم بالمنجنيق، وشبه ذلك اتفاقًا، ولو صحبهم النساء والصبيان فقط ففي جواز رميهم بالنار وغيرها، ثالثها، إلا رمي النار، ورابعها: المنع إلا رمي المنجنيق لابن مزين عن أَصْبَغ، وفضل عن ابن القاسم وأبن حبيب ولها، وعزا اللخمي الأول لمحمد قائلًا: إن لم يقدروا على أخذهم إلا بتحريق حصنهم أو تغريقه، وأحب إلى اجتناب النار. ابن رُشْد: ولو صحبهم أسرى مسلمون، فلا يحرقوا ولا يغرقوا. وفي جواز قطع الماء عنهم ورميهم بالمنجنيق، ومنعه قولا ابن القاسم مع أشهب وابن حبيب مع نقله عن مالك وأصحابه. قُلتُ: وعزاه الشيخ لسَحنون. ابن رُشْد: ولو صحبهم بالسفينة النساء والصبيان فقط، جاز رميهم بالنار اتفاقًا

ولو صحبهم الأساري فقولان لأشهب وابن القاسم. قوله: قول أشهب، يريد: ماتقدم للخمي فيما أنكر عليه إلا أن الشيخ نقل قول أشهب في الواضحة بقيد قوله: إن رمونا بها. اللخمي عن محمد: لاتدخن مطمورة، إنما بها النساء والذرية. اللخمي: إن كان لم يكن بها غير المقاتلة، جاز، ويختلف إن صحبهم النساء والذرية، ولو صحبهم أسرى، جاز مايرجى به خروجهم دون موت، فإن لم يخرجوا تركوا. الشيخ: كره سَحنون جعل سم في قلال خمر يشربها العدو. الشيخ: عن سَحنون: الإمام مخير في قتل أسارى العدو واسترقاقهم. ابن رُشْد: حاصل مذهب مالك تخيير الإمام في قتل الأسير واسترقاقه وفدائه، وضرب الجزية عليه، وعتقه بالاجتهاد في تحصيل الأصلح، فذو النجدة والفروسية والنكاية يقتل، وغيره إن كان ذا قيمة استرقه، أو قبل فيه الفداء إن ناف على قيمته، ومن له قوة على الجزية ضربها عليه، وإن لم تكن له قوة كالزمنى أعتقه، ولو جهل هل له نجدة أو فروسية أو غائلة أو لا؟ ففي قتله روايتان: الأولى: قول عمر رضي الله عنه. قُلتُ: هو ظاهر قولها: يقتل من الأسارى من لايؤمن منه، ألا ترى ما كان من أبي لؤلؤة. ابن رُشْد: ولو رأى الإمام خلاف ماقلناه باجتهاده، فله ذلك، كرأيه فداء ذي النجدة بكثير المال يتقوى به المسلمون. قُلتُ: نحوه نقل الصقلي عن محمد: لايفادى حربي علج من أهل الذكر والشجاعة إلا بمسلم مثله، فإن لم يكن أجتهد الإمام فيه، وخص اللخمي هذا التخيير بالرجال المقاتله. الباجي: مقتضى الاجتهاد في الشجاعة وذي الرأي قتله، وفي غيره إن كان صانعًا أو عسيفًا استبقاؤه، ومن رجي إسلامه، والانتفاع به من عليه. وفي جواز قتل الرجال غير المقاتلين كالأجير والفلاحين وأهل الصنائع نقلا اللخمي عن سَحنون وأبن حبيب مع ابن الماجِشُون وأبن القاسم وروايتة، ويجوز فداء

الرجال بأسرى المسلمين، وفيه بالمال نقلاً ابن حارث عن أشهب مع الباجي عن مالك، ونقلهما عن سحنون ابنه. قلت: فادي رسول الله صلى الله عليه وسلم أسرى بدر بالمال. قال: لمكة خصوص ليس لغيرها، دخلها رسول الله صلي الله عليه وسلم عنوة ولم يقسمها، ولا خمسها ومن على أهلها بلا مال، ولا إسلام، ولا نفعل ذلك اليوم. اللخمي: على منع جزية المشركين واسترقاقهم يخير فيما سواهما. قال: وفيها يسترق العرب إن سبوا كالعجم، ومنعه ابن وهب أحسن. سَحنون: من أمنه الإمام أو قسم؛ لم يقتل. قال: مع رواية ابن نافع أو أسلم، وروى ابن وهب: يدعى الأسير إلى الإسلام قبل أن يقتل، فلو قال: كنت مسلماً؛ لم يقبل إلا بينة. وفي الموازية: إن ترك قتل الأسير لرجاء فداء أو نفع أو دلالة أو سبب أو أخذوه يستخبرونه الخبر أو أبقوه لصنعة ظنوها فلم تكن؛ لم يقتل، ومترك ليرى الإمام فيه رأيه؛ فله قتله، وكذا في المختصر. وفي الموازية: أتى عمر بالهرمزان فكلمه فاستعجم فقال: تكلم ولا تخلف، فلما تكلم أراد قتله. قال له: قد قلت: لا تخف؛ فتركه. وسمع ابن القاسم: قدم بالهرمزان وجفينة علي عمر رضي الله عنه، فأراد ضرب أعناقهما فكلمهما فاستعجما عليه، فقال: لا بأس عليكما، ثم أراد قتلهما فقالا له: ليس ذلك إليه قد قلت: لا باس عليكما. ابن رشد: الهرمزان: سيد تستر حاصره أبو موسى في قلعة بها بعد أن دخلها، ثم أنزله على حكم عمر، فأتي به عمر فقال له: تكلم. فقال: كلام حي وميت؟ فقال: تكلم فلا بأس. فقال: إنا وإياكم معاشر العرب ما خلى الله بيننا وبينكم كنا نقصيكم ونقتلكم، فلما كان الله معكم؛ لم يكن لنا بكم يدان.

قال عمر: يا أنس ما تقول؟ قال: قلت يا أمير المؤمنين تركت بعدي عدداً كثيراً وشوكة شديدة، فإن تقتله ييأس القوم من الحياة، ويكون أشد لشوكتهم. قال عمر: استحيي قاتل البراء بن مالك، ومجزأة بن ثور، فلما خفت قتله. قلت: ليس إلى قتله سبيل. قلت: تكلم ولا بأس. قال: لتأتيني بمن يشهد لك، فلقيت الزبير، فشهد معي، فتركه عمر، وأسلم وفرض له. قلت: مقتضى قول مال: أن المحتج على عمر رضي الله عنه الأسيران لا أنس، ونقل ابن رشد عكسه، ومثله نقل أبو عمر، وقد يجمع بقوله: أنس أولاً، والأسيران ثانياً. وفيه قبول الحاكم الشهادة عليه بما نسيه وهو المذهب، ورأيت عمل بعضهم بخلافه، فالله أعلم. الشيخ في الموازية: لو أمر الإمام بالنداء على أسير، فبلغ ثمناً؛ فله قتله. أصبغ: هذا إن عرضه ليختبر ثمنه وإلا فلا. زاد ابن حبيب: إلا أن يكون هو الذي سأله البيع فأجابه إليه، فلا يقتله. محمد: عن أصبع عن أشهب: لو أسرت سرية أعلاجاً، فأدركهم أمر خافوا منه؛ فلهم قتلهم إن لم يكونوا استحيوهم، واستحياؤهم أن يتركوهم رقيقاً للمسلمين أو فيئاً لهم ليرى الإمام رأيه. ابن حبيب: وقتل الأسير بضرب عنقه، لا يمثل به ولا يعبث عليه. سحنون: قيل لمالك: أيضرب وسطه؟ قال: قال الله (عز وجل): {فَضَرْبَ الرِّقَابِ} [محمد: 4]، لا خير في العبث. قلت: وقتل ذمي بنقض العهد كقتل الأسير، ونزلت في ذمي ثبت بيعه أولاد المسلمين لأهل الحرب، فسأل السلطان الشيخين ابن قداح وابن عبد السلام. فقال ابن عبد السلام: يصلب ويطعن، وذكر قول مالك فيها: لم أسمع أحداً صلب إلا عبد الملك بن مروان، فإنه صلب الحارث الذي تنبأ، وهو حي وطعنه بالحرية بيده، ففعل ذلك، ومقتضى رواية سحنون: ضرب عنقه.

وفي مراسيل أبي داود عن إبراهيم التيمي أنه صلى الله عليه وسلم صلب عقبة بن أبي معيط إلى شجرة. فقال: يا رسول الله أنا من بين قريش؟ ال: نعم. قال: فمن للصبية؟ قال: النار، والتمسك بهذا في صلبه الأسير أبين. الباجي: لا يمثل بالأسير في قتله؛ بل يضرب عنقه إلا أن يكونوا مثلوا بالمسلمين. سحنون: قيل لمالك: أيعذب الأسير إن رجي أن يدل على عورة العدو؟ قال: ما سمعت ذلك. قلت: في حديث لمسلم في غزوة بدر: فانطلقوا حتى نزلوا بدراً، ووردت عليهم روايا قريش، وفيهم غلام أسود لبني الحجاج فأخذوه، فكان أصحاب رسول الله صلي الله عليه وسلم يسألونه عن أبي سفيان وأصحابه فيقول: ما لي علم بأبي سفيان، ولكن هذا أبو جهل وعتبة وشيبة وأمية بن خلف، فإذا قال: هذا ضربوه، فقال: نعم أنا أخبركم، هذا أبو سفيان، فإذا تركوه سألوه، قال: مالي بأبي سفيان علم، ولكن هذا أبو جهل وعتبة وشيبة وأمية بن خلف في الناس، فإذا قال: هذا أيضاً ضربوه، ورسول الله صلي الله عليه وسلم قائم يصلي، فلما رأي ذلك الضرب قال: "والذي نفسي بيده لتضربونه إذا صدقكم وتتركونه إذا كذبكم". الحديث. عياض: فيه جواز ضرب الأسير لمعنى يوجب ذلك، وليستخبر ما عنده من أمر العدو. سحنون: لا يجوز حمل الرؤوس من بلد لأخر، ولا حملها إلى الولاة، وكره أبو بكر حمل رأس القبريط إليه من الشام، وقال، هذا فعل الأعاجم. وفي قتل النساء والصبيان عن قاتلوا ثالثها: إن قتلت المرأة أو الصبي إن راهق، للخمي عن سماع يحيى ابن القاسم وسحنون في المرأة، فألزمه اللخمي الصبي، وعن

أصبغ، وعزاه الشيخ لابن حبيب. وللصقلي عن سحنون: لا يقتل الصبي والمرأة إن قاتلا بخلاف الراهب والشيخ الكبير. الشيخ عن سحنون: في قتل الصبي المنبت قولاً أكثر أصحابنا وابن القاسم. الشيخ عن ابن حبيب: قتال المرأة المعتبر بالرمح والسيف وشبهه، وقتالها بالرمي من فوق الحصن لا يبيح قتلها إلا أن تكون قتلت، وروى ابن نافع في النساء والصبيان يرمون حصن المسلمين بالحجارة أيقتلون؟ قال: نهى صلي الله عليه وسلم عن قتلهما. عياض: في كون قتالها بالحجارة كالسلاح قولا أصحابنا، ولم يعزهما ابن بشير لأحد، وفي قتل الزمن العاجز عن القتال المجهول كونه ذا رأي ثالثها: إن كان في جيش لا في مستوطن لسحنون وابن حبيب واللخمي. قلت: ظاهر نقل الشيخ عنهما: من علم عجزه عن القتال والرأي لا يقتل، ومن علم أنه ذو رأي؛ يقتل. في الموازية: عن عبد الملك: يقتل الشيخ الكبير ذو الكيد. محمد: إن عرف بذلك وإلا تركه أحب إلي. سحنون: المريض الشاب والمجنون يفيق أحياناً، والأجذم يقبل ويدبر كصحيح، ومن أبطله الجذام كشيخ فانٍ، ومفلوج لا حراك له لا يقتلون غلا من له رأي. ويقتل كل مقاتل حين قتال: ابن سحنون: ولو كان شيخاً كبيراً. وسمع يحيى ابن القاسم: وكذا المرأة والصبيان. ونقل ابن الحاجب: منع قتلها حين قتالها لا أعرفه. ابن سحنون: وقتال الصبي غير المطيق للقتال لغو إنما هو ولع. سحنون: إن قاتل هو والمرأة يرمي الحجارة رمياً بذلك ولو قتلا. وأنكر قول الأوزاعي: يقتلان حين حراستهما الحصن. سحنون: من قتل من لا يقتل بدار الحرب قبل صيرورته مغنماً؛ استغفر الله، وبعدها يغرم قيمته للمغنم، والراهب المخالط للعدو.

قال ابن حبيب مثله. اللخمي: هو ظاهر قول مالك فيها. قلت: بل كل ظاهر الروايات، والمباين كذوي الصوامع المشهور محترم. اللخمي: روى محمد: لا ينزل من صومعته. ابن حبيب: لاعتزالهم عن محاربة المسلمين لا لفضل ثبت لهم؛ بل هم أبعد عن الله من أهل دينهم؛ لشدتهم في كفرهم. ابن رشد: وابن حارث عن مالك: يقتل الرهبان؛ لأن فيهم التجبير والنقض للدين، وعلى المشهور سمع القرينان: رهبان الديارات والصوامع سواء. وفي كتاب ابن سحنون: إن وجد الراهب في دار أو غار؛ فهو كأهل الصوامع. قيل: كيف يعرف؟ قال: لهم سيما يعرفون بها. وإذا وجد العلج قد طين على نفسه في بيت في موضعه، وله كوة ينظر منها؛ فهو راهب لا يعرض له. سحنون: إن صح عن راهب أن أهل الحرب يأخذون عنه الرأي، قتل، وإن وجد منهزماً مع العدو، وقد نزل من صومعته، فقال: إنما هربت خوفاً منكم؛ لم يعرض له. ابن نافع: قيل لمالك: تمر سرية المسلمين براهب، فيخافون أن يدل عليهم، فيأخذونه معهم، فإذا أمنوا أرسلوه. قال: ما سمعت أنه ينزل من صومعته، وما أدعاه من قال قدر كفايته ترك له، وما كثر وجهل صدق دعواه أنه له، أخذ الزائد منه على قدر كفايته. وفيما علم صدقه فيه طريقان. ابن رشد وغيره: في تركه له، أو قدر ما يستر عورته، ويعيش به الأيام قولان لنص سماع ابن القاسم في رسم اغتسل، وقول سحنون فيه، وفي الشيخ الكبير، وهو نحو قولها. ابن رشد: ومعنى سماع ابن القاسم في رسم الشجرة يترك له من ماله ما يصلحه البقرتان تكفيان الرجل، ولو قبل قوله ادعى الكثير فيما لا يعلم صدقه فيه.

قال: وقال بعضهم: كل المذهب كقول سحنون وقولها، وسماع اغتسل في اليسير لا الكثير، وسماع الشجرة فيما علم أنه له. قال: والصواب ما قدمناه، واللخمي كابن رشد، وصوب ترك ما علم أنه له ولو كثر. قلت: الذي للشيخ عن سحنون: يترك له ما يستر عورته، ويرد عنه البرد، وما يعيش به من الطعام لا بقيد الأيام، ثم قال: عن سحنون، إن وجدت سرية بصومعة راهب طعاماً، فاحتاجوا إليه أخذوا منه، وتركوا له قدر عيشه الأشهر، وما وجدوا من مال خبأه عنده الروم أخذوه، ولا يستحل بذلك دمه. قلت: فقوله: الأشهر خلاف نقل ابن رشد عنه الأيام. وفي لغو ترهب المرأة واعتباره كالرجل نقل اللخمي مع الشيخ عن سحنون وسماع القرينين: وفيمن أخذ من أهل الحرب دون قتال مقبلاً إلينا يدعي مجيئه لما يوجب حرمته من سلم طرق: ابن رشد: تحصيل اضطراب أقوالهم إن كان أظهر ذلك قبل أخذه؛ صدق اتفاقاً، وقبل قوله أو ورد لمأمنه، وإلا ففي كونه فيئاً يرى فيه الإمام رأيه، ولو بالقتل أو لا، فيخير الإمام في قبول قوله أو رده لمأمنه، ما لم يبن كذبه كدعوى التجر ولا سلع، إلا آلة الحرب إن أخذ ببلد الحرب وإلا ففيء، وإن أخذ ببلد الإسلام إن كان بحدثان قدومه، رابعها: وإن طال الأشهب ويحيى بن سعيد. فيها: مع ظاهر قول مالك فيها، وسحنون وسماع عيسى ابن القاسم، وسماعه يحيى، وخامسها: إن كان من بلد عادتهم الاختلاف لما ادعي قبل قوله أو رد لمأمنه، وإلا كان فيئاً لابن حبيب مع نقله رواية المدنيين والمصريين وربيعة فيها، وسحنون في سماعه، وعيسى في تفسير ابن مزين، وإليه نحا ابن القاسم فيه. وفيها: قال مالك في رومي أخذ فقال: جئت أطلب الأمان: هذه أمور مشكلة وأرى رده لمأمنه. قيل: من أخذ حربياً دخل بلد الإسلام دون أمان أيكون له أن فيء؟ قال: لم أسمعه من مالك إلا أنه قال فيمن وجدوا بساحل المسلمين زعموا أنهم

تجار لا يصدقون، وليسوا لمن وجدهم: ويرى الإمام فيهم رأيه. وفيها: إن نزل تاجر جون أمان قال: ظننت أنكم لا تعرضون لمن نزل تاجراً. قال: هذا كقول مالك أولاً إما قبل قوله أو رد لمأمنه. وروى ابن وهب فيمن وجدوا بساحل المسلمين زعموا أنهم تجار لفظهم البحر، وتكسرت سفنهم، أو يشكون شديد العطش، ومعهم السلاح، فينزلون للماء لا خمس فيهم: ويرى الإمام فيهم رأيه. الصقلي: من نزل تاجراً لظن الأمن قبل قوله أو رد لمأمنه، ومن تكسرت سفينته أو نزل العطش، وإنما معه السلاح فيء يقتل إن رآه الإمام اتفاقاً فيهما، وإلا فذكر بعض ما تقدم. اللخمي: إن قام دليل صدقه أو كذبه؛ عمل عليه، وغلا فرأى مرة أنه أسير بنفس الأخذ، ومرة قبل قوله، وهو أحسن. فوجود الكتاب مع مدعي الرسالة، ووجود من يفدي مع مدعي الفداء أو ثبوت قريب له بالموضع الذي قصده دليل صدقه، وعدمه دليل كذبه، والقائل: جئت أطلب الأمان؛ إن خرج إليهم عسكر، ووجد على طريقه، ولا سلاح معه مشكل أمره، وإن أخذ غير مقبل إلينا، أو لم يخرج لهم عسكر ففيء. قلت: للشيخ: وظاهره لعبد الملك في كتاب ابن سحنون: لو نزل علج من معقله إلى ما لا يحصنه من المسلمين، فناداهم بالأمان؛ أمن أو ورد لمأمنه، ولو كان معه سلاح، ولم يرد عليه هيئة من يريد قتالاً، لو جاء سالاً سيفه، مسنداً رمحه، فلما صار فيما لا يحصنه طلب الأمان؛ فهو فيء؛ وإنما هذا على ما يظهر من العلامات، وما كان مشكلاً رد إلى مأمنه، ومقابل الأصح في قول ابن الحاجب: ومن وجد بأرض المسلمين أو بين الأرضين وشك في أنه حرب أو سلم، فقال: هذا مشكل، وعلى أنه حرب؛ لا يجوز القتل على الأشهر، وإن حصل الظن بأحدهما؛ عمل عليه على الأصح، لا أعرفه. وظاهر الروايات وقول اللخمي ونحوه للتونسي وابن بشير بنفيه. وأما القتل فقال ابن عبد السلام: الذي رأيت لبعض من يحقق النقل من الشيوخ اختلف في القتل، فعلى قول ابن القاسم لا يقتل، خلافاً لابن الماجشون، وعادتهم في

هذه العبارة أنها تستعمل في التخريج، ولكن جعل هذا الشيخ محل الخلاف المذكور فيمن قامت أمارة على كذبه، فيكون الأنسب لهذا الخلاف كونه عند قول المؤلف: على الأصح، وما وجدت من تكلم على هذه المسألة ممن يعتبر نقله ذكر قولاً بالقتل في محل الإشكال، وإذا انتفى القتل عن محل الإشكال، فنفيه عن محل أمارة صدق الرومي أولى، وكلام المؤلف يدل على الخلاف فيه وهو شيء لا يوجد. قلت: ما ذكره من الخلاف فيمن قامت أمارة على كذبه خلاف ما تقدم للصقلي من نقل الاتفاق على أنه فيء يقتل، وعادة الشيوخ في النقل الغريب تعيين قائله، فلو عين لنا هذا الشيخ المحقق. وقوله: ما وجدت من ذكر قولاً بالقتل في محل الإشكال. قلت: ذكره غير واحد، قد تقدم لابن رشد في أول أقوال نقله أنه يقتل نصاً، وهو ظاهر قوله بعد ذلك أنه فيء، وللشيخ عن الواضحة في ثلاثة متسلحين دخلوا قرية آخر عمل الإسلام. قلت: وفي العتيبة أيضاً وغيرها خلاف ذلك في سماع عيسى المذكور فيه. تحصيل ابن رشد خلافه قال فيه: إن أخذ بعد طول مقامه بأرض الإسلام؛ فهو رقيق يرى فيه الإمام رأيه، ولا يقتله إلا أن يعلم أنه جاسوس. وللشيخ عن الواضحة أيضاً: لو أخذ حربي فقال: جئت لتجر أو فداء؛ فإن كان اعتاد المجيء، وجاء مطمئناً قبل قوله أو رد لمأمنه إن أخذ بحدثان وصوله، وإن كان بعد طوله رق، ولم يقتل إلا أن يتهم بتجسس، وإن لم يكن معتاداً للمجيء فهو فيء أينما أخذ، وقاله أصبغ وأشهب. اللخمي: إن احتيج في أخذ من نزل للعطش لقتالهم، فإن كانوا بحيث ينجون بأنفسهم؛ لبقاء سفنهم ووجود الريح فهم غنيمة لآخذهم فقط أن استقلوا بأخذهم، وإن لم يقدروا على أخذهم إلا بكونهم قرب قرية المسلمين؛ فهم غنيمة لجميعهم كغنيمة سرية جيش، وإن كانوا بحيث لا ينجون؛ فهم فيء كأسارى قاتلوا. محمد: روى أشهب في مراكب تكسرت وجد فيها عين وغيره إن كان مع العدو؛ فهو مثله، وإلا فلواجده، ويخمس إن كان بقربه قرية العدو، وإلا خمس الذهب والفضة

فقط، ونقله التونسي بزيادة: إلا أن يكون يسيراً. قال: وهذا خلاف المعروف له في الركاز. قال: وجعل العروض لا شيء فيها؛ يريد: على أحد الأقوال في ركاز العروض، ولم يجعل جملة الناس ملكوا العروض إذا كانت منفردة، فيكون النظر فيها إلى الإمام؛ لأنها مما يغيب ويخفى، فأشبهت الركاز والرجال لا يغيبون ولا يخفون، فأشبهوا ما جلا عنهم الروم من الأرضين؛ فصارت ملكاً للمسلمين لا لمن سبق إليها. وفي محل ارتفاع أمان من خرج من محل تأمينه إليه طريقان. الصقلي: بعد ذكره روايات في ارتفاع تأمينه ببلوغه بلده أو قربه قولان. قلت: ثالثها: بلوغه محل ارتفاع خوف الإسلام، لها ولنقله عن ابن الماجشون ومحمد مع أصبغ وسحنون ومالك وابن الماجشون أيضاً، ويمكن رد الثالث للثاني؛ ولذا لم يذكره الصقلي في تحصيله مع ذكره إياه قبل تحصيله، ولو رجع بعد بلوغه أمنه. ففي كونه حلاً لمن أخذه، أو تخيير الإمام في إنزاله آمنا أو رده، ثالثها: إن رجع اختياراً، للصقلي عن ابن حبيب عن ابن الماجشون، ومحمد وابن حبيب عن عبد الملك. ابن رشد: قول سحنون: يرتفع تأمينه ببلوغه من البحث موضع الأمن، وإن لم يصل إلى بلده. قيل له: لا يأمن اليوم إلا ببلده؛ لكثرة سفن الإسلام. قال: إن كان الأمر كذلك فحتى يخرج من البحر، ويبلغ محل أمنه ينبغي كونه تفسيراً لها إذا لم يفرق فيها هذه التفرقة، ولما في سماع عيسى، ويتخرج عليه ما غنمه العدو من بلاد المسلمين، ثم غنمه المسلمون منه قبل وصوله به بلده هل يقسم إذا لم يعرف ربه أم لا؟ وهل يأخذه ربه وإن قسم بغير ثمن أو لا؟ اختلف في ذلك عندنا. وفي كون حكمه مع سلطان غير الذي أمنه؛ كالذي أمنه وكونه حلاً له مطلقاً قول مالك فيها مع غيرها، ونقل اللخمي مع الصقلي عن ابن الماجشون. ابن بشير: إن كان مؤمنه الإمام الأعظم، فغيره مثله؛ وإلا فقولان. ابن سحنون عنه: إن أمن حربي بأن أنه عين؛ فالإمام قتله أو استرقاقه إلا أن يسلم

ولا خمس فيه. اللخمي: إن أدى تجسسه قتل؛ قتل، ولو كاتب ذمي أهل الحرب أحوال المسلمين؛ سقط أمانه. سحنون: يقتل نكالاً. اللخمي: يريد: إلا أن يرى الإمام استرقاقه، ولو ثبت أن مسلماً عين لهم، فللخمي خمسة: روى العتبي: يجتهد فيه الإمام. ابن وهب: يقتل إلا أن يتوب. ابن القاسم وسحنون: لا توبة له. عبد الملك: إن كانت منه مرة وظن جهله وعدم عوده، وليس من أهل الظن على الإسلام؛ نكل، والمعتاد يقتل. سحنون: قال بعض أصحابنا، يجلد ويطال سجنه، وينفى لما بعد عن دار الحرب. الصقلي عن محمد: إن كان بقوله مظاهرة على عورة المسلمين وإلا سجن حتى تعرف توبته. اللخمي: قول مال: يجتهد؛ حسن، فإن علم به قبل إعلامه أهل الحرب أو بعده، وتحرز المسلمون، فكف العدو عن الإتيان عوقب ولم يقتل، فإن خيف عوده لمثل ذلك؛ خلد في السجن، وإن دل على موضع استباح منه العدو المسلمين، أو قتل مسلماً، أو لم يدل عليه وعلم به بعد قتل العدو من المسلمين؛ قتل إلا أن يعلم عزم العدو على الإتيان دون قوله، ولو يؤثر قبله شيئاً فلا يقتل. وسمع ابن القاسم في مسلم أخذ، وقد كاتب الروم بأخبار المسلمين: ما سمعت فيه شيئاً، ويجتهد الإمام فيه. ابن القاسم: تضرب عنقه ولا توبة له. ابن رشد: قول ابن القاسم صحيح؛ لأنه أشد فساداً من المحارب، ولقولة

عمر رضي الله عنه في حاطب: دعني أضرب عنق هذا المنافق، فلم يرد رسول الله صلي الله عليه وسلم قوله؛ إلا بأنه شهد بدراً مع تصديقه صلي الله عليه وسلم حاطباً في عذره بالوحي، ومعنى قول مالك: يجتهد فيه أي في قتله وصلبه فقط. وفيها: لمالك: لا بأس بحرق قراهم وخرابها وقطع الشجر مطلقاً. ابن حبيب: قال مالك وأصحابه: إنما نهى الصديق رضي الله عنه عن ذلك بالشام لعلمه مصيره للمسلمين، وما لا يرجى لهم ينبغي خرابه وتحرق زروعهم وحصونهم بالنار، أصبغ: هو أفضل من تركها. ابن سحنون: روى ابن القاسم: تخريب كنائسهم أحب إليّ، وتكسر صلبانهم. وفي تحريق النحل وتغريقها وكراهة ذلك ثالثها: الوقف عن تحريقها للشيخ عن روايتي ابن حبيب راوياً: لطالب عسىلها تغريقها لخوف لذعها، ونقله عن ابن سحنون، ورواية ابن نافع. وفي التلقين: لا تمس النحل إلا أن تكون من الكثرة بحيث يؤثر إتلافها، فخص المازري الخلاف بالكثير، وما ضعف المسلمون عن حمله إن كان متاعاً فيها أحرق. ابن حبيب: إن ضعف عنه الأمير، ولم يجد فيه ثمناً؛ أعطاه، فإن لم يقبله أحد؛ أحرقه، فإن لم يحرقه؛ فهو لمن حمله. ابن رشد: اتفاقاً، وإن كان ماشية أو دواب ففي إتلافها بالعقر دون ذبح ولا نحر، أو بما تيسر من ذلك، أو تسريحها سليمة، رابعها: ذبحها أحسن، وخامسها: يكره كتعرقيبها؛ بل يجهز عليها لسماع ابن القاسم.

وقولها: بزيادة، وكذا ما ضعف عنه ربه. وابن رشد عن رواية ابن وهب مع الباجي عنه لا عن روايتهن واللخمي مع نقله عن سحنون مع ابن عبد الحكم، والصقلي مع الباجي عن ابن حبيب مع المدنيين قائلاً: لأن الذبح مثله، والتعرقيب تعذيب، ومنع الباجي كونه مثله. قال: وإنما كره؛ لأنه ذريعة لإباحة أكلها. وفيها: لم أسمع حرقها بعد ذبحها. اللخمي: إلا أن يخشى إدراكها العدو قبل فسادها. الباجي: إن كانوا يأكلون الميتة؛ فالصواب حرقها. اللخمي: ويترك صغير الآدمي والمرأة والشيخ الفاني، ويقتل الرجال إلا مَنْ مُن عليه بالحياة والرق. وسمع أصبغ أشهب في سرية أصابوا أعلاجاً، ثم أدركهم ما أدركهم، فخافوا أن يعينوا عليهم: لم يجز لهم قتلهم إلا أن يقاتلوهم إن كانوا استحيوهم، وإلا فلهم ضرب أعناقهم، واستحياؤهم تركهم رقيقاً أو فيئاً للمسلمين، وتخييرهم، وتركهم لتخيير الإمام فيهم بالقتل يبيح لهم قتلهم، وقاله أصبغ. ابن رشد: هذا صحيح على أصولهم. قلت: انظر لو كانوا بحيث إن تركوهم للحوق من أحسوا به هلكوا بمجموعهم **** إتلافه مما ينبغي إتلافه إن كان غنيمة؛ فهو لم حمله. ابن رشد: اتفاقاً. قال: وإن كان ملك بشراء أو قسم، وحمل من أرض الحرب، ففي كونه كذلك أو لربه وعليه أجر مؤنته إن شاء. قولا ابن حبيب وأصبغ مع سحنون: وإن حمل من أرض الإسلام، فالثاني اتفاقاً إلا في الشيخ والعجوز. قال ابن حبيب: تركهما عتق. وعزا الشيخ واللخمي قول سحنون لأشهب. زاد الصقلي عن ابن حبيب: تعليل قوله في الشيخ والعجوز بأرض الحرب غير

باب الأمان

عتق: بأنه لم يملكهما ملكاً تاماً، وتعقبه بأنه تام؛ لأن له أن يطأ ويبيع، ولو أعتق؛ لم يكن له فيه رجوع. ابن سحنون عنه: ينبغي توكيل الإمام في دخوله دار الحرب رجالاً يلحقون من تخلف، ويقفون على الضعيف، ومن معه دابة لا فضل فيها ألحقوه بالناس دونها، ولهم ذبحها ولا ضمان عليهم، ولو ألحقوا من اشترى نعماً أو خيلاً من المغنم دونها لعجزه عن اللحوق بها، ثم مر بها سرية لحقوا الناس بها؛ ضمنوا ما هلك منها إن كان علموا بالسرية وإلا فلا، ولربها أخذا ما بلغ منها بعد دفعه ما أنفق عليها من حملها إن أنفق عالماً أنها لمسلم، ولو حملها ظاناً أنها للعدو غنيمة؛ فلا نفقة له كعبيد غنموها بأن أنها لمسلم له أخذها دون غرم نفقتها، لو قسمت أخذها بالثمن دون نفقة. قال أكثر أصحابنا: من وقفت دابته فتركها، وأنفق عليها رجل؛ فربها أخذها بغرم نفقتها، والقول قول المنفق فيما يشبه، فإن اختلفا في المدة أو قال ربها: لا أدري؛ فالمنفق مدع لا شيء له إلا ببينة أو إقرار ربها. وقال ابن كنانة: إنما يغرم النفقة أن كانت يسيرة، وما كثر؛ لم يلزمه؛ إذ ليس له حبسها حتى تذهب في نفقتها. وفي الروايات وأقوال الرواة والأشياخ: لفظ الأمان والمهادنة، والصلح والاستئمان، والمعاهدة والعهد، ومنها متباين ومترادف. [باب الأمان] فالأمان: رفع استباحة دم الحربي، ورقه وماله حين قتاله، أو العزم عليه مع استقراره تحت حكم الإسلام مدة ما، فتدخل الأمان بأحد الثلاثة؛ لأنه رفع

لاستباحتها لا المهادنة، وما بعدها وهو من حيث استلزامه مصلحة معينة أو راجحة أو مفسدة أو احتمالها مرجوحاً واجب، أو مندوب أو حرام أو مكروه، وتبعد إباحته؛ لأنها لا تكون إلا عند تحقق عدم استلزامه إحداهما أو تساويهما وهو عسير. اللخمي: هو لأمير الجيش باجتهاده بعد مشورة ذي الرأي منه كان على الرحيل عن أهل الحرب، أو على أمنهم فقط مدة معينة في أنفسهم وأموالهم أو دونها بلا عوض أو بأخذ أموالهم وأبنائهم أو بعض ذلك، أو باسترقاقهم، أو ضرب الجزية عليهم. قلت: يريد: ولا تتوقف في الأشخاص الجزية على المشورة. اللخمي عن ابن حبيب والشيخ عنه وعن سحنون: لا ينبغي أن يؤمن غير الإمام، وينبغي أن يتقدم للناس بذلك فمن أمن بعد ذلك؛ فللإمام إمضاؤه أو رده لمأمنه. الباجي: من أمن بعد منع الإمام التأمين؛ فللإمام رده برد الحربي لما كان عليه إن لم يعلم منع الإمام وانظر إن علم. قلت: للشيخ عن كتاب ابن سحنون: لو قال الإمام لأهل الحرب: من دخل إلينا بأمان فلان أو أحد؛ فهو فيء فهو على ما قال، وذلك نافذ.

باب ما يثبت به الأمان

[باب ما يثبت به الأمان] الصيغة: الباجي: يثبت بكل إنسان عبر به عنه، ولو لم يفهمه المؤمن، والإشارة به كلفظه، وكذا لو أراد المؤمن منع أمانه، فظنه المؤمن أماناً؛ فهو أمان له. قلت: لنقل الشيخ رواية ابن وهب: الإشارة بالأمان كالكلام، وليتقدم إلى الناس في ذلك. ابن العربي: لا خلاف في إمضاء الإشارة به إن كانت معهودة بينهما. قلت: انظر مفهوم قوله: إن كانت معهودة، وفي الموطإ: الإشارة به كالكلام. وللشيخ عن محمد: أجمع فقهاؤنا في مركب مسلمين قاتلوا مركب عدو يومهم، فطلب العدو الأمان، فنشر المسلمون المصحف، وحلفوا بما فيه: لنقتلنكم، فظنه العدو أماناً، فاستسلموا، ثم طلبوا بيعهم أن ذلك أمان. قال: ولو طلبوا مركباً للعدو، فصاحوا به: ارخ قلعك، فأرخاها؛ هو أمان إن كان قبل الظفر بهم. قلت: وتقدم قول عمر للهرمزان. ابن سحنون: ذكر لمالك ما روي عن عمر في القائل للعلج: مترس؛ وهو بالفارسية: لا تخف. قال سحنون: هو أمان، وكذا بكل لسان قبطي أو غيره، ولو لم يفهمه الحربي. ابن حبيب عن بعض أهل العلم: من رهق مشركاً فاتقاه، فقال له: لا تخف ولا بأس عليك، ثم أسره فأراد قتله، إن أراد بقوله له تأمينه من الضربة التي أشرف بها عليه لا من قتله؛ فله قتله، وإن أراد من القتل؛ فلا يقتله، فإن قتله؛ غرم قيمته للمغنم. قلت: إن قيل: قتله مطلقاً يوجب ضمانه؛ لأنه لا يقتل أسيراً إلا الإمام. قلت: مراده بأسره الاستيلاء عليه بالغلبة لا حصوله في قبضة الإسلام. وفي الموطإ: مالك عن رجل من أهل الكوفة: أن عمر بن الخطاب كتب إلى عامل جيش: بلغني أن رجالاً منكم يطلبون العلج حتى إذا أسند في الجبل وامتنع. قال الرجل: مطرس يقول: لا تخف، فإذا أدركه قتله، والذي نفسي بيده لا أعلم

مكان أحد فعل ذلك إلا ضربت عنقه. قال يحيى: سمعت مالكاً يقول: ليس هذا الحديث بالمجتمع عليه، وليس عليه العمل. ابن العربي: قيل: لم يصح هذا عن عمر. قلت: في بعض الحواشي يقال: مطرس، ومطرس بشد الطاء وإسكانها، وبالتاء يدل الطاء مشددة وساكنة. ابن حبيب: ذلك تشديد من عمر، ولا ينبغي أن يقتل. ووقته الباجي: قبل أسر الحربي لغير الإمام. سحنون: لو أشرف على أخذ حصن وتيقن أخذه، فأمنهم رجل مسلم؛ فللإمام رده. اللخمي عن سحنون: من أمن أسيراً بعد أسره؛ لم يحل له قتله، ويجوز للإمام قتله إن رآه، ومنعه محمد. قلت: ظاهره جواز قتل غير الإمام الأسير، فيؤول بما مر، وشرط المؤمن الرافع أمانه كون المؤمن فيئاً عقله الأمان واختياره، وعدم إعلام الإمام الحربي لغو أمانه. وروى الباجي: شرط عقله مطلقاً، ونقله غير واحد. وللشيخ عن كتاب ابن سحنون: إن أمن مخالط العقل إلا أنه يصف الإسلام ويعرفه ويعقله؛ جاز أمانه، وللإمام إمضاؤه أو رده، وشرطه متفقاً عليه ذلك، والإسلام والذكورية والبلوغ والحرية، وكونه قبل القدرة على الحربي في غير الإمام. فأمان الذمي قال اللخمي: اختلف فيه. روى محمد: لا أمان له ومؤمنه فيء. قلت: قال: اختلف فيه، ولم يذكر غير قول مالك، ولم يحك الباجي غيره. وقال التونسي: في آثارها أمان الذمي جائز. قلتك قول الصقلي عقب ذكره هذا الأثر. قال سحنون: بهذا يقول أصحابنا، يقتضي أنه في المذهب. ولسحنون في النوادر، وظاهره من كتاب ابن سحنون ما نصه: أجاز ابن القاسم

أمان العبد والذمي. قال ابن القاسم: إن قالوا: ظننا الذمي مسلماً؛ ردوا لمأمنهم، وإن علموا أنه ذمي؛ فهم فيء. سحنون: لا يجوز أمان الذمي بحال. وقال المازري وابن بشير: المشهور لغو أمانه، والشاذ صحته. اللخمي: وعلى لغوه لو قال المؤمن: ظننته مسلماً، ففي قبول عذره قولا ابن القاسم. قلت: زاد الشيخ عن محمد: أحب إلي رده لمأمنه. اللخمي: لو قال: ظننت صحة أمانه، فروى محمد: لا يقبل. اللخمي: إن رده لمأمنه للشك في استباحته، ولو قال: علمت أن لا أمان لنصراني وجهلت أنه نصراني؛ لم يعذر؛ لأنهما أهل دين واحد، فدعواه جهله لا تشبه. قلت: مفهومه لو كان يهودياً عذر، وخرج ابن بشير عليه ظن عقله وهو مجنون. وأمان المرأة: الباجي: معتبر. اللخمي: في اعتباره قولا ابن القاسم وأبي الفرج عن عبد الملك. المازري: أولاً لا خلاف في تأمينها، ثم قال: المشهور اعتباره، وقيل: لا تأمين لها. عياض: على جواز أمانها جمهور العلماء، وخالف فيه ابن الماجشون؛ إذ ليست ممن يقاتل. وفي أمان الصبي عاقلة مطلقاً، أو إن أجازه الإمام للقتال قولا ابن القاسم فيها، والباجي مع اللخمي عن سحنون. وفي أمان العبد ثالثها: إن أذن له ربه في القتال للباجي عن ابن القاسم مع قوله نقله القاضي كأنه المذهب، ورواية أبي عمر واللخمي مع الباجي عن رواية معن، وله عن سحنون قال: وقال ابن القصار: لا نص فيه، وهم يرون قياس قول مالك اعتباره، ونقل ابن بشير الثالث بلفظ: إن قاتل، ونقله ابن شاس. رابعاً الشيخ عن سحنون: إن ثبت تأمين العبد، فرده الإمام، فأبوا إلا أن يقتلهم الإمام، أو يسبيهم أو يتم أمانهم، فإن تحولوا لبلد الإسلام ضرب عليهم الجزية، فإن

أبوا؛ فهم فيء يخير فيهم الإمام بالقتل وغيره. وأمان الأسير: لم بيده بعد تخليتهم إياه صحيح، وقبله مع قولهم: أمناً وإلا قتلناك لغو. ابن رشد: اتفاقاً فيهما. وفي صحته لهو بقولهم: نخليك على أن تؤمننا ولغوه قولان؛ لأول لفظ سماع عيسى ابن القاسم وآخره مع ابن حبيب. وفي صحته من أسير طلب من آسره تأمينه حين أحسوا بخيل المسلمين، فأمنهم وهو آمن، سماع أصبغ أشهب قائلاً: يصدق إن كان آمناً مع محمد قائلاً: إن اختلف قوله؛ أخذ بأوله. ونقل ابن بشير مع الشيخ عن سحنون قائلاً: لا يصدق أنه كان آمناً، ولا يقدر إذا طلبوه منه إلا أن يؤمنهم، ونقل التونسي عن محمد عن ابن القاسم مثل قول أشهب. وسمع يحيى ابن القاسم: إن خرج حربي من أرضنا بأمان من خالف على الإمام في ثغر؛ لم يستبح في نفس ولا مال، ويقال له: إن عهده لا يمضيه الإمام، فارجعوا إلى مأمنكم، فإذا ردوا لأرضهم؛ كانوا أهل حرب. ابن رشد عن أصبغ: إن أغاروا على المسلمين لمخالفة من أعطاهم العهد الإمام؛ فلا أمان لهم. الشيخ عن سحنون: أمان الخوارج، ولو لجمع معتبر، وللإمام نقضه بردهم لمأمنهم، ولو كانوا بمنعة، فأمنوا حربيين على الخروج إليهم للكون معهم بأرض الإسلام، فقاتلونا معهم؛ لم يستباحوا لو قاتلونا، ويرد لهم ما لهم ولو نفله الإمام. قلت: ثم قال عنه في مثل هذا: إن قاتلونا؛ استحل منهم ما يستحل من الخوارج. قال: وتأمينهم إياهم على مجرد الخروج ليقاتلونا معهم لغو؛ لأنهم لم يذكروا أماناً. قلت: اعتبار تأمينهم بناءً على عدم تكفيرهم، والفرق بين الثانية والأولى التصريح بلفظ الأمان فيها دون الثانية. فإن قلت: إنما جعل تأمينهم على الخروج للكون معهم بأرض الإسلام، وإن كانوا

يقاتلوننا معهم لتقرر لازم الأمان في هذه الصورة، وهو التزام المؤمن حكم الإسلام بالإطلاق، وإن كان فاسقاً، وجعل تأمينهم على مجرد الخروج لقتالنا لغواً؛ لانتفاء لازمه المذكور؛ لأن الخروج المخصوص بقتالنا خروج لحرب المسلم المناقض لالتزام حكمه. قلت: يرده قوله: لو أمن عشرة من الخوارج مثلهم من الروم على أن يغيروا علينا، ولا منعة لكل فريق فهم كالخوارج لا فيء، ولو لم يؤمنوهم، وقالوا اخرجوا قاتلوا معنا فهم فيء. قال: ولو دخل الخوارج أرض أهل الحرب، وأمن بعضهم بعضاً، فغن كان الحربيون في سلطانهم؛ سقط تأمين الخوارج لهم وإلا اعتبر، لو دخل الحربيون إلى الخوارج بأرضنا، فسألوهم قتالنا هم بناحية والخوارج بناحية، وأمير كل منهما منه، فإن كان الحربيون بمنعة بأنفسهم، فهو فيء وإلا فكالخوارج. وأمان الإمام وأميره المجعول له لازم إمضاؤه. وفي كون أمان غيرهما كذلكن وكونه لنظر الإمام أو أميره في إمضائه، ونقضه برده لمأمنه نقلا اللخمي عن محمد مع الباجي عن فهم القاضي المذهب، وابن القاسم، ومالك، وابن حارث عن سحنون مع اللخمي عنه، وعن ابن حبيب والباجي عن ابن الماجشون، وجعل ابن بشير الأول المشهور. وفيها: لمالك: أمان المرأة جائز. ابن القاسم: وكذا عندي العبد والصبي إن عقل الإسلام لحديث: يجير على المسلمين أدناهم. قال غيره: لم يجعله صلي الله عليه وسلم لازماً للإمام؛ بل ينظر فيه بالاجتهاد. الصقلي: جعل أصحابنا قول المغيرة وفاقاً لقول مالك، وجعله القاضي خلافاً. قلت: عزا الشيخ قول الغير لابن الماجشون وسحنون، وكذا أبو عمر قائلاً: هو شاذ لم يقله أحد من أئمة الفتوى، ومقتضى الروايات وأقوالهم، ونص المازري أن الخلاف في

إمضاء أمان غير الإمام وأميره؛ إنما هو إذا كان لواحد أو جماعة لا على ناحية ألا تغزى، وخص ابن العربي هذا الخلاف بكونه في جيش فيه الإمام. قال: فإن غاب الإمام عن موضع الأمان نفذ الأمان. ونقل ابن عبد السلام عن بعض الشيوخ: أن معنى حمل قول الغير على الخلاف أن ابن القاسم يقول: الإمام مخير في إمضائه، ورده لمأمنه، والغير يقول في إمضائه وجعله فيئاً. قلت: هذا لا أعرفه في عموم تأمين غير الإمام في ذي منعة، وأسير حسبما هو ظاهر المسألة، فإن قلت: نقل ابن شاس والباجي عن ابن القاسم: للإمام رد تأمين غيره يقتضي أنه فيء. قلت: فسر الباجي رده فيمن أمن بعد نهي الإمام عن التأمين يرد الحربي إلى ما كان عليه، فأحرى فيمن لم يتقدمه نهي. وللشيخ عن كتاب ابن سحنون: من أمن حربياً، فأدخله دار الإسلام، فكرهه الإمام؛ فيعذر إليه أن يرجع لبلده في أجل يمكنه ذلك فيه، ويحتاط له، فإن تعدى ذلك جعله ذمة، وهذا فيمن يقدر أن يرجع، وإلا فعلى الإمام إبلاغه مأمنه، إنما أعرفه في الأسير. قال اللخمي: اختلف في الأمان بعد الفتح والأسر في القتل. فقال محمد: من أمن أسيراً سقط قتله؛ يريد: لا استرقاقه. وقال ابن سحنون عن أبيه: لا يحل لمن أمنه قتله، وللإمام قتله إن رآه مصلحة أو إمضاؤه بجعله فيئاً، وهذا أحسن. وفي مثل هذا كان جوار أم ****: قال ابن الماجشون وسحنون: إنما تم أمانها بإجازته صلي الله عليه وسلم. اللخمي: ولو كان أماناً لمن في حصن كان ألا يهاج بقتل ولا غيره إلا أن يتبين أنه في النفس دون المال وغير ذلك، وفي متعلق الأمان في الأسير عدم قتله، وفي الحربي إن قيد به، وبعد استرقاقه أو بالأول فقط فواضح، وإن أطلق عمهما لنقل الشيخ عن كتاب ابن حبيب: إذا استأسر حربي في منعه؛ فهو آمن لا يقتل ولا يسترق، وإن استأسر

وقد رهقته؛ فلا أمان له. الباجي: التأمين المطلق هو تأمين الإمام رجلاً أو جماعة، فيكون له الأمان من القتل والاسترقاق، وإن أراد البقاء على الجزية، فله ذلك، وإن أراد الرجوع، فهو آمن حتى يبلغ مأمنه، وهذا حكم من أمنه المسلم الجائز الأمان، والتأمين المترقب ماينظر فيه الإمام باِلإمضاء أو الرد إلى مأمنه، ولعل هذا تجوز ممن يقوله من أصحابنا؛ والصواب أن يرد إلى مثل حاله قبل التأمين، ولو لزم رده إلى مأمنه؛ لكان أماناً مطلقاً، فهذا عند سَحنون هو التأمين الصحيح، وابن الماجِشُون يرى هذا رد الأمانة. ويثبت الأمان بشاهدين: وفي ثبوته بقول المؤمن فقط نقلا الباجي عن محمد مع أَصْبَغ وابن القاسم وسَحنون. الشيخ: لو شهد جل مع الذي أمنهم، ففي قبوله أول قولي سَحنون وآخرهما قائلاً: قول الإمام: كنت أمنت مقبول إنما البينة في غيره. والأمان بشرط جائز جائزٌ، فمن الأمير ماض ومن غيره. قال سَحنون: للأمير رد تأمين غيره على مال بره، وإمضاؤه بأخذه منه. سَحنون عن عبد الملك: من استأسر على أن يدل على عورة فلم يدل، فإن اتهم على كتم شيء جبر على أن يدل عليه، فإن أبى رد لمأمنه. قُلتُ: وفي ترجمة النزول بعهد على شرط من النوادر. قال سَحنون: إن نزل رل من الحصن على أن يؤمن على مائة دينار يعطيها، فلم يعطها، وقال: ماعندي شيء؛ فهو فيء للإمام قتله. محمد عنه: إن بان أن المؤمن على الأخبار أخبرهم باطل تغريراً المسلمين، أو لم يجدوا لما أخبرهم به أثراً، أو غرهم بقلة عدد، فجاءهم أكثر منه، أو صرفهم عن طريق عدوهم، لولا ذلك ظفروا به قتل، لأنه جاسوس. سَحنون: لو أمن على أن يدل على مائة رأس بقرية كذا أو مطمر، فلم يوجد، فإن بان كذبه أو قال: لا أدلكم على شيء؛ فللإمام قتله أو استرقاقه، وإلا فله إمضاؤه أو رده لمأمنه، ولو دل على بعض ماذكر، فللإمام نقضه بره لمأمنه، ولو شرط: إن لم أدلكم على ماشرطت؛ فأنا فيء، فلم يف فهو فيء ولا يقتل، ولو نزل على أن يدل على مائة

رأس بقرية أو على بطريق، فنزل فوجد المسلمين علموا ذلك، فإن كان معيناً؛ فللإمام ره لمأمنه، وإن لم يعينها؛ فهو فيء إلا أن يعرف صدقه، أو يدل على مثل ذلك. ولو قال أهل حصن: تفتح لكم على أن تعرضوا علينا الإسلام فنسلم فأبوا؛ جبروا عليه بالسجن والضرب. ولو شرط عليهم إن لم تسلموا؛ فلا أمام لكم؛ فهم فيء للإمام قتل من شاء منهم، ومن قال منهم: أمهلوني حتى أنظر؛ لم يمهل كالمملكة، ولو شرط أن يؤخر ثلاثاً؛ أخر لها، وحسب كسر يومه، ومن استرق منهم لذلك، ثم أسلم؛ فهو رقيق. سَحنون: لو أمن الأمير أسيراً على أن يدله على حصن كذا، فدله، فله شرطه، ثم رجع فقال: لايخليه بهذا، وكأن فداء بمال، ولو كان ذلك على دلالة طريق جيش المسلمين حين خيف هلاكهم؛ مضى كفداء بأسرى المسلمين. سَحنون: من أمن على شرط، فوفى به، ثم عاد لبلده، فلا أمان له إلا بعقد آخر، ولو أمن على أن يرجع، ولم يشترط شيئاً، فكل ما جاء به من مالٍ وأهلٍ فيءٌ من أي محل جاء به. ويدخل في الأمان مادل اللفظ عليه عموماً أو السياق، لنقل الشيخ عن كتاب ابن سَحنون: لو قال الإمام لأهل حصن: من فتح الباب؛ فهو آمن ففتحه عشرون معاً فهم آمنون، ولو قال رجل من حصن حوصر غير أميره: أفتح لكم على أن تؤمنوني على فلان، أو على قرابتي أو أهل مملكتي أو حصني؛ دخل معهم في الأمن لا الأموال والسلاح. وفي (أمنوني على أهل حصني على أن أدلكم على الطريق أو على كذا) يدخل الأموال والسلاح؛ لأن (أفتح) دليل على إرادة الناس فقط، وكذا في أمنوني على أهل حصني على أن أفتحه فتدخلوا فتصلوا فيه. وفي: (أفتح لكم على أن تؤمنوني على ألف درهم من مالي) له ذلك، ولو كان عروضاً، واستغرق ماله، وماقصر عنه سقط، ولو قال: من دراهمي؛ فلم تكن له دراهم، فكل ماله فيء كالوصايا في المسلمين فلو لم يكن هل مال، فلا شيء عليه ولا له. وفي (أفتح لكم على عشرة من الرقيق أو من كذا) له ذلك على المسلمين وماله فيء.

وفي (أمنوني على أن أنزل إليكم على ألف درهم من مالي) يكون له طلبهم بها؛ لأنه فداء بخلاف (أفتح لكم على أن تؤمنوني على ألف درهم من مالي فلم توجد؛ فلا شيء له ولا عليه)؛ لأنه شرط لنفسه. وفي (أفتح لكم وأعطيكم مائة دينار من مالي) يلزمه إعطاؤها، فلو زاد على أن تعطوني عشرة آلاف درهم فربا لا يجوز، ولو قال: (أعطيكم مائة دينار من مالي على أن تؤمنوني بألف درهم من مالي؛ فجائز، وله شرطه، ومن أموالهم ربا لا يجوز. محمد: إن وقع على مالا يحل رد إلى مأمنه إلا أن يدع الألف فيتم أمانه. سَحنون: ولو قال صاح حصن: أمنوني على حصني على أن أفتحه لكم فالحصن، ومافيه من مال وغيره آمن، وكذا قول الملك: تؤمنوني على أهل مملكتي، ولو قال الإمام لأهل حصن: ليخرج أربعة نراوضهم الأمان، فخرج أكثر أختار الإمام أربعة يؤمنهم والوائد فيء، لا يقتلون إن خرجوا بإرسال طاغيتهم، وإلا فكلهم فيء جائز قتلهم. ولو قال الإمام: عشرة منكم آمنون على فتح الباب فدخل المسلمون؛ فللإمام اختيار عشرة يؤمنهم ليسوا من أراذلهم وعبيدهم وصبيانهم، وأحب كونهم من خيارهم وما سواهم فيء، ولو كانوا هم القائلين ذلك؛ فالخيار لهم لا من عبيد ونساء وذرية ولا يترك لهم إلا ما غلبهم، فإن اختلفوا فيما يختارونه؛ أقرع بينهم. ولو قال الإمام: يخرج إلينا هؤلاء الأربعة، ولم يزد، أو زاد: وهم آمنون، أو نراوضهم؛ فهم آمنون مطلقاً. أنكر سَحنون قول أهل العراق في الأولى للإمام قتلهم، ولو خرج غير الأربعة المشار إليهم فهم فيء، ولو أشكل هل الأربعة الخارجون هم المعينون صدقوا أنهم هم دون يمين، ولو خرج عشرون كل منهم يقول: هو أحد الأربعة؛ فكلهم آمنون. ولو قال أمير الحصن: افتح لكم على أني آمن على عشرة من الحصن، أو على أن لي عشرة آمنين، فهو وعشرة يختارهم آمنون في أنفسهم وأموالهم. قُلتُ: قف على دخول المال في الأمان في قول الأمير بخلاف ما تقدم في غيره. وروى: أن صاحب حصن قال لأبي موسى: أمن لي عشرة من الحصن أصحابي

وأفتح لك. فقال أبو موسى: اعزلهم، فعزل عشرة، ونسي نفس فقتله. سَحنون: لا نأخذ به، لأن مخرج ذلك أنه أراد نفسه، وأمرهم عمر مع الهرمزان بأقل من هذا. قال الشيخ: ولَسحنون قول آخر: أنه يكون عاشر تسعة يختارهم. قُلتُ: والأظهر في مثقل قضية أي موسى تذكير المؤمن أن ليس له إلا عشرة هو أحدها أو غيره دونه. ولو قال: أمنوني مع عشرة فله نسه وعشرة يختارهم. ولو قال: في عشرة من أهل بيتي؛ فله نفسه وعشرة منهم يختارهم. وفي قوله الآخر: هو تسعة، وكذا في عشرة من بني أبي أي في اختلاف قوله، فأما في عشرة من إخوتي، فهو أبين أن له نفسه وعشرة ويختارهم؛ لأنه لا يحسن أن يقال هذا من إخوته، ويحسن هذا من بني أبيه. ولو قال: أمنوا عشرة من إخوتي، أو من ولدي، أو من أهل بيتي، أو من حصني أنا فيهم أو أحدهم، فرجع سَحنون عن كونه عاشر عشرة إلى أن له عشرة مع نفسه كلهم بأموالهم. قال: ولا تؤخذ الأعاجم بمعاني اللغة؛ بل بظاهر قولهم، وإذا ميز العدد بينه؛ فله اختيارهم ذكوراً أو إناثاً، أو منهما من بنيه، أو بني بنيه لا من بني بناته. وقال بعض العراقيين: إذا قال عشرة من بني وكلهم إناث؛ فذلك باطل، ولا أمان إلا له؛ لأن البنات لا يقال لهن بنون. سَحنون: هذا لو كان المستأمن يعرف كلام العرب ومعانيه، فأما العجم؛ فلا، ولو قال: في عشرة من إخوتي لم يجخل بنوهم في لغة أحد، ويدخل الأخوات في لغة العجم لا العرب، وكذا الأعمام والعمات وبنوهم والأخوال. ولو قال الإمام لفارس: أنت آمن في عشرة فرسان إن فتحت الباب ففتحه؛ فهو آمن مع تسعة. وفي قوله الآخر: مع عشرة، ولو قال: من الرجولة؛ لم يكن بد من عشرة سواه.

ولو قال لرجل: أنت آمن في عشرة من الرجالة؛ فعلى القولين. ولو قال: من الفرسان؛ فعشرة سواه، ولا يدخل بنات البنات، ولا الذكور في لفظ بناتي، ولو لم يكن له؛ فلا أمان لا أن يسمي مايعرفون به كقوله: لي بنات بنات ماتت أمهم، فأمنوني في بناتي؛ فهن كبناته، أو تكون لغتهم لا تفصل بين بنات البنات، وبنات البنين، ولو قال: من موالي، وله موال من فوق وأسفل؛ صدق فيما نوى، فإن لم تكن له نية، فالأسفلون، فإن لم يكونوا؛ فالأعلون. ولو قال: على قريبي زيد بن عمرو، وله قريبان كذلك ابن عم وابن خال؛ فهو ما نوى، فإن لم ينو؛ خير فيهما. ولو قال: في عشرة من عبيدي، وله ذكور وإناث؛ فله تعيين العشرة منهما، أو من أحدهما، ولو لم يكن له إلا الإناث؛ بطل الأمان فيهن، وكذا العتق في ذلك، لأنه لا يقال للإماء إذا انفردن عبيد، وكذا الإخوة والأخوات، والبنون والبنات. ولو قال بدل عبيدي، موالي؛ صدق على الصنفين الذكور والإناث، وعلى من انفرد منهما، لأن لفظ موالي يقع على الإناث. سَحنون: لو رضي الطاغية بحكم عشرة أنزلهم من الحصن؛ ليوافقونا على الأمان، فعقده العشرة لأنفسهم مع أهليهم وأموالهم فقط، ومضوا وفتحوا الحصن، ودخل المسلمون؛ فلا أمان لغيرهم، لتقدم رضى الطاغية بعقدهم، وكذا لو كذب العشرة لهم فقالوا: عقدناه لكم، وهم مصدقون في أموالهم وعيالهم مالم يأتوا بمستنكر. قُلتُ: إنما سياق حال الطاغية رضاه بعموم مايعقده العشرة في حال أمان يشمله لا فيما يختص بغيره. ولو بعث الإمام مع العشرة مسلماً يشهد إخباره إياهم بصلحه مع العشرة فقط، فقالوا: إنما أخبرنا العشرة تأميننا، فصدقهم العشرة، وقال المسلم: كذبوا إنما أخبروا بأمان أنفسهم فقط، ففي سقوط شهادته؛ لأنه واحد، وقبولها لإرساله الإمام أول قولي سَحنون وثانيهما، وعلى الأول لو كان اثنين؛ جازت شادتهما، ولو كان لهما في الغنيمة حظ. قال: إلا أن يعظم قدره، فيسقط، أو أرسله الطاغية لمقاضاة، فقاضوا على أمر،

فقال: إنما أرسلتهم على غيره فأكذبوا؛ صدقوا إلا أن يقيم بينه إسلام بما قال، فيرد عقدهم، ولو نزلوا على تعريف الطاغية ليرضى فقالوا: رضي فأنكر؛ لم يصدقوا عليه ولو أسلموا، وكذا لو أخبروا الطاغية بخلاف ما عقدوا فرضي؛ لم يلزمه ما عقدوا، وإن فات في حصنه نهب، رد أو قيمته، ولو رضي المسلمون بما أخبروا به الطاغية ورضيه، فبدا له لما كذبهم، فرجع سَحنون عن لزوم ذلك الطاغية، ويرد لحال أمنه. قال: كمأمور ببيع سلعة بما رأى الآمر باعها بخمسة عشر فأخر ربها فرضي، ثم ظهر أنه باعها بثلاثة عشر، فلم يرضى، فقال المبتاع: أؤدي خمسة عشر، وأبى البائع؛ فله ذلك، ولو اختلف في أسر وتأمين قبل قول مدعيه، فيقبل أو يرد لمأمنه إلا مع قرينه الأسر، فيصدق مدعيه. سَحنون: إن خرج للعسكر من بلد الحرب علجٌ مع مسلم ادعى أنه أسيره، وقال العلج: جئت مستأمناً أو أمنني؛ صدق حتى يرد لمأمنه، ولو جاء معه مقهوراً ككونه في وثاقه كمجيئه، وفي عنقه حبل يقوده به، صدق المسلم، ولو جاء مع عدد كثير قالوا: أسيرنا؛ صدقوا؛ لأنه في كثرتهم كمقهور، ولو أنهم مائة شهد أحدهم له؛ لم يصدق إلا بشهادة عدلين، ولو خرج عبد مسلم كان أبق لبلد الحرب، ومعه عبيد استألفهم فأنكروا وقالوا: نحن أحرار جئنا للإسلام؛ صدقوا إن لم يكونوا في وثاقه، وللإمام تأمينهم أو ردهم لمأمنهم، وإن كانوا في وثاقه؛ فهم له عبيد، لو قالوا: إنما أوثقنا ببلد الإسلام حين خفنا، فإن استدل على قولهم؛ صدقوا وإلا فلا. قُلتُ: مثله سمع يحيى ابن القاسم. قال ابن رُشْد: إن لم يكونوا في وثاق صدقوا اتفاقاً، ولو ارسل مسلم أسيره على أن يأتيه بابنه أو زوجته فداءً له، فأتاه بهم، فقالوا: خرجنا معه بعهد، وقال: بل سرقتهم، ففي قبول قوله أو قولهم سماع أَصْيَغ ابن القاسم وقول محمد، ونقل الشيخ وابن رُشْد عن ابن ميسر: اختيار الأول وتعليه بأن تقدم خروجه ليأتي بهم قرينة توجب قبول قوله. ابن رُشْد: لو أتى بهم دون تقدم سبب؛ لم يقبل قوله اتفاقاً. سَحنون: صح النهي عن إنزال العدو على حكم الله عز وجل فإن جهل الإمام،

باب المهادنة

فأنزلهم عليه، ردوا لمأمنهم إ لا أن يسلموا، فلا يعرض لهم في مال ولا غيره. محمد: يعرض عليهم قبل ردهم الإسلام، فإن أبوا؛ فالجزية. سَحنون: إن قربت دارهم، ولينزلهم الإمام على حكمه لا على حكم غيره ولو طلبوه. قُلتُ: إن قلت: الأظهر إن كان غيره أهلاً لذلك؛ فله إنزالهم على حكمه لصحة تحكيمية صلى الله عليه وسلم سعد بن معاذ في بني قريظة. قُلتُ: إنما كان ذلك تطييباً منه صلى الله عليه وسلم لنفوس الأوس لما طلبوا منه (صلى الله عليه وسلم) تخليتهم لهم؛ لأنهم مواليهم، وماكان إنزالهم إلا على حكم النبي صلى الله عليه وسلم سحنون: فإن أنزلهم على حكم غيره؛ فإن كان مسلماً عدلاً، نفذ حكمه مطلقاً، ولو بردهم لمأمنهم، ولو لم يقبل ذلك؛ ردوا لمأمنهم فإن قبل بعد رده وحكم بسببهم لم ينفذ وردوا لمأمنهم، فإن كان فاسقاً؛ تعقب الإمام حكمه إن رآه الإمام حسناً أمضاه وإلا حكم بما يراه نظراً، ولا يردهم لمأمنهم. ولو حكموا عبداً أو ذميّاً أو امرأة أو صبياً عاقلاً عالمين بهم، لم يجز وحكم الإمام ولو نزلوا على حكم لله، وحكم فلان، فحكم بالقتل والسيء لم ينفذ، وهو كنز ولهم على حكم الله فقط. ولو نزلوا على حكم رجلين، فمات أحدهما، وحكم الآخر بالقتل والسيء لم ينفذ وردوا لمأمنهم، ولو اختلفا في الحكم، ردوا لمأمنهم. [باب المهادنة] المهادنة: وهي الصلح؛ عقد المسلم مع الحربي على المسالمة مدة ليس هو فيها تحت حكم الإسلام، فيخرج الأمان والاستئمان، وشرطها أن يتولاها الإمام لا غيره.

سَحنون: تكره من السرايا والإمام، لما فيه من توهين الجهاد إلا لضرورة، فإن نزل لغيرها مضى، ونقله المازري غير معزو، وكأن المذهب بلفظ: لا يجوز دون زيادة إن نزل لغيرها، مضى فظاهره النقص، ولاسيما على قول ابن رُشد: المكروه من صنف الجائز. وللشيخ عن سَحنون: لو وادعهم الإمام على مال، ثم بان له أنه ضرر بالمسلمين لم ينبذ إليهم حتى يرد ما أخذ منهم، وكذا إن بان ذلك لمن بعده، ولايحبس من المال بقدر ما مضى من الأجل. الشيح عن محمد: كره علماؤنا المهادنة على أن يعطينا أهل الحرب مالاً كل عام، ولقد طلب الطاغة ذلك إلى عبد الله بن هارون على أن يعطوه مائة ألف دينار كل عام، فشاور الفقهاء، فقالوا له الثغور اليوم عامرة فيها أهل البصائر، أكثرهم فيها نازعون من البلدان، إن قطع عنهم الجهاد تفرقوا، وخلت الثغور للعدو، والذي يصيب أهل الثغور منهم أكثر من مائة ألف؛ فصوب ذلك ورجع إلى رأيهم. محمد: إنما هادون رسول الله صلى الله عليه وسلم أهل مكة لقلة المسلمين حينئذ. ابن حبيب عن ابن الماجشون، إن رجى الإمام فتح الحصن؛ لم يتبع صلح أهله على مال إن كان على إياس؛ فلا بأس. قال: لا بأس بصلحهم على غير شيء كصلح الحديبية.

سَحنون: وليس للإمام نقض الصلح لغير بيان خطا به فيه، ولو رد ما أخذه إلا برضى من عاقده. المازري: ولا يهادن العدو بإعطائه مالاً، لن عكس كمصلحة شرع أخذ الجزية منهم إلا لضرورة التخلص منه خوف استيلائه على المسلمين، وقد شاور صلى الله عليه وسلم لما أحاطت القبائل سعد بن معاذ، وسعد بن عبادة في أن يبذل للمشركين ثلث الثمار لما خاف أن تكون الأنصار ملت القتال فقالا: إن كان هذا من الله سمعنا وأطعنا، وإن كان رأياً، فما أكلوا منها في الجاهلية ثمرة إلا بشراء أو قرى، فكيف وقد أعزنا الله بالإسلام، فلما رأى صلى الله عليه وسلم عزمهم على القتال ترك ذلك فلو لم يكن الإعطاء عند الضرورة جائزاً؛ ماشارو فيه صلى الله عليه وسلم. ابن زرقون عن الأوزاعي: كان يؤدي عبد الملك بن مروان إلى الطاغية كل يوم ألف دينار، والى قوم آخرين كل يوم جمعة ألف دينار، وذلك زمن ابن الزبير، وفعله معاوية أيام صفين. المازري: ومدة المعادنة على حسب نظر الإمام. أبو عمر عن سحنون لايبعد في المدة لما قد يحدث من قوة الإسلام. ابن شاس: استحب الشيخ أبو عمر ألا تكون المدة أكثر من أربعة أشهر إلا مع العجز. المازري: لو تضمنت المهادنة أن يرد إليهم من جاءنا منهم مسلماً، وفي لهم بذلك في الرجال، لرده صفي الرجال، لرده (صلى الله عليه وسلم) أبا جندل وأبا بصير جين جاءا مسلمين، وطلب كفار قريش ردهما، ولا يوفى في ذلك برد النساء لقوله تعالى (فَلا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ)] الممتحنة: 10 [ ابن شاس: لا يحل شرط ذلك في رجال ولا نساء، فإن وقع؛ لم يحل ردهما. فُلتُ: ومثله لابن العربي.

قال: وفعله صلى الله عليه وسلم ذلك خاص بن لما علم في ذلك الحكمة وحسن العاقبة. ابن سحنون عنه: ومهادنة الإمام الطاغية بعد محاصرته إياه أو قبل؛ يوجب عمومها في جميع عمالتهما إلا أن يخصصاها. قال: ولو صالحت سرية حصناً بعد حصاره، لصعوبة مدة بقائها بدار الحرب أو أربعة أشهر؛ لم يجز لسرية أخرى دخلت قتاله تلك المدة إن ثبت ذلك بعدلين، فإن قاتلته؛ ردت عليه ما أحذت منه، وديات قتلاهم على عواقل أهل السرية، ولو عرف كل قاتل ففي كون الدية على عاقلته فقط، أو على عواقل كل السرية قولا أشهب ومالك بناء على اعتبار فعل القاتل فقط أو عليه مع من قوي به. والمؤقت صلحه بخروجها إن خرج أميرها ومن به منعتها حل قتاله لغيرها، ولو قتلت التي صالحت قبل خروجها أو من به منعتها؛ فصلح الحصن باق لقدرة بقائها لو لم تقتل، ولو قتل من ليس به منعتها، فهو باق لخروجها، ولو صالحتهم هذه السن عم صلحها سائر المسلمين، والسنة على حساب المسلمين، إنما لهم مابقي منها لآخر ذي الحجة، ولو لم يبق منها إلا شهر، ولو ادعوا أن الصلح على حسابهم قبل قولهم، لأنهم هم طلبوه، ولا تكون السنة من يوم الصلح لقولهم هذه السنة. قُلتُ: تقدم في النذر خلاف هذا، وللخمي فيه اختيار تقدم. قال سحنون: ولو قالوا على سنة عدت من أولها، قال: ولو أمنته سنة على ألا نقاتله، ولا تغير عليه، فهو أمانة منها فقط، ولو صالحتهم على مال، ولم توقت وقتاً؛ فهو أمان منها، ومن غيرها إلى خروجها إن جاءت سرية أخرى؛ لم يجز لها قتاله إلا أن ينبذ أهل الحصن عهده مطلقاً، أو بأخذ مال من هذه، فإن نبذته على هذا؛ فغنمته السرية لم يجز لها أخذ ما أعطته من الغنيمة، ولو عرفته بعينه. قال: ولو أرسل إليهم الإمام من بلد الإسلام من صالحهم؛ فهو على التأييد بخلاف عقد السرية. قُلتُ: لأن حكم الإمام عام، وحكم أمير السرية خاص بغزاته. قال: ولو بعث الإمام ثلاث سرايا من ثلاث ثغور، فبعث أهل حصن لإحداها

باب الجزية المعنوية

مالاً على أن يؤمنوهم حتى يرجعوا من غزاتهم، فللآخرين قتاله ومنعه غيرنا. ابن سحنون: لكل سرية حكمها كانفرادها بغنيمتها. قال: ووافقنا على أنه لو كان بعد وقوف السرية عليه؛ كان خاصاً بها. قُلتُ: هذا خلاف ما تقدم له أولاً. عن سحنون: لو كان الخليفة في إحداها، والبعث له عم أمانه سائر عساكره [باب الجزية المعنوية] الجزية المعنوية: مالزم الكافر من مال لأمنه باستقراره تحت حكم الإسلام وصونه. وقول ابن رُشد مايؤخذ من كافر على تأمينه غير منعكس بها بعد لزومها قبل أخذها، وغير مطر بما أخذ من مال على مجرد تأمين للحاق بدار الحرب، وحكمها الجواز المعروض للترجيح بالمصلحة وقد تتعينعند الإجابة إليها قبل القدرة وشرطا كونها لمن بمحل مقدور عليه؟ ابن رشد هي نوعان:

عنوية وهي التي توضع على المغلوب على بلده المقر فيها لعمارتها. قٌلتٌ يريد: وكذا من أتانا ليستقر بها تحت حكمنا، وتضرب على أهل الكتاب اتفاقا، وفي غيرهم طرق. ابن رشد: تضرب عليهم وعلى منجوس العجم لا على كفار قريش، ولا مرتد اتفاقاً فيها، وفي منعها في ق ريش لمنع إذلالهم بها لمكانهم منه (صلى الله عليه وسلم) أو لاسلامهم كلهم يوم الفتح، فكل كافر قرشي مرتد قولا بعضهم والقرويين، وفي كون مشركي العرب كأهل الكتاب وكفريش قولا ملك وابن وهب مع ابن حبيب قائلاً: إكراماًلهم، فعليه تؤخذ ممن ليس مجوسياً ولا عربياً. وقيل: للتغليظ عليهم؛ لأنهم غير أهل المتاب، ولا مسنون بهم سنتهم. قال: فعليه لا تؤخذ منهم. ابن زرقون عن الباجي هن ابن وهب: تقبل من كل عجمي لا من العرب إلا من كتابي. خلف أنكر سحنون قول ابن وهب: لا تقل من العرب. اللخمي: في قبولها من عبدة الأوثان والمجوس، ثالثها: إلا مجوس العرب لمالك مع ابن القاسم قائلاً: تقبل من كل الأمم وابن الماجشون وابن وهب والأول أحسن. ابن بشير: في أخذها من غير أهل الكتاب من عبدة الأوثان والمجوس الثلاثة، ففسر غير أهل الكتاب بهما، وظاهر تقبلهما: قريش كغيرها. أبو عمر: لا خلاف في أخذا المجوس، وفي أخذها من مشركي العربوعبدة الأوثان والنيران غير المجوس قولا مالك وابن وهب. قُلتُ: فالحاصل ثلاثة. اللخمي: ونقل الباجي عن ابن وهب، وخامسها: إلا من قريش، وتقدم قولا ابن القاسم مع مالك وابن وهب في استرقاق العرب: إن سبوا، والأول نص جهادها وأخذ الثاني من عيوبها على ذكر حر مخالط لهم، لرواية ابن حبيب لا على واهب لا يقتل. ابن حارث: اتفاقاً.

وفي سقوطها عمن كانت عليه بترهبة نقلا ابن رشد عن ابن القاسم مع زاه قول مالك ورواية الأخوين. قلت: إنما عزا ابن حارث الأشهب. وفي ضربها على معتق ثالثها، على معتق كافر، ورابعها: التوقف فيه للصقلي عن ابن حبيب وأشهب ولها رواية محمد. قلت: عزا ابن حارث الثاني لرواية أشهب. ابن رشد إنما هذا الخلاف فيمن أعتق ببلد تلإسلام، وأما ببلد الحرب، فهي عليه بكل حال. وقدرها أربعة دنانير على أهل الذهب وأربعون درهماً على أهل الورق. الباجي عن محمد عن مالك: أرى اسقاط ما فرضه عمر مع ذلك من أرزاق المسلمين وضيافة ثلاثة أيام؛ لأنه لم يوف لهم، وهذا يدل أنها لازمة مع الوفاء، ونقله اللخمي بصيغة، لما أحدث عليهم من الجور. قال: ولا أرى أن توضع عنهم اليوم بالمغرب، لأنه لا جور عليهم. قلت: هل أن يكون وفاء غير عمر كوفائه؟ الشيخ عن سحنون: لا يؤخذ من أهل الذمة إلا عن طيب أنفسهم إلا الضيافة التي وضعها عمر. قلت: ظاهره: إلزامهم الضيافة؟ وفيها: أبو خذ نصارى بني تغلب الصدقة مضافة؟ قال: ما سمعته ولو كان لعلمته. التونسي: أراد أن يسمي مايؤخذ منهم صدقة لا جزية، ويضاعفون ذلك لتزول عنهم ذلة ضرب الجزية. ابن رشد: كان عمر يفعله. وفي أخذها من الفقير طرق: اللخمي: فيه قولا ابن السم وابن الماجشون، وهو أحسن، ووجهة ابن بشير بالقياس على الزكاة.

ابن رشد: لا ينقص عن الفقير إن قوي عليها. وروى ابن الجلاب: لا جزية على فقير. ابن رشد: من ضعف عنها. ظاهر قول ابن القاسم سقوطها. وقيل: لا قدر ما يحمل ابن القصار: ولا حد له. وقيل: أقلها ريعها. وعوا الصقلي الثاني لمحمد وأصبغ، وهو نقل الجلاب عن المذهب. خلف عن أصبغ: يجفف عن من ضعف، فإن لم يجد طرح عنه، وإن احتاج أنفق عليه، وقاله عمر بن عبد العزيز. قلت: إنما عزا الصقلي الاتفاق عليهم لعمر بن عبد العزيز. زاد: ويسلقون من بيت المال. ابن رشد: لا نص لمالك وأصحابه في زمن وجوبها، وظاهر المذهب والمدونة تؤخر العام، وهو القياس كالزكاة، ومثله للباجي. قال ابن شاس: قال القاضي أبو الوليد: من اجتمعت عليه جوية سنين إن كان فر منها، أخذت منه لما مضى، وإن كان لعسرة؛ لم تؤخذ منه، ولم يكن في ذمته ما عجز عنه منها إذ الفقير لا جزية له. قلت: إنما ذكر عن ابن القصار قال: من اجتمعت عليه جزية سنين. قال الشافعي: لا تتداخل. أبو حنيفة: تتداخل، فتؤخذ منه واحدة. ابن القصار: إن فر منها، فالأول وإلا لم يبق في ذمتهما عجز عنه في ماضي السنين. الباجي: هذا بناء على سقوطها عن الفقير، ولا تثبت لمدعيها إلآ ببينة، أو دليل لسماع سحنون ابن القاسم: إن أخذ يهودي بتجر مقبلين من أرض الشرك قالوا: نحن من جزيرة ملك الأندلس إن ثبن قولهم؛ تركوا وإلا فهم فيء، فإن ثبت وادعوا على

أخذهم أخذ المال؛ لم يجلفوا إن كانوا صالحين مأمومين. ابن رشد: إنما كانوا فيئاً إن عجزوا عن البينة لدعواتهم مالا يشبه؛ لإقبالهم من بلاد الشرك، ولو ادعوا مايشبه لم يستباحوا، وأسقط اليمين عن المأمومين، لأنها دعوة عداء. قلت: إن لم تؤخذ من ذمي سنة حتى أسلك؛ سقطت عنه لقول مالك: لو أسلم من هو دون ثلاث سنين على مال، فأعطوه سنة، قم أسلموا وضع عنهم مابقي. مالك: من أسلم من أهل العنوة، وأنا بعد، فهو له، قاله مالك. قلت: في كون أهل العنوة المقربين بأرضهم لعمارتها أحراراً أو عبيداً، مأذوناً لهم في المتجر. سماع عيسى ابن القاسم: لا يحل لمسلم النزر إلى شعور نسائهم؛ لأنهن أحرار، ودية من قتل منهن خمسمائة دينار مع سماعه يحيى: ميراث من مات منهم لقرابته. وقول ابن حبيب: من أسلم؛ فما له له. وسماع سحنون ابن القاسم: من أسلم منهم؛ أخذ ماله، وبيعهم جائز، لأنهم مأذون لهم في المتجر لاهبتهم ولا صدقتهم، وأتقي تزويج نسائهم ولا أحرمه. ابن رشد: قول محمد ما أفادوه بعد الفتح؛ فهو لهم غير مقيس؛ لأن إقرارهم إن كان عتقاً، فما بأيديهم، وإلا لم يكن إسلامهم عتقا، فلا تكون أموالهم لهم، ووجهة أنه جعل مابأيديهم كأرضهم، وهو خلاف قول ابن القاسم: من اشترى جارية من الخمس معها لم يستثنه عند الشراء، ولا يشبه كونه من قيابها ولباسها، فهو لجماعة المسلمين، فجعله للمبتاع بالاستثناء دليل أنه للعبد مالم ينتزع. وقوله: دية من قتل منهن خمسمائة؛ يريد بحساب خمسمائة لأنها دية رجالهم ودية نسائهم نصفها، ولازم قول ابن حبيب جواز هبتهم وصدقتهم، وهو ظاهر صدقتها وهبتها، وأن لا يمنعوا من الوصية بجميع أموالهم إذا كان لهم وارث من أهليهم.

باب الجزية الصلحية

[باب الجزية الصلحية] الجزية الصلحية: ما التزم كافر منع نفسه أداءه على إبقائه ببلده تحت حكم الإسلام حيث يجري عليه. قلت: سمع عبد الملك ابن وهب: يجب كف قتال من أجاب إليها حيث يجري عليه حكم الإسلام. ابن رشد: في قوله ابن حبيب وغيره: لا حد لها؛ نظ، والصحيح لاحد لأقل من يلزم أخل الحرب؛ لأنهم مالكوا أمرهم، ولأقل مايلزم الإمام قبوله، ويحرم به عليه فتنالهم حد هو قدر العنوية، وله قبول أقل منه، ولو كانوا أغنياء، فإن كانت مجملة عليهم، فمال كل منهم له يورث عنه. وفي كون أرضه كذلك أو موقوفه للجزية، لاتباع ولا تورث ولا يملكها بإسلامه قولا ابن القاسم وابن حبيب، فإن كانت مفرقة على رقابهم، فالأول اتفاقاً وإن كانت على الرقاب والأرض مثل: (على كل رأس كذا)، و (على كل زيتونة كذا).و (على كل مبذر قفيز كذا) فمن أسلم؛ فله أرضه اتفاقاً.

وفي منع بيعها قبل إسلامه رواية ابن نافع فيها، وغيرها، وعليه في كون جزيتها على البائع أو على المشتري، ويسقط بإسلام البائع قولا ابن القاسم وأشهب فيها مع غيرها، فإن صولحوا على جزية مبهمة القدر، وجبت له الذمة، ولهم قدر العنوية. قال: وزمن وجوبها ن وقعت مبهمة كالعنوية. وقال بعض أصحابنا: الصحيح أخذها لأول الحول الحوا؛ لأنها عوض عن تأمينهم وقد حصل لهم فوجب أخذ عوضه كسائر المعاوضات ولظاهر قوله عز وجل: } حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ {[التوبة: 29]، والأعطاء الأخذ لا لوجوب، وبالقياس على قول مالك يؤخذ من تجار الحربيين ماصولحوا عليه وإن لم يبيعوا. ابن رشد: يرد الأول بأن التأمين أمر معلق باستمرار الزمان، قابل لعدم التمام بالنقض، فكان كمنفعة سكنى، فلا يجب عوضه إلا بتمام مدته. والثاني: بأن المراد بالإعطاء اللزوم، وإلا لزم تعجيل العام الثاني، أو حمل اللفظ على قبض بعض، وإيجاب بعض، ولا يصلح ذلك في عقل عاقل. والثالث: بأن عوض المأخوذ منهم تمكينهم من البيع لا البيع. قلت: حاصل دليل رد الثاني امتناع حمل اللفظ على معنيين حقيقة أو مجازاً في أحدهما. ابن رشد: ذو الجزية ولم يصلح أهل ذمة يحكم فيهم بحكم الإسلام، ويباع عليهم من أسلم من رقيقهم، ويؤخذ ما بأيديهم من أحرار المسلمين. وسماع يحيى ابن القاسم: من صولح على الجزية؛ لهم كل مابأيديهم للمسلمين من مال وأسير ورقيق، ولا ينبغي للإمام نزع شيء من ذلك، وكذا من صولح على هدنة، وقع على غير تحصل إنما ذلك فيمن صولح على هجنة، لأنهم غير أهل ذمة لعدم جري حكم الإسلام عليهم، والصحيح سماع سحنون ابن القاسم: يباع عليهم عبيدهم المسلمون، ويؤخذ ما بأيديهم من أحرار المسلمين بقيتهم من بيت المال. قلت: لابن حارث: اتفقوا على أنه إن هودن أهل حصن لغير مدة، فألفي بأيديهم أسرى مسلمين،؛ انتزعوا منهم، وأعطوا فداءهم، ولو كان الصلح لمدة يسيرة، فقال سحنون: لا يعرض لهم.

قال سحنون: وعلى قول عبد الملك: اليسيرة كالكثيرة. قلت: تقييده الصلح بيسير المدة يمنع حمله على صلح الجزية، فالحاصل في نزع أسرى المسلمين من أل صلح الجزية، العهد، ثالثهما: من أهل الصلح ولو طلب حربي نزل بعد المقام بضرب الجزية عليه، ففي قبوله وتخيير الامام في ذلك طريقان: الشيخ: روى محمد: إن دخل إلينا بأمان حربي؛ فهو حر، وله المقام إن أسلم أو رضي بالجزية وإلا رجع، ونحوه قول اللخمي إثر ذكره أحكام الجزية ما نصه: كل هذا فيمن استبقي من أهل العنوة أو حربي قدم ليقيم ويكون ذمة. ابن بشير: لو قدم حربي، فأراد أن يقيم على ضرب الجزية، فذلك إلى رأي الإمام وقول ابن عبد السلام بعد ذكره قول ابن الحاجب: (نظر السلطان) في هذا الفرع وشبهه، نظراً؛ لأن أهل الحرب إذا بذلوا الجزية بشرطها؛ حرم قتالهم، وهذا ينبغي أن يكون للإمام نظر يقتضي أن ماقاله ابن الحاجب هو المذهب وليس كذلك، لا اعرف من قاله إلا ابن بشير خلاف ما تقدم للشيخ واللخمي. أسوة في أهل الذمة بالوفاء لهم بحكم الإسلام الشيخ عن سحنون: تواترت الأحاديث بالنهي عن ظلمهم، ولا يتشبهون بالمسلمين في زيهم، ويؤدبون على ترك الزنانير. ابن الحبيب: كتب عمر بن عبد العزيز: أن يختم في رقاب رجال أهل الجزية بالرصاص، ويظهروا مناطقهم، ويجزوا نواصيهم، ويركبوا على الأكف عرضا. وروي «إذا لقيتموهم بطريق، فألجؤهم إلى أضيقها». وقال عمر: «سموهم ولا تكنوهم، وأذلوهم ولا تظلموهم، ولا تبذؤوهم بالسلام». ابن شاس: يمنعون ركوب الخيل والبغال النفيسة لا الحمير، ولا يركبون السروج، بل على الأكف عرضا. وسمع ابن القاسم: أيكنون؟ قال: أكره أن يرفع بهم، ورخص فيه قبل ذلك.

ابن القاسم: أرجو خفته. قال غيره: وقد قال صلى الله عليه وسلم لصفوان: "انزل أبا وهب". قلت: لأنه كان من المؤلفة قلوبهم لاذمياً. ابن حبيب: كتب عمر أن يقاموا من أسواقنا، وقاله مالك. ويمنع الذميون الساكنون مع المسلمين إظها الخمر والخنزير، وحملهما إليهم من قرية إلى قرية، وتكسر إن ظهرنا عليها، ويضرب فاعل ذلك، ويؤدب السكران منهم، وإن أظنهروا صلبانهم في أعيادهم واستسقائهم؛ كسرت وأدبوا، وققاله مطرف وأصبغ. زاد ابن شاس: ولا يرفعوا اصوات نواقيسهم، ولا صوتهم بالقراءة في حضرة المسلمين. ولا يقر كافر، ولو بجزية في جزيرة العرب لاجلاء عمر منها كل كافر. وروي الباجي: لا يمنعون منها مسافرين لدخولهم إياها أيام عمر بجلبهم الطعام من الشام إلى المدينة، وضرب لهم عمر ثلاثة أيام يستوفون، وينظرون في حوائجهم. وفي إخراج عبيدهم كالأحرار نقلا اللخمي عن عيسى بن دينار وابن مزين. وفي منتهى الجزيرة اختلاف. اللخمي عن مالك: مكة والمدينة واليمن أرض العرب، وعزاه ابن شاس لرواية عيسى بن دينار. اللخمي: وقال الطبري عن معمر بن المثنى: هي مابين حفر أبي موسى إلى أقصى اليمن في الطول، والعرض مابين رمل يبرين إلى منقطع السماوة. وقال الأصمعي: هي مابين أقصى عدن إلى ريف العراق طولاً، ومن جدة وما والاها من ساحل البحر إلى أطراف الشام عرضا. الطبري: الصواب أنها مما يلي العراق وما جزر عنه بحر البصرة من الأرض من حفر أبي موسى إلى أقصى اليمن طولاً، وما جزر هذا البحر بحر البصرة من جدة

إلى أدنى أرض الشام، وإنما قيل لها: جزيرة لانقطاع ما كان فاءضا عليها من ماء البحر عنها، والجزء في كلام العرب القطع، ومنه سمي الجزار. الباخي: قال مالك: قيل لها: جزيرة لإحاطة البحر والأنهار بها. الباجي: يجلى الكفار منها، وإن لم يكن غدر منهم. وأما في غيرها فسمع ابن القاسم: من كانت له عهود من كافر، وبان غدرهم أجلوا، وعندي أن ذلك إذا خيف منهم الميل لمجاورهم من حربي، فينتقلون إلى حيث يؤمن ذلك منهم. والمذهب أخذ الذمي فيما قدم به غير افقه بالعشر. ابن حارث وابت زرقون، وخصه ابن عبد الحكم بمكة والمدينة. وفيها مع المواوية: تجه بانتقاله في أفقه لغو: في تعشير ما قدم به افقه من غيره نقل اللخميث روايتي المجموعة وابن عبد الحكم. ابن سحنون عنه: لو باع مااشتراه من حيث أخذ منه العشر ببلد آخر غير بلده؛ أخذ عشرة، ومقتضى الروايات أن أفقه محل أخذ حزيته وعمالاته. وفيها الشام والمدينة أفقان. الشيخ: سمع القرينان، ماجلب من تيماء إلى المدينة عشر لا من وادي القرى إليها. ابن عبدوس: روى ابن وهب: أن تجر عراقي بصري للكوفة لم يؤخذ بشيء، والشام والعراق ومصر آفاق. ابن رشد والحجاز واليمن والأمدلس كلها أفق واحد. الشيخ عن محمد عن ابن القاسم: إن أوطن مصري الشام، ثم قدم مصر بتجر؛ فلا شبء عليه، لأنها بلده التي صالح عليها، وفيما قدم به الشام العشر. أصبغ: هذا إن لم تحول جزيته حيث انتقل، فإن حولت إليه، صارت كبلده. وفي أخذه بعشر ما قدم به أو عوضه، ولو قدم بعين نقلا الشيخ عن ابن حبيب مع روايته عن مالك والمدنيين وابن القاسم. قلت هو نصها والمشهور، وما عليهما لو رجع بما له بعينه، ففي أخذه به روايتان، ولو

قدم بإماء، ففي منعه منهن حتى يؤدي القولان. وفيها: وعبده مثله فيما قدم به، وتكرر قدومه كأوله، وقليل ماله ككثيره. ابن سحنون عنه: ماروي عن مالك في الكتابي بأعراض المدينة، يزرع إن كان يؤخذ منه الجزية، فلا شيء عليه، وإلا فعليه العشر إن بلغ خمسة أو ست رواية سوء لم نجزها، وعلى المشهور لو اشترى بعين قدم بها سلعاً؛ ففي أخذ عشر ثمنها أو عشرها أو غ\عشر قيمتها رابعها: لم لم تنقسم وخامسها: إن لم تنقسم أخذ تسع قيمتها لنقل الكافي واللخمي مع التونسي قائلاً: إن اخذ منه عن عشر السلع دراهم أخذ منه عشر السلع الواجبة عشرا ونصها وتأويلها. الشيخ: وبعض شيوخ عبد الحق، وبعض شيوخ الصقلي قائلاً: هو الحق الذي لا شك فيه، لأن لنا عشر عين السلع، فإعطاؤه قيمته شراء منه سلعة ثانية؛ فلنا عشرها ويلزم فيه مالزم فيها إلى مالا نهاية له حتى يدق لما لا يعلمه إلا الله تعالى. فيؤخذ منه التسع أول مرة. قلت: تقريره، لو اشترى بكل ما قدم به عشرة أثواب لايستقل منها ثوب للعشر فيجب فيها فلإمام ثوب قيمة لا عيناً، فيدفع الذمي قيمته، فيضطر لبيعه منها ثوا يدفع لنا ثمنه ضرورة فرض شرائه إياها بكل ما قدم به، فتبقى بيده منها تسعة، فيطلب بعشر الثوب الذي وجب أخذه منه وابتاعه، فيضطر لبيع عشر ثوب آخر منها، ليدفع ثمنه عنه، فيبقى بيده منها سالماً بثمانية، وبيد الإمام من العشرة ثوب قيمة لا عيناً، والثوب الذي وجب عشرة يجب في عشره ما وجب فيه، وكذا في عشر عشرة حتى يدق لماذكر، فيخلص منه للذمي ثمانية أجزاء، وللإمام جزء، فمجموع الثياب انقسم قسمين، الأول: خلص منه للذمي ثمانية أجزاء وللإمام جزء، والقسم الثاني: وجب منه لهما كذلك، فوجب قسمه مرة واحدة على ثماني وواحد وهو المعنة بكونه اتساقاً. ابن بشير: الزم التسع بما ذكر خيال بعيد، وتقويم العشر كشرائه سلعة بها عشر عليه إلا أن يؤدي قيمته من مال آخر قدم به فلقوله وجه. قلت: لا وجه له، لأن حكم المال الآخر حكم الأول، وقد قال: إن ذلك في المال الأول خيال، فكذا في الثاني، وهذا هو الحق.

وقول ابن عبد السلام: منهم من أنكر الإلزام يرى أنه يلزم في التسع مالزم من اعشر لا أعرف قائله، ولا وجه للزوجة في التسع، إلا على بعد، وهو جعل وجوب التسع المذكر كالعشر، وليس كذلك، لأن وجوبه بالنص القاصر عليهن ووجوب التسع بالانتقال المذكور المتوصل به إلى أخذ العشر من كل ما اشتراه، وبالوصول للتسع يسقط طلب العشر من كل ما اشتراه. الباجيك من قال بالقيمة مطلقاً قال: ولو كان مكبلاً أو موزوناً. التونسي: لا عشر في عين مصنوع قدم به يصنعه بيده، لأنه شيء لم يشتره قلت: عزاه الشيخ لمحمد، وما صنعه بأجر. قال التونسي: بشركة الإمام في المصنوع بعشر قيمة الصنعة إن لم يدفع قيمة عشرها عيناً. اللخمي: إن قدم بما استأجر عى صنعه مكن من صنع تسعة أعشاره، وكلف الإمام الأجير بصنع مثل تسع مصنوع الذمي، فإن غفل حتى صنع جمعية أخذ بقيمة صنعة تسعة وعشر ذلك العشر. قلت: لا وجه لمنعه صنع كل ماله وتكليفه صنع مثل تسع مصنوعة قضاء بالمثلعن ذوات القيم. وقول ابن عبد السلام: أجازوا هنا القضاء بالمثل في ذوات القيم، لأن أخذ عشر سل اشتراها بما قدم به على المشهور قضاء بالمثل في ذوات القيم وهم؛ لأنه أخذ لعين ما وجب لاعوضه. وقول اللخمي: الحق على قول ابن القاسم تكيفه صنع مثل عشر مصنوعة وهم، بل مثل تسعة؛ لأن الواجب لنا مثل تسع مايبقى بيده بعد أخذنا منه، وهو عشر مجموع ماقدم به، ومثل عشر مابيده أثل من ذلك؛ لأنه جزء من أجد عشر جزءاً مما قدم به. قلت: للشيخ عن محمد: فيما قدم به من غزل استأجر على حياكته أو فضة استأجر على صوغها، أو ضربها عشر الأجرة. قال محمد: وقال أشهب وابن القاسم: لا شي عليه، وله في الحربي خلافه. الشيخ: في المجموعة: روى ابن نافع: إن تجروا بخمر ومايحرم؛ تركوا حتى

يبيعوه فيؤخذ عشر ثمنه، فإن خيفت خيانتهم؛ جعل معهم أمين. ابن نافع: هذا إن جلبوه لأهل الذمة لا إلى أمصار المسلمين التي لا ذمة فيها. ابن بشير: لا يجوز النزول بمثل هذا، ولا الوفاء لهم به ويهراق الخمرن وتعرقب الخنازير، فإن نزلوا على أن يقروا على ذلك، وهم بقرب نزولهم. قيل لهم: ارجعوا، وإلا فعلنا ذلك. وإن طال مكثهم، فعل ذلك وإن كرهوا. وفي تعشير ثمن المنافع كالأعيان قولان للمشهور مع الشيخ عن ابن نافع، ورواية ابن عبدوس مع التونسي عن أشهب قائلاً: لأنها غلة. فقال التونسي: انظر قد يقول أيضاً: لو قدم بغنم، فباع لبنها وزبدها وصوفها، لم يكن عليه في ثمنها شيء. قلت: يرد بأن هذه أعيان قائمة، ولذلك في حكم الغصب اعتبار، وعلى الأول في تعشير كراء إ بله في غير أفقه منه إلى أفقه لا العكس أو العكس، ثالثها: يعشر مناسب مسافة غير أفقه من الكراء فيهما لابن القاسم وابن حبيب. ونقل اللخمي: مخرجا على الأولين: ما أسلم به بغير أفقه، ليأخذه في أفقه وعكسه، ونحوه للتونسي. وقول ابن عبد السلام: لم يقل أحد بأهذ عشر كرائه دوابه في بلادنا إذا كان ابتداء ابغاية وانتهاءها فيهان يرد بنقل الشيخ ما نصه في المجموعة، روي عن مالك في النصراني بكري إبله في بلد الإسلام: لا يؤخذ منه شيء. قال ابن نافع: يؤخذ منه عشر الكراء كسلعة باعها، وبأنه إذا أخذ منه في كرائه من بلدنا إلى بلده، فأحرى من بلدنا إلى بعض نواحيه؛ لكن لو تكرر كراؤه دواب معينة كذلك، ففي سقوط تعشير ثاني كرائه نظر، والأظهر جريه على أصلي القولين في سقوط زكاة غلة أصل تجر ووجوبها. ابن عبدوس وابن سحنون عنه: لو استحق ماشتراه أو رد بعيب؛ رد له عشرة. قلت: يجري رده بعيب على كونه بيعا عند مثبته. وفي سقوط عشر ما استغرفه دين مسلم ببينه نقل ابن عبدوس عن أشهب، وقول

باب الاستيمان

التونسي، ولو كان لذمي عشر اتفاقاً. قلت: ظاهره: لو أدان من مسلم ديناً، فابتاع به شيئاً عشر، وهو ظاهر على أصل ابن القاسم لا ابن حبيب. وفي أخذ الذمي يقدم مكة أو المدينة بحنظة، أو زيت بنصف ع شره، أو به سماع القرينين مع رواية الجلاب، وأول روايتي ابن نافع، ونقل ابن رشد مع الشيخ أخراهما، وابي عمر رواية ابن عبد الحكم، وصرح ابن نافع بعدم أخذه بها. وتعليل مالك أخذ عمر رضي الله عنه نصفه بالمدينة للحاجة إلى جلبهم، واليوم أغنى الله عنهم، ولفظ الموطأ في الكافي واللخمي: في الحنظة والويت، وفي الجلاب والشعير ولفظ الشماع، في الطعام، فاستثنى ابن رشد منه القطنية، ولفظ الرسالة: الطعام دون استثناء، ولفظ السماع والكافي: مكة والمدينة. زاد في الرسالة: خاصة ولفظ الجلاب: وقراهما. ولفظ ابن رشد: وأعراضهما. قلت: ولفظ المدونة: كثانية ابن نافع [باب الاستيمان] والاستيمان: هو المعاهدة: تأمين حربي ينزل لأمر ينصرف بانقضائه. وفيه إن نزل بمال طريقان: اللخمي: في أخذ عشره، أو مايراه الإمام، ثالثهما: إن نزل دون اتفاق لمالك وابن

القاسم وأشهب. اللخمي: يريد: فإن فات ببيع، وهو أحسن إن لم تكن عادة، فإن لم يفت ولا عادة فما تراضوا عليه، وإن قل وأن نزل على دنانير، لم يمنع وطء إمائه، وعلى مقاسمتهم يمنع حتى تقسم، وإلا ففي كونه كالأول أو الثاني قولان لابن القاسم ومالك، واتفقا على منع رد ماله حتى يعشر. وقال أشهب: له رده دون تعشير مالم يشترط عليه أولاً. الصقلي عن محمد عن ابن القاسم: فيما يؤخذ منه كأشهب. وعن اصبغ: إن عرف بالنزول قبل ذلك على العشر، ولم يقل له شيء حتى باه بم يزد عليه. ابن رشد: في وجوب أخذ ماصولح عليه بنفس قدومهن أو حتى يبيع قولا ابن نافع مع ابن القاسم ومالك وأشهب مع ابن وهب، وعليهما منه رد ماله دون أخذ، ووطئه ماءة قبله، فعلى الأول أن نزل على مقدر نصاً أو عادة أو دونه، لزم ماقدر أو العشر اتفاقاً، وخلاف روايتي ابن القاسم وعلي فيها إنما هو في جواز إنزالهم على أقل من العشر، أو دون اتفاق، فيجب العشر ومنعه، وعلى الثاني إن أنزلوا دون اتفاق ولا عادة، ولم يبع، فكما لم ينزل، وإن باع تعين العشر. وفيها: لابن القاسم وابن نافع: على الحربي فيما نزل به ما صولح عليه. وروى علي: عليه العشر قلت: هذا خلاف تفسير ابن رشد، وذكره قول ابن القاسم رواية. وللشيخ عن ابن عبدوس عن ابن نافع: لا يؤخذ منه شيء حتى يبيع، فيؤخذ عشر ثمنه، وعن ابن سحنون عنه عن ابن القاسم: لابأس أن يجزئ الحربي رقيقه عشرةعشرة وعلى أن يختار الإمام من كل عشرة رأساً. سمع القرينان: قيل لمالك: الرومي إذا قدم جعل رفيقه عشرات يبتدئ في عشرة باختيار الرأس، ثم يختار الأمير من التسعة الباقية رأساً، وفي العشرة الثانية يبتدئ بالخيار الأمير ثم الرومي، وفي العشرة الثلاثة كالأولى، وفي الرابعة كالثانية إلى آخره، وأنهم أحكموا ذلك.

قال: أحكموه إحكام سوء. ابن رشد: لأنه غرر بين لا يجوز، والواجب قسم القرعة. الشيخ: عن ابن عبدوس عن ابن القاسم: إن نزل على العشر؛ لم يكن للإمام مقاسمتهم رقيقاً، ولا غيرها حتى يبيع إلا أن يريد الرجوع بذلك لبلده أو بلد آخر، بخلاف الذمي له الرجوع بذلك دون أخذ منه، وفي أخذه بعشر ما قدم به غير مصنوع استأجر على حياكته أو صوغه أو ضربه أو عشرة معمولاً، ثالثها: لا شيء عليه فيه، للشيخ عن محمد، وعنه عن ابن القاسم وعن أشهب. الصقلي: روى محمد وابن عبدوس: إن رجع بما قدم أخذ منه عشره، ثم إن نزل بلداً آخر؛ لم يؤخذ منه شيء. قلت: نقله العتبي عن أصبغ. ابن رشد: يريد: بلداً آخر من ذلك الأفق، ولو كا في أفق آخر أخذ منه العشر إن اشترى أو باع على قول ابن وهب، وعلى قول ابن القاسم: وإن لم يبع. الشيخ والصقلي عن أصبغ: يمنع الدوران في السواحل للبيع خوف التكشف على عورة، ولا ينزل إلا حيث تؤمن غرته، ويمنع المشي بغير الأسواق والطريق الواضحة لحوائجه. محمد عن ابن القاسم: لا ينبغي للإمام إنزالهم على شرطهم ألا عهدة عليهم فيما يبيعون، فإن جهل وأنزلهم عليه؛ وفي لهم وأنذر الناس بذلك، فمن اشترى منهم غير عالم بذلك؛ فلا رد له بعيب خفيف، او خفي كبيع المفلس، وما كان عن تدليس أو عيب ظاهر؛ فله الرد عليه وعلى الإمام. وسمع عيسى: رجوع ابن القاسم عن قوله في حربي أمن على النزول، وقد كان سرق في أمان نزول سابق عن انصرافه منه عبيداً وأحراراً ينزعون منه كدين كان أدانه من مسلم في أمانه السابق إلى قوله: لا ينزعون. ابن رشد: على وله الأول: لا ينبغي إنزالهم على عدم نزعهم، فإن فعل وهو عاجز عن حربهم إن ردهم؛ ففي الوفاء لهم بشرطهم ونقضه ثالثها: يخيرهم الإمام بين ردهم أو نزعهم منهم، وعلى الثاني يخيرهم الإمام لقول ابن القاسم ذلك في الذمي.

وسمع أصبغ ان وهب: لو أدان عند نزولهمن مسلم ديناً إلى أن رجع قابلاً، فشرط عند نزوله قابلاً أن لا يعدى عليه غريمه؛ لا ينبغي إنزاله على ذلك، فإن أنزل عليه؛ أعدى القاضي غريمه عليه، وقال له: إن شئت بع أو ارجع. ابن رشد: لا ينبغي أن يختلف في عدم الوفاء له بذلك الشرط؛ لشرطه إسقاط ما أوجبه على نفسه؛ إنما الخلاف فيما هرب به من ذمي غلبه، ثم نزل على أن لا يعدى عليه، ولو أسلم رقيق من نزل بأمان، ففي تمكينه من الرجوع بهم بعد أخذ عشرهم نقلاً ابن رشد مشهور قول ابن القاسم، وهو سماعه عيسى، وسماعه يحيى، مع قول ابن حبيب، ونقله عن أصحاب مالك قائلاً: لم يتابع ابن القاسم أحد من أصحاب مالك، وحكى هذين القولين أيضاً فيما بيده من أسير مسلم مفسراً الثاني ببيع من أسلم من عبيده عليه وإعطائه قيمة الأسير المسلم، وعزا في سماع يحيى قول مالك لابن حبيب قائلاً: هو إجماع قول مالك وأصحابه. ولابن سحنون عن مالك خلافه. زاد الشيخ عن ابن حبيب: ولو شرط عند نزوله عدم التعرض له فيهما بذلك؛ لم يوف له شرطه. قال: وقاله ابن الماجشون ورواه. وللشيخ في ترجمة الرهائن عن الموازية: لا يعرض لمن نزل بأمان، وبيده مسلم فيه وله بيعه، فإن باعه من مسلم؛ صار حراً، واتبعه مبتاعه بالثمن، وقاله أصبغ ومحمد. الشيخ عن ابن حبيب: روى الأخوان: لو قدم بأسير طلب به فداء قريب له بيد مسلم؛ جبره الإمام على أن يأخذ فيه قيمته، ويفدي به المسلم، ولو تشطط الحربيفي الأسير بقريب من القيمة أعطيه وإلا فالقيمة. ابن سحنون عن عبد الملك: لا يزاد على قيمته إلا الشيء القريب. ابن سحنون: لو قدم بأسير؛ ليفدي به زوجته وولده، فوجدهما قد أسلما او دبرا أو عتقا إلى أجل؛ فقال مالك وابن القاسم: له رده، وقال غيرهما: يجبر على أخذه منه بالقيمة؛ ومعنى القيمة في هذه المسائل فداء مثله ليس العربي والقرشي كالأسود والمولى.

قلت له: قد فديت الأسارى الذين كانوا بسردانية على قيمتهم عبيداً. قال: لأنهم غير معروفين عندي من ذوي القدر. اللخمي: لو قدم بمسلمين أحرار وعبيد؛ ففي تمكينه من الرجوع بهم ثالثهما: بالذكور لا الإناث لابن القاسم وعبد الملك قائلاً: يعطي في كل مسلم أوفر قيمة، وابن سحنون عن ابن القاسم، وسمع يحيى ابن القاسم: إن ظهر فيمن قدم من أهل الحرب لصلح عبد لمسلم كان أبق إليهم؛ رد إليهم دون ربه. ابن رشد: إن كان كافراً، وفي بيع المسلم عليه خلاف تقدم. وسمع سحنون رواية ابن القاسم: إن أسلم رسول أهل الحرب؛ رد إليهم. ابن رشد: وقال ابن حبيب: لا يرد إليهم ولو شرطوه، وثالثهما: إلا أن يشترطوه. الشيخ عن ابن حبيب: إن نزل بأمان أريق ما معه من خمر، وقتل ما معه من خنازير، وغيبت جيفته، وإن طلب النزول على بقاء ذلك؛ لم ينزل عليه، فإن جهل الإمام وشرط له ذلك، فإن عثر على ذلك بحدثانه قبل أن يبيعوا؛ قيل لهم: إما نزلتم على إراقة الخمر وقتل الخنازير وإلا فانصرفوا، وإن لم يعر على ذلك حتى باعوا بعض متاعهم، وطال لبثهم؛ جبروا على إراقة الخمر وقتل الخنازير، ولا عهد فيما خالف الكتاب والسنة. قلت: ظاهره: منعهم بيع ذلك، ولو من ذمي، وتقدم لابن نافع خلافه، فيتقرر بهما قول ابن الحاجب: لا يمكنون من بيع خمر لمسلم، والمشهور تمكينهم لغيره، ولو ظهر كون من نزل لعقد هدنة مرتداً أو عبداً لمسلم أو ذمي، ففي رده لمأمنه واستتابته، ورده لربه ثالثها: إن اشترط الأمان، وإن كان كما ظهر. لابن رشد عن سماع يحيى ابن القاسم مع أحد قولي أشهب وابن حبيب مع روايته عن الأخوين وابن عبد الحكم وأصبغ وأحد قولي أشهب، ورواية عن ابن القاسم مع دليل قول سحنون. قلت: حكاها الشيخ عن سحنون عن ابن القاسم جواباً لأهل الأندلس، وله عن ابن حبيب: إن ظهر على رسول دين، أو حق لمسلم؛ حكم عيه بحكم الإسلام، وكذا فيما أحدث من زنى أو شرب خمر، أو فاحشة كمستأمن.

الشيخ: يريد ابن حبيب في غير قول ابن القاسم. وفي كتاب ابن سحنون: يترك الرسول في حاجته بقدر قضائها، فإن أبطأ أمر الأمير بإخراجه، ولا يبيع شيئاً إلى أجل، فإن فعل وقرب أجله؛ أمهل إليه، وإن بعد كالسنة؛ لم يترك، إن شاء وكل أو قدم إذا حل أجله، ولا يدخل إلا بأمان، فإن دخل دونه؛ لم يح؛ لأن له شبهة، ولا يمنع الدخول إلا أن يقتضيه الإمام ويدفعه له. سحنون: لو رأي رسول عورة في عسكر المسلمين؛ لم يكن للإمام حبسه بعد قضاء أمره حتى يصلحها، ثم قال: إن قرب إصلاحها حبسه إليه، وقال ابنه: يحبسه إليه وإن طال، ولا يقبل يمينه أنه لا يخبر بها، وحبسه بجعل من يحرسه معه دون قيد إلا أن يحضر المسلمين قتال يخاف فيه منه فليقيده، فإن زال القتال؛ أزيل عنه، ولو نقله الإمام من محل بلوغه إلى غيره لقتال نزل؛ فعليه بعد انقضائه نفقة تبليغه إلى المحل الذي نقله منه يعطيها الإمام من تلك الغنيمة؛ لأن حبسه مصلحة لذلك الجيش، ولو أراد الرسول المقام، ورفض ما أرسل إليه؛ لم يمكن من ذلك. ابن سحنون عنه: لا ينزع من رسول سلاحه التي قدم بها، ولم ينزع صلى الله عليه وسلم من عمير بن وهب إذ قدم بسيفه. قال: ولا يغار على العدو ورسوله عندنا إن كان ذلك أماناً عندهم وإلا أغير أغير عليه، ولو كان رسولنا عندهم أغير عليهم إن أمن عليه، ومن نزل بنا رهناً في فداء، فخاس راهنه، ففي رقه لمرتهنه مطلقاً، أو إن كان بالغاً، ثالثها: يباع بعد الاستيناء، ويوقف فضل ثمنه على ما رهن فيه لراهنه. للشيخ عن سحنون، وعن سماع يحيى ابن القاسم، وعن سماع أصبغ ابن القاسم. سحنون: ولو رهنه على إعطاء الفدية مع إقامة الراهن والرهن على الجزية، فخاس الراهن؛ لم يرق الرهن بحال، والفدية في ذمة الرهن الكبير لا الصغير. قلت: هذا خلاف إرقاقه الصغار كالكبير، لا يقال: لا ذمة للصغير؛ لأنها له بدليل تعلق عدائه بهما، وإن لم يكن له مال، وعزا الشيخ سماع أصبغ لابن القاسم، وهو في

العتبية لأشهب، ووقع ذكره يف سماع أصبغ ابن القاسم. ابن رشد: ناقض كثير من أهل النظر سماع يحيى بسماع أصبغ، وإجازتها شراءنا أولاد أهل الحرب من آبائهم الذين لا عهد لهم؛ لأن ما جاز بيعه؛ جاز رهنه، وليس كذلك، والفرق أن الحربي حاكم على ولده في بلده، فمضى حكمه عليه، والأسير لا حكم له فيه، فاعتبر رضى الرهننفسه، ولا رضى لصغير. قلت: هذا جواب معارضتهم بها، فما جواب معارضتهم بسماع أصبغ، وعزا الشيخ لابن حبيب الثاني قائلاً: إن بان أن الراهن مات، أو منع المجيء أطلق رهنه، وإن كان كبيراً. قال: وقال الأخوان وأصبغ: إن كان الولد في عهد أو هدنة؛ فإنه يسترق، كان كبيراً أو صغيراً، خاس الأب أو لم يخس، مات أو منع؛ لأن هذا شأن الرهن. قلت: يريد: أنه رهن في الوفاء بالعهد أو الهدنة. الشيخ: سمع عيسى: لو نزل بنا من طلب فداء زوجته بأربعة أسارى معينين يأتي بهم، فأتى بثلاثة، وقال: عجزت عن الرابع؛ أعطي زوجته أو رد عليه الثلاثة. عيسى: بل يعطي زوجته. الشيخ: وقاله أصبغ وأبو زيد. قال أبو زيد: وكذا لو لم يأت إلا بواحد. محمد: إن ظن أن ذلك منه خديعة، فإن طمع أنه لا يترك زوجته؛ لم يعطها إلا بذلك أو بما هو أفضل. ابن رشد: قول ابن القاسم: ليس هو على ظاهره من التخيير، ومعاه: أنه لا بد من أحد الأمرين، فغن لم يصح أحدهما؛ لزم ااثني، وقول عيسى مبين ذلك؛ لأن قوله في أوله: أحب إلى رد امرأته؛ ليس على ظاهره، ومعناه: الوجوب لقوله أخيراً: ولا ينبغي لهم غير ذلك، وهذا إن لم ينبرم العهد بينهم، وبين الرومي على المعاوضة بذلك، ولو انبرم على ذلك؛ وجب إذا تحقق عجزه عن الرابع أخذه امرأته، وغرم يمة ربعها؛ كالاستحقاق فيمن باع أمة بأربعة أعبد، فاستحق أحدها بعد عتق الأمة، وإن لم يتحقق عجزه؛ حبست زوجته حتى يأتي بالرابع على أصولهم في أن من حق البائع أن يمسك

سلعته حتى يستوفي كل ثمنها. قلت: هذا نص منه على تبدئة المشتري بدفع الثمن، ولو نقض ذو رهن في صلح صلحه. ورأي الإمام فسخه كان الرهن فيئاً، وفي جواز قتله إن كان كبيراً عاقلاً، ولو كان شيخاً أو راهباً. ثالثهما: ان شرط قتله لذلك حين رهنه للشيخ عن سحنون قائلاً: إن كان صغيراً يوم الرهن، وبالغاً يوم النقض؛ لم يقتل، ونقل ابنه عن بعض أصحابنا وعبد الملك، ويف جواز إحداث ذوي الذمة الكنائس ببلد العنوة المقر بها أهلها، وفيما اختطه المسلمون فسكنوه معهم وتركها إن كانت ثالثها: تترك ولا تحدث للخميعنغير ابن القاسم وعن ابن الماجشون قائلاً: ولو كانوا منعزلين عن بلاد المسلمين، وابن القاسم قائلاً: إلا أن يكونوا أعطوا ذلك، ويجوز لهم بأرض الصلح إن لم يكن بها معهم مسلمون، وإلا ففي جوازه قولاً ابن القاسم وابن الماجشون قائلاً: ولو شرط لهم ذلك، ويمنعون من رم قديمها إلا أن يكون شرطاً، فيوفى ويمنعون الزيادة ظاهرة أو باطنة. وقول الطرطوشي: يمنعون من إعلاء بنائهم على بناء المسلمين. وفي المساواة قولان، ولو اشتروا عالياً أقر؛ إنما نقله عن الشافعية كالمصوب له. وسمع أصبغ ابن القاسم: لا يجوز لمسلم شراء ما باعه الأسقف من الديارات المحبسة على إصلاح الكنيسة لخراجهم أو لرم الكنيسة، ولايجوز فيما حبسوه على وجه التقرب إلا ما يجوز للمسلمين. أصبغ: لا يحكم حكم المسلمين في منع بيعها ولا رده ولا الأمر به، ولا إنفاذ حبسه ولا جوازه. ابن رشد: لم يجز ابن القاسم في هذه الرواية بيع ذلك لما ذكر، وأجازه في سماعه عيسى؛ والوجه أنه إن أراد من حبسها إبقاءها لصرف غلتها فيما ذكر، وأراد الأسقف بيعها لما ذكر، ورضيا بحكم الإسلام، واختار حكم الإسلام الحكم بينهم أن يحكم ببقائها، وهو معنى قول ابن القاسم: لا يجوز في أحباسهم إلا ما يجوز في أحباس المسلمين؛ لأن المحبس لو أراد أن يرجع فيما حبس لما جاز له لا يصح أن يكون ابن

القاسم أراده، كما تأول عليه الأصبغ؛ لأن الحبس على الكنيسة معصية. ولو مات مستأمن ففي ذفع ماله وديته إن قتل لوارثه أو لحكامهم، ثالثها: إن ثبت تعين وارثه بينه مسلمين فالأول، وإلا فإلى طاغيتهم، ورابعها: ماله ولارثه، وديته حكامهم، لقياس ابن القاسم فيها على قول مالك في ديته قائلاً: لكنه قال: ويعتق قاتله رقبة. مع الشيخ عن الموازية والصقلي عن سحنون، مع البراذعي عن غير ابن القاسم، ونص المدونة عن سحنون، والشيخ عن ابن حبيب مع نقله عن مالك وابن القاسم وأصبغ، والصقلي عن الشيخ عن سحنون. أبو عمران: قوله: غير ابن القاسم وفاق له؛ لأن بحكامهم يعرف وارثه، وظاهر قول غيره أنه خلاف، وفسر الصقيل المذهب بقول سحنون: إن استأمن على المقام أو طال مقامه عندنا، أو كان شأن المستأمنين المقام، أو لم يعرف حالهم، ولا ذكر رجوعاً لبلده؛ فميراثه للمسلمين. قلت: زاد في النوادر عنه: إن قدم بذرية على الرجوع، أو كان شأنهم، فمات ردت ذريته وماله لبلده وإلا فلا. ابن بشير: إن استأمن على دوام إقامته؛ فميراثه للمسلمين إن لم يكن معه وارث، وإن استأمن على رجوعه بانقضاء أربه؛ فماله لأهل الكفر، وفي رده لوارثه أو لحكامهم قولان، ولعله خلاف في حال إن استقل لنا حقيقة توريثهم دفع لوارثه وإلا فلحكامهم، وإن استأمن مطلقاً، فإن كان لأمثالهم عادة في الإقامة أو الرجوع؛ حكم بها وإلا ففي الحكم بمقتضى الرجوع أو الإقامة قولان. عبد الحق عن محمد: ودية المستأمن خمسمائة دينار. قال: إنما ذكرته؛ لن لإسماعيل في ديته غير ذلك، والصواب الأول. ابن حبيب: إن غنم جيش وارثه قبل قبضه إرثه؛ فهو فيء له. الصقلي عن محمد عن ابن القاسم وأصبغ: حكم ماله عندنا في موته ببلده كموته عندنا، وماله في موته بعد أسره لمن أسره، وعزاه ابن عبدوس. لعبد الملك أيضاً: ومن له عليه دين في كونه أحق بماله يذكر في الغنيمة إن شاء الله

تعالى، ولو قتل في المعركة، ففي كونه لوارثه أو فيئاً؛ لا يخمس نقلاً الشيخ عن محمد وابن حبيب، مع نقله عن ابن القاسم وأصبغ. قلت: الأول سماع يحيى ابن القاسم. ابن الحاجب: لو ترك وديعة؛ فهي له، فإن قتل أو أسر، فثالثها: إن قتل كانت فئاً، ورابعها: عكسه. ابن عبد السلام: الأول أنه فيء قتل أو أسر، والثاني لوارثه في الوجهين، والثالث فيء في القتل وميراث في الأسر، والرابع عكسه. قلت: لا أعرف في أسره خلافاً أنه لمن أسره زتفسيره كونه لوارثه في الأسر لا يعقل؛ لأنه إن أراد أنه لوارثه بعد موته أسيراً فغير صحيح؛ لأنه عبد مات، وكل عبد مات؛ فماله لمالكه لا لوارثه، وإن أراد قبل موته فأبعد، والثالث كذلك، وتفسيرها ابن هارون بقوله: الأول أنها له إن أسر، ولوارثه إن قتل، والثاني فيء فيهما، والثالث: له إن أسر وفيء إن قتل، والرابع عكسه صواب. وسمع يحيى ابن القاسم: إن بيع مستأمن غنم بعد رجوعه لأرضه كان ترك بأرض الإسلام وديعة؛ فهي فيء للمسلمين بأخذهم إياه، ومال العبد لبائعه إن لم يشترطه مبتاعه، وكذا إن قتل بعد أسره، ولو تل في المعركة دون أسر؛ فهي لوارثه. ابن رشد: معنى قوله: (هي فيء)؛ أنها غنيمة تخمس، ويجري فيها السهام، اله ابن حبيب، وحكاه عن ابن الماجشون وأصبغ وابن القاسم، وهو بين قائم من قوله في الكتاب. وحمل فضب قول ابن القاسم على ظاهره: أنه لا يخمس، وهو بعيد في المعنى، وإن قتل مستأمن مسلماً أوذمياً عمداً؛ قتل به. وفي كون الدية في خطئه على عاقلته متى قدر عليها، أو في ماله إن كان ملياً وذمته إن كان عديماً نقلاً الشيخ عن الموازية مع أشهب قائلاً: إن عجز عن عاقلته؛ فعليه قدر مصابه منها معهم. وسحنون قائلاً: لأن العواقل ثلاث عشيرة الجاني وأهلي جزية النصراني وبيت المال لمن لا عشيرة له؛ لأنها وارثه، والمستأمن ليس كذلك، وعزاه الصقلي لابن القاسم

قائلاً: يمنع الرجوع لبلده قبل دفعها، وفي حده لقذفه، وقطعه لسرقة من مسلم أو ذمي، وقطع من سرق منه نقلاً الشيخ عن ابن القاسم مع عبد الملك وأشهب قائلاً: يؤدب في القذف. محمد: إن نزل مستأمن بأهله وولده؛ جاز شراء صغار بنيه منه لا زوجته ولا كبير ابنه ولا ابنته التي وليت نفسها إلا برضاهما؛ لأن نزولهم معه بالأمان نزول واحد. قلت: ظاهر قولها: إن نزل بنا من لا عهد له ببلده، فلنا أن نشتري منهم الأبناء والآباء والنساء وأمهات الأولاد، وليس نزولهم على التجارة ببلدنا بعهد، ثم ينصرفون؛ كالعهد الجاري لهم ببلدهم؛ بل هو كدخولنا لهم بتجارة بعهد فلنا شراؤهم منهم هنالك حلافه. وفي الموازية: المعاهد سنتين أو ثلاثاً في ولده وزوجته كمستأمن نزل بهم. قلت: ظاهره: جواز شراء ولده الصغير لا الكبير ولا الزوجة. وظاهر قولها: لو صالحنا قوم على مائة رأس كل عام؛ لم ينبغ أن نأخذ منهم أبناءهم ونساءهم؛ إذ لهم من العهد ما لآبائهم إلا أن يكون الصلح لسنة أو سنتين، فيجوز أخذهم منهم خلافه. زاد الصقلي عقب لفظها، وأباه أشهب، وعزاه اللخمي لكتاب ابن حبيب. وفي الموازية معها: من صالحنا لغير أمد؛ لم يجز لمن قدم منهم بيع أولادهم لدخولهم في الصلح. التونسي: إنما جاز في عهدهم سنتين أخذ صغارهم لاختصاصه بكبارهم، وعدم بلوغ صغارهم إياه، ويدخلون في العهد البعيد؛ لبلوغهم قبل انقضائه، ولو كانوا لا يبلغون قبله؛ جاز أخذهم، وفي أخذ نسائهم إشكال إلا أن يكون العهد؛ إنما هو للرجال، كما لو صالحنا بطريق على أن يفعل ببلده ما أراد؛ لجاز أخذ ما أعطانا من أهل مملكته. الشيخ عن محمد عن أشهب: إن نزلت كافرة بأمان قالت لها: زوج أولاً؛ فلها توزويج مسلم بعد ثلاث حيض من آخر وطئة تصدق فيهم، فإن قدم زوجها قبل تمامها؛ كان أحق بها ما لم تسلم إلا أن يسلم قبل تمامها.

باب ما ملك من مال كافر

قلت: ظاهرها قبل تمامها من آخر وطئة لا من يوم أسلمت. ابن حبيب عن أصبغ: لا يتزوجها مسلم بذلك إلا أن تنزل على دوام الإقامة. قلت: جعل أشهب تزويجها التزاماً لدوامها. وفي كتاب ابن سحنون: لو نتزوج مسلم، أو من أسلم بدار الحرب حربية، خرج بها؛ فهي حرة ذمية لا رجعة له لأرضها. قلت: على قول أصبغ: لها الرجوع إن خرجت من عصمته؛ لعدم جعله زواجها بأرضنا التزاماً لدوام الإقامة فيه، ولو قال: أخرجتها كرهاً، وأنكرت؛ لم يسترقها إلا ببينة مسلمين، ولا نكاح بينهما لإقراره أنها ملكه، وللإمام إقرارها على الذمة أو ردها. [باب ما ملك من مال كافر] ما ملك من مال الكافر غنيمة ومختص وفيء، وقول ابن الحاجب: الأموال غنيمة وفيء يبطل بالمختص. فالغنيمة ما كان بقتال أو بحيث يقاتل عليه، ولازمه تخميسه، فما أخذ بقتال الأحرار الذكور البالغين واضح.

وروى محمد وغيره: ما أخذ من حيث يقاتل عليه، كما بقرب قراهم، كما قوتل عليه. اللخمي: ما انجلى عنه أهله بعد نزول الجيش في كونه غنيمة له، أو فيئاً لا شيء له فيه قولان، بناءً على اعتار سببية نزول الجش، أو عدم ممانعة العدو. قال: وقيل: خروج الجيش فيء. قلت: وبعده وقبل نزوله يتعارض فيه مفهوماً نقله. قال: ويختلف في خراج أرضهم، وما أخذ عن مصالحتهم بعد النزول، وقبل الخروج إليهم كما أجلوا عنه فيهما. وما يؤدونه كل عام كخراج أرضهم، وفي تخميس ما غنمه العبيد بإيجاف من أرض الإسلام قولان. قال: ويختلف في تخميس أنصبائهم، وإن كانوا مع جيش بتقويهم بهم؛ حصلت

الغنيمة. قلت: أنصابؤهم؛ إنما هي بعد القسم، والقسم بعد التخميس، فلو خمست؛ خمست مرتين. قال: ويختلف في تخميس ما انفرد النساء والصبيان بغنيمة قتالهم. قلت: سمع عيسى ابن القاسم: لا يخمس ما خرج به عبد أبق لدار الحرب من رقيق استألفهم أو تاجراً، ومن أسلم بدار الحرب، وتقدم الخلاف فيما خرج به الأسير. وسمع يحيى ابن القاسم: يخمس ما أصاب العبد المتلصص من قرى العدو لا الآبق لأرض العدو، ويخرج منها بشيء؛ لأن الخمس إنما هو فيما تعمد بخروج لإصابته، وأوجف عليه بخيل أو ركاب. ابن رشد: في تخميس ما غنمه العبد قولاً ابن القاسم، وأصبغ مع سحنون بناءً على دخوله في خطاب: {واعلموا} كالحر أولاً. ابن رشد: قول ابن لبابة: العنوة قسمان؛ ما كان منها بقتال خمس، وما كان منها دونه فهو فيء لا يخمس كالصلح؛ بعيد. وما لحربي غنم من مال أو وديعة بأرض الإسلام غنيمة في تخميسه خلاف ما تقدم. وسمع عيسى وأصبغ ابن القاسم: غرماؤه أحق به ممن غنمه، وهو أحق منهم مبا أوجف عليه بخيل أو ركاب. ابن رشد: لأن غرماءه إنما عاملوه على ماله الذي ببلد الإسلام لا على الذي ببلد الحرب، ولا يعارض بقولها في التفليس: من ارتد وهرب بماله فغنم؛ غرماؤه أحق بماله؛ لأنهم عليه عاملوه، فلم يسقط حقهم بهروبه، ولو هرب دون مال، واكتسب بدار الحرب مالاً؛ فلا حق لهم فيه. ولو هرب المستأمن بالمال الذي داينوه به، وعلم أنه بعينه كانوا أحق به ممن غنمه، وبقية مال المرتد لمن غنمه لا للمسلمين كمال المرتد؛ لأنه مال مسلم مجهول وجد في المغانم. أصبغ: قيل لأشهب: ما أصابه المسلمون من عدو خرج على المسلمين، فهزمه الله

باب الفيء

دون قتال، هل يخمس، أو هو فيء، أو لكل إنسان ما أخذه؟. قال: هذا لا يكون، ولو كان؛ لكان غنيمة يخمس ويقسم. ابن رشد: أبعد انهزامهم دون هازم لهم، وهو ممكن كموت رئيسهم، فيتشتت أمرهم، ويرون سواداً يظنونه جيش إسلام، فيفرون متفرقين ملقين أمتعتهم وأموالهم، فما أصيب منهم فيء لا يخمس، ولو نزلوا بثغر مسلمين، فانهزموا دون قتال؛ لتداعي المسلمين عليهم؛ فغنموهم لخمسوا، وكان سلئرهم لأهل المكان الذي تداعى في النفير إليهم؛ لأنهم بهم انهزموا، قاله ابن حبيب في الواضحة، وهو صحيح. والمختص بآخذه: ما أخذ من مال حربي غير مؤمن دون علمه، وكرهاً دون صلح، ولا قتال مسلم ولا قصده بخروج إليه مطلقاً على رأي، أو بزيادة من أحرار الذكور البالغين على رأي، كما هرب به أسير، أو تاجر، أو من أسلم بدار الحرب، أو ما غنمه الذميون، وفيما غنمه العبيد والنساء والصبيان خلاف تقدم؛ فلا يدخل الركاز. [باب الفيء] **** ما سواهما منه، فيها: خراج الأرضين والجزية، وما افتتح من أرض بصلح، وخمس غنيمة أو ركاز فيء.

الشيخ: زاد ابن حبيب: وما صولح عليه أهل الحرب، وما أخذ من تجرهم، وتجر الذميين. قلت: وعزاه في باب آخر لمحمد عن ابن القاسم. ابن بشير: في قسم الفيء على التسوية أو التفضيل، ثالث أقوال المذهب: تخيير الإمام فيهما. وفيها: أيسوي بين الناس فيه؟ قال: قال مالك: يفضل بعضهم على بعض، ويبدأ بأهل الحاجة حتى يغنوا، وأهل كل بلدة افتتحوها عنوة أو صلحاً أحق به إلا أن تنزل بقوم حاجة، فينقل إليهم منها بعد إعطاء أهلها ما يغنيهم على وجه النظر. قال ابن حبيب: مال الله الذي جعله رزقاً لعباده مالان: زكاة لأصناف معينة، وفيء ساوى فيه بين الغني والفقير. قلت: يريد: في مجرد الأخذ لا في معيته أي باعتبار الزمن. قال: وقاله مالك وأصحابه. روى مطرف: يعطي الإمام أقرباء رسول الله صلى الله عليه وسلم قدر ما يرى من كثرة المال وقلته، وكان عمر بن عبد العزيز يخص ولد فاطمة صلى الله عليه وسلم كل عام باثني عشر ألف دينار سوى ما يعطي غيرهم من ذوي القربى.

ابن حبيب: سيرة أئمة العدل في الفيء وشبهه؛ أن يبدأ بسد خلل البلد الذي جبي منه أو أفيء منه وسد حصونه، والزيادة في كراعه وسلاحه، ويقطع منه رزق عماله وقضاته ومؤذنيه، ولمن ولي شيئاً من مصالح المسلمين، ثم يخرج عطاء المقاتلة، ثم للعيال والذرية. قُلتُ: ظاهره: تبدئة العمال على المقاتلة، ويأتي لابن عبد الحكم عكسه، وهو الصواب. قال ابن حبيب: ثم سائر المسلمين، ويبدأ الفقير على الغني، فما فضل رفعه لبيت المال يقسمه، فيبدأ فيه بمثل ما بدأ به في البلد الذي أخذ فيه، وإن لم يعم الفقراء والأغنياء آثر الفقير إلا أن تنزل ببلد شدة، وليس عندهم ما يذهبها، فليعطف عليهم من غيرها بقدر ما يراه، وإن اتسع المال أبقى منه في بيت المال لما يعرو من نوائبهم، وبناء المساجد والقناطر، وفك أسير، وغزو وقضاء دين، وموته في عقل جرح، وتزويج عازب، وإعانة حاج. اللخمي: إن كان المال من أرض صلح؛ لم يصرف في إصلاح ذلك البلد؛ لأنه ملك لأهل الكفر، وإن كان بين أظهرهم مسلمون فقراء أعطوا منه. ابن عبد الحَكم: يبدأ في الفيء الذي يصير في بيت المال بإعطاء المقاتلين من جميع البلدان يعد فيهم من بلغ خمسة عشر سنة ما يحتاجون في العام، ويفاضل بينهم على قدر الثغر وبعده، ثم النساء والذرية والزمناء بقوام عامهم. التونسي: قول ابن عبد الحَكم: يقسم بين الغني والفقير بالسوية؛ كإرث بين وارثين غني وفقير ليس بينا. الشيخ عن ابن حبيب: والأعراب والبوادي كالذرية، وما فضل عم به المسلمين، فقيرهم وغنيهم، الرجال والنساء والذرية، وإن قل آثر الفقراء بعد أن يقيم منه ما يحتاج من مصالح المسلمين. وفيها: لمالك: يبدأ في الفيء بالفقراء، فما بقي كان بين الناس بالسوية إلا أن يرى الإمام حبسه لنوائب الإسلام. ابن القاسم: وعربيهم ومولاهم سواء؛ لأن مالكاً حدث أن عمر خطب، فقال:

إني عملت عملاً، وعمل صاحبي عملاً، وإن بقيت لقابل لألحقن أسفل الناس بأعلامهم، ما من أحد إلا له في هذا المال حق أعطيه أو منعه، ولو كان راعياً أو راعية بعدن، فأعجب مالكاً هذا الحديث. ابن حبيب: إن أصاب الأعراب سنةُ؛ فلا بأس أن يغنيهم منه، وفعله عمر -رضي الله عنه-. ابن حبيب: روى مالك عن ابن شهاب: كان صلى الله عليه وسلم يأخذ مما أفاء الله عليه نفقته ونفقة أهله سنة، ويسلم ما بقي للمسلمين. وعن ابن شهاب: قدم أبو عبيدة عليه صلى الله عليه وسلم بجزية مجوس البحرين، قتادة: وهو ثمانون ألفاً. ابن حبيب: وهو أكثر مال قدم به عليه صلى الله عليه وسلم. قال قتادة: فصبه على حصير ففرقه، فما حرم منه سائلاً، وجاء العباس فقال: خذ، فجعل يحثي في حجره حتى عجز عن حمله، وقال: هذا خير مما أخذ منا. الشيخ: رأيت في غير كتاب ابن حبيب: فاستعان بمن يعينه على القيام، فنهاهم صلى الله عليه وسلم حتى نقص منه حتى قوي على النهوض به. ابن حبيب: سأله صلى الله عليه وسلم حكيم بن حزام أن يعطيه من فتح فيء فأعطاه، ثم سأله فأعطاه، ثم سأله فقال: "خير لأحدكم أن لا يأخذ من أحد شيئاً. قال: ولا منك يا رسول الله. قال: ولا مني"، وكان عمر يعرض عليه العطاء فلا يأخذه. قُلتُ: فيها كان عمر يدعو حكيم بن حزام ليعطيه عطاءً، فيأبى ذلك حكيم ويقول: تركته على عهد من هو خير منك؛ يريد النبي صلى الله عليه وسلم، فيقول عمر: أشهدكم عليه. وروى مسلم عن سالم بن عبد الله عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يعطي عمر بن الخطاب العطاء فيقول عمر: أعطه يا رسول الله من هو أفقر إليه مني، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: "خذه فتمول به أو تصدق به، وما جاءك من هذا المال وأنت غير مشرف ولا

سائل؛ فخذه وما لا فلا تتبعه نفسك". قال سالم: فمن أجل ذلك كان عمر لا يسأل أحداً شيئاً ولا يرد شيئاً أعطيه. ابن حبيب: لما ولي أبو بكر قال: من كان له من رسول الله صلى الله عليه وسلم وعد فليأتني، فقال جابر بن عبد الله: قال لي صلى الله عليه وسلم: "إن جاءني من مال اليمن أعطيتك هكذا وهكذا وهكذا وحفن بيده"، فلما جاء مال اليمن أعطاه أبو بكر، فحفن له ملء يديه، ثم قال له: عدها، فوجدها خمسمائة فزاده ألفاً، وقدم عليه جملان من مال اليمامة، فما أمسى حتى فرقه جمع المهاجرين والأنصار وأبناء السبيل والمساكين، فيحثي بيديه من المال في ثوب أحدهم حتى فرغ، وكان يساوي بين الناس في القسم. قال غير ابن حبيب: ولم يكن يكثر في أيامه. ابن حبيب: لما ولى أبو بكر حضر السوق فقيل له: بالناس إلى نظرك حاجة. قال: فمن يسعى على عيالي. قيل: خذ من بيت المال، وفرضوا له درهمين كل يوم، ثم وضع ماله في بيت المال، ومات ولم يستوعبه. وفي رواية: قالت عائشة: فربح المسلمون على أبي، ولم يربحوا على أحد بعده. قال: وفضل عمر بين الناس في العطاء. يحيى بن سعيد: بلغت المغانم يوم جلولاء ثلاثين ألف ألف، بعث سعد بن أبي وقاص خمسها إلى عمر فاستكثره، فصب في المسجد، وغطاه بالمسوح والأنطاع، وبات عليه علي بن أبي طالب، وعثمان، وطلحة، والزبير، وعبد الرحمن بن عوف، وعبد الله بن أرقم خازن عمر على مال المسلمين، فلما أصبح عمر دعا بالناس، ثم كشف عنه، فإذا فيه حلي وجوهر وتيجان، فلما أصابتها الشمس التهبت، فحمد الله عمر والمسلمون حمداً كثيراً، وفرح المسلمون، واشتد بكاء عمر، فقال عبد الرحمن بن عوف:

يا أمير المؤمنين ليس هذا حين بكاء. قُلتُ: زاد في الرواية: إنما هو يوم شكر. ابن حبيب معها: وقال عمر: والله ما فتح هذا على قوم إلا قطعوا أرحامهم، وسفكوا دماءهم، ووقعت العداوة بينهم. قُلتُ: لعله تفرس نتيجة وهذه، أو أخذه من قول رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قدم عليه أبو عبيدة بجزية مجوس البحرين: "والله ما أخاف عليكم الفقر، ولكني أخاف عليكم الغنى أن تبسط لكم الدنيا كما انبسطت لمن كان قبلكم، فتنافسوا فيها، فتهلككم كما أهلكتهم". قال ابن حبيب: وكان في المال تاج كسرى وسواراه وفروه، فدعا عمر سراقة بن جعشم، وكان طويلاً طويل الشعر، فألبسه فرو كسرى، ووضع تاجه على رأسه وسواريه في يديه، ثم قال: اللهم لك الحمد أنت سلبت هذا كسرى وألبسته سراقة، اللهم منعت هذا نبيك إكراماً له، وفتحته علي لتسألني عنه، اللهم قني شره، واجعلني أنفقه في حقه، وأمر سراقة، فنبذ ذلك في المال، فما برح حتى لم يبق منه شيء. قال مالك: كان عمر رضي الله عنه: لا يأتيه مال إلا أظهره، ولا رسول إلا أنزله، وكان يقسم للنساء حتى إن كان ليعطيهن المسك والورس. قال حذيفة: لم يزل أمركم ينمو صعداً ما كان عليكم خياركم، وكان عمر يستجيد الحلل الرفيعة بخمسمائة إلى ألفين يكسوها الصحابة، ويلبس الخشن المرقع، فخرج الحسن والحسين إلى المسجد وعمر جالس ولم يلبساها، فقال: لم لا تلبسانها؟ فقالا: كبرت علينا يا أمير، فاغتم وأسرع بكتاب إلى عامل اليمن يستحثه في حلتين على قدرهما، فبعث بهما، فكساهما ذلك، وجعل عطاءهما مثر عطاء أبيهما. ابن حبيب: الحلة رداء ومئزر، ورداء وجبة، لا ثوب واحد. قال: ولما كثر المال دون للعطاء ديواناً فاضل فيه بين الناس، أمر شباب قريش

بتدوينه، فكتبوا بني هاشم، ثم الصديق وقومه، ثم عمر وقومه، فلما نظره قال: ابدؤوا بقرابته صلى الله عليه وسلم، ثم بالأقرب فالأقرب منه حتى تضعوا عمر حيث وضعه الله، وابدؤوا من الأنصار بسعد بن معاذ، والأقرب فالأقرب منه، فقال العباس: وصلتك رحم يا أمير المؤمنين، فقال له: يا أبا الفضل: لولا رسول الله صلى الله عليه وسلم ومكانه الذي وضعه الله به كنا كغيرنا من العرب، إنما تقدمنا بمكاننا منه، فإن لم نعرف لأهل القرابة منه قرابتهم لم تعرف لنا قرابتنا، وقال لأهل مشورته: أشيروا علي، أريد أن أفاضل بين الناس، فقالوا: اذكر ما تريد، فإن كان حسناً تابعناك، وإلا أعلمناك برأينا. قال: أبدأ بأزواجه صلى الله عليه وسلم، فأفرض لكل واحدة اثني عشر ألف درهم إلا صفية وجويرية أفرض لكل واحدة منهما شطر ذلك، ولكل رجل من آله صلى الله عليه وسلم اثني عشر ألفاً، ولكل رجل من المهاجرين صلبية وحلفاً ومولىً خمسة آلاف، وأنا رجل منهم في الفرض، وأفرض لأهل بدر من قريش وغيرهم صلبية وحلفاً ومولى مثل ذلك. قُلتُ: كل قرشي بدري مهاجر؛ فيكون له عطاءان، وأفرض للأنصار صلبية وحلفاً ومولى لكل رجل أربعة آلاف، ثم أفرض للناس بقدر منازلهم في الإسلام أجعل أكثرهم حظاً أكثرهم قرآناً وعلماً، وأحسنهم حالاً، فلم ينكروا من رأيه شيئاً، وفرض لصهيب خمسة آلاف، ولسلمان أربعة آلاف، ولابنه عبد الله ثلاث آلاف، ولأسامة بن زيد ثلاثة آلاف وخمسمائة، فقال ابنه: ليس أسامة أقدم مني إسلاماً، ولا شهد ما شهدت، فقال عمر: كان أحب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم منك، وأبوه أحب إليه من أبيك، وفرض لأبناء شهداء بدر وأحد ثلاثة آلاف لكل رجل، ولكل من مهاجرة الفتح ألفين، ثم فرض للقبائل على قدر منازلهم في الإسلام حتى فرض لربيعة العراق ثلاثمائة لعربيهم، ومائتين وخمسين لمولاهم؛ لأن عربهم سبقوا إلى الإسلام. قال: فقالت ربيعة: جعلتنا أوضع العرب فريضة. قال: كنتم آخر العرب إسلاماً، وأسلمتم في داركم، ولم تهاجروا، وفرض للمنفوس مائة درهم في السنة، وفرض للعيال لكل ذكر وأنثى جريبتين من بر في كل شهر، وقسطين من زيت، وقسطين من خل، ومائة درهم كل سنة. ابن حبيب: الجريب: قفيز بالقرطبي.

قُلتُ: فيها: لابن القاسم: قال مالك: مر عمر رضي الله عنه ليلة، فسمع صبياً يبكي، فقال لأهله: ما لكم لا ترضعونه، فقالوا: إن عمر لا يفرض للمنفوس حتى يفطم ففطمناه، فولى عمر قائلاً: كدت والله أن أقتله، ففرض للمنفوس من يومئذ مائة درهم. ابن القاسم: ويبدأ بالمنفوس الفقير والده. قال: وذكر مالك أن عمر رضي الله عنه كتب إلى عمرو بن العاص وهو بمصر زمن الرمادة وبلغني أنها كانت ست سنين: واغوثاه ثلاثاً، فكتب له عمرو: لبيك لبيك لبيك، فكان يبعث إليه بالسعير عليها الدقيق في العباء، فكان عمر يدفع البعير بحمله لأهل البيت يقول: كلوا دقيقة، والتحفوا العباء، وانحروا البعير، فائتدموا بشحمه، وكلوا لحمه. ابن حبيب: لما ولي عمر لم يكفه الدرهمان، فزادوه درهمين، فلما فرض للعيال فرض لعياله، وترك الأربعة دراهم، وكان يكتسي من بيت المال، ويأخذ عطاءه مع أصحابه، ثم ترك ذلك، وجعل طعامه من خالص ماله، فلما احتضر أمر بحصر ما أخذ من بيت المال، فوجد أربعة وثمانين ألفاً، فأمر ابنه عبد الله أن يقضيها من صلب ماله، فإن لم يفِ؛ فليستعن ببني عدي، فباع من ماله بعده بمثل ذلك، وأتى به عثمان فقال: قبلناها منك ووصلناك بها. قال: لا حاجة لي أن تصلني بأمانة عمر، وولي عثمان. قال الحسن: فأقام للناس كما فعل عمر، فكان العطاء داراً والعدو منفي، وما على الأرض مؤمن يخاف مؤمناً أن يسل عليه سيفاً. قال ابن سيرين: كثر المال أيامه حتى بيعت جارية بوزنها، وفرس بمائة ألف درهم. قال ابن حبيب: وكان على منهاج من قبله في النفقة من ماله قصداً وتنزهاً. قال: وولي علي رضي الله عنه فسار في قسم المال بالعراق سيرة عمر غير أنه لم يفاضل بين الناس. قال: وأخبره صاحب بيت ماله بأنه امتلأ من صفراء وبيضاء، ففتحه، ثم قسمه بين الناس وأمر بكنسه، وتنزه أن ينفق من مال الله شيئاً، وقال: قال صلى الله عليه وسلم: "ليس لخليفة

باب في النفل

من مال الله إلا قطعتان قطعة يأكل منها وأهله وقطعة للمسلمين"، فترك على القطعة التي له ولأهله، وكان يستنفق من عطائه الذي كان يأخذ مع المسلمين، واشترى قميصاً بثلاثة دراهم وهو خليفة فلبسه وقطع من الكم ما فضل عن أصابعه، وقال الحسن -رضي الله عنه-: ما ترك إلا سبعمائة درهم بقيت من عطائه أراد أن يبتاع بها خادماً. [باب في النفل] النفل: ما يعطي الإمام من خمس الغنيمة مستحقها لمصلحة، وهو جزئي وكلي؛ فالأول ما يثبت بإعطائه بالفعل. الشيخ عن محمد: لا ينفل الإمام إلا لوجه كالشجاع، أو من اختص لفعل ليزيد إقداماً، ويفعل غيره مثله. ابن القاسم: له أن ينفل بعض أهل السرية بعد الغنيمة من خمسها لما يراه من شجاعة رجل وشبهه، فأما وحالهم سواء؛ فلا. اللخمي: هو لاجتهاد الإمام إن رآه، وتساوى فعل أهل السرية أو الجيش أو تقارب نفل جميعهم، وسوى بينهم وإلا فلا، ولا ينفل بعضهم؛ لأنه خروج عن العدل

ومفسدة لقلوبهم، وإن اختلف فعلهم منهم من أبلى أو حفر في موضع، أو جاء برأي كان فيه فتح نفله دون غيره، وإن فعل ذلك عدد نفل جميعهم أو تركهم، فإن اختلف فعلهم؛ جاز أن يفضل بعضهم على بعض، ولا بأس أن يرضخ لغيرهم تطييباً لقلوبهم. ويستحب كون النفل بما يظهر كالفرس والثوب والعمامة والسيف؛ لأنه أعظم في النفوس من العين ولو كثرت. وفيها مع الموطأ: يجوز أول المغنم وآخره. الشيخ: قال سَحنون: ولا ينفل من الأرض شيئاً. والثاني: ما ثبت بقوله: من قتل قتيلاً؛ فله سلبه؛ لأن المذهب عدم استحقاق سلب القتيل قاتله بقتله؛ بل يقول الإمام ذلك لمصلحة بعد الغنيمة، وفي تخميسه روايتا أبي عمر. الشيخ عن سَحنون: إن قال الإمام: من قتل قتيلاً؛ فله سلبه لم يكن من أصل الغنيمة؛ بل يكون من الخمس. عياض: في تخميسه وتخيير الإمام في تخميسه قول مالك، ورواية ابن خويز -منداد، واختارها إسماعيل القاضي. وفيها: قيل: من قتل قتيلاً أيكون له سلبه؟. قال: قال مالك: لم يبلغني أنه كان إلا يوم حنين، قاله -صلى الله عليه وسلم- بعدما برد القتال، ولا يجوز إلا من الخمس بعد الغنيمة. الشيخ: عن كتاب ابن سَحنون: لأمير الجيش والصائفة التنفيل لا لأمير السرية. اللخمي: لا يعطي الإمام السلب لغير قاتل، فإن كان القتل من عدد نفلهم

باب في السلب

أسلابهم إن شاء، وإن اختلف بأسهم؛ جاز تنفيله أشدهم بأساً سلب قتيله، ولا ينفل غيره، ولا يجوز تنفيل أضعفهم بأساً دون غيره. ويجوز أن يزيد أحدهم على سلب قتيله إن كان أشد بأساً، وقتيله أقل سلباً، والآخر أقل بأساً، وأكثر سلباً. ويجوز أن يعطي أحدهم جميع سلب قتيله والآخر بعضه، وقد يكون أحد القتلى لا شجاعة عنده وسلبه كثير، فيعطي منه ما يرى أنه سداد لمثله، والآخر له شدة وبأس، ولا يزيد أحدهم ما يحط من سلب الآخر؛ لأنه فساد لقلوبهم. [باب في السلب] والسلب: قال ابن حبيب: كل ثوب عليه، وفرسه الذي هو عليه، أو كان يمسكه لوجه قتال عليه لا ما تجنب، أو كان منفلتاً عنه. قال هو وسَحنون: ومنه سلاحه. سَحنون: وفرسه وسرجه ولجامه، وخاتمه ودرعه، وبيضته وسيفه ومنطقته بما لذلك من حلية وساعداه وساقاه وراناه. اللخمي: والفاتخه والخاتم. سَحنون: لا ما في منطقته من نفقة، ولا ما في كمه وتكته. اللخمي عن سَحنون: ولا الطوق والسواران والقرطان والتاج ولو كان عليه. ابن حبيب: منه سواراه. اللخمي: فعليه التاج منه وقرطاه. ابن بشير: يفرق بأن لبس السوارين أكثر من لبس التاج، وعبر عن قول سَحنون بالمشهور، وفي كون الصليب منه نقلا الشيخ عن الوليد وسَحنون.

الباجي: تحقيق مذهب سَحنون أن لباسه المعتاد، وما يستعين به على الحرب من فرس وسلاح منه. زاد ابن حبيب: ما كان عليه من الحلي والنفقة المعتادة. سَحنون: لو وضع المبارز بعض سلاحه بالأرض، ثم قاتل المسلم فقتله؛ فليس له إلا ما عليه، ولو جعل فرسه بيده أو ربطه بمنطقته؛ فهو من سلبه. وفيها: كره مالك قول الإمام: من قاتل بموضع كذا، أو من جاء برأس كافر؛ فله كذا، ولسرية ما غنمتم؛ فلكم نصفه. محمد عن ابن القاسم: لأنه يفسد النيات. زاد اللخمي: ويؤدي إلى التحامل على الهلاك. وقال عمر رضي الله عنه: لا تقدموا جماجم المسلمين للحصون، بقاء مسلم أحب إلي من فتح حصن. محمد عن ابن القاسم: لا أرى لمن خرج عليه أن يأخذ منه شيئاً. أَصْبَغ: ما أرى أخذه حراماً. ابن حبيب: النفل قبل الغنيمة كرهه العلماء، واستخفه بعضهم إن احتاج إليه الإمام؛ كخشية كثرة عدو، وفعله أبو عبيدة يوم اليرموك لما دهمه كثرة العدو حتى قاتل نساء من قريش. سَحنون: قول الإمام ذلك أول القتال ينهى عنه، فإن نزل مضى. قُلتُ: ويستحق سلبه بقتله قبل كمال الاستيلاء عليه؛ ولذا قال سَحنون: من أتى بعد ذلك بأسير للإمام فقتله لم يستحق سلبه؛ لأنه لم يقتله، وكذا لو بارزه، فصرعه، فأتى به الإمام فقتله، ولو جر كافراً لعسكر المسلمين أو صفهم، فإن قتله قبل استيلائه عليه؛ فله سلبه وإلا فلا، وكذا لو حمل حربي على صف المسلمين فقتله مسلم. قُلتُ: ويثبت حكمه لمن صدق عليه لفظ الإمام حتى نفسه. سَحنون: إن قاله الإمام، ثم قتل قتيلاً؛ فله سلبه ولو في مبارزة، فلو قال: منكم؛ لم يندرج، ولو خص نفسه لم يثبت له، ولو قال بعد ذلك: منكم، ولو عمم بعد ذلك اندرج، فلو قتل قتيلاً قبل تعميمه، وآخر بعده استحق الثاني فقط، ولو قال: إن قتلت

قتيلاً فلي سلبه، ومن قتل منكم قتيلاً؛ فله سلبه، فقتل الأمر قتيلين، وقتل غيره قتيلين؛ فللأمير سلب قتيله الأول لا الثاني، ولغيره سلباً قتيليه؛ لأن الأمير إنما خص نفسه بقتيل واحد. الشيخ: مقالته هذه في نفسه، وغيره في فور واحد، والأولى فيهما في وقتين، ولو قتل قتيلين متعاقبين من قال له الإمام: إن قتلت قتيلاً فلك سلبه؛ فله سلب الأول فقط، فإن جهل؛ فقيل: له نصفهما، وقيل: أقلهما، ولو قال: من قتل منكم قتيلاً؛ فله سلبه، فلمن قتل منهم قتيلين، أو ثلاثة سلبهم، ولو قال لعشرة هو أحدهم: من قتل قتيلاً؛ فله سلبه، أو زاد: منا؛ فله إن قتل ثلاثة سلبهم كغيره من العشرة. قُلتُ: إن كان من ضمه إليه ممن لا يتهم في شهادته، له وإقرار له بدين في مرض أو ذوي خصوصيَّة لا يشاركهم فيها غيرهم. قال: ولو قال: يا فلان إن قتلت قتيلاً؛ فلك سلبه، فقتل اثنين معاً. فقيل: له نصف سلبهما، وقيل: أكثرهما، وكذا إن أصبت أسيراً، فأصاب اثنين؛ فله نصف كل منهما، إن قلت: أيتخرج من قوله في قتلهما على التعاقب، واختلاطهما أن له أقلهما. قُلتُ: لا، للفرق باحتمال سقوط الأكثر في الاختلاط، والتعاقب باحتمال تأخره فيسقط، وامتناع سقوطه في المعية لمساواته الأقل في موجب استحقاقه، فوجب تخييره فيهما، فيختار الأكثر كمبتاع ثوبين متقاربين على اختيار أحدهما، والشركة في موجب السلب توجبها فيه. سَحنون: من أنفذ مقتل علج، وأجهز عليه غيره، فسلبه للأول، ولو جرحه، ولم ينفذ مقتله فبينهما. قُلتُ: لا يتخرج في الأولى كونه للثاني من رواية قتل من أجهز على من أنفذ غيره مقتله دون من أنفذها لصيرورته بالإنفاذ أسيراً، ولا سلب في قتل أسير؛ بل قد يتخرج عليها حرمانهما معاً. وقوله: إن لم ينفذ الأول مقتله، فبينهما إن أراد، ولم ينفذ الثاني مقتله فواضح، وإلا فالأظهر للثاني، هو نصه في ترجمة أخرى: إن احتز الثاني رأسه، وجرحه الأول، ولم ينفذ

مقتله فللثاني، ولو تداعى قتله جارحه، ومحتز رأسه، وقد ذهب جسده فبينهما؛ لاحتمال دعواهما، وأهل الشام يرونه للجارح، وإن لم ينفذ مقتله، وغيرهم يراه لمحتز رأسه لتيقن موته به. قال: ولو عانق مبارزه، فقتله غيره، فإن كان العلج لا يتخلص من معانقه، فسلبه له وإلا فللقاتل. قُلتُ: الأظهر إن كانت المبارزة بينهما فقط أو بين عدد لعدد والقاتل ليس منه؛ فلا شيء له لتعديه، ولا سيما على قول ابن القاسم أنه يريه حسبما مر، وإلا فالأظهر بينهما. قال: ولو جر مبارزه بعد صرعه إياه للعسكر فمات، فإن أنفذ مقتله؛ فله سلبه وإلا فلا، ولو قتل اثنان، فأكثر قتيلاً، فسلبه بينهم على السوية، ولو كان إنما قال: من قتل قتيلاً وحده؛ فلا شيء لهم. ابن سَحنون: لو قال لعشرة: إن قتلتم هؤلاء؛ فلكم أسلابهم، لم يختص منهم القاتل بسلب قتيله؛ بل كل أسلابهم بينهم بالسوية، ولو قتل منهم تسعةٌ تسعة أعلاج وقتل عاشرهم عاشر المسلمين، فالأسلاب للقاتلين فقط، ولوبقي عاشر المسلمين شركهم. قُلتُ: فيلزم لو مات بعض القاتلين؛ لم يكن لوارثه شيء، وإلا فلا شيء للحي العاشر المعين. وقُلتُ: وسلب الأجير والتاجر والعبد والمرتد والذمي يلحق بأرض الحرب، والمريض، وأقطع اليد لقاتلهم، وإن لم يقاتلوا، والمرأة والصبي كذلك إن ثبت قتالهما، ولا شيء لقاتل الشيخ الفاني من سلبه إلا عند من يجيز قتله، ولا في الراهب، ولا في المسلم المكره على القتال، إلا أن يكون سلبه لحربي أعاره فهو لقاتله، ولا شيء له من سلب من لم يقاتل من صبي وامرأة وشيخ فان، ولو كان سلبهم عارية لحربي؛ لأنه قصد قتل من لا يحوز قتله. وسلب القتيل المستحق سلبه إن ثبت أنه غصبه من مسلم، أو استعاره من مباح ماله فلقاتله، وإلا فلربه كمسلم تاجر أو رسول، فإن كان لمن أسلم بدار الحرب؛ فلقاتله عل قول ابن القاسم.

ولو قاتلنا الخوارج مع أهل حرب أعانوهم؛ لم يستحق قاتل خارجي سلبه إلا أن يكون عارية من حربي، ولو كان من سلب الحربيين من خوارج أخذهم الحربيون بعد دخولهم عسكرهم بأمان؛ لم يكن لآخذه؛ لأنه مال مستأمن لا يقسم ويوقف لأهله. وسلب القتيل ما لم يملك يعده لقاتله. سَحنون: ومن رمى علجاً في صف الكفار فقتله، ولم يقربه أحد حتى انهزموا؛ فسلبه لقاتله، ولو أخذوه ثم هزموا فأخذ، فإن أخذه وارثه أو وصيه أو ملكهم؛ ففيء لا لقاتله، وإن أخذه غيرهم سارق أو مختلس؛ فلقاتله. قُلتُ: إن ثبت استحقاقه بمجرد قتله؛ وجب له ولو أخذه وارثه، وإلا فلا ولو أخذه غيره؛ لأنه أخذ مال كافر لا مال مسلم. قال: ولو جهل آخذه، فما وجد عليه- لقاتله، وما نزع عنه ففيء، ولو وجدت دابته بعد سير العسكر بمرحلتين؛ فلقاتله، وبعد طول ففيء، والقتل الموجب لما رتب عليه إن ثبت بشاهدين فواضح، وإلا فإن كان، قال الإمام: من قتل قتيلاً له عليه بينة؛ لم يثبت دونها. الباجي: ولا بشاهد ويمين؛ لأن المثبت القتل لا المال، ولا يثبت قتل يمين وإن لم يقل ببينة؛ ففي لزومها نقل الشيخ في باب قول الإمام ذلك قبل القتال قال سَحنون أيضاً: من جاء بسلب وقال: قتلت صاحبه لم يأخذه إلا ببينة على قتله، وكذا إن جاء برأس، واختلف قوله في الرأس، وقول الباجي: احتجاج بعض أصحابنا بخبر أبي قتادة يدل على ثبوته بخبر الواحد قائلاً: ختلاف قول سَحنون في الرأس هو قوله أولاً له سلبه، والآخر لا يأخذ إلا ببينة، الفرق بين الرأس والسلب أن الرأس غالباً لا يكون إلا بيد من قتله. أبوعمر: قول الشيخ: حديث أبي قتادة يدل على أنه حكم فيما مضى لا أمر لازم في المستقبل؛ لأنه أعطاه السلب بشهادة واحد دون يمين؛ يرد بأنه إنما أعطاه؛ لأنه أقر له به من حازه لنفسه في القتال، وكان بيده مالاً من ماله. ابن زرقون: كيف يكون مالاً له، وهو لم يدعه لنفسه، ولا أتى بشبهة تصدق دعواه.

قُلتُ: ظاهر قول الشيخ في نقل أبي عمر يدل أنه في المستقبل لا يثبت بشاهد واحد. الشيخ: لو رأى قوم رجلاً يحز رأساً، فقال: أنا قتلته؛ فله سلبه بيمينه في أول قولي سَحنون، ولو رأوه جاء من مكان بعيد لا يقتله من مثله، فاحتز رأسه؛ فلا شيء له من سلبه في قوليه معاً. ومسمى السلب تقدم، ولفظ غيره في الشرط أو جزائه يعتبر ظاهره في عرف قائله، وفيه فروع. الشيخ: عن كتاب ابن سَحنون: لو قال الإمام بعد انهزام العدو: من جاء برأس، فله كذا، فأخذوا يقتلون، ويأتون بالرؤوس، فقال الإمام: رؤوس السبي لا رؤوس الرجال؛ لم يقبل قوله حتى يبينه، أو يكون عرف يقتضيه. قُلتُ: لأنه في الأول حقيقة، وفي الثاني مجاز إطلاق الجزء على الكل. قال: ولو كان لفظه: من جاء برأس؛ فله نصفه، أو رأس من رأسين، أو كان قوله الأول بعد تفرق جيش العدو، وكف المسلمين عن القتال قبل قوله، ولو عرف بطريقٌ بالنكاية في نصب رأسه، وهن على الكفار، فقال الإمام: من جاء به؛ فله كذا؛ فإن كان بحيث يخاف أن يقاتل عليه؛ كرهناه كراهة شديدة، فمن جاء به؛ فله جعله. قُلتُ: وتقدم كراهة حمل الرؤوس. ولفظ الذهب والفضة في قوله: من أصاب ذهباً أو فضة؛ فله كذا؛ يشمل مسماهما مسكوكاً وغيره، وكل محلى به تبعاً لحليته من سيف ومصحف وثوب لا ما هو تبع له، ويشمل خاتم ذلك، ولو عظم فصه؛ لأنه يضاف للذهب أو الفضة مطلقاً، والثوب المنسوج بالذهب إن قل ألغي ذهبه، وإلا اعتبر ونزع منه، والضبة منه أو من فضة بقصعة أو مائدة إن كانت زينة اعتبرت، فنزعت وإلا ألغيت، وأنف الكافر من ذهب معتبر لا ما ربط به أسنانه. ويشمل مسمى الحلي مرصعة، وتاج المرأة وغيرها، والخاتم والسلك المنظوم والقرط المنظوم، وان لم يكن فيه ذهب. ويشمل السيف جفنه وحليته التافهة لا الكثيرة إلا أن يعلم الإمام أن سيوف ذلك

العدو كذلك، ولا يشمل الحديد المصنوع غيره ولا غيره المصنوع. قُلتُ: إن كان ببلد معدنه مثله وإلا شملهما لا نصب السيوف والسكاكين. ومبهمه الأظهر إلا أن يكون تبعاً. قال: ويشمل ركوب السرج لا مساميرها ولا مسامير السفن. ويشمل البز ثياب الكتان والقطن، والثوب ثوب الديباج، والكساء الذي يلبس لا ما للنوم، ولا عمامة ولا قلنسوة، ولا الفرش ولا البسط، ويدخل هذا في المتاع لا الآنية، ويدخل في ثوب البز بطانة جبة منه، ووجهها من غيره، فيستحق مبلغ قيمة بطانتها منها. ويشمل لفظ جبة حرير كل الجبة وجهها حرير فقط لا التي بطانتها حرير، ولا يشمل الصوف، ولا الشعر جلودهما ولا ثيابهما ولا غزلهما. ويشمل الفرو الفرو بما ظهر به من حرير أو خز. وما أراد الإمام قتله من رجال لا يتعلق به النفل، وإن استحياهم؛ تعلق بهم. ولو قال: من جاء بشيء، فله منه طائفة، أو بعضه أو جزء، أونصيب؛ أعطي منه بقدر اجتهاده، وكذا فله شرك، ولا بأس ببلوغ النصف على غير قول ابن القاسم. قُلتُ: مقتضى قول غيره لزومه لا استحبابه فضلاً عن جوازه. وفي أخذه من ثاني سلمها نظرٌ يأتي إن شاء الله. قال: وفيه فيمن جاء بشيء مثل سهم أحد القوم، وهم رجال فقط، أو فرسان فقط: مثل ما يجب لأحدهم، وإلا ففي استحقاقه سهماً من قسمه على عددهم بالسوية، أو نصف سهم راجل، ونصف سهم فارس قولان من قولي ابن القاسم وغيره في الوصيَّة بمثل نصيب أحد ورثته وفيهم رجال ونساء، ومن لم يبلغ ما جاء به ما جعل له؛ لم يزد عليه إلا لوجه يقصد. قال فيه: لو قال: من جاء بمائة؛ فله مائتان، أومن جاء بعرض؛ فهو له وكذا، أو من جاء بوصيفة؛ فهي له وكذا، بطل الزائد، وقول هذا خطأ. ولو قال: من جاء بأسير؛ فهو له، وكذا فخطأ، وإن نزل كان له الزائد؛ لأن فيه تحريضاً.

وفعل من فعل غير ما شرط فعله غير مستلزم له لغو فيه، لو قال: من قتل بطريقاً؛ فله سلبه فقتل غيره، أو من قتل صعلوكاً؛ فله سلبه، فقتل بطريقاً؛ فلا شيء له. قُلتُ: لأن .. شوكة البطريق أشد، وسلبه أكثر، فلو اتفق كون سلبه كصعلوك؛ كان له، وفيه: لو قال: من قتل شيخاً، فقتل شاباً؛ فله إلا أن يخص الشيخ لكيده، وفي العكس لا شيء له. ولو قال: من جاء بأسير؛ فلا شيء لمن جاء بوصيف أو وصيفة، وفي العكس له إلا أن يريد تكثير السبي. ولو قال: برضيع؛ فلا شيء لمن جاء بوصيف، وفي العكس له. ولو قال: بوصيف، فجاء بوصيفة؛ فله إن بلغت قيمته وإلا فلا. وفي من جاء بعشرة من الغنم، فله شاة، فجاء بعشرة من البقر؛ فله جعله. وفي من جاء بثياب كذا إن جاء بثياب غيرها تبلغ قيمتها؛ فله وإلا فلا. وفي من جاء بفرس أو برذون، فجاء ببغل أو حمار؛ لا شيء له. وفي من جاء ببرذون، فجاء بفرس له لا العكس. وفي من جاء بفرس، فله مائة درهم، فجاء بفرس لم يغنم غيره؛ له ذلك من خمسه إن بلغه. ابن سَحنون عنه: والنفل قبل الغنيمة لا يبطل بموت الإمام أو عزله، وثبت عليه بعد قوله: (يبطل) ما لم يقبض. ولو نفل سرية الربع بعد الخمس؛ لم يبطل بقدوم والٍ غيره حتى يلحقوا بالعسكر، فيبطل إلا أن يحدثه الثاني، ولومات أميرهم، واستخلف غيره؛ فالحكم باق إلا أن يبطله المستخلف. ولو قال باعث الأول: إن مات فلان ففلان بعده؛ بطل تنفيل الأول بموته، ولو أشهد منفل السرية بعد أن فصلت أنه أبطل ذلك نظراً؛ بطل إلا أن يكون بعد أن غنمت. ابن سَحنون عنه: لا يدخل في قول الإمام: من قتل قتيلاً؛ فله سلبه بعد القتال أو

قبله ذمي ولا امرأة إلا أن ينفذه لهما الإمام لقولة أهل الشام، وعلى قول أشهب يرضخ للذمي من الخمس يدخل؛ لأن السلب نفل. ولو قال: من قتل كافراً من المسلمين؛ لم يدخل اتفاقاً، وشرط استحقاق التنفيل لأمر يفعل سماع بعض من يصدق عليه قول الإمام لنقل ابن سَحنون عنه: من لم يسمع قول الإمام: (من قتل قتيلاً؛ فله سلبه) كمن سمعه، ولو لم يسمعه أحد؛ فلغو. ولو جعل لسرية نفلاً ذكره؛ فهو كذلك، وإن لم يعلمه جميعهم، ولو لم يسمعه أحدهم منهم؛ بطل، ولو دخل عسكر ثان لم يسمعوا ما جعل للأول؛ فلهم مثله إن كان أمر العسكرين واحداً. ولو بعث الإمام سريتين على جزأين مختلفين بقدر صعوبة المواضع، وعين لكل سريه قوماً؛ فلا شيء لمن انتقل لغير موضعه، ولو قال: يخرج في كل سرية من شاء، فلمن دخل في غير سريته النفل مثل أصحابه، ولو ضل من السرية رجل، فترك الأمير من ينتظره، ثم رجع إليه غانماً؛ فلا نفل للضال فيما غنم دونه بخلاف القسم له من الغنيمة، ولمنتظر الضال من النفل ما لأصحابه، ولو غنم الضال اختص بنفله فيه، وضمت غنيمته لغنيمة الجيش، ولا يترك الأمر للضال منتظراً إلا بمحل آمن. ابن سَحنون: لو ضل رجل من سرية؛ نفلت الربع بعد الخمس لأخرى نفلت الثلث بعده، ورجل من هذه الأولى، فقياس قول سَحنون يصير نفل الضال، وسهمه مع التي ضل إليها وعلى نفلهم. وقال غيره من أصحابنا: بل يضم الضال نفله من التي ضل إليها إلى التي ضل عنها، فيأخذ نفله معهم كما يأخذون. سَحنون: لو افترقت سرية من عسكر نفلت قدر فرقتين، فرجعت كل واحدة بغنيمة أو إحداهما؛ فلكل واحدة نفلها وغنيمتها دون الأخرى إن استقلت كل واحدة عن الأخرى، وإن افتقرت كل واحدة للأخرى، فكسرية واحدة. قُلتُ: قوله: لكل واحدة قيمتها دون الأخرى إن أراد حيث يعرض استقلال كل سرية أو إحداهما بغنيمتها عن الجيش حسبما يأتي إن شاء الله فواضح وإلا فمشكل؛ لأن ضم غنيمتيهما للجيش يوجب مساواتها له، ومساوي المساوي لشيء مساوٍ له.

ابن سَحنون عنه: قول الأمير للسرية: ما غنمتم لكم دون تخميس مردود؛ لأن القول به شاذ. ابنه: إن مضى به من صدر الأئمة مثل ما مضى في نفل جزء من الخمس مضى. قالا: وأصحابنا يكرهون أن يبعث سرية، ثم ينفلها جميع الخمس؛ لأنه لم يعمل به سلف، وأما بعضه فجائز، والنفل الراجل فيه والفارس سواء. محمد: لأنه إعطاء لما ينالهم والراجل أشد عذراً وتعباً، ولو بين في النفل قسمه بينهما كالغنيمة؛ لزم. والغنيمة أرضاً في عدم قسمها طريقان: الباجي: توقف لنوائب المسلمين، قاله مالك، وابن القاسم، وأشهب، وابن حبيب، وعزاه الشيخ لرواية محمد، وسماع ابن القاسم. اللخمي: ما عجز المسلمون عن سكناه مطلقاً هدم وحرق، وما عجز عنه إلا بتمليك ساكنه أقطع لذوي النجدة؛ ليكونوا في نحر العدو مخرجاً من رأس الغنيمة، وما كان قريباً مرغوباً فيه في وقفه للنوائب، وقسمه كالأموال، ثالثها: يخير الإمام فيهما بالأصلح، لها ولبعض الناس، وللمبسوط مع بعض رواياتها، وهي أحسن، وعزا ابن بشر الثلاثة للمذهب معبراً عن الأول بالمشهور. وفيها: قال: لا علم لي بجزية الأرض كيف كان يصنع فيها؟ إلا أن عمر لم يقسم الأرض بين فاتحيها، وأرى لو نزل هذا بأحد أن يسأل أهل تلك البلدة، وأهل العلم والأمانة كيف كان الأمر فيه؟ فإن وجد علماً يشفيه، وإلا اجتهد في ذلك هو، ومن حضره من المسلمين. ابن رُشْد: أي لم يثبت عنده قدر ما وضع عمر على الأرض من الخراج؛ لأنه إنما توقف في قدر ذلك، وقيل: إنما توقف هل عليها خراج أو لا خراج عليهم؟ وتترك لهم إعانة على الجزية. وقيل: إذا توقف في خراجها هل يصرف مصرف الفيء أو الصدقة؟ قاله الداودي. وحكي عن ابن القاسم: أن الذي ينحو إليه مالك أن مصرفه مصرف الفيء.

قُلتُ: وعزا ابن محرز الثاني لابن شبلون قال: وقال: إنما شك هل يوظف عليها شيء لا يزاد عليه ولا ينقص أو هو بحسب الاجتهاد؟. وقال غيرهما: يحتمل الأمرين. وثالثاً: وهو هل يقسم خراجها على فاتحيها فقط أو عليهم وعلى غيرهم؟ وهو دليل قول سَحنون عقب مسألة الفيء والخراج قد أعلمتك ما قال في العنوة. الباجي: قول مالك: إن مكة عنوة لا صلح لقوله صلى الله عليه وسلم: "إن الله حبس عن مكة الفيل وسلط عليها رسوله والمؤمنين، وإنما أحلت لي ساعة من نهار". وقوله يوم الفتح: "من دخل دار أبي سفيان فهو آمن"؛ وفائدة الخلاف هل يجوز للإمام المن بكل الغنيمة مالاً ورجالاً وأرضاً اقتداءً بفعله صلى الله عليه وسلم في مكة؟. وقال أبو عبيدة: ذلك خاص بمكة؛ لأنها إنما أحلت ساعة من نهار وبعدها رجعت لحرمتها، فحرمت غنيمتها فردها رسول الله صلى الله عليه وسلم. أبو عمر: قول أبي عبيدة ضعيف، ثم قال: ما حاصله أنه صلى الله عليه وسلم دخلها مؤمناً من لم يقاتل، آمراً بقتال من يقاتل، فمن اعتبر أمره صلى الله عليه وسلم بالقتال جعلها عنوة، ومن اعتبر كون الواقع في فتحها عدم القتال لسابق التأمين بالشرط المذكور جعلها صلحاً. وكره مالك كراء بيوت مكة، وقال: كان عمر ينزع أبواب أهل مكة، ثم قال أبو عمر: تبايع أهل مكة لدورهم قديماً وحديثاً أظهر من أن يحتاج فيه لذكر. قُلتُ: فيها: لمالك: لا يفض كراء الأرض سنين على كل سنة بالسوية؛ بل بقدر نفاقها كل سنة. قال ابن القاسم: لأن المتكاريين عرفاً ذلك، والناس مثل دور مكة في نفاقها أيام الموسم.

اللخمي: لم يختلف قول مالك وأصحابه أن فتح مكة عنوة وأنها لم تقسم، واختلف هل من بها على أهلها أو أقرت للمسلمين؟. واختلف في كراء دورها وبيعها؛ فمنعها مالك مرة، وذكر أبو جعفر عنه أنه كرههما، فإن وقعا؛ لم يفسخا، وظاهر قول ابن القاسم فيها الجواز وذكر لفظه فيها. وفي كون خيبر عنوة أو إلا حصني الوطيح والسلالم نقلاً ابن رُشْد عن ابن عبد البر مع ابن إسحاق، ومالك مع ابن شهاب. السهيلي عن أبي عبيدة: قسم صلى الله عليه وسلم خيبر أثلاثاً إلا السلالم والوطيح والكتيبة تركها لنوائب المسلمين. وسمع ابن القاسم: فتحت مصر عنوة. ابن رُشْد: قال الليث: نحن أعلم بأرضنا إنما كانت صلحاً. قُلتُ: في التجارة لأرض الحرب منها: لا يجوز شراء أرض مصر، ولا تقطع لأحد. وإفريقيَّة: قال المازري: شك سَحنون فيها فكان يرى نفسه فيما بيده من سوادها عامل مساقاة. قُلتُ: في الجعل والإجارة منها لابن القاسم: ما سكنه المسلمون عند افتتاحهم، واختطوه كالفسطاط والبصرة وإفريقيَّة والكوفة، وشبه ذلك من مدن الشام ليس لأهل الذمة إحداث كنيسة فيها إلا أن يكون لهم شيء أعطوه؛ لأن تلك المدائن صارت لأهل الإسلام مالاً يبيعون ويرثون. قُلتُ: فصوب بعض شيوخنا أخذ بعض أصحاب بعض شُيُوخه منه كون إفريقيَّة عنوة، وهو ظاهر تاريخ الرقيق وابن سعيد وغيرهما. قُلتُ: ولا يناقض قول تجارتها: لا تباع أرض مصر قول إجارتها: يبيعون ويرثون؛ لأن هذا فيما اختط للسكنى، والاختطاط لها يوجب الملك. وقوله: في أرض مصر في بياضها وسوادها. الباجي: أكثر أرض الأندلس عنوة، ومنها صلح كتدمير وغيرها، وقاله ابن حبيب.

ومستحق القسم من الغنيمة ذو الإسلام والحرية، والذكورية والبلوغ، والعقل والصحة، وحضور الموقعة والخروج للقتال غير زمن اتفاقاً. وفي العبد والذمي طرق: اللخمي: في الإسهام لأهل الذمة يكونون في جملة الجيش، ثالثها: إن كان الجيش بحيث لو انفرد عنهم لم يقدر على الغنيمة؛ لقول ابن حبيب: إن نفر الذميون مع صوائفنا ترك لهم ما صار لهم دون تخميس. وسماع ابن القاسم قائلاً: لا يستعان بالعبيد والذميين مع قول أشهب: ما غنمه عبيد وذميون خرجوا من عسكر لأهله دونهم. وسَحنون: قلت: ظاهر أول لفظ اللخمي عدم اشتراط قتالهم في الإسهام، ومقتضى قولي قائله اشتراطه، وبه فسر ابن بشير القولين، وحكى المازري الثلاثة، وعزا الثاني للمعروف من المذهب. وقال عقب ذكره الأول: أشار بعض الأشياخ إلى أن محمل ذلك على أن الإمام أذن لهم في القتال. قال: وأشار بعض الأشياخ إلى تخريج هذا الخلاف في العبيد. قُلتُ: حكى ابن العربي الأقوال الثلاثة في العبيد نصاً. ابن حارث: لا يسهم لأهل الذمة اتفاقاً، وفي وجوب إعطائهم من الخمس شيئاً إن لم يرض الغانمون برضخ لهم من الأربعة الأخماس قولا أشهب وابن القاسم. قُلتُ: الذي للشيخ عن كتاب ابن سَحنون: للإمام أن يرضخ لهم من الخمس لا وجوبه، وتذكر ما مر في فصل الاستعانة بالكافرين. ابن رُشْد: لا يسهم للعبيد اتفاقاً. وفي الإسهام للصبي المطيق للقتال طرق: ابن رُشْد: لا يسهم له اتفاقاً. ابن حارث: إن لم يقاتل؛ لم يسهم له اتفاقاً، وإلا فقولان لها، ولسماع ابن القاسم.

قُلتُ: لم أجده فيه. اللخمي: في ترك الإسهام له، ولو قاتل وثبوته إن راهق، وبلغ مبلغ القتال، ثالثها: إن قاتل، ورابعها: إن أنبت وبلغ خمس عشرة سنة أسهم له ولو لم يقاتل لها، ولرواية محمد، وله، ولابن حبيب، وأرى أن يسهم له إن قوي على القتال، وحضر الصف، وأخذ أهبة الحرب وإن لم يقاتل. قُلتُ: عزا الشيخ الأول أيضاً لآخر قولي سَحنون، والثاني لأولهما، والرابع لابن وَهْب. وفي ... طرق: ابن رُشْد: لا يسهم لها اتفاقاً. الباجي: هذا قول جمهور أصحابنا. وقال ابن حبيب: إن قاتلت قتال الرجال؛ أسهم لها. قُلتُ: ونقله عنه الشيخ واللخمي وصوبه، واختار أن يسهم لها إن كانت ذات شدة ونصبت للحرب ولو لم تقاتل. وعزو المازري الثاني للتخريج على قول ابن حبيب: تقتل المرأة الكافرة إن قاتلت؛ يقتضي أنه غير منصوص له، وليس كذلك لما مر. التونسي: لا خلاف في تخميس ركازٍ وجده صبي أو امرأة. وفي تخميس ما غنمه نساء بقتالهن وحدهن أو صبيان بقتالهم وحدهم نظر. المازري: أشار غيره إلى إجرائه على العبيد فيما انفردوا به. وسمع يحيى ابن القاسم: ما أصابه العبد المتلصص مع حرِّ خمس، ثم قسم بينهما. قُلتُ: لم قسم بينهما، والعبد لا يقسم له من الغنيمة؟. قال: لأن الغزو والتلصص واحد. وقال أَصْبَغ وسَحنون: لا يخمس، ما أصابه العبد المتلصص كالذمي. ابن رُشْد: لم يكن للعبيد والنصارى في المغنم حق مع الأحرار المسلمين في عسكرهم؛ لأنهم في حيز التبع، فإن لم يكونوا تبعاً؛ فلهم حقهم كالعبد والنصراني مع أربعة أحرار مسلمين.

الشيخ عن كتاب ابن سَحنون: من جن بعد الغنيمة؛ أسهم له فيما تقدم لا المستقبل، ولا يسهم لمطبق، ويسهم للمصاب الأهوج، ومثله يقاتل. الباجي: المطبق الذي لا يتأتى منه قتال؛ لا يسهم له، ومن معه ما يمكن به القتال؛ أسهم له. وفي المرض طرق: الباجي: إن منع القدرة على القتال حالاً ومالاً؛ منع الإسهام وإلا فلا. اللخمي: اختلف فيمن خرج مريضاً، وأرى ألا شيء له إلا أن يقتدى برأيه: (رب رأي أنفع من قتال)، ومن مرض بعد القتال؛ أسهم له، ويختلف إن مرض بعد الإدراب قبل القتال، فرده الإمام. قُلتُ: نقل الشيخ وظاهره عن محمد: من مرض بعد الإدراب وقبل القتال، فرده الإمام لبلد الإسلام؛ أسهم له على قول ابن القاسم. الصقلي: روى ابن سَحنون: يسهم للمريض، ما كل من حضر يقاتل، وقاله سَحنون. وروى القرينان: لا يسهم له. وفي كتاب محمد: من دخل دار الحرب، فلم يبلغ العسكر حتى مرض، فخلفوه بالطريق لعله يعيش فيلحقهم، فغنموا ورجعوا؛ فله سهمه، وكذا إن كان يلحقه ببلد الإسلام قبل أن يدرب القتال في بلد الحرب؛ أسهم له. ابن بشير: إن مرض بعد شهود القتال والإشراف على الغنيمة؛ أسهم له، وإلا فثالثها: إن مرض بعد ابتداء القتال، ورابعها: بعد الدخول في حد أرض الحرب. قُلتُ: فيها: لمالك: من خرج غازياً، فلم يزل مريضاً حتى غنموا؛ أسهم له. وفي الموازيَّة: يقسم للزمنى. اللخمي: ويختلف في الأعمى. قال سَحنون: يسهم له؛ لأنه يبري النبل، ويكثر الجيش ويدبر، والصواب ألا يسهم له، وإن كان يبري السهم؛ فهو من الخدمة. سَحنون: يسهم لأقطع اليدين والأعرج والمقعد.

والصواب ألا يسهم لأقطع اليدين، ويسهم لأقطع اليسرى، وللأعرج إن حضر القتال ما لم يجبن عن حضوره لعرجه إلا أن يقاتل فارساً، ويسهم للمقعد إن كان فارساً يقدر على الكر والفر وإلا فلا. قُلتُ: ظاهره: أن شرط كونه فارساً من عنده، وهو نص نقل الشيخ عن سَحنون قال: يسهم له، وهو يقاتل فارساً. وزاد عنه: يسهم للمجذوم لا المفلوج يابس الشق. وعلى المعروف في منع الإسهام قال اللخمي: فيها: لا يرضخ للنساء والصبيان والعبيد، وقال ابن حبيب: يرضخ لهم، وهو أحسن، لحديث ابن عباس: (لم يكن صلى الله عليه وسلم يسهم للعبد والمرأة إلا أن يحذيا من المغانم)، وكذلك كل من للجيش فيه منفعة. ونص المازري على أن الإرضاخ إنا هو من الخمس. وفي النوادر عن ابن حبيب: كان صلى الله عليه وسلم يحذي النساء والصبيان والعبيد من الغنيمة. وروى ابن وَهْب وابن القاسم: ما علمته. وفي كتاب ابن سَحنون: عن مالك: لا يسهم للمرأة والعبد وإن قاتلا، وإن قاتلا وأحذيا، ولو حذاهم من الخمس؛ فلا بأس به، وله عن أشهب: يرضخ لأهل الذمة إن قاتلوا من الخمس، وكذا العبيد. ابن سَحنون: لو لم يأذن للعبد سيده في القتال؛ لم يرضخ له في قول أشهب، وينبغي في قياس قوله: أن يرضخ له، كما لو آجر نفسه بغير إذن سيده؛ لكان له أجره. قُلتُ: إن أراد بقوله: لم يرضخ له في قول أشهب؛ أي: في نص قوله فواضح، وإن أراد في القياس عليه ناقضه قوله ثانياً: (وينبغي في قياس قوله). إلا أن يريد بالقياس الأول على قوله في الجهاد، وبالقياس الثاني على قوله في الإجارة، ويرد القياس الثاني بأن الإرضاخ لمصلحة عود المرضخ له لمثل ما صدر منه من القتال، وهي منتفية إن كان

قتاله بغير إذن سيده؛ لأنه منه عداء، وهي حاصلة إن كان بإذنه، والأجرة في الإجارة عوض عمله وقد حصل. وفي الإسهام لمن ضل عن الجيش فيما غنمه الجيش بعده قولها مع الصقلي عن ابن نافع، وله مع اللخمي عن روايته، وتخصيص اللخمي قولها بالضال بأرض العدو يتعقب بأن نصها: (قلت: إن غزا المسلمون أرض العدو فضل منهم رجل؛ ورجع إليهم بعد أن غنموا. قال: أخبرتك بقول مالك في الذين ردتهم الريح، وهم ببلاد المسلمين أن لهم سهمهم في الغنيمة". قُلتُ: وكذا نقل الشيخ عن محمد عن أَصْبَغ عن ابن القاسم: سواء ضل بأرض العدو أو أرض الإسلام. ابن بشير: في القسم له، ثالثها: إن ضل بأرض الحرب. الشيخ عن أشهب: من ضل من سرية لأخرى من غير عسكرها قبل القتال، ثم قاتل معها؛ فله سهمه معهم يرده لغنيمة سريته التي ضل منها، وذكر ابن سَحنون عن أشهب: لا شيء للضال مما غنمه جيشه الذي ضل عنه بعده، ويختص حكمه بالتي ضل إليها. وقال التونسي: أما حظه فيما غنمه جيشه الذي ضل منه بعده فصواب؛ لأنه غلب على الكون معهم، وفي رد ما أخذ بعد مع السرية الثانية نظرٌ؛ لأنه لم يتقو بهم فيما غنمه مع السرية الثانية. قُلتُ: ما صوبه ملزوم لرده ما أخذ مع الأخرى، وإلا كان محكوماً له بأنه منها، ليس منها هذا خلف، ولو ردت الربح بعض السفن لأرض الإسلام، ففي الإسهام لأهلها مما غنمه النافدون قولان لها مع الشيخ عن كتاب ابن سَحنون عن مالك قائلاً: ولو كان المردود سلطانهم، وعن أول قولي سَحنون. محمد: ولو تكسرت بعض السفن، فأقام أهلها لإصلاحها بأرض الإسلام، فخافوا بعد إصلاحهم أن يلحقوا بأصحابهم؛ فلا شيء لهم فيما غنموه، فإن أسهموهم فلا رجوع عليهم لفوته بإنفاقهم، ولو كان ذلك بعد دخول أرض العدو شركوهم

فيما غنموا. وفي القسم للتاجر بشهوده القتال، أو إن قاتل نقل اللخمي عن محمد والمدَوَّنة قال: وقال ابن القُصَّار: إن خرج للجهاد والتجر قسم له، ولو لم يحضر القتال وإلا فلا إلا أن يشهد القتال. وفي الأجير طرق. اللخمي: إن كان في رحله؛ لم يقسم له وإلا ففيها يقسم له إن حضر القتال. وروى أشهب: لا قسم له ولو قاتل. ابن القُصَّار: إن خرج للجهاد والإجارة دون خدمة كالخياط قسم له، ولو لم يحضر القتال وإلا فلا. وقال سَحنون: لا يقسم لأجير الخدمة إلا أن يقاتل، فيسقط من أجره قدر ترك عمله. المازري: في القسم للأجير ثلاثة. قيل: لايقسم له. محمد: يقسم له إن شهد القتال. وفيها: إن قاتل. الصقلي عن كتاب ابن مزين: إن قاتل أسهم له، وفيما غنم قبل قتاله، ولو كان القتال مراراً شهد منها مرة فقط قسم له في جميع تلك الغنيمة. ابن نافع: لا يقسم له إلا أن يحضر أكثر ذلك. يحيى: هذه أحسن، وإن قاتل مرة قسم له من غنيمتها فقط. وسمع القرينان: لا يقسم لأعوان استؤجروا لعمل البحر من قذف، وغيره من أعمال السفن أو لعمل البر من تسوية الطرق، وقطع الشجر، وإصلاح ما فيه ضرر على المسلمين ولو قاتلوا قتالاً عظيماً. ابن رُشْد: هذا خلاف ما في المدَوَّنة والواضحة. وقال بعض أهل النظر: ليس خلافهما، ومعنى السماع في الإجارة العامة، وما في المدَوَّنة، وغيرها في الخاصة، وليس بصحيح؛ لأن العامة أقرب إلى القسم من الخاصة.

ابن محرز: لا خيار لمؤاجر الأجير الغانم في أخذ حظه بدلاً عن مناب ما عطل من عمله؛ كقولهم فيمن آجر أجيراً لخدمة مدة آجر نفسه في بعضها لمجانسة ما آجر نفسه فيه لما استحق من عمله ومباينة عمل الجهاد الخدمة؛ ولذا لو كانت المؤاجرة امرأة، فتزوجت لم يكن لمؤاجرها أجر صداقها؛ لأن عوضه لم يملكه المؤاجر، ولو غصبت ذات زوج لم يكن لزوجها أخد صداقها من الغاصب لها على الغاصب؛ لأن زوجها لم يملك وطئها بالغصب. محمد: لو بعث الأمير قوماً من الجيش قبل وصوله بلد العدو لمصلحة الجيش من حشد أو إقامة أسواق، ونحوه قسم لهم فيما غنم في غيبتهم. سَحنون: ورواه ابن نافع. وعن مالك: لا شيء لمن بعثه الإمام في بعض مصالح المسلمين فيما غنم بعده، وبالأول أقول، وإن رد الإمام قوماً لضعف الناس وأثقالهم وما وقف من دوابهم فكل من رده لمصلحة المسلمين إن كان أدرب قسم له وإلا فلا، وكان قال: لا أعرف الإدراب، ولم يقله من أصحابنا غير عبد الملك، وأنكر ذكره عن المغيرة، وكل من رده لمصلحة قسم له، ولا أعرف رد الإمام المرضى والخيل، ولكن، يرد الرجل للجبن وغيره. وسمع يحيى ابن القاسم في أهل مركب بعثوا بعد نزولهم جزيرة للروم رجلاً لناحية منها؛ ليخبرهم ما فيها من سفن المسلمين، فأبطأ فأقلعوا فغنموا، وكان الرجل دخل بعض سفن المسلمين إن قعد عنهم تاركاً لهم؛ فلا شيء له معهم وإلا؛ فله حظه معهم. وغنيمة من استند لغيره دونه بينهما: الشيخ: روى محمد: كل سرية خرجت من عسكر فصل عن بلد الإسلام للغزو ما غنمت بينها وبين كل الجيش، ولو أخرجها من بلد الإسلام اختصت بما غنمت، ولو قدم والي الجيش سرية من بلد الإسلام، ثم أتبعها ببقية عسكره، فغنمت قبل لحوقه بها، ففي كون غنيمتها شركة بينهما شركة مطلقاً، أو إن غنمت بعد فصول الجيش من أرض الإسلام، وإلا اختصت بها نقلا الشيخ عن محمد عن عبد الملك، ومحمد مع نقله عن

أشهب ومالك قائلاً: ولو كان بعثه لها ليتبعها. وفي الموازيَّة: لو قسم عسكر غنيمته، فتسرعت طائفة منه للرجوع، فلقيهم عدو أخذهم، ثم غنم بقية الجيش لم تدخل فيها المتسرعة من بقي منها، ولا من قتل، ولو غنمت آخذي المتسرعة رد ما أخذ لها على حيها ووارث من مات منها. وما غنمته من غير ذلك بينهم، وبين أحياء المتسرعة، ولو كانوا أسرى في الحديد، وكذا الأسرى منهم والزمنى. ابن سَحنون عن عبد الملك: لو بعث الوالي سرية ردءاً لأخرى، فقدمت فغنيمة الأولى- ولو قبل بعث الثانية- بينهما، وكذا ما غنمته الثانية وحدها. سَحنون: لا تدخل الثانية فيما غنمته الأولى قبل خروجها مستغنية عنها. عبد الملك: ولو بعث الثانية لغير الأولى اختصت كل واحدة بما غنمت، ولو غنمت إحداهما فقط، ثم اجتمع العدو عليهما معاً، فكانت نجاتهما باجتماعهما؛ ففي كون ما غنمته إحداهما بينهما، أو لها فقط قولا عبد الملك وسَحنون قائلاً: لو أخذ العدو غنيمة إحداهما، ثم اجتمعتا فاستنقذتاها منه؛ ردت لغانمتها كمال مسلم غنم. ابن سَحنون عنه مع بعض أصحابه: إن مات أمير جيش بأرض العدو، فانقسم طائفتين، قدمت كل طائفة أميراً، وانحازت عن الأخرى؛ فما غنمته إحداهما بينهما. محمد: قياس قول سَحنون إلا أن تتباعد كل واحدة عن الأخرى بحيث لا يمكن تعاونهما ولم يجتمعا إلا بدار الإسلام؛ فلكل واحدة ما غنمته إحداهما دون الأخرى. ابن سَحنون عنه: لو ارتدت طائفة من عسكر بدار الحرب، واعتزلوا باقي المسلمين؛ ثم غنم باقي المسلمين، وغنم المرتدون، ثم رجعوا للإسلام؛ لم يدخل المرتدون فيما غنمه المسلمون أدباً لهم، ودخل المسلمون فيما غنمه المرتدون، ولو قتلوا على ردتهم، وحظ المرتدين لهم إن أسلموا وإلا فللمسلمين. وسمع يحيى ابن القاسم في أمير سرية عرض له نهر بأرض العدو، فأجازه ببعض من معه، وتخلف الآخرون معتذرين عن طاعته بشدة خطره، فرجع بغنيمة، ووجد المتخلفين بمكانهم لا قسم لهم إن ثبت تخلفهم بإقرارهم، أو ببينة من غير الغانمين، ولا يقبل عليهم قول الأمير.

ابن رُشْد: ظاهره حرمانهم بتخلفهم، ولو كان جوازه خطراً. وقال سَحنون: إن كان قسم لهم لعذرهم، وأخطأ الذين أجازوا، وعندي إن كان في وقوف المتخلفين بمكانهم وجه منفعة للغانمين مثل أن يكون النهر قرب بلد العدو بحيث يظن العدو جوازهم أجمعين؛ قسم لهم معهم وإلا فلا، ولا تقبل شهادة الغانمين على من أنكر أنه لم يجزه؛ أنه لم يجزه اتفاقاً إلا أن يكون ما يجب له من ذلك يسيراً، فيجري على الخلاف في شهادة العدل لغيره بما يجر به لنفسه ما لا يتهم على مثله لقلته. وسمع أشهب إجازتها. وفي رد قول الإمام عليهم، وقبوله إن كان عدلاً هذا السماع، وقول سَحنون وهو بعيد؛ لأنه إن حكم عليهم حكم بعلمه ولنفسه، وإن رفع الأمر لغيره وجب كونه كغيره، ووجهه أنه جعله كحكم القاضي بعلمه بما أقر به الخصم في محله. قُلتُ: فأين إلغاء مانع كونه يحكم لنفسه؟. سَحنون: إن بعث الإمام سريتين نفل إحداهما الربع قبل الخمس قسم ما غنمتا على عددهم، فإن كانت المنفلة مائتين والأخرى مائة أخذت المنفلة نفلها من الثلثين؛ وهو الربع قبل الخمس، وخمس ما بقي، وقسم بين العسكر والسريتين، ولو دخل جيش أرض العدو، ثم دخله متطوعون دون أمر الإمام؛ فلهم حكم الجيش فيما يغنمه، وأخطأوا في خروجهم دون إذن الإمام إن كان غير مضيع، ولو اجتمع جيشان بأرض العدو، فإن كان كل جيش غنياً عن الآخر؛ اختص كل بما غنم، وإلا فما غنماه أو أحدهما فبينهما. ابن سَحنون عنه: ما غنمه أهل بلد من عدو دخلها عليهم بين أهلها من قاتل ومن لم يقاتل، وفيه الخمس، ولو خرج الناس في أثره بعضهم بعد بعض فما غنم الأولون بعد خروج الآخرين بينهم أجمعين. وفي كون ما غنموه قبل خروجهم كذلك أو للأولين فقط قولا عبد الملك وأشهب، وهو أحب إلي لقول مالك في الروم تغير قرب المصيصة فيقال: يا خيل الله اركبي، فيخرج أهل النشاط، فما غنموه أدنى أرض الروم لهم دون من لم يخرج. وسمع يحيى ابن القاسم في عدو أغار على ثغر، فخرج في طلبه خيل المسلمين

متلاحقين ما غنمه أولهم بين جميعهم من قاتل أو لا، ومن خرج أو لا؟ إن كانوا من مسالح نصبت للرباط أهلها، مقيمون للذب عن من وراءهم، أو كانوا من أهل حصن في رأس الثغر. وإن كانوا من قرى مسكونة بعيالٍ فجأهم العدو، فركبوا في طلبه؛ قسم ما أصابوا بين كل من طلب القتال، ولو لم يدركه لا لمن لم يخرج. ابن رُشْد: هذه مسألة حسنة ذكرها ابن سَحنون لأبيه فأعجبته. ابن حبيب: عن أصحاب مالك: إن أغار عدو على بعض الثغور، فتداعى عليه المسلمون خمس ما غنموه منه؛ لأنه كالإيجاف، وباقي الغنيمة لأهل المكان الذين كانت فيهم الغارة، ولو تفرقوا في القرى، فأهل كل قرية أولى بما أصابوا، وفيه الخمس، إلا أن تكون قرى متقاربة يتلاحق تناصرهم، فهم فيه شركاء. وفي الموازيَّة: لأشهب مثله. سَحنون: إنما يقسم لمن خرج، وبرز للعدو لا لمن لم يبرز إلا أن يكون من أقام في القرى للخوف عليها، وعدة لمن خرج. قال: ولو أغار العدو على مدينة على عشرة أميال منها، فخرجوا منها متفاوتين، فغنموا لم يدخل في ذلك إلا من برز من المدينة، وإن لم يبصرهم العدو لا لمن خرج بعد الوقعة، ولو كانت المدينة حرساً كالمنستير والحصون التي على ساحلنا، ومثل بعض مواضع بالأندلس، فالغنيمة لمن برز، ومن لم يبرز؛ لأن هذه المواضع كجيش مجتمع. وليحيى عن ابن القاسم مثله، ولسَحنون عن أشهب مثل هذه، وقال: لا شيء لمن لم يبرز، ولم يذكر إن كان ثغراً أو محرساً. سَحنون: لو حبس الإمام حين خرج الناس من المدينة طائفة لحفظها؛ كان لهم حقهم في الغنيمة؛ لأنهم حبسهم لمصلحة المسلمين. قال: ولو أن أهل طرطوس حين خرجت مراكبهم حبس الإمام من كل مركب نفراً لحفظ المدينة لم يدخلوا فيما يغنمه الخارجون؛ لأن هؤلاء لم ينزل بهم عدو؛ بل هم خرجوا إليه، وأولئك نزل بهم العدو، فهم متظاهرون عليه. وفي الموازيَّة: لو أتت مراكب الروم بلد الإسلام، فخرج إليهم مراكب المسلمين،

فقاتلوهم بالبحر بمرسى المدينة؛ فالغنيمة لمن قاتل بالبحر دون أهل البر، ولو نازلوهم في البر، فقاتلوهم فيه وفي البحر؛ فالغنيمة بين من حضر الحرب بالبر والبحر. وفي كتاب ابن سحنون: لو دخل العدو بعض مدننا، فقاتله أهلها على بابها، فما غنموه لهم دون من لم يخرج، ولو تأهبوا بالسلاح، فخرج بعضهم، والآخرون خلفهم متأهبون؛ فالغنيمة بين من حضر القتال، ولو لم يقاتل، فله سهمه، وكذا إن انتهى الزحام لبابه، وهو واقف متسلح في داره، أو ركب فرسه قد فتح بابه أو أغلقه؛ فله سهمه؛ لأن إغلاقه بابه خوف تقحم الجميع عليه، ومن لم يتأهب للقتال لا سهم له، ولمن على السور يرمي بنبل، أو حجر، أو يحرض ويرهب سهمه. ولو نزل العدو على أميال من المدينة، فخرجوا إليه، فلمن أمره الأمير أن يقف على بابها حفظاً من العدو سهمه، وأجاب سحنون شجرة عن سفن أخذت جفناً تركوه مع بعضهم؛ لتعذر سيرهم به، وانصرف سائرهم للغزو على أن يجتمعوتا بمرسى معين، يقيم به من سبقه عشرين يوماً، ثم ينصرف لبلد الإسلام، فغنم المنصرفون، ثم سبقوا إلى محل الموعد، وانصرفوا بعد المدة المذكورة لبلد الإسلام أتى الآخرون وقد غنموا بأن ما غنماه أو أحدهما بينهما؛ لثبوت شركتهم لنصرة بعضهم بعضاً، ويقسم لم مات بعد أن قتل قتال الغنمية قبلها اتفاقاً. ابن رشد: في استحقاق القسم منها بمجرد الإدراب، وفي كل ما يغنم إلى قفول الجيش، ولو مات قبل لقاء العدو، أو بشهود القتال في كل ما غنم بعده مطلقاً، أو فيما غنم بقربه، رابعها: فيما غنم به فقط لابن الماجشون، وسماع يحيى ابن القاسم، وسماعه عيسى، ويشبه كون الرابع مذهبها. قلت: فيها: لمالك: إن مات قبل لقاء العدو قبل وأن يغنموا لم يسهم لمن مات قبل الغنمية، وإن مات بعد أن قاتل، وغنموا بعده أسهم له، وعزاه الشيخ لسحنون وابن حارث لسماع يحيى ابن القاسم، ونقل الشيخ عن ابن حبيب عن أصحاب مالك: يقسم لمن مات بعد رؤية الحصن أو الجيش قبل قتاله فيما غنم فيه. وبقربه يشبه أن يكون خامساً.

وزاد عن ابن حبيب: أجمع أصحاب مالك إلا ابن الماجشون أنه لا يقسم لمن مات قبل القتال، فعزو ابن زرقون قول ابن الماجشون لسماع يحيى ابن القسم خلافه، وخلاف نقل ابن رشد وابن حارث. وللشيخ عن رواية عيسى عن ابن القاسم: إن تتابع القتال دون انقطاع؛ فله سهمه في كل ذلك، وقد يقاتل عشرة أيام، وهذا قريب. قلت: لم أجد في العتبية: عشرة أيام. وللشيخ عن سحنون: من مات بعد قيام صفوفنا وصفوف العدو، وقبل المناشبة لم يسهم له. ابن حارث لابنه عنه: لا حق لمن مات بعد القتال الأول، فيما غنم بقتال ثان. قلت له: قد روي عن ابن القاسم: إن كان القتال متتابعاً وجب سهم الميت في كل ما غنم. قال: لا أعرفه عنه إلا أن يكون من هزم ثانياً هم من ثالثا؛ كالعسكر تنهزم طلائعه، ثم ميمنته، ثم ميسرته ثم قلبه، فسهم من مات خلال ذلك واجب، وللشيخ عنه: إن نزل المسلمون بحصن فيه حصون بعضها في بعض، ففتح الحصن الأول، ثم مات رجل أو قتل، ثم فتح حصنين بعده أو ثلاثة في يوم أو أيام؛ لم يسهم له إلا في غنيمة الحصن الأول، ثم قال عنه: لو كان للمدينة أرباض ولها أسوار، فأخذ الناس في قتال المدينة، ففتح الربض الأول، فصار العدو في الثاني، فأخذ الناس في قتاله في الثاني، وانتهب الربض الأول، فتمادوا حتى فتحوا الثاني، وانتقل العدو للثالث، وتمادى الناس في قتاله في غير فور واحد حتى فتحوا المدينة، فلمن مات أو قتل بعد أن أخذوا في قتال المدينة سهمه في جميع ذلك. قلت: قوله: هذا خلاف ظاهر قوله: في الحصن فيه حصون. وللشيح عن كتاب ابن سحنون: من جن بعد الغنيمة سيهم له فيما مضى له المستقبل. محمد عن أشهب: إن ظفر بعدو بيده أسرى مسلمون أسهم لهم معهم في كل ما غنموا.

التونسي: جعل أشهب الذين أسروا شركاء في ذلك؛ لأن أصل خروجهم بالإيجاف، فصاروا كمن منع الحرب، كما لو أسر العدو رجلاً أصل دخوله بالإيجاف فأخذناه؛ فله سهمه. قلت: إن كان الأسير من جيش أخذناه فواضح، وإلا فالأظهر عدم القسم له كلقاء جيش بعد أن غنم، وكل منهما غني عن الآخر لنقل الشيخ عن سحنون: إن هرب أسرى من عدو لجيش بعد أن غنم، فلقيه عدو، فإن نجا الجيش بمعونة الأساري؛ فالغنيمة بينهم وإلا فاللجيش فقط، وله عن سحنون في أبواب قسم الخيل: من أسر في قتال غنم بعده، وفي قتال غيره أسهم له من غنيمة قتاله فقط. سحنون: الردة كالموت، وما يورث عن الميت يورث عن المرتد ويرجع له بتوبته. وقسم الغنمية حظ الفارس: منها ثلاثة أمثال الراجل للخبر والعمل، وعللوه بكلفة نفسه وفرسه وخادمه. الشيخ عن سحنون: ينبغي للإمام كتب أهل الجيش للغنيمة إذا دنا من العدو وقبل السير إليه. قلت: به يحفظ حظ من يموت في القتال. ونقل ابن عبد السلام عن بعض المؤلفين عن ابن وهب: للفارس ضعف ما للراجل كأبي حنيفة لا أعرفه؛ بل نقل ابن رشد المذهب قائلاً: اتفاقاً، ونقل الشيخ عن ابن وهب إسناده حديث حجة المذهب، وأكثر ابن المنذر من ذكر أحاديث حجة المذهب، وعزو القول بها للفقهاء والمحدثين، وقال: لا أعلم من خالف في ذلك إلا النعمان، وخالفه أصحابه، فبقي قوله مهجوراً مخالفاً للأخبار، وذكر المازري نحوه، والشأن في نقل الغريب تعيين قائله، ولعله التبس عليه ذلك بقول ابن وهب في الإسهام لفرسين، وفي القبس لابن العربي: يسهم لكل فرس سهم واحد عند أكثر العلماء.

وقيل: سهمان للفرس، والأول أصح، وله في عارضته حديث ابن عمر رد على أبي حنيفة، ومن اغتر من علمائنا فقال: لا تفضلوا البهيمة على الآدمي. الشيخ: روى ابن وهب: من غزا على حمال أو بغل أيأخذ فرسا أعطي في السبيل؟ قال: الحمار ضعيف، والبغل أقوى، ولا يأخذ الفرس إلا أن يعلم من نفسه القوة على التقدم إلى الأسنة. وفيها: الرهيص كصحيح، وما مات قبل لقاء العدو لغو، وبعده يقسم له. الباجي عن مالك: يسهم لما يدرب به رهيصا. قلت: ولابن حارث في الإسهام للرهيص حيث اللقاء قولاً أشهب مع سحنون، ونقل ابنه رواية ابن نافع. الباجي: في الإسهام للفرس المريض قولاً مالك والقرينين. قلت: عزاه اللخمي لروايتهما، ولابن عبد الحكم قائلاً بخلاف المريض؛ لأنه فيه الشمورة، ونقل ابن حارث فيه ما في الرهيص. الباجي: لا يسهم لما أدرب به كسيراً، ويسهم لما كسر بعد حضوره القتال، وفي الإسهام لما كسر قبله بعد الإدراب قولاً أصبغ مع أشهب، ومقتضى قول ابن الماجشون ومقتضى قول محمد. الشيخ عن سحنون: ما أدرب به مما لا يقاتل عليه لكبر أو صغر لغو، وينبغي للإمام أن لا يجيزه، فإن صار الصغير يقاتل عليه أسهم له من يومئذ. ابن حبيب: الصغير الذي لا مركب فيه، ولا حمل لغو، وإن كان فيه بعض قوة

أسهم له. قلت: إنما عزاه اللخمي لسحنون في كتاب ابنه وضعفه بأنه أضعف البرذون، ويرد بأن ضعف الصغير قريب الزوال، وقد يظن رائيه قوته، وفي القسم للفرس الثاني نقل الباجي عن سحنون عن ابن وهب مع الشيخ عن ابن سحنون، وابن حبيب عن ابن وهب وأبي عمر عن ابن الجهم، والمشهور، والثالث لغوه اتفاقاً. الصقلي والشيخ: عن ابن حبيب: المعتبر في كون الفارس فارساً كونه كذلك عند مشاهدة القتال، ولو أوجف راجلاً عند مالك وابن الماجشون قائلاً: من ركب فرسا في لحمة القتال، فسهم الفرس لصاحبه لا له إلا أن يكون من خيل العدو؛ فلا سهم له. وفيها: لابن القاسم: منع موت الفرس الإسهام، وعدم منعه كالآدمي، وكون الفرس لفارسه بحيث يقاتل عليه. فيها: إن حملوا الخيل معهم في السفن، فلقوا العدو، فغنموا؛ فللفارس ثلاثة أسهم. اللخمي: القياس عدم الإسهام لخيل السفن من غنيمتها؛ لأنها لم تقد للبحر، ولم تبلغ محل قتالها، وسمع أصبغ ابن القاسم: يسهم لخيل غزاة قاتلوا على أرجلهم، وخيلهم في رحالهم لاستغنائهم عنها. ابن رشد: اتفاقاً. سحنون: من أدرب راكباً حماراً أو رجلاً وهو يقود فرسه؛ أسهم له. الشيخ عن سحنون: من خرج بفرسه للقتال، ثم أمر غلامه برد فرسه؛ فهو راجل، ولو رده العبد، ولم يخرج من معركة القتال حتى انهزم الكفار؛ فلربه سهم فارس في قول أشهب وسحنون. الباجي: لو حضر رجل ثان قتالاً على فرس بعد أول ثم غنم؛ فسهمه للأول إن اتحد المقاتل، واتصل قتاله عادة. سحنون: لمن حضر قتالاً على فرس يوماً، وحضره مبتاعه منه اليوم الثاني، ومبتاع ثان اليوم الثالث، ولم يغنم إلا فيه؛ فسهمه للأول؛ لأنه قتال واحد، وكذا لو كان بدل المبتاع وارث، ولو قاتل عليه الثاني في قتال مبتدأ؛ فسهمه له لا للأول.

اللخمي: يختلف إن باعه الأول بعد الإدراب قبل القتال، ثم قاتل عليه الثاني في كون سهمه له أو للأول. وفيها: لابن القاسم قائلاً: لم أسمعه من مالك ذو البغل والحمار والبعير راجل. ابن العربي: وذو الفيل. وفي البراذين ثلاثة. في الموطأ: كالخيل. ابن حبيب: إن أشبهتها في الكر والفر. وفيها: إن أجازها الإمام. ابن حبيب: هي الخيل العظام. الباجي: يريد الجافية الخلقة الغليظة الأعضاء، والعراب أضمر وأرق أعضاء. ابن سيده: البرذون معروف، والأنثى برذونة. وفي الموطأ: هجين الخيل منها. ولم يذكر ابن بشر في البرذون غيرقول ابن حبيب، ثم قال: وكذلك الهجين وما في معناه، ونحوه قول الجلاب: الهجن، والراذين كالخيل إن أجازها الإمام. ابن حبيب: الهجين ما أبوه عربي، وأمه من البراذين. المازري: فسر غير ابن حبيب البراذين بما كان أبوه وأمه نبطين، فإن كانت الأم نبطية، والأب عربياً، كان الفرس هجيناً، وإن كان بالعكس؛ كان الفرس معرباً، ومنهم من عكس هذا. الشيخ عن سحنون: أجمع أصحابنا أنه لا يرضخ لذي حمار أو بغل أو برذون؛ لم يجزه الوالي. الباجي: روى ابن عبد الحكم: إناث الخيل كذكورها، وفي كتاب ابن سحنون: إن أدرب رجلان بفرس لهما، فسهماه لمن قاتل عليه منهما، وعليه للآخر نصف أجرته لصاحبه إن عرف ذلك، وإلا اقتسما الجميع وتحالا، ولو ركبه أحدهما كل الطريق، وقاتل عليه الآخر؛ فسهماه له وعليه نصف أجرته، وله نصف أجر ركوبه في الطريق. المازري: إن قاتلا عليه؛ فلكل منهما بقدر ما حضر من القتال عليه.

الشيخ: لو انفلت فرس من ربه بأرض العدو، فقاتل عليه غيره، فغنم، ففي كون سهمه لربه، أو لمن قاتل عليه نقل محمد عن أصبغ مع ابن سحنون عن ابن القاسم وسحنون قائلاً: إلا أن ينفلت بعد شهود ربه عليه القتال؛ فهما له، ولا أجر للمتعدي. التونسي: من غصب منه فرسه؛ فالصواب أن له سهمين، وقال أشهب: هما للغاصب، وعليه إجارة الفرس. اللخمي: من غصب فرساً من أرض الإسلام فسهماه له، ولو غصب قبل أن يقاتل عليه؛ ففي كونه كذلك أو لربه نقلا محمد قولي ابن القاسم، والقولان جاريان على القولين في المتعدى عليه، وعلى القول بأن من غصب داراً، فأغلقها أو عبداً، فأوقفه يغرم غلتهما، فسهما المغصوب لربه مطلقاً، ومن غصب فرساً لذي فرسين، فسهماه لغاصبه، وعليه أجره، وكذا من غصب فرساً من الغنيمة. قلت: ومن ثم خص ابن بشير الخلاف بغصب فرس الغازي، ولم يفرق بين كونه من أرض الإسلام أو الحرب. ابن سحنون عن ابن القاسم: لو شد القوم على دوابهم للقتال، فعدا رجل على فرس آخر؛ فسهماه لربه. زاد محمد: وكذا لو تعدى عليه قبل القتال. سحنون: بل سهماه للمتعدي، وعليه أجر مثله إلا أن يأخذه بعد انتشاب القتال؛ فلربه. ابن القاسم: لو عدا عليه بأرض الإسلام، أو بأرض العدو قبل حضور القتال؛ فسهماه للمتعدي ويضمنه. سحنون: هو كذلك في السهمين، وأما الضمان؛ فإن رده بحاله لم يضمنه وعليه أجره، وإن تغير أو عطب؛ فلربه تضمينه قيمته، أو أخذ أجره فيما استعمله فيه، وقاله أشهب. قلت: كلام ابن القاسم أصوب؛ لشموله ما لو رده بعد طول دون تغير، والمنصوص في المدونة في هذا ضمانه، والمسألة تشبه مسألة غصب الفرس للصيد عليه، أو التعدي عليه لذلك، وتقدم فيه بحث في الفرق بين التعدي والغصب مع أن المازري

هنا لم يعبر عن المسألة إلا بالغضب، وأجرى الخلاف على الخلاف في رد غلات المغصوب، وخلط اللخمي الغصب بالتعدي حيث أجرى الغصب عليه، ولفظ ابن القاسم في التعدي لا الغصب. المازري: لو قاتل عبد على فرس سيده، فإن أسندنا السهمين للفرس؛ كانا لربه، وإن أسندناهما للفارس؛ فالعبد لا يسهم له، ولا نص فيها، وفيها نظر. قلت: لعل النظر كون القسم للفرس مشروطاً بكون فارسه من أهل القسم أولا؟ وقوله: إن أسندنا السهمين للفرس كانا لربه؛ ظاهره سواء كان ربه غازياً أو لا؟ ومقتضى ما تقدم إن لم يكن غازياً لم يستحقهما. اللخمي: المعار قبل القتال في كون سهميه للمعار، أو للمعير أحد قولي ابن القاسم مع مالك، وثانيهما: ولو أعاره بعد القتال عليه؛ فللمعير. الشيخ عن سحنون: سهما الفرس المعار للمعار، أعاره قبل الإدراب أو بعده، ولو أعاره في حومة القتال، فإن كان أوله قبل بيان الظفر؛ فهما للمعار، وإن كان في آخره بعد بيانه؛ فهما لربه، ثم رجع فقال: هما لمن ناشب عليه القتال أوله. قلت: الفرق بين المرجوع عنه وإليه أنه إن ناشب عليه ربه، ثم أعاره في أول القتال قبل بيان الظفر؛ فسهماه له على المرجوع إليه، وللمعار على المرجوع عنه. وسمع القرينان في الوالي يعير بأرض الحرب فرساً من خيله سهماه للغازي، وكذا لو اشتراه أو اكتراه أو تعدى عليه، أو وجده غائراً في حومة القتال فقاتل عليه، وكذا لو أعاره إياه على أن سهمي الفرس بينهما، أو على أنهما لصاحب الفرس على أن عليه فيه أجره مثله، ومن ليس له إلآ فرس واحد، فتعدى عليه من قاتل عليه، وصاحبه حاضر، أو وجده في القتال غائراً؛ فسهماه لصاحبه بخلاف الاشتراء والعارية والكراء والتعدي إذا لم يكن ربه حاضراً، هذا على قول ابن القاسم، وروابته: أن السهم إنما يستحق بالقتال لا الإيجاف، وعلى قول ابن الماجشون: أنه يستحق بالإيجاف لا يكون لمن قاتل على فرس سهماه في شيء من هذه الوجوه إلا أن يوجف عليه، أو يصير بيده بحدثان

باب الغلول شرعا

الإيجاف قبل مشاهدة القتال حتى يتمكن في كينونته له وفي يده. الشيخ عن سحنون: سهما الفرس المحبس للمحبس عليه. [باب الغلول شرعاً] الغول: ابن العربي: هو الخيانة بأخذ الشيء للغير على الاختفاء. أبو عمر عن يعقوب: يقال في المغنم: غل يغل بالضم والكسر إذا خان. الجوهري عن أبي عبيدة: الغلول من المغنم فقط، لاذ من الخيانة ولا الحقد؛ لأنه يقال في الخيانة: أغل، وفي الحقد: غل؛ ثلاثياً يغل بالكسر، ومن الغلول يغل بالضم. قلت: هو عرفاً أخذ ما لم يبح الانتفاع به من الغنيمة قبل حوزها، فهو أخص منه لغة. الأكثر: حرام إجماعاً. ابن العربي: كبيرة. عياض: لا خلاف أنه من الكبائر. الشيخ: روى محمد: من ظهر عليه قبل أن يتوب؛ أدب وتصدق بما غل إن افترق الجيش، وإن لم يفترق؛ رد في المغنم، وأنكر مالك حرق رجله. قلت: هو نص قذفها. ابن حبيب: يعاقب عقوبة شديدة. سحنون عن معن: لا بأس أن يصلي عليه. الشيخ عن أصبغ: لا يحرم سهمه، وهو في التلقين على أنه المذهب. وسمع ابن القاسم جواب مالك عن عقوبته: إن تاب ورد ما غل: ما سمعت فيه

بشيء، ولو عوقب؛ لكان لها أهلاً. ابن القاسم: لا يؤدب. سحنون: كالمرتد، ومن رجع عن شهادته عند الحاكم. ابن رشد: معنى قولي ابن القاسم وسحنون: إن تاب قبل القسم، ورد ما غل في المغنم كمن رجع عن شهادته قبل الحكم، وقول مالك مثل ما في سرقتها فيمن رجع عن شهادته قبل الحكم، وادعى وهما وتشبيهاً، ولم يبن صدقه، ومن تاب بعد القسم، وافتراق الجيش؛ أدب عند جميعهم على قولهم في الشاهد يرجع بعد الحكم؛ لأن افتراق الجيش كنفوذ الحكم؛ بل هو أشد؛ لقدرته على الغرم للمحكوم عليه ما أتلف عليه، وعجزه عن ذلك في الجيش. ابن حبيب: إن تنصل منه عند الموت، فإن كان أمراً قريباً، ولم يفترق الجيش؛ فهو من رأس ماله، وإن طال؛ فمن ثلثه. والمباح الانتفاع به منها الطعام مطلقاً. عياض: أجمع علماء المسلمين على إجازة أكل الطعام منها بأرض العدو بقدر الحاجة، وجمهورهم على عدم شرط إذن الإمام، وحكاية الزهري شرطه؛ لم يوافق عليه. وفيها: الطعام والعلف والبقر والغنم بأرض الحرب جائز أكله، وأخذه للانتفاع بد دون الإمام. الشيخ عن ابن حبيب: من السنة عدم قسم المطعم والمشرب، ومن أصابه؛ أحق به إلا أن يواسي به، أو يفضل عن حاجته، وله النفقة منه إلى منصرفه دون إذن الإمام، ولو نهاهم عنه، ثم اضطروا إليه؛ جاز لهم أكله، ولو أخذ الناس منه حاجتهم، وضم الإمام باقيه للمغنم؛ جاز لمن احتاج أكل ذلك. ولا بأس بأكل طعام العدو قبل دعوته فيمن يدعى منهم. وروى اللخمي لمن احتاج إلى طعام أخذه بعد جمعه الإمام دون إذنه. ابن حبيب: لا بأس بما لت من السويق بسمنهم وعسلهم، وأكل جبنهم لا جبن المجوس، والمذهب نص القاضي تخصيص الإباحة بأهل الجيش، وقاله اللخمي بلفظ المقاتلين.

الشيخ عن محمد عن ابن القاسم: والفلفل والدارصيني يحتاجه لطعامه كالطعام. وفي كون ذبح الماشية للأكل كالطعام طريقان: المازري والباجي: عن المذهب كالطعام، ورواه اللخمي، وتقدم نصها في الغنم والبقر. محمد عن ابن القاسم: لهم أن يضحوا بالغنم، ولو أحرزت في الغنيمة، ولمن احتاج للحم أخذه من الغنم والبقر دون إذن، ويطرح الجلد في الغنيمة، فإنه لم يكن له ثمن؛ صنع به ما شاء. وله عن ابن حبيب: إذا لم يقدروا على البقر ونحوها إلا بالعقر؛ فلهم ذلك، ويأكلون ما لم يبلغ العقر مقتله. ابن بشير: في لحوق الماشية بالطعام قولان. قلت: لا أعرف الثاني لأقدم منه. الباجي: في كون ما ينتفع به ببقاء عينه كالفرس والسلاح والثوب كالطعام قول ابن القاسم وروايتا على وابن وهب. اللخمي: قال مالك مرة: له أخذ الفرس يقاتل عليه، ويركبه حتى يقفل إلى أهله أو يرده للغنيمة، وألحق به ابن القاسم السيف والثوب. وروى على وابن وهب منعه في الثلاثة، وأرى جوازه في الفرس والسيف للقتال بهما، ويردهما بانقضائه، ولا يقفل بهما، وإن كان القسم قبل القفول؛ كان عدم تأخيره أبين، وسهما الفرس له، وعليه أجر مثله، ولا ينتفع بالثوب بحال إلا أن يقوم عليه ليحاسب به. قلت: في قوله: وعليه أجر مثله مع إجازته له أخذ نظر، وكذا في قوله في الثوب: إلا أن يقوم عليه ليحاسب به إن أراد كون التقويم دون إذن الإمام. وفي رواية علي وابن وهب فيها: لو جاز ذلك؛ لجاز أخذ العين يشتري بها ذلك، ورده عبد الحق بأنه بغير العين مع بقاء عينها، وفي العين بعد إتلافها. وفيها: لابن القاسم: لا شيء على مستقرض طعام ممن أصابه ببلد الحرب لمقرضه. اللخمي: لو كان الطعام قدر حاجته أياماً، فأقرضه بعضه؛ ليأخذه وقت حاجته؛

فله ذلك، وعلى المعروف لو رده مستقرضه لتوهمه لزومه من طعام يملكه، ففي رجوعه به شرط قيامه أو مطلقا نقلا عبد الحق عن الجاري بمجالس بلده قياسا على قولها: من أثاب من صدقته؛ لظن لزومه، وبعض القرويين مفرقاً بأن رد الطعام بالجبر لمكان شرطه، وفي الصدقة طوعاً لعدمه، وصوب الصقلي الأول. عبد الحق: ولو رده من طعام أهل الحرب؛ فلا رجوع له فيه مطلقاً، وفي جواز بدل القمح بالشعير بين أهل الجيش متفاضلاً نقلا اللخمي عن سحنون وابن أبي الغمر. المازري: لو كان أحدهما من غير أهل الجيش؛ منع الربا. وفيها: لا بأس بمنع من بيده قمح أو لحم أو عسل ما بيده آخر؛ صح بيده منها ما ليس بيد الأول حتى يعطيه ذلك مبادلة. اللخمي: كره ابن حبيب بيع طعام ليشتري به طعاماً، ورأى الثمن مغنماً. وقال سحنون عن بعض أصحابه: من باعه ليصرف ثمنه في كسوة أو سلاح، ولا شيء عنده؛ لا بأس عليه، كما لو أخذه من المغنم، فإن بلغ بلده؛ تصدق به، وإن كان ليتماثل ثمنه وله قدر؛ فهو مغنم. الشيخ عن محمد عن ابن القاسم: إن باع غاز طعاما من غير عاز بطعام أو علف؛ فلا بأس به. وروى أشهب كراهته، ولا وجه لها. وقيل لأشهب: أيدفع منه لمن يحجمه؟. قال: لا أحبه بشرط. وفي كتاب ابن سحنون: من أجر عبداً بطعام من الفيء؛ غرم قيمته، وجعلها في الفيء. وسمع سحنون قول ابن القاسم وروايته: من باع طعاماً ممن يأكله ببلد الحرب، ثم علم بعد خروجه؛ رد للمغنم لا على المشتري، وإن رأى الإمام بيع الطعام لغنى الناس عنه ببلد الحرب وحاجتهم له ببلد الإسلام؛ فلا بأس به. ابن رشد: لا خلاف في ذلك؛ لأن شرط إباحة الطعام الحاجة إليه. وفيها: ما فضل من طعام بعد خروجه من بلد الحرب يتصدق بكثيره، ولا بأس

بأكله ليسيره. اللخمي والباجي: إنما يتصدق به إن افترق الجيش وإلا رده للقسم. ابن بشير: هو كمال مجهول مالكه يتصدق به على المشهور، ولو أوصى به بعد موته، فإن قرب أمره أو علم سببه؛ فمن رأس ماله وإلا فمن ثلثه. قلت: لا أعرفه إلا في الغلول كما مر لابن حبيب، ويشبه زكاة العين والفطر. ونقل الصقلي والبرادعي مسألة المدونة بلفظ: إذ خرج لبلده ومعه منه فضله. وزاد الصقلي عن محمد: يتصدق منه حتى يبقى اليسير، فيكون له أكله مع أهله، ولهذا الأصل اعتبار في كثير نقص كيل ما بيع على التصديق وزيادته، وحط بعض الثمن في المرابحة، وحظ القليل المعتاد مما بلغ الثلث في الحوائح ونحو ذلك. وسمع القرينان: من خرج بقربة أو عسل من بلد الحرب إلى بلده؛ لا بأس بأكله إن قل. ابن رشد: هذا كقوله فيها. العتبي عن أصبغ: من لت بأرض اتلحرب سويقه بإدام من المغنم، أو صبغ ثوبه منه، فخرج به لأرض الإسلام؛ لا شيء عليه فيما قل، وما كثر؛ كان شريكاً بقيمة ثوبه أو سويقه. ابن رشد: هذا بين؛ لأن الصبغ واللتات غير قائمة في المرابحة والعيوب، والاستحقاق والسرقة، وغير ذلك، وفي مساواته بيسبر الصبغ بالإدام نظر؛ لأن له الخروج بيسير الإدام لا بما له من الصبغ ثمن، ولو قل لقوله صلى الله عليه وسلم: "شراك أو شراكان من نار". وفيها: لا أرى بأسا لمت احتاج لجلود منالمغنم يأخذها يجعل منها نعالاً أو خفافاً

أو حزماً أو أكفاً. وسمع ابن القاسم: جلود ما ذبحه الغزاة بأرض الحرب تطرح في المقاسم إن كان لها ثمن، وإلا فلا بأس أن يأخذوها. ابن رشد: يريد: وإن لم يحتاجوا إليها على ما قاله أول الرسم، وإن كان لها ثمن؛ لم يجز لهم أخذها إن لم يحتاجوا لها؛ لأنه غلول، وإن احتاجه لها لشد قتب ونحوه فمنعه ابن نافع. وروى ابن القاسم في المدينة: لا بأس بأخذهم إياه، ومثله في الواضحة، وهو ظاهر المدونة. وسمع القرينان: لا بأس بأخذ الغازي ما احتاج إليه من غرارة وجلد وشيح. قيل: إن أحدهم أتى بكبة خيط اشتراها بدانق طرحها في المغانم، ثم قال: هذا رياء. ابن رشد: ما لم له من ذلك ثمن؛ فله أخذه إن احتاج إليه على ما في المدونة خلاف قول ابن نافع. وفيها: ما نحته بأرض الحرب من سرج أو سهم، أو مشجب وشبه؛ فهو له ولا يخمس. القاسم وسالم: وكذا ثمن ما صاده من طير وسمك وفخار صنعه. وسمع القرينان: شجر شأنها بأرض الحرب خفيف إن جيء بها لرب المقاسم لا يقبلها، وتبلغ بأرض الإسلام ثمناً كثيراً؛ لا بأس بأخذها. ابن رشد: اتفاقاً. قلت: ذكرها المازري في القسم المختلف فيه. ابن رشد: وما صنعه بأرض الحرب من سرج وسهام وما لا ثمن له إن قل؛ فلصانعه اتفاقاً، وإن كثر؛ ففي كونه كذلك أو فيئا، ثالثها: له أجر عمله، وباقيه فيء لأحد قوليها وسماع سحنون ابن القاسم وثاني قوليها. قلت: عزا ابن حارث الأول لإحدى روايتي ابن نافع والشيخ لابن حبيب قائلاً

منه ما صيد من طير ووحش وحوت، لا الصقور ولا البزاة، وما يصاد به مما يعظم قدره. وعزا ابن حارث الثاني لإحدى روايتي ابن نافع والثالث لابن الماجشون وأصبغ، وعزاه الشيخ لمحمد عن ابن القاسم قائلاً: وليس عليه قيمة الخشب؛ ليكون له السرج والتوابيت والرماح؛ لأن أجر عمله أقل والثمن أكثر، ولم يعزه التونسي، وقال: هذا على قول عبد الملك: من غصب خشبة، فعملها تابوتاً؛ لرب الخشبة أخذ التابوت حسن، وعلى قول ابن القاسم: يكون له قيمة المصنوع. قلت: يجاب بأن الغازي غير غاصب، فصنعته واردة على غير مضمون له، فقوي بقاء ملك المصنوع على ما كان عليه قبل الصنعة، والغاصب ضامن، فوردت صنعته على مضمون له، فقوي سبب فوته ودخوله في ملك صانعه. ابن رشد: وما له ثمن من مباح أرض العدو غير محوز لبيوتهم كالمسن والدواء من الشجر والطير التي يصاد بها إذا صيدت في كونه، كما لا ثمن له أو كطعام غنيمة قولا ابن عبد الحكم مع ابن وهب وابن حبيب مع نقله عن مالك وأصحابه، وسماع عيسى ابن القاسم. وعبر الباجي عن قول ابن حبيب بأنه فيء. ابن رشد: فلو صنع؛ فعلى الأول كالقسم الأول، وعلى الثاني في كونه فيئا، وإلا قدر قيمة عمله قولان. وسمع ابن القاسم: أخذ العصا والدواء من أرض العدو لا بأس به، والرخام والمسن فيه شك؛ لأنه لم يصل ذلك الموضع إلا بالجيش فلا أحبه. ابن رشد: تفرقته بين ما ينبت وما لا ينبت على ما فسر به ابن القاسم قوله في المبسوطة قول ثالث لا يعضده أصل، ولا بأس بأخذ ما لا ثمن له من ذلك اتفاقاً. الشيخ عن ابن سحنون عنه: لا بأس بقبول أمير المؤمنين ما أهدى له أمير الروم وتكون له خاصة. وقال الأوزاعي: هي للمسلمين، ويكافئ بمثلها من بيت المال. سحنون: لا مكافأة عليه.

الشيخ عن ابن حبيب: إن غزا الأمير الأعظم أو أقام، فما أهدى له أهل الحرب أو بعضهم أو طاغيتهم لجميع المسلمين، واختصاصه صلى الله عليه وسلم بما أهدي له خاص به، ولذا لما أهدت امرأة ملك الروم إلى زوجة عمررضي الله عنه جوهراً مكافأة لها في ربعه طيب أهدتها إليها أخذ عمر الجوهر، فرده للمسلمين، وأعطى زوجته ثمن الطيب. الشيخ عن سحنون: وأمير الطائفة في قبول الهدية واختصاصه بها؛ كأمير المؤمنين إن كان الروم في منعه وقوة، وإلا فهي رشوة لا يحل قبولها. الشيخ: عنه وعن أشهب ومحمد عن ابن القاسم: لا يقبلها أمير جيش من مسلم، أو ذمي تحت سلطانه، ويقبلها ممن ليس تحته من مسلم أو ذمي أو حربي، وهي له خاصة، وقال ابن حبيب. وزاد: قال أهل العلم: لا يقبلها ممن في عمله من مسلم أو ذمي إلا من صديق ملاطف مستغن عنه. وروى ابن نافع في السرية: ترجع بالفاكهة، فيهدي أهلها للإمام منها لا بأس باليسير منه، وتركه أمثل. قلت: لعله؛ لأنهم لا يسوغ لهم إلا أكل اليسير والكثير يرد غنيمة، أو يتصدق به حسبما مر. وسمع عيسى ابن القاسم: هدية العدو للإمام بأرض الحرب لجماعة الجيش؛ لأنها إنما تأتيه على وجه الخوف إلا أن يعلم أنها لقرابة أو مكافأة، فيختص بها، وأما الرجل من الجيش تأتيه الهدية؛ فهي له خاصة. ابن رشد: لم يفرق بين إتيانها الإمام من الطاغية أو من حربي غيره، وذلك مفترق، إن أتته من الطاغية؛ فليست له اتفاقاً، وفي كونها غنيمة للجيش تخمس أو قيئاً لكل المسلمين؛ لا تخمس قولان لظاهر هذا السماع، والآتي على ما حكى ابن حبيب فيما أخذه والي الجيش صلحاً من الحصون ينزل عليها. وإن أتته من حربي غيره، فروى أشهب: هي له خاصة إن كان الحربي لا يخاف منه، ولو أتته من طاغية أو غيره قبل أن يدرب في بلاد الحرب، فحكى الداودي أنها له خاصة، والصحيح المشهور المعلوم أنها فيء لجميع المسلمين، وما قبله صلى الله عليه وسلم من هدايا

عظماء الكفار ككسرى، والمقوقس صاحب مصر، ومالك ذي يزن والنجاشي وغيره خاص به؛ لأنها كانت تأتيه إجلالاً له لحرمته وهيبة النبوة، ورد صلى الله عليه وسلم على عياض بن حمار هديته وقال: "إنا لا نقبل زبد الكفار". قيل: لأنه كان من المشركين الذين لا يؤمنون بالبعث، فهم من العرب كالمجوس في العجم لا تؤكل ذبائحهم، ولا تنكح نساؤهم، وغيره ممن قبل هديته كانوا أهل كتاب. وقيل: كان ذلك قبل نزول قوله تعالى: {وما أفاء الله على رسوله منهم فما أوجفتم} الآية [الحشر:6]، وأما الرجل من الجيش تأتيه الهدية بأرض الحرب من بعض قرابته وشبه ذلك؛ فهي له اتفاقاً. الشيخ عن محمد عن مالك وأصحابه: تقسم الغنيمة ببلد الحرب إذا بلغ مجمع عسكرهم وواليهم، ولا ينتظر القفول. محمد: وليس ذلك للسرية قبل أن تصل لعسكرها. وقال عبد الملك: وحده إلا أن يخضى من ذلك من السرية ضيعة بيدارهم الانصراف؛ فلواليها أن يبيع؛ ليحوط من اشترى متاعه، ويمضي البيع على من غاب من الجيش. قلت: كذا ذكر الشيخ والباجي واللخمي انفراد عبد الملك بهذا، وإذا كان الأمر كما ذكر؛ فلا أظنه يخالفه فيه غيره. الشيخ عن ابن حبيب: السنة قسم الغنيمة ببلد الحرب كفعله صلى الله عليه وسلم والخلفاء بعده.

وينبغي أن يؤذن الناس بذلك ويواعدهم لمكان يأمن فيه من كرة العدو. وفيها: الشأن قسم الغنائم ببلد الحرب كفعله صلى الله عليه وسلم والخلفاء بعده، وهم أولى برخصها، واستشكل بملزومية رخصها قلى كمية الإسهام، وملزومية عكسها عكسه. وأجيب بتقرر ذلك في الخمس دون ملزوميته قلة الإسهام. وفي الموازية: يقسم الإمام كل صنف على خمسة أسهم بالقيمة، ثم يسهم عليها، فيكتب في سهم منها الخمس أو لله أو لرسوله. قال أبو عمر: فعله صلى الله عليه وسلم والأئمة، فيبيع الإمام للناس أربعة أخماسهم، وله بيع الجميع قبل القسم، ويخرج الخمس من الثمن. قلت: إنما يتم تعليل مالك فيها ببيع الجميع حسبما مر. ابن سحنون عنه: ينبغي بيع الإمام عروض الغنيمة بالعين ثم تقسم، فإن لم يجد من يشتري العروض قسمها أخماساً، ثم على الغانمين. ابن حبيب: قال أهل العلم: ما أمكن قسمه قسمه إن شاء، وما لم يمكن قسم ثمنه مع ما غنم من ذهب أو فضة، وله بيع الجميع، وقسم ثمنه، ولا يبيع إلا نقداً إلا أن يكون ضرراً. الباجي: في كون قسم الغنيمة ببيعها، وقسم ثمنها، أو بتخيير الإمام في ذلك، وقسم إعيانها قولا سحنون- قائلاً: إلا أن يجد للعروض مشترياً فيقسمها- ومحمد. قلت: الأول ظاهرها. ابن حبيب: وبيعها الإمام بيع براءة إلا من قام قبل القسم، وافتراق الجيش؛ فلا بأس أن يقبله الإمام ويبيعه ببيان. الشيخ: هذا استحسان غير لازم للإمام؛ لأنه عند أصحابنا بيع براءة. قلت: في عتقها الأول: في بيع ما أعتقه مدين لدينه بيع السلطان بالمدينة على خيار

ثلاثة أيام إن وجد من يبيعه وإلا أنفذه. وصفة قسمها قال محمد: يقسم الوصفاء خمسة أقسام، ثم النساء المتقاربات كذلك، ثم الرجال كذلك. اللخمي: يجوز قسمها على ما في المدونة في العبيد في الخير والثياب والأمتعة. وقول محمد: فجعل الوصفاء بانفرادهم، والنساء كذلك حسن مع الكثرة. وقيل: تجمع العبيد الذكور والإناث والصغار والكبار والمتاع في قسم واحد ابتداءً. وقيل: إن لم يحمل كل صنف القسم، وما غنم مما ملكه كافر من مال مسلم يأخذه منه كرهاً إن حضر ربه قبل قسمه أخذه مجاناً. ابن حارث: اتفاقاً، وإن عرف وغاب فطرق. الشيخ عن سحنون: يوقف له، ولو كان بالصين. محمد: إن كان خيراً لبه؛ بعثه بكراء، ونفقة فعله الإمام، وإلا وقف له ثمنه، ولزمه بيعه؛ لأنه بيع نظر. اللخمي: إن لم يكن له حمل نقل إليه، وإلا فإن أتى أجر حمله على أكثره، أو لم يوجد من يحمله بعث له بثمنه، وإلا اكترى له عليه. ابن بشير: في بيعه وبعثه في الروايات إشارة إلى خلاف فيه، وليس كذلك؛ بل ينظر الإمام لربه بالأصلح. الباجي: روى ابن وهب فيما غاب ربه: إن عجز عن تسليمه له قسم. اللخمي: لو علم البلد الذي أخذ منه؛ فظاهر قول مالك وابن القاسم قسمه. البرقي: وعبيد إن وجد عليه: هذا لفلان بن فلان ككتان مصر وقف حتى يكشف عنه ببلده، فإن لم يعلم ربه؛ قسم ولو عرفه واحد من العسكر؛ لم يقسم. قلت: عزا الشيخ الأول لسحنون، ولم يحك غيره، ولو جهل عين ربه؛ ففي قسمه ووقفه رجاء أن يعرف كاللقطة، فإن لم يعرف؛ قسم ثالثها حتى يأتي ربه لها. وللخمي عن محمد والباجي عن القاضي، ولم ينقل أحدهما ما نقل الآخر، ونقلهما المازري، وعزا الثاني للمدونة، وعبر عن الثالث بوقفه كاللقطة مطلقاً.

وفي أخذه ربه إن حضر بموجب الاستحقاق طرق، مقتضى نقل اللخمي عن المذهب ومحمد: بعثه لربه الغائب عدم يمينه. المازري: كالاستحقاق في إثبات ملكه ويمينه. ابن بشير: في وقفه عليه وأخذه إياه بمجرد دعواه مع يمينه قولاً ابن شعبان، والتخريج على ملك الغنيمة بالقسم لا بملكه قبله. وفيها: ما أدركه مسلم أو ذمي من ماله قبل قسمه أخذه بغير شيء، وهذا يبين لك الحق في قول ابن عبد السلام: عبارة ابن الحاجب: وإذا ثبت أن في الغنيمة مال مسلم أو ذمي مخالفة لعبارة أهل المذهب: إن عرف ربه؛ لأن لفظ الثبوت إنما يستعمل فيما هو سبب للاستحقاق كالبينة ولفظ المعرفة، والاعتراف فيما دون ذلك. وسمع أبو زيد ابن القاسم في عبد نصراني أبق من ربه النصراني لأرض الحرب، فأسلم بها، ثم غنمه المسلمون: هو حر لا يقسم. ابن رشد: هذا خلاف أصل المذهب في مساواة مال المسلم الذمي، ولو باع الإمام ما عرف ربه؛ فعبارتان. الشيخ: إن باعه جهلاً أو عمداً؛ ففي أخذه مجاناً أو بثمنه قولا ابن القاسم وسحنون محتجاً بأنه قضاء بمختلف فيه، وهو قول الأوزاعي. ابن محرز: إن باعه جهلاً أو تأولاً؛ ففي أخذه ربه مجاناً أو بثمنه نقل ابن محرز عن بعض أصحابنا وابنه محتجاً بما تقدم، وتعقبه ابن محرز بأن حكم الحاكم جهلاً أو قصداً للباطل يوجب نقضه، وإن وافق قول قائل؛ لأن حكمه كذلك باطل إجماعاً. الصقلي عن أشهب: ما علم ربه، وقدر على إيصاله له دون كبير مؤنة كعبد وسيف، فباعوه لأنفسهم؛ له أخذه مجاناً. وعن ابن حبيب: ما بيع وربه معروف لغيبته؛ أخذه مجاناً، وما أدركه ربه مما بيع أو قسم لجهله؛ ففي أولوية ربه به بعوضه وفوته معروف المذهب، ونقل ابن زرقون رواية أبي القاسم الجوهري، وعلى الأول قال الباجي: ما قسم دون بيع؛ أخذه ربه بقيمته. قلت: يوم القسم، ووجه معروف المذهب بأن بيعه الإمام، وقسم ثمنه ليس إبطالاً لحق ربه، ولو حكم بإبطاله؛ ففي منع ربه أخذه قولاً سحنون وابن القاسم.

أبو عمر: ما تغير بنقص أو زيادة كباق بحاله؛ لأنه مستحق بسبب قديم كالشفعة. وفيها مع غيرها: مال الذمي في ذلك كالمسلم. العتبي عن أصبغ: لو هرب عبد من مغنم، فغنمه جيش آخر؛ رد للأول مجاناً، ولا يخمس مرتين إلا أن ينفلت قرب أخذه قبل استحكام الغنيمة؛ كانفلاته من رباط وانسلاله مختفياً. ابن سحنون عن ابن القاسم: لو لقي العدو مسلماً، فخافهم فصالحهم على سلاحه ودابته، ثم غنم ذلك؛ فهو لغانمه لملك الحربي إياه. الشيخ: رآه فداءً. سحنون: وكذا لو صالح أهل حصن عدواً على تسليمه، وتسليم الكراع والسلاح، فأخذوه وبعدوا به إلى بلدهم ثم غنم. ولو غنمت سرية غنيمة عدو غنيمة سرية قبل قسمها؛ فطريقان. الشيخ: في كون الغانمة أخيراً أحق بها، أو الأولى نقلاً سحنون مصوباً الثاني قائلاً: لو كان بعد قسمها الأولى؛ فهي أحق اتفاقاً. ابن حارث: في كون الآخرة أحق بها أو الأولى ثالثها: إن لم تكن وصلت الأولى بها لمأمنها، ورابعها: إن كان العدو الذي غنمها من الأولى هو من غنمتها منه، أو غيره ومذهبه؛ ردها لأربابها لأول قولي سحنون، وثانيهما أول قولي ابنه وثانيهما. قلت: بناءً على ملك الغنيمة بمجرد الحوز أو مع القسم، وما أهداه ربه لعدو أو باعه منه، ثم غنم؛ لم يرد له. ابن بشير: ولو غصب ثمنه. والفرس يوجد في مغنم في فخذه حبس: في قسمه وتركه حبساً نقل الشيخ عن العتبي عن أصبغ مع سحنون وعن ابنه قائلاً: وكذا لو لم يكن في فخذه إلا فيه؛ فهو حبس إن استوقن أنه من خيل الإسلام. ابن حبيب: وسلاح المسلمين يوجد في المغنم؛ كمتاع يوجد فيه فما عرفه ربه أخذه ومنع بيعه؛ لأن برميه صار كالحبس، وصوب سحنون قول يحيى: ما أدركه من دنانير ودراهم، وتبر له أخذه، وقسمه فوت، لأنه إنما يعطى مثله.

ولو تعدد بيع ما ربه أحق به بثمنه فطرق: ابن محرز والشيخ: في أخذه بأي ثمن شاء، أو بالأول قولاً سحنون وابن القاسم، وإليه رجع سحنون، وفرق بينه وبين الشفعة بأنه لو سلم البيع الأول في الشفعة لم يمنع أخذه بالثاني، ولو سلم البيع الأول فيما غنم منعه. اللخمي: قولان، ويتخرج فوته بالبيع الثاني على فوته به فيما اشتراه مسلم من حربي ببلده من مال مسلم. قلت: قد يرد بأنه ابتيع ممن لو أسلم عليه؛ لم يؤخذ منه بحال بخلاف ما غنم، ثم رأيت لعبد الحق: فرق بعض القرويين بأن ما بيع في المقاسم أخذ من العدو قهراً، فكان أقوى في رده لربه بخلاف ما أخذ منه طوعاً، ونحوه لابن بشير. ابن رشد: في قصر حق ربه على فضل ما بين الثمنين، وأخذه بالثمن الأخير، أو بأي ثمن شاء، رابعها: بالثمن الأول للتخريج من قوله. فيها فيمن قدم بعد مسلم اشتراه من حربي بدار الحرب وقول الغير فيه، ولابن القاسم مع ابن الماجشون، وأحد قولي سحنون وسماعه ابن القاسم، وسمعه سحنون لو تعدد بيعه، ثم سبي ثانية، فوقع في سهم رجل: فالمسبي منه أخيراً أحق به بما وقع به في سهم من هو بيده، فإن تركه؛ فللمسبي منه أولاً أخذه بذلك لا بما وقع به في القسم الأول؛ لأن الملك الثاني أحق به من الأول. ابن رشد: في أكثر بدل: (إن تركه): (إن أخذه)، وكذا نقله التونسي، ووجهته بأنه إن أراد أن ما فداه به الثاني لغو، كما لو فداه ممن جنى عنده، ويأخذه الأول بما أخرج هذا فيه في القسم الأول؛ فله وجه. ابن رشد: وهذا لا يستقيم على نص المسألة؛ فهو غلط في الرواية، والصواب لفظ: إن تركه. قلت: نقله الشيخ بلفظ الأكثر ولم يتعقبه، ونقله الصقلي به وتعقبه بقوله: إذا كان للأول أخذه من الثاني؛ فلا معنى لقوله: الثاني أحق به؛ بل صار الأول أحق به. ابن رشد: وقيل: الأول أحق به، وعليه، ففي أخذه بالأكثر مما وقع به في القسمين يبدأ فيه ما أخذ به في القسم الثاني، فما فضل كان لما أخذ به في القسم الأول، أو بما وقع

به في القسمين معاً قولا سحنون ومحمد. الشيخ عن الموازية: لو ابتاعه رجل من المغنم بمائة، فسبي، فغنم، فابتاعه آخر بخمسين؛ لم يأخذه ربه إلا بمائة لمبتاعه الأول، وخمسين لمبتاعه الثاني، فإن تركه؛ فلمبتاعه الأول أخذه بخمسين، فإن تركه للثاني؛ فلربه أخذه منه بخمسين، ولو أخذه المبتاع الأول من الثاني بخمسين؛ لم يأخذه منه ربه إلا بمائة وخمسين، ويستشكل أخذه ربه من المبتاع الأول بعد تركه؛ لأنه كشفعة تركها. ويجاب بان تركه أولاً لرجائه تركه المبتاع الأول، فيأخذه بخمسين فقط، فصار كشفعة تركت لثمن بان أنه أقل، وله عن كتاب ابن سحنون عن أشهب: لو ابتاعه رجل من المغنم بمائة، فسبي، فغنم، فابتاعه آخر بخمسين، فغنم، فابتاعه ثالث بعشرة؛ فلربه أخذه بمائة يبدأ فيها الأخير ثم الثاني، فيبقى منها للأول أربعون، ولو كان على العكس؛ أخذها الأخير، وسقط ما قبله، ولو أسلمه ربه؛ فالأخير أحق به. ابن رشد: لو جنى عند ربه، فسبي، فغنم، ففي أخذه ربه بالأكثر مما وقع به في المقاسم والأرش أو بهما التخريج على قولي سحنون ومحمد. قلت: للشيخ عن كتابه: لو كان جنى قبل سبيه جنايتين على رجلين؛ لم يأخذه ربه إلا بالأرش، وبما وقع به في المغانم، فإن تركه؛ فلمبتاعه فداؤه بالأرش. وقيل: المجني عليهما أحق به بدفع ما وقع به في المغانم يغرمانه على قدر محاصتهما فيه بأرشيهما، وليس لأحدهما أخذ مصابه منه بما ينوبه، وله أخذ جميعه إن سلم صاحبه منابه، ولو فداه أحدهما دون علم صاحبه؛ فله الدخول عليه فيه، ولو لم يعترفه ربه حتى فدياه؛ فهل أخذه بما فدياه وأرشيهما أو مصابة أحدهما فقط بما ينوبه من ذلك. الشيخ عن سحنون: لو وقع في مغنم مأذون له مدين جان؛ فلربه أخذه بأكثر ما وقع به في القسم والأرش نفع يبدأ به ما وقع به. الشيخ: تقدم لابن القاسم غيره. وعن يحيى: ديته وجنايته خطأ لا يلحقانه وجنايته عمداً لا تبطل. سحنون: تفرقته بين الجنايتين تناقض، والدين لا يسقط من ذمته. قال: ووقوع العبد الرهن في المغانم كجنايته، إن فداه ربه؛ بقي رهناً، وإلا

فللراهن فداؤه يقدم فيه بفدائه على ما هو رهن فيه. أو الولد: الشيخ عن سحنون والباجي واللخمي عن المذهب: إن عرفت في مغنم؛ لم تقسم. اللخمي: إن قسمت بعد معرفة أنها أم ولد؛ أخذها ربها مجاناً، وقبله. قال الباجي: في الموطإ: يفديها الإمام. وقال ابن القاسم وغيره من أصحابنا: يفديها ربها جبراً، وعزاه اللخمي لها. ابن بشير: بناءً على تغليب حكم الحرية أو الرق، وعلى خطأ الإمام في القسم هل يوجب غرمه أم لا؟. وفي فدائه بثمنها إن ابتيعت في مغنم، أو من حربي، أو بالأقل منه، أو من قيمتها قولها مع الشيخ عن محمد، وسحنون، وأصبغ، وابن وهب، وابن القاسم، ورواياته، وأشهب مع المغيرة، وعبد الملك قائلاً: من هي بيده أحق بما في يد ربها من غرمائه، ولو كان عديماً؛ اتبع بما يجب عند قائله فيها وفي غيرها. قلت: للشيخ في آخر فصل المدبر عن محمد عن ابن القاسم: يأخذها ربها بقيمتها، ولم يفسرها بالثمن وتبعه الصقلي. اللخمي: روى ابن وهب وأشهب: إن أعتقها مشتريها؛ أخذت منه مجاناً. سحنون: هذا إن أعتقها عالماً أنها أم ولود، وإلا فكما لم يعتقها، ولو أولدها أخذها ربها بالثمن، وقاصه بقيمة ولدها على أنه ولد أم ولد. الشيخ عن سحنون: لو تكرر سبيها وشراؤها؛ فربها أولى بها بأكثر أثمانها يبدأ فيه مبتاعها أخيراً. قلت: في قوله: أولى بها؛ نظر، والصواب: فعليه فداؤها. سحنون: والشيخ في آخر فصل المدبر: عن ابن سحنون: قلت: روي عن أشهب: إن أسلم عليها حربي؛ ردت على ربها. قال: لا أعرفه لأحد من أصحابنا، وهو غلط عنه، ولو أسلم عليها حربي؛ أخذها ربها بقيمتها. ولو مات ربها قبل أن يعلم بها؛ عتقت، ولم تتبع بشيء بخلاف الجناية.

قالوا: لأنها فعلها، ولا يرد بما لو أبقت للعدو؛ لأن سبب الغرم وقوعها في المغنم، والمعتبر السبب المباشر. وقول ابن بشير: (لو مات ربها قبل الفداء فهل تتبع بشيء أم لا؟؛ لأنها تخرج بموت سيدها حرة)، يقتضي أن في ذلك خلافاً، ولو ماتت بيد من صارت له؛ فلا شيء له كالجناية، ومن وطئ أمة، فسبيت، فغنمت ومعها ولد ألحقته به، فإن لم يدع استبراءها؛ صارت له أم ولد، ويجبر على فكاكها إن ثبت أنها ولدته، وربما بان لي أنها مصدقة فيه، ولا قيمة عليه فيه كحر وقع في مغنم، وإنما يلزمه إذا فدي به من العدو، وما فدى به. قلت: كذا ذكره الشيخ ولم يتعقبه، والمعروف أن الأب لا يلزمه ما فدى به ابنه، والصغير لا يلزمه غير ما جنى، وليس فداؤه بجناية. سحنون: وإن ادعى استبراءً لم يلحقه، وهي أمة غنمت. وفي كون ولدها فيئاً لا تباع دونه أو كعبد له غنم قولا أشهب وابن القاسم مع غيره، ولو وطئها، ثم سبيت، فوطئها علج أسلم عليها، فإن وطئها بعد ما فيه استبراؤها فالولد له، وإن وطئها في طهر وولدته لما يشبه أنه منهما دعي له القافة إن ألحقته بربها، فكها ممن أسلم عليها، وإن ألحقته به؛ فهي أم ولده، وإن أشركتهما فيه، فقال ابن القاسم: يوالي إذا كبر من شاء منهما. وابن الماجشون: يدعى له قائف أبداً حتى يخصه بأحدهما. المعتق لأجل: الشيخ عن سحنون واللخمي عن المذهب: إن عرف ربه وقف له، وإلا جعلت خدمته في المغنم، فإن جاء ربه؛ خير في فدائها وإسلامها لمشتريها. اللخمي: إن استخدمه مشتريه للأجل؛ خرج حراً، ولا شيء لربه، وإن أتى بعد نصف خدمته؛ هير في الباقي، ولو بيعت رقبته، ثم علم به؛ فلربه فداؤه، فإن تركه؛ صار حق مشتريه في خدمته يحاسب بها في ثمنه، ويخرج حراً، ومثله للشيخ عن كتاب ابن سحنون، ولو حل أجله قبل استيفائه؛ ففي اتباعه مبتاعه بثمنه، نقل الشيخ روايتي محمد وأبي زيد عن ابن القاسم، وإليها رجع مع الصقلي عن محمد. وقال اللخمي: يختلف في اتباعه؛ كحر بيع في المغنم، ولو استوفاه قبل أجله؛

فللصقلي مع الشيخ عن سحنون: رجع لربه. اللخمي: يختلف فيه. ابن الحاجب: إن قسم، فأسلمه ربه؛ كان إسلاماً لخدمته فقط إلى أجله فقط. وقيل: إلا أن يستوفي ثمنه قبله، فيرد لربه، فإن بقي شيء؛ ففي اتباع العبد به قولان فقبله ابن هارون. وقول ابن عبد السلام: نقله أخذ جميع خدمته، ولو زادت على ما وقع به في القسم، ونقله اتباعه بما بقي من ثمنه إن خرج حراً خلاف نقل الأشياخ تخصيص هذين القولين بما اشترى من العدو دون ما وقع في القسم يرد بأن الأول حكاه اللخمي فيما بيع بلفظ يختلف حسبما مر، والقول الثاني فيه حكاه الشيخ، واللخمي، والصقلي، ونقله عن الأشياخ. وذكر القولين فيما اشترى من العدو لا أعرفه؛ بل نقل الخمي: لو فداه رجل من العدو، وأسلمه ربه، وانقضى الأجل؛ اتبع بباقي فدائه قولاً واحداً؛ لأن الحر هنا يتبع بما فدي به. سحنون: ولو أعتقه من وقع في سهمه؛ ففي لغوه مطلقاً، أو إن كان ما أخذه به أقل من خدمته. نقل ابن سحنون عن بعض أصحابنا وأبيه. الصقلي مع الشيخ عن محمد عن ابن القاسم: إن أعتقه مشتريه من مغنم نقض عتقه، وأخذه ربه بقيمته، وإن كان عديماً اتبع به ديناً. أصبغ: ليس له نقضه، ولو فداه رجل من حربي؛ خير ربه، فإن تركه؛ صار حق فاديه في خدمته، فإن حل أجله عتق، وفي اتباعه بكل ما فداه به، أو بما بقي منه بعد الخدمة نقلا الصقلي عن سحنون ومحمد، وعليهما لو استوفى فداءه منها قبل أجله، ففي كون باقيها له أو لربه قولاهما. سحنون: ولا يتبعه ربه بما به فداه أو خدمته. الشيخ عن ابن سحنون عنه: من فدى معتقة لأجل فأولدها، فإن فداها ربها قاصه في فدائها بقيمة ولدها على أنه ولد أم ولد.

الصقلي: كذا وقع في النوادر على أنه ولد أم ولد، وصوابه: ولو معتقة لأجل. سحنون: وإن أسلمها؛ فعلى الواطئ قيمة ولده، وكذا لو أولدها من أخذها في قسم، ولو أسلم عليها حربي ملك خدمته، ولا خيار لربه، ولو أسلم على معتقة لأجل، وأولدها غرم قيمة ولدها على أنه معتق لأجلها. قلت: هذا منه نص في صحة تعقب الصقلي قوله على أنه ولد أم ولد. ابن سحنون: قلت له: كيف يغرم قيمة ولدها، وقد ملك منها ما كان يملك ربها قال: لم يملكها ملكاً تاماً. سحنون: ولو قتلت؛ فقيمتها لمن أسلم عليها. قلت: هذا يوجب تمام ملكه إياها. قال: وولدها من غيره مثلها في الخدمة. المدبر يقع في المغنم: في تدبيرها: إن عرف ربه؛ رد له. الشيخ عن سحنون: إن جهل جعلت خدمته في القسم، وفي كتاب آخر: توقف خدمته لافتراق الجيش، وإنما تتم الشهادة فيه بقولهم: أشهدنا قوم يسمونهم أن سيده دبره، ولم نسألهم عن اسم ربه، أو سموه ونسيناه. قلت: وكذا في أم الولد والمعتق لأجل. الصقلي عن الشيخ: يريد سحنون بجعل خدمته في القسم: أنه يؤاجر بقدر قيمة رقبته تجعل في القسم، أو يتصدق بها إن افترق الجيش، فإن تمت خدمة إجارته؛ صار خراجه لقطة. وفيها: إن قسم لجهل تدبيره؛ فلربه أخذه بالثمن، فيعود لحال تدبيره، فإن تركه؛ قدم من صار له فيما أخذه فيه. وقول اللخمي: المشهور بقاء تدبيره، ولابن القاسم: أنه رق لمشتريه بخلاف نقل ابن حارث الاتفاق على بقاء حكم تدبيره، ونقله عن محمد: إن أسلم ربه، فخدمته حياة ربه خلاف نقل ابن حارث الاتفاق على رجوعه لربه إن استوفى مشتريه من خدمته ما يجب له، فإن عتق كله أو محمل الثلث منه لموت ربه. ففي اتباعه بباقي ما أخذ به قولا ابن القاسم وغيره فيها مع الصقلي عن محمد عن

ابن الماجشون: وما رق منه لمن هو بيده لا حق لوارث مدبره فيه بخلاف الجناية، ففرق الصقلي بما حاصله أن المشتري دخل على ملك رقبته، فوجب ملكه ما صح ملكه فيها، وفي الجناية لم يتعلق حق المجني عليه إلا بالخدمة دون قصد دخول على ملك الرقبة، فلم يتعلق بها إلا أن يسلمها وارثها. ثم قال: يحتمل كون تفرقته اختلاف قول: ولو اشترى من بلد الحرب، وأسلمه ربه؛ ففي اتباع ما عتق منه بجميع ثمنه أو بباقيه عما اختدمه فيه نقلا الصقلي عن ابن سحنون عن ابن الماجشون ومحمد عنه. سحنون: لو أسلم حربي عليه ملك كل خدمته، وما رق منه بموت ربه، ولو بدين استغرق كل ماله، ولا يتبع ما عتق منه بشيء. ولو حملت مدبرة ممن أسلم عليها، أو ابتاعها من حربي، أو مغنم؛ صارت له أم ولد، وبطل تدبيرها، ولو دبرها من ابتاعها من حربي، فإن فداها ربها؛ بقيت مدبرة له وبطل الثاني، وإن تركها له؛ بقيت تخدم مبتاعها، فإن مات الأول وحملها ثلثه عتقت، وتبعها الثاني بكل ما فداها به؛ لا يسقط عنها بعتقها في ثلثه، ولو لم يقبضه؛ لأنه حكم تم، ولو استغرق تركة الأول دين عليه؛ بقيت مدبرة على الثاني، إن عتقت في ثلثه تبعها وارثه بكل ما فداها به، وإن عتق بعضها تبع وارثه ما عتق منه بحصته، ولو عتق نصفها في ثلث الأول؛ تبعه الثاني بنصف الثاني، وبقي نصفها مدبراً له يعتق في ثلثه، ويتبع ببقية الفداء. الصقلي: قوله: يتبع بكل الفداء على روايته عن ابن الماجشون، وعلى رواية محمد عنه إنما يتبع بما بقي بعد محاسبته بما أخذ في قيمتها. سحنون: لو دبرها من صارت في سهمه؛ بطل تدبيره، ولو أسلمها ربها؛ لأنه إنما أسلم خدمتها تحسك في ثمنها. الشيخ عن ابن سحنون: يلزم عبد الملك إجازة تدبيره إياها؛ لأنه يرى خدمتها له إن تركها ربها مدة حياته. سحنون: ولو أسلم عليها حربي، ثم دبرها؛ جاز واختدمها دون ربها، فإن مات دون ربها؛ عتقت في ثلثه، ولم تتبع بشيء كحر أسلم عليه، وإن حمل بعضها؛ فباقيها

مدبر على الثاني يعتق في ثلثه، ولا يتبع بشيء، وإن استغرق دينه تركته؛ بيع لغرمائهن ولو مات من أسلم عليها أولاً؛ عتقت في ثلثه، ولم تتبع بشيء، وله ولاؤها، وإن أحاط دينه بتركته؛ بقيت بيد وارثه لموت الأول، فتعتق في ثلثه، وما عجز عنه ثلثه؛ رق لوارث من أسلم عليها. محمد عن ابن القاسم: لو أعتقها مبتاعها من مغنم؛ نفذ عتقه. ابن سحنون عنه: لو جنى، ثم أسر، فغنم، فوقع في سهم رجل؛ فلربه أخذ خدمته بالأكثر مما وقع به في القسم والجناية، ثم يفعل ما ذكرنا في العبد، فإن تركه؛ فللمجني عليه أخذه بما وقع به في القسم يختدمه به أولاً، ثم به بالجناية، فإن استوفاهما؛ عاد لربه، وإن مات ربه؛ تبعه المجني عليه في عتق كله في ثلث ربه بباقي ذلك، وفي عتق بعضه بمنابه من ذلك، ورق له باقيه، فإن تركه المجني عليه؛ اختدمه من صار في سهمه بما صار عنه فيه، فإن استوفاه؛ عاد للمجني عليه يختدمه في جنايته إن استوفاها عاد لربه، وإن مات ربه قبل استيفائه مع ما وقع به في سهمه تبعه في عتق كله بباقيه، والمجني عليه بالجناية. وفي عتق بعضه بمنابه منهما، ورق باقيه لمن هو بيده، ولو استوفى من وقع في سهمه ما وقع به فيه، ومات ربه بعد أخذه المجني عليه تبعه في عتق كله بباقي الجناية، وفي عتق بعضه بمنابه منها ورق له باقيه، ولا خيار لوارث ربه فيما رق منه في الجميع. والمكاتب: فيها: إن غنم؛ رد لربه، ولو كان ذمياً، غاب أو حضر، وإن جهل؛ بيعت كتابته يؤديها لمن صارت له؛ ليخرج حراً وولاؤه لربه، وإن عجز؛ رق لمن صارت له. زاد ابن سحنون: والشهادة بأنه مكاتب كما مر في المدبر، وشهادة السماع فيه لغو. الصقلي: لو أتى ربه بعد قبض مبتاع كتابته بعضها، ففي كون حقه في أخذ باقيها بالجزء المسمى للخارج من تسمية قيمته من قيمتها، لا من تسمية عدده من عدد كتابته من ثمنها، أو في أخذه مع ما قبض منها بكل ثمنها؛ لأنها كعرض بيع قولا بعض فقهائنا، وبعض أصحابنا عائباً الأول، ورجحه الصقلي بأن مبتاعها أدى مالاً عاجلاً في مؤجل لرجاء ربح فيه.

ولو مات عن مال؛ ففي أخذ ربه فضله عن صمنها، أو ثمن الكتابة معجلة لمبتاعها، نقل الصقلي عن بعض أصحابنا قوله: محتجاً بأنه لو لم يترك شيئاً خاب مبتاعها، ومن عليه التوى له النماء. قلت: وقد قال مالك: لو مات مكاتب بيعت كتابته قبل أدائها؛ فماله لمبتاعها؛ لأنه لو عجز رق له، فلو قيل في المبيع في مغنم: لم أعبه؛ لأنه لو عجز رق له، وقد مات؛ فلا يكون ربه أحق به. قلت: يفرق بما أوجب خيار ربه في أخذه دون ما باعه ربه، ولو بيع في مغنم أو ابتيع من عدو، ثم قل ربه؛ ففي البداية بتخييره في فدائه بذلك؛ ليبقى مكاتبه، وفي إسلامه؛ فيلزم المكاتب أداء ذلك؛ ليبقى مكاتبه وإلا عجز، والبداية بإلزام المكاتب ذلك وإلا عجز، ثم خير ربه في إسلامه عبداً، أو فدائه بذلك كالجناية، ثالثها: يخير ربه في فدائه بذلك، وإسلامه لمبتاعه مكاتباً إن عجز؛ رق له وإلا عتق، ورابعها: إن ابتيع من حربي وسلمه ربه، فإن ودى المكاتب ثمنه لمبتاعه؛ رجع مكاتباً لربه، وإلا رق لمبتاعه، وإن اشترى من مغنم، وسلمه ربه؛ بقي على كتابته يؤديها لمبتاعه إن عجز رق له، لابن يحنون عن أول قوليه، وثانيهما مع ابن القاسم: وقولٍ وجده له ابنه قرأه عليه فخطأه، وللصقلي عن رواية محمد. الشيخ عن ابن حبيب: أجمع مالك والمغيرة: إن فدى أو بيع في قسم فكما لو جنى. سحنون: إن أسلم حربي عليه؛ فله كتابته ورقبته إن عجز، وإلا فولاؤه لربه، ولو كان معه مكاتب آخر بيد ربه؛ خير ربه، ومن أسلم عليه على بيع أحدهما كتابة من بيده من الآخر ليصيرا في أداء واحد، أو بيعهما من مبتاع، وأخذ يقسم ثمنها بقدر قيمته، وقوتهما على الأداء إن عجزا رقا، وإلا فولاؤهما لربهما. والموصى بخدمته مدة ثم هو لآخر: قال سحنون: إن بيع في مغنم؛ فللمخدم أخذه بالثمن، إن تمت خدمته؛ بقي له إن لم يفده منه الآخر بالثمن. ابنه: لو سبى عبد حبس في ثمنه، فغنم، فصار في سهم بمائة؛ فلبائعه أخذه بها، ولمبتاعه أخذه بثمنه الأول فقط؛ لأنه لو مات؛ ضمنه بائعه، فإن تركه؛ فلمبتاعه أخذه بأكثر ثمنيه يبدأ فيه آخرهما، فإن تركه؛ فلا شيء عليه لبائعه كموته.

قال: هذا على قول سحنون وبعض أصحاب مالك. قال سحنون: وعلى قول ابن القاسم: إن ضمانه من مبتاعه يغرم ثمنه الأول وهو في فدائه بالخيار. وفيها: قلت: إن صارت جارية في سهم رجل يعلم أنها لرجل مسلم أيطؤها في قول مالك؟. قال: لم أسمعه، وسمعته قال: من أصاب جاريةً أو غلاماً في مغنم، ثم علم أنه لرجل مسلم إن علم؛ رده له؛ يريد: يخيره فيه، فهذا يدل على أنه لا يطؤها. وفيها: فإن ابتاعها من حربي بدار الحرب أو الإسلام؛ لم أحب له أن يطأها. ابن محرز: يجيء على منع وطئها حتى يعرضها منع مشتري ما فيه شفعة الإحداث فيه حتى يعلم الشفيع إن جهل شراءه. ابن بشير: في منعه قولا المتأخرين بناءً على صحة القياس على الجارية، واعتبار الفرق بتأكد حرمة الفروج. ابن عبد السلام: في كلامه قصور؛ لأن مسألة المدونة عامة في الجارية والعبد والعرض؛ ولذا قال ابن الحاجب: من صارت إليه جارية أو غيرها، وعلم أنها لمسلم معين؛ لم تحل له حتى يخير صاحبها. وفيها مع ابن سحنون عن ابن القاسم وغيره: من وقعت في سهمه أمة، فأعتقها أو أولدها؛ فقد فاتت. وقال أشهب: لربها أخذها كمستحقة، ورجع عنه ابن القاسم للأول. الشيخ عن محمد عنه: الأول بزياده الكتابة والتدبير كالعتق. اللخمي: العتق لأجل كناجز. ابن بشير: إجراؤه عليه بعيد لتأخره. قلت: قول ابن القاسم في الكتابة والتدبير يرده ومقتضى قوليهما. وقول ابن عبد السلام: انظر لو كاتبه أو دبره؛ عدم وقوفهم على قول ابن القاسم في الكتابة والتدبير.

والمسلم والذمي يباعان في الغنيمة خطأ لصمتهما فيهما طرق: ابن رشد: إن عذرا لجهل؛ لم يتبعا اتفاقاً، وإن صمتا عالمين أن الرق يلزمهما ففي غرمهما ثمنهما إن فات القسم، وعدم من يرجع عليه سماع عيسى ابن القاسم ذلك في الكبير والكبيرة، ولسحنون مع رواية يحيى ومحمد قائلاً: ولو كانا ذميين، ولم يقل أحد من أصحابنا بغرمهما إلا أشهب. ابن رشد: مثله سماع عيسى ابن القاسم في الرجل والمرأة يباعان مقرين بالملك يتبعان بثمنهما ديناً إن مات بائعهما أو فلس، بناءً على التضمين بالغرور بالقول ونفيه، ولسماع عيسى هذا التزم الموثقون في بيع البائع من الرقيق إقرارهما بالرق لبائعهما ليتبعا ثمنهما إن استحقا بحرية ثبت عليهما بها في موت البائع أو فلسه وهو ضعيف؛ إذ لا فائدة له على رواية يحيى، وقولي محمج وسحنون. قلت: ليس شرط الفائدة كونها في متفق عليه، ولا سيما إن كان حصولها بقول مشهور. ابن بشير: إن جهل أمر مسلم، أو ذمي بيع في مغنم؛ ففي عدم اتباعه بثمنه ثالثها: إن كان ذا جهل وغفلة بحيث يعذر في سكوته. اللخمي: ثالثها: إن كان صغيراً أو كبيراً قليل الفطنة أو عجمياً يظن أن ذلك رق له، لسحنون عن أشهب، ومحمد عن أحد قولي ابن القاسم مع مالك وسحنون، وثاني قولي ابن القاسم: وهذا إن افترق الجيش، وكانوا لا يعرفون؛ لكثرتهم، وإلا تبعهم المشتري، أو من وقع ذلك في سهمه. وعن ابن القاسم: ينبغي للإمام- إن لم يعرفوا- أن يغرم لمن وقع في سهمه من الخمس أو بيت المال. وقال سحنون: لا يعطى من خمس ولا بيت مال. قلت: لابن محرز عنه: إن كان الغانمون نحو عشرة؛ رجع عليهم، ثم قال اللخمي: لا يختلف ألا يرجع على الصبي، وأرى غرم الإمام خمس الثمن من خمس الغنيمة، ومن بيت المال إن فات. ابن مسلمة: على الإمام غرم الثمن من الفيء أو الخمس.

ابن محرز: هذا على أن ما أخطأ فيه الإمام من مال لا يغرمه، وفيه اختلاف. قال: وما أخذه ربه من مبتاعه من مغنم عهدته عليه كالشفيع على المبتاع، وفيه عهدة الثلاث والسنة، ولا مواضعة عليه في الأمة إن أخذها ربها منه قبل مدة الاستبراء، وهي حينئذ كذات الزوج والمعتدة والمغتصبة. وسمع ابن القاسم معها لرب ما ابتاعه مسلم من حربي بأرضه أخذه. ابن رشد: اتفاقاً. ابن القاسم: يريد بثمنه: وهو مصدق فيه إن لم يستنكر بحيث يستدل على كذبه فيأخذه بقيمته. ابن رشد: تفسيره: إن لم يدع ربه معرفة ثمنه صدق فيما يشبه دون يمين، وفيما لا يشبه بها، وما لا يشك في كذبه بقيمته يوم اشتراه حيث اشتراه، وإن جهلت به فبأقرب محل له، وإن ادعاه؛ صدق المبتاع بيمينه إن أشبه، وإلا فربه إن أشبه، وإلا فبقيمته، ومن نكل؛ صدق عليه الآخر وإن لم يشبه، وكل هذا بناءً على ما في اختلاف الشفيع والمبتاع في ثمن الشقص. وفيها: ما كافأ به مسلم حربياً على ما وهبه له من مال مسلم كثمنه. عبد الحق عن بعض القرويين: إن كان الثمن، أو المكافآت عرضاً يكال أو يوزن؛ أخذه ربه بمثله بدار الحرب إن أمكن؛ كسلفه إلا أن يتراضيا على ما يجوز. الصقلي عن بعض شيوخنا: فإن تعذر؛ فقيمته ببلد الحرب. ابن بشير: في رجوع من فدى ما بيد لص بفدائه على ربه خلاف معروف. قلت: كثير عروض هذه النازلة بإقليمنا، والأظهر إن فداه بحيث يرجى لربه خلاصه من اللص بأمرٍ ما من حرمه ربه أو قوته، أو إغاثة تمنع اللص خلاصه حرمان فاديه. وفي رهنها: إن أخذ السلطان خراج أرض بيدك رهناً؛ لم ترجع به على راهنها إلا أن يكون خراجاً حقاً، فمقتضى إطلاقها سواء كان بها غله يخشى أخذها السلطان أم لا؟ حرمانه، ومقتضى قول لقطتها: من أتى بآبق شأنه طلب الأباق؛ فله جعل مثله أخذه الأقل من فدائه، أو فداء مثله، والأعيان أقوى من المنافع في الرجوع بها، وأجر

خلاصه تقدم في فداء الحر. ابن عبد السلام: إن دفع الفداء من عنده؛ فلا أجر له في خلاصه؛ لأنه سلف وإجارة، وإن كان من غيره؛ ففيه نظر. قلت: يعارض قوله: لأنه سلف وإجارة نقل اللخمي: للآتي بآبق شأنه طلب الأباق على قول مالك جعله على أن نفقته على العبد داخلة في الجعل، أو على أنها خارجة عنه، ويعضد قوله نقل الشيخ في آخر ترجمة سيرة الإمام. قال بعض أصحابنا: وظاهره من قول سحنون ما نصه: من أنفق على ضالة إن كان ممن يطلب الضوال؛ فله جعل مثله، ولا نفقة له ولربها تركها، وإن كان ممن لا يطلبها؛ فله النفقة دون جعل، ولربها تركها، وكذا الآبق والوديعة ينفق عليهما. وفيها: لرب ما خرج به مسلم وهبه له حربي بداره دون مكافأة؛ أخذه مجاناً. قلت: فلو باعه مبتاعه، ومن وهبه قال: لم أسمعه، وأرى نفوذ بيعه، والثمن الذي بيع به لربه إن أحب بعد دفعه الثمن الذي ابتاعه به المشتري، ويرجع على الموهوب له بالثمن. وقال غيره: ينقض البيع، ويرد لربه بعد دفعه الثمن، ويرجع به على الموهوب له، وذكر الصقلي المسألة بلفظ: (وقال ابن نافع) بدل (وقال غيره). وفي قصر خلاف ابن القاسم وغيره على الهبة، واتفاقهما في البيع على نفوذه وعمومه فيهما نقل عبد الحق عن بعض شيوخه مع أبي بكر بن عبد الرحمن، وأبي عمران وإشارته إلى التخريج على قول ابن نافع بنقض عتق الموهوب له العبد بثواب. التونسي: في نقض عتق الموهوب له دون ثواب نظر. وما قدم به مستأمن من مال مسلم، ففي كراهة شرائه غيره، واستحبابه قولا ابن القاسم فيها قائلاً: ليس لربه أخذه ممن ابتاعه أو وهبه ولو كان ذمياً. واللخمي مع محمد، وإسماعيل- ناقلاً اللخمي عنه-: لم يحك ابن القاسم هذه المسألة عن مالك، والذي يشبه على مذهبه أن له أخذه في البيع بالثمن وفي الهبة مجاناً. قلت: الفرق بينه وبين ما ابتيع منه بأرضه ثبوت حرمة ماله بتأمينه ونفيها عنه ببلده.

الشيخ عن سحنون: لو قدم بمكاتب أو مدبر لمسلم؛ فله كتابته وخدمته دون ربه إن ودى كتابته عتق، وولاؤه لربه كما حمله ثلث رب المدبر منه، وإلا رق للمستأمن كما عجز عنه ثلث رب المدبر منه، وما أسلم عليه حربي إن كان متمولاً؛ فله اتفاقاً، وإن كان ذمياً؛ فابن القاسم كذلك. أشهب: حر لا يرق، وإن كان حراً مسلماً فطريقان: اللخمي: ينزع منه مجاناً. ابن رشد: في مسألة من سماع سحنون اتفاقاً. ابن بشير: هذا هو المشهور المعروف. وفي زاهي ابن شعبان: يكون له رقاً. قلت: لم أجده في الزاهي، ولا حكاه المازري ولا التونسي، وظاهر كلامه لم يعرف فيه خلافاً. وفي النوادر عن محمد: لم يختلف أنه ينزع منه دون عوض. وقول ابن عبد السلام: حكي عن أحمد بن خالد مثل قول ابن شعبان لا أعرفه، إنما أعرف ما يقتضيه في سماع يحيى ابن القاسم وهو قوله: كل من صولح من عدو على هدية أو أداء جزية؛ فله كل ما بأيديهم من أحرار المسلمين أسرى لا ينبغي للإمام نزعهم منهم إلا بفداء عن طيب نفس. قلت: فإذا أقرهم بيد الصلحي على أداء الجزية، فأحرى من أسلم؛ لكن ابن رشد قال: هذه من المسائل الواقعة على غير تحصيل؛ لأن المصالح على الجزية ذمي يجري عليه حكم الإسلام، يباع عليه من أسلم من رقيقه، فأحرى أحرار المسلمين، والصحيح سماعه. سحنون: خروجهم أحراراً بقيمتهم من بيت المال. وما قدم به مستأمن من مال كان سرقه في أمان سابق؛ تقدم في نزول الحربي بأمان. ونقل ابن الحاجب: إن قدم به سارقه؛ نزع منه، وإن قدم به غيره؛ ترك له، لا أعرفه، فإن قلت: ذكره الصقلي عنه من كتاب ابن سحنون. قلت: إنما ذكره الشيخ عنه فيما أبق إليهم من عبيدنا، فذهبوا بهم، أو غلبوا عليهم

لا فيما سرقوه, ولم يذكر ابن رشد وابن حارث فيما سرقوه غير القولين فقط. وهدم السبي النكاح؛ في النكاح إن شاء الله, ولو أسلم حربي, ثم غنم ماله وولده بأرضه, ففي كون ماله كمال مسلم وتبعية ولده له طرق: الشيخ: زوجته فيء بقي بأرضه أو خرج لنا. وفي كون ماله وولده كذلك, وكون ماله وتبعيته ولده له نقلا ابن سحنون عن ابن القاسم مع روايته وأشهب مع أبيه قائل: إن قاتل كبير ولده؛ فمرتد يقتل إن لم يتب. اللخمي: إن خرج وترك ماله وولده فثالثها: ماله فيء وولده تابع له, ورابعها: إن أحرز أهل الحرب ماله, وضموه لملكهم. لمالك وسحنون فيها عن بعض الرواة قائلا: إن أدركت ربه قبل القسم؛ أخذه مجانا وبعده بثمنه, وأبي الفرج محتجا بأنه لو نكح مسلم بدار الحرب؛ كان ولده مسلما, وابن حارث. اللخمي: وولده من وطء قبل إسلامه تبع له, ومهر زوجته فيء كزوجته اتفاقا فيهما. وذكر التونسي القولين الأولين, وقال: لو غنم قبل خروجه؛ انبغى بقاء ماله, وولده لبقاء يده عليهما, وإذا كانت زوجته فيئا؛ يفسخ نكاحه لملكه جزءا منها, وعلى قول ابن القاسم: (لو سرق من الغنيمة؛ يقطع) لم يفسخ. وسمع يحيى ابن القاسم: إن سبي مسلمات وولدا بدار الحرب ولدا تنصر, ثم غنم؛ ففيء لا يستتاب. ابن رشد: غلب فيه حكم الدار لا حكم أبويه كقولها: من أسلم بدار الحرب, فغنم ماله وولده بها؛ هما فيء خلاف قول سحنون وبعض الرواة. فيها: ماله له وولده تبع له, وثالثها: ما حمل عليه التونسي قول ابن القاسم وروايته فيها: إن خرج الأب؛ فماله وولده فيء, وإلا فله وتبع له. ابن بشير: إن خرج لنا؛ ففي كون ولده فيئا ثالثها: الكبار فقط, ويجبرون على الإسلام اتفاقا. قلت: الفيء والجبر على الإسلام متنافيان؛ لأن لازم الفيء أصالة كفره, ولازم

الجبر أصالة إسلامه. قال: وفي ماله ثالثها: رابع اللخمي. ولو بقي بدار الحرب؛ ففي كونه كما لو خرج, وبقاء ملكه على ماله, وتبعية ولده الصغير له قولا المتأخرين. قلت: في نوازل ابن الحاج: تخريجه مع غيره مال المسلم المقيم بدار الحرب, ورجح فيه ابن الحاج قول أشهب وسحنون, ثم فرق بأن مال من أسلم كان مباحا قبل إسلامه بخلاف مال المسلم. قلت: هي نص سماع يحيى ابن القاسم في مسلم أقام ببرشنونة يصيب بغارته دماء المسلمين وأموالهم أنه محارب لا يحل ماله لأحد. ابن رشد: هذا خلاف ظاهرها فيمن أسلم بدار الحرب وأقام بها, فغنم ماله. ولو سبيت حرة, فغنمت بما ولدت في سبيها, ففي كونه حرا معها أو فيئا ثالثها: الصغار. للشيخ عن ابن حبيب مع رواية مطرف, وقول ابن وهب واللخمي عن سحنون عن أشهب, ورواية أبي زيد بزيادة: الكبير والصغير بعد بلوغه يجبران على الإسلام كمرتد, ومحمد عن أشهب وابن القاسم. وخرج اللخمي الأول في الصغير على كون ولد الكافر من مسلمة على دينها, وفي الكبير عليه مع قول مالك: ما ولد لنصرانية من مسلم غفل عنه حتى بلغ كافرا مرتدا يستتاب؛ خلاف قول ابن عبد الحكم: يقر على دينه, والثاني على كونه على دين الأب. وفيها: إن بلغ ولدها وقاتل ففيء, فقال الشيخ: إن لم يقاتل؛ لم يكن فيئا. ابن شبلون: فيء, ولو لم يقاتل, والذمية تغنم كذلك ترد لذمتها. وفي كون صغير ولدها فيئا, وتبعيته لها نقل اللخمي رواية أبي زيد مع الصقلي عن أشهب وابن الماجشون وابن القاسم. فيها: وكبير ولدها فيء قلت: في تخريجه على قولي الشيخ وابن شبلون نظر. وقوله ابن عبد السلام: حكي بعض الشيوخ: أن كبير ولدها تبع لها, لا أعرفه؛ بل

نقل ابن بشير وابن حارث: الاتفاق على أنه فيء. ولو كانت أمه, ففي كون ولدها لربها أو فيئا ثالثها: إن كان بتزويج. لابن القاسم فيها وابن الماجشون وأشهب. وعبد الحربي يسلم دونه فيها إن خرج لنا؛ فهو حر. اللخمي: اتفاقا. ولو خرج بعد نزول جيشنا بهم. زاد الشيخ عن ابن حبيب: ولا ولاء لربه عليه. ولا يرجع إليه إن أسلم: ابن حبيب: لو دخلنا عليه غالبين, فقال ابن القاسم: حر كخروجه لنا. أصبغ: رق غنيمة. ويرجعان لقول واحد: إن نزع لنا حين دخولنا؛ فحر, وإن نزع لنا بعد أن غنم؛ فرق لنا, وحملهما اللخمي على الخلاف, وعزا الثاني لابن حبيب وصوبه, ولم يذكر التونسي غير الأول. قال: وفيه نظر, والأشبه أنه ملك للجيش لبقاء ملك ربه؛ إذا لم يغنم العبد نفسه. قلت: الأول قولها بزيادة: (ولا يرجع لربه إن أسلم). ولو لم يخرج, ولم ندخل عليه؛ ففي كونه حرا أو رقا لربه قولا أشهب وابن القاسم فيها محتجا بثبوت عتق أبي بكر بلالا, والدار دار كفر, وعليهما لغو تصرف ربه فيه ببيع أو تبرع ولو بعتق وأعماله. وفيها: إن خرج مسلما وترك ربه مسلما؛ فرق له. قلت: هذا على قول ابن القاسم مطلقا, وعلى قول أشهب: إن سبق إسلام ربه إسلامه. قال سحنون في سماعه ابن القاسم: قال أشهب: إن قدم لنا عبد حربي أقام عندنا على كفره, ثم قدم ربه؛ فلا سبيل له عليه, ولو أسلم. ابن رشد: لأن المذهب أن العبد حر بخروجه لنا كافرًا.

وفي الموازية: إن خرج ربه قبل إسلام العبد؛ رجع له ولاؤه, وإلا لم يرجع, وتعقبه التونسي بأنه إن عتق بأنه غنم نفسه؛ لم يرجع ولاؤه بحال, وإن عتق على ربه؛ رجع إليه, ولو قدم بعد إسلامه؛ لأنه عتق, وهو وربه كافران. ابن رشد: وجهه أنه إنما عتق بخروجه ربه مراعاة لقول أبي حنيفة: إن خرج كافرا؛ فهو غنيمة للمسلمين. قلت: إذا كان رقا للمسلمين امتنع تصور رجوع ولائه لربه, فكيف يصلح استنتاج رجوع ولائه لربه منه, والأظهر حمل قول محمد: وإلا لم يرجع إليه, أي ما دام ربه كافرا. ونقض الذمي ذمته دون ظلم يوجب قتاله كحربي, وفي استرقاقه إن اسر ورده لذمته قولا ابن القاسم وأشهب فيها بناء على ملزومية عقد ذمته حريته بقيد وفائه أو مطلقا, وأطلق الأكثر الخلاف. وقال ابن بشير: إن عقدت ذمته بقيد مسالمته؛ رق, وعلى حريته كيفما كانت حاله؛ لم يرق, وإن أبهمت؛ فالقولان. ولما ذكر الشيخ عن محمد قول أشهب قال عنه ما نصه: ويقتل قاتلهم, ويجرح جارحهم, ووقف ابن القاسم في القصاص ممن قتل منهم. وقال ابن ميسر: لا يؤخذ منهم بما قتل في صف ولا غيره. قلت: يريد: لا يتعلق به قتل القصاص, ويتعلق به حكم قتل الأسير المخير فيه بينه وبين الأربعة الباقية. وفي شرط كون الإمام عدلا في استباحة قتالهم وسبيهم؛ لنقضهم دون ظلم قولان لمفهوم نقل الشيخ عن محمد عن ابن القاسم: إن خرجوا قضا للعهد ومنعا للجزية, ولم يظلموا, فإن كان الإمام عدلا؛ قوتلوا, وكانوا فيئا مع نقله عن الواضحة: إن كان الإمام غير عدل, أو نقضوا لظلم عرف؛ لم يقاتلوا, فإن قوتلوا وظفر بهم؛ لم يستباحوا, وردوا لذمتهم, ولو وصلوا لدار الحرب, وظاهر قولها: ونقضه لظلم المعروف لا يرفع ذمته. الداودي: يرفعها؛ لأنه لم يعاهد على أنه يظلم من ظلمه, وصوبه اللخمي بأنه

رضي بطرح ما عقد له. قلت: ظلمه يصيره مكرها, ورضا المكره لغو, وقوله: لأنه لم يعاهد على أن يظلم من ظلمه معارض بأنه لم يعاهد على أن يظلم. الشيخ عن ابن حبيب: روى ابن القاسم: إن خرجوا لظلم؛ لم يقاتلوا, ولو قتلوا المسلمين في دفاعهم. وسمع عيسى ابن القاسم: وقال الأخوان وابن عبد الحكم وابن نافع وابن وهب: هذا إن احتجروا في دارهم, فإن خرجوا لفساد بأرض المسلمين؛ جوهدوا وصاروا فيئا. قال الأخوان: وإن أشكل كون نقضهم لظلم؛ لم يستباحوا. وسمع عيسى ابن القاسم: نزع رجالهم ومحاربتهم نقض يستحلون به, ونساؤهم وذريتهم إن حملوها معهم, ولو بقيت ذريتهم بين أظهر المسلمين؛ لم يستباحوا. وفي كون الشيوخ والزمني كذلك نقل ابن رشد عن ابن حبيب مع أصبغ وابن الماجشون وسماع عيسى ابن القاسم. ابن رشد: إن علم أنهم مكرهون؛ لم يختلف فيهم, إنما الخلاف إذا جهل إكراههم وادعوه, واحتجاج ابن الماجشون ومحمد بسبيه صلى الله عليه وسلم قريظة وغيرهم يرد بأن بني قريظة لم يكونوا ذمة تحت جزية؛ بل أهل مهادنة باقين بأرضهم؛ ولذا لم يحتج به ابن القاسم في المدونة؛ بل قال: مضت في ذلك سنة من الماضين. قلت: ويوجب النقض كالخروج المذكور فعل يذل المسلم. الشيخ عن ابن حبيب: أمر عمر بصلب نصراني نخس بغلا سقطت عنه مسلمة انكشفت عورتها حيث سقطت, وقال: إنما عاهدناهم على بذل الجزية عن يد وهم صاغرون, وأهدر دم يهودي قتله ابن امرأة دهس ناقة سقطت عنها فانكشفت, وقتل نصرانيا اغتصب مسلمة. ابن حبيب: وصداقها في ماله, والولد مسلم لا أب له, ولو أسلم غاصبها؛ لم يقتل؛ لأن قتله للنقض لا للزنا, وقاله أصبغ. اللخمي: وطؤه الحرة المسلمة إن كان زنا طوعا منه. ففي كونه نقضا قولا ربيعة

ومالك, وإن كان بنكاح؛ فغير نقض مطلقا. وقال ابن نافع: إن غرها فنقض, ويضرب عنقه, ووطؤه الأمة المسلمة بملك أو زنا غير نقض إن طاوعته وإلا فقال محمد: لا يقتل, وفيه خلاف, هذا أحب إلي؛ إذا لا يقتل حر بعيد. اللخمي: هذا غلط؛ لأنه لم يقتل بها, ولا فرق بين الحرة والأمة, والطوع والغصب, إن عوهد على إن فعل شيئا منذلك نقض نقض, وإن كان على أن يعاقب فغير نقض. قلت: فأين حكم الإيهام, وكيف يساوي الإكراه الطوع, وفيه من الجرأة ما ليس في الطوع, وللفرق بينهما كان مهر الحرة, وما نقص الأمة. واستباح عمر أهل حصن لجأ إليه مسلمون شاتون منعوهم منه, فمات بعضهم لمبيتهم دونه. قال الأخوان في أهل بلد صولحوا على الجزية, فاستباح واليها نساءهم, وباع أولادهم, فقتلوه ونقضوا العهد, ومنعوا بلدهم: لا ينبغي قتالهم ولا سبيهم. الشيخ عن ابن سحنون: إن هرب علوج من بلدنا منهم مسلمون, وأحرار ذمتنا لعدو نزل بنا لإعانته, فظفرنا بهم لم يقتلوا, ويتحيل في حبسهم, وإن لم يقدر على حبسهم إلا بإثخانهم جراحا؛ لم يجرحوا إلا في محاربة. وقال يحيى بن يحيى: إن هرب إليهم أهل الذمة دون ظلم؛ استحلوا. ابن القاسم: لو أخذ الذمي بعد شخوصه لأرض الحرب دون إذن؛ فهو على ذمته. قلت: قول يحيى وقول ابن القاسم هو سماعه ابن القاسم. ابن رشد: إن أخذوا قبل وصولهم أرض الحرب؛ فهم على ذمتهم إلا أن يقاتلوا ويمتنعوا, سمعه منه عيسى. الشيخ عن ابن سحنون عن ابن القاسم: إن غلب عدو على بلد الإسلام به ذميون, فكانوا يغيرون على بلد الإسلام مع العدو, فظفر بهم, فادعوا إكراه العدو إياهم على ذلك؛ قتل قاتلهم, وأطيل سجن غير القاتل, فإن حد لهم حد في الرحيل عن العدو, فجازوه, وغاروا مع العدو على الإسلام, فظفر بهم, فادعوا إكراهه إياهم, إن

تبين ما قالوا؛ لم يستحلوا. قلت: مثله في سماع يحيى ابن القاسم. ابن رشد: هم أهل ذمة لم يبن نقضهم؛ لأنهم بمكانهم, وسقط عنهم حكم الحرابة بشبهة دعواهم الإكراه. وقوله: يقتل قاتلهم؛ يريد: قصاصا يجوز فيه العفو, ولو ثبت إكراههم؛ لم يسجن من لم يقتل منهم, وحكم فعلهم بعد ضرب الأجل كحكمه قبله. وسمع يحيى ابن القاسم في أهل ذمة هربوا لدار الحرب, فأخذوا بها, فقالوا: إنما هربنا لظلم من جاورنا من العرب إيانا إن علم ظلم مجاوريهم ردوا لذمتهم عن قدر واليهم على منع من جاورهم ظلمهم, وإلا تركهم يسيرون حيث شاءوا. أصبغ: إن أشكل أمرهم؛ لم يستحلوا. ابن رشد: قوله تفسير لقول ابن القاسم. وفيها: حرابة أهل الذمة كحرابة المسلمين. اللخمي عن ابن مسلمة: يقتل؛ لأنه نقض ومال من لا عهد له, وإن قطع لم يؤخذ ماله؛ لأنه بقي ذمته, وذمة ولده باقية, وتعقب التونسي قولها بأن أخذ المال, وقتل النفس حرابة لا نقض بما تقدم من غصبه المسلمة نفسها. قلت: في غصبه المسلمة نفسها من جرأته على الإسلام ما ليس في القتل, وغصب المال, وبقوة تحريم فرج المسلمة عليه لعمومه في تقدير يفرض بخلاف المال يحل له بالطوع, والمسلم يقتل بحرابته إياه, ولو ارتد جمع؛ منعوا أنفسهم, فأخذوا ففي الحكم فيهم بحكم الحربيين أو المرتدين نقلا ابن حبيب عن أصبغ, وابن القاسم مع ابن الماجشون, وأجراهما على فعل أبي بكر في أهل الردة بالسبي, وفعل عمر فيهم حكم المرتدين برد النساء والصغار من الرق لعشائرهم قائلا: لعمري إنه أمر خالف فيه عمر أبا بكر. ابن رشد: الذي قضى فيهم أبو بكر بالسباء هم الذين نقض فيهم عمر القضية, وهو خلاف قولهم: إن القاضي لا يرد ما قضى به غيره قبله باجتهاده, فتدبر ذلك. ابن عبد السلام: لا نسلم أنه خالف أبا بكر, إنما فعل ذلك تطييباً لنفوس

المسلمين بمشقة رؤية أحدهم ابنته, وزوجته مملوكة, وذكر أنه فعله بعوض, وفعل أبي بكر أجمع عليه الصحابة. قلت: رده قول ابن رشد بقوله: لا نسلم أنه خالف أبا بكر؛ يرد بأنه منع لأمر ظاهر ثبوته دون دليل على منعه. وقوله: تطييبا للنفوس؛ لا يصح كونه دليلا عليه؛ لأن نقض حكم الحاكم العالم العدل لا يسوغه تطييب النفوس. وقوله: أجمع عليه الصحابة؛ خلاف ما ذكر ابن عباس من الخلاف في ذلك حسبما يأتي إن شاء الله تعالى. والجواب الحقيقي: أن الحكم بالسبي في قوم لا يناقضه الحكم فيهم بالمن عليهم؛ لأنه لا منافاة بينهما, ولأن المن مسبب عن السبي, والمسبب يغاير سببه ولا يناقضه؛ ولذا كان الإمام في حكمه بالسبي في قوم, ثم بالمن عليهم ليس بمناقض في حكميه. فحينئذ أقول: الصادر من عمر إنما هو من عليهم لما رآه من المصلحة, لا سيما وقد أسلموا كلهم, لا نقض لحكم أبي بكر؛ إذ لا تغاير بين حكمتيهما إلا مغايرة حكم حاكم بالسبي لحكمة بالمن, ولا تناقض بينهما, وكل هذا بناء على تلقي ما حكاه ابن حبيب عن عمر بالقبول حسبما تلقاه الشيخ وابن رشد, وفي ذلك عندي نظر لما ذكره الشيخ الراوية العدل: أبو الربيع ابن سالم قال في اكتفائه في ردة أهل دبا وأزد عمان: أن حذيفة بن اليمان قدم بسبيهم المدينة, وهم ثلاثمائة مقاتل وأربعمائة من النساء وذرية اختلف فيهم المسلمون. قال زيد بن أسلم عن أبيه: أوثقهم أبو بكر بدار رمله بنت الحارث؛ يريد: قتل المقاتلة, فقال له عمر: يا خليفة رسول الله قوم مؤمنون إنما شحوا بأموالهم وقالوا: والله ما رجعنا عن الإسلام؛ فلم يدعهم أبو بكر بهذا القول, فتوفي أبو بكر وهم موثقون, فلما ولي عمر سرحهم, وكان فيهم أبو صفرة والد المهلب. قال أبو الربيع: وذكر ابن عباس: أن رأي المهاجرين فيهم حين استشارهم أبو بكر القتل أو الفداء بأغلى الفداء, ورأى عمر ألا قتل عليهم ولا فداء, فبقوا موثقين حتى ولي عمر فأرسلهم دون فداء

قلت: فإذا ثبت هذا؛ فلا إشكال؛ لأن أبا بكر لم ينفذ فيهم الحكم, وعلى تنفيذه فالجواب ما قدمناه, والله أعلم بالصواب. وسمع عيسى ابن القاسم, ورواه عنه سحنون: إن أسر من تنصر بأرض الحرب, وأصاب دماء المسلمين وأموالهم, فأسلم؛ سقط عنه ما أصابه بعد تنصره إلا ما أصابه قبله. العتبي: وقال يحيى عنه: يقتل قتل الحرابة. ابن رشد: رواية عيسى على أنه أسلم, ورواية يحيى على أنه لم يسلم فليستا بخلاف, وإنما يسقط عنه ما أصاب منهما في تنصره بإسلامه بعد أخذه إذا صحت ردته بكونه على بصيرة من كفره في زعمه لا أنه فعله مجونا وفسقا, وإن أخذ على ردته قتل, ولم يستتب استتابة المرتد اتفاقا فيهما, فلا يفترق حكم ما أصاب المرتد ببلد الحرب أو الإسلام إن لم يسلم, إنما يفترقان إن أسلم. وقتال الخوارج إن بانوا ودعوا لبدعتهم؛ قال الصقلي عن ابن سحنون: فرض. الشيخ عن سحنون: سن على رضي الله عنه قتالهم, ولم يكفرهم؛ إذ لم يسبهم, ولم يستبح أموالهم, ولهم حكم المسلمين في أمهات أولادهم ومدبريهم وعددهم ووصاياهم, ورد أموالهم لأربابها إن عرفوا؛ وإلا تصدق بها إن أيس منهم, ولا قود عليهم ولا قصاص ولا حد ولا صداق في استباحة فرج. ولا حد ولا صداق في استباحة فرج. الصقلي وبعض أصحابه: إن سبوا حرة أو أمة فأولدوها؛ لحق الولد بأبيه؛ إذ لا حد عليه في وطئه لتأويله, وولد الأمة كولد مستحقة. وفيها لمالك: إن خرجوا فأصابوا الدماء والأموال, ثم تابوا وضعت عنهم كحد الحرابة الدماء, وما استهلكوا من مال, ولو كانوا أملياء, ويؤخذ منه ما وجد بأيديهم من مال بعينه, ويؤخذون لحقوق الناس. وقتال أهل العصبية: فيها: قال مالك فيمن كان بالشام من أهل العصبية يدعوهم الإمام إلى الرجوع ومناصفة الحق بينهم, فإن أبوا؛ قوتلوا. الصقلي: صوب شيخنا القاضي أبو الحسن قول ابن سحنون: يجب قتال أهل

العصبية إن كان الإمام عدلاً، وقتال من قام عليه، وإن كان غير عدل، فإن خرج عليه عدل؛ وجب الخروج معه؛ ليظهر دين الله، وإلا وسعك الوقوف إلا أن يريد نفسك ومالك، فادفعه عنهما، ولا يجوز لك دفعه عن الظالم. مالك: إن قام والٍ على والٍ لإزالة ما بيده، فإن كان مثل عمر بن عبد العزيز؛ وجب الدفع عنه وإلا فلا، ينتقم الله من ظالم بظالم، ثم ينتقم منهما. وقال فيمن بايعه الناس بالإمارة فقام آخر وتبعه بعضهم: قال: روى معاوية قتل الثاني، وهذا إن كان الأول عدلاً، وإلا فلا بيعة له تلزم، ولابد من إمام بر أو فاجر. ابن سحنون: بلغني أنه كان يقال: لا تكرهوا الفتنة؛ فإنها حصاد المنافقين. قلت: يرده أو يخصصه أحاديث الاستعاذة من الفتن ما ظهر منها وما بطن، وظاهر ما تقدم منع إعانة غير العدل مطلقاً. وقال الشيخ عز الدين ابن عبد السلام: فسق الأئمة قد يتفاوت ككون فسق أحدهم بالقتل، وفسق الآخر بانتهاك حرمة الأبضاع، فإن تعذر قدم المتعرض للأبضاع على المتعرض للدماء، وكذا يترتب التقديم على الكبير من الذنوب والأكبر والصغير منها والأصغر. قال: فإن قيل: أيجوز القتال مع أحد هؤلاء لإقامة ولايته وإدامة تصرفه، وهو معصية؟ قلنا: نعم دفعاً لما بين مفسدتي الفسوقين، وفي هذا وقفة وإشكال من جهة كونه إعانة على معصية، ولكن درء ما هو أشد من تلك المعصية يجوزه. قلت: ونحوه خروج فقهاء القيروان الممسي، وغيره مع أبي زيد الخارجي على الثالث من بني عبيد؛ وهو إسماعيل لكفره، وفسق أبي زيد والكفر أشد. المسابقة بين الخيل والإبل دون جعل للسابق أو به من غير مسابق، أو منه لسابق غيره؛ جائز. ابن رشد: اتفاقاً، وعليه إن سبق مخرجه؛ فهو لتاليه وهو المصلي. الشيخ عن كتاب ابن مزين: والعاشر يسمى السكيت، وما بينهما لا يسمى إلا

باسم العدد. قلت: ذكر غير واحد من اللغويين لسائرها أسماء؛ منه ما أنشدني شيخنا أبو عبد الله بن الحباب لأمير المؤمنين أبي زكريا يحيى والد ملوك إفريقية من الموحدين في بعض شعراء حضرته حيث مدحه كل منهم بقصيدة: ألا إن مضمار القريض لممتد ... به شعراء السبق أربعة لد فأما المجلي فهو شاعر جمة ... أتى أولاً والناس كلهم بعد وأما المصلي فهو حبر قضاعة ... بآدابه تزهو الخلافة والمجد وأما المسلي فالمعاوي إنه أتى ... ثالثاً لكن يلين ويشتد وبعدهما الكومي أقبل تالياً ... وكم جاء سباقاً مسومه النهد ثم علماً لساس ما عنهم غنى ... وهم شعراء الملك ما منهم بد وجمعها بعضهم في بيتين: أتاني المجلي والمصلي وبعده الـ ... مسلي وتال بعده عاطف يسري ومرتاحها ثم الحظي ومؤمل ... وجاء اللطيم والسكيت له يجري فإن اتحد من سابق مع مخرجه كان طعمة لمن حضره. ويجعل من واحد فقط، على أخذه من سبق، ولو كان مخرجه في إجازته، ومنعه، ثالثها: يكره. للشيخ عن أصبغ مع ابن وهب والصقلي وابن رشد عن أحد قولي مالك، وللشيخ عن ابن القاسم مع الصقلي وابن رشد عن أحد قولي مالك، والشيخ عن رواية أصبغ، ولم يحك عياض غير الأولين عن مالك قائلاً: قال بكل منهما بعض أصحابه. وبجعل من كل مسابق على أخذ السابق مع جعله جعل غيره ولا محلل، وهو من يخرج شيئاً لا يجوز. ابن رشد: اتفاقاً، ومعه على أن من سبق أخذ الجميع المحلل، أو ذو جعل طريقان:

ابن رشد: أجازه ابن المسيب، ومنعه مالك، كان مع اثنين محلل، أو مع جماعة جماعة للغرر والمقامرة إلا أنه كلما قل المحلل؛ كثر الغرر والعكس العكس. قلت: وفي النوادر عن ابن عبد الحكم: كراهة مالك المحلل على منعه رجوع جعل مخرجه له بسبقه في المسابقة بجعل من واحد فقط، وعلى قوله الآخر: هو جائز، وبه أقول كابن المسيب وابن شهاب. عياض: مشهور قول مالك منعه، وقال مرة: كابن المسيب. قلت: ظاهر نص لا تخريج، خلاف قول ابن عبد الحكم أنه تخريج. قال: وشرط المحلل عدم أمن سبقه، وفيه زيادة في الرمي، ولا بأس بالمسابقة بين فرس وجمل، ولو شرط على أحدهما حمل شيء خفيف أو ثقيل، وليس على الآخر إلا راكبه، ولا يحمل على الخيل لإجرائها إلا محتلم ضابط، وكره مالك حمل الصبيان عليها، ولا بأس أن يتراهنا على أن يضمرا فرسيهما مدة معينة، ولو مضت فقال أحدهما: لم يتم إضمار فرسي؛ فلراهنه جبره على المسابقة إلا أن يعتل فرسه علة بينة، ولو قال: أزيدك ديناراً على أن تزيد في مدة الإضمار، أو في مبدأ غاية الجري أو منتهاها، فإن تراهنا دون شرط ولأهل ذلك الموضع سنة في ذلك حملا عليها، ولأهل مصر سنة عرفت في مبدأ جري القارح والرباع والثني والحولي، وفي الغاية التي يجلس بها الوالي، أو من يقيمه لذلك، ولا بأس أن يجعلا سرادقاً أو خطاً من دخله أولاً أو جازه أولاً؛ فهو السابق، ولا بأس أن يخرج واحد خمسة وآخر عشرة إن كان بينهما محلل. قلت: زاد في فصل الرمي: أو يخرج أحدهما بقرة، والآخر شاة، ومنعه بعضهم، ولا أرى على أنه إن سبقه؛ ودى عنه فلان ديناراً؛ لأنه لم يخرج شيئاً يؤديه إن سبق ويحوزه إن سبق. قلت: في منعه نظر، وظاهر ما تقدم لابن رشد جوازه. قال ابن عبد الحكم: فإن سابقه على أن يضمن عنه لغريمه ديناراً إن سبقه؛ لم يجز إن كان على أن يرجع به عليه؛ لأنه ضمان بجعل وإلا جاز، ولو سقط بعض أهل الرهان عن فرسه ببعض المسافة، أو ألقاه فرسه بها، أو راغ عن الطريق، أو انكسر فرسه، فإن

كان معه أكثر من واحد؛ فالرهان بين من بقي، وإلا فأهل الخيل أنه مسبوق خوف التحيل بذلك لحل الرهان، والأحسن إن كان العائق بتضييع من الفارس أو سبب سابق؛ فهو مسبوق كتضييع سوطه، وقطع لجامه، وكون فرسه حروناً، أو نفوراً كما لو نفر من السرادق؛ فلم يدخله حتى دخل الآخر، فالسابق الداخل، ولو عدا عليه من أخذ سوطه، أو أزاله عن الطريق؛ لم يكن مسبوقاً، ولا بأس أن يقدم أحدهما الآخر بقدر من المسافة على أن يجريا معاً، أو إذا بلغ المؤخر المقدم، ولو تراهنا بثنيين، فأدخل أحدهما رباعياً أو قارحاً؛ لم يعد سبقه سبقاً، ولو أدخل بدل الرباعي جذعاً أو ثنياً أو حولياً أو هجيناً بدل عرابي كان سبقه سبقاً. قلت: هذا يدل على صحة التراهن بغير معين، والظاهر في المعين لزوم عينه، وظاهر قول أبي عمر أجاز العلماء السبق في غير الرهان على الأقدام، ولا يجوز في الرهان إلا في الخف والحافر والنضل، ثم قال: شرط الرهان تقارب الخيل في السبق وإلا فهو قمار والمحلل لغو، وكذا المضمرة مع غيرها، والعراب مع غيرها خلاف ما تقدم في إدخال الهجين بدل العرابي، وخلاف قوله في الرمي: لا بأس بمراماة من يجهل رميه؛ كالفرس يجهل جريه. قال: وروى: أنه صلى الله عليه وسلم قال: "خير الخيل الأدهم الأقرح الأرثم المحجل". ابن سيده: الرثم والرثمة: بياض في طرف أنف الفرس، وقيل: هو كل بياض قل أو كثر إذا أصاب الجحفلة العليا إلى أن يبلغ المرسن، وقيل: هو البياض في الأنف. قال: وجحفلة الدابة ما تتناول به العلف. قال: والمرسن: الأنف. وروى مسلم عن أبي هريرة قال: "كان صلى الله عليه وسلم يكره الشكال من الخيل". زاد في رواية عبد الرزاق: والشكال: ما في رجله اليمنى بياض، وفي يده اليسرى

أو يده اليمنى ورجله اليسرى. أبو عبيدة: هو محجل الثلاث قوائم، ومطلق الواحدة أو مطلق الثلاث محجل الواحدة. ابن عبد الحكم: صح تفسير القوة بالرمي، وليس على المتناضلين، وصف سهم أو وتر برقة أو طول أو مقابليهما، ولمن شاء بدل ما شاء بغيره، وقوس بأخرى من جنسها لا عربية بغير عربية، ويجوز تعاقدهما على فارسية وعربية، ثم لكل منهما بدل قوسه بأي صنف شاء من القسي، ولا أحب شرط ألا يراميه بقوس معينة بخلاف الفرس؛ لأن الفرس هو المسابق، وفي الرمي الرجل لا القوس، ولا بأس أن يسابق رجل رجلين أو أكثر الواحد المسبق أو المسبق، أو عدد عدداً، أو اتفق الرماة أن المسبق أولى بالبداية بالرمي يسهمه، ثم يرميان سهماً سهماً حتى يتم الرشق، ثم يبدأ المسبق كذلك في الرشق الثاني حتى يفرغ الرمي، فإن كانا حزبين؛ بدأ المسبق ثم آخر من الحزب الآخر، ثم كذلك، فإن قال أحد الحزبين: يقوم اثنان ثم اثنان، وقال الآخر: بل واحد ثم واحد، فإن كان شرط عمل عليه، وإلا فالخيار للمسبق، ولا يقيم أكثر من اثنين إلا بشرط أو تراض خوف الاختلاط، وللبادئ ومن بعده أن يقوم من المقام حيث شاء، وللمسبق أن يبدأ من أي وجهي الغرض شاء، استقبل الريح أو استدبرها، وإن شرطوا ألا يرموا إلا من وجه واحد أو مع الريح أو عليها؛ جاز، ولمن شاء منهم رميه قائماً، أو قاعداً ما لم يشترط قيام، وتحوله من مكان لآخر ما لم يضيق على غيره، ويمنع الرمي من فوق الغرض إلا برضى من معه، وإذا رمى حزب؛ فعليه إخلاء الغرض للحزب الآخر، والرهان فيه كما مر في السباق. الصقلي عن محمد: يجوز كون السبق عتقاً عن الناضل والمنضول، أو عملاً للناضل معروفاً، أو يتصدق بالسبق، أو يبني به الغرض، أو يشتري به حصراً

يجلسون عليها. زاد الشيخ عن محمد: ويجوز كونه لأجل معلوم لا مجهول، وكونه عرضاً موصوفاً، أو سكنى مدة معلومة، أو عفواً عن جرح عمداً وخطئاً، ويمنع بالغرر، ومن وجب له؛ جاز أن يحال به، أو يؤخره برهن أو حميل، وحاص به الغرماء. الصقلي عن محمد: لا بأس أن يتراهن حزب، وحزب واحد واحد، واثنان اثنان، أو أكثر، ويدخلا بينهما محللاً واحداً. زاد الشيخ: وشرطه كونه يخاف أن ينضلهما، ويجوز كونه أدناهما إن رمى معهما من الغرض أمناه، وإن رمى من نصفه وهما منه؛ لم يأمناه إن رمى من نصفه، وإن لم يأمناه، ورميهما من النصف، وهو من الغرض؛ جاز، ويجوز رمي أحدهما معه من النصف والآخر من الغرض، ولا يجوز أن يقول: نسبقكم على أن تسبقونا سبقاً آخر. قلت: يريد: نخرج نحن سبقاً على أنه إذا استحق أخرجتم أنتم سبقاً آخر، والظاهر إن لم يكن محلل؛ حرم، وإلا اختلف فيه. وبعد الغرض ما رضياه: وكان غرض عقبة بن عامر أربعمائة ذراع، وإن لم يسميا ذرعه؛ حملا على العرف؛ وهو مائتا ذراع. ويجوز أن يتناضلا على أن يرمي أحدهما من الغرض إلى الغرض، والآخر من نصفه، أو من أبعد منه بقدر معلوم. ويجوز شرط إن تعلق الجلد في الهدف، أو يجعل على الأرض تعمده الأعواد. الجوهري: الهدف: كل مرتفع من بناء أو غيره، ومنه سمي الغرض هدفاً. قال محمد: ويجوز شرط الرمي في جلد كبير يوماً، وفي صغير يوماً، وجعل البعد كغرض؛ فيكون الناضل الأبعد سهماً، والتساوي لغو. والإصابة حصول السهم في الجلد دائراً به، وما أصابه، وسقط أو خرقه، ولم يدر به لغو، وما تعلق به، وخيف سقوطه، فإن كان أول الوجه، فإن سقط برمي ما بعده ألغي وإلا اعتبر، وإن تعلق بالجلد وانكسر، ولم يسقط حسب، وإن أصاب الجلد راجعاً على الأرض ألغي، ولو تعلق به، وما أصاب برده الريح للجلد حسب، وما صرفته عنه الريح ألغي، وما أصاب موضع الجلد لإسقاطه الريح ألغي؛ إذ لعله لو ثبت الجلد لم

يثبت فيه السهم، وإذا أزالته الريح عن محله من الغرض وأصابه حسب، وألغاه الشافعي. قلت: الأظهر إن رماه بعد نقله الريح حسب وإلا فلا. قال: وما أصابه بفوقه، فثبت في الجلد؛ ألغي، وما أصاب العراء، فكان ملصقاً بالجلد، والجلد دائر به؛ حسب وإلا فلا، وكذلك ما دخل من العروة في الجلد، ولو انقطع وتره، وهو يرمي، فإن جاوز نصف الغرض؛ كان كسهم أخطأه، وإن لم يجاوزه؛ فله أن يرمي بآخر مكانه. ومنهم من قال: إن جاوزت الثلاثين؛ قالوا: كما لو انقطع، فأصاب الغرض؛ حسب له فكذا إن أخطأ لم يحسب. قلت: كذا في الروايات لم يحسب. والصواب: حسب. قال: وأحسب أنه إن علم أنه من قطع الوتر لا من خطأ الرامي؛ لم يحسب عليه وإلا حسب، ومن عاقه الرمي لفساد بعض آلته؛ انتظره مناضله لتلافيه على ما عرف دون طول، فلو انقطع وتره ومعه آخر يبعد من وتره في الغلظ والرقة؛ لم يلزمه الرمي به إلا أن يقاربه، وكذا السهم، ولو سلم أحدهما للآخر أنه نضله، فإن كان قبل رمي ما يتبين في مثله أنه منضول؛ فليس على مناضله قبول ذلك، وكأنه كره أن يسمى منضولاً، وإن كان بعد تبين كونه منضولاً؛ جاز إن قبله الآخر. ويمنع شرط أن من ترك الرمي اختياراً؛ فهو منضول، ويرتفع لزوم الرمي بالغروب، ولو كان في أثناء وجه، ولو رميا بعد الغروب؛ لزم تمام الرشق، والمطر وعاصف الريح يرفعه. ويجوز نصبهما أميناً يحكم بالإصابة والخطأ، والخصل في النضال الخطر الذي يخاطر عليه، قاله الجوهري. وأنشد للكميت مادحاً بعضهم قال: سبقت إلى الخيرات كل مناضل ... وأحرزت بالعشر الولاء خصالها

قال: ويجوز أن يرميا إلى خصل مائة أو أقل أو أكثر. قلت: معناه: تحديد استحقاق الخطر بكون الإصابة في عدد من الرمي. قال محمد: والمسبق إن زاد في الخصل ما يريد به الفرار منع، وإلا ففي جوازه مطلقاً، أو بقيد كونه مثله، فأقل قولا الرماة، والأحسن المنع إلا برضاهم. ويجوز الانتقال في أثناء الخصل من غرض لآخر بتراضيهم، وإن قال أحدهما لصاحبه: أقلني ولك كذا بعد أن نضله أو قبل رميهما؛ لم يجز. قلت: وكذا إن أسبق رجل رجلاً ديناراً، فقال المسبق لصاحبه: أزيدك ديناراً على أن يرمي معي بذلك فلان، أو قال المسبق: أحط عنك نصف دينار على أن يرمي معي بذلك فلان، وكل ذلك دون زيادة ونقص جائز. ولو أسبقه على الرمي في يوم معين، فزاد أحدهما الآخر على أن يؤخر الرمي ليوم آخر؛ فلا بأس. وفي ثبوت النضل لأحدهما على الآخر بإصابته دونه، أو بفضل إصابته في تمام رمي وجه واحد، وإن كان قبل تمام عدد الخصل نقل محمد عن عمل الرماة مع حكايته للشافعي، والقياس عند محمد، ولو نضل أحدهما الآخر لتمام عدد الخصل قبل تمام الرشق؛ ففي لغو إصابته من أصاب في تمامه، واعتبارها قولا محمد والرواة. ويجوز أن يتناضلا على أن يفضل أحدهما بإصابته في عشرة، والآخر في خمسة، ويجوز أن يرميا إلى خصل عدد معين على أن يحسب لأحدهما ما أصاب به من سهم بسهمين، والآخر بسهم واحد، وعليه لا يكون في عدده فرد؛ لأنه لا يكاد يحسب لصاحب خمسة إلا بثلاثة هي ستة، فيذهب له واحد باطلاً. والافتخار والانتماء للقبيلة حين ظن الإصابة بالرمي جائز، وبذكر الله أحب إلى، كقوله: أنا الفلاني؛ لأنه إغراء لغيره. روي أنه صلى الله عليه وسلم رمى فقال: "أنا ابن العواتك"، ورمى ابن عمر بين الهدفين وقال: أنا

بها أنا بها، وقال مكحول: أنا الغلام الهذلي. قلتُ: وهو في حين الحرب أوضح، منه قوله صلى الله عليه وسلم في غزوة حنين حين نزل عن بغلته واستنصر: «أنا النبي لا كذب، أنا ابن عبد المطلب»، ومنه حديث مسلم عن سلمة بن الأكوع: خرجت في آثار القوم أرميهم بالنبل وأرتجز وأقول: أنا ابن الأكوع ... واليوم يوم الرضع قال محمد: والشهادة في السباق كغيره، وإن شهدا أنه أسبق فلاناً ديناراً، فحكم عليه أن يراميه، ثم رجعا، فإن نضل المسبق صاحبه؛ لم يغرما شيئاً لعدم غرمه، وإن نضله صاحبه غرما له سبقه، وإن شهدا أنه أسبقه إلى خصل مائة، وقال هو إلى خمسين، فقضي عليه، فنضل المسبق فيما بعد الخمسين، فإن كان المسبق قد نضل بعدها أو قبلها؛ لم يغرما شيئاً لعدم غرم المسبق وإلا غرما. ولو شهدا أنهما تناضلا بقوس عربية على مدعي فارسية، فرجعا، وقد غرم المشهود عليه غرما له، ولو شهد على الرمي في يوم كذا على من ادعاه في غيره رجع، وقد غرر المشهود عليه؛ لم يغرما، وإن اختلفا في كون السبق ديناراً أو نصفه قبل الفراغ من الرمي، ففي تحالفهما وتفاسخهما مطلقاً، أو ما لم يمعنا في الرمي، فيكون القول قول المسبق قولا أشهب وابن القاسم، وبعده القول قوله مع يمينه ما لم يأت بما يبين به كذبه، ولو قال قبل الرمي: أسبقتك على أن ترمي بعشرة في كل رشق، وقال الآخر: بخمسة؛ تحالفا وتفاسخا، وبعده المعتبر ما رميا عليه، والقول باختلافهما في الغرض قول مسبق، ولو قيل: يتحالفان ويتفاسخان كان مذهباً، والأول أحب إلي، ولو قال:

أسبقتك على أن الخصل إلى مائة، وقال الآخر: إلى خمسين؛ تحالفا وتفاسخا، ولو اختلفا فيمن جعلاه أميناً على الحكم بالإصابة؛ قدم الحاكم بينهما أميناً عارفاً. قلت: ظاهره: ولو حكم بأحد المختلف فيهما، ومن أبي الرمي بعد تعاقدهما على سبق من أحدهما؛ أجبر عليه. انتهى. قال الشيخ الفقيه القاضي أبو عبد الله محمد بن عيسى بن أصبغ الأزدي القرطبي المشتهر بابن مناصف في أرجوزته المسماة بالمذهبة التي قالها في نظم الصفات من الحلى والشيات، وختمها بذكر أسماء السوابق قال: وقد رأينا من تمام القول ... فيما اعتمدنا من نعوت الخيل أن نختم التأليف في التبويب ... بسبق الخيل على الترتيب وهبئة الحلبة في المضمار ... وفوتها في درك الأخطار وما الذي يجوز خصل السبق ... منها إذا جاء كسهم الرشق منسوبة جملتها للعرب ... وبعضها قيل لأهل الأدب وهاكها مسرودة مفسره ... مشتقة أسماؤها ميسره بحسب ... على ما يمكن ... في الغرض الذي به يبين ... التي هناك تعرف ... جماعة الخيل التي تأليف من حلب القوم وأيضاً أحلبوا ... كل بمعنى اجتمعوا وحزبوا وموضع الجري هو المضمار ... ثم المدى غاية ما يسار والخصل ما يجعل للسوابق ... عند المدى من خطر المسابق وكان من فعلهم فيما مضى ... أن يجعل الشيء الذي قد عرضا على رؤوس قصب الرماح ... في طرف الغاية للإفصاح ومنه قالوا في الذي قد كملا ... حاز فلان قصب السبق علا

وجملة المخصوص عند العرب ... من سبق الخيل لوضع اللقب عشرة محفوظة الأسماء ... موقوفة النقل على الفراء أولها سبقا هو المجلي ... ينقض مثل النجم أو كالنبل اشتق من جلا بمعنى أظهرا ... ما كان من أمر الرهان مضمرا وقد يقال أيضاً المبرز ... والسابق الكل بهن ينبز والفرس الثاني هو المصلي ... لأنه يليه دون فصل فهو كأن رأسه تراه ... عند صلا الأول من أخراه وثالث الخيل هو المسلي ... من السلو في اشتقاق الفعل كأنما صاحبه به سلا ... إذ جاء بعد السابقين أولا وبعده الرابع وهو التالي ... لتلوه الثالث في الإعجال فنسبوا الرابع للمسلي ... كنسبة التالي من المجلي ثم يليه الخامس المرتاح ... كأنه من كده يرتاح إذ كان يخشى أن يكون بعد ... لكونه في السبق منه بعد وبعده السادس وهو العاطف ... عطفاً على المرتاح يعني الواصف لأنه قد فاته ما قبل ... فانضاف للمرتاح أيضاً يتلو فنسبوه منه في التولي ... كنسبة التالي من المسلي والسابع الذي هو الخطي ... وأصله من خطوة معني لأنه يحظى وإن تأخرا ... بسبق ما خلفه مؤخرا والثامن الذي هو المؤمل ... ليس وراءه لسبق أمل فهو مؤمل الثلاث الباقية ... بأن يفوز من ملام اللاحية

والتاسع اللطيم فهو يحرم ... حظ الجياد قبله ويلطم لأنه لم يترك المؤمل ... لتوه خطأ عليه يعمل والعاشر السكيت ليس بنظر ... وما أتى من بعده لا يذكر وأصله ووزنه فعيل من ... السكوت إذ عداه القول لأنه ماذا عسى تراه ... يقول واللطيم في أولاه ويؤثر لسكيت والسكيت ... كلاهما فيه وقد وفيت

كتاب النكاح

[كتاب النكاح] النكاح: عقد علي مجرد متعة التلذذ بآدمية غير موجب قيمتها ببينة قبله، غير عالم عاقدها حرمتها إن حرمها الكتاب علي المشهور، أو الإجماع علي الآخر، فيخرج عقد

تحليل الأمة إن وقع، ويدخل نكاح الخصي والطارئين؛ لأنه ببينة صدقا فيها، ولا يبطل عكسه نكاح من ادعاه بعد ثبوت وطئه بشاهد واحد، وفشوا بنائه باسم النكاح لقول ابن رشد: عدم حده للشبهة لا لثبوت نكاحه، وقول ابن بشير: عقد علي العضو بعوض، يبطل طرده بعض صور الزنا، وعكسه ما عقد علي أن صداق، وإن أراد صحيحة دخل نكاح المتعة، وما عقد بغير ولي، وكثير من صور فاسده، وقول ابن عبد السلام: (ترك ابن الحاجب تعريفه لاكتفائه بذكر أركانه: الصيغة، والوالي، والزوجين، والصداق؛ إذ لا معنى للحد إلا ذكر مجموع الأجزاء)؛ يرد بأن ما ذكره أركانه الحسية

باب صيغة النكاح

لامتناع حملها عليه لا المحمولة، والكافر بعد أن يسلم له عدم اعتبار الهيئة الاجتماعية في التعقل الثانية لا الأولى. القاضي والصقلي: هو مندوب إليه. اللخمي: هذا لمن لا أرب له إن زجي نسله، وإلا فمباح كالعقيم والشيخ، ولخصي والمجبوب، وذو أرب كالأول إن قدر علي العفة، وإلا وجب إن لم يعفه صوم أو تسر، وغلا فهو أولى منهما، والمرأة مثله إلا في التسري لامتناعه عليها. قلت: ويوجبه عليها عجزها عن قوتها أو سترها إلا به. المازري: الآمن وقوعه في محرم إن اشتهاه، ولم يقطعه عن فعل الخير ندب إليه، وإن لم يشتهه وقطعه عنه كره له، وإن لم يقطعه فقد يقال: يندب إليه، وقد يقال: يباح له. ابن رشد: إن خاف عدم الوفاء بواجبه؛ كره له، والقول بندبه مطلقاً لا يصح. عياض: من له رغبة في متعة النساء، ولا يقدر علي الوطء والنكاح يغض بصره ندب إليه. ابن بشير عن بعضهم: إن خاف العنت؛ وجب، وإلا حرم إن أضر بالمرأة لعجزه عن الوطء أو مطلق النفقة، أو إلا من حرام، وإلا ندب إليه إن تشوف إليه، وتشوش عليه فعله إن تركه، وإلا كره له إن لم تكن له حاجة، أو قدر علي التعفف، وتزويجه يضيق حاله، ومباح إن تساوت أحواله. [باب صيغة النكاح] صيغة: ما دل عليه كلفظ التزويج والإنكاح، وفي قصرها عليهما نقلا الباجي عن ابن دينار مع المغيرة ومالك، وعليه قال القاضي: ينعقد بلفظ دل علي التمليك أبداً كالبيع.

ابن القصار: وإن لم يذكر صداق في الهبة، ثالثها: إن ذكر. لابن القصار مع القاضي، وإحدى روايتي أبي عمر، وأخراهما مع ابن القاسم، وفي كون الصدقة كالهبة، ولغوها قول ابن القصار وابن رشد، وفي الإحلال والإباحة قولان لبعض أصحاب ابن القصار، وله. قلت: حكي أبو عمر لإجماع علي الثاني، ونقل ابن بشير عن ابن القصار الإطلاق كالتحليل والإباحة، والرهن والإجارة، والعارية والوصية لغو، وجواب قولها أحد العاقدين يقول للآخر: قلبت كاف في انعقاده. أبو عمر: وإشارة الأخرس به كلفظه ولازم استحباب خطبة الخاطب تقديم إعطاء الولي، وتأخير قبوله الزوج، وفي لزومه هزلاً، ولو من أحدهما قول المشهور، ونقل ابن رشد رواية الواقدي مع الباجي عن علي: يفسخ أبداً، وقول الباجي: معناه: إن اقر بالهزل، يرده سماع أبي زيد ابن القاسم: من قال لمن قال له: أراك تبصر هذا بلغنا انه ختنك اشهدوا أني زوجته ابنتي بما شاء، فقال الرجل بحدثانه: امرأتي، فقال الأب: كنت لاعباً؛ حلف ما كان منه علي وجه النكاح، ولا شيء عليه. وفيها: إن قال لأبي البكر أو ولي فوضت إليه: زوجني وليتك بكذا، فقال: فعلت، فقال: لا أرضي؛ لزمه، ومن خطب منه، فقال: زوجت فلاناً؛ ثم أنكر، وقال: كنت معتذراً في ثبوت إنكاحه للمقر له، ثالثها: إن ادعاه بعقد تقدم ويحلف، وبإقراره حلف المقر، وسقط لأصبغ مرة، وابن رشد مع محمد وأصبغ مع ابن القاسم وابن كنانة. والخطبة عند العقد. الشيخ: روي محمد: هي حينئذ من الأمر القديم، وما نرى تركها وما قل أفضل، وفي استحبابها من الخاطب قبل طلبه، ومن الآخر قبل إجابته، أو من الأول فقط قولا

ابن حبيب وظاهر قول محمد. وخطبة رجل علي خطبة آخر قبل مركنة المخطوب إليه جائزة. ابن رشد: ولو اتحد الخاطب بخطيبته لغيره أولاً ولنفسه ثانياً، وفعله عمر. أبو عمر: عن ابن وهب: طلب جرير البجلي عمر أن يخطب له امرأة من دوس، ثم طلبه مروان ابن الحكم بذلك لنفسه ثم ابنه عبد الله كذلك، فدخل عليها عمر فأخبرها بهم الأول فالأول ثم خطبها لنفسه فقال: أهازل أم جاد؟ قال: بل جاد؛ فنكحته وولدت له ولدين: قال: وفي سماع أبي أويس: أكره لمن بعث خاطباً أن يخطب لنفسه وأراها خيانةً، وما سمعت فيه رخصة. قلت: هذا إذ خص نفسه بالخطبة لفعل عمر رضي الله عنه. ابن رشد: وتمنع بعد المراكنة وتسمية الصداق. وفي منعها قبل تسميته، وبعد المراكنة والمقاربة قولبن حبيب مع الأخوين، وابن عبد الحكم وابن القاسم وابن وهب، ونص ابن نافع مع ظاهر قولي ابن وهب في سماع عيسى ابن القاسم وقول مالك في الموطأ. أبو عمر: إن ركنت المرأة أو وليه ووقع الرضا؛ لم تجز اتفاقاً. قلت: ظاهرة: ولو لم يسموا صداقاً. ابن رشد: في فساد عقد الممنوع لمطابقته النهي قولان، وعلي الفساد في فسخه مطلقاً أو قبل البناء قولا ابن نافع. أبو عمر: في فسخه ثالث الروايات قبل البناء. العتبى وابن رشد عن سحنون عن ابن القاسم: لا يفسخ ويؤدب عليه. وروى أشهب وابن نافع: من تزوج بخطبته علي خطبة آخر بعد اتفاقهما علي الصداق وتراضيهما، وهى تشترط لنفسها؛ لم يفسخ نكاحه؛ لأنه يجحد ولا يعرف، ولو ثبت ذلك دون شك فرق بينهما. قال ابن وهب: من تزوج بخطبة علي خطبة آخر بعد ما رضوا به، وثبت النكاح وسموا الصداق فتاب؛ تحلل الأول، إن حلله؛ رجوت انه مخرج له، وإن لم يحلله؛ استحسنت له تركها دون قضاء عليه إن كان أفسد عليه بعد أن رضيت به، فإن تركها له

فلم يتزوجها؛ فللثاني مراجعتها بنكاح جديد. عيسى: إن لم يحلله؛ استغفر الله، ولا شيء عليه. وسمع عيسى ابن القاسم: تقدم خطبة المسخوط مع تقارب الأمر بينهما لا يمنع خطبتها صالح، وينبني بوبيها خطباً علي الصالح دونه. وسمع بن لقاسم لمريد تزويج امرأة نظره إليها بإذنها. ابن رشد: إلي وجهها. المازري: ويديها. وكره مالك أن يغتفلها، وأجازه ابن وهب. قبل لأصبغ: رواه. قال: لا، بل رآه. وروى محمد بن يحيى: لا بأس أن ينظر إليها عليها ثيابها. وروى ابن القاسم: لا ينبغي. الباجي: لعله يريد اغتفالاً، واختار بن القطان كون النظر إليها مندوباً إليه للأحاديث بالأمر به. وقيد مطلق النظر إليها بعدم علم الخاطب عدم الإجابة لتزويجه، واختار قول ابن وهب، ومال إلي جواز النظر إلي جميع البدن سوى السوأتين، وزيف نقل جواز النظر إليهما عن داود. قال: وروى قاسم بن اصبغ عن الخشني عن ابن عمر عن سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار عن محمد بن علي: أن عمر رضي الله عنه خطب إلي علي بن أبي طالب ابنته أم كلثوم، فذكر له صغرها، فقيل له: إنه ردك، فعاوده، فقال له علي رضي الله عنه: أبعث بها إليك، فإن رضيتها؛ فهي امرأتك، فأرسل بها إليه، فكشف عن ساقها، فقالت له: مه، لولا أنك أمير لمؤمنين للطمت عينك، وكانت أم كلثوم هذه ولدت قبل وفاة النبي صلي الله عليه وسلم، وروى القصة عبد الرزاق عن سفيان نحوه. وفيها: أرسل لولا أنك أمير المؤمنين؛ لصككت عينك، ويزيد فيها أهل الأخبار انه بعثها إليه بثوب، وقال: قولي له هذا الذي قلي لك علي، قال لها عمر: قولي له

باب ولاية عقد النكاح

رضيت به، فلما أدبرت؛ كشف عن ساقها، فقالت له ما ذكر في الحديث الأول، فلما رجعت إلي أبيها قالت: بعثتني إلي شيخ سوء فعل كذا. قال: هو زوجك يا بية. قلت: ما ذكره عن أهل الأخبار ذكره أبو عمر. وفيه: فبعثها إليه ببرد. وفيه: لولا أنك أمير المؤمنين؛ لكسرت أنفك. وفيه: فجاء عمر إلي مجلس المهاجرين في الروضة، وكان يجلس فيها المهاجرون الأولون، فجلس إليهم، فقال: رفئوني، فقالوا: بم ذا يا أمير المؤمنين؟. قال: تزوجت أم كلثوم بنت علي بن أبي طالب، سمعت رسول الله صلي الله عليه وسلم يقول: "كل نسب وسبب وصهر منقطع يوم القيامة إلا نسبي وسببي وصهري"، فكان لي به صلي الله عليه وسلم النسب والسبب، وأردت أن أجمع إليه الصهر فرفؤوه. قال: وذكر ابن وهب عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم عن أبيه عن جده أن عمر بن الخطاب تزوج أم كلثوم بنت علي رضي الله عنه علي مهر أربعين الفاً. [باب ولاية عقد النكاح] الولي: من له علي المرأة ملك، أو أبوة أو تعصيب، أو إيصاء أو كفلة، أو سلطنة أو ذو إسلام؛ فالأخوة للام لغو.

المتيطي: روى علي: إن زوج أخ للأم مضى. قلت: فالأحق المالك، والمعروف: ثم الابن ولو سفل ثم الأب. الباجي: في بعض الكتب: روى المدنيون: الأب ثم الابن ثم الأخ لأب، ثم ابنه ولو سفل ثم الجد. المغيرة: الجد ثم الأخ ثم الم، ولو علوا ثم ابنه، ولو سفل علي رتبة الإرث. وفي تقديم شقيق أخ عليه لأب روايتان لابن حبيب مع قول ابن القاسم ولها، فأجراهما اللخمي في ابنها، وفي العمين وابنيهما قال: ورواية ابن القصار: (يجوز للأخ

إنكاح أخته مع وجود الأب) مرغوب عنها. الباجي: ثم المولى الأعلى. قال: وفي الجلاب: يعقد الأسفل، وإن لم يكن عاصباً. ابن زرقون: إنما فيه لا ولاية للأسفل علي الأعلى. قال: وروى محمد معها: الأسفل من الأولياء، وقول ابن الحاجب: ثم الأعلى لا الأسفل علي الأصح، إن أراد بمقابل الأصح، إن أراد بمقابل الأصح استواءهما، فقد يفهم من ظاهر قول محمد معها، وأنكر ابن عبد السلام إرادة سقوطه بأنه لا خلاف في ثبوته، ويرد بنقل أبي عمر في الكافي وابن الجلاب وابن شاس: لا ولاية له. أبو عمر: ثم عصبة المعتق ثم معتقه، كما مر ثم، السلطان، والكافل يأتي. اللخمي: ذو النسب المورث مقدم عليه. واختلف في غير المورث لبعده ظاهر المذهب كالمورث. ابن الماجشون: القاضي أحق من الرجل من البطن. المتيطي والباجي عن ابن القاسم: السلطان ولولي وذو الرأي سواء. فالمالك ولو تعدد؛ يجبر عبده وأمته. وروى محمد: إن قصد ضرراً كرفيعة من عبده الأسود علي غير صلاح؛ لم يجز. وسمع ابن القاسم: لا يضر بعبده بتزويجه من لا خير فيه، ويوكل المكاتب علي العقد علي أمته دون إذن سيده علي ابتغاء الفضل. ويزوج لوصي رقيق محجوره بالأصلح، ومالك بعض من بعضه حر ولي؛ لا يجبر ولا يجبر. وسمع ابن القاسم: لا تجبر أم ولد علي نكاح يضر بها. ابن رشد: كذات جمال وعقل وشباب من عبد وغد. وفي جبرها من غيره رجوع مالك إلي سماع ابن القاسم نفيه عن رواية ابن حبيب ثبوته. ابن رشد: هو ظاهر إرخاء الستور فيها، وقول محمد. وفي جبر المعتقة لأجل قبل قرب أجلها، قول سحنون مع ابن القاسم وروايته

ورواية أشهب، وخرجها ابن رشد علي رواية أشهب لا يجبر إلا من يحل له وطؤه، وعزا الشعبي لابن أبي زمنين جبرها ولموسى الوتد نفيه. المتيطي عن ابن حبيب: السنة طول. قلت: سمعه أصبغ من ابن القاسم، وذكره الشعبي رواية لابن أبي زمنين. ابن رشد: في حده بالأشهر أو الشهر قولا مالك وأصبغ. ابن أبي زمنين: لا يجبر مخدمة لأجل معتقة إليه ربها، ولا معتقة لأجل وارث خدمتها، ولو بعد، ويجبر المدبرة. ابن رشد: اتفاقاً؛ إذ له وطؤها وانتزاع مالها. قلت: انظر هل مقتضى تعليله تقييده بعدم مرضه لامتناع انتزاعه مالها؟ حينئذ عن جعل العلة مجموع الوصفين، وإن جعل كلا منهما علة فواضح. قال: والقياس عدمه في المكاتبة، وعن مالك: يجبرها. اللخمي: في جبر ذي عقد حرية ثالثها: الذكور، ورابعها: من له انتزاع ماله. والصواب الأول في ذكور من ينتزع ماله، وقبلها غير واحد. وخامسها: نقل ابن رشد رواية من حل له وطؤها. وتعقب بعض شيوخ ابن بشير: رابع. اللخمي: بأنه أخذه من تعليل عدم جبر المكاتبة بعجزه عن انتزاع مالها. ولا يصح لتعليله في بعض الروايات بعلة، ولا ينفي حكمها بنفيها، ويعلله بأخرى كتعليله منع الإمام قراءة السجدة بالتخليط، ثم منعها للفذ. قال ابن عبد السلام: ألغى ابن الحاجب هذا التعقب مع تقدمه في علم الأصول لجري أكثر الفروع علي العكس لولا اعتبار مفهوم العلة في قول المجتهد. قلت: هذا مجرد تكرير دعوى منعت بسند مع عدم إبطاله، ثم رد علي اللخمي أخذه عدم الجبر في كل من لا ينتزع ماله بان عدم جبر المكاتبة لمنع انتزاع مالها وحوزها نفسها وخدمتها، وغيرها للسيد تسلط علي خدمته أو وطئه. قلت: هذا منهما بناءً علي انه إنما أخذه من المكاتبة، وليس كذلك لجواز أخذه إياه منها مع سماع ابن القاسم جبر المعتقة إلي أجل قبل قربه، ورواية أشهب نفيه يرد قول

شيخ ابن بشير بأنه لو لم يقل بعكس علة العجز عن الانتزاع لما جبر المعتقة لأجل قبل قربه لوجود علة أخرى، وهي منعه وطئها، ويرد قول الآخر بأنه لو كان عدم جبر المكاتبة لحوزها ما ذكر لما ثبت في المعتقة لأجل قبل قربه لوجود علة أخرى في رواية أشهب. فالأب يجبر البكر ولو عنست إن لم يطل مكثها بعد البناء ولم ترشد، ومال اللخمي في البالغ للأخذ بحديث مسلم: "البكر يستأذنها أبوها"، ونحوه لابن الهندي، وأفتى به السيوري فيما ذكر بعض من جمع فتاوى جماعة من الأفريقيين. واستئذان الأب البالغ حسن، نقله الشيخ عن رواية محمد بن المواز، والباجي عن وراية محمد بن يحيى وابن حبيب، وقال: ويختبر رضاها من أمها وغيرها، وتعقب ابن بشير قول الخمي في استحبابه قولان بان ظاهر المذهب استحبابه اتفاقاً يرد بنقل الباجي. روى عيسى عن ابن القاسم: إنكاره. وسمع أشهب: أخاف أن يتراقى حتى يجري في الناس. الشيخ عن ابن القاسم: المجنونة كبكر، والثيوبة الرافعة الجبر ما كانت بملك أو نكاح ولو فسد، وفي ثيوبة الزنا ثالثها: إن تكرر للجلاب مع المتيطي عن ابن عبد الحكم واللخمي عن القاضي معها والصقلي عنه، واختار اللخمي الأول، وكون إذنها كبكر. ابن رشد: غصبها كزناها. قلت: هذا أقرب للجبر، وفي جبر العانس نقل الباجي روايتي محمد وابن وهب راوياً سنها ثلاثون. ابن القاسم: أربعون. ابن بشير: اختلف الروايات فيه من ثلاثين لنيف وأربعين.

المتيطي: وقيل: من خمسين إلي ستين. ابن فتوح: خمسة وثلاثون، وفي شرط تعنيسها الرافع جبرها بمعرفتها مصالح نفسها طريقا أبي عمر مع الجلاب والمتيطي مع الباجي. قلت: لعله علي الخلاف في شرط عليه المظنة بتحقيق الحكم ولغوه. وفي جبر من طلقت بكراً بعد طول مقامها بعد البناء نقل ابن سعدون عن ابن عبد الحكم والأكثر عن المذهب، وعليه في حده بسنة أو العرف. نقل الشيخ رويتي محمد، ونقل عياض عن القاضي الثانية زوال الحياء والانقباض خلاف نقلها الصقلي عنه كالشيخ. وسمع ابن القاسم: إن أقامت ستة أشهر وأمرها، فإن لم يفعل؛ مضى. ابن رشد: هذا إن أقرت ببقاء بكارتها قبل إنكاحها أو قربة، وأما بعد طول لغيبتها أو تأخر عملها؛ فلا تصدق لتهمتها علي إمضاء نكاحها. وسمع عيسى رواية ابن القاسم: يجبرها إن أقامت شهرين، وقبل طول مقامها بعد البناء. وسمع ابن فتحون والمتيطي: المشهور يجبرها. وحكي الشيخ أبو بكر: لا يجبرها. ابن سعدون: لو كذبها الأب في بقاء بكارتها، وهو موسر قبل قولها؛ لأنه لا يعلم إلا من وجهتها. المتيطي عن بعض الموثقين: إنكار الزوج لغو. وفي جبر مطلقة قبل البلوغ ثيباً، ثالثها: قبله لسحنون، وأبي تمام، واللخمي مع أشهب. وفي جبر الأب مرشدته نقلا أبي عمر عن أصحاب مالك. المتيطي: الثاني المشهور، وبه العمل، ولا يجبر ابنته الثيب الرشيدة اتفاقاً، والمعروف ولا السفيهة للمتيطي. قال بعض القرويين: يجبرها لرواية محمد: لا يجوز تزويج من يلي نفسه إلا برضاه، ونقله عن أشهب لا إذن لسفيهة في نفسها ولا مالها كالبكر وألف في صحته.

المتيطي: نقل بعض الأندلسيين عن ابن القاسم: للمعتق أن يزوج معتقيه دون رضاها ليس عليه العمل. قُلتُ: رأيت قديمًا في بعض الأجزاء الفقهية عن سَحنون أن ابن القاسم كان جالسًا مع بعض أصحابه، فقال لهم: اشهدوا أني زوجت معتقي فلانة مني، فقال بعض جلسائه: حتى تستأذن، فقال له: اسكت يا جاهل لا يعرف هذا مثلك. اللخمي: تخير الثيب إن ظهر فسادها، وعجز وليها عن صونها أو لم يكن. والأحسن رفع غير الأب، فإن زوجها دونه؛ مضى. ووكيل الأب على الجبر مثله ووصيه به في زوج معين أو بقوله: زوجها منه، ثالثها: إن كان إنكاحها عن قرب. للشيخ عن رواية محمد مع رواية ابن حبيب والمشهور، وابن رُشْد عن رواية علي: إن أمره بإنكاحها إذا بلغت من فلان؛ لم يلزمها قائلًا في بعض روايات العتبيَّة لأَصْبَغ وصية الأب جائزة عليها إلا أن يكون من لأمر بتزويجها منه فاسقًا شريبًا؛ فلا تزوج منه إن كرهته، واللخمي عن رواية ابن أشرس. أَصْبَغ: لو قال زوجها من فلان: بعد عشرين سنة؛ لزمها، والولي إن فرض فلان مهر المثل، ولم يكن فاسقًا، ولا حجة لها في كونه ذا زوجة، وكان يوم الإيصاء عزبًا، ومن أوصى له به دون تعيين أو قال: زوجها ممن أحببت؛ المشهور: يجبر. سَحنون وأَصْبَغ والقاضي وأين القُصَّار: لا يجبر. المتيطي: ونحوه للمدنيين. ابن بشير قيل: لا ولاية لوصي. ابن عات: حكى ابن مغيث: ليس لوصي في إنكاح ذات ولي شيء قاله منذر بن

سعيد محتجًا بقوله تعالى حكاية عن زكريا: (فَهَبْ لِي مِن لَّدُنكَ ولِيًا (5) يَرِثُنِي) [مريم:5،6]، والوصي ليس بوارث فدل أنه غير ولي. قُلتُ: يرد بأن (يرثني) مخصص (لولي) لا تفسير له، أو بأنه إن ادعى كون الصغرى كل ولي وارث، ولا شيء من وصي بوارث منعنا كلية الصغرى، وإن ادعى جزئية سلمناها، وأنتج بعض الولي ليس بوصي، وليس مدعاه ولا مستلزمًا له بحال. ابن بشير: ولو قال: على إنكاح بناتي، ففي جبرهن قولان. محمد وابن حبيب: إن قال: وصيي فقط؛ فلا جبر. وفي كونه وليًا لكل من للموصى عليه ولاية ولغوه مطلقًا أو في الثيب، رابعها: الولي أولى منه لابن رُشْد عن الواضحة مع ابن القاسم، ونقله في الأجوبة والبيان عن سَحنون وأَصْبَغ. قال: ولا ولاية لوصي على معين على غيره من قرابة الموصي اتفاقًا، وقول ابن الهندي: من زوج منهن مضى بعيد. محمد وابن حبيب: الوصي على بضع بناته ولي لكلهن، ولو كن مالكات أمر أنفسهن، ولا جبر له، وفي كونه في الثيب كاف ولغوه ثالثها: الولي أحق منه لابن فتوح عن رواية محمد مع ابن القاسم وابن عبد الحَكم مع ابن الماجِشُون، وسَحنون عن غير ابن القاسم. ابن العطار: كان ابن السليم يأمر الولي يلي العقد بأمر الوصي. عياض: في كون الولي في الثيب المرشدة أحق من الوصي، ولا يرد إنكاحه إن نزل أو العكس قولا أَصْبَغ مع ثاني نكاحها وابن حبيب. وفيها: لا أمر لولي مع وصي في البكر، وإن زوج ولي الثيب؛ جاز على الوصي كجوازه للأخ على الأب، وإن زوجها الوصي؛ جاز على الولي، فحملها فضل على المرشدة. ابن عات: روى محمد بن مالك: للوصي نقض ما عقده الولي، فيدل على أنه له إجازته بخلاف ذات الأب يزوجها من لا يقول بأمره من الأولياء. قال بعض شُيَوخنا: لأن الأب يجبر، والولي لا يجبر، فعلى هذا إن كان يملك

الإجبار؛ لم يكن له إجازة ما عقده الولي. ابن رُشْد: لو رشد محجورته؛ فلا نص، والظاهر بقاء ولايته. المتيطي: قولان لأشهب مع أَصْبَغ قائلًا: هذه من غور المسائل والعلم وسَحنون مع ابن الماجِشُون. ابن رُشْد: معنى الرواية بإنكاحه بنات محجوره في غير المالكات أمر أنفسهن، وهو بناءً على أنه وصي عليهن، وهو دليل سماع ابن القاسم، وعلى قول ابن القاسم بعض الشيوخ لا يكون وصيًا عليهن لا يزوجهن. وسمع ابن القاسم: حسن لمن أوصى له بالنظر في إرث أبته تزويجها، ولو رفعه للإمام ينظر فيه. ابن رُشْد: يريد: الأحسن رفعه لقولها: من أوصى إلأيه بتقاضي ديون وبيع تركة إن زوج بناته رجوته واسعًا، وأحب رفعه للإمام ينظر فيه، والأحسن قول ابن حبيب: وصي المال غير وصي على تزويج. وفيها: وصي الوصي ولو بعد مثله، وفي كون مقدم القاضي أحق من الولي نقلا المتيطي عن موسي الوتد مع بعض أصحابه وابن حبيب والشعبي عن ابن لبابة قائلًا: هو كوصي الأب إلا أنه لا يوصي لغيره لبقاء القضاء، وفقد الأب عن ابن الحارث مع ابن لبابة وابن السليم وأبي إبراهيم وابن العطار: وقوم. وعن ابن حبيب مع موسى: الوتد مع كثير من أصحابه محتجًا مع ابن حبيب بأن الوصي كمن قدمه، والولي أحق من القاضي. زاد الشعبي عن ابن لبابة: إلا أنه لا يوصي لغيره بخلاف وصي الأب لبقاء انقضائه وفقد الأب. اللخمي: السلطان أحق من مقدمه إلا أن يجعل له الإنكاح فيعقد دونه. الصقلي في بعض رواياتها: لو قال: إن مت من مرضي، فقد زوجت ابنتي من فلان ابن أخي؛ فأطلقه أَصْبَغ قائلًا: فيه مغمز، لكن أجمعوا على جوازه. ابن حارث عن يحيى بن عمر وابن القاسم: ولو طال، وقيده سَحنون بقبوله بالقرب.

عياض: وقاله ابن القاسم في المبسوط، ورواه ابن مغيث عنه فيها. ابن حارث: ورواه علي، وفي جوازه في صحته نقل الصقلي عن أشهب وأَصْبَغ مع ابن القاسم، ولم يحك عياض غيره، وحكاهما ابن رَشْد. قال: وصوب محمد الثاني بأنه في الصحة كنكاح لأجل كمن قال: إن مضت سنة فقد زوجت ابنتي من فلان. ابن رُشْد: الأول أحسن؛ لأنه إن حمله على الوصية؛ فلا فرق بين الصحة والمرض، ووجه الثاني أنه حمله في الصحة على البت، وفي المرض على الوصية، وحمله محمد على البت فيهما، فمنعه في الصحة لطول الأمر كمن قال: إن مضت سنة، فقد زوجت ابنتي من فلان، وأجازه في المرض كمن قال: إن مضى شهر؛ فقد زوجت ابنتي من فلان النكاح جائز إن رضي فلان، لازم بمضي الشهر، وقولها فيمن قال: إذا مضى الشهر؛ فأنا أتزوجك؛ ورضيت هي، والولي النكاح، النكاح باطل؛ لأن قوله: أتزوجك؛ ليس التزامًا، فصار نكاح خيار، وقال بعض من تكلم على المدَوَّنة: لأنه التزام. وسمع ابن القاسم: من حضرت وفاته، فقال: إن أقام ابن أخي مع ولدي في تركتي حتى يبلغوا، فقد وصلته بابنتي، فلم يفعل ذلك ابن أخيه؛ فلا نكاح له. ابن القاسم: لو قام بما أوصى به عمه رأيت أن يتزوج، ويكون على ابن الأخ الصداق قد سمعت مالكًا يقول غير مرة فيمن يوصي أن تزوج أبنته ولا يزوجها هو: أن تنفذ وصيته. ابن رُشْد: لما أجاز أن يوصي بتزويجها من ابن أخيه دون شرط؛ جاز بشرط؛ لأن معنى قوله: وصلته بها وصيته بتزويجها منه، والمعروف لا يزوج البكر غيرهما إلا بعد بلوغها بإذنها، ولو كانت سفيهة وهو صماتها، وفي استحباب إعلامها أنه إذنها، ووجوبه نقل الباجي عن الأصحاب مع رواية ابن الماجِشُون وابن رُشْد عنها، وعن ظاهر سماع ابن القاسم، ونقل عياض مع ابن زرقون عن حمديس عن ابن القاسم، وابن رُشْد عن سماع رواية ابن مسلمة: وعليهما يكفي مرة. ابن شعبان: يقال لها: إن رضيت؛ فاصمتي، وغن كرهت؛ فانطقي ثلاث مرات. الشيخ: استحب ابن الماجِشُون أن يطيلوا المكث عندها قليلًا.

وروى محمد: إنما إنكارها بالقول لا الصمت. الجلاب: إن نفرت، أو ظهر منها دليل كراهتها لم تنكح، ولو بكت؛ ففي كونه إنكارًا قولا الجلاب مع المتيطي عن ابن مسلمة وابن مغيث قائلًا: نزلت، فاختلف فيها وحكم بإمضائه. قُلتُ: الصواب الكشف عن حال بكائها هل هو إنكار أو لا؟ ابن مغيث: وضحكها رضى. وفيها إن قال لها وليها: إني مزوجك من فلان، فسكتت؛ فذلك منها رضى. قال غيره: إذا كانت تعلم أن السكوت رضى، وفي كونه خلافاً أو وفاقًا ثالثها: الوقف لابن زرقون عن ابن حارث مع سَحنون وحمديس وأبي عمران للمتيطي عنه الأولان أيضًا. قال: وقال: إن كانت ذا بلهٍ وقلة معرفة أمكن أن تعلم. قُلتُ: الأظهر على هذا التقدير الوجوب. وفيها: لا ينفع البكر إنكارها بعد صمتها، وسقوطها من التهذيب نقص. والبلوغ بالحيض والاحتلام والسن. فيها: ثماني عشرة سنة. المازري: وهو المشهور. الصقلي: قيل: سبع عشرة. ابن وَهْب: خمس عشرة. ابن رُشْد: قيل: من هذا إلى الأول، وفي قذفها: لا حد على صبي أنبت. وقال: لم أحتلم ولا بلغ سنًا لا يبلغه إلا محتلم. وفي سرقتها: قيل: إن أنبت الشعر قال: قال مالك: يحد، وأحب إلى أن لا، وقد أصغى مالك للاحتلام؛ جبر كلمته في الإنبات، فالتنافي ظاهر يحد، وأصغى، اختصرها أبو سعيد بلفظها. ابن رُشْد: في اعتبار الإنبات ولغوه قولان الأصح لغوه، ولا خلاف عندي في لغوه فيما بينه وبين الله تعالى.

قُلتُ: قاله الصقلي عن يحيى بن عمر وعلى إلغائه لو زوجت به في إمضائه قولا محمد وأَصْبَغ. ابن عات: إن قالت يتيمة: زوجت قبل البلوغ، وقال الزوج: بعده؛ فالبينة عليها. قال سَحنون: ينظرها النساء، فإن أنبتت؛ زوجت، قاله مالك، ومن أثق به، وقاله ابن لبابة في مقنع ابن بطال. وتوكل المرأة الوصي رجلًا حرًّا بعقد نكاح محجورتها: وفيها: لها أن تستخلف أجنبيًا وإن حضر أولياؤها. ابن بطال: وكذا المعتقة فقبله، المتيطي وابن فتوح وابن عات وغيرهم. ورده ابن عبد السلام بأن إنكاح مواليها لعصبتها دون من وكلته؛ لأن الولاية لهم دونها ودون ولدها إن ماتت. قال: وهو بين من الموطأ، وكلام المتقدمين، وعرضته على من يوثق به أشياخي فقبله. قُلتُ: يرد بأنها عاصبة من أعتقته؛ لأنها محيطة بإرث كل ماله، وولاء من أعتق، وكل محيط بذلك عاصب، فصارت بالتعصيب كوصيَّة أو أشد؛ لأن صيرورة ذلك لها بالنسبة لا باقتراب حسبما قاله مالك فيها في عتق الجنين، وما ذكره عن الموطأ لم أجده، إنما فيه تقديمهم على عصبة ابنها بعد موتها في إرث ولاء من أعتقت، ولا يلزم من تقديمهم في إرث الولاء على عصبة ابنها تقديمهم على مباشر العتق؛ لأن المرأة في إرثه ساقطة، وفي مباشرة العتق ثابتة حتى في ولاء معتق معتقها، وقوله: لا ولاية لأبنها مردود بنص الموطإ، وكل المذهب على تقديمه عليهم في إرث معتقها دونهم. قال أشهب: يرث الولاء دونهم زحفًا. الباجي: لأنه ليس من قومها؛ ولكن قدم لقوة تعصيبه، وما نقل عن المتقدمين لا أعرفه؛ بل قولها: إن أمرت رجلًا يزوج وليتها؛ جاز. عياض: معناها أكثر أئمتنا من مولاتها أو من تحت إيصائها. ابن لبابة: مذهبهم جواز توكيلنا في إنكاح أمتها، ومولاتها إلا نقل سَحنون عن الغير أن المرأة ليست بولي، فانظر هذا مع جواب شيخه المعروض عليه ما ذكر، والله

أعلم بالصواب. وفي جبر الولي غير الموصي البكر اليتيمة قبل بلوغها ثالثها: إن أطاقت المسيس، ورابعها: إن كانت مميزة، وخيف عليها الحاجة للمازري عن قوله شاذة والمعرف، وابن حارث عن رواية ابن نافع قائلًا: اتفقوا على منعه قبل إطاقتها المسيس، وابن بشير قائلًا: اتفاق المتأخرين عليه إن خيف فسادها، وجوز ابن زرقون تقييد نقل المازري بإتفاق، وفي قول ابن رُشْد: اتفقوا على عدم جبرها إن بلغت سنًا تعرف فيه ما تميل إليه نفسها مما فيه صلاحها مع اتفاق ابن حارث نظر. وسمع ابن القاسم في امرأة من الأعراب زوجت ابنتها صغيرة محتاجة تسل وتطوف، قوله: بنت كم هي؟ قيل: عشر سنين. قال: إن كانت راضية؛ فهو جائز، وبنت عائشة بنت تسع سنين، ولو كانت صغيرة ما جاز. سَحنون: يريد: وكلت من أنكحها، وهي مسألة ضعيفة. ابن رُشْد: ضعفها؛ لأنه لا أمر للأم إلا أن تكون وصيًا، وأجازه مالك على أصله في جواز نكاح الأجنبي الدنية، وكون هذه محتاجة ورضيت. قُلتُ: ففي كون نكاح اليتيمة المحتاجة قبل بلوغها برضاها بنت عشر جائزًا أو ضعيفًا القولان. ابن رُشْد: إن زوجت دون حاجة إلى ذلك، فقال ابن حبيب: وروي عن مالك وأصحابه: يفسخ ولو طال، وولدت الولاد. أَصْبَغ: إلا أن يطول وتلد الأولاد، والسنتان والولد الواحد لغو. وسمع عيسى وزونان ابن القاسم، وروي محمد عنه: إلا أن يطول، وقيل: لها الخيار إن بلغت؛ فلا يفسخ إن علم به بعد بلوغها، ورضيت أو دخلت بالغة أن الخيار لعا، ويفسخ إن علم به قبل بلوغها أو بعده وأنكرت، وإن كان بعد الدخول ما لم يطل بعده وهو الآتي على سماع أشهب. وسمع ابن القاسم نص إمضائه بالعقد كظاهر سماع أشهب، ولأَصْبَغ أيضًا في

باب في النكاح الموقوف

سماعه: إن شارفت الحيض وأنبتت؛ لم يفسخ، وسمع إنما فرض المسألة في غير بالغ، فلعل الإنبات عنده علامة بلوغ، لاسيما وفي نص سماعه: وجرت عليها المواسي. قُلتُ: الأمر بكتب تفويض المرأة العقد عليها في غير ذات الجبر، ثالثها: في الثيب لا البكر للشعبي عن بعضهم قائلًا: صمتها دال على ذلك، وابن حبيب محتجًا بأن ولايته العقد عليها بالشرع لا بجعلها، وابن زَرْب محتجًا بأنه لا يلزم من رضاها بالزوج رضاها بالعقد للولي عليها؛ لجواز تقدم حلفها لا تزوجته بعقده وغير ذلك. الشعبي عن ابن لبابة: يزوج من لا ولي لها السلطان إن كان يقيم السنة، ويهتبل بما يجوز به العقد وغلا قلا، ويعقد عليها صاحب السوق إن كان يسأل، ويكشف عن مثل هذا. وسمع ابن القاسم نكاح من زوجت غلبة غير جائز فسخه بغير طلاق، ولا تنكح إلا بعد ثلاث حيض. [باب في النكاح الموقوف] والنكاح الموقوف فيه طرق: الباجي: هو أن يعقد الولي نكاحها، ويوقفه على إجازتها، ويذكر أنه لم يعلمها ذلك في إجازته إن أجيز بالقرب روايتان.

ابن القُصَّار قائلًا: الذي ذكره أصحابنا جواز ما وقف على إجازة الولي أو أحد الزوجين. الباجي: هذا موقوف أحد طرفيه على الآخر، وهو أحد ضربي النكاح الموقوف، وكذا لو أنفذ الزوج قبوله، وبقي الإيجاب موقوفًا، والثاني: أن يكمل الولي العقد على نفسه، والمرأة على أنها بالخيار؛ فهذا موقوف طرفاه على الخيار.

قال ابن القُصَّار: القياس القرب فيه كالبعد والتفريق بينهما استحسان لأن يسير العمل في الصلاة عفو. الباجي: قوله: التفريق بين القرب والبعد استحسان صحيح في الموقوف طرفاه، وهو في الصلاة قياس صحيح حق، واجب لعسر الاحتراز من يسير العمل في الصلاة، أما النكاح الموقوف طرفاه، وقد وجد جميعه؛ فالقرب فيه كالعبد؛ لأنه إن وقع صحيحًا؛ وجب جوازه، ولو طالت مدته، وإن وقع فاسدًا؛ فسخ، ولو بالقرب؛ فإنه أجاز البيع الموقوف، ولو طالت مدته، وغنما يفترق ذلك في الموقوف أحد طرفيه على الآخر؛ لأن سنة النكاح اتصال طرفيه، ولا بد فيه من يسير مهلة، فيجب أن يكون في أجزاء الموقوف طرفاه مطلقًا ومنعه قولان، والمنع الصحيح، واختاره ابن القُصَّار. والموقوف أحد طرفيه على الآخر في كراهة ما قرب منه قولان، ولأبي زيد عن ابن القاسم في جارية زوجها وليها إن رضيت؛ يفسخ ولو قربت، قيل: فإن دخلت قال: ما أدري، وكأنه ضعف فسخه؛ فلا خلاف على هذا في صحته؛ إنما الخلاف في كراهته، وفي جواز ما بعد منه، وإبطاله قولان. روى ابن حبيب: لا يقام عليه، ولو بعد البناء، وقاله أَصْبَغ مرة، وقال أخرى: يؤمران بفسخه قبل البناء دون جبر. قال: وقد قال مالك: إن أجازته جاز، وقال مرة: لا أحب المقام عليه، ولو أجازته. قُلتُ: الفرق بين الضربين أن الأول لم يتقرر فيه مجموع حقيقة الإيجاب والقبول، والثاني تقرر فيه مقيد الخيار، والأول يمتنع كون تمامه إن تم يوم نزل؛ بل يوم تم، والثاني يمكن فيه ذلك، وذكر ابن زرقون عنه بدل ما نقلناه عنه ثانيًا معطوفًا على ما نقلناه عنه أولًا ما نصه: أو يكون موقوفًا طرفاه على رضى المرأة، ورضى الرجل، ويكمل الولي العقد على نفسه. ابن رُشْد: في إمضاء الموقوف على رضى أحد الزوجين القريب المجهول وقفه للآخر ثالث الروايات: يستحب فسخه لا بحكم، ولأَصْبَغ: يؤمران قبل البناء بالفسخ دون حكم به.

قُلتُ: قيد الصقلي قول أَصْبَغ بالبعيد، وكذا مر للباجي. ابن رُشْد: المشهور الأولى، ومعنى الثانية ما لم يبن، ولو أعلم الولي الزوج أنه لم يستأمرها وجب عدم جوازه؛ لأنه نكاح خيار لتزويجه إياها على إن رضيت. وسمع أبو زيد ابن القاسم: يفسخ، وتفريق بعضهم بأن الحاضرين لهما مندوحة عن الخيار بعيد؛ يلزمه جواز إنكاح بعيدة الغيبة للعجز عن إنجاز النكاح. أّصْبَغ وسَحنون: القرب يومان. عيسى: ومن اليسير من مسجد أو سوق إليها. ابن رُشْد: البعيد ظاهر الروايات يفسخ اتفاقًا، وهو رأي شُيُوخنا وقول التونسي: كالقريب أقيس؛ لأن خيارها إن جعل كشرطيٍّ وجب فسخه في القرب، وإن جعل كحمكمي؛ جاز في البعد كنكاح عبد بغير إذن ربه، ويأتي لابن رُشْد بينهما تفريق، وأيضًا هو قسم ثالث؛ لأنه حكمي للمرأة شرطي للولي العاقد. ابن رُشْد: وعلى التسوية في جوازه وفساده ثالثها في القرب، وفي فسخ القريب والبعيد على عدم جوازه مطلقًا، أو ما لم يبن، أو ما لم يطل بعد بنائه ثلاثة لأَصْبَغ ومحمد مع سماع عيسى ابن القاسم مرة وسماعه أخرى. الصقلي عن ابن القاسم: أحب إمضاءه في الابن الكبير البائن إن وطئ حين علم. ابن زرقون: في إجازة النكاح الموقوف ثالثها: في القرب لروايات ابن القُصَّار والجلاب وابن القاسم، وقال أشهب بالأولى. قُلتُ: هذا خلاف قول ابن رُشْد: ظاهر الروايات يفسخ البعيد اتفاقًا. ابن رُشْد: فسخه قبل الرضا بلا طلاق ولا إرث فيه، وقول عيسى عن ابن القاسم فسخه إن قال الولي: أذنت وكذبته بطلاق بعيد. وفي الحرمة به إن فسخ قبل الرضا، أو قدمت فأنكرت ثالثها: الكراهة لأصبغ وابن الماجِشُون مع الشيخ ولها، واحتج الشيخ بأنه لو قال: زوجت ابنتي فلانًا إن رضي فقال: لا أرضى؛ لم يحرم وهو صحيح. قُلتُ: إيقاع العقد دون تصريح بوقفه على أمر يؤول وقفه عليه أقرب للتمام، والصحة منه مصرحًا بوقفه عليه؛ ولذا خالف الخيار الحكمي الشرطي.

قال: وفي فسخه بطلاق، وثبوت الإرث فيه بعد رضاها قولان نص عليهما قائمان من قولها في وجوب الطلاق والإرث فيما فسخ من مختلف فيه، وتقع الحومة به، وإن فسخ قبل البناء اتفاقًا. وسمع ابن القاسم: من زوج أخته حاضرة بلدة، فأنكرت وقالت: لم أرض، ولم أوكله، ثم أقرت بعد ذلك، وأحبت إجازته قال: لا أراه إلا بنكاح جديد. ابن رُشْد: مثله فيها سواء أرادت بإنكارها رد النكاح أو الإباية من إجازته خلاف تفرقتها بين ذلك في رب عبد تزوج بغير إذنه؛ لأن إنكاح المرأة بغير إذنها على الرد؛ إذ لم ينبرم بين الزوجين بدليل أن الأمر إذا طال لم يكن لها أن تجيزه، وتزويج العبد على الإجازة حتى يرد لانبرامه بين الزوجين، وإنما الخيار لغيرهما بدليل أن طول الأمر لا يمنع إجازته، وجعل ابن وَهْب المرأة كالسيد في ذلك وهو الأظهر أن لها الإجازة بالقرب والبعد ما لك تصرح بالرد كالسيد في القرب والبعد. قُلتُ: هو في النوادر: رواية لابن وُهْب: العُتْبِيّ عن القرينين في سماع ابن القاسم: قال مالك: من زوج أخته، فمات زوجها فقال: ورثته أقيموا البينة أنها كانت رضيت؛ يكفي قولها: كنت رضيت. ابن رُشْد: إن حققوا الدعوى أنها ما كانت رضيت حلفت، فإن نكلت حلف الورثة، وسقط إرثها، وإن لم يحققوا؛ ففي وجوب حلفها خلاف. وفيها: إذن المزوجة بغير إذنها في إمضائه بالقرب نطقٌ. الباجي: ومثلها البكر المعنسة واليتيمة يساق لها ما نسبت معرفته لها، والمزوجة من ذي رق. ابن عات: أو ذي عاهة، وفي المرشدة ثالثها: إن كان مهرها عرضًا للمتيطي عن المشهور مع ابن العطار والباجي، وكثير من الشُيُوخ وابن لبابة. وفيها: إن أقرت بالإذن، وأنكرت إنكاحه إياها؛ صدق إن ادعاه زوج. اللخمي: عزلها إياه إثر قوله: زوجتك؛ لغو. ويختلف إن عزلته فقال: كنت زوجتك، والأحسن تصديقه. قُلتُ: مفهوم قولها في النكاح وغيره عدم تصديقه.

وفي أقضيتها: إن قال المعزول: ما في ديواني شهدت به البينة عندي؛ لم يقبل قوله، ولو ثبت عزل الوكيل؛ قبل عقده جاهلاً عزله، ففي لزوم عقده ولغوه نقل المتيطي عن أبي الفرج مع ابن القُصَّار وغيرهما، وابن القاسم مع إسماعيل القاضي، وابن المنتاب وغيرهم وبه القضاء. وسمع يحيى ابن القاسم: من أشهد لرجل بإنكاحه وليته، فأنكرت علمها بذلك ورضاها به إن كان افشهاد بحيث يعلم أنها لم تعلمه؛ فلا يمين عليها مثل كونه في المسجد، وإن كان بحيث يرى أنها عالمة؛ حلفت ما وكلته ولا رضيت، ولا ظنت أن اللعب الذي كان بدارها، ولا الطعام الذي صنع لها إلا لغيرها، فإن نكلت؛ لزمها النكاح. ابن رُشْد: في لزوم حلفها رجاء أن تقر بالنكاح، ولا يلزمها إن نكلت ثالثها تفصيل هذا السماع. وقوله: إن نكلت لزمها؛ يريد: بعد حلف الزوج إن حقق الدعوى، وإلا فعليه يمين التهمة. عن غيره وليًا أو وكيلًا إن زعم في العقد أنه بإذن الغائب؛ لم يفسخ قبل قدومه. ابن رُشْد: اتفاقًا، فإن صدقه؛ صح ولو بعد، وإن كذبه ورده؛ سقط. وفي يمينه قولان، فإن رضيه؛ فعلى ما مر، ولو قال: بغير إذنه فسد، ولو قرب اتفاقًا. قُلتُ: هذا الاتفاق خلاف ما مر للباجي في تفسير الموقوف، ولو سكت، فسمع ابن القاسم في وكيل الزوج كالأول أَصْبَغ: وكذا أحسبه قال فيمن زوج ابنة الرجل البكر. محمد: هو فيها زفي أمة الرجل أثقل. وقال أشهب: لا يجوز النكاح بحال ولو صدقه الأب. ابن رُشْد: هو ظاهر قولها: إن زوج أخ أخته البكر؛ لم يجز، ولو أجازه الأب إلا القائم بأمر أبيه المدبر لشأنه.

وقال التونسي: لا فرق بين ذلك، فإما أن يحمل الأمر على التوكيل في الجميع؛ فيجوز، أو على الافتيات؛ فلا يجوز. أبو عمر: من عقد نكاحًا بوكالة ثم طلقت؛ لم يزوجها مرة أخرى إلا بتوكيل جديد. قُلتُ: ويتخرج على نقل المتيطي أخرى، وروايتي ابن عتاب أن لوكيل الأب جبر البكر بمطلق توكيله على إنكاحها أن له إنكاحها ثانية بمطلق توكيله. وسمع ابن القاسم: لا يشهد على المرأة في نكاحها إلا من يعرفها أو بعد رؤيتها. ابن رُشْد: إن فقد من يعرفها، فإن شهد، وثم من يعرفها أولًا؛ فلا يشهد على شهادته غيره؛ لاحتمال كون المشهدة غيرها، فيؤدي ذلك إلى الشهادة عليها، وهي لم تشهد أحدًا، وذلك باحتمال موت الشهيدين الأصليين المستندين للرؤية، وشهادة من أشهداه على شهادتهما عليها. قال أَصْبَغ ومالك: والبيع والوكالة والهبة ونحوها لا يشهد فيها إلا على من يعرف بخلاف النكاح. ابن رُشْد: خوف الشهادة على خطة إن مات، وعلى عملنا اليوم لا يشهد على خطه إلا في الحبس، ونحوه تكون الحقوق كالنكاح. قُلتُ: لابن حارث في باب الشهادة على الخط: جرت عادة الناس، واستحكمت في زمننا في كل بلد دخلته على المسامحة في إيقاع شهادتهم على من لا يعرفون. ورأيت بعض العلماء: يسامح في إيقاع شهادته على من لا يعرف بعين ولا اسم؛ لئلا ينبه العامة على وهن الشهادة على من لا يعرف بعينه ولا اسمه، ومن فوضت في إنكاحها لوليها من غير معين؛ ففي وقفه على رضاها ثالثها: إن زوجها منه، للخمي عن أحد قوليها مع سماع القرينين، واللخمي عن نقل ابن القُصَّار مع نقل ابن حارث، واللخمي مع ابن رُشد عن ثاني قوليها، والعُتْبِيّ عن سَحنون قائلًا: إن زوجها كفؤها بكرًا كانت أوثيبًا، وإشارة اللخمي إلى تخريجه على قول سَحنون في وكيل البيع يرد بأن النكاح أشد؛ لأنه في النفس. وقول ابن رُشْد: إن زوجها من نفسه؛ لم يلزمها اتفاقًا خلاف ما تقدم للخمي وابن

حارث، وعلى الأول في صحته برضاها مطلقًا أو بالقرب. نقل ابن رُشْد عن المذهب وابن حبيب رادًا قول ابن حبيب كمن زوج وليته قبل أن يستأمرها بوضوح الفرق بينهما. قُلتُ: ومع هذا فبقول ابن حبيب شرح ابن عبد السلام قول ابن الحاجب. وسمع القرينان لمن جعل إنكاح وليته لمن طلب ذلك منه بجعل أو دونه عزله ولا يحل فيه جعل، ويرد ولو أنكحها، ويلزمها إنكاحه إن كانت بكرًا ذات أب أو ثيبًا، وقد سمي لها الزوج قبل العقد، وإلا لم يلزمها إلا بالبناء بها؛ لأنه رضى منها به لقول مالك فيمن فوضت أمرها لوليها، ولا يلزمها إنكاحه إياها من لم يسمه لها. ابن رُشْد: حرمة الجعل؛ لأنه لما كان له عزله عن إنكاحها لم يدر هل يتم له غرضه بتركه عزله أو لا يعزله؟ فكان غررًا مع سلف جر منفعة، وهي رجاؤه حصول غرضه، وهو تزويجه إياها ممن أحب، ولو لم يكن له عزله لا جعل الجعل؛ جاز على قول سَحنونفي البكر والثيب، ولو لم يسم لها الزوج، وعلى قول مالك في البكر والثيب: إن كان سمي لها الزوج لحصول غرضه وهو الإنكاح. قُلتُ: في هذا التخريج نظر؛ لأنه على فرض لم يعلم من قاله معينًا ولا مبهمًا. قال: وسمع عيسى إجازة ابن القاسم: أن يعطي الرجل آخر جعلًا على أن يوليه بعض سلعته؛ لأنه لم يجعل له رجوعًا في ذلك؛ لأن الحق فيه له لا لغيره والنكاح الحق فيه للزوجة. وفرق بعضهم بأنه في النكاح جعل على ما لا منفعة فيه لدافع الجعل، وله في البيع منفعة؛ إذا قد يشترط على المشتري أكثر من الجعل؛ فينتفع بالزيادة. ولو شرط في النكاح شيئًا لنفسه؛ كان للزوجة، وكان يغرب بهذا القول واهتدائه إليه، وهو وهم؛ لأن المشترط في البيع للبائع؛ لأنه كالنكاح. قال: وتشبيه ابن القاسم مسألة من وكل على إنكاح وليته المالكة أمر نفسها يزوجها من لم يسمه لها بمسألة من فوضت أمرها لوليها غير صحيح؛ لأنهما مفترقان، أما من زوج وليته قبل أن يستأمرها، أو وكل من زوجها، كذلك فلا خلاف أنه لا يلزمها.

ومن وكلته وليته أن يزوجها، فزوجها ولم يسم لها الزوج؛ ففي لزوم النكاح لها خلاف تقدم. قُلتُ: تشبيه ابن القاسم؛ إنما هو في عدم لزوم العقد لها، والفرق المذكور ينتج كون التشبيه المذكور قياس أحرى. والرواية: كراهة إنكاح الوصي من في ولايته من نفسه أو ولده إلا بإذن السلطان. ابن سَحنون: هو مقدم القاضي أشد كراهة. اللخمي: إن نزل نظر، فإن عدل في المهر والكفاءة مضى، وإن قسط في المهر، فإن رجع للعدل؛ أمضى، وإلا فسخ قبل البناء وبعده، يجبر على الرجوع للعدل، وإن لم يكن كفاءة؛ رد إلا إن نزل بالمولى عليه عيب، أو فقر يوجب حسن إمضائه. وفيها: من زوج ابنه ساكتًا، فلما فرغ قال: ما وكتله ولا أرضى؛ حلف على ذلك وبرئ. اللخمي: إن أنكر حين فهمه العقد عليه؛ لم يحلف وبعده حين فراغه هو مسألتها، وعلى قولها لو نكل؛ فالأحسن قول الشيخ: لا غرم عليه، لا قول غيره يغرم نصف الصداق، وبعد تمام العقد وتهنئته به لا يقبل قوله، ويغرم نصف الصداق، ولو رضي بعد ذلك بالنكاح، فإن قرب رضاه، ولم يكن منه إلا الإنكار؛ فله ذلك، واستحسن حلفه أنه إن لم يرد بإنكاره فسخًا، فإن نكل؛ لم أفرق بينهما، وإن رضي بعد طول أو كان قال: رددت العقد لم يكن له ذلك إلا بعقد جديد. الباجي والشيخ عن ابن القاسم: إن أبي ولي إنكاح وليته، وأبدى وجها قبل، وغلا أمره السلطان بإنكاحها، فإن أبى زوجها عليه. المتيطي وابن فتوح: على هذا عمل الناس في غير الأب في ابنته البكر لا رواية ابن سُحنون عنه مشاورة السلطان الولي في الإنكاح، وعلى المعروف وقفوه في البكر على ثبوت بكارتها وبلوغها، وكفاءة الزوج ورضاها به، وبمهره منه مهر مثلها، وخلوها من زوج وعدة، وإن لا ولي غيره، وفي الثيب على ثبوت ثيوبتها، وملكها أمر نفسها، وما بعد الكفاءة سوى أنه مهر مثلها. وفي الكفاءة قولان للباجي مع بعض الموثقين وابن فتوح مع بعضهم.

باب العاضل في النكاح

وفي لزوم ثبوت حريتها نقل المتيطي عن فضل مع أَصْبَغ، وتخريج الباجي على أصل أشهب وابن القاسم. قُاتُ: التخريج على أصل أشهب من القذف يرد بأن الحد يدرأ بالشبهة. ابن سَحنون: ليس قول أَصْبَغ ببين؛ لأن الأصل في الناس الحرية. [باب العاضل في النكاح] وفي كون الولي ليس عاضلًا برده خاطبين حتى يرد الأكفاء مرة بعد مرة مطلقًا أو برده أو كفء ثالثها: إن كان أبًا مطلقًا، أو وصيًا في البكر، ورابعها: إن كان أبًا في البكر حتى يتبن ضرره، لنقل ابن فتوح والمتيطي عن أبي الفرج، ونقل ابن فتوح والصقلي عنها. وفيها: قلت: إن أبي أب إنكاح أول خاطب رضيته كفؤًا قال: لم أسمعه، ولا يكره إلا إن عرف ضرره، قال له السلطان: زوجها وإلا زوجتها عليك. قُلتُ: أخذه برد خاطب أو خاطبين. قال: لم أسمعه إلا أن يعرف ضرره. ابن حبيب: لا يمنع أب منع إنكاح ابنته منع مالك إنكاح بناته، ورغب فيهن خيار الرجال، وفعله أهل العلم قبله وبعده. ابن فتوح: ليس عليه العمل. اللخمي: إن كان عالمًا صالحًا ترك قد يكون لعيب أو نقص لا يغتفره الأزواج، وإلا سئل الجيران، فإن لم يعلم عذره؛ منع. وقول ابن عبد السلام: حمل الأكثر قول ابن حبيب على الخلاف ليس كذلك؛ لأنه في المدَوَّنة شرط تبين ضرره. وقول ابن حبيب فيمن لم يعلم قدر ضرره يرد بأن لفظها إن عرف عضله، وضرره ولم يكن نظرًا زوجها السلطان إن طلبته؛ فظاهره إن عدم كونه نظرًا تفسير لقوله: ضررًا يوجب تزويجها عليه، وظاهر قول ابن حبيب عدم منعه، وإن لم يظهر كون منعه نظرا وهما بناء على حمل فعله فيما لم يظهر سداده على عدمه أو عليه.

وإن اختلف أولياء؛ فعدد واحد بعد عقد أحدهم مضى إلا لحق في كفاءة، وقاله الشيخ عن ابن حبيب دون استثناء، وعزاه لمالك وأصحابه وقبله فيمن يعقد ستة. اللخمي عنها: ينظر السلطان في ذلك. عبد الحق عن بعض القرويين: تعين المرأة أحدهم، ورد الباجي بأن نصها ينظر السلطان، ووهمه ابن زرقون بأن عبد الحق إنما ذكره إثر قول سَحنون: معناه في الوصيين، فبين عبد الحق حكم الوليين. اللخمي عن ابن حبيب: أفضلهم، فإن استووا فأسنهم، فإن استووا وليه كلهم إن تشاحوا، وزاد المتيطي والباجي عنه: وليس للمرأة أن تفويض لأحدهم دون سائرهم. الباجي: لأنه حق للولي، وقول مالك فيها على أنه حق لها. الكافي: أفضلهم، فإن استووا عقد السلطان، أو من يعينه منهم قال: وقيل: يعين ولا يعقد. اللخمي: لو قيل: يعقدون أجمعين دون تعيين الأفضل؛ حسن؛ إذ لا وهم فيه. وفيها: إن اختلفوا وهم في قعدد واحد في نكاح المرأة نظر السلطان، قيل: لابن القاسم هذا: إن فوضت إليهم فقالت: زوجوني أو خطبت فرضيت، قال نعم. قال أبو عمران: يعني الأولياء. المتيطي عن ابن سعدون: يحتمل أن اختلافهم فيمن يعقد أو في الزوج. قُلتُ: إن كان في الزوج تعين من عينه إن كان كفؤا. قلت لمالك: كلا معتقي المة وليها. قُلتُ: فإن زوجها أحدهما دون إذن الآخر قال: نكاحه جائز، وإن لم يرض، ثم قال: لا رد لأحد أخزين إنكاح الآخر أختهما، فحمل عياض مسألة المعتقين على جوازه ابتداءً. قال: وتعقيها بعضهم بأنما لأحدهما نصف الولاء والأخوة أقوى لا شيء؛ لأن الولاء لحمة كلحمة النسب لا يتنصف، ومسألة الخوين تضعف قوله؛ لأن إنكاح أحدهما جائز على الآخر اتفاقًا، وغن أشار بالتنصيف للإرث؛ لزمه في الأخوين، وله أن يقول للمنفرد منهما: كل الإرث بخلاف المنفرد من المعتقين.

قُلتُ: فآل الأمر لزوم التعقب. ومن زوجت رجلين بوكيليها؛ ففي كونها للأول مطلقًا أو للثاني إن اختص ببنائها قولا المغيرة مع ابن عبد الحَكم، والمتيطي عن ابن مسلمة والمشهور معها، وقيدوه بعدم علمه بالأول قبل بنائه لقضاء عمر به ثم معاوية. اللخمي وابن رُشْد وغيرهما: بناءً على أن العزل بنزوله أو بلاغه. قُلتُ: فيناقض قول نكاحها قول صلاتها إذا قدم والٍ بعد خطبة الأول أعادها. ابن رُشْد: في لغو إقرار مزوجه أنه عقد له عالمًا بعقد الأول وإعماله نظر، ولو ثبت علمه به ببينة قبل عقده؛ فسخ بغير طلاق، وعزاه اللخمي لمحمد. المازري: وترد للأول بعد الاستبراء، ولو أقر الثاني بعلمه بالأول قبل بنائه؛ فسخ عقده، وفي كونه بالطلاق نقل الشيخ عن محمد وابن الماجِشُون. المتيطي عن ابن حبيب: تلذذ الثاني بها كبنائه، ولو جهل كون المختص بالبناء ثانيًا، ففي كونه كذلك، أو أحق اتفاقًا طريقا اللخمي وابن رُشْد، ولو جهل الأول ولا اختصاص ببناء؛ فسخا، وفي كونه بطلاق ثالثها: لمن تزوجها بعد زوج منهما لابن القاسم وابن حارث عن سَحنون مع المتيطي عن محمد والأكثر عنه، وفي تصديق المرأة أو الوليين في تعيين قولان لأشهب، وأنكر أصْبَغ الأول، ولها. المتيطي عن ابن عبد الرحمن وابن سعدون: قولها بناءً على لزوم إنكاح الأول دون تسمية الأول لها، وعلى عدم لزومه؛ يخير في أحدهما. ابن سعدون: على أن من خير بين أمرين لا يعد منتقلًا، ولو بان كون عقد الثاني بعد طلاق الأول قبل بنائه، ففي صحة الثاني مطلقًا، أو إن كان العاقد له أبًا أو ابنًا نقل ابن رُشْد عن المذهب، وعن ابن الماجِشُون موجهًا الثاني بأن ولاية الأب دائمة، وولاية غيره تنقضي وكالته بتزويج الأب قبله، ولو بان أنه في عدة وفاة الأول؛ فسخ في حياته، وبناؤه في عدة وفاته غير عالم بالأول في صحته؛ فلا ترث الأول وفسخه فترثه؛ لأنه نكاح في عدة قول محمد، وتخريج ابن رُشْد على امرأة المفقود يبين ذلك فيها. قُلتُ: نقل الصائغ عن التونسي مناقضة قول محمد هذا بقوله في المفقود، واختار أنه ناكح في عدته.

قُلتُ: قد يفرق بأن الحكم بالعدة للمفقود آكد؛ لتقدم تقرر نكاحه، واختصاصه بالزوجة دون معارض له. قال اللخمي عن محمد: ولو بنى عالمًا بالأول؛ فسخ نكاحه، واعتدت من الأول وورثته، وكذا إن طلق؛ فسخ وردت للأول. قُلتُ: ولو ماتت ولاحق بها، ففي إرثهما إياها نصفين قولا ابن محرز وأكثر المتأخرين بناءً على أن الشك في تعيين مستحق الإرث أو في موجبه، ورجحه التونسي بأنها لو بقيت حية؛ فسخ نكاحهما. ابن محرز والتونسي عن بعض المذاكرين: من لم يزد صداقه على إرثه؛ فلا شيء عليه، وإلا غرم الزائد لإقراره بموجبه. التونسي: هذا إن ادعى كل منهما أنه الأول، وإن شكا؛ فلا غرم، ولو ماتا أو أحدهما؛ فلا إرث لها. ابن محرز: ولها أخذ صداق من وافقته على أنه أول؛ لأنه إقرار بمال، ولو أقام بينة أنه الأول؛ سقطتا، وفي الترجيح بالعدالة نقل ابن حارث عن سَحنون مع ابن الماجِشُون، وأشهب مع ابن القاسم. اللخمي: لو عقد الوكيلان في مجلس واحد؛ فسخا، ولو بني أحدهما لعلم كل منهما بعقد الآخر، وقول ابن شاس والكافي: إن عقدا معًا ترافعا؛ ظاهره ولو جهل كل منهما عقد الآخر، ولم يفرق الأكثر بين توكيلها ولييها في كلمة أو متعاقبين. وقال الباجي: إن تعاقبا؛ ثبت الول وفسخ الثاني، ولو بنى وحده، ورواية محمد معها: لو وكلت ولييها؛ فالأول أحق إلا أن يبني الثاني؛ فهو أحق، وناقض الصائغ قولها بذي ثلاث نسوة، وكل رجلين على إنكاحه، فزوجه كل منهما امرأة، ودخل بالثانية غير عالم أنها ثانية؛ يفسخ نكاحها لا الأولى، ورد جواب بعض البغداديين بأن أصل وكالة المرأة على إنكاحها ضروري؛ لامتناع إنكاحها نفسها بخلاف الرجل؛ بأنه يلزمه لو وكل رجلين على بيع سلعة فباعاها؛ فالثاني أحق بها إن قبضها وبيعه كنكاحه. قُلتُ: يجاب بأن الحكم بالأحقية في النكاح لأجل البناء؛ إنما هو لمالك العصمة، ولما لم يكن سبب النزاع من قبله في وكالة المرأة؛ حكم له بها، ولما كان من قبله في وكالة

الزوج؛ لم يحكم له بها. وقرب غيبة الولي كحضوره، وبعيدها. قال الشيخ: روي ابن وَهْب: إن بعدت غيبة الولي؛ زوجها السلطان. وسمع أشهب: إن كان على مسافة ثلاث ليال لا يقدم؛ زوجها السلطان وهو أحد أوليائها فقبله. الشيخ: بظاهره. ابن رُشْد: هذا على أن تقديم الولي، وذي الرأي على السلطان اختيار لا وجوب، وعليه لا يزوجها في مسافة أربع، ونحوها حتى يعذر إليه كحاضر. وروى ابن حبيب: إن بعدت غيبة الولي غير أب؛ زوجها الإمام، ولا يزوج الثيب ذات الأب حتى تطول غيبته جدًا، وفي كون السلطان بغيبة الأقرب أحق من الأبعد أو العكس قولها ونقل اللخمي، وقول ابن الحاجب: إن بعدت غيبة القرب؛ زوج الحاكم وقيل: أو البعد يقضي أنها سواء ولا أعرفه، وفي سقوط حق أبي البكر ببعد غيبته. فال ابن رُشْد: ثالثها: إلا أن يستوطن، ورابعها: وطال كعشرين سنة لسماع ابن القاسم مع ظاهرها وابن وَهْب مع رواية محمد وتأويلها بعضهم وابن حبيب. الصقلي عن ابن وَهْب: إن قطع نفقتها؛ زوجت. المتيطي عن ابن سعدون: اتفاقًا. ابن رَشْد: إن قطع نفقته؛ صح وخيف ضياعها؛ زوجت اتفاقًا، ولو قبل بلوغها. المتيطي عن عبد الملك: لا تزوج في حياته، ولو ضاعت واحتاجت وخيف عليها، رواه محمد بن يحيى السبائي في المدَوَّنة، وقاله سَحنون في روايته فيها. وعن ابن فتوح: قول سَحنون للمدنيَّة لا للمدَوَّنة، ولم يعز رواية السبائي لها. اللخمي: تزوج؛ لعدم النفقة، ولو قبل البلوغ، ولخوف فسادها، ولو لم تطلبه، وفي كون العقد عليها للسلطان أو للولي قولها، ونقل ابن رُشْد عن ابن وَهْب مع رواية محمد والمتيطي عن رواية أشهب قال: وبالأول العمل، وإذا قدم السلطان لإنكاح من له إنكاحه، وقلنا: يكتب تفويض المرأة، ففي كتبه السلطان، أو لمن قدمه نقل ابن فتوح والمتيطي عن ابن أبي زَمَنَيْن قولي بعض الموثقين وبعضهم، وفي كون البعد كإفريقيَّة من

مصر أو بحيث لا ينقذ كتب القاضي محلها إليه نقل ابن رُشْد عن المذهب، والمتيطي عن عبد الحق عن الأبياني: ولو فقد فانقطع خبر موته ... فالمشهور يزوجها الولي بإذنها، ووقفه ابن الماجِشُون على مضي أربع سنين. المتيطي عن أَصْبَغ: لا تزوج بحال، وبالأول العمل. قُلتُ: فيلزم في حياته أحرى. ابن رُشْد: إن أسر أو فقد، وطلبت التزويج؛ زوجها الإمام ولو كانت في نفقته، وأمنت ضيعتها اتفاقًا. وإنكاح ولي أبعد مع وجود مجبر يرد، ولو ولدت الأولاد، وأجازه. وروي القاضي: إن أجازه السيد في أمته؛ جاز فخرجه اللخمي في الأب في ابنته البكر، وإن زوج أمة أحد سيديها؛ رد، ولو أجازه الآخر. قُلتُ: إن كان قبل البناء، ودفع الزوج المهر، وغره العاقد؛ ضمن وإلا فكنصفه بالطلاق، وبعد البناء إن أجازه الغائب، ففي غرم الزوج المسمي أو الأقل منه، ومن المثل نقل اللخمي مع أول نقل ابن محرز، وثانيه عن محمد مع الصائغ عنه، وفي رجوع الغائب على الزوج إن عقد غير عالم به، أو على الشريك قول محمد مع تحريج عبد الحميد على قول ابن سَحنون في اتباع من أجاز بيع غاصب ما غصبه مبتاعه بالثمن، وتخريجه على قول ابن القاسم يتبع به الغاصب. التونسي: إن تزوج عالمًا بالغيب؛ خير الغائب في اتباعه، واتباع شريكه؛ كمبتاع من غاصب علم غصبه، ولو رده؛ ففي غرم الزوج المسمى أو المثل ثالثها: نصف المسمى للعاقد، ونصف الأكثر للآخر لأشهب، وفضل وابن القاسم. اللخمي: وعلى الثاني: إن تزوج عالمًا بالغائب، والمسمى عشرون، والمثل ثلاثون فغرمه؛ فلا مقال له؛ لأن خمسة من العشرة الزائدة للغائب، وخمسة منها كملت لحقه؛ لأنه لا يقسم إلا بالتراضي، فإن عتقت؛ لم يتبع به الزوج أحدًا، وإن بيعت بغير مالها؛ رجع على العاقد بخمسة، وبما لها رجع عليه بالأقل منها، أو من نصف ما زاد المال في ثمنها، ولو فاتت؛ رجع بخمسة، فإن لم يوجد لها إلا عشرون؛ كان له ثلاثة، وثلث العشرة التي تنوب الحاضر؛ لأن الخمسة الحاضرة مفضوضة عليهما.

قُلتُ: الصواب؛ لأن الخمسة الذاهبة من العشرة الذاهبة مفضوضة على العشرة الحاضرة الواجبة للعاقد، والخمسة التي كان يستحقها تمام خمسة عشرة التي بها يرجع الزوج عليه. وفي تنزيل كلامه عليه بعد لا يخفى. وصوب اللخمي قول ابن القاسم: يقسم الصداق بدعوى أحدهما؛ لأن الصحيح أنه غير مال لها، وحق الزوج في التجهيز؛ بطل بالفسيخ، فوجب كونه لسيدها؛ لأنه ثمن منافعها أو رقبتها، ولأنه كجناية لما زوجت دون إذن الغائب. قُلتُ: قوله: أو رقبتها بعبد، وغن تزوج جاهلًا به؛ ففي رجوعه على العاقد بكل ما غرم أو إلا ثمن دينار قول بعض القرويين، والشيخ مع القابسي، وفي أخذ الغائب ما يرجع به على الزوج، وبقائه بيد الأمة قول التونسي محتجًا بأنه أرش؛ لأنه عوض عداء مع تخريج عبد الحميد على أنه غلة، وتخريجه على أنه ملك للزوجة. وفيها: إن زوج أخته البكر دون أمر أبيه؛ رد إلا يكون فوض أمره له. ابن القاسم: وكذا الأخ والجد. ابن حبيب: وسائر الأولياء. ابن محرز: والأجنبي. وقوله: ينبغي عدم وقفه على إجازته؛ لأنه بإذن الأب؛ يرد بأن إذنه مطلق يحتمل عدم تأوله ما وقع؛ فإجازته له قرينة في إرادة دخوله في التفويض، وفي شرط إمضاء الأب بقربه نقلاه عن حمديس وأبي عمران. المتيطي: وشرط فسخه برد الأب حضور الزوج، وعدم دعواه أنه كان بأمره، فإن ادعاه؛ فله تحليفه عليه، فإن نكل؛ ثبت النكاح. قُلتُ: إن كان نكوله بالقرب؛ فواضح وإلا ففيه نظر، وقول ابن الحاجب: تزويج السلطان مع المجبر كأبعد مع أقرب، لا كمساوٍ، وعلى الشهر لا أعرفه؛ بل نصوصهم أنه معه كغيره معه، وقول الشيخ: روى ابن حبيب: إن زوج البكر سلطان أو ولي في قرب غيبته؛ رد ولو أجازه الأب، وقاله ابن القاسم، وتقدم نصها في الأخ مع الأب والأخ أحق منه أو مساويه لا أدنى منه اتفاقًا، وفي إنكاح ولي خاص أبعد مع أقرب غير

مجبر تسعة: عياض: روي البغداديون جوازه ابتداءً، وأخذ من قولها: إن زوج ثيبًا أخوها بإذنها؛ فلا مقال لأبيها. وفيها: روى علي: إن كانا أخوين؛ جاز، ولا ينبغي إن كانا أخًا وعمًا أو عمًا وابنه. وفيها: إن نزل مضى، وحملت عليه مسألة الأخ، ومسائل فيها ظاهرها كالأول, وفيها: روى أكثر الرواة: ينظر السلطان وبعضهم للأقرب رده ما لم يطل، وتلد الأولاد. ابن حبيب في الواضحة: ما لم يبن. المتيطي: اختصرها فضل: ما لم يطل بعد البناء، ورواه أبو زيد. المغيرة: يفسخ بكل حال. أبو زيد عن ابن الماجِشُون: ما لم يبن، فقال ابن حبيب: ما لم يكن القرب حاضرًا عالمًا بعقد غيره؛ فذلك منه رضا وتسليم. وقول اللخمي: (لا فساد فيه اتفاقًا؛ إنما الخلاف هل فيه حق لآدمي أم لا؟) خلاف ما نقل عن المغيرة. اللخمي: ويمضي في الدنية بالعقد اتفاقًا. وفيها: إن أنكح معتقته بإذنها؛ جاز، وإن كره وليها، ولو أنكح بكرًا ذات وصي وليها؛ ففي تحتم فسخه، وإجازته بإجازة الوصي ثالثها: إن كان نظرًا؛ لم يفسخ لعياض عن ظاهرها وابن شعبان وبعض الشُيُوخ. وإنكاح أجنبي مع وجود مجبر يرد: المتيطي: وعلى رواية القاضي: يمضي بإجازة السيد في الأمة؛ يمضي. قُلتُ: يرد بأن الولي أقوى من الأجنبي، وفيما عقده أجنبي في ذات قدر لها ولي نسب من كفء ستة: اللخمي: روى القاضي: يمضي بالعقد. وقال إسماعيل: يشبه على مذهب مالك فوته بالبناء. سُحنون: يفسخ أبدًا.

اللخمي: يريد: ولو طال وولدت الأولاد. المتيطي: روى ابن خويزمنداد: كالقاضي: وفيها: فيل لمالك: أيثبت نكاحه؟ فوقف فيه. ابن القاسم: أراه جائزاً إن قرب. قلت: أرأيت إن كان بني بها؟ قال: بناؤه وعدمه سواء إن أجازه الولي؛ جاز كما أخبرتك، وإن فسخه قرب بنائه؛ فسخ ما لم يطل مقامه، وتلد الأولاد، وقاله، ورواية ابن وهب: يفسخ بطلقة إن لم يجزه ولي أو سلطان إن لم يكن ولي. وقال غير ابن القاسم: يفسخ، ولو أجازه ولي. قلت: ظاهر رواية ابن وهب الطول والبناء ومقابلاهما سواء. الصقلي: تحصيل قول ابن القاسم ما كان يدرس بعض شيوخنا إن طال قبل البناء؛ فسخ، وبعه؛ مضى، وتخيير الولي في القرب. قلت: عزاه عبد الحق لابن التبان قال: وقال غيره: يخير قبل البناء ولو طال. قلت: هو ظاهر قول ابن سعدون في قول ابن التبان نظر، وفي كون وقف مالك في ثبوت النكاح أو في إجازته الولي لا في فسخه ثالثها: في كون الحق فيه للولي أو لله، رابعها: في فسخه لا في إجازته إن أجازة الولي، لأول نقل عياض، ونقله عن أبي عمران مع المتيطي عن اللخمي والباجي، واختيار عياض وابن سعدون، وفسخه بحكم الإمام، واختيار الزوج لا بمجرد فسخ الولي بخلاف استقبال الأمة تعتق تحت العبد، الصائغ للخلاف وعدمه، وعلى التخيير فيها إجازة الأبعد مع رد الأقرب لغو، فلو غاب وقربت غيبته كتب له. اللخمي: ووقف الزوج عنها، وإن بعدت، ففي كون الخيرة للسلطان أو للحاضر ثالثها: إن كان حين العقد حاضراً لها ولتخريج اللخمي على رواية كونه أحق بالعقد وتأويلها ابن سعدون. وفيها: قيل: من تزوج أمر ولي بشهود أيضرب أحد منهم؟ قال: أدخل

قالوا: لا، وأنكر الشهود أن يكونوا حضوراً. قال: لا عقوبة عليهم. ابن القاسم: ورأيت منه أن لو دخل لعوقب الزوجان والمنكح والشهود إن علموا. قلت: لمنافاة إنكار الشهود حضورهم لفرض كون العقد ببينة، وترك عقوبتهم إن لم يكن بني مع إيجاب فعلهم على الحكام تلبيساً اختصرها أبو سعيد بلفظها، ويجاب عن الأول بأن البينة سماع؛ فلا يستلزم حضورا، أو أمكروا أن يكونوا من حاضري بلدهم بحيث يظن بهم علم كون العاقد غير ولي، وترك العقوبة للخلاف مع عدم الاطلاع على العورات. اللخمي: لا عقوبة على من جهل ذلك، أو كان مذهبه باجتهاد أو تقليد، وإن كان وليها حين عقد الأجنبي لها غائباً، وقربت غيبته ففيها: يبعث له ليفرق أو يترك، وإن بعدت؛ ففي نظر السلطان برده أو إمضائه، وتحتم فسخه ووقف لقدومه، رابعها: لا يتعقب لابن القاسم، وحمل ابن سعدون قول الغير فيها ينبغي أن يفرق بينهما، وتأتنف نكاحه إن أحبت لا ينبغي ثبوت نكاح عقده غير ولي في ذات قدر على الخلاف، والمتيطي عن اللخمي عن روايتي محمد، وفي كون الدنية كذات قدر وجواز إنكاحها بولاية الإسلام وثم سلطان ورايتا أشهب وزياد معها. المتيطي: أنكرها ابن الماجشون. وقال الأبهري: للأولى رجع مالك. ابن القصار: بالثانية الفتيا والعمل. وفيها: لمالك: للمعتقة والمسالمة والسوداء والمسكينة أن تستخلف رجلاً يزوجها إن كانت لا سلطان فيه، ويجوز ذلك عليها إن كانت لا ولي لها. المتيطي: اختصرها الشيخ والأكثر بزيادة متصلة بقوله: لا سلطان فيه أو فيه سلطان يعسر عليها تناوله، وليس هو في الأمهات؛ إنما هو في كتاب محمد. قال ابن عبد السلام: ظاهر قول ابن الحاجب: إن تزوج الأجنبي الدنية، ولها ولي غير مجبر أخف عند مالك كمه في ذات القدر، والمسألة في المدونة مفروضة في غير

ذات ولي. وفيها: إن أراد أن ظاهر كلام ابن الحاجب خلاف المدونة فحسن، وإن أراد أنه خلاف المذهب؛ فلا. قال عياض: لا خلاف أن الولاية الخاصة مقدمة على ولاية الإسلام العامة، وفي صحة العقد بها مع ولاية النسب ثالثها: في الدنية لنقل القاضي مع ظاهر رواية ابن وهب ورواية أشهب، والمشهور مع قول ابن القاسم وروايته. وسمع القرينان: من زوجها غير ولي ووليها قريب يعرف مكانه ودخلت لا كلام في نكاحها. ابن رشد: روى أشهب: لا يزوج الأجنبي وضيعة خلاف رواية ابن القاسم وقوله لها ذلك. قلت: ظاهره: وإن كان له ولي؛ إذ فرض المسألة أن لها ولياً. الحاضن: المتيطي: ظاهر قول ابن العطار: أنه ولي مطلقاً، وظاهر قول مختصر الشيخ معها في الدنية فقط، وفي جبره حضينته ذات أب ثالثها: إن غاب لقول ابن رشد في قولها: من كفل صيبة من الأعراب أصابتهم السنة رباها حتى كبرت لا يفتقر لرضاها، وسماع القرينين، ونقل ابن رشد عن ابن العطار، وعن أخذه منها. عياض: نقل من نقله عنه وهم، في كونه في اليتيمة مقدماً على الولي أو مؤخراً نقل ابن رشد عن ابن العطار مع قول ابن حبيب: إن غاب أهلها؛ فهو أولى قولها: يجور قسم لا قط اللقيط عليه والمشهور. قلت: أخذه ابن رشد قول ابن حبيب ضعيف لقوله: غاب أهلها، ونقله المتيطي عنه بلفظ: غاب أولياؤها. عياض: مجهولة الأب لغربتها بالجلاء يتيمة، وفي استمرار ولايته بعد فرقتها بعد البناء ثالثها: إن عادت لكفالته، ورابعها: إن كان خيراً فاضلاً لابن عتاب مع الباجي وابن العطار ونقل ابن فتحون وقول ابن الطلاع. ابن عادت: عن بعضهم: لكافل الثيب إنكاحها، وإن لم يكلفها في صغرها.

قلت: وعلى قول ابن العطار: لا ينكحها. المتيطي: وفي توكيل الكافل على عقد نكاحها ومنعه ظاهر قول ابن العطار مع الموثقين وسماع ابن القاسم: للكافل أن يوكل على إنكاحه محضونته كالولي، وقول أبي الأصبغ مع غيره أخذاً من قولها: لا تستخلف أن على عقد نكاح ابنتها اليتيمة البالغ إلا أن تكون وصياً. قلت: ونحوه تضعيفه سماع ابن القاسم سحنون سماع ابن القاسم المذكور، وفي كلام تناف أوله نص في أن الخلاف في الكافل الرجل وآخره في المرأة، ولا أ'لم خلافاً أن للولي أن يوكل على عقد نكاح وليته من يصلح لذلك كافلاً كان أو غيره، الواقع في سماع ابن القاسم إنما هو في توكيل أم على نكاح ابنتها حسبما تقدم، والأخذ من المدونة لكن في نوازل ابن الحاج في إجازة تقديم الحاضنة من عقد نكاح محضونتها قول أصبغ مع أشهب وابن الطلاع مع القاضي حمديس. وسمع القرينان: ليس إعطاء الرجل ابنته هبة لغير ذي محرم بحسن، ولا بأس به لذي محرم، وليس له أخذها دون إساءة وضرر منه بها. قلت: نقله الشيخ من رواية محمد فقط. ابن رشد: كراهتها لغير ذي محرم صحيحة. قلت: ظاهرة: ولو لم يكن عزبا، وفي إجازتها: أكره للعزب أن يؤاجر غير ذي محرم منه حرة أو أمة، وللخمي فيها تفصيل منه ذا كان ذا أهل وهو مأمون؛ جاز، وإلا لم يجز. ابن رشد: قول بعض أهل النظر: أنه خلاف قولها في رجال من الموالي يكلفون صبيان الأعراب غير صحيح؛ لأنه لم يتكلم إلا على إنكاحها بعد وقوع حضانتها لا على جوازها، ومنعه أخذها دون ضرر، لأنه وهبه حضانتها، ولأنه ملكه منفعتها بنفقتها، فأشبه عقد الإجارة، وهذا إذا لم يكن لها مستحق حضانتها، وإن كان منه صلة، ومعروفاً لا ضررا بالأم. قال في ثاني نكاحها: كالفقير المحتاج خلاف ظاهر المدنية، وإن كانت مطلقة؛ فلها منعه

لحق حضانتها إلا أن يكون لعجزه عن نفقتها؛ فلا منع لها إلا أ، تنفقها. قلت: قوله: إنما تكلم على إنكاحها بعد وقوع حضانتها لا على جوازه، فلا يرد بقول ابن القاسم في ثاني نكاحها: إن كانت هبة الرجل ابنته؛ ليحضنها أو ليكفلها؛ فلا بأس به، ولا لأمها مقال إن فعله نظراً؛ كالفقير المحتاج. وشرط الولي عقله وبلوغه وحريته وذكوريته: فالمعتوه والصبي ساقط، وقول ابن بشير: مال اللخمي لصحة عقد الصبي المميز. قلت: هو قوله: لو قيل: عقد من ناهز الحلم ماضٍ ما بعد للخلاف في أفعال حينئذ. روى ابن شعبان: إن قال: إن تزوجت فلانة؛ فهي طالق، فتزوجها؛ طلقت عليه؟. وفي كتاب المدنيين: إن زنا من ناهز الحلم، وأنبت حد. قلت: في الأخذ من هذا لثبوت القول بأن الإنبات علامة؛ ولذا قال اللخمي أولاً: من أنبت؛ صح عقده، وذو رق والمرأة ساقطان، ويوكلان لعقد من وكلا أو أوصيا عليه، أو ملكته المرأة في الإناث، ويليانه في الذكور، ونقل اللخمي: لا تليه المرأة في الذكور، وضعف ابن رشد، أخذه بعضهم من ظاهر رواية محمد: للمرأة والعبد الوصيين إنكاح البنات يستخلفان عاقداً ولا يعقدان، وكذا صغار اليتامى الذكور، وسماع ابن القاسم: لا يعقدان نكاح أحد، وإن استخلفا على ذلك، وقولها: لا تعقد المرأة نكاح أحد، خطأ صراح؛ لأن اعتبار الولاية إنما هو من جهة المرأة دون الرجل، ومعنى رواية محمد: وكذلك صغار اليتامى؛ أي: إنكاحهم إليها لا أمهما، ولا يعقدان عليهم/ ومعنى لا يعقدان على أحد من الناس أي: من النساء لنص سماع عيسى ابن القاسم: لا بأس أن يوكل الرجل نصرانياً أو عبداً أو امرأة على عقد نكاحه. قلت: وزيادة ابن ساش: أو صبي لا أعرفه. اللبيدي: في وصايا المدونه: لا يعقد على أنثى ولا ذكر. المتيطي: وقال القاضي وابن سعدون وعبد الحميد. وقال الشيخ وعبد الحق: المدونة كسماع عيسى، وإحرام الولي يمنع عقده. ويفسخ النكاح بلا ولي مطلقا: ولو طال وولدت الأولاد وأجازه الولي.

ابن القاسم بطلاق. ابن نافع: دونه. والكفر يمنع ولاية المسلمة: ابن حارث وغيره: اتفاقاً وشاذ قول ابن الحاجب، والمشهور: أن كفر الجزية من الولي يسلب الولاية على المسلمة لا أعرفه إلا قول ابن بطال إثر ذكر ولاية المسلم على أخته النصرانية غير الحربية. قال أصبغ: إنما لا يجوز النصراني أخته المسلمة إن كان من أهل الصلح، وكل من يصير ميراثه للمسلمين منهم إذا مات؛ فهو يزوجها، وقبول ابن عبد السلام نقل بعضهم عن ابن حبيب: يجوز للنصراني أن يزوج، أو يستخلف على ابنته المسلمة من يزوجها. ولو استخلف مسلماً زوجها فسخ ولو بني، ونقل الشيخ عنه: لا يستخلف عبد على ابنته الحرة المسلمة عاقداً ويفسخ إن وقع قبل البناء، وفي منعه في العكس ستة. أبو مصعب والسلمانية: يمنع مطلقاً. وفيها: في حرة أهل الجزية فقط. محمد: والشيخ عن أشهب: ويفسخ إن وقع. اللخمي عن أصبغ وابن وهب: في هذه الكافر أولى في الحكم إن نازع، وإلا فالمسلم أحب إلي. ابن رشد: يمنع في الصلحية ومعتة صلحي لا غيرهما. ابن القاسم: في الحرة مطلقاً، ولو أعتقها مسلم وسمعه زونان: لا يمنع مطلقاً إلا أنهم في الصلحية أولى من المسلم، وقال أصبغ، ورد لبابة الثلاثة لمنعه في الحربية مطلقاً. وعلى المنع للولاية للكافر ثم أساقفته. ابن القاسم: للمسلم رب النصرانية إنكاحها من نصراني أو غيره بالملك لا الولاية. الصقلي: لا يجوز من مسلم؛ إذ لا تنكح أمة كافرة. الشيخ عن كتاب محمد: لو عقد عليها ولي مسلم لكافر لم أعرض له، وقد لم المسلم نفسه.

والسفيه مولى عليه في كون ما عقده على ابنته بإذن وليه أولى منه، أو وليه أولى ثالثها: يجوز عقده دون إذن وليه، ورابعها: لا يجوز مطلقاً للباجي عن ابن القاسم قائلا: السفيه الضعيف كميت. وابن وهب قائلاً: يستحب حضوره. ابن مغيث عن أشهب والعتبي عنه مع ابن زرقون عن أبي مصعب قائلا: يفسخ ولو بني. اللخمي: لعله يريد. لم يكن بإذن وليه، وعلى الثاني إن عقده؛ ففي مضيه إن كان صواباً، ورده وليه إن شاء قولا الباجي عن محمد وأصبغ مع ابن وهب. اللخمي: في كون السفيه في ابنته عقد نكاحها أو مشورته فقط ثالثها: لا عقد ولا مشورة، وحاصل اضطراب كتاب محمد فيه أنه إن كان ذا عقل ودين إنما سفهه بعدم حفظ مال؛ فله العقد والجبر، ويستحسن مطالعته وصيه، وإن كان فقيد العقل؛ سقط، وإن كان ناقص التمييز؛ خص بالنظر في تعيين الزوج وصيه، وتزوج ابنته كيتيمة، ويختلف فيمن يلي العقد، فمن منع ولاية السفيه جعله للوصي، ومن أجازه جعله للأب، ولو عقد حيث يمنع منه لنقص تمييزه نظر إن حسن إمضاؤه أمضي وإلا فرق بينهما، وكذا إن كان غير مولى عليه نظر في عقده كذا. الباجي عن أبن وهب: أخته كابنته. ابن العطار: لا يزوجها؛ بل وصيها أو السلطان، فإن عقد؛ فسخ. ابن رشد: إن لم يكن المولى عليه ذا رأي امتنع إنكاحه، وإن لم يول عليه، وهو ذو رأي جاز اتفاقاً فيهما، وفي جواز كون الولي فاسقاً وكراهته نقلا اللخمي مع المتيطي عن ابن القصار والقاضي. الباجي: لا ينافي الفسق الولاية عند مالك، وشاذ قول ابن شاس وابن الحاجب: المشهور الفسق لا يسلب إلا الكمال لا أعرفه، والمشهور صحة عقد الولي لنفسه بإذنها في عينه، ومنعه المغيرة. اللخمي: ففي عقد أجنبي على من لا ولي لها نفسه بإذنها فيه أو على دنية كذا القولان، والأحوط أن يوكل غيره، فإن عقد؛ مضى.

اليبنة على العقد: في كونها مستحبة أو لازمة؛ كالمخالف نقل الأكثر عن كل المذهب، وعياض عن ظاهر رواية أشهب، وهي شرط في البناء. ابن رشد: إن عقدا دونها؛ أشهدا وصح إلا أن يعقداه بقصد السر، فيفسخ بطلقة ولو بني، لإقرارهما أنه نكاح، ولا يعقدان إلا بعد الاستبراء، ويحدان إن أقرا بالوطء إلا أن يكونا مستفتيين أو فاشياً نكاحها جاهلين، وفي حدهما عالمين مع الفشو غير مستفتيين قولا ابن القاسم، وابن حبيب مع أصبغ وابن الماجشون قائلين: الشاهد الواحد كفشو، ونقل ابن الحاجب عدم حدها مطلقاً لا أعرفه؛ إلا ظاهر نقل الشيخ رواية محمد: إن بني ولم يشهد؛ فسخ بطلقة وخطبها إن شاء بعد ثلاث حيض. ابن رشد: إن كانا مستفتيين وإلا حدا، وشهادة الولي لغو. وفها: إن وجدا في بيت؛ شهد أبوها أو أخواها أنه تزوجها؛ لم يجز وعوقبا. وفيها: تجوز شهادة الأبداد في النكاح، وفسرها في رواية لاين وهب بتفرقهم إثر العقد دون إشهاد قائلاً كل منهما: أشهد من لقيت. ونكاح السر فاسد، وفي كونه ما عقد بغير عدلين، أو ما أمر الشهود حين العقد بكتمه قولا يحيى بن يحيى والمشهور، وعلى الأول. قال اللخمي: عقده برجل وامرأة كعقده دونهما. وعلى الثاني قال الباجي عن عيسى عن ابن القاسم وأصبغ: ولو كانوا ملء المسجد الجامع.\ اللخمي: ولو يومين فقط. الشيخ: روى ابن حبيب: ولو ثلاثة أيام ونحوها أو في مكان مخصوص أو عن امرأة له أخرى. وفي فسخه بعد البناء ومضيه قبله معلناً به. ثالثها: يفسخ إن لم يطل. اللخمي: عن رواية المبسوط، ونقل ابن الجلاب، ورواية ابن حبيب. ابن رشد: إن أمر شاهداً النكاح بكتمه؛ ففي فسخه إلا أن يطول بعد البناء، فيمضي بالمسمى وصحته فيمضي، ويؤمر الشهود بإعلانه قولا المشهور، ويحيى.

بن يحيى. وسمع القرينان: كراهة قول من قام من عقد نكاحه لمن قال له: كأنكم كنتم على إنلاك فقال: لا أكره كتمه وأحب أن يشاد، ولا شيء عليه في قوله هذا. وفي سماع أصبغ ابن القاسم: قال أصبغ: قال أشهب: استكتامه البينة إثر عقده غير ناو في عقده لغو، ولو نزاه فارقها. أصبغ: لا شيء عليه إلا أن يكون، واطأت الزوجة أو الولي عليه. ابن رشد: تصويب التونسي تعقب أصبغ غير صحيح؛ لأن أشهب لم يقل بفسخ النكاح بذلك، كما ظنه أصبغ؛ إنما رأى فراقه استحساناً لإقراره بنية وفعل والطلاق بيده إلا أنه يحكم به عليه؛ لأنه حكم على الزوجة لما لم يثبت ولا أقرت به، ولو كان ذلك من الولي والزوجة، واستكتموا البينة بعده دون الزوج، لم يؤثر شيئاً؛ لأن الطلاق بيد الززوج. الباجي عن ابن حبيب: إن اتفق الزوجان والولي على كتمه ولم يعلموا بذلك البينة، فهو نكاح سر، وروى ابن وهب: يعاقب عامد فعله منهم. نكاح المتعة: فيها: المتعة النكاح لأجل ولو بعد. الباجي عن ابن حبيب: وكذا قول المسافر: أتزوجك ما أقمت. قلت: ظاهرك مع غيرها: ولو بعد الأجل بحيث لا يدركه أحدهما، ومقتضى إلغاء الطلاق إليه ما نعيته؛ فلا يكون النكاح به متعة لولا أن المانع الواقع في العقد أشد تأثيراً واقعا بعده. اللخمي: سواء شرط الأجل الرجل أو المرأة يفسخ بعد البناء بغير طلاق، وفي كونه بالمسمى أو المثل قولان، ولو يقل بالمثل على أنه مؤجل لأجله كان له وجه، وفي بقاء خلاف ابن عباس خلاف مشهور. أبو عمر: أصحابه من أهل مكة واليمن يرونه حلالاً، وفي كونه بالبينة والولي كالصحيح وسقوطها فيه نص ابن رشد، وظاهر نقل أبي عمر قول ابن عباس: يرحم الله عمر ما كانت المتعة إلا رحمة من الله رحم الله بها أمة محمد صلى الله عليه وسلم، لولا نهى عمر ما احتاج للزنا إلا شقي، وقيل لابن رشد: رجل من أهل العلم تزوج امرأة نكاح متعة

لأجل مسمى دون ولي ونصف درهم يوسفي مهراً، وشهادة رجلين؛ لم تثبت عدالتهما وأقر بوطئها، فأجاب: نكاح المتعة كالصحيح في شروطه وأحكامه إلا انقضاءه بأجله وعدم الإرث فيه، ويجب حده لإقراره، يرجم إن أحسن وإلا جلد، ثم يضرب بعد الجلد ضرباً وجيعاً، ويسجن طويلاً لاستخفافه بالدين، وتلبيسه على أحكام المسلمين، وما ذكر من معرفته، فطلبه موجب خزيه في الدنيا والآخرة. وسمع ابن القاسم: لا بأس أن يتزوج المرأة من نيته قضاء إربه ويطلقها، وليس من أخلاق الناس. ابن رشد: هذا إن لم يشترط ذلك لقول ابن كنانة لمن قدم من بلد؛ ليقيم شهراً أن يتزوج ناوياً طلاقها إذا خرج. اللخمي: إن شرطه كان متعة، وإن فهمت ذلك دون شرط، ففي كونه متعة وجوازه قول محمد ورواية ابن وهب. ابن بشير: إن صرح بنيته للزوجة دون تأجيل فسخ قبل البناء وبعده قولان. عبد الحق: قوله: إن مضي شهر، فأنا أتزوجك لزوم النكاح بمضي الأجل لا الوعد بإيقاعه حينئذ؛ فهو متعة. الخيار في النكاح: قسمان: سمع أصبغ ابن القاسم: إن شرط الزوج مشورة من قرب بالبلد يرسلان إليه بالفور لعلم رأيه؛ جاز. ابن رشد: معناه: إن لم يفترقا من مجلسهما، فيقوم منه جوازه على خيار المجلس؛ فالنكاح أوسع من الصرف، لجواز هذا فيه، وامتناعه في الصرف. اللخمي: يجوز بعد الافتراق فيما قرب لقول محمد ابن القاسم: إن شرط مشورة من قرب بالبلد بإتيانه من فورهما؛ جاز، وحيث يجوز سمع أصبغ ابن القاسم: لا إرث فيه قبل بته، وله نرك المشورة، ومخالفة رأي المستشار. ابن رشد: اتفاقاً إلا نقل التونسي عن ظاهر كتاب محمد: إن سبق رأي المستشار لزم كالبيع وهو بعيد، والإرث فيه بالموت بعد الرضا أو المشورة قبل البناء أو بعده على القول بفسخه بعده جار على الخلاف في الإرث فيما يفسخ من نكاح فاسد. والخيار بعد المجلس المنصوص منعه.

اللخمي: إن كان يوماً أو يومين أو ثلاثة؛ ففيها منعه، وعلى القول بجوازه في الصرف يجوز في النكاح، وهو فيه أوسع، ثم ضعف تعليلها منعه بأنهما لو ماتا× لم يتوارثا بندوره في الثلاث، وبأنه نكاح لم ينعقد بعد، وخرج عليه جوازه، وأحدهما عبد أو أمة. قلت: أو كتابية، ويرد الأمل، والتخريج بأنه استدلال بنفي لازم لزوماً كلياً، فلا يضر ندور صورة عدم لزومه لا تعليل حكم بوجود وصف، فيلزم عكسه، وعلى المنصوص يفسخ قبل البناء. وفيها: رجع عن فسخه بعده، وسمع ابن القاسم: من قال لرجل: إن جئتني بخمسين درهماً، فقد زوجتك لا يعجبني هذا، ولا تزويج له. ابن رشد: ظاهره: ولو جاءه بالقرب، وعليه إن زوج قريب غيبة، ورضي بالقرب؛ بم يجز، ولمحمد عن أشهب فيمن قال لخاطب: إن فارقت امرأتك فقد زوجتك؛ فالنكاح جائز وإن قال: إن فارقتك زوجتك؛ لم يلزمه تزويج، وكانت خدعة، وأحب إلى أن يفي. التونس: مقتضي أصولهم؛ لزومه كلزوم وعد من قال: اهدم دارك وأنا أعطيك كذا. ابن رشد: سماع ابن القاسم: بناء على أن مجيئه بالخمسين ليس عقداً بل موجباً لإنشاء عقد، فصار نكاحاً فيه خيارا، وقول أشهب باءً على أن فراقه رضي بالعقد لا يفتقر لإنشاء. قلت: يرد على التونسي وابن رشد تلقيهما تفرقة أشهب بين: فقد زوجتك وبين: زوجتك جون دليل، وكلاهما ماض في جواب شرط، ولعله واضح عندهما، وهو أن الفاء مع صيغة الفعل الماضي تصيره ماضياً لفظياً، ومعنى وهو دونهما مستقبل معنى، فصار كقوله: أتزوجك. وسمع عيسى ابن القاسم: النكاح بشرط: إن لم يأت بالمهر لو قلت كذا؛ فلا نكاح بيننا يفسخ ولو بني، وقد قال: إن بني؛ ثبت. ابن رشد: هو نكاح خيار، والقولان على وجوبه بإمضائه يوم عقد، وهو ظاهر شفعتها، أو يوم أمضي وهو المشهور، والخلاف؛ إنما هو أتى بالصداق إلى الأجل أو

اختار البت من له الخيار قبل مضي أمده وإلا؛ فلا نكاح بينهما. قلت: حكم بيع الخيار ما قرب من أمده كأمده إلا أن يفرق بجوازه فيه دون النكاح. قال: ولو كان النكاح على خيار الثلاثة؛ انبغى جوازه لانحلال. قلت: هو خلاف نصها: أيجوز على خيار الثلاثة. قال: لا خيار في النكاح، ولجواز تقدم إلزام أحد العاقدين قبل الآخر. ابن الحاجب: من تزوج على إن لم يأت بالمهر لأجل كذا، فسد نكاحه وفرق بينهما، ومل يقل مالك: دخل أم لا؟ ولو دخل لم أفسخه. عياض: كررها في باب آخر قال: وقال مالك: يفسخ دخل أم لا؟ لأني رأيته نكاحاً لا إرث فيه. سحنون: هذه قولة كانت له نكاح الخيار، وكان يقول: لا فساد في عقده، ثم رجع فقال، إن دخل جاز، فحمل فضل وغيره اختلاف قول مالك في المسألتين على ظاهره، ويحتمل أنه لم سيمع منه: دخل أو لم يدخل؛ بل بلغه عنه، وجعلها بعضهم من نكاح المتعة، واستدل بإدخالها مالك في باب النكاح لأجل. وقال ابن لبانة: أراد سحنون أن ابن القاسم لم يسمع من مالك: دخل أو لم يدخل في مسألة: إن لم يأت بالمهر، وخرجها على قولي مالك في الخيار. الزوج: شرط الإسلام؛ فيفسخ لفقده. اللخمي: عن ابن القاسم: لو تزوجت مسلمة نصرانياً، لم يجدا، ولم تعمداه، وعوقبا إن لم يعذرا بجهل. وخرج اللخمي حدها من قول محمد: إن تعمد مسلم نكاح مجوسية رجم. والصغير في تزويجه وصية ثالثها: إن كانت ذات شرف أو مال أو بنت عم، ورابعها: يكره لها، ولابن محرز عن سحنون واللخمي عن المغيرة ورواية محمد: لا يعجبني، والحاكم كوصي إن لم يكن، والمنصوص: جده أبوه، وتخريجه اللخمي على الوصي بعيد. والمجنون: روى ابن شعبان: أعجب إلى أن لا يزوجه، وما رأينا من فعله.

اللخمي: من لا يفيق إن خشي فساده زوج وإلا فلا، ومن يفيق كسفيه. وفي جبره، ووقفه على رضاه قولا ابن حبيب مع ابن القاسم وابن الماجشون قولها في إرخاء الستور، والصواب: إن أمن طلاقه، وخشي فساده إن لم يزوج، ولا وجه لتسريه؛ وجب تزويجه ولو لم يطلبه، ومقابله يمنع ولو طلبه إلا أن يقل المهر، وإن أمن طلاقه، ولم يخش فساده؛ أبيح إلا أن يطلبه فيلزم، ومقابه إن قد على صونه منه، وإلا زوج بعد التربص، وأخذ الأول من قولها: لا يجبر أحداً على النكاح إلا الأب، ثم قال: والولي في يتيمه. المتيطي: قيل اليتيم الصغير، وقيل: والكبير. ومهر الابن الصغير: بإنكاحه أبوه صحيحاً حمل دين على أبيه نقداً ومؤجلاً لا رجعة له به إن شرط عليه مطلقاً أو سكت والابن عديم. اللخمي: ولو أيسر بعده. وقوله: أضمنه كأحمله. قال: لأن العادة ضمان الأب فيه جمل، وعلى الابن إن سكت، أو شرطه عليه، وهو مليء، فلو كان فثالثها: إن قال في شرطة: على ابني لست منه في شيء للصقلي عن أصبغ وابن القاسم ومحمد قائلاً: إن علم به الابن بعد بلوغه قبل بنائه؛ خير في التزامه ورد نكاحه وبعده لزمه بالأقل من المسمى أو المثل. زاد اللخمي: وللزوج الخيار قبل بلوغه في البقاء لذلك أو رد نكاحه. الصقلي عن بعض أصحابه: لو شرط في إنكاحه، وهو عديم إعطاؤه مالاً ساكتاً عن من المهر عليه. نحن بعض شيوخنا إلى أنه على الابن ليسره بالعطية قال: وفيه نظر. الصقلي: لا نظر فيه؛ إذ لم يتم العقد إلا وهو مليء. وسمع عيسى ابن القاسم: إن كتبه على ابنه الصغير العديم، فإن بلغ قبل بنائه؛ خير في التزامه أو فراقه، ولا شيء عليه، ولو بني صغيراً أو كبيراً، ولم يعلم؛ فهو على الأب. وسمع عيسى ابن القاسم: إن كتبه على ابنه الصغير العديم، فإن بلغ قبل بنائه؛ خير في التزامه أو فراقه، ولا شيء عليه، ولو بني صغيراً أو كبيراً، ولم يعلم؛ فهو على الأب.

ابن رشد: هو معنى ثاني نكاحها. والآتي على سماع أبي زيد ابن القاسم في إنكاح الابن على شروط عليه، ولابن حبيب عن ابن الماجشون: شرط الصداق على الابن الصغير، أو السفيه العديمين لازم، وهو الآتي على قول ابن وهب: يلزمه ما جعله عليه أبوه من الشروط، وإن كان الابن ملياً ببعض الصداق. فقال الباجي: لا نص، وجعله كالملي فيما به ملي، وكالعديم فيما هو به عديم. قلت: هو الجاري على عتق المديان وتبرعه. الصقلي عن ابن القاسم: الكبير السفيه كصغير، وصداق الابن الرشيد بإنكاحه أبوه على من شرط عليه، فإن سكتوا والابن ملي، فإن كان عديماً؛ ففيها ليحيى بن سعيد: إن كان الولد عديماً أو صغيراً أو كبيراً؛ فعلى الأب. قال بعض أصحاب الصقلي: يريد: السفيه. وقال الصقلي: والرشيد كوكيل شراء لن يتبرأ من ثمنه، ويرد بأنه القابض في البيع وموكله في النكاح. الصقلي: روى محمد: لو قال الأب العاقد: أردت أنه على الابن وهو رشيد، وقال الابن: أردت أنه عليه، فرق بينهما بعد أيمانهما، ولا شيء عليهما. ابن القاسم: إن كان بني؛ حلف الأب ولزم ابنه، ونقلها اللخمي معزواً حلفهما لمحمد لا لروايته، وزاد من نكل منها؛ فإن نكلا؛ غرماه بالسوية، وإن كان بني وحلف الأب، والمسمى أكثر من المثل؛ حلف الابن، وسقط فضل المسمى عليه. وسمع عيسى ابن القاسم: ضمانه في صحته مهر ابنته أو ابنه في إنكاحه إياهما حمل تحاصص به الزوجة في الموت والفلس. ابن رشد: يتحاصان الدين المستحدث لا القديم؛ لأن من أحاط دينه بماله؛ لم يجز حمله. قلت: يريد العديم المحيط بماله لا العديم الفاضل عنه قد الحمل. ابن رشد: ضمان الرجل صداق ابنه أو أجنبي إن كان في العقد؛ ففي كونه حملاً حتى ينص على الحمالة، وعكسه قولها مع ابن حبيب وسماع سحنون ابن القاسم وعيسى عنه في غير العتبية.

وفي سماعه إياه اضطراب، وإن كان بعد العقد؛ فالثاني اتفاقاً. وفيها: ومصله ذو القدر يزوج رجلاً، ويضمن صداقه لا يتبعه بشيء منه؛ لأنه بمعنى الحمل ليست هذه الوجوه كحمالة الديون، وكذا من قال لرجل: بع من فلان فرسك، والثمن لك علي، فباعه، ثم هلك الضامن، فذلك في ماله، فإنه لم يدع شيئاً؛ فلا شيء على المبتاع، وكذا من وهب لرجل مالاً، فلم يدفعه له حتى قال لرجل: بع فرسك بما وهبته، وأنا ضامن له حتى أدفعه لك، وأشهد له بذلك، فمات الواهب عديماً بعد قبض المبتاع الفرس؛ فلا شيء عليه. عبد الحق: إن استحق الفرس في الأولى؛ فثمنه لواهبه، وفي الثانية للموهوب، ولو مات الواهب في الثانية قبل قبض الموهوب له الفرس؛ ففي منه مبتاعه من قبض دون دفع ثمنه نقلا عبد الحق عن الشيخ وغيره. قلت: في إجازتها: إن مات الأب بعد مضي بعض مدة إجازته؛ خير الولد بحصة باقي المدة في مال الولد، ولو قدمها الوارث؛ رجعت ميراثاً، وفارق معنى الضمان فيمن قال لرجل: اعمل لفلان عملاً أو بعه سلعتك، والثمن لك علي؛ الثمن في ذمة الضامن إن مات لا على المبتاع، ولا على الذي عمل له العمل؛ فظاهره كغير. الشيخ: فلو تبارءا؛ ففي كون المهر للحامل أو للزوج قولا اللخمي مع ابن القاسم، والمتيطي عن ابن زمنين مع ابن حبيب قائلاً: قول ابن القاسم وهم، وابن الماجشون. المتيطي: بالأول العمل. الصقلي عن ابن حبيب: لو فسخ لفساد؛ فلو طلق قبله؛ ففي كون النصف للحامل أو للزوج قول ابن القاسم فيها مع سماعه سحنون، وتخريج ابن رشد على وجوب كله للزوجة بالعقد. المتيطي: نقل كثير من القرويين والأندلسيين من كتاب ابن حبيب قولي ابن القاسم وابن الماجشون في مسألة الطلاق غلط، إنما نقلهما ابن حبيب في تباريهما. وقال في الطلاق: النصف للحامل لا للزوج، ولو فلس الحامل أو مات عديماً بعد البناء؛ فلا رغم الزوج، وقبله فيها في موته.

وفي سماع سحنون ابن القاسم في عدمه: لها منعه حتى يقضي معجله أو يطلق، فإن طلق؛ ففي أتباع الزوجة الحامل أو تركته بنصفه نقلا اللخمي عن ابن القاسم مع مالك، وتخريجه على قول ابن نافع: من طلق عليه قبل بنائه لعسره بالمهر؛ سقط عنه أجمع. قال: وله البناء دون دفع مؤجله، ولو حل بخلاف حلول مؤجل عليه لدخولها على التسليم لع وأتباع غيره؛ كقائل: بع فرسك من فلان، وثمنه على لسنة، ففلس قبل قبضه؛ فله قبضه، ولا شيء عليه، فلو مات ملياً بمعجله دون مؤجله فش عليهما، وخير الزوج في إتمام المعجل أو الطلاق، فلو كان مائة مؤجلاً نصفها، فصار لها في حصاص غرمائه خمسون؛ فضت عليه، وخير الزوج، فإن طلق، ففي مضي حصاصها وردها نصف ما قبضت تضرب فيه مع الغرماء بخمسة وعشرين تخريجاً. اللخمي: على أن الواجب بالعقد كل المهر أو ما يترقب. قال: وما غرم الزوج لفلس الأب تبعه به ديناً عليه. قلت: هو مساع سحنون ابن القاسم. ابن رشد: اتفاقاً، وفرق بينه وبين ثان قولي ابن القاسم فيمن خالع زوجته على مئونة ولدها منه، فأنفق عليه أبوه في إتباعه إياها بما أنفق عليه قولا ابن القاسم بأن النفقة الأصل وجوبها عليها لابنه. ومن زوج ابنه أو غيره، وضمن صداقة في العقد، ثم قال: أردت الحمالة، وقال أحد الزوجين: الحمل، ولم تذكر البنية تفسيراً؛ ففي كونه حملاً أو حمالة قولها مع سماع سحنون ابن القاسم، ولن رشد عن ابن حبيب والمتيطي عن ابن الماجشون، وله مع ابن رشد عن عيسى عن ابن القاسم، ولم يذكر اللخمي غير الأول في الأب، وكذا ابن بشير فيه، وفي غيره قال: إنما هذه العادة، وإلا فالأصل الرجوع إن ادعاه الملتزم، ويحلف إن اتهم على ذلك، ولو كان الحمل بعد عقد النكاح، أو البيع عن ابنه أو غيره؛ ففي افتقاره لحوز ابن رشد. اللخمي: قولان لمفهوم قولها، وقول حمالتها من قال: ما داب لك قبل فلان أنا به كفيل، فمات؛ أخذ ذلك من تركته.

ابن بشير: هذا الذي ذكره من دليل الخطاب لا يعول عليه عند المحققين؛ لأنه مختلف فيه في كلام الشارع، ولا يختلف أنه لا يقال به في كلام غيره. والمعروف صحة عقد النكاح على نحلة الأب ابنته، وقول المتيطي: عقده عليها صحيح على قول الجمهور يقتضي خلافاً فيه؛ فلعله خارج المذهب، وعليه في عدم افتقارها لحوز كثمن مبيع قولا ابن عبد الرحمن مع قول المتيطي هذا خلاف المذهب وعليه العمل، ونقله ابن أبي زمنين عن بعض العلماء، والمتيطي، وابن سهل عن ابن الهندي في نسخته الكبرى، ونقل ابن العطار عن بعضهم مع ابن عتاب عن فضل والمتيطي وابن سهل عن ابن الهندي في نسخته الوسطى. ابن سهل: إن كان المنحول مالكاً نفسه، فقال ابن العطار: لابد في عقدها من كتب قبول المنحول فلان هذه النحلة، وإلا بطلت النحلة إن لم تحز في صحة الناحل، ونزلت فأفتى فيها ابن عتاب بصحتها، وإن لم يذكر فيها قبوله ولا حيزت. قال: وسمعت شيخنا القاضي أبا المطرف بن بشر مراراً ينكر قول ابن العطار، وبذلك أفتى حسون فقيه مالقة أنه كلام ضعيف، ذكره بعض الموثقين ولم يسمه، المتيطي عن غير واحد من الموثقين: إن كانت النحلة داراً يسكنها الأب لم تتم إلا بخروجه عنها بنفسه وثقله. قلت: هذا على افتقارها للحوز واضح، وفيه على عدمه نظر، وقد قال ابن سهل: أخبرني بعض أصحابنا عن ابن دحون عن أبي عمر الإشبيلي أنه قال في الرجل يأتي بوثيقة فيها أن الدار التي يسكنها مع ابنته فلانة كان نحلها لها في عقد نكاحها: أن ذلك جائز نافذ لا يفتقر لحوز. وقال ابن زرب: هذا تحيل لإسقاط الحيازة، لا تنفذ إلا بحيازة، ولو كان في النحلة غرر؛ ففي صحته أو صحة النكاح وفسادهما. نقل الصقلي غن ابن عبد الرحمن مع المتيطي عن فتواه مع أبي عمران: بصحة نكاح عقده أب على ابنته على نحلته إياها ما حبس عليه غلته حياته، كما عقده أب على ابنته على نحتله إياها ما حبس عليه غلته حياته، كما لا يقدح رهن الغرر في البيع. وابن سهل عن فتوى ابن دحون فيمن نحلت ابنتها في عقد النكاح داراً استثنت

منها غرفة أقل من ثلثها تسكنها حياتها، فإن ماتت لحقت بالنحلة؛ النحلة فاسدة، ويفسخ النكاح لغرر النحلة؛ لأنها في عقد النكاح كالبيع في الاستحقاق، وسقوط الحوز وغير ذلك. المتيطي: لو مات الزوج قبل البناء أو طلق؛ لم ترجع النحلة لأبيها اتفاقاً. ولو فسخ النكاح قبل البناء، ففي كونه كذلك ورجوعها له قولا ابن عبد الرحمن مع قول الصقلي، قاله بعض فقهائنا، واختيار الصقلي مع بعض شيوخه، والمتيطي عن ابن العطار. المتيطي: وفي ثبوت الشفعة فيها نقلا الباجي. المتيطي: وينبغي في كتبها نص ما يبين قدرها، فإن لم يكن وادعى الزوج أكثر؛ حلف الأب على نفيه، وله صرف اليمين، قاله غير واحد. وفي استحقاقه بحلفه: ما ادعاه لزوجته، أو حظ ما زاد في الصداق لأجله قولا بعضهم وابن عبد الرحمن مع بعضهم قائلاً: وترجع الزوجة بفضل الزوجة بفضل المسمى على صداق لقدر ما بقي من النحلة قولان. ابن الهندي: وبهذا العمل، ولا ضمان على الناحل فيها، ولو كان المحبس بيت؛ فعلى ما تقدم من رجوعها على وليها بالفضل ترجع به عليه إن كان المحبس. وفيمن تزوج بصداق لأجل مال ذكر للزوجة؛ بان عدمه طرق. المتيطي: لو قال أب: لابنتي كذا فلم يوجد، فقال ابن الهندي: لا شيء عليه، هي كذبة ولا يخفف عن الزوج، لو شاء تثبت، وقيل: لأنه من الأب على وجه التزيين كقوله: هي بيضاء، فيجدها سوداء، فإن شرط ذلك للزوج؛ خير قبل البناء في البقاء والرد، ورجع بعده على الأب؛ لأنه غره، ولا ينقص من المسمى شيء. وقال ابن وهب في العتيبة: يرد بعد البناء لصداق المثل. ابن الهندي: وهذا أعدل.

وقال ابن حبيب: إن قال ولي الزوج: لها كذا حلياً أو ثياباً، ونحوه مما يخفى، ولا يعلم إلا منه، وهو أب أو وصي أو مقدم وهي بكر؛ لزمه واتبع به ديناً، وإن كان ظاهراً كالدار والقرية؛ خير البناء في البقاء والرد، ولاشيء عليه، وفي رجوعه بعد البناء بفضل المسمى على صداق المثل على أنه لا شيء لها على الولي أو عليها قولا ابن حبيب، وفضل عن عيسى، وإن كانت ثيباً فعليها، لأنها هي الغارة إن كانت مليئة، وإلا فعلى الولي. قال: ولو سأل الخاطب وليها عن مالها، فسكت، فقال غيره: أجنبياً أو من أهلها لها منزل أو دار بموضع كذا، وذلك ملك للمخبر؛ لزمه حياً وميتاً؛ لأنها عطية منه انعقد عليها النكاح. الشيخ عن الموازية: من خطب لرجل، فرفع عليه في المهر، فأنكره فقال الولي: لها كذا، فأصدقها ما طلب، فلم يوجد؛ قال أصبغ عن ابن القاسم: فيما أظن ذلك تزيين وتجميل يلزمه المهر ولا حجة، كقوله: بيضاء جميلة شابة حسنة، فيجدها سوداء أو عرجاء، وكذا قوله: لها ذلك عندي أو علي أو أراه شيئا لغيرها سماه لها، وليس كقوله: عندي أو علي، إقراره إلا ببينة أنه أراد الإقرار على نفسه، والأب وغيره سواء، ولو شرط له ذلك شرطاً؛ فللزوج رد النكاح إن علم ذلك قبل البناء، وإن علمه رجع بالمهر على من غره. محمد: هذا في السوداء والعجوز. وفي عدم المال يرجع عليه بما زاد في المهر له. ابن حبيب: إن قال لها: عندي أو علي أو في مالي؛ فهي مالاً أو عرضاً ظاهراً أو خفياً أو عقاراً يعرف أولا؛ لزمه حياً أو ميتاً كان شرطاً عند العقد أو قبله عند الخطبة. قلت: انظر قوله: (أو قبله) هل هو عطف على: (عند العقد)؛ فلا يلزمه بذكره عند الخطبة إلا أن يكون شرطاً أو على قوله: شرطاً؛ فيلزمه بذكره عند الخطبة، وإن لم يكن شرطاً، وهو ظاهر ما يأتي لابن رشد، وهو خلاف ما تقدم في الموازية. قال: وإن قال لها: كذا حلياً أو غيره؛ لزمه حياً وميتاً، وإن ادعى أن قوله: تزييناً، فإن كان أبا أو وصياً، أو مقدم قاض؛ لم يصدق فيما يخفى، ويصدق فيما يظهر مما لا

يعرف لها كرأس أو دار أو أرض، وللزوج ردها قبل البناء، ولا شيء عليه، وحبسها بجميع الصداق وبعده يرجع بفضل المهر على صداق المثل على من غره دونها إلا أن تكون ثيباً عرفت كذب الولي، ودخلت على ذلك؛ فيرجع عليها إن كانت ملية، وإلا فعلى الولي، وإن أنكحها من ليس أباً ولا وصياً ولا مقدماً؛ لم يؤخذ بما سمي خفياً أو ظاهراً وهي كذبة، ويخير الزوج قبل البناء، ويرجع بعده كما تقدم. وسمع عبد الملك: قال ابن وهب: من قال لأب: ما لا بنتك قال: كذا فرقع في صداقها لذلك، وبأن كذبه للزوج ردها، ولا شيء عليها أو حسبها لجميع الصداق إن لم يبن، وإن بني؛ ردت لصداق مثلها. ابن رشد: يريد: يرجع بما زاد عليها، وتتبع به إن يكن لها مال. وقال ابن حبيب: يرجع به على الولي الذي غره إلا أن تكون ثيباً علمت كذب وليها، فيرجع عليها إن كانت ملية، وإلا فعلى وليها. وقال أصبغ في الخمسة: ويحيى عن ابن القاسم ف بالعشرة: لا رجوع للزوج بشيء لتفريطه، هذا إن وصفها الولي بذلك دون شرط، وإن تزوجها على أن لها كذا، وليس لها والزوج قبل البناء لما مر، وإن لم يعلم ذلك إلا بعده؛ رجع بالصداق على الولي الذي غره إلا أن تغره هي دونه، فيرجع عليها به إلا بما تستحل به، قاله مالك وأصحابه إلا محمداً قال: إنما يرجع على من غره بفضل المسمى على صداق المثل إن تركها وهو بعيد. زاد في كلامه في سماع عيسى: لأنه يقول: ما رضيت بما سميت إلا لما شرط لي من مالها، فإذا أردها، وارجع بالصداق على من غرني، وسواء كان شرطاً لما ليس لها أو سمي لها ذلك عند الخطبة من غير شرط. قال في سماع عبد الملك: إن سمي لها الولي شيئاً من ماله عرضاً أو أصلاً عند النكاح بشرط أو بغيره، فقال لها: داري الفلانية، أو عبدي فلان؛ كان ذلك نحلة في افتقارها للحيازة رواية يحيى قولي ابن القاسم وإن قال لها: الدار الفلانية أو المملوك فلان؛ ففي كونه نحلة كذلك، أو لغواً ساقطاً قولا ابن حبيب مع رواية يحيى عن ابن القاسم وأصبغ، وعليه ففيه ما مضى من الخلاف فيما للزوج من الحق في الشرط، وفي غيره ولو سمي لها عينا أو طعاماً أو عرضاً موصوفاً، فقال: لها كذا، وسكت أو قال

في مالي أو علي أو قبلي أو عندي، فقال أَصْبَغ: لا يلزمه شيء إن كان على وجه التزيين لها إلا أن يرى أنه أراد العطية لها. ابن حبيب: إن قال: في مالي أو عندي أو علي؛ لزمه ذلك حيًا وميتًا نحلة لا تفتقر لحوز، وإن لم يقل إلا لنا كذا، وسكت؛ لم يلزمه إلا أن يكون أبًا أو وصيًا، وثالثها: روى يحيى عن ابن القاسم: إن قال لها في ماله: كان لها ذلك إن كان له مال، وإن لم يكن له؛ لم يتبع به، وإن قال لها: عندي؛ فهي عدة لا تلزمه إلا أن يطوع به، كان له مال أم لا؟ وإن قال لها: علي أو قبلي، فهو لازم يتبع به إن لم يكن له مال، وإن قال: لها كذا، ولم يزد؛ لم يلزمه شيء. المتيطي: للزوج أخذ رسم النحلة خوف إخفاء الأب الصداق. قال: ونحلة الزوج أبوه أو غيره في عقد النكاح كالزوجة. ابن الهندي: زعم بعضهم أن كتبهم على النحلة بذل الزوج الصداق يوجب عرو ابضع عنه ليس صحيحًا لو كان كذلك ما جهله علماء متقدمي الموثقين. قُلتُ: قد يدرك متأخر ما فات متقدمًا. والجواب: منع كون الصداق عن النحلة لها يوجب عرو البضع عنه؛ بل يوجب كونه عنه من حيث ثبوت النحلة لذات البضع. وضمان مهر إنكاحه ابنه في مرضه. فيها: ساقط؛ لأنه وصيَّة لوارث، والنكاح جائز، والصداق على الابن إن أحب وإلا؛ فسخ النكاح، وسقط الصداق. ابن القاسم: إن كان صغيرًا نظر وصيه بعد موت أبيه إن كان له مال، ورآه غبطة أمضاه وإلا فسخه، قد قال مالك: لا يعجبني هذا النكاح. ابن رُشْد: كرهه؛ لأنه خيار حكمي. اللخمي: يريد: ويفسخ، وأرى إن اعتقدوا صحة الضمان؛ صح النكاح، ونظر الأب الأصلح له في إمضائه، وتعمير ذمته بالمهر أو فسخه، وللزوجة رده إن لم تدر هل يفي إرثه بالمهر، أو يصح الأب، فيكون في ذمة فقير، وإن مات الأب نظر الوصي كذلك، وللزوجة مقال إن قصر إرثه عن المهر، وإن علموا بطلان الضمان؛

فسد النكاح. وفيها: إن صح الأب؛ فذلك جائز، ولزمه الضمان، ولو مرض بعد ذلك. الصقلي: روى محمد: إن بلغ وبنى في مرضه، وقبضت الصداق، ومات الأب؛ ردته للورثة، وتبعت به زوجها، ولا يمنع منها الزوج إن بقي بيدها ربع دينار، وإلا منع حتى يدفعه، وإنكاحه ابنته في مرضه ضامنًا مهرها صحيح. وفي سقوط ضمانه، وثبوته في الثلث نقل اللخمي عن أشهب مع ابن القاسم ومالك مع ابن رُشْد عن أحد قولي أشهب وأبي زيد عن ابن القاسم وابن وَهْب والأخوين وروايتهما. وروى أبو قرة: إن كان المسمى أكثر من مهر المثل؛ ففضله وصيَّة للابنة. ابن رُشْد: اتفاقًا. وفيها: للوصي إمضاء نكاح الصغير بنفسه القادر على الوطء، فإن رده؛ فلا مهر ولا عدة وإن وطئ. ابن محرز: أنكر سَحنون إمضاءه؛ لعدم حاجته. قُلتُ: فيلزم في إنكاحه الوصي. محمد: إن جهل حتى ملك نفسه؛ مضى. ابن عات: ومثله في الوثائق المجموعة. ابن عات: ظاهره: لا تعقب للمحجور بعد ملكه أمر نفسه في أفعاله مثل النظر له قبل ذلك، ولابن محرز مثله نصًا، ولابن رُشْد في المأذون من مقدماته: أن له الخيار بعد ملكه أمر نفسه، ولم يحك فيه خلافًأ، ولابن محرز عن إسماعيل القاضي في المولى عليه: يتزوج بغير إذن وليه، فلا يعلم به إلا بعد رشده؛ نكاحه ثابت، وقاله ابن الماجِشُون في بيعه وشرائه، ويشبه أن يعود له ما كان بيد وليه من النظر في فعله. ولابن سهل في النوادر: عن مالك: لورثة المولى عليه رد فعله في ولايته، كما كان له لو ولي نفسه ما لم يتركه بعد، وولايته نفسه بما يعلم أنه رضي به، ومثله للأخوين خلاف قول ابن القاسم وأَصْبَغ، ولو نكح على شروط، فأمضاه وليه أو زوجه عليها، ففي لزومها ونفيه حتى يلتزمها بعد بلوغه قول ابن وَهْب مع المتيطي عن تخريجه بعض

الموثقين من قولها يلزمه خلع وليه عنه، ومحمد عن ابن القاسم مع ابن رُشْد عن أَصْبَغ وابن الماجِشُون. المتيطي عن أكثر الموثقين: إن التزمها بعد بلوغه؛ لزمه النكاح. اللخمي: ولا خيار له. المتيطي: قال ابن الهندي: إنما يصح إلتزامه بعد بلوغه في الشروط بالطلاق لا بعتق السرية؛ لأن عتقها منه لغو عاجلاً وآجلاً إلا أن يلتزمه بعد رشده. ابن رَشْد: وعلى الثاني إن لم يلتزمها؛ لم يلزمه نكاح ولا صداق إلا أن ترضى المرأة بطرح الشروط؛ فيلزمه النكاح. المتيطي عن بعض الموثقين: الفرقة بعدم التزامه، وعدم إسقاطها طلاق والرضا بإسقاط الشروط والإباية منه في غير المحجورة لها. وفي كونه فيها لو ليها قول المتيطي مع بعض الموثقين، وابن الفخار، وابن العطار، واحتج المتيطي بأنه إن تزوج عليها، أو أضر بها، أو غاب عنها؛ فلها القيام بشرطها، وتركه دون وليها، وقيل: احتجاج ابن الفخار في تعقبه على ابن العطار بقول مالك لها ترك شرطها أن لا يخرجها إلا برضاها ولو كره أبوها، ويرد بأن هذا مقيد برضاها وعليه التزمه الزوج، وقول ابن العطار إنما هو في شرط مطلق. ابن حارث: إن لم يلتزم الشروط، وتخلى عن النكاح، ففي لزوم نصف الصداق نقلاً محمد عن ابن القاسم في كتاب سماعه وكتب مجالسه، وصوبه محمد، وعزاه اللخمي له مع أَصْبَغ. زاد الشيخ عنه: ولا شيء عليه، ولا على أبيه، ولو كان يوم زوجه لا مال له، وابن رَشْد لابن الماجِشُون، ولم يذكروا لابن القاسم غير الأول. ابن رُشْد: قول ابن القاسم: يلزمه هو قول ابن وَهْب وابن الماجِشُون: من زوج ابنه الصغير عديمًا، وكتب الصداق عليه؛ لزمه. قُلتُ: بل هو نفس قول ابن وَهْب: تلزمه الشروط، وعلى الثاني لو طلق قبل علمه بها؛ ففي لزوم نصف الصداق قول محمد، ونقله عن ابن القاسم، وخرجهما اللخمي على الخلاف فيمن طلق قبل علمه بعيب يوجب الرد.

ابن رُشْد واللخمي: إن بنى بعد بلوغه عالمًا بها؛ لزمته. المتيطي: وقيل: لا تلزمه. قال: ابن العطار: وله أن يبني بها إلا أن يتطوع بالتزامها. ابن رُشْد: وقبله أو بعده جاهلاً سقطت. المتيطي: لتمكينها نفسها. ولو قال: كنت جاهلاً ففي تكذيبه؛ فتلزمه، وتصديقه بيمين. نقل المتيطي عن ابن العطار، وسماع أبي زيد ابن القاسم مع ابن الهندي محتجًا بقوله تعالى: {وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لا تَعْلَمُونَ شَيْئًا} [النحل: 78]، ولم يحك ابن رُشْد غيره. ابن رُشد: لو قال: كنت حين شرط أبي صغيرًا، وقال وليها أبًا أو وصيًا: كنت كبيرًا، وعجز الزوج عن البينة؛ ففي حلف وليها دونها، وعكسه سماع أبي زيد والتخريج من سماع ابن القاسم فيمن ادعى في تزويج ابنته البكر بعد موت زوجها بشاهد واحد، وادعى وارثه تفويضًا تحلف الجارية عاجلاً إن بلغت، وتؤخر إليه الصغيرة، وإن لم يدع وليها أنه كان كبيرًا؛ حلفت المرأة إذا بلغت كحلفها على شرط المغيب، وعدم الإنفاق. ونكاح السفيه بغير إذن وليه: له إمضاؤه، فإن رده قبل بنائه؛ فلا شيء للزوجة وبعده. قال ابن الماجشُون كذلك. مالك: لها ربع دينار. ابن القاسم: يجتهد في الزيادة لذات القدر. اللخمي: رابعها لأَصْبَغ: تزاد بما يرى، ولا تبلغ صداق المثل. ابن رُشْد: على الثالث لا تحديد. وعن ابن القاسم: من المائة أربعة ونحوها. ابن نافع: عشرة. قال: وفي كونه على الجواز أو الرد قولان، وفي بقاء النظر، ورفعه بموت أحدهما أو

الزوج لا الزوجة، رابعها: العكس، ففي ثبوت الإرث والمهر إن مات أحدهما قبل النظر فيه ثمانية: الأول: نفيهما إن مات الزوج، وإن ماتت نظر الولي، فيثبتان أو ينتفيان لسماع يحيى ابن القاسم وسَحنون والأخوين، وابن أبي حازم بناءً على أنه على الرد، والرفع بموته لا موتها. الثاني: ثبوتهما لابن حبيب عن أَصْبَغ عن ابن القاسم على الإجازة، والربع بموتهما. الثالث: نفيهما على الرد، والرفع بموت أحدهما. الرابع: ثبوت الإرث لا المهر لابن القاسم في العشرة الإرث لرعي الخلاف، وسقوط المهر للرد، والرفع بموت أحدهما. الخامس: لأَصْبَغ: في الخمسة الإرث للرعي والمهر إن كان غبطة. قُلتُ: لبقاء النظر؛ فالإرث في الغبطة، وفي غيرها لرعي الخلاف. السادس: الإرث للرعي لا المهر إن مات الزوج، وإلا ثبت إن كان غبطة للرد، والرفع بموته لا موتها. السابع: الإرث للرعي والمهر مطلقًأ في موت الزوج، وإن كان غبطة في موتها للجواز، والرفع بموته لا موتها. الثامن: ثبوتهما إن كان غبطة وإلا انتفيا. قُلتُ: للرد والبقاء. وتاسعها: للخمي عن أَصْبَغ: إن ماتت المرأة؛ ثبتا. إن كان غبطة وإلا سقطا، وإن مات؛ فالإرث مطلقًا، والمهر إن كان غبطة واستشكله. ونكاح ذي رق بغير إذن ربه: يصح بإمضائه ربه وله رده. وفيها: وارثه مثله. الشيخ عن الموازيَّة: ولو بعد. المتيطي: إن أجازه بعد بنائه؛ ففي لزوم استبرائه قول سَحنون، ونقل اللبيدي عن

إسماعيل القاضي مع ابن محرز عن ابن عبد الرحمن. أبو الفرج: القياس فسخه، وخرجه اللخمي على تعليل أشهب منعه إجازة مستحق خلخالين ممن اصطرفهما منه بأنه صرف فيه خيار. وسمع عيسى وأبو زيد ابن القاسم: لو رآه سيده يدخل على امرأته، وشهد عليه أنه أقر نكاحه؛ جاز، والصداق على العبد. ابن رُشْد: وكذا إن علم بدخوله عليها؛ فسكت، ولم ينكره؛ سقط حقه في التفرقة بينهما كمن ملك رجلاً أمر امرأته، فلم يقض حتى أمكنته من وطئها؛ لا يدخل فيه الخلاف في كون السكوت رضا. قُلتُ: في تعليقة الطرطوشي: من رأى عبده يتصرف، فسكت؛ لم يكن إذنًا فيه كالنكاح، وكما لو رأى من ينكح وليته؛ لم يكن ذلك رضا به؛ فظاهره خلاف نقل ابن رُشْد: ولربه إن لم يجزه فسخه بطلقة، وفيه ببتاته روايتاهما أكثر الرواة على الثانية. وخرج اللخمي: فسخه دون طلاق من قول الأبهري في ردها بعيب، واستحسن اللخمي كونها رجعية من قول مالك في فرقة الأمة تعتق تحت عبد إن عتق في عدتها؛ فله رجعتها. وفيها: لمالك: لو قال ربه: لا أجيزه؛ إن أراد لست أفعل، ثم كلم فأجاز؛ جاز بالقرب، وإن أراد الفسخ كقوله: رددته؛ لم يجز إلا بنكاح جديد. الشيخ عن محمد: لو قال: والله لا أجيزه اليوم، أو حتى أنظر فقد بين أنه لم يعزم، وكذا إن قال: لم أرد بقولي لا أجيز الفسخ؛ فله أن يجيز إلا أن يفترقوا على قوله: لا أجيز، فيكون فراقًا ما لم يقل: اليوم أو حتى أنظر؛ فذلك له. ابن القاسم: ويصدق ربه أنه لم يرد عزم الفراق في المجلس ما لم يتهم، وإن شك على أي وجه صدر ذلك منه؛ فهو البتات. قُلتُ: يريد: شك في عدد ما صدر منه على أن له التفريق بالبتات، وإلا فاللازم واحدة. ابن حارث عن المغيرة: إن قال: لا أجيزه، لم يجز بعد ذلك. وفيها: لمالك: ولربه رد المهر من الزوجة برد نكاحه إلا ربع دينار إن بنى.

ابن القاسم: وتتبعه به إن عتق، وقد بنى إلا أن يكون أسقطه عنه السلطان كقول مالك في دينه بغير إذن ربه. سَحنون: إن أبطله ربه، بطل، وفي نكاحها الثاني، وكذا المكاتب في رد مهره. قُلتُ: أتتبعه به إن عتق؟. قال: ما سمعته، وأرى إن غرها اتبعته، وإن أخبرها أنه عبد؛ لم تتبعه. وقيل: إن أبطله ربه قبل عتقه؛ لم تتبعه، فتعقب عبد الحق تسوية البراذعي بينهما في قوله: إن عتق العبد، أو ودى المكاتب؛ اتبعته بما ردته إن غرها، وإن بين لها؛ فلا شيء عليه، وإن أبطله عنه ربه أو السلطان قبل عتقه؛ لم يلزمه شيء، وصوب قول بعض شُيُوخه لرب العبد إسقاطه، ولو غرها وفي المكاتب إن لم يغرها وإلا وقف، فإن عجز فكالعبد، وإلا لم يصح إسقاطه. المتيطي عن أبي عمران: هو كالعبد سواء لا وجه للتفرقة بينهما. ابن محرز عن ابن عبد الرحمن: قولها: إن غرها المكاتب؛ تبعته. قال بعض شيوخنا: الفرق بينه وبين العبد أن سيد المكاتب إنما له نجومه لا أخذ مالهن فصار شبه ما تداين به؛ فلم يكن لربه فسخه. ابن محرز: وهذا ما دام مكاتبًا، فإن عجز؛ فله فسخ الدين عنه؛ لأنه يعيبه، وصار كمن لم يزل عبدًا من أصله. قلت: إن أراد في الصداق؛ فصحيح؛ لأنه ممنوع من النكاح بغير إذن ربه، وإن أراد، وفي الدين، فالمذهب خلافه. ابن محرز: وقوله: إن أبطله السيد، ثم عتق لا يتبع. من شيوخنا من قال: هذا إن غرها، وهو الأظهر. وقال ابن الكاتب: يحتمل أن يكون معناه: إن لم يغرها؛ لم يبطل إلا بإبطال ربه، وإن غرها ابتعته اتفاقًا. عبد الحق عن ابن الكاتب: إن بنى عبد بأنه تزوجها بغير إذن ربه وربها، فصداقها في رقبته. قلت: وكذا بإذن سيده في مطلق نكاحه، ولو كان بإذنه فيها؛ فالأظهر أن المهر في ذمة

سيده لقولها: إن أمر المحرم عبده أن يرسل صيدًا كان معه، فظن أنه أمره بذبحه فذبحه؛ فعلى السيد الجزاء، وإن كان العبد محرمًا، فعليهما والخطأ كالعمد في مال الغير والصيد. وفيها: لو عتق قبل علمه؛ لم يكن لربه رد نكاحه. المتيطي: روى الواقدي: يفسخ: وقال ابن القاسم ومالك: للعبد الخيار إن لم يبن في بقائه وفسخه. قلت: تقدم الخلاف في هذا الأصل في السفيه. وفيها: لو باعه قبل علمه سمعت فيها شيئًا لم أتحققه، وأرى ليس لمبتاعه فسخه، فإن رده؛ فهو لبائعه، وتخريج ابن محرز فسخه قبل رده على بقاء شفعة ذي شقص باعه يرد ببقاء متعلق الشفعة لحالة تعلقها به، والذاهب سببها فقط، وفي العبد متعلق الفسخ وسببه. اللخمي: له فسخه قبل رده ولمبتاعه رده بعيب عداه، وحملها بعضهم على منع فسخه قبل رده وهي محتملة، والقياس: له فسخه إن رضي مبتاعه عيب عداه. ابن عات: في المدونة: ما يدل على الخلاف في تمكن المبتاع من فسخ نكاحه، ونقل الخلاف فيه. ابن رشد وغيره: ولو أعتقه مبتاعه، ثم علم نكاحه؛ ففي رجوعه بعيبه قولا ابن محرز والصقلي مع عبد الحق عن أبي عمران بناءً على لغو حجة بائعه بأن معتقه فوت عليه إزالة عيب نكاحه؛ لتمكينه إياه منعتقه بمطلق بيعه واعتبارها، ولو رضيه، ثم رده بعيب؛ ففي غرمه عيب نكاحه ثالثها إجراؤه على أن الرد بيع، فيمنع البائع فسخه أو نقض؛ فلا يمنعه لعبد الحق عن أبي عمران، وبعض مذاكري ابن محرز، وابن عبد الرحمن، وتعقب إجراءه على أنه نقض بلزوم فسخه بائعه ما عقده بإذن مبتاعه بعد ابتياعه لو رده بعيب. وأجاب عبد الحق والصقلي: بما حاصله عدم موجب الفسخ، وهو تعدي العبد بعقد النكاح، ولو باعه بعد علمه فقط؛ ففي كونه رضى بنكاحه وعدمه، ويقوم المبتاع مقام بائعه في رده وإمضائه، ثالثها، ليس برضى، ولمبتاعه التماسك ببيعه، ولا خيرة له في فسخ نكاحه، ورده فيكون لبائعه فسخه لتخريج ابن رُشْد على مبيع بعيب ضرر

إحداث علم به بائعه في كونه رضى بالعيب وعدمه، وينتقل حكم القيام به لمبتاعه، ثالثها: لا ينتقل، وله رده على بائعه، فيقوم بحقه فيه، ولم يعزها، وعزا المتيطي الأول لابن عتاب، والثاني لمحمد مع دليل العتبية وحبيب عن سحنون. ابن محرز: الموهوب له هذا العبد كمبتاعه لا لوارثه. ابن عات: يختلف فيه كالمبتاع. ابن العطار: لو اختلف وارثوه في فسخه وإمضائه؛ فالقول قول ذي الفسخ، فإن قالوا: تقسم، فإن وقع لذي إجازته جاز؛ لم تجز القسمة على هذا؛ لأنها إجازة لنكاحه. قلت: وعدم جريان استحسان مسألة وارثي خيار واضح. وسمع عيسى ابن القاسم: من زوج على إن كان حرًا وإلا فلا، وقف عنها، ولو بنى، فإن كان حرًا؛ ثبت وإلا فسخ، ولو عتق بعد ذلك، ولا شيء لها إن لم يبن، وإن بنى؛ فلها الصداق إن كان ربه أعتقه، وكان لم يستثن ماله، فإن استثناه أخذه منها، وترك لها ما تستحل به، وضعف مالك تركه، وقال: إنما هو مال لربه. ابن رشد: أجاز هذا النكاح، وفيه معنى الخيار؛ لكونه عقد بت موقوف على اختيار أمر وقع يثبت الإرث فيه بالموت قبل ظهور ثبوت ما وقف عليه بخلاف عقد الخيار لا إرث فيه بالموت قبل بته، ولو بت بعد ذلك إنما يصح وقفه إن قرب اختيار ما وقف عليه، ولا يحل دخوله قبل بته حتى يعلم كونه حرًا يوم العقد، ولو بنى قبل ذلك؛ وقف لذلك، وإن أخذ ربه منها الصداق تبعته دينًا في ذمته عتق أو لم يعتق إلا أن يسقطه عنه ربه قبل عتقه، وقيل: لا يسقطه عنه إلا السلطان. وقول ابن عبد السلام: القياس إن غر العبد الزوجة أن يكون الصداق جناية في رقبته يرد بأن روايات المدونة وغيرها أن كل ما استهلكه غير المأذون له من شيء أدخله ربه يد العبد أنه لا يكون جناية في رقبته. وللمكاتب والمأذون له التسري بما لهما. وسمع ابن القاسم قوله لعبده: اشتر أمة من المال الذي بيدك فطأها؛ لا تحل له بذلك حتى يهبه المال قبل ذلك. وسمع أشهب: أو يسلفه إياه.

وسمع ابن القاسم هبة السيد عبده الأسود المخارج الجارية يعفه بها: لا يعجبني ولا يعمل به؛ لأنها تحليل؛ إنما الهبة للعبد التاجر. ابن رشد: يجوز للمأذون في شراء أمة وطؤها دون إذن ربه فيه لقولها للمأذون له: التسري دون إذن ربه فيه، ومعنى رواية السبائي: لا يتسرى العبد في ماله إلا بإذن ربه في غير المأذون. ومهر نكاح ذي الرق بإذن ربه عليه لا يضمنه ربه، ومهر إنكاحه ربه على من شرط، فإن سكتوا؛ ففي كونه عليه أو على ربه قولان للمعروف، ونقل المتيطي، وحيث هو على العبد في كونه فيما حصل له من معروف لا في فضل خراجه أو فيهما، ثالثهما: فيما يكون له من معروف لا فيما له منه حين العقد للمشهور وسحنون والمتيطي عن ابن القصار. ومن عقد لغائب بإدعاء أمره وضمن مهره فأنكر؛ بطل النكاح. وفي لزومه اليمين سماع أصبغ ابن القاسم مع ابن رشد عن الأسدية، وابن لبابة مع ابن رشد، وظاهرها معللاً سقوطها بأنه لو نكل؛ لم يلزمه شيء. وفي سقوط المهر عن الضامن: قولها وقول غيرها مع ابن رشد عن محمد وروايته عن أصحاب مالك، وخرجهما ابن رشد على رواية السبائكي فسخه بغير طلاق، وقول ابن القاسم في المدنية: بطلاق. وإنكاح أب ابنه ساكتًا، فأنكر تقدمت في فصل التوكيل.

باب الكفاءة

[باب الكفاءة] والكفاءة: المماثلة والمقاربة مطلوبة بين الزوجين. وفي كونها حقًا للولي والزوجة، أو للزوجة الثيب دون وليها، فيصح إسقاطها ثالثها: حق لله تعلاى يمتنع إسقاطها لنقل المتيطي عن بعضهم مع دليل ذكرهم مسألة تعارض بينتي الوليين في الكفاءة، ولقول ابن فتحون: حق الكفاءة في الثيب لها دون وليها. وحكى ابن أبي زمنين عن بعض الموثقين: هي فيها كالبكر لا تسقط بإسقاطها، وأخذ به القاضي أبو الوليد، وناظره أبي في ذلك، والقاضي مع ابن الماجشون، وابن القاسم: وبه القضاء. وفي كونها في الحال والمال أو فيهما، وفي الدين أو في الحال والدين، أو في الدين فقط خامسها: في النسب لا المال. وللمتيطي مع ابن فتحون عن ابن القاسم: قائلين به الحكم. وابن الماجشون، ورواية ابن فتوح والطرطوشي مع القاضي عن المذهب، وعياض عن مالك وابن عات عن رواية ابن مغيث. وفيها: إن رضيت بكفؤ في الدين لا في المال وأباه وليها؛ قال: ما سمعت فيه شيئًا إلا قوله: لا بأس بإنكاح الموالي في العرب، وأعظم تفريقهم بين عربية مولى، وقال المسلمون بعضهم لبعض أكفاء لقوله تعالى: {إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} [الحجرات: 13]. المتيطي عن ابن سحنون عن المغيرة: لا يجوز إنكاح المولى عربية، قيل: فإن رضيت ثيب عربية بعبد وأباه وليها؛ قال: لم أسمع منه إلا ما أخبرتك. المتيطي: أجاز ابن القاسم نكاح العبد العربية، وقال غيره: ليس العبد ومثله كفء لذات المنصب، والقدر للناس مناكح قد عرفت لهم وعرفوا بها. الشيخ عن المغيرة وسحنون. اللخمي: قول المغيرة خلاف قول ابن القاسم.

ابن سعدون وغيره من الموثقين: قول المغيرة وفاق لابن القاسم لقول ابن القاسم فيها: إن رضى الولي بعبد؛ فليس له أن يمتنع منه بعد ذلك إلا أن يأتي منه حدث غير الأول. وفي نوازل ابن الحاج وتعليقة الطرطوشي: ذكر أصحابنا أن المعتبر في الكفاءة ستة: الحرية، والدين، والنسب، واليسار، والحرفة، والخلو من العيوب الأربعة. قلت: الأظهر من مطلق العيوب في البكر، وعزا اعتبار السلامة من الأربعة. ابن فتوح: للقاضي، وقال: ليس من الكفاءة؛ إنما ذلك للمرأة. قال عن بعض أصحابنا: ليس العجم بأكفاء للعرب، ولا العرب لقريش، ولا قريش لبني هاشم وهم وبنو المطلب أكفاء. قلت: لقوله صلى الله عليه وسلم لعثمان: "إنما أرى بني هاشم وبني المطلب شيئًا واحدًا" أخرجه البخاري. ابن الحاج: وأما الصناعة؛ فذو الصناعة الدنية؛ كالحائك والحجام، والخباز والفران، والحرامي وشبهه ليس كفؤًا لمن هي من أهل المروءات والصنائع الجليلة؛ كالتجارة والخياطة، ونحو ذلك. ابن بشير: الفسق مانع اتفاقًا. الشيخ عن أصبغ: إن زوج بكرًا أبوها من فاسق لا يؤمن عليها؛ رده الإمام ولو رضيته. وفيها: لا يزوج قدري، وامتحن التونسي في فتواه لمن تعلقت نفسه بشيعية جميلة بقوله: من تشيعه بتفضيل علي على أبي بكر دون سب له، فليس بكافر، فشنع عليه تقسيمهم لغير كافر. قال ابن الحاج: ووافق فقهاء عصره على استتابته سدًأ للذريعة، وقصته مشهورة. الشيخ: روى محمد: إن رضيت ثيب بكفء في الدين لا في الحسب، وأباه أبوها؛ زوجها منه السلطان.

وعن ابن القاسم: إن رضيت من رضي دينه وعقله دونها في المال والحسب؛ زوجت منه. وعن ابن حبيب عن ابن القاسم: إن رضيت بكفء في الحال والمال والقدر، وأباه وليها زوجت منه. زاد ابن شاس عن عبد الملك: على هذا مالك وأصحابه. اللخمي: تزويج الأب البكر عربية، ولو شريفة من عربي دونها؛ جائز، ومن بربري أو مولى لفقرها وهو مليء؛ جائز، وإن كانت موسرة والعرف معرتها به؛ فلها أو لأبيها منعه وإلا فلا، ويستحب له اجتناب ذي الشلل والأمي وشبهه، ويجب تركه البين جذامه. الشيخ عن ابن حبيب: وليس على أبي البكر، ولو كانت كبيرة مقال منها، ولا تعقب سلطان، ولو زوجها بأقل من مهر مثلها، أو من ضرير، أو من غائب، أو على ضرة، أو ممن هو أدنى منها حالاً أو مالا، أو من قبيح، الله أعلم بنيته، ولا يزوجها من مجنون يخاف عليها منه، ولا من أبرص متسلخ، ولا من مجذوم متقطع تغيرت رائحته لا يلزمها نكاح أحد الثلاثة، ويخرج من ولايته، وهو بهذا مسخو. المتبطي عن ابن الماجشون وابن عبد الحكم وأصبغ: إن زوجها عنينًا أو مجبوبًا أو خصيًا نظرًا؛ جاز، وإن لم تعلم؛ فخرجه فضل على عضله إياها. اللخمي: يرد إنكاحه إياها مجبوبًأ إلا ذاهب الأنثيين فقط. ابن عات: في جبره إياها من عنين روايتا ابن عبد الغفور. وسحنون: يمنع من مجنون أو أبرص، أو مجذوم أو أسود أو غير كفء، ولو كانت مجنونة؛ إذ قد تفيق. اللخمي: إن زوجها ذا كسب حرام، أو كثير الحلف بالطلاق؛ رد نكاحه، ومرمي دون ثبوته تركه أولى، ومن فقير تضيع معه، أو يسعى من وجه يعرها؛ رد نكاحه، وذو مال يذهب عن قرب ولا حرفة. أصبغ: النظر تركه. ابن عات: في منعه أم ابنته إنكاحها من عديم قولا المشاور وسحنون، وفي منعها

مطلقة إنكاحها في غربة مسافة خمسة أيام ونحوها نقلاه عن الداودي وبعض المفتين. المتيطي عن ابن زياد: ليس على الحاكم أن يسأل شهود الكفاءة من أين علموها. قلت: هذا إن كانوا من ذوي العلم بها، ولو عارضت بينة كفاءة بينة بنفيها؛ ففي تقديم راجحة العدالة في تفاوتها، والنافية في تساويها مطلقًا، ثالثها: هذا إن بينت ما هو به غير كفء، وإن أجملت، فالمثبتة للمتبطي عن أحكام ابن زياد، وبعض الموثقين وابن جدير عن جماعة من الشيوخ. وفيها: أيجوز أن يزوجها بدون مهر مثلها؟ قال: قال مالك: يجوز عليها إنكاحه، فأراه بالدون جائزًا إن كان نظرًا أو أتت امرأة مطلقة قالت: لي ابنة موسرة مرغوب فيها؛ أصدقت صداقًا كثيرًا أراد أبوها إنكاحها ابن أخيه معدمًا لا شيء له ألي أن أتكلم؟ قال: نعم، لك في ذلك متكلم. ابن القاسم: إنكاحه جائز عليها إلا أن يضر فيمنع، ورويت: لا أرى لك. ابن حبيب: قول ابن القاسم خلاف. ورد ابن محرز: قول بعضهم وفاق يحمل قول مالك في مخوف منه أكل مالها وابن القاسم في غيره بأنه يحيل المسألة. عياض: قول سحنون: بقول ابن القاسم أقول، ومراده ضرر الجسم لا الفقر يدل على أنه خلاف. أبو عمران: وفاق، وقول ابن القاسم راجع لما نكاحه بدون المثل محتجًا بمسألة المرأة؛ لأنه أمضاه، والمتكلم أن ينظر، فيمضي صواب فعله ويرد الآخر. وفيها: النكاح والملك المستقل يبيح الاستمتاع بالحليلة في غير الدبر. وروى الشيخ: ولا بأس بنظر فرجها حين الجماع. زاد عن أصبغ: ولحسه إنما يكره من ناحية الطب، يقال: لضعف البصر. ابن رشد: زاد محمد عنه: بلسانه تحقيقًا لإباحة النظر لاعتقاد العوام حرمته، ووطء المباح ووطئها في الدبر. سمع عيسى رواية ابن القاسم: ما أدركت من يقتدي به يشك فيه حدثني ريبعة

عن سعيد بن يسار عن ابن عمر: لا بأس به، وإباحته ابن القاسم قائلاً: لا آمر به، ولا أحب أن لي ملء هذا المسجد الأعظم وأفعله، وكل من استشارني فيه أمرته بتركه. ابن رشد: روى ابن القاسم: هو حلال أحل من شرب الماء البارد، وعليه قولها: يسقط به الإيلاء، وحرمه ابن وهب. الطرطوشي: روى هو والدارقطني وابن زياد عن مالك: تكذيب من نقله عنه. ابن شاس: هو كالوطء في إفساد العبادة، وإيجاب الغسل والكفارة والحد، ولا يحل ولا يحصن. وفي وجوب الصداق به قوان. قلت: الخلاف في الغسل به قد تقدم، وفي الإحصان يأتي، وسمع أصبغ جواب ابن القاسم عن كلام الرجل امرأته حين الجماع: بنعم. قلت: وأما النقير عند ذلك بجعل القاف خاء معجمة من فوق؛ فقال العتبي عن أصبغ: قال ابن القاسم: حدثنا الدراوردي عمن حدثه عن القاسم بن محمد: أنه سئل عن ذلك فقال: إذا خلوتم، فافعلوا ما شئتم. ابن رشد: هو قبيح ليس من أفعال الناس، وترخيص ابن القاسم فيه على معنى أنه غير محرم. والمعروف جواز العزل: في التمهيد: اتفق علماء الأمصار على جوازه، وكرهه بعض السلف، ونحوه لابن العربي. ابن عات: روى ابن عبد الغفور كراهته، وشرطه عن الحرة إذنها، وعن الأمة زوجة إذن ربها، وفي شرط إذنها، ولغوه قول الباجي مع الجلاب، ونص الكافي مع ظاهر الموطأ. اللخمي: إن امتنع حملها لصغر أو كبر أو لحمل بها، استقلت بإسقاطه، واستحسن استقلالها؛ لتمام طهرها إن أصابها مرة، وأنزل. ابن عات عن المشاور: للحرة أخذ عوض عنه لأجل معين، ولها الرجوع متى شاءت برد ما أخذت، وحكى المشاور عن ابن القرطبي: يقضي له على زوجته بأربع في الليلة، وأربع في اليوم كالزوجة مع الضرائر. الزوجة: الأصل حل نكاح المرأة إلا لمانع.

باب مانع النسب في النسب

[باب مانع النسب في النسب] الأول: النسب، فرعه وأصله، وأقرب فرعه، وأبعد أقربه، والمخلوقة من ماء زان حرام عليه. وفي تخطئة سحنون إباحتها ابن الماجشون نظر لمن أنصف؛ لتعارض لازم عدم إرثها ودليل قوله صلى الله عليه وسلم: "واحتجبي منه يا سودة" مع زيادة الراوي لما رأى من شبهه بعتبة.

باب مانع الصهر

[باب مانع الصهر] الثاني: الصهر: زوجة أصله أو فرعه، ومن لها على زوجته ولادة، وفرع زوجة مسها، وإن لم تكن في حجره. ابن رشد: بنت امرأة أبيه من غيره قبله حل له إجماعًا، وبعده في حلها وحرمتها. ثالثها: تكره لرواية عيسى عن ابن القاسم مع مالك والكافة وسماع أبي زيد، ابن القاسم، ونقل ابن حبيب عن طاوس: والوطء بملك أو شبهة كوطء بنكاح في أمهات الأولاد منها إن وطئ أب أم ولد ابنه غرم له قيمتها على أنها أم ولد، وعتقت على الابن؛ لأن الولاء ثبت له، وإنما عتقت؛ لأنها حرمت عليهما. والتحريم بقول أب أو ابن. قال اللخمي: إن عرف ملكه؛ حرمت بقوله، ولو بعد خروجها من ملكه أصبتها.

فإن قال: لم أصب، لم تحرم ولو غاب، ولو غاب أو مات دون قول، ففي حرمتها مطلقًأ، أو إن كانت عليه نقل الباجئ مع اللخمي عن ابن حبيب واختياره. قال: ولو جهل ملكه، وقال: بعد ملكها أبوه أو ابنه: أصبتها بملك، فإن وثق به، ولم يتهم؛ منعا منها وإلا فلا، ولو قال: كنت تزوجت من تزوجها ابنه، ففارقها لقوله: غرم نصف المهر، وتحلف الزوجة إن كان الأب ثقة. قلت: الأظهر حلفها مطلقًا إن ادعى الابن عليهما حقية قول أبيه: إن ثبت تقدم علمها أنه ابنه قبل نكاحها إياه. قال: ولو شهد معه عدل والأب عدل؛ قضي بالفراق. وفي سقوط نصف المهر نظر؛ لاعتبار تهمة الأب فيه، ولغوها؛ لإعمال شهادته في الفسخ، وشهادة العدل معه تضعف تهمته. قلت: وحلفه مع الأجنبي يتخرج على الحلف مع الشاهد فيما ليس بما يئول إليه. وفيها: لو اشترى أمة، أو أراد شراءها أو خطب امرأة، فقال أبوه: وطئتها بملك، ونكحت المرأة وكذبه ابنه. قال: قال مالك: لا تجوز شهادة امرأة أو امرأتين في الرضاع إلا أن يكون فاشيًا، وأحب تنزهه عنها. ابن القاسم: شهادة الأب كالمرأة لا تقبل إلا أن يكون قوله قبل ذلك فاشيًا، وأرى أن يتنزه عنها بلا قضاء. أبو عمران: التنزه في عدم الفشو وفيه أقوى. عياض: وقيل: يقضى في الفشو بالحرمة، واختصارها البراذعي بلفظها؛ لضعف قياسها بفرق احتمال تهمة الأب على بقاء حلها له. اللخمي والباجي: روى محمد: المباشرة والمس ولو للعورة لمرض دون لذة لغو وللذة من بالغ كوطء. اللخمي: في لغو وطء الصغير، وإيجاب قبلته، ومباشرته الحرمة إن بلغ أن يلتذ بالجارية رواية محمد وقول ابن حبيب. وخص ابن بشير القولين بالمس ونحوه، وشاذ قول ابن الحاجب، والمشهور أن

اللذة بالقبلة والمباشرة كالوطء لا أعرفه. اللخمي: التلذذ بالنظر محرم. زاد أبو عمر في روايته: ولو إلى شعرها. الباجي: نظر الشراء لغو، وبعد الملك. قال ابن حبيب: نظر الشهوة للمحاسب يحرم. زاد محمد في روايته: وكذا إلى معصمها أو ساقها تلذذًا. ابن القُصَّار: ونظره للفرج أو غيره لغو، وعزاه ابن رشد لابن شعبان. قال: وروى ابن وهب: إيجابه للكراهة. ابن بشير: النظر للوجه لغو اتفاقًا، ولغيره المشهور يحرم؛ لأنه يثمر اللذة والشاذ قياسه على الوجه في وطء الملك، ومباشرته كالنكاح، وفي كون وطء الزنا ولو بمحرم يحرم ثالثها: الكراهة لسماع أبي زيد ابن القاسم مع رواية ابن حبيب قائلاً: عليها مات، والموطأ، وعليه أصحابه، ورواية محمد معها واختصارها البراذعي على التحريم متعقب. عياض: على الكراهة حملها الأكثر، وقيل: ما في استبرائها على التحريم، وعلى لغوه في الحرمة بوطء الغلط، ثالثها: الوقف للخمي عن أبي عمران مع الشيخين أبي الحسن وأبي بكر وسحنون، وبعض أهل العلم. قال: واختلف فيها. قول الشيخ: ونزلت بابن التبان، ففارق زوجته، وفي حرمة الأم بمس ابنتها تلذذًأ غلطًا طريقان: اللخمي وأبو عمران والباجي: كوطئها. ابن شاس: وعلى التحريم بوطء الغلط في الأجنبيات بالمس غلطًا قولاً الأكثر أبي الحسن، وأبي عمران، وابن عبد الرحمن، والتونسي، وأبي حفص العطار، والسيوري، وعبد الحميد، وابن شعبان، وأخذ به ابن التبان حين نزلت به، وقول أبي القاسم الطابثي، وابن أخي هشام، وابن شبلون، ومقتضى قول سحنون، وأحد قولي الشيخ والمازري وألف فيها.

قلت: وابن رشد، وأكثر ذوي الأول: أنه اتفاق لا كالزنا، وبعضهم يختلف فيه كالزنا، ووهمهم عبد الحميد. وفي كون الاجتناب على التحريم والحكم بالفراق أو على الاستحباب لا الحكم قولاً أكثرهم، والقابسي مع أبي عمران، وأبي الطيب عبد المنعم. المازري: وطء المكره على حده؛ كالزنا، وعلى عذره؛ كغلط، وشرط حرمة الصهر صحة نكاحه، وفي كون المختلف فيه كذلك، أو يتبع فسخه بطلاق والإرث فيه، ثالثها: كصحته للمشهور وابن حبيب مع ابن رشد عن ابن القاسم مرة، واختيار اللخمي قائلاً: إلا أن يحرم احتياطًا، وأجبت فيمن زوج ابنة أخيه يتيمة من أربعة أعوام ابن ابنه صغيرًا، ثم مات بحرمتها على أبيه، وجواب بعضهم يقيد كونها مميزة يرد بنقل ابن رشد الخلاف في إنكاح اليتيمة صغيرة في رسم شك من سماع ابن القاسم، ورسم لم يدرك من سماع عيسى ابن القاسم، وسماعه إياه في رسم: إن خرجت توارثهما، وسماع القرينين: وقف مالك فيه، ونقله إجازته بعض الناس، ونحو ذلكم لابن المنذر مطلقًأ للجمع في الصغيرة، ونقل ابن المنذر: الجد كالأب في إنكاح الصغيرة، فأحرى الصغير، وفي المجتمع عليه طريقان: ابن بشير: المشهور لغوه. اللخمي: اختلف في بعض صوره حرم. سحنون: الأم بعقده على بنتها معها للغير. فيها: من نكح على أم ابنتها قبل بنائها؛ لم يجز لابنه نكاحها، ويمنع ابتداءً؛ يريد: لا يفسخ إن نزل، وإلا فسخ نكاح الأم. ابن رشد: قيل: يفسخ. الباجي عن ابن الماجشون: ما حرم بالكتاب أو السنة؛ كخمسة أو معتدة، والمرأة على أختها أو خالتها لغو، فعزو ابن عبد السلام شاذ قول ابن الحاجب (ما درئ فيه الحد المشهور لغوه) لابن الماجشون خلاف نقل الباجي عنه، ووطء ذات المختلف فيه يصيره كصحيح، وسمع أبو زيد ابن القاسم: وطء الميتة بنكاح، وتقبيلها كالحية. ابن رشد: مقتضى النظر لغوه، كما لا يحصن، ولا يكمل صداقًا، ووطء ذات العقد

المحرم بالكتاب إن حد به كزنى، وإلا فقال الصقلي: يحرم اتفاقًا. ابن رشد: الصحيح عدم تحريمه. وإن تزوج أمًا وابنتها معًا؛ فسخ أبدًا. قلت: ولو كانت الأم ذات زوج. اللخمي: إن كانتها؛ صح على البنت؛ لأنه حرام وحلال لمالكين، والمبني بها؛ تحرم الأخرى. ابن القاسم: وله نكاح من لم يبن بصاحبتها بعد استبرائها إن بنى. ابن القاسم: مطلقًا وحرم غيره. وسحنون: الأم مطلقًأ بعقد البنت، ولمن بنى بها مهرها. ابن رشد: إن بنى بواحدة، وجهلت وادعتاها؛ صدق الزوج في تعيينها لغرم مهرها، فإن مات دون تعيين، فأقل المهرين من تركته بينهما بعد أيمانهما، ولا إرث في الجميع، ولو ترتبا ولا بناء؛ فسه الثاني أبدًا، وصح الأول مطلقًا، وتخريج ابن رُشْد تحريم الأم إن كانت الأولى على قول سحنون يرد بضعف عقد البنت؛ لقوة مانعه بتقدم صحته، ولو جهلت الأولى؛ حرمت الأم، وفسخ نكاح البنت بطلاق، فإن لم تدع إحداهما علمه أنها الأولى؛ ففي كون الواجب لكل واحدة نصف مهرها أو ربعه ثالثها: لكل واحدة ربع أقل المهرين لنقلي ابن رشد واختياره. قلت: عزا ابن محرز الأول لأصبغ وأشهب في الموازية، واختيار ابن رشد: نصف أقل المهرين بينهما خلاف ما يأتي له في مثله. قال: ولو ادعتا علمه وأنكر، فإن حلف وحلفت كل واحدة أنها الأولى، فنصف أكثر المهرين بينهما على مهريهما، فإن نكلتا؛ فنصف أقلهما عليهما، فإن نكلت إحداهما؛ سقطت، وللحالفة نصف مهرها، فلو نكل وحلفتا؛ فلكل واحدة نصف مهرها، فإن نكلتا معًا أو إحداهما، فكما مر، ولو أقر لإحداهما، حلف للأخرى، وسقط مهرها، فإن نكل وحلفتا؛ فكما مر. ابن رشد: فإن حلفت إحداهما: فلها نصف مهرها، وسقطت الناكلة لاستحقاق الحالفة نصف المهر.

قلت: في سقوطها إن طلق المقر لها نظر، ولو مات والأولى مجهولة؛ فالإرث بينهما بعد أيمانهما، وعليهما عدة الوفاء. ابن القاسم: ولكل واحدة نصف مهرها. ابن رشد: الصواب: أقل المهرين على مهريهما بعد أيمانهما. قلت: هذا خلاف متقدم اختياره لكل واحدة ربع أقل المهرين، وانظر هل يتخرج على أن لكل واحدة نصف مهرها في المسألة الأولى أن يكون لكل واحدة صداقها؛ لأنه مقتضى قوليهما فيهما، أو يفرق بأنه في الأولى قادر على تكذيبهما بحلفه، فنكوله إقرار، والميت لا يتصور نكوله؛ لكن قوله في مسألة الأختين: يدخل بإحداهما، ويموت عنهما، والمدخول بها مجهولة لكل واحدة صداقها يتمم التخريج، ولو بنى بهما؛ حرمتا ولا إرث، وعليهما الاستبراء، فإن بنى بالأولى، حرمت الثانية، وثبتت الأولى اتفاقًا إن كانت البنت، وإلا فعلى الخلاف، وإن بنى بالثانية؛ حرمتا إن كانت الأم، وإلا فسخان وله نكاح البنت بعد الاستبراء ولا إرث، وفي ثبوت نصف مهر الأولى ثالثها: إن تعمد لعلمه بالحرمة للصقلي عن رواية السليمانية وعبد الملك وأبي عمران. ابن بشير: الأول المشهور. وفيها: ولا مهر لها، وإن كان الفسخ من قبله؛ لأنه لم يتعمد، وأخذ ابن عبد السلام نفيه - وإن تعمد - من قولها: إن أرضعت كبيرة بعد بنائها ضرتها حرمن، ولا مهر للصغيرة إن تعمدت الكبيرة ذلك يرد بتهمة الزوج على إرادة إسقاط ما يوجبه طلاقه، ولو بنى بمعينة جهلت أوليتها، فعليها في موته أقصى الأجلين، وفي سقوط الإرث، وأخذها نصفه قولا محمد وابن حبيب، فإن كانت الأم، حرمتا، وإلا حرمت وله تزويج البنت بعد الاستبراء، ولمن بنى بها مهرها في الجميع، ولو جهل من بنى بها، وأوليتها؛ حرمتا، فإن أقر بأولية إحداهما، فكما مر قبل البناء والمهر كالنصف. سحنون: لو مات؛ فلكل واحدة نصف مهرها. ابن رشد: الصواب أقل المهرين على مهريهما بعد أيمانهما، وعليهما أقصى الأجلين، وكون نصف الإرث بينهما، وسقوطه على ما مر. وفيها: يحد بوطئه المحرمة منهما إن لم يعذر بجهل، ولو ملكهما؛ وطئ أيتهما شاء،

فتحرم الأخرى، ولو جمعهما ملك ونكاح؛ حرم وطء المملوكة، فإن بنى بالزوجة أو كانت البنت؛ حرمت الأخرى أبدًا. والمعتدة من غير طلاق رجعي في حرمتها بالعقد عليها، أو بالبناء بها مطلقًا ثالثها: به في العدة، ورابعها: لا تحرم بحال للخمي عن رواية الجلاب وروايتي غيره وابن نافع، ولم يعز الصقلي وابن رشد الأول إلا لحكاية القاضي. قال ابن رشد: ولو ... قائله. قلت: وعزاه الباجي لروايته. ابن حارث: وطء المعتدة بنكاح يحرمها اتفاقًا. قال: وسمع عيسى ابن القاسم في المتزوج في العدة المصيب بعدها: يؤمر أن لا ينكحها أبدًا، ولا يقضي بذلك عليه. اللخمي: في كون قبلتها، ومباشرتها في العدة محرمًا قول ابن القاسم مرة مع قول محمد: لو تقاررا على عدم المسيس بعد إرخاء الستر؛ حرمت عليه أبدًأ، وقول ابن القاسم مرة: أحب أن لا ينكحها من غير قضاء. ابن رشد: قولان لها ولسماع عيسى ابن القاسم: لا تحرم به؛ لأن في الوطء خلافًا. قلت: هو لفظ المقدمات، وظاهره: ولا كراهة، وهو في سماع أصبغ كما نقل اللخمي أحب إلى آخره. زاد ابن رشد في سماع القرينين: لا تحرم القبلة والمباشرة بعد العدة اتفاقًا، وفي كون وطء مستبرأة بنكاح أو معتدة بملك محرمًا ثالثها: في المعتدة لنقل اللخمي عن المذهب، وعن قول سحنون روى: أنه ليس كتزويج في العدة واختياره. ابن رشد: الوطء بنكاح أو بملك أو شبهتهما في عدة نكاح أو شبهته يحرم، والوطء بملك، أو شبهته في عدة غير نكاح كعدة أم الولد لوفاة ربها أو عتقها أو استبراء الأمة لبيع أو موت أو هبة، أو عتق أو اغتصاب، أو زنى؛ لا يحرم اتفاقًا فيهما، وفي التحريم بالوطء بنكاح أو شبهته في عدة غير نكاح، وما بعده اختلاف أخفه تحريمًا النكاح في استبراء الأمة من زنيو ثم من اغتصاب، ثم من البيع والهبة والموت، ثم من العتق، ثم في عتق أم الولد، ثم في موت ربها؛ لأنه عدة عند مالك، ثم في استبراء الحرة،

ثم من زنا، ثم من اغتصاب. اللخمي: إن وطئها في عدة من زنا؛ فقيل: تحرم، وقيل: لا، ثم رجع ابن القاسم فقال: إن كانت حاملاً حرم وإلا فلا، واختار ابن رشد عكسه. اللخمي: وقال أصبغ: لا أحب أن يتزوجها، وإن لم تكن حاملاً. ابن رشد: وفي التحريم بوطء نصرانية في عدة وفاة نصراني أو طلاقه خلاف؛ لأنها استبراء؛ إذ لا عدة عليها لموته قبل بنائه، وعليها فيه بعد بنائه ثلاث حيض، وكان يقول: عليها فيه حيضة واحدة، ووطؤها في عدة لموت مسلم، أو طلاقه كمسلمة، وعلى قول مالك: لا عدة عليها لموته قبل بنائه، وعليها له بعده ثلاث حيض يكون استبراءً، فيختلف في التحريم به، واختلف في التحريم بوطئه بنكاح في استبراء فسخ نكاحه إياها نكاحًا لا يقر، وفي عدة من طلاقه إياها ثلاثًا قبل زوج، فعلى تعليل التحريم بالتعجيل مع اختلاط الأنساب؛ لا يحرم، وعلى تعليله بمجرد التعجيل؛ يحرم. قلت: ظاهره أن لا نص فيهما. وللباجي: من تزوج مبتوتة في عدتها منه. روى ابن حبيب عن ابن نافع: تحرم عليه كالأجنبي. قلت: وحكاه ابن حارث عنه. الباجي عن محمد: روى أشهب: من صالح امرأته على أنها إن طلبت ما أعطته؛ فهي امرأته، فطلبت ذلك، فرده لها وراجعها، وأصابها؛ فرق بينهما، وحرمت عليه أبدًا. محمد: قال غير واحد من أصحاب مالك: لا يحرم. ابن حبيب عن ابن القاسم وأصحاب مالك: تحل له بعد العدة. وقال ابن رشد: والوطء بزنى في عدة أو استبراء، أو بنكاح أمة ربها يطأها، أو أم ولد قبل استبرائها لا تحرم اتفاقًا فيهما. وفيها: لغير ابن القاسم: الوطء بنكاح في حيضة أم ولد من وفاة ربها أو عتقها أو في حيضة أمة أعتقها ربها، وكان يصيبها كوطء في عدة، وروي عن مالك في عتق أم الولد: أنها ليست كمتزوجة في عدة. عياض: كذا لابن المرابط وعند ابن عتاب.

وروي: أنها ليست كمتزوجة في عدة. عياض: لم يذكر أم الولد، وسقط عند ابن عتاب لابن وضاح لفظ عن مالك، وأبهم الرواية، فحملها أكثر المختصرين على أن الخلاف في أم الولد فقط على نص كتاب ابن الطلاع، وعليه اختصرها ابن أبي زَمَنَيْن، وحمل بعضهم الخلاف في عموم طرو النكاح على استبراء الملك، أو وطء الملك على النكاح، وقاله اللخمي، وعليه اختصر الشيخ. قلت: يريد: أن من قصر الخلاف على أم الولد يقول في غيرها: لا تحريم، لأنه فيها أشد، وقوله: في عموم طرو النكاح على استبراء الملك، أو وطء الملك على النكاح خلاف قول ابن رُشْد في سماع ابن القاسم تأبيد حرمة الأمة بوطء ربها إياها في عدتها من زوج اتفاقًا. وفي كون المعتدة من طلاق رجعي كمعتدة من بائن، أو ذات زوج؛ لا يوجب وطئها بنكاح تحريمًا ثالثها: إن لم تراجع لابن رُشْد عن الغير فيها ولقوله؛ قيل: مذهب ابن القاسم: أنها كذات زوج لثبوت أحكامها من إرث ونفقة، وشبهها لها، وأراه في الأسدية، ولقوله: يحتمل ثالثًأ كقول ابن ميسر في نصرانية أسلمت تحت نصراني تزوجت في عدتها منه إن أسلم زوجها؛ لم تكن ناكحة في عدة وإلا كانتها. قلتُ: يفرق بأن إسلامه كشف دوام عصمته دون ثلم طلاق، فبان كون ناكحها؛ نكح ذات زوج، ولعله لهذا قال: يحتمل. قال: ولا يكون هو إن راجعها في بقية عدتها بعد أن فرق بينها، وبين الذي تزوجها وقبل الاستبراء ناكحًا في عدة. قلتُ: لأن الرجعة ليست نكاحًا، لصحتها من المحرم والعبد دون إذن ربه ونحوهما، وظاهره: لو وطئها بعد ارتجاعه قبل انقضاء عدة الثاني، لم تحرم، ويأتي لأبي حفص غيره، ولابن حارث عن الواضحة والموازيَّة عن ابن الماجِشُون في مسألة ابن ميسر هو ناكح في عدة مطلقًا. قلت: لمطلقها الرجعة قبل فسخ نكاح متزوجها في عدتها منه، فإن ارتجعها؛ فلا

يقربها إن بنى بها الثاني إلا بعد ثلاث حيض، أو وضع حمل. أبو حفص: إن وطئها في الاستبراء كان مصيبًا في عدة اتفاقًا؛ لأنهما ماءان لرجلين من نكاح دخل أحدهما على الآخر. قلت: نقل اللخمي عن المذهب: أنها لا تحرم عليه. قال: لأنها زوجته. ابو حفص: إنما الخلاف في دخول ملك على نكاح وعكسه كشراء أمة في عدة نكاح وطئها مشتريها. فيها: ونكاح أم ولد في استبرائها؛ لعتقها أو موت ربها. قال: وفي التحريم بدخول ماء فاسد على ماء فاسد أو صحيح من رجل واحدٍ قولان؛ كنكاح محرم فسخ بعد بنائه، فتزوجها في عدتها منه بعد إحلاله وبنى. فيها: وناكح أمة بغير إذن ربها؛ فسخ نكاحه بعد بنائه، فتزوجها في عدتها منه، وبنى فيها. وتفسير ابن عبد السلام قول ابن الحاجب: فإن وطئها بملك؛ فقولان: كالأمة تطلق، أو يموت زوجه، فيطؤها ربها أو مشتريها منه في عدتها موافق لما تقدم من نقل عياض خلاف ما تقدم من قول. ابن رشد: تحرم على ربها بوطئه إياها في عدتها اتفاقًا. وصريح خطبة المعتدة حرام. أبو عمر: إجماعًا، والتعريض بها جائز. في «الموطأ» عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه: أنه كان يقول: التعريض: قول الرجل للمرأة في عدتها: إنك علي لكريمة، وإني فيك لراغب، وإن الله لسائق إليك خيرًا ورزقًا ونحوه. وفيها: عن ابن شهاب: وإني بك لمعجب ولك محب.

اللخمي: قال في الموازية: وإني لأرجو أن أتزوجك. أبو عمر: قول مجاهد: يكره قوله: لا تفوتيني بنفسك، وإني عليك لحريص، يرد برواية ابن أبي شيبة أنه صلى الله عليه وسلم قال لأم شريك: «لا تفوتيني بنفسك». قلت: لعله إنما كرهه مع ما عطف عليه. الباجي عن إسماعيل: إنما يعرض بالخطبة؛ ليفهم مراده لا ليجاب. وفي المقدمات: يجوز التعريض من كل منهما للآخر معًا. وروى ابن حبيب: لا بأس أن يهدي لها، ولا أحب أن يفتى به إلا من تحجزه التقوى عما وراءه. وذكره اللخمي دون زيادة: لا أحب. وفي المواعدة: قال ابن رُشْد: أن يعد كل منهما صاحبه؛ لأنها مفاعلة لا تكون إلا من اثنين، تكره في العدة ابتداءً إجماعًا. ابن حبيب: لا يجوز. وظاهر قول اللخمي: النكاح والمواعدة في العدة ممنوعان حرمتها، وروايتها الكراهة. ابن رُشْد: والعدة أن يعد أحدهما صاحبه بالتزويج دون أن يعده الآخر، وتكره اتفاقًا خوف أن يخلف الواعد وعده. الباجي عن ابن حبيب: لا يجوز أن يواعد وليها دون علمها، وإن كانت تملك أمرها. وفي تعليقة أبي حفص ما نصه: ومن العزيمة مواعدة الولي التي كرهها في الكتاب هو الذي يعقد عليها، وإن كرهت ليس الذي لا يزوجها إلا برضاها. ولابن رشد: إن واعد وليها بغير علمها، وهي مالكة أمر نفسها؛ فهو وعد لا مواعدة قد ينفسخ النكاح، ولا يقع به تحريم إجماعًا. قلتُ: فيها: كره مالك مواعدة الرجل للرجل في تزويج وليته، أو أمته في عدة

طلاق، أو وفاة؛ فظاهرها كابن حبيب، فلو واعد في العدة ونكح بعدها؛ ففي استحباب فسخه مع عدم حرمتها، وفسخه بغير قضاء أو به، رابعها: وتحرم عليه، للخمي عن ابن القاسم فيها، وابن الماجشون مرة، وقوله: أخرى، ومحمد عن أشهب، وعزا ابن حارث الأول لرواية ابن حبيب، والأخير لعبد الملك. قال ابن حارث: لا أدري عبد الملك بن حبيب أو ابن الماجِشُون؟ ابن حارث: وسمع عيسى ابن القاسم في كتاب النكاح: إن كانت مواعدة شبيهة بالإيجاب فارقها بطلقة، ولا ينكحها أبدًا، وإن كانت شبيهة بالتعريض، ثبت نكاحه، وسمعه في طلاق السنة: إن ثبت أنه واعد فيها فرق بينهما بطلقة، فإن مسها نهيته عن نكاحها أبدًا دون قضاء. يحيى بن عمر: قال ابن القاسم مرة: يفرق بينهما بقضاء ومرة: دونه. ابن رُشْد: في فسخه روايتا أشهب وابن وَهْب. فيها: وسبي الزوجة وزوجها غير مسلم، ولا مؤمن في هدمه نكاحها، وإباحته فسخه مطلقًأ فيهما ثالثها: إن سبيت قبله، ورابعها: لغوه مطلقًا. لابن رشد عن ابن القاسم مع أشهب فيها وابن حبيب لقوله: يفسخ نكاحهما إلا أن يسلم أحدهما، أو يقرأ على نكاحهما، وعليه سماع عيسى ابن القاسم في التجارة بأرض الحرب في الإمام يتبع الشيء على أن هذا زوج هذه: أنه ليس للمشتري أن يفرق بينهما. وعن ابن بكير ومحمد: وعزا الطرطوشي الرابع لرواية واللخمي، الثالث لرواية ابن بكير. ابن بشير: اختلف هل قول ابن القاسم كمحمد أو كأشهب؟. ابن محرز: ولو سبيت بعد قدومه بأمان وإسلامه وأسلمت ولم تعتق؛ احتمل فسخ نكاحها؛ لأن شرط نكاح الأمة عدم الطول، وخوف العنت، والأرجح عدم فسخه كمتزوج أمة بشرطها، ثم وجد طولاً لا يفسخ نكاحه. قلت: ما جعله أرجح هو نص قولها: لو أسلم الزوج بدار الحرب، وأقام أو قدم، أو أتى بأمان، فأسلم، ثم سبيت؛ بقيت زوجة إن أسلمت، وإلا فرق بينهما؛ إذ لا تنكح

باب في تحريم الجمع في النكاح بين المرأتين

أمة كتابية. بعض شيوخ عبد الحق: إن قدمت بأمان فأسلمت أو لم تسلم، ثم سبي زوجها، فنكاحها باق، وتخير فيه لرقه، وكذا إن سبي، ثم قدمت بأمان، وإن لم تسلم إن أسلم في عدتها. ابن محرز عن ابن عبد الرحمن: قول محمد: الزوج المسبي أحق بزوجته المسبية ما لم يطأها ربها بعد استبرائها هو دليل تشبيهها ابن القاسم بالأمة يطؤها ربها بعد انقضاء عدتها ورجعة زوجها إياها قبل انقضاء عدتها لا سبيل لزوجها إليها، وقبله ابن بشير، ويرد بأن نصها: أرأيت إن سبي الزوج، ثم سبيت أينهدم النكاح في قول مالك؟ قال: ما سمعت فيه شيئًا، وأرى السبي يفسخ النكاح. قال مالك: من طلق زوجته الأمة، ثم سافر، وارتجعها في سفره، فوطئها ربها يعد انقضاء عدتها، وجهل رجعتها، فأثبتها زوجها ببينة لا سبيل له عليها؛ لأن وطء الملك كالنكاح. قلتُ: فجعل المشبه بوطء ربها - في إبطاله حق زوجها - السبي في إيجابه؛ فسخ النكاح، فكيف يؤخذ منه قول محمد بلغوه. ومال المستأمن، وولده بدار الحرب يسبى، تقدم في الجهاد. [باب في تحريم الجمع في النكاح بين المرأتين] ويحرم الجمع بالنكاح، ولو في عقدين بين كل فرع، وأصله أو أقرب فرعه، ولو برضاع كالمرأة وأمها وجدتها، ولو علت، وابنتها ولو سفلت، وأختها، ولو من أم

وابنة أبيها أو جدها أو جدتها ولو بعدا. وفيها: الرضاع في هذا كالنسب. ابن الحاجب وغيره: قبله وبعده. ضابطه: كل امرأتين بينهما من القرابة أو الرضاع ما يمنع نكاحهما لو كانت إحداهما ذكرًأ، وزيد من القرابة لأجل المرأة مع أم زوجها ومع ابنته. وما جمع منهما في عقد فسخ فيهما؛ لا مهر إن لم يبن، ولمن بنى بها؛ مهرها. ابن رشد: هذا مع عدم العلم بالتحريم، فإن علم؛ ففي كونه كمحض زنى في هذا الأصل قولان، وعليهما نفي الصداق وثبوته، وما في عقدين علم أولهما يثبت الأول، ويفسخ الثاني في غير الأم وابنتها اتفاقًا، وفيهما تقدم حكمه. ابن بشير: والمهر في الثانية كما مر في الأولى، وإن جهلت أولاهما، ولا تعيين من الزوج ولا منهما فسخ فيهما. قلت: والمهر كما لو كانا في عقد واحد، فإن عين الزوج أولاهما، فقال اللخمي عن

محمد: يصدق ويفارق الأخرى وعلى قولها: (لا تصدق المرأة يتزوجها رجلان جهل أولهما في تعيين) لا يصدق، وأرى أن يصدق ما لم يتهم بأن يدعي ذات الجمال أو اليسار؛ لأن الغالب إذا تقدم نكاح الموسرة الجميلة أن لا يتزوج الأخرى إلا لسبب، وإن شهدت عليه البينة بالنكاحين، فكذب إحداهما؛ فسخا بخلاف إقراره بهما، وتعيين أولاهما؛ لأنه لابد أن تكون إحداهما دون الأخرى بخلاف أن ينكر؛ لأن التي أنكرها يمكن أن تكون الأولى. وعزا الصقلي قول محمد لأشهب، وزاد عنه أنه قال: لو قال في إحداهما: ما تزوجتها، وعقد كل منهما ببينة؛ لم تؤرخ قبل قوله. محمد: لا يعجبني هذا. ورد ابن بشير تخريج اللخمي بقوله: لعل هذا في الزوجة؛ لأنها تتهم، وأيضًا: فإن الزوج قادر على فسخ النكاح وابتدائه؛ يرد بأنه أيضًا يتهم؛ لاحتمال خوفه عدم إجابة من يريد نكاحها منهما بعد الفسخ؛ وبأنها قادرة على الفسخ بعدم تعيينها، وإن فسخ النكاح لجهل أولاهما، فقال اللخمي: وروى محمد: لكل واحدة نصف مهرها. ابن حبيب: إن مات عنهما؛ فلكل واحدة نصف مهرها والميراث؛ واختلف في هذا الأصل، قيل: غليه في حياته لكل واحدة نصف مهرها، وفي موته كله والإرث بينهما، وقيل: نصف في حياته، وصداق في موته يقتسمانه، وتخلف كل واحدة للأخرى، فإن نكلت إحداهما؛ فالصداق للحالفة، وإن ادعت إحداهما العلم فقط؛ حلفت، وأخذت نصف الصداق، ولا شيء للأخرى، فإن نكلت؛ اقتسماه، وإن ادعى الزوج العلم وحده؛ غرم لمن اعترف لها، وحلف للأخرى، فإن نكل؛ غرم لها نصف مهرها، فإن ادعى كلهم العلم؛ فكالذي قبله إلا في رد اليمين. ابن محرز: الفسخ لجهل أولاهما بطلاق؛ لأن إحداهما حلال، ونحوه قول الباجي، وعندي أن فسخ نكاحهما بطلاق. وفيها: من نكح أختين متعاقبتين؛ ثبت على الأولى وفارق الثانية، ولو بنى بها؛ فسها بغير طلاق، وإن نكحهما معًا، ولم يعلم هو ولا هما بذلك، فارقهما، ونكح من شاء منهما بعد استبراء من بنى بها.

ابن رشد: والاستبراء بثلاث حيض، قاله في سماع عيسى ابن القاسم: من زوج أمتيه رجلاً ثم التلحقهما، صارتا أختين، وفسخ نكاحهما إن كان في عقد، وإلا فنكاح الأخيرة فقط. وفيها: من طلق امرأته طلاقًا بائنًا، فله تزويج أختها في عدتها، وكذا خامسة في عدة رابعة مبتوتة، وإن طلقها تطليقة، فادعى أنها أقرت بانقضاء عدتها في أمد ينقضي في مثله، فأكذبته، صدقت، فإن نكح الأخت أو الخامسة؛ فسخ إلا أن يأتي ببينة على قولها. ابن محرز عن بعض المذاكرين: وعليها اليمين في النفقة والسكنى باقي العدة. الشيخ عن ابن حبيب عن أصبغ: من أسرت زوجته، وعمي خبرها؛ منع تزويج من يحرم جمعه معها حى يبت طلاق الأسيرة، ويمضي لطلاقها غير بتات خمس سنين من يوم سبيها، وثلاث من يوم طلاقها؛ لاحتمال ريبة البطن، وتأخر الحيض، ولو سبيت وهي نفساء، وطلقها بحدثان نفاسها؛ تربص سنة؛ لأنها عدة التي ترفعها الحيضة لنفاسها. الشيخ: انظر كأنه تكلم على تمادي الدم بها، وقد تطهر من نفاسها، ثم تستراب؛ فيجب عليها تربص ثلاث سنين، وأما ريبة الحمل؛ فلا؛ لتيقن أن لا حمل بها لعدم وطئه إياها بعد نفاسها، ومن حرم جمعهما في نكاح؛ حرم في وطئهما بملك واحد، ووطء إحداهما فيه يمنع وطء الأخرى، وفي استبرائها: ولو طرأ ملكها على الأخرى بعد وطئها حتى يحرم فرج الموطوءة. اللخمي عن ابن القاسم: من أصاب أختين، ثم باع إحداهما، ثم اشتراها قبل أن يطأ الباقية؛ وطئ أيتهما شاء، وهذا يحسن إن وطئهما جاهلاً، وإن كان عالمًأ؛ لم يصب واحدة منهما حتى يخرج الأخرى من ملكه؛ لتهمته على العود. ولابن القاسم في كتاب المدنيين: من وطئ أخته بملك؛ بيعت عليه إن كان عامدًا. قلت: نقله: وطء أيتهما أحب خلاف قول استبرائها، واجتماعهما في ملك ثان عن ملك وطئ فيه إحداهما كاجتماعهما في ابتداء ملك. وفيها: لو وطئ جارية، فباعها وعنده أختها؛ لم يكن وطئها، ثم اشترى التي باع قبل أن يطأ التي عنده؛ خير في وطء أيتهما شاء، وتحرم الموطوءة بما يمنع مطلق متعتها

فيها بالبيع الصحيح والفاسد بعد فوته. اللخمي والشيخ عن الموازية: مع الخروج مع الاستبراء. وفيها مع الموطأ والجلاب والتلقين: والكتابة، فقول اللخمي: الكتابة لا تحرم؛ لأنها إن ظهر بها حمل، أو عجزت؛ حلت وهم أو متوهم. وقول أبي عمر: أما الكتابة؛ فقد تعجز وترجع إليه بغير فعله غير موهم؛ لأنه بعد ذكره قول مالك. وفيها: والتزويج غير الفاسد الذي لا يقيم عليه على حال. الشيخ عن الموازية: لو زوجها من عبده، فمات أو طلقها قبل مسها؛ حلت له أختها. وفيها: أو عتق لأجل أو أسر أو إباق إياس. اللخمي: أو عتق بعضها. الشيخ عن الواضحة: أو زوجها، فطلقت، فوطئها في عدتها؛ حلت الأولى قبل انقضاء عدة الثاني، لحرمتها عليه. وفيها: بيعها معيبة تحريم، لأن للمشتري التماسك بها؛ فلو باعها مدلسًأ؛ ففي كونه كذلك. أخذ ابن محرز من نقلها، ونقل الشيخ عن الموازية قيل: لا يحرم للتمثل. اللخمي: قال: بيعها وبها عيب تحريم، لأن للمشتري التماسك بها. وفي الموازية: ليس بتحريم يقتضي عموم قول الموازية في المدلس وغيره. الشيخ عن ابن حبيب عن ابن الماجشون: إخدامها للأجل الطويل كالسنين الكثيرة، أو حياة المخدم تحريم، والسنة لغو. ابن بشير: لم يذكروا عن غيره خلافه وفيه نظر؛ لإمكان رجوعها له، وهو يطأ الأخرى إلا أن يغلب على الظن أن إحداهما لا تحيى إلى ذلك الوقت. وفي الموازية: وبيع فيه خيار أو استبراء أو على العهدة لغو. محمد: يريد: عهدة الثلاث. ولو ملك زوجته بمثل هذا الشراء؛ فسخ نكاحه إلا في الخيار.

ابن شاس: والعارض المحرم كالحيض والعدة لشبهة. والردة والإحرام لغو. وفيها: والظهار. زاد الشيخ عن الموازية: ولا يجرئه تحريم من وطئ منهما بيمين بحريتها. اللخمي عن ابن الماجشون قوله: إن أصبتها؛ فهي حرة لغو، لأن أول إصابته إياها حلال، فهو الموجب حنثه، وعلى القول بحرمتها عليه بذلك؛ تحل له أختها، ورده ابن بشير بأن وطء الأخت التي وطئ أختها محرم؛ فتحريمها باليمين بحريتها قريب من التحريم الأول. قلت: يرد بأن المعتبر من التحريم ما يحرم من الموطوءة، ولو بطل ملكه الأخرى، وبهذا ألغى الحلف بحريتها على القول بحرمتها موجود. وفيها: قيل: لو وهبها لابنه الصغير أو الكبير أو عبده أو يتيمه. قال: كل ما له أن يصيبها بشراء هو الحاكم، أو باعتصار، أو انتزاع، وما يفسخ من بيع ونكاح لا يثبتا عليه إن شاء أو أحدهما لغو. وقبول الصقلي قول ابن عبد الرحمن: لو وهبها لابنه الكبير أو لأجنبي، لم تحل له أختها حتى يقبضها الموهوب له؛ لأن ربها لو أعتقها قبل قبضه، أو أحبلها؛ مضى عتقه وإيلاده، وبطلت الهبة؛ يرد تقدم نصها لغو هبتها القابلة للاعتصار والمذهب صحة اعتصار الهبة من الكبير؛ ولا يفيته عيبه عليها إلا أن يدعي الابن وطئها. وفيها: إن وطئ الأخرى قبل غيبته الأولى؛ وقف فيهما حتى يحرم أيتهما شاء. زاد في استبرائها: إن حرم الثانية؛ لم يوقف من الأولى، وإن عكس وقف عن الثانية حتى يستبرئها لفساد مائه. اللخمي والشيخ عن الموازية: إن وطئ الأولى بعد وطئه الثانية قبل تحريها؛ صارت مثلها في الوقف عنها إن حرم غيرها حتى يستبرئها. وفيها: من تزوج أخت أمة له وطئها؛ لا يعجبني نكاحه لقول مالك: لا ينكح إلا امرأة يجوز له وطؤها إذا نكحها أولاً: ووقف إما طلق أو حرم الأمة. سحنون: وقد قال ابن القاسم: لا ينعقد نكاحه، وهو أحسن قوليها إن أوفى استبرائها.

عن أشهب: نكاحه جائز، وهو تحريم للأمة. الشيخ عن ابن دينار: وأحب إلى تحريمه الأمة، ثم يطأ الثانية، وعزا قول أشهب لابن بعد الحكم معه، وعزا ما اختاره سحنون لابن حبيب عن الأخوين. وأصبغ وعن أشهب وقفه عن وطء الزوجة حتى يحرم الأمة قال: وهذا خلاف رواية سحنون ومحمد عنه. المتيطي: في إباحة نكاح الأخت ووطئها، وفسخه ثالث الروايات يوقف عن وطء الزوجة حتى يحرم أيتهما شاء. وفيها: من ابتاع أخت زوجته قبل بنائه بها؛ له وطؤها دون الأمة، فإن وطؤها؛ كف عن الزوجة حتى يحرم الأمة، ولا يفسد النكاح بحال. زاد الشيخ عن الموازية: قال أشهب: بل يطأ امرأته؛ لأن أختها حرام نكاحها أو على الأول تحرم الأمة بما تقدم، وتحرم الزوجة بالطلاق البائن والرجعي إن انقضت عدتها. وفيها: من تزوج أم ولده، ثم وطئ أختها بملك، ثم رجعت إليه أم ورده؛ أقام على وطء الأمة. وتعقبه ابن محرز بأن رجوعها كتزويجه أختها؛ لأنها فراش له بخلاف الأمة؛ يرد بأن فراش أم الولد أضعف من الزوجة؛ لقبول أم الولد تزويج غيره ما دامت أم ولد، وامتناع تزويج الزوجة ما دامت زوجة. وتزويج خامسة حرام إجماعًا لا ما دونها. وفي كون العبد كالحر، وحرمة الثالثة عليه قولان لروايتها: ولو كن حرائر، مع الباجي عن رواية أشهب: كن أو بعضهن. ونقل أبي عمر رواية ابن وهب قائلاً: هي القياس على تشطير حده وطلاقه. وللشيخ قبل ذكره رواية ابن وهب: وروى أشهب أيضًا في نكاحه أربعًا: إنا نقول ذلك، وما أدري ما هو. قلت: وهذا يقتضي الوقف أو التقليد؛ فلعله يريد: ما أدري الآن ما سبق لي من دليل ترجيح دخوله في عموم: {فُانكِحُوا} [النساء: 3] على قياسه على تصنيف حده.

وجمع المرأتين في صداق بعقد واحد في فصله إن شاء الله تعالى. ابن رشد: إن تزوج خمسًأ في عقد واحد؛ فسخ، ولو بنى ولا إرث مطلقًا؛ وللمبنى بها مهرها، وعدتها ثلاث حيض. قلت: والخامسة مع رابعة كذلك. ابن رشد: إن تزوجهن متعاقبات وجهلت الخامسة ومات؛ فالإرث بينهن أخماسًا دخل بهن أو لا؟ زاد الصقلي عن شيخه: عتيق. واللخمي عن المذهب: أو ببعضهن. ابن رشد: وأما المهر فإن بنى بهن؛ فلكل واحدة مهرها إن علم. قلت: وإلا فلكل واحدة خمس مجموع مهورهن. ابن رشد: وإن لم يبن بواحدة؛ ففي كون الواجب لكل واحدة نصف ما وجب في بنائها، أو أربعة أخماسه قولان للآتي على قول ابن حبيب، وقول سحنون مع محمد بناء على اعتبار حالتي سقوط كل واحدة باحتمال كونها خامسة، وثبوتها باحتمال أنها غيرها، واعتبار المتيقن وجوبه على الميت فقسم بينهن. قلت: لم يحك الصقلي عن شيخه: عتيق، واللخمي: غيره. وإن بني ببعضهن؛ فللميني بها مهرها: ابن رشد: وفي كون الواجب لغيرها نصف مهرها أو اربعة أخماسه ثالثها: جميع ما يجب له عليه إلا نصف مهر لابن حبيب ومحمد وسحنون، واختاره ابن لبابة، وعليه إن كان واحدة فقط؛ فلها نصف مهرها، وللاثنتين مهر ونصف، ولثلاث مهران ونصف، لكل واحدة خمسة أسداسه، ولأربع ثلاث مهور ونصف، لكل واحدة سبعة أثمانه، وعدة من بنى بها أقصى عدة الوفاة، وثلاث حيض وعدة غيرها الوفاة فقط، وإن كان حيًا؛ فرق بينه وبينهن، ولمن بنى بها مهرها، وعليها ثلاث حيض، وإن لم يبن بواحدة منهن؛ فلا عدة، وفي كون الواجب لغيرها ربع مهرها أو خمسيه ثالثها: ما تجب له إلا ربع مهر؛ لذوي ثلاثة الأقوال في الموت.

ابن رشد: إن كان غير المبني بها واحدة؛ فلها ربع مهرها على قولي ابن حبيب وسحنون، وخمساه على قول محمد، وإن كان أكثر من واحدة؛ قبل قول ابن حبيب: لكل واحدة ربعه، وعلى قول محمد: خمساه، وعلى قول سحنون: إن كانتا اثنتين ثلاثة أرباع مهر بالسوية بينهما، وإن كن ثلاثًا؛ فمهر وربع بينهن بالسوية، وإن كن أربعًا؛ فمهر وثلاثة أرباع. الصقلي: لو طلق واحدة معلومة، وماتت، ولم يبن بواحدة منهن؛ فلهن أربعة مهور إلا ربع مهر؛ لأن المطلقة إن كانت خامسة؛ فلا شيء لها، وإلا فلها نصف مهرها، فتأخذ ربعه، ثم إن كانت الخامسة من البواقي؛ فلهن ثلاثة مهور، وإلا فلهن أربع؛ فيجب لهن ثلاث ونصف لكل واحدة ستة أثمان مهرها، وإن جهلت المطلقة، فتمت المهور الأربعة إلا ربعًأ بينهن يجب لكل واحدة ستة أثمان مهرها. اللخمي عن سحنون: وابن محرز عن ابن اللباد عنه: لو مات عن ست واحدة فقط بعقد، والخمس في عقدين؛ فللمنفردة مهرها؛ لأنها أولى أو ثالثة أو رابعة. قلت: ولم يذكرا ما للباقيات؛ والقياس لكل واحدة من الثنتين نصف مهرها؛ لاحتمال ثبوتهما بكون عقدهما أولاً أو ثانياً للواحدة، واحتمال سقوطه بكون عقده ثالثًا أو ثانيًا للثلاث، وكذا لكل واحدة من الثلاث احتمال ثبوته بكون عقدهن أولاً أو ثانياً للمنفردة، واحتمال سقوطه بكون عقدهن ثانيًا للثنتين أو ثالثًا. قالا: والميراث بينهن على أربع، ويستوين للمنفردة سبعة؛ لاستحقاقها الربع اتفاقًا، واحتمال استحقاقها الثلث؛ لكون عقدها ثاني عقد الثنتين، فيجب لها نصف ما فيه الباقي سبعة عشر يسيلم الثنتان منها للثلاث سهمًا، ويتداعى الفريقان الباقي، فيشطر بينهما. والمكمل طلاقها وهو ثلاث الحر، وثنتان لغيره، وهي حرام على مكمله حتى تنكح زوجًا غيره، واستشكل ابن عبد السلام كونه له ثنتين. وقال: تقتضي القاعدة طلقة واحدة بأن موجب نقصه عن الثلاث عندهم تشطير طلاقه؛ لرقة كالحد، فكان كقول الحر: أنت طالق شطر الطلاق يلزمه مطابقة لفظه

باب النكاح المحلل المطلقة ثلاثا لمطلقها

طلقة ونصف طلقة، فتكمل عليه، فيلزمه طلقتان الباقي طلقة واحدة، فكذا العبد؛ لأن رأيه الموجب لتشطيره كلفظ الحر الموجب له؛ ويرد بأن الرق لا يوجب تشطير الطلاق؛ إنما يوجب تشطير عصمة الحر، وهي بحكم الشرع مركبة من ثلاثة أجزاء حكمية، كل جزء منها لا يتجزأ في ذاته، ويبطله طلقة بائنة هو متعلقها، فيجب للعبد شطرها بجزء ونصف جزء، ونصف جزء لا يتجزأ؛ فوجب إكماله الحد، ويجزيه بأن القاعدة أن ما لا يتجزأ شرعًا أو عقلاً إذا قام دليل على إثبات جزء منه؛ لزم إكماله وإلا لزم نقض الدليل شرعًا وعقلاً، أو تجزئة ما لا يتجزأ، وكلاهما باطل، وهذا كمن نذر صلاة ركعة؛ لزمه ركعتان لامتناع تجزؤ النافلة، وكمن نذر اعتكافًا مطلقًا؛ لزمه صومه، وكقيام الدليل على وجود السواد؛ يلزم منه وجود جوهر ما، فإذا أوجب إكمال الجزء الثاني، وقد بينا أنه لكل جزء طلقة؛ كان له طلقتان لا أقل ولا أكثر. واعلم أنهما قاعدتان الأولى: قاعدة ثبوت كل ما لا يتجزأ؛ لقيام الدليل على إثبات جزئه المفروض، وقاعدة إبطال ما ثبت؛ لقيام الدليل على إبطال جزئه، ومسألتنا من القاعدة الأولى حسبما قررناه لا من الثانية، كما قال الشيخ، والله أعلم بالصواب. [باب النكاح المحلل المطلقة ثلاثًا لمطلقها] ونكاحها غيره؛ هو وطؤه إياها بعقد صحيح لازم وطئًا مباحًا يوجب الغسل دون إنزال. الصقلي عن محمد: وفي الإحلال والإحصان فيه بوطء الحائض أو المعتكف أو الصائم في رمضان، وكل وطء نهى الله عنه ثالثها: يحصن فقط لابن الماجشون مع سائر البصريين وروايتهم، وابن دينار مع المغيرة وروايتهما. ابن رشد: رجع عنه مالك. الصقلي: عكسه أبين.

باب نكاح المطلقة ثلاثا

ابن رشد: صوم كفارة اليمين بالله، ونذر معين، وفي كون الوطء في صوم التطوع، وقضاء رمضان، ونذر مبهم أو كفاسد ثالثها: في التطوع فقط لابن حبيب قائلاً: أجمع عليه مالك وأصحابه، ولظاهر ما رجع إليه مالك في سماع سحنون رواية ابن القاسم ولظاهر أول لقول مالك فيه. قلت: في السماع المذكور وقف مالك في صوم التطوع، ورجوعه عنه إلى لغوه فالوقف رابع. الباجي: قول ابن حبيب خلاف المدونة والموازية، وقول ابن بشير في كون هذا الحكم في كل صوم، أو في واجبه فقط قولان خلاف تفصيل نقل ابن رشد. الصقلي عن أبي عمران: وطؤها بعد رؤيتها القصة البيضاء قبل اغتسالها يحلها على قول ابن بكير لا على قول أصحابنا، فوطئها بالملك والعقد الفاسد قبل صحته؛ لغو منه. [باب نكاح المطلقة ثلاثًا] ونكاح المحلل؛ وهو ما عقده الثاني بنية تحليلها.

سمع القرينان: لا تضر نية المرأة ذلك. زاد محمد في روايته: ولا نية الزوج الأول ذلك. وروى ابن عبد الحكم: يفسخ أبدًا. ابن رشد: قاله جميع أصحاب مالك. الصقلي: روى محمد: أحب إلي أن لا ينكحها أبدًا. ابن عبد الحكم: لها بالبناء صداق المثل. محمد: بل المسمى؛ وهو قول مالك. قال: ويفسخ بطلقة إن كان بإقراره، ولو ثبت إقراره قبل نكاحها؛ فليس بنكاح، فإن تزوجها الأول به؛ فسه بغير طلاق. قلت: القائل: ويفسخ إلى آخره مالك، بينه الباجي من رواية أشهب في الموازية. الباجي: وعندي إن ثبت إقراره به قبل نكاحه؛ جرى على المختلف في فساده لعقده وعزى القول بصداق المثل لرواية ابن بكير مع ابن عبد الحكم، والثاني لمحمد مع روايته وصوبه. قال عن ابن حبيب: ويجب على المحلل أن يعلم الأول قصده التحليل؛ ليمنعه نكاحها، الكافي علم الأول، وجهله ذلك سواء. وقيل: إن علم قصد الثاني إحلاله؛ انبغى له تركها. وقيل: إن هم أحد الثلاثة بالتحليل؛ فسد النكاح وهو شذوذ. قلت: كذا نقله المتيطي، وظاهره: أنه في المذهب، ولم يعزه في الاستذكار إلا للنخعي والحسن البصري. ابن رشد: لا يحلها نكاح المحلل اتفاقًا. ابن رشد: لو قال في نفسه: إن وافقتني أمسكتها، وإلا كنت احتسبت بتحليلها، لم يحل المقام عليه، ولم تحل به إذا خالطت نيته شيئًا من التحليل. وفي تعليقة عبد الحميد: لو نوى التحليل دون شرط؛ لم يحلها عند مالك.

وقال غير واحد من أصحابه: يحلها، وهو مأجور، ولو زوجها من عبده ليسأله طلاقها بعد وطئها؛ حلت به، ومال إليه بعض الشيوخ. وتحتج برواية ابن نافع: لا بأس أن يتزوج الرجل المرأة تعجبه ليصيبها، وقد أضمر فراقها بعد شهر. ولو تزوجها من حلف ليتزوجن على امرأته ليبر؛ ففي تحليلها ولو لم تشبه مناكحه فلم يبر ونفيه، ولو أشبهت وبر ثالثها: إن أشبهت لابن رشد عن ابن القاسم مع روايته وابن دينار مع أحد قولي ابن كنانة وثانيهما. قلت: عزاء الباجي لرواية المدنية، وزاد في قول ابن دينار: ولو أقامت معه أكثر من سنتين. اللخمي عن محمد: لو قال لها الأول: تزوجي فلانًا إنه مطلاق؛ حلت بتزويجه، ويختلف إن تزوجت غريبًا عالمة أنه لا يريد حبسها على فساده؛ لا تحل به. الشيخ عن الموازية: لو تزوج مبتوتة، وبنى بهان وأقر بوطئها كاذبًا، ثم أبتها، فتزوجها من أبتها أولاً، وبنى بها وأقر بوطئه؛ لم تحل لمن أبتها ثانيًا؛ لفساد نكاح من أبتها أولاً بعد بت من ابتها ثانيًا. قلت: لا يحل نصرانية لمسلم أبتها نكاح نصراني، لأنه ليس بنكاح. اللخمي: روى ابن شعبان: يحلها، وقاله علي بن زياد، وهو أصوب لعموم: {حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَه} [البقرة: 230]. ويرد بأن لا عموم للفعل والنكرة في غير نفي يجاب بأنهما في سياقه كقول سلمها في: {إِذَا تَدَايِنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ} [البقرة: 282]. قال ابن عباس: هذا يجمع الدين كله فاستشكل، ويجاب بأنه في سياق الشرط. الباجي: الوطء الثاني فيما يفسخ قبل البناء لا بعده؛ يحل ويحصن، والأول لا نص فيه، وفيه احتمال عندي، والوطء في عقد مخير في إمضائه إن رد؛ لغو. ابن رشد: اتفاقًا، وإلا ففي التحليل به، والإحصان، ولغوه؛ لاعتبار وطء بعد إمضائه نقلاً ابن رشد عن المشهور وأشهب. قلت: لم يذكر اللخمي قوليهما إلا في عبد وطئ حرة بنكاح دون إذن سيده.

قال: ولو زنت، فإن أمضاه سيده؛ رجمت وإلا فلا. قال: والطلاق فيه قبل إمضائه كرده، وأجرى عليها من زوجها غير وليها، وبنى بها زوجها. قال: فإن رده الولي، أو طلق قبل نظره؛ لم تحل إلا على ما حكى القاضي أن نكاح من زوجت بولاية الإسلام مع النسب ماض، فوطؤها يحلها، ولو طلق قبل نظر الولي إلا من زوج يعر الولي؛ فله فسخه. وعمم ابن بشير نص الخلاف في كل وطء يعقد فيه خيار كابن رشد، وأجراهما على الخلاف في ثبوت المترقب يوم ثبوته أو يوم ترقيه، والأصوب على عقد الخيار إذا بت هل يحكم ببته يوم البت أو يوم وقع؟ وفيها: عطفًا على وطء العبد بعقد دون إذن ربه، وكذا وطء الزوج زوجته ذات العيب قبل علمه به. ابن الحاجب: وكذا نكاح ذي عيب أو غرور من أحد الزوجين. الباجي: يكفي مغيب الحشفة في الفرج، أو قدرها من مقطوعها وإن لم ينزل مع الانتشار. ابن حارث عن سحنون: وطء مقطوعها لا يحصن؛ لأنه ناقص. ابن حبيب عن أصبغ عن ابن القاسم: إدخالها ذكر الشيخ في فرجها دون انتشار إن انتشر بعد ذلك أحلها وإلا فلا. اللخمي: لمحمد عن ابن القاسم: يحل ويحصن، والأول أحسن. وفي تعليقة الشيخ عبد الحميد: لو وطئها غير منتشر، ثم انتشر في فرجها؛ أحلها اتفاقًا من أصحاب مالك، ولو كان كسل، ولم ينتشر، ففي كتاب محمد: يحل ويحصن، وفي بعض رواياته: محوق علي يحل، فتبقى المسألة بلا جواب. التونسي وغيره من المذاكرين: الأشبه أنه لا يحل ولا يحصن. بعض المذاكرين: إن عرى ذلك عن اللذة المعتادة عند مغيب الحشفة؛ ألغي وإلا أحل وحصن. الشيخ عن محمد عن ابن القاسم: وطؤها قبل الفرج مع دخول مائه فرجها

وإنزالها لغو. اللخمي: وكذا وطء النائمة، ومن ليس له إلا ما يبلغ به دون الختان. وفيها: وطء الخصي القائم الذكر يعد عليها به يحل ويحصن. ابن حارث عن سحنون: لا يحصن لنقصه. وفيها: وطء الصبي القادر على الجماع ولم يحتلم؛ لغو. اللخمي: إن شارف البلوغ؛ أحل وطؤه، على قول مالك: يحد إن زنى. وفيها: وطء الصغيرة التي يجامع مثلها؛ يحصن واطئها ويحلها ولا يحصنها. اللخمي: إن لم تبلغ الصغيرة الوطء؛ فوطؤها لغو؛ لأنه جناية. وفي لغو شرط عقل أحدهما في إحلالها، وشرط عقلها فقط أو الزوج، رابعها: شرط عقلهما معًا. للخمي عن ابن الماجشون، وابن القاسم وأشهب، واختياره ابن حارث: إن كان الزوج عاقلاً؛ أحصن مطلقًا. وفي إحصان الزوجة المجنونة ثالثها: إن كان الزوج عاقلاً لمحمد عن ابن الماجشون وابن القاسم فيها وأشهب. وفيها: كل وطء أحصن أحد الزوجين؛ أحل، وينقض بنقل عبد الحق عن محمد عن ابن القاسم مع ما تقدم لابن حارث عنه: إن وطء العاقل المجنونة؛ يحصنه ولا يحلها، وبقبول الصقلي قول بعض شيوخنا: إن ظهر بمن لم يعلم لها خلوة بزوجها حمل؛ لاعن منه هي به محصنة إقرارها ولا يحلها. ومثبت وطء الإحلال: قال اللخمي: شاهدان على نكاح المحلل، وامرأتان بالخلوة، واتفاق الزوجين على الإصابة، وانفراد الزوجة بدعواه لغو في الأمد القريب، وتصدق في بعيده؛ حيث يمكن موت بينتها إن كانت مأمونة، وإلا فقولان لابن عبد الحكم ومحمد. والطارئان من بعد: مصدقان؛ لتعذر إثبات ذلك، ولو علم العقد؛ لم تصدق في البناء. قال أشهب في المدونة: ولو صدقها الثاني؛ لتهمته في ملك الرجعة، وتهمتها في

الإحلال. ولو علمت خلوة إهداء؛ صدقت في الإصابة إن لم يكذبها الزوج، ولو لغيبته أو موته. الباجي: لو بنى وبات عندها ليلة فقط ومات صدقت؛ ولو كذبها؛ ففي حلها ثالثها: إن لم يكذبها حتى حلت، وأرادت الرجوع لباتها. لابن القاسم ومالك فيها ورواية محمد. اللخمي: الثاني أبين. وقوله: ذلك قبل طلاقه أوضح، ولو طال مقامه معها، وأقر أن لا آفة به؛ صدقت، ونحو الثالث نقل الباجي عن ابن وهب: إن ذكر الزوج ذلك عند الفراق؛ لم تحل، وإن قاله بعده؛ حلت. الباجي: وعندي أن كل موضع تصدق فيه على الزوج في دعوى الوطء فيه؛ تصدق فيه في الإحلال، وعكسه عكسه، ولم أر فيه نصًا. قلت: ما اضافه لنفسه مع قوله: لم أر فيه نصًا، وعده ابن الحاجب رابعًا مشكل؛ لأنه نفس قول ابن القاسم. اللخمي: خلوة الزيارة لغو. وفيها: إن مات قبل بنائه، فقالت طرقها ليلاً فأصابها؛ لم تصدق. في أمهات الأولاد منها لأشهب: من طلق زوجته قبل البناء، ثم ظهر بها حمل ادعاه؛ لحق به، وله رجعتها دون ابتداء نكاح، والولد قاطع للتهمة. قلت: فيلزم إحلالها، وملك الرجل بعض المرأة، وعكسه؛ يحرم نكاحهما، وحدوثه، ولو بإرث يوجب فسخه، ولا صداق قبل البناء. قلت: نحو قول الباجي: وكذا بقية الرق كأم الولد والمكاتبة والمدبرة والمعتقة لأجل. وفي ثاني نكاحها: إن اشترت زوجها، وهي أمة غير مأذون لها، فرده ربها؛ فهما على نكاحهما. اللخمي عن محمد: إن اشترى أحدهما الآخر بخيار؛ لم يفسخ نكاحه إلا ببته، وإن

بيع على العهدة؛ فسخ حينئذ، فإن حدث في العهدة عيب؛ رد به، وقد انفسخ النكاح، وشراء زوجها إياها بشرط الاستبراء يوجب فسخ نكاحها؛ لأن الماء ماؤه. اللخمي: القياس فيهما عدم تعجيل الفسخ، إن سلمتا مدة العهدة والاستبراء، تم البيع وفسخ النكاح وإلا فلا. وفي أول نكاحها: إن اشترت زوجها بعد البناء؛ فسخ نكاحها، وتبعته بمهرها، وقبله لا تتبعه. سحنون: إلا أن يرى أنها وسيده اغتزيا فسخ نكاحه؛ فلا يجوز ذلك، وبقيت زوجته. قلت: ظاهره: أن اغتراءه وحده لغو، وفيه نظر. وفي ثاني نكاحها: روى ابن نافع: من زوج أمته من عبده، ثم وهبها له يغتزي؛ فسخ نكاحها ليحلها له، أو لغيره؛ لم يجز، ولا تحرم بذلك على زوجها. اللخمي: ظاهره، صحة الهبة، وإن لم يقبلها العبد. ابن محرز: هذه تدل على أن ليسده إكراهه على قبول الهبة. عبد الحق: قال بعض شيوخنا: إن قبل العبد هبتها؛ فسخ نكاحه، ولو اغتزاه سيده ولا حجة له إن قال: لم أظن أنه اغتزاه، وإنما يفترق اغتزاؤه من عدمه إذا لم يقبل العبد الهبة. قلت: وبه يتم قول اللخمي وابن محرز: وقبول ابن عبد السلام نقل ابن الحاجب، (وقيل: يفسخ النكاح) معبرًا عنه بقوله: وقيل: ينتزع، لا أعرفه. وفي أخذه مما تقدم لعبد الحق عن بعض شيوخه تكلف بعيد. فإن قلت: يؤخذ ذلك من قول ابن شاس: روى ابن نافع: إن وهب السيد لعبده زوجته أمة السيد ليفسخ نكاحه، لم يجز، وإن بان أنه فعله؛ لينتزعها منه؛ ليحلها لنفسه أو غيره، فلا أرى ذلك جائزًا. وقال أصبغ: يكره ذلك، فإن فعل؛ جاز. قال ابن الماجشون: إن كان مثله يملك مثلها؛ ف ذلك له ويفسخ النكاح. قال محمد: ولو لم يملك مثلها؛ فالهبة باطلة.

وقال ابن عبد الحكم: إن قصدا بفرقة؛ لم يجز. قلت: في الأخذ منه نظر؛ لأن قول أصبغ يكره ذلك، فإن فعل؛ جاز يحتمل أن يعود على الانتزاع، وهو مقتضى ما ذكر قبل قول أصبغ، وأن يعود على الملك الموجب فسخ النكاح، وهو مقتضى ما ذكره إثر قول أصبغ؛ إذ لو كان المراد به الانتزاع؛ لم يكن لقول ابن الماجشون: وإن كان مثله يملك مثلها؛ معنى قول محمد: لو لم يملك مثلها؛ فالهبة باطلة، ولو لم يقل: فالانتزاع باطل. وفيها: من ضمن صداق عبده، فرضيت زوجته بأخذه في صداقها؛ فسد نكاحه، فإن كان قبل البناء؛ رجع العبد لسيده. اللخمي: يدخل فيه قول مالك: إن فعله لفسخ نكاحه ليعود له عبده، ويسقط الصداق، ويزول عيب النكاح؛ لم يجز، وبقيت زوجته. قلت: قول مالك؛ إنما هو في الهبة، ويفرق باستقلاله فيها، ويتوقف دفعه إياه عن الصداق على رضى المرأة، ودخول قول سحنون فيه تام؛ لأنه في بيعه منها. اللخمي: وقال عبد الملك: إن أحبت؛ دفعت الصداق، وبقي لها العبد، وإن كرهت؛ رجع العبد لسيده. قلت: في قولها: يرجع العبد لسيده، وقول عبد الملك نظر؛ لأنها إنما أخذت العبد اشتراءً منها بمهرها المعوض عن بضعها، ففسخ نكاحها كاستحقاق سلعة بيعت بدنانير أخذ بائعها عن الدنانير سلعة أخرى، والنص فيها رجوع مبتاع السلعة الأولى لاستحقاقها بثمنها الدنانير لا سلعته. ويقوم منها: أن من غرم ثمن سلعة؛ ضمنه، فاستحقت السلعة، أو فسخ بيعها رجع على بائعها بما دفع إليه لا على مشتريها؛ ليرجع على البائع، وإلا لما رجع العبد لسيده، ورجع بالمهر الذي دفع فيه العبد عن المضمون عنه وهو العبد، وقد يكون عليه دين؛ لأن المهر في ذمة العبد؛ ولذا تصور ضمانه السيد، وفسخ النكاح كفسخ البيع واستحقاق السلعة. وشبهة الملك كالملك: في أمهات الأولاد منها: من ابتاع زوجة أبيه؛ انفسخ نكاحه؛ إذ لا يتزوج أب

أمة ولده. الشيخ عن الموازية: لا أعلم من أجاز نكاح الأب أمة ابنه إلا عبد الله بن عبد الحكم أجازه وقال: أكرهه، فإن وقع؛ لم أفسخه. وفيها: إن وطئ أمة ابنه صغيرًا أو كبيرًا؛ لم يحد، وقومت عليه يوم وطئها، ولو لم تحمل، وكان عديمًا، ويبعت عليه؛ لعدمه في القيمة إن لم تحمل، فإن حملت؛ لم تبع، وبقيت له أم ولد إن لم يكن وطئها الابن، وإلا هتقت على الأب لحرمة وطئه إياها. الصقلي عن عبد الله وابن عبد الحكم: للابن التماسك بها إن كان مؤمنًا، ولو كان الأب مليًا. وقول ابن الحاجب: وقال ابن عبد الحكم: للابن التماسك في عسر الأب ويسره ما لم تحمل دون قيد أمنه لا أعرفه. وفيها: إن وطئ أم ولد ابنه؛ غرم قيمتها أم ولد، وعتقت عليه، وولاؤها لابنه، ويناقضها قول جنايتها: إنما يقوم من فيه علقة رق في الجناية عليه قيمة عبد، والتفريق ببقاء منفعة الولاء في وطء الأب بخلاف الجناية، يرد بأن الجناية قد تكون في البعض لا في النفس. الشيخ عن الموازية: لا بأس أن يتزوج أمته من ولده لا ابنته من عبده، وليس بحرام. وفي نكاحها الأول: لا بأس أن يتزوج ابنة سيده برضاها ورضاه، وكان مالك يستثقله، والمكاتب كالعبد. ابن محرز: علل المذاكرون كراهته بأنها قد ترثه بموت أبيها، فألزم في نكاح الابن أمة أبيه، وأجاب بعضهم: بأن إرثها زوجها يوجب حرمة وطئها، وإرث الابن زوجته لا يوجب حرمة وطئه إياها؛ لصحة وطئه بالملك، ورده ابن محرز بأنه قد يكون معه وارث، وبجواز نكاح الزوج أمة زوجته مع امتناع دوام وطئها بإرثها؛ لأنه لا يستقل مجبولة على الأنفة من هذا وكراهته؛ ولذا شرط رضاها مع رضى أبيها. وسمع ابن القاسم: لا أحب لمن أخدم أمة حياته تزويجها؛ لأنه كشريك فيها.

ابن رشد: لأنه لا يحد عنده إن زنى بها. زاد ابن القاسم: ولو تعمد ذلك كشريك. وعلى قول أشهب والأخوين، ومحمد بن مسلمة، وأبي مصعب: (يحد ولا يعذر بجهل) يجوز له نكاحها. وقال ابن وهب: يحد إلا أن يعذر بجهل، ولو قل زمن إخدامه حد اتفاقًا، وجاز له نكاحها. اللخمي: إن أخدم أحدهما الآخر كثير السنين؛ فسخ نكاحهما، ويختلف في يسيرها. ابن الماجشون: من أخدم أمته سنة؛ لم تحرم عليه، ولا تباح له أختها، وإن طالت السنون، أو كانت حياة المخدم؛ حرمت وأبيحت، فلما لم تحرمها السنة على سيدها؛ لم ينفسخ النكاح، ويحد المخدم إن وطئها. محمد: إن أخدم أحد الزوجين الآخرين، فإن كان مرجعه لحرية، وقبل الخدمة من أعطيها؛ فسخ نكاحها وإلا فلا. قال: ولو اشترى أحدهما الآخر، وهو مكاتب، ففي فسخ نكاحه قولان بناءً على أنه ملك رقبته أو كتابته، فإن عجز؛ انفسخ اتفاقًا. قلت: يريد: أن المبيع الكتابة. وسمع أبو زيد ابن القاسم: من ساق لامرأته في مهرها أمة لا يتزوجها قبل بنائه. ابن رشد: وإن زنا بها؛ لم يحد، وهو على قوله وروايته: إن ماتت الجارية، ثم طلقها فمصيبتها منهما، والغلة بينهما على سماع أشهب: إن أصدقها عبدًا، فمات عندها، ثم طلقها قبل البناء؛ رجع عليها بنصف قيمته يجوز له نكاحها، ويحد إن زنى بها، والقولان في حده إن زنى بها نص في ثمانية أبي زيد. وسمعة أبو زيد: لا بأس أن يتزوج أمة زوجته. ابن رشد: كرهه ابن كنانة لقول من رأى للزوج شبهة في مال زوجته، وأنه لا يحد إن زنى بها، وروي ذلك عن ابن مسعود وهو شذوذ، والصحيح حده، قاله عمر وعلي رضي الله عنهما.

باب الرق المانع من النكاح وقتا ما

وفيها: لابن القاسم: إن أراد أن يزوج أمة عبده منه انتزعها، ثم زوجها منه، فإن زوجها منه قبل انتزاعها ووطئها؛ جاز نكاحه، وكان انتزاعًا، وإن أراد سيدها، وطأها انتزعها ووطئها، فإن وطئها قبل انتزاعها؛ كان انتزاعًا. قلت: ويجب استبراؤها قبل وطئها وبعده قبل استبرائها. [باب الرق المانع من النكاح وقتا ما] والرق المانع وقتًا ما: رقها مدة كفرها حسبما يأتي، فإن أسلمت؛ جاز نكاحها للعبد اتفاقًا. وفي كون الحر كذلك، أو بشرط عدمه أمن العنت والطول نقلا اللخمي عن أكثر قول ابن القاسم، وأكثر قول مالك، وعزاهما ابن رشد لمشهور قوليهما، ولم يذكر الجلاب والتلقين غير الثاني. ابن رشد: وعلته خوف إرفاق الولد، وعليه إن كانت أمة من يعتق عليه ولد الزوج، أو كان لا يولد له كالحصور؛ جاز مطلقًا اتفاقًا. قلت: ما جعله تخريجًا ذكره اللخمي كأنه المذهب. قال: نكاح كل أمة ولدها به حر؛ جائز كأمة الأب والأم والجد والجدة، ولو بعد أو أمة الابن على إجازة ابن عبد الحكم نكاحها، ومالك الأمة حرفي الجميع، وكذا نكاح من لا يولد له كالحصور والخصي والمجبوب والشيخ الفاني، ونحوه قول عياض: نص مالك في المبسوط على أن العلة إرقاق الولد، وطرد على أصله جواز إنكاح الابن أمة لأبيه، وكذا إماء الأمهات والأجداد والجدات، وتعقبه ابن بشير بقوله: هذا بناءً على

عكس العلة، وفيه خلاف، وهذا إن كانت مستنبطة، وهي الموجبة للحكم، والحكم هنا للظاهر، وعضد بالتعليل، وقد ذكر اللخمي للمنع وجهًا آخر هو أن الأمة تنقطع للسيد، ولا يؤمن عليها، ومعلوم قلة تصونهن، وهذه العلة ترد ما قاله. قلت: ما ذكره عياض من نسبة التعليل لمالك يرد هذا التعقب، وزعمه أن المستنبطة هي الموجبة للحكم دون استناد لظاهر خلاف المعلوم في أصول الفقه، ولا تكون كما قال إلا في الفروع المقيسة فقط دون الأصول المقيس عليها، وهذا شيء لا أعرفه. وفي الطول طرق: الباجي: في كونه الحرة تحته أو المال روايتا ابن القصار مع محمد، وابن وهب مع ابن نافع فيها، فعلى أن الحرة ليست طولًا كذا الحرتان والثلاث، وله نكاح الأمة لوجود الشرطين رواه عبد الملك، وعلى أنه المال في كونه مهر الحرة فقط، أو مع النفقة والمؤنة رواية محمد وقول أصبغ. اللخمي: هو الصواب؛ لأنه يطلق عليه بعدم نفقتها إلا أن يجد من تتزوجه بعد علمها بذلك. قال ابن رشد: بعد ذكرهما غير معزوين اختلف أيضًا في كون الحرة عنده طولا أم لا؟. الشيخ: في الواضحة عن ابن الماجشون: الطول: المال، ولو كان دينًا إن كان على ملي يمكن بيعه، وما على عديم لغو. قلت: وكذا على ملي غائب؛ لامتناع بيعه على المشهور. قال: والمدبر والمعتق لأجل والآبق، ولو قرب إباقه، وما أعمر من عبد أو مسكن لغو، والكتابة والدار التي أسكنها سنة معتبران؛ لجواز بيعهما، والبعير الشارد معتبر ما لم يبعد. الباجي: انظر قوله في المدبر مع إمكان بيه منافعه، وإجازته المدة غير الطويلة. قلت: وكذا المعتق لأجل طويل. ابن الحاجب: الطول قدر ما يتزوج به الحرة المسلمة، وقيل: أو يشتري به أمة،

وقيل: أو وجود الحرة في عصمته لا الأمة، وقيل: أو الأمة؛ فلذا جاء في نكاح الأمة معها عاجزًا عن حرة أخرى قولان، وجاز مع الأمة اتفاقًا. قلت: قوله: المسلمة؛ يقتضي أنه المذهب، ولا أعرفه إلا لابن العربي، وظاهر الروايات والأقوال عدم اعتباره، ونص مالك وغيره على علية إرقاق الولد تزيفه، وقول عياض: اختلف العلماء في القدرة على نكاح حرة كتابية هل هو طول وهي مقدمة على الأمة المسلمة أم ذلك خاص بحرائر المسلمات؟ والذي نص حذاق الشافعية أنها كالمسلمة؛ لأن العلة إرقاق الولد وهو نص مالك لا يثبت؛ إذ لم نضفه للمذهب؛ بل ذكره تعليل مالك ينفيه عنه، ونقله قدر ما يشتري به أمة طول لا أعرفه، لكن هو مقتضى عليه إرقاق الولد. وقوله: وجاز مع الأمة اتفاقًا متناقض؛ لأن قوله مع وجود الأمة اتفاقًا إن أراد في عصمته ناقض نقله الأول: إن الأمة في عصمته طول، وإن أراد في ملكه- وبه أجاب ابن عبد السلام عن هذا التناقض- ناقض نقله أولًا أن الطول قدر ما يشتري به الأمة، ولا يجاب بأنه لا يلزم من كون ما يشتري به الأمة طولًا كون الأمة في ملكة طولًا، كما لم يلزم من كون وجدان مهر الحرة طولًا كون الحرة تحته طولًا؛ لأنه قد قيل بلزومه، وهو أن الحرة تحته طول، فتكون الأمة عنده كذلك؛ فلا اتفاق. الباجي: إن لم يزل خوف العنت إلا بنكاح أربع إماء؛ جاز له، وإن زال بواحدة فقال ابن الماجشون: لا يجوز غيرها، وظاهر رواية محمد إباحة الأربع بعدم الطول، وخوف العنت قبل نكاح واحدة منهن. وفيها: كم يتزوج الحر من الإماء. في قول مالك: قال: ما سمعت منه فيه شيئًا، وأرى إن خشي العنت؛ فله أن يتزوج ما بينه وبين أربع. ابن بشير: لو تزوج الأمة بشرطها؛ ففي جواز الزيادة عليها الأربع قولان؛ بناء على اعتبار الشرطين في كل أمة أو إباحة واحدة تصيره من أهلها. اللخمي: لو خشي العنت في أمة معينة؛ ففي منعه نكاحها، وإجازته قولاه في

الموازية والواضحة، فصرح المتيطي بأنهما روايتان، واختار اللخمي: إن كان عزبًا تزوج حرة؛ ليذهب ما به لقوله صلى الله عليه وسلم: "إذا أبصر أحدكم امرأة فأعجبته فليأت أهله فإن ذلك يرد ما في نفسه"، وإن كان ذا زوجة؛ لم تكفه تزوج حرة وإلا تزوج الأمة. وخرج ابن بشير الروايتين على تفسير العنت بالزنى أو الهوى. ابن العربي: إن لم يجد إلا حرة بمهر هو لكثرته سرف حلت له الأمة. وقول ابن الحاجب: على الأصح لا أعرف مقابله، وإشارة ابن عبد السلام إلى تخريجه من قولهم في واجد ما يشتري به القربة في الظهار والكفارة: أنه لا يصوم، ولو كان جميع ماله يرد بأن الكفارة في الظهار مجمع عليها، وفي شرط الطول خلاف مشهور، وفي غيره على التراخي، ولا مفسدة ولا مشقة في تأخيرها؛ لوجدانها دون سرف بخلاف التأخير في مسألتنا. والعنت: الباجي: في الموطأ: الزنا. وقال أصبغ: قال ربيعة- وهو من أوعية العلم-: هو الهوى، وتقدم إجراء ابن بشير قولي مالك عليهما، والأكثر على نقل الأول فقط. وفي ثالث نكاحها: من عقد على حرة وأمة معًا، وسمى مهر كل منهما؛ رجع مالك عن فسخه في الأمة فقط إلى صحته، وتخير الحرة في نفسها إن جهلتها لا إن علمتها، فقيل: إن وجد طولًا فسد فيهما. زاد عياض: وكذا إن لم يجده على إحدى روايتيها، ورواية محمد: أن الحرة تحته طول. وقال سحنون: يفسخ فيهما. قلت: فرضه غير واحد الطول مع تزويجه إياها بمهرها متنافٍ إلا بزيادة، وعدم كفايتها إياه، أو بما يأتي اعتذارًا في كلام الباجي، ولا يلزم من كون الحرة تحته مانعة

كونها كذلك مقارنة؛ إذ لا يلزم من منع أمر سابق أمرًا لاحقًا له منعه إياه، مقارنًا له؛ كإعطاء فقير أكثر من نصاب مرة واحدة. اللخمي: إن علمت الحرة بالأمة، ولم تكفه الحرة، ولا طول الأخرى؛ صح فيهما إلا على رواية: أن الحرة تحته طول، ومقابلهما يوجب حق الحرة، وفسخ نكاح الأمة إن أسقطت حقها بقي الآخر، وإن علمت بها، وكفته الحرة، أو وجد طولًا لأخرى؛ فسد في الأمة، ولا حق للحرة، ومقابله مقابله، وحق الحرة تخييرها حسبما يأتي. وفيها: لمالك: الحر يتزوج الحرة على الأمة للحرة الخيار إن جهلتها، وإلا فلا. ابن القاسم: إن كانت تحت أمتان، علمت إحداهما فقطح فلها الخيار، كما لو رضيت أمة تزوجها عليها لها الخيار إن تزوج أخرى. ابن بشير: قيل: لا خيار لها إن رضيت واحدة، فوجدت اثنتين، وذكرهما في الكافي روايتين. اللخمي: رجع مالك عن قوله: لا خيار لها في تزويجها على أمة إلى ثبوته لها، وتعليل الأول بتفريطها غير بين؛ لأن كون الأمة تحت الحر نادر، وعزا الشيخ ما رجع إليه مالك لمحمد عن رواية ابن القاسم وابن وهب، وما رجع عنه لرواية أشهب والمختصر وابن زرقون لأشهب لا لروايته. ابن شاس: ولا يفسخ نكاح الأمة، ولو قلنا: الحرة تحته طول؛ لأن الشرط لا يراعى إلا في ابتداء النكاح لا في دوامه، ولا يأمن عود العذر بعد ذلك. قلت: للخمي وابن زرقون عن ابن حبيب: يفسح نكاح الأمة بتزويجه الحرة عليها. وفيها: لمالك: لا ينكح أمة على حرة، فإن فعل؛ جاز النكاح، وللحرة أن تختار نفسها. الباجي: في نكاحها على الحرة ثلاث روايات: لا يجوز، وإن عدم الطول الذي هو المال أو خاف العنت؛ لأن الحرة تحته طول، ويجوز، ولو لم يعدم طولًا، ولم يخف عنتًا، والثالثة: تجوز مع عدم الطول وخوف العنت لا مع وجود الطول وأمن العنت، والطول في القولين الأخيرين أظهر في المال، ويجوز أن يراد به الحرة.

قلت: لا يشكل جواز كونه الحرة على الأخير؛ لأنها لا تحصل إلا بمال، فكونها طولًا هو كونه المال؛ لأن المعني بأن الطول المال هو ملكه المال، فلا يلزم من كونها لا تحصل إلا بمال كونها المال؛ لجواز قدرته عليها بإنكاحه إياها غيره دون تمليكه مهرها. قال: وإذا قلنا بتزوجها على الحرة؛ فلها الخيار. وفي كونه في أن تقيم أو تفارق، أو في رد نكاح الأمة قولان لها، ولابن الماجشون. قلت: زاد ابن سحنون: وللمغيرة: قال ابن الماجشون: والكتابية كالمسلمة. قال الباجي: وفيها: يفرق بينهما، وقاله أشهب وابن عبد الحكم وأصبغ. قال ابن القاسم: ثم رجع فقال: تخير الأمة، واختاره ابن القاسم. اللخمي: اختلف قوله في كون خيارها في طلاقها أو طلاق الأمة، وأرى أن تخير في بقاء الأمة معها، فإن أبت؛ خير الزوج في طلاق أيهما شاء أحب، وأستحسن إن أراد طلاق الحرة أن يعلمها ذلك، فقد ترضى حينئذ بالبقاء. وفيها: لم جعل للحرة الخيار؟. قال: قال مالك: إنما جعلناه لما قالت العلماء، ولولا قولهم لرأيته حلالًا؛ لأنه حلال في كتاب الله. وجواب استشكال دلالة لولا على تقليده فيما لم يضق وقت العمل به عن النظر فيه أن مراده بالعلماء الصحابة رضي الله عنهم، وهو حجة عند قوم، ودليل الكتاب غير نص حسبما يأتي. الباجي: عن ابن حبيب: سألنا ابن القاسم في أي آية هو حلال؟. قال: لا أدري. محمد: يريد في آية: {وَأَنكِحُوا الأَيَامَى مِنْكُمْ} [النور:32]، وهي ناسخة آية: {وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ} [النساء:25]. الباجي: وفيه نظر؛ لأن آية النساء أخص، فيجب تقديمها، ولا يثبت النسخ إلا بدليل. ابن بشير: ثم تأول أنه آية النور بدليل أن طريقتها بطريق أن دلالتها على الإباحة بالعموم، ودليل آية النساء على المنع بالمفهوم، فإن قلنا بلغو دلالة المفهوم فواضح وإلا

قدم العموم عليه، وفيه خلاف. قلت: وهذا لا ينافي ما قاله محمد؛ فلعله مراده. الباجي: ويحتمل أنه حلال بالشرطين وأن الحرة تحته لا تمنعه؛ لأنها ليست طولًا؛ فلا خيار لها، وهو جواب السائل عن موجب خيارها. ابن رشد: إن تزوج حر أمة على حرة أو بالعكس؛ فعلى جوازه دون شرط لا كلام للحرة إلا على قول التونسي، ولا يصح إلا على قول ابن الماجشون: للحرة الخيار إن تزوجها عبد على أمة، أو أمة عليها، وعلى اعتبار الشرطين؛ ففي تخيير الحرة في نفسها مطلقًا، أو إن كانت ثانية، وإلا ففي الأمة، ثالثها: إن كانت الأولى؛ ففي الأمة وإلا فلا حق لها، ورابعها: فسخ الثانية منهما مطلقًا، وخامسها: إن كانت الأمة وإلا فلا. قال: وعلى شرط الأمرين لو تزوج أمة به، ثم وجد طولًا؛ ففي إلزامه أن يفارقها ثالثها: إن تزوج الحرة، ولو زال خوف عنته؛ لم يلزمه اتفاقًا. ابن بشير: المذهب ليس عليه فراقها. الباجي عن ابن القصار: هو قول كافة العلماء غير المزني، وعزا اللخمي ثاني أقوال ابن رشد لمالك، وثالثها لابن حبيب، وأخذه من قول ابن القاسم في الموازية: لو فرق بينه وبين الأمة ثانية على الحرة؛ لفرق بينه وبين الأمة في عكسه؛ لأن الأمر فيهما سواء على قوله الأخير: لا يتزوج الأمة إلا بشرط الأمرين. بن بشير: ما أبعد هذا؛ لأنه تخريج للخلاف في الأصل منه في الفرع. قلت: يرد بأن حاصل قول ابن القاسم استدلال بتلازم استثني فيه نفي اللازم، فأخذ منه اللخمي ثبوته من قوله لابن القاسم بثبوت الملزوم؛ وهو دليل جودة فطرته مع كونه على ما قال المازري عنه أول كتاب الجنائز. وفيها: قلت: أتختار نفسها بالثلاث؟. قال: لم أسمعه من مالك، ولا تختار إلا بواحدة تملك بها نفسها، وعزاه الشيخ له ولمطرف. الصقلي عن محمد: إن فارقت بالثلاث؛ لزمت وأساءت، ونقله الباجي: وخالفت السنة.

قال: وهذا إن كانت الحرة الثانية، وأما إن كانت الأولى؛ فليس لها إلا طلاق نفسها واحدة بائنة، ولا فرق بين الموضعين، فتتخرج الرواية فيهما، ولو فارقته قبل البناء؛ ففي سقوط نصف المهر مطلقًا، أو إن كانت الثانية نقلا عبد الحق عن جوابه ابن عبد الرحمن وغيره من القرويين محتجًا لهم بأنها أولى كمخيرة، أو مملكة قبل البناء، وثانية كقائمة بعيب، ورده ابن عبد الرحمن: بأن المخيرة جعل الزوج لها الطلاق، ولم يجعله لهذه. قلت: وعليهما سقوط إرثها له لو كان في مرضه مطلقًا أو إن كانت الثانية. وفيها: يتزوج العبد من الإماء أربعًا، وإن لم يخش العنت في قول مالك، ونقله الباجي غير معزو على أنه المذهب. ابن زرقون: عن القاضي عن عبد الملك: إن كان تحته حرة؛ فلا يتزوج أمة. وفيها: لا خيار لحرة تحت عبد في نكاحه إياها على أمة أو أمة عليها. الباجي: قاله كل أصحابه إلا ابن الماجشون قال: لها معه ما لها مع الحر. وفي نقله ابن الحاجب مقابلًا للمنصوص تعقب، وجواب ابن عبد السلام بأن قول ابن الماجشون إنما هو في هاتين الصورتين، وعمومه فيما بقي من الصور إنما هو بالتخريج، يرد بأنه لا باقي بعد الصورتين إلا المقارنة لها، وقوله في غيرها: أحرى فيها ومثل هذا لا يقال فيه تخريج، ويمنع حصر قوله في الصورتين؛ لأن نص قوله على ما نقله الباجي والشيخ: للحرة معه مثل ما لها مع الحر. وتبوء زوجها الحر بها بيتًا فيها: إن طلبه أو وطئها فقال ربها: هي الآن في شغل ولا أبوءها معك بيتًا قال: لم أسمع من مالك فيه حدًا إلا قوله: ليس له منع زوجها إصابتها ولا لزوجها أن تبوأ معه بيتًا إلا برضى ربها، وليس له أن يضر بالزوج فيما يحتاج إليه من جماعها، ولا للزوج أن يضر به في خدمتها. ابن حارث: إن لم يشترط تبوءها معه بيتًا؛ فليس له اتفاقًا. اللخمي: إن اشترطه؛ فهو له. ابن بشير إن لم يشترطه وتشاحا؛ حكم بالعادة في ذلك. ابن حارث: لو كان إلي لكان النكاح دون بيان المثوى، وقدر خدمتها، وذكر تبوئها ومكانه فاسدًا، بأقل من هذا الغرر يفسد النكاح.

الشيخ واللخمي عن ابن الماجشون: ترسل إليه ليلة بعد ثلاث. اللخمي: والمدبرة والمعتقة لأجل كالأمة، وأم الولد كالحرة، وله أن يضم المكاتبة إليه، ولا يمنعها ما كانت عليه من السعي، فإن عجزت؛ فكالأمة، وله ضم المعتق نصفها في يومها. وفيها: إن باعها بموضع لا يقدر الزوج على جماعها أيكون لبائعها مهرها؟. قال: لم أسمعه، وأراه عليه أو نصفه إن طلقها، وقيل له: أطلبها، وخاصم من منعك؛ فحملها اللخمي على ظاهرها فقال في الموازية: من قتل أمته قبل بناء زوجها بها؛ لم يسقط مهرها، ويلزم عليه لو كانت حرة قتلت نفسها؛ لم يسقط مهرها، والقياس فيهما سقوطه كما لو منعت نفسها، وطلبت مهرها. قلت: يرد بأن العداء في منعها نفسها تعلق بنفس عوض المهر وهو المتعة، وفي صورتي القتل؛ إنما تعلق بغيره، وهو ذات الزوجة. وفي سرقتها: لو أقر شهيدًا الطلاق قبل البناء بالزور؛ غر ما نصف المهر، وفي رضاعها: لو تعمدت امرأة رجل إرضاعها زوجة ابنه؛ فسخ النكاح ولا مهر. قلت: لأن متعلق العداء في الرضاع نفس ثبوت النسبة لا رفع العصمة، وقيدها عياض فقال: معنى المسألة أن مبتاعها سافر بها حيث يشق على الزوج لضعفه، ولو منع منها لظلم مبتاعها، وأنه لا يقدر عليه؛ سقط عن الزوج المهر، وقضي على البائع برده، ومتى قدر الزوج على الوصول إليها دفعه، وقاله أبو عمران. قلت: وقبله الصقلي. اللخمي: لربها السفر بها، وبيعها ممن يسافر بها، ولو شرط الزوج أن تأوي إليه بالليل، ولو شرط أن تكون عنده كالحرة؛ منع ربها السفر بها، والقياس أن لا يجوز بيعها إن شرط زوجها انقطاعها عنده كالحرة؛ لأن المشتري اشترى ما لا منفعة له فيه. ونفقتها وزوجها حر. قال اللخمي: إن شرطت عليه أو شرط ضمها إليه؛ لزمته، وإلا فثالثها: إن كانت تأتيه، ورابعها: في وقت إتيانها له فقط، وخامسها: على ربها إرسالها إليه ليلة في كل أربع ليال على زوجها نفقتها في تلك الليلة ويومها، ولو ردها صبيحتها، لها ولإحدى روايتي

محمد، وثانيتهما وابن الماجشون ولابن حبيب عنه. قلت: زاد الشيخ عنه: ولو تركها عند ربها تلك الليلة ويومها؛ لزمته نفقتها فيهما، ولو شرط ضمها إليه؛ لزمه نفقتها، ولم يكن له ردها لربها؛ ليسقط نفقتها، ولو شرط حبسها عند ربها؛ لم يلزمه إرسالها في كل أربع ليال. ابن حارث: نفقتها وقت كونها عند زوجها عليه اتفاقًا. وفي كونها عند ربها خلاف. ابن الماجشون: على ربها، وقاله ابن القاسم مرة، ومرة: على زوجها، وقال مالك مرة، ومرة: إن أسلمت تبيت عنده وإلا فلا، وقاله ابن القاسم وسحنون. قلت: نقل ابن حارث: الاتفاق وقت كونها عند الزوج خلاف رابع. اللخمي: وذكر ابن بشير خمسة. اللخمي: وأسقط رابعها، وذكر قوله: إن تبوأت معه بيتًا؛ وجبت وإلا سقطت، وهو خلاف ما نقله اللخمي من الاتفاق. ونفقتها وزوجها عبد: اللخمي: على سقوط نفقة زوجته الحرة عنه، الأمة كذلك، وعلى ثبوتها هو معها كالحر والمدبرة والمعتقة لأجل مثلها. قلت: والمعتق بعضها في يومها كالحرة، وفي يوم ربها كالأمة. ونقل اللخمي خمسة الأقوال في الحر نصًا، وأجراها في العبد. وعكس ابن الحاجب نقل في الحر قولين وفي العبد أربعة. ونفقة زوجته الحرة: قال اللخمي: في وجوبها عليه قولان لها ولأبي مصعب. وروى محمد: أحب شرطها عليه بإذن ربه في عقد نكاحه. وفي الموازية: منع شرطها على ربه، وأجازه أبو مصعب، وأراها عليه إن كان تاجرًا متصرفًا لنفسه بماله، وإن كان عبد خدمة؛ لم تطلق عليه بترك النفقة كقول مالك فيمن تزوجت من علمت فقره إلا أن تظن الزوجة أن العبد كالحر الموسر؛ فلها المقال، والمدبر والمعتق لأجل مثله، والمكاتب كالحر، والمعتق بعضه في يومه كحر، وفي غيره كالعبد. وفي ثاني نكاحها: نفقة زوجة العبد حرة أو أمة في ماله إن كان لا في كسبه وعمله،

فإن لم يجد غيره؛ فرق بينهما إلا أن يطوع ربه بها. اللخمي: نفقة العبد المخارج من ماله لا من فضل خراجه إلا بإذن ربه أو عادة بذلك. وقال محمد: إن عجز عن النفقة، وعليه خراج لربه؛ فلا شيء له حتى يبدأ بخراج ربه، فجعل لها الإنفاق من فاضل خراجه؛ فلعله لعادة. قلت: ولعله فيما ملكه بعطية لا في خراجه، وقدم الخراج على النفقة لرعي القول بسقوطها. ومهر الأمة في كونه كمالها لربها أخذه، ولزوم تجهيزها به كالحرة قولا ثاني نكاحها ورهونها. عياض: قيل: اختلاف، وقيل: هذه بوئت والأخرى لم تبوأ، وعندي أنها وإن لم تبوأ؛ فحق الزوج في تطييبها، وتزيينها منه لازم. اللخمي: في لزوم تجهيزها به وصحة انتزاعه ربها دونه، ويترك لها ربع دينار، ثالثها: إن زوجها من غير عبده لرهونها، ومحمد عن ابن القاسم، وأصبغ مع ابن عبد الحكم، ولم يحك أبو عمر في الكافي غير الثاني. زاد الشيخ في نقل محمد: إن باعها ربها؛ فهو أحق به، فظاهره: أنه رابع. ابن حبيب: لو استثنى مبتاعها مالها؛ لزمه تجهيزها به كما كان في البائع، واختلف فيه قول ابن القاسم. وسمع سحنون ابن القاسم: لربها أن ينتزع مهرها. سحنون: لا أراه لمنع مالك قضاء الحرة دينًا منه. ابن رشد: في صحة انتزاعه، ولزوم تجهيزها به، ثالثها: إلا ربع دينار، ورابعها: يجهزها منه جهاز مثلها لدليل قول ابن القاسم في ثاني نكاحها، وسحنون مع رواية رهونها، وبكير بن الأشج في ثاني نكاحها وابن حبيب، والأول أقيس، والثاني إجراء على المذهب، والأخيران استحسان، وقول ابن الحاجب: له أخذه إلا قدر ما تحل به على المنصوص يتعقب بأن مقابله منصوص حسبما تقدم لابن رشد، وقول ابن الحاجب معها: يجوز وضع ربها من مهرها دون إذنها واضح لانحصار الحق فيه لها، ولربها،

وللزوج ومالها لربها. وقول ابن الحاجب: إن قتلها السيد؛ لم يسقط بنى، أو لم يبن هو قول اللخمي. في الموازية: إن قتل السيد أمته قبل البناء؛ فله الصداق، وعليه يكون للحرة إذا قتلت نفسها الصداق، وهذا كقولها: إذا باع السيد أمته بموضع لا يقدر الزوج على جمعها؛ فله الصداق، ولا أرى للزوجة في جميع ذلك شيئًا إذا كان الامتناع منها أو من السيد إن كانت أمة. قلت: مسألة بيع السيد حيث ذكر أخف لرجاء وصول الزوج لزوجته، ولا رجاء مع الموت، والمذهب: لربها منع الزوج منها حتى يقبض مهرها كالحرة. في ثالث نكاحها: إن باعها من غير زوجها؛ فمهرها لربها، ولو قبل البناء إلا أن يشترطه المبتاع، فكونه لا حق لهما في منع زوجها منها حتى يدفع مهرها في بيعها قبل البناء واضح؛ لسقوط حق البائع فيه، والمبتاع في مهرها، ولو استثنى المبتاع مهرها؛ كان كبائعها قبل بيعها، وفيه لو باعها من زوجها بعد البناء؛ فمهرها لربها، وقبله ساقط إن قبضه رده. وسمع أبو زيد ابن القاسم: من قبض مهر أمته، فباعها السلطان في فلسه من زوجها قبل بنائه لا يرجع زوجها بمهرها على ربها؛ لأن السلطان هو الذي باعها منه. ابن رشد: ظاهره: لا يرجع عليه شيء منه، وليس بصحيح؛ لأنه لا يجب جميع المسمى إلا بالموت، وإنما معناه: لا يرجع بجميعه؛ بل بنصفه فقط؛ لأن الفرقة من قبله باشترائه عالمًا أنها زوجته تحرم باشترائه، فصار كمطلق، ولو اشتراها جاهلًا أنها امرأته رجع بكل المهر على ربها لقول ثالث نكاحها: من لم يبن بامرأته حتى تزوج أمها، وبنى بها جاهلًا بها؛ حرمت عليه امرأته، ولا شيء عليه من مهرها؛ لأنه تحريم لم يتعمده، وهو محمول على عدم العلم حتى يثبت إن قال: لم أعلم حلف، ورجع بجميع المهر، ونص قولها: لا شيء لربها من مهرها إن باعها قبل البناء هو دليل لفظ السماع؛ لأن السلطان هو الذي باعها، وإنما سقط المهر مع علم الزوج أنها زوجته، وجعل الفسخ من قبل ربها دونه؛ لأن ربها كان أملك بالبيع، فغلب أمره. قلت: وكذا الزوج كان أملك بعدم شرائها؛ بل موجب ذلك أن علم كل منهما

يوجب قصده الفسخ، والفسخ سبب في سقوط المهر، وقاصد السبب قاصد مسببه، فألزم كل منهما مقتضى قصده، ومقتضاه من ربها سقوط المهر، وكذا هو من الزوج لا ثبوته يوجب الحكم بمقتضى القصدين، وهو سقوط المهر، وإنما يكون قصد الزوج الفسخ موجبًا للمهر حيث يكون محض عداء استقل به. قال: ولو باعها ممن جهل أنه اشتراها لزوجها كان كبيعها السلطان، ولعيسى في كتاب القطعان: بيع السلطان كبيعه، ويرجع عليه بكل المهر، وهو بعيد ضعيف. قلت: ذكر الصقلي: أن أبا عمران عاب رواية أبي زيد وضعفها. وقال: اختلف في ذلك قول ابن القاسم، وقد روى لنا الباجي عن سماع عيسى: بيع السلطان كبيعه، وتأول بعضهم قوله في رواية أبي زيد: لا رجوع للزوج عليه بالمهر؛ يريد: لا يرجع في ثمن الأمة، فيحاص غرماء ربها؛ لأن فسخ النكاح إنما هو بعد عقد البيع، فهو كدين طرأ من معاملة حادثة. وقول ابن عبد السلام: (حكى ابن الجلاب في الأول وجوب نصف المهر، وهو يشبه قول ابن سحنون: إن فرقة شراء أحد الزوجين الآخر صاحبه بطلاق) لم أجده فيما رأيته من نسخه، وقوله: تأويل بعضهم أقرب؛ لأنه قول ابن القاسم في غير مسألة أشهرها في ذلك قوله في العتق الأول: إن باع عبدك سلعة بأمرك، ثم أعتقته، ثم استحقت السلعة، ولا مال لك؛ فلا رد للعتق؛ لأنه دين لحقك بعد إنفاذه. قلت: أبين من ذلك مسألة رهونها؛ وهي من زوج أمته، واستهلك مهرها قبل البناء وأعتقها، ثم طلقت قبل البناء، ولا مال للسيد؛ لم يرد عتقها؛ لأن الدين إنما لزم السيد حين طلق الزوج لا يوم العتق. قال عياض: سقطت هنا لابن عتاب، وثبتت في سائر الروايات والأصول منها نقلها المختصرون والشارحون، وقد يفرق بين مسألة النزاع ومسألة العتق الأول بالاتفاق على وجوب ثمن الثوب بالعقد بطرو الطلب به للاستحقاق كأمر حادث. وفي ثبوت نصف المهر بالعقد خلاف مشهور، فكان طلبه للفسخ كدين سابق حل، والتمسك بمسألة كتاب الرهن هو من تعليلها. أبو حفص: القياس عدم رجوع الزوج في شرائه زوجته قبل البناء بشيء؛ لأنه قد

يشتريها بزيادة درهم على سوم غيره، فلو سقط المهر؛ كان مشتريًا لها بأقل مما كانت على غيره، وأجاب بأنه كمن ابتاع حجرًا بان أنه ياقوتة، ولو باعها السلطان لدين؛ لنودي عليها على أنها ذات زوج، ولم يبعها منه إلا بزيادة المهر، وما يزاد عادة. وقال عبد الواحد: بزيادة نصف المهر لا المهر، ولا حجة له بقدرته على الطلاق؛ لأن ما ينقصه الطلاق عن المهر قد يكون أقل مما يزاد في ثمنها؛ لزوال عيب تزويجها كما لو كانت قيمتها معيبة عشرين وسليمة أربعين ومهرها عشرون، لو بيعت منه بزيادة نصفه؛ والزيادة المعتادة وهي دينار حصل للغرماء أحد وثلاثون، ولو طلقها؛ حصل لهم أربعون. قلت: إنما يلزم هذا لو كان الطلاق لازمًا، والحق اعتبار الأكثر مما يحصل في ثمنها منه بعد إسقاط المهر، وفي ثمنها من غيره مع المهر، وعدم اعتبار ما ينتفع به من زوال عيب تزويجها؛ لأنه لوصف خاص به كبيع إمام على مفلس أحد خفين له من بعض جمع فيه من يملك مماثل الخف المبيع لا يعتبر فيه علو قيمته بعد شرائه مالك مماثله؛ بل قيمته منفردًا. أبو حفص: لو باعها مبتاعها قبل البناء من زوجها؛ رجع بمهرها على ربها؛ لأنه السبب في بيعها منه. قلت: هذا أبعد من بيعها السلطان في الفلس. وفيها: من أعتق أمة زوجها بتفويض قبل فرض زوجها لها؛ لم يصح استثناؤه مهرها؛ لأنه قبل ثبوته. ابن محرز: قول بعض المذاكرين: هذا على قول ابن القاسم في سقوط المال: في أنت حر وعليك، وعلى قول مالك: يلزمه؛ يكون المهر للسيد؛ لأنه وإن لم يجب؛ فهو كما لو جعل في ذمتها بعتقها غلط؛ لأنه لم يجعله في ذمتها إنما استثناه من حيث كونه لها وهو ليس لها. وفيها: مهر المعتق بعضها بيدها كمالها. الصقلي عن بعض الشيوخ: إنما كان لها بخلاف أرش جرحها بينها وبين مالك بعضها؛ لأن الأرش عوض عن جرحها وهو بينهما، والمهر سماه الله تعالى نحلة، فكان

كمالها، ولأن الأرش بسبب لم يأذن فيه ربها، والمهر لسبب أذن فيه. ابن الحاجب: لو قال: أعتقتك لتنكحيني؛ لم يلزمها الوفاء، وكذا المرأة لعبدها. ابن عبد السلام: إن وافقته على أن عتقها وقع على شرط أن تتزوجه استحب لها الوفاء به. قلت: في عتقها الثاني: من أعتق أمته على أن تنكحه أو فلانًا غيره فامتنعت؛ فهي حرة لا يلزمها نكاح إلا أن تشاء، وكذا لو أعطى رجلٌ رجلًا ألف درهم على أن يعتق أمته، ويزوجها منه، فأعتقها؛ فهي حرة، ولها أن لا تنكحه، والألف لازمة للرجل. قلت: الأظهر سقوط ما زاد على قيمة الأمة من الألف، أو مناب التزويج منها؛ لأنه على الأمرين أعطاها، ولابن حارث عن ابن حبيب وابن الماجشون والمغيرة وأصبغ: تفض الألف على قيمة الأمة ومهر مثلها، فما نابه؛ رد لدافع الألف. الكافرة: إن كانت كتابية أمة؛ ففي ثالث نكاحها: توطأ بالملك لا بنكاح المسلم، ولو كان عبدًا، لمسلم كانت أو ذمي، ولا يزوجها ربها من عبده المسلم. وللصقلي: قيل لابن القاسم: أيزوج المسلم أمته النصرانية من نصراني أو غيره؟. قال: نعم، ليس من قبيل الولاية؛ بل من قبيل أنها ماله. الصقلي: أما من غير مسلم؛ فجائز ومنه لا يجوز. اللخمي: أجاز أشهب: لمن أسلم على أمة نصرانية البقاء عليها؛ لتقدم نكاحها في وقت لم يخاطب فيه بشرط، فأشبه من نكحها في الإسلام بالشرطين، ثم ارتفعا؛ فبقاؤه عليها جائز. وذكر الباجي قول أشهب وقال: قال الشيخ: يريد: إن أعتقت أو أسلمت لذكر محمد بعد هذا عن أشهب مثل قول ابن القاسم: أن يفارقها. قلت: للشيخ عن محمد عن ابن القاسم: من نكح حربية، ثم سباها المسلمون، فأحب إلي أن يفارقها؛ لأنها الآن أمة، وقال أصبغ: بل واجب فسخه. قلت: ففي وجوب الفسخ ثالثها: يستحب لمعروف قول ابن القاسم مع أشهب مرة، وأصبغ ومعروف قول أشهب، وقول ابن القاسم، والحرة الكتابية؛ المذهب كراهة نكاحها.

وفيها: يجوز للمسلم نكاح الحرة الكتابية؛ إنما كرهه مالك، ولم يحرمه لما تتغذى به من خمر وخنزير وتغذي به ولده، وهو يقبل ويضاجع؛ ليس له منعها من ذلك، ولا من الذهاب للكنيسة. المتيطي: وقيل لأنها قد تموت حاملًا، والجنين ابن المسلم، فتدفن به في مقبرة الكفار حفرة من النار، وقيل: لأنه يوجب مودة منه لها لقوله تعالى: {وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً} [الروم:21] مع قوله تعالى: {لا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ ...} الآية [المجادلة:22]، وقال أبو إبراهيم في كتاب طلاق السنة لمحمد: للرجل منع امرأته النصرانية من شرب الخمر وأكل الخنزير والكنيسة إلا للفريضة، ولا يمنعها صومها ولا يطؤها، وهي ضائمة؛ لأن صومها من دينها، وليس شرب الخمر، وأكل الخنزير منه. وروي عن مالك غير هذا، وأظنه وهمًا، وما أخبرتك هو أحب إلي، وقاله ابن وهب قال: لأنها كما رضيت أن يملكها مسلم؛ كان له أن يمنعها ذلك. وفيها: كره مالك نكاح الحربية لتربية الولد بدار الحرب، وأنا أرى أن يطلقها، ولا أقضي عليه. أبو عمر: كرهه مالك من أجل السباء والولد. عياض: كراهته الحربية أشد من الذمية بدار الإسلام، وأشد ما علل به فيها سكناه معها بدار الحرب حيث يجري حكمهم عليه، وهو حرام بإجماع جرحة. قلت: فتخرج كراهة تزويجها الأسير، ومن لا يمكنه الخروج. قلت: لا يجوز وطء مجوسية بنكاح ولا بنكاح. ابن شهاب: ولا قبلة ولا مباشرة. اللخمي: هذا قول مالك وابن القاسم واختلف فيه. قال ابن شعبان: أجاز بعض متقدمي أهل المدينة ذلك بالملك وأبو ثور بالنكاح. وقال ابن القصار: قال بعض أصحابنا: على القول أن لهم كتابًا تجوز مناكحتهم، واختلف في الصابئة والسامرية على أن الصابئين من النصارى والسامرية من اليهود، فتجوز مناكحتهم، وعلى نفيه نفيه، ونكاح من سواهن من كافرة، واستمتاع بها حرام. وقول ابن بشير: ألحق اللخمي الصابئين بالنصارى والسامرية باليهود، وتقدم في

الذبائج أنهما غير ملحقين بهما، يرد بأنه إنما ألحقهما بهما على القول بأنهما ملة لعدم الإجماع على نقيضه. وردة أحد الزوجين في كونه فسخًا أو طلاقًا قولان للخمي عن رواية المبسوط مع الصقلي عن رواية ابن أبي أويس، وعبد الحميد عن الشيخ عن رواية ابن الماجشون معه والمشهور، وعليه في كونه طلقة بائنة أو رجعية ثالثها: إن أسلم في عدتها فكمن؛ لم يرتد وإلا فطلقة للمشهور، والصقلي عن المغيرة قائلًا: للزوج الرجعة إن أسلم وابن الماجشون ونقل الصقلي عن أشهب: إن أسلمت في العدة؛ بقيت زوجة مع نقله ما تقدم يوهم مغايرته إياه، والحق أنه فسخ أو كابن الماجشون. وسمع يحيى ابن القاسم: لا تحل المرتدة لزوجها إذا بانت إلا بنكاح جديد، ولا يحل له وطؤها في ارتدادها. ابن رشد: هذا كقول نكاحها الثالث: أن ردة أحدهما طلقة بائنة، ورآه ابن الماجشون فسخًا بغير طلاق، وعن سحنون: إن أسلمت في عدتها، فزوجها أملك بها، فرآه طلقة رجعية مثل قول مالك في أمهات الأولاد من المدونة: ارتداد الزوجة طلقة رجعية يكون أحق بها إن أسلم في عدتها، ففي كون ارتداد أحدهما طلقة بائنة أو رجعية ثالثها: فسخ بغير طلاق. قلت: وفي معنى كونها طلقة رجعية أنه بنفس إسلام المرتد منهما تثبت الرجعة أو بعد إنشاء الزوج الرجعة قولان لمتقدم ظاهر ابن رشد والصقلي عن المغيرة. وفيها: إن ارتد لدين زوجته قال: لم أسمع منه إلا قوله في المرتد: تحرم عليه امرأته فأرى أن تحرم عليه يهودية كانت أو غيرها. اللخمي: يختلف إن ارتدت إلى النصرانية أو ارتد وتحته نصرانية قيل: يقع الفراق بينهما. وقال مالك في المدونة: إن ارتد وقعت الفرقة بينه وبين زوجاته إن كن مسلمات، وروى علي وابن أشرس: إن ارتدت إلى المجوسية وقعت الفرقة بينها وبين زوجها المسلم، فخص مالك الفرقة بالمسلمات والآخران بارتدادها للمجوسية. وقال أصبغ: من ارتد وزوجته كتابية؛ لم يحلل بينه وبينها، ولم تحرم عليه إن أسلم.

قلت: فيها: إن تزوج مرتد كتابية في ردته، ثم أسلم أيثبت نكاحه؟. قال: قال مالك: من ارتد؛ وقعت الفرقة بينه وبين أزواجه إن كن مسلمات. ابن القاسم: وتقع الفرقة بينه وبينهن إن كن غير مسلمات، فهذا يدلك أن إنكاحه إياهن في ردته لا يجوز، ولو رجع للإسلام. قلت: فأخذ اللخمي، واستدلال ابن القاسم متنافيان. الشيخ عن ابن سحنون عنه: من ادعى عند السلطان ردة زوجته المسلمة أو إسلام زوجته النصرانية وأكذبتاه؛ فرق بينه وبينهما لإقراره بتقدم ردة زوجته المسلمة، وتقرر ردة امرأته النصرانية. الصقلي عن ابن حبيب: لو تزوج بعد حبسه للاستتابة؛ فسخ ولو كانت ذمية، ولا مهر لها إن قتل ولو بنى، وإن أسلم قبل فسخه؛ ففي ثبوته ولزوم فسخه قولا في ابن حبيب مع ابن الماجشون والمدونة. وفي سقوط مهر من تزوجها في ردته، وبنى مطلقًا، أو إن كان بعد الحجر عليه ثالثها: إن علمت ردته وإلا فلها ربع دينار لمحمد- عن ابن القاسم وأصبغ والقابسي- قائلًا: لو تزوجها بعد الحجر ما منعت ربع دينار؛ لكن لا يملك ذلك؛ لأنه مسجون، ولو أسلم؛ كان لها مهرها، ولو زاد على مهر المثل، وتزوجها بعد الحجر، وبالأول قال ابن الكاتب: محتجًا بأنه بارتداده محجور عن ماله ما لم يسلم لقولهم: لا ينفق على ولده من ماله، ولا ثلث له تنفذ فيه وصيته. ابن رشد: إن تزوج وبنى بعد الحجر عليه؛ فلا مهر لها إن قتل في ردته اتفاقًا، وقبل الحجر عليه في سقوطه، وثبوته في ماله ما لم يزد على مهر المثل سماع موسى ابن القاسم: لا مهر لها، وتعاض من مسيسه مع قول سحنون قائلًا: يجوز نكاحه ذمية في ذمته كنكاح مفلس في ذمته، ومحمد عن ابن القاسم مع أصبغ رادًا قول ابن القاسم الأول لهذا بناءً على الحجر عليه بنفس ردته أو بحجر السلطان، وهذا معلوم من قول ابن القاسم وروي لمالك. قلت: ظاهر قول سحنون: صحة نكاحه الذمية في ردته، وأن زوجته لا تعاض فأقوال ابن رشد في المهر ثلاثة، وهي مغايرة للأخيرين من ثلاثة الصقلي.

محمد: إن قال مرتد أسلم: تزوجت هذه في ردتي، وقالت: بل بعد إسلامك؛ صدقت لادعائها الصحة، وفسخ نكاحه بإقراره، وغرم نصف المهر. الصقلي: روى علي: إن ارتدت المرأة لقصد؛ فسخ نكاحها لم ينفسخ وفي ولائها: إن علم أن الأسير ارتد كرهًا؛ لم تبن زوجته، وإن جهل بانت، ولا يتعقب بأنه عبد، وطوعه إكراه؛ لأن ذلك فيما أمره به سيده لا فيما فعله، ولو فرق بينه وبين زوجته لجهل إكراهه ثم ثبت، ففي فوت زوجته ببناء الثاني كالمفقود وردها إليه كمطلق امرأة باسم لزوجته الحاضرة، وقال: أردت زوجتي المسماة به الغائبة، فطلقت عليه الحاضرة؛ لعدم تصديقه في الغائبة، ثم ثبت صدقه قولان للصقلي مع بعض شُيُوخه، وبعض أصحابه، وفي حرمة أم ولده عليه مدة ردته، وتحل له بإسلامه وعتقها به ثالثها: إن أسلم قبل انقضاء حيضتها من يوم ردته، وإلا حرمت وعتقت لابن القاسم فيها: لم أسمع من مالك في عتقها شيئًا، ولا أراه، وليست كالزوجة؛ لرفع عصمته بردته، وبقاء ملكه، فأراها موقوفة إن أسلم بقيت بحالها، وللصقلي مع اللخمي عن أشهب، وتخريجه على قوله مع عبد الملك في زوجته: إن أسلم قبل مضي عدتها؛ بقيت زوجته دون طلاق، وإلا بانت بطلقة. عبد الحميد: اختلف في حرمتها عليه فقاله أشهب وخالفه غيره. وفي «المدونة»: الوقف. قُلتُ: إن أراد بقول غيره: حليتها له فلا أعرفه، وما أبعده لولا إمكان جريه على عدم الحجر عليه بردته، فيكون مقيدًا به لا، وإن حجر عليه، وحمله على تخريج اللخمي بعيد من لفظ قوله، وخالفه غيره، وإحباط ردته سابق أحكامه في كتابه. والكافران: إسلامهما معًا على حالة نكاح بينهما هو لهما كعقدهما عليه حينئذ صحيحين ببينة وولي ومهر، وإن تقدم لهما بخلافه، أو كانا مريضين لنقل عبد الحق الإشبيلي: أجمعوا أن الزوجين إذا أسلما في حالة واحدة أن لهما البقاء على النكاح الأول إلا أن يكون بينهما نسب أو رضاع يوجب تحريمًا. قلت: والأحاديث في ذلك متكلم في صحتها، وظاهر قصر هذا الاستثناء على ما ذكر فيه خلاف ما يأتي في نكاح المعتدة والمتعة، والمتقدم بتاتها في الكفر.

وفيها: إن أسلما كبيرين على نكاحهما صغيرين دون ولي وأمره، قال: لم أسمعه من مالك، وأراه جائزًا. الشيخ عن محمد عن ابن القاسم وأشهب: إن أسلم على من نكحها في عدتها بعدها؛ ثبت نكاحه. أشهب: ولو لم يبن، ولو أسلم في عدتها فارقها، وعليها ثلاث حيض؛ يريد: وقد مسها. قلت: وكذا لو أسلمت دونه. قال: ووطؤه إياها في عدتها في كفره لغو، وبعد إسلامه يحرمها. قلت: وكذا بعد إسلامها. قال: وإن أسلم على من نكحها متعة في أجلها؛ فسخ نكاحه وبعده يثبت، وقيد اللخمي ثبوته بثبوتهما عليه بعد العدة والأجل. قال: وكذا لو كانان بزنى وتماديا قبل الإسلام على وجه النكاح. قلت: قبوله الشيخ في المتعة خلاف قول ابن القاسم فيها: لا ينبغي أن يعرض لأهل الذمة إذا أسلموا في نكاحهم إلا أن يكون تزوج من لا تحل له، فيفرق بينهما، وسمع يحيى ابن القاسم: إن أسلما على نكاح عقداه في العدة؛ لم يفرق بينهما. ابن رشد: يريد: أسلما بعدها، ولو وطئ فيها، ولو أسلما فيها فسخ إن عقداه قبل حيضة، ولو عقداه بعدها؛ ففي فسخه قولان من قول ابن وهب في الموازية: يفسخ نكاح مسلم نكح نصرانية بعد حيضة من عدة زوجها النصراني، وسماع أبي زيد ابن القاسم صحته إن كان بعد حيضة. ابن شاس: لا يقرهم على فاسدٍ عندهم إلا أن يكون صحيحًا عندنا، ولو اعتقدوا غصب المرأة أو مراضاتها على الإقامة مع الرجل بغير عقد أقررناهم عليه. اللخمي: وحيث يصح بإسلامهما يلزم الآبي منهما، وعلى الزوج نصف المهر، ورضاهما ترك العقد السابق بينهما طلاق، ولو كان العقد فاسدًا. وفيها: ما كان من شروطهم من أمر مكروه، فإنه لا يثبت من ذلك إلا ما يثبت في الإسلام، ولا يفسخ من ذلك إلا ما يفسخ في الإسلام.

عياض وغيره: كذا روى جبلة. وروى سحنون: بإسقاط إلا فيهما وابن وضاح: وإسقاط لا فيهما، ويحيى بن عمر بإسقاطهما في الأول، وإثباتهما في الثاني، وبعضهم بإثباتهما في الأول، ولا في الثاني فقط. قلت: معنى الأولى والثالثة راجع إلى ثبوت نفس المهر وفسخه؛ ككونه خمرًا أو إلى العقد باعتبار حل الزوجة للزوج، وحرمتها عليه ككونها أخته، ومعنى الثانية في الأول كشرط يمين يلزم المسلم، وفي الثاني ما يوجب الفسخ قبل البناء؛ كفساد المهر أو بعدها كعقدهما على شغار، ويدخل فيه نكاح المعتدة والمتعة إن أسلما بعد مدتيهما، والرابعة كالأولى، وأول الخامسة كأولها، وثانيها كثاني الثانية. ابن بشير: في كون أنكحتهم على الصحة أو الفساد قولان بناءً على خطابهم بالفروع ونفيه. ابن شاس: المشهور فسادها. قلت: هو مقتضى قولها: طلاق الشرك ليس بطلاق، ولم يحك المتيطي غيره، وعليهما خلاف شيوخ شيوخنا في جواز شهادة الشهود المعينين للشهادة بين الناس لليهود في أنكحتهم بولي، ومهر شرعي ومنعه، وألف كل منهما على صاحبه، والصواب ما رجحه ابن عبد السلام المنع، ويأتي للشيخ ما يرجح الجواز. وفيها: إن طلق الذمي امرأته ثلاثًا ولم يفارقها، فرفعته إلينا؛ لم يحكم بينهم. اللخمي: لسقوط حق الله في الطلاق عن الزوج، وكذا حق الزوجة؛ لأنه هبة منه لها، ولا نجبره على الوفاء بهبته لها، فإن حوزها نفسها؛ لم يمكن من نقضه. ولابن سحنون عن المغيرة: إن حنث بطلاق ورفعت امرأته أمرها للسطان أمره بطلاقها. وفيها: متصلًا بما سبق إلا أن يرضيا معًا بحكم الإسلام؛ فالحاكم مخير، وتركه الحكم أحب إليه. مالك: وطلاق الشرك ليس بطلاق. ابن رشد وغيره: ظاهرها عدم اشتراط رضى أساقفتهم. وسمع عيسى ابن القاسم اشتراطه، وفي كون الحكم بإعماله طلاقه ثلاثًا، ولغوه

ثالثها: إن كان عقدهم موافقًا لشروط الصحة، ورابعها: يحكم بالطلاق مجملًا دون حكم بالثلاث. لابن محرز عن ابن شبلون قائلًا: لو أبانها عن نفسه؛ لم يكن له ردها إليه، ولو لم يتحاكما إلينا. وابن الكاتب مع ابن أخي هشام، والشيخ وأبي الحسن اللخمي: إن رضيا بموجب الطلاق بين المسلمين؛ حكم بالطلاق ومنعه منها إلا بعد زواج إن كان ثلاثًا؛ لالتزامهما حكم الإسلام. قلت: فيلزم كون محللها مسلمًا بشرطه. قال: ولو قالا: احكم بما يجب على الكافر عندكم ألغاه. ولو قالا: بما يجب في ديننا أو في التورية؛ لم يحكم، ولو طلقها ثلاثًا وأبانها عن نفسه؛ ففي جواز نكاحه إياها بعد الإسلام دون محلل قولان لنص ابن شاس مع المشهور في لغو طلاقه، وقول المغيرة بإعماله مع قول عبد الحميد: ذكر عن علي بن زياد: أن طلاقه طلاق، ويعد عليه بعد إسلامه. وفاسد مهرهما إن أسلما ككونه له خمرًا أو خنزيرًا فيه طرق: ابن رشد: إن أسلما بعد قبضه وبنائه؛ فهو ماض وقبلهما لغو لقولها: يخير في بنائه بمهر المثل، وتركها دون غرم اتفاقًا فيهما، وبعد قبضه، ولم يبن في لغوه؛ فيخير كما مر واعتباره؛ فيبني ولا شيء عليه ثالثها: ويستحب له إعطاؤها ربع دينار، ورابعها: وجوبه لها، ولبعض الرواة فيها وسماع عيسى ابن القاسم في التجارة بأرض الحرب، وقول عيسى فيه: وبعد بنائه وقبل قبضه في لغوه؛ قبلزم مهر المثل، وكونه كمقبوض؛ فلا يلزمه شيء قولان لها ولسحنون. فقول ابن القاسم فيها على قياس قول ابن أبي حازم وابن دينار في الكافرين: يسلمان أو أحدهما بعد تبايعهما خمرًا، وقبل قبض البائع ثمنها ليس له قبضه، وقول بعض الرواة فيها، وابن القاسم في هذا السماع، وعيسى على قياس قول أشهب والمخزومي ومحمد: له قبضه بعد إسلامه. اللخمي: إن أسلما قبل البناء، وقد قبضت الخمر أم لا؟ فأربعة.

ابن القاسم: إن دفع مهر المثل؛ ثبت نكاحه، وإلا طلقت عليه دون غرم، ولو كانت قبضته. وقال غيره: إن قبضته؛ فله البناء دون غرم. محمد: عن أشهب: له البناء إن أعطاها ربع دينار، وإن لم تكن قبضت شيئًا وإلا فسخ. ابن عبد الحكم: القياس لها قيمة الخمر كنكاح بثمر لم يبد صلاحه، ولم يجذ حتى أزهى لا يفسخ، ولها قيمته وهو أحسن أن لا تنقص عن ما به رضيت إن كانت قيمة الخمر أكثر من مهر المثل، ولا يلزم هو أكثر مما به رضي إن كانت أقل، وقول أشهب ضعيف. ثم قال بعد ذلك: لزوم القيمة إذا أسلم دونها؛ أبين منه إذا أسلما؛ لأنها تقول: يجوز لي ملكها. ثم قال: إن دفع الخمر؛ فمعروف المذهب أن له قبض المبيع دون ثمن آخر كمن باع خمرًا بثمن لأجل، ثم أسلم له قبضه إذا حل أجله، وقاسه مرة على ثمن الربا إذا أسلم قبل قبض الثمن، فإن دخل، ولم يقبض الخمر، فقال ابن القاسم: لها مهر المثل. وقال محمد: لا شيء عليه. وعلى قول ابن عبد الحكم: لها قيمة الخمر. قلت: عزا المتيطي الأول لابن القاسم. فيها، وقال قال سحنون: مهر المثل يوم دخل بها، وذكر ابن بشير قول ابن عبد الحكم أيضًا في إسلامهما قبل قبض الخمر وبعد البناء. قال: وقد أجرى قول أشهب في هذا: أن لها ربع دينار. قال: والظاهر؛ إنما يجري إذا قبضت هي، ولم يقبض هو، وذكر قول ابن عبد الحكم أيضًا: إذا أسلما قبل البناء، وقبل قبض المهر. الشيخ: عن محمد: إن أسلم أو أسلما، وقد نكحها بخمر أو خنزير إن قبضته؛ فليس لها غيره، وتكسر الخمر بيدها، وتقتل الخنازير إن أسلمت. قلت: تقدم التنبيه أن هذا خلاف قولها في الولاء: من ورث عن عبده

خنازير سرحها. قال: وإن لم تقبضه؛ فقال ابن القاسم وعبد الملك: إن شاء البناء؛ ودى مهر المثل وإلا فسخ دون غرم كالتفويض. قال محمد: وقول ابن القاسم في الأسدية: قبضه قبل البناء؛ كعدمه إن شاء البناء؛ غرم مهر المثل، وإلا لزمته طلقة غلط. وقال أشهب: يفسخ إن لم يبن إلا أن يعطيها ربع دينار؛ يريد: إن كان قبل البناء وقبضت ذلك، وكذا فسره في غير هذا الموضع. وللبرقي عنه: يعطيها مهر المثل، وقول ابن القاسم وعبد الملك: هو المعمول به، فإن قبضت نصفه؛ بقي لها نصف مهر المثل، وكذا أقل أو أكثر؛ يريد: إن شاء البناء. قلت: قائل؛ يريد: هو الشيخ، بينه الصقلي في نقله ما تقدم، وزاد: إنما يصح هذا في قول ابن القاسم: إن شاء، وإن لم يبن؛ فهو يقول: إن قبضت جميعه؛ لم يكن له أن يبني حتى يدفع مهر المثل، أو يفارق كالتفويض. قلت: هذا قوله في الأسدية على ما تقدم، ومحمد إنما أجراه على قوله في الموازية الذي هو المعمول به عنده. وذكر المتيطي قول الغير في المدونة: إن قبضته؛ فلا شيء لها غيره، بنى بها أولم يبن. قال: وقاله ابن القاسم في الواضحة والأسدية والموازية، وعبد الملك في كتاب أبي الفرج. قلت: وهذا خلاف ما تقدم للشيخ والصقلي عن ابن القاسم في الأسدية، وذكر المتيطي رواية البرقي عن أشهب ثم قال: قال ابن العطار: إن أسلم قبل البناء ومهرها خمر أو خنزير؛ أجبر على إعطائها مهر المثل، وقيل: أقل ما تستباح به، فقال ابن الفخار: هذا غلط، وذكر قولي ابن القاسم والموازية والمدونة. وقال: لا يجير على مهر المثل بحال. المتيطي: ما قاله ابن العطار هو نقل البرقي عن اشهب. قلت: لا مهر في الفرقة باختيار أحدهما قبل البناء ولا متعة، وإن أسلمت قبل البناء، بانت، ولا مهر لها، وإن قبضته؛ ردته ولها المسمى من قبل البناء.

اللخمي: اختلف قول ابن القاسم: إن أسلمت نصرانية دون زوجها قبل البناء بعد قبضها الخمر، فقال في العتبية: تغرم قيمتها، ولو كانت قائمة وتكسى عليها. وفي الواضحة: لا شيء عليها ولا نصفه، وأرى إن كانت قائمة أن ترد إليه؛ لأن يفسخ نكاحها بإسلامها؛ سقط ملكها عن المهر، وتعلق به ملك الزوج، وإن فاتت؛ غرمت قيمتها؛ لأن إسلامها يوجب ردها المهر لو كان دنانير أو سلعة، هذا قول مالك وابن القاسم في ثاني نكاحها، فوجب ردها قيمة الخمر؛ لأنها مما يملكه، وكذا إن كانت مجوسية أسلمت قبل البناء بعد قبضها الخمر، ولو أسلم وحده قبل البناء، وهي مجوسية نزعت الخمر منها وكسرت، فإن فاتت؛ لم تغرمها. قلت: ظاهر قوله: وفي الواضحة: لا شيء عليها ولا نصفه؛ يقتضي أنه نص فيها، وكذا ذكره الصقلي، ولما ذكر ابن رشد قول ابن القاسم في سماع عيسى في كتاب التجارة بأرض الحرب. قال: ولا يجب عليها شيء، وهو على حكاية أصل ابن حبيب، ورواية مطرف في نصراني استسلف من آخر خمرًا، ثم أسلم: أنه لا شيء عليه، وهو على أصل ابن حبيب في استهلاك مسلم خمر ذمي أنه لا شيء له عليه، فظاهر قول ابن رشد أنه تخريج لا نص له. محمد: ولو وهبت له نفسها، وأسلما قبل البناء؛ رجعت لمهر المثل، وبعده لا شيء لها. الشيخ: هذا خلاف المدونة. الصقلي: بل ظاهرها كقول محمد. وقال ابن حبيب: إن بنى؛ لزمه المهر المثل، والأخير في البناء؛ أي: الفراق. ابن بشير: إن بنى تخرج فيها، ولأشهب: بربع دينار. اللخمي: أرى أن لا شيء لها غيره لحق الله، والزائد تركته؛ فلا حق لها فيه. وفيها: إن تزوج نصراني نصرانية على خمر أو خنزير أو بغير مهر أو شرطًا أن لا مهر وهم يستحلون ذلك فأسلمها؛ قال: لم أسمعه من مالك، وأحب إلي إن بنى بها أن لها في جميع هذا مهر المثل، إن لم تكن قبضت قبل البناء شيئًا، وإن قبضت قبل البناء ما

أصدقها؛ فلا شيء لها. وإن أسلما قبل البناء؛ فله البناء إن أعطاها مهر مثلها، وإلا فرق بينهما، ولا شيء عليه، وفي حملها في عقدهما على أن لا مهر على قول ابن حبيب أو محمد ثالثها كتمانه. الشيخ مع المتيطي عن أبي عمران والصقلي مع أبي حفص والمتيطي عن القابسي وعن ابن سعدون. أبو حفص: لو أسلما قبل البناء، وقدمه باعت الخرم؛ فلا شيء له غير ثمنها إن بلغ ربع ديناء، وشرطها إياها؛ لعدم قبضها، ولو تحللت بيدها وقيمتها الآن ربع دينار؛ لم يكن لها. قلت: ولفظ محمد وأكثر الشيوخ تصوير المسألة دون لفظ: (وهم يستحلونه)؛ يدل على كونه فيها طرديًا أو لا مفهوم له لقلته. وقال ابن عبد السلام: شرط فيها في نكاحهما بخمر، وشبهه كونه أيستحلون النكاح بهذا، أو أسقطه ابن الحاجب، ورأى بعض الشيوخ: أنه مقصود لابن القاسم، وأنهم لو دخلوا، وهم لا يستحلونه لو حكوا على الزنا لا النكاح؛ فلا يثبت بالإسلام إلا أن يكونوا تمادوا عليه قبل الإسلام على وجه النكاح، وما قاله ظاهر إن وجد من الكفار من لا يستحل النكاح بالخمر وشبهه. قلت: رده الشرط للنكاح بالخمر والخنزير بعيد؛ لشهرة تمولهم إياهما؛ بل ظاهره رده للنكاح بغير مهر، ومثله إسقاطه، والأمر في ذلك كله سواء، وقبوله قول هذا. الشيخ: إن لم يكونوا يستحلونه؛ فهو زنا إلا أن يتمادوا عليه باسم النكاح عقلة إن حملا المسألة على دخولهما على غير الناكح لنص المدونة على ما نقيضه، ومتناقض إن حملاها على دخولهما على وجه النكاح لقوله: إن تمادوا على وجه النكاح؛ لم يكن زنا؛ لأن دخولهما عليه باسم أخذا في كونه ليس زنا من تماديهما عليه دون العقد عليه أو لا، ولا يشك من نظر، وأنصف إن ذكر يستحلونه لا مفهوم له؛ لأن عدم استعجال له لا يوجب كونه زنا في الإسلام، فأحرى في الكفر. ابن الحاجب: والإسقاط مع الدخول كقبض الفاسد. وقيل: مهر المثل، وإن دخلا.

قال ابن السلام: كلامه يوهم أن الخلاف موجود قبل البناء، ولا خلاف أنه مخير في الرد دون عزم أو البناء بمهر المثل. قلت: إن فهم كقوله: وقبل مهر المثل على اللزوم؛ لزمه تهمة عنه في المهر الحر، وهو لم يتعقبه؛ بل حمله على حالة إرادة البناء المهر، وفي تركه دون غرم، فكذا هنا، وهي متقدم عن ابن حبيب. الصقلي والشيخ عن محمد عن ابن القاسم: لو كان أصدقها ثمن خمر على رجل، فأسلما قبل قبضه منها قبضه، والنكاح ثابت. عبد الملك: ولا يدخل بها حتى يعطيها ربع دينار، ولو كان أصدقها دينارين على رجل ثمن دينار؛ تبعت الغريم دينار فقط، وللزوج البناء، ولا شيء لها عليه، وكذا في الدراهم. قلت: ظاهره: وإن لم يعطها ربع دينار. قال: ولو كان أصدقها خمرًا بعضها مؤجل، فأسلما معًا، أو الزوج بعد البناء؛ فلا شيء لها، وقبله تتبعه من مهر المثل بقدر المؤجل منه مع المعجل. الصقلي: هذا على أصله في الموازية، وقول الغير في المدونة، وعلى قول ابن القاسم فيها يكون إنما ما قاله قبل البناء بعده وقبله؛ يخير في تركها دون غرم والبقاء بمهر المثل. قال عبد الملك: ولو قبضت قبل إسلامها الخمر، وبقيت الخنازير؛ رجعت من مهر المثل بقدر ما بقي بما لم تقبضه. وإسلامها وحدها قبل البناء فيه طرق: ابن حارث: اتفقوا إن أسلمت مجوسية قبل البناء على قطع عصمة زوجها عنها. زاد الصقلي: كان كتابيًا أو مجوسيًا، ولا رجعة له إن أسلم. عياض: هو ظاهر تفرقتها إن زوج كنافي ابنة الطفلة المكاني، ثم أسلم الأب، وهي صغيرة؛ فسخ نكاحها، ولو زوج مجوسي ابن الطفل مجوسية، ثم أسلم الأب وابنه صغير؛ عرض على زوجة الصبي الإسلام. اللخمي: اختلف إن أسلم عقب إسلامها نسقا قول: بانت منه. وقال ابن القاسم في العتبية: إن لم يسلم مكانه؛ قال: رجعة، واختلف في هذا

الأصل إذا أطلق ثلاثاً نسقاً قبل البناء: قيل: يلزم. وقيل: واحدة فقط، وإذا استثنى بنية محددة بعد تمام اليمين. قلت: مافي العتيبة هو سماعه. وعيسى: إن أسلمت امرأة نصراني قبل بنائه إن لم يبن مكانه؛ فلا رجعة له. ابن رشد: دليلها: أو أسلم مكانه بقي معها، وهو خلاف معلوم مذهب مالك وأصحابه أنه يفرق بينهما، ولو أسلم مكانه مالم يسلما معًا. الباجي: إن أسلما قبل البناء معًا مثل إن بنى معًا مسلمين. فقال في النوادر: هما على نكاحهما، وإن أسلمت دونه، فذكر ما في العتيبة وقال: ويتخرج على قول محمد: أن الفرقة واقعة بنفس إسلامها. قلت: فنقيض ما في العتيبة مبهم قائله عند اللخمي، ومعروف المذهب عن ابن رشد، ومخرج عند الباجي. وظاهر نقله: أن معه إسلامهما إنما هي في زمن إيتانهما مسلمين، لا في زمن وقوعه منهما، خلاف ظاهر قول ابن رشد. وللشيخ عن الموازية ما نصه: إن لم يبن بها؛ فبإسلامها تنقطع العصمة إلا أن يسلم معها يكون إسلامهما معًا. أبو عمر: في إسلام أحدهما ثلاثة: ابن القاسم: يعرض على الآخر الإسلام زوجًا كان أو زوجة إن أسلم، وإلا فرق بينهما. أشهب وأصبغ: إسلامه قطع للعصمة. وفيها: إن أسلمت؛ انقطعت، وإن أسلم؛ عرض عليها. وفيها: الفرقة بإسلام أحد الزوجين؛ فسخ بغير طلاق. اللخمي: اختلف إذا أسلم أحدهما: فقال ابن القاسم في العتبية: إن أسلمت قبل إسلامه، ولم يسلم مكانه؛ فلا رجعة له، وهي طلقة بائنة.

وفي الموازية: إن أسلم على مجوسية أو أمة كتابية فطلق؛ لزمه طلاقه. وقال أيضا: لا يلزمه. وقول مالك: لا يقع طلاق إذا أسلمت أحسن؛ لأن طلاق الكافر لغو، وإن أسلم وهي مجوسية؛ فلا طلاق؛ لأنه لم يطلق إنما فعلا فعلاً أوجب الفرقة؛ كملك الزوجة زوجها. ابن رشد: قوله في سماع عيسى هي طلقه بائنة خلاف قول مالك وأصحابه إلا قول ابن الماجشون: الفرقة بإسلام أحدهما فسخ بغير طلاق؛ وهو الصواب، وذكر دليل اللخمي كأنه لنفسه. وفيها: إن أسلمت بعد البناء، وزوجها كان لم يعرض عليه إسلام إن أسلم في عدتها؛ فهو على عصمته، وإلا بانت منه. ابن حارث: اتفاقًا. زاد في الموازية: للسنة. وفي موضع آخر: ولو كان عبدًا. وسمع أصبغ ابن القاسم: إسلامه رجعة دون إحداث رجعة. الشيخ والصقلي عن المختصر، واللخمي عن الموازية: لو خافت نصرانية أسلمت إسلام زوجها فأعطيته مالاً على أن لا يسلم حتى تنقضي عدتها، أو على أن لا رجعة له عليها، فهو أحق بها إن أسلم، ويرد ما أعطته. زاد الشيخ عن المختصر: لو كان شرط أبوها عليه إن أسلم، فأمرها بيدها أو بيده؛ فهو ساقط، وقول ابن عبد السلام: إطلاق ابن الحاجب لفظ العدة على زمن الانتظار؛ فجاز إنما هو استبرأ على المشهور يوهم اختصاص ابن الحاجب فهذا الإطلاق، وقد تقدم أنه نصها، وهو نص أكثر ألفاظها، ونص البراذغي والشيخ والصقلي وغيرهم. وفيها: طلاقه إياهما البتة قبل إسلامه لغو، ولو أسلم في عدتها. قلت: تقدم قولا المغيرة وعلى بخلافه. وفيها: إن أسلم على كتابية حرة؛ ثبت نكاحه، ولو بدار الحرب، أو كانت صغيرة زوجها منه أبوها، ولا خيار لها إن بلغت، ابن القاسم: ويكره وطؤه إياها بدار الحرب

بكراهة ملك نكاحه بدار الحرب؛ خوف أن يكون الولد على دين الأم. قلت: مفهوم قولها زوجها أبوها؛ لغو لما تقدم. ولو أسلم على مجوسية بعد بنائه إن أسلمت بقية زوجة، وإن أبت؛ ففي وقوع الصفقة حين إبايتها بعرضه عليها مدة أو ثلاثة ثالثها: إن أسلمت قبله. وفيها: شهرًا أو بعده بقيت زوجة، ورابعها: إن أسلمت في عدتهما؛ بقيت لرواية عياض عن الموازية، ثم الصقلي عن ابن القاسم، وعياض عن الموازية مع سماع أبي زيد، ثم الصقلي عن ابن القاسم، وعياض عن الموازية، مع سماع أبي زيد، وابن أبي زمنين، والصقلي عن أحد قولي أشهب. زاد الشيخ عن محمد عنه، وقال أيضًا: يعرض عليها الإسلام اليومين والثلاثة؛ حكاه بعض الشيخ لا أعرفه، وقد يتوهم وجوده في نقل الصقلي من لا يتأمله. قلت: لذا عزا الشيخ والصقلي والباجي والمتيطي وعبد الحميد الثاني لأبي زيد عن ابن القاسم، والذي وجدت في التبية في سماع أبي زيد ما نصه: لو أسلم رجل وامرأته غير كتابيه، فعرض عليها الإسلام، فأبت، ثم أسلمت بعد ذلك؛ لم يكن له رجعتها إلا بنكاح جديد. ابن رشد: هذا يبين قولها: إن الفرقة لا تقع بامتناعها من الإسلام إلا أن يعلم أكثر من شهر؛ إنما هو إذًا، فقيل: عن عرض الإسلام عليها. وفي رفع عصمته عنها بإسلامه دونها: وبنى بها لوقت امتناعها الإسلام أو طول تأخر إسلامها. ثالثها: مترفيه الثبوت بإسلامها، وأنها تكشف تقدم رفعها حين إسلامه. الصقلي عن أشهب وابن رشد عن ظاهر قول ابن القاسم، ونقله منوعًا عليه ما يذكر في ظهاره. ولو أسلم عليها قبل البناء؛ ففي كونها كذلك، ولزوم الفرقة حينئذ، فلا يعرض عليها الإسلام قولان لأخذ الصقلي من قول ابن القاسم فيها ذلك في أن الزوج الصغير المجوسي يسلم مع عياض عن نص ابن القاسم في الموازية، وروايته وعياض عن أشهب مع الصقلي عنه، وعن محمد، والشيخ عن أصبغ أيضًا.

وفيها: إن أسلم على المجوسية وقعت الفرقة إن عرض عليها الإسلام فأبت. ابن القاسم: أرى إن طال ذلك انقطعت، ولو أسلمت؛ قلت: ثم الطول، قال: لا أدري، والشهر وأكثر منه قليل. عياض: في بعض نصها: وأرى الشهرين، وتأولهما شيوخ إفريقية على الغفلة عن وقتها عمدة المدة لا على وقفها لها، وإن قول ابن القاسم كقول مالك: إن أبت الإسلام حين وقتها؛ فرق بينهما. قلت: في النوادر عن الموازية: إن أسلم؛ حرمت عليه امرأته المجوسية إلا أن يسلم، فإن وقفت، ولو تفعل وقته الفرقة، فإن لم يوقف حتى يمضي مثل الشهر عند ابن القاسم، فقال أبوإبراهيم: هذا بخلاف رواية الشهر والشهرين. اللخمي في الموازية: الشهران كثير. وقال محمد: إن عقل عنها شهرًا؛ فقد برئ منها. وقول ابن عبد السلام ما نصه: قيل: خارج المدونة أقل من الشهر ليس بكثير لا أعرفه نصًا ومنطوقه مفهوم ما نتقله أبو إبراهيم، وغير مناقض لما في المدونة؛ لأن ما فيها أخص منه، ومفهومه خلاف الروايتين. وللشيخ عن الموازية عن ابن القاسم: إن أسلم حر أو عبد على أمة نصرانية عرض عليها الإسلام إن أسلمت أو عتقت؛ ثبت نكاحها، وإلا فسخ بغير طلاقه، وإن عقل عن ذلك قدر الشهرين يرى منها. أشهب: لا ينفسخ حتى تنقضي العدة. ابن رشد: قول بعض القرويين: إنما يستخف في العقلة عنها الشهر على ما تقدم إن كان ذلك بعد البناء، وقبل البناء؛ إنما تبقى زوجة إن أسلمت بالقرب خلاف القياس؛ لأن العصمة قائمة، فأمر الله تعالى أن لا يمسك بها أما أن يحمل على الضرر أو على التراخي، وعليه حمله مالك، فخفف الشهر. قلت: إنما هو فيها لابن القاسم، وعلى قول ابن أبي زمنين وقول القرويين ظاهره، ولو انقضت عدتها بوضع؛ وهو مقتضى قول ابن رشد في أن عدم البناء والبناء سواء. وفي كتاب التجارة بأرض الأرض منها: إن أسلمت تحت نصراني، ولم يبن بها

وقربت غيبته؛ نظر السلطان حق به إسلامه قبلها وبعدها لغو، وإن بعدت؛ فسخ نكاحه دون طلاق، وما أن ينكح مكانها. وإن بنى وبعدت؛ اعتدت، فإن قدم وأسلم بعد عتقها؛ بانت منه، وقبلها أهو أحق بها ما لم يبن بها غيره كعقود. أبو عمر: لو ادعى أنه أسلم في عدتها؛ فعليه البينة إن أقامها؛ ثبت عليها، فإن نكحت؛ فأتت بالبناء. وفي قولها بالعقد روايتان: اللخمي عن ابن القاسم في التبية: لو قالت: حضنت بعد إسلامي ثلاث حيض، وقال زوجها: إنما أسلمت منذ عشرين ليلة؛ صدق، كمن أراد رجعة من قال: طلقتها أمس، وقالت: طلقني منذ شهرين، وحضت ثلاث حيض. اللخمي: لأن الأصل كفرها، وعدم طلاقها، ولو أقر بإسلامها لما تنقضي فيه عدتها، وقال: أسلمت قبلها، أو في عدتها وكذبته؛ لم يصدق. قلت: وكذا لو أصدقته قائلة: قد انقضت عدتي كدعواه الرجعة كذلك. ومسألة العتبية في نوازل أصبغ نصها: قال أصبغ: قال ابن القاسم ... إلى آخره. ابن رشد: قول أصبغ هذا إطلاق قوله في مبتاع عبد حدث به جذام فقال: العهدة باقية إنما ابتعته منذ ستة أشهر. قال البائع منذ عامين؛ صدق البائع، وهو خلاف إجماع أصحابنا في تمييز المدعي من المدعى عليه، ودعوى انقضاء العدة؛ كدعوى انقضاء العهدة، فيدخل قول كل منهما في الأخرى. وروى عنه عبد الأعلى كقول سحنون: القول قول المبتاع. وفيها: إن أسلمت قبل قدومها إلينا من دار الحرب أو بعده؛ فاستبراؤها ثلاث حيض إن أسلم زوجها فيها كان أملك بها إن أثبت أنها زوجته. اللخمي: إن أسلمت قبل هجرتها أو بعدها، ثم قدم من زعم أنها زوجته، وصدقته صدقًا. وقال ابن القاسم: إن أثبت أنها زوجته، وألغي إقرارهما وهما طارئان، ومعروف

قوله تصديق الطارئين دون بينة، لو طرأت امرأة، ثم من زعم أنها امرأته وصدقته صدقًا قد يحمل قوله على من هاجر من مكة؛ لأن أهلها كثير بالمدينة بخلاف غيرهم. ابن شاس: إن طلقت، ثم أسلمت؛ فلا نفقة لها مدة التخلف؛ لأن الامتناع منها، وظاهر قول ابن الحاجب: إن سبق إسلامه؛ سقط عنه نفقة ما بينهما؛ أنه ولو كان ما بينهما غفلة عن وقفها خلاف ظاهر المذهب حيث يحكم ببقائها، وخلاف مفهوم قول ابن شاس. وفي وجوب نفقة من أسلمت مدة عدتها على زوجها الكافر، سماع أصبغ ابن القاسم قائلاً: لأنه أحق بها ما دامت في العدة؛ كالمطلقة واحدة مع قول أصبغ: نزلت بالسلطان، فأرسل إلي فقضيت به. ونقل ابن محرز عنه: أفتيته به، وسماعه عيسى قائلاً: لأن أمرهما فسخ لا طلاق، والسنة لا نفقه في الفسخ إلا أن تكون حاملاً فعليه نفقتها. ابن أبي زمنين وابن رشد: سماع عيسى أظهر عند أهل النظر لما ذكر، ولأن النفقة إن وجبت للمتعة؛ فقد منعته منها بإسلامها، وإن وجبت للعصمة؛ سقطت أيضاً لارتفاعها بالفسخ، وكونه أحق بها إن أسلم في عدتها أمر لا يحمله القياس. قلت: يرد بمنع وقوع الفسخ بنفس الإسلام؛ ولذا لا يحكم به حينئذ؛ بل به منضمًا لانقضاء العدة دون إسلامه، ونقل ابن بشير الخلاف في السكنى كالنفقة لا أعرفه، ونصها مع غيرها: خلافه. وقول ابن الحاجب: إذا سبق؛ سقطت عنه نفقة ما بينهما، وإذا سبقت؛ فقولان يوهم أن القول بثبوتها مشروط بإسلامه، وليس كذلك حسبما مر في سماع أصبغ وعلته. وفيها إن أسلمت، وهما ذميان، ففرق بينهما، فرفعت حيضتها ألها السكنى في قول مالك؟ قال: نعم؛ لأنها حين أسلمت كان له عليها الرجعة إن أسلم في عدتها، ويتبعه ما في بطنها، وإنما حبست من أجله، ولقول مالك على من فسخ نكاحه ذات محرم بعد بنائه سكناها، وإن كان فسخًا دون طلاق ومسألتك أقوى. قلت: ظاهر تعليله بأن له الرجعة كسماع أصبغ، وظاهر ذكره السكنى دون النفقة كسماع عيسى.

ابن حارث: في كون عدة المجوسية تأبى الإسلام حيضة أو ثلاثًا؛ رواية أبي زيد عن ابن القاسم، وقول ابن ميسر. قلت: تقدم نحوه لابن رشد. وفيها: إن أسلم صبي عن ذمية أو مجوسية أتقع الفرقة بإسلامه في قول مالك؟. قال: لم أسمعه منه، ولا تقع بينهما إلا أن يحتلم، وهو مسلم إلا أن تسلم امرأته؛ لأنه لو ارتد عن إسلامه؛ لم أقتله، وفي رواياتها بـ: (أو)، أو بـ: (الواو) بدلها، ثالثها: سقوطهما لعياض عن ابن وضاح مع الأكثر، وفي نسخة لابن أبي زمنين، وأول نقله مع ابن لبابة. قال ابن اللباد مع فضل: الجواب عن المجوسية لا الذمية؛ لأنه عنها خطأ لصحة نكاح المسلم الكتابية. أبو عمران: بل هو عنهما، فالأولى حربية، والثانية ذمية. ابن لبابة وغير واحد: أو خطأ. وفيها: الولد الصغير يتبع أباه في الدين، وأداء الجزية إن أسلم أبوه بعد أن زوجهمجوسية عرض عليها الإسلام، ولو أقرهم صغارًا حتى بلغوا اثنتي عشرة سنة، وشبه ذلك، فأبوا الإسلام؛ لم يجبروا. وقال بعض الرواة: يجبرون وهم مسلمون، وهو أكثر مذاهب المدنيين، وإن كان الولد في إسلام الأب من أبناء اثني عشرة سنة أو ثلاث عشرة؛ ترك إلى بلوغه، إن بقي على دينه؛ لم يعرض له، وإن مات أبوه مسلمًا حينئذ؛ وقف إرثه على حاله حين بلوغه، ولو أسلم قبل احتلامه؛ وقف له؛ لأنه ليس بإسلام؛ إذ لو رجع إلى النصرانية أكره على الإسلام ولم يقتل. وقوله: لا أسلم إذا بلغت؛ لغو، ولابد من وقفه. وصفقة الإكراه، وتمام مسائل أولاد المرتد في كتابه إن شاء الله. وكما منع كفر غير الكتابية نكاحها منع وطأها. فيها: لا توطأ غير الكتابية بملك حتى تسلم بأن تشهد أن لا إله إلا الله أو تصلي، قيل: إن لم تحض، ومثلها يوطأ أو لا أيطؤها قبل أن تسلم؟.

قال: لا، إن عرفت الإسلام حتى يجبرها عليه. ابن محرز عن ابن الكاتب: الاحتياط عدم إباحتها بهذا الإسلام؛ لأنها لو رجعت عنه، لم تقتل، ولم تستحق به إرثًا، ولا تحرم به على زوج، وقد أنكر سحنون قول ابن القاسم هذا. ابن عبد الرحمن قوله: إن عقلت. قلت الإسلام لم يطأها، يدل على أنها إن تعقله؛ جاز أن يتلذذ بها، وهو دليل قول محمد: تجوز في عتق الرقاب. ابن بشير: هذا تعويل على دليل الخطاب، ولا يعول عليه في أقوال الفقهاء. قلت: هذا مجرد دعوى دليل نقيضها واضح، وأقوال الشيخ به معلومة، والحاصل: أن ابن القاسم اعتبر إسلام من عقل الإسلام من صغير في حيلة وطء الأمة المجوسية. وفي وجوب البيع به على المالك الكافر قال: لقول مالك: إن بلغ، فرجع عن الإسلام؛ أجبر عليه. وفي الصلاة عليه: إن مات وألغاه في إسلامه وتحته مجوسية قال: لأنه لو ارتد عن الإسلام قبل بلوغه؛ لم يقتل، وفي الإرث إلا أن يدوم أو يحدث حين بلوغه. قال: لأنه لو رجع لكفره؛ أكره على الإسلام ولم يقتل. وعزا ابن رشد في سماع أصبغ من كتاب الصلاة اعتبار إسلامه لمشهور قول ابن القاسم، ولغوه حتى يسلم بعد بلوغه لسحنون ولابن القاسم في ثالث نكاحها. قلت: الحاصل لابن القاسم ثالثها: في اعتباره ولغوه ثالثها: وقف إسلامه حسًا أو حكمًا بإسلام أبيه لما يكشف حاله عند بلوغه، والحق أنه اضطراب منه لا ما تقدم في الذبائح من تكلف فرق بالمقتضي والمانع، وكما ألغى سحنون إسلامه؛ ألغى ردته إن كان مسلمًا فارتد. قال عنه عبد الحميد: إن كان مسلمًا، فارتد فمات؛ ورثه ورثته المسلمون. وله في المجموعة: إن أسلمت الصغيرة؛ وقعت الفرقة بإسلامها بينها وبين زوجها الكافر، كما يباع الصغير على سيده الكافر بإسلامه بخلاف إسلامه وتحته مجوسية.

وقال ابن عبدوس: كيف تقع الفرقة بإسلامها دون إسلامه، وقاله التونسي. وقال ابن رشد: بقاؤها مسلمة تحت كافر ضرر عليها بخلاف عكسه، ومن أسلم على عشر نسوة أسلمن معه قبل بنائه بواحدة؛ اختار منهن أربعًا. ابن حارث: اتفاقًا. وفيها: ولو كن في عقد أو متأخرات. اللخمي: يلزم على قول أشهب: من تزوج في شركه امرأة، ولم يبن بها؛ حرمت على أبيه وابنه وعليه أمها، أن من تزوج أمًا وابنة أو أختين أو أكثر من أربع، ثم أسلم؛ أن يلزمه العقد الأول ويفسخ الثاني، وفي غرمه لمن ترك نصف مهرها أو منابها في قسم مهرين عليهن، ثالثها: لا غرم، لغير واحد عن ابن حبيب ومحمد: ولها بناءً على أن تعيينه كطلاقه أو اعتبار ما يلزمه لو ترك جميعهن، أو كون الفرقة فسخًا أو جبرًا. ابن رشد: الفرقة على الأخير بغير طلاق، وعلى غيره به، وعزا عياض لابن حبيب كونه بطلاق، وخرجه لابن القاسم من قوله فيمن أسلم على ذمية قبل البناء، ومهرها خمر أو خنزير، واختار تركها؛ أن فرقته بطلاق مع أنه مخير. قلت: يرد بأن موجب تركها في الخمر ليس إلا اختياره، وهنا الزيادة على الأربع وبأنه في الخمر أقرب للصحة؛ لأنه لو بنى بها صح، وفي مسألة العشر لا يصح. وفي صحة اختياره: لو كان مريضًا أو محرمًا، أو كانت المخير فيها أمة، وهو واجد للطول؛ لكونه كرجعة وامتناعه كابتداء؛ إشارة عبد الحميد لإجرائه على كون الفرقة فسخًا أو طلاقًا وفيه نظر، والأظهر الأول؛ لأنه ألغى فيه ركن النكاح أو شرطه، وهو رضى الزوجة والولي، فأحرى المانع، فلو مات، ولم يعين، فقال اللخمي على الأول: لهن سبعة مهور بالسوية بينهن ثلاثة الست متعلق الترك، وأربعة الأربعة متعلق البقاء، وعلى الأخرين أربعة مهور بالسوية بينهن. الصقلي: عن محمد: حظ إرث الزوجة بينهن بالسوية، ولمن لم يبن بها خمسا مهرها، ولمن بنى بها مهرها. الصقلي: لأن الواجب بموته أربعة مهور يقسم بينهن بالسوية، وبناء المبني بها موجب مهرها، واستشكل بأن الواجب عليه بموته أربعة مهور تستحق المبني بها

أحدها الباقي ثلاثة لتسع غير المبني بها بالسوية بينهن لكل واحدة ثلث مهرها، ويجاب بكون انحصار الوجوب في الأربعة؛ إنما هو لمجرد العقد، والزائد عليها؛ إنما هو لزائد عليه وهو بناؤه بالمبني بها. اللخمي: لو ثبتت أخوة من اختارهن فقال إسماعيل: إن طلق الحاكم عليه باقيهن؛ فله تمام الأربع منهن. ابن الماجشون: ما لم يتزوجن. ابن عبد الحكم: له ذلك ولو دخل بهن أزواجهن. اللخمي: يريد: والفرقة بمجرد اختياره غيرهن، ولم يوقع على البواقي طلاقًا، ولو أوقعه عليهن قبل البناء أو بعده، وانقضت عدتهن فات اختياره منهن. ابن عبد السلام: هذا يناقض نقلهم أن طلاقه بعضهن يعد اختيارًا، فعليه إذا طلق ستًا؛ لم يكن له التمسك بشيء من العشر. قلت: هذا بناءً على أن معنى كلام اللخمي أنه طلق ستًا، وتماسك بأربع، ثم ثبت أخوتهن، وليس كذلك؛ بل معناه اختار أربعًا، ثم قال: الست طوالق، وهو كلام هو في الظاهر لغو؛ لأنه طلقهن بعد وقوع فرقتهن باختياره غيرهن، فلو لم تثبت أخوة الأربع؛ اتضح بقاؤهن زوجات، فلما ثبتت أخوتهن؛ امتنع تكميله على واحدة منهن شيئًا من الست؛ لأنه بان إعمال طلاقه فيهن؛ لظهور حرمة اختياره ما زاد على الواحدة مما اختار، وفرض ابن حارث المسألة في ظهور كون الأربع ذوات محارم منه. الصقلي عن الشيخ: إن طلق منهن أربعًا غير معينات، أو كلهن قبل البناء؛ فلكل خمس مهرها، ولو طلق البتة واحدة مجهولة؛ بطل اختياره فيهن، ومعينة يوجب قصره على ثلاث. الصقلي: قوله في المجهولة على قول المصريين، وعلى قول المدنيين: لو تعيينها، ويكمل عليها ثلاثًا. قلت: كون الطلاق يوجب ما ذكر يبطل تعليل ابن بشير قول ابن حبيب بأن من خير بين شيئين؛ عد منتقلاً، وإلا أبطل اختياره، كما لو طلق منهن ستًا، ثم رأيت هذا التعقب لابن عبد السلام، وقد يجاب عنه بأنه إنما وجب كون المطلقة مختارة يجب عدها

في الأربع الواجبة له؛ لأن اختياره إياها تحقيقي وجودي؛ لأن قصده إياها بالطلاق الاختياري يدل على اختياره إياها بعصمة يتعلق بها طلاقه إياها، والمختارة للترك مع عد المخير منتقلاً اختيارها تقديري لا تحقيقي، ولا يجب من إيجاب أمر من حيث كونه محققًا شيئًا إيجابه إياه من حيث كونه مقدرًا كقول ولائها: من أعتق عبده عن امرأة للعبد حرة؛ فولاؤه لها بالسنة، ولا يفسخ نكاحه؛ لأنها لم تملكه، ولو كان ذلك بمال دفعته لسيد زوجها؛ فسخ نكاحه. وقال أشهب: لا يفسخ؛ لأنها لم تملكه، وفي المذهب: لها نظائر. ابن شاس: والاختيار بصريح اللفظ واضح، ومثله ما يستلزمه، كما لو طلق واحدة معينة، قاله ابن عبدوس: وكذا لو ظاهر أو آلي أو وطئ. قال: وقوله: فسخت نكاحها؛ إعلام بأنه لا يختارها. قلت: ومقدمات الوطء مثله لقول خيارها: نظره تلذذًا للأمة المشتراة بخيار اختيار، وفي كون الوطء اختيارًا بذاته، أو بشرط أن ينوي به ذلك نظر، وتفريق الصقلي بين شرطها في الرجعة، وعدمه في اختيار المشتراة بخيار؛ لأنه لو انقضى أمد العدة دون وطء بانت بخلاف أمد الخيار؛ يقوى شبهها بالمشتراة، والإيلاء إن كان مؤقتًا كقوله: والله لا أطؤها إلا بعد خمسة أشهر، أو إلا في بلد كذا؛ فواضح، وإلا ففيه نظر يحتمل الإلغاء؛ لأنه يكون في الأجنبية؛ فلا دلالة له على الزوجية والاعتبار؛ لأنه متمكن من إبقائها، ووطئها الأخص منه، فتخصيصه الامتناع عن الأخص دليل إرادته إثبات الأعم، وهو وجه دلالة الظهار لا ملزومية الظهار للزوجية؛ لأنه لا يعقله إلا فقيه مع شرط تقرر دلالة اللزوم باللزوم البين. وأجاب ابن عبد السلام بأن الإيلاء في العرف لا يكون إلا في زوجة. قال: بشرط تقرر العرف بذلك. قلت: لا يحتاج إلى تقرر العرف به؛ لأن العرف العام في استعمال أداة السلب إنما هو فيما يقبل المسلوب، وهو المعبر عنه عندهم بالعدم المقابل للملكة؛ كقولك: زيد لا يبصر لا فيما لا يقبله، وهو المعبر عنه عندهم بالسلب المقابل للإيجاب؛ كقولك: الحائط لا يبصر، فقوله: والله لا وطئتها؛ دليل جعله إياها قابلة لوطئه، ولا سيما مع كون النفي

مقسمًا عليه، ولا تقبله إلا بكونها زوجة له. ابن شاس: ولو أسلم على ثماني كتابيات، أسلم شطرهن، ومات قبل التعيين؛ فالمهر كما مر، ولا إرث لعدم تحقق إرثه أربع مسلمات؛ لاحتمال تركه إياهن، وكمن قال في زوجتيه: إحداهما طالق، ومات قبل التعيين، وإحداهما ذمية، ولو لم يختر حتى مات منهن ست؛ ففي تعيين الباقيات، وبقاء اختياره في الميتات قول ابن الحاج في نوازله محتجًا بأن ظاهر الحديث شرط خياره بحياتهن، ونقله عن بعض أصحابه من العدوة محتجًا بسفيه تزوج بغير إذن وصيه، فعلم بعد موت الزوجة؛ أنه مخير في إمضائه. ابن رشد: مثلها من تزوج أربع مراضع، فأرضعتهن امرأه؛ له اختيار واحدة منهن، ويجب فراق سائرهن، وفي كونه بطلاق قولان، وفي غرمه على الأول لكل منهن نصف مهرها، أو ثمنه قولا ابن حبيب ومحمد، وعلى الثاني: لا شيء عليه، ولو فارق جميعهن؛ فلكل ثمن مهرها اتفاقًا. قلت: يريد: والمرضعة أجنبية عنه لا توجب له نسبة من أرضعته؛ كامرأة أخيه ونحوها. اللخمي عن الشيخ: عدم غرمه لابن القاسم. زاد عبد الحق: في غير الموازية. قلت: هو نص رضاعها: لا صداق للصبية على الزوج، ولا على التي أرضعتها ولو تعمدت، وتؤدب المتعمدة. عبد الحق: قال ابن بكير: لا خيار له في المراضع؛ لثبوت أخوتهن، ويقال لمن خيره: إن لم يزل العقد بحاله؛ لزم ثبوته علا أختين، وإن انفسخ فيما زاد على الواحدة؛ لزم في غيرها، وإلا لزم الترجيح من غير مرجح. وذكر عبد الحق عن ابن الكاتب عن بعض أصحابنا البغداديين مثل ما قال ابن بكير قال: والفرق بين هذا وبين من أسلم على عشرة نسوة؛ أنه إذا اختار أربعًا، فكأنه لم يسلم إلا عليهن بخلاف متزوج المراضع. ابن الكاتب: وعلى هذا لو كن ثلاثًا أرضعتهن امرأة متعاقبات؛ ثبت على الأخيرة فقط؛ لأن أرضاعها الثانية صيرها مع الأولى أختين، ولو أرضعت واحدة، ثم الأخريين

معًا واحدة بثدي والأخرى بثدي؛ حرمن كلهن. قلت: قولها: من تزوج صغيرة بعد صغيرة، فأرضعتهما أجنبية؛ فليختر إحداهما، ويفارق الأخرى، ولا يفسد عقد نكاحها، كما فسد عقد متزوج الأختين في عقد لفساد العقد فيهما وصحته في هاتين إشارة لرد ما قال ابن بكير؛ لأن مجرد عقد كل نكاح منهما مغاير له من حيث اجتماعهما ضرورة أن الشيء في نفسه ليس كما هو مع غيره، فعقد كل منهما من حيث مجرد ذاته باق على حليته، ومن حيث اجتماعه مع الآخر محرم بما حدث من الأرضاع، فوجب إزالته بتركه إحداهما؛ كمالك رغيفين يكفيه أحدهما حضره من وجبت مواساته بأحدهما فورًا. وقول ابن بكير: يلزم الترجيح دون مرجح، يجاب بأن أراد في تعلق الحكم منع؛ لأنه متعلق بمتحد هو اجتماعهما أو الزائد على واحدة منهما، وإن أراد في تحصيل متعلق الحكم؛ رد بأنه بخيرة المكلف كالمواساة بأحد الرغيفين، وخصال الكفارات، وتماثل أقدار الزكوات، وقاعدة أصولية المخير فيه. قلت: ما ذكره ابن رشد من الملازمة بين كون الفرقة بطلاق والغرم عزاه عبد الحق للقابسي قال: وقال بعض شيوخنا على قول ابن القاسم: الفرقة بطلاق؛ لأن الزوج هو الذي اختار الفسخ فيمن أراد تركه منهن، وليس كل موضع تكون الفرقة فيه بطلاق؛ يكون فيه الغرم، وما ذكره من الاتفاق في فراق كلهن، قاله عبد الحق، وزاد أبو حفص: يلزمه في كل واحدة طلقة. قال: ولو اختار إحداهن وطلقها؛ كان عليه نصف المهر، ولا شيء للبواقي، ولا طلاق فيهن. قلت: ظاهره اتفاقًا، وليس كذلك لا فرق بين اختياره إحداهن دون طلاق أو مع طلاقها. عبد الحق والصقلي: لو مات قبل أن يختار؛ كان لهن مهر واحد بالسوية اتفاقًا. قلت: يريد: أن لكل واحدة ربع مهرها، ونقله ابن عبد السلام بزيادة: والإرث بينهن كذلك، ولم أجده، وجريه على الإرث فيمن أسلم على عشر واضح أو أحروي لأصالة صحة عقد المراضع.

اللخمي: وعلى غرم الزوج في رجوعه بما غرم على التي أرضعتهن قولان من قولي ابن القاسم وأشهب في غرم بينة بطلاق قبل البناء رجعت بعد الحكم به، والأول أحسن. قلت: عزا عبد الحق والصقلي الإجراء على قول ابن القاسم لابن الكاتب، وذكر اللخمي الغرم مطلقًا لا بقيد عمد التي أرضعتهن، وكلام ابن الكاتب مقيد به. وقال ابن عبد السلام: وصف العمد لغو؛ لأن الخطأ والعمد في موجبات الضمان سواء. قلت: إن أراد أن هذا هو المذهب في هذا الأصل المتكلم فيه؛ فليس كذلك. قال الصقلي عن سحنون: اختلف أصحابنا في رجوع البينة بعد الحكم؛ فقال بعضهم: إنما تغرم في العمد دون الخطأ، وقال بعضهم: وفي الخطأ. قلت: وهذا ظاهرها في كتاب السرقة، وتحقيق النقل إن كان الإتلاف مباشرة؛ فالعمد والخطأ سواء اتفاقً وإلا فقولان، ويرد تخريج اللخمي وابن الكاتب بأن سببية التي أرضعتهن للفراق بما هو مباح في ذاته؛ لأن إرضاع الآدميات مباح، والحكم بالفراق لأجله حكم بموجب حق، وفي البينة على العكس فيها؛ لأن قولها حرام؛ لأنه كذب مع المفسدة الناشئة عن تسببها في الحكم لكذب. قال اللخمي: وعلى عدم الحكم بغرمه يختلف في غرم التي أرضعتهن بناءً على تعليل سقوطه عن الزوج بأنه حيل بينه وبين مبيعه مع إبطالها حقًا كان للرضيعة أو تعليل سقوطه عن الزوج ببقاء المبيع بيد بائعه. قال ابن عبد السلام إثر كلام اللخمي هذا: وفي المدونة ما يدل على أن في هذا الأصل اختلافًا. في ثالث نكاحها: من بنى بأم تزوجها بعد ابنتها قبل بنائه بها؛ حرمتا عليه أبداً، ولا مهر للبنت، وإن كان الفسخ من قبله؛ لأنه لم يتعمده، فمفهومه لو تعمده غرمه. وفي رضاعها: لا غرم على عامدة إرضاع الصغيرتين. قلت: يريد: أنهما متناقضان، وليس كذلك؛ لأن عمد الزوج قارنه تهمته على إسقاط ما يجب عليه من نصف المهر لفراقها، وهذه التهمة منتفية في التي أرضعت.

وسمع عيسى ابن القاسم: من استلحق أمتيه بعد أن زوجهما من رجل؛ لحقا به وفسخ نكاح الأخيرة. عيسى: إن جهلت أو تزوجهما في عقد واحد؛ فسخا، وتزوج من شاء منهما بعد استبرائها. ابن رشد: ولمن بنى بها مهرها. قلت: ويعاقب أبوهما إن لم يعذر بجهل كحديث إسلامه، ولكا ذكر ابن الحاجب عدم الإرث فيمن أسلم على نسوة بعضهن ذميات قال: بخلاف من طلق إحدى زوجتيه، وهو نصها في الأيمان بالطلاق. قال ابن القاسم عن بعض أهل العلم: من بنى بإحدى زوجتيه دون الأخرى، وطلق إحداهما، وجهلت ومات قبل مضي العدة؛ للمبني بها مهرها، وثلاثة أرباع الإرث، وللأخرى ثلاثة أرباع مهرها، وربع الإرث. عياض: صح عن ابن أبان وأكثر الرواة قولها: ولو لم تعلم المطلقة، وسقط لابن وضاح، وقال: طرحه سحنون وهو صحيح في المختلطة. ابن خالد: هو جيد على مذهبهم؛ وإنما طرح سحنون من المختلطة قوله: فشك الشهود؛ لأن الشهادة كذا ساقطة إن قلت: في هذا وقبوله عياض نظر؛ إذ لا فرق بين (لم تعلم المطلقة) و (شك الشهود)؛ إذ لا يثبت طلاق إحداهما إلا بخبر غير مدع، والخبر به شهادة بطلاق معينة غير معينة للبينة، ومجموعهما يستلزم شك الشهود. قلت: لا يستلزمه لجواز أن تشهد البينة بطلاق معينة منهما عند الحاكم، ثم نسى عينها، وماتت البينة، أو شهدت البينة بقول الزوج مخبرًا: طلقت إحدى زوجتي فاطمة بنت، ومات قبل ذكر أبيها، وكلاهما مسمى بفاطمة، واستشكلها أبو حفص، ثم قال: لعله يريد أنهم شهدوا أنه قال: إحدى امرأتي طالق، ثم مات، ولم يقل: نويت هذه. قلت: فيه نظر؛ لأن مقتضى المذهب في فقد النية أصلاً أو وقوعًا كنسيانها في إحداهما طالق طلاقهما معًا. وسمع عيسى: ابن القاسم: من أوصى بثلاثة أفراس فقال: لفلان الفرس الفلاني وخيروا فلانًا في الباقيين، والباقي لفلان، فعمي عن الشهود الفرس المسمى؛ يعطى من

سمي له ثلث كل فرس. ابن رشد: أجاز شهادة البينة مع شكهم في الفرس المسمى مثل قوله في الأسدية من كتاب الأيمان بالطلاق فيمن طلق إحدى امرأتيه ولم تدر: لأن البينة شكت في أن المطلقة المبني بها أم الأخرى؟ مثل سماع أصبغ ابن وهب خلاف مشهور قول ابن القاسم. ووجه الصقلي وغيره قولها في المهر والإرث: بتسليم الوارث لغير المبني بها نصف مهرها، وتداعيا في الثاني فشطر، وبتسليمها للأخرى نصف الإرث، وتداعتا في باقيه فشطر. ابن القاسم: ولو مات بعد العدة، أو كان الطلاق ثلاثًا؛ فكما مر، والإرث بينهما بالسوية. الصقلي: بدعوى كل منهما. اللخمي: لو علمت المطلقة دون المبني بها؛ فللباقية ما كان للأخرى، والقضاء فيما تنازعتا فيه، أو إحديهما مع الوارث بعد أيمانهما، ومن نكل اختص الحالف بما نازعه فيه مهرًا وإرثًا. أبو حفص: إن ادعت علمها أن المطلقة المبني بها؛ حلفت على دعواها بتًا، والوارث على نقيضها بتًا إن ادعاه بتًا، فإن ادعت العلم والوارث الجهل؛ حلفت واستحقت كل المهر؛ لأن مدعي اليقين يقضي له على من لا علم له، فإن نكلت؛ حلف الوارث على عدم علمه، ولها نصف المهر فقط، ونكولهما جاهلين أو عالمين كحلفهما. اللخمي: ولو جهلت المطلقة والمبني بها؛ فكل ما كان لهما مهرًا وإرثا بينهما بالسوية، وعدة الوفاة على كل منهما علمت المطلقة، وجهلت المبني بها، أو بالعكس إن كان الطلاق رجعيًا، ولم تنقض العدة، فإن انقضت وعلمت المطلقة؛ فقد انقضت عدتها، وإن جهلت؛ فعليهما عدة الوفاة، فإن كان الطلاق ثلاثًا، وعلمت المطلقة؛ فعدتها ثلاث حيض من يوم الطلاق، وعلى الأخرى عدة الوفاة، وإن جهلت ومات قبل مضي ثلاث حيض؛ فعليهما عدة الوفاة؛ لاحتمال زوجية كل منهما على البدلية وثلاث حيض؛ لاحتمال مقابلها كذلك.

الصقلي: في كتاب ابن سحنون: لو كانت إحداهما بتفويض وجهلت، والمطلقة مجهولة؛ فللمبني بها نصف مسماها ومهر المثل. الصقلي: وللأخرى ثلاثة أثمان المسمى؛ لأن الواجب لها مسمى لها ثلاثة أرباع المهر لما مر، ثم احتمال كونها مفوضًا لها يسقطها فشطرت والإرث كما مر. قلت: ظاهره: أن هذا التوجيه للصقلي، وهو في النوادر لسحنون، وهو قائل المسألة بتمامها لابنه. قال: وفيه لو عرفت المسمىلها، وجهلت المبني بها؛ فالإرث بينهما، وللمسمى لها سبعة أثمان مهرها؛ لثبوت نصفه دائمًا، وباقيه في ثلاثة أحوال وسقوطه في حال. الصقلي: يثبت لها غير مطلقة مبنيًا بها وغير مبني بها، ومطلقة مبينًا بها لا مطلقة غير مبني بها. قال: لمن لم يسم لها نصف مهر مثلها؛ لأنه يثبت في حالين، ويسقط في حالين. الصقلي: يثبت لها مبنيًا بها مطلقة وغير مطلقة، لا غير مبني بها مطلقة وغير مطلقة، فإن جهلت المسمى لها أيضًا؛ كان مالهما -وهي معلومة- بينهما أيضًا، فإن كان نصف مهر هذه ثلاثين ونصف مهر هذه عشرين؛ فالخمسون مع سبعة أثمان المهر بينهما. قلت: هذا في جملة من نسخ الصقلي، والصواب ما في النوادر، ونصه: نصف الخمسين بينهما مع سبعة أثمان المسمى. قلت: يريد: ولكل منهما مما أقيم مقام مهر المثل ما يجب لها منه بقدر مهر مثلها؛ فلذات الأربعين عشرة، ولذات الستين خمسة عشر، ومن أسلم عن أم وابنتها، ولم يبن بواحدة منهما؛ ففي تخييره في إحداهما مطلقًا، ولزوم الأولى مطلقًا ثالثها: تحرم الأم وتثبت البنت، ورابعها: يفارقهما، ثم يتزوج البنت إن شاء، وخامسها: إن تزوجهما في عقد واحد، وإلا فارق الثانية فقط لها، ولتخريج اللخمي المذكور فيمن أسلم على عشر. والصقلي عن أشهب مع اللخمي عنه وعن مالك، والصقلي مع اللخمي عن الغير وعبد الحق عن بعض شيوخه عنه قائلاً: ولا يكون عنده أشد حالاً من المسلم إذا

فعل ذلك. قلت: يرد بأن معيتهما في إسلامه عليهما كمعيتهما في عقد. محمد: وذكر لنا عن أشهب: تحرم الأم بالعقد على البنت في الشرك، وتحرم على أبيه وابنه. وعنه: لو فارق زوجته في الشرك قبل أن يمسها، ثم نكحها أبوه أو ابنه، ثم فارقها أو مات عنها، ثم نكحها الأول، وأسلم عليها إن تلذذ بها الثاني؛ حرمت عليهما، وإلا فعلى الثاني فقط. وفيها: لو بنى بهما؛ حرمتا أبدًا، ولو بنى بإحداهما؛ ففي ثبوته عليها، وحرمتهما إن كانت الأم وإلا فارقهما، وتزوجها إن شاء مطلقًا، ثالثها: هذا إن كان تزوجهما في عقد، وإلا ثبت عليهما، ورابعها: إن كانت الأولى وإلا فارقهما لها وللغير فيها، والتخريج على نقل عبد الحق في الأولى، ومقتضى تخريج اللخمي لأشهب. وفيها: لابن القاسم: إن ترك البنت؛ لم يعجبني أن يتزوجها ابنه. قلت: ولا يناقضها قولها: إن تزوج مسلم أمًا وابنتها، ولم يبن بواحدة منهما؛ فارقهما، وتزوج من شاء منهما؛ لأن الإسلام عليهما أقرب للصحة لتخييره فيهما. وقول ابن الحاجب: لا يتزوج ابنه أو أبوه من فارقها؛ عام في الأم والبنت تركهما أو إحداهما، فإن أراد الكراهة؛ فهو ما تقدم، وظاهره الحرمة ولا أعرفه، ورده ابن عبد السلام بما تقدم عنها. وبنقل اللخمي عن محمد عن ابن القاسم وأشهب: إن مات كافر عن زوجة لم يمسها أو فارقها؛ لم تحرم على أبيه وابنه، وليس ذلك بنكاح حتى يسلم عليه. قلت: ومثله قولها: قيل: فذمي أو حربي تزوج امرأة، فماتت قبل أن يمسها، فتزوج أمها، ثم أسلما جميعًا؛ فلم يذكر جوابًا، وأتى بنظير يدل على جواز النكاح وثباته، وهو إسلام المجوسي على أم وابنتها. وفي الرد على ابن الحاجب بهذه المسألة ومسألة محمد تعقب؛ لأن ما أسلم عليه أقرب للصحة حسبما مر، فإن قلت: فالقياس المعبر عنه البراذغي (بقيل) إذاً أحروي فما وجه قوله: قيل؟.

قلت: لإيهام المساواة بين ما سئل عنه والنظير المقتضية كراهة نكاح ابنه أو أبيه من عقد عليها في الكفر، ومات أو طلق، وليس كذلك لما مر من الفرق بين عقد الكفر دون إسلام عليه ومعه، ورده أيضًا بأن قال: لو انتشرت حرمة المصاهرة بين المتروكة وأبيه وابنه بسبب العقد المتقجم؛ لانتشرت بينه وبين أم من تركها، واللازم باطل والملازمة ظاهرة، وفيه نظر. قلت: ما ذكره من دليل التلازم هو على مشهور المذهب من عدم حرمة الأم، فيكون نقل ابن الحاجب منافيًا للمشهور؛ لأن منافي اللازم مناف ملزومه، وفي قوله على هذا بعد قوله الملازمة ظاهرة نظر، نعم يمكن القدح في الملازمة بأن يقول: لا يلزم من حرمة المتروكة على أبيه وابنه حرمة أمها عليه؛ كحرمة المصاهرة في غير هذه الصورة؛ لأن موجب حرمتها على أبيه وابنه، وهو نفس وصف جواز بقائه على نكاحها بسابق عقده عملاً بالمناسبة، وهذا الوصف يمتنع إيجابه حرمة أمها عليه؛ لمنافاته لحرمة أمها عليه، وبيان منافاته لها أنه كلما حرمت أم المتروكة عليه؛ لزمه البقاء على نكاح المتروكة لصيرورته، كما لو أسلم عليها وحدها لمتقدم نقل اللخمي عن المذهب: أن من أسلم على من يصح نكاحه إياها؛ كان نكاحه لازمًا؛ كعقد صحيح الإسلام، فكلما حرمت أم المتروكة؛ لزمه البقاء عليها، فلزوم البقاء عليها لازم حرمة أمها عليها؛ لكن جواز البقاء على المتروكة ينافي وجوبه ضرورة منافاة الجواز الوجوب، فجواز البقاء على المتروكة ينتفي لازم تحريم أمها عليها، ومنافي لازم الشيء مناف له، فجواز البقاء على المتروكة ينافي حرمة أمها، ومنافي الشيء يمتنع كونه موجبًا له. وفيها عقب ذكر تخيير من أسلم على عشر: وكذلك الأمر في الأختين. المتيطي: عن أبي الفرج عن ابن الماجشون: يفسخ نكاحها. قلت: فيلزمه في العشر، ولم يقله لمتقدم قوله في العشر: إن بان كون الأربع أخوات اختار من الست، وجري قول ابن بكير وابن الكاتب في المراضع واضح في الأختين، وكون إسلام المجوسي كغيره واضح، ذكره ابن الحاجب بعد ما تقدم كتكرار. وإسلام الحربي على كتابية تقدم. الإحرام: يحرم على المحرم نكاحه وإنكاحه ويوجب فسخه.

أبو عمر: في تأبيد حرمتها عليه؛ كالنكاح في العدة روايتان، المشهور الثانية. الباجي: وسفارته في النكاح ممنوعة إن سفر فيه وعقده غيره، أو سفره فيه لنفسه، وأكمل عقده بعد التحلل؛ فلم أر فيه نصًا، وأرى أنه أساء ولا يفسخ، ويتخرج على قول أصحابنا فيمن خطب في العدة، وعقد بعدها القولان. قلت: المنع في العدة أشد. قال: وإن خطب في عقد النكاح، وعقد غيره، فكما مر. وروى أشهب: إساءة من حضر العقد. وقال أشهب: لا شيء عليه. وفي الموطأ والموازية والجلاب: له رجعة امرأته في العدة. أبو عمر: اتفاقًا من فقهاء الأمصار. الباجي: روي عن أحمد: منعها. ابن عبد السلام: لا يبعد تخريجه في المذهب من حرمتها، ووجوب الإشهاد على رجعتها. قلت: الاتفاق على ثبوت الإرث بينهما ينفيه، وحرمتها لا ترتفع برجعتها؛ بل حرمة الإحرام أشد؛ لعدم القدرة على رفعها. الجلاب وأبو عمر: وله شراء الجواري. ابن عبد السلام: لا يبعد منعه على ما مال إليه بعض شيوخ المذهب فيمن تراد للفراش: أنها فراش بنفس العقد. قلت: يرد بأن مظنة وقوع الوطء في الزوجة أقوى لحقها فيه، وهو مظنة الطلب والطلب مظنة الإجابة، وبأن النكاح خاص بالوطء، وإليه أشار في الجلاب بقوله: لأنه لا ينكح إلا من يحل له وطؤها، ويجوز أن يملك من لا يحل له وطؤها. قلت: وبقوة فراش الزوجة؛ لأنه لا ينفى ولدها إلا بلعان بخلاف الأمة العلية. الشيخ عن ابن حبيب عن مالك وأصحابه: يفسخ نكاحه ولو طال، وولدت

الأولاد في فسخه بطلاق روايتان، اختار ابن الماجشون الأولى للخلاف فيه. قلت: الثانية: سماع عيسى ابن القاسم. ابن رشد: هي إحدى قولي مالك فيها، واختاره سحنون، وهو القياس على أصل المذهب أنه نكاح لا يجوز، وما لا يجوز لا ينعقد، فكان الأولى أن يكون فسخًا؛ إذ لا يفسخ إلا ما عقد، واختار ابن القاسم كونه بطلاق. قلت: الأظهر: الأولى: إن كان بعد تلذذ ينشر الحرمة. الشيخ عن محمد: روى ابن القاسم: من نكح بعد رمي جمرة العقبة قبل الإضافة؛ فسخ بغير طلاق، ثم قال: بطلاق، وقاله ابن القاسم: ومن أفاض ونسي الركعتين، فإن نكح بالقرب؛ فسخ بطلقة، وإن تباعد؛ جاز نكاحه. ونقله ابن رشد وقال: القرب بحيث يمكنه أن يرجع، فيبتدئ طوافه، ولو تزوج بالقرب، فلم يعلم بذلك حتى بعد جدًا على الخلاف فيمن تزوج مريضًا، فلم يعلم بذلك حتى صح، ولا يدخل هذا الخلاف فيمن تزوج محرمًا، فلم يعلم بذلك حتى حل، حكى الفرق بين الموضعين أبو إسحاق. الشيخ عن محمد: لو نسي الإضافة، وطاف للوداع، وخرج وأبعد، ثم نكح؛ جاز نكاحه لإجزاء طواف وداعه. وسمع ابن القاسم: من وطئت قبل الإضافة؛ عليها العمرة والهدي، فإن تزوجت؛ فسخ نكاحها حتى تعتمر وتهدي، ثم تتزوج، فإن كان بنى بها؛ لم يتزوجها حتى يستبرئها بثلاث حيض. ابن رشد: جعلها كمن تزوجت قبل بلوغها بلدها قبل تمام إضافتها وهو بعيد؛ لأن هذه باقية على إحرامها، والتي وطئت قبل الإضافة حلت بإضافتها، وعليها الهدي فقط في قول جل العلماء، ورأى مالك: عليها العمرة مع الهدي بإحرام جديد؛ فهي قبله

حلال، وإلا لما ارتدفت عليها العمرة، فإنها نكحت، وهي حلال؛ فلا يفسخ نكاحها، ويلزم على فسخه جزاء ما قتلت من صيد وهو بعيد. قلت: لعله يلزمه. قال: وفي الموازية: إن تزوجت ودخلت، وقد نسيت بعض إفاضتها؛ فسخ نكاحها، ولها المسمى وتعتد بثلاث حيض، وترجع على إحرامها؛ لتمام إفاضتها، وتعتمر وتهدي، فإن تزوجها في الثلاث حيض؛ حرمت عليه أبدًا، وتوقف محمد في حرمتها عليه لا في حرمتها على غيره إن تزوجها فيها. قلت: وجه فسخ نكاحها أن إيجاب العمرة في هذا الأصل؛ إنما هو ليأتي المفسد بطواف في إحرام لا فساد فيه يتمم حجه؛ كأنه متصل به حكمًا. وفي الجلاب والكافي: لا يتزوج المحرم، ولا يتزوج حلالاً حتى يفيض. قلت: يريدان: ويركع أو يطول حسبما مر. قالا: وفي العمرة حتى تسعى. قلت: هذا هو الواجب، والمستحب حتى يحلق أو يقصر؛ كلبس المخيط في الرجل. في الموازية: إن أمر حلال من يزوجه، فزوجه بعد إحرامه؛ فسخ. قلت: الأظهر إن كانت الزوجة ببلد بعيد عن الزوج بحيث ينقضي إحرامه قبل الاجتماع بها عادة جوازه، وعدم فسخه. والمرض: اللخمي: غير المخوف أو أول طويله؛ كالسل والجذام كصحة، ومخوف أشرف من به على الموت يمنع نكاحه ومخوف غيرهما. قلت: في جواز نكاح من به مطلقًا أو لضرورة؛ كحاجته لمن يقوم به أو ممن لا ترثه أمة أو متابية، رابعها: هذا إن كان المهر ربع دينار أو حمله غيره، وخامسها: أو بإذن وارثه، وسادسها: منعه مطلقًا للخمي عن مطرف، ورواية ابن المنذر وأبي مصعب واختياريه والمشهور. قلت: لم أجد في سنن ابن المنذر عن مالك إلا المنع. الشيخ عن محمد: اتفق مالك وأصحابه على فسخه ما لم يصح، وعلى المشهور في

صحته بصحته اختيار ابن القاسم رجوع مالك لصحته عن فسخه. قال: وأمرني بمحوه، وسمع أشهب: فسخه. العتبي: واختارع سحنون، وقال أصبغ: لم أزل أقوله، وقاله أشهب، ورواه ابن وهب، وليست رواية ابن القاسم بشيء. ابن رشد: الأظهر ما اختاره ابن القاسم؛ لأن منعه إنما هو خوف موته، وقد بان عدمه، وقياسه على نكاح المحرم، ووقت نداء الجمعة؛ يرد بأن المنع فيهما لنفس الإحرام والوقت لا لأمر بان عدمه. وقول اللخمي: يحسن الخلاف إن علما أن حكمه سقوط الإرث والمهر في الثلث ميل لصحته إن جهلا ذلك. قال: وعلى صحته بصحته إن علم به في مرضه، ففي فسخه ملطقًا أو قبل البناء ثالثها: فسخه استحباب لمحمد وابن كنانة وابن القصار وهو أحسنها. قلت: فيضاف للستة سابعها. ابن حارث: اتفقوا على أنه لا يجوز نكاح المريض، ولو أذن ورثته فيه؛ لاحتمال إرثه غيرهم، ولو شهدت بينة بنكاحه صحيحًا، وبينة به مريضًا مرض المنع، ففي تقديم بينة المرض أو الصحة ثالثها: تهاتر ترجح التي هي أعدل لابن حريز عن أبي القاسم بن خلف الجيري مع مفهوم قول ابن زرب وأصبغ بن سعيد وعبد الرحمن بن أحمد بن بقي بن مخلد. وفيها مع غيرها: إن فسخ قبل البناء؛ فلا مهر. وبعده قال اللخمي: إن كانت هي المريضة؛ فلها المسمى من رأس ماله، وإن كان مريضًا؛ ففي استحقاقها المسمى، أو مهر المثل نقلا ابن محرز عن عبد الملك مع رواية القرينين، والصقلي عن رواية الموازية، وعبد الحق عن ابن حبيب، وعن سحنون عن ابن القاسم مع ابن محرز عن محمد وابن عبدوس. وفي ثاني نكاحها: إن دخل؛ فمهرها في ثلثه. زاد في الأيمان بالطلاق: إن زاد على مهر مثلها؛ سقط ما زاد.

عياض: فسرها أبو عمران بالأقل منهما في رواية ابن باز وابن خالد. قال سحنون: غلط ابن القاسم في هذه الرواية، وقاله ابن القاسم في ثاني نكاحها. قال أبو عمران: إنما تعلق يعني سحنون بقوله: لها صداقها؛ ففهم منه المسمى، واختلف قول ابن القاسم فيه، وفي كون المهر في الثلث أو رأس ماله ثالثها: هذا في ربع دينار لمعروف المذهب مع قول عبد الحق في بعض تعاليق أبي عمران: أجمع عليه أصحابنا والقابسي عن المغيرة، واختياره مع قول عبد الحق: هذا الذي حفظت من شيوخنا، وهو حسن؛ إذ لا يستباح بضع بأقل منه، وكالسيد يفسخ نكاح عبده بعد بنائه يترك لزوجته ربع دينار، والسيد أحرى من الورثة. وقال أبو عمران: لا أدري من أين نقل القابسي عن المغيرة؟ الذي رأيت في كتاب المغيرة أنه من الثلث. عبد الحق عن ابن حبيب: ويدخل فيما لم يعلم به. الصائغ عن عبد الملك: كل المسمى في الثلث مبدأ، وفي الأيمان بالطلاق منها لها مهر المثل مبدأ على الوصايا. ابن القاسم: الوصايا العتق وغيره. الصقلي: روى محمد: لا يبدأ عليه إلا مدبر الصحة، وقال مرة: ولا مدبر الصحة، وليس بشيء، ولسحنون عن ابن القاسم: إن زاد المسمى على المثل؛ بدئ مهر المثل على الوصايا، وعلى مدبر الصحة، وسقط الزائد، وقيل: يحاصص به الوصايا. الصقلي: من منع توارثهما أثبت الزائد؛ لأنه وصية لغير وارث، ومن أثبت إرثها منه أسقطه؛ لأنه وصية لوارث. قلت: هذا نص منه بوجود القول بإرثها منه، وظاهر قول ابن رشد في سماع

القرينين الاتفاق على أنها لا ترثه، سمعا: من نكح وهو مريض، فماتت لا يرثها، كيف يرثها ولا ترثه؟. ابن رشد: قوله: لا يرثها؛ إنما يأتي على قول سحنون: ما غلبا على فسخه لا إرث فيه؛ لأن بموتها انتفت علة فساده، وتعليله بأنها لا ترثه غير بين؛ إذ قد يطرأ على النكاح ما يمنع إرث أحدهما دون الآخر، كمن خالع في مرضه ترثه ولا يرثها. قلت: اقتصاره على تعليله بهذا دون منع الحكم الذي به علل، وهو قوله: لا ترثه؛ دليل على عدم ثبوت خلافه عنده، ونقضه بخلع المريض يرد بأنه لعارض عرض لنكاح صحيح، ونكاح المريض فاسد بأصله. وللتونسي: وأطنه في شرح الموازية تعقب قول ابن القاسم بأن المهر إن عد كثمن فمن رأس المال وإلا سقط؛ لأنه عطية قصد أنها من رأس المال فتبطل. قال ابن عبد السلام: أجيب بأن الزائد كذلك فيبطل، ومهر المثل من حيث كونه عوضًا كثمن، ومن حيث كونه لا عن عوض مالي كعطية، فتوسط فيه بجعل من الثلث. قلت: في قول التونسي: وإلا سقط؛ لأنه عطية قصد أنها من رأس المال، فتبطل وقبوله ابن عبد السلام نظر؛ لأن قصد كونها من رأس المال إن كان قبض؛ فالفرض عدمه، وإن كان بمجرد قعله في المرض، أو المعاوضة عليه بغير مالي، فظاهر المذهب أن مجرد ذلك لا يوجب القصد من رأس المال لقولها في السلم الثالث: محاباة المريض في بيعه وشرائه في ثلثه، ومثله في أول عتقها: من اتباع في مرضه عبدًا بمحاباة فأعتقه؛ العتق مبدى على محاباته، لأنه وصية، ونحوه في الوصايا الأول والحبس، وغير موضع واحد منها ومن غيرها. محمد: لو أصدقها في مرضه جاريه فماتت بيدها؛ لم تضمنها. ابن محرز: لأنه إن بنى بها، فهي مهرها وإلا ضمنتها ضمان المهر المستحق بالبناء، وما تستحقه به إن هلك؛ لم تضمنه إن طلقها، فكذا في الفسخ؛ لثبوت كونها مهرًا إن بنى بخلاف مهر الغرر؛ لأنها لا تستحقه بالبناء الواجب لها به مهر المثل، هذا على أن الواجب

باب الخنثى

في نكاح المريض المسمى، وعلى وجود مهر المثل فيه تضمن ما زادت قيمتها عليه. [باب الخنثى] والخنثى: من له فرج الذكر والأنثى، إن وجد دليل تخصيصه بأحدهما، فواضح وإلا فمشكل. قال ابن حبيب وغير واحد: لا ينكح ولا ينكح. ابن المنذر عن الشافعي: ينكح بأيهما شاء، ثم لا ينتقل عن ما اختار، وفي ثاني نكاحها: ما اجترأنا على سؤال مالك عنه. عبد الحق عن بعض شيوخه: أول من حكم فيه عامر بن الظرب في الجاهلية نزلت به قضية سهر ليلة، فقالت له خادمه سخيلة راعية غنمه: ما أسهرك يا سيدي؟ قال: لا تسأليني عما لا علم لك به، ليس هذا من رعي الغنم، فذهبت، ثم عادت، وأعادت السؤال، فأعاد جوابه، فراجعته وقالت: لعل عندي مخرجًا، فأخبرها بما نزل به من أمر الخنثى، فقالت: أتبع الحكم المبال، ففرح وزال غمه. زاد المتيطي: وكان الحكم إليه في الجاهلية، فاحتكموا إليه في ميراث خنثى، فلما أخبرته بذلك؛ حكم به. الجوهري: الظرب بالظاء المعجمة، وكسر الراء، واحد الظراب، وهي الزوايا الصغار، منه عامر بن الظرب العدواني أحد فرسان العرب. عبد الحق وغيره: ثم حكم به في الإسلام علي بن أبي طالب ضي الله عنه. اللخمي عن ابن القاسم: إن بال من ذكره فغلام، وإن بال من فرجه؛ فجارية؛ لأن النسل من محل البول وفيه الوطء. اللخمي: قوله: المراعى ما يكون منه الولد صحيح. وقوله: مخرج البول غير صحيح؛ لأن مخرجه غير مخرج الحيض الذي هو مخرج

الولد ومحل الوطء. قلت: وتمام ذكر خواص أحد الصنفين ذكرته في مختصر الحوفية. اللخمي عن ابن حبيب: ويحكم فيه بالأحوط في صلاته واستتاره، وشهادته يتأخر عن صفوف الرجال، ويتقدم على النساء. عبد الحق: لا يطأ ولا يوطأ. وقيل: يطأ أمته. قال: وفي بعض تعاليق أبي عمران عن ابن أخي هشام: إن مات اشترى له خادم تغسله. قال: وقيل: إن زنى بذكره؛ لم يحد؛ لأنه كأصبع وبفرجه يحد. المتيطي: في حده إن ولد من فرجه قولا بعضهم وأكثرهم لحديث: ((ادرؤوا الحدود بالشبهات))، واختاره بعض الموثقين: نزلت بجيان، فاختلف فيها فقهاؤها، فأفتى ابن أيمن وغيره بنفي الحد، ووضع الخنثى ابنًا، ومات من نفاسه. قلت: فيتحصل في حده ثالثها: إن ولد، وينبغي أن يتفق عليه؛ لأن ولادته من فرجه دليل أنوثته، ومفهوم أقوالهم: أنه إن زنى بذكره؛ لم يحد، ورأيت في بعض التعاليق عن ابن عبد الحكم: من وطئ خنثى غصبًا؛ حد. زاد الشعبي عن بعض أهل العلم: وعليه نصف المهر. قلت: هذا على قول الأقل، وعلى قول الأكثر وابن أيمن: لا يحد إلا أن يقال إشكاله كصغر الأنثى يحد واطؤها، ولا تحد، وفيه نظر. قلت: والأظهر إن زنى بذكره وفرجه؛ حد اتفاقًا، وحد قاذفه يجري على حده، وفي نوازل الشعبي عن بعض أهل العلم: في قطع ذكره نصف ديته، ونصف حكومة. قال: وصفة جسه أن يستر فرجه، ويجس الرجال ذكره، ويستر ويجس النساء فرجه، ثم قال: ولو ادعى مشتري رأس من الرقيق أنه خنثى غطى فرجه، ونظر الرجال ذكره، وغطى ذكره، ونظر النساء فرجه.

قلت: وكذا في دعوى أنه خنثى بعد نكاحه على أنه رجل أو امرأة، ونزلت بتونس ففسخ نكاحها، وفي نظر الرجال لذكره والنساء لفرجه على القول بالنظر لفرج الرجل، والمرأة في العيب احتمال؛ لاحتمال الفرق بتحقق ذكورية الرجل وأنوثة المرأة، وفي كون الواجب له إن غزا ربع سهم أو نصفه. نقل الصقلي عن المذهب مع قول عبد الحق: ذكر لأبي عمران: أن بعض الناس قال: له ربع سهم؛ لأن له في حال سهمًا، وفي حال لا شيء له. وابن عبد الحكم في بعض التعاليق مع نقل الشعبي عن بعض أهل العلم موجهًا له بما وجه الأول قوله: ولم يعرف جل شيوخ شوخنا غير الأول. قال بعضهم: جرت مسألته في كتاب الجهاد بدرس الشيخ الفقيه الصالح أبي محمد الزواوي فقال جل الطلبة: له نصف سهم، فقال منهم الشيخ الفقيه الصالح الورع أبو علي القروي: له ربع سهم، فدعا له الشيخ قال: فمن يومئذ صلاحه، وورعه يتضاعف. أخبرني وغيري والدي: أنه رأى سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم في النوم في رؤية صالحة ذات تثبت منها. قال: قلت له: يا سيدي رسول الله فلان من أهل الجنة؟ -يعني بعض فقهاء عصره- قال: وسميته باسمه. قال: قال لي: عمر القروي وأحمد السقطي من أهل الجنة، فأعدت عليه مرتين أخريين يجيبني في كلتيهما بجوابه الأول. وأبو العباس السقطي كان مؤدبًا بتونس عليه قرأ والدي وشيخنا ابن عبد السلام، وجماعة من الصالحين، أخبرني بعضهم بمشاهدته صدور الكرامة منه. وفي بعض التعاليق: يحتاط في الحج لا يحج إلا مع ذي محرم، لا مع جماعة رجال فقط ولا مع نساء فقط. قلت: إلا أن يكن جواريه أو ذوات محارمه، وفيه، ويلبس ما تلبسه المرأة ويفتدي. قلت: ظاهره: يلبس ما تلبسه المرأة ابتداءً، والأظهر أن ذلك فيما يجب على المرأة ستره، وفي غيره لا يفعله ابتداءً، فلا يلبس المخيط إلا لحاجة، وفيه يسجن وحده لا مع رجال ولا مع نساء، وإن مات ولا محرم معه ولا مال له؛ اشتري له من بيت المال أمة

تغسله، وتعتق وولاؤها للمسلمين. قلت: مقتضى الاحتياط أنه كرجل مع نساء، وفي الأمة من بيت المال نظر؛ إذ لا مالك له فيها، فلو كان لورثتها عنه وارثه أو بيت المال؛ فلا موجب لعتقها. وعيب أحد الزوجين جاهلاً به الآخر، ولا رضي به يوجب خياره، والتصريح بالرضا واضح، ودليله مثله. أبو عمر: تلذذه بها عالمًا به رضىً، وفي تمكينها إياه عالمةً بعيبه رضىً. قلت: ومتقدم دليل اختيار من أسلم على عشر يدل عليه، وفي الطلاق والإيلاء نظر، ودليل اختيار الأمة في الخيار بما يتأتى منه في الزوجة رضىً منه. الجنون: في خيارها يتلوم للمجنون سنة ينفق على امرأته فيها، فإن لم يبرأ؛ فرق بينهما. وفي ثاني نكاحها: إن حدث به بعد نكاحه؛ عزل عنها، وأجل سنة لعلاجه. قلت: ظاهر سماع زونان رواية ابن وهب: إن لم يؤمن عليها حبس في حديد أو غيره أنه لا يخرج من منزلها؛ ولذا قال الباجي إثر قول مالك: يحبس في حديد أو غيره إن خيف عليها من ذلك؛ فرق بينهما في السنة عندي. الباجي: الصرع أو الوسواس المذهب للعقل. رواه محمد: قال: وقال مالك: يؤجل الموسوس سنة. قلت: نحوه سماع زونان ابن وهب: المعتوه والمطبق، ومن يختنق مرة بعد مرة سواء، ومثله في سماع عيسى ابن القاسم. ابن رشد: سماع يحيى ابن القاسم: يؤجل سنة؛ جن قبل بنائه أو بعده؛ تفسير لسماع سحنون ولها. وفي لغو جنون من أمن أذاه زوجته ثالثها: إن حدث بعد البناء، لابن رشد عن سماع زونان أشهب مع ابن وهب، وسماع عيسى قول ابن القاسم مع روايته، وقول اللخمي: اختلف إن حدث بعد البناء. قال مالك: إن لم يخف عليها منه في خلواته؛ ألغي. وقال أشهب: إن لم يخف منه؛ ألغي، وإن كان لا يفيق؛ يريد: إن احتاج إليها، وإلا

فرق بينهما؛ لأن بقاءها ضرر عليها دون منفعة، ولك يحك ابن رشد غير الأولين. الباجي: أشار ابن حبيب لإلغاء ما حدث بعد العقد قال: لو ظهر بمن تزوج صغيرًا حمق مطبق، فأرادت زوجته أو ولي الصغيرة؛ فسخ نكاحه وقالت: كان جنونه قديمًا ظهر بالبلوغ هذا لا يعرف، وهو على الحدوث. وجذام الرجل قبل عقده عيب إن كان بينًا، ولو لم يتفاحش. ابن رشد: اتفاقًا، وفي كون ما حدث بعده كذلك كذلك، أو إن كان متفاحشًا تغض الأبصار دونه ثالثها: لا يفرق بما حدث بعد البناء حتى يتفاحش. لابن رشد عن ابن القاسم قائلاً فيها: إن رجي برؤه؛ لم يفرق بينهما إلا بعد أجله سنة لعلاجه، وسماع زونان أشهب وقول اللخمي: إن حدث بعد الدخول فرق من كثيره لا من قليله لاطلاعه عليها. وسمع زونان ابن وهب: إن شك في كونه جذامًا؛ لم يفرق به. ابن رشد: إن رضيت بالبقاء، ثم أرادت الفراق؛ ففي كون ذلك لها ثالثها: إن زاد عما به رضيت، لسماع زونان قول أشهب في المتفاحش على أصله، ودليل قول ابن وهب في سماع زونان: يفرق بينهما، وإن لم يكن مؤذيًا؛ لأنه لا يؤمن زيادته، وسماع عيسى ابن القاسم. قلت: إن أراد بالأول قصره على المتفاحش؛ فواضح، وإن عممه فيه، وفي غيره بناءً على مدرك القول دون عين القول؛ وهو أن مطلق الرضى بالشيء لا يستلزم الرضا به دائمًا، ورد بأن دوام الأشق أشق من دوام المشق؛ يرد الثاني بأن تعليل اعتبار غير المؤذي بعدم أمن زيادته لا يدل على أن الرضى به رضىً بزيادته، ولو كان الرضى بقابل الزيادة رضىً به ماتصور اختلاف قولي ابن القاسم وأشهب. قلت: فيمن ابتاع أمة ذات ورم برؤيتها به، فلما قبضها قال: زاد، وأكذبه بائعها. وسمع عيسى ابن القاسم: من زوج أمته من عبده، فتجذم رفع السيد ذلك للسلطان، فهو الذي يفرق بينهما إن كان جذامًا بينًا، ويثبت بما به يثبت البرص، وفي منع شديد الجذام وطئه إماءه سماع عيسى ابن القاسم قائلاً: إن كان فيه ضرر، ونقل العتبي عن سحنون.

باب الجب

ابن رشد: الأول أظهر؛ لأنه ضرر بهن. قال عمر رضي الله عنه لمجذومة تطوف بالبيت: يا أمة الله لا تؤذي الناس لو جلست ببيتك، فجلست. قلت: هو أثر الموطأ: وفيه زيادة. وبرصه: فيه طرق: اللخمي: في الرد به ثالثها: بما قبل العقد مطلقًا وبما بعده إن تفاحشا لرواية ابن القاسم: يرد به قبل العقد؛ يريد: ولو قل، ورواية أشهب وقول ابن حبيب. الباجي: إن غرها به؛ ففي خيارها به روايتا القاضي بالأول. قال ابن القاسم وابن عبد الحكم: وهو الصحيح، ولو حدث بعد العقد؛ ففي لغوه، ولو كان شديدًا قول ابن القاسم مع مالك وسماع عيسى ابن القاسم: إن كان فيه ضرر لا يصبر عليه؛ خيرت. ابن رشد: ما قبل العقد شديدًا يفرق به اتفاقًا، وفي يسيره سماع ابن القاسم، وسماعهعيسى مع محمد عن رواية أشهب وبعده يسيره لغو اتفاقًا، وفي شديده أو كثيره نقل محمد رواية علي وسماع ابن القاسم. ابن زرقون مثله، وعزا الأخير لابن القاسم، وغيره لا لسماعه. وقول ابن عبد السلام: قال ابن رشد وتبعه غير واحد: إن كان شديدًا؛ خيرت اتفاقًا، وفي اليسير اختلاف، خلاف ما تقدم لابن رشد. المتيطي: يعرف الجذام والبرص بالرؤية ما لم يكن بالعورة، فيصدق الرجل فيهما. قال بعض الموثقين: حكى بعض شيوخنا: نظر الرجال إليه كالنساء إلى المرأة. المتيطي: ويؤجلان سنة لعلاج زوال عيبهما إن رجي. [باب الجب] وعيب فرج الرجل الجب.

باب الخصي

عياض: المجبوب المقطوع كل ما هنالك. قلت: ولا يرد بقولها: إن كان مجبوب الذكر قائم الخصي؛ لأن المفسر المطلق غير مضاف. ] باب الخصي [ والخصي: عياض: هو زوال الأنثيين قطعًا أو سلاً. ابن حبيب: وذكره أو بعضه قائم، ويطلقه الفقهاء على مقطوع أحدهما. ] باب العنين [ والعنة: حاصل نقل عياض والباجي وقول القاضي: أن العنين ذو ذكر لا يمكن به جماع لشدة صغره، أو دوام استرخائه. الباجي عن ابن حبيب: العنين من لا ينتشر ذكره، ولا ينقبض، ولا ينبسط. ] باب الحصور [ قال: وانفرد بذكر الحصور، وفسره بمن خلق دون ذكر، أو بذكر صغير كالزر لا يمكن به وطء، وجعله القاضي من مسمى العنين. قلت: يرد قوله: (انفرد به) بقول الشيخ في النوادر: روى أبو زيد في الحصور: له مثل الثؤلولة أنه كالخصي لا يؤجل، وتطلق عليه مكانه، يعني إن طلبته، وقال سحنون. اللخمي: قطع الحشفة كقطع الذكر، وفي كون قطع الأنثيين دون الذكر كقطعه قولا مالك وسحنون، وهو الصواب كعقيم.

باب الاعتراض

] باب الاعتراض [ والاعتراض: التلقين: المعترض من هو بصفة من يطأ ولا يطأ، وربما كان بعد وطء، ومن امرأة دون أخرى. الصقلي أصحابنا: يسمونه عنينًا. قلت: كذا جعله الجلاب. وفي ثاني نكاحها: العنين الذي يؤجل هو المعترض عن امرأته، وإن أصاب غيرها، فالثلاثة الأول إن ثبت أحدها بإقراره؛ لزمه. قلت: إن كان بالغًا وإلا فكمنكر دعواه زوجته عليه. الباجي والشيخ عن ابن حبيب في الحصور والمقطوع ذكره وأنثياه، أو أحدهما: إن أنكر أنه كذلك؛ جس من فوق ثوب. الباجي: عندي إذا كان غير مصدق، وجوزنا نظر النساء للفرج؛ جاز أن ينظره الشهود، وهو أبين، وأبعد مما يكره من اللمس، ويحظر منه. قلت: المراد بالجس بظاهر اليد، وأصله أقرب للإباحة من النظر. أبو عمر: أجمعوا على مس الرجل فرج حليلته، وفي نظره إليه خلاف تقدم، وثبوت أحدهما يوجب خيارها دون تأجيل، نقله الشيخ عن الواضحة، والباجي والمتيطي عن المذهب وهو ظاهرها. ابن حارث: اختلف في العنين وصفته وهل يؤجل؟. فقال ابن القاسم فيها: يؤجل العنين سنة، ولم يفسر صفته. وقال إبراهيم بن باز: قال لي سحنون: إنما يؤجل المعترض، أما العنين الذي ذكره كخرقة؛ فلا؛ بل يفرق بينه وبينها في الحال، وقاله ابن حبيب أيضًا. قالت: قولها: قلت: إن قال الزوج العنين: قد جامعتها؛ يدل على أنه المعترض. والاعتراض إن أقر به فواضح، وإن أنكر دعواه زوجته؛ صدق. المتيطي: في المدونة: بيمين، كذا نقله ابن محرز واللخمي، ونحوه لمحمد عن ابن

القاسم عن مالك. وقاله ابن الماجشون، وابن عبد الحكم، وأصبغ وابن حبيب، ولمحمد بن عبد الملك عن مالك: لا يمين عليه، ونحوه لمالك في الواضحة، وقاله القاضي. وروى ابن وهب: يدين في الثيب، وينظر النساء للبكر، إن كانت قائمة البكارة؛ صدقت وإلا صدق. وروى الواقدي: لا يصدق في الثيب، ويجعل معها امرأة تنظر إذا غشيها الزوج، وأجاز امرأة واحدة. قلت: روايتا ابن وهب والواقدي ذكرهما اللخمي. وقال: لا أري أن يدين، ويتعرف صدقه في البكر بما تقدم، والثيب إن قالت: إنه لا ينتشر؛ نظر إليه من فوق الثوب. وإن قالت: ينتشر فإذا دنا منها ذهب؛ طلب دليل صدقه بما روى الواقدي أو بالصفرة. الباجي: روى الوليد بن مسلم: يخلى معها بالباب امرأتان، فإذا فرغ نظرتا فرجها، فإن كان به مني؛ صدق وإلا كذب. قلت: فالأقوال ستة: قبول قوله بيمين ودونها، وروايات ابن وهب، والواقدي، والوليد، واختيار اللخمي. المتيطي: نزلت بالمدينة والحسن بن زيد بن الحسين بن علي رضي الله عنه أميرها وقاضيها استعدته امرأة يقال لها أم سعيدة على زوج ابنتها، وزعمت أنه لم يصبها منذ تزوجها وأكذبها، فأرسل الحسن إلى مالك، وعبد العزيز بن أبي سلمة، وابن أبي ذئب، وابن شبرمة، ومحمد بن عمران الطلحي، وكان من قضاة المدينة، فبدأ باستشارة القرشيين، فقال اب أبي ذئب: يخلى وإياها، وتجلس عدلتان خارجًا عنهما، فإن خرج

عليهما بكرسفة فيها نطفة؛ فالقول قوله، وإلا فالقول قولها. وقال ابن شبرمة: يلطخ ذكره بزعفران، ثم يرسل عليها، فإذا فرغ نظرها عدلتان إن وجدتا أثر الزعفران بداخل فرجها بحيث لا يكون إلا بمسيس؛ فالقول قوله، وإن لم تجداه؛ فالقول قولها. وقال محمد بن عمران: يخلى وإياها، ثم يجعل عدلتان معها، فإن اغتسلت؛ فالقول قوله، وإن تركت الغسل للصلاة؛ فالقول قولها، ولا تتهم أن تدع دينها لفراق زوجها، ثم سأل الحسن مالكًا وعبد العزيز فقالا: القول قوله دون يمين؛ لأنه مما ائتمن الله عليه الرجال كما ائتمن النساء في أرحامهن. المتيطي: وعلى أنه لا ينظر إليها النساء لو أتت بامرأتين شهدتا أنها عذراء، فقال ابن حبيب عن الأخوين وابن عبد الحكم: لا تقبل شهادتهما؛ لأنها تؤول إلى الفراق. ومن ثبت اعتراضه؛ فيها مع غيرها: يؤجل سنة لعلاجه؛ يريد: (إن لم يكن وطئها)؛ لقولها في الإيلاء مع غيرها: من وطئ امرأته، ثم حدث ما منعه الوطء؛ لا قول لامرأته، ولما ذكره اللخمي عن المذهب قال: ويتخرج مقالها من قول مالك فيمن قطع ذكره بعد إصابته. وابتداء السنة: روىمحمد: من يوم ترفعه. الباجي: تحقيقه من يوم الحكم؛ إذ قد يطول زمن إثباته، ولو كان ذا مرض أو عرض له؛ ففيه طرق: الباجي: ليحيى عن ابن القاسم: إن رفعته مريضًا؛ لم يؤجل حتى يصح. قلت: هو سماعه في كتاب العدة بزيادة: وإن رفعته صحيحًا، فلما أجله مرض؛ لم يزد في أجله لمرضه. ابن رشد: هذا إن صح أكثر السنة، أو كان مرضًا يقدر معه على معالجة الوطء، ولو مرض بحدث تأجيله مرضًا شديدًا لا حراك له به، ولا قوة معه على الإلمام بأهله حتى تم الأجل؛ لا نبغى أن يزاد في أجله بقدر مرضه. اللخمي: إن مرض بعد تأجيله؛ فلابن القاسم تطلق عليه لتمام السنة، ولو عمها مرضه.

أصبغ: إن عمها استأنف سنة. ابن الماجشون: إن مضى بعضها وهو مريض؛ لم تطلق لتمامها، وأرى إن عمها أو نصفها الأول استأنفها. الباجي: لمحمد وعيسى عن ابن القاسم: لو قطع ذكره في الأجل؛ عجل طلاقه قبل تمامه. وعن أشهب وعبد الملك وأصبغ وغيرهم: لا قول لها. قلت: زاد الشيخ: قال ابن حبيب عن ابن الماجشون فيمن قطع ذكره قبل البناء مثل قول ابن القاسم، وفي كون أجل ذي رق سنة أو نصفها؛ نقل الباجي رواية القاضي مع اللخمي عن ابن الجهم، وروايتها مع نقل أبي عمر عن مالك وأصحابه. المتيطي: به الحكم، ولو ادعى وطأة فيها وصدقته؛ بقيت زوجة، وإن أكذبته؛ صدق بيمين. المتيطي عن اللخمي: قولاً واحدًا. وقال الباجي: هذا المشهور، وتبعه ابن زرقون لقوله: ادعى ذلك قبل إقراره بالاعتراض أو بعده. وقال ابن حبيب: إن ادعاه قبله؛ فلا يمين عليه، وهو خلاف قبول المتيطي نقل اللخمي: يحلف قولًا واحدًا، ثم قال الباجي: وروى الوليد ... فذكر روايته المتقدمة. قال: ونزلت هذه المسألة بالمدينة ... فذكر ما تقدم من القصة، وسؤال الأمير من ذكر، وهذا يقتضي أن القصة فيمن ادعى الإصابة بعد الأجل، وكذا ذكرها ابن فتوح، والنازلة المذكورة إنما ذكرها غيرهما فيمن لم يؤجل، وأنكر ما ادعي عليه من العلة، وكذا هي في النوادر، وهو ظاهر لفظ المدونة. قال الباجي: وعندي أنه إذا أقر بتعذر وطئه، ثم ادعاه، فلو لم يكن موكولاً لأمانته؛ لوجب أن يكون القول قولها. قلت: إن أراد موكولاً لأمانته مع يمينه؛ فهذا هو قول مالك، وكل المذهب عند اللخمي، وإن أراد دون يمين؛ فمنع الملازمة واضح؛ بل اللازم حينئذ كون القول قوله بيمين لرجحانه بأصل السلامة، ودوام العصمة.

الشيخ عن محمد عن ابن القاسم: إن أكذبته في دعوى الإصابة؛ صدق بيمينه في البكر والثيب، وذكر لي أن مالكًا نحى إليه، فإن نكل؛ حلفت، فإن نكلت؛ بقيت زوجة. وقال عبد الملك: وروى ابن حبيب: أنه لا يحلف إلا بعد ضرب الأجل إن ادعى الإصابة، فإن نكل؛ طلق عليه عند تمام الأجل، ولو سألته اليمين قبل تمامه، فأبى، ثم حل الأجل فقال: أصبت؛ فله أن يحلف، فإن نكل الآن؛ طلق عليه، ولو قال بعد الطلاق في العدة: أنا أحلف؛ لم يقبل منه. قلت: ظاهرة: أنه بنفس نكوله عند تمام الأجل؛ يطلق عليه، ومثله للمتيطي عن أبي عمر ورواية ابن حبيب قال: وقال غيره: إن نكل؛ حلفت وفرق بينهما. وفيها: قلت: إن قال الزوج العنين: أصبتها؛ فأكذبته. قال: سألت مالكًا عنها، فقال: نزلت هذه ببلدنا، فأرسل إلي فيها الأمير، فما دريت ما أقول، ناس يقولون: يجعل معها النساء، وناس يقولون: يجعل في قلبها الصفرة، فما أدرى ما أقول. قال ابن القاسم: إلا أني رأيت وجه قوله: أن يدين الزوج ويحلف، وسمعته منه غير مرة وهو رأيي. قلت: قوله في المدونة: أرسل إلي الأمير إلخ خلاف نقل المتيطي وغيره: جوابه للأمير حسبما مر، فإذا ثبت عدم إصابته بعد الأجل، فقال الشيخ عن ابن حبيب: إن طلبت فراقه؛ لم يكن لها أن تفارق، لكن يطلق عليه السلطان. الباجي: حكم الطلاق أن يؤمر الزوج به، فيوقع منه ما شاء، فإن لم يفعل؛ حكم به عليه. المتيطي: في كون الطلاق بالعيب؛ للإمام يوقعه أو يفوضه إليها قولان للمشهور وأبي زيد عن ابن القاسم. ابن سهل: في كون الطلاق بعدم النفقة أو غيره إن أباه الزوج للحاكم أو المرأة قولا أبي القاسم ابن سراج محتجًا بدلالة الكتاب والسنة على كون الطلاق للرجال والعدة للنساء، فإن تعذر إيقاعه الزوج؛ أوقعه الحاكم لا المرأة، وابن عتاب محتجًا

برواية أبي زيد عن ابن القاسم: من اعترض فأجل سنة، فلما تمت قالت: لا تطلقوني أنا أتركه لأجل آخر؛ فلها ذلك، ثم تطلق متى شاءت بغير سلطان، وكذا من حلف ليقضين فلانًا حقه، فوقف بعد أربعة أشهر، فقالت امرأته: أنظره شهرين؛ فلها ذلك، ثم تطلق متى شاءت بغير أمر سلطان. وبقول ابن القاسم فيها: من قال لامرأته: إن وطئتك، فأنت طالق ثلاثًا؛ الطلاق للمرأة إن أحبت، وصوبه ابن مالك وابن سهل محتجًا بسماع عيسى ابن القاسم: من تزوج على أنه حر، فإذا هو عبد؛ لها أن تختار قبل أن ترفع إلى السلطان، ما طلقت به نفسها جاز عليه. قلت: سماع أبي زيد هو في كتاب العدة، ولم يتعرض ابن رشد لما أخذ منه ابن عتاب. وزاد قول أصبغ: بعد أن يحلف ما تركته مسقطة حقها أبدًا، وهو بعيد؛ لأن قولها: إلى أجل كذا؛ بين في نكاحها على حقها عند الأجل، إنما اختلف إذا تركته بعد وجوب القضاء لها لتمام شهر أو شهرين، ثم أرادت أن تطلق وقالت: إنما أقمت متلومة عليه؛ فروى ابن القاسم: لها ذلك، واختلف قوله في يمينها على ذلك. وسمع يحيى ابن وهب، وعبد الملك أشهب: لا قيام لها. وسماع عيسى هو في النكاح، وفيه: وأما الذي تجذم؛ فلا خيار لها حتى ترفعه إلى السلطان، فإذا رفعته؛ لم يفوض لها في طلاقه ما شاءت، فإن أرادت فراقه؛ فرق السلطان بينهما بواحدة إذا أيس من برئه، وكذا المجنون إلا أن المجنون يضرب له سنة. ابن رشد: قوله: لامرأته أن تختار قبل الرفع؛ يريد: أنها إن فعلت؛ جاز ذلك إن أقر الزوج بغروره، وإن نازعها؛ فليس لها أن تختار إلا بحكم، وهو معنى قول المدونة: إن رضي الزوج بذلك، ورضيت المرأة، وإلا فرق بينهما إن أبى الزوج إن اختارت فراقه، وليس ما فيها خلافًا لما هنا؛ إذ لا معنى لاشتراط رضى الزوج بالفرقة إن أقر بغروره، وإن اختارت نفسها وهو منكر، فرفع ذلك للسلطان وثبت غروره؛ مضى الطلاق. وطلاق العيب واحدة بائنة، ولو كان بعد البناء حيث تصور. وسمع يحيى ابن القاسم: إن طلقت امرأة المجنون نفسها لتمام أجله؛ فهي

طلقة بائنة. ابن رشد: هذا معلوم المذهب؛ لأن كل طلاق يحكم به الإمام؛ فهو بائن، إلا المولى والمعسر بالنفقة. وقال التونسي: تطليق الإمام على المجنون والمجذوم والمبروص رجعي، والإرث بينهما قائم في العدة، ومن صح من دائه؛ فله الرجعة، وقوله صحيح إلا أنه خلاف المعلوم من المذهب، وهو نحو سماع عيسى ابن القاسم في الأمة تختار نفسها، فيموت زوجها في عدتها: ترجع لعدة الوفاة. التونسي: وانظر إن أجل قبل البناء هل لها نفقة إن دعته للبناء مع امتناعها من ذلك لجنونه كالمعسر بالمهر يؤمر بالنفقة مع امتناعها منه لعدم قدرته على دفع المهر؟. ابن رشد: الظاهر أن لا نفقة لها؛ لأنها منعته نفسها بسبب لا يقدر على دفعه، وفي المهر يتهم على كتمه مالاً. قلت: وفي قوله: المبروص؛ نظر، وصوابه الأبرص أو المبرص. قال الجوهري: برص الرجل؛ فهو أبرص وأبرصه الله. وسمع يحيى ابن القاسم: لو أجل صحيحًا، فحل أجله مريضًا أمضى حكم السلطان فيه، ولا يزاد في أجله لمرضه. الشيخ عن الموازية: إن حل أجل العنين وهو مريض أو مسجون، أو هي مريضة أو حائض؛ ففي تعجيل الفرقة وانتظاره قولا ابن القاسم وعبد الملك. محمد: وهو أحب إلي إلا أن يقر أنه لا يصيب. قلت: إنما يتوجه الاستثناء؛ لكونه مريضًا أو مسجونًا، وإلا لزم زيادة قدر المرض والجيض بعد رفعها. وظاهر الرواية: تعجيل الطلاق بنفس زوال المانع. وفي آخر لعانها: إن حل أجل تلوم المعسر بالنفقة أو العنين وغيره والمرأة حائض؛ فلا تطلق حتى تطهر. وفيها: إن علمت حين تزوجته أنه مجبوب أو خصي أو عنين لا يأتي النساء أصلاً؛ فلا قول لها، وإن علمت بعد العقد، وأمكنته من نفسها؛ فلا قول لامرأة الخصي

والمجبوب، والعنين لها رفعه ويؤجل سنة؛ لأنها تقول: تركته رجاء برئه. وسمع يحيى ابن القاسم: امرأة المعترض إن تزوجته بعد فراقها إياه بعد تأجيله، فقامت بوقفه لاعتراضه؛ فلها ذلك إن أقامت في ابتنائه الثاني قدر عذرها في اختيارها له، وقطع رجائها إن بان عذرها بأن يكون يطأ غيرها، وإنما اعترض عنها، فتقول: رجوت برءه. ابن رشد: هذه على معنى ما في المدونة، ومثل ما حكى ابن حبيب: إن صبرت امرأة المعترض، فإن بدا لها بحدثان رضاها لشر وقع بينهما؛ فلا قول لها، وإن بدا لها بعد زمان وقالت: رجوت عدم تماديه؛ فذلك لها، وكذا تقول في هذه المسألة: إنما تزوجته لرجاء أنه برئ بالعلاج، فتصدق فيما ادعته، ويكون لها الفراق بعد السنة إن لم يكن قيامها بحدثان دخوله بها لشر وقع، كما قال ابن حبيب: يريد: بعد يمينها إن ادعى الزوج عليها؛ أنها أرادت فراقه لأمر وقع بينهما لا للمعنى الذي قامت به. قلت: قول ابن حبيب حكاه الشيخ في نوادره بلفظ: (لأمر) بدل (لشر)، وزاد: وإن صبرت امرأة عنين أو حصور عليه؛ فلا قيام لها. اللخمي: إن علمت بعيبه المرجو ذهابه بعلاج، فقال مالك: لها القيام، والأشبه نفيه؛ لعلمها بعيب مشكوك في زوالة؛ كمن اشترى عبدًا بعيب مشكوك في زوالة؛ لا رد له بعدمه. قلت: يرد بأن هيب الزوج أشق لعجزها عن فراقه، ومبتاع العبد قادر على بيعه. قال: وأرى فيمن تزوجته بعد طلاقها إياه لاعتراضه أن لا قول لها، ولو رضيت بالمقام معه بعد مضي سنة أجله، ولم يصب؛ ففي قبول صحة قيامها عليه دون أجل مطلقًا، أو إن كان بعد زمان. قالت: رجوت عدم تماديه فيه قولا ابن القاسم قائلًا في العتبية: تطلق عليه، وإن لم ترفع للسلطان. وابن حبيب: والقياس سقوط مقالها، وفي المهر في طلاق العيب طرق. الشيخ عن ابن حبيب: إن طلق لعيب لاطلاعها عليه قبل بنائه؛ فلا مهر لها في خصي ولا مجبوب ولا عنين ولا حصور؛ إذ لا أجل في ذلك، وكذا المجنون بعد السنة.

وفي "الكافي": إن فارقته قبل بنائه لعيبه؛ فلا شيء لها إلا في العنين فقط؛ لأنه غرها. ونقل المتيطي وابن فتوح كالشيخ: ولاطلاعها عليه بعد البناء لها المهر في المجنون والأبرص والخصي القائم الذكر أو بعضه لا في المجبوب الممسوح، والحصور في الذكر كالزر، وسمع أصبغ ابن القاسم: من فرق بينه وبين امرأته لتجذمه قبل البناء؛ لا شيء عليه كنصرانية أسلمت قبل البناء. ابن رشد: لأنه مغلوب على الفراق، وسمع سحنون ابن القاسم وروايته: من فرق بينه وبين امرأته لجنونه قبل بنائه؛ لا شيء عليه من مهره ولعسره بالنفقة أو المهر تتبعه بنصفه. ابن رشد: لتهمته على إخفاء ماله، ولابن نافع: لا شيء عليه كالمجنون؛ لأن الفرقة من قبلها، وهو القياس، والمعترض في استحقاقها المهر بطلاقه؛ لتمام أجله مطلقًا، أو إن أجل بحدثان دخوله؛ فلها نصفه ثالثها: إن أجل بحدثانه؛ فله نصف ما يجد عندها من مهرها، ويسقط ما أبلت، وتطيبت منه لا ما أفسدت وأنفقت. للشيخ عن ابن حبيب مع محمد وابن القاسم ورواية أشهب أولاً، وروايته ثانيًا مع قول ابن عبد الحكم. قال: ولابن حبيب: إن طلق طوعًا بعد ثمانية أشهر؛ لزمه المهر، وبعد ستة أشهر نصفه، وكذا امرأة العنين والحصور والمجبوب، ولهن في وفاته المهر والإرث. وفيها: لمالك جميعه إن أقام معها سنة؛ لأنه تلوم له وطال زمانه معها، وتغير صنيعها، وخلقت ثيابها. ولأبي عمران في هذا المفهوم كلام في باب تكميل المهر. الباجي: إن فرق بين المعترض وامرأته بعد الأجل؛ فلمحمد عن رواية أشهب: إن أجل بقرب البناء؛ فلها نصف المهر، وقاله ابن عبد الحكم. ولمالك: لها جميعه، وقاله ابن القاسم. ابن زرقون: لابن القصار: لها نصفه، ولو طالت إقامته معها. ابن كنانة: لها جميعه بإرخاء الستر والخلوة، وإن لم يمسها؛ فتأتي الأقوال أربعة. قلت: في إجراء قول ابن كنانة في الخصي والحصور والعنين نظر بناءً على أن العلة

باب عيب المرأة في النكاح

عنده مجرد تمكينها نفسها، أو هو مع كونه بصفة من يطأ، وبساطة العلة أرجح من تركيبها عند تساوي احتمالها، وقول ابن عبد الحكم في نقل الشيخ خامس. المتيطي: بناؤه حين تأجيله كتأجيله قربه. وروى ابن القاسم وابن نافع كأشهب، وبقول ابن القاسم الحكم. اللخمي: فيمن عجز عن الإصابة أربعة: لمالك فيها لها نصفه إلا أن يطول استمتاعه بها سنة كامرأة العنين. وفي الموازية: إن أجل العنين قرب دخوله بنصفه، وإن طال مكثه قبل تأجيله؛ فجميعه. ابن أبي سلمة: لها نصفه ولو طال مقامه. وروى ابن القصار: لها جميعه بعجزه، ولو لم يطل، وأرى لها نصفه، وتعاض من تمتعه بها كان المهر عبدًا أو ثوبًا، ولا تضمنه إن هلك، ولا ما نقص بانتفاع به إن كان شورة أو عينًا اشتريت بها. وروى المدنيون: إن طال مكثه، وخلقت ثيابها، ورث المتاع؛ كان لها جميعه. وفيها: يجوز ضرب ولاة المياه، وصاحب الشرطة الأجل للعنين والمعترض. ] باب عيب المرأة في النكاح [ وعيب المأة: فيها: ترد من الجنون والجذام والبرص وداء الفرج. اللخمي: ترد بالجنون، وإن كان صرعًا في بعض الأوقات، وفي المبسوط لمالك: إن كانت لا تجن إلا عند الوطء حال السلطان بينها وبين زوجها. ابن شعبان: ولا يلزمه طلاق إن أحب المقام؛ يريد: ولو لم يصب، فإن لم يكف عنها؛ طلقت عليه. قلت: إلا أن يرضى بأن يخرج عنها دون طلاق. الجذام: المتيطي واللخمي والباجي: ترد منه ولو قل. وفي مختصر ما ليس في المختصر: يرد النكاح للجذام؛ لأنه يخشى حدوثه بالآخر، ولأنه لا تطيب نفس الواطئ، وقلما سلم ولدها، وإن سلم كان في نسله.

اللخمي: يلزم عليه رد النكاح بأن أحد الأبوين كان كذلك؛ لأنه يخشى أن يظهر في ولد المتزوج الآن أو ولد ولده، ورأيته في امرأة بنت أجذم، ولم يظهر فيها، وظهر في عدد من ولدها. قلت: يرد إلزامه بأن الضرر في الأصل؛ وهو المجذوم أشد منه في المقيس؛ لأنه فيه بعض ما في الأصل؛ لصدق كل ضرر في ولد الأجذم فيه، وليس كل ضرر فيه في ولده. والبرص: سمع ابن القاسم: ترد منه، لا أحد فيه قليلاً من كثير. قلت: أخبرنا بعض الناس أنك لا ترد من قليله؛ فأنكره. ابن القاسم: إن تبين قليله؛ ردت به إن لم أردها به، ثم تفاحش أدخلت عليه ضررًا، وسمعت أنه يزداد لو تيقن الناس في يسير منه عدم زيادته ما رددتها؛ لكنه لا يعرف؛ فلذا رأيت أن ترد. ابن رشد: إن كان كثيرًا أو يسيرًا لا تؤمن زيادته؛ ردت باتفاق، وإن أمنت زيادة يسيرة؛ فباختلاف. قلت: ونحوه للخمي، وقول ابن القاسم: لا يعرف، قد يعرف كامرأة بنت أربعين ظهر بها برص يسير ثبت كونه بها من صغرها، ولم يزد شيئًا. الباجي عن اب حبيب: ترد بفاحش القرع؛ لأنه من معنى الجذام والبرص، ولم أره لغيره من أصحابنا، وظاهر المذهب خلافه وأنه كالجرب، ولفظ المتيطي عنه: ترد من القرع؛ لأنه يستر باللفافة والخمار. قال فضل: هذا خلاف قول مالك. وداء الفرج: الباجي عن ابن حبيب: هو ما يقطع لذة الوطء؛ كالعفل والقرن والرتق. وروى محمد: ما هو عند أهل المعرفة من داء الفرج؛ فله الرد به، وإن لم يمنع الوطء؛ كالعفل القليل والقرن وحرق النار، وقول ابن عبد السلام إثر نقله قول ابن حبيب، وتبعه الباجي على ذلك، وفسر به كلام مالك، لم أجد للباجي إلا مجرد نقله قول محمد حسبما تقدم. وفيها: إن كان عيب فرجها قرنًا، أو حرق نار، أو عيبًا خفيفًا يقدر على الوطء

معه، أو عفلاً يقدر معه على الوطء أترد به أم لا ترد إلا باختلاط؟ ونحوه مما يمنع الوطء كالعفل الكثير. قال: قال مالك: قال عمر رضي الله عنه: ترد بالجنون والجذام والبرص، وأرى داء الفرج كذلك، فما هو عند أهل المعرفة من داء الفرج؛ ردت به، وإن جامع معه المجنونة والمجذومة والبرصاء تجامع وترد بذلك. الجلاب: البخر والإفضاء؛ وهو اتحاد المسلكين منه. اللخمي: منه العفل والقرن والرتق والنتن والاستحاضة وحرق النار. عياض: العفل: بفتح العين المهملة والفاء؛ هو أن يبدو لحم من الفرج. والقرن: بفتح القاف وسكون الراء مثله؛ لكنه يكون خلقة غالبًا لحما، وقد يكون عظمًا. والرتق: بفتح الراء والتاء؛ التصاق محل الوطء والتحامه. الجوهري: العفل: بفتح الفاء شيء يخرج من قبل المرأة وحيا الناقة يشبه أدرة الرجل والمرأة عفلاء. قال: والقرن أيضًا العفلة الصغيرة. الأصمعي: اختصم إلى شريح في جارية بها قرن فقال: أقعدوها إن أصاب الأرض؛ فعيب وإلا فلا. قلت: ما أبعده من فقه. اللخمي: في الرد بخفيف هذه العيوب مطبقًا، أو إن منع اللذة قولا مالك وابن حبيب، والأول أحسن. وفي وثائق ابن العطار: ترد من العيوب الأربعة: الجنون والجذام والبرص، وداء الفرج ما يمنع من الجماع. ابن الفخار: هذا خطأ، والمحفوظ غير ذلك، فذكر ما تقدم عن المدونة. اللخمي: والرتق: إن لم يظن قطعه، ولا عيب في الوطء بعده؛ فالقول قول من دعا إليه إن طلق الزوج بعد رضاها به؛ لزمه نصف المهر، وبعد امتناعها لامتناعها لا غرم عليه، ومقابله القول قول من أباه لا غرم على الزوج؛ لطلاقه له مطلقًا، وإن كان في

القطع ضرر، ولا عيب بعده؛ فالخيار لها، إن رضيت؛ سقط مقاله، وإلا فلا غرم لطلاقه، وعكسه له جبرها عليه أو الطلاق ولا غرم. وللشيخ عن محمد وابن حبيب مثله. المتيطي عن الباجي: تؤجل المرأة لعلاج نفسها من الجنون والجذام والبرص، وداء الفرج، وأشار إليه ابن حبيب في علاج الرتقاء. قال الباجي: وأجلها في الجنون والجذام سنة، وأما الرتق؛ فبالاجتهاد، وفي طرر ابن عات: أجل ابن فتحون في داء الفرج شهرين في وثائقه فانظره. قلت: نظرتها؛ فلم أجده فيها. الشيخ عن محمد عن أصبغ: إن طال تمتعه بها أيام العلاج كأمد العنين في علاجه ككثير الأشهر المقارب للسنة؛ فلها كل المهر، ومثله لابن حبيب. وزاد: إن فارق بعد الشهر أو الأشهر وقال: تربصت رجاء العلاج، فإن أشهد على قوله هذا أول ما رآه، وأنه لا يتلذذ منها بشيء قبل قوله، فإن ادعت عليه تلذذه بها حلف، وإن لم يشهد بذلك، وفارق بعد شهر أو نحوه، وأنكر علمه عيبها حين بنى غرم نصف المهر، وإن قال: لم أعلم إلا اليوم، وكان يخلو بها؛ فالقول قولها مع يمينها أنه رآها، ولو تنازعا في برص بموضع يخفى على الرجل؛ صدق مع يمينه أنه لم يره، وإن كان بحيث لا يخفي؛ صدقت مع يمينها. المتيطي عن بعض الموثقين: إن قالت: علم عيبي حين البناء وأكذبها، وذلك بعد البناء بشهر ونحوه؛ صدقت مع يمينها إلا أن يكون العيب خفيًا كبرص بباطن جسدها ونحوه؛ فيصدق مع يمينه، وهذا ما لم يخل بها بعد علمه عيبها، فإن فعل؛ سقط قيامه، وإن نكل حيث يصدق؛ حلفت وسقط خياره، ولو أنكرت دعواه عيبها، فما كان ظاهرًا كالجذم والبرص يدعيه بوجهها أو كفيها أثبت بالرجال، وما بسائر بدنها غير الفرج بالنساء، وما بالفرج في تصديقها، وعدم نظر النساء إليه، وإثباته بنظرهن إليه قولا ابن القاسم مع ابن حبيب، ونقل بعض الأندلسيين عن مالك، وكل أصحابه غير سحنون وابن سحنون عنه مع أبي عمران عن رواية علي قول ابن لبابه، ونقله عن مالك وأصحابه، ونقل حمديس وابن أبي زمنين رواية ابن وهب مثل قولها في نظر

النساء للفرج. المتيطي: في نكاحها الأول: ما علم أهل المعرفة أنه من عيوب الفرج؛ ردت به، فإن كان استدلال ابن أبي زمنين بهذا؛ رد لإمكان تقارر الزوجين على صفته، ثم يسأل عنه أهل المعرفة، وعلى الأول قال ابن الهندي: وتحلف، وقاله الشيخ أبو إبراهيم، ولها رد اليمين على الزوج قال: ورأيت من مضى؛ يفتي به. ابن حبيب: إن أتى الزوج بامرأتين شهدتا برؤية داء بفرجها، ولم يكن عن إذن الإمام قضى بشهادتهما، فإن قيل: منعهما من النظر يوجب كون تعمدهما نظره جرحه، قيل: هذا مما يعذران بالجهل فيه. قال أبو محمد: أخبرني أبو بكر عن سحنون أنه قال: ابن القاسم يقول: لا ينظر إليها النساء في عيب الفرج، وقال: ترد به فكيف يعرف إلا بنظرهن. قلت: عمل المانع من نظرهما حق المرأة في عدم الاطلاع على عورتها، فشهادتهما الغالب كونها بتمكينها إياهما ذلك؛ فلا يتوهم. قلت: فلا يتوهم كونه جرحه. وفي تكليف الخصم أكرًا لا يقدر على تحصيله إلا من قبله يبين به صدقه أو كذبه خلاف مذكور في تكليف من أنكر خطأ نسب إليه هل يكلف الكتب ليقين صدقه أو كذبه. المتيطي وغيره: قال بعض الأندلسيين عن أبي المطرف: صفة نظرهن للفرج في قول سحنون: أن تجعل المرأة مرآة أمام فرجها، وقد فتحت فخذيها دون سراويل وتجلس امرأتان خلفها تنظران في المرآة تقولان لها: افتحيه بيدك، فإن نظرن فيه شيئًا؛ شهدن به. قلت: ظاهر الرواية عن سحنون نظرهن للفرج نفسه. وقال الشيخ عز الدين ابن عبد السلام: أنه لا فرق بين النظر لنفس العورة، والنظر لمثالها في مرآة. اللخمي: وترد بكونها عيوطة وهي التي تحدث عند الجماع، ولها رد الزوج بذلك، ونزلت زمن أحمد بن نصر صاحب سحنون لا المتأخر، ورمى كل من الزوجين

به صاحبه، فقال أحمد: يطعم أحدهما تينًا والآخر فقوسًا. قلت: هذه الكلمة كذا وجدتها بالعين المهملة، ثم بالذال المعجمة، ثم الياء باثنتين من أسغل، ثم الواو ساكنة، ثم الطاء المهملة، ثم تاء التأنيث كل ذلك بصورة الحروف، وكذا رأيتها في قانون ابن سينا في الطب. وقال الجواليقي: تقول العامة: العضروط لمن يحدث عند الجماع؛ وإنما هو العذبوط بكسر العين وفتح الباء بواحدة من تحتها والذال والواو ساكنتان، والعذروط الذي تقوله العامة هو الذي يخدمك بطعامه، وجمعه عذاريط وعذارطة. قلت: الكلمة التي صوب وجدتها كذلك في المحكم والصحاح لفظًا ومعنى، والتي تعقب لم أجدها في المحكم، ولا في الصحاح إلا قول صاحب المحكم: العضارطي الفرج الرخو، والعضروط الخادم بطعام بطنه، وأما بالياء باثنين من أسفل؛ فلم أجدها في كتب اللغة بحال. الشيخ في الواضحة عن أصبغ: إن قال امرأة مقعد إنها تمكنه من نفسها، فيعجز وقال: هي تمنعني؛ صدقت مع يمينها، ويؤجل كمعترض، ولو جعل الإمام قربهما امرأتين إن سمعتا امتناعها أمر بها، فربطت وشدت وزجرها، وأمرها أن تلين له؛ فذلك أحسن. قلت: كذا وجدته، ولعل معناه: تقديم الزجر دون ربط عليه، وألزم اللخمي قول ابن القاسم: ترد بيسير البرص؛ لأنه لا تؤمن زيادته، ردها بأوائل الذبول؛ لأنه معلوم تناهيه للموت. قال فيه ابن عبد السلام: هذا بعيد لخفة التأذي بأوائل الذبول، وقوة رجاء برئه، وهما معدومان في أوائل البرص. وفيها: إن وجدها سوداء أو عوراء أو عمياء؛ لم ترد، ولا ترد بغير العيوب الأربعة إلا أن يشترط السلامة منه. قلت: فإن شرط أنها صحيحة، فوجدها عمياء أو شلاء أو مقعدة أيردها بذلك؟. قال: نعم إذا اشترطه على من أنكحه إياها لقول مالك فيمن تزوج امرأة، فإذا هي لغية إن زوجوه على نسب؛ فله ردها وإلا فلا.

اللخمي: اختلف في علة قصر عيبهن على الأربع، قيل: لقول عمر: ترد من الجنون والجذام والبرص، ولقول علي رضي الله عنه بذلك وبالقرن، وقيل: لأن ذلك لا يخفى،. روى محمد: لا ترد بالسواد، ونحوه قول ابن حبيب: لا ترد من العمى والقعد والشلل والعرج؛ لأنه ظاهر، والخبر عنه يفشو أو هذا منهما تسليم أن للزوج الرد بهذه العيوب إن بان جهله بها؛ كالطارئ يتزوج قرب قدومه، ولم يسمع بذلك الجيران أو اعترفت الزوجة أنه لم يعلم، وهي ممن يصح اعترافها؛ لأنها ثيب أو بكر معنس، وأرى إن بان أنها صغيرة بنت خمس سنين، وشبه ذلك مما يمتنع وطؤها أنها كالرتقاء إن كان صبره إلى بلوغها الوطء ضررًا عليه، وإن لم يضر به؛ فلا مقال له. وفي الموازية: لا ترد بأنها عجوز، ولو بلغت في السن والفناء، وقام للزوج دليل على جهله ذلك؛ لكان له ردها؛ لأن العادة فيمن بلغ ذلك أن لا يتزوج؛ فهو كالشرط. ابن حبيب: ترد من السواد إذا كانت من أهل بيت لا سواد فيهم وهو الشرط، كذا ذكره اللخمي بشرط كونها من أهل بيت لا سواد فيهم، وكذا ابن فتحون، ولابن رشد في رسم يوصي من سماع عيسى ما نصه: ابن حبيب يرى رد السوداء والقرعاء وإن لم تقر بذلك لا كالعيوب الأربعة. عبد الحميد: انظر لو كان بكل منهما عيب كعيب صاحبه. قلت: الأظهر أن لكل منهما مقالًا كمتبايعي عرضين بان بكل منهما عيب. عبد الحميد: ولو كان بكل منهما عيب غير عيب صاحبه، فقال بعض أهل النظر: لكل منهما الخيار. الشيخ: روى محمد: ليس على الولي أن يخبر بعيب وليته، ولا بفاحشتها إلا العيوب الأربعة، أو أنها لا تحل له لنسب أو رضاع أو عدة. وسمع ابن القاسم: لا ينبغي لمن علم لوليته فاحشة أن يخبر بها إذا خطبت. ابن رشد: لأن من تزوج امرأة، فاطلع على أنها كانت أحدثت؛ لم يكن له ردها بذلك. وفي الموطأ: أن ردلاً أخبر من خطب وليته أنها أحدثت، فضربه عمر أو كاد

يضربه. وقال مالك: وللخبر، ولا يجوز له أن يخبر من عيبوها بما لا يوجب الرد من العور والسواد وشبهه، ورواه محمد. والنكاح بخلاف البيع لا يجوز فيه كتم ما يكرهه المبتاع في المبيع؛ لأنه مكايسة والنكاح مكارنة. ودليل الشرط واضح، وفي غيره المعتبر ظاهره. المتيطي: قولنا: صحيحة في عقلها سليمة في جسمها؛ احتياط للزوج إن وجدها عمياء أو سوداء أو شلاء أو ذات عيب في جسمها؛ فله ردها. قلت: في دلالة: (سليمة في جسمها) على نفي سوادها نظر. المتيطي: اختلف إن قال: صحيحة في جسمها؛ فقيل: هو كشرط السلامة من كل عيب. وحكى عبد الحق وغيره عن الشيخ: أنه لا يوجب له ذلك، ولو قال بدل: (صحيحة) (سليمة)؛ فله الرد بكل عيب. قال الشيخ: وبه نفتي كفتوى علمائنا به. المتيطي: نحوه قول اللخمي: إذا شرط السلامة؛ فله الرد متى وجدها عمياع قولاً واحدًا. قال بعض الموثقين: أصل هذه اللفظة في كتاب الأيمان بالطلاق عن المدونة. المتيطي: أصلها قولها في النكاح الثاني: لا ترد إذا وجدت عمياء أو عوراء أو مقعدة أو قطعاء أو شلاء أو ولدت من زنىً، ولا من شيء سوى العيوب الأربعة إلا أن يشترط السلامة مما ذكرنا، ولأبي عمران عن الدمياطي عن ابن القاسم: لا رد له في غير العيوب الأربعة ولو شرط السلامة. ابن العطار: قولنا: صحيحة الجسم؛ تقوية للعقد لمنع نكاح المريض، وللعاقد إسقاطه؛ لأن الأصل الصحة.

قلت: شرط السلامة مطلق كلفظ سليمة مطلقًا عن ما هي منه سليمة، ومقيد كسليمة من كذا، فلعل قول اللخمي: قولاً واحدًا؛ في المقيد، ورواية الدمياطي في المطلق، فتكون خلافًا لنقل الشيخ دون نقل اللخمي، وهو الأظهر. اللخمي: اختلف في كون قول الولي: سالمة؛ دون اشتراط في الموازية: إن قيل للخاطب: قيل لي: ابنتك سوداء فقال: كذب قائله؛ بل هي بيضاء، أو قال: ليست عمياء ولا عرجاء؛ فوجدها كذلك؛ فله الرد؛ لأنه غره. أصبغ: هو كالشرط، ولابن القاسم في الأول من الموازية: إن رفع الولي في المهر، فأنكر عليه الخاطب فقال: لأن لها كذا رقيقًا وعروضًا، فيصدقها ما سأل، ثم لا يجد شيئًا لا مقال له، والمهر له لازم، كما لو قال: بيضاء جميلة شابة؛ فيجدها بخلاف ذلك لا مقال له ما لم يشترط فيقول: أنكحها على أن لها كذا، أو على أنها بيضاء أو شابة، فألزمه ابن القاسم مرة وأسقطه، وأراه الشرط لمقارنته للعقد، ولو قاله أجنبي بحضرة الولي فلم ينكره؛ لزمه. قلت: سمع عيسى ابن القاسم: من قال للولي: أخاف كون وليتك سوداء أو عمياء أو عوراء، فقال: هي برية من ذلك؛ له ردها بذلك. قال: نعم إذا شرط له ذلك، قاله مالك. ابن القاسم: وكذا لو خطب، فقال لوليها: قيل لي: وليتك سوداء، فقال: كذب من قاله هي البيضاء الكذا؛ فذلك شرط له الرد به. أصبغ: مثله من سام جارية وقال: لا تطبخ ولا تخبز، فقال ربها: هي تطبخ وتخبز، أو يقول: ليست بعذراء؛ فيقول: هي عذراء. ابن رشد: لا خلاف إن أجاب الولي الخاطب عن قوله: قيل لي: وليتك سوداء أو عوراء بقوله: كذب من قاله؛ بل هي البيضاء الكذا؛ أن ذلك شرط يوجب ردها إن وجد بها بعض ذلك؛ إنما الخلاف إن وصفها الولي عند الخطبة بالبياض، وصحة العينين ابتداءً بغير سبب، وهي سوداء أو عوراء، ففي لغوه وكونه كشرط قولا محمد مع أصبغ ويحيى عن ابن القاسم وغيرهم، وعليه إن علم قبل البناء؛ فله ردها، ولا غرم عليه وبعده في رجوعه بالزائد على مهر مثلها عليها أو على وليها ما لم تكن ثيبًا عالمة كذب

وليها، فيرجع عليها قولا عيسى ابن دينار مع ابن وهب وابن حبيب. ولابن القاسم في الدمياطية: لو قال له غير الولي الذي زوجها: أضمن لك أنها ليست سوداء، ولا عوراء، ولا عرجاء، فوجدها بخلاف ما ضمن؛ لرجع عليه بما زاد على مهر مثلها وليًا كان أو غيره، ولو شرط أنها عذراء دون شرط عليه؛ لجرى على الخلاف فيمن وصف وليته بالجمال أو المال، وفي كون أنها بكر شرط كذلك ولغوه نقل ابن فتوح عن المذهب مع ابن العطار، ونقل ابن عات عن أصبغ قائلًا: إلا أن يشترط عذراء مع جماعة من المتأخرين والمتيطي عن رواية ابن حبيب، وأشهب في العتبية، وابن عبد الرحمن، وعليه قال المتيطي وابن فتحون عن الباجي: لو بان أنها ثيب من زوج؛ فله الرد. ابن عات: قال ابن عبد الغفور عقب ذكره قول ابن العطار: قال المشاور: ويرجع على الولي في هذا؛ لأنه لا ينبغي أن يخبر بذلك أحدًا، فصار متعديًا على المرأة بشرطه ذلك عليها إن علم ذلك منها بفاحشة. قلت: كذا نقل ابن عات عن أصبغ، وفي سماعه ابن القاس في العتبية: سألت أشهب عمن تزوج امرأة على أنها بكر، فوجدها ثيبًا، وأقر أبوها أنها كانت تكنس البيت، فنزل بها شيء أذهب عذرتها، ورد على الزوج مهره؛ قال: يرجع الأب فيأخذ ما رده للزوج، ولا شيء له. قال أصيغ: لا يعجبني هذا؛ لأنه إن كان شرطا عليه نكح كشرط البياض، وصحة العينين، وأن لها مالًا؛ فله الرد، وإن لم يكن اشتراطًا في العذرة، فقد دفعه الأب طائعًا؛ فلا رجوع له بالحمالة ولا يصدق، ويحمل على أنه أراد الستر منه؛ لأن ذلك يكون به فرقة، وترجع به المرأة على أبيها إن أخذه منها وأعطاه إياه. ابن رشد: الشرط في النكاح هو أن يتزوجها على أنها على صفة كذا، أو على أنها لها كذا له الرد بقوت الشرط اتفاقًا، وإنما قال أشهب: تلزمه ولا رد له؛ لأن البكر في اللسان من لم يكن لها زوج، ولو لم تكن لها عذرة، فلم يعذره بالجهل، وألزمها إياه حتى يشترط بكرًا عذراء.

قال ابن لبابة: أو يقع في الشرط بيان كقوله على أنها بكر، فإن لم تكن بكرًا رددتها. قلت: في دعواه البيان بقوله: على أنها بكر؛ وقبوله ابن رشد نظر؛ لأن لفظ البكر، كما لم يدل على عذراء مثبتًا؛ لم يدل عليه منفيًا ضرورة أن النفي لا يغير ما وضع اللفظ له. ابن رشد: نحوه قول نوازل سحنون من كتاب العيوب: من اشترى عبدًا قال لبائعه: أبه عيب؟ قال: هو قائم العينين؛ فابتاعه، وسأل عن قائم العينين، فقيل: الذي لا يبصر؛ البيع لازمٌ، ولا رد له، ورد الأب المهر إن شرط الفراق لم يتبع به الزوج؛ لأنه عوض وتتبع البنت أباها به؛ لأنه أتلفه بغير حق، وإن رده على بقائها في عصمته؛ رجع به عليه؛ لأنه عذر بالجهل في خطئه في مال ابنته أولا على قول ابن القاسم: لا تجوز هبة الأب مال ابنه الصغير، وعلى قول الأخوين بإمضائها، ويغرم الأب عوضها إن عذر بالجهل؛ فله الرجوع على الزوج وإلا فلا، ويغرم ذلك لابنته، وإن رده على غير بيان، فحمله أشهب على غير الفدية، فأوجب للأب الرجوع على الزوج بما رد إليه، وحمله أصبغ على الفرقة، فأمضاه للزوج، ويغرمه الأب لابنته، وهذا كله على عدم حمل أنها بكر على شرط العذرة، وأما إذا حمل عليه، فرد الأب ماضٍ، ولا غرم عليه لابنته، ولا بيان في قول أصبغ على ما يحمل الشرط من ذلك هل على مقتضى اللسان، أو على ما يعرفه الناس أنها العذراء؟. قلت: قوله: لا بيان في قول أصبغ خلاف نقل ابن عات عنه أنه على مقتضى اللسان، وهو ظاهر من قوله؛ لأنه في العتبية قسمه للأمرين، وما انقسم لأمرين لا دلالة له بذاته على أحدهما بعينه. المتيطي: في الرجم من المدونة لمالك: إن ظهر بامرأة قبل البناء حملٌ، أنكره زوجها وصدقته بأنها زنت، وأنه ما وطئها حدت، ولا يلحقه الولد، ولا لعان فيه. ابن القاسم: وهي زوجته إن شاء الله طلق أو أمسك. المتيطي: فقول ابن القاسم يدل على أنه لا قيام له بالعيب إلا أن يقال: أنه لم يطلبه. قلت: الأظهر الأول؛ لأنه حادث بعد العقد أو محتمل الحدوث.

قال غير واحد: ولا حد على من ادعى أنه وجد امرأته ثيبًا؛ لأن العذرة تذهب بغير جماع. ابن رشد: إن أعاد ذلك عليها في عتاب أو بعد مفارقتها بسنين أنه ما أراد قذفًا، ولا حد عليه، قاله مالك وابن القاسم في المدنية. ابن الحاج: عن أبي عبد الله بن فرج: إن قال: وجدتها مقتضة حد، وإن قال: وجدتها بكرًا؛ لم يحد. ابن فتوح وابن فتحون والمتيطي: ينبغي لأولياء المرأة تذهب عذرتها بغير جماع أن يشيعوا ما نزل بوليتهم ويشهدوا به؛ ليرتفع عنها العار عند نكاحها. قلت: إنما يرتفع عارها إن نزل ذلك بها، وهي في سن من لا توطأ، أو كانت سقطتها بمحضر جمع، وينبغي أن يثبت ذلك بشهادة ذلك الجمع، ولو كان ذا سترة قاصرة عن التعديل أو نساء. ابن فتوح: يشهد أبوها فلان ابن فلان أنه كان من قدر الله أن ابنته فلانة الصغيرة في حجره سقطت من كذا، أو وثبت، فسقطت عذرتها. زاد ابن فتحون: وكذا الأخ. قالا: فإذا زوجها وليها؛ لزمه إعلام الزوج بذلك، فإن لم يعلمه بذلك جاء القولان في شرط البكارة. المتيطي: وعلى ردها بالثيوبة إن أكذبته في دعواه أنه وجدها ثيبًا، فله عليها اليمين إن كانت مالكة أمر نفسها، أو على أبيها إن كانت ذا أب. ابن حبيب: ولا ينظرها النساء، ولا تكشف الحرة في هذا. ابن لبابة: هذا خطأ، وكل من يردها بالعيب؛ يوجب أن يمتحن العيوب بالنساء، فإن زعمت أنه فعل ذلك بها؛ عرضت على النساء، فإن شهدن أن الأثر بها يمكن كونه منه وتبين؛ حلفت، وإن كان سيدًا وردت. قيل: دون يمين على الزوج. وقال ابن سحنون عنه: لا بد من يمينه. وفي قبول تصديقها له وهي في ولاية أبيها قولا ابن حبيب وابن زرب قائلًا: لأن

مالها بيد أبيها. قلت: والأول؛ لأنه أمر لا يعلم من غيرها؛ فلها نظيره في إرخاء الستر. الشيخ عن الموازية: ما حدث بالمرأة من عيب بعد العقد لغو هو نازلة بالزوج وهو تقبل غير واحد عن المذهب. ونص ثاني نكاحها: أن تجذمت بعد النكاح حتى لا تجامع معه، فدعته للبناء. قيل له: ادفع المهر وابن وادخل أو طلق. ابن شاس: في كونه عيب الرجل كذلك في إيجابه المهر قولان في العيوب الأربعة. وفي البرص: ثالثها: فيما أمنت زيادته، ورابعها في يسيره. وفيها: مع سماع عيسى وغيره: إن زوج بعيب، ولم يمنها؛ فلاعن زمانه في المهر. وفيها: عن عمر رضي الله عنه: من نكح امرأة، وبها جنون أو جذام أو برص فمسها؛ فلها مهرها بما استحل من فرجها، وكان ذلك لزوجها؛ غرما على وليها. ابن القاسم: قال مالك: إنما يرجع به على وليها إن كان أباها أو أخاها، أو من يرى أنه يعلم ذلك فيها، وإن كان ابن عم أو مولى أو السلطان؛ فلا غرم عليها، وزاد المرأة بالخدمة إلا ما تستحال به. وسمع أصبغ ابن القاسم: من وجد امرأته ضررًا برواية بعد منها، ووليها قريب القرابة؛ يريد: ممن يعلم، وإنما رجع الزوج عليه بكل مهر، ولاتباعه للولي عليها، ولا للزوج في عدمه؛ لأنه غرة دونها ليس عليها أن تعلم بدائها، ولا ترسل إليه به، وقاله أصبغ: والثيب والبكر سواء إن كان الولي ممن يحمل على القلم. ابن رشد: قريب القرابة هو الأب والابن والأخ قاله مالك في موطئه، وابن حبيب في واضحته في العيوب الأربعة حتى داء الفرج الخفي. علي: وكما هو قوله في السماع هو بما تردده، وقاله ابن حبيب في واضحته، وقول أصبغ: الثيب والبكر سواء؛ صحيح؛ لأن أمر البكر للأب، وتوكيل الثيب وليها على إنكاحها توكيل على إخباره بما علم موصيها، فإذا أكتم؛ فهو غارم. ولابن حبيب: إن كان معدمًا رجع الزوج على الزوجة المؤسرة. فإن كانا معدمين؛ قيل: أو كان يسيرًا ولا رجوع لمن عذر منهما على الآخر، ووجد

رجوعه عليها لعدمه، وإن كان ثمن الزوج أن المهر حصل لها بغير حق؛ فلا يترك لها إلا ما يستحيل به إن كانت توجب به جهات الرجعة منها إما باليسير فيه؛ إذ ليست متصلة به بخلاف إن كانت هي الغاز، ووجب فوقها على ما ذكره ابن حبيب، ولو كان للأب أو الأخ غائبًا غيبة طويلة يخفى عليه في مثلها خيرها، ومعرفة عيبها؛ فقال ابن حبيب: يحلف ما علم به، ولا غرم عليه؛ بل عليها. وقال أشهب: يغرم كما يغرم في البرص بالمكان الخفي، وسائر الأولياء لا غرم عليهم، ومحملهم الجهل به حتى يثبت منهم، ومن اتهم منهم يعلم أحلف، قاله ابن حبيب؛ يريد: فإن نكل؛ غرم، فإن حلف؛ غرمت المرأة. وفي الموازية: لا يمين عليه إلا أن يدعي الزوج علمه ليحلف، فإن نكل؛ غرم بعد أو من الزوج، فإن نكل للزوج أو حلفه المولى، فسقط عنها للغرم، بطل رجوعه على المرأة. قال فضل: هذا قيد على أصولهم؛ يريد: لأن إبراء المرأة بدعواه علم الولي والولي إذا علم سر دونها؛ إذ هي العاقد الواجب عليه. ولو زوجها بحضرتها وكتما معًا؛ كانا غارمة يتبع الزوج أنهما شاء إن غرم لا ولي رجع عليها، وإن أغرمها؛ لم ترجع حلفه. وقال بعض المتأخرين: محمل كل الأولياء على العلم بالجنون والجذام؛ لأن الخبر بذلك لا يخفى عن الخيار فضلًا عن الولي؛ وهو ظاهر قول عمر رضي الله عنه: لم أرتجل زوج امرأة بها جنون أو جذام منها؛ فلها مهرها كاملًا، ويغرمه وليها لزوجها. قال: هذا المتأخر، وكذا الأبرص الوجه والذراع والساق، وما عين يستره الثوب، فيحمل على العلم به الأب والابن والأخ فقط، وعيب الفرج إن كان لا يخفى على الأمر من التربية حمل على علمه دون غيره، فإن كان يخفى عليها لو يحمل الابن على علمه، فجعل العيوب أربعة معلوم لكل الأولياء: الجنون، وما ذكره معينة ومجهولة، سوداء الفرج الخفي، ومعلوم للأب فقط، أو الفرج الظاهر للأم، ومعلومة الأب والابن والأخ البرص مما يظهر من البدن.

وحكى فضل في داء الفرج الخفي عن عيسى بن دينار: أنه لا يرجع به إلا على المرأة، ويعينه للعتبية، ولم يقع له ذلك عندنا. قلت: الظاهر أنه أراد ببعض المتأخرين للخمي، وظاهر نقله عنه: أنه إذا كان مما لا يخفى على الأم حمل الأب على العلم به مطلقًا، وليس كذلك. قال اللخمي: إن كان مما لا يخفى على الأم والأب ممن يخبر به؛ حمل على العلم به، وإن كان ممن له القدر، ولا يحب أن يذكر ذلك عن ابنته؛ حمل على الجهل، وكذلك إن حلفت الأم من نفاسها أو ثبتها عم ماتت، وثبت عدوله بعده، وبنى ظاهر قول ابن الحاجب إن كان كابن عم؛ ففي تحليفه قولان وجوه القول بتحليفه، فإن لم يتهم؛ فهو خلاف ما تقدم لابن رشد ونقل ابن شاس. الصقلي عن محمد: حيث يجب غرم الولي إن كان بعض المهر مؤجلًا؛ لم يغرمه للزوج إلا بعد غرمه. قلت: هذا بين إن لم يختر فلسه، وإلا يتقضي الأصول كذلك؛ كمبتاع سلعة بثمن لأجل استحقت قبله وبائعها يخشى فلسه إليه. قال محمد: لو زوج أخ أخته البكر بإذن أبيه؛ فعليه يرجع، ولو كانت ثيبًا؛ فعلى الأخ. وسمع عيسى ابن القاسم: من زوج ابنته على أنها صحيحة، فتجذمت بعد سنة أو نحوها، فقال الأب: تجذمت بعد النكاح، وقال الزوج: قبله؛ فعليه البينة، والأب مصدق؛ لأن زوجه ذا تيمنه، ورواها أصبغ. ابن رشد: إنما يصدق الأب إن تداعيا بعد البناء، وقيل: القول قول الزوج مع يمينه، وعلى الأب البينة، كما أن القول قول المبتاع في عيب عبد ظهر قبل قبضه يحتمل الحدوث والقدم، وبينا هذا في سماع سحنون في كتاب التخيير والتمليك. وقوله: القول قول الابن لم يبين هل يحلف، وكيف يحلف؟ ولا حكم نكوله، وحكم ذلك كالبيع لا بد من يمين الأب، وينبغي كونها على العلم؛ لأنه مما يخفى، ولو كان ظاهرًا الابن لإمكان كونه يوم العقد صبيًا؛ لأنه يريد إلا أن يشهد أو مثله لا يكون يوم العقد إلا ظاهر أنه يحلف على البت، فإن نكل؛ حلف الزوج، فكان له أمر؛ قيل:

على العلم في وجهين، وقيل: على نحو ما وجبت على الأب هذا مشهور المذهب به يمنع يحيى كل الأيمان في ذلك على البنت والأخ كالأب وغيرهما من الأولياء لا يميمن عليه؛ بل عليها، قال ابن حبيب، وهو صحيح. قلت: تفسيره قول: صدق بأنه يمين خلاف قوله في أجوبته: أنه مهما أطلق صدق، فحمله على عدم اليمين بخلاف قيل: قوله: وما أقال عليه هو سماع سحنون ابن القاسم: من صالحت زوجها على عبد، فظهر به عيب أو مات، فقالت: مات وحدث بعد الصلح، وأنكر الزوج؛ فعليها البينة، فإن ثبت موته بعده؛ فلا عهدة فيه. ابن رشد: اعتراض بعض أهل النظر قوله: عليها البينة، وقال: هذا خلاف أصولهم في أن ما أنكر حدوثه من عيب القول فيه قول البائع غير صحيح الغيب كالموت إذا وجد به قبل القبض؛ لأن ذهاب البعض كالكل. وخص ابن حبيب على ذلك، وفرق بين وجود العيب الذي يقدم ويحدث قبل القبض أو بعده. قلت: الفرق بين الموت والعيب: أن الموت يمنع تقرر ماهية البيع؛ لامتناع تصوره دون مبيع، فالأصل عدم تقرره، فكان القول قول المشتري، والعيب لا يمنع تقرره؛ فهو حاصل، والأصل العلامة؛ فكان القول فيه قول البائع، وتمسكه بتفرقة. ابن حبيب: معارض بظاهر تسوية المدونة بين القبض وعدمه. الشيخ: روى محمد: من ظهر على عيب بامرأته يوجب ردها بعد طلاقها لا يرجع بشيء من مهرها، ولو كان قبل البناء، ويغرمه إن لم يكن دفعه. ولو مات أحدهما قبل الفراق، وعلم العيب توارثا، وثبت المهر، وكذا في الواضحة وسماع ابن القاسم. قلت: في كتاب العدة: سمع ابن القاسم: من طلقت أو ماتت أو اختلعت قبل علم الزوج عيبها؛ فلا شيء له. سحنون: ويرجع بالمهر على من غرم، ولو كانت؛ رجع عليها لا ربع دينار. ابن رشد: لا شيء له في موتها اتفاقًا؛ لأن بموتها وجب له إرثها كالتي لا عيب بها فهو كمن ابتاع عبدًا علم بعيبه بعد زواله.

قلت: لو كان موت المرأة؛ كزواله لزم في العبد. وفي الجواب: بأن غرثها؛ كبناء بها، والإرث لا أثر لعيبها فيه، فصار كمعيب زال عيبه نظر؛ لاحتمال كونها ذمية أو أمة، وبأن معنى الإرث في العبد حاصل، ولو كان كافرًا. ابن رشد: وأما الطلاق لغني قول سحنون فيه: أنه إن كان قبل البناء رجل بكل المهر على غره، ولو كانت؛ وإنما يترك لها ربع دينار إن كان بعد البناء، وفي حلفه يرجع على من غره بتمام ما نقص الخلع عما يجب له في الطلاق وجه قول مالك القياس على من علم بعيب عبد ابتاعه بعد بيعه، وقول سحنون: على من علمه بعد بيعه من بائعه. قلت: هذا في الخلع واضح، وأما الطلاق؛ فهو كهبته بائعه يوجب رجوعه بما بين مهري مثلها سليمة، ومعيبة من مهرها. قال ابن عبد السلام إثر ذكره قولي مالك وسحنون ما نصه: أصل المسألة في المدونة مختلف فيه للشيوخ تنازع في قيمتها أعني في رد كلامه بعضه لبعض هل هو خلاف أو فاق التعرض لذلك مما يلزق بالنظر في المدونة؟. قلت: ظاهره: أن مسألة الطلاق قبل الاطلاع على العيب، فإن أراد ذلك؛ ففي جعله إياها أصلًا لمسألة الطلاق بعد، ولأن مسألة الخلع تأتي في فصله لابن الحاجب. [الغرور في النكاح] والغرور: إخفاء نقص معتبر بأحد الزوجين بذكر ثبوت نقيضه، أو تقرر عرف لثبوته، وهو موجب خيار الغرور، ولا مهر للفرقة به مثل القبلة مطلقًا.

ابن حارث: اتفاقًا في غير المعسر بالنفقة. قلت: لأن الزوج مجبور على الفرقة باختيارها الزوجة أو بغرورها، أو بغرور وليها الزوج، وبعد البناء، والغرور الزوج رجوعه بالمهر، كما مر في العيب. عياض: ظاهر نكاحها وصريح استحقاقها: أن رجوعه على من غره غير الزوجة بكل المهر، قاله سائر المختصرين والشارحين. وقال بعض الشيوخ: يقول: للغار ربع دينار كالزوجة. قلت: فيلزم في العيب أخرى. وفيها: إن غرت من تزوجها في عدتها، فإن لم يعلمه أنها في عدة قال: بلغني عن مالك إن غره وليها، فبقي بها، ثم علم الزوج كذلك؛ فسخ نكاحه، ورجع بالمهر على من غره، فهذا إن غرته؛ رجع عليها إلا ما يستحب له. في الجلاب: لو تزوجها في عدة جااهلًا، وبنى بها، ثم علم بها؛ فله ردها، وهو فمنزلته العيوب الأربعة، فاستشكله بعض شيوخنا. الشيخ الفقيه المحصل أبو علي بن علوان: ولما ذكر القرافي قول الجلاب قال: قال الشراح؛ يريد في الرجوع بالمهر. قلت: قوله: فله ردها باللام الظاهرة الدلالة في الاختيار قوى في استشكالها إلا أن تحمل على أنها بمعنى، والإنصاف إن كلامه مشكل، ولعل الموجب لذكره إياها في العيوب وقوعها في المدونة في ترجمة العيوب. وفيها: لمالك: لو أخبر رجل رجلًا على أمة أنها حرة، وزوجها من غيره، ثم استحقت؛ فلا شيء على المخبر، وإن زوجه منها، ولم يعلمه أنه غير ولي؛ لرجع عليه بما

يغرم من المهر. ابن القاسم: ولا أحفظه عنه، ولكن هو رأيي، ولو زوجه وأخبره أنه اعتبر ولي؛ فلا غرم عليه. اللخمي: لأن الزوج دخل على فسخه بعقده غير ولي، وهذا إن كان مهرها أمة وحرة سواء، وإلا غرم الفار فضل مهرها حرة عليه أمة. قلت: في غرمه الفضل نظر؛ لأن دخول الزوج على ما يوجب الفسخ إن منع تأثير الغرور في العزم؛ فلا غرم لشيء فضل ولا غيره وإلا غرم كل المهر، ولأنه إنما كان دخوله على الفسخ موجبًا لعدم الفار؛ لأن سيده حينئذٍ؛ فلا عقد نصًا؛ كقوله: دون عقده، وقد سلم في هذه المسألة عدم غرمه مطلقًا، وهو ظاهر لفظ المدونة في المسألتين. قال اللخمي: وعدم غرمه إن لم يعقد له؛ لأنه غرور بالقول وفيه خلافه. قلت: مثله في تضمين الصناع من المدونة وابن بشير يحكى في الغرم بالغرور بالفعل، والقول ثلاثة أقوال: ثالثها: في الفعل لا القول. وفي أكرية الدواب والصناع: إن شاء الله تعالى استيفاؤه. ولو غزت أمة حرًا بحريتها في نكاحها منه بعقد صحيح؛ فله البقاء بالمسمى لا بدونه. اللخمي: أرى إن رضي بالمقام أن يحط عنه ما زاد في المسمى بمكان حريتها. قلت: هذا غير ما تقدم؛ فهو نقص الثورة المشترطة، ولو بان غرورها بعد البناء، ففي كونه الوابج عليه؛ لها ربع دينار، أو مهر المثل أو الأقل منه، ومن المسمى رابعها: الأكثر منها، وخامسها: إن كان أصدقها ضعف مهر مثلها؛ فلها نصفا مهر أمة، ومهر حرة، وسادسها: المسمى. للخمي عن نقل محمد مع ابن أبي حازم، ونقل ابن بشير والصقلي عنها، ونقله مع اللخمي عن ابن القاسم: إن كان المسمى أقل من مهر المثل يحمله لها، وأباه أشهب قائلًا: كما لو رضي بها طائعة. ولسحنون عن غير ابن القاسم، وظاهر قول مالك الثاني فيها عندي: اللخمي ولابن القاسم في العتبية كأشهب، وقول ابن القاسم أحسن؛ لأن بيعها تلك المنافع

كبيعها خدمتها إن حلف؛ فلربها رد محاباتها، وليس كزناها؛ لأنه لو اغتصبها، أو زنت؛ لم يغرم مهرًا؛ بل ما نقصها، فإن لم ينقصها شيء؛ لم يغرم شيئًا، ولو كان النكاح كالزنى؛ لخير ربها في أخذ ما نقصها الوطء أو مهر المثل؛ كما لو وهبت خدمتها، فنقصت لذلك؛ لخير ربها في أجر المثل، أو ما نقصتها الخدمة، ومن قال: لها ربع دينار؛ رأى غرورها جناية، وإن كان فيه إذن من المجني عليه، فوضع عنه المهر. وفي الموازية: مثله في العبد يدفع له ما يصنعه، فيتعدى عليه، فجعله جناية في رقبته. وسمع سحنون ابن القاسم: إن غرت أمة من نفسها من تزوجها بضعف مهر مثلها، واستحقت بعد البناء؛ فسخ نكاحها، ولها مهر مثلها، وترد ما زاد عليه، ولو كان أصدقها ربع دينار، أو أقل من مهر مثلها، وكانت بكرًا فافتضها، وقيمة عذرتها أكثر من المسمى؛ فليس لها غيره إلا أن يصدقها أقل من ربع دينار، أو لم يصدقها شيئًا؛ فلها مهر مثلها. سحنون: وقال غيره مثله إلا أنه قال: إن أصدقها ضعف مهر مثلها؛ أعطيت ما بين مهر أمة وحرة نصف مهر أمة، ونصف مهر حرة. ابن رشد: قول ابن القاسم: لها مهر مثلها، ويؤخذ منها الفضل هو نص قول ابن القاسم فيها، وعليه ينبغي حمل قول مالك فيها، وإن كان ظاهره خلافه؛ إذ لا يصح أن يترك لها ما زاد على مهر مثلها وهي غارة، والقياس إن لم يراع حق سيدها أن لا يكون لها إلا ما يستحل به فرجها؛ كالحرة الغارة بعيبها، وقاله ابن أبي حازم، وإنما يستقيم أن لها مما أصدقها مهر مثلها على ما لابن القاسم في الموازية: أنه إن أصدقها أقل من مهر مثلها؛ كان لها تمامه لحق السيد، وتسويته بين أن لا يصدقها شيئًا، وبين أن يصدقها أقل من ربع دينار في أنها ترجع إلى مهر المثل يدل على أن النكاح بأقل من ربع دينار نكاح فاسد يفسخ قبل البناء، ويثبت بعده بمهر المثل، ولا خيار فيه للزوج مثل قول غيره فيها خلاف قوله فيها: وقيل: يفسخ قبل البناء، وقع في بعض روايات المدونة. قلت: أخذه هذا يرد بأن ابن القاسم إنما قاله في هذه المسألة: الفاسد نكاحها لا من غير صور المهر عن ربع دينار، وهو تزويج الأمة دون إذن ربها.

وفيها: لمالك: من نكح امرأة أخبرته أنها حرة، فإذا هي أمة؛ أذن لها ربها أن تستخلف رجلًا على عقد نكاحها؛ فله فراقها قبل البناء دون غرم شيء من المهر، وإن دخل بها أخذ منها المهر الذي قبضته، ولها مهر مثلها، وإن شاء؛ ثبت على نكاحها بالمسمى. قلت: أرأيت لو غرت أمة رجلًا بأنها حرة؟. قال: قال مالك: لا يؤخذ منها المهر. ابن القاسم: أرى إن كان أكثر من مهر مثلها؛ ترك لها مهر مثلها، وأخذ منها الفضل. قلت: قوله: أولًا: يؤخذ منه المسمى، وقوله: ثانيًا: لا يؤخذ منها متناقض إلا أن يحمل الأول على أنه غير ما يقضى به في القيم؛ وهي العين، والثاني على ما يقضى به فيها. وفي قوله: أرأيت، وجوابه نظرٌ؛ لأنه نفس المسألة التي قبلها. ابن محرز: محمل قولها على أن تزويجه إياها على أنها حرة؛ ثبت ببينة، وإلا ففي تصديق الزواج أنه تزوجها على أنها حرة دون تصديق ربها في قوله: أنه تزوجها على أنها أمة أو السيد دون قولان لأشهب وسحنون. قلت: لا يلزم تقييدها بأن شرطه كان ببينة؛ بل الصواب إطلاقها، فيؤخذ منها قول أشهب، وفي رد هذا بأن سحنون صاحب المدونة يقول بخلافه نظر. وقول ابن الحاجب: تزويج الحر أمة، والحرة العبد دون بيان غرور واضح لقول أصبغ وسماعه ابن القاسم: من استحق أمة تزوجها حر، وولدت منه، فقال الناكح: ظننتها حرة؛ صدق دون بينة. قال أصبغ: ولو أقر الزوج أنه تزوجها على أنها أمة، والفاشي أنها غرته بالسماع أو المأخذ أو الشك أو السبب؛ لم يصدق الأب؛ لأنه يدفع عن نفسه الغرم. ابن رشد: هذا بين؛ لأن نكاحه إياها بإذنها دليل حريتها. وقول أصبغ: لا يصدق الزوج أنه علم أنها أمة إذا كان ظاهر أمره أنه تزوجها على أنها حرة صحيح؛ لأن فداء ولده بالقيمة حق لله عليه لا له في قول مالك وكل أصحابه، فإن قلت: كون السكوت غرورًا يعارضه.

نقل المتيطي: عن الباجي في قول فضل: مما يجب على الثيب إذا طلبت السلطان أن يزوجها أن تثبت كونها حرة، هذا على قول أشهب، وغيره من أصحاب مالك: أن الناس حر وعبد، وعلى قول ابن القاسم: إن الناس أحرار لا يحتاجون لإثبات أنها حرة. قلت: إنما قاله أشهب حيث لا دليل على رجحان الحرية، وهنا دليل الحرية قائم، وهو ما أشار إليه ابن رشد من استقلال المرأة والرجل بعقد النكاح؛ ولذا قال أشهب هنا: أن القول قول الزوج أنه على الحرية دخل، فإن قلت: نقل ابن محرز عن سحنون: القول قول رب الأمة أن الزوج؛ إنما تزوجها على أنها أمة خلاف ما قررتم أن ظهور الرق مع السكوت غرور. قلت: ليس كذلك؛ لأن ما قررناه إنما هو بناءً على أن الغالب الحرية لا الرق، وهذا لا يعارضه قول سحنون؛ لأن قوله بناء على ترجيح الأصل على الغالب لا على أن الغالب الرق، وهذا لأن الأصل أن ولد الأمة ملك لربها باعتبار عينه لا قيمته، فجعل سحنون القول قول ربها بناءً منه على ترجيح الأصل على الغالب إذا عارضه، وهذا فيه خلاف مشهور لا على أن الغالب لرق. وقول ابن الحاجب: بخلاف تزويج العبد الأمة واضح؛ لنص الشيخ والصقلي عن الموازية، ولقولها: إن نكح عبد حرة على أمة أو أمة على حرة؛ فلا خيار للحرة؛ لأن الأمة من نسائه. وقوله: وتزويج الحر المسلم النصرانية؛ واضحٌ أيضًا؛ لأن الكفر إن كان عيبًا في النكاح؛ فهو قاصر عليها غير متعد لولدها، ولا ترد المرأة بغير أحد العيوب الأربعة، وتوجيهه ابن عبد السلام بقوله لحصول الأحسن للزوجة؛ ولذا قال الشيخ: روى محمد: من تزوج نصرانية؛ لم يعلم لا حجة له حتى يشترط إسلامها، أو يظهر، ويعلم أنه إنما تزوجها على أنها مسلمة، لما كان سمع منها، ولو غر مسلم كتابية بأنه مثلها؛ ففي خيارها في فراقه قولان لسماع عيسى ابن القاسم مع نقل ابن رشد عن الموازية، وعن رواية ابن نافع في المبسوط. ابن رشد: الأول أظهر لا لأن الإسلام عيب؛ بل لأن لها في شرطها غرضًا كمشتري الأمة على أنها نصرانية؛ ليزوجها عبده النصراني، أو لحلفه لا يملك مسلمة له

ردها، ولو ظنته على دينها دون شرط؛ فلا حجة لها. وسمع سحنون ابن القاسم: إن قالت حرة تحت مكاتب بعد سنين: لم أعلم حين نكحته أنه مكاتب؛ حلفت على ذلك ولها الخيار، ومن العبيد من هو في حاله، وتجره، ومنظره كحر، وهي امرأة في خدرها لا تعلم ذلك. ابن رشد: تحلف إن ادعى علمها ذلك اتفاقًا، وتفارقه ولها المسمى بالمسيس، وهذه أقوى في إيجاب اليمين ممن قام بعيب في سلعة، فأراد البائع أن يحلفه ما علم بالعيب، ولم يدع أنه أعلمه به؛ فلا يدخل في هذه ما في مسألة العيب من الخلاف، وإن لم يدع علمها، وطلب تحليفها؛ تخرجت على الخلاف في يمين التهمة. وقال ابن كنانة: إن تزوجها ببلده الذي يعرف به، وأمر كتابته فيه ظاهر معروف؛ لم يقبل قولها ما علمت ذلك؛ إنما يقبل قولها، وتصدق إن تزوجها بغير بلده، ولو كانت مكاتبة أو أمة وادعت أنها تزوجته، وهي تظن أنه حر؛ لم يكن لها شيء إلا أن تدعي أنه أخبرها أنه حر، وتزوجته على ذلك، فيحلف، فإن نكل؛ حلفت، وكان لها الخيار. قلت: نحوه للشيخ والصقلي عن الموازية. زاد عن أصبغ: ولا ينفعها إن قال: ظننت أن المكاتب حر. وعن ابن حبيب: ولا إن قالت: جهلت أن لي الخيار. وسمع ابن القاسم: إن تزوج عبد أبق ببلدة حرة، وقال لها بعد عشرين ليلة: إني عبد؛ فلا تخبري أحدًا؛ فأقامت معه، ثم ظهر عليه سيده، فأقر نكاحه، فعلم أبوها ذلك فقال: لك الخيار، فقالت: اشهدوا أني طلقت نفسي، فقال لها زوجها: ليس لك ذلك قد كنت علمت ذلك، فأقرت بذلك؛ أرى له أن يطلقها؛ لأنها طلقت نفسها، وما أقرت به لا أدري ما هو كأنه ضعفه. ابن رشد: لا تصدق في إقرارها أنها علمت ذلك قبل طلاقها إياه؛ إذ لا بينة به، فتتهم على إرادة البقاء معه بعد طلاقها إياه، واستحبابه للزوج أن يطلقها إن علم صدقها فيما أقرت به؛ لتكون في سعة من نكاح غيره؛ إذ لا يجوز لها نكاح غيره على ما أقرت به؛ لأنها زوجه له؛ ولا يباح له البقاء معها؛ لما ظهر من طلاقها إياه، ولا أن يتزوجها قبل زوج إن كانت فارقته بثلاث، فطلاقه إياها لا يضره وينفعها.

قلت: مقتضى هذا التقرير وجوب طلاقه إياها إن كانت طلقتها إياه طلقة الثلاث أو ما دونها، ولم يرض بتزويجها مع رضاها به؛ لأن عدمه يوجب عليها ضرر منعها من تزويج غيره، ولا منفعة له في عدم طلاقها، ولا ضرر يلحقه به قياسًا على قاعدة وجوب ارتكاب أخف الضررين قياسًا أحرويًا، وعلى ما قاله ابن رشد في أجوبته: إذا تعارض ضرران؛ وجب رفع أشدهما، وعلى منصوص المذهب فيمن انهارت بئره، وخيف على زرعه التلف من العطش، ولجاره ماء هو غني عنه؛ أنه يجبر على إعطائه إياه. وسمع أبو زيد ابن القاسم: من تزوج على أنه قرشي، أو من فخذ من العرب، فوجد من غيره، إن كان مولًى؛ فلها فراقه إن كان عربيةً، وإن كان عربيًا من غير القبيل الذي سمى؛ فلا خيار لها إلا أن تكون قرشية تزوجته على أنه قرشي، فإذا هو عربي أو تكون عربية تزوجته على ادعائه؛ فذلك لها. ابن رشد: قوله هذا مضطرب؛ لأن قوله أولًا: إن كانت عربية؛ يدل على أنها إن كانت مولاة تزوجته على أنه قرشي أو عربي، فوجد مولى؛ فلا خيار لها، وإن كانت عربية تزوجته على أنه قرشي، فوجد عربيًا، فلا خيار لها، فلم ير لها على هذا خيارًا بشرطها إلا أن يوجد أدنى منها؛ ككونها عربية تزوجته على أنه عربي أو قرشي، فوجدته مولى، أو تكون قرشية تزوجته على أنه قرشي، فوجد مولى أو عربيًا. وقوله أخيرًا: أو تكون عربية تزوجته على ادعائه؛ يريد: على أنه قرشي، فوجد عربيًا أن لها الخيار؛ خلاف قوله أولًا؛ إذ جعل لها الخيار إذا وجدته أدنى مما شرطت، وإن كان مثلها، ولم يجعل لها أولًا خيارًا إلا أن يوجد أدنى منها، ويلزم على قوله أخيرًا: إن كانت مولاة تزوجته على أنه قرشي، فوجد عربيًا أو مولى أو على أنه عربي، فوجد مولى أن لها الخيار، وهو أظهر على قياس قولهم: من ابتاع عبدًا على أنه من جنس، فوجده من جنس أدنى منه؛ أن له رده. فتحصيله: إن وجدته أفضل مما شرطت؛ فلا خيار لها، وإن وجدته أدنى مما شرطت، وأدنى منها؛ فلها الخيار، وإن وجدته أدنى مما شرطت وهو أرفع منها أو مثلها، ففي خيارها قولان قائمان من هذه الرواية بيناه، وإذا وجب خيارها، فاختارت قبل البناء؛ فلا شيء لها من المسمى، وإن لم تعلم حتى بنى بها، واختارت؛

فهي طلقة بائنة، وولها المسمى، وحكم الرجل في اشتراط كونها قرشية أو عربية كما تقدم؛ يكون له الرد حيث يكون لها الخيار. وولد الحر المغرور بحرية زوجته منها حر: ابن رُشْد: القياس أنه رق لمالك أمه؛ لإجماعهم أن ولد الأمة من غير سيدها ملك له، وترك هذا القياس لإجماع الصحابة على حريته خلافاً لأبي ثور وداود في قولهم: أنه رقيق. قُلتُ: إن ثبت إجماع الصحابة رضي الله عنهم؛ فقول أبي ثور وداود باطل؛ لأنه خلاف إجماع تقرر، والمعروف أخذ رب الأمة الأمة. وفي الجلاب والرواية الأخرى: أخذه قيمتها، ولا شيء له في الولد، وعبر عنها المازري بقوله في الجلاب: رواية شاذة هي القضاء على الزوج بقيمتها. وفي كون ولد العبد كذلك طريقان، الأكثر: ولده رقيق دون ذكر خلاف فيه. فيها: إذ لابد من رقة مع أحد أبويه، فكان لمالك أمه، والعبد لا يغرم قيمته. غير واحد عن محمد: ويتبع العبد من عزه بالمهر، ولا يتبع الغار به الأمة، وإن لم يغره أحد؛ رجع عليها بالفضل على مهر مثلها. التونسي: كان يجب حرية ولده لشرطه ذلك، وما الفرق بينه وبين الحر؟. والفرق بعجزه عن غرم قيمته، ويبطل بالحر العديم، وتوقع اليسر كتوقع العتق، والفرق بأن لربه إبطاله من ذمته غير بين. قُلتُ: قوله: غير بين، والمرجو في الحر العديم يسره فقط، وفي العبد عتقه ويسره، والموقوف على أمر أقرب للوجود من الموقوف على ذلك الأمر وآخر. ابن بشير وابن شاس: قيل: ولده حر، واستشكل صدق قولها؛ لابد من رقه مع أحد أبويه بأن اعتبار شرط حرية أنه يوجب حريته كاعتباره في الزوج الحر؛ إذ هو موجب حريته لا حرية أبيه؛ لأنها في الزوجة الأمة لغو، ويجاب بأن اعتبار الشرط في الحر؛ لم يوجب حريته لذاته؛ لأنه صدر من غير أهله؛ بل لأن الإجماع حكم للولد من الزوج المغرور بحكم ولد الأمة من سيدها لمكان شرطه، وولد الأمة من سيدها الحر حر، ومن سيدها العبد عبد لسيده، فإذا كان المغرور عبداً؛ لزم رق الولد مع أمه إن

ألغى الشرط، ومع أبيه إن اعتبر؛ فصدق لا بد من رقه مع أحد أبويه، فإن قلت: يلزم عليه إن كان المغرور ذا عقد حرية لازم كمعتق بعضه ومدبر ونحوهما كون الولد مثله؛ لأن ولده من أمته كذلك. قُلتُ: هذا غير لازم؛ لأن مناط الحكم المذكور هو الحكم للولد بحكم ولد الأمة من سيدها فقط لا مع الحكم للأمة بأنها ملك للمغرور؛ ولذا تعلق الغرم بقيمة الولد فقط لا بقيمة أمه، وسريان عقد حرية الأب لابنه بملكه أنه. وقيمة ولد الحر عليه لا على من غره الصائغ: قال بعض الشُيُوخ: يغرم الغار للأب ما غرم من قيمة ولده، وفي المذهب ما يدل عليه، وكان بعض المذاكرين يقول: قد يقال: لا يغرم الأب قيمة ولده؛ لأنه سلط على الإيلاد ظناً منه أن المالك سلطه، ولو غر سيد أمةٍ من زوجها منه على أنها ابنته؛ ففي غرم الزوج قيمة ولده منها نقل اللخمي عن ابن حبيب مع قول ابن الماجشُون على من أولد أم ولد ابتاعها من سيدها قيمة ولده منها، وتخرجه على قول مُطرف: لا قيمة عليه، وولد المستحقة من مالك لا زوج مذكور في الاستحقاق. وفي كون قيمة الولد في النكاح يوم الحكم أو الولادة ثالثها: يوم القيام لمعروف المذهب وأشهب مع المغيرة، وتخريج ابن بشير من المستحقة بملك، ونقله ابن عبد السلام غير معزو، ولم نجد من نقله في المستحقة بملك غير ابن بشير. وفي الضمان في موت الولد اضطراب. ابن بشير: وعلى الأقوال: إن مات الولد قبل يوم قيمته عند قائله سقطت، ولو اختلف فيها؛ اعتبرت قيمة يومها عند قائله. ابن محرز: إن مات الولد؛ سقطت قيمته. المازري: قال المغيرة: القيمة يوم الولادة، فما حدث بعده من نماء؛ فلا يضمنه، كما لو مات بعد الولادة؛ لضمن قيمته، وأشار أشهب لرد هذا بأن الواطئ غير متعد، ومن بيده شيء بوجه شبهة؛ لا يضمنه بتعديه عليه، فوجب أن يكون الموت قبل الاستحقاق يرفع ضمان الأب. قُلتُ: الأصوب إسقاط قوله بتعديه؛ لأن في التعدي خلافاً، والزوج هنا

غير متعدٍ. وقال ابن رُشد: في أول مسألة من نوازل عيسى في كتاب الغصب: لا خلاف أن المشتري لا يضمن قيمة من مات من الولد، وقال في أول مسألة من رسم الكراء من سماع أصبغ من كتاب النكاح. وقوله: القيمة فيه يوم الحكم، ولا شيء عليه فيمت مات منهم قبل ذلك هو قول مالك في المدونة وجميع أصحابه إلا المغيرة وأشهب أوجبا على الأب قيمته يوم ولد؛ فلا تسقط القيمة عندهما بموته قبل الحكم، فظاهر نقلي ابن رُشد التناقض إلا أن يقال: ولد المستحقة عن ملك مستند؛ لضمان الأب الأم بثمنها. وفي النكاح هو غير ضامن، وعلى هذا الاضطراب يجري النظر في استدلال محمد على ضعف قول المغيرة بأنه لو كانت القيمة يوم الولادة؛ لما سقطت بموته بعد ذلك. قال ابن عبد السلام: ما قاله إن صحت موافقة المغيرة عليه ضعف قوله، وإلا فغير واحد من الشُيُوخ يرى أن الموت بعد الولادة، وقبل الحكم من ثمرات الخلاف. قُلتُ: فلم يجزم بموافقة المغيرة ولا بعدمها، والمنقول في ذلك ما قلناه، وقوله: إن صحت موافقة المغيرة ضعف قوله؛ يرده ما نقله المازري عن أشهب فتأمله. وفيها: لو قتل الولد عمداً؛ فعلى أبيه الأقل مما أخذ من قاتله أو قيمته، ولو أسقطت أمه بضرب، ولم يستهل بل الاستحقاق أو بعده؛ غرم الأب الأقل من الغرة، أو عشر قيمة أمه يوم ضربت. عياض: في أصل المختلطة: يوم استحقت، والأول أصوب. ابن وضاح: لم يصوب سحنون ما في المختلطة، فأمرنا أن نكتب يوم ضربت. قُلتُ: تقرر في علم الحديث: أن الصواب في مثل هذا ذكر ما في الأصل، والتنبيه على أن صوابه كذا لا إسقاط ما في الأصل، وذكر ما يعتقد أنه الصواب. محمد عن أشهب: لا شيء على الأب في القتل والإسقاط، كما لو اقتص من الجاني، أو هرب، أو مات الولد عن مال كثير. أصبغ: لو أعدم الأب بعد أخذه الدية؛ لم يتبع المستحق غيره. وفيها مع الشيخ عن المجموعة: لو استحقت حاملاً؛ فعلى أبيه قيمته يوم وضعه.

وقال ابن الحاجب: أثر هذه تالية لأوليين قبلها. وقال أشهب: لا شيء عليه في الجميع. ففسره ابن عبد السلام: بأنه لا شيء عليه في مسألة: المستحقة حاملاً كاللتين قبلها وهو وهم منهما، إنما قاله أشهب في القتل والغرة حسبما ذكره الشيخ والصقلي وابن بشير. الشيخ عن الموازية: لو قتل خطأ؛ اختص الأب عن سائر ورثته من أول النجوم بقدر قيمته، وورث مع سائر ورثته ما بقي، وفي تقويم الولد بماله نقل المازري قولين عن المذهب، عزا الثاني لابن القاسم في العتبية ولقول المدونة: إن أعدم الأب؛ أخذت من الولد، وقيمته بماله أكثر منه، فلو قوم بماله؛ استحال أخذ قيمته من ماله؛ لامتناع كون الجزء أعظم من الكل أو مثله وقبلوه، ويرد بمنع الملازمة؛ لجواز حدوث مال له بعد تقويمه، وقبل غرمه، وبنقل ابن رُشد في ثالثة رسم الأقضية من سماع يحيى: مال الأمة لا يسمى عند التقويم؛ إنما يقال: كم قيمتها بما لها من المال دون تسميته ووصفه، كما لاحظ له من الثمن لو استحق، وعزاه الشيخ لابن كنانة، وعزا عياض الأول لقوم. قال: وحكوه رواية، ولم يوقف عليها. ولو كان الأب يوم الحكم بالقيمة عديماً، والولد مليء؛ ففي غرمه قيمة نفسه قولا ابن القاسم فيها مع الشيخ عن المجموعة عن أشهب، وقول الغير في المدونة. الشيخ في المجموعة عن أشهب: لو فلس الأب؛ حاص المستحق بقيمة الولد غرماء أبيه. وفيها: إن كانا عديمين؛ غرمها أولهما يسراً، ولا رجوع لمن غرمها منهما على الآخر، وموته عديماً كحياته كذلك. ولو استحق الولد من يعتق عليه؛ فلا قيمة له، ولا ولاء له عليه؛ لأنه حر إنما أخذت القيمة فيه بالسنة. ابن عبد السلام: تعليله فيها مشكل؛ لأنه ينبغي عليه أن يغرم قيمته لمن يعتق عليه؛ إنما يمتنع غرمها له لو كانت عوض ما يصح تملكه. قُلتُ: يرد بأن مراده بالنسبة: أنها لا عن عوض ثبت بالفعل كثمن عبد بيع ممن

يعتق عليه، وأن السنة مع ذلك معللة بقبول ملك مالك الأم ولدها، لا أنها محض تعبد. الشيخ: في المجموعة عن سحنون: إن غرت امة أبا ربها؛ فتزوجته على أنها حرة فأولدها؛ غرم قيمتها لابنه، وكانت له أم ولد، ولا قيمة عليه للولد، ولا مهر مثل، ولا مسمى ونكاحه لغو، وذلك كوطئه إياها يظنها له أو عمداً، بخلاف غرور أمة الأب ولده بذلك هو فيها كالأجنبي في غرم مهر مثلها لا في قيمة ولدها. قُلتُ: فقولها: لو غرت أمة الأب ولده، فتزوجها، وولدت منه، ثم استحقها الأب؛ فلا شيء له من قيمة ولدها؛ إذ لو ملكهم؛ عتقوا عليه، وكذا إن غرت أمة الولد والده؛ يريد في قيمة الولد فقط. وفيها: وقف قيمة ولد المكاتبة إن عتقت أخذها الأب وإلا فسيدها. الشيخ عن محمد: يتعجلها السيد؛ لتعلق حكم الكتابة بولدها، فإن وفت بالكتابة؛ عتقت وإلا حسب من آخرها كجناية عليها. زاد الصقل عنه: إن زادت قيمته على الكتابة؛ سقط الزائد عن الأب، وقاله اللخمي. قال: وأرى إن شك في عدم الواطئ؛ لاحتمال أدائها بقيت القيمة في ذمته إن كان مأموناً ملياً، أو أتى بحميل كذلك، وإلا تعجلها السيد إن كان مأموناً غير ملد بردها إن وجب وإلا وقفت. وقول ابن عبد السلام: ظاهر كلام محمد لا فرق بين كون القيمة مثل بقية الكتابة أو أقل، وفهم بعضهم أنه إنما يكون هذا إن كانت مثل بقية الكتابة فأكثر؛ يقتضي أنها إن كانت أكثر؛ أخذها السيد، وإن كانت أقل؛ فالحكم بخلاف إن كانت مثل الكتابة، والمنصوص خلاف ذلك فيهما حسبما تقدم للصقلي واللخمي، ولا أعرف فيه خلافاً، ولا يخفى ضعفه؛ لأنها إن كانت أكثر؛ بقيت من القيمة فضله عن حريتها، فيجب سقوطها، ويمتنع توهم أخذها السيد، وإن كانت أقل؛ وجب أيضاً أخذها السيد في الكتابة؛ لرجاء أدائها أو عجزها؛ فيستحقها السيد. وفيها: قيمة أو الولد على رجاء عتقه بموت سيد أمهم، ونفيه بموتهم قبله، ولو مات سيدها قبل القضاء بها؛ سقطت.

وولد أم الولد في كون الواجب فيه لمستحق أنه قيمته على رجاء عتقه بموت سيد أمه، ونفيه بموته قبل السيد، أو قيمته عبداً ثالثها: أجرة خدمته كل يوم من يوم استحق لا من قبله، فإن استحق صغيراً؛ فلا غرم يطيق الخدمة. لمالك فيها/ وابن الماجشون. ومالك: في الثمانية. مُطرف: إن مرض؛ فلا شيء فيه حتى يصح، وإن صار ذا صنعة؛ ففيه الأجرة على أن لا عمل بيده. وفيها: لو مات السيد قبل القضاء بقيمته؛ سقطت. اللخمي: على قول المغيرة: القيمة يوم ولد؛ لا تسقط بموته، ولا موت السيد، ولو قتل الولد؛ ففي كون قيمته كذلك، أو عبداً نقلاً ابن محرز عن الشيخ وفضل، وعزاه الصقلي لبعض القريين، واحتج بأنها الواجبة في قتل ولد أم الولد، وغلطه الصقلي بأن القيمة فيه على المغرور بخلافها على الأجنبي. ابن محرز: وحكم قطع يده يجري على القولين، وقيمة بقيته على الرجاء والخوف، ويحتمل كون اليد كذلك اتفاقاً، وهو أقوى لبقاء متعلق رجاء الحرية فيه. الصقلي والشيخ عن محمد: وولد المعتقة لأجل قيمته على أنه حر إليه. اللخمي: هذا على قولها، وعلى قوله في ثمانية؛ أبي زيد: تقوم خدمته. ابن الماجشون: قيمته قيمة عبد. وولد المدبرة: في كون قيمته على رجاء حريته بعتق التدبير، أو عبداً قولها وقول محمد. اللخمي: لو مات السيد قبل النظر فيه؛ اعتبر حكم موته في رقة وعتقه أو بعضه مناب ما عتق منه ساقط، ومناب ما رق منه يغرمه أبوه. وعتق الأمة تحت عبد يوجب تخييرها في فراقه. في الإيمان بالطلاق منها: إن عتقت تحته؛ حيل بينهما حتى تختار، وعدم ذكر أكثرهم: حيل بينهما؛ يخل بفائدة معتبرة. الباجي: روى القعنبي: عتق التدبير والإيلاد والكتاب؛ كعتق البتل؛ لأن حكمهن

كأمة ما بقي فيهن شعبة رق، والعتق تحت الحر المذهب لغوه. وفيها: عتق بعضها لغو. قُلتُ: فأحرى التدبير والكتابة والإيلاد بوطء السيد أمته الزوجة في غيبة زوجها بعد حيضة من وطئه، وهو نص اللخمي عن المذهب. وروى اللخمي وغيره: علة تخييرها نقص زوجها بعدم حريته. اللخمي: وقيل: لأنها كانت مجبورة على النكاح. اللخمي: فيكون لها الخيار تحت الحر. وعزاه ابن بشير لأبي حنيفة، وقال: لم يعين اللخمي قائله. وعزاه أبو عمر لأبي حنيفة، وغيره خارج المذهب. وسمع ابن القاسم: للمعتق بعضها تحت عبد الخيار بعتقها. قُلتُ: لم، ولم أنكحت إلا برضاها؟. قال: لن حدودها وكشف رأسها كالأمة. ابن رُشد: علية تخييرها نقص زوجها لا جبرها على النكاح؛ ولذا قلنا: لا خيار لها تحت الحر، وعلى قول أهل العراق: لها الخيار علته جبرها. وفيها: لها الخيار عند غير السلطان، وبعد مجلي علمها بالعتق ما لم توطأ. وفي سماع القرينين من كتاب التخيير: قال أشهب: كتب مالك لابن فروخ بلغو قول أمة تحت عبد: إن عتقت تحته؛ فقد اخترت نفسي، أو قالت: اخترته؛ لأنه طلاق لأجل مشكوك فيه، وخلاف عمل الماضيين. ابن رُشد: وقال مالك: من شرط لها زوجها: إن تزوج عليها، فأمرها بيدها، فقالت: إن تزوج علي؛ فقد اخترت نفسي، واخترت زوجي؛ لزم قولها؛ ففرق بين المسألتين، ولهذه المسألة التي تحكى أن ابن الماجشون سأله عن الفرق فيها بين الحرة والأمة، فقال له مالك: أتعرف دار قدامة؛ دار كانت يلعب فيها بالحمام معرضاً بقلة تحصيله، وترك إعمال نظره حتى لا يسأل إلا عن مشكل كقوله لابن القاسم في سؤال له: أنت حتى الساعة تسأل عن مثل هذا، ولعمري إن مثل ابن الماجشون في تحصيله وجلالة قدره لحرٍ أن يوبخ على مثل هذا السؤال؛ لأن مالكاً لم يفرق بين الحرة والأمة،

إنما فرق بين خيار وجب بالشرع بشرط، وخيار جعله الزوج باختياره بشرط. قُلتُ: وسمعت في صغري والدي يحكي عن بعض الشُيُوخ، وأظنه شيخه؛ الشيخ الفقيه أبا يحيى ابن جماعة، أو الشيخ الفقيه الخطيب أبا محمد البرحيني أن قوله له: أتعرف دار قدامة؛ تعريض له بتقدم دخول كان. لابن الماجشون: لدار قدامة فاته بها علم ما سأله عن من الفرق، ونحو هذين الأمرين قول عياض: قال ابن حارث: كانت لابن الماجشون نفس أبيه كلمه مالك يوماً بكلمة خشنة، فهجره عاماً كاملاً، استعصى عليه الفرق بين مسألتين، فقال له مالك: أتعرف دار قدامة، وكانت دار يلعب فيها الأحداث بالحمام. وقيل: بل عرض له بالعجز، ثم قال ابن رُشد الفرق بينهما، فذكر ما تقريره تخيير العتق موجب به شرعاً، فلو لزم سابق قولها على العتق، بطل التخيير به ضرورة مناقضة التخيير اللزوم، كل ما بطل التخيير به؛ بطل ما أوجبه الشرع، فل لزم سابق قولها؛ بطل ما أوجبه الشرع، واللازم باطل قطعاً، واختيار ذات الشرط قبل حصوله لما لم يكن ملزوماً لإبطال ما أوجبه الشرع؛ لزم؛ لأنه التزام على تقدير وقوع أمر قبل وقوعه لو التزمه بعده؛ لزمه، فكذا قبله كقول الزوج امرأته طالق إن كان كذا، ثم استشهد على لغو التزام الأمة تعتق بقوله: ألا ترى لو أن غنياً قال: إن افتقرت؛ فلا آخذ الزكاة التي أباح الله للفقير، أو عن افتقرت؛ فأنا آخذها، ثم افتقر؛ لم يحرم عليه أخذه ولا يلزمه؛ لأن الشرع خيره فيهما. قُلتُ: فيما فرق به نظر من وجهين: الأول: أنه يلزمه لغو الطلاق المعلق على العصمة قبل حصولها كقوله: إن تزوجت فلانة؛ فهي علي حرام؛ بيان الملازمة أن الشرع جعل النكاح موجباً لحلية الزوجة لزوجها، فإلزامه تحريمها قبلها؛ مناقض لموجب النكاح الواجب بالشرع. الثاني: منع مناقضة إلزامها ما التزمت لما أوجبه الشرع من خيارها، وسنده أن اللزوم اللاحق لا يناقض التخيير الأصلي؛ كعدم مناقضة الوجوب العارض الإمكان الذاتي، واستشهاده بقوله: لو أن غنياً قال إلخ؛ يرد بأن الكلام في التزام ما يلزم غير

معلق إن التزم معلقاً، وما جاء به لا يلزم غير معلق بحال، ومن أنصف علم أن سؤال ابن الماجشون ليس عن أمر جلي؛ ولذا سوى بينهما مالك مرة وبعض أصحابه. حصل ابن زرقون في التسوية بينهما في لزوم ما أوقعتاه قبل حصول سبب خيارهما وعدمه. ثالثها: التفرقة المذكورة لابن حارث عن أصبغ مع رواية ابن نافع والباجي عن المغيرة مع فضل عن ابن أبي حازم، ومعروف قول مالك، وفرق الصقلي أيضاً بأن خيار الأمة؛ إنما يجب بعتقها، فاختيارها قبله ساقط؛ كالشفعة، وإسقاطها قبل الشراء، والمملكة جعل لها الزوج ما كان له إيقاعه، وله إيقاعه معلقاً على أمر، فكذا الزوجة. قُلتُ: ينتج هذا لزوم ما أوقعته من طلاق لا ما أوقعته من اختيار زوجها. فتأمله. وقول ابن رُشد: لحر يقع بياء بعد الراء ودونها وكلاهما صحيح. قال الجوهري: يقال: هو حري أن يفعل كذا بالفتح؛ أي: خليق لا يثنى ولا يجمع. أنشد الكسائي: ومن حرىً أن لا يثبنك نقرة ... وأنت حرى بالنار حين يثيب وإن قلت: هو حرٍ بكسر الراء، أو حريٌ على فعيل؛ ثنيب وجمعت. فإن نجزت مختارها حين علمها بعتقها فواضح، ولو وقفها الزوج، فقالت: أنظر وأستشير، ففي قبول قولها، والحكم عليها بتنجيزه. نقل اللخمي عن المذهب مع نصها في الأيمان بالطلاق: قال مالك: لها أن تمنعه حتى تختار أو تستشير. والشيخ عن رواية محمد: إن وقفها السلطان؛ قضت، وإلا أخرج ذلك من يدها. وعلى الأول قال اللخمي: استحسن تأخيرها ثلاثة أيام، واختلف هل يوقف الشفيع على الأخذ، والترك بالحضرة، أو يؤخر ثلاثة أيام؟. قُلتُ: الأول قولها، والثاني عزاه ابن رُشد، وغيره لرواية ابن عبد الحكم. وفيها: ولو وقفت سنة فمنعته وطأها، وقالت: لم أسكت رضىً بالمقام؛ صدقت

دون يمين كالتمليك، وصوبه اللخمي بأن لها دليلاً على صدقها، وهو منعها نفسها طول المدة. وقول ابن عبد السلام: حكى بعضهم في مسألة الكتاب هذه: سقوط خيارها لطول المدة لا أعرفه. ونقله عن العتبية: أنها تحلف، وأن بعضهم أجراه على أيمان التهم؛ لم أجده في العتبية؛ إنما فيها في رسم حلف من سماع ابن القاسم في كتاب التخيير والتكليك: من قالت له زوجته عند سفره: أخاف أن تبطئ عني، فقال لها: إن لم آتك لأجل سماه، فأمرك بيدك، فمضى الأجل، وأقامت بعده شهرين، واختارت نفسها، وقالت: أقمت انتظاراً له، ولم أترك حقي؛ لها ذلك ولا يمين عليها. ابن رُشد: لم يختلف قول مالك في هذه إلا في يمينها؛ أسقطها فيها، وأوجبها في الموازية، ورواه ابن عبد الحكم عن ابن القاسم في رسم باع من سماع عيسى: وهو على الخلاف في يمين التهمة. ولو أقامت أكثر من شهرين؛ سقط خيارها بخلاف الأمة تعتق تحت العبد، وتمام كلامه في التمليك. وفيها: إن عتق معها، أو قبل اختيارها؛ سقط. وسمع عيسى ابن القاسم: إن لم تختر لمنعها الحيض ذلك حتى عتق؛ فلها الخيار؛ لأنه ثبت بالخيار لها إنما منعها حيضها. ابن رُشد: فقوله: لها الخيار؛ ليس خلاف قولها: إن عتق قبل خيارها سقط لقوله: إنما منعها الحيض؛ يريد: أنها لم تفرط، وهو ظاهر الروايات، ويأتي على ذلك: لو عتق إثر عتقها حيث لا تفريط منها كانت على خيارها. وقال ابن زرب: سماع عيسى خلاف المدونة، وهو القياس؛ لأن علة الخيار النقص، وقد ارتفع؛ وهو الظاهر من الروايات، ولما ذكر الباجي سماع عيسى قال: روى القعنبي: إن لم يبلغها العتق حتى عتق؛ بطل خيارها. وقال: لا خيار لها إن لم تحتر حتى عتق، فيحتمل أن يكون على روايتين، ويحتمل الفرق بأن حيضها منعها.

ابن زرقون: بالأول قال ابن زرب، وبالثاني قال اللخمي. قُلتُ: ففي بقاء خيارها إن عتق قبله ثالثها: إن عتق إثر عتقها لتخريج ابن زرب مع أبي عمر عن ابن القاسم مضعفاً له بأن زوال العيب يسقط خياره ولها ولتخريج ابن رُشد من تعليله في الحيض، وعزو ابن عبد السلام الأول لعلي بن زياد لا أعرفه. اللخمي: إن عتقت وهي في عدة من طلاق رجعي؛ فلها الخيار لتسقط رجعته، ولو قيل: تمنع من الطلاق إن قال: لا أرتجع؛ رأيته حسناً. وقول ابن عبد السلام: في هذا نظر؛ لاحتمال أن لا يفي لها بذلك ويرتجعها، يرد بتمكينها من طلاقه عملاً بموجبه السالم عما يعارضه. ابن شاس وابن الحاجب: إن طلقها قبل اختيارها؛ فلها الخيار إن كان رجعياً، وإن كان بائناً؛ فلا. ابن عبد السلام: إن قيل: على القول: إن طلقة اختيارها رجعية؛ لا يكون لها طلاق لحصوله بطلقة الزوج، فالجواب بأن طلقة اختيارها، وإن كانت رجعية؛ فالرجعية فيها مشروطة بعتقه، فهي أشد من طلاقه الرجعي؛ فلم يغن عنها. قُلتُ: يرد بأن مقتضاه لو لم تكن أشد بما ذكره ما كان لها الخيار، وهو خلاف قولها في التمليك لو قال لها: أمرك بيدك، ثم طلقها، فإن قضت بواحدة؛ لزمته طلقتان، وطلقة التمليك رجعية تمكنها من طلقة رجعية، وهي في عدة من طلقة له رجعية، والجواب الحق الذي يتوجه به قولها: إن الطلاق كلي شائع في عدد آحاد متباينة بخصوصيات الأولى والثانية والثالثة، فما أوقعه الزوج من طلقة هي غير ما يجب بتخيير عتق أو تمليك؛ لأنهما إنما يتعلقان بما يصح إيقاعه حين حصول العتق، وإرادة القضاء بالتمليك، وما يصح إيقاعه بهما حينئذ مباين لما سبق قبله بالأولية، وبكونها ثانية والمباين لا يقوم مقام مباينه بحال. وفي ثاني نكاحها: إن اختارت قبل البناء؛ فلا مهر لها، وإن قبضه سيدها؛ رده؛ لأن الفسيخ من قبله. محمد: هذا إن كان السيد موسراً به يوم عتقها. ابن محرز: هذا أصل يخالف فيه ابن القاسم، يرى في هذه وشبهها أنه دين طرأ بعد

العتق؛ فلا يبطله، وإن كان معسراً به يوم العتق. ابن شاس: إن كان معسراً به يوم أعتقها؛ ففي سقوط خيارها؛ لأنه يؤدي لطلب سيدها بمهرها، وهو عديم به يوم أعتقها فيرد؛ فيبطل خيارها ناداً ثبوته لنفيه وثبوته، ثم تباع في مهرها نظراً لموجب الأحكام ثالثها: ثبوته ولا تباع؛ لأنه دين طرأ بعد عتقها. قال ابن عبد السلام: هذا الذي يشبه أصل المدونة لقولها في العتق الأول منها: قال ابن القاسم: إن باع عبدك سلعة بأمرك، ثم أعتقته، ثم استحقت السلعة، ولا مال لك؛ فليس للمبتاع رد العتق؛ لأنه دين لحق السيد بعد العتق، فلم يجعله سابقاً على العتق مع أن استحقاق السلعة يوجب نقض البيع من أصله، وليس كذلك الطلاق؛ لأنه يقتضي وجود زوجته يقع عليها الطلاق. قُلتُ: تقدم له هذا الأخذ في بيع الأمة من زوجها، والتنبيه على أن الأخذ من مسألة الرهن أقرب؛ وهي من استهلك مهر أمته قبل البناء وأعتقها، ثم طلقها زوجها قبل البناء، ولا مال للسيد؛ لم يرد عتقها؛ لأن الدين إنما لزم السيد حين طلق الزوج لا يوم العتق. وفي ثاني نكاحها: إن اختارت بعد البناء؛ فمهرها لها كمالها، إلا إن اشترطه السيد أو أخذه، ولو كان نكاحها تفويضاً، وفرض لها زوجها بعد العتق؛ فهو لها ولا سبيل لسيدها عليه؛ إذ لم يكن مالاً لها فيشترطه، وإذ لو مات الزوج، أو طلق قبل الفرض؛ لم يكن لها شيء. ابن محرز: يجري على ألسنة المذاكرين: إنما هذا على قول ابن القاسم فيمن أعتق عبده، وعليه مائة دينار أنها ساقطة، وعلى قول مالك بلزومها؛ فلسيد ما اشترطه من مهرها قبل فرضه. ابن محرز: وهذا غلط؛ لأن قول مالك؛ إنما هو فيها ألزمه السيد ذمة عبده، استثناؤه المهر قبل فرضه؛ ليس إلزاماً لذمتها. قُلتُ: قد يرد بأن إلزام شرطه في الذمة أشد في مناقضة حكم العتق منه في جزئي جرى سببه؛ فلزومه في الجزئي أحرى. وفراقها إياه بطلقة المشهور بائنة.

فيها: لم جعلها مالك بائنة، وهو لا يعرف طلقة بائنة قال: لأن كل فرقة من السلطان بائنة. اللخمي: روى ابن شعبان: إن عتق في عدتها؛ فله رجعتها؛ وهو القياس كمن طلق عليه لعيب، فزال في العدة. قال محمد: إن طلق عليه لجنون أو جذام أو برص، ثم ذهب عنه في العدة؛ فله الرجعة. وسمع عيسى ابن القاسم في كتاب العدة: إن عتقت أمة تحت عبد، فطلقت نفسها ثم مات زوجها وهي في عدتها؛ رجعت لعدة الوفاة أربعة أشهر وعشراً. ابن رُشد: هذا خلاف المدونة لنصها: لا ترجع إلا في طلاق رجعي، ونصها: طلقة الأمة لخيارها بائنة. وروى ابن نافع: له الرجعة إن عتق في عدتها. ابن نافع: ولا أقوله. أبو عمر: لا معنى للقول: إنها رجعية؛ لأنه لو ملك زوجها رجعتها لم يكن لاختيارها معنى. ابن رُشد: قول أبي عمر هذا وهمٌ؛ لأنه لم يقل أحد أنه أملك لها، وإن لم يعتق. قُلتُ: في الكافي له ما نصه: وهي طلقة بائنة. وقال بعض أصحاب مالك: إنها رجعية وليس بشيء. قُلتُ: ظاهره: أنها رجعية طلقاً خلاف نقل ابن رُشد، فعلى قول أبي عمر الأقوال ثلاثة. اللخمي: اختلف قول مالك: إن قضت باثنتين في سقوط الثانية، وسقوطها الثانية، وسقوطها أصوب؛ لزوال ضررها بواحدة. ابن زرقون عن الباجي: اختل قول مالك: إن كانت مدخولاً بها فقال في المدونة مرة: لا تطلق إلا واحدة، ثم قال: لها أن تطلق ثلاثاً. وفي المبسوط عن ابن القاسم: ثنتين؛ لأن ذلك جميع طلاق العبد. وفي المدينة: قوله الأول: لها إيقاع الثلاث.

عيسى: وبه قال ابن القاسم: ووجهه أن جهة الزوجة لما انتقل إليها الطلاق انتقل إليها العدد، وكانت جهة حرية، فكلمت فيها الثلاث. وقد روى زياد بن جعفر: إن طلقها طلقتين؛ فهي أملك بنفسها، وهو خاطب من الخطاب؛ فلم يحرمها بالثنتين. وروى محمد بن يحيى السبائي في أمة تحت عبد طلقها، ثم أعتقت في عدتها، فاختارت نفسها: بانت منه؛ لأن طلاق العبد ثنتان، فثبت في المسألة روايتان. ابن زرقون: تأمل هاتين الروايتين في قول أبي الوليد فيهما نظر. قُلتُ: أخذه الثلاث من لفظ: لها إيقاع الثلاث؛ يرد باحتمال أن يريد به البتات لا عدد الثلاث، وبتات العبد باثنتين، ويأتي من لفظ المدونة ما يؤيده، وأخذه من رواية: وهو خاطب من الخطاب؛ يرد باحتمال إرادة بعد زوج، وبأنه طلاق صدر من عبد لا من زوجته بعد عتقها، فلا يتناوله توجيهه المذكور، فإن صح ما ذكره فظاهر تحصل عليه في كون طلاق العبد الحرة ثنتين أو ثلاثاً، ثالثها: هذا إن صدر من زوجته؛ لعتقها تحته للمشهور، ورواية زياد ورواية المدنية، وظاهر نقل اللخمي، وغير واحد أن اختلاف قول مالك فيها زاد على الواحدة؛ إنما هو بعد الوقوع، وظاهر كلام الباجي وأي عمر في الكافي، وأول لفظ المتيطي أنه قبل الوقوع، وهو ظاهر لفظ البراذعي في النكاح الأول، والصواب الأول في نكاحها الأول. قال مالك: إن طلق السيد على عبده لتزوجه بغير إذنه واحدة أو اثنتين أو ثلاثاً؛ فذلك جائز. قُلتُ: إنما طلاق العبد طلقتان، فما قول مالك: ثلاثاً؟ قال: كذلك قال، وإنما يلزم الاثنتان، ألا ترى أن في حديث زبراء قالت: ففارقته ثلاثاً، وإنما طلاقه اثنتان، فإن قلت: لفظ حديث زبراء أخف من قول مالك؛ لاحتمال أن تريد زبراء بالثلاث البتات لا عدد الثلاث، ولفظ مالك لا يقبل هذا لقوله: اثنتين أو ثلاثاً، فعطفه الثلاث على اثنتين يدل على إرادة العدد لا البتات، وإلا لزم عطف الشيء على نفسه.

قُلتُ: إنما قاله مالك حكاية لأمر وقع فبين حكمه، ولفظها في الأيمان بالطلاق: إن طلقت نفيها اثنتين؛ فهي اثنتان تحرم عليه حتى تنكح زوجاً غيره؛ لأن ذلك جميع طلاق العبد. وفيها: إن عتقت وهي حائض، فاختارت نفسها أيكره ذلك؟ قال: لم أحفظه من مالك، وأكره ذلك إلا أن تختار، فيجوز ذلك لها. وسمع عيسى ابن القاسم في كتاب التخيير: لا تختار حتى تظهر، فإن فعلت؛ جاز على الزوج، ولو أخرت وعتق زوجها قبل طهره؛ لم يقطع خيارها. ابن رُشد: إن طلقت وهي حائض؛ لم يجبر الزوج على رجعتها؛ لأن الطلقة بائنة، وعل رواية أن له الرجعة إن عتق؛ أجبر على رجعتها. قُلتُ: ظاهره: ولا طلاق لها بعد ذلك. وقال اللخمي: على أنها رجعية في جبرها إشكال؛ لأن الرجعة ليست بيدها، ولا بيد الزوج؛ لأن ذلك حق عليه، فإن ارتجعها السلطان، وعادت زوجة؛ أبطال حقها في الخيار، وليس لها أن تطلق أخرى؛ لأن الطلقة التي كانت بيدها قد أوقعتها، وأرى إن جبرها السلطان وعادت زوجة أن يكون لها أن توقع أخرى، وهذه ضرورة. قال: فإن كانت صغيرة؛ نظر السلطان بما يراه حسناً لها، وكذا السفيه إلا أن تبادر باختيار نفيها، ولو رضيت بالمقام؛ لم يلزمها على قول ابن القاسم إن لم يكن حسن النظر، ولزمها على قول أشهب. قُلتُ: قوله: ولو رضيت بالمقام؛ يريد: الصغيرة، ويريد بقولي ابن القاسم وأشهب ما ذكره عنهما في كتاب التخيير قال فيه: اختلف إن خيرها، وهي صغيرة، فاختارت نفسها، فقال مالك: ذلك طلاق إن كانت بلغت في حالها. قال ابن القاسم: يريد: إذا بلغت الوطء فيما أظن. وقال أشهب وعبد الملك: ذلك خيار، وإن كانت صغيرة، وتمامها في التمليك. ويسقط خيارها فيها بقولها: رضيت بالزوج أو بوطئه إياها بعد علمها بعتقها، ورواه محمد وقال: يعني طائعة. اللخمي: القبلة والمباشرة كالإصابة، وكذا إن أمكنته ولم يفعل.

قُلتُ: هو ظاهر قولها؛ يريد: إن أمكنته بعد العلم بعتقها؛ فلا خيار لها. قال: ولو ادعى علمها بالعتق قبل وطئه إياها وأكذبته؛ صدقت. الشيخ عن محمد: لو ادعى وطئها بعد علمها بالعتق وأكذبته، فإن ثبت خلوته بها؛ صدق مع يمينه، وإلا صدقت دون يمين. اللخمي: إن اتفقا على المسيس، وادعت الإكراه، وزوجها الطوع؛ صدق مع يمينه. ابن بشير: إن وطئها بعد عتقها قبل علمها به؛ لم يسقط خيارها اتفاقاً، ولو وطئها بعد علمها به، وقالت: جهلت أن لي الخيار فطرق: اللخمي: في تصديقها روايتان لابن عبد الحكم ولها، والأولى أحسن؛ لأنه لا يعرفه إلا العلماء، وقد قال: من وطئ زوجته بعد طلاقها ثلاثاً، وادعى الجهل؛ لم يحد، وحرمة المثلثة أشهر من خيار الأمة. قُلتُ: الحد يدرأ بالشبهة. ابن محرز: القياس أن تعذر بجهلها، ووجه المشهور قوله (صلى الله عليه وسلم) لبريرة: ((لك الخيار ما لم يطأك)). المازري: معروف المذهب سقوط خيارها. وقال بعض أصحابنا: هذا بناء على أنها ادعت ما لا يشبه؛ لاشتهار الحكم بالخيار عند الإماء، ولو كانت ممن يتبين جهلها به؛ كحديث عهد بسبي جرت على القولين فيمن زنى جاهلاً بحرمة الزنا هل يحد أم لا؟.

والصحيح: إن لم يثبت أثر بسقوط خيارها مع جهلها بقاء خيارها؛ لأن من ثبت له حق؛ لم يسقط إلا بنص أو فعل يقوم مقامه، فتمكين العالمة كنصها، وتمكين الجاهلة لا دلالة له، ومثله لابن بشير قائلاً: علل ابن القُصار سقوط خيارها بشهرة حكم التخيير بالمدينة، وعليه تكلم مالك. قُلتُ: ظاهر كلام اللخمي وابن القُصار: أن متعلق الخلاف هو تصديقها في الجهل بالحكم وعدمه، وظاهر قول المازري، والصحيح: إن لم يثبت أثر بسقوط خيارها مع جهلها بقاؤه إلى آخر كلامه أن متعلق الخلاف هو سقوط خيارها في حالة جهلها وثبوته فيها، وإلا كان استلالاً منه في غير محل النزاع، وصحة الطريقين تثبت تعلق الخلاف بالأمرين، وللمسألة ذكر في عدد ما لا يعذر فيه بالجهل مذكوراً في كتاب التخيير والتمليك. الشيخ: روى محمد: إن بيع زوجها قبل عتقها بأرض غربة، فظنت أن ذلك طلاق، ثم عتقت، فلم تختر نفسها حتى عتق زوجها؛ فلا خيار لها. قُلتُ: في جري الشاذ في هذه نظر، والأظهر عدمه. الشيخ عن محمد: إن عتقت وزوجها قريب الغيبة؛ كتب له خوف تقدم عتقه، فلو اختارت قبل ذلك؛ لزم، ولا حجة لزوجها، ولو عتق في عدتها، ولو بعدت غيبته حتى يضرها انتظاره؛ فهي كمن أسلمت وزوجها الكافر بعيد الغيبة. اللخمي: إن عتقت في غيبة زوجها، فاختارت نفيها، ثم ثبت عتقه قبلها؛ فهو أحق لها ما لم تتزوج، وفي فوتها بالتزويج أو الدخول ثالثها: لا تفوت به. الشيخ عن ابن حبيب عن أصبغ: إن عتقت، فاختارت نفسها، ثم تزوجت، وثبت عتق زوجها قبلها وهو حاضر؛ فهو أحق بها، وإن دخلت، وإن كان غائباً؛ لم يكن أحق بها إلا أن يدركها. قُلتُ: الأظهر العكس. اللخمي: إن علمت بعتقها قبل بنائه بها بعده؛ فلها الأكثر من المسمى، ومهر المثل على أنها حرة، وإن كان العقد فاسداً؛ فمهر مثلها حرة اتفاقاً. الشيخ عن ابن حبيب عن أصبغ عن ابن القاسم: إن عتقت تحت عبد، وقد أراد

لعانها قبل بنائه بها إن اختارت نفسها قبل اللعان؛ فلا شيء لها من المهر، وإن اختارتها بعده؛ فلها نصفه. وله عن الموازية: إن كان الزوجان نصرانيين لمسلم فعتقت؛ فلها الخيار. وقال ابن عبد الحكم: أحب إلى أن يحكم لها بحكم الإسلام، وقاله أصبغ، وذكرها سحنون عنه، وزاد: وكذا لو كان السيد نصرانياً. وقال سحنون: إن كان نصرانياً؛ لم أعرض لهما. قُلتُ: هذا الجاري على المذهب في عتق الكافر وطلاقه. التنازع في الزوجية ودعوى النكاح على منكره دون شاهد في سقوطها ولزوم يمين المنكر كغير النكاح ثالثها: إن كانت بين طارئين لمعروف المذهب، ونقل حكاية المتيطي، نقل ابن الهندي قائلاً: لما روي أشبه شيء بالبيع النكاح وقول ابن حارث: اتفقوا على لغو دعوى النكاح اتفاقاً مجملاً، فسره سحنون بقوله: إن كانا طارئين؛ وجبت الأيمان بينهما، وقول ابن عبد السلام: قول غير واحد: الدعوى في الطارئين متوجهة؛ لأنهما لو تصادقا على النكاح صدقا فيه نظرٌ؛ لأن مراد أهل المذهب بتصديق الطارئين إنما هو إذا قدما مجتمعين مردود بنقل اللخمي في ترجمة الصداق بين النصرانيين في النكاح الثالث ما نصه: لو طرأت امرأة، ثم طرأ رجل ادعى نكاحها، فأقرت له؛ صدقا، ويأتي نحوه لابن رُشد: وكانت نزلت بتونس عام بضع وأربعين وسبعمائة، وكان قاضي الجماعة بها، فبحث عن المسألة، وقضى فيها بنقل اللخمي قاضي الأنكحة يومئذ الشيخ الفقيه أبو محمد الأجمي بموافقته لهز. وسمع يحيى ابن القاسم: من زوجه امرأة وليها، وأشهد له، ثم أنكرت علمها ذلك ورضاها، إن كان الإشهاد ظاهراً، وإطعام الوليمة، واشتهار الأمر في دارها أو حيث يرى أنها تسمعه وتعلمه أحلفت: ما وكلته، ولا فوضت إليه ذلك، وما ظننت ما كان من لعب وطعام إلا لغير وليمتي، فإن نكلت؛ لزمها النكاح، وإن كان الإشهاد بحيث يرى أنها لم تقارب علمه ككونه بالمسجد وشبهه؛ فلا يمين عليها. ابن رُشد" قيل: لا يمين عليها بحال؛ لأنها لو نكلت؛ لم يلزمها، وقيل: تحلف رجاء أن تقر، فإن نكلت؛ لم يلزمها نكاح، وتقسيمه في السماع قول ثالث.

وقوله فيه: إن نكلت؛ لزمها النكاح؛ يريد: مع يمين الزوج إن حقق عليها الدعوى، وإلا فعلى الخلاف في رجوع يمين التهمة. وسمع ابن القاسم: من زوج أخته وهي بنت عشر سنين ابن عمها ولها أم، فأقام زوجها معهم يجوز مال امرأته، ويقوم به، ثم طلب الدخول بالجارية، فقال أخوها: لا زوجة لك؛ لأن أختي لم تكن رضيت ولا أعلمناها، فأنكرت الجارية أن تكون رضيت إن كانت للزوجة بينة على رضاها، وإلا حلفت هي أخوها على ذلك، وفرق بينهما. ابن رُشد: إيجابه يمينها رجاء أن تقر بالنكاح، فإن حلفت؛ سقط عنها النكاح، وإن نكلت؛ لم يلزمها، قاله مالك في المبسوط؛ ومعناه: إن كانت بلغت، وقيل: لا يمين عليها؛ لأنها إن نكلت؛ لم يلزمها نكاح، حكى القولين ابن حبيب. وفي رواية يحيى: فذكر ما تقدم قال: ولا وجه لإيجابه يمين الأخر؛ لأنه مقر بالتزويج، وإنما يجب حلفه إن أنكر معها التزويج، فإن حل أحدهما؛ سقط النكاح، وإن نكلا؛ لم يلزمهما؛ لأن حلفهما رجاء أن يقرا. ولو أقام المدعي منهما شاهداً؛ ففي لغوه، وثبوت دعوى مقيمه مع يمينه ثالثها: يجب حلفه إن نكل، فإن كانت؛ فلا شيء لها ولا حبس، وإن كان الزوج؛ غرم نصف المهر لنقل المتيطي عن مالك وجميع أصحابه. وعن ابن القاسم في الموازية حاكياً قول القاضي: إن نكل؛ جرى على اختلاف قول مالك في دعوى الطلاق مع الشاهد، ونقل ابن شاس. وفيها: في كتاب الأيمان بالطلاق: من ادعى نكاح امرأة فأنكرته؛ فلا يمين له عليها، وإن أقام شاهداً، ولا تحبس ولا يثبت نكاح إلا بشاهدين. وسمع أصبغ ابن القاسم: من ادعى نكاح امرأة تحت زوج، وأقام شاهداً واحداً أنه تزوجها قبله عزل عنها زوجها إن كان ما يدعي قريباً لا شهادة بعيدة، وقاله أصبغ. ابن رُشد: هذا صحيح على ما في المدونة الموازية والواضحة من وجوب توقيف العرض المدعى فيه بشاهد واحد. قال عبد الملك في الواضحة: لا يعزل بدعواه حتى تقيم شاهداً عدلاً. قال محمد: فإن لم يصح له شاهداً آخر، أو كان ذلك بعيداً؛ فلا شيء على الزوجة

ولا الزوج. ابن رُشد: لأنهما لو أقرا أو أحدهما بدعواه النكاح؛ لم ينتفع بذلك. ولو لم تكن المرأة تحت زوج، وادعى رجل نكاحها وهما طارئان، وعجز عن إثبات ذلك؛ لزمها اليمين؛ لأنها لو أقرت له بدعواه النكاح كانا زوجين، وقيل: لا يمين عليها؛ لأنها لو نكلت؛ لم يلزمها نكاح، وهذا على الخلاف فيمن زوجها وليها، فأنكرت أن تكون علمت، لا فرق بين المسألتين؛ لثبوت النكاح بإقرار الزوجة، وكان القياس إن نكلت في المسألتين أن يحلف الزوج، ويجب له النكاح إلا أن ذلك لا يوجد لهم نصاً، وقد ألزمها النكاح بالنكول في آخر سماع يحي: إذا كان ثم سبب يدل على علمها به، وقد مضى القول فيه. قُلتُ: الذي مضى له انه لا يثبت النكاح بمجرد نكولها؛ بل حتى يحلف الزوج، وظاهر قوله هنا ثبوته بمجرد نكولها. المتيطي: إن أتى المدعي ببينة سماع فاش من أهل العدل، وغيرهم على نكاحه، وشهرته بالدف والدخان؛ ثبت بينهما، هذا المشهور المعمول به. وقال أبو عمران: إنما تجوز شهادة السماع في النكاح: إن اتفق الزوجان على ذلك، وإن أنكر الآخر؛ فلا. وسمع أصبغ ابن القاسم: من ادعى نكاح امرأة، فأنكرته، وادعى بينة بعيدة لا تنتظره إلا أن تكون بينة قريبة لا تضر بالمرأة، ويرى الإمام لما ادعاه وجهاً، فإن عجزه، ثم أتى بينة، وقد نكحت المرأة أولاً؛ فقد مضى الحكم. ابن رُشد: قوله: لا يقبل منه بعد تعجيزه بينة خلاف سماع أصبغ من كتاب الصدقات وظاهر المدونة؛ إذ لم يفرق فيها بين تعجيز الطالب والمطلوب، وقال: يقبل منه القاضي ما أتى به بعد تعجيزه إن كان طالباً أو مطلوباً، وفرق ابن الماجشون بين أن يعجزه في أول قيامه قبل أن يجب على المطلوب عمل، وبين أن يعجز بعد أن وجب عليه عمل، ثم رجع عليه، ففي تعجيز المطلوب قولان، وفي تعجيز الطالب ثلاثة، قيل: هذا في القاضي الحاكم لا من بعده من الحكام، وقيل: فيهما، والخلاف إنما هو إن عجزه القاضي بإقراره على نفيه بالعجز، وإن عجزه بعد التلوم والإعذار، وه يدعي حجة لم

يقبل منه ما أتى به بعد ذلك من حجة؛ لأنه رد من قوله: قبل نفوذ الحكم عليه. قال ابن عبد السلام: التعجيز في النكاح مشكل؛ لأنه يتضمن حقًا لله في لحوق الولد وغير ذلك. قلت: لما حكى ابن سهل القول بالتعجيز قال: إلا في ثلاثة: العتق والطلاق والنسب، قاله مطرف، وابن وهب، وأشهب، وابن القاسم. قال ابن سهل: وشبهها الحبس وطريق العامة، وليس النكاح منها لما في سماع أصبغ، وبالتعجيز فيه أفتى ابن لبابة، وابن وليد، ومحمد بن غالب، ومحمد بن عبد العزيز، وأيوب بن سليم، وأحمد بن يحيى، وأشار إلى استدلالهم بسماع أصبغ. قال ابن سهل: ولا يضرب فيه من الآجال ما يضرب في الحقوق لما في عقل الفروج من الضرر الذي ليس في الأموال. قلت: فقوله: لا يضرب فيه من الآجال ما يضرب في الحقوق، عكس استشكال ابن عبد السلام التعجيز فيه، وجوابه: أن منع التعجيز؛ إنما هو فيما ليس للمكلف إسقاطه بعد تقرر ثبوته، والنكاح ليس من ذلك للمكلف إسقاطة إجماعًا وأحكامه، واللد الممتنع إسقاطهما؛ إنما بعد ثبوتها، والتعجيز إنما يتعلق بما فيه الخصومة، والنزاع وهو النكاح نفسه لا أحكامه. فتأمله. وسمع يحيى ابن القاسم: من ادعت في ميت أنه زوجها ببينة على إقراره في صحته أنها امرأته كان أصدقها كذا، ولم تشهد البينة بإقرارها بذلك في حياته إن كانت في ملكه وتحت حجابه قبل قولها، وإن كانت منقطعة عنه بمسكنها؛ فلا مهر لها ولا إرث؛ إذ لو ماتت؛ لم يرثه بذلك الإقرار حتى يعرف إقرارها ما ادعاه مع شهرة ذلك وإعلانه، وتقادم إدعائه ذلك، ولو ادعت كونها في عيال ببينة على إقراره أن له امرأة لم يسمعها ولا عرفوها، ولا أدعى زوجيته غيرها؛ فلا إرث لها؛ لأنها شهادة غير قاطعة. ابن رشد: لثباته إرثها بإقراره، وكونها في ملكه؛ لأن ذلك كإقرارها بنكاحه، ولو ماتت لورثها على سماع عيسى فيمن ابتاع جارية، فولدت منه أولادًا، فكان يخبر الناس أنه تزوجها، ويحلف بطلاقها، وقيل: إنما ثبت إرثها لظهور الولد بعد إقراره بنكاحها، ولو لم يكن ولد؛ لم ترثه بكونها تحت حجابه؛ لأنها على ذلك بأصل الملك، ولو تقارا

بالزوجية معًا، ولم تكن في ملكه، ولا تحت حجابه؛ ففي ثبوت نكاحها بذلك، وعدمه قولان لابن القاسم في هذه الرواية مع سماع يحيى ابن وهب، وسماعه ابن القاسم مع أشهب: لا يثبت إلا ببينة، ويصح للشاهد أن يشهد بالقطع عليه من ناحية السماع إذا حصل العلم به؛ لكثرته وتواتره على ما في سماع أبي زيد ونوازل سحنون. وفي سماع ابن القاسم: روى أشهب وابن نافع: الجارية ينكحها أخوها، فيموت زوجها فيقول ورثته: أقيموا البينة أنها كانت رضيت تسأل إن كانت رضيت. ابن رشد: القول قولها مع يمينها أنها رضيت، فإن نكلت؛ حلف الورثة إن حققوا دعوى أنها لم ترض، وسقط إرثها، واختلف إن لم يحققوا في وجوب يمينها، وفي وجوب ردها إن نكلت. وفي شماع أشهب: ابن القاسم قال لي أشهب وابن وهب: من أقام بينه أنه تزوج امرأة وهي تجحد، وأقامت أختها بينة أنه تزوجها، وهو ينكر، ولم توقت البينتان؛ فسخ النكاحان تكافأتا في العدالة أو لا، شهدتا بالدخول أو لا، وللمدخول بها مهرها. ابن رشد: لأن أحد النكاحين فاسد بكل حال، فلما جهل؛ وجب فسخهما بطلاق، ولا عدة ولا مهر لمن لم يبن بها، وإن ماتت التي أقام البينة أنه تزوجها قبل الفسخ؛ فله نصف ميراثها؛ لنزاعه فيه مع وارثها، يقول: هي زوجتي، ويقول الوارث: بل الأخرى؛ ونكاح هذه فاسد، وإن شك الوارث في ذلك؛ حلف مدعي الزوجية، واستقل بالإرث، وقيل: لا إرث منها لعدم اليقين، وإن ماتت قبل الفسخ؛ فلمن أدعى نكاحها مهرها والإرث؛ لتيقن إرث إحداهما ادعته إحداهما، وأنكرته الأخرى؛ فلا إرث لها ولا مهر إن لم يبن بها، وتعتد كل واحدة أربعة أشهر وعشرًا إن لم يبن بها، وأقصى الأجلين إن بنى. ومن ادعت نكاح ميت بشاهد واحد؛ ففي ثبوت إرثها به مع يمينها ثالثها: الوقف للخمي عن ابن القاسم وأشهب وابن شاس عن أصبغ قائلًا: بناء على ما ليس بمال يئول إليه. قلت: نحوها قول ولائها: من مات عن ابنتين شهدتا لمدعي ولاء أبيهما بعد موته، وهما عدلتان؛ حلف وورث الثلث.

وقال غيره: لا يحلف ولا إرث له؛ لأن شهادته بالعتق لا تجوز. ابن شاس: من أقر في صحته بزوجة، ثم مات، فإن كانا طارئين، أو كان معها ولد أقر به ورثته مطلقًا، وإلا ففي ذلك خلاف، واختصره ابن الحاجب فقال: وتورث بإقرار الزوج الطارئ، وفي غيره قولان، وقبله ابن عبد السلام دون تقييد، وقول الثلاثة خلاف ما تقدم من سماع يحيى: أن ذلك مقيد بشهرة ذلك وإعلانه، وتقادم إدعائه ذلك. ابن شاس: ولو أقر بوارث غير الزوجة جرى على الخلاف في إقراره بالزوجة حيث لا ولد بناء على أن الإقرار بهما كإقرار بمال أو لا؟ قلت: عبر عنه ابن الحاجب بقوله: وفي الإقرار بوارث غير الزوج والولد قولان، فقال ابن عبد السلام: أراد في إقرار المرأة بوارث ليس زوجًا، ولا ولدًا قولان، أما إقرارها بزوج؛ فلا يصح لما تقدم، وبالولد قالوا: لا يصح؛ لأنه استلحاق، ولا يصح استلحاق غير الأب، وفيمن عدا هذا من القرابة قولان، فإن أراد هذا؛ فلا معنى لفرض المسألة في إقرار المرأة خاصة؛ لأن الخلاف أيضًا في إقرار الرجل بأخ أو ابن عم. قلت: تعقبه عليه فرض المسألة في إقرار الزوجة إلى آخر وهم؛ لأن ابن الحاجب لم يقل: وفي إقرار الزوجة، أنما قال: وفي الإقرار؛ وهو عام في إقرار الزوجة وغيرها أو أعم إن لم تكن (أل) للعموم، فحمله هو على الزوجة، وتعقبه عليه كمن رمى بريئًا وحده، وتقدم نحو هذا في قوله: والجاري كالكثير إذا كان المجموع كثيرًا، والتمسك في حمله هو على المرأة بقوله: بوارث غير الزوج لا يتم؛ لأن لفظ الزوج ليس خاصًا بالرجل؛ بل يصدق على المرأة صدقا غير شاذ. الشيخ عن ابن سحنون: إقرار أبوي غير بالغين بنكاحهما يلزمهما إياه، وإقرار سيد الأمة بنكاحها يلزمها بخلاف سيد العبد. قلت: أصل المذهب في جبره يوجب إلزامه، والفرق بجواز مباشرته العقد دون غير البالغ والأمة لغو. قال: وإن قال: ألم أتزوجك أمس، أو ما تزوجتك أمس، فقالت: بلى، ثم جحد؛ فهو إقرار منه، وإن قال: قد تزوجتك أمس فأنكرت، ثم قالت: بلى قد تزوجتني، فقال:

ما تزوجتك؛ لم يلزمه، وقال غيرنا: يلزمه، وإن قالت له: طلقني أو خالعني وهما طارئان، فإقرار منها بالزوجية، وكذا لو قال الزوج: اختلعت مني. ابن عبد الحكم: قولها: خالعني أو راجعني من طلاقك إياي، إقرار منها. ابن سحنون: وقوله: اختاري أو أمرك بيدك؛ إقرار. وقوله: أنت على حرام أو بائنة أو بتة؛ فليس بإقرار؛ لأن الأجنبية كذلك إلا أن تسأله الطلاق، فيجيبها بذلك فإقرار، وكذا أنا منك مول؛ بخلاف أنت علي كظهر أمي. وقوله: أنا منك مظاهر، أو أنت علي كظهر أمي إن وطئتك أو دخلت دار فلان؛ إقرار، وقولها -وهما طارئان-: خالعتني أمس، وأنت مظاهر أو مول مني، أو هذا ابني منك؛ فصدقها، أو قاله فصدقته إقرارً. ابن عبد الحكم: قولها: (ما أنفقت علي كما ينفق على الزوجات، أو أجر على ولدك مني هذا النفقة، أو اجعل لي طلاق نفسي منك) إقرار، ولو قال: تزوجتك قبل أن أولد؛ لم يلزمه في قولنا وقول أبي حنيفة، وهذا يدل أن اللعب في النكاح لا يلزم. قلت: إجراؤه عليه يوجد فيه قولا بلزومه، والحق أنه لا يدل على أن اللعب في النكاح لا يلزم؛ لأن هذا لعب في الإقرار بالنكاح لا نكاح لعب، والفرق بينهما واضح كوضوحه بين الإقرار بالنكاح والنكاح الثابت. وفي كتاب ابن سحنون: لو قال: تزوجتها بعد عدتها، وقالت: فيها؛ فالقول قوله، ولو قال: بعد أن أسلمت -وكانت مجوسية وهو مسلم- وقالت: قبل أن أسلم؛ فالقول قوله، وقال محمد بن عبد الحكم: القول قولها أنها كانت مجوسية. قلت: وعليهما لو قال: بعد أن عتقت؛ قالت: قبله. ابن سحنون: لو قال في يتيمة بعد أن بلغت وقالت: قبله، فرجع سحنون عن قبول قولها لقبول قوله. ابن سحنون: لو قال: تزوجتك وأختك في عقد واحد. ابن عبد الحكم: أو قال: وأختك عندي؛ وقالت: تزوجتني وحدي، ولم تكن عندك أختي فسخ لإقراره بفساده، وعليه نصف المسمى إن لم يبن، وإن لم يسم؛ فلا

شئ عليه. ابن عبد الحكم: لها المتعة. ابن سحنون: وإن بنى؛ لم يصدق في إبطال الطلاق والسكنى، وكذا إن قال: تزوجتها في عدة. قلت: كذا وجدته في نسخة عتيقة مصححة في إبطال الطلاق والسكنى وهو وهم في السكنى لاقتضائه سقوطها، لو ثبت قوله: بيمينه، وليس كذلك، وتقدم نحوه لابن بشير، والرد عليه بثالث نص نكاحها: من نكح ذات محرم، ولم يعلم، ففرق بينهما بعد البناء؛ فلها السكني؛ لأنها تعتد منه، وإن كان فسخًا. الشيخ عن كتاب ابن سحنون: من أقر في صحته بنكاح امرأة بمهر سماه وصدقته، تم جحد وهما طارئان؛ لزمه، وإن كانا حاضرين؛ صح إن أقر به الولي، وأشهدا إن لم يعترفا بالوطء وإلا حدا، ولو مات قبل إدعائها، ولم يبن صدقت إن أقر به الولي وورثته، ولو أقر بذلك في مرضه، فإن كانا طارئين؛ صدق في النكاح مطلقًا، وفي المهر إن ورثه ولد، وكان مهر مثلها، ولو كانا حاضرين، وصدقها الولي؛ بطل ولا إرث ولا مهر، وإقرار مثله في الجميع إلا سقوط المهر إن كان صحيحًا، ولو قال: تزوجتها ببينة، وقالت: بغير بينة؛ وعجز هو عن البينة، وصدقها الولي؛ صح وأشهدا، ولو أقرا بالبناء حدا إن عجزا عن البينة. قلت: هذا خلاف سماع عيسى ابن القاسم: من تعلق بها رجلان كل يدعيها زوجة، وزعمت أنهما زوجاها، وأن أولهما أجاعها وضربها، فهربت وظنت أن ذلك فراقه، فتزوجها الآخر، وأنه طلقها فسأل الأول البينة إن أقامها؛ ردت إليه بعد حلفه ما طلقها، ولا صالحها ولا يطؤها حتى يستبرئها بثلاث حيض، وإلا فرق بينهما، وتنكح من أحبت منهما. ابن رشد: معنى المسألة: أنها ليست في ملك أحدهما وتحت حجابه، وقوله: يسأل الأول البينة؛ تحتمل أنه الذي أقرت أنه أول أو الأول على دعوى الرجلين كقول أحدهما: تزوجان في محرم عام كذا، ويقول الآخر: في رجبه ولا أعلم فيها نكاحًا قبلي؛ والأول أظهر، وإنما حلف الأول مع بينته، ولم تدع امرأته طلاقه؛ لبينونتها بنفسها عنه،

ومصيرها إلى غيره على ما زعمت شبهة على طلاقها لعلها أقوى من الشاهد الواحد، ويمين الثاني لدعواها طلاقه مع كونها خارجة عن حوزه، وكذا يقول على هذا: لو انتقلت امرأة عن زوجها، وبانت بنفسها، ولم يظهر منه إنكار حتى طال الأمر، وأرادت التزويج، وزعمت أنه طلقها؛ لزمته اليمين، وإن لم تقم شاهدًا، ولو أقام كل منهما بينة ولم تؤرخا؛ لم يكن لواحد منهما نكاح إن كانتا عدلتين، وإن كانت إحداهما أعدل، ولو كانت في ملك أحدهما وعياله، وتحت حجابه، وهما طارئان أو مقران بالنكاح مع شهرة ذلك، وإعلانه كانت البينة على الآخر، فإن عجز؛ ثبتت لمن هي في ملكه دون يمين عليه على ما في سماع يحيى. وسمع عيسى ابن القاسم: من تعلقت برجل زعمت أنه زوجها، وأن نبطية زوجتها منه، وادعت بشهود، فجحد الشهود ما ادعت إن أقرا بالدخول؛ أحسن أدبهما وفرق بينهما ولو دخل؛ لأنه لو ثبتت لها بينة؛ كان نكاحهما حرامًا، ومنعني أن أعاقب في المسألة الأولى أن ذلك أمر طال عسى الشهود أن يكونوا ماتوا أو غابوا. ابن رشد: إنما لم يحدهما لإظهارهما الأمر قبل العثور عليهما، ولو أخذا في بيت فأقرا بالوطء، وادعيا الزوجية؛ حدا إن لم يأتيا ببينة على ما في قذفها ورجمها، ولو لم يقرأ بالوطء، ولا شهد به عليهما؛ أدبًا لو يحدا، وعليه محمل ما في نكاحها الأول، ويحتمل سقوطه لشهادة الأب والأخ: أن الأب زوجها إياه فرآه شبهة؛ ويريد بالمسألة الأولى التي قبلها؛ لأن كلا من الزوجين أقر بالبناء بالمرأة، وأدعى أنها زوجته، فلم ير على من عجز عن البينة حدا؛ لأنه أقر طائعًَا بأمر لا ريبة فيه، ولا رأى عليه؛ أدبًا لما ذكر من طول الأمر. قلت: ظاهر ما نقله الشيخ عن كتاب ابن سحنون: إن جحد من صدق دعوى امرأة نكاحه وهما طارئان أنه لا يعد طلاقًا منه. وقال المتيطي: من ادعت نكاح رجل، وأقامت عليه بينة، وهو ينكرها، وعجز عن دفعها؛ لزمه النكاح والنفقة، ولا ينحل نكاحه إلا بطلاق، فلو أبى الدخول؛ عزم عليه فيه أو الطلاق، إن طلق؛ لزمه نصف المهر الذي شهدت به البينة، فإن أبى البناء والطلاق.

قال ابن الهندي: كان بعض من أخذت عنه يقول: يطلق السلطان عليه بعد أربعة أشهر من وقت إبايته كالمولى؛ لأنه مضار، ويغرم نصف المهر. المتيطي: لم يجعل ابن الهندي ولا ابن العطار ولا غيرهما من الموثقين فيما أعلم إنكار الزوج النكاح طلاقًا، ولا شك أنه أصل مختلف فيه. قال أصبغ في الواضحة: من قال لأب: أنكحتني فلانة، وقال الأب: بل فلانة؛ فسخ ولا أيمان بينهما، وإن رجع أحدهما لتصديق صاحبه؛ لم يقبل منه، وغرم الزوج نصف مهر كل واحدة الأولى بإقراره، والثانية برجوعه لها. واختلف في مسألة الابن الذي زوجه أبوه وهو ساكت هو نكوله طلاق أم لا؟ وفي العتبية ما ظاهره لزوم النكاح، ونحوه لأصبغ في النوادر عن أشهب. ولابن زرب: إن أنكح وصي يتيمته من رجل، فأنكر الناكح، فقال له القاضي: طلقها، فقال: كيف أطلق من لم أنكح؟ قال له: ولعلك فعلت، فطلاقك خير لك ولها؛ فلم ير الإنكار طلاقًا. قال: وفي رسم العزبة وسماع عيسى من رواية أصبغ عن ابن القاسم: من قال في جارية بيده: اشتريتها، وقال سيدها: بل تزوجتها؛ تحالفًا وتفاسخًا، ولا تكون زوجة ولا أم ولد، وترجع الأمة لسيدها؛ لأن المشتري أقر بأنها ليست له بزوجة؛ فهو كمطلق، وأدعى أنها أمته ولا بينة له. ابن زرب: قوله: هو كمطلق؛ ليس على أصولهم، وليس إنكاره طلاقًا، واختلف أيضًا في نكاح الهزل فقال الشيخ أبو الحسن: إذا لم يقم عليه دليل؛ لزم الزوج نصف المهر، ولم يمكن من الزوجة لإقراره أن لا نكاح بينهما. وقال أبو عمران: يمكن منها ولا يضر إنكاره. قلت: هذا هو الحق؛ لأن العدم اللاحق مباين للعدم السابق كعدم العالم السابق هو ثابت في الأزل؛ لإنتفاء نقيضه وعدمه اللاحق حادث؛ لأنه بعد وجوده الحادث، إذا ثبت هذا؛ فالطلاق شرعًا إنما هو من باب العدم اللاحق، وهو رفع العصمة، أو بعض أجزائها، وإنكار النكاح من باب العدم السابق؛ فهما متباينان، والمباين لا يستلزم مباينه بل ينافيه، وما أشار إليه في رسم العزبة هو سماع عيسى في كتاب الدعوى والصلح إثر

سماعه رواية ابن القاسم: من طلب ثمن جارية بيد من ولدت منه، وزعم أنه باعها منه فقال من هي بيده: لم أشترها؛ بل زوجتنيها، إن كان ممن لا يتزوج الإماء لشرفه وماله؛ غرم ثمنها، وإن كان ممن يتزوجها قبل قوله: وتركت؛ له يطؤها؛ لأنها حلال له زوجته، أو أم ولده لإقرار خصمه أنها ولدت منه بابتياع، ولو لم يكن ولد حلف أنه صادق، وفسخ النكاح، وأخذ الجارية ربها. وقال سحنون وأصبغ: رب الجارية أقر أنها أم ولد؛ فولدها أحرار، وأدعى مالًا؛ فلا يثبت له إلا ببينة، فتوقف الجارية، وتنفق على نفسها، فيأخذ ربها من تركتها ثمنها، ويوقف باقيهما حتى يقر من هي بيده بشرائها فيأخذه. قال: فإن مات من أدعى نكاحها قبلها؛ كانت حرة لإقرار ربها أنها أم ولد، فإن ماتت بعد ذلك؛ فمالها لورثة من أقر ربها أنه باعها منه. ابن رشد: قوله: إن كان ممن لا يتزوج الإماء غرم ثمنها؛ معناه: أن القول قول رب الجارية مع يمينه إن كان ما ادعاه من الثمن يشبه، وإن لم يشبه؛ تحالفًا وغرم قيمتها يحلف ربها لقد باعها منه بما أدعى؛ ليحقق عليه شراءها، ويحلف الآخر لقد تزوجها، وما اشتراها؛ ليسقط عنه ما زاد على قيمتها. وقيل: لا يصدق ربها فيما ادعاه من الثمن، وإن أشبه إن كان أكثر من قيمتها، وهو الآتي على قول الغير في الجعل والإجارة منها: فعليه يحلف ربها لقد باعها منه بالثمن الذي ادعاه؛ ليحقق الشراء، ويحلف الآخر ما اشتراها، وإنما تزوجان؛ ليسقط ما زاد على قيمتها. وقوله: إن كان ممكن يتزوج الإماء قبل قوله؛ معناه: في تكذيب رب الجارية أنه باعها منه لا في أنه تزوجها؛ لأنه في ذلك مدع، وإن زاد في يمينه: (ولقد تزوجها منه) تحقيقًا لدعواه عند من سمعه؛ لم يثبت بذلك زوجيتها؛ لأنها لو لم تلد حلف أنه صادق في دعواه أنه تزوجها، وما اشتراها، ويحلف ربها لقد باعها منه، وما زوجها منه، ويفسخ النكاح والبيع، ويأخذ الجارية ربها. وقول سحنون: إن ولدت؛ وقفت حتى تموت؛ أظهر من قول مالك؛ لأن كل واحد من المتنازعين مدع على صاحبه، وقد أبطل صاحبه دعواه عنه بيمينه، فلم يثبت

كونها زوجة ولا أم ولد. وضعف ابن دحون قول سحنون بأن الأمة لا تخلو عن كونها زوجة على دعوى من هي بيده أو أم ولد على دعوى ربها؛ فهي مباحة له؛ لأنه لو قال رجل: كنت أولدت إمائي كلهن، وتزوجتهن كلهن إلا واحدة لا أدري هل هي زوجة أو أم ولد؟ لم يمنع من وطئها؛ لأنه حلال على أي وجه كانت. ابن رشد: تضعيف ابن دحون ضعيف؛ لأن الشراء والتزويج لم يصحا، وانفسخا بيمين كل منهما على تكذيب صاحبه؛ فلا يصح لحاكم أن يقرها بيد من هي بيده بدعواه تزويجها لانفساخه بيمين من هي بيده، ولاحتمال كذبهما معًا، وما نظرها به ابن دحون لا يشبهها؛ لأن من شك في المرأة هل هي زوجة أو أم ولد؟ لا شك في حليتها له، والحاكم في مسألتنا يشك في حليتها؛ لاحتمال كذبهما كما قررناه، وقول سحنون: الولد أحرار مفسر لقول مالك. قلت: هذا يضعف قول ابن رشد، ويصحح قول ابن دحون؛ لأن الحكم بحرية الولد؛ حكم يلازم الدعويين، وإلا لزم رقه؛ لأن أمة أمة، فكما حكم بلازمهما في الولد، فكذا في حلية وطئها من هي بيده. قال: وقوله: نفقته عليها صحيح، فإن عجزت؛ أنفقا عليها أو أعتقاها، ولا توقف بغير نفقة. وقوله: إن ماتت؛ أخذ ربها من تركتها الثمن؛ صحيح، لإقرار من هي بيده أن جميع تركتها لربها، وباقيها موقوف من كذب منهما نفسه أولًا، ورجع لقول صاحبه أخذه. وقول أصبغ: إن مات من ادعى تزويج الأمة قبلها؛ عتقت صحيح لإقرار ربها أنها أم ولد له، وكذا قوله: إن ماتت بعد ذلك لا يكون لربها من مالها شئ؛ لأنها ماتت حرة، فيرثها عصبتها الذين يرثون ولاءها لإقرار سيدها أنها أم ولد، ولا حق له قبلهم، إنما حقه قبل الميت الذي أدعى أنه باعها منه. قلت: وفي الرسم المذكور مسألة إثر هذه المسألة هي: قال سحنون: لو قال حائزها: اشتريتها، وقال ربها: زوجتكها؛ فالقول قوله، وولدها رقيق ينسب لأبيه.

أصبغ عن ابن القاسم: يتحالفان ويتفاسخان وترد لربها، ولا تكون زوجة ولا أم ولد، والحائز بإقراره أنها ليست له زوجة كمطلق، والولد في الوجه الأول حر تبع لأبيه لا قيمة عليه فيه، وفي الوجه الثاني الذي قال: زوجتك؛ رقيق. ابن رشد: هذه عكس التي قبلها لا يقبل قول حائزها؛ لأنه مدع شراءها دون بينة، وولده رقيق ينسب إليه، ويفسخ النكاح لإنكاره تزويجها مع يمينه على ذلك، فترد لربها ولا يلزمه فيها طلاق؛ بل يكون عنده إن تزوجها على طلاق مبتدأ على ما قاله أصبغ عن ابن القاسم: أنهما يتحالفان ويتفاسخان. وقوله: أنه كمطلق؛ يريد: أنه لا يصح له المقام عليها؛ لإنكاره نكاحها. قلت: هذا خلاف ما تقدم لابن زرب من حمله على أنه طلاق. ابن رشد: ولو لم تشبه دعوى ربها أنه زوجها منه؛ لكونه ليس مثله من يتزوج مثلها الإماء لشرفه وحاله موجب أن يكون القول قوله في دعواه الشراء، ويكون ولده حرًا على ما قاله مالك في المسألة التي قبلها.

الصداق الأظهر أن غير ركن في صحيح النكاح، وإسقاطه مناف له، فإمكان لزوم الصداق شرط في صحيح النكاح، ولا يرد بلزومه في نكاح التسمية؛ لأن اللزوم لعارض لا ينافي الإمكان الأصلي. وقول ابن الحاجب وغيره: ركن؛ يرد بعدمه في نكاح تفويض وقع فيه طلاق أو موت قبل البناء؛ لأن ركن الأعم لا يوجد أخصه بدونه، فإن قيل: يمنع عدمه فيها ذكر، وسنده أن عدم الشئ في وقت ما لا يدل على عدم تقدم وجوده؛ فعدمه في الطلاق والموت قبل البناء، كعدم أحد الزوجين بموته لحكم الشرع بإسقاطه بهما، كما أسقط نصف أقله المسمى بالطلاق وأبقى نصفه، وإن لم يكف في ركنيته، أجيب بأنه لو كان ثابتًا قبل في الطلاق والموت كالنصف الثاني في المسمى، أو كثبوت كله على قول لما صح قولها: لو استثنى من أعتق أمته قبل البناء مهرها؛ صح في نكاح التسمية، وبطل في التفويض قبل فرضه؛ إذ ليس بمال لها، فيشترطه، ولما ذكر ابن عبد السلام ما رددت به قول ابن الحاجب قال: والجواب أن عقد النكاح عقد معاوضة كل من العوضين فيه ركن، والصداق في النكاح أحد العوضين، ونكاح التفويض أحد تحكمات الشرع في الصداق، وتحكماته مألوفة في أركان النكاح عمومًا، وفي الصداق خصوصًا. قلت: فحاصل جوابه: أن الصداق ركن في مطلق النكاح؛ لأنه عقد معاوضة، وأنه في نكاح التفويض غير ركن، وإليه الإشارة بقوله: ونكاح التفويض أحد تحكمات الشرع، ومن تأمل هذا الكلام علم تنافيه، لأن كون الشئ ركنًا لمطلق ماهية غير ركن لأخصها متناف. وأكثر المهر لا حد له، وقول عمر ورجوعه عنه؛ لإنصافه قصته فيه مشهورة. أبو عمر: لم يختلفوا في أكثره لقوله تعالى: (وآتَيْتُمْ إحْدَاهُنَّ قِنطَارًا) [السناء: 20]. الباجي عن الجلاب: لا أحب الإغراق في كثرته. قلت: لحديث عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من يمن المرأة تسهيل أمرها

وتيسير أمرها وقلة صداقها". قالت عائشة: "وأنا أقول من عندي: ومن شؤمها تعسير أمرها وكثرة صداقها"؛ أخرجه الحافظان الحاكم وابن حبان واللفظ له، وذكر الحاكم أنه على شرط مسلم. وأقله: المشهور ربع دينار أو ثلاثة دراهم، أو ما قيمته أحدهما، وقيل: أو ما قيمته ثلاثة دراهم فقط. اللخمي: هو كقول ابن القاسم في نصاب السرقة قال: ولابن وهب: يجوز بالدرهم والسوط والنعلين. وعزا المتيطي الثاني لابن شعبان. وزاد عن ابن وهب في الواضحة: يجوز بأدنى من درهمين، وبما تراضى عليه الأهلون. وفي نكاحها الأول: لا يزوج الرجل عبده أمته إلا ببينة وصداق، ومن نكح بأقل من أقله؛ أتمه وإلا فسخ. فيها: إن نكح بدرهمين، أو بما يساويهما، ولم يبن؛ أتم ثلاثة دراهم وإلا فسخ. قلت: لم أجزته؟ قال: لأن من الناس من أجاز هذا الصداق، وفي لزوم نصف الدرهمين في فسخه نقلا الباجي عن محمد مع جماعة من أصحابنا، والجلاب مع التلباني، وجماعة من المتأخرين. ابن محرز: صوب القابسي الأول، وابن الكاتب الثاني؛ لأنه فسخ يجبر، بخلاف لو طلق؛ لأنه بنفس اختياره، وكون الزوج قادرًا على إتمامه بتكميله كحالة في اختلافهما في المهر مع قدرته على إتمامه بتصديق منازعه. المتيطي: صوب الأول غير واحد من القرويين. وقيها إن بنى؛ أجبر على إتمامها.

قال بعض الرواة: لا يجوز قبل البناء، وإن أتم الزوج ربع دينار، فإن بنى؛ فلها مهر مثلها، والنكاح مفسوخ قبل البناء وبعده؛ لأنه كأنه تزوج بغير مهر. وعزا الباجي الأول لأشهب وابن القاسم، والثاني لابن الماجشون، وفسر المتيطي بعض الرواة به، وقال إثر نقله قوله: يفسخ قبل البناء؛ زاد في رواية الدباغ: ويفسخ أيضًا بعد البناء، ولها صداق المثل كمن تزوج بغير صداق، وعلى هذه الرواية اختصر ابن أبي زمنين، والبراذعي وغيرهما، وأسقطها ابن أبي زيد وغيره. قلت: ففي حمل قول الغير على الفسخ بعد البناء طريقان: الثانية: نقل ابن رشد عنه. وفيها: إن طلق قبل البناء؛ قلها نصف الدرهمين. اللخمي: وعلى قول الغير لا شئ عليه. قلت: تقدم لابن الكاتب ما يرد تخريجه عليه، ونقله ابن بشير نصًا لا تخريجًا. وسمع عيسى ابن القاسم: من أعطته ثيب دنانير على أن يتزوجها إن زادها عليها ربع دينار؛ فلا بأس، ومن أعطته بكر ذلك؛ فسخ نكاحه قبل البناء إن لم يتم لها المهر، وإن بنى؛ لزمه مهر المثل، ثم رجع إلى ثبوته، وإن لم يبن، وعليه ما أصدقها من ماله. ابن رشد: إن زاد الثيب ربع دينار؛ جاز النكاح؛ لأنها مالكة أمر نفسها، وإن زادها أقل من ربع دينار؛ كان كمن تزوج به، فذكر قول ابن القاسم فيها: وقول الغير معبرًا عنه بقوله: يفسخ قبل البناء. وفي فسخه بعده كالموهوبة وثبوته بعده بمهر المثل كنكاح فاسد لمهره قولان: والبكر قال ابن القاسم: إن أعطاها ما أصدقها من ماله قبل البناء؛ ثبت نكاحه وإلا فسخ، وإن بنى؛ صح ولزمه مهر المثل؛ لأنه لم يرض بالمسمى إلا لظنه إمضاء العطية، ثم رجع للزوم نكاحه بغرمه ما أصدقها لاستحقاقها إياه كمشتر عبدًا بمال أعطاه إياه، ولم يستثن ماله.

باب شروط الصداق

[باب شروط الصداق] وشرطه: كونه منتفعًا به للزوجة متمولًا. الباجي عن ابن مزين عن يحيى بن يحيى: من نكح بقرآن يقرؤه؛ فسخ قبل البناء وثبت بعده. أبو عمر: روى ابن القاسم مثله. قال ابن القاسم: وكذا من تزوج بقصاص؛ وجب له على امرأة. وقال سحنون: النكاح جائز، وإن لم يدخل. قلت: هو جار على قول أشهب: يجيز القاتل على الدية. ويطلب كونه لا غرر فيه. في نكاحها الأول: من نكح امرأة على أحد عبديه أيهما شاءت المرأة؛ جاز، وعلى أيهما شاء؛ لم يجز كالبيع. قلت: لم يقع استثناء البائع النصف إلا هنا، ويمنع بما لا يملك، أو بذي غرر فيها كالخمر والخنزير والبعير الشارد والجنين والثمرة قبل بدو صلاحها. قلت: يريد على البقاء. اللخمي: إن نزل؛ ففي مضيه كنكاح التفويض يثبت فيه بمهر المثل، ويسقط بالطلاق وفسخه قبل البناء، ثالتها: وبعده لروايات ابن القصار مع القاضي قائلًا في حمل رواية الفسخ قبل البناء على الوجوب أو الاستحباب قولًا أصحابنا. وسمع ابن القاسم: كراهة إنكاح مدين بخمسين دينارًا ممن هي له على أن

يؤخره بها. ابن القاسم: هو حرام يفسخ قبل البناء، وبعده لها مهر المثل، ويرد المال لأجله. ابن رشد: معنى قول مالك: أن الولي اشترط ذلك في العقد دون تسمية مهر فكرهه؛ إذ لا أثر له في فساد العقد؛ إذ لم يقع عليه المهر، فيمضي النكاح، ويسقط التأخير، وتكلم ابن القاسم على أنه زوجه بمهر مسمى على ذلك، فيكون التأخير فسادًا في المهر؛ لأنه حط منه بسببه، فوجب فسخه قبل البناء، ويكون فيه مهر المثل بعده، وظاهر قوله: مهر المثل سواء كان أقل من المسمى أو أكثر، ويأتي على المشهور في البيع والسلف أن يكون لها بعد البناء الأكثر من مهر المثل أو المسمى. قلت: يرد بأن النكاح مبني على المكارمة. قال: ويفسخ قبل البناء في كل حال، وقول بخلاف البيع والسلف الذي يثبت إن أسقط السلف مشترطه؛ لأنه بين المتبايعين، وليس هو هنا بين الزوجين. وفيها: إن تزوجها على دار فلان، أو على أن يشتريها لها؛ فسخ قبل البناء وثبت بعده بمهر المثل. وسمع ابن القاسم: من تزوج امرأة على أن يعتق أباها، فاشتراه فأعتقه، ثم طلقها قبل البناء؛ غرمت نصف قيمته، وجاز عتقه. ابن القاسم: لا يجوز هذا النكاح؛ لأنه لم يصل إليها شئ من المهر، هو أعتقه، وله ولاؤه، ويفسخ إلا أن يبني، فيثبت بمهر المثل، ولا يرجع عليها بشئ، وأخبرني من أثق به عن مالك أنها تغرم نصف قيمته، وأخبرني بعض جلسائه عنه أن لا غرام عليها، والأول أحب إلي. ابن رشد: قوله: فاشتراه؛ بدل أنه لم يكن في ملكه يوم عقد النكاح، ومعروف قوله: لا يجوز النكاح على عبد فلان، وجوزه هنا؛ إذا لم ير النكاح فاسدًا؛ لأنه أوجب للزوج الرجوع عليها إن طلق بنصف قيمته، وجوز العتق كنكاح صحيح؛ لأن الفاسد لصداقه لا يجب صداقه إلا بالبناء، فلو كان فاسدًا؛ لم يجب له عليها في طلاقة قبل البناء شئ؛ لأنه هو أعتقه، أو لا وجب له عليها كل ثمنه؛ لأنه لما أعتقه بأمرها، فكأنها قبضته وأعتقته.

وروى أبو عبيد عن مالك: أن النكاح على عبد فلان جائز، وإنما أجاز مالك نكاحه وإن لم تملكه المرأة ولا ولاءه؛ لأنه مال من أمواله بعد الشراء لو قالت: أعطيك مالًا على أن تعتقه ولك ولاؤه؛ جاز، وصح له أخذ المال، فهو لم يرض أن يخرجه عن ملكه إلا ببضعها، وإن لم تملكه طرفة عين، ولا وصل إليها شئ من المهر؛ فلا بأس به؛ لأنهم أجازوا أن تقول المرأة: أتزوجك على أن تعطي عبدك فلانًا، وإن لم تملكه، ولا وصل إليها منه شئ، وعلل ابن القاسم فساد النكاح بأنها لم يصل إليها من المهر شئ؛ إنما أعتقه وله ولاؤه، فعليه لو تزوجها على أن يعتق عنها أباها ويكون لها ولاؤه، ومنعه ابن الماجشون، ففي جوازه: ولو أعتقته عن نفسه، ونفيه: ولو على أن يعتقه عنها، ثالثهما: على أن يعتقه عنها لمالك وابن الماجشون وابن القاسم على أصله في فسخ نكاح من أعتقه ربه عن زوجته بمال أخذه منها. ونقل ابن القاسم اختلاف قول مالك في رجوعه عليها في طلاقها بنصف قيمته؛ إنما هو في مسألة المدونة فيمن تزوجها على من يعتق عليها بدليل اختيار ابن القاسم قول مالك الأول كما قاله في المدونة؛ لأن مسألة العتبية لا يوجب ابن القاسم فيها للزوجة شيئًَا قبل البناء؛ لأنه نكاح فاسد، فوهم العتبي في سياقته عليها، ونكاحها على من يعتق جائز إتفاقًا، ويعتق عليها علمًا أو جهلًا أو أحدهما، بكرًا كانت أو ثيبًا. قاله ابن حبيب، وهذا في البكر إن لم يعلم الأب أو الوصي، وإلا لم يعتق عليها. وفي عتقه عليه قولان، وإن عتق عليها، ولم تعلم، وعلم الزوج؛ تبعته بقيمته؛ لأنه غار، وقيل: لا يعتق عليها إذا غرها، ويرد إليه، وتتبعه بقيمته أو نصفها إن طلقها قبل البناء، اختلف فيه قول ابن الماجشون. ولابن كنانة: إن غرته هنا؛ فسخ قبل البناء، وثبت بعده ويعتق وتغرم له قيمته، ويغرم لها مهر مثلها، ولو علمت دون الزوج؛ لم تتبعه بشئ وله إن لم يعلم -علمت أم لا إن لم يكن لها مال- رد عتقه ليباع لجهازه، وأن يرجع في نصفه إن طلقها قبل البناء. وفي كونه بمطلق من صنف غير موصوف جائزًا إبتداءً أو بعد وقوعه، أو إن خصص بجنس له رابعها: لا يجوز لقول التلقين: يجوز على وصف، أو عبد مطلق أو جهاز بيت مع ظاهر نقل عياض عن ابن القصار أنه كنكاح تفويض، وظاهرها

والصقلي عن ابن محرز عن سحنون، وغير واحد عن ابن عبد الحكم، وفي كون قول ابن محرز: (إن كان للنكاح جنس معتاد؛ جاز وإلا فسد) خامسًا نظر. وكونه بمطلق من جنس اعم ممنوع لقول الشيخ عن محمد: نكاحها بعرض؛ لم يوصف من أي العروض يفسخ قبل البناء حتى يقول: بثوب كتان أو صوف، وإن لم يصفه؛ فلها الوسط، وكذا في اللؤلؤ، قاله ابن القاسم. قلت: يريد: أنه يمنع بلؤلؤ غير موصوف مطلقًا لقولها: إن كاتبه بلؤلؤ غير موصوف؛ لم يجز لتفاوت الإحاطة بصفته، والكتابة أخف من النكاح في الغرر، وقول ابن حارث: اتفقوا فيمن تزوج امرأة على عبد أن لها عبدًا وسطًا خلاف نقله قول ابن عبد الحكم. وفيها: قال مالك: إن تزوجها على خادم أو بيت؛ جاز، ولها خادم وسط والبيت الناس فيه مختلفون، للأعراب بيوت عرفوها وشورة عرفوها، وشورة الحضر لا تشبه شورة البادية. قلت: فعلى بيت من بيوت الحضر قال: جائز إن كان معروفًا كما في البادية. قلت: فعلى شوار بيت؟ قال: نعم، إن كان معروفًا عند أهل البلد، وإن لم يضرب لذلك أجلًا، وفي كون المراد بالبيت الشورة أو المبنى طريقا عياض مع ابن محرز، وظاهر نقل الصقلي عن أبي عمران: يجوز على بيت يبنيه لها إن كان ببقعة معينة في ملكه ووصف بناءه وقدره. ابن محرز: لا يجوز على بيت مضمون يبنيه؛ إذ لابد من ذكر موضعه، فيصير المضمون معينًا. الشيخ: لا يجوز على بيت مضمون يبنيه. الصقلي: لأنه يصير إلى السلم في معين، وهو ظاهر الواضحة، وفي الموازية خلافه، ولو تزوجها بنصف عرصه له على أن يبنيها لها بناءً تواصفاه؛ ففي جوازه فتوى ابن رشد على قول ابن القاسم بجواز البيع والإجارة في المبيع، وقول بعض الأندلسيين. قلت: ولا يمنع على قول سحنون بمنع البيع والإجارة في المبيع؛ لأن النكاح أخف في البيع.

ولابن فتوح: إن تزوجها بعرصه على أن عليه بناءها ولم يبينه؛ فعليه أن يبني لها دارًا وسطًا من دور مثلها، وتم النكاح، وعلى المشهور سمع عيسى ابن القاسم: يقضي بوسط الصنف فيها لمالك به حالًا، وليس للزوج دفع قيمته إلا باختيارها، وسمع ابن القاسم من نكحت بأرؤس اشتري لها الإماء لا العبيد، وليس فيه سنه إلا ما جرى عليه عمل الناس، وسمع من نكحت بأرؤس دون ذكرها من حمران ولا سودان؛ فلها نصف القيمتين. سحنون: إن كان رقيق البلد من أحدهما قضي به وإلا فكما قال: ويقضي بالإناث لا الذكور. ابن رشد: إنما يقضي بنصف القيمتين إن كان رقيق نكاح البلد الصنفين والمهر عبد أو ثلاثة، ففي الثلاثة عبدان من الصنفين، ونصف قيمة واحد من أحدهما، وباقيها من الآخر، كما لو كان رأسًا واحدًا، والقيمة يوم عقد النكاح، ولو طلق، سمعه عيسى من ابن القاسم، والأشبه لزومه عبدان من الصنفين شركة بينهما لسماع أصبغ ابن القاسم: من قطع أنملة رجل عليه عشرة من الإبل بأسنان الدية يشركه المقطوع فيها بقدر دية الأنملة، ثم يتقاسمان أو يبيعان، والقيمة في ذل جارية على قولهم في الخطأ في الزكاة تجب عليهم شاة. اللخمي: إن تزوجت بعبد لم يصفاه، وطلقها قبل البناء، فروى محمد وابن حبيب عن مالك وأصحابه: لها نصف قيمة عبد وسط يوم العقد. اللخمي: وليس بحسن، وأرى عليه عبدًا على الصفة يكون بينهما ليس كمن وهب نصف دينار لمن هو عليه هذا يقضي عليه بنصف قيمته دراهم؛ لأن الأغراض تختلف في العبد لا في الدينار. قلت: يرد بأنها لا تختلف في آحاد الدنانير والدراهم لا فيما بين الدنانير والدراهم. وسمع عيسى ابن القاسم: من نكحت على رأسين بمائة كل رأس بخمسين، ثم غلت الرقيق كل رأس بمائة إن ذرت الخمسون صفة للرأس، كصفة معلومة في البيع والسلم؛ لزمت الصفة، غلت الرقيق أو رخصت، وإن ذكرت كي لا تزول غلت الرقيق أو رخصت؛ فالزوج كوكيل على الشراء بخمسين ليس عليه غيرها.

ابن رشد: أمرهم على العدد حتى يعلم قصدهم الصفة. وفي رسم مرض من سماعه: إن سموا للرؤوس ثمنًا؛ لم يعتبر الوسط، والمرأة مخيرة في أخذه بالأرؤس على تلك التسمية، أو بها دون الأرؤس إلا أن يحضرها على التسمية قبل تخييرها التسمية؛ فلا خيار لها كوكيل على شراء شئ لموكله نهاه عنه قبله لا بعده، ولو طلقها قبل البناء؛ فلها نصف التسمية من الثمن، ولا يجبر الزوج على رأس بتلك التسمية يكون بينهما، قاله ابن حبيب عن مالك وأصحابه. قال: ولم أعلمهم اختلفوا فيه إلا ما لأصبغ في المرأة الدنية يسمى لها في الثياب ثمن رفيع. اللخمي: إن كانوا يسمون الثمن تجملًا، ففي لزوم الوسط من المثمون، ولزوم الشراء بالثمن قولًا أصبغ إن سمى الرداء بعشرين دينارًا للسمعة أعطى الوسط وغيره. وفيها: إن تزوجها على غائب من دار أو أرض أو غنم؛ جاز إن وصف، وإلا فسخ قبل البناء ومضى بعده بمهر المثل. زاد في سماع أصبغ ابن القاسم: وله البناء إن قرب المهر، وإلا فلا كالشراء. فيها: وإن هلك العبد؛ فلها قيمته. ابن رشد: يريد: ما لم يتفاحش بعده، وفي حده خلاف. قال فضل: إجازته. اصبغ بالمدينة: ففي إفريقية غلط؛ لن ابن مزين حكى عنه: إنما يجوز بالمدينة فيما بمصر، وبمصر فيها بإفريقية، وقاله ابن حبيب. الباجي: روى ابن حبيب: لا خير فيه بإفريقية بما في المدينة. ابن رشد: وحد القرب كالبيع ثلاثة أيام ونحوها. أصبغ: الأربعة والخمسة. وقال ابن حبيب: له البناء في بعيد الغيبة، ويستحب تقديمه ربع دينار. قلت: في تهذيب عبد الحق عن ابن القاسم: لا يبني في بعيد الغيبة، ولو قدم ربع دينار كان سماه مع الغائب؛ لن النقد في الغائب لا يجوز. عبد الحق: في قوله نظرً؛ لأن الممنوع فيه شرط النقد لا الطوع به فكذا البناء.

قلت: ظاهره: أنه فهم كلام ابن القاسم على منع البناء، ولو كان غير مشترط، وظاهر قوله في السماع: كالشراء أنه مثله إنما يمنع بشرط. ابن رشد: قوله: إن هلك العبد؛ فهو منه؛ يريد: قرب أو بعد على ما اختاره في ضمان الغائب. وقوله: لها قيمته على أصله في العرض المهر يستحق. وعلى سماع أشهب: لها مهر المثل. وفي العشرة ليحيى: مصيبة المهر من المرأة بالعقد بخلاف البيع. وزاد: لو ماتوا قبل النكاح؛ انفسخ، ويلزم عليه إن استحق المهر العرض قبل البناء؛ انفسخ النكاح، وكذا إن مات العبد الغائب المهر بعد العقد قبل قبضه على أن المصيبة من الزوج. ابن بشير: إن قريبت غيبته؛ صح البناء، وإن توسطت؛ ففي صحته بشرط النقد قولان. قلت: فالأقوال أربعة، ولفضل: قول ابن القاسم: إن تزوجت بعبد غائب، فمات بعد العقد فسخ النكاح بعيد؛ بل الواجب قيمته. ابن محرز: الصواب: يخيره في غرم قيمته؛ ليتم نكاحه وفسخه. قلت: فالأقوال ثلاثة. وفيها: إن نكحها على عبد موصوف؛ لم يضرب له أجلًا جاز حالًا كقول مالك: إن نكحها على عبد؛ لم يصفاه ولم يؤجلاه، كان عليه عبد وسط حال. وروى صاحب الكفي: من نكح بمهر لغير أجل فسخ قبل البناء، وثبت بعده بمهر المثل. ابن عبد السلام عن بعضهم: إن كان مع حال وأجل؛ لم يجزه لتعارض احتمال كونه مع أحدهما، فحصلت الجهالة، وأظن في أحكام ابن سهل خلافه فينظر فيها. قلت: ما نقله عن بعضهم لا أعرفه، ولم أجد في احكام ابن سهل مثله، ولا خلافة وتوجيهه بما ذكر لغو على المشهور؛ لأن ما معه من حال يقابل الأجل، فيجب اعتبار حكم نفسه، وهو الحلول على رواية أبي عمر.

وفيها: إن تزوجها بدنانير بعينها غائبة؛ لم يجز إلا أن يشترط بدلها إن تلفت كالبيع، ولو حضرت ونقدها؛ جاز فيهما. بعض القرويين: إنما يلزم شرط البدل إن شرط قبض السلعة. قال محمد: وهو تفسير. زاد محمد: وإن لم يشترط بدلها؛ جاز البيع ووقفت السلعة حتى تقبض الدنانير. المتيطي: وعليه يجب منع الزوج البناء حتى تقبض. قلت: قول غيره فيها يجوز البيع دون شرط البدل والحكم يوجبه؛ جار في النكاح، وظاهرها مع غيرها فساد النكاح بمعين غير معلوم ولا موصوف. وأجاب ابن رشد القاضي ابن مسرة فيمن نكح على دار بقرية كذا، وتكسير ثلث مدي نصفه في أرضه البيضاء، ونصفه في زيتون والتكسير بقرية الزوج مجهول: بجواز النكاح ما لم يكونا جاهلين بصفة ما ذكر، وهم على العلم به حت يثبت جهلهم، فيفسخ قبل البناء، ويثبت بعده بمهر المثل، وعدم كتب علمهم بذلك تقصير لا يوجب فسادًا، فيعرف تكسير مبذر المدى بأرض تلك القرية، ويكسر كل ما للزوج بها حين عقد نكاحه، فتكون شريكة للزوج بذلك الجزء ما بلغ في كل أرضه بها جيدها ورديئها سقيها، وبعلها على الإشاعة، وكذا فيما له من الزيتون، وأما الدار التي ساق لها، ولم تعين في كتاب الصداق، ولم تحد فيه، فإن كان له بالقرية دار على صفة ما ذكر في كتاب الصداق قضى بها لها، وإلا لزمه لها قيمة دار بالقرية المذكورة على صفة ما ذكر في كتاب الصداق في أوسط مواضع القرية. فقال ابن مسرة: أين يقع هذا من قول ابن حبيب النكاح بأرض لزوج لا يذكر موضعها، ولا حدودها ولا ذرعها، ولا يعرف مبلغها، ولا توصف بحالها يفسخ قبل البناء، ويثبت بعده بمهر المثل، وسواء أصدقها أرضًا وسكت، أو قال: أرضًا لزوج بقرية كذا، أو قال: أرضًا لزوج يختارها إن كانت في قرية فلانة إلا أن يقول: أرضًا للزوج في قرية فلانة، ولم يقل: تختارها، فإن عرفت أرضه في تلك القرية أو عرفها أبوها وهي بكر؛ جاز، وكانت شريكة له في أرض قريته بأرض زوج إن كانت أرضه ثلاثة أزواج؛ فلها ثلثها، كذا روى أصبغ وغيره عن مالك.

ابن رشد: قول ابن حبيب: إلا أن يقول: أرضًا لزوج في قرية فلانة؛ معناه: إلا أن يقول: أرضًا لزوج من أرضي بقرية فلانة؛ لأن الاستثناء لأقرب مذكور. قلت: قول ابن رشد: معناه: إلخ؛ تقييد للمستثني بزيادة (لي) الدالة على ملك الزوج. وقوله: لأن؛ الاستثناء لأقرب مذكور؛ فظاهره تعليل للتقييد، وهو غير مناسب له، فيجب كونه تعليلًا؛ لصحة الكلام المدعى تقييده بتقرير نفي ما يوهم بطلانه، وهو استثناء غير مذكور؛ لأن قول ابن حبيب: غلا أني قول إلخ؛ هو نفس القول الثاني المعبر عنه بقوله أو قال: أرضًا لزوج بقرية كذا؛ فصار كقولنا: ما جاءني زيد ولا عمرو ولا أعمامي إلا عمرًا إن رد الاستثناء للثاني؛ بطل، وللأخير صح، فيجب له لقربه. ابن رشد: فمذهبه إن قال: أرضًا لزوج من أرضي بقرية فلانة؛ فلم يجز إن قال: تختارها، ولو تساوت في الطيب، وجاز إن لم يقله، وكانت شريكة بقدر ذلك من أرضه، ولو اختلفت في الطيب على أصله في منع شراء ثوب يختاره من ثبات إلا أن تتخذ صفة الثياب في الجودة؛ لأن الأرض، وإن ستوت الأغراض تختلف في نواحيها، ومنه منع الغير في كتاب كراء الأرضين: كراء الأرض بالذرع، ولو استوت، ويتخرج في النكاح بأرض تختارها المرأة من أرض الزوج، وهي مختلفة للطيب والكرم، وهي على صفة واحدة من سقي أو نضح أو بعل. لابن القاسم قولان: الجواز: من إجازته في كتابة الخيار شراء ثوب يختاره من ثياب، وإن كان بعضها أفضل من بعض إن كانت على سرد واحد. والمنع: من قوله في كتاب الدور والأرضين: كراء الأرض بالأذرع لا يجوز إن كانت مختلفة، ويقوم اختلافه أيضًا من اختلاف قوله في قسم الأرض: إن اختلفت في الطيب والكرم، وإن اختلفت في السقي بالعين والنضح والبعل؛ لم يجز النكاح بأرض زوج منها تختارها إلا على قول ابن أبي سلمة، وعلى أنها لا تختارها جائز استوت أو اختلفت. قلت: في فتوى ابن رشد نظر من وجهين:

الأول: أن في السؤال النص على أن تكسير مبذر المدي في القرية مجهول؛ ومعناه: أن قدر مساحته مجهول، وإذا كان مجهولًا؛ كان النكاح على قدر مجهول، وهذا يوجب فسخه قبل البناء. الثاني: قوله: إن لم يكن بالقرية دار؛ لزمته القيمة إن أخذه، فالنكاح على هذا التقدير وقع على دار ليست في ملكه، فيصير كمن نكح على دار فلان، وهذا يجب فسخه قبل البناء، وإن حملها على أنها مضمونه؛ فكذلك حسبما مر فتأمله. فتعقب ابن مسرة: إن أراد به هذا فواضح، على أنه بعيد من لفظه، وإلا فقيه نظر. وابن عات: سئل ابن زرب: عن من تزوج امرأة على دار يقيمها في قريته إن كانت له أرض بقيمتها فيها جاز النكاح، وبنى لها دارًا متوسطة، وإن كان لا أرض له لم ينفذ النكاح بخلاف النكاح على خادم ولا خادم له؛ لأن التسليف يجوز في الخدم لا في الدور. وروى محمد: يجوز بدين على رجل، ولا يبني حتى يقتضي ثلاثة دراهم، وقال أيضًا: له البناء، وإن لم تقبض شيئًا؛ لنه حق لها بيعه. اللخمي: شرطه دينار يسر المدين، وعدم امتناعه من القضاء بالغًا ربع دينار إن كان حالًا، أو بلوغ قيمة ذلك إن كان مؤجلًا. وللشيخ عن ابن سحنون: لو برئ مجروح امرأة بموضحة او منقلة؛ ففي جواز نكاحه إياها بالأرش، وكراهته قولًا أصحابنا، فإن طلقها قبل البناء؛ تبعها بنصف الأرش، ولو لم يطلقها، وانتقض جرحه، ونزي فيه ومات، فإن أقسم ورثته لمن جرحه مات؛ وجبت ديته على عاقلتها، وأخذت هي منها، أو من صلب ماله دية الموضحة أو المنقلة، وترث من ماله دون ديته، وإن لم يقسموا؛ سقط عنها الأرش، وصارت كمن تزوجته بدين له عليها ومات، ولو تزوجها، وهو مريض على أرض الضربة، وما يحدث عنها ومات؛ لم يجز؛ لأنه نكاح مريض لا إرث لها ولا مهر، فإن اقتسموا أخذوا الدية من عاقلتها، وإلا فعقل الموضحة أو المنلقة في مالها. وفيها: من تزوجت على قلال خل بأعيانها، فوجدتها خمرًا كمن تزوجت على مهر وجدت به عيبًا؛ ترده وتاخذ مثله إن كان يوجد مثله وإلا فقيمته.

أبو حفص وعبد الحق: إنما لم يفسخ النكاح بخلاف البيع؛ لثبوت أثر العقد بحرمة الصهر. قلت: يتخرج القول بفسخه على ما في استحقاق المهر. ابن رشد: في رسم العشور من سماع عيسى: إن نكحها بعبد، وأحدها يعلم أنه حر؛ فسخ قبل البناء، وثبت بعده بمهر الثل، وعزاه اللخمي لسحنون نصًا. عياض: في رجوعها بمثلها أو قيمته، ثالتها: إن دخلا على الكيل؛ فمثلها وإلا فقيمتها، ورابعها: إن قضت الأغراض فيها كالعين؛ فمثلها وإلا فقيمتها، وخامسها لابن عبد الحكم: مهر مثلها، وعورض بقوله في العبد المهر: يستحق بحرية لها قيمته. ابن محرز: لا معنى لقول سحنون؛ لأنه جزاف يعرف قدره، فقوله فيه: خلاف قول ابن القاسم: أنه كمكيل وفاق لقول محمد: فاسد شراء الطعام جزافًا يفوت بحوالة الأسواق. عبد الحق عن أبي عمران: ووفاق لقوله: من استحق ما اشتراه بصبرة جزافًا فاتت بعد معرفة كيلها؛ رجع بقيمتها لا مثلها، وعلى الأول قال ابن محرز: إن طهرت بالغسل؛ ملئت خلًا، وإلا عبرت بالماء، وغرم مثله خلًا. أبو حفص: ومعناها: أنها حاضرة مطينة عقد عى صفتها؛ لأن تطيينها عذر، واستشكل عياض تصويرها، ثم قال: لا وجه لصورتها إلا أن يكونا رآياها فظناها خلًا بما شبه عليهم، أو اطلعا على بعضها، وحملا على ذلك بقيتها، أو كانت معفصة، وحلها يفسدها، فاستغنى بالإطلاع على بعضها. قلت: مقتضى هذين الجوابين: أن المطلع على كونه خمرًا بعضها لا كلها، ولفظ المسألة ظاهر، أو نص في أنه كلها. وكلام الشيخين يدل على عدم وقوفهما على نقل العتبي عن أصبغ. قوله: قلت لابن القاسم: إتباع قلال خل مطينة لا يدرى ما فيها ولا ملؤها. قال: إن مضى عليه عمل الناس؛ أجزته، كأنه لا يرى به بأسًا، وتمامها في شراء الغائب. اللخمي: لو تزوجها بقلال على أنها خمر، فظهر كونها خلًا؛ ثبت النكاح إن

رضياه، كما لو نكحها على أنها في العدة، فظهر كونها في غيرها، ولمن شاء منهما فسخه؛ لحجته بظهور خلاف المعقود به، ولا حجة لهما في العدة؛ لأنها حق لله لا لأحدهما. وما عقد بخمر ونحوه، او غرر في مضيه بالعقد، وفسخه مطلقًا ثالث روايات القاضي مع ابن القصار: ما لم يبن. القاضي: في حمل الأخيرة على الوجوب أو الاستحباب قولًا أصحابنا، والمشهور الثالثة، ولو دعي الزوج في هذا النكاح للبناء أو النفقة لظن صحته فأنفق، ثم اطلع عليه، ففسخ، فقال بعض الأندلسيين: يرجع عليها بما أتفق، ولها فيمن ابتاع دارًا على أن ينفق على البائع حياته، وقال عبد الله بن الوليد: لا يرجع عليها؛ لأن فسخه غير واجب. قلت: ويرد بأن الفرض الحكم بفسخه، ومراعاة الخلاف مع الحكم بنقيضه لا يصح، والأظهر جريها على الخلاف في النفقة لحمل فانفش. وفيها: تردد المرأة ما قبضت من عبد أبق ونحوه، وما فات بيدها بتغير بدن أو سوق؛ ضمنت قيمة ما يقوم، ومثل ماله مث إن زالت عينه أو تغيرت. اللخمي عن ابن حبيب: إن عثر عيه قبل البناء؛ فالضمان من الزوج وله نموه، كما لو طلق في الصحيح، وإن بنى بها؛ ضمنته وعليها قيمته. اللخمي: يريد: لما أسقط الطلاق في صحيح النكاح ضمان النصف؛ أسقط الفسخ ضمان الكل، والأول أحسن؛ لأن المطلق مختار. قلت: قال ابن حبيب في الواضحة عقب ذكره قول ابن القاسم: خالفه أصحابه وقالوا: لا ضمان عليها، ولابن رشد في آخر مسألة من رسم الجواب من سماع عيسى: معلوم المذهب، ومنصوصه: أن ما فسد لصداقة لا شئ للمرأة فيه إلا بالبناء، ولأصبغ: من تزوج بغرر، ومات قبل البناء لها عليه مهر مثلها، وإن طلق؛ فلا شئ عليه، فراعى التسمية الفاسدة، وجعله كنكاح تفويض على قول من رأى وجوب المهر فيه بالموت، وليس بمعروف في مذهبنا. قلت: في النوادر: قال محمد: قال أشهب: من نكح بثمرة؛ لم يبد صلاحها إن طلق قبل البناء؛ لزمه الطلاق، ولا مهر عليه، وعليه في الموت مهر المثل، وهذا غلط، وقال

أصبغ: لا مهر لها ولها الميراث. قلت: وهذا خلاف نقل ابن رشد عن أصبغ. الشيخ عن الموازية: من نكح بثمرة قبل بدو صلاحها على جدها بلحًا؛ جاز، فإن تأخرت حتى جدتها بسرًا أو رطبًا أو تمرًا؛ مضى النكاح، وإن لم يبن وردت الثمرة، ولها قيمة البلح مجدودًا يوم النكاح ونصفها إن طلقها قبل البناء، وترد مكية ما أكلته، فإن جهلت؛ فقيمته. اللخمي: إن كانت قائمة أخذها الزوج، ولا شئ عليها؛ لأنها دخلت على جدها بلحًا، فجدتها رطبًا؛ فلم تزده إلا خيرًا، بخلاف ما لو تزوجت بها على البقاء، والشأن جدها يابسة، فجدتها قبل يبسها؛ لزمتها قيمتها، ولو كانت موجودة؛ لأن جدها قبل يبسها فساد. قال بعض شيوخ عبد الحق: ضمانها مهر الفاسد؛ لعقده كالنكاح الفاسد؛ لأنه إذا فات؛ ثبت في المسمى، وإن قامت بينة بهلاكه من غير سببها؛ لم تضمنه. ومهر الفاسد لصداقة يضمنه مطلقًا؛ لأنه إن فات مضي بمهر المثل لا بالمسمى، ولو تزوجها بفاسد مع صحيح كخمر أو آبق وربع دينار؛ ففي فسخه وصحته برضى الزوجة بما يصح به فقطـ، أو يدفع الزوج الآبق بعد حصوله، أو باتفاقهما على ما يجوز بدل ما لا يجوز نقلًا المتيطي قولهم: مذهب مالك يقتضي فسخه. وقول أصبغ: زاد الشيخ عنه لو نكحها بربع دينار مع آبق أو جنين، فلم يفسخ حتى حضر الآبق وولد الجنين، فإن رضيت بالربع الدينار؛ صح وإلا فسخ إلا أن يدفع لها الزوج ما زال غرره، وإن فيه لمغمزًا؛ لكنه قول أصحابنا، والقياس فسخه إن لم يبن. واستحقاق المهر إن علم الزوجان موجبه حين العقد، ككونه مغصوبًا أو حرًا؛ فسخ النكاح قبل البناء، ومضى بعده بمهر المثل، وإلا ففي كونه كذلك مطلقًا، أو إن لم تكن للزوج شبهة فيه ثالثهما: إن غرها بحريته، ورابعها: يفسخ في هذا بعد البناء للتخريج على نقل فض عن ابن القاسم مع ابن رشد عن يحيى: فسخ النكاح بهلاك المهر الغائب بعد العقد قبل قبضها إياه، والمشهور. ونقل ابن حار عن ابن الماجشون وعن سحنون مع أصحابه، وسمع عيسى ابن

القاسم: من نكح بمال استتجر أو قرض به أو سرقة؛ لم يفسخ نكاحه. سحنون: وكذا بعبد لجاره أو غصبه، ولو لم يبن بخلاف الحر؛ لأنه لو مات لم تضمنه، وتضمن المغصوب، ولو كانت عالمة بغصبه؛ لفسخ قبل البناء، وثبت بعده بمهر المثل. أصبغ: قال ابن القاسم: لا يفسخ في الحر ولا في المغصوب، ولو تعمده ولم يبن. أصبغ: وكذا لو علمت حريته وجهلها الزوج، ولو علماها؛ فسخ قبل البناء، وثبت بعده بمهر المثل، وفي رجوعها لاستحقاق مهرها العبد بقيمته أو بمهر مثلها ثالثها: إن استحق بملك، وفي الحر بمهر مثلها، ورابعها: ترجع بمثله، وخامسها: بالأقل من قيمته أو مهر المثل للمشهور، وسماع أشهب مع تصويبه. ابن رشد: ونقله عن سحنون واللخمي عن مختصر ابن شعبان مع ابن كنانة وقول اللخمي: لو قيل؛ لكان وجهًا. وفي منعها نفسها حتى يعطيها ما يجب لها عليه مطلقًا، أو ما لم ترض بتمكينه إياها مطلقًا، وسقوط منعها إياه، رابعها: الثاني إن غرها، وخامسها: لها منعة حتى تقبض ربع دينار لابن رشد عن أول احتمالي شماع القرينين، وثانيهما مع قوله: نحى إليه محمد، وظاهر سماع عيسى عند الشيوخ، ونقل ابن رشد ومحمد. وقال في سماع القرينين بعد ذكره الثلاث الأول: الخلاف عندي إنما هو إذا لم يغرها، وإن غرها لعلمه أنه مسروق، فمن حقها منعه حتي يعطيها مهرها على ما قاله بعد هذا؛ كالمكاتب يقاطع سيده على شيء وديعة عنده أنه يرد في الرق. ومعنى سماع عيسى في الغرور: أنه إذا كان بنى بها؛ لم يمنع منها إن رضيت قوله فيه: إن قاموا على المرأة في مهر أسلفوه الزوج، أو باعوه هي أولى منهم ودينهم في ذمته؛ يدل على أن لمن أحاط الدين بماله التزوج، والنفقة على الزوجة من أموال غرمائه، وهو دليل قولها: ليس له أن يتزوج في المال الذي فلس فيه؛ ومعناه: إن تزوج ما يشبه مناكحه، وأصدقها ما يشبه مثله، وللغرماء أخذ ما زاد على ما يشبهه، وتتبعه الزوجة به. وسمع القرينان: من اكتسب مالًا حرامًا، فتزوج به أخاف والله أنه مضارع للزنى ولا أقوله.

المتيطي عن فضل: إن استحق ما أصدقه عن الزوج غيره، فغن لم يبن؛ فليس على الغير قيمته إلا أن يشاء، وخير الزوج في فسخه، ولا غرم عليه، وبقائه بغرمها، وبعد البناء يلزمه غرمها. قلت: والفسخ بطلاق. وسمع عيسى ابن القاسم: من نكح بمال ولد ولده، أو ولده الكبير؛ فالولد أحق به من الزوجة إن لم يفت، وإن فات بأكلها أو لبسها إياه؛ غرمته، ولو لم تعلم وإلا فلا غرم عليها. ابن رشد: اتفاقًا، ويسر الأب كعدمه، وفي كون ولده الصغير، والأب معسر كذل، وكونها أحق به، ولو لم تقبضه، ولم يبن بها ثالثها: إن قام بقرب قبضها إياه كاليومين عن مطرف، وسماع عيسى ابن القاسم، وسماعه أصبغ، ومطرف مع روايته، وعلى الثاني: قال ابن رشد: عن ابن القاسم: يتبع الابن أباه بقيمته يوم تزوج به لا يوم دفعه لها، ولو كان الأب موسرًا؛ فهي أحق به. الباجي عن ابن حبيب وابن رشد: اتفاقًا. زاد الباجي عن ابن حبيب: هذا ما لم يتقدم الإمام إليه ألا يتزوج بمال ابنه، فإن تقدم إليه به؛ فابنه أحق به ولو بنى. ابن رشد: واجاز أصبغ كل فعل الأب في مال ابنه هبًة وصدقًة وإصداقًا وعتقًا في القيام والفوت والعسر لقوله صلى الله عليه وسلم: "أنت ومالك لأبيك"؛ وظاهره: الكبير كالصغير المتيطي، وقاله أشهب في رواية ابن أبي جعفر. وعيب المهر: الموجب لمتباعه؛ رده يوجب لها، وفيما يرجع به إن ردته أقوال المستحق. وفيها: إن فات المعيب عندها؛ رجعت بقيمة عيبه، وإن حدث به عندها عيب.

مفسد؛ فلها رده وما نقصه، وحبسه وأخذ قيمة العيب القديم. عبد الحميد: اعترض من لقيت قوله: ردت ما نقصه العيب الحادث؛ لأنه لغو، والواجب رجوعها بباقي القيمة عن العيب الحادث. عياض: في قوله: رجعت بالقيمة؛ تساهل، كيف ترد قيمة وتأخذ قيمة؟ فقال بعضهم: كلامه في حكم الرد بالعيب لا في صفة المطالبة. وفيها: إن استحق من الدار المهر ما فيه ضرر؛ فلها حبسها، وأخذ قيمة ما استحق ورد بقيتها واخذ قيمتها. قلت: ظاهره: ولو كان المستحق معينًا لا شائعًا بخلاف البيع؛ لأن المنتقل إليه فيه معلوم؛ وهو الثمن، وفي النكاح مجهول؛ وهو القيمة. المتيطي: في بعض رواياتها: تحبس ما بقي، وترجع بقيمة ما استحق، وطرح سحنون (بقيمة)، وقال: أخاف كون الثمن مجهولًا. وفيها: وإن استحق أيسرها كبيت أو تافه؛ رجعت بقيمته فقط، وكذا العروض والأرض، ويسير المستحق من العبد والأمة ككثيره. قلت: وكذا يسير ما يفسده قسمه كالجبة والقميص، وتمامه في الاستحقاق. وسمع عيسى ابن القاسم: من نكحت بجنان على أنه عشرة فدادين، فوجد خمسة؛ ثبت نكاحها وإن لم تبن، وتبعته بقيمة المسة الناقصة. ابن رشد: يريد: إن رضيت بالجنان، ولها رده، وتتبعه بقيمة جمعية؛ لأن ما نقص كمستحق. أبو صالح وابن لبابة: القياس تخييرها في رده، وتتبعه بمهر المثل، أو تمسكه وتتبعه بنصفه على أن ذلك لا يوجد لهم. ابن رشد: ليس كما قالاه؛ بل وجد في سماع القرينين: وعلى هذا لو وجدت به أكثر من عشرة فدادين شركها الزوج في الزيادة. وعن مالك: شرط الأذرع في الأرض كصفة إن ظهرت زيادة؛ فهي للمبتاع، وإن ظهر نقص كان كعيب، وهذا الخلاف قائم من اول كتاب تضمين الصناع نص في سماع عيسى بجامع البيوع.

باب الشغار

[باب الشغار] ونكاح الشغار محرم: فيها قوله: زوجني مولاتك، وأزوجك مولاتي ولا مهر بيننا؛ شغارً، وكذا زوجني ابنتك، والشغار بين العبيد والأحرار سواء. وفي فسخه: أبدًا، ولو ولدت أولادًا، أو ما لم يبن ثالثها: يفوت بالعقد، وفسخه قبل البناء استحسان، لها ولابن محرز عن رواية علي في كتاب: خير من زينته مع الباجي وابن رشد دون ذكر محلها. وابن زرقون عن المازري عن تأويل بعض شيوخنا. ابن بشير لا خلاف منصوص في المذهب: أنه يفسخ قبل البناء، ونقل بعض المتأخرين فيه خلافًا منصوصًا باطل. ثم قال ابن بشير آخر الفصل: قال: يمضيه بالعقد مالك مرة، ونقل المتيطي رواية عي ابن زياد: ويثبت بعد البناء بمهر المثل.

قال: وفي كتاب ابن القصار ما يدل على فوته بالعقد. ابن شبلون: وقول المدونة: فيه الإرث والطلاق يدل عليه. ابن سعدون هذا غير صحيح؛ لأن قوله: بالإرث فيه؛ إنما هو لفوت موضع الفسخ بالموت. قلت: فيلزم الإرث في كل فاسد، وفي كون سبب اختلاف قول مالك الاختلاف في تفسير الشغار، أو في كون النهي يدل عى الفساد، ثالثها: إسقاط المهر فيه. للباجي عن القابسي، وأبي عمران واختياره: ولو عقداه كذلك بمهر؛ سمى لكل واحدة فقيها: هذا وجه الشغار لا صريحة يمضي بالبناء. ابن رشد: لم يختلف فيه قول مالك. ابن بشير: لم يختلف فيه المذهب، وفي فسخه قبل البناء قولها، ونق ابن بشير مع قول المتيطي لعبد الرحمن بن دينار، وعن ابن أبي حازم: أنه لا بأس به. وفي كون الواجب فيه بالبناء مهر المثل أو الأكثر منه ومن المسمى ثالثها: هذا إن دخلا، وإن دخل أحدهما فقط؛ فمهر المثل مطلقًا؛ لنقل ابن رشد ولها وله عن ابن لبابة مستدلًا بحجة الثاني بفوت غرضه في إنكاح وليته. قلت: مقتضاه الأقل من المسمى أو مهر المثل، ونوقض قولها: إن زوجه ابنته بمائة على أن زوجه الآخر ابنته بمائة؛ لم يفسخ بعد البناء، فقولها في بيوع الآجال: إن باعه عبده بعشرة دنانير على أن باعه الآخر بعشرة دنانير من سكة واحدة؛ إن لم يشترطا إخراج المالين؛ جاز، وكان بيع عبد بعبد، وإلا لم يجز؛ لأن تماثل الثمنين إن أوجب إلغاءهما لوجوب المقاصة، وصرف المعاوضة عنهما لما معهما؛ لزم صرف صورة وجه الشغار لصريحه، وإلا لزم فساد بيع العبدين كشرط إخراج المالين، وأجيب بأن اتحاد مستحق الثمن، والمشتري في العبدين يوجب المقاصة الملزومة؛ لصرف المقاصة بالعبدين أحدهما بالآخر دون ثمنيهما، واختلافهما في النكاح يوجب منع المقاصة الملزوم؛ لتعلق المعاوضة بالمائتين؛ يرد بأن ظاهر المذهب عموم مسألة العبدين في العاقدين كانا مالكي العبدين، أو وكيلين على بيعهما كذلك، ويجاب بأن العبدين صالحين؛ لكون أحدهما ثمنًا للآخر، فأوجبته المقاصة والبضعان لا يصلحان لذلك،

فبقيت المعاوضة متعلقة بهما معًا. وفيها: إن دخلا في وجه الشغار؛ فلكل منهما مهر مثلها لا المسمى. سحنون: إلا أن يكون المسمى أكثر. عياض: حمل الشيوخ قول سحنون على التفسير لذكره ابن القاسم فيما شبهها به، وهي التي تزوجت بمائة وثمرة؛ لم يبد صلاحها، أو بمائة نقدًا ومائة إلى موت أو فراق، وذكره ابن لبابة لابن القاسم لا لسحنون، وحمله بعضهم على خلاف قول ابن القاسم، وحمل قوله على ظاهره بلزوم مهر المثل مطلقًا، واحتج برواية أبي زيد: لهما مهر المثل قل أو كثر. وفيها: إن دخل في وجه الشغار أحدهما فقط؛ فسخ نكاح الآخر، ومضى نكاح الداخل بمهر المثل، وفي كونه مطلقًا، أو ما لم ينقص عن المسمى نقلًا عياض سماع يحيى ابن القاسم، وقول عيسى بن دينار في المبسوطة. وفيها: إن سمي لإحداهما دون الأخرى ودخلا؛ مضى نكاح المسمى لها، وفسخ نكاح الأخرى ولو دخلت، فاختصرها الشيخ: لكل منهما مهر المثل؛ كروايتها ابن لبابة قائلًا: أخطأ جماعة بتأويل أن المسمى لها الأكثر منه ومن المسمى. عياض عن ابن رشد: قول عيسى على تأويل الشيخ خلاف رواية يحيى. ابن بشير: إن جعل كل من الويين صحة دخوله مشروطًا بصحة دخول الآخر، فحكى أبو حامد الاتفاق على فسخه على كل حال. ابن العربي: إن زوجه على أن زوجه، ولم يذكر مهرًا ولا إسقاطه؛ فهو كصريح الشغار، وفي كونه فيمن لا يجبر كنكاح على أن لا مهر يمضي بعد البناء على اختلاف، أو ككونه فيمن يجبر؛ نقل الباجي عن بعض الناس والمذهب محتجًا بنصها فيه في المولاتين، وبأن نكاح الشغار الخلاف في فسخه بعد البناء؛ كالنكاح على أن لا مهر. قلت: ومن ثم تعقب على البرادعي إسقاط ذكره في المولاتين، وفي احتجاج الباجي بالثاني نظر؛ لأن مذهب المدونة في صريح الشغار الفسخ بعد البناء، وفي النكاح على أن لا مهر مضيه بالبناء بمهر المثل. ابن العربي: قول مالك: إنما الشغار في البنتين؛ تعلق بظاهر الحديث، وإنما يتم أن

لو كان من لفظه صلى الله عليه وسلم. قلت: ظاهره: في البنتين بكرين كانتا أو لا؛ لأنه ذكر بعد قول مالك هذا قول بعضهم بتخصيصه بمن تجبر. قوله: يتم لو كان من لفظه صلى الله عليه وسلم يرد بأن القياس يعممه في كل امرأة أو فيمن تجبر كالأمة. الصقلي عن أبي عمران: إن زوج كل من رجلين الآخر أخته بمهر معلوم؛ جاز إن لم يفهم أنه إن لم يزوج أحدهما صاحبه؛ لم يزوجه وإلا لم يجز، وعزاه بعضهم لابن لبابة. وكون المهر منافع جعلًا؛ لا يجوز. سمع عيسى ابن القاسم: من سقط ابنه في جب، فقال لرجل: أخرجه، وقد زوجتك ابنتي؛ فأخرجه لا نكاح له، وله أجر إخراجه، لا يكون النكاح جعلًا. ابن رشد: اتفاقًا؛ لأن النكاح به نكاح فيه خيار؛ لأن للمجعول له الترك متى شا. قلت: إجراؤه على الخيار يوجب دخول خلافة فيه. وفي النكاح بالإجارة كنكاحه على أن يحجها، أو يعمل لها عملًا في كراهته، فيمضي بالعقد ومنعه، فيفسخ قبل البناء، ويمضي بعده بمهر المثل ثالثها: إن كان مع المنافع نقد؛ جاز، وإلا فالثاني، ورابعها: إن لم يكن نقد؛ فالثاني، وإلا فسخ قبل البناء، ومضى بعده بالنقد، وقيمة العمل، وخامسها: بالنقد والعمل لابن رشد عن ابن حبيب مع أصبغ، وروايته عن ابن القاسم، وظاهر سماعه عيسى، ونقل ابن رشد وسماع يحيى، ورواية ابن القاسم: إن ماتت من تزوجت بنقد معلوم، وحجها بعد البناء لوارثها نقدها، وما ينفق على مثلها في حجها، وقول ابن القاسم، وعلى الأول قال ابن حبيب: لا يبني بها حتى يحجها أو يعطيها قدر نفقة حجها، فإن شاءت؛ حجت أو تركت. ابن رشد: فيه نظر؛ لأن فسخ الدين في الدين يدخل في التخيير. والصواب: أن لا يحمل قوله على التخيير؛ بل على لزوم إحجاجها على القول بأنه الواجب عليه، أو لزوم قدر نفقته على القول بأنه الواجب عليه، ولأشهب: له البناء قبل إحجاجها إلا أن يأتي إبانه قبل البناء؛ فلا يكون له ذل الكالئ يحل قبل البناء. ورد ابن عبد السلام: قول ابن رشد بقوله: إنما يلزم ابن حبيب فسخ الدين في

الدين بسبب التخيير بناء عى أن من خير بين شيئين يعد منتقلًا، وقد علمت ما فيه، وأيضًا فابن حبيب يجيز نقل الأجبر على عمل لعمل يخالفه باختياره؛ يرد بأن فسخ الدين في الدين؛ إنما دخل في التخيير؛ لأنه بيع لما في الذمة بعوض غير ناجز ضرورة أن للتخيير زمنًا سابقًا على زمن تعيين ما خير فيه؛ فالتخيير ملزوم لأخذ مؤخر من دين، وهذا اللزوم ثابت على تقدير كون من خير بين شيئين منتقلًا أم لا؟ وهو المعنى بفسخ الدين في الدين، فقوله: المنع بناء على أن من خير منتقل مجرد دعوى لا يتم بها إبطال مثل قول ابن رشد لعروها عن دليل يدل عليها؛ بل الدليل قائم على بطلانها؛ لأن من أخذ سلعة عن دين، ثم انتقل عنها قبل قبضها لغيرها من مال بائعها برضاه؛ جاز، وهذا انتقال خاص، فلو كان مطلق الانتقال ملزومًا لفسخ الدين في الدين للزم في هذا الانتقال الخاص. فإن قلت: لو كان علة المنع ما ذكرت؛ لزم جوازه إن قرب زمن اختياره على أحد القولين في أخذ معين عن دين تأخر قليلًا، أجيب بأن التأخير اليسير؛ إنما اغتفر في تعلق الأخذ بعين جزئي لبعده عن الكلي الشبيه بما في الذمة، وما أخذ مخيرًا فيه بينه وبين غيره كلي؛ لأنه غير معين، فأشبه الدين، وامتنع تأخيره ولو قل. ويطلب كون المهر نقدّا لا مؤجل فيه. ابن رشد: عقده ببعيد الأجل يفسخ اتفاقًا، وفي حده أربعة: ابن وهب وأول قولي ابن القاسم: ما فوق العشرين. الثاني ما فوق الأربعين. الثال: يفسخ في الخمسين. الرابع: سمع أصبغ ابن القاسم: في السبعين. قلت: للخمي عن ابن القاسم: يفسخ في الأربعين، ثم رجع إلى خمسين. ابن رشد: وفي العشرين فما دونها خمسة: أحد قولي ابن القاسم في الموازية، وقول مالك فيها: يكره ولو فيما قل، وعلله فيها بأنه ليس بنكاح من مضي ابن وهب: يكره فيها جاوز السنة فقط.

الثالث: فيما جاوز الأربع. الرابع: سمع أصبغ ابن القاسم: يجوز في العشرين ونحوها، ويكره فيما جاوز ذلك، وقاله أصبغ في الواضحة وأشهب؛ لأنه زوج ابنته بمهر لاثنتي عشرة سنة. الخامس: لأصبغ في «العتبية»: يجوز في العشرين فأقل، وهو ظاهر قول ابن القاسم في الموازيَّة. ابن رُشْد: وظاهر سماع أصبغ ابن القاسم: عدم اعتبار ما بقي من عمر الزوج والمشتري بالتعمير؛ وهو قول أشهب في «الدمياطية»: قيل له: إلى كم أجل المهر المؤجل؟. قال: ما شاء، إن شاء ثلاثين سنة. قيل: فإذا كان كبيراً لا يعيش لمثلها؟. قال: لا أدري ما يعيش الذي يتزوج إلى عشر لا يدري أيعيش إليها أم لا؟. إن دخل في الأول غررٌ؛ دخل في الثاني؛ ومعنى ما تكلم عليه عندي في الكثير الذي لا يعيش إليه غالباً، ويعيش إليه نادراً، وما علم أنه لا يعيش إليه لا ينبغي أن يحوز إليه؛ كالمهر إلى موتٍ أو فراقٍ؛ كمهر ابن مائة إلى ثلاثين. وقال التونسي: التحقيق أنهم إنما كرهوا البيع، والنكاح إلى بعيد الأجل الذي يجاوز عمر الإنسان؛ لأنه يصير غرراً لحلوله بموته، ولو نكح أو اشترى ابن ستين بمؤجل لعشرين؛ لم يجز؛ لأن الغالب أنه لا يعيش لذلك بخلاف ابن عشرين؛ لأن الغالب حياته له، فما الأغلب أنه يعيش له جائز اتفاقاً، وما لا يعيش له لا يجوز اتفاقاً، وما الأغلب أنه لا يعيش إليه يجوز على اختلاف، وما لأجلٍ مجهولٍ يفسخ قبل البناء، وفي إمضائه بعده بقيمته نقداً أو بمهر المثل نقلا اللخمي قائلاً: محمل الأول أن العادة لموتٍ أو فراقٍ؛ فلا مثل يهتدى إليه. قلت: فلا خلاف إذًا، والقولان ذكرهما عبد الحق في «تهذيب الطالب» عن فضل عن ابن عبدوس روايتين لسحنون، وهما ظاهر لفظ ثاني نكاحها فيه: ما كان من مهر لموت أو فراق يفسخ عند مالك إن لم يبن، فإن بنى؛ جاز النكاح. قال مالك مرة: يقوم المهر المؤجل بما يسوي إذا بيع نقداً فتعطاه، وقال مرة: ترد

لمهر مثلها نقداً، وهو أحب إلي، تعطى مهر مثلها يحسب فيه ما أخذت من العاجل، وما بمائة نقداً ومائة لموتٍ أو فراقٍ في مضيه بالعقد، وفسخه قبل البناء مطلقاً أو ما لم يرض الزوج بتعجيل المجهول، أو ترضى المرأة بإسقاطه نقل المتيطي عن فضل: كان من بعض الناس فيه تخفيف، والمشهور ونقل غير واحد عن أصبغ، وعلى الثاني في مضيه بعد البناء بمهر المثل مطلقاً، أو ما لم ينقص عن المعلوم ثالثها: وما لم يزد عليهما، ورابعها: بالمعجل، وجزء مهر المثل المسمى للخارج من تسمية قيمة المؤجل منهما مع المعجل، وخامسها: بالمعجل وقيمة المؤجل على غرره لنقل اللخمي قائلاً في الأخير: هذا إن كانت العادة ذلك لا غيره. ابن رشد: ظاهر المدونة: لها مهر مثلها، وإن زاد على المعجل والمؤجل، وقاله ابن الماجشون، ورواه مطرف، وعزا الثالث لأصبغ وابن القاسم وابن عبد الحكم، والأول ظاهر قول أصبغ، وأبي زيد في سماع يحيى. قلت: الذي لأبي زيد في سماع يحيى ما نصه: يفسخ النكاح ما لم يبن، وإن بنى نظر إلى ما أعطاها من المؤجل إلى خمس سنين، فيقال: ما صداق مثلها على هذا المؤجل المسمى لها إلى خمس سنين، فما كان قل أو كثر أضيف إلى ذلك المؤجل تأخذه نقداً، وبقيت الخمسون لأجلها، وقال أصبغ كقول أبي زيد. قلت: وهذا ليس هو مهر مثلها مطلقاً؛ بل هو مهر مثلها على أن المسمى بأجله منه. والثاني: هو قول مالك فيها، فإن قلت: في عزوه الأول للمدونة نظر؛ لأن لفظها في مهر وجه الشغار: ألا ترى إن تزوج بمائة نقداً، ومائة لموت أو فراق أن لها مهر مثلها ما لم ينقص عن المائة، فهذا مثله عندي، والمقيس عليه في أقيسة المدونة؛ إنما هو قول مالك. وفي ثاني نكاحها ما تقدم نصه: وظاهر أوله في المهر المجهول أجله لا أجل بعضه، وظاهر كلام ابن القاسم فيه: أنه في المجهول أجل بعضه، ونحوه قول المتيطي: إن فات بالبناء، فقال مالك في المدونة: لها مهر المثل. قال في النكاح الثاني: نقداً لا مؤخر.

قال فيه ابن القاسم: ولمالك: أن لها قيمة المؤجل ولا يعجبني. قال في المدونة: ما لم ينقص المثل عن المعجل فلا تنقص منه شيئاً، انتهى كلامه. قلت: يفسر هذا الإجمال كله نصها في فصل الشروط من نكاحها الأول. قال مالك: إن بنى من نكح بمائة نقداً وبمائة لموتٍ أو فراقٍ؛ فعليه لها مهر مثلها لا أنظر إلى ما سمياه من مهر. سحنون: إلا أن يكون مهر مثلها أقل؛ فلا ينقص منه شيئاً. المتيطي: إن لم يؤرخ أجل الكالئ؛ ففي لزوم فسخه قبل البناء ومضيه، فيكون المؤجل حالاً ثالثها: إن عجله الزوج، أو أسقطته الزوجة أو أبوها بكراً؛ ثبت وإلا فسخ بطلقة للمشهور مع بعض القرويين عن المدونة، وعبد الملك والموثقين عن المذهب ويحيى بن يحيى مع ابن وهب، وابن عبد الحكم مع أصبغ، ونقله عن ابن القاسم، ورواية ابن وهب، ورابعها: قول ابن ميسر: يقال للزوج: عجل لها، فإن أبى وطلقها من ذاته؛ لزمه نصف المعجل، ونصف الكالئ باق عليه لأجل المؤخر في مهورهم؛ لأن شكوتهما يدل على دخولها على العرف، ونحوه لابن الهندي عن بعض أهل عصره: أنه كان يفتي به ويقول: إن اختلف أجل الكالئ عندهم ضرب له أجل وسط، واحتج بقول خيارها: من باع على خيار غير مؤجل؛ جاز، وجعل له من الخيار ما يكون لتلك السلعة. قال: وأخذ بعضهم الثالث من قولها: إن بنى بها؛ فلها مهر مثلها ما لم يكن أقل من المعجل، فأجراها مجرى بيع الشروط. ابن حبيب: ما عقد بمائة نقداً ومائة لأجل ومائة لموت أو فراق، وفات بالبناء يمضي بمهر المثل، فإن نقص عن المائتين؛ ثبتتا، وما زاد عليهما؛ ثبت حالاً، وفي سقوط ما زاد على الثلاثمائة، وثبوته حالاً وقولا محمد والأخوين. الصقلي: الواجب على فساده مهر المثل مطلقاً. عبد الحق مع ابن أخي هشام: إنما يقوم مهر المثل على أن فيه مائة إلى سنة. قلت: هو نحو ما تقدم لأبي زيد. وسمع ابن القاسم: النكاح على أن ينفق على ابنها، أو عبدها ليس من عمل الناس

ولا أراه. ابن القاسم: إن بنى سقط الشرط، ولها مهر مثلها، وإلا فسخ، ولو طرحته شرطها لعل الصبي لا يعيش شهراً، أو يعيش عشرين سنة. ابن رشد: قول ابن القاسم تفسير لقول مالك، وقول ابن الشقاق: كرهه مالك؛ لأنه ليس من عمل الناس، فسواء ضرب للنفقة أجلاً أم لا؟ وعلى قول ابن القاسم: لا بأس به؛ بعيد؛ إذ لا وجه لفساده إلا جهل زمن النفقة، وللزوج الرجوع بها عليه إلى حين فسخ النكاح، أو تصحيحه بمهر المثل. وفي الموازية لأصبغ: إن طرحت شرطها؛ ثبت النكاح، وقاله ابن القاسم، وهو أيضاً قوله فيما يشبهه، ومشهور قوله فسخه. المتيطي: التزام نفقته في العقد لغير أجل كمهر مجهول، وفي كونه لأجل كذلك قولا ابن زرب، وأبي بكر بن عبد الرحمن قائلاً: لو مات الولد؛ رجعت نفقته لأمه؛ لأنها من مهرها. المتيطي: ويجب في ذكر النفقة بيان دخول الكسوة أو خروجها؛ لأن من التزمها مجملة، وقال: نويت الطعام فقط في لزومها إياه قولا ابن زرب وابن سهل قائلاً: ولا يمين عليه، وقد يتخرج لزوم يمينه من بعض المسائل. قال: ولو لم ينو إخراج الكسوة؛ لزمته. وسمع يحيى ابن القاسم: كراهة تأجيله بالبناء، وفي كونه إن وقع كمعلوم أو مجهول سماع يحيى قول ابن القاسم، وروايته مع سحنون وابن رشد عنها، وعن سماع عيسى ابن القاسم مع أصبغ وأبي زيد. وفي كون قول مالك: لأن وقت البناء معروف عادة، أو لأنه حال قولا ابن القاسم ومحمد قائلاً: لأن للمرأة تعجيله، ورده ابن رشد بوجوب تأخيره لما لا يضر بالمرأة إذا دفع نفقتها، وما إلى ميسرة الزوج، وهو معسر. سمع يحيى ابن القاسم: كمجهول، وإن كان ملياً؛ ففي كونه كذلك أو كمعلوم ثالثها: إن كان معه معجل، ورابعها: عكسه، لابن الماجشون، وسماع يحيى ابن القاسم، وتخريج ابن رشد من تعليل ابن حبيب قول ابن الماجشون وقول ابن رشد: عكسه

أشبه، وعلى الثاني في تأخيره قدر توسعة مثله، وكونه حالا سماع يحيى ابن القاسم، ورواية أصبغ عن ابن القاسم. ابن رشد: ليسا بخلاف؛ وإن سماه حالاً لابد أن يؤخر قدر ما يتيسر فيه مال دون إفساد ماله، وبيع أصوله بالغاً ما بلغ، كمن أسلف رجلاً سلفاً حالاً لا بد أن يؤخر قدر ما يقصد ذلك عادة. قلت: وللشيخ عن ابن حبيب عن ابن القاسم: كونه إلى أن تطلبه ككونه إلى ميسرة. وقول ابن الحاجب: متى أطلق فمعجل؛ هو نص ثاني نكاحها، وظاهر نقل النوادر، وتقدم ما فيه، وفي جواز النكاح والبيع: إن قابله ربع دينار، ولو أعطى الزوج أقل مما أعطته المرأة، ومنعه ككونه بمجهول ثالثها: إن فضل ما أعطاه الزوج على ما أعطته المرأة بربع دينار؛ جاز وإلا فالثاني، ورابعها: هذا إن فضله بكثير لا يقارب أن يستغرقه ما أعطته المرأة لابن رشد عن القاضي عن أشهب وسماع ابن القاسم مع قوله وروايته فيها، وقوله ومطرف وابن الماجشون، وعزا اللخمي الثالث لأحد قولي مالك، وذكر الرابع بقيد كراهته ابتداءً. وعلى الأول قال ابن رشد: يفض معطى الزج على قيمة معطى المرأة، ومهر مثلها إن وقع طلاق أو استحقاق، وقول بعضهم: هذا إن قاربت قيمة معطي الزوج قيمة معطى المرأى، ومهر مثلها، وإن فضلتهما، أو نقصت عنهما بكثير جعل للبضع الزائد على قيمة معطي المرأة؛ لحرص الزوج على النكاح في الفضل، والمرأة عليه في النقص حسن لو ساعده الظاهر، وفي كون المشهور؛ لأنه ذريعة لخلو البضع عن المهر أو للتنافي؛ لأن طريق البيع المكايسة، وتجوز فيه الهبة بخلاف النكاح فيهما، فجمعهما يوجب حمل مناب البضع والمبيع. نقل ابن رشد عن أصبغ وغيره، وعلى المشهور قال اللخمي: فوت النكاح إن كان الجل فوت للسلعة، ولو كانت قائمة وفوتها، وهي الجل ليس فوتاً له؛ لأنه مقصود في نفسه. وسمع سحنون ابن القاسم: من أنكح ابنته من رجل على إن أعطاه داراً؛ جاز

نكاحه، ولو قال: تزوج ابنتي بخمسين ديناراً، وأعطيك هذه الدار؛ فلا خير فيه؛ لأنه من وجه النكاح والبيع. ابن رشد: يقوم منه معنى خفي؛ وهو جواز اجتماع البيع مع نكاح التفويض بخلاف نكاح التسمية. قلت: فيه على التعليل بالتنافي نظر، وهو خلاف قول اللخمي: الفرق في المسألتين أنه في الأولى: ملكه العطية قبل النكاح، ثم زوجها بما تراضيا عليه، وفي الثانية: انعقدا معاً، والقياس أنهما سواء؛ لأن العطية إذا تقدمت ليتزوج، فلم يتزوج؛ ردت فصارا كعقد واحد. والعقد الملزوم للتنافي فاسد مطلقاً؛ لعدم قبوله التصحيح كنقل ابن شاس: تزويج عبده بجعله مهره فاسد؛ لأداء ثبوته نفيه، ولمنافات الملك النكاح لو ثبت بخلاف كون المهر خمراً. وللطرطوشي في فصل الطلاق منه نظائر. وسمع ابن القاسم: من أعتق أم ولده، وأعطاها عشرة دنانير مهراً، شرطا عليها قبل عتقها؛ فسخ نكاحه ولو بنى، ولها العشرة. ابن رشد: جعل مهر الزوجة عتقها لا يجوز عند مالك وكل أصحابه، وفي كون فساد نكاحه؛ لفساد مهره، فيمضي بعد البناء بمهر المثل، ويجوز إن سمي فيه مهر أو يعقده، فيفسخ ولو بنى، وفيه المسمى ثالثها: أنه ليس بنكاح؛ بل هو شرط لا يلزمها؛ فلا يفتقر لفسخ، فإن بنى بها؛ مضى بمهر المثل لشبهة أنه نكاح، لفضل مع حمله قول ابن حبيب عليه. وسماع ابن القاسم، وظاهر قول ابن حبيب في الواضحة، وفيه نظر، وقياسه فسخه بعد البناء؛ لانتفاء العقد فيه، وظنهما ثبوته لا يثبته. ثم قال ابن رشد: فساده قيل: لمهره، وقيل: لعقده قبل كمال العتق بما قرن به من شرط، وفيه المهر والإرث لرعي الخلاف، وقيل: لنه ليس بنكاح؛ لأنه شرط عليها ما لا يجوز، فيفسخ ولو بنى بغير طلاق، ولا إرث فيه، وقيل: إن بنى؛ مضى لشبهة العقد. وفيها: أيتزوج حرتين في عقد؟ قال: لا أحفظه ولا يعجبني إلا أن يسمى مهر

كل منهما. قلت: فإن طلق أو مات أيغرم المهر الذي سمى أم يقسم بينهما على مهريهما؟ قال: لا يجوز إلا بتسمية مهر كل منهما، وبلغني إنما كرهه مالك لجهل مهر هذه من هذه، وخرجهما اللخمي على جمع الرجلين سلعتيهما في البيع قال: ولا نكاح أخف، وسبقه به ابن محرز، وزاد وأجازه أصبغ، وقال: تعطى كل منهما مهر مثلها؛ يعني من المسمى، وحكاه عن ابن دينار صاحب مالك. قالالصقلي وسحنون، عياض وابن نافع، ابن محرز: سواء كان وليهما واحداً أو متعدداً كمنع الوصي جمع سلعتي يتيمه في عقد واحد حتى يسمى ثمن كل سلعة. قال: وظاهرها لا مهر فيه إن مات أو طلق لفساده. وقال بعض المذاكرين: لها ما يخصها من التسمية؛ لأن النكاح أخف من البيع، وخرجه الصقلي على قوله فيمن نكح بدرهمين وطلق: لها نصفهما. اللخمي: إن سمى، ولم يشترط نكاح إحداهما في نكاح الأخرى؛ جاز، وإلا فإن كان مهر كل منهما ما سمى لها؛ جاز، وإن خالفه وشرط لمن طلقها نصف تسميتها؛ فسد، وكذا البيع بهذه الصفة، وإن شرط؛ فض كل ما سمى على مهري مثليهما، فكما لو أجملهما في مهر، فإن أصدقهما ستين بالسوية، ومهر مثل إحداهما أربعون والأخرى عشرون، فإن طلق ذات العشرين قبل البناء؛ أخذ منها عشرة، وبقي لها عشرون منها عشرة هبة لها من الأخرى، وإن طلق الأخرى؛ أخذ منها خمسة عشر، ومن الأخرى خمسة تمام العشرين. عياض: أجازه ابن سعدون: ولو كان نكاح إحداهما بشرط الأخرى، وفرق بين النكاح والبيع، ولو تزوج أمتي رجل في عقد واحد أو حرة وأمتها، ففي جوازه بمهر بينهما، أو حتى يسمي مهر كل منهما طريقا أبي حفص وابن محرز قائلاً: لأن المهر مستحق للأمة لا لمالكها. قلت: والأول بناء على العكس. الصقلي وأبو عمران: يجوز نكاح امرأتين في عقد واحد إحداهما بتسمية، والأخرى بتفويض أو كلتاهما به.

وفي ثاني نكاحها: من زوج أمته على أن ما ولدت حر؛ لا يقر نكاحه بحال، ولو دخل، ولها المسمى. الصقلي عن بعض القرويين: وقيل: مهر المثل كنكاح بمهر مجهول. قلت: بناء على أن ما ذكر في العقد داخل في العوضية، أو خارج قيد في العقد، ولازم مهر المثل مضيه بالبناء. وقول ابن عبد السلام لم ينص في المدونة على فسخه بعد البناء، إنما قال فيها: لا يقر هذا النكاح؛ يرد بسابق نصها، ولعله اغتر بلفظ أبي سعيد المنتقد بترك أمر مهم. وقال ابن رشد: لا خلاف في فسخه أبداً إلا أن يدخله الخلاف على ما مضى في رسم (سن). قلت: هو سماع ابن القاسم: من زوج عبده أمته على أن ولده منها حر؛ فسخ ولو دخل، وولده أحرار. ابن رشد: لا أعرف فيه نص خلاف، ولا يبعد دخوله فيه من فاسد النكاح بشرط لا يجوز كالنكاح على أن لا إرث، أو على أن لا نفقة، أو على أن يأت بالمهر لأجل كذا؛ فلا نكاح بينهما، أو على أنه بالخيار أياماً أو على أن لا يطأها نهاراً، أو على أن الطلاق بيد غير الزوج في فسخه بعد البناء قولان، وعلى فسخه في كون مهره المسمى أو مهر المثل قولان، وعلى الثاني فقط، ورده ابن عبد السلام بأنه إنما يتم لو كان كإنكاح فسد؛ لشرطه فساده في مهره، وليس كذلك منه ما فساده له، وما فساده لعقده؛ يرد بأن ما ادعاه رداً للتخريج هو تأكيد له؛ لأنه سلم انقسامه للأمرين، وكل ما كان كذلك منضماً لنقل ابن رشد: العدل الثقة الحافظ قولاً بأن فاسد النكاح لشرطه يمضي بالبناء؛ لزم قطعاً وجود القول به في شرط حرية الولد كان فاسداً لعقده أو لمهره، وسبب القولين ما قدمناه. اللخمي: روى محمد: من زوج أمته على أن ولدها أحرار؛ فسخ نكاحه ولو بنى، وولده أحرار، وولاؤهم لسيدهم، ولا قيمة على أبيهم فيهم. محمد: إن باعها بعد ذلك، وهي غير حامل؛ فولدها رقيق، وكذا إن لم يبعها وفسخ الشرط أو تفاسخاه، أو رجع السيد فيه قبل حملها؛ لأنه رضىً بفاسدٍ؛ رد قبل وقوعه.

وسمع يحيى ابن القاسم: إنكاح السيد عبده أمته على أن كل ما تلد منه حر؛ يفسخ؛ لأنه وقع بشرط لا يحل، كالأجنبي وما ولدته قبل النظر فيه حر، وكذا ما ولدته بعد موته من حمل في حياته قبل قسم تركته، وما بعد قسمها؛ رق لمن صارت له، ولسيدها بيعها قبل حملها، ولوارثه ذلك، ولو بعد حملها في حياة سيدها، ولو في غير دين. أصبغك لا تقسم حتى تضع إلا لدين، أو يخاف تلف المال، وعطب الميراث. ابن رشد: مضى الكلام عليها في رسم الجواب. قلت: هو سماع عيسى ابن القاسم: من زوج أمته عبده أو غيره على أن أول ولد تلده حر، فولدت من حمل بعد إصداقها أو بيعها؛ سقط شرطها بخروجها من ملكه، وله بيعها، ويفسخ النكاح على كل حال، ولو ولدت من حمل كان، وهي في ملك ربها؛ فولدها حر، وولاؤه له، فإن فاتت في البيع، ولو بحوالة سوق؛ مضت بقيمتها يوم قبضها بحالها على أن ولدها لبائعها لو جاز ذلك وإلا ردت، وإن فات في النكاح؛ رجعت المرأة بما بين قيمتها؛ كعيب بها، وإلا ردت ورجعت بقيمتها. ابن رشد: قوله: يفسخ نكاحها على كل حال؛ خلاف قول ابن الماجشون: إن عثر عليه بعد الولادة لم يفسخ، كقول ابن القاسم: عن صح من نكح في مرضه؛ صح نكاحه. قال ابن عبد السلام: في كونه مثله نظر. قلت: لعله للفرق بأن موجب الفساد في نكاح المريض بان كذبه على منع التعليل بالمظنة المتيقن نفي حكمتها، أ, بان ارتفاعه على جواز التعليل بها، وفي شرط حرية الولد بان صدقه، وثبت متعلقه. ابن رشد: وقوله: بيعها أسقط شرطها مثل قولها: إلا أنه استثقل فيها مالك بيعها، وقال: ليف بما وعدها. قلت: إن قيل: التي استثقل فيها مالك بيعها هي كمسألة كتاب العتق الثاني، وهي من قال لأمته في صحته: كل ولد تلدينه حر، وهذه أقوى من مسألة العتبية؛ لأنه في مسألة العتبية؛ إنما التزم حريتها على تقدير تزويجها، وتزويجها على ذلك غير جائز، ويؤيده ما تقدم للخمي: أن لسيدها الرجوع في ذلك الشرط وإن لم يبعها، ومسألة

كتاب العتق ليس له فيها رجوع ما لم يبعها. قلت: يرده ما يأتي في سماع يحيى. ابن رشد: وقوله في النكاح بها بعد حملها: غير مستقيم؛ لأنه إن تزوجها على أن الجنين للمرأة، وأعلمها أنه كان أعتقه، أو على أنه حر؛ فسخ قبل البناء، ومضى بعده بمهر المثل، وترد الأمة إن كانت قائمة، وقيمتها إن فاتت على أن جنينها مستثنى لو حل بيعه كذلك، ولو تزوجها، ولم يعلمها بعتق جنينها؛ ردت إن لم تفت بعيب مفسد، ورجعت بقيمتها، وإن فاتت به؛ خيرت في الرجوع بما بين القيمتين كعيب وجدته بها، وفي ردها مع نقص العيب عندها، وترجع بقيمتها صحيحة، فقوله: تفوت بما يفوت به البيع الفاسد غير صحيح، وفي سماع المتقدم. قلت: إن قال لأمة له: كل ولد تلدينه حر؛ اهي كالتي زوجها بهذا الشرط؟. قال: الشرط في هذا والابتداء سواء، فظاهره عدم استثقال بيعها فيهما معاً خلاف قولها: وشرط ما يقتضيه النكاح فيه غير مكروه؛ لأنه مؤكد له، وشرط ما يناقضه. اللخمي: كشرط ألا يأتيها ليلاً والأثرة عليها، أو لا يعطيها الولد، أو لا نفقة لها أو اإرث بينهما في فسخه مطلقاً، او قبل البناء ثالثها: تخير المرأة، ولو بنى في إسقاطه فيمضي، والتمسك به، فيفسخ لنقل اللخمي، ونقله عن علي بن زياد، وتقدم الأولان لابن رشد بزيادة. ابن حارث: اتفقوا إن بنى في شرط أن لا نفقة لها على ثبوت النكاح، وسقوط الشرط، وإن لم يبن؛ ففيها لا خير فيه. ابن القاسم: يفسخ. المغيرة: النكاح جائز، والشرط باطل، وفي شرط أن لا يأتيها ليلاً. قال ابن القاسم: يفسخ قبل البناء، ويثبت بعده بمهر المثل. محمد: مهر المثل خطأ؛ لأن فساده من غير مهره. المتيطي: في شرط أن لا ميراث يفسخ قبل البناء، وفي فسخه بعدها أحد قولي ابن القاسم وثانيهما. قال: وروى محمد: لو شرط في تزويج عبده أمة غيره أن الولد بينهما فسخ، ولو

بنى، والولد لربها. وحكى أبو الفرج أنه بينهما، ولها بالبناء مهر المثل. بعض الموثقين: إن زاد على المسمى؛ فعلى رواية محمد يسقط الزائد، وعلى قول أبي الفرج؛ لا يسقط لحصول غرض الزوج. وسمع ابن القاسم: لا خير في تزويج الأب ابنه الصغير على أن نفقة امرأته على الأب. ابن القاسم: يفسخ قبل البناء، وإن بنى؛ جاز وكانت النفقة على الولد، قيل: فعبده؟ قال: لا خير فيه، ولو كان هذا؛ لجاز في الجهل بالنفقة. ابن القاسم: قال لي: هذا وشبهه، وأكثر الكلام فيه الكراهة. ابن رشد عن محمد: اختلف قول مالك في شرط النفقة في النكاح على أبي الصغير حتى يكبر، أو ولي السفيه حتى يرشد أجازه مرة وكرهه أخرى, وقال: بهما كثير من أصحاب مالك. وحكى ابن حبيب: رواية ابن الماجشون وابن وهب إجازته، وأراد لزوم ذلك ما عاش الأب، والزوج مولى عليه، وإنما هذا الخلاف إذا لم يتبع بيان رجوع النفقة على الصبي، والسفيه بموت الأب قبل بلوغ الصبي، وبموت الولي قبل رشد السفيه أو سقوطها عنهما في ذلك، ولو وقع الشرط ببيان الأول؛ جاز النكاح، ولو وقع ببيان الثاني؛ فسد اتفاقاً فيهما، وعلى فساده. قال ابن القاسم: وإن بنى؛ جاز النكاح والنفقة على الزوج ولم يبين هل يمضي بالمسمى أو بمهر المثل؟ والأظهر أنه بمهر المثل؛ لأن للشرط اثراً في المهر إن سمى، وهو الذي في الواضحة، ولو شرطت النفقة في نكاح الكبير المالك أمر نفسه على غيره؛ فسخ قبل البناء. وروى ابن حبيب: إلا أن ترضى المرأة كون النفقة على الزوج على القول بوجوب التخيير قبل البناء في النكاح بمهر بعضه مؤخر لأجل مجهول، ويثبت بعد البناء، وتكون النفقة على الزوج، ولا يدخل خلاف المسألة الأولى في هذه؛ لظهور الغرر والفساد فيها، ولا يجوز النكاح على إعطاء الزوج بالنفقة حميلاً؛ لأنها ليست بدين ثابت في ذمة

الزوج كالمهر، فإن وقع عليه؛ فسخ قبل البناء، وثبت بعده بمهر المثل وسقطتـ ولو وقع في شرط النفقة على غير الزوج رجوعها عليه إن مات من شرطت عليه، أو طرأ عليه دين، أو ما يبطل النفقة عنه؛ جاز النكاح على قياس ما تقدم، وقيل: يفسخ على كل حال قبل البناء؛ لأن شرطها على غير الزوج خلاف السنة، ويمضي بعده بمهر المثل، ويسقط الشرط، وإليه نحا الأبهري، وما قلناه أبين وأظهر. اللخمي: النكاح بشرط ما يوجب تمليكاً بما؛ فعله بيد الزوج ثابت، وبما بيد غيره كقول السيد: إن بعتك أو بعته فاسد في مضيه، ولو لم يبن مع إسقاط الشرط وفسخه، ولو بنى كالمتعة، ثالثها: هذا إن لم يسقط ذو الشرط شرطه لعبد الملك ومحمد ورواية علي، وبما فعله بيد الزوج على أن الزوجة مصدقة عليه أنه فعله. روى محمد: لا يحل، فإن نزل مضى، ولها طلاقه. محمد: كشرطها إن ضربها أو رب خمراً أو غاب عنها؛ فأمرها بيدها. اللخمي: ليس شرط تصديقها كضربها؛ لأنه في تصديقها دخل على غرر في بقاء عصمته. وسمع ابن القاسم: من زوج أجيره جاريته على إن رأى منه ما يكرهه؛ فأمرها بيدها لا يحل، فإن وقع؛ جاز. ابن القاسم: ولو لم يبن كشرطها إن أضر بها، أو شرب خمراً، أو غاب عنها؛ فأمرها بيدها، وقاله سحنون وأصبغ. وروى سحنون: من زوج عبده على أن الطلاق بيد السيد إن بنى؛ وقع ما بيد السيد من ذلك، وإلا فرق بينهما إن لم يترك السيد شرطه. ابن رشد: قوله: إن رأى من أجيره ما يكرهه؛ إن أراد مما هو مكروه عند الناس؛ فالنكاح جائز، والتمليك لازم اتفاقا، وإن أراد عنده، وإن لم يكرهه الناس، ففي مضيه مع كراهته أو دونها ثالثها: النكاح جائز، والشرط باطل، ورابعها: يفسخ ولو بنى، وخامسها: إن بنى سقط الشرط، وإلا فرق بينهما إن لم يسقط مشترط الشرط شرطه لظاهر قول ابن القاسم مع رواية سحنون، ويحيى وقول أصبغ وقول ابن الماجشون على أصله فيما عقد على تمليك بفعل غير الزوج؛ كتزويج أمته على إن باعها، فأمرها

باب الشرط الذي يبطل في النكاح

بيدها، أو بيده، وقول محمد على أصله في هذا، ولرواية سحنون فيمن زوج عبده على أن الطلاق بيد سيده، ولا وجه لقول ابن الماجشون؛ لأنه إن أشبه المتعة، فكما قال محمد، وإلا جاز كقول محمد وابن القاسم وسحنون، وهو أظهر الأقوال، وأما من تزوج على إن رأت منه امرأته ما تكره؛ فهي طالق؛ فهي أشد كراهة، وتدخلها الأقوال المتقدمة إلا الجواز ابتداءً. وزاد ابن زرقون عزو الرابع لأحد قولي سحنون مع محمد. قال: وسادسها: وفيها يفسخ قبل البناء، ويثبت شرطه بعده، وسابعها: ويسقط شرطه، وثامنها: على أنه من أنكحه الشروط. نقل اللخمي عن محمد: إن أسقط ذو الشرط شرطه؛ جاز النكاح، وإن لم يبن، وإلا فسخ ولو بنى. [باب الشرط الذي يبطل في النكاح] وشرط غير المنافي فيه، وما يقتضيه غير مقيد بيمين مع تسمية المهر، فيها كشرط: لا يتزوج عليها ولا يتسرر. قال مالك: النكاح جائز، والشرط باطل، قد أجازه سعيد بن المسيب وغير واحد، وفي كونه مكروهاً أو جائزاً ثالثها: يؤدب مشترطه والمجيب والشهود. للمتيطي عن مالك وكل أصحابه، ونقله قول ابن لبابة: رخص فيه بعض الناس، واشترطه الليث بن سعد في إنكاحه ابنته مع قول ابن زرقون: اختلف في جوازه ابتداءً، وابن رشد عن المتيطي عن سحنون وابن زرقون عن أحد قوليه، والمتيطي عن ابن شعبان. وسمع ابن القاسم: أشرت على قاض أن ينهى الناس عن النكاح بشرط، وألا

يزوجوا إلا على دين الرجل وأمانته. وسمع عيسى روايته: لا تنبغي الشهادة في نكاح بشرط، وعلى الأول قال اللخمي: وغيره عن مالك: يستحب وفاؤه به، ولا يجب. وقول ابن شهاب في الموازية: يجب، وكان من أدركت من العلماء يقضون به أحسن لقوله صلى الله عليه وسلم في الصحيحين: «أحق الشروط أن توفوا بها ما استحللتم به الفروج». ابن بشير: حكى اللخمي أنه يجبر على الوفاء به كأنه المذهب، والمذهب خلافه. قلت: إنما ذكره في التبصرة عن ابن شهاب حسبما مر. وشرطه مقيد بيمين، أو تمليك في العقد مع تسمية المهر دون ذكر حظ شيء منه فيه الثلاثة، ورابعها: يفسد العقد، فيفسخ قبل البناء، ويثبت بعده بالمسمى. لابن رشد عن سحنون مع ابن زرقون عن أحد قوليه. قال اللخمي: أجازه سحنون: وزوج أمته غلامه على إن سرق زيتونة كان أمر امرأته بيده، وقبلوه إلا ابن بشير. قال: إن أخذه من فعله؛ فلا يدل فعله على أن مذهبه الجواز؛ لأنه قد يستخف مثل هذا للضرورة، وأيضاً فلا يدل فعل بشر على جواز فعل، ولزومه إلا من وجبت عصمته. ابن رشد: ورعي قول سحنون: مضى العمل في كتب الشروط في الصدقات على الطوع. قلت: ونهي مالك عن الشهادة في نكاح بشرط. المتيطي: في تعليل النهي عنه بأنه حلف بغير الله، أو بحط المرأة من مهرها لأمر تشك في حصوله قولا بعض الشيوخ، ومقتضى قول سحنون.

قلت: وعليهما كراهته في نكاح التفويض ونفيها، ولما ذكر ابن عبد السلام تعقب ابن بشير على أخذ اللخمي من فعل سحنون قال: الذي وجدت في التبصرة هو ما نصه: قال سحنون فيمن زوج غلامه أمته على إن سرق من الزيتون إلخ: وإذا كان هكذا؛ فهي فتوى بالجواز، ودعوى أن ذلك لضرورة لا يلتفت إليه إلا بدليل. قلت: الذي وجدته في التبصرة في غير نسخة واحدة منها نسخة عتيقة مشهورة بالصحة آثار المقابلة عليها واضحة ما نصه: وأجازه سحنون ابتداء، وزوج غلامه أمته إلخ، وإذا كان هكذا؛ فهي فتوى بالجواز، وهذا مثل ما ذكره ابن بشير نصاً سواء، ثم رد ابن عبد السلام: قول ابن بشير بما حاصله: أن فعل العالم المتأهل للفتوى دليل على اعتقاده جواز ما فعله لا سيما المعروف بالورع كدلالة فتواه بذلك. قلت: لهذا تلقى غير واحد من الشيوخ قول اللخمي بالقبول. الشيخ عن المجموعة: روى ابن نافع: من تزوج امرأة على أن كل أمة يتسررها فهي لها؛ لم يلزمه. وسمع أصبغ ابن القاسم: النكاح على إن تسرر عليها؛ فالسرية صدقة عليها يفسخ قبل البناء، فإن بنى؛ بطل الشرط ولا قول لها. ابن رشد: قوله: لا صدقة لها؛ صحيح على قولها، وهو المشهور في الصدقة بيمين على رجل بعينه لا يحكم بها، وحكم للنكاح بحكم فاسد المهر؛ لأن للشرط تأثيراً فيه يفسخ قبل البناء، ويثبت بعده بمهر المثل، هذا إن كانت التسمية في العقد على الشرط، وإن تزوجها على الشرط نكاح تفويض، ثم بعد ذلك سمى المهر؛ فالنكاح ثابت، والمهر المسمى لازم، والشرط باطل، ولمحمد بن دينار في المدنية: لزوم الشرط وإن أعتقها بعد أن اتخذها؛ بطل عتقه، وكانت لها صدقة. قال: وإن شرط إن اتخذها؛ فهي صدقة عليها أو حرة، فاتخذها كان مخيراً بين عتقها والصدقة بها. ولابن نافع: من باع سلعة من رجل، وقال: إن خاصمتك فيها؛ فهي صدقة عليك، فخاصمه فيها أن الصدقة تلزمه، فعلى قولهما بلزوم الصدقة بالشرط ينبغي أن يكون النكاح جائزاً، والشرط لازماً كسائر الشروط اللازمة.

واستدل بعض الشيوخ من هذه المسألة على أن من التزم لامرأته إن تسرر عليها، فأمر السرية بيدها إن شاءت باعتها عليه، أو أمسكتها له أن البيع لا يلزمه فيها، خلاف قول ابن العطار، ووجه هذا الاستدلال: أن الصدقة إذا كانت لا تلزمه؛ فأحرى ألا يلزمه البيع، وليس بالبين؛ لأن المعنى في الصدقة والبيع مفترق، والوجه في عدم لزوم البيع أنها وكالة عليه، وللموكل عزل الوكيل متى شاء، هذا ما حفظناه عن الشيوخ، ولا يبعد عندي أن لا يعزلها؛ لأنها لما نكحته على ذلك، فقد أخذ عليها عوضاً؛ فلزمه كالمبايعة. وسمع ابن القاسم: من خطب امرأة على إن تزوج عليها أو تسرى؛ فهي طالق وحضره شهود، ثم تفرقوا، وترك ذلك، وقد شهدوا على إقراره، وكتبوا به كتاباً أخذته المرأة، ثم خطبها بعد ذلك، فتزوجها بشهود أخر، فطلبته المرأة بالشرط، فقال: تركت الأمر الأول، ونكحت نكاحاً آخر دون شرط؛ فالشرط لازم إلا أن يقيم بينة بذلك. ابن رشد: معناها: أن نكاح الخطبة الأولى لم يتم بعد كتب الشروط، وقبض المرأة الكتاب تنظر فيه، ثم بعد ذلك تزوجها دون ذكر الشروط، فألزمه إياها؛ لأن خطبته باقية مبنية على الأولى إلا أن تشهد بينة أنه إنما خطبها على غير شرط، ولو قارن شرط ما لا عقد يمين فيه حط شيء من المهر، ففي استحباب الوفاء به ووجوبه ما تقدم، وعلى المشهور في نكاحها الأول: من نكح على ألا يتزوج عليها، أو لا يتسرر أو لا يخرجها من بلدها؛ جاز النكاح، وبطل الشرط، وإن وضعت عنه لذلك من صداقها في العقد؛ لم ترجع وبطل الشرط إلا أن يكون فيه عتق أو طلاق، ولو شرطت عليه هذه الشروط بعد العقد، ووضعت عنه لذلك بعض صداقها؛ لزمه ذلك، فإن أتى شيئاً من ذلك؛ رجعت عليه بما وضعت. وسمع القرينان: من نكحت بأربعمائة دينار على وضع نصفها، ولا يخرجها من المدينة، ثم طلبت ما وضعت لإرادته إخراجها إن سمى لها أكثر من مهر مثلها؛ فلا رجوع لها عليه بشيء مما وضعت، وإن سمى قدر مهر مثلها؛ فله إخراجها، وترجع بما وضعت. ابن رشد: ظاهر هذه الرواية؛ إنما وضعت في العقد للشرط من مهر مثلها لا

يلزمها، كما لا يلزمه الشرط، وأن لها ما وضعت، ولو وفى لها بشرطها، وهو قول ابن كنانة وروايته، ومثله لابن شعبان في مختصر ما ليس في المختصر خلاف رواية علي بن زياد في المدونة: أنها ترجع بما وضعت من مهر مثلها إذا لم يف بالشرط، ورواية ابن القاسم. وقوله: إن ما وضعته من مهر مثلها، والشرط ساقطان عن الزوج، وقيل: لا تتم له الوضيعة من المهر، ولو زاد على مهر المثل إلا بالوفاء بالشرط، حكاه ابن حبيب عن بعض الناس، وعن مالك: إن وضعت في العقد من مهرها شيئاً لشرط؛ سقط الشرط وردت لمهر مثلها، والقياس فسخه إلا أن يبني، فيسقط الشرط، ويمضي النكاح بمهر المثل إلا أن ينقص عن المسمى؛ فلا ينقص منه شيء، وكذا يلزم على قياس هذا القول إذا تزوجها بكذا وكذا على أن لها شرط كذا، والمشهور جواز النكاح، وسقوط الشرط، وما وضعته بعد العقد من المسمى لشرط لا يتم له إلا به، وما شرطته في العقد دون تسمية مهر ساقط، والنكاح لازم اتفاقاً فيهما، فإن نكح دون شرط، ثم سمى المهر على الشرط؛ سقط الشرط، ووفيت تمام مهر المثل إن نقصت التسمية عنه. قلت: زعمه أن ظاهر الرواية كقول ابن كنانة بعيد جداً فتأمله. اللخمي: ما وضعته بعد العقد لها الرجوع به إن لم يف بشرطها وتركها لمثل هذا أجازه مرة. وقال في مختصر ما ليس في المختصر: من أعطته زوجته عبداً على ألا يتزوج عليها ذلك باطل، وعليه قيمته إن مات بيده. ولابن كنانة فيمن اشترت من زوجها سكناها مع أبويها، وعلى ألا يخرجها عنهما بمائتي درهم اشترت ما لا يشترى يرد الدراهم، ويرتحل بها حيث أراد، وأنكر قول ابن القاسم بإجازته. وروى ابن كنانة: من وضعت من مهرها بعد العقد على أن لا يطلقها البتة إن طلقها البتة؛ رجعت عليه بما وضعت؛ لأنها اشترت ما لا يشترى له أن يطلقها أو يمسكها، وهذا أحسن قوليه؛ لأنه إذا لم يجبر على الوفاء؛ فسدت المعاوضة لصيرورتها تارة بيعاً، وتارة سلفاً، وعلى قول ابن شهاب يجوز ويجبر على الوفاء بالشرط.

المتيطي: لو وقع الشرط محتملاً؛ لكونه في العقد أو بعده طوعاً، ففي حمله على الأول أو الثاني قولا أبي الوليد محمد بن عبد الله بن مقبل، وابن العطار. وقال بعض الموثقين: المعتبر عرف البلد في ذلك، فإن لم يكن عرف؛ فالثاني، وهذا الخلاف إنما هو في التمليك دون غيره؛ لأنه الذي يختلف حاله فيهما لا من أكره فيما كان فيه في العقد بخلاف ما كان بعده على المشهور. وقال الباجي في سجلاته: قيل: ليس القضاء إلا بواحدة بائنة، كان في العقد أو بعده. وقال سحنون عن قوم: هي رجعية. وفي أجوبة ابن رشد: إن كان عرف البلد في الشروط أنها في العقد؛ فهي على ذلك، وإن كتبت في الصداق على الطوع؛ لأن الكتاب يتساهلون، وهو خطأ من فعلهم. وفيها: إن نكحها بألف على إن كانت له امرأة أخرى؛ فمهرها ألفان؛ لم يجز كالبعير الشارد، وليس لما يفسد به النكاح من الشروط حد. وفي سماع أصبغ ما نصه: سمعت أصبغ قال: من تزوج بشرط ألا يسيء إلى امرأته، فإن فعل؛ فأمرها بيدها، فتزوج عليها، أو تسرر لا أراه إساءة إلا أن يكون ذلك وجه ما يشترطون، ويأخذون عندهم بظاهر معروف أن الإساءة في هذا الشرط النكاح، وإلا فلا، وضربه إياها فيما تستأهله الضرب الخفيف غير إساءة، وما كان على غير ذلك ضر بها مراراً رأيته إساءة، وكذا ما أفرط من أمر وإن كان غير مزر. ابن رشد: ضربها أدباً غير إساءة إذا علم سبب أدبها ببينة أو بإقرار، وإن أكذبته؛ لم يصدق عليها، ولها الأخذ بشرطها بعد يمينها أنه ضربها على غير سبب يوجب أدبها إلا الرجل الموثوق بدينه وأمانته وفضله فيصدق، والضرب المفرط والمتكرر إساءة إلا أن يتبين أنه لأمر تستأهله، ولما كانت غيبة التارك نفقة زوجته لا توجب عليه طلاقاً إلا بطول غيبته جداً حسبما يذكر في الإيلاء إن شاء الله تعالى كان شرط التمليك بالغيبة أكثرياً شرطه عندهم. ابن فتوح، وابن فتحون، وغيرهما: أصل تحديد الناس المغيب ستة أشهر جواب سؤال عمر - رضي الله عنه - ابنته حفصة عن أقصى ثبر المرأة عن زوجها قالت: أربعة أشهر أو

ستة، فقصر مدة بعث الغزو عليها. المتيطي: وذكره مالك في العتبية. قلت: هو سماع ابن القاسم: من كتب لامرأته يخيرها لطول إقامته خرج من المأثم. وسأل عمر حفصة: كم تصبر المرأة عن زوجها؟ فقالت: أربعة أشهر أو ستة. ابن رشد: هذا أصل كتبهم في الشروط ألا يغيب أكثر من ستة أشهر. قلت: وفيه دليل جواز سؤال الرجل ابنته عن مثل هذا، ولعل عدول عمر رضى الله عنه في سؤاله عن زوجته لابنته؛ لأن خبرها أوثق لبلوغها سن من يدرك ذلك، ويعرفه أو لغير ذلك. المتيطي: إلتزام أكثر الموثقين فيه ستة أشهر غير لازم، والمعتبر ما اتفقا عليه. قلت: ما لم يقل جداً؛ لأنه يصير من شرط التمليك بسبب من غير فعل الزوج وتقدم فساد العقد به، ولذا منع في كتاب الخيار تحديده بغروب الشمس من آخر أيامه قائلاً: أرأيت إن حبسه سلطان. المتيطي، وابن فتحون: استحسن بعض الفقهاء أربعة أشهر لقوله تعالى: {لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَإِنْ فَاءُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} الآية [البقرة:226]. قلت: يرد بأن هذا فيما لا عذر فيه للزوج ولا مانع؛ ولذا عدل عمر رضى الله عنه لسؤال ابنته دون البناء على مقتضى الآية الراجح على غيره، واستثناؤهم في شرط المغيب غيبة سفر الحج حسن ليس بلازم. ابن فتوح: إن شئت؛ قربت أمده العامين ونحوهما أو طولت، وبعد أن وقته المتيطي لثلاثة أعوام قال: ليس ذلك بلازم إن شئت قربت أو طولت، المعتبر قدر مدة ذهابه من وطئه للحج ورجوعه عادة، وكتبهم في استثنائه إلا غيبة سفر الحج قاصداً له من وطنه معلناً به؛ لأن تركه يمنع أخذها عند تمام ستة أشهر مدة الغيبة؛ لاحتمال كون غيبته أولاً لغير الحج ستة أشهر إلا يوماً، ثم صار للحج قبل تمامها؛ فلا أخذ لها حينئذ إلا بمضي المدتين. ونقل المتيطي، وابن فتوح، وابن فتحون: يستحسن لفظ ألا يغيب عنها غيبة

متصلة قريبة ولا بعيدة، فلفظ متصلة احترازاً من غيبته المدة منقطعة بإقامته أثناءها، قيل: لها القضاء فيها، فمتصلة بيان للغوها منقطعة، ولفظ قريبة أو بعيدة؛ لأنه إن أسقط قريبة؛ فلا قضاء لها فيها إن كان بعمل سلطانها، وإنما حقها في بعث الإمام إليه. ابن عات عن ابن مغيث: يكتب إليه بأن يقدم أو يقضى عليه، وإن كان في عمل سلطان آخر، ففي كونه كذلك، وثبوت القضاء لها بشرطها طريقا ابن فتحون مع ابن فتوح والمتيطي، ونقل ابن عات عن ابن مغيث، وإن ثبت لفظ قريبة؛ فلها القضاء بها، ولو في بريد إن كانت بعمل سلطان آخر، وإن كانت بعمل سلطانها؛ ففي كونها كذلك، وقصر حقها على كتب السلطان إليه، كما لو غاب بطرق مصرها. نقل المتيطي عن ابن لبابة قائلاً: لها أن تطلق نفسها بشرطها، ولو كان بمصرها، وقضى به عمر بن عبد الله، وقول غير واحد من الموثقين مع المشهور المعمول به، وكتب قبل البناء أو بعده برفع الخلاف لو لم يكتب، وعاب قبل البناء، ففي ثبوت أخذها به نقلا المتيطي عن بعضهم مع أبي عبد الله الباجي وابن القاسم وبعضهم. قال بعض الموثقين: ولو قال الزوج: نويت الغيبة بعد البناء فقط؛ وشرطه على الطوع، هل ينوى أم لا؟. والصواب: ألا ينوى لادعائه خلاف ظاهر عليه بينة فيه، وكتب طائعاً أو مكرهاً برفع الخلاف فيه مكرهاً لو أسقط، ففي ثبوت أخذها نقلاه عن ابن لبابة مع جماعة إلا أن يكون ذلك في الصداق إلا من عذر، وعن أشهر المذهب مع ابن زرب وابن حارث والأصيلي وغيرهم. قلت: عموم الشرط في إكراهه يصيره من شرط التمليك بسبب من غير فعل الزوج. وقال ابن عات عن ابن عبد الغفور: اختلف فيه أهل طليطلة، وأهل قرطبة، فقال محمد بن عبد الله القرشي، وأبو عيسى بن أبي عيسى، وأبو محمد ابن إبراهيم الأصيلي: لا أخذ لها. وقال حسين بن محمد بن نابل، وابن الرقدي، وابن حماد، وابن زهر شيخ ابن مغيث: لها الأخذ.

ابن عات عن ابن مغيث: إن خرج لغزو طوعاً فأسر؛ فلها الأخذ بشرطها، قاله كل شيوخنا: ابن بدر وابن رافع رأسه وغيرهم. المتيطي عن بعض الموثقين: إن غزا في عسكر مأمون غزوا يمكنه الرجوع منه قبل انقضاء مدة المغيب، فهزم الجيش، وأسر الزوج حتى مضى أجل المغيب؛ فلا أخذ لها؛ لأنه غرر بنفسه؛ لقولها: من سافر في صوم ظهار أو قتل فمرض، فأفطر بنى إذا صح؛ لأنه فعل ما يجوز له، وقول ابن القاسم أحب إلى أن يبتدئ احتياطاً لا وجوباً. قال: وينبغي على أصولهم إن سافر لما يرجع منه قبل انقضاء أمد الغيبة، فحبسه

مرض أو سجن لا يقدر على رفع موجبه أو فتنة، أو فساد طريق أن يكون معذوراً. قلت: ونحوه نقل ابن عتاب: أجاب ابن رشد فيمن خرج لسفر قريب، فأسره العدو، فأقام في يده أكثر من سنة، وشرطه ألا يغيب سنة لا أخذ لها بشرطها لقولها: من وجبت له شفعة، فخرج بعد وجوبها مسافراً لما يرجع منه قبل انقضاء ما يقطع شفعته، فمنعه من رجوعه مانع حتى انقضى أمد ما يقطع شفعته أنه على شفعته إذا حلف هذا إن تعرض للخروج، ولو أسر من قطره دون خروج؛ فهو أعذر، وقول أحمد بن خالد: لها الأخذ بشرطها إذا أسر من سفر؛ مخالف لقوله: ظاهر المدونة. قلت: قد يفرق ابن خالد بأن بقاء الشفيع على شفعته غير موجب بقاء ضرر على المشفوع عليه، وبقاء الزوج على حقه يوجب على المرأة، أو بإنتاج تمسك ابن رشد بمسألة الشفعة عكس دعواه؛ لأنها دالة على ترجيح حق الأخذ، وهو الشفيع لدرء ضرر الشركة على المأخوذ منه، وهو المشترى الداخل على الأخذ منه، والآخذ في مسألة الشرط لدرء الضرر عنه هو الزوجة، والمأخوذ منه هو الزوج الداخل على الأخذ منه بما شرطه على نفسه. ابن الهندي والباجي: وإن قيد شرط المغيب بكونه بموضع كذا؛ فلا أخذ لها بمغيبه بغيره، وإن أطلق؛ فلها الأخذ مطلقاً. قلت: ولذا إن غاب للعدوة؛ لم يلزمه شرط المغيب؛ إذ ليس بالأندلس. قلت: قد يقال: غيبته بالعدوة أشد، وأبعد منها بالأندلس، فيستلزم شرطه شرطه، وأخذها بشرطها لغيبته إحدى المدتين ثابت إن كان كتبه بلفظ إن زادت غيبته على المدتين أو إحداهما، وإلا فلا أخذ لها إلا بهما معاً، وأخذها بشرط مغيب ستة أشهر إلا غيبة الحج إن قامت بغيبته مدة الستة، فإن كان في الكتب إلا غيبة سفر الحج قاصداً له من وطنه معلناً به؛ فلها القيام والأخذ به، وإلا فلا حتى تمضي مدة غيبة الحج؛ لاحتمال غيبته أولاً ستة أشهر إلا يوماً، ثم سافر للحج. قال بعض الموثقين: وينبغي ألا يبيح لها الحاكم الأخذ بشرطها حتى يأمر بالبحث عنه عند جيرانه، وأهل مسجده، ومن يظن علمه به إلى أقصى ما يمكن من ذلك.

قال بعض الموثقين: ينبغي إن كان في شرطها قريبة أو بعيدة، فغاب في غير الحج أكثر من ستة أشهر غيبة قريبة أن لها أن تطلق نفسها، اتفق العملان أو اختلفا، وإن أرادت حكم السلطان بذلك؛ لم يقض لها إلا بعد إحضاره والإعذار إليه، اتفق العملان أو اختلفا؛ لأنه لا يقضي على الغائب إلا في الغيبة البعيدة. ابن الهندي: إن قيد شرط الغيبة ببلد بعينه؛ فالشهادة المعتبرة في إثباته الشهادة بأنه غاب تلك المدة بها، وإن شهدوا أنه غاب بحيث لا يعلمون؛ فلا قضاء لها إلا بمضي مدة الستة ومدة سفر الحج. الباجي: هذا غلط؛ لأن الشرط الغيبة ببلد خاص؛ فلا أخذ لها إلا به، ومضي المدتين تجهل البينة محل غيبته لا تثبته؛ إذ له الغيبة ما شاء بغير البلد المذكور، وكتب: والقول قولها في المغيب، وانقضائه بعد أن تحلف في بيتها في الواجب عليها يسقط عن الزوجة إثبات المغيب عند الحاكم؛ إنما عليها إثبات الزوجية والشرط، ثم يأمرها بالحلف في بيتها أو في أقرب جامع إليها إن لم تشترط اليمين في بتيها. قلت: الواجب إن لم تشترطه حلفها حيث يجب الحلف. قال: فإن كانت تخرج نهاراً؛ حلفت نهاراً وإلا فليلاً، ثم يبيح لها تطليق نفسها، فلو أسقط لفظ في الواجب عليها؛ ففي حلفها في كل ما يجب عليها ببيتها، ولزوم يمينها فيها سوى المغيب، وانقضائه في الجامع قولا ابن العطار وابن الفخار متعقباً قوله، وعليه قال: تخير في حلفها يمينين يمين المغيب، وانقضائه في بيتها، ويمين ما سواه في الجامع أو كلتيهما فيه على المشهور في جمع الدعاوى، وإن كثرت في يمين واحدة، وصوب بعض الموثقين الأول؛ لأن مراد الزوج حلفها يميناً واحدة حيث ذكر. وفي إعمال شرط تصديقها دون يمين في المغيب والرحيل والضرر، أو فيهما دون المغيب نقلا ابن عات عن ابن فتحون، وابن عبد الغفور، وقال سماع عبد الملك من كتاب التخيير: كان ابن دحون يفتي بإلغاء شرط التصديق في الضرر بعد قوله: لا خلاف في إعماله إن لم يكن شرطاً في العقد. المتيطي: وكتب: ولها التلوم عليه، والانتظار ما أحبت لا يسقط ذلك شرطها يفيد رفع الخلاف إن لم تأخذ بشرطها عند انقضاء أمد الغيبة، فإن لم يكتب؛ ففي سقوط

شرطها بعدم قضائها في المجلس الذي وجب لها فيه التمليك وبقائه ما لم توطأ. قال ابن رشد: ثالثها: إن تأخر قضاؤها أكثر من شهرين لسماع يحيى ابن وهب مع سماع زونان أشهب، وسماع عيسى ابن القاسم في كتاب النكاح قائساً على قول مالك في المواجهة بالتمليك، وسماع ابن القاسم، وعليه في وجوب حلفها ما سكتت تركاً لخيارها رواية محمد مع ابن عبد الحكم عن ابن القاسم في سماع عيسى، وسماع ابن القاسم قال: وهما جاريان على الخلاف في وجوب يمين التهمة. المتيطي عن بعض الموثقين: بالأولى جرت الأحكام واستمرت الفتيا، وعزا المتيطي ثاني الثلاثة لعبد الملك في الثمانية، ورابعها: هذا مع يمينها ما سكتت تركاً لحقها، وخامسها: كابن وهب إلا أن تشهد عند الأجل أنها باقية على حقها؛ فهو بيدها دون يمين له. عن ابن نافع وابن كنانة، وسادسها: قال: روى محمد: إن طال بعد الشهرين؛ فلا قول لها إلا أن تشترط عند انعقاد الأجل أنها تنتظر أجلاً آخر؛ فذلك بيدها إلا أن تتأخر بعد الأجل الثاني أكثر من شهرين، فذلك رضي بإسقاطها ما بيدها إلا أن تشهد أنها على شرطها؛ فذلك لها، ولو بعد عشرين سنة. قلت: كذا وجدته في المتيطية، وفي النوادر ما نصه عن الموازية. قال مالك: لو أشهدت عند الأجل أني أنتظره ستة أخرى أو أكثر؛ فذلك بيدها، فما أخرته قرب أو بعد. قال مالك: وكذلك إن قالت: أنتظره، وأنا على رأيي؛ فذلك بيدها أبداً، ولو أقامت عشرين سنة لا تحتاج إشهاد ثان لها القضاء متى شاءت، وإن جعلت لتأخيرها وقتاً، ثم أخرت القضاء بعده بأكثر من شهر؛ لم يكن لها بعد قضاء، وإن طلقت قبل وفاء الأجل؛ لم ينفعها أن تشهد: إذا حل الأجل، فقد اخترت نفسي. المتيطي عن بعض الموثقين: إن ذكر في الشرط، ولها التلوم كما تقدم؛ فهي على شرطها، ولو طال تلومها، وفي أخذها بشرطها دون أن تزيد في يمينها أن تلومها؛ لم يكن تركاً لشرطها قولان لابن القطان محتجاً بأن جعل الزوج ذلك بيدها يسقط عنها اليمين أن تلومها؛ لم يكن طرحاً لشرطها مع غيره من الشيوخ المتقدمين، والباجي وابن

العطار، وأشار المتيطي لمسألة في أحكام ابن سهل؛ وهي امرأة قامت برسم مغيب حاصله شهادة شهود بمعرفة عين زوجها واسمه وغيبته عن زوجته عاتكه منذ عام أو نحوه بحيث لا يعلمون، وأنه كان منذ كذا أشهدهم أنه طاع لها إن غاب عنها غيبة متصلة أكثر من ستة أشهر في غير سفر حجة فرضه ثلاثة أعوام، وزادت غيبته على الأجلين أو أحدهما؛ فأمرها بيدها، والقول قولها في المنقضي من أجليهما، أو أحدهما بعد حلفها بالله لغاب عنها أكثر مما شرطه لها، ثم تقضي في نفسها ما أحبت، ولها التلوم عليه ما أحبت لا يقطع تلومها شرطها، ويعرفون أن غيبه في غير سفر الحج، وأن نكاحهما باق إلى الآن. وفي شهادة الثالث والرابع، ولا يعلم انصرافه إليها إلى الآن، وفي شهادة الرابع صلة أنه يعرف مغيب الزوج بإشبيلية، وثبت عند القاضي مع ذلك قول الزوجة أنها تريد الأخذ بشرطها، وحلفت في بيتها لعذر منعها الخروج أن زوجها فلان لم يؤب إليها منذ غاب عنها، وما سكتت المدة المذكورة إلا تلوماً عليه، وثبت حلفها عنده، فشاور في ذلك القاضي الفقهاء، فأجاب ابن عتاب: كان القاضي أبو المطرف يضعف شهادة الشاهد بحيث لا يعلم، لا سيما إذا طالت مدة المغيب، وأعملها بعض القضاة وأجازها، وشهادة بعض شهود الرسم أنه بإشبيلية يوجب الإعذار إليه إن لم يتعذر، فإن تعذر؛ فالعقد مفتقر إلى تصحيحه؛ لأن فيه تناقضاً في صورة أنه بحيث لا يعلمون، وفي آخره أنهم يعرفون مغيبه في غير سفر الحج، فإن لم يعلموا مغيبه، فكيف يشهدون أنه في غير سفر الحج، فإذا صح العقد يرفع هذا التناقض أنفذ الحكم بالطلاق، وأرجئت حجة الغائب إذا تعذر الإعذار، وأجاب أبو عمر بن القطان: الشهادة بالمغيب ناقصة حتى يقول الشهود أن المغيب بعيد بحيث لا يعلمون؛ لجواز كونه قريباً بحيث لا يعلمون، ورأيت الشهود قطعوا ببقاء العصمة بينهما لوقت شهادتهم، وبالمغيب أنه في غير سبيل الحج، والشهادة في هذا بقطع لا تنبغي؛ إنما يشهد به على العلم، وقول الشهود أنهم يعرفون يعطي القطع؛ فلا تجوز هذه الشهادة، ولا يسجل بها. وحلف المرأة أن سكوتها في المدة المذكورة وتلومها لم يكن إسقاطاً لشرطها تحليف

لها على ما لا يجب لها؛ لتقدم إشهاد الزوج أن لها التلوم عليه ما أحبت، ولا يحكم إلا بما لابد منه، وعلى ما أجبت فقهاء الشيوخ المتقدمين وفتواهم، وشهادة الشاهد أنه يعرف مغيب الزوج، ولا يعلم رجوعه إلى الآن لا يوجب حكماً إن لم يشهد غيره بمثله أكثر من الثاني في أمره، وذكر يمين المرأة في بيتها؛ لعذر دون بيانه غير مجزئة بحال حتى يبين. ابن سهل: زيادة المرأة في يمينها إنما سكتت تلوماً لا إسقاطاً لشرطها أثبتها ابن العطار، وأسقطها ابن الهندي كابن القطان، واحتجاجهما بأن البينة شهدت بها غير بين؛ لأن الشهادة بها لا تمنع وجوبها كيمينها على غيبته أكثر مما شرطه لها وما رجع إليها، وكيمينها في تطليقها بعدم النفقة ما ترك عندها شيئاً، ولا أرسل إليها، وكيمين مستحق غير الربع ما باع، ولا وهب، ولا خرج عن ملكه، وكيمين من شهد له بحق ميت، أو غائب مع شهادة البينة بذلك في الجميع، وكذا نص عليه ابن أبي زمنين في يمنها لأخذها بشرطها في المغيب في سجل القضاء به. قال: وشاور القاضي فلان من وثقه من أهل العلم، فأشاروا بذلك، فهذا نص في ذلك ممن هو حجة مع موافقة ابن العطار له فيما ذهبنا إلى بيانه، ولو انتقد أبو عمر على نفسه في جوابه أن الشهادة ناقصة حتى يقولوا: أن المغيب بعيد بحيث لا يعلمون كان أولى؛ لأنه لم يقله أحد، وهو متناف في نفسه؛ لأن قوله: أن المغيب بعيد؛ يقتضي علم مكانه، وقوله: بحيث لا يعلمون؛ يقتضي نفيه، وقد سمعت إنكاره عليه. قلت: قوله: لأن قوله: أن المغيب بعيد يقتضي علم مكانه؛ ليس كذلك؛ لأن علم بعد مكانه يحصل بالقطع بعدم قربه، وهو أعم من علم مكانه وجهله، والأعم لا يشعر بالأخص. المتيطي: لا حجة لابن سهل على ابن القطان فيما احتج به إلا ما نقله عن ابن أبي زمنين، ولعل أبا عمر لا يسلمه، وقول أبي عمر متعقب بغير ما تعقبه ابن سهل، وهو أن يقال: إنما يكتب "ولها التلوم عليه ما أحبت"؛ احترازا من القول بسقوط شرطها بسكوتها عند الأجل وأحلفت؛ لاحتمال أنها أسقطت شرطها استقصاء لحق الغائب. قال: وقول بعض الموثقين: إن قلنا: الشهادة على الغيبة، واتصالها على القطع؛ فلا

يمين عليها لقد غاب؛ لأن من أثبت حقاً ببينة قاطعة لا يحلف عليه، قاله في المدونة والواضحة، وإن قلنا: الشهادة على ظاهر العلم لا القطع؛ حلفت كيمين الاستحقاق، وكيمين مستحق دين على ميت، أو غائب أنه ما قبض شيئاً منه إلى آخرها. وإن كتب أن القول قولها في المنقضي من أجلها؛ كفى فيه يمينها دون بينة، وعليها إثبات المغيب، وإن كتب (القول قولها فيه، والمنقضي منه)؛ كفى فيهما يمينها، وإن كتب (دون يمين تلزمها)؛ سقطت عنها. المتيطي: وتزويد في يمينها (ولا أذنت له في المغيب عني)؛ خوف دعواه ذلك بعد قدومه. قال: وقول بعضالموثقين: فإن لم تأخذ بشرطها حتى قدم عليها؛ فلها الأخذ بشرطها؛ لأنه حق وجب لها بعد يمينها المتقدمة، يؤيده قول ابن القاسم في أمة عتقت تحت عبد منعت الطلاق بحيضها فظهرت بعد عتق زوجها لها الخيار. قلت: سئل عنها ابن رشد وقيل له: نزلت. وقال: بعض الشيوخ: لها الأخذ بشرطها لسماع أصبغ: من شرطت إن تزوج عليها؛ فأمرها بيدها، فعلمت بتزويجه عليها بعد موت التي تزوجها عليها أو طلاقها؛ فلها الأخذ بشرطها، ومثله في وثائق الباجي، وقال ابن زرب وغيره. وقال بعضهم: لا أخذ لها، ولم يستظهر بشيء، فأجاب: قول الشيخ: لها الأخذ؛ غير صحيح؛ لأن بقدومه ارتفعت علة الأخذ به، وذلك بين من قولهم في الشرط: لها التلوم عليه ما أقامت منظرة له لا يقطع تلومها شرطها، وهذا يقتضي أن ما بيجها لا يبطله إلا قدومه، والفرق بين هذه ومسألة أصبغ: أن المرأة تخشى أن يكون تزويجه عليها يزهذه فيها، ويرغبه في غيرها، ومغيبه عنها لا يخشى منه ذلك؛ بل يرغبه فيها، وإنما تشبه هذه مسألة الأمة تعتق تحت عبد، فلم تختر حتى عتق، قالوا: لا خيار لها؛ وهو نص ابن نافع في المدينة: أنه لا قضاء لها إذا قدم قبل أخذها بشرطها على ما رأيته لبعض أصحابنا، فلا يلتفت لقول الباجي، ولا لمن سواه من المتأخرين لمخالفة ذلك أصول مذاهب الفقهاء المتقدمين. قلت: سماع أصبغ هذه المسألة هو من أشهب وقع في ترجمة سماع أصبغ

ابن القاسم. قال ابن رشد فيه: لأن القضاء وجب لها بتزويجه عليها؛ فلا يسقط بموت المتزوجة ولا بطلاقها؛ إنما اختلف إذا شرط أن طلاق الداخلة بيدها، فتزوج عليها، ثم طلقها في بقاء ذلك بيدها قولا ابن القاسم آخر هذا السماع مع قوله في كتاب ابن سحنون وابن الماجشون وقول سحنون: هذا إن كان طلاقها بائنا لا رجعيا تفسير لقول ابن الماجشون؛ لأن الخلاف إنما هو في الطلاق البائن. المتيطي: لها الأخذ بشرطها دون الرفع للإمام بعد حلفها كما تقدم، وتشهد على طلاقها نفسها من حضر يمينها وعرفها، وعرف شرطها وتصديق زوجها لها في جميع ما ذكر بعد يمينها في بيتها بالشهادة، ولا يعلم انقطاع زوجيتهما. وسئل ابن رشد عمن قامت بشرط المغيب المنعقد في صداقها حسبما ينعقد في الصدقات اليوم؛ لغيبة زوجها بحيث لا تعلم غيبته جاوز فيها المغيب بكثير، فحلفت بمحضر جماعة من جيرانها يعرفون الغيبة المذكورة، وطلقت نفسها، وليس بمكانها قاض تثبت عنده المغيب، والصداق غير أن الأمر مشهور. فأجاب: إن أخذت بشرطها، وطلقت نفسها بعد يمينها على ما شرطه الزوج بحضرة عدول يعرفون المغيب، والشرط نفذ ذلك على الزوج بعد قدومه إن لم يأت بمدفع في الشرط، ولا في الغيبة، وإن أرادت النكاح قبل قدومه؛ رفعت ذلك للحاكم، فتثبت عنده الأمر كله، ويتلوم للغائب. وروى المتيطي: إن شرط أبوها على الزوج: إن غاب عنها مدة كذا؛ فأمرها بيد أبيها، فزادت غيبته على تلك المدة، وأراد الأب الأخذ بالشرط، وأبت البنت؛ فذلك لها دونه، وينهاه الإمام عن الفرقة بينهما، فإن فرق بينهما بعد نهيه؛ جاز فعله، وإن انتزع السلطان الحكم من يده؛ لم يجز طلاقه بعد. وسمع عيسى ابن القاسم: من أنكح ابنته رجلاً على إن تزوج عليها، فأمرها بيد الأب، وهو من صداقها، فوضعت صداقها عن زوجها؛ جعل ذلك من صداقها باطل لا يوضع عنه الشرط بوضع الصداق، فإن تزوج، فأراد الأب طلاقه، وأبت البنت نظر في ذلك؛ فإن كان ما أرادته خيراً لها؛ لم يكن له طلاقها، وإ، كان ما أراد الأب خيراً لها؛

فله فراقها؛ لأني سمعت مالكا قال: من جعل أمر امرأته بيد أبيها إن لم يأت لأجل سماه، فلم يأت له، فأراد الأب طلاقها، وأبته ابنته؛ فالقول قولها، فإن مات أبوها، وأسنده لغيره؛ فهو فيه بمنزلته، وإن لم يسنده لأحد؛ فليس بيدها منه شيء. قلت: وفي سماع أبي محمد يحيى: قال ابن القاسم: إ، طلق الأب قبل منعه السلطان؛ مضى الطلاق، وإن طلق بعد منعه؛ لم يجز. ابن رشد: قول ابن القاسم: ينظر في ذلك، ولم يقل كقول مالك فيمن جعل أمر امرأته بيد أبيها إن لم يأت لأجل سماه؛ لأنه جعل لاشتراط الأب ذلك على الزوج حقاً، فلم ير أن يخرج من يده إلا بنظر السلطان؛ لأنه يقول: إنما تزوج عليها إرادة الضرر بها من حيث لم تعلم هي ذلك بخلاف جعل الزوج ذلك بيده دون أن يشترطه عليه؛ لأنه إذا لم يشترطه عليه، فإنما فعله بزوجته لا له؛ فهي أحق به فيه، ولا فرق بين المسألتين إلا من جهة الشرط. وقوله: إن أسند ذلك لغيره بعد موته؛ فهو له؛ مثل ما في كتاب الخيار منها خلاف رواية على فيها. وقوله: إن مات ولم يسنده لأحد؛ فليس بيدها منه شيء خلاف رواية ابن القاسم فيها، فكأني رأيت مالكا رأى ذلك لها، أو قال: ذلك لها ولم أتبينه. قلت: تعليل ابن القاسم قوله بما سمعه منالك مشكل؛ لأن ما سمعه مناف لما قاله، وعدم تكلم ابن رشد عليه كذلك، وتفرقته بين مسألتي ابن القاسم، ومالك بالاشتراط والطوع يوجب تعقب نقل المتيطي مسألة مالك بلفظ: إن شرط أبوها على الزوج ... إلى آخره. وسمع ابن القاسم: من تزوجت على أن لا يخرج بها إلا برضها مع رضي أبيها؛ فلا خروج لهما إلا برضاهما، وإن كان برضاها فقط؛ فله الخروج به فقط، ولو كانت بكراً قبل البناء. ابن رشد: لم يذكر أن الشرط مقيد بطلاق ولا تميلك، وإيجاب ملك عليه إن كان الشرط برضاهما معا يدل على أنه مقيد بطلاق على ما في سماع عيسى في الأيمان بالطلاق، ولو كان بتمليك لم يعتبر إلا رضاها؛ لأن الشرط إنما أخذ لها، فإن رضيت

بخروجه بها، وكانت هي المملكة؛ سقط حقها، وإن كان الأب هو المملك دونها أمر باتباع رضاها بالبقاء مع زوجها، فإن طلق قبل نهيه السلطان عنه؛ نفذ، وإن كانا معا مملكين؛ لم يلزم طلاق إلا باجتماعهما، وتوقف مالك في شرطه ألا يخرج بها إلا برضها أو رضى أبيها، فقال: ما أدري إلخ؛ لأن (أو) مشتركة تحتمل هنا التخيير بين الرضائين، فيكون له الخروج برضى أحدهما، أو الجمع بين الرضائين بمعنى الواو أو إبهام أي الرضائين أراد، فيخرج بها برضاها إن أراده فقط، أو برضى أبيها إن أراده فقط، والوجه حمله على أظهر محتملاته وهو التخيير، وأجاب مالك على التصريح في الشرط باستثناء رضاهما معا أو رضى أحدهما فقط. ومسمى الشرط جائز، ومختلف فيه. سمع عيسى ابن القاسم: من له زوجة، فخطب أخرى، فقال وليها: لا أزوجك إلا على أن تطلق امرأتك، أو تجعل أمرها بيد وليتي، فقال: أشهدكم إذا دخلت على وليته، فأمر امرأتي التي تحتي بيدها، فزوجة على ذلك، ثم صالح امرأته، ودخل بالثانية وليست الأولى في ملكة إن تزوجها بعد ذلك؛ فليس من أمرها بيد الثانية شيء بحال؛ لأنها دخلت، وليس الأولى في ملكه، وكذا إن قال: إن دخلت بوليتك؛ فامرأتي التي تحتي طالق البتة له أن يتزوجها، ولا يلحقه طلاق. ابن رشد: هذا على اعتبار اللفظ، وعلى مقتضى المعنى يلزمه التمليك والطلاق، وهو الآتي على قولها في الأيمان بالطلاق فيمن شرط لامرأته كل امرأة يتزوجها عليها؛ فهي طالق أو أمرها بيدها، فيطلق امرأته، فتبين منه، ثم يتزوج امرأة، ثم يراجع امرأته أن المرأة التي تزوج تطلق عليه، أو يكون أمرها بيد امرأته؛ لأنه إنما أراد أن لا يجمع بينهما، ولا ينوى إذا ادعى نية. وسمع يحيى ابن القاسم: لمن نكح امرأة، وله أمهات أولاد بشرط أن كل جارية يتسررها عليها حرة من وطئ منهن حنث فيها، وقاله أبو زيد وأصبغ. وقال سحنون: لا حنث عليه فيهن؛ إنما يلزمه الشرط فيما يستقبل من الإماء بعد عقد نكاحه. ابن رشد: حنثه ابن القاسم لما ذكر من أن الوطء تسرر في اللسان، ومن رعي

المعنى، وهو أن القصد بالشرط ألا يطأ معها غيرها، وحمل سحنون التسرر على معناه عند العامة، وهو وطء الجارية ابتداء مع العزم على اتخاذها لذلك لا يقال لمن وطئ يوماً من الأيام أم ولده أو جارية كان يطؤها أو خادماً دون نية العودة لوطئها: أنه تسرى في ذلك اليوم على زوجته، وهذا نحو قولها فيمن حلف أن لا يأكل بيضا، فأكل بيض السمك؛ أنه لا يحنث، وأن ذلك لا يسمى بيضا عند الناس، وإن كان في اللسان بيضا. قلت: كذا وجدته في غير نسخة واحدة وهو وهم، الذي في المدونة في بيض السمك الحنث لا عدمه، ولما ذكر الشيخ رواية يحيى قال: ابن حبيب عن أصبغ وابن القاسم قال: ولو قال: كل جارية أتخذها عليك حرة؛ فلا شيء عليه فيمن عنده ولو لم تعلم به؛ لأن الاتخاذ غير الوطء، وهو كالنكاح لو شرط أن لا ينكح عليها؛ لم يلزمه شيء فيمن عنده، وقاله ابن القاسم وأصبغ. قلت: هذا خلاف ثاني تعليلي ابن القاسم بقوله: إن القصد بالشرط أن لا يجمع معها غيرها. الشيخ: سمع ابن القاسم: من شرط لامرأته أن لا يتسرر عليها، وهما لا يعرفان ذلك إلا الحمل، ويريد الوطء قال: لا يفعل، وجهله ذلك لا ينفعه. قال في الموازية: كمن ظن البتة واحدة. سحنون: لا يعجبني، وله وطء أمته إذا كان ذلك عندهما هكذا، وقاله مالك ورواه في المجموعة على بن زياد. قال أبو بكر بن محمد: وروى علي بن زياد وابن أشرس: إذا أراد بوطئها الولد؛ فهو تسرر، ولم يزد ابن رشد على ما في العتبية إلا قوله: الاختلاف في هذه المسألة على اختلافهم في اليمين العرية عن النية هل تحمل على اللفظ أو على ما يعلم من قصد الحالف؟ والأظهر الأشهر حمل اليمين عليه فقول سحنون وروايته أظهر. الشيخ عن الواضحة: من شرط إن تسرر، فأمر السرية بيدها أن تعتق، أو تدع لع وطء من شاء من جواريه وطأه، ثم يمسك لا يطأ ولا يبيع حتى تقضي امرأته أو تدع، وقاله ابن القاسم وأصبغ، ولو شرط إن اتخذ عليها أم ولد؛ فهي حرة، فقال ابن القاسم: له وطء أمته في كل طهر مرة.

وقال أشهب وابن الماجشون وأصبغ: له ذلك حتى يظهر بها حمل. أصبغ: ما لم يقصد إليها، ذلك منها، إن فعل هذا؛ عتقت عليه ساعتئذ، وإن حاضت بعد ذلك؛ فقد مضى عتقها. ابن حبيب: إن قصد ذلك منها تربص بها حتى تحيض أو يظهر بها حمل، ولا آخذ بقول أصبغ، ولو شرط ألا يتخذ عليها جارية؛ فله وطء إمائه ما لم يلزم الواحدة بعينها، وما لم يظهر بها حمل، أو يقصدها لذلك، هذا يمسك عن معاودتها، وقاله أصبغ، ولو شرط إن اتخذ عليها أم ولد؛ فهي طالق، فقال ابن الماجشون وأصبغ وأشهب: له وطء إمائه، فإن حملت إحداهن؛ طلقت امرأته. ابن القاسم: بأول وطئه أمة؛ طلقت عليه للشك في حملها، وهذا استحسان والأول القياس، وكتب (كلما فعل موجب شرطه؛ فلها الأخذ به) يرفع الخلاف فيه، فلو لم يكتبه، وأخذت بشرطها لموجبه، ثم تزوجها؛ ففي سقوطه، وبقائه رواية محمد. المتيطي: الأولى أظهر، ومعنى قول المدونة: لها الأخذ بشرطها ما بقي من طلاق ذلك الملك شيء إذا كان الطلاق من قبل الزوج، فإن كانت هي المطلقة فأخذها بشرطها؛ يسقطه. وسمع ابن القاسم: من تزوج امرأة على أن كل امرأة يتزوجها، أو يتسررها ما عاشت؛ فالزوجة طالق، والجارية حرة، فطلقها البتة، ثم تزوجها بعد زوج، وقامت بشرطها لقوله: ما عاشت، وقال الزوج: إنما أردت ما كنت تحتي، ولم أرد أن أطلقك، وأقيم لا أتزوج، ولا أتسرر؛ فله نيته. ابن رشد: هذا على أن اليمين على نية الحالف، وتنويته مع أنه شرط في العقد خلاف أصله في المدونة في أن التمليك في العقد لا مناكرة له فيه، وقوله: ينوى؛ يريد مع يمينه، سمعه ابن القاسم في الأيمان بالطلاق: إذا تطوع به دون شرط؛ فأحرى في الشرط، وتنويته إياه مع أنه إنما تزوج عليها، وهي في عصمة له ثانية على أصل المدونة فيمن شرط لامرأته طلاق الداخلة عليها؛ تنحل عنه اليمين بخروج زوجته عن عصمته بالثلاث خلاف نقل ابن حيبب رواية مطرف، وقول ابن الماجشون، وابن أبي حازم وغيره من أصحاب مالك: أنها لا تنحل عنه؛ لأن الشرط في اليمين في الداخلة لا

فيها، ولو حلف بهذه اليمين متطوعاً دون شرط، ولا استحلاف نوي على قولها في الأيمان بالطلاق، ولا ينوى على أن اليمين على نية المحلوف له؛ ففي تنويته ثالثها: الفرق بين الطوع والشرط. قلت: في قوله: وتنويته إياه مع أنه إنما تزوج عليها إلخ؛ بل الأظهر العكس؛ لأنه إذا انحلت يمينه بذهاب العصمة الأولى، فلا يحتاج لنيته في العصمة الثانية. وأجاب ابن رشد عمن تزوج وشرط عند عقده على الطوع: أن الداخلة على الزوجة طالق، فتزوج امرأة، فطلقت عليه، ثم تزوجها بعد مضي عدتها؛ بأن اليمين تتكرر عليه اتفاقا، وإنما اختلفت قول ابن القاسم في تكرير اليمين في المرأة المعينة كإن تزوجت عليها فلانة؛ فهي طالق فتزوجها مرة بعد مرة. وسمع القرينان: من نكح امرأة على إن نكح عليها، أو تسرر بغير إذنها، فأمرها بيدها، فأذنت له، فأقام يطلب النكاح، فرجعت عن إذنها، ولم يعقد نكاحاً قال: ذلك يختلف إن أسقطت شرطها فذاك، وإن أشهدت له بذلك في امرأة واحدة؛ فذلك له. ابن رشد: مضى استيفاؤها في سماع ابن القاسم. قلت: هو سماعه: من قال لامرأته: إن نكحت امرأة، أو تسرر جارية، ثم طلق المرأة، وباع الجارية، ثم أراد أن يتزوجها أو يتسرى؛ فلا مرأته منعه ذلك ما لم تأذن له بذلك، ولا رد لها إن أذنت له ينكح، أو يتسرر حتى يفارق. ابن رشد: لم يوجب عليها اليمين أنها لم تأذن إلا في تلك المرأة بعينها مرة واحدة، ولم تسقط شرطها، وهو خلاف سماع عيسى، والقولان على الخلاف في لحوق يمين التهمة، ولو حقق عليها دعوى إسقاطها شرطها؛ حلفت اتفاقاً. وقوله: لا رد لها إذنها، فسوى بين الزوجة والجارية. وقال ابن حبيب: لها أن ترجع في إذنها، والرضى في الجارية متى شاءت؛ لأن التسرر أمر مؤتنف. قال: وكان القياس ألا يطأ إلا بإذن مؤتنف لكل وطأة، والاستحسان إجزاء إذن واحد حتى تحدث المنع.

وحكى الفضل عن ابن القاسم مثله، ولو أرادت بعد تزويجه وتسريه بإذنها أن تقضي في نفسها لم يكن لها ذلك اتفاقا؛ لأنه لم يوجب لها التمليك إلا بفعله ذلك بغير إذنها. وحكى ابن حبيب أنه قيل: لها القضاء وإن نكح بإذنها؛ لأنها أذنت قبل أن يصير القضاء بيدها، وهو غلط ظاهر، إنما الخلاف إن قال: إن نكحت عليك؛ فأمرك بيدك، ولم يقل: إلا بإذنك، فأرادت القضاء في نفسها بعد أن نكح بإذنها، فسمع أصبغ أشهب: لها ذلك، وقاله سحنون في المجموعة، واحتج بمن سلم شفعته قبل الشراء، والمشهور ليس لها ذلك، وقاله أصبغ في سماعه وروايته عنه، وقاله مالك في رسم اغتسل من هذا السماع، وسمعه عيسى في كتاب التخيير، ونص أشهب في الموازية على الفرق بين ذكر: (إلا بإذنك) وتركه، وهو بين لا يفتقر لنص، ولا يفترق، وذلك عند مالك إن أذنت له فنكح؛ فلا قضاء لها في الوجهين، ولو أذنت له إذنا مبهما لم تقل فيه متى شئت، فقال مرة: له أن ينكح متى شاء، ومرة: منعه ألا بقرب إذنها على الخلاف في كون الأمر المطلق على الفور أو التراخي. ولو أذنت له في النكاح، ثم رجعت قبل نكاحه ابن حبيب: لها ذلك. وسمع أشهب: منعها ذلك، وسمعه أصبغ من ابن القاسم، وحكاه فضل عنه وعن غيره. وسمع عيسى ابن القاسم: من نكح على إن لم ينفق عليها ما يصلحها؛ فأمرها بيدها، فقصر عت نفقة مثلها بعد مدة، فرضيت ذلك، ثم بدا لها، فأرادت أن تختار؛ فسخ نكاحه قبل البناء وثبت بعده، فإن رضيت تقصيره في نفقتها؛ فلا قول لها بعد ذلك؛ لأن هذا فعل واحد كمن قال: إن لم أقضك بقية مهرك إلى أجل كذا؛ فأمرك بيدك، فأتى الأجل، ولم يقض، فأقامت معه يصيبها، ولم تقض شيئا؛ فلا قضاء لها بعد ذلك. ابن رشد: فسخه قبل البناء وثبوته بعده مع بقاء شرطها ليس بمعتدل على أصولهم؛ لأن الشرط إن كان جائزاً؛ لم يفسخ النكاح كنكاح بشرط تمليك أو طلاق، وإن كان فاسداً يوجب فسخ النكاح قبل البناء لا بعده؛ انبغي سقوط الشرط، وردها

لمهر مثلها، وقوله هذا جار على قول سحنون في إيجاب الشرط الفساد. وشرط عدم رحلته بها: قال المتيطي: هو أن لا يرحلها من حضرة كذا إلا برضاها، فإن رحلها كارهة؛ فأمرها بيدها، وإن رحلته بطوعها، ثم سألته الأوبة لوطنها، فلم يرجعها من يوم سألته ذلك لانقضاء ثلاثين يوما؛ فأمرها بيدها، وعليه مؤنة رجوعها إن طلقها حيث رحل بها، أو طلقت نفسها بشرطها، وهي باقية على شرطها كلما رحلها بإذنها، وعدم هذا الشرط يبيح له رحلته بها حيث شاء إن كان مأموناً محسنا لها لم يتقدم منها تشك بضرره. وسمع القرينان: من أراد الخروج بامرأته لموضع زعم أنه أرفق به، وأبت امرأته، نظر لصلاحه وإحسانه إليها؛ ليس له أن يخرج بها، ثم يطعمها شوك الحيتان. ابن رشد: هو محمول على ما يوجب له الخروج بها حتى يعلم خلافه، هذا ظاهر قولها في إرخام الستور، والحر في هذا بخلاف العبد، قاله ابن القاسم في رسم الجواب من طلاق السنة. قلت: هو قوله: ليس للعبد أن يظعن بامرأته حرة أو أمة إلا لما قرب جدا كبعض الريف الذي لا يخاف فيه ضيعتها، ولا أعلمه إلا قول مالك، وفي أول نكاحها الثاني مثل ما في إرخاء الستور. قلت: وهذا بشرط أمن الطريق والموضع المنتقل إليه، وجرى الأحكام الشرعية فيه على وجهها. المتيطي عن بعض الموثقين: إن علم حسن حاله، وأراد إخراجها وامتنعت؛ فقال الشيخ أبو القاسم: تسقط عنه نفقتها. قال: وأرى أن تجبر على الخروج معه، ونحوه لابن عبد البر، فإن ثبت الشرط؛ لم يخرجها إلا برضاها، ولو كان مأمونا، فإن أكرهها على النقلة؛ فلها الأخذ بشرطها، فإن ادعى طوعها وأكذبته؛ فعليه البينة وإلا حلفت، وأخذت بشرطها، قاله ابن جبيب. قال بعض الموثقين: وهو كقول مالك في المملكة: تدعي أنها قضت في المجلس، ويكذبها الزوج؛ فالقول قولها وعليه البينة. قلت: لا يمين على المملكة بخلاف الأولى.

المتيطي في مختصر الوقار الكبير: إن غاب عنها، وقطع نفقتها، فاضطرها ذلك للخروج إليه× فلها الأخذ بشرطها كإكراهه إياها. قلت: مثله للشيخ من رواية محمد، وسماع أشهب بقيد كون غيبته، وقطعه نفقتها اختيارا، وفائدة كتب (إن أخرجها بطوعها، ثم سألته رجوعها) إلخ رفع الخلاف، فلو لم يكتب وأخرجها برضاها، ثم سألته رجوعها لمحلها، ففي وجوب ذلك عليه، فإ، لم يفعله؛ كان لها الأخذ بشرطها مطلقاً، وعدمه ثالثها: بعد حلفها ما خرجت تركا لشرطها؛ لروايات ابن القاسم قائلاً: لا يعجبني وجوبه عليه. قلت: ولابن رشد: ثالثها: بشرط لا تطوعا لسماع عيسى ابن القاسم وسحنون عنه وسماعه عيسى. ابن فتوح عن ابن القاسم: إن سألته رجعتها بعد إخراجه إياها برضاها؛ فعليه ذلك، ويلزمه ألا يخرجها إلا لما يقدر على ردها منه. المتيطي وابن فتوح: كتب (لانقضاء ثلاثين يوما) غير لازم؛ إنما هو توسعه للزوج ليروي فيه أمر سفره، وينظر في شد متاعه، وثقله لو لم يحد في الشرط أجلاً، وقال: إن لم يردها؛ فأمرها بيدها وسألته ردها، وأبي ورفعته للإمام؛ لم يبلغ في التليوم عليه أكثر من ثلاثين يوما، فإن انقضت الثلاثون يوما، ولم يضر بها؛ طلقت نفسها بشرطها، فإن منعه من ردها؛ فتن أو هول بحر حائل بينه وبين محل ردها حتى انقضى أمد التلوم. قال ابن فتحون: لا أعلم لأحد من أهل العلم فيه قولا، وعندي أنه لا قضاء لها عليه؛ لعذره بما غلب عليه، فإن أخذت بشرطها أساءت ونفذ، والطلاق أولى ما احتيط له، ولو رفعها الزوج للحاكم رأيت أن يمنعها حتى يزول عذره، ويقيم بعد زواله قدر ما يمكن أن ينظر في أمره، فيكون لها القضاء. قلت: انظر إن قضت بعد منعها الحاكم القضاء، والأظهر، إن حكم بمنعها، نفوذه، وإن حكم بزوال ما بيدها تلك المدة؛ لم ينفذ كمن حلف بالطلاق ليقتلن زيداً. المتيطي: وكتب عليه مؤنة رجوعها؛ لأنه إن ترك وطلقت نفسها بشرطها أو طلقها هو؛ فمؤنة ردها عليها. قال بعض الموثقين: لا أعلم من جعلها على الزوج إلا قول ابن العطار في وثائقه

قال في هذا الشرط: وعليه مئونة نقلتها ذاهبة وراجعة؛ وإنما ذكرت ذلك لما قيل: إن مؤنة النقلة عليها إن طلقها هناك، فدل أن المشهور كون المؤنة عليه، ولم أره لغيره، وفي تلك الزيادة أيضا أن مؤنتها عليه في ذهابها معه، وهذا مما لا يشك فيه أحد أنه عليه دون شرط؛ فلا معنى لاشتراطه. قلت: بعض الموثقين هو ابن فتحون. المتيطي: وكتب (وهي باقية على شرطها) إلخ؛ لقول ابن القاسم في المدونة: من شرطت على زوجها أن لا يتزوج عليها إلا بإذنها، فأذنت له، فتزوج، ثم أراد تزويج أخرى فمنعته تحلف ما أرادت بإذنها؛ قطع شرطها فيما بعد ذلك، وتكون على شرطها. وقال سحنون: هذه رواية ضعيفة، وهي على شرطها، ولا يمين عليها، ورواه علي بن زياد وابن القاسم. قال مع ابن فتحون: وإن شرط لها أن لا يرحلها من دارها ذكر موضعها وحدودها إلى آخر الشرط: فإن خرجت من ملكها؛ سقط شرطها، وحكم خروجها برضاها، وطلب ردها كما مر. قلت: كراء الدار من يوم تطلبه به مع بقاء حكم شرطها، واستيفاؤها في فصل السكني. قال ابن العطار: لا يكتب في شرط نكاح العبد عتق أم ولده ولا سريته، ولا شرط المغيب، ولا السكني؛ إذ ليس يلزمه ذلك. ابن الفخار: هذا غير صحيح لجواز عتقه، والزوجة في عصمته؛ فيلزمه ذلك، وقد سأل عبد مالكا أنه حلف بحرية جارية إن اشتراها، فنهاه عن ذلك. قلت: هذا قولها في العتق الأول والإيلاء، وكراهة مالك شراءها حجة لابن العطار لا لابن الفخار فتأمله. ومن وكل من يزوجه بألف امرأة أو فلانه بها، فزوجه بألفين، ولا بينة بما به، وكل ولا بما به زوج، ولم يبن فإن رضي أحدهما بدعوى الآخر دون تقدم إنكار من الزوج أقر النكاح به، وإلا حلف الزوج ما أمره بألفين، وسقطت دعواها، ثم إن رضيت بألف تم به، وإلا حلفت وسقطت دعواه، وفي صحة رجوع أحدهما لقول الآخر قبل الفسخ

نقلا ابن سعدون عن ابن القاسم وسحنون، ومن نكل منهما دون صاحبه؛ لزمته دعواه، وإن نكلا؛ ففي لزوم قول الزوج، وكونه كحلفهما قولا مالك وابن القاسم مع شريح. الصقلي عن ابن القاسم: إن أقر بما زوجه به ورضيه بعد إنكاره إياه قبل البناء، فإن كان فسخا لفعله؛ لم يجز ولو قرب إلا بعقد جديد، وإن لم يكن ردا كقوله: أكثرتم علي، أو ما أحب هذا، وما أراني أرضى وشبهه؛ فلا بأس بإجازته، ولو طال الأمر دون علم رضى ولا سخط؛ لم يجز إلا بعقد جديد إن لم يجزه حين علمه ولا يتوارثان، وما قرب؛ توارثا فيه استحسانا. قال ابن حارث: روى أبو زيد عن ابن القاسم: أنه كسيد عبد أنكر نكاحه بغير إذنه ثم أجازه. ولو قال الوكيل: أغرم الألف الزائد؛ ففي لزومه الزوج قولان، لنقل ابن شاس مع ابن بشير، ولها مع الأكثر عن المذهب. اللخمي: إن قال الوكيل: لا أريد منه عليه؛ بل دفع معرة رد فعلي، أو مشقة الفراق على الزوجة رعيا لا بها وشبهه، والمرأة معينة مطلقا أو مبهمة، ومهر مثلها ألف قبل قول الوكيل، وكذا يفصل في إسقاط المرأة الزائد. قلت: ظاهر قولها: إلا أ، ترضى المرأة بألف، فيثبت النكاح؛ عدم التفصيل فيها، وهو الأظهر؛ لأن إسقاطها يوجب كون مهرها الباقي بخلاف دفعه الزوج. وقال ابن عبد السلام: قال بعضهم: إن أقر الوكيل بالتعدي؛ لزمه، وفيه نظر من وجهين؛ لأنه لم يفوت بتعديه شيئا، ولو لزمه ذلك بلإقراره؛ للزمه في قيام البينة، واللازم باطل والملازمة بينة. قلت: إن أراد ببعضهم غير اللخمي؛ فلا أعرفه لغيره، وإن أراد به اللخمي؛ فقد ترك من كلامه ما يمنع ما ذكره من التعقب، وهو قول اللخمي: لأن الزوج يقول له: أوجبت علي يمينا تعديا، واليمين تشق على الناس؛ فعليك غرم ما أدخلتني فيه. قلت: وهذا يبطل تمسكه في تعقبه بعدم تفويته بتعديه شيئا لبيان اللخمي موجبا غير ذلك، وهو إيجاب تعديه دخول مشقة الحلف عليه، ويبطل تمسكه بقياس التلازم

الذي زعم أن الملازمة فيه بينة؛ لأن قيان البينة تمنع توجه الحلف عليه، وتوجهه هو الموجب للغرم لا غيره، فينتفي الغرم بانتفائه. ولعبد الحميد عن التونسي: إن أقر بالتعدي؛ لم يلزمه شيء إلا أن يدعي عليه الزوج أن ما زاده حمل منه عنه، فقد يكون له ذلك على قول أصبغ في الخامس من البيوع. قلت: لا وجه لتخصيص كون ذلك له بأصبغ؛ لأنه حينئذ دعوى معروف، وأصل المذهب في المدونة وغيرها توجهها، وإن بنى وأنكر الكيل العداء، فقال الصقلي عن الموازية: يحلف الزوج ما أمره إلا بألف، وما علم بما زاده الوكيل إلا بعد البناء، فإن نكل؛ لم يغرم حتى تحلف المرأة أن عقدها بألفين لا على أن الزوج أمره بهما، فإن حلف الزوج؛ فلها أن تحلف الوكيل ما أمره بألفين، فإن نكل؛ غرم الألف. أصبغ: إن نكل الزوج فغرم؛ فله أن يحلف الرسول، فإن نكل؛ غرم. محمد: هذا غلط، لا يمين على الرسول، إن أقر بالعداء؛ لم يكن بد من يمين الزوج، وقد نكل عنها. الصقلي: يريد محمد: لابد من يمين الزوج على أنه ما علم بما زاد إلا بعد بنائه، فنكوله عنه يوجب غرمه. أصبغ: هذا فيما يشبه كونه مهراً، وإن كان دون مهر مثلها، فإن لم يشبه كخمسة دنانير في ذات المنصب والقدر واليسر، حلف قبل البناء، وإن بنى؛ لزمه مهر مثلها على تزويج التحقيق والقريب المواصل. وذكر اللخمي قولي الموازية وأصبغ في القسم الثالث وهو: إذا قامت البينة على عقد التوكيل دون عقد النكاح، فقال بعد ذكره قول أصبغ: قال محمد: لا يمين عليه؛ لأنه لو أقر بالعداء؛ لم يكن عليه حجة إلى آخر كلام محمد المتقدم، ثم قال: صفة يمين الزوج قبل البناء ما أمره بألفين فقط، ويختلف في صفة يمينه بعده، فقال ابن القاسم في الموازية: يحلف ما أمره إلا بألف، وما علم افتياته عليه إلا بعد البناء، وعلى هذا لا يضر الرسول إقراره بالعداء؛ إذ بنكول الزوج؛ سقط مقاله عن الرسول؛ لأن يمين الزوج يمين تهمة لا ترجع، ويصح أن يقال: لا يحلف أنه ما علم؛ لأنها يمين تهمة ولا علم

للزوجة بعلمه، ولا تدعي أن ذلك بلغها عنه، وإن أنكر الرسول قبل البناء وغرم الزوج لأجل نكوله؛ فلا يمين له على الرسول كما قال محمد؛ لأنه يقول: أنت برئت باليمين للزوجة، وإذا صار المقال بيني وبينك؛ فأنا المبدأ، فإن نكلت؛ ردت عليك اليمين، فإن نكلت؛ لم يكن لك شيء وقد نكلت، ويصح قول أصبغ على أحد قولي ابن القاسم مع غيره. ومالك في الآمر يقول: أمرتك بشراء قمح، ويقول المأمور: بل بتمر كما فعلت؛ أن القول قول الآمر. قلت: سبب الخلاف في عدم توجه الحلف على الوكيل الخلاف في وجوب حلف الزوج على عدم علمه بالعداء أو عدمه. وقال ابن بشير: سببه هل يمين الزوج على تصحيح قوله فقط، أو عليه وعلى إبطال قول الرسول، فعلى الأول؛ يعد مقراً فلا يحلف الرسول، وعلى الثاني يحلف الزوج، ويلتفت في هذا؛ لكون النكول كالإقرار، فلا يحلف الرسول أو لا فيحلف. قلت: في هذا الإجراء نظر؛ لأن الحلف على مجرد الدعوى دون شاهد بها، ولا دليل، ولا نكول المدعى عليها أصول المذهب تأباه، وكون النكول إقرارا لا يعرف إلا في يمين التهم، وإن قامت البينة بالعقدين، فإن تراضيا بأحدهما؛ تم به، وإلا فإن لم يبن؛ تفاسخا، وإن بنى؛ ففي كون الواجب لها ألفين أحدهما على الرسول، أو ألفا من الزوج فقط، ثالثها: عليه مهر المثل، وتمام الألفين على الوكيل، ورابعها: على الزوج مهر المثل إن كانت معينة، ويسقط الزائد، وإن كانت مبهمة؛ فعليه ما أقر به، وتمام مهر المثل على الوكيل، وعسره يوجبه على الزوج، ويتبعه به. للخمي عن ظاهرها، ومختصر ما ليس في المختصر، وعبد الملك واختياره قائلاً: إقرار الوكيل بعقده بألفين كقيام البينة به، ولا يمين عليها للزوج قبل البناء؛ إذ لا علم له بباطن قولها، وإن قامت البينة بالأول فقط؛ اللخمي: إن كذبها الوكيل، ولا بناء فإن حلفت على دعواها، أو نكلت ونكل الوكيل؛ خير الزوج في قبول قولها وفراقها، وإن حلف الوكيل لنكولها؛ لزمها العقد بألف. ابن بشير: إن قامت البينة بالأول فقط، حلفت أن العقد بألفين، وخير الزوج في

قبوله بألفين أو فسخه، وإن نكلت؛ لزمها العقد بألف دون يمين على الزوج إن لم يدع تحقيقا بما عقد عليه، وإلا فبعد يمينه، فإن بنى؛ فقال اللخمي: إن كان مهر مثلها ألفا؛ فلا قول لها على الزوج، ولا على الرسول على المستحسن من القول، وإن كان ألفين وحلفت؛ ففي غرم الألف الثاني الوكيل أو الزوج قولان على قولها، وقول عبد الملك: وإ، نكلت؛ فلا يمين لها على الزوج؛ لأن يمينها معه يمين تهمة لا ترجع، وحلف الوكيل، فإن نكل؛ غرم الألف. ابن بشير: لا شيء على الزوج غير الألف، ثم إن أقر الرسول بالعداء، فيختلف هل يغرم حسبما مر، وإن أنكر؛ ففي غرمه يحلف للزوجة، فإن نكل وحلفت؛ استحقت، وعلى عدم غرمه لا حلف عليه، وإن أقامت البينة بالثاني فقط؛ فللخمي: إن أكذب الوكيل الزوج حلف، وخيرن في الرضا بالألف أو فراقه، فإن نكل؛ لزمه ألفان، ثم في تحليف الرسول قولا أصبغ ومحمد بن بشير: إن نكل، فإن حققت المرأة عليه الدعوى؛ حلفت وإلا فلا. ونقل اللخمي: وبناؤه على أن اليمين بين الزوجين يمين تهمة. وقال ابن بشير: من ادعى منهما على الآخر تحقيقا؛ اعتبر، ومن بنى منهما منفرداً بعلم اعداء؛ لزمه دعوى صاحبه، ولو علما به مع علم كل منهما على الآخر أو علمت علمه لم يعلم علمها؛ لزمه ألفان وعكسه ألف، ولو لم يعلم أحدهما علم الآخر، فقال اللخمي: ظاهرها ألفان، والقياس ألف ونصف لإيجاب تعارض علميهما قسم ما زاد على ألف. المتيطي: وترجع فيه. ابن محرز: وثبت على أن ليس لها إلا ما سمى للزوج، وإليه مال اللخمي. وفي كون الفرقة بينهما بطلاق قولان لها، ولابن حارث عن سحنون مع المتيطي عن المغيرة. المتيطي: إن زوج وكيل من وكله على نكاحه من معينة بمهر مسمى، أو بمبهم منها بالمسمى، أو بزائد على مهر مثلها لا يتغابن به إن لم يسم المهر؛ لزمه، وكذا على إنكاحه من امرأة مبهمة إن زوجه ممن تليق به، وإلا لم يلزمه.

قلت: ظاهره: إن زاد على المسمى شيئاً؛ لم يلزمه. وفي ثاني سلمها: من أبضع مع رجل في شراء جارية وصفها له أربعين دينارا، فاشتراها بزيادة دينارين، أو ما أشبه أن يزاد على الثمن؛ لزمه. وسمع عيسى ابن القاسم: من زوج من وكله على تزويجه امرأة بعينها دون تسمية مهر بعبد للموكل إن سخطه؛ فسخ نكاحه، ولا شيء له، ولو زوجه بمهر مثله عينا؛ لزمه كالشراء في الوجهين، ولو طلق قبل رده النكاح؛ لزمه نصف العبد. ابن رشد: قوله: إن سخطه؛ فسخ النكاح؛ يريد: بطلقة على ما قال آخر المسألة يدل أنه إن رضيه؛ جاز، وهذا بقرب العقد، وإن لم يعلم حتى بعد؛ تخرج جوازه إن رضيه على قولين، ولو أعلم الوكيل ولي المرأة بافتياته على موكله في عبده؛ فسد عقده لدخوله على أن للزج الخيار. وسمع القرينان: من فوضت له وليته في إنكاحها كفؤا، فزوجها منه بأقل من مهر مثلها ما هو من عمل الناس. ابن رشد: لا يلزمها اتفاقا إلا أن ترضى. ابن عبد السلام: انظر لو رضي الزوج بعد أن أبت الزوجة بتمام مهر مثلها، والأقرب لزوم النكاح لها إن كان بالقرب. قلت: الأظهر إن كان ذلك قبل إبايتها؛ لزمها، وإلا لم يلزمها، وهي جارية على مسألة مشهورة في كتاب الوكالة: إذا باع الوكيل بأقل من الثمن، فرضي المبتاع بإتمام الثمن، وتقدم في فصل الكفاءة تلقي الشيخ بالقبول. نقل ابن حبيب عن المذهب خلاف نقل المتيطي وابن فتحون: إن زوجه بما لا يتغابن في مثله؛ فالابن مخير بعد بلوغه، ورشده ما لم يبن. وفيها: إن أسرا مهرا وأعلنا مهرا؛ أخذا بالسر إن أشهدوا عليه عدولا. أبو حفص: هذا إن أعلما البينة أنهما يعلنان أكثر. عياض: إن أضهدا أن المعلن ليس بمهر؛ فلا يمين على الزوج، ولو أشها بخمسين، ثم أعلنا مائة؛ لزمته اليمين.

باب في نكاح التفويض

قلت: إن أراد يمينا يجب بنكولها زيادة على قدر المهر؛ وهي يمين على نفي دعوى معروف، المشهور توجهها، وإن أراد يمينا يجب بنكولها زيادة في قدر المهر، فمردودة بالبينة المفروضة. وسمع ابن القاسم: من كانت تحته امرأة، فخطب أختها لابنه فقالت عمتها: أعلى مهر أختها؟ قال: لا أقصر بها إن شاء الله، فقالوا: زوجناك، ثم طلقها، وقال: إنما وعدتهم ولم أوجبه، فرآه مالك مرة كأنه إيجاب ولم يبينه. ابن القاسم: أراه عليه إن زوجوه على ذلك، وقاله سحنون. ابن رشد: إن كان قولهم: زوجناك جواب قوله: لن أقصر بها عن مهر أختها؛ فقول ابن القاسم: يلزمه؛ بين، وإن تقطع ما بين الكلامين؛ فهو محتمل، والأظهر إيجابه كما قاله مالك وإن لم يبينه؛ لأنه أقوى من العدة على سبب. وليحيى عن ابن القاسم: أنه يحلف ما أراد إيجابه على نفسه، ولا شيء عليه، فإن نكل؛ غرم نصف المهر، وهذا على أنه محتمل للإيجاب، ولحوق يمين التهمة دون تحقيق، وعدم رجوعها، وقد اختلف فيهما. [باب في نكاح التفويض] ونكاح التفويض: ما عقد دون تسمية مهر، ولا إسقاطه، ولا صرفه لحكم أحد جائز.

الباجي: هو جائز اتفاقا. قال: وصفته أن يصرح بالتفويض، أو يسكت عن المهر، قاله أشهب وابن حبيب. أبو عمر: قوله: أزوجك على ما شئت فاسد مهره. الشيخ عن أشهب: لو قال: زوجتي ابنتك فقال: فعلت؛ فهو تفويض، وهو في البيع لغو. اللخمي: إن شرط فيه أن ما فرض فيه من فوض إليه، ولو قل؛ فسد، فإن شرطا سقوطه؛ فقد تقدم. اللخمي عن ابن حبيب: إن عنى بنكاح الهبة سقوط الهبة؛ فغير جائز، فإنه أمهرها ربع دينار فأكثر؛ صحح، وجبرت عليه قبل البناء وبعده، وإن عنى بالهبة غير النكاح وغير هبة المهر؛ بل هبة نفسها؛ فسخ قبل البناء، وثبت بعده بمهر المثل. اللخمي: جعله في الأول بالخيار في إتمامه بربع دينار إن بنى بها، وهو أحسن؛ لأن الزائد عليه وهبته. قلت: ظاهره: أنه خلاف قول ابن حبيب، وليس كذلك لتصريح ابن حبيب بربع دينار، ولا يمكن سقوطه في بنائه. الباجي عنه: إن عنى به غير النكاح لا هبة المهر؛ بل هبة نفسها؛ فسخ قبل البناء، وثبت بعده بمهر المثل، وإن عنى به نكاحاً دون مهر؛ لم يجز، وما أصدقها ولو ربع دينار؛ لزمها قبل البناء وبعده. الباجي: فيما قاله نظر، والواجب في الضرب الأول كونه سفاحا يحد، ولا يلحق به ولد.

قلت: إن أراد بنى بها دون بينة على عقدهما لا مقارنة ولا لاحقة، فكونه سفاحا غير خاص بهذا العقد؛ بل هو عام في عقد الهبة وغيره، وإن أراد أنه بنى بعد بينة عليه، فكونه سفاحا بعيد عن أصول المذهب. فتأمله. وفيها: لابن وهب: هبة المرأة نفسها لرجل لا يحل؛ لأنه خاص به صلى الله عليه وسلم، فإن أصابها؛ فرق بينهما وعوقبا، ولها المهر لجهالتهما. ربيعة: يفرق بينهما وتعاض. ونكاح التفويض يجب مهر المثل فيه بالوطء لا العقد ولا الموت. ابن بشير: هذا المشهور، وفي المذهب قول شاذ بوجوب مهر المثل بالموت، حكاه عبد الحميد. وروي: أنه صلى الله عليه وسلم حكم به في نكاح بروع بنت واشق، وبالأول قال علي رضي الله عنه، وأنكر الحديث، ولا يجب فيه بالطلاق شيء إلا نصف ما سمى قبله إن بلغ مهر المثل، أو دونه ورضيا به. الشيخ عن الموازية: إن دفع إليهم شيئا، أو سماه ولم يدفعه، ثم طلق قبل البناء، فإن كان مهر مثلها، أو دونه ورضيا به؛ فلها نصفه، وإن لم يف بالمثل، ولا رضوا به؛ ردوا جميعه ولها المتعة، ولا يقبل قولهم بعد الطلاق أنهم كانو رضوا إن لم يبلغ مهر مثلها إلا ببينة، ونحوه نقل اللخمي. وسمع عيسى ابن القاسم: من فوض إليه أمر امرأة، فبعث لأهلها بشيء، فسخطوه فقال: لها مهر مثلها، ثم طلقها قبل البناء؛ فلها نصف مهر مثلها. ابن رضد: لو لم يقل ذلك لما وجب لها تمام مهر المثل، وكان له رد النكاح، ويرجع بما بعث به على ما قاله في سماعه في كتاب الشفهة. قلت: هو سماعه إن قدم الموهوب له بعض الثواب؛ لم يلزمه تمامه، وله رد ما قدم.

ابن رشد: يريد: إن لم يرض به الواهب كالمفوض له في النكاح إن قدم بعض مهر المثل، فطلبوه بتمامه؛ فهو بالخيار فيه، وفي رد ما قدم، ولو قدم في نكاح التفويض شيئا من مهرها، ولم يقل لها مهر مثلها، فطلقها قبل البناء؛ كان لها نصف ما قدم لها. قلت: ظاهره: إن طلق بعد ما دفع أقل من مهر مثلها، ولم يصرحوا بقبول ولا رد أن لها نصفه، ومثله لفظ ابن الحاجب. وظاهر ما تقدم للشيخ واللخمي عن الموازية، وما يأتي من لفظ المدونة: أنه ل يكون لها نصفه إلا إن كانوا صرحوا بقبوله؛ ولذا قال: لا يقبل منهم ذلك بعد الطلاق إلا ببينة، ويأتي مثله لابن رشد في مسألة فرضه في المرض. وفيها: قلت إن فرض لها بعد العقد ما تراضيا عليه، وهو أقل من مهر مثلها أو أكثر ألها نصفه إن طلقها قبل البناء؟ قال: قال مالك: إن رضيت به؛ فلها نصفه، وإن مات؛ كان ذلك مهرها. وفيها بعد ذلك: إن طلقها قبل تراضيهما على مهر؛ فلها المتعة، وإ، مات قبل تراضيهما على مهر؛ فلا متعة ولا مهلا ولها الميراث. الشيخ عن الموازية: إن تزوجها بعشرين دينارا على أنه مفوض في بقية مهر مثلها، ثم لم يرضوا بما زاد؛ لأنه أقل من مهر مثلها حتى فارق؛ فله أخذ العشرين، ولا شيء عليه وليمتعها، ولو قدم إليهم شيئا، ثم دخل بها، ثم طلبوه ببقية المهر؛ فلا ئيء لهم؛ لأنهم أدخلوها عليه إلا أن يكون ما لا يشبه أن يكون مهرا؛ كثلاثة دراهم والطعام؛ فعليه مهر المثل، ونقله اللخمي والصقلي، ولم يذكروا فيه تعقبا. وقول ابن عبد السلام: استشكل بعض القرويين قوله: لا شيء لهم؛ لأنهم يقولون: أردنا اتباعه ببقية المهر؛ لا أعرفه، والأظهر إن كان أقل من مهر مثلها بكثير أن يتبعوه بالزائد بعد الحلف على عدم الرضا بما قدمه، ولا تشبه هذه مسألة كتاب الهبات إذا عوض الموهوب له الواهب أقل من قيمة الهبة، ثم قام الواهب بعد ذلك حلف ما سكت إلا انتظارا لتمام الهبة، وكان على حقه، والفرق أن الواهب لم يصدر منه ما يدل على رضاه بما دفع إليه، وتمكين الزوجة نفسها للزوج دليل للرضى بما دفعه. وللصقلي في كتاب الهبة عن أصبغ: إن استحق ما دفعه الزوج قبل البناء أو قيمته

إن كان من ذوات القيم وبعده؛ يغرم مهر مثلها. وفيها: قلت: إن أرادت أن يفرض لها قبل البناء، وأبى إلا بعده. قال: قال مالك: ليس له أن يبني حتى يفرض لها مهر مثلها على ما أحب أو كره، فإن شاء؛ طلق، وإن شاء؛ أمسك، فقول ابن الحاجب: لها طلب الفرض قبل البناء إن تراضيا وإلا فسخ؛ ظاهره: له تركها بغير طلاق خلاف نصها مع غيرها. قلت: ما فرضه في مرض موته ساقط؛ لأنه وصية لوارث إلا إن بنى، فيجب لها الأقل مما فرض أو مهر مثلها. وسمع عيسى ابن القاسم: من فوض إليه في صحته إن فرض في مرضه، فمات قبل بنائه بها؛ سقط مهرها وورثته، وموته بعد بنائه يوجب لها الأقل مما فرض أو مهر مثلها ولو أحاط بماله، ولو ماتت قبل بنائه، وصح من مرضه؛ كان لوارثها. ابن رشد: إن فرض لها مهر مثلها أو أقل، ورضيت به ومات بعد بنائه؛ وجب لها اتفاق، وإن كان فرض أكثر من مهر مثلها، وصح من مرضه؛ فلها جميع ما فرض، وإن ما منه؛ سقط ما زاد على مهر مثلها إلا أن يجيزه وارثه؛ لأنها وصية لوارث إلا أن تكون ذمية أو أمه؛ ففي ثبوت ذلك لها في ثلثه وسقوطه قولا محمد مع روايته وابن الماجشون. ولو مات من مرضه قبل بنائه؛ سقط ما فرضه إلا أن يجيزه وارثه، ولو كانت أمه أو ذمية؛ ففي ثبوته في ثلثه القولان تخريجاً، ولو صح وهي حية؛ ثبت لها ما فرضه اتفاقا، ولو لم يصح حتى ماتت؛ ففي سقوطه، ولو صح من مرضه وثبوته لوارثها إن صح من رأس ماله، وإن مات من ثلثه ثالثها: إ، صح فمن رأس ماله، وإن لم يصح؛ سقط. لمحمد وفضل مع الآتي على سماع عيسى في كتاب الهبات، وأصبغ مع دليل قول ابن القاسم في هذا السماع، وقاله محمد بن إبراهيم بن دينار في هبة البتل في المرض:

إن مات الموهوب له قبل موت الواهب من مرضه. قلت: صوب اللخمي قول ابن الماجشون بأنه لم يقصد وصية، ونقل قول أصبغ بلفظ: قال أصبغ: إن صح بعد موتها؛ لزمه ذلك لورثتها. قال محمد: ولم يعجبني، وقول أصبغ أحسن؛ لأنه إذا صح تبين أنه مرض لا يخشى منه موت. قلت: فظاهر لفظه وتعليله: أنه إن مات منه؛ فلا شيء لوارثها في رأس مال ولا ثلث. وفرض الزوج أقل من مهر المثل: في المجبرة قبوله لمجبرها دونها، والعكس في الثيب الرشيدة. أبو حفص: اتفاقاً. ابن رشد: وكذا للأب تزويج البكر بأقل منمهرمثلها ما لم تعنس، وفي لغو تعنيسها، وخروجها به من ولايته؛ فتختص بالرضا بأقل من مهر مثلها قولان. والبكر ذات الوصي: في لغو رضاه به، ولو وافقته وصحته للوصي إن رآه نظرا ثالثها: إن وافقته، ورابعها: استحسان أن الرضى فيها، وفي الثيب كأب لها مع نقل ابن رشد عن مالك وابن فتحون عن المذهب وأبى حفص قائلا: اتفاقاً. ونقل ابن رشد عن ابن القاسم قائلا: فيه نظر، مع تخريج عياض على حمل بعضهم قول ابن القاسم فيها على التخفيف منه بعد فرضه لا على الرضى بفرضه، ولتخريجه على شرط بعضهم موافقتها إياه على التخفيف منه بعد فرضه لا على الرضى بفرضه واختيار اللخمي. وفرض الزوج مهر مثلها واجب قبوله: عياض: قوله في البكر المولى عليها: إن فرض لها مهر مثلها، فرضيته، وأبى الوصي؛ القول قولها، وإن رضي الولي، ولم ترض هي؛ فالقول قول الولي؛ ظاهره: أنه لا يتم ذلك إلا برضاهما معا بالمهر، والصحيح عند شيوخنا على منهاج المذهب: أن يمضي على رضي الوصي دون رضاها، وهو الذي في الواضحة؛ إذ النظر في المال له

بخلاف حالها حين العقد لها ألا ترضى بالزوج إلا بما يرضيها من كثرة المهر، وما تشترطه بخلاف إذا رضيت بالتفويض، ثم نازعت في الفرض. قلت: قوله: ظاهره: أنه لا يتم إلا برضاهما كذا وجدته في جميع ما رأيت من النسخ، وهو وهم؛ بل نص ما نقله من لفظ المدونة: أنه يتم برضى أحدهما، وترك من لفظها ما يدل على لزومه، وإن لم يرض به أحدهما، وهو قول ابن القاسم، ومما يدلك على ذلك أن من نكح على تفويض، ففرض مهر المثل؛ لزم ذلك المرأة والولي لا امتناع لهما. وفي لغو قول البكر غير المولى عليها فرض الزوج أقل من مهر مثلها وصحته، ثالثها: لا يثبت ما رضي به أحدهما إلا بعد نظر السلطان، لروايتها، وقول سحنون فيها: قيل: يجوز رضاها به؛ لأن وليها يزوجها إلا برضاها، إن رضيت بأقل من مهر مثلها؛ لزمه تزويجها بهز ونقل عياض عن ابن رشد: القياس كذا. قال عياض: وقول سحنون: (قيل): سقط من أكثر الكتب، ولم يقرأه ابن وضاح، وقرأه ابن داودو وتركه أكثر المختصرين، وأمر سحنون بطرحه، وروى مثله عيسى فيما حكاه فضل عن بعض روايات العتبية، وهو على أن لواغها رشدها كالصبي، وهي رواية زياد فيهما، أو على أن فعل السفية غير المحجور ماض كقول مالك، وعامة أصحابه. قلت: ونحوه للخمي. قال عياض: وذهب شيخنا أبو الوليد إلى أن خلاف ابن حبيب وعيسى؛ إنما هو في مهر المثل فأكثر. قلت: ظاهر نقل عياض: أن قول ابن حبيب، وما حكاه فضل، واختيار ابن رشد أنه في مسألة نكاح التفويض، وهو وهم؛ لأن نكاح التفويض إذا فرض الزوج فيه مهر المثل؛ لزم ذلك الولي، ولو كان وصيا والمرأة؛ فلا يتصور فيه صرف الخلاف في مهر المثل فأكثر، وإنما حكى ابن رشد ذلك في غير نكاح التفويض قال: المهملة ذات الولي لا يزوجها وليها إذا بلغت بأقل من مهر مثلها، واختلف في مهر مثلها فأكثر فقيل:

الرضى بتزويجها به إذا بلغت إليه دونها، قاله ابن حبيب، وقيل: لها دونه، حكاه فضل عن عيسى بن دينار، وعزاه للمستخرجة، ولم يقع ذلك فيها، والقياس إذا اختلفا ألا يثبت ما رضي به أحدهما إلا بعد نظر الحاكم، وما ثبوت ما اجتمعا عليه إلا استحسان. وللمالكة نفسها الرضى بأقل من مهر مثلها بعد البناء قبل فرضه، والمعروف منع الأب ذلك في المجبرة. ابن رشد: وهو نص قول غيره فيها، ولمالك فيها ما ظاهره أن له الرضى بأقل من مهر مثلها خلاف معلوم مذهبه. ونقل عياض تأويل بعضهم قوله فيها. وقال ابن الحاجب بعد ذكره السفيهة غير المولى عليها، والمولى عليها المجبرة: وأما غيرهما؛ فالمشهور يعتبر رضاهما معا بدونه إن كان نظرا. قال ابن عبد السلام: جعل هذه المسألة في المهملة كما ترى، وجعل الأولى في السفيهة، وكلا المسألتين في المدونة إلا أن الأكثرين فسروا هذه بالسفيهة ذات الولي، وفسروا الأولى بالمهملة عكس ما فهمه المؤلف. قلت: قوله: إن ابن الحاجب جعل هذه في المهملة، والأولى في السفيهة غير صحيح، وبيانه من وجهين: الأول: أن ظاهر كلام المؤلف خلاف ما قال؛ لأنه ذكر أولا السفيهة غير المولى عليها، وثنى بالمولى عليها المجبرة، فلم يبق إلا السفيهة المولى عليها والرشيدة؛ لأن الأقسام بالقسمة الدائرة بين النفي والإثبات أربعة؛ لأن المرأة إما جائزة الأمر أو لا؟ فالأولى القبول خاص بها حسبما تقدم، وإن لم تكن جائزة الأمر، فإما أن تكون مولى عليها أو لا؟ والثاني: المهملة، والمولى عليها إما مجبرة أم لا؟ والثانية: هي مسألة ابن الحاجب هذه، وإن كان ظاهر لفظه يتناولها والرشيدة، لكن السياق ينفي دخول الرشيدة، ولوضوح حكمها كما قدمناه. الثاني: قوله: وجعل الأولى في اسفيهة وهم؛ لأنه إن أراد بالسفيهة غير المولى عليها؛ فهي المهملة، فجعلها قسيمة للمهملة خلف، وإن أراد بها السفيهة المولى عليها؛

فهو خلاف نص ابن الحاجب في الأولى. ابن محرز عن ابن القصار: إن فرض الزوج مهر المثل، وأبى دفعه حتى يأخذها إليه، وأبت أن تسلم نفسها إليه حتى تقبضه، فالذي يقوى في نفسي أن يوقف الحاكم المهر حتى تسلم نفسها إليه إلا أن يجري عرف بتسليمه لها إذا بذلت. وقال ابن بشير: إن قال الزوج: لا أدفع المهر قبل الدخول، وقالت: لا أمكن إلا بعد أخذه، فقال ابن القصار: الذي يقوى في نفسي وقف المهر، ولم يذكر إلا أن يجري عرف. ابن شاس: لها حبس نفسها للفرض لا للتسليم المفروض. قال في الواضحة: إذا طلبت قبل البناء أخذ النقد، وأبى الزوج إلا عند البناء؛ فذلك له إلا أن تشاء هي تعجيل البناء؛ فلها قبضه. وقال ابن القصار: ... فذكر قوله. قلت: انظر هل الخلاف في تعجيل دفعه قبل البناء أو قبل أن تتهيأ له، والأول ظاهر لفظ ابن محرز، ونص كلام ابن بشير، والثاني ظاهر كلان ابن شاس، وظاهره: أن الخلاف إنما هو في النقد لا في كل المهر. اللخمي: لها منع نفسها قبل قبضه إلا أن تكون العادة أن المهر مقدم ومؤخر؛ فلا تمتنع إذا فرض الزوج، وقدم النقد المعتاد، فإن رضيت بتمكينه قبل أن يفرض شيئاً؛ جاز إن دفع ربع دينار. وفيها: في ترجمة الذي لا يقدم على مهر امرأته: قلت: أرأيت للمرأة أن تلزم الزوج جميع المهر قبل البناء في قول مالك إذا عقد نكاجها؟ قال: نعم إن كان مثل نكاح الناس على النقد لا لموت ولا لفراق. زفي آخر ترجمة الرجل ينفق على امرأه: ولها أن تمنعه نفسها؛ لأن تأخذ المهر منه، ولفظ التهذيب: لأن لها منع نفسها حتى تقبضه. وفي ترجمة صداق الأمة: أللسيد منع الزوج أن يبني بأمته حتى يقبض مهرها؟ قال: نعم، هذا قول مالك، وهذا كالنص في تبدئه الزوج بالدفع، وهو الصواب؛ لأن نفس قبضها المهر ليس تفويتا له، ونفس قبضه هو عوضه تفويت له.

باب في نكاح التحكيم

ابن شاس: لو أبرأت قبل الفرض تخرج على الإبراء عن ما لم يجب، وجرى سبب وجوبه. قلت: في ثاني وصاياها: إن أجاز وارث في مرض مورثه وصيته بأكثر من ثلثه؛ لزمه إن كان بائنا عنه ليس في عياله. وفي حمالتها: إن أخر الطالب الحميل بعد محل الحق؛ فهو تأخر للغريم. قلت: فهو إسقاط لحق قبل وجوبه بعد سببه على المشهور في شرط طلب الحكيم الحميل بتعذر الأصيل. [باب في نكاح التحكيم] ونكاح التحكيم: قالوا: ما عقد على صرف قدر مهره لحكم حاكم. قلت: ظاهر أقوالهم والروايات: ولو كان المحكم عبداً أو امرأة أو صبيا؛ تجوز وصيته. وفي جوازه وفسخه ما لم يبن فيمضي بمهر المثل، ثالثها: إن كان المحكم الزوج،

ورابعها: إن كان غير الزوجة، لنقل ابن رشد الثلاثة الأول. ولابن زرقون مع عياض عن ابن الماجشون، وعزا اللخمي الثاني لقول سحنون. وقال غير ابن القاسم: وقول اللخمي: النكاح على تحكيم، ولو للزوج يمنع ابتداء، فإن وقع مضى عند ابن القاسم خامس، ثم قال: إطلاق العقد يقتضي الفساد، ولو كان للزوج لاقتضائه منع الخيار بقاء الخيار؛ لم يحكم عليه. عياض: وقول ابن الكاتب إن كان الحكم للزوج؛ فهو تفويض لا يختلف فيه خلاف قول اللخمي وغيره أنه مختلف فيه. عياض: لخروجه عن رخصة التفويض كما علل به غيره في الكتاب، وما قاله ظاره الكتاب؛ لأنه لا نص على جوازه مع غيره، ثم جاء بالخلاف جملة دون تفصيل. ابن رشد: وعلى الأول إن كان المحكم الزوج، فحكم فرضه كالتفويض، وإلا ففي كونه كالتفويض إن بذل الزوج مهر المثل؛ لزم، ولا قول للمحكم، ولو فرضه غيره؛ لم يلزمه إلا أ، يشاء. وقصر لزوم ما فرض: على رضا الزوج والمحكم من كان، ثالثها: المحكم من كان كالزوج في التفويض إن فرض مهر المثل فأقل؛ لزم الزوج للآتي على ما حكى ابن حبيب عن ابن القاسم مع ابن عبد الحكم وأصبغ، والآتي على قولها مع تأويلها. الشيخ: وقول القابسي مع تأويلها عليه وهو بعيد، ورابعها: نقل الباجي عن محمد عن ابن القاسم ما حكم فيه أجنبي إن رضيا حكمه، وإلا فرق بينهما، وخامسها: نقل اللخمي عن محمد عن ابن القاسم، مع عياض عن الموازية عن أشهب: لا يلزم إلا ما رضية الزوجان كان المحكم أحد الزوجين أو غيرهما، وسادسها: للخمي عنه، وعن عبد الملك الفرض بيد الزوج ما لم يكن المحكم الزوجة؛ فلا يلزمها فرض الزوج، ولو فرض مهر المثل، وسابعها: اختياره إن كان الحكم لأجنبي؛ لزمها ما حكم به إن بلغ مهر المثل، أو زاد عليه أو نقص ما يتغابن فيه؛ لأنه وكيل لهما. قلت: وما تقدم يرد قول ابن عبد السلام: لم يختلفوا إن كان المحكم الزوج، وأجزنا نكاح التحكيم أنه كنكاح التفويض. وفيها: أرأيت إن تزوجها على حكمه أو حكمها أو حكم فلان.

قال: كنت أكرهه حتى سمعت من أثق به يذكره عن مالك، فأخذت به، وتركت رأيي فيه. سحنون: وقال غيره: مثل قول عبد الرحمن: أولا يفسخ ما لم يفت بدخول. ابن عبد السلام: إن قلت: رجوع ابن القاسم دليل أنه مقلد لمالك كتقليده من دونه. قلت: يحتمل أن أجاب أولاً على قواعد مالك، فلما وجد نصه؛ رجع إليه، ولا يلزم من هذا أنه مقلدا، ألا ترى أنه لا ينافي التصريح بنقيضه، فيقول الجاري على أصل المذهب كذا، والصحيح عندي كذا لنص حديث أو غيره من الأدلة الظاهرة إلا أن التقليد معلوم من غالب حال أهل العصر بدليل منفصل، وحال ابن القاسم معلوم من دليل منفصل ألا ترى إلى كثرة مخالفته لمالك، وإغلاظه القول عليه، فيقول هذا القول ليس بشيء، وما أشبهه من الألفاظ التي يبعد صدورها من مقلد. قلت: ظاهره: أن ابن القاسم عنده مجتهد مطلقا وهو بعيد؛ لأن بضاعته من الحديث مزجاة، والأظهر ما قاله ابن التلمساني في شرح المعالم أنه مجتهد في مذهب مالك فقط؛ كابن شريح في مذهب الشافعي، وظاهر قول ابن عبد السلام غالب أخل العصر أن عصره لم يخل من مجتهد، وهو كما قال والله أعلم. ومهر المثل: فيها: لمالك: لا ينظر في لنساء قومها؛ إنما ينظر فيه لشبابها أو موضعها أو غنائها. ابن القاسم: والأختان تفترقان فيه يكون لإحداهما دون الأخرى المال والجمال والشطاط؛ فليس مهرهما سواء. مالك: وقد ينظر فيه إلى الرجال يزوج الرجل لقرابته، فيغتفر قلة ذات يده، والآخر أجنبي موسر يعلم أنه إنما رغب فيه لماله؛ فليس مهرهما سواء. وسمع القرينان مثله بزيادة مثل حالها في زمانها أين مهر النساء اليوم من مهر من مضى، كان مهر المرأة قبل اليوم أربعمائة درهم، ومهرها اليوم عشرون.

باب المعتبر من مهر المثل

[باب المعتبر من مهر المثل] ابن رشد: مذهب مالك اعتبار مهر المثل للمرأة بنسائها إذا كن على مثل حالها من عقل وجمال، ومال ونسب؛ وهو دليل قوله في المدونة، ومراده بقوله فيها: وموضعها أي من النسب، واشتراطه الموضع يدل على أنه أراد بقوله فيها لا ينظر إلى نساء قومها، أنه لا ينظر إليهن إذا لم يكن مثلها في المال والجمال والعقل، فالاعتبار عنده بالوجهين جميعا، وتأويل بعض الناس عن مالك: أنه لا ينظر إلى نساء قومها غير صحيح، والمعتبر من نساء قومها أخواته الشقائق، وللأب وعماتها كذلك، ولا يعتبر أمهاتها ولا خالاتها وأخواتها لأمها قد تكون قرشية وأمها ومن ذكر معها من الموالي. الباجي: يعتبر في مهر المثل أربع صفات الدين والمال والحسب والجمال، ومن شرط التساوي مع ذلك الأزمنة والبلاد، فمن ساواها في هذه الصفات؛ ردت إليه في مهر مثلها، وإن لم يكن من أقاربها. وقال الشافعي: المعتبر نساء عصبتها فقط أخواتها وعماتها، ومن يرجع بالانتساب معها إلى تعصيب. وفي التلقين: يعتبر مهر مثلها بما هي عليه من مال وجمال وحال وأبوة، وأقرانها في السن، ولا اعتبار بنساء عصبتها. وفي الكافي: لا ينظر إلى قرابتها عند مالك. قلت: ففي اعتبار موضعها المكاني ولغوه نقل الباجي، وظاهر تفسير ابن رشد قوله فيها وموضعها بالحسب. وفي اعتبار نساء قرابتها طريقا ابن رشد والباجي مع أبي عمر وغيرهما، ولما ذكر اللخمي قول مالك فيها إلى آخره. قال: هذا يصح مع عدم العادة، فإن كان قوم لهم عادة لا يحطون لفقر وقبح، ولا

يزيدون ليسار وجمال، حملوا على عادتهم كأهل البادية اليوم. ونقل ابن بشير ما ذكره اللخمي: كأنه المذهب وفيه نظر. عياض: اضطرب الشيوخ في وقت فرض المهر أيوم العقد؛ إذ منه يجب الميراث وحقوق النكاح، فهو كالفوت، أو من يوم الحكم إن كان النظر قبل البناء؛ إذ لو شاء طلق، ولم يلزمه شيء؟ وأما بعد البناء؛ فيوم الدخول؛ لأنه يوم الفوت، واختلافهم فيه كاختلافهم في قيمة هبة الثواب هل يكون يوم الهبة أو يوم الفوت؟ ومهر المثل في الفاسد يوم الوطء اتفاقا: ابن شاس: إذا اتحدت الشبهة اتحد المهر، ولو وطئ مرارا وإلا وجب لكل وطأة مهر كوطآت الزاني من أكرهها. وفي سماع سحنون من كتاب النكاح: قال أصبغ عن أشهب: من قال: إن تزوجت فلانة؛ فهي طالق، فتزوجها، فطلقت بيمينه؛ فعليه لها نصف الصداق. ابن رشد: لأ، ها إذا تزوجها بتسمية مهر؛ فهي مطلقة قبل البناء، فلو بنى بها، فقال مالك: لها مهر كامل. وقال أهل العراق: مهر ونصف. ابن نافع: وهو حسن في القياس، وعلى هذا القياس يأتي ما في النكاح الثاني في الأخوين يغلط بإدخال زوجة كل منهما على الآخر أن على كل منهما صداقا لزوجته، وصداقا للتي دخل بها يظنها زوجته. قلت: فعلى هذا في اتحاد المهر باتحاد الشبهة قولا مالك في المعلق طلاقها على نكاحها. وأخذ ابن رشد من مسألة الأخوين مع ميل ابن نافع لقول أهل العراق، وفي أخذه نظر؛ لأنه إنما اتحد باتحاد الشبهة؛ حيث تكون المستحقة واحدة، وفي مسألة الأخوين المستحقة فيها متعددة؛ ولذا لم يجب عليه في المغلوط بها إلا مهر واحد، ولو تعددت وطآته إياها، هذا ظاهر المدونة غيرها. ولو وطئ امرأتين واحدة بعد أخرى ظنهما أمتين كان ابتاعهما صفقة واحدة غير

عالمتين بالغلط؛ لكان عليه لكل واحدة منهما مهر لتعددهما مع اتحاد الشبهة. وفيها: إن تزوج أخوان أختين، فأدخلت زوجة كل منهما على الآخر. قال مالك: ترد كل منهما لزوجها، ولا يطؤها إلا بعد ثلاث حيض استبراء، ولكل منهما صداقها على من وطئها إن ظنته زوجها، وإن علمت أنه غير حدت ولا صداق لها، ويرجع الواطئ بالصداق على من أدخلها عليه إن غره منها. ابن القاسم: وكذا من تزوج امرأة، فأدخلت عليه غيرها. الصقلي: روى ابن حبيب: إن لم يغره أحد؛ لم يرجع به على أحد. وفي كون نفقة كل منهما في استبرائها على زوجها، وسقوطها كسقوطها عن الغالط نقلا الصقلي عن بعض التعاليق وأبي عمران محتجا بعدم بنائه بها، وصوبه الصقلي. أبو عمران: ونفقة زوجة من بنى بها مدة استبرائها من غالط بوطئها دون حمل منه على زوجها كمرضها. الصقلي عن كتاب محمد وابن سحنون: من أدخل أمته على أنها ابنته على زوجها كمحللها؛ يغرم واطئها قيمتها، ولو لم تحمل دون قيمة ولدها إن حملت. ابن حبيب: لا يحد واطئها، وتحد الأمة إلا أن تدعي أن سيدها زوجها منه، ويعاقب السيد. وسمع عيسى ابن القاسم من طلب البناء بزوجته الثيب، فأدخل عليه أهلها جاريتها البكر، وسألوه الكف عنها، فقال: كل مملوك لي حر إن وطئتها الليلة مشيرا للجارية يظنها امرأته، ثم وطئها فيها، فلما دخل بامرأته إذا الجارية لها، وظهر بها حمل، وعليه لامرأته: كل جارية يتخذها عليها حرة، وأمرها بيدها؛ رقيقه أحرار، ويلحق به الولد، ولا تقوم عليه الجارية، ولا تحد ولا هو، ولا تمليك لامرأته، وإن جهلت ما فعله أهلها بالجارية؛ رجعت عليه بقيمة الولد، ولا رجوع له على من غره؛ لأنه أيسر ممن غصب أمة باعها ممن أحبلها، لا رجوع له على الغاصب بقيمة الولد التي يغرمها لمستحقها، وإن علمت ما فعلوه؛ فلا قيمة لها في الولد، ولا تقوم عليه الجارية، إلا أن تشاء. ابن رشد: قوله: (رقيقه أحرار) خلاف سماع عيسى من الأيمان بالطلاق فيمن

وضع يده في ليل على امرأة مرت به ظنها امرأته وليستها. قال لها: أنت طالق إن وطئتك الليلة، ثم وطئها فيها غير عالم؛ لا شيء عليه، والقولان قائمان من عتقها الأول فيمن قال: يا ناصح، فأجابه مرزوق، فقال: أنت حر يظنه ناصحا، والأظهر أن لا شيء عليه في رقيقه في الباطن، ولا في الحكم إذا ثبت البساط المذكور. قلت: ترد مناقضته بمسألة الأيمان بالطلاق بأنه إن خص لفظه بالمشار إليه؛ سقط طلاقه؛ لأنه به علقه، وهو لا يقبله، وإن صرف لمن ظنه؛ فكذلك لتعليقه على وطئه، وهو لم يطأه، ومسألة الجارية المعلق على وطء المشار إليه فيها عتق له متعلق هو رقيق الحالف. ابن رشد: وقوله: لا تقوم عليه هو خلاف نقل ابن حبيب عن ابن الماجشون فيمن أدخل أمته بدل انته على زوجها، فوطئها أنها تقوم عليه؛ لأ، هـ وطء شبهة درئ فيه الحد كالمحللة، وقول ابن القاسم أظهر؛ لأن المحلل له فعل ما لا يجوز له، فكان ذلك رضى منه بالتزام قيمتها، والمغرور بالجارية لم يتعد؛ فلا قيمة عليه؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: "تجاوز الله لأمتي عن الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه"، وجعل الجارية بالملك كالمستكرهة على أصله في سماعه: من وطئ جاريته محرمة؛ عليه إحجاجها، والهدي عنها، وإن لم يكرهها. وقال بان الماجشون: يجوز إلا أن يقول: ظننتها زوجة. قلت: تقدم الكلام عليها في الأيمان، وفي كون الواجب على الغالط في الأخوين مهر مثلها مطلقا، أو ما لم ينقص عما رضي به لزوجته، وما لم يزد على ما رضيت به لزوجها، ثالثها: المسمى إن اتحد مهراهما، وإلا ففيه نظر، ورابعها: الأكثر من مهرها أو مهر المثل، وخامسها: لا شيء على الغالط لابن محرز عن سحنون عن ابن القاسم، وقول ابن محرز يحتمل أن يقال: وتفسيرها سحنون، وتخريج أبي إبراهيم من قول سماع عيسى من عدا على سلعة وقفت على ثمن؛ يغرم الأكثر مما وقفت عليه وقيمتها،

وتخريج اللخمي من قول مالك من باع ثوبا، فدفع لمبتاعه غيره غلطا، فقطعه لا شيء عليه في قطعه، قائلا: ويحط عن زوجها من مهرها ما زاده لبكارتها، وحطه على أن لها على الغالط المهر أبين؛ لأنها باعت شيئا أخذت من غير مبتاعه ثمنه بخلاف من تزوج بكرا وجدها ثيبا؛ لأن ثيوبتها قد تكون بغير وطء، والنفس أكره للثيوبة بوطء منها بدونه، والقياس في هذه أيضا حط ما زاده في مهرها لبكارتها، والحط في هذه أقل. قلت: هذا خلاف فتوى ابن الحاج في زوجة بكر افتضت بغصب قبل البناء مشهور في قريتها أنه لا يسقط من مهرها شيء، وأفتى فيمن تزوج امرأة على أنها بكر، فوجدها ثيبا من رجلين بردها لمهر مثلها، ويرد تخريج أبي إبراهيم بأن عمد المتعدي، واستقلاله بالعداء دون رضي المتعدى عليه بقدر أشد من غلط حمله عليه غيره مع رضى المفتات عليه بأقل من المثل في بعض الحالات، وتخريج اللخمي بأن العوض في البضع آكد منه في غيره، وبأن المسلط في الثوب ربه، وفي الزوجة غيرها غالبا، وقرر ابن محرز نظر سحنون بأن ذا المهر الأكثر يحتمل إلزامه إياه لرضاه به لمن وطئها، وإن كانت رضيت بأقل منه كوطء الزوج التي تعدى عليه فيها من وكله على تزويجها بزيادة في مهرها وعلما بتعديه قبل بنائهما، ويحتمل سقوطه بمقابلة دخوله على الأكثر بدخولها على الأقل. وفي قذفها: من طلق امرأته قبل البناء، ثم وطئها وقال: ظننت أنه لا يبرئها مني إلا الثلاث، أو طلقها قبل البناء ثلاثا، ووطئها في العدة أو أعتق أم ولده ووطئها في العدة، وقال: ظننت ذلك حلالا؛ فعليه لكل واحدة مهر واحد كمن وطئ بعد حنثه ناسيا ليمينه، أو لم يعلم بحنثه. ابن عبد السلام: ظاهر كلام ابن الحاجب: أن تعدد الشبهة يعدد المهر كما لو وطئها أول اليوم يظنها زوجته، وفي آخره: يظنها أمته وهي غير عالمة. قلت: وكذا لفظ ابن شاس، وهو جار على إيجاب اختلاف سبب الفدية تعددها حسبما مر في الحج، فإن قلت: لو وطئها يظنها زوجته فلانة، ثم وطئها يظنها زوجته فلانة الأخرى، أو وطئها يظنها زوجته، ثم أبان زوجته، ثم راجعها، ثم وطئ المغلوط

باب متى يسلم المهر الحال للزوجة

بها يظنها زوجته هل يتعدد المهر أم لا؟. قلت: إن كان المعتبر في وحدة الشبهة وحدتها من حيث وحدة سببها بالشخص تعدد المهر، وإن كان من حيث وحدته بالنوع الحقيقي لم يتعدد، والأظهر من مسائل تعدد الفدية، الأول والله أعلم. [باب متى يسلم المهر الحال للزوجة] وتسليم حال المهر: يجب للزوجة بإطاقتها الوطء، وبلوغ زوجها، وفي كون إطاقته إياه قبل بلوغه كبلوغه روايتا اللخمي مصوبًا الثانية. قال: والمعين كالمعين بالعقد، ولو كانا صغيرين. ابن حارث: اتفاقًا في الكبيرين، واختلف إن كان أحدهما صغيرًا. ابن حبيب: ككبير. سحنون: إن شرطت زوجة الصغير البالغة قبض مهرها العبد، وإلا لم يجز. قلت: فلو وجب تعجيله ما أفسد عدم شرطه، وهو في الصغيرين أحروي. اللخمي: عنن مالك المريضة كصحيحة. ابن قاس: ما لم تكن في السياق. سحنون: ما لا منفعة له فيها لمرضها كصغيرة. وفيها لمالك: إن كان مرضها يقدر على الجماع فيه؛ لزمته النفقة. وفيها: بعده قلت: إن مرضت مرضًا لا يقدر الزوج فيه على وطئها قال: بلغني عن مالك مما أثق به لها دعاؤه للبناء إلا أن تكون في السياق، ولم أسمعه منه. عياض: ظاهره: الخلاف لشرطه أولًا إمكان الوطء وعدمه ثانيًا، وعليه حمله

اللخمي، وحمله غير واحد، والمختصرون على الوفاق. قلت: وقول أبي حفص: لو كان مريضًا؛ لم تلزمه نفقة، وقول من فرق بين مرضها ومرضه ضعيف. قلت: هذا خلاف نصها. قال مالك: الزوج المريض الذي لا يقدر على جماع كصحيح، وذات العيب الحادث بعد العقد المانع جماعها كصحيحة لقولها ذلك في الجذام. وفيها: من رضي زوجها بعيبها القديم كصحيحة. ابن عبد السلام: قول ابن الحاجب: (المريضة كصحيحة)؛ يحتمل أن يريد غير التي بلغت السياق كما في النفقة، ويحتمل أن يريد العموم، والفرق بين المهر والنفقة أن النفقة مقابلة للاستمتاع، وهو من البالغة حد السياق متعذر، والصداق لا يصلح كون المرض مانعًا منه؛ لأن قصاراه الموت، والموت موجب للصداق لا مانع منه. قلت: يمنعه إرثه نصفه أو ربعه، وظاهر متقدم لفظها أن المهر كالنفقة. وفيها: لابن القاسم: المهر في هذه المسائل أوجب من النفقة، وفي كون مؤجل حل قبل البناء كحال، وتمكين الزوج من البناء قبل دفعه وتطلبه به. رواية اللخمي، ونقله عن ابن عبد الحكم، وصوب قول السليمانية له: البناء ولو أعسر به لرضاها بتلسيم نفسها على اتباع ذمته قائلًا: لو حل ثمن سلعة على معسر قبل دفعها؛ فلبائعها حبسها بخلاف النكاح؛ لأن له أخذها في فلسه، ولو بنى الزوج ثم أعسر؛ لم يكن لها منع نفسها. وعزا ابن رشد الأول لدليل سماع ابن القاسم، ودليل قول ابن حبيب، وقولها والثاني لنص فضل عن يحيى بن يحيى قال: وهو أشبه برواية ابن سحنون عن أبيه. المتيطي: الأول رواية محمد ومشهور قول مالك وأصحابه، والثاني رواية ابن وهب والواقدي ونحوه في المنتخبة، وهو قول سحنون. قال ابن عبدوس عنه: لا يحل الكالئ إلا بالدخول، ولو حل أجله. قال بعض الموثقين: قال بعض الفقهاء: لا يكلف الزوج وزن الكالئ، وإن كان موسرًا حتى يكمل أسبوعه بعد بنائه بها، فإن كان معسرًا اتبعته به قال: كأنه رأى أنهما

اتفقا حين العقد على بنائه بدفع المعجل فقط، فألزمها ذلك بعد حلول لمؤجل، ولم يتعقبوا قول سحنون بشيء. وقال ابن الحاجب: ألزم الأجل المجهور، ورد بأن تمكنها من طلب البناء بنفس حلول الأجل يحقق توفيته به؛ فلا جهالة. قلت: وهذا كبيع سلعة لأجل من معسر على حميل أو رهن، فإنه يحل بالأجل، ولا يصح طلب الحميل إلا بعد إثبات عدم الغريم، ولا بيع الرهن إلا بعد الرفع للحاكم، فلما لم يوجب وقف قبض الثمن على ذلك كون البيع لأجل مجهول، فكذا في النكاح، وهذا الجواب تام على ما نقله من تقدم عن سحنون ومالك، وأما على ما نقله ابن سهل عنه؛ فلا، ونصه في مسائل ابن حبيب: قلت لسحنون: متى يجب المهر؟ قال: لا يجب قبل الدخول ولا بعده إلا على قدر ما يرى الحاكم قد ينقد الرجل عشرة دنانير ومهره مائة، لو قيل له: تأخذك به ما رضي بسدسها؛ فإنما يكون حلوله إذا رأى الحاكم ذلك، ولا يكون قبل الدخول على حال، وإن كان في الكتاب مهرًا حالا لها عليه، قيل له: مالك يقول: الدخول يبطل الصداق إذا قال: دفعته، ولا يكتب الناس في الصدقات البراءات، فقال: جواب مالك على أنه عاجل، ولم يكن فيه مهر، والمهر عند الناس مؤخر ألا ترى أن الشاميين يقولون: المهر إلى موت أو فراق، وهو كان رأي المصريين انتهى. قلت: فقول سحنون هذا لا ينهض فيه الجواب المذكور، وجواب بعضهم بأن زمن الدخول معلوم ضعيف؛ لأن كونه معلومًا خاص ببعض الأزمنة والبلاد، وقول سحنون عام فيهما، وفي وجوب القضاء بما حل قبل البناء قبله أو بعده، ثالثها: بعد انقضاء سابع بنائه، ورابعها: بعده بقدر اجتهاد الحاكم لمن تقدم ذكر كل منها عنه، وما نقله ابن سهل عن سحنون حجة لأحد قولي شيوخ بلدنا في اختلافهم في تمكين المرأة من طلب مهرها بعد البناء دون موت ولا فراق. قال بعضهم: يقضى لها بذلك لكتبهم في الصدقات أنه على الحلول، وقال بعضهم: لا يقضى لها لاستمرار العادة بعدم طلبه إلا لموت أو فراق، فألزم كون أنكحتهم فاسدة فالتزمه، وكان شيخنا ابن عبد السلام في أول أمره لا يقضي به بعض ولاته

بالجزيرة، فشكا له به فأنبه، فقال له: إنما قضيت به؛ لأن الزوجة وهبته، فقبل ذلك منه، ثم بعد ذلك كتب لبعض قضاته بالقضاء به مطلقًا كدين حال، وكان الشيخ أبو محمد الآجمي مدة قضائه يندب المرأة لعدم طلبه ويقول لها: إذا كانت المرأة لا مهر لها على بعلها زهد فيها ونحو ذلك، فإن لم تقبل ذلك مكنها من طلبه، وهذا إذا كان على الزوج، وإن كان على غيره؛ فلا يختلف في تمكينها من طلبه، ونحو رواية ابن حبيب عن سحنون في لغو كتب ما تقرر به العرف بخلاف ما في كتاب الحمالة منها. قال ابن القاسم: ولو شرط مبتاع السلعة خلاصها في الدرك، وأخذ منه كفيلًا بذلك؛ بطل البيع، ولولا أن الناس كتبوا ذلك في عقود الأشربة لا يريدون به الخلاص، ولكن تشديدًا في التوثق؛ لنقضت به البيع. والروايات والأسمعة: كراهية البناء قبل نقد ربع دينار. ابن رشد: خوف أن تهب له المهر، فيعرى البضع عنه. قلت: هذا علة دليل الحكم، ودليله: ما أشار إليه اللخمي بقوله: روي عن النبي صلى الله عليه وسلم: "أنه أمر رجلًا ألا يبني بامرأته حتى يعطيها شيئًا"، وقال ابن عمر وابن شهاب، ولفظ ما ذكره من الحديث لا أعرفه من كتب الحديث، وفي النسائي عن علي رضي الله عنه قال: "تزوجت فاطمة فقلت: يا رسول الله ابن لي، فقال: أعطها شيئًا، فقلت: ما عندي شيء. قال: فأين درعك الحطمية. قلت: هي عندي. قال: فأعطها إياها" وصححوه. ابن رشد: ولم يكرهه ابن المسيب. قلت: وفي حديثي أبي داود ما يؤيده، ذكرهما عبد الحق، وعلل الثاني منهما. وسمع القرينان: من استحق مهرها بعد البناء؛ منع منها زوجها حتى تقبض مهرها.

ابن رشد: يحتمل كون منعه لحقها أو لحق الله، والأول أصح في المعنى، والثاني أظهر في اللفظ، ونحا إليه محمد، وقيل: لا يمنع بحال وتتبعه بمهرها. وروى الدمياطي عن ابن القاسم: لو غصبها نفسها قبل قبضها مهرها؛ أدب ومنع منها حتى يعطيها مهرها بخلاف إذا أذنوا له في الدخول عليها ليراها فوطئها، والخلاف إنما هو إن لم يغرها، ولو علم أن المهر مسروق، فغرها كان من حقها منعه على ما قاله بعد هذا، وكما في المكاتب يغر سيده بما قاطعه به أنه يرد في الرق. وسماع عيسى في الغرور: أنه إن بنى بها لم يمنع منها، معناه: إن رضيت بتماديه على وطئها، واتباعها له بمهرها، وكان الشيوخ يحملونه على ظاهره أن ليس لها منعه لفوات الأمر بالبناء. وقال محمد: معناه: إن بقي بيدها من المهر ربع دينار فأكثر وإلا فلها منعه حتى يعطيها ربع دينار، وكل ذلك بعيد، ولو بنى قبل دفعه شيئًا بإذنها؛ فهل تماديه ومنعه كأول بنائه؟. وسماع أبي زيد ابن القاسم مع سماعه عيسى وقول محمد: وفي كراهة دخوله، والمهر دين قبل قبضها منه ربع دينار روايتان. وفي رفعها بالمهر سماع عيسى ابن القاسم، وتخريج ابن رشد على الأولى في الدين، وفي رفعها بحميل به نقل ابن القاسم عن بعض أهل الفضل وقوله. ابن رشد: أضعفها الحميل، من أجازه به، فأحرى بالآخرين، وأقواها الدين من لم يجزه به، فأحرى بهما، وفي رفعها بالهدية نقل ابن رشد عن ابن حبيب مع رواية ابن نافع وسماع عيسى ابن القاسم. وفيها: للمرأة منع نفسها حتى تقبض صداقها، فإن أعسر به الزوج قبل البناء؛ تلوم له الإمام، وضرب له الآجال، ويختلف التلوم فيمن يرجى له، ومن لا يرجى له، فإن لم يقدر عليه؛ فرق بينهما وإن أجرى النفقة. قلت: يريد: المهر غير المؤجل، ولو كانت بكرًا، ففي استقلال الأب بالقيام بتعجيل البناء، وقبض المهر ووقفه على توكيلها إياه نقل المتيطي عن ظاهر قولها مع نقله عن بعض شيوخه: هو ظاهر المذهب، وأبى المطرف.

الشعبي: كما له جبرها على النكاح، واستقلاله ببيع مالها، وعن الفقيه المأموني قائلًا بتوكيلها، أو دعائها لذلك مع ابن عتاب وابن رشيق وغيرهما. المتيطي وابن فتحون: يؤجل أولًا ستة أشهر، ثم أربعة أشهر، ثم شهرين، ثم يتلوم له بثلاثين يومًا، فإن أتى بشيء وإلا عجزه، وإنما حددنا التأجيل بثلاثة عشرة شهرًا استحسانًا، ويحضر الزوج لضرب أول آجاله، وفي إحضاره لضرب ما سواه دون إشهاد الحاكم بحكمه بضرب الأجل، ثالثها: ويشهد به، لعمل بعض القضاة قائلًا ليس علي إحضاره إلا في الأجل الأول، كما لو جمعتها عليه، وغيره محتجًا بأن الخصم قد يدعي أنه ما أجل غير الأول. وابن فتحون محتجًا بأنه إن لم يشهد على حكمه به بطل بموته أو عزله، ولا يقبل قوله بعد عزله، ولا تفيد علامته على أداء شهود تأجيله، فيؤدي إلى استئناف نظر من ولي بعده فيطول. اللخمي: في كون التلوم مرة بعد مرة على قدر ما يرى وحده بسنتين، ثم سنة، ثم شبهها، ثالثها: إن اتهم بإخفاء ماله؛ لم يوسع أجله، وإن بان عجزه عن المهر والنفقة؛ لم يوسع، وأخر الأشهر والسنة أكثره، لروايتها، ورواية محمد، وقول ابن حبيب، وأرى إن قامت قرب العقد أخر سنتين، وإن قامت بعد مضي السنتين والثلاث، فزيادة السنة وما قاربها حسن. وسمع عبد الملك أشهب وابن وهب: كم يؤجل في المهر إن أجرى النفقة؟ قال: قال مالك: مرة سنتين أو ثلاثًا، ورأى ابن وهب ثلاثًا. ابن رُشْد: معناه: إذا عجز عن المهر، وإن اتهم أنه غيب ماله؛ فلا يوسع له، قاله ابن حبيب إلا أنه قال: يتلوم له في المهر إذا جرى النفقة السنتين. قال: ولو عجز عن المهر والنفقة؛ لم يوسع له في أجل المهر إلا الأشهر إلى السنة، وهذا إن طلبته بالمهر، ولم تطلبه بأجل النفقة، والتلوم فيها له، قاله محمد وهو صحيح، ولو كان له مال ظاهر؛ حكم عليه بدفع المهر، وأمر بالبناء. قلت: الذي رأيته في العتبية: (ورأى ابن وهب ثلاثًا) بهمزة بعد الراء، ونقله ابن فتوح، وروى بواو بعد الراء.

وقال ابن القاسم في المدنية: لا أعرف سنة ولا سنتين؛ بل قول مالك مرة يتلوم له مرة بعد مرة، وإلا فرق بينهما، وإذا وقف الزوج لأداء المهر، وطلب طالبه سجنه لأدائه أو حميل به، وادعى العدم، فقال المتيطي وابن فتحون: العمل أنه كدين يؤجل لإثبات عدمه أحد وعشرين يومًا، قالا: وليس هذا التحديد بلازم؛ بل هو استحسان لاتفاق قضاة قرطبة وغيرهم عليه، وهو موكول لاجتهاد الحاكم، وجمعناها؛ لأنهم كانوا يجمعونها في حكم، ويفرقونها في حكم على ما يرونه، فإذا فرقوها؛ جعلوها ثمانية، ثم ستة، ثم أربعة، ثم يتلومون بثلاثة، فإذا ثبت عدمه؛ حكم بتأجيله. وفي كون التلوم لمن لا يرجى له كمن يرجى له، وتعجيل طلاقه دون تأجيل، ثالثها: يضرب له الشهر والشهرين، ورابعها: إن كان ذا خلابة؛ فرق بينهما، وإن كان ذا هيئة وحال؛ أنظر، وخامسها: الثاني إلا أن يذكر وجهًا يرجى. لعياض عن تفسيرها الأكثر، وفضل عن ابن القاسم مع تفسيرها بعضهم، ورواية ابن حبيب، واللخمي عن رواية ابن شعبان، واختياره. وفي كون التطليق لعجزه بإيقاعه الزوج أو الزوجة، ثالثها: الزوج فإن أبى؛ فالحاكم لابن سهل عن أبي القاسم بن سراج، وابن عتاب في الطلاق لما هو من حق الزوجة مع استحسانه. ابن ملك وابن فتحون: وفي لزوم الزوج بهذا الطلاق نصف المهر نقلا الصقلي عن ابن القاسم مع ابن وهب وسحنون وعن ابن نافع؛ لأن الفرقة من قبل الزوجة، وكذا من جن قبل البناء. بعض القرويين: لا خلاف في المجنون؛ إذ لا يتهم، والمعسر يتهم بإخفاء ماله، وعزا المتيطي الأول أيضًا لأصبغ. قال: وبه العمل، والمذهب لا يطلق عليه بإعساره به بعد بنائه. اللخمي: أرى إن غرها، فتزوجها بعبد لا شبهة له فيه، ولا يد عليه، وبنى أن لها منع نفسها حتى تأخذ قيمته، وإن كان عديمًا؛ فرق بينهما. وسمع القرينان: من طلب حين دفع نقد امرأته بناءه بها، وقال أهلها: حتى نسمنها، ليس له إدخالها عليه الساعة، ولا لهم تأخيرها؛ لكن الوسط من ذلك بقدر

جهازها وتهيئتها، قال الله تعالى: {قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا} [الطلاق:3]. ابن رشد: لأن تعجيلها وتطويل تأخيرها إضرار؛ فالوسط عدل. قال صلى الله عليه وسلم: "خير الأمور أوساطها"، وإذا وجب تأخير من حل عليه حق بقدر ما يهيئه وييسره، ولا تباع عليه عروضه بالغًا ما بلغ لحينه، فالمراة أولى أن تؤخر. وفي سماع أصبغ وظاهره لأشهب: سئل عمن تزوج بشرط أن لا يدخل خمس سنين. قال: بئس ما صنعوا الشرط باطل، والنكاح ثابت، وله البناء قبل ذلك. أصبغ: مالك يقول: إن كان لصغر أ, لظعون؛ فلهم شرطهم، وقول مالك إنما يشبه اشتراط تأخيرها، وما هو بالقوي إذا احتملت الوطء. ابن رشد: قوله: (الشرط باطل والنكاح جائز)؛ صحيح على مذهب مالك في الشروط التي لا تفسد النكاح لا تلزم إن لم تقيد بتمليك أو طلاق، وما ذكره أصبغ عن مالك من لزوم الشرط إن كان لصغر أو ظعون معناه في السنة ونحوها كذا في المدونة، ويريد بالصغر الذي يمكن معه الوطء ولو كانت في سن من لا توطأ كان من حق أهلها منعه البناء بها حتى تطيق الوطء، قاله في المدونة، ولما كان البناء قد يحكم بتأخيره إذا دعت إليه الزوجة كما في سماع أشهب ألزم مالك الشرط فيما قرب من المدة، وهي السنة؛ لأنها حد في أنواع كثيرة؛ منها العنين يؤجل سنة، والجراح يتربص بها سنة، وعهدة الجنون والجذام والبرص سنة وأشباه كثيرة. وقول أصبغ: ما ذلك بالقوي إذا احتملت الوطء، يريد: ليس قياسًا؛ بل استحسانًا، وذكر الصقلي مثل سماع أصبغ في الموازية عن ابن وهب وروايته. ابن عات: عن بعض المفتين: إن طلب البناء وأبوها قريب الغيبة كتب له، فإن أجاب له بإباية لما يؤخر في إصلاح جهازها انتظر، وإن لم يجب أو بعدت غيبته؛ لم ينتظر. المشاور: إن مطل الأب الزوج بالبناء، فحلف ليبنين الليلة بعتق أو طلاق قضي

له، وسمعت بعض قضاة شيوخنا يحكيه لا بقيد المطل. وقبض مهر الرشيدة لها لا لوليها: إلا لتوكيلها إياه عليه. اللخمي: لأنها المسلمة للعوض ووليها وكيل على عقد التزويج فقط، وكذا من وكل على بيع سلعة، ولم يسلمها للوكيل مالك السلعة يسلمها، وهو يقبض ثمنها. وفيها: إذا قبضه الأب لابنته الثيب بغير إذنها، ثم ادعى تلفه ضمنه. ابن محرز: قال سحنون: لا أدري لم ضمنه إن كان رسولًا؛ فهو أمين، وإن كان اقتضاء؛ فليس بوكيل. عياض عن ابن القاسم فيها: إنما ضمنه مالك؛ لأنه متعد في قبض المهر؛ إذ لم توكله على قبضه كقبضه دينًا لها بغير أمرها لا يبرئ الغريم، والأب ضامن، وتتبع الزوج، قال: واعترض سحنون تضمينه بأنه ليس بوكيل، فيأخذه على الاقتضاء، وإن كان رسولًا؛ لم يضمن. قلت: ظاهر لفظ ابن محرز في تعقب سحنون: أن الاقتضاء في فعله متصور، ولكنه يوجب عدم ضمانه؛ أي: لا يوجب ضمانه، وظاهر لفظ عياض نفي تصوره، والحق إن فسر الاقتضاء بمجرد طلب قبض الشيء، فالأب مقتض، وإن فسر به مع كون القابض بحيث يتوجه له طلب ذلك الشيء، وينتفع به في نفسه؛ كاقتضاء الكفيل ما تكفل به، فالأب غير مقتض، ويظهر لنفي الضمان في الأولى وجه؛ لأن الدافع لا عذر له في الدفع؛ لعدم شبهة توجبه، فهو مسلط على ماله بخلاف الثاني؛ لعذه بشبهة كون المقتضى له عليه طلب يتوقع أو يظن حصوله. عياض: وأجاب الشيوخ عن تعقب سحنون بأجوبة أصوبها ما نص عليه في الكتاب من تعديه بحبسه عنها، وقيل: لتعديه في قبض ما لم يجعل له قبضه، والزوج لم يرسله؛ بل دفعه على وجه الاقتضاء جهلًا وظنًا أن ذلك له. قلت: يرد الأول بأنه إنما أوجب ضمان الأب بتعد منه بعد قبضه، فيلزم براءة الزوج منه، كما لو وكلته على قبضه، وتقرير الثاني: أن القبض بالفعل مسبب عن طلب الأب دون موجب، وهذا يناسب تضمينه، وعن إجابة الزوج اختيار، وهذا يناسب عدم تضمين الأب؛ لأن الزوج سلطه على ماله، واعتبار الأول أرجح؛ لأنه من قاعدة

(أن يفعل)، والثاني من قاعدة (أن ينفعل)، والأولى أقوى في السببية من الثانية. وقبض مهر المجبرة لوليها: وفيها مع غيرها: وقبض مهر اليتيمة لوصيها. وفي سماع أصبغ ابن القاسم: قال أشهب وابن وهب: دعوى الأب تلف مهر ابنته البكر إن قبضه ببينة؛ فضمانه منها، وإلا فلا سبيل للزوج إليها إلا بغرمه. زاد ابن وهب: ولا شيء على الأب وكله رأي أصبغ. ابن رشد: قول أشهب وابن وهب: لا يبرأ الزوج من المهر بإقرار الأب بقبضه إن ادعى تلفه خلاف قول ابن القاسم في هذا السماع، وظاهر قول مالك فيها وفي غيرها: يبرأ الغريم من دين عليه بإقرار الوصي، والوكيل المفوض إليه بالقبض مع ادعاء التلف، ولا خلاف في براءة الزوج منه بعد البناء بإقرار الأب، أو الوصي بقبضه، وإن ادعى تلفه. وذكر المتيطي من رواية محمد مثل قول أشهب وابن وهب قائلًا: ولا شيء على الأب، وصوبه القابسي وابن سعدون؛ لتهمة الأب على وضع المهر دون طلاق. ابن محرز: فرق أبو بكر بن عبد الرحمن في الوصي بين المهر، وسائر الديون بأن الدين لا حق للمرأة فيه، والمهر عوض بعضها مالكة إذنها فيه لا يزوجها إلا برضاها، والأب لا شركة لها معه في بضعها، فقبل قوله فيه كسائر الديون، وكذا ذكر ابن حبيب عن ابن القاسم في الأب. قلت: ظاهر قول ابن رشد: أن الوصي كالأب؛ ففي تصديقها ثالثها: الأب وعزوها واضح. المتيطي: وعلى تصديق الأب في تلفه، فهل يجب حلفه عليه أم لا؟. قال ابن العطار: وغيره يجب، ولو كان مشهور الصلاح لحق الزوج في التجهيز به. قال بعض الموثقين: كان قبضه ببينة أو دونها. قلت: كذا وجدته في غير نسخة ظاهر أول كلامه أن فيه الخلاف، ولم يذكر خلافا. وفي سماع أصبغ: إن أقر بقبضه في مرضه اتهم أنه أراد به ابنته؛ كتحمله مهرها في مرضه هو وصية لوارث، ولو كان صحيحًا؛ اتبع به إن كان عديمًا.

ابن رشد: يريد: أقر وزوج في مرضه، وعلى مهرها في حال واحدة كقوله: أشهدكم أني زوجت ابنتي من فلان بكذا، وقبضته منه؛ فهو كتزويجه إياها في مرضه، وحمل مهرها، ويدخله الخلاف الذي في تزويجه إياها، وحمل مهرها في مرضه، ولو تأخر إقراره بقبضه في مرضه عن تزويجه إياها ولو في مرضه، فإن كان الزوج موسرًا؛ أتبعت به الأب في يسره وعسره. وللزوج البناء عند ابن القاسم، وقال أشهب وابن وهب: إن لم يكن للأب مال؛ فلا سبيل للزوج إليها إلا بدفعه، وتتبع به الأب، وإن كان الزوج معدمًا؛ بطل إقراره؛ لأنه وصية لوارث، وإن أثر به في صحته؛ لزم ذمته. وفي تمكين الزوج من البناء دون غرم المهر إن كان الأب معدمًا قولا ابن القاسم وأشهب مع ابن وهب. وقبض مهر اليتيمة غير مولى عليها: قال ابن فتحون: إن كانت معنسة؛ برزت وجهها، وخبرت أمورها، وعرفت مصالحها، وبلغت خمسة وثلاثين عامًا كالثيب. قلت: هذا على رشدها بذلك والمشهور خلافه قال: وإن لم تعنس؛ لم يبرأ الزوج بدفعه لها إن كان عينًا؛ لأن العين تحتاج إدارة وتدبير. وأجاز سحنون: أفعالها وشبهها بالسفيه غير المولى عليه في نفوذ أفعاله ما لم يضرب عليه، وأملى محمد بن عمر بن لبابة: صداق يتيمة بكر غير معنسة بعقد قبض العين عليها اختيارا لقول سحنون. المتيطي: انفرد سحنون عن أصحاب مالك بقوله هذا؛ كانفراده بوجوب نفقتها من يوم عقد نكاحها، وإن كانت في سن من لا يوطأ. قال بعض الفقهاء: ويؤيد قول ابن لبابة ما روى أشهب في بكر أوصي لها بدنانير فدفعها الورثة لها: انهم يبرؤن منها. وقال ابن الهندي: كان بعض من يقتدى به يلتزم في عقد نكاح البكر اليتيمة إن كان مهرها عينًا السكوت عن قبضه؛ ليكون القول قول الزوج بالبناء، فيكون له إن كره اليمين حلف الزوجة حين انطلاقها، ويعجل الغرم وهذا كقول سحنون.

قلت: فيلزم في المهر العرض. المتيطي: والخلاص في ذلك بما قاله بعضهم: أن يحضر الزوج والولي والشهود، فيشتري بنقدها جهاز يدخلونه بيت بنائها. قلت: كذا ذكره المتيطي معزوًا لبعضهم، وعزاه ابن الحاج في نوازله لمالك. قلت: أو يعين الحاكم من يقبضه لها، ويصرفه فيما يأمره به فيما يجب، وقاله ابن الحاج في نوازله. المتيطي: فإن كان عرضًا وصف وسمي، ونسبت المعرفة لها، فلا أعلم خلافًا في براءة الزوج بقبضها إياه ونحوه لابن فتحون. قلت: إن كان لنص رواية كما ذكره ابن الحاج فمقبول، وإلا فظاهر المذهب عدم براءة المدين بدفعه لها دينها العرض كالعين، ووديعة مورثها العرض كالعين. المتيطي: فإن قبض وليها نقدها العين؛ لم يبرأ الزوج به، ولها الرجوع به عليه. ابن أبي زمنين: إلا أن يطول زمن سكوتها عنه؛ فيسقط. ابن العطار: إن ادعى دفعه لها قبل البناء أو بعده قبل مضي عام منع؛ فلا يمين له عليها، وإقرارها به لغو، ولو ادعى دفعه لها بعد العام؛ حلفت. ابن عبد الغفور: وهذا قول ابن القاسم في المدونة لقوله فيها: من زوج ابنته البكر، فدخل بها زوجها، ثم فارقها قبل أن يمسها؛ فليس لأبيها أن يزوجها كما يزوج البكر إن طالت إقامتها معه. قال: وأرى السنة طول إقامة. قلت: لا يلزم من رفع الجبر رفع الحجر. المتيطي وابن فتحون: إن التزم الولي الدرك في قبضة النقد؛ لزمه ضمانه، ولو أشهد الأب بقبض المهر دون معاينته البينة، ثم قال: لم أقبضه، وأشهدت وثوقًا بدين الزوج، ففي لزوم حلفه، ثالثها: إن كان الأب ممن لا يظن به دعوى الباطل والزوج بخلافه، وإن كان الزوج ممن يعلم أنه لا يرضى بجحده، والأب بخلافه؛ لم يحلف. المتيطي عن الموازية مع المحمدين ابن لبابة، وابن حارث، وابن عمر، وأصبغ بن سعيد قائلين لجري ذلك بين الناس، وابن حبيب عن مالك مع أصحابه.

قال ابن حبيب: إلا أن يأتي الأب بما يدل على دعاوه، وتقع على الزوج تهمة فيحلف، ونحوه لمحمد بن عبد الحكم وبعض الموثقين قائلًا: وإلا لم يكن لذكر القبض في العقد فائدة، ولما صوبه في بعض النسخ قائلًا: جرى العمل والفتوى، وقاله غير واحد من الموثقين: إن ادعاه الأب قرب العقد كعشرة أيام، ونحوها أحلف الزوج وإلا فلا. وفي أحكام ابن حدير إثر ذكر هذا القول: قال سعيد بن أحمد بن عبد ربه: هذه الرواية في كتبنا، وفتوى شيوخنا. وقال ابن حارث: ليس هذا مما يراعى فيه قرب ولا بعد، ثم قال: ومن غير الأصل قول ابن عبد ربه هذه الرواية في كتبنا كلام غير محصل، الرواية خلاف ذلك، فذكر رواية ابن حبيب. وفي وجوب تجهز الحرة بنقدها العين، ثالثها: إلا ربع دينار للمشهور. والمتيطي عن ابن وهب مع تخريج اللخمي: من اعتبار حكم أصل مالك العوض، واستقلال مالكه بالتصرف فيه، وعدم رفع حكمه بعادة تخالفه من رواية عدم القضاء بهدية العرس مع تقرر العرف به اعتبارًا بأصل سقوطها. وابن فتحون عن ابن لبابة: لئلا يخلو البضع عن عوض. المتيطي: عن بعض القرويين: أنكره عليه بعض شيوخنا، واحتج بأنها إن اضطرت إليه تنفق منه على نفسها بالمعروف، وتؤدي منه يسير دينها. المتيطي وابن فتحون: ويشترى منه الآكد فالآكد عرفًا من فرش، ووسائد وثياب وطيب وخادم إن اتسع لها، رواه محمد.

قال بعض الموثقين: وهو مذهب المدونة، ولو كان النقد عرضًا أو ثيابًا من غير زينتها أو حيوانًا أو طعامًا أو كتانًا، ففي وجوب بيعه للتجهيز به نقل المتيطي. وقوله: قال اللخمي: إن كان مكيلًا أو خادمًا أو موزونًا؛ لم يكن عليها أن تتجهز به. ابن سهل عن ابن زرب: إن كان مهرها أصلًا أو عبدًا أو طعامًا أو عرضًا لا يشاكل الخروج بها، أو ثوبًا قيمته مائة دينار؛ لم يلزمها بيع شيء من ذلك؛ لأن تتجهز به. المتيطي عن ابن عبد الحكم: وما فضل عن جهازها تصرفت فيه لنفسها. قال بعض الموثقين: ولأبي البكر التصرف في نقدها؛ كتصرف مالكة أمرها، ولو ساق الزوج أصولًا، ففي منع بيعها، وجوازه على وجه النظر قولا القاضي محمد بن بشير قائلًا للمنفعة التي للزوج فيه وغيره، فخرجهما المتيطي على استحقاق المهر بالبناء أو بالعقد. ابن زرب واللخمي: إن أصدقها عقارًا؛ لم يلزمها التجهز بثمنه. وسمع عيسى ابن القاسم: لا بأس ببيع الأب الرأس يساق مهرًا لابنته يشتري بثمنه ما يجهزها به من حلي وغيره، ولا كلام لزوجها. ابن رشد: إنما له الكلام إن أمسكه الأب لما للزوج من حق في التجهيز بثمنه على مذهب مالك وأصحابه. قلت: ظاهره: أن لا خلاف بينهم فيه. الشيخ عن كتاب ابن سحنون: للزوج أن يتوطأ من جهازها، ولا له أن يعطيه أضيافه، ولا عبيده إن منعته، ولا لها أن تعطيه رقيقها يتوطؤون إن منعها. الشيخ عن سحنون: لها بيع جهازها إلا ما لا بدلهما من النفع به، ولها بيعه لتستبدل منه ما لا بدلهما من النفع به. ابن عبد الحكم: لها بيع جهازها؛ لتستبدل به جهازًا غيره لا لترفع ثمنه، وإن أرادت بيع جهازها الجديد؛ لتشتري بدله قديمًا، فذلك لها إن كان نظرًا. ابن عات عن ابن زرب: ليس لها بيع شورتها من نقدها إلا بعد مضي مدة انتفاع الزوج بها، والسنة في ذلك قليلة.

وسمع ابن القاسم: للمرأة المحتاجة الأكل من صداقها بالمعروف. ابن رشد: أباحه لها مع أن مذهبه وجوبه تجهزها به مراعاة لقول من يقول: ليس عليها أن تتجهز بشيء منه، ولو طلقها قبل البناء، وقد استنفد الانفاق جميعه تبعها بنصفه على أن النفقة لا تجب إلا بالبناء. وفيها: للمرأة تتزوج بدرع وقراقل وثياب قبضتها لبسها قبل البناء. ابن القاسم: يريد: بالشيء الخفيف خوف أن يطلقها. ابن رشد: لو لبستها حتى أبلتها، ثم طلقها؛ غرمت نصف قيمتها على وجوب النفقة بالبناء لا بالعقد. وسمع يحيى ابن القاسم: لا يجوز للمرأة أن تقضي في دين عليها من نقدها إلا التافه اليسير ما لا خطب له، وقال مالك: لا يجوز إلا الدينار ونحوه. قلت: ألغرمائها بيع كالئها إن لم يحل وقبضه إن حل ليتحاصوا ذلك، وإن قاموا بديونهم بعد بنائها بيسير أيام أيباع لهم ما اشترت بنقدها، أم يوقفهم عن بيعه وما أجل ذلك؟. قال: ليس لذلك وقت، ولا يجوز لها دفع الصداق في دينها، وما أحدثت بعد البناء من بيع أو شراء أو جرح أو غير ذلك، فلحقها في الدين، أو فلسها فيه الغرماء؛ فلهم بيع مالها من صداق وغيره، ولو ماتت؛ أخذ الغرماء ما في يدها، وما على الزوج. ابن رشد: قوله: (لا يقضى منه إلا الدينار) ونحوه مثل ما في دياتها. وروى محمد: مثل الدينارين والثلاثة، وليس اختلافًا؛ بل على قلة المهر وكثرته، وقد يكون صداقها الدينارين والثلاثة، فالدينار الواحد منها كثير، وقد يكون ألف دينار؛ فلعشرة وأكثر منها قليل، وهذا على أصله في وجوب تجهزها به، ولم يجب عن الكالئ هل هو كالنقد أم لا؟. فما أجله منه بعد البناء؛ فلا حق للزوج في التجهيز به؛ فلغرمائها إن قاموا قبل البناء بيعه لاقتضاء ثمنه في ديونهم، وقبضه إن حل قبل البناء؛ لتأخر البناء عن معتاد وقت أهل البلد. وما أجله قبل البناء كالنقد، وإن تعجل البناء قبل حلوله، ويلزم بيع العرض النقد

باب البراءة لمشتري الجهاز

فيما تتجهز به إلا أن يكون مما يقصد اقتناءه كالسياقات وشبهها، وظاهر قوله: إن أراد الغرماء بيع جهازها في ديونهم بعد البناء أنه فرق بين حادث الدين بعد البناء، وقديمه قبله، ولا معنى لذلك إلا الطول؛ لأن أغلب فيما أحدثت بعد البناء أنه لا يكون إلا بعد طول، فإن قاموا بعد طول المدة، وكان الزوج استمتع بجهازها استمتاعاً له قدر؛ فلهم قبض حقوقهم كانت ديونهم بعد البناء أو قبله، فإن قاموا بحدثان البناء؛ لم يكن لهم ذلك، وإن كانت حادثة بعده. المتيطي: لا يلزمها التجهيز بكالئ إن قبضته بعد البناء عن حلوله وقبضته؛ ففي لزومه المشهور مع قول غير واحد، وقول بعض الموثقين، وعلى الأول إن أبت قبضه حين حل خوف التجهيز به، فللزوج جبرها عليه، ولو راجعها الزوج بعد أن باراها؛ لم يلزمها التجهيز إلا بما أخذت في مراجعته. ابن حبيب: الزوج سؤال فيما صرف نقده فيه من جهاز، وعلى الولي تفسير ذلك له ويحلف إن اتهم [باب البراءة لمشتري الجهاز] والبراءة من الجهاز لمشتريه بوجوه: الأول: دفعة للزوجة بمعاينة البينة دفعه في بيت البناء أو غيره، ولو عن بعد منه كان الدافع أباً أو وصياً، وتسمى آحاد المدفوع من ثياب وحلي وفرش وقش ومعرفة البينة السداد في أثمان ذلك. قال بعض الموثقين: وتجزئ معاينة البينة قبضها دون نطلقها بالقبض، وهو ظاهر قول ابن حبيب: يجزئ الولي فيما عمله من حلي لوليته البكر دفعه لها بمعاينة بينة تعرفها دون نطقها بالقبض، ولا فعل يقوم مقامه، وضمن ابن العطار هذا العقد إشهادها

بالقبض وهو أحسن. الثاني: أن يحضر ذلك بيت البناء، ويقف الشهود عليه دون دفع ذلك إليها، وتضمن البينة حضور الزوج ذلك، ووقوفه على حقيقته واعترافه أن جميع ما أحضر استنفد جميع نقده. قلت: هذا لسقوط دعواه بقاء شيء من النقد لا لبراء الدافع بما دفعه. المتيطي: وتضمين معرفة البينة السداد؛ إنما يحتاج إليه يحتاج إليه في ذات الولي، وهو حسن في ذات الوصي، وذات الأب مستغني عن ذكره فيها، وهذا مع حضور الزوج لإيراد الجهاز، وإن كان غائبا، فذكر السداد أحسن أيا كان المورد أو غيره، فإن ادعت الزوجة أبو أبوها؛ أخذ الزوج الجهاز أو بعضه؛ لزمته اليمين لا أكثر وله ردها. قلت: ظاهره: ولو كان مشهور الصلاح، والظاهر إن ادعى ذلك عليه سلفا أو عارية أو وديعة؛ لزمته اليمين، وإن أدعى ذلك عليه عداء وغضبا جرى على دعوى الغضب في توجيه اليمين فيه، وسقوطها جون عقوبة مدعيه وعقوبته. المتيطي: هذا لم ما لم يلتزم الزوج ضمان الجهاز. فإن التزمه بين كونه ضمان الغرم الخارج عن ضمان الحمالة بالتزامه طائعا بعد معرفة عدم لزومه قلت: ولم يذكر المتيطي حكم ضمانه هل هو؟ ولو قامت البينة بتلفه من غير سببه، أو ما لم تقم بذلك بينة. وفي أجوبة ابن رشد: إن ضمنها خوف تلفها حيث تلفت ضمنها، ولو قامت البينة بتلفها، وإن كان سبب ضمانه تهمته على الغيبة عليها، ولم يؤتمن في ذلك، فلا ضمان عليه فيما قامت بينة بتلفه. الثالث: أن يوجه الجهاز لبيت البناء بحضرة البينة بعد أن يقوموه ويعينوه، ولا يفارقوه حتى يوجهه لبيت البناء، وإن لم يصحبه الشهود إليه، وقاله ابن حبيب وزاده: ولا دعوى للزوج أن ذلك لم يصل لبيت البناء، ودعواه ذلك كدعواه اغتياله من بيته بعد وصوله، ثم ضمن في كتب هذا الوجه حضور الزوج للإرسال واعترافه بالسداد فيما اشترى بنقده. قلت: ينبغي شرط البراءة بهذا الوجه بتضمين البينة معرفة أمانة من أرسل معه،

وصلاحه المانع من مواطأته المرسل على رده له قبل إيصاله، ومن مواطأته الزوج على أخذه لنفسه. قال بعض الشيوخ الموثقين: أحسن الوجوه الثاني. قلت: وبه استقر العمل. وسمع أصبغ ابن القاسم إن قال أبو البكر: دفعت مهرها العين لها ضمنه؛ إذ ليس له دفعه لها إنما يجهزها به، فإن قال بعد بنائها: جهزتها به، ودفعته لها، وأنكرت؛ حلف وبرئ. أصبغ: ما لم يكن تناكرهما مع الدخول بما يبين به كذبه بدخولها بغير شيء. ابن رشد: هذه المسألة في أصل السماع عقب مسألة: من دفع مهر زوجته البكر لأبيها ببينة، فاستهلكته ولا مال له، وأجاب فيها بضمان الأب المهر، وللزوج البناء، ولا شيء عليه. وقوله: (في هذه بضمانه)؛ يريد: وبني الزوج، ولا شيء عليه، فسوى بين قبضه ببينة وبغير بينة إذا أقر الأب بقبضه خلاف تفرقه أشهب وابن وهب في دعوى الضياع، والآتي على قولها في هذه منع الزوج البناء حتى يدفع لها مهرها، ويتبع به الأب في ذمته. وقوله: (ليس له دفع العين لها إنما تجهز به) صحيح لقوله تعالى: {وَلا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمْ} [النساء:5] وما تحتاج إليه من جهازها كالكسوة: واجب دفعه لها، وإن كانت مولى عليها، وقبل قول الأب في دفعه ما جهزها به من مهرها، وإن كان مدعياً؛ لأنه على ذلك قبضه منه، والعرف شاهد له، ووجب حلفه لحق الزوج، والذي يسقطه عنه إحضار البينة وإبراز الجهاز وإقامته وإرساله بمحضر البينة، وإن لم تبلغ البينة مع الجهاز بيت ابنته قاله ابن حبيب. ولو ادعى الأب أنه جهزها لزوجها بمالها قبله من ميراث وأنكرته، لم يقبل قوله، وعليه البينة على إيراد الجهاز ببينتها لقوله تعالى: {فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ فَأَشْهِدُوا عَلَيْهِمْ} [النساء: 6] ولما ذكر المتيطي قول ابن القاسم المتقدم وتعليله بعض الموثقين بأن العرف جار بدفعه لها جهازها بمهرها عند البناء دون إشهاد.

قال: قال: وينبغي لو كان لها على أبيها دين من مهر أمها، أو غيره ألا يقبل قوله بتجهيزها به، واو كان لها بيده عين أو عرض على وجه الأمانة؛ لسبب كونها في ولايته؛ لا نبغي على وجه النظر قبوله قوله: أنه جهزها به عند بنائها، لأن العرف جار عندنا بتجهيز الآباء بناتهم بأموالهم فكيف بأموالهن. قلت: هذا خلاف ظاهر ما تقدم لابن رشد في ميراثها. وفي كون الوصي كالأب في دعواه تجهيز اليتيمة بمهرها، ووقف براءته منه على البينة. نقل المتيطي قولي بعض الموثقين وغيره منهم: ولابن رشد في أول سماع يجيى من كتاب الجنائز: إذا جهز الوصي اليتيمة من مالها؛ برئ منه بإيارده بيت بنائها. المتيطي: فالولي غير الأب والوصي لا يبرئه إلا الإشهاد بأحد الوجوه الثلاثة. ابن عات: عن أبي الوليد بن خيرة: للوصي تجهيز اليتيمة مما بيده من مالها، واختلف إن كان أصلا فباعه وجهزها به. قال المتيطي: وما زاده الأب من شورة على شورتها بما قبضه لها إن بين ببينة كونه من نحلته إياها في عقد نكاحها، برئ منها، وإن بين كونه هبة لها تم حوزها بالإيراد الموصوف، وإن بين كونه عارية تتحمل بع ما بقي عندها، ويستره متى شاء؛ ضمن معاينة البينة آحاد الجاز، وله أخذه متى شاء. ابن عات عن ابن مغيث إن تلف؛ لم تضمنه البنت إلا أن يتلف بعد رشدها وعلمها أنه عارية/ وقاله القاضي أبو بكر محمد بن عمر وأبو بكر محمد بن عبيد الله المعيطي. وسمع أصبغ ابن القاسم: من أشهد فيما شو ربه أبنته أنه بيدها عارية، وشهدت البينة أنه أورده بيت زوجها دون حضورها، ثم طلبه، فلم يقدر عليه عند ابنته إن كانت بكراً، وعلمت بالعارية؛ لم تضمنها إلا أن تملك بعد أن رضي عليها، ولو حسنت حالها، وإن كانت ثيباً ضمنته إن علمت أنه عارية وإلا فلا، وقاله أصبغ، ولا شيء على الزوج من ذلك إلا أن يستهلكه.

ابن رشد: قوله: (لا ضمان على غير العالمة) صحيح؛ إذ ليس لأحد أن يضمن أحداً ما لم يلتزم. وفي سماعه: من بعث لامرأته بحلي ومتاع أشهد أنه عارية سراً عنها، وعن أوليائها؛ فله أخذ ذلك، ولا ضمان عليهم إن تلف، ولم يعلموا ما أشهد عليه. ابن رشد: هذا خلاف سماع سحنون. قلت: هو سماعه من تزوج ببلد سنتها أن يهدي الزوج لامرأته هدية تسر بها وأهلها، فأشهد سراً أن هذا الذي يرسله ليس هدية، إنما هو عارية لوقت استرجاعها، ولم يعلمهم أنه هدية، فأرسله إلى امرأته، وهي ترى وأهلها أنها هدية، ثم طلبها قبل علمنا ما قلت لم نقبلها. قال سحنون: لا شيء عليهم فيما امتهنوه على غير علم، ويأخذ ما وجده، وما ضاع بغير بينة؛ ضمنوه، وقاله أبو زيد. ابن رشد: قوله: ولم يعلمهم أنه هدية مشكل، كيف يصح أن يعلمهم أنه إليهم هدية، وهو لم يرد به الهدية؛ فمعناه لم يقل لهم في العلانية أنه هدية. وقوله: (لا شيء عليهم فيما امتهنوه على غير علم)؛ يريد: امتهاناً لا تمتهن العواري مثله، وأما امتهان العواري؛ فلا شيء عليهم، ولو امتهنوه عالمين. وقوله: (ما ضاع بغير بينة ضمنوه)؛ اعتبار لما أشهد به سراً. وسماع أصبغ ابن القاسم: لا ضمان عليه أصح؛ إذ ليس له تضمينهم ما لم يلتزموا ضمانه، وحسبه نفع إشهاده في ارتجاع متاعه، ولو قال لهم: هو هدية؛ لم ينفعه إشهاده، وهذا على عدم القضاء بالهدية. وسمع أصبغ ابن القاسم: إن ادعى أب بحدثان بناء ابنته البكر فيما زاد على مهرها مما جهزها به أنه عارية صدق فيه، ولو كان غير معروف له وهي تنكره؛ لأن هذا من عمل الناس معروف من شأنهم، وإن ادعاه بعد طول حوزها، فهو لها ولو عرف أصله له، ولزوج في ذلك مقال، وطول حيازتها تقطع دعوى الأب إن أنكره الزوج، وإقرارها به لغو إن رده زوجها، ولو قام بحدثان البناء فيما عرف أصله له، والباقي بعده.

لا يفي بالمهر؛ فهو له ويغرم تمام المهر. ابن رشد: يريد: صدق مع يمينه، قاله ابن حبيب وزاد: وليست السنة طولاً، وهذا في ابنته البكر لا الثيب، ولا في ولايته البكر أو الثيب هو فيهما كأجنبي، وقاله بعض أصحاب مالك. ابن رشد: إيجابه يمينه صحيح، ولا يقال بسقوطها لمنع أحلاف الولد والده؛ لأن المنع في الحكم عليه، وهذا في الحكم له، وإنما خص هذا بأبي البكر؛ لأنها في ولايته، وكذا على قياسه الثيب إن كانت في ولايته والوصي فيمن لنظره من يتيمة بكر أو ثيب كالأب. قلت: كقولها في حوزه لها ما وهبه لها. ابن رشد: ويحمل قوله: (لا الثيب) على التي لا ولاية له عليها، وقوله (للزوج مقال) فيه نظر؛ إذ لا كلام للزوج فيما دون الثلث من مالها إلا على وجه الحسبة؛ لأنها مولى عليها لا تجوز عطيتها لأب ولا غيره. وقوله: (طول حيازتها يقطع دعوى الأب إذا أنكر الزوج)؛ معناه: إن أنكر الحسبة؛ إذ لا معنى له ينكر به إلا هذا، وفي قوله: (إن أنكر الزوج أو المرأة)؛ جليل على أنهما لو سلما ورضيا؛ وهو بعيد إلا أنه دليل الخطاب، وقد اختلف في القول به، فلا ينبغي أن يعمل به هاهنا. وفي الدمياطية لابن القاسم: إنما يصدق الأب فيما ادعى من جهاز ابنته بعد البناء أنه عارية لها، وإن وفي الباقي بالمهر إن كان على أصل العارية بينة، والمشهور ما تقدم أنه مصدق إذا أشهد على العارية، وإن طال الأمر إذا كان فيما بقي وفاء المهر، وإن لم يكن فيه وفاء؛ صدق فيما زاد على قدر الوفاء به. وذكر المتيطي قول ابن حبيب المتقدم وقال: قال بعض الموثقين: يكون للأب مت وجد من ذلك، ولا شيء على الابنة فيما فوتته من ذلك أو امتهنته أو زوجها معها، ولا ضمان عليه لتمليك الأب ذلك لها. وقال غير واحد من الموثقين: إن قام قبل مضي عام من يوم بنائه؛ قبل قوله دون يمين؛ لأنه عرف من فعل الآباء، وإن قام بعد عام/ سقط قوله.

وقال أبو إبراهيم إسحاق بن إبراهيم: قول ابن القاسم: القول قول الأب ما لم تثبت الابنة أو زوجها مضي السنة أو نحوها. قال: والعشرة الأشهر عندي كثير تسقط دعوى الأب وقال في موضع آخر: إن طلب الأب الشورة بعد ثلاثين يوماً من بنائها، حلف على دعواه عاريتها، وأخذ ما حلف عليه. قال بعض الموثقين: هذه المسألة في سماع أصبغ ابن القاسم قال فيه: إن قام الأب بحدثان بنائها؛ ولفظ التصديق عند شيوخنا: إن وقع مبهما اقتضى نفي اليمين، ولم يحد في سماع أصبغ مدة القرب إلا أن الشيخ أبا إبراهيم جليل في العلم، والورع ممن يلزمها الاقتداء به. قال أبو إبراهيم: وادعاء الأب لما في يد ابنته من الأمور الضعيفة التي إنما فيها الإتباع لسلفنا لولا ذلك كان الوجه عدم خروجه ما بيدها إلا بما تخرج به سائر الحقوق ولاسيما ما بيد البكر. قلت: قوله: (ليس فيه إلا الإتباع)؛ يرد بما استدل به ابن القاسم من العرف، ولا يخفى وجوب العمل بالعرف على مثل الشيخ أبي إبراهيم؛ كدلالة إرخاء الستر ونحوه، وأجاب ابن عتاب في أب ادعى أن نصف ما شو ربه ابنته البكر عارية له بعد أربعة أعوام من بنائها: أ، هـ غير مصدق في دعواه. ابن سهل: وكذا الرواية عن مالك وابن القاسم، وغيرهما في الواضحة والعتيبة وغيرهما ولا خلاف أعلمه فيها. وجواب ابن القطان بأن الأب مصدق فيما زاد على قدر النقد من ذلك خطأ. زاد المتيطي: قال بعض شيوخنا: الذي في الرواية إذا قام بعد طول مدة، فلم ير ابن القطان هذه المدة طولاً. قلت: لعله نحا بها منحي مدة الحيازة، ففي بطلان دعواه العارية لسنة أو بها ونحوها بدلاً منها، وثالثها: بعشرة أشهر، ورابعها: بما زاد على سنة، وخامسها: لا تبطل بأربعة أعوام. للمتيطي عن غير واحد من الموثقين وأبي إبراهيم عن ابن القاسم واختياره،

ودليل قول ابن حبيب وابن القطان. وفي وجوب تجهيز السيد أمته بمهرها كحرة واختصاصه به دون تجهيز، ثالثها: هذا إلا ربع دينار، ورابعها: هذا في عبده، والأول في غيره؛ لرهونها مع ابن غتحون عن المذهب وغير واحد عن محمد عن ابن القاسم ومحمد وأصبغ. وفي ثاني نكاحها عن بكير وغيره: للسيد أخذه إلا قدر ما تحل به، والوضع منه دون إذنها. عياض: جعل بعضهم ما في نكاحها ورهونها قولين، وجمع بينهما بعضهم بأنها في النكاح لم تبوأ معه بيتاً، وفي الرهون بوئت، وفي كون قبض مهرها أو لسيدها نقلا المتيطي عن ابن الفخار مع بكر القاضي وابن العطار. وأجاب ابن رشد بأن للأب أن يثقف من شورة ابنته التي لنظره مت تستغنى عنه منها إن خاف عليه عن\ها، وكذا الوصي، وليس ذلك لولي غيرهما، فإن أحسبت في ذلك نظر القاضي فيه بالاجتهاد. وقال ابن عتاب: إن كان الأب مأموناً عليها، وله ذمة؛ فهو أحق بضبطها بعد أن يسلم لها بقدر نقدها، وزائد عليه ما تتجمل به لزوجها على التوسط، ويشهد على الأب بما يقف لابنته عنده، وإن كانت أحواله غير مرضية؛ وعها الحاكم على يدي غيره ممن يراه، ونحوه للفقيه أبي بكر بن جماهر الطليطلي، وهو حسن، وقد شاهدت أقواماً وضعت عندهم ثياب بناتهم تصوناً، فأكلوا أثمانها، وتعذر الانتصاف منهم لفقرهم. قلت: شاهدت شيخنا ابن عبد السلام حكم بمنع أب قبض إرث ابنه الصغير، فكلمته فيه فقال لي: إنه فقير، وكان الفقيه أبو إسحاق بن عبد الرفيع يحكم بهذا، ومت تقدم حجة لهما.

باب فيما يوجب كل المهر للزوجة

[باب فيما يوجب كل المهر للزوجة] ويجب كل المهر بالتقاء ختاني الزوجين: الزوج بالغ أو موت أحدهما مطلقاً وطء مطيقة غير بالغ معتبر على جبره. ابن شعبان: على البناء بدعواه الزوجة المطيقة له، وفي إلزامه بافتضاضه لإياها بأصبعه كل المهر، أو ما شانها مع نصفه إن طلقها، ثالثها: إن رأى أنها لا تتزوج بعد ذلك إلأا بمهر ثيب، لسماع عيسى ابن القاسم مع اللخمي عنه واختياره قال: واختلف في استحقاق المهر بالوطء في الدبر، وفيه نظر، وهو في البكر أبعد. قلت: في رجمها لمالك: وطئها في دبرها جماع لا شك فيه. وللمتيطي في فصل الطلاق: إن اتفقا بعد البناء بعام ونحوه، وما يقرب منه على عدم المسيس، فقال مالك في المدونة: لها كل المهر؛ لطول تلذذه بها، وأخلاقه شورتها. أبو عمران: جعل موحبه التلذذ وخلق الثياب؛ فظاهرة: إن أنخرم أحدهما؛ لم يجب كل المهر. المتيطي: أسقط ألبرادعي لفظ، وخلقت ثيابها. وفي المدونة قال ناس: لها نصفه، ونحوه لعبد العزيز بن أبي سلمة. ابن القصار: هذه الرواية المعمول بها قال: وقال مالك: لها الجميع، وإن لم يطل. قال بعض الموثقين: الأول أشهر به العمل. قلت: عزا اللخمي القول بجميعه: وإن لم يطل للمغيرة مرة، ولابن القصار عن مالك أخرى، وتقدم منها طرف في مسألة العنين، وما ذكره المتيطي عنها هو لفظها في مسألة العنين، وهي أيضا في إرخاء الستور منها في العنين وغيره. وذكر أبو عمر قول مالك في السليم: مقيداً بالسنة ونحوها.

ابن بشير: قيل: الطول سنة، وقيل: مل يعد طولاً، وفي المذهب قول أنه أكثر من السنة وهو راجع لهذا القول. قلت: إنما ذكر الأشياخ القولين في حد الطول في رفع جبر الأب عنها حسبما مر. اللخمي: اختلف في المجبوب والحصور، ومن لا يصل للجماع فقال المغيرة: إن طالت المدة؛ لزم المهر، وقال: يكمل لها، وإن لم يطل، وهو قياس قول عمر رضي الله عنه: إذا عجز وهو في هذا أبين. قلت: لم يحك أبو عمر وابن محرز عن المذهب غير الثاني قائلاً: لأنه فعل غاية ما يستطيعه.

باب فيما يثبت الوطء به

] باب فيما يثبت الوطء به [ ويثبت الوطء بخلوة البناء إن أقرا به اتفاقاً: وكذا لو أنكره وادعته، وهي ثيب أو بكر، وصوب اللخمي رواية ابن وهب، وابن أبي أويس ينظرها النساء، فإن رأين أثر افتضاض صدقت وإلا صدق. وفيها: تصدق بالخلوة، ولو كانت محرمة أو حائضاً أو في نهار رمضان إذا كانت خلوة بناء. اللخمي: يريد في غير الصالح المعروف بالخير إن أقرت بعلمه حيضها قبل ذلك، وقبول ابن عبد السلام تخريج بعضهم قبول قوله منه في اختلافهما في طلاقها طاهراً أو حائضاً واضح الرد بقيام مثبت قولها في المهر، وهي الخلوة وفقده في الطلاق. وفي كون تصديقها بيمين أو دونها، ثالثها: إن لم تكن صغيرة، لابن رُشْدٍ في سماع أَصْبَغ عن مالك مع أصحابه، وأحمد بن المعذل قائلاً: لا وجه له إلا رعي القول بوجوبه بنفس الخلوة، ونقله. قلت: حكى عبد الحق قول أحمد ولم يضعفه، وفي المقدمات عن بعض المتأخرين: لا يمين عليها مطلقاً. ابن محرز: دلالة الخلوة على الوطء كدلالة القمط لصاحب العقد، والشبه في متاع الزوجين، والوصف في اللقطة، وفي كونها كشاهد واحد أو كبينة تامة خلاف. وفي قبول قولها في خلوة الزيارة ثالثها: إن كانت في بيته، ورابعها: إن كانت ثيباً، وإلا نظرها النساء كما مر لابن رُشْد عن أحد قولي مالك مع الأخوين، وابن عبد الحكم، وأصبغ، وعيسى بن دينار، وابن القاسم مع أحد قولي مالك، ورواية القاضي، وعزا المتيطي الأول أيضاً لابن وهب كالمقدمات والثالث للمدونة. قال: وخامسها لابن خويز منداد القياس سقوط قولها والاستحسان قبوله بيمينها، وفي المقدمات عزو

الرابع لرواية ابن وهب، وعلى قبول إن كانت صغيرة. قال ابن رشد: حلف الزوج وأدى نصف المهر إلى أن تبلغ فتحلف، وتأخذ النصف الثاني، فإن نكلت لم يحلف الزوج ثانية، وإن نكل أولاً غرم كل المهر، ولا يمين له عليها إن بلغت كصغيرة قام له شاهد بحقه. وسمع عيسى ابن القاسم: من ظهر بامرأته بعد طلاقه إياها قبل البناء حمل زعمت أنه منه، وأنه كان يأتيها في أهلها لحق به حملها، ولا إرث لها، ولا تمام صداق. ابن رشد: قوله: (في الحمل) صحيح إذا كان إتيانه إياها يمكن على قوله في المدونة، وقال محمد: الصواب أن لها تمام المهر والميراث إن مات قبل انقضاء العدة، وروى مثله زياد بن جعفر في المدنية، وهو على أصولهم في رفع التهمة بلحوق النسب، كقولهم في الملاعن يستلحق ولده بعد موته وله ابنة أو ولد أن له ميراثه مع الابنة أو الولد بخلاف استلحاقه إياه ولا ولد له ولا ابنة على ما في نوازل سحنون من كتاب الاستلحاق، وقول ابن القاسم هنا وفي المدونة أظهر إذ لا ضرر على المرأة في لحوق النسب بزوجها تسقط تهمتها على دعواها المنفعة بالإرث، وكمال المهر وسقوط حدها بالسنة، ولو وافقته بعد الخلوة على عدم مسيسه، ففيها لمالك إنما عليه نصف المهر إن لم يطل تلذذه بها. المتيطي: إن كانت رشيدة صدقت، وإن كانت سفيهة ففي الواضحة: صدقت، ونحوه لعبد الملك في الثمانية، وقال مطرف: لا يقبل قولها لإسقاطها ما وجب لها، وقاله سحنون فيها وفي الأمة. قلت: في ثالث نكاحها، وإرخاء الستور: إن أكذبته في دعوى المسيس في خلوة البناء فلها أخذه بكل المهر أو نصفه. ابن رشد وغيره عن سحنون: ليس لها أخذه بجميعه حتى تكذب نفسها وتصدقه. المتيطي: وقاله ابن الماجشون، أبو عمران: هو تفسير ابن رشد لما في رهونها لابن القاسم، ونحوه لأشهب.

عياض: أكثر الشيوخ على أنه وفاق، لقولها في إرخاء الستور: إن ادعى من لم يعلم له بزوجته خلوة مسيسها وأنكرته، وقد طلقها لها النفقة، والسكني إن صدقته لكنه لأشهب، وهو محتمل وبينهما فرق بديع، ولابن القاسم في كتاب الرهون في اختلاف المتبايعين في تأجيل الثمن، يؤخذ المشتري بما أقر به حالاً، إلا أن يقر بأكثر مما ادعى البائع فلا يكون له إلا ما ادعى. ثم قال في قولها في إرخاء الستور: إن لم تصدقه فلا نفقة لها ولا كسوة، أخذ الشيوخ من هذه وفاق ابن القاسم لسحنون في المسألة المتقدمة وبينهما فرق، وهو أن المهر حق مجرد اعتراف لها به في ذمته والنفقة والكسوة من توابع العدة، ولا تجب عليها إلا باعترافها فكيف تطلبه بهما، وهي تكذبه وتتزوج غيره. قلت: تقريره الفرق بين الإقرار بحق لا يوجب على المقر له حقا، ولا يستلزمه وبينه موجباً له، ومستلزماً له، فالحكم بالأول دون موافقة المقر له لا يوجب إضراره أو وجود ملزوم دون لازمه، والحكم بالثاني دون موافقته يوجب إضراره بها في الحكم عليها بالعدة، والحكم لها بالنفقة دون الحكم عليها بالعدة حكم بثبوت الملزوم دون لازمه، وكلاهما غير صحيح، والحكم لها بكمال المهر مع تكذيبه لا يلزمه شيء من الأمرين. ويرد تمسكهم بمسألة الرهون بالفرق بين نفي المقر له ما أقر له به بمجرد دعوى نفيه فقط وبين نفيه بدعوى ثبوت مضادة، فالأول غير معارض لإقرار المقر فيجب الحكم بإقرار المقر لسلامته عن المعارض كبينة بإثبات حق عورضت ببينة بإثبات ضده، فإنه لا يحكم بها، بل بالتي هي أعدل فحكم لها بكل المهر بإقراره به دون موافقتها، لأن الصادر منها مجرد نفي ما أقر به، وعدم الحكم للبائع بالزائد مع إقرار المبتاع بذلك لنفي البائع ما أقر له به بما يناقض إقرار المقر، لأن المبتاع أقر به مؤجلاً مع المزيد عليه، والبائع نفاه بإثبات مضاده، وهو حلول أجله، وعلى وفقه على تصديقها إياه.

قال ابن رشد: من سبق منهما للرجوع لقول صاحبه صدق، إن سبقت بالرجوع لقوله وجب لها كل المهر دون يمين أقام على قوله أو نزع عنه، وإن سبق بالرجوع لقولها: سقط عنه نصفه، ولا يمين عليه أقامت على قولها، أو نزعت، وقيل لها أخذ ما أقر لها به، وإن أقامت على إنكارها، وهو أحد قولي سحنون في نوازله من كتاب الاستحقاق، وقيل: لا يحكم لها بما أقر لها به، ولو رجعت لقوله، وصدقته إلا أن يشاء. قاله ابن القاسم في سماع عيسى من كتاب الدعوى في الورثة، ولا فرق. قلت: هو سماعه من ادعى على رجل مائة دينار وديعة فقال: بل هي قراض لك في ربحها خمسون فلم يقبلها استؤنى بها لعله يقبلها، فإن أبى تصدق بها، فإن مات فأحب وارثه أخذها فله ذلك إن أحب المقر دفعها إليه. ابن رشد: في أخذه الخمسين دون رجوعه لتصديق المقر أو حتى يصدقه، ثالثها: هذا إن رضي المقر بدفعها له، لسحنون في كتاب الاستحقاق، ولأحد قوليه مع الآتي على ما لابن القاسم في الرهون منها، ولأشهب في إرخاء الستور منها، وظاهر قول ابن القاسم هنا فيه، وفي ارثه مع نص سماع عيسى من كتاب النكاح انتهى. قلت: كذا وجدته في غير نسخة بزيادة فيه، وهو مشكل إذ ليس في السماع تخيير المقر إلا مع الوارث فقط، وسماع عيسى هو من تزوجت ولها ولد فولدت من هذا الزوج ولدا فمات الأول وطلب الزوج إرث ابنيه منه فزعمت أنها لم تلده، وأنه ولد كان لسيدها ترضعه، فأقام الزوج بينة أنه ابنها، ثبت إرث ابنه منه، فإن قالت بعد ذلك هو ابني لم يقبل قولها بعد إنكارها، وميراثها منه لكل من يرث الصبي ابنها وغيره. ابن رشد: ليس للأم أن تستلحق ابنا، ولو لم يتقدم إنكارها إياه، ولا تستحق منه إرثاً باستلحاق، ولا ببينة بعد إنكارها، على هذا يحمل قوله، ولا يلتفت لما يدل عليه ظاهره من خلاف ذلك، وإذا بطل إرثها منه ورثه ورثته غيرها كمن لا أم له. وقوله: (ميراثها منه لكل من يرثه ابنها وغيره) فيه نظر، لأن ابنها من الزوج أخ له لأمه فميراثه منه السدس فكيف يصح له أن يكون له من حظ أمه شيء فيرث أكثر من السدس، هذا غير صحيح، وإنما يصح قوله إن دخل الفريضة عول بميراث الأم ينتقض سدس ابنها، فإذا بطل ميراثها تم له سدسه إن ارتفع العول أو ما يجب له من

تمامه كما لو ترك أمه وأخوين لأم أحدهما ابن الزوج وأختين لأب قامت بذلك بينه، وتنكر الأم كون الميت ابنها فالفريضة على ثبوت إرثها من ستة تعول لسبعة يرجع سدس كل واحد من الأخوين للأم سبعاً، فإذا بطل إرثها بإنكارها سقط العول وعاد كل ذي حظ لحظه كاملاً لا وجه لقوله إلا هذا. قلت: يبطل حصره صدق قوله فيما ذكر بصدقه بكونها ما ولدت الميت، وهي أمه، ثم عتقت، ثم ملكته ومات أو كان أعتقه أن للزوج وأختا الميت لأبيه، ولا وارث غيرهم ولا عاصب له بنسب فيهما. وقوله: أولاً نص في سماع عيسى مع قوله "لا يلتفت لما يدل عليه ظاهره من خلاف ذلك" متناف لأن دلالة اللفظ على شيء نصا ينافي دلالة ظاهرة على خلافه. وفيها: إن أقر بعد طلاقها بوطئها، ولم يعلم له بها خلوة وأكذبته فلها أخذه بكل المهر ولا عدة عليها. الصقلي عن القابسي: من بني بمن نكحها بذي غرر وأنكر وطأها، وادعى غرم مهر مثلها، وفسخ نكاحه لإقراره بنفي موجب إمضائه، ولو ادعاه لم يفسخ ولو أكذبته. وفيها: إثر ذكر قبول قول الحائض والمحرمة، وكذلك قال مالك في المغصوبة تحتمل بمعاينة بينة، ثم تخرج فتقول وطئني غصباً، وهو ينكر فلها المهر، ولا حد عليهما. اللخمي: إن ثبت وطؤه الحرة غصبا بإقراره أو بأربعة شهداء بمعاينة الوطء لزمه مهرها، وما دونهم لغو لأنهم قذفه ويصير الأمر بمجرد دعواها وشاهدان على إقراره. قال محمد عن ابن القاسم: يجب بهما مهرها، لأن الشهادة وإن لم تتم في الحد على أحد القولين فالصحيح بقاء عدالتها لأنها لم تشهد بمعاينته وإن شهد واحد باعترافه حلفت واستحقت وفيه خلاف كشاهد بسرقة يشهد يسقط الحد، ويستحق المال بيمين. قلت: ثبوت حلفها مع شاهد بإقراره إن كان نصاً فواضح، وإن خرجه على الشاهد بالسرقة رد بأن السرقة لا تبطل عدالته اتفاقاً، وفي سقوطها في الإقرار بالزنا خلاف حسبما ذكره.

قال: وإن شهدا بمعاينة غيبته عليها غصباً صدقت في الإصابة، واختلف في يمينها، ونفيها أحسن إلا أن تكون بكراً فينظرها النساء. الصقلي في الموازية: وتحلف ويؤدب، وعزا ابن محرز حلفها لرواية ابن القاسم، وإن تجردت دعواها عن مطلق شهادة، فإن ادعته على صالح لا يليق به ذلك غير متعلقة به، فقال ابن رشد: لا خلاف أن لا شيء عليه، وأنها تحد للقذف والزنا إن ظهر بها حمل، ولو كانت من أهل الصون، وإن لم يظهر تخرج على الخلاف فيمن أقر بوطء أمة رجل ادعى شراءها منه أو وطء امرأة ادعى تزويجها فتحد على قول ابن القاسم ما لم يرجع عن قوله، ولا تحد على قول أشهب، وهو نص ابن حبيب، وكذا مجهول الحال في هذا الوجه إن كانت مجهولته أو لم تكن من أهل الصون، وإن كانت من أهل الصون، وهو مجهول الحال تخرج وجوب حدها لقذفه على قولين، ويحلف بدعواها على عدم حدها له، فإن نكل حلفت ووجب لها صداقها، وإن ادعته عليه متعلقة به، وهي ممن تبالي بفضيحة نفسها لم تحد للزنا، ولو ظهر بها حمل، وفي حدها لقذفه قول ابن القاسم، وحكاية ابن حبيب، ولا يمين لها عليه على الأول، ويحلف لها على الثاني إن نكل حلفت وثبت مهرها، وعزا اللخمي حدها لمالك أيضاً، ونفيه لعبد الملك. قال: لما بلغت من فضيحة نفسها. قال: والثالث لأصبغ إن جاءت تدمي لم تحد، وفرق بين البكر والثيب، وهو أحسن إن كانت ذا قدر، وفي الثيب إشكال، وأرى إن كانت معروفة بالخير لم تحد، وإن كانت لا قدر لها، ولا يعيرها ذلك حدت. قلت: فيبقى ما بينهما على إشكاله. قال: ولو كان الرجل من برز بالفضل والخير حدت على أي حال كانت من الموضع والقدر. قال: وإن نقص بينة معاينة الإصابة عن الأربع، وكانت متعلقة به، وقضى بمهرها لم تحد، وإن كان ممن لا يشبهه ذلك، لأن الشهادة شبهة لها ما لم يكن ممن برز في الفضل فلا مهر لها، ولها شبهة في نفي الحد إن كانت من أهل الخير. قلت: ظاهر قول ابن رشد في المقدمات والبيان أنه: إن كان ممن لا يليق به ذلك

لصلاحه فلا مهر لها عليه بمجرد الدعوى دون نكول منه حيث يجب حلفه عند قائله. وقال ابن بشير: إن كانت تدمي في هذه الصورة ففي وجوب المهر قولان لتقابل القرائن. ابن رشد: وإن كانت لا تبالي بفضيحة نفسها، وأتت متعلقة بمن لا يليق به لصلاحه حدت له قولاً واحداً، وإن كان مجهول الحال، وهي ممن تبالي بفضيحة نفسها لم تحد له، وإن لم تبال بها تخرج في حدها له قولان، وإن ادعته على من يشار له بالفسق غير متعلقة به لم تحد له، ولا لزنى إلا أن يظهر بها حمل، ولا مهر لها وينظر فيه الإمام فيسجنه، ويستخبر عن أمره فيفعل بما ينكشف من أمره، فإن لم ينكشف له من أمره شيء أحلفه، فإن نكل حلفت وثبت مهر مثلها، وإن ادعته متعلقة به تدمي إن كانت بكراً لم تحد له ولا لزنى، وإن ظهر بها حمل. وفي وجوب المهر لها ثالثها: إن كانت حرة ولا شيء للأمة، لرواية أشهب وجوب ما نقص الأمة فأحرى مهر مثل الحرة، وسماع عيسى ابن القاسم قائلاً: ولو كان أشد من عبد الله الأزرق في زمنه، وابن الماجشون، وزاد اللخمي في قول ابن القاسم: ويؤدب الرجل أدباً موجعاً. قال: وقال في المدونة: ينظر السلطان، ولو نظرها النساء فقلن هي عذراء، فقال أشهب: لا شيء لها، وهذا كأحد قولي مالك في دعوى البكر المسيس في إرخاء الستر ينظرها النساء فيعمل على قولهن. وقال أصبغ: لا يرجع لقولهن، والأول أحسن لظهور كذبها، ولتهمتها أن تلطخ نفسها بدم أو تلطخ من لا يشبه ذلك، وقد يحملها عليه من يريد أذاه إن كانت لا قدر لها، وكذا إن بان أنها غير حديثة الافتضاض وأتت تدمي. قلت: ظاهر قول اللخمي أولاً أن الخلاف بعد وقوع نظر النساء لا في ابتداء نظرهن، وظاهر تشبيهه لها بمسألة إرخاء الستور أنه في ابتداء نظرهن وفي رجمها نحو هذا. ابن رشد: وإذا وجب لها المهر بدعواها مع بلوغها فضيحة نفسها، ففي لزوم حلفها قول ابن القاسم ورواية أشهب والأول أصح.

زاد في البيان عن ابن القاسم في الموازية كقول أشهب. اللخمي: أرى إن كانت بكراً تدمي لها قدر أن تأخذه دون يمين، وإن كانت ثيباً أو بكراً لا قدر لها أخذته بيمين، وإن كانت ثيباً لا قدر لها ولا يعرها ذلك فلا شيء ويحلف الرجل، وإن كان مجهول الحال فلا مهر وأحلف، فإن نكل حلفت واستحقته. اللخمي: إن أتت متعلقة برجل، وظهر بها حمل لما يشبه كونه عن تلك الدعوى لم تحد، وإن كان متقدماً عنها حدت للزنا والقذف إن لم تكن حدت له. وقال ابن وهب وغيره: إن لم يذكر الغصب قبل ظهور الحمل حدت للزنا، وأرى أن لا تحد لقصدها الستر رجاء عدم الحمل، فإذا ظهر ذكرت سببه فدعواها هذا شبهة تسقط حدها، وقال غير واحد من أهل العلم قول عمر رضي الله عنه في إقامة الحد بالحمل إنما هو إذا لم تدع استكراها لما روي عنه أن امرأة ادعته في حمل ظهر بها، وقالت: كنت نائمة فما أيقظني إلا رجل ركبني، فأمر برفعها إليه في الموسم وناس من قومها فسألها فأخبرته، فسأل قومها فأثنوا عليها خيراً فتركها وكساها وأوصى بها خيراً. قلت: ظاهر قولهم سقوط الحد بمجرد دعوى الإكراه، وما به احتجاجهم إنما هو فيمن هو من أهل الخير لا في الخير لا في مجهول الحال فضلاً عن غيره، والحق أن ثبوت الحد بظهور الحمل مع قولهم بلحوق الولد بالإنزال في الوطء دون الفرج متناقض، وقول ابن عبد السلام بعد قوله يكفي في بينة احتمال المغصوبة اثنان: "وفي العتبية ما ظاهره أنه لابد من أربعة وليس بصحيح" ليس بصحيح وقعت أول سماع القرينين فيمن أتت متعلقة برجل لم يذكر فيها بينة بحال، ووقعت في سماع عيسى من كتاب القذف ونصها: سئل عن شهيدين شهدا على ثلاثة نفر بغصب امرأة ذهبوا بها إلى الصحراء، فادعت أنهم وطئوها، ثم أبرأت بعضهم. قال: تحلف وتأخذ من كل من ادعت عليه صداقا. وفي السماع المذكور قال أصبغ: قلت له: المغتصبة التي يجب لها الصداق على من اغتصبها هل يجب ذلك بشهادة رجلين؟ قال: لا يجب ذلك عليه إلا بما تجب به الحدود وذلك أربعة شهداء وإلا كانوا قذفه. سحنون: قال لي ابن القاسم: لو شهد رجلان أنهما رأيا رجلا اغتصب امرأة

أدخلها منزلاً غاب عليها، فادعت أنه أصابها، وأنكر ذلك الرجل حلفت واستوجبت صداق مثلها. ابن رشد: يثبت اغتصابه لها، ومغيبه عليها بشهادة شهيدين على رواية سحنون هذه، ومعنى قوله في رواية أصبغ على معاينة الوطء، وذلك بين من قوله، وإلا كانوا قذفه يجلدون الحد. قلت: ولقوله أول السماع عن شهيدين شهدا على ثلاثة نفر. ومسمى المهر في ملك الزوجة بالعقد الصحيح كله أو نصفه، ويكمل بالموت، ثالثها: كله غير مستقر يستقر نصفه بالطلاق وكله بالموت، للخمي مع غيره عن عبد الملك، وابن القاسم مع مالك، وابن رشد عن مقتضى المذهب مبطلاً الأول بأنه لو وجب به لما سقط بالردة كوجوبه بالدخول، وللثاني باستحقاقها كله بموته والموت لا يوجب شيئاً. قلت: يرد الأول بأن الردة قبل البناء كاستحقاق أحد العوضين مع الاتفاق على ملكهما بعقد البيع الصحيح، والثاني بأن الموت إن كان لا يوجب شيئاً فلا يوجب استقراراً، ومنع إيجابه لأنه إيجاب شرعي لا عقلي، فجائز كونه به لدورانه معه، والدوران طريق شرعي، وطلاقه قبل بنائه يوجب له نصفه وفسخه قبله ولو لموجب حدث بعد صحبته يسقط كله. اللخمي: إن طلق في فاسد مختلف فيه قبل النظر فيه بنائه فثبوت نصف المهر على ثبوت طلاقه، ونفيه على نفيه لرعي الخلاف ولغوه، ولمحمد عن أشهب: من مات قبل البناء في فاسد لمهره لزمه كل المهر وورثته، ولو طلق قبل البناء فلا شيء عليه. قلت: هذا بعينه ذكره ابن رشد عن أصبغ قال: فجعله كنكاح تفويض على قول من جعل فيه مهر المثل بالموت، وليس معروفاً من مذهبنا. اللخمي: وفي ثبوت نصفه بفرقة ردته على أنها فسخ قول مالك في المبسوط، وإنكاره عبد الملك: والأول أحسن، لأن ترك المبيع منه، في الموازنة إن قتل الأمة ربها قبل البناء فله مهرها، وعليه للحرة مهرها إن قتلت نفسها قبل البناء لقولها: إن باع الأمة ربها بحيث لا يقدر الزوج على جماعها فله مهرها، وأرى أن لا شيء لها ولا

للسيدة لأن المنع منهما. قلت: احتجاجه بمسألة الأمة خلاف قول عياض، معناه أن مشتريها سافر بها حيث يشق على الزوج لضعفه، ولو عجز عن الوصول إليها لظلم مشتريها وأنه لا ينتصف منه لم يكن على الزوج المهر، ووجب رده له من بائعها إن قبضه، وبقى النكاح بحاله متى قدر على الوصول للزوجة دفع المهر، وقاله أبو عمران، ولم يقيد الصقلي مسألة الأمة بشيء، ولم يذكر عليها كلام أبي عمران، وذكره في آخر فصل العجز عن المهر، وحكم طلاق العيب مر في فصله. وما حدث في المهر من زيادة بولادة مثله: وفي كون غلته ثمرة أو غيرها أو هبة مال له، وهو عبد أو أمة للزوجة أو بينهما. قول عبد الملك وابن القاسم مع مالك بناء على ملكها بالعقد كله أو بعضه، وفي رهونها عقد النكاح يوجب لها كل المهر، وعلى المشهور ترجع بنفقة السقي، والعلاج على حظه فيه من الثمرة لا في ذمته. اللخمي: قول ابن حبيب ترجع بنفقة الثمرة لا بما أنفقت على العبد، وترد نصف الغلة لا وجه له، ويختلف إن أنفقت على صغير ى غلة له أو دابة لا تركب أو شجر لا يطعم، وانتقل كل ذلك بنفقتها، ولم تأخذ غلة هل للزوج نصفه، ويدفع النفقة أو يكون فوتا، فعلى قول ابن مسلمة من استحق صغيراً كبر عند مشتريه، وأنفق عليه ليس له أخذه، بل قيمته يوم اشترى فالزوج أحرى لأنه وضع يده عليه، ولو أنفقت على العبد أو الأمة في صنعة تعلماها ففي رجوعها على الزوج بنصف النفقة، وسقوطها رواية المبسوط، وقول محمد، وأرى لها الأقل من نصفها أو نصف ما زاد ثمنها. وسمع عيسى ابن القاسم في كتاب العدة: من أنفقت على جارية مهرها في أدبها ما زاد في ثمنها أضعافه، وطلقت قبل البناء لزوجها نصفها دون غرم شيء من نفقتها. ابن رشد: في المبسوط لابن وهب: ترجع عليه بما أنفقت في تعليم الخير، ورواه أبو صالح عن محمد بن خالد، وكذا في الاستحقاق يريد: ما لم تكن النفقة أكثر مما زادت قيمتها فيسقط الزائد، لأنها لو لم تزد قيمتها بما أنفقت عليها لم ترجع عليه بشيء من النفقة إذ لم ينتفع بذلك.

قلت: فما جعله اختياراً له جعله ابن رشد تقييداً وهو الأظهر. قال: وما أنفقت في طب مرضها الأظهر لا رجوع لها به لأنه وإن انتفع بطبها فهو مستهلك إذ لم يزد ذلك في قيمتها. قلت: الأظهر إن كان لزوال عيب حدث بها كبياض بعينها، ونحوه رجوعها عليه. ابن رشد: اتفقوا على أن لا رجوع لها بنفقة ضروري طعامها وشرابها إلا أن تكون صغيرة فكبرت، فقيل لها: الرجوع بها، وإن كانت اغتلت منها غلة. قيل: نفقتها فيها، والقياس رجوعها بالنفقة على كل حال على أنهما شريكان، وعلى أن الغلة لهما، والمصيبة منها لا ترجع بنفقة ضروري طعامها وشرابها ونفقة تعليمها الخير، وطب مرضها يجري على الخلاف في الرجوع بالسكني والعلاج. في الموطأ عن مالك: أنه بلغه أن عمر بن عبد العزيز كتب في خلافته إلى بعض عماله أن كل ما اشترط المنكح من كان أبا أو غيره من حباء أو كرامة فهو للمرأة إن ابتغته. قال مالك: ما اشترطه الأب في إنكاح ابنته من حباء له فهو لابنته ولزوجها شطره إن طلقها قبل البناء. قلت: روى أبو داود عن ابن جريح عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (أيما امرأة نكحت على صداق أو حباء أو عدة قبل عصمة النكاح فهو لها، وما كان بعد عصمة النكاح فهو لمن أعطيه وأحق ما أكرم عليه الرجل ابنته أو أخته)، ولم يتعقبه ابن القطان على عبد الحق، وذكر أبو عمر هذا السند عن عبد الرزاق. وسمع يحيى ابن القاسم: نحلة من تزوج امرأة وليها الحق فيها للزوجة إن

اشترطها الولي لها أخذها منه أو تركها لا رجوع فيها للزوج على واحد منهما، لأنها من المهر، لو طلقها قبل البناء تبع الولي بنصف النحلة، وتبعته الزوجة بنصفها، ونحلته وليها أو بعض أختانه إن لم تكن على إنكاحها، ولا عدة عاملة عليها كشرط، وإنما هي شكر للمنحول أو صلة قبل النكاح ومودة فلا حق للزوجة فيها ولا للزوج رجوع فيها. ابن رشد: إن كانت عند الخطبة، فإن تم العقد فهي للزوجة وإلا فللزوج الرجوع بها، وإن كانت عند العقد بشرط فهي كالمهر. ابن حبيب: إن أجازتها المرأة لوليها، ثم طلقت قبل البناء الزوج المنحول بنصفها أبا كان أو غيره كانت الزوجة ممن يولي عليها أو لا، ولها إتباع وليها بنصفها إن كانت ممن يولي عليها، وإنما رأى للزوج إتباع المنحول بنصفه بعد أن أجازته الزوجة، وهو ليس له إتباع الموهوب له المهر بنصفه بعد قبضه، لأنه رآه كمن تزوج امرأة على أن يهب عبده لفلان. ابن عات: حكي ابن مسعدة الحجازي ما اشترط من لحم جزور، ونحوه لازم وهو للزوجة. قال غيره: ونصفه للزوج إن طلق قبل البناء، وإن بني لزم المرأة أن تصنع به طعاماً، لأنه عرف الناس وعليه يشترطونه، وهو إن طلق قبل البناء كالمهر ويلزمها في العصفر صبغ ثيابها به لأنه على ذلك شرط. ابن رشد: وإن كانت بعد عقد النكاح على غير شرط فلا رجوع فيها لزوجة ولا زوج. الباجي: قال مالك في المدنية: ما اشترط بعد العقد فهو لمشترطه دون الزوجة ولا شيء للزوج فيه، ولو طلق قبل البناء. زاد محمد وابن حبيب: ولو كان الحباء قائماً. ابن حبيب: إن فسخ النكاح بأمر غالب فقال مالك: يرجع الزوج بما وجد منه قائماً يريد: لأنه هبة من أجل النكاح كالهبة للبيع، وفي ثاني نكاحها من تزوج بمهر

مسمى، ثم زادها فيه طوعاً فلم تقبضه حتى مات أو طلق قبل البناء لزمه نصف ما زاد في الطلاق، وسقط كله في الموت. القاضي: قال الأبهري وغيره من أصحابنا بوجوب ما زاد في الموت، لأنه كالمهر، وإلا لما تشطر بالطلاق. الصقلي: ولو كانت كالهبة لم يثبتها البناء، لأن الهبة لا تستقر إلا بالقبض، بل هي كهبة للبيع بعده كثمنه إن قبضت، ثم ردت السلعة بعيب ردت مع ثمنها. وفي الجلاب بعد ذكره قول ابن القاسم بسقوطه بالموت، والقياس عندي أن يجب لها الزيادة. ابن بشير: في بطلانه بالموت قولان بناء على أن الملحق بالعقد كمنفصل عنه أو واقع فيه. قلت: وجه معروف المذهب ورد إشكال البغداديين أن الزيادة إنما صدرت من الزوج مقيدة بحكم المهر لا هبة مطلقة فاعتبر فيها حكم المهر عملاً بقصد الزوج، إذ هو حق له في حياته، فكان له نصفها في الطلاق، واعتبر فيها بعد موته حكم الهبة لحق الورثة. وسمع عيسى ابن القاسم: من أهدى لمن أملك بها هدية، ثم طلقها أو طلقت عليه بعد النفقة قبل بنائه فلا شيء له فيها، وإن أدركها بعينها. وفي فسخ نكاحه لفساده، ولو كان يثبت بالبناء هو أحق بها إن لم تفت أو بما وجد منها كمن أثاب من صدقة ظن أن ذلك يلزمه، وإن زادت، ونمت فليس له إلا قيمتها يوم أعطاها، والقياس أنها له بزيادتها، والقيمة عندي أعدل. أصبغ: إن بني في النكاح المفسوخ فلا شيء له، ولو أدركها قائمة، لأن النكاح الذي أعطى عليه تم له ببنائه، وإنما الجواب على فسخه قبل بنائه، ولو كانت العطية بعد البناء، ثم فسخ بحدثانه ردت له، ولو فسخ بعد سنتين فلا شيء له، ولو أدركها بعينها، لان ما أعطى له قد ناله، وهذا رأيي. ابن رشد: قوله: (في طلاقه باختياره) واضح، وقوله: (في الطلاق بعد النفقة) هو على أصله في إيجابه نصف المهر فيه، وعلى قول ابن نافع الذي لا يراه فيه ويرى الطلاق

بعدم النفقة كفرقة الجذام والجنون يرجع في هديته إن كانت قائمة، وقال اللخمي في قوله في الطلاق بعدم النفقة نظر، لأنه مغلوب على الفراق. ابن رشد: وقوله في الفسخ يرجع فيها إن كانت قائمة، لأن ما أهدى عليه لما جل وجب بطلان الهدية كقول سحنون في جامع البيوع فيمن وضع من ثمن سلعة باعها بسبب خوف المبتاع تلفها أو الوضيعة فيها فسلم من ذلك له الرجوع بما وضع، وسماع يحيى في الإيمان بالطلاق فيمن يؤخر بالحق بسبب فلا يتم له السبب، ولابن القاسم في الدمياطية لا يرجع بها، ولو كان النكاح صحيحاً ووجد بالزوجة عيب رد فردها قبل البناء لكان له الرجوع بهديته، على قولها في الصرف: من وهب مبتاع سلعته هبة لأجل بيعها منه فردها عليه بعيب رجع عليه بالهبة، خلاف قول سحنون لا يرجع بالهبة، وهو على أن الرد بالعيب نقض بيع، ومسألة الثواب في الصدقة التي نظر بها لا تشبهها، لأن معناها أنه أعطى ما ظن وجوبه عليه، ثم علم عدمه عليه، واختلف في هذا ولها نظائر منها: من أنفق على مطلقة ظنها حاملاً وعلى زوجة ظن نكاحها صحيحاً، وفرق ابن القاسم في الدمياطية بينهما فقال: في هدية الإملاك إذا وجد النكاح مفسوخاً لا يرجع بها ويرجع بالنفقة، ولرعي هذا القول استحسن في السماع إن نمت أن تكون له القيمة لا الهبة بنمائها، إذ القياس أن له النماء كما عليه النقض، وإن بني فلا شيء له في الهدية قبل لبناء، ولو كانت قائمة. وسمع ابن القاسم: هدية العرس التي يعمل بها الناس ويختصمون فيها إن عرف ذلك من شأنهم، وهو عملهم لم يطرح عنهم إلا أن يتقدم فيه السلطان. قال ابن القاسم في كتاب عيسى: قال مالك قبل ذلك: لا يقضى بها، وهو أحب إلى ولأنها تبطل بموت أحدهما. ابن رشد: قال هنا هدية العرس، وفي سماع عيسى نفقة العرس، ومراده بنفقة العرس هدية العرس التي جرى العرف بها عند الأعراس، وقول بعض الشيوخ: مراده بهدية العرس التي اختلف قول مالك في القضاء بها وليمة العرس متعلقاً بما في سماع عيسى غير صحيح، لأن مذهب مالك أن الوليمة مندوب إليها لا واجبة إلا وجوب السنن، وهي لا يقضي بها ولا حق فيها للزوجة، ودليل كونها غير الوليمة قوله في

السماع إلا أن يتقدم فيه السلطان، ولا يجوز أن يتقدم في الوليمة فينهي عما أمر به رسول الله صلى الله عليه وسلم. وتقدمه في الهدية: هو أن يعهد إلى الناس أن لا هدية لزوجة على زوجها إلا بشرطها عليه، والقياس على وجوب القضاء بها. إذا حكم للعرف بحكم الشرط. كونها كالمهر يجب عليه نصفها بالطلاق وجميعها بالبناء أو بموت أحدهما، ومالك أبطلها بالطلاق أو بموت أحدهما حسبما قاله في سماع عيسى ووجه قوله أنه حكم لها بحكم الصلة المراد بها عين الموصول. قلت كقولها في هبة عبد الحضانة والكفالة لمن يرادان له. ابن رشد: وحكم لها ابن حبيب بحكم المهر فقال: يقضى بها ويرجع إن طلق بنصفها ما لم تفت، فإن فاتت فلا شيء له، يريد: فاتت بسلف أو إنفاق أو استمتاع على أصله فيما استمتعت به من مهرها قبل الطلاق إذا طلق قبل البناء، وأما هدية الإملاك فلا يقضى بها، وليس له منها شيء في الطلاق، ولو أدركها قائمة، ولا فرق بينهما إلا من جهة العرف، فلو انتقل، انتقل الحكم. ابن سهل: سئل ابن عتاب عن الهدية التي يرسل بها الأزواج للزوجات قبل البناء كالخفين والجوربين ونحوهما، أيقضى بها على الزوج إن طلب بها وامتنع؟ قال: يقضى بها على قدرها وقدره وقدر المهر، وليس عليها، ولا على أبي البكر أن يثيبه بشيء، ولا يقضي عليه بالعرس، والأجرة المتعارفة عندهم ويؤمر بها، ولا يجبر، والصواب عندي القضاء عليه بالوليمة لقوله صلى الله عليه وسلم لعبد الرحمن بن عوف: (أولم ولو بشاة) مع العمل عند الخاصة والعامة، ولا يقضي عليه بأجرة الماشطة على الجلوة، ولا بأجرة ضاربة دف

ولا كبر، ثم ذكر سماع ابن القاسم في الهدية، وسماع عيسى فيها، وسماع أصبغ مساقاً واحداً، يفهم منه أن الهدية في سماع أصبغ وما قبله واحدة، وقد تقدم لابن رشد التفرقة بينهما للعرف وهو الصواب. وأجاد المتيطي في نقله من كلام ابن سهل سماعي ابن القاسم وعيسى، ولم يذكر معها سماع أصبغ. وأجاب ابن رشد عما تخرجه الزوجة أو وليها في شورتها من ثياب باسم الزوج كالقفارة والحشو والقميص والسراويلات، وربما لبسه الزوج بعد بنائه بيسير الأيام أو كثيرها، ولم يلبسه، ثم تطلب الزوجة أو وليها أخذ تلك الثياب، ويقولون: هي عارية على وجه الزينة لا العطية إن كان فيها عرف جري بالبلد، واستمر عليه العمل حكم به، وإلا فالقول قول المرأة أو وليها أنها عارية أو على وجه التزيين. اللخمي: للزوجة التصرف في مهرها بالبيع والصدقة والهبة اتفاقاً. وفيها: يجوز للزوجة صنعها في مالها إن حمله ثلثها، وهي ممن يجوز أمرها، وما وهبت من مهرها أو أعتقت أو تصدقت فعليها نصف قيمته يوم فعلته للزوج إن طلقها قبل بنائها، وقال بعض الرواة، يوم قبضته لأنها أملك به من زوجها لو مات كان للزوج البناء بها ولا شيء عليه. ابن شاس: والتدبير كالعتق. قلت: هو مقتضى قواعد المذهب في البيع الفاسد والخيار وغير ذلك، وعزا محمد قول بعض الرواة لعبد الملك وقال: لا يعجبنا وهو بناء على أن الطلاق أبان بقاء ملك الزوج نصفه أو أنشأه. وسمع القرينان من باعت عبدها المهر، ثم طلقت فعليها نصف ثمنه. ابن رشد: هذا على القول: إن مات ثم طلقت فلا شيء عليها، وأن الغلة بينهما، وأن عليها في هبته وعتقه القيمة يومهما، وهو قول ابن القاسم وروايته فيها وقول القرينين وروايتهما، وعلى قول الغير فيها القيمة يوم القبض والغلة لها وحدها فعليها في بيعه القيمة يوم القبض، وعلى سماع القرينين يرجع عليها بنصف قيمته إن مات بيدها. وفيها: ولا يرد الزوج عتقها، ولو كانت معسرة، لأنها إن كانت معسرة يوم العتق،

وقد علم فتركه ذلك رضي، ولو قام حينئذ رده إن شاء إن زاد على ثلثها ولم يعتق منه شيء، فإن طلقها قبل البناء فله نصفه. قال مالك: يعتق عليه، وبلغني قوله في الزوجة يعتق عليها، ولا أدري هل يرى أن يقضي عليها بذلك أم لا؟ وأرى أن لا يقضى عليها به، ولا ينبغي لها ملكه ابن رشد: في سماع سحنون من المكاتب في سقوط عتقها إياه والقضاء به عليها، ثالثها: تؤمر به ولا تجبر، لأشهب وأصبغ مع الأخوين وابن القاسم قلت: رد استدلاله فيها على منع رد الزوج عتقها بمنع حصر حاله فيما ذكر بجواز كونه كان جاهلاً عتقها، ويجاب بأن البحث بعد طلاقه منضما لدلالة قوله على أن فعلها على الجواز حتى يرد لا على العكس، ولو وهبت مهرها أجنبياً ثم طلقت قبل البناء، فلابن رشد في رسم القضاء من سماع أصبغ في الكفالة في فوته بالهبة فيلزم الزوج دفعه له، ويتبع الزوجة بنصفه، ولا تتبع الزوجة الأجنبي بشيء، ووقف فوته على قبضه الأجنبي، وإن لم يقبضه اختص الزوج بنصفه منه، ثالثها: لا يفوت إلا باستهلاكه الأجنبي فيرد للزوج نصفه منه إن لم تفت، ورابعها: لا تصح هبتها نصف الزوج بحال فيسترده الزوج منها، وترجع الزوجة به على الأجنبي، وخامسها إن كانت موسرة دفعه الزوج للأجنبي، ورجع به عليها، وإن كانت معسرة اختص الزوج به لبعض الرواة في ثاني نكاحها، والثاني والثالث لغيره ولمحمد عن ابن القاسم وله في ثاني نكاحها، والقياس كون هذا الخلاف إنما هو على القول بملكها بالعقد كل المهر، وعلى القول بملكها به نصفه لا تجوز الهبة بحال، فقول ابن القاسم عليه، وقول بعض الرواة على الأول عبد الحق: قول ابن القاسم برعي عسرها ويسرها يوم الطلاق يوجب لغو اعتبار حمل ثلثها الهبة، وعلى اعتبار غيره يسرها يوم الهبة يجب اعتبار حمله إياها. قلت: ظاهر نصها خلافه، وهو قلت: إن وهبت مهرها لأجنبي فدفعه الزوج إليه

والمرأة ممن تجوز هبتها وثلثها يحمل ذلك فطلقها الزوج قبل البناء أيرجع على الموهوب له بشيء في قول مالك. قال: لا يرجع عليه في رأيي بشيء ويرجع على المرأة، لأنه دفع ذلك لأجنبي، فإن كانت موسرة يوم الهبة فذلك جائز على الزوج ولو كره، وإن كانت معسرة فقد أنفذه الزوج حين دفعه إليه. قلت: إلا أنه في لفظ السائل وفيه نظر، وكثيراً ما يعتبره البراذعي فيختصره كأنه من لفظ المجيب لاعتقاده اعتباره، ولأنه من لفظ أسد أو سحنون. وفيها: ما اشترت منه بمهرها كمهرها، ولو لم يصلح لجهازها ونقص. أبو عمران: يعني أنها بينت للزوج أنها تشتري ذلك منه بمهرها. المتيطي عن بعض القرويين: هذا جيد إن كان بعد افتراقهما من مجلس قبض المهر، ولو اشترى ثمنه ذلك في المجلس ما افتقر إلى بيان أنه بالمهر. ابن حارث: ما اشترت به مما يصلح لجهازها، ولو من غير الزوج كمهرها اتفاقاً، ولو اشترت من زوجها به داراً ففي كونها كذلك أو إنما يرجع عليها إن طلقها بنصف المهر لا بنصفها قولا مالك فيها وعبد الملك. المتيطي عن بعض القرويين: رأيت إسماعيل القاضي يحمل شراءها ذلك من الزوج على التخفيف إلا أن يتبين قصدها الشراء منه كغيرة للرغبة في المشتري فيرجع عليها بنصف المهر. ابن القصار: هذا بناء على رواية أنهما شريكان في المهر وعلى مراعاة العرف في ذلك. قلت: ونقل ابن شاس تقييد إسماعيل بلفظ. قال القاضي أبو الحسن: هذا إن كان على وجه التخفيف عن الزوج، وإلا فهو كالأجنبي فيه. ابن القصار: وظاهرة أن الأصل حمله على غير التخفيف حتى يثبت التخفيف، وظاهر لفظ المتيطي عكسه، ولفظ الصقلي كالمتيطي. وفيها لمالك: من تزوج امرأة على أبيها أو ذي رحم محرم عتق عليها ساعته، وله عليها نصف قيمته إن طلقها، ولم أسمع منه شيئاً إن كانت معسرة وأرى أن لا رد له

لعتقه، ولا يتبعه بشيء كقول بشيء كقول مالك في ذي دين علم بعتق مدينه المعسر عبده فسكت، ولم يقم برده، وأخبرني بعض جلساء مالك أنه استحسن عدم رجوع الزوج على المرأة بشيء، وأحب إلى قوله الأول أن يرجع بنصف قيمته. اللخمي: إن علمت أنه أبوها دونه رجع عليها، وفي عكسه لا يرجع عليها، واختلف في رجوعها عليه في الموازنة إن غرها. وفي المبسوط: ترجع عليه بقيمته وبنصفها إن طلق، وأجاز في القراض منها للبائع أن يعلم ذلك لندب الولد إلى شراء أبيه ليعتقه، وإن علما جميعاً أو جهلاً، ثم علما رجع عليها واستحسن مرة عدم رجوعه، وإن جهلا فهو أبين في عدم الرجوع كهلاكه بأمر من الله، وإن ثبت رجوعه فوجدها معسرة لم يرد عتقه، لأنه عتق أوجبته الأحكام ليس كابتداء عتق. قلت: تعليله عدم رده بأنه عتق أوجبته الأحكام، يرد بقولها مع غيرها من ابتاع أباه وعليه دين رد عتقه للدين، وقيل: يباع عليه له، والصواب تعليله بقول رهونها من استهلك مهر أمته قبل البناء، ثم أعتقها، ثم طلقها الزوج قبل البناء، ولا مال للسيد لم يرد عتقها لأن الدين إنما لزم السيد حين طلقت لا يوم عتقت. وقال الباجي إثر مسألة الكتاب: وكذا لو أهرها عبداً يكون لغيره لا مهر لها غيره جاز كالبيع. ابن زرقون: يريد كقولها أتزوجك على أن تهب عبدك لفلان، وكذا نص عليه ابن حبيب، قال: وإن طلقها قبل البناء رجع في نصف العبد، وإن فات بيد الموهوب تبعه بنصف قيمته ولا يتبع المرأة بشيء، وجعله محمد كالحباء. قال فضل: إن مات العبد، ثم طلقها فمصيبته من الزوجين. وفيها: إن جني على العبد المهر، ثم طلقها الزوج قبل بنائه فالأرش بينهما، ولو جني وهو بيد الزوج، ولا طلاق فالخيار في فدائه لها دون الزوج، فإن طلقها فهو لكل منهما في نصفه، فإن طلقها بعد فدائها إياه بالأرش فأقل لم يأخذ نصفه إلا بنصفه، ولو فدته بأزيد منه فلا شيء عليه مما زادته، ولو أسلمته والأرش ليس أقل من قيمته فلا شيء عليها، وإن كان أقل فله فداء نصفه، وجده فات ففي غرمها له نصف المحاباة

قولا محمد واللخمي محتجا بقولها ليس على فداؤها وأخاف عوده لذلك. ابن عبد الرحمن: لو باعته بأقل من قيمه تبعها بنصف المحاباة بخلاف إسلامها إياه في أرش أقل من قيمته، لأن بيعه بمجرد اختيارها، وهي في الجناية مضطرة لخوف عودة للجناية، وذكر لأبي عمران فأصغى إليه عبد الحق أظن الشيخ يقول: إن باعته بمحاباة فلا رجوع للزوج في نصفه، ولو كان قائماً، وفي الجناية يرجع فيه، وفرق بما ذكر. والرواية في البيع إنما عليها نصف الثمن ما لم تحاب وليس فيها إن حابت وهو قائم هل يرجع فيه، وما المانع من ذلك كالجناية، لأنه باب معاوضة ولا يصح فرقه بخوف عودة إلا في جنايته عمداً لا خطأ، وفرق الصقلي بين رجوعه عليها بنصف المحاباة في بيعها إياه لا في إسلامها إياه بها في الجناية بأنه في البيع، لأنه لا يقدر على رد نصفه، لأنها باعته وقت كان بيعها جائزاً فأتلفت عليه بعض ثمن نصفه، ولم تتلف عليه في الجناية شيئاً لأنها باعته وقت كان بيعها جائزاً، لأنه على خياره في نصفه وفداؤها إياه لا يجب عليها كشرائها إياه، وهذا أبين مما فرق به غير هذا. وضمان ما لا يغاب عليه من مهرها مع نقل اللخمي عن المذهب منها، ولو هلك بيد الزوج قبل قبضها إياه ففيها له البناء، ولا مهر عليه. اللخمي: إن ادعت تلفه صدقت، وكذا إن ادعت موته في غير جماعة، ولا تصدق إن كانت في حضر أو سفر في جماعة. قلت: كقولها من ابتاع حيواناً أو رقيقاً بخيار فقبضه، ثم ادعى إباق الرقيق وانفلات الدواب أو سرقتها، وهو بموضع لا يجهل صدق مع يمينه إلا أن يأتي دليل كذبه، وإن ادعى موتها بموضع لا يجهل صدق مع يمينه إلا أن يأتي دليل كذبه، وإن ادعى موتها بموضع لا يخفى فيه ذلك سئل عنه أهله، لأن الموت لا يخفي ولا يقبل غلا العدول، فإن لم يعلم ذلك أحد بالموضع ضمنه، وإن لم يعرف كذبه صدق بيمينه. وسمع عيسى ابن القاسم: من قبض ما ابتاعه بخيار من عبد أو حيوان أو ارتهنه أو ابتاعه لغيره ببلد آخر فادعى هلاك ذلك في حاضرة حيث الناس والجيران، فإن لم يعلم أحد منهم ما ادعى من موت ضمنه، وإن ادعى موته بفلاة لم يضمنه، وإن ادعى

إباقه صدق. ابن رشد: تسويته بين المرتهن، ومن إتباع ذلك لغيره يدل على أن لا فرق بين المرتهن والمودع فيما لا يغاب عليه. وقوله: (إن لم يعلم أحد منهم موت ما ذكر) يدل على أن السلطان يستخبر الجيران، ولا يكلفه البينة على ذلك، وفي رسم سن من سماع ابن القاسم من الرواحل والدواب تكليفه البينة على ذلك، وفي المدونة دليل القولين، ولم تشترط هنا عدالة من يسأل من الجيران. وفيها: لا يقبل إلا العدول فقيل: ليس باختلاف، ومعنى هذا السماع إن لم يكن في الجيران عدول، ومعنى ما في المدونة: إن كان فيهم عدول، وقيل: اختلاف فإن لم يأت بالعدول ضمن على ما فيها، والذي أقول أنه ليس باختلاف، ومعناه أن السلطان لا يلزمه أن يسأل إلا يشاء فإن سأل وفي الموضع عدول لم يسأل إلا العدول، فإن قالوا نعلم موت ما ادعى موته بعينه، قبل قوله دون يمين، وإن قالوا: نعلم موت عبد عنده، ولا نعلم أنه العبد الذي ادعى موته صدق بيمينه، وإن قالوا: لا نعلم شيئاً ضمن، وإن قالوا: نعلم موت ما ادعى موته أو موت عبد عنده لا نعلم أنه الذي ادعى موته صدق في الوجهين مع يمينه، وكذا إن لم يرد السلطان أن يسأله وكلفه البينة فأتى ببينة عدول أو غير عدول إن لم يكن بالموضع عدول، وإن كان به عدول لم يعتبر غيرهم بحال. وقوله: (إن ادعى موته بفلاة لم يضمنه) معناه مع يمينه. قلت: وكل هذا يجزئ في المهر، وسمع القرينان: من تزوج بعبد بعينه فمات بيده ضمنته الزوجة إن مضت عهدته، ولو طلقها بعد موته تبعها بنصف قيمته يوم قبضه. أشهب: لا يتبعها بشيء، وقاله ابن نافع وهو ول مالك. ابن رشد: سماع أشهب العهدة في العبد المهر خلاف سماع سحنون. ابن القاسم في العيوب، وظاهر زكاتها الأول، ونكاحها الثاني، وضمانها: العبد يموت بيد الزوج لا أعلم فيه خلافاً، وهو يقضي بصحة القول أن كل الغلة لها، ويلزم

على قول مالك: "إن مات بيدها تبعها الزوج بنصف قيمته "أن يتبعها بنصفه إن مات بيده، وإن كان لا يوجد لهم. وفيها: إن نكحها بعرض بعينه فضاع بيده ضمنه؛ إلا أن يعلم ذلك فيكون منها. ابن حارث: إن تلف بينة، ثم طلقها لم تضمن نصفه اتفاقًا. قُلتُ: يتخرج على ضمانها العبد ضمانه. وسمع أَصْبَغ ابن القاسم: ما أصدقت من عين ضمنته إلا أن يعرف تلفه بينة بغير ضيعة منها فلا تضمنه. أَصْبَغ: هي ضامنة بكل حال، ولو قامت بينة بذلك، وليس العين كالعرض، العين المضمونة ساعة تستوفيها، ومال من مالها، والزكاة واجبة عليها. فيها: لو طلقها بعد زكاتها إياها سنين لم يكن عليه من زكاتها شيء، ولو اشترت جهازًا بأمرٍ ظاهر معروف أو منسوب، ثم سرق أو تلف لم تغرمه كما لو أصدقها ذلك بعينه. ابن الماجِشُون: كل ما يضمنه المستعير تضمنه المرأة إن أصدقته إلا أن تقوم بينة بهلاكه وعليها خلفه من مالها إن لم تقم بينة بهلاكه لم يفرق. ابن الماجِشُون: كل ما يتضمنه المستعير تضمنه المرأة إن أصدقته إلا أن تقوم بينة بهلاكه وعليها خلفه من مالها إن لم تقم بينة بهلاكه لم يفرق. ابن الماجِشُون بين عرض وعين، وكل ما لا يضمنه المستعير لا تضمنه. ابن رُشْد: تسوية. ابن الماجِشُون: بين العين، وما لا يغاب عليه من عرض على ما تأوله العُتْبِيّ تفسير لقول ابن القاسم وهو على قوله وروايته أن الزوجين في المهر شريكان وعلى قياس قول غير ابن القاسم كل الغلة لها تضمن ما يغاب عليه، ولو قامت بتلفه ببينة كسماع أشهب في العبد، ولم تعجب. ابن حبيب: تفرقة أَصْبغ بين العبد، وما يغاب عليه من العروض على أنها أظهر من قول ابن القاسم؛ لأنها لو باعت العرض الذي أصدقت بعين أو عرض، ثم طلقها كان له نصف ما باعته به، ولو صرفت العين أو اشترت بها عرضًا لغير جهازها؛ ثم طلقها لم يكن له إلا نصف العين فكما لها ربح العين عليها ضمانها، وظاهر قول ابن الماجِشُون أنها ضامنة للعين بخلاف العرض كقول أَصْبَغ خلاف تأويل العتبي؛ لأنه

مثله في العارية، ومستعير العين ضامن لها، ولو قامت بينة بتلفها؛ لأن ربحها له، واستدلال أَصْبَغ بالزكاة لا يلزم. ابن القاسم: لأن الآتي على مذهبه أن ما أدت من زكاة العين وقامت به البينة؛ كما تلف ببينة. قُلتُ: رده استدلال أَصْبَغ بما ذكر يرد بنقل الصقلي عن محمد عن ابن القاسم: إن كان غنما زكتها رجع بنصفها ناقصة، ولو كانت مائتي درهم فزكتها رجع بمائة كاملة. الصقلي عن محمد عن عبد الملك: لو لم يطلقها وادعت تلف ما يغاب عليه وطلبها أن تتجهز بالمهر لم يلزمها؛ لأنه مالها ولا تضمن مالها، وعليها اليمين وبالطلاق يصير مالاً له. وقال عبد الملك في العتبيَّة: عليها خلفه من مالها إن لم تقم بهلاكه بينة فتشتري به جهازها. اللخمي: الأول أحسن وأصل استمتاع الرجل مكارمة، ورأى مرة أنه صار بالعادة كالشرط، وقول ابن الحاجب: ما يغاب عليه ممن هو في يده، فإن قامت بينة فقولان وقبله ابن عبد السلام، وقال: سقوط الضمان مثل قول ابن القاسم في الرَّهن والعارية، وثبوته مثل قول أشهب في ذلك. قُلتُ: ومثله قول ابن بشير لو هلك المهر، وهو مما لا يعرف بعينه فهو ممن هو في يده إلا أن تقوم على هلاكه بينة فقولان، ومقتضى قولها وجوب القول بضمان الزوج ما هلك بيده من ذلك ولا أعرفه، ومقتضى ما تقدم من قول ابن رُدْ: "ضمان الزوجة العبد يموت بيد الزوج لا أعلم فيه خلافًا" نفي الخلاف فيما هلك بيد الزوج مما يغاب عليه بينة، وجعل ابن بشير الخلاف فيما لا يعرف بعينه، وهو أخص مما يغاب عليه، ومثله لفظ ابن شاس، وعزا القول بالضمان لأَصْبَغ ونفيه لمحمد، وقولاهما إنما ذكرهما الصقلي واللخمي وابن رُشْد وغيرهم في المهر العين فقط. اللخمي: هبة الزوجة مهرها لزوجها، ولو قبل البناء جائزة لقوله تعالى:} فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْساً فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَرِيئاً {الآية] النساء: [4. ويؤمر الزوج إن وهبته إياه قبل البناء أن لا يبني حتى يقدم ربع دينار خوف أن يكونا عقدا على طرحه، ولئلا يتذرع

للنكاح بغير مهر، وعزاه الصقلي للموازية بلفظ: جبر على دفع ربع دينار قبل البناء، وأغرق شهود بلدنا في رعي هذه الذريعة فامتنعوا من الشهادة في هبتها مهرها لزوجها، ولو بعد البناء. المتيطي وابن فتحون: ويذكر في عقد الهبة قبول الزوج ذلك، وهو معنى الحيازة فيه إن لم تكن قبضته، ولو سقط ذكر قبوله وماتت قبل أن يشهد الزوج بالقبول بطلت الهبة على قول ابن القاسم، وحكى أشهب أنها نافذة، وبقول ابن القاسم العمل. وفيها: إن وهبت جائزة الأمر مهرها لزوجها، وطلقها قبل البناء لم يرجع عليها بشيء، ولو وهبته نصفه فله الربع عليها إن قبضته أو لها عليه إن لم تقبضه، وكذا هبتها ستين من مائة أو أربعين وقبضت ما بقي إنما عليه نصف ما قبضت. عبد الحميد: هذا إن كانت الهبة ليست لأجل الزوجية وإرادة بقائها فلا ترجع عليه في طلاقها بشيء، وإن كانت لإرادة البقاء للزوجية فسارع فطلقها فلها الرجوع بها، ووقع مثله عند محمد. وقال أبو الفرج في الزاهي: إن وهبت مهرها لزوجها قبل البناء، ثم طلقها تبعها بنصفه كما لو وهبته أجنبيًا. أبو حفص: هبتها مهرها لزوجها، وهي عين إن لم تغب عليه لم يرجع عليها بشيء إن طلقها، وإن غابت عليه فإن سمت عند هبتها له أنه مهرها فكذلك، وإن لم تسمه، وإنما وهبته دنانير قدر مهرها فقط رجع عليها بنصف المهر إن طلقها. المتيطي وابن فتحون: إن كانت الهبة بعد العقد على ألا يتزوج عليها، ولا يتسرى ولا يخرجها من بلدها تمت له ما أقام على شرطه، وله مخالفة شرطه فترجع عليه بما وضعته، ويكتب في شرطه قبل تاريخه أنه ليس له حين العقد زوجة غير ذات الشرط خوف أن يكون له زوجة تزوجها قبل هذا الشرط؛ فلا تدخل فيه ولا يحتاج في السرية إلى ذلك؛ لأن التسري أمر مؤتنف إلا على قول سَحنون بأن الشرط لا يلزم فيمن تقدم من السراري. اللخمي في إرخاء الستور: إن أعطته مالاً على إمساكها ففارقها بالقرب فلها الرجوع في عطيتها، وإن فارقها بعد طول يرى أنه غرضها فلا رجوع لها، وإن طال ولم

ير أنه غرضها فله من العطية بقدر ذلك فيما يرى. وقال مالك: إن أسقطت مهرها عنه على ألا يتزوج عليها فطلقها بالحضرة رجعت عليه، وإن طلقها بعدما يرى أنه لم يطلقها لمكان ذلك لم ترجع عليه بشيء من ذلك. أَصْبَغ: إلا أن يكون الطلاق بحدثان العطية ليمين نزلت، ولم يتعمد ولم يستأنف يمينًا فلا شيء عليه، وأرى أن ترجع في عطيتها، وإن كان الطلاق ليمن حنث فيها؛ لأن ما أسقطت مهرها له لم يتم لها، ولو أعطته على ألا يتزوج عليها فتزوج رجعت، ولو تأخر تزويجه. وفي إرخاء الستور منها إن صالحته أو بارأته على المتاركة أو خالعته على إن أعطته عبدًا أو مالاً قبل البناء لم تتبعه بنصف المهر، وإن قبضته ردته، وإن قالت: طلقني على عشرة دنانير، ولم تقل من مهري ففعل تبعته بنصفه. اللخمي: إن قالت اخلعني أو طلقني على عشرة دنانير ففعل قبل البناء؛ ففي رجوعها عليه بنصف مهرها مطلقًا، أو إن قالت: "طلقني" ولا ترجع في "اخلعني"، ثالثها: تختص بما قبضته كله أو بعضه ولا شيء للزوج سوى الخلع، وإن لم تقبض شيئًا فلا شيء لها لأشهب وابن القاسم وأَصْبَغ والأول أحسن؛ لأن لفظ اخلعني وفارقني وتاركني إنما يقتضي سقوط العصمة فقط، ولو اقتضى المال سقط المهر بعد البناء وسائر ديونها عليه، ولو قالت قبل البناء: اخلعني على عبدي أو ثوبي ففي سقوط مهرها قولا ابن القاسم وأشهب. المتيطي: لو طلقها على مال من عندها، وانعقد النص على أن تدفع كذا وكذا من مالها أو على عبدها فلان لم تتبعه بنصف مهرها إن لم تقبضه، ولو قبضته ففي ردها إياه إليه قولا ابن القاسم وابن حبيب، ولو لم يبينا أنه من عندها ولا من المهر ففي رجوعها بنصفه وسقوطه، ثالثها: هذا إن لم تكن قبضته، وإن قبضته اختصت به دونه لأشهب ومالك مع أكثر أصحابه وابن حبيب عن أَصْبَغ. قُلتُ: نقله قول ابن القاسم مع فرضه المسألة في الطلاق خلاف ما تقدم من نصها ونقل اللخمي، لكن في النوادر عن الموازيَّة إن صالحته قبل البناء على دنانير أعطته، ولم تقل من مهري لم تتبعه منه بشيء وترد إليه ما قبضته منه، قاله مالك وكل أصحابه إلا

أشهب. قال: ترجع بنصفه في الصلح، وكذا لو كان ذلك على إن طلقها. محمد: أما هذه فترجع بخلاف الصلح والخلع المبهم. ابن الماجِشُون: قال المغيرة وغيره كقول مالك. وقال مالك: لو قالت قبل البناء: طلقني على عشرة من مالي اتبعته بنصف مهرها. وقال محمد بن عبد الله بن الحكم: إن قال زوج البكر لأبيها قبل البناء أقلني في النكاح فأقاله لزمه طلقة، ولا شيء لها من المهر، ولو كان الأب قبضه لزمه رده. وفيها: إن قالت له: طلقني على عشرة من مهري ففعل فلها نصف الباقي، ولو لم تقبضه. ابن الحارث: اتفاقًا. قال: ولو قالت: أخالعك على كذا وكذا، ولم تقل من مهري بعد البناء ففي وجوب المهر لها، ولو لم تقبضه أو إن قبضته وإلا فلا شيء لها منه قولا ابن عبدوس مع محمد بن نصر بن حصرم وعبد الله بن سهل وابن سحنون مع المتيطي عنه مع ابن عبد الحكم، ولو خالعها بعد البناء على رد جميع ما أصدقها فطلب النقد، وقالت: إنما أردت الكالئ فقط ففي قبول قولها أو قوله نقلا المتيطي رواية ابن عبد الرحمن قائلاً: لو وجب رد النقد لغرمته بعد فوته باللبس وهو بعيد، وقول القابسي قائلاً: وتغرمه إن استهلكته. الباجي: إن خالعها على أن ولدت منه فعليها نفقة الولد في حوليه؛ فقال مالك: لا نفقة حمل لها ولا مهر. وقال المغيرة: لها نفقة الحمل لا المهر. ابن زرقون: معناه أنها لم تكن قبضته، ولو قبضته لم ينزع منها. وفيها: يجوز عفو الأب عن نصف المهر في طلاق البكر قبل البناء. قال تعالى:} أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ {] البقرة: [237، وهو أب البكر وسيد الأمة، وقوله تعالى:} إِلاَّ أَنْ يَعْفُونَ {] البقرة: [237، وهي المرأة الثيب. المتيطي: الثيب الصغيرة كالبكر، وفي كون عفو ولي الصغيرة نظرًا كأبيها ولغوه مطلقًا، ثالثها: ولو عفا عن أكثر من نصفه للمتيطي عن رواية ابن نافع وروايتها وعن أَصْبَغ، واستحسن إسماعيل الأولى، واستحسنها سَحنون مرة, وأنكرها أخرى، ولم

الأنكحة الفاسدة

يقرأها حين السماع. وفيها: لا يجوز عفو الأب قبل الطلاق. ابن القاسم: إلا لوجه نظر من عسر الزوج فيخفف عنه وينظره. عياض: في كون قول ابن القاسم خلافًا لقول مالك أو وفاقًا قولا بعض شيوخنا وآخرين منهم محتجين بجواز ابتدائه تزويجها بأقل من المهر، وبحكاية ابن القصار عن مالك كقول ابن القاسم نصًا في باب التفويض. ابن بشير: إن كان العفو نظرا جاز بشرط أن لا يعفو عن جملته فيعرى النكاح عن المهر، وإن كان عن غير نظر لم يجز، وإن جهل فقولان بناء على حمل فعل الأب على النظر أو على عدمه. الجلاب: للسيد إسقاط مهر أمته قبل البناء وبعده قبل الطلاق وبعده. قُلتُ: منع ابن بشير عفو الأب عن جميعه خوف خلو النكاح عن مهر يمنعه في الأمة. ] الأنكحة الفاسدة [ وفسخ فاسد النكاح: إن قويت شبهة صحته بطلاق وإلا فلا، ويجري على إصابة كل مجتهد منضمًا للاحتياط ولغوه وعليهما إمضاء طلاق فيه قبل فسخه. سمع أبو زيد ابن القاسم: كل نكاح اختلف فيه ليس بحرام بين إن وقع فيه طلاق لزمه كحلفه بطلاق إمرأة إن تزوجها ونكاح المرض والسر كمن تزوج سرًا بشاهدين استكتمهما. ابن رُشْد: هذا اختيار ابن القاسم فيها لرواية بلغته أن ما اختلف فيه فسخه بطلاق والطلاق فيه قبل فسخه لازم، والإرث فيه واجب، والخلع فيه نافذ، فإن فسد لعقده دون مهره وجب فيه المسمى بالموت ونصفه بالطلاق قبل البناء، وكل نكاح لم يختلف في فساده فالثلاثة فيه لغو؛ لأن مذهب ابن القاسم أن الخلع تابع للطلاق، والذي اختار سَحنون، وقال به أكثر الرواة أن ما كانا مغلوبين على فسخه ففسخه بغير طلاق، ولا إرث فيه، ولا طلاق، فما فسد لمهره على هذا القول لا بطلاق ولا إرث فيه قبل البناء،

ويثبتان فيه بعده، وفي ثاني نكاحها قول ثالث، وهو ما يفسخ بعد البناء لا يثبتان فيه، ولو بعده، وإن اختلف فيه، وما يفسخ قبله لا بعده يثبتان فيه ولو قبله. وسمع ابن القاسم: لا طلاق في فسخ نكاح المحرم. ابن رُشْد: هذا اختيار سحنون فيها خلاف اختيار ابن القاسم، وهو القياس على أصل المذهب أن نكاحه لا يجوز، وما لا يجوز لا ينعقد، وكان الأولى ألا يسمى فسخًا إذ لا يفسخ إلا ما انعقد. قُلتُ: إن أراد بالعقد في نفس الأمر منع. قوله: لا يفسخ إلا ما انعقد، وإن أراد ما انعقد بالإطلاق منع عدم انعقاد الفاسد بثبوته في ظن المكلف، ولذا نفي عنه حرمة الصهر. ابن بشير: ما أجمع على فساده لا يثبتان فيه، وما اختلف فيه خلافًا مشتهرًا ففي نفيهما فيه وثبوتهما مع المهر رواية ابن القاسم مع أصحاب مالك، وما رجع إليه ابن القاسم لرواية بلغته، وإن شذ الخلاف ففي رعيه على القول برعي الخلاف قولان، واختلف هل يراعى شذوذ القائلين أو شذوذ الدليل، وخاطبت بهذا بعض من ينسب للفقه فأنكر وجوده في المذهب فأخبرته بالقولين في الصلح والعفو عن القتل غيلة؛ هل يمضي للخلاف أولا؛ لأنه شاذ؟ ويقول أصبغ وغيره ان نكاح الشغار لا يقع فيه إرث، ولا طلاق لضعف دليله، وإن كان القائل به أبو حنيفة ومالك في أحد قوليه أنه يمضي بالعقد. ابن عبد السلام: انظر قول أصبغ هذا مع ما في الموازية عن أصبغ: من بانت زوجته بخلع، ثم ارتجعها دون نكاح لظنه جواز ذلك ثم طلقها البتة، لا أحب أن يتزوجها قبل زوج، وقال محمد: لا يلزمه ذلك. قلت: تبع في هذا الشيخ عبد الحميد الصائغ، وعندي ليس قول أصبغ بصريح في لزوم طلاق هذا المرتجع، إنما قال: لا احب ولعله يقوله في المشاغر، ورجعة المختلع مختلف فيها. قال أبو عمر: قال ابن المسيب وابن شهاب: إن رد لها ما أخذ منها في العدة أشهد على رجعتها وصحت له.

قلت: هذا مع الخلاف في لزوم طلاق المختلع. قال أبو عمر: قال أبو حنيفة والثوري والأوزاعي وابن المسيب وشريح وطاووس والزهري: طلاقه لا حق مادامت في العدة، وإن لم يقل أصبغ في استحباب ذلك في المشاغر فهو لقوة دليل المخالف عنده. ابن بشير عن بعض القرويين. ابن القاسم: وإن قال برعي الخلاف، فإنه لا يطرد في أن يفسخ نكاحا صحيحا على مذهبه لرعي مذهب غيره مثل أن يتزوج زواجا مختلفا فيه فيطلق فيه ثلاثا. قال ابن القاسم: يلزمه الطلاق لكنه إن بادر فتزوج تلك المرأة قبل زوج، فإنه لا يفسخ نكاحه بوجه؛ لأنه يصير يفسخ ما هو صحيح عنده لرعي مذهب غيره، وهذا لا ينبغي أن يقال. قال ابن عبد السلام: هذا لا باس به إن كان مقتضى لزوم الطلاق في هذا النكاح هو مراعة الخلاف ليس إلا عن القاسم، وإن كان مقتضيه حصول شبهة النكاح كانت تلك الشبهة هي المقتضية للحوق الولد وسقوط الحد، وغيرهما من الأحكام التي ساوى هذا النكاح فيها النكاح الصحيح، فالطلاق حينئذ وقع هنا وقوعه في النكاح الصحيح، وعلى هذا التقدير يفسخ نكاحها إن تزوجها قبل زوج. قال: فإن قلت: لا يصلح كون الشبهة هي مقتضى ما ذكرت؛ لأنها حاصلة في النكاح المجمع على فساده، ولم تقتض صحة وقوع الطلاق فيه. قلت: الشبهة في المختلف فيه أقوى منها في المجمع على فساده، وإذا اختلفت فيهما صح أن يختلف حال أثرها.

قلت: يرد جوابه عن سؤاله نفسه بانه لا قوة للشبهة في المختلف فيه إلا بوجود قول قائل بصحته عملا بالدوران والمناسبة، ولا معنى لرعي الخلاف إلا هذا، ويرد قوله "هذا لا بأس به"، وقبول ابن بشير قول القروي بوضوح مخالفة قولهم ما هو معلوم من المذهب كالضرورة، وهو اتفاق أهل المذهب قديما وحديثا على أن الفرق بين فرقة الفسخ، وفرقة الطلاق الحكم لفرقة الفسخ باللغو. وفي إيجاب بعض ما يوجب وقف تجديد النكاح بين الزوجين المفسوخ نكاحهما على نكاح الزوجة زوجا آخر فضلا عن كله، والحكم لفرقة الطلاق بنقيض ذلك، وإذا كان ذلك كذلك لزم أن من طلق في نكاح مختلف فيه على القول بلزوم طلاقه أنه إن تزوجها بعد ذلك لم يبق له فيها من الطلاق إلا تمام الثلاث على الطلاق الذي أوقعه، فإذا كان الواقع منه فيه الثلاث لزم في طلاقه إياها فيه طلقة أنه إذا تزوجها بعد ذلك، ثم طلقها طلقتين، ثم تزوج قبل زوج ألا يفسخ نكاحه إياها قبل زوج، وذلك باطل ضرورة على القول بلزوم طلاقه فيه، وإلا صار طلاقه غير لازم، والفرض لزومه هذا خلف، وفي ثاني نكاحها يلزم فيما فسد لصداقه الطلاق والخلع قبل فسخه ويتوارثان للخلاف فيه، وإن طلقها فيه ثلاثا لم تحل له إلا بعد زوج. قلت: ظاهره أن حرمتها بالثلاث فيه كحرمتها بها في النكاح الصحيح، وفي كتاب الأيمان بالطلاق سمع أبو زيد ابن القاسم قد كتب لصاحب الشرطة فيمن حلف إن تزوج فلانة فهي طالق البتة فتزوجها، ودخل بها لا يفرق بينهما، بلغني قول ابن المسيب لرجل قال له: حلفت بطلاق فلانة إن تزوجتها تزوجها وإثمك في رقبتي، ورغم أن أبا المخزومي حلف على أمه بمثل ذلك. ابن رشد: رعى ابن القاسم القول بأنه لا يلزم طلاق من لم ينكح، وهو مذهب الشافعي وكثير من أهل العلم، فلم ير أن يفرق بينهما إذا دخلا والمشهور التفرقة بينهما على كل حال شذوذ في المذهب، وإنما الخلاف المشهور في مراعاته في الإرث والطلاق والعدة فقيل: لا إرث بينهما إن مات أحدهما قبل أن يعثر على ذلك، وإن كان هو الميت

باب في رعي الخلاف

لم تلزمها عدة إلا أن يموت بعد البناء فتعتد ثلاث حيض، وهو رواية محمد وسماع عيسى ابن القاسم ودليل ما في المدونة، وعليه لا يكون فسخه طلاقا، ولا يلزم فيه طلاق قبل العثور عليه، ولا نصف المهر إن طلق قبل البناء أو فرق بينهما قبله، وقيل: يثبت فيه الإرث والطلاق والهدة لو فاته بأربعة أشهر وعشر، ويكون فسخه بطلاق، ويكون لها نصف المهر إن فرق بينهما قبل البناء، ويراعى الخلاف في الحد ولحوق النسب، فيدرأ الحد وأسقط النسب إذا كان فاعل ذلك عالما غير جاهل، فرعي الخلاف في عدم الفرقة بينهما شذوذ، وترك رعيه في درء الحد ولحوق النسب شذوذ وغلو، ولا خلاف في المذهب في وقوع الحرمة به. ] باب في رعي الخلاف [ قلت: وكان منذ مدة وردت علي أسئلة اقترح مرسلها والوارد بها علي في أجوبتها، فمنها ما حاصله استناد مالك وغيره من أهل المذهب إلى رعي الخلاف، وجعله قاعدة مع أنهم لا يعتبرونه في كل موضع مشكل من ثلاثة أوجه: الأول: إن كان حجة عم وإلا بطل، وأو لزم ضبط تخصيصه بموضع دون آخر. الثاني: على فرض صحته ما دليله شرعا؟ وعلى أي شيء من قواعد أصول الفقه ينبني؟ مع أنهم لم يعدوه منها. الثالث: أن الواجب على المجتهد اتباع دليله إن اتحد أو راجحه إن تعدد، فقوله له بقول غيره إعمال لدليل غيره دون دليله. فأجبت بقولي تصور رعي الخلاف سابق على مطلق الحكم عليه فرعي الخلاف عبارة عن إعمال دليل الخصم في لازم مدلوله الذي اعمل في نقيضه دليل آخر كإعمال مالك دليل خصمه القائل بعدم فسخ نكاح الشغار في لازم

مدلوله، ومدلوله عدم فسخه ولازمه ثبوت الإرث بين الزوجين فيه، وهذا المدلول أعمل في نقيضه وهو الفسخ دليل آخر وهو دليل فسخه، فإذا تقرر هذا الجواب عن الأول أن نقول هو حجة في موضع دون آخر، قوله ما ضابطه؟ قلنا ضابطه رجحان دليل المخالف عند المجتهد على دليله في لازم قول المخالف كرجحان دليل المخالف في ثبوت الإرث عند مالك على دليل مالك في لازم مدلول دليله وهو نفي الإرث وثبوت الرجحان ونفيه بحسب نظر المجتهد في المسألة، فإن قلت: هذا يوجب القول بإثبات الملزوم مع نفي لازمه وهو باطل ضرورة. قلت: جوابه من وجهين: أنه في بعض المسائل ليس كذلك، منه هذه المسألة وشبهها؛ لأنه فيها من باب نفي الملزوم، وهو صحة النكاح الملزوم للإرث، هذا قول مالك بمقتضى دليل نفسه، ولا يلزم من نفي الملزوم نفي لازمه، ومن باب إثبات اللازم، وهو رعي مالك دليل مخالفة في لازم مدلوله وهو الإرث، ولا يلزم من إثبات اللازم إثبات الملزوم؟ إثبات الملزوم مع نفي لازمه إنما هو باطل مطلقا في اللوازم العقلية، وأما في الظنية الجعلية فلا قد يكون هناك مانع يمنع من ثبوت اللازم مع وجود ملزومه كموجبات الإرث هي ملزومة له، وقد ينتفي الإرث لمانع من وجود ملزومه شرعا وأمثلته واضحة، وأما دليله شرعا فبيانه من وجهين:

الأول: الدليل الدال على وجوب العمل بالراجح، وهو مقرر في أصول الفقه فلا نطول بذكره. الثاني: حديث قوله صلى الله عليه وسلم: "الولد للفراش وللعاهر الحجر" و "احتجبي منه يا سودة"، وصحة الحديث ووجه دلالته على ما قلناه عندي واضحة بعد تأمل ما ذكرناه، وفهم ما قررناه. والجواب عن الثالث قوله: إنه أعمال لدليل غيره، وترك لدليله، من وجه هو فيه ارجح وإعمال لدليل غيره فيما هو فيه عنده أرجح حسبما بيناه وحسبما تضمنه حديث: "الولد للفراش"، والعمل بالدليلين فيما كل منهما هو فيه أرجح، ليس هو إعمالا لأحدهما وتركا للآخر؛ بل هو إعمال للدليلين معا حسبما قررناه، ثم ورد علي من السائل ما نصه: قولكم إن مراعاة الخلاف في نكاح الشغار من باب نفي الملزوم ولا يلزم منه نفي لازمه ومن باب إثبات اللازم ولا يلزم منه إثبات الملزوم إلى آخره غير بين من وجوه: الأول: أن هذا النكاح إما أن نقول إنه صحيح أو نقول إنه فاسد، فإن كان الأول فهو رأي الحنفية خلاف رأي المالكية فلا مراعاة لخلاف، وإن كان الثاني فمعنى الفساد سلب الأحكام وتخلف الثمرات، وهذا خلاف ما عليه مراعاة الخلاف؛ لأن النكاح معها فاسد مع عدم تخلف الثمرات كالميراث والطلاق وهذا متناف، وليس النهي في نكاح الشغار راجعا إلى وصف منفك حتى يكون كالصلاة في الدار المغصوبة تصح، وإن كان منهيا عنها إلا أن يقال إنه غير صحيح قبل الوقوع، فإذا وقع صح حسبما أشرتم إليه بقولكم إنه إعمال لدليله من وجه هو فيه أرجح وإعمال لدليل غيره فيما هو عنده فيه أرجح، وكيف يكون المنهي عنه إذا ارتكب فيه النهي يصير غير منهي عنه، هذا يحتاج إلى بيان وجه ذلك فإن النفوس تشمئز من قول من يقول هذا الفعل غير جائز، فإذا إلى بيان وجه ذلك فإن النفوس تشمئز من قول من يقول هذا الفعل غير جائز، فإذا فعلته جازه أو يقول هذا الفعل لا ثمرة له، فإذا فعل أثمر؛ هذا مشكل جدا في مراعاة

الخلاف إن كانت منزلة على هذا التنزيل فلكم الفضل في شرح هذا المعنى إن كان هو المقصود في مراعاة الخلاف، وتمثليه في المسائل حتى يكون طريقا لما بقى. قلت: حاصله مع مسامحة فيما اشتمل عليه من الترديد في قولنا بصحة هذا النكاح وفساده لمن علم قبح الترديد في الواقع حسبما ذكره أهل علم النظر ضرورة العلم بقولنا بفساده أن الحكم بفساد العقد مع الحكم بترتب ثمراته عليه متناف؛ لأن معنى الفساد سلب الأحكام وتخلف الثمرات إلا أن يقال إنه قبل الوقوع غير صحيح وبعد الوقوع صحيح والنفوس من هذا مشمئزة إلى آخره. وجوابه إن قوله: (الحكم بفساد العقد مع الحكم بثبوت ثمرات له متناف)، وهم سببه عدم ذكر أصل المذهب وقاعدته، وهو صدق القضية القائلة العقد الفاسد من نكاح وبيع وكراء يوجب ترتب جملة من الثمرات التي تترتب على العقد الصحيح وهذه القضية معلوم صدقها بالضرورة الفقهية لمن قرأ كتاب البيوع الفاسدة من التهذيب فضلا عمن قرأ سائر كتب البيوع والأكرية والنكاح، ومن جملة ذلك النكاح المجمع على أنه نكاح فاسد الواقع فيه البناء الفاسد كالوطء فيه في صوم رمضان أو في الحيض يوجب ترتب شيء من ثمرات النكاح الصحيح عليه كثبوت النسب وحرمة الصهر من الجانبين والنفقة والعدة وغير ذلك، ومنها البيع المجمع على فساده كشراء عبد بخمر أعتقه مشتريه أو باعه فإن عتقه ماض، وكذلك بيعه حسبما ذلك مذكور في المدونة وغيرها، وكذا لو كانت أمة فأولدها كانت له أم ولد، وهذا كله من ثمرات العقد الصحيح، وهو واضح الدلالة على وهم قول السائل الحكم بفساد النكاح مع عدم تخلف الثمرات متناف، وبه يعلم بطلان قوله معنى الفساد سلب الأحكام وتخلف الثمرات. وما ذكر أن النفوس مشمئزة منه وأنه مشكل، إن فهمه على معنى قولنا أن الفعل قبل إيقاعه محكوم عليه بذم فاعله، وبعد إيقاعه تترتب عليه بعض أحكام الصحيح فواضح عدم اشمئزاز النفوس العالمة بالقواعد الشرعية من ذلك، وإن فهمه على غير ذلك فليس بلازم لما قررناه بحال، وكيف كان فهمه لمسائل مالك في المدونة والجلاب

وغيرهما في كثير من الأنكحة أنها تفسخ قبل البناء وتمضي بعده، وهل كانت نفسه مشمئزة منها أم لا؟ قال الوجه الثاني: أنكم بنيتم على أن اللازم في المسألة أعم من الملزوم فيه يصح ما قررتم ولم يظهر أن ذلك كذلك هنا؛ بل اللازم هنا مساو للملزوم، فإن الإرث اللازم للنكاح الصحيح هو إرث مخصوص لا الإرث مطلقا، وكذلك لو كان النكاح متفقا على تحريمه لم يترتب عليه إرث، ولو كانت الزوجة بنت عم الزوج ثم ماتت لورثها بالنسب لا بالنكاح كما أنه لو كان متفقا على حليته لترتب عليه الإرث المخصوص، ولو كانت الزوجة بنت عم الزوج، ثم ماتت لورثها بالسببين معا فليس اللازم للنكاح من حيث هو نكاح الإرث من حيث هو إرث؛ بل إرثا ما هو إرث النكاح، فإذا انتفى أحدهما في غير مسألة النزاع انتفى الآخر، وإذا ثبت أحدهما تبت الآخر فاللزوم تام كتمامه في قولنا إن كانت الشمس طالعة فضوء النهار موجود فينتج المطالب الأربعة فكذلك في مسألة النزاع، وإنما يستمر ما قلتم في العقليات كقولك: إن كان هذا إنسانا فهو حيوان، أما في الأمور الوضعيات فلا يستمر، إذ يجعل الشارع النكاح سببا في مطلق الإرث مطلقا، فإن مثل هذا عقلي، ولم يقصده الشارع. قلت: حاصله أنه أبطل بزعمه ما ادعيناه من أن لزوم الإرث للنكاح لزوم أعم لأخص بادعائه أنه مساو له، واستدلاله عليه بدور انه معه ثبوتا في النكاح الصحيح، ونفيا في النكاح المجمع على فساده، وجوابه أنه إما أن يريد أنه مساو لمطلق النكاح غير المجمع على فساده، وإما أن يريد أنه مساو للنكاح الصحيح، فإن أراد الأول رد بالقول بموجبه، وبيانه أنا إنما جعلنا الملزوم المحكوم بنفيه النكاح الصحيح لا مطلق النكاح، وجعلناه ملزوما لمطلق إرث النكاح الأهم من كونه نكاحا صحيحا أو فاسدا، وهذا اللازم أعم من الملزوم المذكور ضرورة كون الملزوم المذكور مقيدا بالصحة؛ فقد بان أنه إن أراد أنه مساو لمطلق النكاح لم يكن معارضا لقولنا بحال، وإن أراد أنه مساو للنكاح الصحيح الذي هو الملزوم في قولنا منعنا ذلك، وسند المنع ما قررنا به كونه أعم، والموجب لتوهم كونه مساويا للنكاح الصحيح اعتقاد أن العقد الفاسد إذا وقع

لا تترتب عليه ثمرة بحال، وقواعد المذهب الضرورية تنفيه حسبما تقدم، وما تقدم من كلام ابن رشد في سماع أبي زيد وتعقبه على ابن القاسم رعي الخلاف في عدم فسخ النكاح وقصره رعيه على الإرث، والطلاق يؤيد ما قررناه في رعي الخلاف، واعتبار اللازم وألغاء الملزوم ومن لم يفهم ما قررناه لم يتضح له فهم كلام ابن رشد، وتفرقته بين ما هو شاذ، وما هو مشهور في رعي الخلاف. قال: الوجه الثالث على تسليم ما قلتم فالسؤال باق، فإنه وإن كان كما قررتم فلقائل أن يقول هو أيضا من باب إثبات الملزوم، وهو فساد النكاح الملزوم لانقطاع الإرث على قول مالك بمقتضى دليل نفسه، ويلزم من إثبات الملزوم إثبات اللازم، ومن باب نفي اللازم، وهو انقطاع الإرث فينتفي هذا الانقطاع رعيا لدليل المخالف، ويلزم من نفي اللازم نفي الملزوم، وإذا كان ثابتا في المعقولات أن إثبات الملزوم مع نفي لازمه أو نفي اللازم مع إثبات ملزومه باطل فكذلك مسألتنا، وليس جعلكم إياها من باب نفي الملزوم أو من باب إثبات اللازم بأولى من جعلها من باب إثبات الملزوم أو من باب نفي اللازم. قلت: حاصله المعارضة في الحكم حسبما فسره أهل النظر، وهو قول السائل للمستدل ما ذكرت من الدليل، وإن دل على ثبوت الحكم في صورة النزاع فعندنا ما يدل على نفيه، وذلك بادعائه أن فساد النكاح ملزوم لعدم الإرث، فحينئذ يؤول الأمر إلى الحكم بثبوت الملزوم مع نفي لازمه، وإلى الحكم بنفي اللازم مع الحكم بثبوت ملزومه، وجوابه من وجهين: منع كون الفاسد ملزوما لنفي الإرث، وسند المنع أن الملزوم لأمر لا بد من علاقة بينه وبين ذلك الأمر تقتضي ربط أحدهما بالآخر، وبهذا فرق الأئمة بين الشرطية اللزومية وبين الشرطية الاتفاقية كقولنا كلما كان الإنسان ناطقا كان الفرس صاهلا، ومن نظر وأنصف علم أن النكاح الفاسد باعتبار ذاته لا علاقة بينه وبين عدم الإرث؛ بل عدم الإرث معه ثابت بالأصل، وعلم أن نسبة النكاح الفاسد إلى عدم الإرث كنسبة النظر الفاسد إلى عدم العلم والمنصوص لأئمتنا أن النظر الفاسد لا يستلزم الجهل بحال، وأن حصول الجهل عقبه اتفاقي.

الثاني: أن النكاح الفاسد مستلزم للإرث لا لعدم الإرث، ودليله ما قررناه من قاعدة المذهب في أن العقد الفاسد يوجب ترتب بعض ثمرات الصحيح عليه، ومن ثمرات الصحيح الإرث فلزم أو أمكن إيجاب هذا النكاح الفاسد الإرث، وأيا ما كان بطل كونه ملزوما لعدم الإرث. قال: ثم قولكم في الجواب الأول أنه في بعض المسائل ليس كذلك يشعر بأنه كذلك في بعض، وقد أبطلتموه. قلت: جوابه أن قوله: (وقد أبطلتموه) ليس كذلك؛ بل أثبتناه، وهو مقتضى جوابنا الثاني فتأمله. قال: وأما الجواب الثاني فظاهره غير ظاهر، فإن اللوازم العقلية قد لا توجد مع وجود الملزومات لمانع كالنظر، فإن إفضاءه إلى العلم عقلي عندهم، وقد يوجد النظر ولا يوجد العلم لطرآن سهو أو قاطع غيره فلا يلزم في العقليات باطلا مطلقا. قلت: حاصله نقض تخصيصنا انفكاك الملزوم عن لازمه باللوازم الشرعية دون العقلية باعتقاد عموم جواز الانفكاك في الشرعية والعقلية، واستشهاده على ذلك بمسالة النظر، وهذه مقالة من نظر وأنضف علم هل هي من المقالات التي يتردد الذهن في صحتها أو فسادها أو فضيحة نشأت عن التكلم بالهوى الحامل على رد ما لم يحط به الراد علما، ولو كان الأمر كما توهمه لبطل القياس الشرطي بنوعيه، وقد أجمع العلماء على إنتاج نوعه الأول والأكثر على نوعه الثاني، وهو الاقتراني، وكيف يفهم هذا السائل ما قرره الأئمة من المذهب الكلامي، والبرهان الإسلامي في قوله تعالى:} لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلاَّ اللَّهُ لَفَسَدَتَا {] الأنبياء:22 [، وقد جرى في كلام هذا السائل قوله: (اللازم المساوي ينتج المطالب الأربعة) وهذا يشعر بمشاركته في علم مقدمة مختصر ابن الحاجب الأصولي التي هي من أقل كاف في ذلك، وفيها مع غيرها كثرة ما نصه وشرط إنتاجه أن يكون الاستثناء بعين المقدم فلازمه عين التالي أو بنقيض التالي فلازمه نقيض المقدم، وهذا حكم كل لازم مع ملزومه وإلا لم يكن لازما، فقوله: (وإلا لم يكن لازما) نص في أن الانفكاك مانع من اللزوم، ومن نظر طرفا من المنطق علم صحة ما

ذكرناه ضرورة، وكذلك من نظر طرفا من فن علم الكلام، من جملة ذلك قول الشيخ أبي العز المقترح في شرح الإرشاد في باب القول في إثبات العلم بالصفات قال ما نصه: معنى التعليل التلازم، وما وجب في العقل ملازمته لشيء استحال ثبوته بدونه. قلت: وهذا نص في استحالة الانفكاك في التلازم العقلي ولله قول المتنبي: وكيف يصح في الأفهام شيء ... إذا احتاج النهار إلى دليل واحتاجه بمسألة النظر وهم أو نقص من الكتب التي استند في نقله إليها، وبيانه أن استلزام النظر الصحيح العلم مذهب الشيخ فيه أنه عادي لا عقلي، وعليه لا مدخل لمسألته في التلازم العقلي بحال، ومذهب الحكماء أنه عقلي، وهو دليل الإرشاد والمعالم، وقاله جماعة من متأخري أصحابنا وكلهم قيدوه بانتفاء الآفة حسبما نص عليه في الإرشاد والمعالم، والمقترح في شرحه وغيرهم، فإن أراد السائل أن النظر الصحيح يستلزم العلم بشرط تقييده بانتفاء الآفة لم يكن النظر المصحوب بآفة أو سهو أو قاطع ملزوما للعلم بحال، فالنقض به حينئذ وهم، وإن أراد أن النظر الصحيح يستلزم العلم مطلقا لا بقيد انتفاء الآفة رد باعتقاده نقضه، ونقصت عن سائر الكتب كتبه لترك التقييد بالسلامة من الآفة رد باعتقاده نقضه، ونقصت عن سائر الكتب كتبه لترك التقييد بالسلامة من الآفة حسبما تجده في كتب الأئمة، وقد كان والله بعض أشياخنا إذا خاطبه الطالب بنحو هذا الوهم أعرض عن جوابه لفظا فأحرى كتبا، وأما شيخنا أبو عبد الله بن الحباب: يزجره بالقول زجرا شديدا، ولا جواب لمن نازع فيما قلناه إلا بقوله تعالى:} وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ {] سبأ:24 [. ثم قال: وأيضا فمن أين يلزم إذا كان الرق أو الكفر أو القتل مثلا في مسألة الإرث مانعا من إثبات اللازم، وهو الإرث أن يكون دليل المخالف في مسألتنا مانعا أيضا من انقطاع الإرث اللازم لدليل منع النكاح، وقد فرضناه مرجوحا، وهل السؤال إلا فيه. قلت: موانع الإرث إنما ذكرناها بيانا لقولنا اللزوم الشرعي قد ينفك لمانع فقط، ولم نذكره دليلا على أن دليل المخالف مانعا من انقطاع الإرث بحال، وهذا الكلام منه بناء على ما سلف له من أن عدم الإرث لازم للنكاح الفاسد، وقد مر إبطاله. وقوله: (وقد فرضاه مرجوحا) ليس كذلك؛ بل قدمنا أن دليل المخالف على

باب في المتعة

الإرث نفسه راجحا، وعلى صحة النكاح راجح، والله أعلم وبه التوفيق. وقول ابن الحاجب ما فسخ قبل البناء فلا صداق وبعده المسمى؛ خلاف نصها في صريح الشغار، والنكاح على ان لا مهر، وقول غيرها يفسخ ما فسد لصداقه ففيه مهر المثل. ابن شاس: ما أجمع على فساده فسخ ولو بنى، وما اختلف فيه إن فسد لعقده فسخ قبل البناء، وفي فسخه بعده خلاف كنكاح المريض والمحرم، وفيما فسد لصداقة ثالثها: المشهور قبل البناء لا بعده. قلت: لابن محرز عن القاضي في حمل قول مالك بفسخه قبل البناء على الوجوب أو الاستحباب قولا متقدمي أصحابنا ومتأخريهم، وقول ابن الحاجب: "ما اختلف فيه إن كان بنص أو سنة او لحق الورثة كالمريض فكذلك" خلاف نقل ابن شاس في نكاح المريض، ونقل اللخمي كابن شاس. وقوله أيضا: (إن كان لنص أو سنة) خلاف إطلاق الشيوخ، وظاهر الروايات الحكم في المختلف فيه مطلقا، ولأن وجود النص فيه والسنة بنفي القول بجوازه، وتعقبوا قوله نحو عقد الدرهمين بأن نصها: والمشهور في عقد الدرهمين عدم فساد العقد؛ لأن المشهور فيه تخيير الزوج في إتمام ثلاثة دراهم ولا تتخير في الفاسد، ويجاب بأنه على المشهور معروض للصحة والفساد بحسب اختياره الإتمام وعدمه، فذكر ابن الحاجب فاسدا من حيث فساده، وهو عدم اختياره الإتمام. [باب في المتعة] المتعة: ما يؤمر الزوج بإعطائه الزوجة لطلاقه إياها، المعروف أنها مستحبة يؤمر

بها، ولا يقضى بها، ولا يحاصص بها. ابن زرقون في المبسوطة عن محمد بن مسلمة: هي واجبة يقضي بها لازمة، لا يأبى أن يكون من المحسنين، ولا من المتقين إلا رجل سوء. قلت: ولأن رأي المتقدمين أن المؤمن والمتقي متساويان، والعموم مقدم على المفهوم على الأصح ونقله اللخمي ولم يعزه. ابن بشير: رأي بعض أشياخي أن الصحيح وجوبها لاقتضاء لفظ حق الوجوب وأكده لفظ علي، وعزاه بعضهم لابن حبيب، وهي لكل مطلقة في عصمة لا ثلم فيها، ولا خيار على الزوج. وفيها: لا متعة لمختلعة ولا مصالحة ولا ملاعنة، ولا مطلقة قبل البناء، وقد سمى لها، زاد ولا مفتدية ولا من اختارت نفسها لعتقها، زاد اللخمي: أو قامت بعيب ولا من فسخ نكاحها، ولو لعارض حدث، وقول الباجي: المفارقة عن مقابحة كالملاعنة خلاف ظاهر المذهب. ابن رشد: ظاهر قول ابن القاسم إن طلق فيما يفسخ بطلاق قبل فسخه فلا متعة عليه. اللخمي: إن فسخ لرضاع بأمر الزوج رأيت عليه المتعة، وإن اشترى زوجته لم

يمتعها لبقائها معه، ولو اشترى بعضها متعها، وفي متعة المخيرة، والمملكة نقل ابن رشد رواية ابن وهب، وقول ابن خويز منداد. الصقلي: لمن اختارت نفسها لتزويج أمة عليها المتعة. وفيها: الصغيرة وذات الرق والذمية كالكبيرة الحرة المسلمة. اللخمي والباجي: والمولي القادر على الوطء كغيره. ابن الحاجب: ليس للسيد منع عبده منها. ابن محرز عن ابن وهب وأشهب: إن لم يمتعها حتى ارتجعها سقطت. فضل: وعليه لا تجب في الطلاق الرجعي إلا بانقضاء العدة، وإن لم يمتعها حتى مضى لها وقت، وتزوجت متعها. اللخمي: اختلف إن لم يمتعها حتى بانت، ثم تزوجها فظاهر قول ابن وهب وأشهب أن لا متعة. ابن بشير: المنصوص أن لها المتعة واستقراء اللخمي غير صحيح؛ لأن هذا نكاح ثان. أبو عمران: لو طلق بعد بنائه من نكاحها بتفويض وأنكر المسيس وادعته قضي لها بمهرها تحاسب منه بالمتعة، ولا يمكن كون المتعة أكثر من مهرها؛ لأنها على قدر حالها. عبد الحق: إن دفع المهر على أنه أو بعضه متعة أجزأه، وإلا فهي باقية عليه، وقد يرجع جواب أبي عمران إلى هذا. قلت: إن دفعه على ذلك نصا فلها طلبه بالمهر أو تمامه. ابن رشد: وتبطل بموته، وفي وجوبها لوارثها إن ماتت، وسقوطها قولا ابن القاسم وغيره، وعزاه اللخمي وعبد الحق لأصبغ، وفيها: لمالك لا حد لها. وفي كونها على قدر حالها أو حال الزوج، ثالثها: بقدر حالهما لأبي عمران وأبي عمر وابن رشد. وفيها لابن عباس أعلاها خادم أو نفقة وأدناها كسوة، وإن اختلف الزوجان في قدر المهر ولا موت ولا طلاق قبل بناء ففيها القول قولها، ويخير الزوج في تمام ما ادعته وإلا تحالفا، وفسخ النكاح ولا شيء لها.

اللخمي: في تبدية الزوجة أو الزوج قول مالك ورواية الواقدي، وأن يقترعا أحسن. المتيطي: إثر هذا الكلام قال أبو عمر: روى ابن وهب يحلف الزوج على ما ادعته الزوجة ويفسخ، وفي تقرر الفسخ بتمام حلفهما كاللعان، ووقفه على الحكم به قولا سحنون مع عبد الحق عن بعض شيوخه محتجا بمخالفة النكاح البيع للاحتياط وأبي حفص، ونقل اللخمي مع ابن سهل عن ابن حبيب: للزوج بعد حلفهما المقام على ما ادعته الزوجة أو الترك ولا شيء عليه، والمتيطي عن القاضيين، وعن المغيرة لكل منهما الرجوع لقول الآخر، ورجحه ابن محرز بأن أيمانهما لم توضع للفسخ، زاد اللخمي: وعليه إن طلقها ثلاثا قبل الفسخ لزمه. قلت: وعلى الآخر يجري على اتباع الخلع الطلاق. قال: وعليه إن مات أحدهما توارثا، وهو أحسن إلا أن يكونا عقدا أن تحالفهما فسخ فيلزم ما التزم. قلت: يكفي كون هذا من الزوج فقط. ابن سهل: نقل بعض المختصرين عن ابن حبيب: تحلف الزوجة إن كانت ثيبا أو أبوها إن كانت بكرا، ثم للزوج الرضا بذلك أو يحلف، وينفسخ النكاح خلاف ما في الأصل. قلت: لا يجوز لمختصر نقل خلاف ما في الأصل إلا ببيان أنه خلافه. اللخمي: لو أتى أحدهما بما يشبه دون الآخر ففي حلفهما، وقبول قول ذي الشبه روايتان، وهذه أحسن؛ لأن الشبه دليل كشاهد، وفي كون نكولهما كحلفهما أو يكون القول قول المرأة قولان الأول أحسن، وفي كون الفسخ بطلاق أو دونه نقلا المتيطي. عياض: ظاهرها بغير طلاق، وقد يقال بطلاق للخلاف في فسخه إثر التحالف أو يخير أحدهما. المتيطي: الحالف المرأة إن كانت مالكة أمر نفسها أو من عقد عليها من أب أو وصي أو ولي إن كانت محجورة. اللخمي: تحلف الزوجة أو الولي إن لم تعلم ما عقد لها به. وسمع ابن القاسم: من زوج ابنته صبيا صغيرا برضى أبيه فمات فطلب أبو الزوجة

إرثها ومهرها، فقال أبو الصبي: ما أصدقت شيئًا إنما كان على وجه الصلة ليس له إلا الإرث إن لم يقم بينة، ولو شهد له شاهد واحد حلفت الجارية إن بلغت، وإلا أخرت حتى تبلغ، وتعرف ما تحلف عليه. ابن رشد: قوله: (تؤخر حتى تبلغ) يريد: بعد حلف أبي الزوج، فإن نكل غرم ولا يمين عليها إن بلغت، وإن حلف أخرت حتى تبلغ فتحلف وتأخذ، فإن نكلت فلا شيء لها، ولا يحلف الأب ثانية. محمد: وهذا بخلاف مبايعته لها ويقيم شاهدًا، هذا يحلف معه، فإن نكل غرم ما نكل لإتلافه بعدم توثقه؛ لأنه لا يبيع إلا بثمن معلوم والنكاح على التفويض يجوز فلم يتعد إنما عليه أن يشهد في أصل النكاح لا في التسمية. محمد: وهذا ما لم يدع أبوها التسمية، فإن ادعاها مع الشاهد فقد ضيع؛ يريد: فيحلف ويستحق المهر لابنته، فإن نكل غرمه بعد حلف أبي الصبي، وظاهر الرواية أنه ادعى التسمية مع الشاهد فقول محمد خلافها، وسماع أبي زيد أن أهل المرأة يحلفون في الشروط التي ادعى الزوج أن أباه شرطها عليه، وهو صغير مثل قول محمد فهي مسألة فيها قولان، ومن هذا المعنى اختلافهم في الزوجين يختلفان في قدر المهر أو نوعه. سمع عيسى ابن القاسم في بعض روايات العتبية: إن كان قبل البناء فالقول قول الأب أو الولي إن كانت بكرًا ويحلف إذ ليس لها الرضى بالمهر، فإن أعطى الزوج ما حلفت عليه، وإلا حلف وانفسخ النكاح، وإن كان بعد البناء فالقول قول الزوج في عدد المهر، وإن كان في نوعه تحالفًا، وردت إلى مهر مثلها؛ يريد: ويغرم الأب أو الوصي الزيادة لتركه الإشهاد. قال فضل: وكذا قال أصبغ في سماعه بعد أن حكى عن ابن القاسم: أن البكر هي التي تحلف فمن أوجب على الأب الإشهاد على تسمية المهر قبل البناء رأى عليه أن يحلف مع الشاهد؛ لأنه إن لم يحلف غرم لتركه الإشهاد، ومن لم يوجب عليه الإشهاد على ذلك رأى اليمين على الجارية، وهو الذي في الرواية. ولو قال الأب: زوجتها بتفويض، وادعت أن أبا الصبي فرض لها بعد ذلك وأتت عليه بشاهد حلفت دون أبيها اتفاقًا، ولو ادعى الأب التسمية بعد البناء، وهي أكثر من مهر المثل وأتى بشاهد

أحلف معه دونها اتفاقًا، وكذا لو باع لابنه سلعة بأكثر من قيمتها فجحد المشتري الشراء والسلعة قائمة وأتى الأب بشاهد تخرج فيها قولان: أحدهما: أن الأب يحلف لتركه التوثق، فإن نكل غرم لابنه الثمن. والثاني: أن الابن يحلف إن شاء إذ لم يجب على الأب الإشهاد إلا عند دفع السلعة، ولو دفعها للمشتري فجحده وجب حلفه مع الشاهد اتفاقًا؛ لأنه ضيع بترك الإشهاد، فإن نكل غرم الثمن على القول أنه يحلف إذا لم يدفع السلعة والقيمة على القول بأن الابن هو الذي يحلف، وكذا القول في المأمور يوكل على بيع السلعة فيجحد المشتري وللمأمور شاهد واحد، وإن كان للابن شاهد بحق لم يله الأب لم يكن عليه أن يحلف مع الشاهد لابنه، واختلف إن كان الابن صغيرًا فأراد أن يحلف ويستحق له حقه فقال ابن كنانة ذلك له؛ لأنه يمونه وليس ذلك لأحد غيره من أم أو وصي وأنكره ابن القاسم. وفيها: إن اختلفا فيه بعد البناء أو بعد الطلاق قبل البناء صدق مع يمينه، فإن نكل حلفت وأخذت ما ادعت، وكذا إن ماتت قبل البناء فادعى ورثتها تسمية والزوج تفويضًا صدق مع يمينه وله الميراث. المتيطي: هذا المشهور في اختلافهما فيه بعد البناء. وقال أبو عمر: وروى ابن وهب يتحالفان، ولها مهر المثل ويثبت النكاح، وإن اختلفا في نوعه قبل البناء فللخمي ما تقدم لابن رشد تحالفا وتفاسخا، وإن اختلفا فيه بعده ففي ثبوته بما قال الزوج أو بمهر المثل ما لم يزد على ما ادعته، وما لم ينقص عما ادعاه، ثالثها: إن ادعى ما تصدقه النساء، وإن ادعى غير ذلك كالخشب والجلود وادعت جاريته أو عبده أو داره أو جنانه وشبهه مما يتزوج به النساء فالقول قولها إ، كانت قيمة ذلك مثل ما تتزوج به فأثل، وإن ادعيا ما يشبه في الصنفين فالقول قوله، وإن كان لا يشبه أن يتزوج بواحد منهما تحالفا وتفاسخا ولها مهر المثل، للخمي عن ابن القصار ولظاهر نقله عن معروف المذهب وعن أصبغ. المتيطي: وعلى التحالف وردها لمهر المثل ففي ثبوت النكاح وفسخه رواية ابن وهب مع المعروف من المذهب ونقل ابن الجلاب.

قال بعض الموثقين: ولم أره لغيره. اللخمي: لو كان أبواها ملكًا للزوج، وقال: تزوجتك على ابيك، وقال: على أمي، تحالفا وتفاسخا، وعتق الأب عليه لإقراره بحريته، وكذا إن نكلا، وإن حلف ونكلت عتق عليها، وإن نكل وحلفت عتق الأب عليه والأم عليها. وإن اختلفا في دفع المهر: ففيها: القول قولها وقول وارثها قبل البناء وبعده القول قول الزوج أو وارثه. اللخمي: إن كان دخول هداء. قال ابن القاسم: مع يمينه، وقال ابن الماجشون: إن كان قريبا، وجاءت بلطخ حلف، وإن طال فلا يمين. عياض: هذا فيما ادعى دفعه قبل البناء من معجل أو مؤجل وما ادعى دفعه منهما بعد البناء لم يصدق فيه إذ صار كسائر الديون. اللخمي: ولابن القاسم في العتبية إن ادعى الزوج أنه صالح امرأته عن خادم مهرها على دنانير دفعها لها إن أنكرت صلحه فهو مدع، وإن أقرت به قبل البناء صدق؛ يريد: إذا بنى، ولو اتفقا على أن الصلح بعد البناء صدقت. وفيها: إن قال ورثته في المدخول بها دفعه أو لا علم لنا فلا شيء عليهم، فإن ادعى ورثتها علمهم حلفوا ما يعلمون أنه لم يدفعه، ولا يمين على غائب، ومن يعلم أنه لا علم عنده. وسمع القرينان: من بنى بزوجته، ثم مات فطلبت مهرها. قال: على ورثته اليمين ما نعلم بقي عليه مهر حتى مات. ابن رشد: أوجب حلفهم على العلم، وإن لم تدع ذلك عليهم خلاف ما في نكاحها الثاني لا يمين عليهم إلا أن تدعي علمهم، وخلاف ما في كتاب الغرر منها في التداعي في وقت موت الجارية الغائبة المبيعة على الصفة، فإن نكلوا عن اليمين حلفت المرأة أنها لم تقبض مهرها واستوجبته لا على أن الورثة علموا أنها لم تقبض، وهذه يمين ترجع على غير ما نكل عنه الورثة لها نظائر كثيرة، ويختلف في توجه هذه اليمين إذا لم تحقق المرأة ذلك على الورثة؛ لأنها يمين تهمة، ولا يختلف في رجوعها على الزوجة لمعرفتها بما

تحلف عليه كما يختلف في رجوع يمين التهمة. وسمع عيسى رواية ابن القاسم: من تزوج بخمسين نقدًا وخمسين لسنة فانقضت، ثم بنى بها فطلبت الخمسين فقال أديتها قبل البناء صدق وحلف. ابن رشد: هذا قول ابن حبيب ومثله في ثاني نكاحها وعليه فلها إذا حل قبل البناء منعه منها حتى يدفعه إليها، وعلى قول يحيى بن يحيى إن أعسر به فله البناء وتتبعه به؛ لا يصدق في دعواه دفعه، والقول قولها مع يمينها. اللخمي: إن أخذت بالمهر رهنا ثم سلمته صدق الزوج مع يمينه في دفعه ولو قبل البناء، ولو اختلفا بعد البناء والرهن بيدها ففي قبول قوله مع يمينه أ, قولها مع يمينها قولا سحنون ويحيى بن يحيى وهو أبين، كمن باع سلعة وسلمها وبيده رهن القول قول البائع، وإن أخذت به جميلًا، وأقرت بقبضه واختلف الزوج والحميل في دفعه واتفقا على أنها قبضت مائة فقط؛ لأن الدفع كان بحضرتهما أو أرسلا به رسولًا صدق الزوج مع يمينه، فإن نكل حلف الحميل وأغرم الزوج ولا يمين على الزوجة، وإن دفع كل منهما في غيبة الآخر، فإن أقرت الزوجة للزوج حلفت للحميل، فإن نكلت حلف وأغرمها ولا مقال بين الرجلين، وإن أقرت للحميل صدق الزوج؛ لأنه يقول ما قبضت ما اشتريت حتى دفعت ما علي ويحلف يمينين أنه دفع لها، وللحميل ما علم دفعه قبل دفعه شيئًا إن نكل عن يمين الزوجة حلفت ما قبضت منه شيئًا وغرمه الزوج للحميل، وإن نكلت برئ الزوج وغرمت للحميل، وإن حلف لها ونكل عن حلفه للحميل حلف الحميل أنك تعلم دفعي لها قبل دفعك ورجع عليه، فإن نكل فلا شيء على الزوج، وإن قالت ما قبضت من واحد منهما شيئًا، ولم يبن وادعيا دفع مائة فقط حلفت يمينًا واحدة وأغرمت الزوج إلا أن يكون معسرًا فيغرم الحميل، وإن ادعى كل منهما؛ دفع مائة بغير محضر الآخر حلفت لكل منهما، إن حلفت للحميل دون الزوج حلف وبرئ ولا شيء عليه للحميل إن لم يدع عليه العلم، وإن حلفت للزوج دون الحميل حلف واتبع الزوج؛ لأن يمينها للزوج توجب غرمه لها المهر، ويمين الحميل عند نكولها توجب أن الحميل هو الدافع بالحمالة فوجب أن يرجع عليه، وإن نكلت هي والزوج وحلفت للحميل غرم لها الزوج ولا شيء للحميل، وإن حلفت لهما وادعى

الحميل علم الزوج أنه دفعه عنه بوجه جائز حلف الزوج، فإن نكل حلف الحميل ورجع عليه. ولابن حبيب: إن قال حامل المهر بعد البناء أنها قبضت منه أو زعم الحميل أنها قبضته من الزوج صدق مع يمينه، وسئل الزوج، فإن زعم أن الحامل برئ أو قال في الحمالة إني برئت منه صدق مع يمينه، وإن قال في الوجهين ما قبضت الزوجة شيئًا لم يلزم الحامل، ولا الزوج في الحمل شيء، ويلزمه في الحمالة دون الحميل، وإن قال الحميل دفعته إليها وأكذبه الزوج برئ الحميل، ولا رجوع له على الزوج إلا ببينة، ويغرمه الزوج لها بإقراره. وسمع عيسى ابن القاسم من تحمل بمهر، ثم ادعى هو والزوج دفعه بعد البناء صدق مع يمينه. سحنون: الرهن كالحميل يبرئه البناء فيه. ابن رشد: يحلف الحميل أنه ما علم أنه بقي لها قبل زوجها شيء من مهرها، وإنما يجب حلفه إن غاب الزوج أو حضر مقرًا أنه لم يدفعه، وهو عديم؛ لأنه يتهم لزوجته على الحميل فالقول قوله، ولو ادعى الزوج الدفع أو كان مليًا، وأقر بعدم الدفع فلا شيء على الحميل لسقوط الحمالة بيمين الزوج إن ادعى الدفع أو بإقراره إن كان مليًا، وقول سحنون صحيح إن كان الرهن في عقد النكاح لا عند الدخول؛ لأن لها منعه البناء حتى يدفع مهرها ارتهنت به رهنا أم لا، فلا أثر للرهن هذا معروف المذهب في قبول قول الزوج بعد البناء، ولما ذكره الباجي قال: قال إسماعيل القاضي: هذا ببلد عرفه تعجيل النقد عند البناء وما لم يكن عرفه كذلك فالقول قول الزوجة، وقال القاضي: هذا إن لم يثبت ذلك في صداق ولا كتاب، وإن ثبت في صداق فليس القول قول الزوج، والأول أظهر، وذكر ما تقدم من سماع عيسى على أنه من سماع يحيى، ولم يقيد قول سحنون فيه، وزاد في آخره قال مالك: وليس يكتب في الصدقات براءة. ولما ذكر ابن شاس قول إسماعيل قال القاضي أبو الحسن: ينبغي أن يكون هذا هو الصحيح. قال: وقال القاضي أبو الوليد: إنما ذلك مبني على أن العادة في معظم البلاد؛ بل في جميعها أن معجل الصداق لا يتأخر عن البناء، وهذا أظهر مما تقدم.

وقيد اللخمي قولها مع سماع ابن القاسم ورواية محمد بقبول دعوى الزوج التفويض بوقوع النكاح عندهما بتسمية وتفويض، ومن عادتهم التسمية فقط لم يصدق الزوج منهم. ابن شاس: لو ادعت ألفين بعقدين في يومين ببينة عليهما لزما، وقدر تخلل طلاق، وفي تقديره بعد البناء فعلى الزوج إثباته قبله ليسقط عنه نصف المهر أو قبله فعلى المرأة إثباته بعده ليثبت لها كله خلاف سببه هل المستقر بالعقد كله أو نصفه؟ قلت: مقتضى المذهب أنه قبله؛ لأن الزوج بعد الطلاق غارم والأصل عدم البناء والقول قول الزوج فيهما اتفاقًا، ولو قلنا بوجوب كله بالعقد؛ لأن الطلاق منضمًا لما ذكرناه يبطله. واختلاف الزوجين في متابع البيت: فيها: إن اختلفا فيه، ولو بعد الفراق قضي بما يعرف النساء للمرأة وبغيره للرجل؛ لأن البيت بيته بعد أيمانهما. ابن حارث: اتفاقًا فيما يختص بأحد صنفيهما، وفي غيره في كونه للزوج أو بينهما بعد أيمانهما قولان لها مع سماع ابن وهب وله مع المغيرة، وفي سماع يحيى ابن القاسم عن رواية ابن وهب في كتاب العدة مثل قولها وفيه: والإبل والبقر والغنم للرجال إلا ما قامت عليه بينة أنه للمرأة، أو كان الرجل معروفًا معها بالفقر، وهي معروفة بالغنى ينسب ملك ذلك إليها، ويذكر أنه لها فاشيًا بالسماع، وقول عدول الجيران فهو للمرأة، وإن لم تكن شهادة قاطعة. ابن رشد: في كون القول قول الزوج فيما ادعياه من متاع البيت مطلقًا وقسمه بينهما، ثالثها: ما هو من شأن النساء للمرأة وغيره للرجل، ورابعها: ما ليس مختصا بأحدهما بينهما بعد أيمانهما في الجميع، لمحمد بن مسلمة، وابن وهب في المبسوط، ولها ولابن وهب في العتبية مع المغيرة وابن القاسم، وعن سحنون ما هو من متاع النساء للمرأة دون يمين، وقال الفضل: رأيت لابن عبدوس بخطه عن ابن القاسم ما هو من متاع النساء للمرأة دون يمين وكذا الرجل فيما هو من متاع الرجال، وهذا الخلاف في اليمين إنما يصح في اختلاف ورثة الزوجين أو ورثة أحدهما مع الآخر دون تحقيق دعوى، كقول ورثة الزوج للمرأة فيما هو مختص بها احلفي أن المتاع متاعك؛ لأن

مورثنا مات عنه وأنت مدعية، وكذا ورثة المرأة مع الزوج وظاهر قول ابن وهب في هذا السماع كقول سحنون، وهذا الخلاف على الخلاف في يمين التهمة فيه قولان مشهوران، وأما قبول قول أحد الزوجين فيما يختص به وزوجه يكذبه، ويدعيه فلابد من يمينه في ذلك كنص ابن حبيب والمدونة، وغيرهما فلا اختلاف فيه. قلت: ظاهر قول سحنون وابن عبدوس عن ابن القاسم: أنه في الزوجين أنفسهما وتكذيب أحد الزوجين الآخر في ذلك لا ينفي قوله دون يمين بناء على أن العرف كشاهدين لا كشاهد واحد حسبما مر من الخلاف في قبول قول المرأة في المسيس مع إرخاء ستر الهداء، وعليه حمله اللخمي وعبد الحق والصقلي وعبد الحميد وغير واحد. وفيها: المعروف للنساء مثل الطست والتور والمنارات والقباب والحجال والأسرة والفرش والوسائد والمرافق والبسط وجميع الحلي، والمعروف للرجال السيف والمنطقة والرقيق ذكورًا وإناثًا والخاتم. الصقلي: يريد: خاتم الفضة. قلت: ما لم يعلم من الرجل مخالفة السنة في تختمه بالذهب، فإن كان شكل الخاتم للصنفين مختلفًا كعرفنا فواضح، إلا كان مشتركا، وقول اللخمي: إناث العبيد يشبه كونهن لهما جميعًا خلاف نصها، ووفاق عرفنا. وفي النوادر عن الواضحة: المصليات مما للنساء والمصحف مما لهما، وكذا البقر والغنم والرمك وجميع الحيوان والأطعمة والأدم والثمار، وما يدخر من المعاش. الشيخ: لعله يريد بالدواب والرمك والبقر والغنم ما كان سائمة غير المراكب مما يأوي لدور البوادي. ابن رشد: المعتبر عرف كل بلد. قلت: مع اعتبار الصنف؛ لأن عادة الحضر ببلدنا تونس خلاف عادة الأندلس بها، وخلاف عادة البربر، والبدو بها، ويشكل الأمر إذا كان أحدهما من صنف والآخر من صنف آخر وتعارض موجب الاختصاص، كالأسرة من شأن الرجل للأندلسيين، ومن شأن النساء في الحضريين فتصير من المشترك. وفيها: الدار للرجل؛ لأن عليه أن يسكن المرأة.

ابن رشد: عرفنا في ذوات الأقدار أن المرأة تخرج الدار، فلو اختلفا فيها عندنا كان القول قول المرأة، وكذا حفظت عن شيخنا ابن رزق. الشيخ عن ابن حبيب: الخص للرجل كالدار. وفيها: ذو الرقو الكافرة كغيرهما. المتيطي عن ابن القاسم: وكذا الكافران إن ترافعا إلينا؛ لأنها مظلمة تظالموا بها. وفيها: إن كانت مظلمة كفى فيها رفع المظلوم فقط خلاف قوله ترافعا. وفيها: كون الدار للزوج أو الزوجة سواء، وأصناف الماشية، وما في المرابض من خيل وبغال وحمير لمن حاز ذلك. أبو حفص: ما كان منها بيد راع فهو لمن أقر به له؛ لأن يد الراعي كيد المقر له من وجه الحيازة لا شهادة ولا خبر. قلت: ولو ادعت درعا ونحوه فقال الزوج هو لفلان وديعة عندي، صدق دون يمين؛ لأنه حائزه لقولها إن البيت بيته، وقاله ابن رشد. وفيها: من أقام بينة فيما يعرف للآخر أنه له قضي له به، وما ولي الرجل شراءه من متاع النساء ببينة أخذه بعد حلفه ما اشتراه إلا لنفسه، إلا أن يكون لها أو لوارثها بينة أنه اشتراه لها، وما وليت شراءه من متاع الرجال ببينة فهو لها وورثتها في اليمين والبينة بمنزلتها إلا أنهم إنما يحلفون أنهم لا يعلمون أن الزوج اشترى هذا المتاع الذي يدعي من متاع البيت، وتحلف المرأة في ذلك على البتات وورثة الرجل بهذه المنزلة. عبد الحق: في لزوم حلف المرأة في استحقاقها ما أقامت البينة بشرائها إياه من متاع الرجال قولا بعض شيوخنا محتجًا بأنها كالرجل قائلًا: إنما سكت فيها عن يمينها لذكره في الرجل، وبعض شيوخ شيوخنا مفرقًا بأن الرجال قوامون على النساء لا العكس. اللخمي: عن سحنون إنما يختص الرجل بما اشتراه من متاع النساء بالبينة على شرائه لنفسه لا على مطلق شرائه، إنما يشتري للنساء الرجال. قلت: ومقتضاه سقوط يمينها فيما اشترته من متاع للرجال. أصبغ: لو قال الزوج في رداء ادعته: كتانه لي وهي عملته؛ صدق؛ لأنه لو ادعاه قبل قوله فيكون له بقدر كتانه وللمرأة أو لورثتها بقدر قيمة عملها، ولمالك في

باب الوليمة

المختصر ما نسجته من صوف بينهما كذلك. المتيطي لأصبغ عن ابن القاسم: إن تداعيا في غزل فهو لها بعد حلفها. وفيها: إن كان الزوج من الحاكة وأشبه غزله وغزلها فمشترك، وإلا فهو لمن أشبه غزله منهما، ونقله مع النوادر عن أصبغ في الطست والإبريق ونحوهما من الآنية إن كان شأن النساء أن لا يخرجنه لأزواجهن؛ قيل فيه قول الزوج مع يمينه إن كانت بكرًا، واختلفا قرب البناء، وإن كانت ثيبًا أو كان البناء، بالبكر بعيدًا، وأمكن أن تتخذ ذلك؛ قبل قولها، وقد تخرج المرأة لزوجها دون شيء ويقبل قولها بعد ذلك فيما للنساء؛ لأنها تكتسبه- مشكل إلا أن يكون عرف إخراج المرأة في جهازها خلاف عرف كسبها بعده- وإلا ناقض أول كلامه آخره. [باب الوليمة] الوليمة: الباجي عن صاحب العين: الوليمة طعام النكاح. عياض عن الخطابي: هي طعام الإملاك، وقال غيره: هي طعام العرس والإملاك فقط. المازري وابن رشد وغير واحد: المذهب مستحبة. ابن سهل: الصواب القضاء بها على الزوج لقوله صلى الله عليه وسلم: "أولم ولو بشاة" مع العمل به عند الخاصة والعامة، وتقدم في فصل هدية العرس نقل ابن رشد عن بعض الشيوخ حمل اختلاف قول مالك في وجوب هدية العرس أنها الوليمة وتقدم رده ذلك. وسمع عيسى رواية ابن القاسم كان ربيعة بن عبد الرحمن يقول: إنما استحب

الطعام في الوليمة لإظهار النكاح ومعرفته؛ لأن الشهود يهلكون. قلت: يقوم منه جواز النكاح المسمى اليوم بنكاح الجفنة إلا أن العمل استقر بمنعه حيث يمكن الكتب والإشهاد فيه. ووقتها: روى محمد أرى أن يولم بعد البناء. الباجي: وروى أشهب في العتبية لا بأس إن لم يولم بعد البناء. ابن حبيب: "كان النبي صلى الله عليه وسلم يستحب الإطعام على النكاح عند عقده"، ولفظة (عند) تحتمل قبله وبعده، وتقديم إشهاره قبل البناء أفضل كالإشهاد، ويحتمل أن يكون مالك قال ذلك لمن فاته قبل البناء أو اختاره لدلالته على الرضى بما رأى من حال الزوجة، ولما ذكر عياض رواية محمد قال: والرواية الأخرى جوازها بعد البناء، وحكى ابن حبيب استحبابها عند العقد وعند البناء، واستحبها بعض شيوخنا قبل البناء. قلت: قوله: (والرواية الأخرى) إشارة لما ذكره الباجي من رواية أشهب في العتبية، ولم أجدها فيها. الباجي: المختار منها يوم واحد. عياض: لا خلاف أنه لا حد لها، وهي بقدر حال الرجل وما يجد، واستحب أصحابنا لأهل السعة كونها أسبوعًا. قال بعضهم: إذا دعا كل يوم من لم يدع قبله، وتكره فيها المباهاة والسمعة. قلت: هذا مقتضى نقل الباجي عن ابن حبيب، وفيه: إن دعا في الثالث من لم يكن دعاه أو من دعاه مرة فهو سائغ، وظاهر نقل عياش منع مطلق التكرار، ولفظ ابن حبيب: من يوم بنائه إلى مثله، فعبر عنه عياض بسبع، ونقله القرافي بلفظ ثمانية أيام، وفي إجابة دعوة من دعي لها معينًا ولا منكر طرق. ابن رشد في سماع ابن القاسم: سئل مالك عن إتيان الوليمة قال: أرى أن يأتيها؛ يريد: لا سعة له في التخلف.

عياض: لم يختلف العلماء في وجوب إجابتها. الباجي: روى ابن القاسم في المدنية إنما يجب في طعام العرس، وليس طعام الإملاك مثله. عياض: هذا على رواية محمد أنها بعد البناء، وهو المسمى عنده وليمة وعرسًا. الباجي: هذا مشهور مذهب مالك وأصحابه، وروى ابن حبيب ليس ذلك حتمًا ولا فرضًا، وأحب إلي أن يأتي فجعله ندبًا. قلت: ونقله ابن شاس عن ابن القصار. اللخمي: إن كان المدعو قريبًا أو جارًا أو صديقًا، ومن يحدث بتأخره عداوة وتقاطع وجب إجابته، وغيره إن لم يأت من الناس ما يقع به شهرة النكاح ندبت وإلا أبيحت. قال: وروى محمد لا بأس أن يقول الرجل للرجل ادع لي من لقيت، ولا بأس على المدعو كذا أن لا يجيب؛ يريد: لأن تخلف من لا يعرف لا يقع به شنآن. قلت: ومثله في سماع القرينين، وسمع القرينان: أرى لمن دعي لما أخر للسابع أن يجيب وليس مثل الوليمة؛ لأنه ربما جعل الرجل الوليمة والسابع. ابن رشد: إن جعل الوليمة والسابع معًا وجبت إجابته؛ لأنه دعي لحق، ومن دعي للسابع بخلافه؛ لأنه لم يدع لحق؛ بل لمعروف، وكذا من ترك الوليمة وفعل السابع، وإن أخر الوليمة للسابع، فقال مالك: يجيب وليس كالوليمة؛ لأنه ربما قد يجمعهما احتمل عنده أنه لم يؤخر الوليمة إلى يوم السابع؛ بل تركها وعمله، ولو كان عادة الناس بالبد أنهم لا يولمون إلا يوم السابع لوجبت الإجابة. قلت: هذا كالمخالف لمتقدم قول عياض: استحب أصحابنا لأهل السعة كونها أسبوعًا، وسمع ابن القاسم له في التخلف للزحام سعة. وسمع القرينان: أرى أن يجيب إلا لعلة مرض أو غيره. ابن شاس: إنما يؤمر بالدعوة إذا لم يكن منكر ولا فرش حرير، ولا في الجمع من يتأذى بمجالسته وحضوره من السفلة والأرذال ولا زحام ولا غلق باب دونه.

روى ابن القاسم سعة التخلف لذلك، وكذا إن كان على جدران الدار صور أو ساتر، ولا بأس بصور الأشجار. قلت: قوله (إن كان على جدار الدار صور لا أعرفه عن المذهب هنا لغيره، فإن أراد الصور المجسدة؛ فصواب وإلا فلا، وذكر ذلك أبو عمر عن غير المذهب في أثناء حجة الانصراف عن منكر فيما يطلب حضوره فقال: حجته حديث سفينة وما كان مثله أن فاطمة وعليًا دعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم لطعام صنعاه لضيف نزل بهما فأتاه فرأى فراشًا في ناحية البيت فانصرف، وقال: "ليس لي أن أدخل بيتًا فيه تصاوير" أو قال: بيتًا مزوقًا". ورجع ابن مسعود إذا دعي إلى بيت فيه صورة وقال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تدخل الملائكة بيتا فيه تصاوير"، ورجع أبو أيوب الأنصاري إذ دعاه ابن عمر فرأى مثل ذلك. والذي في المذهب قول صلاتها الأول: ويكره التماثيل التي في الأسرة والقباب والمنابر، وليس كالثياب والبسط التي تمتهن، وقال أبو سلمة بن عبد الرحمن: ما كان يمتهن فلا بأس به، وأرجو أن يكون خفيفًا. فقال ابن رشد في رسم اغتسل من سماع ابن القاسم من كتاب الصلاة: فتحصل فيها لأهل العلم بعد تحريم ما له ظل قائم أربعة أقوال: إباحة ما عدا ذلك ولو كان التصوير في جدار أو ثوب منصوب، وتحريم جميع ذلك، وتحريم ما في جدار أو ثوب منصوب، وإباحة ما بالثوب المبسوط، وتحريم ما بالجدار خاصة، وإباحة ما بالثوب المبسوط والمنصوب. وسمع القرينان: لا خير في شراء عظام قدر الشبر يجعل لها وجوه ليبيعها لاتخاذها

الجواري بنات يلعبن بها. ابن رشد: قوله لا خير يدل على الكراهة؛ لأن ما لا يحل لا يعبر عنه بلا خير؛ لأن ما لا خير فيه تركه خير من فعله، وهذا حد المكروه، ومعناه إذا لم تكن مجسدة مصورة على صورة الإنسان، وكانت أصنامًا عمل فيها شبه الوجوه بالتزويق فأشبه الرقم في الثوب، وإليه نحا أصبغ في سماعه في كتاب الجامع فقال: لا بأس بما لم يكن تماثيل مصورة مخلوقة مخروطة كرقم الثوب بالصور؛ لأنها تبلى وتمتهن. ابن رشد: إنما استخفت الرقوم في الثياب؛ لأنها لا ظل لها والمحظور ما كان على هيئة ما يحيى وله روح، والمستخف ما كان بخلافه، واستخف منه لعب الجواري. قلت: فظاهر المذهب أن في صور الثياب قولين: الكراهة، وهو ظاهر المدونة، والإباحة وهو ظاهر قول أصبغ، وأيًا ما كان ذلك فلا شيء ينهض ذلك لرفع وجوب الإجابة. وقول ابن شاس: أو ساتر إن أراد بغير ثياب الحرير فلا أعرفه عن المذهب لغيره، وإن أراد بالحرير، فإن كان بحيث يستند إليه كالمسمى في عرفنا "بأكلاف" فصواب، وأما ما لا يستند إليه، وما هو إلا لمجرد الزينة فالأظهر خفته، ولا يصح كونه مانعًا من وجوب الإفاتة، وما ذكره من غلق لا أعرفه، ولا لفظه والصواب إغلاق. وسمع عيسى رواية ابن القاسم: أيدخل الرجل يدعى لصنيع فيجد فيه اللعب. قال: إن خف كالدف والكبر الذي يلعب به النساء فلا بأس. ابن رشد: يريد صنيع العرس أو صنيع العرس والإملاك على ما في سماع أصبغ؛ لأن هذا المرخص في بعض اللهو فيه لما يستحب من إعلان النكاح، واتفق أهل العلم على إجازة الدف، وهو الغربال في العرس، وفي الكبر والمزهر ثلاثة: الجواز قاله ابن حبيب، والمنع قاله أصبغ في سماعه، وهو الآتي على سماع سحنون. ابن القاسم: إن بيع الكبر فسخ بيعه وأدب أهله والمزهر أحرى بذلك، وجواز الكبر دون المزهر، وهو قول ابن القاسم هنا، وفي سماعه عيسى من كتاب الوصايا، وعليه سماع عيسى يقطع السارق في قيمة الكبر صحيحًا، ولابن كنانة في المدنية إجازة البوق في العرس فقيل: معناه في البوقات والزمارات التي لا تلهي كل اللهو.

واختلف فيما أجيز من ذلك فالمشهور أنه مما يستوي فعله وتركه في نفي الحرج في الفعل، ونفي الثواب في الترك، وقيل: من الجائز الذي تركه خير من فعله يرى يكره فعله لما في تركه من الثواب لا أن في فعله حرجًا وعقابًا، وهو قول مالك في المدونة أنه كره الدفاف والمعازف في العرس وغيره. قلت: هو في الجعل والإجارة نص في كراهتها. ابن رشد: قال أصبغ في سماعه إنما يجوز للنساء، ولا يجوز فعله للرجال ولا حضوره، والمشهور جوازهما للرجال، وهو قول ابن القاسم في هذا السماع؛ وسماع أصبغ وقول مالك إلا أنه كره لذي الهيئة أن يحضر اللعب، رواه ابن وهب في سماع أصبغ، وما لا يجوز عمله من اللهو في العرس لا يجوز لمن دعي إليه أن يأتيه. قلت: هذا معروف المذهب في منع حضورها للعب منكر، والأكثر في اللعب المباح الحضور إلا لأهل الفضل والهيئات، وفي مذهبنا فيه قولان. اللخمي: كره أصبغ الغناء إلا بما قالته الأنصار. قلت: بل ظاهر قوله التحريم. قال في سماعه لا يجوز للنساء غير الكبر والدف ولا غناء معهما ولا ضرب ولا برابط ولا مزمار ذلك حرام محرم إلا ضرب الدف والكبر هملًا، أو يذكر الله وتسبيحًا وتحميدًا على ما هدى أو برجزٍ خفيف لا بمنكر ولا طويل مثل الذي جاء في جواري الأنصار. أتيناكم أتيناكم ... فحيونا نحييكم ولولا الحبة السمراء لم نحلل بواديكم وشبه ذلك، ولا يعجبني معه الصفق بالأيدي، وهو أخف. قلت: ولما عرف الخطيب الإمام أبو بكر بن ثابت في تاريخ بغداد، بإبراهيم بن سعد بن سعد بن إبراهيم المدني قال: قدم العراق فأكرمه الرشيد؛ فسأل عن الغناء فأفتى بإباحته، فأتاه بعض المحدثين ليسمع منه أحاديث الزهري فسمعه يتغنى، فقال: كنت حريصًا على السماع منك؛ فأما الآن فلا سمعت منك حرفًا أبدًا، فقال: إذًا لا أفقد إلا شخصك، علي وعلي إن حدثت ببغداد ما أقمت حديثًا حتى أغني قبله، فبلغ ذلك

الرشيد فدعا به فسأله عن حديث المخزومية التي قطعها رسول الله صلى الله عليه وسلم في سرقة الحلي، فدعا بعود فقال الرشيد: أعود المجمر. قال: لا ولكن عود الطرب، فتبسم ففهمها إبراهيم بن سعد فقال: لعله بلغك يا أمير المؤمنين حديث الذي ألجأني إلى أن حلفت. قال: نعم، ودعا له الرشيد بعود فغناه، يا أم طلحة إن البين قد أفدا قل الثواء لئن كان الرحيل غدا. فقال الرشيد: من كان يكره من فقهائكم السماع. قال: من ربطه الله، فقال: هل بلغك عن مالك بن أنس في ذلك شيء. قال: لا والله إن أبي أخبرني أنهم اجتمعوا في مدعاة كانت في بني يربوع؛ وهم يومئذ جلة ومالك أقلهم في فقهه وقدره، ومعهم دفوف ومعازف وعيدان يغنون ويلعبون، ومع مالك دف وهو يغنيهم: سليمى أزمعت بينا فأين تظنها أينا وقد قالت لأتراب لها زهر تلاقينا تعالين فقد طاب لنا العيش تعالينا فضحك الرشيد ووصله بمال عظيم. قلت: إمامة أبي بكر الخطيب وعدالته ثابتة، ونقل ابن الصلاح وعياض وغير واحد معلوم؛ وإبراهيم بن سعد هذا. قال المزني: خرج له أهل الكتب الستة الصحيحان وسنن أبي داود والنسائي وابن ماجة، وجامع الترمذي، وهذه الحكاية مثل نقل عياض القول الشاذ بجوازه. الباجي: لا نص لأصحابنا في وجوب أكل المجيب، وفي المذهب ما يقتضي

القولين، روى محمد عليه أن يجيب، وإن لم يأكل أو كان صائمًا. وقال أصبغ: ليس ذلك بالوكيد وهو خفيف، فقول مالك على أن الأكل ليس بواجب، وقول أصبغ على وجوبه. قلت: رواية محمد يجيب وإن لم يأكل نصٌ فقهيٌ في عدم وجوب الأكل، وعليه حمله اللخمي، فكيف يقول: لا نص. قال اللخمي: قول مالك لا يطعم خلاف الحديث. قال صلى الله عليه وسلم: "فإن كان مفطرًا فليطعم، وإن كان صائمًا فليصل"، ولو جعل على صفة المدعو كان حسنًا فالرجل الجليل لا بأس أن لا يطعم؛ لأن المراد التشرف بمجيئه، وإن لم يكن كذلك، وهو ممن يرغب في أكله؛ وتحدث وحشة بتركه فاتباع الحديث أولى. الباجي: روي عن مالك كراهة إجابة أهل الفضل إلى طعام يدعون إليه. الشيخ: يريد في غير العرس. الباجي: يريد فيما صنع لغير سبب جرت العادة باتخاذ الطعام له، فالطعام ثلاثة: طعام العرس، وطعام له سبب معتاد كالنفاس، والختان لا تجب إجابته ولا تكره، ومقتضى تفسير الشيخ كراهتها، ودليل نفي كراهتها رواية أشهب، قيل له: النصراني يتخذ طعامًا لختان ابنه أفيجيبه قال: إن شاء فأباحه في النصراني فأحرى المسلم، وطعام لا سبب له يستحب لأهل الفضل الترفع عن إجابته، ويكره لهم التسرع لإليه؛ لأنه على وجه التفصل على المدعو إليه، وفي طرر ابن عات: لا بأس أن يحضر وليمة اليهودي ويأكل منها. قال بعض أصحابنا بعد أن يحلفه بالتوارة أنه لم يتزوج أخته ولا عمته ولا خالته. قلت: الأصوب أن الواجب عدم الإجابة؛ لأن في إجابته إعزازًا له والمطلوب إذلاله، وقوله بعد أن يحلفه فيه نظر إن كان ذلك في ملتهم مباحًا. اللخمي: أرى إن كان المدعو قريبًا أو جارًا أو صديقًا فالعرس وغيره سواء،

وطعام العرس عند العرب وليمة، وطعام الختان إعذار، وطعام القادم من سفره نقيعة، وطعام النفاس الخرس، وكل طعام صنع لدعوة مأدبة. قلت: قال الزمخشري وغيره: طعام كمال البناء وكيرة، وما ذكره في المأدبة عزاه أبو عمر لثعلب. قال: وأنشد بعضهم: كل الطعام تشتهي ربيعه الخرس والإعذار والنقيعة أنشده الزمخشري في أساس البلاغة: كل الطعام تشتهي عميره الخرس والإعذار والوكيرة وفي الموطأ في باب الوليمة: "دعا خياط رسول الله صلى الله عليه وسلم لطعام صنعه. قال أنس: فذهبت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى ذلك الطعام فقرب إليه خبزًا من شعير ومرقًا فيه دباءٌ"، وفي رواية: "وقديدًا". أبو عمر: أدخله مالك في باب الوليمة، وليس فيه ما يدل عليها. الباجي: أدخله مالك إبطالًا لمن يحتج عليه به في قول مالك يكره لذي الفضل، والهيئة إجابة الدعاء لطعام صنع لغير سبب باحتمال كونه وليمة. الباجي: ويحتمل أنه لما علم من تبركهم بأكلهم ودخوله إليهم صلى الله عليه وسلم، ولو امتنع من ذلك شق عليهم. قلت: ويحتمل أنه أتى به لإباحة الإجابة في طعام غير الوليمة خلاف قوله بعدمه واختلاف قوله كثير. أبو عمر: اختلف في نهبة اللوز والسكر وسائر ما ينثر في الأعراس والختان

وأضراس الصبيان فكره مالك أكل شيء مما يختلس لصبيان على تلك الحال، وأجازه أبو حنيفة إن أذن أهله فيه. قال أبو عمر: لم يختلف أن سنة هدي التطوع إذا عطب أن يخلى بين الناس وبينه، فيأخذ منه كل من قدر عليه. قلت: هذا ميل لإجازة النهبة وتقييد بعضهم كراهته بأن ربه أحضره للنهبة، ولا يأخذ بعضهم مما حصل في يد غيره. قال: وغيره حرام، وذكر القعنبي عن عائشة قالت: حدثني معاذ بن جبل أنه شهد إملاك رجل من الأنصار مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فخطب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنكر الأنصار، وقال: "على الألفة والخير والطير الميمون، دففوا على رأس صاحبكم"، فدفف على رأسه، وأقبلت السلال فيها الفاكهة والسكر، فنثر عليهم، فأمسك القوم ولم ينتهبوا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما أزين الحلم، ألا تنتهبون؟ " قالوا: يا رسول الله، نهيتنا عن النهبة يوم كذا وكذا، فقال: "إنما نهيتكم عن نهبة العساكر، ولم أنهكم عن نهبة الولائم". قال عبد الحق: في إسناده بشر بن إبراهيم الأنصاري وهو ضعيف الحديث، وفي ذكره ابن عبد السلام دون ذكر قول عبد الحق فيه إيهام بصحته، ولم يتعقبه ابن القطان بحال. ********* ابن شاس: من له زوجة واحدة لا يجب مبيته عندها. قلت: الأظهر وجوبه أو تبييته معها امرأة ترضى؛ لأن تركها وحدها ضرر؛ وربما يتعين عليه زمن خوف المحارب والسارق. الشيخ: روى محمد لا قسم لأم ولد ولا أمة مع حرة، ولا قسم بين السراري. ابن شاس: لا يجب بين المستولدات وبين الإماء، ولا بينهن وبين الإماء، ولا بينهن وبين المنكوحات، إلا أن الأولى العدل وكف الأذى.

وقول ابن عبد السلام: قول المؤلف "الأولى العدل وكف الأذى" الذي يدل عليه لفظ المدونة أن كف الأذى واجب لا أولى. قال فيها: ليس لأم الولد مع حرة قسم، جائز أن يقيم عند أم ولده ما شاء ما لم يضار، ويرد بأن المحكوم عليه بأولى مجموع العدل وكف الأذى لا مجرد كف الأذى فقط وبأن الأذى غير الضرر واجب منه؛ فلا تنافي بين كون ترك الأذى أولى وكون كف الضرر واجبًا، ودليل كونه غيره وأخف منه قوله تعالى: {لَنْ يَضُرُّوكُمْ إِلَّا أَذًى} [آل عمران:111]. قال اللخمي: لا مقال للحرة في إقامته عند الأمة، وفيه نظر، إلا أن يثبت فيه إجماع. وفيها: العبد كالحر والمجبوب، ومن لا يقدر على الجماع يقسم من نفسه بالعدل إذ له أن يتزوج. ابن شاس: يجب على كل مكلف وعلى ولي المجنون أن يطوف به على نسائه. وفيها: يقسم المريض بين نسائه بالعدل إن قدر أن يدور عليهن فيه، وإن لم يقدر أقام عند أيتهن شاء لإفاقته ما لم يكن حيفًا، فإذا صح ابتدأ القسم، والقسم لصغيرة جومعت ومجنونة ورتقاء ومريضة لا تجامع وحائض وكتابية وأمة ككبيرة صحيحة، زاد اللخمي: النفساء والمحرمة ومن آلى منهما أو ظاهرهما على حقهما في الكون عندهما وألا يصيب البواقي إلا أن ينحل من الإيلاء والظهار، وعليه أن ينحل منهما إلا إن قامت بحقها التي لم يؤل منها ولم يظاهر، ومحمل آية الإيلاء على من كان خلوا من غيرها، فإن كان له قسوة فلها مطالبته بالعدل في الإصابة إلا أن يعتزل جميعهن، "وقد غاضب صلى الله عليه وسلم بعض نسائه فاعتزل جميعهن شهرا" أخرجه مسلم والبخاري. وفي كون الأمة كالحرة، أو لها يومان وللأمة يوم روايتان، موجهًا الثانية بأن رق الأمة يمنعها سوم نفسها مساواة الحرة غايتها كونها ضرتها، فلما انتفت المساواة جعلت على النصف قياسًا على حكمها في الحد، وإن كانت حرة نصرانية وأمة مسلمة سوى

بينهما لترجيح النصرانية بالحرية والأمة بالإسلام. قلت: ظاهر الروايات بالتفاوت الإطلاق، فاختيار اللخمي ثالث، وعزا أبو عمر الثانية لابن الماجشون وأبيه، وروى أبو زيد عن عبد الملك أن مالكًا رجع إليها، وهو قول سعيد ابن بشير: إن كان الزوج عبدًا فكل المذهب على التسوية بين الحرة والأمة إلا أن ابن الماجشون قال: تفضل الحرة، وعلى التفاوت قال ابن شاس: إن عتقت في أثناء زمنها أتمه لها كالحرة وبعده استأنف لها كالحرة. اللخمي: ليس له أن يقيم عند إحداهما في يوم الأخرى، واختلف في دخوله لقضاء حاجة فروى محمد له أن يأتي عابرًا أو لقضاء حاجة أو لوضع ثيابه عندها دون وضعها عند الأخرى لغير ميل ولا ضرر، وقال أيضًا: لا يقيم عندها إلا لعذر لا بد منه من اقتضاء دين أو تجر أو علاج، ولابن الماجشون لا بأس أن يقف بباب إحداهما دون الأخرى دون دخول، وأن يأكل مما تبعث به إليه، وهذا أحسن ألا يدخل إلا لضرورة تنزل؛ لأن الغالب اختلاف منزلة الزوجين، وتسويغ وضعه ثيابه وتجره عند إحداهما ذريعة لاختصاصه بذلك من يميل إليه فلا يحصل القسم. وسمع القرينان: سمعت أن معاذ بن جبل كانت له امرأتان؛ فكان لا يشرب الماء من بيت إحداهما في يوم الأخرى، وما أدري ما حقه. ابن رشد: وروي أنهما توفيتا معًا في وباء بالشام فدفنتا في حفرة وأسهم بينهما أيهما تقدم في القبر، وذلك تحر للعدل دون وجوب، لا بأس أن يتوضأ الرجل من ماء إحدى زوجتيه ويشرب الماء من بيتها، ويأكل من طعامها الذي يرسل إليه في يوم الأخرى من غير تعمد ميل، ويقف ببابها يتفقد من شأنها ويسلم من غير دخول. قلت: ففي دخوله لا الإقامة رواية محمد وقول ابن الماجشون مع نقل ابن رشد عن المذهبن واختلف إن أغلقت إحداهما دونه فروى محمد إن قدر أن يبيت في حجرتها وإلا ذهب للأخرى. ابن القاسم: يؤدبها ولا يذهب للأخرى ولو كانت ظالمة. أصبغ: إلا أن يكثر ذلك منها، ولا مأوى له سواهما، وهو أحسن، وروى محمد له أن يبدأ بالليل قبل النهار وعكسه.

الباجي: يريد أن عليه أن يكمل لكل واحدة يومًا وليلة، والأظهر من قول أصحابنا أن يبدأ بالليل. اللخمي: إن رضي الزوج والنسوة كونه يومين وثلاثة جاز، ولو رضي الزوج وحده بيومين أو ثلاثة ففي منعه وتمكينه رواية محمد وتخريج اللخمي على قول ابن القصار بأن له أن يسبع عند الثيب ويحاسب، وقبله المتيطي وغيره، ورده ابن بشير بعدم مساواة حال العروس غيره إذله الزيادة على الجملة، يرد بإنتاجه العكس لاسيما مع أن التسبيع يبطل الاختصاص بالثلاث. اللخمي: إن كان الزوجتان ببلدين جاز قسمه جمعة وشهرًا وشهرين على قدر بعد الموضعين بما لا يضر به ولا يقيم عند إحداهن إلا لتجرأ ونظر ضيعة. قلت: وقاله ابن حبيب. ويجب استقلال كل واحدة بمسكنها: وفي كيفيته عبارتان: الجلاب والمتيطي: لا يجمع بينهن في منزل واحد إلا برضاهن. ابن شعبان في زاهيه: من حق كل واحدة انفرادها بمنزل منفرد المرحاض، وليس عليه إبعاد الدار بينهن. اللخمي وابن رشد في رسم الأقضية الثاني من سماع القرينين: يقضى على الرجل أن يسكن كل واحدة بيتا، ويقضى عليه أن يدور عليهن في بيوتهن ولا يأتينه إلا أن يرضين. قال محمد بن عبد الحكم: وهو صحيح على مذهب مالك، وقد قال مالك: من قال لامرأته: أنت طالق إن وطئتك إلا أن تأتيني أنه مول إذ ليس عليها أن تأتيه. اللخمي: ولا يطأ زوجة ولا أمة ومعه أحد في البيت صغير ولا كبير، ولو كان نائمًا، ونقله الصقلي عن ابن حبيب عن ابن الماجشون بلفظ: لا ينبغي. قال: وكان ابن عمر يخرج الصبي في المهد، وكره في بعض الأخبار أن يكون معه بهيمة. قلت: ما ذكره عن بعض الأخبار لم أجده في كتب الحديث بحال، ومنع الوطء، وفي البيت نائم غير زائر ونحوه عسير إلا لبعض أهل السعة. وفي منع جمع الحرتين في فراش واحد دون وطء وكراهته نقل اللخمي رواية محمد

وقول ابن الماجشون، وفي جمع الإماء كذلك القولان، وثالثها: الجواز لقولي مالك وابن الماجشون. المتيطي: منع ابن سحنون دخول الحمام بزوجتيه معًا وأجازه بإحداهما. قلت: وذكر ابن الرقيق أن أسد بن الفرات أجاب الأمير يحيى بجواز دخوله الحمام بجواريه، وخطأه ابن محرز لحرمة الكشف بينهن. وفيها: ليس عليه المساواة في الوطء ولا بالقلب، ولا حرج عليه أن ينشط للجماع في يوم هذه دون يوم الأخرى إلا أن يفعل ذلك ضررًا أو يكف عن هذه للذته في الأخرى فلا يحل. وسمع ابن القاسم: لا بأس أن يكسو إحداهما الخز، ويحليها دون الأخرى إن لم يكن ميلا. ابن رشد: هذا معروف مذهب مالك وأصحابه أنه إن أقام لكل واحدة ما يجب لها بقدر حالها فلا حرج عليه أن يوسع على من شاء منهن بما شاء، وقال ابن نافع: يجب عليه أن يعدل بينهن في ماله بعد إقامته لكل واحدة ما يجب لها، والأول أظهر. قلت: قول ابن نافع حكاه المتيطي رواية. ****** أن يقيم عنده من تزوجها بكرًا سبعًا وثيبًا ثلاثًا، وفي كونه حقًا للزوجة أو الزوج نقل الصقلي روايتي ابن القاسم وأشهب. اللخمي: في كونه حقا للزوجة لازمًا لها أو له، ثالثها: هو حق لها يؤمر به ولا يجبر كالمتعة لروايتين وقول أصبغ. المتيطي: المشهور أنه لا يلزمه، وروى أبو الفرج لزومه. ابن شاس: في كونه حقا لها أو له روايتان، وقيل: هو حق لهما. قلت: حكاه الباجي عن ابن القصار.

ابن شاس: ثم في وجوبه واستحبابه روايتا ابن القاسم وابن عبد الحكم، وعلى أنه حق لها أو لهما فهل يقضى لها به عليه أم لا؟ قال أصبغ: لا يقضى عليه، وقال القاضي أبو بكر: الصحيح القضاء به، وللصقلي عن أشهب كأصبغ وله والباجي عن محمد بن عبد الحكم يقضى به. ومن ليس عنده غير من تزوجها في سقوط حقها في السبع والثلاث وثبوته طريقا الصقلي عن نص ابن حبيب مع ظاهر قول محمد ونقل ابن شاس عن أبي الفرج عن ابن عبد الحكم. قال القاضي أبو بكر: لا معنى لهذا فلا يلتفت إليه. الباجي عن ابن القصار: والأمة كالحرة. المتيطي: والذمية كالمسلمة. وسمع ابن القاسم: لا يتخلف العروس عن الجمعة، ولا عن الصلاة في جماعة. سحنون: وقال بعض الناس لا يخرج وهو حق لها بالسنة. الصقلي: قال بعض فقهائنا: يريد: لا يخرج لصلاة الجماعة، والجمعة لا يدعها في هذا القول. اللخمي عن ابن حبيب: يتصرف في حوائجه وإلى المسجد، والعادة اليوم أن لا يخرج ولا لصلاة، وإن كان خلوا من غيرها، وعلى المرأة بخروجه وصمٌ، وأرى أن يلزم العادة، ولو أراد أن يسبع للثيب، ويتم لنسائه سبعًا ففي منعه وتمكينه نقلا اللخمي رواية محمد، وقول ابن القصار ونقل ابن شاس عنه بلفظ إن اختارت التسبيع سبع، ثم سبع لغيرها لقوله صلى الله عليه وسلم لأم سلمة، وقد التمست منه ذلك: "إن شئت سبعت عندك وسبعت عندهن، وإن شئت ثلثت عندك وردت عليهن". قال القرافي: بالتسبيع يبطل حقها في التثليث.

قلت: فيجب شرط التسبيع باختيارها كنقل ابن شاس لا لمجرد اختياره كظاهر لفظ اللخمي. قال عن محمد بن عبد الحكم: إن زفت إليه امرأتان في ليلة أقرع بينهما وقبله عبد الحق واللخمي، وقال: على أحد قولي مالك أن لا حق له فهو مخير دون قرعة. قلت: الأظهر إن سبقت إحداهما بالدعاء للبناء قدمت وإلا فسابقة العقد، وإن عقدا معًا فالقرعة. اللخمي: إن عدا بترك يوم إحداهما لا عند الأخرى لم يكن لمن ذهب يومها أن تحاسب بتلك الأيام؛ لأنها لو حوسبت بها لكانت قد أخذت ذلك من يوم صاحبتها، وهي لم يصل إليها إلا حقها. قلت: انظر هل مراده أنه لم يطلع على عدائه إلا بعد قسمه لتالية التي عدا عليها؟ ولو اطلع عليه قبله لزمه يوم التي عدا عليها قبل تاليتها، أو سواء اطلع عليه كذلك، أو قبل قسمة للتالية؟ والأول أظهر. وفيها: إن تعمد المقام عند واحدة منهن شهرًا حيفا لم تحاسب به، وزجر عن ذلك وابتدأ القسم، فإن عاد نكل كالمعتق نصفه يأبق لا يحاسب بخدمة ما أبق فيه. وقال ابن عبد السلام: أنكر هذا التشبيه بأن أكثر أحكام المعتق بعضه كالقن فليست الشركة بينه وبين سيده حقيقية بخلاف الزوجين، ويرد بأن الكثرة المذكورة إنما هي في الأحكام التي تختلف فيه الحرية والرقية لا في الأحكام المالية، في جناياتها إذا جنى المعتق بعضه أو جنى عليه فلسيده أو عليه بقدر ملكه منه وللعبد أو عليه بقدر ما عتق منه، وخرج اللخمي من رواية السليمانية من أقام عند إحدى نسائه الأربع شهرين فأراد مقاصتها فأبت فحلف لا وطئها حتى يقضي الباقيات ليس بمول لإرادته العدل لا الضرر، فأجاز المحاسبة بالماضي. قال: وهو أحسن، ورده ابن بشير بأن عدم الحكم بإيلائه أعم من كونه مع ثبوت القسم للمحلوف عليها ونفيه، وعبر ابن عبد السلام عن قول اللخمي بقوله: قال اللخمي: لو لم يلزم القضاء لكان موليًا وهو ظاهر. قال: ورد بأنه لم يقصد الضرر بذلك؛ بل أراد العدل فهو كمن حلف أن لا يطأ زوجته حتى تفطم ولدها.

وأجيب بأن المرضع وإن لم يقصد ضررها فترك الوطء يعود بنفع على ولدها، ومسألة الزوجات لا يعود لها نفع ولا لولدها، ولذا لو حلف أن لا يطأ المرضع عامين لقصد نفي الضرر عن الولد فمات وقد بقي من العامين أكثر من أربعة أشهر كان موليًا. قلت: يرد بأن موجب نفي الإيلاء في مسألة الفطام عند اللخمي الذي البحث معه إنما هو مجرد عدم قصد الضرر لا بقيد حصول النفع لها أو لولدها لقوله في كتاب الإيلاء: إن حلف على ترك وطئها لإرادة إصلاح جسده وضرره بالوطء، فإن كان ضعيف البنية وضرب أجلًا يرى فيه صلاحه لم يكن موليًا. وفيها: إن رضيت بترك أيامها أو بالأثرة عليها على ألا يطلقها جاز، ولها الرجوع متى شاءت فإما عدل أو طلق. اللخمي: إن أسقطت الحرة يومها أو وهبته لضرتها فللزوج منعها لحقه في المتعة بها، فإن وافقها فالمسقطة كالعدم واختص القسم بمن سواها وللموهوبة يومها، وقال بعض العلماء: إن وهبته له فله أن يخص به واحدة أو يخص القسم بمن سواها ولها الرجوع في حقها متى شاءت كانت الهبة مقيدة بوقت أو لأبد إلا أن يكون اليوم واليومين. قلت: ظاهرها الإطلاق وظاهر قوله. قال بعض العلماء: إن المذهب خلافه، وهو مقتضى قول ابن الحاجب وابن شاس وفيه نظر، لاحتمال كونه كهبة أحد الشفعاء حقه المبتاع، وأحد غرماء المفلس حقه له حيث يستغرقه من سواه، أو كهبة أحد أولياء القتيل حقه القاتل، والأول أظهر، والثاني أجرى على شرائه ذلك. وسمع القرينان: سئل عمن يرضي إحدى امرأتيه بعطية في يومها ليكون فيه عند الأخرى. قال: الناس يفعلونه. قال: أتكرهه. قال: غير أحب إلي. ابن رشد: في هذا السماع من طلاق السنة لا يعجبني شراء المرأة من صاحبتها

يومها من زوجها وأكرهه، أرأيت لو اشترت منها شهرًا وأرجو خفة شراء الليلة، فظاهره أن شراء المرأة الليلة أشد كراهة من شرائها الرجل فيحتمل أن يفرق بأن المرأة لا تدري ما يحصل لها بما أعطت من المتعة إذ قد يصيبها في تلك الليلة وقد لا، والرجل يدري ما يحصل له منه بما أعطى، والكراهة في شراء المدة الطويلة ببينة من كل واحد منهما للغرر، إذ لا يدري كل واحد منهما هل يعيش لتلك المدة هو أو الذي اشترى الاستمتاع به. اللخمي: اختلف في بيعها اليوم وشبهه فروى محمد: لا أحب شراءها من صاحبتها يومًا ولا شهرًا، وأرجو خفته في ليلة. قيل: فإن أرضى إحدى امرأتيه بعطية ليومها ليكون فيه عند الأخرى. قال: الناس يفعلونه وغيره أحب إلي منه، وإن أذنت له في وطء الأخرى في يومها فلا بأس، والتفرقة بين اليسير والكثير لعدم قدرتها على التوفية فيما كثر. قلت: هذا خلاف تفرقة ابن رشد، وليس للأمة إسقاط حقها في قسمها إلا بإذن سيدها كالعزل لحقه في الولد إلا أن تكون غير بالغ أو يائسة أو حاملًا، واستحسن إن أصابها مرة وأنزل أن لها أن تسقط حقها في القسم. قلت: يرد باحتمال خيبتها فيها ورجائه في تكرره. وفي سفره ببعضهن بالقرعة أو باختياره، ثالثها: في الحج والغزو لا التجر لروايتي اللخمي مع الشيخ ورواية القاضي. قال مع محمد واللخمي: له السفر بمن اختصت بمصلحته وشرط القرعة صلاح جميعن للسفر. اللخمي: وليس له ترك القيمة بماله المدبرة لأمره إن أبت إلا أن تكون ثبطة لا تصلح للسفر أو ذات عيال لضرر بخروجها بهم أو دونهم، ومن تعين سفرها جبرت عليه إن لم يشق عليها أو يضرها. المتيطي عن أبي عمر: من أبت السفر معه سقطت نفقتها. الصقلي عن ابن حبيب عن مالك وأصحابه: أحب إتمامه يوم من خرج في يومها إن قدم أثناء يوم وله إتمامه عند غيرها.

قلت: الأظهر على وجوب إتمام كسر اليوم في القصر والعقيقة ونحوهما يجب. اللخمي: إن انقضت أيام بنائه أو مرضه أو سفره لم يحاسب بها، وفي تخييره في ابتدائه بمن أحب مطلقًا، أو سوى التي كان عندها، ثالثها: يقرع بين من سواها وأرى بدأه بأبعدهن قسما ممن يليه ومن كان عندها أخرهن، وإن جهل ترتيبهن أقرع بينهن. وفيها: لا قضاء لها على الزوج لأيام غيبتها عنه لضيعتها أو حج أو عمرة وبقائه مع غيرها. اللخمي: في لغو قولها أحرم عليك مكث أيام غيبتي عند ضرتي مطلقًا أو ما لم تكن على ميل ونحوه روايتا المبسوط ومحمل جواب مالك على قوله فيمن أغلقت الباب دونه أن له المضي لضرتها لا على قول ابن القاسم إلا أن يضره طول غيبتها. وفي الطرر من الاستغناء: المشاور يقضى للرجل على زوجته من الجماع إن تحاكما فيه بأربع مرار في الليلة، وأربع في اليوم كالمرأة مع ضرائرها، حكاه عن ابن القرطي فانظره. قلت: لم أجده في الزاهي وفيه نظر لاقتضائه وجوب الحكم للمرأة مع الضرائر بالوطء. وشقاق الزوجين: إن ثبت فيه ظلم أحدهما الآخر حكم القاضي بدرء ظلم الظالم منهما. ابن شاس: إن نشزت وعظها، فإن لم تقبل هجرها، فإن لم تقبل ضربها ضربًا غير مخوف، وإن غلب على ظنه أنها لا تترك النشوز إلا بضرب مخوف لم يجز. وفي الزاهي: ضرب الزبير بن العوام أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهم، وصاحبتها ضربًا شديدًا وعقد شعر واحدة بالأخرى، وكانت أسماء لا تتقي الضرب فكان ضربها أكثر وأشهر، فشكته إلى أبيها أبي بكر رضي الله عنه فلم ينكره، وأمرها بالصبر عليه. قال ابن شعبان: والذي اختاره أنها إن فحشت عليه أو منعته نفسها، خالفت ما أوجب الله عليها وعظها مرة ومرة ومرة، فإن لم تنته هجر مضجعها ثلاثًا، فإن لم تنته ضربها ضربًا غير مبرح كما جاء في الخبر، وإن لم يتبين ظلم أحدهما ففيه اضطراب. وسمع ابن سهل: أفتى ابن لبابة وابن وليد قاضيًا شكت إليه امرأة ضرر زوجها

بها، ووكلت على مطالبته، وعاودت الشكوى ببعث الحكمين إليهما، وقاله عبيد الله بن يحيى بعد تلوم واستقصاء نظر، كذا في أحكام ابن زياد، وفيه أيضًا: إذا أشكل على القاضي أمر الزوجين، ولم يصل إلى معرفة الضار منهما أرسل الحكمين، وقاله أيوب وابن وليد. وفيه أيضًا: ترددت شكوى امرأة بإضرار زوجها فهل أرسل الحكمين أو أرسلهما إلى دار أمينٍ حتى أفهم كما كانت القضاة تفعل، فهمنا سؤالك ونرى أن ترسل إليهما الحكمين كما قال الله تعالى، لا يجوز غير ذلك، لقوله تعالى: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ} [الأحزاب:36] قاله محمد بن الوليد، وقال أيوب بن سليمان قول أهل العلم في هذا كشف الحاكم أهل الخبرة بهما من أهل الثقة والأمانة، فإن أشكل الأمر، ولم يجد له بيانًا أرسل الحكمين. وفيها أيضًا: كتب إلى عبيد الله بن يحيى قلت: لي إن أبي وعمي لم يحكما بإرسال الحكمين، ولم يجر به عمل هنا إنما كان الذي ينظر به القضاة إخراج الرجل وامرأته إلى دار أمين حتى يفهم به الحال فهل أمضى على الحكمين أو بما كانت القضاة تفعله؟ فقال عبيد الله بن يحيى: لا أرى أمر الحكمين؛ لأنك تحكم بما لم يكن يحكم به من كان قبلك من أئمة العدل كعمك ووالدك، وإخراجهما إلى دار أمين أو إسكان أمين معهما هو الأمر الذي لم تزل القضاة تعمله. ابن سهل: أجوبتهم هذه مضطربة مختلفة غير محصلة. عبيد الله بن يحيى: هذا في جوابه وانظر أمر الحكمين، وقال للقاضي الذي سأله لا أرى أمر الحكمين، ونسي قوله بهما في مسألة ابن تمام، وقال: إنه لم يره لانفراده بحكم لم يحكم به أحد من أئمة العدل، وجهل أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه حكم به على ما حكاه ابن حبيب: وأن عثمان بن عفان بعث حكمين علي بن أبي طالب ومعاوية، وحكم بذلك علي بن أبي طالب رضي الله عنه في خلافته، ولو تدبر السؤال وأتقن فهمه لم يحتج إلى إنكار ما لا يجوز إنكاره؛ لأنه إنما سئل عمن شكت ضررًا فقط فكان جوابه أن يسألها بيان ضررها فلعله منعها من الحمام وتأديبها على ترك الصلاة، فإن بينت ضررًا لا يجوز فعله بها وقف عليه زوجها، فإن أنكره أمرها بالبينة عليه، فإن عجزت وتكررت شكواها

كشف القاضي عن أمرها جيرانها إن كان فيهم عدول، فإن لم يكونوا فيهم أمره القاضي بإسكانها بموضع له جيران عدول، فإن بان من ضرره ما يوجب تأديبه أدبه، وإن كان لها شرط في الضرر أباح لها الأخذ به، وإن عمي عليه خبرها، ورأى إسكانها مع ثقة يفتقد أمرهما أو إسكان ثقة معهما فعل، هذا معنى ما ذكره ابن حبيب عن مطرف وأصبغ، وفي كتاب الجدار لعيسى بن دينار نحوه. ولابن سحنون عن أبيه فيمن ادعت ضرر زوجها، وادعى هو إضرارها وسوء عشرتها وجهل صدقهما اختبر الحاكم أمرهما بأن يجعل معهما أو يجعلهما مع من يتبين له أمرهما فيعمل عليه، وهذا كله يقتضي أن الحكمين إنما يبعثان عند إشكال أمر الزوجين فيما يدعيانه، وبعد طول شكواهما والكشف عن أمرهما. قلت: هذا الذي عليه الأكثر، وقاله ابن فتوح والمتيطي وابن فتحون ولفظه: ويكلف القاضي جيرانها الصالحين تفقد خبرها وضررها، فإن كانت ساكنة معه في مثل هؤلاء القوم لم يلزمه نقلها، ولا يقضي بإسكان أمينة معها، ورأيت لقرعوس بن العباس أن يقضى بذلك، والأول أظهر وأشهر إلا أن يتفق الزوجان عليها، وتكون نفقتها عليهما. المتيطي عن بعض الفقهاء: آية بعث الحكمين محكمة غير منسوخة، والعمل بها واجب لم يترك القول بها عالم حاشى يحيى بن يحيى كان لا يرى بعث الحكمين. قال ابن عبد البر في تاريخه: وأنكر عليه وتبعه ابنه عبيد الله، وأنكر بعثهما على ما استفتاه. ابن فتوح: قال محمد بن أحمد: لم يقض عندنا فيما أدركنا وسمعنا بالحكمين؛ لأنه قل ما يبلغ أمر الزوجين حيث يحتاج إليهما. قلت: ففي بعث الحكمين بمجرد تشاجر الزوجين وشكوى أحدهما الآخر، ولا بينة، وتركه مطلقًا لإسكانهما مع من يقبل قوله إلى تبين الظالم منهما، ثالثها: الواجب إسكانهما معه إن لم يفد مع جيران كذلك، فإن طال أمرهما وتكررت شكواهما بعثهما لهما، لابن سهل عن فتوى ابن لبابة وابن وليد، والمتيطي عن يحيى بن يحيى مع ابنه عبيد الله، والأكثر مع ابن سهل عن أول جوابي عبيد لله بن يحيى.

ابن فتوح عن مطرف: إن شكت ضرره بالبادية، وطلبت نقلها للحاضرة لم يلزمه إلا أن لا يكون حولهما من البادية من يرضى وتكون الحاضرة أقرب، وكذا إن كانت بطرف الحاضرة وليس حولها مني رضى؛ نقلت عنه لمن يرضى. الباجي: إنما يبعث الحكمين الحكام أو الزوجان أو آباؤهما إن كانا محجورين. وفيها: قال ربيعة: لا يبعث الحكمين إلا السلطان. عياض: هذا خلاف قول مالك فيها بإجازة بعثهما الوليان. وفي ثاني نكاحها يجوز ضرب ولاة المياه وصاحب الشرط أجل العنين والمعترض، وفي أقضيتها: سئل عما قضت فيها ولاة المياه. قال: أرى أن يجوز إلا في جور بين. قلت: معنى البعث والزوجان محجوران، أن الزوجة قامت بالضرر، ولو رضيته سقط مقال وليها ولو كان أبًا. قاله عن المذهب الشعبي وابن فتوح وغيرهما. قال ابن فتوح: وكذا كل شرط فيه فأمرها بيدها، وتمامه في التمليك. اللخمي: إن خرجا لما لا يحل من مشاتمة، ووثوب وجب على السلطان بعث الحكمين، وإن لم يطلباه بذلك. الباجي: شرط صحة كونهما حكمين الإسلام والبلوغ والحرية والذكورية والعدالة، وفي كونهما من الأهلين كذلك أو وصف كمال نقلا ابن فتحون عن المذهب وابن بشير مع الابجي، وفي كونهما فقيهين من الأول أو الثاني نقلا الأول مع الثاني والثالث. وفيها: يبعث حكمين من أهلهما عدلين، فإن لم يكونا في الأهلين أو لا أهل لهما فمن المسلمين. اللخمي: يبعث حكمين من أهلهما فقيهين بما يراد من الأمر الذي ينظران فيه، فإن لم يكن في أهلهما ذلك فمن جيرتهما، فإن لم يكن فمن غيرهما، فإن وجد الصالح في إحدى الجهتين دون الأخرى انتقل فيها للجار ثم الأجنبي، وإن كان الزوجان قريبين جاز بعث من هو منهما بمنزلة واحدة كالعمين والخالين أو عم أو خال، ولو جهل السلطان بعث من لا فقه له ولا علم عنده بوجه الحكم فيسأل أهل العلم مضى

حكمهما، وإن حكما بعلمهما سئلا عن صفة ما اطلعا عليه، فإن أصابا الحق مضى حكمهما وإلا رد، وإن بعث أجنبيين مع وجود الصالح للبعث في الأهلين أشبه أن ينقض الحكم لمخالفته النص ويشبه أن يمضي، ولزوم كونهما اثنين هو ظاهر في بعث السلطان مطلقًا. فيها: إن اجتمع الزوجان على بعث رجل واحد أيكون كالحكمين؟ قال: نعم إن صلح لذلك ليس بنصراني ولا عبد ولا صبي ولا امرأة ولا سفيه. الباجي: هذا قول ابن القاسم في المدونة؛ يريد: ولا يجوز ذلك للسلطان ولا لولي اليتيمين؛ لأن الحق للزوجين. ابن فتحون: لا يجوز للإمام أن يحكم واحدًا لمخالفته التنزيل. زاد المتيطي: ولا يجوز لهما ذلك إن كانا رشيدين، ولا لمن يليهما إن كانا في ولاية، فإن جعلا ذلك لواحد عدل لم ينقض. قاله عبد الملك في المدونة. اللخمي: إن حكم السلطان رجلًا أجنبيًا مضى حكمه؛ لأن كونهما اثنين إنما هو إن كانا من الأهلين لاختصاص كل منهما بخبرة من هو من أهله؛ ونسبة الأجنبي لهما على السوية؛ فجرى على الأصل في وحدة الحاكم بخلاف حكمي الصيد؛ لأن حاكم الزوجين بإقامة القاضي؛ وحاكم الصيد بإقامة المطلوب؛ فوجب تعدده لنفي تهمته، ولأن المحكوم له في الزوجين له خصم ليس هو في الصيد، وإن كان التحكيم من قبل الزوجين أو من يليهما سلك في عدد الحكمين وصفتهما كبعث السلطان. قلت: ففي منع الاقتصار على بعث واحد مطلقًا، وجوازه إن كان أجنبيًا مطلقًا، ثالث الطرق يجوز مطلقًا للزوجين معًا فقط، لابن فتحون واللخمي والباجي، وقول ابن الحاجب: ويجوز أن يقيم الزوجان أو الوليان خاصة واحدًا على الصفة لا على غيرها غير الجميع. وفيها: غير المدخول بها مثلها في بعث الحكمين. الباجي: وحكمهما على وجه الحكم لا الوكالة فينفذ، وإن خالف مذهب من بعثهما جمعًا أو فرقًا. ابن شاس: وقيل: بل هما وكيلان.

ابن بشير: حكم الحكمين متردد بين التوكيل والتحكيم وعليه جرى أكثر مسائل الباب. وفيها: ليس بعث الحكمين على وجه تمليك الطلاق يدل عليه دخول المرأة فيه بتحكيمها، ولا مدخل لها في تمليك الطلاق، وقول ابن الحاجب: وهما حكمان ولو كانا من جهة الزوجين لا وكيلان على الأصح؛ فينفذ طلاقهما من غير إذن الزوج، وحكم الحاكم يدل على عدم نفوذه في ذلك على القول بالوكالة، ولا أعلمه في المذهب بحال؛ بل الجاري عليه غير ذلك حسبما يأتي إن شاء الله تعالى. المتيطي وابن فتحون وغيرهما: إذا توجه الحكمان باشرا أمورهما وسألا عن بطانتهما، فإذا وقفا على حقيقة أمرهما أصلحا بينهما إن قدرا وإلا فرقا. زاد فيها: وتجوز فرقتهما دون الإمام، وفي كيفية الفرقة عبارات. الباجي: إن كانت الإساءة من الزوج فرقا، وإن كان من المرأة تركاهما وائتمناه عليها، وإن كانت منهما فرقا على بعض الصداق، لا يستوعب له وعنده بعض الظلم، رواه محمد عن أشهب. قال محمد: وهو معنى قوله تعالى: {فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ} [البقرة:229]. ابن فتحون: إن لم يقدرا على الصلح فرقا بشيء من الزوج أو إسقاطه عنه أو على المتاركة دون أخذ، وإسقاط لا ينبغي أن يؤخذ لها منه شيء، وتبعه المتيطي. اللخمي: إن كان الظلم منه فقط فرقا دون إسقاط شيء من المهر، وعكسه إن كان لا يتجاوز الحق فيها عند ظلمها ائتمناه عليها، وأقرت إلا أن يحب فراقها فيفرقان، ولا شيء لها من المهر، ولعبد الملك في المبسوط: لو حكما عليها بأكثر من المهر جاز إن كان سدادًا، وإن كان منهما أو أشكل أمرهما فرقا وقسما بينهما نصف المهر قبل البناء وجميعه بعده. وفيها لربيعة: إن كان الظلم منه فرقا بغير شيء، وإن كان منهما أعطي الزوج بعض الصداق، وإن كان منها فقط جاز ما أخذا له منها. أبو عمران: هو وفاق إن تأول معنى قوله أضر بها في دعواها. الصقلي: ظاهره إن ثبت ضرره بها لم يأخذا له منها شيئًا.

وقول بعض شيوخ إفريقية: لا يجوز خلع الزوج على أخذ شيء منها إن كان الضرر منهما معًا. قاله متقدم علمائنا، وليست كمسألة الحكمين إن كان الضرر منهما معًا؛ لأن النظر لغير الزوجين إن رأى الحكمان باجتهادهما إعطاء الزوج شيئًا من مالها على خروجها من عصمته جاز- يدل على أن للحكمين أن يعطيا للزوج شيئًا من مالها وإن كان الظلم منهما معًا. أبو حفص: إن كان خلعها إذا كان الظلم منها مائة، فإن كان الظلم منهما جميعًا أخذا له النصف، وإن كان الثلث من قبله والثلثان من قبلها أخذا له الثلثين، وفي العكس العكس. اللخمي: لو انفرد أحدهما بالحكم بالطلاق لم ينفذ، ولو اجتمعا عليه وانفرد أحدهما بالخلع بمال لم يلزما، ولو أمضت الزوجة المال ففي إلزامه الزوج الطلاق نقل اللخمي عن عبد الملك، وتخريجه على قول ابن القاسم لا يجوز إخراج أرفع ما اختلف فيه حكما الصيد؛ لأنه بواحد. قلت: ما عزاه لعبد الملك هو نص قولها، وعزاه الباجي لابن القاسم فيها، وفي قبول الصقلي قول الشيخ: أكثر ما في باب الحكمين يذكر أنه لعبد الملك إلا ما ذكر مالك: نظر؛ لأن مسائله نص بلفظ. قلت: على مساق مسائلها والمعروف إدخال سحنون فيها ما ليس لمالك، وابن القاسم عزوه لمن هو له باسمه أو بلفظ الغير، وقول ابن محرز: كل الباب ليس لابن القاسم فيه شيء يحتمل كونه عنده لمالك أو لعبد الملك، وقوله مذهب عبد الملك هو الذي في الكتاب يحتمل كونه قوله أو مثله. وفيها: لا يحكمان بأكثر من واحدة وهي بائنة، فإن حكما به سقط؛ لأنه خارج عن معنى الإصلاح، وعزاه اللخمي لعبد الملك فيها، وأشهب في الموازية وأبو عمر لابن القاسم. قال اللخمي: ولابن القاسم في الموازية يلزمه ما أوقعاه، وزاد الصقلي عزوه لأصبغ. المتيطي ونحوه لأشهب في شرح ابن مزين، وروى مطرف في ثمانية أبي زيد: إن

اجتمعا على أكثر من واحدة لم يلزم الزوج شيء. قلت: فالأقوال ثلاثة بين عزوها. اللخمي: إن حكم أحدهما بواحدة والآخر بالبتة أو أحدهما باثنين والآخر بثلاث ففي لزوم واحدة ولغو حكمهما، ثالثها: تلزم طلقتان لعبد الملك ومحمد والجاري على قول ابن القاسم. قلت: قد يرد باختلافهما. ابن بشير: إن حكم أحدهما بواحدة والآخر بثلاث أو البتة ففي لزوم واحدة ولغو حكمها فيبتدئانه، ثالثها: إن خالف بالثلاث لا البتة. الصقلي: إن نزعا معًا أو أحدهما قبل حكم الحكمين سقط حكمهما إلا أن يكون النزوع بعد أن استوعبا الكشف عن أمرهما وعزما على الحكم أو البعث من السلطان. الصقلي: لعله يريد إن نزع أحدهما فقط، ولو نزعا معًا، ورضيا بالبقاء انبغى أن لا يفرقا. المتيطي، وغير واحد: فإذا حكما أخبرا القاضي بمحضر شهيدي عدل بما اطلعا عليه من أمرهما وحكمهما، وكذا كل من استخلفه القاضي على ثبوت شيء أو إنفاذه. قال بعض الموثقين: ورأيت لابن العطار وغيره من الموثقين أنهما يشهدان بذلك عند القاضي ولست أراه؛ لأنهما حاكمان لا شاهدان، ولابن عات عن ابن رشد: لا يعذر في حكم الحكمين؛ لأنهما لا يحكمان في ذلك بالبينة القاطعة؛ بل بما خلص لهما من علم أحوالهما بعد النظر والكشف. قلت: المنفي في لفظ المتيطي هو إعذار القاضي في إخبارهما بموجب حكمهما، وفي لفظ ابن عات هو إعذار الحكمين عند إيقاعهما الحكم. اللخمي: اختلف إن حكم الزوجان الرشيدان غير عدل أو امرأة أو صبيًا، فقال عبد الملك: حكمهما منقوض؛ لأنه غرر وتخاطر ويختلف إن حكما رجلين ظناهما عدلين في إمضاء حكمهما؛ في الموازية إمضاؤه كقضاء قاض بشهادتهما، واختلف في الشاهدين، ورأى الكشف عن حكمهما، فإن كان صوابًا مضى؛ وإلا رد بخلاف الشاهدين لتعذر الوصول لمعرفة صدقهما.

ابن محرز: لو حكما امرأة أو عبدًا ففي نقض حكمهما خلاف. ابن فتوح عن مطرف: لا يجوز تحكيمهما كالمسخوط، وقال ابن الماجشون: تحكيم العبد والمرأة البصيرين العارفين المأمونين جائز، وحكمهما لازم ما لم يكن خطأ بينا وقاله أصبغ وأشهب، واستدل بأن عمر بن الخطاب رضي الله عنه ولى الشفاء أم سليمان بن أبي حتمة سوق المسلمين، ولا بد لوالي السوق من الحكم، ولو في صغير أمر، ونقل ابن عبد السلام عن بعض الشيوخ اختلف في تحكيم المرأة والعبد والصبي الذي يعقل بالجواز والمنع في العبد خاصة؛ لا أعرفه وهو عكس نقل عبد الحميد الصائغ قال: لا يجوز أن يتراضيا بحكم صبيين والمرأة أدخل في الجواز، وأما العبدان فالصواب عند بعض شيوخنا المحققين جواز حكمهما وجواز شهادتهما خلافًا لما قاله فقهاء الأمصار في الشهادة، ولابن رشد في رسم الشجرة من سماع ابن القاسم في الشهادات لا يجوز تحكيم النصراني، ولا الصغير الذي لا يعقل. واختلف في المرأة والعبد والمسخوط والمولى عليهم والصغير الذي يعقل فأجازه أصبغ في الجميع ومنعه مطرف فيهم وأجازه ابن الماجشون مرة في المرأة والعبد، وكذا المولى عليه على قياس قوله، وأجازه أشهب فيهم غير الصبي، وقال ابن حبيب في كتاب الأقضية: اتفقوا على أنه لا يجوز تحكيم صبي ولا معتوه ولا من على غير الإسلام واختلفوا في المرأة والعبد والمسخوط.

كتاب الطلاق

[كتاب الطلاق] الطلاق صفة حكيمة ترفع حلية متعة الزوج بزوجته موجبًا تكررها مرتين للحر، ومرة لذي رق حرمتها عليه قبل زوج.

وقول ابن عبد السلام، ولم يرسمه ابن الحاجب؛ لأن حقيقته مشعور بها للعوام فضلًا عن الفقهاء؛ يرد بأن المشعور به لهم وقوعه من حيث صريح لفظه؛ أما حقيقته فلا ولا لبعض الفقهاء، وقبل المتيطي صرف الخطابي الكراهة في حديث: "أبغض

الحلال إلى الله الطلاق" لسوء العشرة لا للطلاق لإباحة الله تعالى، وفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم. قلت: الأقرب كونه منه صلى الله عليه وسلم كان لسبب رجحه، ومحمل كونه أبغض أنه أقرب الحلال إلى البغض فنقيضه أبعد عن البغض؛ فيكون أحل من الطلاق كقول مالك: إلغاء البياض أحل، والحديث خرجه أبو داود عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم. الخطابي: المشهور فيه عن محارب بن دثار مرسلا، وقال فيه عبد الحق: يروى مرسلا، وتعقب قوله ابن القطان: بأن إرساله مرة لا يضر في صحة إسناده وصححه. اللخمي: إن كان الزوجان على أداء كل منهما حق صاحبه استحب البقاء، وكره الطلاق لحديث: "أبغض الحلال"، وغن كانت الزوجة غير مؤدية حقه كان مباحًا، فإن كانت غير صينةٍ في نفسها استحب فراقها إلا أن تعلق بها نفسه لقوله صلى الله عليه وسلم للذي قال: إن زوجته لا ترد يد لامس "فارقها. قال: إني أحبها. قال: فأمسكها"، ولأنه لا

باب طلاق الخلع

يأمن أن تلحق به غير ولده. قلت: خرج الحديث النسائي، وصححه عبد الحق، ولم يتعقبه ابن القطان، ورجاله ثقات. قال عبد الحق: ذكر القاضي ابن صخر في فوائده عن الأصمعي قال: إنما كنى عن بذلها الطعام، وما يدخله عليها لا غير. قلت: ذكره النسائي في ترجمة نكاح الزانية. اللخمي: وإن فسد ما بينهما، ولا يكاد يسلم دينه معها وجب الفراق، وزاد ابن بشير: حرمته، وهو إذا خيف من وقوعه ارتكاب كبيرة مثل أن يكون لأحدهما بالآخر علاقة إن فارقها خاف ارتكاب الزنا، وقال يكون مندوبا إليه إن وقع من الكراهة ما لا تحسن الصحبة به، ولم يؤد لتضييع الحدود، وتقدم للخمي كون هذا مباحًا. قال ابن بشير: ويكون مباحًا إن خاف فساد الزوجة وأمكنه الفراق، ولم تتشوف نفسه إليها، وتقدم للخمي كون هذا مندوبا إليه. [باب طلاق الخلع] وهو نوعان: بعوض منها أو من غيرها ودونه، فالأول سماه كثير خلعًا. وفيها: ما الخلع وما المبارأة وما الفدية.

قال: قال مالك: المبارئة التي تبارئ زوجها قبل البناء تقول خذ الذي لك وتاركني، والمختلعة التي تختلع من كل الذي لها، والمفتدية التي تعطيه بعض الذي لها وكله سواء، وروى محمد بن يحيى: المبارئة التي لا تأخذ ولا تعطي. قلت: هذا يتناول أكثر صور الطلاق الرجعي، وروى المختلعة التي تعطي ما أعطاها وزيادة عليه، والمفتدية التي تعطي بعض ما أعطاها، وكذا المصالحة، ونقل ابن عبد السلام عن بعضهم: أن المفتدية التي تترك كل ما أعطاها، وقال أبو عمر: الخلع والصلح والفدية سواء، وهي أسماء مختلفة ومعان متفقة، ومنهم من قال: الخلع أخذ الكل، والصلح أخذ البعض، والفدية أخذ الأكثر والأقل. ابن محرز: الخلع معاوضة لا عطية؛ لأنها لو ماتت أخذ العوض من تركتها، ووقع لمحمد إن أحال الزوج عليها من له عليه دين فمات فللمحال الرجوع على الزوج بدينه، وذكر المتيطي الأول، وقال: هو المشهور وما في الموازية خلافه. **** ابن زرقون: قال ابن القصار مكروه؛ لأنه يبين المدخول بها. اللخمي: إن كان الضرر منها فقط أو لا ضرر منهما جاز أخذه منها على طلاقها أو إبقائها، وإن كانت منه فقط جاز على إبقائها على طلاقها، وإن كان منهما فهي مسألة الحكمين. الباجي: إن كان الضرر منهما فقال بعض القرويين: لا يجوز أن يأخذ منها شيئًا،

وهو نص من تقدم من علمائنا، ويجوز بحكم الحكمين، وعندي إذا جاز في الحكمين فهو باتفاقهما أولى. ابن حارث: اتفقوا في الحكمين فهو باتفاقهما أولى. ابن حارث: قال اتفقوا إن خالعها أو صالحها أنها واحدة بائنة، ولو شرطت أنها رجعية فروايتان للأكثر، والقاضي مع الباجي عن ابن وهب. قال: وأخذ بها سحنون فخرجهما اللخمي على أن البينونة شرع أو باختيار الزوجين. ويتقرر بالفعل دون قول: لنقل الباجي رواية ابن وهب من ندم على نكاحه امرأة فقال أهلها نرد لك ما أخذنا وترد لنا أختنا، ولم يكن طلاق ولا كلمة فهي تطليقة، وسماع ابن القاسم: إن قصد الصلح على إن أخذ متاعه وسلم لها متاعها فهو خلع لازم ولو لم يقل أنت طالق، وفي أنت طالق طلاق الخلع ثلاث رجعية وبائنة وثلاث، للخمي عن مطرف مع أشهب، وابن عبد الحكم، وابن القاسم مع مالك وابن الماجشون. وفيها لمالك: من قال أخالعك على أن أعطيك مائة دينار فقبلتها فهي طلقة بائنة، وكذا لو لم يعطها. قال غيره عنه طلاق، والمطلق طلاق الخلع هو البتة؛ لأنه لا تكون واحدة بائنة إلا بخلع، فصار كمن قال لزوجته التي بنى بها: أنت طالق طلاق الخلع، وروى ابن وهب وابن القاسم فيمن طلق امرأته وأعطاها هي طلقة رجعية، وروى غيره عنه أنها بائنة وأكثر الرواة أنها رجعية. قلت: يجب عود ضمير فاعل صار على من قال أخالعك، وإلا كان تشبيه الشيء بنفسه. عياض: وهم أبو بكر بن عبد الرحمن وغيره نقل اختلاف الرواة فيمن طلق وأعطى، وقالوا إنما وقعت المسألة في موطأ ابن وهب والأسدية والموازية فيمن صالح وأعطى أو خالع وأعطى لا من طلق وأعطى، ورواية ابن القاسم فيمن طلق وأعطى غير مخالفة لروايته فيمن خالع على إن أعطى مائة أنها بائن، وترجح أبو عمران في احتمالهما الخلاف والوفاق، وفي الموازية فيمن طلق وأعطى غير مخالفة لرواية إن جرى الأمر بينهما بمعنى الخلع والصلح فهي بائنة وإلا فرجعية. قال بعض شيوخنا: والخلاف في مسألة من طلق طلاق الخلع إنما هو بعد البناء،

باب المطلق بالخلع

ولا يختلف فيها قبل البناء أنها واحدة، وتعليله يبينه. وقول ابن عبد السلام في مسألة المدونة فيمن طلق وأعطى نسب غير واحد رواية ابن وهب فيها إلى الوهم، يرد بأن الوهم المذكور إنما هو في ذكر اختلاف الرواة فيها بأنها بائنة، ورواية ابن وهب فيها أنها رجعية، وهي موافقة للأصول، ورواية ابن القاسم. الباجي: إن صالحها على عطية منه لها جهلًا، وظن أنه وجد الصلح، فروى ابن وهب أنها طلقة رجعية، ثم رجع فقال: هو خلع، وقاله ابن القاسم في المدونة، وعزا ابن حبيب القول: بأنها البتة في أنت طالق طلاق الخلع لابن الماجشون وقال به، والقول بأنها رجعية لمطرف، وزاد اللخمي: ولأشهب وابن عبد الحكم وأخذه منها مالًا على أن لا رجعة، في كونه خلعًا بالولى أو بأخرى، ثالثها: إن ارتجع رد المال وإلا فلا، لابن وهب، وابن القاسم مع مالك، وأشهب. وفيها: شرطه في خلعها إن طلبته عادت زوجة باطل في الموازية إن ظنا صحته فطلبته فعادت ووطئها فارقها، وإنما لها بإصابته ما رده كان أكثر من مهر مثلها أو أقل، الصقلي عن بعضهم: إن قصر المردود عن ربع دينار أتمه، في الموازية لو صالحها ثانية بعد حملها منه بطل ورد لها خلعها. [باب المطلق بالخلع] المطلق بالخلع من صح طلاق: ابن فتوح وابن فتحون: يجوز للأب ووصيه والسلطان وخليفته المبارأة عن الصغير بشيء يسقط عنه أو يؤخذ له لا على غير ذلك، وكذا السيد في عبده الصغير. قلت: هذا خلاف قول اللخمي يجوز أن يطلق على السفيه البالغ والصغير دون شيء يؤخذ له قدر يكون بقاء العصمة فسادًا لأمر جهل قبل نكاحه، أو حدث بعده من

كون الزوجة غير محمودة الطريق أو متلفة ماله. وفيها لمالك: لما جاز للأب والوصي إنكاح الصغير المرأة الموسرة رغبة له، فكذا يطلقان عليه بالمال، ثم قال: لا يجوز أن يطلق على ابنه الصغير إنما يجوز أن يصالح عنه، ولم يجز طلاقه؛ لأنه ليس موضع نظر في أخذ شيء له إنما الطلاق بالمعنى الذي دخل منه النكاح المغبطة فيما يصير إليه، ولا يطلق السيد على عبده الصغير إلا بخلع يأخذه. وروى ابن نافع فيمن زوج وصيفه وصيفته قبل البلوغ تفرقته بينهما على وجه النظر، والاجتهاد قبل بلوغهما جائز، وقال ابن نافع: لا يجوز إلا على وجه الخلع. ابن رشد: ذو عقد حرية على عدم جبره على النكاح لا يخالع عنه، وعلى جبره في الخلع عنه قولان، وفي خلع الولي عن سفيهه البالغ بغير أمره سماع ابن القاسم في الجنايات مع ابن رشد عن دليل نكاحها الأول، وابن حبيب وابن الماجشون مع قولها في إرخاء الستور، وجعل ابن الحاجب الأول المشهور، وعكسه ابن فتحون، وبأمره جائزة ماضية. وفي السيد عن عبده البالغ نقلا ابن بشير، وجعله الأول المشهور خلاف ظاهرها، وقول ابن فتحون: العبد البالغ كالسفيه، وقول ابن شاس اختلف في صحة خلع السفيه لا أعرفه. قال: وعلى صحته لا يبرأ المختلع بتسليم المال إليه؛ بل إلى الولي، وقال اللخمي: إن كانت رشيدة والزوج سفيه مضى الخلع؛ لأن الطلاق لا يرد، وإن كان في الخلع غبن كمل له خلع المثل. قلت: فيجب صرف الخلاف الذي نقله ابن شاس لتكميل خلع المثل لامتناع رفع الطلاق، وتفسير ابن عبد السلام كلام ابن الحاجب مجمل، وظاهر كلام الموثقين براءة المختلع برفع الخلع للسفيه دون وليه. قال ابن فتحون والمتيطي: لا يفتقر المبارئ للوصي؛ لأن الطلاق إنما هو للسفيه بخلعه يأخذ منها أو يسقط دينا عليه فلا إذن للوصي في ذلك. قلت: لأنه عوض عن غير متمول السفيه مستقل به فصار كهبة خلع المريض تام، وفي إرثها إياه المنصوص، وتخريج اللخمي من قول المغيرة: من حلف ليقضين فلانًا حقه فحنث في مرضه بمال طرأ له لم يعلم به حتى مات لم ترثه، ونفي التهمة في خلع

باب باطل الخلع

المريض أبين مع تخريج بعضهم من نقل الباجي رواية زياد ابن جعفر في طلاقه بحنث في مرضه من سببها كمن حلف في صحته بطلاقها إن دخلت الدار فدخلتها في مرضه قصدا للطلاق أنها لا ترثه، ومن رواية زياد في المملكة في المرض أنها لا ترثه، وعلى الأول قال محمد وأبو عمران: ترث. مما أعطته، كذا نقله الصقلي وعبد الحق في تهذيبه، ونقل ابن عبد السلام عن أبي عمران عن مالك أنها لا ترث منه؛ لا أعرفه. [باب باطل الخلع] ***** لأن عوضه غير مالي، والمذهب صحته من غير الزوجة مستقلًا. قلت: ما لم يظهر قصد ضررها بإسقاط نفقة العدة فينبغي رده كشراء دين العدو. وفيها: من قال لرجل طلق امرأتك ولك علي ألف درهم ففعل لزم ذلك الرجل، والرشيدة، ولو كانت ذات أب مستقلة والتوكيل منه أو منها عليه جائز لازم ما وقع به، ويلزم وكيلها دفع العوض إلا أن يشترطه عليها كالبيع. وفيها: إن وكل بصلحه رجلين فخالعها أحدهما لم يجز إلا بهما كالبيع لا

كرسولي طلاق. ابن رشد: لو صالح عنها أجنبي دون إذنها ففي ضمانه العوض، وإن لم يشترطه أو بشرطه قولان لأصبغ في نوازله كالواضحة مع ابن حبيب وصلح المدونة، وظاهر قول ابن القاسم مع روايته في إرخاء الستور منها مع سماعه يحيى، ولابن رشد في نوازل أصبغ في التخيير، وثالثها: لابن دينار: إن كان ابنًا أو أبًا أو أخًا ضمن. وفيها: لا تختلع أمة ولا أم ولد إلا بإذن السيد، فإن فعلا دونه فله رده، ولا تتبع به الأمة إن عتقت، ولزم الزوج الخلع. اللخمي: وكذا المدبرة، ومرض السيد فيا لأمة كصحته، وفي المدبرة وأم الولد على منع السيد انتزاع مالهما فيه، يوقف الخلع لصحته؛ فيكون له رده أو موته فيمضي. وفيها: يجوز للمكاتبة بإذن السيد، فقيده سحنون باليسير التافه. اللخمي: إن وقع دون إذنه وقف المال إن لم يضر بيعها، إن أدت نفذ للزوج، وإن عجزت رد، وإن أسقط سعيها رد لها، وليس للسيد إسقاطه على قول أشهب، وهو أحسن إن أدت أخذ منها الزوج، وإن عجزت تبعها به متى عتقت؛ لأنها قضت به دينها، وإن كانت معتقة إلى أجل. انتهى. ولم يذكر لها جوابًا، والأظهر أنها كأم الولد وقرب أجلها كمرض السيد وقاله ابن بشير. ابن شاس: إذن السيد للأمة في الخلع لا يوجب ضمانه، وبه يجب تفسير قول ابن الحاجب لا يضمنه السيد لمجرد الإذن، وقال ابن عبد السلام: معناه أن إذن السيد لها في التجر لا يستلزم الإذن في الخلع لعدم منفعة السيد به، وفي الإشراف المأذون لها في التجر يمضي خلعها إن وقع، فكأنه رأى فيه منفعة لها ولسيدها. قلت: تفسيره بما ذكر يرد ببعده عن لفظ ابن الحاجب، وللشيوخ فيها مقالات الأولى ما ذكره عن الإشراف، وقال ابن فتحون والمتيطي ما نصه: إن اختلعت أمة نفذ الخلع، وللسيد رد ما أعطته إلا أن تكون مأذونة فينفذ خلعها إن كان خلع مثلها وكان حظا لها وخلعها في مالها لا في رقبتها ولا في مال سيدها، وقال ابن محرز: لا يجوز خلع المأذون لها في التجرد دون إذن سيدها؛ لأنه دفع مال بغير عوض، ولم يختلف فيه لقوة

حق السيد كالمكاتبة، ولم يحك ابن رشد غيره. ولغرماء المدينة رد خلععها، والفرق بينه وبين النكاح؛ لأنه لا تمس الحاجة إليه فكأنهم عاملوه عليه. وفي كتاب الصلح منها: ليس للمدين الصلح عن دم عمد بأموال الغرماء، وفي غير المدونة إن وقع مضى، فعلى هذا يمضي الخلع إن وقع، وكأنهم عاملوها على التصرف في مالها بما يجلب لها نفعًا أو يدفع ضررًا ولو كان نادرًا. قلت: مفهوم قوله أو لا منعه ابتداء، ومقتضى تعليله جوازه. ابن رشد: في جواز مخالعة المدينة دون إذن غرمائها قولان. وسمع يحيى ابن القاسم إن صالحت الصبية التي توطأ، ولم تبلغ المحيض بمال دفعته للزوج جاز ووقعت الفرقة، وكان له ما أعطته. ابن رشد: مثله روى ابن نافع وزاد إن أعطته مالًا يختلع به مثلها رد جميعه ونفذ طلاقها، وقال أبو بكر بن محمد: معروف قول أصحابنا رد المال وإمضاء الخلع، وقاله ابن الماجشون في الواضحة: ولا خلاف فيه إن كان ما خالعت به ليس خلع مثلها، إنما الخلاف في خلع مثلها، فالقول بنفوذه؛ لأنه وقع على وجه نظر لو دعي له الوصي ابتداء فعله، والأول المشهور، وفي العتبية عقبها قال سحنون: إن كرهت اليتيمة البالغة البكر زوجها فافتدت منه قبل البناء بما أخذ منها أو حطته عنه جاز ولزمها. ابن رشد: هذا معلوم قول سحنون أن البكر التي لم يول عليها بأب أو وصي أفعالها جائزة إن بلغت المحيض، وقاله غير ابن القاسم في ثاني نكاح المدونة ورواه زياد. قلت: زاد الصقلي قال في كتاب ابنه: من لم يجزه لم أعنفه، أصبغ: لا يجوز ما بارأته به الصغيرة أو السفيهة، وكذا بعد موت أبيها قبل البناء، ويمضي الطلاق، ويرد ما أخذه الزوج، ولو أخذ حميلًا بما يدركه في نصف المهر الذي بارأته به غرمه، ورجع به على الحميل. قلت: قال ابن فتحون: إن أخذ حميلًا بما التزمت له أو أسقطته، ثم ثبت كونها في ولاية رجع الزوج بما يغرمه على الحميل، وقال المتيطي في أقضية فضل عن ابن

الماجشون: إن لم يعلم الزوج سفهها رجع على الحميل، وإن لم يعلم بذلك؛ لأنه دخل فيما لو شاء كشفه، وإن علم الزوج ذلك فلا سبيل له إلى الحميل. قلت: ظاهر قول ابن رشد؛ لأنه وقع على وجه النظر، ولو دعي له الوصي ابتداء فعله مع قوله، وعلى هذا يختلفون في الصبي يبيع أو يبتاع أو يفعل ما يشبه البيع والشراء مما يخرج على عوض، ولا يقصد به معروف، وهو سداد ونظر، فلا ينظر فيه الأب ولا الوصي حتى يكون غير سداد بنماء أو حوالة سوق بزيادة فيما باعه أو نقص فيما ابتاعه. قيل: لا ينقض اعتبارًا بحاله يوم وقع وعليه سماع يحيى ورواية ابن نافع في المدنية، وقول أصبغ في الخمسة، وقيل: ينقض اعتبارًا لحاله يوم النظر، وعليه القول برد المال، وإمضاء الخلع، أن الخلاف في خلع الصبية، ولو كانت ذات أب أو وصي، وظاهر قول اللخمي: اختلف في خلع الصغيرة، إذا لم تكن في ولاية فأجازه ابن القاسم في العتبية ومنعه أصبغ. ابن الجلاب: إنما هو إذا لم تكن في ولاية أو وصي، وأجرى قول سحنون على ما ذكر ابن رشد، وزاد أو على قول أشهب في السفيه أفعاله على الجواز ما لم يحجر عليه. قال: وعلى أن أفعاله مردودة يرد الخلع إلا أن يكون بحيث لو رفع للحاكم رآه حسنا، ويختلف في خلع السفيهة الثيب إذا لم تكن في ولاء قياسًا على بيعها وشرائها، وأرى أن ينظر في حال الزوجين في الجميع، فإن كان بقاء الزوجة أحسن لها رد المال ومضى الطلاق، وإن كان الفراق أحسن أمضيا. وفيها: للأب أن يخالع على ابنته الصغيرة بإسقاط كل المهر، وإن خالع عنها به بعد البناء قبل بلوغها جاز عليها، وله أن يزوجها قبل بلوغها كالبكر. اللخمي: إن كانت ثيبًا تأيمت قبل البلوغ، ثم بلغت فقيل: يجبرها على النكاح، فعليه له أن يخالع عنها، وقيل: لا يجبرها ولا يخالع عنها. وفي خلع الوصي عن يتيمته دون إذنها، ثالثها: إن لم تبلغ، للخمي عن رواية ابن نافع: لا بأس أن يبارئ الوصي عن يتيمته، وإن زوجها أبوها قبل إيصائه إليه مع قول أصبغ: إن خالع عمن في ولايته بأقل من نصف المهر قبل البناء على النظر لفساد وقع أو ضرر؛ جاز، ولروايتها، ولعيسى عن رجوع ابن القاسم إلى جواز مبارأة الوصي

والسلطان على الصغيرة إن كان حسن نظر، وهو أحسن، وعلى الثاني المشهور. قال ابن فتحون والمتيطي: للمحجورة أن تخالع بإذن أبيها أو وصيها وتقول بعد إذنه لما رآه من الغبطة، وفي اختصار الواضحة قال فضل: قال ابن القاسم في المدونة: يجوز مبارأة الوصي عن البكر برضاها. قلت: فالأرجح عقده على الوصي برضاها لا عليها بإذنه خلاف قصره بعضهم عليها بإذن الوصي اتباعًا منه للفظ الموثقين، وأظنه لعدم ذكره قول ابن القاسم فيها وعليه لو بارأ غير الأب عن البكر. قال في اختصار الواضحة: الطلاق نافذ، ويرجع الزوج بما يرده للزوجة على من بارأه عنها، وإن لم يشترط ضمانه؛ لأنه المتولي وضعه عنه. وفي خلع الأب عن ابنته الثيب في حجره كالبكر، ووقفه على إذنها اختيار المتيطي مع نقله عن ابن أبي زمنين قائلًا: عليه جرت فتوى شيوخنا وفقهائنا واختيار اللخمي وقول ابن العطار مع ابن الهندي وغيرهما من الموثقين، وافتتح المتيطي الكلام على المسألة بقول مالك فيها: إن خالع عن ابنته الثيب البالغ بعد البناء على إن ضمن للزوج المهر فلم ترض الابنة بطلب الأب أخذت به الزوج، ورجع به على الأب. قال ابن أبي زمنين: لم يبين هل هي في ولاية أبيها، ثم ذكر ما تقدم عنه، وفي جعلهما إياها من مسألة خلع الأب عنها نظر؛ لأن حاصلها خلعه على ضمانه المهر، وضمانه التزام لغرمه الملزوم لبقائه لا لإسقاطه، والمختلف فيه خلعه على إسقاطه، وهي التي أشار إليها ابن رشد في ضمان من صالح عن أجنبية دون إذنها من سماع يحيى حسبما مر في قول ابن عبد السلام الأقرب في النظير إن خشي على مالها صح خلعه عنها، وإن خشي على غير ذلك من سوء عشرة، ونحوها لم يجز؛ لأن النظر في المال من حق الأب. وفي حقوق الزوجة من حق المرأة، ولو كانت سفيهة على الصحيح نظر؛ لأن خلع من هذه صفته لا يحل له فلا يجوز؛ لأنه إعانة على أكل المال بالباطل، ولأن صون المال عنه متيسر؛ لأن من هذه صفته لا حق له إلا في المتعة بنفس الزوجة. وسمع يحيى رواية ابن القاسم في التخير من صالح امرأته في مرضها على دار أو أرض يقبضها، وذلك قدر ميراثه يوم صالح جاز، فإن هلك بقية مالها فلا رجوع

لورثتها عليه؛ لأنه في ضمانه، ولا حجة لهم في عين ما أخذ كبيعها إياه. ابن رشد: روى ابن وهب جواز خلع المريضة بخلع مثلها، وظاهر رواية الموازية معها عدم جوازه مطلقاً، وثالثها: يجوز إن كان قدر ميراثه. وفي كونه يوم الخلع أو الموت قولا ابن القاسم في هذا السماع مع ظاهر قوله فيها، وأصبغ مع ابن نافع فيها، فعلى الأول يتعجله وعلى الثاني إن كان معيناً وقف لا تتصرف فيه إلا أن تحتاج لاستنفاقه إن صحت أخذه، وثمنه إن استنفقته، وإن تلف ضمنه، وإن ماتت أخذه أو ما أدرك منه إن فات باستنفاق أو غيره إن كان قدر إرثه، وإن كان أكثر فلا شيء له منه، ولا إرث بحال، وإن كان شائعاً، وهي غنية لم يوقف عنها شيء من مالها، ولها النفقة منه كالمريض في مرضه إن صحت مضي ذلك عليها، وإن ماتت نظر فيه كما تقدم. وقوله: (لا حجة لهم في عين ما أخذ كبيعها) خلاف حكاية سحنون عن بعض أهل العلم لا يجوز لمريض بيع أغبط ماله من بعض ورثته، وإن لم يحاب في ثمنه. قلت: ونقل اللخمي عن القاضي له ما خالعها عليه إن حمله ثلثها؛ لأن طلاقه بطوعه صيره أجنبياً فصح له خلعها كعطية مريض؛ رابع، ولم يفصل في وقف الخلع بين كونه معيناً أو شائعا، وقال: اختلف في وقف الخلع فقال ابن نافع: يوقف، وقال أصبغ في الموازية. قال: ولا يمكن منه إن صحت أخذه، وإن ماتت كان له منه قدر إرثه، وقال في كتاب طلاق السنة: يترك في يدها لا تمنع من بيع، ولا شراء، ولا نفقة بالمعروف. قلت: قوله: (إن ماتت كان له منه قدر إرثه) ظاهر في أنه إن كان أكثر من إرثه أخذ منه قدره خلاف ما تقدم لابن رشد إن كان أكثر فلا شيء له منه، ولا إرث بحال، وفي اختصار الواضحة مثل نقل اللخمي قال: وأرى إن كان الخلع عيناً أن لا يوقف، وإن كان عبداً أو داراً وقف ومنعت من التصرف فيه إن صحت أخذه، وإن ماتت خير الورثة في إجازته له ورده ميراثاً، ويكون في حقه في الإرث على الوفاء شائعاً، ولو كانت قيمة ما خلع بهعليه أقل من قدر إرثه، لأنه لم يترك فضلة إلا لغرضه في عين الخلع. وفيها لمالك: إن اختلعت في مرضها وصحته بكل ما لها يجز، ولا يرثها.

ابن القاسم: إن اختلعت على أكثر من ميراثه لم يجز، وعلى مثل إرثه منها فأقل جاز، ولا يتوارثان، وقال ابن نافع مثله. عياض: في كون قول ابن القاسم تفسيراً أو خلافاً قولا الأكثر، والأقل مع محمد. اللخمي عن محمد: إن أوصت بوصية لم تتعلق بخلعها؛ فتخرج من الباقي من متروكها بعد عزل الخلع منه، ويضم الخلع للباقي بعد الوصايا، فيعتبر قدر إرثه منه إن كانت الوصية بجزء ثلث أو ربع، وإن كانت بدار أو عبد فلم يحمله الثلث جرت على القولين من قال: تدخل الوصايا فيما لم يعلم يعزل الخلع، وقال ابن محرز في تعلق وصيتها بالخلع قولان، وصوب الثاني بأنه غير معلوم لها؛ لأنه عوض أو بتل هبة، واتفق قول ابن القاسم على أن هبة البتل مقدمة على الوصايا، وتسوية أشهب بينهما مرغوب عنها. عبد الحق: إن بان بعد موتها حدوث مال لها بعد صلحها لم تعلمه، فعلى اعتبار إرثه يوم الخلع لو يعتبر منه، وعلى اعتباره يوم الموت اعتبر به ولو كوصية. وسمع عيسى ابن القاسم في التخبير: إن قامت من صالحت على رضاع ولدها، وإعطاء مال شهادة امرأتين أنها صالحت عن ضرورة؛ حلفت وأخذت ما أعطت، ورضاع ولدها. ابن رشد: يجوز فيه شهادة النشاء؛ لأنه مال، والطلاق وقع بغير شهادتين، وإن شهد بالضرر شاهدان أو شاهد وامرأتان رد لها مالها بغير يمين، ويجوز فيه شاهدان على السماع دون يمين. قاله في سماع أصبغ في الشهادات، وأكثر من ذلك أحب إليه. ابن الماجشون: لا يجوز في السماع أقل من أربعة. قلت: شهادة بت العلم بضرر الزوج زوجته عاملة. قاله الباجي، وغيره عن المذهب. ابن رشد: اتفاقاً. قلت: في سماع أصبغ ابن القاسم في الشهادات إنما يجوز فيه على السماع. قلت له: فإن شهد واحد على البت. قال: كيف يعرف ذلك؟

قلت: يقول سمعت واستبان لي. قال: إن كان هذا يكون؛ فعسى وانظر فيه. أصبغ: هو عندي جائز. المتيطي: استحسن الشيوخ العمل بقوله، وشهادة السماع به، وبالرضاع في قبولها، ولو من لفيف الناس والجيران، ثالثها: بقيد كون السماع من الثقات، ورابعها: إلا الرضاع يجوز فيه من لفيف القرية والأهل ولجيران، وإن لم يكونوا عدولاً، وخامسها لا يجوز في ضرب الزوج سماع النساء إلا مه رجال، للمتيطي عن ابن القاسم: لا يجوز في غير النكاح والنسب والموت وولاية القضاة، والمتيطي عن ظاهر قول ابن القاسم في الموازية وحسين بن عاصم عنه وسماع ابن وهب، وعلى المشهور في رجوع المرأة بخلعها بشهادة رجلين بالسماع دون يمين سماع أصبغ ابن القاسم قول ابن رشد، هذا خلاف أصله في أن السماع لا يثبت به نسب، ولا ولاء، إنما يستحق به المال مع يمينه مع أخذه من قول أصبغ إن لم يكن مع شاهد البت غيره حلفت معه، ولو كان معه سماع منتشر، وإن كان غير قاطع رد له خلعها، فلو انفردت عنده شهادة السماع لم يستحق بها دون يمين. ولو رد الخلع للضرر، وكان بحميل ففي رجوع الزوج على الحميل قولا ابن العطار وابن الفخار مع غيره. عبد الحق: اختلف فيه شيوخنا، ول يذكروا أهل علم الحميل بالضرر أم لا؟ وقد تجري على قولي ابن القاسم وغيره في سقوط الحمالة، وثبوتها في البيع الفاسد. وسمع عيسى ابن القاسم: من نشزت، وقالت: لا أصلي، ولا أصوم، ولا أغتسل من جنابة لم يجبر على فراقها، وله فراقها ويحل له ما افتدت به. ابن رشد: لم يجبر على فراقها وله فراقها، ويحل له ما افتدت به. ابن رشد: لم يجبر على فراقها؛ لأنها ليست مرتدة بذلك على الصحيح من الأقوال فله تأديبها على ذلك، فإن افتدت لترك تأديبها على ذلك حل له إن لم يؤدبها. وسمع ابن القاسم: من اطلع على نا امرأته لم ينبغ له مضارتها لتفتدي منه، ولا

يصلح له. ابن رشد: هذا قول مالك وأصحابه اتفاقاً، وتمسك المخالف بقوله تعالى: {إِلاَّ أَنْ يَاتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ} [النساء: 19] رد بأن الفاحشة المبينة أن تبدوا عليه وتشتمه وتخالف أمره؛ لأن كل فاحشة أتت في القرآن منعوتة بمبينة هي من جهة النطق، وكل فاحشة أتت مطلقة فهي الزنا. وفيها: يجوز أن يأخذ منها على إمساكها أو يعطيها على أن تقيم على الأثرة عليها في نفسه وماله ولا يأثم بعد ذلك، وتقدم في القسم ولو دون أخذها شيئاً/ ولها الرجوع متى شاءت، وفي فصل هبة المرأة مهرها للزوج حكم نقض ذلك بالقرب. ... خلع: العوض من الجانبين امتنع في فقد العصمة لا في ملكها الزوجة، فيمتنع في البائنة والمرتدة والملاعنة كأجنبية لا في المخيرة؛ لأنه منها در محمد وابن سحنون عنه إن خالع أبو مفقودة زوجها، ثم طلب رد المال لاحتمال موتها قبل الخلع؛ وقف إن عمي أمرها لما لا تحيي له رد للزوج، فإ بان موتها قبل الخلع رد للأب وورثها الزوج، وإن مات قبل ذلك كشف لم يوقف من ميراثه شيء؛ لأنها مخالعة أو ميتة. محمد: لا ينزع المال من الزوج إلا ببينة بموتها قبل الطلاق، إذا لو كانت رابعة منع نكاح غيرها، وقبله الشيخ، وابن السلام، ويرد بأن موتها قبل الخلع كحايتها في رفع عصمتها عنها المبيح نكاحه غيرها وليس موتها كحياتها في ثبوت الخلع، والأظهر إن كان خلعه قدر إرثه منها فأقر لم ينزع. **** عوض الزوجة من حيث صحة كونه بسبب الطلاق فينفذ على مثل إن وقع لا على ري المطر زرعه فينقلب طلاقا أو بلفظ الخلع إن تلفظ به. وشرط جوازه: كونه مباحاً متمولاً أو مقصوداً، روى محمد إن خالعها على عتقها عبدها لزمها كخلعها على خروجها لأمها. وسمع عيسى ابن القاسم: من خالع امرأته على أن تخرج لبلد غير بلده أخذ منها على ذلك شيئاً أو لم يأخذه، فأبت أن تخرج فهي على خلعها، ولا تجبر على الخروج. ابن رشد: لأن الخلع عقد يشبه عقد البيع لملك المرأة به نفسها كملكها زوجها

بالنكاح، فوجب أن لا يلزم الشرط فيه بالخروج من البلد، والإقامة فيه أو ترك النكاح وشبهه من تحجير المباح كما هو كذلك في النكاح إلا أن يكون بعقد يمين، كقولها إن فعلت حر أو مالها صدقة على المساكين، إن فعلت لزمها العتق أو الصدقة بثلث مالها، ولو خالعها على إن لم يخرج من البلد فعليها لغير زوجها كذا وكذا لحكم عليها به على القول بأن من حلف بصدقة شيء بعينه فخنث أنه يجبر عليه القولان فيها. قلت: لا يلزم من عدم القضاء عليه في مسألة الحلف عدمه في مسألة الخلع؛ لأنه أقوى لحق الزوج في عوض عصمته، وقياسه إلغاء خروجها على إلغاء شرط النكاح، فيرد بأنه في مسألة الخلع عوض العصمة، وشرط النكاح خارج عن عوضه. قال ابن رشد: ولو قال إن لم تفعل فعليها لزوجها كذا كذا لبطل ببطلان الشرط على قياس أول مسألة من رسم سعد. قلت: هو قال مالك إن خالعها على شي من مالها على أن لا ينكح أبدا، فإن فعل فما أخذ منها رده عليها، تم له ما أخذ منها، والشرط ساقط. ابن رشد: إذا لم يلزمه شرط ألا يتزوج فأحرى أن لا يلزمه به ردما أخذ منها؛ لأن الخلع به يؤول لفساده، إذ لا ينكح أبدا، فإن فعل فما أخذ منها رده عليها، تم له ما أخذ منها، والشرط ساقط. ابن رشد: إذ لم يلزمه شرط ألا يتزوج فأحرى أن لا يلزمه به رد ما أخذ منها؛ لأن الخلع به يؤول لفساد، إذ لا يدري هل يرجع إليها مالها فيكون سلفاً، أو لا يرجع فيمضي، ويلزم في هذه على ما في سماع عيسى في الخلع بالثمرة قبل بدو صلاحها أن يمضي الخلع بخلع المثل إن عثر عليه قبل أن يغيب على الخلع، فإن غاب عليه نفذ الخلع وبطل الشرط؛ لأن رده إلى خلع مثلها تتميم للفساد الذي اقتضاه الشرط. قلت: فيلزم كون إمضاء البيع الفاسد بعد فوته بالقيمة تتمياً له. والخلع بذي غرر: قد يجب عليها يوماً ما، جائز لنقل ابن رشد: يجوز على مجرد رضاع الولد اتفاقاً، وإن كان فيه غرر لاحتمال موته قبل تمام أمده لوجوبه عليها في عدم الأب وفيما لا يجب، ثالثها: فيما لا يقدر على إزالته كالآبق والجنين والثمرة قبل بدو صلاحها لا فيما يقدر على إزالته كالخلع على التزام نفقة الولد بعد الرضاع أعواماً لا قدرة على إزالته، بشرط أن تسقط النفقة عنها بموته، والصلح بمال لأجل مجهول، للمغيرة فيها مع سحنون وسماع عيسى ابن القاسم منعه فيما لا يقدر على إزالته فالآخر أخرى وتفرقتها بينهما، وللخمي ثالث الأولين الكراهة، وعزاها الشيخ لأصبغ وابن

القاسم في أحد قوليه، وعلى مضيه. قال ابن القاسم في الجنين: يجبران على جمعه مع أمه وله طلب الآبق والشارد والثمرة على غررها. المتيطي: وعليها رعاية ما تلد غنمهما. قلت: يريد رعاية الغنم قبل ولادتها لا رعاية أولادها لقول عبد الحق. قال بعض شيوخنا: النفقة عليها أو عليه قولان. ابن محرز: قالوا السقي عليه، وهو الجاري علو قول ابن القاسم لا جائحة في الثمار في النكاح، وعلى قول أشهب فيها: الجائحة السقي عليها. ابن رشد: وعلى المنع في نفوذ الطلاق مجاناً أو بخلع المثل فيما أبطل كله، ويقدر ما أبطل بعضه كإبطال ما زاد على الحولين في الخلع على رضاع الولد، ونفقته بعد الحولين مدة معينة قولان لسماع ابن القاسم معها، وسماعه عيسى إن خالعته بآبق أو جنين أو ثمرة لم يبد صلاحها مضي بخلع المثل، وسمع أصبغ ابن القاسم: إن خالعها على رضاع ولده عامين، فإن أبت فله عليها عشرة دنانير جاز. وفيها: إن خالعها على ثوب هروي، ولم تصفه جاز وله الوسط من ذلك، وإن خلاعها على خمر، تم الخلع ولا شيء له، وإن قبضها اهريقت عليه. قلت: وكذا الخنزير، وفي قتله وتسريحه سماع ابن القاسم، وقول ولائها خرج اللخمي رجوعه بخلع المثل من خلع المريضة. المتيطي: روي ابن خويز منداد الخلع بما لا يحل ماض، ولا شيء له إلا ما وجد، وقال مرة: يرجع بخلع المثل. قلت: في قوله ما وجد نظر إلا أن يحمل على تخلل الخمر. قال بعض شيوخ عبد الحق: إن لم يشعر بالخمر حتى تخللت فهي للزوج، ولو كانت الزوجة در إليها ولو تخللت. عبد الحق: هذا غلط؛ لأنها إن تخللت حلت فتبقى له، وإن لم تخلل أريقت، ولم ترد لها كنصراني باع خمراً من مسلم.

وفيها: إن أراد بخلعها على أن لا سكني لها إلزامها كراء المسكن، جاز إن كان المسكن لغيره أو له وسمي الكراء، وإن كان على أن تخرج من مسكنه تم الخلع، ولم تخرد ولا كراء له عليها. اللخمي: أرى له عليها الأقل من كراء المسكن أو ما كانت تكري به إلا أن يكون انتقالها لمسكن لها أو لأبيها ولا كراء له. ابن حارث: روى ابن نافع إن خالعها على أن لا نفقة لها عليه، ولا سكني ولا رضاع لزمه ذلك، وابن القاسم يخالفه في السكني. قلت: قوله: (يخالفه) مشكل، وإن أراد أنه يخالفه في تفصليها لمردود وماض حسبما مر فبعيد، لأنه وفاق. وخلعها على أن تسلفه يمضي: ويرد السلف، وكذا على أن تعجل له دينا أو تؤخره بدين لها عليه، وخرج اللخمي إمضاء تعجيلها على إجازة ابن القاسم ضع، وتعجل قائلا: لا فرق بين جعل عوض التعجيل ببعض الدين أو سلعة أو خلعها لنفسها. قلت: يرد بأن كون العوض غير بعض الدين صريح في كونه جر نفعاً، وقد صح النهي عنه، ووضع بعض الدين لتعجيله ذكر العقيلي فيه عن ابن عباس أنه صلى الله عليه وسلم: ((حين أمر بإخراج بني النضير من المدينة جاءه ناس منهم فقالوا إن لنا ديونا، فقال: ضعوا وتعجلوا)). قال عبد الحق: في سنده يقال له على بن محمد وهو مجهول، ومستند ابن القاسم في إجازته ضع وتعجل إنما هو حديث ابن عباس المذكور مع جعله مخصصاً لحديث النهي عن سلف جر نفعاً، وتخصيص السنة بالسنة، وقول اللخمي: لا فرق بين جعل عوض التعجيل بعض الدين أو سلعة أو خلعاً هو قياس على صورة التخصيص بما

يستغرق إبطال العام، والقياس بما يستغرق إبطال العام لا يجوز؛ لأنه يؤدي إلى النسخ بالقياس؛ وذلك غير جائز، وصدق السلف على دفع شيء مثله، وتأخير ما حل سواء كصدقة على سلف ثوب وعبد. وذكر غير واحد من شيوخ بلدنا أن بعض الطلبة ذكر في مجلس تدريس بعض شيوخهم في كتاب الآجال من المدونة قول ابن القاسم هذا فأنكر عليه، فقال: اللخمي حكاه، فلما اقضى المجلس نظر أهله كلام اللخمي في بيوع الآجال حيث ذكرها في المدونة فلم يجدوا للخمي ما ذكره عنه، فلما كان من الغد قالوا له ذكرت عن اللخمي غير صحيح إذ لم يذكره في محله، فانفصل الطالب عنهم في غم شديد، فلما نام من الليل رأى في نومه الشيخ أبا الحسن اللخمي فقال له ياسيدي نقلت عنك كذا وذكر له القصة، وكون الطلبة نظروا كتابه في بيوع الآجال، ولم يجدوا فيه ذلك النقل، فقال له ذكرته في فصل الخلع فانتبه الطالب فرحاً، فقام في ليله، ونظر الكتاب فوجده كما نقل، فلما أصبح ذكر ذلك لأهل المجلس، واشتهرت قصته، وفضل الله عليه برؤيته المذكورة. وخرجه ابن عبد السلام على القول الشاذ ببراءة الذمة، وإن صرف ما في الذمة يجوز قبل حلول أجله. قال: فيجوز الخلع والتعجيل كما لو حل الأجل. قلت: وهذا التخريج عند من تأمله يوجب جوازه كثير من صور المنع كبيع سلعة من مدين على أن يجعل دينه، ونحوه من مسائل بيوع الآجال وكتب السلم وغيرها، وتقرير تخريجه أن نقول التعجيل موجب لبراءة الذمة في مسألة الصرف عند مجيزه، وإلا لما أجازه لمنع التأخير الجواز في الصرف؛ فيجب أن يكون للتعجيل في مسألة الخلع موجباً لبراءة الذمة عملاً بملازمة المعلول علته وكلما ثبتت براءة الذمة في مسألة الخلع انتفى عنها حقيقة السلب لانتفاء لازمه وهو عمارة الذمة، وإذا انتفى حقيقة السلف عنها وجب جوازه إذ لا مانع فيها إلا سلف جر نفعاً، وإذا انتفى مطلق السلف انتفى أخصه وهو ما جر نفعاً. وجوابه أن نقول إنما كان التعجيل في مسألة الصرف موجباً لبراءة الذمة لاشتماله

على منافي السلف الموجب لنفيه، وهو ليس كذلك في مسألة الخلع وشبهها وهذا؛ لأن خاصة السلف تماثل عوضيه حساً، ولما انتفى السلف مع تعجيل عوض عما قي الذمة امتنع كون ذلك التعجيل سلفاً فبرئت الذمة فيه، والتعجيل في مسألة الخلع ونحوه ليس مشتملاً على منافي السلف؛ لأن المعجل فيه ليس مباينا لما في الذمة؛ بل مماثلاً له، فلم يكن مبايناً للسلف، بل مقرراً له؛ لأن ثبوت خاصة الشيء دليل ثبوته، فحينئذ لا يلزم من إيجاب التعجيل البراءة حيث ينافي بقاء عمارة الذمة، وذلك في مسألة الصرف إيجابه البراءة حيث لا ينافي بقاؤه عمارة الذمة، وذلك في مسألة الخلع ونحوها لوضوح الفرق المناسب، وبه يتضح الفرق بين جواز شراء جديد بثوب في ذمته لم يحل ودينار نقداً، وامتناعه بدينارين على تعجيل الثوب، وروي اللخمي إن خالعها على تأخيرها إياه بخمسين من مائة حالة، وإسقاط باقيها صح الإسقاط وبطل التعجيل. قال: والصواب فض الخمسين المسقطة على خلع المثل، وقيمة تعجيل الخمسين لأن إسقاطها للخلع والتعجيل قد بطل فيمضي من المسقطة مناب خلع المثل فقط، ونقل ابن رشد هذا المعنى تعقباً للتونسي على مالك، وأجاب ابن رشد بأن الخلع إنما وضعت، والتعجيل شرط خارج عنه فنفذ الخلع، وبطل الشرط. وروي الشيخ إن خالعها على إن عجلت بعض دينه وأسقط بعضه بطل التعجيل والإسقاط. اللخمي: ويبقى حق الزوج فيما يقابل الخلع هل يرجع به، وعلى إجازة ابن القاسم ضع وتعجل يجوز الخلع، والإسقاط ويصح التعجيل، في الموازية إن صالح من تزوجها بعشرة نقداً وعشرين لأجل قبل البناء على تعجيل عشرة النقد وإسقاط العشرين أو على تعجيل سنة إلى خمسة عشر لزمت الوضعية وسقط التعجيل، فيرد له ما زاد على خمسة؛ وهو الصواب، ونحوه لابن رشد، ولا يتم لفظ الرواية إلى (إلا على المعروف من عدم دخول ما بعد) إلى (فيما قبلها) الشيخ عن عبد الملك: إن خالعته على حمالة عنه سقطت؛ لأنها سلف، وإن كان

على أن أحال عليها غريمه نفذ، لم يجد الحال عندها شيئاً عند الأجل عليه إذ ليست الحوالة على أصل دين كمن أحال على مكاتب، وفي كتاب ابن سحنون: إن خالعها على سكني دارها سنة أو كراء حمولة مضمونة أو معينة أو على أن تعمل له بيدها هل غزل أو خياطة أو غيرها مضي، وهو من معنى الخلع بالغرر. قلت: إن كان قدر العزل والخياطة معلوما والشروع عن قرب فليس بغرر. وفيها: إن كان لأحدهما على الآخر دين مؤجل فخالعها على تعجيله جاز الخلع ورد الدين لأجله، وقيل: إن كان لها عليه، وهو عين فليس بخلع، وهو رجل طلق وأعطى فهي طلقة رجعية. وفيها: إن خالعها على حلال وحرام جاز الحلال وبطل الحرام، ويجري في الحرام القول باعتبار منابه من مهر المثل إجراء بطلان كل الصفقة على جمعها ذلك في البيع، يرد بدلالة أصل الذهب أن الخلع أخف من البيع. وفيها: إن خالعها على مال لأجل مجهول كان حالاً كالقيمة في البيع، كذلك إن فاتت السلعة، ولما اختار ابن محرز جواز الخلع على الغرر؛ لأن العوض في الطلاق غير واجب شرهاً، والعصمة غير مال إذ لا يصح بيعها. قال: ينبغي جوازه لأجل مجهول، وإن اعتبر بالبيع وجب أن يكون فيه خلع المثل أو قيمة ما خالع به على غرره، وتعجيل الملال قبل محله خلاف الأصول، ونحوه قول اللخمي: لا وجه لتعجيله، وهو ظلم. وفيها: إن خالعها على عبدها على إن زادها ألف درهم جاز، فإن كان فيه فضل فهو خلع، وإن كان كفاف الألف فهي مباراة، والمباراة طلقة بائنة، وإن كان أقل فهو كمن صالح على إن أعطاها مالاً. اللخمي: وعليه يختلف هل طلقتها بائنة أو رجعيه وبينونتها أحسن؛ لأنه طلاق قارنته معاوضة من الزوجة، وشط العبد لا يكون إلا لغرض فيه، ولو خالعها على آبق أو جنين أو ثمرة لم يبد صلاحها على أن زادها عشرة دنانير؛ فسخ من الغرر مناب العشرة وردت للزوج، وتم للزوج مناب الخلع منه. وفي كون المناب بجعل قيمة الغرر على العشرة للخلع، فإن لم يكن فلا شيء

له أو يفض القيمة على العشرة وخلع المثل، ثالثها: تفض القيمة على العشرة والقيمة، فمناب العشرة بيع ومناب القيمة خلع، لمحمد مع أصبغ والجاري على قول ابن القاسم والمغيرة فيه. ابن رشد: لسحنون في مسألة الخلع مالنغيرة، ولأصبغ إن فضلت قيمة العبد العشرة نقض البيع في منابها منه، وإلا مضي بيعه بها. ابن رشد: هذا تناقض، والصواب ما له في الموازية كمحمد. اللخمي: اختلف فغي وقت القيمة. قال محمد يوم يخرج الجنين، ويوجد الآبق وتجذ الثمرة. أصبغ في العتبية: يوم الصلح في الآبق والثمرة إن كانت أبرت، وإلا فيوم تؤبر، وفي الجنين يوم يولد، وكونها يوم الصلح في الجميع أحسن. ابن رشد: المراد بقيمة ذلك يوم الصلح أنه على غرره لو صح بيعه على ذلك، ولازم قول أصبغ في الثمرة والآبق كون القيمة في الجنين يوم الصلح على غرره، ولازم قوله في الجنين كون القيمة في الآخرين يوم حل البيع بطيب الثمرة ووجود الآبق، وقال سحنون: القيمة في الجميع يوم قبض الزوج ذلك، وقول أصبغ في الثمرة التي لن تؤبر: القيمة فيها يوم الإبار خارج عن كل ذلك إذ لم يقل، فإنها يوم الصلح على غررها، كما قال الآبق والثمرة التي أبرت، ولا قال أنها يوم الطيب كما قال في الجنين، وقال سحنون: القيمة في الآبق يوم يقبضه الزوج، وإن عثر على الآمر قبل قبضه مضي الطلاق وانفسخ البيع جملة في الآبق تطلبه الزوجة لنفسها وترد العشرة للزوج، وكذا يلزم على قول أصبغ في الجنين والثمرة التي لم تؤبر لقوله: القيمة في الجنين يوم يوضع، وفي الثمرة يوم تؤبر إن عثر على ذلك قبل وضع الجنين وإبان الثمرة أن يمضي الطلاق ويفسخ البيع جملة في الجنين والثمرة، إذ لا يصح إن عثر على الآمر قبل الوقت الذي يصح فيه التقويم أن يؤخر الحكم إلى وقت يصح فيه التقويم فتنتفع المرأة بالعشرة وهي لا تجب لها، ولابد من ردها أو رد بعضها للزوج وإن كان ابن لبابة قال. قال: قول أصبغ لا وجه له لو قال: يمضي الطلاق ويمهل في أمرها حتى يرجع الآبق ويخرج الجنين ويحل بيع الثمرة، فإذا كان ذلك يوم الانتفاع بالعشرة على الرجاء والخوف من

يوم تعاملهما إلى يوم حل البيع في العبد والجنين والثمرة يضاف ذلك منها والفضل للزوج إن كان، فإن لم يكن فلا شيء له ولا عليه ومضي الطلاق، ولو قال قائل يمضي الطلاق وله خلع مثله كسماع عيسى في خلع المرأة بثمرة قبل بدو صلاحها أنها لها وعليها له خلع مثلها، يريد لكان لذلك وجه، فأما هذا فله وجه كما ذهب إليه، والأول لا يصح من غير ما وجه. وإن خالعها على ما بيدها فإذا هي فارغة أو بها ما لا قدر له كالدرهم أو ما لا ينتفع به كحصاة ففي لغو طلاقه، ثالثها: إن كانت فارغة أو بها حجر، للخمي عن رواية ابن حبيب، وابن الماجشون، وأشهب، والأول أحسن إن كان الخلع عن مشاورة وجد لا هزل، واستحسن إن كان بيدها ما لا ثمن له أولا شيء بها أن عليها غرم ما يرى أنه لو كان بيدها لزمه الخلع إن كانت موسرة. مطرف: إن رضي الزوج بما قل بما قل مما ينتفع به فهو خلع وبما لا ينتفع به؛ الطلاق رجعي. الباجي: إن قلنا لا يلزمه الخلع، فقال أشهب: لا يكون طلاقا. مطرق: هي طلاق رجعي. ابن زرقون عن عبد الملك: هو طلقة بائنة. وفيها: إن خالعها على عبد بعينة فاستحق رجع بقيمته كالنكاح. ابن عبد الحكم: بخلع المثل، الجلاب: وكذا لو استحق بحرية، وقال غير ابن القاسم لا يتبعها بشيء. اللخمي: يختلف إن خالعها على مال وغرته من فلس هل يمضي الطلاق أو تبقى زوجة فقال عبد الملك: إن قالت أخالعك على داري هذه أو عبدي هذا فإذا هما ليسا لها لم يلزمه طلاق، ولو كان لها شبهة ملك لزمه، ولو قالت على ما أوصى لي به فلان أو على عطاء لي ولا وصية لها ولا عطاء لم يلزمه طلاق، ولو كان أوصي لها ثم رجع عن وصيته بعد الخلع او لم يحمله ثلثه أو كان لها عطاء فأسقط بعد الخلع لزمه الطلاق. في الموازيه: ولا شيء له عليها وأرى إن علمت برجوعه على الوصية أو بسقوط.

العطاء قبل الخلع أن يرجع عليها بمثل ذلك إن كانت موسرة، وكذا إن غرته من دار أو عبد. قلت: قال أولا يختلف، وما أتى به لا يثبت اختلافا إلا أن يعد اختياره خلافاً، وكثيراً ما يجعل ابن رشد قول نفسه خلافاً يعده في الأقوال والمسالة شبيهة بمسألة كتاب المكاتب يقاطع سيده بما لا شبهة له فيه. قال ابن رشد: يرجع لرق الكتابة اتفاقاً. عبد الحق: قال غير واحد من شيوخنا إن خالعها على آبق فثبت أنه كان ميتا قبل خلعها فلا شيء له عليها إلا أن يثبت أنها علمت ذلك قبل الخلع، فعليها قيمة الآبق على غرره. وفيها: إن خالعها على دراهم أرته إياها فوجدها زيوفا فله البدل كالبيع. قلت: يريد لا تتعين بالإشارة إليها كما لا تتعين بها في البيع وعلى تعيينها تجري على الخلع بما في يديها. عبد الحق عن أبي عمر إن اشترطت أنها لا تعرف الدراهم، وإن كانت زيوفا فلا بدل لها؛ فلها شرطها وهو كالخلع بالغرر. والخلع على أن الولد عنده إن علق بأمه أو كان عليه به ضرر لم يجز وإلا ففي إمضاء الخلع بشرطه أو دونه، ثالثها: إن كان أثغر لابن القاسم مع مالك وابن الماجشون مع رواية المدنيين واللخمي قائلا إن بقي عندها فلا غرم عليها؛ لأن الخلع غير مالي، إنما هو طرح مشقة، والأول نصها، وأخذ منه بعض شيوخ عياض كون الحضانة حقاً للحاضن وأن له يوليه من شاء، وإن أبي ذلك من هو أولى من المولى. قلت: هذا خلاف نقل عبد الحق عن أبي عمران إن كان للولد جدة فهي أحق به. وفيها: إن خالعها على أن عليها نفقة الولد ورضاعه ما دام في الحولين جاز، وفرضها ابن حارث في رضاعه فقط وقال: اتفاقاً/ وفي منعها التزويج مدة رضاع الولد في الحولين، ثالثها: إن كان بشرط، ورابعها: إن كان يضر بالصبي، لابن رشد من قولها ذلك في الظئر المستأجر وسماع القرينين وقول ابن نافع مع رواية محمد وسماع عيسى ابن القاسم.

وشرط عدم نكاحها بعد الحولين لغو: ابن رشد: اتفاقاً. وفيها: إن اشترط عليها نفقة الولد بعد الحولين أمدا سمياه أو شرك عليها الزوج نفقة نفسه سنة أوسنتين تم الخلع ولزمها نفقة الولد في الحولين فقط لا ماناف عليها من نفقة الولد ولا ما شرط الزوج من نفقة نفسه سنة، وقال المخزومي يلزمها جميع ذلك كالخلع بالغرر. اللخمي: وقاله أشهب وعبد الملك وهو أحسن. الصقلي: وقال سحنون وهو الصواب، واحتج لابن القاسم بحجج تركها لضعفها. عبد الحق: الجواب بمنع شرط الزوج نفقة نفسه إنما هو ابن القاسم لا لمالك. ابن حارث: يلزمها نفقته ولو شرط نفقته خمس عشرة سنة، وذكرها ابن حبيب فقال: كان مالك لا يجيز ذلك إلا في الرضاع فقط لا يجيزه في النفقة لا على فطيم ولا على رضيع بعد الفطام، وقاله مطرف ابن القاسم وابن وهب وابن عبد الحكم وأصبغ، وقال ابن الماجشون: يشترط ما شاء من السنين في الفطيم والرضيع والصغير والكبير، وقاله المغيرة وابن نافع وأشهب والمشرقيون كلهم. ابن حبيب: وبه نقول وعليه جماعة الناس وقاله ابن دينار، وكان محمد بن عمر بن لبابة لا يرى كلام ابن القاسم ولا روايته ويقول الخلق على خلافه ويذكر في ذلك نظائر. ابن العطار: بقول المغيرة القضاء عندنا. المتيطي: قال غير واحد من الموثقين بقول المغيرة العمل، وروي زياد في المدينة يجوز في نحو العامين لا فيما كثير، ونحوه لمالك في المبسوط، وقال الأصبغ: في مبسوطة يحيى بن إسحاق أكرهه وأجيزه إن وقع. قلت: فالأقوال أربعة. المتيطي: حكي بعض شيوخ القرويين وقال غير واحد من الموثقين إن شرطا ثبوت النفقة بعد الوفاء كثبوتها قبلها جاز على مذهب ابن القاسم ومالك وارتفع الغرر

كما لو باع داراً على أن ينفق على البائع مدة معلومة وهو في الخلع أجوز. قال: وتعقد في التزامها ذلك على قول المغيرة أنها التزمت نفقة الولد وكسوته ومؤونته اتحد أو تعدد مع ذكر أسمائهم كذا وكذا عاماً من تاريخه إلى مبلغ الذكر الحلم صحيح الجسم والعقل أو إلى أن يدخل بالأنثى زوجها، وذكر صحة الجسم والعقل؛ لأنه إن بلغ الحلم، وهو زمن أو مجنون أو مبتلى بما يمنعه التصرف لم تسقط النفقة عن الأب بذلك على المشهور المعمول به، فلو لم يشترط ذلك وقبل إلى الحلم فقط لانصرفت النفقة على الأب بعد الحلم حتى يصح، ومما يجمع به بين القولين أن ابن حبيب حكي عن ابن القاسم فيمن بارأ زوجته على أن تسلم ولدها منه إليه، فإن أرادت أخذه فلا يكون لها ذلك بأن تلتزم نفقته ومؤونته أنه خلع نافذ لازم، وحكي مثله أبو عمران عن فضل بن سلمة: ولو مات الولد في أثناء العامين فلا شيء للأب عليها. قال مالك: لم أر أحدا طلبه. بعض القرويين: لأن القصد بالتزامها براءة الأب من مؤونة ولده. محمد: كمن صالح على إسقاط نفقة الحمل فأسقطته لا تتبع بشيء. المتيطي: هذا مشهور مذهب مالك وبه القضاء، وروي القاضي في إشرافه وأبو الفرج أنه يرجع عليها. قال: وإن ماتت أخذ من تركها، وقال غيره: وتفض أجرة رضاع الحولين على ما بقي وما مضي، ولهذا الخلاف كتب بعض الموثقين أنها التزمت له رضاع ولدها منه حولين بدرهمين وأنها قبضتها ورضيت بهما أجرة عن رضاعها، فإن مات الصبي وقام أبوه يطلب بقية رضاعه كان ما يقع عليها من الدرهمين يسيرا لا يضرها. الباجي: رجع ابن الماجشون الأول بأنه لم يشترط لنفسه مالأً يتموله، إنما شرط أن تكفيه مؤونته، كما لو تطوع رجل بالنفقة عليه سنة فمات لم يرجع عليه بشيء، ولو ماتت كانت النفقة في مالها اتفاقاً، وإن أعسرت بالنفقة أنفق الأب، واختلف قول ابن القاسم هل يتبعها أم لا/ وروي أشهب وابن عبد الحكم وابن الماجشون يتبعها. المتيطي: مشهور المذهب أنه يتبعها. قال: فإن كان أخذ عليها بما التزمت حميلا فأعدمت أو ثبت أنها محجورة أخذ الأب بالنفقة وطلب الحميل بغرم ما يغرم في عدمها

وفي حجرها. قال فضل عن ابن الماجشون: إن لم يعلم الزوج حجرها تبع الحميل ولو لم يعلم بذلك الحميل لتفريطه وإن علم الزوج حجرها لم يتبعه بشيء. اللخمي: بعد ذكره رواية أبي الفرج. قال: ولو انقطع لبنها وكانت عديمة استأجر عليها وتبعها، وقول مالك لا شيء عليها صواب؛ لأن اللبن ليس شيئاً تبيعه وتأخذ له ثمنا وعليها غرم ما كانت ظاهرة الحمل حين الخلع إلا أن يشترط إسقاطها، ولو شرط أن لا نفقة للولد إذا ولدته ففي سقوط نفقتها مدة حملها رواية محمد وقول ابن القاسم مع المغيرة وابن الماجشون. المتيطي: روي زياد إن بارأها على أن لا تطلبه بشيء فظهر بمها حمل أنه تلزمه النفقة عليها، وإن التزمت مؤنة حمل إن ظهر بها أو حملها الظاهر أو إرضاع المولود بعد وضعه إلى فطامه جاز ذلك. قال بعض القروبين: ويوقف من مالها بعد موتها قدر مؤنة الابن، فإن ولدت توأمين لزمها رضاعهما، ولا تعذر إن قالت لا طاقة لي بهما. اللخمي عن مالك في العتبية: إن شرط لا نفقة للحمل فأعسرت أنفق عليها وتبعها، يريد؛ لأن عجزها عن نفقة نفسها يضر بالحمل. قلت: هي سماع القرينين في كتاب التخيير ولم يزد فيها ابن رشد شيئاً، وفيه من أقام بعد طلاقه امرأته وهي حامل شهراً ثم بارأها على أن عليها رضاع ولدها فطلبته بنفقتها لماضي الشهور قبل المباراة واضح، وسقوط نفقته الحمل بعد المباراة؛ لأنه تبع لما التزمت من الرضاع بما دل عليه من العرف والمقصد، فإن وقع الأمر مسكوتاً عنه فلا شيء لها، وإن اختلفا فيه فالقول قول الزوج مع يمينه، كذا لو طلقها حاملاً دون كخالعة فدفع لها نفقة الرضاع كان براءة من نفقة الحمل المتقدمة. وفيها: إن خالعها ثم بان أنها أخته من الرضاع أو أمر لا يقران عليه نفذ الخلع

ورجعت بما أخذ منها. وفي كونه فيما اختلف فيه تابعا للزوم الطلاق فيه وثبوته فيها لأحد الزوجين أو غيرهما إمضاؤه، ثالثها: فيما لا خيار للمرأة فيه لابن رشد عن ابن القاسم ومحمد وابن الماجشون. الشيخ عن محمد: إن بان كون الزوجة بعد الخلع أمة، فإن كان الزوج لا تحل له الأمة أو لم يأذن لها سيدها في الخلع رده وتبع بالمهر من غره، وإلا فله الخيار في إتمام الخلع أو رده واتباع من غره. وفي ثاني نكاحها إن بان كون نكاح من اختلعت قبل البناء بغير ولي أو بغرر تم لزوج ما أخذ. يحنون: وكان قال لي ما غلبا على فسخه يرد فيه الخلع. الصقلي عنه إثر قولها تم للزوج ما أخذه هذه ترد لقولها في الخلع برده لها، ولو بان به لعد خلعه عيب، ففي مضيه ورده نقل اللخمي عن ابن القاسم مع الصقلي عن محمد واللخمي عن ابن الماجشون مع تخريجه على قول ابن القاسم لمن اطلع على عيب بسلعة بعد بيعها من بائعها بأقل من ثمنها الرجوع عليها بتمامه؛ لأنه يقول كان لي أن أردها وها هي في يدك. وفي إرخاء الستور منها: الخلع يرد للزوجة. عياض: لسحنون في النكاح المختلف فيه في ثاني نكاحها الخلع فيه ماض كالطلاق، ثم ذكر اختلاف قول مالك في هذا الأصل، وإن كان ما يغلبان على فسخه رد فيه الخلع. سحنون: هذه ترد لما في كتاب الخلع، يعني مسألة العيب، وهو لا يغلبان فيه على الفسخ، وظاهر الكلام في الكتاب لابن القاسم وعيله اختصرها غير واحد ونقلها اللخمي لابن الماجشون. أبو عمران: ما قاله في إرخاء الستور خلاف ما له في كتاب النكاح في الأنكحة الفاسدة أن الخلع منها ماض، وكتب عليها سحنون اسمه وقال لا أقول به. ولو بان بها بعد خلعها عيب؛ ففيها: تم له، لأن له أن يقيم.

اللخمي: إن كان خالعها ببعض المهر فله الرجوع ببقيته على قول عبد الملك، ولا يرجع به على قول مالك وابن القاسم، وقال مالك في العتبية مثل قولها، وقال سحنون: يرجع بالمهر على من غره وإن كانت الغارة أخذ منها ما أعطاها إلا ربع دينار؛ يريد: ويرد ما أخذ في الخلع إن كان من غير صنف المهر، ويرجع بالفصل إن كان من غير صنف المهر، ويرجع بالفضل إن كان من صنفه. والتوكيل على الخلع جائز كالبيع لا كالنكاح: فيجوز توكيل الزوج امرأة. ابن شاش: لو قال خالعها بمائة فنقص لم يقع طلاق، ولو قالته فزاد وقع وغرم الزيادة، ولو قال خالعها فنقص عن المثل قبل قول الزوج أنه أراد المثل. ابن الحاجب: بيمينه. الشيخ عن الموازية لو وكلت من يصالح عنها ولها على زوجها مائة دينار فصالحه على تركها لزمها؛ لعله يريد إن كان صلح مثلها، وفي المجموعة لابن القاسم: من ملك من يصالح عنه امرأته فصالحها بدينار فأنكره الزوج فله ذلك، إنما يجوز عليه صلح مثلها. قلت: ظاهر ما تقدم أن مخالفة الوكيل بزيادة اليسير عليها ونقصه له كالكثير، والأظهر أنه فيهما كالبيع والشراء، وتعقب ابن عبد السلام قول ابن الحاجب بيمينه وقال: لا يكاد يوجد نصا في المذهب. قلت: لا يبعد إجراءه على أن العرف كشاهد واحد. وفيها مع سماع ابن القاسم: من أقر بخلع على شيء فأنكرته امرأته ولا بينة وقع الفراق ولا شيء له، وحلفت ما خالعت بشيء، وفيه لو أقر به معلقاً على الإعطاء لم يلزمه إلا به. أصبغ وسحنون هذا إن اتصل تعليقه بإقراره وإلا فكالمجرد. ابن رشد: اتفاقاً، وكذا لو قال وامرأته غائبة اشهدوا أني بارأت امرأتي على كذا على معنى الإخبار عن متقدم، ولو أراد خالعتها بقولي هذا على كذا ففي لزومه الخلع إن لم ترضى ما خالعها عليه قولا أصبغ وغيره. اللخمي: إن قال خالعتك على عشرة، وقالت طلقتني على غير شيء ففي قبول قولها بيمينها وقبول قوله فتبقى زوجة بعد حلفهما قولا ابن القاسم وعبد الملك،

وعليهما لو قال بعتك هذا العبد بعشرة وأعتقته، وأكذبه الآخر ففي بقائه رقا لبائعه القولان. قلت: قول عبد الملك خلاف قول ابن رشد اتفاقاً، وعلى المشهور لو طلبته بالنفقة قائلة دعواه الخلع ليسقطها. قال الصقلي: إن أقرت بإيقاعه طلاقها بلفظ الخلع مجاناً فلا نفقة، وإن أنكرت مطلق طلاقه فكذلك على قول ابن القاسم: طلقة لفظ الخلع بائنة، وعلى أنها رجعية فهي لها. قلت: إقرارها بإيقاعه بلفظ الخلع وإنكارها مطلق طلاقه سواء. بعض شيوخ عبد الحق لعيسى عن ابن القاسم: من أقر عند قوم أنه بارأ زوجته، ثم قال: كنت مازحاً وأنكرت زوجته ذلك بانت منه بواحدة ولا رجعة له، وإن مات ورثته ولا يرثها، فانظر فيها ما يدل على وجوب النفقة. عبد الحق: لا نفقة لها ولا حجة لها بقولها أقر بذلك لإسقاطها لقدرته على إسقاطها بطلاقها طلاق الخلع فتكون بائنة على قول ابن القاسم، والمسألة التي ذكر لا دليل فيها على إيجاب النفقة. وفيها: إن قام على دعواه شاهد أحلف معه، ولو قالت: طلقتني أمس على دينار وقبلت، وقال: لم تقبلي، قبل قولها. بعض شيوخ عبد الحق: ولا يمين عليها إذ لو نكلت لم ترد إليه. قلتُ: مثل قولها في سماع عيسى من التمليك، وفي المسألة لأصبغ: لا يمين عليها. ابن رشد: وقال أشهب القول قوله، والخلاف مبني على أصل اختلف فيه قول ابن القاسم، وهو تصديق المأمور فيما أمر به من اخلاء ذمته أو تعمير ذمة الآمر، فذكر مسألة كله في غرائرك ومسألة الؤلؤ ونظائرها، ويرد بأنها في مسألة الخلع مدعية عين ما جعل لها فقط، والمأمور في مسألة الغرائر ونحوها مدع قدراً زائداً على ما جعل له؛ بل اختلافهما على أصليهما في إلزام المقر بأمر مقيد بدعوى حكمه مجرداً عنها أو بها، كقوله وطئت هذه بنكاح وعجز عن إثباته.

ولو اختلفا في جنسه أو قدره صدقت بيمين. أصبغ: لو أقام بينة بخلعها على عبدها فلان وأقامت بينة بخلعها بعشرة، والبينتان عن وقت واحد وتكافأتا سقطتا ونفذ الخلع وله أخذ العشرة. ابن رشد: وهذا قول ابن القاسم: لم يختلف في تساقطهما بهذا الاختلاف، واختلف قوله إذا شهدت إحداهما بأكثر مما شهدت به الأخرى، وأشهر قوليه الأخذ بالبينة التي زادت والقولان فيها، وقد فرق بين كون الزيادة في المعنى دون اللفظ مثل شهادة إحداهما بمائة والأخرى بخمسين وبين كون الزيادة في الثاني لانحصار اختلافهما في الأول للتناقض، وجواز صرفه في الثاني لسماع ذات الزيادة ما لم تسمعه الأخرى، روي المدينون إن اختلفا في النوع قضي بهما معاً، فعليه إن ادعى الزوج العبد والدنانير قضي له بهما معا، وإن أدعى العبد قضي له بشهادة من أحقه له. الشيخ في العتبية: لسحنون عن ابن القاسم إن صالحت على عبد غائب فمات أو وجد به عيباً، فقالت كان ذلك به بعد الصلح، وقال هو قبله فهي مدعية عليها البينة، وإن شبت موته بعد الصلح فلا عهدة فيه بخلاف البيع. قلت: لفظها في سماع سحنون سألته عن المرأة تصالح زوجها على عبد في الحضر فوجد به عيبا او يموت فتدعي أنه مات بعد الصلح وحدث به العيب بعده، فذكر الجواب كما مر. ابن رشد: اعترض بعض أهل النظر قوله عليها البينة بأنه خلاف أصولهم في العيب الممكن حدوثه وقدمه أن القول فيه قول البائع، فكان ينبغي أن يكون القول قولها في أنه لم يكن به يوم الصلح أو لم تعلم أنه كان به يومئذ إن كان مما يخفي إلا أن يكون ببزوج بينة بقدمه وليس بصحيح، والمسألة صحيحة لا فرق بين العيب والموت إذا وجد بالعبد قبل القبض؛ لأن ذهاب البعض كذهاب الكل، ونص ابن حبيب على ذلك وبين الفرق بين وجود العيب الذي لا يقدم ويحدث قبل القبض وبعده، وثبوت موت الآبق قبل الخلع تقدم.

باب صيغة الخلع

[باب صيغة الخلع] الصيغة: ما دل عليه ولو إشارة، فيها: إن أخذ منها شيئاً منها وانقلبت وقالا ذاك بذاك ولم يسميا طلاقاً فهو طلاق الخلع، وإن سميا طلاقاُ لزم ما سميا، فإن قالت له اخلعني ولك ألف درهم، فقال لها: قد خلعتك لزمها الألف، وإن لم تقل بعد قولها الأول شيئاً، والإيجاب والقبول في مطلقة كالبيع. وفيها: إن لم ترض في: أ، ت طالق على عبدك في المجلس سقط، وقبول المعلق لا يشترط ناجزا ويوقف القابل لتخييره أو رده، وتمكينه المتعة بنفسه رد عليه، وفي التمليك منها: إن قال لها إن أعطيتني ألف درهم فأنت طالق وقفت فتقضي أو ترد إلا أن يطأها طائعة فيزول ما بيدها. وفي عتقها الأول إن قال لأمته إن لم تداخلي الدار فأنت حرة ولامرأته فأنت طالق تلوم له الإمام بقدر ما يرى أنه أراده. اللخمي: إن قال إذا أو متى أعطيتني فهو بيدها، ولو افترقا ما لم يطأها أو ير أنها تركت، أو يمض ما يرى أن الزوج لم يجعل التمليك إليه، ويختلف إن قال إن أعطيتني هل يحمل على المجلس أو ولو افترقا، وأراه بيدها إن قالت نعم قل انصرافها. وفيها إن قال إذا أعطيتني كذا فأنت طالق، ألها ذلك متى ما أعطته. قال: قال مالك في أمرك بيدك متى شئت أو إلى أجل، لها ذلك ما لم توقف أو توطأ طوعا فيبطل ما بيدها، ويفرق بأن لفظ شئت والتصريح بالأجل يناسب التوسعة، ولذا اختصرها أبو سعيد. قيل: وإيجابه معلقا على أمر يوجبه عند وجوده ويمنع رفعه إن بدا له بخلاف تعليق وعد به، فصريحه لا يفتقر ليمين بخلاف محتمله. سمع ابن القاسم إن قال لها اقضني ديني وأفارقك، فقضته، ثم قال لا أفارقك حق كان لي أعطيتنه، فهو طلاق إن كان على وجه الفدية، وإلا حلف ما كان على وجهها وما أراد إلا طلاقها بعد ذلك، كقوله لغريمه أعطني كذا من حقي ولك منه كذا يلزمه، ولو قالت خذ مني هذه العشرين وفارقني، فقال نعم، ثم قال حين قبضها لا

أفارقك قد فارق. ابن رشد: يريد بوجه الفدية ببساط يدل عليها مثلا سؤالها طلاقها على شيء تعطيه، فيقول لها اقضيني ديني وأفارقك ببينة على ذلك أو إقراره فيلزمه الخلع ولو لم تكسر في ذلك حلياً، وإن لم يثبت ذلك حلف على الأمرين معاً ما كان على وجه الفدية، وما أراد إلا أن يطلقها بعد ذلك، وروي ابن نافع يحلف على ما أدعى أنه أراده من ذلك، وعن مالك يلزمه الفراق ولا يمكن من اليمين، وقاله أصبغ واختاره محمد. قال: لأن قبضته ذلك منها وجع خلع، والأول اختيار ابن القاسم في رسم أوصي من سماع عيسى. **** القائلة: خذ مني هذه العشرين لازم اتفاقا، وكذا لو قال ابتداء أعطني عشرين ديناراً وأفارقك، فلما قبضها قال: لا أفارقك؛ لأن قبضه رضي بالمفارقة، ولو قال لما أتته بها لا أقبلها ولا أفارقك ففي لزوم الفراق له ونفيه بحلفه، ثالثها: إن باعت فيه متاعها وكسرت فيه حليها لسماع عيسى وأبي زيد لابن القاسم الأخيرين، والأول لغيره، ولو قال إن دعوتني إلى الصلح فلم أجبك فأنت طالق فدعته له بدينار، فقال: لم أرد إلا نصف متاعك أو نصف مهرك فذلك له وخلى بينه وبينها. ابن شعبان: القول قوله نا بينه وبين قدر ما تملكه، وليس ببين إذ ليس مما يقصده الزوج ولا يرجوه، وأرى أن يحملها على الغالب أن يرضي به مثلها وليس من يعلم بغضها زوجها كغيرها ولا البخيلة على الغالب أن يرضي به مثلها وليس من يعلم بغضها زوجها كغيرها ولا البخيلة كالسخية والفقيرة والغنية والمتوسطة مختلفات من بذلت ما يرى أنه يرضي به مثلها على ما يعلم من رغبتها لزمه قبوله وإلا وقع طلاقه. ابن شاس: إن قال إن أعطيتني عبداً فأنت طالق، فإن وصفه لزم بصفته وإلا فيسمى عبد سليم. قلت: مقتضى قولها إن خالعته على ثوب هروي، ولم تصفه جاز وله الوسط من ذلك أنه كذلك في العبد المطلق. ابن شاس: إن قال إن أعطيتني هذا الثوب الهروي فأنت طالق فإذا هو مروي، طلقت إن أعطته. قلت: الأظهر إن كان المسمى أفضل وغرته بذكرها أنه المسمى عدم لزومه على

القول أن الحكم المعلق بمعين من حيث صفته بأن نفيها لا يثبت كمجيب لمن نادى غيره فقال، أنت حر أو طالق لظنه المنادى. وسمع عيسى ابن القاسم: من حلف بطلاق امرأته واحدة لا صالحها فصالحها لا يرد عليها ما أخذ منها كمن قال لغلامه إن قاطعتك إلى سنة فأنت حر فقاطعه قبلها لم يرد إليه شيئا، ولو كان حلفه بالبتة رد لها ذلك كقوله إن قاطعتك فأنت حر فقاطعه عتق ورد له ما أخذ منه. عيسى: لأن طلاق الحنث لزم قبل الخلع إن كان رجعيا تم الخلع، وإن كان بائنا بطل لوقوعه في غير زوجة فلا عوض للخلع يرد، وكذا في العتق؛ لأنه إن كان إلى سنة بعتق الحنث إلى أجل فكان للمقاطعة عوض، وإن لم يكن إلى سنة كان معجلا فلم يكن لما أعطاه العبد عوض يرد. ابن رشد: أما في الحلف واحدة في المدخول بها فلا يرد الخلع اتفاقا، وتمثيله بقوله من قال إن قاطعتك إلى سنة معناه إن قاطعتك فأنت حر إلى سنة فالمعنى العتق لا المقاطعة وإلا بطل التمثيل، لأن طلاق الحنث حينئذ يكون معجلا، ولو كان طلاق الحنث ثلاثا أو واحدة في غير مدخول بها أو عق الحنث غير مؤجل، ففي رد الزوج والسيد العوض قولان لابن القاسم وأشهب، وهو مقتضي النظر والقياس لوجوب تقدم الشرط على المشروط، فالصلح واقع والعصمة باقية فيجب تمامه، وطلاق الحنث لغو واحدة كان أو ثلاثا لوقوعه بعد الصلح في غير زوجة، وقول ابن القاسم بناء على جعل طلاق الحنث وعتقه قبل الشرط، وهذا منكر من قوله، إذ لو تقدم طلاق الصلح لوقع عليه بالصلح طلقة بائنة إذا كان الطلاق واحدة في التي دخل بها، وهذا لا يقوله هو ولا غيره. قلت: للخمي في المنتخبة: من قال أنت طالق إن صالحتك فصالحها حنث بطلقة اليمين، ثم وقعت عليها طلقة الصلح وهي في عدة منه يملك الرجعة، فلا يرد ما أخذ منها. ابن رشد: وقول ابن القاسم هذا بناه على قول مالك فيمن قال لعبده إن بعتك فأنت حر فباعه؛ يعتق على البائع وليس بصحيح، لأن قول مالك في هذه استحسان على

غير قياس، والقياس فيما قول من قال لا شيء على البائع، وإنما ينبغي قياس المسألة على قوله إن اشتريت فلانا فهو حر، وإن تزوجت فلانة فهي طالق. قلت: هذا الذي اختاره سبقه به اللخمي، ومقتضى جعله القول بمضي الخلع مخرجا على الشاذ في مسألة العتق أنه عنده غير منصوص عليه خلاف نقله ابن رشد عن البرقي عن أشهب، وتخريجه على الشاذ إلغاء طلاق الحنث كإلغاء الطلاق المتبع للخلع على قول إسماعيل القاضي بإلغاء ما زاد على الواحدة في قوله قبل البناء أنت طالق أنت طالق. يرد بأن الطلاق المتبع للخلع متأخر عن الخلع فتأخر تقرره عنه فلم يجد محلا، وطلاق الحنث في مسألة الخلع متقدم إنشاؤه على وجود الخلع كتقدمه في كل طلاق معلق ولذا يلزمه حين وقوع الشرط، وإن كان المطلق بالتعليق حينئذ نائما، وتقدم إنشائه على الخلع يناسب جعله ثبوته مقارنا للخلع، فيلزم، ورده ابن عبد السلام بأن المعلق معلول للمعلق عليه شرعا، والمعلول مقارن الحصول لحصول علته في الوجود، كحركة اخاتم مع حركة الأصبع. يرد بأن هذا بناء على لزوم مساواة العلة الشرعية للعلة العقلية في جميع أحكامها، وليس الأمر كذلك، التخلف الضدان في زمن واحد في قوله إن تزوجتك فأنت طالق، ويمنع كون حركة الأصبع علة لحركة الخاتم وإن قال غيره؛ بل هما معلولا علة واحدة وهي الداعي المتعلق بهما كسبا لا تأثيرا. والمذهب أن التزام معارضة كل بكل لا توجبه في جزء منه بمثله من الآخر منفردا؛ لأن للهيئة الاجتماعية اعتبارا وقصدا، فقول ابن الحاجب: "لو قال طلقت ثلاثا على ألف، فقالت: قبلت واحدة على ثلثها لم تقع، ولو قبلت واحدة بألف وقعت" صواب. وفيها إن وهب عبدين فأثابه عن أحدهما ورد الآخر فللواهب أحدهما إلا أن يثيبه عنهما معا؛ لأنها صفقة واحدة. اللخمي عن محمد إن أعطته مالا على طلاقها ثلاثا فطلقها واحدة صح له ولا

باب في طلاق السنة

حجة لها لنيلها بالواحدة ما تنال بالثلاث، وأرى إن كان عازما على طلاقها واحدة فلها الرجوع بكل ما أعطته لأنها للاثنتين أعطت، وإن كان راغبا في إمساكها فعل اعتبار شرط ما لا يفيد ترجع عليه بمناب الطلقتين، وقول محمد بناء على لغوه. قلت: قد يكون هذا الشرط مفيدا؛ لأنه يتشوف لمراجعتها في الطلقة الواحدة بخلاف الثلاث فيكون قصدها بالثلاث الراحة من طلبه مراجعتها، وروي اللخمي: إن أعطته مالا على تطليقها واحدة فطلقها ثلاثا لزمه ولا قول لها، وأرى إن كان راغبا في إمساكها فرغبت في الطلاق فأعطته على أن تكون واحدة أن ترجع بجميع ما أعطته؛ لأنها إنما أعطته على أن لا يوقع الاثنتين لتحل له إن بدا لهما من قبل زوج. قلت: الأظهر رجوعها عليه بما أعطته مطلقا؛ لأنه بطلاقه إياها ثلاثا يعيبها لامتناع كثير من الناس من تزويجها خوف جعلها إياه محللا، فتسيء عشرته ليطلقها فتحل للأول. ولو اشترت منه عصمته عليها أو طلاقه عليها أو ملكة عليها ففي كونه ثلاثا أو واحدة بائنة، ثالثها: إلا أن ينوي واحدة لسماع عيسى ابن القاسم، وعيسى، وأصبغ. [باب في طلاق السنة] وطلاق السنة ما كان في طهر لم يمس فيه بعد غسلها أو تيممها واحدة فقط

وفيها: يكره أن يطلقها في كل طهر طلقة. أشهب: لا بأس به ما لم يرتجعها؛ لأن يطلقها. زاد اللخمي عنه: لو أراد أن يطلقها اثنتين أو ثلاثا، فقيل له لا يجوز ذلك، فطلقها واحدة ثم ارتجعها، ثم طلقها أخرى ثم ارتجعها، ثم طلقها الثالثة فلا بأس؛ وإن كن في يوم. وغيره بدعي. اللخمي: كونه اثنتين مكروه وكونه ثلاثا ممنوع. وفي كون كراهته في مس فيه لتلبيسه عدتها بالأقراء أو الوضع أو خوف ندمه إن بان حملها قولان للقاضي. واللخمي قائلا: إن طلقها قبل اغتسالها مضى. وفيها: يطلق الحامل، والصغيرة، واليائسة متى شاء، والمستحاضة متى شاء، وإن كان لها طهر يعرف نحراه، ونقل ابن الحاجب أن المميزة كغير المميزة لا أعرفه نصا، وتخريجه اللخمي على أن عدتها كغير المميزة سنة، يرد بنقل محمد فيها عدتها سنة. وإن طلقها في الدم البيه بالحيض جبر على الرجعة احتياطا فيهما. وفيها: له أن يطلقها قبل البناء وإن كانت حائضا أو نفساء، ونهى عنه أشهب، وعزا له اللخمي الكراهة. قال: وروي القاضي منعه وجوازه بناء على تعليله بالتطويل أو التعبد. وفي تطليق الحامل في حيضها قول ابن شعبان وتخريج القاضي على منعه فيه قبل البناء، وعزاهما عبد الحق لأبي عمران وابن القصار وصوب الأول.

وفي دم وضعها ولدا وفي بطنها آخر قولان، وعزاهما عبد الحق لأبي عمران كدم حيضها. ابن شاس: الخلع في الحيض كالطلاق، وقيل: يجوز؛ لأنه برضاها، وقيل: لضرورة الافتداء وعليهما جوزاه برضاها دون خلع. ومتى خلع الأجنبي. قلت: لا أعرف نقل جوزاه لغيره، والفاسد الذي لا يقر بإمضاء ذي حق فيه يفسخ في الحيض كنكاح المحرم، لا ما يصح بإمضاء كالسيد في عبده والولي في محجوره. ومن طلق لارتفاع الحيض فعاد قبل تمام طهر في كونه كالحيض قولان لابن عبد الرحمن مع أي عمران، وبعض شيوخ عبد الحق بناء على اعتبار المال والحال. وفي آخر لعانها: من قذف زوجته أو انتفى من حملها وهي حائض أو نفساء فلا يتلاعنان حتى نطهر، وكذا إن حل أجل تلوم المعسر بالنفقة أو العنين أو غيره فيه أخر طلاقه لطهرها، والمولى إن حل أجله ولم يف وهي حائض طلق عليه، وروي أشهب: لا تطلق حتى تطهر. اللخمي: إن أخطأ الحاكم فطلق للإعسار ونحوه في الحيض لم يلزم بخلاف طلاق الزوج بنفسه؛ لأن القاضي فيه كوكيل على صفة ولأنه لو أجيز فعله لجبر الزوج على الرجعة ثم يطلق إذا طهرت فتلزمه طلقتان. وفي جبر من طلق في حيض أو نفاس طلاقا رجعيا ولو حنث ما لم تنقض عدتها، أو لم تطهر من الحيضة الثانية؛ قولان لها مع ابن الماجشون، ولأشهب مع ابن شعبان، فإن أبي فقال ابن القاسم وأشهب: هدد، فإن أبي؛ سجن، فإن أبي؛ ضرب بالسوط، ويكون ذلك قريبا في موضع واحد، فإن أبى ألزمه الحاكم الرجعة. الباجي: إن أجبر على الرجعة ولم ينوها، ففي صحة استمتاعه بها قولا أبي عمران، وبعض البغداديين. وسمع أصبغ ابن القاسم: من لم يجبر على الرجعة من طلاقه في الحيض حتى طهرت منه فطلقها جبر على الرجعة ما لم تنقض عدتها، ولو كان ارتجعها في حيضتها ثم

طلقها في طهرها منه لم يجبر. ومن أبى الارتجاع من طلاق الحيض قضى عليه السلطان بها وأشهد على القضية عليه بذلك فكانت رجعة تكون بها امرأته أبدا حتى إن خرجت من العدة وماتا توارثا. ابن رشد: ظاهره أن إجباره بالإشهار بما ذكر دون ضرب ولا سجن خلاف نقل محمد عن ابن القاسم وأشهب، والأظهر جواز استمتاعه بها برجعة القضاء عليه كارها، ولا نية له كالسيد يجبر عبده على النكاح. وسمع عيسى ابن القاسم: لمن أجبر على الرجعة أن يطأها إذا طهرت وهو يريد أن يطلقها في الطهر الثاني، ويؤمر في الرجعة من طلقة الحيض والنفاس التي أجبر عليها أن يمسكها حتى تطهر ثم تحيض ثم تطهر، وقول أبي عمران لو ارتجعها في حيض الطلقة اختبارا دون إجبار كان له طلاقها في طهر حيض الطلقة هو مفهوم شرطها. وسمع عيسى ابن القاسم لمن أمر بالرجعة من طلاق الحيض فراجع مريدا طلاقها وطؤها. ابن رشد: هو المأمور به، ولو ارتجعها كذلك ولم يصبها كان مضرا آثما، ولو طلق في طهر حيض جبر فيه أو في طهر مس أو قبل اغتسالها أو بدله لم يؤمر بالرجعة. وقول الن عبد السلام: أظن أني وقفت على نقل: يجبر من طلق في طهر مس فيه على الرجعة ولا أتحققه الآن - لا أعرفه إلا قول عياض. ذهب بعض الناس إلى جبره على الرجعة كمن طلق في الحيض. عبد الحق: والتيمم يبيح طلاقها ولو صلت به. قلت: ظاهره ولو بعده بحيث لا تنتقل به. وظاهر قول التلقين لطلاق السنة ستة شروط: كونها ممن يحيض مثلها، وكونها طاهرا غير حائض ولا نفساء، وكونها في طهر لم يمس فيه، وكونه تاليا لحيض لم يطلق فيه، وكون الطلقة واحدة، والسادس: أن لا يتبعها طلاق - جوازه برؤية الطهر، ونقله ابن عبد السلام غير معزو ظاهر لفظ الجلاب وابن فتحون وغير واحد خلاف نصها، وقال ابن حارث: اتفق مالك والرواة من أصحابه أنه لا ينبغي طلاق المدخول

بها إلا وهي طاهر غير حائض ولا نفاء طهرا يحل لها به الصلاة. وسمع أصبغ ابن القاسم إن دعت طلاقه إياها وهي حائض، وقال: بل وهي طاهر فالقول قوله. ابن رشد: وعنه أن القول قولها ويجبر على الرجعة، وقال سحنون. الصقلي: لو قال قائل ينظر إليها بإدخال خرقة بنفسها ولا كشفة في ذلك لرأيته صوابا؛ لأنه حق للزوج كعيوب الفرج والحمل، ولأنها تتهم على عقوبة الزوج بالارتجاع. قلت: وفي طرر ابن عات ما نصه: حكي ابن يونس عن بعض الشيوخ أن النساء ينظرن إليها كالعيوب. قال: وقال ابن المواز إن كانت حين تداعيهما حائضا قبل قولها وإن كانت حينئذ طاهرا قبل قوله لا قولها. ولو قال وهي حائض أنت طالق للسنة، أراد إذا طهرت ففي تعجيله ويجبر على الرجعة، وتأخيره لطهرها قولها، ونقل اللخمي عن أشهب. ولو قال ثلاثا للسنة ففيها مع الشيخ عن سحنون وقعن عاجلا. ابن شاس: على المشهور ولا أعرف الشاذ بحال. وقبله ابن عبد السلام وقرر وجوده بقول ابن الماجشون: يقدر وقوع الطلاق المؤجل واقعا في أجله، وابن القاسم يقدره معجلا، فعلى قول ابن الماجشون تلزمه طلقتان فقط؛ لأن الطلقة الثالثة يقدر وقوعها في الطهر الثالث، وإنما يكون بعد الحيضة الثالثة، وبأولها تخرج من العدة وتصير أجنبية فلا تلحقها هذه الطلقة. قلت: هذا وهم، لأن الطهر الثالث بعد العدة إذا اعتبرت الحيضة التي وقع فيها الطلاق من العدة. وابن الماجشون: لا يعتبرها منها؛ لأن في النوادر ما نصه

من المجموعة وكتاب ابن سحنون: قال عبد الملك فيمن قال لزوجته - يريد وهي طاهر - أنت طالق كلما حضت؛ طلقت ثلاثا، يريد مكانه. قال: وانظر فإن وجدت غاية الطلاق يأتي في العدة فأوقعه الآن أو ما دخل في العدة منه، فإن وجدت العدة تنقضي قبل ذلك فأسقط ما جاوز العدة منه، ففي مسألتك جعل الطلقة الأولى في الحيضة لا تدخل في العدة والعدة بعدها؛ يريد: وقد لزمته طلقة. وقال: والطلقة الثانية والثالثة جعلها في كل حيضة من العدة طلقة، فتتم ثلاثة تتم العدة ثم تحل بالحيضة الثالثة، وذكره ابن سحنون ثم قال: وخالفه وقال: بل تعتد بالحيضة الأولى فيقع بذلك طلقتان. انتهى. قلت: وهذا نص من عبد الملك على أن الحيضة الآتية لا يعتبرها من العدة لوقوع الطلاق فيها تقديرا، فإذا كان واقعا فيها تحقيقا فأحرى. الشيخ عن ابن سحنون عن أبيه: لو قال أنت طالق ثلاثة للسنة فكأنه قال لها أنت طالق كلما طهرت، وثانية في الطهر الثاني، وثالثة في الثالث بانقضائه تنقضي العدة، وكذا لو قال لها وهي طاهر أنت طالق ثلاثا للسنة، وهذا يدخل في قول ابن القاسم. وذكر في ترجمة أخرى عن ابن سحنون عن سحنون، إن قال أنت طالق إذا حضت الأولى، وأنت طالق إذا حضت الثالثة، وأنت طالق إذا حضت الخامسة، لا تقع عليه إلا طلقته؛ لأن ما زاد عليها لا يقع إلا بعد العدة. ومن المجموعة وبعضه من كتاب ابن سحنون: إن طلقة واحدة، ثم قال أنت طالق كلما حضت وقعت الثلاث، ولو قال أنت طالق، وإذا حضت ثانية بعد أولى فأنت طالق، وإذا حضت ثالثة فأنت طالق، لزمته طلقتان الطلقة الأولى وطلقة عجلت عليه. الشيخ: يريد وقعت الثالثة بعد انقضاء العدة بدخولها في الحيضة الثالثة. ابن سحنون عنه: لو قال لمدخول بها لا تحيض أنت طالق ثلاثا للسنة وقعن عاجلا، كأنه قال أنت طالق الساعة، وطالق ثانية إذا أهل الشهر، وطالق ثالثة إذا

أهل الشهر. قال: ولو قال لغير مدخول بها: أنت طالق ثلاثاً للسنة لم تلزمه إلا طلقة إذ لا عدة عليها فوقعت الطلقتان وهي غير زوجه كقوله لها أنت طالق اليوم طالق غداً وطالق بعد غد، وليس كمن نسق بالطلاق في مقام واحد؛ بل كمن قال لمدخول بها أنت طالق اليوم، وطالق إذا حضت الحيضة الثالثة، أو إذا مضت عشر سنين، ولو قال لحائل أنت طالق ثلاثا للسنة وقعن حينئذ كأنه قال أنت طالق الساعة، وطالق ثانية إذا أهل الشهر، وثالثة إذا أهل الشهر الثاني، ولو قال لحامل أنت طالق ثلاثا للسنة لم يلزمه إلا واحدة، كأنه قال طالق الساعة وطالق إذا وضعت، وبالوضع تتم عدتها. قال ابن سحنون: إلا أن يعني في الحامل طلاق السنة على رأي العراقيين أنه يطلقها كل شهر طلقة حتى تتم الثلاث مكانه، كذا قال سحنون. قلت: في قوله في التي لا تحيض أنها ثلاث تطليقات نظر؛ لأن طلاق السنة فيها إنما هو طلقة واحدة؛ لأن عدتها مجموع ثلاثة أشهر لا فصل فيها بحيض كمدة حمل الحامل، فكما قدر في الحامل الزائد على الواحدة بعد وضعها، كذا يجب تقديره في التي لا تحيض بعد الثلاثة الأشهر، وتمام الأشهر كالوضع في انقضاء العدة به. قال: وإن قال لها قيل قبل البناء أنت طالق للسنة، أو قال للبدعة، أو قال لا للسنة ولا للبدعة، أو قاله لمدخول بها حامل، لزمته مكانه طلقة، وكذا إن لم تكن حاملاً، وهي ممن لا تحيض، ولو قال لها وهي حائض أنت طالق كلما حضت لزمه الطلاق مكانه. قلت: هذا خلاف ما تقدم له إنما يلزمه طلقتان فتأمله. قال: وإن قال لها وهي حائض أو طاهر أنت طالق ثلاثا عند كل قرء طلقة، وقعت الثلاث، وإن قال لها ذلك وهي حامل، فإن كانت لا تحيض على حملها لزمته طلقة فقط؛ لأن الزائد جعله بعد انقضاء عدتها بالوضع، فإن كانت لم تحيض على حملها عجلت عليه طلقة، ونظرنا فإن تمادى الحمل حتى يظهر ثلاثة أطهار لزمته الثلاث، أو قرءان فتلزمه طلقتان يوم قال ذلك، وإن لم تحض حتى وضعت لم يلزمه غير طلقة. قلت: كذا نقلها الشيخ ولم يزد، ولا تتم إلا بحمل قوله: (لا تحيض) على التي علم الزوج ذلك منها، فصار طلاقه المعلق على قربها كتعليقه عليه بعد وضعها، وحمل قوله:

(فإن كانت لم تحيض) على من لم يعلم ذلك منها. قال: وكذا في أنت طالق الساعة، وطالق إذا مضى شهر، وطالق إذا مضى شهر ثان، إن وضعت قبل مضي شهر لزمته طلقة فقط، وبعد مضيه طلقتان، وبعد شهرين ثلاث، وإن قال لمستحاضة أنت طالق ثلاثا عند كل قرء، فإن كانت مميزة وتعتد بها في قول ابن القاسم لزمته الثلاث. قاله في حيضها أو استحاضتها، وإن كانت غير مميزة لزمته طلقة فقط، والطلقتان وقعتا وهي غير زوجة. الشيخ عن ابن سحنون عن أبيه أنت طالق واحدة عظيمة أو كبيرة أو شديدة أو طويلة أو خبيثة أو منكرة أو مثل الجبل، أو أنت طالق إلى الصين أو إلى البصرة، كله سواء؛ فيه طلقة واحدة رجعية حتى ينوي أكثر، وكذا أنت طالق خير الطلاق أو أحسنه أو أجمله أو أفضله، أو أنت طالق لخلاف السنة، وقوله أنت طالق أكثر الطلاق أو أقبحه أو أسمجه أو أشره أو أقذره أو أنتنه أو أبغضه ثلاث في الجميع، وكذا أكمل الطلاق وقبلها الشيخ، وقول ابن عبد السلام في طلقة عظيمة إلى قوله إلى البصرة لا يبعد عن القول بالثلاث في طلقة بائنة أن يلزمه في هذه الثلاث؛ يرد بأن أثر البينونة منحصر في العصمة ورفعها ملزوم للثلاث، وأثر صفة الطلقة في الصور المقيسة غير منحصر في العصمة، لجواز رجوعه لما توجبه الطلقة من الغم الذي لأجله شرعت المتعة. وقوله: ولا يبعد استحلافه في أنت طالق بخلاف السنة؛ لأن من المخالفة للسنة طلاق الثلاث في لفظ واحد، يرد بأن الحلف إنما يتوجه حيث يتقرر رجحان نقيض المدعي بوجه ما. وقد اختلف في محاشاة الزوجة في "الحلال عليه حرام" هل يلزمه يمين أم لا؟ فعلى الحلف فيها لا يلزم مثله في الصور المذكورة لرجحان دخول الزوجة عملاً بالعموم وخوف إهمال اللفظ عن معنى حكمي، ولفظ أنت طالق بخلاف السنة صدقه على طلاق الحيض والثلاث على سبيل السوية دون مرجح.

باب في شرط الطلاق

[باب في شرط الطلاق] وشرط الطلاق: أهل ومحل والقصد مع اللفظ أو ما يقوم مقامه من فعل أو إشارة سبب، وجعل ابن شاس وابن الحاجب تابعين للغزالي الكل أركاناً له، يرد بأنها خارجة عن حقيقته، وكل خارج عن حقيقة الشيء غير ركن له. [باب الأهل] الأهل: الموقع شرطه الإسلام على المعروف. اللخمي: وقال المغيرة يلزم الكافر طلاقه ويحكم به عليه، إن أسلم بعده احتسب به، ولو رضي الكافر المطلق بحكم الإسلام عليه، ففي لغوه لاعتبار صفته وحكمه بالفراق مجملاً دون الثلاث، ثالثها: بالثلاث، ورابعها: إن كان عقدة مخالفاً لشروط الصحة لم يلزمه شيء، وإن كان صحيحاً لزمه الطلاق، لابن الكاتب مع ابن أخي هشام، وغير واحد، والقابسي، وابن شبلون، والشيخ.

وفي ثالث نكاحها إن طلق نصراني زوجته في عدة إسلامها دونه ثم أسلم فيها فطلاقه لغو، أسلم في عدتها أو تزوجها بعدها. اللخمي: يريد إن تركت حقها في الطلاق، فإن قامت به منع من رجعتها؛ لأن في الطلاق حقاً لله تعالى وحقاً لها، ولها منعه من رجعتها بعد تطليقتين إن تزوجها بعد إسلامه؛ لأنه حكم بين مسلم وكافر، كما لو وهبها نفسها أو ديناراً أو عبده المسلم نفسه، وفي ثاني عتقها إن أعتق نصراني عبده النصراني ثم أراد رده في الرق أو بيعه لم يمنع إلا أن يرضى أن يحكم عليه بحكم الإسلام، فيحكم بحريته. **** كذلك: اللخمي: اختلف في طلاق من لم يحتلم، فقال مالك: لا يلزمه، وقال في مختصر ما ليس في المختصر: إن قال من ناهز الحلم إن تزوجت فلانة فهي طالق فتزوجها فرق بينهما، فطلاق فاقد العقل ولو بنوم لغو. وسمع ابن القاسم جواب مالك عن مريض ذهب عقله وطلق امرأته، ثم أفاق فأنكر ذلك، وزعم أنه لم يكن يعقل ما صنع ولا يعلم شيئاً منه أنه يحلف ما كان يعقل ويترك وأهله، فأطلقه الباجي. ابن رشد: إنما ذلك إن شهد العدول أنه يهذي ويختل عقله، وإن شهدوا أنه لم يستنكر منه شيء في صحة عقله، فلا يقبل قوله ولزمه الطلاق. قاله ابن القاسم في العشرة، وفي الأيمان بالطلاق منها ما طلق المبرسم في هذيانه وعدم عقله لم يلزمه. وسمع أصبغ ابن القاسم فيمن سقي السيكران فحلف بعتق أو طلاق وهو لا يعقل شيئاً لا شيء عليه كالبرسام، وهو شيء لم يدخله على نفسه إذا كان إنما يسقاه ولا يعلمه، وقاله أصبغ، ولو أدخله على نفسه وشربه على وجه الدواء فأصابه ما بلغ ذلك منه فلا شيء عليه. ابن رشد: قوله: (لا شيء عليه) صحيح لا اختلاف فيه؛ لأنه كالمجنون، وقوله: (إذا كان إنما يسقاه ولا يعلمه) فيه نظر؛ لأنه يدل على أنه لو شربه وهو يعلم أنه يفقد عقله، لزمه ما أعتق أو طلق وإن كان لا يعقل، وهذا لا يصح أن يقال به، وإنما ألزم من ألزم السكران طلاقه وعتقه؛ لأن معه بقية من عقله، لا؛ لأنه أدخل السكران على نفسه، وقول من قال لأنه أدخل السكر على نفسه غير صحيح، فإن كان سكر شارب السيكران كالسكر الخمر ويختلط به عقله كالسكران من الخمر فله حكمه، ويمكن أن

يفرق فيه بين أن يدخله على نفسه ليسكر به أو يسقاه وهو لا يعلم، وقاله ابن الماجشون وهو على قول ابن وهب أن السكران إنما ألزم الطلاق؛ لأنه أدخل السكر على نفسه. وطلاق السكران: أطلق الصقلي وغير واحد الرويات بلزمه، وقال ابن رشد: إن كان لا يميز الأرض من السماء ولا الرجل من المرأة فهو كالمجنون اتفاقاً، ونحوه قول الباجي: إن كان لا يبقى معه عقل جملة لم يصح منه نطق ولا قصد لفعل، ولو علم أنه بلغ حد الإغماء لكان كالمغمى عليه. ابن رشد: وأما السكران المختلط فطلاقه لازم، وقال محمد بن عبد الحكم: طلاقه لا يجوز، وذكره المازري رواية شاذة. وطلاق ذي المرض المخوف: وإقراره به في صحته كالصحيح مطلقاً إلا أنها ترثه إن مات منه موتاً لا يرفع إرثها إياه إلا طلاقه ولو كان بائناً وقبله في الصحة رجعي لم يرتجعها منه ومات بعد عدتها لم ترثه، وفي الكافي قول بإرثها إياه بناء على اعتبار المآل أو تهمته حين أبانها، لما في الموطأ قضى به عثمان لإمرأة عبد الرحمن بن عوف. قلت: لعانه إياها في مرضه كطلاقه. اللخمي: لو كان العقد في صحته والحنث في مرضه ففي كونه كذلك ونفي إرثها، قولها ورواية المدنيين: إن قال لها في صحته إن دخلت الدار فأنت طالق، فدخلتها في مرضه عصياناً وخلافاً لم ترثه مع قول المغيرة: من حلف ليقضين فلاناً حقه، فمرض الحالف وحنث في مرضه، إن كان ملياً ورثته، وإن كان فقيراً طرأ له مال لم يعلم به لم ترثه، وهو أحسن، وعزا الباجي الأول لمشهور مذهب أصحابنا. قال: وروى زياد بن جعفر لا ترثه. قال المتيطي إثر هذا الكلام. قال أبو الحسن: فعلى القول الأول لا ترثه إذا خالعها في مرضه؛ لأنه أبين في البراءة من التهمة؛ لأنه باختيارها، وجعل ابن شاس وابن الحاجب الملاعن في المرض من ذلك بعيد؛ لأنها فيه غير مختارة لخوف حدها برميه ولعانه إلا أن يروى فيه خلافاً نصاً. ولو طلق أمة أو ذمية فعتقت وأسلمت بعد العدة قبل موته ففي إرثهما إياه قولا محمد وابن الماجشون وعزاهما الباجي لسماع أصبغ ابن القاسم، وسحنون قال: ولابن

القاسم من مات فشهدت بينة أنه كان طلق امرأته البتة في صحته ورثته كمن طلق في مرضه؛ لأن الطلاق إنما يقع يوم الحكم، ولو وقع يوم القول كان فيه الحد إن أنكر الطلاق وأقر بالوطء. قلت: سمع ابن القاسم من شهد عليه أنه طلق امرأته البتة وقد ماتت لا يرثها، ولو كان قد مات ورثته. سحنون: معناه أن الشهود كانوا قياماً معه فلم يقوموا حتى مات. ابن رشد: قول سحنون غير صحيح، لو كان كما قال لبطلت شهادتهم وورث كل منهما الآخر، وسبب وهم سحنون هو ما في المدونة من الأيمان بالطلاق ليحيى بن سعيد في شهود شهدوا على رجل بعد موته أنه طلق امرأته لا تجوز شهادتهم إن كانوا حضوراً ولامرأته الميراث، وكذا كان يقول يحيى بن سعيد: لو ماتت هي أن له الميراث لسقوط شهادتهم بحضورهم، ومعنى مسألة مالك أن الشهود كانوا غيبا، وكذا هو في رسم حمل صبياً من سماع عيسى من الأيمان بالطلاق، ومالك أحق بتبيين ما أراده، ووجه تفرقته هو أنه إذا كان الميت فلم يعذر إليه في شهادة الشهود، ولعله لو أعذر إليه فيهم لأبطل شهادتهم، فرأى لها الميراث؛ لأن الشهادة لا يحكم بها إلا بعد الإعذار، وإن كانت هي الميتة أمكن أن يعذر إليه، فإن عجز عن الدفع وجب الحكم بالطلاق يوم وقع فلم يكن له ميراث منها. وقال محمد: إنما ورثته ولم يرثها؛ لأنه كالمطلق في المرض؛ لأن الطلاق وقع يوم الحكم، ولو لم يقع يوم الحكم كان فيه الحد. قال أبو إسحاق: هو كلام فيه نظر؛ لأن الحاكم إنما ينفذ شهادة البينة وهي تقول: إن الطلاق وقع قبل الموت، وإنما درئ الحد للشبهة إما لنسيانه، وإما لإمكان أن يكون صادقاً في تكذيبه البينة، ولو كان الطلاق وقع بعد الموت لورثها هو أيضاً. والقياس أن لا ترثه كما لا يرثها؛ لأن الإعذار يجب لهما معاً، فكلما لا يرثها وإن لم يعذر إليها لا ترثه وإن لم يعذر إليه، وهو قول سحنون ويحيى ابن عمر. المتيطي: قول ابن إسحاق معترض بأنه يلزم عليه أن لو شهد أربعة على رجل بالزنا وأنكرها أنه يسقط عنه الحد لإمكان صدقه وهذا لا يقوله أحد. وذكر الأبهري المسألة على ما تقدم من التفرقة بين موته وموتها، وقال: يحتمل أن يكون معنى المسألة أنه طلقها في مرضه ثلاثاً فترثه ولا يرثها.

قلت: يرد تعقبه على أبي إسحاق بأن الشبهة عنده هي مجموع ما ذكر، وإمكان نسيانه حنثه في زوجته. وسمع ابن القاسم من شك في حنثه في يمينه بالطلاق فوقف عنها واستفتى ثم بان له حنثه، تعتد من حين وقف عنها لا من حين بان حنثه. قيل لابن القاسم: فإن ماتت قبل ذلك. قال: ينظر فإن كان يحنث في يمينه لم ترثه وإلا ورثته. ابن رشد: قوله: (تعتد من حين وقف) صحيح لا اختلاف فيه؛ لأن الطلاق وقع عليه يوم حنثه لا يوم بان، وقوله: (إن كان يحنث لم ترثه وإلا ورثته) في بعض الكتب لم ترثه ولم يرثها ليس بخلاف لما تقدم والفرق بينهما أن الرجل في هذه لم يزل مقراً على نفسه بما أوجب عليه الطلاق، فوجب أن لا ميراث بينهما بعد وقوع الطلاق، والمسألة الأولى هو منكر لشهادة الشهود فوجب الإعذار إليه. وسمع عيسى ابن القاسم: من أقر لقوم أنه بارأ امرأته، ثم زعم أنه كان مازحاً ولم يبارئ، وأنكرت هي أن يكون بارأته إن شهد عليه بإقراره بانت منه بواحدة ولا رجعة له إلا بنكاح جديد، وإن مات أحدهما في عدتها ورثته ولم يرثها. ابن رشد: قوله في الميراث لا يصح بوجه لقوله: إذا شهد عليه بإقراره بانت منه بواحدة ولا رجعة له عليها، فقوله: ولا رجعة له عليها يدل أن الشهادة كانت عليه في حياته، فإذا حكم عليه في حياته بأنها بائنة منه وجب أن لا ميراث بينهما، ولو كانت الشهادة عليه بعد موته لوجب على ما تقدم في سماع ابن القاسم أن ترثه ولا يرثها. وفيها: لا تجوز الوصية المطلقة في المرض وإن تزوجت أزواجاً؛ لأنها ترثه، وإن قتلته في مرضه خطأ بعد طلاق فالدية على عاقلتها وترث من ماله دونها، وإن قتلته عمداً لم ترث من ماله وقتلت به، فإن عفي عنها على مال لم ترث منه. وفيها: لو يرفع إرثها إياه نكاحها غيره، ولو تعدد ولو طلقها كل منهم في مرضه ورثت الجميع ولو كانت زوجاً لغيرهم. وصحته بعده تصيره كطلاق صحيح ولو كرره في مرض آخر، ما لم ترفعه رجعة أو نكاح، فالمعتبر ما بعده في صحة أو مرض.

وفيها: من قتل على ردته في مرضه لم يرثه ورثته ولا زوجته إذ لا يتهم أحد بردة على منع إرث. اللخمي: إن قتل على ردته لم يورث إطلاقاً، ولو عاجله الموت؛ فثالثها: إن لم يتهم، لها، ولنقل ابن شعبان والموازية قال: إن ورثه بعيد ومن يعلم أن بينه وبينه عداوة حين إرثه، وإن مات بعد إسلامه ورثه ورثته غير الزوجة على قول ابن القاسم: ردته طلاق، وترثه على قول أشهب وعبد الملك إن إسلامه يوجب بقاءها زوجة دون طلاق. قلت: الأظهر أن ترثه زوجته على قول ابن القاسم أيضاً؛ لأنه مطلق في المرض ورافع تهمته قتله والفرض نفيه لإسلامه. اللخمي: لو طلقها في مرضه ثلاثاً لم ارتدت ثم تابت ثم مات من مرضه لم ترثه، وجعل التونسي الطلاق عليه في مرضه بجنون أو جذام كالردة واضح إلا أن في الحكم عليه به في مرضه نظراً والصواب تأخيره ونقل ابن عبد السلام عنه أن النشوز منها في المرض كالردة مشكل إذ لا أثر للنشوز في الفرقة. ابن محرز: لم يذكر في الكتاب لو كان لعانه بولد نفاه هل ينتفي في مرضه؟ والصواب نفيه، ولا تهمة في النسب لصحة استلحاقه في مرضه. وفيها: المفلوج وصاحب حمى الربع والأجذم والأبرص والمقعد وذو الخراج والقروح إن أرقده ذلك وأضناه وبلغ به حد الخوف عليه، فله حكم المريض وما لم يبلغ ذلك منه فله حكم الصحيح. الباجي: صفة الخوف ما رواه ابن عبد الحكم ما أقعد صاحبه عن الدخول والخروج، وإن كان جذاماً أو برصاً أو فالجاً وليس اللقوة والريح والرمد إذا صح البدن كذلك، وكذا ما كان من الفالج والبرص والجذام يصح معه بدنه ويتصرف. محمد: لم يختلف قول مالك وأصحابه في أن الزحف في الصف كالمرض. قلت: فآخر المتطاول وأوله إن اعتقبه الموت مخوف، واختلف إن طال مرضه بعد طلاقه ثم مات، فمقتضى قول مالك فيها "إن تزوجت أزواجاً كلهم يطلقها في مرضه، ثم تزوجت آخر والذين تزوجوها أحياء أنها ترث جميعهم" أنه مخوف، ومثله قول القاضي: السل مخوف ولم يفرق بين طول وقصر، وقال ابن الماجشون: المتطاولة كالسل والربع

والطحال والبواسير ما تطاول منها كصحة، وإن مات قبل طوله فمخوف وهو أحسن. وقال عياض بعد ذكر أخذ اللخمي من تعدد الأزواج: إن المتطاول مخوف قد يتفق هذا في المدة القريبة فإن جميعهم لم يبن بها، واتفق مرض جميعهم أو يكون الأول تركها حاملاً فولدت للغد ونحوه، ثم تزوجها آخر فمرض لأمد قريب، ثم ثالث مات بخرج، وكذا حتى اتفق في أيام يسيرة أو بأنه فرض مسائل تكلم عليها إن اتفقت، وفي كون الخروج لسفر أو غزو كمرض قولان لسماع ابن القاسم مع أول قولي ابن وهب، وثانيهما مع سماع عبد الملك ابن القاسم، وفي كون ركوب البحر كالمرض، ثالثها: حال الهول فيه، لابن رشد عن ظاهر نقل سحنون عن مالك فيها ورواية ابن القاسم فيها، ودليل سماع عبد الملك رواية ابن القاسم. ابن رشد: وهو أظهرها، والذي تجمح به دابته مثله يدخله ما يدخل راكب البحر حال الهول من الخلاف، والحبس للقتل صبراً كالمخوف اتفاقاً، وكذا الأسير في أول أمره قبل أن يستحكم أسره على ما حكاه ابن حبيب وهو تفسير لسماع أبي زيد. ابن رشد: ركوب البحر في موضوع الغالب فيه السلامة كركوب البحر الميت والنيل ودجلة كالصحة، وفي غيره قولان. وفيها: قلت: إن قرب لضرب حد أو قطع يد أو رجل فطلق امرأته فضرب أو قطعت يده فمات من ذلك أترثه؟ قال: لم أسمع فيه شيئاً إلا أن مالكاً قال: فيمن يحضر الزحف أو يحبس للقتل كالمريض فضرب الحد، وقطع اليد إن خيف منه الموت كما خيف على الحاضر للقتال فهو كالمريض. عياض: عارضها بعضهم بأنه لو خيف موته من حده لم يقم عليه، وأجيب بأن هذا لم يقصد الكلام عليه وقيل لعله فعله من يراه من الحكام أو من فعله جهلاً، وأجاب القابسي بأن الخوف عليه بعد إقامته، وهذا إحالة للمسألة لوجهين: الأول: أنه قال في المسألة لضرب حد، والثاني: قياس ابن القاسم لها على حاضر الزحف ولو كان كما قال كان مريضاً لم يختلف فيه، وقال الشيخ: إن الخوف المذكور خوف الجزع كما يحضر حاضر الزحف وهذا أولى، ولو كان قطع حرابة أقيم مع الخوف عليه. وفيها: من طلق في مرضه قبل البناء ثم تزوجها قبل صحته فلا نكاح لها إلا أن يدخل بها فيكون كمن نكح في المرض وبنى فيه.

عبد الحق عن بعض القرويين: يفسخ ولو بنى وليس كما قيل يثبت بالبناء كالنكاح بالغرز؛ لأن هذا المهر إنما هو في الثلث ولا يعلم ما يحمله منه فهو غير مستقر، ونكاح الغرر المهر فيه ثابت وهو ظاهر لفظ الكتاب، كمن نكح في المرض وبنى فيه، وربع دينار ثابت للمرأة من رأس المال تحاصص به غرماءه، والذي في الثلث ما زاد عليه. ابن محرز: قال سحنون لها تفسير ووجد له في موضع آخر أنه يفسخ قبل البناء لتهمته أن يعطيها ماله بغير شيء، فإن بنى بها استحقت مهر مثلها في ثلثه ولم يكن لفسخه معنى. قال شيخنا أبو الحسن: ولها ربع دينار في رأس ماله وبقية مهر مثلها في ثلثه. قال المذاكرون: وإنما فسد النكاح وإن كان الميراث ثابتاً لها بطلاقها في المرض للغرر في المهر هل هو في رأس ماله أو في ثلثه، ولو تحمل به غيره في عقده كان صحيحاً. ولما ذكر الصقلي إنكار بعض القرويين قول سحنون بمضيه بالبناء واحتجاجه بغرر احتمال كونه في الثلاث أو رأس المال. قال: إلا أن يكون له مال مأمون في ثلثه أضعاف المهر فيصح قول سحنون. قال: وقال أبو عمران: لو حمل أجنبي المهر لم يفسخ النكاح بثبوت المهر في مال الأجنبي والإرث بالنكاح الأول، ولو كان على وجه الحمالة لكان كمسألة الكتاب؛ لأن الأجنبي إنما يطالب بالمهر في عدم الزوج. الصقلي: يجب أن يثبت؛ لأن المهر ثابت على كل حال. [باب ****] **** وهو العصمة، وشرطه مقارنة إنشائه تحقيقاً أو تقديراً لامتناع وجود حال دون محل.

فيها مع غيرها: لو قال لأجنبية أنت طالق أو طالق غداً فتزوجها قبله لم يلزمه، إلا أن يريد إن تزوجتك، وكذا أنت طالق إن كلمت فلاناً فكلمه بعد تزوجها. وفيها: إن نكحتك فأنت طالق فتزوجها لزم طلاقها، ولها نصف المسمى، فإن بنى ولم يعلم فعليه صداق واحد لا صداق ونصف كمن وطئ بعد حنثه ولم يعلم وليس عليها عدة وفاة إن مات إنما عليها ثلاث حيض. وسمع أبو زيد: كتب صاحب الشرطة لابن القاسم فيمن دخل بامرأة حلف بطلاقها البتة إن تزوجها، فكتب إليه لا تفرق بينهما، بلغني عن ابن المسيب أن رجلاً قال حلفت بطلاق فلانة إن تزوجتها. قال: تزوجها وإثمك في رقبتي، وزعم أن المخزومي ممن حلف أبوه على أمه بمثل هذا. ابن رشد: مشهور المذهب أن يفرق بينهما على كل حال وإن دخلا، ومراعاة ابن القاسم في الخلاف شذوذ. أبو عمر: بمثل رواية أبي زيد عن ابن القاسم أفتى ابن وهب، وقال: نزلت بالمخزومي، فأفتاه مالك بذلك، وقال محمد بن عبد الحكم، وحكي عن ابن القاسم أنه توقف فيه في آخر أيامه. وقال: وكان عامة مشايخ أهل المدينة لا يرون به بأساً، وروي عنه صلى الله عليه وسلم في نحو هذا

القول أحاديث من وجوه كثيرة إلا أنها عند المحدثين معلولة، ومنهم من صحح بعضها، ولم يرو عنه صلى الله عليه وسلم ما يخالفها، أحسنها ما خرج قاسم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا طلاق إلا من بعد نكاح"، وروي: "لا طلاق بل نكاح"، وروي: "لا طلاق فيما لا تملك". قلت: في أحكام عبد الحق: أبو داود عن مطر الوراق عن عمرة بن شعيب عن أبيه عن جده عن النبي صلى الله عليه وسلم قال" "لا طلاق إلا فيما تملك، ولا عتق إلا فيما تملك، ولا بيع إلا فيما تملك، ولا وفاء نذر إلا فيما تملك". قال البخاري: هذا أصح شيء في الطلاق قبل النكاح، وذكر وكيع عن ابن أبي ذئب عن محمد بن المنكدر عن عطاء بن أبي رباح عن جابر بن عبد الله يرفعه: "لا طلاق قبل النكاح". أخرجه أبو محمد وهكذا رويته من طريق وكيع. قلت: ولم يتعقبه ابن القطان وفي إلمام الشيخ الحافظ تقي الدين ابن دقيق العيد، وعن المسور بن مخرمة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا طلاق قبل نكاح، ولا عتق قبل ملك". أخرجه ابن ماجة من حديث هشام بن سعد وقد أخرج له مسلم. اللخمي: في مختصر ما ليس في المختصر سأل نافع مولى ابن عاصم مالكاً فقال: حلفت بطلاق كل امرأة ما كانت أمي حية، فأمره مالك أن يتزوج.

قلت: هذا نص في جواز ذلك ابتداء، وقال ابن عبد السلام: قال الباجي: المشهور من المذهب إذا وقع هذا النكاح لا يفسخ، وقال ابن رشد: هذا شذوذ. قلت: ما ذكره عن الباجي لم أجده، إنما وجدت له ما نصه عقب ذكره رواية ابن وهب فتوى مالك للمخزومي ما نصه: وليس هذه الرواية بمشهورة، والمشهور عن رواية أبي زيد عن ابن القاسم في العتبية لا يفسخ أن وقع. انتهى. قلت: فكأن الباجي فهم من رواية ابن وهب أنها على جوازه ابتداء فذكر ما تقدم، وفرق بين المشهور من رواية ابن القاسم وبين المشهور من المذهب، واختلفت عبارتهم في نقل أبي زيد عن ابن القاسم، فنقلها اللخمي وابن رشد وغيرهما على أن إمضاءه بالدخول وكذا هو في العتبية، ونقله أبو عمر والباجي وابن زرقون على أنه بالعقد، ففي جواز نكاح المحلوف بطلاقها على تزويجها للحالف، ومنعه مع مضيه بالعقد أو بالبناء، رابعها: يفسخ أبداً، وخامسها: الوقف للخمي عن رواية مختصر ما ليس في المختصرن ولأبي عمر مع الباجي عن سماع أبي زيد ابن القاسم، وللخمي مع ابن رشد عنه والمشهور وأبي عمر عن آخر قولي ابن القاسم، وعلى المشهور إن عم الفساد دون قيد لم يلزمه للحرج. ابن بشير: هذا نصوص المذهب، وخرج بعضهم لزومه من رواية عموم اللزوم فيمن قال كل ثيبة أتزوجها حر أو بعد قوله كل بكر كذلك ورد بأن العموم المقصود أشد من عموم آل الأمر إليه. قلتك هذا اعتراف بتصور العموم في صورة التفصيل والحق منعه، أما اللفظ الأول فواضح، وأما الثاني فكذلك ضرورة عدم تناوله بعض الجنس وهو متعلق اللفظ الأول، وعلة الإسقاط على هذه الرواية إنما هي المشقة الناشئة عن اللفظ العام وهي هنا عن لفظ خاص فلم توجد العلة بحال، ولو علق التحريم بما يبقى كثيراً لزم، ولا تدخل الزوجة إلا إن بانت وشملها اللفظ. وفيها: طلاق من قال كل امرأة أتزوجها إلا من الفسطاط أو إن لم أتزوج من الفسطاط فكل امرأة أتزوجها طالق؛ لازم، وفي قوله إلا من بقرية كذا، لقريةٍ صغيرة

ليس فيها ما يتزوج ساقط كمن استثنى يسيراً في لزومه، لو استثنى واحدة مطلقاً، وسقوطه لو استثنى عشراً، ثالثها: إن كانت الواحدة تحل له في الحال، لابن رشد عن ابن الماجشون وسماع يحيى ابن القاسم ومُطَرَّف، وعزا الباجي الثاني لرواية المصريين. قال والعدد اليسير كالعشرة ونحوها أو قبيلة أو قرية وهم قليل. قال: ولعيسى عن ابن القاسم أنه لا يحد في ذلك والقليل الذي ليس فيه سعة للنكاح، وعزا هو واللخمي قولي الأخوين لروايتيهما. قالا عن ابن الماجشون إن تزوجها في عدة من غيره وبنى بها سقطت يمينه لحرمتها. قلت: فموتها أحرى. اللخمي عنه: ولو كانت صغيرة تبلغ حد النكاح لما يبلغه عمره لزمت يمينه باستثنائها. وله عن ومُطَرَّف: لو كانت حين يمينه أيما فتزوجت سقطت يمينه. قال: فرأى مالك في هذا القول لزومه؛ لأن الواحدة تعفه ويمنع من أخرى توسعاً لا ضرورة، ويلزمه إن عم أن لا تباح له إلا واحدة إلا أن يضطر لأخرى. قلت: يرد بأن العموم يمنع تعلق اليمين ابتداء، وقول ابن بشير إن استثنى بلداً غير متسع أو قبيلة قليلة، ففي لزوم يمينه قولان، وعلى اللزوم لو استثنى واحدة أجنبية ففي عدم لزومه، ثالثها: ما دامت متزوجة، أو إذا تزوجت- يقتضي قولاً باللزوم في اليسير دون الواحدة خلاف مقتضى نقل الثلاثة. وفيها: إن قال كل امرأة أتزوجها إلى ثلاثين سنة أو أربعين فهي طالق لزمه إن أمكن أن يحيى لما ذكر، فإن خشي العنت ولم يجد ما يتسرر به فله أن يتزوج ولا شيء عليه، ولو ضرب أجلاً يعلم أنه لا يبلغه أو قال إلى مائتي سنة لم يلزمه. الباجي عن ابن الماجشون: التعمير في ذلك تسعون عاماً، ولمحمد عن ابن القاسم العشرون عاماً كثير له أن يتزوج. أصبغ: بعد تصبر وتعفف. ابن وهب وأشهب: لا يتزوج في ثلاثين وإن خاف العنت. مالك: يتزوج فيها إن خاف العنت. أبو زيد عن ابن القاسم: إن قدر فيها على التسري فلا يتزوج، وكذا إن لم يجد إلا

أن يخاف العنت. اللخمي عن مالك في غلام له عشرون سنة حلف سنة ستين ومائة أن كل امرأة يتزوجها إلى سنة مائتين طالق تلزمه يمينه، والقياس أن لا شيء عليه؛ لأنه عم معترك العمر ووقت الشبيبة الذي يحتاج إليه فيهن وأرى أن لو قال كل امرأة أتزوجها بعد ثلاثين سنة أو أربعين وهو ابن عشرين أن يلزمه لإبقائه الزمن الذي يحتاج إليه فيه، وعم زمناً لا يلحقه فيه مشقة. ولو وقته بحياة غيره، ففي سقوطه رواية ما ليس في المختصر، ونقل اللخمي ولو قال لزوجته كل من أتزوجها عليك في حياتك وبعد وفاتك طالق، ففي لزومه مدة حياتها ولغوه مطلقاً، ثالثها: لحقها لا لحق الله لابن القاسم وأشهب واللخمي. ولو قال يترك ففي لزمه كعليك ولغوه نقلاه عن ابن القاسم ومحمد. ولو قال كل من أتزوجها بأرض الإسلام طالق، فإن لم يقدر على دخول أرض الحرب فلا شيء عليه، وإن قدر ففي لزومه قولاً ابن القاسم وأصبغ. ابن رشد: كالقولين في استثناء قرية صغيرة، ولو قال حر كل حرة أتزوجها طالق ففي لزومه قول ابن القاسم قائلاً؛ لأنه أبقى الإماء، وقول محمد لا يلزمه إن كان ملياً على القول بالطول. والمعروف إن خشي العنت من لزمته يمينه تزوج وتقدم ما يعذر فيه من المدة، ابن حارث: اختلف إن خشي العنت فروى ابن القاسم فيها: يتزوج، وقال لقمان بن يوسف: أنكر سحنون قوله إلا أن يخشى العنت. ابن حبيب: كان مالك دهره يقول لا يتزوج ولو خشي العنت فأخذ بهذا أهل المدينة وهو قول ابن هرمز، ثم قال قبل موته بيسير إن خشي العنت تزوج فأخذ بهذا المصريون. وفيها مع غيرها: حيث لزم لتعلقه بجزئي لم يتكرر بتكرر تزويجه إلا بلفظ يقتضي تكرره، وإن تعلق بكلي تكرر في أشخاص أفراده بتكرر تزويجه لتعلق الطلاق في الأول بالذات وهي محل الحكم، وفي الثاني بالوصف وهو علة الحكم. ابن رشد: لم يختلف قول ابن القاسم أنه لا يتكرر في إن تزوجت فلانة فهي طالق،

ثم قال: وقيل يتكرر عليه وهو الآتي على قول مالك في مسألة الوتر. قلت: تقدم رده في النذور. ابن حارث: اتفقوا في إن تزوجت فلانة فهي طالق على عدم تكرر اليمين فيها. وفيها: إن قال لامرأة كلما تزوجتك فأنت طالق ثلاثا عاد عليه الطلاق أبدا كلما تزوجها، وإن قال إن تزوجتك أبدا أو إذا أو متى ما فإنما يحنث بأول مرة إلا أن ينوي أن متى ما مثل كلما فتكون مثلها، وإن خص قبيلة أو بلدة كقوله كل امرأة أتزوجها من مصر أو من همدان أو مصر أو الشام فهي طالق، فتزوج منها امرأة طلقت عليه، ثم كلما تزوجها أبدا ولو بعد ثلاث طلقت عليه، لأنه لم يحلف على عينها، وسمع عيسى مثله وزاد: ولو قال بنات فلان أو أخواته أو فخذا. قال مبهماً لم ينص أسماءهن رجعت عليه اليمين أبدا، ولو تزوجها بعد عشرين زوجاً، ولو قال إن تزوجتك أو أخواتك فلا ترجع عليه اليمين فيها وترجع في أخواتها، وسمعه أيضاً إن قال إن تزوجتك أبدا فأنت طالق البتة فتزوجها؛ يحنث وإن تزوجها بعد زوج فلا شيء عليه. ابن رشد: لا خلاف أنه لا ترجع عليه في المرأة المعينة ولو قال إن تزوجتك أبدا، وإنما يفترق التأييد من عدمه في الطلاق فأنت طالق أبدا ثلاث. ولو قال إن تزوجت فلانة فهي طالق أبدا، فقال ابن القاسم هي ثلاث، ووقف فيها غيره، وقيل: واحدة لاحتمال رجوع التأبيد إلى التزويج وهو دليل قولها في إرخاء الستور، ومثله قول ابن القاسم في عتقها في القائل إن دخلت الدار فكل مملوك أملكه أبدا حر رد التأبيد للدخول، ورده أشهب للملك، وتتكرر اليمين في إن تزوجت من فخذ كذا أو بلد كذا أو إلا وقت كذا اتفاقاً، ولو قال من بنات فلان بعينه ولم يسمهن ويمكن إحصاؤهن ومعرفتهن؛ في رجوع اليمين عليه فيهن قولان قائمان من المدونة فيمن يوصي لأخواله وأولادهم. قلت: عزاهما اللخمي لابن القاسم وكتاب ابن سحنون وصوبه ابن بشير. قالوا في إن تزوجت فلانة أبدا لا يتكرر عليه، وحملوا التأبيد على قصد الامتناع لا على تكرير اليمين واللفظ محتمل، ولا يبعد أن يجري فيه الخلاف، وقول ابن الحاجب لو تكرر التزويج في واحدة تكرر الطلاق وإلا لم يكن حرجاً في كل امرأة.

قال ابن عبد السلام: بيان الملازمة أنه يمكن إذا عم أن يتزوج امرأة فتطلق عليه، ويمكنه بعد هذه الطلقة أن يتزوجها فلا تطلق عليه لعدم التكرار. قلتك فيه نظر من وجهين: الأول: إن مطلق هذا التقرير يوجب تكرر الطلاق في المعينة، والمذهب خلافه حسبما تقدم. الثاني: من نظر وأنصف علم أن ما أتى به ليس بياناً للملازمة بحال؛ لأن حاصله أن عدم التكرار ملزوم لعدم التكرار وهذا بديهي غير مفيد، والمطلوب بيان ملزومية عدم التكرار لعدم المشقة الموجبة سقوط اليمين، وتقريرها بأن عدم التكرار يوجب يسر رفع لزوم عموم الطلاق الذي هو مناط سقوط اليمين وذلك بتزويجه امرأة؛ لأن على عدم التكرار يباح له تزويجها ولا تطلق عليه، فيرتفع عموم التحريم الموجب للمشقة؛ يرد بأن إباحة الواحدة لا ترفع المشقة كاستثنائها، لا يقال قدرته على ذلك في غيرها تكثر عدد ما يباح له بخلاف استثناء عدد يسيرن لأنا نقول توقف إباحة العدد الكثير على تزويجه إياه مشقة واضحة، فبطل كون عدم التكرار يرفع المشقة الموجبة لسقوط اليمين. اللخمي: اختلف إن عير امرأة وضرب أجلاً وسمى بلداً وقال لزوجته إن تزوجت عليك فقال محمد: من قال لامرأة إن تزوجتك عشرين سنة فأنت طالق، طلقت عليه مرة فقط، وكذا إن تزوجت فلانة بمصر أبداً، وقال ابن القاسم تطلق عليه كلما تزوجها بمصر وإن حنث فيها مراراً وتزوجت أزواجاً كقوله إن تزوجت فلانة في هذه السنة فهي طالق، والأول أقيس كعموم يمينه في الزمان والمكان؛ لأن فائدة التقييد بأحدهما صرف تعلق يمينه بغير المذكور من زمان ومكان، ولو قال إن تزوجت فلانة على زوجتي ففي تكرره قولان لابن القاسم مع عبد الملك قائلاً؛ لأنه قصد عدم الجمع بينهما، ومحمد قائلاً لا يعجبني قول عبد الملك، ولو قال كل بكر أتزوجها طالق بعد قوله كل ثيب كذلك، فثالثها: يلزمه الأول فقط لسماع عيسى رواية ابن القاسم مع الباجي عن رواية ابن وهب، ونقل ابن بشير وسماع عيسى ابن القاسم مع الشيخ عن أكثر الرواة. ابن حارث: اتفقوا على لزم الأول ولم يحك ابن رشد والباجي واللخمي غير

الأول والأخير، زاد اللخمي وأن لا شيء عليه أحسن؛ لأنه عم النساء. قلت: هذا حسن إن قالهما في فور واحد. ولو قال آخر امرأة أتزوجها طالق ففي لغوه ولزومه قولا ابن القاسم ومحمد مع سحنون، وعليه يوقف عن الأولى حتى يتزوج غيرها فتحل له، وكذا الثانية والثالثة، زاد سحنون: ولمن وقف عنها رفعه لعدم وطئه لقدرته عليه بتزوج ثانية ولها بثالثة ولها برابعة. ابن رشد: لابن الماجشون نحوه وقال: إن ماتت من وقف عنها وقف ميراثه منها إن تزوج ثانية أخذه، وإن مات قبل أن يتزوج رد لورثتها، وإن طلق عليه بالإيلاء فلا رجعة له لعدم بنائه. الشيخ، إن مات في الوقف قبل بنائه لم ترثه ولها نصف المهر فقط، ولا عدة لوفاة. ابن رشد: قول ابن القاسم على قياس روايته فيها فيمن قال لامرأته أن لم تكوني حاملاً فأنت طالق أنها تطلق عليه حين قال ذلكن إذ لا يدري هل هي حامل أم لا؟ ولا يستأني لعلم ذلك وكذا هنا لما كانت يمينه توجب تعجيل طلاقه كل امرأة يتزوجها، إذ لا يدري هل هي آخر امرأة يتزوجها أم لا ولا يستأني لعلم ذلك؛ وجب أن لا يلزمه شيء لأجل العموم، وقول سحنون على قياس قول مالك في مسألة الحمل أنه يستأنى بها ليعلم هل بها حمل أم لا، فإن ماتت قبل تعيين ذلك لم يرثها لشكه في طلاقها، وإن مات هو استؤني بها؛ إن بان حملها ورثته وإلا لم ترثه. قلت: لا يلزم من عدم الاستيناء في مسألة الحمل عدمه في مسألة آخر امرأة؛ لأن الحمل مغيب ليس وجوده بمستند لمستقل من فعل الحالف وهو تزويجه غيرها، وهذا يرد إجراء قول ابن القاسم في مسألة آخر امرأة، ويوجب كون إجراء قول سحنون فيها على مسألة الحمل أحروياً، واعترض ابن دحون قول سحنون بأن قال: إذا وقف عن وطء الأولى ثم تزوج لم يكن له أن يطأ الأولى حتى يطأ الثانية، كمن قال أنت طالق إن لم أتزوج عليك بالوطء بعد النكاح يبر، وليس له وطء الثانية إذ لا يدري أنها آخر امرأة يتزوجها فهو ممنوع من وطء الثانية حتى يتزوج ثالثة، وكذا يلزم في الثالثة والرابعة فلا يتم له وطء البتة.

ابن رشد: هذا اعتراض غير صحيح وهل فيه الشيخ على رسوخ علمه وثاقب ذهنه، ولا معصوم من الخطأ إلا من عصمه الله تعالى؛ لأن المسألة ليست كمسألة من قال أنت طالق عن لم أتزوج عليك، وإنما هي كمسألة من قال إن تزوجت عليك فأنت طالق؛ لأنه لم يطلق إلا على الثانية لا الأولى فوجب أن تطلق بأقل ما يقع عليه اسم زواج، وهو العقد على قولهم الحنث يدخل بأقل الوجوه، والبر إنما يكون بأكمل الوجوه. قلت: الأظهر ما قاله ابن دحون، وبيانه أن تزويج الثانية إما أن يوجب طلاقاً أو عدم وقوعه بيمين به، والأول باطل اتفاقاً فتعين الثاني، وكل تزويج يوجب عدم وقوع طلاق بيمين مشروط بالبناء فيه أصله الحالف بالطلاق ليتزوجن، وقول ابن رشد: "فوجب أن تطلق بأقل ما يقع عليه اسم زواج" وهم؛ للاتفاق على أن التزويج في المسألة لا يوجب طلاقاً ما لم يتيقن كونه آخراً، والفرض عدم تيقنه، وإنما يقع في عدم تيقنه بحكم الإيلاء. الشيخ عن الموازية: إن قال آخر أنثى أتزوجها طالق إلا واحدة؛ يريد تطليق ما يلي الآخرة، إن تزوج امرأة وقف عنها، ثم إن تزوج ثانية وقف عنها مع الأولى إذ لا يدري من يلي الآخرة منهما إن مات، فالمطلقة الأولى وإن تزوج ثم مات فالمطلقة الثانية لا الأولى، ولو قال فالتي تلي التي تلي الآخرة طالق حتى تكون ثالثة منها أمسك عنهن حتى يتزوج رابعة فتحل له الأولى إن مات في هذه الحالة فثانية الأولى هي المطلقة، ولو قال أول امرأة أتزوجها طالق، فتزوج امرأة بانت منه، ولها نصف الصداق وسقطت يمينه. وعن مالك وابن القاسم من قال كل امرأة أتزوجها من البادية لا أنظر إليها طالق فعمي، لا أحب تزويجه من البادية ولا من خرجت منها فسكنت بغيرها أربعة عشر سنة كما لو كان بصيراً. قلت: الأظهر أن كمال وصفها له من ذي خبرة بالجمال يبيح تزويجه إياها لعجزه عن نظرها. قال: ولو قال كل امرأة أتزوجها لا أنظر إليها طالق فعمي رجوت أن لا شيء

عليه، وكذا حتى ينظر إليها فلان فمات فلان. محمد: إن مات فلا يتزوج حتى يخشى العنت ولا يجد ما يبتاع به أمة. قلت: هذا يوجب لزوم الطلاق المعلق بعموم تزويج كل امرأة. ابن حبيب عن الأخوين في الذي قال حتى أراها له أن يتزوج من كان رآها قبل أن يعمى واليمين باقية عليه فيمن لمن يكن رأى. قلت: ينبغي شرط اعتبار تقدم الرؤية بقرب لا تتغير فيه صفتها، وقوله اليمين باقية عليه فيمن لم يكن رأي ظاهره ولو قل عدد من كان رآه، وهو خلاف قوله أولاً رجوت أن لا شيء عليه، ولو قال كل من أتزوج من قرطبة أو من القيروان طالق ولا نية في الغاية، ففي قصره على مسافة وجوب الجمعة أو عدم قصر المسافر، ثالثها: على القرية وأرباضها، ورابعا: في حد ما لا يقصر فيه الخارج ويتم عند وصوله، وخامسها في جميع عملها. الشيخ عن ابن القاسم وابن حبيب مع ابن الكنانة وابن الماجشون وأصبغ قائلاً إن تزوج من حيث إذا برز لم يقصر حتى يجاوزه لم أفسخه، وأحب أن يتجاوز إلا ما لا يجب منه الجمعة، وسحنون قائلاً لو تزوج من العلوين لم يلزمه شيء. قلت: هي منها على قدر خمسة وعشرين ميلاًن وابن رشد عن أصبغ وابن كنانة. قلت: إنما نقل ابن حارث عنه مثل ما نقل الشيخ، ولفظه قال ابن كنانة: إن لم تكن له نية لم يتزوج في شيء من عمل المدينة مما يقع عليه اسمها حتى يبلغ إلى ما يجب فيه الإقصار. الشيخ عن الموازية: من حلف بطلاق من يتزوج بمصر فله أن يتزوج من غيرها مصرية مقيمة بغيرها إلا أن ينوي: لا يتزوج مصرية أو يحلف لا يتزوج مصرية فيحنث. قال مالك: وله أن يتزوج بمصر غير مصرية يريد في هذا. الشيخ: سمع عيسى ابن القاسم عن بعض أهل العلم من حلف لأتزوج بمصر لا بأس أن يتزوج مصرية بغير مصر وإن كانت مقيمة بمصر. قلت: ومثله فتوى ابن رشد لمن قال كل امرأة أتزوجها بقرطبة طالق ولم يزد على ذلك أن يعقد عليها بغير وطنه من البلاد ويرجع بها لسكناه بها بقرطبة.

وسمع عيسى ابن القاسم من قال كل امرأة أتزوجها بالمدينة طالق لا بأس أن يواعدها بالمدينة إذا تزوجها بغيرها. ابن رُشْد: لأن المواعدة ليست بعقد ولا يدخلها الخلاف فييمن واعد في العدة وتزوج بعدها؛ لأن النكاح في العدة محرم بالقرآن والإجماع، والمواعدة فيها مكروهة بنصه صلى الله عليه وسلم، وحلف الزوج بطلاق من يتزوج وإن خص مختلف في لزومه. قُلتُ: قوله: (لا يدخلها الخلاف) يرد بنقل الشيخ على بن حبيب ما نصه: رأي المواعدة ببلد الحلف توجب الحنث، وقاله من أرضى، وسهل فيه بعض الناس، ولا يعجبني. قال الشيخ: وله في الحالف لا تزوج بالأندلس كما ذكرنا عن الكتابين. قال: وإن نوى كراهية نساء الأندلس لجفائهن فلا يتزوج أندلسية حيثما كانت، وله نكاح غيرهن بالأندلس، وإن لم تكن له نيَّة فلا يتزوج بالأندلس مصرية ولا غيرها، وله نكاح أندلسية بغير الأندلس، ولو كانت بالأندلس م ينبغ أن يعقد نكاحها بغير الأندلس مع وليها وإلا الأب في البكر، ولو أشهد عليها وليها غير الأب بالأندلس بضاها بالحالف لم يجز عقده بغيرها لبعد ما بين رضاها ورضى الزوج، إنما يجوز ما كان بقرب ذلك وفوره. قُلتُ: إن قيل شرطه القرب مشكل على أصل المذهب إذ ليس من شرط توكيل المرأة وليها على إنكاحها فويته حسبما دلت عليه مسئل المدونَّة وغيرها. قُلتُ: الفرق بين إذنها في العقد عليها لرجل وبين توكيلها إياه على العقد عليها له أن الأول جزء من ماهية عقد النكاح لأنها فيه مساوية للولي والزوج في لزومه إياه بنفس صدوره مالم يرده قائله، والثاني غير لازم لها؛ لأن لها عزله عنه بنفس صدورها منها قبل رد قائله إياه، والمعتبر صدق وصف سبب الطلاق بعد اليمين حين إنشاء عقد النكاح لا قبله، ولو دام بعده في اعتباره بعدهما قبل البناء خلاف. وفيها: لو قال كل امرأة أتزوجها من الموال طالق وتحته منهن امرأة لم تطلق عليه فإن طلقها ثم تزوجها طلقت عليه. قُلتُ: يريد بخلاف الرجعة، وظاهره ولو لم يكن بنى بها، ابن حارث: اتفقوا فيمن قال كل أمرأة مسلمة أتزوجها طالق أنه يلزمه لبقاء الكتابيات، ولو تزوج كتابية

فأسلمت قبل البناء ففي لزوم طلاقها، نقل ابن عبد الحَكم عن ابن وَهْب: يخلي سبيلها، وعن أشهب لا شيء عليه. قُلتُ: فلو تزوجها قبل يمينه ثم أسلمت بعدها ففي جري قول ابن وَهْب نظر، الأظهر عدمه، وفي سماع عبد الملك عن أشهب: من قال إن كلمت فلانا فكل امرأة أتزوجها بمصر طالق، فتزوج ثم كلمه لا شيء عليه، وإنما عليه الحنث فيما يتزوج بعد كلامه. ابن رُشْد: هذا خلاف قول عتقها الأول فيمن قال: إن كلمت فلانا فكل عبد أمكه من الصقالبة حر، أن كل عبد يملكه بعد حلفه من الصقالبة حر إن كلمه، إلا أن يريد إن كلمت فلانا فكل عبد أملكه بعد حنثي من الصقالبة حر فله نيته، وليس أحد القولين من وجهة اللفظ بأظهر من الآخر لتساوي احتمال معناهما، فإن كانت له نيَّتة صدق فيها ولو كانت عليه بينة، فوجه قوله لا يلزمه طلاق فيما تزوج قبل حنثه مراعاة القول بأن لا شيء عليه فيما يتزوج قبل حثنه ولا بعده، ووجه قولها الاحتياط للعتق، وإن لم يكن في ملكه يوم حلف من الصقالبة شيء فهو دليل على إرادته الملك فيما يستقبل. وفيها: إن قال إن لم اتزوج من الفسطاط فكل امرأة اتزوجها طالق لزمه الطلاق فيما يتزوج من غيرها، اللخمي عن سَحنون: لا يحنث فيما يتزوج من غير الفسطاط ويوقف عنها كمن قال إن لم أتزوج من الفسطاط فامرأتي طالق والأول أشبه؛ لان لا قصد القائل أن كل امرأة يتزوجها قبل أن يتزوج من الفسطاط طالق. ابن محرز: أحسب لمحمد مثل قولها، ابن بشير هما على الخلاف في الأخذ بالأقل فيكون مستثينا أو بالأكثر فيكون مؤليا، وقول ابن الحاجب بناء على أنه بمعنى من غيرها أو تعليق محقق، يريد أن معناه على الأول حملية وعلى الثاني شرطية، وتقريرهما بما تقدم من لفظ اللخمي واضح، وسمع عيسى رواية ابن القاسم من قال لامرأة إن لم أنكحك فكل امرأة أنكحها عليك طالق لا شيء عليه، ومن قال لأمراة كل امرأة أنكحها غيرك طالق فهو كمن قال كل امرأة أنكحها عليك طالق. ابن رُشْد: قول مالك قوله لامرأة كل امرأة أنكحها غيرك طالق، مثل قوله إن لم

أنكحك فكل امرأة أنكحها طالق، هو مثل قوله في الأيمان بالطلاق منها وفيه نظر؛ لأن قوله لها كل امرأة أنكحها عليك طالق نص لا يحتمل التأويل في أنه حرم على نفسه نكاح كل النساء سواها، فلا يلزمه شيء لا ستثنائه أمرأة واحدة على أصل المذهب خلاف قولي ابن الماجشون ومُطَرِّف، وقوله: (إن لم انكحك فكل أمرأة أنكحها طالق) كلام محتمل ظاهره يقتضي أنه إنما أوجب طلاق كل امرأة ينكحها قبلها، فعلى هذت يلزمه الطلاق إذا أراد أن يتزوج بعدها ما شاء من النساء، وإليه ذهب ابن عبدوس وسَحنون واختفا فيما يتزوج قبلها، قال ابن عبدوس لزمه فيها الطلاق ساعة تزوجها، وقال سَحنون يوقف عنها حتى ينظر هل يتزوجها أم لا؟ فإن طلبت الوطء ضرب له أجل الايلاء وحكم عليه بحكمه إن تزوجها في أجل الإيلاء بر وانحل عنه الإيلاء، وكذلك إن مات؛ لأنه يصير بموتها قد امتنع من نكاح جميع النساء دائما، ولم يلتفت مالك لمقتضى ظاهر لفظه. وفيها: إن وكل من حلف بطلاق من يتزوج من موضوع خاص من يزوجه توكيلا دون حظر عليه، فزوجه من محل حلفه لزمه العقد والطلاق ونصف المهر، وو نهاه عن محل يمينه لم يلزمه نكاح. ابن حبيب: إن ذكر له محل يمينه فقط لزمه النكاح وغرم الوكيل نصف المهر. الصقلي عن الشيخ: إن نهاه عن محل حلفه لم يلزمه نكاح ولا طلاق. قُلتُ: في جريها على شراء الوكيل على شراء عبد أبا الموكل عالما أنه أبوه نظر لتشوف الشرع للحرية، وقال عياض: إن أقام على يمينه وإعلامه بينة لم يلزم واحدا منهما شيء وم ينعقد نكاح. وتعدد موجب طلاق التعليق يوجب تعده: كمن قال إن تزوجت فلانة فهي طالق، ثم قال في قرية هي من نسائها كل امرأة أتزوجها من قرية كذا تلك القرية طالق، ثم تزوجها لزمته فيها طلقتان. عبد الحق: فائدة اعتبار عدة الطلاق مع تكرره فيها ولو بعد زوج لزوم نصف الصداق في الطلاق غير الزائد على الثلاث قبل زوج. وشرط اعتبار المحل أيضا مقارنته سبب الطلاق، فيها مع غيرها: لو حلف

بطلاقها ثلاثا لا أكلت هذا الرغيف، فأكلته أو بعضه بعد أن أبانها بدون الثلاث ثم تزوجها فلا شيء عليه، ولو أكت بقيته بعد أن تزوجها ولو بعد زوج حنث مالم يكن أبتها بالثلاث وكذا الظهار، ولو قال كل امرأة أتزوجها عليك طالق ففي اختصاصه بعصمة التعلق روايتان، لها مع سماع ابن القاسم، وللصقلي عن رواية ابن وَهْب مع أصبغ وأشهب وابن رُشْد عن رواية ابن حبيب ورواية مُطَرِّف، وعن ابن الماجشون وابن أبي حزم وغيرهما من كبار أصحاب مالك. اللخمي: بناء على اعتبار القصد أو ظاهر اللفظ، ولو تزوج غيرها بعد بينونتها بدون الثلاث ثم تزوجها ففي طلاق غيرها، ثالثها: إن كان ذلك في عقد النكاح لها بزيادة ولو ادعى نية، ولأشهب ورواية مُطَرِّف وتضعيف ابن عبد السلام روايتها بظاهر قول إيلائها أن التقييد بالعصمة إنها هو في المحلوف بطلاقها لا في غيرها لقولها من قال زينب طالق واحدة أو ثلاثا إن وطئت عزة، فطلق زينب واحدة، فإن انقضت عدتها فله وطء عزةـ، ثم إن تزوج زينب بعد زوج أو قبله عاد مؤليا في عزة، فإن وطئها بعد ذلك أو في عدة زينب حنث في زينب، ولو طلقها ثلاثا ثم نكحها بعد زوج لم يعد عليه في عزة إيلاء لزوال طلاق ذلك الملك، كمن حلف بعتق عبد له ألا يطأ امرأة فمات العبد فقد سقط اليمين، ولو طلق عزة ثرثا ثم تزوجها بعد زوج وزينب عنده عاد موليا ما بقي من طلاق زينب شيء، كمن آلى أو ظاهر ثم طلق ثلاثا ثم تزوجها بعد زوج فذلك يعود عليه أبدا، نقله بعض من تقدنه من الفارسيين، وفرق بين المسألتين بأن الإيلاء مخالف للطلاق بأنه يلزم في الاجنبية ولا يزول الملك والطلاق لا يلزم في الاجنبية ويزول بالملك. ونوقض قولها ولو ادعى نيَّة بقولها من قال كل امرأة أتزوجها ما عاشت فلانة طالق لزمه كانت فلانة تحته أم لا، فإن كانت تحته فطلقها فإن نوى بقوله ما عاشت ما دامت تحتي فله نيته، وإن لم تكن له نيَّة لم يتزوج ما بقيت إلا أن يخشى العنت. ويفرق بمخالفة دعوى النيَّة ظاهر القصد في مسألة كل امرأة أتزوجها عليك وموافقته إياه في مسألة ما عاشت. وقول أبي إبراهيم قال ابن رُشْد: "معنى هذه المسألة أنه قامت عليه بذلك بينة فلم

ينوه، وتلك لم تقم عليه بنية "لم أذكره الآن لابن رُشْد إلا ما في أجوبته فيمن له مطلقة فتزوج امرأة أخرى كتب في صداقها متى راجع مطلقته فلانة فهي طالق، ولم يقل متى راجعها على فلانة ثم طلق التي تزوج أو ماتت وأراد مراجعة الأولى، وقال م تكن له نيَّة أو قال أردت ما دامت الثانية زوجة. قال ابن رُشْد: لا يصدق فيما ادعاه من النيَّة إذا طلب بما أشهد به على نفسه وله نيته فيما بينه وبين الله تعالى، وتقدم في الأيمان والنذر عن الصقلي في مسألة ما عاشت أنه ينوي ولو قامت عليه بينة وهو رسم نص الأسمعة والروايات. سمع ابن القاسم من شرط لامرأة في عقد نكاحها كل امرأة يتزوجها ما عاشت طالق البتة ثم طلقها البتة ثم تزوجها بعد زوج ثم أراد أن يتزوج، فقامت بشرطها لقوله فيه ما عاشت فقال: إنما أردت بذلك ما كنت تحتي. قال مالك: ينوي. ابن القاسم: وقاله قبل هذا بسنين. ابن رُشْد: جوابه هذا على أن اليمين على نيَّة الحالف وتنويته إياه مع أنه شرط عليه في عقد النكاح خلاف أصله في المدونَّة من شرط لامرأته أن أمرها بيدها إن تزوج عليها ليس له مناكرتها. وقوله: (ينوى) يريد مع يمينه، كذا في سماع ابن القاسم في الأيمان بالطلاق في هذه المسألة إذا طاع بذلك دون شرط فهذه أحرى في وجوب اليمين، وتنويته إياه مع أنه إنما تزوج عليها وهي في عصمته بعد أن طلقها ثلاثا ونكحت غيره على أصله في المدَوَّنه أن من شرط لامرأته طلاق الداخلة عليها تنحل عنه اليمين بخروج زوجته عن عصمته بالثلاث خلاف واية ابن حبيب ومُطَرِّف وقول ابن الماجشون وابن أبي حازم من أن اليمين لا تنحل عنه؛ لان الشرط في اليمين في الداخلة وليس فيها، ولو حلف بهذه تطوعا لكانت له نيته على ما في الأيمان بالطلاق من المدَوَّنة، ولا يكون له على القول بأن اليمين على نيَّة المحلوف له ففي تنويته، ثالثها: في الطوع لا في الشرط. قُلتُ: ظاهر غزو ابن رُشْد رواية ابن حبيب ومُطَرِّف لابن الماجشون وغيره دون قوله، ومثله في كتاب الإيلاء مع ذكره مسائل المدوَّنة دليل صحة فرق بعض الفارسيين، وأن المدَوَّنة لا اختلاف فيها، ومسألة عود اليمين بعتق عبد بعد شرائه أو إرثه بعد بيعه

تقدمت في الأيمان والنذور. والمعتبر في قدر الطلاق حال المطلق يوم نفوذه لا يوم عقده، ابن سَحنون عن أبيه وأشهب إن قال عبد: أنت طالق إن فعلت كذا ففعله بعد عتقه بقيت له طلقتان، وروى محمد معها إن طلق عبد واحدة ثم عتق بقيت لو واحدة فقط، كحر طلق طلقة ونصف طلقة. محمد: ذو رق كالعبد في طلاقه. ابن القاسم: لو طلقها طلقتين ثم ثبت عتقه قبل طلاقه فله الرجعة في العدة، فإن انقضت بقيت له طلقة علم أن طلاق العبد طلقتان أو لا كمن طلق واحدة وظن أنها تحرم عليه إن لم ينو البتات أو تلفظ به، ولشرط المحل حين النفوذ كان قول العبد لزوجته الأمة لأبيه أنت طالق بوم موت أبي لغوا. قُلتُ: ما لم يمت مرتداً. ********* ... وشرطه تعلقه بلفظ يدل على الطلاق أو غيره معه. فيها: إن أراد أن يلفظ بأحرف الطلاق فلفظ بغيرها غلطاً، كقوله أنت حرة أو

أخرجي أو تقنعي أو كلي فلا شيء عليه حتى ينوي أنها بما يلفظ به طالق، فيلزمه فسبق اللسان لغو إن ثبت وإلا ففي الفتيا فقط. ابن شاس: قوله لزوجته التي اسمها طالق يا طالق لغو، ولو كان اسمها طارق فقال زل لساني فكذلك، وسمع أضبغ ابن القاسم: من قال لامرأته يا مطلقة لم يرد طلاقا إنما أراد أنها في كثرة الكلام كالمطلقة فلا شيء عليه. أصبغ: أو على وجه التكسير لها أو أنها طلقت مرة ولو كان فيها خير ما طلقت. ابن رُشْد: إن كان لشيء من ذلك سبب فلا إشكال أنه لا شيء عليه، وإن قاله ابتداء دون سبب ولا نيَّة له ففي هذا الكتاب احتمال، والأظهر منه لزوم الطلاق. ولو قال أردت الكذب لا الطلاق لم يلزمه ولو كانت عليه بينة. وفيها: إن قال لزوجته أنت طالق البتة، وقال أردت واحدة فزل لساني بلفظ البتة فهي ثلاث، سَحنون: وكانت عليه بينة لذل لم ينوه مالك. عياض: هو من كلامه ونقله عن مالك كما نزراه ولم ينكره عليه ابن القاسم. قُلتُ: ليس نقله عن مالك في المدَوَّنة متأخر عن ذلك. عياض: اختلف ابن نافع وغيره عن مالك في قبول قوله في الفتيا، وفيها لابن القاسم إن قال لها أنت طالق وقال نويت من وثاق ولم أرد طلاقا ولا بينة عليه وجاء مستفتيا فهي طالق، ولو كانت في وثاق فقال مُطَرِّف يقبل. عياض: في حملها على قوله طريقان، الشيخ عن الموازبة: من قال لامرأته كنت طلقتك البتة ولعبده كنت أعتقك ولم يكن فعل، فقال أبو الزناد لا شيء عليه في الفتيا، وقال مالك: يلزمه كمن قال أنت طالق أو أنت حر لا يرد طلاقا ولا عتقا، وقاله ربيعة وابن شهاب. ربيعة: إلا أن يأتي بعذر بين، مالك: ومن اعتذر في شيء سئل فيه بأنه حلف بطلاق أو عتق ولم يحلف فلا شيء عليه في الفتيا، ومن حكى يمين غيره بالبتة فقال امرأتي طالق البتة، وإنما أرد أن يقول قال فلان، فإن ذكر ذلك نسقا فلا شيء عليه، وفي سماع أصبغ قال أشهب: من قال لامرأته قد شاء الله أن أطلقك، أو لعبده أن أعتقك لا

شيء عليه إلا أن يريد به عتقا أو طلاقا هذا من الكاذبين على الله، ولو قال قد شاء الله أنك طالق كانت طالقا. وسمع أصبغ ابن القاسم: من أفتى في يمين امرأته بأنها قد بانت، فقال لها وللناس بانت مني ثم علم أن لا شيء عليه لا ينفعه وبانت منه. ابن رُشْد: قاله أشهب أيضاً، ولابن حبيب عن مالك لا شيء عليه، وقال سَحنون إن قاله على وجه الإخبار بما قيل له فلا شيء عليه، وإن قاله يريد به الطلاق طلقت عليه، والذي أقول أنه إن كان ما أفتى به محالفا للإجماع لا وجه له في الاجتهاد فلا شيء عليه، وإن كان قول قائل أو له وجه في الاجتهاد ومفتيه به من أهل الاحتهاد لزمه طلاقه؛ لأن إخباره به التزام له فيرد الاختلاف إلى هذا، وكل هذا أتى مستفتيا ولو حضرته البينة في قوله بانت مني، ثم قال إنما قُلتُه لأني أفتيت لم يقبل قوله إلا بينة أنه أفتي به فيصدق مع يمينه. وايقاع الطلاق لازم اتفاقاً: وهزل إطلاق لفظه عليه المعروف لزومه. الشيخ في الموازيَّة عن ابن القاسم: من قال لامرأته قد وليتك أمرك إن شاء الله فقالت فارقتك إن شاء الله وهما لاعبان لا يريدان طلاقا فلا شيء عليهما ويحلف، وإن أراد الطلاق على اللعب لزمه. وفيها من قال زوجتي فلانة، فقال وليها المستقل فعلت، فقال لا أرضى نكاحه يلزمه لا كالبيع؛ لأن ابن المسيب قال: ((ثلاث ليس فيهمن لعب هزلهن جد، النكاح والطلاق والعتاق)) فقال اللخمي: قال ابن القاسم هزل الطلاق لازم، وأرى إن قام دليل الهزل لم يلزمه طلاق، وسمع ابن القاسم من قال له رجل ما هذه المرأة. قال مولاتي أزوجكها. قال: نعم، ففعل، ثم خرج فكان يهزل لا طلاق عليه إلا أن ينويه. ابن القاسم: ويحلف ما أراده ويؤدب. ابن رُشْد: لم يلزمه أو طلاقا مع أنه زوجها بعد قوله إنها مولاته، ومن قولها أن بيع الرجل زوجته طلقة بائنة كذا لهما في سماع زونانٍ من هذا الكتاب وسماع عيسى من الحدود وسماع يحيى من العتق.

قُلتُ: إنما في سماع زونان لابن القاسم فقط، وفي سماع يحيى قال سَحنون: كان مالك يقول تطلق عليه، وفي سماع عيسى عنهما معا قال: وعن مالك أنها ثلاث وهو قول أصبغ وأحد قولي ابن عبد الحَكم وتزويجه إياها كبيعه. قاله محمد. فإنما لم يلزماه الطلاق من أجل أنخ زجها هازلا فقولهما نحو رواية الواقدي، وما في سماع أبي زيد من كتاب النكاح: أن النكاح لا يجب بالعزل وإيجاب ابن القاسم حلفه تفسير لقول مالك ومثله لعيسى في كتاب العتق إن حلف ترك مع زوجته، وإن نكل جرى على الخلاف فيمن شهد عليه شاهد بطلاق فنكل، وعن ابن القاسم فيمن زوج امرأته تحرم عليه بالثلاث بنى بها أم لا، وهو على قياس القول بأن تزويج الرجل امرأته بتات وأن هزل النكاح جد، وعلى قول من لا يرى بيع الرجل امرأته طلاقا، وهو سماع زونانِ ابن وَهْب وأحد قولي ابن عبد الحَكم، فبين أن لا طلاق عليه في هذه المسألة. نقل ابن الحاجب القول الثالث بلغو هزل الطلاق مطلقاً لا بقيد قيام دليله، ولم يحك ابن رُشْد في لزوم طلاق الهزل خلافا، وذكر ابن القاسم فيها قول سعيد استظهاراً لنتيجة اجتهاده لا أنه دليله؛ لعدم حجية قول التابعي، إنما الخلاف في قول الصحابي وإلا لزم كونه مقلدا لسعيد. وروى الترمذي عن أبي هريرة رواية قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ثلاثة جدهن جد وهزلهن جد، النكاح والطلاق والرجعة))، قال: هذا حديث حسن غريب، ولم يحك ابن العربي في لزوم طلاق الهزل وعتقه خلافا، ونقل الخلاف فيه مطلقاً دون تفصيل كون الهزل في إيقاعه أو إطلاق لفظه عليه قصور لما مر في نقل الشيخ. ابن شاس: إن لقن الأعجمي لفظ الطلاق وهو لا يفهمه لم يلزمه. ابن شاس: من قال يا عمرة فأجابته حفصة، فقال أنت طالق يحسبها عمرة طلقت، وفي طلاق حفصة خلاف.

وسمع ابن القاسم جواب مالك عن سكران أتى باب دار فأغلق صاحب الدار بابه فزعزعه، وكانت له امرأة حرة فقل هي طالق طالق، فقال له صحاب الدار حرمت عليك، فقال إن كانت حراما فهي حرام، فقال له ويحك طلقت منك، فقال: إن كانت طالق أراها بانت منه. ابن رُشْد: معناها أنه أتى باب دار ظنه دار فأغلقه ربه فظن هو أن زوجته هي التي أغلقته دونه، فقال هي طالق فخاطبه صاحب الدار بما تقدم فرأى مالك بينونتها بقوله أولا طالق طالق مع قوله إن كانت طالقا فهي طالق، لزمته طلقتان بقوله أولا والثالثة بقوله أخيراً ولو يلزمه شيء في قوله إن كانت حراما فهي حرام؛ لأنها لم تكن حراما، وإيجابه الطلاق بقوله هي طالق طالق وهو يشير إلى رب الدار يظن أن امرأته معارض لما في سماع عيسى بعد هذا مثل ما في أول سماعه من كتاب النكاح والقولان في هذا قائمان من قولها في العتق في مسألة ناصح ومرزوق. وسمع عيسى ابن القاسم من مرت به امرأة في ظلمة ليل فوضع يده عليها فقال لها أنت طالق إن وطئتك الليلة وهو يرى أنها زوجته، فإذا هي غير امرأته ووطئها قبل علمه، لا حنث عليه؛ لأنه وطاء غير امرأته. ابن رُشْد: هذه معارضة لما تقدم في سماع ابن القاسم ومخالفة لأولى سماع عيسى من كتاب النكاح فيه. قال ابن القاسم: من سأل أهل امرأته أن يدخلوها عليه فأدخلوا عليه جارية امرأته وامرأته ثيب، وسألوه الكف عن وطئها، فقال: أن أنا أطأ امرأتي الليلة فكل مملوك لي حر إن وطئتها الليلة، وهو يشير إلى الجارية يظنها امرأته، ثم وطئها تلك الليلة رقيقة أحرار. ابن رُشْد: قوله رقيقة أحرار خلاف قوله في الذي مرت به امرأته في ظلمة الليل. قُلتُ: حاصل نقل ابن شاس لزوم طلاق المنوية وفي المخاطبة خلاف، وحاصل زعم ابن رُشْد أن قوله في مسألة السكران خلاف قول مسألة ظلمة الليل أن طلاق المنوية خلافا، وهو زعمه من المناقضة بينهما ليس كذلك، وبيانه أن قوله في مسألة السكران بناء على إضافته للحكم للمنوي لا للمخاطب، وقوله في مسألة ظلمة الليل محتمل لكونه بناء على إضافته للمنوي أو للمخاطب، وهذا لأن قوله فيها لا شيء

عليه لازم على الأمرين معاً، أما على إضافة الحكم للمنوي وهي امرأته فظاهر أن لا شيء عليه؛ لأن ما التزمته من الطلاق معلق على الوطء وهو لم يطأ المنوية بحال، وأما على إضافته إلى المخاطب أو المشار إليه فظاهر أيضاً؛ لأن المشار إليها غير امرأته وهي غير قابلة للطلاق وإنما يتم له ذلك لو كانت المرأة المشر إليه امرأة أخرى غير امرأته المنوية، وظاهر قوله والرواية أنها أجنبية، وقول ابن الحاجب لو قال: يا عمرة فأجابته حفصة فقال أنت طالق يحسبها عمرة فأربعة يقتضي وجود القول بطلاقهما وبقائهما وطلاق عمرة دون حفصة وعكسه ولا أعرف منها نصا، إلا ما تقدم لابن شاس والأسمعة، وزعم ابن رُشْد فيها والمسألة جارية على مسألة كتاب العتق حسبما أشار إليه ابن رُشْد وهو من قال يا ناصح قف، فأجابه مرزوق، فقال أنت حر ففي عتقهما مطلقاً ورقهما، ثالثهما: إن قامت عليه بينة وإلا فالمنادى فقط، ورابعها: المخاطب فقط، للصقلي عن أصبغ قائلاً كما أوقع الطلاق على أحد امرأتيه يظنها الأخرى وعن نقل ابن سَحنون، ولابن القاسم وأشهب فيها ونقل ابن شاس لزوم طلاق المنوية مطلقاً دون المحاطبة خامس. الشيخ عن الموازيَّة: من قال أنت طالق على أن بقول ثلاثة أو البتة ثم سكت عن ذلك في يمين أو غيرها لم يلزمه الثلاث حتي يريد بقوله طالق الثلاث. الشيخ عن العتبي: سمع ابن القاسم من حلف بطلاق لا كلم فلانا وبدا كلامه على أن بقول أولا أبداً، فبدا له وقال شهراً موصولا بيمينه دون صمت ذلك له. وطلاق المكره وسائر فعله في نفسه لغو: والخلاف في الفعل وشرط التورية وما به الإكراه تقدم في الأيمان. الشيخ عن أصبغ: من حلف دراءة عن ولده لزمته يمينه، إنما يعذر في الدراءة عن نفسه وفي بعض التعاليق عن أبي القاسم اللبيدي إنكار قول أصبغ، وقال أي إكراه أشد من رؤية الإنسان ولده يعرض عليه أنواع العذاب، وقال ابن شاي: التخويف بقتل الولد إكراه، فحمله ابن عبد السلام على خلاف المنقول في المذهب فذكر قول أصبغ، والأظهر أنه ليس بخلاف؛ لأن الأمر النازل بالولد قد يكون ألمه مقصورا عليه، وقد

باب لفظ الطلاق الصريح

يتعدي للأب فهو في غير قتله معروض للأمرين، فقول أصبغ في القاصر على الوالد وهو ظاهر من قوله دراءة عن ولده لا في المتعدي للأب، أما فب قتله فلا يشك في لحوقه للأب والأم والولد والأخ في بعض الأحوال، فلا ينبغي حمل ذلك على الخلاف؛ بل على التفصيل بحسب الأحوال، والوطء في نكاح الإكراه إكراها زنى من المكره لا المكره وإجازته بعد وقوعه اختياراً كنكاح موقوف. الشيخ عن مسحون وغيره من أصحابنا: إن أكره على كفر أو شتم النبي أو قذف مسلم بقطع عضو أو ضرب يخاف منخ تلف بعض أعضائه لا تلف نفسه لم يجز له ذلك، إنما يسعه ذلك لخوف القتل لا لغيره وله أن يصبر حتى يقتل وهو أفضل له، سَحنون: وكذا لو أكره على أكل الميتة ولحم الخنزير وشرب الخمر لم يجز له إلا لخوف القتل. قال: وقد أجمع أصحابنا وغيرهم أنه لا يسعه قتل غيره من المسلمين ولا قطع يده بالإكراه ولا على أن يزني، وأما على قطع يد نفسه فيسعه ذلك. [باب لفظ الطلاق الصريح] ... صريح: وهو ما لا ينصرف عنه بنية صرفه. [باب الكناية الظاهرة] وكنية ظاهرة: وهو ما ينصرف عنه بها. [باب الكناية الخفية] وخفية: وهو ما يتوقف به دلالته عليه عليها، وفي كون الصريح لفظ طالق وما

تصرف منه فقط أو مع خلية وبريه وحبلك على غاربط وشبهها نقلا ابن رُشْد عن القاضي وابن القصار، زاد الباجي عنه: السراح والفراق والحرام قائلاً بعضها أبين من بعض، وخرجهما على اعتبار كونه لغة الخالص، وعلى اعتبار كونه لغة البين ذكر ابن القصار. وفي عيون المجالس: تسعة ألفاظ زاد على ما سميناه بتة وبتلة وبائن، وإليها أشار ابن رُشْد. ابن الحاجب: وزاد ابن القصار خمسة في غير الحكم. ابن هارون: يريد في الفتيا فالحكم أحرى. ابن عبد السلام: يريد أنها لا تشارك لفظ الطلاق في الحكم الذي تقدم، وهو ظاهر في الحرام والبتة والبتلة، وأما السراح والفراق فهما مقاربان لمعنى الطلاق، ولهذا وافق بعض الشيوخ على أنهما من صريحه. قُلتُ: يلزم على الأول في لفظ ابن الحاجب تكرار؛ لأنه مستفاد من الأولى، ويلزم على الثاني التناقض؛ لأن كونها من الصريح يقتضي كونها مثل لفظ الطلاق، وكونها لا تشاركه في الحكم نقيضه والأقرب الأول، والتكرار خوف توهم قصرها على الحكم، وخص ابن الحاجب الظاهرة بما لا ينصرف وجعل ما ينصرف كناية محتملة. وفيها: إن قال أنت طالق، وقال نويت من وثاق لا الطلاق ولا بينة وهو مستفت، فهي طالق كقول مالك فيمن قال ابتداء أنت برية ولم ينو به الطلاق أنها طالق، لا ينفعه ما أراد من ذلك بقلبه، وقد قال مالك من قال طالق البتة، وقال أردت واحدة فزل لساني هي ثلاث. قال بعضهم: هو قياس أحروي؛ لأن برية كناية، فإذا لم ينوه فيها فأحرى في طالق؛ لأنه صريح. ابن عبد السلام: وفيه نظر لاحتمال أن قائل أنت طالق قصد بإطلاقه غير الطلاق وهو إطلاقها من وثاق، وقوله أنت برية قصد به إيقاع اللفظ ولم تكن له نيَّة مزاحمة للطلاق، فوجب حمل لفظه على مدلوله عرفا وهو الطلاق، ولهذا اختصرها غير واحد على لفظ السؤال والجواب تنبيهاً على ضعف قياسه.

قُلتُ: يرد بأن دعواه في قوله أنت برية لم تكن له نيَّة مزاحمة للطلاق باطلة، لقوله فيها لا ينفعه ما أراد من ذلك بقلبه، فقد نص على أنه أراد بقلبه شيئاً غير الطلاق وحكم بعدم نفعه إياه، فإن قُلتُ المزاحم في أنت طالق بين وهو إطلاقها من وثاق فما هو في أنت برية. قُلتُ: هو كثير ككونها برية من الفجور أو الخلق القبيح أو الخير أو غير ذلك، ولو قامت قرينة تدل على إرادة حل الوثاق ككونه جوابا طلبه لم يلزمه الطلاق إلا أن ينويه فيها، إن قال: أنا خلي أو بري أو بائن أو بات وإن لم يقل منك، أو قال أنت خلية أو برية أو بائنة، وإن لم يقل مني وقال: لم أرد طلاقا، فإن تقدم كلام من غير طلاق يكون هذا جوابه فلا شيء عليه وإلا لزمه ولا نيَّة له، وإن قال أنت طالق فهو ما نوى، فإن لم ينو شيئاً فهي واحدة، وفي حلفه على أنه لم يرد أكثر من واحدة نقل اللخمي عن ابن القاسم ورواية المدنيين. ابن بشير: الأول المشهور وهما على يمين التهمة، أما سرحتك وخليتك وخليت سبيلك وفارقت، فقال ابن رُشْد: قيل فيها وفي شبهها ثلاث في المدخول بها وغيرها إلا أن ينوي واحدة وقيل واحدة قبل البناء وثلاث بعده إلا أن ينوي واحدة والقياس أن ما هو قبل البناء ثلاث إلا أن ينوي واحدة أنه بعده ثلاث ولا ينوي، وهو ما قبل البناء واحدة إلا أن ينوي ثلاثا أنه بعد ثلاث إلا أن ينوي واحدة. الشيخ: في كون سرحتك ثلاثا لا ينوي أو واحدة حتى ينوي أكثر قولا أشهب، محمد: لعل الثاني فيمن لم يبن، ولو قال لم أرد طلاقا في غير جواب سؤاله، ففي قبول قوله نقلا الشيخ عن ظاهر قول أشهب ونص محمد قائلا وخليتك مثله، ولو قال في فارقتك لم أرد طلاقا ففي قبول قوله ولزوم الثلاث نقل الباجي عن ابن القاسم قال ويحلف، ونقل زرقون عنه. قُلتُ: كذا في النوادر فيها وفي خليت سبيلك. محمد: إلا أن ينوي واحدة، وإن لم يبن فواحدة إلا أن نوي أكثر، وروى ابن القاسم في خليت سبيلك ينوي ويحلف، وقال محمد وأصبغ، وروى ابن وَهْب هي واحدة حتى

ينوي أكثر وقاله ابن عبد الحَكم. ابن بشير: إذا حملت على الواحدة يختلف هل هي رجعية أو بائنة. اللخمي: قال مالك مرة في فارقتك هي ثلاث بنى أو لم يبن إلا أن ينوي واحدة، وقال أيضاً بعد البناء ثلاث إلا أن ينوي واحدة، وقبله واحدة إلا أن ينوي أكثر، وقال مرة هي واحدة وإن بنى إلا أن ينوي أكثر. أشهب: هي ثلاث ولا ينوي، وقال هي مرة واحدة إلا أن ينوي أكثر، والقول إنها واحدة مطلقاً أحسن؛ لأن الفراق والطلاق واحد. قال الله تعالى: (أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ) [الطلاق: 2]، (وَإِنْ يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلًّا مِنْ سَعَتِهِ) [النساء: 130]، ولم يأمر بالثلاث. قُلتُ: له نيته في خليت سبيلك ولو بنى، فإن لم تكن له نيَّة فهي ثلاث. قال ابن وَهْب عن مالك: خليت سبيلك مثل فارقتك، ونقلها ابن الحاجب بقوله وفيها خليت سبيلك وفارقتك ثلاق بنى أو لم يبن قاصر. وفيها لابن شهاب في أنت السراح هي تطليقة إلا أن يكون أرد بذلك بت الطلاق. البتة: قُلتُ: المذهب أنها ثلاث ولا ينوى إن بنى. الباجي: اتفاقاً وإن لم يبن فروايتان، لها، وللباجي مع ابن زرقون عن ابن الماجِشُون، وخرجه الباجي على تبعيضها والأولى على عدمه، وعلى الثانية قال مالك يحلف. سنحون: إذا أراد نكاحها لا قبل ذلك. ونحوه لابن الماجِشُون، الشيخ عن ابن عبدوس عن عبد الملك باتة قبل البناء إن أراد بها صفة الطلقة فهي واحدة ويحلف. سنحون: إذا أراد نكاحها لا قبل ذلك قالا عنه ومبتوتة ثلاث؛ لأنها صفة المرأة. قُلتُ: لا يقال القاعدة أن اسم الفاعل من معنى كاسم المفعول منه إلا في معنى الفاعلية والمفعولية كطالق ومطلقة، لأنا نقول باتة ومبتوتة اشتركتا في الدلالة على قيد الوحدة، فجريها على الطلاق يصيره واحدة فلا يلزم غيرها، وجريه على المرأة لا يصير

الطلاق واحدة فبقي على ظاهر عمومه، وذكر أبو داود عن نافع بن عجير "أن ركانة بن عبد يزيد طلق امرأته سهيمة البتة فأخبر بذلك النبي صلى الله عليه وسلم قال: والله ما أردت إلا واحدة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: والله ما أردت إلا واحدة؟ فقال ركانة: والله ما أردت إلا واحدة، فردها إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم". أبو داود: هذا أصح من حديث ابن جريج لحديث قبله. عبد الحق: في بعض طرق هذا الحديث: "ما أردت إلا واحدة. قال آلله. قال آلله. قال: هو على ما أردت"، وفي إسناده عبد الله بن علي بن السائي عن نافع بن عجير عن ركانة، والزبير بن سعيد عن عبد الله بن علي بن يزيد بن ركانة عن أبيه عن جده وكلهم ضعيف والزبير أضعفهم. قال البخاري علي بن يزيد بن ركانة عن أبيه لم يصح حديثه. قُلتُ: ذكره الشيخ تقي الدين في إلمامه باللفظ الثاني، وقال خرجه أبو داود ثم ابن حبان في صحيحه. قُلتُ: فهو إذن مختلف في تصحيحه. بتلة مثل بتة لم أعرفه لغير ابن شاس وهو صواب في صحاح الجوهري بتلت الشيء أبتلته بالكسر بتلا إذا أبنته من غيره، ومنه قولهم طلقتها بتة بتلة خلية وبرية في كونهما قبل البناء ثلاثا إلا أن ينوي واحدة أو واحدة إلا أن ينوي أكثر قولها، ونقل ابن زرقون عن ابن الماجِشُون وبعده ثلاث، وفي تنويته فيهما، ثالثهما: الوقف للخمي عن أشهب مع الباجي عن روايته ولها، ورواية اللخمي. الباجي: تحتمل رواية أشهب أن الواحدة بائنة أو رجعية والأظهر الأول؛ لأن الرجعية لم تبن من الزوج ولا خلت منه. ... في كونها ثلاثا، وينوي قبل البناء لا بعده أو واحدة قبل البناء إلا أن ينوي أكثر، ثالثها: واحدة رجعية بعد البناء لها مع اللخمي عن المشهور، وعن عبد

الملك وابن العربي عن ابن عبد الحَكم عن رواية ابن وَهْب. قُلتُ: يتخرج إجراء بائنة صفة للمرأة أو الطلقة على ما مر لعبد الملك في باتة. وحبلك على غاربك: روى أبو عمر: ينوي فيما أراد من الطلاق. قال: وقال مالك مرة لا ينوي، لا يقوله أحد وقد أبقى من الطلاق شيئاً، هي ثلاث على كل حالـ وافق قوله على أنها طلاق وإن لم يرد الطلاق. ابن زرقون عن محمد: ينوي قبل البناء فقط ويحلف، وقال أبو عمران ينوي قبل البناء اتفاقاً. اللخمي: ظاهر المدَوَّنة لا ينوى، وقال ابن عبد الحَكم: هي واحدة ولو بنى، وفي المدنيَّة أنها واحدة قبل البناء وثلاث بعده. الباجي: سمع أشهب إن لم يبن فعسى أن تكون واحدة، ولو ثبت أن عمر نواه ما خالفته. الباجي: مقتضى مذهب مالك أنها للثلاث؛ لأن الحبل كناية عن العصمة، فقوله حبلك على غاربك إقرار بخروجه عن يده، وذلك يقتضي أنه طلاق لا رجعة له فيه، والغارب أسفل السنام وهو ما انحدر من العنق. قُلتُ: قوله: (مقتضى مذهب مالك) هو نصها إن قال حبلك على غاربك فهي ثلاث ولا ينوى وكالميتة والدم ولحم الخنزير. فيها: هي ثلاث وإن لم ينو به الطلاق. اللخمي: يجري فيها من الخلاف ما في أنت علي حرام. وَهْبتك ورددتك إلى أهلك، فيها: هي ثلاث إن بنى ولا ينوى فيما دونها، ولو درها أهلها وإن لم يبن فهي ثلاث إلا أن ينوي واحدة، وسمع ابن القاسم في كتاب التخيير من قال لأهل امرأته شأنكم بها إن بنى فهي ثلاث ولا ينوى كقوله وَهْبتك لأهلك أو رددتك لأهلك، وإن لم يبن فهي واحدة. ابن رُشْد: قوله في شأنكم ووَهْبت ورددت أنها قبل البناء واحدة، وبعده ثلاث ولا ينوى وقيل هي قبل البناء واحدة وبعده ثلاث إلا أن ينوي واحدة وكذا الخلية والبرية والبائن تدخلها الأقوال الثلاثة، وظاهر قول غير ابن القاسم في ثاني عتقها أن

الموهوبة ثلاث قبل البناء وبعده ولا ينوى؛ لأنه قال: إذا وَهْبها فقد وَهْب ما كان يملك منها، وكان يملك منها جميع الطلاق، وقيل: في شأنكم بها أنها واحدة قبل البناء وبعده وهو الذي في الموطأ من قول القاسم بن محمد. ***** الشيخ: لابن حبيب عن الأخوين اذهبي لا ملك لي عليك، أو لا تحلين لي، أو احتالي لنفسك، أو أنت سائبة، أو عتيقة، أو ليس بيني وبينك حلال ولا حرام، أو لم أتزوجط، أو تقنعي، أو استتري عني، أو اعتزلي، أو اخرجي، أو انتقلي عني، وشبه ذلك كله لا شيء فيه بنى أو لم يبن إلا أن ينوي طلاقاً فهو وما نوى. أصبغ: إن لم ينو شيئاً ونوى الطلاق فهي ثلاث حتى ينوي أقل. قُلتُ: في قبولهما إياه نظر؛ لأنه إن دل على الثلاث بذاته لم يفتقر لنيَّة الطلاق، وإن لم يدل إلا بنية الطلاق فالنيِّة كاللفظ، ولفظ الطلاق لا يوجب بنفسه عدداً. وسمع ابن الماجِشُون: إن قال لها آذيتني فقد حللت عقالك فهي البتة. وفيها: إن قال لها أنها حرة أو الحقي بأهلك لا شيء عليه إلا أن ينوي طلاقها فهو ما نوى ولو واحدة. الشيخ في الواضحة: من قال لامرأته أنت حرة، أو لأمته أنت طالق غلطا فلا شيء عليه حتى ينوي أنها بذلك اللفظ الطالق وحرة. قُلتُ: مفهوم "غلطا" ومفهوم "حتى ينوي" متعارضان والمعتبر الثاني. قال: وقال ابن الماجِشُون إن قال لامرأته أنت مني حرة، أو لأمته أنت مني طالق، أو طالق لوجه الله، فامرأته طالق وأمته حرة ولا يسأل عن نيته، وروى محمد: من قال إن شئت أن تقيمي وإن شئت أن فالحقي بأهلك، فقالت: لحقت بأهلي، وقال: لم أرد طلاقاً إنما أردت تخويفها، حلف ولا شيء عليه، وقال ابن شهاب: هي واحدة، وإن قال لها في منازعة اجمعي عليك ثيابك، وقال لم أرد طلاقاً حلف وصدق، ولو قال لأبيها اقبل مني ابنتك، فقال قبلتها، قفال: على أن ترد إلي مالي؛ بانت منه، ولا شيء عليه ما لم يكن نسقا، ولو قال اذهبي تزوجي لا حاجة لي بك، أو قال لأمها زوجيها ممن شئت لا حاجة لي بها فلا شيء عليه ما لم يرد الطلاق، وسمع عيسى ابن القاسم في كتاب العدة:

من قال لامرأته اذهبي فتزوجي لا شيء عليه إن لم يرد طلاقاً. ابن رُشْد: إن كان مسفتيا، وإن كان مخاصما حلف ما أراد طلاقا على ما مر في سماع ابن القاسم. قُلتُ: قال فيه إن نكل عن اليمين جرى على الخلاف فيمن نكل عن اليمين لشهادة شاهد عليه بطلاق، قيل تطلق عليه، وقيل: يحال بينهما ولا يسجن، وقيل: يسجن حتى يطول، وسمع ابن القاسم فيه: من راد سفرا فطلب البناء بزوجته الليلة فأبوا، فقال لهم اتركوني ليس لي بها حاجة وانصرف، لا شيء عليه إن لم يرد طلاقا، وإن كان يخلفه حلف بالله ما أراد طلاقا. ابن رُشْد: تهمته على إرادة الطلاق فيها ضعيفة وإن نكل عن اليمين تركه مع امرأته لا يدخله ما مر من الخلاف. قُلتُ: ولذا قال في السماع إن كان لها من يحلفه. وفيها: لا شيء على من قال لامرأته لست لي بامرأة أو لم أتزوجك إلا أن ينوي الطلاق، وسمع القرينان معها من أجاب من قال له ألك امرأة بلا؟ لا شيء عليه إلا أن ينوي الطلاق. ابن رُشْد: لابن القاسم في سماعه ويحلف، وكذا لعيسى في سماعه من كتاب العتق. قُلتُ: هذا صحيح وما لابن القاسم إنما قاله فيمن قاله وزوجها حسبما مر. الشيخ عن محمد: من قال لا سبيل لي عليك ولم يرد طلاقا دين وحلف، وكذا ليس بيني وبينك حلال ولا حرام، وما أنت لي بامرأة، أو لم اتزوجك، لا شيء عليه حتى يريد الطلاق. أصبغ: فيكون البتات إلا أن ينوي أقل، وكذا لا نكاح بيني وبينك، أو لا ملك لي عليك، أو لا سبيل لي عليك إلا أن يكون الكلام عتابا فلا شيء عليه حتى ينوي الطلاق. قُلتُ: قوله: (وكذلك لا نكاح بيني وبينك إلى آخره) متعارض، أوله يقتضي أن لا شيء عليه مطلقاً إلا أن ينوي طلاقا، وآخره يقتضي إنما ذلك في العتاب، وفي قول أصبغ من النظر ما تقدم في مسألة اذهبي وأخواتها فانظره.

الشيخ عن سَحنون: من اشترت عصمتها من زوجها فهي ثلاث؛ لأنها ملكت جميع ما كان يملك من عصمتها، وقال بعض أصحابنا: ابن القرطبي والأبياني في لا عصمة لي عليك ثلاث إلا مع الفداء فهي واحدة حتى يريد ثلاثاً. الشيخ: وذلك صواب لقول ابن القاسم فيها: من قال لعبده ابتداء لا ملك لي عليك أنه عتق. وسئل النعالي من برقة عن من قال لامرأته إن لم تفعلي كذا فلست لي بامرأة وحنث، فتوقف فيها سنة يتأملها فلم يجب بشيء، وأجابهم الشيخ بوجوب الطلاق عليه. ابن محرز: هذا صحيح وهو خلاف قولها فيمن قال لامرأته لست لي بامرأة؛ لأن هذا اللفظ ظاهره الخبر وهو كاذب، والحالف إنما أراد تحريمها ورفع عصمتها. قُلتُ: نثل ابن عات وغيره نقل ابن محرز هذا ولم يتعقبوه، ومقتضى أقوالهم أنها غير منصوصة، وفي النوادر ما نصه: قال أبو زيد عن ابن القاسم من دعا امرأته للوطء فأبت، فقال: لإن قمت ولم تفعلي ما دعوتك إليه فما أنت لي بامرأة، يريد به الطلاق، فدق رجل الباب فقامت ولم ينو واحدة ولا أكثر. قال: هذا ثقيل، وكأنه رأى أن تلزمه البنة. قُلتُ: وهذا كالنص، والتحقيق أن المسألة إما أن ينوي فيها الحالف الطلاق أو ينوي غيره، كالمريد بقوله لست لي بامرأة أنها غير قائمة بحقوقه الواجبة وأغراضه العارضة أو لا نيَّة له بحال، وظاهر تعليل ابن محرز أن الحالف مريد للتحريم، فإن كان الأمر كذلك فالمسألة إذا منصوصة لابن القاسم، وظاهر لفظه أنها غير منصوصة وإن نوى غير الطلاق، فالظاهر ينوي في الفتوى بغير يمين وفي القضاء بيمين، وإن لم ينو شيئاً ففيها نظر وهو محمل توقف أبي بكر النعالي، ومقتضى قول ابن القاسم أنها البتات؛ لأنه لو لم يلزمه شيء مع عدم إرداة الطلاق لما لزمه مع إرادته البتة؛ بل طلقة واحدة كقوله لست لي بطائعة مطلقاً ومعلقاً، فإن قُلتُ: مفهوم، "يريد به الطلاق" في جواب ابن القاسم أنه إن لم يرده فلا شيء عليه. قُلتُ: يريد إنما هو في السؤال، سلمناه، لا نسلم أن مفهومه لا شيء عليه؛ بل مفهومه إن لم يرده لزمته اليتة من باب أحرى؛ لأن إرادته قرينة في إرادة مدلوله وهو

طلقة واحدة، فإذا لزمته البتة مع هذه القرينة فأحرى مع عدمها، ولابن رُشد في سماع أبي زيد مفهومه إن لم يرد الطلاق فلا شيء عليه، ول نواه ففي لزوم الثلاث احتياطاً أو بالحكم، ثالثها: واحدة لأصبغ عن ابن القاسم وسماعه أبو زيد مع قول أصبغ وعيسى. وفيها زيادة في آخر فصل التعليق وهي جارية على أصل مذكور في الفقه مختل فيه، وهو كون مدلول اللفظ معلقاً هل هو كذلك غير معلق أو أشد أو أخف؛ لأن قوله لست لي بامرأة المنصوص فيها أنها لغو إلا أن يريد به الطلاق، فإن قلنا المعلق مثله أو أخف لم يلزم الحالف شيء، عن قلنا بالعكس لزمه الطلاق إن لم يكن نواه، والثلاث إن نواه حسبما تقدم في النذور في قوله علي هدي، وقوله إن فعلت كذا فعلي هدي، ونحوه في أول كتاب المدبر وفي كتاب الهبات. ابن بشير: من قال لا عصمة بيني وبينك لم يلزمه طلاق، ولو قال إن فعلت كذا فلا عصمة بين وبينك وشبه هذا اللفظ، فوقف فيه بعض الأشياخ، وأجاب الشيخ بلزوم الطلاق، وقول ابن عبد السلام ليس الأمر كما ظنه، واحتج بما تقدم عن سحنون ابن شعبان والإبياني حسن. وفيها: من قال لا نكاح بيني وبينك، أو لا ملك لي عليك، أو لا سبيل لي عليم، فلا شيء عليه إن كان الكلام عتاباً إلا أن ينوي الطلاق، عياض: ظاهره إن لم يكن عتاباً ولم ينو شيئاً أنه الطلاق مثل قوله ذلك لعبده في كتاب العتق، وتقدم نقلها من الموازية وما في لفظها من التنافي، ونقل اللخمي ألفاظ المدونة من الواضحة في جملة ألفاظ بجواب لا شيء عليه إلا أن ينوي به الطلاق من غير قيد قوله عتاباً، وقال أشد هذه الألفاظ لا سبيل لي، ولا ملك لي عليك، ولست مني بسبيل، وأنت سائبة، ومني عتيقة، ورأى أنها طلاق لا يصدق أنه لم يرده إلا لوجه، وقد قال ابن القاسم لقوله لعبد لا سبيل لي عليك، أو لا ملك لي عليم ابتداء عتق، وإن كان قبله ما يدل على أنه لم يرد العتق قبل قوله فكذا الطلاق. وسمع ابن القاسم: من عاتبته امرأته فقال برئت مني لا شيء عليه، هذا من قول الناس في العتاب إن اتهم أحلف. ابن رُشد: لأنها من ألفاظ الطلاق التي تذكر عتاباً لا طلاقاً كقولها في لا نكاح

بيني وبينك، ولا سبيل لي عليك، ولا ملك لي عليم، لا شيء عليه إن كان الكلام عتاباً، وقوله لزوجته أنت علي حرام في كونها ثلاثاً وينوي قبل البناء لا بعده، أو لا مطلقاً، أو واحدة قبله وثلاثاً بعده، أو واحدة بائنة، خامسها واحدة رجعية، وسادسها ينوى كطلقاً، وسابعها لغوها، للمشهور، وعبد الملك، وأبي مصعب مع ابن عبد الحكم ورواية ابن خويز منداد وابن سحنون عن ابن أبي سلمة، والكافي عن مالك مع جماعة من أصحابه وعياض عن أصبغ، وظاهر لفظ اللخمي والمازري والباجي وغيرهم أن معنى القول بأنه لا ينوى بعد البناء أنه مطلقاً ولو كان مستفتياً، ويأتي لابن رُشد وبعض أصحاب ابن سحنون خلافه وأطلق المازري وعياض والأكثر فرض المسألة، وقيدها اللخمي بكونه أراد الطلاق فيسقط السابع، وعبر عنها المازري أولاً بقوله أنت علي حرام، وثانياً بقوله الحلال عليه حرام، وقال اختلفت أجوبة مالك وأصحابه في الكناية في بعضها ثلاث لا ينوى في أقلل منها وفي بعضها ينوى، وفي بعضها واحدة حتى ينوى أكثر، وفي بعضها ينوى قبل البناء لا بعده، وفي بعضها قبل البناء واحدة وبعده ثلاث، واختلف في تعيين بعض الألفاظ لبعض هذه الأقسام وسر اختلافهم، وسببه أن اللفظ الدال على الطلاق لغة أو عرفاً إما أن يدل على بينونته وعدده كثلاث فيلزمان، أو على الأقل فقط فيتعين. وفي صحتها بواحدة دون فداء وقصرها على الثلاث خلاف، أو على عدد معين غالباً وعلى غيره نادراً، فيلزم الغالب إن فقدت النية وإلا قبلت من المستفتي، ومن عليه بينة تختلف فروعه أو عليهما بالسوية إن وجدت نية قبلت، وإلا ففي حمله على الأقل استصحاباً للعصمة وإلغاء للشك أو الأكثر احتياطاً للفروج واستصحاباً لحرمة الطلقة المخققة اضطراب، هذا من أسرار العلم به تنحصر أقوال العلماء وتنضبط مسائل الفتوى، وأقرب مثال لهذا مسألة الحلال علي حرام أول أقوالها على أنها للبينونة فالبتة غالباً في الثلاث نادرة فيها دونها. قُلتُ: لو كانت نادرة في الواحدة ما نوي فيها في القضاء، ولو قال محتملة لها وللثلاث صح. قال والثاني على أنها موضوعة للثلاث، والثالث البينونة ولا تصح بعد البناء بغير فداء، والرابع للبينونة وتصح بواحدة بعده دون فداء، والخامس لأقل عدد

وأقل تحريم. قُلتُ: والسادس لمطلق العدد دون بينونة، والسابع على عدم دلالتها على طلاق بحال، وقول ابن الحاجب بعد ذكره ستة الأقوال في مطلق الكناية الظاهرة، وجاءت غير الأول في الحلال علي حرام قصور كقول ابن حارث: اتفقوا في الحرام أنها ثلاث في المدخول بها وأن له نيته إن لم يدخل بها؛ لأن الواحدة تحرمها، وقول ابن الحاجب قيل: ينوى قبل البناء اتفاقاً إلا البتة أظن قائلة أبا عمران لقوله في حبلك على غاربك ينوى اتفاقاً، ويرد هذا الاتفاق بما تقدم في الحرام وغيره فتذكره. وفي الكافي نق عن مالك لا ينوى في البتة دون سائر الكنايات، وسمع عيسى ابن القاسم من قالت له امرأته: مالي عليك حرام فقال: وأنت علي حرام إن أراد أني أوذيك وأستحل منك ما لا ينبغي فلا شيء عليه وإن كان كقول الرجل لامرأته: أنت علي حرام بانت منه. ابن رُشد: إنما ينوى إن كان مستفتياً، وإن كانت عليه بينة لم ينو على أصولهم؛ لأنه صريح بتحريمها والبساط يقويه لا يضعفه؛ لأن ظاهره أنه لما حرمت عليه مالها عاقبها بأن حرمها. الشيخ عن ابن سحنون عنه من حلف بالحلال عليه حرام ونوى واحدة قبل البناء فحنث بعده وقامت عليه بينة؛ لم تقبل نيته؛ لأنا يوم الحنث لا ينوى فيها. ابن سحنون: قال بعض أصحابنا إن علمت البينة من ذلك قبل البناء لم يلزمه إلا طلقة وله الرجعة، وإن لم تقم بينة وجاء مستفتياً فله نيته بين وبين الله تعالى؛ يريد: بعد البناء، وذكرها اللخمي بلفظ أن القائل: قال بعض أصحابنا هو سحنون لا ابنه. قال: وهذا أبين؛ لأنه يوم حلف كان ممن ينوى ولو كانت عليه بينة. قُلتُ: قول ابن رُشد نص في أنه ينوى بعد البناء في أنت علي حرام ونحوه ما ذكره ابن سحنون، وقال ابن حارث إثر هذه المسألة وقال أشهب في العبد يحنث في زوجته بعد عتقه بيمين قبله أنها تبقى عنده على ثنتين. قُلتُ: لا يختلف في هذه كالأولى ولو كانت يمينه بطلقتين، وهو يجهل قدر طلاق العبد أشبهتها، وسمع عيسى ابن القاسم في التخيير من قال لامرأته: وجهي من

وجهك حرام، لا تحل له حتى تنكح زوجاً غيره. ابن رشد: اتفاقاً؛ لأنه كقوله: أنت علي حرام هي بعد البناء ثلاث لا ينوى في أقل منها إلا أن يأتي مستفتياً. قُلتُ: قوله: (نص في أنه ينوى بعد البناء إن كان مستفتياً) ونحوه ما تقدم من نقل ابن سحنون خلاف ظاهر ما تقدم لغيرهما، وهذا هو ظاهر المدونة، وقول ابن رُشد اتفاقاً قصور لقول اللخمي: قال ابن عبد الحكم: في قوله وجهي من وجهك حرام: لا شيء، وحمله على معتاد بعض الناس في قوله: عيني من عينك حرام، ووجهي من وجهك حرام، يريدون به البغض والمباعدة. وما أعيش فيه حرام في لغوه وحرمة زوجته، ونقل عبد الحق عن محمد وغيره قائلاً: أظنه في السليمانية. قال: وأجاب أبو عمران في قول من عادتهم قصد تحريم الزوجة بكل ما أعيش فيه حرام هو طلاق، ونقل اللخمي قول محمد بلفظ قال: لا شيء عليه؛ يريد: أن الزوجة ليست من العيش فلم تدخل في لفظه إلا أن ينويها فيصير كقوله أنت علي حرام، وقيل: لا شيء عليه وإن أدخلها في يمينه جهلاً أنها من العيش كمن قال ادخلي الدار يريد به الطلاق جهلاً وطناً أنه من ألفاظ الطلاق؛ وليس كذلك؛ لأن هذا نوى الزوجة وغلط في ظنه أنها من العيش وأوقع عليها الطلاق بلفظ حرام، وهو كمن غلط في اسم زوجته فأوقع عليها الطلاق والآخر سمى الزوجة ولم ينطق بالطلاق. وفي حرمتها بقوله: كلامك علي حرام ولغوه. نقل محمد عن أشهب قائلاً ولا ينوى في عدم الطلاق وابن عبد الحكم مع ابن القاسم، واحتج محمد بحرمة نظر أمهات المؤمنين دون كلامهن وكتحريم السعال والبزاق، وسحنون قائلاً العتق كالطلاق. اللخمي: السعال لا يتلذذ به، وكذا البزاق؛ لأنه بعد طرحه من الم وتحرم بتحريم الريق؛ لأنه في الفم وهو الرضاب يتلذذ به. **** إن قصد حرمة استماعه لغو وإن قصد التلذذ هـ حرمت، وفي حرمتها بتحريم شعرها قولاً أصبغ وسحنون، وصوب اللخمي الأول: لأنه يتلذذ

برؤيته ولمسه. وفي لغو يمين: ما أنقلب إليه حرام إن كنت لي بامرأة لقرينة حله على الزوجة في إخراجها ولزوم حنثه فيها، نقل اللخمي عن ابن القاسم وأصبغ. ومن قال: أردت بأنت علي حرام الظهار في لغو نيته وإعمالها، ثالثها: تطلق فإن تزوجها لزمه الظهار، للخمي عن ابن القاسم وسحنون ويحيى بن عمر. ذكر ابن رُشد قول ابن القاسم يلزمه الطلاق. قال: ونقل اللخمي عن سحنون في العتبية أنه ينوى وليس ذلك بموجود عندنا في العتبية فأراه غلطاً. وفيها: إن قال: أنت علي حرام، وقال: أردت الكذب لا الطلاق لزمه التحريم، ولا ينوى لقول مالك في شبهه: لا نية له، سئل عمن لاعب امرأته فأخذت بفرجه تلذذاً فنهاها فأبت، فقال لها: هو عليك حرام، وقال: أردت أن أحرم أن تمسه لا تحريم امرأتي، فوقف وخشي أنه حنث، وألزمه غيره من أهل المدينة التحريم، وهذا عندي أخف والذي سألت عنه أشد وأبين ألا ينوى؛ لأنه ابتدأ التحريم من قبل نفسه، وما سئل عنه مالك كان له سبب ينوى به. قُلتُ: قوله: (كان له سبب ينوى به) ظاهر في أنه لا يلزمه تحريم، وأن تحريم مسها إياه غير تحريم، وعدم ذكر البرادعي لفظ ابن القاسم هذا مخل بفائدة. الشيخ عن ابن حبيب: من قال لامرأته فرجي عليم حرام أو: فرجك أو دبرك علي حرام؛ حرمت عليه، إلا أن يريد الدبر حكاية ما جاء في ذلك ولم يقصد التحريم فلا شيء عليه، وسمع عيسى ابن القاسم: من قال لامرأته: أنت أحرم علي من أمي كقوله البتة. ابن رُشد: هذا إن أراد به الطلاق وإلا فهو ظهار لقولها في أنت حرام كأمي ولا نية له أنه ظهار، ولا فرق بين اللفظين وذلك بين من سماع ابن القاسم من كتاب الظهار. قُلتُ: فيه لابن القاسم مثل تسوية ابن رُشد بين للفظين وفيه نظر؛ لأن أحرم تقتضي أن الزوجة أشد حرمة والتشبيه عكسه، وسمع عيسى ابن القاسم من قال: حلفت بالطلاق حتى أن امرأتي معي حرام، حلف ما أراد الطلاق وما امرأته معه حرام

وخلي بينهما فقبله الشيخ، وقال ابن رُشد: قال ابن دحون هذه حائلة لا أصل لها في الفتيا، الواجب أن تبين منه بإقراره، وإيه ذهب ابن زرب وجعل أول مسألة من رسم يشتري الدور والمزارع من سماع يحيى مخالفة لها وليس كذلك؛ إذ ليس ذلك بإقرار صريح فاحتمل عند مالك أنه خشي على نفسه الحنث لكثرة حلفه بالطلاق. قُلتُ: حاصل مسألة رسم يشتري الدور لزوم الإقرار بالطلاق وهذا هو المذهب، وللشيخ عن ابن حبيب عن أشهب من قال لقوم: طلقت امرأتي البتة، فسألوه كيف كان؟ فأخبرهم بسبب لا يلزمه به طلاق لا شيء عليه، ولو كان بين قوله وإخباره بسببه صمات، وقال أصبغ: يلزمه الطلاق بإقراره الأول وفيها: قيل: فمن قال: علي حرام إن فعلت كذا؟ قال: لا يكون الحرام يميناً في شيء إلا أن يحرم امرأته فيلزمه الطلاق واختصرها البرادعي سؤالاً وجواباً لاحتمال لفظ أن يحرم امرأته كونه بالنص عليها أو بالنية أو بمجرد التعليق. اللخمي: من قال علي حرام ولم يقل أنت، أو قال: الحلال حرام ولم يقل علي؛ فلا شيء عليه. وفيها: اعتدي طلاقٌ بقدر ما نوى وإلا فواحدة إلا أن يكون جواباً لعدة دراهم ونحوه فلا شيء عليه، وأنت طالق اعتدي طلقتان إلا أن ينوي إعلامها أن عليها العدة فطلقة واحدة. اللخمي عن المجموعة: أنت طالق فاعتدي طلقتان إلا أن ينوي واحدة، وطالق واعتدي طلقتان ولا ينوى. ابن عبد الحكم في أنت طالق اعتدي أو فاعتدي طلقة واحدة وهو أبين؛ لأن موضوع اعتدي الأمر بالعدة لا الطلاق. وفي كون أنت طالق طلاق الصلح ثلاثاً أو واحدة بائنة، ثالثها: رجعية، للشيخ عن ابن الماجشون وأصبغ مع المتيطي عن مالك وابن القاسم قائلاً به القضاء والشيخ عن ابن حبيب عن مُطرف. وفيها: إن قال: أنت طالق تطليقة ينوى بها لا رجعة لي فيها فله الرجعة، وقوله: (لا رجعة لي عليم ونيته) باطل إلا أن ينوي بلا رجعة لي البتات باطل اللخمي؛ يريد

قوله ذلك ونيته سواء. محمد: وكذا ولا رجعة لي عليك ونيته باطل. ابن عبد الحكم: في طالق لا رجعة لي عليم في البتة، وفي ولا رجعة؛ له الرجعة. اللخمي: قوله طلقة ينوي لا رجعة فيها أو قاله نطقاً كقوله طلقة بائنة؛ لأنه صفة للطلقة؛ بخلاف لا رجعة لي عليك إنما هو إسقاط لحقه في الرجعة، وأنت طالق طلاقاً لا رجعة فيه ثلاث اتفاقاً؛ لأنه صفة للطلاق، وظاهر المذهب من قال لزوجته بعد طلاقها: أسقطت حقي في رجعتك أو لا رجعة لي عليك أن له الرجعة، والقياس أن لا رجعة له؛ لأنه حق له عليها أسقطه كسائر الحقوق. السيخ عن الموازية: أنت طالق أبداً هي البتة له نكاحها بعد زوج ما لم يرد كلما نكحتك. محمد: كمن قال أنت طالق كل يوم أبداً، كذا في نسخة مكتوب في آخر هذا الكتاب منها: "قوبلت بكتاب الشيخ أبي محمد"، وذكر اللخمي المسألة إلى قوله كلما تزوجتك وأصلاً بها ما نصه. محمد: وكذلك الذي يقول: أنت طالق كل يوم أتزوجك أبداً، فعلى لفظ اللخمي يجب رد التشبيه لمسألة كلما، وعلى الفظ الأول يحتمل هذا، وعوده لمسألة طالق أبداً، ومن الكناية الخفية ما جعله ابن الحاجب قسيماً لمطلقها: قوله اسقني، وقولها: كلي واشربي، وقول عتقها ادخلي الدار، المشهور إن نوى الطلاق مطلقاً أو عدداً لزمه منويه. اللخمي: وقال أشهب لا شيء عليه إلا أن يريد أنت طالق إذا قلت: ادخلي الدار، يريد أن الطلاق إنما يقع عندما أقول لا بنفس اللفظ، وذكر أبو عمر الأول لمالك وقال: لم يتابعه عليه أصحابه، ولم يذكر لأشهب خلافاً، وكذا الباجي لم يذكر فيه خلافاً. قال: قال أصحابنا: هذا على وقوع الطلاق بمجرد النية، ومذهب ابن القاسم يقتضي أنه لا يقع الطلاق في هذه المسألة بمجرد النية، إنما يقع بما قارن النية من اللفظ الذي قصد به الطلاق، وقال مالك: من أراد أن يقول أنت طالق فقال: كلي واشربي لا يلزمه شيء، وإن وجدت منه النية. قُلتُ: في تمسكه بهذا على لغو الطلاق بالنية نظر؛ لأنه فرق بين النية المستقلة

بإرادة الطلاق بها فقط، وبين النية التي هي بعض المجموع منها ومن لفظ خاص مراداً به الطلاق لا بأحد جزئية فقط. ابن بشير: في جري الطلاق به على الخلاف في الطلاق بالنية قولا المتأخرين، الصقلي عن القاضي: قيل لا يكون طلاقاً وإن نوى به الطلاق، ووجهه الاتفاق على أنه لو ضربها أو مسها بيده وقال: أردت به الطلاق أنه لا يكون طلاقاً. قُلتُ: في هذا الاتفاق نظر ويأتي الخلاف في مجرد بيعه زوجته، والشائع عن أهل العمود في أرضنا أن جل طلاقهم بمجرد فعل الزوج حفر شيء من الأرض ودفن المرأة إياه، وسمع عيسى رواية ابن القاسم من قال لامرأته وهو جاهل: أمرك بيدك يظنه طلاقاً. قال: إن أراد به الطلاق فهو طلاق. ابن رُشد: هذا كقولها أن ما ليس من ألفاظ الطلاق لا يلزم به إلا أن ينويه باللفظ بعينه، وقيل: لا يلزمه الطلاق ولو نواه، وهو قول مُطرف وروايته ويقوم من قول ابن الماجشون في كتاب الظهار منها، وقال أشهب: لا يلزمه به طلاق إلا أن يريد أنها طالق إذا فرغ من لفظه لا بنفس لفظه ولا وجه له. قُلتُ: ففي لزوم الطلاق بإرادته من لفظ لا يحتمله، ثالثها: إن قصد تعليقه على النطق به للمشهور ومُطرف مع ابن الماجشون وأشهب. وفيها لمالك: إن قال لها: تقنعي أو استري يريد به الطلاق فهو طلاق وإلا فلا. وفيها: كل كلام نوى به الطلاق فهو كما نوى. قُلتُ: ظاهرها مع سماع عيسى أن نية الطلاق بما ليس من لفظه بحال، غنما يلزم به ما يلزم بلفظ الطلاق لا الثلاث إلا أن ينويها. وفيها: الذي سمعت واستحسنت أنه لو أراد أن يقول لها أنت طالق البتة فقال: أخزاك الله أو لعنك الله فلا شيء عليه. ابن محرز: من المذاكرين من أجراه على أحد قولي مالك في الطلاق بالنية وأنه غير لازم، ومنهم من أباه؛ لأن هذا لم يعقد على أن يطلق بنيته؛ بل على أن يطلق بلفظه. وفيها: لمالك قوله يا أمه أو يا أخته أو يا عمة أو يا خالة لا شيء فيه، وهو من كلام أهل السفه.

قُلتُ: كونه منه دليل حرمته أو كراهته. قال ابن عبد السلام: روى أبو داود عن أبي تيمية الهجيمي أن رجلاً قال لامرأته: يا أخية، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أختك هي؟!!))، فكره ذلك ونهى عنه، ولا يعارض هذا بقول إبراهيم عليه السلام في سارة إنها أختي؛ لأنه قاله لضرورة دعنه لذلك وأراد أنها أخته في الدين، وبوب عليه البخاري: إذا قال لامرأته وهو مكره أختي فلا شيء عليه. قُلتُ: ظاهره أن حديث أبي داود مسند صحيح وليس كذلك؛ بل هو مرسل؛ لأن أبا تيمية ليس صحابياً إنما هو تابعي، وقال عبد الحق: هو منقطع دون تعليل له، وتعقبه ابن القطان فقال: يعني بمنقطع مرسلاً وكان له أن يذكره صحيحاً على أحد رأييه؛ لأن أبا داود ذكره بطريق أخرى عن عبد السلام بن حرب عن خالد الحذاء عن أبي تيمية عن رجل من قومه أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم سمع رجلاً ... الحديث، وعبد السلام حافظ وعدم تسمية الرجل لا يضر على أحد رأييه. قُلتُ: لفظ حافظ لا يدل على عدالته ولم أجده في كتاب المزي. وفيها: ما علم من الأخرس بإشارة أو كتاب من طلاق أو خلع أو عتق أو نكاح أو شراء أو قذف لزمه حكم المتكلم به، وروى الباجي إشارة السليم بالطلاق برأسه أو يده كلفظه لقوله تعالى: (تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ إِلَّا رَمْزًا) [آل عمران: 41]. قُلتُ: إنما يحسن هذا دليلاً للأخرس، وقياس السليم عليه فيه نظر. ابن شاس: الإشارة المفهمة للطلاق هي من الأخرس كالصريح ومن القادر كالكناية، وتبعه ابن الحاجب وتعقبه ابن عبد السلام بأن تقرر في أصول الفقه أن الفعل

لا دلالة له من ذاته إلا بما ينضم إليه من القرائن، فإن أفادت القطع فهي كالصريح كان من الأخرس أو القادر، وإلا فهي كالكناية منهما. قُلتُ: ظاهر نقل الباجي أنا منهما سواء، وما استدل به ابن عبد السلام يرد بأن دلالة القرائن مع الإشارة من الأخرس لا يزاحمها إمكان ما هو أدل منها من غير نوعها بحال فكانت كالصريح، ودلالة القرائن مع الإشارة من القادر يزاحمها إمكان ما هو أدل منها من غير نوعها وهو النطق فلم تكن في حقه كالصريح. ***** اللخمي: في صفة كتب الغائب به أقوال. ابن القاسم: يكتب: إذا جاءك كتابي وأنت طاهر فأنت طالق لا يزيد عليه، وإن كانت حاملاً كتب إن كنت حاملاً أو طاهراً بعد وضعك فأنت طالق، لا يزيد عليه، إن كانت على ما شرط وقع الطلاق فيهما وإلا بقيت زوجة، وأجاز أشهب أن يقول: إن كنت حائضاً فأنت طالق إذا طهرت على أصله في قوله وهي حائض أنت طالق إذا طهرت لا تطلق تطهر، وثالثها: لابن المعذل يكتب بإيقاعه حين كتبه. وفيها: مع سماع القرينين إن كنت بطلاقها مجمعاً عليه أو أخرج كتبه به غير مجمع مجمعاً أو وصل إليها غير مجموع فيهما لزمه الطلاق وإلا فله رده ولا شيء عليه. ابن رُشد: إن كتبه مجمعاً على الطلاق أو لم تكن له نية لزمه الطلاق، فإن كانت حائضاً أجبر على الرجعة، وإن كتبه عل أن يرى رأيه في إنفاذ فله ذلك ما لم يخرجه من يده. قال في الواضحة والموازية: ويحلف على نيته فإن أخرجه عازماً على الطلاق أو لم تكن له نية لزمه الطلاق، وإن لم يصل، فإن كانت حائضاً جبر على الرجعة. ولو أخرجه على أن يرده إن بدا له ففي صحة رده ولزوم الطلاق بإخراجه قولها وسماع أشهب، سواء على قول ابن القاسم كتب أنت طالق أو إذا طهرت فأنت طالق، وقال أشهب: إن كتب إذا طهرت فأنت طالق أو إذا حضت فأنت طالق لم يجعل عليه وأخر حتى تطهر أو تحيض، فقوله في إذا حضت له وجه؛ إذ قد لا تحيض فأشبه إذا قدم فلان فأنت طالق، وقوله في إذا طهرت ليس ببين إذ لا بد أن تطهر، وإن تمادى دمها فهي مستحاضة والمستحاضة في حكم الطاهر، والذي نحا إليه أنها قد تموت قبل أن

تطهر فيكون الطهر لم يأت بخلاف الأجل الذي لابد من إتيانه ولو ماتت. وإن كتب على مذهب أشهب إذا طهرت فأنت طالق فإن كانت حائضاً لم يقع عليها طلاق حتى تطهر، وإن كانت طاهراً وقع عليها الطلاق، وقيل: لا يقع إلا بالطهر الثاني على الخلاف فيمن قال لأمته إذا حملت فأنت حرة وهي حامل. قال محمد: وأحب إلى لمن أراد أن يطلق امرأته الغائبة أن يكتب لها: إذا جاءك كتابي هذا فإن كنت حضت بعدي وطهرت فأنت طالق خوف وقوع طلاقه لها حال حيضها، وهذا جيد إلا أنه قد لا يقع عليها طلاق أصلاً عن كانت لم تحض بعده وطهرت؛ لأنه إنما طلقها على هذا الشرط، فغن كتب إن وصلك كتابي هذا فأنت طالق وأرسل إليها به يخرج ذلك على قولين: أحدهما: أن ذلك ككتبه: إن وصلك كتابي هذا. والثاني: أن الطلاق يقع عليه مكانه على الخلاف فيمن قال لامرأته إذا بلغت معي موضع كذا فأنت طالق حسبما مر في رسم سل من سماع عيسى من الأيمان بالطلاق وسماع عبد الملك بن الحسن منه. قُلتُ: للخمي إن كتبه غير عازم لم يقع طلاق، وإن خرج من يده إذا علم أنه أخرجه لينظر في ذلك، واختلف إن أخرجه من يده ولم يعلم هل كان عازماً أم لا؟ فقال ابن القاسم فيها: ذلك له وله رده ما لم يبلغها إذا كتب غير عازم، وقال محمد: ذلك له ما لم يخرجه من يده ويحلف، فإن أخرجه عن يده كان كالناطق به والإشهاد. قال مالك: ولا ينوى إذا خرج من يده وإن لم يصل إليها. قُلتُ: زاد في النوادر عن الموازية وقاله أشهب وأصبغ. قُلتُ: هذا عكس ما تقدم لابن رُشد فتأمله، وظاهر ما لابن رُشد فيها. قُلتُ: إن كتبه غير عازم وأخرجه غير عازم. قال: لا أحفظ عنه فيه شيئاً، وأرى أنها طالق بإخراجه إلا أن يخرجه غير عازم فله رده ما لم يبلغها.

وسمع القرينان من كتبت لأبيها الغائب أن يزورها فأبى، فسألت زوجها أن يكتب إليه: "إني طلقت ابنتك" ليأتيها ففعل، ولم يرد بكتبه طلاقاً؛ إن صح أن كتبه على هذا، فلا شيء عليه فيما بينه وبين الله تعالى، ولو قام عليه أبوها بكتابه فلا شيء عليه إن أقام بينة أنه أشهدهم على هذا، وقال: إنما سألتني أن أكتب بهذا لكذا وكذا وأنا أكتب به لذلك لا أريد به طلاقاً فا شيء عليه. قيل: أرأيت إن لم يكن أشهدهم وجاء أبوها بالكتاب فجاءت هي، وهو يقتص هذه القصة أيستحلف. قال: ما أدري ما الناس كلهم سواء، الرجل المأمون مصدق. قيل: لو قالت المرأة أردت خديعته بذلك وأردت الطلاق فأنكر ذلك، فقال: إن علم ذلك من شأنها فلا شيء عليه، وإن لم يكن إلا قوله وظهر كتابه بطلاقها طلقت عليه. قيل: أي الطلاق قال ينوى وتكون واحدة. ابن رُشد: في ألفاظها إشكال، وفي ظاهر كلامه اضطراب، وحاصلها إن صح الوجه الذي ذكر في كتابه أنه طلقها؛ يريد ببينة تشهد على ذلك أو جاء الزوج مستفتياً وحده فلا طلاق عليه، وإن جاءوا معاً فذكر الزوجان القصة، وقال الأب: لا أدري صدقهما من كذبهما صدق الزوج مع يمينه إن كان مأموناً، وإن قام الأب بالكتب في غيبة الزوج فلما وقف عليه أقر به وادعى أنه إنما كتبه لذلك لما ذكر لم يصدق إلا أن يكون أشهد بينة على أنه إنما كتب بالطلاق لذلك، فإن لم تقم بينة لزمه الطلاق. قال في الرواية ينوى وتكون واحدة أي يدين فيما ادعى من أنه لم يرد بذلك طلاقاً وتكون واحدة. قاله أشهب في نظير هذه المسألة، وهو على أصولهم فيمن ادعى على رجل حقاً فأنكره المدعي عليه وأقام المدعي بينة على بعض ما ادعاه أن المدعي عليه يحلف ما له عنده شيء، ويغرم ما شهدت عليه به البنية، إذ لا خروج له من ذلك كما لا خروج له من الطلقة الواحدة المستيقنة، ولو رجع فقال: أردت به الطلاق واحدة كانت واحدة، ولا يمين عليه على القول بأن من قال طلقت امرأتي ولا نية له أنها واحدة، وأما على القول أنها ثلاث فقيل: لا ينوى لإنكاره أو لا أنه أراد الطلاق وتكون ثلاثاً، وقيل: يحلف وتكون واحدة

والخلاف فيه على خلافهم فيمن أنكر وديعة ثم أقر بها وادعى تلفها. الشيخ عن محمد من كتب لذي دين عليه يمينه بطلاقه ليقضينه حقه وقت كذا، فامتنع الشهود أن يكتبوا فيه لذكر الطلاق فخرقه، وكتب غيره بغير ذكر طلاق لزمه الطلاق إن رضي بالكتاب الأول. وفيها: من قال لرجل أخبر زوجتي بطلاقها أو أرسل به إليها رسولاً وقع الطلاق حين قوله ذلك بلغها الرسول أو كتمها. قال ابن عبد السلام: إن تقدم تلفظ الزوج بالطلاق على قوله للرسول فواضح، وإن كان إنما تكلم الآن به فانظر هل هو طلاق بالنية أم لا؟ قُلتُ: كيف ينظر فيه مع أنه تكلم به. وفيها: من قال لرجل: فلان يقول إنك زان إن أقام بقوله بينة حد الأول وإلا حد الثاني ولا حد بالنية. وفي لغو بيعه زوجته وكونه طلقة بائنة، ثالثها: البتة لابن رُشد في سماع يحيى من كتاب العتق عن ابن الحكم مع سماع عبد الملك ابن وهب وسماع ابن القاسم في تزويجها ولا فرق، ورواية سحنون مع سماع عيسى واستبراء الأسدية في سماع عبد الملك وابن نافع. اللخمي عن مالك: من باع زوجته نكل نكالاً شديداً وتطلق عليه واحدة، ولا يرتجعها، ولا يتزوجها ولا غيرها حتى تعرف توبته وصلاحه خوف أن يعود لذلك. ابن نافع: هي طلقة بائنة. سحنون: ولو لم يغب عليها، وقال ابن عبد الحكم وأصبغ حرمت عليه كالموهوبة. ابن المواز: وهذا أحب إلينا من قول ابن القاسم، وقال ابن القاسم في العتبية بيعه طلاق. ابن وهب: وترجم إن أقرت بوطئها مشتريها طائعة، وإن ادعت الإكراه لم ترجم، وقول مالك أنه ليس بطلاق أحسن إلا أن ينويه؛ لأن البيع إنما يتضمن التمكين منها، ولا خلاف فيه من غير بيع أنه ليس بطلاق، وسمع عيسى ابن القاسم: من باع زوجته

لمسغبة وأقرت له بذلك عذر أو لم تحد وتكون طلقة بائنة، وقاله مالك ويرجع عليه مشتريها بالثمن. اللخمي: يختل إذا زجها على مثل ذلك. أصبغ: من قال لأم زوجته زوجي ابنتك لا حاجة لي بها، فزوجتها بعد وفاء عدتها من يوم قال بحضرته وعلمه فقد بانت، ولا يقبل قوله لم أرد طلاقاً. محمد: لا يعجبني قوله إلا أن يعلم الزوج أن ذلك ليس بطلاق وألزمه نفسه، وإن ظن أن ذلك طلاق فتركها حتى اعتدت لم يضره إلا أن يتزوجها غيره أو يقول: أردت به الطلاق فيلزمه إلا أن يتزوج بعلمه وتسليمه فيلزمه الطلاق ويفسخ النكاح الثاني؛ لأنه إذا لم يلزم الطلاق إلا بتزويجها فالعدة من يوم تزوجت. قُلتُ: كذا وجدته في غير نسخة منه ولا يخفى إجماله، وحاصله من قال لأم زوجته: زوجي ابنتك لا حاجة لي بها فزوجتها بعد وفاء عدتها من يوم قوله بحضرته وعلمه بانت منه ولا يقبل قوله لم أرد طلاقاً، فإن كان علم أن ذلك ليس بطلاق وأراده منه صح نكاح الثاني وإلا فقولان لأصبغ ومحمد بناء على أن رضاه بتزويجها قرينة بإرادة سابق قوله الطلاق، وقصر ثبوته من حين رضاه بتزويجها، وعليه تحرم عليه للأبد إن بنى. الشيخ عن أصبغ: من باع زوجته أو زجها هازلاً فلا شيء عليه، وإن كان جاداً فيهما فهي البتات، وكون طاق الحر ثلاثاً وذو الرق طلقتين وما فيه من سؤال وجواب تقدم في النكاح. وفيها من نوى بأنت طالق واحدة الثلاث لزمت وفي كونه بمجرد النية نحو ما مر لمباينة الواحدة الثلاث، وفي لغو الطلاق بمجرد النية الجازمة روايتا الأكثر وأشهب، ابن القصار: الأولى قول جميع الفقهاء. عبد الحق: احتج للثانية الأبهري بأن حقيقة الكلام في القلب واللسان مخبر وكثبوت الردة بالقلب، وأجاب ابن الكاتب بأن الردة والإيمان من أعمال القلوب؛ والطلاق لفظي لقوله تعالى: ***********، والله تعالى أعلم.

وفيها: لو أراد أن يطلق ثلاثاً أو يحلف بها فقال: أنت طالق، ثم سكت عن ذكر الثلاث وتمادى في يمينه، إن كان حالفاً فهي واحدة إلا أن يريد بلفظة بطالق الثلاث فتكون الثلاث. اللخمي: يريد إن قصد بقوله طالق طلقة وبقوله ثلاثاً تمام الثلاث، ولو أراد بقوله طالق الثلاث، وبقوله ثلاثاً بيان مراده لزمه الثلاث. قُلتُ: الأظهر أنه لم يرد بقوله طالق قيد واحدة ولا عدد؛ بل مطلق الطلاق عازماً على جعله بقوله ثلاثاً فبدا له عن ذلك الجعل فلزمه مطلقه، ولا يتقرر وجوده بأقل من واحدة فلزمته لذلك، ومفهوماً أول كلام اللخمي وآخره في صورة إطلاقه متعارضان، وظاهر المذهب فيه ما قررناه خلاف ما مر لأصبغ في الكنايات الخفية، ولابن رُشد في مسألة من كتب لأبي امرأته "أني طلقتها ليأتيها"، وذكر ابن حارث مسألة مريد الحلف وقال فيها اتفاقاً، وقال فيها اللخمي هذا إن كان مستفتياً أو فهمت البينة قصده ذلك لمنازعة وقعت وإلا لم يصدق. ابن حارث: إن قال أنت طالق وفي نيته أن يقول البتة، فقيل له: اتق الله فسكت، ففيها لا تلزمه إلا واحدة، وسمع ابن نافع تلزمه البتة. وتكرير اللفظ: الدال على الطلاق دون تعليق وعطف يعدده إن لم ينو وحدته، في تخييرها أنت طالق، أنت طالق، أنت طالق، ثلاث إلا أن ينوي واحدة بنى أو لم يبن، ومثله في الأيمان بالطلاق في أنت طالق طالق طالق، ونقل ابن عبد السلام عن الواضحة لا ينوى لا أعرفه؛ بل نقل ابن حارث ينوى اتفاقاً، وما في الواضحة إنما نقله الشيخ في العطف حسبما يأتي، وكذا وجدته في اختصار الواضحة لفضل، وفي تخييرها اعتدي اعتدي اعتدي كذلك، ومال اللخمي في تكرير اعتدي لواحدة فقط محتاجاً بما حاصله: اعتدي ليس من لفظ الطلاق في شيء فيلزمه طلقة لامتناع حمل أول لفظه على مدلوله لعدم تقرره فأعمل في لازمه، ولا امتناع في حمله على مدلوله فيما بعده فوجب، واستظهر بحكايته عن بعض أهل العلم. قُلتُ: ذكره بعضهم من رواية ابن أبي مريم وهو محمد بن زرقون. قُلتُ: ابن أبي مريم لم يدرك مالكاً إنما سمع من سحنون وابنه وأشد منه قول ابن

شعبان في زاهية في: قد سرحتك، قد سرحتك، قد سرحتك واحدة إلا أن يريد الثلاث، وفي اختصار مبسوطة ابن إسحاق لابن رُشد في أنت طالق إن كلمت فلاناً يكرره ثلاث مرات أنها واحدة إلا أن ينوي أكثر، وفي كون ذلك قبل البناء كذلك وقصره على واحدة قولها مع غيرها، ونقل اللخمي عن إسماعيل القاضي، وتعقب ابن عبد السلام المشهور بالاتفاق على جواز نكاح المطلق قبل البناء أو بالخلع خامسة أو أخت المطلقة وصحة عقد غيره عليها بنفس طلاقه، وإن تبع فيه من سبقه به يرد بأن قرب اتباعه مظنة لإرادته مع الأول بخلاف صور النقض من جملتها عدم الإرث بالموت عقبه وهو معلق على واحد بالشخص ككون مطلقاً وعلى غيره ولو أعمه أو أخصه لازم التعدد، الشيخ عن الموازية: من قال إن كلمت إنساناً فأنت طالق، ثم قال إن كلمت فلاناً فأنت طالق فكلمه لزمه طلقتان. قُلتُ: لأن تناول اليمين له وحده ليس كتناولها إياه مع غيره ضرورة أن الشيء في نفسه لي كهو مع غيره. وافتراق الزمان في المعلق اتحاده بخلاف غيره. الشيخ عن الموازية: من قال أنت طالق إن فعلت كذا، ثم قاله بعد وقت نوى، فإن لم تكن له نية فالبتة، ولا ينوي في الطلقة الأولى يرددها. قُلتُ: للحاجة لتكرير اليمين خوف أن يطلب بما يوجب حنثه. ويرد بتكرير المعلق قبل حنثه ولو قبل البناء، وفي غير المعلق بعد البناء، أم قبله فالافتراق يوجب واحدة فقط. ابن عات: لابن سحنون: إن قال أنت طالق الطلاق فهي طلقتان إلا أن يريد واحدة. **** **** **** **** وقال اللخمي: إن كان مستفتياً رأيت أن ينوى، وثم كذلك. المتيطي: اتفاقاً، وقول ابن عبد السلام: (وحكى بعضهم أنه ينوى في الفاء وثم) لا أعرفه إلا ما نقله ابن عات، ونصه: وفي الدعوى لو قال أنت طالق ثم طالق ثم طالق، أو طالق وطالق وطالق ولم تكن له نية لزمه الثلاث؛ لأن الواو للفصل وثم

للاستئناف، وسواء دخل بها أو لم يدخل، وفي المدونة هي ثلاث ولا ينوى، وكذلك قوله أنت طالق وأنت طالق وأنت طالق هي ثلاث ولا ينوى، ونحوه في الواضحة، وروى عيسى عن ابن القاسم في قوله أنت طالق وطالق وطالق أنها ثلاث ولا ينوى، وهذا أحسن من الذي في كتاب الدعوى، ووجه أخذ الخلاف منه في "ثم" أنه جعل رواية عيسى لا ينوى في الواو وخلاف قوله في كتاب الدعوى ولا يتقرر من قوله في الدعوى والخلاف إلا من مفهوم قوله: ولم تكن له نية، وإذا تقرر هذا منه في الواو لزم في ثم لجمعهما معاً في قيد قوله: ولم تكن له نية. وللشيخ عن ابن حبيب: إن قال أنت طالق ثم طالق ثم طالق، أو قال ثم طالق، أو قال وأنت، أو قال وطالق حتى أتم ثلاثاً فهي ثلاث لا ينوى بنى أو لم يبن، خص ابن شاي وابن الحاجب لزوم الثلاث في الفاء وثم بمن بنى بها، وهما فيمن لم يبن بها واحدة فقط، وقول ابن عبد السلام في نقلهما: "لا أتحقق الآن صحته عن المذهب، ولعلي أجد فيه لغيرهما ما يوافقهما، ولعلهما فهماه من كلامه في المدونة "ميل لقبوله، والصواب رده لما تقدم من قبول الشيخ نقل ابن حبيب في "ثم" قائلاً بنى أو لم يبن، ومن قول ابن عات: سواء دخل بها أو لم يدخل. وفيها: ما نصه قال ربيعة: إن قال لامرأته قبل أن يدخل بها أنت طالق أنت طالق أنت طالق كلاماً نسفاً واحداً لم تحل له حتى تنكح زوجاً غيره. قُلتُ: أرأيت إن قال لها أنت طالق وأنت طالق وأنت طالق. قال: سألت مالكاً عنها فقال: فيها إشكال، وأرى أنها طالق ثلاثاً. قال: فقلت لمالك: فإن قال لها أنت طالق ثم أنت طالق ثم أنت طالق. قال: هذه بينة لا ينوى فيها وهي ثلاث، وأنا أرى إذا قال ذلك بالواو أنها ثلاث ولا ينوى. قُلتُ: فمن أنصف علم أن لفظها في لزوم الثلاث في ثم والواو ظاهر أو نصف فيمن بنى أو لم يبن، وهو مقتضى مشهور المذهب فيمن أتبع الخلع طلاقاً، وتوهم التمسك بقول البرادعي إثر قول ابن القاسم وكذلك إن قال أنت طالق وأنت طالق وأنت طالق لأجنبية، وقال معه إن تزوجتك، والواحدة تبين غير المدخول بها والثلاث

تحرمها إلا بعد زوج، يرد بأنه في المدونة إنما ذكره بعد أن ذكر أقوال الصحابة أن من طلق قبل البناء ثلاثاً لم تحل إلا بعد زوج، وإن طلقها واحدة حلت له قبله، فهو فيها نص في أنه ليس راجعاً لحكم العطف بحال، ولو كان راجعاً له كان مناقضاً لقول ابن القاسم قبله، يليه في لفظ البرادعي؛ لأن قوله فيها لزوم الثلاث قبل البناء، ولو كان العطف بالواو ففي قبول نيته تأكيد الواحدة ولغوها فتلزم الثلاث، ثالثها: الوقف لابن حارث عن إحدى روايتي ابن القاسم مع اللخمي عن ابن شعبان في عطف سرحتك بها، وقول ابن القاسم مع ابن حارث عن المغيرة وإحدى روايتي ابن القاسم وروايتها، وقول البرادعي (قال مالك إلى أخره) في النسق بالواو إشكال. قال ابن القاسم: ورأيت الأغلب من قوله أنها مثل ثم ولا ينويه وهو رأيي. قُلتُ: لم يقع في المدونة لابن الاسم لفظ قوله ورأيت الأغلب من قوله أنها مثل ثم بحال إنما له فيها: وكأني رأيته يريد بقوله أنه لا ينويه في ذلك وأنها ثلاث وهو رأيي، ثم ذكر قول مالك في ثم أنه لا ينويه، فيها حسبما قدمناه، فعبر البرادعي عن ذلك بقوله مثل ثم لأن معنى مثل ثم لا ينويه، وقول ابن الحاجب في مختصره: "الأصلي وقول مالك والأظهر أنها مثل ثم إنما قاله في المدخل بها، يعني تقع الثلاث ولا ينوى في التأكيد لا أنها بمعنى ثم" إن أراد أنه قاله في المدونة فليس كذلك، إنما قاله ابن القاسم حسبما مر في لفظ البرادعي، وإن أراد أنه قال في غير المدونة فهو في عهدته ولا أعرفه، وقوله إنما قاله في المدخول بها ليس كذلك حسبما بيناه. وفيها: من طلق زوجته فقيل له ما صنعت قال هي طالق، وقال إنما أردت إخباره بالتطليقة التي طلقتها؛ قبل قوله. الصقلي: ويحل، وحكى عن بعض شيوخنا إنما يحلف إن تقدمت له فيها طلقة. قُلتُ: وهو قول ابن محرز قال: ليملك رجعتها الآن، وقال عياض: إنما ذلك إذا أراد رجعتها وحيث يحب حلفه. قال عبد الحق: إن أبي فلا رجعة وعليه نفقتها في عدتها لإقراره إلا أن يقر أنها الثالثة أو يوقعها. ابن شاس: إن لم تكن له نية ففي لزوم طلقة أو طلقتين قولا المتأخرين.

قُلتُ: الأول هو قول اللخمي لو علم عدم نيته لم يكن عليه غير تطليقة؛ لأن بساط سؤاله يدل على أنه خر عما فعل، وقال مالك فيمن طلق امرأته فسئل عنها فقال ما بيني وبينها عمل لا شيء عليه ويحلف ما أراد طلاقاً. قُلتُ: في حلفه في هذا بعدٌ. ابن محرز: لو أجاب بطلقتها لم يحلف. عياض: ولو لم ينو إعلامه؛ لأنه خبر عما فعل. وروى محمد من أشهد رجلاً أن امرأته طالق ثم آخر كذلك ثم آخر كذلك، وقال أردت واحدة دين وحلف. الصقلي: يمين هذا أبين، عياض: قولهم هذه أبين من الأولى ليس كذلك؛ بل القرينة هنا تكثير الشهود وهو في الثاني أعذر منه في الثالث، وكذا لو أشهد أولاً شاهدين فهو سواء خلاف تفريق بعضهم لاستغنائه بشاهدين لا وجه له؛ لأن تكثير الشهود يقصده الناس. وسمع القرينان من حلف بطلاق لا كلم فلاناً، ثم حلف كذلك بعد أيام ثم حلف كذلك بعد أيام ثم كلمه وقال: إنما أردت واحدة رددها ليعلمها ويهددها حلف ولزمته طلقة واحدة. ابن بشير: يريد أنه طولب باليمين هو مقر بها لذا وجب حلفه، ولو أتى مستفتياً غير مخاصم لم تلزمه يمين وهو معنى ما في المدونة؛ لأن طلاق الرجل امرأته وحلفه به في مجالس شتى وأيام مفترقة إن أتى فيه مستفتياً غير مخاصم ولا مطلوب نوي دون يمين، وإن طولب بذلك وخوصم فيه وهو مقر نوي مع يمينه عل ما تأولنا قوله في هذا السماع، وإن قامت عليه البنية فأقر ولم ينكر، ففي لغو تنويته لحضوره البينة قولان لسماع عيسى ابن القاسم في الشهادات مع قول ربيعة في الأيمان بالطلاق منها أن الشهادات في الطلاق لا تلفق إن اختلفت المجالس، وإسماعيل القاضي مع الآتي على قولها تلفق الشهادات على الطلاق، ولو اختلفت المجالس ومثله سماع عيسى منه، والخلاف عندي إنما هو في إذا شهدت كل بينة أنه قال أشهدكم أنها طالق، ولو قال أشهدكم أني طلقتها نوي قولاً واحداً يقوم ذلك من قول أصبغ في رسم حمل صبياً من سماع عيسى من الشهادات، وإن أنكر أنه طلق فلما شهدت عليه البينة قال أردت

واحدة لم ينو ولزمته الثلاث على المشهور، وتتخرج تنويته على ما في رسم الكبش من سماع يحيى من هذا الكتاب وعلى ما في كتاب التخيير في رسم كتب عليه ذكر حق من سماع ابن القاسم، ورسم الطلاق من سماع أشهب ورسم الكبش من سماع يحيى. قُلتُ: كلام ابن رُشد نص في تسوية الطلاق غير معلق عليه معلقاً في وقوعه في أوقات متعددة خلاف ما تقدم للشيخ عن الموازية، وهو ظاهر أقوالهم في مسألة من طلق فقيل له ما صنعت وما ذكر معها. ابن شاس: في أنت طالق طلقة مع طلقة أو معها طلقة أو تحت طلقة أو فوق طلقة طلقتان قبل البناء أو بعد، ولو قال لمدخول بها أنت طالق طلقة قبل طلقة أو قبلها طلقة أو بعد طلقة أو يعدها طلقة لزمته طلقتان، وقبله القرافي، ومفهومه أنه قبل البناء ليس كذلك والأظهر أنه كذلك. الشيخ عن ابن سحنون عنه: في أنت طالق واحدةً في واحدةٍ، واحدةٌ، وفي اثنتين في اثنتين أربعة تبين منها بثلاث وكذا بقية هذا المعنى. قُلتُ: هذا إن كان عالماً بالحساب أو قصده وهو لم يعلمه وإلا فهو ما نوى إن كان مستفتياً أو علم من قرائن الأحوال عدم قصده معنى الضرب كقول من علم جهله من البادية أنت طالق طلقتين في طلقتين وقال أردت طلقتين فقط. وفي الذخيرة: حكى صاحب كتاب مجالس العلماء أن الرشيد كتب إلى قاضيه أبي يوسف هذه الأبيات: **** **** **** ... **** **** أشام **** **** **** ... **** **** وأظلم **** **** **** ... **** **** الثلاث مقدم وقال له: إن نصت ثلاثاً كم يلزمه، وإن رفعته كم يلزمه فأشكل عليه فحملها للكسائي فقال له يلزمه في الرفع واحدة وفي النصب ثلاثة، يعني أن الرفع يقتضي أنه خبر عن المبتدأ الذي هو الطلاق الثاني ويكون منقطعاً عن الأول فلم يبق إلا قوله أنت

طالق فيلزمه واحدة وبالنصب يكون تمييزاً لقوله: (فأنت طلاق) فيلزمه الثلاث، زاد في القواعد: إن قلت إن نصت أمكن كونه تمييزاً عن الأول كما قلت، وأمكن كونه منصوباً على الحال من الثاني أي الطلاق معزوم عليه في حال كونه ثلاثاً أو تمييزاً له فلم خصصته بالأول؟ قُلتُ: الطلاق الأول منكر يحتمل بحسب تنكيره جميع مراتب الجنس وأعداده وأنواعه دون تنصيص على شيء من ذلك، فاحتاج للتمييز ليحصل المراد من المنكر المجهول، وأما الثاني فمعرفة استغنى بتعريفه واستغراقه الناشئ عن لام التعريف عن البيان. قال: ويحكى أن الرشيد أثابه على جوابه بجائزة حفيلة، فبعث أبو يوسف بجميعها للكسائي. وفيها لابن القاسم: من طلق بعض طلقة لزمته طلقة. ابن شهاب: ويوجع ضرباً، وفي آخر التخيير منها عنه من قال أنت سائبة أو مني عتيقة أو ليس بيني وبينك حلال ولا حرام وأراد به الطلاق كان ما أراد من الطلاق ويحلف على ذلك، وينكل من قال مثل هذا عقوبة موجعة؛ لأنه ليس على نفسه وعلى حكام المسلمين. قال ابن عبد السلام: اختلف العلماء في ذلك منم من كمل عليه التجزئة إما احتياطاً؛ وإما لأنه رآه هازلاً، ومنهم من لم يلزمه ذلك وهذا القول خارج المذهب وكأنه أجرى على مهيع الدليل لعدم استلزام الجزء الكل. قُلتُ: قوله: (منهم من لم يلزمه ذلك) يقتضي عدم شذوذ قائله، وقال ابن المنذر: اجمع كل من يحز فظ عنه من أهل العلم أن من طلق زوجته نصف تطليقة أو سدس تطليقة أنها تطليقة واحدة، وقال ابن القصار في عيون الأدلة: حكى عن داود أن من قال لزوجته أنت طالق نصف تطليقة لا يقع عليه شيء والفقهاء على خلافه. قُلتُ: وتقرر في أصول الفقه أن ندور المخالف مع كثرة المجمعين لا يقدح في كون إجماعهم حجة، ومثل هذا لا ينبغي أن ينقل بتلك العبارة واستلاله على ترجيحه بعدم استلزام الجزء الكل، يرد بأنه ليس منه؛ بل من باب إبطال الكل بإبطال جزئه، وهذا؛ لأن الطلقة إنما هي عبارة عن بطلان جزء حكمي من العصمة المجزأة ثلاثة

أجزاء للحر وجزأين للعبد عندنا، فمن طلق بعض طلقة أبطل بعض ذلك الجزء وبطلان الجزء يبطل لكل ضرورة. ابن شاس: في أنت طالق نصفي طلقة أو نصف طلقتين طلقة واحدة، وفي ثلث وربع وسدس طلقةٍ طلقةٌ واحدة، وفي ثلث طلقة وربع طلقة وسدس طلقة ثلاثٌ، وقول ابن الحاجب: قالوا في نصف وربع طلقةٍ طلقةٌ واحدة، وفي نصف طلقة وربع طلقة وطلقتان استشكال منه، والأظهر عوده للأولى لجريان الثانية على أصل تكميل الطلقة، وتقرير إشكال الأولى أن تقرير لفظها أنت طالق نصف وربع طلقة، فنصف مضاف قطعاً في النية والمنوي مع اللفظ كالملفوظ به فساوت الأولى الثانية، فافتراقهما في الحكم مشكل، وجوابه على أصلين في الفقه والعربية واضح، أما الفقهي فهو لو قال لها أنت طالق نصف طلقة وربعها لم يلزمه إلا طلقة واحدة لإضافته الجزأين لطلقة واحدة لا يزيد مجموعهما عليها كما مر في نصفي طلقة، وأما أصل العربية فهو قول جمهور النحويين: أن المضاف إليه إذا حذف فلا بد من تنوين المضاف إلا أن يكون المضاف بعد الحذف على هيئته قبل الحذف، كقولهم قطع الله يد ورجل من قاله. قالا التقدير قطع الله يد من قاله ورجله فحذف الضمير وأقحم المضاف بين المضاف والمضاف إليه، وحذف التنوين من يد لإضافته إلى من، وحذف من رجل؛ لأنه مضاف إلى من في المعنى وبمنزلة المضاف إليه في اللفظ، وهذا الأصل يوجب تقدير تركيب لفظ المسألة أنت طالق نصف طلقة وربعها، وقد قررنا أن اللازم في هذا اللفظ طلقة واحدة فقط، وقوله قالوا يقتضي عزوه لغير واحد، ولا أعرفه نصاً لواحد لكن أصول المذهب بما قررناه تقتضيه، وقول ابن عبد السلام في أنت طالق طلقة وربع الطلقة طلقة واحدة حسن جار على ما قررناه. وفي كون تعدد الطلاق بنصف طلقة وربع طلقة كتعدده بتكرير لفظه اعتباراً بلازم اللفظ فيلحقه حكم دعوى نية التأكيد وامتناعه اعتباراً باختلاف اللفظ نظر، ويتخرج ذلك على قولي ابن القاسم وأشهب في عتقها فيمن حلف بحرية أمة لتفعلن كذا فأبت فتلوم لها الحاكم أجلاً لفعلها فات فيه قبل فعلها ولم تفعل في عتقها عليه قولاهما بناء على لغو لازم لفظه واعتباره والعكس.

الشيخ: عن ابن سحنون عنه: في أنت طالق الطلاق كله إلا نصفه طلقتان، وكذا ثلاثاً إلا نصفها، وفي أنت طالق الطلاق كله إلا نصف الطلاق يلزمه الثلاث؛ لأن الطلاق المبهم واحدة فاستثناؤه نصفه لا ينفعه. قُلتُ: إن قيل إن نوى بأل الجنس أو مطلق الحقيقة فواضح، وإلا فالأولى كونها للعهد في اللفظ فيصير كقوله إلا نصفه. قُلتُ: إنما أولوية ذلك لو كان الأول نكرة، أما المعرفة فإرادة معنى المعهد فيها لفظة الضمير لا أل. الشيخ عن سحنون عنه لو قال لأربع نسوة بينكن طلقة أو قال طلقتان أو قال ثلاث أو قال أربع لزمت لكل واحدة طلقة. وفيها لابن القاسم: وإن قال خمسة إلى ثمان طلقن اثنين اثنين، وإن قال تسع إلى ما فوق ذلك طلقن ثلاثاً ثلاثاً. ابن سحنون عنه: لو قال شركت بينكن في ثلاث لزم كل واحدة ثلاث وفي طلقتين طلقتين، وقول ابن عبد السلام أشار بعض المؤلفين أن في مسألة التشريك قولاً مثل قول مسألة بينكن، فإن كان القول نصاً فلا كلام، وإن أراد أنه يتخرج من الأولى في الثانية فقد نص سحنون على التفرقة بينهما، والفرق أنه في الأولى إنما ألزم نفسه ما توجبه القسمة ولم يلزم نفيه قبل القسمة شيئاً، وفي الثانية ألزم نفسه ما نطق به من الشركة، وذلك يوجب لكل واحدة منهن جزءاً من كل طلقة لا أعرفه، ونص المجتهد على حكمين مختلفين في صورتين متحدتي العلة فيهما لا يمنع تخريج قول إحداهما في الأخرى، وقد تقدم مثله في غير موضع، وقاله ابن رُشد غير مرة. فإن قلت: لا فرق بين مسمى شرك وبين مسمى بين لتلازمهما صدقاً وكذباً لو كان لزيد عبد ولعمرو عبد كذب قولهما بينهما وشركة بينهما، ولو ورثاهما من عمهما مثلاً وأحدهما أخو أحدهما لأمه والآخر لأبيه صدق كونها بينهما وشركة بينهما. قُلتُ: إنما تلازماً فيما يملكه من أضيف إليه بين كما في المثالين، وأما فيما ليس كذلك من المؤلم وما نزل منزلته فلا، كقول السيد لعبديه بينكما سوطان أو قطعان هذا يصدق فيه بين دون الشركة وللطلاق حكم المؤلم ولذا شطر كالحد، فإذا نض معه على

الشركة جاز كقوله بينكما طلقة، ولعل ما ذكره إنما هو على العكس وهو وجود قول في بينكن مثل القول في شركت بينكن. نقله ابن رُشد في الثانية من نوازل أصبغ وعلله بقوله؛ لأن كل واحدة منهن حصل لها جزء من كل طلقة. قال: وهذا الاختلاف على اختلافهم فيمن صرف دنانير بدراهم فوجد في الدراهم زائفاً هل ينتقض صرف الدنانير كلها أو صرف دينار فقط، ولم يذكر في مسألة لفظ التشريك خلافاً، وفي نوازل أصبغ: من قال لإحدى نسائه الثلاث أنت طالق ثلاثاً البتة ثم للأخرى أنت شريكتها ثم للثالثة أنت شريكتهما هن طوالق البتة، لا ينفعه قوله: ثلاثاً؛ لأنها لغو مع البتة قدمت أو أخرت والبتة لا تتبعض، ولو قال ثلاثاً فقط وقع على الأولى الثلاث، وعلى الثانية طلقتان، وعلى الثالثة ثلاث من شركة الأولى طلقتان ومن الثانية طلقة، وقول أصبغ نص في عدم تبعيض البتة وأنها مرادفة أنت طالق بآخرة الثلاث، وفي تبعيضها نقل البيان عن أشهب مع سحنون، وقولها: تضم الشهادة بت للشهادة بواحدة وأصبغ مع ابن حبيب عن ابن القاسم ورواية المبسوطة ومثله في الموازية وفي اختصار المبسوطة اختلف فيه قول ابن القاسم وقول سحنون، وطلاق جزء المرأة ككلها، ابن حارث: يدها ورجلها ككلها اتفاقاً، وفي كلامك أو شعرك طالق قولا أصبغ وسحنون، وتقدم الخلاف في تحريمهما. ابن عبد السلام: قال بعضهم اختلف عندنا إن طلق بعض ما ينفصل كالشعر والكلام والسعال والبزاق. قال ابن عبد السلام: ولم أقف في السعال للمتقدمين إلا على عدم اللزوم. قُلتُ: ظاهر ما تقدم من استدلال محمد وابن عبد الحكم على لغو تحريم الشعر والكلام بلغو تحريم السعال والبزاق الاتفاق على لغوهما، ولابن القصار ما نصه لا أعرف في الدمع والدم والريق نصاً. قال: ورأيت بعض أصحابنا قد ركبه وخالف إذا قال حملك طالق؛ لأنه في وعاء ليس متصلاً اتصال الخلقة.

باب شرط الاستثناء في الطلاق

[باب شرط الاستثناء في الطلاق] الاستثناء: شرطه الاتصال كما مر في الأيمان وعدم استغراقه في الموازية في طالق ثلاثاً إلا ثلاثاً ثلاث، وفي المحصول وغيره الإجماع على فساده. القرافي: لابن طلحة في أنت طالق ثلاثاً إلا ثلاثاً قولان أحدهما ينفعه استثناؤه. ترجمة ابن طلحة: قلت: قال الشيخ حافظ أبو العباس العشاب: ابن طلحة هو محمد بن طلحة بن محمد بن عبد الملك الأموي يكنى أبا بكر كان نحوياً جامعاً لعلوم، أخذ النحو عن ابن ملكون، والحديث عن أبي بكر ابن الحد أبي القاسم السهيلي، له شرح جمل الزجاجي، وكان عارفاً بالقراءات دينا فاضلاً، ولد بيابرت في الخامس عشر من ذي الحجة سنة خمس وأربعين وخمسمائة، وتوفي بإشبيلية سنة ثماني عشرة وستمائة. اللخمي: شرطه نيته قبل تمام اليمين فإن كان مستفتياً صح في المستغرق فلا يلزمه في أنت طالق واحدة إلا واحدة شيء إن قال نويته في محل لو سكت لم يلزمه شيء؛ لأنه طلاق بلفظ دون نية، فإن كانت عليه بينة تخرج على أنت طالق إن شاء هذا الحجر، وفي جواز استثناء الأكثر معروف المذهب مع القاضي عن الجمهور، ونقل اللخمي في طالق ثلاثاً إلا اثنتين تلزمه الثلاث، ونقل القاضي منعه، ونقل غير واحد عن عبد الملك في الإقرار، وفي جواز المساوي كطلاق اثنتين إلا واحدة معروف المذهب وقول اللخمي يختلف فيه، وغالب قوله يختلف فيما خالفه مخرج، ولم يعين ما منه التخريج، ونحوه قول ابن شاس وابن الحاجب لا يشترط الأقل على المنصوص. الشيخ عن ابن عبدوس وابن سحنون عنه في أنت طالق أنت طالق أنت طالق إلا واحدة إلا واحدة إن نوى بالتكرير التأكيد لزمته واحدة، كقوله واحدة إلا واحدة، وإن

لم يرده هي ثلاث استثنى منها واحدة، ولو قال أنت طالق ثم أنت طالق ثم أنت طالق إلا واحدة أو بالواو بدل ثم، فقال مرة هو كاستثناء واحدة من ثلاث، وقال هي ثلاث ولا استثناء له وثم أبين من نسقه بالواو. قُلتُ: هما بناء على اعتبار مدلول المعطوف وما عطف عليه من حيث مجموعهما كمدلول عليه بلفظ واحد أو من حيث انفراد كل منهما واختصاصه بلفظه، وظاهره لا اعتبار بنية رده للجميع أو أو لبعضه، فقول ابن الحاجب بعد ذكره عدم استغراقه وعدم شرط الأقل، ولذلك لو قال أنت طالق واحدة واثنين إلا اثنين، فإن كان من الجميع فطلقة وإلا فثلاث، يرد بأنه وإن كان من الجميع فلا يلزم لغو ما زاد على الواحدة لجواز اعتبارها بالحيثية الثانية، وفي ثلاثاً إلا ثلاثاً إلا واحدة. قال ابن شاس ثنتان وابن الحاجب الأولى واحدة. قُلتُ: وهو الحق بناء على اعتبار الاستثناء الأول بعد الاستثناء منه كالقول باعتبار اللفظ بتمام حكمه وتقرره لا بتمام نطقه حسبما ذكره ابن رُشد في بيانه، وتعليل ابن شاس بقوله؛ لأنه أخرجه عن الاستغراق بقوله إلا واحدة ينتج له العكس؛ لأن مخرجه عن الاستغراق إخراج واحدة منه فيصير كونه ثلاثاً إلا اثنين، ولو قال لوجوب رد الثاني لتعلق الأول لبطلان تعلقه لاستغراقه أمكن اعتباره. وصور المازري المسألة في الإقرار بقوله ثلاثاً إلا ثلاثاً إلا اثنتين، وقال: إنما يلزمه طلقه، وعلله أولاً بقوله الأصل مضادة الاستثناء لمقابله، فقوله إلا ثلاثاً نقي للثلاث، وقوله إلا اثنتين نفي من الثلاث التي قبلها. قُلتُ: وهذا إنما ينتج لزوم اثنتين؛ لأن قوله إلا اثنتين نفي من الثلاث التي قبلها، والثلاث التي قبلها مقتضاها النفي؛ لأن الأولى مثبتة، وقد قال: الاستثناء مضاد لما قبله ومضاد الإثبات النفي، فإذا ثبت أن مقتضى ثلاث الثانية النفي كان مقتضى قوله إلا اثنتين إثباتاً فتلزم اثنتان لا واحدة، وعلله ثانياً بقوله الاستثناء الأول ساقط، والساقط كأنه لم ينطق به فكأنه قال ثلاثاً إلا اثنتين، وقال بعضهم تلزمه الثلاث؛ لأن قوله إلا ثلاثاً ساقط لاستغراقه، وقوله إلا اثنتين كذلك لتعلقه به والمتعلق بالساقط ساقط. وقال بعضهم: تلزمه طلقتان؛ لأن إلا ثلاثاً إنما يسقط إذا اقتصر عليه، وهنا لم يقتصر

عليه؛ لأن قوله إلا اثنتين يرفع استغراقه؛ لأن الاستثناء من النفي إثبات. قُلتُ: هذا هو تعليل ابن شاس في المسألة الأولى فلعله وهم في فرضها بقوله إلا واحدة، وقول ابن عبد السلام بعد اختياره في المسألة الأولى لزوم الثلاث، وبعد أن كتبت هذا وجدت للمازري في كتاب الإقرار نقل عن العلماء في هذه المسألة ثلاثة مسالك، مسلكان مثل ما ذكر المؤلف وثالث مثل ما اخترناه وهم؛ لأن المسألة التي ذكر المازري إنما هي طالق ثلاثاً إلا ثلاثاً إلا اثنتين. ابن شاس: وفي طالق ثلاثاً إلا اثنتين إلا واحدة طلقتان. قُلتُ: في النوادر رأيت للقاسم بن سلام مسألة على أصولنا فذكرها، وسمع عبد الملك أشهب في أنت طالق البتة إلا واحدة هي اثنتان. ابن رُشد: هذا على أنها تتبعض وتقدم ما فيه، ولو استثنى من أكثر من ثلاث ففي إجرائه على ظاهره ما لم يعارضه عرف فيجب، وقصره على ثلاث للغو الزائد عليها شرعاً وكذا في المستثنى، ثالث الطرق لغوه في المستثنى منه ما لم يكن المستثنى أقل من ثلاث، لابن رُشد وسحنون والمازري في نازلة لسحنون في أنت طالق أربعاً إلا ثلاثاً ثلاث كأنت طالق ثلاثاً إلا ثلاثاً؛ لأنه يعد نادماً، وكذا طالق مائة إلا تسعة وتسعين هي البتة؛ لأن الثلاث دخلت في العدة التي استثنى. ابن رُشد: طالق أربعاً إلا ثلاثاً استثناء لأكثر الجملة. قيل: بمنعه والصحيح جوازه، وعليه في قوله أربعاً إلا ثلاثاً تلزم واحدة، ويحتمل أن يلزم عليه ثلاث؛ لأن استثناء الأكثر وإن جاز لغة فليس بمستعمل عرفاً، وإذا لم يستعمل عرفاً حمل قائله على عدم إرادته؛ بل على الندم وعلى منع استثناء الأكثر تلزمه الثلاث، هذا إجراء المسألة على الأصول ولم يقله سحنون ونحا لجعل الزائد على الثلاث كالعدم للغوه شرعاً وهو بين من قوله: لأن الثلاث دخلت في العدة التي استثنى، فعلى قوله لو قال طالق مائة إلا طلقة كانت اثنتين؛ لأن الطلقة المستثناة على مذهبه إنما تقع مستثناة من الثلاث، إذ قوله مائة عنده كقوله ثلاث، والأظهر على مذهب ابن القاسم وغيره أن تكن ثلاثاً، ويجهل الطلقة التي استثنى مستثناة من المائة التي سمى فتبقى تسعة وتسعون يلزمه منها ثلاث.

المازري: من قال أنت طالق أربعة إلا ثلاثاً لزمه ثلاث؛ لأن الرابعة كالعدم للغوها شرعاً فصار كالقائل ثلاثاً إلا ثلاثاً، ولو قال مائة إلا طلقتين لزمه ثلاث، وقد تتصور على ما قلناه أنه لا يلزمه إلا طلقة كالقائل ثلاثاً إلا اثنتين، لكن هذا لما أبقى بعد استثنائه ثلاثاً أخذ بها، ولو قال ستاً إلا ثلاثاً لزمه ثلاث على الطريقين معاً إن اعتبر ما أبقى فقد أبقى ثلاثاً، وإن روعي كون الست كالثلاث صار كقوله ثلاثاً إلا ثلاثاً. [**** الطلاق **** على **** المختلف في حنثه] **** **** **** لو حلف به على فعل مرتب على فرض ماض لم يقع ففي

حنثه، ثالثها: إن كان فعله ممنوعاً لابن رُشد عن أصبغ مع نقله عن أشهب في اختصار المبسوطة وسماع ابن القاسم ورواية ابن الماجشون مع دليل قولها لو كنت حاضراً لشرك مع أخي لفقأت عينك حنث؛ لأنه حلف على ما لا يبر فيه ولا في مثله، فسماع ابن القاسم من قال لمن نازعه وجبذ ثوبه لا تشقه امرأته طالق البتة إن لم يكن لو إنك شققته لشققت جوفك ثم كرره بقوله لشققت كبدك إلا أن لا أقدر عليك لا شيء عليه إلا أن يشق الثوب. سحنون: هذه جيدة رد إليها ما يشبهها، واختلف في مثل هذا قوله خلاف قوله في المدونة إذ لا فرق بين المسألتين، وإليه نحا قول سحنون ودل عليه أيضاً قول ابن القاسم في التفسير الثالث: أنه حانث في المسألتين معاً، وقول ابن لبابة المسألتين مفترقتان ليس بصحيح إذ لا فرق بين حلفه على فقء عينه أو شق كبده أو شق ثوبه، وذكر القرافي عن الصقلي قول أصبغ وقول مالك وابن القاسم إن أمكن الفعل شرعاً لم يحنث وإلا حنث، وفي الجواهر: أن شرطه بممكن عادة أو شرعاً حنث عند ابن القاسم ومالك لا عند عبد الملك، وبممتنع عادة وشرعاً وأراد حقيقة الفعل حنث، وإن أراد المبالغة لم يحنث، فنقل عن ابن القاسم خلاف نقل الصقلي وخلاف ظاهر الكتاب، فيحتمل أن يكون سهواً أو ظفر بنقل غريب وترك الجادة، وعلى التقدير فهو ردئ،

وما قاله من إلزام الحنث مع الإمكان، المناسب عكسه. قُلتُ: وقول أصبغ: "لو حلف لغريمه: لو جئتني أمس لقضيتك حقك فهو حانث؛ لأنه غيب لا يدري أكان فاعلاً أم لا"، نص في خلاف نقل ابن عبد السلام عن بعض المتأخرين أنه لو حلف على واجب عليه لم يحنث اتفاقاً ولا أعرفه إلا من نقله، وقول ابن الحاجب فيما يأتي في إن صليت، ورده بان مقتضى حنثه عند ابن القاسم إنما هو حصول الشك في العصمة قبول منه لنقل ابن الحاجب عن ابن القاسم التحنيث في الممكن خلاف تعقب القرافي إياه، هذا إن أراد بأقل الاتفاق الوجوب الشرعي، ولو أراد العادي لصح الاتفاق فيما أظن كقوله امرأته طالق لو لقيني أمس أسد دون سلاح لي لفررت منه. وهو مقتضى نص ابن بشير قال: في لو كنت حاضراً لفقأت عينك، الرواية حنثه؛ لأنه حلف على ما لم يبر فيه، ولو كان يعلم أنه يقدر على ذلك فينبغي أن لا حنث عليه، وكذا إن قصد المبالغة لا فقئ العين. قُلتُ: في اقتصاره على أنه يعلم قدرته عليه نظر إذ ليس كل مقدور عليه فيما مضى يعلم بإرادة فاعله بالفرض فعله؛ بل الشك فيه قائم لجواز مانع أو تبدل إرادته حينئذ، وكذا إن قصد المبالغة فالاحتمال قائم؛ لأن ما به المبالغة وإن كان مقدوراً عادة فوقوعه منه في الماضي مشكوك فيه؛ بل الحق في صورة الاتفاق ما فرضناه. ولو علقه على محال كإن شاء هذا الحجر ففي لزومه طلاقها نقل اللخمي عن سحنون وابن القاسم، ونقلهما الصقلي عن القاضي روايتين، وللشيخ عن ابن القاسم مرة كسحنون. اللخمي: وعليهما قوله إن هذا الحجر، ولمحمد عن أصبغ من قال في منازعة امرأته أنت طالق أن هذا لعمود، هي طالق إن لم تكن منازعتهما في العمود. اللخمي: أرى أن يحل في جميع ذلك ويبرأ إن قامت عليه بينة، وإن جاء مستفتياً فلا يمين عليه إلا أن تدعي الزوجة ندمه فيحل، وجعل ابن الحاجب: أنت طالق إن شاء زيد فمات كإن شاء هذا الحجر لا أعرفه؛ بل قول اللخمي: إن مات قبل أن يعلم أو بعد أن علم، وقبل أن يقضي أو يعلم هل قضي بشيء أم لا بقيت زوجة.

باب فيما ينجز فيه الطلاق المعلق

قُلتُ: هو ظاهر عتقها الأول من قال أنت طالق إن شئت أو شاء فلان لم تطلق حتى ينظر إلى ما تشاء أو ما يشاء فلان. [باب فيما ينجز فيه الطلاق المعلق] ونصها في الإيمان بالطلاق والمذهب تعليقه بأجل يبلغانه عادة ينجزه وإلا فلا. سمع عيسى ابن القاسم من طلق إل أجل يعلم أنه لا يبلغه عمر احدٍ كقوله مائة سنة لا شيء عليه. ابن رُشد: اتفاقاً والحد فيه بلوغ أجل التعمير على اختلاف فيه من السبعين إل مائة وعشرين. وفيها: إن أتى أجل طلاقها بعد أن طلقها لم تطلق عليه؛ لأنه عجل. وفيها: من قال إذا مات فلان فأنت طالق لزمه الطلاق مكانه. وفي الواضحة عن مطرف وأصبغ في أنت طالق إذا خسفت الشمس أو أمطرت السماء لزمه الطلاق بكلامه؛ لأنه أجل آت. ابن حارث: إن قال أنت طالق إلى مستهل الهلال أو إلى وقت يأتي على كل حال فهي طالق وقت قوله اتفاقاً. وسمع ابن القاسم في العدة: أن ناساً اختلفوا فيمن طلق إلى أجل سماه وأن عطاء كان يقول ذلك، فقال: مالك لا قول له ولا لغيره هذه المدينة دار النبي (صلى الله عليه وسلم)، ودار الهجرة فما ذكروا أن المطلق إلى أجل متمتع بامرأته إلى ذلك الأجل فإنا لم ندرك أحداً من علماء الناس قاله، وهذا شبه المتعة. ابن رُشد: قياسه ذلك على المتعة صحيح، واستدلاله بأنه الذي عليه أهل المدينة دليل على أن إجماعهم عنده حجة فيما طريقه الاجتهاد، والذي عليه أهل التحقيق أن إجماعهم إنما هو حجة فيما طريقه التوقيف، وأن الغالب منه أنه عن توقيف كنفي زكاة

الخضروات، والأذان، وذكر ابن رُشد الاتفاق على أن لا شيء عليه في أجل لا يبلغانه خلاف نقل ابن فتون والمتيطي في ذلك روايتين إحداهما لزوم الطلاق في الحال. وفي وقوع الطلاق بقوله: أنت طالق قبل موتي أو موتك بشهر، المشهور وقول أشهب، ابن رُشد والشيح هو على أصله في العتق إلى مثل هذا أنه من الثلث إذ لا يكشفه إلا موته. ولو علقه بما لا صبر عنه من أكل أو شرب أو قيام أو قعود أو لباس، ففي وقوعه كمحقق وتأخيره لوقوعه قولاً اللخمي مع الصقلي عياض عن الأكثر وابن محرز قائلاً: الأول طريقة سحنون لقوله في أنت طالق إذا صليت أو متى صليت هو طلاق إلى أجل؛ لأن الصلاة لا بد منها. قال: وظاهره ما قلته؛ لأنها أفعال معلقة بمشيئة آدمي يوجب قصر الحنث على فعلها بخلاف الحيض، وثالث قول ابن الحاجب ثالثها: إن أسندها إلى غيره، وقبوله ابن عبد السلام لا أعرفه. وسمع عيسى ابن القاسم قول أنت طالق بعد موتي أو موتك لا شيء فيه، ولو قال يوم أموت أو يوم تموتين فهي طالق الساعة. في البيان لأشهب: لا حنث عليه على أصله في اختصار المبسوطة لابن رُشد، وقاله ابن نافع، وظاهر ما في المدبر منها مثل قولها. وفيها: لغو أنت طالق إذا مت أنا وأنت، ونقله اللخمي في: إن. قال: وكذا إذا، وروى ابن وهب أنها تطلق عليه ورأى أن الطلاق يسبق الموت ويلزم مثله في إن. قُلتُ: يرد بأن إن حرف لا تدل على زمان فاختصت بوقوع الموت عملاً بالشرط، وإذا اسم تدل على زمان الموت الصادق على ما قاربه قبله فصار كقوله يوم يموت. وفي النوادر عن الموازية: أنت طالق إن مت أو إذا مت سواء، ووقف ابن القاسم في إن مت. قال أصبغ: هما سواء، وقاله مالك وابن القاسم، محملهما واحد إلا أن يعلم ببساط يعرف أنه لا يحنث لا أعرفه إلا في قولها إن قال لها أنت طالق إن شئت أو إذا شئت

باب المختلف في تنجيزه من الطلاق المعلق

فذلك بيدها وإن افترقا، حتى توقف أو يتلذذ منها طائعة وكانت "إذا" عند مالك أشد من "إن"، ثم سوى بينهما. وسمع عيسى ابن القاسم من قال لامرأته إذا قدمت بلد كذا فأنت طالق فهي بمنزلتها؛ لأنه ضرب أجلاً لا يدري أيبلغه أم لا، وليس كم قال أنت طالق يوم يموت أخي. ابن رُشد في أول سماع زونان عن أبي القاسم، من قال لامرأته إذا بلغت معي موضع كذا فأنت طالق هي طالق تلك الساعة، كمن قال لامرأته وهي حامل إذا وضعت فأنت طالق فقال ابن لبابة ليس باختلاف، ومعنى رواية عيسى إذا لم يخرج ولا عزم على المسير، والصواب أنه اختلاف من قوله لرواية عيسى عنه في المدنية لا يقع عليه طلاق، وإن خرج متوجهاً حتى يقدم الموضع، وله في رسم يدير من سماع عيسى في العتق من قال لعبده إذا بلغت الإسكندرية فأنت حر، ثم بدا له في الخروج أنه حر إلى ذلك القدر الذي يبلغ، وإن لم يخرج، فيتحصل فيها ثلاثة أقوال، تعجيل الطلاق وإن لم يخرج لظاهر قول ابن القاسم في سماع زونان والآتي على سماع عيسى في العتق وتأخيره حتى يقدم البلد، وإن خرج، لابن القاسم في المدينة وظاهر قوله في هذا السماع، والفرق بين قوله ذلك قبل خروجه أو بعده لرواية زياد بن أبي جعفر في المدينة، وإليه ذهب ابن لبابة. [باب المختلف في تنجيزه من الطلاق المعلق] والمعلق على غالب الوجود كالحيض في تعجيله وتأخيره إليه نقلاً اللخمي مع غير واحد عن المشهور، وأشهب مع المخزومي وابن وهب وابن عبد الحكم، والشيخ عن روايته ولابن بشير وابن شاس، ثالثها: إن كان على حنث، وقول ابن عبد السلام تصوير الثالث في المسألة عسير حسن، ويمكن تصويره قوله إن كلمت فلاناً فأنت طالق إن حضت، وقوله إن لم تكلمي فلاناً فأنت طالق إن حضت، فكلمته في الأولى وتلوم لها في الثانية فلم تكلمه، وحكاه اللخمي عن أصبغ في المغيب حسبما يأتي. وقول ابن عبد السلام قول بعضهم هذا في غير اليائسة والصغيرة، لو قال

لإحداهما: إذا حضت فأنت طالق، فلا خلاف أنها لا تطلق عليه حتى ترى الحيض، يرده بنقل الشيخ من الواضحة. قال ابن الماجشون: من قال لزوجته ولم تحض إذا حضت فأنت طالق طلقت الآن، ولو كانت قعدت عن الحيض لم تطلق إلا أن تحيض؛ يريد: ويقول النساء أنه دم حيض. اللخمي: عن مالك وابن القاسم يلزمه الطلاق مكانه حين تكلم بذلك، فأوقعا الطلاق بنفس اللفظ من غير حكم، وقيل في هذا الأصل لا يحنث بنفس اللفظ إلا أن يرفع للحاكم فيحكم عليه بالطلاق وهو أحسن للخلاف فيه، وعن ابن بشير الأول والثاني لغيرها. وسمع عيسى ابن القاسم من قال لامرأته إن ولدت غلاماً فلك مائة دينار، وإن ولدت جارية فأنت طالق، الطلاق وقع عليه. ابن رُشد: يريد أن الحكم يوجب أن يعجل عليه لا أنه وقع عليه بنفس اللفظ حتى لو مات أحدهما بعد ذلك لم يتوارثا، وهذا قول مالك فيها في نحو هذا. قُلتُ: في النوادر عن الموازية لابن القاسم: من قال إذا ماتت ابنتك فأنت طالق، فمات لتمام لفظه قبل القضاء عليه دون مرض لم ترثه، وقاله ابن عبد الحكم. قُلتُ: وهذا نص في خلاف ما حمل عليه ابن رُشد السماع المذكور، ويأتي مثله في التعليق على الحمل هو كله أصل واحد، ولو قال إذا حملت فأنت طالق وليست ظاهرة الحمل ففي وقوعه بتقدم وطئه في طهرها قبل حلفه أو بعده، ثالثها: له وطئها في كل طهر مرة ما لم يظهر حملها، ورابعها: له وطئها حتى يظهر لا بقيد مرة في الطهر، للخمي عن ابن القاسم في إذا حملت فوضعت فأنت طالق إن كان وطئها في ذلك الطهر فهي طالق مكانها، وابن القاسم أخرى وابن الماجشون وللصقلي عن أشهب، ولم يحك الصقلي عن ابن القاسم إلا قوله فيها إن كان وطئها في طهرها قبل قوله طلقت مكانها وإلا لم يمنع من وطئها مرة فتطلق عليه ونحوه لعياض، وخامسها قول اللخمي إن قال في طهر مس فيه لم يعجل طلاقها لإمكان عدم حملها، فإن ظهر حنث به؛ لأن العادة أنه إذا ظهر حمل قالوا حملت ولا يعتبرون ما كان قبل ذلك، وإن لم تكن عادة فإن كان حلفه دون أربعين يوماً من إصابته حنث بظهوره، وإلا لم يحنث لقوله ****: ((إن أحدكم يجمع

في بطن أمه أربعين يوماً ما نطفة ثم علقة مثل ذلك ...)) الحديث، وإن قاله وهي ظاهرة الحمل فللخمي لا تطلق إلا بحمل مستأنف، ونقله الصقلي والشيخ عن سحنون، ونقل ابن بشير في الأيمان والنذور أنها تطلق بحملها ذلك، ونقل ابن عبد السلام عن سحنون في غير ظاهرة الحمل له وطئها في كل طهر مرة قائلاً: وأظنه قول ابن الماجشون لا أعرفه إلا له لا لسحنون حسبما نقله الشيخ واللخمي والصقلي وغيرهم. ابن الحاجب: وفيها يمكن من وطئها مرة ولا يحنث بحمل هي عليه. فيها: إذا حملت فوضعت فأنت طالق، إن كان وطئها في ذلك الطهر مرة حنث مكانه ولا ينتظر أن تضع، فقيل: اختلاف، والصحيح إن كان وطئها بعد اليمين، وقيل: القصد هنا الوضع. قُلتُ: قوله: (ولا يحنث بحمل هي عليه) إن ساقه على أنه من المدونة فليس منها، إنما عزاه الشيخ والصقلي وعبد الحق في تهذيبه لسحنون في المجموعة، وذكره اللخمي غير معزو كأنه المذهب حسبما مر، وإن ساقه لا على أنه منها فواضح، وهو ظاهر قوله بعده. قُلتُ: وما ذكره من الاختلاف يحتمل رده لقوله إن كان وطئها في ذلك الطهر مرة حنث مع قوله لاه (لا يحنث بحمل هي عليه) لتناقضهما في الحنث بيمين سابق على اليمين؛ لأن اللفظ الأول ينفيه والثاني يثبته، وتقرير ما ذكره من الجوابين واضح إلا أن القائل بحمله على الخلاف لا أعرفه في غير اللفظين، وقد تقدم نقل ابن بشير في الأيمان والنذور، ويحتمل كونه مع قولها إنما يحنث بوطئها بعد حلفه فيكون الاختلاف في لغو تقدم وطئه إياها في ذلك الطهر قبل حلفه واعتباره؛ لأن اللفظ الأول يلغيه والثاني يثبته، وتقرير جوابيه ظاهر وحامله على الخلاف على هذا التفسير اللخمي حسبما مر، جواب الصقلي عن معارضة قولها هنا لقولها في العتق من قال لأمته إذا حملت فأنت

حرة وطئها في كل طهر مرة ما لم يثبت حملها بإجماع مالك وأصحابه على أن الطلاق إلى أجل لا يجوز، وأن العتق إلى أجل جائز؛ حسن، فإن رد نفس الوطء إن حكم له بحكم الحمل لزم وقوع المعلق فيهما ضرورة بالوطء وإلا فلا عملاً لاستصحاب الحال السالم عن المعارض، وإنما يتم الجواب أن لو كان المعلق فيهما إلى قوله عن المعارض، قلنا المعارض قائم في مسألة الطلاق دون العتق، وهذا لأن الوطء يوجب الشك في إباحة وطئها في ذلك الطهر ضرورة احتمال حملها منه، فوجب منعه وتأخيره لرفع الشك بالعلم المستفاد من حيضها بعده ومن عدمه، ووجوب تأخيره في الزوجة يوجب الطلاق لمنافاة التأخير حيلة النكاح لشبهه حينئذ بالمتعة، ووجوب تأخيره في الأمة لا يوجب عتقها لصحة العتق إلى أجل. الشيخ: قال بعض أصحابنا إن تأخر حيضها بعد وطئه إياها في طهر مرة نظرها النساء، فإن أيقن أن لا حمل فله وطئها، فإن شككن منع حتى يرتفع الشك أن يوقن حملها، ولو قال لحامل إذا وضعت فأنت طالق ففي تعجيله وتأخيره لوضعها، قولها، ونقل محمد عن أشهب ومن معه في الحيض، وعليه لو وضعت ولداً وبقى آخر ففي وقوع طلاقها بوضعها الأول وتأخيره لوضعها الثاني. نقل الشيخ روايتي محمد قائلاً: اختل فيها قول ابن القاسم ولم يحك اللخمي غير الثاني قائلاً المعروف من قوله حنثه بالأول، ولو قال أنت طالق لما حضت ففي وقوع الثلاث أو اثنتين، ثالثها: لا شيء عليه حتى تحيض فتقع طلقة ويرتجع، فإن حاضت ثانية وقعت الثانية وارتجع، فإن حاضت الثالثة بانت، لها، ولسحنون واللخمي مع الشيخ عن رواية محمد. وفيها: في أنت طالق كلما حضت أو كلما جاء يوم أو شهر أسنة طلقت عليه الآن ثلاثاً ولم تعد يمينه إن نكحها بعد زوج لذهاب الملك الذي طلق فيه. قال سحنون: بعضها صواب وبعضها خطأ. أبو عمران: الصواب كلما جاء يوم وفي كلما جاء شهر قوله فيه أنها تطلق عليه الساعة، وينظر هل تذهب عدتها في الشهر أو في السنة؟ إن ذهبت لم يقع عليها طلاق

كقوله في أنت طالق كلما حضت، وقبله ابن عبد السلام كالصقلي. قُلتُ: ينقض قبولهما إطلاقه بالحامل لجواز وضعها قبل اليوم الثاني أو الثالث، وقول ابن عبد السلام لو قال لها أنت طالق كلما حضت فلانة لعجلت عليه الثلاث على قول ابن القاسم وسحنون معاً؛ يرد بمنع كونه كذلك على مذهب سحنون؛ بل الصواب جريها على قوله في كلما جاء شهر أو سنة لاحتمال انقضاء عدة المطلقة قبل الحيضة الثانية للأجنبية كالشهر والسنة، ثم قال: مذهب سحنون مشكل؛ لأنه إن جعل الطلاق واقعاً حين التكلم بكلما حضت لزم منه صحة قول ابن القاسم، وإن جعل وقوع كل طلقة عند حيضتها التي علقت عليها لزم أيضاً صحة قول ابن القاسم؛ لأن الثالثة واقعة قبل تمام العدة؛ لأن الأولى يقدر وقوعها في الحيضة الأولى، والثانية في الحيضة الثانية ولم يمض إلا قرء واحد، والثالثة في الحيضة الثالثة ولم يمض إلا قرءان؛ لأن الأقراء الأطهار. قال: فإن قلت: يقدر الأولى في الحيضة الأولى ويجعلها قبلها؛ لأن مذهبه أن الغالب كالمحقق. قُلتُ: بهذا المعنى يجب تعجيل الثانية والثالثة. قُلتُ: قوله: (بهذا المعنى يجب تعجيل الثالثة) وهم لأن الأولى والثانية إنما وجب تعجيلهما؛ لأنهما علقتا على ما يقارن عصمتها، وهي الحيضة الأولى والثانية فثبتتا لذلك فعجلتا لغلبية ما علقتا عليه المقارن لعصمتها، والطلقة الثالثة إنما علقت على ما يناقض عصمتها، وهو الحيضة الثالثة الكائنة بعد انقضاء عدتها المنافية لعصمتها فوجب سقوطها لانتفاء المحل، وما سقط في ذاته امتنع تعجيله، ومن فهم الفرق بين لزوم طلاق القائل أنت طالق قبل موتي بشهر وعدم لزومه في أنت طالق بعد موتي بشهر اتضح له ما قلناه، وتقدم في فصل طلاق السنة من هذا النوع فروع، وفي الأيمان والنذور لفظ معنى التكرار ويأتي ما يخالفه. والمعلق: على نفس فعل غير غالب وجوده يمكن علمه لا يلزم إلا به، ففي ثاني عتقها كإيلائها وغيره من قال لزوجته أنت طالق إذا قدم فلان لا تطلق حتى يقدم وله وطئها، فإن قصد وقت الفعل وهو تنبع فكمعلق على وقت.

الشيخ لابن سحنون عنه في أنت طالق: إذا قدم فلان إن قصد حفل قدومه أجلاً كقوله إذا صدر الحاج طلقت الآن، وإن أراد أنه لا يقدم هذا البلد فقدم ميتاً فلا شيء عليه، وقول ابن الحاجب "إن كان محتملاً غير غالب لا يمكن الإطلاع عليه، فغن كان مثبتاً انتظر، ولم يتنجز إلا أن يكون واجباً مثل إن صليت فيتنجز، إلا أن يتحقق المؤجل قبل التنجيز"، نص في أن التنجيز لنفس الفعل لوجوبه، وهو وقبوله. ابن عبد السلام: خلاف ظاهر الرواية في النوادر، وفي آخر باب الطلاق إلى أجل قال ابن سحنون عنه: لو قال أنت طالق إذا صليت أنت أو إذا صليت أنا فهو سواء، وتطلق الساعة؛ لأنه أجل آت لا بد من الصلاة. قُلتُ: إنما عجله بمجموع كونه أجلاً، وكون الفعل غالباً، وهو المجموع خلاف ما جعله ابن الحاجب منه، وقوله إلا أن يتحقق المؤجل قبل التنجيز استثناء من المستثنى؛ أي: فلا يلزمه الطلاق وهو على حذف مضاف؛ أي: إلا أن يتحقق عدم المؤجل كقوله إن صليت الظهر في قامته اليوم فتمضي القامة دون صلاتها قبل تنجيز الطلاق، وهو بناء على وقف التنجيز على الحكم، وفي رفع ظهور مقتضى البر لزوم الطلاق خلاف مذكور في الحلف على مغيب مستقل. قال ابن عبد السلام: يعني إلا أن يقول مثلاً إن صليت الظهر في هذه الساعة فامرأتي طالق فتقضي الساعة، ولم يصل فقد تحقق انتفاء ما علق عليه الطلاق قبل تنجيزه، وينبغي أن يكون هذا الأجل أقل من زمن صلاة الظهر المحلوف على فعلها إن كان أوسع من وقتها لم يتم هذا الحكم، وهو ظاهر كلام المؤلف في قوله قبل التنجيز. قُلتُ: فيما قاله نظر؛ لأن كلام المؤلف مطلق في الأقل، وقوله: (وهو ظاهر كلام المؤلف) لا يخفى على منصف عدم ظهوره، واستدلاله بقوله: (قبل التنجيز) كونه على العكس أقرب، ومقتضى الأصول في قوله لها ولم يبق من القامة الأولى إلا قدر ركعة إن صليت الظهر في قامتها الأولى أداء كلها فأنت طالق أنه كقوله إن لمست أسماء فأنت طالق. وفيها: إن قال لها أنت طالق بعد قدوم زيد بشهر طلقت عليه حين قدومه، ولو قال قبل قدومه بشهر بقي تعجيله وعدمه فيضرب له أجل الإيلاء فانقضى قبل قدومه

طلقت بالإيلاء، فإن قدم بعد انقضاء عدتها بأكثر من شهر لم يقع عليه به طلاق، وإن قدم قبل شهر من يوم طلقة الإيلاء أو من يوم انقضاء عدتها لزمته طلقة ثانية بما انكشف من وقوع طلقة عليه قبل طلقة الإيلاء، وبعدها قبل انقضاء عدتها، ولو ارتجع من طلقة الإيلاء ولم يأت لم يصح له الوطء، فإن لم يأت حتى انقضت عدتها بطلت رجعته، وإن قدم قبل انقضاء أجل الإيلاء لزمته طلقة وبطل الإيلاء، وعدتها من هذه الطلقة من يوم وقعت عليه قبل قدومه بشهر إلا أن يكون وطئها قبل ذلك. قُلتُ: على عدم فعل ممكن للحالف غير ممنوع، ولا مؤجل يمنع الوطء حتى يفعله إن مات لم يفعله، ومتعلق فعله كائن في عتقها ورثته وورثها إذ لا تطلق ميتة، ولا يوصي ميت بطلاق، وفي الأيمان منها من قال: أنت طالق إن لم أفعل كذا حيل بينه وبينها حتى يفعل ذلك وإلا دخل عليه الإيلاء. اللخمي: روى ابن شعبان من حلق بالطلاق ليفعلن ترك الوطء محدث ليس من الأمر القديم؛ يريد: لم تكن الفتيا بمنعه، وقول ابن كنانة يؤمر بالكف من يتوقع حنثه في الحياة لا من لا يحنث إلا بموته أو موت زوجته أحسن. الشيخ: إن تعدى فوطئ لم يلزمه استبراء. الصقلي: لضعف القول بمنعه والاختلاف فيه. قُلتُ: يرده وطء المعتكفة والمحرمة والصائمة فالأولى؛ لأنه ليس لخلل في موجب الوطء، وقول استبرائها كل وطء فاسد لا يطأ فيه حتى يستبرئ؛ يريد: فاسد لسبب خليته، وهو دليل ما قبله في وطء الأب أمة ابنه. وما له أجل عرفاً: سمع عيسى ابن القاسم فيه من قال إن لم أحج فامرأتي طالق البتة، ولم يسم عام حجة، لا ينبغي له وطئها حتى يحج إن قال بيني وبين ذلك زمان، قيل أحرم واخرج؛ لأنها إن رفعته ضرب له أجل المولي إن لم يحرم، ولو كان ذلك في المحرم، وإن رضيت بالمقام دون مسيس حج متى شاء. ابن رُشد: ظاهره كظاهر قول ابن القاسم فيها يمنع الوطء من يوم حله، وإن لم يأت إبان خروج الناس للحج، وإن وقفته ضرب له أجل المولي. قال غيره فيها: إن تبين ضرره بها وقيل له أخرج وأحرم وإن كان في المحرم،

ومعناه على ما قال عيسى ابن دينار إذا وجد صحابة، وإلا لم يؤمر بإحرام ولا يضرب له أجل الإيلاء، وروى ابن نافع لا يمنع من الوطء ولا يضرب له الأجل حتى يأتي إبان خروج الحج، فإن ضرب له أجل الإيلاء فحج قبل انقضائه سقط عنه الإيلاء، وإن لم يحج طلق عليه به عند انقضائه، وإن انقضى أجل الإيلاء قبل وقت الحج لم يطلق عليه حتى يأتي وقت الحج، فإن أتى فحج بر وسقط الإيلاء، وإن لم يحج طلق عليه به، وإن لم يؤجل للإيلاء ولا خرج حتى فاته الحج أجل للإيلاء، وقيل له: اخرج وأحرم على القول الأول، وعلى القول الثاني قال ابن القاسم: يطلق عليه، وقال أشهب: يرجع إلى الوطء، وقيل: لا يرجع إلى الوطء، وقيل: لا يرجع إلى الوطء أبداً، ويؤجل للإيلاء متى قامت به امرأته، وثالثها: لا يمنع الوطء حتى يخشى فوت الحج فيمنع ويؤجل للإيلاء إن قامت امرأته به، وقيل له: اخرج، فإن أسرع وحج سقط الإيلاء، وإن لم يدرك الحج طلق عليه بالإيلاء إن انقضى أجله أو عند انقضائه، ورابعها: لا يمنع الوطء حتى يفوته الحج، فإن فاته وقامت به امرأته ضرب له أجل الإيلاء إن خرج لم تطلق عليه بانقضاء أجل الإيلاء حتى يأتي وقت الحج، فإن حج بر وسقط عنه الإيلاء، وإن لم يحج طلق عليه بالإيلاء، وإن لم يخرج حتى انقضى أجل الإيلاء طلق عليه بالإيلاء، وهذا وما قبله قائمان من المدونة، وإن كان يوم حلف لم يبق يبنه وبين وقت الحج ما يدرك فيه الحج لم يمنع من الوطء، ولم يدخل عليه إيلاء في بقية ذلك العام وهو دليل قوله في السماع، فإن لم يحج عامه وعليه من الزمان ما يحج في مثله. قُلتُ: عزا الصقلي الرابع لعبد الملك وروايته. عياض: لابن القاسم في الظهار كقول الغير في إيلائها إذا بان ضرره، وله في الموازية مثل قول ابن نافع. الصقلي عن محمد: إن حلف على فعل شيء أو الخروج لبلد، ولا يمكنه حينئذ لم يكن على حنث حتى يمكنه، وكذا إن لم يكن لخروجه وقت ومنعه فساد طريق أو غلاء كراء فهو عذر، وكذا حلفه ليكلمن فلاناً الغائب فلا يوقف حتى يقدم، ولو طالت غيبته، فإن مات فيهما فلا شيء عليه، ولو حضر وطال مقامه بما يمكنه الفعل فلم يفعل حتى مات فلان حنث. وقال ابن الحاجب: لو حبسه عذر في المنفي ففي حنثه قولان مشكل؛ لأن ظاهره

لو علق الطلاق على عدم فعل ممكن له غير مؤجل لقوله إن لم أدخل موضع كذا فامرأتي طالق، فحبسه عن دخوله عذر أن في حنثه قولين، والقول بحنثه دون عذر فضلاً عن العذر لا أعرفه، وأصول المذهب تنفيه حسبما ذكرناه من نص عتقها بثبوت الإرث في الموت مع عدم الفعل، وقولها إذ لا تطلق ميتة ولا يوصي ميت بطلاق. قال ابن عبد السلام: وجود القولين على الوجه الذي حكاه المؤلف عزيز في هذا الموضع، لكن أصول المذهب تشهد له لولا الإطالة لذكرنا ما يدل عليه. قلت: قوله: (أصول المذهب تشهد له) دعوى من نظر وأنصف نفى نفيها هذا إن حمل قوله في حنثه على ظاهره، وإن حمل على حذف مضاف أن في حكم حنثه أمكن تفسيره بالقولين في منعه الوطء بعذر منعه الفعل كنقل اللخمي وغيره فيمن حلف ليخرجن إلى بلد فحيل بينه وبين الخروج، أو كانت يمينه ليتزوجن فلانة فلم يزوجوه لا يحال بينه وبين زوجته، وقيل: يحال بينه وبينها مطلقاً. قلت: مثل هذا سمع يحيى ابن القاسم في الإيلاء. ابن رشد: هو الآتي على القول بأن من حلف بالطلاق ليفعلن فعلاً لا يمكنه في الحال ويمكنه في حال أخرى مول من يوم حلفه، وهو ظاهر قول ابن القاسم فيها، ونص رواية عيسى عنه في ليحجبن وهو في غير وقت الحج خلاف قول غيره فيها. والمعلق على عدم فعل غير الحالف: في كونه كعدم فعله والتلوم له بقدر ما يرى أنه أراده، ثالثها: إن حلف على غائب كأنت طالق إن لم يقدم فلان أو إن لم يحج، فالأول وإن حلف على حاضر كقوله إن لم تهب لي ديناراً أو إن لم تقضني قي فالثاني لسماع عيسى ابن القاسم في الإيلاء ولعتقها الأول، وسماع عيسى ابن القاسم في الإيمان بأنه طلاق، وعلى الثاني في منعه الوطء، ثالثها: إن كان ليمينه سبب وقت أراده دون حكم قول ابن القاسم: إن مضى قدر ما كان السلطان يتلوم له وقع حنثه، إن ماتت بعد ذلك لم يرثها، وإن مات ورثته ما لم يفرق الحاكم. قال الأخوان: لا يقطع طلاق، ولو طال إلا بالحكم، والقياس الأول ولا ميراث بينهما. ولو قال أنت طالق إن لم أطلقك مطلقاً أو إلى أجل ففي وقوعه حينئذ وتأخيره

لإيقاعه عليه بوقفها إياه، ثالثها: بتأخيره لانقضاء أجل الإيلاء رجاء صبرها دون وطء لابن القاسم وغيره. فيها: ونقل اللخمي مع ابن رشد قائلاً: هما قائمان من إيلائها، ودعوى حقية الأول بأنه مقتضى البرهان العقلي في استلزام كل متصلة منفصلة مانعة جمع من عين مقدمها ونقيض تاليها ومانعة خلو من نقيض مقدمها ونفس تاليها، وبيانه أن الأولى في مسألتنا هي إما ون زوجته غير موقع عليها طلاقه، وأما كونها غير مطلقة بمعنى منع الجمع ولا يصدق كونها مانعة جمع إلا بوقوع الطلاق عليها فوجب وقوعه، والثانية هي إما كونه موقعاً عليها طلاقه، وإما كونها طالقاً بمعنى منع الخلو، وقد حلت عن الأول فتعين ثبوت الثاني، يرد بأن هذا في اللزوم العقلي ثابت لا بقيد زائد إما في اللزوم الجعلي فلا بد فيه من إرادة الملتزم معنى لفظه ولازمه وإرادته فرع علمه لزومه وأكثر فقهاء الوقت فصلاً عن العوام لا يعلمون وما لا يعلم لا يراد. اللخمي: ويختلف إن لم يضرب أجلاً فعلى قول مالك يمنع منهما، وقول انب كنانة لا يمنع؛ لأن كل طلاق عنده لا يبين إلا بالموت لا يمنع فيه من الزوجة، واختلف إن ضرب أجلاً، ولو أجل برأس الشهر طلاقها وحده بعدم طلاقها البتة ففي سقوط حلفه إن عجل الطلقة، وإلا وقف لتعجيلها أو وقوع البتات وسقوطه بتعجيلها، وإلا لم يوقف، فإن حل الشهر ولم يعجلها وقعت البتات، ثالثها: يسقط تعجيلها ويترك لحلول الشهر إن طلق عنده وإلا لزمت البتات، لسماع عيسى ابن القاسم مع ابن رشد عن الآتي على قولها في أنت طالق إن لم أطلقك، وأصبغ مع سحنون والآتي على سماع أبي زيد ابن القاسم في التخيير والمغيرة. قلت: ذكرها اللخمي وعكسها، وذكر فيهما قولاً بلزوم تعجيل أقل الطلاقين المعلق والمعلق على عدمه. قلت: عزاه في النوادر لعبد الملك. اللخمي: وأرى في أنت طالق وحدة إن لم أطلقك رأس اشهر ثلاثاً تعجيل طلقة الحنث وهي واحدة، فإن أراد البر فطلق ثلاثاً بانت وإلا كان حانثاً بواحدة وقد عجلت، فإن انقضت العدة قبل وقت الحنث بانت بها، وفي عكسها أن لا تعجل طلقة

البر؛ لأنه لم ينوها، وإن عجلت طلقت من الثلاث التي يحنث بهن. قال إنما أوجب البر بطلقة أوقعها فتصير مع الأولى طلقتين فالوقف لبره أو حنثه أحسن، وزاد في المسألة الأولى عن ابن القاسم الوقف، وعن محمد إن حلف لسؤالها أو سؤال أهلها طلاقها لم ينفعه تعجيل الطلقة، وإن كان ذلك ابتداء إليهما أجزأه. اللخمي: ولو حلف عند سؤالهم أن لا يؤخره عن رأس الشهر؛ جاز تعجيلها هذا في حلف ليطلقنها رأس الهلال، ولو قال إلى رأس الهلال صح تعجيله الطلقة؛ لأن إلى غاية، وعزا ابن الحاجب الوقف لمالك إنما هو في الموازية لابن القاسم حسبما هو في النوادر. اللخمي: إن حلف بالثلاث إن لم يطلقها قبل الهلال ثلاثاً لم يعجل أحد الطلاقين. قال محمد: لأن له أن يصالح قبل الأجل فلا يلزمه غير واحدة. الشيخ: روى محمد في أنت طالق إلى شهر ثم قال أنت الآن طالق الطلقة التي إلى شهر لم يلزمه إلا طلقة. محمد: هذه جيدة ووقف عن ماقبلها ورآها إيماناً لم يجب فيها طلاق، وقال أرأيت إن قال أنت طالق البتة إن لم أطلقك إلى سنة البتة أتعجل عليه البتة، وهوأن يدر أن يصالح قل السنة ويتزوجها بعدها فيسلم من البتة ولا أحرم عليه وطئها إلى الأجل، كقوله أنت طالق البتة لأعتقن جاريتن إلى سنة لا يحرم عليه وطئها. قلت: ظاهره الاتفاق على عدم التعجيل في تعليق البتة على عدمها، وقول ابن الحاجب بعد ذكره القول بالتعجيل في أنت طالق إن لم أطلقك، وكذلك إن لم أطلقك رأس الشهر البتة فأنت طالق البتة يقتضي أن فيها قولاً بالتعجيل، وكذا فعل ابن بشير. الشيخ في الموازية عن عبد الملك قوله أنت طالق إلى مائة سنة إن لم أطلقك الآن لغو، وفي أنت طالق الساعة إن لم أطلقك إلى مائة سنة هي طالق الساعة. وسمع عيسى ابن القاسم من قال لامرأته إن لم أتزوج عليك فانت طالق البتة، ثم قال من تزوجتها عليك فهي طالق البتة طلقت عليه الساعة بالبتة إلا أن تقيم لا يطأها، ولا ينظر إلى شعرها، فغن رفعته طلقت مكانها. ابن رشد: قيل إن رفعته ضرب له أجل الإيلاء، والقولان قائمان من إيلائها،

وروى اللخمي من قال لإحدى امرأتيه أنت طالق إن لم أطلق الأخرى إلى سنة يوقف؛ لأن يطلق إحداهما، ولأصبغ: من قال لامرأته أنت طالق البتة لأعتقن جاريتين فلانة إلى سنة لا تحرم عليه واحدة منهما، فخرج في كل منهما قول الأخرى. الشيخ: لو قال كلما أو إذا ما أو متى ما وقع عليك طلاقي فأنت طالق لزمه بطلاقها واحدة ثلاث، ولو قال طلقتك بدل وقع عليك طلاقي ففي كونه كذلك ولزوم اثنتين فقط ثاني قولي سحنون وأولهما مع بعض أصحابه. قلت: وظاهره أن إذا ما ومتى ما مثل كلما دون إرادة كونهما مثلها خلاف نصها، ونص رواية ابن حبيب في باب تكرير الطلاق في لفظ ابن شاس أن مهما ما ومتى ما مثل إن في عدم التكرار. ابن سحنون: من قال لزينب أنت طالق إذا طلقت عمرة ثم قال بعمرة مثل ذلك إن طلق زينب لزمته فيها طلقتا وفي عمرة طلقة، وقال بعض أصحابنا لا تطلق زينب إلا طلقة. وسمع أبو زيد ابن القاسم في العدة من قال لامرأته: سلامة أنت طالق يوم أطلق زوجتي ميمونة، ثم قال لميمونة كذلك، من طلق منهما أولاً لزمته فيها طلقتان. ابن رشد: هذا أبين، ومثله سمع عيسى في الأيمان بالطلاق. قلت: زاد فيه ولو كان بلفظ "كلما" لزمه في كل منهما ثلاث قاله سحنون. قلت: مقتضى قول بعض أصحاب سحنون كون طلاق الأولى واحدة لا طلقتان قتأمله، وقول ابن الحاجب إثر نقله القولان في كلما طلقتك بناء على إلغاء المعلق أو اعتباره؛ يريد: إلغاء الطلاق الواقع باليمين في جعل الملتزم طلاقه سبباً في طلاق آخر كأنه قال كلما طلقتك طلاقاً بسيطاً لا معلقاً؛ لأنه المتبادر في فهم طلق فلان أو اعتباراً يف السببية للفظ كلما، وقول ابن عبد السلام الطلاق الأول بمباشرته، والثاني: بالحكم لا بها فهو على الخلاف في أن فاعل السبب غير فاعل المسبب أو فاعله إليه أشار المؤلف بالإلغاء والاعتبار، يرد بأن كليهما بمباشرته ضرورة أن طلاق من قال: إن كلمت فلاناً فامرأته طالق فكلمه بمباشرته، والمباشرة أعم من كونها بطلاق بسيط أو معلق؛ بل لفظ المؤلف على حقيقته في المعلق والإلغاء والاعتبار فتأمله.

الشيخ عن الموازية لو قال لإحدى امرأتيه إن طلقتك فصاحبتك طالق فطلق المقول لها فوقع على الأخرى طلقة، ثم طلق الأولى ثانية فلا شيء عليه في الثانية، ولو قال للثانية: كلما طلقتك فالأخرى طالق لزمه بطلاقه المقول لها كلما في كل منهما طلقتان، ويلزمه بطلاقه المقول لها إن طلقتك فيها طلقتان في الأخرى طلقة، ولو كان طلاق المقول لها إن طلقتك فأنت طالق قبل البناء لتخرجت على قاعدة الحكم بوقوع المسبب لوقوع سببه معه أو بعده، على الأول يلزمه طلقتان، وعلى الثاني طلقة واحدة عليها في أنت طالق أنت طالق قبل البناء، وعلى المشهور طلقتان، وتقدم هذا الأصل فيمن حلف بطلاق امرأته لا خالعها، وقال ابن شاس: قال ابن سحنون في إن طلقتك أو مهما أو متى ما فأنت طالق إن طلقها واحدة طلقت طلقتين بعد البناء وطلقة واحدة قبله؛ لأن المطلق يصادف حال البينونة، وقبله القرافي، وتبعه ابن الحاجب في عزوه لسحنون وزاد أو في الخلع على أصله بناء على أن المشروط مقدر بعد الشرط أولاً. قلت: قوله: (على أصله) لا أعرفه، إنما عزا هذا الأصل غير واحد لإسماعيل القاضي في الخلع، وفي تكرير الطلاق قبل البناء. ابن شاس: من قال إن طلقتك فأنت طالق قبله ثلاثاً ألغى لفظ قوله قبله إن طلقها لزمه تمام الثلات. قلت: قال الطرطوشي هذه المترجمة بالسريجية قال: دهماء الشافعية لا يقع عليها طلاق أبداً، وهو قول ابن سريج، وقالت طائفة منهم يقع المنجز دون المعلق منهم أبو العباس المروزي وأبو العباس القاضي، وقالت طائفة: يقع مع المنجز تمام الثلاث من المعلق. قاله أبو حنيفة ومن الشافعية أبو عبد الله المعروف بالحسن وغيره، وأبو نصر بن الصباغ من خيار متأخريهم، وهو الذي نختاره، وليس لأصحابنا في هذه المسألة ما يعول عليه، ولمالك ما يدل على تصحيحها، وهو عدم قبوله شهادة عدلين على من أعتقها أنه غصبهما لمن ادعاهما؛ لأن ثبوتها يؤدي إلى نفيها، وعدم قبوله شهادتهما بدين عليه يبطل عتقهما، ووقع له ما يدل على خلاف هذا وهو ثبوت ما يؤدي إلى نفيه منه، قوله من أعتق ولده أو والده في مرضه بتلاً صح عتقه وورثه، معأن إرثه يؤدي إلى

نفيه؛ لأن العطية في المرض كالوصية لا تصح لوارث فبثبوت إرثه يبطل للعطية له وبطلان العطية يبطل حريته، وبطلان حريته إرثه. الشيخ: من شرط لامرأته أن كل امرأة يتزوجها عليها طالق فتزوج أخرى وشرط لها أن كل امرأة طالق، فقال محمد وأصبغ تطلقان عله، وقال ابن القاسم: لا تطلق الثانية وذكرها الطرشوشي، وقال: وجه قول ابن القاسم إن معنى شرطه للأولى أن كل امرة يتزوجها عليها يعني وأنت ميمة فهي طالق، وعقد الثانية يوجب طلاق الأولى فكأنه لم يجامعها، والقصد كراهة أن يجمع معها أخرى. قال: وقال بعض أصحابنا جواب ابن القاسم وهم، والصواب قول أصبغ؛ لأن شرط كل واحدة يوجب طلاق الأخرى. قال الطرطوشي: هذه المسألة هي المسألة السرجية وقد أوضحتها في كتاب الطلا. قلت: وللمسألة توقف على أصل لم يذكروه فيها، وهو جعل أمر مستقبل سبباً في طلاق مقيد بزمن ماض عنه هل يلزم اعتباراً بوقت التعليق أو لا اعتبار بوقت حصول السبب؟ سمع عيسى ابن القاسم: من ال لامرأته أنت طالق اليوم إن دخل فلان غداً الحمام لا تطلق عليه حتى يدخل، وله مسها فقبلها الشيخ ولم يقيدها. وقال ابن رشد: في هذا اللفظ تجوز مثله في كتا الظهار منها وليس على ظاهره، فيه تقديم وتأخير، وحقيقة تركيبه من قال لامرأته اليوم أنت طالق إن دخل فلان غير الحمام، وقوله له مسها يريد فيما بينه وبين غد. قلت: ولابن محرز عن ابن القاسم من قال لامرأته إن دخلت الدار فأنت طالق أمس دخولك لزمه. ابن عبد الحكم: إن قال أنت طالق اليوم إن كلمت فلاناً غداً فكلمه لا شيء عليه. الشيخ: هذا خلاف حمل مالك؛ بل يلزمه الطلاق؛ لأنه لا يتعلق بزمن. قلت: ففي لغو المعلق مقيداً بزمن قبل زمن سببه طريقاً ابن رشد مع نص ابن عبد الحكم وابن محرز مع الشيخ ونص ابن القاسم، فإن قلت: محمد عن ابن القاسم من قال

لأجنبية إن تزوجتك فأنت طالق غداً، إن تزوجها غداً لزمه وبعده لا شيء عليه، وهذا خلاف متقدم نقل ابن محرز عنه. قلت: يفرق بأن زمن إنشاء التعليق فيما نقله ابن محرز قابل للطلاق لو نجز، وفيما نقله عنه محمد غير قابل، ومقتضى طريقة الشيخ وهي أسعد بالروايات صحة ما فهمه الطرطوشي عن المذهب في السريجية، وتبعه ابن العربي وابن شاس، فإن كان عدم الفعل منه أو من غيره المعلق عليه مؤجلاً ففي منعه من الوطء نقلاً ابن رشد عن أول قولي ابن القاسم في سماع عيسى في الإيلاء مع غيره فيأول عتقها الأول. قال: وهو الصحيح لاتفاق مع مالك على أنه على بر، وعلى منع الوطء قال الشيخ: لا استبراء عليهز قلت: إذ ليس لخلل في سبب حلية الوطء، فإن كان الفعل محرماً حكم بتعجيل حنثه ما لم يفعله، وشاذ قول ابن الحاجب على المشهور لا أعرفه، وفي تخريجه على أن النهي يدل على فساد المنهي عنه منهما لكونه على حنث نظر، ويتم تخريجه على ما في المغيب للمغيرة. انتهى بحمد الله تعالى وحسن عونه السفر الثالث. وتعليقه على الجزم بمغيب وجوداً أو عدماً لا يعلم حين الجزم عادةً يوجب الحكم بتنجيزه. فيها: إن قال لامرأته حاملاً إن لم يكن في بطنك غلام فانت طالق طلقت حينئذ؛ لأنه غيب، وإن أتت بغلام لم ترد إليه، وكذا إن لم تمطر السماء وقت كذا فأنت طالق، ولا يؤخر لظهور ما حلف عليه بخلاف إن لم يقدم؛ أي وقت كذا فأنت طالق لدعوى علمه يخير أو غيره، ومثله سماع عيسى ابن القاسم بزيادة إن وجد ما حلف عليه حقاً فلا شيء عليه. قلت: هو على وجهي، إن حلف على أنه لا بد من كونه أو عدمه لكهانة أو تنجيم أو تقحماً على الشك دون سبب تجربة أو توهم شيء ظنه عجل عليه الطلاق حينئذ اتفاقاً، فغن غفل عنه حتى جاء الأمر على ما حلف عليه ففي لزوم طلاقه قولاً عيسى بن دينار مع المغيرة، وهذا السماع إن حلف عليه لغلبة ظنه لتجربة أو لشيء توهمه عجل طلاقه، فإن لم يجعل حتى جاء الأمر على ما حلف عليه لم يعجل عليه.

قاله عيسى بن دينار وهو دليل سماع أبي زيد ابن القاسم، ولو ألزم نفسه الطلاق على وجود ذلك أو على عدمه على غير وجه اليمين لم يعجل طاقه إلا أن يكون ما الشك فيه كقوله امرأته طالق إن كان في بطن فلانة جارية أو إن وضعت جارية أو لامرأته إن كنت حاملاً أو لم تكوني حاملاً وشبهه، ففي تعجيل طلاه وتأخيره قولاً مالك وابن الماجشون. وسمع عيسى رواية ابن القاسم من قال لامرأته إن لم تكن من أهل الحنة فهي طالق هي طالق ساعتئذ. ابن القاسم: ومثله إن لم أدخل الجنة. ابن رشد: مثل تسويته بينها لمالك في المبسوط إن حلف عليه حتماً، وقال الليث بن سعد: لا شيء عليه لقوله تعالى: {ولمن خاف مقام ربه جنتان} [الرحمن: 46]، وقاله ابن وهب، فغن نوى أنه لا يدخل النار فتعجيل طلاقه ظاهر؛ لأن المسلم لا يسلم من الذنوب ولا يعصم منها لا نبي، ولا ينبغي أن يختلف فيه؛ لأنه حلف على غيب، وإن نوى أنه يدخل الجنة من الذين لا يخلدون في النار؛ فمعنى يمينه أنه لا يكفر بعد إيمانه ويثبت عليه لموته فلا شيء عليه، كمن حلف بالطلاق ليقيمن بهذا البلد حتى يموت لا ينبغي فيه خلاف، وإن لم تكن له نية فظاهر قول مالك وابن القاسم حمله على الوجه الأول، والأظهر حمل قوله إن لم يكن منأهل الجنة عليه، وحمل قوله إن لم أدخل الجنة على الثاني كما لو قال إن دخلت الدار؛ لأن معناه ألا يكفر، وقول الليث وابن وهب: بناء على حمل قوله على الوجه الثاني، ولا يتأول عليهما أنهما حملاً قوله على الوجه الأول لم يوجب طلاقه؛ لأنه خروج إلى الإرجاء. قلت: هذا يناسب قول ابن سحنون: إخبار المرء عن إيمان نفسه جزم فقط، والأول يناسب قول ابن عبدوس: يجب تقييده بأن شاء الله، وعزا المتكلمون الأول لأبي حنيفة وأتباعه، والثاني لابن مسعود مع جمع عظيم من الصحابة والشافعي وأتباعه، وقول عياض الخلاف حالي، إن أراد حالاً واستقبالاً فالأول، وإن أراد حالاً فقط فالثاني سبقه به الحس البصر، وفي الأخبار عن من سمع لفظ إيمانه بأنه مؤمن عند الله مطلقاً أو بقيد قول إن وافقت سريرته على نيته قولاً ابن التبان والشيخ، واحتجاج

ابن التبان بقوله تعالى: {فإن علمتموهن مؤمنات} [الممتحنة: 10] حجة لابن سحنون لا له. الجلاب: لو حلف بطلاقها أنها وأنه من أهل الجنة أو من أهل النار أو أن رجلاً كذلك طلقت عليه، وسمع عبد الملك بن الحسن ابن القاسم: من قال امرأته طالق البتة إن لم يكن عمر بن الخطاب أو أبو بكر من أهل الجنة لا شيء عليه، وكذا عمر بن عبد العزيز. ابن رشد: سائر العشرة كأبي بكر في ذلك، وكذا من ثبت بطريق صحيح عنه صلى الله عليه وسلم أنه من أهل الجنة كعبد الله بن سلام، ووافقه مالك في تحنيث من حلف بذلك في عمر بن عبد العزيز، وقال: هو رجل صالح إمام هدى لم يزد على ذلك لعدم ورود نص فيه، ووجه قول ابن القاسم ظاهر قوله صلى الله عليه وسلم: ((أنتم شهداء الله في أرضه فمن أثنيتم عليه بخير وجبت له الجنة ...)) الحديث، وشبهه وحصل إجماع الأمة على حسن الثناء عليه والإجماع معصوم، فإن قلت: قوله: وكذا من ثبت بطريق صحيح عنه صلى الله عليه وسلم أنه من أهل الجنة على القول بأن الحلف على الظن ليس غموساً واضح، وعلى أنهغموس ينبغي أن يحنث الحالف هنا؛ لأن خبر الواحد الصحيح إنما يفيد الظن. قلت: الظن الناشئ عن خبر الواحد قوي لوجوب اعتباره والعمل به بخلاف الظن العارض لإنسان لأمر عرض له. قلت: ففي وقوع طلاق الحالف على الجزم بمغيب يبين بعد ذلك بنفس حلفه أو بالحكم، ثالثها: يؤخر لبيانه، ورابعها: هذا إن كان على بر كقوله إن أمطرت السماء غداً. اللخمي عنها وعن ابن حبيب وأصل أشهب وأصبغ مع الصقلي عن ابن حبيب، وبالثاني فسرها ابن رشد، وعزاه والأول بفضل الثاني قولي ابن القاسم وأولهما، وعلى

الثاني لو لم يحكم به حتى بان بره ففي عدم حنثه نقل ابن رشد عن سماع عيسى. ابن القاسم مع الصقلي عن ابن حبيب وفضل عن أصبغ وابن رشد عن المغيرة مع عيسى: وظاهر قول غيره التسوية بين استناده لشبه تنجيم أو غيره وعدمه خلاف ما مر له. اللخمي: من قال إن لم تمطر السماء فأنت طالق فلا شيء عليه عم أو خص إذ لا بد منه زمنا ما، وكذا إن ضرب أجل خمس سنين ولو غير شهراً فعلى ما مر من الخلاف. ***** ابن رشد: اتفاقاً لأن تعليقه على مشيئة الله إياه تعليق له على واقع لانحصار ظاهر قوله إن شاء الله في إن أراده أو شرعه، والأول واقع؛ لأن قوله ذلك ملزوم لإرادته، وكل مراد للبشر مراد لله لعموم إرادته كل حادث، والثاني كذلك لشرع الله لزومه بقول أنت طالق، وقول بعضهم "إنما ألزمه مالك؛ لأن مشيئته تعالى مجهولة لنا لا يمكننا علمها، فوقع الطلاق للشك فيه" مرغوب عنه لاقتضائه تشابه مشيئته تعالى بمشيئة العبد لجعله ذلك كقول من قال: امرأتي طالق إن شاء زيد فغاب قبل علم مشيئته حيث لا يعلم، وهو مضاه لقول القدرية بحدوث الإرادة. قال ابن شاس: كإن شاء هذا الحجر. ابن رشد: تمثيل بعضهم بإن شاء زيد فغاب أنه ليس مثل إن شاء هذا الحجر، إذ لا مشيئة له، وللجن والملك مشيئته لا تعلم كزيد المفقود. وفيها: إن قال أنت طالق إن شاء فلان، نظر ما يشاء فلان فإن مات قبل أن يشاء وقد علم بذلك أو لم يعلم أو كان ميتاً قبل يمينه فلا شيء عليه. اللخمي: إن قال أنت طالق إلا أن يشاء فلان. قيل: الطلاق لازم؛ لأنه لا يرتفع بعد وقوعه. وقال أصبغ في المنتخبة: من قال أنت طالق إلا أن يمنعني أبي. اللخمي: يريد: أن وقوع الطلاق لم يكن منه مرسلاً؛ بل موقوفاً على مشيئة أبيه. قلت: مثله في نوازله.

ابن رشد: قياسه الأول صحيح لا قياسه الثاني أنه كقوله إن شاء أبي؛ لأن وقف الطلاق على مشيئة الأب صحيح ورفع مشيئة الأب الطلاق غير صحيح، ولا ينبغي جعل لفظ رفع المشيئة الطلاق بمعنى وقعاً الطلاق على مشيئته؛ لأنه ضده إلا أن يدعي أنه نوى ذلك فينوي إن جاء مستفتياً، ولا يصح على أصولهم أن ينوي مع البتة فضلاً عن أن يحمل يمينه عليه إذا لم تكن له نية، ووجه قول أصبغ أنه لما كان قوله إلا أن يئاء إلا أن يمنعني لغواً لا أثر له في الطلاق حمل على إرادته به إن شاء أبي لعدم تفرقة العوام والجهال بين هذه الألفاظ، فهذا يشبه أن يفتي به الجاهل على أن من قوله في نوازله ليست الجهالة بأحسن حالاً من العلم في الطلاق، فقوله بكل حال ضعيف وما ذكرناه من معنى لفظه هو أظهر محتملاته، ويحتمل أنه أراد امرأتي طالق لا ألزم نفسي ذلك إلا أن يشاء أبي، وإليه نحى أصبغ بجعله كإن شاء أبي، ويحتمل وجهاً ثالثاً، وهو أن يريد امرأتي طالق إن فعل فلان كذا، وإن لم يفعل فلان كذا وكذا، كمن حلف على غيره أن يفعل فعلاً فيحال بينه وبين امرأته ويدخل عليه الإيلاء أويتلوم له على الخلاف في ذلك، إن أراد الحالف أحد هذه الوجوه حملت عليه يمينه، وإن لم تكن له نية فيختلف على أنها يحمل. قلت: قولها في النذور من قال على المشي إلى بيت الله إلا أن يبدو لي أو أرى خيراً من ذلك لا ينفعه استثناؤه. الصقلي: وكذا في الطلاق والعتق. قال إسماعيل القاضي ما رواه ابن القاسم في المشي إنما هو في قوله على المشي إلا أن يشاء الله، ولا يشبه قوله إلا أن يبدو لي أو أرى خيراً من ذلك، واستحسنه بعض فقهائنا وقال: ما قوله إلا أن يبدو لي إلا كقوله إلا أن ياشء فلان، فكما لا يلزمه إلا أن يشاء فلان فكذا لا يلزمه إلا أن يشاء هو. التونسي لم ينفعه استثناءه بقوله إلا أن يبدو لي؛ لأنه لم يضفه إلى فعل لم يقع؛ بل إلى وجوب شيء قد الزمه نفسه فليس له ذلك كالقائل أنت طالق إلا أن يبدو لي، ولو قال أنت طالق إن شئت كان له ذلك. قلت: ففي لزوم الطلاق بقوله طالق إلا أن يشاء فلان ولا نية له ووقفه على

مشيئته، ثالثها: ثالث وجوه ابن رشد لنقل اللخمي مع فهم ابن رشد المذهب، ومقتضى قوله التونسي، ونقل الصقلي عن بعض الفقهاء مع مقتضى قول إسماعيل القاضي، وقول ابن رشد يختلف، وجعل ابن الحاجب الثاني الأشهر اتباع منه لقبول الصقلي قول بعض الفقهاء، وقوله: (بخلاف إلا أن يبدو لي على الأشهر) خلاف نص تسويته بينهما، ووجه تفرقته أن الرافع في إلا أن يبدو لي هو الموقع فكان منه تلاعباً، وفي إلا أن يشاء فلان غيره فأشبه كونه تفويضاً، وقال ابن عبد السلام: الفرق أن قوله: (إلا أن يشاء زيد) يمين حمله على إن شاء زيد، وقوله: (إلا أن يبدو لي) لا يمكن رده للشرط؛ لأنه إخراج حالة مستقبلة بعد وقوع الطلاق لا يمكن تعلقه بالحال بوجه. قلت: فيلزم كونه في إلا أن يشاء كقوله إلا أن يشاء زيد لصحة حمل إلا أن شاء على قلت: فيلزم كونه في إلا أن يشاء كقوله إلا أن يشاء زيد لصحة حمل إلا أن شاء على إن شئت، والمنصوص في إن شئت عدم اللزوم وفي إلا أن أشاء اللزوم، ونصوص الروايات تسوية العتق والنذر والمبين بالطلاق في الاستثناء. ابن شاس: في الفرق بين الطلاق واليمين بالله في الاستثناء للأصحاب طريقان: لفظ الطلاق يوجبه لفا يرتفع بالاستثناء، واليمين بالله لا يتعلق بها حكم. قول البغداديين تأخر الاستثناء عن الطلاق مع وقوعه بلفظ كاستثناء علق بماض فيسقط كسقوطه في تعلقه به في اليمين بالله. المازري: تحقيقه إن أراد إن شاء الله إيقاع لفي لزمه الطلاق عند أهل السنة، وإن أراد إن شاء لزوم الطلاق للحالف به لزمه قولاً واحداً، وإن أراد إن شاء الله طلاقك في المستقبل فأنت طالق الآن جرى على الخلاف في تعليق الطلاق بمشكوك في وقوعه، وإليه أشار مالك بقوله علقه بمشيئة من لا تعلم مشيئته، وإن قصد التزام الطلاق مع الاستثناء فهو أشكل الوجوه، والحق فيه الرجوع إلى اختلاف الأصوليين هل لله تعالى في الفروع حكم مطلوب نحن غير عالمين به فيرجع إلى تعليقه بالمغيبات، أو ليس له حكم؛ بل كل مجتهد مصيب، فيكون الحق معلقاً باجتهاد المفتي. قلت: ما ذكره عن المازري ليس من التفريق في شيء؛ بل هو بحث في أعمال الاستثناء ولغوه، والأقرب في التفريق أن مدلول الطلاق حكم شرعي، فاستحال تعليقه لقدمه، ومدلول اليمين فعل أو كف عنه فصح تعليقه لحدوثه، والأولى طريقة

بعضهم الأصل لغو الاستثناء بمشيئة الله في غير المعلق ورد أعماله في اليمين بالله وبقي غيره على الأصل، وقول ابن الحاجب فرق بأمرين: أحدهما: أن لفظ الطلاق بمجرده حكم شاءه الله فلا يقبل التعليق عليها لتحققها فلا يرتفع بخلاف اليمين. والثاني: أنه متحقق فكان كاليمين على الماضي. قلت: هو الأول في لفظ ابن شاس، ولفظه بين في مغايرة الأول الثاني، ولفظ ابن الحاجب غير بين فيها، وتعقبه ابن عبد السلام بأن سببية لفظ الطلاق في حل العصمة إن لم تقبل التعليق بوجه وجب أن لا تقبله في مشيئة زيد في أنت طالق إن شاء زيد إلى غيره من التعاليق، وهو خلاف الاتفاق، وإن بلته في مشيئة زيد قبلته في مشيئة الله فيعود السؤال، وأيضاً فقوله لفظ الطلاق وبمجرده حكم شاءه الله إن أراد شاء الله حكمه فصحيح، لكن لم قال انه حكم بأنه لا يقبل التعليق، هذا لم ينص الشرع عليه ولا أومأ إليه، وإن أراد كل ما حكم إليه فقد شاءه فليس بصحيح على قول أهل السنة؛ لأن الأمر عندهم لا يستلزم الإرادة. قلت: قوله: (لفظ الطلاق فيه إن لم يقبل التعليق على مشيئة الله وجب أن لا تقبله على مشيئة الآدمي) دعوى اعتقدها باعتقاده اتحاد حالة مدلول أنت طالق إن شاء الله أو ما شاء فلان، وليس الأمر كذلك؛ لأن قوله أنت طالق فيهما تارة يكون ابتداء صدوره غير مقيد بحيث لو لم يأت بلفظ بعده لزمن وتارة يكون على إرادة التقييد بالشرط بحيث لو لم يأت بالشرط لم يلزمه شيء كما مر من قولها لو أخذ ليحلف، فلما قال طالق ثلاثاً بدا له فلا شيء عليه، فالأول: هو محل النزاع المطلوب فيه الفرق بينه وبين اليمين بالله تصدر حيثيته، وأما الثانيك فواضح تعليقه، وقد قسمه المازري حسبما مر، فقوله لو لم يقبل التعليق بمشيئة الله لم يقبله بمشيئة آدمي إن أراد ذلك في أنت طالق بالحيثية الأولى سلمنا الملازمة ومعنا بطلان اللزوم، ودعواه بطلانه اتفاقاً ليس كذلك إنما هو باطل اتفاقاً في إطلاقه بالحيثية الثانية سلمناه، وليس هو محل النزاع، وقوله في تعقبه بعد قوله: " وأيضاً إن أراد شاء الله حكمه فصحيح، لكن لم قال أنه حكم بأنه لا يقبل التعليق هذا لم ينص الشرع عليه" يرد

بأنه لا يلزم من عدم دليل النص عدم دليل العل، وهو كون الحكم الشرعي قديماً يمنع تعليقه بعد تقرره بمقتضيه، وفرق بين تعليقه بعد تقرره وتعلق تقرره الأول مستحيل والثاني جائز، وعليه صحت التعاليق مطلقاً، وهذا بناء منه على أن معنى قول المؤلف شاءه الله شاء الحكم حسبما صرح به في قوله: إن أراد شاء حكم الله حكمه فصحيح، وهو نص منه بصحة تعلق إرادة الله لحكمه وليس كذلك، لأن الحكم قديم وكل مراد ححادث؛ بل معنى كلام المؤلف لفظ الطلاق بمجرده شاء الله؛ اي: شاء الله لفظ الطلاق، والضمير الفاعل في قوله فلا يقبل التعليق عائد على مفهوم من السياق، وهو الحكم بالطلاق أي شاء الله لفظ الطلاق فلزم تقرر الحكم بالطلاق عملاً بصيغته فلا يقبل الحكم بالطلاق بعد تقرره التعليق؛ اي: لقدم الحكم، وقوله: (بخلاف اليمين بالله)؛ أي: فيقبل التعليق؛ لأن المقصود من مدلول لفظ اليمين فعل أو كف وكلاهما حادث، وبما قررناه تتضح المغايرة بين وجهي التفريق، ولو علق معلقاً على أمر بمشيئة الله تعالى ففي لغو استثنائه مطلقاً أو لم يرد للمعلق عليه قولان للمشهور وابن الماجشون مع أصبغ وابن حبيب والشيخ عن أشهب، وصوبه غير واحد. قال ابن رشد: أصح القولين إعماله؛ لأنه إذا صرفه للفعل فقد بر فلم يلزمه طلاق؛ لأنه علقه بصفة لا توجد وهو أن يفعل الفعل والله لا يشاؤه، وذلك باطل إلا على مذهب القدرية مجوس هذه الأمة، فعلى ابن القاسم في قوله درك عظيم. قلت: هذه المسألة فرع بالنسبة لمسألة الاستثناء في اليمين بالله؛ لأنه فيها متفق عليه، وفي هذه مختلف فيه، ورده للفعل في هذه المسألة يحتمل تفسيره بأن تعلق مشيئة الله بالفعل يوجب تعلق الحلف به، أو بأن تعلقها به يمنع تعلق الحلف به، فابن رشد بناه على الثاني فلزم ما ألزم، ولقائل أن يقول مجيباً عن ابن القاسم بأنه على المعنى الأول، وحينئذ ينعكس الأمر في جري قول ابن القاسم على مذهب أهل السنة وقول غيره على مذهب القدرية. فغن قلت: الاستثناء في اليمين بالله هو الأصل، وهو فيها على المعنى الثاني لا الأول. قلت: بل على الأول وهو تقييد المحلوف عليه بأنه إن شاءه الله، سلمناه، إنما كان

في اليمين بالله على الثاني؛ لأن حمله على الأول مناف لنص حكم الشرع فيه أنه يرفع مقتضى اليمين، فوجب حمله على الثاني لموافقته مقتضى النص فيه بخلاف حمله على الأول في الطلاق المعلق هو فيه حمل اللفظ على ظاهره مع السلامة عن معارضة نص فيه، أما أنه حمل اللفظ على ظاهره فبيانه أن قوله أنت طالق إن قمت إن شاء الله قيامي، أنه شرط تعقب شرطاً قبله على أنه متعلق به، والقاعدة أن الشرط إذا تعقب فعلاً مسنداً أن يؤثر في وقف إسناده على الشرط لا أن يؤثر في وقف نقيض الإسناد المذكور، كقوله اضرب أربعين جلدة، هذا إن كان قذف حراً عفيفاً إن كان عبداً، فقوله إن كان عبداً مؤثر في إسناد ضرب أربعين بمعنى وقفه على الشرط الأخير، وهو غن كان عبداً وحمله على تأثير الشرط في نقيض الإسناد، وهو عدم ضرب المذكور حمل له على غير مدلوله لا يصح إلا لمعارض شرعي كما في اليمين بالله فتأمله. ابن رشد: إن لم تكن له نيَّة في صرفه للفعل أو للطلاق فلا أعلم فيه نص رواية، والنظر عندي كونه مصروفاً للفعل إن قصد به حل اليمين، ولم يكن لهجاً دون قصد الاستثناء؛ لأن صرفه للطلاق لغو لا معنى له، وصرفه للفعل له معنى له صحيح، وحمل اللفظ على وجه له معنى أولى من حمله على ما لا معنى له. القرافي: من الأحكام ما جعل الشارع لها أسبابه بيد المكلف كالطلاق جعل للمكلف فيه سبباً من قول أو فعل، فقوله هي طالق إن فعل كذا فقط جعل منه للفعل مطلقاً سبباً فيه، فإن زاد إن شاء الله فهو نزوع منه عن جعله مطلقاً سبباً؛ بل فوض كونه سبباً لله، وهذا هو قول عبد الملك في رد الاستثناء للفعل، وعلى هذا التقدير لا يكون الفعل سبباً فلا يلزم به شيء إجماعاً، ولا يكون هذا خلافاً لابن القاسم مع أن صاحب المقدمات حكاه خلافاً، وقال: الحق عدم اللزوم كاليمين بالله إذا رد الاستثناء للفعل، وهذا يشعر أن ابن القاسم يوافق في اليمين بالله ويخالف في الطلاق فيكون هذا إشكالاً، وإن حمل قول عبد الملك على ما ذكرته فلا إشكال ويصير المدرك مجمعاً عليه وغلا فلا تعقل المسألة ولا يصير لها حقيقة. قلت: من تأمل ما قدمناه من توجيه القولين بان له سقوط هذا الكلام، ومخالفته لفهم الأشياخ في حمل المسألة على الخلاف حسبما مر للشيخ كغيره.

وسمع عيسى ابن القاسم من قال لامرأته: إن فعلت كذا إلا أن يقدر فأنت طالق؛ إن فعله فهي طالق. ابن رشد: لأشهب في المجموعة لا شيء عليه وهو مقتضى النظر؛ لأن قدر الله وقضائه ومشيئته هي إرادته، فلا فرق بين الاستثناء بقدر الله وقضائه ومشيئته، وابن القاسم فرق بين ذلك ولم يره بقضاء الله، ولا في إرادته عاملاً بين اليمين بالله كما مر في سماع عيسى في النذور وعليه يأتي قوله هنا، ولو قال إن فعلت كذا إلا أن يشاء الله فامرأته طالق نفعه استثناؤه عند الجميع لنصه على رد الاستثناء للفعل بذكره عقبه قبل الطلاق، وما روى عن ابن القاسم من الاستثناء بمشيئته الله في اليمين بالطلاق غير عامل، وإن رده للفعل معناه إذا ادعى ذلك وعليه بينة فلا يصدق في ذلك خلافاً لابن الماجشون. وقال ابن دحون: لو قال إن فعلت كذا إلا أن يشاء الله فأنت طالق ففعله؛ كان حانثاً على قياس هذه الرواية؛ لأن لا يفعل فعلاً إلا بقدر الله ومشيئته، فذكر ذلك لغو لا ينفعه، ووجه ما ذهب إليه أن هذا هو الأصل فخصت السنة من ذلك الاستثناء. قلت: نصه في المقدمات على اختلاف قولي ابن القاسم وابن الماجشون مع ذكره دليل ترجيحه، وقوله في هذا السماع أنه لا يخالف فيه ابن القاسم إلا مع البينة لعدم تصديقه حيث كونه غير نص في رده للفعل متنافيان، ففي اتفاقهما في قوله أنت طالق إن فعلت كذا إن شاء الله مع دعواه رد الاستثناء للفعل على عدم حنثه، واختلافهما فيه، ثالثها: هذا إن قامت عليه بينه للقرافي، والأكثر مع المقدمات والبيان. وفي عتقها الأول إن قال لامرأته أنت طالق إن أكلت معي شهراً إلا أن أرى غير ذلك فقعدت بعد ذلك لتأكل معه فنهاها ثم أذن لها فأكلت، إن كان ذلك مراده ورأى ذلك فلا شيء عليه، ولو علقه على واضح نقيضه مؤخراً عنه كأن لم يكن هذا الإنسان إنساناً فانت طالق فلا شيء عليه ومقدماً عليه. قال ابن الحاجب: حانث كانت طالق أمس. قلت: الأظهر أنه كإن شاء هذا الحجر، وتقدم نقل اللخمي في أنت طالق أن هذا العمود، ولابن محرز في أنت طالق أمس لا شيء عليه، وتقدم في السريجية نقل الشيخ

تقييد الطلاق بالماضي كإطلاقه. اللخمي: لو قال أنت طالق ثلاثاً أنت طالق ثلاثاً إن فعلت كذا، ففي لغو تعليقه بجعله نادماً وإعماله بعد حلفه على تعليقه قولاً مالك وابن القاسم. قلت: نصها في سماع ابن القاسم من قالت له امرأته وعنده هشود ائذن لي أن أذهب لأهلي، فقال: أنت طالق البتة أنت طالق البتة أنت طالق البتة إن أذنت لك قد طلقت عليه، فقال: غنما أردت أن أسمعها وأردد اليمين ولم أقطع كلامي، فقال مالك: ما أظنها إلا بانت منه وقد ألبس، وفيه ما ترى من الإشكال وما هو باليمين. ابن القاسم: يحلف ما أراد إلا أن يفهمها والقول قوله ولا حنث عليه. ابن رشد: الواجب على المشهور من رعي البساط أن لا يلزمه طلاق ولا حلف؛ لأن سؤالها الإذن لأهلها دليل على صدقه لا تبتيل الطلاق، ولو سألته تبتيله فقال ذلك اللفظ بعينه بانت منه بالثلاث قولاً واحداً، وإنما يصح هذا الاختلاف على القول بلغو البساط، ووقعت هذه المسألة في رسم سلف من سماع عيسى معراة من البساط، وقال مالك وابن القاسم فيها مثل ما تقدم لهما، وعلى مذهبه في المدونة لا يمين عليه. قال فيها: من قال: أنت طالق أنت طالق أنت طالق إن دخلت الدار أنه ينوي إن دخلها في أنه إنما أراد واحدة فلم ير عله طلاقاً إلا أن يدخل الدار، وهو على أصله فيها على من أقر بنفقة لرجل، وقال البناء له أو بخاتم، وقال الفص له قبل قوله إن كان كلامه نسقاً، ولأصبغ عنه في كتاب المديان من قال لفلان علي ألف دينار وعلى فلان وفلان أنها كلها عليه، وإن كان كلامه نسقاً بخلاف قوله لفلان علي وعلى فلان وفلان ألف دينار، وخالفه أصبغ فلم ير عليه إلا ثلث الألف إن كلام متتابعاً، فرواية أصبغ هذه عنه على قياس قول مالك في مسألة الطلاق، وقوله على قياس قول ابن القاسم في المدونة وإيجاب ابن القاسم اليمين عليه استحسان لرعي الخلاف، وهو أصوب الأقوال عند عدم البساط، وقول ابن الحاجب إن علقه على ما لا يعلم حالاً، وما لا طلقت كقول ابن رشد في مسألة الشك منه ما يتفق على جبره كالطلاق كقوله امرأتي طالق إن كان أمس كذا وكذا؛ لشيء يمكن أن يكون وأن لا يكون ولا طريق لاستعلامه، وقول ابن عبد السلام: "لا يبعد تخريجه على الخلاف في المعلق على مشيئة

الملائكة والجن" فيه نظر؛ لأن الأرجح في مشيئتهما العدم، والمخرج الفرض فيه تسوية الأمرين. وسمع يحيى ابن القاسم: من قال امرأته طالق إن لم يكن فلان يعرف هذا الحق لحق يدعيه، فقال المدعى عليه: امرأته طالق إن كان يعرف له فيه حقاً؛ ديناً جميعاً، ولا حنث على واحد منهما. ابن رشد: مثله في الأيمان بالطلاق منها والعتق الأول منها ولم ذكر يميناً، وروى محمد السبائي أنها يدينان ولا يحلفان، ولعيسى عن ابن القاسم يدينان ويحلفان، ومثله في سماع أشهب في نحو المسألة، وهذا الاختلاف إنما هو إن طولب بحكم الطلاق، وهو على الخلاف في يمين التهمة، وإن أتيا مستفتيين فلا وجه لليمين. وفي اختصار المبسوطة لابن رشد سئل مالك عمن نازع رجلاً فقال: أنت. قلت: كذا وكذا فينكر الآخر، فيقول الأول يميني في يمينك بالطلاق البتة إن لم يكن ما أقول حقاً، وقال الآخر: طلقت امرأته ثلاثاً إن كان ما يذكر حقاً، فقال مالك: الأول حانت قد طلقت امرأته البتة، وقال ابن نافع: إن حلف الأول على ما استيقن فلا حنت عليه، وفي الأيمان بالطلاق منها: من قال لرجل امرأته طالق لقد قلت لي كذا وكذا، فقال الآخر: امرأته طالق إن كنت قلته فلدينا ويتركا إن ادعيا يقيناً، وفي عتقها الأول إن كان عبد بين رجلين، فقال أحدهما إن كان دخل المسجد أمس فهو حر، وقال الآخر إن لم يكن دخل المسجد أمس فهو حر، إن ادعيا علم ماحلفا عليه ديناً في ذلك، وإن قالا ما نوقن أدخل أم لا وإنما حلفنا ظناً فليعتقاه بغير قضاء، وقال غيره يجبران على عتقه، فعبر الصقلي عن الغير بأشهب، ونقلها التونسي بلفظ حلفاً على الشك بدل حلفاً ظناً، ولفظها في الأم قال: إن ادعيا علم ما حلفا عليه ديناً، وإن لم يدعيا علم ما حلفا عليه ويزعمان أنهما حلفا على الظن، فإنه ينبغي أن يعتق عليهما؛ لأنهما لا ينبغي لهما أن يسترقاه بالشك. ابن القاسم: لا يقضي عليهما بذلك. سحنون: وقال غيره يجبران على ذلك، وقول ابن عبد السلام عكس بعضهم النقل، وأتى بها ظاهرة أنه جعل القولين في جزم كل واحد منهما بصحة ما حلف عليه،

وإن لم يجزما لزمهما الطلاق، وأجمل بعضهم النقل وأتى بما يدل على الخلاف في مسألة من حيث الجملة. قلت: ما حكاه من عكس النقل لا أعرفه، وإجمال النقل هو ظاهر سماع يحيى. وفيها: من أقر بفعل كذا ثم حلف بالطلاق ما فعله صدق مع يمينه، ولا يحنث، ولو أقر بعد يمينه أنه قد فعله ثم قال: كنت كاذباً لم ينفعه، ولزمه الطلاق بالقضاء. قلت: مثله في رسم الدور والمزارع من سماع يحيى من كتاب النكاح، وفيه من شهد عليه قوم بحق أو فعل شيء ينكره فحلف بعد شهادتهم بالطلاق أنهم شهدوا عليه بزور حلف أنهم كاذبون ودين، فإن أقر بعد ذلك بتصديقهم أو شهد آخرون بصدق شهادة الأولين حنث في يمينه، وكذا لو حلف بالطلاق وإن كان لفلان عليه كذا وكذا، وإن كان كلم فلاناً اليوم فشهد عليه عدول بالحق أو بالكلام فقد حنث. ابن رشد: أصل هذه المسائل في الأيمان بالطلاق منها، وتكررت في سماع ابن القاسم من كتاب الشهادات: ولا خلاف في شيء منها، والفرق بين أن يتقدم اليمين على ما يناقضه هو أن اليمين إذا تقدم فقد لزم حكمه، ووجب أن لا يصدق في إبطاله، وإذا تقدم الفعل ببينة أو إقرار لم يثبت لليمين بتكذيب ذلك حكم إذا لم يقصد الحالف إلى إيجاب حكم الطلاق الذي حكم به على نفسه إنما قصد تحقيق نفي ذلك الفعل. قلت: الأصل أن ثاني المتنافين ناسخ لأولهما فيما فيه النسخ ورافع له في غيره، فإن تقدم الحلف كان ما بعده رافعاً لمدلول ما حلف عليه فكان إقرار بالحنث، وإن تأخر كان رافعاً ما قبله فلا حنث. اللخمي: قال في الموازية إن قيل له: فلان وفلان يشهد عليك بكذا فحلف بالطلاق أن لا شيء عنده من ذلك ثم شهد عليه مل يحنث، وقال مالك: من شهد عليه شاهدان بريح خمر فحلف بالطلاق ما شرب خمراً حد ودين في يمينه، ولا تطلق عليه. قلت: ظاهره دون يمين ولا ينقض فرع الموازية ما ذكرناه من الفرق؛ لأن حلفه فيه في حكم المتأخر عن الشهادة؛ لأنه أتى به رداً لها لما أخبر بها. وفيها: لو لم تشهد البينة على إقراره بعد اليمين، وعلم أنه كاذب في إقراره بعد يمينه حل له المقام عليها بينه وبين الله، ولم يسع امرأته المقام معه إن سمعت إقراره هذا

إلا ألا تجد بينة ولا سلطاناً، فهي كمن طلقت ثلاثاً ولا بينة لها. قال فيها مالك: لا تتزين له ولا يرى لها شعراً، ولا وجهاً إن قدرت، ولا يأتيهما إلا وهي مكرهة، أحسن من قوله في المدونة إلا كارهة إذ لا تنفعها كراهتها لإتيانه لها، إنما ينفعها أن تكون مكرهة. قلت: قوله: (أحسن من قوله في المدونة) صوابه في التهذيب: غذ هو لفظه لا لفظ المدونة، إذ لفظها وهي كارهة ولا تطاوعه، فالمتعقب إنما هو اختصار البرادعي على كارهة لا لفظ المدونة لزيادتها ولا تطاوعه. ابن محرز: إنما منعه من رؤية وجهها لقصد اللذة كالأجنبي لا لغير اللذة إذ وجه المرأة عند مالك وغيره ليس عوة، قد قال في الظهار، وقد يرى غيره وجهها. محمد: ولتفتد منه بما قدرت ولو بشعر رأسها، وتقتله إن خفي لها كغاصب المال؛ يريد: مثل العادي والمحارب، وقال سحنون: لا يحل لها قتله ولا قتل نفسها، أكثر ما عليها الامتناع وأن لا يأتيها إلا مكرهة. ابن محرز: هذا الصواب. ابن بشير: اختلف هل يباح لها قتله إن أمكنها وخفي لها، فقيل لها ذلك وأراه من باب تغيير المنكر، وقيل: لا ورآه من باب إقامة الحدود، ويحتمل أن يتخرجا على الخلاف في تغيير المنكر هل يفتقر إلى إذن أم لا، وقاس محمد قتله على المحارب، وأنكره ابن محرز بأن ن طلب أخذ ماله مخير في التسليم والمحاربة، والمرأة لا يجوز لها التسليم ولا سبيل لها إلى القتل؛ لأن قبل الوطء لم يستحق القتل بوجه وبعده صار حداً والحد ليس لها إقامته، والجواب أنه من تغيير المنكر بمدافعته، فإن لم يندفع إلا بقتله قتلته. قلت: تفريق ابن محرز بأن المغصوب مخير بخلاف المرأة ينتج كون القياس أحروياً في القتل، والصواب: إن أمنت من قتل نفسها إن قتلتله أو حاولت قتله، ولم تقدر على دفعه إلا بقتله وجب عليها قتله لا إباحته، وإن لم تأمن قتل نفسها في مدافعته بالقتل أو بعد قتله فهي في سعة، وكذا من رأى فاسقاً يحاول فعل ذلك بغيره، وفي جهادها إن نزل قوم بآخرين يريدون أموالهم وأنفسمهم وحريمهم ناشدوهم الله فإن أبوا فالسيف. ولو علق على مغيب حالاً يعلم مآلا كإن كنت حاملاً أو كإن لم تكوني حاملاً ففيها

طالق مكانها. اللخمي: في ذا الأصل في الواضحة لا يقع إلا بحكم، يؤخر للمآل، وقاله أصبغ في إن كنت وبالأول في غن لم تكوني؛ لأنه على حنث، وصوب اللخمي الثالث وخص الخلاف بكون قوله في طهر مس فيه وأنزل، وإلا لم تطلق في إن كنت، وطلقت في إن لم تكوني. قلت: فيه -على المشهور أن الحامل تحيض- نظر، وحكى ابن شاس: في إن كنت عن السيوري إن كانت بينة الحمل فبين أنها تطلق، وإن كان يطأ ولا ينزل أو ينزل ويعزل عزلاً بيناً فلا شيء عليه، وإلا وقف؛ لأن الحمل مشكوك فيه، وإن كانت ممن لا يمكن أن تحمل فلا شيء عليه، وإلا وقف؛ لأن الحمل مشكوك فيه، وإن كانت ممن لا يمكن أن تحمل فلا شيء عليه، وفي إن لم تكوني إن وطء وأنزل جرى على القولين في التعجيل والوقف وإلا عجل. قلت: مقتضى جعله قول السيوري خلافاً كون تقييد اللخمي كذلك، وحكى ابن حارث عن ابن نافع كقول اشهب. اللخمي: في توارثهما، ثالثها: ترثه ولا يرثها لسحنون فقيده ببيان بره، وإلا لم ترثه وبكون يمينه بالثلاث. قال: وعليه محمل قول مالك فيها: ولو كانت يمينه بدونها توارثاً اتفاقاً. فيها: في أنت طالق إن لم يكن في بطنك غلام لابن القاسم تطلق عليه كقوله إن لم تمطر السماء غداً. ابن حارث عن سحنون: ينتظر وضعها إذ لم يقصد أن ما في بطنها غلام كقصد القائل إن لم تمطر السماء غداً أنها تمطر بكل حال. الشيخ لابن سحنون عنه: من قال لزوجته إن كان حملك جارية فأنت طالق واحدة، وإن كان غلاماً فطلقتان فولدتهما، إن ولدت الغلام أولاً لزمه طلقتان، وتنقضي العدة بوضع الجارية، ولا يوجب طلاقاً، وعكسه تلزمه بوضع الجارية طلقة فقط، وبوضع الغلام تنقضي العدة. ولو قال في وعاء: إن كان فيه حنطة فامرأته طالق، وإن كان فيه تمر فعبده حر، فكانا فيه حنثاً فيهما؛ لأن الحنث عندنا بالأقل، ولو قال: إن كان كل ما فيه، أو قال إن

كان كل حملك غلاماً أو كله جارية، فكان في الوعاء الأمران، وفي الحمل الصنفان فلا شيء عليه، كقوله إن هدمت هذه البئر كلها فلا شيء عليه فهدم بعضها. قلت: مر في الأيمان في هذا خلاف. ولو قال إن كنت تبغضيني فأنت طالق، فقالت نعم أولاً ونحوه أمر بفراقها، وفي جبره، ثالثها: إن قالت: نعم لعياض عن طرق الأشياخ، وعزا الثالث لابن القاسم أيضاً ولرواية الواضحة: لا يقضى عليه، ولأصبغ يقضى عليه، وقول ابن الحاجب، ورابعها: إن صدقها حنث يقتضي الخلاف فيه، وهو بعيد، ولابن عبد السلام كابن شاس عن عبد الحميد: إن قصد نفس لفظها فلا طلاق عليه إن أجابته بما لا يقتضيه، وإن علقه بما في قلبها فهو من وقوع الطلاق بالشك. قلت: وفي المجموعة نحوه قال اللخمي في كتاب العتق عن المجموعة، قوله: أنت حرة إن كنت تحبيني، فقالت: أنا أبغضك أشد؛ لأنها لو كان كانت تغضه ما. قالت: ما يكره ولحبها إياه لم تذكر محبتها إياه خوف الخروج من يده، وكذلك هذا في الطلاق. قال: إلا أن يقول نويت ما تعليمين من ذلك فله ذلك مع يمينه. وقد يكون للسياق، في إرخاء الستور منها: من خالع امرأته، ثم ظاهر منها في عدتها أو آلا لزمه الإيلاء لا الظهار إلا أن يقول إن تزوجتك أو يجري قبل ذلك ما يدل عليه فيلزمه إن تزوجها، كمن خالع إحدى امرأتيه فقالت له الأخرى ستراجعها، فقال لها هي طالق أبداً ولا نية له. قلت: وكثير ما يقع شبهه فيمن يقال له تزوج فلانة فيقول هي عليه حرام، أو يسمع حين الخطبة عن المخطوبة أو عن بعض قرابتها ما يكرهه فيقول ذلك، فكان بعض المفتين يحمله على التعليق فيلزمه التحريم محتجاً بمسألة المدونة، وفيه نظر؛ لأنه لا يلزم من دلالة السايق على التعليق في الطلاق كونه كذلك مع السايق ناهض في الدلالة على التعليق والتحريم يعقله العوام في غير الزوجة، ولهذا يحرمون الطعام وغيره، وأرى أن يستفهم القائل هل أراد بقوله معنى تحريمه طعاماً أو ثوباً أو أنها صيرها كأخته وخالته أو معنى أنها طالق، فإن أراد الأول لم يلزمه شيء، وإن أراد الأخير لزمه التحريم، وكذا

إن لم يبن منه شيء إذ لا تباح الفروج بالشك. وتعليق التعليق على مجموع الأمرين كإن دخلت الدار فأنت طالق إن كانت لزيد، لا يحنث إلا بدخولها مع كونها لزيد، ولو على التحنيث بالأقل اعتباراً بالتعليق، وعلى هذا الأصل اختلاف مذكور في إيلائها، وفي كون الحلف على التعليق حلفاً عليه فيخير إن وقع المعلق عليه بين حنث اليمين وحنث التعليق أو تأكيد التعليق فيتنجز بالمعلق عليه حنث التعليق قولاً أكثر المتأخرين وأقلهم، لابن سهل عن ابن زرب من قال لزوجته: الأيمان له لازمة إن دخلت دار فلان إن كنت له بزوجة فدخلها ثم بارأها. قال ابن دحون: تحير فيها أهل بلدنا فقال القاضي قد بر بمبارأتها، وله أن يتزوجها ولا حنث عليه كمن قال لزوجته: أنت طالق إن لم أطلقك، فقال له أبو الأصبغ الحشي وغيره ليست مثلها؛ لأنه قال: لا كانت لي بزوجة فمتى ردها صارت له زوجة ولزمه الحنث، فقال القاضي: هي عندي مثلها إلا أن ينوي لا كانت بزوجة أبدأً، فإن نواه لزمه الحنث متى تزوجها، وقال بعض أهل المجلس: أفتى فيها بعض فقهاء بلدنا بطلاق الثلاث وأن المباراة لا تنفعه ولا يجوز له أن يتزوجها بعد زوج، وقال ابن محسن: نزلت بقرطبة، وكتب بها لابن أبي زيد فقيه القيروان فأفتى بفتيا القاضي منذ أربعة أعوام ونحوها. قلت: جواب القاضي عن إيراد ابن الحشاء لغو؛ لأنه تكرير لعين دعواه أولاً، ولو قال: لأن الفعل في سياق النفي لا يعم لكان جواباً، وهو مذهب الغوالي، وقول ابن الحشى على تعميمه، وهو اختيار ابن التلمساني، وهو مقتضى مسائل المذهب في الأيمان. فإن قلت: فتوى الشيخ: بأن المبارأة كافية، ولا تلزمه الثلاث خلاف متقدم فتواه في أن فعلت كذا فلست لي بامرأة أنها ثلاث. قلت: الفرق أن قوله إن كنت لي بزوجة حلف على تحصيله مسمى عدم الزوجية، وهو قادر على تحصيله بالمبارأة، وقوله: (إن فعلت كذا فلست لي بامرأة) التزام لحصول مسمى لست لي بامرأة، وحصوله بنفس وجود متعلق عليه يوجب البينونة حينئذ، ولا

بينونة فيمن لم تخالع إلا بالثلاث على المشهور، والفرق بينهما كالفرق بين قوله إن فعلت كذا فأنت طالق طلقة بائنة، وبين قوله أنت طالق ثلاثاً إن لم أطلقك طلقة بائنة لا تتقدر بينونة الأولى إلا بالثلاث، ويكفي في بينونة الثانية المبارأة. وفي نوازل ابن الحاج: من قال لامرأته والله الذي لا إله إلا هو إن شاررت أمي وخرجت من الدار إن خرجت إلا كخروجها، فشاررتها وخرجت الأم لا يلزمه إلا كفارة يمين، بهذا أفتى أصحابنا وخالفهم الفقيه القاضي أبو عبد الله بن حمدين، وأرى أنها طالق ثلاثاً وقضى به على الحالف، ولما ذكر ابن رشد ما نقلناه عنه في مسألة القائل إن كان كذا فلست لي بامرأة. قال كان بعض الناس يفتي من هذه المسألة في نازلة تنزل كثيراً، وهو قول الرجل لامرأته بالله إن فعلت كذا إن كنت لي بامرأة، ولا يراعى عقد يمينه، ويقول إنما معنى ذلك أنه حلف أنه قد طلقها وذلك لا يصح؛ لأنها يمين منعقدة يصح فيها البر والحنث، ومعناها والله أو علي المشي إن فعلت كذا وكذا لأطلقنك طلاقاً لا تكونين به بامرأة فيبر في يمينه بأن يباريها بطلقة تملك بها نفسها. على مقدر بإن ونحوها ظاهر في تعليقه لا في بته ولا محتمل لهما خلافاً لابن رشد وسماع القرينين في التخيير من قالت لزوج ابنتها إنك مع ابنتي على حرام، فقال: لا، فقالت: بلى، فلما أكثرت عليه قال: إن كان ما تقولين حقاً فشدي يديك بها إلى آخر قوله، فإن نكل طلقت البتة. ابن رشد: لأن النية التي ادعاها محتملة، فإن نكل طلقت ثلاثاً؛ لأن قوله شدي بها يديك إلى آخر كقوله رددتها إليك أو وهبتها لك وذلك يوجب البتات. بعصمة لا يرتفع إلا ببتها بالثلاث لا بطلاقها وتزويجها غيره. فيها: إن حلف بطلاقها إن أكلت هذا الرغيف فأكلته أو بعضه بعد أن تزوجها بعد طلاقه إياها وزواجها غيره حنث ما بقي من طلاق ملك حلفه شيء، فإذا تم لم يحنث بما أكلت عنده في الملك، وذكر ابن حارث إثر نقله نصها لابن القاسم وروى البرقي عن أشهب: لا يحنث إذا فعلت ذلك بعدما تزوجها، وشهدت أبا جعفر أحمد بن نصر يفتي بمذهب أشهب.

وتقييد المعلق عليه بما الظاهر كونه طردياً لغو إلا أن يقصد بالنية فيعتبر. فيها: من قال أنت طالق يوم أدخل دار فلان فدخلها ليلاً أو حلف على الليل فدخلها نهاراً حنث إلا أن ينوي نهاراً دون ليل أو ليلاً دون نهار فينوي. قلت: ظاهره دون يمين وتجري على التهمة. والشك في الطلاق: سمع فيه من كتاب العدة عيسى ابن الاسم: من شك في طلاق امراته لم يقض به عليه وذلك إليه. ابن رشد: الشك فيه على خمسة أقسام: منه ما يتفق على أنه لا يؤمر به ولا يجبر، مثل حلفه على رجل لا فعل فعلاً، ثم يقول لعله فعله دون سبب يوجب شكه فيه، ومنه ما يتفق على أنه يؤمر به ولا يجبر مثل حلفه أن لا يفعل فعلاً، ثم يشك هل حنث أم لا؟ لسبب يدخل عليه الشك، ومنه ما يتفق على أنه لا يجبر ويختلف هل يؤمر أو لا مثل أن يشك هل طلق امرأته أم لا؟ ويشك هل حنث في يمينه فيها، فقال ابن القاسم يؤمر ولا يجبر، وهو قوله في هذه الرواية، وقال أصبغ: لا يؤمر ولا يجبر، ومنه ما يختلف فيه هل يجبر أو لا؟ مثل أن يطلق فلا يدري طلق واحدة أو اثنتين أو ثلاثاً، أو يحلف ويحنث ولا يدري أكان حلف بطلاق أو مشي، أو يقول امرأتي طالق إن كان فلانة حائضاً، فتقول لست بحائض، وإن كان فلان يبغضني فيقول أنا أحبك، وإن لم يخبرني بالصدق فيخبره ويزعم أنه صدقه ولا يدري حقيقة ذلك، والخلاف في المسألة الأولى من قول ابن القاسم ومن قول ابن الماجشون، وفي الثانية من قول ابن القاسم وأصبغ، ومنه ما يتفق على أنه يجبر مثل قوله: امرأتي طالق إن كان أمس كذا لشيء يمكن أن يكون وأن لا يكون ولا طريق لاستعلامه، ومثل أن يشك أي امرأتيه طلق. قلت: انظر ما الفرق بين الأول والثالث، ولا فرق بينهما في الحقيقة بينهما إلا أن يحمل الأول على احتمال الطلاق مع رجحان عدمه، والثاني مع تساويه؛ فيكون قد جعل الوهم من أقسام الشك، والمعروف أنه قسيمه، وللخمي عن ابن حبيب عن ابن الاسم: من شك في طلاق امرأته ابتداء يقول لا أدري حلفت فحنثت أم لا، أو يحلف بطلاق امرأته لا تخرج لم يشك هل خرجت، أو لا كلم فلاناً ثم يشك هل كلمه؛ هذا لا يؤمر بالفراق بقضاء ولا فتيا.

قلت: هذا خلاف نقل ابن رشد عن ابن القاسم في القسم الثالث. قال اللخمي: ويختلف إذا شك هل طلق أم لا؟ فعلى وجوب وضوء من أيقن بالوضوء وشك في الحدث يحرم عليه هنا، وعلى استحباب وضوئه يستحب فراقه في تحرمه الوجوب نظر؛ لأن الوضوء أيسر من الطلاق، ولأن أسباب نقض الوضوء متكررة غالبة بخلاف أسباب الطلاق، ولما حكى ابن عبد السلام التفريق بمشقة الطلاق دون الوضوء. قال: ما أشار إليه في المدونة من الفرق أحسن، وذلك أنه جعل الشك في الحدث من الشك في الشرط، والشك في الشرط شك في المشروط، وذلك مانع من الدخول في الصلاة، والشك في الطلاق شك في حصول مانع من استصحاب العصمة، والشك في الكانع لا يوجب التوقف بوجه، والنكتة أن المشكوك فيه مطرح، فالشك في حصول الشرط يوجب طرح الشرط وذلك يمنع الإقدام على المشروط، والشك في المانع يوجب طرحه وذلك موجب للتمادي. قلت: من تأمل وأنصف علم أن الشك في الحدث شك في مانع لا في شرط، لكنه في مانع لأمر هو شرط يف غيره. والمعروف أن الشك في المانع لغو مطلقاً، ويؤيده قوله النكتة أن المشكوك فيه مطرح، والمشكوك فيه مسألة الوضوء إنما هو الحدث لا الوضوء فيجب طرحه. وفيها: فكل يمين لا يعلم صاحبها أنه فيها بار وهي بالطلاق فهو حانث فلم يقيده الصقلي وقال ابن الحاجب يعني يشك. قلت: لأنه أتى بها مصدرة بالفاء عقب قوله من حلف لا كلم فلاناً ثم شك هل كلمه طلقت عليه؛ لأن يمينه خرجت منه وهو لا يتقين أنه فيها بار، ومن شك هل طلق واحدة أو اثنتين أو ثلاثاً ففي حرمتها إلا بعد زوج وأمره بفراقها دون قضاء قولها، ونقل اللخمي رواية ابن حبيب، وعلى الأول إن طلقها طلقة بعد نكاحها بعد زوج ففي لزوم الثلاث، ولو نكحها كذلك بعد مائة زوج ما لم يبت طلاقها ثلاثاً دفعة، أو ما لم يتزوجها بعد ثلاثة أزواج، ثالثها: ما لم يطلقها ثلاثاً، ولو كن متفرقات لها، ولرواية الصقلي مع نقله عن أشهب وأصبغ وابن وهب وتوجيهه الأقوال الثلاثة دليل مغايرتها

عنده، والحق لا تغاير بين الأخير وما قبله. وسمع أصبغ ابن القاسم: من قال لامراته: إن تزوجتك فأنت طالق، ولا يدري ما أراد، إن تزوجها بانت منه خوف أن يكون طلق البتة ولها نصف المهر، ولم يكن ينبغي له أن يتزوجها حتى تنكح زوجاً، كذا أبداً حتى تبين منه بثلاث تطليقات لكل نكاح طلقة محسوبة، إن طلقها إياها لا ترجع إليه حتى تنكح زوجاً غيره. قال: واختلف الناس إن رجعت إليه بعد الذي فسدت لك أن يبتدئ الطلاق أو تكون على طلقة واحب إلي أن تكون على تطليقة أبداً يعمل باليقين ويطرح الشك، وقاله أصبغ وأشهب أيضاً في المدخول بها وهما سواء. ابن رشد: حمل ابن القاسم قوله ولا أدري على أنه لم يدري ما أراد من عدد الطلاق، وأنه أراد شيئاً فنسيه خلاف قول سعيد بن المسيب ويحيى بن سعيد في التخيير والتمليك من المدونة، وقول ابن القاسم هذا كقوله فيها في الأيمان بالطلاق أن الشك باق أبداً لا ترجع إليه أبداً إلا على طلقة، وهو قول سحنون. قال: ولو نكحها بعد عشرة أزواج إلا أن يبت طلاقها، وحكى الشيخ في المختصر عن أشهب: أن الشك يرتفع بعد ثلاثة أزواج وترجع إليه إن تزوجها على كل الطلاق وهو قول ابن وهب، وبه أخذ ابن حبيب. قال يحيى بن عمر تدبرته فوجدته خطأ، وقال الفضل أيضاً أنه خطأ واضح. قلت: جعل ابن رشد قول ابن وهب هو قول أشهب خلاف جعل الصقلي قول ابن وهب خلاف قول أشهب وهو وهم. ابن بشير: إن شك في واحدة وثلاث ففي وجوب الثلاث قولان، إن قلنا لا تجب أمر بالرجعة، فإن لم يفعل حتى تمت العدة ففي جواز نكاحه إياها القولان. قلت: وهذا نص منه بأن القول الثاني أنها طلقة رجعية وحكاه ابن الحاجب، قال ابن عبد السلام: تبع فيه غيره، وأنكر غيرهما من الحفاظ وجوده في المذهب، وأصول المذهب تشهد لوجوده، ثم حكى رواية ابن حبيب على أنها غيره. قلت: لا أعلم من أنكر ثاني نقل ابن بشير، وهو عندي نفس رواية ابن حبيب، ولذا لا تجد من جمع بينهما في النقل، حكاه ابن بشير ولم يزد رواية ابن حبيب، واللخمي

عكس، وقال: لا يختلف أنه يؤمر أول مرة بالإمساك عن رجعتها حتى يتزوجها إن شاء، فإن ارتجعها أمر أن لايصيب، أنه لا يدري في حليتها من حرمتها، ويؤمر أن يطلقها لإمكان كون رجعته صحيحة فلا تحل لغيره من غير طلاق؛ لأن منع الأول إنما هو لإمكان كون الطلاق ثلاثا لا على وجه القطع، فمنع الناس أولى؛ لأنه في شك من زوال الأول عليها طلاقا، فإن أبى ولم يجبر على رواية ابن حبيب، فإن لم يجبر ووقف عنها فرفعته للسلطان طلق عليه الحاكم. قلت: فحاصل كلامه أن اللازم له على رواية ابن حبيب إنما هي طلقة رجعية، وقوله تفريعاً عليها أنه يوقف على إصابتها، وتطلق عليه إن رفعته غير صحيح، وقوله إذا منع الأول مع الشك فالثاني أولى إن أراد على رواية ابن حبيب فلا خلاف في حرمتها على غير الأول إلا أن يوقع الأول عليها طلقة أو يموت، وإن أراد على المشهور فليس كذلك؛ لأنه فرق بين كون الشك طريقاً لوجوب الحكم، والحكم المشكوك فيه الأول معتبر، والثاني لغو كمن شك في وجوب ظهر وعصر ثم تيقن وجوب الظهر بعينها بعد صلاتهما فقط أو بعد وصلاتهما معاً فلا إعادة عليه، ولو شك في وجوب الظهر لشكه في دخول وقتها فصلاها ثم بان له أنه صلاها بعد دخوله فإنه لا تجزئه، وقد أشار إلى هذا القرافي في قواعده، واخبر بعض شيوخنا عن الشيخ الفقيه أبي عبد الله بن شعيب أنه سمع الشيخ الفقيه المعروف بابن بنت العز في مجلس تدريس حضرة فقهاء الديار المصرية يرجح الفتوى برواية ابن حبيب محتجاً بانه لو ألزمناه الثلاث بشكه لأبحناها لغير بالشك، واللازم باطل فالملزوم مثله، ولم يحك لاحتجاجه رداً وهو نحو كلام اللخمي، ورده واضح حسبما مر. اللخمي: إن شك هل طلق وحدة أو ثلاثاً أمر أن لا يقر بها حتى تنكح زوجاً غيره، فإن تزوجها بعده ثم طلقها فله أن يرتجعها اتفاقاً لانتفاء الشك في الثلاث، فإن طلقها ثانية لم تحل له إلا بعد زوج لتقرر الشك في الثلاث، وإن شك في واحدة أو اثنتين فله الرجعة، فإن ارتجعها ثم طلقها جاء الشك في الثلاث. قلت: صور الشك في العدد أربع مسألة الكتاب، والشك في واحدة أو اثنتين،

والشك في واحدة أو ثلاث، والشك يف اثنتين أو ثلاث، وضابط ما تحرم عليه فيه قبل زوج إن طلقها بعد أن تزوجها بعد زوج طلاقاً دون البتات كل ما لم ينقسم مجموع عدد طلاقه بعد زوج مع عدد طلاق كل شك بانفراده على ثلاث لم تحرم، وإن انقسم، ولو في صورة واحدة حرمت، الطرطوشي: إن شك في عدد طلاقه لزمه أكثره، ولو تيقن واحدة وشك في الثانية لم يلزمه إلا واحدة. قلت: لأن الأول: شك في عدد ما وقع، والثاني: شك في الوقوع. وفيها مع عتقها: من طلق واحدة من نسائه مث نسيها طلقن كلهن بغير ائتناف طلاق. الصقلي وابن رشد: اتفاقاً. القرافي: إجماعاً. قلت: فإن تذكر عين المطلقة فكقولها من شك في واحدة أو اثنتين أو ثلاث، فقال مالك هي ثلاث. ابن القاسمك إن ذكر في العدة أنها أقل فله الرجعة فكذا يكون أحق بغير من ذكر عينها ويكون فوت غيرها كامرأة المفقود، وقال ابن عبد السلام في قول ابن الحاجب طلقن بغير استئناف طلاق، قد يكون تنبيهاً على خلاف أبي حنيفة القائل إنما يقع الطلاق على التي طلقها، وتطلق من عداها لتحل للأزواج فيقول من لم يقع عليها طلاقي من نسائي طالق، واستحسنه بعضهم وهو عندي حسن، وتقدم تنبيهاً على اختلاف الأصوليين في الميتة إذا اختلطت بالذكية هل تحرمان أو لا تحرم إلا الميتة؟ وعليه لا بد من استئناف الطلاق لمن لم يطلقها، وكذا على القول الأول إذ لا يلزم منع الاستمتاع بالزوجة لموجب ما وقوع الطلاق؛ لأن المنع من الاستمتاع من لوازم الطلاق لا ملزوم له، ولا يلزم من وجود اللازم وجود الملزوم. قلت: قوله: (قد يكون تنبيهاً على خلاف أبي حنيفة) هو كالمتعين؛ لأن أصل المدونة إنما هي مسائل حصلها أسد بن الفرات عن محمد بن الحسن صاحب أبي حنيفة، ثم جاء لابن القاسم فكان يسأله عنها ويثبت فيها أجوبة ابن القاسم على مذهب مالك حسبما نقله ابن الرقيق وغيره، واستحباب بعضهم إيقاع الزوج طلاق غير المطلقة في

نفس الأمر لتحل لغيره بناء على نحو ما مر للخمي خلاف ما مر من رده، وهنا زيادة اعتبار قاعدة ما لا يتوصل للواجب إلا به فهو واجب، وما نقله في الشاتين من القول بأنه لا تحرم إلا الميتة قول ضعيف نقله الغزالي في المستصفى وزيفه هو وغيره. قال السراج في تحصيله: إذا اشتبهت منكوحة بأجنبية وجب الكف عنهما، لكن قيل: الحرام هو الأجنبية وهو باطل؛ لأن إثبات الحرج في الفعل ينفي حله، نعم حرمت الأجنبية لكونها أجنبية والمنكوحة لاشتباهها بها. قلت: وهو مختصر كلام الغزالين وقوله: (المنع من الاستمتاع من لوازم الطلاق لا ملزوم له .. إلخ 9 إن أراد وقتاً ما أو الأعم من كونه بمنكوحة أو مملوكة فمسلم وليس محل النزاع، وإن أراد بالزوجة دائماً إلا بنكاح جديد، فإن أراد أنه كذلك على قول سلم ولم يفد احتجاجاً؛ بل تخريجاً، وإن أراد أنه كذلك اتفاقاً، وهو ظاهر سياقه رد بما تقدم من الخلاف في أنت طالق إن لم أطلقك أحد الأقوال يعجل الطلاق لحرمة متعته بها، وبالقول بلزوم الطلاق في قوله إن وطئتك فأنت طالق حسبما يأتي إن شاء الله. وسمع عيسى ابن القاسم في كتاب العدة: من طلق إحدى امرأتيه بعد بنائه بإحداهما ثم نسيها ثم ماتتا، إن ماتت المدخول بها في العدة ورثها والأخرى إن شاء ورثها أو لم يرثها ذلك إليه في الاحتياط. ابن رشد: قوله في المدخول بها صحيح، وفي قوله في الأخرى نظر؛ لأنه أباح له أخذ ما لا يدري هل هو له أم لا؟ ويلزم عليه لو لم يمت أن يؤمر بفراقها ولا يجبر، ووجه قوله أنه لما ورث المدخول بها فكأنه لم يشك في طلاقها وإنما شك في طلاق الأخرى فأشبه من شك في طلاق امرأته فيؤمر بفراقها، وأن لا يرثها ولا يجبر على ذلك؛ لأن العصمة متيقنة فلا ترفع بالشك وليس ببين؛ لأن الطلاق في هذه متيقن في إحداهما، فكما لا يجوز أن يمسك إحدهما خوف كونها المطلقة، فكذا لا يجوز إرث التي لم يبن لها خوف كونها المطلقة إلا أن يتذكر أن الأخرى هي المطلقة يقيناً، ونحى فضل إلى أن لأه نصف ميراثه منهما كما لكل واحدة منهما نصف ميراثهما منه لو مات بعد انقضاء العدة وليس بصحيح؛ لأن في موته تحقق ثبوت إرث إحداهما له يقسم بينهما بين أيمانهما على حكم التداعي وإرث الزوج مشكوك فيه بالنسبة لنفس كل واحدة منهما.

وفيهما: ومن قال إحدى نسائي طالق أو حنت بذلك في يمين، فإن نوى واحدة طلقت فقط وصدق في الفتيا والقضاء، وإن لم ينوها طلقن كلهن بغير ائتناف طلاق. الصقلى عن محمد: هذا قول المصريين وروايتهم، وقال المدنيون: ورووا يختار واحدة للطلاق كالعتق كذلك، والأول أحب إلى ; لأن العتق يتبعض ويجمع في أحدهم في السهم بخلاف الطلاق، وفرق ابن هشام بأن الطلاق فرع أصل لا يقبل الخيار وهو النكاح، والعتق فرع أصل يقبله وهو الشراء، ومثله سمع اصبغ ابن القاسم, ابن رشد: وهو المشهور ورواية المدنيين شذوذ، والقياس أن العتق كالطلاق وتفرقة مالك استحسان. وفيها: إن جحد فشهد عليه كان كمن لا نيًة له. قُلتُ: يرد تخريج قبول قوله في النيًة بعد جحده من قول ابن القاسم في لعانها وإن أقامت المرأة بينة أن الزوج قذفها، وهو ينكر حد إلا أن يدعي رؤية فيلتعن وقبل منه بعد جحوده لدفع الحد بالشبهة، وتخريجها على قبول قول المودع ينكر الوديعة فتقوم عليها بينة أنها تلفت يرد بأن حفظ الفروج أكد من الأموال. ولابن رُشد فى رسم الشجرة من سماع ابن القاسم في الشهادة قيل: تقبل منه نيته في يمينه بالطلاق بعد إنكاره، وهو قول مالك في كتاب التخيير في رسم كتب من سماع ابن القاسم، وفي رسم الطلاق من سماع أشهب، ورسم الكبش من سماع يحيى منه، ومن كتاب الأيمان بالطلاق في عتقها الأول زيادة، ولو قال أحد عبدي حر، ولم ينو واحدًا بعينه فهو مخير في عتق أحدهما، وقال ابن بشير في تخييره في التق والطلاق: ثالثها: فيه، وفي المستصفى إثر المسألة السالفة: لو قال إحدى زوجتي طالق احتمل أن يقال حرمتها معًا، فإنه لا يشترط تعيين المحل للطلاق ثم عليه التعيين، وإليه ذهب أكثر الفقهاء والمصير إلى أن إحداهما محرمة والأخرى منكوحة كما توهموه في اختلاط منكوحة بأجنبية فلا ينقدح هنا; لأنه جهل من الآدمى عرض بعد التعيين، وهو هنا ليس متعينا في نفسه والله علمه مطلقًا لإحداهما لا بعينها، فإن قيل إذا وجب عليه التعيين فالله أعلم ما يعينه فتكون المحرمة المطلقة بعينها في علم

الله، وإنما هو مشكل علينا. قُلتُ: الله تعالى يعلم الأشياء على ما هي عليه، ولا يعلم الطلاق الذي لم يعين محله متعينًا; بل يعلمه قابلا للتعيين، ويعلم أنه سيعين زينب مثلا فيتعين الطلاق بتعيينه وإذا عين لا قبله. اللخمي: اختلف في يمينه هل يحلف انه نواها، ولا أرى أن يحلف أن نسق قوله وإن لم يكن نسقا، وكانت منازعته معها، فإن قال نويت الشابة أو الحسناء منهما أو من يعلم ميله لها لم يحلف، ويحلف في عكسها غلا أن تكون المنازعة معها فلا يحلف، وإن لم تكن عليه بينة لم يحلف على حال. وسمع عيسى رواية ابن القاسم من قال: امرأته طالق التبة أو غلامه حر إن لم يفعل كذا فمات، ولم يفعله ترقه امرأته، ويعتق الغلام في ثلثه. ابن رُشد: لأن الحالف على حنث لا يحنث إلا بموته فيعتق العبد في ثلثه على حكم العتق بعد الموت احتياطا للعتق لئلا يسترق بالشط وترثه زوجته; لأن الطلاق لا يصح بعد الموت، ولأنه لو حنث في حياته خير بين العتق والطلاق كما سمع يحيى، ولو قال قائل تنزل ورثته بعد موته فى التخيير منزلته فلا يعتق العبد في الثلث إلا برضاهم لكان له وجه; لأن الأصل براءة الذمة والعتق لا يكون إلا بيقين. قُلتُ: هذا وهم؛ لأن تخييره هو إيقاعه الطلاق بدل العتق وهذا بعد موته ممتنع، والأصل في الفقه والبرهات أن انتفاء أحد الأمرين المخير فيهما يوجب تعيين الأخر كتعذر العتق والكسوة في الكفارة يوجب الإطعام، ومن ثم كان انتفاء إحدى جزئي الحقيقة المنفصلة ينتج ثبوت الأخر وسماع يحيى ابن القاسم هو من قال امرأته طالق أو عبده حر إن فعل كذا فحنث فهو مخير في طلاقها وفي عتقه. ابن رُشْد: لأن أو في الماضي للشك، وفي المستقبل للتخيير. قُلتُ: لم يحك فيه خلافا، ومثله نقل الشيخ في نوادره عن الموازيًة وعن أصْبَغ في الواضحة، ثم قال: ومن كتاب ابن سَحنون عنه: من قال لامرأتيه: أنت طالق أو أنت طالق طلقت الأولى وحلفت في الثانية، ولو قال: أنت طالق أو أنت حر لعبده طلقت عليه المرأة وحلف في العبد أنه ما أراد عتقه إن نكل عتق عليه، ومن له أربع نسوة قال:

لواحدة أنت طالق، ثم للثانية لا أنت، ثم للثالثة أو أنت، ثم للرابعة؛ بل أنت نسقا، طلقت الأولى والرابعة لا الثانية ويحلف في الثالثة، وقال بعض أصحابنا: تطلق الأخيرة ولا شئ في الثانية وخير في الأولى والثالثة يطلق إحداهما فأنكره سَحنون. قُلتُ: هما بناء على ما مر في أنت طالق أو أنت هل يلزم طلاق الأولى ويحلف في الثانية، أو يخير فيهما؟ قال الشيخ: ولو قال لواحدة أنت طالق ثم للأخرى؛ بل أنت طلقتا معًا، ولو قال لا أنت طلقت الأولى فقط، ولو قال للثانية؛ بل أنت وللثالثة أو أنت ففي قول سَحنون تطلق الأولى والثانية ويحلف في الثالثة، وفي القول الآخر الثانية طالق وخير في الأولى والثالثة وما أنكره سَحنون هو قول أَصْبغ في الموازيًة والواضحة. قال ابن حبيب عنه: إن قال أنت طالق ولأخرى لا أنت، فإن أراد لا؛ بل أنت طلقتا معَا، وإن أراد لست أنت لم تطلق الثانية. قُلتُ: فإن لم تكن له نيًة فظاهر ما مر لسَحنون أنه محمول على الثاني، وهو الجاري على ما أصلوه في مسألة التعارض؛ لأن اللازم على الثاني التأكيد؛ لأن المعنى حينئذ صرف الطلاق عن الثانية، وكان عنها مصروفا بالأصل، واللازم على الأول النسخ؛ لأن المعنى حينئذ رد النفي لطلاق الأولى وقد وقع. قال الشيخ: ولو قال للأولى أنت طالق، وللثانية لا أنت، وللثالثة؛ بل أنت، وللرابعة أو أنت لم تطلق الثانية على منعني ما ذكرنا، وتطلق الثالثة بكل حال ويخير في الأولى والرابعة يطلق من شاء منهما وكأنه لم يقل ذلك إلا لهما. قُلتُ/ قوله يطلق أربعين لطلاقه السابق إحداهما لا يقول لها أنت طالق إذا قد تكون هي المطلقة بما سبق فيلزمه بهذا طلقة أخرى، وقد يتزوجها فيبني على أن الباقي له فيها طلقتان وليس كذلك. اللخمي: من قال أنت طالق أو أنت، خير في طلاق أيهما شاء، ولو قال أو أنت بنية أحدثها بعد تمام قوله أنت طالق طلقت عليه الأولى، إذ لا يصح رفع طلاقها بعد وقوعه، ولا تطلق الثانية؛ لأنه جعل طلاقها على خيار، ولا يختار طلاقها لما طلقت الأولى، ولو قال أنت طالق وللثانية أو أنت ثم التفت إلى الثالثة فقال أو أنت، فإن طلق

أحد الطرفين خير في الأخر والوسطى، وإن طلقها ثبت الطرفان، وإن أمسكها طلقا، وإن قال أنت طالق أو أنت؛ بل أنت، فإن أراد ببل الإضراب عن الثانية إلى الثالثة، أي الخيار بينك وبين الأولى بقيت الثانية وطلقت الأولى وخير في الثالثة، وإن أراد حصر الخيار بين الثانية والثالثة بقيت الأولى وطلقت الثانية وخير في الثالثة، ولو قال أنت طالق؛ بل أنت أو أنت طلقت الأولى وخير في عيرها، وفي أنت طالق لا أنت؛ بل أنت طلقت الأولى والأخيرة إلا ان يردي رفعه عن الأولى وإثباته للثانية فيطلقن ثلاثتهن. عليها ومن لم يدر بما حلف؛ بطلاق أو عتق أو مشي أو صدقة فليطلق نساءه وليعتق رقيقه وليتصدق بثلث ماله وليمش إلى مكة يؤمر بذلك دون قضاء، وللشيخ في الواضحة عن أَصْبَغ: من أيقن بالحنث ولم يدر أحلف بطلاق او عتق أو ظهار أو مشي أو بالله فليلزم هذه الأيمان كلها بالفتيا والقضاء إلا ما لا يشك انه لا يجرى على لسانه منها فلا يلزمه، وما كان يجري على لسانه يلزمه بالشك. قال اللخمى بعد نقله هذا: قول أَصْبَغ يجبر على الصدقة والمشي خلاف معروف المذهب؛ لأنه في الصدقة على غير معين، وهو في المشي أبين إن لا يجبر؛ لأنه حق الله لا لآدمي كقوله إن كلمت فلانا فعلي صلاة أو صوم فإنه لا يجبر. قُلتُ: ليس في قول أصْبَغ في النوادر: ولا في نقل اللخمى ذكر الصدقة، ولا لفظ الجبر إنما فيه لفظ اللزوم، وكون اللزوم لا يستلزم الجبر بذاته واضح، وقول ابن بشير إثر نقله تعقب اللخمى قول أَصْبَع ولعل أَصْبَع أراد بالجبر أنه جيب ذلك عليه لا أنه يلزمه تورعا، اتكالٌ منه على صحة نقل اللخمي عنه لفظ الجبر، وهو لم ينقله عنه إنما نقل عنه لفظ اللزوم. وفيها مع سماع عيسى: شك الموسوس في طلاقه أنه طلق لغو. ابن رُشْد: اتفاقًا. وسمع عيسى ابن القاسم: من قال لرجل يميني على يمينك لا شئ عليه. ابن رُشْد: إن قال ظننت أنه لا يحلف غلا بالله لسماع ابن القاسم ذلك، ونقله ابن حبيب وزاد: ويحلف وإن صمت لزمه، وسمع أبو زيد ابن القاسم شرط لزومه أن يكون للحالف زوجة وفي العتق عبد، وسمع عيسى ابن القاسم من أجاب من قال له

أطلقت امرأتك بنعم كما طلقت أنت امرأتك، وقد طلق السائل فقال المسئول لم أعلم بطلاقه، إن لم يعلمه ولم يرد هو طلاقا حلف ذلك ولا شيء عليه. ابن رُشْد: إن شهد عليه وقيم عليه لم يصدق إلا بما يدل على صدقه بقياس من شاهد حال أو مقال. وسمع ابن الفاسم في العدة: من شهد عليه انه طلق امرأته البتة، وقد ماتت لا يرثها، وإن مات دونها ورثته, قال سَحنون: معناه أن الشهود كانوا قياما معه فلم يقوموا عليه حتى مات, ابن رُشْد: قول سَحنون ليس بصحيح إذ لو كانوا قياما معه فلم يقوموا حتى مات لوجب أن يرث كل منهما صاحبه لبطلان شهادتهم بترك قيامهم، ووهم سَحنون في تفسير قول مالك؛ لقول يحيى بن سعيد في الأيمان بالطلاق منها في شهود شهدوا على رجل بعد موته أنه طلق امرأته لا تجوز شهادتهم إن كانوا حضورا وترثه امرأته، وكذا كان يقول يحيى لو ماتت هي أنه يرثها، فإنما معنى مسألة مالك أن الشهود كانوا غيبًا ولذا وقع له في رسم "حمل صبيا" من سماع عيسى من الأيمان بالطلاق أن الشهود كانوا غيبًا فمالك أحق بتبيين ما أراد، ووجه تفرقته بين ميراثه منها وميراثها منه أنه إن كان الميت فهو لم يعذر له فى الشهود، ولعله لو أعذر له فيهم لأبطل شهادتهم فرأى لها الميراث منها، وقال محمد بن المواز: أنما ورثته ولم يرثها؛ لأنه كالمطلق في المرض؛ لأن الطلاق وقع يوم الحكم؛ ولو لم يقع يوم الحكم كان فيه الحد. قال التونسي: فيه نظر؛ لأن الحاكم إنما ينفذ شهادة البينة، وهي تقول أن الطلاق وقع قبل الموت وإنما درئ الحد بالشبهة إما لنسيانه أو لإمكان كونه صادقا في إنكار الشهادة، ولو كان الطلاق وقع بعد الموت لورثها هو أيضًا، والقياس أن لا ترثه كما لا يرثها؛ لأن الإعذار يجب لهما معا وهو قول سَحنون. وتقييد إقراره نسقا بما يلغيه في قبوله اختلاف لو قال طلقتك وأنا صبي أو قبل أن أتزوجك أو في منامى أو قبل أن اولد، في تصديقه ولزوم طلاقه قول ابن القاسم فيها في

الأولين مع قوله في كتاب ابن سَحنون في الجميع وقول سَحنون، وثالثها: للخمي عن الموازيًة يصدق بيمينه، ولو قال: وأنا مجنون فثالثها: إن علم أنه كان به جنون للشيخ عن محمد وسَحنون، ولها مع ابن القاسم في الموازيًة وعزا اللخمي الأول والثاني لأصلي وأشهب وابن القاسم فيمن أقر بوطء بنكاح لا يعلم إلا بدعواه نسقا بإقراره ونحوه. قال: وقول أشهب أحسن, ... *** ... تامة: متعلقها واحد واضح فلو شهد رجلان بطلاقه واحدة معينة من نسائه ثم نسيا عينها ففي لغوها ويحلف أو دون يمين، ثالثها: تثبت في إحداهن مبهمة لنصها، واللخمي عن محمد وقول ابن رُشْد في رسم سلف من سماع عيسى في الوصايا أجاز الشهادة، وإن عمي على الشهود الفرس الذي عينه الموصي للموصى له وشكوا فيه، فقيل: هو على ما في الأسدية من الأيمان بالطلاق، ومن المدَوًنة فيمن طلق إحدى امرأتيه وشك الشهود في المطلقة منها هل التي دخل بها أم لا؟ وعلى قول ابن وَهْب خلاف مشهور قول ابن القاسم. اللخمي: أرى أن يحال بينه وبينهن ويسجن حتى يقر بالمطلقة لقطع البينة بحرمة إحداهن. قُلتُ: مقتضى مشهور المذهب على قبول هذه البينة طلاق جميعهن، كمن شهد عليه أنه طلق إحدى امرأتيه، وهو ينكر تقدم أنه كمن لا نيًة له، وإن كان متعلق الشهادتين عن موطنين ففيه اختلاف. سمع عيسى ابن القاسم: من شهد على رجل أنه صالح امرأته وآخر بطلقة في شوال؛ لأن شهادة هذين على الطلاق بعينه وشهادة الآخرين في أمرين مختلفين كشهادة أحدهما عليه أنه حلف بالطلاق إن دخل وآخر إن كلم فدخل وكلم شهادتهما باطلة. أّصْبَغ عن ابن القاسم: وكذلك شهادة أحدهما بالبتة والآخر بأنه صالحها, ابن رُشْد: هذه وشبهها من الشهادة على الأقوال أربعة أقسام إن اختلف اللفظ واتفق المعنى لفقت اتفاقًا، وإن اختلف اللفظ والمعنى وما يوجبه الحكم لم تلفق اتفاقًا، وإن اتفق اللفظ والمعنى واختلفت الأيام والمجالس فالمشهور تلفق، وقبل: لا تلفق، وإن

اختلف اللفظ والمعنى ويتفق ما يوجبه الحكم فالمشهور لا تلفق، وقيل: تلفق وهو قول ابن الماجِشُون وأَصْبَغ، فقوله: (لا تلفق الشهادة بالصلح إلى الشهادة بطلقة واحدة) صحيح لا اختلاف فيه؛ لأنه من القسم الثاني وحكمه أنه يحلف على تكذيب كل منهما، إن نكل حبس حتى يحلف، وقيل: تطلق عليه طلقة بائنة على اختلاف مالك فيها, قُلتُ: وفيها بلغنى عن مالك إن طال سجنه دين وخلي. قال: وقوله ليس هذا كمن شهد عليه انه طلق في رمضان وآخر أنه طلق في شوال؛ يريد: على المشهور، وقيل: لا هو قول ربيعة في الأيمان بالطلاق منها ويقوم من قول ابن القاسم في رسم حمل من سماع عيسى بعد هذا من شهد عليه شاهدان أنه قال امرأته طالق إن دخل دار عمرو بن العاص، وشهد عليه آخران أنه قال ذلك من الغد ثم آخران بذلك بعد الغد إن دخلها لزمه ثلاث تطليقات ولا ينوى، وقوله: (وشهادة الآخرين ي أمرين مختلفين .... إلخ) يريد: على المشهور، وقول أَصْبَغ عنه لو شهد شاهد عليه بالتبة وآخر بأنه صالحها لم تحز شهادتهما، يريد على المشهور؛ لأنه مما اتفق فيه ما يوجبه الحكم، ويحلف على رواية أَصْبَغ أنه ما صالحها وأنه ما طلقها, اللخمى: اختلف في ضم الشهادتين عن موطنين، فقيل تضمان مطلقَا، وقيل: لا، وقيل: إن كانتا على قول لا على فعل، وقيل: تضمان وإن كانتا على فعل، وإن كان أحداهما على فعل والآخر على قول لم يضما، وأرى أن يضما في الطلاق إن شهد كل واحد بالثلاث أو كل واحد بطلقة وكانت آخر الثلاث، وإن لم يتقدم له فيها طلاق لم تضما وحلفا على تكذيب كل واحد منهما؛ لأن الشهادة بالثلاث أو بآخرها شهادة بمعين وبغيرهما شهادة بغير معين إذا قال الأول أوقع عليها أمس طلقة، وقال الآخر أوقع عليها اليوم طلقة وقعت على قولهما طلقتان، ولا يصح جمع الطلقتين في طلقة واحدة وقد يكون بين الطلقتين ما تنقضي فيه العدة، فعلى شهادة الأول لا تقع الثانية، وإذا كان الحكم لو سمع كل طلقة شاهدان أن تقع عليه طلقتان لم يصح إن انفرد كل شاهد بطلقة أن تجعلا واحدة، وإن شهد واحد بطلقة وآخر بثلاث ضمتا وقضى بواحدة وحلف على الباقي.

قُلتُ: الضم في انفراد كل واحد بطلقة أبين منه في هذه؛ لأن الشيء وحده ليس كهو مع غيره. قال: وفي كون البتة كذلك أو لا تضم؛ لأنها لا تتبعض قولان، ولو شهد واحد بحلفه لأدخل كذا وانه دخله وآخر بأنه لا كلم فلانا وأنه كلمه لم تضما، واختلف في يمينه فقيل يحلف؛ لأن هذا لطخ، وقيل: لا إلا أن يثبت شاهدات على اليمين وواحد على الدخول أو العكس، وتقدم الخلاف في حلف من شهد عليه بإقراره بوطء امته رجل "وعلى ولادتها امرأة". قُلتُ: إن كان القول بترك تحليفه في الأولى نصا فواضح، ويلزم مثله في كل شاهد بطلاق، وتخريجه من الثانية يرد بأن بينتها لا تتم إلا بشهادة اثنين رجل وامرأة، وبينة الأولى تتم بشهادة واحد مثل الأولى، وما توقف ثبوته على أقل أقرب مما يتوقف ثبوته على أكثر, وفيها لابن شهاب: عن شهد ثلاثة مفترقون أحدهم بطلقة وآخر باثنتين وآخر بثلاث لزمته طلقتان, اللخمي: هذا يصح في بعض وجوه الشك عن علمت التواريخ فكان الثاني في ثاني يوم الأول، والثالث في ثالثهما لزمت الطلقتان واحدة بضم الأولى للثانية في واحدة وثانية بضم باقي شهادة الثاني لشهادة الثالث في وحدة، وكذا إن شهد الأول باثنتين والثاني بواحدة والثالث بثلاث ويحلف على باقي شهادة للآخر، وفي عكس الأولى يلزمه الثلاث؛ لأن شهادة الثاني إذا ضمت إلى شهادة الأول لزمه طلقتان قبل أن يسمعه الثالث يوقع الأخرى، فلما سمعه ضمت شهادته إلى الباقي من شهادة الأول فتمت الثلاث، وكذا إن شهد الأول بثلاث والثاني بواحدة والآخر باثنتين لزمه ثلاث، بضم الأولى للثانية تلزمه طلقة ويبقى من الأولى طلقتان؛ لما سمعه الثالث طلقها اثنتان ضمت لباقي الأولى فلزمته أخرى فتمت الثلاث. قُلتُ: كذا وجدته في نسختين إحداهما عتيقة صحيحة، وصوابه فلزمته طلقتان. قال: وكذا لو شهد الأول بطلقتين والثاني بثلاث والآخر بواحدة لزمته الثلاث؛ لما سمعه الثاني لزمته طلقتان قبل أن يسمعه الثالث، وبقى من شهادة الأوسط طلقة

أضيفت لشهادة الآخر بطلقة، ويختلف إن عدمت التواريخ هل تلزمه ثلاث أو طلقتان؛ لأن الزائد عليهما من الطلاق بالشك، وسئل ابن رُشْد عن قول ابن شهاب فيها من شهد عليه شاهد بثلاث وآخر باثنتين وآخر بواحدة. قيل له: وفي نسخة أخرى واحد بواحدة وآخر باثنتين وآخر بثلاث لزمه طلقتان، فأجاب لا أثر لاختلاف النسخ فيها يوجب الحكم من تلفيق البينة على القول به، والجب على القول به لزوم الطلقتين وهو قول ابن القاسم وروايته خلاف ما لهما في غيرها، سواء أرخ كل واحد شهادته أو لم يؤرخ اختلفوا في التاريخ أو اتفقوا عليه لا أثر للتاريخ فيها يجب من تلفيق الشهادة إذ لو قبل شهادة الواحد بانفراده في تعيين اليوم لوجب قبول شهادته وحده في الطلاق الذي شهد به فلا يعاد بالتواريخ إذ لا أثر لها ألا ترى أن العدة لا تكون في ذلك إلا من يوم الحكم، وإن أرخ كل واحد منهم شهادته، ولو اجتمع شاهدان على تاريخ واحد كانت العدى منه، وما فصله اللخمي من الفرق بين كون تاريخ الشاهد بالثلاث متأخرًا عن تاريخ شهادة الشاهدين أو متقدمًا عليهما أو على أحدهما ليس له وجه يصح، وكذا وقوله يختلف إن عدمت التواريخ هل تلزمه طلقتان أو ثلاث؛ لأن الزائد على الشك من باب قي الطلاق غلط ظاهر إذ لا خلاف أن الحاكم لا يحكم على المنكر بالشك، إنما الخلاف هل يحكم عليه بالشك إذا أقر به على نفسه, قُلتُ: قول ابن رُشْد: لو وجب قبول شهادة الشاهد بواحدة في تعيين يومها لوجب قبول شهادته فيما انفرد به من الطلاق .... إلخ, يرد بأن الملازمة المذكورة إنما تدل على عدم اعتبار زمن الطلقة في كونه قيدا فيها، وهذا لا يخالف فيه اللخمي إذ لو اعتبر ذلك لأبطل الضم مطلقًا لاختلاف متعلق الشهادتين كشهادة أحدهما بثوب معين آخر بمثله، وإنما اعتبر اللخمي التاريخ من حيث كونه موصلا لأحد الطلاقين مخيرًا به عن طلاق آخر إخبارًا يقصد به كمال الطلاق بشهادة رجلين، وكذا لزمه في الثلاثة التي أولها الشاهد بواحدة وآخرها الشاهد بالثلاث طلقتين، وفئ عكسه ثلاثا وهو فقه حسن، وصور تقدم بعضها على بعض ست ضابطها على مأخد اللخمي، وهو كون الطلاق مخيرًا به كما مر أنه كلما تأخرت بينة

باب التوكيل في الطلاق

الثلاث فطلقتان وإلا فثلاث ] باب التوكيل في الطلاق [ ... توكيل ورسالة وتمليك و ... التوكيل جعل إنشائه بيد الغير باقيا منع الزوج منه فله العزل قبله اتفاقًا، ورسم الوكالة في كتابها، فإن كان لاثنين توقف على اجتماعها. ] باب الرسالة [ ... جعل إعلام الزوجة بثبوته لغيره، إن كان اثنين كفى أحدهما, فيها: أن ملك أمر امرأته رجلين لم يجز طلاق أحدهما دون الآخر إلا أن يكونا رسولين كالوكيلين في البيع والشراء. ] باب التمليك [ ... جعل إنشائه حقًا لغيره راجحا في الثلاث يخص بها دونها بنية أحدهما,

سمع عيسى ابن القاسم: من قال لرجلين أمر امرأتي بأيديكما فطلقاها واحدة، إن طلق كل واحد لم يجز حتى يجتمعا معًا، وكذا بأيديكما إن شئتما، وإن قال طلقا امرأتي جاز طلاق كل منهما مجتمعين ومتفرقين وطلاق أحدهما فقط؛ لأنهما رسولان فإن طلق البتة، وقال الزوج لم أراد إلا واحدة قبل قوله وإن قال طلق امرأتي جميعًا إن شئتما فطلقا جميعا واحدة أو طلق كل واحد منهما واحدة لم يجز حتى يجتمعا عليهما. ابن رُشْد: قوله (أمر امرأتي بأيديكما) تمليك لا يقع طلاقه إلا باجتماعهما معًا عليهما معًا أو على إحداهما اتفاقًا، وقوله (أعلما امرأتي بطلاقها) رسالة والطلاق واقع، وإن لم يعلماها اتفاقًا، وقوله: (طلقا امرأتي) يحتمل الرسالة والتمليك، في حمله على الرسالة حتى؛ يريد: غيرها فيلزم الطلاق، وإن لم يعلماها اتفاقًا، وقوله طلقا امرأتي والوكالة كذلك فلا يلزم طلاق إلا بتبليغ من بلغهما إياه منهما، وله منعه، ثالثها: على التمليك كذلك لهذا السماع ولها ولأَصْبَغ، وقوله طلقا امرأتي إن شئتما تمليك وليس لهما أن يجتمعا على طلاق واحدة بخلاف قوله أمر امرأتي بأيديكما؛ لأن قوله أمر امرأتي بأيديكما معناه تطلقان من شئتما منهما أو جميعا إن شئتما، ولا يحتمل أن يكون معنى قوله طلقا امرأتي هذا لجمعه إياهما في الطلاق وهذا لا اختلاف فيه. قُلتُ: حاصل تفرقته مجرد دعوى والأولى أن يقال جعل أمرها بأيديهما فيه لفظ الأمر الظاهر في عموم حال طلاقهما فعم حالتي الجمع والإفراد بخلاف لفظ طلقا، وسمعه من جعل أمر امرأته بيد ثلاثة طلق أحدهم واحدة والآخر اثنتين والآخر ثلاث لزمت واحدة لاجتماعهم عليها. ابن رُشْد: كالحكمين إذا اجتمعا، وقال أصبغ في هذا والحكمين لا يلزمه شيء لاختلافهما ورواه عن ابن القاسم.

[باب في صيغة *****] ... كل لفظ دل على جعل الطلاق بيدها أو بيد غيرها دون تخيير كقولها أمرك بيدك وطلقي نفسك، ,انت طالق إن شئت وطلاقك بيدك، وفي الموازيَّة وغيرها ملكتك، وفي العتبيَّة وليتك أمرك. وفيها: لو قال لها حياك الله؛ يريد: به التمليك يكون تمليكًا أو قال لا مرحبا بك؛ يريد: به الإيلاء والظهار. قال: قال مالك في الطلاق كل كلام لا نوى به الطلاق، أنها طالق فهذا والطلاق سواء، واختصارها البرادعي بلفظ قيل: تعقب لأن الإيلاء يتضمن الحلف بالله، واسم الجلالة لا يقبل الكناية عنه بكل لفظ. ويجاب بأن المنع فيه من أحكامه قبل الوقوع، والمسئول عنه حكمه بعده. وسمع القرينان: من قال لامرأته: وليتك أمرك إن شاء الله، فقالت: فارقتك لزمه فراقها، فإن أرادا بقولهما اللعب لا الطلاق حلف ما أراد طلاقا؛ لأنه ولا شيء عليه. ابن رُشْد: الاستثناء في التمليك لغو كالطلاق ونواه في عدم إرادته الطلاق؛ لأنه مستفت مع موافقتها له وهو على أصولهم فيمن ادعى نيَّة مخالفة لظاهر قوله وهو مستفت ينوي ولا يمين عليه، وقوله حلف ما أراد طلاقا معناه إن طالبه أحد باليمين، وسمعاه أيضًا من قال لامرأته، وهو يلاعبها أمرك بيدك، فقالت تركتك أو ودعتك، وقال لم أرد طلاقا إنما كنت لاعبا ووافقته المرأة حلف ما أراد إلا واحدة ولزمته.

قيل: أيحلف أنه ما أراد إلا واحدة والله يعلم أنه لم يرد شيئًا. قال لابد منه. ابن رُشْد: معناه أن البينة قامت عليه فيلزمه البتات؛ لأن قولها تركتك وودعتك محمول على الثلاث إلا أن يحلف ما أراد إلا واحدة أو ما أراد الطلاق لابد من حلفه على أحد الوجهين، هذا معنى قوله في هذه الرواية، ولا يسوغ له فيها بينه وبين الله أنه أراد واحدة إن كان لم يرد طلاقا، ولكن يمكن من ذلك ويحمل منه ما تحمل، وهذا على القول بقبول النيَّة منه بعد أن أنكر أنه أراد الطلاق، وعلى أنها لا تقبل وهو أحد قولي مالك واختيار أَصْبَغ إن أقام على أنه لم يرد الطلاق حلف على ذلك وكانت واحدة، وإن رجع، وقال: أردت واحدة لم يمكن من اليمين، وكانت ثلاثا على لفظ ما قضت به. وسمع ابن القاسم: من قال لامرأته انتقلي عني فقالت لا حتى تبين لي أمري قال انتقلي ثم إن شئت طلقتك عشرين، فانتقلت فلم تقض شيئًا ثم ندما فلا شيء عليه. ابن رُشْد: في لفظه اضطراب قوله: (ولم تقض شيئًا) يدل على أنها كان لها القضاء ما لم يطل الأمر أو ينقض المجلس، وأن قوله: (ثم إن شئت طلقتك عشرين) يوجب لها عليه التمليك كقوله ثم إن شئت الطلاق فأنت طالق عشرين، وقوله: (لا شيء عليه) يدل على أنه لا يلزمه شيء ولا تمليك لها عليه، والمسألة تتخرج على الخلاف فيمن قال لامرأته إن جئتني بكذا فارقتك فتكون طالقا ثلاثا إن شاءت الطلاق على القول أنه يلزمه طلاقها إن جاءت بذلك، ولا تكون طالقا إن شاء الطلاق على القول الثاني بعد حلفه ما أراد إلزام نفسه الطلاق بمشيئتها. أبو حفص: والتمليك مباح إذ ليس طلاقا موجبه نص الجلاب، ومقتضى الروايات منعها نفسها حتى تنظر في أمرها.

باب جواب المرأة في ... التمليك

[باب جواب المرأة في ... التمليك] ... للقضاء قول وفعل، الأول: الصريح في الطلاق وعدده كطلقت نفسي ثلاثا وقبلت نفسي واخترت نفسي وحرمت عليك وبرئت منك وبنت منك، مدلولها ثلاث لا تصدق في إرادة غيرها، وكذا في جوابها بطلقتين، والمذهب له مناكرتها فيما زاد على الواحدة. وفيها: ويحلف على ما نوى وإن لم تكن له نَّية حين ملكها فلا مناكرة له، زاد في سماع ابن القاسم إن رد اليمين عليها. قال: لا يحلف النساء في التمليك. ابن رُشْد: اتفاقًا فيهما، وسمع عيسى ابن القاسم من ملك امرأته فقضت بالبتة فلم يناكرها وادعى أنه جاهل أن له ذلك وأراد مناكرتها حين علم ليس له ذلك، وسمعه أيضًا من ملكت فقالت قد قبلت ثم صالحها قبل أن تسأل؛ سئلت، فإن قالت أردت طلقتين أو ثلاثا بانت إلا أن يناكرها فله ذلك، ويحلف على ما نوى، وإن لم تكن في ملكه ويحلف وطلقة صلحه زائدة على طلاق تمليكه إن لم تبلع الثلاث، ولو قالت أردتها فلم يناكرها لم يرد عليها ما أخذ منها؛ لأن بصلحها علمنا أنها لم ترد الثلاث، فإن ادعت جهلا لم تعذر. ابن رُشْد: قوله: (وتحلف على ما نوى) يريد: إن ناكرها ساعة قالت ذلك، فإن سكت حينئذ لم تكن له مناكرتها بعد ذلك، وليس عليه أن يحلف حتى؛ يريد: الرجعة قاله في المدنيَّة. قُلتُ: وكذا نقل الباجي عن المذهب والصقلي عن محمد: يحلف مكانه في المدخول بها، وهذا أحسن لتحقيق حكم الإرث بالموت، وقول ابن عبد السلام: ولتحقيق النفقة

يرد بأنها حق عليه يكفي في وجوبها عليه إقراره. قال ابن رُشْد: وكذا كل من ناكر امرأته في طلاق بائن كالمملكة والمخيرة قبل البناء، ومن أعطت زوجها مالًا على أن يخيرها فتختار نفسها على القول أن له أن يناكرها؛ لأنها تبين بالواحدة. وسمع ابن القاسم: من ملك امرأته فطلقت نفسها ثلاثا فقال لم أرد طلاقا، ثم يقول إنما أردت واحدة حلف ولزمته طلقة واحدة. أَصْبَغ: هذا وهم من السامع لا تقبل نيته بعد قوله لم أرد شيئًا، والقضاء ما قضت والبتات. ابن رُشْد: قول أَصبَغ فيما روى ابن القاسم "وهم" غير صحيح؛ بل الرواية في ذلك ثابتة وقع ذلك في رسم الطلاق في رسم الطلاق من سماع أشهب، ورسم الكبش من سماع يحيى، ومثله في رسم الكبش من سماع يحيى من الأيمان بالطلاق، والقول بهذا معروف جار على أصل اختلف فيه قول مالك، والقولان قائمان من كتاب اللعان منها وعتقها الأول، وقول أَصْبَغ على أحد قولي مالك، ولو أقام على قوله لم أرد طلاقا ويدعي شيئًا من أمرها غير الطلاق نظر إن بان كذبه ببساط كلامه لزم ما قضت، وإن بان صدقه بذلك حلف، ولم يلزمه طلاق، وإن فقد أو أمكن ما قال حلف على ما قال وكانت واحدة. وفيها: إن شرط في نكاحها لها إن تزوج عليها فأمرها بيدها فتزوج فقضت بالثلاث فلا مناكرة له، زاد في الأيمان بالطلاق منها بنا بها أو لم يبن. وسمع ابن القاسم في النكاح من تزوج امرأة بشرطه إن تزوج أو تسرر ما عاشت فكل من يتزوجها طالق البتة، ومن يتسرر حرة فطلقها البتة ثم تزوجها بعد زوج، ثم أراد أن يتزوج أو يتسرر فقامت عليه بشرطها لقوله فيه ما عاشت، فقال إنما أردت به ما دامت تحتي فله نيته. ابن رُشْد: قوله هذا على أن اليمين على نيَّة الحالف وتنويته مع أن ذلك شرط في عقد النكاح خلاف أصله فيها فيمن شرط لامرأته أن أمرها بيدها إن تزوج عليها أنه ليس له أن يناكرها، وقوله: (ينوي) يريد مع يمينه، لما في سماعه من الأيمان بالطلاق أنه

يحلف في هذه المسألة إذا طاع بذلك فأحرى في الشرط وتنويته إياه مع أنه إنما تزوج عليها، وهي في عصمته بعد أن طلقها ثلاثا وتزوجها بعد زوج على أصله فيها في أن من شرط لامرأته طلاق الداخلة عليها تنحل عنه بخروج زوجته من عصمته بالثلاث، خلاف نقل ابن حبيب رواية مُطَرِّف، وقول ابن الماجِشُون وابن أبي حازم وغيره من كبار أصحاب مالك أنها لا تنحل عنه؛ لأن الشرط في اليمين في الداخلة وليس فيها، ولو حلف بهذه اليمين تطوعا دون استحلاف، ولا شرط كانت له نيته على ما في الأيمان بالطلاق منها، ولا يكون له على القول أن اليمين على نيَّة المحلوف له، وإن لم يكن مستحلفا ففي تنويته، ثالثها: في الطوع سمعه عيسى من تزوج امرأة على إن تزوج عليها فأمرها بيدها أو هي طالق أو أمر التي يتزوج عليها بيدها أو هي طالق، وقال لم أرد بالطلاق والتمليك إلا واحدة لم يقبل قوله في التي تحته والطلاق فيه البتة إن تزوج عليها، وقوله في طلاق الثانية مقبول؛ لأن التي تحته لا تبين منه إلا بالبتة إن قبل قوله لم تنتفع بشرطها والأخرى الداخلة تبينها. ابن رُشْد: تعليله هذا يدل على أنه إن تزوج عليها قبل البناء فله أن يناكرها فيما زاد على الواحدة؛ لأن الواحدة تبينها، وكذا إن كان التمليك في الداخلة فلم يعلم حتى بنى بها فلها أن تقضي بالثلاث، ولا مناكرة له، وقول ابن عبد السلام قال في سماع عيسى: إن كان لم يبن بها طلقت نفسها واحدة ليس لها أكثر من ذلك؛ لأنها تبين بها يقتضي أنه نص لا مفهوم صفة، وتعليل ولم أجده في العتبيَّة نصًا. قُلتُ: ففي كون التمليك بشرط في عقد النكاح كغيره أو لا مناكرة فيه، ثالثها: إن قضت قبل البناء بها لتخريج ابن رُشْد من سماع ابن القاسم أن الشرط في النكاح على نيَّة الزوج والمشهور، ودليل سماع عيسى ابن القاسم. اللخمي: إن طلقت المشترطة أمرها بيدها في عقد نكاحها نفسها بشرطها طلقة واحدة بعد البناء ففي كونها رجعية أو بائنة معروف المذهب، ونقل الشيخ عن سَحنون. اللخمي: بناء على وقف البينونة بغير الثلاث على العوض وعدمه؛ لأن شرطها طلاقها إنما هو؛ لأن تملك نفسها، وأرى حمل اختيارها قبل البناء على واحدة، وقول ابن

القاسم إن طلقت بعد البنا واحدة جاز، وكانت رجعية على خلاف معروف المذهب في التمليك بالثلاث أنها إن قضت بواحدة سقط ما بيدها. ولو شرطت غن تزوج عليها فأمر الثانية بيدها فالقضاء بواحدة؛ لأنه لها قبل البناء لوقفه على إسقاط ما بيدها إن بنى قبل إعلامها كان متعديا. قال ابن القاسم في الموازيَّة: ولها أن تطلق بالثلاث وليس ذلك ببناء؛ يريد: أنه فاسد. قال: وإن طلقت واحدة فله الرجعة، وقال في العتبيَّة لا رجعة لمن بنى بزوجته حائضًا إن طلقها فعليه لا يكون لها القضاء إلا بواحدة والأول أبين، ولو قال إن تزوجت عليك فأنت طالق أو التي أتزوج إن جعل الطلاق في الثانية بانت بواحدة؛ لأنه قبل البناء، وإن جعله في الأولى ففي كونه البتة أو واحدة رجعية، ثالثها: بائنة لابن القاسم مع ابن وَهْب وأشهب قائلا: لأن شرطها الطلاق وهو واحدة، وتخريج اللخمي على قول سَحنون. وزيادتها على الواحدة: بعد استقلال جوابها بها لغو في التمليك المطلق وقبله. فيها: إن ملكها قبل البناء ولا نيَّة له فطلقت نفسها واحدة ثم واحدة ثم واحدة إن نسقتهن لزمته الثلاث إلا أن تنوي واحدة كطلاقه إياها، وتمليكه بلفظ التكرار يثبته لها في القضاء إن بقي المحل أو تجدد ما لم تسقطه أو توقف. فيها: إن قال أنت طالق كلما شئت فلها القضاء مرة بعد مرة لا يزول ما بيدها إلا أن ترده أو توطأ طوعا أو توقف فلا قضاء لها بعد ذلك، وإن قال أمرك بيدك أمرك بيدك أمرك بيدك فله مناكرتها، ولو نوى بذلك الثلاث وقضت بواحدة فله الرجعة. وسمع ابن القاسم: من قال لامرأته: أمرك بيدك، فقالت، قد قبلت، ثم قال: أمرك بيدك، فقالت: قد قبلت، ثم قال: أمرك بيدك، فقالت: قد قبلت، سئلت إن أرادت الطلاق فهي ثلاث. ابن رُشْد: إن قال لم أنو شيئًا فواضح، وإن قال لم أرد إلا وحدة فروى محمد ثلاث، واختار قبول قوله ويحلف وقاله له عبد الملك. محمد: ولو أجابت فقالت قد طلقت فكرر وكررت كذلك لكان ماضيا أي بالثلاث، وهذا بناء على مذهبه في قول المملكة طلقت نفسي أنها واحدة ولا تسأل،

وعلى قول ابن القاسم أنها تسأل لاحتمال أن تريد الثلاث، فيحتمل أن ينوي الزوج في أنه أراد التكرار لتبين ما أرادت فتكون واحدة على هذا التأويل، وروى محمد من ملك امرأته فقالت كم ملكتني فقال ملكتك مرة ومرة ومرة ففارقته ليس بثلاث إذا حلف أنه ما ملكها إلا واحدة. التونسي: فيه إشكال؛ لأنه أبان بقوله مرة ومرة ومرة أنه ملكها ثلاثا مرار فيجب لكل تمليك طلقة فتكون ثلاثا إلا ان يكون قصد إلى حكاية الألفاظ أنها ثلاث مرات أراد بها تمليكا واحدًا فينوى، وجوابها بالكناية مدلوله كالزوج. فيها: من ملك امرأته فقالت قد خليت سبيلك فهي ما نوت، فإن لم تنو في ثلاث لقول ملك ذلك في الرجل يقوله لامرأته وجوابها بمحتمل الطلاق وعدمه. قال ابن رُشْد: كقولها: قد قبلت وقبلت أمري أو اخترت أو شئت أو رضيت تسأل عما أرادت، ويقبل ويجري على حكمه، وجوابها بما يحتمل الثلاث وما دونها. ابن رُشْد: ألفاظه ثلاث الأول طلقت نفسي في كونها تسأل، ولو بعد المجلس في التمليك والتخيير، فإن لم تنو عددا فثلاث، وسؤالها كذلك إن لم تنوه فواحدة، ثالثها: لا تسأل وهي واحدة إلا أن تقول في المجلس نويت ثلاثا، ورابعها: لا تسأل وهي ثلاث إلى أن تقول نويت واحدة، وخامسها: الثالث في التمليك وفي التخيير تسأل إن قالت ثلاثا صدقت، وإن قالت أقل أو لم أنو شيئًا أو افترقا قبل سؤالها سقط خيارها لابن القاسم فيها، وغيره ولابن القاسم في الواضحة وأَصْبَغ وغيره وللثلاث في التمليك والواحدة في التخيير حكماهما في مناكرة الزوج وسقوط حقها في التخيير. الثاني: قولها أنا طالق لا تسأل فيهما، وهي واحدة فيهما إلا أن تقول في المجلس نويت ثلاثا فيسقط التحريم بالواحدة ويناكر الزوج في الثلاث في التمليك لا أحفظ فيه نص خلاف، الثالث: قولها اخترت الطلاق، مقتضى الأصول تسأل فيهما لاحتمال الألف واللام الجنس فتكون ثلاثا والعهد للطلاق السياء تكون طلقة، فإن لم تنو شيئًا كانت ثلاثا على قول أَصْبَغ في الواضحة وقول ابن القاسم في المدَوَّنة، وقولها طلقت نفسي ولا نيَّة لها أنها ثلاث ووحدة على قول ابن القاسم في الواضحة في طلقت نفسي واحدة، ويحتمل كون الألف واللام للعهد في الطلاق الذي ملكت إياه فتكون ثلاثا.

قُلتُ: قوله: (ويحتمل ... إلخ) إن أراد به تقرير قولها ولا تسأل فواضح معنى بعيد في اللفظ، وإن أراد به تقرير لزوم الثلاث فبعيد إذ لا تحقيق دلالة المحتمل. قال: وكان ابن زَرْب يتوقف عن جواب هذه المسألة إذ لم يجد لها في المدَوَّنة والعتبيَّة شفاء إلى إن وجد في زعمه ما دله على أنها واحدة إلا أن يريد الثلاث، وهو اختلاف ابن القاسم وابن وَهْب فيمن حلف غريمه بالطلاق ليقضينه حقه لأجل، فقال صاحب الحق: أردت ثلاثا، وقال الغريم أردت واحدة. قال: فلو لم تقع اللفظة إلا على الثلاث عند ابن القاسم لما قال القول قول صاحب الحق ولقال هي ثلاث. قال صاحب الحق: إنه نواها أو لم ينوها ولو لم يقع إلا على الثلاث عند ابن وَهب لما قال القول قول الغريم، ولا دليل له في ذلك؛ لأن اللفظة قد يراد بها الواحدة، وقد يراد بها الثلاث على ما بيناه، فجعلها ابن القاسم ثلاثا على نيَّة المحلوف له، وجعلها ابن وَهْب على نيَّة الحالف، ولا إشكال مع وجود النيَّة بواحدة أو ثلاث إنما الإشكال عند عدمها والصحيح على قول ابن القاسم في المدَوّضنة ما ذكرته، واستدل بقوله تعالى: (الطَّلاقُ مَرَّتَانِ) [البقرة: 229] ولا دليل له فيها، واستدلاله بحديث زبراء. قالت: هو الطلاق ثم الطلاق ثم الطلاق ففارقته ثلاثا له وجه. قال: فإن قيل لم لا تكون في التخيير ثلاثا بقولها اخترت الطلاق ولا نيَّة لها إذ لا خيار لها إلا في الثلاث. قيل: يلزم في قولها في التخيير طلقت نفسي، ولا نيَّة لها أنها ثلاث إذ لا خيار لها في الثلاث وهو محال. قال ابن رُشْد: ليس هو بمحال. أَصْبَغ: يرى أنها ثلاث في التمليك فكيف بالخيار، وقاله ابن القاسم في المدَوَّنة. وسمع ابن القاسم جواب مالك عن رجل بدوي قال: لامرأته أمرك بيدك، فقالت: التمسوا لي شقتي فأخذتها من البيت، ثم ذهبت لأهلها وارتحل عنها إلى سفر ولم يقل شيئًا وأرادت بنقلتها الطلاق ولم تقل شيئًا، ما أرى هذا إلا فراقا. ابن رُشْد: إن لم تجب المملكة بشيء، وفعلت ما يشبه الجواب مثل أن تنتقلأو تنقل متاعها أو تخمر رأسها سئلت إن قالت لم أرد طلاقا صدقت. قاله ابن القاسم في المجموعة، واختلف إن أرادت الفراق ولا نيَّة لها، ففي العشرة ليحيى عن ابن القاسم

أنها ثلاث، وهو ظاهر قول مالك في هذه الرواية: لا أرى ذلك إلا فراقا؛ لأن الفراق في المدخول بها ثلاث، وقال محمد هي واحدة، فلو سكت ولم ينكر فعلها حتى افتراقا من المجلس، فقال محمد: تسأل إن قالت أردت ثلاثا فللزوج مناكرتها بنية يدعيها وقت التمليك ويحلف. قال أَصْبَغ: يمينين يمينًا أنه لم يعلم أن ما فعلته يلزمه به البتة ولا رضي بذلك، ويمينا أنه نوى واحدة، وقال محمد: يجمع ذلك في يمين واحدة، وفي العشرة ليحيى عن ابن القاسم سكوته عن انتقالها دون سؤاله إياها في المجلس عن ما يريد بانتقالها يوجب بتاتها بكل حال ولا يناكرها إن أرادت الثلاث، ولا تصدق وإن قالت أردت واحدة، وقول ابن القاسم هذا على قياس قوله إن أردت بانتقالها الفراق دون نيَّة في عدد الطلاق أنها ثلاث، وقول محمد أنها تسأل أيضًا بعد الافتراق صحيح على قياس قوله إن أرادت بانتقالها الفراق ولا نيَّة لها في عدد الطلاق أنها واحدة، وقوله يحلف أنه لم يعلم أن ما فعلته يلزمه به البتة ولا رضي بذلك فليس بملتئم على أصله أنها تسأل، فإن لم تكن لها نيَّة فهي واحدة. وفيها مع غيرها: وطئه إياها طوعا يزيل ما بيدها، وإن ملك أمرها أجنبيًا فخلى بينه وبينها، وأمكنه منها زال ما بيده. قُلتُ: فمجرد التمكين دون وطء كالوطء. وفيها: إن أشهد أنه خيرها ثم وطئها قبل أن تعلم فلها الخيار إذا علمت ويعاقب الزوج، كما لو شرط إن تزوج عليها أو تسرر فأمرها بيدها ففعل ذلك، وهي لا تعلم لم يطأها حتى يعلمها، فإن وطئها قبل علمها فلها الخيار. ابن رُشْد: إن قيدت قضاءها بمحتمل غير غالب كاخترت نفسي إن دخلت على ضرتي، أو إن قدم فلان ففي بقاء أمرها تقضي أو ترد، وسقوطه قولا ابن القاسم فيها وسَحنون. ... كإن حاضت فلانة تكون طالقا على قول ابن القاسم، وعلى قول أشهب تقضي أو ترد. **** أنه لابد لا يكون في المدة التي يمكن أن تبلغها كاخترت نفسي إذا هل

الهلال، وبما يعلم أنه لا يكون كاخترت نفسي إن مسست السماء إسقاط لما بيدها. قُلتُ: الجاري على قول سَحنون في أنت طالق إن شاء هذا الحجر لزوم قضائها. قال: وجوابها بما ليس من معنى الطلاق كقولها أنا أشرب الماء وأنا أضرب عبدي يسقط ما بيدها ولا تصدق في إرادتها به طلاقا، ولو فوضت الأمر لغيرها كقولها شئت إن شاء فلان أو فوضت أمري إليه، فقيل: ذلك جائز إن كان حاضرًا أو قريب الغيبة، ففي سماع عيسى مثل ثلاثة أيام، وفي الواضحة لابن القاسم مثل اليوم وشبهه، وإن بعدت غيبته رجع أمرها إليها، وقال أَصْبَغ: لا ينتقل أمرها لغيرها ولو كان حاضرًا، وهو جار على رواية علي في كتاب الخيار منها. قُلتُ: هي قول مالك فيها: من تزوج امرأة على إن نكح أو تسرر أو خرج بها من بلدها فأمرها بيد أمها فماتت الأم إن كانت أوصت بما كان لها من ذلك إلى أحد فذلك له. ابن القاسم: فإن لم توصي فكأني رأيت مالكًا رأى ذلك للابنة، وقال ذلك لها، ولم أتثبته منه، وروى علي عن مالك أن ذلك لا يكون بيد أحد غير من جعله الزوج بيده؛ لأنه يقول لم أكن أرضى أن يكون إلا بيده لنظره وقلة عجلته. قال ابن القاسم: وإن أوصت الأم إلى رجل، ولم يذكر ما كان لها في ابنتها لم يكن للوصي ولا للابنة من ذلك شيء. عياض: اختلف هل قول ابن القاسم وفاق لما فهمه عن مالك وأنهما وجهان، وهو قول أكثرهم، وقيل: هو خلاف وبينهما في الوجهين. وسمع عيسى ابن القاسم في النكاح: من زوج أمته على إن تزوج عليها أو تسرى فأمرها بيد مولاها، فهلك فأمرها بيد ورثته أو وصيه إن كان ورثته صغارًا لا بيدها. ابن رُشْد: لأن الشرط في الأمة إن جعل بيد مولاها ورث بخلاف الحرة؛ لأن الأمة تملك، فإذا جعل بيد مولاها فمولاها كل من انتقل إليه الملك بميراث، وكذا كل مشيئة في ملك فهي تورث، ولو جعل الأمر بيد غير مولاها فهلك لم يكن بيد ورثته من ذلك شيء ورجع الأمر إليها؛ لأن الشرط إنما أخذ لها على رواية ابن القاسم في كتاب الخيار، وإن كان لم يتبين ذلك منه، ولو أوصى بذلك لأحد جازت وصيته بذلك. قاله مالك فيها، وبعد هذا في رسم استأذن قال: ولو قيدت القبول كقولها قبلت لأنظر في

أمري كان بيدها، وإن انقضى المجلس اتفاقًا حتى توقف. وسمع ابن القاسم: من ملك امرأته فقالت قبلت لأنظر في أمرين فقال ليس ذلك لك، أو قال فانظري، أو قال انظري الآن وإلا فلا شيء لك. قال مالك: ذلك بيدها حتى يوقفها السلطان. ابن رُشْد: كان يمضي لنا في هذا عند من أدركنا من الشيوخ أنها مبينة لما في المدَوَّنة وأن ذلك لها على القول أنها ليس لها القضاء إلا في المجلس حتى يقفها السلطان، وأن المسألة تخرج من الخلاف إذا قالت ذلك بحضرة الزوج، ولم ينكر عليها، كقوله أمرك بيدك تنظرين لنفسك، وإن انقضى المجلس، ولو رد قولها لجرت على القولين، ولو قال: أمرك بيدك على أن تقضي في المجلس هذا أو تردى لم يكن لها قضاء بعدة اتفاقًا، فقوله بانقضئه بالمجلس؛ لأنه رأى مواجهتها بالتمليك يقتضي جوابها في المجلس كالمبايعة، لو قال: رجل لآخر بعتك سلعتي بعشرة إن شئت فلم يقل أخذتها بذلك حتى انقضى المجلس لم يكن له شيء اتفاقًا، وقوله بعدم انقضائه به؛ لأنه رأى التمليك خطيرًا يحتاج لنظر وروية بخلاف البيوع، وإذا وقفها الإمام بعد انقضاء المجلس فقالت أخرني أرى رأيي واستشير، فليس لها ذلك إنما ذلك في مجلسه على ما في سماع أشهب في الولي يوقف فيسأل أن يؤخر يرى رأيه، وما في سماعه من كتاب الشفعة في الشفيع يسأل أن يؤخر ليرى رأيه. وقال بعض المتأخرين: يؤخر لذلك ثلاثة أيام على رواية ابن عبد الحَكم في الشفيع، ولحديث المصراة أنه بالخيار ثلاثا ليرى رأيه في الأخذ والرد، وقوله صلى الله عليه وسلم لعائشة لما خيرها: "وما عليك ألا تعجلي حتى تستأمري أبويك" يحتمل كونه إعلاما

بما هو من حقها أو بما طاع به لها. قُلتُ: بعض المتأخرين هو اللخمي، وتخريجه على الشفعة رده ابن عبد السلام بأن المشتري غير مخاطب للشفيع والزوج مخاطب للمرأة، والخطاب يقتضي الجواب الحالي أحسن، ويرد بأن العصمة لا تقبل التأخير في احتمال حلها لملزومية الخيار وشبه نكاح المتعة. قُلتُ: اختيار ابن القاسم قوله الأول انقضاءه بانقضاء المجلس وعليه جماعة الناس، الشيخ لأشهب في المجموعة: إنما قال مالك: لها ذلك بعد المجلس مرة ثم رجع إلى أن مات. الباجي: وروى يحيى بن يحيى القول الأول في الموطأ وهو آخر من روى عنه، وهذا يدل أن مالكًا كان يترجح فيه، وأخذ أبو علي بن خيران بقوله الثاني. أبو عمر: المشهور المعمول به الأول. الباجي: وهذا إن لم تجب بشاء، ولو قالت: أمري فذلك بيدها حتى توقف أو تمكن من نفسها في قولي مالك معًا. قُلتُ: للشيخ عن الموازيَّة: إنما لها القضاء بالمجلس في قول مالك القديم إلا أن تقول قبل الافتراق قبلت أو رضيت أو اخترت ونحوه مما يعلم أنها لم تدع ما بيدها، ولا يدري أهو فراق أو ترك لما بيدها، فلا يزيل ما بيدها إلا إيقاف السلطان أو تمكنه من نفسها، ولو قال لها الزوج: لا أفارقك حتى يتبين فراقك أو ردك لم يكن له ذلك إلا بتوقيف السلطان، وكذا سمع ابن القاسم، وفي المجموعة للمغيرة: إن قالت قبلت أستشير أبي أو ذا الرأي من أهلي وانتهت إلى الحاكم ألزمها أن تقضي مجلسها أو تدع إلا أن يرى لذلك وجها فيمن لم تبعد غيبته. قُلتُ: ظاهر كلام الباجي وما في الموازيَّة أن تغييرها كلامها بالتأخير يوجب بقاء حقها بعد المجلس على القولين معًا، ولو طلبها الزوج بالتعجيل خلاف ما تقدم لابن رُشْد أنه إن طلبها بالتعجيل دخلها القولان. الباجي: هذا إن خاطبها بالطلاق ولو أرسل به إليها فلم تجب وانصرف عنها الرسول، فروى محمد: ذلك بيدها إلا أن يطول الزمان، ويظهر منها ما تفعله الراضية.

الباجي: والصواب أن يدخله القولان. اللخمي: اختلف إن خيرها، وهي غائبة فقيل ذلك بيدها بعد المجلس إذ ليس ثم من تجاوبه ولا يطلبها بجواب، وهو أحسن، كمن قال: إن تزوجت فلانة فأمرها بيدها فلم تقض بحضرة العقد، أو إن غبت عنك سنة فأمرك بيدك فيغيب عنها سنة. قُلتُ: كذا وجدته في غير نسخة منها عتيقة بذكر اختلف، ثم ذكره قولاً واحدًا فقط، والخلاف فيها منصوص تقدم في فائدة ذكره، ولها التلوم في فصل الشروط. وفيها: إن قال اختباري اليوم كله فمضى اليوم، ولم تختر فلا خيار لها القول مالك إن خيرها فلم تختر حتى افترقا من مجلسهما فلا خيار لها، كذا إن مضى الوقت الذي جعل الخيار إليه، وأما قوله الآخر فلها الخيار، وإن مضى ذلك الوقت. عياض: قوله: (ليس لها أن تختار بعد مضيه) ذهب كبار الشيوخ أن هذا على قوليه معًا، وقيل: تتخرج على القولين. قُلتُ: اقتصار عياض على ما نقل، وعدم ذكره استدلال ابن القاسم إلى آخره محل بالعلم بدلالة قول ابن القاسم على تخريج المسألة على قولي مالك، ولذا قال إسماعيل القاضي: قياسها ابن القاسم على من ملك امرأته تمليكا مطلقًا لا يشبه؛ لأن من قيده بوقت لم يجعل لها بعده شيئًا، ولعبد الحق عن الشيخين أبي محمد وأبي الحسن لا خيار لها بعد اليوم على قولي مالك معًا. قال: وقول ابن القاسم في المدَوَّنة بين أن اختلاف قولي مالك جار فيها، وقال أبو بكر بن عبد الرحمن على القول: أن لها القضاء بعد المجلس لا مناكرة للزوج بعد مجلس قضائها اتفاقًا. **** فيها: أن يعقد معها قدر ما يرى الناس أنها تختار في مثله، إن وثب حين ملكها؛ يريد: قطع ذلك عنها لم ينفعه، وفيما ينقضي به اختلاف ففيها إذا قامت من مجلسها فلا شيء لها بعد ذلك، وفي موضع آخر أما ما كان من طول المجلس، وذهاب عامة النهار، وعلما أنهما تركا ذلك فلا قضاء لها. عياض: كل هذا وفاق وعامة النهار إنما هو في لفظ السائل لا أنه شرط على ما نبه عليه بعض المختصرين، وقول أشهب لها ذلك ما أقاما في المجلس وفاق، ثم قال عن بعضهم بعد انقضاء المجلس بالافتراق بالأجسام أو بالخروج عن ما كانا فيه أو بطوله

وذهاب عامة النهار قولان، وهو ظاهر الواضحة. قُلتُ: ذكر الباجي لفظ ذهاب عامة النهار على أنه من قول مالك في المدَوَّنة وساق قول أشهب مساق الخلاف، وهو ظاهر لفظ النوادر. قال في الموازيَّة: إن طال المجلس عامة النهار أو خرجا إلى غير ذلك زال ما بيدها، وقال أشهب: ذلك بيدها ما أقاما في المجلس، واحتج بحديث عمر ما داما في المجلس. قُلتُ: خروجها مما كانا فيه بذكرهما عوارض الإقامة من حال نفقة أو كسوة أو سكنى واضح في سقوط ما بيدها، وبغيره. قال الشيخ لابن سَحنون: عنه لو خيرها وهي في فريضة صلاة فأتمتها فهي على حظها، وكذلك كانت في نافلة أتمتها أربع ركعات، وإن زادت حتى تبلغ ما يرى أنها به تاركته قد تستشير رأيها في أكثر من عشر ركعات، ولو خيرها فدعت بطعام فأكلته أو امتشطت أو اختضبت في مجلسها فهي على حقها. الباجي عن سَحنون: إن امتشطت أو سكتت أو عملت عملا لم يقطع خيارها، وفيه نظر؛ لأن ترك ما كانا فيه قد يكون بالأعمال والنوم وطول المجلس، وعلى رواية بقائه بعد المجلس يوقفها الحاكم، وإن لم يطلبه الزوج لقولها في أنت طالق إن شئت ذلك لها، وإن افترقا ما لم توطأ، وأرى أن توقف فتقضي أو ترد، ومثله قول أبي عمر على أن لها القضاء بعد المجلس فله رفعها إلى الحاكم لتوقع أو تسقط إن أبت أسقط الحاكم تمليكها، ولما ذكر اللخمي قولي مالك في انقضائه بالمجلس قال: ويختلف على هذا في وقف الزوج لها على الأول يوقفها الآن وعلى الآخر لا يوقفها، ولها أن تفارق وترى رأيها، وفي النوادر لأَصْبَغ: إن رضيت بالخلوة وإرخاء الستر أو إغلاق باب فزعم أنه وطئها زال ما بيدها. قُلتُ: ظاهره دون يمين، وفي إيلائها إن خلا بزوجته بعد رجعته إياها من طلاقها بالإيلاء في عدتها، وقال بعدها وطئتها فيها وأكذبته صدق مع يمينه. عبد الحق: ابن حبيب: إن قالت عجل علي ولم نجلس ما أختار في مثله أو قالت وطئني كرها فالقول قوله فيهما. اللخمي: إن اختلفا في الطوع والإكراه في القبلة صدقت بخلاف الوطء.

وسمع عيسى قول ابن القاسم وروايته، من ملك امرأته وقال بعد افتراقهما أسقطت ما جعلت لها، وقالت: بل اخترت نفسي صدقت، وكذا من ملك عبده العتق. ابن رُشْد: هذا قولها في إرخاء الستور منها، وقال أشهب: القول قول الزوج، وهذا الخلاف مبني على أصل اختلف فيه قول ابن القاسم، وهو تصديق المأمور بإخلاء ذمته في دعواه إخلائها أو تعمير ذمة المأمور، وقال أشهب لا يصدق في ذلك، وقتال ابن القاسم في السلم الثاني منها لا يصدق، وقال في الوكالات منها في مسألة اللؤلؤ يصدق، وإنما تصدق المرأة والعبد مع أيمانهما إن نكلا حلف الزوج والسيد وبقيت الزوجة في العصمة والعبد في الرق خلاف قول أَصْبَغ لا أيمان عليهما، وقوله: لأن نكولهما وحلفهما سواء معناه نكولهما كأيمانهما إذ لا ترجع عنده اليمين عليهما بنكولهما، وعلى انقضائه بالمجلس لو قال أمرك بيدك إن شئت، أو أنت طالق إن شئت في كونه يفوت بانقضاء المجلس، وكونه تفويضًا لا ينقطع به، ثالثها: في أمرك بيدك، ورابعها: عكسهن لابن محرز عن قولي ابن القاسم ومالك وعياض عن أبي التجا عن ابن القاسم. وفي كون إذا كان واختصاصها بالتفويض نقل عياض وروايتي الشيوخ، وبالثانية قال أَصْبَغ: وفي الأيمان بالطلاق منها أنت طالق إن شئت أو إذا شئت فذلك لها، وإن افترقا حتى يوقف أو يتلذذ منها طائعة وكانت "إذا" عند مالك أشد من "إن" ثم سوى بينهما. [باب ...] جعل الزوج إنشاء الطلاق ثلاثا حكما أو نصا عليها حقا لغيره.

باب في صيغة التخيير

[باب في صيغة التخيير] صيغته: فيها: اختاري أو اختاري نفسك، وروى محمد أو طلقي نفسك ثلاثا أو اختاري أمرك. وفيها: إن قال اختاري أو اختاري نفسك، وقال: لم أرد الطلاق؛ بل أن تختاري أي ثوب أشتريه لك، فإن تقدم ما يدل على ذلك دين وإلا فهو البتات. الباجي: غن قيد تخييره بما دون الثلاث فحكمه كالتمليك، وفي كراهته للزوج وإباحته. نقل الباجي عن أبي بكر القاضي مع عبد الحق عن الشيخ عن بعض البغداديين قائلا: ككراهة إيقاع الثلاث، والباجي مع عبد الحق عن أبي عمران قائلا: ما علمت من كرهه إنما يكره للمرأة إيقاع الثلاث. قُلتُ: تشبيهه بإيقاع الثلاث يوجب حرمته، وهو مقتضى قول اللخمي يمنع لمنع الزوج من إيقاع الثلاث وتوكيله عليه، فإن فعل انتزعه الحاكم من يدها ما لم توقع الثلاث، وفي قصره على الثلاث باختيارها نفسها، ولا مناكرة للزوج، ويسقط باختيارها زوجها كردها التخيير أو على واحدة بائنة، ورابعها: كالتمليك، وخامسها: الأول إن اختارت نفسها، وإن اختارت زوجها أو ردت الخيار فواحدة بائنة للمشهور، وعياض عن رواية ابن خويز منداد مع تأويله اللخمي عن حكاية ابن سَحنون عن أكثر

أصحابنا واختاره، وقول ابن الجهم مع ظاهر حكاية ابن سَحنون عن أكثر أصحابنا عند عياض، وظاهر قول سَحنون ورواية النقاش. اللخمي: اختلف في قوله اختاري أمرك أو ملكتك أمرك. قال محمد: في اختاري أمرك هي ثلاث لا ينوى، وقال ابن شعبان: فيها وفي ملكتك أمرك سواء يقبل أنه أراد واحدة، وهو أحسن. قُلتُ: هو نص سماع يحيى ابن القاسم، ولو قضت المدخول بها بطلقة، فقال اللخمي عن محمد: إن رضيها الزوج كانت رجعية، وإلا ففي سقوط خيارها وبقائه، ثالثها: تجب بها الثلاث للمشهور مع الأكثر وأشهب مع الشيخ عن روايتهن واللخمي عن عبد الملك وصوب الثاني، وفيها: قضاؤها بطلقتين كالواحدة. وسمع يحيى ابن القاسم: إن قالت طلقت نفسي واحدة بائنة فليس بشيء إنما لها القضاء بالبتة أو المقام. ابن رُشْد: القياس ان تكون ثلاثا كما يكون في التمليك ثلاثا إلا أن يناكرها، وكقوله هو ذلك ابتداء وكذا لعيسى عن ابن القاسم في المدنيَّة إن قالت طلقت نفسي واحدة بائنة أنها ثلاث ولا يناكرها وأنه إن ملكها واحدة بائنة فهي ثلاث إلا أن يناكرها. اللخمي: لابن القاسم في الموازيَّة إن قالت أردت باخترت نفسي الصلح فهو صلح لا يراجعها إلا بنكاح جديد. قُلتُ: سمع أَصْبَغ ابن القاسم إن ملكها فقالت: اخترت أمري، فقيل ما أردت فقالت الصلح فتفرقا على ذلك فلا يراجعها إلا بنكاح جديد، وإن خيرها فقالت مثل ذلك فهو صلح إن كان رضي بذلك. قيل له إنما ظن أن ذلك يلزمه. قال قد رضيا فهو صلح. أَصْبَغ: هذا على رأي من يرى قولها اخترت أمري، ولم يسم الصلح وأراد به شيئًا وأنا لا نراه؛ لأن قولها اخترت أمري في الخيار والتمليك فراقا؛ لأنه جوابا له الكلام إلى آخر قول أَصْبَغ. ابن رُشْد: إنما ألزمه الصلح بقوله ذلك في التمليك والتخيير لرضى الزوج به، ولو

لم يرضه لم يلزمه شيء فيهما؛ لأنه لا يرى قولها اخترت أمري طلاقا، هذا ظاهر الرواية، ومعنى ذلك إن قالت أردت الصلح أو رضيت به، وإن قالت: أردت بذلك الذي اخترت طلقة الصلح أو طلاق الصلح لا نبغى أن لا يكون في التخيير شيئًا، وأن يكون له مناكرتها في التمليك كقولها اخترت واحدة بائنة، ونوقض قولها يسقط خيارها إن طلقت واحدة فقط بقولها إن قالت اخترت نفسي إن دخلت على ضرتي أنها توقف الآن فتقضي أو ترد، ولذا قال ابن أبي زَمَنَيْن ضعف سَحنون هذا الجواب، وقال: هذا قطع لخيارها. ويجاب بأن اختيارها الواحدة إبطال لما بيدها لعدولها عنه لما لا يستلزمه واختيارها نفسها إأن دخلت عليها ضرتها ليس إبطالا لمالا بيدها لعدولها عنه لما يستلزمه من حيث ذاته؛ لأن الشيء مقيدا بصفة مستلزم لحقيقته من حيث ذاتها، ولعله مراد عبد الحق بقوله: رأى ابن القاسم أنها أجابت بالفراق إلا أنه علقته بصفة وهي دخول ضرتها، فلما لم يكن لها شرطها رجعت لأمرها، ورأيت في بعض تعاليق أبي عمران إن غفل حتى دخلت عليها ضرتها لزمها الفراق. وفيها: قلت: إن قال لها اختاري في أن تطلقي نفسك تطليقة واحدة، وفي أن تقيمي، فقالت اخترت نفسي أيكون ثلاثا. قال: نزلت بالمدينة، فقال مالك له آلله ما أردت بقولك ذلك إلا واحدة. قال: والله ما أردت إلا واحدة. قال: هي واحدة. قُلتُ: ما المسألة التي سئل مالك عنها. قال هي رجل قال لامرأته اختاري في واحدة فأجابه بما أخبرتك. عياض: ظاهر قول ابن القاسم أنهما سواء، وعليه تأولها الشيخ وغيره واختصرها ابن أبي زَمضنَيْن زاد: قال ابن القاسم: ولا يمين عليه، وتأول آخرون أنهما مفترقان، وهو ظاهر كلام محمد لرفع الاحتمال بقوله تطليقه، بخلاف إذا لم يسمهما كقوله تطليقة ولم يقل واحدة. قُلتُ: في النوادر روى محمد: إن قال: اختاري واحدة حلف ما أراد إلا طلقة، وكذا قوله اختاري في أن تطلقي نفسك واحدة أو تقيمي. محمد: لو بين فقال في أن تطلقي نفسك من الطلاق واحدة أو من الثلاث واحدة

ولم يحلف إنما حلفه مالك فيما احتمل أن يريد به مرة واحدة. ابن حبيب عن أَصْبَغ: إن قال اختاري في ثلاث فلها الخيار بواحدة من ثلاث أبين، ولو لم يقل "في" ولا "من" فاختارت أقل من ثلاث لم يلزمه شيء. ابن سَحنون: عنه لها في قوله اختاري في ثلاث أو في الثلاث الخيار بثلاث أو أقل، ولو قال "من" لم يكن لها إلا بالأقل منها. اللخمي: في اختاري تطليقتين، لها القضاء بهما إن قضت بواحدة لم يلزمه شيء، ومن تطليقتين لها القضاء بواحدة فقط، وفي تطليقتين فيها إنما لها القضاء بهما إن قضت بواحدة لم يلزمه شيء. ابن سَحنون: لها القضاء بوحدة. اللخمي: يحتمل أن يريد الخيار في القضاء أو الترك أو الخيار في العدد، فإن قضت بواحدة سئل إن قال أردت في العدد لزمتن الواحدة، وإن قال في القضاء حلف ولها استئناف الخيار؛ لأنها تقول ظننت أنه أراد في العدد، وقال في الثمانية: إن قال ملكتك قضت بما شاءت، وفي الواضحة: إن قضت بواحدة فلا شيء لها والأول أحسن؛ لأن ملكتك يقتضي أن لها تتصرف وتصرف المالك بخلاف قوله طلقي نفسك ثلاثا ليس لها مخالفة أمره. عياص: ما في الواضحة لأَصْبَغ قال مع عبد الحق، وفي كتاب ابن القصار: إن قال طلقي نفسك ثلاثا فطلقت واحدة، أو طلقي واحدة فطلقت ثلاثا لم يكن لها شيء. الشيخ: روى الأخوان: من قال طلقي نفسك واحدة فطلقت ثلاثا أنها واحدة، وإن قال: ثلاثا فطلقت واحدة فلا شيء لها. أَصْبَغ: لا شيء لها فيهما وروى مُطَرِّف إن ملكها في واحدة فقضت بالبتة فلا شيء لها؛ لأنها لا تتبعض، وقال المغيرة في البتة كقول مالك في الثلاث، وقال أَصْبَغ: لا شيء لها فيهما، ونقل ابن حارث عن ابن القاسم كرواية الأخوين مع ابن حبيب كأَصْبَغ، وعن ابن الماجِشُون كالمغيرة. *********************************************** وعليه روى اللخمي: إن قضت بواحدة لزمت. قال: وقال أَصْبَغ لا تلزمه

وكلاهما غير بين وأرى أن لا يلزم مع عدم النيّضة منهما أو من أحدهما إلا واحدة؛ لأن اختيار النفس لا يتضمن عددًا؛ بل البينونة بنفسها، ويصح بطلقة ويختلف إن خيرها قبل البناء، ولم تعلم إلا بعده، فعلى عدم ملكه الرجعة لفساد بنائه لا يقضى إلا بوحدة كمن لم يبن بها، وعلى ملكه الرجعة كالمخيرة بعد البناء. عبد الحق: عن أبي عمران: لو طلق المملكة قبل قضائها، ثم تزوجها بعد عدتها أو خالعها قبل قضائها ثم تزوجها في العدة سقط ما بيدها، ولو كانت قيدت تمليكها بقولها قبلت؛ لأنه لو طلقها بعد العدة في الأولى، وفيها في الثانية لم يلزم طلاقها فلا تكون هي أقوى منه. قُلتُ: يرد بما لو جن قبل قضائها كان لها القضاء، ولو طلقها حينئذ لم يلزم، والأظهر أن سقوط ما بيدها فيهما لدلالة رضاها بالعقد عليها ثانيا على تركه كتمكينها له نفسها، وسمع عيسى رواية ابن القاسم من قالت له امرأته خيرني أو ملكني ولك عشرة دنانير فأخذها وفعل وتواجبا ثم بدا لها قبل الإشهاد فلا رجوع لها في العشرة، تقضي أو تقيم إن اختارت نفسها كانت البتة، وإن قضت في التليك ولم ينكر عليها في مجلسها لم تحل إلا بعد زوج، وإن قال لم أرد إلا واحدة حلف وقبل قوله وكانت طلقة بائنة، وإن أراد الصلح على ما ذكرت فهي إن بدا لها قبل الإشهاد، وكذا وقع الصلح فذلك لها ولا غرم عليها ولا طلاق على الزوج. ابن رُشْد: لا خلاف أنه لا رجوع لها على الزوج في العشرة قضت أو ردت، واختلف قول مالك في تحول التخيير والتمليك بذلك عن سنتهما، فرأى مرة أنهما يحولان به تقع الطلقة فيهما بائنة للخلع وللزوج مناكرتها في الخيار كالتمليك، وهو قول ابن القاسم في هذه الرواية وأبقاهما مرة على سنتهما فلا تقضي في التخيير إلا بالثلاث، ولا مناكرة فيه للزوج، ويناكرها في التمليك والطلقة فيه رجعية، وهو الآتي على ما في سماع ابن القاسم في رسم سعد، وأما إن تداعيا إلى الصلح وتراضيا عليه وأجاب بعضهما بعضا إليه فلكل منهما أن يرجع عنه ما لم يقع الصلح ويمضياه على أنفسهما، فإن وقع لم يكن لواحد منهما أن يرجع عنه ولزمهما التشاهد عليه، ومضى هذا في أول رسم من سماع ابن القاسم، وهو الذي يأتي على ما في المدَوَّنة، وتقدم جوابها بالكناية.

*** والنص: فيها: إن أجابت بألفاظ ظاهرة المعاني كقولها اخترت نفسي أو قبلت نفسي أو طلقت نفسي منك ثلاثا أو بنت منك أو بنت مني فهو البتات ولا تسأل. ابن رُشْد في أول مسألة من سماع أَصْبَغ: لا خلاف في قولها اخترت نفسي أنها ثلاث ولا تسأل عما أرادت بذلك، وقال ابن بشير قولها اخترت نفسي لا خلاف منصوص أنه يقتضي الثلاث، ووقع لأشهب ما يدل على أنه كقولها قبلت نفسي وفيه قولان. قيل: محتمل يرجع فيه إلى تفسيرها، الثاني أن يقتضي الطلاق. اللخمي عن ابين القاسم: إن قال اختاري نفسك فقالت قبلت أو رضيت أو شئت أو فعلت، سئلت كقولها قبلت امرأ واخترتا، وقال ابن عبد الحَكم: في فعلت هي ثلاث ولا تسأل، وكذا على قوله شئت أو اخترت وفعلت وهو أحسن؛ لأنه جواب بامتثالها ما جعل لها، وفي الموازيَّة: إن قالت تركتك أو اخرج عني أو لا يدخل علي إلا بإذن سئلت. اللخمي: قولها تركتك فراق ولا تسأل فيه عن إرادة الفراق وتسأل عن عدده. محمد: من قال لامرأته أتحبين أن أفارقك. قال: ما شئت. قال: شئت، ثم قال إنما شئت حبسك، هو فراق ويحلف ما أراد إلا واحدة. قُلتُ: انظر تحليفه على واحدة مع قوله لم يرد طلاقا، ولعل مراده أنه يحلف ما أراد أكثر من واحدة وتقدم نحوه، وإن قال أمرك بيدك فاذهبي. قالت: قد ذهبت. قال محمد: هو فراق، ولو لم يقل فاذهبي، فقالت ذهبت سئلت ما أرادت، وقال ابن القاسم: تسأل فيهما. اللخمي: وهو أشبه؛ لأنه معنى قوله اذهبي فانظر في ذلك، وقولها ذهبت امتثال لقوله، ولو كان قوله اذهبي طلاقا لزم دون جوابها. وفيها قلت: إن قال اختاري أباك أو أمك. قال: قال مالك من قال لامرأته لكثرة ما تستأذنه للحمام اختاريني أو الحمام، او لكثرة ما تستأذنه لغرفة جيرانها تغزل عندهم اختاريني أو الغرفة، إن لم يرد بذلك طلاقا فلا شيء عليه فكذا مسألتك. ابن القاسم: معنى قوله إن أراد به الطلاق فهو الطلاق، وإن اختارت الشيء الذي

خيرها فيه، فإن لم تختره فلا شيء لها: وقال مالك: إن قال لها أكثرت الذهاب إلى الحمام اختاريني أو الحمام، فقالت: اخترت الحمام، سئل عن نيته إن أراد طلاقها فهو الطلاق، وإن لم يرده فلا شيء عليه. اللخمي: إن أراد الطلاق ولم ينو عددا لزمه الثلاث، وإن قال: نويت واحدة ففي لزوم الثلاث أو واحدة قولا ابن القاسم وأَصْبَغ مع اللخمي وهو أشبه، ولو أبانها بعد تخييرها قبل قضائها فتزويجه إياها يسقط خيارها إن كان باختيارها وإلا لم يسقط كالأمة والبكر. قُلتُ: الأظهر أن جواز نكاحه إحداهما كقول ثالث نكاحها من وطاء أمة بملك لم يعجبني أن يتزوج أختها إذ لا يجوز أن يتزوج إلا حيث يجوز له الوطء، وهذه اشد إذ قد قيل: عقده على الأخت يحرم فرج الأمة فيصح الوطء بنفس العقد، وليس كذلك في المخيرة. الباجي عن ابن حبيب عن ابن الماجِشُون: من قال: لختنته إن تكاريت لابنتك وخرجت بها من القرية فأمرها بيدك فتكارت لها لتخرجها، فأبي وبدا له، فله ذلك ولا شيء عليه، وهذا يدل على أن له الرجوع ما لم يوجد شرط التمليك، وألظهر لزوم ذلك بالعقد، ومعناه عندي أن له الرجوع في السب بأن تمنع أمها الخروج بها، ولو أخرجتها لزمه التمليك، وتقدم كون غير الزوجة كالزوجة في انقطاع ما بيده بانقضاء المجلس. اللخمي: من ملك أمر زوجته غيرها فغاب ببعد، وقد أشهد أنه على حقه فللزوج رفع ذلك إلى الحاكم لينزعه منه. قُلتُ: قال ابن شاش: قيل: يسقط ما بيده وينتقل للزوجة؛ لأنه كالنائب عنها. قُلتُ: الظهر جريها على مسألة كتاب الخيار وقد تقدمت، ولابن رُشْد في نوازل سَحنون من كتاب الإيلاء ما نصه: حكى محمد عن ابن القاسم أن الأمر يرجع بيدها في بعيد الغيبة، ولم يأخذ به؛ لأنه يبعد ان يرجع بيدها ما جعله الزوج بيد غيرها غيرها. اللخمي: ولو كان حين ملكه غائبا كتب له إن قرب يقضي أو يرد، وإن بعد فروى محمد: لا يقربها ويضرب لها أجل الإيلاء من يوم ترفعه إن لم يقدم طلق عليها الإيلاء.

محمد: إن قدم في عدته فقضى بطلاق لزم مع طلقة الإيلاء، وإن لم يقض به فله الرجعة، وقال مالك أيضًا: يرجع الأمر إليها. اللخميك يريد: إن كان لا يرجى قدومه في الأجل، واختلف قوله في هذا الأصل هل يجعل الطلقة؛ لن الصبر لا يفيد، وهو مضرة عليها، او لا يجعل رجاء انتقالها إلى الصبر؟ وإن طلق بالإيلاء فلها منعه الرجعة؛ لنه ممنوع من الإصابة، وغن انقضت العدة لم يجز أن يتزوجها؛ لأنه ممنوع منها حتى يقدم، ولا يجوز تزويج من لا يحل وطئها ولا المتعة بها. قُلتُ: في قوله: لها منعه الرجعة نظر لاحتمال ثبوت موت الغائب قبل انقضاء العدة فيسقط ما بيده فتتم رجعته دون وطء لانتفاء موجب منعه قبل انقضاء العدة كقول إيلائها إن حلف ألا يطأها ثمانية أشهر، فوقف لأربعة أشهر فلم يف فطلق عليه ثم ارتجع، فإن انقضت الأربعة الأخرى قبل تمام العدة، ولم يمس فرجعته ثابتة وإلا فلا، وفي نوازل سَحنون من الإيلاء: من جعل امرأته بيد رجل غائب عزل عنها، وضرب له أجل الإيلاء إن حل قبل علم حال الغائب طلق عليه، فإن ارتجع فذلك له، فإن علم ان الغائب أبى طلاقه ثبتت رجعته، وإن طلق عليه كانت ثانية وله أيضًا في ذلك الرجعة لا تكفي رجعته الأولى، وإن انقضت عدة طلقة الإيلاء قبل أن يعلم ما صنع الغائب بانت منه. قُلتُ: فقد نص سضحنون على أن له الرجعة. ابن رُشْد: مثل قول سضحنون، وروى محمد عن مالك وابن القاسم وفيئة هذا الإيلاء هي أن يعلم ما عند الغائب، وإن طلق عليه كانت طلقة ثانية، وارتجع إن شاء كما يرتجع غير المولي تصح رجعته بالقول دون وطء، وقول ابن عبد السلام في القول بضرب أجل الإيلاء في المنع بسبب اليمين نظر؛ لن أصول المذهب تدل على أن شرط ضرب الأجل أن يكون الامتناع من الوطء بسبب يمين اقتضت ذلك ولا يمين هاهنا، يرد بمنع حصر ضرب أجل الإيلاء في المنع بسبب اليمين؛ بل في المنع بسبب من الزوج ولو كان غير يمين، ولذا قال ابن رُشْد في المسألة: غنما يعزل عن امرأته؛ لأنه جعل طلاقها بيد غيره حتى يعلم ما عنده، ولما كان الامتناع من الوطء بسببه دخل عليه الإيلاء إن طلبت المرأة المسيس.

الشيخ عن الموازيَّة: لو أراد من ملكه الزوج أمر امرأته طلاقها فلها منعه إن أبى منعه الإمام، وسقط ما بيده ولو سبق فراقه لزم. محمد: هذا إن كانت سألت الزوج ذلك، وأراد سرورها بذلك، وإلا فلا منع لها عليه، وقاله مالك فيمن جعل امرها بيد أبيها. وسمع ابن القاسم: من خير امرأته قبل البناء، ولم تحض فاختارت فهو طلاق، وإن بلغت في حالها؛ يريد: مبلغ التي توطأ فيما ظننت. سَحنون: لها الخيار وإن لم تبلغ؛ لأنه هذا الذي جعل ذلك لأبيها. ابن رُشْد: القائل "يريد" هو ابن القاسم، ولمالك في رسم بع من سماع عيسى لزوم طلاقها، وغن لم تبلغ مبلغ أن توطا إن عقلت وعرفت ما ملكت فيه، ومثله لابن القاسم في سماع أبي زيد من كتاب النكاح، فتفسيره هذا القول مالك ضعيف، إذ الموجود له ولمالك خلافه، ولو كانت صغيرة لم تعقل معنى الخيار والطلاق لاستؤني بها حتى تعقل. قاله ابن القاسم في سماع أبي زيد في النكاح، وهو مفسر لقول مالك هنا، وقول سضحنون لها الخيار، وإن لم تبلغ يحتمل أن يريد ,غن لم تبلغ المحيض أو إن لم تبلغ أن توطأ إن بلغت مبلغا تعقل فيه معنى الطلاق والخيار، فليس قوله بخلاف لقول مالك ومن تأول عليه انه أراد أن لها الخيار، وإن لم تبلغ ما تعرف فيه معنى الطلاق فقد أبعد. قُلتُ: هو ظاهر قول اللخمي اختلف إن خيرها وهي صغيرة فاختارت نفسها، فذكر قول مالك وابن القاسم. قال: وقال أشهب وعبد الملك ذلك خيار، وإن كانت صغيرة، وهذا بين إن كانت ممن يعقل مثل ذلك، وإن كانت لا تعرف الصلاح من الفساد، وأما أن كانت صغيرة وهو أبين إن كانت ممن يعقل مثل ذلك، وإن كانت لا تعرف الصلاح والفساد، وأما إن كانت لها السنتان والثلاث فليس قضاؤها بشيء، ولابن القاسم في العتبيَّة: من تزوج صغيرة على إن تزوج عليها فأمرها بيدها فتزوج عليها، إن عرفت الطلاق والخيار خيرت وإلا استؤني بها حتى تعرف، ولو تزوجها على أن أمر من يتزوج عليها بيدها فتزوج عليها، وهي صغيرة لا تعقل فسخ النكاح؛ يريد: لأنه موقوف لمنع الزوج منها إلى مدة تعقل فيها، وعلى قول أشهب وعبد الملك يجوز

النكاح ولها الخيار الآن، ولعبد الملك في المجموعة أو خيرها وهي في عقلها ثم غمرت لم يجر قضاؤها حينئذ، وغن خيرها، وهي مغمورة فاختارت جاز قضاؤها لأنها في حد رضي قضاؤها فيه. قُلتُ: زاد الشيخ في النوادر إثر هذا الكلام: وكذا لو ملك صبيا أمر امرأته جاز قضاؤه إن كان يعقل ما جعل له، وما يجيب به، فإن كان يخلط في كلامه، ولا يعقل جعل له لم يجزه. قُلتُ: قوله في المغمورة خلاف قوله في الصبي. زاد الشيخ عن ابن سَحنون: عنه إن جعل أمرها بيد صبي أو امرأة أو ذمي فطلق عليه لزمه. ************* فيها: إن قال لها إذا جاء غد فقد خيرتك، وقفت إلا أن تقضي أو ترد، وإن ملكها إلى أجل فلها أن تقضي مكانها. الشيخ عن الموازيَّة: إن ملكها إلى سنة ثم وطئها وجهلا زال ما بيدها، ولو قال إن قدم أبي لم يزل ذلك وطئه قبل قدوم أبيه، وله في آخر الباب عن ابن حبيب عن أَصْبَغ إن جعل أمرها بيدها إلى أجل أو بيد غيرها فلا يقطعه الوطء، وقاله ابن الماجِشُون وبه أقول. قال أَصْبَغ: بخلاف المملكة إلى غير أجل، وابن القاسم يساوى بينهما. وسمع أبو زيد ابن القاسم: من قال لرجل كلما جاء شهر وكلما حاضت امرأتي حيضة فأمرها بيدك أنه، يوقف من جعل ذلك بيده فإن طلق ثلاثا جاز ذلك، وإن أبى أن يطلق سقط ما بيده، ولا رجوع للزوج قبل وقفه. ابن رُشْد: مساواته بين كلما جاء شهر أو كلما حاضت امرأتي على أصله في مساواة تعجيل الطلاق وبين قوله امرأتي طالق كلما جاء شهر أو كلما حاضت حيضة، ولا مناكرة للزوج في ذلك لقوله كلما، وعلى قول من رأى كلما حاضت امرأتي حيضة فهي طالق أنه يلزمه طلقة إن كانت أمة وطلقتان إن كانت حرة يكون للزوج المناكرة إن طلق المملك ثلاثا في الحرة وطلقتين في الأمة، وعلى قول أشهب لا توقف في قوله أمرها

بيدك كلما حاضت حيضة، ولا يكون بيده شيء حتى تحيض، وكذا كلما حاضت ما يقي من طلاق ذلك الملك شيء، ولا يسقط حق المملكة في ذلك الوطء؛ لأنه على مذهبه كمن قال فعلت فلانة كذا فأمرها بيدها. وفي مختصر ما ليس في المختصر: من ملك امرأته أمرها أو رجلاً أجنبيًا لأجل لا قضاء لواحد منهما حتى يأتي الأجل وللزوج الوطء في الأجل، والمشهور تعجيل التوقيف في ذلك كالطلاق، وأن الوطء بعلم المملك يسقط حقه، وقال أَصْبَغ: لا يسقطه، وقيل: يسقط إن كان المملك الزوجة، ولا يسقطه إن كان أجنبيًا. قاله ابن الماجِشُون وابن حبيب. وروى اللخمي: من قال: لامرأته إذا جاء غد فأمرك بيدك وقفت الآن فتقضي إلا أن يصيبها قبل ذلك فيسقط ما بيدها؛ يريد: إن علمت أن لها الخيار الآن، وإن جهلت ذلك لم يسقط ما بيدها، وعلى أحد قولي مالك في جواز التأجيل لا قضاء لها قبل الغد. قلت لابن حارث: من طلق إلى وقت يأتي بكل حال عجل اتفاقًان، وفي النوادر عن المجموعة قال: من أنكح رجلاً على إن غاب سنة فأمرها إلى، فغابها فطلق عليه واعتدت وتزوجت، ثم قدم فأقام بينة أنه قدم إليها قبل السنة. قال: ترد إليه، وكذا لو شرط إن لم يبعث النفقة إلى وقت كذا فأمرك بيدك، فجاء الوقت فطلبت ذلك بالبينة عندك فطلقت فلها أن تنكح، ولا تنتظر لما عسى أن له حجة، فإن قدم فأقام بينة أنه كان ينفق سقط التمليك، ونزعت من الآخر، ونقلها اللخمي من المجموعة معزوة لابن القاسم بزيادة نزعت من الآخر وإن دخل. قال: يريد؛ لأن هذا تعدًّ من المرأة كمن علمت برجعة زوجها لها ثم تزوجت، وكمن باع سلعة ثم تعد أو باعها من آخر، ولو ثبت أنه بعث بالنفقة فأمسكها من بعثت معه، ولم يعلمها كان الطلاق ماضيًا ولم ترد، ولو أثبت رجل دينا على غائب فبيعت له داره ثم قدم فأثبت أنه كان قضاه لم يرد البيع إذا فات، وإن كان القائم بالبيع متعديا؛ لأن التعدي على الذمة فبيع ذلك ناشاء من التعدي والتعدي في الزوجة على عين المبيع فأشبه ما غصبت عينه، ثم بيع بياعات بوجه شبهة فلا يقطع ذلك حق صاحبه، وقال ابن شاش في مسألة المملكة بالغيبة فرقوا بين أن تعلم بقدومه أولا، فإن علمت فسخ نكاح الثاني، وإن لم تعلم جرى على الخلاف

باب في الرجعة

فيمن طلق ثم ارتجع فلم تعلم برجعته حتى تزوجت، وفي ذلك قولان ومثله لابن الحاجب، وفي قولهما فسخ إجمال لاحتمال كونه مطلقًا أو ما لم يبن بها الثاني، وظاهر الرواية في المملكة فسخه مطلقًا، وفي تقسيمهما حال المملكة إلى كونها عالمة أو غير عالمة نظر؛ لأن نص الرواية أنه أقام بينة أنه قدم إليها وإنه كان ينفق، وقدومه عليها ونفقته عليها ملزومان لعلمها ذلك، ومثل تقسميهما حال المملكة للعلم وعدمه قول ابن عبد السلام إثر ذكره المسألتين، وإنما يكون علم المرأة معتبرًا في فسخ النكاح إذا قيد إقرارها بالشهادة قبل نكاح الثاني، وإلا لم يلتفت إليه؛ لأنه تتهم على فسخ نكاح الثاني، وتقدم حكم من عتقت تحت عبد غائب وتزوجت ثم ثبت قبل عتقها والخيار بالسنة أقوى من خيار الاقتراف. وفيها: إن قال لها إذا قدم فلان فاختار فذلك لها إذا قدم ولا يحال بينه وبين وطئها، فإن وطئها بعد قدوم فلان، ولم تعلم المرأة بقدومه فلها أن تختار حين تعلم، وإن ثبت لها خيار في نفسها فأعطاها مالا على أن تختاره ففعلت لزمه، وفي سماع أَصْبَغ في النكاح قال أشهب: من شرط لامرأته إن تزوج عليها فأمرها بيدها فتزوج عليها، وهي لا تعلم وماتت المرأة التي تزوج عليها أو طلقها ثم علمت فلها الخيار. ابن رُشْد: لأنه وجب لها بتزويجه فلا يسقطه موت ولا طلاق، ولو تزوجها على أن أمر كل من يتزوج عليها بيدها فتزوج عليها، ولم تعلم حتى طلقها طلاقا بائنًا ففي بقاء ما كان بيدها وسقوطه قولا أَصْبَغ مع سماعه ابن القاسم وسَحنون مع ابن الماجِشُون. [باب في الرجعة] الرجعة: رفع الزوج أو الحاكم حرمة المتعة بالزوجة لطلاقها، فتخرج المراجعة، وعلى رأي رفع إيجاب الطلاق حرمة المتعة بالزوجة بانقضاء عدتها، وقول ابن

الحاجب «رد المتعة عن طلاق قاصرٍ عن الغاية ابتداءً غير خلع بعد دخولٍ ووطء جائز قبلوه، ويبطل طرده بتزويج من صح رجعتها بعد انقضاء عدتها؛ لأن الاسم المشتق محكوم عليه لا به. وشرطها ثبوت بنائه بها، ومثبته ما تقدم في الإحلال، وفي شرط الوطء بجوازه قولا المشهور وتخريج اللخمي على قول ابن الماجِشُون وطء الحائض يحل. قال: والوطء في الصوم التطوع والاعتكاف غير منذور معتبر لبطلانها بأول الملاقات والإمساك بعدها لا يجب وذكره قبل هذا في بعض فصول أول باب من إرخاء الستور عنه نصًا، ولمن طلق عليه لعسر نفقة أو عيب الرجعة إن أيسر في العدة، أو ذهب عيبه، وإلا فلا إن لم ترض، ويختلف إن رضيت فيهما أو في الإيلاء بعدم إصابته، ففي صحة رجعته قولا ابن القاسم مع الأخوين في الإيلاء وسَحنون فيه وفي المعسر.

وفيها: إن طلقها قبل أن يعلم له بها خلوة ثم أراد ارتجاعها وادعى الوطء وأكذبته فلا عدة عليها ولا رجعة له. أشهب: ولو أقام بينة على إقراره قبل الفراق فوطئها لم ينتفع بذلك، ولا رجعة له وإن صدقته إذ ليس ببناء معلوم ولتعد إن صدقته ولها عليه السكنى والنفقة، وإن أكذبته في شيء من الثلاثة، وإن أقاما بينة على إقرارهما بذلك قبل الطلاق لم يصدقا وعليها العدة وعليه النفقة والكسوة ولا رجعة له. ولأشهب في أمهات الأولاد: من طلق قبل البناء فلا رجعة له فإن ظهر بالزوجة حمل فادعاه لحق به وجازت له الرجعة. فإن قلت: ظاهر قولها مع غيرها أنه إن كان طلاقه قبل أن يعلم له به خلوة أنه لا رجعة له، ولا يقبل قوله في ذلك، وهو نص اللخمي عن المذهب، ونصوص الموثقين مقتضية قبول قوله. قال المتيطي وغيره: إذا أشهد الزوج بالرجعة وأراد أن يعقد بذلك عقدا كتبت ارتجع فلان زوجه فلانة بعد طلقة كان طلقها بعد بنائه بها منذ عشرين يومًا بما وجب له من رجعتها إلى آخره، ومثل عمل أهل الزمان. قُلتُ: محمل ما ذكره المتيطي وغيره فيمن صدر منه طلاقه مقيدًا بكونه بعد البناء، ومحمل ما في المدَوَّنة وغيرها فيمن صدر منه الطلاق غير مقيد بكونه بعد البناء. قُلتُ: إن خلا بها وأمكن منها في بيت أهلها غير دخول البناء وادعى الوطء وأكذبته فعليها العدة ولا رجعة له. اللخمي: تثبت الرجعة بالخلوة وتصادقهما على الإصابة، ولو كانت خلوة زيارة، واختلف إن أكذبته بدعوى الإصابة فروى ابن عبد الحَكم لا رجعة، وقال محمد: حيث يقبل قولها في الصداق ويقبل في ثبوت الرجعة والعدة ودفع الصداق، وظاهر قول ابن القاسم تصح في خلوة البناء لا الزيارة. وتثبت في الفاسد الذي يفوت بالبناء، والمعتدة إن ادعت انقضاء عدتها بوضع أو سقط صدقت. فيها: إن قالت أسقطت فذلك لا يخفى عن جيرانها، والشأن تصديقها بغير يمين

وإن بعد يوم طلاقها أو أقل، ولا أنظر إلى الجيران لأنهن مأمونات على فروجهن، ولو رجعت فقالت كنت كاذبة لم تصدق وبانت بأول قولها، والسقط ما تكون به الأمة أو ولد في استبرائها إن ألقت مضغة أو دمًا أو شيئًا يستيقن النساء أنه ولد فاستبراؤها ينقضي به كما تنقضي بذلك عدة الحرة وتكون الأمة به أم ولد، وقال أشهب: الدم المجتمع لغو، وعكس عياض العزو فعزا لابن القاسم قول أشهب وله قول ابن القاسم والمعتبر الدم المجتمع ما لا يتفرق بجعله في ماء سخن. قاله بعضهم وهو حسن. وفيها: وإن ادعت الأمة أنها أسقطت فالسقط لا يخفى دمه وينظر إليها النساء إن كان بها ما يعلم أنها أسقطت. فُلتُ: هذا في الأمة في الاستبراء، وفي كونها كذلك في العدة أو كالحرة نظر، وفي أمهات الأولاد قال مالك في المطلقة: تدعي أنها أسقطت ولا يعلم ذلك إلا بقولها لا يكاد يخفى عن الجيران السقط والولادة، وأنها لوجوه تصدق النساء فيها وهو الشأن، ولكن لا يكاد يخفى عن الجيران. اللخمي: إن ادعت انقضاءها في مدة تنقضي فيها الأقراء الثلاثة في غالب النساء صدقت، ولا رجعة لزوجها وحلت لغيره في مدة لا تنقضي فيها بحال لم تصدق، وفي مدة تنقضي فيها نادرا اختلف في تصديقها، ففيها لمالك إن ادعته لشهر سئل النساء، فإن قلن ذلك صدقت، وروى محمد لا تصدق في شهر، وقال أيضًا: ولا في شهر ونصف، ورأى أن تسأل المرأة، فإن قالت: طلقت آخر الطهر قرب قبول قولها، وتسأل إن ادعت النادر من عادة النساء، فإن قالت كانت عادتها على المعتاد، وانتقلت بعد الطلاق للنادر لم تصدق، وإن قالت كانت عادتي قبله على النادر وصدقها الزوج صدقت، وإن أكذبها لم تصدق. قُلتُ: في أقل ما يقبل فيه قولها أحد عشر قولا. الشيخ عن الموازيَّة: قيل تصدق في شهر وليس بشئ، وروى ابن وَهْب: إن صدقها النساء فيه حلت، وروى أشهب: لا تصدق أربعين يومًا إلا أن يكون عند النساء معروفًا، وروى ابن وَهْب أن أبان بن عثمان صدقها في خمس وأربعين ليلة وحلفها.

أشهب: لا تحلف إن حاض النساء في مثل ذلك ثلاث حيض، وفيها لسَحنون وليس العمل على أن تحلف. الشيخ: وروى محمد لا تصدق في شهر ونصف، وروى المتيطي تصدق في خمسة وأربعين يومًا، وقال عبد الملك أقله خمسون يومًا. ابن العربي: قلت: الأديان في الذكران فكيف بالنسوان فلا تمكن المطلقة من التزويج إلا بعد ثلاثة أشهر من يوم الطلاق، ولا تسأل هل كان الطلاق أول الطهر أو آخره، وتقدم اللخمي أنها تسأل عن ذلك، ونحوه نقل الشيخ عن أشهب تصدق في الحيضة للأولى، ولو قالت: حضتها يوم طلقني وينظر في الحيضتين وطهرها كم قدر ذلك فتصدق في مثله. قُلتُ: على قول ابن الماجِشُون أن أقل الطهر خمسة أيام وأقل الحيض خمسة أيام تنقضي عدتها في خمسة وعشرين يومًا غير يوم طلاقها، وعلى تصديقها في الأقل في حلفها، وثالثها: إن صدقها النساء لم تحلف لظاهر متقدم قول ابن وَهْب وسَحنون وأشهب، وخرج بعضهم وهو ابن رُشْد فيما أظن تحليفها على توجه يمين التهمة. قال: فإن نكلت لم يحلف الزوج على الصحيح من القول ومنعت التزويج لمضي المعتاد في إنقضاء العدد. وفيها: إن قالت في قدر ما تحيض فيه ثلاث حيض دخلت في دم الحيضة الثالثة، ثم قالت: مكانها أنها كاذبة، وما دخلت في دم الحيضة الثالثة، ونظر النساء إليها فوجدنها غير حائض، ولم ينظر إلى نظر النساء إليها وبانت حين قالت ذلك إن كان في مقدرا ما تحيض له النساء. ابن الحاجب: ولا يفيد تكذيبها نفسها، ولا أنها رأت أول الدم وانقطع ولا رؤية النساء لها في وضع ولا حيض. ابن عبد السلام: في هذا الوجه عندي نظر، وقد اضطرب المذهب هل تخرج المعتدة بنفس دخولها في الدم الثالث تمادى بها أو لا؟ والأكثرون على شروط التمادي، وإن كان مذهبهم أن الأصل تمادية إلا أنه إذا تحقق انقطاعه بعد ساعة من ظهوره لم يعتبر في عدة ولا استبراء، فعلى هذا إذا قالت: انقضت عدتي عندما رأته بناء منها على

أنه يتمادى ثم انقطع فأخبرت بانقطاعه، وينبعي أن يقبل قولها، وكما هي مؤتمنة على وجوده أولا فهي مؤتمنة على تماديه وانقطاعه. قُلتُ: من نظر وأنصف علم أنه قبل نقل ابن الحاجب أن المذهب إذا قالت رأيت أول الدم وانقطع أنه لا يقبل قولها، وأنه اختار من عند نفسه قبول قولها، وليس المذهب كما زعماه؛ لأنها إذا قالت: رأيت أول دم الحيضة الثالثة، ثم قالت: قد انقطع أنه لا يقبل قولها؛ بل المذهب كله في هذه الصورة على قبول قولها أنه لم يتمادى، وإنما الخلاف حسبما يأتي إن شاء الله في لغو انقطاعه واعتباره، وهو نصها ونص العتبيَّة كما نذكره إن شاء الله، وإنما القول قولها إذا قالت: دخلت في دم الحيضة الثالثة، ثم قالت أنها كاذبة وما دخلت في دم الحيضة الثالثة حسبما ذكره من لفظ المدَوَّنة ومثله لفظ التهذيب. وسمع عيسى جواب ابن القاسم في المطلقة، وهي ترضع فيموت زوجها فتدعي أنها لم تحض وتطلب إرثها، وإن كانت لا ترضع فهي مصدقة حتى يأتي عليها سنة، وإن لم تذكره وعليها اليمين إلا إن كانت قالت: حضت ثلاث حيض، والتي ترضع مصدقة حتى تفطم ولدها وبعد فطامه سنة. ابن رُشْد: معنى قوله في التي ترضع أنها مصدقة حتى يأتي عليها سنة أنها مصدقة أنها لم تحض فيما بينهما وبين سنة مع يمينها ولها الميراث، ولا تصدق إن انقضت السنة فطلبت الميراث وزعمت أن عدتها لم تنقض؛ لأن بها جسما في بطنها تجره حتى تراها النساء ويصدقنها، ومن دليل هذه الرواية والله أعلم. أخذ ابن العطار قوله: إن المطلقة إذا مرت بها سنة، وزعمت أنها مستبرأة ينظر إليها النساء إن رأين بها ريبة تمادت في سكناها ما بينها وبين خمسة أعوام، وزاد أنها تحلف لم تحض في المدة الماضية، ولا يصح ذلك إنما تحلف فيها دون السنة إذا صدقت دون أن ينظرها النساء، وقوله ذكرت ارتفاع حيضتها في حياة زوجها أو لم تذكره خلاف ما في الموازيَّة لا تصدق ولا إراث لها إلا أن تذكر ذلك في حياته، وكذا لو ادعت قرب انسلاخ السنة أنها لم تستكمل الحيض الثالث صدقت مطلقًا على هذه الرواية مع يمينها، ولا تصدق على ما في الموازيَّة إلا أن تكون ذكرت ذلك قبل وفاته، ولو ادعت

ذلك بعد أربعة أشهر ونحوها لا نبغى أن تصدق دون يمين، وإن ادعته بعد ستة أشهر ونحوها لانبغى أن تصدق مع يمينها وإن لم تذكر ذلك، ولو ادعت بعد موته بأكثر من عام أو عامين أنها لم تستكمل الحيض الثالث لتأخر الحيض عنها لانبغى أن لا تصدق إلا أن تكون ذكرت تلك في حياته قولاً واحدًا، وحكم التي ترضع من بعد الفطام كالتي لا ترضع من يوم الطلاق إذ ارتفاع الحيض مع الرضاع ليس بريبة اتفاقًا. وفيها: إن أشهد على رجعتها فصمتت، ثم قالت بعد يوم أو أقل انقضت عدتي قبل رجعته لم تصدق وثبتت رجعته. وسمع عيسى ابن القاسم في النكاح من شرط لامرأته في نكاحه إن قرب أم ولده إلا بإذنها فأمرها بيدها فوطئها دون استئذان امرأته، وهي تعلم ثم غارت وأرادت القيام بشرطها لا قيام لها. أَصْبَغ: لو شرط كون ذلك برضاها فوطئها، وهي تنظر وزعمت أنها لم ترض فهو حانث، فإن ادعى أنه بإذنها فعليه البينة، فإن لم يأت بها مضى عليه الأمر. ابن رُشْد: قول أَصْبَغ في الرضا ليس بخلاف لقول ابن القاسم في الإذن؛ لأنه خلاف الرضا لا يعد السكوت رضيً اتفاقًا، قد يسكت الإنسان عن إنكار الفعل وهو لا يرضاه، وفي كون السكوت إذنا أو إقرارا أم لا؛ قولان من ذلك ما في سماع أصْبَغ في المدبر، وسماع عيسى في المديان وفي الدعوى والصلح، وسماع أصْبَغ في جامع البيوع، وقولها في إرخاء الستور فيمن راجع امرأته فسكتت، ثم قالت: كانت انقضت عدتي، فقول ابن القاسم في وطء أم ولده هو على أحد القولين، وأظهرهما أنه غير إذن؛ لأن قوله صلى الله عليه وسلم في البكر: "إذنها صماتها" يدل على أن غيرها بخلافها وأجمعوا عليه في

النكاح، فوجب قياس غيره عليه إلا ما يعلم بالعرف أن أحدا لا يسكت عليه إلا راضيا به، فيتفق فيه أن السكوت عليه إقرار كمن يرى حمل امرأته فيسكت ثم ينكره، وتعقب ابن عبد السلام قول ابن الحاجب: لو أشهد برجعتها فصمتت ثم ادعت أنها كانت انقضت لم تقبل بأنه أخل بها في المدَوَّنة من طول زمن السكوت، يرد بمنع دلالتها على الطول؛ لأن قولها أو أقل يتناول الطول والقصر، قوله مجموع طول السكوت والإشهاد يدل عرفا على تصديقه مع قوله حكى ابن رَشْد فيها قولا ثانيًا خلاف قول ابن رُشْد ما علم عرفا أن أحدا لا يسكت عنه إلا راضيًا هو إقرار اتفاقًا. ******** ولو وافقته إلا بدليل في كونه البينة على أنه كان يخلو بها في العدة ويبيت عندها، وأحدهما قولها، ونقل ابن بشير، ونقل اللخمي عن محمد: يبيت عندها في بيت في كونه ثالثها نظر، ونقل ابن عبد السلام: رأي أشهب: أنه لا يقبل قوله إلا أن يقيم بينة أنه جامعها في العدة؛ يريد: أقام بينة على إقراره بذلك في العدة لا أعرفه، إنما ذكر ابن محرز عنه في الموازيَّة: أنه إن أقام بينة عادلة أنه كان أقر عندهم أنه أغلق بابا وأرخى سترا عليها في عدتها لم يكن رجعة إن ادعاها بعد العدة، وقول ابن عبد السلام مع غيره: ينبغي أن لا يعتبر مجموع الخلو بها، والمبيت عندها إلا على رواية منعه الدخول عليها، والنظر إليها إما على رواية عدم منعه الدخول عليها فلا، إذ اختصاص لذلك المجموع بالرجعة، يرد بأن بعض المجموع الدال على صدقه مبيته معها، وهو أخص من الدخول عليها والأكل معها، ولا يلزم من دلالة الأعم على شيء عدم دلالة الاخص منه عليه. اللخمي: حيث لا يقبل قوله إن أكذبته الزوجة حلت للأزواج، وإن صدقته لم تحل لغيره وجبر على نفقتها إلا أن يطلق، فإن أنفقها وقامت بالطلاق لعدم الوطء، فمعروف المذهب لا قيام لها؛ لأنه لم يقصد ضررا ولها ذلك على أحد قولي مالك فيمن قطع ذكره بعد البناء، وطلاق المرتجع أبين؛ لأنه يحال بينه وبينها ولمن قطع ذكره المتعة بغير الوطء، وللزوج جبرها على أن يعطيها ربه دينار، ويحضر الولي كما لو كانت أمة، واعترف السيد بأنه كان ارتجعها. قاله محمد عن أشهب. زاد عبد الحميد عن بعض المذاكرين: إن أبي الوارث عقد له السلطان، وإن أبت لم

تعتبر وعقد له عليها السطان. قال: ولا يتزوج أختها ولا خامسة، وذكر عبد الحق أن أبا عمران ترجح في جبر الزوجة إذا دفع لها ربع دينار. قُلتُ: مقتضى منعه تزويج أختها أنه لا يقبل رجعوعه عن قول راجعتها، ومقتضى قولهم يجبرها له إذا أعطاها ربع دينار عدم قبول رجوعها عن تصديقه، ونقل عبد الحق عن بعض القرويين قبول رجوعهما عن قولهما كم ادعت أن زوجها طلقها ثلاثا فأكذبها ثم خالعها ثم أرادت مراجعته، وأكذبت نفسها أنه يقبل رجوعهما واختاره، وعن بعضهم لا يقبل رجوعهما. قُلتُ: وتجري المسألة عندي على قول عتقها الثاني إن شهد رجلان على رجل بعتق عبده فردت شهادتهما، قم ابتاعه أحدهما عتق عليه، وقال أشهب: إن أقام على قوله بعد الشراء، وإن قال كنت كاذبا لم يعتق عليه، وتخريجها على قبول رجوع مدعية الطلاق ثلاثا، يرد بعذرها بإراتها الراحة من عشرته، والمقرة بالرجعة لا عذر لها ولا له. بعض شيوخ عبد الحق: إن ادعى بعد العدة بينة غائبة على رجعته في العدة، إن قربت البينة منعت المرأة النكاح حتى ينظر في ذلك، وإن بعدت لم تمنع، فإن تزوجت ثم قدنت البينة بذلك فرق بينهما وبين من تزوجها وردت لزوجها، وكذا لو تزوجت وأتت بولد لأقل من ستة أشهر من يوم تزوجها الثاني، ولا يكون الثاني واطئان في عدة؛ لأنها ذات زوج، وقول ابن عبد السلام "في قول ابن الحاجب ردت إلى الأول برجعته؛ يريد: أن دعوى الزوج قبل ذلك الارتجاع يتنزل منزلة إنشاء الارتجاع وفيه نظر؛ لأن الدعوى تحتمل الصدق والكذب والإنشاء لا يحتملهما "يرد بأن هذا اللازم إنما نشأ عن تفسيره قول ابن الحاجب بأنه أراد أن دعوى الزوج قبل ذلك أنه كان ارتجعها يتنزل منزلة إنشائه رجعتها، وما فسره به غير صحيح ولا لازم؛ بل معنى قولهم ردت إليه برجعته أنها ردت إليه لقيام دليل صدق في دعواه أنه كان أنشأ ارتجاعها، لا لأن دعواه إنشاء لارتجاعها، وإنما الإشكال قبل هذا في قولها إن قال لزوجته في العدة كنت راجعتك أمس صدق وإن كذبته؛ لأن ذلك يعد مراجعة الساعة، فجعل الخبر إنشاء. واعلم أن مدلول الخبر تارة يكون إنشاء كقول من كان طلق أمس طلقت زوجتي بالأمس، وتارة لا يكون إنشاء كقول من قام أمس قمت أمس، وإذا علمت هذا

فالجواب عن الإشكال أن قوله يعد مراجعة الساعة يحتمل أنه لجعله نفس قوله كنت راجعتك إنشاء فيلزم جعل نفس الخبر إنشاء، ويحتمل أنه؛ لأن مدلول خبره هذا إنشاء فلا يلزم جعل نفس الخبر إنشاء فيجب حمله على هذا لصحته دون الأول لبطلانه. وفيها: إن أقام بعد العدة بينة بأنه أقر فيها بوطئها فهي رجعة إن قال: أردت الرجعة. وفيها: بعد ذكر حكم امرأة المفقود تتزوج، ثم يقدم واسلك بالتي تعلم بالطلاق ولا تعلم بالرجعة حتى تعتد وتنكح هذا المسلك في فسخ النكاح وجميع أحكامها. اللخمي: روى محمد: من ارتجع وهو حاضر منع زوجته فلم يعلمها برجعته حتى تزوجت وبنا بها من تزوجها مضت له زوجة والحاضر أعظم ظلمًا، وليس يبين، لو رأى رجل زوجته تتزوج، ولم ينكر عليها لم يكن ذلك طلاقًا، ولو عد طلاقا لاستأنفت العدة من الأول، وفي ثالث نكاحها من طلق امرأته الأمة ثم ارتجعها في سفره قبل انقضاء عدتها وأشهد بذلك، فوطئها سيدها بعد عدتها قبل علمه برجعتها، ثم قدم الزوج فلا رجعة له، إذ وطء السيد بالملك كوطئها بالنكاح، وما يمنع النكاح أو لا يشترط فيه قد لا يكون كذلك في الرجعة، فالمذهب صحتها من المحرم والمرض والعبد دون إذن سيده. ********* فيها راجعتها وفي ثالث نكاحها وارتجعتها. ابن شاس: ورجعتهما ورددتهما إلى النكاح، ولفظ الإمساك وكل لفظ يحتمل الارتجاع إذا نواه به كأعدتها ورفعت التحريم.

عبد الحميد: في نكحتك وتزوجتك وكلما صح به ابتداء العقد نظر، يحتمل كونه كذلك لصحة ابتداء العقد به، ويحتمل إلا إذ الرجعة غير ابتداء العقد. قُلتُ: الأظهر الأول مع إراتها منه. اللخمي: إن قارن القول البينة صح، وإلا فقال أشهب: ليس برجعة. وفيها: إن قال: راجعتك، ثم قال: كنت لا عبا ولا بينة على قوله فهي رجعة، وهما على قول مالك في لغو هزل النكاح وصحته، وعلى الخلاف في لغو الطلاق العري عن النية. قُلتُ: الأظهر أن اللفظ الصريح كارتجعت لا يفتقر إلا نية، وغيره كأمسكت ورددت يفتقر. ابن رَشْد: القول دون نَّية لا تصح به رجعة فيما بينه وبين الله، وإن حكمنا عليه بها لظاهر لفظه، إلا على القول بلزوم طلاق المستفتي بلفظه دون نَّية وهو قائم من المدَوَّنة وهو بعيد. قُلتُ: انظر هل مرادهم بقولهم دون نَّية أنه نوى بلفظ الطلاق والرجعة غير معناهما أو مجرد عدم نيتهما، والأول ظاهرٌ معنىً، بعيدٌ لفظا، والثاني عكسه. قال: واختلف هل يجوز له الوطء إذا ألزم الرجعة على القول أنها لا تصح له فيما بينه وبين الله، وإن حكمنا عليه بها لظاهر لفظ الأصح، وإذا ألزم الرجعة من طلق في الحيض وأبي أن يرتجع قيل له للوطء وهو صحيح؛ لأنها رجعت لعصمته بالحكم، وإن أبي فيجوز له الوطء كالمجبور على النكاح بأب أوصي أوسيد، وإليه ذهب أبو عمران واحتج بجواز وطء من نكح هازلا ومنعه بعض البغداديين حتى ينوي رجعتها، وفي ثبوتها بمجرد النيَّة ولغوها تخريج ابن رَشْد مع اللخمي على أحد قولي مالك بلزوم الطلاق واليمين يمجردها، وقول محمد والاستمتاع بنية الرجعة رجعة إن قارنته. اللخمي: إن بعد ما بينهما فلا رجعة، ولمحمد: إن نواها ثم قبل أو باشر أو ضم لمكان ما نوى فهو رجعة؛ يريد: إن أصاب ساهيا عن الطلاق المتقدم لم يكن رجعة إن لم

تقارنه نية، وقد اختلف في شرط مقارنة نَّية الظهار. أبو عمر: روى لقرينان أن القبلة والنظر إلى الفرج ليستا برجعة، وفي لغو الوطء دون نية، وكونه رجعة روايتها وقول ابن وَهْب، وعزاه ابن رَشْد لليث فقط. قال: يريد في الحكم الظاهر، ولا يصدق أنه لم يرد به الرجعة، وهذا الأظهر كوطء مبتاع الأمة بخيرا في مدته، وقد يفرق بأن المبتاع لو حبسها حتى مضت أيام الخيار وتباعدت عد مختارًا، والزوج لو تمادى على إمساكها حتى انقضت عدتها أبانت منه، وهذا التفريق لا يسلم من الاعتراض. قَلتُ: يعترض بأن نسبة المبتاع للأمة إنما بوصف ابتياعها المناسب لحليتها، ونسبة المطلق للزوجة إنما هو بالطلاق المناسب لحرمتها، فلا يلزم من إيجاب إمساك الأول الأمة إباحتها. وفي تهذيب عند الحق: إن قيل لم جعل وطء الأمة المبيعة بخيار رضى من المشتري بالبيع ولم يجعل وطء الزوج دون نَّية الرجعة رجعة. قيل: لأن الخيار تعلق فيه حق للبائع وحق للمشتري، فإن فعل المشتري في الأمة ما يفعل المالك كان اختيارا منه، والرجعة إنما هي في حقوق الزوج فلا يثبت حقه إلا بإقراره أنه أراد بفعله الرجعة. وأجاب أبو عمران فيمن طلق واحدة وتمادى على وطئها غير مريد به الرجعة ثم حنث بطلاقها ثلاثا تلزمه الثلاث كالطلاق في النكاح المختلف فيه في فساده لقول ابن وَهْب والليث، وقال: وعلى إلغاء وطئه دون نية. روى محمد: وسمع عيسى ابن القاسم له مراجعتها فيما بقى من العدة بالقول والإشهاد ولا يطأها إلا بعد الاستبراء من مائه الفاسد بثلاث حيض. ابن رُشْد: فإن تزوجها وبنى بها قبل الاستبراء ففي حرمتها عليه للأبد قولان، على كون تحريم المنكوحة في الحدة بمجرد تعجيل النكاح أو به مع اختلاط الأنساب. وفي كون الأمر بالإشهاد على الرجعة مستحبًا أو واجبًا قولان للقاضي مع ابن القصار، والأكثر عن المذهب، وابن بكير مع المتيطي عن رواية بكر القاضي. ابن محرز: معناه أنه لا تثبت الرجعة إلا ببينة؛ لأنه لو انقضت العدة فزعم أنه

ارتجع لم يصدق إلا ببينة، ومعنى استحبابه كونه مقارنا للرجعة. وفيها: من طلق فليشهد على طلاقه وعلى رجعته، وقال مالك فيمن منعت نفسها، وقد ارتجع حتى يشهد قد أصابت. قُلتُ: تصويبه منعها إياه دليل وجوب الإشهاد إذ لا يمنع ذو حق من حقه لأمر غير واجب. وفيها: إن قال: ارتجعتك ولم يشهد فهي رجعة، وفي لغو شهادة السيد برجعة أمته وصحتها، قولها، وسماع القرينين في طلاق السنة. الشيخ عن الموازيَّة: وللمطلق أن يرتجع بغير علم المطلقة، ووليها وسيدها إن كانت أمة، وفي عدتها قال مالك: من طلق امرأته طلاقا يملك فيه الرجعة لا يتلذذ منها بنظرة أو غيرها، ولا يأكل معها، ولا يرى شعرها، ولا يخلو معها، وإن كان يريد رجعتها حتى يراجعها، وكان يقول لا بأس أن يدخل عليها، ويأكل معها إذا كان معها من يتحفظ بها ثم رجع فقال: لا يفعل. عياض: ظاهره منع التلذذ بها على كل حال، وقال اللخمي: الباب كله واحد وأن قوله اختلف في جميع هذا، وخرج الخلاف في التلذذ بها، وهو بعيد في التلذذ جدًا، ويبعد في النظر إلى الشعر والخلوة، وكيف يصح في الخلوة، وقد شرط في إجازة القول بالدخول عليها أن يكون معها من يتحفظ بها، وإليه ذهب ابن محرز وغيره من الشيوخ أن الخلاف إنما هو في الجلوس عندها والأكل معها لا في التلذذ بشيء منها، والنظر إلى وجهها وكفيها لغير لذة جائز اتفاقًا؛ لأن الأجنبي ينظر إليه. وفيها: لا تغسل المطلقة واحدةً زوجها إن مات في عدتها، وقوله إذا جاء غد فقد راجعتك ليس برجعة. عبد الحق: كالنكاح إلى أجل لا يصح. اللخمي: يحتمل كونه لذاك أو لعدم مقارنة النَّية للرجعة والأول اظهر؛ لأن الطلاق يفتقر للنيَّة وأجمعوا على صحته دون مقارنته في قوله إن دخلت فأنت طالق. قال: فإن لم يصبها في العدة بانت، وإن أصابها فيها لاعتقاده أن ذلك رجعة فهو رجعة. ابن محرز: قولها ليس برجعة؛ لأنه لم يرتجعها الآن لوقفه ذلك على مجاء غد، وهو

لم يجيء، فإذا جاء ثبتت رجعته؛ لأنه حق له أن شاء عجله أو علقه، وفي تعليق أخذ الشفعة بمثل هذه الشروط بعد معرفة الثمن نظر؛ لأنها من المعاوضة. قُلتُ: هذا خلاف ما تقدم لعبد الحق واللخمي، وفي نكاحها الأول من قال لامرأته إذا مضى شهر فأنا أتزوجك فرضيت هي ووليها فهو نكاح باطل لا يقام عليه. الشيخ: لابن سَحنون عنه: من قال لا مرأته إن دخلت الدار فأنت طالق فأراد سفرًا فخاف أن يحنثه في غيبته فأشهد إن دخلت فقد ارتجعتك فليس بمرتجع إن حنثته، وله مع سماع القرينين لو قال لها متى طلقتك فقد ارتجعتك لم يكن قوله ذلك رجعة. ابن رُشْد: لأن الرجعة لا تكون إلا بنية بعد الطلاق لقوله تعالى: ........... ، والفرق بين الطلاق قبل النكاح، والرجعة قبل الطلاق أن الطلاق حق على الرجل والرجعة حق له فالحق الذي عليه يلزمه بالتزامه، والحق الذي له ليس له أخذه قبل أن يجب له إذ لا خلاف في أنه ليس لأحد أن يأخذ حقا قبل أن يجب له، إنما اختلف في إسقاطه قبل وجوبه كالشفعة ليس له أخذها قبل وجوبها، وفي إسقاطها قبله خلاف. قُلتُ: تقدم هذا الأصل في فصل الامة تعتق تحت عبد، ومقتضى الروايات أن المطلقة الطلاق الرجعي في العدة محرمة حتى ترتجع حسبما تقدم لعياض، ونقل ابن بشير أنها على الإباحة حتى تنقضي العدة مثل ما تقدم للخمي، والاستدلال على ذلك بثبوت خواص الزوجية من الإرث والنفقة يرد بأن الزوجية أعم من إباحة الاستمتاع بدليل المحرمة والمعتكفة

كتاب الإيلاء

[كتاب الإيلاء] الإيلاء: حلف زوج على ترك وطء زوجه يوجب خيارها في طلاقه، وقول ابن

الحاجب "الحلف يمين تتضمن ترك وطء الزوجة غير المرضع أكثر من أربعة أشهر

يلزم الحنث فيها حكما" قبلوه، ويبطل طرده أو عكسه بقولها إن قال: والله لا أطأك في هذه الدار سنة فليس بمول، ويؤمر بالخروج لوطئها إن طلبته، ولو قال في هذه البلدة أو في هذا المصر فهو مول؛ لأنه إن قال في الدار المعينة أخص من مطلق وطئها، فلا يلزم من صدق تركه صدق ترك مطلق وطئها؛ لأن نفي الأخص لا يستلزم نفي الأعم لم يبطل طرده بمسألة الدار، وبطل عكسه بمسألة البلدة والمصر وإلا فالعكس، ورسمه إنما يتناول صور الإيلاء بحسب قول ابن القاسم ومالك فقط، وما ذكرناه يتناول جميعها على كل قول، وفي كون الترك مشروطا بعدم كونه لمصلحة قولها مع الموطأ والموازيَّة من حلف لا وطئ زوجته حتى تفطم ولدها غير مول، وقول أَصْبغَ هو مول وصوبه اللخمي، وعلى الأول لو وقته بعامين ومات الولد وبقي منهما أكثر من أربعة أشهر ففي كونه موليا من يوم موت الولد أو حلفه قول محمد والصقلي ونقله عن بعض أصحابه، ولو حلف في الحولين بطلاقها ليتزوجن عليها إذا استغنى ولدها عنها ففي لزوم كفه عنها من حين حلفه أو بعد الحولين قولا الموازيَّة ومحمد، ولابن سَحنون من حلف بالبتة ألا يطأها حتى تفطم ولدها فمات انحلت يمينه إلا أن ينوي عامين فيكون موليا إن بقي منهما أكثر من أربعة أشهر. اللخمي: لو ادعى أن حفله لضرر الوطء به وهو صحيح البنية لم يقبل، وإن كان ضعيفها فزمن ضرره به كزمن رضاع الولد وما زاد عليه كما زاد على موت الصبي. والدلالة: على ترك الوطء بالالتزام كالمطابقة، ففيها. قُلتُ: إن حلف أن لا يلتقي معها سنة. قال مالك: كل يمين يمتنع من الجماع لمكانها فهو بها مول، فإن كان هذا يمتنع منه بيمينه فهو مول، واختصرها أبو سعيد سؤالاً وجوابًا لعدم استقلال الجواب لشكه في حصول علة الأصل في الفرع إن قرر قياسًا تمثيليًا، وفي صدق الصغرى إن قرر حمليا. اللخمي: هو مول مطلقًا لا شك فيه؛ لأن عدم الالتقاء عدم الجماع. عبد الحق: إنما شرط هذا الشرط لاحتمال أرادته لا ألتقي معها في موضع معين، ولو قصد عموم المواضع أو الوطء كان موليا. قُلتُ: ظاهره أنه يقبل منه أنه إنما أراد عدم الالتقاء معها في موضع معين خلاف

قبول ابن عبد السلام، نقله عن بعضهم لمن ادعى موضعا بعينه وأتى مستفتيا، دين ولا ينفعه ذلك في الإيلاء إن ادعاه؛ لأنه مخاصم والمخاصم كالذي قامت عليه بينة. قُلتُ: تقدم في هذا الأصل، وهو إذا لم تكن على أصل يمينه بينة، وعرضت موافقته خلاف في كونه مستفتيا أم لا في كتاب الإيمان. وفيها: من حلف ألا يغتسل من امرأته من جنابة مول؛ لأنه لا يقدر على الجماع إلا بكفارة. قُلتُ: ظاهره انه من المتفق على أنه إيلاء وهو مالزم من الوطء فيه الحنث، لا من المختلف فيه وهو ما لزم من الوطء فيه عقد يمين لا حنث، وهو صواب إن لم يكن الحالف فاسقا بترك الصلاة؛ لأن الوطء في غير الفاسق ملزوم للغسل، ونفي اللازم ملزوم لنفي الملزوم، ووطء الفاسق غير ملزوم للغسل، فلا يلزم من نفي غسله نفي وطئه لعدم اللزوم، فلا يلزم من وطئه حنثه، لكنه يلزم منه انعقاد يمينه على عدم الغسل، ولو كان حين حلفه جنبا لم يلزمه إيلاء بحال إذ لا أثر لوطء في عقد يمينه على الغسل لانعقاده قبل وطئه، وجعله أبو حفص مطلقًا من القسم المختلف فيه. قال: لأنه إنما يحنث بالغسل لا بالوطء. اللخمي: لفظها يحتملهما. وفيها لابن شهاب إن حلف لاكلمها وهو يمسها فليس بمول، وعلى قول أَصْبَغ في سماعه في النذور يحنث بوطئها هو مول، ونقل اللخمي قول ابن شهاب عن مالك قال: وهو ضرر للزوجة القيام به تطلق عليه إذا بان ضرره، ولو كان قبل أجل الإيلاء بعد الإعذار إليه إن كان يرجى ذلك منه، وإن لم يرج طلق عليه؛ لأن حسن العشرة من حقوق الزوجية كالنفقة. وفي لغو الحلف على العزل وكونه كترك الوطء قولا الصقلي مع عبد الحق عن بعض شيوخه، والصقلي عن بعض أصحابه، وفي كون الحلف على ترك وطء لا يوجب فعله حنثا؛ بل عقد يمين غير إيلاء أحد قولي ابن القاسم وغيره. اللخمي عن محمد منه: من قال لامرأته إن وطئتك فوالله لا أطأك، ومن قال لامرأتيه والله لا أطأ إحداكما سنة.

قُلتُ: وكان بعض شيوخنا يقول فيمن حلف لا فعل أحد أمرين يحنث بفعل أحدهما، فقلت له لا يحنث فأنكره، فقلت له كذا نقله ابن رُشْد فقبله. وفيها لابن القاسم: من قال: إن وطئتك فكل مملوك أملكه فيما يستقبل حر غير مول، فإن خص بلدًا لم يكن موليا حتى يملك من تلك البلدة عبدًا فيكون حينئذ موليا لحنثه بالوطء. قال غيره: هو مول قبل الملك يلزمه عقد يمين فيما يملك، وقاله ابن القاسم. قُلتُ: وهو أظهر لا تفاقهما على قول ظهارها، قوله إن وطئتك فأنت على كظهر أمي إيلاء، إن وطئها لزمه الظهار، وفي كون الترك مشروطا بان موته أكثر من أربعة أشهر ولو بيوم أو بزيادة على اليوم مؤثر، ثالثها: بما زاد على أجل التلوم، ورابعها: بالأربعة فقط لظهارها مع نص أبي عمران والقاضي، ونقل عياض وتخريج اللخمي من رواية ابن الماجِشُون بمرور الأربعة يقع طلاقه. عياض: هذا ضعيف. ابن رُشْد: تأول على المذهب أنه لا يكون موليا حتى يزيد على الأربعة أكثر مما يتلوم عليه إذا قال: أنا أفي وهو غلط؛ لأن التلوم إنما هو إذا قال: أنا أفي فلم يفعل، فإن وقف فأبا أن يفي عجل طلاقه، ونقل عبد السلام الرابع معزوا لرواية ابن الماجِشُون غفلة. وفي كون أمده للعبد أزيد من شهرين أو كالحر نصها، ونقل اللخمي عن مختصر ابن شعبان وصوبه بأن ضرر ترك الوطء في العبد والحر سواء، وقوله: (قال مالك: أمده للعبد شهران) يوهم عدم اعتبار الزيادة، ومثله لفظ ابن القصار والطرطوشي. وفيها: إذا أعتق في أجله لم ينتقل، الجلاب: الأمة والكتابية كالحرة المسلمة. وفيها: من آلى من مطلقة رجعية وقف لأربعة أشهر قبل مضي عدتها. اللخمي: الوقف بعيد إذ لا حق لها في الوطء، وذكره ابن محرز سؤالا، وأجاب بأنه خوف أن يكون ارتجعها وكتم. وفيها: من آلى من امرأته بعد البناء ثم طلقها واحدة وحل أجل إيلائه في العدة وقف.

اللخمي: الصواب عدم وقفه لحجته بأنه إنما حقها في طلاقه وقد عجله، الصقلي عن محمد: من قال لرجعية: والله لا راجعتك؛ مول، ابن محرز عنه وابن شاس: إن حلف لا وطئها أكثر من أربعة أشهر، ثم حلف بيمين أخرى لا وطئها خمسة أشهر، فوقف للأولى فطلق عليه وقف بسبب اليمين الثانية. قُلتُ: هذا خلاف قولها من قال: والله لا أطأك، ثم قال: بعد ذلك بشهر: علي حجة إن قربتك، فوقف للأولى فطلق عليه، ثم أرتجع فلا وقف عليه للثانية إذ لو حنث بها لوطء لزمه في اليمينين معا. اللخمي: لو كفر عن الأولى لم تقسط عنه الثانية، عزاه الشيخ لمحمد وزاد هذا خلاف ما روى عنه أشهب بعد هذا. وفيها: إن طلق على المولي وهي مستحاضة فارتجع ولم يطأ حتى مضت أربعة أشهر ثانية ولم تتم العدة لم يوقف ثانية. وفيها: من حلف بالله واستثنى فقال مالك: مول وله الوطء بلا كفارة، وقال غيره: لا يكون موليا وعزاه ابن حارث لأشهب وعبد الملك، ونوقضت بقولها أحسن للمولي أن يكفر في يمنيته بالله بعد حنثه، فإن كفر قبله أجزأه وسقط إيلاؤه. قال أشهب: لا يسقط حتى يطأ إذ لعله كفر عن أخرى إلا أن يكون يمينه في شئ بعينه، وقول الصقلي الفرق أن الكفارة تسقط اليمين حقيقة والاستثناء لا يحلها حقيقة لاحتمال كونه للترك ضعيف، ولو زاد؛ لأن الأصل عدم صرف الكفارة عن يمين الإيلاء؛ لأن الأصل عدم حلفه فترجح كونها لها، ولا مرجح لكون الاستثناء للحل؛ لتم، وفرق ابن عبد السلام بأن المكفر أتى بأشد الأمور على النفس وهو بذل المال أو الصوم، فكان أقوى في رفع التهمة من الاستثناء، ويفرق بأن تهمته في الكفارة أبعد لأنها تتوقف على وجود يمين أخرى ثم على صرف الكفارة عنها، وتهمته في الاستثناء على مجرد إرادة التبرك فقط، وما توقف على أمر أقرب مما توقف على أمرين، ويلوح من كلام ابن محرز التفريق بأن الاستثناء مناقض لليمين لحله إياها أو رفع الكفارة لازمها ومناقض اللازم مناقض ملزومه، والكفارة غير مناقضة لليمين لأنها سبب لها والسبب لا يناقض مسببه.

باب شرط المولي

وفي كون على نذر أن لا أقربك إيلاء أو لغوا قولا ابن القاسم ويحيى بن عمر. اللخمي: بناء على اعتبار مدلوله عرفا أو لغة. [باب شرط المولي] وشرط المولي كونه زوجا مسلما مكلفا ممكنا وطؤه، فلو حلف به في أجنبية فعادت زوجة ففيها هو مول من يوم تزوجها، ولابن حارث عن ابن نافع ليس موليا لقوله تعالي: (مِن نِسَائهم) [البقرة:226]، وعزاه غيره لروايته، ولو حلف كافرا ثم أسلم فلغو على المشهور في يمينه، وإيلاء المجنون لغو ولو جن بعده لم يسقط. اللخمي: في لغو إيلاء من لا وطء له كالحصور والعنين والمجبوب والشيخ الكبير، قول ابن القاسم مع مالك، وقول أَصْبَغ المجبوب مول لمنفعة الزوج بالاستمتاع بمضاجعته ومباشرته لا الشيخ الذي قطع كبره المتعة به. ابن رُشْد: قال أَصْبغ: الإيلاء على الحصور ومن قطع ذكره قبل البناء وبعده قبل الإيلاء او بعده. وفيها قال مالك: كل من نكح امرأة فوطئها مرة ثم أصابه مامنعه الوطء، فإنه لا يفرق بينهما أبدا. قلت: فإن ألى الشيخ العاجز عن الوطء. قال: ما سمعت فيه شيئًا ولا إيلاء عليه، ومثله الخصي ومن قطع ذكره بعد إيلاءه لا وقف عليه. اللخمي: وروى ابن شعبان يوقف ولو قطع ذكر نفسه خطأ جرى على الروايتين، ولو تعمده فلها فراقه اتفاقًا. وإيلاء المريض لازم إن لم يقيده بمدة مرضه وإلا فلا، الأول نص ابن شاس وغيره، والثاني نص رُشْد وغيره، وقول ابن عبد السلام خالف في إيلاء المريض بعض الشيوخ، ورأى بعضهم أنه إن كان عاجزا عن الجماع فلا معنى لانعقاد اليمين في ذلك؛ لأنه لو آلى صحيح ثم مرض لما طلب بالفيئة بالجماع، ظاهره وجود الخلاف فيه ولا أعرفه، ومعنى قول من أسقطه إنما هو إذا قيد يمينه بمدة مرضه حسبما مر ونص عليه الجلاب. والحلف بالله أو التزام عبادة على وقف وطئها على فعل ممتنع شرعا أو عادة أو

ممكن ذي مؤنة كالحلف على تركه، وقول ابن شاس: الحلف على أمر ممكن ليفعلنه كقوله لأدخلن الدار يحلق بالحلف على الوطء إلا أن أجل هذا بعد الرفع حين الحكم إنما هو الحلف بالطلاق لا في وقف الوطء على فعل يفعله، ثم قال: ويحكم أيضًا بالإيلاء على من عرف تركه الوطء مضارًا، وطالت مدته، وأجله من يوم الحكم، وقيل يفرق بينهما دون أجل، وقيل: لا يفرق به بحال. قُلتُ: فقول ابن الحاجب ويلحق بالمولي من منع منها لشك، ومن امتنع من الوطء لغير علة مضارًا، وعرف منه حاضرًا أو مسافرًا، ومن احتملت مدة يمينه أقل، إلا أن جلهم من يوم الرفع والأول من يوم الحلف، مقتضى تفسيره بمنصوص لمن قبله تفسير قوله من منع منها لشك بقول ابن شاس الحلف على أمر ممكن ليفعلنه فيكون عبر عن الإمكان بالشك. قُلتُ: والوقوف مع ظاهر قوله: (منع منها لشك) يرجح تفسيره بمن حلف لا وطئ امرأة بعينها أو من نسائه بطلاقها حتى يفعل كذا ما هو ممكن ذو مئونه، ثم نسي عينها، فإن مقتضى المذهب منعه منهما لما عرض من الشك، والأجل في هذا من يوم حلفه حسبما هو في الأمهات؛ لأنه حلف على ترك الوطء، أو بمن حلف بطلاق امرأة بعينها من نسائه ليفعلن كذا ثم نسيها، فإن مقتضى المذهب في هذه أيضًا منعه منهما لما عرض له من الشك والأجل فيه من يوم الحكم، إلا أن مقتضى كلامه بعد ذلك يقتضي أن يمينه على ترك الوطء لا بالطلاق حسبما يأتي، وإذا كانت على ترك الوطء بطل قوله الأجل من يوم الرفع؛ لأن الأجل فيه يوم الحلف حسبما هو نص فيها. قال ابن عبد السلام: كلامه مشكل، منه ما إشكاله باعتبار تصوره كما في هذه المسألة، ومنه ما إشكاله بالنسبة إلى إجرائه على المشهور وهو قوله ومن امتنع من الوطء لغير علة فيحتمل أن يكون متعلق الشك تعيين المحلوف على وطئها من زوجتيه، فقد ذكر بعضهم فيمن قال: والله لا وطئت إحدى امرأتي سنة ولا نية له في واحدة منهما من حين حلفه، من قام به منهما فلها وقفه؛ لأنه ترك وطأها خوف أن ينعقد عليه الإيلاء في الأخرى على إحدى القولين في هذا الأصل، والقول الثاني لا إيلاء عليه الآن في واحدة منهما حتى يطأ إحداهما، ويحتمل على بعد ما إذا قال لزوجته إن كنت حاملاً أو إن لم تكوني

حاملاً فأنت طالق، على الشاذ أنه لا يجعل طلاقه فيضرب له حينئذ أجل الإيلاء. قُلتُ: تفسيره كلامه بالحلف لا وطئ إحداهما غير صحيح لوجهين: الأول: أم الامتناع فيها ليس لشك بحال إنما هو لخوف لزومه اليمين في الأخرى حسبما مر، الثاني: أنه حكم بأن الأجل فيها من يوم الرفع، ومسألة لا وطئ إحداهما الأجل فيها من يوم الحلف علة أنه بنفس قوله مول ومن يوم وطئ إحداهما على القول الآخر، ولم يقل فيها أحد الأجل من يوم الرفع. في ثاني نكاحها: من سر مد العبادة وترك الوطء لم ينه عن تبتله، وقيل له: إما وطئت او فارقت إن خاصمته، وفي إيلائها: من ترك وطء زوجته لغير عذر ولا إيلاء لم يترك إما وطئ وإما طلق، وبذلك القضاء، وقد كتب عمر بن عبد العزيز لقوم غابوا إلى خراسان إما أن يقدموا أو برحلوا نساءهم إليهم أو يطلقوا. الجلاب: والفرقة في ذلك بغير أجل يضرب له، وقيل: يضرب له أجل أربعة أشهر كالمولي، وحكاه اللخمي كأنه روايته وصوبه. قال: لأنها المدة التي يلحق فيها الضرر، وما تقدم لابن شاس فيه من قوله أجله من يوم الحككم، وقيل: يفرق بينهما دون أجل، وقيل: لا يفرق به بحال يقتضي أن المشهور الأجل خلاف ظاهر المَدوَّنة ونص الجلاب، وقوله: (ولا يفرق به بحال) لا أعرفه. وسمع ابن القاسم في طلاق السنة: من غاب عن امرأته وعلم موضعه كتب إليه. وفيها: قيل: فإن بعث إليها نفقة وأقرها. قال: أما الحين فأرى ذلك، وإن طال ذلك لم يكن له أن يبعث لها النفقة ويحبسها. قيل: ألذلك وقت؟ قال: ما سمعت ولكن إن طال ذلك. ابن رُشْد: يكتب إليه كما جاء عن عمر بن عبد العزيز، وفي سماع عيسى إن لم يفعل وطال الأمر طلق عليه؛ لأنه إضرار بها وأن ثلاث سنين في ذلك قريب، وهذا إذا بعث إليها بالنفقة، وإن لم يبعث ولا علم له مال طلق عليه بعد الإعذار إليه والتلوم، وإن علم أنه موسر بموضعه فرض لها النفقة عليه تتبعه بها ولا يفرق بينهما. هذا ظاهر قول ابن حبيب، ومعناه ما لم يطل كما قالها هنا، وقول ابن الحاجب يلحق بالمولي من احتملت مدة يمينه أقل وأجله من يوم الرفع.

قال ابن عبد السلام: هذا كقول المدَوَّنة: من قال: إن لم أفعل كذا أو لأفعلن كذا فأنت طالق، ضرب لها أجل الإيلاء. وفيها أيضًا: من حلف أن لا يطأ امرأته حتى يموت فلان او حتى يقدم أبوه، وأبوه باليمن فهو مول فيمكن جعل هذه المسألة مثالا لكلام المؤلف. قُلتُ: تفسيره بالمسألة الثانية وهم لقول ابن الحاجب وأجله من يوم الرفع، والاجل في المسألة الثانية من يوم القول، وقول ابن الحاجب متعقب بإطلاقه الصادق على الصورة الثانية، وإذا دخل الوهم على مثل هذا الشيخ مع علو طبقته فكيف بغيره فضلا عن المبتدئ، وبمثل هذا الإطلاق عاب كثير من طبقة شيوخ شيوخنا تأليف ابن الحاجب فإنه فيه من هذا النوع كثرة، وقال ابن الحاجب: إثر قوله الأجل من يوم الرفع فيمن منع لشك ومن ترك الوطء ضررًا ومن احتملت مدة يمينه أقل، ولذلك فرق بين أن أموت أو تموتي، وبين أن يموت زيد. قُلتُ: يريد: ويمينه فيهما على ترك الوطء لامتناع كونه فيهما بطلاق على إيقاع فعل، وهذا يوجب كون حلفه في المسائل التي جعلها علة لهذه التفرقة كذلك، وإلا لم يستقم تعليله، وإذا كان فيها على ترك الوطء كان قوله الأجل فيها من يوم الرفع وهما حسبما بيناه، وقال ابن عبد السلام: يعني أن قوله والله لا أطأك حتى أموت أو حتى تموتي يصدق عليهما وسم الإيلاء، وقوله: (والله لا أطأك حتى يموت) زيد مدة يمينه يحتمل أقل من أربعة أشهر لاحتمال موت زيد إثر يمينه، فلا ينطبق عليه رسم الإيلاء فلا يضرب له أجل الإيلاء إلا يوم الرفع، وهذا التفريق غبر خال من مغمز، والمعهود أنهم إنما يفرقون بمثل هذا في العتق إذا قال لعبده: أنت حر بعد موتي، أو قال: بعد موت فلان الأول إيصاء أو تدبير، والثاني عتق إلى أجل. قُلتُ: كلام ابن الحاجب وهم؛ لأنه بناء على أن الأجل في قوله، والله لا أطأك حتى يموت زيد من يوم الرفع وهو غلط؛ بل هو من يوم الحلف، كذا هو نصها وسائر المذهب، وتفسيره ابن عبد السلام بما ذكر صواب لظاهر لفظه وهم في قبوله. وفي قوله: (هذا التفريق ... إلخ) نظر؛ لأنه محض دعوى مغمز في كلام إمام بغير حجة، وقوله: (إنما يفرقون ... إلخ) لا يثبتها بحال، ومطلق التفريق بين الصورتين لا

يقيد قوله ولذلك صواب، وقد سبق به ابن شاس قال: لو قال: والله لا أطأك حتى يقدم فلان وهو بمكان يعلم تأخر قدومه على أربعة أشهر فهو مول، ولو قال: حتى يدخل زيد الدار فمضت أربعة أشهر ولم يدخل فلها إيقافه، ولو قال: إلى أن أموت أو تموتي فهو مول، ولو قال: إلى أن يموت زيد فهو كالتعليق بدخول زيد الدار. قُلتُ: ما ذكر من الحكم في المسائل الأربع صحيح، وظاهر قوله في مسألة التعليق على القدوم وعلى موت أحد الزوجين انه إيلاء أن التعليق على الدخول وموت زيد غير إيلاء، ويجب فهمه على أن مراده أن الأول إيلاء بنفس الحلف، والثاني إنما هو إيلاء باعتبار المآل، وظهور كون أمد الترك أكثر من أربعة أشهر. وفي ابتداء كون أجل إيلاء المظاهر يبين ضرره طريقان. الباجي: في كونه من يوم ما يرى من إضراره أو تبينه أو ظهاره ثلاثة لمالك فيها، وتأولها بعض القرويين والموازية مع اختصار المدونة بعضهم. قال: وعندي القولان فيها. اللخمي: في كونه من يوم ظهاره أو رفعها إياه روايتان، الأولى أحسن ولا يزاد على ما جعل الله له إلا أن يحمل الحكم ولم يبين له، وعزا الأولى في النوادر لابن القاسم وأَصْبَغ، والثانية لعبد الملك، وعبر عياض عن يوم الرفع بيوم تبين ضرره، وذكر ابن عبد السلام يوم الرفع بدل يوم مايرى من إقراره. وقول اللخمي: "من ظاهر عالما عجزه عن حله فقد قصد الضرر بنفس ظهاره، يختلف هل تطلق عليه الآن، وإليه يرد ما في الرواية في ظهار المعسر" رابع. وفيها: إن كفر زال حكم إيلائه وإن لم يطأ، وإن قال: أنا أكفر: ولم يقل: أطأ فذلك له؛ لأن فيئته الكفارة لا الوطء، إن كفر فله الوطء دون كفارة. اللخمي: إن كان عاجزًا عن العتق قادرًا على الصيام فعليه أن يقدم الصوم قبل مضي أربعة أشهر، ويبين له ذلك إن كان جاهلاً، فإن قامت الرجعة وضرب له الأجل قيل له عليك تقديم الصوم بمدة لا يأتي الأجل إلا وقد حلت الزوجة، وكذا على أن الأجل من يوم ظاهر يؤمر بمثل هذا، وقال ابن الماجِشُون: إن ابتداء صوم الشهرين من بعد ضرب السلطان الأجل لما تنقضي الأربعة الأشهر قبل تمام صومه طلق عليه،

فإن تم صومه وهي في العدة كانت له الرجعة، فإن ارتجع ثم انقضى صومه، وهي في العدة صحت رجعته. قال: ولو ابتدأ الشهرين في الأربعة أول ما ضربت له فمرض حتى صار لا تتم في الأربعة لم تطلق عليه، وإن أفطر لغير عذر طلق عليه، وما قوله هذا يبين؛ لأنه يقول لم يكن على أن أبتدئ الصوم لأول الأربعة ولي أن أؤخره لمضي شهرين؛ لأنها مدة أقدر على الفيء فيها. قُلتُ: إنها يلزم هذا أن لو كان صومه بعد إفساده لا يتم قبل مضي الأربعة الأشهر، وليس مراد عبد الملك ذلك إنما سياق قوله يدل على إنما أراد إذا كان ابتداء صومه بعد إفساده لا يتم إلا بعد مضي الأربعة الأشهر. قال: ويختلف إن كان ممن يقدر على العتق او الإطعام، وقال: عند مضي الأربعة دعوني حتى أعتق أو اطعم، وقالت الزوجة: لا أؤخره يومًا واحدًا. قال محمد في هذا الأصل: لا يؤخر، ولا يزاد في أجل الإيلاء. قلت فيها: إذا أوقفته فقال: أصوم شهرين لظهاري أو كان يقدر على عتق أو إطعام، فقال: أخروني حتى أعتق أو أطعم؛ فقال: أخروني حتى أعتق أو أعتق اختبره الإمام مرتين أو ثلاثًا، فإن لم يأخذ في ذلك بعد التلوم فرق بينهما؛ لأنه مضار، ومن لم يبين ضرره. روى الشيخ: لم يوقف إلا أن يطول ذلك، وذكره الباجي غير معزو بلفظ لم يبين ضرره ولا عذره. قال: ومن بان عذره لم يدخل عليه إيلاء. قُلتُ: هو الشيخ روى أشهب: إن لم يجد ما يعتق ولا يقدر على الصوم، ولا يجد ما يطعم فليكف عن أهله حتى يجد. الشيخ: يريد: ولا حجة لها والعبد المظاهر. قال ابن حارث: إن تبين ضرره أو منعه سيده الصوم ففي لغو دخول الإيلاء عليه ولزومه، ثالثها: إن منعه سيده الصوم لمالك في الموطأ ومحمد عن رواية ابن القاسم وابن حبيب عن أصبغ وعن ابن الماجِشُون لا يمنعه الصوم لإذنه في نكاحه. ابن عبدوس: قلت لسحنون فإذا لم يدخل عليه إيلاء ما تصح المرأة. قال: يوقفه السلطان إما أفاء أو طلق، ولفظ مالك في موطئه لا يدخل عليه إيلاء؛ لأنه لو صام

لظهاره دخل عليه طلاق الإيلاء قبل أن يتم صومه. الباجي: لأن صومه شهران وأجل إيلاء شهران، فلو أفطر ساهيا أو بمرض انقضى أجل إيلاء قبل تمام الكفارة، وتعليله يقتضي أن لا يضرب له أجل الإيلاء ولو أذن له سيده في الصوم، ولا يوجد هذا على هذا التفسير لمالك ولا لأحد من أصحابه، ولعله أراد أن هذا بعض ما يعذر به العبد في عدم تأجيله، وإن كان أراد أنه أراد الصوم ومنعه سيده؛ لأنه يضر به فذلك عذر يمنع تأجيله وقاله أصْبغ. أبو عمر: وقول مالك لو ذهب يصوم دخل عليه طلاق الإيلاء هو على القول أن بانقضاء أجل الإيلاء يقع الطلاق، فيقول لو وقع الطلاق بانقضاء أجل إيلائه لم تصح له كفارة فكونه مكفرًا ويلزمه الطلاق محال. وقول ابن الحاجب: ولأن فيئة المظاهر تكفيره لم يدخل على العبد بظهاره وإيلاء؛ لأن مدة صومه مدة أجله. تقريره: على طريق الباجي أن يقول: لو دخل عليه الإيلاء منضما إلى أن فيئته تكفيره للزم انقضاء أجله قبل تمام الكفارة، وهو باطل حسبما تقدم للباجي، فيبطل الملزوم وأحد جزئيه حق وهو كون فيئته تكفيره فتعين بطلانه ببطلان جزئه الآخر، وهو دخول الإيلاء عليه، وعلى طريق أبي عمر يقول لو دخل عليه الإيلاء مضما لما ذكر أولا، وإلى أن يمضي أجل الإيلاء يقع طلاقه للزم كونه مكفرًا مطلقًا عليه بالإيلاء، واللازم باطل حسبما تقدم لأبي عمر فيبطل الملزوم وأحد جزئية حق، وهو ماضم إلى دخول الإيلاء، فتعين بطلانه ببطلان جزئه الآخر، وهو دخول الإيلاء عليه، وقال ابن عبد السلام: الإشارة بقوله ولذلك إلى التكفير أو إلى الفيئة. وقوله: لأن مدة صومه مدة أجله مشكل ولا تتبين به الملازمة إلا على أن أجل المظاهر من يوم ظهاره، وكلام مالك يدل على خلاف ذلك. قال في الموطأ: فذكر ما ذكرناه عنه، وكلام الباجي عليه. قُلتُ: من نظر وأنصف علم أن قوله الإشارة إلى التكفير أو إلى الفيئة معطوفا بأو لا يستقيم. وقوله: (لأن مدة صومه مدة أجله مشكل) محض دعوى، وقوله: (لاتتبين به

الملازمة إلا على أن أجل المظاهر من يوم ظهاره) حق، وقوله: (وكلام مالك يدل على خلاف ذلك) وهم وخلاف ما ارتضى ونقل من كلام الباجي؛ بل جعل أبو عمر كلام مالك يدل على أخص من ذلك، وهو وقوع الطلاق بمجرد مضي أجله، ولكون العتق بالحنث كإنشائه في شرطه بوجود متعلقه بأن قولها إن قال لها: إن وطئتك فبعدي ميمون حر فباعه فله وطؤها، فإن اشتراه عاد موليا ولا يحنث إلا بالوطء وهو في مكله. ابن رُشْد في عود إيلائه إن عاد لأجل إيلائه، ثالثها: إن اشتراه ممن ملكه منه بغير واسطة، ولم يبع عليه في تفليس للمشهور وابن بكير والمغيرة مع ابن الماجِشُون وابن أبي حازم وابن دينار ومالك وغيرهم. وفيها: إن عاد بإرث لم تعد يمينه وتقدمت في الأيمان. ******** على عدم وطء غيرها بدون الثلاث كبيع كالعبد اختيارا، وتزويجه إياها كعوده اختيار ولو بعد زوج، وبتمام الثلاث لا يعود كعود العبد بإرث وملك بعضه اختيارًا ككله وتقدمت في الأيمان. وفيها: من قال: زينب طالق واحدة أو ثلاثا إن وطئت عزة، فطلق زينب واحدة، فإن انقضت عدتها فله وطء عزة، ثم إن تزوج زينب بعد زوج أو قبل عاد موليا في عزة، فإن وطئ عزة بعد ذلك أو وطئها في عدة زينب من طلاق واحد حنث ووقع على زينب ما ذكر من الطلاق، ولو طلق زينب ثلاثا ثن نكحها بعد زوج لم يعد عليه في عزة إيلاء لزوال طلاق ذلك الملك، كمن حلف بعتق عبد له أن لا يطأ امرأته فمات العبد زالت يمينه، ولو طلق عزة ثلاثا ثم تزوجها بعد زوج وزينب عنده، عاد موليا ما بقي من طلاق زينب شيء، كمن آلى أو ظاهر ثم طلق ثلاثا ثم تزوجها بعد زوج عاد عليه أبدًا حتى يكفر. ومنا قضتها ابن عبد السلام تابعًا لعياض بقولها في الأيمان بالطلاق: من قال لزوجته: كل امرأة أتزوجها عليك طالق يسقط يمينه بطلاق زوجته ثلاثا، مر جوابها في الطلاق. الصقلي عن محمد: من قال: إن وطئتك فأنت طالق موٍل، ونقله اللخمي غير معزو على أنه المذهب، وفي جواز وطء ولو بإنزال أو دونه حتى ينوي رجعتها بتمامه

للإنزال أو بمغيب الحشفة فقط والنزوع غير وطء، رابعها: منعه؛ لأن النزوع وطء لنقل اللخمي قائلا الأخير أحسن على الحنث بالأقل، ويسقط إيلاؤه على قول ابن القاسم لا على قول عبد الملك، ولو نوى الرجعة؛ لأنه يقول لا يسقط إيلاؤه إلا بالإصابة، ومن حقها الوطء التام والإنزال، ولأنه لو حلف بالله وأصاب ذلك القدر لم يسقط إيلاؤه بحنث بالأقل ولا يبرئه، فإن أصاب في العدة بنية الرجعة برئ وإلا طلق عليه, الباجي عن ابن الماجِشُون: إن أراد أن يطأ على أن ينوي بما زاد على التقاء الختانين الرجعة مكن منه وإلا منع؛ لأن باقيه حرام، وعلى قول ابن القاسم له أن يطأ. ابن الماجشُون: إن أبى أن ينوي الرجعة طلق عليه، ولا رجعة له ولو بنى بها؛ لأنه ترك تحقيق رجعته، وله في غير المدخول بها وطؤها؛ لأن ما يقع به حنثه يكمل دخوله. وسمع عيسى ابن القاسم: من حلف بطلاق زوجه البتة لا وطئها سنة، فطلبت وطئه ضرب له أجل الإيلاء، إن وطئ طلقت بالبتة وإلا طلقت بالإيلاء ولا رجعة له؛ لأنه إنما يرجع إلى طلاق البتة ويتوارثان في العدة. قلت له: لأي شيء تكون كمصالحة لا يتوارثان إذ لا رجعة له. قال: لأن المصالحة لو وطئها رجم، وهذا المولي لو وطئها لم يرجع. ابن رُشْد: في كونه موليا قولان هما في المدَوَّنة، على الأول لا تطلق حتى يحل أجل الإيلاء من يوم حلف، وهو معنى قوله في هذا السماع، إذا لا خلاف في أن من حلف على ترك الوطء مول من يوم حلف، واختلف على هذا القول إن حل أجل الإيلاء على أربعة أقوال: أحدهما: تطلق عليه لا يمكن من فيئة؛ لأنها تبين بالتقاء الختانين فيصير النزع حراما، وهو في المدَوَّنة كقول ابن الماجِشُون: من طلع عليه الفجر في رمضان وهو يطأ يقضي ذلك اليوم؛ لأن نزعه وطء. الثاني: يمكن من الفيئة بالوطء بالتقاء الختانين فقط، ويجب أن ينزع كمن طلق ثلاثا حينئذ، فإن أبى الفيئة طلق عليه. الثالث: يمكن من جميع لذته يفتر أو ينزل أو لا ينزل فيها خوف أن يكون

الولد ولد زنى. قال أَصْبغ. يمكن من الفيء بوطء كامل لا يحنث إلا بتمامه. قاله ابن القاسم في الأسدية، وهو ظاهر قوله في المدَوَّنة ما يوجد له فيها من خلافه قيل هو إصلاح سَحنون، وهو قوله في هذا السماع. قُلتُ: عزا الشيخ الثاني لعبد المالك وابن وَهْب. ابن رُشْد: وقياس قوله يمكن من الفيء بالوطء أن تجب له الرجعة، فقوله: (لا يمكن من الرجعة) لا يستقيم إلا على القول إنه لا يمكن من الفيء بالوطء، ويطلق عليه بالإيلاء لتمام أجله، وعلى أنه غير مول ففي تعجيل طلاقه، وإن لم ترفعه لوقوعه عليه من يوم حلفه ووقفه على رفعها إياه إلى السلطان فيوقفه، قولان لمُطَرَّف والقائم من المدَوَّنة، وإقامة بعضهم الأول منها غير بين. قُلتُ: القول الأول هو فيها لرواية أكثر الرواة وقول ابن رُشْد لا يستقيم، قوله: (لا يمكن من الرجعة إلا على عدم تمكينه من الفيئة بالوطء) مع عزوه منعه منه لأصل ابن الماجِشُون ينافي ما حكاه ابن محرز عنه، وعن مُطَرَّف فيمن حلف ألا يطأ امرأته بطلاقها البتة إلى سنة أن له أن يرتجعها في العدة ويتوارثان فيها؛ لأنه إذا ارتجع فرضت أن تقيم بغير مسيس إلى انقضاء السنة صح. قُلتُ: وكذا فرضها في العتبيَّة أن يمينه إلى سنة. وسمع عيسى ابن القاسم: من قال لامرأته: أنت على كظهر أمي إن وطئتك، فوطئها مرة ثم ماتت أو طلقها البتة لا كفارة عليه، ولو وطئها ثانية قبل أن يكفر وجبت عليه الكفارة. ابن رُشْد: هذا على القول أن من حلف بطلاق البتة إن وطئها أنه غير مول ولا يطلق عليه؛ لأنه لا يحنث إلا بالوطء، فله أن يطأ الوطأة التي يحنث بها، وهو أحد قوليها، وعلى قوله الآخر فيها إن رفعته عجل طلاقه؛ لأنه لا يمكن من الوطء لحنثه بأول الملاقاة فيكون باقي وطئه في امرأة بانت منه بالثلاث لا يجوز للقائل إن وطئتك فأنت على كظهر أمي وطئها حتى يكفر لظهاره لحنثه بأول الملاقاة؛ فيكون وطئه في امرأة ظاهر منها قبل الكفارة، ولا يجوز ذلك، وفي ظهارها من قال لزوجته: إن وطئتك

فأنت علي كظهر أمي فهو مول حين قوله ذلك، أن وطئ سقط إيلاؤه ولزمه الظهار فلا يقربها حتى يكفر له. ابن محرز ليحيى بن عمر غمزها سَحنون. فضل: لأنه ذهب مذهب عبد الملك أنه مظاهر، ولا يمكن من وطئها؛ لأن باقيه لا يحل، وقول ابن القاسم على أحد قوليه إن وطئتك فأنت طالق ثلاثا. ابن محرز: ليس في قوله ابن القاسم ما يدل على تمكينه من الوطء، إنما قال: إن وطئها ولم يبح له ذلك. اللخمي: في جواز وطئه التام وقصره على مغيب الحشفة ومنعه منه مطلقًا، رابعها: يطأ ولا ينزل، لظهارها، ومُطَرَّف ومحمد وغيرهم. قُلتُ: فقول ابن الحاجب يمكن في الظهار اتفاقًا وهم، وقوله مع ابن شاس من قال: إن وطئت إحداكما فالأخرى طالق وأبى الفيئة يطلق القاضي عليه إحداهما مشكل، إن أراد إيقاعه؛ لامتناعه في مبهم، وإن أراد الحكم على الزوج به دون تعيين المطلقة فكذلك، وإن أراد بعد تعيينه لا بالوطء فخلاف المشهور فيمن طلق إحداهما غير ناو تعيينها، وإن أراد بعد تعيينه بالوطء فخلاف الفرض؛ لقولهما: وإن أبى الفيئة، والأظهر أنه مول منهما؛ لأنه ممتنع من وطء كل واحدة منهما بيمين طلاق كقول ابن محرز في قوله والله لا وطئ إحداهما على القول أنه مول بنفس قوله أنه مول منهما معًا، ومن قام منهما كان لها أن توقفه؛ لأنه ترك وطأها خوف انعقاد الإيلاء عليه في الأخرى. وفيها: من قال لنسائه الأربع: والله لا أقرب واحدة منكن، ولم ينو واحدة بعينها فيمينه على جميعهن، إن ماتت واحدة أو طلقها البتة فهو مول فيمن بقي، وإن وطئ واحدة منهن حنث وسقط إيلاؤه. اللخمي: لو قال لواحدة: والله لا أطأك، ثم قال للبواقي، ولا أنت ولا أنت إن أراد إدخالهن في اليمين الأولى فهي يمين واحدة، وإن نوى استئناف اليمين على كل واحدة فأصاب الأولين لم يحنث في البواقي. قُلتُ: قوله (ثم قال للبواقي) يقتضي مهلة بين بين قوليه، وهو وخلاف قوله في الايمان والنذور. قال فيه: إن قال لواحدة: والله لا أكلمك، ثم قال للأخرى: ولا أنت،

فإن نواها أول يمينه تناولتها، وإن حدثت بعد تمام اليمين جرت على القولين إذا نسق الاستثناء بنية حدثت بعد تمام اليمين، وعلى الخلاف فيمن طلق واحدة قبل البناء ثم نسق أخري، فمن جعله استثناء وألزم الطلقة الثانية أدخل ثانية في اليمين الأولي، ومن لم يجعله استثناء، ولم يلزم الطلقة الثانية لم يدخلها فى اليمين. وفيها: من قال: والله لا وطئتكن في هذه السنة إلا يوماً لم يلزمه إيلاء إلا أن يطأ وقد بقي منها أربعة أشهر، واختلف فيها بالمدنية، ومثله في الموازية بزيادة، وقال أيضاً إن مضت منها أربعة من حينئذ، وهو أحب إلي. ابن القاسم وأصبغ، وإلينا فإن فاء فهو فيها يستقبل مول لا شك فيه ويوقف ثانية لأربعة أشهر، وقاله أشهب وإن لم ترفعه حتى بقى من السنة أربعة أشهر ولم يطأ بعد فلا حجة لها. قلت: القولان بناء على لغو الحلف الذي فعل ما يوجب حنثه متوقف على فعل غيره قبل فعله، وفي قولهم إن بقيت أربعة أشهر مع كون أجل الإيلاء أكثر منها نظر، وقال إبن رشد في سماع أبي زيد: لابن القاسم قولان فيما لا يلزم الحالف بالحنث فيه شئ إلا أن ينعقد فيه حكم هل هو مول أم لا؟ مثل حلفه لا وطئ امرأته في السنة إلا واحدة، أو لا وطئ إحدى امرأتيه ولا نية له، أو إن وطئت امرأتي فهي على كظهر أمى، أو وطتئها فوالله لا أطأها، على القول فيمن حلف بالطلاق ثلاثا لا وطئها أنه يمكن من الوطء. قلت: في قوله وقول غيره في هذا الأصل أن الحنث فيه إنما يوجب حكما نظر، إذ الحنث في كل يمين غير لاغية، ولا غموس توجب مقتضى حنثها من كفارة أو طلاق أو عتق أو صدقة، ومسائل هذا الأصل ما زعموا أنه فيها حنث ليس يحنث بحال كالحالف لا وطئ إحدى امراتيه، وطئه إحداهما ليس بحنث إذ الحنث إنما هو وقوع ما يناقص المحلوف، ووطنه إحداهما غير مناقض لا متناعه من وطئ إحداهما، وكذا في مسائل هذا الأصل فتأمله، والعبارة عنه ما قدمناه من كونه الحالف الذي يوجب حنثه إلى آخره. فى الموازية: لو حلف لا وطئها في السنة إلا مرتين فليس بمول، لأنه إذا وطئها بعد

أربعة أشهر، ثم أمسك إلى أربعة أشهر فوطئ فليس بمول، وقال أصبغ: هو مول، لأنه يمتنع من أجل يمينه. محمد: هذا غلط منه. اللحمي: أرى لها حقا في وقفه لا متناعه من إصابتها إلا بعد أربعة أشهر ضرر. قلت: كونه ضرراً مع أن أجل الإيلاء أزيد من أربعة أشهر ممنوع. وسمع عيسي ابن القاسم من قال: لامرأته إذا وطئتك أو إن وطئتك كذا وكذا وطنئة فأنت طالق البتة كل ذلك سواء، هو مول إذا مضت أربعة أشهر من يوم قول ذلك. ابن رشد: لا يكون موليا من يوم حلفه إلا على القول أن من قال: إن وطئت امرأتي فكل عبد أشتريه من الفسطاط حر فهو مول، وهو أحد قولي ابن القاسم، لأنه يمتنع من الوطء، وإن كان به شئ خوف أن يلزمه به عتق ما يشتريه من الفسطاط، وكذا في قوله إن وطئتك امرأتي وطئتين يمنع من الوطأة الأولى، وإن لم يلزمه بها شئ خوف أن يلزمه الطلاق إن وطئ ثانية، وكذا قوله إن وطئها ثلاث مرات يمتنع من الأولي خوف إن وطئ الثانية يلزمه الطلاق إن وطء الثالثة، وكذ اما زاد على هذا القياس إلا أنه كلما زاد ضعف لزوم الإيلاء ابتداء حتى إذا لم يبق إلا وطئه واحدة صار كقوله هي طالق ثلاثا إن وطئها. قلت: ليس قول ابن القاسم في هذا السماع بخلاف نقل محمد عنه وتخطئته قول أصبغ لتقييد وطئه في مسألة محمد بالسنة، وكأن ابن رشد لم يقف على تخطئة محمد. العتبى عن سحنون: من حلف لا وطئ امرأته حتى تطلب ذلك فتأبى طلبه ليس موليا، وإن أقام أكثر من أربعة أشهر. ابن رشد: ابن سحنون قلت له: قيل هو مول ولا يكون قيامها به سؤالا حتى تسأله فعابه، وقال: منع الوطء بسببها وهو قول لا وجه له، لأنه متعد في حلفه، لأن المرأة تستحي طلب ذلك، وقد تزوجته على ذلك فلا يلزمها مشقة في الافصاح بطلبه، وعن مالك: لو قال لها: إن وطئتك فأنت طالق إلا تأتيني فهو مول، إذ ليس عليها أن تأتيه وهو صحيح، لانه صلى الله عليه وسلم كان يأتي أزواجه فى بيوتهن.

وسمع أبو زيد في طلاق السنة: من حلف بطلاق امرأته لا أتاها نهاراً لا شئ عليه، ولو حلف لا بات عندها أبدأ لم أ [لغ أن أطلق عليه، وقال قبل ذلك يتلوم له، فإن أبي طلق عليه، ولو كانت له امرأتان فكان يبيت عند إحداهما ولا يبيت عند الأخرى لم تطلق عليه. ابن رشد: الأظهر التعلق عليه في ترك المبيت، لأنه ضرر بين، ولا إيلاء عليه بحال إذا لم يحلف على ترك وطء، وكذا الذي يبيت عند إحداهما دون الأخرى تطلق عليه في القول الثاني بعد التلوم. ******** تمكن الزوجة من وقف زوجها المولي لتمام أربعة أشهر من يوم إيلائه أو ضربها لفيئته أو طلاقه، إن طلق عليه السلطان طلقة هي رجعية. سمع محمد بن خالد ابن القاسم: لو طلق عليه ثلاثا خطأ أو جهلا سقط الزائد. وسمع القرينان: إن لم توقفه لم يكن في حل من ترك وطنها، فإن أذنت له رجوت كونه في سعة، وسمعا إن رفعته وقف في محله. ابن رشد: كسماعة لا يؤجل الشفيع لينظر، وفى مختصر ابن عبدالحكم: يؤجل ثلاث أيام لذلك، وفي تأخير المملكة يقفها السلطان لتنظر خلاف تقدم. ******** وسمعا من وقف فقال: أفيء، فخلي ليفيء فيقيم مدة، فتقول لم يف، فيقر بذلك، إن مضت عدتها من يوم وقف طلق عليه بائنة. ابن رشد: هذا خلاف معلوم مذهب مالك في المدونة وغيرها أنه إن لم يف بعد وقفه اختبر المرتين والثلاث ونحو ذلك دون اعتبار انقضاء العدة في أيام التلوم إذ

ليست في عدة، فإن لم يف طلقت عليه رجعية، ونص في المدونة في رواية ابن وهب علي أنه إن قام في الاختبار ثلاث حيض أنه يوقف أيضاً إن قال: أنا أفي ويخلى بينه وبينها ما لم يكثر ذلك فيطلق عليه، وهذا الآتي على أصل مذهبه بعدم وقوع طلاق المولي بحلول أجله حتى يوقف، فقوله في السماع راجع للقول بأن فيتئه إنما هي في الأجل ولا يزداد عليه ويلزمه الطلاق بانقضائه، ورواه ابن الماجشون، وقاله ابن المسيب وأبو بكر بن عبدالله وابن شهاب، وفيه نظر، لأنه قال فيه: إن فاء في العدة بقي في العدة على العصمة، وإن يف فيها كانت مطلقة بانقضاء الأجل فبانت بتمامها، فحال أمره في وقوع الطلاق عليه بانقضاء الأجل أنه مترقب بما يفعله بعد ذلك في العدة من فيئته أو تركها. قلت: يأتي للخمي تعقبه. قال في كون طلبه بالفيئة قبل مضي أجل الإيلاء أو عند انقضائه دون زيادة عليه، ثالثها: يؤخر المرة بعد المرة قريباً بعضه من بعض رواية ابن الماجشون ورواية المدنيين ورواية ابن القاسم. وروى ابن وهب: يخر فإن أقام في الاختبار حتى تحيض ثلاث حيض فأكثر ويوقف، فإن قال: أفيء خلي بينه وبينها، إلا أن يكثر ذلك فتطلق عليه، وذكر ما مر من سماع أِهب قال: وهو معترض بوجهين: أحدهما: أنه جعل العدة والطلاق مترقبا إن وطئ كانت على الزوجية، وإلا كان الطلاق واقعا يوم انقضاء الأجل. الثاني: أنه يخلو بها وتبقى العدة على حكمها، ولا يكون عليها لتلك الخلوة عدة، وهذا خلاف معروف قوله في الخلوة، وقد قال ابن القاسم في الذي يطلق عليه، ثم يرتجع ولا يطأ حتى تنقضي العدة أنه إن خلا بها فعليها عدة أخرى. قلت: تضعيفه سماع أشهب بالوجه الثاني لا يصح، لأن ما ذكره من عدم العدة للخلوة لإصابته لم يذكره في هذا القول فيما حكاه هو ولا فى سماعه، إنما هو قول قائم بنفسه معارض لهذا القول ولغيره حسبما أذكره. وسمع القرينان: من وقف لايلائه فطلق، ثم ارتجع فخلى بينه وبينها ليصبها فاتقضت عدتها ولم يف، واعترافا بعدم المسيس فبانت منه وكانت معه فى بيت لا يدري.

لعله أصابها لم تجب عليها عدة أخرى، وهذا أمر قد أعفي منه المسلمون، وما في السؤال عن مثل هذا (غير) توهين للدين وإدخال الشك. وسمع ابن القاسم: إن ارتجع المولي من عذر فانقضت العدة، وهي عنده ثم لم يف بعد ذهاب عذره ففرق بينهما أجزأتها العدة الأولى. ابن القاسم: هذا إن لم يخل بها. ابن رشد: قوله: (إن ارتجع من عذر) أي: ارتجع فلم يف من عذر فإذا زال عذره ولم يف وفرق بينهما وجب أن لا عدة له عليها أخرى، وقول ابن القاسم وذلك إذا لم يخل بها، ويريد: إن خلا بها فعليها عدة الأزواج في الحكم الظاهر لتهمتها علي إسقاط العدة مع الخلوة وفيما بينها وبين الله لا عدة عليها ولا رجعة للزوج عليها ولا ميراث بينهم، ومثل هذا في «المدونة» وضعف هذا في سماع وأشهب. قول ابن عبدالسلام بعد قوله: مقدار الزمن الذي يختبر فيه الإمام إجابة المولي موكول لاجتهاد الإمام، وقع في المذهب روايات بالتحديد أضربنا عن جلها لمخالفتها الأصول يقتضي كونها في مقدار التلوم ولا أعرفه. قال ابن رشد أول سماع ابن القاسم، XXX وتصح بها رجعته فيما لا يقل على حله عن نفسه كالحلف على ترك الوطء بشئ أو صدقة أو عتق غير معين بالوطء، وفيما يقدر على حله ظاهراً وباطناً كحلفه ألا يطأ بعتق معين أو صدقة معين أو طلاق امرأة أخرى بوطئه، أو فعل ما حلف بفعله، وما قدر على حله عن نفسه في الباطن، ولا يعلم حقيقته ظاهراً كالحلف بالله أو نذر مبهم، في تقرر فيئته به كالكفارة قولان قائمان منها، وقال ابن الماجشون: لا فيئة مطلقاً إلا بالوطء. قلت: زاد اللخمي عزوه لرواية ابن القاسم وروي سقوطه بالتكفير، ولو في الحلف بمضمون من عتق أو صدقة، وصوب قول ابن الماجسون. وفيها: لا يفي إلا بالجماع إن لم يكن له عذر لا بالجماع بين الفخذين. قلت: والجماع بمغيب الحشفة حسبما مر فى الغسل. ابن شاس: الفيئة بمغيب الحشفة في القبل إن كانت ئيباً، والافتضاض إن كانت بكراً.

قلت: الأول كاف لاستلزامه الثاني، وفي رحمها إن جامع المولي امرأته فى دبرها حنث وسقط إيلاؤه، لأنه عند مالك جماع لا شك فيه إلا ينوي الفرج بعينه فلا يلزمه كفارة في الدبر، وهو مول. قلت: لازم كونه موليا مع سقوط إيلائه إن لم ينو الفرج، أنه لو نوى الدبر لم ينحل إيلاؤه بالوطء في الفرج، وهو بعيد. وفيها: وطؤه دون الفرج لا يسقط إيلاؤه ويوجب حنثه، فإن كفر سقط بمجرد تكفيره. عياض: طرح سحنون قولها يسقط إيلاؤها بوطئها في الدبر، ولم يقرأه. قلت: هو الجاري على مشهور المذهب في حرمته. اللخمي: يختلف إن وطأها حائضا أو صائمة في سقوط إيلائه قياساً على الإحلال به والإحصان، والقياس سقوطه، وقول ابن الحاجب في المحرم قولان يقتضي أنهما نص، وقبله ابن عبدالسلام ولا أعرفه. وفيها: أن قال: وطئتها وأنكرت صدق مع يمينه. اللخمي: إن نكل حلف وطلق عليه. قلت: كقولها في المعترض إن نكل حلفت وفرق بينهما، فإن نكلت بقيت زوجة، وتوقف فيها مالك مرة. ابن شاس: حكى أبو عمران أن القول قولها إن كانت بكراً. ابن شاس: ووطء المكره لغو المجنون، ولا يطالب قبل إفاقته لعذره. قلت: في نوازل أصبغ من جن جنون إطباق عند حلول أجل إيلائه وكل السلطان من ينظر له، إن رأي أن يطلق عليه ولا يفئ لزمه، وإن يفئ فيكفر عنه إن كانت يمينه تمنعه الوطء أو يعتق عنه إن كانت بعتق ويقره مع امرأته لزمه، ووطئه حال جنونه فيئته بحنث به ويكفر عنه وليه إن حلف في صحته، ولو آلي بقوله أنت طالق إن وضئتك إلا بموضع كذا حتى أغزو، فقال: وليه ألزمه هذه الطلقة ويطأ امرأته ويترك معها، أو قال: أسافر به إلى الموضع المذكور أو أغزو به وأرده يطأ، ولا يطلق عليه جاز عليه ما فعله من ذلك.

ابن رشد: في قوله يكفر عنه بعتق نظر، إنما يصح إن كان حلفه بمعين عتق أو صدقة أو طلاق، ولو فعل في ذلك الميهم لم ينحل إيلاؤه، وضمنه الوكيل لإتلافه ماله فيها لا فائدة فيه، وكذا إن كان حلفه بالله يكفر عنه لم ينفعه، لأن الكفارة لا تكون إلا بينة إلا على أحد قولي ابن القاسم فيمن أعتق عن رجل لظهاره بغير إذنه فرضي أن يجزئه، وهو ضعيف خارج عن الأصول، وهذا كله على المشهور، وقول ابن القاسم وروايته، وعلى قول ابن الماجشون: لا يوكل عنه إذ لا يكفر عنه بحال كما لا يكفر عن نفسه إن كان مريضاً إذ فيئته عنده إنما هي الجماع، وقوله يخنث بوطئه في حال جنونه ضعيف، لأن فعل الجنون كلا فعل لقوله" "رفع القلم عن ثلاث" فذكر المجنون حتى يفيق، ويكون ذلك مسقط الحق زوجته في وقفه حتى تمر به أربعة أشهر من يوم وطئها، لأنها نالت بوطئه ما تناله في صحته، ولا وقف عليه ما دام جنونه بحال، وقوله في يمينه فأنت طالق إن وطئتك إلا في بلد كذا حتى أغزو ولو ليه أن يطلق عليه أو يسافر به أو يغزو غير مستقيم إذ لا منفعة له في إلزامه الطلقة، لأنها يمين هو فيها على بر، ومن قال: امرأتي طالق إن فعلت كذا لا نفع لي في تقديم الطلاق قبل حنثي، وكذا غزوه وسفره لا يقع له فيه إ لم يسافر هو، ولا غزاً باختياره. قلت: ونحوه قول اللخمي وطئه لا يوجب حنثه ويسقط حقها في الوقف، وظاهره لا وقف لها بعد ذلك خلاف ما تقدم لابن رشد، ووطء المكره لغو لعدم حله اليمين وذو مرض أو سجن، وإيلاءه بما ينحل قبل الوطء فيئنه حله كمعين عتق أو صدقة أو طلاق غيرها، وفي كونه مبهم العتق كغيره أو كمعينه قولان لسماع القرينين وظهارها، وضعفه ابن رشد وعزاها عياض لمالك. ابن محرز: هذا خلاف أصولهم في المولي بطلاق امرأة بغيرها عينها أو عتق مبهم لا يسقط بطلاقه بعض نسائه ولا عتقه رقبة، وفرق بعض المذاكرين بين هذه، وقوله في إيلائها بأنه في هذه مستفت، ولي الإيلاء محكوم عليه لرفعه امرأته. قال: ويفرق بأن

مسألة الايلاء في الطلاق ومسألة الظهار في العتق، وهو من خصال كفارة اليمين بالله فقيس عليها. وسمع أبو زيد ابن القاسم في النذور: من قال: لله عتق رقبة لأصبو من غداً، هو مخير إن شاء صام غداً، ولا عتق عليه، وإن شاء أعتق رقبة، ولم يضمن غدا. ابن رشد هذا غير صحيح، لأن يمينه على بر، لأنه لا يحنث إلا بمضي غد، ومن كانت يمينه على بر في غير يمين بالله بغير معين لم يجزه كفارتها قبل حنثه، ثم ذكر قوله في كتاب الظهار، وقال: هي رواية شاذة خارجة عن الأصول، عليها يأتي قول ابن القاسم هذا. وسمع عيسى ابن القاسم: من وقف مريضا فقا: أفئ، عذر ولم يعجل عليه، ولو كان حلف أن ينكح عليها ونحوه، فأمسك عن النكاح حتى ريئ أنه مضار أجل، ولو كان مريضاً إن انقضى الأجل، ولم يصح عذر، لأنه لا يطبق نكاحاً، وإن انقضى وهو صحيح وقف لإنكاحه وإلا طلق عليه، ولو كان حلفه على قضاء دين عليه لم يعذر بمرض. ابن رشد: يعذر المريض عليه حتى يقدم، وقال ابن الماجشون: لا يعذر به وتطلق عليه، وإذا عذر قبلت فيئته بالقول عند ابن الماجشون ولم يؤمر بالكفارة، ولو كان حلفه بما يقدر على حله، وقال ابن القاسم إن كانت بما يحل قبل الحنث ففيئته تحله وإلا فبالقول، وقوله في الحالف أن ينكح عليها معناه أنه بالطلاق إذ لا يدخل عليه الإيلاء إلا يخلفه به وضرب له الأجل في مرضه، لأنه إنما ينظر لحاله يوم الوقف بخلاف المعترض، لآن أجله لعلاجه، والمريض لا يمكنه العلاج لوطئه، وقوله (حتى يرى أنه مضار) ظاهره لا يضرب عليه حتى يتبين قصده ضررها بتركه وطئها، ومثله لغير ابن القاسم في إيلائها، ولابن القاسم في ظهارها وظاهر الروايات في غيرها من المواضع خلاف ذلك. اللخمي: اختلف إن كانت يمينه بغير معين هل يلزم إسقاط اليمين أو يؤخر حتى

يصح أو يخرج من السجن وهو أحسن، لأنه مطالب بعد ذلك بالإصابة على الصحيح من المذهب إن أبى طلق عليه. قلت: ظاهر قوله بغير معين أنه عام في مبهم العتق والصدقة والطلاق، لأنه عقب قوله إن كانت بشئ بعينه عتق أو صدقة أو طلاق ففيئته إسقاط يمينه، وقد تقدم لابن رشد أن الخلاف إنما هو في العتق. اللخمي: إن قال وهو مريض أو مسجون: لا أفيء فطلق عليه ثم ارتجع ثبت رجعته، وإن لم يطأ حتى خرجت من العدة إن صح أو سرح أمكن منها إن لم يصب فرق بينهما، وأخذ من قولها مع غيرها في المسجون أنه لا تدخل عليه امرأته في السجن خلاف قول ابن عبدالحكم تدخل عليه. ابن عبدالسلام: هو استقراء ظاهر والاحتمالات المذكورة في رده بعيدة. لت: رده بأن الغالب عدم الخلوة في السجن واضح، وأوضح منه ما تقدم من نقل ابن رشد عن مالك، من قال: إن وطئتك فأنت طالق إلا أن تأتيني هو مول، ولما ذكر عياض قولي ابن القاسم وأشهب في حل الإيلاء فى اليمين بالله بالكفارة قبل الحنث قال: واختلفا على هذا هل تصح فيئنه إذا كان إيلاؤه بغير رقبة بعينها إذا كان عذر مرض أو سجن؟ فقال ابن القاسم: يصح بالقول ومالك وابن أ [ى حازم وابن دينار وأشهب يرون ذلك، لأنه مما يقدر على حلها من الإيمان كالمعين، فعلي هذا الخلاف يأتي الخلاف على من يرى صحة تعجيل الحنث في غير المعين ومن التزم فيه الأًول أبعد الخلاف فيه إذ لا حل ليمينه بغير المعين قبل حنثه لا ظاهراً ولا باطناً، وهو معنى قول ابن أبي حازم وابن دينار فى المريض إذا فاء بلسانه، وقد ذكر العتق المعين، ثم قال: إن قال كانت يمينه بما لا يخنث فيه إلا بالفعل كان ذلك منه فيئته. وفي نوازل أصبغ: إن أراد المولي سفراً بعيداً قيل له: أقم مكنك أو وكل وكيلا إذا حل الأجل يفئ لك أو تطليق عليك إذا حل الأجل، فكانت فيئة الوكيل عنه أن يكفر عنه حينئذ، ويعذر في ترك المسيس كالمسجون إذا قال: أفيء لم يصدق إلا بالكفارة، وقال ابن القاسم: إن أراد المولي سفرا قبل الأجل بيومين أو ثلاثة فرفعته امرأته

للسلطان تقدم إليه أن لا يبرح حتي يتم أجله فيوقف، إن أبى أعلمه أنه مطلق عليه إن خرج، فإن خرج ورفعت امرأته أمرها طلق عليه حينئذ، وإن لم ترفع حتى خرج لم يطلق عليه حتى يكتب إليه إما وفاء وإلا طلق عليه. ابن كنانة: إن أقر بالإيلاء، ولم ينازع لم يحبس عن سفره إذا حل أجله طلق الإمام، وإن أنكره حبس حتى يناقدها. ابن رشد: قوله في الذي يريد سفراً فقال له: أقم مكانك أو وكيل وكيلا إذا حل الأجل، يفئ لك أو يطلق عليك فيه نظر إذ لا يصح أن يفيء الوكيل عنه إلا في معين عتق أو صدقة، وهو خلاف قول ابن القاسم، لأنه لا يرى فيها وكيلا، إنما يقال له إما أن تقيم أو تخرج فيطلق عليك إن لم تقدم للأجل، وإن خرج دون تقدم إليه لم يطلق عليه حتى يكتب إليه، وابن كنانة يطلق عليه بحلول أجله في غيبته ولا يلزم عنده أن يتقدم إليه ولا يحبس عن سفره وهو قول ابن الماجشون، وإن أنكر الإيلاء حبس اتفاقاً حتى يناقدها في ذلك. وفي نوازله إن فقد المولي فقدا يضرب به لأمر الأجل انفسخ إيلاءه، وحكم فيه بحكم المفقود، ولا يطلق عليه بالإيلاء لاحتمال كونه عند الطلاق ميتا. ابن رشد: هذا صحيح على أصل ابن القاسم في أن المولي إذا حل أجله، وهو غائب يعذر بمغيبه لا يطلق عليه حتى يكتب إليه فيوقف على الفيئة، فاذا اتصل مغيبه حتى لم يعلم خير وغاب أثره وجب رجوع أمره لحكم المفقود، وعلى قول ابن الماجشون: لا يعذر بمغيب تطلق عليه بانقضاء أجله، ولو لم يعلم موضعه، وقال ابن الحاجب: وإن كانت مما لا تكفر قبله كصوم لم يأت أو بما لا ينفع تعجيل الحنث فيه كطلاق فيه رجعة فيها أو في غيرها فالفيئة الوعد ويبعث للغائب، ولو مسيرة شهرين، وقال سحنون: الأكثر أن الوعد كاف إلى أن يمكنهم فإن لم يطؤا طلق عليهم. قلت: ظاهره أن قول سحنون هذا نص له فيما ذكر من قوله إن كانت مما لات تكفر قبله، ويقتضي أن الأقل يقول أن الوعد منهم لا يقبل، وإن كان وجد قول سحنون نصا كما ذكر فواضح، وإن عنى به ما له في المدونة فنصها قال ابن القاسم: إن لم تكن يمينه مما يكفرها ففيئته بالقول، فإن صح أو خرج من السجن أو قدم فوطئ وإلا

طلقت عليه. قُلتُ: فإن وقف وهو مريض ففاء بلسانه، ولم يكفر أجزت فيئته، فإذا صح فإما وطئ وإما طلقت عليه. قال سَحنون: وهذه الرواية عليها أكثر الرواة، وهي أصح من كل ماكان من هذا الصنف على غير هذا. قُلتُ: فلم يذكر قول أكثر الرواة إلا في اليمين بالله ومفهومه أن الأقل يقول لا فيئة له بالقول ولا يلزم من قوله هذا في اليمين بالله، قوله ذلك في غيرها مما لايكفر قبل الحنث لصحة الكفارة في اليمين بالله قبل الحنث وامتناعها في غير معين على المشهور. وقال اين عبد السلام: انظر على تقدير موافقة لفظ ابن الحاجب لما في التهذيب هل هذا القول هو مقابل المشهور الذي ذكره "صدر المسألة فإن كان إياه فكيف يكون شاذًا مع أنه قول أكثر أصحاب مالك، وصححه سَحنون. قُلتُ: الحق أن نقل ابن الحاجب هذا محتمل، لأنه إن جعل قول سَحنون مقابل المشهور أختل بعدم وجوده فيما يقبل التكفير مع معين عتق وغيره مع وجود فيما لا يقبله ولزوم كونه شاذًا يرد باحتمال كونه عنده على تفسير الشاذ بما ضعف دليله لابما قل قائله، وإن جعل فيما لايقبل التكفير اختل بعدم وجوده حسبما مر، وسمع أبو زيد بن القاسم في طلاق السنة: إن قالت امرأة المعترض عند حلول آجلة بعد ضربه لا تطلقوني اتركه إلى أجل آخر، ذلك لها ثم تطلق متى شاءت دون السلطان، وكذا امرأة المولي تقول عند حلول أجله لاتطلقوني أنظره شهرين أو ثلاثة لعله يبرأ. ابن رُشْد: معنى تطلق متى شاءت بعد الأجل الذي أنظرته إليه، وقال أَصْبغَ: لها ذلك بعد أن تحلف ماكان تركها للأبد إلا لتنظر وترى رأيها، وهو بعيد، لأن بقولها إلى أجل كذا بينت أنها على حقها عند الأجل الذي أخرته إليه، إنما تخلف لو تركته بعد وجوب القضاء لها شهرًا أو شهرين ثم قامت بطلاقه، وقالت: إنما أقمت متلومة عليه، فروى ابن القاسم لها ذلك، واختلف قول مالك في يمينها، وقال ابن وَهْب في سماع يحيى وأشهب في سماع عبد الملك: لا قيام لها.

وفيها أيضًا: لو قالت عند انقضاء التلوم له في نفقتها لاتطلقوني عسى الله أن يرزقه ثم تقول بعد أيام طلقوني عليه، ليس ذلك لها وتلوم له ثانية. ابن رُشْد: الفرق بين هذه وبين أمرأة المعترض والمولي أن الأجل فيهما سنة متبعة لا اجتهاد فيها، فإذا حكم الحاكم لها فيهما لم ينتقض حكمه لها بتأخيرها له، والتلوم للعاجز عن النفقة إنما هو بالاجتهاد، فإذا رضيت بالمقام معه بعد تلومه له بطل ذلك التلوم ووجب أن لاتطلق عليه إلا بتلوم آخر. ابن شاس: ولا مطالبة لولي الصغيرة والمجنونة، ولا يسقط حقها إلا بإسقاطهما. وسمع ابن القاسم: لو تركت الأمة وقف زوجها المولي فلسيدها وقفة. ابن رُشْد: لأنه يقول أنا أنكحتها لرغبتي في الولد، ولذا قال مالك: لا يعزل إلا بإذنه، ولو كانت حاملًا أو في سن من لاتحيض لصغر أو كبر لم يكن لسيدها حجة. الباجي عن أَصْبغَ: لو ترك السيد وقفة فلها وقفه. وفيها: من آلى من صغيرة لا يوطأ مثلها لم يؤجل حتى يمكن وطؤها. اللخمي: سواء ضمها إليه أم لا، والكبيرة قبل البناء لا يوقف لها إلا بعد أربعة أشهر من يوم دعائه للبناء بعد مدة جهازها وجهازه، لأنه الوقت الذي توجه لها حق الإصابة فيه، وإن حل أجله وهي حائض وقف، فإن قال: أفيء أمهل، وإن أبى ففي تعجيل طلاقه رواية ابن القاسم وأشهب في لعانها، وعلى المشهور قال محمد: ويجبر على الرجعة، وتعقبه ابن الكاتب بإن علة جبره عليها قصده تطويل عدتها، وهي في هذه الطالبة طلاقها فيه، وبأن الحاكم لا يحكم بمنهي عنه، وأجاب الصقلي بأن إبايته سبب طلاقه فكأنه المستقبل بطلاقها، وقول ابن شاس وابن الحاجب وقبوله: "لا مطالبة للمريضة المتعذر وطؤها ولا الرتقاء ولا الحائض" لا أعرفه، ومقتضى قولها في الحائض ينافيه. وفيها: من دعته زوجته للبناء والنفقة وأحدهما مريض مرضًا لا يقدر معه على الجماع لزمه أن يتفق أو يدخل. وفيها: وقف المريض والمسجون، وقول الباجي وغيره شرط رجعته وطئه فيها يبطله قولها مع غيرها، وشرط صحة رجعة المولي وطئه مرتجعته في العدة أو بعدها حين

قدرته إن عجز عنه فيها، وروى الباجي حل يمينه كوطئه. قُلتُ: كانقضاء أجل يمينه أو ذهاب متعلقها المعين بموت أو غيره. وفيها: إن طلق عليه، وقد بنى فله الرجعة في العدة بالقول، ويتوارثان ما لم تنقض، فإن ارتجعها بالقول فواسع أن يخلو بها، فإن لم يطأ حتى دخلت في أول دم الحيضة الثالثة حلت، ولم تكن تلك رجعة إلا لذي عذر من مرض أو سجن أو سفر رجعته بالقول رجعة، فإن أمكنه الوطء بعد العدة فلم يطأ فرق بينهما وأجزأتها العدة الأولى إلا أن يكون خلا بها فيها وأقر انه لم يطأ فلتأتنف عدة ولا رجعة له فيها. ابن عبد السلام: قولهم شرط رجعته عن مالك بوطئه في العدة أو مايتنزل منزلته يثير اشكالا لا في الميراث إذا مات أحدهما قبل الوطء، لأنه إذا لم يحصل الشرط بقي الطلاق بائنا وهو مانع الميراث. قُلتُ: هذا وهم، لأن كون الطلاق رجعيًا غير ثبوت الرجعة ضرورة ثبوت الأول، ونفي الثاني في كل طلاق رجعي لم يرتجع فيه، والمدعي أن الوطء شرط فيه الرجعة لا كون الطلاق رجعيًا، وموجب الإرث كون الطلاق رجعيا لا ثبوت الرجعة، فلا أثر للوطء في الإرث ولا وقف له عليه. وفيها: إن عتق العبد وقد بقي من اجل إيلائه شهر فلزوجته وقفه لتمام أجل العبد ولا ينتقل إلى أجل الحر ولو كانت حرة، إذ لو طلق واحدة ثم عتق لم ترجع عنده إلا على واحدة كالأمانة تعتق في عدة طلاق رجعي لا تنتقل عن عدة الإماء.

كتاب الظهار

[كتاب الظهار] والظهار: تشبيه زوج زوجه أو ذي أمةِ حل وطؤه إياها بمحرم منه أو بظهر أجنبية في تمتعه بهما، والجزء كالكل، والمعلق كالحاصل. وأصوب منه: تشبيه ذي حل متعة حاصلة أو مقدرة بآدمية إياها أو جزأها بظهر أجنبية أو بمن حرم أبدًا او جزئه في الحرمة. فيها: من قال: أنت مثل قدم أمي ونحوه مظاهر، ومن قال لأجنبية: إن تزوجتك فأنت علي كظهر امي مظاهر. وقول ابن الحاجب: تشبيه من يجوز وطؤها بمن يحرم، يبطل طرده بقولها: قال مالك: إن قال لها: انت علي كفلانة لأجنبية فهي البتات، وعكسه بتشبيه الجزء.

القاضي: هو محرم، لأنه منكر وزور. أبن شعبان: يؤدب المظاهر، ونقل الباجي قبل قولهما رواية المبسوط: الظهار يمين

تكفر، يحتمل الجواز، والكراهة أرجح. وفيها: إن قال: أنت علي كرأس أمي أو قدمها أو فخدها ونحوه فهو مظاهر. وقال بعض كبار أصحاب مالك: من قال: رأسك علي كظهر أمي أو يدك او أصبعك مظاهر. اللخمي: هذا إن نوى تحريم الوطء في العضو الذي علق به التحريم من الزوجة، ويختلف إن نوى تحريم غير الوطء، فقال: قبلتك أو ملامستك أو مضاجعتك علي كظهر أمي، فعلى قول مالك لايقبل المظاهر ولايباشر، لأن ذلك لا يدعوا لخير لا ينعقد فيه ظهار لجعله منع ذلك خوف أن يقع في الإصابة لا لتعلق الكفارة به، كقول أَصْبَغ: من قبل او باشر في صوم ظهارة لاشيء عليه، وقال عبد المالك: يفسد صومه، وقال سَحنون ثم رجع. وعليه يكون مظاهر إذا علم الظهار أو أفرد ذلك بالنيية أو النطق، فإن قيل: إنما لم يدخل في: انت علي كظهر أمي لعدم قصده، وان اللفظ إذا تضمن الوطء، ولو قصد ما سواه تعلق الظهار به. قيل: يلزم عليه إذا قصد بظهاره حرمة الوطء في الفرج فقط أن لا يدخل فيه غيره. قُلتُ: لايلزم من عدم تعلقه به كتعلقه بالوطء حيث لا يعينه عدم تعلقه به إن عينه ضرورة اعتبار مزية التعيين، ولأن عدم تعلقه به كالوطء في عدم التعيين لا يوجب إهمال اللفظ، ولو لم يتعلق به في التعيين لزم إهماله. وقوله: (فإن قيل .... إلخ). قُلتُ: إن أراد فيما جعله لازمًا بقوله فيه ألا يدخل في غيره عدم دخوله مساويًا لدخول الوطء فيه، قلنا بموجبه لعدم مساواته للوطء في تحتم الكفارة به، وإن اراد عدم دخوله مطلقًا منعناه، لانه داعية للوطء الممنوع اتفاقًا وداعية الممنوع ممنوع، وهو من الممنوع متعته بها لغو لنصها مع غيرها في المشتركة والمعتق بعضها والمعتقة إلى اجل. الباجي والجلاب: والمكاتبة. وعزاه اللخمي لسَحنون، وقال: لأن مقتضى يمينه على ماهي عليه ذلك اليوم إلا أن ينوي، ولو عجزت فيلزمه كقوله لاجنبية: أنت علي كظهر أمي اليوم إن تزوجتك.

باب شرط المظاهر

وقول ابن الحاجب وابن شاس: وفي المكاتبة قولان، لا أعرفه إلا لابن محرز عن المذاكرين قائلًا: سبيه مجوسي ظاهر بع إسلامه من امرأته المجوسية ثم أسلمت. قال: وكذا من ظاهر من أمته المتزوجة ثم طلقت. ابن بشير: وعليهما لو اعتق أمة مكاتبة ثم عجز في لزوم ذلك العتق قولاهما بناء على أن عجز المكاتب حدوث ملك أو دوام. [باب شرط المظاهر] وشرط المظاهر: إسلامه: وتقدم الخلاف في نذر الكافر وطلاقه. وتكليفه: فهو من المجنون لغو. ومجمل قول بعض المتأخرين: من به لم وانتظمت له بعض الأوقات الكلم لزم ظهره على كونه حينئذ مميزًا لامتناع تكليف المجنون. وبلوغة: وقد مر طلاق المراهق ولو حلف به صغير مميز وحنث بعد بلوغه فكعتقه كذلك في لزومه ولغوه، قول ابن كنانة والمشهور. وفيها: لزوم ظهار السكران، وجعله اللخمي كطلاقه. الباجي عن محمد: من أفاق من سكره فقالت له امرأته: ظاهرت مني في سكرك، فقال: لا علم لي، لم يقربها حتى يكفر. وفي انعقاده من متعذر الوطء كالمجبوب والمعترض والشَّيخ الفاني، تخريج اللخمي على قول ابن الماجِشُون: يبطل صوم المظاهر بقبلته ومباشرته، ونقله عن ابن زياد مع سَحنون، والتخريج على قول مالك فيها: لان قبلته ومباشرته لا تدعو إلى خير. قُلتُ: لم يذكر الشيخ في النوادر غير قول سَحنون، وذكر العنين بدل المعترض، وكذا الباجي قائلًا هذا على أن الظهار لايحرم الاستمتاع بغير الوطء، وذكر ابن محرز وغيره الأول على أنه مقتضى قول ابن القاسم والبغداديين باقتضاء الظهار مع التلذذ بالمظاهر منها بوطء أو غيره، وعزا الثاني لسَحنون وأَصْبَغ. وقال ابن الحاجب: يصح ظهار العاجز عن الوطء لمانع فيه أو فيها

كالمجبوب والرتقاء. وقال سَحنون: لا يصح. ابن عبد السلام: الاول قول العراقيين من أصحابنا. قُلتُ: هذا يقتضي أنه نص للعراقيين ولاأعرفه إلا إجراء كما تقدم لابن محرز. وفيها: من ظاهر من امرأته وهي حرة أو أمة أو صغيرة أو محرمة أو حائض أو كتابية لزمه، وكفارته منهم سواء. ابن محرز: يعني صغيرة لا تجامع لأنها زوجة، ولأنها يمكن التلذذ بها في الحال بغير الوطء. وقال سَحنون: إنما ينهى عن التلذذ بغير الوطء خوف الذريعة للوطء والحائض يتلذذ بها والمحرمة لا يرفع إحرامها عصمته عنها وكذا المعتكفة، وهذا لا يختلفون فيه، وعليه لو قال: أنت علي كظهر زوجتي المحرمة أو المعتكفة لم يلزمه ظهار بخلاف قوله كظهر مكاتبتي. اللخمي: إن ظاهر محرم بقوله: أنت علي كظهر أمي مادمت محرمًا لم يلزمه ظهار، ولو لم يقل مادمت محرمًا لزمه. *************** وفي وجوب ترك الاستمتاع بغيره واستحبابه نقل ابن رُشْد عن مُطّرف مع ظاهر قول مالك يجب على المرأة منعه نفسها، وإن رفعته للإمام حال بينهما، وسَحنون مع أَصْبَغ حسبما مر. اللخمي: في حرمة قبلتها ومباشرتها ومنعها الذريعة قولا ابن الماجِشُون ومالك فيها: وعليها المضاجعة. قال: وفي منع رؤيته شعرها قول مالك فيها، وإجازته ابن القاسم في العتبية قائلًا: لا بأس أن تخدمه وتستتر منه. محمد: لا يتلذذ منها بنظرة شهوة. قُلتُ: ما نقله عن ابن القاسم من إجازة النظر إلى شعرها وهمَّ، إنما هو فيها لأشهب، وهي آخر مسألة من سماعه، قال فيها مانصه: قال أشهب: قلت لمالك: هل يرى شعرها؟ قال: نعم، أرجو ذلك. وفي سماع عيسى ابن القاسم في المظاهر تخدمه امرأته وتناوله الشيء وتستتر.

ابن رُشْد: قوله: وتستر أي: لا ينظر إلى شعرها كما في المدّوَّنة. وفيها: جاز كونه معها في بيت، ويدخل عليها بغير إذن إن كان مأمونًا. عياض: اخذ منه فيمن حلف بطلاق ليفعلن لا يترك معها إلا أن يكون مأمونًا، ولو غيا ظهاره ففي عمومه وتقييده بوقته، المشهور وتخريج اللخمي على رواية مُطّرَّف واختاره اللخمي، ولو أجل ابتداءه ففي لزومه عاجلًا ووقفه لمشهور وتخريج اللخمي على رواية مُطّرف. وفيها: من قال: أنت علي كظهر أمي إلى قدوم فلان لم يلزمه ظهار حتى يقدم فلان كقول مالك في أنت طالق إلى قدوم فلان لا طلاق عليه حتى يقدم. اللخمي: قد يفرق فيلزمه الظهار الآن، لأن "إلى" غاية فتحمل عليها حتى يقوم دليل إرادته الشرط، ولأن ذلك مما يقصد في الظهار، وحمل على الشرط في الطلاق لامتناع قصد حقيقة الغاية فيه، والعتق كالطلاق. عياض: تأول الأكثر أن "إلى" هنا بمعنى عند. قُلتُ: إن ارادوا حمل اللفظ عليه لإرادته منع فواضح، إن ارادوا لذاته فبعيد، والصواب تعجيل الظهار ثم في دوامه وتقييده بالغاية القولان. وفيها: من قال: أنت علي كظهر أمي اليوم إن كملت فلانا أو دخلت الدار فمضى اليوم ولم يفعل لم يكن مظاهرّا. اللخمي: وقاله مالك ومُطّرف وابن عبد الحكم، وقيل: يلزمه الحنث، وإن جعل اليوم ظرفا للظهار ويلزم عليه لو تقدم وطوء إياها بعد يمينه ثم حنث أن تلزمه الكفارة. الشيخ: في الموازية: من قال: إن لم أفعل كذا فأنت علي كظهر امي إن ضرب أجلا فله الوطء وإلا فلا، فإن رفعته أجل من حينئذ ووقف لتمامه، فإن فعل بر، وإن قال: ألتزم الظهار وأخذ في كفارته لزومه ولم تطلق عليه بالإيلاء حين دعي للفيئة وصار كذي سجن أو مرض، فإن فرط في الكفارة صار كمؤلٍ يقول: أفيء يختبر المرتين، ويطلق عليه بما لزمه من الإيلاء. أَصْبَغ: هو كمظاهر مضار يطلق عليه بعد أربعة أشهر من يوم لزمه الظهار، وهو

من يوم وقف الإيلاء لم يقدر أن يمس فيه، لأنه من يومئذ وجب عليه، وكان قادرًا أن يسقطه بفعل ماحلف عليه. ومن قال قبل البناء: امرأته عليه كظهر أمه إن بنى بها حتى يتزوج عليها، فليكفر أحب إلي من أن يتزوج، إذ لعله يتزوج من ليست ممن تنكح مثله. وقول ابن الحاجب مع ابن شاس: لو قال: إن لم أتزوج عليك فأنت علي كظهر أمي فإنما يلزمه عند الإياس أو العزيمة على خلاف ماتقدم، وقبله ابن عبد السلام، ولا أعرفه، ومقتضى المذهب خلافه. وفي الايمان والنذور منها: إن قال: انت طالق إن لم أفعل كذا حيل بينه وبينها حتى يفعل ذلك وإلا دخل عليه الإيلاء، وفي ظاهرها من قال: أنت علي كظهر أمي اليوم مظاهر، كمن قال، أنت طالق اليوم، فجعل الظهار كالطلاق. وقال ابن رُشْد: في آخر مسألة من كتاب الظهار فيمن قال: أنت علي كظهر أمي إن لم أتزوج عليك، أن اراد أن يكفر ليحل عن نفسه الظهار فيجوز له الوطء فله ذلك، فإن لم يفعل وطلبته امرأته بالوطء ورفعته للسلطان ضرب له أجل الإيلاء. وسمع عيسى ابن القاسم من قال: امرأتي على كظهر أمي إن فعلت كذا لا تجزئه كفارته قبل حنثه كحلفه بالطلاق: لأفعل كذا، لا يجزئه تقديم طلاقه على حنثه. ابن رُشْد: هو في الظهار أوضح؛ لأن طلاقه يجب بحنثه، والكفارة لا تجب بحنثه في الظهار، ولو حلف بالظهار ليفعلن كذا، ولم يرضرب له أجلا صح له تقديم الكفارة؛ لأنه علة حنث كالطلاق كذلك. وفي الموازية: من حلف بالطلاق ليقتلن فلانًا، ولم يضرب أجلا لم يبر بالطلاق، فإن مات فلان قبل أن يقتله وقع عليه الطلاق؛ لأن موت فلان كانقضاء الأجل. قُلتُ: كذا نقلها الشيخ في النوادر: وقال: ليكملن بدل ليقتلن. قال: وقال ابن القاسم: سمعت الليث. قال: من حلف بالظهار ليتزوجن له ترك ذلك ويكفر، وكذا ليعتقن رقبه بغير عينها، ولو عينها لم يكن له أن يحنث نفسه. وفيها: مع غيرها في تكرر الظهار بسيطًا أو معلقًا على متحد كفارة واحدة، ولو نوى تعدده إلا أن ينوي تعدد الكفارة فتتعدد، وعليه في كون حكم مازاد على الواحدة

حكم كفارته فلا يطأ قبله ويقدم على غيره، أو حكم النذر فيطأ، ولا يقدم. نقلا الصقلي عن الشيخ وأبي عمران مع القابسي. ابن رشد: قال أبو إسحاق: يجوز له الوطء بعد الكفارة الأولى قبل الثانية. ابن رشد: هو الواجب عليه؛ لأنه لو كفر قبل أن يطأ لم تجزئه الكفارة إذ ليس بمظاهر، إنما هو كمن قال: إن وطئت امرأتي فعلي كفارة الظهار. قلت: لفظ اللخمي كالتونسي، ولو حدث التكرار بعد تمام كفارة الأول تعددت لما بعدها اتفاقًا، ولو حدث في أثنائها ففي إجزاء ابتدائها عنهما، ولزوم تمام الأولى وابتداء ثانية، ثالثها: هذا إن لم يبق من الأولى إلا اليسير، وإن مضى منها يومان أو ثلاثة أجزاء إتمامها عنهما. للصقلي، عن كتاب محمد، ونقله واختياره، وله مع الشيخ عن أصبغ في العتبية، الثاني: إن كان الأول قولا بغير يمين والثاني بيمين حنث فيها، والأول في عكسه والمتماثلين، وعزا ابن رشد الأول لابن القاسم. ولو تكرر معلقا ففي تعددها ووحدتها؛ ثالثها: إن اختلف ما علق عليه لابن رشد مع الشيخ عن ابن حبيب عن أصبغ، وابن رشد عن ابن الماجشون مع اللخمي عنه مع المغيرة، وابن رشد عن ابن القاسم. ولو تكرر بعد حنثه في الأول والثاني بسيط أو بالعكس ولم يكفر للأول فيهما، ففي تكررها ثالثها: في العكس لابن رشد عن ابن القاسم مع اللخمي عن محمد، وتخريجه على قول المغيرة، وعن أصبغ في العتبية. الشيخ عن مختصر ابن عبد الحكم: من وطاء في ظهاره ثم ظاهر منها فعليه كفارة أخرى، وقول ابن الحاجب: لو عاد ثم ظاهر لزم ظهاره دون خلاف، وليس كذلك؛ لأن الباجي وجه الخلاف في تعدد الكفارة على الخلاف في أن العودة توجب الكفارة أو صحتها، ولو قال: لو وطاء بدل لو عاد استقام. وفيها: من ظاهر من أربع نسوة في كلمة واحدة كفارة واحدة تجزئه، زاد في سماع عيسى أنه إن جهل فظن أن لا تجزئه إلا كفارة كفارة فصام عن إحداهن أجزأه عن جميعهن.

ابن رشد: اتفاقًا. وفيها: من قال لأربع نسوة: إن تزوجتكن فأنتن علي كظهر أمي لزمه الظهار في من تزوج منهن، إن تزوج واحدة منهن فكفر سقط ظهاره في جميعهن، فإن لم يكفر وماتت أو طلقها لم تلزمه كفارة ثم تزوج من البواقي لم يطأها حتى يكفر، إن وطئها تعينت الكفارة، ولا يسقط ظهاره إلا بكفارة واحدة في جميعهن. اللخمي: من قال: أنتن علي كظهر أمي إن كلمتكن، ففي المدونة: عليه ظهار واحد وذكر ابن خويز منداد: عليه لكل واحدة كفارة. قلت: لابن رشد في: إن تزوجتكن كفارة واحدة، اتفاقًا. وسمع ابن القاسم: من قال: كل امرأة أتزوجها علي كظهر أمي، أو قال لامرأته: كل امرأة أتزوجها عليك هي علي كظهر أمي تجزئه كفارة واحدة. ابن رشد: هذا كقولها وفي العشرة ليحيى عن ابن القاسم: لكل امرأة كفارة، وقاله ابن نافع وأشهب ومالك مرة. ابن رشد: وهذا أظهر؛ لأن الظهار كان في الجاهلية طلاقا، فخفف الله تعالى برفعه بالكفارة، فكما كان الطلاق يلزم في كل واحدة فكذا الكفارة. وفيها: من قال لأربع نسوة له: من دخل منكن هذه الدار فهي عليه كظهر أمه فدخلنها كلهن، أعليه كفارة واحدة أم أربع؟ قال: لم أسمع فيه شيئًا، وأرى عليه في كل واحدة كفارة، بمنزلة من قال لنسائه الأربع: أيتكن كلمتها فهي علي كظهر أمي، عليه في كل واحدة بانفرادها ظهار، وكذا من تزوجت منكن. ابن رشد: اتفاقًا، وقاله محمد، ولم يعجب أبا إسحاق تفرقته بين كل امرأة أتزوجها وبين من تزوجت من النساء، وكذا ليس بينهما فرق في المعنى. عياض: الفرق أن أصل وضع (من وأي) للآحاد فعرض لها العموم فعمت الآحاد من حيث أنها آحاد، وأصل وضع (كل) للاستغراق، فكانت كاليمين على فعل أشياء يحنث بفعل أحدها. قلت: حاصله أن (من وأي) لكل فرد فرد لا بقيد الجمعية، ومدلول كل ذلك يفيد الجمعية منضمًا إلى التحنيث بالأقل.

باب صريح الظهار

عياض: وليس كما فرق به بعض الشيوخ أن (من) للتبعيض في قوله: من النساء؛ إذ ليست للتبعيض؛ بل لبيان الجنس، ولا أثر لها هنا؛ لأنه لو قال: كل من تزوجت من النساء فهي علي كظهر أمي كان كمن قال ذلك وإن لم يقل من النساء. اللخمي: اختلف إن قال: إن دخلتن فدخلت واحدة منهن، فقول ابن القاسم: لا شيء عليه حتى يدخل جميعهن، وقيل: يحنث فيهن جميعا بدخول واحدة ويوقف عنهن، وقول أشهب: يحنث فيمن دخلت فقط، ولا شيء عليه في الأخرى حتى تدخل. قلت: ظاهر لفظه أن الأقوال نص لا تخريج من مسألة كتاب العتق فيمن قال لأمتيه: إن دخلتما هذه الدار فأنتما حرتان. وقال عياض: خرج بعض شيوخنا في قوله: (إن تزوجتكن) ما في مسألة (إن دخلتما الدار) من الخلاف، وفيه نظر. الباجي: من قال: إن دخلتن الدار فأنتن علي كظهر أمي فلا يلزمه في جميعهن إلا كفارة واحدة، إن دخلتها إحداهن ثبت حكم ظهاره في جميعهن، ولو قال: كل من دخلت منكن الدار فهي علي كظهر أمي فظاهر المذهب أنه كقوله من دخلت منكن، رواه محمد، وفي سماع ابن القاسم تجزئه كفارة واحدة. قلت: ما ذكره عن محمد لم أجده له في النوادر، وما ذكره عن سماع ابن القاسم ليس هو في قوله: (كل من دخلت)، إنما ذكره في قوله: كل امرأة أتزوجها حسبما تقدم، وفي النوادر عن الموازية: قوله: إذا تزوجت منكن كقوله: من تزوجت منكن عليه لكل واحدة كفارة. ] باب صريح الظهار [ الصيغة: ابن شاس وابن الحاجب: صريحه ما فيه ظهر مؤبدة التحريم كظهر أمي أو عمتي.

باب الكناية الظاهرة في الظهار

] باب الكناية الظاهرة في الظهار [ وكنايته الظاهرة: ما سقط فيه أحدهما كأمي أو كظهر فلانة الأجنبية. ] باب الكناية الخفية في الظهار [ والخفية: كاسقني الماء مرادا به الظهار. ابن رشد: صريحه عند ابن القاسم وأشهب ما ذكر فيه الظهر في ذات محرم وغيرها، وعند ابن الماجشون ما ذكر فيه ذات محرم ولو لم يذكر الظهر، وكنايته عند أشهب أن لا يذكر الظهر في غير ذات محرم، وما ذكر فيه الظهر عند ابن الماجشون غير كناية، فلا كناية له عنده. قال: والفرق بين صريحه وكنايته أنه في كنايته يصدق في إرادته به الطلاق مستفتيًا أو حضرته البينة، وصريحه لا يصدق في إرادته الطلاق به إن حضرته البينة، فيؤخذ بالطلاق لإقراره وبالظهار للفظه، فلا سبيل له إليها إن تزوجها بعد زوج حتى يكفر كفارة الظهار، وروى أشهب وقال ابن القاسم مرة: يكون ظهارًا لا طلاقًا

وإن نواه. وفيها: من قال: أنت علي حرام مثل أمي مظاهر؛ لأنه جعل للحرام مخرجًا حين قال: مثل أمي. قال غيره: ولا تحرم؛ لأن الله تعالى أنزل الكفارة في الظهار، ولا يعقل من لفظ به سوى التحريم، وسمع ابن القاسم مثله. قال: ونزلت عندنا، وكتب بها للمدينة، فقال مالك: هو ظهار، وكذا قوله لأمته: أنت أحرم علي من أمي. ابن رشد: تكرر هذا في جملة أسمعة، وتحصيله أن التحريم بذات محرم، ولو بظهر أو رضاع ظهار، ولو لم يسم الظهر ما لم يرد به الطلاق. فإن أراده ففي كونه ظهارا أو طلاقا ثلاثا، ثالثها: إن سمى الظهر وإلا فطلاق لابن الماجشون وابن القاسم ورواية أشهب، وعلى الثاني في تنويته في المدخول بها قولا سحنون وابن القاسم. والتحريم: بالأجنبيات طلاق إن أراد به الطلاق، وإن لم يرده أراد به الظهار أم لا في كونه طلاقًا أو ظهارًا، ثالثها: إن لم يسم الظهر لابن الماجشون وأبي زيد عن ابن القاسم وقوله فيها. قلت: قال في المقدمات: إثر ذكره قول ابن الماجشون إلا أن يريد بقوله مثل فلانة في هوانها عليه ونحوه، فينوى ولا شيء عليه، وقال بعضهم: معنى قول ابن الماجشون إذا لم يرد الظهار، ولو أراده لزمه إن تزوجها بعد زوج، والصحيح أنه لا يلزمه، ولو نواه، وعزا الثاني لأبي زيد عن أشهب وإليه عزاه الصقلي. وخص اللخمي الخلاف في أنت علي كظهر أمي أو كأمي بمن كان عالمًا بموجب الظهار وأراد به الطلاق. قال: ولو كان يجهل حكم الظهار ويرى أنه طلاق فهو مظاهر، ثم أجرى الخلاف في ذلك في من دعا عبده ناصحا فأجابه مرزوق، فقال: أنت حر، وتقدمت في الطلاق. قال: فعلى عتقهما يلزمه الطلاق والظهار، وعلى رقهما؛ لأن النية وحدها لغو، وكذا اللفظ دونها؛ لا يلزمه ظهار ولا طلاق. قال: وفي كون أنت علي حرام مثل أمي ظهارًا أو البتة، وإن تزوجها بعد زوج لزمه الظهار قولا ابن القاسم، وما في مختصر الوقار. قال: وفي كونه في الأجنبيات مع ذكر الظهر ظهارا، ولو نوى به الطلاق أو طلاقا ولو نوى به الظهار، ثالثها: إن لم يرد به الظهار فهو تحريم،

ورابعها: ظهار إلا أن يريد به الطلاق، وخامسها: غير طلاق ولا ظهار لمحمد مع عزوه لمالك وأصحابه وابن الماجشون وسحنون وابن القاسم، والتخريج على قول مطرف في أنت علي كظهر أبي لغو، وإن لم يسم الظهر في كونه طلاقا أو ظهارا إلا أن يريد الطلاق، ثالثها: لغوه فيهما لابن القاسم فيها وأشهب في الموازية، والتخريج على قول مطرف، ولو قال: كفلانة ونوى غير الظهر لم يكن مظاهرا اتفاقًا. ورد ابن بشير الخامس بالفرق بأن هذا في الذكور لا يباح بحال فكان كالتشبيه بالجماد، وخص الأقوال الخمسة بما إذا لم يسم الظهر. قال: ولو سماه لكان ظهارا. سحنون: من قال: أنت علي كظهر فلانة الأجنبية إن دخلت الدار ثم تزوج فلانة ثم دخل الدار فلا شيء عليه. اللخمي: اختلف في هذا الأصل في رعي حاله يوم اليمين أو يوم الحنث والأول أحسن إلا أن يراعى كونه على بر. الشيخ: انظر لو دخل الدار ثم تزوجها قبل أن يكفر. الصقلي: الذي أرى لزومه بدخوله، فلا يزيله تزويج الأجنبية كموتها بعد دخوله. ابن رشد: في سماع سحنون: وجه قوله أنه حمل يمينه أنه أراد أنت كظهر فلانة مني يوم أدخل هذه الدار، وعلى قياسه لو قال: أنت كظهر فلانة لامرأة له أخرى إن دخلت هذه الدار فأبان فلانة ثم دخلها أن يلزمه الظهار، وإن ألغينا الظهار في هذه لزم في مسألة سحنون، والأظهر حمله على أنه أراد أنت علي كظهر فلانة اليوم إن دخلت الدار متى دخلتها، وهو الآتي على قولها إن كلمت فلانا فكل عبد أملكه حر إنما تلزم يمينه فيما كان له يوم حلف، وكذا إن كلمت فلانا فكل عبد أملكه حر إنما تلزم يمينه فيما كان له من الصقالبة حر، فاشترى بعد يمينه وقبل كلامه صقلبيا أنهم أحرار، وقول سحنون على سماع زونان في أن كلمت فلانا فكل امرأة أتزوجها بمصر طالق، إنما يلزمه الحنث فيمن يتزوج بعد كلامه لا فيما بعد يمينه وقبل كلامه. وفيها: إن قال: أنت علي كظهر فلانة الأجنبية، وهي متزوجة أو لا فهو مظاهر، وقال غيره: هي طالق. أبو إبراهيم: قول الغير خلاف قاله فضل وابن رشد وهو قال عبد الملك، زاد

بعد: ولا نية له، وزاد أيضًا بعد: إلا أن يريد بذلك التحريم فيكون البتات، ومن قال: أنت علي كظهر أبي أو غلامي ففي كونه ظهارا ولغوه فيهما نقلا. الشيخ عن أصبغ من ابن القاسم وابن حبيب قائلا: هو منكر من القول. قال: ولو قال: كأبي أو غلامي فهو تحريم. الصقلي: الصواب قول ابن القاسم؛ لأن الأب والغلام كالأم في تأبيد التحريم وخرجهما ابن رشد على قولي ابن القاسم وابن وهب بإباحة إتيان النساء في أدبارهن وحرمته. وفيها لربيعة من قال: أنت علي مثل كل شيء حرمه الكتاب مظاهر. ابن شهاب: وكذا كبعض ما حرمه الكتاب. الصقلي: وبقول ربيعة قال ابن الماجشون وابن عبد الحكم وأصبغ. وقال ابن نافع: هو البتات، والصواب لزومهما معًا. قلت: وقاله اللخمي وعزا الثاني لمالك في المبسوط وابن القاسم في العتبية، وذكر قول ابن شهاب كأنه المذهب. قال: لأن الأم والأخت ممن حرم عليه من النساء، وصور مسألة ربيعة بقوله له: إن قال: أنت حرام مثل كل شيء حرمه الكتاب، وهو خلاف، وذكر ابن أبي زمنين لابن نافع مثل قول ابن القاسم. عبد الحق: يحتمل كون قول ربيعة أنها تحرم عليه بالثلاث، فإذا تزوجها لزمه الظهار، واختصه بالذكر؛ لأنه قد يتوهم أنها إذا حرمت عليه لا يعود عليه الظهار، فيرجع القولان إلى وفاق. ابن محرز: معنى قول ربيعه أنه حمله على أن قصده كل شيء حرمه الكتاب من النساء، ومعنى قول ابن القاسم أنه حمله على عمومه. قلت: ولذا قال بعضهم: لو قال: أنت علي حرام مثل من حرمه الكتاب لزمه الظهار، ولو قال: مثل ما حرمه الكتاب لزمه الطلاق؛ لأن ((من)) لمن يعقل، و ((ما)) لما لا يعقل كالميتة والخنزير، وفي كل شيء حرمه الكتاب في لزوم الظهار أو الثلاث ثالثها: هما. قلت: هذا إن كان القائل يفرق بين (ما ومن) بما ذكر، وفي الزاهي: من قال: أنت

علي كبعض ما حرمه القرآن مظاهر. قلت: الأحوط لزوم البتات والظهار كما تقدم. وسمع يحيى ابن القاسم: من قال لجاريته: لا أعود لمسيسك حتى أمس أمي لا شيء عليه. ابن رشد: لأنه كمن قال: لا أمس أمتي أبدا. قلت: انظر هل هذا مثل قوله: إن وطئتك فقد وطئت أمي. نقل ابن عبد السلام: أنه لا شيء عليه ولم أجده لغيره، وفي النفس شيء من نقله. الصقلي: إذ لم يذكره أبو محمد في النوادر، وانظر هل هو مثل قوله: أنت أمي. سمع عيسى أنه ظهار، وهذا أقرب من لغوه؛ لأنه إن كان معنى قوله: إن وطئتك وطئت أمي لا أطؤك حتى أطأ أمي فهو لغو، وإن كان معناه: وطئي إياك كوطئي أمي فهو ظهار، وهذا أقرب لقوله تعالى: (قَالُوا إِنْ يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَهُ مِنْ قَبْلُ)] يوسف 77 [ليس معناه لا يسرق حتى يسرق أخ له من قبل وإلا لما أنكر عليهم يوسف عليه السلام؛ بل معناه سرقته كسرقة أخيه من قبل، ولذا أنكر عليهم. وكنايته الخفية، ما معنى لفظه مباين له وأزيد منه، إن لم يوجب معناه حكمًا اعتبر فيه فقط كاسقني ماء وإلا ففيهما كأنت طالق، وأشار في المقدمات إلى إجرائها على خفية الطلاق، فتلغى على قول مطرف وروايته لغوها في الطلاق، وعلى قول أشهب فيها إن لم ينو فيها معنى التعليق. قال: وعلى رواية أشهب عول الأبهري، فقال: صريح الظهار ظهار، وإن نوى به الطلاق، كما أن صريح الطلاق طلاق، وإن نوى به الظهار، وهذا لا يصح على قول ابن القاسم من قال لامرأته: أنت طالق وأراد به الظهار، لزمه بإقراره، والطلاق بظاهر لفظه. وفيها: كل كلام نوى به الظهار ظهار، ولا يسقطه غير معلق أصلا أو مآلا طلاق الثلاث. سمع عيسى ابن القاسم: وجوه الظهار ثلاث؛ أنت علي كظهر أمي دون حلف، أو إن كلمت فلانا فكلمه لا يسقطها طلاق الثلاث، ولو تزوجها بعد عشرين زوجا،

وقبل حنثه يسقطه؛ لأن ملك النكاح الذي حلف عليه ذهب، ويسقط الأولين موتها إن لم يكن وطئها. ابن رشد: معاني افتراقها بينة. وفيها: لا يسقط المعلق ما قصر عن الثلاث من الطلاق لبقاء متعلق اليمين به من العصمة. وثبوته معلقا على تزويج الأجنبي واضح: ولما كان المعلق قبل ثبوت ما علق عليه غير ثابت كان الظهار معلقا على التزويج بعد طلاق، كذلك لا بقيد حصوله ككونه معلقًا قبل الطلاق. فيها لمالك: من قال لامرأته: إن تزوجتك فأنت طالق، وأنت علي كظهر أمي إن تزوجها وقعا معًا، فإن تزوجها بعد ذلك لم يقربها حتى يكفر للظهار. ابن القاسم: وكذا لو قدم الظهار قبل الطلاق وهو أبين، ولو قال لامرأة تحته: أنت طالق البتة وأنت علي كظهر أمي طلقت البتة ولم يلزمه ظهار إن تزوجها؛ لأن الظهار وقع وهي ليست له بامرأة بخلاف الأولى؛ لأن المرأة فيها ليست في ملكه فوقعا معا مع النكاح. ابن محرز: إنما لزماه في الأولى؛ لأن الواو لا ترتب، ولو عطف الظهار بثم لم يلزمه ظهار؛ لأنه وقع على غير وجه اليمين بالظهار. قال مع غيره: ولو قال لزوجته: إن دخلت الدار فأنت طالق البتة وأنت علي كظهر أمي فكقوله: إن تزوجت لأجنبية. قال ابن عبد السلام: اختلف الشيوخ في سبب وقوعهما معًا، فمنهم من رآه؛ لأن الواو لا ترتب، ومنهم من قال: إنما ذلك لأنهما يتوجهان معا بالعقد، حتى قال: لو قال ذلك في مجلسين وبدأ بأيهما شاء فإنهما يقعان بالعقد، وقول مالك الذي قدم الظهار في لفظه أبين. قيل: لأن الواو ترتب عند بعضهم، ويحتمل أنه؛ لأن الحكم حينئذ لا يفتقر لاعتذار. قلت: قوله: ومنهم من قال: لأنهما يتوجهان معًا لا أعرفه ولا يتم؛ لأنه إن أراد

بقوله ذلك مع اعتبار عدم دلالة الواو على الترتيب فهو تطويل لاستقلال الأول بالتعليل، وإن أراد به ذلك دونه كونه كذلك؛ حيث ثبوت نقيضه، وهو ما يدل على الترتيب، وليس كذلك؛ لما تقدم من نقل ابن محرز لو عطف الظهار بثم لم يلزمه، ولذا احترزنا في الضابط بقولنا لا بقيد حصوله، وقوله وقول مالك الذي قدم الظهار أبين، إنما هو في المدونة من قول ابن القاسم. اللخمي: لو جمع الطلاق والظهار قبل البناء وقدم الطلاق لم يلزمه الظهار. الصقلي عن الشيخ: بخلاف نسق طلاق على طلاق قبل البناء؛ لأن الطلاق الثاني مثل الأول، والظهار معنى آخر. وقول القرافي: إذا علق في الأجنبية الطلاق والظهار ينبغي أن لا يقع الظهار؛ لأنهما إنما يقعان عند حصول الشرط، وعند حصوله تكون زوجة قبل البناء، فلا يلزم كالفرع المتقدم؛ يرد بأنه في التي قبل البناء متأخر عن ثبوت الطلاق، وهو في المعلق مقارن له حسبما صرح به مالك، ولما قررناه من أن المعلق قبل ثبوت ما علق عليه غير ثابت، وبهذا يجب أن يفرق بين أنت طالق، وأنت طالق قبل البناء، وبين إن تزوجتك فأنت طالق وطالق، فلا يلزم على القول بواحدة في الأولى واحدة في الثانية. وفيها: من قال لزوجته: أنت طالق البتة وأنت علي كظهر أمي طلقت ولم يلزمه ظهار إن تزوجها، وتقدم بحث ابن رشد فيها في الطلاق. *******كالصريح كالطلاق، روى الباجي من ذكر له نكاح امرأة فقال: هي أمي مظاهر إن تزوجها. الباجي: يريد: لأنه مستند إلى ما عرض عليه من زواجها، فكأنه قال: إن فعلت ذلك فهي أمي، ولو أراد وصفها بالكبر لم يلزمه ظهار. والممنوع وطؤها لاحتمال مانع عصمتها إن بان عدمه في كونها قبل بنائه كزوجة أو أجنبية خلاف. فيها: من أسلم على مجوسية فظاهر منها ثم أسلمت بالقرب مظاهر. ابن رشد عن أشهب: لا ظهار عليه. قال: وقول الصقلي: لأنها كانت غير زوجة لا يصح؛ لأنها لو كانت غير زوجة لم ترجع إليه إلا بنكاح جديد؛ بل هي زوجة مخيرة

في فراقها، وذلك لا يمنع تعلق الظهار بها، كمن قال لزوجته: إن تزوجت عليه فأمرك بيدك ثلاثًا، فتزوج عليها ثم ظاهر منها، أن الظهار يلزمه، وانظر على قول ابن القاسم: إن ظاهر منها قرب إسلامه بحيث لو أسلمت بقيت زوجة، فعرض عليها الإسلام فأبت ووقعت الفرقة، ثم أسلمت فتزوجها، هل يرجع عليها الظهار أم لا؟ إن قلنا: إسلامه لا يقطع العصمة إلا أن يطول الأمر أو توقف فتأبى الإسلام، وهو ظاهر قول ابن القاسم؛ لزمه الظهار، وإن قلنا: حالها حينئذ مترقب لم يلزمه، ولبعض القرويين: أن من ظاهر من مكاتبته فعجزت لزمه قياسًا على هذه، وقاله في ظاهر من معتقة إلى أجل أو من أمة له فيها شرك فتزوجها بعد عتقها، وهو غلط بين؛ لأنهن لسن له نساء؛ إذ لسن بملك له ولا أزواجه. قلت: هذا واضح في غير المكاتبة تعجز. ومن ظاهر من زوجته الأمة بيمين ثم اشتراها قبل حنثه في بقاء يمينه؛ ثالثها: إن كان ملك جميعها دفعة لا مترتبًا، لابن رشد عن بعض الشيوخ قائلا: كما لو طلقها واحدة ثم تزوجها، وعن غيره منهم قائلا: لأنه ملك يمين لا ملك عصمة، فصار كعصمة بعد الثلاث إلا أن يبيعها ثم يتزوجها فيعود؛ لأنه بقي له فيها طلقتان، ولابن رشد قائلًا: أقول: يمينه باقية لا تعود؛ إذ لا عود إلا بعد المفارقة. ابن رشد: من اشترى من ظاهر منها بيمين قبل بيعها، ولو في تفليس، عاد ظهاره عند ابن القاسم بخلاف إرثه إياها، كعبد حلف بعتقه: لا فعل كذا كذلك، ويتخرج ما في العتق من خلاف في الظهار. وفيها: من قال لامرأته: إن شئت الظهار فأنت علي كظهر أمي، فهو مظاهر إن شاءت وذلك لها ما لم توقف. قال غيره: إنما هذا على اختلاف قول مالك في التمليك. قلت: يفرق بأن طول التمليك خيار في العصمة، وفي الظهار في إلزام اليمين. وكل امرأة أتزوجها علي كظهر أمي تقدمت فيها؛ بخلاف كل امرأة أتزوجها طالق؛ لأن له المخرج بالكفارة، ولا تجب إلا بالعودة.

باب العودة

[باب العودة] وفي كونها العزم على إمساكها أو على وطئها أو عليهما؛ رابعها: الوطء للباجي عن روايتي الجلاب والموطأ ورواية للجلاب، وعليها يجوز الوطء مرة ثم تحرم حتى يكفر، وخامسها: مجرد بقاء العصمة لابن رشد عن ظاهر قول ابن نافع فيها. عياض: عليه حمله يحيى بن عمر وتأوله الشيخ وغيره، على أنه أراد العودة قبل طلاقه. ابن زرقون: تحصيل المذهب في كونها إرادة الوطء، فإن أجمع عليه وجبت الكفارة، ولو ماتت أو طلقها، أو أرادته مع دوام العصمة إن أجمع عليه ثم سقطت العصمة بموت أو طلاق سقطت الكفارة، وإن عمل بعضها سقط سائرها؛ ثالثها: نفس الوطء، للموطأ ولها ورواية القاضي. قلت: ظاهره لغو مجرد العزم على الإمساك فقط خلاف ما تقدم للباجي. ابن العربي: أقوى أقوال أصحابنا أنها التمسك بالزوجية. وسمع ابن القاسم: إن أجمع مظاهر على إمساك زوجته فصام فماتت لا أرى عليه إتمامًا، قبل: لو طلقها لمشقة الصيام. قال: لا أرى عليه إتمامه. ابن رشد: يريد أجمع على إمساكها وإصابتها، ولو لم ينو مصابها ولا أراده ما أجزأه صومه، ولو أتمه إلا على ما يدل عليه قول ابن نافع فيها، وهو قول شاذ خارج عن أقوال العلماء، وقوله:"أو ماتت لم يجب إتمامه صيامه" صحيح على المشهور أن العودة إرادة الوطء والإجماع عليه مع استدامة العصمة إن انفرد أحدهما لم تجب الكفارة؛ بل لا يجزئه إن فعلها وهو غير عازم على الوطء ولا مجمع عليه، فالكفارة على هذا القول تصح بالعزم على الوطء والإجماع عليه ولا تجب إلا بالوطء، وعلى مافي الموطأ أنها إرادة الوطء والإجماع عليه تجب الكفارة عليه إن أجمع على الوطء وإن ماتت أو طلقها، وإن كان عمل بعضها وجب عليه إتمامها.

قلت: مقتضى نقل الباجي عن الموطأ أنها مجموع العزم على إمساكها وعلى الوطء، ومقتضى نقل ابن زرقون وابن رشد أنها إرادة الوطء، والإجماع عليه فقط، ولفظ الموطأ: سمعت أن تفسير قوله تعالى: (ثُمَّ يَعُودُونَ)] المجادلة:3 [أن يتظاهر الرجل من امرأته ثم يجمع على إمساكها وإصابتها، فإن أجمع على ذلك فقد وجبت عليه الكفارة، وإن طلقها ولم يجمع بعد تظاهره منها على إمساكها وإصابتها فلا كفارة عليه. عياض: مذهبها أنها إرادة الوطء مع الإمساك وهو ظاهر الموطأ، وذكر بعض شيوخنا أن معنى الموطأ أنها العزم على الوطء فقط، وقاله مرة في الكتاب، وعليه حملها بعضهم، ونحى إليه اللخمي، ولفظ اللخمي محتمل. قال الباجي: ليس معنى شرط العزم على الإمساك الأبدية؛ بل لو عزم عليه سنة كان عازمًا. وسمع ابن القاسم: من تزوج أمة فظاهر منها ثم اشتراها فأعتقها لظهاره منها، ثم تزوجها أجزأه من ظهاره منها. ابن القاسم: معناه أنه اشتراها غير حامل وإلا كانت أم ولد، وقال مالك: لا يجزاء عتق أم الولد في ظهار. ابن رشد: إنما يجزئه ذلك على القول أن العود العزم على الوطء، وعلى أنه إذا ابتدأ الكفارة في العصمة جاز إتمامها بعد الخروج من العصمة، ويكون معنى المسألة أنه عزم على وطئها قبل أن يشتريها فوجبت عليه الكفارة بذلك، وعلى القول أن العودة العزم على الوطء مع استدامة العصمة، وأنه لا يجوز له أن يتم الكفارة بعد سقوط العصمة وهو المشهور لم يجزئه عتقها ولا الكفارة بعتق غيرها ولا بما سواه إلا بعد أن يتزوجها ويعزم على وطئها. قلت: في قوله: "حتى يتزوجها" نظر؛ بل مقتضى المذهب إجزاء ذلك مع العزم على وطئها واستدامة ملكها؛ لأن حلية متعة المرأة بالنكاح والملك في الظهار سواء، واستدامة الملك كاستدامة العصمة.

وسمع القرينان: من طلق من ظاهر منها يرتجع ثم يكفر. ابن نافع: قول مالك إن كفر قبل ارتجاعه أجزأه إن كان في العدة. أشهب: إن بانت منه قبل تمام الكفارة سقط ما كفر به من صوم وإطعام وعليه كفارة مبتدأة إن هو تزوجها، وقاله المخزومي. ابن رشد: قوله: "يرتجع قبل الكفارة" إنما هو استحسان لقوله بعد ذلك: إن كفر قبل ارتجاعه أجزأة؛ يريد: إن فرغ منها قبل أن تبين منه كما قال أشهب، ومعناه بعد العودة وهي أن ينوي الرجعة ويعزم على الوطء وإن لم يتم كفارته لم يبن على الصيام اتفاقًا، فإن بانت قبل تمام الكفارة بالإطعام ففي عدم بنائه عليه، ثالثها: إلا أن يتزوجها، ورابعها: الفرق بين مضي أقله أو أكثره، لأشهب مع المشهور وابن عبد الحكم مع ابن نافع فيها وأصبغ وابن الماجشون وقبل تمامها بالصيام ففي بنائه، ثالثها: الفرق بين مضي أكثره وأقله للآتي على قول ابن نافع مع ابن عبد الحكم ومذهب مالك وقول ابن الماجشون. قال ابن الحاجب: والعود في الموطأ العزم على الوطء والإمساك معًا، وفي المدونة على الوطء فقط، وروي على الإمساك فقط. وفيها: تجب الكفارة بالوطء. ابن عبد السلام: ما ذكره عن المدونة، ثانيا: أن الكفارة إنما تجب بالوطء، وجعله خلافا لما حكاه عنها أولا، فليس المعنى عندهم على ما فهمه؛ لأن وجوب الكفارة في هذا الباب مشترك يطلق على ما فيه للمظاهر خيرة، وهذا الذي يشترط فيه العودة؛ لأن من ينوي العودة فقط ولم يطأ وجبت عليه الكفارة ما دامت المرأة في عصمته إن ماتت أو فارقها أو لم تقم المرأة بحقها في الوطء عند بعضهم لم تجب عليه كفارة، وهذه الخيرة التي قلناها في الوجوب، والمعنى الثاني من معنى الوجوب خو ما لا خيرة للمظاهر فيه، محمله إذا وطاء المظاهر منها تحتمت الكفارة بقيت الزوجة في عصمته أم لا، قامت بحقها أم لا، فما حكاه عن المدونة أو لا هو مستعمل في المعنى الأول، وما حكاه ثانيًا هو المعنى الثاني. قلت: حاصلة فهمه المذهب على قصر معنى وجوب الكفارة بالوطء على تحتم

باب كفارة الظهار

لزومها ولو ماتت المظاهر منها أو طلقها، وقصر معنى وجوبها بالعودة بغير الوطء على عدم لزومها وسقوطها بطلاق أو موت، والأول حق والثاني ليس كذلك؛ لما تقدم من نقل ابن زرقون إن أجمع على الوطء وجبت الكفارة ولو ماتت أو طلقها، وقول ابن رشد عليها في الموطأ، إن أجمع على الوطء وجبت عليه الكفارة وإن ماتت أو طلقها، وإن كان عمل بعضها وجب عليه إتمامها، وقول الباجي إثر ذكره الخلاف فيمن ظاهر في أثناء كفارة ظهار عليه، والقولان عندي بناء على أن الكفارة تجب بالعودة أو تصح بها. وفيها: من كفر لظهاره من امرأة بعد أن أبانها لم يجزئه؛ لأنها لم تجب، وعليه الكفارة إن تزوجها. الصقلي لابن سحنون عن أبيه أكثر قول أصحابنا من كفر بغير نية العودة لا تجزئه. عياض: هذا يدل على الخلاف وأن منهم من يقول يجزئه. قلت: انظر هل يلزم منه في المكفر بعد البينونة الإجزاء. وقال الباجي إثر فرع ابن سحنون: ورأيت لأبي عمران أن ابن القاسم لا يراعي العودة وإنما يراعيها ابن الماجشون وسحنون. قلت: الذي في المدونة وغيرها لابن القاسم هذا لا الأول. وفيها: لمن ظاهر من أمة لا يملك غيرها عتقها عن ظهاره منها، فإن تزوجها فلا ظهار عليه فيها. ] باب كفارة الظهار [ كفارته: المعروف انحصارها في العتق ثم الصوم إن تعذر ثم الإطعام إن تعذر.

الباجي: في النوادر من كسا وأطعم عن كفارة واحدة. قال ابن القاسم في الأسدية: لا يجزئه، وفي المجالس: تجزئه، وقال أشهب: لا تجزئه، وفي الموازية: من ظاهر من أربع نسوة فأطعم لواحدة ستين مسكينا وكسا لأخرى كذلك ثم وجد العتق فأعتق عن واحدة غير معينة، ولم يقدر على رقبة الرابعة فليطعم أو يكسو وتجزئه. الشيخ: انظر قول محمد في الكسوة ما أعرفه لغيره. قلت: نقل ابن القطان عن نوادر الإجماع: أجمعوا أن المظاهر إن لم يجد الرقبة ولم يطق الصوم، ولم يجد الإطعام لم يطأ زوجته حتى يجد واحدًا من تلك الأصناف إلا الثوري وابن صالح فإنهما قالا: لا يطأها بغير كفارة. قلت: فظاهره إجماعهم على لغو الكسوة فيها، وما ذكره الباجي عن النوادر أولًا غير مناسب؛ لأنه لم ينص فيه أن الكفارة للظهار، ولذا لم ينقله الشيخ في نوادره في كتاب الظهار إنما نقل فيه ما تقدم عن الموازية فقط. وصرف عدد كفارة لمثله من ظهار مجزاء، ولو دون تعيين إن لم يقتض شركة في رقبة أو في شهري صوم أو في مسكين للزوم تتابع الصوم وصحة تفريق إطعام المساكين، فإن تساوى العددان فواضح، وإن قل عدد الكفارة منع الوطء ما لم يبلغ عدد الظهار، ولو لم يبقى إلا واحدة لغلبة الحرمة فيها احتملها مساويا. فيها: من لزمه أربع كفارات عن أربع نسوة فأعتق عنهن أربع رقاب في مرة واحدة أجزأه، وإن لم يعين لكل واحدة عتقا؛ لأنه لم يشرك بينهن في العتق، ولا لهن من ولائهم شيء، وكذا إن أعتق ثلاثا عن ثلاث منهن غير معينات ولا يطأ واحدة منهن حتى يعتق رابعة، ولو ماتت منهن واحدة أو طلقها، وإن أعتق عن الأربع ثلاثا استأنف عتق أربعة؛ لأنه أشركهن في كل رقبة، ولو صام ثمانية أشهر تتابعا؛ يريد: بذلك الكفارة عنهن، أشركهن في صوم كل يوم كما أشركهن في العتق لم يجزئه إلا أن ينوي بالصيام كفارة كفارة، وإن لم يوقع ذلك على واحدة بعينها فيجزئه، وأما الإطعام فيجزئه؛ لأنه لو ماتت إحداهن، وقد أطعم عنهن عشرين ومائة سقط منها حظ الميتة وجبر ما أطعم عن الباقيات؛ لأنه لا بأس أن يفرق الإطعام، يطعم اليوم عن هذه عشرين، وغدا عن

هذه ثلاثين، وبعد ذلك عن الأخرى أربعين، وعن الأخرى مثل ذلك، ثم جبر بما بقي بعد ذلك عنهن أجزأه. اللخمي: إن أعتق أربعة أعبد عن أربع مطلقًا لا معينا ولا مشركًا ولا موزعًا ففي إجزائه قولا ابن القاسم وأحد قولي أشهب، وكذا في صومه ثمانية أشهر، ويختلف إن شرك في كل شهرين لا في اليوم الواحد. قيل: لا يجزئه ويستأنف جميع صومه. وقال ابن حبيب: من صام شعبان ورمضان لظهاره وأفطر يوم الفطر يتم صومه في شوال ويجزئه، وعليه يجزاء من صام لظهار واحد يومًا له ويوما تطوعا حتى أتم؛ لأنه لم يفرق صومه بضده؛ بل جاء به على صفة أشق، وكذا الإطعام عن أربع، ولا يجزاء إن شرك في كل مسكين. ولمحمد عن أشهب: إن أعتق اليوم رأسين وغدا رأسين أو أعتق ثلاثة أو أطعم ستين مسكينا في مجلس لم يجزئه، ومحمله أنه أعتق رأسين عن الأربعة ثم رأسين، وأعتق الثلاثة عن الأربع ثم أطعم، ومن أعتق رقبتين عن ظهاره من امرأتين عين واحدة لإحداهما وأبهم الأخرى حلت المعينة مطلقًا، والأخرى إن تقدمتها المعينة لانفرادها بالكفارة المبهمة وإلا بطلت لها. محمد: لو نوى بالعتق واحدة ثم أنسيها فكعتقه عن واحدة مبهمة يمنع منهما حتى يكفر ثانية. عبد الحق: من ظاهر من زوجات له فأطعم عن واحدة مبهمة عشرة مساكين، وعن أخرى مبهمة خمسة عشر، وعن أخرى مبهمة عشرين، ثم ماتت واحدة يبني على الأقل ويسقط الأكثر، وتقدم في الأيمان من فروع العتق جملة. الصقلي لمحمد عن ابن القاسم: من قال: إن اشتريت فلانًا فهو حر عن ظهاري فاشتراه أجزأه، وغمزه أبو عمران إن كان عليه ظهار قبل قوله ذلك؛ لأنه لا يستقر عليه ملكه بنفس شرائه يعتق. قال: ولو لم يكن ظاهر لأجزأه، وكأنه قال: إن اشتريتك فأنت حر عن ظهار إن وقع مني ونويت العودة وإن لم ينو العودة فلا يعتق عليه. قيل له: والذي في الموازية حصل منه الظهار، فكأنه أراد العودة حين قوله: إن

اشتريتك فأنت حر عن ظهاري، فقال ابن القاسم: لا يراعى العودة ظهر ذلك منه في مسائل كثيرة إنما يلزمه نية العودة. عبد الملك وسحنون الصقلي: المسألتان سواء، ونية العودة في مسألة محمد أمكن لحصول الظهار فيها. قلت: تسليمه مع عبد الحق ما ذكره أبو عمران من إلغاء ابن القاسم العودة غير صحيح؛ لأن المنصوص له في المدونة وغيرها اعتبارها، وجرى في لفظ أبي عمران أولا الإشارة إلى وصف مناسب للتفريق بين مسألتي محمد وأبي عمران أعرض عنه الثلاثة، وهو أنه في مسألة محمد التزم عتقه للكفارة في وقت لا يستقر ملكه عليه لو ملكه؛ لأنه قاله قبل ظهاره، وهو قول أبي عمران أولا؛ لأنه لا يستقر عليه ملكه بنفس شرائه يعتق. ****** شرطه العجز عن العتق. فيها مع غيرها: من ظاهر وليس له إلا خادم واحدة أو دار لا فضل فيها أو عرض ثمن رقبة لم يجزئه الصوم لقدرته على العتق، وفي اعتبار عجزه وقت الأداء مطلقًا أو وقت الوجوب إن أيسر بعد صومه في عسره بعد يسره، معروف المذهب. ونقل محمد عن ابن القاسم: إن ظاهر موسر فلم يعتق حتى أعدم فصام ثم أيسر يعتق. الباجي: هذا على وجه الاستحباب. وحمله ابن شاس على ظاهره، فقال: الاعتبار بوقت الأداء، وقيل: بوقت الوجوب إن كان فيه موسرًا. الباجي: قال بعض القرويين: إنما ذلك لمن وطاء فلزمته الكفارة بالعتق ليسره فلم يكفر حتى أعسر فصام ثم أيسر. وفيها: إنما ينظر إلى حاله يوم يكفر لا إلى حاله قبل ذلك، ولو أيسر بعد صوم يومين ونحوهما أحببت رجوعه للعتق ولا أوجبه، وإن صام أياما لها عدد مضى على صومه، وكذا الإطعام وكفارة القتل. الباجي: روى زياد بن جعفر: من صام يومين ثم وجد رقبة فإنه يعتق، ولو صام أياما لها اسم أتم صومه ولا يعتق.

ولابن القاسم في المدنية: من صام لظهاره لعدم فأفسده بوطء امرأته ولم يبق عليه إلا يوم واحد لزمه العتق ولم يجزئه صوم. وفيها: من ظاهر من أمة ليس له غيرها لم يجزئه إلا العتق وأجزأه عتقها عن ظهاره وله أن يتزوجها. عبد الحق: قيل لأبي عمران: كيف أجزأه عتقها وهو يحرم وطؤها؟ قال: نية عودته للوطء توجب كفارته. قيل: بعض الناس ضعفها. قال: إنما يضعفها من لا يعلم ما للسلف. قال القاسم وسالم وغيرهما: الظهار يكون في الإماء ويعتقن عن ظهارهن. وقال غير واحد من القرويين: إنما تصح المسألة إن كان وطاء أو على القول أن إرادة العودة تلزمه الكفارة وإن ماتت أو طلقها قبل وطئها. وقرر تضعيفها بعض الناس بأن عتقها لذلك مشروط بالعزم على وطئها، ووطؤها ملزوم لملكها، وملكها مناقض لعتقها، فيلزم مناقضة الشرط مشروطه. ويجاب بأن الملك المناقض لعتقها هو المقارن له، والملك اللازم للعزم على الوطء سابق على العتق ضرورة تقدم الشرط المشروط، وأحد شروط التناقض اتحاد الزمان. اللخمي: يجزئه عتقها على القول أن العودة العزم على الإمساك، وأنه إن طلق بعده أو ماتت لم تسقط عنه الكفارة، وعلى قول ابن نافع إن أتم الكفارة بعد انقضاء عدتها أجزأته، ولا تجزئه على القول أن من شرطها كونها في موضع يستبيح به الإصابة؛ لأن عتقها خلاف العزم على الإصابة ولا يجزئه الصوم؛ لأنه مالك لرقبته، وقول ابن الحاجب: لو ظاهر من أمة لا يملك غيرها أجزأته على الأصح؛ يقتضي أن مقابل الأصح نص ولا أعرفه. ابن شاس: لو تكلف المعسر الإعتاق أجزأ عنه. قلت: باستيهاب ثمنها واستدانته مع إعلامه رب الدين عتقه؛ لأنه يصير بهما واجدًا. الباجي: لابن سحنون عنه: من قال: كل مملوك أملكه إلى عشر سنين حر فلزمه ظهار وهو موسر، إن صبرت امرأته هذه المدة لم يصم وإلا صام، ولا يجزاء بعتق لذي

رق، ولو أذن له وهو في الصوم كالحر إن قوي عليه، ولا يمنعه سيده إن لم يضر به ولا منعه خراجه وإلا فثالثها: إن لم يمنعه خراجه، للباجي عن ابن الماجشون مع محمد بن دينار، ورواية ابن القاسم في الموازية ورواية ابن سحنون: وعلى منعه إن منعه به لضرره به، وأذن له في الإطعام، ففي إجزائه قولان للباجي عن ابن القاسم، وعن قول محمد بن دينار، وليس عليه عتق ولا إطعام ولو وجدهما، ولكن يصوم. قلت: فسوى بين العتق والإطعام، ولا يصح العتق بإذن سيده فكذا الإطعام، ونحوه يأتي لابن الماجشون ويقرر به قول ابن الحاجب، وإلا فالإطعام إن أذن له سيده على المشهور، ولم يتعرض له ابن عبد السلام. وفيها: ليس عليه إلا الصوم، ولا يطعم وإن أذن له سيده فالصوم له أحب إلي؛ قال ابن القاسم: بل هو الواجب عليه. قلت: نقله الباجي عن مالك في المبسوط، وزاد: قال ابن القاسم: لا أدري ما هذا ولا يطعم من يستطيع الصوم، وما جواب مالك إلا وهم، ولعله أراد كفارة اليمين بالله، فحمله ابن محرز على من منعه سيده الصوم، ولتردده في صحة منعه استحب صومه. الباجي: حمله القاضي إسماعيل على من عجز عن الصوم، ومعنى استجابه صومه قصر تكفيره عليه. قال: لأن لسيده التصرف فيه قبل إخراجه للمساكين. ابن الماجشون: ولأنه لو شاء رجع عن إذنه فلا يطعم؛ لأن إذن سيده لا يخرج الطعام من ملكه إلا للمساكين. قال: قال الشيخ: يريد أن ملك العبد غير مستقر، وعندي أن قول ابن الماجشون أن العبد لا يملك. عياض: مثل توهيم ابن القاسم، طرح سحنون هذه اللفظة، وقال: بل هو واجب وزاد اعتذارا ثالثا. قال: قال القاضي أبو إسحاق: يرجع أحب إلى إذن السيد، أي إذن السيد له في الصوم أحب إلي من إذنه في الإطعام، وقال: قبله اعتذر القاضي أبو إسحاق بأن السيد وإن أذن له في الإطعام فله أن يرجع إلى آخر ما تقدم لابن الماجشون.

قال: وعورض بأن هذا يقال فيمن أبيح له الإطعام ممن عجز عن الصوم، فأما من يقدر عليه فهو فرضه فلا وجه له. وبالمكفر عن غيره لم يخرج الكفارة من ملك صاحبه إلا للمساكين، وقال أيضًا القاضي والأبهري: إنما قال: الصوم أحب إلي؛ لأنه عجز عن الصوم فكان أحب إليه أن يؤخر حتى يقدر عليه، وعورض بأن من هذه سبيله، ويطمع في برئه ولم يطل عجزه فرضه التأخير حتى يقدر عليه، فما للاستحباب هنا وجه، وإن لم يقو عليه ولم يرج بفرضه الإطعام فلا وجه للصوم. قلت: انظر جعل تمكن السيد من الرجوع في الإذن في الإطعام إلى آخره اعتذارًا مستقلًا عن الاعتذار الثاني، وهما في كلام الباجي اعتذار واحد وهو الصواب، ثم قال: قد تكون أحب على بابها ولا يكون وهمًا ولا تجوزًا بأن يكون الصوم أرجح وأولى، وإن منعه السيد منه مع قدرته عليه، وهو قول محمد: إن أذن له سيده في الإطعام ومنعه الصيام أجزأه وأصوب أن يكفر بالصيام، وهذا كقوله في الكتاب في كفارة اليمين: إن أذن له سيده أن يطعم أو يكسو يجزاء، وفي قلبي منه شيء، والصوم أبين عندي؛ فلم ير ملكه للطعام والكسوة ملكًا مستقرًا. قلت: هذا الذي أتى به من عند نفسه راجع لما تقدم لابن محرز، أو للباجي عن إسماعيل القاضي فتأمله. قال: وقال ابن أبي زمنين: لم يعطنا في جواز الإطعام جوابًا بينًا. اللخمي: إن أذن له سيده في الإطعام أجزأه؛ لأنه ملكه حتى ينتزعه سيده، ولو قدرنا أنه ملك مترقب ام أر لسيده رجوعًا ولا انتزاعًا؛ لتعلق حق العبد فيه، وأدنى حاله أنه كمن أطعم عنه، وإن منعه الصوم والإطعام فلزوجته القيام بطلاقها، وإن كان عالمًا أن لسيده منعه الصوم كان أبين في طلاقه؛ لأنه أدخل نفسه في المنع اختيارا ثم يختلف في طلاقه حين قيامها أو بعد أربعة أشهر. وهو شهران تتابعا إن بدأهما للأهلة أجزأ ولو قصرا عن ستين يومًا. فإن أفطر في شهر لعذر ففي إكماله ثلاثين أو بقدر ما أفطر:

نقلا عياض عن الواضحة مع عبد الملك، وسحنون مع ابن عبد الحكم. ****************************************** نقل الشيخ عن المذهب، وتخريج عياض على قول ابن عبد الحكم، وفي صيامها: ويجعل الشهر الذي يفطر فيه ثلاثين يومًا. عياض عن ابن أخي هشام: لعل جوابه في من ابتدأ لغير الأهلة. الشيخ: في قولها نظر. ولو كان الفطر في أول الشهر كان بينًا، وفي العدة منها: إن طلق الآيسة قبل الأهلة أو بعدها اعتدت ثلاثة أشهر ثلاثين يوما لكل شهر. عياض: كذا عند شيوخنا وكذا جاء بعد لربيعة، وفي بعض النسخ لابن شهاب ثلاثين يومًا لشهر وشهرين للأهلة أراها رواية أبي عمران، وهو قول مالك في كتاب أكرية الدور والأرضين وغيره، ورواه ابن وهب وذكر أنه اختلف قوله في إلغاء بعض اليوم والبناء عليه وألغاه ابن القاسم. ***************************تتابعه أوله، وفي نكاحها الأول كفارة العبد كالحر إلا في العتق. ************************************************ اللخمي: يختلف فيه إن كان ناسيًا كأكله ناسيًا. قلت: لابن حارث عن أشهب يتمادى ويصل قضاءه. وفيها: وكذا الإطعام. ابن الماجشون: من وطاء قبل تمام إطعامه أحب ابتداءه. اللخمي: لرعي أحد قولي الثوري يجوز وطؤه قبل إتمامها، وفي نوازل أصبغ: من قبل امرأته في صوم ظهاره استغفر الله ولا شيء عليه. ابن رشد: سمع أبو زيد يستأنف وعزاه في سماع القرينين لمطرف ولسحنون كأصبغ. ********************************************** وفيها: من ظاهر من أربع في كلمة واحدة كل منهن كالأخرى في إتمام الكفارة

فيهن، وصرفها لواحدة منهن ووطئها. قلت: فلو نوى واحدة مخرجًا غيرها من الكفارة فسدت للتناقض كالأحداث. وفيها: وفطر المرض والحيض لا يقطع تتابعًا، ويوجب اتصال قضائه تتابعًا بخلاف فطر السفر ومرضه؛ لأني أخاف أنه به. الصقلي عن سحنون: يجزئه. قول ابن عبد السلام: قال محمد: إن أفطر في السفر ابتدأ، وإن مرض بنى لم أجد له إلا قوله من أفطر في سفره ابتداء وإن أفطر لمرض بنى. وفي قطعة بالفطر نسيانًا أو جهلًا، ثالثها: به للموازية نصًا في الأول، وتخريجًا للخمي عليه في الثاني، ولها على العكس نصًا وتخريجًا واختياره. ابن بشير: في قطعة به نسيانًا أو خطأ، ثالثها: خطأ. ابن رشد: في سماع يحيى المشهور لا عذر بتفرقة النسيان، وعذره به ابن عبد الحكم. وفيها: من صام ذا القعدة وذا الحجة لظهار أو قتل نفس ظنا أن ذلك يجزئه فعسى أن يجزئه وأحب إلي أن يبتداء. وفي مختصر الشيخ عن سحنون: لا يجزئه وعزاه ابن حارث لأشهب. قال: وقال ابن وهب إن كان عالمًا ابتدأ، وإن كان ناسيًا فلا شيء عليه. قلت: ويتعارض في الجاهل مفهوماهما. وفي حملها على أنه وإن أفطر أيام النحر أو على أنه أفطر يوم النحر فقط، ثالثها: على أنه صامها للصقلي عن الشيخ في غير النوادر، وعنه فيها مع ابن القصار وابن الكاتب. وفيها: من صام شعبان ورمضان لظهاره على أن يقضي رمضان لم يجزئه لفرضه ولا لظهاره. ابن حبيب: إن صام شعبان لظهاره ورمضان لفرضه، وأكمل ظهاره بصوم شوال أجزأه. الصقلي: يحتمل كونه كقوله في ذي القعدة وذي الحجة، وقال بعض شيوخنا: هذا تفريق كثير والأول أبين.

وسمع يحيى ابن القاسم من صام عن ظهاريه أربعة أشهر فذكر قبل فراغه يومين لا يدري من أيهما هما، يصوم يومين ويأتي بشهرين. ابن رشد: لأن الكفارة التي هو فيها قادر على إصلاحها بإتيان ما شك فيه منها على أصله فيمن ذكر سجدة آخر صلاته لا يدري من أي ركعة يأتي بسجدة لاحتمال كونها من الأخيرة ويأتي بركعة، وعلى قول من يرى أن يأتي بركعة ولا يخر بالسجدة يصوم شهرين ولا يأتي بيومين. قلت: هذا الإجراء سبقه به الشيخ في النوادر وعين كون الثاني على قول أشهب، وذكر نصا لسحنون. ابن رشد: ولو شك هل أحد اليومين من الأولى والثاني من الثانية. فقال ابن الماجشون وسحنون: يصوم يومًا واحدًا يصله بصومه ويأتي بشهرين، وعلى قول من يقول من ظن إكمال صلاته أربعًا وصلى إثر سلامه ركعتين نافلة، ثم ذكر أنه ما صلى من فرضه إلا ركعتين تجزئه النافلة من تمام فرضه؛ أن يعتد بيومين من أول كفارته الثانية لتمام الأولى، فيأتي بعد تمام الأربعة الأشهر بيومين لا أكثر يصلهما بصومه. وعلى قول ابن عبد الحكم تفرقه النسيان لغو إن ذكر اليومين بعد تمام الأربعة الأشهر متى ما ذكر فليس عليه إلا صوم يومين ساعة ذكرهما. واختلف على قوله إن ذكر يومين من الأولى قبل تمام الثانية. قيل: يتم الكفارة الثانية ثم يقضي اليومين؛ لأنه معذور بما تشبث به من صوم الثانية، وقيل: لا يعذر، فيصوم اليومين من الكفارة الأولى ويستأنف الثانية، وإن شاء تمادى على صوم الكفارة الثانية وقضى الأولى على الخلاف في من ذكر صلاة في صلاة هل تفسد عليه الصلاة أو لا؟ وقال بعض المتأخرين: يجوز له أن يقضي اليومين أثناء الكفارة ويبني على صومه ولا يعد مفرقًا لصيامه؛ إذ لم يتخلله فطر على قول ابن حبيب من صام اظهاره شعبان وشوال يجزئه ولا يضره تخلل صومه صوم رمضان. قلت: ما ذكره من التخريج على جبر الفريضة بالنافلة هو تخريج اللخمي، وعزا القول بالجبر بالنافلة لعبد الملك، وذكره فيمن ذكر يوما من أول صومه وكان وصل

الأول بالثاني وذكر في آخر الثاني قبل فطره يأتي بيوم يصله بالشهرين فقط. قال: ويختلف إن أفطر هل يأتي بيوم ويستأنف على الخلاف في النسيان، فإن كان عين صومه عن كل امرأة صام يومًا عن الأولى وحلت له وأمسك عن الثانية، وإن لم يعين أمسك عنهما حتى يصلح الآخر. وما ذكره من التخريج على ذاكر صلاة في صلاة هو للخمي أيضًا. قال: ومثل قول ابن حبيب في من صام شعبان وشوال في ثمانية أبي زيد من نسي ركعة، ثم ذكر بعد أن تلبس بصلاة يأتي بما نقص وإن طالت صلاته الثانية؛ لأنه في قربة، وإن شك من أي الصومين ترك اليوم وقد أفطر بعد الشهرين الأخيرين ابتدأ صوم الأربعة الأشهر على إبطال النسيان التتابع إن عين الصوم عن كل امرأة وإن لم يعين صام شهرين، وعلى أن النسيان لا يبطل إن عين صام يومين وإن لم يعين صام يومًا ينوي به الباقي في ذمته، ولو قيل فيمن عين يجزئه يوم كان له وجه؛ لأنه ينوي به المسقط منهما، وكذا على أن النسيان مبطل يصح أن يأتي بشهرين وإن عين وينوي ما فسد منهما، وهذا ما لم يصب، فإن وطاء فسد صومه عن إحداهما؛ لأن صومه عن واحدة صحيح ويقف عنهما حتى يكفر كفارة أخرى. الإطعام: شرطه العجز عن الصيام. الجلاب: كالكبر المفند. اللخمي: كضعف البنية. قال: والمرض القريب البرء لغو. والمؤيس من البرء معتبر، وما يرجى بعد بعده أو شك فيه في لغوه واعتبار قولا ابن القاسم وأشهب وهو أبين. والتعطش الذي لا يستطاع معه الصوم معتبر والتعطش في الحر لا البرد يختلف فيه على قولي ابن القاسم وأشهب. الباجي: فيها لأشهب وابن القاسم من طال مرضه واحتاج إلى أهله جاز له الإطعام وإن رجا البرء، ولم ينقل الباجي عنها غير هذا. قلت: في باب قبل هذا من صام لظهاره شهرًا فمرض، إن تمادى مرضه انتظر إلا أن يعلم أن ذلك المرض لا يقدر صاحبه بعده على صوم، وقال غيره: إذا مرض فهو

ممن لا يستطيع الصوم وعليه الإطعام، وعزا الباجي ما قبل قول الغير لرواية زياد. قال بعض شيوخ عبد الحق: ما جرى في مسألة من ظاهر، وهو مريض أو مرض بعد صومه شهرًا ليس باختلاف والمسألتان سواء، وفرق ابن شبلون بينهما على ظاهر لفظ الكتاب. قلت: تقرير الفرق أن المرض أثناء الصوم أضعف منه قبله؛ لأنه في أثنائه عرض بعد كون المكفر من أهل الصوم بالفعل، فلا يلزم من كونه لا ينتقل عنه للإطعام إلا لعجزه عنه دائمًا كونه كذلك في المرض العارض قبل الصوم، لأن المكفر فيه إنما هو من أهل الصوم بالقوة، وما بالقوة أضعف مما هو بالفعل، وحمل بعضهم قول الغير على أنه بمطلق المرض ينتقل للإطعام، وجعله قولًا ثالثًا، وهو خلاف ظاهر قول اللخمي أن المرض القريب البرء لغو دون خلاف. ستون مسكينًا كاليمين بالله، وفي قدره لكل مسكين أربعة: ابن القصار: مد اليمين وبه فسر اللخمي قول ابن الماجشون: إن غدى وعشى أجزأه، وعزاه الباجي لابن كنانة. وفيها: مد هشام وقدره مد وثلثان. ابن حبيب: مد وثلث. معن بن عيسى: مدان. الباجي عن ابن حبيب عن مطرف: كان مالك يفتي فيه بمدين ويكره أن يقول مد هشام. ابن حبيب: وهو مد هشام جعله لفرض الزوجات. الباجي: هذا من الحنطة لمن كانت قوته، فأما الشعير أو التمر لمن أجزأه إخراجه، ففيها يطعم من ذلك عدل شبع مد هشام من الحنطة، والأظهر عندي مثل مكيلة القمح كزكاة الفطر. قلت: زاد عياض بعد ذكر قولها، ثم قال: مالك يقول في الكفارة في كل شيء من

الأشياء بمد إلا في الظهار فإنه مد هاشمي. وفي كفارة الأذى مدان بمده صلى الله عليه وسلم. قال بعضهم: هذا خلاف الأول، ومثله في ثالث حجها: يعطى كل مسكين مدين شعيرًا مثل الحنطة. وفيها: إن أعطى ستين مداً هاشمياً مائة وعشرين مسكينًا نصف مد لكل مسكين لم يجزئه إلا أن يزيد ستين منهم لا من غيرهم نصف مد لكل واحد فيجزئه. عياض: ظاهره ولو فات ما بأيديهم، وقال أحمد بن خالد: إنما يتم عليه إن كان ما بيد كل مسكين قائمًا، وزعم أنه ظاهرها لقولهم إذا أشركهم في طعام كل مسكين لم يجزئه، ورده عياض بأن معناها منع الشركة لا منع التكميل. اللخمي: وينزع ما بيد الزائد على ستين إن وجد بالقرعة بين الجميع ومن أفات ما بيده لم يغرمه. قلت: الأظهر إن علم الآخذ بعد الستين تعين رد ما بيده. وحكم اجتماع كفارتين في مساكين معينة وجنس الطعام مر في الأيمان: وفيها: لا يجزاء فيها عرض ولا ثمن فيه وفاء القيمة. وخرجه بعضهم على إجزاء القيمة في الزكاة، ويرد بظهور التعبد في الكفارة بقدر المعطى وعدد آخذيه، وقول ابن الحاجب: لا تجزاء قيمة في كفارة، وقيل: كاليمين يقتضي فيها خلافًا منصوصًا ولم يذكره في اليمين. وفيها: إن أعطى ثلاثين مسكينًا لكل مسكين مدين لم يجزئه حتى يعطي ستين لكل مسكين مداً. الصقلي: يريد ويجزئه إعطاؤه ثلاثين غيرهم مداً مداً.

اللخمي: إن أدرك ذلك بأيديهم أخذ نصفه وأعطى ثلاثين غيرهم وإن أفاتوه أو غابوا أتم ثلاثين غيرهم. وفيها: إن أطعم ثلاثين حنطة ثم ضاق السعر فصار عيشهم التمر أو الشعير أو خرج لبلد ذلك عيشهم أجزأه أن يطعم من ذلك ثلاثين مسكينًا، وكذا في كل الكفارات. اللخمي والصقلي عن سحنون: إن لم يتعمد الخروج لذلك. ****** المظاهر إن كان واحدًا للعتق في لزوم كفارته به كغيره وصرف النظر******* ثالثها: إن لم يجحد به، ورابعها: الثاني في أول ظهار له إن ظاهر ثانيًا لم يكفر عنه وليه ولو آل ذلك للفراق. لعبد الحق عن أصبغ قائلًا: إن لم يكن له مال وأبى الصوم فهو مضار. وابن رشد عن ابن القاسم مع عبد الحق عن سحنون وسماع عبد الملك ابن وهب قائلا: له أن يعتق بغير إذن وليه، ولابن رشد عن ابن كنانة. وعلى الثاني قال ابن رشد عن ابن القاسم: ينظر له في حبس امرأته وإنماء ماله، ومن النساء من يكثر مالها ومن لا، إن رأى الأصلح أن يكفر كفر ليس فيه حد مرة ولا مرتين، لا يجوز له إطعام ولا صيام، وعلى قول ابن وهب واختاره محمد: إن لم يأذن له وليه في العتق صام إن لم يكفر به وطلبته امرأته بالوطء ضرب له أجل الإيلاء، وإن لم يصم طلق عليه بالإيلاء، وعلى قول ابن القاسم: إن لم يعتق عنه وليه وطلبته امرأته بالوطء طلق عليه دون ضرب أجل الإيلاء إذ لا وطء له إلا بالكفارة ولا كفارة له، وقيل: يضرب له أجله لعلها ترضى بالإقامة دون وطء. عبد الحق عن سحنون: إن كانت الكفارة أيسر من إنكاحه كفر عنه بالعتق، وإن كان العكس طلق عليه. محمد: وقيل يصالح عنه. اللخمي: إن رجح وليه إبقاء عصمته أمره بالعودة وأعتق عنه، وإن كان العتق يجحف به، وكان يتكرر منه الظهار أو يطلق إن كفر عنه لم يعتق عنه ولزوجته وقفه ويطلق عليه بعد أربعة أشهر، وقيل: عاجلًا.

فإن قدر على الصوم ففي إجزائه قولان: المنع أحسن.

كتاب اللعان

[كتاب اللعان] *******حلف الزوج على زنا زوجته أو نفي حملها اللازم له وحلفها على تكذيبه إن أوجب نكولها حدها بحكم قاض، فتدخل صور اختلاف لفظ اليمين لصحة تعلق الحكم بها وحلف من أبان زوجته.

وسماع ابن القاسم من قدم بعد موت زوجته فنفى ما ولدته لاعن، وقول ابن الحاجب يمين الزوج على زوجه بزنا أو نفي نسب ويمين الزوجة على تكذيبه يبطل طرده بحلفهما مرة، وأبطل عكسه بعان من لا يجب على زوجته فنفي ما ولدته لعان، وبلعان من أبان زوجته؛ لأن كونه زوجًا مجاز. وجواب ابن عبد السلام بأنه حقيقة؛ لأنه في متعلق الحكم لا محكوم به يوجب بطلان طرده بحلف من ابتاع زوجته، فوطئها ونفى ما وضعته لستة أشهر من وطئها بيمين وحلفت على تكذيبه. قلت: ويبطل طرده بلعان من نكلت زوجته عن تمام حلفها وعكسه بلعان من نفى ما ولدته امرأته في غيبته وقدم بعد موتها ولا نص في حكمه. ابن عات: لاعن ابن الهندي، فعوتب فقال: أردت إحياء سنة، والحق إن كان لنفي نسب وجب، وإلا فالأولى تركه بترك سببه، فإن وقع صدقا وجب لوجوب دفع معرة القذف وحده ثم وجدت نحوه في سراج ابن العربي. *********************** ************* قالوا: وكذا إسلامه وفسقه لغو.

اللخمي: لو أسلمت تحت كافر أو تزوج مسلمة على القول أنه غير زنا فقذفها لاعن ولا تحد إن نكلت؛ لأنها أيمان كافر. الصقلي عن أبي عمران: لو رضي الكافران بحكمنا فنكلت رجمت على قول عيسى لا على قول البغداديين: لفساد أنكحتهم. وفيها: العبد كالحر وفي نكاحها الأول، وإن قذفها في النكاح الذي لا يقر على حال لاعن لثبوت النسب فيه. المتيطي: أجاب أبو عمران الباجي بثبوته فيما دراء فيه الحد لشبهة النكاح، وإن لم تثبت الزوجية. موجبه: فيها: يجب بأحد وجهين مجتمع عليهما أن يدعي رؤية زناها كالمرود في المكحلة، ثم لم يطأها بعد ذلك أو ينفي حملا قبله استبراء، ولو قذفها بالزنا دون رؤية ولا نفي حمل، أو بنفي حمل دون استبراء فأكثر الرواة يحد ولا يلاعن. ابن نافع: يلاعن ولا يحد، وقالهما ابن القاسم، وصوب اللخمي الأولى. الباجي: هي المشهور، وفي لغو تعريضه ولعانه به قولا المعروف، ونقل الباجي مع عياض عن قذفها، وعلى المعروف في حدها به كأجنبي أو تأديبه. نقل محمد: وقول أشهب مع ابن القاسم. الشيخ عن محمد عن ابن عبد الحكم: لو صرح بعد تعريضه لاعن. وفيها: من قال: وجدت مع امرأتي رجلا في لحافها، أو تجردت لرجل أو اضطجعت معه متجردين لم أسمع فيه شيئًا ولا لعان فيه، وإن لم تقم بقوله بينة أدب. محمد: لو قاله لأجنبية حد، وكون قول ابن القصار: قذفها بوطء الدبر كالقبل مقتضى المذهب واضح. ابن رشد: إن نفي حملًا لم يقر به وادعى استبراءً أو ادعى رؤية لا مسيس بعدها في غير ظاهرة الحمل، أو قال: ما وطئتها قط أو منذ وضعت أو منذ مدة كذا لما لا تلحق لمثله الأنساب لاعن اتفاقًا في الثلاثة. والمختلف فيه أن يقذفها: ولا يدعي رؤية، وأن ينفي حملًا ولا يدعي استبراء وأن يدعي رؤية لا مسيس بعدها في بينة الحمل.

حكى الجلاب فيها ثلاث روايات: إيجاب الحد وإيجاب اللعان، وثبوت النسب وإيجاب اللعان، وسقوط النسب. قلت: يأتي للخمي في قصر اللعان على ممكنة الحمل أحد قولي مالك، وثانيهما مع ابن القاسم. الباجي: لو قال لها: رأيتك تزنين قبل أن أتزوجك حد اتفاقًا. ************************************** والشيخ عن ابن القاسم مع ابن رشد عن ابن نافع فقط. وفي سماع القرينين يلاعن الأعمى، يقول: سمعت الحس. ابن رشد: هذا كقولها؛ لأن العلم يقع له من غير طريق من حس وجس، وهذا على حد قاذف زوجته وعلى لعانه الأعمى كالبصير. قلت: صوب اللخمي رواية ابن القصار لا يلاعن إلا أن يقول: لامست فرجًا في فرجها. فيها: يلاعن الأخرس بما يفهم عنه من إشارة أو كتاب. وسمع أصبغ ابن القاسم مثله في الزوجة صماء بكماء. ابن رشد: لأن الإشارة تقوم مقام الكلام عند عدمه. وفيها: يلاعن الأعمى في الحمل بدعوى الاستبراء، وفي القذف؛ لأنه من الأزواج فيحمل ما تحمل. قال غيره: بعلم يدله على المسيس، وقول ابن الحاجب: وقيل: يعتمد على ظنه كالأعمى على المشهور يقتضي أن قول الغير خلاف قول ابن القاسم، وحمله غير واحد على الفوق، وهو ظاهر قول ابن القاسم؛ لأنه من الأزواج، ومقتضى قول ابن الحاجب: وجود القول باعتماد غير الأعمى على ظنه؛ لا أعرفه. وفي بعض نسخ ابن الحاجب: ويعتمد على اجتماع الاستبراء والرؤية على المشهور، وأنكر غير واحد وجود الشاذ لصحة نقل الاتفاق كما مر. ************************************ وسمع أصبغ ابن القاسم مثله في الزوجة صماء بكماء.

ابن رشد: لأن الإشارة تقوم مقام الكلام عند عدمه، وينتفي ما ولدته للعان الرؤية مع الاستبراء. ابن رشد: إجماعًا. وفي انتفائه بلعان الرؤية فقط طريقان: ابن رشد: ثالثها: إن ولدته لستة أشهر منها لأولى روايتيها وأشهب مع عبد الملك وثانيتهما هذا على تفسير قولها ألزمه مرة ونفاه مرة ومرة نفاه، وإن كانت حاملًا بجعل نفاه مرة ومرة نفاه، وإن كانت حاملًا قولًا واحدًا ففي كل طرف قولان، وفي مجموعهما ثلاثة فسرت بثلاثة على أن معنى قوله نفاه، وإن كانت حاملًا؛ أي: بلعان آخر ففي طرف ثلاثة وفي آخر قولان. عياض: خمسة نفيه، ولحوقه إلا أن ينفيه بلعان آخر، ولحوقه ولا ينتفي به والأول إن ولد لستة وإلا فالثاني أو وإلا فالثالث لثاني روايتها وتأويل بعضهم أولاهما، وكتاب محمد مع تأويل بعضهم أولاهما وأصبغ مع عبد الملك وابن لبابة ففسرها بقولي الأول والرابع وغيره بهما وبالثاني، وعلى تأويل بعضهم قولها: (يلزمه) بقول محمد؛ أقوالها أربعة، الجلاب والبغداديون ورواية محمد علم الزوج بحملها وجهله سواء، وقصر ابن محرز الخلاف على جهله به، وأبعده ابن رشد. وفي حمل قول المغيرة فيها فيمن قال: رأيت زوجتي تزني، وهو مقر بالحمل يلاعنها، فإن ولدت قبل ستة أشهر من ادعائه فالولد منه، وإن ولدته لستة أشهر فصاعدا فالولد للعان واعترافه ليس بشيء، فإن اعترف به بعد ذلك حد ولحق به على الأول أو الثاني أو على علمه به بعد الوضع لا يوم اللعان ثلاثة لعياض عن ابن رشد وابن محرز والصقلي، وعلى لحوقه لو قال: كنت استبرأتها ففي انتفائه بالأول أو بلعان ثان قولا أشهب مع ابن القاسم وأصبغ مع عبد الملك، وعلى الأول لو ادعاه وأكذب نفسه ففي الاستبراء ألحق به، وفي حده قولا ابن القاسم ومحمد. اللخمي: لو لاعن للرؤية ونفي الحمل ثم استلحقه فالقولان، ويختلف لو أكذب نفسه في الرؤية دون نفي الحمل بالاستبراء هل يلحق به ويحد أو لا لحوق ولا حد؟ وفيها: من شهد على زوجته بالزنا مع ثلاثة لاعن وحد الثلاثة.

الصقلي عن ابن أبي زمنين: يبدأ الزوج باللعان، فإن التعنت حد الثلاثة، وإلا حدت دونهم، وقاله ابن الماجشون. وروى محمد: لو رجمت ثم علم بذلك لم يحد الثلاثة، ولاعن الزوج وإن نكل حد، وله في كتاب الرجم إن نكل حد الأربعة، ولا دية على الإمام للقول بقبول شهادته. وفي عدم إرثها الزوج مطلقًا أو إن علم تعمده الزور أو أقر بذلك قولا أصبغ ومالك. ******************************************* خمس سنين، ورابعها: الأول في الأمة والثاني في الحرة للباجي عن المشهور ورواية عبد الملك وابن زرقون عن المغيرة وابن حارث عن ابن حبيب عن ابن الماجشون وعزا الأول لأصبغ فقط، وعزا اللخمي الأولين للمغيرة أيضًا. وفيها: إن اتفق الزوجان على نفي الولد انتفى بغير لعان وحدت الزوجة، ولو كان لها معه سنون، وقاله مالك والليث. وقال أكثر الرواة: ورووا لا ينتفي إلا بلعان. الصقلي: يلتعن الزوج دونها؛ لأنها مقرة بالزنا. ابن حارث: بقول أكثر الرواة. قال ابن القاسم في الرجم من المدونة. اللخمي: به قال المغيرة وابن دينار وابن الماجشون وابن عبد الحكم، وبالأول قال أشهب وابن القاسم. قال في الموازية: وكذا إن اعترفت بالزنا، وقالت هو من الزوج له نفيه بغير لعان وهذا إن أقامت على قولها حتى حدت، فإن رجعت لم ينتف إلا بلعان. وعزاه الصقلي وابن محرز لابن القاسم وقالا عنه: إن رجعت قبل حدها: ولم يلتعن الزوج لم يحد؛ لأنها مقرة. زاد ابن محرز عن ابن الكاتب: لا يقبل رجوعها بعد إقرارها لتعلق حق الزوج بإقرارها في نفي الولد عنه، كمن أقر بسرقة لرجل، ثم رجع يسقط عنه القطع لا الغرم، ولمحمد عن ابن القاسم ولو طلقها قبل البناء واتفقا على عدم المسيس فظهر بها بعد

موته حمل قالت: هو منه ورثه دونها، ولا يكمل صداقها ولا تحد. محمد: الصواب تكميله، وإن كان الطلاق رجعيًا، ومات في العدة ورثته. ابن القاسم: لو ظهر في حياته فأقر به لحقه وكمل المهر وله الرجعة، وإن تمادى على إنكاره لم ينتف عنه إلا بلعان، إن لا عن لم يكمل عليه المهر، ولا رجعة له. وفي الرجم منها: من شهد عليها بالزنا منذ أربعة أشهر، وزوجها غائب فظهر بها حمل فأخرت حتى وضعته فقالت: هو للزنا؛ لأنه بعد استبراء فللزوج نفيه بغير لعان، وإن قالت: هو منه أو لم تسأل حتى رجمت لم ينفه إلا بلعان. اللخمي: هذا خلاف، وقوله في الموازية، لأن البينة والإقرار بالزنا سواء على قوله في الموازية له ذلك في البينة بالزنا، ولو قالت: هو منه، وعلى أحد قولي مالك في المعترفة بالزنا وأنه ليس منه لا ينفيه في البينة بالزنا مع اعترافها أنه ليس منه إلا بلعان. قلت: ففي نفيه دون لعان في ثبوت زناها بإقرارها أو ببينة، ثالثها: إن وافقته على نفيه لتخريج اللخمي على قول ابن القاسم في الموازية وتخريجه على أحد قولي مالك مع أكثر الرواة ولها، ولو اتفقا على نفيه قبل البناء ففي انتفائه بغير لعان تخريج اللخمي على قول مالك وابن القاسم، ونقله عن ابن الماجشون؛ وصوب الأول. ابن رشد: نفيه باتفاقهما يأتي على أن من ادعى رؤية لا مسيس بعدها في ظاهرة الحمل لا يلحقه الولد؛ وهو شذوذ. قلت: يرد بأن نفيه في ظهور الحمل أبعد منه في اتفاقهما لوضوح مكذب نفيه، وهو ظهور الحمل، ونفيه في اتفاقهما. وفيها: إن ولدت ولدًا ميتًا أو مات بعد الولادة، ولم يعلم به الزوج لغيبة أو غيرها فنفاه إذ علمه لاعن؛ لأنه قاذف، ومن قامت عليه بينة أنه أقر بولد لاعن منه، وهو منكر لحق به الولد وحد، ومن نفى ولدًا بلعان، ثم ادعاه بعد موته عن مال، فإن كان لولده ولد حد ولحق به، وإن لم يترك ولدًا حد، ولم يرثه. قلت: ظاهره ولو كان الولد بنتا، وذكر بعض المغاغربة عن أحمد بن خالد أنه قال: إن كان بنتا لم يرث معها بخلاف إقرار المريض لصديق ملاطف إن ترك بنتا صح إقراره؛ لأنه ينقص قدر إرثها.

ابن حارث: اتفقوا فيمن لاعن ونفى الولد، ثم مات الولد عن مال وولد فأقر الملاعن به أنه يلحقه ويحد، وإن لم يترك ولدًا لم يلحقه، واختلف في الميراث فقول ابن القاسم فيها يدل على وجوب الميراث، وهو قوله إن لم يترك ولدًا لم يقبل قوله لتهمته في الإرث، وإن ترك ولدا قبل قوله؛ لأنه نسب يلحق. وروى البرقي عن أشهب: أن الميراث قد ترك لمن ترك؛ ولا يجب له ميراث، وإن ترك ولدًا، وذكر أبو إبراهيم عن فضل إن كان المال يسيرًا قبل قوله. قلت: ظاهرها مع غيرها أنه يحد باستلحاقه الولد مطلقًا، وللشيخ عن محمد: إن كان لاعن للرؤية فقط أولها ولنفي الولد لم يحد وإن كان لإنكار الولد وحده حد، ونقله الباجي ولم يتعقبه بشيء، وهو عندي خلاف ظاهرها، وما ذكره ابن حارث من الاتفاق على عدم استلحاقه إن كان الولد قد مات مثله لابن المواز وابن القاسم وأصبغ، وقال أبو إبراهيم وغيره من الفاسيين: إنما يتهم إن لم يكن له ولد في ميراثه فقط، وأما نسبه فثابت باعترافه. وقال ابن الحاجب: لو استلحقه ميتا حد، وقيل: إن كان للميت ولد. ابن عبد السلام: ظاهره مشكل؛ لأنه يقتضي إن لم يكن له ولد حد مستلحقه، وإن كان فقولان، وإنما مراده إن كان له ولد صح استلحاقه وورثه وحد، وإن لم يكن له ولد فقولان: أحدهما ما تقدم، والثاني لا لحقوق ولا إرث ويحد. قلت: هذا يقتضي ثبوت القول بإرثه مطلقًا ولا أعرفه، والمشكل في كلام ابن الحاجب اقتضاؤه وجود القول بلغو الاستلحاق ونفي الحد إن لم يكن ولد؛ لأن ظاهر ما تقدم من أقوالهم ثبوت حده مطلقًا. وفيها: من نفى ولدا بلعان، ثم زنت زوجته بعد ذلك، ثم أقر بالولد لحق به، ولم يحد وصارت زانية. وسمع عيسى ابن القاسم من قدم من غيبته سنين فوجد امرأته ولدت أولادًا وأنكرهم، فقالت: هم منك كنت تأتيني سرًا لم يبرأ منهم ومن الحد إلا بلعان. ابن رشد: هذا إن أمكن إتيانه إليها سرًا كمسألة المدونة في دعواها ذلك قبل البناء.

قلت: مثله في الجلاب هي معنى قول ابن الحاجب يكفي في الأولاد لعان واحد، وكذا في الزنا والولد. ابن عبد السلام: انظر لو قذف زوجاته الأربع أو نفى أولادهن هل يلاعن لعانا واحدا لجميعهن كحده للأجنبيات في القذف حدًا واحدًا؟ قلت: في المقدمات اختلف فيمن قذف أربع نسوة له في كلمة واحدة؛ فقال أبو بكر الأبهري: لا أعرفها منصوصة، ومقتضى مذهبنا أن يلاعن لكل واحدة؛ لأن اللعان بمنزلة الشهادة، ولو أتى بالشهود لزم أن يقيم الشهادة على كل واحدة منهن منفردة، ويحتمل أن يجزئه لعان واحد كقذفه جماعة في كلمة واحدة وعلى الظهار إذا ظاهر منهن بكلمة واحدة تجزئه كفارة واحدة، ثم قالا: حكى الإصطخري عن إسماعيل القاضي أن جماعة ادعت على رجل دينًا فحلفه لهم يمينا واحدة فعليه يكتفي بلعان واحد لجميعهن. قلت: في قوله لزم أن يقيم الشهادة على كل واحدة منهن منفردة نظر؛ لأن ظاهر المذهب أن البينة إذا قالت: تشهد برؤية زنا فلانة وفلانة وفلانة وفلانة ووصفت كما يجب فإن شهادتها تامة، وهذا هو معنى لعان واحد أن يقول الزوج أشهد بالله الذي لا إله إلا هو لقد رأيت فلانة وفلانة وفلانة وفلانة زنين ويصف كما يجب، وتتخرج المسألة على الخلاف في تعدد الصيعان في تعداد المصراة، ويأتي لابن القاسم فيمن قذف زوجتيه فقامت عليه إحداهما ما ظاهره أن لعانا واحدا يكفيه. وفي لعانه لنفي حمل ظاهر وتأخيره لوضعه خوف انفشاشه معروف المذهب وقول ابن الماجشون، وضعفه محمد لقضائه صلى الله عليه وسلم بلعان عويمر وهي حامل، ورده اللخمي بأنه ادعى رؤية ولاعن خوف أن يكون حملًا فوجد اللعان لقذفها بالرؤية، وإنما الخلاف إن لم تكن رؤية أو كانت ولم تقم بقذفها، والتعجيل ليس بحق عليه فهو يؤخر رجاء أن لا يصح أو تسقطه أو تلده ميتًا فيستغنى عن ذكر ذلك؛ لأن الناس يستعظمونه، وإن كان عاميًا فعذره أبين؛ لأن نفيه عند العامي يوجب حده، ويجهل أن له أن يلاعن، وضعفه ابن العربي وابن شاس بترتيب الشارع عليه حكم النفقه والرد بالعيب وغيرهما. ابن عات: عن الباجي لا يلاعن لنفي الحمل إلا بعد ثبوته بشهادة امرأتين، وعلى

المشهور فيها مع غيرها لو انفش بعد لعانه لم تحل له أبدا إذ لعلها أسقطته وكتمته. الباجي: لو انفش لم تحل له أبدا. قاله محمد: لأن حكم اللعان قد ثبت فلا يزول بما بان من الكذب كما لو أقر بالحمل. ابن عبد السلام: ظاهر تعليل المدونة أنه لو تحقق أنه انفش بحيث لا يشك فيه مثل أن تلازمها بينة ولا تفارقها إلى أقصى أمد الحمل لوجب أن ترد إليه؛ لأن الغيب قد صدقهما جميعا، وكذا نص عليه ابن عبد الحكم، وقال بعض الشيوخ: إنه ظاهر المدونة. قلت: من أنصف علم أن فرضه ملازمة البينة للمرأة بحيث لا تفارقها أقصى أمد الحمل وأقله أربعة أعوام محال عادة، وتقدم في صلاة الخسوف أنه ليس من شأن الفقهاء التكلم في خوارق العادات، وما عزاه لابن عبد الحكم وبعض الشيوخ لا أعرفه، ومفهوم قولها لعلها أسقطته يرده منطوق قولها في كتاب الرجم إن شهد على امرأة بالزنا أربعة عدول، فقالت: أنا عذراء أو رتقاء ونظر إليها النساء فصدقنها لم ينظر إلى قولهن وأقيم عليها الحد؛ لأنه قد وجب، واختار اللخمي أنها لا تحد ولا يلزم منه رفع التحريم بانفشاش الحمل؛ لأن الحد يدرأ بالشبهة والتحريم لا يرتفع بها. المتيطي: لا يحد الزوج بانفشاش الحمل. قال في سماع أصبغ: لو رفع الحد لبطل اللعان وكانت امرأته وليس الأمر كذلك، فتأمل قوله في استدلاله وليس الأمر كذلك يقتضي الاتفاق عليه، وقال المتيطي: إثر قوله لعلها أسقطته. قال ابن القاسم: ولأن مالكًا قال فيمن رد جارية بعيب الحمل، ثم انفش لا يرتفع الحكم بالرد. ************* في آخر استبرائها، من قال: كنت أطأ في الفرج وأعزل، فأتت بولد لما يجيء به النساء من يوم وطئها لزمه. الشيخ عن الموازية: من أنكر حمل امرأته بالعزل لم ينفعه، وكذا كل وطء في موضع يمكن وصول المني منه للفرج، وكذا في الدبر قد يخرج منه للفرج ونحوه، مفهوم قول استبرائها إن قال البائع: كنت أفخذ ولا أنزل وولدها ليس مني لم يلزمه.

اللخمي: إن أصاب بين الفخذين وشبهه لزمه الولد ولا يلاعن ولا يحد، لأن نفيه لظنه أن لا يكون عن وطئه حمل. الباجي: إثر ذكره ما في الموازية يبعد وجود الولد من الوطء في غير الفرج، ولو صح ما حدت امرأة بحملها ولا زوج لها، لجواز كونه من وطء في غير الفرج. عياض: الشبه في نفي النسب وقطعه لغو، لحديث: (فإن جاءت به) في اللعان. اللخمي: إن قال: لم أجدها عذراء فلا لعان ولا حد، لأن العذرة تذهب بالقفزة ومن غير شيء. وفيها: من أنكر لون ولده لزمه ولم يلاعن، وذلك عرق نزعه. اللخمي: نزوعه أن يكون بعض أجداده ولو بعد أسود، وانظر لو كان الأبوان أسودين قدما من الحبشة فولدته أبيض، هل ينفيه بذلك، لأنه لا يظن أنه كان في آبائه أبيض. قلت: لا يلزم من نفي الظن نفي مطلق الاحتمال، وهو مدلول قوله صلى الله عليه وسلم: (لعله عرق نزع) وقو ابن عبد السلام إثر قول اللخمي: المعنى لا يمكن أن يقال هنا: لعله نزعه عرق واضح بطلانه ضرورة إمكانه. الشيخ عن الموازية: من قال: وطئت أمتي وأنزلت، ولم أبل حتى وطئت امرأتي فكسلت لزمه ولدها ولا يلاعن، وفي قذفها من قال في ولد امرأته منه لم تلد به، وقالت: ولدته، فإن أقر به قبل ذلك لزمه، ولم يلاعن وليس بقاذف، وإن لم يقربه قط، ولم يعلم بحمله لزمه إلا أن ينفيه بلعان، فإن نكل عن اللعان لزمه ولم يحد، كمن قال لرجل: لست لأمك. أبو عمران: قال: التقطته، وقال: ولدته صدقت إلا أن تقيم بينة أنها لم تلده

فلا يلحقه. قلت: يريد بينة بالتقاطه، إذ الشهادة على النفي لغو، وفي البينة بالتقاطها إياه نظر لقول مالك فيها: إن ادعى اللقيط ملتقطه لم يلتحق به إلا أن يكون لدعواه وجه، كمن عرف أنه لا يعيش له ولد، فزعم أنه رماه لسماعه إذا طرح الجنين عاش، ونحوه مما يدل على صدقه، ونفي الزوج حمىً أو ولداً لا يمكن منه عادة مقبول واجب دون قوله. ابن القصار: هذا قول الجميع فيما لا يمكن لقصوره غير سقط عن ستة أشهر من يوم عقد الزوج، وفيما لا يمكن لعد إمكان المسيس عادة عندنا كالشافعي وألحقه به أبو حنيفة. قال: قال أبو حنيفة: لو عقد عليها بحضرة الحاكم، ثم طلقها بحضرته عقب العقد فأتت بولد لستة أشهر من وقت العقد لحق به. ولو تزوج بالمشرق امرأة بالمغرب فأتت بولد لستة أشهر من وقت العقد لحقه، ولو كان بينهما مسافة لا يمكن أن يلتقيا لبعدهما. وفيها: لا لعان في قذف الصبي امرأته الكبيرة، إذ لا حد عليه في قذفه، ولأنه لا يلحقه ولد إن كان. وفي الموازية: إن ظهر بزوجته حمل حدت ولا لعان فيه، ولا في نفي حمل امرأة المجبوب أو خصي لا يولد له، والولد لزنى ويلتعن في رميها وإلا حد، وإن اختلف في الخصي فقيل: يولد له، وقال آخرون: لا يولد له فلابد من اللعان، ويلتعن العنين والشيخ الزمن في الرؤية بلا شك، وفي نفي الحمل، لأنها تقول: يطؤني. اللخمي: قال ابن حبيب في المجبوب: إن كان مقطوع الأنثيين والذكر لم يلحق به ولا يلاعن، وتعتد زوجته لوفاته دون طلاقه، وإن بقيت يسرى أنثييه وبعض عسيبه فهو كالسليم. وفيها: من قذف امرأته وكانت وطئت غصبا التعن. قال غيره: إن قذفها برؤية غير الغصب تلاعنا جميعا، فإن غصبت فاستمرت حاملاً لم ينتف الولد إلا بلعان ولا تلتعن هي، إذ تقول: إن لم يكن منك فهو

من الغصب. محمد: هذا إن عرف غصبها بأن ترى متعلقة به تدمي أو غلب عليها وإلا لزمها اللعان، وقول الغير تفسير وقاله بعض الفاسيين، ونقل ابن عبد السلام أنه خلاف لا أعرفه. اللخمي: إن نفاه لغصب ببينة فكثبوت زناها، إن قال: ليس مني كنت استبرأت، اختلف قول ابن القاسم في نفيه بغير لعان، وعلى اللعان يلاعن الزوج فقط إن نكل لم يحد ولم تلاعن لإمكان أنه من الغصب، وأرى أن لا ينفي إلا بلعان كما لو كانت أمة أو نصرانية. قلت: البينة بالغصب تقوي نفيه بغير لعان ولا بينة في الأمة والكتابية. قال: وإن لم يثبت الغصب إلا باتفاقهما. قال محمد: يتلاعنان، تقول المرأة أن قد غصبت على نفسي ويفرق بينهما، وإن نكلت رجمت، ولا وجه لرجمها، لأن الزوج لم يثبت لعانه إلا غصبها، فلا لعان عليها كثبوت غصبها ببينة، ولو لاعنت لم يفرق بينهما، لأنها إنما أثبتت بلعانها غصبا، ولها أن تقول في أربع شهادات أنه من الصادقين أو لقد صدق. قلت: قبل التونسي قول محمد وساقه مساق تفسير المذهب. اللخمي: ولو ادعى طوعها وادعت غصبها فعلى قول ابن القاسم تحد، لأنها أقرت بالإصابة وادعت الغصب، ولا لعان على الزوج، وعلى أشهب: لا تؤخذ بغير ما أقرت يلاعن الزوج، أن نكل لم يحد للاختلاف في قبول قوله، وإن لاعن حلفت لقد غصبت وبرئت، سواء ظهر بها حمل أم لا، لأنها ذات زوج قادرة على أن تنسبه إليه، وإن ادعى غضبها وأنكرت إصابتها التعنا على قول محمد، والصواب أن لا لعان عليها، لأنه إنما أثبت بالتعانه عليها غصبا، فإن نكل عن اللعان مع ثبوت الغصب ببينة أو تصادقهما لم يحد، وكذا إن ادعى الغصب وأنكرت أن يكون أصابها أحد لم يحد الزوج، لأن محمل قوله الشهادة لا التعريض. عبد الحق: إن تصادقا على الغصب لم ينتف الولد إلا بلعان بخلاف اتفاقهما على زناها عند ابن القاسم، لأن حدها في إقرارها بالزنا ينفي تهمتها، وفي الغصب لا تحد.

ولو رجعت التي أقرت بالزنا قبل حدها صارت مثل هذه، والتي تدعي أنها غصبت، وهي تحت زوج لا تحد فيما ظهر بها من حمل، لأنها لو شاءت ألحقته بزوجها بخلاف التي لا زوج لها لا تصدق في الغصب إلا إن صاحت حين نزل بها وبلغت فضيحة نفسها، وقال في تهذيبه: روى ابن عبد الحكم: إن أنكر حملها واتفقا على غصبها قالت في لعانها: ما زنيت وغلبت على نفسي. وقال ابن القاسم في لعان المغتصبة: تقول: أشهد بالله إني لمن الصادقين ما زنيت ولا أطعت، ونحوه للتونسي قال: وإذا لاعنها ونفى الولد، ولم يكن عليها لعان لظهور الغصب بقيت زوجة على الأشهر أن الفرقة إنما هي بتمام لعانهما. وفيها: إن قذف الحر زوجته، فقال: رأيتها تزني وهي ممن لا تحمل لصغر أو كبر، لاعن إن كانت الصغيرة قد جومعت، وإن لم تبلغ المحيض، وكذا في قذفهما إن كانتا حرتين مسلمتين ليزيل حد قذفه، وتلتعن الكبيرة لا الصغيرة إذ لا تحد إن نكلت أو أقرت. اللخمي: إن كانت في سن من لا تطيق الوطء فلا شيء عليه، لأن قذفه إياها لغو إذ لا يلحقها به معرة وإن كانت في سن من تطيقه، فقال ابن القاسم ... فذكر ما تقدم. قال: وعلى قول ابن الماجشون لا حد في قذف الأنثى إن لم تبلغ، لا يحد ولا يلاعن، وعلى قول مالك إنما اللعان لنفى الحمل يحد ولا يلاعن، وإن كانت في سن من يخشى حملها له أيلاعن إن ادعى رؤية اتفاقاً، ويجب على قول مالك: (يحد قاذفها) لا على قول عبد الملك: (لا يحد) وعليه إن لاعن فظهر بها حمل لم يلحقه ولا عنت، إن نكلت حدت حد البكر لإمكان أن يكون بلوغها بعد إصابة الزوج وقبل الإصابة التي رماها بها، ولو لم يقم لقذفها حتى ظهر حملها لزمه اللعان اتفاقاً، إن نكل حد ولزمه الولد، وإن لا عن لزمها اللعان، إن نكلت حدت حد البكر. قلت: هذا خلاف سماع أبي زيد ابن القاسم: من تزوج وصيفة لم تبلغ وتطيق الوطء، فقال: رأيتها تزني ولا عن خوف حملها، إن ظهر بها حمل لم يلحقه، ولا لعان عليها إن لا عن قبل أن تبلغ المحيض ثم بلغته، إلا أن يريد بلغته بغير هذا الحمل، ولم

يتكلم ابن رشد على هذا بشيء. قال: وإن كانت قعدت عن المحيض وادعى رؤية تلاعنا على قول ابن القاسم وأحد قولي مالك، وعلى قوله: إنما اللعان لنفي الحمل يحد ولا يلاعن. والرضي بالحمل يمنع نفيه ففيها: من ثبت ببينة أو إقرار أنه رأى حمل امرأته ولم ينكره ثم أنكره لم يكن له ذلك وحد إن كانت حرة مسلمة. الباجي: قيامه بعد علمه بيوم لغو. القاضي: إلا أن يكون له عذر. اللخمي عن ابن القصار: إن سكت حتى وضعته، وقال: رجوت أنه ربح، قبل قوله إلا أن يجاوز ثلاثة أيام، أو يقبل التهنئة به لحديث المصراة. قلت: يرد بأن ضرر لحوق ولد بغير أبيه أشد من ضرر التصرية، ولأن حفظ الأنساب أكد من حفظ الأموال، وبه يمنع جريها على قولها من رأى حمل أمة ابتاعها سليمة منه، فتوانى في ردها. أبو عمر: أجمعوا أن من بان له حمل ولم ينكره ثم نفاه لحق به وحد إلا أبا حنيفة والثوري. قلت: هذا خلاف قول ابن القصار. الباجي عن محمد وابن حبيب عن ابن الماجشون: إن ادعى رؤية قديمة، ثم قام الآن بها حد، ولم يقبل. قلت: ظاهرة، ولو قال: لم أمسها بعد رؤيتها. وقال اللخمي: لم يختلف المذهب إن رآها وسكت، ولم يذكر ذلك إلا بعد مدة أو ظهور الحمل إلا أنه لم يصب بعد الرؤية أن له أن يلاعن، ومن قال له أبو زوجته عند سفره بعد مباراتها: أقم لها حميلا بنفقة حملها، فظاع أجنبي بحملها بحضرته، ثم قدم بعد وضعها فأنكره في حده لاقتضاء رضاه بالحمالة الإقرار بالحمل، ثالثها: القياس حده

ولا يبعد سقوطه استحساناً لدرء الحد بالشبهة لأبي عمران والمتيطي مع ابن سهل عن بعض الأندلسيين وأبي بكر بن عبد الرحمن قائلين، ويلاعن. وروى اللخمي: من طلق امرأته فقالت: إني حامل، فقال استأجر امرأة تكون معها، لأنها غير مأمونة، فجعل معها امرأة فاستمرت، فقال: كنت اعترضت عنها ولا أعلم أنه كان مني إليها شيء فاحتجوا بأنهم جعلوا معها أمينة. قال جهلت ذلك، إن لم يأتوا بالبينة لاعن، وإن جاءوا بها لحقه الولد، ولا حد عليه، لأنه ما نفى ولدا ولا قال رأيتها تزني، إنما قال: ما أعلم أني أصبتها وقد تحمل المرأة ولا يبلغ ذلك منها. قلت: هو سماع القرينين في طلاق السنة. ابن رشد: معناه أن الزوج غير مقر أنه قال: اعترضت عنها ولا أعلمه كان مني إليها شيء، وإنما ادعى ذلك عليه وهو منكر، ويدعي أنه لا شك أنه لم يصبها، فرأى مالك ثبوت الشك عليه في ذلك، بهذا القول يلحق الولد به، وهو صحيح كمن ادعى على رجل فشهد عليه أنه قال: لا أدري من جرحني أن قوله يبطل، ويلزم عليه في المودع يدعي رد الوديعة، فيشهد عليه أنه قال: لا أدري أكنت رددتها أم لا، أن لا يصدق في الرد إلا أن يفرق بين الحقوق واللعان، لأنه أغلظ منها، وقد تعقب التونسي قول مالك هذا، وقال: ينبغي أن يلاعن مع تماديه على الشك كمن شك هل له على رجل مائة ثم تيقنها، أن شكه لا يسقط توجه اليمين على المدعي عليه. قال: إلا أن يقال إقراره بالشك رجوعه عنه إلى إقرار يدعيه بخلاف إنكاره أن يكون قال ذلك، ويجعل إنكاره للشك كتماديه عليه وليس ببين، وما نظرتها به من المسائل أشبه من التي نظرها هو به، وقول مالك صحيح وقول مالك لا حد عليه إلى آخره، قوله بعيد، لأنه بإنكاره الوطء قاذف، فإذا لم يصدق في إنكاره ولا مكن من اللعان وجب حده ومن رجع لإقراره بالقذف بعد إنكاره لإقامتها ببينة به، ففي لعانه وعدمه فيحد قولا ابن القاسم وغيره فيها، وخرج عليهما ابن محرز من ادعى عليه دين فجحده فقامت به بينة بقضائه، وعزا الصائغ هذا التخريج لجماعة من المذاكرين، وللصقلي إثر قول ابن القاسم قال في الموازية بخلاف الحقوق. قلت: لدرء الحدود بالشبهات، وفي قذفها من قال لامرأته في ولدها منه لم تلديه،

باب شرط اللعان

وقالت: هي ولدته إن كان أقر به فهو ولده ولا يلاعن ولا يحد، وإن لم يقر به قط ولم يعلم بالحمل فهو ولده إلا أن ينفيه بلعان. وسمع أبو زيد ابن القاسم: إن شهدت امرأتان أن هذا الولد امرأتي، وكان كبيراً أو صغيراً وأنكرته، وقلت: ولدها ذلك مات أو انفش حملها، وكنت حاضراً أو غائباً فهو لاحق بك بشهادة. ابن رشد: شهادة امرأتين في الولادة جائزة اتفاقاً، ولو ادعت ذلك بشهادة امرأة أو دونها وأنكره هو قائلاً لم تلديه، ففي قذفها: القول قولها إلا أن ينكره ويدعي الاستبراء فله نفيه بلعان، وطرحها سحنون ورأى أنها لا تصدق فلا يكون على الزوج لعان حتى تثبت الولادة، فإن أثبتتها لحق به الولد وتعلق فيما ذهب إليه من أنها تصدق على الولادة إذا جاءت بالولد بظاهر قول ابن القاسم في الشهادات وأمهات الأولاد منها. قلت: كذا وجدته في نسختين، وفيما نقله عن سحنون تناقض واضح. ابن عات: من قال في حمل أو ولد ليس مني، فقيل له: ممن؟ قال: لا أدري، حد إلا أن يقول: زنت فيلاعن. قاله ابن العطار فانظره. ] باب شرط اللعان [ وشرط اللعان ثبوت الزوجية لقولها مع غيرها: واللعان بين كل زوجين. وقال ابن سهل عن ابن لبابة: لا يجب إذا كان الزوج والمرأة من أهل المصر إلا بعد ثبوت الزوجية، وإن لم تثبت الزوجية لزم الحد، وإن لم يكونا من المصر وجبت الملاعنة، وإن لم تثبت الزوجية. قلت: يريد: لم تثبت الزوجية ببينة، بل بمجرد قولهما لا أنها لم تثبت مطلقاً. ابن فتوح: يكفي في ثبوتها صداق نكاحهما. المتيطي: لأبي عمران في أسولة الباجي يكون اللعان مع شبهة النكاح، وإن لم تثبت

الزوجية إذا درئ الحد عنهما. المتيطي: إذا ثبتت مقالتهما وزوجيتهما سجنه الإمام. الباجي: اختلف في سجنه، فسألت أبا عمران بن عبد الملك، فقال: يسجن لقول مالك أنه قاذف، فيوعظ الزوج أولا، فإن لم يرجع ففيها يبدأ فيشهد أربع شهادات بالله. المتيطي: وقال في كتاب الأقضية: الإيمان في اللعان والقسامة والحقوق بالله الذي لا إله إلا هو ونحوه في الموازية، وروى ابن كنانة في اللعان والقسامة وما بلغ ربع دينار بالله الذي لا إله إلا هو عالم الغيب والشهادة الرحمن الرحيم، وقاله ابن الماجشون، وقال في الموازية: يحلف بالله الذي أحيا وأمات. اللخمي: لو قال: (والله) فقط أو (والذي لا إله إلا هو) فقط ففي إجزائه قولا مالك وأشهب، ولو في المال وفي (أشهد بعلم الله) رواية محمد وأصل أشهب، وفي (أقسم) بدل (أشهد) و (بالرحمن) بدل (بالله) التخريج على قول مالك، وقول القاضي: مقتضي النظر لا يجوز إلا ما نص عليه والصواب الأول. وفيها مع غيرها ما تحلف به المرأة كالرجل. *****اللخمي: في لزوم أني لمن الصادقين للزوج قولان للموازية ولها، والصواب الأول لوروده في القرآن مع حديث البخاري أمرهما ... أن يتلاعنا بما في القرآن. قلت: وعزاه ابن حارث لسماع أصبغ ابن القاسم، وهو في الرواية: رأيتها تزني، وفي لزوم زيادة: كالمورد في المكحلة، قول أصبغ مع رواية محمد وقولها، وصوب اللخمي الأول بان إيمانه كالبينة إن نكلت، وقولها ما رآني أزني كاف. قلت: ظاهرة لو زاد كالمورد أجزأها والاقتصار أبلغ، لأنه نفي لأعم. وفيها: يقول في الخامسة أن لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين. ابن عات: قال الباجي: يحلف أربع مرات ويزيد في الخامسة أن لعنة الله عليه عن كان من الكاذبين، وتحلف المرأة أربع مرات وتحلف خامسة بمثل ذلك، تزيد في الخامسة: أن غضب الله عليها إن كان من الصادقين، وقاله محمد وأصبغ ورواية المدونة

خلاف ذلك. سألت عنها الشيخ أبا الحسن القابسي. قال: نص كتاب الله شهادة أحدهم أربع شهادات بالله، ويقول في الخامسة: لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين، وفي الزوجة أربع مرات، وفي الخامسة: أن غضب الله عليها إن كان من الصادقين، وأنت تقول: تشهد بالله خمس مرات، ويزيد في يمينه اللعنة، والمرأة في يمينها الغضب، فبهذه ستة إيمان، وأنكر ما ذكره محمد، ونزلت بقرطبة أيام القاضي ابن زياد فشاور في ذلك أهل العلم بقرطبة فأفتوا بما في داخل هذا الكتاب. قلت: نصه يحلف الزوج قائماً مستقبلاً القبلة يقول بالله الذي لا إله إلا هو: لقد زنت فلانة هذه يشير إليها وما هذا الحمل مني أو ما حملها هذا مني، وإن لم ينف حملا قال: لزنت فلانة هذه، وقال قوم: يقول أشهد بالله ثم يخمس باللعن، وتحلف المرأة أربعة إيمان على ما تقدم: لما زنيت وأن هذا الحمل منه وتخمس بالغضب، تقول غضب الله عليها إن كان من الصادقين، أو بتقديم عليها. قلت: ظاهر هذا كالقابسي. قلت: انظر هل خلاف القابسي لمحمد في إقران اللعنة بأشهد فتكون الشهادات على قول محمد شاء أو في كون الخامسة أن لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين لا أنها أشهد بالله لكذا ولعنة الله إن كان كذا، والثاني أظهر، فإن قلت: كيف يتقرر على الثاني قول القابسي فتكون الإيمان ستة. قلت: يتقرر بأن التعاليق إيمان على ما مر، فإذا قال في الخامسة: أشهد بالله لكذا ولعنة الله عليه إن كان كذا، كان قوله: أشهد يميناً وهي الخامسة، وقوله: (إن كان إلى آخره ...) يميناً أيضاً فتكون سادسة، ولذا قال: تكون الإيمان ستة، ولم يقل تكون الشهادات ستة، وظاهر قول ابن عبد السلام في تفسير قول ابن الحاجب بقوله يعني يقول أن لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين متصلاُ بيمينه الخامسة ولا يفرد اللعنة بيمين. قال ابن القاسي: أنه حمله على الأول وهو بعيد، لاقتضائه أن يكون قول ابن المواز أنه يشهد ست شهادات.

اللخمي: على أن لعان الرؤية ينفي الولد، وإن كانت حاملاً لا يذكر في لعانه تاريخاً، وعلى القول برعي الوقت الذي أتت به من وقت زناها يسأل عن وقت رؤيته إن كان ستة أشهر فصاعداً أثبته في لعانه. وهو في نفي الحمل قال ابن القاسم فيها: لزنت وتقول هي ما زنيت، وفي الموازية: ما هذا الحمل مني، وعليه تقول هي أنه لمنه. أصبغ: لزنت وما هذا الحمل مني، وهي ما زنيت وأنه لمنه. قلت: إنما عزاه ابن محرز له بلفظ أحب وكذا الباجي وغيره. الشيخ: قول أصبغ ولقد زنيت. اللخمي: تعارض فيه قد تكون غصبت، وفي الموازية: أحب إلى أن يتبع ما هذا الحمل مني ولزنت في كل مرة، لزنت كالمروج في المكحلة. وقال ابن شعبان: قال بعض أصحابنا: ويقول لقد اسبرئت، وأرى أن يكون لفظه على ما به ينفي الولد في صحة نفيه بالاستبراء فقط أو بالرؤية فقط أو بهما خلاف فما به ينتفي بذكره في لفظه، وقوله يجزئه ما هذا الحمل مني على القول بنفيه بالاستبراء فقط يقتصر عليه، ولا يقول زنت لإمكان أنها غصبت، وقول المدونة لزنت يصح رده للقول أنه لا ينفي غلا بالرؤية والاستبراء، وقول ابن شعبان أحسن. ابن شاس: تقول المغتصبة إذا التعنت في نفي الولد أشهد بالله ما زنيت ولا أطعت. قلت: نحوه تقدم لمحمد. وقال ابن الحاجب: في المقسم عليه للرجل لرأيتها تزني. وقيل: يصف كالشهود، وقيل: يكفي لزنت على الخلاف المتقدم، وفي نفي الحمل لزنت أو ما هذا الحمل مني، وقيل: لابد من ذكر سبب الاعتماد كالأول وتقول المرأة ما رآني أزني للأول وما زنيت أو لقد كذب للجميع، وفي نفي الحمل ما زنيت للأول. وقيل: للجميع وتعكس أو لقد كذب للجميع. قال ابن عبد السلام: يعني على الخلاف المتقدم، أي: الخلاف الذي قدمه في فصل الاعتماد، فيكون هذا الخلاف جارياً على ذلك لتطابق اليمين الدعوى.

قلت: خلاف الاعتماد في غير نفي الحمل إنما هو متقدم قوله يعتمد على تعيينه بالرؤية، وقيل: كالشهود، وقيل: على ظنه كالأعمى على المشهور، وهذه الأقوال الثلاثة لا يتقرر على واحد منها القسم على مجرد لزنت، والأقرب أن مراده على الخلاف المتقدم في ثبوت اللعان بقوله زنت. قال: وقولها عوضًا عن ما رآني أزني ما زنيت، أو لقد كذب أجزأها؛ لأن نفي الزنا أعم من نفي رؤيته، ونفي الأعم يستلزم نفي الأخص، وهذا أبلغ؛ لأنه يجزاء على كل قول، وهو مراده بقوله للجميع، وإنما لم يكلفها ذلك في القول الأول؛ لأنه حلف على زيادة فوق ما ادعى عليها، ولا يبعد أن يقال حلفها على الوجه الأعم لا يجزئها على ما في كتاب الشهادات من «المدونة» خلاف قول ابن عبد الملك. قلت: قول ابن الحاجب يجزئها قولها ما زنيت هو نقل الجلاب عن المذهب. وقوله: (أو لقد كذب للجميع) ظاهره الاقتصار على هذا اللفظ وفيه نظر على ما في الجلاب؛ لأن فيه لقد كذب علي فيما رماني به، وقول ابن الحاجب: كذب علي فقط يصدق بكذبه عليها في غير ما رماها به من الزنا، وكذلك على ما في «التلقين» أنها تشهد بنقيض ما شهد به؛ لأنه ليس نقيضه ضرورة جواز اجتماع قوله زنت وقولها كذب على الصدق، وقول ابن عبد السلام لا يبعد أن يقال حلفها على الوجه الأعم إلى آخره. قلت: مسألة كتاب الشهادات التي أشار إليها هي قولها من اشترى منك ثوبًا ونقدك الثمن فقبضته وجحدته الاقتضاء وطلبت يمينه فأراد أن يحلف لا حق لك قبله لم يكن له ذلك ولك أن تحلفه أنه ما اشترى منك سلعة كذا؛ لأن هذا يريد أن يورك، وتخريجه عليها يرد بأن قولها ما زنيت يرفع دعواه عليها أنه رآها تزني قطعًا، وقول المشتري لا حق للبائع قبله لا يرفع دعوى البائع عليه، ولا يستلزم رفعها؛ لأن دعوى البائع إنما هي البيع لا قوله لي عندك شيء أو الثمن، ولذا إنما يكون القول قول المشتري في نفي البيع لا في دفع الثمن ولا يستلزم رفعها لعدم تنافيهما لجواز اجتماعهما على الصدق بوقوع البيع ودفع الثمن فيصدق دعوى البائع البيع، ودعوى المشتري لا حق له قبله. ابن محرز عن أصبغ: إن جعل مكان إن كنت من الكاذبين إن كنت كذبتها أو جعلت بدل إن كان من الصادقين أنه لمن الكاذبين أجزأ.

زاد الباجي عنه: وأحب إلينا لفظ القرآن، فأشار إلى أن لفظ اللعان غير متعين إلا أن لفظ القرآن أفضل، وظاهر قول ابن وهب تعيينه بلفظ القرآن. اللخمي عن القاضي: إذا جعل مكان اللعنة الغضب ومكان الغضب اللعنة، مقتضى النظر لا يجوز؛ لمخالفتهما القرآن. المازري: اختلف المذهب في تبديله أني لمن الصادقين بما كذبت عليها في الخامسة وهي أيضًا في الخامسة، هل يجزاء أم لا يجزاء إلا ما نص الله تعالى عليه؟ فلو بدأت المرأة ففي لزوم إعادتها نقل الباجي نقل القاضي عن المذهب محتجًا بدلالة قوله تعالى: (وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ) [النور:8] مع أشهب محتجًا بالقياس على بدء الطالب باليمين قبل نكول المطلوب، وقول ابن القاسم في الموازية مع سماع أبي زيد ابن القاسم إن التعنت قبل الزوج قيل له التعن وابرأ من الإرث ولا تحد أو لا فتحد وترث، ولو كانا حيين لم يقل لها التعني ثانية. ابن رشد: إنما اختلف قولهما إذا حلفت المرأة أولًا كما يحلف الرجل لا على تكذيب أيمان الرجل فقالت: أشهد بالله أني لمن الصادقين ما زنيت وأن حملي هذا منه، وفي الخامسة غضب الله علي إن كنت من الكاذبين. قال ابن القاسم: فيقول الرجل أشهد بالله أنها لمن الكاذبين ولقد زنت وما حملها هذا مني، وفي الخامسة لعنة الله عليه إن كانت من الصادقين، ولو حلفت المرأة أولًا بلفظ حلفها ثانية فلا خلاف بينهما في لغو حلف المرأة، وقول ابن القاسم على أصله في صبي قام له شاهد بحق فأحلف المدعى عليه فبلغ الصبي فنكل أنه يجتزاء بيمين المدعى عليه أولًا، وعلى لغو أشهب في لغو لعان المرأة لا يجتزاء بيمين المدعى عليه؛ لأن العذر والخطأ واحد. وفيها: العذر أخف من الخطأ في الإجزاء كفقد الماء والصعيد وتركهما خطأ وتفريق الاعتكاف للخوف وللخطأ وغير ذلك من مسائل المذهب، ولأن الشارع صلوات الله عليه غلظ في اللعان ما لم يغلظ في الحقوق. ومحله في كون المسجد بمحضر الإمام أو أحدهما نقل اللخمي عنها وعن عبد الملك، وعبر المتيطي وابن الجلاب عن المسجد بالمسجد الأعظم.

قال ابن شعبان: قائما في القبلة بالمسجد الأعظم، فإن كان بالمدينة فبالروضة مما يلي القبر، فإن كان بمكة فبين الركن والمقام. وقول ابن عبد السلام في قول ابن الحاجب: يجب في أشرف أمكنة البلد استعماله لفظ الوجوب بعيد إنما هو أولى، وعبارات المتقدمين كلفظها يلتعن في المسجد يرد بأن ظاهر يلتعن في المسجد الوجوب لا الأولوية، ولقول عياض: أصل مذهب الكتاب أنه لا يكون إلا في المسجد لا في غيره. وفي المقدمات: لا يكون اللعان إلا بالمسجد، ومثله للشيخ عن محمد عن عبد الملك وهو خلاف، نقل اللخمي عنه أنه يصح عنده بمحضر الإمام في غير المسجد. وفي وقته عبارات الجلاب بعد العصر. المتيطي عن ابن وضاح: لا توقيت لليمين بعد العصر. اللخمي: فيها لابن القاسم في دبر الصلوات بمحضر الناس. وفي الموازية: في أي ساعة شاء الإمام، وبعد العصر أحب إليَّ. ابن شعبان: بعد العصر أو الصبح، وأظنه لحديث: ((يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل وملائكة بالنهار ويجتمعون في صلاة العصر وصلا الصبح))، وكذا ينبغي في أيمان القسامة وما يعظم من الأموال والجراح، ورضي أحدهما بلعان الآخر في غير المسجد لا يقبل؛ لأن فيه حقًا لله تعالى. وفيها: تلاعن النصرانية بالكنيسة حيث تعظم وتحلف بالله وللزوج أن يحضر معها أو يدع ولا تدخل هي معه المسجد؛ لأنها تمنع منه. الشيخ في الموازية عن عبد الملك: لا يكون إلا في مقطع الحقوق بإثر صلاة، وقيل: إن كان مريضًا بعث الإمام إليه عدولًا، وكذا المرأة إن لم تقدر أن تخرج، وكذا سمع أصبغ ابن القاسم، وزاد ابن حبيب عن أصبغ: إن كان الزوج هو المريض ورثته. قاله مالك وأصحابه، وكذا نقله عبد الحق في تهذيبه بلفظ: وقيل: إن كان مريضًا، والصائغ في أول كلامه، ثم نقله كأنه المذهب لا بلفظ قيل، وكذا نقله المتيطي وكذا الباجي.

قال: رواه أصبغ عن ابن القاسم، وقال فيه: مرضا لا يعرف متى يصح، وقول اللخمي: لا يبعد أن يكون عند القاضي أو الفقيه الجليل ويجمع الناس لذلك، إن أراد بإذن الإمام فواضح وإلا فمشكل لقول عياض: سنته أن يكون بحضرة الإمام أو من يستنيبه لذلك من الحكام، وهذا إجماع أنه لا يكون إلا بالسلطان. وفيها: بمحضر من الناس. ابن محرز: لأنه حكم إمام بما فيه حقوق كثيرة فوجب أن يحضره من يشهد عليه لقوله تعالى في الزانيين: (وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) [النور:2]، وأقلها عند مالك أربعة. ابن شعبان: يخوفان قبل اللعان ويذكران عذاب الآخرة، يقال للزوج: تب تجلد ويسقط إثمك، ويقال لها نحو ذلك. قلت: في رواية ابن عمر في صحيح مسلم: ((فأنزل الله هؤلاء الآيات في سورة النور: *************** فتلاهن عليه ووعظه وذكره، وأخبره أن عذاب الدنيا أهون من عذاب الآخرة، فقال: لا والذي بعثك بالحق ما كذبت عليها، ثم دعاها فوعظها، وذكرها وأخبرها أن عذاب الدنيا أهون من عذاب الآخرة)) الحديث، وفي حديث ابن مسعود: ((فذهبت لتلتعن، فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم: مه، فأبت فلعنت))، وفي رواية ابن عباس عند أبي داود: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ((أمر رجلا حين أمر المتلاعنين أن يتلاعنا أن يضع يده على فيه عند الخامسة يقول إنها موجبة)). عياض: حديث مسلم سنة في وعظ المتلاعنين، وقال الشافعي: يعظ كلا منهما بعد تمام الرابعة قل الخامسة، وقول ابن الحاجب: يستحب تخويفهما وخصوصا عند الخامسة، لا أعرفه إلا ما عزاه عياض للشافعي، وظاهره أنه غير المذهب.

وفيها: تأخير لعانهما لحيض أو نفاس حتى تطهر، وفي النوادر: إن كانت حائضا لاعن هو إن شاء خوف أن ينزل به ما يمنعه اللعان، فيلزمه الولد وتؤخر هي حتى تطهر، وظاهر قول ابن الحاجب: وفي المختصر: (يؤخر لعانها) ظاهره وجوب تعجيل لعان الزوج، وعليه حمله ابن عبد السلام وابن هارون وقبلاه. ولما ذكر الباجي ما نقلناه من لفظ النوادر قال: هذا الذي قاله أصحابنا، ويحتمل أن يلزمه ذلك ليدرأ عن نفسه الحد. وفي اختصار ابن زرقون كلامه بقوله: (لاعن لما يريد من الاستعجال أو ليدرأ عن نفسه الحد قصور). وفيها: من قال: رأيت فلانا يزني بامرأتي لاعن وحد لفلان. الباجي: لا يتخلص من الحد له إلا باللعان خلافا للشافعي أنه لا يحد له إذا أدخله في لعانه، وإن حد له سقط عنه اللعان. قاله سحنون وكذا نقله المازري وعياض. وقال ابن الحاجب: حد له على المشهور فأثبت قولا لا يحد له لا بقيد إدخاله في لعانه، وقبله ابن عبد السلام وابن هارون ولا أعرفه. ولابن شاس: إن ذكره في لعانه فليس على الإمام أن يعلمه، وروى أن ذلك عليه، فإن علم وقام بالحد حد له، وفي قذفها لا يقوم بالقذف إلا المقذوف، وفي سرقتها لو سمع الإمام رجلا يقذف رجلا ومعه من ثبتت شهاداته عليه أقام عليه الإمام الحد. الشيخ عن الموازية: من قال لزوجته بعد أن لاعنها ما كذبت عليها أو قذفها. قال محمد: لا يحد؛ لأنه إنما لاعن لقذفه إياها، وما سمعت فيها من أصحاب مالك شيئًا، وفيها لربيعه: يحد ومثله في الموازية لابن شهاب، ويحتمل أن يكون قول محمد فيمن قذفها بما لاعنها به، وقول ابن شهاب وربيعة: إذا لم يقيد قذفه بما لاعنها به، وقول ابن الحاجب: ثم قذفها به لم يحد على الأصح، لا أعرف مقابل الأصح لغير ربيعة وابن شهاب، واختيار التونسي، ولم يعزه اللخمي لغير ابن شهاب. الشيخ عن الموازية: من قذف زوجتيه فقامت به إحداهما فأكذب نفسه فحد لها، فقامت به الثانية لا يحد، والحد الأول لكل قذف مضى، ولو قال بعد حده: صدقت

عليك أو على صاحبتك حد ثانية إلا أن يلاعن سواء فيمن قال ذلك لها منهما. قاله ابن القاسم، وقال عبد الملك: يحد للأولى ولا يلاعن؛ لأنه قذف ثانٍ، وقد أكذب نفسه فيها. محمد: هذا أحب إليَّ، ولو قال للثانية: صدقت عليك وكذبت في صاحبتك لاعن وإلا حد، وإن قال للثانية: كذبت عليك وصدقت في صاحبتك فهذا قذف ثانٍ يحد، ولا يلاعن عند عبد الملك. وقال ابن القاسم: يحد إلا أن يلاعن. الباجي: قول ابن القاسم على أن له الرجوع للعان بعد تقرر الحد عليه، وقول عبد الملك على أن ليس له ذلك. الشيخ عن محمد: من لاعن ثم أقر بالولد لحق به، فإن لاعن لرؤية فقط، أو لرؤية وإنكار الولد لم يحد، وإن كان لإنكار الولد فقط حد. زاد الباجي إثر هذا: ولو لم يتقدم لعانه فادعى الرؤية ونفي الولد، ثم أقر بالولد حد. وفيها: من انتفى من حمل زوجته بلعان، ثم أقر به بعد ولادته حد ولحق به وغرم لها نفقة مدة يسره بها. قلت: ظاهره ولو نفاه مع قذفها. وفي الجلاب: إذا وقعت الفرقة بين المتلاعنين، ثم أكذب الرجل نفسه لحق به الولد وحد، فالحاصل إن لاعن لنفي حملها فقط حد باستلحاقه وإلا فثالثها: إن لاعن لنفي حملها مع رؤية أو قذف للجلاب ومحمد وظاهرها. وفيها لابن القاسم: إن لاعن بولد فنفاه، ثم زنت فاستلحق الولد لم يحد. ابن الحاجب: ومتى استلحق المنفي لحق وحد إلا أن تكون زنت بعد اللعان فلا يحد، وقيل: إن كان المنفي عن قذفها بالزنا. وقلت: يريد: إن كان المنفي عن قذفها بالزنا فلا يحد، وهو ما تقدم لمحمد. وقال ابن عبد السلام: يريد: إلا أن تكون زنت بعد اللعان فيصير كمن قذف

عفيفا فلم يحد له حتى زنا فيسقط الحد عن القاذف، وقيل: هذا الكلام صحيح بشرط أن يكون الولد المنفي عن زنى قذفها به، وإن كان عن غير ذلك فلا، ولا فرق بين الأمرين. قلت: هذا وهم؛ إذ لا خلاف في سقوط حد القاذف بمجرد زنا المقذوف، فقول ابن الحاجب: (وقيل) معطوف على المستثنى؛ أي: وقيل: إن كان المنفي عن قذفها فلا يحد باستلحاقه الولد، والقولان بناء على الخلاف في القاعدة الأصولية الفقهية، وهي أن لازم القول قول أم لا؛ لأن نفي الولد في مجرد القذف إنما هو لازم لقول القذف لا صريح قول، ومنه قولا ابن القاسم وأشهب في العتق الأول فيمن قال: إن لم يفعل فلان كذا فبعدي فلان حر، فضرب الحاكم للحالف أجلا لفعل فلان فمات الحالف في الأجل، فقال ابن القاسم: يعتق العبد، وجعل الحالف على حنث؛ لأن ضرب الأجل إنما جاء باللزوم لا بصريح قول الحالف. وقال أشهب: لا يعتق؛ لأن الحالف مات وهو على بر، وجعل لازم القول كالقول، ومنه في المدونة غير هذا لمن تأمل. وفي الموازية لابن القاسم: إن شهدت امرأة فعدلها زوجها، ثم قال: رأيتها تزني قبل أن تشهد؛ لأنه أكذب نفسه بتعديلها، وكذا لو عدلها بعد أن رماها، ولو قذفها أجنبي فوكلت زوجها على طلب حده، ثم قال: رأيتها تزني قبل ذلك فلا لعان له ويحد. قلت: فيه مع قولها: (للمقذوف حد قاذفه ولو علم من نفسه أنه زنا) نظر.

باب شرط وجوب اللعان على الزوجة

[باب شرط وجوب اللعان على الزوجة] وشرط وجوبه على الزوجة إسلامها وعلى الزوج في قذفه دون نفي حمل إسلامها وحريتها. فيها: لا يلاعن الزوج في الأمة والكتابية في قذفها بغير رؤية ولو كان عبدًا، إذ لا حد في قذفهما إلا أن يريد أن يحق ذلك عليهما لقوله تعالى: (فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ) الآية [النور:6]، وإن ادعى رؤية أو نفى حملا باعدعاء استبراء، ويقول: أخاف الموت فيلحقني الولد فهذا يلتعن، ولو نكلت النصرانية أو صدقته لم تحد ونحوه سمع أبو زيد. ابن رشد: لا لعان على النصرانية إلا أن تشاء على ما قاله في المدونة. الباجي: لها أن تلتعن لرفع عار ما قذفت به ولقطع عصمة الزوج عنها. وروى مطرف: إن نكلت ردت إلى أهل دينها. قال سحنون: إن نكلت بقيت زوجة. اللخمي: إن نكلت عوقبت، وعلى قول المغيرة تحد حد البكر. قلت: لأنه نقل عنه في كتاب الرجم أن النصراني إذا زنا حد حد البكر، بكرًا كان أو ثيبًا. محمد: وكذا المجوسي يسلم على مجوسية، ثم يقول: رأيتها تزني، ولا تحلف إن لاعنت إلا بالله لا بالنار. وفيها: مع غيرها المعتدة من طلاق رجعي في اللعان كغير مطلقة، ومن طلاق بائن إن قال في عدتها مطلقها: رأيتها فيها تزني ففي لعانه ونفيه فيحد، ثالثها: هذا ولا يحد لسماع يحيى ابن القاسم وابن رشد عن محمد والمغيرة. قال مع الشيخ: ومال إليه سحنون، وقال الباجي: اختاره سحنون. قلت: وكذا نقل عنه ابن حارث قال: وقال في موضع آخر: إن رماها وفي وقت قد

بقي من العدة ما لو أتت فيه بولد من يوم رميه لزمه الولد لاعن، وإن كان وقتا لو أتت فيه بولد لم يلحقه حد ولم يلاعن. ابن رشد: ولو قال: رأيتها تزني قبل أن أطلقها حد ولا يلاعن. قاله ابن القاسم في العشرة. قلت: هو نص مالك في الموطأ، ونقله ابن رشد في سماع يحيى، وسكوته عنه دليل على عدم تنافيهما خلاف قول ابن عبد السلام: هما في غاية المباينة، والفرق بينهما أن سكوته حتى أبانها مكذب له في دعواه. الباجي: إن قال في العدة: رأيتها تزني قبل الطلاق البائن، فقال أبو الفرج: يحد إلا أن يظهر بها حمل قبل حده فينفيه ويدعي الاستبراء فيلاعن، وقال محمد: أحب إليَّ أن ينظر فإن تبين أن لا حمل بها حد لها، وإن ظهر بها حمل لاعن، وفي سماع يحيى: إن أتت بولد بعد انقضاء عدتها لأقصى ما تلد له النساء لزم الزوج إلا أن ينفيه بعان. وفيها: من قذف زوجته ثم بانت منه وتزوجت، ثم قامت بالقذف، ثم التعنا من أبى منهما اللعان حد. ابن حارث: لو قال مطلقها ثلاثا بعد عدتها: رأيتها تزني حد اتفاقًا. وفيها: من لم تعلم له بزوجته خلوة حتى أتت بولد لستة أشهر من يوم عقدها فأنكره وأنكر مسيسها وادعته وأن الولد منه وأمكن قولها، وقد طلق أم لا لزمه إلا أن ينفيه بلعان، وإنما عليه إن لاعن نصف المهر ولا سكنى لها. قرر اللخمي عدم إمكان قولها بقوله أن يعقد وهو غائب وبينهما من المسافة ما إن قدم بعد العقد كان الباقي أقل من ستة أشهر أو أكثر، ويشهد من هو بينهم أنه لم يغب طول المدة أو غاب مالا يكون مدة لذهابه ورجوعه. قلت: يريد: لم يغب عن محل عقده أو غاب ورجع إليه ولعسر فهمه لم يذكره عنه أو إبراهيم. قال: وفي طلاق السنة منها عدم رعي الإمكان، لقولها: لو اعتدت أو ولد لوفاة زوجها وحلت، فلم يطأها السيد حتى مات، أو كان غائبًا ببلد يعلم أنه لم يقدم منه منذ وفاة زوجها فعليها حيضة؛ لأنها لو تمت عدتها من زوجها ثم أتت بولد لما يشبه أن يكون من سيدها، فزعمت أنه منه لحق به في حياته وبعد موته إلا أن يقول قبل

موته: لم أمسها بعد موت زوجها فلا يلحق به، وتابعه على هذه المناقضة غير واحد من الفاسيين والتونسيين ولا مناقضة بينهما، وبيانه أن حيضة أم الولد لوفاة سيدها ألزمها في المدونة وأوجبها كعدة الوفاة في النكاح حسبما نص عليه في كتاب العدة قبل هذه المسألة بيسير، فكما أن إمكان الولد في عدة الوفاة لغو لثبوتها في وفاة الزوج الصغير ووفاة من بالمشرق قبل بنائه بزوجته التي بالمغرب، واستدل على ذلك بأنها فراش لسيدها بمجرد انقطاع عصمة زوجها عنها لا بقيد وطئها سيدها بعد ذلك، كما أن عقد النكاح يصير الزوجة فراشا لزوجها لا بقيد بنائه بها، ولذا ذكر في استدلاله على أنها فراش بذلك بقوله: ثم أتت بولد لما يشبه أن يكون من سيدها فقيده بالإمكان، كما أن الزوجة فراش بمجرد العقد مع أنه لا يلحق ولدها إلا بقيد الإمكان. والحاصل أن الفراش من حيث إيجابه عدة الوفاة لا يشترط فيه إمكان الوطء، ومن حيث إيجابه لحوق الولد يشترط فيه، ومن يذكر مسائل الكتاب في عدة وفاة الزوج الصغير والخصي وعدم لحوقهما ما أتت به زوجتهما من ولد علم ما قلناه ضرورة، ومسألة أم الولد هذه جارية على أصل المذهب في ذلك دون تناقض فيه فتأمله. اللخمي: إن أتت بما يشبه فتلاعنا ففي لزوم نصف المهر قولان لها، وللجلاب بناء على أن فرقتهما طلاق أو فسخ. عياض في الموطأ: كقولها لها نصف المهر، فقيل: هو على أن الفرقة طلاق، ويؤيده قولها لأنها في عدة منه وهي مبتوتة وجعل لها السكنى، ولأن أصل المذهب أنها فسخ. قال بعض الشيوخ: قولها بأنها أثبتت البناء بأيمانها ونفاه بأيمانه فتساوت دعواهما في المهر فيقسم بينهما، وقيل لتهمة الزوج على إسقاط نصف المهر بما ادعاه من سبب اللعان. عياض: ويحتمل أنه لرعي القول بأنها طلاق. اللخمي: فإن نكل حد وبقيت زوجة وإن لاعن ونكلت حدت حد البكر وبقيت زوجة، فإن طلق لزمه نصف المهر فقط، وإن أقام لم يمسها حتى تضع، فإن أقر أن الحمل كان قبل العقد أخذ بإقراره فلم تقر تحته، فإن وضعته لأقل من ستة أشهر فسخ

نكاحهما ولا شيء لها، وإن بنى بها؛ لأنها غارة بما أحدثت. ابن رشد: إن وضعته لأقل من ستة أشهر أو ظهر بها حمل في أيام لا يشك أنه قبل العقد فلا مهر ولا لعان، فإن لاعن قبل وضعه ثم أتت به لأقل من ستة أشهر لم يكن لها مهر، ولا تحرم بالتعانهما؛ لأنها كانت غير زوجة. اللخمي: وإن وضعته لأكثر من ستة أشهر وكان حين العقد غائبًا، ولم يمض من الزمان ما يقدم فيه ثبت نكاحه، وحمل نكاحه على أنه حدث بعد العقد على مشهور أصل مالك، ولو قيل يفسخ ويحمل على أنه متقدم لكان وجها؛ لأن الوضع لستة أشهر نادر. وسمع أبو زيد ابن القاسم: لو قال: تزوجتك لخمسة أشهر، وقالت: لسبعة وهي حامل تلاعنا. اللخمي: يقول أشهد بالله أني لمن الصادقين ماتزوجتها إلا لخمسة أشهر، وتقول: أشهد بالله أنه لمن الكاذبين ما تزوجني إلا لسبعة أشهر وأنه لمنه، ولم يقله ابن رشد. اللخمي: من ظهر بها حمل بعد طلاقها قبل البناء وتصادقا أنه لم يصب إن تماديا على عدم الإصابة حدت حد البكر ولا لعان. قلت: هذا على أحد القولين. قال: وإن رجعا لحق به الولد وأكمل المهر وله الرجعة إن لم تكن وضعت، وإن رجع دونها لحقه الولد وحدت وأكمل مهرها إن أحبت، وإن رجعت دونه لاعن، إن نكل أكمل المهر ولحقه الولد، وإن لاعن ونكلت حدت، ولو ظهر حملها بعد موته، وقالت منه لحقه فورثه. وفي إكمال مهرها وإرثها منه إن لم يكن الطلاق ثلاثا قولا محمد وابن القاسم، ولو تمادت على قولها: لم يصب لم يلحقه لظاهر قول ابن القاسم: يلحق به؛ لأنها لم تثبت على قولها، ولو أنكره وكذبته ولم يلتعن حتى مات لحقه. قاله ابن القاسم. زاد أشهب: ويكمل مهرها. ونفي حمل الأمة المقر سيدها بوطئها لغو في اللعان، ولا ينفي إلا بادعائه استبراءها ولم يطأ بعده في حمل يمكن بعده، ومن ثم قال ابن حبيب عن أصبغ: من

اشترى زوجته حاملا أو غير ظاهرة حمل، وأتت بولد لأقل من ستة أشهر من يوم الشراء. سحنون: أو لأكثر وأقر أنه ما وطئها بعد الشراء فحملها للنكاح. سحنون: ولو لخمس سنين، وإلا فهعو للملك. وقول ابن الحاجب: إن ولدته لستة أشهر فأكثر فحكمه فيه حكم الأمة، ظاهعره ولو أقر بعدم وطئها بعد الشراء، ولذا لما قرر ابن عبد السلام كلامه قال: هذا إن لم يطأها السيد بعد الشراء، وهذه غفلة فتأمله. وهو من الزوج يوجب درء حده في الحرة المسلمة وعقوبته في غيرها، وحد المسلمة المكلفة إن نكلت وقطع نسب الولد، ومن المرأة درء حدها أو عاره. وتأييد حرمتهما بفرقتهما على المشهور: ابن رشد في المقدمات: في وقوع الفرقة بتمام لعان الزوجة بعد الزوج أو بتمام لعان الزوج وإن لم تلتعن، ثالثها: بتمام لعانه إن التعنت، للمشهور عن مالك وأصحابه، وقول أصبغ مع ظاهر قول مالك في الموطأ وابن القاسم. فيها: وعلى الأول إن مات بعد لعانه قبل التعانها ورثته، وقاله مطرف وابن حبيب، وعلى الثاني: لا توارث بينهما بموت أحدهما بعد لعان الزوج، وعلى الثالث: قولها إن ماتت ورثها الزوج وإن مات ورثته إن لم تلاعن. عياض: وعلى الثاني حملها بعضهم لدليل قولها: إن أكذب نفسه قبل الخامسة لم يفرق بينهما، وذكر ابن زرقون الثلاثة ولم يعز أولها، وجعل قول سحنون في نوازله: (من لاعن بحمل امرأته فنكلت فأخر رجمها لوضعها فأكذب الرجل نفسه قبل وضعها وبعد نكولها قطع لعصمتهما ولا يتوارثان، فإذا وضعت رجمت، رابعًا: وقال فيه ابن رشد في سماع عيسى أنكره أو بكر بن عبد الرحمن لمخالفته الأصول. قلت: كذا نقله الشيخ في نوادره، ومثله قول الباجي: لا خلاف عند أصحابنا أنها لو لم تلاعن أو أكذب نفسه قبل تمام لعانها لم تثبت بينهما فرقة، ونص عليه مالك. وفي الموازية لابن القاسم: لو قالت له وقد بقي أقل لعانه: عفوت عنك فلا تلتعن فترك لم يحد ويلحقه الولد، ولو لم تعف عنه ولكن أقرت، ثم رجعت واعتذرت بما

تعذر به لم يحد واحد منهما، ولحقه الولد إلا أن يحب أن يلاعن وينفيه كحاله في الأمة والنصرانية إلا أن هذا إن التعن فلتلتعن وإلا رجمت. الباجي: وتقع الفرقة بغير حكم ولا تطليق. عياض: اختار ابن لبابة أن لا تقع الفرقة إلا بحكم. المتيطي عن بعض الموثقين: لا يتم الفراق بينهما على قول ابن القاسم إلا بحكم القاضي. اللخمي عن محمد ابن أبي صفرة: لا يرفع اللعان العصمة لقول عويمر: كذبت عليها يا رسول إن أمسكتها فأحدث طلاقا قطع به العصمة. ابن زرقون: قال ابن القصار: تأثيره في العصمة فسخ، وقيل: طلاق. قلت: الأول نقل ابن الجلاب عن المذهب: وعلى الثاني ثبوت نصف المهر قبل البناء حسبما مر. ابن زرقون: وعلى أنه طلاق حكى ابن شعبان عن ابن أبي سلمة أنه طلاق البتات تحل له بعد زوج إن أكذب نفسه ونحى إليه أشهب، وقال ابنه عبد الملك في الثمانية. قلت: وقال عياض عن ابن لبابة: إن أبى أن يطلق هو ثلاثا طلق عليه الإمام، ولم يمنعه من مراجعتها بعد زوج وإقراره بكذبه لا يحلها، ولو انفش حملها لما مر. وفي تهذيب عبد الحق ما حاصله: لو نكلت عن اللعان ففي قبول رجوعها إليه قولا أبي علي بن خلدون مع أبي بكر بن عبد الرحمن محتجا بالقياس على قبول رجوعها عن إقرارها بالزنا، وأبي عمران مع ابن الكاتب محتجًا بالقياس على عدم قبول رجوع من سلم إعذار بينة عليه بحق عنه؛ لأن لعان الزوج كبينة عليها، ولعانها قدح فيها، وعلى عدم قبول رجوع من نكل عن يمين إلى حلفها، ورد قياس أبي بكر الأول بالفرق بأن الحق في الزنا لله فقط، واللعان فيه حق للزوج، وهو بقاء عصمته إن كانت أمة أو غير محصنة، وبأن الإقرار بالزنا إقرار بما لم يثبت إلا به، وفي اللعان إقرار بما ثبت بزائد عليه وهو أيمان الزوج، هذا حاصل استدلاله في نحو سبعة أوراق. وقال الباجي: عندي أن في الموازية عن ابن القاسم مثل قول ابن عبد الرحمن ولسحنون في العتبية مثل قول ابن الكاتب، وعزا عبد الحميد الصائغ قول ابن عبد

باب في التوأمين

الرحمن لأبي محمد اللوبي وغيره، وقال: ما قاله ابن الكاتب له وجه لتعلق حق الزوج لكن لعله أراد أنها لا ترجع إلى اللعان بمعنى أنها تبقى زوجة على القول إنما تقع الفرقة بلعانهما معًا؛ إذ يتعلق بنكولها ورجوعها حق لله، وحق للزوج كمن أقر بسرقة مال رجل يجب به قطعه، ثم رجع فيسقط حق الله في قطعه لا حق الآدمي في المال. وقول الصقلي: وإن كان اختلف في رجوع الزوج إلى لعانه إذا أنكر دعواها أنه قذفها فأقامت بذلك بينة فكذلك يجري الاختلاف في المرأة، يقتضي أن الرجب إذا نكل ثم رجع إلى اللعان أنه يختلف فيه كالمرأة. وقال المتيطي: قال بعض الشيوخ: انظر هل يدخل هذا الاختلاف في الزوج إذا نكل عن اللعان ثم رجع. قيل: يدخل والصحيح أنه لا يدخل؛ لأن نكول المرأة كإقرار بالزنا فصح الرجوع عنه، ونكول الرجل كإقرار بالقذف، ولا يصح الرجوع عنه. قلت: لم يحك ابن شاس في الرجل إلا قبول رجوعه. ] باب في التوأمين [ التوأمان: ما ليس بين وضعهما ستة أشهر في كونهما شقيقين أو لأم قولان، لسماع ابن القاسم وابن رشد عن ابن دينار مع المغيرة. فيها لابن القاسم: إن أقر بأحدهما ونفى الآخر حد ولحقا به. وفيها: إن وضعت الثاني لستة أشهر فهما بطنان إن أقر بالأول ونفى الثاني، وقال: لم أطأها بعد وضع الأول لاعن للثاني، وإن قال: لم أجامعها بعد الأول والثاني مني

لزمه لفراشه ويسأل النساء، فإن قلن: يتأخر الحمل هكذا لم يحد، وإن قلن: لا يتأخر حد ولحق به، بخلاف من لم يبن بزوجته حتى أتت بولد لستة أشهر من يوم تزوجها فأقر به، وقال: لم أطأها منذ تزوجتها لحق به وحد. قلت: إنما لم يحد إذا قلن يتأخر لعدم نفيه إياه بقوله: لم أطأها بعد وضع الاول لجواز كونه بالوطء الذي كان عنه الاول عملا بقولهن يتأخر، وحد إذا قلن لا يتأخر لنفيه إياه بقوله لم أطأها بعد وضع الأول منضما لقولهن لا يتأخر، فامتنع كونه عن الوطء الذي كان عنه الأول مع قوله لم أطأها بعده، وإقرار به مع ذلك، فآل أمره لنفيه وإقراره به فوجب لحوقه به وحده، وانظر لو شك النساء في تأخره كذا وعدمه، والأظهر أنه لا يحد، واقتصار ابن الحاجب على قوله: إن قلن يتأخر لم يحد، يقتضي أنهن إن شككن حد، ولفظها بخلاف ذلك لتعارض مفهومي شرطيها فتأمله. وقال ابن عبد السلام ما نصه بعد قوله: قوله: إلا أنه قال يعني مالكًا. قال: إذا أقر بالثاني يعني بعد أن نفى الأول ولاعن فيه، وزاد مع إقراره بالثاني أنه يسأل النساء، فإن قلن أنه يتأخر هكذا لم يحد، فأشار المؤلف بصيغة الاستثناء إلى إشكال هذا الموضع، وهو كذلك؛ لأنه إذا كان يتأخر كان كما لو ولدًا في وقت واحد أو كان بينهما أقل من ستة أشهر، وقد قال في هاتين الصورتين: إن أقر بأحدهما ونفى الآخر حد ولحقا به، فكذا ينبغي الحكم فيما شاركهما في المعنى. قلت: من تأمل وأنصف علم أن مقتضى كلامه أن قول مالك عنده أنه إذا قلن يتأخر أنه يحد ولذا استشكله، وهذا منه وهم؛ لأن نص مالك في المدونة، وفيما نقله ابن الحاجب أنه لا يحد وقد تقدم توجيهه، هذا إن حملنا كلامه على مسألة المدونة على ما هي عليه دون تحريف، وأعرضنا عن ظاهر قوله بعد أن نفى الأول، ولاعن فيه لوضوح العلم بأنه إنما تكلم على مسألة المدونة كما دل عليه تفسيره. قال في لفظ ابن الحاجب: مالك، وهذا القول لمالك بسؤال النساء إنما هو في مسألة المدونة وغيره من كلامه بما يطول جلبه، وإن لم يعرض عنه انصرف توهيمه لذكر مسألة المدونة بنقيض ما هي عليه مع وضوحها وشهرتها، ومن يزعم أنه إنما تكلم على مسألة أخرى غير مفسر بها كلام ابن الحاجب فلا يخفى على منصف عدم

صوابه، وتعسفه تعسفا يفتح باب الإلحاد؛ لأنه حينئذ صرف اللفظ عن ظاهره الجلي لا لدليل ولا عصمة من قاله من الوهم، وقد يكون موجب ما قاله ابن عبد السلام اعتقاده أن لا موجب لما زعمه من استشكال ابن الحاجب غير ما ذكره، وليس كذلك لإمكان تقرير استشكاله بأن يقال قوله في المدونة في وضعها الثاني لستة أشهر هما بطنان إن أقر بالأول ونفى الثاني، وقال لم أطأها بعد وضع الأول لاعن للثاني، ولم يقل يسأل النساء هنا ولقوله في الثانية يسألن؛ لأن وضع الثاني للستة إن لم يستقل في دلالته مع قوله: لم أطأها بعد وضع الأول على قطعه عن الأول دون سؤالهن كما في الأولى لزم في الثانية فيحد، وإلا سئلن في الأولى، فإن قلن يتأخر حد، كما لو وضعتهما لأقل من ستة أشهر، ويجاب باستقلاله حيث لا يعارض أصلا، ولا يستقل حيث يعارضه، وهو في الثانية يعارض أصل درء الحد بالشبهة بخلاف الأولى، وقولها: (بخلاف من لم يبن إلخ ..) معناه أنه في هذه يحد من غير سؤال النساء عن التأخر، ووجهه واضح إذ لم يتقدم للزوج فيها وطء بحيث يحتمل كون الولد الذي أقر به منه فاتضح منه في الولد نفيه وإقراره به، ومسألة الولدين تقدم من الزوج وطء هو الذي كان عنه الأول فعرض احتمال كون الولد الثاني منه إن صح تأخر الوضع ستة أشهر، فلم يكن قوله ما وطئتها بعد وضع الأول نفيا له فيحد بإقراره به. وقول ابن عبد السلام: يصعب أيضًا وجه المخالفة بين هذا الفرع والذي قبله، ألا ترى أن هذا وإن حقق نفي الولد فالأول يشاركه في ذلك إذا قال: النساء يتأخر عن الولد الذي لاعن فيه مع أنه ألزمه له وحده وهما من حمل واحد. قلت: قوله: (يصعب وجه المخالفة) يرد بما قررناه من وضوح وجه المخالفة، وقوله: (فالأول شاركه) إلى قوله: (لاعن فيه) نص في أن مسألة المدونة عنده أنه نفى الأول، ولاعن فيه لا أن نفيه بلعانه مسألة أتى بها من عند نفسه، وهو وهم حسبما مر، وقوله: (مع أنه ألزم له وحده وهما من حمل واحد) غلط واضح؛ لأنه نص فيها أنهما إذا كانا من حمل واحد يقول النساء يتأخر أنه لا يحد ويلحقاه معا به، والعجب أنه ذكر لفظ التهذيب على نحو ما قلناه، وجزم بنقيضه جزما بنى عليه استشكاله قول مالك فتأمل هذا، واستحضر قوله تعالى: (وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ) [الكهف:29].

باب دليل براءة الرحم

[باب دليل براءة الرحم] دليل براءة الرحم عدة واستبراء: العدة: مدة منع النكاح لفسخه أو موت الزوج أو طلاقه. فتدخل مدة منع من طلق رابعة نكاح غيرها، إن قيل: هو له عدة، وإن أريد إخراجه قيل مدة منع المرأة إلى آخره. وفي بعض مسائل استبرائها إطلاق لفظه عليها مجازًا. وفيها التصريح بأن مدة منعه للفسخ عدة، فقولها: إن علم بعد وفاته فساد نكاحه وأنه لا يقر بحال، فلا إحداد عليها ولا عدة، وعليها ثلاث حيص استبراء. معناه: لا عدة وفاة وأطلق الاستبراء على عدة الفسخ مجازًا؛ لأنه خير من الاشتراك.

باب فيما تجب فيه العدة

اللخمي: إن أجمع على فساده اعتدت ثلاث حيض، وقيل: حيضة استبراء، وإن اختلف فيه اعتدت ثلاث حيض، وليست على مطلقة قبل البناء، فإن ادعته لزمتها ولا رجعة، ودعواه فيها لغو، وفي أمهات الأولاد منها مع غيرها: ظهور حمل يمكن منه كالبناء في العدة والرجعة ولو بعد موته. ] باب فيما تجب فيه العدة [ وفيها: تجب بخلوتهما، ولو بأي زيارة تحتمل الوطء، ولو أنكراه. وللخمي في لزوم العدة في خلوة الزيارة إن اتفقا على نفي المسيس أو ادعاه الزوج فقط، ثالثها: يستحب إن تزوجت دونها لم يفسخ إن اتفقا، وإن ادعاه الزوج وجبت.

باب فيما تسقط به العدة

لابن القاسم مع مالك والأخوين واختياره. قال: إلا أن تكون بكرًا، وترضى بنظرها النساء فتوجد بكرًا فلا عدة عليها. [باب فيما تسقط به العدة] وتسقط بإنكارها نفقتها وسكناها وكمال المهر إن كانت رشيدة، وفي غيرها خلاف تقدم، وبإنكاره رجعتها. وفيها: إن تصادقا على نفي المسيس في فاسد النكاح، فلا مهر ولا نفقة، وتعاض من تلذذه إن كان تلذذ بها، وقيل: لا تعاض، عزا بعضهم قول الغير لسحنون وتقدم نحوه في العنين. قال ابن عبد السلام: وهذا ظاهر ما في إرخاء الستور. قلت: إنما قاله في إرخاء الستور في النكاح الصحيح، وقو قوله: من دخل بامرأته، وقال: لم أمسها وصدقته، فلها نصف المهر، وكذا إن تصادقا أنه قبل أو جرد أو وطاء دون الفرج إلا أن يطول مكثه معها. قال مالك: فأرى لها جميع المهر، وقال ناس: لها نصف المهر. قلت: فإن أشار إلى مفهوم قوله: إلا أن يطول ففيه نظر؛ لأنه لا يلزم من لغو تلذذه بها في النكاح الصحيح لغوه في الفاسد؛ لأنها تأخذ في الصحيح نصف المهر ولا تأخذه في الفاسد. وفيها: إن كان الصبي لا يولد لمثله ويقوى على الوطء فظهر بامرأته حمل لم يلحقه وحدت، وإن مات الصبي لم تنقض عدتها لوفاته بوضعه؛ لأن الحمل الذي تنقضي به العدة ما لحق بأبيه إلا الملاعنة تحل بوضعها، وإن لم يلحق بالزوج وللخمي فيه إلزام. والمسموح ذكره وأنثياه مثله، وفي العدة من مقطوع الأنثيين قائم الذكر قولان؛ لنقل اللخمي وابن حبيب، وصوبه وألزم الأول في الصبي القادر على الوطء. قلت: الأول قول ابن شعبان في زاهيه وفي الواضحة: إن بقي منه يسرى أنثييه وبعض عسيبه لحقه الولد إلا أن ينفيه بلعان، ومعنى ما نقل عن ابن دينار: أن الولد لاحق بالخصي كيفما كان ليس على عمومه، وإنما هو إذا كان يتأتى منه الإنزال حين تمتعه

بزوجته، وهو الذي يجب اعتباره لما تقدم في اللعان: من أقر بالوطء دون الفرج مع الإنزال لحقه الولد. وفي نكاحها الأول: قيل: إن كان مجبوب الذكر قائم الخصى. قال: إن كان يولد لمثله فعليها العدة، ويسأل عن ذلك، فإن كان يولد لمثله، لزمه الولد وإلا فلا. واختصارها أبو سعيد بلفظها لعدم استقلال جوابه، وإجمال لفظه في عدم بيان المسئول، وعدم جوابه باعتبار الإنزال حسبما دل عليه آخر استبرائها. وفيها: لا يلزم الخصي ولد إن أتت به امرأته، إلا أن يعلم أنه يولد لمثله، وفيها أيضًا: وتعتد امرأة الخصي في الطلاق. قال أشهب: لأنه يصيب ببقية ذكره، ويتحصنان بذلك، وإن كان المجبوب لا يمس امرأته فلا عدة عليها من طلاق. قلت: ظاهره ولو أنزل. عياض: الخصي إن كان قائم الذكر أو بعضه، وهو مقطوع الأنثيين أو باقيهما أو إحداهما أو اليسرى عند ابن حبيب، فهو الذي قال فيها: يسأل أهل المعرفة؛ لأنه يشكل إذا قطع بعض ذكره دون أنثييه أو أنثياه أو إحداهما دون الذكر، هل ينسل وينزل أم لا؟ وفيها: ليس على من لا يوطأ مثلها عدة طلاق. وفيها قبلها: عدة من فيها بقية رق في الطلاق، وهي ممن لا تحيض لصغر، ومثلها يوطأ وبنا بها زوجها ثلاثة أشهر. وفي المقدمات: قال ابن لبابة: الصغيرة التي ليست في سن من تحيض ويؤمن منها الحمل. لا عدة عليها، وهو شاذ. قلت: قال اللخمي: رواية ابن عبد الحكم في الأمة تطيق الوطء، ولا تحمل غالبًا كبنت تسع وعشر لا يجب استبراؤها، خلاف رواية ابن القاسم فيها: وجوب الاستبراء، وظاهر ترجيح اللخمي هذه الرواية بقوله قياسًا على الحرة المعتدة: أن الحرة لا خلاف فيها. ونقل الصقلي عن ابن حبيب وجماعة من التابعين مثل رواية ابن عبد الحكم. وقول ابن هارون: رواية ابن عبد الحكم أشبه لقولهم في الصغير الذي لا يولد له:

لا تعتد زوجته ولو أطاق الوطء؛ يرد بأن الصبي لا ماء له قطعا فلا يولد له قطعا، ونفي الولد عن الصغيرة المطيقة للوطء لا ينهض للقطع، فجاء الاحتياط. قال اللخمي: وذكر بعض أهل العلم أنه رأى جدة بنت إحدى وعشرين سنة، وعرفت أن في بلاد مكة مثل ذلك كثير كاليمن. اللخمي: عدة طلاق الفاسد المختلف فيه ثلاث حيض، وفي كون المجمع عليه كذلك، واستبراؤها بحيضة قولان. الشيخ في الموازية: عدة النكاح الفاسد، ولو في الأمة كالصحيح في غير الوفاة ومثله فيها. وبراءة الحرة من وطء زنا أو غلط أو غيبة غصب أو سبي أو ملك ارتفع باستحقاق ثلاث حيض استبراء لا عدة، وفي استبرائها لا تصدق المسبية في عدم وطئها؛ لأنها حيزت بمعنى الملك، ومنع التلذذ بالزوجة في استبرائها من غصب في الاستبراء. وتخريج ابن عبد السلام استجابة في المغصوبة من قولها: في الأمة المغصوبة يستحب، يرد بأنه مشكل مؤول وبأن الحرة أقوى؛ ولذا كان فيها ثلاث حيض، ووهم اللؤلؤي في جعله فيها حيضة، فنبهه ابن زرب فرجع، وكون البراءة خوف اختلاط الأنساب يسقطها في اتحاد الواطاء بسبب صحيح كمتزوج من بانت منه في عدتها وشراء الزوج زوجته في صحيح النكاح والفاسد. قال عياض لابن القاسم في الواضحة: إن كان ليس لأحد إجازته فلا يتزوجها إلا بعد الاستبراء، ومثله فيها ولمالك: وإن كان لأحد إجازته من ولي أو سلطان فله أن يتزوجها في عدتها منه. وعند محمد في المملكة توطأ قبل العلم، عليها الاستبراء، واستشكل لزوم الاستبراء مع وجوب لحوق الولد، وأجيب بإفادته نفي تعريض من قال لذي نسب منه: يا ابن الماء الفاسد. وفيها: من تزوجت بغير ولي ففرق السلطان بينهما فطلبت زواجه مكانها زوجها السلطان منه، وإن كره الولي.

قال سحنون: هذا إن لم يكن دخل بها. عياض: هذه روايتي عن ابن عيسى بذكر اسم سحنون، ويسقط من رواية أبي عمران، وقال: الكلام لسحنون. أبو محمد: يريد: لو دخل لم ينكح إلا بعد ثلاث حيض. أبو عمران: هذا أصل سحنون لقوله في العبد يتزوج بغير إذن سيده أن زوجته تستبرأ بعد إجارة سيده، وكذا كل عقد فاسد أجيز بخلاف ما فسد لصداقه وفات بالبناء، لا استبراء فيه، وكذا كل وطء فاسد في نكاح صحيح كوطء الحائض والمعتكفة، وقال ابن الماجشون، فيجب الاستبراء من وطء بعقد فاسد اتفاقًا، ويختلف فيه أمضى أو فسخ فيه قولا سحنون مع ابن الماجشون، وابن القاسم مع مالك، وفاسد الوطء بعقد صحيح لغو. وفي وطء المملكة قبل إعلامها نظر، وفي الموازية: وجوب استبرائها. قلت: عزوه لابن القاسم ومالك، وعدم الاستبراء خلاف قولهما في النكاح الأول. فيها: من فسخ نكاح أمته بغير إذنه بعد البناء لم يجز لزوجها أن يتزوجها في عدتها منه. ابن القاسم: وإن اشتراها لم يطأها في عدتها منه، ونحوه في إرخاء الستور. وفيها: لزوم ذات الرق العدة كالحرة واستبراؤها في الزنا والاشتباه حيضة ولزومها الكتابية لطلاقها مسلم أو موته كمسلمة، ولا يتزوجها مسلم لطلاقها ذمي أو موته إلا بعد ثلاث حيض استبراء، وبأحدهما قبل البناء له نكاحها مكانه. وسمع أبو زيد ابن القاسم: نكاح مسلم نصرانية بعد حيضة من طلاقها نصراني لا يفسخ ولو لم يبن؛ لقول مالك قديما: يجزئها حيضة. ابن رشد: قوله: (قديما) يدل على رجوعه لما فيها لا يجزئها إلا ثلاث حيض، وعليه يفسخ نكاحه إياها قبلها وهو قول ابن وهب، ويدخل هذا الخلاف في النصرانية يطلقها مسلم؛ لأنه بنى على أن الكفار مخاطبون أم لا، فالثلاث على أنهم مخاطبون، وعلى عدمه تكفي حيضة، على القول أن الحيضة الواحدة هي الاستبراء والاثنتان عبادة، وكذا المجوسية إذا أسلم زوجها ولم تسلم.

باب فيما تثبت به عدة الوفاة

لأبي زيد عن ابن القاسم في الموازية: استبراؤها حيضة. وقال ابن ميسر: ثلاث؛ لأنها عدة من مسلم، ففي كون عدة الكتابية من وفاة زوجها المسلم أربعة أشهر وعشرًا أو ثلاث حيض، ثالثها: حيضة لقولي مالك بخطاب الكفار وعدم خطايهم مع أن كل الثلاث استبراء، وللتخريج على أنهم غير مخاطبين، وأن الاستبراء بواحدة والزائد تعبد. [باب فيما تثبت به عدة الوفاة] ولا يجب عليها في الوفاة قبل البناء عدة على أنهم غير مخاطبين. ورواه ابن الجلاب. الشيخ عن الموازية لأشهب: إن أسلمت تحت نصراني فمات في عدتها إنما عليها تمام ثلاث حيض من يوم أسلمت، ولو أسلم فيها ثم مات انتقلت لعدة الوفاة من يوم موته، ولو أسلم دونها فعليها ما على المسلمة إن كانت كتابية وإلا عرض عليها الإسلام، فإن أبت جبرت على ثلاث حيض، وإن لم يعرض عليها حتى مات فقيل: عليها أربعة أشهر وعشر ونصفها إن كانت أمة، وقيل: ثلاث حيض؛ لأنه كان بريئا من عصمتها. والمعتدات ست: الأولى معتاد حيضها في كل شهر دون دم غيره، ولو اتلف قدره ثلاثة قروء للحرة وقرآن لغيرها، والمنصوص القرء الطهر، واستقراء اللخمي من إطلاقه في المذهب على الحيض أنه الحيض، ورجحه ورده ابن بشير بأنه مجاز. وفيها: طهر الطلاق قرء ولو في آخر ساعة منه، وفي انقضائها بأول آخر دمها اضطراب، سمع القرينان للمعتدة إذا حاضت الحيضة الثالثة قبل طهرها، ولكن لا تعجل حتى تقيم أياما فتعلم أنها حيضة. ابن رشد: قوله: (ولكن لا تعجل) على الاستحباب وإلا تناقض.

وقول أشهب فيها: غير أني أستحب ألا تعجل حتى تعلم أنها حيضة مستقيمة بتماديها. يأتي على سماعه هذا. وعلى أن لأقل دم الحيض والاستبراء حدا في كونه ثلاثة أيام أو خمسة قولا ابن مسلمة وابن الماجشون. إنما قلناه: أنه يأتي على أن لأقله حدا لقوله: إن انقطع وجب رجوع المرأة لبيتها ولزوجها رجعتها؛ لأن ما تراه من الدم حيض في الظاهر يوجب نقلها من مسكن الزوج ويبيح تزويجها على كراهة ويمنع ارتجاع زوجها إياها، فإن انقطع الدم ولم يعد عن قرب وكانت تزوجت فسخ نكاحها، وصحت رجعة زوجها إن كان ارتجعها، وله رجعتها إن لم يكن ارتجعها، وإن رجع عن قرب تم نكاحها وبطلت رجعتها لإضافة الدم الثاني للأول وما بينهما من طهر لغو. وعلى قول ابن القاسم فيها: لا حد له والدفعة حيض يعتد بها في الطلاق والاستبراء وهو روايته. فيها: إذا دخلت الأمة المبيعة في الدم بأول ما تدخل للمشتري، ومصيبتها منه يجوز للمرأة أن تتزوج بأول ما تراه من الدم، ولا معنى لاستحباب التأخير، لأن الدم إن انقطع، فإن عاد عن قرب فهو من الاول فكان كدوامه، وإن عاد عن بعد فالأول حيض مستقل. وسحنون يوجب عليها ألا تتزوج حتى تقيم في الدم إقامة يعلم أنها حيضة واحتج برواية ابن وهب: لا تبين مطلقة ولا تحل أمة مستبرأة ولا يضمنها مبتاعها بأول الدم حتى يتمادى ويعلم أنها حيضة مستقيمة. وقال ابن القاسم في استبرائها: إن رأت الدم يوما أو بعض يوم ثم انقطع؛ يريد: ولم يعد حتى مضى ما يكون طهرًا، يسأل النساء إن قلن أنه يكون هذا حيضًا كان استبراء وإلا فلا. وعليه إن قلن: لا يكون حيضًا يكون حكمه على ما سمعه أشهب، وعلى فصل هذا الدم مما قبله وبعده وعدم اعتباره عدة لقلته في عدم قضاء صلاة أيامه، ووجوبه

قولان لظاهر المذهب، وقول سحنون؛ وهو شذوذ. المتيطي عن ابن سعدون: روى ابن وهب: لا تحل مطلقة إلا بانقضاء دم الحيضة الثالثة كقول أهل العراق. قال بعض الفقهاء: وعليه فالأقراء الحيض، وفي إرخاء الستور منها: إذا رأت أول قطرة من الحيضة الثالثة تم قرؤها وحلت للأزواج. أشهب: أستحب أن لا تعجل حتى يتمادى دمها. عياض: كل المسألة من أولها عندي لأشهب أولها، وقال غيره: وساقها إلى قوله. قال أشهب: وعليه اختصرها ابن أبي زمنين وغيره، واختصرها الشيخ وغيره من القرويين على أنها لابن القاسم، وحمل أكثر الشيوخ قول أشهب على التفسير. قال بعضهم: هو خلاف، وهو قول سحنون، وذكر ما تقدم لابن رشد وزاد في حد أقل الحيض رواية الخطابي: أنه يوم. وقال جمهور الشيوخ برواية ابن وهب: لا تبين حتى تعلم أنها حيضة مستقيمة. واختلفوا إن راجعها زوجها عند انقطاع هذا الدم، ثم رجع عن قرب. قيل: رجعته باطلة وهو الصحيح، وقيل: لا تبطل. وأما قول شيخنا: وتقضي ما تركت فيه من الصلاة ففيه نظر، ولا يوافق عليه. قلت: هذا يقتضي أن ابن رشد يقول بالقضاء وليس كذلك، إنما نقله عن سحنون وضعفه حسبما مر. اللخمي: وعلى رواية ابن وهب: إن ماتت أول دم الثالثة قبل أن يعلم أنها حيضة صحيحة ورثها، وجعل قول ابن القاسم خلاف قول أشهب. قال: وعليهما إن ماتت قبل تمادي دمها حمل على التمادي ولم يرثها، وإن مات الزوج لم ترثه إن تمادى، وإن قالت قبل موته باليوم والشيء القريب: كان انقطع الدم عني ومات بإثر قولها ورثته. ابن الحاجب: ولا يقبل قولها بعد التزويج ولا قبله في ثبوت الرجعة، ففسروه بما إذا قالت: رأيت أول دم الأخيرة، فتزوجت قبل أمد تماديه أو لم تتزوج، ثم قالت: انقطع لم تصدق لتهمتها على فسخ نكاح من تزوجها، ورجعت للأول دون عقد نكاح. زاد ابن هارون: إلا أن يشهد النساء بذلك.

قلت: مسائل الرجعة فيها مع غيرها دالة على قبول قولها في حال عدتها ما لم يقم دليل على كذبها، ولم يناقض ما صدر منها قبله من قول أو سكوت، ومقتضاه قبول قولها: انقطع الدم عني، إن قالت قبل تزويجها: رأيت أول الدم فقط، وكذا في الرجعة، وهو ظاهر قول أشهب فيها، ونصه: قال أشهب: أستحب أن لا تعجل بالتزويج حتى يتبين أن الدم الذي رأت في آخر الحيض دم حيضها بتماديها فيها؛ لأنه ربما رأت المرأة الدم الساعة والساعتين أو اليوم ثم ينقطع عنا فيعلم أن ذلك ليس بحيض. فإن رأت المرأة هذا في الحيضة الثالثة: فإن لزوجها عليها الرجعة وعليها الرجوع إلى بيتها الذي طلقت فيه حتى تعود إليها حيضة مستقيمة. قلت: قوله: فإن رأت المرأة هذا فإن لزوجها عليها الرجعة، نص في قبول قولها في ذلك بعد انتقالها من بيتها لرؤيتها دم الحيضة الثالثة، وهو ظاهر كلام ابن رشد واللخمي في المسألة. ونص نقل عبد الحق: قال عن بعض شيوخه من القرويين على قول أشهب: إن نكحت ثم قالت: انقطع الحيض عني صدقت وفسخ النكاح، ولا تتهم في فسخ نكاحه؛ لأن هذا أمر لا يعلم إلا من جهتها. وقول الأشهب: ترجع لبيتها ولزوجها عليها الرجعة يبين ما قلناه؛ لأنه لم يتهمها في رجعة الزوج ووجوب السكنى والنفقة، فكذا لا تتهم فيما وصفنا، سواء قالت: رأيت أول الحيضة الثالثة، ولا أدري هل يدوم ذلك أم لا؟ أو لم تقل ذلك؛ لأن هذا معلوم من المرأة أنه قد ينقطع عنها، ولو قالت: انقضت عدتي بهذا اللفظ ثم تزوجت، ثم قالت: ظننت استمرار الحيضة، اتهمت، ولم تصدق. وقال المتيطي: إن سقط من عقد الثيب أنها خلو من الزوج، وفي غير عدة منه. وقال ابن عتاب وغيره: إن لم يمض لها من يوم خليت ما يبين فيه حملها فسخ نكاحها. وقال ابن القطان: لا يقبل قولها في ذلك إذ لعلها ندمت. ولأبي محمد بن أبي زيد: من تزوجت، ثم قالت: ظننت أن عدتي بالشهور دون الحيض، وهي ممن يجهل ذلك أو يكون أمد الطلاق قريبًا، عمل على قولها إلا أن تتهم.

وتقدم إلغاء ما طلقت فيه من دم حيض أو نفاس فتحل بالرابعة من ذلك، ففي كون أقل حيض العدة وجود مطلق مسمى الحيض كالطهارة أو يوما أو ثلاثة، رابعها: خمسة، وخامسها: يسأل النساء، لابن رشد عن رواية ابن القاسم، ورواية الخطابي وابن مسلمة وابن الماجشون، وقولها في كتاب الاستبراء: وإن رأته بعد أيام كثيرة يكون لها هذا حيضًا مؤتنفًا، فرأته يوما أو بعض يوم أو يومين ثم انقطع، فإن قال النساء مثل ذلك حيضة أجزأتها وإلا لم يكن استبراء وإن لم تصل فيها. المارزي: مشهور قول مالك نفي التحديد وإسناد الحكم لما يقوله النساء أنه حيض، وعزا ابن شاس لسحنون مثل قول ابن الماجشون، وهو مقتضى نقل الصقلي عن سحنون: أن أقل أيام عدة ذات الأقراء أربعون يومًا؛ لأن المنقول عن سحنون أن أقل الطهر ثمانية أيام، فإذا ضم إلى أقل الحيض وهو خمسة أيام كان مجموع القرء ثلاثة عشر يوما، فعدد ثلاثة منه تسعة وثلاثون يومًا، ويوم إعلامها بذلك وقيامها به يكملها أربعين يومًا. وقال ابن عبد السلام: إنما حكاه غير ابن الحاجب عن سحنون استقراء من قوله، وهو ظاهر، وذلك يقدر أن الطلاق وقع في آخر لحظة من الطهر، فهذا قرء ثم حاضت بعده بخمسة أيام ثم طهرت أقل الطهر خمسة عشر يومًا، ثم حاضت خمسة أيام فهذان قرءان وذلك خمسة وعشرون يومًا، ثم طهرت خمسة عشر يومًا، ثم دخلت في أول الدم الثالث، فذلك أربعون يومًا، وهذا الاستنباط إنما يتم إذا علم أنه ليس، ثم من يقول: أن أقل الحيض في هذا الباب لا يزيد على خمسة أيام، وإلا فالمانع أن يقال: لعل مذهب سحنون أن أقل الحيض في هذا الباب عشرة أيام، وأقل الطهر عشرة أيام إلى غير ذلك من الاحتمالات التي لا تخفى. قلت: ما قرر به الاستقراء يرد بأنه بناه على أن أقل الطهر خمسة عشر يومًا، وكذا ابن هارون. والمنقول عن سحنون أنه ثمانية أيام، ويتقرر به الاستقراء حسبما قدمناه، وبأنه بناه على أنها تحل برؤية أول دم الحيضة الثالثة، وكذا ابن هارون وهو غير صحيح؛ لما تقدم من نقل ابن رشد عنه: إنما تحل بتمامه، وقوله: لعل سحنونا يقول إلى آخره، يرد بأن ابن

رشد والباجي وغيرهما قالوا: لم يقل أحد أقل الحيض أكثر من خمسة أيام، وأقل الطهر كالعبادات. الثانية: المرتابة لا بمعتاد من رأت حيضًا، ثم فقدته في سنة فيها مع غيرها، عدتها سنة لا حيض فيها، منها تسعة أشهر دليل نفي الحيض الموجب كونها من ذوات الأشهر. الباجي: لأن التسعة مدة معتاد الحمل هو قول عمر في الموطأ: ولو رأت فيها حيضًا، ولو في آخرها انتظرت سنة، كذلك حتى تحصل سنة بيضاء أو ثلاث حيض. قال عن أصبغ: هذا إن كان حيضًا كاملًا، فإن كان يومًا أو ما لا يكون حيضًا انتظرت سنة من يوم الطلاق، وقول مالك قول كافة أصحابنا غير ابن نافع. قال: تنتظر أقصى أمد الحمل خمس سنين، وإن كانت ممن يئسن من المحيض اعتدت سنة، تسعة أشهر ثم ثلاثة. قال سحنون: أصحابنا لا يفرقون بينهما والعدة فيهما بالسنة. ابن زرقون: قال أبو محمد -يعني سحنون- فيمن يحتمل أن تحيض، وأما من لا يحتمل ذلك منها فعدتها ثلاثة أشهر، تممت هذه المسألة من النوادر، واختار اللخمي فيها ثلاثة أشهر، وفي المستحاضة. وفيها: يكفيها في الوفاة تسعة أشهر. والعدة في الطلاق بعد الريبة وفي الفواة قبلها، ووجهه عبد الحق بما حاصله: لأن عدة من تحيض بالحيض لا تنتقل للشهور إلا بدليل نفيه، وهي التسعة والعلم بالدليل واجب التقدم على حصول مدلوله، وعدة الوفاة بالأشهر دون شرط، وتأخر الحيض مانع، والعلم برفع المانع جائز تأخره؛ لأن الأصل عدمه. وتعقبه ابن عبد السلام بقوله: لما لا تدخل أشهر العدة في التسعة الأشهر، وإنما يطلب حصول العدة بعد الاستبراء لو افتقرت العدة لنية؟ وليس الأمر كذلك. ويرد بأن عدة الأشهر في ممكنة الحيض التي حاضت شرطة انتفاء حيضها، ودليله إنما هو التسعة الأشهر لما قرره الباجي حسبما تقدم، فلو اندرجت أشهر العدة في التسعة لكانت بالثلاثة الأخيرة، فلا يكون المتقدم عليها إلا ستة أشهر، ودليل نفي

الحيض تسعة أشهر، فيلزم وجود المشروط دون شرطه، وهو محال فلزومه، وهو الاندراج كذلك. الباجي: روى محمد إن حلت المرتابة بالسنة، ثم تزوجت، ثم طلقت، فعدتها ثلاثة أشهر في الطلاق، ولو كانت أمة؛ لأنها اعتدت بالشهور، فصارت يائسة إلا أن يعاودها الحيض مرة، فترجع لحكمه إن تمادى أو الاستبراء، والعدة إن اقطع عنها. قلت: المعتبر فيما يعاودها مطلق الحيض أو محدوده على القولين. ونقل ابن الحاجب القول ببقاء حكم استبرائها لا أعرفه وقد قبلوه. وفيها: لابن القاسم: من اشترى معتدة من طلاق ممن تحيض فرفعتها حيضتها حلت بسنة من يوم الطلاق وثلاثة أشهر من يوم الشراء. عبد الحق عن القابسي: يريد ولو مسها القوابل بعد ثلاثة أشهر قبل السنة وقلن لا حمل بها لم تحل إلا بانقضائها أو بحيضتين من يوم الطلاق، وليست كالأمة المعتدة من وفاة تقول القوابل بعد ثلاثة أشهر وقبل تمام التسعة لا حمل بها هذه تحل بذلك؛ لانقضاء عدة الوفاة بشهرين وخمس ليال، فالتربص لزوال الريبة إنما هو بعد العدة، وفي المطلقة إنما عدتها الثلاثة الأشهر التي بعد التسعة. قالت: هذا أحد فوائد قول مالك: العدة في الطلاق بعد الريبة وفي الوفاة قبلها، وفي كون عدتها في الوفاة بشهرين وخمس ليال أو بثلاثة أشهر، وللزائد على الخمس ليال حكم العدة في السكنى والإحداد، ثالثها: لا بل حكم الاستبراء، لابن رشد عن سماع عيسى ابن القاسم وابن حبيب عن الأخوين ولها. وفي استبرائها: (من اشترى معتدة من وفاة فتمت عدتها ولم تحض انتظرت الحيضة، فإن رفعتها حتى مضت ثلاثة أشهر، وحست من نفسها انتظرت تمام التسعة من يوم الشراء، فإن زالت الريبة قبلها، حلت، وإن ارتابت بعدها بجس بطن لم توطأ حتى تذهب الريبة). ومعتادة الحيض لسنة أو نصفها أو لهما: اللخمي: تعتد بالأقراء ولو بعدت. محمد: إن انقضت السنة قبل وقت حيضها، فإن لم تحض عند وقتها حلت، ولو

حاضت من الغد. قال: ليس أصل المذهب إلغاءه إن جاء من الغد؛ لأن الحيض يتقدم ويتأخر. وقوله مراعاة للخلاف، وقال أشهب عن طاووس: يكفيها ثلاثة أشهر لا تنتظر حيضًا. ابن رشد عن محمد: من حيضتها لسنة أو أكثر، عدتها سنة بيضاء إن لم تحض لوقتها وإلا فأقراؤها ولا مخالف له من أصحابنا، فتعقب شارحي ابن الحاجب نقله: عدم اعتبار انتظار الأقراء بانفراده حسن. ومتأخرته لرضاع بأقرائها. الصقلي: إجماعًا. وسمع عيسى ابن القاسم: التي تطلق وهي ترضع ولا تحيض، عدتها سنة من يوم تفطم إلا أن تحيض قبل ذلك ثلاث حيض. ابن رشد: ارتفاع الحيض مع الرضاع ليس ريبة اتفاقًا، فتعتد بثلاثة قروء أو سنة بيضاء لا دم فيها بعد الرضاع. وسمع ابن القاسم: لمطلق المرضع طلاق رجعة نزع ولده منها خوف أن ترثه إن تبين صدقه وعدم ضرره، إن لم يضر بالولد. ابن رشد: وروى محمد: وكذا لإرادته نكاح من لا يجوز له في عدتها. وتعقبه ابن عبد السلام: بمنع طلاق المريض ونكاحه يرد بأن المرض مظنة الموت، وإنما هذا كطلاق الصحيح، فإن قيل: فلو طلبه مريضًا قبل: كون الطلاق في الصحيح يضعف تهمته، وقول ابن عبد السلام: قال بعضهم: وكذا لو طلبت المرأة طرحه لها ذلك إن قبل غيرها وللأب مال. قلت: هو تمام سماع ابن القاسم. وفي كون المريضة يتأخر حيضها كمرضع عدتها الأقراء إن تباعدت، وتحل في الوفاة بأربعة أشهر وعشر، أو كمرتابة عدتها سنة في الطلاق، وتمكث في الوفاة تسعة أشهر نقلا اللخمي عن أشهب وأصبغ مع ابن عبد الحكم وابن القاسم وروايته، وفرق له بأن للمرضع دمًا منه يخلق لبنها والمريضة لا دم لها. الصقلي عن محمد: قول أشهب أحب إلينا، بعض القرويين فرق بعضهم لابن

القاسم بقدرة المرضع على رفع ذلك بإسلام الولد. وعدة المستحاضة غير مميزة سنة في الطلاق. ابن حارث: اتفاقًا. وفي كون المميزة كذلك أو بالأقراء رواية الصقلي مع أبي عمر عن أصبغ، وابن زرقون مع الصقلي عنها. قلت: هو قوله في الطهارة والعدة والاستبراء. والتمييز: أبو عمر: بلون الدم وريحه. الباجي: روى محمد: يعرف إقبال الحيضة بكثرة الدم، وإدبارها بقلته. اللخمي: قيل لعبد الملك: تعتد تسعة أشهر ثم ثلاثة. قال: بل سنة. وقال ابن القاسم في المدونة: عدتها ثلاثة أشهر بعد التسعة استبراء. وقال الشافعي وغيره: عدتها ثلاثة أشهر، وهو أحسن. الباجي: إن كانت مستحاضة ستة أشهر وانقطع دمها ستة أشهر ثم استحيضت حلت بسنة من يوم الطلاق قاله أصبغ، وكذا لو لم تر دمًا من يوم الطلاق ستة أشهر ثم استحيضت، حلت بتمام السنة إلا أن تحس حركة فتقيم؛ لأن ينفش أو تحيض أو تضع أو تنقضي مدة الحمل. قلت: هذا نص المنتقى، وبعده كلام مجمل عبر عنه ابن زرقون على أنه من لفظ الباجي بما نصه: أما إن لم تتقدم الاستحاضة ففيه نظر؛ لأن الاستحاضة لا تكون إلا بعد حيض، وهو يبطل حكم الريبة، وتعتد بالأقراء، فلا يضاف ما بعد الحيض من استحاضة لما قبله من الشهور. قلت: حاصله ما يذكره اللخمي عن ابن القاسم خلاف قول محمد. الباجي: وقال ابن القاسم: تستأنف المستحاضة التي انقطع دمها سنة من يوم انقطعت استحاضتها، ولو انقطع دمها بطهر تام ثم رأت حيضًا انتقلت للأقراء. قلت: في النوادر عن محمد عن أصبغ: أن ابن القاسم رجع لقول أصبغ، وسمع عيسى رواية ابن القاسم: إن انقطع دم المستحاضة لثمانية أشهر رجعت للحيض، فإن أيقنت أن أول دمها كان حيضًا اعتدت به حيضة، وإلا استقبلت ثلاث حيض.

ابن رشد: اتفاقًا فيهما، إلا أنه لم يبين بما توقنه، وحاصله: إن رأت من طلقت طاهرًا دمًا قبل طهر تام قبله وجب ضمه إليه إن كان أكثر الحيض، فما رأته استحاضة وإلا فحيض كالذي قبله يكمل منه أكثره، وفي عدة طلاقها في الحيض يوجب رجعتها قولان، وتستقبل فيهما ثلاثة قروء، وإن رأته بعد طهر تام فهو حيض إن تمادى، جرى على الخلاف في اعتبار أكثره بعادتها والاستظهار أو بخمسة عشر يومًا. اللخمي: إن رأت مرتابة بعد ستة أشهر دم استحاضة، لا حيض في عدتها بسنة من يوم الطلاق، وجعل ما رأته حيضًا، فتعتد بالأقراء أو سنة من يوم تذهب الحيضة قولا محمد وابن القاسم لقوله في كتاب الوضوء: إن كان بين الدمين طهر فالثاني حيض دون اعتبار لونه، هل هو حيض أو استحاضة؟ قلت: مثله قوله في العدة: إن اختلفت دم المطلقة فرأته يومين أو ثلاثة ثم رأت الطهر مثل ذلك ثم رأت الدم كذلك فهي كمستحاضة، إن تمادى ذلك بها عدتها سنة، إلا أن يكون بين الدمين من الطهر ما لا يضاف بعضه لبعض، فيكون الثاني حيضًا. اللخمي: ولو جهل أوله هل هو حيض أو استحاضة؟ ففي كونه استحاضة، فتعتد سنة من يوم الطلاق أو حيضًا فتعتد سنة من بعد قدر حيضة والاستظهار قولا محمد. قلت: إن ما في النوادر عزو الأول لمالك، والثاني لقول محمد أنه القياس. اللخمي: وقال أيضًا: لابد لها من ثلاث حيض بعد الاستحاضة؛ يريد: أن يمكن أن تكون استحاضة، فإن رأت بعد ذلك حيضًا استأنفت ثلاث حيض، ويمكن أن يكون حيضًا فتستأنف السنة بعد قدر الحيضة. الثالثة: الصغيرة: من تطيق الوطء، غير بالغ، عدتها ثلاثة أشهر بالأهلة، إن وافقت طلاقها، وإلا ففي اعتبار الأول بتكميله من الرابع ثلاثين يومًا والباقيان بالأهلة أو بالثلاثين روايتان لأكرية الدور مع إحدى روايتي كتاب العدة منها وأخراهما. وخرج اعتبار عدد الشهر تسعة وعشرين يومًا من نذر صوم الشهر، وفي البناء على كسر اليوم فتحل بمثل وقت طلاقها من آخر أيامها وإلغائه فلا تحل إلا بتمامه، ثالثها: إن نكحت بعد مثل وقت يوم طلاقها من آخر أيامها قبل كماله لم يفسخ لأولى

الروايتين، وأخراهما وابن القاسم في سماعه. ابن رشد: القياس الأولى، وقول ابن القاسم ثالث استحسانا. وفي كون الأمة كالحرة طرق. الباجي: قال بعض أصحاب مالك: لا تنقص الأمة عنها. ابن زرقون في المبسوطة لمالك وأصحابه غير أشهب: عدتها شهران. ابن بشير: ثالثها: شهر ونصف. وفيها: الآيسة كالصغيرة. وفيها: ما لم تحض قبل الطلاق أو الآيسة ترى الدم بعد ما أخذت في عدة الأشهر ترجع لعدة الحيض، وتلغي الشهور وتصنع كما وصفنا إن قال النساء فيما رأته الآيسة أنه حيض، وإن قلن: أنه ليس بحيض، أو كانت في سن من لا تحيض من بنات السبعين تمادت بالأشهر. قلت: يريد: (بكما وصفنا) حكم المرتابة، وفي كونه في العبادات حيضًا، نقلا اللخمي: قولي محمد في كتابي العدة والمواقيت. الرابعة: الحامل، عدتها بوضع كل حملها لا بأول توأم، وعليه قولها: ترجع بعده قبل آخر توأم إن لزم حملها مطلقها أو صح استلحاقه، وإلا فلغو. ونفاسها حيضة والعلقة كالكامل في العدة، وحكم أم الولد، وفي كون الدم المجتمع كذلك، ولغوه قول استبرائها، ونقل النوادر وغيرها عن أشهب، وهو ظاهر اختصار الجلاب والتلقين وغيرهما في تفسير ما تحل بوضعه بالعلقة، وعكس الإكمال العزو وهم. الباجي لمالك في المدونة: ما ألقته من مضغة أو علقة أو شيء يستيقن أنه ولد حلت به، وتكون به الأمة أو ولد، وليس بخلاف لقول أشهب؛ لأنه أراد الدم السائل ما يعلم أنه ليس بولد، وأما العلقة فليست بدم سائل؛ بل هو مجتمع على صفة يعلم بها الولد. ابن زرقون: حمله غيره على الخلاف. الخامسة: المرتابة في الحمل بجس بطن، عدتها بوضعه أو مضي أقصى أمد الحمل

مع عد تحققه، وفي كون أقصاه أربع سنين أو خمسا؛ ثلاث روايات: القاضي: سبع، وروى أبو عمر: ستا. اللخمي: روى أشهب: تبقى ما دامت ترى الدم أبدا حتى تنقطع ريبتها. اللخمي: إن تحقق حملها والشك لطول المدة لم تحل أبدا. واختار ابن القصار الأولى، وجعلها القاضي المشهور، وعزاها الباجي لرواية العراقيين وقول أصبغ، والثانية لابن القاسم وسحنون، والثالثة لقول ابن وهب وأشهب المتيطي: بالخمس القضاء، واختيار ابن القاسم أنه أربع. وقال ابن الهندي: لم يمض العمل إلا بالأربع، وروي أن مالكًا ولد لسنتين، وقيل: أقام في بطن أمه ثلاثين شهرًا، وولد عبد الملك بن مروان لسبعة أشهر. وحكى الجوهري في إجماعه عن محمد بن عبد الحكم: أن الحمل لا يزيد على تسعة أشهر. قلت: يقرب منه روايتها في أمهات الأولاد: من أقر بوطء أمته فجاءت بولد لما يشبه أن يكون حملًا لذلك الوطء لحق به، ونحوه في أوائل كتاب العدة. فالأقوال سبعة: تسعة أشهر، وأربع سنين، وخمس وست وسبع وأبدا، وما يشبه أن يكون لسابق الوطء، وعزوها واضح. وفيها: كل معتدة من طلاق أو وفاة تأتي بولد وقد أقرت بانقضاء عدتها فإنه يلحق بالزوج ما بينها وبين خمس سنين إلا أن ينفيه الحي بلعان ويدعي استبراءها قبل طلاقه. وتقدم قول ابن القاسم في الموازية: لو أعلم أنه حيض مستقيم لرجمتها. وفي نوازل سحنون: من الاستبراء من قال قبل موته: جاريتي حامل مني، فقالت: لست بحامل، فاستبرأت ثم جاءت بولد بعد موت سيدها بخمس سنين، فهو للسيد لإقراره أن ماءه فيها ما لم تتزوج، فإن تزوجت فجاءت بولد لستة أشهر فهو للزوج، فإن ولدته لأقل فهو للسيد. ابن رشد: هذا لا اختلاف فيه لإقراره أنها حامل منه ولو لم يقر به، إلا أنه علم أنه كان يطؤها فأقرت أنها حاضت واستبرأت نفسها، وأنه لا حمل ثم أتت بولد لما يلحق به الأنساب فادعت أنه من سيدها، لجرى على الخلاف في المعتدة من طلاق أو

وفاة تقر بانقضاء عدتها على وجهها، وأن لا حمل بها ثم يظهر بها حمل فتلحقه بزوجها فيما دون خمسة أعوام. قيل: لها ذلك، وهو قوله في المدونة. وقال ابن دينار وعيسى عن ابن القاسم في المدنية: تحد ولا يلحق بالزوج إذا جاء من ذلك الأمر البين، مثل أن تعتد في الوفاة أربعة أشهر وعشرًا، وتحيض حيضة وتقيم اثنى عشر شهرًا ونحوها ولا حمل بها. وفيها: من نكحت قبل خمس سنين بأربعة أشهر فأتت بولد لخمسة أشهر من يوم نكحت، لو يلحق بأحد الزوجين وحدت وفسخ نكاح الثاني؛ لأنه نكح حاملا. عبد الحق عن بعض شيوخه: استعظم الشيخ أبو الحسن أن ينفي الولد من الزوج الأول وتحد المرأة بزيادتها على الخمس سنين شهرًا، ويقول: كان الخمس سنين فرضا من الله ورسوله، وقد اختلف قول مالك وغيره في مدة الحمل. قال مرة: يلحق إلى سبع سنين، فكيف ينفى الولد وترجم المرأة، من يقول بهذا؟ وفيها: من أقر بطلاق يابق بعد بنائه ولا بينة به فالعدة في إرثه لها ورجعته من يوم طلاقه، وفي غيرها من يوم إقراره، لوجوب تصديقه في إسقاط حقه دون غيره، وعزاه الشيخ لغير الموازية. وسمع عيسى ابن القاسم: من أقر لقوم أنه بارى امرأته ثم زعم أنه كان مازحا ولم يبار، وأنكرت مباراته إن شهد عليه بانت منه ولا رجعة له، وإن مات أحدهما في عدتها ورثته ولم يرثها. ابن رشد: قوله في الإرث لا يصح؛ لأن قوله: (لا رجعة له) يدل أن الشهادة عليه في حياته، فإذا حكم عليه في حياته بأنها بائنة وجب ألا يكون بينهما ميراث، ولو كانت الشهادة عليه بعد موته لوجب على ما قدمناه في مسألة رسم طلق من سماع ابن القاسم: أن ترثه ولا يرثها، مات في العدة أو بعدها، فلا وجه لقوله: إن مات في عدتها على حال. قلت: قوله: (إذا حكم عليه إلى آخره ...) يرد بأن الحكم عليه بمقتضى قوله: إنما هو فيما هو حق عليه لا فيما هو حق له، فيحكم عليه بعدم الرجعة والإرث بإقراره، ولا يحكم على الزوجة بأن طلاقه بائن فلا ترثه، ولا بأن العدة من يوم زعم أنه طلق

حسبما تقدم. ومن شهدت بينة بطلاقها فعدتها من يوم تاريخها إن لم ينكرها، وإلا ففي كونه من يوم تاريخها إن اتحد، ومن آخره إن تعددا ومن يوم الحكم مطلقًا، طريقا عياض عن المذهب مع الصقلي عن الشيخ وابن محرز. وفيها: من طلق في سفره ثلاثا ببينة ثم قدم قبل البينة فوطئها ثم أتت البينة فشهدت بذلك، وهو ينكر طلاقها ويقر بالوطء فليفرق بينهما ولا شيء عليه. ابن محرز: ظاهره أنها تعتد من اليوم شبه قوله في العتق، وغيره: من شهد عليه بعتق عبده وهو ينكر وقد استغله لا يرد الغلة، وهو دليل على عدم حده في الزوجة وإن لم يعذر بالجهالة، فإن قيل: لم لا تكون العدة من يوم طلاقه كالحكم بحرية العبد من يوم عتقه في حق الله عز وجل وحق الآدميين؟ قبل: لأن للزوج في العدة حقا، ويشبه هذا قول مالك: من شهد عليه بعد موته أنه كان طلق امرأته ورثته، ولو شهد عليه بعد موتها لم يرثها. والفرق ما أشار إليه محمد في توريثها منه إن كان هو الميت؛ لأنه طلاق في المرض. قلت: تقدم قول ابن رشد على هذه في فصل الشك في الطلاق. وعدة الوفاة في نكاح صحيح للحرة المسلمة، ولو قبل البناء أو صغيرة أربعة أشهر وعشر إن رأت فيها ذات الحيض حيضا اتفاقًا. عبد الحق في تهذيب الطالب: وكذا إن لم تره من لم تحض قط، وإن فقدته ومضى وقته لا لسبب ولا ريبة بجس بطن، ففي كونها كذلك ووقفها على حيضة أو تسعة أشهر نقلا. ابن رشد عن سحنون مع ابن الماجشون، والمشهور مع مالك وأصحابه: فإن ارتابت بامتلاء بطن لم تحل إلا برفع ريبتها أو بلوغ أقصى أمد الحمل. الشيخ لأصبغ في الموازية: إن تزوجت المسترابة بتأخير الحيض بعد أربعة أشهر وعشر، لم يفسخ نكاحها، وإن فقدته لعادة تأخره عن الاربعة الأشهر وعشر، ففي كونها كالأولى أو الثانية في الثاني نقلا ابن رشد عن المشهور ورواية ابن كنانة في سماع أشهب.

ابن رشد عن محمد: رجع مالك عنها. قلت: عزا أبو عمر رواية ابن كنانة لسماع القرينين ورواية مطرف، وعزا الأول لرواية ابن القاسم بقيد: ورآها النساء فلم يرين بها حملا، وكذا ذكر ابن الحاجب المشهور. ابن رشد: تأخره عن وقته لرضاع كتأخره لوقته. وفي كون ارتفاعه بالمرض كالرضاع تحل في الوفاة بأربعة أشهر وعشر، وفي الطلاق بالأقراء، ولو تباعدت أو ريبة تتربص في الوفاة تسعة أشهر، وفي الطلاق سنة قولا أشهب وابن القاسم مع روايته، والحرة الكتابية تقدمت. وفي عدة المستحاضة بتسعة أشهر أو بأربعة وعشر سماع عيس ابن القاسم مع الباجي عن المذهب، ورواية ابن رشد مع ابن زرقون عن رواية الموازية. الشيخ: لأصبغ في الموازية مثل ما تقدم له في المسترابة. وقول ابن حاجب: يفصل في المميزة؛ يريد: على رواية ابن القاسم اعتبار التمييز إن ميزت في الأشهر حلت، وإلا طلبت التمييز أو تسعة أشهر. وعلى رواية ابن وهب لغوه فالمعتبر التسعة. ولذات رق ولو قبل البناء صغيرة شهران وخمس ليال. ابن زرقون: رواية ابن العطار لا عدة عليها قبل البناء إن أطاقت الوطء شاذة، وعلى المعروف إن صغرت عن سن الحيض حلت بشهرين وخمس ليال. الباجي والشيخ عن الموازية: إن بلغته ولم تحض أو كانت يائسة، ولم يؤمن حملها فثلاثة أشهر، وإن أمن فمالك كذلك، وأشهب بشهرين وخمس ليال وغيرهن. قال ابن زرقون: بها إن حاضت فيها، وإن استرابت بحس بطن فبزوالها اتفاقًا فيهما، وإن لم تحض فيها من عادتها فيها فالمشهور ترفع لتسعة أشهر. أشهب وابن الماجشون وسحنون: لثلاثة أشهر وإن لم تحض، ومثلها قد يحمل ففي حلها بشهرين وخمس ليال أو بثلاثة أشهر قولا ابن القاسم وأشهب. وسمع أبو زيد ابن القاسم: تحل المرضع بشهرين وخمس ليال، وإن لم تحض ما لم تسترب بجس بطن.

قلت: زاد ابن رشد: فيسقط عنها الإحداد وحقها في السكنى، إلا أنها لا تتزوج إن كانت مدخولا بها إلا بعد ثلاثة أشهر؛ لأن الحمل لا يتبين في أقل منها. اللخمي: من هي ممن تحيض إن عدمته في الشهرين وخمس ليال، ففي حلها بها ولو خشي حملها أو بثلاثة أشهر، ثالثها: إن لم يخش حملها لصغر أو إياس أو عدم بنائها. لابن القاسم في العتبية وأحد قولي مالك، وثانيهما: وهو أحسن. قال محمد: ويجري الخلاف في المريضة على الخلاف المتقدم والتفصيل. وفي حل المرضع بشهرين وخمس ليال أو بثلاثة أشهر قولا ابن القاسم ومحمد. والحامل بوضع حملها كما مر مع جواز غسلها إياه ولو نكحت غيره. وفلي بعض نسخ ابن الحاجب: وقيل: إلى أقصى الأجلين، وليس في نسخ شيوخنا، ولا أعرفه في المذهب. وفيها مع غيرها: من علمت بموت زوجها أو طلاقه ببينة بعد مضي عدتها منه حلت حينئذ. وفيها: عدة أم الولد لوفاة سيدها حيضة ولو مات عنها، وهي في أولها أو غاب عنها فحاضت بعده حيضا ومات في غيبته لزمها حيضة بعد وفاته؛ لأنها لها عدة بخلاف الاستبراء. ابن القاسم: لقوة الخلاف فيها. قال بعض العلماء: عليها أربعة أشهر وعشر، وقال بعضهم: ثلاث حيض. قال مالك: ولا أحب لها المواعدة فيها، ولا تبيت إلا في بيتها ولا إحداد عليها، فإن كانت ممن لا تحيض فثلاثة أشهر. الجلاب: إن كانت مستحاضة أو مرتابة فتسعة أشهر. قلت: هو نقل الكافي والاستذكار عن إسماعيل القاضي. اللخمي: قياد مذهبه، إن لم يراع الخلاف، في موته وعتقها وهي في أول الدم أن تجزئها تلك الحيضة، وإن كانت عادتها تأخير حيضها عن ثلاثة أشهر انتظرته. قلت: قوله: ولا تبيت إلا في بيتها خلاف نقل ابن رشد عن المذهب في ثالث مسألة من رسم سعد في طلاق السنة: لها المبيت في الحيضة في غير بيتها من عتق

أو وفاة. وفيها: إن مات زوجها وسيدها وجهل أولهما موتاً لم أسمع من مالك فيه شيئًا، وأرى: عليها أربعة أشهر وعشرًا مع حيضة. سحنون: إن كان بين الموتين أكثر من شهرين وخمس ليال، وإن كان أقل فأربعة أشهر وعشر. ابن شبلون: الشهران وخمس ليال كالأقل. غيره: وجهل ما بينهما كالأكثر. وفي كون قول سحنون خلاف قول ابن القاسم في الأمة المبيعة يرتفع دمها يبرئها ثلاثة أشهر، وفاق قول ابن وَهْب فيها تنتظر الدم أو تسعة أشهر أو على أصله؛ لأن حيضة أم الولد عدة بخلاف الأمة نقلا عياض عن بعضهم، وأبي عمران مع غيره مجتجًا بأنها كقول ابن القاسم فيمن نكح في عدة وفاة وبنى عليها أقصى الأجلين. وصوبه عياض؛ لأن استبراء الأمة من رجل واحد وأم الولد من رجلين. ابن محرز: إن فقدت حيضة تعتادها في هذه الأشهر طلبتها لتسعة أشهر كمسترابة، وإن اعتادتها لأكثر من هذه الأشهر طلبتها. عياض: فإن لم ترها تمادت للتسعة إن كانت تراها دونها. قلت: للخمي: إن لم تر حيضاً في الأربعة الأشهر وعشر أجزأتها؛ لأنه إن كان موت السيد آخرًا فعدتها حيضة، فإن لم تر حيضًا فثلاثة أشهر تجزئها إلا على القول أنها تطلب الحيضة ولو بعدت. الشيخ عن «الموازية»: عدة فاسد النكاح كصحيحه إلا في ما يفسح قبل البناء، إن مات قبل فسخه كالصحيح، وما يفسخ بعده لا عدة فيه. فإن بنى فقال أشهب وأصبغ: فيه ثلاث حيض، ورجع إليه ابن القاسم. أصبغ وغيره: خطأ. محمد: يعني ما قيل عن ابن القاسم: من نكح في العدة ثم مات اعتدت منه أربعة أشهر وعشرًا. محمد: لعله إنما تزوجها في عدتها منه.

ولعيسى عن ابن القاسم: من نكح في المرض وبنى فيه ثم مات، عدتها منه أربعة أشهر وعشر. قلت: زاد في العتبية وقال في كتاب اللقطة: دخل بها أم لا. وفي سماع أصبغ: ثلاث حيض. ابن رشد: هذا على اختلافهم في كون ما اختلف في فساده يفسخ بطلاق، ويثبت فيه الإرث أولا، ويبين أن الاختلاف في عدة الوفاة جارٍ على ذلك. قول محمد: فذكر ما تقدم إلى قوله: عدتها منه، وزاد لمحمد عن ابن القاسم قولا ثالثا في نكاح المريض: إن لم يبن فلا عدة، وإن بنى فأربعة أشهر وعشر ولا يحمله القياس. اللخمي: إن مات فيما اختلف فيه قبل البناء فعلى الإرث فيه العدة فيه، وعلى نفيه نفيها، وبعد البناء الإرث والعدة، ونقل الرجعية لعدة الوفاة، ولو كانت ذات رق يموت مطلقها في عدتها في الأيمان بالطلاق، والعدة منها وغيرها. اللخمي: هو قول مالك وابن القاسم وغيرهما من أصحابهما. وقال سحنون: أقصى العدتين ويسقط الإحداد بانقضاء عدة الوفاة، وينقل من طلقت أمه ومات عنها حرة كحرة، والمذهب لا ينقل البائنة. وسمع عيسى ابن القاسم: من عتقت تحت عبد فطلقت نفسها واحدة ثم مات زوجها في عدتها، ترجع لعدة الوفاة أربعة أشهر وعشرًا. ابن رشد: قوله: ترجع لعدة الوفاة خلاف المدونة؛ لأنها لا ترجع إلا في الرجعي، وطلقة المخيرة للعتق بائنة. وفيها: لا تنتقل الرجعية بعتق فيها لعدة الحرة وهو المذهب، وصوب أبو عمر انتقالها. وفيها: إن أسلمت ذمية تحت ذمي، ثم مات لم تنتقل لعدة وفاة.

كتاب الاستبراء

[كتاب الاستبراء] الاستبراء: مدة دليل براءة الرحم لا لرفع عصمة أو طلاق فتخرج العدة ويدخل استبراء الحرة، ولو للعان والموروثة؛ لانه للملك لا لذات الموت. وجعل القرافي جنسه طلب براءة الرحم؛ لأنه استفعال يخرج استبراء اللعان؛ لأنه يكون لا عن طلب.

ويجب في الأمة الممكن حملها بنقل ملكها ولو بغير عوض على من انتقل إليه إن أحدث حلها ولم يعلم نفي حملها، وحوز السبي كالملك، ونقل ملك العبد لسيده، والجزء كالأجنبي والكل. والمعروف أن الوخش وكون ربها غائبًا أو امرأة أو صبيًا أو خصيًا أو مجبوبًا أو ذا محرم منها أو كونها بكرًا كالعلي والحاضر والرجل السليم والأجنبي والثيب. اللخمي: هو في الوخش ولو كان أبيض، مستحب إن كان البائع امرأة. وفي وجوبه إن كان رجلا واستحبابه قولان، إلا أن يعلم ميل البائع له فيجب إلا في المتجالة، وإن كانت علية أو وخشا وبائعها امرأة أو ما بعدها، ففي وجوبه ثالثها: يستحب لها، ولأشهب مع رواية أبي الفرج وغيرها، وإقالة الوخش كبيعه. وفي كونه في حوز أمين من مالكها كافٍ. قلت: حيضتها بعد البيع بيد بائع حبسها بالثمن، أو لم يمنعها المبتاع ولا سأله، وذهب ليأتي بالثمن لغو، ولو أمكنه منها فتركها ليأتي به أجزأ، ولو كانت رائعة؛ لأنه أمينه. اللخمي: وكذا إن لم يمكنه ولم ينص على حبس، والعرف التسليم، والإتباع بالثمن. وفيها: عدم إجزاء حيضة مبضع في شرائها في طريق بعثها مشتريها لربها.

وقول أشهب: تجزاء، فوجهها الصقلي: بتعدي الباعث مع غيره، وابن محرز: بأن كونها موصوفة لا تلزم الآمر برؤيتها المأمور. فقول عياض والتونسي: لو أتى بها مشتريها أجزأ خلافه، ويلزم ابن محرز ضمانها المأمور، ولو كانت على الصفة، والمنصوص خلافه. وقال التونسي: مستشكلا قولها: لأنه لو تخلف جاز له بعثها خلاف قول الصقلي، وقيده المازري بتخلفه لعذر. اللخمي: إن كان مشتريها أو موصلها غير مأمون وجب، وإلا فإن كان مشتريها ذا أهل، وموصلها في جمع سقط وإلا استحب، فإن علم نفي هحملها كغير مطيقة الوطء. اللخمي: كبنت سبع، أو طن بدليله في حوز من انتقلت إليه غير متصرفة كمودعة أو مرهونة أو مبيعة بخيار أو بتعد أو أمة الزوجة أو الابن الصغير أو الشريك تحيض بيد المودع والمرتهن والمبتاع والزوج والأب والشريك فيبتاعها أو يبثت بيعها أو يمضي سقط، فإن تصرفت فقولان لأشهب وابن القاسم، وسموه: استبراء سوء الظن. اللخمي: إن تصرفن لربهن وجب، وحجة أشهب بأنه لو وجب لوجب في الحرة والأمة المتصرفتين، صوبه اللخمي، وقال باللازم استحسانا في الأمة العلية المتهمة. قال: ويختلف فيها وخشا، ورده غيره بالحرج، وفي وجوبه في مشتراه في أول دمها بغيره قولا ابن شعبان مع فضل عن رواية أشهب. وقول ابن رشد: رجع مالك عنه والمشهور، وعليه قال محمد: إن تأخر عن البيع ما يستقل حيضا كفى ما لم يتقدم أكثر منه. قلت: لا نص إن تساويا ومفهوماها فيه متعارضان، والأظهر لغوه. ونقل أبو حفص عنها لفظ أول الحيضة وعظمها. قال: وفي اعتبار المعظم بكثرة اندفاع الدم، وهو دم اليومين أولا لا بما بعدهما، وإن كثرت أيامه أو بكثرتها قولا ابن شاس وابن عبد الرحمن، وليس بصواب. قلت: هو ظاهرها مع الموازية. وفيها قال مالك: إن كانت في أول حيضتها أجزأه، وإن كانت في آخرها لم يجزه مثل اليوم وما أشبهه.

الشيخ عن الموازية: إن لم يبق من حيضتها إلا يومان لم يجزه، وإن بقي أيام قدر ما يعرف أنها حيضة أجزأه. قٌلتٌ: وليس في لفظها لفظ عظمها، والأصواب اعتبار الأيام ما لم يقل دمها. والمكاتبة تعجز إن كانت لا تخرج من حوزه سقط، وإلا ففي وجوبه، ثالثها: يستحب، ورابعها: إن كانت تأوي إليه، وإن انقطعت وجب، وخامسها: إن كانت متهمة لأشهب وابن حبيب ولها، وللخمي عن ابن القاسم وله. وفي سقوطه في مطيقة الوطء ولا تحمل عادة لصغر أو كبر. نقل ابن رشد عن الأخوين مع اللخمي عن رواية ابن عبد الحكم، والمتيطي عن ابن حبيب، والمازري عن رواية ابن غانم وأشهب وابن رشد عن مالك مع أكثر أصحابه، والمازري عن رواية ابن القاسم وابن وهب. اللخمي: كبنت تسع، واختاره إن كانت بموضع يكثر فيه حملها. قال: أخبرت به عن بنات مكة، وذكر لابن عبد الحكم: عن بنات اليمن، ونقل ابن الحاجب سقوطه في البكر لا أعرفه، ويبطله ما في المواضعة من حمل البكر. وفي وجوبه فيمن بيعت مزوجة فطلقت قبل البناء قولها ونقل غير واحد عن سَحنون بناء على اعتبار نقل الملك أو الطلاق. وفيها: وجوبه على من رجعت إليه من غصب بعد غيبة الغاصب عليها. وفيها أيضًا: استحبه، فحمله اللخمي على ظاهره، وعياض على وجوبه، ويجب بعتق الأمة قبل اسبرائها من وطء سيدها. وفي كتاب العدة منها: إن أعتقها بعده حلت مكانها. الشيخ روى محمد: لو أعتقها بعد عدتها من غيره حلت مكانها. الباجي: إن ابتاع زوجته فأعتهقا قبل مسها فإن كان قبل بنائه فعليها حيضة. قُلتُ: وعلى قول سَحنون فيمن طلقت قبل البناء لا شيء عليها. قال: وبعده عليها العدة قرءان. ابن زرقون: وروى حيضة فقط. وبعتق أم الولد أو موت ربها ولو إثر استبرائها غير زوجة ولا معتدة.

وروى محمد: لو اعتقها آخر يوم من عدتها حلت بانقضائه، وفي لغو عظم حيضها بعد موجبه والاكتفاء به كالأمة قول المشهور، ونقل أبي عمر عن إسماعيل. وفي كونها بعد موته عدة أو استبراء قول المشهور، ونقل الباجي عن القاضي مع ابن زرقون عن إحدى روايتيها: ليس نكاحها فيها نكاح عدة يحرم، وقول ابن القاسم: لها المبيت فيها بغير بيتها. قُلتُ: قول إسماعيل وقول ابن الحاجب: لو مات ربها في غيبة علم أنه لم يقدم منها، حلت مكانها خلاف قول الشيخ: روى محمد: لو مات ربها معزولا عنها أو غائبًا وجبت الحيضة، وقولها: لو انقضت عدتها من وفاة ولم يطأها ربها حتى مات أو كان غائبا ببلد يعلم أنه لم يقدم منه منذ مات الزوج فعليها حيضة؛ لأنها لو أتت بولد لما يشبه كونه من ربها لحقه في موته وحياته ما لم ينفه بإنكار وطئها بعد موت زوجها. وفيها: يجب لإرادة بيعها ربها من وطئه إياها ولتزويجها إن وطئها أو زنت أو ابتاعها ممن لم ينف وطأها، ومن لم يطأ أمته له تزويجها دونه. وفي تزويجه أمة ابتاعها من مقر باستبرائها مطلقًا في الوخش وبعد إسقاطه المواضعة في العلي دونها قولان لها ولسحنون بناء على أن تزويجها كوطء بائعها أو مبتاعها. وقول ابن عبد السلام: لو ابتاع زوجته قبل البناء ففي تزويجها دونه قولا سحنون وابن القاسم: لا أعرفه لها نصا إنما ذكرهما المازري في وطئها مبتاعه دون استبراء، ومقتضى ما مر للباجي في عتقها دون استبراء، لزوم استبرائها قبل تزويجها، ومقتضى قول سحنون بجواز وطئها مبتاعها نفيه. ويجب بفاسد الوطء لا لحيض أو عبادة أو يمين كوطء غلط أو زنا، ولو في حرة أو ثانية أختين في ملك واحد، حرم أولاهما. أشهب: إن غضبت بينة حمل فلا بأس بوطئها زوجها، وكرهه ابن حبيب وأصبغ ورواه. وفيها: إن وطاء جارية ابنه فقومت عليه، استبرأها لفساد وطئه إلا أن يكون الابن استبرأها، وقال غيره: يستبرؤها لفساد مائه الذي أوجب قيمتها.

وفي كونه وفاقا أو خلافا طريقا عياض مع ابن زرقون وابن الشقاق وابن الكاتب وابن رشد مع القابسي والأكثر، ورد القابسي حجة الغير لفساد وطئه؛ لأنه قبل وجوب التقويم بأنه بعده لوجوبه بالمقدمات؛ لأنها في التحريم كالوطء. ورده ابن عبد السلام بمنع الغير لزوم القيمة؛ بل الابن بالخيار كقول سحنون: يرد بتعليل الغير. قوله: لا ينبغي صبه ماءه على الماء الذي لزمته له القيمة. وفيها: سقوطه في المودعة والمرهونة والمبيعة بخيار ترجع لربها إن استبرأ المبيعة لغيبة المبتاع عليها، والخيار له فقط فحسن. اللخمي: إن كان المودع والمرتهن غير مأمونين وجب في غير الوخش، وإلا سقط إن كانا ذوي أهل، وإلا استحب. والمعتصرة إن كانت لا تخرج من حوز الأب سقط، وإلا فإن كان الابن صغيرًا أو كبيرًا لم يغب عليها أو غاب، وقال: لم أطأها فقولان لتخريج اللخمي على أصل أشهب وقول ابن القاسم. القابسي: استبراؤها في غيبته لاحتمال وطء غيره لا وطئه وإلا حرمت عليه. اللخمي: إن كان الابن غير مأمون حرمت عليه. وفيها: رجوع الموهوبة لربها كهبتها. اللخمي: إن لم يطأها الواهب أو رجعت بعد حيضة وإلا فكالمودعة إن قبضها الموهوب على الأمانة. وفيها: إن فسخ بيع أم الولد أو المدبرة لزم ربها استبراؤها إن قبضت على الحوز ولا مواضعة فيها. اللخمي: إن اعترف مبتاع أم الولد بعدم وطئها وضعت ومنع ربها منها لحق الله تعالى، وإن اعترف به وضعت ومنعت من الغيبة عليها، وإن لم يطلبه المشتري لحق الولد في النسب، وخرج لزوم وضع المدبرة ونفية إن لم يقر المبتاع بوطئها على ضمانها المبتاع بالعقد ونفيه، وعلى ثبوته إن بان حملها غرم قيمة عيبه، وهو في الأمة ذات الحيض حيضة، وأخذ المازري من لغو ابن شعبان عظم الحيض في المبيعة فيه أنه قرء واحد.

وأخذه ابن عبد السلام: من قولها المتواضعة في ضمان بائعها حتى تدخل في أول الدم يرد بأنه بأوله فقط؛ لأنه مع طهر قبله لقولها إن ابتاعها في عظمه فلا استبراء، وشاذ قول ابن الحاجب: قرء، وهو حيضة على المشهور، لا أعرفه نصاً. الشيخ، عن ابن حبيب، عن الأخوين: استبراء الأمة بغضب حيضتان، وإن طاعت فحيضة. أصبغ: حيضة مطلقًا، فإن فقدت ذات حيض الدم لا لمرض ولا لرضاع. فقال اللخمي: روى ابن القاسم وابن وهب: تسعة أشهر. وابن أبي حازم وأشهب: ثلاثة، وقاله وينظهرها النساء، فإن قلن: لا حمل حلت. ابن رشد: روى ابن القاسم وابن غانم: ثلاثة، وأشهب وابن وهب: تسعة، والصواب عن ابن القاسم. نقل ابن رشد لا اللخمي لنصها، ونقله الأشياخ عنه في مسألة أم الولد يموت عنها سيدها وزوجها، فإن ارتابت بجس بطن فتسعة اتفاقًا، واستشكل بأنها إن زالت ريبتها قبلها حلت، وإن بقيت لم تحل فالتسعة لغو، فأجاب ابن شاس: بأن التسعة مع بقائها دون زيادة تحلها، وإنما لغوها إن ذهبت الريبة أو زادت. وقبلوه وابن رشد: وقال: إن زادت بقيت لأقصى الحمل. ومن لا تحيض إلا لأكثر من ثلاثة إلى تسعة في كونه ثلاثا أو حيضتها، سماعا عيسى ويحيى ابن القاسم قائلا: إن استرابت منها فتسعة أشهر، وخرجه ابن رشد على رواية ابن كنانة في المتوفى عنها لا يمر بها في الأربعة أشهر وعشر وقت حيضتها، والأول على المشهور فيها. ومن لا تحيض إلا لأكثر من نسعة أشهر فثلاثة فقط، ما لم ترتب بجس بطن كما مر. الباجي: لا أعلم خلاف أن الثلاثة تبريها إلا قول ابن حبيب: من تحيض لأكثر من ثلاثة أشهر لا يبريها إلا حيضة ولم يفصل، ورجح ابن رشد سماع عيسى. قال: وتغليظه التونسي بأنه خلاف القرآن غلط؛ إذ ليس في القرآن استبراء للأمة، ولو قال خلاف الحديث أشبه ولا يصح؛ لأنه خرج مخرج الغالب.

باب في استبراء الحرة في غير اللعان

وفاقدته لمرض أو رضاع ثلاثة أشهر: ابن رشد: لا أعلم فيه خلافا، وقد يدخلها بالمعنى، وجعلها ابن الحاجب كالأولى لا أعرفه. والمستحاضة: فيها: ثلاثة أشهر. وفي الموازية: تسعة، فإن ارتابت بحس فتسعة اتفاقًا. ولو ميزت الدم ففي اعتباره حيض عدة، ولغوه روايتان لها ولابن وهب، وهي في العبادة حيض اتفاقًا، والصغيرة والآيسة المعروف ثلاثة أشهر. ابن رشد عن أصحاب مالك: شهر، وشهر ونصف، وشهران. والحامل زضعها، والمرتابة بحس بطن أقصى أمد الحمل، والمعتدة عدتها وما به استبراؤها بعد ملكها. وقول القابسي، وقبوله الصقلي وغيره: إن فقدت الحيض معتدة الطلاق لزمها حيضتان أو سنة بيضاء، ولو قال القوابل بعد ثلاثة أشهر: لا حمل بها، وإن فقدته معتدة وفاة حلت بالثلاثة إن قلن: لا حمل بها. يرد بأن الريبة إن ألغيت لقولهن: كفى المطلقة الثلاث بعد قولهن، وإلا لم تحل المتوفى عنها إلا بتسعة أشهر. وفيها: إن فسخ نكاح متزوجة بغير إذن سيدها عليه استبراؤها ولا عدة عليها، واستبراؤها حيضتان. عياض: هذا لفظ مشكل، مستغنى عنه، وفي طلاق السنة منها: أنها عدة كعدة النكاح. وهو معنى قوله: حيضتان، وأم الولد ذات الحيض كالأمة، وفي كونها مسترابة مثلها، ولزوم تسعة أشهر لموت ربها طريقا عبد الحق مع غير واحد من القرويين، والشيخ عن رواية محمد، ورواية أبي عمر والجلاب. [باب في استبراء الحرة في غير اللعان] واستبراء الحرة في غير اللعان بما به عدتها: وفيها: إن استحقت أمة بحرية استبرئت بثلاث حيض، ونوقضت بمشهور استبراء اللعان حيضة، ويفرق بأن وجوبه هنا يشبهه بالعدة ونوقض لزوم استبرائها،

وإن قال: حائزها مبتاعها كنت استبرأتها بقول كتاب العدة إن قال معتقها: منت استبرأتها حلت مكانها وهي حرة فيهما، وفي الفرق بأن المعتق مختار نظر. ويفرق بأن المعتق مالك حقيقة فصدق كتزويجه إياها، والمستحق منه بان أنه أجنبي، وهي أشبهت محوزة بغضب لم تصدق. وأخذهم من قولها: لا صداق في وطئها من استحقت منه عدم رد غلة من استحق بحرية أو حبس يرد بأن الغلة أشد من الانتفاع. قاله ابن القاسم في الأخوين: أول استحقاقها. ولا تصدق أمة في استبرائها أنها حاضت أو أسقطت. وفيها: حتى ينظرها النساء بخلاف الحرة. ويحرم مدته مطلق الاستمتاع، ولو كانت حاملا، وأجاز ابن حبيب في المسيبة تملك بشراء أو سهانٍ استمتاع غير الوطء. الشيخ: وأباح سحنون فيمن اشتريت ببراءة الحمل أو رضي به بعد العقد ما يباح من الحائض. الصقلي: لعله للشيخ الكبير لملكه نفسه. عبد الحق عن أصبغ: من زنت زوجته غير بينة الحمل لم يطأها إلا بعد ثلاث حيض. محمد: إن وطئها فلا شيء عليه، وإن غضبت بينة الحمل ففي جواز وطئها وكراهته. ثالثها: يستحب تركه لعبد الحق عن أشهب وأصبغ مع روايته، وابن حبيب، وعلى منع الوطء في جواز تلذذه بمقدماته نقل ابن رشد عن ابن حبيب، وسماع ابن القاسم في الاستبراء، ونقل عياض عن أشهب جوازه: إن بان حملها من زنا لا أعرفه.

باب المواضعة

[باب المواضعة] المواضعة: جعل الأمة مدة استيراتها في حوز مقبول خبره عن حيضها. فيها: الشأن كونها على يدي امرأة، فإن وضعت بيد رجل له أهل ينظرونها أجزأ. وتعقب عبدالحق اختصارها أبو سعيد: أحبها على يدي النساء أو ذي أهل.

وفي الاكتفاء بخير الواحدة لزوم اتنتين: نقل الصقلي عن ابن الكاتب مع ابن عبدالرحمن، واللخمي عن المشهور، والمتيطي والقرويين والأندلسيين وما به العمل، والصقلي عن الإبياني مع نقل اللخمي فيه، وفي الحمل وعيب الفرج وأجراء التونسي وابن محرز على الخلاف في القائف الواحد والترجمان ومقوم العيب يثبته في الرجل. اللخمي: في كراهة مأمون لا أهل له ومنعه. قول محمد: من أراد نزعها منهما من مأمون لا أهل له فله ذلك بخلاف ذي الأهل إلا لموجب وأصبغ. وفي كراهة أمانة المبتاع والبائع ومنعهما قولان لها في المبتاع، ولمحمد في البائع وأصبغ فيهما. قلت: ظاهر ابن الجلاب، ونص ابن حبيب في النوادر: ائتمان المبتاع جائز، وظاهرها في قسيم المحتبس كذلك في البائع. الصقلي عن محمد عن ابن القاسم: وضعها عند غير مبتاعها أحسن، فإن وضعت عنده جاز، ولبائعها نزعها لعدل غيره، وليس لأحدهما نقلها من عدل إلا لوجه. المتيطي: خبر الأمين عن حيضتها بقوله: أخبرتني به جاريتي أو زوجتي مقبول، وآخذه بعضهم من قولها: إن دفع الوديعة لخادمه أو أم ولده فضاعت لم يضمن. قلت: حفظ الأنساب آكد من حفظ الأموال. ابن رشد: المذهب وجوبها ولو في بيع سلطان أو مسافر. وروى المتيطي: لا مواضعة علي مسافر عابر سبيل إلأا بشرط فى العقد، وعزاء ابن زرقون لابن شعبان: قال: ونحوه لمالك في المبسوط، وفي صحة شرط إسقاطها في العقد، وبطلانه، ثالثها: ببطلان مطلقاً، ورابعها: إن شرط نقد الثمن، وخامسها: إن تمسك بالشرط لابن رشد عن ابن عبدالحكم ولها وللأبهري مع الموازية وابن حبيب واللخمي، وعلى الأول قال الباجي عن ابن حبيب: تخرج من يد المشتري للمواضعة. ابن رشد: وعلى الثاني إن ماتت في كونها من المشتري مطلقاً أو إن ماتت في مدة

استبرائها، روايتا إسماعيل، والمدونة. وفيها: قبضها على تركها جهلا كتركها شرطا. الجلاب: لو قبضها على الأمانة، وجهل كون هلاكها في مدة استبرائها أو بعده أو بعده ففي كونها من مبتاعها أو بائعها روايتان. الشيخ عن ابن حبيب: ما به استبراؤها أيامها إن عرفت وإلا فشهر. المتيطى: وراء عن مالك وأصحابه محمد: شهر مطلقاً، ولم يحك ابن رشد غيره ولا المتيطى غير الأول، وحكاهما الباجي قولين. وفي صحة إسقاطها بعد العقد قولان لها وللشيخ عن ابن عبدوس عن سحنون قائلا: كأنه أٍقط ضمانها عن البائع لما تعجل من خدمتها، وكذا إن طاعا معا بذلك كأن عجل له الثمن بما تعجل من نفعها فهو كسلف ينفع، وذكره ابن رشد كأنه من عنده، فقال: فيدخله ابتياع الضمان. وفيها: إن تبرأ عليه من حمل غير ظاهر بها. وشروط قبضها كوحش، وقال: ما وظئتها ضمنها مبتاعها بقبضه إياها، وفسخ بيعها ما لم تفت فيغرم قيمتها يوم قبضها، أقامت عنده مدة استبرائها أو يوما. الصقلي عن محمد: هي من بائعها حتى تخرج من الاستبراء فى البيع الصحيح، ففي الفاسد أحرى، وكمن شرط النقد في بيع الخيار، وروده الصقلي بأن أمد الخيار أبقياه، وأمد المواضعة أسقطاه، وإنما يشبهها شرط النقد في المواضعة. وفيها: فإن كان البائع أقر بوطئها ولم يستبرئ فالبيع فاسد، فإن هلكت فيما لا يكون فيه استبراء فهى من بائعها وولدها به لاحق لا ينفعه شرطه، وإن هلكت بعد مدة فيها استبراء فهي من مبتاعها، وعليه قيمتها يوم جعلناها تحيض في مثله لا ينفعه قوله: لم تخض. قلت: ظاهرها حيث يضمنها بائعها لا يمين على مبتاعها. وقال الصقلي عن ابن حبيب بعد يمين المبتاع: ما حاضت عنده. وقال الشيخ: هذا الذي ذكر ابن حبيب أن شرط البراءة من الحمل في التي أقر بوطئها لفا يفسد البيع غير معروف لمالك، وفي المدونة: يفسد البيع، وكذا فى الموازية

عن مالك وغيره. قلت: لفظ ابن حبيب الذي قال الشيخ هذا أثره، نصه: إن دفعها البائع إليه على التبري من وطئها أو البراءة من حمل إن ظهر بها من غيره، فإذا لم تكن رائعة جدا أو هي وسطة فذلك جائز، تدخل في ضمان المبتاع بالعقد، هذا قول من أوضحه لي من أصحاب مالك، وهو منهاج مالك ومذهبه. قلت: وهذا لمن تأمله لا يدل على ما نسبه إليه، لأن معنى قوله: شرط البراءة من وظئها، أنه لم يطأها لا أنه وطنها. وشرط البراءة مما ينشأ عن وطئه إياها، ولذا غاير بين متعلق البراءة، فقال في الأولي: على التبري من وطئها، وقال في الثانية: البراءة من حمل إن ظهر بها من غيره. اللخمي: في ضمانها مبتاعها ببراءتها من حملة بقبضه إياها، ولو أقر بائعها بوطئها أو ما لم يقر وإلا فبعد حيضة أو مدتها. ثالثها: إن كانت من المرتفعات فمن بائعها لمحمد ولها وله أيضا قائلا: مدة حيضها شهر. وقولها أحسن، ولا براءة بمضي شهر، بل بثلاثة، ورأي إن قال المشتري: هلكت بعد شهر ولا علم لي بحيضها أو قبلها أن يصدق، إذ لا دليل علي براءتها بأقل من ثلاثة أشهر، ولقول ابن حبيب: إن جاء بها بعد ثلاثة أشهر معيبة، وقال: لم تحض، صدق. ووجوبها في المشتراة ولو من عبد لسيده اللازم استبراؤها، غير زوجة ولا بينة حمل ولا مختملته من زنا ثبت ولو بعادتها عليه، لا في أول دمها مطلقا، أو وخشا غير مستبرأة من وطء ربها، وفي وجوبها في معتدة نقل اللخمي ورواية ابن رشد مع الصقلي عن سحنون، وفي مطيقة الوطء غير ممكنة الحمل قولا مالك والأخوين. ابن رشد على القولين في استبرائها. وسمع أبو الحسن ابن وهب: تحب مواضعتها، فإن جهلا مواضعتها فماتت في مدة استبرائها فهي من بائعها. ابن رشد: ومثلها من لا تحمل لكبر. اللخمي: كلما وجب الاستبراء، ولو لسوء ظن وجبت، فإن أسقطت ففي

الاستبراء الخلاف، وكلما سقط كالمودعة سقطت. ابن رشد: وتسقط في المشتراة أول دمها على ما رجع إليه مالك. وفيها: حيض العلية المحتبسة بالثمن نصا أو بعدم تمكين البائع من قبضها بعد بيعها لغو، وتجيب مواضعتها. وقول اللخمي: هذا على أن المحبوسة من بائعها وعلى أنها من مبتعاعها لا مواضعة لدخولها بحيضها في ضمان مبتاعها، واستبراؤها كودعة رجعت لمالكها في وجوبه واستحبابه وسقوطه، يرد بأن معنى كون المحبوسة من مبتاعها، أنها كمقبوضة من بائعها، وكل مقبوضة في ضمان بائعها حتى تحيض بيد أمين أو يمضى أمده إن قبضها مبتاعها على الحوز، وكلاهما منفي فوجب بقاء ضمانها البائع. ابن رشد: إن بقيت أمة تجب مواضعتها بيد بائعها لائتمانة مبتاعها على استبرائها فوضئها وصارت له أم ولد وبطل بيعها، وإن وطئها بعد استبرائها أو كانت وخشا لا مواضعة فيها، وقبض ثمنها حد، وهي وولدها لمبتاعها. وإن كانت محبوسة به ففي درء حده وردها لمبتاعها إن قبضها على الحوز مع قيمة ولدها وكونها كالأولي قولا ابن القاسم وسحنون. والإقالة من علية بعد قبضها مبتاعها إن قبضها على الحوز قبل مضي أمد استبرائها فكبيع وخش، وبعده أو على الأمانة بعد كبيع على، وقبله كرد مودعة وبعد قبضها أمين من قبل مضي معظم حيضها كودعة، وبعد طريقان. الصقلي والشيخ: في كونها كمودعة أو كمبيعة قولان لمحمد ولها. اللخمي: إن صدق البائع الأمين في أنها لم تكن تخرج ففي سقوط الاستبراء القولان، وإن استقال قبل قبضها منه وحيضها أو بعده ولم تكن تخرج فلا استبراء وإن خرجت فالمواضعة، وفى الاستبراء إن أسقطت خلاف. وفيها: أن ردت بعيب بعد حيضها لزمت مواضعتها، ونفقتها فيها على المبتاع وإلا فلا استبراء. سحنون: يريد لا مواضعة للبائع على الرد بالعيب، لأنه هلكت كان من البائع، وقال أشهب: لا مواضعة على الراد مطلقاً لانتقاض البيع.

وفي النوادر إثر ذكر قول ابن القاسم، وروي أشهب: ضمانها من البائع في الرد بالعيب، وإنما توضع ليعرف أيها حمل أم لا، وموتها من البائع ولو وطئها المبتاع. وعزاء اللخمي لرواية محمد ولم يذكر غيره قال: والأول أحسن، لأن الرد بالعيب وإن كان نقض بيع فعلي المشتري أن يردها فارغة كما قبضها، لأن الذي يمنع البائع إذا رجعت إليه الوطء هو موجب المواضعة. المازري: ناقض ابن عبدوس ابن القاسم بقوله: يرد السمسار الجعل برد السلعة بالعيب فجعله نقضا، وجعله في الاستبراء ابتداء، وأجاب بعض المتأخرين بأن قوله في الاستبراء ليس، لأنه ابتداء بيع، بل هو على أصله، أنه نقض وأوجب فيه المواضعة، لأن على المبتاع رد البيع على حال ما أخده عليه معلوما سلامته من الحمل، وليس له طلبه بالنفقة، وهو ممنوع من وطئها. المازرى: ويوكده أحد القولين أن وطء المشتري الجارية فوت يمنع ردها بالعيب ويوجب الرجوع بأرشه، وناقضه أيضا بقوله: من باع عليه قاض عبده بعد عتقه لدينه ثم رد عليه بعيب قديم بعد يسره أنه يعتق عليه، فجعله نقضا، ولم يجب المازرى عن هذه المناقضة، وكذلك الصقلي. ويفرق بأن كتم المفلس عيبه مع تجويزه رده به كالتزام عتقه إن رد. المازرى: وناقض ابن عبدوس أشهب بقوله فى المفلس: لا يعتق عليه، وتقدم جوابه في فصل البراءة من كتاب الرد بالعيب، فجعله نقضا، ولم يجب المازرى عن هذه المناقضة، وكذلك الصقلي. ويفرق بأن كتم المفلس عيبه مع تجويزه رده به كالتزام عتتقه إن رد. المازرى: وناقض ابن عبدوس أشهب بقوله في المفلس: لا يعتق عليه، وتقدم جوابه في فصل البراءة من كتاب الرد بالعيب، وما أجبت به عن أشهب وجدته هنا للمازري وما كنت أذكره. بعض القرويين: فسخ بيع أم الولد لا مواضعة فيه بخلاف المدبرة، وعلى القول بعدم فوات بيعها بعتقها هي كأم الولد، والمكاتبة كالمدبرة، ونحوه للمازري. وقد تقدم قولها وكلام اللخمي في حكم استبرائها, ****** فيها: يفسده، وطوعه به بعده جائز في بيعها بتا وبخيار، مذكور في كتابة. وروى محمد: بيع من لا يعرف المواضعة كمصر يبيعون على النقد، لا يشترطون نقداً ولا مواضعة صحيح، ويقضي بها وينزع الثمن من البائع إن طلبه المبتاع.

قلت: وإن لم يطلبه لقول محمد: لا يوقف بيد البائع ولو طبع عليه، وفرقوا بينه وبين زهن ما لا يعرف بعينه مطبوعا عليه بأنه في المواضعة عين حقه. وفي لزوم وقف الثمن بيد عدل نقلا ابن رشد عن رواية الثلاثة: ابن حبيب وابن عبدوس ومحمد مع بيوعها الفاسدة، ورواية العتبي مع استبرائها. وأخذ من قولها: حيض المحبوسة بالثمن عليه عند البائع لغو وقفه، ولم يعز ابن محرز وقفه إلا لعبد الملك. قال: وقول مالك بناء على تبدية بائع السلعة بدفعها، وقول عبدالملك بناء على أن التسليم في الثمن والمثمن إنما يكون في حالة واحدة. فأوقف الثمن ليعتدل الحكم بينهما. وسمع ابن القاسم: إن دفعها إليه وطلب ثمنها بعد يوم لم يلزم المبتاع حتى تنقضي مواضعتها. ابن رشد: اتفاقا لرضاه دفعها دونه أولا، ولو هلك الثمن موقوفا، ففي كونه ممن يصير له أو من المبتاع قولها، ورواية ابن رشد، قال: وعليه إن تلفت الثمن وخرجت سليمة لزمته بثمن آخر، وقيل: يفسخ البيع، ومعناه: إن أراد المبتاع فسخه. الصقلي: لابن عبدوس عن عبدالملك: هو مخير في أخذها بثمن آخر، ولابن حبيب عنه: فسخ البيع. ابن عبدالرحمن: إن كان الثمن عرضا لا عينا. ولو خرجت معيبة ففي أخذها بالتالف أو بآخر، ثالثها: إن عابت قبل تلف الثمن، لابن رشد عن أشهب مع ابن القاسم، والصقلي عن سحنون، وأبن الماجشون. فيها: في بيع الغرر: لا بأس أن تقبل من أمة في مواضعتها لم تخض، فإن أربحته أو زادك شيئا، فإن لم تنتقد الزيادة حتى تحيض جاز ذلك، وإلا لم يجز، ويجوز للمبتاع بيعها من غير البائع بمثل الثمن أو أقل أو أكثر إن لم ينتقد. ومدة المواضعة الضمان فيها من البائع في كل حادث. وفيها: لا ينبغي للمبتاع فيها وطء ولا تلذذ ولا نظر لذة، ولا بأس به لغيرها، فإن وطئها فيها نكل إن لم يعذر بحهل، ولو خاضت بعد ذلك، ولو اقتضها ثم حدث بها عيب قبل حيضها فله ردها به مع ما نقصها الافتراع، وإن لم ينقصها فلا غرم عليه ولا

مهر إلا في الحرة، فإن ولدت لستة أشهر من يوم وطئه لحقه إن لم يكن البائع وطئها أو كان واستبرأها وإلا فهو لمن ألحقته القافة به منهما، ولما دونها للبائع إن أقر بوطئها ولم بسترئها منه وإلا فلغية. الشيخ عن سحنون: إن افتضها فليس له أن يتلذذ منها حتى تحيض إلا أن ترضي يترك عهدة الاستبراء، وبكل ما يظهر من حمل فذلك له إن كان البائع لم يطأها. قلت: هذا خلاف قولها: من باع أمة من وخش الرقيق وتبرأ من الحمل إن كان بها فلا يطؤها المبتاع حتى تحيض من قبولهم قول ثالث أنكحتها ألا يحل ما أمر الله به ما نهي عنه. الشيخ: روى محمد: إن افترعها فظهر بها حمل فأنكره البائع تربص بها، فإن وضعته لأقل من ستة أشهر برئ منه وله حبسها والرجوع بقيمة عيب الحمل وردها به مع غرامه ما نقصها الافتراع، وإن لم يظهر حمل وحدث بها عيب فله ردها الآن به مع ما نقص الافتراع، ثم إن ماتت بعد رده إياها فهي من البائع، وإن ظهر بها بعد الرد حمل وضعته لستة أشهر فأكثر من وطء المبتاع ردت إليه أم ولد بقيمتها يوم وطئها لا بالثمن، لأنه ردها بالعيب أولا، ولو لم يكن ردها بما حدث بها من عيب حتى وضعت لستة أشهر فله ردها بالعيب فتلزمه بقيمتها يوم وطئها وتصير له أم ولد، وقبولها بالعيب فتلزمه بالثمن. المازري: ولو اختار المبتاع بعد افتراعها الرضا بحادث عيبها في المواضعة، فإن ظاهر المدونة والموازية أن لا شئ عليه في افتراعها، وتعقبه الأشياخ وقالوا: مقتضي قول ابن القاسم غرمه قيمته، لأنه أحدثه وهي فى ضمان البائع، فيجب كون أرشه له كالجناية على العبد المبيع، فخيار أرش الجناية عند ابن القاسم للبائع، وعند ابن حبيب للمبتاع، فإن قيل: إنما ينضح الخلاف في جناية الأجنبي وجناية المبتاع تعد إمضاء منه فكانت جنايته على ملكه، فكذا افتراع المبتاع يعد رضا منه بالتزام اشترائها على أي حال كانت بعد حيضها، فيكون كالواطئ ولما استقر في ملكه. قيل: الفرق بينهما أن جناية المبتاع على خيار إنما تعد اختباراً، لأنه قادر على بته الرافع ضمان البائع، بعد ذلك منه رفعا له، والمبتاع في المواضعة غير قادر على ذلك، لأن

وطأه فيها ممنوع، وقد يكون وطؤه لشهوته لا لرفع الضمان. ابن محرز: لم يذكر في المدونة والموازية الحكم في إلزام المبتاع قيمة عيب افتراعها إن رضي بعيبها الحادث في مواضعتها بعد افتراعها، والجاري على ألسنة المذاكرين أن الظاهر فيها أن لا شئ عليه لذلك، وأنه مذهب آخر في الجناية الحادثة في المواضعة، والخيار أنها للمشتري إذا مضي البيع. وفرق بين الوطء في المواضعة والجنابة في الخيار، بأن الواطئ بأول ملاقاته لها وكشفه عنها صار مسقطا حكم المواضعة، فصار النقص في ضمانه، وكذا جناية العمد في الخيار عند من يراها رضي. قال: وليس هذا الفرق بشئ، لأنه لو كان بأول ملاقاته ضامنا لها لم يكن له ردها بما حدث بها من عيب في مواضعتها، والمسألة عندى محمولة على ما في الخيار. وقولها: يردها بالعيب الذي حدث في الاستبراء، يريد بعد استبرائها من وطء المشتري بحيضة أو بثلاثة أشهر من نظر النساء إليها دون مواضعة على المشتري، لأنها لم تخرج من ضمان البائع. قلت: قوله: يريد بعد استبرائها من وطء المشتري خلاف ما تقدم للشيخ في رواية محمد من قوله: وإن لم يظهر حمل وحدث بها عيب فله ردها الآن إلى قوله: ردت إليه أم ولد. ابن محرز: إن أراد أن يتمسك بها بالثمن ويأخذ أرش العيب الحادث بعد وطئه فقيه نظر، إذ وطؤه تعد، فإن ظهر بها منه حمل لم يكن له ردها ولا الرجوع للعيب بشئ، لأنه إنما حدث بعد حملها منه ويقضي له بها الثمن المسمى. وتجري على قولي ابن القاسم وأشهب فيمن وجد عيباً بعد أن وطئ واستبرأ. قالوا: قول محمد: إن ماتت قبل ردها للبائع فظهر بها حمل وضعته لستة أشهر من وطء المبتاع ردت إليه أم ولد بقيمتها يوم أصابها لا بالثمن، اعترضوه بأنه إذا ثبت أنها أم ولد له بطل ردها فيه ولزمته بالثمن، ويكون ما حدث بها بعد حملها منه لا شئ عليه فيه لبائعها، وينبغي أن يكون عليه ما نقصها الافتراع، لأنه أحدثه قبل أن تصير له أم ولد.

وإذا كان المشتري في المبيعة بخيار إذا جني عليها والخيار لبائعها فالأرش له، لأنها في ضمانه، ويحدث للمشتري الخيار بسبب النقص الذي حدث في أيام الخيار، فينبغي في مسألة الاستبراء إذا حملت، فوجب على المشتري أ {ش افتراعها أن يجب له حق في القيام بعيب الافتراع، وقد فاتت بالحمل فتجب له قيمة عيب الافتضاض على بائعها، لأنه حدث في ضمانه، فوجب لكل منهما على صاحبه مثل ما وجب له عليه، فيسقط الحقان، لتقابلهما. قالوا: ويحتمل أن يفرق بينهما بأن المبتاع أحبل الجارية مختارا لتفويتها بالإنزال بعد وجوب نقص الافتراع عليه فلم يكن له رجوع على بائعها بحق الافتضاض. قلت: يريد: اختياره إنزاله بعد عيب نقص افتراعها رضي منه بذلك العيب فيسقط حقه فيه. قال: وقول محمد: إن لم يردها حتي وضعت لأكثر من ستة أشهر فله أن يقول: أردها بالعيب بالحادث، فتلزمه بقيمتها يوم أصابها أو يوم احتبسها بالثمن المسمى، يعارض بأنه ظهر حملها قبل الحكم يردها، ومعلوم أن العيب الذي حدث بها بعد ثبوت حملها. قالوا: ويلزم تسليمهم انتقاض الثمن أن يكون لمن وجد عيباً قديماً بأمة بعد أن استبرأها، ثم أولدها وترجع إليه بقيمتها معيبة حتى لو كان ثمنها مكيلاً أو موزونا لرجع به أو بمثله، وغرم قيمتها عينا. قد يرد بأن إيلاد المبتاع في مسألة المواضعة هو قبل تمام عيبها، لأنه في وقت ضمانها فيه من بائعها، فأشبه وطء ذي شبهة كوطء الأب أمة إبنه بخلاف مسألة العيب، وطء المبتاع فيها بعد كمال ابتياعه. قال: وقوله: له حسبها بالثمن، ظاهره، ولا يحط عنه للعيب شئ ووجهه أنه قادر على ردها، فإذا تماسك كان كمن وجد عيبا فتماسك به. ابن محرز: هذا التشبيه غلط، لأن للمشترى حجة باختلاف ما بين الثمن والقيمة في القدر أو الجنس، فكان كمن قام بعيب بعد ما حدث عنده نفص يلزمه فيه غرم. قالوا: وقوله: إذا افتضها المشتري في حال الاستبراء، ثم جاءت بولد لأقل من ستة أشهر من وطئه يدل على أن البكر تحمل دون افتضاض.

قلت: وأشار التونسي إلي بعض ما تقدم إولا، لابن محرز. قال: وكل كلام محمد فيه نظر، تقدم كلامنا عليه في مسائل الموازية. وسمع ابن خالد ابن القاسم: عتق المشتري المتواضعة إن أقر البائع بعدم وطئها، لازم لا يردها بحمل إن ظهر، لأنه رضيه. الشيخ عن محمد: له الرجوع به إن طهر، وخرج ابن رشد: عدم لزوم عتقها من منع سحنون إسقاط المواضعة بعد العقد، ونوقض ابن القاسم بسماعه. أبو زيد: إن حلف لغريم بعتقها فظهر حملها من غير بائعها لم يلزمه إن حنث. وفرق ابن رشد بأن بت العتق نص في ترك عيب الحمل، والحالف إنما قصد الخلاص من غريمه، ومن ابتاع رائعه برائعتين متفاوتتين فأولاهما حيضا كثمن موقوف في سلامته وضمانه، فإن حاضت المنفردة أو العليا قبل الأخرى حلتا لمبتاعهما وموت إحيداهن أو ظهور حملها كاستحقاقها أو ظهور عيب قديم بها، وفي انفساخ بيعهن بموت التي هي أدني أو ظهور حملها قولان لأولي، روايتي محمد وله مع أخراهما وسماع عيسى ابن القاسم وكما لها في العيوب. الشيخ: من ابتاع علية وعبدا تبعا لها، ففي وقف بيعه على تمام بيعها فلا يقبضه مبتاعه قبل حيضتها، وضمانه كثمنها الموقوف، وتمامه دونها فيتعجل قبضه، ويضمنه، نقل محمد روايتي أصبغ وأبي زيد عن ابن القاسم، وللشيخ عن الموازية: لو ابتاعها مع طعام كيل أو دار أو عرض، كل تبع لها فهلك دونها، فإن خاضت فهو من مشتريها وإلا فمن بائعها، ولا يجوز قبض الطعام قبل قبضها، لأنه تارة بيع وتارة سلف. والرجعة تهدم عدة الرجعية كموت الزوج فيها مطلقاً. وقول ابن شاس عن ابن القصار: إلا أن يريد برجعته تطويل عدتها فلا، وقبوله هو والقرافي، وجعله ابن الحاجب المذهب، وقبوله ابن عبدالسلام وابن هارون: لا أعرفه، بل نص الموطأ: السنة قدمها، وقد ظلم نفسه إن كان اترجعها ولا حاجة له بها، وقبله شراحه. ولا يهدم عدة البائن نكاحها زوجها، بل بناؤه، فلو مات قبله لزوم الحائل أقصى العدتين، وهدمها عدة الوفاة.

قول سحنون مع الشيخ عن رواية محمد والصقلي عن أبي عمران قائلا: والحامل وضعها للعدتين. وإن عرض لمعتدة موجب استبراء أو العكس حلت بأقصاهما، ولو فسخ نكاح معتدة بنت فوضع حملها للأول بهدم عدة الثاني، وفي كونه له بوضعه لستة أشهر من يوم نكحها بعد حيضة أو من يوم دخل بها، قول اللخمى مع الجلاب والصقلي عن أًبغ، والشيخ عن العتبية والموازية، وابن رشد مع الباجي، وسماع أصبغ ابن القاسم، ونصها، وابن محرز قائلا: عقد الثاني دون وطنه لغو لفساده وصحة فراش الأول. وقول ابن عبدالسلام: روي المدنيون أنه للأول أ [دا لا للثاني، ولو وطئها بعد حيضتين لا أعرفه إلا رواية عياض وأبي عمر والجلاب والشيخ: إن علم بالتحريم فهو زان ولا يحلقه ولد، وفي كون وضعه للثاني يحلها منهما إن كانت مطلقة ولزوم تمام عبدة الأول. ثالثها: تأتنفها لعياض عن الشيخ عن ابن القاسم مع رواية أشهب، والأكثر عن محمد مع الباجي عن روايته والصقلي مع عبدالحق عن لفظ الأمهات. وعن الشيخ مع ابن رشد: ورده عياض للثاني، فحمل قوله: تأتنف على ما إذا لم يكن حيض قبل نكاحه قائلا: لا يقول أحد الوضع يهدم ما مضي من عدتها. قلت: هذا وهم، لأنه حينئذ، والثاني من قولها في عدة الوفاة وضع الولد الثاني بحلها، وهو آخر الأجلين، فاعتباره عدة الأول في الوفاة يوجب ائتنافها ثلاث حيض بعد وضعها للثاني، وأخذه عياض من قولها: إن مات زوج المنعي لها بعد قدومه حاملا لم يحلها من عدة وفاته وضعها قاله فيها وفيمن تزوج في عدة وفاة، وفي حملها على ما وصف. عياض عن فضل: أخطأ من قال: يجزئ وضعه للثاني عن عدة الأول، أو من فرق بين البتات وغيره، وعلي الثاني ظاهر كلامهم للأول رجعتها قبل تمام عدتها منه وبعد وضعها، واختار أبوحفص العطار منع رجعته، لأن إتمام عدتها منه إنما هو احتياط.

وتعقب قول الشيخ قول محمد: لو كان وضع حملها من زنا لم يبرها من عدة لزمتها، ولا تبري بحمل لا أب له إلا ولد الملاعنة لصحة استلحاقه، فإن كونها فراشا يمنعه لوجوب لحوقه بذي الفراش إلا أن يتفيه بلعان فيكون ولد لعان لا زنا. وأجاب الصقلي بتصوره في أمرأة المحبوب والخصي القائم الذكر: لا يلحقه ولد وتعتد منه، لأنه يطأ، وعبدالحق بتصوره على رواية نفي الولد بتقارر هما عليه دون لعان أو كانا تلاعنا وأقرت بأنه لزنا. قلت: يرد بأنه فيهما كولد لعان لصحة استلحاقه، وعزا التونسي قول محمد لأشهب وقال: لا فرق بين حمل الزنا وغيره في دلالته على براءة الرحم. الشيخ عن محمد عن ابن القاسم: وطء السيد أمته زوجة لعبده أو أمة له كناكح المعتدة في الولد، ولو لم يكن حمل والعدة من طلاق، ففي لزوم عدة بعد تمام الأولي أو دونه رواية الجلاب مع رواية الباجي، وروايتها مع الباجي عن ابن القاسم، ورواية ابن وهب. وفيها: إن كانت من وفاة فأقصي الأجلين، فقال: فضل تمام عدة الوفاة غير مندرجة لازم اتفاقا لمخالفتها عدة الطلاق. وسوى ابن رشد بينهما في لغو الأولي وبقاء حكمها في السكني والإحداد. وفي سماع عيس ابن القاسم: من تزوجت لنعي زوجها ثم قدم وهي حبلى من الثاني، ففرق السلطان بينها وبين الثاني، ثم توفي القادم بعد أيام، ورثته واعتدت منه أربعة أشهر وعشرا، إن انقضت قبل وضعها انتظرته، وإن وضعته قبل أربعة أشهر وعشرا انتظرت تمامها. ابن رشد: موت المنعي يوجب عليها أقصي الأجلين، مات وهي حامل من الثاني أو في استبرائها منه، وإن طلقها الأول وهي حامل من الثاني فلابد لها من ثلاث حيض بعد الوضع، كمن منع حيضها مرض أو رضاع، وإن طقها في استبرائها من الثاني كفتها ثلاث حيض من يوم طلاقها على مذهب مالك، وعلي ما روي عن عمر: تستكمل استبراءها من الثاني ثم تستأنف عدة الأول. وسمع أبو زيد ابن القاسم: من غصبت امرأته فحملت منه لا يطأها حتى تضع،

فإن أبتها زوجها فلابد لها من ثلاث حيض بعد الوضع، ولو لم تحمل من الغاصب كفتها ثلاث حيض للطلاق والماء الفاسد. قلت: قول ابن رشد: إن طلقها وهي حامل من الثاني فلابد لها من ثلاث حيض بعد الوضع إلي آخر تعليله. وقول ابن القاسم في هذا السماع: فلابد لها من ثلاث حيض بعد الوضع نص في أن دم نفاسها لا يعتد به حيضة خلاف قول ابن محرز. قول محمد: لابد لها من ثلاث حيض، يعني: وتحسب دم نفاسها قرءا، وجعله عياض محل نظر، ثم نقل عن أصبغ مثل لفظ ابن القاسم المتقدم. ابن الحاجب: ووضعه من الفاسد يهدم أثر الفاسد، ولا يهدم في المعتدة للوفاة اتفاقا فعليها أقصي الأجلين. قال ابن عبدالسلام: ما حاصلة قوله ظاهر في إمكان بقاء عدة الوفاة بعد وضعه وهو ممتنع، لأن الفرض أن العدة الصحيحة هي الأولي، وأنها من وفاة، وهي أربعة أشهر وعشر، ومحال تأخرها عن وضع حمل لستة أشهر من وطء بعد حيضة بعد الوفاة. قال: إنما قصد - والله أعلم - إلى تحصيل ما في المدونة، والذي فيها: لا يرد عليه هذا، لأنه قال في آخر كلامه: وعدتها منهما وضع الحمل ألحقت الولد بالأول أو بالثاني، وهو فيهما أقصي الأجلين. قلت: هذا التعقب وهم، واستدلاله عليه بقوله: عدة الوفاة أقل من مدة الحمل المذكور، والوفاة متقدمة على وطء الحمل المذكور فمحال تأخرها عنه، يرد بأن هذا إنما لزم من قصر كلامه على فرض أن عدة الوفاة هي الأولي، مع كون وطء حمل النكاح الفاسد بعد الوفاة وذلك غير لازم، بل لفظه مطلق أو عام في ذلك، وفي كون وطء النكاح الفاسد قبل الوفاة وهذا واصح فيه، تقرر كون عدة الوفاة متأخرة عن وضع حمل الوطء المذكور، أما ما ادعيناه نحن فهو قولها: والمنعي لها زوجها إذا اعتدت وتزوجت ثم قدم زوجها الأول ردت إليه، وإن ولدت الأولاد من الثاني، ولا يقربها القادم إلا بعد العدة من ذلك الماء بثلاث حيض أو ثلاثة أشهر أو وضع حمل إن كانت حاملا، فإن

مات القادم قبل وضعها اعتدت منه عدة الوفاة ولا تحل بالوضع قبل تمامها ولا بتمامها دون الوضع. قلت: فإذا علم أن وفاة الأول وهي في خامس شهر من شهور حملها من الثاني أمكن تأخر انقضاء عدة الوفاة لها عن وضع حمل الثاني، فإن قلت: فرض المسألة أن العدة الصحيحة - وهي عدة الوفاة - هي الأولي ومسألة المنعي لها هي فيها ثانية، لأن موت الأول متأخر عن نكاح الثاني. قلت: ليس الأمر كذلك، وتأخر موته عنه غير موجب تأخر عدة وفاته عن عدة فرقة نكاح الثاني، لأن فرقتها من الأول بموته، ومن الثاني بفسخ نكاحه، وثبوت موته هو السبب الموجب لفسخ نكاح الثاني، فعدة الوفاة فيها سابقة على عدة فسخ نكاحها الثاني ضرورة وجوب تقدم السبب على مسببه حكما وعادة، لأن الحكم بالفسخ يتوقف على موجبات شرعية يتأخر الحكم بالفسخ عنها في العادة تأخرا بينا، فبان بهذا لمن تأمل وأنصف أن لفظ ابن الحاجب من أشد العبارات، لوضوح صادقيته على مسألتي المدونة حسبما قررناه، والله تعالي أعلم. وولد ذات فراشي نكاح لأولهما: إن كان وطء ذي الثاني قبل حيضة أو وضعته لأقل من سنة أشهر من يوم وطئه وإلا فله، فإن نفاه من هو له منهما لا عن دونها، لأنه نفاه لفراش الآخر فيلحقه، فإن نفاه تلاعنا، ومن نكل منهما حد ومن أقر به منهما بعد لعنها أولا لحقه دون الآخر، ولو أقرا معا للأول. وإقرار الأول بعد لعانه قبل لعان الثاني لغو، وفي حرمتها على الأول بلعانه، ثالثها: إن لاعنت الثاني لابن رشد عن أصبغ، ومحمد مع سحنون والصقلي لهما، بناء على أن الفرقة بلعان الزوج أو الزوجين، والصقلي عن أصبغ، وفي حد الأول: إن أقر بعد لعانها الثاني نقلا ابن رشد عن دوي الأولين. وولد الموطوءة بنكاح وملك أو شبهة للنكاح إلا أن يكون وطء الثاني بعد مدة براءة رحمها. قال في التهذيب: إن أتت أم ولد الابن بعد وطء الأب إياها بولد لحق بالابن إلا أن يكون معزولا عنها قبل وطء الأب بغيبة في مثلها استبراء فيلحق بالأب.

عبد الحق نقله: يلحق بالابن إلا أن يكون عزولاً عنها على ما ذكر ليس في الأمهات: يلحق بالابن، إنما قال: ينظر، فإن كان الولد غائبا عنها غيبة في مثلها الاستبراء فالولد للأب، ولم يذكر إذا لم يكن معزولا عنها، هل يلحق بالابن؟ والذي ينبغي إذا وطئاها في طهر واحد أن يدعي للولد القافة كوطء ماكين، لشبهة الأب في مال ولده، وقاله لي بعض شيوخنا القرويين، ثم وجدناه نصا لعبد الملك في كتاب أمهات الأولاد من المستخرجة: إذا وطئ أمة ابنه ثم وطئها الابن فحملت، وقد وطئاها في طهر واحد يدعي لهما القافة، ولفظها في الأمهات: إن جاءت بولد بعدما وطئها نظر، فإن كان الابن غائبا قبل ذلك غيبة يعلم في مثلها أن قد استبرئت فالولد للأب؛ لأن مالكًا قال: من زوج أمته غلاما فوطئها سيدها بعد دخول زوجها بها فولدت ولدًا، وإن كان الولد غير معزول فالولد له، وإن كان معزولا أو غائبًا استوقن أنها حاضت بعده، واستبرئ رحمها فالولد للسيد، وترد الأمة لزوجها، فكذا الأب في جارية ابنه. قال عبد الحق: فلم يذكر أن الولد يلحق بالابن، إنما تكلم إذا غاب غيبة في مثلها استبراء، وسكت عن غيرها، فإن قيل: مثلها بمسألة من زوج أمته غلاما ثم وطئها سيدها، وقال في هذه: إن كان العبد غير معزول عنها فالولد له، فكذا إذا كان الولد غير معزول عن أم ولده يكون الولد له، فلذا نقلها أبو سعيد كما ذكر. قلنا: الفرق بينهما أن زوجة العبد فراش له فكان بالولد أولى من سيد زوجته، وأما في وطء الأب أو ولد ابنه فليس ههنا زوج له فراش؛ بل هما كمالكين وطئاها. قُلتُ: لفظ اختصار أبي سعيد كالشيخ وتفريق عبد الحق بأن الزوجة فراش يرد بأن أم الولد كذلك. وقد يفرق بأن فراش الإيلاد أضعف؛ لأنه يقبل ورود فراش عليه مع بقائه ضرورة صحة تزويج أم الولد، مع بقاء حكم إيلادها بدليل رجوعها لفراش إيلادها عند انقضاء التزويج الطارئ عليه وعدته، وفراش النكاح يمتنع ذلك عليه، وذكر القافة بأتي في آخر أمهات الأولاد إن شاء الله تعالى. وفيها لابن القاسم: من اشترى معتدة من طلاق، وهي فيمن تحيض وارتفعت حيضتها، حلت بسنة من الطلاق وثلاثة أشهر من الشراء.

الصقلي لسحنون: لا مواضعة في معتدة بعقد شرائها يضمنها المبتاع. عبد الحق: إن تمت عدتها لوفاة بعد شرائها بيوم لم تحل إلا بحيضة ولا موضعة فيها، ولو حاضت بعد البيع قبل تمام العدة حلت بتمامها، ولو ظهر بها حمل لم ترد به إن وضعت لستة أشهر من يوم الشراء. الصقلي: لدخوله على ذلك بالزوج المرسل عليها. وفيها روى ابن وهب: لا يجردها المبتاع لينظر إليها عند البيع، ولا يتلذذ منها في عدتها لطلاق أو وفاة. عياض: يؤخذ منه جواز تجريد الجارية عند التقليب للنظر إليها، كما في خيارها خلاف ما في الواضحة وغيرها، وتقدم في فصل استبراء العتق قول القابسي وتعقبه فتأمله. وقال هنا إن رفعتها حيضتها في عدة طلاق لم توطأ، وإن قالت القوابل بعد ثلاثة أشهر: لا حمل بها إلا بعد حيضتين أو سنة، وفي عدة الوفاة إن قلن: بعد ثلاثة أشهر قبل تمام تسعة أشهر لا حمل بها حلت لانقضاء عدة الوفاة بشهرين وخمس ليال؛ لأن الريبة زالت، والعدة في الوفاة قبل الريبة، والمطلقة عدتها بعد الثلاثة الاشهر التي هي لزوال الريبة. وفيها لمالك: من اشترى زوجته قبل البناء أو بعده لا استبراء عليه. عياض لابن كنانة: يستبرئ غير المدخول. قُلتُ: وذكر هذا القول في آخر كتاب العدة رواية فيها لابن عيسى. وقال ابن عبد السلام: أظن في بعض نسخ الجلاب من نكح أمه ثم اشتراها فعليه استبراؤها. قال: وأجاب بعضهم عن استشكال استبرائها؛ لأن الماء ماؤه، فإن فائدته ظهور كون الولد من وطء الملك، فتكون به أو ولد اتفاقًا، أو من وطء النكاح فتكون به أو ولد باختلاف. قُلتُ: لم أجده في نسخة من نسخ الجلاب بوجه، وهذا اللفظ الذي ذكره عن الجلاب خلاف لفظ عياض. قال ابن كنانة في غير المدخول بها: يستبريها، ومفهومه: أنه لا يستبرئ في المدخول

بها، ولا سيما على ما تقدم لبعضهم من التعليل. وفيها لابن القاسم: من باع زوجته الأمة بعد شرائه إياها وقبل أن يطأها بعد شرائها، فإن كان بعده فبحيضتين، ها هنا عدة لفسخ نكاحها. قال مالك: ولو اشتراها بعد حيضة بعد طلاقه استبرأها مشتريها بحيضة. عياض: قوله: يستبرئها المشتري بحيضتين لفظ مشكل على أصله الذي بينه بقوله: لو اشتراها وقد حاضت بعد طلاقه حيضة ثم باعها بعين: ولم يصبها فاستبراؤها حيضة؛ لأن بها تمت العدة، ومعنى المسألة انها لم تحض عند زوجها بعد استبرائها إلى أن باعها. وفي المبسوط لابن القاسم: تستأنف حيضتين من يوم باع لا من يوم طلق، وهذا نحو ما تقدم، وقد وهم الرواية شيخنا أبو الوليد وقال: الصواب من يوم طلق، وهو معنى ما في المدوَّنة. وفيها: إن عجز مكاتب اشترى زوجته بعد البناء أو مات فإن لم يكن وطئها، فقد قال مالك: مرة بعد مرة عدتها حيضة، ثم قال: أحب إليَّ حيضتان، وقول مالك: إن كل نكاح فسخ فعلى المرأة عدتها التي تكون في الطلاق، وإن وطئها بعد شرائها فحيضة استبراء لهدم وطئها عدة النكاح. ابن القاسم: وقوله: الآخر أحب إليَّ حيضتان أن يوم الشراء، ولو مات أو عجز بعد أن حاضت عنده حيضتين استبرأها سيدها بحيضة، ولو خرجت حيضة، فقال المكاتب: لم أطأها بعد شرائها، فلا بأس أن تنكح مكانها؛ لأنها خرجت من ملك إلى حرية لا من ملك لملك. عياض: اختلاف قوله في مسألة المكاتب في استبرائها بحيضة أو حيضتين إنما ذلك لغيره لا له؛ إذ له وطؤها بملك يمينه للحين. وقيل: هذا الخلاف مبني على الخلاف في الاستبراء من الفسوخ، هل هو استبراء أو عدة؟ وقيل: ليس من هذا الباب، إنما هو هل إباحة الوطء للمكاتب مبطل لحكم العدة كنفس الوطء وهادم لها أم لا؟ قُلتُ: الإجراء الأول هو قول ابن محرز من مذاكري هذا الوقت، من قال: هذا

الاختلاف جارٍ في كل فسخ، وإن كل نكاح فسخ مختلف في قدر استبرائه كاختلاف قول مالك في هذه، وهذا غلط، إنما يذهب إلى هذا من لم يبلغه فكره إلى معرفة معناهن فيفزع إلى الاستراحة من إتعاب فكره إلى التعلق بمظاهر الاختلاف فيها، ومعنى المسألة عندي أن هذا المكاتب لما اشترى زوجته صارت إلى حالة إباحة الوطء بملك اليمين، والوطء لما أبطل حكم الاعتداد كانت إباحة كذلك. فإن قيل: قد قالوا: من خالع امرأته ثم تزوجها في العدة ثم طلقها قبل أن يدخل بها تبقي على عدتها الأولى، ولم تكن إباحتها له تقوم مقام الوطء في إسقاط حكم العدة الأولى، قيل: يحتمل أن يكون هذا القول في هذه المسألة جاريا على أحد القولين في المسألة الاولى. وأحسب أني رأيت في هذه المسألة اختلافا أيضًا، ويحتمل أن يفرق بينهما بأن ملك اليمين منافٍ للنكاح، فكذا فيما يعلق به من الأحكام كالعدة وغيرها، فلذا لا يصح أن تكون له مباحة بملك اليمين ومعتدة من نكاحه، ولذا لا يجب لها عليه سكنى عدة. والذي تزوج امرأة بعد ما خالعها لو طلبت منه كراء المسكن بقية عدتها وجب لها ذلك، وإن كان عليه النفقة والسكنى بحق هذا التزويج الثاني، ولو طلق زوجته الأمة قبل أن يشتريها ثلاثا ثم اشتراها لا ينبغي أن تمر في عدتها؛ لأنها غير مباحة له بهذا الملك. فإن قيل: فيمنع أن تكون في عدة الفسوخ قولان. قيل: لا؛ لأنه قد نص على الخلاف فيه، ولكني أمنع أن يوجد في هذه المسألة، وأن يجري في هذه عليه. قال ابن عبد السلام في قوله: لو طلبت منه كراء المسكن بقية عدتها وجب لها نظر؛ لأنه إن أراد به كراء ماضي عدتها قبل أن يراجعها فمسلم؛ لأن ذلك دين في ذمته، والنكاح لا ينافي الدين، وإن أراد به في عدة الزوجية التي بين عقد المراجعة والطلاق الثاني فممنوع، ولأن المنافاة حاصلة، ألا ترى أن المعتدة من الطلاق البائن محرمة على زوجها في العدة، والمراجعة مباحة. قُلتُ: قوله: إن أراد به في هذه الزوجية التي بين عقد المراجعة والطلاق.

الثاني فممنوع. يرد بأنه منع لما دلت القواعد الجلية على ثبوته فوجب سقوطه، وبيانه أنه لو مضى من عدة طلاقها الأول حيضة ثم راجعها أول طهرها منه ولم يبن بها حتى حاضت حيضة ثانية ثم طلقها فهي في مدة الحيضة الثانية، وهي مدة التزويج؛ إن كانت معتدة لزم صحة ما قاله ابن محرز فمنعه دون سند ساقط؛ لأنه منع لما دل الدليل على ثبوتهن وإن كانت غير معتدة لزم حل تزويجها غيره بنفس طلاقه إياها إن لم تفتقر عنده لعدة، وإن افتقرت إليها لزم ابتداؤها ثلاث حيض أو حيضتين، وكل ذلك خلاف المذهب فتأمله. وقوله: ولأن المنافاة حاصلة الخ رد منه لقول ابن محرز؛ لأن الاعتداد من نكاحه الأول لا ينافي ما دخل فيه من النكاح الثاني، وهو المعبر عنه في كلامه بالمراجعة يوجب حليتها، والحلية منافية للحرمة. ويرد اعتراضه هذا: بأن مراد ابن محرز بالمنافاة الكائنة بين النكاح والملك المنفية بين الاعتداد من النكاح الأول وما دخل فيه من النكاح الثاني، هي المنافاة بين الشيئين المانعة من صحة طريان أحدهما على الآخر، وهذه كائنة بين الملك والنكاح ضرورة امتناع طرو النكاح على الملك، وليست هذه المنافاة كائنة بين الحرمة اللازمة للاعتداد من نكاحه الأول، وبين مراجعته إياها ضرورة صحة ترتب مراجعتها على حرمتها باعتداده من النكاح الأول بتلك، والنصوص واضحة بتغليب حكم استصحاب ما ثبتت حرمته على حليته، ولغو احتمال رفع حرمته، وفي عبارة ابن الحاجب وغيره عن هذا المعنى هنا بالاحتياط نظر؛ لأن الاحتياط إنما هو في احتمال الحرمة والإباحة دون تقرر سبق الحرمة، فإمساك من شك في غروب الشمس ليس احتياطًا، والإمساك في أول يوم الشك احتياط منه. نقل اللخمي في قولها في الإيمان بالطلاق: من طلق إحدى امرأتيه اللتين بنى بإحداهما، ومات قبل انقضاء العدة، وجهلت المطلقة منهما، على كل واحدة أربعة أشهر وعشر؛ لأنه مات على زوجة واحدة، ولم يعلم أيتهما هي، ولو كان الطلاق ثلاثا وعلمت المطلقة كان عليها ثلاث حيض من يوم الطلاق، وعلى الأخرى أربعة أشهر

وعشر، وإن لم تعلم المطلقة ومات قبل مضي ثلاث حيض فعلى كل واحدة أربعة أشهر وعشر؛ لإمكان أن تكون هي المطلقة، وثلاث حيض من يوم الطلاق لإمكان أن تكون هي المطلقة. وعليه قال ابن شاس: من مات عن نسوة منهن من نكاحها فاسد، بحكم من علم صحة نكاحها أو فساده واضح، ومن أشكل أمرها فعليها أقصى الأجلين. ومنه مسألة أم الولد يموت عنها زوجها وسيدها وتقدم ذكرها، وعبر عنها ابن الحاجب بلفظ: وكالمستولدة المتزوجة يموت الزوج والسيد ولا يعلم السابق منهما، فإن احتمل ما بينهما عدة الأمة فأربعة أشهر وعشر من موت الثاني وحيضة فيها أو إلى تمام تسعة أشهر، وهذا على أن استبراء المستولدة كذلك، لا على أنه ثلاثة أو ستة، فإن لم تحتمل فأربعة أشهر وعشر من موت الثاني. قُلتُ: قوله: إن احتمل ما بينهما عدة الأمة في دلالته على أنه لو كان بينهما شهران وخمس ليال فهو كالأقل منهما، وهو ما تقدم لابن شلبون، وهو قول عبد الحق غير معزو، كأنه المذهب، أو كالأكثر، ولا أعرفه نصا، والأول أظهر؛ لأن قوله: (مايحتمل عدة الأمة) إنما يريد به مايسع عدة الأمة، لا الإحتمال الذي هو بمعنى الشك، فعدة الأمة مظروفة فيه، والظرف غير المظروف، فيكون ما بين المدتين ظرفا لعدة الأمة، فهو معها أكثر منها وحدها. وقوله: (لا على أنه ثلاثة أو سته) يقتضي أن المذهب قوله بأن عدة أم الولد من سيدها إذا استبرأت بعدم حيضتها سنة، وقبله ابن عبد السلام، ولا أعرفه بوجه. وفي نوازل ابن الحاج: الحيضة الواجبة عليها مع الأربعة أشهر وعشر إنما يجزيها إذا كانت في الشهرين والخمسة الأيام الأخيرة من الأربعة أشهر وعشر، وإن كانت في الشهرين والخمسة الأيام الأول من العدة لم يجزئها؛ لأنها في عدة الزوج، ويمكن أن يكون الزوج مات أولا فيكون عليها شهران وخمس ليال، فوجب عليها ثلاثة أشهر بموت السيد إذ هي ممن لا تحيض، وهذا ما لم ترتب في العدة، فإن ارتابت فيها فعدتها أربعة أشهر وعشر، وتنتظر أقصى الريبة ثم حلت، إلا أن يكون بين الموتين أكثر من الأربعة أشهر وعشر والريبة، فإن كان كذلك اعتدت أربعة أشهر وعشرا، وبعد الريبة

إن جاءها حيض حيضة، وإن لم يأتها حيض ثلاثة أشهر؛ لأن السيد إن مات في الريبة لم تحل له فلم يجب عليها شيء بموت السيد، وإن كان مات بعد الريبة فقد حلتا له فوجب عليها الاستبراء بموته. ابن محرز: إن كانت ممن لا تحيض في مقدار هذه الأشهر فلا بد لها من الحيضة بعد أن تعتد بالأربعة الأشهر وعشر من يوم آخرهما موتا، وإن كانت ممن تحيض في مقدار الأشهر التي يعتد بها، فإن حاضت فيها أجزت عنها وإلا رفعت إلى تسعة أشهر عدة المسترابة من آخرهما موتا، وناب لها ذلك عن الأمرين معًا؛ لأنها مسترابة من نكاح، والتسعة الأشهر تنوب عن استبراء الملك. قُلتُ: ومن تأمل هذا تبين له ضعف نقل ابن الحاجب المتقدم لا على أنه ثلاثة أو ستة. قال ابن محرز: ولو كان بين الموتين أكثر من شهرين وخمس ليال، وقالت: إني لم أحض تلك المدة؛ إرادة أن تسقط عن نفسها العدة من سيدها؛ لأنها لا تكون بزعمها أنها لم تحض حلت للسيد، فإن كان سمع منها ذلك في حياة السيد صدقت وإلا لم تصدق، لأنها تتهم إن لم يكن سمع ذلك منها أن تسقط عن نفسها ما لزمها من العدة للسيد في الحكم الحق الظاهر بغالب العادة، كقول مالك فيمن طلق زوجته فأقامت مدة طويلة ثم مات فزعمت أنها لم تحض إلا حيضة واحدة: إن كانت تذكر في حياته ذلك صدقت وإلا فلا لتهمتها على الميراث، لما كان ظاهر أمرها أنها بانت قبل موته. قال ابن شلبون: لو كان بين الموتين شهران وخمس ليال لم يلزمها حيضة؛ لأنها لم تحل للسيد. قال ابن محرز: لو جاءت هذه بولد، فقال بعض المذاكرين: إما أن تلحقه بمن شاءت منهما، وقال بعضهم: بل هو لاحق بالزوج لتيقن فراشه وعدم تيقن فراش السيد، ولو علم تقدم موت الزوج ومات السيد بعد عدتها من زوجها وما علم منه إقرار بالوطء، فيحتمل أن يلحق بالسيد وليس لها إلحاقه بالزوج، ويحتمل أن يلحق بالزوج دون السيد؛ لأن فراش السيد غير مستيقن لما لم يعلم إقراره بالوطء. وفراش الزوج معلوم، ألا ترى أن من تزوج امرأة في عدتها، ولم يلحق بها أن الولد

يلحق بالأول دونه، وإن كانت تصير فراشا بعقد النكاح لكنه لم يطأها، فكان فراش الأول أثبت حرمة. قُلتُ: يرد هذا بأن سبب كونها فراشا للسيد سبب صحيح، وسبب كونها فراشا إن تزوجت في العدة فراش فاسد، فلا يلزم من إلغائه السبب الصحيح. قال ابن الحاجب: فإن لم يحتمل ما بينهما عدة الأمة فأربعة أشهر وعشر، وحكم الحيضة ما في عدة الحرة للوفاة. ابن هارون: يعني: أن الخلاف يجري في اشتراط حيضة في تلك الأشهر، كما في عدة الحرة للوفاة. وزاد ابن عبد السلام قوله: وسكت في المدَوَّنة عن ذكر الحيضة؛ بل تقسيمه للمسألة وتنويعه الكلام عليها يدل على سقوط الحيضة في هذه العدة؛ لأنه قال: إن كان بين الموتين أقل من شهرين وخمس ليال فأربعة أشهر وعشر، وإن كان أكثر فأربعة أشهر وعشر فيها حيضة، فلو وجبت الحيضة في القسم الأول كما في الثاني لما كان للتنويع معنى، وإنما اختلف حذاق الشيوخ هل هذا الحكم مطرد في المدَوَّنة في كل عدد وفاة فلا تجب فيها حيضة لإسقاطه لها في هذا الموضع، أو الفرق بين هذا وغيره؛ لأن الأربعة الأشهر والعشر هنا وجبت بالنص؛ بل رفعا للشك، فلا تجب زيادة الحيضة؛ لأن إيجابها في عدة الوفاة إنما هو لرفع ريبة في تلك العدة، ولا سيما على المشهور هناك، وفي هذا الموضع لم يتحقق وجوب هذه العدة حتى تراعى الريبة فيها. والحاصل أن رعي الريبة هو من اعتبار وصف الواجب، وذلك الواجب لم يتحقق حصوله باعتبار تلك الريبة من باب اعتبار الشك المركب، وهو مطرح في الفقهيات. فإن قلت: قد اعتبرت الحيضة فيها إذا كان بين الموتين أكثر من شهرين وخمس ليال. قُلتُ: اعتبارنا لها هنا كاعتبار عدة الحرة لا رعيا لتقدير شك في حال هي أحوال عدة الحرة. قُلتُ: ما عزاه للمدوَّنة من التقسيم إنما لسَحنون، ونصها: قال ابن القاسم: لم أسمع من مالك فيها شيئًا، وأرى أن تعتد بأكثر العدتين أربعة أشهر وعشر مع حيضة

لا بد منها. قال سَحنون: هذا إذا كان بين الموتين أكثر من شهرين وخمس ليال، وإن كان بين الموتين أقل من شهرين وخمس ليال اعتدت أربعة أشهر وعشرًا. قُلتُ: فتقسيم سَحنون راجع إلى لزومها عدة وفاة الحرة مع عدة أم الولد من وفاة سيدها؛ لاحتمال موته عنها بعد أن حلت له في القسم الأول، وإلى لزومها مجرد عدة وفاة الحرة فقط؛ لعدم احتمال موت سيدها عنها بعد أن حلت له. قال ابن عبد السلام: لو وجبت الحيضة في القسم الأول كالثاني لما كان للتنويع معنى. قُلتُ: المانع من التنويع بمعنى التقسيم بين شيئين إنما هو تماثلها، أما إذا تخالفا بأمر فلا، وهو في آخر كلامه قد أخذ بمخالفة كل منهما الآخر؛ حيث قال: حيضة عدة الوفاة وجبت للشك، وحيضة أم الولد من سيدها وجبت لوجوبها بموت السيد، وما ذكره عن بعض الحذاق أن هذا الحكم مطرد في المدَوَّنة في كل عدة وفاة لم أجده لأحد من مشاهير أهل المذهب لا لابن محرز، ولا لعبد الحق، ولا للخمي، ولا للصقلي، ولا لأبي عمران، ولم يذكره أبو إبراهيم، فالله أعلم من أين نقله. قال ابن الحاجب: ولا بد مما تحل به الأمة المعتدة للوفاة من موت الأول. ابن عبج السلام: يعني أن قوله في هذه المسألة من موت الثاني إنما هو للاحتياط، فإن أوجب رعي حال موت الأول زيادة احتياط اعتبر ذلك. قُلتُ: في هذا الكلام نظر؛ لأنه يقتضي صحة فرض زيادة الاحتياط على ماذكره من حكم المسألة وذلك ممتنع فتأمل ذلك. وقال ابن هارون: لما قرر أن العدة من موت الثاني ذكر أصلا مضافا إليه، وهو أنه لا بد من اعتبار ما تحل به من موت الاول، وتفسيره ما تقدم. قُلتُ: حمله على هذا محض تكرار لما تقدم، والاظهر أنه غير راجع للمسألة المفروضة، وأنه تأسيس حكم في سبهها، كمن تزوج أمه رجل ثم وطئها سيدها في حياة زوجها ثم مات فعليها حيضة من وطء سيدها، ولا بد معها من شهرين وخمس ليال من وفاة زوجها.

باب في الإحداد

[باب في الإحداد] الإحداد: ترك ما هو زينة ولو مع غيره، فيدخل ترك الخاتم فقط للمبتذلة. وقول ابن الحاجب وابن محرز: ترك الزينة المعتادة يبطل طرده؛ لصحة سلب الزينة المعتادة عمن لبسته مبتذلة.

وفيها: يجب على كل معتدة لوفاة، ولو كانت ذات رق، صغيرة. الباجي: إن عقلت الامتثال أمرت به وإلا فقال عيسى: يجنبها أهلها ذلك. وفي الكافي: قيل: لا إحداد على صغيرة ولا ذمية. وفي وجوبه على امرأة المفقود في عدة وفاة سماع ابن القاسم، ونقل ابن رُشْد عن ابن الماجشون مع سحنون. وفي الكتابية قولان لها ولابن نافع فيها، وعزاه أبو عمر له مع أشهبوروايته: اللخمي عن محمد: يدوم إحداد المسترابة مدة استرابتها. ابن حبيب: ولو بعد خمس سنين، وعلى قول أَصْبغ: إن تزوجت مسترابة بتأخر حيض أو مستحاضة بعد الأربعة الأشهر وعشر لم يفسخ نكاحها تمادي إحدادها بعدها احتياط لا إثم في تركه. قلت لابن حارث: قال سحنون لا إحداد على المرتابة بعد أربعة أشهر وعشر، وروى ابن عبد الحكم: إحداد الحامل حتى تضع، والمرتابة حتى تنقضي ريبتها، وسمع ابن القاسم: لا تمس الحامل طبيا حتى تضع وإن قعدت سنين. وفيها: لا تلبس حليا ولا قرطا ولا خاتم حديد ولا خلخالاً ولا سوارًا، ولا تمس طبيًا ولا تدهن بزنبث أو بنفسخ أو خيري، ولا تتمشط بدهن مربب ولا حناء ولا كتم، وتدهن بالشبرق والزيت، وتمتشط بالسدر وشبهه مما لا يختمر في رأسها. وسمع القرينان: من توفي زوجها وقد امتشطت أتنقض مشطها؟

قال: لا، أرأيت إن كانت مختضبة كيف تصنع؟ ابن نافع: وهو رأي ابن رُشْد: يريد: إن كانت امتشطت بغير طيب، ولو كان بطيب أو تطيبت في سائر جسدها لوجب عليها غسله، كما يجب عليها نزع ثوب الزينة، وكما يجب على الرجل يحرم وهو متطيب غسل طيبه. قُلتُ: قول ابن رُشْد: يريد: إن كانت امتشطت بغير طيب يقتضي منعها من الامتشاط بغير طيب، وهو خلاف متقدم قولها: تمتشط بالسدر، ولما نقل الباجي لفظها قال: ولو مات زوجها بعد أن مشطت رأسها بشئ من الطيب، فروى أشهب في العتبيَّة وذكر ما تقدم، وهذا خلاف ما تقدم لابن رَشْد. وقول ابن رُشْد: لو كان بطيب أو تطيبت لوجب عليها غسله إلى آخره، خلاف قول عبد الحق في تهذيبه. قال بعض شيوخنا: إذا لزمتها العدة وعليها طيب فليس عليها غسله بخلاف من أحرم، وعليه طيب. عبد الحق: يحتمل أن يفرق بينهما بأن المحرم أدخل الإحرام على نفسه، فلو شاء نزع الطيب عنه قبل أن يحرم وبأن فيما دخل على المرأة من وفاة زوجها والاهتمام به شغلا لها عن الطيب. قال: وفي الموازيَّة: لا تحضر حاد عمل طيب، ولا تتجر فيه ولو كان كسبها. وللبرقي عن أشهب: لا تدخل الحمام ولا تطلي بالنورة، ولا بأس أن تستحد، والكحل لها تداويا معرى عن الطيب، ظاهر المذهب جوازه اتفاقًا. وفي وجوب مسحه بالنهار قولان للباجي عن رواية محمد: إن اكتحلت لضرورة بالصبر فلتمسحه بالنهار، مع رواية الشيخ: لا تكتحل إلا أن تضطر فتكتحل بالليل وتمسحه بالنهار من غير طيب فيه، ولظاهرها. الباجي: وجدت لمالك ولم أتحققه: لا تكتحل بإثمد ولا بذي سواد ولا بذي صفرة ولا بذي طيب وإن اشتكت عينها. ومعناه: إلا أن تدعو لذلك ضرورة، وأشار في الموطأ أنها تكتحل بما فيه صبر للضرورة، وهو المعروف من المذهب. قُلتُ: ففيه بما فيه طيب لضرورة، ثالثها: وتمسحه نهارا لظاهرها، ولعبد الحق عن

رواية المختصر، وله مع الباجي عن رواية محمد، وقال في رواية المختصر: لا تكتحل إلا أن تضطر فتكتحل ليلا وتمسحه بالنهار من غير طيب يحتمل أنها لم تضطر للطيب، وأطلقها عبد الحق. وفيها لمالك: لا تلبسوها من الثياب المصبغة ولا من الحلي شيئًا. قيل: أتلبس المصبغة من هذه الدكن والصفر والمصبغات بغير الورس والزعفران والعصفر؟ قال: لا ولا صوفا ولا قطنا ولا كتانا ضبغ بشئ من هذا إلا أن تضطر لذلك لبرد ولا تجد غيره. وقال عروة: إلا أن تصبغه بسواد. قُلتُ: ظاهر قول مالك أولا: منع لبس الأسود، وفسر اللخمي المذهب بجوازه، وعزاه الباجي لرواية محمد. قال: وفيها تلبس أبيض الحرير. قال القاضي: وأسوده والسابري. الباجي: يريدون بالأسود: الغرابي لا السماوي. فإنه يتجمل به. وقال القاضي: كل لون يتزين به النساء تمنعه الحاد. اللخمي: وهذا أحسن، ورأى أن تمنع الثياب الحسنة وإن كانت بيضاء، وكذا رفيع السواد، ولا تمنع الأخضر ولا الأزرق الرديء، وتمنع النفيس من الحرير، وإن لم تجد إلا مصبوغا باعته أو غيرته بسواد، وقد يستخف بقاؤه بحاله إن كان في تغييره فساد. وفيها: لا تلبس رقيق عصب اليمن، ووسع في غليظه، وتلبس رقيق البياض كله من الحرير وغيره، ولا تلبس خزا. الصقلي: في المختصر لمالك: إلا أبيضه وأسوده. وفيها: لا تتزين الأمة الحاد للبيع بما لا تلبسه الحاد، وقول ابن الحاجب: ولا تلبس مصبوغا إلا الأسود والأدكن إلا أن لا تجد غيره خلاف متقدم نصوصهم. فضل: روى على: يستحب لها إذا تمت عدتها أن تتطيب ليلا تزيد في الإحداد. وقال ابن القاسم: هي مخيرة. وفي الحج الثاني منها لمالك: يستحب لمن حل من إحرامه الأخذ من لحيته وشاربه، وتقليم أظفاره، وفعله ابن عمر. وتلزم المعتدة مقامها في مسكنها حين وقوع سبب عدتها طلاق أو وفاة، والتهمة

على نقلها منه لطلاقها بغيره توجب ردها إليه. اللخمي في الموازية، وظاهره لابن القاسم: من اكترى منزلا نقل إليه زوجته فلما سكنه طلقها لزمه ردها لمسكنها الأول. ويجب للمدخول بها على زوجها سكناها لفرقة حياة، ولو لفسخ مجمع عليه. وفي ثالث نكاحها: إذا وقعت الفرقة بينهما وهما مجوسيان أو ذميان وقد بنى بها فرفعتها حيضتها فلها السكنى؛ لأنها إن كانت حاملا اتبعته بما في بطنها، وكذا من نكح ذات محرم ولم يعلم ففرق بينهما بعد البناء فلها السكنى؛ لأنها تعتد منه، وإن كان فسخا. وفي وجوبها لها بالوفاة: ثالثها: إن كان مسكنها له ولو بعارية أو حبس. للمتيطي عن ابن كنانة، وابن القصار مع رواية ابن خويز منداد وتخريج اللخمي على رواية ابن نافع في المطلقة التي لها السكنى: تسقط بموته في العدة كنفقة الحمل، والمشهور معها. قال: والأول أولى لحديث الفريعة. قُلتُ: هو رواية مالك عن سعد بن إسحاق، عن كعب بن عجرة، عن عمته زينب بنت كعب بن عجرة: أن الفريعة بنت مالك بن سنان أخت أبي سيعد الخدري أخبرتها أنها جاءت إلى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) تسأله أن ترجع إلى أهلها في بني خدرة، فإن زوجها خرج في طلب أعبد له أبقوا، حتى إذا كان بطرف القدوم لحقهم فقتلوه، فسألت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أن أرجع إلى أهلى فإني لم يتركنى في مسكن يملكه ولا نفقة، فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): نعم. قالت: فخرجت حتى إذا كنت في الحجرة أو في المسجد دعابي أو أمربي فدعيت له، فقال: كيف قلت؟ فرددت عليه القصة التي ذكرت من شأن زوجي. قالت: فقال: امكثي حتى يبلغ الكتاب أجله. قالت: فاعتددت فيه أربعة أشهر وعشرًا. قالت: فلما كان عثمان أرسل إلى، فسألني عن ذلك فأخبرته فاتبعه وقضى به.

أخرجه أبو داود. قال تقي الدين ابن دقيق العيد: ثم ذكره الحاكم من وجهتين، وذكر أنه صحيح الإسناد من الوجهين معًا. وحكي عن محمد بن يحيى الذهلي أنه قال: حديث صحيح. وأخرجه ابن ماجه من حديث أبي خالد الأحمر عن سعد، وفيه: فجاء نعي زوجي وأنا في دار من دور الأنصار شاسعة عن دار أهلي، وفيه: امكثي في بيتك الذي جاء فيه نعي زوجك حتى يبلغ الكتاب أجله. قُلتُ: وقال عبد الحق: ذكره الترمذي، وقال: حديث حسن صحيح، وقال علي بن أحمد: زينب هذه مجهولة لم يرو حديثها غير سعد بن إسحاق بن كعب، وهو غير مشهور بالعدالة. مالك وغيره، يقول: فيه إسحاق بن سعد، وسفيان يقول: سعيد، وقال أبو عمر أن في هذا الحديث: حديث مشهور معروف عند علماء الحجاز والعراق. ابن القطان: ابتع عبد الحق الحديث بتصحيح الترمذي له، وقول ابن حزن: زينب مجهولة، لم يرو حديثها غير سعد بن إسحاق، وهو غير مشهور بالعدالة. وارتضى هو هذا القول من علي بن أحمد، ورجحه على قول ابن عبد البر أنه حديث مشهور. وعندي أنه ليس كما ذهب إليه؛ بل الحديث صحيح، فإن سعد بن إسحاق ثقة ممن وثقه النسائي، وزينب ثقة، وفي تصحيح الترمذي إياه توثيقها وتوثيق سعد بن إسحاق، ول يضر الثقة ألا يروي عنه إلا واحد، وقوله: (مالك يقول فيه: إسحاق بن سعد، وسفيان يقول: سعيد)، كذا وقع إسحاق بن سعد، وقد نبه عليه في نسخ أنه كذلك وقع، وهو خطأ، صوابه سعد بن إسحاق كما ذكرنا. قُلتُ: قول ابن حزم: لم يرو حديث زينب غير سعد بن إسحاق، وقبوله عبد الحق وابن القطان يرد بأنه إن أراد لم يرو عنها إلا سعد فليس كذلك. قال الإمام المزي في كتابه تهذيب الكمال في أسماء الرجال في الكتب الستة: روى

عنها سعد بن إسحاق وسليمان بن محمد، وخرج لها الأربعة: أبو داود والنسائي والترمذي وابن ماجه، وإن أراد أنه لم يرو عنها هذا الحديث إلا سعد فليس ذلك بعلة فيه حسبما ذكره ابن الصلاح وغيره. وذكر المزي: سليمان بن محمد، وقال: ابن محمد بن يحيى بن عروة بن الزبير خرج له الأربعة: أبو داود ومن بعده. وقوله في سعد غير مشهور العدالة، ذكر المزي أنه خرج له الأربعة، وهذا مع توثيق النسائي له، وعدم رميه بجرحة كافٍ في شهرة عدالته له. وفيها: للملاعنة السكنى، ورجح ابن رُشد قول إسماعيل القاضي: لا سكنى لها. قاله ابن عات. وفيها: لا سكنى لمعتدة غير مدخول بها إلا أن يكون أسكنها مسكنا له، ولو بكراء نقد عوضه، ومن دخل بصغيرة لا يجامع مثلها فلا عدة عليها ولا سكنى لها في طلاق، وعليها عدة الوفاة ولها السكنى إن كان ضمها إليه. والمنزل له أو نقد كراء ما اكترى لها، وإن لم يكن نقلها اعتدت عند أهلها، وكذا الكبيرة يموت عنها قبل البناء إن كان أسكنها دارا له أو اكتراها ونقد الكراء كانت أحق بالسكنى مدة عدتها وإلا فلا سكنى لها. عبد الحق عن بعض القرويين: قوله: إن نقد الكراء إنما هذا؛ لأنه أكرى كل سنة بكذا، بدليل قوله: إن لم ينقد الكراء غرمته المرأة إلا أن يطلب منها صاحب المسكن ما لا يشبه؛ إذ لو كان الكراء في سنة بعينها لم يكن له أن يطلب ما لا يشبه من الكراء؛ لأن العقد قد لزمه، فإن كان أكراها سنة بعينها كانت أحق وإن لم يكن نقد. الصقلي: وذكر غيره من القرويين: أن أبا قرة رواه كذا، وهو خلاف ما في الموازية وغيرها: أن نقده شرط في كونها أحق في السنة بعينها. وروى محمد: إن مات وبقي من المدة بقية ولم ينقد؛ الكراء لازم للميت في ماله، ولا تكون أحق بذلك، ويحاص الورثة في ذلك ولهم إخراجها، إلا أن تشاء أن تسكن في حصتها وتؤدي كراء حصتهم. الصقلي: برضاهم، وإن نقد بعض الكراء سكنت في حصة ما نقض، والحكم فيما

لم ينقد كما تقدم، فإن أكروا منها لزمها المقام، ولهم إخراجها كصاحب الدار بعد المدة، وعلى شرط النقد مطلقًا حمل اللخمي المسألة، وعزاه لمالك، وكذلك الباجي، ولما ذكر ابن زرقون من كلامه أن للورثة إخراجها إن لم يكن نقد. قال: ولابن كنانة في المبسوطة: ليس للأجنبي إخراجها إلا لعذر، ولا له أن يزيد عليها في الكراء على ما كان أكراه من الزوج، فعليه لا ينظر إلى رضا الورثة. قُلتُ: إن كان قول ابن كنانة: ولو كان أكراها من الزوج وهو عزب، فتخريجه الورثة عليه تام وإلا فرق بدخول المكري على ذلك بخلاف الورثة. ولأبي عمران: إن مات بعد نقد كراء المسكن وقبل أن تسكنه فليس لها أن تنتقل إليه ولتعتد حيث كانت. قُلتُ: أخذه بعضهم من قولها: إن مات قبل البناء فلا سكنى لها إلا أن يكون اكترى لها منزلا نقد كراءه ومات وهي فيه. قُلتُ: وتكررت المسألة في الباب الثاني في مواضع رتب فيها كونها أحق على مجرد نقد الكراء. الصقلي عن ابن عبد الرحمن: إن أخذ الزوج الصغيرة ليكفلها فقط فلا سكنى لها، وأظن أن ابن الموَّاز ذكره. ابن حارث: اختلف في الصغيرة التي لا يدخل بمثلها إن أسكنها زوجها في حياته ثم مات. فقال ابن القاسم: هي أحق بالسكنى لتمام عدتها. وقال ابن عبدوس في كتاب الشرح. قال سحنون: كيف تكون أحق وإنما هو متطوع لها في حياته؟ قُلتُ: ففي كون الصغيرة المضمومة أحق، ثالثها: إن ضمها لا لمجرد كفالتها، لابن حارث عن ابن القاسم وابن عبدوس مع سحنون وابن عبد الرحمن مع محمد. وفيها لمالك: تعتد الأمة المتوفى عنها زوجها حيث كانت تبيت ولأهلها نقلها معهم.

حمديس: قولها لأهلها نقلها معهم خلاف قولها لا يبيعها لمن يخرجها في العدة، فإذا لم يجز ذلك لمشتريها فبائعها أولى، وقبله الصقلي وابن عات وغيرهما، وساقه ابن محرز سؤالا من عند نفسه، وأجاب بأن قال: إنما يمنع المبتاع من إخراجها في العدة، ولو أراد النقلة لبلد آخر لجازله كبائعها، قوله: لا يبيعونها ممن يخرجها؛ يريد ممن يرى أنه يتعدى في إخراجها. ابن محرز واللخمي وغيرهما لابن القاسم في الموازية: إن بوئت مع زوجها بيتا لم يجز لأهلها نقلها حتى تنقضي عدتها. أبو عمران: هو معنى المدونة وقبله ابن عات، وفيه نظر لقولها: إن انتجع سيدها لبلد آخر فله أن يخرجها معه كالبدوية، والبدوية تنتقل مع أهلها، وقد بؤئت مع زوجها بيتا. فإن قلت: يرد هذا تفرقتها بعد هذا بين أن تبوأ معه بيتًا أو لا. قُلتُ: إنما ذلك في وجوب السكنى على زوجها وسقوطها، ولا يلزم من وجوبها عليه منع انتقال سيدها بها كالحرة البدوية. اللخمي: إن كانت غير مبوأة انتقلت مع سيدها؛ لأن حكمها بعد العدة كالحكم قبلها، وله قبلها أن ينتوي بها ويتبعها زوجها، وإن بيعت على ألا يسافر بها مشتريها حتى تتم عدتها اعتدت حيث كانت عند السيد أو الزوج، وانتقال السيد الأول والمشتري يختلف لا يسقط حكم مسكنها عند سيدها الأول إلا بانتقاله، فإن انتقلا لبلد واحد بقيت عند سيدها الأول، وإن كانت مبوأة في عدة وفاة، ولا مسكن للميت؛ لأنه كان في كراء وانتقضت الوجبية، وكان الحكم رجوعها إلى السيد فللمشتري أن ينتقل بها وقبله ابن عات، وفي قوله: وكان الحكم رجوعها للسيد نظر؛ لأنه لم يكن لها اختصاص به، لأنها قد بوئت مع زوجها بيتا، وبالبيع انقطعت نسبتها إليه. وفيها: إن عتقت أمة تحت عبد فاختارت فراقه فلها عليه السكنى إن كانت بوئت معه بيتا. قال مالك: إن كانت لا تبيت عند زوجها اعتدت حيث كانت تبيت، ولا شيء عليه

من سكناها، إنما يلزم الزوج ما كان يلزمه حين طلقها، وما حدث بعد ذلك لم يلزم الزوج منه شيء، هذا نصها. ونقله عياض بلفظ فرق بين أن تبوأ معه بيتا أم لا. قال: ثم قال: إنما حالها اليوم بعد ما طلقها كحالها قبل أن يطلقها في ذلك، ولم أسمعه من مالك. قال بعض الأندلسيين: قوله هذا يدل أن سكنى العدة تبع لسكنى العصمة، ويدل أن المرأة إذا طاعت لزوجها بسكناه بها دارها دون كراء ثم طلقها فطلبت منه كراء العدة لم يلزمه، وبه أفتى أبو عمر ابن المكوي وابن القطان وقال به الأصيلي. وقال القاضي ابن رَرْب وابن عتاب: عليه الكراء. وقال اللخمي: لأن المكارمة قد زالت بالطلاق، ومثلها بمسألة التي يسكن بكراء في منزل اكترته فطلقت، ولم تطلب الزوج بكراء حتى انقضت العدة. قال: ذلك لها. ابن عات: قال ابن رُشد: قول ابن المكوي وهم؛ لأن مسألة الكتاب إنما تكلم فيها على ما يوجبه الحكم، وذلك غير مفترق في العصمة والعدة، ثم ذكر ما تقدم للخمي من اعتبار مودة العصمة كأنه من عند نفسهز قال: ولو كتبت له إسقاط خراج دارها أمد العصمة وتوابعها لم يكن عليه شاء، ولو قالت: أمد العصمة فقط، لزمه اتفاقًا فيهما، وأفتى ابن الطلاع في ذلك بغرمه نصف كراء المثل. وفيها: إن مات أو طلق في سيرهما لحج رجعت فيما قرب كثلاثة أيام لا يفسخ كراء كريها إلا أن أحرمت أو بعدت كالمدينة من مصر. ابن عات: قال ابن عبد الرحمن: هذا في حج الفرض، وترجع في التطوع والرباط ولو بعدت.

وقال أبو إسحاق: لم يذكر هل هو حج فرض أو تطوع، وذكر الخلاف في الغزو بعد إقامة الأشهر والسنة هل ترجع ألا لا، وإن مات بالطريق رجعت لم يذكر فيه خلافا، والغزو قربة وفضل لا فرق بينه وبين حج التطوع، وكان يجب في الغزو إن مضت أكثر من يومين أنها لا ترجع ولا ترجع بعد وصولها، وتمضي إن أحرمت كموته في اعتكافها، وانظر لو كان مقامها في الموضع الذي ليس فيها حق آدمي كظئر استؤجرت بشرط مكثها بدار أبوي الصبي فمات زوجها. قال أبو إسحاق: أعرف في هذا فسخ إجارتها وترجع إلى بيتها بخلاف حق الله تعالى في الإحرام والعكوف. قُلتُ: هو الجاري على قولهاك من قطع يمين رجل ثم سرق قطعت يمينه فقط للسرقة، ويلزم عليه أن من ورث أخاه وقد كان الميت وأجره سنة أن تسقط باقي الإجارة، ويعتق إلا أن يقال: الاستئجار لا ينافي الحرية فيمضي عقد الإجارة، ويكون الأجر للعبد. اللخمي: قول مالك: ترجع عن الحج وإن لم تبعد، ولم تحرم بناء على عدم فوره، وعلى أنه على الفور لا ترجع ولو لم تبعد، وكذا لو لم تكن خرجت كان عليها أن تخرج. ابن عبد السلام في قوله: كا عليها أن تخرج نظر، فإنه حينئذ يكون كواجبين تعارضا فيسلك مسلك الترجيح. قُلتُ: قد قرنه بالترجيح، وهو قول عائشة وابن عباس، وقول الصحابي مرجح حسبما ذكره في كتاب الترجيح، ولأن الحج أحد قواعد الإسلام. وفيها: لابن القاسم: لا تخرج لحج الفرض حتى تتم عدتها، وإن مات في خروجه بها لغزو أو غيره أو لإقامة الأشهر لا لانتقال رجعت، ولو وصلا لتمام عدتها ببيتها. اللخمي: روى محمد: من خرج إلى المصيصة بعياله ليقيم بها الأشهر أو السنة اعتدت امرأته بها. وقول مالك الأول أحب إليَّ. اللخمي: اعتبر مالك مرة طول المدة وهو أحسن، والسنة وما قاربها انقطاع،

ومسكن أقامت به هذه المدة أولى من الأول، ولو كان له داران سكناه بإحداهما فانتقل للأخرى ليقيم بها سنة وما قاربها، فمات بالمنتقل غليها اعتدت بها، ولو كان موته في أول سكناه. وفيها: كل من أمرت بالرجوع إن كانت لا تصل حتى تنقضي عدتها لم ترجع ولتقم بموضعها أو حيث شاءت. ابن القاسم: ولا تنتجع انتجاعا بعيدًا، ولا ترجع إن بعدت أو في الحج إلا مع ثقة وإلا قعدت حتى تجده. اللخمي: إنما ترجع من مسيرة يوم وليلة مع ذي محرم أو جماعة لا بأس بهم وإلا أقامت، فإن كانت في غير مستعتب تمادت مع رفقتها إليه، إن رجت ثقة ترجع معه قبل تمام عدتها وإلا تمادت. وفيها: ترجع لبقية عدتها إن كان ما ترجع إليه تدركه قبل انقضاء عدتها. قال اللخمي وبعض الفاسيين: إن كان لما تدركه قدر. قُلتُ: الأظهر أقله ما يشترط في مسافته الصقة يوم وليلة. وفيها: إن نقلها اعتدت حيث نقلها، فإن مات في مسيرهما اعتدت في أحدهما، ولو بعدا، والمقام بموضع موته أو تعدل حيث شاءت؛ لأنه مات ولا قرار له، وكذا الطلاق بائنا أو رجعيا. ابن عات: إنما تنتقل لما لا يبعد؛ لأنها مخاطبة بالتحفظ، فليس لها جعل عدتها بالقفار، ولو اكترى بالبلد المنتقل إليه منزلا ومات قبل انتقاله إليه وقبل أن تتخذ مسكنا كانت كمن لا مسكن لها تعتد حيث شاءت من تلك المدينة أو غيرها إن قرب، ولو مات بعد انتقاله لما اكتراه اعتدت به. أبو عمران: إن طلقها في سفره فلزمها الرجوع إلى وطنها فعليه كراء رجوعها، وانتقال الأمة بانتقال سيدها تقدم. وفيها: تنتوي البدوية حيث انتوى أهلها لا حيث انتوى أهل زوجها، الانتواء: البعد. عياض: أخذ بعضهم منه أنه إنما لها ذلك إن كان رحيلهم لبعد، وإن كان لقرب

بقيت لتمام عدتها. قُلتُ: سئلت عمن ماتت، فأراد زوجها دفنها في مقبرته، وأراد عصبتها دفنها في مقبرتهم، فأجبت بأن القول عصبتها أخذا من هذه المسألة لفقد النص فيها. وفيها: إن كانت في قرار فانتوى أهلها لم تنتو معهم، وإن انتوى زوجها فمات رجعت للعدة في بيتها. قوله: (رجعت للعدة في بيتها) يدل أنه لم ينتقل للبادية رفضا للإقامة، ولو كان رفضها لها لكانت كالبدوية. وفيها: لا تنتقل من مسكنها إلا لضرر لا قرار معه كخوف سقوطه أو لصوص بقرية لا مسلمين بها، وإن كانت بمدينة لم تنتقل لضرر جوار، ولترفع ذلك إلى الإمام. قُلتُ: ضابطه إن قدرت على رفع ضررها بوجه ما لم تنتقل، وحملها ابن عتاب على الفرق بين القرية والمدينة؛ لأن بها من ترفع إليه أمرها بخلاف القرية غالبا. اللخمي: وإن وقع بينها وبين من يساكنها شر، فإن كان منها أخرجت عنه، في مثله جاء حديث فاطمة بنت قيس، وإن كان من غيرها أخرج عنها، فإن أشكل الأمر أقرع بينهم. قُلتُ: إنما يقع الإخراج للشر بعد الإياس من رفعه بزجر من هو منه، وقبل ابن عات وابن عبد السلام وغيرهما قوله أقرع بينهم، والصواب إخراج غير المعتدة؛ لأن إقامتها حق الله، وهو مقدم على حق الآدمي حسبما تقدم عن قرب. وفيها: حكمها فيما انتقلت إليه كما انتقلت عنه، وإن انتقلت لغير عذر ردها الإمام، ولا كراءها فيما أقامت في غيره. الصقلي عن ابن عبد الرحمن: الفرق بينها وبين ما إذا هربت من زوجها أن لها النفقة؛ لأن السكنى حق لها تركته، والهاربة زوجها قادر على ردها بالحكم، فحق النفقة باقٍ عليه، ولو كان عاجزًا عن ردها لم تكن عليه. ابن عات: أقام منها ابن الشقاق ألا نفقة لناشر. ابن رشد: الفرق بينهما أن الكراء تعين لها في ذلك المسكن لا في ذمته. اللخمي: لا كراء لها إن خرجت عن مسكن يملكه الزوج أو اكتراه وجيبة ولم

يكره بعد خروجها، فإن أكراه رجعت بالأقل مما اكترت أو أكرى به الأول، ولها نفقتها إن كان طلاقها رجعيا، ولو خرجت بغير رضاه، والكراء بخلاف النفقة؛ لأن المطلقة لا منفعة له فيها، ولو ارتجعها فامتنعت من الرجعة سقطت من حينئذ نفقتها. وفيها: لها التصرف نهارًا والخروج سحرًا قرب الفجر، وترجع ما بينهما وبين العشاء الآخرة. اللخمي: قول مالك: لا بأس أن تخرج قبل الفجر، وأرى أن تحتاط للأنساب، فتؤخر خروجها لطلوع الشمس، وتأتي حين غروبها. ابن عات: ويدخله قول ابن القاسم أن لها الرجوع إلى ثلث الليل، ورواية مُطرف وقول محمد: إلى قدر هدو الناس، وقول: إلى نصف الليل. قولها في الحج: لا دم على من بات في غير مني ليالي منى إلا أن يبيت جل ليلة. قُلتُ: مسمى المبيت في حق المعتدة أضيق منه في غيرها. اللخمي: روى محمد: لا أحب كونها عند أمها النهار كله. وسمع ابن القاسم: للمتوفى عنها الخروج للعرس. ولا تبيت إلا في بيتها، ولا تتهيأ بما لا تتهيأ به الحاد. ابن رُشْد: هذا إن لم يكن فيه من اللهو إلا ما أجيز في العرس. وفيها: تبيت المعتدة من دارها حيث كانت تبيت، ولو كانت دارا ذات بيوت في إحداها متاعها وسكناها فلتعتد فيه، وتبيت من بيتها هذا وأسطوانها وساحة حجرتها حيث شاءت، وإن كان بها مقاصير لقوم فلا تبيت إلا بمقصورتها. أبو عمران: كل ما تقطع فيه إن سرقت منه مما هو محجور عليها لا تبيت فيه، وما لا تقطع فيه تبيت فيه. قُلتُ: كأنه تعريف بمساوئ أو أخفى. عياض: بينه في كتاب إسماعيل القاضي. قال: تبيت في جميع ما كانت تسكنه في حياة زوجها. قال بعض المتأخرين: وهو كل ما لو سرقت منه دار زوجها لم تقطع. عياض: فيه نظر، وما ذهب إليه الأبهري وابن القصار: ألا تبيت إلا حيث كانت

تبيت استحسان، ولعل كلامه في الكتاب على هذا. ابن عات: قولها خلاف ما في الموازية: لا تبيت إلا في البيت الذي كانت تبيت فيه. وسمع سحنون ابن القاسم: من طلقت البتة فكان لها السكنى في دار زوجها فمات فقسمت تركته ولم يصر لها ما يسعها مسكنا، على الورثة أن يوسعوا لها مسكنا مدة عدتها. ابن رشد: إن كانت الدار ذات بيوت تقسم فللورثة قسمها، إن صار للمرأة ما يسعها فليس لها غيره، وإن ضاق عن مسكنها فعليهم أن يوسعوا لها ما يكفيها، كما قال: وهذا على أن للمرأة أن تعتد حيث شاءت من مساكن الدار التي كانت تسكن مع زوجها، وأن تصيف في قاعة الدار، وإن لم تكن تصيف فيها مع زوجها، وهو قول ابن القاسم وروايته فيها، وعلى رواية محمد: لا تصيف إلا في المكان الذي كانت تصيف فيه معه، فيلزمها العدة حيث كانت تسكن معه، وعلى قوله: تسكن في ذلك المسكن بعينه على كل حال اقتسم الورثة الدار أم لا. وفيها مع غيرها: المتوفي عنها أحق بسكنى دار الميت من غرمائه، وتباع ويشترط سكناها مدة عدتها. الصقلي وابن رشد وغيرها: قال ابن عبد الحكم: لا يجوز البيع بهذا الشرط؛ لأنه غرر ويفسخ. وسمع أبو زيد: إن بيعت عليه، فلما مضى أربعة أشهر وعشر ارتابت فلها السكنى حتى تخرج، وهي مصيبة نزلت به. سحنون: ولو تمادت لخمس سنين لعلم المبتاع أقصى العدة خمس سنين، كأنه قدم على علم منه. ابن رشد عن سحنون: إن ارتابت خير المشتري بين فسخ البيع عن نفسه والتماسك على أن لا يرد عليه البائع شيئاً، ومثله في الواضحة، واختاره محمد. قال: لأن البيع إنما يقع على استثناء العدة المعروفة. ولو وقع البيع بشرط الاسترابة كان فاسداً، وتعقبه التونسي، فقال: إن كان البيع بشرط الاسترابة لا يجوز لغرر كونها سنة أو خمسا، فإذا ملك الخيار في الأخذ والرد كان

أخذه على أن تسكن المرأة إلى انقضاء ريبتها، كابتداء الشراء على ذلك إلا أن يكون على أحد القولين فيمن خير بين شيئين أنه لا يعد منتقلا. وأدري معنى تخريجه هذا، إذا لا خلاف فيه، كما لا خلاف في أنه لا يجوز بيع سلعة بعشرة نقدًا وبخمسة عشر إلى أجل على الإلزام. وإنما يتخرج جواز ذلك على القول بأن لمن ابتاع سلعًا استحق أكثرها على العدد التماسك بما بقي بمنابة من الثمن، ويحتمل كون معنى قول محمد: أنه مخير بين الرد والتماسك على أنه بالخيار في الرد مالم تنقص الريبة، لا على أنه يتمسك بع على أن البيع لازم طالت الريبة أو قصرت، وهو أولى ما يحمل عليه قوله. قُلتُ: يرد تعقبه بالاتفاق على المنع بعشرة نقدًا وبخمسة عشر لأجل، لأنه للغرر ببيعتين في بيعة لا للانتقال. وقول ابن الحاجب: والبيع بشرط زوال الريبة فاسد خلافًا لسَحنون، لأنه دخل على العدة. قال الباجي: بناء على الخيار، وإلا فلا أثر للشرط، ظاهرة أن قول سَحنون نص له وليس كذلك، إنما هو تخريج للباجي على قول سَحنون، كذا هو الباجي، وهو بناء على أن كل مايقتضيه العقد يجوز شرطه، وفيه بحث تقدم في الصرف. الباجي: إنما يجوز هذا في عدة الوفاة، لأنها أيام محصلة، وذلك إذا دعا الغرماء الورثة لبيعها، ولا يجوز في عدة الطلاق. قُلتُ: في تهذيب عبدالحق ذكر لي أنهما سواء في الجواز. زاد المنبطي: قال بعض القرويين: وليس بصواب. اللخمي: إن قام الغرماء والمسكن ملك للزوج بيع، واستثنى أمد العدة، كانت عدة طلاق أو وفاة، وإن كان بكراء ونقد فهي أحق من ذلك الكراء بقدر العدة وبيع الباقي للغرماء، وإن لم ينقده والعدة من طلاق فللمكري أخذ مسكنه أو إسلامه، فتكون الزوجة أحق به، ويضرب المكري مع الغرماء فيما سواه، وإن كانت لوفاة لم يكن المكري أحق ولا الزوجة، وبيع للغرماء والمكري أحدهم، وإن لم يكن عليه غرماء بيع وليس له أخذه.

ابن عبد السلام: في قول أهل المذهب بتقديم حق المعتده على الغرماء نظر، لأنه يوجب كون حقها بعد الموت وانقطاع الزوجية أقوى منه في الحياة مع بقاء العصمة، فيكون التابع أقوى من متبوعة، هذا خلاف، لأن سكنى العدة إنما وجبت تبعا لسكنى الحياة. قُلتُ: تقريره أنه كلما كانت سكنى عدة الوفاة تبعا لسكنى الحياة، كان التابع أقوى من متبوعه وهو خلف، والملزوم حق فاللازم حق، وجوابه أن كون الشيء تبعا للشيء يطلق باعتبارين: الأول: وهو المعروف عندي أنه تبع له في القصد والطلب والمصلحة، كما العبد، ومؤنة الأذان، والإقامة لمؤنة الإمامة ونحوهما. الثاني: أنه تبع في الوجود لتأخره عنه، وسبييته عنه ككون رد السلام تبعا للسلام، وكان ثواب الهبة تبعا للهبة ونحوهما، خوف التطويل منع من تكثير ذكر أمثالها. إذ تقرر هذا قلنا: إن أراد بتبعية سكنى عدة الوفاة المعنى الأول سلمنا الملازمة ومنعنا حقيقة الملزوم، لأن تبعيه سكنى العدة لسكنى الحياة ليست من المعنى الأول بحال، بل الأشبه أنها ضده أو نقيضه، لأن سكنى الحياة غير مطلوبة بمعنى كونها حق لله، وسكنى العدة مطلوبة بذلك، وإن أراد بها المعنى الثاني سلمنا حقية الملزوم والملازمة، ومنعنا كون اللازم خلفا. ابن عات: خرج بعضهم من بيعها للغرماء أن من خلف حملا وعليه دين وله عقار انه يباع للغرماء، وخالف فيه ابن أيمن، وقال: لايباع حتى تضع الحمل. قُلتُ: قد يفرق بأن الحمل مانع لوجوب الإعذار في الدين لولد الحمل، والمعتدة المبهمة المانع منها مشكوك فيه، والقاعدة أن الشك في المانع لغو بخلاف تحققه، وقولها: إن طلقها طلاقا بائنا فلزمه السكنى فمات في العدة في باب النفقات، وعلى الزوج إن تعذر مسكنها بهدم أو انتهاء مدة مكرىّ أو معارا بدله. فيها: إن انهدم فدعت لمسكن غير مادعاها إليه فذلك لها فيما لايضر به لكثرة كراء أو سكنى، ولو أسقطت الكراء سكنت حيث شاءت. اللخمي: إن دعت لموضع مأمون واستوى الكراء، أو كان مادعت إليه أقل أو

أكثر، وتحملت الزائد، ولو دعا لما يملكه فالقول قوله. قُلتُ: إنما يلزمها الزائد في الأكثر إن كان مادعا إليه يليق بها. الصقلي: قولها: حيث شاءت، يريد حيث يعرف كونها معتدة لايخفي عليه خبرها. وقول أبن عبدالسلام: لا يبعد أن يكون القول قوله كما كان ذلك قبل الطلاق، ير بأنه قبل الطلاق مقارن معها في السكنى فغلب حكمه. وفيها: لا تخرج معتدة أمير لوالٍ بدله قبل تمامها كذى الحبس حياته. اللخمي: أما في الطلاق فالحق عليه قائم لحياته وفي الموت استحسان، لأن الحبس إنما هو حياته، وقد انقضت كالكراء إلا أن تكون عادة. وقال محمد: تعتد فيه، وإن تأخرت لريبة خمس سنين وفيه ضرر على المحبس، لأنه لم يرد هذا، ودار الإمارة أوسع، لاأنها ليست لأحد. وفي كون امرأة إمام المسجد في الدار المحبسة عليه كذلك، وخروجها بموته إن أخرجها جماعة المسجد قولان للمتيطي عن بعض القرويين مع ابن عات على ماجرى عليه عمل قرطبة، وقول ابن العطار مع قبوله عبدالحق في تهذيبه، والباجي. وعليه فرق ابن رُشْد بينها وبين امرأة الأمير، أن امرأة الأمير لها حق في بيت المال، وهذه الدار من بيت المال، وقبله ابن عات. قال: وفرق ابن المناصف بأن أصل أجره الإمام مكروهة. قُلتُ: تقدم منع كونها إجارة في الإمامة، بل هي إعانة، وإلا افتقرت لضرب الأجل، ولا قائل به. ابن زرقون: ماذكره ابن العطار إنما هو إذا كانت الدار حبسا على المسجد حبسا مطلقًا، وأما إن حبست على أثمة المسجد فهي كدار الإمارة، وقبله ابن عبدالسلام وفيه نظر، لأن كونها حبسا على المسجد مطلقًا إما أن يوجب حقًا للإمام أو لا فإن كان الأول فلافرق بين كونها على المسجد مطلقً أو على إمامه، وإن كان الثاني لم يجز لإمامه أن يسكنها إلا بإجارة مؤجلة، فلا تخرج منها زوجته إلا لتمام أجله كمكتراة من أجنبي. وسمع عيسى ابن القاسم: من طلق امرأته بعد أن اسكنه أخوه منزلا لا تخرج زوجته منه إن أخرجها إلا بعد تمام عدتها.

ابن رُشْد: تعقبه التونسي بأنه إسكان مطلق، فله إخراجها كما له إخراجه لو لم يطلق. وأجاب بما حاصله: سكنى ماقبل العدة سبب في وجوب سكنى العدة، وقد ثبت السبب فيثبت المسبب. وفي كون لزوم سكنى أو الولد مدة حيضتها لموت سيدها عليه، ثالثها: مع إحدادها، ورابعها: ولها تركها، وخامسها: بكرة تركها، لظاهرها، والموازيَّة، وابن عات عن أَصْبَغ، ولنقليه مع اللخمي في الأخير عن أشهب. قالا: والخلاف في سكنى عتقها كذلك. ابن محرز: من مات عن أمة حامل منه ففي وجوب نفقتها قولا عبدالملك وابن القاسم، بناء على عدم إيجاب حملها لها حكم أم الولد وإيجابه كقولها في عدم قتل قاتلها، واللعان بنفي الحمل حتى تضع، وقتله واللعان به قبل وضعها، ولو وضعت قبل ذلك فلا نفقة اتفاقًا. وفي التهذيب لأم الولد سكنى حيضتها إن مات سيدها أو عتقها، ولا نفقة لها، وإن كانت حاملا حين أعتقها فلها معها نفقتها. قال غيرة: لا نفقة لها، وقبله ابن عات، وفسر الغير بعبدالملك، ولم أجد فيها قول الغير. وفيها: كل من تحبس له فيه فعليه سكناها كان من العدة أو الاستبراء. وفيها: أيكون للمرتدة النفقة والسكنى إن كانت حاملا؟ قال: نعم، لأن الولد يلحقه. عياض: رد بعضهم جوابه للنفقة فقط، إذ هي مسجونة على ماقاله ابن اللباد. واختصرها المختصرون على رده لها وللسكنى، وقيل معناه: إن غفل عن سجنها، وقد يقال على أن لموضع الاعتقال كراء. اللخمي: إن ارتدت زوجة حاملا أخرت ونفقتها على زوجها، وإن كانت غير حامل وهي أول دمها أو قال زوجها: لم أصبها بعد حيضها استتيبت، وإن قال: لم تحض بعد أن أصبتها، وأشكل هل هي حامل أم لا فمن حق الزوج تأخيرها حتى تحيض أو

يمر لها ثلاثة أشهر من يوم أصابها، فإن أسقط حقه ولم يمض لإصابته أربعون يومًا لم تؤخر، لأن الماء لم يخلق منه ولد، وإن مضى لها أربعون يوما أخرت. وإذا أخرت فلا نفقة على الزوج عن ابن القاسم، لأن ردتها طلقة بائنة ولا عند أشهب وعبدالملك، وإن رأيا أن الطلاق مترقب بعدم رجوعها، لانها فعلت مامنعت به نفسها، فإن بان حملها وجبت لها وتبعته بماضيها، وعلى أن ردتها طلاق تبيت بيتها ويتحفظ بها، وعلى أنه فسخ أو مترقب يستحب نقلها لموضع تعتد فيه. قُلت: في قوله: (يستحب) نظر، بل هو الواجب. وفيها: كل شئ يحبس له فعليه سكناها كان من العدة أو الاستبراء. وفي ثالث نكاحها: إذا فرق بين الزوجين بإسلام أحدهما، وهما مجوسيان أو ذميان وقد بنا بها، فرفعتها حيضتها فلها السكنى، لأن مافي بطنها يتبعه، وكذا من نكح ذات محرم منه ولم يعلم ففرق بينهما فلما السكنى. قُلتُ: وتقدم وهم ابن بشير في ذلك، ولجميع ذلك أشار ابن الحاجب بقوله: وكذا كل من تحبس بسببه في السكنى، ونفقة الحمل كفسخ النكاح لإسلام أحدهما بعد البناء، وكمن نكح محرمًا، ولم يعلم وبنى. قال ابن هارون في تفسيره: تقييده نكاح المحرم بعدم العلم لامعنى له، بل الحكم في ذلك سواء إلا أن تكون منه إشارة إلى أنه لايلحق به الولد إذا كان عالمًا بالحكم، ويحد للزنا، وهو بعيد إذا لم يثبت تحريم ذلك بدليل قطعي. قُلتُ: وهذا غلط فاحش نشأ عن تصحيفة (محرما) بفتح الميم والراء (بمحرم) بضم الميم وكسر الراء، وهذا الفاحش غفلته، وعدم ذكره على مسألة المدَونة، لأنها ليست في كتاب العدة، أسأل الله التسديد وحسن التأمل. وفي نفقة المستبرأ لوطئها غير زوجها قبل بنائه غلطا عليه أو عليها، نقل الصقلي عن بعض التعاليق وأبي عمران قائلا: إن ظهر حملها رجعت على واطئها بها، وأما من وطئ زوجة غيره ليلا يظنها زوجته ولم تحمل فنفقتها على زوجها كما لو مرضت. قُلتُ: وسكنى المغلوط بها قبل بناء زوجها بها على الغالط، لقولها: كل من تحبس له فعليه سكناها، وقول ابن الحاجب: (وفي الغالط بغير العالمة ذات زوج قولان) غير

باب المفقود

محصل لإطلاقه في المبنى بها وغيرها وفي مقابل الزوج، هل هو الغالط أو الزوجة. قال ابن عبدالسلام إثر قول ابن الحاجب: يعني وإذا غلط بامرأة أجنبية فوطئها، فإن حملت منه فلها عليه النفقة والسكنى، ولا أعلم في المذهب فيه خلافا، وظاهر لفظ المؤلف أنه مختلف فيه، واختلف المذهب إن لم تحمل وكانت زوجا لآخر، هل تجب نفقتها على زوجها أو على واطئها. قُلتُ: من تأمل وأنصف علم أن مانسبه لظاهر قول المؤلف غير صحيح، لأن كلام المؤلف مجمل في ذلك حسبما بيناه، ولا يتم مانقله ابن عبدالسلام إلا في ذات زوج لم يبن بها، ولو بنى بها لكانت النفقة والسكنى على زوجها لا الغالط، إلا أن يأتي الزوج بما ينفي عنه ذلك الحمل حسبما تقدم في اللعان والنكاح في العدة فتأمله، وقوله ثانيًا: وإختلف هل نفقتها على زوجها أو على واطئها وهم، إنما القولان هل هي على زوجها أو على حسبما تقدم فتأمله. [باب المفقود] المفقود: من انقطع خبره ممكن الكشف عنه، فيخرج الأسير.

ابن عات: والمحبوس الذي لايستطاع الكشف عنه. اللخمي: من فقد ببلده كغيره. ابن رُشْد: إن فقد في بلاد المسلمين فلا مرأته رفع أمرها للإمام يكلفها إثبات الزوجية والمغيب. المتيطي: في سجلات الباجي: إنما يشهد بمعرفة الزوجية دون تعيين أهل العلم وغيرهم، لابد أن يقول بإشهاد الغائب فلان والزوج فلانة والمنكح، وحينئذ تصح الزوجية. ابن رُشْد: إذا ثبت ذلك كتب لوالي البلد الذي يظن أنه فيه أو للبلد الجامع، إن لم يظن ببلد بعينه، مستبحثا عنه، ويكتب بأسمه ونسبه وصفته ومتجره، ويكتب هو بذلك لنواحي بلده. اللخمي: إن فقد ببلد كشف عن زوجته وأقاربه وأهل محلته وسوقه، إن ذكروا أنه كان يريد بلدًا كتب إليه، وإلا كشف عنه حيث يشبه أن يتوجه وماقاربها، وإن كان المفقود مطلوبا بدم أو آبقا لم يقصر كشفه على الناحية التي قصد، لانتقالهما خوف الظهور عليهما. ابن رُشْد واللخمي: وغيرهما: فإن لم يعلم له خبر. المتبطي: بعد بلوغه أقصى جهده. وفيها: وإياسة، ضرب لامرأته أجل أربعة أعوام للحر، وعامين للعبد، وفي كون ابتدائها من يوم الإياس أو الرفع رواية اللخمي مع قول المتبطي: استحسنه بعض الموثقين، واللخمي عن رواية مختصر ابن عبدالحَكم، كذا ذكر الخلاف اللخمي، وابن رُشْد. وقال ابن عات: قال ابن عبد الحكم: ليس عليه أن يكتب للبلدان، ويضرب لها

الأجل بثبوت الزوجية والمغيب. قُلتُ: لولا أنه ذكر بعد هذا مختصر ابن عبدالحكم مثل ماتقدم لغيره لقلت أنه مراده بعدم الكتب/ فإن أراد به عدم الكتب والبحث، ولو أثبت الزوجية والمغيب، فخلاف المذهب، وإن أراد عدم توقف الكتب والبحث على إثبات الزوجية والمغيب فهو مايأتي عن نوازل سَحنون. قال: وقال ابن الماجِشُون: إن جهل وضرب من يوم الرفع لم يثبت ضرب الأجل، ولكنه يحسبه من يوم يثبت عنده بعد الفحص عنه، وما تقدم من إثبات الزوجية والمغيب هو المعروف. وفي نوازل سَحنون من التفليس: من اتى بيتيم بلغ لقاضِ، وقال: بلغ مبلغ الرضا ادفع له ماله، اكتب لي بذلك، كتب له ذلك، وإن لم يعرف إيصاؤه إلا بقوله، وكذا اليتيمة. ابن رُشْد: هذه مسألة صحيحة على أصولهم، وعلى مافي طلاق السنة من المدّونة، وعلى مافي سماع أَصْبَغ من كتاب السلطان فيمن ادعى أن رجلا رهنه قدحا في كساء أن السلطان يأمره ببيع القدح في الكساء على زعمه أنه رهن، وقيل: لا يأمره ببيعه حتى يثبت ارتهانه عنده، وبه العمل على أصل الأخوين في مسألة كتاب طلاق السنة. قُلتُ: ولم يعين مسألة كتاب طلاق السنة، ولا أعلم ما أشار إليه فيه إلا قولها: ولا يضرب السلطان لامرأة المفقود أجل أربع سنين إلا من يوم ترفع إليه، وإن لم تقم إلا بعد سنين، وإنما يضرب ذلك لها بعد الكتب في الكشف عنه. وفي كون الاربع، لأنها أقصى امد الحمل، أو لأنها أمد وصول الكتاب، ثالثها: لان الجهات أربع، ورابعها: للإجماع باتفاق الأمة عليه، أو وقف نكاحها على موته، فامتنع إحداث ثالث، للأبهري، ونقلي ابن رُشْد واختياره، واللخمي معه، وأبطل الأول بالتفرقة بين الحر والعبد، وبالصغيرة القائم أبوها بحقها، وبقول قائله: لو قامت بعد عشرين سنة فلابد من ضرب الأربعة، وفي قصر الكتاب والكشف وضرب الأجل على الخليفة، وكونه لسلطان بلده نقلا اللخمي عن أبي مصعب مع المتبطي عنه مع ابن الماجِشُون ومعروف المذهب.

وفي ثاني نكاحها: يجوز ضرب ولاة المياه وصاحب الشرطة الأجل للعنين والمفقود. وقال سَحنون: لا يضرب أجله إلا من تنفذ كتبه في البلدان. قال فضل مثل قاضي الجماعة بقرطبة والقيروان لاقاضي كور الاندلس أو أفريقية غير قرطبة والقيروان. عبدالحق: رايت في كلام في المفقود: إن كانت امرأته حيث لا سلطان فيه إن اجتمع صالحو البلد وكشفوا عن المفقود وضربوا لها الأجل جاز ذلك لا في مكان فيه سلطان، وعزاه المتبطي للقابسي وأبي عمران. وفيها: ثم ترتد بعد الاربع دون أمر الإمام كعدة الوفاة، ولو لم يبن بها. ابن عات: على قول عبد الملك: لاإحداد عليها، فلابد من الحيض فيلزمها أقصى الأجلين، وعلى قول ابن القاسم: لا يحتاج إلى حيض، ويحتمل أن يقول بالإحداد على وجه الاحتياط فيتعين مع ذلك الحيض فيلزمها أقصى الأجلين. عبدالحق عن ابن عبدالرحمن: لو رجعت بعد تمام عدتها للبقاء على عصمة المفقود لم يكن لها ذلك، لانها أبيحت لغيره، ولا حجة في انه إن قدم كان أحق بها، لأنها على حكم الفراق حتى تظهر حياته، إذ لو ماتت بعد العدة لم يوقف لها منها إرث. ابن رُشْد: لو موت بالتعمير بعد عدتها لم ترث منه شيئَا، وما حكاه ابن حبيب: لو اعتدت ثم موت بالتعمير، وهي لم تتزوج أنها ترثه، بعيد. قُلتُ: ويلزمه جواز رجوعها للبقاء على عصمته. أبو عمران: لها البقاء على عصمته في خلال الأربع سنين، لانها لم تجب عليها عدة، ومتى رجعت للرفع للسلطان ابتدأ لها الضرب، وليس لها ذلك إن تمت الاربع. وسمع سَحنون ابن القاسم في النكاح: من فقد قبل البناء ففرق بينهما بعد الاستقصاء، وأعطيت مهرها، فتزوجت فأتى زوجها، رجع عليها بنصفه. وفي رواية عيسى بن دينار: لا يتبعها بشيء، لانه ضيق عليها، واعتدت منه. ابن رُشْد: القولان لمالك في سماع عيسى. قُلتُ: في الموازية لابن القاسم: الثاني استحسان، والأول أحب إليَّ.

ابن رُشْد في سماع عيسى: والعلم بموت زوجها بعد بنائها كإتيانه اتفاقًا، وقبل بنائها على الروايتين. وقال ابن الماجشون: لا يقضى لها بشيء من مهرها حتى يأتي وقت فوتها على الأول بالبناء أو العقد عند قائله، وحكى ابن سَحنون وابن الجلاب: إنما يقضي لها بنصفه، فإن بلغ من السنين مالا يحيى لمثله أو ثبت موته مابينه وبين أن تبين منه بالدخول أو التزويج على الخلاف قضي لها ببقيته. قُلتُ: مفهوم هذا القول يأتي في تعليل الباجي. قال: اختلف في صداق من لم يبين به، فقال مالك: لها جميعه، وابن دينار: نصفه، وبعض أصحابنا: إن دفعه لها لم ينزع منها وإلا أعطيت نصفه، وعلى الأول قال مالك: يعجل المعجل، والمؤجل لأجله. ابن الماجِشُون: يعجل نصفه ويؤخر نصفه لموته بالتعمير. ولسَحنون: يعجل جميعه. وجه تأجيل البعض احتمال كون الفرقة للطلاق، فإن فاتت بالعقد أو البناء على اختلاف اصحابنا سقط نصف المهر، لأنها طلقة إلا أن يعلم أنه توفى قبل ذلك، وهذا الذي ذهب إليه سَحنون. قُلتُ: نسبة هذا التوجيه لقول سَحنون مشكل لعدم مناسبته إياه، وماذكر عن ابن دينار خلاف روايته في كلام ابن رُشْد. وفيها ثبوت موت الأول كقدومه، ثبوت كاشف كون نكاحها الثاني متزوجة أو في عدة وفاة أو بائنة. فيها: لو ورثت الثاني قبل بنائه فبان موت الأول بعد أن نكحت ردت إرثه. الصقلي عن محمد: لو قدم بعد بنائها بنكاح يفسخ بغير طلاق ردت إليه. قُلتُ: يريد: ولا يقربها غلا بعد إستبرائها. قال: وإن كان يفسخ بطلاق لم ترد إليه ولو قدم بعد ارخاء الستر، وقال الثاني: لم أمسها، فسخ نكاحه، ولم ترد للأول ونكاحها في عدة المفقود نكاح عدة مالم يبين أمر المفقود، فتتم عدة الشهور مع ثلاث حيض للثاني نكاحها فيها نكاح عدة نكاح ولو بأن أمر المفقود. ونكاحها في شهور المفقود نكاح عدة إن عمي خبره، وإن بانت حياته أو موته في

وقت لا تكون تلك الأشهر عدة أو بعدها لم يكن العقد فيها نكاح عدة، ولو تزوجت ثالثا بعد حيض الثاني وشهور المفقود وبنى بها كان نكاحها في الشهور نكاح عدة، إذ لا سبيل للمفقود عليها بعد البناء الصحيح قبل العلم بخبره. الشيخ: إذا كان يلزم المفقود طلقه بان أن عدتها من طلاق، فهلا راعى هل نكحها بعد تمام عدة الطلاق في بقية عدة الوفاة فيسلم من نكاح العدة أو قبل ذلك فيكون ناكحا فيها؟ ولو أبان موته أن عقد الثاني في حياته وبناؤه في عدة وفاته، ففي كونه نكاحا في عدة نقلا الصقلي عن محمد بناء على أن الدوام كالإنشاء أم لا. ورجع الصقلي الاول بالقياس، على ان رمي من رمى صيدًا من الحل رميا قطع الحرم، وأصاب الصيد في الحل كالرمي من الحرم. ابن حارث: لو بان بناؤها في عدة موت الأول ففي تأييد حرمتها على الثاني، وبقاء نكاحه قولا ابن القاسم والبرقي عن أشهب. ابن الحاجب: فيها: لو ثبت وقوع العقد في عدة موت الأول فنكاح في عدة يفسخ وتحرم بالدخول ابدا. أبن عبدالسلام: لعل نسبته هذا للمدونة لإشكاله على الذي رجع إليه. مالك: لا تفوت إلا بالبناء، لأن مجرد العقد عنده ضعيف لو لم تكن عدة، فوجوده كعدمه هنا، فلم يبق إلا الدخول، وهو وحده لا يوجب تأبيد تحريم، كمن وطئ معتدة غلطًا، وجوابه أن النكاح في العدة أيضًا فاسد، فلا يوجب الوطء المستند إليه تحريمًا مؤبدًا. قُلتُ: يحتمل أنه إنما نسبه لها تحقيقا لنفي توهم عدم تأبيد حرمتها في هذه الصورة لوضوح توهمه، وهو أن علة تأبيد التحريم معاملة الناكحين بنقيض مقصودهما عمدا أو تفريطا، ولما كان النكاح في هذه الصورة ليس كذلك ضرورة استناده لحكم الحاكم كان الواجب عدم تحريمها، أو استشكالا لثبوت هذا التحريم بما قررناه. وقوله: (وجوابه إلى آخره ....) حاصله لزوم عدم التحريم في محل متفق عليه لثبوت إشكال صورة النزاع، وواضح كون مثل هذا لا يصح جوابا عن الاستشكال، بل وتكثيرله بدعوى ملزوميته لإشكال آخر في صورة متفق عليها، وإنما يتم مثل هذا

جواباً لو ادعى الخصم ثبوت نقيض الحكم المستشكل، فيبطل حينئذ لبطلان لازمه، وهو ثبوت نقيض حكم متفق عليه، فتأمله على القواعد. وجواب ما زعمه من الإشكال بمنع لغو العقد الذي تعقبه هنا، ولا يلزم من لغو منفرداً لغوه منضماً للبناء؛ لأنه لا يلزم من لغو تأثير الشيء وحده لغو تأثيره مع غيره لا في الحسيات، كحمل رجلين حجراً لا يستطيعه أحدهما. وقد بنى الفقهاء على ذلك أحكاماً في السرقة وغيرها وكذا في المعنويات إحدى المقدمتين لا تحصل النتيجة وكلتاهما تحصلانها. واستشكله ابن عات بأن قال: راعى ما يكشف الغيب من نكاح الزوج الثاني في العدة ففسخ نكاحه بذلك ولم يراع مجيئه حياً فترد إليه، فإما إن يعمل حكم الحاكم فيهما أو يلغيه فيهما ولا يكون حاله ميتاً أحسن منه حياً. فال: إلا أن يقال كان الأصل أن لا يعمل، وترد في الحي، لما روي عن عمر. الباجي: لو كان له نساء رفعت إحداهن أمرها فقط فضرب لها الأجل بعد البحث. قال يحيى بن عمر: قال ابن القاسم بعد تفكر: أرى ضربه للواحدة ضرباً لجميعهن، إن تم الأجل تزوجن إن أحببن. المتيطي: ذكر بعض القرويين عن أبي عمران أنه يضرب للثلاثة الأجل حين ترفع من غير كشف. قال بعض القرويين: هذا أصح وأحسن. ابن رُشد: إن بان أمر المفقود بعلم حياته أو موته قبل انقضاء الأجل والعدة انتقض الحكم اتفاقاً، وعملت على مقتضى ما بان، اعتدت لو فاته وبقيت له في حياته. وإن بان بعد انقضاء العدة موته أو حياته ففي تمام الحكم فلا سبيل له إليها في حياته، ولا ترثه في موته، ونقضه ما لم تتزوج فيثبتان، ثالثها: ما لم يبن بها، فإن كان بعد عدتها منه ثبت، وإن كان في العدة أو قبل الوفاة فسخ لمختصر ابن عيشون عن ابن نافع، وقولي مالك. قُلتُ: هما روايتاها، وفيها بالأولى أخذ المغيرة وغيره، وبالثانية أخذ ابن القاسم

أشهب. ابن رُشد: قول ابن نافع بعيد؛ لأن حكم الاجتهاد إذا بان خطؤه خطأ متفقاً عليه نقض إجماعاً، ولو قيل على هذا أن المفقود أحق بها أبداً، وإن بنى بها الثاني كالمنعي لها لكان له وجه في القياس لكنهم لوم يقولوه، فأين هذا من قول ابن نافع؟ إلا أنه يشبه الرواية فيمن خرص عليه أربعة أوسق، فوجد خمسة أنه يعمل على ما خرص عليه. قُلتُ: ظاهره قبول نقل ابن عيشون، وقال عبد الحق والصقلي عن أبي عمران: تأليف ابن عيشون ونقله ضعيف. عياض: هو محمد بن عبد الله بن عيشون. قال ابن الفرضي: كان فقيهاً، حافظاً، رأس في العلم، وشهر به وحمل عنه، وروى عنه عبدوس الطليطلي وغيره، وتكلم فيه أبو عمران، وقال فيه مسلمة بن قاسم: أخذ كتب ابن كادم القروي ونسبها لنفسه، وحدث بأطرابلس عن ابن الأجذابي بتاريخ ابن معين ولم يسمعه، وأثنى عليه ابن زرقون، وقال: كان فقيه عصره، وكذلك ابن طاهر. قُلتُ: فآل أمره لمسألة تعارض التعديل والتجريح، ولم يحك اللخمي قول ابن نافع، واختاره، وقال: أرى أن تفوت بالعقد؛ لأن الحاكم أباحها، وما ظهر أكثر مما كان يظن، وقد قال الأبهري وغيره من البغداديين: الطلاق عليه لضرره بعدم الوطء. وفيها: إذا رجعت للأول قبل بناء الثاني كانت عنده على الطلاق كله، إنما تقع عليها طلقة بدخول الثاني لا قبل ذلك. ابن رُشد: في وقوع طلاقه بالعقد أو البناء قولان على الخلاف في فوتها، وقيل: إنما

يقع عليه يوم أبيحت للأزواج، ويكشفه العقد أو البناء، وفائدته: لو كان الزوج طلقها طلقتين، ثم فقد ثم تزوجت لفقده وقدم زوجها الأول بعد أن دخل بها الثاني، فمن قال: الطلقة الثالثة وقعت عليها بدخول الثاني لم يحلها للأول إلا زوج ثان، وقاله ابن حبيب، ومن قال: وقعت يوم أبيحت وكشف ذلك دخول الثاني بها أو عقده أحلها، وقاله أشهب في السيلمانية، وهو الصواب؛ لأن الطلقة الثالثة لو وقعت عليها بدخول الثاني أو عقده لوجب أن تعتد من حينئذ، ولم يقله أحد، ومن قال: لا ترد للأول إذا انقضت عدتها وإن لم تتزوج حلت عنده بتزويج الثاني. قُلتُ: ما عزاه لابن حبيب عزاه اللخمي وغيره لأصبغ، وما عزاه لأشهب عزاه اللخمي معه لمالك في المبسوط. قال: وهو أحسن؛ لأن بناء الثاني بين وقوع طلقة على الأول من حين ابتداء العدة، ولو كان الطلاق إنما يقع بدخول الثاني لكان الثاني نكاحاً فاسداً، وفرق بينهما ابن عات، وصوب أبو عمران قول أصبغ. اللخمي عن محمد: لو قدم بعد أن خلا بها الثاني فقال له: ما قربتها حرمت على الأول إلا بنكاح جديد بعد عدتها، وجعل اعترافه كالطلاق وإن لم يطلق، فتحل للأول لا لغيره إن أقرت أن الثاني لم يصبها لإقرارها أنها زوجة الأول، وإن قالت أنه أصابها حلت له ولغيره، وإن أنكرت أنه أصابها ولم يصدقها الأول ولا راجعها فلها أن ترفع للسلطان فتطلق على الأول؛ لأنها تقول: لا أبقى بغير نفقة، ولو أنفق عليها فلها القيام بعدم الإصابة؛ لأن إنكار الأول صدقها وقوله: لا علم لي، لا يعد طلاقاً، ولو موت بالتعمير ولم تكن تزوجت ورثته، وإن كانت تزوجت وبنى بها لم ترثه وبقيت للثاني، وإن لم يبن بها ورثته، وهو ظاهر قول أصبغ. وفيها: التي تعلم بالطلاق ولا تعلم بالرجعة حتى تعتد وتنكح كامرأة المفقود في فسخ النكاح والموت والإرث وكل أحكامها. المتيطي: إن بنت فقيهاً لمالك: الثاني أحق بها، وفي الموازية: إن كان مرتجعها حاضراً وكتم رجعتها حتى بنت مضت للثاني، والحاضر أعظم ظلماً، وفرق في هذا القول بين الحاضر والغائب. قُلتُ: قوله: وفرق هو من كلام المتيطي وهو مشكل؛ لأنها في الغائب تفوت أيضاً

بالبناء، ونقله اللخمي إلى قوله: والحاضر أعظم ظلماً، وقال: ليس هذا ببين، لو رأى رجل زوجته تتزوج ولم ينكر عليها لم يكن طلاقاً، ولو عد طلاقاً لاحتسبت بطلقة، وفرق بينها وبين الثاني واستأنفت العدة للأول. قُلتُ: يفرق بأن غير المطلقة متعدية إجماعاً، والمطلقة الجاهلة رجعتها مستندة لموجب شرعي إجماعاً، ففي فوتها بالبناء ولغوه، ثالثها: بالعقد لأبي عمر عن أشهب وابن القاسم قائلاً: إليه رجع مالك قبل موته بعام. وتخريج اللخمي على نقل الشيخ عن ابن الماجشون: إن ثبت أن النصراني أسلم قبل زوجته أو في عدتها فهو أحق بها ولو ولدت من الثاني، وقول مالك في الموطأ مع المدنيين من أصحابه. المتيطي: ما ذكره الشيخ عن ابن الماجشون خلاف نقل ابن حارث عنه. قال: اتفق المغيرة وعبد الملك أنه إن ثبت إسلامه قبل إسلامها أنه أحق من الثاني، وإن بنى، واختل إن ثبت أنه أسلم في عدتها، فقال عبد الملك: تفوت بالبناء، وقال المغيرة: لا تفوت. قال بعضهم: وقول ابن القاسم أظهر؛ لأن به حكم عمر بن الخطاب في رجل يكنى أبا كتف كان ارتجع زوجته ولم تعلم فتزوجت، فأدركها والنساء يهنيئنها للثاني، فكتب له عمر أنه أحق بها إن لم يدخل بها الثاني. قال: وقول الباجي في منتقاه: لو كانت أمة فلم تعلم برجعتها حتى وطئها سيدها فإن ذلك يفيتها عل زوجها، رواه أشهب عن مالك. قُلتُ: ظاهر قوليهما عدم ذكر أنها مسألة النكاح الثالث منها. ابن عات عن عبد الملك: إنما يكون المرتجع أحق بثبوت رجعته ببينة لا بقوله. وفيها: ينفق على امرأة المفقود من ماله في التأجيل لا العدة ولصغار ولده النفقة إن لم يكن لهم مال، ولا يؤخذ حميل بهذه النفقة، وما أنفق عليهم بعد موته لجهله اتبع به الولد والزوجة. المتيطي: إنما ينفق على امرأته بعد حلها أنه لم يترك لها نفقة ولا كسوة، ولا أرسل إليها بشيء وصلها، وعلى صغار بنية وأبكار بناته بعد ثبوت بنوتهم، ولا مال لهم في

علم شهوده، وينفق على أم ولده بعد ثبت أنها أم ولده ويمينها، وناقض بعض القرويين قولها: اتبع به الولد، بقولها في ثاني نكاحها: إن أنفق الوصي التركة على الطفل ثم طرأ على أبيه دين يغترق تركته لم يعلمه الوصي فلا شيء عليه ولا على الصبي إن أيسر. وقال المخزومي: يتبع الصبي بما أنفق عليه. وقال سحنون: معنى مسألة الرجوع عليهم أنهم كانت لهم أموال. أبو عمران: إن لم تحمل على هذا تناقضتا، وتعقب فضل قول سحنون بأنه لو كانت لهم أموال لم ينفق عليهم من مال أبيهم إلا أن يتأول بأنها ظهر الآن ثبوتها لهم حينئذ. أبو عمران: يستغنى عن قول فضل بكون المال الظاهر ثبوته ما وجب لهم بالإرث من أبيهم، ومعنى الرجوع عليهم، مقاصتهم، وتفريق عبد الحق وابن محرز بأن حق الورثة في عين المال المنفق؛ لأنه لو هلك كان منهم، وحق الغرماء في الذمة؛ إذ لو هلك لم يضمنوه، يرد بان حق الغرماء أقوى، وما سقط معه سقط مع الأضعف، وبملزمية التناقض إن كان على المفقود دين. وفيها: إن مات له ولد وقف ميراثه منه إن أتى أخذه، وإن موت بالتعمير لرد لوارث الابن حين موته. اللخمي: حكى ابن شعبان تعجيل إرثه للمفقود، ويرثه عنه من يستحق إرثه، وقول ثالث: إنه إذا ورث الأب بالتعمير وقف من ماله ميراث ولده الذي كان مات، ويوقف الميراثان حتى ينكشف من يرث منهما صاحبه، وعلى الأول قال محمد: لا ينفق من الموقوف له على زوجته شيء، وأقوال أهل المذهب واضحة بأن مستحق إرثه وارثه يوم الحكم بتمويته لا يوم بلوغه سن تمويته عند الحاكم بتمويته حسبما يدل عليه لفظ اللخمي، والمتيطي، وابن كوثر، وابن الهندي وغيرهم، وبه أفتيت من ذكر أنها

نزلت، وأفتى بعض الناس بإرثه مستحقة يوم بلوغه لا يوم الحكم، وسئل عنها غير واحد لعل موافقاً له فلم يوجد فيها علمت. وفيها: إن فقد عبد فأعتق وله ولد أحرار لم يجر ولاؤهم حتى يعلم أن العتق أصابه حياً، ولا يوقف له إرث من مات منهم؛ لأنه على أصل الرق حتى يصبح عتقه، وأحسن ذلك أن يدفع لورثة الابن بحميل. اللخمي في الموازية: القياس أنه مثل الحر، وقولها: يدفع لورثة الابن بحميل أحسن؛ لأن إخراجهم عن الإرث مشكوك فيه، والأب غائب غير وارث فهو كذلك حتى يعلم نقيضه. وقال محمد: من فقد وهو محبس عليه غلة فهي له إلى الوقت الذي يورث فيه؛ يريد: بالتعمير فلم يسقطها بالشك. ابن عات: لم يقع في المدونة أخذ الحميل إلا في هذه المسألة. قُلتُ: في آخر الشهادات منها، مناقضة عند بعضهم، وهو قولها: ومن قضي له بمورث أو غيره لم يؤخذ منه كفيل، وذلك جور ممن فعله، ومثله في كتاب الحمالة. ويفرق بقوة احتمال مانع الإرث المطلوب بالحميل هنا لدلالة استصحاب حال حياة العبد لوقت صدور عتقه. أبو عمران: انظر هل يلزم ورثة الابن الحميل مطلقاً أو إن لم يكونوا أملياء. لقولها في الشفعة: من ابتاع شقصاً بثمن لأجل فللشفيع أخذه بالثمن إلى ذلك الأجل إن كان ملياً أو أتى بضامن ملي، وقبله ابن عات. ويرد بأن الحق في طلب الحميل في الشفعة لحاضر، وفي العبد المعتق لغائب، وحق الغائب آكد. وفيها: وينظر الغمام في مال المفقود ويجمعه ويوقفه، ولو كان بيد وارثه يوكل به من يرضاه من ورثته أو غيرهم، وينظر في ودائعه وقراضه، وقبض ديونه لا يبرأ غريم له

بدفع ما عليه لورثته، وما أسكن أو أعار إلى أجل أرجئ، وإن قارض لأجل فسخ وأخذ المال وما لحقه من دين أو اعتراف أو عهدة ثمن أو عيب قضي به ولا يقام له وكيل، وتسمع البينة عليه بإيصائه بشيء أو إسناد، وينفذان بموته تحقيقاً أو تعميراً. ابن عات: إن كانت ودائعه بيد أمين لم تنزع منه، والوضع على يد الوارث المأمون أولى من الأجنبي. قال: وحكم مال المفقود: أن ترك رباعاً تصلح للكراء أكريت، وإن كان شيء يحتاج لإصلاح ولا يتقى انهدامه أصلح، وإن خيف انهدامه أو قلت منفعته وبيعه أحسن بيع، وغير الربع مما يخشى فساده بيع، وإلا ترك إلا أن يأتي على شيء من ذلك نفاق يعلم أنه لو كان مالكه حاضراً لباعه، فإنه يباع ورقيقه إن لم يخش إباقهم، وفي خراجهم نفقته لم يباعوا، وكذا دوابه، وإن حلت أحوال زكاة ماله لم يخرج زكاتها، ولو أعتق شقصاً من عبده ثم فقد لم يستتم عليه، ولا يقوم عليه إن كان لغيره. قُلتُ: هو نصها: (آخر العتق الأول). المتيطي: ما عليه من ديون ثابتة قضيت بعد حلول آجالها وأيمان أربابها، وما لم يحل لم يقض إلا بحلوله أو تمويته، هذا قول مالك وغيره من أصحابه. وقال أصبغ في «الواضحة»: يحل بانقضاء الأربع سنين. وفيها: لا يقسم ماله حتى يصح موته أو يأتي عليه من الزمان ما لا يعيش لمثله فيقسم بين ورثته حينئذ لا يوم فقده. ابن عات: اختلف في حد تعميره. قال ابن القاسم وأشهب ومالك مرة: سبعون سنة، واختاره القاضي. وقال مالك وابن القاسم مرة: ثمانون واختاره الشيخ والقابسي وابن محرز. وقال ابن الماجشون ومالك مرة: تسعون. وعن أشهب وابن الماجشون أيضاً: مائة. وللدادي عن محمد بن عبد الحكم: مائة وعشرون. وفي نظائر أبي عمران: قيل: ستون سنة، ذكره ابن عيشون. قُلتُ: هذا يؤكد ما تقدم لأبي عمران: انه لا عمل على تواليف ابن عيشون. وعلى السبعين إن فقد لها زيد له عشرة أعوام.

أبو عمران: وكذا ابن ثمانين، وإن فقد ابن خمس وتسعين زيد له خمس سنين، وإن فقد ابن مائة اجتهد فيما يزاد له. ابن سحنون: استحب أصحابنا أن يزاد له عشر سنين، وقيل: العام والعامان، وإن فقد ابن مائة وعشرين تلوم له العام ونحوه اتفاقاً، وروى ابن الماجشون: يوقف له أبداً. ابن رُشد: من فقد ابن مائة وعشرين سنة تلوم له العام ونحوه اتفاقاً. اللخمي: إن فقد وهو شاب أو كهل فالسبعون أحسن، وإن فقد لها زيد قدر ما سيرى من حاله يوم فقد، وهل بلغها وهو صحيح البنية أو ضعيف. المتيطي عنا لباجي في سجلاته: قيل يعمر خمس وسبعون وبه القضاء، وبه قضى ابن زرب. ابن الهندي: وكان ابن السليم قاضي الجماعة بقرطبة يقضي بالثمانين، وأخبرني بعض قضاة شيوخنا عن نفسه أو عن بعض شيوخه أنها نزلت بتونس في أواخر أو أواسط القرن السابع، فحكم القاضي حينئذ بتمويته بخس وسبعين سنة. وأشهد القاضي على حكمه بذلك بعد ثبوت ما يجب في ذلك شيهدين، ورفع الرسم إلى سلطانها، فقيل له: هذا القاضي والشهيدان، كل منهم جاز هذا السن، فألغى الإعمال به بعد ضحك أهل مجلسه تعجباً من حكم القاضي وشهادة شهيديه. قُلتُ: وهذا لا يلزم، وهذه شبهة نشأت عن خطابه عامية. وفيها: لا تنكح امرأة الأسير إلا أن يصح موته أو تنصره طائعاً أو لا يعلم طائعاً أو مكروهاً فيفرق بينهما، ويوقف ماله إن أسلم رجع له، وإن مات كافراً فللمسلمين. قُلتُ: حكم ماله في كتاب الردة. قال اللخمي: يتخرج تطليق امرأته عليه على من قطع ذكره، وقبله ابن عات، ويرد برجاء قدومه. ابن حارث: اتفقوا إن عرف مكانه وحياته على بقاء عصمته حتى يموت، واختلف إن أسر بأرض الحرب ثم جهل مكانه، فقال أصبغ: ذكر قوم أنه كفقيد أرض الإسلام، وقال قوم: لا تتزوج امرأته حتى يموت بالتعمير. قال: وهو رأيي، واختاره

ابن حارث إن كان لا يدخلها تجار ولا طوافون، فإن دخلوها فكفقيد أرض الإسلام، ولما ذكر المتيطي ما فيها قال: وقال بعض الشيوخ: هذا قول أصحابنا كلهم حاشا أشهب، فإنه حكم له بحكم المفقود في المال والزوجية معاً. قُلتُ: لفظ ابن رُشد حكم المفقود ببلد الحرب حكم الأسير، لا تتزوج امرأته ولا يقسم ماله إلا بموته تحقيقاً أو تعميراً في قول كل أصحابنا حاشا أشهب، فإنه حكم له بحكم المفقود في المال والزوجة معاً. قُلتُ: فقول أشهب إنما هو في المفقود ببلد الحرب لا في الأسير. المتيطي: اختلف فيمن فقد في توجهه لأرض الحرب ففقد في توجهه أو بعد وصوله، وكان سفره براً أو بحراً. قيل: كفقيد أرض الإسلام، وقيل: كالأسير، وقيل: إن فقد قبل وصوله فحكمه حكم المفقود، وبعد وصوله كالأسير، وقيل: إن سافر في البحر فقد قبل الوصول فكالمفقود، وإن سافر في البر فعلى حكم الأسير. ابن عبد الحكم: من سافر في البحر فانقطع خبره فسبيله سبيل المفقود. ابن رُشد: في كون مفقود قتال العدو من صف المسلمين: كالأسير، والحكم بقتله بعد تلوم سنة من يوم رفع زوجته أمرها للسلطان فتعتد من حينئذ. ثالثها: حكمه كالمفقود بأرض الإسلام في كل أحكامه، ورابعها: كمقتول في الزوجة تعتد بعد التلوم، وبحكم المفقود في ماله لسماع عيسى رواية ابن القاسم ولرواية أشهب. ومعناها: تعجيل قسم ماله من حين اعتداد زوجته. ونقل محمد، وعابه أحمد بن خالد، وتأول عليه رواية أشهب، وهو بعيد، والثاني سواء كانت المعركة ببلد الحرب أو الإسلام إن أمكن إخفاء أسره، وإن كانت بموضع لا يخفى أسره فكالمفقود في حرب فتن المسلمين، ويمكن حمل رواية ابن القاسم على كونه بحيث يخفى أسره، ورواية أشهب: بحيث لا يخفى أسره، والمفقود في فتن المسلمين فيه قولان: أحدهما: يحكم بقتله في زوجته وماله تعتد ويقسم.

قيل: من يوم المعركة قربت أو بعدت، وهو قول سحنون، وقيل: بعد التلوم قدر انصراف من هرب أو انهزم، وإن بعدت عن بلاده كإفريقية من المدينة، فبعد سنة تعتد ويقسم ماله، وقيل: العدة داخلة في التلوم، اختلف فيه قول ابن القاسم، والصواب دخولها؛ لأن التلوم خوف كونه حياً. فإذا لم يوجد له خبر حمل على قتله في المعركة فاعتدت وقسم ماله من يومئذ، وإن كانت بموضع لا يظن بقاؤه لقربه، واتضاح أمره اعتدت من ذلك اليوم، وقيل: كل الأندلس بلدة واحدة لا يتلوم له تعتد من ذلك اليوم ويقسم ماله، وإنما يضرب له سنة إن بعدت المعركة كمصر من المدينة. قاله عيسى بن دينار. والثاني: رواية أشهب: تعتد بعد سنة ولا يقسم ماله حتى يموت بالتعمير، تأوله أحمد بن خالد على رواية أشهب. والتأويل الصحيح: لها قسم ماله بعد السنة فهو قول ثالث، وكل هذا إن شهدت البينة العادلة أنه شهد المعترك، وغن شهدت برؤيته خارجاً في جملة العسكر لم تره في المعترك فكالمفقود في زوجته وماله اتفاقاً. اللخمي: من فقد ببلده زمن الطاعون أو ببلد توجه إليه زمنه أو ببلد توجه إليه زمنه حكمه حكم الموت لقول مالك في ناس أصابهم بطريق حجهم سعال، يموت الرجل من يسيره، ولم يأت لهم خبر موت ولا حياة، تتزوج نساؤهم ويقسم مالهم، وكذا شأن البوادي ينتجعون في الشدائد في ديارهم إلى غيرها من البوادي ثم يفقدون أنهم على الموت. وفيها: المنعي لها إن اعتدت وتزوجت ثم قدم زوجها ردت له، ولو ولدت من الثاني؛ إذ لا حجة لها باجتهاد إمام، ولا تيقن طلاق، ولا يقربها إلا بعد تمام عدتها من الثاني، فإن مات زوجها وهي حامل اعتدت لوفاته، ولا تحل بالوضع قبل تمامها ولا بتمامها دونه. ومثله في سماع عيسى رواية ابن القاسم، وزاد: إن قدم زوجها بعد موتها تحت الثاني فلا توارث بينه وبينها، وإرثها للأول. قال عيسى: ولو قدم بعد إرثها الثاني: ردته، ولا ترد مهره إن مات بعد بنائه بها،

ولو مات قبل مسها ردته. ابن رُشد: زوجها أحق بها ولو بنى بها الثاني اتفاقاً ردت إليه بعد استبرائها بثلاث حيض أو وضع حمل ولو طلقها الأول وهي حامل من الثاني، فلابد من ثلاث حيض بعد الوضع كمن منع حيضها مرض أو رضاع، ولو طلقها الأول وهي في استبرائها من الثاني كفتها ثلاث حيض من يوم الطلاق على مذهب مالك، وعلى ما روي عن عمر: تتم استبراءها وتأتنف عدة الأول وسواء نعي لها ببينة عدول أو غير عدول شبه عليهم أو شهدوا بالزور. اللخمي: إن طلقها الأول أثناء عدتها من الثاني انتظرت أقصى العدتين، وتكون في بيت الثاني لتوجه عدته فقبل طلاق الأول، فإن انقضا عادت لبيت الأول، فإن توفي الأول فعليها أقصى العدتين، وعليها الإحداد مدة عدة الوفاة، انقضت قبل عدة الطلاق أو تأخرت، فإن كانت مسترابة أو مستحاضة نظر أولاهما: انقضاء؛ لأن عدة الثاني سنة، والأول أربعة أشهر وعشر أو تسعة أشهر على القول الآخر، وقد يموت القادم بعد مضي أكثر السنة للثاني، فإن كانت حاملاً من القادم فالوضع يبرئها منهما، واختلف إن كان من الثاني، هل يبرئها منهما أو تستأنف عدة الوفاة بعد وضعها؟ وإن طلق القادم ومات الثاني وهي غير حامل فعدتها من الثاني ثلاث حيض لا عدة وفاة؛ لأنه نكاح فاسد. قُلتُ: هذا يرجح عبارة ابن رُشد أن مدة حبسها للثاني استبراء عن عبارة اللخمي: أنها عدة. عياض: ويمنع الأول من وطئها مدة حبسها للثاني، وما عداه من الاستمتاع مباح له، لأنها زوجته كاستبرائها من زنا أو غصب. الصقلي عن محمد: إن ظهر أن بناء الثاني بها في عدة وفاة الأول أو طلاقه، والعقد في عصمته فهي أخف ممن نكح في العدة وبنى بعدها، وكمن تواعد فيها وبنى بعدها؛ لأن عقده عليها وهي ذات زوج كلا عقد، لكنه وطئ في نكاح كانت فيه عدة ف أحب إلى أن يتنزه عنها. وسمع يحيى رواية ابن القاسم من كتاب النكاح: فيمن نعي لها زوجها تنكح ثم

يقدم، فتقول: قد نعي لي، وليس ما ادعته فاشياً لا ترجم، دعواها شبهة. ابن رُشد: ظاهره ثبوت نسب ولد الزوج للشبهة، ولو أقرت على نفسها أنها تزوجت دون نعي لها، وهل عالمة أنه حي، وأن ذلك لا يحل لها حدت، وثبت نسب ولدها لمن تزوجها على كل حال، وإن كان تزوجها بعد حيضة ولدت لما تلحق بمثله الأنساب. الصقلي: من تزوجت في عدتها من طلاق رجعي وحملت منا لثاني ففي كون نفقتها عليه؛ لأن الحمل منه وحبسها عن الأول أو عليه لبقاء عصمته قولاً بعض فقهائنا وغيره. ابن زرقون: نظائر المنعي لها خمس: مسألة المفقود، وزوجة الذمي تسلم وزوجها غائب، فيظهر أنه أسلم قبلها أو في عدتها، في كونه أحق بها أبداً أو ما لم يدخل بها الثاني، ثالثها: إن أسلم قبلها فالأول وإلا فالثاني للمغيرة وابن القاسم وعبد الملك، ومن علمت بالطلاق وجهلت الرجعة، ومن أسلم عن عشر اختار منهن أربعاً فظهر أنهن أخوات. قال إسماعيل: إن طلق عليه السلطان فله تمام الأربع منهن. ابن الماجشون: ما لم يتزوجن. محمد بن عبد الحكم: يفسخ نكاح من يختار منهن، وإن تزوجن ودخل بهن إن لم يوقع هو على البواقي طلاقاً إلا بنفس اختيار الأربع. والأمة تعتق فتختار نفسها ثم يتبين أن زوجها عتق قبل عتقها. قال ابن القاسم: زوجها أحق بها ما لم يبن بها الثاني. عبد الملك وأصبغ: إن عتق قبل عتقها فهو أحق، وإن ولدت من الثاني فإن عتق بعد عتقها قبل خيارها فهو أحق بها ما لم يبن بها الثاني. وقال اللخمي: اختل في فوت الأمة بالعقد أو البناء. ثالثها: لا تفوت، وقول عبد الملك وأصبغ رابع. قُلتُ: زاد أبو عمران نظائره: زوجة الأسير تتزوج لردته المجهول كونها طوعاً أو كرهاً، ثم يظهر أنها كره فهو أحق بها ما لم يدخل بها الثاني، ومن فوضت لولييها فزوجها كل منهما من رجل فالأول أحق بها ما لم يدخل بها الثاني.

كتاب الرضاع

[كتاب الرضاع] الرضاع: عرفاً وصول لبن آدمي لمحل مظنة غذاء آخر لتحريمهم بالسعوط والحقنة، ولا دليل إلا مسمى الرضاع، لبن أنثاه محرم إجماعاً، وفي لغو لبن الرجل ثالثها: يكره للمشهور، وابن اللبان الفرضي مع اللخمي وبعض شيوخه، وابن شعبان

عن رواية أهل البصرة. اللخمي: يحتمل أن يريد مالك بالكراهة التحريم، ولغير واحد عن ابن سحنون عن ابن القاسم: الماء الأصفر من الثدي لغو لا يحرم إلا اللبن المغذي. وفي اعتبار لبن صغيرة لا توطأ ولغوه نقل اللخمي عن ظاهر المذهب والجلاب. قُلتُ: وهو قول الكافي. والمعروف لبن الميتة كالحية. ابن بشير: يجري في المذاكرة نقل لغوه، وعزاه ابن شاس لنقل ابن شعبان. وفيها: إن رضع صبي ميتة علم بثديها لبن حرم، وقول ابن الحاجب في لبن من نقصت عن سن المحيض قولان، وقبوله ابن عبد السلام لا أعرفه، وقول ابن هارون: إنما ذكر الأشياخ الخلاف فيمن لم تبلغ حد الوطء صوابٌ، وقول ابن عبد السلام: قال ابن رُشد: لبن الكبيرة التي لا توطأ من كبرٍ لغوٌ لا أعرفه؛ بل في مقدماته تقع الحرمة بلبن البكر والعجوز التي لا تلد، وإن كان من غير وطء إن كان لبناً لا ماءً أصفر، ومفهوم قول أبي عمر في الكافي: لبن العجوز التي لم تلد إذا كان مثلها يوطأ يحرم مثل ما نقل عن ابن رُشد. وفيها: لغو رضاع الكبير غير مقارب الحولين. الباجي: لم يأخذ بالتحريم برضاع الكبير أحدٌ من الفقهاء، وانعقد الإجماع على خلافه. قال محمد: لو أخذ أحدٌ بحديث سهلة: ((أرضعيه خمس رضعات)) في الحجاجة فقط لم أعبه، وتركه أحب إلي. والمخلوط بطعامٍ أو دواءٍ- واللبن غالب- محرم وعكسه فيها لغو، وحرم به الأخوان، وصوبه اللخمي في الطعان والدواء غير المبطل غذاؤه. قال: وغيره مشكل، وعزا ابن حارث الثاني لابن حبيب عن أصحاب مالك، وعلى المشهور في اعتبار لبن امرأتين خلطاً مطلقاً وإلغاء المغلوب منهما كالطعام تخريج ابن محرز على إضافة لبن ذات زوج بعد زوج لهما.

ونقل عياض تردد بعضهم فيه والتخريح أحروي، لتحقق مقارنة وجود كل من اللبنين الآخر في لبن المرتين وعدمه في لبن الرجلين. ونقل ابن عبد السلام تخريج ابن محرز رواية لا أعرفه. وفيها: المصة الواحدة تحرم ورضاع الشرك والرق كمقابليهما والوجور كالرضاع. الباجي: روى ابن حبيب: القطرة الواحدة تحرم، وفي التحريم بالحقنة به مطلقاً أو بشرط كونه غذاء، ثالثها: بشرط إن لم يطعم ويسقى إلا بالحقنة عاش، ورابعها: لغوها للباجي مع اللخمي عن ابن حبيب، ولها ولهما عن محمد ولابن المنكدر حكى بعض المصريين عن مالك: أن الحقنة لا تحرم، ونقل ابن بشير قول محمد تفسيراً لها وأبعد وجوده، وفي التحريم بالسعوط مطلقاً، أو إن وصل للجوف قولاً ابن القاسم ابن حبيب معها، وفي الكحل به مخلوطاً بعقاقير توصله للجوف ولغوه قولاً ابن حبيب وابن القاسم، فما في الحولين لمستمر الرضاعة محرم. وفي لغوه فيما زاد عليها مطلقاً، وتحريمه في يسيره نقل الباجي عن ابن الماجشون مع أبي الرج والمعروف، وعليه في قدرها للخمي خمسة في المختصر لمالك الأيام اليسيرة، وله في الحاوي كسحنون: نقصان الشهور. ابن القصار: شهر، ورواه عبد الملك، وفيها: شهران، وروى الوليد: ثلاثة. قال: هذا في مستمر الرضاع أو الأكل معه ما يضر به الاقتصار عليه دون رضاع. ولابن القاسم: إن فطم ثم أرضعته امرأةٌ بعد فصاله بيومين أو ما أشبه ذلك حرم؛ لأنه لو أعيد للبن كان قوة في غذائه. قُلتُ: هو نصها له ولمالك في الحولين وبعدهما. وسادسها: نقل ابن رُشد يومان، ولو انتقل لطعام قبل الحولين ففي لغو رضاعه بعد زيادة على يومين وتحريمه، قولها، نقل اللخمي عن الأخوين مع أصبغ قائلاً: إن كان مصتين لم يحرم، وإن رد للرضاع دون طعام حرم. وعزو الباجي ابن حارث والشيخ الأول لأصبغ خلاف عزو اللخمي، وعزا ابن حارث الثاني أيضاً لابن حبيب وابن نافع وعيسى في العتبية ولم أجده فيها.

باب ما يثبت به التحريم من الرضيع من موضعه

[باب ما يثبت به التحريم من الرضيع من موضعه] والرضاع: يثبت أمومة المرضعة وأبوة من له لبنها بوطء يلحق ولده به كالولادة. [باب في النسبة الملغاة في الرضاع] والنسبة فيه، إن لم تماثل في النسب أو الولادة ألغيت؛ فنسبة أخ الأخ غير

باب النسبة الموجبة التحريم في الرضاع

آيلة لغير ذلك لغو، وإلا اعتبرت فمحرمهما في أحدهما محرم كابنة الأب فيه وابنة الأم، ومقابله مقابله، كابنة العم فيه وابنة الخالة وهي معتبرة، ولو تأخر فيها الرضاع عن محل موجبه، ونذكر مسائل تمثيلاً. [باب النسبة الموجبة التحريم في الرضاع] فيها: من تزوج صبية فأرضعتها أمه أو أخته أو جدته أو ابنته أو ابنة ابنه أو امرأة ابنه أو امرأة أخيه أو بنت أخيه أو أخته حرمت عليه.

وسمع سحنون ابن القاسم في أخوين ولد لأحدهما جاريةٌ وللآخر غلامٌ فأرضع أحدهما أم أبويهما لا يتناكحان أبداً. ابن رُشد: إن أرضعت الصبي صار عما للصبية وفي العكس العكس، وهذا إن كان الأخوان شقيقين أو لأم، وكذا إن كانا لأب فأرضعت أحد الصبيين جدته أو جدة الآخر بلبن من وطء الجد، وغن كان من غير وطء الجد لم يوجب تحريمها؛ لأن أخت العم وعمة الأخر من الرضاعة والنسب حلال كأخت الأخ وعمة العم، وسمعه أصبغ: من وطئ مرضعة صبية بملك أو نكاح حرمت على بنية. ابن رُشد: على قول فقهاء الأمصار أن اللبن للفحل يحرم كما يحرم من قبل الأم، وسمعه: من له امرأتان أرضعت إحداهما أخاه صغيراً حرمت على الرضيع الأخرى. أصبغ: من أرضعته جارية جده بلبن من وطئه حرمت عليه بنات عمه. قال: ومن أرضعتها جدتها لأمها حرمت على ابن عمها إن كان ابن خالتها؛ لأنها صارت خالته وإلا فلا. وفي شرح العمدة للشيخ تقي الدين ما نصه: استثنى الفقهاء من عموم قوله (عليه السلام): ((يحرم من الرضاعة من النسب)) أربع نسوة يحرمن من النسب، وقد لا يحرمن من الرضاع.

الأولى: أم أخيك وأم أختك من النسب هي أمك أو زوجة أبيك كلتاهما حرام، ولو أرضعت أجنبية أخاك أو أختك لم تحرم. الثانية: أم نافلتك، أما بنتك أو زوجة ابنك كلتاهما حرام، وفي الرضاع قد لا تكون كذلك بأن ترضع أجنبية نافلتك. الثالثة: جدة ولدك من النسب أمك أو أم زوجك كلتاهما حرام، وفي الرضاع قد لا تكون أما ولا أم زوجك كما إذا أرضعت أجنبية ولدك فأمها جدة ولدك وليست بأمك ولا أم زوجتك. الرابعة: أخت ولدك من النسب حرام؛ لأنها ابنتك أو ربيبتك، ولو أرضعت أجنبية ولدك فبنتها أخت ولدك وليست ببنت ولا ربيبة. قُلتُ: قوله هذا مع جلالة قدره وحلوله بالدرجة الرفيعة في الأصول والروع غلطٌ واضحٌ؛ لأن الاستثناء من العام بغير أداته، وهو التخصيص إنما هو فيما اندرج تحت العام لا فيما لا يندرج تحته حسبما تقرر في سم التخصيص، كقول ابن الحاجب وغيره قصر العام على بعض مسمياته، وقول أبي الحسين: إخراج بعض ما يتناوله الخطاب وغيرهما من التعريفات الملزوم جميعها أن التخصيص إنما هو فيما اندرج تحت العام، والعام في مسألتنا هو قوله (صلى الله عليه وسلم): ((ما يحرم من النسب))، والنسوة المذكورات المدعى تخصيص العام المذكور بهن لا شيء منها بمندرج تحت ما يحرم من النسب بحال، أما ما في المسألة الأولى فما ثبت فيه التحريم بالنسب لا بالاندراج تحت قوله تعالى: (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ) [النساء: 23]، وتحت قوله تعالى: (وَلا تَنكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ) [النساء: 22]، وبالضرورة أن المرأتين المذكورتين في الرضاع لا يصدق على واحدة منهما أنها أم بالرضاع ولا منكوحة أب به، وإنما غره في ذلك توهمه أن التحريم في صورتي النسب ثبت في المرأتين من حيث كون إحداهما أم أخيك، ومن حيذ كون الأخرى أم أختك، وذلك وهم يدركه من تأمل وأنصف،

وتقرير هذا في سائر المسائل واضح فلا نطول بذكره، وإذا ثبت عدم اندراجها تحت العام المذكور امتنع كونه مخصصاً بها، ولا أعلم من ذكر هذه المسائل على أنها مخصصة للحديث كما زعمه، إنما أشار ابن رُشد بها إلى بيان اختلاف الحكم في مسمى اللفظ الإضافي، وهو أم أخيك وأم أبيك، فإنه في المعنى النسبي التحريم، وفي الرضاع ليس كذلك، وكذا في سائرها. ولبن وطء الحرام للمرضعة محرم اتفاقاً. وفي الرجل: قال اللخمي: إن لحق به الولد حرم له كمتزوج ذات محرم جهلاً أو عمداً على عدم حده، وفيما لا يلحق به كالزنا والغصب قول ابن حبيب قائلاً إليه رجع مالك، وأول قوليه ابن رُشد: بالثاني. قال سحنون: وقال ما علمت من أصحابنا من قال لا يحرم إلا عبد الملك وهو خطأ صراح، وقد أمر (صلى الله عليه وسلم) سودة أن تحتجب من ولد ألحقه بأبيها لما رأى من شبهة بعتبة. محمد: إن أرضعت بلبن الزنا صبية لم تكن ابنة لمن زنا بها، فإن تزوجها لم أقض بفسخ نكاحه، وأحب اجتنابه من غير تحريم. اللخمي: في التحريم بلبن واطئ أمته حاملاً من غيره قولا سحنون مع ابن القاسم ومالك وابن شعبان، وفي عتق ذلك الحمل عليه بحكم أو دونه، ثالثها: لا عتق لليث ورواية ابن حبيب وسحنون: وتحرم عليه إن كانت جارية. وفي كون رضيع من تزوجت فأتت بولد لأقل من ستة أشهر بلبنها بعد الوضع ابناً للأول أو لهما قولا ابن شعبان وابن القاسم قائلاً: وإن لم يكن لها لبن متحرك؛ لأن الوطء يخرجه ويدره. اللخمي: يريد: أن قرب اللبن من الوطء، وإن بعد وصار لها لبنٌ على المعتاد للحامل عند الوضع ضعف أمر الثاني.

عبد الحق في بعض التعاليق عن أبي عمران: لم يختلف أصحابنا في أن لبن الآتية بولد لأقل من ستة أشهر لنكاحها في عدتها أنه للزوجين معاً، وكذا الولد المنفي إذا نفاه أحد الزوجين أو نفياه، فلبنه لهما. وفي كون لبن الأمة تلد من وطء سيدها في طهر ما ألحق بأحدهما لهما أو لمن ألحق به نقلا اللخمي عن محمد وابن شعبان. وفي كون لبن من صار لها بوطء من تزوجها في العدة، أو وطء من ملكها في استبرائها لهما أو للأول نقلاه عنهما. وقول ابن شاس وابن الحاجب وقبوله ابن عبد السلام: المنكوحة إن وطئت بشبهة فأنت بولد محتمل فلبنها لمن ينسب إليه الولد، وقال محمد: لهما يقتضي أن المذهب الأول خلاف ما تقدم للخمي إنما عزاه لابن شعبان. الشيخ عن كتاب ابن سحنون: من وطئ أمته وهي متزوجة أو بعد أن طلقت وهي حامل أو مرضع أو كانت أمة لعبده فلبنها للزوج والسيد لحق الولد بالزوج أو عبده. وفيها مع غيرها: لبن الواطئ له ما استمر. قُلتُ: ظاهره ولو طال. عبد الحق: ذكر لأبي عمران أن سحنونا قال: من طلق زوجته وتمادى بها اللبن إن جاوزن خس سنين، وهي مدة ما تلحق فيها الأنساب، انقطع كونه له، فقال: ما أعرفه له، ولم أره في كتاب ابنه في الرضاع، وقد استقصاه فيه، ووجهه إن صح أن الرضاع لا يكون أقو من النسب، وإن كان يعترض هذا بمن أسنت وقعدت عن الحيض فتزوجت ودرت ثم طلقها الزوج وهي لا تحمل فليس العلة الحمل، وكان الشيخ ترجح فيه، ونحا إلى أن قول سحنون خلاف المدونة، ذكر فيها: إذا لم ينقطع اللبن من غير حد ولو وطئ ذات لين زوج ثانٍ ففي كون لبنها لهما ولو ولدت، وكونه للثاني فقط، ثالثها: بولادته للباجي عن ابن القاسم مع رواية ابن نافع وابن زرقون عن محمد، والمشهور وابن شعبان عن ابن وهب وكتاب الوقار. عبد الحق: قال ابن المنذر: أجمع كل من يحفظ عنه العلم أن حكم لبن الزوج

باب في الغيلة

الأول ينقطع بولادتها من الثاني، وإنما الخلاف إذا حملت منه. وفي الموازية عن مالك: أنها إن وضعت من الثاني لا ينقطع حكم لبن الأول، وذكر اللخمي الأخيرين، وقال فيها: هو ابن لهما، وإن حملت من الثاني، وفي الموازية: وإن ولدت. وفي كونهما عنده قولين فتصير الأقوال أربعة نظر، ومقتضى قول ابن زرقون أنهما قول واحد، ولفظ الباجي: لو تزوجت مرضع بعد عدتها فحملت ثم أرضعت طفلاً، فقال ابن القاسم: هو ابن لهما ما استمر لبن الأول، ورواه ابن نافع، ولم يذكر محمد فحملت ولا معنى له، إنما المعتبر وطئه، وقاله القاضي، ورابعها: لابن بشير: ينقطع عن الأول بحملها. اللخمي: أرى إن حدث لبنها بوطء الأول استمر حكمه، ولو طال بعد ولادتها ما لم يبعد بعد قطعه، فيخص الأول إن عاد وطؤه، وإن كان لبنها قبل الأول وتعلق حكمه؛ لأنه كثره انقطع بطول عهده، مما يرى أنه عاد لما كان قبل وطئه، ولو أمسك الثاني عن وطئها زمناً طيلاً وعاد لبنها لما كان عليه سقط حكمه، ولو وطئها ثالث بنكاح ولبن ولادة الأول مستمر سقط حكم الثاني بطول عدم وطئه ولبنها للأول والثالث. [باب في الغيلة] والغيلة: في كونها وطء المرضع أو إرضاع الحامل قل مالك، ونقل اللخمي، وعزاه أبو عمر للأخفش. وفيها: عزوه لناس والمذهب لا يكره. الصقلي في الواضحة لابن الماجشون: الغيلة وطء المرضع، حملت أم لا، أنزل أم لا، العرب تتقيه شديداً. أبو عمران: ما أدري قوله: أنزل أم لا، وما هي إلا مع الإنزال إلا أن يزيد ماؤها في تضعيف اللبن. الباجي: من استؤجرت لإرضاع بإذن زوجها، ففي منع ولي الرضيع زوجها

وطأها مطلقاً، أو إن شرطه في العقد أو بان ضررها للصبي قولا ابن القاسم وأصبغ. وحدوث أخوة الزوجتين يوجب تخيير الزوج في فراق إحداهما، وتقدم قول ابن بكير في فصل إسلام الزوج عليهما، وفي غرمه لمن ترك منهما نصف مهرها أو ربعه، ثالثها: لا غرم لعبد الحق عن ابن حبيب ومحمد، ولشيخ عن ابن القاسم في غير الموازية، وحكم إغرام متعمدة إرضاع الفسخ تقدم فيه. وفيها: إن شهدت بينة بإقرار احد الزوجين بأخواتهما برضاع قبل نكاحهما فسخ. اللخمي: إقراره يوجب فراقه مطلقاً، وعليه المهر إن بنى وإلا فلا إن تقدم على عقده، وإلا فكطلاقه إن كذبته، وإلا سقط النصف، وإقرارها قبل العقد يفرق وبعده إن صدقها وإلا فلا، والفرقة بإقرارها تسقط مهرها. اللخمي: ولو دخلت لأنها غارة إلا أن يدخل عالماً به فيجب. قُلتُ: لعبد الحق عن ابن الكاتب: إن غرت ترك لها ربع دينار، وقبله الصقلي والمتيطي كاللخمي في إطلاق غرمها الصداق. الصقلي عن ابن القاسم: ليس قول الرجل: هذه أختي، أو قول المرأة: هذا أخي كقول الأجنبي فيهما؛ لأن إقرارهما على أنفسهما كالبينة القاطعة. قُلتُ: يجب تقييد قوله: أختي وأخي بزيادة من الرضاعة نصاً أو سياقاً لسماع القرينين: من تزوج امرأة شهد عليها أنها كانت تقول لمن تزوجها قبل نكاحها: أخي أخي لم تحرم عليه، في كلام الناس قول المرأة للرجل: أخي أخي ولا قرابة بينهما. ابن رُشد: لأن المؤمنين بعضهم لبعض إخوة، كقول الرجل لزوجته: يا أختي لا يكن طلاقاً، كقول رجل لصبي لا يعرف نسبه: يا بني افعل كذا لا يكون استلحاقاً. قُلتُ: ولا قذفاً لمعلم النسب. وفيها: لو قال الأب: رضع فلان أو فلانة مع ابنتي الصغيرة أو مع ابني الصغير ثم قال: أردت اعتذار لم يقبل. ابن القاسم: وإن تناكحا فرق بينهما، فإن رشد الولد ففي كونه كذلك وصيرورته كأجنبي، ثالثها: إن كان أنكحه صغيراً لنقل اللخمي مع الصقلي كأنه المذهب، وقول اللخمي: كأنه المذهب، وأبي حفص العطار مع قول عياض: إن لم يعقد الأب النكاح

حتى رشد ابنه وابنته وجاز أمرهما فهو كأجنبي، واختلف إن فسخ نكاحهما بقوله: (ثم رشداً) هل تأبيد تحريم كالحكم بصحة رضاعهما، وهو قول غير واحد أو لا. وفيها: إن قالت الأم: أن فلاناً ابن عمها كانت أرضعته، ثم قالت: كنت كاذبة، إنما أردت منعه منها لم يقبل رجوعها، ولا أحب له تزويجها، وفي ثاني أنكحتها. قُلتُ: وكذا أمي إذا لم تزل يسمعونها تقول: أرضعت فلانة فلما كبرت أردت تزوريجها. قال: قال مالك: لا يتزوجها، ففي كونه نهي تحريم أو تنزيه والأم كغيرها، ثالثها: إن كانت وصياً لابن حبيب مع محمد وفضل مع يحيي بن عمرو وعياض قائلاً: هو بين في كتاب الرضاع، ونقله. وسمع عيسى ابن القاسم في كتاب النكاح: من قال في امرأة أراد تزويجها فقالت له أمه: أرضعتها، امرأته طالق إن كانت حلالاً إن لم أتزوجها، أرى أن تطلق امرأته ولا يتزوجها، فإن اجترأ وتزوجها لم يقض عليه بطلاقها؛ لأنه لا يكون في الرضاع إلا امرأتان. ابن رُشد: لم يقض بطلاقها؛ لأن تزويجه إياها مكروه لا حرام؛ لأنه (صلى الله عليه وسلم) أخبر برضاع امرأة فتبسم، وقال: ((كيف وقد قيل))، وقال: ((الحلال بين والحرام بين وبينهما أمور مشتبهات، فمن اتقى الشبهات استبرأ لدينه وعرضه)) فندب (صلى الله عليه وسلم) إلى اتقاء الشبهات ولم يحرمها، وهذا من الشبهات؛ إذ لا يوقن بصحة قول أمه، ولا يجب عليه تصديقها؛ لاحتمال إرادتها منعه نكاحها، إلا أن يكون فشا قولها ذلك فيحرم عليه نكاحها.

وفيها لابن القاسم: إن شهد برضاع الزوجين أمهاتهما لم تقبل شهادتهما إلى أن يكون فشا من قولهما قبل النكاح. قُلتُ: فهما كالأجنبيات في قول مالك. قال: نعم في رأيي. اللخمي: فعليه لا يقبل قول إحداهما أنها أرضعت الآخر، وشهادة امرأتين به إن فشا قولهما به قبل نكاح الرضيعين يثبت، وإلا ففي لغوها وإعمالها نقلا اللخمي عن ابن القاسم مع مالك والأخوين مع ابن وهب وابن نافع أصبغ: وصوبه بأن سكوتهما قد يكون لعدم الحاجة إلا أن يسكتا بحضرة نكاحهما. وعزا ابن رُشد لسحنون قال: ومعناه إذا كانتا عدلتين، ولا يشترط مع الفشو عدالتهما على قول ابن القاسم وروايته. قال: وفي قبول شهادة الواحدة مع الفشو قولان لسماع ابن القاسم مع ظاهر ثاني نكاحهما وقول رضاعها. المتيطي: لابن حبيب عن ابن القاسم: من شهدت امرأته برضاعه مع زوجته وكان قولها فاشياً يؤمر بفراقها دون قضاء. ابن رُشد: شهادة امرأتين مع الفشو جائزة، والواحدة دون فشو لغو، اتفاقاً فيهما وفي غيرهما ما تقدم. ابن بشير: يؤمر بالتنزه في المرأة الواحدة دون فشو، وفي كون الفشو المعتبر في شهادة المرأة فشو قولها ذلك قبل شهادتها، أو فشوه عند الناس من غير قولها قولان لظاهر ما تقدم، وقول المتيطي: هو اشتهاره في المعارف والجيران والأهلين، وفشوه من غير قول المرأة الشاهدة. ابن حارث: واتفقوا على الفرقة بينهما بشهادة امرأتين برضاعهما مع الفشو، وهو الاتفاق خلاف نقل ابن القصار عن ابن القاسم: لا يقبل منهن أقل من أربعة ولم يعزه المازري إلا للشافعي وعطاء. المتيطي وابن عات عن أبي محمد الوتد: أداء شهادة المرأتين لا يكون إلا معاً، لا يجوز مفترقتين محتجاً بقوله تعالى: (أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الأُخْرَى) [البقرة: 282]، وضعفه ابن فتحون وغيره. وفيها جبر ذات الزوج أو طلاق لم تبن به على رضاع ولدها منه، ما لم يكن مثلها لا

يرضع لشرفها أو مرضها أو قطع لبنها. اللخمي: لذات الشرف رضاعه بأجر. وفيها: إن مات أبوه وله مال استؤجر له، والأم أحق به إن قبل غيرها وإلا لزمها بأجر، فإن لم يكن له مال ففي لزومه في لبنها معروف المذهب، ونقل الصقلي عن القاضي: هو من فقراء المسلمين، فإن لم يكن لها لبن ففي وجوبه في مالها سماع أصبغ، ونقل ابن رُشد عن إسماعيل القاضي والتونسي: فإن بانت ولا حمل فعلى الأب، فإن أعسر ولم يقبل غيرها لزمها، ولو قبله ففي لزومها رضاعه أو الأجرة له أو على بيت المال قولا المشهور والجلاب. وسمع القرينان: من طلق امرأته حاملاً ترضع عليه نفقة حملها ورضاعها معاً. ابن رُشد: في الرضاع منها على المرأة رضاع ولدها بعد طلاقها في عدتها ما دامت النفقة على الزوج، فجعله بعض الناس خلاف هذا السماع وليس بصحيح؛ لأن قوله في الرجعة الرضاع عليها؛ لأنها في عصمته، ونفقة البائن لحملها ووجوبها لحملها لا يسقط أجر رضاعها الواجب لها بقوله تعالى: (فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ) [الطلاق: 6]. قُلتُ: قول بعض الناس هو قول ابن سهل دليل المدونة ليس لها إلا نفقة الحمل، وهو الأظهر، وحيث وجب للأم بأجر فهو أجر المثل. قاله ابن الكتاب وغير واحد. وفي طرر ابن عات: إن اختلفا في الأجرة؛ فحكى ابن فتحون عن أبي الليد بن ميقل: أنه سئل عن ذلك، فقال: على الزوج الموسر ديناران في الشهر، وعلى المتوسط دينار وأربعة دراهم، وعلى العامل بيده دينار، وإن لم ترض الأم فللأب أخذه إلا أن لا يقبل غيرها، فتجبر على إرضاعه بأجر مثله. ابن عات: ولا سكنى للرضيع مدة رضاعه؛ لأن مسكنه حجر أمه. قال: كذا في بعض الكتب. قُلتُ: لابن سهل عن ابن عتاب: المطلقة المرضعة المخدومة قبل طلاقها لا خدمة لها، ويحتمل أن تزاد في الأجرة لمؤنة الولد. ابن سهل: وفي المدونة: في إرخاء الستور خلاف هذا في باب نفقة الحامل.

وقال ابن وهب: لا خدمة عليه له، وبه جرى العمل؛ فلو وجد مرضعة بدونه أو مجاناً، ففي سقوط حقها إلا بما وجد. نقل ابن رُشد روايتي ابن وهب وابن القاسم فيها، وصوبه اللخمي: إن قل ما نقص عن أجر المثل، وعزا عياض الأول لسحنون، ولمفهوم بعض ألفاظها. وفيها: ما عجز عنه من أجر المثل سقط. وفيها: يكره استرضاع الكوافر، وأن يتخذن ظؤرة؛ لما يتغذين به ويغذين الولد، والفاجرة. وروى ابن حبيب: لا بأس باسترضاع النصرانية إن أمن ما تغذيه به من خمر وخنزير، قد يكون فيها حسن أخلاق وطباع. ابن حبيب: ورد النهي عن استرضاع الحمقاء.

كتاب النفقة

[كتاب النفقة] النفقة: ما به قوام معتاد حال الآدمي دون سرفٍ، فتدخل الكسوة ضرورةً،

وهو مقتضى حكم ابن زَرْب على من التزم نفقة إنسانٍ، ثم قال: أردت الإنفاق دون الكسوة بالكسوة محتجاً بقوله تعالى: {وَإِنْ كُنَّ أُولاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ} [الطلاق:6]. وقال ابن سهل: في قوله نظر؛ لأن هذا إنما هو في النفقة الواجبة كنفقة الزوجة والأبوة والبنوة، وعامل القراض لا في المتطوع بها، إذا قال المتطوع: لم أرد إلا المطعم، بدليل قولها في الرواحل: لا بأس أن يستأجر العبد على أن على الذي استأجره نفقته وكذا الحر. قال: فقلنا لمالك: فإن اشترط الكسوة؟ قال: لا بأس بذلك، فقوله: لو اشترط كسوة بعد قوله: استأجره، على أن عليه نفقته يدل على أن النفقة لا تقتضي الكسوة، ولو كانت عنده مقتضية لها لقال له إذ سأله عنها: لفظ النفقة يقتضيها، ثم قال ابن سهل آخر كلامه: وأما إن قال ملتزم النفقة: لم تكن لي نيَّة في مطعم ولا ملبس، قيل له: قم بهما جميعاً. قُلتُ: هذا إقرار منه بدخول الكسوة في مسمى النفقة، وهو قول ابن زَرْب؛ لأنه إذا كان من مسماها لزم، ولا ينفعه قوله: إنما أردت الطعام، كما لو قال: ما أردت إلا الكسوة لم يقبل، ثم رأيت المتيطي آثر قوله: قيل له: قم بهما جميعًا لعل جواب ابن زَرْب في هذا وهو محل النظر، وإذا لم يتناول لفظ النفقة الكسوة على ما قاله ابن سهل، فكيف يلزمه مع عدم النية؟ وأما إن ادعى نية، فبين أنه لا يقضي إلا بما نوى. قال: ثم رأيت في «الموَّازيَّة» مثل قول ابن زَرْب. قال مالك: من أوصى بنفقة رجل حياته أخرج له من الثلث ما يقوم به لمنتهى سبعين سنة من ماء وحطب وطعام وكسوة. قُلتُ: هذا واضح إلا قوله: (إنما يقضى عليه بما نوى)؛ بل الصواب بمدلول ظاهر لفظه. قُلتُ: في كتاب الشركة ما نصه: أرأيت المتفاوضين كيف يصنعان في نفقتهما؟

باب فيما تجب فيه النفقة على الزوج

قال مالك: تلغى نفقتهما معا، وفي باب المتفاوضين لما قال مالك: تلغى النفقة بينهما علمنا أن ما أنفقا إنما هو من مال التجارة والكسوة لهما ولعيالهما إنما هو من مال التجارة، وتلغى الكسوة؛ لأن مالكًا قال: تلغى النفقة، والكسوة مثل النفقة. انتهى. ومجموعه دليل لابن زَرْب. وسئل ابن رُشْد عمن طاع بالتزام ربيبه مدة الزوجية، ثم طلق أمه ثم راجعها بعد عدتها، هل تعود عليه نفقته؟ وهل تلزمه معها الكسوة؟ فأجاب ببقاء لزومها ما بقي من طلاق ذلك الملك شيء، ولا تلزمه الكسوة إن حلف أنه إنما أراد الطعام دونها، وكان ابن زَرْب وغيره من الشُيُوخ يوجبون الكسوة مع الطعام محتجين بالإجماع على أنها مندرجة في قوله تعالى: {فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} [الطلاق:] ^، ولا أرى ذلك؛ لأن النفقة وإن كانت من ألفاظ العموم فقد تعرفت عند أكثر الناس في الطعام دون الكسوة. قُلتُ: حاصله أن النفقة عنده موضوعة للطعام والكسوة ثم تخصصت عنده عرفا بالطعام فقط، وتقرر في مبادئ أصول الفقه أن الأصل عدم النقل، وفي قوله: (النفقة من ألفاظ العموم) مسامحة. [باب فيما تجب فيه النفقة على الزوج] وتجب لنكاح: فيها مع غيرها: بدعاء الزوج البالغ لبنائه، وليس أحدهما في مرض السياق. اللخمي: يريد بعد قدر التربص للبناء والشورة عادة.

عياض: ظاهر مسائلها يدل على أن لأبي البكر دعاء الزوج للبناء الموجب النفقة وإن لم تطلب ابنته، وهو المذهب عند بعض شُيُوخنا، وقاله أبو المُطَرِّف الشعبي كجبره إياها على العقد وبيع مالها وتسليمه. وقال المأموني: ليس له ذلك إلا بدعائها أو توكيلها إياه، ومثله لابن عات. قُلتُ: ظاهره كانت نفقتها على مالها، والأظهر الأول في الأول، والثاني في الثاني. وفي كون العقد كالدعاء للبناء، ثالثها: في اليتيمة لنقل ابن رُشْد مع قوله: هو دليل زكاتها الثاني، وعن المشهور وغيره قال: بناء على اعتبار الاستمتاع في النفقة أو العقد، والثالث استحسان، وعزاه ابن عات وغيره لسَحنون ولابن حارث: لا تلزم نفقة الزوجة حتى يدعى الزوج للبناء اتفاقًا، ونحوه تأويل ابن محرز قولها في الزكاة الثاني بأنه دعي، وفي سماع ابن القاسم: سئل عمن سافر قبل البناء، فطلبت زوجته بعد أشهر النفقة من ماله. قال: تلزمه نفقتها. ابن رُشْد: قيل: لا نفقة لها إن كان مغيبة قريبًا؛ لأنها لا نفقة لها حتى تدعوه للبناء، فإن طلبته، وهو قريب أبتت له إما أن تبني أو تنفق، وقيل: لها النفقة من حين الدعاء، وليس عليها انتظاره، وهذا أقيس، وهو ظاهر السماع. قُلتُ: للخمي: يحسن فرضها إن سافر دون علمها ومضى أمد البناء أو بعملها، ولم يعد في الوقت المعتاد. قُلتُ: هذا مقتضى قولها: إن سافر الشفيع يحدثان الشراء، فأقام سنين ثم قدم، إن كان سفرا أنه لا يؤوب منه إلا لأمد يقطع شفعته فلا شفعة له وإلا فلا. والدعاء في مرض السياق لغو، وفي مرض لا يمنع الوطء معتبر اتفاقا فيهما، وفيما بينهما قولان لها ولسَحنون ورجحه اللخمي. وفيها لمالك: إن كان مرضها يقدر معه على الجماع لزمته النفقة بدعائه للبناء، ولابن القاسم: إن كان لا يقدر على جماعها فدعته للبناء وطلبت النفقة فلها ذلك، إلا

باب في اعتبار حال النفقة

أن تكون في السياق، ولم أسمعه من مالك، وبلغني عنه وهو رأيي. عياض: ظاهرة الخلاف، وعليه حمله اللخمي، وحمله غير واحد على التفسير والوفاق. وفي كون الزوج المطيق الوطء غير بالغ مثله، نقل اللخمي روايتين لابن شعبان ولها، وفي وجوبها بامتناعه بعد الدعاء أو بفرض السلطان، ثالثها: إن امتنع لددًا دون إشكال لمالك وأشهب واللخمي. [باب في اعتبار حال النفقة] وفي إرخاء الستور، منها: لا حد لنفقتها؛ وهي على قدر عسره ويسره. وفي الجلاب وغيره: على قدر حالها من حاله. ؤونحوه سمع عيسى ابن القاسم. ونقل ابن عبد السلام: اعتبار حال الزواج فقط لا أعرفه. [باب فيما تكون منه النفقة] وواجبها: ما يضر بها فقده ولا يضره، وفيما فوقه معتادا لمثلها غير سرف لا يضره خلاف، وفي تعيينه بمقتضى محل قائله وعادته مقالات، فصنف مأكولها جل قوت مثلهما ببلدهما يفرض لها من الطعام ما يرى أنه أشبع مما يقتات به أهل بلدهما، من البلاد ما لا ينفق أهله شعيرا بحال غنيهم ولا فقيرهم، ومنها من ذلك عندهم يستخف ويستجاز. اللخمي: المعتبر الصنف الذي يجري بينهما ببلدهما؛ قمحًا أو شعيرًا أو ذرًة أو تمرًا. فلو كان قمحًا وعجز عن الشعير ففي لزوم الأعلى. نقل ابن رُشْد عن سماع يحيى ابن القاسم ودليل سماع القرينين. الباجي عن ابن القاسم: يراعى قدرها من قدره وغلاء السعر. قال مالك: يفرض للمرضع ما يقوم بها في رضاعتها وليست كغيرها.

اللخمي: روى محمد: يفرض لها في اليوم مد وثلث نبوي. وقال ابن القاسم: ويبتان ونصف في الشهر إلى ثلاث؛ يريد: لمن كان بمصر. ابن حبيب: الويبة اثنان وعشرون مدًا، وأرى القفيز القرطبي وسطا، وهو أربعة وأربعون مدًا. الباجي عن محمد: أحوال الناس مختلفة، يكون الرجل يعمل بيده ويقل كسبه يفرض عليه بمصر ويبتان في الشهر، فأشار إلى أنه أقل أقوات أهل مصر. ولابن رُشْد في سماع يحيى: قال مالك في المبسوط: أدركت الناس يفرضون مدا من حنطة. قيل له: لا يكفيها بالمغرب مد. قال: فقدر ما يكفيها. قال أبو إسحاق: إنما فرض لها مدا لقوله - صلى الله عليه وسلم - للمفطر في رمضان «خذ هذا وتصدق به»، وكان نحو خمسة عشر صاعًا بين ستين مسكينًا، وإنما لم ير التوقيت مرة لقوله - صلى الله عليه وسلم - لهند: «خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف». والظاهر من المذهب قول ابن حبيب قياسًا على قول ماللك في الظاهر أنه مد بمد هشام وهو مد وثلث. ابن بشير: وقيل: مد ونصف وتقدم في الظهار. الباجي: روى محمد: يفرض لها مد بمد مروان، وهو مد وثلث نبوي. قال ابن حبيب: اتخذه هشام بن إسماعيل لفرض الزوجات، فاستحسنه مالك. قُلتُ: ففي كون القدر مدًا نبويا أو وخمسيه وثلث خمسه، أو مدًا وخمسة أسداسه إلى مدين وخمس، رابعها: مد وثلث، وخامسها: مد ونصف، وسادسها: مد وثلثان، وسابعها: لا توقيت لمالك وابن حبيب وابن القاسم، ورواية محمد. وتخريج ابن رُشْد على كفارة الظهار بمد هشام مع الأقوال في قدره، ورواية

المبسوط مع اللخمي قائلاً: ليس الموسر كالمعسر ولا الشدة كالرخاء، وثامنها: قول ابن عات ما نصه: المشاور: يلزم الملي مدان في كل يوم بمده - صلى الله عليه وسلم - في جزاء الصيد، وبه يقضى في صيام الظهار، والمتوسط يلزمه مد وثلث، وقيل: مد ونصف على التوسط من العيش، وبه يقضى في كفارة اليمين. قُلتُ: قوله: في جزاء الصيد مشكل؛ لأن قدر الإطعام فيه مد بمده - صلى الله عليه وسلم -، وكذا قوله في صيام الظهار، وصوابه كفارة الظهار. ابن رُشْد: ورواية المبسوط: ليس عليه طحن المد، خلاف سماع عيسى ابن القاسم يفرض لها من النفقة ما فيه ماؤها وطحنها ونضج خبزها. قُلتُ: لعل المنفي ولا يته طحنه والمثبت أجره. المتيطي: وافق ابن حبيب من بعده من أهل العلم بقرطبة على ما ذكر من قفيز القمح وشرطه مطحونا. ابن سهل عن ابن حبيب: ومن الإدام الخل والزيت على الاجتهاد وحال البلد، وأراه ببلدنا ربع خل ونصف ربع زيت في الشهر؛ لأنهما الإدامان اللذان يدور عليهما المعاش مع الاستسراج بالزيت، ومن الحطب حملان، ومن اللحم درهم في الجمعة، ودرهمان أو ثلاثة في الشهر لما الخبز وطحن ودهن وغسل ثوب وماء ونحو ذلك. المتيطي عن بعض الموثقين: وافقه فقهاء قرطبة على الزيت، وفرضوا من الحطب حملاً واحدًا، وعن صرف سبعة دراهم، ولم يذكروا خلاً ولا لحمًا، وهو مجموع في السبعة دراهم. اللخمي: لها أجرة الطحن والعجن والخبز إن كان لها خادم. ابن سهل عن ابن حبيب: لا يفرض سمن ولا عسل ولا جبن ولا غيره. اللخمي: قاله محمد، وهذا في المتوسط لأدنى اليسار. ابن سهل: انظر إن قل أكلها لمرض وطلبت فرضًا كاملاً، أو تكون قليلة الأكل يكفيها اليسير، وطلبت فرضًا كاملاً، هل يقضى لها بذلك أم بقدر حاجتها وكفايتها؟ وفي كتاب الوقار: إن مرضت لزمه نفقتها، لا أزيد مما يلزمه في صحتها.

باب في اللباس

المتيطي: الصواب أن ليس لها إلا ما تقدر عليه من الأكل، وذلك أحق في المريضة؛ إذ النفقة عوض المتعة. قُلتُ: ولقول الأكثر إن كانت أكولة فعليه ما يشبعها وإلا طلقها. وقال أبو عمران: لا يلزمه لها إلا المعتاد، وإن كانت قليلة الأكل فلها المعتاد تصنع به ما شاءت. [باب في اللباس] واللباس: قال اللخمي: قميص ووقاية وقناع، هي في الجودة والدناءة على قدرهما ويسر الزوج، ويزاد لبعض النساء ما يكون في الوسط، ويزدن في الشتاء ما يقي البرد. الباجي وابن سهل عن ابن حبيب: وللباسها قميص وفرو لشتائها من خرفان أو قلنيات تحته قميص وفوقه آخر، ولفافة سابغة لرأسها ومقنعة فوقها تجمع بها رأسها وصدرها، فإن لم تكن مقنعة فخمار، فإن لم يكن فإزارا تقذفه على رأسها وتجمع به ثيابها، وخفان وجوربان، الخفان والفرو لسنتين، ثم يجدد، وما وصفناه لسنة ثم يجدد. قُلتُ: وفي سماع عيسى ابن القاسم: يفرض لها لباس الشتاء والصيف، من الجبة والقرقل والمقنع والإزار والخمار، وشبه ذلك مما لا غنى لها عنه، وما يسترها ويواريها. اللخمي: لابن القاسم في الموَّازية: لا يفرض خز ولا وشي ولا حرير، وإن كان متسعا. ابن القُصَّار: إنما قال مالك: لا يفرض الخز والوشي والعسل لقناعة أهل المدينة، فأما سائر الأمصار فعلى حسب أحوالهم كالنفقة، وفي سماع عيسى: الكسوة على قدرها وقدره، ليس في ذلك خز ولا حرير ولا وشي، وإن كان يجد سعة. ابن رْشْد: معناه في الخز والحرير المرتفع الذي لا يشبه أن يبتذله مثلها؛ إذ قد يكون في الخز والعصب والشطوى ما يشبه العصب الغليظ، فيلزمه مثله إن كانت حاله متسعة، وكانت نحو لبسة أهل البلد على ما في سماع يحيى لابن وَهْب.

وفي سماع عيسى ابن القاسم: يفرض لها اللحاف لليل والفراش والوسادة والسرير إن احتج له لخوف العقارب وشبهها. ابن سهل عن ابن حبيب: إن كانت حديثة البناء وشورتها من صداقها فليس لها غيرها، لا في ملبس ولا في مفرش وملحف؛ بل له الاستمتاع بذلك معها، بذلك مضت السنة وحكم الحكام؛ يريد: إلا أن يقل صداقها عن ذلك، أو كان عهد البناء قد طال فعليه ما لا غنى عنه بها، وذلك في الوسط فراش ومرفقة وإزار ولحاف ولبد تفترشه على فراشها في الشتاء، وسرير لخوف عقارب أو حيات أو فأر أو براغيث، وإلا فلا سرير عليه، وحصير حلفا يكون عليها الفراش وحصير ثان أو بردي، وفي الطرر: من الاستغناء، ومن كتاب آخر: سئل عمن دفع نقد امرأة وهديتها، فلما بنى وبقيت شهرًا أو أكثر طلبت الكسوة، وكان ابتاع لها محشو ملحم في هديتها. قال إن كان الصداق واسعا فلا كسوة عليه في خلال العام، وإن كان ضيقا فعليه الكسوة، ولا عليها أن تبتذل الهدية إلا من حقها، ولها أن تتزين له بالهدية وقتا بعد وقت. وفي نوازل ابن رُشْد: إن لم يكن لها في النقد فضل عن ما تجهزت به مما لا غنى بها عنه فلها الكسوة بالقرب، وإن كان كثيًرا يقوم بكسوتها وما لا غنى لها عنه، فلا كسوة لها حتى يمضي من المدة ما تجدد له الكسوة، كان لها ثياب أو لم تكن. قُلتُ: تقدم لابن سهل مدة تجديد الخفين والفرو سنتان، ومدة تجديد غيرها من الكسوة سنة، وهو قول ابن حبيب، وبله منه ابن بطال وابن كوثر وغيرهم. اللخمي: ظاهر المذهب أن ثياب خروجها عادة والملحفة لا تلزمه. وقال في المبسوط: يفرض على الغني ثياب مخرجها، وعزاه ابن زرقون لرواية ابن نافع في مختصر ما ليس في المختصر. قال مالك مرة: لا يقضى عليه بدخول الحمام إلا من سقم أو نفاس. ابن شعبان: يريد الخروج إليه لا أجرة الحمام. وأما الزينة فقال اللخمي عن محمد: يفرض لها ما يزيل الشعث كالمشط والمكحلة والنضوح ودهنها وحناء رأسها. ولابن وَهْب في العتبية: في الطيب والزعفران وخضاب اليدين والرجلين ليس

عليه ذلك، وقاله محمد في الصبغ. ولمالك في المبسوط: يفرض على الغني طيبها لا الصباغ، إلا أن يكون من أهل الشرف والسعة وامرأته كذلك. قُلتُ: المراد بالصبغ صبغ ثيابها. قاله ابن زرقون. الباجي: لمحمد عن ابن القاسم: ليس عليه نضوح ولا صباغ ولا المشط ولا المكحلة. وليحيى عن ابن وَهْب: لها حناء رأسها. الباجي: معناه عندي أن ليس عليه من زينتها إلا ما تستضر بتركها؛ كالكحل والمشط بالحناء والدهن لمن اعتاد ذلك، والذي نفى ابن القاسم إنما هو المكحلة لا الكحل نفسه، فتضمن القولان أن الكحل يلزمه لا المكحلة، وعليه يلزمه ما تمتشط من الدهن والحناء لا آلة المشط. وفي سماع عيسى ابن القاسم: يفرض لها الدهن وحناء رأسها ومشطها وشبه ذلك، وأما المشط والمكحلة والصبغ فلا أدري ولا أراه. ابن رُشْد: إنما أوجب لها ذلك؛ لأنها عادة نسائهم، ولا يفرض ذلك عندنا؛ إذ لا يعرفه نساؤنا، لكل أهل بلد عرفهم، واضطرب قول ابن القاسم في المشط، فله في أول كلامه: يفرض، وفي آخره: لا يفرض. قُلتُ: ما تقدم للباجي ينفي اضطرابه. وفي كون أجر القابلة عليها أو عليه، ثالثها: إن استغنى عنه النساء فعليها وإلا فعليه، وإن كانا ينتفعان به معا فعليهما علي قدر منفعة كل منهما، لسماع القرينين من طلاق السنة وابن رُشْد عن أصْبَغ وسماع ابن القاسم ولم يحك الباجي الأول، وعزا الأخير لمحمد. ابن حبيب: ليس عليه أجر الحجامة ولا الطيب. ابن زرقون: في نفقات ابن رشيق عن ابن عبد الحَكم: عليه أجر الطيب والمداواة، ونحوه قول أبي حفص العطار: يلزمه أن يداويها بقدر ما كان لها من نفقة صحتها، ... لا أزيد.

باب في الإسكان

وفيها: ليس عليه خادم. [باب في الإسكان] وفيها: ووجوب الإسكان كالنفقة وحال السكنى قدرا وصفة ومكانا باعتبار حال الزوجين. وسمع ابن القاسم في كتاب النكاح: من أسكن زوجته مع أبيه وأمه فشكت ضرر ذلك فليس ذلك له قيل: يقول: إن أبي أعمى لا أغلق دونه بابا. قال ينظر في ذلك إن رئي ضرر حولها عن حالها. ابن رُشْد: ولا يسكن معها أولاده من امرأة أخرى في دار واحدة إلا برضاها. قاله في سماع سَحنون من طلاق السنة لضررها باطلاعهم على تصرفاتها وأمر الأعمى أخف، فأوقف مالك أمر الأعمى على النظر، وحمله على عدم الضرر حتى تثبت المرأة أنه يضر بها؛ لأن قوله: (فإن رئي ضرر) معناه فإن ثبت ذلك. وقال ابن الماجِشُون فيمن هي وأهل زوجها في دار واحدة تقول: أهله يؤذونني، أفردني عنهم: رب امرأة ليس لها ذلك لقلة صداقها أو وضيعة قدرها، ولعله على ذلك تزوجها وفي المنزل سعة، فأما ذات القدر واليسار فلا بد له أن يعزلها، وإن حلف أن لا يعزلها حمل على الحق أبره ذلك أو أحنثه ليس بخلاف؛ لقول مالك فيمن لا يشبه حالها من النساء أن يسكنها وحدها، وله أن يسكنها في دار جملة، ليس على زوجها أن يخرج أبويه عنها إلا أن يثبت إضرارهما بها. ابن سهل: أجاب ابن زَرْب: من تزوج امرأة له ولد صغير من غيرها، فأراد إمساكه بعد البناء وأبت ذلك، إن كان له من يدفعه إليه من أهله ليحضنه له ويكلفه أجبر على إخراجه، وإلا أجبرت على بقائه، ولو بنى بها والصبي معه ثم أرادت إخراجه لم يكن لها ذلك، وكذا الزوجة إن كان لها ولد صغير مع الزوج حرفا بحرف. ابن عات في المجالس: إن أراد أن يكتري لها دارا ورغبت هي في السكنى في دارها بمثل ما يكرى لها فالقول قولها. وفي العدة منها: إن كانت المعتدة في مسكن بكراء، فلم تطلب به الزوج إلا

بعد العدة فلها الكراء، وكذا لو لم يفارقها فطلبته به بعد تمام السكنى، فذلك لها إن كان موسرًا. وفي الرواحل منها: من نكح امرأة وهي ببيت اكترته سنة، فدخل بها فيه، وسكن باقي السنة، فلا كراء عليه لها ولا لربه، وهو كدار تملكه إلا أن تبين له أني بالكراء أسكن فإما وديت أو خرجت، قال غيره: عليه الأقل من كراء المثل أو ما اكترت به. عياض: ما في العدة خلاف ما في الدور، وتكلم الأشياخ عليهما، وهو بين اختلاف قول أو سؤال، وترجح في ذلك بعضهم، وفسر المتيطي وغيره المثل بأمرين مثل كراء الدار أو مثل كراء ما يكريه لها، فهو أقل من ثلاثة أشياء. قال: وقال أبو عمران على الخلاف حملها فضل وابن لبابة وغيرهما، وليس كذلك؛ مسألة العدة لم تملك فيها السكنى وفي الأخرى ملكتها. ابن عبد الرحمن: الكراء في العدة مشاهرة، فبناء الزوج والكراء غير لازم لها فلزمه، وفي الآخر هو لسنة معينة فبنا وهو لازم لها، كمسكن لها، وذكر عن ابن القاسم: إن دعته للبناء في دارها أو في دار هي فيها بكراء، فلا كراء عليه، وإن كان هو الذي اختار ذلك فعليه الكراء. وفرق غيره بأنها في مسألة العدة مطلقة فصار كأجنبي، وفي الأخرى هي في عصمته، واختار ابن لبابة أن تحلف ما سكنت عن القيام عليه في الكراء هبة له وتأخذه به. قال فضل: جيدة في اليمن. وقال ابن الهندي: جرى العمل بوجوب الكراء عليه في دارها ولم يذكر يمينا. وفرق ابن العطار في مسألة الكراء، فأجبه للمولى عليها، ولم يوجبه للمالكة نفسها. وتعقبه ابن الفخار، فقال: إن كان الكراء من حق الزوجة فيما سلف فلا فرق بين المولى عليها وغيرها، وقد اختلف في ذلك قوله في المدَوَّنة، ولم يختلف قول مالك في أكله مالها وهي تنظر، لا تغير ولا فيمن أنفقت عليه، أن ذلك لها، وإن كان عديما حال الإنفاق.

وتعيين المسكن اللائق بهما دونها لقول الباجي وقبوله. ابن عات: للأب، شرط أن لا يخرجها من دارها بموضع كذا، وإن كان ممنوعا من هبته مالها؛ لأن للزوج إسكانها حيث شاء، فلما قصره الأب على دارها ترك له شيئًا من مالها، وتقدم لابن عبد السلام في فصل سكنى المعتدة خلافه بتخريج تقدم. رده ابن عات، صوب ابن لبابة قضاء سليمان بن أسود على أب طلب زوج ابنته، وهي في ولايته بإخراجه من دارها ليكريها لها، وقال القاضي: لزوجها: ألك دار؟ قال: لا؛ يمنعه إخراجه منها قائلا له: لا كرامة لك أن تخرج ابنتك من دارها إلى دار خرج، تمشي بفراشها على عنقها من دار لدار، ليس هذا من حسن نظر. ثم قال: سأل ابن دحون ابن زَرْب عن شرط أن لا يرحلها من دارها إلا أن تطلبه بالكراء، فقال: ذلك جائز، فإن طلبته بكراء ما مضى لم يلزمه إن كانت رشيدة عالمة بالشرط، وإن كانت مولى عليها غرمه. قال ابن دحون: فإن كانت ذات أب وأباح له السكنى لأي شيء لا يضمن الأب الكراء، ويكون محمل الهبة، فقال: ليس هبة، والكراء على الزوج، وليس للأب أن يهب مال ولده، وتأمل هذا مع قضية سليمان بن أسود. وللباجي وابن مغيث خلاف قول ابن زَرْب. وفي ثاني نكاحها لا يجوز العفو عن شيء من صداقها إلا للأب لا لوصي ولا غيره. ابن القاسم: إلا أن يكون على وجه النظر لها، فيجوز إذا رضيت، مثل أن يعسر بالمهر فيسأل التخفيف، ويخاف الولي الفراق. عياض: يحتج به في مسألة: إذا رضيت المحجورة بسكنى زوجها معها دارها، وإنفاقها على نفسها خوف طلاقها رغبة في زوجها، وأنه إن فارقها رجعت تسكن دارها وتنفق على نفسها، أن ذلك لها، على ما أفتى به شُيُوخ الأندلس، وبه أفتى ابن عتاب وشيخنا هشام بن أحمد وابن حمدين القاضي وغيرهم وهو النظر، ولم يره في إسقاط النفقة أبو المُطَرَّف الشعبي، وقال: يلزم هذا فيما يطلبه من مالها إذا خشيت فرقته. عياض: وهذا لا يلزم؛ لأنها تقول في الوجه الأول: إن فارقني رجعت آكل مالي

وأسكن داري ولا أتزوج سواه. قُلتُ: إن كانت ممن يرغب فيها فالأظهر قول الشعبي وإلا فقول غيره، وأخذه عياض أيضًا من قولها في إرخاء الستور بوجوب إنفاقه على أمه الفقيرة وله زوج معسر لا حجة له، إن قال: لا أنفق حتى يطلقها. وفيها: ليس عليه خادم إلا في يسره، ويتعاونان في الخدمة. وفيها: ليس عليها من خدمتها وخدمة بيتها شيء. وفي إرخاء الستور منها: إن اتسع أخدمها. الباجي واللخمي عن ابن الماجِشُون وأصبغ: عليه إخدامها إن كانت ممن لا تخدم لحالها وغنى زوجها، وإن لم تكن ذات شرف ولا في صداقها ثمن خادم فعليها الخدمة الباطنة؛ العجن والطبخ والكنس والفرش واستقاء الماء، وكذا إن كان مليا إلا أنه مثلها في الحال وأشرف، وليس من أشرف الناس الذين لا يمتهنون نساءهم بخدمة، وإن كان معسرًا فلا خدمة عليه، وإن كانت ذات شرف وعليها الخدمة الباطنة كالدنية. زاد عياض عن ابن مسلمة: يجب عليها خدمته داخل بيتها. ابن نافع: عليها أن تنظف وتفرش وتخدم. ابن خويز منداد: عليها خدمة مثلها، وخدمة ذات القدر الأمر والنهي في مصالح المنزل، وإن كانت دنية فعليها السكنى؛ الكنس والفرش وطبخ القدر واستقاء الماء إن كانت عادة البلد، لعله يريد من بئر دارها، وما قرب منها وخف، وقال أصحابنا: لا شيء عليها غير تمكين نفسها. وفي المبسوط: لا شيء عليها من خدمة بيتها ولا كنس ولا عجين إلا مثل أصحاب الصفة، التي إن لم تطحن لزوجها طحنت لغيره. وفي أجوبة ابن رُشْد قيل: الإخدام واجب لها تطلق عليه بالعجز عنه، قال ابن الماجِشُون، ولا بن القاسم: لا تطلق به. ابن حبيب: لا يجب إلا أن يكون موسرا، وهي من ذوات القدر. قُلتُ: ففي وجوبه مع التطليق بالعجز عنه أو دونه، ثالثها: يجب بيسره مع كونه ممن لا يخدم بنفسه أو كونه ممن لا تخدم امرأته بنفسها، ورابعها: وجوبه إلا أن يكون

مثل أصحاب الصفة، وخامسها: وجوبه إن اتسع وإلا تعاونا في الخدمة، لابن رُشْد عن ابن الماجِشُون وابن القاسم وابن حبيب وابن خويز منداد عن أصحابنا ولها. ونقل ابن رُشْد عن ابن الماجِشُون: التطليق بالعجز عنه خلاف نقل الباجي واللخمي عنه، وعلى الثالث: لو تنازعا في كونها من ذوي الخدمة ففي كون البينة عليه أو عليها نقلا ابن عات. المتيطي: إن كان في عقد نكاحه، وعلم الزوج المذكور أن زوجته هذه ممن لا تخدم نفسها لحالها ومنصبها، فطاع بالتزام خدمتها، وأقر أنه ممن يلزمه ذلك، ويتسع ماله له لم يقبل قوله أنه لا يطيق الإخدام، وكذا لو شهد له بما زعم بينة لم تنفعه لاعترافه بسعته، إلا أن يعلم أنه أصابه أمر أذهب ماله، كقولهم في الغريم يعترف لرب الدين بملائه ثم يقيم بينة بعدمه، قال: وحكى بغض شُيُوخنا من القضاة عن بعض شُيُخه من القرويين، أن بينته بالعدم تنفعه، ولا يضره ما أشهد به على نفسه، ولولا ذلك لم يداين، والذي عليه العمل، وقاله غير واحد من الموثقين: أنه لا تنفعه بينته ويسجن أبدا حتى يؤدي دينه. المتيطي: ذو السعة في قصر وجوب إنفاقه على خادم ولزوم ثانية إن كانا ممن لا تصلحهما واحدة، ثالثها: إن ارتفع قدرها جدا كابنة السلطان والهاشمية زيد في عدد خدمها الأربع والخمس؛ لرواية ابن القاسم والمبسوط مع سماع أصبغ. ابن القاسم: تلزمه نفقة الخادمين والثلاث إن كانت ذات غنى وشرف، وقول أصبغ: قال الشَّيخ أبو إبراهيم: يريد إن طالبها باستعمال هذه الأموال والرتب، وإن اقتصد لم يلزمه أكثر من واحدة، ولو طلبت نفقة خادمها، وقال: أخدمها بخادمي أو أكري من يخدمها بقدر نفقة خادمها أو أكثر، ففي قبول قولها أو قوله نقل الباجي رواية ابن القاسم مع فتوى ابن عبد الرحمن. ونقل المتيطي عن بعض الموثقين قائلا، وقال غيره: يخير في نفقة خادمها وكراء امرأة تخدمها حرة أو أمة وشراء خادم تخدمها. الباجي: أو يخدمها بنفسه. قُلتُ: منهن من إخدامها بكراء غضاضة عليها، ولا سيما إن كان ذلك لموت

خادم مهرها. وفي طرار ابن عات: قيل: إنما تلزم الزوج نفقة من يخدم زوجته إن أتت بها، وليس عليه أن يأتي بمن يخدمها. المشاور: يلزمه أن يأتي بمن يخدمها أو يشتري لها خادمها، وعاب القول الأول ولم يره شيئًا. المشاور: إن ادعى الزوج أن خادم زوجته تفسدها عليه وتسرق ماله، فأراد إخراجها لذلك، لم يقبل منه إلا ببينة، أو يعرف ذلك جيرانه، ونحوه في مسائل محمد بن تليد فتأمله، ففيه خلاف ما نقل محمد بن الموَّاز. وفي أجوبة ابن رُشْد: على القول بإيجاب الإخدام لا أثر لشرطه في عقد النكاح، وعلى سقوطه لا يصح اشتراطه، فإن وقع أوجب الفسخ قبل البناء، فإن طاع به بعد العقد جاز اتفاقا. وسمع ابن القاسم في كتاب السلطان: ليس لمن سألته امرأته أن تسلم على أخيها وأبيها منعها ذلك ما لم تكثر، والأمور التي يريد أن يمنعها لها وجوه، ليس كل النساء سواء، وأما المتجالة فلا أرى له ذلك ورب امرأة لا تؤمن في نفسها، فله ذلك فيها. ابن رُشْد: هذا مثل سماع أشهب من الأيمان بالطلاق، يقضى عليه أن يدعها تشهد جنازة أبويها وتزورهم، والأمر الذي فيه الصلة والصلاح؛ فأما شهود الجنائز والعبث واللعب فليس ذلك عليه، خلاف قول ابن حبيب: لا يقضى عليه حتى يمنعها الخروج إليهم ودخولهم إليها، فيقضى عليه بأحد الوجهين، ولا يحنث إذا حلف حتى يحلف على الأمرين فيحنث في أحدهما، وإنما هذا الخلاف في الشابة المأمونة، ويقضى عليه في المتجالة اتفاقا لزيارة أبيها وأخيها، والشابة غير المأمونة لا يقضى عليه بالخروج إلى ذلك ولا إلى الحج، رواه ابن عبد الحَكم، والشابة محمولة على الأمانة، حتى يثبت أنها غير مأمونة. وسمع القرينان يمينه ألا تخرج زوجه إلا بإذنه في الأيمان بالطلاق إن حلف به أو بعتق، أن لا يدعها تخرج أبدا، أيقضى عليه في أبيها وأمها ويحنث؟ قال: لا. المتيطي: له منعها من زيارة أهلها إلا ذا محرم منها.

قال مالك: إن اتهم ختنه بإفساد أهله نظر، فإن كانت متهمة فله منعها بعض المنع لا كل المنع وإلا لم تمنع. وروي ابن أشرس وابن نافع: إن وقع بينه وبين أخي امرأته كلام لم يكن له منعه منها. قال مالك: ولها أن تعود أخاها أو أختها في مرضها، ولو كان زوجها غائبا عنها ولم يأذن لها حين خروجه، وذكر ما تقدم لابن حبيب، وقال: ولو كان في عقد نكاحه شرط أن لا يمنعها من زيارة أهلها من النساء، وذي محارمها من الرجال، ولا يمنعهم زيارتها فيما يحسن من المتزاورين ارتفع الخلاف، وكان لها ذلك. قُلتُ: ظاهر المذهب عدم لزوم الشروط إذا لم تعلق بيمين وهذا منها، قال: ويدخل في أهلها من النساء العمات والخالات وبناتهن وبنات الأخ والأخت والعم والخال وبنات بناتهن، ومن هن عند الناس من الأهل وإن لم تكن ذات محرم. قال مالك: ممن لا زوج لها منهن، ومن لها منهن زوج لا تزورها إلا بإذن زوجها، قيل له: فما حد تزور فيه؟ قال: في كل شهر مرتان، أما كل يوم فذلك تبرج الجاهلية قبل ضرب الحجاب، قيل له: قال قوم: في كل جمعة مرتان فأنكره. المتيطي: أما البنون الصغار الذين ليسوا مع أمهم فيقضى لهم بالدخول عليها في كل يوم، وإن كانوا كبار ففي كل جمعة، فإن حلف بالطلاق أن لا يدخلوا عليها أمر الزوج بإخراج أمهم إليهم، فإن حلف على الأمرين جبره السلطان على دخولهم أو خروجها إليهم، ولا يحنث إلا أن يزيد في يمينه ولا بسلطان. قُلتُ: هذا خلاف ما تقدم لابن رُشْد عن ابن حبيب من حنثه، ولو لم يزد في يمينه ولا بسلطان، ومثله نقل الصقلي عنه، وهو على الخلاف في إكراه السلطان حسبما مر في الأيمان. المتيطي: قال بعض الموثقين: إن احتاجت أن يدخل بينة للشهادة عليها لم يكن للزوج منعها، وليس لها أن تدخل أحدا بغير إذنه. قُلتُ: الأولى عزو ذلك لنوازل سَحنون في كتاب الشهادات.

فيها: لذات الزوج أن تدخل رجالا تشهدهم على نفسها بغير إذن زوجها وهو غائب؛ لأنه لو حضر لم يكن له منعها ذلك، ولا تدخلهم في مغيبه إلا ومعها ذو محرم. قُلتُ: وأخل المتيطي بشرط وجود ذي المحرم. قال ابن رُشْد: لقوله صلى «لا تسافر امرأة مسيرة يوم وليلة إلا مع ذي محرم منها»، فإن لم يكن ذو محرم قام أهل الصلاح والفضل مقامه. وفي الشفعة منها لذات الزوج تسليم شفعتها ولها الشراء والبيع، ولا يمنعها الزوج من ذلك ولا من أن تتجر، فأخذ منه غير واحد أن ليس للزوج أن يجعل على باب مسكنها قفلا، وهو نقل ابن فتحون عن المذهب، قال في آخر الباب التالي لباب عقد الشهادات في الوصيَّة ما نصه: وله منعها من الخروج إلى المتجر، وليس له أن يقفل عليها إلا برضاها. في الطرر ما نصه: في المديان من المدَوَّنة: له منعها من الخروج ولم يشترط إلا من التجر. وقال ابن أبي زَمَنَيْن في المقرب: إلا أن تخرج المرة بعد المرة فيما يجوز لها أن تخرج فيه فليس له منعها، ذكره بعض العلماء. وقال ابن محرز مفسرا لما في المدَوَّنة عن ابن الكاتب: يعني الخروج للتجر وإلا فقد قال: إن كانت حسنة الحال لها الخروج المرة بعد المرة لأبويها. وفي كون الواجب في فرض النفقة ثمن ما فرض أو نفسه، ثالثها: الخيار فيها للزوج، ورابعها: بل للحاكم، ولا يجوز في الطعام ثمن، لعياض عن ظاهر المذهب مع أخذ ابن محرز من قولها: من له دين على امرأته وهي معسرة فلا يقاصها في نفقتها، فإن كانت ملية فله مقاصتها بدينه في نفقته. ونقل عياض عن محمد، ونقله مع ابن سهل والباجي عن ابن حبيب وعياض عن البغداديين، وعلى الثاني قال: تردد بعض الشُيُخ في جواز دفع الثمن عن الجميع،

ومنعه أو دفعه عن غير الطعام. وتردد ابن عبد السلام في منع تأخير ما أخذ عن ما وجب، وجوازه بعيد؛ لوضوح كونه فسخ دين، وبعد قياسه على فسخ الكتابة في مؤخر واضح. وفيها: قلت: إن خاصمت زوجها في النفقة كم يفرض لها؟ أيفرض لها نفقة سنة أم نفقة شهر؟ قال: لم أسمع فيه من مالك شيئًا، وأرى أن ذلك على اجهاد الوالي في عسر الزوج ويسره، ليس الناس سواء. اللخمي: أجاز ابن القاسم أن يفرض سنة، وقال سَحنون: الفرض سنة؛ لأن الأسواق تحول، وأرى أن يوسع في المدة إن كان الزوج موسرا ولم يؤد إلى ضروه؛ لأن الشأن الفرض عند مقابحة الزوجين وقلة الإنصاف ولدد الزوج، وفي قصر المدة ضرر في تكرير الطلب عند لدده، فإن كان موسرا فالأشهر الثلاث أو الأربع حسن، وفي المتوسط الشهر والشهران، وإن كان ذا صنعة فالشهر، فإن لم يقدر فعلى قدر ما يرى أنه يستطيع أن يقدمه. والكسوة تفرض مرتين في الشتاء والصيف؛ لأنها لا تبعض وتكون بالشهر والأيام، وكذا الغطاء والوطاء. قُلتُ: انظر هل مرادهم بالمدة مدة دوام القدر المفروض أو مدة ما يقضى بتعجيله، والأول ظاهر تعليل سَحنون منع السنة بأن الأسواق تحول، والثاني نص اللخمي وتعليلهم باعتبار حال الزوج. وفي كتاب ابن سَحنون: سأله حبيب عن من لا يجد ما يجري على امرأته رزق شهر، هل يجري عليها رزق يوم بيوم من خبز السوق؟ قال: نعم، يجري رزق يوم بيوم بقدر طاقته، قيل: فإن كان به جدة، وليس بالملي، تطلب أن يرزقها جمعة بجمعة؟ قال: بقدر ما يرى السلطان من جدته، من الناس من يري يوم بيوم، ومنهم جمعة بجمعة، ومنهم شهر بشهر. قُلتُ: انظر لم يقطع لفظ الخبز إلا في لفظ السائل مع إضراب سَحنون عنه في لفظ جوابه، ومقتضى متقدم أقوالهم عدم فرض الخبز، ففي قول ابن الحاجب: فقد يكون باليوم أو بالجمعة أو بالشهر، وقد يكون بخبز السوق نظر.

وضياع نفقة الزوجة وكسوتها: عن محمد: ولو قامت بذلك بينة منها وهو ظاهرها، قال: ويتخرج فيها أنها منه قياسا على الصداق إذا كان عينا؛ لأن محملها على أنها تكتسي نفس ذلك حتى يعرف أنها أمسكته لتلبس غيره وتبيعه، ولأنه لو كساها بغير حكم لم تضمن، وإنما فعل الحاكم ما حقها أن تفعله بغير حكم، ويختلف إن بليت الكسوة قبل الوقت الذي فرضت له، هل يكون حكما مضى أم لا؟ كالخارص يبين خطأ، ومن أخذ دية عينه ثم برئت اختلف فيه، وأرى أن يرجع إلى ما تبين؛ لأن هذا حقيقة والأول ظن، ولأن من حق الزوج إذا انقضى أمد فرضها وهي قائمة أن لا شيء عليه حتى تبلى، فكذا إذا بليت قبل، وقبله المتيطي وغيره، ويرد بتحقق الخطأ في المقيس عليه في الصور الثلاث وعدم تحققه في المقيس لجواز كونه بحوزها في اللبس. ابن محرز عن محمد: إن ادعت تلف نفقة ولدها لم تصدق، وإن كانت لها بينة فلا ضمان عليها إلا في أجر الرضاع فقط. ابن محرز: لأنه شيء أخذته على وجه المعاوضة، ونفقة ولدها إنما قبضتها للولد إلا إنه ليس محض أمانة من الزوج فتصدق في عدم البينة؛ لأنه لو امتنع من دفعها لحكم به عليها، فضارع ذلك حكم العواري والرهان والمشتري على خيار، فإن قامت بتلفها بينة لم تضمنها وإلا ضمنتها وقبله ابن عات. ويرد بأن منفعة الرَّهن والعارية والمبيع بخيار لقابضه، وهي في الحاضنة لغيرها وهو المحضون، ولا سيما على أن حق الحاضنة للمحضون، ففي ضمانها نفقتها لا لإرضاعها ونفقة ولدها، ثالثها: نفقتها فقط لتخريج ابن محرز، وتخريج اللخمي وقول محمد، وقول ابن عبد السلام في قول ابن الحاجب: ويحاسبها من دينه إن كانت موسرة وإلا فلا. القياس أن لا فرق بين الملية والفقيرة، كما في الأجنبيين إذا كان لكل واحد منهما على صاحبه حق، يرد قوله فيها وفيما زعمه في الأجنبي، بأن شرط وجوب المقاصة وجوب تعجيل الحق من الجانبين، وهو لا يجب على المرأة إلا بشرط يسرها بالحق زائدا على ما يجب تركه للمفلس من نفقته وعيش أهله الأيام، فإذا كانت معسرة به وجب تأخيره فبطلت المقاصة، وكذا الأجير المعسر بنفقته، لا يجب عليه مقاصة من استأجره

بأجرته في دين له عليه، إلا فيما زاد على قدر نفقته. وفي سقوط نفقتها بنشوزها، ثالثها: إن لم تكن حاملا، ورابعها: إن خرجت من المسكن، وخامسها: إن عجز عن صرفها عن نشوزها، وسادسها: إن فعلت ذلك بغضة لا لدعوى طلاق. لابن رُشْد عن سماع عيسى، مع نقله عن سَحنون والأبهري مدعيا الإجماع على ذلك، والمتيطي عن رواية القاضي قائلا هي الأظهر، وابن رُشْد عن رواية محمد مع قول والمتيطي: هى الأشهر، وله عن الشَّيخ أبي القاسم، وعن الوقار وعن القابسي وعن سَحنون. ابن عبد البر: خالف ابن القاسم الفقهاء في وجوب نفقة الناشز، واختار اللخمي الأول. ابن رُشْد: وأخذه ابن الشقاق من قول ابن القاسم فيها، فيمن غلبت زوجها فخرجت من منزله في العدة من طلاق بائن وسكنت غيره، لا كراء لها عليه فيما سكنته، غير صحيح؛ لأن ابن القاسم فرق بين المسألتين في الموَّاّزية، فأوجب للناشز النفقة بخلاف المعتدة، والفرق بين؛ لأن السكنى متعين لها في مسكن الطلاق لا في ذمته، فليس لها أن توجب في ذمته ما لم يكن واجبا عليه. قُلتُ: وهذا أبين من نقل عياض عن أبي عمران، الفرق بأن بقاء المعتدة في المنزل حق لله، وبقاؤها مع الزوج حق له، قال: وقال نحوه ابن عبد الرحمن وخالفه في التعليل، لأن السكنى حق له، وعزو ابن عبد السلام الوجوب لسماع عيسى وهم. سمع عيسى ابن القاسم في كتاب الأيمان بالطلاق: من خرجت امرأته تزور بعض أهلها، فحلف بطلاقها أن لا يرسل إليها بنفقتها حتى تكون هي التي ترسل، فكرهت أن ترسل واستدانت نفقة على نفسها، ثم طلبت النفقة من زوجها لكل ما غابت عنه، وقال الزوج: أنت تركت ذلك حين لم ترجعي إلى بيتك، لها النفقة لكل ما غابته؛ لأنه لو شاء نقلها لنفسه ومنعها أن تستدين. ابن رُشْد: قوله (لأنه لو شاء نقلها ... إلخ) يدل على أنه لو أرسل لنقلها فأبت الانتقال وغلبت على ذلك لم يكن لها أن تتبعه بنفقتها، فلا نفقة للناشز بدليل

هذه الرواية. وفي الطرر: إن وجب عليها الحج خرجت له، وإن كره إذا وجدت ذا محرم أو رفقة مأمونة، ونفقتها المعتادة على زوجها، وكذا زائرة أهلها لشرطها ونفقة سفرها عليها ونفقة المحبوسة على زوجها، وكذا إن حبس في حقها أو حق غيرها. التونسي: ونفقة امرأة المؤجل قبل البناء سنة لجنونه، إذا دعته للبناء مع امتناعها منه لجنونه كمعسر بالمهر يؤمر بالنفقة مع امتناعها منه. ابن رُشْد: والظاهر سقوطها لعذره بخلاف المعسر بالمهر؛ إذ لعله كتمه، وسفر الزوج بزوجته لبلد آخر تقدم في الشروط. وفيها مع غيرها: لا نفقة لحامل في وفاة، وسكنى البائن في عدتها، ونفقة حملها كالرجعية. وفيها: إن طلقها طلاقا بائنا ثم مات في العدة، فقد وجب لها السكنى في مال الزوج قبل الوفاة دينا، فلا يسقطها موته بخلاف المتوفى عنها ولم يطلقها، وروى ابن نافع هما سواء. ابن عات: هي ثلاثة أقوال؛ سقوط سكناها كالنفقة، ولو كانت دار الميت، وهو الصحيح في القياس الآتي على رواية ابن نافع. الثاني: بقاؤها، ولو كانت لغير الميت، وهو قول ابن القاسم في المدَوَّنة، والثالث: بقاؤها إن كانت للميت وإلا سقطت، قاله ابن القاسم في المدينة، ويقوم من رواية أبي زيد على تأويل، ولو كان الطلاق رجعيا سقطت السكنى كالنفقة لرجوعها لعدة الوفاة، وهي في عدة من طلاق رجعى، والمعتدة من الوفاة لا سكنى لها في مال الميت، إن لم تكن في مسكن يملكه ولا أدى كراءه. وفي سماع ابن القاسم: إن اختلعت الحامل أو طلقها طلاقا بائنا فلزمته نفقتها، ثم مات قبل وضعها سقطت نفقتها بموته، ومثله روى ابن نافع في إرخاء الستور فألزم أهل النظر ابن القاسم أن يسقط السكنى كالنفقة، وقيل: لا يلزم؛ لأن سقوط النفقة لأنها للحمل، وقد صار الحمل وارثا فوجب سقوطه، والسكنى إنما هي للمرأة، وقد وجبت عليه في الصحة فلا تسقط بموته.

وعزا الصقلي الجواب عن إلزام ابن القاسم لبعض الفقهاء، ولأن السكنى لا تسقط في الموت ولا في الطلاق البائن، إن كان المسكن له ونقد كراءه، وتسقط في ذلك النفقة، فدل أن السكنى أقوى. قُلتُ: يدل قوله هذا على أن السكنى على رواية ابن نافع لا تسقط إن كان المسكن له أو نقد كراءه خلاف ما تقدم لابن عات: أنها على رواية ابن نافع تسقط مطلقًا، ومثله ذكر اللخمي عن ابن القصَّار في تفسيره رواية ابن نافع أن السكنى تسقط كما تسقط النفقة. ونفقة المرضع الحامل البائن تقدمت في الرضاع، وتقدمت سكنى الملاعنة ولا نفقة لحاملها؛ لأنه غير لا حق به حسبما مر. وفيها مع غيرها: نفقة المعتدة من رجعي وأحدهما رق، كنفقتهما دون طلاق، ومن بائن ساقطة ما لم تعتق فتجب. وسمع ابن القاسم في كتاب العدة: إن طلقت حامل فطلبت الكسوة نظر لما بقي لها من الأشهر ولقدر الكسوة فتعطاه دراهم. ابن رُشْد: هذا مجمل بينه سماع يحيى، إن طلقت أول الحمل فلها الكسوة، وإن لم يبق من أجل الحمل إلا الشهران والثلاثة ونحوها قوم ما يصير لها لتلك الأشهر من الكسوة، ولو كسيت أول الحمل وتعطاه دراهم، وهذا في الكسوة التي تبلى في مدة الحمل، وإن كانت لا تبلى في مدته مثل الفرو والحشو وشبهه، فالوجه أن ينظر لما ينقصه اللباس مدة الحمل، فيعرف ما يقع من ذلك للأشهر الباقية. وفي وجوب نفقة الحمل بتحركه أو بوضعه روايتا المشهور وابن شعبان، ثم رجع للأولى. ابن رُشْد: وهما جاريتان في اللعان به، وثبوت حكم أم الولد، وعزا المتيطي الثانية لرواية المبسوط، وقال: الذي وقع لمالك في غير كتاب أن بظهور حملها تجب نفقتهما، وفي الموَّازية: وتحركه، وهو نحو ما قدمناه، فقال بعض شُيُوخنا: هذا قول ثالث. قُلتُ: لابن عات عن ابن رُشْد: لا يتبين الحمل في أقل من ثلاثة أشهر، ولا يتحرك تحركا بينا يصح القطع به على حركته في أقل من أربعة أشهر وعشر، فإن شهد

النساء أن بها حملا بينا لا يشككن فيه من غير تحريك ردت الأمة فيما دون ثلاثة أشهر، لا فيما زاد على ذلك لاحتمال حدوثه عند المشتري. قُلتُ: فهذا يؤيد نفقة الثالث، وفيمن انفش حملها بعد النفقة عليه طرق. المتيطي: إن أنفق بحكم رجع، وإلا فروايتان. ابن رُشْد: إن انفش بعد النفقة ففي رجوعه، ثالثها: إن كان بحكم لرواية ابن الماجِشُون مع قوله، ومحمد وروايته، وسماع ابن القاسم، ولابن شاس نحوه. وقال ابن الحاجب: ورابعها عكسه، ولم يعزه شراحه. وقال ابن حارث: قال سَحنون: قال ابن نافع: إن أنفق بقضاء لم ترد شيئًا؛ لأنه حكم مضى، وكذا يقول المغيرة وابن الماجِشُون. وقال محمد: أخبرني عبد الملك، عن مالك فيما أظن أنه قال: إن كان بأمر السلطان لم يرجع، وإن كان بغير أمره رجع. قال محمد: والصواب إن أنفق بحكم أن لا يرجع إلا أن تقر المرأة أنه انفش، وإن قالت: أسقطت لم يرجع؛ لأنه حكم مضى، وكذا إن أنفق بغير حكم. ابن عبد الحكم: إن أنفق خمسة أعوام ثم وضعت بعد ذلك بشهرين، فإن كان الطلاق بائنا رجع بجميع النفقة، وإن كان الطلاق غير بائن رجع بنفقة الوقت الذي حملت فيه ووضعت لستة أشهر. وقال ابن حارث أول الترجمة: اتفقوا أن من أخذ من رجل ما لا يجب له بقضاء أو بغير قضاء، ثم ثبتت الحقيقة أنه لم يكن يجب له عليه شيء، أنه يرد ما أخذ. وقال ابن رُشْد عقيب كلامه: ولهذه المسألة نظائر تفوت العد. منها: مسألة كتاب الشفعة، فيه: من أثاب من صدقة ظنا أن ذلك يلزمه، ومسألة كتاب الصلح، فيها: من صالح عن دم الخطأ ظنا أن الدية تلزمه، ومسألة الصداق في سماع أَصْبَغ من كتاب النكاح، وما في سماعه من كتاب الشهادات وما في سماع عيسى ونوازل سَحنون من كتاب الهبات. وسمع ابن القاسم: إن شهد رجل وامرأة على غائب بطلاق امرأته ينفق عليها وتطلب ذلك، فإن أثبت ذلك اعتدت من يوم طلق، ولا غرم عليها فيما أنفقت؛ لأنه

ألبس على نفسه. ابن رُشْد: ثبوت ذلك بشاهد آخر؛ لأن شهادة النساء في الطلاق ساقطة، فإن اتفق الشاهدان على يوم الطلاق اعتدت منه، وإن اختلفا فمن يوم آخرهما، ولو لم يذكرا اليوم الذي طلق فيه وفات سؤالهما عن ذلك، فالعدة من يوم شهدا عند القاضي لا من يوم الحكم إن تأخر. وقوله: (لا غرم عليها فيما أنفقت) يريد من يوم الطلاق إلى يوم علمت به. ولو أنفقت من مالها أو تسلفت ففي رجوعها عليه بذلك قولان؛ لسماع أشهب، وقول ابن نافع: وأما من مات في غيبته ففي العدة منها تغرم ما أنفقت؛ لأنه لم يكن منه تفريط، ويجب على هذا التعليل أن تغرم ما أنفقت من ماله بعد أن طلق إلى أن يمضي من المدة ما يمكن أن يصل العلم إليها بذلك دون تفريط ولم يقولوه، ووجهه أنه أذن لها في الإنفاق من ماله، فلا رجوع له عليها. وفيها مع غيرها: سقوطها بإعساره وعدم الرجوع بما أنفق عليها في عسره غائبا أو حاضرا. وفيها: لها الرجوع بما أنفقت عليه ولو كان معسرا، وكذا الأجنبي إلا أن يرى أنها بمعنى الصلة منها أو الضيافة، ويرجعان بما ليس بسرف كالدجاج والخراف ونحوه. وعدم تخريج قول عبد الحق بالرجوع بالسرف في قولها في السلم الثاني: من باع دارا على أن ينفق عليه المبتاع حياته واضح لتعليله قوله بأن السرف هبة لأجل البيع، وقول ابن عبد السلام: (إنما يتم هذا حيث تقول المرأة: قصدت الرجوع بما أنفقت، ويقول زوجها أو الأجنبي: إنما ظننت أنها صلة، ولم يقبل ذلك منه فقضى لها، وأما إن اتفق المنفق والمنفق عليه أن النفقة على الرجوع فلا يتحقق الفرق) يرد بوضوح المكايسة في مسألة البيع وعدمه في مسألة اتفاق المنفقين على الرجوع كالفرق بين صريح البيع وهبة الثواب ببنائها على المعروف. ونوقض قولها بقولها في الهبات: ليس بين المرأة وزوجها ثواب إلا أن يعلم أنها أرادت ذلك، ويجاب بأن كون قيامها بنفقته قيامًا بضروري أو حاجي آكد عوضه، والقيام بالهبة قيام بزائد عليها، فأشبه السرف في الإنفاق.

وفيها: لاشيء لها في رأي، فيما أنفقت على نفسها حال عسره، وإن كان موسرًا فذلك دين عليه، وإن أنفقت على نفسها وعلى ولدها والزوج غائب، فذلك لها إن كان موسرًا يوم أنفقت والولد صغار أو جوارٍ أو أبكار ولو حضن. ابن علت عن بعض المفتين: من تزوجت فطاع زوجها بنفقة ابنها ثم أراد الرجوع بها عليه؛ إذا له مال وقت الإنفاق فلا رجوع له عليه لأنه معروف. وذكر لي بعض أصحابنا أنها وقعت في مجلس الشُيُوخ فأجمعوا على ذلك، وفي الاستغناء في بعض الكتب: إن كان الطوع لمدة الزوجية فإنما يلزمه الإنفاق على الربيب ما دام صغيرا لا يقدر على الكسب. قُلتُ: فيلزم ما لم يطر له مال. ابن شاس: والقادر بالكسب كالقادر بالمال. قال ابن عات: فإن قال: لا أعمل لم يجبر على العمل، وكذا في الفلس. قُلتُ: للخمي في كتاب المديان: إن كان المفلس صانعا يداين للعمل ويقضي من عمله ثم عطل أجبر على العمل، فإن لد استؤجر في صناعته تلك. قُلتُ: فكذا الزوج في النفقة: قال ابن لبابة: ثبوت النكاح لا مجرد قول المرأة والرجل أنهما زوجان. ابن سهل: إلا في الطارئين فيقبل قولهما، وكذا إن كان نكاحهما فاشيا معروفا بموضعهما، وإلا فلا. قُلتُ: تقدم لابن رُشْد في هذا الأصل اختلاف في فصل المفقود. وعجز الزوج عن حاضرها لقيام الزوجة لطلبها يخيرها في طلاقه، ولو كان أحدهما عبدًا. فيها مع غيرها: كل من لم يقو على نفقة امرأته فلها فرقته. ابن القاسم: ولم يفرق مالك بين حرة ولا أمة. روى مسلم بسنده، عن عبد الله بن عمر، عن النبي صلى «كفى بالمرء إثما أن يضيع

من يقوت». وعن عائشة: دخلت هند بنت عتبة امرأة أبي سفيان على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقالت: يا رسول الله، إن أبا سفيان رجل شحيح، ما يعطيني من النفقة ما يكفيني ويكفي بني إلا ما أخذت من ماله بغير علم، فهل على ذلك من جناح؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «خذي من ماله بالمعروف ما يكفيك ويكفي بنيك». وللدار قطني بسنده إلى حماد بن سلمة، عن عاصم بن بهدلة، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: في الرجل لا يجد ما ينفق على امرأته، فقال: «يفرق بينهما». ولم يتعقبه ابن القطان على عبد الحق، وحماد قال فيه المزي: إمام، قال عمرو بن معين وعمر بن عاصم: إذا رأيت من يقع في حماد فاتهمه على الإسلام، كذا نقل الذهبي في اختصاره كتاب المزي، والذي رأيت للحاكم ما نصه: قال أحمد بن حنبل: إذا رأيت من يغمر حماد بن سلمة فاتهمه؛ فإنه كان شديدا على أهل البدع، وقد قيل مع ذلك في سوء حفظه وجمعه بين جماعة في إسناد بلفظ واحد، وعاصم ثقة، قاله المزي وغيره. سمع القرينان في كتاب النكاح: من تزوجت محتاجًا عظمت حاجته ألها نفقة عليه؟ قال: أمر الناس أنها عليه إلا أن يكون من السؤال الطائفين على الأبواب فلا نفقة لها. ابن رُشْد في بعض الكتب علمت حاجته، وقوله في السماع عظمت أصح لأنها إذا وجبت على المحتاج المعلوم حاجته إذا لم يكن سائًلا فأحرى إن كان سائًلا؛ لأن مسكنة غير السائل أشد وإنما أسقطها عن الطائف على الأبواب لشهرة حاله، فحملها على العلم بحاله بخلاف غير السائل فيرجع معنى السماع إلى أنها إن تزوجته عالمة عجزه عن النقة فلا نفقة لها كان سائًلا أو لا، وأنها في السائل محمولة على العلم بحاله

بخلاف غيره، ويؤيد هذا التأويل قول ابن حبيب: إن تزوجته وهو فقير لا شيء عنده فقد علمت عجزه عن النفقة فلا قول لها بعد ذلك. وفي المدَوَّنة من قول يحيى بن سعيد ما يدل على أن الفقير لا نفقة عليه، ومعناه إن علمت فقره وهو قوله: إن تزوج الرجل امرأة وهو غني ثم احتاج فلم يجد ما ينفق عليها فرق بينهما. وللقباسي: إن ترك السائل التطواف كان لها حجة وفرق بينهما، وقال محمد بن عبد الحَكم لرواية محمد، قال وقال بعض الموثقين: إن تزوجها قادرًا على القليل منها ثم عجز عنها فلها القيام عليها. وقال اللخمي ــ كالقابسي قال ـ: وإن كان فقيرًا فأيسر ثم افتقر يختلف في الطلاق عليه، وإن كان يسأل وهو مقصود مشهور بالعطاء ثم تعذر فلها أن تقوم بالطلاق. ابن زرقون: فتحصل فيها ثلاث، قول ابن عبد الحَكم، ورواية ابن حبيب: لا نفقة لها على حال، والفرق بين السائل وغيره. قُلتُ: هذا خلاف نقل ابن رُشْد إن لم تعلم فقره لم تسقط نفقتها بحال. المتيطي مع غيره من الموثقين: إن ادعى العدم وصدقته نظر في تأجيله وإن أكذبته فبعد إثباته عدمه وحلفه. قُلتُ: انظر ما فائدة إثباته عدمه إذا ادعاه وأكذبته هل هي تأجيله بناء على أنه لو أقر بملائه وامتنع من الإنفاق لعجل لها الطلاق أو هي عدم سجنه بناء على أنه لو علم ملاءه وامتنع من الأنفاق سجن حتى ينفق، وعليه إن كان له مال ظاهر أخذ منه النفقة كرهًا، والأول ظاهر كلام الموثقين. قال ابن عات في مقنع ابن بطال: كتبت لبعض من أثق بعلمه في رجل قامت عليه امرأته بنفقتها فادعى العدم هل يحبس قبل أن تقوم عليه شبهة أو لا حتى تقيم عليه

المرأة شبهة فيظهر لذلك لدده، فقال: لا يحبس ويخير بين أن ينفق أو يطلق، فإن ثبت عدمه وحلف أنه لا مال له ضرب له الأجل، فإن أيسر فيه وإلا طلقت عليه وتكون معه في خلال التأجيل، وإن علم أن له مالا أو ظهر لدده كان للسلطان أن يسجنه، والثاني أقيس وهو ظاهر قولها: قُلتُ: اتباع عروضه في نفقتها؟ قال: قال مالك تلزمه النفقة، فإذا كان ذلك يلزمه بيع فيه ماله وهو دليل حديث هند المتقدم وهو مقتضي قول ابن عبد السلام يجبر ذو المال على النفقة من ماله كالديون. عياض: فيها أول الباب يباع ماله لنفقة زوجته، أبو عمر: إن لم يكن غائبا ولا حاضرا وفي الحاضر نظر. عياض: ليحيى بن إسحاق عن ابن القاسم إن أبى وله مال أيدفع منه نفقتها؟ قال: يوقف إما أنفق أو طلق عليه، وإذا ثبت عدمه ففي الطلاق عليه دون تلوم وبعده قولان لإحدى روايتي محمد وغيرها، وعليه في كون التلوم اليوم ونحوه أو أياما، ثالثها: الشهر ونحوه، ورابعها: الشهر والشهرين، وخامسها: إن لم يرج له مال فالشهر، وسادسها: ثلاثون يوما؛ لرواية المبسوط ورواية محمد، ونقله عن أصحاب مالك وابن حبيب عن ابن الماجِشُون وأصْبَغ وأبي عمر قائلا: التوقيت في هذا خطأ إنما هو لاجتهاد الحاكم، وفي رجوع روايتي الجلاب ثلاثه أيام وشهرا للثاني والثالث نظر. وفيها: منهم من يطمع له بقوة، ومنهم من لا يطمع له بقوة. عياض: قال بعضهم ظاهره لا تلوم لمن لا يرجى له، وحكى فضل أنه مذهب ابن القاسم وحمل الأكثر المدَوَّنة على التلوم للجميع كما روى ابن حبيب وهو الصواب وإلا كان ظلما على الزوج، وكما يتلوم له في الرخاء وتؤمر بالصبر والإنفاق على نفسها من مالها وما تصنعه لو لم يكن لها زوج حتى يختبر حاله، كما إذا قطعنا أن لا شيء عنده فلعل

أن يأتيه الله بشيء أو يتسلف. وسمع أبو زيد ابن القاسم: من جيء به ليطلق عليه بعدم النفقة، فقالت امرأته لا تطلقوني عسى الله أن يرزقه، فمكثت أياما ثم طلبت طلاقه ليس لها ذلك ويتلوم له ثانية. ابن رُشْد: وقال أول السماع في امرأتي المعترض والمولي إن أنظرتاهما بعد الأجل إلى أجل آخر لهما أن يطلقا عند الأجل الذي أنظرتاهما إليه ولا يستأنف لهما ضرب أجل، والفرق أن أجل هذين سنة لا مدخل لاجتهاد فيها فإذا حكم بهما ووجب للمرأة القضاء بتمام الأجل لم ينتقض الحكم الماضي بتأخيرها ما وجب لها، والتلوم في النفقة إنما هو اجتهاد فإذا رضيت بعده بالمقام بطل وطلقة المعسر بها رجعية اتفاقا، شرط رجعته يسره بنفقتها. وفي حدها بنفقة شهر أو بما كان يفرض عليه، ثالثها بنصف شهر. للمتيطي عن ابن القاسم قائلا: قدر نصف شهر لغو، وابن حبيب، وعزاه الصقلي لابن الماجِشُون وجعله تفسيرا للأول، وبعضهم عن ابن مزين. وفي سماع عيسى من كتاب العدة إذا وجد نفقة شهر فهو أملك بها. ابن رُشْد: معناه وإن لم يطمع له بمال سوى ذلك وهو صحيح؛ لأنه إذا أيسر في العدة وجبت عليه النفقة وإن لم يرتجع، قاله ابن حبيب وحكاه عن الأخوين، وهو الآتي على قولها: كل طلاق يملك فيه الزوج الرجعة فالنفقة عليه لا مرأته وإن لم تكن حاملا، وكذا المولي فلا يصح أن يحكم عليه بالنفقة ويمنع الرجعة، وحمل بعضهم قول الواضحة على أنه ساوى بين المطلق عليه بالإيلاء والمطلق عليه بعدم الإنفاق في عدم النفقة عليهما حتى يرتجع لقوله فيها: وكل طلاق لا يملك الزوج فيه الرجعة إلا بقول وفعل فلا نفقة عليه حتى يرتجع، وليس ذلك بصحيح إذ قد فرق بينهما، وقوله في الذي يطلق عليه بالإيلاء أنه لا نفقة عليه حتى يرتجع، مثله حكى ابن شعبان عن مالك وهو خلاف نص المدَوَّنة. وقوله: إذا لم يجد إلا نفقة الأيام اليسيرة العشرة والخمسة عشر وشبه ذلك فلا رجعته له، معناه إذا لم يجد إلا ذلك ثم ينقطع، وأما لو قدر على أن يجري عليها النفقة

مياومة، فإن كان ممن يجريها قبل الطلاق عليه مياومة فله الرجعة، واختلف إن كان ممن يجريها قبل الطلاق مشاهرة، فقيل له الرجعة، وقيل: لا رجعة له حكاهما ابن حبيب. قُلتُ: قوله: (وهو خلاف نص المدَوَّنة) هو نصها في كتاب العدة. المتيطي: روى أبو عمر إن أيسر في العدة كانت له الرجعة في المدخول بها وغيرها، ولا أدري ما هذا أري رجعة فيمن لم يدخل بها، وعزا أبو إبراهيم للجلاب مثل رواية أبي عمر هذه ولم أجده في الجلاب بحال. وفي صحة رجعته برضاها بعجزه عن نفقتها نقلا المتيطي عن الواضحة وسَحنون في السليمانية. وعجزه عن نفقة مثلها مع قدرته على ما دونها لمن؛ في الطلاق عليه به نقلا عياض عن فضل مع محمد ونقله، ونقل ابن رُشْد عن أشهب وعياض عن ما في الموَّازيَّة مع الواضحة وسماع عيسى ابن القاسم وسماع يحيى إياه وابن وَهْب. وفي عجزه عن ما سوى ما يقيم رمقها قولا المشهور، ومحمد. اللخمي: قول محمد فيما لا تعيش إلا به حرج تصبح وتمسي جائعة وعليه ما يسد جوعها وإلا فرق بينهما، وإن كان من خشن الطعام ولا إدام معه لم تطلق عليه إلا أن تكون من أهل الشرف وممن لا يألف مثل ذلك ولا ينساغ لها، وإن جاعت لم تلزم به، وكذا الكسوة وإن كان لباس مثل ذلك معرة عليها طلقت عليه وإلا فلا. الباجي: إن كانت ذات حال وشرف لا تلبس خشن الثياب ولا تتناول غليظ العيش ولم يجد إلا قوتها من قمح أو شعير غير مأدوم وكسوة دنية، فسمع عيسى ابن القاسم لا يفرق بينهما. وقال ابن حبيب: إن لم يجد إلا الخبز وحده وما يواريها ولو بثبوت واحد، قال مالك: من غليظ الكتان لم يفرق بينهما ولو كانت غنية، ومعناه إنما يجب لها الخيار إذا لم يجد قوتا معتادا، وروى ابن حبيب: إن عدم نفقة أو كسوة فرق بينهما. اللخمي: والغطاء والوطاء كالكسوة. ابن رُشْد: ولا بن المعذل عن ابن الماجِشُون تطلق عليه لعجزه عن نفقة خادمها. ابن زرقون: وقاله سَحنون، وذكر أبو عمران عن الصدفي أن في سماع ابن

القاسم مثله. وفي الطلاق على بعيد الغيبة بعدم النفقة قولا الشَّيخ مع الأكثر، وللصقلي عن القابسي مفرقا بأن الحاضر استقصى حجته، والغائب عسى أن تكون له حجة. عياض: بالأول أفتى الشُيُوخ والقضاة، وقال بعض الأندلسيين لم نجد الطلاق عليه في الكتب ولا جاء فيه أثر عن عالم إلا عن ابن ميسر، وعلى الأول قال المتيطي: تثبيت غيبته ببينة تعرف غيبته واتصال زوجيتهما وغيبته بعد بنائه أو قبله بموضع كذا أو بحيث لا يعلمون منذ كذا ولا يعلمونه ترك لها نفقة ولا كسوة ولا شيئًا تمون به نفسها ولا تعدى فيه بشيء من مؤنها ولا أنه آب إليها ولا بعث بشيء ورد عليها في علمهم إلى حين التاريخ، ثم يؤجله القاضي في الأنفاق عليها شهرا أو شهرين أو خمسة وأربعين يوما، فإذا انقضى الأجل ولا قدم ولا بعث بشيء ولا ظهر له مال ودعت إلى النظر لها أمر بتحليفها بحضور عدلين كما يجب في صفة الحلف أنه ما رجع إليها زوجها المذكور من مغيبه الثابت عند الحاكم إلى حين حلفها ولا ترك لها نفقة ولا كسوة ولا وضعت ذلك عنه ولا وصل إليها شيء منه إلى الآن، فإذا ثبت عند القاضي حلفها طلقها عليه. قُلتُ: ولابن سهل في بكر قام أبوها بتوكيلها إياه قبل البناء بذلك؛ أفتى ابن عتاب أنها تحلف فإذا حلفت طلقت نفسها، وروى أبو عمر ابن القطان: لا يمين عليه ولا على أبيها ولها أن تطلق نفسها، وأفتى أبو عمر بن رشيق فقيه المرية بحلفها، وزاد فيه: أن زوجيتهما لم تنقطع. ابن سهل: زيادة هذا في يمينها لا أعلمه لغيره، وقول ابن القطان لا يمين عليها ولا على أبيها لا وجه له وقد تقرر من قول ابن القاسم وغيره أن السفيه يحلف في حقه. ابن الحاجب حكم الغائب ولا مال له حاضرا حكم العاجز. ابن عبد السلام: يعني أن الغائب البعيد الغيبة وليس له مال أو له لا يمكنها الوصول إليه إلا بمشقة، حكمه حكم الحاضر العاجز. قُلتُ: قوله: إلا بعد مشقة خلاف ظاهر أقوالهم أنه لا يحكم لها بطلاقه إلا إذا لم يكن له مال بحال دون استثناء، وما تقدم لابن سهل في فتاويهم من قولهم طلقت نفسها خلاف ما تقدم للمتيطي من قوله: طلقها القاضي عليه.

وفي الحديرية سئل ابن رُشْد عمن طلقت نفسها بما ذكر وتزوجت ثم قالت البينة التي شهدت بمغيبه وأنها لا تعرف له مالاً تعدى فيه الزوجة أن له أنقاض حجرة قيمتها سبعة مثاقيل أو نحوها، وأنهم كانوا يعرفون ذلك حتى شهدوا وجهلوا أن الأنقاض تباع في نفقتها أو شهدوا وجهلوا أن الأنقاض تباع في نفقتها أو شهد بذلك غيرهم. فأجاب: الحكم بالطلاق نافذ لا يرد برجوع الشهود عن شهادتهم ويعذرون بما قالوا ولا يؤدبون ولا تسقط شهادتهم في المستقبل، هذا قول مالك في المدَوَّنة وغيرها لا يرد الحكم برجوع البينة سواء شهد بالأنقاض البينة التي حكم بها أو غيرها. الصقلي عن ابن عبد الرحمن: لو ثبت بعد قدومه تركه لها نفقتها ردت له ولو بنى بها متزوجها كقول مالك: من قال عائشة طالق، وقال أردت زوجة لي أخرى اسمها عائشة، فلم يصدق وطلقت عليه، ثم ثبت أن له زوجة أخرى اسمها عائشة ردت إليه ولو بنى بها من تزوجها. قُلتُ: تقدمت نظائر هاتين المسألتين في فصل المفقود ولم يذكرهما ابن زرقون ولا أبو عمران، وزاد المتيطي على ما ذكره الصقلي ما نصه قال الشَّيخ: إذا قضي على الغائب بالطلاق لا يلزمه منه شيء متى تزوجها، وتكون عنده على جميع الطلاق إذا ثبت ما يوجب حل ذلك، قال: ومثله قول أصحابنا إذا قامت على الغائب بينة بدين بيع فيه داره ثم قدم فهو على حجته، فإن أتى بحجة سقط الدين ورجع به على آخذه ولا ينقض بيع الدار؛ في الموَّازية: كمن شبه على الشهود في موته فبيع ماله أنه يأخذه إن كان قائما بالثمن، وما فات بتدبير أو كتابة مضى. المتيطي: وما حكاه الشَّيخ في مسألة الدار مثله في الواضحة، ولابن القاسم في الموَّازيَّة مثل قول الشَّيخ وابن عبد الرحمن. وفيها: لا يفرض على الغائب النفقة لزوجته إلا أن يكون له مال تعدى فيه. قُلتُ: ظاهره إن لم يكن له ذلك لم يفرض لها، وقال المتيطي: إن علم أنه ملي في غيبته فرض لها القاضي نفقة مثلها وكان دينا لها عليه تحاص به غرماؤه، وإذا قدم أخذته به وإن كان معدما في غيبته فالمشهور لابن القاسم أنه لا يفرض لها، وقال في الموَّازيَّة

يتداين عليه ويقضى لها. قُلتُ: هذا يؤدي إلى وجوبها على المعسر. قُلتُ: ولابن رُشْد في آخر مسألة من سماع يحيى من طلاق السنة إن جهل ملاؤه من عدمه ففيها لا يفرض لها السلطان عليه نفقة حتى يقدم، فإن كان موسرا فرض لها. وقال ابن حبيب: إن أحبت الصبر أشهد لها السلطان إن كان فلان زوج فلانة اليوم مليا في غيبته فقد أو جبنا لها عليه فريضة مثله. وفيها: يباع فيها عروضه وربعه إن لم يكن له عين لا يؤخذ منها بما تأخذه كفيلا والزوج باق على حجته، وكذا يصنع إن قيم عليه بدين وإن كان للزوج ودائع وديون فرض لها في ذلك ولها إقامة البينة على من جحد من غرمائه أن له عليهم دينا، وكذا لمن قام عليه بدين. عياض: قولها لها أن تقيم البينة دليل على أنه إذا أقر لا تقيم بينة ويحكم على الغائب فيما أقر له به ويفرض لها فيه، واختلف قول سَحنون في هذا الأصل فيمن أقر بوديعة لغائب فقال: لا يقضى منه دينه، وحجته أن الوديعة قد تكون لغير مودعها وديعة عنده أيضًا أو رهنا أو عارية، وقال أيضًا فيمن أقر ببضاعة لغائب يقضى منه دينه. المتيطي: ما في المدَوَّنة هو المشهور المعمول به ونحوه لسَحنون في أسئلة حبيب، ولابن اللباد عنه: لا يقضى من ودائعه دين ولا غيره، أبو عمران: وهو القياس إذ لو حضر وأنكرها لم يكن للغرماء إليها سبيل إذ لا يجبر على قبول الهبة لقضاء دينه. قُلتُ: فوله: (نحوه لسَحنون) يدل على أنه غير صريح له كما صرح بأخذه. عياض: فأخذه من البضاعة وقد يفرق بأن كون دفع البضاعة للتنمية دليل ملكه، وكون دفع الوديعة لمجرد الحفظ لا يدل على ذلك. اللخمي: إن قامت بالنفقة في غيبته أحلفت أنه لم يخلفها ولا بعثها وقضي لها بها. اللخمي: إنما يحسن قول ابن القاسم ببيع عروضه والقضاء لها من ودائعه وديونه إن قامت بعد انقضاء مدة سفره ورجوعه أو قامت بقرب سفره وهو يعرف بقلة القيام بها أو البغض والإساءة أو خرج مختفيا لأمر ما، وإن خرج على الوجه المعتاد ولا يعرف

بلدد ولا إساءة وقامت بقرب سفره كان الوقوف على القضاء لها أحسن لأنها أتت بما لا يشبه، ولمالك في الجلاب ما يؤيده يذكر فيما بعده. وقال ابن القاسم فيمن خرج من الأندلس حاجا فهلك أبوه عن مال لا ينفق على زوجته لإمكان أن يكون الابن مات، وأرى إن مات الأب بفوز سفره وقبل أن يبعد أن يستنفق منه. ابن رُشْد: من قدم فادعى عسره مدة غيبته مجهولا حاله يوم خروجه ففي حمله على أيسر حتى يثبت عسره وعكسه، ثالثها إن قدم موسرا لابن الماجِشُون مع تأويل بعض أهل النظر عليه، وظاهر قول سَحنون مع ابن كنانة هنا ونص قول ابن القاسم في الموَّازيَّة مع ظاهر المدَوَّنة عندي. ومن علم يسره أو عسره يوم خروجه حمل على ما علم منه ولو قدم على خلافه، قاله ابن الماجِشُون، وقال أبو عمر الإشبيلي في اختصار الثمانية أنها رواية ابن القاسم، وهو صحيح إذا لا يسقط حكم ما خرج عليه إلا بيقين، وتأويل ابن زَرْب على سَحنون وابن كنانة أن القول قوله ولو خرج موسرا، وأنكره وهو تأويل بعيد لا سيما إن كان قدم موسرًا. قُلتُ: قول ابن الماجِشُون بناء على أصالة الملاء ولو فيما عوضه غير مالي مع ترجيح استصحاب حكم الحالة السابقة على اللاحقة فيما شك فيه، والثانى على أصالة العدم مع ذلك، والثالث على ترجيح اللاحقة على السابقة، وما ذكره عن ابن زَرْب نقله ابن زرقون أيضًا عن ابن لبابة قال: وليس بشيء، ومن قال بعد قدومه تركت لها نفقة غيبتي أو أرسلت بها لها، فقال اللخمي فيها ثلاثة أقوال: فيها القول قوله إن لم تكن استعدت في غيبته ورواه الجلاب، وقال أيضًا القول قوله أنه خلف أو بعث وإن استعدت، وقال في موطأ ابن وَهْب القول قولها إن استأذنت إلى السلطان أو كانت تذكره أو تشكو إلى جيرانها أو تسلفت لذلك، وإن لم يسمع ذلك منها ولا ذكرته فلا شيء لها وهذا أصوب؛ لأن كثيرا من النساء لا يرضى الرفع إلى السلطان وتراه معرة وفسادا مع زوجها إن قدم، فإن لم يسمع ذلك منها فالقول قوله أنه خلف ذلك إلا أن يقيم أكثر من معتاده في سفره فيكون القول قولها في الزائد، ولا أرى قبول قوله إن قال:

بعثت لا عترافه أنه لم يخلف فعليه البيان مع من أرسل، ولا يكاد يخفى ذلك. وسمع ابن القاسم في طلاق السنة: من غاب عن امرأته سنين وتسلفت لنفقتها وعلمه جيرانها من حالها وأنه لا يبعث إليها بنفقة فمات في غيبته وطلبت ذلك من ماله قضى عليه الإمام باجتهاده، والحي إذا قدم أبين؛ إن أنكر حلف. يريد: ويبرأ. ابن القاسم: ذلك رأيي وأحسن ما سمعت وبلغني عن مالك إن قدم وقد رفعت إلي السلطان وزعم أنه بعث أو خلف عندها رجعت عليه، وإن لم تكن رفعت حلف وبرئ وإن مات فلا شيء لها إلا تكون رفت إلى السلطان فيكون لها من يوم رفعت إلى أن مات. ابن رُشْد: لا خلاف أن القول قوله مع يمينه أنه أنفق عليه إن كان حاضرا أو أنه خلف عندها نفقتها أو بعث بها إليها إن كان غائبا، ويحلف في دعواه بعث النفقة لقد بعثت بها إليها فوصلتها وقبضتها، كذا سمع أشهب في كتاب الأقضية لابن غانم، واختلف إن رفعت إلى السلطان في غيبته فقال هنا وهو المحفوظ في المذهب أن القول قولها من يوم رفعت وهي إحدى روايتي الجلاب، والأخرى أن القول قوله بكل حال، وله وجه صحيح؛ لأنها تتهم أنها إنما فعلت ذلك ليكون القول قولها. المتيطي: عن بعض الموثقين: الرواية الأولى أظهر وأشهر وبها القضاء، وإن رفعت ذلك إلى عدول بلدها والثقات من جيرانها ففي كونه كالرفع للسلطان رواية ابن القاسم مع ابن الهندي في مقالاته، ونحوه لأبي محمد الوتد ورواية غيره مع ابن الهندي في وثائقه، وقول بعض الموثقين هو مشهور المذهب وعليه العمل. قُلتُ: الذي استمر عليه عمل قضاة بلدنا أن الرفع إلى العدول كالرفع للسلطان، ورفع الجيران لغو، وقول ابن رُشْد يحلف في دعواه بعث النفقة لقد بعثت بها إليها خلاف نقل الصقلي: روى محمد ليس عليه أن يحلف أنه بعث بذلك إليها، إنما يحلف أنه قبضت ذلك ووصل إليها، قيل: كيف يعلم وهو غائب، قال: يكون دفعه إليها قبل خروجه أو جاء بذلك كتابها إليه أو قدم من عندها من أخبره. ابن رُشْد: وإن مات في مغيبه فلا شيء لها إلا تكون رفعت أمرها إلى السلطان حسبما ذكره ابن القاسم عن مالك، ونقل ابن الحاجب أن القول قولها مطلقًا وقبوله ابن

عبد السلام وابن هارون لا أعرفه إلا لنقل شاس، فإن صح فالأقوال أربعة ثلاثة اللخمي ورابع ابن شاس، والطرق ثلاثة للخمي وابن رُشْد وابن شاس. وسمع ابن القاسم ما أنفقت على نفسها في غيبته بعد أن رفعت للسلطان من مالها أو دراهم لم تتعين. فيها: هي عليه غرم وإن تعينت في ذلك لم يلزمه ما أربت ينظر إلى قيمة ما أنفقت فيكون عليه وما أربت فعليها، وإن كان عليه دين أكثر من ماله حاصه الغرماء بما أنفقت. ابن القاسم: من يوم رفعت إلى السلطان، سَحنون: في الدين المستحدث لا القديم قبل نفقتها لأنه لم يكن موسرا حين أنفقت وعليه دين محيط بما له. ابن رُشْد: معنى تعينت أنها اشترت ما تأكل أو تلبس بدين إذا لم يكن عندها نقد فزادت لأجل ذلك في الثمن، فلا ترجع ذلك إلا بثمن ذلك نقدا، وقول سَحنون صواب، وكان بعض الشُيُوخ يحمله على الخلاف لقول مالك. ويكون لها على ظاهر قول مالك محاصة الغرماء في الدين القديم؛ لأن للغريم أن ينفق على امرأته ما لم يفلس وإن أحاط الدين بماله، وليس ذلك بصحيح؛ لأن إنفاقه على امرأته بخلاف إنفاقها على نفسها ورجوعها عليه بما أنفقت إذ لا يتحقق أنه لم يخلف عندها شيئًا، فلعله ترك عندها نفقتها وجحدت ورفعت أمرها للسلطان إعدادًا ليكون القول قولها، ولو كانت نفقتها على نفسها في مغيبه بعد رفعها للسلطان كنفقته هو عليها فوجب أن تبدأ بما على الغرماء إذ نفقته هو عليها في حكم المبرأة. وسمع يحيى ابن القاسم دعواه بعث نفقة ولده لامرأته وإنكارها ذلك كدعواه ذلك في نفقتها إن رفعت أمرها إلى السلطان فالقول قولها من يومئذ وكان ذلك لها دينا تتبعه به. وفيها: إن أراد الزوج سفرا فطلبته بالنفقة فرض لها بقدر ما يرى من إبعاده ومقامه فيرفعه لها أو يقيم لها به كفيلا يجريه لها. اللخمي: إن اتهم بالمقام أكثر من السفر المعتاد أحلف أنه لا يقيم أكثر من ذلك أو يقيم حملا في البيان إن ادعت أنه أراد أبعد مما ذكر حلف على نفي ذلك.

اللخمي: إن كانت مطلقة طلاقا بائنا أو رجعيا وهي حامل كان مطالبا بالأقل من مدة سفره ذلك والباقي من أمد الحمل وإن كانت غير حامل والطلاق بائن فلا نفقة لها واختلف إن طلبت حميلًا خوف الحمل فلم يثبته مالك، وقال أَصْبغ في الموَّازية: لها ذلك والأول أحسن إن قامت بعد حيضة وإلا أقام لها حميلًا بالأقل من مدة السفر أو انقضاء العدة التي هي ثلاث حيض، وعلى قول أصْبَغ يراعى مدة الحمل كالمطلقة طلاقا بائنا فيقيم حميلا بالزائد على مدة الحيض. وفيها: سمع ابن القاسم جواب مالك عمن يطلق امرأته ويريد سفرًا فتدعي حملًا وتقول ضع لي النفقة، ليس لها هو كالمقيم. ابن رُشْد: هذا مثل قولها في النكاح الثاني ولا خلاف أعمله في هذا. قُلتُ: فإنه علم قول أَصْبَغ وحكاه ابن بشير غير معزو. وفيها: إن اختلفا في قدر ما فرضه قاض زال حكمه فالقول قوله إن أشبه نفقة مثلها وإلا فقولها فيما يشبه، فإن لم يأتيا بما يشبه ابتدأ الفرض. عياض: في كون قول من أشبه قوله مع يمينه أو دونه قولا بعضهم قائلا أنه حجة للحلف مع الشاهد على قضاء الحاكم، ونبه عليه ابن سهل وبعض أصحاب سَحنون مع ما لابن القاسم في العتبية. عياض: عندي أنها خارجة عن الدعوى في حكم القاضي لاتفاقهما على ثبوت الحكم، وإنما غختلفا في قلة مال وكثرته فلا بد من يمين المشبه. قُلتُ: وهو نقل اللخمي عن المذهب. عياض: وعن سَحنون أن المسألة إنما هي فيما مضى من الفرض والمستقبل يستأنف الحاكم النظر فيه، واختلفت الرواية فيها ففي روايتنا إن لم يشبه ما قالاه أعطيت نفقة مثلها فيما يستقبل يفرض لها القاضي نفقة مثلها، وعليه اختصرها المختصرون، وفي بعض النسخ: وفيها يستقبل بزيادة واو وضربت عليها في كتابي لرواية شُيُوخي وإثباتها أصح على ما تقدم، ويصحح ذلك ما قاله سَحنون، وبإسقاطها يأتي الكلام الآخر مكررا ويشكل هل أراد به الماضي أو الآتي. وفيها: إن ادعت في ثوب أنها أخذته هدية وقال الزوج: بل في فرضك، فالقول

قوله إلا أن يكون الثوب لا يفرض مثله لمثلها. وفي القذف منها لمالك: من دفع نفقة امرأته لسنة أو كسوتها بحكم أو دونه، ثم مات أحدهما ولو بعد شهرين رد مناب باقي السنة من النفقة، واستحسن مالك في الكسوة أن لا ترد إن مات أحدهما بعد أشهر. ابن القاسم: وإن مات بعد عشرة أيام ونحوها فهذا قريب. ابن عات، عن المشاور: الوجه أخذ الكسوة على أي حال كانت لأنه حقه، وقول مالك استحباب. التونسي: التحقيق أن الكسوة كالنفقة إلا ما قدر له كفاضل كسوة عامل القراض؛ لأن العادة إلغاؤه، وما وقع لمالك في التقدير لاقتضاء أهل المدينة، فالقول قولها. انظر مثله لمثلها موافق لقول ابن القُصَّار أن النفقة في البلاد بحسب أحوالهم. ونفقة من له فضل عن نفقته مع زوجته إن كانت واجبة على ولده الحر الصغير إن لم يكن له مال ولا كسب ولو كان كافرا، في ثاني نكاحها من قوي على نفقة زوجته دون صغار ولده لم تطلق عليه إذ لا تلزمه النفقة على ولده إلا في يسره، ويكون الولد من فقراء المسلمين. وفي إرخاء الستور منها: من أسلم وله بنات قد حضن فاخترن الكفر فعليه نفقتهن. وفيه: منها يلزم الأب نفقة ولده الذكور حتى يحتلموا أو الإناث حتى يدخل بهن أزواجهن إلا أن يكون للصبي كسب يستغني به أو مال ينفق عليه منه. اللخمي: إن كانت صنعته لا تدركه بها معرة، وكذا الصبية إن كان لها صنعة رقم أو غيره لا تدركها بها معرة ما لم تكسد صنعتهما أو يقع بهما مرض فتجب على الأب، قال: واختلف إن كان زمنا أعمى أو مقعدا أو شبه ذلك فقال ابن القاسم: إن بلغ كذلك بقيت نفقته على أبيه، وإن طرأ بعد البلوغ لم تعد، ولابن وَهْب في الموَّازية: لا نفقة عليه ولو بلغ على ذلك وللجلاب عن ابن الماجِشُون يجب على الأب ولو حدث ذلك بعد البلوغ وهو أحسن، ولمحمد إن دخل بها زوجها زمنة ثم طلقت عادت على الأب نفقتها، وعل قول عبد الملك تعود عليه، ولو حدثت بعد الطلاق، وكذا إن كانت غير زمنة وعجزت عن القيام بنفسها إلا من التكفف فعلى أبيها نفقتها وهي أولى من

الصبي؛ لأن معرتها أشد. قُلتُ: ما حكاه عن محمد فيمن بنى بها زوجها زمنة حكاه الصقلي عن مالك، قال: هذه كالصغيرة تطلق بعد البناء وقبل المحيض. الصقلي: واختلف في نفقة هذه بعد بلوغ المحيض. قُلتُ: ذكر المتيطي سقوط نفقتها بحيضتها غير معزو كأنه أصل المذهب، وعزا بقاء نفقتها إلى سَحنون، وللصقلي في النكاح الأول ما نصه: ومن الخلع قال ولو رجعت هذه الثيب قبل بلوغها فله إنكاحها كالبكر؛ لأن النفقة ترجع على الأب، لها في نوازل الشعبي: إن رفعت مطلقة أمرها لقاض في نفقة أبيها وأرادت بيع ماله فلا يمين عليه أنه ما خلف عندها شيئًا ولا بعث به؛ لأن نفقة الابن ليس بحق لها؛ لأنها لو نكلت لم تسقط بنكولها نفقة الابن. قُلتُ: الأظهر حلفها لأنها إن نكلت غرمتها. وسمع ابن القاسم: من أنفق على ولده ولهم مال ورثوه وكتب عليهم ما أنق فلما هلك أراد سائرهم من الورثة محاسبتهم، واحتجوا بالكتاب إن كان مالهم عنده موضوعا فلا شيء عليهم فيما أنفق عليهم، إذا لم يقل ذلك عند موته؛ لأن من أمر الناس أن ينفق الرجل على ولده ولهم المال، وإن كان مالهم في عرض أو حيوان حوسبوا بذلك لأنه كتبه. ابن القاسم هذا أحسن ما سمعت. ابن رُشْد: هذه مسألة تتفرع لوجوه وقعت مفرقة في مواضع من هذا السماع وفي سماع عيسى وسماع أبي زيد من الوصايا يعارض بعضها بعضا في الظاهر، فكان الشُيُوخ يحملونه على الخلاف، وقولي إنه لا اختلاف في شيء مما وقع في هذه الروايات كلها وبيانه أن لمال الولد أربعة أحوال: كونه في يد الأب عينًا أو عرضًا أو في ذمته باستهلاكه أو لم يصل إليه فالأولى إن وجد بحاله وكتب النفقة عليه لم تؤخذ منه إلا بإيصائه بأخذه وهو دليل هذا السماع، وإن لم يكتبها لم تؤخذ ولو أوصى به، سمعه أَصْبَغ من ابن القاسم. الثانية: إن وجد بعينه وكتبها عليه حوسب ولو أوصى بتركه، وهو ظاهر هذا

السماع وقول أَصْبَغ في الواضحة وابن القاسم في المدنية؛ لأن كتبها دليل إرادة محاسبته، فالوصيَّة بالترك وصيَّة لوارث، وإن لم يكتبها حوسب إلا أن يوصي بتركه وهو سماع عيسى ابن القاسم. الثالثة: إن كتب لولده بذلك ذكر حق أشهد به لم يحاسب رواه زياد، وهو تفسير لما في السماع وإلا حوسب، وإن لم يكتبها على ما في رسم الشجرة من هذا السماع. والرابعة: ككونه عرضا ولو كان عينا وموت الابن كموت الأب في المحاسبة. زاد ابن عات عن ابن فتحون إن أبقى ماله على حاله، وقال حاسبوه أو لا تحاسبوه عمل على قوله وإن سكت ولم يكتب شيئًا لم يحاسب، وإن كتب ومال الابن عين لم يحاسب، وإن كان عرضا حوسب. قاله ابن القاسم ورواه المتيطي إن ورث الولد أبوه وجدته فطلبته بإرثها من ماله، فقال: أنفقته عليه، فروى ابن القاسم إن كان مأمونا مقلا صدق دون يمين، وإن كان غنيا أحلف؛ لأن جل الآباء ينفقون على أولادهم وإن كانت لهم أموال. المتيطي: إنما يحلف الأب إن لم يشهد عند الإنفاق ولو أشهد حينئذ أنه إنما ينفق على ابنه من ماله إن كان المال عينا أو من مال نفسه إن كان عرضا ليرجع بذلك عليه لم يحلف لما قال، وله أن يؤاجر ابنه الصغير للنفقة عليه ولو كان الأب غنيا، قاله غير واحد من الموثقين، وقال بعض الفقهاء: إن كان الأب أو الابن غنيا لم تجز مؤاجرته ونحوه روي محمد. وفي منعه الانتفاع بفاضل خراج ابنه الصغير عن نفقته وجوازه قولا غير واحد من الموثقين وأصْبَغ ونحوه لابن لبابة. وفيها: إن بنى بالبكر زوجها ثم طلقها أو مات عنها فهي أحق بنفسها وتسكن حيث شاءت إلا أن يخاف منها هوى أو ضيعة أو سوء موضع فيمنعها الأب أو الولد من ذلك ويضمانها إليهما، وإذا احتلم الغلام فله أن يذهب حيث شاء وليس لأبيه منعه. ابن القاسم: إلا أن يخاف منه سفها فله منعه. ابن محرز: لم يطلق لها أن تسافر إذا كانت عورة، لا تسافر إلا مع ذي محرم، وأطلق ذلك للغلام إذا احتلم.

عياض: ظاهره أن مجرد بلوغ الذكران ودخول الإناث يخرجهم من الولاية وهي رواية زياد أن بلوغهما يخرجهما من ولاية الأب، قال شُيُوخنا: معناه فيمن لم يعلم سفهه. وقال ابن القاسم: أن الولد لا يأخذ ماله حتى يعلم رشده إلا ما وقع له هنا وهو تأويل الشَّيخ يذهب بنفسه لا بماله وهذا هو ظاهر الروايات عن مالك وابن القاسم في المدَوَّنة وغيرها. قُلتُ: وتمامها في كتاب الحجر. ابن سهل: اختلف المتأخرون هل قول ابن القاسم خلافا أو تفسيرا؟ والصواب أنه تفسير لوجوده في غير موضع من قول مالك وقاله ابن مالك والاتفاق أولى من الخلاف. وسمع القرينان في كتاب المديان: من بلغ وليس بسفيه ولا ضعيف العقل فجائز ذهابه عن أبيه ولو كان شيخا كبيرا، وإن كان سفيها فليس له ذلك. ابن رُشْد: هذا كما قال أن للمالك أمر نفسه الذهاب حيث شاء، وأما السفيه الذي لا يملك ماله ويخشى منه أبوه أو وليه السفه في ذاته والفجور بانفراده فله ضمه لنفسه ومنعه السفر والمغيب عنه، واختلف في السفيه في ماله المأمون في نفسه وذاته فقيل للولي ضمه ومنعه من الذهاب حيث أحب، وهو قول مالك في هذا السماع، وقيل: ليس له ذلك وهو ظاهر قول مالك فيها: إذا احتلم الغلام فله أن يذهب حيث شاء على ما تأوله عليه الشَّيخ بقوله يريد بنفسه لا بماله. قُلتُ: ظاهر كلامه أن للمالك أمر نفسه الذهاب حيث شاء وإن لم يكن مأمونا في نفسه وهو مقتضى من لم يشترط في الرشد الصلاح الديني ويجعل من لم يعلم سفهه بالبلوغ رشيدا. ابن الحاجب: ولهما أن يذهبا حيث شاءا إلا أن يخافا سفها فيمنعهما الأب أو الولي. ابن عبد السلام: هذه المسألة التي ذكرها في المدَوَّنة في احتلام الصبي في كتاب إرخاء الستور والنكاح الأول، وتشاركه البنت بالمعنى في ذلك كما ذكر المؤلف. قُلتُ: ظاهره أن ذلك غير منصوص في البنت مطلقًا أو في المدَوَّنة وقد تقدم

نصها فيه. وفيها: نفقة ولد المكاتبة عليها كاتبت عليهم أو حدثوا في كتابتها كان زوجها عبدا أو في كتابة أخرى ونفقتها هي على زوجها، وإن كانت مع الأب في كتابة واحدة فنفقة الولد على الأب كاتب عليهم أو حدثوا، وليس عجزه عن نفقة ولد الصغار كعجزه عن الكتابة والجناية ونقلها ابن الحاجب، ووجهه ابن عبد السلام بقوله؛ لأن الكتابة عوض عن رقه فعجزه عنها يبقيه على رقه، والجناية مقدمة على الكتابة، وأما نفقته على ولده فهي مواساة مشروطة باليسر والفرض عدمه. قُلتُ: فظاهره أن ذلك عام في نفقة تقدمت أو كانت حالية وهو ظاهر كلام الصقلي ولفظ المدَوَّنة. وقال أبو عمران في لفظ المدَوَّنة: يعني في نفقة تقدمت، وأما ما يحتاجون إليه فإحياء رمقهم مقدم على كل شيء، ويقال له أنفق عليهم أو يقال ذلك للسيد. عياض: هذا صحيح بين ألا ترى كيف سوى الكتابة والجناية ولا إشكال في هذا. قُلتُ: يرد قولهما بأن قصره على النفقة السابقة يوجب كون النفقة الحالية باقية على وجوبها عليه وذلك باطل؛ لأن ثبوته يؤدي إلى نفيه لأنه لو كان باقيا لأوجب عجزه عنها تعجيزه فتبطل كتابته وكلما بطلت عاد عبدا، وكلما عاد عبدا سقطت نفقتهم عنه ضرورة أن العبد لا نفقة عليه لولده وكلما أدى ثبوته إلى نفيه كان باطلا حسبما تقدم في المسألة السريجية في تعليق الطلاق ودفع السيد عبده في مهره إذا تحمل به. والمعروف لا نفقة على الأم لولدها الصغير اليتيم الفقير، ولابن العربي في آخر سورة الطلاق، نفقة الولد على الوالد دون الأم خلافا لابن الموَّاز أنها على الأبوين على قدر الميراث، ولعله أراد أنها على الأم عند عدم الأب. قُلتُ: لا أعلم من ذكره عن محمد على قدر الميراث، وتأويله بحال عسر الأب نحو قول التونسي في كتاب الصيام. وقع في الموَّازيَّة أن الأب إن كان فقيرا أو لا لبن للأم أن عليها أن تستأجر له، وليس ببين لاتفاقهما على أن نفقته لا تلزمها في عسر الأب، فإذا لم يكن لها لبن لم يتعلق طلبه بذمتها كما لم تلزمها نفقته. المتيطي: يجوز للأب مقاطعة الحاضنة على نفقة مدة معينة بناض يدفعه لها.

قُلتُ: تقدم هذا في نفقة الزوجة، وتردد بعض الشُيُوخ فيه، قال: فإن غلا السعر في خلال مدة المقاطعة فصارت النفقة لا تقوم بالولد فعلى الأب إكمالها إلا أن تكون الحاضنة ابتاعت تمام القوت وقت المقاطعة فلا شيء على الأب، وإن رخص السعر وسكت الأب لانقضاء المدة فلا شيء له؛ لأن سكوته توسعة على الولد، وإن تكلم في خلالها حسب لباقيها نفقة مثله وكان له الفضل. قُلتُ: وقاله ابن فتحون، وفي طرر ابن عات ما نصه: وعند قوله: والتزمت له ضمان هذه النفقة أنظر إذا لم تضمن الحاضنة في وثيقة المقاطعة هذه وغلا السعر فذكر ما تقدم. قُلتُ: فمفهوم قوله: (إذا لم تضمن الحاضنة) أنها إذا ضمنتها ثم غلا السعر أنه لا شيء على الأب، ولفظ المذكور في أصل الوثائق المجموعة ما نصه: والتزمت له ضمان هذه النفقة إن دخل ذلك نقص بتلف أو غلا سعر ضمانا لازما، وهذا المفهوم لازم إن كانت الحاضنة موسرة، وإلا لزم الأب إتمام النفقة ولا يرجع على الحاضنة بذلك، ولا يتخرج إتباعه إياها من أحد قولى ابن القاسم: فيمن خالعت على نفقة ولدها مدة رضاعه فأسرعت فوجب على الأب نفقته أنه يتبعها بها؛ لأن نفقتها في الخلع عوض، وحكم إرضاع الأم الولد تقدم في الرضاع.

كتاب الحضانة

[كتاب الحضانة] الحضانة: هي محصول قول الباجي: حفظ الولد في مبيته ومؤنة طعامه ولباسه ومضجعه وتنظيف جسمه. ابن رُشْد والمتيطي: الإجماع على وجوب كفالة الأطفال الصغار؛ لأنهم خلق ضعيف يفتقر لكافل يربيه حتى يقوم بنفسه، فهو فرض كفاية إن قام به قائم سقط عن الباقي، لا يتعين إلا على الأب والأم في حولي رضاعه إن لم يكن له أب ولا مال له، أو كان لا يقبل غيرها. الباجي: إذا كان الابن في حضانة أمه لم يمنع من الاختلاف لأبيه يعلمه ويأوي لأمه، رواه ابن حبيب عن ابن الماجِشُون، يريد أن للأب تعلمه وتأديبه وإسلامه في المكتب والصنائع والتصرف. قُلتُ: هو نصها للأب تعاهد ولده عند أمه، وأدبه، وبعثه للمكتب، ولا يبيت إلا عند أمه. قُلتُ: ويجب كون الظرف الذي هو عند في موضع الحال من ولده، لا أنه معمول للفظ تعاهد؛ لأن ذلك ذريعة لاتصاله بمطلقته مع زيادة ضرر زوجها بذلك.

باب في مستحق الحضانة

ابن رُشْد وابن محرز: تجب للمرأة بكونها من المحضون ذا رحم محرم، فلا حضانة لابنة خالة أو عمة أو أخت لرضاع ولا تجب بإرث، فلا حضانة لزوج ولا زوجة. اللخمي: رواية ابن حبيب: لا حضانة لابنة خالة أو عمة، يريد مع العصبة، وهما أحق من الأجانب، وذكر الباجي رواية ابن حبيب قولا له، وقال أشهب في كتاب ابن سَحنون: عماته أولى من بنات خالاته، فأوهم أن لبنات الخالة حقَّا في الحضانة. [باب في مستحق الحضانة] ومستحقها أبوا الولد زوجان هما، وفي افتراقهما أصناف: الأول: الأم ونساؤها، من لها عليه أمومة ولادة بسببها ولو بعدت، وأول فصل منها فيها: الخالة أحق من الجدة للأب. محمد: وخالة الخالة كالخالة، ذكره الصقلي قولا له، والباجي رواية له، وثاني نقل ابن الحاجب في إلحاق خالة الخالة بها، قولان؛ لا أعرفه لغير قول ابن شاس، وقول الجلاب: الخالة أخت الأم أحق من أبيه. ابن رُشْد: إسقاط ابن حبيب بنت الأخت بعيد. ابن محرز: قول ابن حبيب هذا ليس بموجود لغيره، والصواب أن لها حقا كبنت الأخ؛ بل هي أولى كالخالة مع العمة. المتيطي: نحو هذا للشيخ ذكره عنه عبد الحميد الصائغ. الثاني: نساء الأب من له عليه أمومة كما مر وأول فصل لمن هي له عليه فتخرج

الأخت للأب. اللخمي: روى المدنيون: لا حضانة لها، وقاله ابن القاسم. وتلحق بنت الأخ، وفي تقدمها على بنت الأخت ثالثها: هما سواء يرجح بقوة الكفاية لابن رُشْد وابن محرز ونقل ابن رُشْد. الثالث: الوصي فيها من قبل أب أو قاض لقولها في إرخاء الستور: إن لم يكن لليتيم وصي، فأقام له القاضي خليفة كان كالوصي في جميع أموره. اللخمي: الوصي مقدم على سائر العصبة والموالي. الرابع: العصبة، روى محمد: الأخ: ثم الجد ثم ابن الأخ ثم ابن العم، وهو نقل أهل المذهب، ويأتي لابن بشير خلافه. اللخمي: في حضانة الأخ للأب خلاف. ابن رُشْد: في كون مراده الجد ولو بعد، كالإرث أو الأدنى، وفصله أولى من أصله احتمال، فعلى الأول الجد وإن علا أحق من ابن الأخ ومن العم، وعلى الثاني الأحق من العصبة الأخ، ثم الجد الأدنى، ثم ابن الأخ ثم العم ثم ابن العم وإن سفل الأقرب فالأقرب، ثم أبو الجد ثم عم العم، ثم ابن عم العم، وإن سفل الأقرب فالأقرب، ثم جد الجد، ثم ولده ثم والد جد الجد، ثم ولده على هذا الترتيب، فترتيب الحضانة في العصبة لا تجري على ميراث المال، ولا ميراث الولاء والصلاة على الجنائز؛ لأن الجد وإن علا أرفع مرتبة في الإرث من الأخ إذا لا ينقص معهم من الثلث، ويسقط بني الإخوة والأعمام وبنيهم، وإن علا في إرث المال، وابن الأخ في إرث الولاء أحق من الجد. وفي ثبوتها للمولى قول المشهور، ونقل ابن بشير، والأعلى أحق من الأسفل. ابن محرز: لا حضانة لمولاة النعمة إذ لا تعصيب فيها كالذكر. قُلتُ: الأظهر تقديمها على الأجنبي. والمقدم الأم ثم أمها: اللخمي وابن رُشْد: اتفاقًا، وقراباتها أحق من قرابات الأب إجماعًا. وفي كونه أحق من قراباتها سوى الأم، قولان لرواية ابن وَهْب: أن الأب أحق من

الخالة، والمشهور. فإن لم تكن أم أو تزوجت أجنبيًا، فأمها، فإن لم تكن فأم أمها أو أم أبيها، فإن اجتمعا فأم الأم أحق من أم الأب، فإن لم تكن واحدة منهما فأم أم أمها، أو أم أم أبيها وأم أبي أبيها، أو أم أبي أمها، فإن اجتمع الأربع فأم أم الأم، ثم أم أبي الأم، وأم أم الأب بمنزلة واحدة، ثم أم أبي الأب، وعلى هذا الترتيب أمهاتهن ما علون، فإن لم تكن واحدة منهن فأخت الأم الشقيقة، ثم أختها للأم ثم أختها للأب، فإن لم تكن واحدة منهن فأخت الجدة، وهي خالة الخالة كما مر في أخت الأم، فإن لم تكن واحدة منهن فأخت الجد للأم، وهي عمة الأم وعمة الخالة كما مر، وعلى هذا الترتيب ما بعد النسب عن الأم. فإن لم تكن قرابات الأم ففي تقديم الأب على قراباته وعكسه، ثالثها: الجدات من قبله أحق منه، وهو أحق من سائرهن لنقل القاضي، ولها، وعزاه في البيان لابن القاسم. اللخمي: في تقديمه على النساء سوى الأم وأمها وعكسه، ثالثها على الأخت لما بعدها، ورابعها تبدى الخالة عليه وهو على أمه لرواية محمد، وما في الواضحة ولها. ابن القاسم في كتب المدنيين. ولابن رُشْد في سماع عيسى من كتاب العدة في تقديمه على الخالة، ثالثها: إن كانت نصرانية، وعزا أبو عمر في الكافي الثاني للأخوين. وفي المقدمات ترتيب قراباته من النساء كترتيب قرابات الأم، فإن لم تكن أمه أو كان زوج أجنبي فأم أمه وأم أبيه، وأم أمه أحق من أم أبيه، فإن لم تكن واحدة منهما فأم أم أمه أو أم أم أبيه، أو أم أبي أبيه أو أم أبي أمه كما مر، فإن لم تكن واحدة منهن فالعمات الشقيقة، ثم التي للأم ثم التي للأب ثم عمات الأب كذلك ثم خالاته كذلك ثم بنات الإخوة وبنات الأخوات، وتقدم حكم اجتماع بنت الأخ وبنت الأخت ثم العصبة وتقدم ترتيبها. اللخمي: لا نص في الجد للأم والأظهر حضانته؛ لأنه أب ذو حنان كتغليظ الدية عليه. قُلتُ: قول ابن الهندي: الجد للأب أولى من الجد للأم، دليل حضانته.

اللخمي: إن علم جفاء الأحق لقسوته أو لما بينه وبين أحد أبويه ورأفة الأبعد قدم عليه. قُلتُ: إن كانت قسوة ينشأ عنها إضرار الولد قدم الأجنبي عليه، وإلا فالحكم المعلق بالظنة لا يتوقف على تحقيق الحكمة. أحضنه وأنفق عليه من مالي؛ وأبت جدته لأمه وأرادت بيعها ولا حاضن غيرها فالقول قول الجدة ابن عات: عن بعض المفتين: لو قالت جدته لأبيه وليس له إلا دار وقيمتها عشرون دينارا: لأبيه، وقال المشاور: ينظر إلى الأرفق بالصبي. قُلتُ: في كون الحضانة حقًا للحاضن أو للمحضون، ثالثها: لها لروايتي القاضي، واختيار الباجي مع ابن محرز، فعلى الثاني تقدم الجدة للأب. ولكل حاضن على الأب قبض نفقة محضونه وكسوته وغطائه ووطائه: ابن عات في المجالس: إن ادعت في كسوة الولد أنها خلعت عنه أو أتلفها في خروجه عنها حلفت وكانت من الأب المشاور هي منها وبه العمل. قُلتُ: الأول على أن الحضانة حق له، والثاني على أنها لها، وهذا ما لم تقم قرينة على صدقها كوقوع نهب في محله. وفيها: لحاضنة الولد قبض نفقته. ابن فتوح: إن مات الولد قبل انقضاء مدة نفقته المقبوضة رجع الأب بحصة ذلك من النفقة والكسوة وإن ورثت، كذا في النسخة الكبرى من وثائق ابن الهندي، وفي الوسطى إن بعد عهدها وخلقت فلا شيء للأب ككسوة الزوجة. اللخمي: إن قال الأب تبعثه إلي يأكل عندي ثم يعود إليك لم يكن ذلك له لأنه ضرر على الولد وحاضنه. وسمع القرينان من طلق امرأته وله منها بنت، بنت أربع سنين، فقال: ما عندي ما أنفق عليها أرسلها تأكل عندي، نظر في قوله فإن كان غالبًا معروفًا، قيل لها: أرسلها تأكل معه وتأتيك، فإن كان لا يزال يأكل اللحم ويكتسي الثوب فذلك وجه. ابن رُشْد: إن ادعى أنه لا يقدر على ذلك نظر في حاله، إن بان صدقه وعدم إرادته الضرر كان ذلك له وإلا فلا.

قُلتُ: ونقله ابن فتوح غير معزوًّ كأنه المذهب، ولابن زرقون، عن الباجي: قال سَحنون في الخالة: تجب لها الحضانة، فيقول الأب: يكون الولد عندي لأعلمهم وأطعمهم، فإن الخالة تأكل ما أرزقهم وهي تكذبه، للأب أن يطعمه ويعلمه، وتكون الحاضنة للخالة فجعل الحاضنة أن يأوي إليه وتباشر سائر أحواله مما لا تغيب عليه من نفقته. قُلتُ: كذا النوادر، وهو خلاف الروايات أن إطعام المحضون إنما هو عند حاضنته من كانت حسبما يأتي، والعجب من الباجي وابن زرقون في قبولهما هذا وتصديق الأب على الخالة أنها تأكل رزقهم، ويأتي للشعبي نحو هذا. وأمدها: قال الباجي: لابن حبيب عن ابن الماجِشُون: إذا قارب الاحتلام وأنبت واسود نباته فللأب ضمه إليه وحده. ابن القاسم: بالاحتلام، ووجه الأول أن الإنبات هو الذي يمكن إثباته بالشهادة عليه، والاحتلام لا يعلم إلا بقول الصبي. وفيها يترك الولد في حضانة الأم حتى يحتلم ثم يذهب حيث شاء، والجارية في الطلاق والموت حتى تبلغ النكاح، فإن كانت الأم في حرز وتحصين فهي أحق بها حتى تنكح وإن بلغت أربعين سنة. الباجي: نهايتها في الذكور البلوغ، وروى ابن وَهْب الإثغار، ولم يختلف قوله في الإناث أنها دخول زوجها بها إلا أن يكون موضع أبيها أحرز وأمنع إذا شبت فيختار لها الأصون. قُلتُ: ظاهره أنها تنزع بكون موضع الأب أصون، وإن كان موضع الأم صينا خلاف لفظ المدَوَّنة، وقوله: لم يختلف في الإناث، أحسن من قول المقدمات: اختلف في حد الحضانة، قيل: إلى البلوغ، وقيل: إلى الإثغار، وعزا اللخمي القول بالإثغار في الذكور لأبي مصعب. قُلتُ: ففي حده بالإثغار أو الإنبات، ثالثها الاحتلام، وعزوها بين. قال ابن القُصَّار: قول مالك أنه في الذكور الإثغار يملك به الوالد حضانة ولده يشبه قول الشافعي أنه يخير في أبيه وأمه كما لو بلغ.

اللخمي: قوله ليس ببين؛ لأن مالكا لم يقل يملك حضانة نفسه بالإثغار، إنما أراد أن للأب أخذه بذلك فيسقط حق الأم ولا يخير الولد؛ لأنه لم يرشد، غير أن التخيير في ذلك حسن لاختلاف حال الأولاد، منهم من يركن لأبيه ويتعلق به وفي منعه منه ضرر، ولا أرى أن تخير البنت؛ لأن أمها أصون لها، وقد تخير إن كانت عند غير الأم. روى المدنيون في رجل أوصى بابنته لرجل وللبنت عمة وجدة لأب، فتركها عند عمتها فتزوجت قبل بلوغ الجارية، فطلبتها الجدة وأبت الجارية وأحبت المقام مع العمة تترك عندها، وهذا نحو قول ابن القُصَّار. لما ذكر ابن رُشْد حديث الإسهام بين الأبوين في الولد، وحديث تخييره صلى الله عليه وسلم الولد فيهما، قال: وفي بعض الآثار أنه صلى الله عليه وسلم قال: «استهما عليه» فأبى الأب، فخير النبي صلى الله عليه وسلم الغلام. قال: ذهب الطحاوي إلى الجميع بينهما، بأن يدعو الإمام أبويه إلى الإسهام، فإن أباه أحدهما قال: خيراه إن شئتما، فإن أبى أحدهما حكم به للأم، وهو وجه حسن. قُلتُ: هذا من ابن رُشْد وما تقدم للخمي خلاف المذهب. وفي كون أم الولد تعتق كالحرة ونفي حضانتهاـ قولها، ونقل اللخمي عن ابن وَهْب. ولو أعتقها على تركها حضانة ولدها ففي سقوط حضانتها: نقل الباجي روايتي عيسى وأبي زيد عن ابن القاسم. وفيها: إذا أعتق ولد الأمة وزوجها حر فطلقها فهي أحق بحضانته إلا أن تباع فيظعن بها إلى غير بلد الأب، فالأب أحق به. اللخمي: هي هذا نظر؛ لأن غالب الأمة أنها مقهورة بأعمال سيدها، ومنعت الحرة إذا تزوجت لما يتعلق بها من حق الزوجية فكيف بالأمة؟!. وتفريق ابن عبد السلام بأن حال الزوج مظنة البغض لبغضه ربيبة المحضون بخلاف حال سيد الأمة مع ولدها المحضون، يحسن إن يتسررها سيدها.

اللخمي: ولمالك في مختصر ما ليس في المختصر: إن عتق الصغير وأمه مملوكة وأمها حرة وتنازعاه فأمه دنية أحق به إلا أن يكون مضرَّا به، وقوله: مضرَّا به جنوح إلى النظر في من كان في الرق. قُلتُ: ما ذكره عن مختصر ما ليس في المختصر هو سماع القرينين. ابن رُشْد: إنما رآها أحق من الحرة؛ لأن سيدها هو المنفق عليه؛ لأنه أعتقه صغيرًا؛ لأن من قول مالك وغيره في المدَوَّنة وغيرهما أن من أعتق صغيرًا أمه أمة لا يبيعها إلا ممن يشترط عليه نفقته؛ ليكون مع أمه في نفقة سيدها، والقياس: أن تكون جدته الحرة أحق به من أمه لأجل سيدها، كما أنها أحق به من أجل زوجها، وحكم السيد على أمته أقوى من الزوج على زوجته، وما أدري لم أوجبوا على من أعتق صغيرًا ثم باع أمه أن يشترط نفقته على المشتري حتى يبلغ؟ وما المانع من أن يكون مع أمه عند المشتري، وتكون نفقته على البائع ورضاعه؛ إلا أن يقال: لا تلزمه نفقته إلا أن يكون عنده، فيكون معنى المسألة أنه إنما أوجب عليه ألا يبيعها إلا ممن يشترط عليه نفقته إذا لم يرد أن يخرج نفقته من عنده وهو عند المشتري، ويلزم على قياس هذا في من أعتق الصغير وأمه أمة عنده وله جدة حرة، أن تكون الجدة أحق به إذا رضي المعتق أن ينفق عليه وهو عندها، أو رضيت هي بالتزام نفقته، فالنظر في ذلك. قُلتُ: قوله: لا تلزمه نفقته إلا أن يكون عنده يقوم منه أن من أوصى بعتق صغير لا يلزم الموصي نفقته في تركته. وكانت نزلت أيام قضاء شيخنا ابن عبد السلام في مدبرة، ولم يوجد عنده ولا عند غيره فيه نص بعد البحث منه، وتوقف عن إيجاب نفقتها في ثلث مدبرتها، وذكر ابن عبد السلام قول ابن رُشْد: إنما رآها أحق من الجدة الحرة ... إلخ، وقال: إنما يتم هذا أن لو كان زمن الحضانة هو الزمن الذي ينفق السيد فيه على عبده، زالزمن الذي لا يفرق فيه بين الأم وولدها المعتق وهي أزمنة ثلاثة؛ زمن الحضانة في الذكر الاحتلام، وزمن النفقة على هذا المعتق أقصر الأجلين بلوغه الحلم وبلوغه قدر ما يسعى ما يكفيه، والزمن الذي لا يفرق فيه بين الأم وولدها الإثغار. قُلتُ: إن أراد بقوله: إنما يتم إذا كان زمن الحضانة هو زمن الإنفاق، وزمن عدم

التفرقة إنه لا يتم إلا باتحاد قدرهما فممنوع لتمامه بتغايرها مع كون زمن الإنفاق يستلزمهما، وإن أراد أنه لا يتم إلا بذلك أو يكون زمن النفقة هو كما ذكر وهو لا يكون عادة قبل الإثغار؛ بل معه أو بعده، وكلما كان كذلك فهو يستلزم زمن الحضانة وزمن التفرقة، وإذا استلزمهما لزم من وجوده وجود الحضانة، فوجب كونه في زمن الحضانة كائنًا في زمن نفقته وهو مدعى ابن رُشْد فتأمله. ابن الحاجب: الوصي أولى من جميع العصبة على المنصوص. قُلتُ: مقابل المنصوص هو مقتضى كلام ابن بشير، قال ما نصه: الوصي مقدم على سائر العصبة في نص الروايات ويتخرج تقديمهم عليه، وتقدم في صلاة الجنازة وفي ولي النكاح ما يقتضي الخلاف في هذا الأصل؛ لأنه مبنى على كون هذه الحقوق كالحقوق المالية، فلمالكها التصرف فيها بالنقل إلى غيره أو ليست كذلك؛ لأنه إنما ملك بسبب موجود فيه غير موجود في من نقل إليه والمنقول عنه أحق بذلك. هذا حكمه في الذكور وأما الإناث إذا كبرن فإن كن ذوات محارم منه فهو أحق، وإلا فهل له حق في حضانتهن قولان، وينبغي أن يكون خلافا في حال إن ظهرت أمارة الشفقة فهو أحق وإلا فلا. اللخمي: قدم الوصي لأنه باجتهاد الأب، ومن اجتهد فيه الأب لولده أولى، ولو علم كونه لشنآن كان بينه وبين جد الولد أو أخيه لقدم على الوصي؛ لأن في تربيته غيرهما لولدهما معرة، ولو كان الشنآن بينه وبين عم الولد وابن عمه لقدم الوصي لتهمتهما في عداوته والإساءة إليه. ولأَصْبَغ في سماعه ابن القاسم في النكاح: لو تزوجت أم الصبيان كان الوصي أولى بحضانتهم من أمهم، وإن كن جواري وقد بلغن أبكارًا، وإن كان لهن أخ أو عم أو ابن عم عدولا فالوصي أولى بحضانتهم، وإن انتقل إلى بلد آخر فله حملهم معه؛ لأنه بمنزلة أبيهم في كل شيء إلا تزويج الإناث قبل أن يبلغن. ابن رُشْد: قيل: إنما يكون الوصي إذا تزوجت الأم أحق بحضانة بنيها الذكور، والإناث كونهن مع زوج أمهن؛ لأنه محرم منهن أولى من كونهن مع الوصي؛ إذا لا حرمة

بينه وبينهن إلا يخاف عليهن عند الأم غير الزوج فيكون أولى بهن، وكذا ابن العم بخلاف الأخ والعم هما أحق من الأم إذا تزوجت اتفاقًا، روى هذا المعنى محمد، هذا إن أراد الوصي أو ابن العم أن تكون الابنة معه ومع أهله بداره، وإن أراد أن يعزلها بموضع من يقوم عليها من ثقة النساء ولعلهن قرابات لهن فيكون أحق بها من الأم إذا تزوجت. قُلتُ: ليست هذه حضانة للوصي؛ بل لمن ضمنت إليه الابنة، فإن كان من ذوي حضانتها فواضح وإلا فهي كمن لا حاضن لها فينظر بالأصلح لها في بقائها عند أمها، وتقدم أن مقدم القاضي كالوصي من قولها في إرخاء الستور، وهو نقل المقدمات هنا عن المذهب، وتقدم الترجيح عند اتحاد الدرجة بالمشاركة في الأبوين ثم الأم. اللخمي: إن تساوت منزلتهم فكانوا أشقاء أو لأم، فأولاهم أقومهم فإن تساووا فأسنهم. قُلتُ: الترجيح بالصلاح مقدم على السن، ولا يبعد الترجيح بالنسب في أخوة الأمومة، وقول ابن الحاجب: إن غاب الأقرب فالأبعد لا السلطان، هو نصها إن كانت الجدة للأم بغير بلدة الأب التي هو بها فالخالة أولاهما. ولابن عات عن المشاور: حضانة أولاد السؤال والفقراء ومن لا قرار لهم ينظر في ذلك السلطان بالأحوط للأصاغر ومن يراه صلاحا من أحد الأبوين، وقول ابن الحاجب: شرط الحضانة العقل والأمانة والكفاية وحرز المكان في البنت يخاف عليها، هو مدلول قولها: إن لم تكن الأم في حرز وتحصين في موضعها، أو كانت غير مرضية في نفسها، فللأب أخذ ابنته منها، وكذا الأولياء والوصي إذا كانوا أهل أمانة وتحصين وكل من له الحضانة ليس له كفاية ولا موضعه بحرز أو لا يؤمن في نفسه فلا حضانة له وهي لمن فيه ذلك، وإن بعد رب والد يضيع ولده ويدخل عليهم رجالا يشربون فينزعون منه. اللخمي: يراعى حفظ المسكن وتحصينه في الإناث إذا بلغن الوطء لا قبل ذلك ولا في الذكران، فإن كانت الصبية موصوفة بالجمال أو بموضع كثير الفساد فمراعاة حفظ المسكن واجب وإلا فمستحسن.

وصفة الحاضنة ألا تكون عاجزة عن القيام بالمحضون، لا يخشى إدخالها عليه ضررا ولا فساد طبع ولا بدن ولا معيشة، فمن بلغ بها ضعفها أن لا تتصرف إلا بمشقة فلا حضانة لها، والسفه في الدين أو العقل أو حفظ المال بتبذيره قبل تمام مدة فرضه يسقطها، والسفيهة المولى عليها ذات صون وقيام غير متلفة لما تقبضه حضانتها ثابتة: المتيطي: اختلف في السفيهة قيل: لها الحضانة، وقيل: لا حضانة لها. قُلتُ: نزلت ببلد باجة فكتب قاضيها لقاضي الجماعة حينئذ بتونس وهو ابن عبد السلام، فكتب إليه بأن لا حضانة لها فرفع المحكوم عليه أمره إلى سلطانها الأمير أبي يحيى أبي بكر بن الأمير أبي زكريا، فأمر باجتماع فقهاء الوقت مع القاضي المذكور لينظروا في ذلك، فاجتمعوا باقصبة وكان من جملتهم ابن هارون والأجمي قاضي الأنكحة حينئذ بتونس، فأفتى القاضيان وبعض أهل المجلس بأن لا حضانة لها، وأفتى ابن هارون وبعض أهل المجلس بأن لها الحضانة، ورفع ذلك إلى السلطان المذكور رحمهم الله، فخرج الأمر بالعمل علي فتوى ابن هارون وأمر قاضي الجماعة بأن يكتب بذلك إلى قاضي باجة، ففعل وهو الصواب، وهو ظاهر عموم الروايات في المدَوَّنة وغيرها. اللخمي: خفيف جذام الحاضن وبرصه مغتفر، وفاحشهما مانع، وجنونه في بعض الأوقات بحيث يخاف رعب الولد حين نزوله أو ضيعته مانع، وإن كان الحاضن رجلًا روعي في نسائه حسن القيام بالمحضون ودفع مضرته. وحاصل قولها: كل من له الحضانة وليس له كفاية، أو ليس في حرز وتحصين، أو ليس بمأمون في نفسه فلا حضانة له. قول ابن الحاجب: شرط الحاضنة العقل والأمانة والكفاية وحرز المكان، وقوله في البيت يخاف عليها يقتضي تخصيص حرز المكان بالبيت حتى يخاف عليها. وهو ظاهر قولها: أولا الأم أولى بالجارية حتى تبلغ النكاح ويخاف عليها، فإن كانت أمها في حرز وتحصين ومنعة كانت أحق بها حتى تنكح. ثم قال: يترك الغلام والجارية عند الجدة أو الخالة إلى حد ما يتركان عند الأم، وقد وصفت لك إذا في كفاية وحرز.

وهذا نص في اعتبار حرز المكان في الولد، والحق أنه شرط فيهما وهو من البنت حين يخاف عليها آكد. اللخمي: شرط حضانة الرجل وجود أهل زوجة أو سرية في الذكور ويطلب في الولي للإناث كونه ذا محرم، فإن لم يكنه فعدم أمنه مانع، فإن كان مأموناً ذا أهل فروى محمد: إن تزوجت أم الصبية ولها وصي بقيت عند أمها مع زوجها؛ لأنه صار ذا محرم، والوصي ليس بمحرم منها إلا أن يخاف عليها عنده فالوصي أولى، ولأَصْبغ في العتبية: الوصي أولى من الأم إذا تزوجت ومن العم والأخ بالإناث وإن كن قد بلغن أبكارًا، والولي إذا لم يكن بينه وبينها محرم كالوصي. وقول مالك أصوب؛ لأنها في كفالته لابد أن يطلع منها على ما لا يحل لطول الصحبة والتربية وفي من لم تبلغ الوطء نظر يصح حضانتها الوصي والولي إلى بلوغ حد الوطء فتنزع، ومنعهما لمشقة نقلهما من قوم لقوم. وفيها مع غيرها: تزويج الحاضنة أجنبيًا من المحضون يسقط حضانتها بدخولها لا قبله. ابن حارث: اتفقوا في الحر يطلق امرأته وله منها ولد صغير فتتزوج أن للأب أخذه، واختلفوا في الولي العبد. فسمع ابن القاسم: شأن العبد ضعيف لعله يذهب لبلد آخر فأرى أن ينظر للولد. ابن القاسم: إن كان قيمًا بمال سيده تاجرًا له الكفاية فهو أحق، وإن كان وغدًا يباع ويسافر به فلا حق له. ابن رُشد: قول ابن القاسم صحيح لا وجه للقول فيه. قُلتُ: قال ابن عبد الغفور: قول ابن القاسم استحسان، وما نقله ابن حارث من الاتفاق هو ظاهر كلام غير واحد. وقال المتيطي: هو المشهور المعمول به عند مالك وأصحابه، وفي العشرة ليحيى بن سعيد، روى ابن القاسم: ليس للأب أخذهم من الأم، وإن دخل بها زوجها إن كان الابن في كفاية عندها، وعلى المشهور إن خلت عن الزوج بعد أخذ الولد منها، ففي رجوع حضانتها لها وعدمه رواية ابن خويز منداد مع دليل رواية المبسوط وقول ابن

نافع ورواية المدَوّضنة مع غيرها، وقيل: أخذه في بقاء حضانتها قولا ابن القاسم وابن شعبان مع قول بعضهم هو مقتضى المدَوَّنة. ابن رُشْد: في سقوط حضانتها بدخول من تزوجها بها أو بالحكم بنزع الولد منها قولان، ولو علم الوالد بتزويجها ولم يقم بأخذ الولد حتى طالت المدة، ثم خلت من الزوج فليس له أخذه منها؛ لأنه يعد بذلك تاركا لحقه على في أن السكوت إقرار أو لا. واختلف في ما يسقط من حضانتها بذلك، قيل: تسقط به جملة وهو ظاهر المدَوَّنة، وقيل: إنها تسقط في جهة من حضن المحضون حال تزوجها، وقيل: إنما تسقط في حال تزويجها، على هذه الأقوال تأتي مسائلهم، فعلى الأول: لا تعود لها حضانتها أبدًا ولو خلت من الزوج، وعلى الثاني: لا تعود لها وإن خلت من الزوج ما دام حاضن الولد على حضانته، فإن سقطت حضانته بموت أو شبهه، وهي فارغة من زوج رجعت لها حضانتها، وعلى الثالث: ترجع لها حضانتها بخلوها من الزوج، وهذه الأقوال بناء على أن الحضانة من حق الحاضن، وعلى قول ابن الماجِشُون إنها من حق المحضون لها أخذ الولد. ومتى خلت من زوج فإن كان زوج الحاضنة ذا محرم من المحضون لم يمنع، وإن كان لا حضانة له كالخال والجد للأم وإن لم يكنه، فإن كان من ذوي الحضانة فهي أحق ما لم يكن للمحضون حاضنة أقرب إليه منها فارغة من زوج، وإن كان زوجها أبعد من الولي الآخر، وإن كان ممن لا حضانة له فإنه يسقط حضانتها مطلقًا كالأجنبي، وأسقط ابن وَهْب حضانتها بالزوج وإن كان ذا محرم. قُلتُ: قوله: (وإن كان زوجها أبعد) متعلق بقوله: (فهي أحق)، وفيه نظر؛ لأن كون زوجها أبعد من الولي الآخر يوجب تقديم الولي الآخر على زوجها لقربه وعليها بتزويجها غير ذي محرم من المحضون. اللخمي: إن تزوجت أمه عمه فأراد عم آخر أخذه، قيل: كونه مع أمه وعمه أولى من عم زوجته أجنبية، وإن تزوجته خالته فأراد أبوه أخذه، قيل: كونه مع خالته وعمه أحسن من كونه عندك وزوجتك أجنبية؛ لأن غالبها عليه الجفاء، وغالب الأب أن

يكله لها. وإن تزوجت الأم ابن عم الصبية لم ينزع منها؛ لأن دخوله بها يصيره ذا محرم منها، بخلاف الخالة تتزوجه ينزع منها إن كانت حضانتها بعدها لخالة أو أخت لا زوج لها، أو لولي ذي محرم كالأب والجد والعم. ويترك للأم ولو تزوجت أجنبيًا إن كان رضيعًا لم يقبل ظئرًا أو قبلها، وقالت: إنما أرضعه عندي؛ لأنه مع أمه، ولها زوج خير من الظئر لاسيما إن كان لها زوج أو كان في مستحق حضانته بعد الأم مانعها من عجز ونحوه أو لا حاضن له، فإن كانت وصية، فقال مالك مرة: إن جعلت لهم بيتًا ولحافًا وطعامًا وما يصلحهم لم ينزعوا إلا أن يخشى عليهم، وقال مرة: ما آمن أن ينزعوا منها؛ لأنها إذا تزوجت غلب زوجها على جل أمرها حتى تفعل غير الصواب، ويقول ولاته: ليس لها أن تدخل عليهم رجلًا فما أخوفني إن تزوجت أن ينزعوا منها. قُلتُ: حاصله أن في لغو تزويج الحاضنة دون إيصاء ذا محرم للولد أو من الحاضنة له بعدها وإسقاطه إياها قولا المشهور وابن وَهب. وسمع ابن القاسم في الوصايا: إن تزوجت الأم الوصي وجعلت الولد في بيت بنفقتهم وخادمهم لم ينزعوا، وروى محمد ولو قال في إيصائه إن تزوجت فانزعوهم؛ لأنه لم يقل: فلا وصيَّة لها. ابن رُشْد: روى السبائي إلا أن يخاف ضيعتهم. وفي سقوطها بالكفر قولا ابن وَهب، والمشهور فيها للأم الحضانة ولو كانت مجوسية إن خيف أن تعذيبهم بخمر أو خنزير ضمت لناس من المسلمين. اللخمي: وقاله سَحنون في الجدة والخالة، واحتج ابن وَهب بأن المسلمة إن قيل عنها سوء ينزع منها فكيف بنصرانية وهو أحسن وأحوط للولد. وسمع ابن القاسم: إن ردت مطلقة ولدها لزوجها استثقالًا ثم طلبته لم يكن لها ذلك. ابن رُشْد: إلا على قول ابن الماجِشُون أن الحاضنة حق للمحضون، ولو ردته لعذر مرض أو عدم لبن كان لها أخذه إن صحت أو عاد لبنها على سماع أشهب في

الأيمان بالطلاق، ولو تركته بعد زوال عذرها السنة وشبهها فلا أخذ لها. قُلتُ: هو نص سماع أشهب، قال: فيه سنة أو أكثر من ذلك وأشباه ذلك. ابن رُشْد: واختلف إن مات هل لها أخذه ممن تصير له الحضانة بعده؟ ففي آخر رسم من سماع أشهب: لا أخذلها؛ لأن تركها لأبيه إسقاط لحقها، وقيل: لها أخذه؛ لأن محل تركها إنما هو للأب فقط، وكذا إن قامت الجدة بعد السنة لم يكن لها أخذه. وقال ابن نافع: لها أخذه، ومثله لابن القاسم في المدينة: لها أخذه إلا أن يكون عرض لها فأبت، وهذا على الخلاف في كون السكوت كالإقرار والإذن أم لا، اختلف فيه قول ابن القاسم. اللخمي: للحاضنة الرجوع في حضانتها بعد تركها لعذر بعد زواله كسفرها لحج فرضها أو لسفر زوجها بها غير طائعة، إلا أن يكون الولد ألف من هو عندها وشق عليه نقلته، وروى محمد: إن جهلت أن لها الحضانة فلها انتزاعه. قُلتُ: فجعلها مما تعذر فيه بالجهل. وسئل ابن رُشْد عن الحاضنة تسافر أم أو غيرها ثم ترجع من سفرها عن قريب أو بعد مما ليس لها حمل المحضون معها هل ترجع لحضانتها؟ وكيف إن كان خروجها إلى الصيفة؟ فأجاب: هي على حقها في حضانتها كما إذا تركته لمرض أو انقطاع لبن. قُلتُ: جوابه سواء كان سفرها اختيارًا لقول السائل إن خروجها للصيفة، وإطلاق جوابه ومقتضى استدلاله بالمرض وانقطاع اللبن تقييد سفرها بأنه اضطرار، وهو ظاهر كلام اللخمي. وفي إمضاء نقل ذي حضانة إياها لغيره على من أحق بها من المنقول إليه، نقل ابن رُشْد مع أخذه من قولها: إن صالحت زوجها على كون الولد عنده جاز وكان أحق به، ظاهره ولو كان له جدة، ونقله قائلا: كالشفعاء ليس لمن هو أحق بالشفعة تسليمها لشريك غيره أحق بها منه. اللخمي: إن تزوجت الأم وأخذته الجدة ثم أحبت أن تسلمه لأخته فلأبيه منعها؛ لأنه أقعد منها، وإن أمسكته ثم طلقت الأم لم يكن له منعها من رده لأنه نقل لما

هو أفضل. قُلتُ: إنما يتم هذا على أن تزوج الأم لا يسقط حضانتها دائمًا؛ بل ما دامت زوجة. قال: وقال في الموَّازية: إن تزوجت الجدة وطلقت الأم أخذه الأب دونهما، وعلى القول الآخر الأم أحق به منه. قُلتُ: هذا لا يلزم على القول الآخر؛ لأنه إنما قاله والجدة لم تتزوج وحقها باقٍ، ولا يلزم من إعمال نقلها وهي ذات حق إعماله بعد سقوط حقها. وفيها: إن خرج ولي المحضون وصيَّا أو غيره لسكنى غير بلد حاضنته فله أخذ الولد إن كان معه في كفاية، ويقال لها: اتبعي ولدك إن شئت، ولا يأخذه في سفره لغير سكنى. اللخمي: بشرط بعد المنتقل إليه. والقريب ما يجوز للحاضنة الانتقال بالولد إليه، وفي حده اختلاف: فيها: البريد ونحوه قريب؛ حيث يبلغ الأب والولي خبره. أصبغ: البريدان بعيد. أشهب: ثلاثة بردٍ بعيد. مالك: مسيرة يوم قريب، وقال مرة: حد البعد مرحلتان، وقال مرة: ما لا يقطع خبرهم قريب من غير حد بأميال وهو أبين. قُلتُ: في حد البعد سبعة أقوال متقدم نقل اللخمي ستة: قولها، وقولا أشهب وأصبغ، وثلاثة لمالك، وسابعها قول الباجي: قال محمد: أقرب ما للأب أن يرحل فيه بالولد ستة برد. ابن زرقون: روى ابن وَهْب لا ينتقل بهم إلا إلى بلد بعيد كمصر من المدينة. وروى أشهب نحوه. المتيطي عن ابن الهندي وغيره من الموثقين وعليه يدل لفظها في إرخاء الستور: إن أراد الأب الانتقال لبلد غير بلده فله أخذ بنيه وليس البريد غير بلده. قال ابن الهندي: وزعم بعض المفتين أن الأب إذا رحل للسكنى على رأس البريد أن له أخذ ولده خلاف ما تقدم.

اللخمي: ويمنع الانتجاع به لموضع غير مأمون وإلى غير قرار، وقال مالك: من أراد أخذ ولده الصغير من مطلقته لينتقل للبادية منع، وفي أخذ بذلك وإن كان رضيعًا إن قبل غير أمه، أو فطم واستغنى عن أمه، ثالثها إن أثغر. للمتيطي عن أحد قولي ابن القاسم مع رواية محمد، له أخذه وإن صغر جدًّا وثانيهما وروايتها. قُلتُ: لم أجدها فيها، إنما فيها: ما حد ما يفرق بين الأم وولدها في العبيد؟ قال: قال مالك: الإثغار ما لم يعجل بالصبي، وذلك أن يستغني عن أمه بأكله وشربه ولبسه وقيامه وقعوده ومنامه. قُلتُ: أينهى عن التفرقة بين الأب والولد، كما ينهى عن التفرقة فيها بين الأم وولدها، قال: قال مالك: لا بأس أن يفرق بين الأب وولده وإن كانوا صغارًا، وإنما ذلك في الأمهات. قُلتُ: وهذا كله إنما هو في العبيد؛ ولذا لم يذكره البرادعي. الصقلي عن ابن أبي زمنين: كان بعض شَيُوخنا المقتدى بهم يفتون بوقف نقل الوالد ولده على ثبوت استيطانه عند الحاكم، وقال غيره: له أخذه ساعة ارتحاله، وعليه يدل لفظ الكتاب. وعاب الأول بعض العلماء، وقال: أرأيت إن أراد الرحلة للعراق يمضي إليها ليمطنها ويشهد هنالك ثم يرجع ورجحه ابن الهندي، قال: وهو ظاهر قولها في إرخاء الستور إن أراد الأب أن ينتقل بولده لبلد آخر فله ذلك، فعلقه على مجرد إرادته. المتيطي: ولسَحنون في أسئلة حبيب: أرى أن يكشف عن انتقاله كشفًا بينًا، فإن بان ضرره منع وإلا ترك. ابن عات في مقنع ابن بطال قال: من أثق به لفقهاء بلدنا في ذلك اختلاف، منهم من وقفه على ثبوت استيطانه، ومنهم من دفعه له بالعزم على السفر، وبالأول حكم شُيُوخ قرطبة قديمًا. ابن الهندي: والأحسن أن يصدق بيمين. المتيطي عن بعض القرويين: هذا حسن في المتهم لا المأمون.

قُلتُ: ففي أخذه بمجرد دعوى الاستطان ووقفه على يمينه على ذلك مطلقًا، أو إن كان، رابعها على ثبوت تقرر استيطانه، وخامسها على عدم ظهور إراداته ضرر الحاضنة، للصقلي مع جماعة وابن الهندي وبعض القرويين وجماعة من الأندلسيين وسَحنون، ويرجع الأول بأنه ظاهرها، ورابعها بعمل أهل قرطبة، ولعله فيما لا يبعد جدًّا، وعلى اعتبار الاستيطان في الاكتفاء بثبوته مطلقًا وتحديده بعام نقلا المتيطي عن أكثر الموثقين وابن الطلاع. وفي منع الانتقال بهم لوقفه على جواز البحر نقلا ابن الهندي مصوبًا الثاني. المتيطي: قول الموثقين في وثيقة إثبات استيطانه ويعرفونه مع ذلك مأمونًا فيه نظر، والواجب حمله على الأمانة حتى يثبت نقيضها. قُلتُ: لعلهم أخذوه من الرواية في نقل الزوج زوجته. وفيها: مع غيرها الجد وغيره من الأولياء في الانتقال بالولد كالأب. قُلتُ: انظر إن اختلف الأولياء في المحل المنتقل إليه هل يقدم الأقعد على الأبعدمطلقًا أو ما لم يكن محل الأبعد أرجح للولد من محل الأقعد، والأظهر الأول لعدم اعتبارهم ذلك في محل الحاضنة. الباجي: الوصي كالأب إذا انتقل هو أحق ولو بالإناث، ليس لإخوتهم ولا لأجدادهم منعه، سمعه أَصْبَغ من القاسم. اللخمي: للوصي الانتقال بمن في ولايته حين تصح حضانته مقيمًا، ويختلف إن كان مأمونًا وله أهل إلا أن تكون الصبية لا أهل لها إن خلفت، فيكون للوصي والولي السفر بها إن لم يكن له أهل أو كانت وصيَّة ولم تتزوج، ويختلف إن تزوجت؛ فعلى أحد قولي مالك لا ينزع منها في المقام يكون لها السفر به. وقال أبو مصعب: إن تزوجت وهي وصيَّة لم تخرج به ولو لموضع قريب إلا بإذن الولي. وفيها: ليس للأم نقل الولد من الموضع الذي فيه والدهم وأولياؤهم إلا لما قرب كالبريد ونحو حيث يبلغ الأب والأولياء خبرهم.

وسمع القرينان في النكاح لها أن تنوي بابنتها على قدر ميلين. ابن رُشْد: هذا مثل قولها، وقد روي عن مالك أن لها الخروج بهم إلى مسافة الرحلة، ثم رجع فقال: لا أرى أن تضر بأوليائهم. وسمع ابن القاسم في العدة: ليس أن تخرج بابنتها لسكنى مسكنها قبل نكاحها على مرحلتين إن منعها عمومتها. ابن رُشْد: مثله لمالك وابن القاسم في الموَّازية، وعن مالك أن لها أن تخرج بها مسافة يوم، ثم رجع، وليس في ذلك شيء يرجع إليه في الكتاب أو السنة إنما هو الاجتهاد لقوله تعالى: لا تضار ولدة بولدها [البقرة:]، وقوله صلى الله عليه وسلم: «إذا اجتمع ضرران نفى الأصغر الأكبر»؛ لأن منع المرأة الخروج بولدها إضرار بها، وإباحة ذلك لها إضرار بأولياء الصبي، فوجب الاجتهاد، ولذا وقع فيه الاختلاف. ولابن عات في بعض الكتب عن ابن جماهر الطليطلي: إن خرجت الأم ببنيها المحضونين إلى الصائفة سقط عن أبيهم فرضهم مدة مقامهم في الصائفة. وفيها: ليس العبد في انتقاله بولده كالحر، والأم أحق بهم كانت أمة أو حرة؛ لأن العبد لا قرار له، ونقلها الباجي وقال: قال في غيرها: إلا أن يكون للعبد ولي وتظعن الأم بهم حيث شاءت. اللخمي: للأم الحاضنة الفقيرة النفقة على ولدها اليتيم الموسر، فإن كانت موسرة فقال مالك: لا نفقة لها، وقال مرة: هي لها إن قامت عليهم، وقال أيضًا: تنفق بقدر حضانتها إن كان لا بد لها من حاضن، فجعل لها في هذا القول الأجرة دون النفقة، لأنها لو تزوجت أتى من ينفق عليها، وإن لم تتأيم لأجلهم أو كانت في سن من لا تتزوج فلها الأجرة وإن كانت دون نفقتها، وإن كان لهم من يخدمهم أو استأجرت من يخدمهم وإنما هي ناظرة لهم فلا شيء لها. وفي أجرة سكنى الولد أربعة منها على الأب: السكنى: يحيى بن عمر: السكنى على قدر الجماجم، قال: وروي أيضًا لا شيء على المرأة في يسر الأب.

سَحنون: ذلك عليها ليس نصفين؛ بل على قدر ما يرى ويجتهد، وأرى إن كان الولد لا تريد سكناه على من يسكن معه من أب أو حاضن فلا شيء على أبيه، وإلا فعليه الأقل مما تزيد على أحدهما. واختلف في خدمته ففيها: إن كان لا بد لهم من خادم لضعفهم عن أنفسهم والأب يقوي على إخدامهم أخدمهم. ولابن وَهْب: لا خدمة عليه به، قضى أبو بكر على عمر وأرى أن يعتبر في الخدمة مثل ما تقدم في الإسكان. وعليه في غطاء الولد ووطائه وقت مبينه مع أمه قدر ما ينوبه، وإن كانوا بمعزل عنها أو بلغوا حد ما لا يبيت الولد معها متعريًا فعليه ما يكفي الولد منفردًا. وتجب نفقة الوالد لفقره على الولد ليسره والكفر والصحة والصغر وزوج البنت وزوج الأم الفقير لغو. ابن حارث: روي ابن غانم: لا نفقة للأبوين الكافرين. المتيطي: بالأول العمل، وهو قول مالك المشهور. اللخمي: إن قدر زوج أمه على بعض نفقتها لزمه تمامها، ورق الوالد أو الولد يسقطها لوجوبها على السيد وعدم استغلال ملك العبد لو رضيت الأم الفقيرة بترك زوجها الملي نفقتها ففي وجوبها على ولدها الملي قولا الباجي واللخمي قائلا: إلا أن تكون أسنت والزوج على غير ذلك وقام على صحة قوله دليل. قُلتُ: وهما جاريان على من لأبيه الفقير زوجتان إحداهما أمه فقيرة في وجوب نفقتهما عليه أو على أمه فقط، نقلا الصقلي عن شُيُوخ القرويين مصوبًا الثاني قائلًا: هو أشبه بظاهر الكتاب. قُلت: سقوطها ليسر زوجها هو ظاهر قول الجلاب: تجب عليه نفقة أمه وإن كانت ذات زوج إذا كان زوجها محتاجًا، وفي الكافي: تلزمه نفقة أمه وزوجها إن لحقه العدم بعد الدخول. (...) يسر الولد ففي كونها على رؤوسهم، أو على قدر أموالهم، ثالثها: على فرض إرثهم ما داموا صغارًا:

اللخمي عن ابن الماجِشُون ومحمد مع أصْبَغ والصقلي مع الشَّيخ عن ابن حبيب مع مُطَرِّف ولم يحكيا عن أَصْبَغ إلا الأول. اللخمي: إن اتحد قدر ما يفرض له في انفراد كل واجتماعهم فعلى عددهم، وإن اختلف فعلى الأموال مثل أن يكون فرضه على ذي مائة دينار، وعلى ذي مائتين ديناران، وعلى ذي ثلاثمائة دينار ثلاثة دنانير أو ديناران، وكذا إن كان فرضه على أحدهما لقلة ماله أو لأنه صانع نصف دينار وهو نصف نفقة الأب، وعلى الآخر دينار وهو جميع نفقته ولو اجتمعا. الصقلي عن الشَّيخ لأبي الفرج: إن كان كل واحد تلزمه النفقة لو انفرد فهي عليهم بالسوية، وإن كان بعضهم لا يلزمه لو انفرد شيء فنفقته على باقيهم، وكان ابن الموَّاز أشار أن على كل واحد بقدر يسره وجدته. الصقلي: وما لأبي الفرج أبين كالحمالة بدين وكل واحد حميل بصاحبه إن لقي أحدهم أخذه بجميع الدين، وإن لقيهم جميعًا أملياء أخذ كل واحد بمنابه، ووجه قول أصبغ: أن لكل واحد لو انفرد وجبت عليه النفقة كاملة صغيرًا أو كبيرًا أو أنثى، فإذا اجتمعوا وزعت عليهم بالسوية. قُلتُ: قول أبي الفرج هو قول أَصْبَغ وظاهر قول الصقلي والشَّيخ: وأشار محمد إلى آخره؛ أنه يقول: أن من لو انفرد لم يجب عليه شيء يجب عليه في اجتماعه مع من يجب عليه وهو بعيد جدَّا فتأمله في نوازل ابن رُشْد: من استلحقه رجلان وأنفقا عليه حتى كبر ثم افتقرا لزمه نفقة رجل واحد يقسمانها، وإن افتقر أحدهما لزمه نصف ذلك له. قال: ومن أنفق على أبيه المعدم فلا رجوع له على إخوته الأملياء بشيء مما أنفق ليس لأجل ما ذكر أنه يحمل منه على الطوع؛ بل لو أشهد أنه إنما ينفق عن أبيهم فرضهم مدة مقامهم في الصائفة، وفيها ليس عليه على أن يرجع على إخوته بمنابهم لما وجب له الرجوع عليهم بشيء؛ لأن نفقته لم تكن واجبة عليهم حتى يطلبوا بها بخلاف نفقة الزوجة. قُلتُ: ويؤيده ما في سماع أَصْبَغ من كتاب العدة: من تغيب ويحتاج أبواه وامرأته ولا مال له حاضر أترى أن يتداينوا عليه ويقضى لهم بذلك، أما للزوجة فنعم،

وأما الأبوان فلا؛ لأنهم لو لم يرفعوا ذلك حتى يقدم فأقر لهم غرم للمرأة لا للأبوين. وفيها: تلزمه نفقة خادم امرأة أبيه لقول مالك: تلزمه نفقة خادمه؛ لأن خادمها تخدم أباه، ولو لم يكن لها خادم كانت الخدمة من النفقة التي تلزمه. المتيطي عن بعض القرويين: انظر هذا مع قولها في البكر لها خادم ورثتها على الأب نفقة ابنته دون نفقة دون خادمها، وفي الزكاة منها: من له عبد فهو مال يسقط نفقته عن أبيه، ففرق بعضهم بأن الأب محتاج لخدمة خادمة أو وطئها فهي كالزوجة والولد لا حاجة له إلى الخدمة، فإن احتاج إليها لزم الأب النفقة عليه وعلى خادمه، فلا فرق بينهما إذا اتحد السؤال. قال: وهذا لم يتأمل مسألة البنت؛ لأنه قال فيها: إن البكر لا بد لها ممن يخدمها، وفرق بعض شُيوخنا بأن الأب أحوج إلى الإخدام من الولد، قال: وهذا أيضًا استئناس. المتيطي عن سَحنون: لا يلزمه لابنته ولا لخادمها نفقة؛ لأنها ملية بالخادم، الشَّيخ في مختصره: وفي الزكاة نحوه. اللخمي: إن كانت البنت لا بد لها من خادم، فقال ابن القاسم: نفقة البنت على أبيها ونفقة الخادم على الابنة، وقال أشهب: على الأب نفقتها وهو أبين كنفقة الابن عليه وعلى خادمه التي لا بد له منها، ويلزم على قول ابن القاسم إن كان الأب معسرًا أن تباع تلك الخادم للإنفاق على الأب؛ لأنه جعل البنت موسرة بها. وسمع ابن القاسم في العدة: لا يجبر الولد على إحجاج أبيه ولا إنكاحه. ابن رُشْد: هذا على أن الحج على التراخي، وعلى الفور يلزمه ذلك، كما يجبر على شراء الماء لغسله ووضوئه، وروى أشهب جبره على إنكاحه وهذا ينحو لقولها بإيجاب النفقة على زوجة أبيه، وقول مالك هنا ينحو لقول المغيرة وابن عبد الحكم أنه لا يحب عليه نفقة زوجة أبيه ولو تحققت حاجته للنكاح لا نبغى أن لا يختلف في إيجابه، لا لروايته. اللخمي: أرى إن كان للأب من يخدمه أو فيه بقية لقيامه بشأنه، وهو ممن يتولى

ذلك، ولا مضرة عليه في عدم الزوجية لم يكن عليه إنكاحه، وإن عجز عن القيام بأمره أو كان ممن لا يتكلف ذلك كان إنكاحه حسنًا، وكان عليه إن لم يزوجه أن يستأجر له من يخدمه، وإن احتاج للإنكاح أنكحه، وقول مالك: أن ليس على الأب أن ينفق على زوجة ولده، والقياس أن ذلك عليه قياسًا على زوجة الأب، ولأن الابن أحوج إلى الزوجة منه. قُلتُ: يرد بأن نفقة الابن تسقط ببلوغه، وإن فرض كونه بلغ زمنًا فالزمانة مظنة عدم الحاجة للزوجة. وفيها: ينفق على امرأة واحدة لأبيه لا أكثر. اللخمي: وإن لم يكن محتاجًا لإصابتها لاحتياجه لم يقوم به، ولأن عليه في فراقها بعدم النفقة معرة. فإن كانت له زوجتان نفقتهما مختلفة فدعا الأب التي نفقتها أكثر وخالفه الولد، فلا أعرف فيها نصًا، إحداهما ومقتضى أصول المذهب أن القول قول الأب إن كانت من مناكحه، وتقدم للصقلي حكم كون أمه وهي فقيرة، ومثله لعبد الحق. وقال اللخمي: إن كانت أمه وأجنبية أنفق على أمه دون الأخرى، إلا أن تكون أمه أسنت والأخرى شابة، وفي الأب بقية؛ فعليه أن ينفق عليهم. ابن عيشون: وقيل على الولد نفقة زوجات أبيه ولو كن أربعًا. وقول ابن عبد الحَكم ليس عليه أن ينفق على زوجة أبيه جملة يحسن فيمن أسن ولا يشق عليه فراقها. اللخمي: ملك الأب دارًا وخادمًا لافضل في ثمنهما لا يرفع فقره، وإن كانت لغير سكناه وهو في غيرها بكراء لم تجب على ابنه نفقته إلا بنفاذ ثمنها، وإن كان للأب صنعة تكفيه وزوجته جبر عليها، وإن كفت بعض نفقته أكملها ولده وليس له إتلاف ماله بعطية وتعود نفقته على ولده، وللولد رد ذلك. ابن عات عن أحمد بن نصر: إن تصدق من تجري الحضانة على بعض ولده بجل ماله جاز إن ترك لنفسه شيئًا، ويفرض عليه على قدر ما بقي عنده، فإن لم يترك شيئًا فسخت صدقته.

المشاور: لا تجوز الصدقة على ذلك؛ وكأنه اتهمه، ونقل الباجي أن نفقة الوالدين المعسرين تلزم الولد ولو قويا على العمل. قُلتُ: قولا اللخمي والباجي كالقولين في الفقير القادر على العمل هل يعطى الزكاة أم لا، وإن أنكر الولد فقر أبيه دون إثبات غناه فعلى الأب إثبات عدمه ثم في تحليفه السلطان استبراء للحكم نقلا المتيطي عن ابن لبابة وغيره، قال بعض الموثقين: وبهذا القول القضاء وبه العمل. قُلتُ: هو نقل ابن عبد الغفور. (...) الولد بماله: اللخمي: وبصنعة فيها فضل عن نفقته، فإن ادعى الفقر ففي لزومه إثباته وإلزام الأب إثبات غناه نفلا المتيطي عن ابن أبي زَمَنَيْن مع غيره من الموثقين وعن ابن الفخار عن ابن العطار، قال بعض الموثقين: هذا إن لم يكن له ولد سواه، فإن كان وجب على الابن المدعي العدم إثبات عدمه لمطالبة أخيه بالنفقة معه، فلا ترجع جملتها على الواحد إلا بالحكم بعدم الآخر. قُلتُ: تعليل ابن الفخار أن قبول قول الابن بأن نفقتة الأب إنما هي في فاضل ماله لا في ذمته بخلاف الديون يقتضي أن لا فرق بين انفراد الولد وتعدده. وفي سماع أَصْبَغ من كتاب العدة قال أصبغ: نفقة الأبوين لا تجب إلا بفريضة سلطان حين يجدهما يستحقانها ويجد له مالًا يعديهما فيه. ابن رُشْد: مثله في الموَّازيَّة وهو يدل على أنه محمول على العدم حتى يثبت ملاه على ما ذهب إليه ابن الهندي خلاف ما ذهب إليه ابن العطار. اللخمي: نفقة الأب فيما فضل للولد عن نفقته ونفقة زوجته، واختلف إن كان للولد ولد فقيل: يتحاص الجد وولد الولد، وقال ابن خويز منداد: يبدى الابن. وأرى أن يبدى الابن إن كان صغيرًا لا يهتدي لنفعه، وسواء كان الأب صحيحًا أو زمنًا. وإن كان الولد كبيرًا ترجع القولان، وكذا الولدان يبدى الصغير على الكبير والأنثى على الذكر، وكذا الأبوان تقدم الأم على الأب. وفيها: (بعد ذكر لزوم نفقة الأبوين الولد ويعدى على الغائب في بيع ماله للنفقة

على من ذكرنا) حياته وأن لا دين عليه يغترب ماله، ونفقة الزوجة واجبة حتى يعلم سقوطها بذلك، وهذا من باب استصحاب الحال من ذلك الفرق بين أكل شاكَّا في الفجر وشاكَّا في الغروب، وبين من أي، وسئل ابن رُشْد عن قول ابن سهل: لاتباع أصول الغائب لنفقة أبويه فقال: إنما حكاه عن ابن عتاب وهو صحيح؛ لأن نفقة أبويه كانت ساقطة فلا تجب عليه حتى يطلباه بها، فإذا غاب عنهما لم يصح الحكم بها عليه، وبيع أصوله لاحتمال كونه في ذلك الوقت قد مات وعليه ديون يستغرقها بخلاف نفقة الزوجة؛ لأن نفقة الأبوين ساقطة حتى يعلم وجوبها بمعرفة حياته وأن لا دين عليه يغترف ماله، ونفقة الزوجة واجبة حتى يعلم سقوطها بذلك، وهذا من باب استصحاب الحال من ذلك الفرق بين من أكل شاكًّا في الفجر وشاكًّا في الغروب، وبين من أيقن بالوضوء وشك في الحدث، ومن أيقن بالحدث وشك في الوضوء. ومسألة كتاب طلاق السنة في المفقود يموت بعض ولده في تفرقته بين أن يفقد حرًّا أو يعتق بعد أن فقد ومثله كثير. وقوله: إن الحاكم يضمن إن فعل؛ لأنه من الخطأ الذي لا يعذر فيه ـــ غير صحيح ــــ وإن قاله ابن عات؛ فإنما قاله إغراقًا لمخالفة من خالفه من أصحابه، وأفتى بيع أصوله في ذلك. وإنما قلنا أنه غير صحيح؛ لأن محمدًا حكى الإجماع في ذلك وإن وجد في بعض المسائل في ذلك خلاف فهو شذوذ خارج عن الأصول. وما في إرخاء الستور منها، وسماع أصبغ: من بيع مال الغائب في نفقة أبويه يحمل على ما عدا الأصول استحسانًا؛ لأن القياس ألا ينفق عليهما في مغيبه من ماله لاحتمال موته وإحاطة الدين بماله، ولذا قالوا: لا تؤخذ من ناض ماله زكاة. وعسر الأب فقره كأخذ الزكاة: فيها: (ينفق على من له خادم من الأبوين، وكذا إن كانت له دار لا فضل في ثمنها كما يعطي الزكاة). اللخمي: إن كانت له دار لغير سكناه وهو في دار بإجاره لم تجب نفقته على ابنه إلا بعد نفاذ ثمنها، وكذا الخادم إن كان غنيًّا عنها. قُلتُ: يريد بغير سكناه أنها أزيد مما يليق بسكناه ولو كانت قدرها لم يضره ترك

سكناها بسكناه غيرها بكرًا فتأمله. اللخمي: لابن القاسم في كتاب ابن سَحنون: إن كان الأب لا دار له وللابن دار يسكنها لم يكن عليه بيعها للإنفاق عليهما، ولو كان في غلتها ما ينفق على الابن فقط لبيعت لحق الابن في الإنفاق، ولما نقل ابن عبد السلام ما في كتاب ابن سَحنون، قال: وقيل: بل تباع، فعليه تباع دار الأب لينفق منها عليه أولى. قُلتُ: وهذا لا أعرف من نقله سوى ما ذكر اللخمي من اختياره؛ بل نقل ابن عات عن المشاور والداودي: لا تباع دار الأب في حضانة بنيه، قال غيره: إلا أن يكون فيها فضل، وتقدم نقل ابن رُشْد عن المذهب أن شرط تقرر وجوبها على الولد الحكم عليه بها، وهو مقتضى قولها في الزكاة الأول: إن أنفق الأبوان وصغير ولده وهو موسر ثم طلبوا ذلك لم يلزمه. قال ابن الحاجب: وتسقط عن الموسر بمضي الزمان بخلاف الزوجة إلا أن يفرضها الحاكم أو ينفق غير متبرع. ابن عبد السلام: يعني إن فرضها الحاكم وتعذر أخذها لغيبة من وجبت عليه أو لم تتعذر فأنفق على الأب أو على الولد من لم يتبرع بها فله الرجوع، ونبه بقوله: وفرضها القاضي على الجمع بين قولها في الزكاة الأول، وقولها في النكاح الثاني: إن أنفقت الزوجة على طعامها نفسها وصغار ولده وأبكار بناته من مالها أو سلفًا والزوج غائبا فلها اتباعه إن كان في وقت نفقتها موسرًا، فجمعوا بينهما على أن ما في الزكاة قبل فرض القاضي وما في النكاح بعد فرضه. قُلتُ: في زكاتها أيضًا مثل ما في نكاحها وهو قوله: ويعدي الولد والزوجة بما تسلفا في يسره من النفقة. وقول ابن الحاجب: إلا أن يفرضها أو ينفق غير متبرع، يقتضي أن نفقة الأجنبي غير متبرع كحكم القاضي بالنفقة وليس كذلك، إنما يقضي للمنفق غير متبرع إذا كان ذلك بعد الحكم بها، فلو قال: إلا أن يفرضها فيقضى بها لها أو لمن أنفق عليهما غير متبرع لكان أصوب.

الشَّيخ عن الموَّازية: إذا رفع الأبوان إلى السلطان في مغيب الابن ولا مال له حاضر لم يأمرهما أن يتسلفا عليه بخلاف الزوجة؛ إذ لا تلزم نفقتهما إلا بالحكم. وفيها: (ما أنفق على الوالدين من مال الولد فلا يتبعهما به إذا أيسرا). وسمع عيسى ابن القاسم في الرجل يكون لابنه المال فيموت الأب، إن كان مال الابن ناضا فوجده مصرورًا كما كان لم ينفق منه شيئًا لم يحاسبوه بما أنفق أبوه عليه، والروايات واضحة بعدم اتباع الأب ولده بما أنق عليه. فيها: (من أنفق على صغير لم يرجع عليه بشيء إلا أن يكون للصبي مال حين أنفق عليه فيرجع عليه بما أنفق عليه من ماله). وسمع سَحنون ابن القاسم: من غاب أو فقد فأنفق رجل على ولده فقدم أو مات في غيبته، وعلم أنه عديمًا لم يتبعه بما أنفق عليه ولا ولده. ابن رُشْد: لأن الولد إذا لم يكن لأبيه ولا له مال فهو كاليتيم النفقة عليه احتساب ليس له أن يعمر ذمته بدين ولا برضاه؛ إذا ليس ممن يجوز على نفسه رضاه وإن كان له أو لليتيم مال فللمنفق عليهما الرجوع عليهما في أموالهما إن كانت له بالنفقة بينة، وإن لم يشهد أنه إنما ينفق ليرجع بعد يمينه أنه إنما أنفق عليهما ليرجع في أموالهما لا على وجه الحسبة. ويسر أبي الولد كماله، وروى محمد بن يحيى السبائي أن لا رجوع له في أموالهما إلا أن يكون أشهد أنه إنما ينفق ليرجع في ذلك، وهذا إذا أنفق وهو يعلم مال اليتيم أو يسر الأب، ولو أنفق عليهما ظانَّا أنه لا مال لليتيم ولا للابن ولا لأبيه ثم علم ذلك فلا رجوع له، وقيل: له الرجوع، والقولان قائمان منها. قُلتُ: الأول ظاهر قولها في تضمين الصناع: ولا يتبع اليتيم بشيء إلا أن يكون له أموال فيسلفه حتى يبيع عروضه، فإن قضى ذلك عن ما أسلفه لم يتبع بالنائف وكذا اللقيط. والثاني: ظاهر قولها في النكاح الثاني: من أنفق على صغير لم يرجع عليه بشيء إلا أن يكون له مال حين أنفق عليه فيرجع بما أنفق عليه في ماله ذلك، ونحوه في كتاب الولاء منها، والأولى تقييد مطلقها بمقيدها فيكون ذلك قولًا واحدًا، وإذا حاسب

الأب ابنه بما أنفق عليه مما بيده وطلب الابن يمينه ما أنفقت علي إلا لتحاسبني، ففي الحكم بحلفه له فتوى ابن العطار، ونقل الشعبي فتوى غيره. وفيها: لا يلزم الجد نفقة ولد الولد كما لا يلزمهم نفقته ولا نفقة أخ ولا ذي رحم. ونفقة ذي الرق على سيده، في ثاني زكاتها ينفق السيد على عبده إن أبى جبر على أن ينفق عليه أو يبيع، وسمع القرينان في الأقضية قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «للمملوك طعامه وكسوته بالمعروف، ولا يكلف من العمل إلا ما يطيق»، قال مالك: على سيده أن لا يكلفه إلا ما يطيق يقضى بذلك عليه. ابن رُشْد: يعني بالمعروف أي: من غير إسراف ولا إقتار بقدر سعة السيد وحال العبد ليس الوغد الأسود الذي للخدمة والحرث كالنبيل التاجر الفاره فيما يجب لها، وفيه دليل ظاهر على عدم لزوم مساواة العبد سيده في ذلك، وفعل أبي اليسر الأنصاري وأبي ذر ذلك محمول على ما يجب له عليه بالمعروف في مطعمه وملبسه بخلاف ما يملكه من البهائم فإنه يؤمر بتقوى الله في ترك إجاعتها ولا يقضى عليه بعلفها، وعن أبي يوسف يقضى عليه بعلفها كنفقة العبد؛ لما جاء أنه صلى الله عليه وسلم دخل حائط أنصاري فإذا فيه جمل، فلما رأى النبي صلى الله عليه وسلم رق له وذرفت عيناه، فمسح رسول الله صلى الله عليه وسلم سروه وذفراه حتى سكن ثم قال: «من رب هذا الجمل؟» فجاء فتى من الأنصار فقال: هو لي يا رسول الله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أفلا تتقي الله في البهيمة التي ملكك إياها، فإنه شكى إلي أنك تجيعه». والفرق بين العبد والدابة أن العبد مكلف تجب عليه الحقوق من الجناية وغيرها، فكما يقضى عليه يقضى له، والدابة كما لا يقضى عليه لا يقضى لها. قُلتُ: تعذر شكوى الدابة يوجب أحروية القضاء لها، وقوله: مسح سروه أي:

ظهره، الجوهري: سراة كل شيء ظهره ووسطه والجمع سرواة، والذفرى بالذال المعجمة، الجوهري: هو الموضع خلف الأذن من البعير أول ما يعرف منه، وذكر أبو عمر في العبد مثل ما تقدم، وقال: ويجبر الرجل على أن يعلف دابته أو يراعاها إن كان في رعيها ما يكفيها أو يبيعها أو يذبح ما يجوز ذبحه ولا يترك يعذبها بالجوع. قُلتُ: ولا زم هذا القضاء عليه؛ لأنه منكر وتغيير المنكر واجب القضاء به، وهذا أصوب من نقل ابن رُشْد، وفي ضحاياها: وقد روي في الحديث: «ولا بأس بالشرب منها بعد ري فصلها». ابن حارث اختلف في الأمة المستحقة تكون حاملًا ممن استحقت منه، فقال محمد بن عبد الحَكم: نفقتها على نفقة مستحقها، وقال يحيى بن عمر: بل هي على من هي منه حامل، وقول يحيى هو الجيد؛ لأن الجنين حر. قُلتُ: الأظهر إن كان في خدمتها قدر نفقتها أنفق عليها منها، ونفقة العبد المشترك فيه على قدر الأنصباء والمعتق بعضه كشريك والمدبر والمعتق إلى أجل كالقن، وفي كون نفقة المخدم على سيده أو على ذي الخدمة، ثالثها: إن كانت الخدمة يسيره لنقل ابن رُشْد والمشهور عنده ونقله أيضًا، قال: وقال سَحنون هي في اليسيرة على ربه اتفاقًا وكون الأقوال ثلاثة أصوب، في وصاياها الأول نفقة الموصي بخدمته في الخدمة على المخدوم. ابن العطار: يحتمل كونه بكسر الدال وفتحها، والذي تأولناه الفتح، قال غيره: هذا خلاف قولها في الزكاة الثاني. قُلتُ: الموصى برقبته لرجل وبخدمته لآخر على من زكاة الفطر عنه قال: عن من أوصى له برقبته إن قبل ذلك كما لو أخدمه سيده رجلًا مع قولها بعد ذلك لا يؤديها الرجل إلا عن من يحكم عليه بنفقته من المسلمين خلا المكاتب. قُلتُ: قول ابن العطار كما زعم ابن رُشْد أنه المشهور، ومن أعسر بنفقة أم ولده فقال الباجي: في كتاب القزويني: تزوج ولا تعتق، وقاله جماعة من القرويين. ابن اللباد: سألت عنها يحيى بن عمر فقال: تعتق.

قُلتُ: لم لا تنفق من عملها، قال: فإن لم يكن فيه كفاية وهو قول أشهب. ابن عبد الرحمن: تعتق، وكذا إن غاب ولم يترك لها نفقة لا يزوجها الحاكم؛ لأنه مكروه. ابن سهل: نزلت بقرطبة أيام ابن يبقي في أم ولد أثبتت أن سيدها غاب عنها منذ ثلاثة أعوام وأنها ضائعة ليس لها ما تنفق منه، فأتى ابن عتاب: يتلوم له شهر ونحوه وتعتق، وطول مدة الغيبة ثلاثة أعوام يسقط عنها الحلف أنه ما خلف لها ما تنفق منه، ولقول أشهب: من عجز عن نفقة أم ولده استحسنا أنها كالزوجة إن لم يقم بأمرها ولم يكن شيء مثله يستعمل فيه بما يكفيها تلوم له شهر وعتقت عليه، وأفتى ابن القطان: لا تعتق وتبقى حتى يقدم سيدها أو يثبت موته أو ينقضي تعميره، هذا الذي أراه على أصول ابن القاسم، ونزلت وأفتى فيها القاضي القرشي بإشبيلية أنها تعتق وخولف. ابن سهل: الصواب عتقها وإن كان ابن العطار قال: لا تعتق وتسعى لنفسها، قال لي ابن عتاب: وتعتد بعد عتقها بحيضة ولا يمين عليها لطول أمد المغيب بخلاف الحرة. الصقلي: عن بعض القرويين: إن لم يكن في خدمة المدبر ما يكفيه في نفقته وأعسر السيد بها عتق عليه، والله تعالى أعلم.

كتاب البيوع

كتاب البيوع

[كتاب البيوع] البيع الأعم: عقد معارضٍة على غير منافع ولا متعة لذة؛ فيخرج الإجارة والكراء والنكاح وتدخل هبة الثواب، والصرف، والمراطلة، والسلم. والنكاح وتدخل هبة الثواب، والصرف، والمراطلة، والسلم. والغالب عرفًا أخص منه بزيادة: «ذو مكايسٍة أحد عوضيه غير ذهبٍ ولا فضةٍ معينٌ غير العين فيه» فتخرج الأربعة.

ودفع عوضٍ في معلوم قدر غير ذهبٍ مسكوك أو فضة لأجل سلمٌ لا بيعٌ لأجل؛ لأنه لو استحق لم ينفسخ بيعه ولو بيع معينًا انفسخ بيعه باستحقاق، وحصول عارض تأجيل عوضه العين، ورؤية عوضيه غير العين حين عقده، وبته وعدم ترتيب ثمنه على ثمن سابق، وصحته، ومقابل كل منهما يعدده لمؤجل، ونقد، وحاضر، وغائب وبتًّ، وخيار، ومرابحٍة، وغيرها، وصحة وفساد كل منهما مباين لمقابله، وأعم من غيره من وجه. وقال ابن عبد السلام: معرفة حقيقته ضرورية حتى للصبيان وعرفه بعضهم بأنه: دفع عوض في معوض فيدخل الفاسد أو أكثره، وخصص بعضهم تعريف الحقائق

باب الصيغة في البيع

الشرعية بصحيحها؛ لأنه المقصود بالذات، ومعرفته تستلزم معرفة الفاسد أو أكثره فقال: «نقل الملك بعوض» لاعتقاده أن الفاسد لا ينقل الملك؛ بل شبهته، وذكر لفظ العوض فيهما خلل؛ لأنه لا يعرف إلا بعد معرفة البيع أو ما هو ملزوم له. قُلتُ: المعلوم ضرورة وجوده عند وقوعه لكثرة تكرره، ولا يلزم منه علم حقيقته، حسبما تقدم في الحج. والتعريف الأول لأحد نقلي اللخمي أن البيع: التعاقد والتقابض، والثاني للمازري والصقلي، وقصره التعقب عليهما بما ذكر يرد بأن الأول: لا يتناول إلا بيع المعطاة؛ وبأن الثاني: لا يتناول شيئًا من البيع؛ لأن نقل الملك لازم للبيع أعم منه، وكونه بعوض يخصصه بالبيع عن ملك الهبة، والصدقة ولا يصره نفس البيع، ويدخل فيه النكاح والإجارة، وفي كتاب الغرر منها من قال لك: «أبيعك سكنى داري سنة»، فذلك غلط في اللفظ، وهو كراء صحيح، وقوله: «العوض أخص من البيع» يرد بأنه أعم منه، لثبوته في النكاح، وغيره تقدم لابن بشير: «النكاح عقد على العضو بعوض». وقال ابن سيدة: العوض البدل، ونحوه قول الزبيدي: يقال: أصبت منه العوض، وقسم النحاة التنوين أقسامًا: أحدها: تنوين العوض؛ والأصل عدم النقل. [باب الصيغة في البيع] وله أركان: الأول: الصيغة: ما دل عليه ولو معاطاة، في حمالتها: ما فهم أن الأخرس فهمه

من كفالة أو غيرها لزمه. الباجي كل إشارة فهم منها الإيجاب والقبول لزم بها البيع. ومن قال لمن وقف سلعته للبيع بكم هي؟ فقال: بكذا، فقال: أخذتها به، فقال: لا أرضى، ففي لزوم البيع واقفها ولغوه إن حلف ما ساومه على الإيجاب، ثالثها إن كان الثمن قيمتها أو ما تباع به، وإلا فالثاني لسماع القرينين، ولها، ولابن رُشْد عن الأبهري. ابن رُشْد: وكذا إن قال السائم: أنا آخذها بكذا، فقال البائع: بعتكها به؛ فقال: لا أرضى، قال: ولو وقع هذا ممن لم يقفها بالسوق للبيع لم يلزمه اتفاقًا، وحلف أنه كان لاعبًا إلا أن يتبين صدقة، فلا يحلف، وقال بعضهم: فيه الخلاف كالأول، لظاهر سماع ابن القاسم إذ لم يذكر فيه أنه وقفها للبيع، فيحصل في لزوم البيع، ثالثها سماع أشهب الفرق بين وقفها وعدمه، وليس بصحيح؛ لأن سماع ابن القاسم، وإن لم تكن السلعة فيه موقوفة فذهاب المشتري يستشير فيها بإذن البائع، يخرجها من الخلاف، وقد بين هذا في تفسير ابن مزين. قُلتُ: نص سماع ابن القاسم هو قول مالك في من أتى بعض النخاسين الذين

يبيعون الرقيق والدواب فيما كسه في الدابه، إلى أن يقول النخاس: هي بكذا فيقول السائم: أأذهب أستشير فيها؟ فيقول: نعم، فيأتي فيرضاها، فيقول البائع: بدالي، والذي كان بيننا إنما كان مساومة أو قد زيد عليك فبعتها لغيرك فيلزم النخاس البيع. قُلتُ: فكون البائع نخاسًا وهو الدلال قائم مقام وقفها للبيع. ابن رُشْد: ولو قال البائع: بعتك بكذا أو المشتري: اشتريت بكذا لزمه إن أجابه صاحبه بالقبول في المجلس قبل التفرق اتفاقًا، وفي كون قول البائع بعتها بكذا أو اشترها بكذا، وقول المشتري: بعنيها بكذا كذلك أو كالمساومة فيدخله خلافها؟ قولان لعيسى بن دينار ومع ابن القاسم ولها ورواهما محمد ورجح الأول. قُلتُ: لأن بعني أمر بما يصير الآمر مبتاعًا وهو يدل على استدعائه حصول المطلوب أو إرادته عرفًا وكلاهما يدل ظاهرًا على التزام المستدعى أو المراد وقوله «بكذا» جوابًا لقوله: بكم سلعتك؟ لا يدل عليه ولهذا اختصرها أبو سعيد سؤالًا وجوابًا لا يقال: لا يلزم من إرادة كونه بائعًا لزوم العقد من يده إذ البيع أعم منه بتًّا أو خيارًا؛ لأن البيع المطلق ظاهر في البت واللزوم الظني معتبر في الفقهيات، ولذا كان المشهور في اختلافهما فيهما: القول قول مدعي البت. ابن أبي زمنين: مذهب ابن القاسم أن قوله: بعتها أو أعطيتكها بكذا يلزم البيع قائله، وقول اشتريت أو ابتعتها أو أخذ أخذتها بكذا يلزم الشراء قائله. وقول أبيع ونحوه وأشترى ونحوه يلزم اليمين لا العقد الصقلى لأنه وعد. قُلتُ: في نوازل سَحنون عن رواية ابن نافع من قال لرجل: تبيعني دابتك بكذا؟ فيقول: لا، إلا بكذا فيقول: أنقصني دينارًا، فيقول: لا، فيقول: أخذتها بذلك، لزم البائع البيع. ابن رُشْد: اتفاقًا فالدلالة تردد المماكسة على أنه غير لاعب. قُلتُ: مقتضى تبيعني، جوابه: بأبيعك فإلزامه البيع، يعارض نقل ابن أبي زمنين، أو يقيده بغير المماكسة. قُلتُ: وموجب لزومه أول عاقده قرب قبوله الآخر. ابن رُشْد: لو قال: أبيعك سلعتي بعشرة إن شئت، فلم يقل: أخذتها حتى انقضى

باب العاقد الذي يلزم عقده

المجلس، لم يكن له شيء اتفاقًا. وفي القبس: الإيجاب على الفور عند الشافعي، وقيل يجوز لليسير من الزمان وقيل الكثير، ومقتضى الدليل جواز تأخيره لما لا يبطل تأخيره كونه جوابًا وإن طالت المدة. قُلتُ: كتب موثق بائع مسافر عبر عنه: بعت موضع كذا من زوجتي فلانة بكذا إن قبلت؛ وبينه وبينها مسافة شهرين؛ فقال ابن عبد السلام مدة قضائه: لا أجيز هذا البيع على هذه الصفة؛ فبدلت الوثيقة بحذف «إن قبلت» فقبلها، فلعله رأى الأول خيارًا والثاني وقفًا. [باب العاقد الذي يلزم عقده] الثاني: العاقد: فالعاقل الجائز الأمر الطائع لازم عقده له، وعقد المجنون حين جنونه ينظر له السلطان بالأصلح في إتمامه وفسخه إن كان مع من يلزمه عقده لقولها: من جن في أيام الخيار نظر له السلطان، ولسماع عيسى. ابن القاسم: إن باع مريض ليس في عقله فله أو لوارثه إلزامه المبتاع. ابن رُشْد: لأنه ليس بيعًا فاسدًا كبيع السكران على قول من لا يلزمه بيعه، والسكران بغير خمر مثله وفيه به طريقان. اللخمي: في لزومه بيعه قول ابن نافع ورواية سَحنون، قائلًا: عليه أكثر الرواة، ولم يحك أبو عمر غيره وزاد: ويحلف ما كان حين بيعه عاقلًا. ابن رُشْد والباجي: إن لم يعرف الأرض من السماء ولا الرجل من المرأة فكالمجنون اتفاقًا وإن كان له بقية من عقله فالقولان. وفي المحجور طريقان: المتيطي، ما باع من عقاره دون إذن وصيه تعقبه ابن عبد السلام: إن رآه سدادًا والثمن باق أو بعضه، وباقيه أنفقه في مصالحه، أمضاه، وإلا فسخه، ولرب الثمن أخذه، إن قامت عليه بينة مطلقًا، إن كان يعرف بعينه، وإلا فيشترط عدم مفارقته البينة، وإقرار السفيه بتعيينه لغو، ولو أفاته وشهدت بينه أنه أنفقه

في مصالحه ففي أخذه من ماله المشهور ونقل يحيى بن إسحاق عن ابن القاسم. ابن رُشْد: في رد بيع اليتيم والصغير دون إذن وصيه بعض عقاره مع عدم اتباعه بثمنه وإن صرفه في ضروري نفقته مطلقًا أو إن رأى ذلك وصيه مع اتباعه بالثمن. ثالثها لزوم إمضائه إن بيع بالقيمة، وكان أولى ما يباع عليه لابن القاسم، وأَصْبَغ وغيرهما، ولو باع ما بيع غيره أولى رد اتفاقًا، ولو أغرم الثمن لإدخاله فيما لابد منه، وما باعه وأنفق ثمنه في شهواته المستغنى عنها رد ولم يتبع بشيء اتفاقًا، ولو قل المبيع، والثمن محمول على أنه أنفقه فيما له منه بد حتى يثبت غيره. وفي كون النظر في حال بيعه يوم عقده أو يوم النظر فيه، قولان الآتي على سماع يحيى بن القاسم مع رواية ابن نافع، وقول أَصْبَغ في الخمسة، والمشهور مع نوازل أَصْبَغ والآتي على قوله في الدور والأرضين، ما اشترى وصي من مال يتيمه أعيد للسوق، وفي أول أنكحتها إن باع يتيم عبدًا بغير إذن ربه وأتلف ثمنه فلربه أخذه ولا عهدة على اليتيم وفي مديانها: (لا يجوز شراء مولى عليه إلا فيما لابد من عيشه كشرائه بالدرهم لحمًا أو خبزًا وبقلًا ونحوه) وبيع المكره عليه ظلمًا، لا يلزمه: الشيخ عن ابن سَحنون والأبهري: إجماعًا. قال ابن سَحنون عنه: وللبائع إلزام المشتري طوعًا، وأخذ مبيعه ولو تعددت أشتريته كمستحق كذلك ولا يفيته عتق ولا إيلاد، ويحد المشتري بوطئها ولو أكره العاقد إن لم يلزم أحدهما ما ألزمه الآخر بعد زوال الإكراه. سَحنون: لو أكره على بيعه بثمن فباعه بأكثر ولا قدرة له على عدم البيع، فهو مكره، ولو أكرها على العقد وقبض الثمن، والمثمن ضمنهما المكره، ويصدق البائع في تلف الثمن، ولو كان يغاب عليه، فلو أقر البائع بالطوع ضمن الثمن، ولم يضمن له مبيعه، وللمبتاع رده وأخذ ثمنه من البائع، فإن كان عديمًا أخذه من المكره ورجع به على البائع، ولو أقر به المبتاع، فالبائع مخير في إمضائه وأخذ مبيعه، فإن هلك بيد المبتاع ضمنه، فإن كان ثمنه كقيمته يوم الإكراه فلا شيء للبائع وإن قصر عنها، فاستحسن سَحنون رجوعه بتمامها على المكره. وقال ابنه: القياس تخييره فيه، وفي اتباع المشتري،

ومن غرم منهما، لم يتبع صاحبه بشيء. سَحنون: فإن أقام البائع بينه بتلف الثمن، فله أخذ مبيعه وضمان الثمن من مبتاعه لطوعه، ولو تلف المبيع فلربه أخذ قيمته من المكره أو المبتاع ولا رجوع لأحدهما على الآخر، ولو عجز البائع عن البينة بتلفه، ففي تصديقه أول قولي سَحنون، وثانيهما. الشَّيخ عن سَحنون: من أكره على إعطاء مال ظلمًا فبيعه لذلك بيع مكره. زاد ابن رُشْد عنه في أجوبته، وفي روايته: ولرب المبيع أخذه دون ثمن إن كان المشتري عالًما بضغطه ظلمًا وإلا فبالثمن، الشَّيخ عن ابن حبيب وعن أَصْبَغ وابن عبد الحَكم، ورواية مطرف: يتبع المشتري بثمنه الظالم دفعه له هو أو البائع ولو قبضه وكيل الظالم تبع أيهما شاء كالمكره إن فات مبيعه تبع بقيمته أيهما شاء. قال مطرف: فإن قال الوكيل: ما فعلته إلا خوفًا من الظالم لم يعذر لقوله صلى الله عليه وسلم «لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق»، وكذا كل ما أمر بفعله ظلمًا من قتل أو قطع أو جلد أو أخذ مال وهو يخاف إن لم يفعله نزل به مثل ذلك فلا يفعله، فإن فعله لزمه القصاص والعزم. قُلتُ: هذا ونحوه من نصوص المذهب، يبين لك حال بعض القضاه في تقديمهم من يعرفون جرحته شرعًا للشهادة بين الناس في الدماء والفروج، ويعتذرون بالخوف من موليهم القضاء، مع أنهم فيما رأيت لا يخافون منه إلا عزلته عن القضاء، ولله در الشَّيخ الصالح أبو زكريا الصفوني صالح بجاية أروي عنه بسند صحيح أنه كان يقول: «اللهم العن الشيعة ومغيري الشريعة». قال ابن عبد الحَكم، وأَصْبَغ عن مطرف: جهل وصول ثمن مبيع المضغوط للظالم باحتمال صرفه المضغوط من منافعه كتحقق وصوله إن عرف إكراهه له حتى باعه إلا أن يوقن أنه صرفه في منافعه فلا يأخذ مبيعه إلا بدفع ثمنه، وسواء أخرج المضغوط للبيع مكبولًا أو موكولًا به حراس أو أخذ عليه حميل أو كان مسرحًا دون

حميل إلا أنه هرب خالفه الظالم إلى منزله بالأخذ والمعرة في أهله، أو كان له مال عين غير ما باعه به أو لم يكن ولي البيع أو وكل عليه، والمشتري إن علم ضغط المضغوط فكغاصب في ضمان المبيع وغلته، وإلا فكمشتر ما استحق منه فيهما، وبيع قريب المضغوط لفكاكه من عذاب كزوجته وولده وقريبه لازم. ابن حبيب عن مُطَرَّف وابن عبد الحَكم: إن غرم حميل المضغوط عنه شيئًا لم يتبعه به، ولو ضغط الحميل في ذلك لبيع شيء فبيعه بيع مضغوط، وعزا ابن رُشْد لابن القاسم في المبسوط مثل ما تقدم عن مطرف، قال: وحكى ابن حبيب عن مطرف، وابن عبد الحَكم وأصبغ: للمضغوط أخذ ماله ولو من مشتريه من غير المضغوط، ويرجع كل مشتر على بائعه منه، وروي سَحنون وقال: إن ولي المضغوط بيعه وقبض ثمنه لم يأخذه إلا برد ثمنه، وقال ابن كنانة: بيعه لازم له؛ لأنه أنقذه مما كان فيه من العذاب. قُلتُ: فيلزم مثله في حميله أحرى لقصده مجرد المعروف. الشيخ عن مطرف، وابن عبد الحَكم وأصبغ: والعامل يعزله الوالي على سخطه، أو يتقبل الكورة بمال يلتزمه، ويأخذ أهلها بما شاء من الظلم، فيعجز، أو يتقبل المعدن فيعجز عما عليه فيه فيغرمه الوالي مالًا بعذاب حتى يلجئه لبيع ماله، فبيعه ماض عليه كمضغوط في حق عليه سواء أخذ الوالي ما له لنفسه أو رده على أربابه كمكره أو مضغوط في بيع لحق عليه أو دين لازم، وكذا بيع أهل الذمة أو العنوة فيما عليهم من جزيٍة وأهل الصلح فيما صالحوا عليه. ابن رُشْد: الذي عليه عمل أهل القضاة، أن من تصرف للسلطان في أخذ مال وإعطائه، إن أضغطه فيه فبيعه لازم له. وفي جبر ذي ربعٍ افتقر لتوسع مسجد الجمعة له قولان لفتوى ابن رُشْد مع أكثر شُيُوخه ونقله عن ابن الماجِشُون ونقله عن بعض شُيُوخه، ونقل الباجي الإجماع على الأول، لا أعرفه في كتب الإجماع واحتج ابن رُشْد بقول سَحنون: يجبر ذي أرض تلاصق طريقًا هدمها نهر لا ممر للناس إلا فيها على بيع طريق منها لهم بثمن يدفعه

باب في شرط المبيع

الإمام من بيت المال، وبفعل عثمان رضي في توسيعه مسجده صلى الله عليه وسلم وبقول مالك وغيره: إذا غلا الطعام واحتج إليه أمر الإمام أربابه بإخراجه للسوق. قُلتُ: وتقدم في الجهاد جبر رب علج على بيعه لفداء مسلمٍ، قال من هو بيده: لا أفديه إلا به. [باب في شرط المبيع] والمبيع شرطه: تقرر ملك مبتاعه عليه، ولو وجب عتقه إذ به يجب، فالمسلم كالمصحف لا يباع من كافر. المازري: (لا يحل بيع مسلم منه). قُلتُ: فالمصحف أحرى، فإن وقع ففيها لا يفسخ ويباع عليه. اللخمي: روى ابن حبيب: يفسخ ويعاقبان، وأصل سَحنون: كل بيع حرام غير منعقد، وضمان مبيعه من بائعه ولو قبضه مبتاعه، وروى ابن شعبان: يفسخ ولو تداولته أشريه مسلمين ولو هلك عند الكافر، ولم يبعه، ضمن قيمته، وحمل رد البياعات أنه عقوبه له، ولو كان لعدم انعقاده ما ضمنه، وأرى إن ظن المشتري صحة ملكه فله رده

بعيب عدم دوامه وحبسه ليباع، وإلا فسد إن فات مضى بالقيمة وبيع عليه. قُلتُ: في كونه عيبًا نظر؛ لأن عدم دوام ملكه لوصفه لا لصفة المبيع؛ لأنه لو أسلم ثبت، المازري وابن حارث: فسخه قول أكثر أصحاب مالك. ابن حارث: في مبايعة الكافر بالعين فيها اسم الله قول ابن القاسم: فيها كراهته مالك وأعظم ذلك، وقول ابن عبد الحَكم: لا بأس بذلك، وسمع عيسى ابن القاسم يمنع بيع مصحف ابن مسعود. ابن رُشْد: لأن قراءته لم تثبت. قُلتُ: وعليه بيع ما يوجد اليوم على أنه التوراة والإنجيل. وفيها: هبة المسلم عبده المسلم من نصراني وصدقته به عليه ماضيتان ويباع عليه، والنصراني العبد في شرائه مسلمًا كالحر لصحة ملك العبد. ابن شاس، وابن الحاجب: للكافر مشتري المسلم عتقه وهبته وصدقته من مسلم. قُلتُ: قبلوه ولا أعرفه نصَّا، ودلالة بيعه عليه دون فسخه واضحة، وفيه على الفسخ نظر، وفي أخذه مما يأتي نظر. وقال ابن رُشْد: ابن الماجِشُون يرى أن شراء الكافر في ذلك لا ينعقد، فعلى قوله: ما هلك بيد الكافر قبل الفسخ مصيبته من البائع وإن أعتقهم أو باعهم من مسلم رد ذلك. وفيها: (لو باع نصراني من آخر عبدًا نصرانيا، فأسلم في أيام الخيار عجل متعلق الخيار ليباع على من يصير له). قُلتُ: فإن كان مبتاعه مسلمًا والخيار له؟ قال: لم أسمعه ولا أرى إسلامه فوتًا، وللمسلم الخيار إن رده بيع على بائعه. المازري، واللخمي، والتونسي: ظاهره لا يعجل خياره عن مدته. اللخمي: يحتمل كون ذلك لتقدم حق المسلم على التعجل أو لأن للكافر يسلم عبده بيعه من مسلم بخيار ثلاثة أيام. قُلتُ: فلو باعه مسلمًا من مسلمٍ بخيار مبتاعه، عجل على الأول لا الثاني، التونسي: في عدم تعجيله نظر لبقاء ملك الكافر عليه؛ لأنه له غلته، وأضاف المازري

الجواب لنفسه بترجيح حق المسلم كما لو استأجره فأسلم لبقاء مدة من الإجارة لا يجوز بيعه فيها. قُلتُ: ذكره التونسي وتعقبه بالفرق بأن منافعه في الإجارة ملم للمسلم وفي بيع الخيار للكافر، وجعل ذلك محل نظر. قُلتُ: وقد يرد الفرق بجائز هو أن في ملك الكافر في بيع الخيار خللًا لتمكن المشتري من رفعه بخلاف الإجارة. التونسي: انظر لو كان الثلاثة كفارًا وأسلم العبد وبائعه هل يعجل تخيير الكافر كما لو أسلم العبد وحده أو يؤخر؛ لأن الملك والخراج للمسلم؟ قُلتُ: يريد أن الخيار للمشتري وفرضها اللخمي والمازري، والخيار للبائع وأجريا جواز اختياره البيع ومنعه على كون بت الخيار بالعقد الأول أو بعقد بته ولم يتعرضا لتعجيله. اللخمي: استحسن عدم إمضائه، فإن فعل مضى، التونسي: انظر لو فطن لبيع مسلم عبده المسلم من كافر بخيار هل يبقى لأمده أو يجعل خيار المشتري الكافر؟ ابن محرز: لو كان البائع مسلمًا والخيار له، وأسلم العبد فواضح كون المسلم على خياره، ولو كان الخيار للمشتري احتمل بقاء الخيار لمدته، إذ الملك للبائع وتعجيله إذ لا حرمه لعقد الكافر، ولو أسلم عبد بعد ابتياعه مسلم من نصراني، وظهر به عيب قديم، ففي جواز رده به ولزوم أرشه، نقل ابن حبيب عن ابن القاسم، وقوله مع أشهب وابن الماجِشُون فخرجهما المازري على أن الرد نقض أو بيع. زاد ابن رُشْد: وهو أصل اختلف فيه قول ابن القاسم وأشهب. والمذهب بيع عبد الكافر يسلم عليه. قالوا: وله العتق، وهو واضح، دليل قول ابن القاسم فيها: (إن أسلم رقيق نصرانية جازت صدقتها بهم على صغير ولدها من زوج مسلم؛ لأن المطلوب زوال ملكها عنهم)، وفي كون هبتها لهم كذلك قول الصقلي مع نقله عن بعض شُيُوخ إفرايقيَّة وبعضهم محتجين بأن لها الاعتصار، فصارت الهبة لغوًا في ذلك كلغوها في إباحة وطء أخت وطئت أختها في ملك معها. قُلتُ: وكذا يلزم في هبتها إياهم لكبير ولدها الرشيد.

وفرق الصقلي بمنع ابتداء اعتصار النصرانية بخلاف ملك الأختين فإن اعتصرتهم بيعوا عليها، وعلى قول غير ابن القاسم يرد اعتصارها، وعزا ابن محرز الأول لابن عبد الرحمن وابن الكاتب والثاني لابن مناس. قُلتُ: ففىي قبول عياض اختصرها الشَّيخ بلفظ الهبة بدل الصدقة نظر، وفيها لابن القاسم: الصغير إن عقل الإسلام كالكبير لقول مالك لو كان حرَّا فبلغ فرجع عن إسلامه أجبر عليه ويرد بأن بلوغه بعد إسلامه يلزم إسلامه. وفيها: إن أسلم وربه النصراني غائب بيع عليه إن بعد وكتب إليه إن قرب والإسلام الحكمي كالوجودي، وفيها إن أسلم وله من زوجته النصرانية: الملك لسيده بيع الثلاثة عليه لمنع بيع الصغير دون أمه، وفي مكاتبها: إن أسلم أحد مكاتبيه بيعت كتابتهما معا، وفي مدبرها: إن اشترى مسلمًا فدبره، أوجر عليه كقول مالك: إن أسلم مدبره، وقال غيره: إن دبر عبده بعد إسلامه، عتق عليه، ولو أسلمت أم ولده ففي مكاتبها، رجع عن وقفها لتعجيل عتقها. المازري: لو أسلم عبده المؤاجر من نصراني فسخ باقي مدة الإجارة، وهذه الرواية على فسخ شرائه مسلمًا، وعلى بيعه عليه يؤاجر من مسلم بقية المدة. قُلتُ: يفرق ببقاء ملك الكافر في إجارته عليه، ولذا يفتقر لبيعه بعدها، ولو رهن عبده بعد إسلامه، بيع وفي تعجيل ما هو به رهن مطلقًا، أو ما لم يأت برهن ثقة، نقل اللخمي عن سَحنون قوله معها، ولم يحك المازري غيره، قال: وقيده بعضهم بأنه لم يعقد الإرتهان على عينه، ولو وقع عليه عجل الحق مطلقًا وعممه غيره. الصقلي: عن بعض القرويين: لو رهنه العبد بعينه عجل الحق مطلقًا، وعابه غيره قائلًا: رأيت لسَحنون: لا يخرج من يده ويقر على حاله للأجل؛ لأن رهن غيره يخاف حوالة سوقه. الصقلي: هذا مع وجوب بيعه يوجب تعجيل ثمنه، وقول ابن عبد السلام: نقل بعضهم عن سَحنون: يبقى العبد بيد المرتهن لا يعجل له ولا يلزمه قبوله، لا أعرفه، والصواب نقل الصقلي: إن كان الحق عينًا وإلا فالخيار للمرتهن في قبول التعجيل إن كان من بيع، فالأقوال على عد التأويل أقوالًا ثلاثًه، وأجراها التونسي، وابن

محرز، على عتق الرَّهن واستحقاقه، قال عن محمد: لو أسلم بعد رهنه عجل قضاء ثمنه إلا أن يأتي برهن ثقة فيأخذ ثمنه. قُلتُ: عدم جريان أول الأولى في هذه واضح. المازري: وفي منع بيع صغير النصاري من نصارى، قولها ونقل اللخمي عن محمد: لا بأس به مع قول أشهب: لا يجبر على الإسلام وإن لم يكن مع أبويه، وخرجهما المازري على جبره على الإسلام، وعدمه. وعلى الأول قال اللخمي: (روى العُتْبِيّ يفسخ). المازري يتخرج على قول آخر بيعه عليه من مسلم. وفي كبير يهودي من نصراني، قولا اللخمي مع ابن سَحنون وابن وَهْب ومحمد، ولم يحك الشَّيخ مع قولا ابن وَهْب إلا قولا بن سَحنون يكره ذلك للعداوة بينهم، وفي غير الكتابي من كافر ثالثها الصغار لا الكبار لسماع يحيى ابن القاسم منع بيع الروم يقدمون بمجوس الصقالبة من كافر صغيرهم وكبيرهم، ونقل ابن رُشْد رواية ابن القاسم: لا يمنعون لموضع عهدهم، وسماع ابن القاسم منع بيع الرجل من نصراني ما اشتراه من رقيق العجم إن كانوا صغارًا ولا بأس به في الكبار. قُلتُ: لا يلزم من رواية ابن القاسم جواز بيعهم المعاهد مطلقًا، جواز بيعهم المسلم مطلقًا، ففي بيعهم الكبير قولان، وفي الصغير: المنع للمسلم، وفي الكافر قولان. ابن رُشْد: وعلى المنع في فسخه وبيعه عليه، سماع ابن القاسم مع قول سَحنون وقولها في المديان والشفعة، وأصل ابن الماجِشُون في عدم انعقاده وقولها في التجارة بأرض الحرب مع سماع سَحنون أشهب وسماع يحيي ابن القاسم قائلًا: إن تهودوا وتنصروا، تركوا لمبتاعهم وعوقب مهودهم ومنصرهم، إن تقدم لهم في ذلك. قُلتُ: فيلزم تناقض قولها في التجارة وقولها في المديان والشفعة ويرد بأن قولها في المديان إنما هو في فسخ بيع دين من عدو المدين، وفرق التونسي بينهما بعسر بيع الدين، وقولها في الشفعة لا أعرفه، وسماع يحيى البائع فيه غير مسلم بيعه من مسلم أصلح من رده لملك كافر.

المازري: في شراء الكتابي كافرًا غير كتابي ثلاثة فيها ما علمته حرامًا وغيره أحسن. وذكر ابن عبد الحَكم: يمنعون في الصغير والكبير، وفي العتبية: يمنعون في الصغير فقط. وهي جارية على الخلاف في جبرهم على الإسلام وعلى المنع يجرى فسخ البيع وبيعه على مبتاعه على الخلاف في اشتراء كافر مسلمًا والجبر بالتهديد والضرب لا القتل. زاد اللخمي لتقرر حرمة دمه باستحياء الإمام أن يبيع في سبي أو بالعهد أن بيع من مستأمن.

باب في المعقود عليه

[باب في المعقود عليه] الثالث: المعقود عليه: يطلب أنه: طاهرـ منتفع به ـــــ مقدور على تسليمه ــــــ مملوك لبائعه أو لمن ناب عنه لا حق لغيره فيه ولا غرر، فيخرج النجس غير مضطر

باب في بيع العذرة والزبل

للانتفاع به اتفاقًا فحرمة الخمر والميتة ولحم الخنزير للأولين. [باب في بيع العذرة والزبل] وفي العذرة ثلاثة: فيها منعها ابن عبد الحَكم، إثم العاقدين سواء. ابن محرز: روى ابن الماجِشُون جوازه، وخرجه اللخمي لابن القاسم من إجازته بيع الزبل، ونقل عن محمد جوازها للاضطرار والمشتري أعذر، وأشار عياض وصرح ابن بشير بتعقب تخريج اللخمي بالفرق للخلاف في نجاسة الزبل، دون العذرة، ويفهم من كلام المازري رده بأنه لو اعتبره فارقًا ما صح تخريجه فيها المنع في الزبل لمالك من منعه في العذرة، ورد ابن عبد السلام تعقب ابن بشير بقوله: هو بناء على مراعاة الخلاف، وترك مراعاته لا يوجب تخطئة، لا يتقرر ردًّا على ابن بشير إلا أن يريد أن ابن القاسم ألغى مانعية النجاسة في الزبل بجواز بيعه من حيث ثبوتها دون اعتبار القول بعدم نجاسة الزبل نجاسته فساوت حينئذ العذرة الزبل وهذا لا يتم؛ لأن اعتبار دليل القول بعدم نجاسة الزبل معنى مناسب للحكم بإلغاء مانعيتها للبيع، فجاز اعتبار ابن القاسم إياه، وهذا يكفي في الفرق الوارد على القياس، ولا جواب عنه إلا بأن جواز اعتباره منفي بقياسه منع بيع الزبل على منع مالك بيع العذرة إذ لو

باب في بيع الزيت النجس، وعظم الميتة،

اعتبره لكان فرقًا مانعًا من مساواة نجاسة الزبل لنجاسة العذرة، فلا يلزم من منع بيع العذرة منع بيعه، وفي الزبل الثلاثة تخريج ابن القاسم، وقوله وقول أشهب فيها: المشتري أعذر من البائع. [باب في بيع الزيت النجس، وعظم الميتة، وناب الفيل، وجلد الميتة، والصابون المطبوخ بزيت نجس] وبيع الزيت النجس وعظم الميتة وناب الفيل في الطهارة، وفي جواز بيع جلد الميتة قبل دبغه طريقان: ابن حارث: لا يجوز اتفاقًا. ابن رُشْد: في جواز بيعه والاتفاق به، ثالثها ينتفع به ولا يباع لابن وَهْب مع قيامه من سماع ابن القاسم في صابون طبخ بزيت، وقعت فيه فأرة، ومعلوم مذهب ابن القاسم مع روايته وقول ابن الماجِشُون، ورواية ابن القاسم في جامع العتبية: ترك الانتفاع به أحب إليَّ. وفي جواز بيعه بعد الدبغ نقل اللخمي عن ابن وَهْب مع رواية ابن عبد الحَكم، وقولها وعليه سمع عيسى ابن القاسم، ولو استرى بثمنه غنمًا فنمت، ثم تاب تصدق بالثمن لا الغنم سمع عيسى إن وجد وارثه أو بائعه رده إليه وإلا تصدق به فإن جاء مستحقه خير بين الصدقة والثمن كما في اللقطة. ابن رُشْد: قول ابن القاسم يتصدق بالثمن استحسان وقياس قوله وروايته جواز الانتفاع بجلود الميتة وإغرام مستهلكها قيمتها صدقته بفضل الثمن على قيمة الانتفاع بها؛ لأن له الرجوع على مبتاعها بقيمة الانتفاع يقاصه بها من ثمنها؛ لأن الغلة إنما تكون للمبتاع بالضمان وهو لا يضمنها إن تلفت، وقول عيسى يرد الثمن على قيمة الانتفاع الصواب فضله ويلزم المشتري إن باعها ما لزم البائع. قُلتُ: لعل قوله يتصدق بكل الثمن لا حتمال عدم انتفاع المبتاع بها كما تقدم في ابتدال رؤوس الضحايا.

باب في بيع الخصي

[حكم بيع جلد السبع] وفي جواز بيع جلد السبع المذكى لجلده قولها، ونقل ابن رُشْد عن ظاهر سماع القرينين في الضحايا لا تعمل الذكاة فيه ولا يطهر بالدبغ مع ابن شاس عن ابن حبيب. ابن حارث: اتفقوا على طهارة جلد السبع المختلف في أكله وبيعه إن ذكي لجلده، وفي المتفق على منع أكله. ثالثها: إن دبغ كره ولم يفسخ وإن لم يدبغ فسخ بيعه ورهنه وأدب فاعله إن لم يعذر بجهل، والمدر الذي يأكله الناس في كراهة بيعه وحرمته. ثالثها: الوقف لسماع ابن القاسم ما يعجبني بيعه، وأرى منع بيعه، وقول سَحنون: لا يحل بيعه ولا ملكه، ونقل ابن رُشْد عن محمد. ابن رُشْد: إن كان فيه نفع غير الأكل جاز بيعه ممن يؤمن بيعه ممن يأكله. ابن الماجِشُون: أكله حرام. [باب في بيع الخصي] وسمع ابن القاسم ترك التجر في الخصيان أحب إليَّ، ولا بأس بشراء الواحد والاثنين. ابن رُشْد: كان لعمر بن عبد العزيز خصي وكذا لمالك. [باب في بيع الكلب] والكلب المنهي عن اتخاذه لا يجوز بيعه اتفاقا، وفي المأذون فيه، ثالثها: إلا ما وقع في المغانم، ورابعها: لا بأس بشرائه مطلقًا، ولا يعجبني بيعه، وخامسها: ولا يجوز بيعه بدل لا يعجبني، وسادسها: يجوز في الميراث، والدين والمغانم، ويكره في غيرها، وسابعها: الكراهة مطلقًا لها. وللعتبي عن سَحنون قائلًا: ويحج بثمنه مع ابن رُشْد عن ابن نافع وابن كنانة وسماع عيسى بن القاسم والعُتْبِيّ عن سماعه أبو زيد، وابن زرقون عن سماع أبي زيد ابن القاسم، وابن حارث عن رواية بعضهم والباجي عن رواية ابن القاسم مع نقله

باب في بيع الصور

القاضي عن بعض أصحابنا، وعزا ابن زرقون السادس لرواية المدنيَّة وزاد قال يحيي بن إبراهيم: يريد بالميراث لليتيم لا للبالغين إلا في الدين والغنائم. ابن زرقون: روى أشهب في ديوانه: يفسخ بيع الكلب إلا أن يطول، وحكى ابن عبد الحَكم، وإن طال، وسمع أبو زيد: مصيبة كلب هلك بيد مبتاعه قبل نقد ثمنه من بائعه. ابن رُشْد: لبقائه على ملك بائعه، وعليه لو فسخ بيعه بعد انتفاع مبتاعه به غرم قيمة انتفاعه لعدم ضمانه، وهو قياس ظاهر سماع عيسى ابن القاسم إن اشترى مسلم من آخر خنزيرًا، وقبضه رد الثمن لمبتاعه وقتل الخنزير، إنه يقتل على بائعه، وقيل على مشتريه إن قبضه فعليه يغرم مشتري الكلب إن هلك عنده قيمته، كما لو قتله، والأول المعروف كالزبل وجلد الميتة وشبهه، هذا في المنهي عن اتخاذه اتفاقًا. وفي المأذون فيه على اختلاف، والرابع كقول أشهب فيها: مشتري الزبل أعذر من بائعه. [باب في بيع الصور] وسمع القرينان جواب مالك في صور على قدر الشبر يجعل لها وجوه، لا خير فيها، وليس التجر فيها من تجر الناس. ابن رُشْد: معناه: إنها ليست مصورة الإنسان إنما فيها شبه الوجوه بالتزويق، فصارت كالرقم، ومثله قول أصبغ: لا بأس بها ما لم تكن تماثيل مصورة تبقى، ولو كانت فخارًا أو عيدانًا تكسر وتبلى، خف بيعها. ابن رُشْد: الصواب ما لا يبقى كما يبقى. [باب في بيع آلات اللهو] وسمع سَحنون ابن القاسم: يفسخ بيع البوق، والعود، والكبر ويؤدب أهله. ابن رُشْد: يفسخ في الأولين اتفاقًا، وقوله في الكبر خلاف سماعه، عيسى: يجوز استعماله وسماعه قطع سارقه في قيمته قائمًا. وفى ضحاياها يضمن قاتل المؤذون فيه قيمته لا قاتل غير المأذون فيه.

باب في بيع الهر ونحوه

[باب في بيع الهر ونحوه] ويجوز بيع الهر، والأسد، والسباع، والفهود، والنمور، والذئاب؛ لتذكى لأخذ جلودها. وسمع ابن القاسم: أما بيع الجلود قبل الذبح، فحرام بين وما يعجبني، وعسى أن يكون خفيفًا، وما هو بالمكروه. ابن رُشْد: أول كلامه خلاف آخره لم يجزه أوله، وهو قول ابن القاسم في العشرة، وأجازه في آخر كلامه، وهو دليل قولها: يجوز بيع السباع لتذكى لجلودها. [باب في جبر بائع جلد الشاة على ذبحها] وفي جبر بائع جلد الشاة أو البقرة على ذبحها وتمكينه من استحيائها ليعطي شرو الجلد أو قيمته، ثالثها: له ذكر ويكونان شريكين بقيمة الجلد من كل قيمتها، إلا أن يرضى المشتري بشرو الجلد أو قيمته، ولابن القاسم: فسخ بيعه إلا أن يفوت الجلد، فلا يفسخ، فجعله مكروهًا، وفي المكروه خلاف يأتي في بيع الزرع إذا أفرك، ففي بيعه ستة: الجواز، والكراهة، ويمضي بالثمن، ويفسخ إلا أن يدبغ فيمضي به، وإلا أن يقبض الجلد فيمضي به، وإلا أن يفوت عنده، السادس: بفسخ مطلقًا. وفي فوته: قيمته، وروى محمد: إن اشتراه على خياره، إذا نظر إليه بعد ذبحها، ولم ينقد ثمنه جاز. [باب في بيع المريض وذي مرض السياق] ابن محرز: ذو مرض السياق ومقاربة الموت لا يجوز بيعه. ابن رُشْد: عن أصبغ: ما نزل به أسباب الموت من شدة المرض أو البلاء في جسده كالسل ونحوه مثله، وفي جواز بيع ذي مرض غيره موجب قصر تصرف الحر على ثلثه، نقل ابن رُشْد عن مذهب مالك مع دليل قولها في الخيار: إذا ولدت الأمة في أيام الخيار فولدها معها في بت البيع ورده، وظاهر قولها في الاستبراء، وسماع عيسى ابن القاسم في الرد بالعيب، ونص أصبغ: لا بأس ببيع المريض ما لم تنزل به أسباب الموت كما تقدم، وعن ابن حبيب مع ابن الماجِشُون، ومال إليه سَحنون.

الصقلي والمازري عن إسماعيل القاضي عن ابن الماجِشُون: إن جاوزت الحامل ستة أشهر منع بيعها كالمريض المدنف. الباجي عن ابن حبيب: يمنع بيع ذي المرض المخوف منه الموت ويفسخ ما لم يفت، فتجب قيمته يوم قبضه. ابن زرقون عن عبد الملك: وكذا الحامل بعد ستة أشهر. ابن أبي زمنين: هو قول أصحاب مالك. قُلتُ: ظاهر إطلاقتهم، ونص ابن محرز: منع بيع من في السياق، ولو كان مأكول اللحم، للغرر في حصول الغرض من حياته أو صيرورته لحمًا، وفي حصول ذكاته لاحتمال عدم حركته بعد ذبحه، وهو يرد قول ابن عبد السلام: يجوز ذلك في مأكول اللحم. عياض والصقلي: اعتراض مسألة الخيار بأنها بيع مريض، اعتذر عنه فضل وابن أبي زَمَنَيْن بأن بائعها لم يعلم المشتري بحملها. عياض: هذا معترض، فإن علم أحد المتبايعين بموجب الفساد يوجبه على أحد القولين. قُلتُ: قاله ابن محرز بلفظ: على أظهر القولين. عياض: يمكن كون العاقدين معًا جهلا حملها، أو كان بيعها في آخر سادس شهورها، ووضعت أول سابعها في مدة الخيار. قُلتُ: مقتضى قول من قبل الحاجة للاعتذار، واقتصار الباجي على نقل قول ابن حبيب إن المذهب منع بيع هذا المريض والحامل بعد ستة أشهر، خلاف نقل ابن رُشْد عن مذهب مالك، ورد ابن محرز الحاجة للاعتذار المذكور بقوله: المذهب جواز بيع المريض والحامل بعد ستة أشهر، وللمتيطي في الهبة: الحامل كالصحيحة حتى يدخل سادس شهورها، وقال بعضهم: حتى يدخل السابع، وقال الداودي: حتى يأخذها الطلق.

باب في بيع الآبق والشارد

[باب في بيع الآبق والشارد] وفيها مع سائر الأمهات: منع بيع الآبق والشارد ولا ماند أو ضل، ولو قربت غيبة الآبق، وسمع ابن القاسم: لا أحب شراء الرجل بعيرًا رآه مهملًا في الرعي؛ لأنه لا يدري متى يؤخذ، كإبل الأعراب المهملة في المهامه. ابن رُشْد: لأنه في حكم الآبق والشارد. زاد الصقلي والتونسي عن الموَّازيَّة عن ابن القاسم: وكذا المهارات والفلاء بالبراءة. التونسي: إنما كرهه للغرر لعجزه عن أخذها وإن قدر فقد لا يقدر إلا بعيب يدخلها. وسمع أَصْبَغ ابن القاسم: لا يحل بيع صعاب الإبل للغرر في أخذها بما عطبت به، ويجهل ما فيها من العيوب وكذا المهارات والفلا كل ذلك مفسوخ، أَصْبَغ احتجاجه بجهل عيوبها غير صحيح؛ لأن البراءة في بيعها جائزة. ابن رُشْد: اعتراض أَصْبَغ غير لازم؛ لأن ابن القاسم لا يجيز بيع البراءة وهو الصحيح المعروف من قول مالك. [باب في بيع المغصوب] وفي بيع المغصوب من غاصبه طرق: سمع عيسى ابن القاسم: من أقام بينة في أرض بيد رجل أنه غصبها منه، وأقام الحائز بينة بشرائها منه، ولا تدري البينة متى وقع الشراء، فبينه الشراء أحق؛ لأن الشراء إن كان بعد الغصب فقد أبطله، وإن كان قبله فبينة الغصب. ابن رُشْد: زيادة ابن حبيب عن أصبغ، ومطرف، وابن القاسم: إلا أن تكون بينة الشراء إنما شهدت به وهو مغصوب لم يرد، فيكون مفسوخًا تفسير لهذا السماع؛ لأن شراءها قبل ردها ردًا صحيحًا، وانقطاع خوفه عنه فيها لكونه على حالة من الظلم، والقدرة على الامتناع من جريان الحق عليه فاسد؛ لأنه مغلوب على بيعها منه، وإن

اشتراها بعد أن عدل وعاد ممن تأخذه الأحكام وأقربها، فالشراء صحيح، وهي بيده أو بعد أن ردها، وأجاز ابن القاسم في صرفها شراء الجارية المغصوبة غاصبها إذا أقر بغصبها، وإن كانت غائبة آخر إذا وصفها؛ لأنه ضامن لها، وتعقبها سَحنون لأجل غيبتها، قال: وقول أشهب فيها أحسن وهو أن لا يجوز بيعها إلا بعد معرفتهما قيمتها فإن كانت حاضرة زال التعقب وجاز البيع إن كان حينئذ ممن تأخذه الأحكام، وعليه تحمل مسألة المدَوَّنة. وفي ظاهره أن قول أشهب الذي مال إليه سَحنون، هو جواز بيعها نفسها بعد معرفتها بالقيمة، والذي نقل التونسي والصقلي عن سَحنون، قوله: لا يجوز بيعها؛ لأنه لا يدري ما باع الجارية أو قيمتها فإن اختار قيمتها يوم الغصب، جاز بيعها نقدًا بما يجوز بيعها به. الصقلي: ولأنه إذا باعها وقبض ثمنها، قد تكون هلكت قبل البيع، فتلزم قيمتها وقد تكون أقل من الثمن فيرد فضله فيصير بيعًا وسلفًا، قال: وتعقب سَحنون قول ابن القاسم بناء على لزوم قيمتها، ويلزمه أن لا يجوزه الرضى، بطلبها إلا بعد معرفة قيمتها ويصير أخذها كأخذ غائب عن دين، وفيه خلاف، وقد منع ابن القاسم صلح رب شاة من سرقها، وذبحها على شاة حيَّة والمذبوحة قائمة؛ لأنه بيع لحم بشاة لقدرة رب المذبوحة على أخذها، ويلزم قول سَحنون منع أخذ شيء بدل الشاة قبل معرفة قيمتها يوم غصبت، كما قال في الجارية: وهو في الشاة آكد لجواز سقوط قيمة الجارية بإتيانها على حالها قبل إلزام الغاصب قيمتها، ولم يقله أحد، وقول بعض العراقيين إنما يجوز بيع الجارية من الغاصب بما يجوز أخذه عوضًا عن قيمتها إنما يجري على قول سَحنون، ويحتمل على قول ابن القاسم احتياطًا لاحتمال هلاكها قبل البيع. قُلتُ: قول الصقلي تعقب سَحنون بناء على لزوم قيمتها إلى آخره، يرد بمنع كونه لذلك؛ بل بناء على احتمال لزومها في نفس الأمر ولذا قال: لا يدري هل باع الجارية أو قيمتها؟ وما ذكره من الإلزام الأول والثاني إنما هو بناء على حتم لزوم القيمة لا على احتمالها، وهو لم يقله، وإلزامه الثالث يلتزمه سَحنون، لاسيما على قاعدة من خير بين

أمرين عد منتقلًا، وهو مقتضى مسائل آخر خيارها، وقوله: يلزمه منع مستحق جارية ... إلى آخره، يرد بأن احتمال موجب القيمة المانع بيعها مطلقًا، أو الموجب وقفه على معرفتها إنما هو احتمال موجب القيمة المانع تعلق البيع بها كهلاك الجارية يوجب قيمتها ويمنع تعلق البيع بها لامتناع تعليقه بمعدوم فصارت به كالآبق، وموجب القيمة في مسألة مستحق ما باعه الغاصب، إنما هو ما ينزل بها بعد بيعها أو قبله، مما لا يمنعه ضرورة ثبوت تعلق البيع به، وسمع يحيى ابن القاسم في الشهادات كعيسى. ابن رُشْد: روي زياد لا يجوز شراء غاصب ما غصبه حتى يرده إلى ربه، ويخرج منه، وقاله المدنيون، وتحصيل شرائه ما غصبه وهو بيده إن علم منعه ربه إن لم يبعه فسد، وإن علم رده له إن لم يبعه جاز اتفاقًا فيهما، وإلا فقولان لسماع عيسى ابن القاسم مع سماعه يحيى، وظاهر صرفها وغصبها ونقل ابن حبيب عن مُطَرَّف وابن القاسم وأَصْبَغ ورواية زياد، وحمل بعضهم سماع يحيى عليه بعيد، وبه حكم ابن بشير في أرحى لم يبح للسلطان شراؤه حتى صحت لصاحبها ستة أشهر، وللشعبي رأيت لبعض أصحابنا، اتفق مالك وأصحابه على جواز شراء الغاصب ما غصبه. قُلتُ: لعله يريد لزوم عقده له دون بائعه، وبيعه ربه وهو بيد الغاصب من غيره، والغاصب لا يأخذه حكم فاسد إجماعًا، وإن كان يأخذه الحكم فإن كان حاضرًا مقرا بالغصب جاز البيع، وإن أنكره فقولان لغير ابن القاسم فيها والمشهور؛ لأنه بيع ما فيه خصومة، وفيه قولان قائمان منها، وإن كان غائبًا فثالثها إن كان على غصبه بينة، وقيل إنما الخلاف إن كانت بينة، وإلا فالمنع اتفاقًا. وفي نوازل ابن الحاج كان أبو جعفر بن زرقون يقول: بيع المغصوب عقارًا أو غيره وهو بيد غاصبه جائز لا قيام لبائعه فيه، ويحتج بمسألة الجارية، وقول غصبها إن باع جارية غاصبها ثم اشتراها من ربها صحت البيعتان، ولابن حدير عن أحمد بن خالد: لا يجوز بيع المغصوب وهو أشد من بيع فاسد يفسخ أبدًا ولو فات. ابن رُشْد في نوازله: يفيت البيع الفاسد، نص عليه ابن حبيب، وهو مذهب مالك وكل أصحابه، وقول أحمد بن خالد خارج عنه، والقول به على مذهب مالك خطأ ظاهر، لا فرق بينه وبين بيع الآبق.

قُلتُ: يفرق بوضوح كون بيع الآبق باختيار ربه فتحققت حقيقة البيع بتحقق كل أركانه، والبائع في الغصب غير محقق اختياره؛ لأنه مكره فاختل ركن البيع، فصار المبيع كمستحق. وفي غصبها: لو باع جارية غاصبها ثم ابتاعها من ربها، فليس للغاصب نقض ما باع؛ لأنه تحلل صنيعة وكأنه غرم له قيمتها، وفي كتاب الغرر منها: من تعدى في متاع وديعة عنده فباعه ثم ورثه عن ربه فله نقضه وهو بيع غير جائز. ابن محرز: وقال الشَّيخ: انظر قوله أو لًا وثانيًا، وفرق بعض المذاكرين بأن الإرث جبر، حل به البائع محل مورثه، فصار له ما كان له، والمشتري متسبب في إمضاء فعله، وسمع سَحنون ابن القاسم: من غصب عبدًا فباعه، ثم ورثه فله الرجوع في العبد. ابن رُشْد: لأنه وجب له بالإرث ما كان للمستحق ومثله في كتاب الغرر منها بخلاف شراء الغاصب ما باعه لا يكون له رده، والفرق أن الإرث جبري، والشراء هو جبره لنفسه فليس له أن يتسبب لنقض البيع، وقبول ابن عبد السلام قول ابن الحاجب. وقال ابن القاسم: البيع تام فيهما، لا أعرفه إلا نقل الصقلي عن أَصْبَغ عنه ونقل الشعبي. بعد ذكره الفرق بين شراء الغاصب وإرثه، وقيل ليس له نقضه وقول المازري ظاهر تعليله في المدَوَّنة بأنه تحلل صنيعه أنه لو علم قصده عدم التحليل؛ بل ملكه كان له نقضه. قال: ولو دلس على ربه فابتاعه منه بأقل مما باعه أو بغير جنسه لكان لربه فسخ شرائه منه وأخذه بما باعه به، وتضمينه إياه إن هلك بيده، ولو ابتاعه من ربه مبتاعه من غاصبه فله فسخ شرائه منه وأخذه بثمنه ما لم يحل سوقه، وهو عرض فتجب قيمته كعرض مستحق، ولو اشتراه الغاصب ممن ابتاعه منه لربه بأقل فله أخذه، وما بين الثمنين أو الثمن الأول فقط، ولو اشتراه بذلك لنفسه ففي كونه كذلك، واختصاص الغاصب ما بين الثمنين لقيام المغصوب بيده، ثالثها يرد للمبتاع لابن القاسم وأشهب، وغيرهما. قُلتُ: عزاه اللخمي لنقل النوادر وعزا لمحمد كأشهب.

باب في بيع الرهن وملك الغير بدون إذنه

[باب في بيع الرَّهن وملك الغير بدون إذنه] وبيع الرَّهن في الرَّهن وبيع ملك الغير بغير إذنه، والمبتاع يجهله المذهب لربه إمضاؤه. وفيها: كان بائعه غاصبًا أو متعديًا. ابن شاس: روى أبو إسحاق عدم صحته. المازري: لو علم المبتاع غصبه فسد البيع لعلم العاقدين فساده بخلاف علمه أحدهما. قُلتُ: يتخرج على هذا التقرير ما رواه أبو إسحاق ثم قال المازري: لو علم المبتاع غصبه ففي إمضائه بإمضاء مستحقه قولان مشهوران وينبغي حمله على أنهما دخلا على بت البيع مطلقًا، وعدم تمكين مستحقه من رده ولو دخلا على تمكينه من حله لم ينبغ أن يختلف فيه كما لم يختلف في بيع على خيار رجل بعيد الغيبة على المعروف المشهور. قُلتُ: أول كلامه يقتضي نفي الخلاف إذا دخلا على تمكين مستحقه من حله، وقوله: (أخيرًا على المعروف المشهور) يقتضي ثبوته. ابن حارث: لو علم مشتري المغصوب بغصبه، ففي كونه كما لو جهله، وفساد شرائه قول فضل عن أَصْبَغ وأشهب مع قول سلمها الأول (بيع سلعة رجل بشرط خلاصها لا يحل). قُلتُ: قد يفرق بالضمان وعدمه. وفيها: لو علم مبتاعه أن المبيع مغصوب وربه غائب فله رده لحجته بتخيير ربه إذا قدم، ولو أقر بائع أمة بغضبها لم يصدق على المبتاع وغرم لربها قيمتها، وفي هبتها لابن القاسم: من باع عبده بعد علمه جنايته لم يجز إلا أن يحمل الأرش، وإلا حلف ما أراد حمله، وفي جناياتها: إن باعه بعد علمه حلف ما أراد حمل الأرش، وكان المجني عليه أخذ الثمن أو العبد إلا أن يشاء ربه فكه بالأرش، فيكون له إلزام المشتري بيعه إن كان أعلمه بجنايته وإلا فلا، قال غيره: هذا إن كانت جنايته عمدًا وإن كانت خطأ فكعيب ذهب.

باب في من باع جارية حلف بعتقها

قُلتُ: ظاهره أن لربه فسخ بيعه بعد فكه من المجني عليه بعد حلفه، وفي فهمه من اختصار أبي سعيد بعد، قال غيره: إن تركه ربه وأراد المجني عليه أخذه، فلمشتريه منعه بدفع الأرش وتبع ربه بالأقل منه ومن ثمنه. [باب في من باع جارية حلف بعتقها] وفي عتقها الأول لمالك: (من باع أمة حلف بحريتها ليفعلن كذا لأجل قبل فعله، نقض بيعه، ولو رضيت به، ومن باع أمة حلف بحريتها ليضربنها ضرباً يجوز له، نقض بيعه فإن لم يضربها حتى مات عتقت في ثلثه). زاد ابن دينار: تعتق حين نقض بيعها ولا تنقض صفقة مسلم إلا لعتق ناجز. ابن عبد السلام: ضعف تعليله بنقض بيع المدبر ونحوه بأنه لا يعجل عتقه. قُلتُ: يجاب بأن المعجل نفس ما التزمه بيمينه، وهو مطلق عتقه غير مؤقت بأجل، وعتق أم الولد والمعتق إلى أجل مقيد به، والمدبر كذلك، وبكونه من الثلث والمكاتب بأداء مال وبأنه في اليمين قادر على رقه ببره فيصير نقض صفقة مسلم لغيرعتق بخلاف أحد الثلاثة، وفي غيرها: أيجوز إن اشترى عمودًا عليه بناء للبائع وأنقض العمود إن أحببت؟ قال: نعم. اللخمي: يريد إن قدر على تعليق ما عليه أو كان يسيرًا أو على سقوط أو أضعف له في الثمن وإلا لم يجز؛ لأنه فساد فعزو ابن شاس وتابعه شرطي كون بيعه ليس إضاعة مال، وأمن أخذه، للمازري: يوهم اختصاصه به. [باب في بيع عمود عليه بناء، وعلى من يجب قلعه] وفي النكت ما نصه: إذا اشترى عمودًا عليه بناء، لبائعه قلع العمود على البائع، وعبر عنه الصقلي بقوله: قال في غير المدَوَّنة: قلعه على بائعه. عياض: هو ظاهر قولها: وانقض العمود إن أحببت؟ الصقلي وعبد الحق عن الشَّيخ أبي الحسن: إنما عليه إزالة ما عليه، وقلعه على مبتاعه.

باب في بيع نصل سيف دون حليته

زاد بعض القرويين وما أصابه في قلعه مبتاعه. التونسي: كمن باع غنمًا استثنى صوفها أو أصلًا استثنى ثمرته، عليه إزالة الصوف والثمر، وقبل الصقلي وعبد الحق تفسير القابسي، وعزاه عياض لبعضهم أخذًا مما يأتي في الحلية، وقال المازري: لا وجه لاستبعاد كون أجر القلع على بائعه؛ لأن اتصاله بما تحته يمنع تمكن مبتاعه من أخذه. عياض: قيل في هذا الباب كله قولان: هل ذكر على البائع أو المبتاع كبيع صوف على ظهور غنم ونحوه؟ اللخمي: إن كان حوله بناء لبائعه، فعليه إزالته وشروطه: كون أخذه بعد إزالة ما عليه لا غرر فيه وإلا لم يجز. زاد اللخمي: إلا أن يشترط المشتري سلامته بعد حطه. قُلتُ: هذا خلاف المذهب؛ لأن الغرر المانع مانع، ولو اشترط فيه سلامة تمكن. وقال ابن عبد السلام: لا يبعد جوازه دون هذا الشرط؛ لأن ضمانه بعد إزالة ما عليه من مبتاعه: قال: فإن قلت: لابد من شرطه وإلا كان إضاعة مال من المشتري. قُلتُ: إن وجب لذلك وجب سقوطه خوف إضاعة البائع ماله. قُلتُ: يرد بأن منعه مع عدم أمنه؛ لأنه بيع غرر كمتقد قول ابن القاسم لا يحل بيع صعاب الإبل، فلا يتوجه ما أورده من سؤال وجواب بحال. [باب في بيع نصل سيف دون حليته] وفيها: لا بأس في قول مالك بيع نصل سيف دون حليته، وينقض صاحب الحلية حليته إن أحب هو وصاحب النصل ذلك، التونسي: قوله: (ينقض صاحب الحلية حليته إن أراد صاحبه ذلك)، مشكل والأشبه أن لمشتري الحلية نقضها إلا أن يقال: إنما باعه ما سوى الحلية فصارا شريكين من دعا إلى البيع فذلك له؛ لكن الظاهر أنهما لم يقصدا هذا. قُلتُ: إنما شرط في النقض رضاهما؛ لأن البيع إنما تعلق بالنصل بحال هيئة اتصاله بالحلية، وهذه صفة له يبطلها انفصاله، وكذا الحلية فتعلق لكل واحد منهما بحالة هيئة

باب في بيع الهواء

الاتصال حق فليس لأحدهما إبطالها إلا برضى الآخر، واعتبار حالة هيئة الاتصال، يشهد له ما تقدم في زكاة الحلي المربوط بحجارة، وبيع السيف المحلى بنوع حليته. وظاهر قول اللخمي: وينقض البائع الحلية عدم شرط رضى مبتاعها، ونحوه قول المازري: يقضى على البائع بإزالة الحلية ليمكن مشتري النصل فقبضه كالبناء على العمود حكمها واحد، قال: ولو بيع البناء الذي على العمود أو الحلية لجريا على القولين في بيع صوف على ظهور الغنم، وثمر في أصول هل إزالتهما على البائع أو المبتاع. [باب في بيع الهواء] وفيها لابن القاسم: يجوز بيع عشرة أذرع فصاعدًا من هواء بيت إن وصفا ما بنى فوق جداره من عرض حائطه، ولا بأس ببيع عشرة أذرع من هواء فوق عشرة أذرع من هواء إذا شرط بناء يبنيه؛ لأن يبني هذا فوقه. اللخمي: ويصف عرض حيطان البناء ويبنيه بالمعتاد من آجر وغيره. المتيطي: يجب في شراء هواء بيت ليبني فوقه علية وصف بناء سقفها، وما به يبنيه، ومن حيث يصب ماؤءه، ويكون مدخله وموضع مرحاضه، وحيث تصب قناته، وإن كان البيت المبيع هواؤه لا فرش عليه، جاز شرطه على بائعه أو مبتاعه وإن لم يشترطاه ففي كونه على بائعه قولان، ولا يجوز لهذا المبتاع بيع هواء عليه. قُلتُ: إلا برضاء البائع. [باب في بيع طريق في دار رجل] وفيها: يجوز في قول مالك شراء طريق في دار رجل، وموضع جذوع من حائط يحملها عليه إذا وصفها. الصقلي عن أشهب: شرط بيع الطريق كونه يصل منه لملك له، وذكره التونسي غير معزو كأنه المذهب قال: لأنه دونه بيع ما لا نفع فيه قال: ولو استحق ملكه انفسخ بيع الطريق، ونحوه قول المازري عقب ذكره قول أشهب، لابد من حمل المدَوَّنة عليه وشبه فسخه باستحقاق ما يوصل إليه منه يفسخ بيع زرع قبل بدو صلاحه بأرضه

باب في جهل أحد العوضين في البيع

لاستحقاقها، ولعبد الحق في كتاب القسم عن بعض شُيُوخه: لا يفسخ باستحقاقه لوقوعه جائزًا، ولو اشترى رقبة الطريق جاز دون هذا الشرط. التونسي: معنى شراء موضع الجذوع: اشتراء منافع الحائط للأبد، حتى لو انهدم كان على ربه بناؤه، ولو اكترى موضعها لزم ضرب الأجل وانفسخ الكراء بانهدام الحائط. [باب في جهل أحد العوضين في البيع] وجهل أحد العوضين جملة وتفصيلًا يفسد بيعه. فيها: منع بيع تراب الصواعين. المازري: هو المسمى شحيرة إن كان المصفى ذهبًا وكنكلًا إن كان فضة. قُلتُ: هو عام فيهما، وفي تراب حوانيتهم، كتراب حوانيت العطارين، أبو حفص: لو قال مبتاعه: ضاع أو لم يخرج منه شيء حلف وغلام قيمته، ولو فات بتخليصه، ففي لزوم البائع أخذ ما خرج منه، ودفع مثل أجر خلاصه، وتخييره في أخذه بذلك وتركه مجانًا، ثالثها يبقي لمتابعه، ويغرم قيمته على غرره لو جاز بيعه كغرمه قيمته إن تلف في يده، ورابعها يأخذه ربه مجانًا، للصقلي عن ابن حبيب مع المازري عن المشهور، واختيار الصقلي، ونقله عن بعض أصحابنا، وتخريج التونسي على قول عبد الملك، في بيع ثمر قبل بدو صلاحه على البقاء فسخ بعد سقيه وعلاجه لا أجر له فيهما، ولو خلصه فلم يخرج منه شيء فقيل على ربه أجرته. الصقلي: هذا غلط لا أجر له. وفيها: جواز بيع تراب معدن الفضة، وفي الذهب قولها، ونقل الصقلي عن ابن حمدون محتجًا بأن تراب الفضة حجارة تسيل، والذهب تراب، وذهب الصقلي. قال: بعض أصحابنا ظنه مالك كافضة، فإن كان كما قال ابن حمدون، لم يختلفا ويحتمل أنه نوعان تكلم كل منهما على نوع، وفي جواز قسم ترابهما كيلًا قولا محمد وابن عبد الحَكم مع يحيى بن عمر.

باب في بيع لحم الشاة الحية

[باب في بيع لحم الشاة الحية] وفيها: لا يجوز بيع رطلين من لحم شاة قبل ذبحها وسلخها، ولا بيع كل رطل من لحوم الإبل والبقر والغنم والطير قبل ذبحها؛ لأنه مغيب لا يدرى كيف يخرج وفي صلحها: لا يجوز صلح عن دين على عشرة أرطال من لحم شاة حية، أشهب: أكرهه فإن حبسها وعرف لحمها وشرع في الذبح جاز. الصقلى عن محمد عن أشهب: لا يشتري من لحم شاة حية، رطل ولا عشرة ولا أقل ولا أكثر فإن نزل وكان شرع في الذبح مضى، وإن كان بعد يوم فسخته وأنكره سَحنون، فتعقب ابن عبد السلام مقتضى قول ابن الحاجب: وكرطل من شاة قبل ذبحها على الأشهر، إن مقابل الأشهر، جوازه ابتداء ولا يعرف حسن إلا أن اللخمي قال في قولها: لا تجوز الإجارة على ذبح شاة أو سلخها برطل من لحمها هذا على قول مالك؛ لأنه لحم مغيب، ويجوز على قول أشهب؛ لأنه أجاز في كتاب محمد بيع أرطال من لحم شاة قبل ذبحها إذا حبسها وعرف نحوها. قُلتُ: فظاهره جوازه ابتداءً؛ لكن غيره إنما نقله عنه بعد الوقوع، وفي ثالث سلمها: لا خير في شاة مذبوحة بأخرى إلا مثلًا بمثل تحريًّا إن قدر على تحريهما قبل سلخها. اللخمي عن فضل: لا يجوز إلا أن يستثني كل منهما جلد شاته، وثالثها لأصبغ: لا يجوز مطلقًا؛ لأنه لا يقدر على التحري، وبيع لحم مغيب، وهو الصواب، وسمع أَصْبَغ ابن القاسم: لا بأس ببيع شاة مذبوحة لم تسلخ على حالها ولو ابتاعها أرطالًا تسلخ وتوزن لم يجز. ابن رُشْد: ليس بيعها بيع لحم مغيب كما أن بيع الشارف والكسير وما لا يستحيي ليس بيع لحم مغيب وبيع أرطال منها قبل الذبح بيع لحم مغيب، والأصل في هذا إنما يضمنه المشتري بالعقد ليس بيع لحم مغيب وما لا يضمنه حتى يوفاه فهو بيع لحم مغيب.

باب في بيع الحب المختلط في أندره

[باب في بيع الحب المختلط في أندره] والحب إذا اختلط في أندره وكدس بعضه على بعض، قال عياض: لا يجوز بيعه، وإن كان حزمًا أو قبضًا يأخذها الحرز فقولان، وسمع ابن القاسم: لا يباع القمح في أندره بعد ما يحصد في تبنه، وهو غرر. ابن رُشْد: يريد في تبنه بعد درسه، وأما قبل درسه فجائز؛ لأنه يحرز ويرى سنبله ويعرف قدره، وقيل لا يجوز، وقاله التونسي وحمل غيره هذا السماع عليه، والصواب، الأول، وهو نقل الجلاب عن المذهب، وفي جعلها: لا بأس ببيع زرع استحصد كل قفيز بكذا بثمن نقدًا ومؤجلًا، ولو تأخر درسه لخمسة عشر يومًا؛ لأنه معلوم بالكيل، ويصل لمعرفة القمح بفرك سنبله، ولا بأس ببيع زيت زيتون قبل عصره كل رطل بكذا، وفي بيوعها الفاسدة إن كان خروجه بعد عصره معروفًا، جاز كالزرع، وإلا لم يجز إلا أن يكون مخيرًا فيه، ولا بنقده، ويكون عصره لعشرة أيام ونحوها. [باب في بيع دقيق بحنطة] وفي جواز بيع مد دقيق من حنطة قبل طحنها قولها، ونقل اللخمي عن محمد قائلًا: لا وجه لمنعه، وفي جعلها: لا يجوز بيع زرع يبس جزافًا، على أن على بائعه حصده، وقالوا: لا يجوز بيعه بعد حصده ودرسه وذروه؛ لأنه بيع حب جزافًا لم تعاين جملته. ابن رُشْد: اتفاقًا. قُلتُ: في «الكافي» قيل: يجوز، وقيل لا يجوز. ابن رُشْد: وذهب التونسي إلى ما يتخرج عليه جوازه قال: أجازوا بيعه على أن على بائعه حصده، وقالوا: لا يجوز بيعه بعد حصده في سنبله فإن قيل جاز ذلك؛ لأنه رآه قائمًا قبل حصده، قيل: يلزم عليه جواز بيعه على أن عليه حصده ودرسه وذروه، وقوله هذا لا يصح؛ لأن بيعه بعد حصده في سنبله جائز. قُلتُ: تقرير ذهاب أبي إسحاق إلى ما يتخرج عليه جوازه، أنه جعل بيعه على أن بائعه حصاده مع عدم مناقضته لما نقله عن المذهب من منع بيعه بعد حصاده بالفرق

باب في بيع الحيتان في البرك

بينهما بتقدم رؤيته قبل حصاده ملزومًا بجواز بيعه قبل حصاده على أن على بائعه حصده ودرسه وذروه، والملزوم عنده حق فلازمه كذلك وتقرير رده. ابن رُشْد: منع حقية الملزوم المذكور ببطلان بعض أجرائه، وهو منع بيعه بعد حصاده؛ لأن بيعه كذلك جائز حسبما مر، وفي إلزامه التونسي ذلك نظر؛ لأنه لم يصرح بحقية الملزوم المذكور؛ بل ظاهر كلامه أنه عنده باطل؛ لأن المناقضة المذكورة عنده ثابتة، وجوابها بالفرق المذكور عنده باطل لإبطاله الفرق المذكور بأنه ملزوم لإجازة ما لا يجوز، وهو بيعه على أن على بائعه حصده، ودرسه وذروه، فتأمله، ولا يتوهم رد كلام التونسي لما تقدم البحث فيه في هدي الحج، وهو قول القائل: بأمر ملزوم لأمر لا يقول به لجهل لزومه، لمقوله: هل يلزمه ذلك اللازم أم لا؟ ابن حارث: لا يجوز بيع زيتون على أن على بائعه عصره اتفاقا. [باب في بيع الحيتان في البرك] قال: وفي بيع الحيتان في البرك إذا حظى عليها، قول أشهب: لا بأس به وقول ابن القاسم فيها: كرهه مالك، وقال: كيف يباع الحوت في الماء؟ [باب في الجهل بالثمن] وجهل الثمن مطلقًا مانع، وفي جهله من وجه خلاف، والروايات معها منع بيع سلعة بقيمتها أو بما يقع عليها من ثمنها مع غيرها. الباجي واللخمي عن ابن القاسم: من قال: بعتكها بما شئت ثم سخط ما أعطاه، إن أعطاه القيمة لزمه. الباجي: حمله ابن القاسم على المكارمة كهبة الثواب واعتبر محمد لفظ البيع والروايات معها في مواضع عدة جواز بيع عدد آصع أو أقفزة من صبرة أو كلها على الكيل، كل صاع أو قفيز بكذا.

ابن رُشْد: منعه ابن أبي سلمة لجهل الثمن حين العقد. قُلتُ: قال ابن حارث قال سَحنون: لا يجوز، وهي الرواية القديمة، وسمع القرينان لا خير في شراء صبرة ثلاثة آصع بدينار على زيادة ثلاثة آصع على الجملة. ابن رُشْد: لأن شرط الزيادة يصير الثمن مجهولًا إن بلغت الصبرة تسعة آصع كان للدينار أربعة آصع وإن بلغت اثني عشر كان له ثلاثة آصع وثلاثة أرباع، ولو قال: أبيعك من هذه الصبرة بحساب كل عشرة أقفزه بدينار. فقال القاضي لا نص، وقال بعض أصحابنا: البيع فاسد لجهل قدر المبيع؛ لأن من للتبعيض. قال: والأولى صحته بجعل المبيع كلها على أن من زائدة، أو يجعله قدر المسمى نصَّا فقط، كقول عبد الملك أكريك هذا الدار بحساب كل شهر بدينار، يلزم العقد في شهر. وفي غررها: لا بأس ببيع سمنٍ أو زيتٍ كل رطل بكذا على أن يوزن بظروفه ويطرح وزنها بعد تفريغها، أو على الكيل على أن يوزن بظروفه كذلك ثم يحسب باقي الوزن أقساطًا على ما عرف من وزن القسط إن كان الوزن والكيل عندهم لا يختلف، فإن وزن بظروفه ثم فرغت وتركت عند البائع؛ لأن توزن، فقال المبتاع بعد ذلك: ليست هي هذه، فإن لم يفت السمن وتصادقا عليه، أعيد وزنه وإلا فالقول قول من الظروف بيده من بائع أو مبتاع؛ لأنه مأمون. اللخمي عن محمد عن أشهب: القول قول المبتاع في قدر ما قبضه من المبيع، قال مع التونسي: وأجرة الكيل ثانيًا على المبتاع إلا أن يتبين صدقه فعلى البائع. اللخمي: لو ذهب المبتاع بالظروف ليفرغها فقال: تلفت فإن كانت العادة مضي المشتري بها ليفرغها قبل قوله؛ لأنها بيع وإجارة، وإن كانت العادة تفريغها قبل أن يذهب بها لم يصدق؛ لأنها عارية. الصقلي: عن محمد لا يضمن المبتاع الظروف؛ لأنها مكراة، وكان الثمن وقع على الزيت، وعارية الظروف الصقلي روى العُتْبِيّ واللخمي ومحمد: يجوز بيع الزيت والسمن مع زقاقه وزنًا؛ لأن الناس عرفوا وزنها، والغلال إن عرفت كذلك مثلها. اللخمي: هما سواء، والزقاق أشد اختلافًا. الفحل من الخصي وهو أثقل من الأنثى.

باب في جمع الرجلين سلعتيهما في البيع

[باب في جمع الرجلين سلعتيهما في البيع] وفي جواز جمع الرجلين سلعتيهما في البيع ثالثها يكره، ورابعها: إن قوماهما قبل البيع لأشهب مع أحد قولى ابن القاسم فيها وابن شاس عن سَحنون والمشهور عنه نقل التونسي فإن فات فلكل قيمة سلعته ما بلغت، ولفظ نقل ابن محرز مع ظاهر نقل اللخمي عن ابن القاسم والتونسي عن كتاب محمد إن فات فالمسمى بينهما على قيمتي سلعتيهما، وابن لبابة قائلًا: أحسبهم يجيزونه إذا سمى كل منهما ثمن سلعته كإجازتها نكاح امرأتين في عقد واحد إذا سمى مهر كل منهما وكذلك لو كانتا شركة (بينهما بالسوية ولو اختلفت شركتهما فيهما لم يجز، وفي كتاب الشفعة جوازه. قُلتُ: قوله: إن اختلفت شركتهما لم يجز مشكل لاقتضائه منع بيع أخ وأخت ثوبا ورثاه صفقة واحدة. ابن عبد السلام: إذا كان دخولهما على التسمية بعد تقويم فحسن ودونه لا يفيد؛ لأن المذهب في تسمية المتبايعين سلعًا لكل سلعة ثمنها لغو في الاستحقاق. قُلتُ: قد يفرق بتعدد المالك واتحاده، وفيها لابن القاسم: لا يعجبني؛ لأن كلا منهما لا يدري ثمن سلعته ولا يدري المبتاع بما يتبع البائع إن استحقت إحداهما. اللخمي: تعليله بالجهل في الاستحقاق ضعيف؛ لأنه طار، ويلزم مثله إن كان لمالك واحد. قُلتُ: هذا بناء على أن كلا منهما علة مستقلة ولعلها مجموعهما، قال: وتعليله بجهل كل منهما ثمنه حسن واستحقه إن نزل؛ لأن الغالب في التجار علمهم القيم إن كان اختلافًا يسيرًا لا يؤدي لغرر، ولو كان المبيع لا تتقارب معرفة البائعين في قيمته كدارين أو دار وعبد أو ثوب وعبد فسد بيعهما، التونسي عن العُتْبِيّ عن أشهب: إن ابتاع رجلان عبدًا وثوبًا على أن لأحدهما العبد وللآخر الثوب، مضى البيع وكانا بينهما، التونسي: يجب على قوله أن يكون لكل منهما ما سمى. قُلتُ: هي في العتبيَّة في ثوب مروي وثوب خز. ابن رُشْد، البيع في الثوبين جائز، اتفاقًا؛ لأن الفساد فيه إنما هو من جهة أحد

المتبايعين إذ لم يبع البائع على ما تراضيا عليه كجمع رجلين سلعتيهما في بيع، والمبتاع يجهل ذلك ويظن شركتهما، جائز اتفاقًا. قُلتُ: انظر هذا مع شهرة الخلاف في إيجاب علم أحد المتبايعين بموجب الفساد الفساد، ونقل ابن محرز أن الأظهر إيجابه إياه. قال ابن رُشْد: وإذا تراضيا على أخذ كل منهما ثوبًا، بما يقع عليه من الثمن، لم يجز إلا على القول بجواز جمع الرجلين سلعتيهما في البيع؛ لأن كل منهما اشترى من صاحبه نصف الثوب الذي عينه بنصف ما يقع عليه من الثمن، وهو لا يعرف إلا بعد التقويم كما لا يجوز شراء ثوب من ثياب ابتاعها رجل بما يقع عليه من ثمنها، إلا على القول بجواز جمع الرجلين سلعتيهما في البيع والمذهب جوازه. قُلتُ: يرد تخريجه جواز شراء ثوب من ثياب ابتاعها رجل بما يقع عليها من ثمنها على جواز جمع السلعتين في البيع، فإن جهل الثمن في جمع السلعتين إنما هو من جهة المبتاع فقط دون البائع، وجهله في المخرج عليه حاصل للبائع والمبتاع معًا. قال ابن رُشْد: وإنما أبطل أشهب ما وقع بينهما من المراوضة من أجل عقدهما إياها قبل الشراء، فدخله بيع ما ليس عندك. المازري: ما قاله التونسي لا يناقض به. أشهب: لأنه يمكن أنه لم يعترض لعقد البيع؛ بل للشركة فرأى أن مقتضى العقد شركتهما في العبد والثوب، فالتزامهما الانفصال فيهما باطل؛ لأنه قبل ملكها. زاد العُتْبِيّ في مسألة أشهب عن ابن كنامة لو ابتاع رجلان أرضًا بين حائطيهما على أن يقسماها ويأخذ كل واحد ما يليه لم يجز؛ لأن مرة يكون لأحدهما ثلثها، ومرة ثلثاها، ومرة ربعها. ابن رُشْد: هذه تجري على الخلاف في جمع الرجلين سلعتيهما في البيع؛ لأنهما دخلا على أن يأخذ كل منهما نصف الأرض الذي يليه بما يصيبه من ثمنها ولا يعلم ذلك إلا بعد التقويم لاختلاف الأرض، ولو كانت مستوية جاز؛ لأن كل نصف منهما بنصف الثمن، وقول ابن الحاجب عقب ذكره القولين في مسألة جمع السلعتين في البيع بخلاف سلعة وخمر على الأصح، وعلى الصحة يقسط فيهما إن أراد به مع جهل حرمة المحرم لم

باب في عقد البيع على حرام وحلال

يكن من مسائل جهل الثمن من وجه؛ لأن الاطلاع على الحرام كاستحقاقه وإن أراد مع علمه، وهو ظاهر قوله: (وخمر) اقتضى وجود القول بصحة الحلال مع العلم بحرمة ما معه، وعدم اختصاص الحلال بمنابه لا تسمية ولا قبضًا ولا أعرفه لغير ظاهر نقل ابن القُصَّار. [باب في عقد البيع على حرام وحلال] وفي فساد العقد بجمعه حلالًا وحرامًا مطلقًا، أو إن علم حرمة الحرام وصحة حلاله مطلقًا، رابعها إن كان نصفًا وخامسها إن سمي لكل منهما ثمنًا. اللخمي عن سَحنون مع ظاهر بعض مسائلها ونص عيوبها في مبتاع شاتين بأن أن إحداهما ميتة، ونقل ابن القُصَّار واللخمي وتخريجه على قول القاضي في التسمية لكل دينار في الصرف قدرًا، وقول ابن الحاجب: إن باع ملكه وملك غيره بغير إذنه فرد، وهو وجه الصفقة فللمشتري الخيار يريد يريد، والمشتري جاهل وإلا فسد، وبطل الخيار للفساد، ودخوله على التبعيض إن كان الغير قريبًا، وما نقله يقتضي أنه المذهب، وليس كذلك؛ بل قول ابن حبيب وأشهب عند بعضهم والمشهور: فسخ البيع، إلا أن يقيد بكون المبيع مكيلًا أو موزونًا، متماثلًا، وامتناع حمله على كون ملك الغير مشاعًا واضح لشرطه وجه الصفقة، وتمامه في الاستحقاق إن شاء الله تعالى. [باب في الاستثناء من المبيع] وفي منع استثناء بائع شاة أرطالًا من لحمها، وجواز يسيرها روايتا ابن وَهْب فيها أولًا وابن القاسم ثانيًا، وعليه في حده بأربعة أو ستة أو بما دون الثلث. رابعها الثلث لنقل المازري وعزا الباجي عن محمد لابن القاسم الستة ولأشهب الثلث. وفيها: (مثل أربعة أرطال) واستحسن بعض المتأخرين اعتبار صغر قدر المبيع وكبره كالشاة والبقرة والبعير، واعتذر المازري عن موافقة ابن القاسم، أشهب: على جواز استثناء بائع صبرة كيلا منها، ببيع ثلثها، بخلاف الشاة، فإن لحمها مغيب وطعام

باب في جبر مشتري الشاة المستثنى منها على ذبحها

الصبرة مرئي. [باب في جبر مشتري الشاة المستثنى منها على ذبحها] وفي جبر مبتاعها على الذبح قول المازري المعروف جبره وروى مطرف: من ابتاع جزورًا مريضًا استثنى بائعه من لحمه أرطالًا يسيره فتركه حتى صح لا يجبر على ذبحه، ويعطيه مثل اللحم الذي استثنى، واعتذر المازري بأن صحته كفوته قال: وقال ابن الماجِشُون في ثلاثة اشتروا شاة فقال أحدهم: تذبح، والآخر نستحييها، والآخر نتقاوم، إن اشتروها للأكل، فالقول قول مريد الذبح، وإلا فقول مريد البيع. الصقلي عن محمد عن أشهب: ليس لمبتاعها استحياؤها ويعطي البائع قدر لحمه. محمد: لأنه بيع لحم بحي، ومقابل الأصح في قول ابن الحاجب لا يأخذ منه لحمًا على الأصح، لا أعرفه، وتقريره ابن عبد السلام برواية مُطَرَّف لا يتم لأنها في المريض لا مطلقًا، وصحته كفوته. وفيها: يجوز استثناؤه حزءًا منها ولو نصفها عيسى: اشتراها على الذبح أو الحياة. الصقلي: عن بعض القرويين: لا يجبر على الذبح آبيه. الصقلي: هذا الصواب، لا توقف بعض الشُيُوخ فيه. ونقل ابن الحاجب: الجبر على الذبح بدل الوقف، وقبوله ابن عبد السلام لا أعرفه. وفيها: لا يجوز استثناء فخدها أو بطنها أو كبدها؛ لأنه بيع لحم مغيب. اللخمي: هذا على منع استثناء يسير الأرطال، وعلى القول الآخر يجوز ذلك، وتبعه المازري، ونقله عياض ولم يتعقبه، ويرد بأن الغرر في مغيب معين أشد منه في شائع بجواز اختصاص المعين بصفة نقص أو كمال دون الشائع، ولكن في الكافي رواية بجوازه، وعبر عن رواية المنع بالكراهة. وفي جواز استثناء الجلد: (ثالثه في السفر لا الحضر، ورابعها يكره فيه، ولا يفسخ، وخامسها الوقف في السفر إن كانت له قيمة). المازري عن ابن وَهْب ورواية الأبهري والرواية المشهورة، والصقلي عن رواية ابن حبيب وعن الأبهري ولم يحك اللخمي والباجي غير الثلاثة، الأول قال ابن حبيب:

حمل المحققون الخلاف في السفر على حالتي قيمته فيه، ونفيها المازري قول ابن حبيب يجوز فيه، وإن كانت له فيه قيمة؛ لأنه معين خلافه وفي عدم جبر المشتري على الذبح قولها وقول المازري: التحقق جبره، ولم يحك الصقلي واللخمي غير الأول، ونقل ابن الحاجب وابن عبد السلام الثاني نصَّا لا أعرفه لغير اختياري المازري، وفي استثنائه الرأس مطلقًا أو في السفر فقط: قولان للمازري عن ابن الماجِشُون مع نقل الصقلي وقولها: أجاز مالك استثناء الجلد والرأس في السفر إذ لا ثمن له، وكرهه في الحضر إذ كأنه ابتاع اللحم ونقل ابن الحاجب: منعه مطلقًا، وقبوله. ابن عبد السلام: لا أعرفه إلا قول الكافي: أجازت طائفة استثناء ما شاء من أجزاء الشاة والبعير والبقرة، وسواقطها ولو في الحضر، وطائفة لم تجز شيئًا من ذلك، ولو في السفر وكل ذلك روي عن مالك. وعلى الجواز في جبره على الذبح نقل أبي حفص عن المذهب وظاهر نقل ابن رُشْد رواية أبي قرة، وهو نص رواية ابن وَهْب فيها في بعير برى. المازري: روى المتقدمون في رجلين اشتريا شاة، أحدهما: رأسها، والآخر: بدنها، القول: قول مريد بقائها، فيكون بينهما ثمنها على قيمتي رأسها وبدنها، وأورد مناقضتها، بمنع جمع الرجلين سعلتيهما في البيع لتأدية شرائهما، هذا لفض ثمنها إذا باعها على قيمتي رأسها وجسدها، وأجاب بلزومه في جمع الرجلين سلعتيهما وعدمه في الشاة، لجواز بقائها بينهما كذلك دون بيع. قال بيع. قال: وروى مطرف: لمن اشترى جزورًا مريضًا استثنى بائعه رأسه، ثم صح البعير، استحياؤه، ويغرم عوض رأسه كعوض الجلد المستثنى، ولو ابتاعه صحيحًا وأبقاه المشتري لزيادة ثمنه، فزاد كان بائعه شريكًا بقيمة الرأس فجعله في الصحيح شريكًا دون المريض قال: لأن صحته بعد مرضه توجب فوته فوجب غرم عوضه، والصحيح لا فوت فيه فكان ربه شريكًا. الباجي: في استثناء الأكارع حيث لا قيمة لها كالسفر روايتان قال: وأجازه ابن حبيب مطلقًا، قال: لأنها والرأس جزء معين ظاهر.

باب في أجرة الذبح

[باب في أجرة الذبح] وأجر الذبح؟ قال الصقلي: أراه بينهما على قدر قيمة اللحم وقيمة الجلد وحكاه ابن محرز غير معزو وزاد، وقيل: لا شيء عليه وهو الصواب؛ لأن المبتاع غير مجبور على الذبح بخلاف استثناء الأرطال؛ لأنه مجبور عليه. المازري إن قلنا المستثنى مبقي فعلى البائع السلخ، ليتمكن المبتاع من أخذ المبيع كبائع عمود عليه بناء، وجفن سيف عليه حلية، وإن قلنا مشتري فيختلف على من تكون إزالة الجلد؟ كبائع صوف على ظهر غنم أو ثمر في شجر، وأشار بعضهم أن الأجرة بينهما بقدر قيمة الجلد وقيمة الشاة، وقد اختلف المذهب في الأجر على عمل واحد في مال بين الشركاء على التفاوت، هل الأجر عليهم بالسوية أو بقدر الأموال؟ وفيها: إن استحيى مشتري البعير المستثنى جلده فعليه شراء جلده أو قيمته. ابن رُشْد: هذا استحسان، والقياس شركتهما بقيمة الجلد والبعير دونه وفي كون الخيار في أحدهما لبائعه أو مبتاعه، ثالثها بينهما شركة للحاكم لنقل ابن محرز وصوب الثاني. قُلتُ: هو ظاهرها وقول ابن الحاجب: عليه القيمة لا المثل على الأصح لا أعرفه إلا قول: المازري الأصل في إتلاف العروض القيمة. ووقع القضاء فيها بالمثل فيما لا قدر له، ولو مات ما ستثنى جلده، حيث يجوز، ففي ضمان المبتاع الجلد سماعا أَصْبَغ وعيسى ابن القاسم. ابن دحون: معنى الأول إن فرط بتأخير الذبح، ومعنى الثاني إن لم يفرط في الذبح فلا اختلاف قال: وقيل علة الأول أن الجلد في السفر لا قيمة له، فكأنه اشترى الكل. ابن رُشد: إلى اعتبار التفريط نحى ابن حبيب ورواه أبو قره، قال: من باع شاة واستثنى رأسها فماتت إن تركها بإذن البائع لم يضمنه وإلا ضمنه، وإن صحت فأبى ذبحها فعليه قيمة رأسها، وإن استحياها بإذنه فهو شريك فيها وكله استحسان، والقياس خلافه؛ لأنه إن كان على المبتاع في الجلد، حق توفية ضمنه مطلقًا، وإلا فلا، وتعليل الأول بما ذكر متناقض ينتج العكس.

والصواب، حمل السماعين على الخلاف وهما على أن المستثنى مشتري أو مبقي. قُلتُ: لا يتم إجراء الأول على الأول إلا بزيادة أن السلخ على المشتري كتوفية، وإلا فضمان الجزاء بالعقد قال: وليس معنى ضمان الجلد غرم قيمته أو مثله؛ بل غرم جزء من قيمة الشاة، سيما للخارج من تسمية قيمة الجلد منها مع ثمن الشاة، ولو استثناه حيث لا يجوز بالحضر، فهلكت الشاة بعد قبضها مبتاعها بأمر من الله تعالى ففي ضمانه قيمتها بجلدها أو دونه على تقدير جواز بيعها دونه. نقل ابن رُشْد عن ظاهر سماع عيسى رواية ابن القاسم مع قوله في رواية عيسى وأَصْبَغ وقول سَحنون والتخريج على أن المستثنى مشترى وقول غيرهم على أنه مبقى. الصقلي عن بعض القرويين: لا يضمن المبتاع منه يسير لحم إن مات قبل ذبحها اتفاقًا لأنه يجبر على الذبح، بخلاف مبتاع ما استثنى جلده، وفي تضمين الصناع منها: من وهب لرجل لحم شاة ولآخر جلدها فغفل عنها حتى ولدت فولدها لذي اللحم وعليه مثل الجلد أو قيمته لصاحبه، ولا شيء له من قيمة جلد الولد ولا مثله، ولذي اللحم استحياؤها، ويغرم لذي الجلد مثله أو قيمته، ولو هلكت الشاة، لم يكن له في الولد شيء. وفي جواز بيع الصبرة جزافًا واستثناء كيل منها فأقل ومنعه معروف المذهب، ونقل المتيطي عن القاضي رواية عبد الملك مع قوله ابن رُشْد: ولا يجوز أكثر من الثلث اتفاقًا. وسمع عيسى ابن القاسم لا بأس ببيع باقي صبرة بعد خمسة أوسق باعها ربها قبل كيله الخمسة منها إن كانت ثلثًا فأقل. ابن رُشْد: اتفاقًا. قُلتُ: هذا خلاف نقل المتيطي وعلى المعروف فلو هلكت. وفي الموَّازية: لا شيء على المبتاع، ولو هلك ما زاد على قدر المستثنى، ففي كون الباقي للمستثنى أو بينهما قول الموَّازيَّة وقول الصقلي ولو قيل بينهما كان صوابًا. قُلتُ: لازم الأول غرم المبتاع في هلاك كلها جزءًا من قيمتها سيما للخارج من تسمية قيمة المستثنى منها، مع الثمن المسمى كبائع صبرة طعام بمائة دينار، وقنطار كتان فاستحق، والروايات جواز بيع ثمر الحائط واستثناء ثلث ثمرته كيلًا من صنف إن كان المستثنى ثلثه، فإن كان أكثر منه، وهو ثلث ثمر الحائط، ففي منعه مطلقًا، وجوازه إن

باب في بيع حائط من عنب واستثناء سلل منه

كان في الصنف فضل بين بعد المستثنى، ثالثها يكره لأَصْبَغ مع سَحنون وسماعه ابن القاسم وسماع القرينين وسماع ابن القاسم. الصقلي عن محمد: لمن باع كل ثمر حائطه جزافًا أو صبرة طعام شراء ثلث ما باع فأقل كيلًا قبل قبض ثمنه بقدر معلوم منه، وغير حائطه كحائطه إن كان ثمرها صنفًا واحدًا. أصبغ: اشترى ذلك بسرًا أو رطبًا أو تمرًا. محمد: وبعد قبضه منه وتفرقهما، جائز مطلقًا كأجنبي، إلا أن يكون من أهل العينة. وسمع أَصْبَغ ابن القاسم: من باع حديدًا أو طعامًا جزافًا بنقد ولم ينتقد، فله شراء ثلثه فأقل مقاصة، وإن اتقد وتفرقا فلا بأس به على حال إلا أن يكون بائعه عينيًا فلا يعجبني. ابن رُشْد: قوله: له أن يشتري ثلثه فأقل إن كان لم ينتقد مقاصة، والمعروف من قولهم الآتي على أصولهم جوازه نقدًا ومقاصة إن لم يكونا من أهل العينة؛ لأن بيع النقد لا يتهم فيه إلا عيني، فإن كانا من أهل العينة، لم يجز شراؤه إلا مقاصة. وقوله: يتهم فيه بعد النقد والتفرق أهل العينة: الصواب أن تفرقهم بعد التناقد يرفع تهمتهم، وعلى قوله لا ترتفع تهمتهم إلا بعد التفرق والطول كقولها فيمن باع دراهم من رجل بدنانير، ثم أراد أن يشتري بها منه دنانير، وهو في هذه المسألة بعيد. [باب في بيع حائط من عنب واستثناء سلل منه] وسمع ابن القاسم: من باع حائطه واستثنى منه سللًا أقل من الثلث فنفد الكرم قبل استيفائه سلله، يتراضيان على ما بقي له، وله أخذه من غير كرمه. ابن القاسم: لا يأخذ إلا قدرها ومثلها عاجلًا. ابن رُشْد: هذا على أن المستثنى مبقىً، وعلى أن نفاد العنب ببيع المبتاع فصار متعديًا على البائع فيما استثناه، فوجب تخيير البائع في أخذ ثمنه أو مثله عاجلًا، وإلا كان

باب في بيع العبد وله مال

فسخًا لما وجب له من الثمن في مؤخر، ولو نفد المستثنى بغير بيع فأكل أو أعطى تعين غرم مثله، وجاز تأخيره إلا أن ينقضي الإبان، فلا يجوز تأخيره به إلى قابل؛ لوجوب القيمة بخروج الإبان، فيصير فسخ دين في دين، وقوله: يتراضيان، يريد على ما يجوز من دنانير أو دراهم بعد معرفة ما يجب له من الثمن أو عروض أو طعام من غير صنف العنب معجلًا، ولا يجوز على عنب أرفع أو أدنى، إلا مثل السلال نقدًا، وأما على أن المستثنى مشترى فيرجع البائع على المبتاع بقدر ما استثنى من قيمة الكرم كعرض من الثمن استحق. ويجوز أخذه نقدًا ما تراضيا عليه من قليل السلال وكثيرها، وجميع الطعام والعروض ودراهم من دنانير. وروي الحارث عن ابن القاسم منع أخذ سلال من غير كرمه، ولا وجه لمنع أخذ مثلها نقدًا، فلعل معنى منعه: إن تأخر، والمذهب جواز استثناء مبتاع عبد ماله في العقد، ولو كان هو وثمنه عينين. واختار اللخمي منعه إن كانا عينين. وعلى المعروف قال عبد الحق: لو كان في ماله جارية حاملة منه، واستثناه مبتاعه تبعته، وبقي ولدها لبائعه، ويصح بيعه كما لو كان ماله آبقًا أو شاردًا. محمد: أظنها لأبي زيد عن ابن القاسم، وأنا أتوقف فيها. [باب في بيع العبد وله مال] وسمع أصبع ابن القاسم: لو قال أبيعك عبدي هذا وله مائة دينار أو فيكها، لم يحل. ابن رُشْد: إن سمى عينا مال العبد لم يجز اشتراطه في الصفقة كذا كنت أقول، وأقول الآن: جائز أن يستثنيه ولو كان عينًا وسماه والثمن عين، ولو كان لأجل؛ لأنه للعبد لا لمبتاعه، وهو بين من قوله في الموطأ: الأمر المجتمع عليه عندنا أن للمبتاع اشتراط مال العبد دينًا أو عرضًا؛ لأن ماله لا زكاة فيه على سيده، والعبد يستحل فرج جاريته بملكه إياها، وإن عتق تبعه ماله.

باب في شراء مال العبد بعد شرائه

ابن زرقون: حكى ابن القُصَّار أن أهل العراق لا يجيزون للعبد أن يطأ جاريته وتقدم نحوه من كلام أبي عمر. قُلتُ: هو قول أبي عمر من يقول العبد لا يملك لا يجيز له التسري بحال. ابن رُشْد: لو اشترى مشتري العبد ماله لنفسه لم يجز إلا بما يجوز بيعه به، وقوله في الرواية: لم يحل؛ لأن قوله: أوفيكها، ظاهر في أنه استثناها لنفسه، ولو قال: أوفيكها مالًا له، أو أوفيها إياه جاز. ولو قال: أشتري منك العبد وماله، لم يجز إلا بما يجوز بيعه به. ولو قال: أشتريه بماله أو أشتريه وأستثني عليك ماله، جاز مطلقًا. [باب في شراء مال العبد بعد شرائه] وفي جواز شراء مال العبد بعد شرائه كشرائه معه، ثالثها بالقرب لابن رُشْد عن عيسى عن ابن القاسم، ورواية أشهب، وأَصْبَغ عن ابن القاسم مع عيسى، قال: ورجعت عن جعل الثالث مفسرًا للأولين، وأن الخلاف في القرب لا البعد إلى كون الأقوال ثلاثةً. في كتاب العيوب: سمع القرينان: لا والله لا يجوز لمشتري حائط أبر ثمنه اشتراء ثمرته بعده كاستثنائها مع أصلها قبل بدو صلاحها. ابن رُشْد: في جوازه، ثالثها بالقرب لسماع عيسى ابن القاسم مع قولها في الجوائح، وسماع القرينين وأَصْبَغ عن أبي القاسم مع عيسى فحملها بعض الناس على ظاهرها، والذي أقوله أن الثالث مفسر للأولين، وأن الخلاف في القرب لا البعد؛ لأن الأمر إذا طال فليس الذي اشتراه هو الذي كان له أن يستثنيه، وأجاز أشهب في قول شراء ثمر النخل، ولم يجز شراء مال العبد، وجواز الثمر أبين من مال العبد، لضمان المشتري الثمرة بالعقد؛ لأنها في أصوله، وعلة منع بيع الثمر قبل بدو صلاحه كون ضمانه من بائعه لأنها في أصوله وعزا هذا في كلامه في سماع عيسى للتونسي، وقال: وعندي لا فرق بينهما؛ لأن مال العبد إنما يشتريه له ليكون للعبد كما كان، وإنما جاز لكونه حقا بالعبد في بيعه لأنه لو اشتراه لنفسه أو بعد بيع العبد لم يجز كما لم يجز شراء الثمرة بعد بيع

باب في بيع العبد وثمر الحائط

الأصل، قال يحيى: وحد القرب في ذلك عشرون يومًا ونحوها. قُلتُ: عزا الباجي الثاني في مال العبد أيضًا لابن وَهْب، وابن عبد الحَكم قائلًا: ولا يجيزانه في الثمرة، والثالث لأَصْبَغ وأبي زيد عن ابن القاسم، بلفظ: إن كان ذلك بحضرة البيع وقربه، وإلا لم يجبر، قال: والقرب في المبسوط أن لا يدخل المال زيادة ولا نقص. قُلتُ: ظاهر قوله: بالحضرة خلافه، وخلاف نقل ابن رُشْد: عشرين يومًا، فالأقوال في حد القرب ثلاثة. [باب في بيع العبد وثمر الحائط واستثناء نصف الثمرة أو مال العبد] وفي جواز بيع العبد وثمر الحائط واستثناء نصف مال العبد أو الثمرة، رواية سَحنون عن أشهب، وسماعه ابن القاسم. ابن رُشْد: هو قوله في المدَوَّنة وروايته، وعليه في فسخه مطلقًا أو ما لم يسلم البائع كل ماله نقلاه عن ابن القاسم قائلًا: للأول رجع، وذكر الباجي قول أشهب في الواضحة بلفظ: أجازه حين العقد وبعده. ابن فتوح: لا يجوز اشتراط المبتاع نصف الزرع إن كان جميعه لبائعه، ويفسخ إن وقع. وأجازه سَحنون، وفي نصف حلية السيف. قبول ابن أبي زمنين، وعبد الحق والصقلي قول ابن حبيب أن: لا يجوز لبائع عبدين استثناء مال أحدهما فقط، كاستثناء نصف مال عبد، يرد بقول كل أهل المذهب: استحقاق أحدهما ليس كاستحقاق بعض عبد. [باب في بيع أحد الشريكين حظه في عبد] وفي جواز بيع أحد الشريكين في عبد له مال حظه من شريكه، ولم يستثن مبتاعه ماله مطلقًا.

ومع شرط البائع حظه منه لنفسه ومنعه فيهما، ثالثها: إن اشترطه، لابن زرقون عن تأويل أبي الوليد على مذهب ابن القاسم وعن المغيرة وسَحنون. الباجي: إن اشترطه مبتاعه، فعلى قول ابن القاسم: يجوز اشتراط المبتاع بعض مال العبد يجوز، وعلى منعه أشهب محتملة، والجواز لعدم بقاء شيء منه لبائعه. قُلتُ: كذا في المنتقى، وقبله ابن زرقون، والذي في العتبية، عكسه حسبما مر. ابن رُشْد: بيعه من شريكه جائز اتفاقًا استثنى المبتاع ماله أم لا؛ لأنه إن لم يستثنه مقاسمه منها لماله. الباجي: وإن باعه من غير شريكه واشترطه البائع أو أطلق فروى أشهب وعيسى عن ابن القاسم: لا يجوز لأنه انتزاع دون إذن شريكه، وإن اشترطه المبتاع فعلى جواز اشتراط المبتاع بعض ماله جائز. وعلى منعه روى عيسى عن مالك جوازه. العتبي: سمع عيسى رواية ابن القاسم: إن لم يستثن المبتاع ماله فبيعه فاسد. ابن رُشْد: وسمعه أشهب في كتاب الشركة. وقيل: يفسخ إلا أن يرضى البائع بتسليم ماله لمبتاعه وهو دليل رسم العرية من سماع عيسى في العتق، ورسم كتب عليه من سماع ابن القاسم في استثناء نصف الثمرة. الباجي: وبيع ما بعضه حر لا يجوز إلا بشرط بقائه بيد العبد. قُلتُ: لا يخفى أخذ جواز بيع أرض ذات زرع أخضر لبائعها جزء معلوم منه فقط مع حظه منه مما تقدم، وهو نقل المتيطي عن المذهب، وقول ابن الحاجب. وفي اشتراء البائع مال العبد المبيع بماله قولا ابن القاسم وأشهب يقتضي أن من باع عبدًا مع ماله، ثم أراد البائع أن يشتري ماله إن فيه القولين: فإن أراد على وجه الرخصة ككونه عينًا، والثمن عرض، فمن نظر مستوفيًا، وأنصف عرف منعه اتفاقًا. وإن أراد لا على وجه الرخصة ككونه عينًا والثمن عوض وعكسه، فجوازه اتفاقًا واضح. والأقرب أنه أراد وفي اشتراء المبتاع مال العبد المبيع دون ماله، ووقع في كتبه سهو؛ لأن المسألة على هذا الوجه مشهورة، مشهور فيها قولا الإمامين، فلو صح

باب في بيع الجزاف

مقتضى لفظه عنده مع مخالفته أصل المذهب لما اقتصر على ذكره دون ذكر المسألة المشهورة، وغقتصاره عليه بعيد لا يليق بإمام فعله فوجب حمله على ما ذكرناه، والله أعلم بالصواب. [باب في بيع الجزاف] وبيع الجزاف: بيع ما يمكن علم قدره دونه، فالأصل منعه، وخفف فيما شق علمه أو أقل جهله، روى محمد: منعه في كبير الحيتان. زاد العُتْبِيّ في سماع ابن القاسم أحمالًا أو صبرًا، وسمعه يحيى. وفي كبير الخشب المجموع بعضه على بعض؛ لأنه غرر تخف مؤنة عده، كالبقر، والغنم، وشبه ذلك. وفي صغير الحيتان في أوعية، كجملة من قلال صيرووي. محمد: وفي الثياب والحيوان وسائر العروض التي لا تكال ولا توزن. التلقين: وفي الجواهر المازري: ولم يفصل بين كبيره وصغيره، والصواب: إن تساوت آحاده وقصد مبلغه لا حال كل واحدة في نفسها، جاز بيعه جزافًا وإلا منع. ابن حبيب: وفي حي الطير في الأقفاص. ابن رُشْد: اتفاقًا. وفيها مع رواية محمد: وفي الدنانير والدراهم والفلوس، والمذهب مع رواية محمد: جوازه فيما يكال أو يوزن غير الدنانير.

وثالثها: وفيما كثر من معدود يشق عده كالجوز والبيض والرمان والفرسك والقثاء والتين والموز والأترج والبطيخ وصغار الحيتان، وذلك فيما كثر وشق عدده لا فيما إذا نظره الناظر أحاط بعده. ابن حبيب: وفيما كثر من الطير المذبوح لا فيما قل. قُلتُ: هذا وما للمازري خلاف نقل ابن رُشْد عن المذهب جواز الجزاف في يسير ذلك. قال لأنه يراه ويحيط به، إلا أن يحمل قوله على اليسير جدًّا وما تقدم على ما فوقه. ونحو نقل ابن رُشْد نقل اللخمي عن ابن القاسم جوازه في الطير المذبوح لا بقيد. ونقل ابن بشير عن المذهب جوازه في المعدودات إن قل ثمنها. ابن حارث: يجوز في الطعام ولو قل وحضر مكياله. المازري: في المعدود اضطراب روايات في الموطأ لا يجوز جزاف فيما يعد عدًّا. فإن حمل على إطلاقه فرق بينه وبين المكيل والموزون بتعذر آلتهما بعض الأوقات. وقيده حذاق المتأخرين بالمعدود المقصود صفة آحاده كالرقيق والأنعام. وما تساوت آحاده جاز جزاف كثيره لمشقة عده دون يسيره. وفيها مع غيرها: وفي الذهب والفضة غير مسكوكين، وفي الدنانير والدراهم طرق: الصقلي وابن رُشْد نقل قولها، والموَّازية: المنع فيها، وفي الفلوس. ابن حارث: في منعه، وإجازته في الدنانير والدراهم قولا مالك فيها وابن عبد الحَكم. اللخمي: إن تعومل بها عددًا لم يجز، وإلا ففي منعه فيهما وكراهته قول ابن القُصَّار: كرهه مالك. وقول ابن عبد الحَكم: لم يفسخ بيعها جزافًا أحد من أصحابنا، وهو الصحيح كالتبر والنقار إن لم تكن عادة في بيع ذلك جزفًا لم يجز، وإن كانت حتى لا يخطئ حزرهم عن وزنه إلا يسيرًا جاز، وإن تفاوت لم يجز ولا في تبر. وأجاز محمد بيع الحلي المحشو جزافًا ما لم يعلم البائع وزنه، يريد: إن دل دليل على ما فيه كقطع طرف منه يدل على كثافته أو رقته.

قُلتُ: نص قوله أولا: المنع والكراهة، وحاصل نقله الكراهة فقط، أو الكراهة والجواز، وما ذكره في المحشو، وقيده به، ذكره المازري غير معزو كأنه المذهب. الباجي: اختلف أصحابنا في منعه في الدنانير والدراهم، فقال محمد بن مسلمة: كل معدود ذي قيمة كثيرة، لا يجوز فيه جزاف، كالحيوان والثياب، إنما يجوز فيما لا قدر له كالقثاء والجوز وينتقض قوله: بصبر الحنطة والتبر والحلي والمسك والدراهم فإنها موزنة لا معدودة. قُلتُ: يرد نقضه بالحنطة وما بعدها، بأن قوله إنما هو في المعدود. قال: وحمل ابن القُصَّار وغيره منعه في الدنانير والدراهم على الكراهة. وحمله القاضي والأبهري على التحلايم حيث تجري عددًا؛ لأنه يرغب في الخفاف؛ لأنها في الوزن أكثر عددًا، ففي جزافها الغرر من وجهين: مبلغ العدد، ومبلغ الوزن، وغرر جزاف المكيل أو الموزون من مبلغ الكيل أو الوزن فقط. وقولهما يقتضي جواز جزافهما حيث لا يجريان إلا وزنًا والمسألة جارية على تعينها فيجوز جزافهما وعدمه، فيمتنع لتعلقهما بالذمة القولان في تعيينها لابن القاسم في الرواحل، وفي السلم الثاني: مع أشهب في الرواحل. ابن بشير عن جل أهل المذهب: إن تعومل بهما وزنًا، جاز فيهمًا وإلا لم يجز، وحكى ابن القُصَّار الكراهة، وانفرد الباجي بقوله: إن تعومل بها عددًا لم يجز اتفاقًا, وإلا فقولان. اللخمي: لا تباع الثياب على غير قيس إلا أن يكون قيسها معلومًا، وما جرت العادة ببيعه جزافًا دون قيس، ولا وزن كالدور لا يجوز بيعها على القيس؛ لأنه غرر، إن كثرت الأذرع تضرر مبتاعها، وفي العكس بائعها. قُلتُ: هذا قبل علم ما فيها، وبعده جائز، ويأتي لا بن رُشْد ما ظاهره جواز بيعها مذارعة بعد رؤيتها، فيحمل قول اللخمي على ما تقررت العادة فيه ببيعه جزافًا على المشاهدة، وفيها وغيرها: شرط كونه مرئيًا، في التلقين والجلاب: يجوز في المكيل في الغرائر وصبًّا على الأرض ابن شاس: إن اشترى صبرة تحتها دكة تمنع القدر، إن تبايعا على ذلك لم يصح البيع للغرر، وإن اشترى فظهرت فله الخيار.

باب في الشراء بمكيال مجهول

قُلتُ: والحفرة كذلك، والخيار هنا للبائع. محمد: بيع ملء غرارة قبل ملئها لا يجوز. الصقلي: كمن أسلم في طعام بمكيال عنده، وأجازه أشهب إن نزل. محمد: شراؤها مملوءة جائز، فلو قال: فرغها واملأها لم يجز. ابن حبيب: وكذا قارورة مملوءة أو بعد تفريغها، وفي العتبية: جوازه في سله وبعد تفريغها. الصقلي: وكذا عندي في القارورة ولو قاله قائل: في الغرارة ما أبعد، والقارورة أبين. قُلتُ: في سماع مسألة السلال ما يمنع قياس القارورة عليها، وهو سماع أبي زيد ابن القاسم شراء سلة مملوءة ومثلها أخرى بدرهم، خفيف لجواز السلم في السلال ولا خير في مثل ذلك في غرارة قمح؛ لأنه لا يجوز أن يسلم فيها، وذكر المازري أن بعضهم فرق بين الغرارة والسلة بأن القمح مكيل، فملء الغرارة منه بيع بمكيل مجهول، والعنب غير مكيل فلم يكن ملء السلة منه كذلك. [باب في الشراء بمكيال مجهول] وسمع عيسى ابن القاسم: من اشترى مكيلًا مملوءًا طعامًا بدينار، ففرغه وقال: املأه ثانية بدينار بموضع فيه مكاييل، لم أحبه، كصبرة اشتراها بدينار لا بأس به، فلو قال: أعطني كيلها بدينار فلا خير فيه. ابن رُشْد: لأن شراء ما وجده بحاله الغرر فيه غير مقصود وجزاف ما لم يجده بحالة جزافه الغرر فيه مقصود لتركه شراءه بمكيال معلوم، ولو قال: صبر من طعامك صبرة أشتريها منك جزافًا انبغى أن لا يجوز، لقصد الغرر. محمد عن ابن القاسم: لا بأس ببيع ما في البرج من حمام أو بيعه بحمامه جزافًا، وسمعه أصبغ: وقال: إذ عاينه وأحاط به نظرًا ومعرفة، رب كبير قليل العمارة، وصغير كبيرها. ابن رُشْد: لابن نافع في المدينة: لا يجوز جزافًا؛ بل عددًا، فقيل: هو كقول ابن حبيب في منع بيع طير أقفاص جزافًا، وقول ابن القاسم في البرج خلاف قول ابن

باب في الصفة تقوم مقام العيان في الحزر

حبيب، وليس عندي بخلاف، إذ لا مشقة في عد الأقفاص، ونحل الأجباح جائز فيهما اتفاقًا. قُلتُ: شرطه رؤيته مع قبول غير واحد قول مالك فيها، وكذلك حوائط التمر الغائبة يباع تمرها كيلًا أو جزافًا، وهي على مسيرة خمسة أيام لا يجوز النقد فيها بشرط، وان بعدت جدًا كإفريقيَّة من مصر لم يجز شراء ثمرها فقط؛ لأنها تجد قبل الوصول، إليها أن يكون ثمرًا يابسًا، متناف، لاقتضائه جواز بيعها غائبة جزافًا. [باب في الصفة تقوم مقام العيان في الحزر] وفي كون الصفة تقوم مقام العيان في الحزر نظر، والمذهب: نص محمد وابن حبيب. [باب في شرط الجزاف] شرطه: جهل العاقدين قدر كيل المبيع أو وزنه أو عدده. ابن حبيب: إلا فيما يختلف قدره لا يضر علم عدده، كالقثاء والبطيخ والأترج. المازرري: لا يصح ما في كتاب ابن حبيب من جواز الجزاف في الأترج والبطيخ، وإن اختلف آحاده بالكبر والصغر، إلا أن يكون الثمن عند العاقدين لا يختلف باختلاف كبره وصغره. قُلتُ: عدم اختلافه بذلك بعيد عادة. ابن حبيب: من علم كيل طعامه ثم كال منه صدرًا لم يبع باقيه إن عرفه على التقدير، وإن جهله لكثرة ما كان منه جاز. سَحنون: روى ابن وَهْب: لا يبيع الجواز جزافًا من علم عدده، ويبيع القثاء جزافًا من علم عددها. ابن رُشْد: لأن الجوز يقرب بعضه من بعض. القاضي مع رواية محمد: لا يجوز شراء جزاف، ذكر بائعه علمه بقدره، ولو رضي مبتاعه على علم ولو بان ذلك بعد بيعه، فله رده وإمضاؤه المازري: انفرد الأبهري بجعله اطلاع المبتاع على علم البائع بقدر المبيع، موجبًا، لفساد المبيع، لا عيبًا يوجب خياره، والمعروف من المذهب أن اطلاع

البائع على علم المبتاع بذلك يوجب خياره، وذكر بعضهم أن بعض أهل المذهب قال: لا خيار بذلك للبائع وهو غير مستقيم، وناقض ابن القُصَّار كونه عيبًا مع كونه ذكره في العقد مانعًا، ورده القاضي بأن العيب قد يكون ذكره في العقد، يوجب فسادًا؛ لأنه يوجب غررًا أو بيع ما لا يحل بيعه لوصفه، ونقل ابن عبد السلام عن بعضهم عن فضل عن سَحنون جواز بيع ما ذكر البائع في العقد علمه بقدر المبيع جزافًا، لا أعرفه لغير ابن زرقون. المازري: قال بعضهم: لو كان المبيع يباع على مبلغين فباعه إياه على أحدهما وهو يعلم الآخر دون المبتاع لم يكن له خيار كبيعه دنانير تباع وزنًا وعددًا على الوزن وهو يعلم عددها. المازري: وفيه نظر. اللخمي: وشرط الجزاف كونه ممن اعتاد الجزرفيه؛ لأنه لا يخطئ إلا يسيرًا، ولو كان أحدهما غير معتادله، لم يجز ولاعتياده في الصحابة كانوا يبعثون الخراص. وتبعه المازري. ابن رُشْد: بيع جزاف مع مكيل صفقة، منعه مالك وأصحابه اتفاقًا مجملًا، وتفصيله: أنه لا يجوز مما أصل بيعه كيلًا أو وزنًا مع مكيل منه، ولا مما أصل بيعه جزافًا كالأرضين والثياب ولا يجوز جزاف مما أصل بيعه جزاف مع مكيل منه، وفي بيعه جزافًا مع مكيل أصل بيعه كيلًا قول ابن زَرْب مع أخذه من قولها: يجوز السلم في ثياب وطعام صفقة واحدة وغيره من المتأخرين والصحيح الأول. قُلتُ: لابن محرز مثل ابن زَرْب زاد: ومنع منه محمد في أحد موضعين. ابن الهندي بفسخه جرى العمل. المتيطي: ورواه أَصْبَغ عن ابن القاسم، قال أصبغ: أقوله استحسانًا واتباعًا، وقد أجازه أشهب. قُلتُ: الذي وجدت في سماعه أَصْبَغ أنه لا يجوز دون لفظ الفسخ. المتيطي: ولخوف الوقوع فيه قلنا في رسم بيع الأرض المبيعة مع دور أن تذريع

باب في بيع ما تقدمت رؤيته

الأرض كان رغبة من المبتاع للبائع. ابن رُشْد: وفي الجزاف مع العروض ثلاثة: أشهب وأصبع: جائز، ولو كان الجزاف على الكيل. ابن حبيب: لا يجوز ولو كان على غير الكيل. ابن القاسم: الجواز إن كان على غير الكيل، والمنع إن كان عليه، وهو المشهور. وبيع الجزافين على الكيل إن اتفق الكيل والطعام جاز، وإن اختلفا لم يجز اتفاقًا فيهما، وإلا كصبرتي طعام واحد، إحداهما ثلاثة بدينار، والأخرى أربعة به أو صبرتي قمح وشعير كل منهما ثلاثة بدينار، ففي جوازه قولا أَصْبَغ مع أشهب وابن القاسم، ولا يجوز عنده بيع مبذر عشرة أمداد كل قفيز بكذا، إن اختلفت الأرض وإن نظر إلى جميعها، ولا إن اتفقت مع ثمرة أو دار أو عرض، ويجوز على قول أشهب وأصبغ. اللخمي: لا بأس ببيع صبرتين جزافًا وإن اختلفتا في الجودة، وأجاز مالك في العتبية: بيع صبرة قمحٍ وصبرة عدس جزافًا، ولمجمد عن ابن القاسم: جواز بيع صبرتي قمح وتمر جزافًا، وإن اختلف الثمن، ويجوز بيع ثمر الحائطين جزافًا، وإن اختلفت ثمرها بثمن واحد. [باب في بيع ما تقدمت رؤيته] ورؤية المبيع علم به: ابن رُشْد عن مالك وأصحابه: ولو كان ذا صوان ورؤية بعض المثلي ككله وتقدم رؤيته لما لا يتغير فيه كافية. المازري: اتفاقًا. وفيها: منع بيعه برؤية لمدة يتغير فيها، وجوازه بصفة مؤتنفة. الشَّيخ: في كتاب محمد: من رأى عبدًا منذ عشرين سنة ثم اشتراه على غير صفة جاز، ولا ينقد وهو بيع على الصفة التي كان رأى. قُلتُ: ظاهر هذا خلاف أصل المذهب، ومفهوم قولها: بصفة مؤتنفة ولم يتعقبه الشَّيخ، ونقلها الصقلي مسقطًا قوله على غير صفة وفيها: جواز شراء الزرع الغائب

باب في بيع ذي ورم تقدمت رؤيته

بتقدم رؤيته. ابن رُشْد: وفي الصبرة كذلك قولا ابن حبيب وابن القاسم في المدنيَّة ولا وجه له. قُلتُ: وجهه أنه يطلب في الصبرة زيادة على معرفة صفتها، معرفة قدرها بالحزر حين العقد، وللرؤية المقارنة له في ذلك أثر، ويلزم مثله في الزرع الغائب. وفيها: ما وجد على ما وصف أو رئي لا خيار فيه، فلو قال مبتاعه: تغير عن حال رؤيتي وأكذبه البائع، ففي قبول قوله بيمينه أو قول مبتاعه قولا ابن القاسم وأشهب فيها فخرجهما المازري والتونسي على تبعيض الدعوى ونفيه. اللخمي: إن قرب ما بين الرؤيتين بحيث لا يتغير في مثله قبل قول البائع وإن بعد بحيث لا يبقى على حاله قبل قول المشتري اتفاقًا فيهما وتسقط يمين البائع إن قطع بكذب المشتري كقوله في زيت أو قمح اشتراه بالأمس تغير الزيت واستاس القمح، وإن أشكل الأمر فالقولان. قُلتُ: ظاهر لفظها أن اختلافهما في تغيره فيما بين رؤيته، والعقد، وهذا يمتنع تقسيمه لبعد لا يبقى المبيع فيه على حاله. ونص اللخمي: أنه فيما بين الرؤيتين وفيه نظر؛ لأنه إنما يتصور على أن الضمان بنفس العقد من المبتاع. [باب في بيع ذي ورم تقدمت رؤيته] ومذهب ابن القاسم أنه من البائع، واحتجاجه فيها بقول مالك في رؤية ذي ورم قال مبتاعه: زاد وأكذبه بائعه أحروي؛ لأن حدوث ما ثبت سببه أقرب مما لم يثبت سببه. عياض: في خلاف أشهب في ذي الورم ووفاقه طريقا الأكثر والأقل زاعمًا أن مبيع ذي الورم حاضر لا غائب، ورده عياض بدلالة ألفاظها على كونه برؤية تقدمت. قُلتُ: نقل اللخمي: إن كان اختلافهما بأثر رؤيته فالقول قول البائع، وإن طال بحيث يتغير فالقول قول المبتاع إلا أن يكون أخذ في النقض فالقول قول البائع.

باب في شرط لزوم بيع الغائب

[باب في شرط لزوم بيع الغائب] والمذهب شرط لزوم بيع ما غاب وصفه بما يختلف الأغراض به؛ لأنه المعتبر في السلم المقيس هذا عليه، وقاله الباجي. وقول ابن الحاجب والتلقين: وصفه بما يختلف الثمن به قاصر؛ لأنه أعلم من الأول. وسمع القرينان: لا تباع دار غائبة بصفة إلا مذارعة، وقاله سَحنون. ابن رُشْد: أي لا بد في صفتها من ذكر ذرعها وذرع كل بيت طولًا وعرضًا، ولا يريد قصر جواز بيعها على كل ذراع بكذا؛ بل لا يجوز هذا إلا فيما تقدمت رؤيته كالأرض والصبرة. وبيع الغائب دون وصفه وتقدم رؤيته لا على خيار مبتاعه حرام، وعلى خياره عند رؤيته: المعروف، ونص غررها وظاهر سلمها الثالث: جوازه. المازري: أنكره ابن القُصَّار، والقاضي، والأبهري، لجهله حين العقد، وظاهر سلمها الثالث: جوازه. عياض: أنكره البغداديون. قُلتُ: وإنكاره بعضهم، وزعمه أن ما فيها من بقايا أسئلة أسد محمد بن الحسن جهل سماع سَحنون أسئلتها من ابن القاسم وثبوت ذلك في غيرها، وقول ابن الحاجب فيها صريح في الجواز من غير صفة، وللمشتري خاصة الخيار، ظاهره: جوازه دون شرط خياره، ويلزم خياره: وليس كذلك. الشَّيخ عن ابن حبيب: يجوز بيع الغائب على الصفة ما لم تتفاحش غيبته جدًا. فنقله المازري كأنه المذهب غير معزو. ولم يحده بتعيين مسافة.

باب في بيع البرنامج

وقال ابن شاس: كإفريقيَّة من خراسان. اللخمي: لا يجوز إن كان بحيث يتغير عما رآه به أو وصفه له، وكون الثمن ثوبًا أشد غررًا لوقفه تلك المدة ولا يدري هل يجد الغائب أم لا؟ وكونه عبدًا أو دابة أشد. قُلتُ: ظاهرها مع الجلاب والتلقين: الإطلاق، وهو ظاهر في الأرض البيضاء. وفيها: إن بعدت الحوائط كإفريقيَّة من مصر لم يجز بيع ثمرها لجدها قبل الوصول إلا أن يكون تمرًا يابسًا فيجوز. وبيع رقابها جائز كالرباع البعيدة، والمعروف منع بيع حاضر العاقدين بصفته. وسمع عيسى ابن القاسم: لو قال مبتاع: ما بهذا الصندوق على الصفة بعد ذهابه وجدته على خلافهما، لم يصدق ولزمه بيعها. فأخذ منه اللخمي جوازه. ورده المازري باحتمال مشقة إخراج ما فيه كالبرنامج أو فساده برؤيته كالساج المدرج في جرابه. قُلتُ: وأذكر حمله بعضهم على غيبتة مفتاحه فصار ما فيه كغائب وتلقيها ابن رُشْد بالقبول كتقصير، ودليل قولها: من ابتاع ثيابًا مطوية لم ينشرها ولا وصفت له لم يجز جوازه. وفي غير موضع منها جواز بيع حاضر البلد على الصفة. وروى محمد منعه واختاره فجعله ابن الحاجب الأشهر. ابن شاس: حمل الأصحاب قولها على ما في رؤيته مشقة. قُلتُ: فيكون ثالثًا على عد التأويل قولًا، وعلى المنع المعروف جواز الغائب على مسافة يوم. اللخمي: روى ابن شعبان منعه. المازري: ليسر إحضاره. [باب في بيع البرنامج] وفي جواز بيع ما بالعدل ببرنامجه قولها مع الموطأ، وابن حبيب عن المذهب ورواية ابن شعبان.

القاضي: شرطه ذكر عدد ما فيه ووصفه بما يختلف به الأغراض. وفي جواز بيع الساج المدرج في جرابه على الصفة نقل اللخمي روايتي محمد قائلًا: في الأولى على صفته أو على أن ينشره. اللخمي: إن كان لا مضرة في إخراجه من جرابه جرى على الخلاف في بيع الحاضر على الصفة وإلا جرى على الخلاف في بيع البرنامج. الباجي: في الموَّازية: من باع ثوبًا في جرابه فوصفه له وكان على أن ينشره، جاز نشره قبل البيع أو بعده، وفي الموَّازيَّة أيضًا الثوب مدرجًا بجرابه أو مطويًا وإن ظهر ظاهره لا يجوز بيعه بالصفة. ابن زرقون: الظاهر أن قول مالك اختلف في بيعه على الصفة وعليه حمله اللخمي. وظاهر سياق الباجي أنه وفاق، وفي الموطأ جواز بيع البرنامج بخلاف الساج المدرج والثوب المطوي فرق بينهما عمل الماضين ومعرفته في صدور الناس ونحوه فيها. ونقل الشَّيخ تفرقة ابن حبيب بكثرة الثياب وعظم مؤنة فتحها، ونظرها العُتْبِيّ عن أصبغ. قُلتُ: لابن القاسم: اتباع قلال خل مطينة لا يدرى ما فيها ولا ملؤها. قال: إن كان مضى عليه عمل الناس أجزته، كأنه لا يرى به بأسًا. أصبغ: لا بأس به؛ لأن فتحه فساد وذوق واحد منه وبيعه عليه صواب. ابن رُشْد: جوازه على الصفة من خل طيب أو وسط كجواز بيع البرنامج والثوب الرفيع الذي يفسده النشر على الصفة، وقوله: لا يدرى ملئها، أي: قدره لا أنه لا يدري هل هي ملأى أو ناقصة؟ هذا لا يجوز؛ لأنه جزاف غير مرئي. وفيها: له فبض العدل بذلك فإن وجده دون الصفة أو العدد بالحضرة، أو بعدها بيبة لا تفارقه صدق وإلا فالقول قول البائع بيمينه لقبضه بتصديقه كمقتضي على تصديق دافعه في صفته أو قدره. اللخمي: إن قبضه على تصديق المبتاع صدق بيمينه فإن ثبت نقص عدد رجع بما ينوبه من الثمن.

وفيها: إن وجد في عدل ابتاعه على أن فيه خمسين إحدى وخمسين، رد جزءًا من اثنين وخمسين جزءًا من الثياب. عياض: كذا رواية ابن باز، ويحيى بن عمر وأحمد بن داود، وسماع عيسى وأَصْبَغ ابن القاسم قوله وروايته، وقالا: بل يقسم ثمنها على أحد وخمسين، وعليه صححت المدَوَّنة وكذا في كتاب أحمد بن خالد قالوا: وغير هذا وهم من روايه عن ابن القاسم أو مالك. عبد الحق عن ابن حبيب: قاله الأخوان وروياه، ورواية ابن القاسم غلط. عبد الحق: وصوبها ابن اللباد بإدخال اللفافة في العدد. عياض: ولا يستقيم؛ لأنها ليست من جنس الثياب وهي ملغاه كحبال الشد، وكما لو كانت الثياب مختلفة لم يعتبر عددها؛ بل قيمة كل ثوب منها. أبو حفص: رواية بجزء من اثنين وخمسين جزءًا على عد اللفافة، والأخرى على إسقاطها وتركها للمشتري. وفيها أيضًا: إن وجد في عدل ابتاعه على أن فيه خمسين إحدى وخمسين، رد ثوبًا كعيب وجده به. وفي رواية قال غيره: إنما يرد جزءا منها. عياض: في كونهما خلافًا أو وفاقًا قولا الأكثر محتجين بقول ابن القاسم: الأول أعجب إلي والأقل، وحكي عن أبي عمران. قُلتُ: حكاهما اللخمي روايتين ونحوه نقل التونسي عنها قال: قال مالك: يرد جزءًا من اثنين وخمسين قيل: فإن كان الجزء أقل من ثوب أو أكثر قال: يرد ثوبا من اثنين وخمسين، ثم أعدت عليه. فقال: يرد ثوبًا كعيب وجده. قُلتُ: أفلا يقسمها على الأجزاء؟ فانتهرني وقال: يرد ثوبًا كأنه عيب وجد. ابن القاسم: قوله الأول أعجب إلى التونسي: حاصل القولين هل للمشتري رد ثوب يختاره ثم يقوم، أو ليس إلا ما يخرجه السهم إلا أن يقال: يعطيه ثوبًا دون تقويم لتقاربها وهو بعيد في القياس. وعلى الخلاف في تفسير الأول يرد ثوب يختاره كعيب يزيله، أو ما خرج ليده منها

دون تخيير. ثالثها: وسطا منها. اللخمي مع عبد الحق عن أبي عمران وابن لبابة وعبد الحق عن بعض القرويين، ورده عبد الحق، والأول لو فاق فإن كانت قيمة المردود جزءًا من أحد وخمسين جزءًا من جملة ثمنها تفاضلا، وإلا كانا شريكين فيه إن كانت قيمته أكثر أو في آخر إن كانت قيمته أقل، وعلى قول الغير وهو شركة البائع بجزء منها في كلها في قسم ثمنها إذا بيعت أو ثمنها معجلًا بيعها ثالثها لا تباع وتقسم على أحد وخمسين جزءًا بالقرعة، لعياض عن ابن لبابة وعيسى مع أَصْبَغ مخطئين من تأول عليهما غيره. وعلى الثالث إن وجد جزء البائع أو تمامه في مشترك فيه في كونهما فيه على حكم الشركة وإلزام ذي الأقل منه ذا الأكثر حظه بثمنه نقلاه عن أبي عمران وابن محرز. قُلتُ: وقاله اللخمي. وعلى رد الروايتين لو فاق تقسم على أحد وخمسين جزءًا على حكم القسم. عياض: هذا على أنه جنس، ولو تمثلت في صفتها رد واحدًا وإن كان الزائد مخالفًا للصفة رده. عياض: وحيث يحكم بالشركة يجوز تراضيهما على معين بعد مغرفة قيمة ما يجب له. اللخمي: إن كانت أجناسًا عرف ما ينوب جنس ذي الزيادة من الثمن ثم يفعل فيه ما مر. وفيها لمالك: إن وجد فيه تسعة وأربعين ثوبًا وضع من ثمنها جزءًا من خمسين جزءًا، وإن نقصت كثيرًا لم تلزم المشتري ويرد البيع لما فسرت لك من قول مالك في كيل الطعام. وفي كون تشبيهها بالطعام في رجوعه بقدر النقص منها من ثمنها دون تقويم؛ لأنها موصوفة إن قل نقصها، وإن كثر فله ردها لا في إن نقص ثلثها كثيرًا كالطعام أو فيهما قول ابن محرز، ونقله عن بعض المذاكرين. اللخمي: إن ثبت نقص عدد رجع بما ينوبه من الثمن على أنه من وسطها. وفيها: إن كانت ثيابه أصنافًا فنقص صنف منها ثوبًا عرف مناب صنفه من الثمن

بالقيمة، فإن نابه ربعه وعدده عشرة، والنقص واحد، وضع عنه عشر ربع الثمن. عياض: هذا مع استواء ثياب الصنف وإلا قومت على اختلافها وعرف ما يجب لكل ثوب وما للناقص فيوضع عن المشتري. قُلتُ: إنما يتصور مناب الناقص بمعرفة صفته، وهي مجهوله، فلا يتم ذلك إلا بما تقدم للخمي من جعله من وسطها. ومقتضى الأصول: جعل نقص بعضها كمستحق يعتبر كونه الأكثر منها، أولا إن كانت جنسًا واحدًا وإلا اعتبر كونه كذلك من صنفه، فإن كان أكثره اعتبر كون صنفه أكثرها. وإذا ثبت صفة ما بيع عليه سقطت دعوى المشتري رده. اللخمي: وإن ثبت خلافها فله رده، وإن اختلفا في الصفة التي بيع عليها صدق مبتاعه بيمينه، وإن اختلفا في كونه عليها، دعي لها أهل المعرفة. أبو عمر: لا بأس ببيع البز والقطن والكتان في أعداله بغير برنامج إذا فتح، ونظر لبعضه على إن ءاخره على صفة ما رأى، فإن وجد فيه خلافًا يسيرًا، والصنف واحد، وأشبه بعضها بعضًا إلا أن الأول أجود؛ لأنه وجه الشيء لزم البيع، وإن جاء بخلاف الصفة أو تغير كثيرًا فله الرد. قُلتُ: هذا نص فيما عليه بيع زكائب الكتان وسلل التين والعنب ونحوهما في بلدنا، وكان بعض قضاة شُيُوخنا يتوقف في بيع الزكائب كذلك، والصواب جوازه؛ لأن نشر ذلك فساد له. وكان بعضهم يوقف بعض المرئي بيد أمين ليبين صدق مدعي الخلاف أو كذبه. واغتفار يسير الخلاف فيه صواب لقولها في الخيار: إن اشترى خيارًا ثيابًا أو رقيقًا أو غنمًا على أنه بالخيار إذا نظرها فنظر أولها وصمت ثم لم يرض آخرها حين رآه فله رد ذلك، ولو كانت حنطه رضي بعضها ثم أنكر باقيها، فإن كانت على صفة ما رضي لزمه جميعها، وإن خالفه اختلافًا كثيرًا فله رد الجميع وليس لأحدهما إلزام البيع في المرضي فقط إلا برضى الآخر.

باب في بيع الأعمى

[باب في بيع الأعمى] وبيع الأعمى، قال المازري: إن كان بعد إبصاره أجناس البيع وصفاته بحيث يتخيله بالوصف جاز، ومن خلق أعمى، منع الأبهري بيعه، وأجازه القاضي كالأول. قُلتُ: هو نقل ابن رُشْد عن المذهب ومفهوما كلام المازري فيمن عمي صغيرًا متعارضان والأظهر كالثاني، وإسناد بيع الأول للوصف واضح. وفيه: للثاني نظر والأقرب وصفه بقدر قيمته لا لصفة أعراضه المرئية. [باب في نقد ثمن الغائب] ونقد ثمن الغائب غير الدور والعقار لا يجب، وفي الدور والعقار نقلا الصقلي عن أبي عمران قائلًا: كما لو كانت حاضرة؛ لأنها رهن بثمنها، وبائعها أحق بها في الفلس والموت من الغرماء، حتى يقبض ثمنها، وابن عبد الرحمن محتجًا بضمانها مبتاعها بالعقد. قُلتُ: كذا قررهما الصقلي وقرر المازري حجة أبي عمران بلفظ: لكون مشتريها غير متمكن من قبضها، وهي في يد بائعها كرهن؛ لأنه أحق بها في الفلس والموت، واعتبار عدم التمكن مناسب لعدم الحكم بالنقد. وقبول الصقلي ما ذكره من احتجاج أبي عمران يرد بأنه ينتج له عكس دعواه في الحاضر المقيس عليه؛ لأن الراهن مبدأ بدفع ما الرَّهن به رهن قبل قبض الرهن، ونظير الراهن المبتاع فيلزم تبدئته بدفع الثمن، ومال قياسهما استنادهما لأصل واحد هو المبيع الحاضر، وحكمه عند ابن عبد الرحمن وجوب النقد، وعند أبي عمران عدمه فتأمل ذلك، وعزا الثاني عياض أيضًا لابن محرز، وابن القُصَّار قائلًا: هذا الصحيح من مذهب مالك المازري: واتفق الشَّيخان على عدم وجوبه فيما قرب من العروض للخلاف في ضمانه، ولو رأى ابن عبد الرحمن رأي ابن حبيب، أنه لا يختلف في ضمانه، لا وجب النقد فيه كالعقار. قُلتُ: على اعتبار المدارك في التخريج دون تعيين قائلها يتخرج وجوب النقد فيما قرب من العروض المازري: وما بعد من العروض لم يختلف في عدم وجوب النقد فيها لتسليم ابن حبيب شهرة الخلاف في ضمانها.

باب في شرط النقد في بيع الغائب

[باب في شرط النقد في بيع الغائب] والنقد بشرط: ابن الحارث: جائز في قريب العقار، غير جائز في الحيوان البعيد اتفاقًا فيهما ابن عبد السلام: نقل ابن الحاجب منع شرطه في العقار عن أشهب لا أذكر موضعه. قُلتُ: نقله ابن الحارث. قال: قال أشهب: إن كان بعيدًا لم يجز فيه النقد كان المبيع دارًا أو ما كان من شيء، وقد روي جواز النقد في الدور كرواية ابن القاسم. المازري: يجوز شرط النقد في بستان فيه حيوان؛ لأنه بيع له كالشفعة فيه بما فيه، وعزاه الصقلي لمحمد وزاد: وضمانه من مبتاعه ولو بعد. اللخمي: الثياب كالحيوان إن بعدت وإن قربت أو بعد زمن رؤيتها لم يجز شرطه فيهما، وإلا ففي جوازه قول ابن القاسم مع الأكثر معها، ورواية ابن عبد الحَكم لا ينبغي أن ينقد في الحيوان ولو قرب ونقلها ابن حارث بلفظ: لا ينبغي أن ينقد في الحيوان وإن كان رآه لا قريبًا ولا بعيدًا، ونقل ابن شاس القول الثاني بلفظ: لا يجوز ولم يعزه، وظاهر كلامه: إن شرطه فيما قرب من غير الحيوان متفق عليه، وصرح به ابن الحاجب وقبله ابن عبد السلام، وفي أول سماع يحيى ابن القاسم في كتاب المرابحة: لا يجوز لمن ابتاع طعامًا غائبًا بعينه أن يوليه أحدًا. ابن رُشْد: يحتمل أن قوله هذا على القول إن النقد في الغائب، وإن قربت غيبته لا يجوز وفي المقدمات: في جواز شرطه في العروض القريبة قولان لها وللموطأ مع رواية موطأ ابن وَهْب وسماع ابن القاسم. وقال ابن عات: قال ابن العطار: بيع الغائب على الصفة جائز ولا يجوز فيه النقد؛ لأنه بيع وسلف وقيل لا يجوز البيع بصفة البائع، ورواه يحيى عن ابن القاسم، وبالأول القضاء لابن رُشْد في التعقب عليه، قوله: قيل إن البيع لا يجوز بصفه البائع غير صحيح، إنما لا يجوز النقد فيه بصفة البائع وهو الذي في سماع يحيى.

باب في بيع دار على الصفة من غير البائع

[باب في بيع دار على الصفة من غير البائع] وإذا بيعت الدار على الصفة من غير البائع جاز النقد في ذلك لأنها مأمونة، وأما بصفة البائع فلا يجوز لأنه لا يدري أصدق أم كذب؟ اللخمي: إن عرف البائع بالعدالة والخير وقله الحرص جاز شرط النقد في المبيع على وصفه، ولا يجوز على وصف غير مأمون، ولو كان غير البائع. أبو حفص: إنما يجوز أن تشترى السلعة الغائبة بصفة المخبر لا بصفة البائع. قال: ويجوز بصفة المشتري؛ لأنه إن تطوع بالنقد فهو على صفته إنما لا يجوز بصفة البائع لئلا يتطوع المشتري بالنقد، وعلى قول الأكثر المشهور في حد القرب أقوال: الصقلي روى ابن القاسم في الحيوان والطعام هو بريد إن قال، وفيها مع ابن القاسم وأشهب: فيهما وفي العروض يومان. وروى اللخمي في الطعام وشبهه مثل اليوم ونحوه. قال: وروى ابن وَهْب يكره في الطعام على نصف يوم إلا أن يقرب جدًّا؛ لأنه يسرق ويفسده المطر. اللخمي: أرى ثلاثه أيام في الطعام المخزون والثياب قريًا، وفي الزرع والثياب في البحر والحيوان في الرعي يومًا. المازري: مقتضى رواية ابن وَهْب اعتبار قرائن الأحوال الدالة على الأمر أو شدة الخطر في كل صنف. ابن شاس: في حد القرب في الحيوان خمسة: نصف يوم، ويوم، ويومان، وبريد، وبريدان. وفيها: من اكترى دارًا بعبد بعيد الغيبة بصفة أو رؤية تقدمت على الشروع في سكناها لم يجز بشرط نقد عوضه، وعلى تأخيرها لقبضه جائز، وفي عد السنة من يوم العقد مسقطًا منها أمد الوصول المعتاد والباقي كل الثمن أو من يوم يتم العقد بقبض العبد؛ لأن أمد الوصول معروف عادة ككراء دار سنة بخيار شهر نقل الصقلي عن بعض القرويين. وقوله: قائلًا؛ لأنه لو كان من يوم العقد لزم بيانه للمكتري، وإلا كان طرح أمد الوصول ظلمًا له، وأظن قائله قاسه على قول ابن القاسم في العتبية: من باع

غائبًا لا يجوز فيه النقد بثمن لسنة من يوم قبضه لم يجز إلا من يوم عقده، كمن نكح بمائة إلى سنة من يوم البناء، لم يجز إلا من يوم العقد، وقياسه غير صحيح؛ لأن كون السنة من يوم العقد لا يوجب نقصًا من الصداق، وفي السكنى يوجب نقصًا منها، وبأن الصواب في كونه من يوم البناء جوازه كما قال الشَّيخ: فيها نظر لإجازتهم النكاح على مائة تحل بالبناء؛ لأن البناء إلى الزوجة متى شاءت فكأنه حال. قُلتُ: وقبله المازري ويرد بأنهم إنما أجازوه ليوم البناء على أن وقت البناء عندهم معتاد؛ لأنه باختيار الزوجة، والعجب أن الصقلي قيده في كتاب النكاح بما قلنا. قال: ذوو الأول وما زاد أمد الوصول على معتادة كمستحق من الدار يرجع بمنابه في قيمة العبد أو عينه على قولي ابن القاسم وأشهب، وفيها: لا بأس ببيع سلعة غائبة لا يجوز النقد فيها بسلعة مضمونة لأجل أو بدنانير مؤجلة. المازري والصقلي قيدها في الدور بشرط كون أمد مسافة الغائب لا يحل أجل الثمن قبله وإلا كان شرطًا لنقده. المازري: مفهومه لو شرط وقف الثمن إذا حل حتى يقبض الغائب جاز. قُلتُ: مدلول هذا المفهوم نقله ابن محرز نصًا كأنه المذهب قال: وقول بعض المذاكرين إن كان الأجل أقل من أمد مسافة الوصول بقدر ما يجوز فيه النقد كأجل ثمانية أيام، في مسافة عشرة جاز كشرط نقد في مسافة يومين غلط؛ لأنه إنما جاز في قريب الغيبة حين العقد؛ لأنه مظنة لعلم حاله حين العقد وتعيين موضع قبض الثمن كتركه إن كان عينًا وإن كان عرضًا، فإن شرطاه بموضع يقرب من مكان الغائب لأجل يتهيأ فيه إيصال خبر المبيع الغائب جاز. قُلتُ: هذا يناقض تغليطه غيره، بأن علم حال الغائب إنما يعتبر حين العقد لا بعده إلا أن يريد أو حين النقد ويكون تغليطه غيلره فيما لا يحصل فيه علم حال المبيع حين عقده، ونقده فيتم تغليطه وقوله: (والطوع بنقده وبيعه) بت جائز ويمتنع فيه، وفي السلم والأمة المتواضعة، وشراء منافع على خيار لامتناع أخذ أحدهما عن دين على المشهور. وفي عموم جوازه في كل ثمن وقصره على ما يجوز قرضه ثالثها على المكيل والموزون لظاهرها مع التلقين وغيرهما، وتفسيرها اللخمي به قائلًا: (إلا إن كان دارًا

باب في من اشترى غائبا هل يوقف ثمنه؟

أو منافعها أو جزافًا)، ولابن محرز قائلًا: لأن غير المكيل والموزون غرر إن سلم الغائب كان ثمنه، وإن هلك رد قيمته، وعلى الثاني قال اللخمي: إن طاع بما يجوز قرضه ولم يتم البيع رجع بمثل ما دفع لا قيمته؛ لأنه قرض ولو كان ثوبًا؛ لأن ذوات القيم في القرض كالمكيل والموزون. ابن محرز: إن عجل ما لا يكال ولا يوزن سلفًا إن لم يتم البيع رد مثله جاز كالعين. عياض يتعقب بما يتعقب به قول ابن عبد الحَكم في قرض الجواري بشرط رد المثل. قُلتُ: التعقب على ابن محرز أشد؛ لأن شرط ابن عبد الحَكم ذلك في الجواري خوف عارية الفروج، وشرط ذلك في الثوب لا موجب له، والحق قول اللخمي إن مجرد الطوع به يوجب رد مثله إن لم يتم البيع؛ لأنه قرض. قُلتُ: لازم تعجيله بنص كونه سلفًا إنه لو فلس البائع، وتم البيع لغرم المبتاع الثمن للبائع، وحاص فيه مع الغرماء، بما طاع بدفعه، ولا يلزم هذا فيمن عجل ما يجوز تعجيله من دين؛ لأن هذا تعجيل بشرط براءة ذمة المعجل يلزم شرط براءته؛ لأن هذا دين وجب، وثمن الغائب لم يجب بعد فشرط البراءة منه لغو، كمن أسقط حقًا قبل وجوبه، والمذهب أن الغائب المبيع بمضون يجب به كمعين، وفي كونه بمضمون تقرر كذلك، أو كمضمون فيمتنع، قولا أشهب والمشهور، فمن ثم صح كونه رأس مال سلم كالمنافع في الوجهين، وإذا لم يمن شرط ولا طوع، ففي وجوب وقفه طرق. [باب في من اشترى غائبًا هل يوقف ثمنه؟] اللخمي: إن كان الثمن عينًا والمشتري موسر لم يوقف، وإن خفيف إعساره لوقت قبضه أو كان غير عين ولا غله، له وقف، وإن كان عبد خراج بقي بحاله فعلى أن ضمانه من بائعه له أخذ خراجه، وعلى أنه من مبتاعه وقف، فإن تم البيع أخذه وإلا رد لبائعه، وإن كان عبد خدمة فعلى أنه من بائعه لم يمنع من خدمة وعلى أنه من مبتاعه منع منها، ودار الغلة كعبد الخراج، ودار السكنى كعبد الخدمة، وما هلك في وقفه كان ممن يجب له وكذا إن هلك قبل وقفه على أنه من مبتاعه وعلى أنه من بائعه يفسخ البيع ولو سلم

باب في ضمان بيع الغائب غير ذي توفية

الغائب. أبو حفص: يجب وقفه مطلقًا؛ لأن مبتاع الغائب يذهب لأخذه، وعزاه عياض للواضحة والموَّازيَّة وسَحنون وأحد قولي مالك وعبد الحق وأبي عمران وجل أهل المذهب. قال: وفي العتبية: ليس عليه إيقاف واختاره بعض الفاسيين. اللخمي: إن وصل مشتري الغائب له فليس لبائعه منعه خوف كون الثمن هلك إن كان وقف؛ لأن هلاكه ممن يصير له وإلا فعلى أن المحبوسة بالثمن من مشتريها فكذلك، وإلا فله منعه ولمن دعا لوقفه وصار عوضه كغائب وقف ثمنه فإن لم يقفاه وعادا للأول كان لبائعه منع قبضه لإمكان هلاك الغائب. قُلتُ: فترك الوقت يؤدي للتسلسل فيجب الحكم به، وهو قول أبي حفص، وعليه قال: لو باع سلعة بمصر بأخرى بتونس بعث لها فوقفت بها وصارت كحاضر وقف. [باب في ضمان بيع الغائب غير ذي توفيةٍ] وفي ضمان الغائب غير ذي توفية فيه بعد عقده قبل قبضه مبتاعه أو بائعه، ثالثها في الربع، ورابعها وفيما جاز شرط نقده لقربه لروايات المازري مع اللخمي ونقلهما قول ابن حبيب. زاد التونسي عنه: لم يختلف قول مالك فيهما. قُلتُ: لم يختلف قوله في الربع. الصقلي عن محمد عن مالك: الدور من البائع. ولمالك: الرباع من المبتاع ولو بعدت، وعليه أصحابه أجمع اللخمي: وعلى الأول يجوز شرطه على بائعه، وعلى الثاني في جوازه على مبتاعه قولان لها ولرواية العتبي: لا يجوز بيع طعام على إن أدركته الصفقة مثل زرعٍ قائم تم يبسه، فرآه كمشتري فيه سقي على أن لا جائحة، أو مشتري فيه إجازة؛ لأنها تمنع التصرف المقصود من المشتري غالبًا، كمنع غيبته ذلك، وتمكنه من بيعه وهبته لغو؛ لعدم قصدهما بالشراء غالبًا، وتأويلها ابن القاسم بالزرع المخزون خلاف نص مالك. قُلتُ: نصها قال مالك: لا ينبغى بيع طعام على إن أدركته الصفقة مثل الزرع

القائم اليابس، سحنون: سئل عنه ابن القاسم فقال: ذلك رأيي، ما كان في البيوت من الطعام المخزون، سَحنون: هذا في الجزاف. ابن رُشْد: قول ابن القاسم وسَحنون مفسر لقول مالك، أي: لا يجوز بيع الطعام الغائب جزافًا على الصفة. ولا يقوم من قوله: لا يجوز على شرط إن أدركته الصفقة جوازه دون شرط ذلك؛ بل لا يجوز في الحالين إذ لا يجوز أن يشتري على الصفة إلا ما يجوز السلم جوازه دون شرط ذلك فيه على الصفة، فكما لا يجوز السلم في الطعام على الصفة جزافًا فكذا لا يجوز بيعه غائبًا على الصفة جزافًا، وقوله: مثل الزرع القائم إذا يبس يحتمل أن يريد لا ينبغي كما لا ينبغي في الزرع القائم إذا يبس والأول أصح؛ لأن المعلوم من قول ابن القاسم وروايته في المدَوَّنة وغيرها، أنه لا يجوز السلم في فدادين من زرع على صفة، وإنما يصح الثاني على قول أشهب، يجوز السلم في قصيل على فدادين موصوفة وشراء الصبرة والزرع على رؤية متقدمة جائز اشترط الصفقة أو لا؟ قاله ابن حبيب وفرق في المدنيه من رواية ابن القاسم بمنع شراء الطعام على رؤية متقدمة، وأجازه في الزرع القائم، وهي تفرقة لاحظ للنظر فيها، وعزا التونسي قولها لابن الماجِشُون قائلًا: هذا المبيع على اشتراط الصفقة بيع براءة وقاطع عهدة الثلاث والستة،: وكأنه لما اشترط الضمان إن كانت موجودة حين العقد برئ من كل شيء. قُلتُ: ظاهر قول ابن القاسم فيها: الدور والأرضون من المبتاع على كل حال أنه كذلك، ولو شرطه على البائع فتكون الأقوال ستة. ابن الحاجب: في ضمانه ثالثها من البائع إلا أن يشترطه، ورابعها إن كان عقارًا فمن المشتري. ابن عبد السلام: نقله الثالث صحيح، وفي صحة الرابع نظر ولا يبعد صحته والأولان غير صحيحين كونه من البائع، ولو شرطه على المبتاع، وعكسه. قُلتُ: الأول نقله اللخمي، وضعف تأويله ابن القاسم.

باب في صحة اشتراط الضمان عقب العقد

[باب في صحة اشتراط الضمان عقب العقد] وفي صحة اشتراط الضمان عقب العقد على من ليس عليه حيث يجوز فيه قولان خرجهما اللخمي على فعله عثمان، وعبد الرحمن بعد عقدهما أو فيه بعد مراوضتهما العقد مصوبًا منعه؛ لأنه ضمان بجعل، والمازري على أن الملحق بالعقد كواقع فيه أولا، ورد التونسي تخريجه على إلحاق مال العبد به والثمرة بأصلها، بأن الإلحاق فيهما للمشتري مع ما اشتري والضمان إنما يرجع للبائع وهو لو باع عبدًا بماله ثم أراد بائعه شراء ماله ما جاز، وقصر ابن محرز الخلاف في ضمان الغائب على ما في قبضه مشقة سفر. قال: وما يقبض دونها لقربه كحاضر لقول ابن القاسم في ثاني نكاحها: إن تزوجها بثوب فهلك ببينه ضمنته مع قوله في الغائب إنه من بائعه فدل أن الثوب المهر لا مشقة في قبضه. قُلتُ: هذا خلاف نقل المازري واللخمي قول ابن حبيب رابعًا، وخرج المازري الخلاف على اعتبار قدر التسليم قائلًا: وعليه يرتفع الضمان على البائع بمضي زمن الخروج لقبضه عادة، وبه صوب تفرقة شيخه اختيار ابن القاسم من قولى مالك في ضمان الغائب ضمانه البائع، وفي المحبوسة بالثمن: ضمانه المبتاع لعجزه عن التسليم في الغائب، وقدرته عليه في المحبوسة. اللخمي والمازري: لو بيع الغائب على كيل أو وزن ضمنه بائعه اتفاقًا. اللخمي: إنما الخلاف فيما صدق المبتاع بائعه في صفته وما كان على وقفه على كونه على الصفة أو اختياره فمن بائعه، ورده المازري بأن كونه على الصفة أو لًا ككونه موجودًا حين العقد أو لا؟ فكما تقرر الخلاف في الكون الثاني فكذا الأول لاستوائهما في احتمال المطابقة ونفيها يرد بوضوح الفرق بين ما بيع على خيار ضمانه من بائعه وما بيع على بت، ضمانه من مبتاعه وبين اقتضاء شيء على تصديق دافعه في صفته ضمانه من قابضه وعلى عدم تصديقه؛ بل على اختياره ضمانه من دافعه، ولو كان دارًا على مذارعة أو نخلًا على عدها ففي كونهما من البائع أو المبتاع رواية المازري ونقله عن ابن حبيب مع الأخوين فخرجهما على أن الذرع والعد حق توفية أو مجرد صفة.

زاد الصقلي عنهم: تقاس الدار وتعد النخل على ما هي به فما كان منها لزمه قال: وإنما يصح هذا إن وفي قيسها وعدها بما شرط أو نقص يسيرًا ويحط منابه، وقولهم بلزوم ما وجد غير صحيح؛ لأنه إذا نقصت الأذرع بمثل الثلث فالمصيبة من البائع. وسمع أَصْبَغ ابن القاسم: من اشترى سلعة غائبة بعينها وهي ببلد على أن يوفاها بموضع آخر أو بموضعه، شك. أصبغ: لا خير فيه للضمان. ابن رُشْد: هذا بين؛ لأن بعض الثمن وقع للضمان ولا يحل وهو حرام بإجماع، وسمعه أيضًا من اشترى جارية غائبة بالشام على أنها من البائع حتى يوفيه إياها بمصر لا خير فيه من الضمان والتغرير، ولو كان يقبضها في مكانها بالشام لم يكن بذلك بأس. ابن رُشْد: هذا مثل الأول لا فرق بين السلعة والجارية في شرط ضمان ذلك في البيع لا يجوز. قُلتُ: لا يتوهم أن هذا خلاف المذهب في جواز شرط الضمان على البائع في الغائب؛ لأن ذلك في مدة الوصول إليه لا في مدة إيصاله. اللخمي: الإتيان بالغائب على مبتاعه وشرطه إياه على بائعه مع ضمانه إياه يفسد بيعه، وضمانه في وصوله من بائعه وإن هلك بعد قبضه ضمن قيمته، وإن شرط ضمانه في إتيانه من مبتاعه جاز، وكان بيعًا وإجارة، فإن هلك قبل خروجه من موضع بيعه أو في الطريق حط عن المشتري من الثمن بقدر الإجارة. ولابن القاسم: من اشترى غلامًا غائبًا بغنم غائبة فتقدم بالعبد ثم مات قبل وصول الغنم، إن جاءت على الصفة أو على غيرها فرضيها مشتريها فالعبد ممن كان إليه صائرًا، ومحمل قوله: إن بائع الغنم تطوع بجلبها. عياض عن فضل: مسائل المدَوَّنة دالة على أن على بائع الغائب الإتيان به، وجواز اشتراطه المبتاع عليه خلاف سماع أصبغ، ابن القاسم منعه، وإن المشتري هو الذي يخرج لأخذه وصوبه أبو عمران وأنكره غيره، وتأول بعضهم قولها: إن البائع طاع بذلك، وقال: إن شرطه عليه المبتاع دون ضمان جاز والإ فسد. قلت ظاهر جعله سماع أَصْبَغ خلاف ما ذكر قبله، إن معناه جواز اشتراط ضمانه

مدة الإتيان به، وذلك خلاف ما ذكره قبله أن معناه ما تقدم لابن رُشْد. وفيها: احتيار ابن القاسم الضمان من البائع في الموت والنماء والنقصان، التونسي: ظاهره يحدث للبائع بالنماء خيار كخيار المشتري بالنقض، وعن سَحنون: إن ذلك في مال يحدث للعبد ولا فرق بينهما، والأشبه النقص اليسير، والنماء اليسير لا يوجبه؛ لأنهما دخلا عليهما، وما كان غير معتاد من نقص ونماء يوجبه. ابن محرز: حمله بعض المذاكرين على ظاهره، وقال: حدوث النماء ولو في البدن يوجب خيار البائع في فسخه ثم صوب قول سَحنون، ونص أشهب: لا خيار له إن حدث نماء وإن كان في ضمانه كحاله في عهدة الثلاث. وفيها: ما بيع بصفة أو تقدم رؤية وهلك فقال بائعه: هلك بعد الصفقة، والمشتري قبلها هو من البائع في قول مالك الأول إلا أن يأتي ببينة وإلا حلف المبتاع على علمه إن ادعى البائع علمه وإلا فلا يمن كما لو جهلا وقت هلاكه، وعلى آخر قول مالك هو من البائع في كل حال فخرجه المازري على تغلب استصحاب حالة موجودة على استصحاب حالة سابقة فيما شك في كونه بينهما على السابقة أو اللاحقة، وخرج هو واللخمي نقيضه من أحد القولين في مسألة كتاب عيوبها، من ابتاع عبدًا بالبراءة من إباقه فأبق في الثلاث ووجد ميتًّا بعدها، فقال المبتاع: مات فيها والبائع بعدها فى كون القول قول المبتاع بناء على تغليب اللاحقة أو البائع بناءً على تغليب السابقة، ومن قول ابن القاسم في الموَّازيَّة في عبد بيع على خيار وجد ميتًا بعد مدته، قال مبتاعه: مات فيها وبائعه بعدها، القول قول البائع. قُلتُ: يرد بتحقق ثبوت متعلق البيع يوم الصفقة في المبيع بالبراءة والخيار ضرورة حضورهما وعدمه في الغائب لغيبته، وما قال مبتاعه بصفة أو تقدم رؤية في عيب اطلع عليه به حين قبضه هو قديم، بائعه حادث، قال التونسي: لا جواب فيها عنه، ولابن حبيب والأخوين وابن القاسم: لو ظهر بعبد، بيع على إن أدركته الصفقة عيب. قال: مبتاعه قديم وبائعه حادث، القول قوله مع يمينه أنه: ما علمه، فناقض التونسي قول ابن القاسم فيه بقوله في هلاكه: هو من بائعه. قال: والجزء كالكل، وفرق ابن محرز بأن هلاكه قادح في وجود متعلق البيع وهو المبيع بخلاف العيب، الاختلاف في قدمه

كالاختلاف فيه والمبيع حاضر، وعزا المازري المناقضة لبعض أشياخه قال: وأشار بعض المتأخرين إلى أن ابن القاسم فرق بينهما ولم يشر إلى الفرق، قال: وعندي أن الفرق بينهما، وذكر مثل ما تقدم. وفيها: لمن اكترى دارًا بثبوت موصوف ببيته شراؤه من المكري إن علم وجوده يوم شرائه. ابن رُشْد: في هذا نظر: إذ ليس من شرط بيع الغائب علم قيامه حين عقده، فمراده إن الصفقة إن علم بعدها قيام الثوب حين عقدها صحت، وعلم انتقال الملك عن المشتري للبائع والضمان عنه للمشتري على قول مالك الآخر، أو منه للبائع على القول الأول، وإن علم تلفه أو جهل، فالصفقة باطلة لا ينتقل بها ملك ولا ضمان: عبد الحق عن بعض شُيُوخه: إنما شرط علم ذلك؛ لأن جهله يؤدي للجهل بما يرجع به إن تهدمت الدار في بعض المدة إن كان الثوب موجودًا يوم الصفقة انتقص من الثوب قدر باقيها وإن لم يكن رجع بقدر ذلك في الدراهم إذ كان الكراء إنما وقع بها، وقال غيره: لأنه لا يدري هل باع منه موجودًا أو لا؟ فعقد البيع إذا وقع جائز، ثم ينظر فإن علم وجوده، حينئذ صحت الصفقة الأولى والثانية وإلا فلا. المازري عن بعضهم: لأن عدم علمه يوجب غررًا في بيعه؛ لأنه إن ادعى بائعه ضياعه لم يقبل إلا بيمينه فإن نكل خير مشتريه في فسخ بيعه أو إلزامه قيمته. ابن رُشْد: قوله•انتقض من الثوب قدر باقيها) يريد ويرجع بقدر ذلك في قيمة الثوب؛ لأنه فات بيعه منه كفواته ببيعه من غيره، وقال التونسي: يرجع في الثمن نفسه بقدر ما بقى من السكنى، وعلته إن استحق من الثوب بقدر ما انهدم من الدار وذلك غير صحيح؛ لأن الثوب إنما يجب الرجوع فيه ما لم يفت، وهو قد فات ببيعه من ربه ولا فرق بين بيعه منه أو من غيره؛ لأن شراء من اشترى عبدًا ممن باعه منه بيعًا فاسدًا فوت يوجب صحة بيعه البيع الفاسد، وقول بعض القرويين: إن لم يكن الثوب عنده وقت الصفقة الثانية، فكأن الكراء إنما وقع بالدراهم، فإذا انهدمت الدار وجب الرجوع فيها غير صحيح، والواجب إن تلف قبل الصفقة الأولى أو بعدها، وقبل الثانية على أن ضمان الغائب من بائعه رجوع رب الدار على رب الثوب بقيمة ما سكن، كمن اكترى

باب ما يحرم به فضل القدر والنساء

دارًا بثوب استحق، وإن تلف بعد الأولى وقبل الثانية على أن الضمان من مبتاعه رجوع المكتري على رب الدار في قيمة الثوب بقدر ما بقي من السكنى وبالثمن لانتقاض البيع في الثوب بتلفه قبل وقوع الصفقة. وتعليل غيره الاشتراط بأنه لا يدري هل باع منه موجودًا أم لا؟ فعقد البيع إذا وقع جائزًا كلام صحيح، وقوله: (ثم ينظر ... إلى آخره): معناه على أن الضمان من البائع صحة الأولى مطلقًا؛ لأن بيعه مبتاعه قبض له، والثانية إن قبضه مبتاعه بعد ابتياعه وإلا ضمنه مبتاعه وعلى أن المبتاع من الضمان يصحان مطلقًا، وقول ابن الحاجب وعلى تضمين المشتري لو تنازعا، فقولان لتعارض أصلى الله عليه وسلم السلامة وانتفاء الضمان يتقرر بإجرائه على ما ذكر بمسألة قولي ابن القاسم وأشهب في قول مبتاع غائب تغير عن حال رؤيته المتقدمة وكذا ذكر ابن شاس المسألة بلفظ (تنازعا) وظاهر قول ابن الحاجب يتناول تنازعهما في وقت هلاك ما هلك، وتقدم أن الخلاف فيه إنما هو بتخريج اللخمي والمازري، وقول ابن عبد السلام في تفسيره تنازعهما في نقد ثمنه، وقول ابن عبد الرحمن به، وقول ابن عبد الرحمن به، وقول أبي عمران، لا يجب قال: وظاهر قول المؤلف عموم قوليهما في كل ما ضمنه المبتاع ربعًا كان أو غيره، وابن عبد الرحمن نص على قصر قوله في الربع فقط واضح البعد، والوهم مع يسر تفسيره بما تقدم، ومن نظر وأنصف علم ذلك والله أعلم بالصواب. [باب ما يحرم به فضل القدر والنساء] ويحرم فضل النقد والنساء بين عوضي متحدي جنس الفضة أو الذهب، أو ربوي الطعام، وقول ابن الحاجب: الفضل بدل فضل القدر، ومن النقود بدل الذهب

باب ما يحرم فيه النساء

والفضة عام في فضل الصفة خاص بالمسكوك دون أصله. [باب ما يحرم فيه النساء] والنساء فقط بين عوضي مختلف جنسه وبين الذهب والفضة.

كتاب الصرف

كتاب الصرف

[كتاب الصرف] الصرف: بيع الذهب بالفضة أو أحدهما بفلوسٍ، من صرف دراهم

بفلوس، والأصل الحقيقة، وكره مالك العمل به، جنسه الإباحة وهو ظاهر الأقوال والروايات فيه. العتبي: كره مالك العمل به إلا لمتقٍ. ابن رُشْد: وقليل ما هو. العتبى عن أصبغ: يكره أن يستظل بظل صيرفي. وروى الشَّيخ: الصرف من الباعة أحب إليَّ من الصيارفة وقبض عوضيه عقب عقده حسا أو حكمًا واجب، وفي كونه وهو التناجز ركنًا أو شرطًا أو التاجر مانعًا ولو عقد عليه ولم يفعل نظر الأول أقرب لتوقف ماهيته عليه غير خارج عنها، وصرح المازري وغيره بأنه شرط، وقاله ابن محرز، ثم قبل قول ابن القُصَّار وهو غير شرط في صحته والتفريق يبطله، وتمامه موقف عليه كالنكاح يلزم بالعقد وتبطله الردة، وقول المازري. قال ابن القُصَّار: من شرط صحة الصرف وتمامه القبض والتفريق قبله إلى آخر نقل ابن محرز عنه متناف وعلى كونه شرطًا قبل المازري: قول ابن محرز، لو وزن الصراف الدينار فضاع كان من ربه لعدم انبرام العقد لجواز التأخير. قُلتُ: وعلى نقل ابن محرز عن ابن القُصَّار يضمنه مبتاعه؛ لأن الأصل عدم المانع، الشَّيخ: روى محمد: إن أعطاك دينارًا من لك عليه دراهم، وقال: اذهب فزنه فتلفه منك، وأباه محمد. واستشكال كونه شرطًا بأن لازم الشرط محقق وجوده دون مشروطه كالحياة والوضوء وهو غير كائن في التناجز، والعقد ضرورة تقدم العقد عليه يرد بأن

المشروط الصرف الصحيح وهو متأخر عن التناجز. وفي كون الفلوس ربوية كالعين ثالث الروايات يكره فيها، خرج اللخمي الأولين على تعليل ربا العين بالثمنية وتعبده، والمازري على تعليله بالثمنية أو غلبيتها رادًا قوله بالإجماع على تعليلها. قُلتُ: لعل اللخمي يريد المتعدية، والخلاف فيها لا ينافي الإجماع على مطلق التعليل لثبوته بالقاصرة، وتعليل اللخمي والمازري بالثمنية تعليل بغير منعكسة لثبوت الربا في مادتهما وهو نص قوله صلى الله عليه وسلم: «الذهب بالذهب ربا ...» الحديث فيكون خلاف إجماعهم على تعليل محل النص، وقول الباجي العلة كونهما أصل الأثمان يمنع لحوق الفلوس أو يثبته في مادتها، والصواب: أن القولين بناء على تعليل الربا في العين إما بالثمنية أو مادة غلبيتها على القول بعلتين مستقلتين وإما بغلبيتها أو مادتها. وعقده على تأخير بعض عوضه يفسده، المازري هذا معروف المذهب إلا ما خرجناه من الخلاف في العقد على حلال وحرام وعقده على مناجزة عوضيه إن تأخر اختيارًا غير أقل أحد عوضيه تأخيرًا غير يسير فسد، وإن تأخر أقله انتقض فيما تأخر، وفي أصغر مقابله إن استقل، وإلا ففي كله كتأخر درهم في صرف دراهم بدنانير متماثلة الصفة مختلفة القدر يبتقض في الدرهم وأصغرها. وفيما قبض طرق: المازري: عن بعض أصحلبنا البغداديين كتأخر كله؟ ابن رُشْد: قولان لمحمد معها، وله عن ابن القاسم. ابن محرز: قال محمد عن من لم يسمه: إن نقصت مائة دينار صرفت دينارًا، فأخره به، انتقض صرفه فقط، محمد؛ بل كلها، فإن نقصت نصفها انتقض كله كمبتاع مائة قفيز قمحًا لم يجد إلا نصفها له رده، أصبغ: ينتقد كل الصرف، وإن لم يعجزه إلا خروج آخره بها، وقياسه ليس بشيء؛ لأن ذلك عيب لا صرف.

قُلتُ: عزا الصقلي ما نقله محمد عن من لم يسمه لابن القاسم. ابن محرز: قول محمد وأصبغ: هو قول مالك فيها، وقوله في نقص نصفها خلاف قولها: من وجد نصف مائة دينار ردية نقض فيها فقط، وقولهم: من باع سلعتين متكافئتين، استحقت إحداهما أوردت بعيب، لا خيار له في نقض بيع الأخرى لرده نصف ثمنها، وقد بفرق بين هذا وبين الصرف بأن الثمن في غير الصرف في غير الذمة معين، وفي الصرف متعين فأشبه الطعام، ويلزم عليه أن المكيل والموزون من العروض كذلك، ولعلي أبسط هذا في كتاب العيوب. قُلتُ: تبعه المازري حتى في إلزام المكيل والموزون ووعد ببسطه في الاستحقاق، وفيه نظر؛ لأن اللازم المذكور المنصوص خلافه؛ ولأنهما قالا: النصف في العروض يسير وفي الطعام قولا أشهب وابن القاسم. وفي العين قال ابن القاسم: كثير ولا نص فيه لأشهب، وظاهر المدَوَّنة إنه يسير لقولها: (إن وجد نصفها زيوفًا لزمه ما سواه). قُلتُ: وقياسهما تعذر قبض نصف العين على استحقاق نصف الطعام، وكون نصف العين زيوفًا بعيد عن تحصيلهما؛ لأن تأثير تعذر قبض النصف في الصرف إنما هو في إيجابه تأخير معتبر من الصفقة يبطل المناجزة التي هي حق لله تعالى، وتأثيره في الاستحقاق إنما هو إبطال المقصود من الصفقة الذي هو حق لآدمي، وقياسهما تأخير القبض على الاطلاع على عيب ببعض العوض بعد قبضه كذلك لوضوح الفرق بين ما قبض عوضه، وما لم يقبض، وبه يتضح قول المدَوَّنة إن تأخر يسير العوض بطل كل الصفقة، وإن اطلع على عيب به، انتقض فيه فقط، وقد أشار أَصْبَغ إلى هذا حسبما نقله ابن محرز عنه. وفي كون القولين بإبطال كل الصفقة أو المؤخر فقط بناء على عموم عوضية المؤخر في كل المقبوض، وقصره على ما يعدله فقط أو على تهمتهما على العقد عليه، وسلامتهما منها: طريقًا المازري وابن رُشْد مع اللخمي. وفي يسير التأخير طرق: اللخمي: في خفته وكراهيته قولان لرواية محمد: من صرف دراهم بدينار، وقال:

اذهب إلى الصراف لير ويزن، لا بأس بما قرب منه، وقوله فيها: أكره أن يدخل الدينار تابوته أو يخلطه ثم يخرج الدراهم؛ بل يدعه حتى يزن فيأخذ ويعطي. عياض: اختلف في يسير التأخير، في الموَّازيَّة جوازه وفي المدَوَّنة: ما يدل على القولين. ابن رُشْد: سمع ابن القاسم أرجو أن لا بأس بقول من صرف دنانير بدراهم. اذهب زنها عند الصراف وأره وجوها إن قرب ولمصارفته على ذلك، وقول بعضهم هذا خلاف كراهته فيها أن يصارفه بمجلس، ثم يزنان بآخر مردود بأن كراهته لقيامهما بعد العقد قبل القبض ولا ضرورة له، والأولى بعده لضرورة عدم تمييز غالب الناس النقود. قُلتُ: يعضده قول محمد: روى محمد ابن وَهْب منع مبتاع حلي أن يقوم لصراف يعطيه ثمنه، وفي الواضحة: إن نزل رد، وكره ابن القاسم لمن وزن ألف درهم صرفًا أن يزن أخرى لعاقده قبل عوض الأول وقول سند: أباح مالك القيام من المجلس للقبض فيما هو فيه حكم المجلس لا أعرفه. المازري: المفارقة قبل قبض أحد العوضين تبطله إجماعًا، وقول ابن شاس: المفارقة قبل التقابض إن بعدت اختيارًا أبطلت، وكذا طول في المجلس وإن لم يفترقا، وإن قربت فالمشهور الإبطال والتصحيح في الموَّازية، وقول ابن الحاجب: المفارقة اختيارًا تمنع المناجزة، وقيل: إلا القريبة يقتضي وجود القول بالصحة في قريب مفارقة أحدهما الآخر قبل مطلق القبض، وإن لم تكن لتمام الصرف ولا أعرفه ولا يؤخذ مما تقدم، وفي تأثير المفارقة غلبة طرق. اللخمي: ثالثها: إن غلبا معًا كظهور زائف قلبه، ثالث لهما لتخريجه على منع بدل الزائف بتدليس دافعه، ورواية ابن القاسم لزوم بيع قلادة لؤلؤ وذهب على النقد قوم مبتاعها لؤلؤها وباع ذهبها، فوضعت فأراد فسخها لتأخيره، ونقله، وفسر الثاني بأن المغلوب لو أراد الفسخ دون غالبه فسخ. الصقلي وغيره: قولان لرواية ابن القاسم: يفسخ ابتياع قصيل ندم مبتاعه ومنع

الإقالة؟ فقال: أؤخره ليتحبب فيفسخ فأخره بالخصومة فتحب ورواية القلادة. ابن عبد الرحمن، وابن رُشْد: مؤثر لظاهر الروايات مأولين رواية القلادة بيسارة الذهب وأولها ابن زرقون بفوتها: ولزمه الثمن دون القيمة لتهمة مدعي فوتها إسقاط فضل الثمن عليها كضمان مبتاع ثوب بخيار أتلفه وسبقه المازري بحكايته، وقال: هذا تعسف وروى محمد: تأثير تأخيرهما لليل غشيهما. اللخمي: لأنه اختياري لعقدهما قربه إلا أن يعقداه لما يسعه قبله، فنزل ما أخرهما إليه. ولو وكل على قبض ما عقده فقبضه بحضرته فطريقان: ابن رُشْد واللخمي: عن المذهب لا يفسد. زاد ابن بشير: ويكره. المازري عن ابن القاسم: لا خير فيه، أشهب: لا يفسخ. ابن وَهْب: لا بأس به. فأخذ بعضهم من قول ابن القاسم: اشتراط كون القابض العاقد. قُلتُ: هذه الأقوال معزوة لقائلها إنما ذكرها الباجي في الحوالة حسبما يأتي فالله أعلم بالصواب. ولو قام قبل قبضه فطرق: المازري: لا خلاف منصوص في فسخه، وحمل بعض أشياخ المذهب على الكراهة لحصول المناجزة. قُلتُ: هو اللخمي واستدل بأن الوكالة على الدفع والقبض مع حضوره لا تفسده فكذا مع الافتراق؛ لأن قوله صلى الله عليه وسلم: «هاء وهاء» إن حمل على المناجزة فقد حصلت، وإن حمل على كون العاقد الدافع، لزم فساده مع حضوره. قُلتُ: اللازم حق على ما نقله المازري عن ابن القاسم، والعجب أنه ذكر استدلاله هذا ولم يتعقبه بهذا على أن في نقله نظرًا يأتي. ابن الحاجب: لو وكل في القبض وغاب فالمشهور: المنع، وفي غيبة النقد المشهور: المنع. ابن عبد السلام: أي صرف ووكل من يقبض والمقبوض غائب، وهي مسألة

المدَوَّنة والأولى تغني عنها. قُلتُ: ليس فيها ذكر كون المقبوض غائبًا بحال ولفظها: قلت إن أتيت من صرف لي صرفًا وكلته عليه؟ فقال لي: اقبض دراهمك من هذا، وقام، قال: لا خير فيه كقول مالك: لا يصلح أن يصرف ثم يوكل من يقبض له، ولا أحب ذلك؛ لكن لفظها مطلق في الصورتين، فيحتمل كون ابن الحاجب نبه على عمومها فيهما فذكر الصورتين تفصيلًا ويحتمل حمل الثانية على حضور الموكل، وحصر الغيبة في النقد أو حمل الأولى على القبض فقط، والثانية عليه وعلى الدفع، وكذا نقل اللخمي عن المدَوَّنة مع أن لفظها ليس كذلك حسبما تقدم اللخمي عن الموَّازية: لو صرف رجلان دراهم بدينار بينهما فوكل أحدهما الآخر على قبضه فلا بأس والحلي كذلك. ابن رُشْد: إن وكل أحدهما صاحبه على قبض ما عقداه، وذهب قبل قبضه، ظاهر سماع عيسى ابن القاسم: جوازه، وسماعه أَصْبَغ أبين في جوازه، وهو نص سماعه أبا زيد. وفيها: لا يجوز في الأجنبي، وثالثها يجوز في الشريك لتخريج بعضهم جوازه في الأجنبي، وتخريجه منعه في الشريك، وتفريق بعضهم بأن يد الشريك كشريكه والصواب هما سواء. الباجي: إن صرف رجلان دينارًا بينهما من رجل ثم وكل أحدهما صاحبه على قبض الدراهم، وذهب قبل قبضها فقال محمد عن ابن القاسم: جاز إن قبض قبل أن يفارق الصراف وكذا الحلي. ابن زرقون: أجاز هنا مفارقة الموكل قبل قبض الوكيل فأحرى في الإقالة من الطعام، وقال سَحنون: لا يجوز في إقالة، ولا صرف، وفرق ابن القاسم في المدَوَّنة فأجازها في الإقالة في السلم الثالث، وقال في الصرف: لا يجوز. اللخمي: في المواعدة فيه ثلاثة: ابن القاسم ومالك: تكره. أصبغ: تفسخ كمواعدة معتدة في عدتها على نكاحها. ابن نافع: يجوز، وهو أحسن؛ لأن المنع في العدة؛ لأن المواعدة فيها ذريعة

لتعجيله، وتعجيل عقد الصرف جائز، والثلاثة جارية في المواعدة على بيع الطعام قبل قبضه، ورده ابن بشير برده على أصبغ؛ لأن تعجيل العقد على الطعام قبل قبضه لا يجوز كالنكاح في العدة. قُلتُ: وفي رد ابن بشير نظر؛ لأن المواعدة إنما هي على مقبوض مؤخر عن وقت المواعدة فإن فرض تعجيله مجزًا فرض كون الطعام مقبوضًا. وروى محمد: إن راضاه ثم أرسل معه من ينقد ويقبض لم يعجبني. وفي الحوالة في الصرف طرق: المازري: لا تجوز. اللخمي: لأن معناها: إنا برئ من دينك بما لي قبل الصيرفي. ابن بشير والتونسي: إن ذهب المحيل قبل القبض فسد وإلا كره. الباجي: إن أحال على الدراهم من يقبضها ثم فارقه قبل قبضها لم يجز اتفاقا، وإن قضاه قبل مفارقة المصارف له، فقال محمد عن ابن القاسم: لا خير فيه، ولو أحال ببعض الدراهم، وروى زيد بن بشر عن ابن وَهْب: لا بأس به، وقال أشهب: لا يفسخ إلا أن يفارقه قبل قبض المحال الدراهم، ثبت دين المحال عليه قبل عقد الصرف أو بعده. قُلتُ: وهذه الأقوال التي ذكرها المازري في الوكالة معزوة لهذه القائلين، ولم أجدها في النوادر، وذكر فيها عن محمد عن ابن القاسم: من صرف دراهم ثم باعها قبل قبضها جاز إن قبضها ودفعها لمبتاعها منه، وإن أمر الصراف بدفعها لم يجز، ثم ذكر عن محمد قال مالك: إن صرفت دينارًا بعشرين درهمًا قبضت عشرة، وأمرته بدفع عشرة لمن معك من ثمن سلعة لم يعجبني حتى تقبضها. ابن القاسم: وكذا في جمعها، أشهب: إن لم يفارقه حتى قبضها المأمور، لم يفسخ وإلا فسخ اتبعت السلعة قبل الصرف أو بعده. ابن رُشْد: إن قبض المحال مكانه قبل مفارقة المحيل، أجازه سَحنون، وسمع ابن القاسم منعه وقاله. والخيار فيه شرطًا لا يجوز:

ابن رُشْد: اتفاقًا. اللخمي: روى ابن شعبان جوازه بناء على أنه قبل إمضائه إن أمضى منعقد أم لا المازري روى ابن شعبان القولين، والمشهور المنع. عياض: في الموَّازيَّة ما يشير إلى الخلاف وهو نص الزاهي. ابن رُشْد: إن كان لهما فتمماه معًا مناجزة مضى، وروى محمد خفة اشتراء سوارين يريهما أهله فإن رضوهما، رجع فاستوجبهما فأخذ. اللخمي منه: الخيار. المازري: تأويلهما بقرب أهله تعسف، ورده الباجي باحتمال كونه وعدًا. والخيار الحكمي في إجازته نقلا اللخمي عن ابن القاسم في وكيل على قبض دينار أخذه صرفًا يجوز إن رضي به مع قوله فيها: لمن أسلم وكيله على سلم دينار في طعام أسلمه فيه بعد صرفه لا نظرا، أخذ الطعام، ومحمد في منع أخذ مودع ما صرفه له مودعه تعديًا، قال: وتباع الدراهم بدنانير والفضل لرب الوديعة والنقض على المتعدي. الصقلي: تعقبه بعض الفقهاء بتنافي أخذ ربح الدراهم ومنع أخذها وأجاب المازري بأن أخذ ربحها، إنما هو لإقرار المتعدي به له بصرف حكم ببته، والممنوع أخذها بحكم صرف مخير فيه قال: وبه يرد أخذ بعض الشُيُوخ الأول من مسألة وكيل السلم. قال اللخمي: ويؤخذ الأول أيضًا من قول ابن القاسم فيها: من اشترى بحنطة وديعةً عنده لنفسه تمرًا لربها أخذه ففرق بين الطعام والدنانير، فرأى الطعام تختلف فيه الأغراض، خلاف جعله في: كتاب الوديعة، إذا تسلفه أو خلطه بغيره كالعين وعليه يكون التمر للمودع، ويغرم مثل القمح لربه، قال الصقلي: على الأول حمل ابن أبي زَمَنَيْن المدَونَّة، وصوبه بعض أشياخنا، واستدل بقولها في مسألة وكيل السلم، وعن أشهب: لا يجوز لرب الطعام أخذ ما باعه به مودعه من تمر لربه، وصوبه محمد وقال: يشترى بالتمر قمح وفضله لربه، أشهب: وإن باعه بتمر لنفسه، فلربه أخذه أو مثل قمحه، وقال بعض أصحابنا: قول محمد وأشهب، خلاف المدَوَّنة، ومحملها: أن

المتعدي أضمر كون الشراء والصرف لربه، ولو أظهره لم يجز؛ لأنه عقد خيار، والفرق بين منع رب الوديعة أخذ ما ابتاعه بها مودعها لنفسه، وهي عين بخلاف كونها عرضًا أو طعامًا، إن الشراء بالعين شراء على الذمة لا على عينها بخلافهما؛ لأنفساخ البيع باستحقاقهما، وتمامه في استحقاق العين بلزوم عين أخرى. الصقلي: ولأنه إن أخذ عرضه انتقض البيع، وإن أخذ عينه لم ينتقض. قُلتُ: هذا هو نفس الأول وهو يرد مناقضة. اللخمي: قول ابن القاسم في مسألة الثمر والوديعة، وسمع القرينان: من وكل على صرف فصرفه من نفسه كرهته ولا أجيزه؛ لأنه صرف فيه استئجار. ابن رُشْد: خففه في رواية أشهب من كتاب البضائع. وقال ابن أبي حازم: ما كان الناس يشددون هذه الشدة. ابن رُشْد: لأن الخيار الحكمي أخف من الشرطي يصح إمضاء السيد نكاح عبده دون إذنه، وإمضاء الوصي نكاح يتيمه دون إذنه مع أن الخيار في النكاح لا يجوز، وسمع أبوزيد: من وكله ذو تبر على بيعه وذو دنانير على شراء تبر بها فاشترى بها دراهم ثم باع التبر بها من نفسه لا يصلح فعله إلا أن يحضر دراهم ذي الدنانير عند ذي التبر فيصارفه. ابن رُشْد: مثله له في الموَّازية، وسمع منه عيسى جوازه، ورواه محمد وقول ابن دحون: كرهه لاحتياج الصرف لدافع ومدفوع له، يرد بإمكانه من واحد كإنكاح ولي وليته من نفسه؛ بل ذلك لعدم بذله وسعه في المكايسة لكل منهما فيجب لكل منهما الخيار، وأخذ بعض الورثة من تركتهم حليًا قدر حظه منها فأقل، ليحاسب بما زاد على حظه منه لا يجوز. الباجي: إلا بتنجيز قسمها في المجلس؛ لأنه لو تلف سائرها اتبع فيما أخذ. قُلتُ: لأنها يرجع عليهم فيما صار عليه، أي: في ثمن ما أخذوه وهو نفس ما قاله الباجي، وقول عياض: (عليهم) بمعنى: لهم تكلف لا يحتاج له، ومقتضى الرجوع في عين ما أخذوه وليس كذلك. وحاصله: أنه لو كان ما أخذه قدر حظه فأقل، كما عجل عوضه ليقسم لما رجع آخذ حلي هو بعض حظه على غيره، الآخذ أكثر منه دون حظه في تلف باقي التركة

واللازم باطل. الباجي: روى العُتْبِيّ ومحمد: لو عجل عوض ما زاد على حظه مما أخذ جاز، وفي الموَّازية: إثرها. خالف ابن القاسم مالكًا في هذه المسألة. قُلتُ: مخالفته هي شاذ نقل ابن بشير حيث قال: إن أخذ من الحلي قدر ماله وتفاصلوا فيه في الحال فالمشهور المنع لحصول التراخي بتأخير المحاسبة. قُلتُ: المحاسبة المؤخرة إنما هي في قسم التركة لا في الصرف. وقال ابن رُشْد: في رواية العُتْبٍيّ اتفاقًا. وعقد الصرف على مرئي كمال وعلى حاضر غيره جائز وعلى دين يتأخر، ثالثها: إن حل لإسماعيل وأشهب مع أبي عمر عن ابن وَهْب، وابن كنانة والمشهور. وفيها: إن بعت دراهم على رجل حالة بدنانير من رجل آخر، جاز إن قبض النقد يدًا بيد. قُلتُ: لعله مراد ابن الحاجب بقوله: والصرف على الذمة، لعطفه عليه صرف الدين الحال والمؤجل، وحمله ابن عبد السلام على القدر المشترك بين صرف ما في الذمة قال: وهو الملزوم تقدم عمارتها على عقد الصرف، وبين الصرف على الذمة. قال: وهو عكسه وهي مسألة السلف الآتية تكلف لا يخفى فإن قلت: يناقض قول صرفها قول التهذيب في هباتها من لك عليه دراهم حالة فأحالك على دنانير له على رجل هي كصرف دراهمك وقد حلت لم يجز. قُلتُ: ليست كذلك في المدَوَّنة؛ بل نصها: (قلت: وكذلك لو كان لرجل على رجل دراهم حلت فأحاله على غريم له عليه دنانير حلت وهي صرف تلك الدنانير الدراهم، لم يجز في قول مالك؛ لأن هذا بيع الدنانير بالدراهم مثل ما ذكرت لك في الدراهم إذا فسخها في طعام لا يقبضه؟ قال: نعم). قُلتُ: فمعنى مسألة الهبات: إذا لم يتعجل قبض الدراهم لتشبيهه إياها بطعام لا يقبضه ولقوله: (لأن هذا بيع الدنانير بالدراهم)، ومعلوم أن بيعها بها غير ممنوع إلا مع التأخير، ونقلها الصقلي معكوسة فقال ما نصه: قال مالك: (من لك عليه دراهم حالة

فأحالك على دنانير له على رجل، وهي كصرف دراهمك لم يجز حلت أم لم تحل، وكذلك لو فسخت دراهمك في طعام ولم تقبضه، ولو تسلفا النقدين عقب عقدهما ناجزًا) ففيها: لا خير فيه ونقل سند كره، وجوزه الأكثر غير التونسي: إن اعتقد كل منهما أن نقد صاحبه معه لا أعرفه، ولو تسلفه أحدهما فقط ناجزًا كحل الصرة فقولان لأشهب وابن القاسم فيها، الصقلي عن سَحنون: الأولى خير من التي تحتها وفي كون قول ابن القاسم ولو علم الواجد فقد وإن لم يعلمه، نقلاه عن بعض الشُيُوخ وبعض الفقهاء. زاد ابن محرز عن بعض المذاكرين؛ لأنه فساد علمه أحدهما فقط. الصقلي: فرق ابن الكاتب بين الأولى والثانية بإقرار كل منهما بموجب فسخه، وهو الفقد بخلاف الثانية أو يكذب الواحد المتسلف في دعواه الفقد لتهمته على إرادة الفسخ وقاله الباجي. ابن محرز: وتعليله بعضهم بكونه على غير معين وهو ملزوم لبدل الزائف الممنوع يلزمه في تسلف أحدهما، وفرق بأن تسلف أحدهما أبعد عن عروض التأخير، ورده ابن عبد السلام، بمنعه لسعة زمن تسلف أحدهما سلفها يرد بأن مراده أن تسلفهما أقرب لكونه مظنة للتأخير لا أن زمنه أطول من زمن تسلف أحدهما، وإنما كان أقرب؛ لأن سلف أحدهما معروض للتأخير، فكلما تعدد معروض التأخير وكلما تعدد المعروض كان حصول العارض أقرب. والمغضوب المصوغ الغائب عن غاضبه: المازري: يمنع صرفه؛ لأنه تفاضل إن كان فائتًا وتأخيرًا إن كان قائمًا لغيبته. ابن بشير: إن علم بقاءه بحاله فكالرَّهن وإلا لم يجز، وشاذ قول ابن الحاجب: إن غاب، فالمشهور: المنع لا أعرفه منصوصًا؛ بل مخرجًا كما مر وإثباته. ابن عبد السلام: بتخريجه على إجازة ابن القاسم بيع الجارية المغصوبة البعيدة الغيبة من غاصبها بشرط النقد الملزوم كون المضمون مقبوضًا، سلمناه؛ لكن شرط قبض الصرف حضور المقبوض المعين، ولذا منع ابن القاسم صرف الوديعة وتم هبتها بالقبول. ابن شاس: إن تغير بما يخير ربه منع صرفه لغيبته، وصرف قيمته يمنع إن عد

المخير منتقلًا وإلا جاز، وإن اختلف صار دينًا، وفي كونه قيمته أو وزنه قولان: للمشهور، وغيره، فيجري صرفهما على صرف ما في الذمة. قُلتُ: الأول: نص غصبها، والثاني: لا أعرفه إلا لعبد الحق والصقلي عن سَحنون في مسألة حلية السيف، وللصقلي عن محمد عن أشهب ومالك غرم مثله وعزاه اللخمي لأحد قوليه ويبعد كون الآخر، الوزن لظلم المغصوب في لغو حقه في الصياغة فيترجع حمله على قيمته، وإن كان مسكوكًا ففيها: (يجوز؛ لأنه دين عليه بضمانه) الباجي: هذا زعم الغاصب أنه أفاتها صح صرفها، وإن زعم أنها باقية ببيته، فإن قلنا لا تتعين، وإن له رد غيرهما دونها فكذلك إن التزم رد مثلها، وإن ألزمناه رد عينها، ولم يرض ربها إلا بعينها فهذا مما ينظر فيه نتكلم عليه في صرف الوديعة. قُلتُ: هذا قريب من قول الباجي، ورده ابن بشير في (التنبيه) فإنا ولو قلنا بتعيينها، فإنها لا تعرف بعينها، وبغيبته عليها تعلقت بذمته فلا يمنع تعيينها صرفها. زاد ابن شاس عنه: وبأنه لو أراد الغاصب إعطاءه غير عينه، فإن افترقا في الحل والتحريم أو الشبهة فلربها أخذ عينها اتفاقًا وإلا فالمشهور كذلك. والرَّهن لا المسكوك في جواز صرفه غائبًا، ثالثها: يكره، للخمي عن أشهب وابن القاسم ورواية محمد، وذكرها اللخمي في الرَّهن المسكوك وتوجيهه قول أشهب؛ لأنها مقبوضة له، وهي على أصله في ضمانه، ولو قامت بينه بضياعها فوجب كون المصوغ كذلك. وعزا الباجي الأول لرواية محمد بزيادة لضمان المرتهن قال: وعليه يجوز في العارية، وذكر اللخمي الثلاثة في الوديعة قال: ولو شرطا ضمانها من ربها حتى يقبضها المودع لم يجز، ولو شرطا عكسه، جاز اتفاقًا فيهما، والخلا حيث لا شرط، وقبله المازري ولم يذكر غير قولي ابن القاسم وأشهب، وخرجهما على وقف انتقال ضمانهما على قبضهما، وحصوله بالعقد، وعزا الباجي الأول لرواية أشهب قال: فرأى أنه لما كان للمودع سلفها صح أن ينعقد ذلك عند الصرف فتتعلق بذمته، ويجب عليه منعه في الحلي اتفاقًا، وذكره المازري وقال: ما خرجنا عليه الخلاف يوجب التسوية في

المسكوك، والمصوغ ابن الحاجب: والرهَّن والعارية والمستأجر والوديعة إن كان مصوغًا فكالمغضوب، وإن كان مسكوكًا فالمشهور المنع. قال ابن عبد السلام: عدل عن إيجاز الإخبار عنها بالمشهور المنع للإشارة إلى انقسام المصوغ إلى فائت، وباق ومخير فيه. قُلتُ: هذا يقتضي تصور الإجارة في المسكوك، وليس كذلك في المشهور مطلقًا، والشاذ مقيد بملازمة المالك فيبطل منع صرفها إن حلا عقد إجارتها وإلا امتنع اتفاقًا للتأخير، ويقتضي تصور العارية فيه، وهي فيه ممتنعة لانقلابها قرضًا حسبما ذكره ابن الحاجب، وغيره وهو نص كتاب العارية منها، وجواب ابن عبد السلام بقوله: لعل معناه إن كان ما يصح ذلك فيه، وحذفه للعلم به بعيد؛ لأنه لو أراده، لقال: فإن كانا لأنهما اثنان: الرهن، والوديعة، وزيادة ألف أهون من حذف ما يوهم حذفه خطأ منها. وفيها: إن أسقطت عمن أودعته دراهم بعضها على أن يعجل لك سائرها من غيرها لغيبتها لم يجز، ولو عجله منها لحضورها جاز. وفي صحة الصرف على تصديق دافعه نقده في وزنه أو جودته، ثالثها: إن كان ثقة صادقًا، ورابعها: يكره، للخمي عن محمد عن أشهب مع الباجي عن روايته والمازري عنه، ورواية اللخمي مع الباجي عن الموَّازية: بنقص ولو بان صدقه، وابن رُشْد عن قول أشهب: لا يجوز ولا في تبادل الطعامين، واللخمي وسماع القرينين. قُلتُ: في أخذ الكراهة منه بعد نصه أيأخذ الدراهم بقول الصراف هي جياد؟ قال: لا، والله. قيل: لا يبصرهما، ولا معي من يبصرها، وأنت تكره أن يذهب بها ليريها من يبصرها قال: ومن يتق الله يجعل له مخرجا [الطلاق:]. ابن رُشْد: ويمنع أشهب. قال المخزومي وسَحنون، ومحمد وروي ابن نافع: إجازته في مبادلة الطعامين، وقاله ابن القاسم وعادت كراهته مالك. ابن زرقون: أجازه ابن القاسم في تبادل الطعامين ومنعه في الصرف، وروى ابن نافع منعه في الطعامين فأحرى في الصرف، وعلى رواية أشهب جوازه في الصرف أحرى

في الطعامين. ونقص القدر يعلم بالقرب إن رضي أو أتم تم. ابن رُشْد: إن علم بالغلط أو النقصان جاز أخذ النقصان، وتم الصرف عند ابن ابن القاسم، وقال أشهب: يلزمه، وإن كانت دراهم معينة لم يلزمه إلا أن يشاء، فإن لم يعطه ما نقص أو استحق انتقض الصرف. الباجي عن ابن القاسم: له الرضى بتركه أو أخذ ما شاء به، فإن تفرقا قبل استيفائه ما نقص ففي انتفاض كل الصرف أو قدر النقص فقط قولا أصبع مع محمد وابن القاسم، وإن بعد العلم به ورضي ففي صحته ثالث روايات. الشَّيخ: إن قل كدانق، ونحوه ولأَصْبَغ كدرهم من ألف، فحملها الباجي والمازري على ظاهرها، وفي نقل ابن بشير: وتابعه كدرهم من مائة. وسمع أبو زيد ابن القاسم: من صرف دنانير بداراهم فذهب فوجد الصراف سرق من وزنها أو غلطه فترك النقص خوف نقض الصرف فليس له ذلك ولو قل، وقال قبل ذلك: إن قل كدانق فلا بأس بتركه لذلك. ابن رُشْد: ليس ذلك اختلاف قول، ومعناه اغتفار ذلك في يسير تختلف فيه الموَّازين لا في يسير لا تختلف فيه الموَّازين، وأشهب يجيزه، ولو كثر النقص، وإن طلب حقه ففي نقض كله أو ما قابل النقص، ثالثها: يصح بقبض ما نقص ناجزًا للمشهور، واللخمي عن محمد: إن نقص أقل الصفقة، وتخريج ابن رُشْد على قول صحة للبدل، وقال الباجي: اتفاقًا. قُلتُ: ما فرق أقل الصفقة ذكره في الاستحقاق. والزائف إن رضي به لا بعوض صح: المازري: اتفاقًا. قال: وتعقب بإنما وقع العقد على طيب، ولم يقبض والرضا بالزائف بعد ذلك تأخير وأجاب بأن المقبوض على أنه طيب كقبضه لدخوله في ملك قابضه بذلك تأخير وأجاب بأن المقبوض على أنه طيب كقبضه لدخوله في ملك قابضه بذلك، لضمانه الملزوم لاستحقاقه علته فانتفى التأخير، وإن رضي بعوض جائز ففي صحته قولان:

للتونسي مع المازري عن محمد وله مع اللخمي عن ابن شعبان قال: ولو وجد من ابتاع طوق ذهب بدراهم غيبًا به ففي جواز أخذه عنه ذهبًا ثالثها نقدًا لا مؤجلًا لأشهب وسَحنون وقول صلحها وبه احتج ابن شعبان. قُلتُ: والثلاثة بناءً على أن العوضية عن الخصومة أو عن ما يقابل النقص بالعقد الأول أو أبحاث. اللخمي: والثلاثة جارية في الصرف، وإن لم يرض به فطرق. اللخمي: إن كان الزائف من نقد معين فرده نقض فالرضى ببدله جائز اتفاقًا، وإن لم يرض ببدله، ففي نقض كله أو ما يعدل الزائف فقط، ثالثها: كل الصرف للمشهور، والتخريج على صحة صرف بعض الدينار، والتخريج على جعل العقد أولًا على العوضين مسقطًا منهما الزائف من غير معين. قُلتُ: يريد: وأحد عوضيه متماثلة الصفة. قال: ففي لزوم نقضه وصحته بأخذ بدله، ثالثها: هذا إن كان كما قلبا واختبر للمشهور، وابن وَهْب مع الليث واللخمي. وعلى نقضه إن عدل الزائف كاملًا اختص النقض به اتفاقًا، ولو صغر وإن عدل كسرًا ففي نقض أصغرها يستلزمه أو كل الصرف ثالثها إن سمى لكل دينار عددًا، ورابعها: عدله فقط لمالك مع ابن القاسم والعُتْبِيّ عنه والقاضي والتخريج على صرف الجزاء. المازري: مثله غير ذاكر كون الزائف يعدل كاملًا قال: والنقض في المعين على القول بتعيينه وعلى غيره كغيره، وعزا الثالث أيضًا لإسماعيل والجلاب. الباجي: إن سمى لكل دينار عددًا والدينار جنس واحد انتقض عدده فقط اتفاقًا، وإلا ففي كونه مثله، ونقض الكل قولان للمشهور، والقاضي. الباجي: وإن كانت الدنانير قرضًا فقال ابن القاسم: يرد أصغرها ويكمل مع الزائف ما يعادل تلك القرضة، وهذا على كراهة مالك قرض القرضة المضروبة، وعلى إجازته أَصْبَغ يجب أن يقرض منها بقدر الزائف هذا على قولنا بتعيين الدنانير بالعقد، وعلى قولنا لا تتعين يرد له قرضه بقدر الزائف. قُلتُ: سمع القرينان جواز قطع فضل الدينار من المجموعة المقطعة غير مدورة

عن الثمن لمن لم يجد بدًّا، وابن القاسم كراهته وأصْبَغ منه جوازه مطلقًا. ابن رُشْد: ويكره في القائمة ولو اختلفت سكك آحاد عوضه، ففي نقض أجودها أو كلها نقلا المازري عن أصْبَغ وسَحنون. ابن رُشْد: إن اختلفت الدنانير انتقض الكل، وكذا اختلاف أصناف عوضه، الحلي اتفاقًا فيه، ولو اتحد صنف الحلي انتقض جميعه أيضًا إلا أن تستوي أحاده كاستواء الدنانير حتى لا يختلف الأغراض فيه، فيفسخ منه واحد فقط، ولو كان المعيب بعض الحلي ففي نقض الكل أو ما يعدل المبيع سماع عيسى ابن القاسم، من اشترى أسورة وجد برأس منها نحاسًا رد جميعها، ولو كانت مائة زوج، ولو فات بعضها رد ما بقي بقيمته، وسماعه أبو زيد: من ابتاع خلاخل وأسورة كثيرة جزافًا وجد بخلخال منها مسمار نحاس، انتقض ما في الخلخالين بما فيهما فحملهما الباجي والمازري على الخلاف. الصقلي: الصواب سماع عيسى قال: والفرق بين الحلي والدنانير أنها لا تراد لأعيانها، ولا تختلف قيمتها، والحلي يراد لعينه فأشبه العروض التي لا يقع لكل عرض من حصته على العدد، وإن وقت له ثمن؛ بالتقويم، فلما كان جملة الثمن بجملتها أشبهت الدينار الواحد. ابن رُشْد: سماع عيسى صحيح إذا لم تكن مستوية، وأمكن اختلاف الأغراض فيها، وإن كانت مستوية لا يمكن اختلاف الأغراض فيها رد ما به النحاس مع صاحبه فقط بمنابه من الثمن وعليه محمل سماع أبي زيد، فلا يكون اختلافًا، وقوله: (إن فات بعضها رد ما بقي) فيه نظر، والقياس إن كان ينتقض كل الصرف إن كانت قائمة أن تنقض، ولو فات بعضها يرد ما بقي، وقيمة ما فات، ويأخذ جميع الدراهم إلا على ما ذكره عبد الحق عن بعض شُيُوخه فيمن اشترى عبدين هلك أحدهما وألفى الآخر معيبًا، رد المعيب بحصته من الثمن، ولو كان أرفعهما؛ لأنه لو رده وقيمة الهالك لانفساخ العقد برد المعيب، فلا يمضي التغابن في الفائت، وكذا مسألة الأسورة. اللخمي: في جواز الصلح عن الزائف بعين أو عرض مطلقًا أو حتى يتفاسخا قولا محمد وابن شعبان مستشهدا بمسألة الطوق المشترى بدراهم اطلع على عيب به،

وفيه ثلاثة: أجاز ابن القاسم أن يرضيه على بقائه بشيء نقدًا، وأشهب: ومؤجلًا، ومنعه سَحنون بعد الفرقة، وهي جارية في الدينار، وتمامها في الصلح، وقول ابن الحاجب: وشرط البدل الجنسية والتعجيل خلافًا لأشهب فيهما. يقتضي منعه بعرض مطلقًا، وليس كذلك؛ بل بشرط عدم يسارة العرض المعتبرة في البيع والصرف، ويقتضي عموم قول أشهب وغيرها، وليس كذلك؛ بل شرط الخصومة أن يوقعها بقرينة، ونوقض قولها: يصح الرضى بالزائف بعد المفارقة بقولها: يحنث من حلف ليقضين حقًا لأجل بأن بعد قضائه، إن بعضه زائف، وإن رضي. ويجاب بصحة تقرر، المناجزة بالزائف؛ لأن رضاه الآن وقوعًا بصرفه لوقت قبضه حكمًا إذ لو رضيه حينئذ صح، وامتناع ذلك في البر؛ لأنه لو رضيه حينئذ ما صح، وفيها لابن القاسم: إن ردت الدراهم لعيبها جاز تأخير عوضها إن ثبت الفسخ بينهما وإلا كرهته، ورأيته صرفًا مستقبلًا. سَحنون: هذا الربا. وفي شرط الفسخ بالإشهاد عليه أو الحكم به. نقل الصقلي عن بعض القرويين وظاهر رواية أشهب، وسمع ابن القاسم: من ابتاع بدراهم مثقال ذهب غير مضروب رد لرداءته لا يعجبني إعطاءه به مثقالًا مضروبًا حتى يفسخ ذلك إذا فسخه فله أخذ ذلك أو دراهم. ابن رُشْد: لم يبين من يفسخه. قال أشهب: رضاهما بفسخه كفسخ السلطان، وقال محمد: المعتبر فسخ السلطان. قُلتُ: فالقول بمجرد الإشهاد ثالث. ابن رُشْد: وقول مالك: لا يعجبني على أصله إن البدن لا يجوز؛ لأنه إذا لم يجزه بمثله فأحرى بخلافه. قُلتُ: ظاهر قوله: (لايعجبني)، الكراهة وهو في المخالف فأحرى في مثله، والرضى بالزائف فرع جواز التعامل به. ابن رُشْد: الدينار المغشوش بنحاس، وفيه منتفع به لا يحل بيعه ممن يعلم غشه به، ويكره ممن لا يؤمن غشه كالصيارفة وشبههم.

وفي إجازته ممن يجهل صنعه به وكراهته قول ابن وَهْب، وابن القاسم مع روايته في سماع عيسى معها، ويجوز بيعه اتفاقًا ممن يكسره أو يعلم أنه لا يغش به إلا على قياس قول سَحنون في نوازله من كتاب السلم. قُلتُ: في عزوه الكراهة لسماع عيسى ابن القاسم نظر؛ لأن نصه: قال ابن القاسم: قال مالك: إن كان ممن يغر بها الناس كالصيارفة وغيرهم فلا أرى ذلك، وإن كان ممن يريد كسرها فلا بأس فقول ابن القاسم في القسم الثاني لا الثالث. وظاهر لفظ: (لا أرى ذلك المنع الذي هو أشد من الكراهة) وما في نوازل سَحنون هو من تسلف درهم صفر فأفاته إن علم وزن ورقه، وصفره قضى وزنها لا درهمًا مثله صفرًا يغر به الناس، وإن جهل وزنهما غرم قيمة الصفر ورقًا وقيمة الورق ذهبًا، ولو قل كخروبة من دينار، ثم يصرفانه ليأخذ ذو الخروبة ما يقع لها من الصرف. ابن رُشْد: إلغاء سَحنون سكة هذا الدرهم خلاف ما قدمناه في سماع عيسى، وقياس قولهم فيه غرمه قيمته من الذهب على أن يباع ممن لا يغش به أو ممن يكسره على الخلاف في ذلك. وسمع أَصْبَغ ابن القاسم: أنه يرد مثله صحيحًا في رداءته. ابن رُشْد: فإن باعه ممن يخشى أن يغش به فما عليه إلا الاستغفار، وممن يغش به يجب رده إن قدر، فأن عجز ففي وجوب الصدقة بكل ثمنه أو بالزائد على قيمة بيعه ممن لا يغش به، ثالثها: لا يجب صدقته بشيء منه إلا استحبابًا، وتقدم توجيهها في التجارة بأرض الحرب. قُلتُ: وجه فيه الأول: بأنه على عدم انعقاد البيع فيبقى على ملك بائعه فيجب رد مثله لمبتاعه إن علم، والصدقة به إن جهل كالربا. والثاني: بأنه على فسخه في القيام وتصحيحه بالقيمة في الفوت. والثالث: برعي القول بعدم فسخه في القيام وبيعه على مبتاعه. وفي كون المردود؛ لأنه نحاس أو رصاص كنقص صفة أو قدر. نقلا ابن بشير عن المتأخرين بناء على اعتبار تقدم قبضه، وكونه كالعدم لعدم النفع به، ونحوه مجرد عزو المازري الثاني لبعض المتأخرين، وسمع عيسى ابن القاسم: من

وزن دراهم عند غير مصرفها بعد وزنه إياها فوجدها تنقص، فأعاد الصراف وزن الدنانير فوجدها تنقص مثل نقص الدراهم انتقض من الصرف قدر نقص الدنانير إن كانت مجموعة. ابن رُشْد: يريد: إن كان قدر النقص منها سواء في الوزن لا القيمة كما لو صرف ثلاثة دنانير بأربعة وعشرين درهمًا نقصت الدراهم ربع درهم والدينار ثمن مثقال، وهو ربع درهم يرجع الصراف على صاحبه بثلاثة أرباع درهم؛ لأن الواجب لثمن مثقال درهم عنده منه ربع في نقص الدرهم إن كانت الدراهم مجموعة، وإن كانت قائمة انتقض كل الصرف إلا أن تكون الدنانير مجموعة فينتقض ما يجب لتمام درهم يرد درهمًا، ويأخذ ما يجب لربع الدرهم الزائد على ما وجب لنقص الذهب، وذلك حبتان وربع حبة ذهبًا. وقوله: (ينتقض كل الصرف إن لم تكن الدنانير) يريد: ما لم يعدل الدينار القائم منها تمام عدد من الدراهم فلا ينتقض غيره. قال: وقوله: (إن كانت الدنانير مجموعة) كلام غير محصل، وصوابه إن كانت الدراهم مجموعة قال: وحمل الشُيُوخ المسألة على إن نقص الدنانير مثل ما يجب لنقص الدراهم. وقال: (في المسألة نظر) ولا ينقض من الصرف شيء إذا لم يبق لأحدهما على الآخر شيء. وفيها: لابن القاسم أرجو جواز جواز بدل الزائف من الفلوس يبتاعها بدراهم لقول مالك: التأخير فيها مكروه ليس بحرام بين. قُلتُ: ويلزم مثله في زائف من الدراهم العوض عنها. سند من أجرى الفلوس مجرى النقدين منع فيها البدل، وما عاد ليد دافعه قرب صرفه فيها كاليوميم إن آل التأخير صرف منع، وإلا جاز. فيها إن صرفت دينارًا بدراهم، ثم تسلفتها منه ودفعتها له في الدينار أو تسلفتها ثم صرفتها؛ لأنه ذهب بورق لأجل فأخذ منه المازري وابن بشير لزوم الأجل في مطلق القرض على دافعه بقدر ما يرى إنه أريد به، وفيه خلاف.

وفيها لمالك: إن صرف منك دينارًا من لك عليه نصفه دراهم فقضاكها جاز؛ لأنه لو أعطاكه لتعطيه نصف دراهم جاز، والتهمة الراجحة على التأخير كتحققه على المشهور. فيها: إن قلت لمن لك عليه عين صرفها وجئني بصرفها فلا خير فيه لتهمته أنه ترك له الدراهم يومين على أنه يعطيه كذا وكذا أو يكون تأخيره إلى أن يشتري له فيكون سلفًا جر نفعًا وكأنه أوجب عليه دنانير حتى يعطيها فصار صرفًا مؤخرًا. ولو صرفها من غيره ببينة فنقل ابن بشير عن عبد الحق عن المذهب عدم جوازه. اللخمي: إن صرفها بينة لزم الأمر، وإلا ففي كونه كذلك، ولزومه المأمور قولان من قول أشهب من قاله لمدينه: اعمل بما لي عندك قراضًا الربح بينهما، وقول ابن القاسم: الربح للعامل والأول أحسن لضعف التهمة فقبله المازري، وقال: النكتة فيه إجراءه بعض الشُيُوخ على القولين فيمن أمر أن يخرج من ذمته لأمانته، وتعقب ابن بشير تخريج اللخمي بتكثير موجب الفساد في الصرف؛ لأنه تهمتاهما على تأخيره رجاء زيادته في العوض وعلى التأخير في الصرف وفي القراض الأول فقط يرد بأن الأمرين في الصرف على البدلية لا المعية فلا تكثر، وبأن الزيادة في القراض المحكوم بفسخه محققة، وفي الصرف مقدرة. ابن بشير: في قوله: (إن صرفها ببينة) صح، وأخذ الطالب العوض نظر؛ لأن البينة لا ترفع حكم القصد إلى سلف جر نفعًا؛ لأنه حصل مراد الطالب من ثواب المطلوب بالصرف، وحصل للمطلوب ما يمكن أنه أراده من التأخير، وإنما رأى ما في الروايات، وكلام ابن عبد الرحمن في المطلوب يدفع للطالب ما يصرفه أو يبيعه ليستوفي منه حقه أنه يمنع ابتداء، فإن وقع وقامت البينة عليه صح، وفرق عبد الحق بين هذه والأولى، بأن المنفعة في هذه للمطلوب لا للطالب. وعلة المنع إنما هي خوف أن يصرفه من نفسه فثبوت الصرف من غيره في هذه يرفع علة المنع، وفي الأولى يحققها. قال الأشياخ: ولو أمر الطالب المطلوب بصرف ما في ذمته أو بيعه فقط، ثم ضاع إن ثبت ببينة جرى على الخلاف فيمن أمر أن يخرج من ذمته لأمانته هل يرفع الضمان أو

لا؟ قُلتُ: ظاهره أو نصه وجود الخلاف في تضمينه مع قيام البينة، ونص ابن القاسم في ثاني سلمها على عدم ضمانه إن ثبتت بينة بإخراجه من ذمته لأمانته، ولا أعرف فيه خلافًا ولا يثبته قول. عياض: ضمن ابن القاسم ويحيي بن عمر المسلم إليه في كله في غرائرك، وإن قامت بينة بالكيل؛ لأن هذا في نفس ما في الذمة والمنكر وجوده في عوضه، الأول: من تبدل النيَّة مع بقاء اليد في اعتباره خلاف، والثاني: من تبدل النيَّة واليد لا أعلم في اعتباره خلافًا، وفرق اللخمي بين المسألتين، وقال عياض: فرق بعضهم بينهما بفروق معلومة وجعلوها أصولًا مختلفة. فإن قلت: يثبته نقل عياض مع قوله في مسألة اللؤلؤ جعلوا قوله كله في غرائرك من هذا، وأنه قول آخر خلاف ما هنا، فمن جعله مثله يقول بضمانه في الشراء، وإن قامت بينة لقول ابن القاسم في كله في غرائرك؛ لأن المتساويين إذا زيد عليهما متساو لم يزالا متساويين وكذا المتماثلان. قُلتُ: يرد بأن البينة في كله في غرائرك ثبت مختلفًا في اعتباره، وهو تبدل النيَّة مع بقاء اليد، وفي الشراء متفقًا على اعتباره وهو تبدل النيَّة واليد، وبه يتبين عدم التساوي والتماثل والمختلفان جائز اشتراكهما في لازم معين، وظاهر كلام الصقلي الاتفاق على جواز بيعه بالنية على كيله إن كان طعام سلم، وحق الله آكد من حق العبد. قالوا: وللمطلوب أجره في الصرف والبيع؛ لأنه دخل على عوض فاسد، وهو التأخير فكان له أجر المثل. ابن بشير: إن حصل التناجز ثم أودع أحدهما الآخر ما قبضه منه منع إن لم يعرف بعينه لتهمتهما على قصد التأخير، وإن عرف بعينه صح الصرف، ولم يضره إيداعه، ومسألة الطوق في الكتاب محمولة على أنه لم يقبض، ولو قبضه وأعاده وديعة جاز، وكذا ينبغي فيما لا يعرف بعينه إذا طبع عليه. وفي كون التهمة المحتملة كذلك، ثالثها: الكراهة لنقل الصقلي عن محمد: (إن أعطى من عليه دراهم من هي له دينارًا ليصرفه، ويقتضي صرفه لم يجز، ورد الدينار،

وطلب دراهمه إلا أن تقوم بينة على صرفه من غيره لربه). والمازري مع اللخمي عن سماع أبي قرة: لا بأس به، وقولها: لا يعجبني ذلك خوف حبسه فيصير مصرفًا من نفسه. الصقلي عن محمد: روى ابن القاسم كراهة أن يعطي دينارًا من له عليه نصفه ليصرفه، ويستوفي حقه، ويأتي بنصفه ثم إجازته، وبها أخذ ابن القاسم قائلًا: لو كان له عليه دراهم لم يجز، وهذا في الدينار والكثير لا خير فيه. العتبي: سمع ابن القاسم: من أعطى من له عليه نصف دينار ليصرفه فيأخذ نصفه ويأتيه بنصفه لا بأس به. ابن القاسم: وقال لي قبل ذلك: لا خير فيه وهذا في الدينار أحب إليَّ وأخذ فيما كثر من الدنانير بقول مالك لا خير فيه. ابن رُشْد: مثله. قولها: فيمن أعطى من له عليه دراهم دنانير ليصرفها ويستوفي حقه منها خوف أن يصرفها من نفسه فيكون رب الدينار مخيرًا في إمضاء ذلك. قُلتُ: قوله: مثله قولها ... إلخ: يدل على أنه حملها على التحريم لا الكراهة وظاهرها الكراهة حسبما مر، ولا يضر تعليلهما لخوف التحريم؛ لأن خوف الخيار ليس كالخيار؛ بل تهمتهما عليه ضعيفة؛ لأن ما يؤدي إليه هما قادران عليه، وهو أخذ الدينار ابتداء صرفًا عن ما في ذمته. قال ابن رُشْد: وأجاز فيها إعطاء مدين من له عليه ثمن طعام ما يبيعه غير طعام ليستوفي حقه من ثمنه ومن له عليه ثمن سلعة ما يبيعه مما ليس من صنفها أكثر منها لذلك خوف أخذه الطعام أو ما هو من صنف السلعة أكثر منها فيؤول لبيع طعام بطعام نظرة وسلف بزيادة، ولم يراع خيار الدافع في ذلك إن أخذ ما أجبر دفعه لنفسه فيدخله أخذ سلعة بخيار عن دين، وبه تعقيها سَحنون. وأما إن دفع لمن عليه نصف دينار دينارًا ليصرفه فيأخذ نصفه ويأتيه بنصفه فاختلاف قول مالك فيه بناء على اعتبار ما ترتب في الذمة فيكون دفعه قضاء وتوكيلًا على صرف باقيه واعتبار ما يوجبه الحكم فيكون صرفًا لبعضه وتوكيلًا على صرف

باقيه، فيؤول لصرف بعض الدينار، فإن أعطاه دينارًا أخذ منه صرف نفسه جاز اتفاقًا، وإن ترك نصفه أمانة جاز على الأول؛ لأنه قضاء وإيداع لا على الثاني؛ لأنه صرف بعض، وكذا إن ترك نصفه قرضًا؛ لأنه على الأول قضاء وسلف وعلى الثاني صرف وسلف. قُلتُ: فيها: إن دفع مبتاع سلعة بثلثي دينار لبائعها دينارًا. قال: استوف منه ثلثيك ودع ثلثه عندك انتفع به فلا بأس به إن لم يكن بينهما عند البيع إضمار ولا عادة. وسمع القرينان: من تسلف عشرة دراهم رهن فيها دينارًا لا يذكر صرفًا أكره صرفه منه بالغد، وليرد دراهمه، ويأخذ ديناره. ابن رُشْد: لأن تركه عنده إطماع ووعد على صرفه، واعتبار السلامة فيه من الغرر لازم سمع عيسى ابن القاسم منع شراء جملة دراهم بعضها ثلاثة وعشرون درهمًا بدينار وبعضها اثنان وعشرون به حتى يعلم قدر هذه من هذه، وسمعه أبوزيد يجوز شراء تبر وقراضة، وذهب بدراهم. ابن رُشْد: في هذا نظر إذ لا يجوز بيع التبر والقراضة، والذهب المسكوك، صفقة واحدة وزنًا بدراهم دون علم وزن علم وزن كل منهما وحده فمعناه أن (الواو) بمعنى: (أو). قُلتُ: فيدخله غرر بيعتين في بيعة ولا يصح على غير الإلزام لا متناع الخيار في الصرف إلا أن يريد أنها في صفقات، ويؤيده تفسير قوله في السماع: إن وجد درهمًا زائفًا انتقض وزن دينار بقوله: إنما يعود على شراء الذهب المسكوك وحده، وأما في شراء التبر أو القراضة، فينتقض ما يجب للدراهم فقط. وفيها: من اشترى دراهم بين يدي رجل ونقد البلد مختلف فيه لم يجز. اللخمي: إن غلبت سكة على غيرها صح وقضى بها؛ لأنا نقضي بالعادة ونقله القرافي عن سند فقط. وفي استحقاق أحد عوضيه بعد عقده صحيحًا أربعة طرق: اللخمي: استحقاقه معينًا بذاته كالمصوغ أو تعيين كنقد عين في العقد فسخ، ولو قبل التفرق يبيح تراضيهما على ابتداء صرف، ولو بعد التفرق وغير المعين قبل الفرقة إن حضر بائعه، نقد مثله، لزم تمامه به من أباه، وبعدها على منع البدل لا يجوز لهما إتمامه،

وعلى إجازته يلزم الآبي منهما تمامه قُلتُ: يريد: والمثل حاضر. المازري: مثله قائلًا: في النقد المعين، هذا على القول بتعيينه، وعلى لغوه كغير معين، وقال فيه قبل الفرقة كاللخمي، وبعدها قال: يفسخ إلا على لغو تأخير الغلبة فيلزم الآبي تمامه. ابن شاس: لا ينتقض صرف مسكوك باستحقاقه حين عقده إلا أن يعين فيجري على الخلاف، وبعد الفرقة والتراخي. في الكتاب الفسخ في غير المعين إلحاقًا لما بعد العقد به فلم تحصل المناجزة. وقال أشهب: يأتي بالمثل ويصح الصرف. قُلتُ: ولابن الكاتب طريق رابعة. وفيها: إن صرفت دنانير بدراهم فاستحقت الدراهم بعينها انتقض الصرف، وقال أشهب: إن كانت بأعيانها أراه إياها، وإن لم يره إياها إنما باعه من دراهم عنده لزمه إعطاؤه مثلها مما بقى عنده. سَحنون: هذا ما لم يفترقا. وفيها: إن استحقت ساعة صارفه؟ قال: إن افترقا أو طال، انتقض الصرف، وإلا فلا بأس به يعطيه مثلها. الصقلي: يريد بتراضيهما كما في الموَّازيَّة قال: وتعقبه ابن عبد الرحمن بأنه لو كان بتراضيهما لكان كذلك بعد الطول. قُلتُ: أجاب المازري بأن رضاهما متعلق بالعقد الأول لا مستقل دونه، وقبل الصقلي قول ابن الكاتب، إنما الخلاف إن استحق قرب العقد، فابن القاسم يلزمه الخلف مما عنده مطلقًا للغوه التعيين وأشهب وسَحنون ما لم يعينا النقد لا عتبارهما تعيينه، وإن طال بطل اتفاقًا منهما. قُلتُ: في قبول قوله نظر؛ لأن ظاهر لفظ المدَوَّنة أولًا إن قول ابن القاسم وأشهب في مسألة واحدة، فإن حملت على القرب، وهو نص سًحنون كان قول ابن القاسم فيها:

انتقض الصرف خلاف نقل ابن الكاتب عنه، وإن حملت على الطول كان قول أشهب فيها لزمه إعطاء مثلها خلاف نقل ابن الكاتب اتفاقهما بعد الطول على بطلانه، وإن قيد قول ابن القاسم بما بعد الطول، وقول أشهب بالقرب لم يكن بينهما خلاف، وقد نص ابن الكاتب على الخلاف بينهما، وقول ابن القاسم فيها أولًا انتقض الصرف، وقوله ثانيًا لا بأس أن يعطيه مثلها متناقض إن حمل قوله فلا بأس على عدم توقفه على رضاه مع جواب المازري. وفيها: لمستحق خلخالين بيعا بدنانير إمضاء بيعهما إن حضرا، وقبض الدنانير من بائعها أو مبتاعها حين إمضائه، ولو بعد افتراق البائع والمبتاع، ولو بعثهما مبتاعهما لبيته لم يجز، ولو كان بقرب عقدها، وقال أشهب: مثل قوله، وقال: إنما هو استحسان والقياس فسخه؛ لأنه حين باعهما كان لربهما فيهما الخيار، فانعقد البيع على خيار، ولكني استحسنت إجازته؛ لأن هذا لا يجد الناس منه بدَّا، ولأنهما لم يعملا على هذا، باع البائع ما يرى أنه له، وعليه اشترى المبتاع فذلك جائز لا بأس به. قُلتُ: حاصله أنه حكم بالجواز مبينًا إسناده إلى دليل هو الاستحسان الراجح على القياس المقتضي للمنع، ومن نظر، وأنصف، علم أنه لم يقل بمنعه بحال؛ بل قرر أن دليل المنع فيه وهو القياس عارضه راجحًا عليه دليل الجواز، وهو الاستحسان فقول سند: إن طال المجلس بعد العقد، والحلي حاضر، أجازه ابن القاسم كأنه إنشاء، ومنعه أشهب للخيار، إن كان لنص لأشهب على منعه في غير المدَوَّنة فواضح، وإن كان لقوله في المدَوَّنة فليس كذلك حسبما بيناه. اللخمي: على عد عقد الخيار إذا أمضى يوم نزل، يجوز إمضاؤه بأخذ ثمنه من بائعه مطلقًا، وهو قول أشهب في عبد بنى بحرة تزوجها بغير إذن ربه ثم زنت، إن أمضى ربه نكاحه رجمت. وقوله: القياس الفسخ خلاف قوله في العبد وهو الصواب؛ لأنه حكمي فيهما. ابن بشير: قول سَحنون في بيع مودع طعام، الطعام بتمر، لربه إمضاؤه، هذه خير من مسألة الخلخالين يقتضي صحة إجازة رب الخلخالين صرفهما بعد التفرق

كتخريج اللخمي. قُلتُ: نقل عياض عن سَحنون صريح الجواز في الخلخالين دون حضورهما وناقض بعضهم قول ابن القاسم في الطعام بقوله في الخلخالين وأجاب ابن الكاتب بأن الطعام ضمنه المتعدي فصار في ذمته، وبائع الخالخالين غير ضامن لعدم تعديه، وأكده ابن محرز بقول محمد: من غصب خلخالين فصرفهما أو راطلهما، وفاتا، لربهما إمضاء البيع وأخذ الثمن. المازري: قول ابن القاسم في الخلخالين مطلق غير مقيد بغاصب أو غيره. قُلتُ: مقتضى فرق ابن الكاتب وقبوله ابن محرز تقييده بغير الغاصب لذكرهما عدم تعديه، ويصح إطلاقه فيهما؛ ظاهر المسألة بقاء الخلخالين، وهو يوجب عدم تعلقهما بذمة بائعهما مطلقًا، وأشار إليه عياض؛ لكن مقرونًا بعدم التعدي في نقله جواب ابن الكاتب، غير معزو ولا يحتاج إليه، ولما ذكر الجواب قال ما نصه: قال أبو عمران: يمكن أن يكون بائع الخلخالين أودع الثمن حتى جاءه المستحق فأجاز البيع وأخذ الثمن أو مشتريهما أودع الخلخالين فأجاز المستحق البيع فلذلك جاز، ويكون تمادي يد البائع عنده قبضًا لهما بعد إجازة البيع وقبض الثمن ولا يحتاج فيه إلى تجديد قبول المشتري إذ يد المودع كيده، وهو في نفسه متماد على الشراء فأغنى ذلك عن تجديد القبول. قُلتُ: ظاهره إن كلام أبي عمران جواب عن المناقضة التي ذكر، ولا يتقرر جوابا عنها بحال، وفي تقرره جوابًا عن تعقب يذكر نظر، وهو تعقب ابن محرز والتونسي، قولها بأن إمضاء المستحق إن كان ابتداء عقد توقف على رضى المشتري، وإلا جاز في غيبة الخلخالين. زاد التونسي على أنه ابتداء يلزم وقفه على فسخ الأول. قُلتُ: وفي هذه الزيادة نظر؛ لأنه إنما يلزم فسخ الأول حيث يوجب عدم فسخه مع ما حدث بينهما صرفًا مستأخرًا أو تتميم فاسد، ولا شيء منهما هاهنا. التونسي عن الموَّازية: لو أمضاه في غيبة البائع، وطاع المبتاع، بدفع ثمنه ليرجع به على بائعه جاز.

قُلتُ: هو ظاهرها وقول ابن الحاجب: لو استحق المصوغ انتقض مطلقًا ثم إن كان لم يخبر المصطرف فللمستحق إجازته على المشهور فيهما بناء على أن الخيار الحكمي ليس كالشرطي. نص في أن المشهور أن الخيار الحكمي ليس كالشرطي، وظاهر في عدم اشتراط حضور الخلخالين، وما تقدم من نصوص الأشياخ ولفظ المدَوَّنة خلافه. وفيها: استحقاق عرض أخذ عن أحد عوضي الصرف يبطله، وفي استحقاق لو استحق ما صرف ثمنه من مبتاعه. وفيها: لابن القاسم: من قال لمن صرف منه دينارًا استرخصت، فزدني، فزاده درهمًا نقدًا أو مؤجلًا جاز. الصقلي ةعبد الحق عن إسماعيل القاضي: إن زاده خوف نقض الصرف لمعنى ما بطل، وقد قال عبد الملك: إن وضع بائع شيئًا من رجلين لأحدهما من ثمنه ما يشبه إصلاح البيع فهو بينهما وإلا فهو هبة. قُلتُ: مثله في مرابحتها، وفي تمسكه به نظر؛ لأنه إنما يدل على أن الهبة لأجل البيع المشترك بينهما؛ لأن العقد وقع عليهما، ومن يصحح تمسكه يلزمه تناقض صرفها ومرابحتها. وفيها: إن وجد الدرهم معيبًا لم يرده، وإن رد الدينار بعيب رد الدرهم؛ لأنه هبة لتمام الصرف لا صرف، وكذا في البيع والسلم التونسي في الموَّازيَّة إن وجده زائفا أبدله. قُلتُ: ظاهرة أن هذا القول عنده في مسألة الكتاب وظاهره زاده معينًا أو مبهمًا، وقال هو واللخمي وعبد الحق عن بعض شُيُوخه: إن أوجب له درهمًا غير معين فعليه بدله إن وجده زائفًا. الصقلي وعبد الحق: روى أشهب: إن قال نقصتني عن صرف الناس فزاده درهمًا إن وجده زائفًا فعليه بدله ولا ينتقض به الصرف وينتقض برد زائف مما قبض أو لا ونحوه. قال الشَّيخ والقابسي في قوله نقصتني: من صرف الناس فألحقني بالصرف فكأنه شيء أوجبه على نفسه ولما ذكر المازري مقتضى قولهم إن التزام زيادة معين لم يلزمه بدله

وغير المعين يلزمه بدله قال فيها: ما يمنع هذا التفصيل، وهو قولها: إن زاده درهمًا نقدًا أو مؤجلًا لم يلزمه بدله إن وجده زائفًا مع أن زيادته له مؤجلا يقتضي كونه غير معين وقول اللخمي والمازري إن رد الصرف لفساده ردت الزيادة وقولها إن رد الدينار لعيب ردت الزيادة ينافي قول اللخمي: تجوز زيادته قرضًا؛ لأنه إن كان لتمام عقد الصرف فهو سلف جر منفعة وإلا لم يرد، ويجاب بأن الممنوع السلف لإحداث نفع مقارن أو لاحق، والسابق يستحيل كونه جره سند الزيادة هبة لأجل العقد إن مات واهبها قبل قبضها بطلت، وكذا إن استغرق الدين ماله أو كان وكيلًا عن غيره. قُلتُ: لا يبطل في الوكيل مطلقًا؛ بل يمضي إن كان لمصلحة البيع. وفيها: من صرف دراهم بدينار ممن له عليه دينار فطلب مقاصته به فأبى، وقال: إنما دفعت الدراهم لأقبض الدينار الساعة. قال: لم أسمعه وأرى إن تناكر أن يعطيه دينار الصرف ويطلبه بديناره. عياض: اعترضها سَحنون، وقال: هي على غير أصل لكسرها نظائره. ابن محرز: هذه تدل على عدم شرط إحضار نقد الصرف وتعيينه وبطلان تعليل مسألة السلف باقتضاء الصرف التناجز فهو كشرط عدم المقاصة، وتعليله بعضهم بأن المناكرة تقتضي الطول المبطل للصرف، أجنبي عما سئل عنه؛ لأنه عن حق آدمي لا حق الله تعالى. قُلتُ: وبأن المناكرة ليست خاصة تمنع المقاصة؛ بل عروضها لها أبين. اللخمي عن محمد عن أشهب: له مقاصته ولو كره؛ لأنه لو رفع لحاكم حكم بها، ولو كان عليه غرماء ما لم يفلس. اللخمي: ليس في كلام ابن القاسم ما يرد قول أشهب، ويحمل قوله: إذا تناكرا على إنكار الدين قال: ولو شرط في صرفه عدم مقاصته، وفي لزوم الشرط، ثالثها: يفسد صرفه لمقارنته السلف، وليس بالبين؛ لأن عدم المقاصة لا ينافي طلبه عقب المناجزة، وعزا المازري الثاني لرواية أشهب، والثالث لابن القاسم قال: أصبغ: هو جائز؛ لأن تركها لا يستلزم سلفًا.

ابن رُشْد: لو طلب من ابتاع شيئًا بائعه بمقاصته في ثمنه ففي القضاء له بها قولان للمشهور مع ثان نكاحها وسلمها، ورواية زياد مع قول صرفها، وعلى الأول: لو باع بشرط نفيها ففي لغوه ولزومه، ثالثها: فساد البيع إن كان الدين حالًا لسماع القرينين، وقول ابن كنانة مع ابن القاسم في المدينة، وحمل عليها قول صرفها؛ لأنه على التناجز وابن القاسم؛ لأنه بيع وسلف وخففه أَصْبَغ إن لم يضرب للدين أجلًا، ولم يشترط إلا يقبضه، ذلك اليوم. زاد عنه ابن حارث: ويدفع الثمن ويقوم بحقه مكانه الصرف والبيع في جوازه، ومنعه ثالثها بقيد التبعية لأشهب مع اللخمي، عن رواية محمد: جواز بيع مائة ثوب كل ثوب بدينار إلا ثلاثة دراهم، وسماع عيسى رواية ابن القاسم: لا يجوز صرف وبيع ولا نكاح وبيع، والمشهور، ونص ابن بشير وابن شاس، وظاهر قول الأكثر، أنه لا يمنع مطلقًا، ولذا قال ابن رُشْد: معنى قوله: لا يجوز في الكثير؛ لأن مذهبه في المدَوَّنة، وغيرها إجازته في اليسير. قُلتُ: ظاهر جمعه في السماع مع النكاح والبيع منعه مطلقًا، ولذا قال في السماع: إن وقع وأدرك رد كله، وإن فاتت السلعة بحوالة سوق لزمت بقيمتها يوم قبضها ورد الورق والذهب. وفي كون المنع على التحريم فيفسخ أو الكراهة قولان للسماع المذكور مع قبوله. ابن رُشْد، والموَّازية، وقوله في الأجوبة: وعلى المشهور إن كانا في دينار واحد ففي جوازه مطلقًا أو كان الصرف نصفه فأقل، ثالثها: إن كان ثلثه فأقل، ورابعها: إن قل جدًا كدرهم يعجزه أو كون الدينار يزيد أو الدرهم فالكسر لا يجوز، وخامسها: كالدانقين لغير واحد عن ابن حبيب مع الباجي عنها، واللخمي مع الصقلي عن ابن القاسم: إن كان الورق أكثر من الدنانير لم يجز، والمازري مع الباجي عن ابن القاسم، والمازري عن القاضي ونحوه للخمي عنه وابن بشير، ومفهوم أنقالهم غير ابن بشير والباجي على الثاني: إن كانت السلعة أربعة أعشاره، وعلى الثالث: إن كانت ثلثه، وعلى الرابع: في لفظ غير اللخمي إن كانت كدرهم منعه في الجميع، ونقل ابن بشير والباجي. إن حد اليسير في الصرف مثله في البيع.

زاد ابن شاس عقب ذكره قول القاضي: قال المتأخرون: وكذا الحكم في بلد يتعامل فيه بالرباعية كصقلية، وحكاه القاضي أبو الوليد عن بعض الصقليين، وإن كانا في أكثر من دينار ففي تبعية الصرف بكونه أقل من دينار أو دينارا فأقل المشهور، وقول الصقلي عن غير واحد من أصحابنا عن ابن حبيب، وأراهم تعلقوا بقوله ذلك جائز في الدينار الواحد. قُلتُ: الدراهم أو كثرت ولا حجة فيه إلا أن يكون له قول غيره، ونحوه للمازري وقول ابن الحاجب: إن كان البيع أكثر من الثلث لم يجز اتفاقًا إلا في أقل من دينار بناء على رد هذا النقل عن ابن حبيب. وفي قصر الجواز على تبعية الصرف وعمومه فيه، وفي تبعية البيع له نقلا الصقلي عن ظاهر قول ابن حبيب، والمعروف في كون تبعية البيع كالصرف أو بكونه في ثلث الصفقة قول ابن شاس ونقل ابن محرز عن بعض المذاكرين مع المازري، عن بعض المتأخرين محتجًا به في السيف المحلى وشرط الثمرة قبل الزهو في الكراء، ولم يحك الباجي والصقلي غير الأول، ولو كان كل مقابل الذهب ورقًا ومقابل الورق بعضه بيع جاز إن كان الذهب أقل من دينار، ومنعه بعض المتأخرين لعدم الضرورة؛ لأن شرطها الشركة في دينار ونحوه قول ابن عبد السلام، مذهب المدَوَّنة عندهم لابد أن يشترك البيع والصرف في دينار، ويرد بقولها إن اشترى ثوبًا وذهبًا بدراهم نقدًا جاز، إن كان الذهب يسيرًا لا يكون صرفًا، وإن كان الذهب كثيرًا فلا خير فيه، وبقولها أصل قول مالك: إن كانت سلعة وفضة بسلعة وذهب والذهب أو الفضة يسير جاز نقدًا، واستشعر ابن عبد السلام النقض بقولها الأول فقال: على أن فيها ما ظاهره أنه لا يشترط الشركة في دينار، ولكن بشرط اليسارة جدًا فذكر المسألة الأولى كما نقلناها، وليس فيها إلا لفظ يسير لا بزيادة جدًا، واليسارة شرط في كل صور اجتماع البيع والصرف فلا اختصاص لهذه الصور به بحال، ومعنى لا يكون صرفًا؛ أي: مقصودًا. فإن قلت: قوله لا يكون صرفًا هو معنى نقل ابن عبد السلام جدًا قلت: ليس هو معناه: لوجهين:

الأول: قوله في لفظها: إن كان الذهب كثيرًا فلا خير فيه. مفهومه: إن كان يسيرًا جاز لا بقيد: جدًا. الثاني: أنه أطلق في المدَوَّنة لفظ لا يكون صرفًا على مطلق اليسارة المعتبرة في الجواز العام لا بقيد كونها جدًا فتنافي ترجمة نصها: في الذهب والورق بالذهب. قُلتُ: إن اشتريت فضة وسلعة بذهب؟ قال: إن كانت الفضة قليلة حتى لا يكون صرفًا لا مطلق اليسارة العشرة الدراهم وشبهها فلا بأس به. والمذهب إن وجوب المناجزة في سلعة البيع والصرف كنقده. اللخمي: رأى بعض شُيُوخي أن القياس جواز تأخير السلعة كما لو انفردت وأبقى البيع على جواز تأخيرها فيه والصرف على لزوم مناجزته. قال: البيع للصرف كما لم يرد للبيع، وضعفه المازري بأن التحريم يغلب على التحليل المقارن له في عقد، ويرد بأن ذلك فيما ثبتت حرمته، والبيع مع الصرف ليس حرامًا، وإن أراد بالمحرم تأخير المبيع فهو مصادرة. والحق لزوم قول السيوري: إن كان الصرف تابعًا ومعروف المذهب في عكسه للغو حكم التابع المنافي حكم متبوعه. وفيها: من دفع لمن ابتاع منه سلعة لأجل بنصف دينار دينارًا ليرد عليه نصفه دراهم نقدًا لا خير فيه؛ لأنه صرف فيه سلعة تأخرت. قُلتُ: يرد بلزوم فسخ البيع، وظاهرها عدمه؛ بل موجب منعه عدم الحق بعقد كواقع فيه، وبسماع ابن القاسم: من ابتاع بنصف دينار قمحًا فدفع دينارًا أخذ نصفه دراهم، وفارقه ليأتي بمن يحمل الطعام لا أراه؛ لأنه صرف. ابن رُشْد: لأن ما انضاف من بيع للصرف مثله في وجوب المناجزة، ومثلها قولها فذكر مسألة الكتاب. قُلتُ: فلو صح قول اللخمي لجازت مسألة العتبية؛ لأنها بيعة نقد. ابن رُشْد: ولو كان الصرف من الدينار درهمًا أو درهمين جاز على رواية أشهب،

وقوله فيها خلاف قول ابن القاسم وروايته، ولو اشترى السلعة بنصف دينار لأجل فلما حل أعطاه دينارًا وقبض صرف نصفه نقدًا جاز. قُلتُ: قال المازري في هذه المسألة: ينبغي أن يمنع؛ لأن الأولى بيعة أجل توجب التهمة لافرق بين تصورها في العقد أو عند حلول الأجل. واختلف فيمن باع سلعة بعشرة دنانير لأجل لما قضاها زادت فأخذ عن زيادتها ورقًا فأجيز في قوله لقلة الورق، ونهي عنه في قول للتهمة في بيع الأجل، واختلف في هذا لو كان قرضًا؛ لأنه معروف. قُلتُ: قوله هذا بناء على صحة قول اللخمي وقبوله، وسمع ابن القاسم: من اكترى دابة بنصف دينار ودفع دينارًا للمكري وأخذ نصفه دراهم فلا بأس به. ابن رُشْد: وقعت هذه في بعض الروايات وهي خلاف أصل ابن القاسم في منعه أخذ منافع عن دين، ومقتضى أصله: منعها؛ لأنه صرف مؤخر لتأخر الركوب، وجارية على قول أشهب بجوازه واختلف قول مالك في ذلك في سماع ابن القاسم في كتاب الرواحل، واختار ابن القاسم إجازته خلاف أصله واختاره محمد. قُلتُ: ومسألة تكرار السؤال عنها قديمًا وحديثًا أجازها بعض أهل الفتوى ومنعها بعضهم وهي مسألة شراء الحالوم في إناء يحمله فيه بنصف درهم على أن يرد عليه نصفه، منعه بعضهم لتأخر منفعة الحمل في الآنية، وخففه بعضهم ليسارته وتبعيته وهي أخف من مسألة الدابة؛ لأن منفعة الدابة هي كل المبيع ومنفعة الإناء تبع للمبيع المنقود. وفي بيع طعام بطعام من غير جنسه مع عرض، وجوازه بقيد التبعية قولا بعض شُيُوخنا، وغيره منهم مفرقًا الأول بينه وبين الصرف بيسر قسم الطعام دون الدينار، وقال المازري: في علة منع البيع والصرف طرق: ربيعة: لعدم مناجزته لاحتمال نقضه بعارض غيره عيب السلعة. الأبهري: لجهل منابه باحتمال استحقاق السلعة فيجب القبض مناب الصرف فيه مجهول حين عقده، ونقضه المازري بجواز سلعتين صفقة. القاضي: لتنافي حكمي الصرف والبيع لزوم المناجزة وجواز التأخير.

المازري: ويلزم عليه منع طعام وسلعة بطعام. قُلتُ: الظاهر جوازه دون قيد التبعية لظاهر قول ابن القاسم في سلمها الأول إذا بيع طعام بطعام فكل شيء ضم مع أحد الصنفين أو معهما في صفقة لم يصلح تأخيره. ولقوله في قسمها: أصل قول مالك: جواز بيع النخل مع ما بها من رطب أو تمر بطعام إن جذ ما في النخل وتقابضا قبل التفرق ولا يعارض بقولها في أكرية الدور وكره مالك شراء شجر فيها تمر بطعام نقدًا؛ لأن اللخمي قيدها بعدم الجد، قال: لأن ابن القاسم قال فيها: الجائحة وإن كانت يابسة والجذ على المشتري جاز. اللخمي: عيب السلعة أو أحد النقدين في البيع والصرف في دينار ينقض القيام به كل الصفقة، ولا يفت العرض حوالة سوق إلا يكون المعيب غيره وهو غير يسير؛ لأن يسير العيب يرد ما معه والمعيب لا يفوت بها. وعلل المازري نقض الجميع بعيب بالدراهم بأنه يوجب رد الدينار فيجب رد العرض؛ لأنه حكم له بحكم الصرف، وقد استحق على قابض الدينار بعضه، يريد فيصير إمضاء البيع فيه صرفًا لبعض الدينار قال: ولو كان العرض الأكثر بحيث يسقط مقال قابضه، وحكم له بحكم نفسه لا بحكم الصرف، ورضي قابض الدينار بالشركة فيه لم يجب رده عندي. قُلتُ: اعتبار الرضى في الشركة في الدينار لغو، إنما الشركة ضرر في ذوات القيم، قال اللخمي: ولو اشترى، عرضا، بنصف دينار فأخذ دينارًا أخذ نصفه دراهم فظهر بالدينار عيب رد وبقي البيع بحاله، ولو ظهر بالدراهم، انتقض صرف نصفه، وبقي نصفه قضاء، ولو ظهر بالعرض انتقض الجميع إلا على جواز صرف جزء الدينار. لما ذكر المازري نقض الصرف فقط لعيب الدراهم قال: ولمالك ما يقتضي نقض البيع أيضًا واستبعده محمد، ولا يبعد توجيهه بتهمتهما على تحليل الحرام، ولو في بيعه النقد احتياطًا للصرف، وقد قدمنا أن من صرف دينارًا بعشرين درهمًا فأخذ بعشرة دراهم لحمًا، إن اللحم لا يجوز تأخيره، لما قدمنا أنهما يتهمان على بيع دينار بدراهم ولحم مؤخر. قُلتُ: منعه مسألة اللحم بما ذكر كوهم؛ لأنه يقتضي جوازها على قول السيوري

وهي مسألة المدَوَّنة أو مثلها. فيها من صرف من رجل دينارًا بعشرين درهمًا فقبض له عشرة، وقال له: اعطني بالعشرة الأخرى عشرة أرطال لحم كل يوم رطلًا لم يجز. وكان بعض شُيُوخنا أو جميعهم ينبهون على حرمتها اتفاقًا؛ لأن تأخير اللحم فسخ دين في دين لا يخالف فيه السيوري ولا غيره. قُلتُ: إن كان مراده هذا فهي مثلها في الحكم، وإن خالفتها في الصورة؛ لأن ما قبض من الذمة وعاد إليها بالقرب كما لم يقبض في صرفها إن قبضت من غريمك دينًا فلا تعده إليه مكانك سلمًا في طعام أو غيره. قال الصقلي: لأن قضاءه الدين لغو برجوعه إلى دافعه، وصح من فعلهما إنه إنما فسخ دينه فيما لا يتعجله. قُلتُ: وقولها في مبتاع سلعة لأجل بنصف دينار، وسماع ابن القاسم في مسألة الطعام، ومتقدم كلام ابن رُشْد يقتضي فسخ البيع لفسخ الصرف الواقع عقبه. الخمي: لو اشترى ثوبًا، ودراهم بدينارين والثوب الأقل رد لعيبه معه تمام صرف دينار، وكذا لعيب بعض الدراهم، ولو كان الأكثر انتقض الجميع لعيبه أو عيب الدراهم، وعيب أحد الدينارين بنقض كل الصفقة لمقابلته نصف الدرهم والعرض إلا على جواز صرف الجزء، فيتنقض نصفها فقط وينقلب الخيار لمبتاع العرض لعيب الشركة، ولا تفيته حوالة سوق إن كان العيب وتفيته إن كان بعض الدراهم أو أحد الدينارين. محمد: إن كان المعيب الثوب، وفات بقطع أو تلف لم يرجع بقيمة عيبه؛ بل يرد قيمته، وتمام صرف دينار إن كان الأقل، وإن كان الأكثر رد معها الدراهم وأخذ ديناريه. المازري: ينتقض بعيب أحد الدينارين كل الصفقة؛ لأن برده يجب رد نصف الثوب، ونصف الدراهم فيقع في بقية الدراهم إن أمضياها الصرف في بعض دينار وهو ممنوع، ويقع في الثوب الشركة لقابضه رده بها، وله حبسه على ما قدمناه من إعطائه

حكم نفسه لا حكم الصرف. قُلتُ: إنما يقع في بقية الدراهم، صرف بعض الدينار برد قابض الثوب، نصفه لضرر الشركة. وفيها: لا بأس بسلعة بدينار إلا درهمًا كل ذلك نقدًا. اللخمي: وإلا فأربعة، روى ابن القاسم إن عجلت السلعة فقط، جاز وإلا فلا، وروى أشهب تعجيل النقدين دونها كتعجيلها، وروى ابن عبد الحَكم في الموَّازية: إن عجلت السلعة وأحدهما أو تأخرت معه جاز، ومنع ابن عبد الحَكم إن عجلت السلعة دونهما، وقال: هذا حرام صرف لأجل ودين بدين. قُلتُ: ظاهره الاتفاق على المنع في تأخير الجميع، ولذا قال ابن الحاجب: تأجيل الجميع ممتنع، وقاله ابن شاس، وزاد لأنه الدين بالدين، وهذا لا يتناول إلا ما السلعة فيه مضمونة، ولذا زاد ابن عبد السلام: ولبيع معين يتأخر قبضه إن كانت معينة. قلت: يتخرج تأخيرها ليوم أو يومين مطلقًا أو لضرورة، ولمحمد مايدل على الجواز في مثل هذا خلاف قول الثلاثة، ولما ذكر عياض قول أشهب قال: وكذا يقول إن تأخرا أو اختلفا كل الوجوه جائزة عنده، كذا قال في العتبيَّة ورواه ابن وَهْب وابن عبد الحَكم. قُلتُ: في عزو ما ذكره عن أشهب له في العتبيَّة نظر لما ننبه عليه إن شاء الله تعالى في تعدد الأثواب، ولقول ابن حارث: اتفق ابن القاسم وأشهب أنه لا يجوز أن يتعجل الدينار ويتأخر الدرهم ولا العكس تعجلت السلعة أو تأخرت. ابن محرز: أجازه ابن عبد الحَكم ولو فارق الدينار الدرهم كأنه رأى الصرف تبعًا في كل الوجوه. قُلتُ: هذا خلاف نقل اللخمي عنه ومقتضاه الجواز، ولو أخر الجميع لما يجوز تأخير قبض المعين إليه. ويؤيده قول الصقلي في قولها إن تأخرت السلعة عن النقدين لم يصلح، قال محمد: إلا أن يتأخر الثوب لمثل خياطته أو يبعث في أخذه وهو ثوب بعينه فلا بأس. الباجي: إن عجلت مع أحد النقدين أو أخرت معه فالمشهور المنع، وروى ابن

القاسم رجوعه عن رواية ابن عبد الحَكم، وروى ابن عبد الحَكم أيضًا كأشهب، وقال محمد: اتفق أصحابنا على رواية ابن القاسم الجواز في تعجيل السلعة، دونهما. ابن محرز: في كون تفرقته بأن تأخير النقدين دليل عدم القصد للصرف أو وعد عليه، لا صرف، طريقا اللوبي وغيره، وهذا ضعيف. زاد المازري: لأنهما دخلا على بت الصرف لا على الوعد، الشَّيخ: سمع ابن القاسم من باع طعام قرض بدينار إلا درهمًا وعجلا النقدين جاز، وإلا فلا، وخففه ابن القاسم وإن لم يحل، وكذا روي أبو زيد، سَحنون: قول مالك أصح. محمد: أجازه ابن القاسم ولو لم يحل وكثرت الدراهم. قُلتُ: السماع في كتاب السلم والآجال. ابن رُشْد: اختلافهما جار على الخلاف في انحلال الذمم هل هو كانعقادها في اعتبار الأجل أو لا؟ إذ قد تبارءا والأطهر جواز هذه الإجارة. أشهب: تأخير السلعة دون النقدين في سلعة بدينار إلا درهمًا، ثم رأيت في سماع أَصْبَغ لأشهب من ابتاع ثوبًا بدينار إلا ثمنًا فدفع الدينار وأخر عليه الثمن وبدينار إلا درهمين، فدفع الدينار وأخر الدرهمين لا بأس بذلك. ابن رُشْد: قول أشهب في المسألتين خلاف قوله وقول ابن القاسم وروايته فيها، وخارج عن الأصول؛ لأنه ذهب بسلعة ودراهم لأجل، ولم يجزه أحد إلا ابن عبد الحَكم في أحد قوليه، وفساد الأولى أسد؛ لأنها صرف خارج عن البيع تأخر فيه بعض الدراهم يجب فسخه دون البيع إلا أن يكون باع منه بدينار إلا ثمنًا على أن يدفع أليه دينارًا، ويؤخره بصرف الثمن فيفسخان معًا ويحتمل كون جوابه في الثانية على أن بيعهما وقع على النقد ثم أخره بالدرهمين فأجازه مراعاة للخلاف. قُلتُ: فلعل القاضي أشار إلى قول أشهب هذا. وفيها: الدرهمان في ذلك كالدرهم لا الثلاثة. الباجي: في المختصر الكبير: الثلاثة كالدرهمين وعزاه اللخمي لرواية محمد وفي الخمسة طريقان: اللخمي: لا تجوز اتفاقًا.

الباجي عن الأبهري: ثلث الدينار كالدرهمين. ولو وجد بالدرهمين عيبًا، ففي جواز البدل ونقض الجميع نقل اللخمي مع الصقلي عن مالك ورواية ابن وَهْب، وعزا الباجي الأول لرواية ابن القاسم، ولم يحك ابن محرز غير الأول وعزاه لمحمد، وزاد: لأن الصرف تبع ولوكثرت الدراهم انتقض الجميع، وكذا قالوا في دينار نصفه دراهم ونصفه فلوس، ينتقض الجميع بعيب في الفلوس. وفي كون الحكم دفع رب السلعة المستثنى دراهم معها أو أخذ دينار دراهم مسقطًا منها الدراهم المستثناة طريقان: الصقلي عن ابن الكاتب: إن تأخر النقدان لأجل، فحل، لم يجز إعطاء البائع درهمًا ليأخذ دينارًا؛ بل يجب أخذه صرف دينار إلا درهمً. الصقلي: ظاهر الكتاب جواز دفعه الدرهم ليأخذ الدينار، وعليه جرت هذه المسائل وعليه يتصور الخلاف، قولها: إن كان كل ذلك نقدًا جاز، ولو كان كما قال ابن الكاتب كان شراء للسلعة المؤجلة بدرهم فيجوز إجماعًا. قال: زاد عبد الحق عن ابن الكاتب قولة بعض شُيُوخه. المازري: إن كان الدرهم والدينار منقودين، فالمشهور دفع البائع الدرهم مع الثوب وإن كانا مؤجلين، فذكر قولي الصقلي وابن الكاتب معزوين للأشياخ قائلًا: قد يتعلق هؤلاء بقولها: وأما بدينار إلا خمسة دراهم فلا ينبغي في شيء منها للغرر فيما يغترق ذلك من الدينار عند الأجل. قُلتُ: كان من لقيناه لا يتعقب هذا التمسك كالمازري، وقد يرد بأن الغرر كما تصور على الثاني بأن المشتري عند الأجل يدفع الدينار دراهم مسقطًا منها الخمسة، ولا يدري حين العقد ما يستغرق الخمسة من دراهم الدينار فالباقي عنها هو الثمن وهو مجهول فكذا يتصور على الأول، بأن البائع عند الأجل يدفع خمسة قدر عدلها من الدينار مجهول يحتمل كونه ربعه إن كان الصرف عشرين بدينار أو خمسه إن كان خمسة وعشرين وهذا غرر، فإن قلت: غرر الأول راجح لقدر الثمن وهو مؤثر اتفاقًا، والثاني لقيمته وهو ملغى اتفاقًا. قُلتُ: رجوعه لقيمة الثمن إنما هو بالنسبة إلى الدراهم، وأما بالنسبة إلى ثمن

السلعة فهو رجح لقدر الثمن وهو مناب السلعة من الدينار؛ لأنه على كون الصرف عشرين بدينار ثمنها ثلاثة أرباع دينار، وعلى كونه بخمسة وعشرين يكون ثمنها أربعة أخماس دينار. فإن قلت: السلعة بعض المبيع فجهل منابها من الثمن غير معتبر. قُلتُ: هي هنا، كل المبيع حكمًا؛ لأن الدراهم ملغى اعتبارها لقلتها وبه العقد مع تأخرها، وبذا يتفق لفظ المدَوَّنة أوله وآخره، ولذا قال ابن شاس: الأول ظاهر المدَوَّنة، ولم يحك أبو حفص غيره. سند: لو دخلا على دفع صرف دينار مسقطًا منه الدرهم لم يجز إلا بمعرفة صرف الدينار. قُلتُ: قول ابن بشير في توجيه قول ابن الكاتب واستخف عدم المبالاة بزيادة الصرف ونقصه؛ لأن ما يقابل الدينار يسير، خلافه وفرع وجود المعيب بالدرهمين، وسماع ابن القاسم في الطعام حجة للصقلي إن عم الخلاف في تعجيل النقدين، وتأجيلهما كما هو ظاهر كلام المازري، وإن خصص بتأخيرهما كما هو ظاهر كلام ابن الكاتب فلا حجة فيهما، والفرق بين التأجيل والتعجيل عنده امتناع التأجيل في الصرف. في بيع مائة ثوب كل ثوب بدينار إلا درهًما أو درهمين طرق سمع القرينان: لا خير في بيع أثواب كل ثوب بدينار إلا درهما أو درهمين لأجل، ولكن يكتب عليه كذا وكذا دينارًا إلا كذا وكذا درهمًا يحسبانه قبل العقد. ابن رُشْد: هذا إجمال يبينه سماع ابن القاسم في كتاب السلم والآجال وكتاب محمد قال فيه: إن باع خمسة عشر جلدًا كل جلد بدينار إلا درهمًا لأجل، فتحاسبا بعد البيع فصارت أربعة عشر دينارًا، فلا خير فيه. محمد: تحاسبا أم لا لكثرة الدراهم قال مالك: لو قطعا صرف الدراهم قبل العقد وعقدا بدنانير معلومة جاز ولو لأجل. محمد: كقولها: إن وقع بيننا بيع بدراهم فصرف الدينار كذا جاز، وإلا لم يجز، ولو نقدا إلا في يسير، ولو عقدا على المقاصة من الدنانير بالدراهم بثوب سمياه واتفق، عدل الدراهم قائمًا من الدنانير جاز، ولو لأجل كسته عشر ثوبًا كل ثوب بدينار إلا درهمًا والصرف ستة عشر بدينار فصار عقدهما بخمسة عشر دينارًا، وكذا لو فضل

درهمان لجواز بيع سلعة بدينار إلا درهمين لأجل، والسلعة نقد، ولو فضل كثير من الدراهم جرى على حكم البيع والصرف، وإن لم يبيعا على شرط المحاسبة، فإن كان المستثنى درهمين فعلى حكم استثنائهما، وإن كان أكثر فعلى حكم البيع والصرف، والمحاسبة بعد البيع لغو إن لم يقع بيعهما عليها. قُلتُ: وهذا السماع هو الذي زعم عياض إن أشهب أجاز فيه تأخير أحد النقدين عن الآخر، ولا شيء فيه من ذلك. الباجي: سمع أشهب: لو باع مائة ثوب كل ثوب بدينار إلا درهمًا جاز أن يكتب عليه مائة دينار إلا مائة درهم لا أن يكتب عليه دنانير لأجل، في المَّوازية: لا يجوز إلا أن يقوم الدنانير قبل أن يفترقا. محمد: لأنه إذا حل الأجل دفع الدنانير، فصار صرفًا مؤخرًا، فالقول الأول على اعتبار صرف يوم القضاء والثاني على يوم العقد، وروى محمد ثالثًا يجوز نقدًا، لا لأجل، ورابعها، ولا نقدًا؛ لأنه بيع وصرف في الكثير من كل واحد. ابن بشير: في الموَّازيَّة أربعة: الجواز ولو لأجل، ولا يحسب الدنانير من الدراهم إلا عند الأجل فإن حسبت الآن بطل، والجواز إذا حسبت الآن، والجواز نقدًا لا مؤجلًا، ورابعها المنع مطلقًا. الأول: بناء على أن المستثنى يسير، ومقتضى تأجيله اعتبار صرف يوم القضاء ابن حبيب الآن كان تعجيلًا لصرف ما في الذمة فمنع. والثاني: على أن البيع بالدنانير والمستثنى منها فلا يعلم قدرها ما لم يعجل حسابه. والثالث: على أنه صرف وبيع والدراهم كثيرة فمنع مؤجلًا. والرابع: على ذلك وكل منهما كثير فمنع. قُلتُ: إنما يتم الثالث على جواز البيع والصرف لا بقيد التبعية كقول أشهب، وهو قول اللخمي، رواية محمد لا بأس بمائة ثوب كل ثوب بدينار إلا ثلاثة دراهم أجازه للبيع والصرف. ابن ساش: في جوازه مطلقًا ومنعه مطلقًا، ثالثها نقدًا. الأول: على جواز البيع والصرف مطلقًا أو اعتبار كل دينار في نفسه، والدرهم

منه يسير. والثاني: على منع البيع والصرف دون تبيعة. والثالث: كالثاني مع منع التأخير؛ لأن الصرف فيه إن كان بصرف يوم القضاء أدى للجهالة بمناب كل دلاهم وهو كثير، لكثرة الدراهم أو بصرف يوم العقد، فبتعجيل تحويل الدراهم بالذهب يصير صرفًا مؤخرًا وصرف ما في الذمة قبل حلوله. قُلتُ: أول أقوال ابن شاس غير كل من الأربعة، فإن ثبت كان خامسًا، ولما ذكر ابن الحاجب ثلاثة أقوال كابن شاس. قال ابن عبد السلام: إن قلت تبع ابن بشير في هذه المسألة وذكر ابن بشير فيها أربعة أقوال: قُلتُ: رابع ابن بشير إنما هو من عوارض القول الأول إذ لا خلاف بين القول الأول والرابع إلا في كيفية حساب الدراهم من الدينار هل يحسب الآن أو عند الأجل؟ فاستغنى المؤلف عن ذكر هذه الكيفية للذكره في المسألة السابقة ما يغني عنها. قُلتُ: القولان اللذان ذكرهما ابن بشير هما نقلا الباجي حسبما مر، وهما راجعان لصحة العقد وفساده، واللذان في الكيفية ليسا راجعين لصحة ولا فساد، وهذا يمنع صرفهما لها، ولو ابتاع بدينار إلا ربعًا، ففي كون الثمن دينارا يدفع البائع كسره صرفًا أو كسره الباقي بعد الاستثناء يدفع المشتري صرفه، نقلا ابن محرز عن ظاهرها والمازري معه عن محمد قائلًا: هذا ما لم يكن البيع بمجموعة، وابن محرز عنه قائلًا: ما لم يكن المتثنى قيراطًا أو قيراطين فعليه دينار ينقص ما سمي من الذهب وعزا ابن بشير القولين للمتأخرين. ابن محرز عن ابن الكاتب: إن قدر أن الجزء على البائع كان ذهبًا بذهب؛ لأن الجزء إنما يقع ذهبًا بعد ذلك يصير بالصرف ورقًا. المازري: هذا على ترتب الجزء ذهبًا وعلى ترتبه ورقًا يصح العقد بالتناجز. وفيها: لو ابتعتها بخمسة دنانير إلا ربعًا أو سدسًا جاز تعجيل الأربعة وتأخير الخامس حتى يأتيك بربع أو سدس، وتدفع إليه الدينار وكذا إن تأخرت الأربعة ودفع دينارًا وأخذ مكانه دراهم فلا بأس به؛ لأن الجزء من دينار لا يجري في سائرها اللخمي:

أجاز مصارفته في دينار وتأخير الأربعة، ومنع من ابتاع سلعة لأجل بنصف دينار أن يدفع دينارًا يأخذ صرف نصفه لقوة تهمتهما على صرف مؤخر حين البيع بنصف، والصرف كذلك وضعفها في ربع دينار من خمسة وعلى كراهته من قضى عشرة دنانير ثمن سلعة أن يأخذ بفضل ظهر في الدنانير ورقًا فكرهه في هذه. المازري: قال الدمياطي: روى ابن وَهْب كراهة بيع سلعة بدينار إلا سدسًا ثم رجع عنها. المازري: كرهه؛ لأن ما يعدل الجزء المسمى، يقضي فيه بدراهم لا يعلم قدرها حين العقد. قُلتُ: فيكره شراء سلعة بكسر دينار لأجل، وقولها ابن شاس وابن الحاجب: إن استثنى جزءًا جاز مطلقًا، وقيل: كالدراهم بناء على أن جزء الدينار ذهب إلى القضاء أو ورق مع ذكرهما هذا عقب ذكرهما الأقوال في مسألة محمد يقتضي دخولها في هذه، ولا يخفى تعذرها وقبوله شارحه وتوجيهه، الثاني بترتبه ورقًا، بعيد. وفيها: إن ابتاعها بخمسة دنانير إلا درهمًا أو درهمين فنقد أربعة دنانير وتأخر الخامس والدرهم أو بالعكس لم يجز إذ للدرهم في كل دينار حصة نوقض لفظ تعليلها بقولها لا ينقض لزائف من صرف دنانير إلا دينار؛ لأن الدرهم إن كان له في كل دينار حصة وجب نقض جميعها في الزائف وإلا كذب التعليل، يجاب بأن الشيوع في هذه لاختلاف الدنانير بالنقد والتأخير فلا تماثل لها، وهي في مسألة قصر الزائف على دينار متماثلة ولو اختلفت، نقض الجميع. وفي منع صرف جزء دينار معين باقيه لبائعه: المسهور مع قول أشهب فيها، ونقل اللخمي عنه مع الشَّيخ جواز شراء نصف خلخال فضة بوزنه فضة إن حوزه جميعه قال محمد وروي لنا عن أشهب عن مالك منعه في النقرة. اللخمي: جوازه أحسن في الدينار والخلخال لحصول التناجز في العوضين، وما بقي بينهما خارج عن الصرف كما لو صرف رجل خمسمائة درهم من ألف حضر وزنها فقبض جميعها في كيس جاز، ولو لم يقبض نصيبه منها بالحضرة؛ لأن تركه مع القدرة على قبضه رضى بالشركة.

قُلتُ: الفضل بينهما في الدراهم لعدم توقفه على غيرهما، ولا عوض ونوقض قولها. بقولها يجوز رهن المشاع ويتم حوزه، وحوزه مناجزة، ويجاب بأن المطلوب في الرَّهن مطلق الحوز، وفي الصرف الحوز، والفضل فيما تبايعاه لقول عمر رضي: والله لا تفارقه وبينك وبينه شيء اللخمي: والنقرة كالدينار لا كالدراهم. الشَّيخ: روى محمد من ابتاع سوارين على أن فيهما أربعين درهمًا فوجد فيهما قبل الفرقة فضلًا، إن ترك ذو الفضل فضله صح، وإلا فلا، ولو قبض المبتاع الجميع. اللخمي: على جواز صرف بعض الدينار يصح، ولو تمسك بفضله ثم يكون كل منهما بالخيار في إمضاء الصرف لعيب الشركة. قُلتُ: هذا يرد قياسه على صرف الجزء، وسمع ابن القاسم: لا خير أن يشرك من اشترى فضة أو دراهم أو حليًا غيره فيها، ولو انقلب بجميعها المشرك حتى يقاسمه ما أشركه فيه. ابن رُشْد: مثله روى ابن وَهب وزاد: هذا صرف لا يحل إلا نقدًا، وهو على أن عهدة المشرك على المشترك، وقيل يجوز إن نقد الثمن ولو لم يقبض حصته، وهو أنها على البائع، والثالث رواية أشهب: يجوز إن قاسمه أو قبض جميعه. استحسان على غير قياس إذا لا خلاف فيه منع صرف بعض دينار ولو قبض جميعه. قُلتُ: هذا الاتفاق خلاف نقل الشَّيخ واللخمي عن أشهب، ولو كان باقيه لغيره فصرف حظه دون قبض جميعه لا يجوز، ويقبضه قولا يحيى بن عمر، وأشهب. وصرف رجلين دينارًا من رجلٍ وعكسه بدراهم شركة بينهما جائز. اللخمي: اتفاقًا فيهما ودون شركتهما فيه قولان لها ولمحمد. الشَّيخ في المَّوازية: صرف نصف دينار من رجل يدفعه له ولمن له عليه نصف دينار جائز، وكذا صرف ثلثه من أحد رجلين لهما عليه ثلثاه بالسوية أو التفاوت فدفعه له وصرف ثلثه منها معًا جائز قبضاه أو أحد أحدهما. محمد: إن اشتركا في الدراهم قبل الصرف أو أسلف أحدهما للآخر جزءه من الدراهم قبل دفعها وبعده لا يحل. قُلتُ: ظاهر قوله: بعد دفعها ولو بعد الصرف، ومفهوم قوله أولا قبل الصرف

خلافه، وجوازه في السلف دون شركة توجب جوازه دونها، ولا سلف وهو أحرى منه مع السلف لتفرقته بين العقد والقبض فيصير تقييد ابن الموَّاز لغوًا فقبوله الصقلي وتعليله بأن الشريكين كواحد مشكل. الشَّيخ: وسمع أَصْبَغ هذه المسألة من ابن القاسم، وقال: لا يصلح حتى يكون القضاء فيه كله، والبيع فيه كله بينهما. قُلتُ: نص السماع لا بأس أن يقضي رجلين دينارًا من عليه لكل منهما نصفه ولمن لكل منهما عليه ثلثه؛ لأنه حول في الصرف لا خير فيه حتى يكون القضاء فيه كله، والبيع فيه كله. ابن رُشْد: جواز الأول على رعي أن الثابت لكل منهما عليه ذهب، وعلى رعي ما يجب قضاؤه صرف، يجوز إن قبضاه أو أحدهما بحضرة صاحبه اتفاقًا، ولو وكله وقبضه بعد قيامه جاز على خلاف ما تقدم. قُلتُ: قوله: (اتفاقًا) خلاف متقدم نقل اللخمي عن محمد والشَّيخ عن المَّوازية. قال ابن رُشْد: وجواز الثانية على الرعي الأول قضاء وصرف وعلى الرعي الثاني محض صرف. وفي تعليله منع الثانية بقوله: لأنه الحول في الصرف نظر؛ لأنه إنما كان حولًا إذا قبض الدينار غيره غير دافع الدراهم لا إن قبضاه معًا؛ بل علة منعه عدم استقلال دافع الدراهم، بمقابلها من الدينار لبقاء يد الآخر معه عليه، ولو قبض الدينار دافع الدراهم وحده لجرى جوازه ومنعه على قولي أشهب وابن القاسم فيمن صرف جزءًا له من دينار بينه وبين آخر من غيره، وقبض جمعه بناء على اعتبار الفضل بين المتصارفين وإلغاء شركة قابض الدينار غيره فيه واعتبارها. الشَّيخ عن الموَّازيَّة وسماع أَصْبَغ ابن القاسم: دفع من له ثلثا دينار على رجلين بالسوية صرف ثلث دينار من أحدهما، فقبض منه دينارًا، عنه وعن الآخر، جائز كدفع رجل عمن لك عليه نصف دينار دينارًا، فلم يزد فيها ابن رُشْد شيئًا. وقال الشَّيخ والصقلي قال محمد: لا يعجبني أخذ الدينار من قابض الدراهم،

ويحيله على الآخر بالثلث، وكذا دفع عرض بدل الدراهم لإمكان زيادة دافع الثلث شيئًا ليضمن له على الآخر، ولو سبق ضمانه، جاز. دفعه دينارًا على أخذ ثلثه دراهم أو عرضًا أو بقائه ذهبًا. قُلتُ: في موضع آخر قلت: كيف وقد علما أن لابد من دفع الثلث دراهم أو عرضًا؟ قال: لأنه لم يقع ضمان مع بيع ولا صرف، وصرح اللخمي بأن قول محمد خلاف. قال: والأول أحسن، إلا أن يكون المقضي عنه فقيرًا أو يزيده في الصرف، وكذا دافع دينار نصفه صرف ونصفه قضاء عن آخر، ولو دفع نصفه قضاء عن غيره ونصفه عن عرض لم يجز؛ لأنه بيع وسلف؛ لأن قيمة العرض تزيد وتنقص والصرف قدره معروف. الشَّيخ عن محمد: إن أعطاك من لك عليه نصف دينار دينارًا على إن أحلته على فلان بنصفه، جاز؛ لأنك لم تأخذ منه ولم تعطه. الصقلي: يريد؛ لأنه قضاك عن نفسه وعن الآخر وأحلته عليه. محمد: كما لو جعلت النصف الباقي في سلعة، ولو كان في ذلك زيادة درهم من قابض الدينار: ما جاز. ابن القاسم: لو دفعت لمن لك عليه ثلث دينار وسدسه ورقًا أو عرضًا، وأخذت منه دينارًا على إن أحلته بنصفه على من هو لك عليه لم يجز. محمد: لأنه في العرض لم يرض بالحوالة إلا بما زاده فيه. الصقلي: الفرق بين هذه والأولى أنه فيها قضاه الدافع عن الآخر دون طلب رب الدين ذلك، وفي هذه يطلبه. قُلتُ: في هباتها: من عجل لك دنانير على رجل لأجل على إن أحلته عليه، لم يجز، ولو كان النفع له أو لك دونه؛ لأنهذهب بذهب لأجل، سَحنون: وقد أجازه ابن القاسم، إن كان النفع للقابض وهو أحسن. اللخمي عن محمد: لو دفع إليك من لك عليه نصف دينار دينارًا على أن تحليله على من لك عليه نصفه جاز؛ لأنك لم تأخذ منه ولم تعط. اللخمي: قد اختلف في هذا فيمن أسلف عينًا ليحال بها، قال: ومنعه في الموَّازية:

دفع دينار لرجلين نصفه صرف من أحدهما ونصفه قضاء للآخر أوهبة، على منع صرف دينار من رجلين وعلى جوازه يجوز. وفيها: لا بأس ببيع شريك في حلي حصته منه لشريكه بوزن نصفه وكذا نقرة بينهما وروى أشهب: لا يجوز في النقرة إذ لا ضرر في قسمها ككيس مطبوع بينهما فيصير ذهبًل بذهب ليس كفة، وإنما جاز في الحلي لما يدخله من الفساد، وإنه لموضع استحسان. اللخمي: قيل المنع؛ لأنها إن قسمت نقصت فالمأخوذ عن نصفها أكثر منه والأول أحسن؛ لأن النقص لم يقع بعد وعورض عنه على وفاته ويجوز هذا في الدراهم إن وزنت بالحضرة وأعطى وزنها بتلك الصنجة، وبغيرها لا يجوز لإمكان الاختلاف، وهو معنى قول أشهب في الدراهم. وفي كون الدينار كالحلي ومنعه فيه فتوى ابن عبد السلام وابن قداح، وقال فيما أخبرني ثقة عنه حين ذكرت له فتوى ابن عبدالسلام: الله حسيبه مرتين. وأخذه ابن عبد السلام من قولها في الحلي أخذا أحرويًا، وقال: لأن قطع الحلي يجوز بخلاف الدينار، ونحوه قول أبي حفص: يجوز في الدنيا والحلي للضرورة، وقد يفرق بأن الحلي يراد لعينه وصياغته، وكذا النقرة لغرض في عينها؛ لأنهما لو استحقا ثمنًا فسخ البيع بخلاف الدنيار، ولذا قال في إجازته في الحلي: إنه لموضع استحسان، وذكر اللخمي في الدينار الجواز كأنه المذهب، وقيل: كان طبقة شُيُوخ ابن قداح كالشَّيخ الفقيه الشهير أبي محمد الزواوي، والشَّيخ الفقيه الأصولي أبي القاسم بن زيتون كانوا يفتون بالمنع، وإن ابن قداح كان يفتي بالجواز حتى ذكر له ذلك فرجع عنه للمنع. وتحقيق المساواة الممكن في الذهب به والفضة بها شرط على كل تقدير يمكن، وعليه منع مالك في ثالث سلمها مائة دينار كيلًا، بمثلها مع كل منهما مائة درهم كيلًا، ويناقض بقول ابن القاسم في شركتها لا بأس أن يخرج هذا ذهبًا وفضة، وهذا مثله من ذهب وفضة؛ لأن الشركة بيع في بعض ما أخرج كل منهما، ولذا منع ابن القاسم شركة أحدهم بدنانير والآخر بدراهم ولو تساوت قيمتاهما، ويجاب بأنه لما كان كل منهما في البيع مختص بما يأخذ من صاحبه قويت تهمة قصد كل منهما أجود عوضي صاحبه عنده

من مقابله في عوضيه لأجود عوضيه لمقابله في عوضي صاحبه الملزومة للتفاضل الموجب للمنع، والشركة لا اختصاص فيها. وفي جواز شراء غير ذهب وفضة ببعض درهم وأخذ باقيه فضة، وإن كان أكثر من نصف الدرهم ومنعه مطلقًا أو فيما زاد على الثلث، ورابعها: فيما زاد على النصف لنقل التونسي مع صاحب الأمر المهم قاصرًا ما زاد على النصف على ثلاثة أرباع مضعفًا له، والمازري مع الصقلي عن سَحنون، وأخذه بعضهم من قولها أصل قول مالك: لا تجوز فضة بفضة مع أحدهما أو مع كل منهما سلعة ولو كانت الفضة أكثر، واللخمي عن محمد عن ابن القاسم مع أشهب قائلًا: وأخذ ببقيته صغارًا واللخمي مع غيره عن مالك مع ابن القاسم. اللخمي: ومنعه أشهب في الموَّازية، وقال مالك: كنا نكرهه. قُلتُ: فيكون خامسًا، وزعم صاحب الأمر المهم أن مذهب المدَوَّنة فيما زاد على النصف الكراهة بمعنى التنزيه بناء على لفظ البراذعي إن أخذ بثلثه طعامًا وبباقيه فضة فمكروه، ويرد بأن لفظها إن كان الثلثان فضة، والثلث طعامًا أيجوز في قول مالك؟ قال: لا يجوز. قُلتُ: لم كرهه إذا كانت الفضة أكثر من الطعام وجوزه إذا كان الطعام أكثر؟ قال: لأن المراد الطعام لا الفضة وللرفق بالناس، فغير البراذعي وقوع لفظ الكراهة في لفظ السائل مع أنها بعد لفظ لا يجوز وتبع في ذلك مختصر الشَّيخ، وألزم اللخمي قول أشهب بقصر الجواز على بلد لا فلوس به منعه في بلد فيه دراهم صغارًا. قُلتُ: فيلزم المنع مطلقًا، أو إجازة رد غير مسكوك، ونقل اللخمي فيه عن المذهب المنع خلاف مقتضى قول الصقلي عقب تعليله الجواز بالضرورة، وهذا في بلد فيه الدراهم، الكبار خاصة أو فيه الكبار والصغار، ولا يكون عند المشتري إلا درهم كبير، ثم قال: وأما في بلد الغالب فيه الخراريب الصغار فلا يجوز أن يأخذ بنصفه طعامًا، وباقيه من الخراريب ولو دفع درهمًا خراريب وأخذ بنصفه طعامًا وباقيه خراريب، لبان قبحه إذ لا ضرورة. ولو تقدم البيع ببعض درهم، ففي جواز دفعه وأخذ بقيته كما لو وقعا معًا قولان لسماع عيسى ابن القاسم: من ابتاع سلعة بثلثي درهم

باب في شرط الرد في الدرهم

ثم ذهب فأتاه بدرهم ورد عليه ثلثه فضة فلا بأس به، ولو كان أسفله الثلثين لم يجز؛ لأنه لو ابتدأ الشراء بثلي درهم، فلا بأس أن يأخذ ثلثه فضة ولو أخذ منه قطعتي فضة بثلثين، وثلث بدرهم دون كيل لم يجز ولو كان في المجلس. وقول ابن رُشْد: القياس والنظر عدم جوازه في البيع والسلف، واستخفه في البيع؛ لأنه درهم قائم لا مجموع. قُلتُ: ظاهر قول السماع: وأخذ ثلثه فضة، وعدم تقييده. ابن رُشْد: جوازه غير مسكوك، كما تقدم للصقلي. وفي مسائل الاقتضاء، تمام هذا النوع. [باب في شرط الرد في الدرهم] فشرط الرد على المشهور متفقًا عليه كونه في درهم كل الثمن، وسكة المردود، وعدم زيادته، وعدم حضوره للمبتاع وتأخره على البيع ومناجزته، والمبيع كالصرف. الشَّيخ: روى ابن حبيب: من ابتاع تور نحاس بدرهمين ودانق، أكره أن يعطيه عن الدانق فلوسًا. الصقلي: والشَّيخ عن محمد: كره مالك شراء حنطة بثلثي دينار يدفعه ويأخذ ثلثه

قطعة ذهب منقوش. قُلتُ: نقل بعضهم جواز الرد في الدينار لا أعرفه، وذكر عن بعض عدول بلدنا المدرسين فتواه به، فبعث إليه القاضي ابن عبد السلام أو أتاه فسأله عما نقل عنه ليؤنبه على ذلك فأنكر فتواه بذلك، وسمع ابن القاسم لا بأس بأخذ دنانير مضروبة من أهل دار الضرب يدفع وزنها ذهبًا مصفى مع أجر ضربهم لمشقة حبس ربها، وخوفه. ابن القاسم: ثم قال: ما هو من عمل الأبرار، وسمعته يتكلم به غير مرة ولا يحرمه، وينحو إلى أن لا يعمل به الرجل في خاصة نفسه، قال عيسى: (لا يعجبني). ابن القاسم: أراه خفيفًا للمضطر ذي الحاجة. قال مالك: ولا خير في أخذ حلي مصنوع بوزنه وأجرته. ابن رُشْد: خففه مالك في دار الصرف لما ذكر، والصواب أن لا يجوز إلا مع الخوف على النفس المبيع أكل الميتة، وإنما خففه مالك ومن تبعه دون البلوغ لما يحل الميتة مراعاة لما روي عن ابن عباس لا ربا في إلا في النسيئة وروي أنه رجع عنه، وما خففه مالك. قال ابن حبيب: هو حرام ولو على مضطر، وهو قول ابن وَهْب وأكثر أهل العلم، ومسألة الصانع لم يجزها مالك ولا أحد من أصحابه. الشَّيخ: في الواضحة: لو راطل رجل صائغًا بفضة ولم يذكر صوغًا، ثم دفعها إليه بالمجلس لصوغها لم يجز إلا بعد التفرق، وبعد ذلك وصحته. وفي جواز خلط أذهلب الناس بعد تصفيتها ومعرفة أوزانها أقوال: الشَّيخ: روى محمد لا أحبه وأرجو خفته للمسافر لاحتباسه، قال في العتبية: ولخوفه العُتْبِيّ عن سَحنون عن ابن القاسم خفيف لذي الحاجة، وعن عيسى: لا يعجبني محمد روى أشهب إنما كان هذا حين كانت الذهب لا تنقش والسكة واحدة، واليوم في كل بلد سكة. محمد: زالت الضرورة فلا يجوز. وفي جواز جمع حبوب ذات زيت لناس شتى بعد معرفة قدر ما لكل منهم ليقسم زيته على أقدارهم سماع ابن القاسم، في كتاب الشركة وقول سَحنون: لا خير فيه مع

قول ابن حبيب سألت عنه من لقيت من المدنيين والمصريين فلم يرخصوا فيه. قُلتُ: يتفق اليوم على منعه لكثرة المعاصر ويستخف جمع ما لا يمكن عصره فيها لقتله مع اتحاد أرض الزيتونين. وفي جواز دفعه وأجرة عصره لأهل داره وأخذ قدر ما يخرج منه زيتًا ومنعه نقلا ابن بشير. قُلتُ: لم يذكر غيره مسألة الزيتون إلا في الجمع، وما ذكره لم أره لأقدم منه مع ما تقدم في مسألة الصائغ، ومباح المحلى بتبع له ذهب أو فضة في جواز بيعه بها أو بذهب، ومعه مطلقًا، ثالثها نقدًا وفسخ لأجل، ورابعها يكره له ولا يفسخ. للخمي مع غيره عن سَحنون ومحمد عن ابن عبد الحَكم وابن القاسم مع مالك ومحمد مع الشَّيخ عن أشهب، ولبناء سَحنون قوله على إلغاء التبع قال: لو استحق لم يرجع له بشيء كمال العبد، وفي حد التبع بثلث المحلى أو نصفه ثالثها بدون الثلث للمعروف والباجي عن بعض البغداديين، ونقل ابن شاس. ابن بشير: لا خلاف منصوص أن الثلث يسير، ثم ذكر القول في شجرة الدار المشترطة ثمرتها في كرائها قبل زهوها إنه لا يبلغ بها الثلث. وفي اعتبار الحلية بوزنها أو قيمتها نقلا الصقلي عن بعض القرويين محتجًا بالقياس على نصاب السرقة، وعن ظاهر الموطأ مع الموَّازية، وصوبه بأن الحرمة تقع بالأقل. قُلتُ: الأول الجاري على ما يأتي لسَحنون من لغو قيمة الصياغة والثلث أو النصف هو من مجموع الحلية أو قيمتها مع قيمة المحلى النصل والجفن، وتعقب ابن عبد السلام تفسيره. ابن بشير: بنسبته للجفن والنصل فقط محتجًا ببياض المساقاة وثمرة الشجرة في الدار المكتراة حسن، ونقل الصقي نص ابن حبيب على النسبة للمجموع ومثله للخمي عن المذهب، وهو نصها في المصوغ من ذهب وفضة الباجي: شرط التبع كونه مرتبطًا ربطًا يضر نزعه من المحلى كالفص، وحلية اليف المسمرة في حميلته وجفنه وحلية المصحف المسمرة فيه، والقلائد التي لا يفسد غير نظمها ظاهر المذهب لا أثر لها في الإباحة، وقاله ابن حبيب.

اللخمي: إن كانت الحلية قائمة بنفسها صنعت ثم ركبت وسمرت أرى لها حكم المنقوض إذ لا كبير مضرة في نزعها وردها بخلاف ما موه به السيف أو أنزل في قائمه وشق نزعه، وإزار ثوب المرأة كمنفصل، إذ لا كبير في نزعها ورودها. ابن بشير: ما أمكن نزعه دون فساد وأجر كمنفصل ومقابله معتبر وفيما، بأجر فقط قولا المتأخرين. وفيها: لا يصلح لمن اشترى سيفًا محلى نصله تبع لحليته بدنانير قبضه حتى ينقد ثمنه، فإن باعه مشتريه قبل نقد ثمنه، فإن وقع بيع ونقده معًا لم ينقض، ولو قبضه وفارقه قبل نقده وباعه ثم علم قبح فعله ولزمت قيمته يوم قبضه، وكذا عيبه بقطع أو كسر جفنه، ولا يفوت بحوالة الأسواق؛ لأن الفضة كدراهم لا تفوت بها. الصقلي: قال بعض أصحابنا: إنما يفوت بكسر جفنه إن انكسرت حليته؛ وإلا فكسره يسير. عياض وابن محزر: قوله: ثم علم قبح فعله دليل عدم قصده ببيعه تفويته، ولو قصده ما فات به. الصقلي: إنما أراد ابن القاسم أنه بربط حليته أسبه العرض، ولم يفته بحوالة سوقٍ لكثرة فضته. قُلتُ: شبهة العرض لا تنفي يسارته، واعتبار كثرة حليته تمنع شبهة العرض. ابن بشير: في فوته بانكسار جفنه دون الحلية طريقان: في تفسيرها بناء على اعتبار افتقار النصل له فصار كجزٍئه. واعتبار الجفن في نفسه فيمضي بمنابه من القيمة ويفسخ ما عداه كمبيع بيعًا فاسدًا فات يسيره. قُلتُ: هما طريقا ابن محرز ونقله عن ابن الكاتب. الصقلي: منع سَحنون فوته بالبيع ونقضه ولو تعدد، قال: ولو فاتت عينه أو انقطع أو انكسر جفنه رد وزن الفضة وقيمة النصل والجفن، وتعقب الشَّيخ قوله: وزن الفضة بأن للصياغة حظًا في الثمن، وبعض القرويين بأنه خلاف أصلهم فيمن استهلك مصوغًا إنه يغرم قيمته. عياض: تأول اللخمي قوله: وزن الفضة أي: مصوغًا. قال على أحد قولي مالك

في القضاء في المصوغ بمثله قالوا: وقول ابن القاسم: لا تفيته حوالة الأسواق خلاف قول محمد: تفيت الحلي الجزاف وفيها: لم يجز مالك بيع السيف فضة حليته، أو ذهبها الثلث بذهب، أو فضة لأجل ورآه إن وقع ونقض المشتري حليته جائزًا؛ وهو رأيي، وقد أجاز بيعة بذلك لأجل. ابن محرز: أمضاه بالثمن لا القيمة لخفة كراهيته بخلاف ما نصله تبع لحليته، وجعله بعض المذاكرين تناقضًا غير صحيح. اللخمي: ثوب النساء معلمًا بذهب غير مستهلك لخروجه منه بعد حرقه علمه كحلية السيف يعرف قدره بسؤال أهل صنعته إن قالوا: فيه خمسة دنانير فإن كانت قيمة الثوب بعلمه وصنعته خمسة عشر، فأقل جاز بيعه بذهب وإلا فلا ولا ينظر لقدر الذهب وقيمة الثوب بغير علم لأدائه لسقوط الصنعة، وهو ظلم بالمتبايعين، وإن فقط أهل المعرفة به، فإن زادت قيمته بعلمه على قيمته دونها نصفها فأقل جاز، وإلا فلا وما لا يخرج بحرقه ذهب في لغوه لاستهلاكه واعتباره لوجود عينه احتمال وعلى اعتباره معرفة قدره بما مر. قُلتُ: ولم يحك المازري وابن بشير فيه غير تردد اللخمي، ولما حكاه ابن شاس، قال: وذكر غيره عن المتأخرين قولين، ولما ذكر ابن شاس تردد اللخمي. قال: مع أنه حكى الاتفاق في الجلود التي يغزل منها هذا النوع قبل أن تغزل على منع بيعها بذهب إن كانت منه وبفضة إن كانت منها. وحكى ابن محرز الخلاف فيه عن الأشياخ نظرًا لعين ما فيه أو استهلاكه. قُلتُ: ولا يلزم من المنع في هذا المنع فيما تردد فيه اللخمي، وحكى فيه ابن الحاجب قولين، وعبر ابن محرز واللخمي عن هذا الجلد بالمسمنطر. قال المازري: هو الجلد الذي يركب عليه الذهب. وفي منع بيع المصوغ من ذهب وفضة، أحدهما: ثلثه بنوعه وجوازه قولها. قال مالك: في حلي ثلثه ذهب وثلثاه فضة أو بالعكس، لا يباع بأقلهما وأجازه أشهب، ورواه علي وصوبه اللخمي قائلًا: كما لم يختلف في مصوغ بهما وبلؤلؤ وهما ثلثه والجوهر ثلثاه.

قُلتُ: هذا خلاف نقل ابن بشير إن كانت الحلية المباحة من ذهب وفضة تابعة للعرض الذي معها ففي جواز بيعه بالعين قولان، وعلى جوازه في قصره على أقلهما قولان، وإن كان العرض تابعًا للحلية جرى على المختلط من ذهب وفضة، ومثله قول المازري: ما حليته من ذهب وفضة وحليته تابعة له في جواز بيعه بنوع أحدهما روايتا محمد، وعلى الجواز. في بيعه بأحدهما مطلقًا أو بنوع أقلهما قولا محمد وابن حبيب. عياض عن ابن حبيب: إن كانا جميعًا أكثر من ثلث المحلى بهما فلا يحل بيعه بأحدهما ككون ما فيه من الذهب تسعين أو ثمانين، وقيمة الحجارة مائة، فإن كان أحدهما تبعًا والآخر أكثر كم التبع فلا بأس ببيعه بالتبع لا بالأكثر ككون قيمة الحجارة مائة والذهب سبعون والفضة عشرة، فإن سبعين أكثر من الجملة أو يكون الذهب مائة الجوهر خمسين، والفضة خمسين. فضل: وروايته هنا على رواية أشهب وعلى رواية ابن القاسم لا يجوز بأحدهما. قُلتُ: ذكر الشَّيخ هذا عن ابن حبيب دون مثال، وسمع ابن القاسم في الحلي المصوغ من ذهب وفضة مثل رواية علي فيه ورجوعه عنه قائلًا: ما رجع إليه أحب إليَّ، وزاد إن لم يكن أحدهما ثلث المصوغ منهما فأقل لم يبع بنوع أحدهما. ابن رُشْد: هذا بين أنه لا يجوز بأقلهما إن كان أكثر من الثلث على قول مالك الأول، وقول أشهب، وإن كان ابن أبي زيد اختصره على ذلك فهو غلط. قُلتُ: ما نسبه الشَّيخ لم أقف عليه، وظاهر كلام ابن رُشْد، هذا غير مفهوم صوابه إلا أن يريد باسم الإشارة إلى نقيض ما ذكره، وكيف نقلته وجدته في غير نسخة واحدة، قال: وقول ابن القاسم أحوط؛ لأن كلًا من الذهب والفضة مضبوط به يقع تقويم الأشياء فلم يكن أحدهما تبعًا للآخر إلا أن يكون أحدهما بحيث لا يؤبه به، فيكون تبعًا، رواه زياد، وقال التونسي: القياس قول أشهب كالتبع للعرض وقد بينا الفرق بينهما ولشرط اعتباره التبعية بالإباحة قال فيها: ما حلي بفضة من سرج، أو قدح، أو سكين، أو لجام أو ركاب مموه، وسبه ذلك لا يجوز بيعه بفضه، وإن قلت حليته. أبو حفص: الثوب الذي فيه علم ذهب غير السمنطر مثل: الذهب الذي يصح أن يخرج منه الذهب الذي هو غير مستهلك إن كان هبة دينار فأكثر لم يجز بيعه بدراهم؛

لأنه صرف وبيع، وإن كان أقل من دينار جاز بدراهم لا بذهب؛ لأنه غي مباح؛ لأنه سرف، وإن كان من لباس الرجال لم يجز بيعه بحال. قُلتُ: هذا خلاف ما تقدم لابن محرز واللخمي. وفي منع الربا بين السيد وعبده قولان للمشهور معها، ونقل غير واحد عن ابن وَهْب وخرجهما اللخمي على كون مبايعته إياه حقيقة أو انتزاعًا وهبةً من السيد قال: وقال ابن القاسم: من أعتق عبده على عبد بيده لا مقال له عليه في عيب ولا استحقاق، وقال: رهن العبد سيده في كتابته انتزاع. وفي ذبائحها بلغني أن عمر كتب للبلدان ينهاهم أن يكون اليهود والنصارى صيارفة بأسواقهم. وفيها: أيجوز أن أصارف عبدًا لي صيرفيًا؟ قال: لا بأس به عبدك وغيره سواء، وكره مالك أن يكون النصارى بأسواق المسلمين لعملهم بالربا ورأي أن يقاموا. عياض: كذا عندي، وفي الأسدية والمبسوط وعليه اختصرها كثير ولذا زاد ابن أبي زمنين: إذا كان مسلمًا، وفي بعض النسخ: نصرانيًا صيرفيًا وعليه اختصرها أكثرهم، وقوله: كره مالك أن يكون النصارى صيارفة، دليل صحة رواية نصرانيًا وقيل: إنما يجوز مصارفة النصارى بغير السكة التي فيها أسماء الله. قُلتُ: الأول عزوه لها في التجارة بأرض الحرب منها: لا يشترى من حربي أو ذمي، بالعين التي فيها أسماء الله تعالى. اللخمي: كثر العمل بالربا من غير النصارى، فالصرف من النصراني العامل به أحسن من مسلم يعمل به؛ لأن النصراني غير مخاطب بعمل الربا على الصحيح، ولو أسلم حل له ما بيده ولو تاب المسلم ما حل له ما بيده. ابن بشير: قولها: لا بأس بالصرف من عبدك النصراني هو وغيره سواء مع كراهته الصرف من النصراني كمتناقض، ويحتمل أن يريد الكلام على العبد دون وصف كونه نصرانيًا، وفي التجارة بأرض الحرب منها لا أرى لمسلم ببلد الحرب أن يعمل بالربا مع حربي.

باب المراطلة

[باب المراطلة] المراطلة: بيع ذهب به وزنًا أو فضة كذلك؛ فتخرج الفلوس وتدخل بزيادة أو

فلس بمثله عددًا لا وزنًا في آخر ثالث سلمها: لا يصلح فلس بفلسين نقدًا ولا مؤجلًا والفلوس في العدد، كالنانير والدراهم في الوزن، وقول ابن الحاجب وابن بشير بيع العين بمثله وزنًا يرد بقصوره على العين دون أصلها فالموزونان إن اتحدا في الجودة أو اختص بها كل أحدهما أو كانا في الرداءة كذلك جازت، وإن اختص بعضه بجودة وبعضه برداءة لم تجز. ابن حارث وابن رُشْد وابن بشير: اتفاقًا، وإن اختص بعضه فقط بأحدهما ففي جوازه قولان، للمشهور معها، وسَحنون. المازري: مراطلة ذهب برديء وجيد لا يعرف قدلاه منه لا يجوز، ونقل ابن رُشْد غحتجاج سَحنون بالقياس على منع ذلك مد قمح ومد شعير بمثلهما للذريعة. الشَّيخ عن محمد: كل وجوه المراطلة جائزة، إلا ما بعضه أجود وبعضه أردى، أو

ما رجح فيه ذهب أحدهم فأخذ لرجحانه شيئًا عرضَا أو ورقًا. وفيها: يدخل في كليته جواز ترك الرجحان دون عوض. قُلتُ: نص حرمته والإجماع على ثبوت رجوع ابن عباسٍ. الشَّيخ: روى محمد كل ما منع فيه التفاصيل من عين وطعام لا ينبغي أن يجعل مع جيده رديء يستحل به التفاصيل. قال: وخفف مالك أن يجعل مع الجيد من المالين لا عتدال الميزان قطعة ذهب ثلثًا فأقل إن لم يقصد بها فضل عيون ما معها. محمد: ما لم تكن القطعة ردية، مالك: وإن كان فيها قدر الدينار لم يجز، إلا أن يكون مثل المنفردة فأجود. قُلتُ: ظاهره جواز ما بعضه أجود وبعضه أردأ إذا قل، ولم يذكره ابن رُشْد ولا أكثرهم، وعزا ابن عبد السلام قوله: وإن كان فيها قدر الدينار لمحمد وهو في النوادر لمالك، كما مر، وسمع ابن القاسم: لا بأس بالمراطلة بالصنجة في كفة واحدة. ابن رُشْد: هي أصح من كون الذهبين في كفتين ليتفق المماثلة بالصنجة والتحرز من عدمها بعين تكون في الميزان، وعزا المازري هذا الترجيح لبعض شُيُوخه، وصوبه، وسمع القرينان: لا بأس بالمراطلة بالشاهين إذا كان عدلًا. ابن رُشْد: لا فرق بينه وبين غيره من الموَّازين، وقال وكيع: في قوله تعالى: وزنوا المستقيم [الاسراء] هو الشاهين ابن سيدة: هذه كلمة غير عربية. قُلتُ: وأظنه الميزان المسمى عندنا بالقرسطون وهو لا يحصل به تحقيقًا؛ لأن الوازنين فيه قد يختلفان لجواز استواء مختلفي القدر في الزيادة على قدر معين، وقول ابن الحاجب الوزن بصنجة جائز، وقيل: بكفتين يقتضي وجود القول بمنعه بالصنجة، ولا أعرفه إلا نقل المازري. قال ابن كنانة لمالك لما قال بالمراطلة بالصنجة: إنهم يقولون إنما المراطلة كفة بكفة، فقال: لا بأس بذلك كله إذا اعتدل الوزن، ولعل هؤلاء الذين حكى عنهم ابن كنانة رأوا أن كفة بكفة أسرع تناجزًا. قُلتُ: أو لأن مساواة قدر لقدر في الحس بتسويته به دون وسط أبين في يقين تساويهما من مساواته بتوسط مساواته، ولذا إذا كثرت الأوساط بينهما بان

اختلافهما، أبو حفص: والشريكان في دراهم وزناها بمثقال مائة، لا تجوز مراطلة أحدهما الآخر عن نصفه، فيها مثقال خمسين لجواز الاختلاف، ولو كانا وزناها وزنتين بمثقال خمسين جازت به، ولا يجوز مراطلة دينار وزن بمثقاله بوزنه بمثقالين النصف، بخلاف حلي أو دينار بينهما تجوز عن نصفه بمثقاله. وفي اعتبار السكة والصياغة مقالات وطرق: عبد الحق عن بعض القرويين: في مراعاة السكة قولان لقول «الموَّازية»: مراطلة دراهم بيض بسود أفضل من البيض معها فضة مكسورة مثل فضة البيض لا يحل مع قول ابن القاسم في الموَّازية، مراطلة تبرٍ بدينار، وتبر أدنى من المنفرد لا تجوز، وقولها: مراطلة مسكوك بآخر معه تبر وهما أدنى من المنفرد جائز. قال القروي: لو راعى السكة لم تجز؛ لأن التبر أدون وما معه له فضل السكة، فكان لا يجوز. فقبله عبد الحق ورده الصقلي بأن المنفرد أرفع منهما فالفضل في جهته فقط وصحح المازري وجود القولين فذكر الأول كما مر، وقال: وأجاز ذلك في «المدَوَّنة»، قال فيها: من راطل تبرًا بتبر ودنانير، وهما أدنى من المنفرد جاز، فلو اعتبر السكة كان التبر المنفرد وسطًا؛ لأنه أجود مما يقابله من تبر، وأدنى مما يقابله من مسكوك لفضل سكته. قال: وردَّ هذا التخريج بعض المتأخرين بأنه إنما ذكر في «المدَوَّنة»: إن التبر والدنانير دون التبر المنفرد وكون المنفرد أعلى جائز، وما قاله غفلة عما نبهنا عليه. قُلتُ: قول المازري هذا وهم؛ لأنه نقل مسألة المدَوَّنة على أنها في تبرين حسبما ذكره، وليست كذلك، إنما هي في مسكوكين حسبما ذكرها عبد الحق في «تهذيب الطالب»، وكذا نقلها الصقلي وكذا هي في «المدَوَّنة» و «التهذيب»، وما عزاه للمدَوَّنة في التبرين نص ابن القاسم في سماع أَصْبَغ على عدم جوازه كما تقدم عنه في الوَّازية، وقال ابن رُشْد في سماع أصبغ: هذا وفاق لقوله في المدَوَّنة. ولما ذكر التونسي قول الموَّازيَّة في الدراهم السود والبيض قال: وكذا تجنب إن كان التبر وما معه أجود؛ لأن التبر الذي مع الدنانير فيه جودة الذهب وهو دون المنفردة لعدم سكته، قال: فإن قيل: يلزم عليه منع دنانير فيه جودة الذهب وهو دون المنفردة لعدم سكته، قال: فإن قيل: يلزم عليه منع دنانير بتبر أجود لتركه الجودة للسكة قيل: لا

يلزم هذا؛ لأنه يلزم عليه جواز تبرين بتبر متوسط بينهما، لأن كل تبر لو انفرد بأجود منه أو أردأ جاز. قُلتُ: لا يخفى خلل هذا البحث لتريبه فيه جوازا على منع، فإن أراد به ترتيب حكم الفرع على حكم الأصل في القياس التمثيلي بطل؛ لأن شرطه مماثلة حكم الفرع للأصل، وإن أراد ترتيب لازم على ملزوم اثتثى نفيض لازمه فلا ملازمة بينهما بحال، ثم قال: ما حقه أن يقول أولًا؟ فأجاب: بأن المنفرد الوسط وبين ما يقابله يجب فيه الفض فيؤدي إلى التفاضل، والنتفرد لا فض فيه. قُلتُ: وتمامه بجواب سؤال إن قيل: كما لزم فض المنفرد الوسط على ما هو وسط منهما، يجب فض المسكوك الأدنى من مقابله الأجود غير مسكوك؛ لأن سكته وسط بين جودة ما يقابله وعدم سكته قيل ما هو وسط بينهما في مسألة المنع أمران كل منهما قائم بنفسه يستقل بتعليق التقويم به دون الأخر فتتعدد قيماتهما فيمكن الفض، وما هو وسط بينهما في صورة الجواز أمران هما صفتان لموصوف واحد لا يستقل أحدهما بقيمة دون الآخر، وما هما له يمكن تقويمه من حيث كونه موصوفًا بهما، فاتحدت القيمة فامتنع الفض. المازوي: إن كان لأحدهما فضل، وللآخر فضل آخر، فمعروف المذهب جوازه، وروى الأبهري كراهة مراطلة أفضل عين بأفضل في الجواز؛ لأنها مبايعة أخرجتها عن المعروف. قُلتُ: ويأتي على نقل ابن شاس: أن السكة والصياغة في المراطلة كالاقتضاء قول ثالث بالمنع. اللخمي: في اعتبار السكة والصياغة مطلقًا أو فيما لم يتساويا في الجودة، نقل الشَّيخ أبي الحسن وقوله، ثم قال اللخمي: مراطلة دنانير سكة واحدة بدنانير سكتين إن اختصت المنفردة بجودة أو رداءة جازت، وإن تساوت إحدى الأخريين فعلى القولين، وإن توسطت امتنعت؛ لأنها مبايعة توجب قبض المنفردة على قيمتي السكتين فيختلف منابهما فيقع التفاصيل، وكذا لو ظهر في إحجاهما عيب لم يرجع بنصف الدنانير، وكذا مراطلة مسكوك بتبرين أو تبر ومسكوك، وإنما يراعى في المسكوك نفاقه لا صفة ذهبه،

وإنما يراعيها الشَّيخ أبو الحسن، وعلى القول الآخر يراعى الذهب والسكة إن كانت الدنانير المنفردة أنفق من الدنانير والتبر، وذهبهما أردى لم يجز، وكذلك إن كانت المنفردة أنفق من الدنانير ودون التبر، أو أنفق من التبر ودون الدنانير؛ لأنها تختلف بالفض، ومراطلة مسكوك، وتبر بمسكوك وتبر إن تساوت السكتان، واختلف التبران أو العكس، جائزة على قول ابن القاسم لا سَحنون. ابن شاس: في اعتبار السكة والصياغة كما في الاقتضاء ولغوهما إذ لو اعتبرا كانا مع العين كعرض فيجب المنع ولم يقله أحد، ثالثها الصياغة فقط؛ لأنها مقصودة والسكة علامة فقط، وفي اختصاص الأقوال باتحاد العوضين أو تجري مع الاحتياط قولا المتأخرين، والظاهر أنها لا تجري لوجود القصد إليه فيتفق اعتبارهما مع الاحتياط. قُلتُ: وعلى هذا يجب حمل قول ابن الحاجب: وفي اعتبار السكة والصياغة كالجودة طريقان: الأولى ثالثها: تعتبر الصياغة فقط، والثانية تقييد الأقوال باتحاد العوضين واعتبارهما إذا اختلف العوضان. ابن عبد السلام: قوله: والثانية تقييد الأقوال باتحاد العوضين واعتبارهما إذا اختلف العوضان يعني: إن كانا متساويين في الجودة والرداءة، ألغيت السكة والصياغة اتفاقًا، وهذا هو مراد المؤلف باتحاد العوضين وإن اختلفا في الجودة والرداءة فها هنا تختلف في اعتبار السكة والصياغة وهو مراد المؤلف بقوله: واعتبارهما إذا اختلف العوضان. قُلتُ: هذا وهم من وجهين: الأول: جعله اتحاد العوضين محلًا للاتفاق على إلغاء السكة والصياغة وليس كذلك إنما هو محل الاتفاق على وجود الأقوال الثلاثة فيه، وجعله اختلاف العوضين محل الاختلاف بيس كذلك، إنما هو محل للاتفاق على اعتبارهما حسبما نص عليه ابن شاس وهو الذي يشهد له قاعدة الفض. الثاني: تفسيره الاتحاد بالتساوي في الجودة والرداءة، ليس كذلك، إنما هو في كون عوض كل منهما من صنف واحد تساويا في الجودة أو اختلفا، وتفسيره الاختلاف

باختلافهما في الجودة والرداءة ليس كذلك إنما هو كون عوض أحدهما من صنفين بحيث يفرض الفض، ومن تذكر ما تقدم من الأقوال والروايات اتضح له ذلك. وفي المراطلة بالمسكوك دون معرفة وزنه قولا الصقلي مع ابن عبد الرحمن، والقابسي محتجًا بمنع بيع المسكوك جزافًا، ونقل الصقلي عنه أولًا: لفظ المنع، وثانيًا: لفظ الكراهة، ولو وجد من راطل تبر ذهب أصفر بدنانير ذهب أحمر فوجد فيها ما لا يجوز في السوق وذهبه أحمر جيد ففي تمكينه من رده قولا أشهب وابن القاسم فيها قائلًا: لأنه إنما يرجع بمثل ما يرد أو أدنى، وكذا لو راطل تبرًا بخلخال ذهب مثل تبره أو أجود. وفيها: كره مالك أن يصرف دراهم من رجل بدنانير، ثم يبتاع منه بتلك الدنانير دراهم غير دراهمك، وغير عيونها في الوقت أو بعده بيومين. ابن القاسم: إن طال الزمان وصح أمرهما لا بأس به. اللخمي أجاز ابن القاسم مراطلة الذهب الأحمر بالأصفر، ومحمله في الأصفر من أصل الخلقة، وإن كان لغش لم يجز لرواية ابن شعبان: إن كانت الدنانير مغشوشة فلا أظن المراطلة بها جائزة. وعبر المازري عن هذه الرواية بالمنع. اللخمي: زفيها لابن القاسم: من اشترى دنانير ذهبًا أحمر ابريزا بتبر أصفر، فوجد في الدنانير ما لا يجوز في السوق، فلا يرده إلا أن يكون مغشوشًا فيتنقض من الصرف بقدره فلم يبين هل ذلك إن قام مشتريها بالعيب أم لا؟ وعلى قول مالك ينتقض جبرًا، فلا يجوز تبر بتبر أحدهما مغشوش، فإن دخلا على السلامة، ثم ظهر غش أحدهما أجبرا على نقضه، إن كان المغشوش أجود ذهبا متى أزيل غشه، وإن كان يكون مساويًا أو أدنى جاز؛ لأنه تفضل لا مبايعة. ابن رُشْد: في كون الدنانير المشوبة بفضة أو نحاس والدراهم المشوبة به يعتبر وزن كلها بما فيها كوزن خالص، واعتبار قدر الخالص فيها فقط في المراطلة والنكاح، والزكاة والسرقة قولان للشُيُوخ مستدلًا قائلهم بالأول بقول أشهب في صرفها، والثاني

باب المبادلة

الصحيح لنهيه صلى الله عليه وسلم عن الذهب بالذهب والورق بالفضة إلا مثلًا بمثل، وإنما معنى قول أشهب في اليسير على وجه المعروف لقوله: وإنما يشبه هذا البدل، وكان شيخنا ابن رزق لا يجوز على مذهب مالك مراطلة الذهب العبادية بالعبادية، ولا الشرقية بالشرقية؛ لأنه ذهب، وفضة بذهب، وفضة وذهب بذهب ونحاس بذهب ونحاس، وذكر المازري ما ذكره ابن رُشْد من التقييد، ودليله لبعض الشُيُوخ. قال: وقال غيره منهم قول أشهب علم في القليل والكثير لقوله: لا بأس بذلك إذا بيع وزنًا بوزن، واغتفار اليسير في المبادلة إنما هو إذا كانت عددًا لا وزنًا. قُلتُ: هو اختيار ابن محرز، وعلى هذا الاختلاف اختلف شُيُوخ شُيُوخنا في جواز الرد في الدرهم القديم وهو درهم رومي الضرب فيه قدر من النحاس بناء على اغتفاره واعتباره وهو اليوم غير موجود ببلدنا، وسمع عيسى ابن القاسم، من راطل دنانير فوجد بعد مفارقته دينارًا مغشوشًا انتقض عدله فقط. ابن رُشْد: لأن الذهب تبر، ولو كان حليًا أو دنانير مخالفة لها في الوزن انتقض الجميع. [باب المبادلة] المبادلة: ابن بشير: بيع العين بمثله عددًا، والمذهب حرمة بيع دينار بدينارين،

وفي قصر اللخمي، عزوه لأشهب إيهام، قال: وأجازه المخزومي وإن كان أحدهما نقدًا والآخر لأجل، ولما ذكر ابن بشير نقل اللخمي هذا قال: وليس كما قال إنما ألزم المخزومي أشهب ذلك حسبما يذكر في السلم، وما حكاه اللخمي جمهور الأمة على منعه عدا ابن عباس، وقيل رجع عنه، وعلى المعروف إن اتحدا في القدر والصفة والعدد فواضح، وإن كان أحدهما أوزن فقط، جاز في ثلاثة اتفاقًا وفي الستة روايتا المازري مع اللخمي قائلًا: وكرهه فيما كثر، وظاهر كلام المازري المنع فيماكثر، وصرح به ابن بشير وزاد اتفاقًا. وفي النوادر عن ابن القاسم: يجوز في دينارين وشبه ذلك، ولا خير في العشرة وسمع ابن القاسم جواز بدل ذهب أو ورق ناقصة بوازنة. ابن رُشْد: يريد فيما قل كالثلاثة إلى الستة على ما في المدَوَّنة. ورد سَحنون الستة إلى ثلاثة، الشَّيخ عن العتبيَّة قال مالك: من أبضع معه دينارًا لا بأس أن يبدله بأجود منه عينًا ووزنًا ويعلم صاحبه. قُلتُ: كذا في النوادر ويعلم صاحبه، وكذا ذكرها الباجي وهي في سماع ابن

القاسم من كتاب البضائع، وفي نصها: أترى أن يعلم صاحبه إذا أبدله، قال: لا بأس عليه أن لا يعلمه، ولا ضمان عليه. ابن رُشْد: استخففه لغلبة الظن، أن صاحب الدينار يرضى بذلك، فليس عليه أن يعلمه والقياس أن لا يجوز ابتداء إلا برضاه، وأن يكون ضامنًا له إن فعله بغير رضاه، إذ لا يلزمه قبول معرفه، ولعله لا يرضاه فيدخله عدم المناجزة للخيار الواجب له، وتخفيفه جار على لغو الخيار الحكمي، وأطلق اللخمي والصقلي والمازري والجلاب والتلقين وغير واحد، القول في قدر النقص، وهو ظاهر ما نقله الشَّيخ. وقال ابن رُشْد في سماع ابن القاسم المتقدم: ظاهر هذه الرواية جواز بدل الطعام المغفون بالصحيح السالم على وجه المعروف في القليل والكثير، ومنع ذلك أشهب كالدنانير الكثيرة النقص. وفيها: فظاهره الاتفاق على منعه في الدنانير الكثيرة النقص ولم يحد فيه حدًّا، وهو اختيار بعض من لقيناه. وقال ابن شاس: أبلغ ما اغتفر من النقص سدس دينار وقيل دانق، وعزا ابن عبد السلام الأول للمدَوَّنة، وفيه نظر؛ لأنه لم يذكره تحديدًا؛ بل فرضا، ونصها لو أبدل ستة دنانير تنقص سدسًا سدسًا بستة وازنة فلا بأس. وفيها: إن كان الناقص أفضل في عينه ونفاقه من الوازن فلا خير فيه. اللخمي: وكذا إن كانت سكته أفضل منع، وفيها: إن اتفقا في النفاق والجودة، جاز. قُلتُ: إن كانت سكة الوازن أفضل قال. قال مالك: لا خير في هاشمي ينقص خروبة بقائمٍ عتيق وازن، فتعجبت منه، فقال لي طليب بن كامل: لا تتعجب، قاله ربيعة. ابن القاسم: لا أدري من أين أخذه ولا بأس به عندي. وقال اللخمي ما نصه: إن كانت سكة الأوزان أجود، فكرهه مالك وأجازه ابن القاسم، قال: وجه شيخنا أبو الطيب قول مالك باختلاف نفاق السكك بالبلاد. زاد ابن بشير: كمنع اقتضاء سمراء من محمولة.

ابن شاس: وقمح من شعير قبل الأجل. ابن عبد السلام: ما تعجب فيه ابن القاسم ظاهره أن الأزيد فيه أجود جوهرية لا أجود سكة؛ لأن سكته أموية نسختها السكة العباسية، وهذا هو المعروف في صفة العتيق أنه أجود، وبهذا يبين أن احتجاجهم بمنع اقتضاء القمح من الشعير قبل الأجل غير بين؛ لأن الشعير قد يراد للعلف. قُلتُ: إن أراد تعقب الاحتجاج بهذه الصورة فقط فواضح إنتاج تعقبه عكسه؛ لأن العلف في الشعير كجودة السكة في الناقص فيتم الاحتجاج، وإن أراد تعقب مطلق الاحتجاج رد بالسمراء من المحمولة، إذ لا علف يخصها، وهذا كله تسليم منهم لجري قول ابن القاسم على القياس وصحة قوله لأسد وسَحنون، لا أدري من أين أخذه، وكلاهما غير صحيح. أما الأول فلأن الهاشمي الأنقص اختص بقبح النقص، وفضل السكة؛ لأنها الثابتة الناسخة سكة العتيق، والعتيق اختص بفضل الوزن والطيب على ما قاله ابن عبد السلام، واختص بقبح السكة فقد دار الفضل من الجهتين فيجب المنع، وهو قول مالك خلاف قول ابن القاسم وتعجبه وموافقته طليب حيث استعذر بقوله: قاله ربيعة. وبه يتبين عدم صحة قوله: لا أدري، وفيها: بدل الدينار المصري والعتيق الهاشمي لنقص فيه بدينار دمشقي قائمًا أو بارًّا أو كوفًيا، خبيث الذهب لا يصلح، وهذه كلها هاشمية، إنما رضي صاحب القديم بالناقص الهاشمي لفضل ذهبه وجودته على ديناره، ولو كانا دمشقيين أو مصريين أو عتيقين أو هاشميين لم يكن به بأس على وجه المعروف هذا وجه ما فسر لي مالك. عياض: البار بتشديد الراء: الرديء، وصوابه الباير، وقال بعضهم: قوله: هذا هو شرح لمسألة طليب، وقيل يحتمل اختلاف قول مالك، وأن هذا رجوع منه لفول ابن القاسم، أبو عمران يحتمل أن: ابن القاسم يجيزه إذا اختلفا في السكة والنفاق معًا ما لم يكن فضل في عينه ولا يجيزه مالك مع إختلاف النفاق، ويجيزه مع اختلاف السكتين إذا اتفق النفاق. وفيها: بدل مرواني ضرب زمن بني أمية، وهو ناقص بدينار هاشمي ضرب زمن

باب في الاقتضاء

بني هاشم إن كان كوزنه، وإن كان الهاشمي أنقص فقد كرهه مالك بحال ما أخبرتك ولا بأس به عندي. قُلتُ: سكة الهاشمي أنفق؛ لأنها الثانية حسبما مر فإذا كان أنقص وجب منعه على كل حال، وإنما يتوجه قول ابن القاسم إن كانت سكته أدنى. المازري: وشرط بدل الناقص بالوازن اتحاد العدد لا يبدل دينارًا بدينارين. قُلتُ: لقولها: لو أبدل ستة تنقص سدسًا سدسا بخمسة لم يجز. اللخمي: يجوز بدل دينار طيب بدينار مغشوش بنحاس أو فضة إن كانت السكة واحدة، وكذا دينار صحيح. [باب في الاقتضاء] الاقتضاء: قبض ما في ذمة غير القابض؛ فيخرج قبض المعين والمقاصة وينقض

بقبض الكتابة لإطلاقاتها على قبض أحد الشريكين في الكتابة اقتضاء وقبض منافع معين لإطلاقهم اقتضاء منافع من دين، وليسا في ذمة فيقال قبض ما وجب منفعةً أو غير معين في غير ذمة قابضه، وهو في القرض بالمماثل أو الأجود صفة جائز اللخمي: وكذا وازن أو أوزن عن مقابله كمائة درهم وازنة عن مائة كل درهم منها نصف درهم. قُلتُ: هو نصها، وفي تقييدها بكون الأنقص معتبرًا درهمًا بذاته لا نصف درهم، وإلا منع كزيادة كثيرة في العدد كخمسين قيراطًا جديدة تونسية لا يصح عنها خمسون درهمًا جديدة تونسية وإطلاقها فتصح فيها الخمسون عن الخمسين نقلا بعض شُيُوخنا

عن شُيُوخه. قُلتُ: وهما، نقل اللخمي، وقوله: ثانيًا روى محمد إن قضى أكثر عددًا فلا خير فيه، وإن صح؛ لأنه ذريعة اللحرام فجعله حماية للحرام لا حرامًا، والحماية في العدد والوزن واحد في قضاء مائة درهم وازنة عن مائة وزن كل منهما نصف درهم، وزيادة العدد والوزن فيما أقرض به جملة في جوازه ومنعه إلا رجحان الميزان، ثالثها إلا فيما قل كدرهمين في مائة وإردبين فيها، للخمي عن عيسى بن دينار مع القاضي والشَّيخ عن محمد عن ابن القاسم مع اللخمي عن رواية محمد والشَّيخ عن أشهب مع ابن حبيب قائلًا: في كل شيء إن كانا من أهل الصحة عند القضاء أو بعده ولا قبله، وذكر ابن بشير الثالث جاعلًا الثلاثة كالدينارين في المائة، وقول ابن عبد السلام عزا اللخمي لابن حبيب قول عيسى لم أجده، وقبوله عزو ابن الحاجب الأول لأشهب لا أعرفه، إنما عزا له الشَّيخ والصقلي ما قلناه وقضاء أقل صفة وقدرًا جائز بعد حلوله لا قبله لمنع (ضع وتعجل)، وفيه خلاف، وإن دار الفضل بين العوضين منع ابن بشير اتفاقًا. اللخمي: إن اختلف الوزن وإن اتفق كان على قولين في كون القضاء، كالمراطلة، والاقتضاء في ثمن البيع كالقرض ويجوز الأفضل مطلقًا، ومسائلها مع غيرها واضحة في اعتبار السكة والصياغة كالجودة والقدر في الاقتضاء. ابن شاس عن ابن بشير: السكة والصياغة معتبرتان فيه اتفاقًا، ثم حكى فيها عن اللخمي قولين من إجرائه الاقتضاء على المراطلة عول على روايات: منها: إذا استسلف قائمة بمعيار، أو باع به فله اقتضاء مجموعة مثل وزنها، والمجموعة أكثر عددًا قال: وهذا على أن الاقتضاء كالمراطلة، ورد ابن بشير بأن التعامل بالوزن يلغي العدد، فذكره ابن الحاجب بلفظ: والسكة والصياغة في القضاء كالجودة اتفاقًا، وخرج اللخمي مما إذا باع أو أسلف قائمةً وزنًا إلى آخر رد ابن بشير: فقال ابن عبد السلام: تخريج اللخمي ضعيف؛ لأن دوران الفضل إنما هو باختصاص كل من الجهتين بفضل ليس في الأخرى، وإن اتحد نةع الفضل بينهما فلا دوران، والقائمة والمجموعة في نوع السكة والصياغة في الاقتضاء، واستدل عليه بما تقريره كلما كان الاقتضاء بالمراطلة لزم إلغاء السكة، إنما هو باختصام كل من الجهتين بفضل ليس

في الأخرى، وإن اتحد نوع الفضل بينهما فلا دوران، والقائمة والمجموعة اتحدا في نوع السكة سلمنا صحته في السكة، ولا يلزم في الصياغة؛ لأنها أقوى عند بعضهم حسبما تقدم في المراطلة، وضعف رد ابن بشير بأنه في غير محل النزاع؛ لأن النزاع في السكة والصياغة لا في العدد. قُلتُ: رده تخريج اللخمي ورد ابن بشير، وهم نشأ عن عدم إدراكه فهم تخريج اللخمي وتصوره، وبيان تخريجه أنه ادعى لغو السكة والصياغة في الاقتضاء، واستدل عليه بما تقريره كلما كان الاقتضاء كالمراطلة لزم إلغاء السكة والصياغة، والملزوم حق لإجازة ابن القاسم اقتضاء المجموعة من القائمة في الصورتين، وهذا؛ لأن للقائمة فضلًا في وزنها، وعينها حسبما قالوه في صفتها، وللمجموعة فضل عددها فلو لم يجعل اقتضاءها منها كمراطلتها بها لم تجز؛ لأن دوران الفضل بينهما في الاقتضاء يمنعه، وفي المراطلة لا يمنعها فثبت أن الاقتضاء كالمراطلة، وبيان الملازمة واضح؛ لأن السكة والصياغة في المراطلة لغو، والاقتضاء ثبت كونه مثلها فوجب لغوهما فيه، فإذا فهمت هذا علمت أن تضعيفه تخريج اللخمي بما ذكر إنما هو لاعتقاده أن اللخمي أخذ من إجازة ابن القاسم المذكورة نفس لغو السكة ثابتة فيهما، واعتقاده هذا وهم، إنما أخذ اللخمي من إجازة ابن القاسم، المذكورة أن الاقتضاء كالمراطلة حسبما صرح به اللخمي في موضعين من كلامه في تبصرته كما قررناه، وقول ابن عبد السلام سلمناه في السكة فلم يلزم في الصياغة بناء على فهمه المذكور، وكذا تضعيفه رد ابن بشير بقوله: إنه في غير محل النزاع بناء عليه فتأمل ذلك، وبما ذكرناه وقررناه سلم. ابن شاس وابن الحاجب: تخريج اللخمي ورده ابن بشير، وفي صرفها من لك عليه قلوس من بيع أو قرض فأسقطت لم تتبعه إلا بها، وقاله ابن المسيب في الدراهم إذا أسقطت. وفي رهونها: من باع بفلوس ففسدت فليس له إلا مثلها، ولو كانت حين العقد مائة بدرهم ثم صارت ألفا به، وفي التلقين: من باع بنقد أو أقرضه ثم بطل التعامل به لم يكن عليه غيره، أو قيمته إن فقد. ابن بشير: حكى الأشياخ عن كتاب ابن سَحنون، إن انقطعت الفلوس

قضى بقيمتها. ابن محرز: اختلف في هذا الأصل، روى محمد في الفلوس والتمائم من الرصاص تباع بعين لأجل لم لم يبلغه تحريمه، عن أحد وليس بحرام، وتركه أحب إلىَّ. أشهب: يفسخ إن نزل إلا أن تفوت الفلوس بحوالة سوق، أو تبطل فجعل حوالة أسواقها أو بطلانها فوتًا، وظاهره أنه يرد قيمتها. ابن بشير: استقراء ابن محرز، يحتمل كونه كما قال، أو إنه قضى بالقيمة؛ لأنها زيوف أو لأنها على صفة لا يوجد مثلها، واختلف فيما دخلته الصنعة، من موزون هل يقضي فيه بالمثل أو القيمة كالغزل. قُلتُ: يرد استقراء ابن محرز بأن مراد أشهب بقوله: إلا أن تفوت الفلوس بحوالة سوق، أو تبطل أنه يمضي البيع حينئذ لا أنه يقضي بقيمة الفلوس، ولم يحك المازري غير قولها. قال: وكان شيخنا عبد الحميد يعدل عن مذهب المدَوَّنة، ويستدل بأن دافع عوضها دفع ما انتفع به ليأخذ ما ينتفع به، ولا يحصل له ذلك إلا بقيمتها، فإن لم توجد بعد انقطاعها فعليه قيمة السلعة كمن أسلم في فاكهة فانقطع إبانها، وجرت المسألة بمجلسٍ شيخي أبي الحسن اللخمي فنصرت ما قاله شيخي عبد الحميد، فقال لي الشَّيخ أبو الحسن: ناظرته في هذه المسألة، وألزمته أن يجعل مقالًا لمن أسلم في طعام فصار لا يساوي شيئًا له قدر أيبطل السلم، وأفهمني أنه لم يجب عن هذا الالتزام فأجبته بأن أصل جواز السلم اعتبار اختلاف الأسواق، ولذا منع السلم الحال، فلو أوجب اختلاف أسواقه فسخه كان تناقضًا فلم يجبني بشيء. قُلتُ: يرد جواب المازري بنفي التناقض؛ لأن شرط السلم اختلاف الأسواق وموجب فسخه صيرورته لكونه لا يساوي شيئًا، فالانتفاع بذاته باق وهو الأكل، وهو المقصود منه بالذات لا الأثمان، ولذا كان الأصل فيه القنية، والفلوس لا منفعة فيها إلا نفاقها، وعلى القول بقيمتها في البيع أو القرض، ففي كونها يوم اجتماع انقطاعها وحلول أجلها، أو يوم انقطاعها، ثالثها يوم القيام لنقل اللخمي، مع ابن محرز وأحد نقلي المازري، وثانيهما، ونقل ابن بشير، الصقلي عن بعض القرويين: إن أقرضه دراهم فلم يجدها بالموضع الذي هو به الآن فله قيمتها بموضع قرضها يوم الحكم، وقول ابن

عبد السلام: لا أدري كيف يتصور القضاء بقيمتها مع وجودها إلا أن يريد بقيمتها يوم تعلقت بالذمة مع تسليمه تصور قيمتها في انعدامها يرد بأن لا فرق بينهما في التحقيق كما تصورى قيمتها معدومة على تقدير وجودها، فكذا في حال وجودها، وانقطاع التعامل بها على تقدير ثبوته، وتقويم الشيء على تقدير حالة هي غير حاصلة في المدَوَّنة وغيرها كثير. ومعرفة دوران الفضل في الاقتضاء بمعرفة حقيقة العوضين والمقصود منهما، وفيها الدنانير المجموعة هي المقطوعة الناقصة تجمع في الكيل. قُلتُ: يريد المعتبر وزنها من حيث جمعها لا من حيث آحادها. وفيها: القائمة هي الميالة الجياد إذا جمعت مائة زادت في الوزن مثل الدينار، والفرادى إذا جمعت في الوزن نقصت في المائة مثل الدينار، وابن شاس: للقائمة فضل الوزن والعين، وللمجموعة فضل العدد ونقص الصفة، وللفرادى نقص الوزن، وقد تكون خالصة أو دون ذلك. قُلتُ: هذا ينتجه اتقراء مسائلها، وصور اقتضائها ست مجموعة منهما وعكسه وأجدهما من الأخرى وعكسه، وفي منع المجموعة من القائمة، وجوازها ثالثها، هذا إن لم يكن لكثرة العدد عندها فضل لها، وللمازري مع ابن رُشْد عن تخريج التونسي من إجازة الموَّازيَّة أخذ دينار ينقص خروبة مع خروبة عن دينار وازن، والمازري عن تخريج التونسي ومن إجازة أشهب أخذ نصف دينار وعرض عن دينار، واللخمي عن المذهب. قُلتُ: عزا ابن شاس الأول لها دون ذكر استثناء، وهي فيها بزيادة؛ لأنه ترك فضل عين ووزن لفضل عدد، إلا أن يسلفه بمعيار عرف وزنه أو شرط في البيع الكيل مع العدد فيجوز أخذك مجموعة، وإن كانت أكثر عددًا، ونقلها الصقلي باستثنائها ولم يتعقبها، وفيه نظر؛ لأن المعيار يرفع فضل وزن القائمة لا جودتها فيدور الفضل بجودتها، وعدد المجموعة، واستشعر اللخمي هذا التعقب، فقال: هذا أحد القولين أن الاقتضاء كالمراطلة، وقبول المازري تخريج التونسي واضح الرد؛ لأن إجازة الموَّازيَّة محملها على الأصل وهو التساوي في الجودة فلا دوران فضل وإنما يتوهم هذا التخريج

من ظن أن منع المجموعة من القائمة إنما هو لكثرة عددها دون اعتبار دوران الفضل، وما أبعده عن مثل التونسي، والمازري، وتخريجه من مسألة القراض أبعد؛ لأنها بيع واقتضاء قائم من شائع مساو له صفة وقدرًا كما لو وهبه نصف دينار له عليه، وأخذ نصفه ذهبًا، ولابن رُشْد عن التونسي نحو ما للمازري عنه، وفي جواز القائمة من المجموعة قولها، وقول اللخمي، وتعقب قولها بأن تعليلها منع الأولى بدوران الفضل يوجب منعها، وأجاب الشَّيخ بأن اعتبار عدد المجموعة إنما هو من حيث قيضها لتحقق وجودها به، وهو من حيث تقررها في الذمة لغو لعدم تحققه بالفعل، والمجموعة من الفرادى وعكسه فيها منعهما لدوران الفضل، فضل عيون الفرادى، وفضل عين المجموعة. وفيها: ما بعت بفرادى وشرطت كيله مع العدد جاز أن تأخذ كيلًا أقل عددًا، أو أكثر. قُلتُ: هذه من باب اقتضاء المماثل صفة وقدرًا، المخالف عددًا ولا دوران فيه. الشَّيخ: يجوز عندي القائمة من الفرادى وعكسه، ما لم تكن الفرادى أفضل عيونًا. قُلت: أصل قول مالك جواز مثل عدد دراهم القرض فأقل، إن كان وزن كل درهم كدرهم القرض فأقل إذا اتفقت العيون، ولا يجوز أقل عددًا وأكثر وزنًا. الصقلي: لأن الأوزان أنفق كقائمة أقل عددًا من فرادى لا يجوز؛ لأنه باع فضل عيون بزيادة. قُلتُ: هذا خلاف قبوله إطلاق قول الشَّيخ: تجوز القائمة من الفرادى، وعكسه دون قيد كون القائمة ليست أقل عددًا. وفيها: ما بعت بفرادى فلا تأخذه كيلًا، وكذا عكسه، وما بعت بفرادى وشرطت كيله مع العدد جاز أن تأخذ فيه كيلًا أقل عددًا أو أكثر، كبيع سلعة بمائة درهم كيلًا تشترط عددها داخل المائة خمسة فجائز أخذك أقل، عددًا أو أكثر في مثل الوزن ومثله، سمع ابن القاسم. ابن رُشْد: معنى قوله: ما شرطت كيله لا تأخذه عددًا، أي: لا تأخذه عددًا تتحرى أنه وزن مالك، أو عددًا يعلم أنه أقل وزنًا مما لك لترك زيادة الوزن لفضل

العدد، ولو علم أن ما أخذ أكثر في الوزن مما له لجاز، وهو نص قولها في جواز القائمة من المجموعة، وظاهر قوله: ما شرطته عددًا لا تأخذ به كيلًا إنه لا يأخذ به كيلًا مثل وزنه أو أقل أو أكثر، أما مثل وزنه فلا يجوز إلا على قول أشهب، وأكثر من وزنه لا يجوز بحال، وأقل منه يجوز إن كان أقل عددًا لا إن كان أكثر. وفيها: لا تأخذ عن درهمين فرادى عرف وزن كل منهما، ولم يجمعا في الوزن وزنهما تبر فضة مثل جودتهما أو أقل؛ لأن وزن الفرادى يزيد على المجموعة الحبة والحبتين أو ينقص. عبد الحق عن بعض القرويين: معناها: أنه عرف وزنهما تحريًا، ولو كان تحقيقًا لجاز لاتفاق وزن المجموع والمفروق إنما يتقى اختلافهما في ما كثر، ونحوه نقل الصقلي عن أشهب إن عرف وزن كل منهما على حدة؛ جاز قضاؤهما تبرًا مفردين ومجموعين. وفي الموَّازية: يجوز قضاء وزن كل درهم مفردًا فضة، وسمع ابن القاسم: من باع بدنانير قائمة أو وازنة أو ناقصة نقصًا معلومًا لا ينبغي أن يأخذ ناقصة مكانها بوزنها؛ لأنه يدخل فيه اختلاف في الوزن. ابن رُشْد: إنما قال لا تجوز؛ لأنه إن أخذ ذهبًا بوزن العدد الذي له لم يدر أخذ أقل وزنًا أو أكثر إذ لابد أن يزيد وزنه أو ينقص فيغتفر فضل العدد رجاء زيادة الوزن؛ لأن الصرافين يزعمون أن الذهب إذا جمع نقص، وإن فرق زاد، وهو كقولها في الدرهمين الفردين يأخذ بوزنهما تبر فضة، وقول ابن حبيب في الواضحة خلاف قوله في سماع أشهب: لا بأس بدينار ينقص خروبة وخروبة عن دينار قائم، وقيل ليس بخلاف؛ لأنه في دينار واحد ولو اقتضى عن العدد الذي له ذهبا مجموعة في الوزن أكثر وزنًا من عدد الذهب التي له لتركه فضل العين لزيادة العدد، انتهى. قُلتُ: قف على تفسيره لا ينبغي بلا يجوز، وسمع أيضًا لا بأس على من اتباع بدانق، ثم بدانق حتى كثرت أن يقضي عنها دراهم، ودين الله يسر. ابن رُشْد: إنما خففه ولم يصرح بجوازه؛ لأن الدوانق لو جمعت بعد وزنها، مقطعة لم يكن بد من أن ينقص عن وزن الدراهم التي قضاه أو تزيد، وقد اتقى هذا المعنى في التي قبلها.

الشَّيخ: روى محمد من نكح بدنانير لم يجز عنها سوارا ذهب. قال في المختصر: إلا مثلًا بمثل ولتردهما وتأخذ دنانيرها فإن فاتا فمثلهما، وإن جهلا وزنهما فقيمتهما، وإن أخذت قلادة فيها قليل ذهب مما يباع مثلها بذهب جاز. وفيها: إن قبضت عشرة مجموعة من بيع فرجحت جاز أخذ رجحانها عرضًا أو ورقًا. الصقلي: إن قل الوزن كالدرهمين، فإن أضيف للعقد الأول كان كسلعة نقدًا بدينار إلا درهمين مؤجلين وإن خص بعقدة فأجوز، وإن كثر الرجحان كان كبيع سلعة بدنانير إلا دراهم؛ لكن يرده قول العتبيَّة إن قضاه دنانير زادت ثلثا فلا بأس بأخذه ورقًا. الصقلي: لأن السكة في المجموعة ملغاة آحادها كقراضة، فزيادتها كزيادة دينار في عشرة قائمة له أخذه ورقًا، وفي الموَّازيَّة والواضحة، وكذا لو كانت من قرض. واختلف فيه قول مالك. محمد: أجازه ابن القاسم وأصحابه. الصقلي: منعه أحسن. قُلتُ: الذي في النوادر عن الموَّازيَّة كرهه مالك، وللشيخ عن محمد عن أشهب واللخمي عنه: إن نزل لم أفسخه، وظاهر نقل الصقلي التحريم. ابن رُشْد: أجازه في المدَوَّنة، وفي رسم صلى نهارًا، من سماع ابن القاسم وسمع أشهب منعه، والأول أظهر. قال: وفي اجتماع القضاء والمراطلة في الدنانير المجموعة، ثالثها إن كانت قرضًا لا ثمنًا لأحد قولي أشهب؛ لأنه ذهب بذهب بعضه حاضر وبعضه حال في ذمة حاضر وغيره مع سماع ابن القاسم؛ لأنه في البيع ذهب بذهب نقدًا، وسلعة لأجل لتقديم دفعها وفي القرض ذهب بذهب، زذهب لأجل لتقدم دفعه، وابن حبيب لقرب التهمة في البيع دون السلف، وقيل رابعها عكسه لسماع عيسى ابن القاسم، والصواب أنه غير رابع؛ لأنه إنما تكلم على درهم قائم فهي مسألة أخرى لا اختلاف فيها، والصحيح لغو التهمة في البيع والقرض والعلة كون ما وقعت فيه المراطلة لم يوزن وحده؛ بل مع غيره وما وزن مجموعًا، ثم فرق ربما زاد ونقص فالجواز

مطلقًا للغو احتمال الاختلاف، والمنع لاعتباره، وعليه الخلاف في مراطلة أحد الشريكين صاحبه عن حظه فيها. قُلتُ: هذا التقرير يوجب عموم الخلاف في الدينار المجموع، والقائم خلاف ما تقدم له من نفي الخلاف في القائم ويوجب المنع في مسألة مراطلة أحد الشريكين الآخر في دينار، وقد تقدمت، وسمع ابن القاسم: أرجو أن لا بأس في أخذ دينار ينقص خروبة مع خروبة عن دينار قائم إن كانت أعيانهما سواء. ابن رُشْد: إنما شرط كونهما من عين وحدة خوف كون عين الناقص أفضل، فيرضى نقصه لفضل عينه على القائم، ولم يراع زيادة العدد التي تمنع اقتضاء المجموعة من القائمة، وإن كان أقل منها في الوزن فكيف إذا كانت بوزنها فهي مسألة لا يحملها القياس، وأجازها استحسانًا؛ لأنها في دينار واحد، وأقام التونسي منها جواز اقتضاء المجموعة من القائمة، والقياس رواية محمد منعها. قُلتُ: في قوله: خوف كون الناقص أفضل فيرضى نقصه لفضل عينه نظر؛ لأن نقصه ليس بخسًا؛ لأن الخروبة تعدله، فإن كانت مضروبة فالفضل في جهتها بالعدد والجودة، وإن كانت تبرًا فالمغتفر حينئذ ترك السكة لا النقض؛ بل الأظهر أنه لخوف كون الناقص أدنى فيختص بفضل العدد، والقائم بالجودة، وسمع ابن القاسم: من له عشرو دنانير مجموعة قبضها ناقصة ثلثًا، أو نصفًا له أخذ النقص بعد افتراقهما عرضًا أو ورقا، وأكرهه في مجلسهما خوف أن يزيده في الصرف لما تجاوز عنه ابن القاسم: إن صح أمرهما ولم يزد لذلك فلا بأس به. ابن رُشْد: سمع أشهب جوازه في المجلس، وهو الأظهر؛ لأن الدنانير المجموعة كالطعام بعض الدينار فيها كدينار إنما يمنع ذلك في بعض الدينار القائم. قُلتُ: منعه في الدينار المجموع موجب له في الدنانير القائمة؛ لأن أجزاء المجموع كقائمة كما قاله ابن رُشْد، ومنعه في الدينار القائم يوجب في دينار من دينارين قائمين أحدهما صرف؛ لأن أجزاء القائم في الذمة كدنانير قائمة لا كأجزاء، وإلا لما جاز صرف بعضه كالقائم المحسوس، ونصها مع غيرها جوازه، ولذا كان بعض من لقيناه يقول: الاطلاع على درهم زائف في صرف دينار في الذمة يوجب قصر الفسخ على

الدرهم، وما يعدله من الدينار لا في كله. وفيها: من أخذ من دينار قرض بعضه عرضًا أو ورقًا؛ لم يجز أخذ باقيه ذهبًا؛ لأنه ذهب وعرض، أو ذهب وورق بذهب. اللخمي: من صرف من رجل بعض دينار له عليه ففي جواز أخذ باقيه ذهبًا مثل ذهبه ووزنه قولا أشهب وابن القاسم مع مالك، والأول أحسن، وإن أخذ تبرًا مثل جودة ذهبه وقدره، أو دونه صفة وقدرًا جاز، ولو أخذ وزنه أجود جاز على أن القضاء كالمراطلة لا على أنه بخلافها، وتقدم أخذ البعض ذهبًا وأخذ الباقي عرضًا أو ورقًا جاز على القولين، ونقل الصقلي عن محمد قول أشهب والدينار قرض، وصوبه محمد بأن الباقي بعد أخذه بعضه، عرضًا أو ورقًا ذهب وإلا لما جاز الاقتضاء بالأول لايجابه صرفًا مؤخرًا. قُلتُ: ويتخرج من قول زكاتهل من باع سلعة تجر بنصاب عين حوله أخذ فيه قبل قبضه سلعة، لا زكاة عليه جوازه في البيع لا القرض. وفي جواز دينار ناقص مع قدر نقصه فضة عن وازن، نقلا الصقلي عن ابن عبد الحَكم، والشَّيخ عن يحيي بن عمر قائلًا: لو كانت دنانير جاز أخذ بعضها، وسمع عيسى ابن القاسم: لا خير في أخذ دينار قائم عن ثلثي دينار ذهبًاوثلثه ورقًا؛ لأنه ذهب وورق بذهب. ابن رُشْد: لأن للدينار القائم فضلًا في عينه على الناقص، ولو أقرضه الثلثين من ذهب مقطعة مجموعة لا تجوز إلا بالوزن، وثلث درهمٍ جاز عنها دينار مقطوع مجموع، ومن له دينار حال، ففي منع تنجيمه أثلاثًا ثالثها يكره، الصقلي عن محمد قائلًا: لأنه بيع وسلف أو صرف، كذلك مع قول ابن القاسم لا يجوز تنجيم ثلثي دينار أنجمًا، ورواية أشهب مع قول أَصْبَغ خفف غير ابن القاسم التنجيم، وابن عبد الحَكم. الصقلي عن محمد: لا يجوز عن دينار حال ثلاثة أثلاث نقدًا، ولا لأجل؛ لأن الأثلاث كالمجموعة فهو كاقتضاء مجموعة عن قائمة أقل عددًا، وسمع أبو زيد ابن القاسم: لا خير في قضاء نصفين وازنين عن دينار، إلا أن يكون للدينار جريان بمعيار عنده.

ابن رُشْد: يعني بجريانه أن للدينارعنده وزنًا معلومًا فيجوز عنه نصفان وزنان كوزنه، أو أفضل؛ لأن الفضل من جهة واحدة، ولو كان الدينار أفضل لم يجز لترك فضل العين لزيادة العدد أولها وللوزن. قلت: ذكرها الشَّيخ ولم يزد فيها إلا قوله: يريد الدينار من قرض وبه كان يفتي بعضهم، ولو تساوى الدينار والصنفان قدرًا وصفة، وكذلك في القيراطين الجديدين عن درهم جديد، والصواب قول ابن رُشْد، وسمع ابن القاسم: لا بأس بدينار عن ثلاثة أثلاث مجمة. ابن رُشْد: هذا على رعي ما في الذمة لا على مقتصى الحكم عليه بقضاء الثلث ورقًا، وسمع لا ينبغي لمن أعسر بدينار وازن ثمن حنطة إعطاء ناقص عنه مع بعض الحنطة عن النقص إذا ثبت البيع بالوزن؛ لأنه دينار بدينار وحنطة، وإن ثبت البيع بناقص فلا ينبغي أن يعطي وازنًا، ويأخذ شيئًا ما، ولو كان في المراوضة قبل وجوب البيع جاز. ابن رُشْد: قال ابن حبيب: موجب فساده تفاضل الذهبين والطعامين، وبيع الطعام قبل قبضه والأخذ من ثمنه طعامًا. ابن رُشْد: الاقتضاء من ثمن الطعام طعامًا لا بجامع بيعه قبل قبضه؛ لأن الطعام إن قبض وافترقا انتفى بيعه قبل قبضه وإن لم يقبض ولم يفترقا انتفى الاقتضاء من ثمن الطعام طعامًا، وإن قبض ولم يفترقا انتفيا معًا ولا يجوز أخذ نقص الدينار فلوسًا ولا غيرها، وأجاز في رسم المحرم أخذ النقص طعامًا لا فلوسًا، ولو كان بعد الوجوب وفيه تأويلان: الأول: أن المبتاع أوجب البيع دون البائع لقوله في الرواية؛ لأنه حمله على وجه المساومة فيكون معنى قوله في الرواية بمنزلة من اشترى بدرهمين حنطة، ثم قال: أعطني بدرهم، وأقلني من درهم بمنزلته في الجواز لا في العلة؛ لأنه في الدرهمين إقالة جائزة كما هو في نقص الدرهم قبل تمام البيع، ومقتضى هذا التسوية بين أخذ النقص فلوسًا أو طعامًا. وهو أظهر وأحسن أن يكون محمل الدينار في مسألة المنع أن الوازن له فضل في

عينه على الناقص، ومحمله في الثانية لا فضل له في عينه فصار كمبتاع حنطة بدرهمين استقال من أحدهما، ولم يقو عنده قوة الدرهمين إذ يجوز فيهما أخذ أحدهما فلوسًا، ولا يجوز في درهم وازن أخذ نصف درهم وبالنصف الآخر فلوسًا، إلا أنه أجازه رعيًا للقول إن البيعين بالخيار ما لم يفترقا، وهو معنى قوله: كأنه حمله على المساومة، ولو كان الدينار من الدنانير التي لا تجري إلا مقطوعة بالميزان كالعبادية والمشرقية جاز إن وجد أقل من مثقال أن يأخذ بالنقص فلوسًا، أو ما شاء من عرض، أو يحاسبه بالنقص فيما له من الطعام، فقف على أن الدينار الوازن إن كان له فضل عن الناقص؛ لم يجز بعد الوجوب أخذ نقصه فلوسًا، ولا المحاسبة به في طعام وإن لم يكن له فضل؛ لم يجز أخذ فضله في الوزن فلوسًا وجازت محاسبته به في طعام، وإن كان الدينار إنما يجري بالميزان مقطوعًا مجموعًا ولم يشترط أخذه صحيحًا جاز فيه الأمران، ولما ذكر الصقلي مسألة الدينارين قال: وقد قال ابن القاسم عن مالك: من ابتاع بدراهم كيلًا فوجد فيها حين الدفع درهمًا ناقصًا فقال: أعطني بقدر ما فيه وحاسبني بنقصه لا بأس به كمن ابتاع بدرهمين حنطة، ثم قال بعد ذلك: أعطني بدرهم وأقلني من درهم. قُلتُ: بعد الوجوب قال: نعم، كأنه حمله على المساومة، وفيه تفسير من البيع. الصقلي: انظر هل علة جوازه قصدهما الإقالة؛ لأنها معروف ولو قصد البيع لم يجز؛ لأنه مكايسة فيجب عليه إن ابتاع حنطة بدينار وازن فأعطاه ناقصًا سدسًا، ورد عليه من الحنطة قصدًا لإقالته جاز، وإن قصد البيع لم يجز. فإن قلت: إنه باع منه الوازن بالناقص، وسدس الطعام قيل: يلزمك لو اشترى أربع وبياتٍ بأربعة دنانير قائمة، فقال: أقلني من وبيتين بدينارين، وخذ دينارين أن لا يجوز؛ لأنه وجب له أربعة دنانير باعها بدينارين وويبتين، وهذه جائزة. قُلتُ: يرد بأن الدينارين من الأربعة الثمن لمماثلتها ما وجب في ذمة المبتاع كان قبضها اقتضاء لما في الذمة لا بيعًا، فانضمام البيع فيما لم يقتض إليه لا يوجب فسادًا، والناقص لعدم مماثلته ما في الذمة كان قبضه مبايعة بما في الذمة لانتفاء شرط حقيقة الاقتضاء وهو المماثلة فانضمام البيع فيما سواه إليه يوجب الفساد، وبهذا يتبين لك ما تقدم لابن رُشْد، من التفريق بين الدينار الذي إنما يجري بالميزان مقطوعًا مجموعًا، ولم

يشترط أخذه صحيحًا وغيره. في سماع أبي زيد ابن القاسم قال: لمن قال له: أبيع الصوف أربعة وعشرين رطلًا بدينار قائم، زن لي بدينار فوزن ما عنده فلم يجده إلا اثنيم وعشرين رطلًا، فأعطاه دينارًا ينقص قيراطين لا يعجبني، ولو وجد فيه ستة عشر رطلًا أو عشرين فأعطاه دينارًا ينقص سدسًا أو دينارًا فيه ثلثان فلا بأس به. ابن رُشْد: قال محمد: ما كرهه هو عندي خفيف؛ لأن من اشترى وزنًا من شيء بعينه فلم يف به، لم يجب على البائع إتمامه ووجبت المحاسبة، وكذا قال فضل: لا معنى لكراهته، ومعناه عندي أنها تأتي على رعي ما ثبت في الذمة ذهبًا؛ لأنه اقتضاء مجموع بالميزان من قائم لا ميزان فيه. وتفرقته بين اثنين وعشرين وبين ستة عشر أو عشرين لا وجه له؛ بل هو اختلاف قول ظنه المؤلف قولًا واحدًا باختلاف صورتين. قُلتُ: قول مالك من استقرض دينارًا أو نصفه، دراهم إنما عليه عدد ما قبض من الدراهم علا الصرف أو رخص. وقال ابن وَهْب عن الليث عن يحيي بن سعيد: من دفع دينارًا لمن استسلفه نصف دينار فانطلق به فكسره، فأخذ نصف دينار ودفع للمسلف باقيه، فعلى المستسلف أن يدفع دينارًا يكسره فيأخذ نصفه ويرد نصفه. ابن وَهْب: وقال ابن مالك: يرد له مثل ما أخذ منه، وليس الذي أعطاه دهبًا إنما أعطاه ورقًا ولو أعطاه دينارًا فصرفه المتسلف فأخذ نصفه، ورد عليه نصفه، كان عليه نصف دينار علا الصرف أو رخص. الصقلي عن محمد عن ابن القاسم: إن دفع له دينارًا قال: صرفه خذ نصفه، وجئني بنصفه لم يكن عليه إلا ما أخذ من الدراهم، وضمان الدينار قبل صرفه من دافعه، وبعدد منهما؛ لأن قابضه قبل صرفه أمين، ولو أعطاه دينارًا قال: خذ بنصفه وجئني بنصفه كان عليه نصف دينار، يريد: ويعطيه به دراهم بصرف يوم القضاء وضمانه قبل صرفه منهما، وسمع أبو زيد ابن القاسم: من قال لمن قال: أسلفني خذ هذا الدينار، وصرفه خذ نصفه وجئني بنصفه أخشى أن ليس له عليه إلا كا أخذ دراهم، وإن قال:

خذ نصفه وجئني بنصفه فعليه نصف عين. ابن رُشْد: لمحمد عن أبي زيد لا يعجبني قوله: أخشى؛ لأنه لو تلف الدينار لم يلزمه شيء لقوله: صرفه ابن رُشْد تعقبه على ابن القاسم غير صحيح لاحتمال قوله: صرفه إرادته صرفه لي فيضمنه الدافع، وإرادة صرفه بيننا فيضمنانه، ويلزم المتسلف نصفه لا دراهم فلما لم يترجح أحد الاحتمالين على الآخر توقف فيما يجب على المتسلف، وكذا في الضمان والواجب سؤاله فيصدق فيما أراد منهما فيجري عليه ضمان وما يجب رده، وفي حلفه على ما أراده قولان على أيمان التهم لا متناع ادعاء المتسلف تعيين أحد الأمرين، ولو بين أحدهما عند الدفع قبل دون يمين، وإن لم تكن له نيَّة كان عليه الضمان وله الأقل مما قبض من الدراهم أو قيمة النصف دينار يوم القضاء، وسمع عيسى ابن القاسم لمن ابتاع سلعة بثلثي دينار، ثم استسلف من بائعه دراهم قضاء دينار عنهما، ولو كان الثلثان قرضًا لم يجز؛ لأن الأولى قضاء، وصرف والثانية ذهب وورق بذهب؛ لأن للدينار القائم فضلًا في عينه على الناقص، ولو استسلف الثلثين من ذهب مقطعة مجموعة لا يجوز إلا بالوزن جاز عنهما وعن الدراهم دينار، في سماع أَصْبَغ ابن القاسم لأشهب: من ابتاع سلعة بثلثي دينار ونصف قيراط لا بأس بدفعه قطعة فيها ثلثا دينار وورقا بالنصف قيراط، وما دون الدينار مجموع. ابن رُشْد: قوله: ما دون الدينار مجموع يحتمل أن يريد أن العرف المبايعة فيما دون الدينار بذهب مجموع موزون، والجواز على هذا واضح، وإن يريد أن له حكم المجموع في جواز أخذ بعضه ذهبا وبما نقص ورقا، وإن لم يكن مجموعًا، وعليه تحمل كراهته في رسم البيوع؛ لأن الواجب له على هذا صرفه دراهم فإذا أخذها ذهبا وورقًا في مجلس واحد لم يجز، ولو كان في مجلسين جاز كأخذه درهمين ثم يأخذ بعد ذلك عن بقية دراهمه ذهبًا، وإنما استثقله في رسم الجواب، ولم يقل لا يجوز ليسارة القيراط فرأى التهمة فيه مرتفعة. وفيها: اقتضاء ما لزم عن استحقاق عرض أخذ عن أحد عوضي الصرف متعلق بعرض عوضه دونه كقول: استحقاقها ما صرف ثمنه من مبتاعه، يوجب رجوع مبتاعه بما دفع لا بما عقد.

الشَّيخ لأبي زيد وعيسى عن ابن القاسم: من ابتاع ثوبًا بنصف دينار فأحال به على غريمه، فدفع فيه دراهم ثم رد الثوب بعيب، رجع المبتاع على البائع بنصف دينار. محمد: وقاله أَصْبَغ قائلًا فيه ضعف. وفيها: من باع بنصف دينار أو ثلثه وقع البيع على الذهب لا الدراهم، ويقضي إن تشاحا به دراهم بصرف يوم القضاء. اللخمي: إن أتى بدينار يكونان شريكين فيه لزم الطالب قبوله؛ لأن القضاء في الدراهم إن طاع بها الغريم لعدم فائدة الطالب بالجزء شركة بما لها بالفصل فيه بالدراهم. قُلتُ: هذا خلاف نصها، وأخذ بعض المغاربة مثل قول اللخمي من لفظ التهذيب من أقرضته دينارًا فوهبته نصفه فله قضاؤك باقيه دراهم تجبر على أخذها إن كانت كصرف الناس أخذه من قوله له، وفيه نظر؛ لأن لفظها إذا أعطاك دراهم صرف الناس جبرت عليها كقول مالك فيمن باع بنصف دينار فلم يذكر لفظ له وتشبيهها بالبيع مع قوله فيه: إن تشاحا قضي بالدراهم يرده، وسلم هذا الأخذ أن قولها في البيع خلاف قول اللخمي. وفيها: البيع بدانق أو بخمسة دوانق أو بنصف درهم، واقع على الفضة، والقضاء بصرفه فلوسًا يومه والبيع بدانق فلوسًا نقدًا أو بدينار دراهم نقدًا إن سميا قدر الفلوس والدراهم أو عرفاه جاز، وإلا فلا خير فيه وإلى أجل سميا قدر الفلوس الدراهم جاز، وإلا فلا خير فيه. اللخمي: لا يكفي فيه لأجل معرفتهما قدر الصرف حينئذ لاحتمال اختلافه يوم القضاء. والدانق: سدس درهم، فالبيع بجزء درهم إن كان قدره مضروبًا قضى به، وإلا قضى به فلوسًا كالدراهم في جزء الدينار، فإن لم تكن فلوس قضى بما العادة أن يقضي عنه من طعام، أو غيره، فإن لم تكن عادة قضي بشركتهما في درهم، ثم يبيعانه بما ينقسم. قُلتُ: فإن اختلفا فيه قضي بالأدوم بقاء من غالب مثلي حينئذ كالفلفل ونحوه، وسمع ابن القاسم لمن باع سلعة بنصف دينار ممن باع منه قبلها سلعة بنصف دينار قبل

قبضه جبره على أخذه بدينار كامل. ابن رُشْد: لو أعسر المبتاع بما زاد على نصف دينار جبر البائع على أخذه منه نصف دراهم، بخلاف أن لو كان أصل بيعه بدينار قائم، وذكرها اللخمي عن محمد واستدل بها على قوله: يجبر من له نصف دينار على أخذ دينار شركة بينهما، ويرد بأن الجزء إنما قضى به دراهم لدفع ضرر الشركة، وعدم الاستقلال المقتضي بحقه، في اجتماع النصفين منتفيان فوجب القضاء بعين ما في الذمة. زاد اللخمي عن محمد: من له ثلاثة أرباع دينار وعشرون قيراطًا ذهبًا حكم له بدراهم، ويحكم في دينار إلا قيراطين بدينار. اللخمي: يريد ويعطي الغريم ما ينوب الغريمين لا أن يأخذ دينارًا ينقص قيراطين، إلا أن يكون ذلك النقص ليس بعيب، وسمعه أيضًا من له نصف دينار لشهر على رجل يكره بيعه له ثوبًا فنصف دينار لذلك الشهر على أن يعطيه دينارًا قائمًا. ابن القاسم: ويجبر المبتاع عند الأجل على دفعه دينارًا قائمًا. ابن رُشْد: كراهته ذلك نحو كراهة مالك. فيها: بيع سلعة بنصف دينار لأجل بشرط أخذه دراهم مع وجوب القضتء بها، وظاهره أنه شرط لما يوجبه الحكم فأخذ منه بعضهم أن من الشروط التي يوجبها الحكم ما لا يجوز اشتراطه، وهو ما كان منها مخالفًا للقياس، وليس بصحيحٍ؛ لأن شرط موجب الحكم كتركه، وكرتهة مالك في الأولى لاحتمال أن يحل الأجل، وللمبتاع على البائع نصف دينار فتجب مقاصته به فيجب قضاء النصف الباقي دراهم، وفي الثانية لاحتمال أن يحل الأجل وللبائع على المبتاع نصف آخر. قُلتُ: يرد الأول بمنع المقاصة؛ لأن النصف من دينار ثبت جمعه في ذمة ذهب والنصف من دينار لم يثبت جميعه ذهبًا ورق لا ذهب، والمقاصة في الذهب بالورق غير واجبة، وتعليل كراهة الثانية بأن الشرط فيها يئول للبيع بصرف يوم القضاء وهو مجهول أبين. وسمع القرينان: من له على رجل صك بعشرة دراهم من صرف عشرين درهمًا بدينار إنما له نصف دينار ما بلغ غلا الصرف، أو رخص إن كانت من بيع، وفي القرض

باب الطعام

إنما له ما أعطاه، ولو باعه بثلاثة دراهم دون قوله: من صرف كذا وكذا لزمه عدد الدراهم. ابن رُشْد: ولو قال: أبيعك بنصف دينار من صرف عشرين درهمًا بدينار، فإنما له عشرة دراهم، إذا لم يسم نصف الدينار إلا ليبين به الدراهم التي أراد البيع بها من الدينار حسبما سمعه يحيى. قُلتُ: هو سماعه من باع ثوبًا بعشرة دراهم من صرف عشرين درهمًا بدينار فله نصف دينار غلا الصرف أو رخص، وأما من قال: بنصف دينار من صرف عشرة دراهم بدينار فله خمسة دراهم حال الصرف كيف حال. قُلتُ: يوهم ظاهر هذا اللفظ، ولفظ ابن رُشْد: أنه يقضي في قوله: بنصف دينار من صرف عشرين درهمًا بدينار بالراهم وليس كذلك، إنما يقضي بجزء دينار؛ لأنه إذا كان كذلك في قوله: بعشرة دراهم من صرف عشرين بدينار فأحرى في قوله: بنصف دينار من صرف عشرين بدينار، وكذا جمعهما الشَّيخ في النوادر، وأجاب عنهما بجواب واحد. فإن قلت: قوله فس سماع يحيى: وأما من قال إلخ نص في مخالفته ما قبله. قُلتُ: المخالفة في قدر الدينار الذي يجب الجزء منه، لا في القضاء بالدراهم. ويحرم النساء في بيع الطعام بآخر مطلقًا. [باب الطعام] والطعام: ما غلب اتخاذه لأكل الآدمي أو لإصلاحه أو شربه، فيدخل الملح

والفلفل ونحوهما، واللبن لا الزعفران وإن أصلح لعدم غلبة اتخاذه لإصلاحه، والماء كذلك، وتفسير ابن عبد السلام، قول ابن الحاجب: المطعومات ما يعد طعامًا لا دواءً بما اتخذ للأكل أو الشرب إن أراد للأكل والشرب فقط خرج الملح لاتخاذه لغير ذلك كتمليح الجلد للدبغ، وإلا دخل الزعفران، والأولى تفسيره بما يقصد لطعمه ويبطل بما تقدم، وحكم ربا الفضل أصل في الأربعة: البر، والشعير، والتمر والملح. وفي علته اضطراب: الباجي: في كونها الاقتيات، أو الادخار للأكل غالبًا، ثالثها الأول، والادخار لإسماعيل القاضي وابن نافع مع رواية الموطأ، ورواية غيره. اللخمي: عن الأبهري عن بعض أصحابنا علته في: البر: الاقتيات، وفي التمر التفكه الصالح للقوت، وفي الملح كونه مؤتدمًا. ابن القُصَّار، والقاضي: الادخار للعيش غالبًا. اللخمي: ولا يصح؛ لأن اللوز وشبهه غير متخذ للعيش غالبًا، وهو ربوي، والقول بأن التمر متفكه غلط؛ لأنه بالمدينة ومدن التمر أصل عيشهم كالبر والشعير في غيرها. المازري: لمالك في الموَّازية: هي كونه قوتًا أو إدامًا أو متفكهًا به مدخرًا. ابن بشير للمتقدمين طرق: الأولى: الادخار مع التفكه أو القوت أو إصلاحه.

الثانية: مجرد القوت. الثالثة: الادخار للعيش غالبًا، وقال أولًا: حكي عن ابن الماجِشُون العلة المالية، وهذا يوجب الربا في الدور والأرضين ولا يمكن قوله. قُلتُ: فالأقوال تسعة، ثلاثة الباجي، ونقلا اللخمي، ورواية المازري وأولى ابن بشر، وقول ابن الماجِشُون، ونقل ابن الحاجب مع نقل غيره في فروع الباب علته الادخار، وقول ابن الحاجب: ولبن الإبل يقوي الاقتيات، وأجيب بأن دوام وجوده كادخاره، وبالخلاف في الموز جوابه بدوامه واضح، وبقوله: وبالخلاف في الموز لا يتقرر لمنع المحتج عليه ما ينافي قوله بالآخر، والاتفاق على لبن الإبل واضح في إبطال اعتبار العيش غالبًا، فما فيه كل ما ادعي علة واضح كقولها مع غيرها في الأربعة، والسلت، والأرز، والقطاني والزيت، والخل، واللحم، والإدام، والتمر، والزبيب. اللخمي والباجي: والذرة والدخن. اللخمي: والترمس، وسمع أبوزيد ابن القاسم كل زريعة لا تؤكل، ويستخرج منها ما يؤكل تباع قبل استيفائها، ويجوز منها واحد باثنين، وكل زريعة تؤكل، ويستخرج منها طعام يؤكل لا تباع قبل استيفائها ولا متفاضلة. ابن رُشْد: كذا الرواية (لاتؤكل ويستخرج منها)، والصواب ولا يستخرج منها؛ لأن التي يستخرج منها الزيت كزريعة الفجل طعام، قاله في المدَوَّنة، ومعناه: في البلد الذي تتخذ فيه لذلك وتأويل الرواية إن صحت، ويستخرج منها شيء يؤكل، أي: بأن يزرع كزريعة البصل وشبهه، وقوله: لا يؤكل أي يؤكل تقوتًا، ولا تفكهَّا كالحرف، وحمل بعضهم الرواية على ظاهرها أن الزريعة التي لا تؤكل غير طعام، ولو أخرج منها الزيت، وهو خلاف قولها. وقوله: (كل زريعة تؤكل ويستخرج منها ما يؤكل)، معناه: أو يستخرج منها ما يؤكل؛ لأنها إن كانت تؤكل فهي طعام، وإن لم يستخرج منها ما يؤكل اتفاقًا كالكمون، ونحوه. قوله: في قوله اتفاقًا نظر لما يأتي في كون برز الكتان ربويًّا رواية زكاته، ونقل اللخمي عن ابن القاسم: لا زكاة فيه إذ ليس بعيش.

القرافي: وهو ظاهر المذهب، الشَّيخ: روى محمد البصل والثوم ربويان. وفي التين ثالثها ما ييبس لنقل الشَّيخ رواية محمد والمازري، أحد قولي القاضي، واللخمي عن أحد قولي ابن نافع، وضعف المازري أحد قولي القاضي بأنه كالزبيب المتفق عليه. ابن بشير: قالوا: إنما ترجع فيه مالك لعدم اقتياته بالمدينة. وفي كون العنب الشتوي كالصيفي قولان للشيخ عن محمد واللخمي عن أحد قولي ابن نافع، وما ليس فيه علة ربا غير ربوي فيها كالخضر والبقول. ابن شاس: وغيره كالخص والهندباء، والقطف وشبهه، والفواكه التي لا تقتات ولا تدخر غير ربوية اتفاقًا. الشَّيخ عن محمد عن ابن القاسم: الخردل والقرطم وشبهه والفواكه التي لا تقتات طعام، بخلاف برز البصل والجزر والبطيخ والقرع والكراث. ابن حبيب: وبرز البقول والحرف وهو حب الرشاد، محمد عن ابن القاسم: وحب الغاسول، وإن أكله الأعراب سند يختلف في حب الحنظل، وحب الغاسول والبلوط، والبطيخ الأصفر؛ لأنه يدخر بخراسان على الخلاف فيما يدخر نادره. ابن سَحنون: اتفق العلماء أن الزعفران جائز بيعه قبل استيفائه، ونقله الصقلي بلفظ: أجمع العلماء أنه ليس بطعام. وفي تهذيب الطالب: قال عبد الحق: رأيت لابن سَحنون من منع سلف زعفران في طعام لأجل يستتاب، إن لم يتب ضربت عنقه لإجماع الأمة على جوازه، فسألت أبا عمران عن ذلك فذكر ما تلخيصه: إن ثبت عنده ذلك الإجماع بخبر الواحد لم يستتب، وإن ثبت له بطريق تحصل له العلم فذلك. قُلتُ: الصحيح أن الإجماع الذي يستتاب منكره ما كان قطعيًا، وهو ما بلغ عدد قائليه عدد التواتر، ونقل متواترًا على خلاف فيه، ثالثه إن كان نحو العبادات الخمس، وما نقلوه من الإجماع في الزعفران فلم أجده في كتاب الإجماع ومن أوعبها كتاب الحافظ أبي الحسن بن القطان، وقعت على نسخة بخطه فلم أجده فيها بحال، وسمع أَصْبَغ ابن القاسم ذكار التين غير طعام.

قال سند: الطلع قبل أن يشق عنه خفه طعام كان من الذكر أو الأنثى، وفي بعض الروايات أنه ليس بطعام. قُلتُ: والنارنج غير طعام والليم طعام، واختلف في أنواع لاختلافهم في العلة، ففي كون الجوز واللوز ربويين نقلا ابن بشير ونحوه قول الباجي: من جعل العلة الادخار والاقتيات لم يجعل الجوز واللوز ربوين، وظاهر متقدم رد اللخمي تعليل ابن القُصَّار، والقاضي الاتفاق على أنهما ربويان. وفي الجراد قولان لظاهر قولها: يجوز فيه اثنان بواحد من الحوت يدًا بيد مع الجلاب عن المذهب، ونقل الصقلي عقب ذكره قولها قال أشهب: هو كالخضر، وعزا المازري الأول لسَحنون، وجعل الثاني معروف المذهب. والمعروف أن مطلق اللبن ربوي. اللخمي: يختلف في بيع المخيض بالمخيض، والمضروب بالمضروب متفاضلًا، فمن منعه منع بيع شيء منهما بحليب أو زبد أو سمن أو غيره؛ لأنه الرطب باليابس، ومن أجازه أجازه بحليب أو غيره ولا يصح قولها: لا بأس بالسمن بلبن أخرج زبده إلا على الثاني؛ لأنه كالرطب باليابس، وهو الذي أراه، وذكر المازري أخذه هذا من المدَوَّنة ولم يتعقبه، وظاهر قوله قبل ذكره التخريج: الحليب المخرج زبده في إثبات الربا فيه قولان كالتين الشتوي أن القولين منصوصان. قال ابن بشير: ذكر اللخمي أن المذهب اختلف في اللبن المخيض، ولا يجد ذلك في المذهب؛ لأنه مقتات ودوامه كادخاره، والدليل عليه اتفاق المذهب على أن لبن الإبل ربوي، وإن لم يعمل منه ما يدخر؛ لأن دوامه كادخاره فإن قيل: يعمل منه المصل وهو مدخر أجيب بأن المصل صورة نادرة، ولا يدخر للقوت؛ بل للتصرف في الطبخ كالأبزار. ولما ذكر ابن شاس ما أخذه اللخمي من المدَوَّنة قال: أبو الطاهر فيما عول عليه نظر، ولعل قوله في المدَوَّنة: بناء على أن السمن صيرته النار والصنعة جنسًا آخر. ابن الجاجب: خرج اللخمي فذكر تخريجه، ورد ابن بشير، وقال: ووهمًا؛ لأن بعده فأما بلبن فيه زبد فلا.

وقال ابن عبد السلام: تخريج اللخمي ضعيف؛ لأن ما أخرج زبده لا يخرج منه زبد فلا مزابنة فيه. قال فإن قلت: سوى في المدَوَّنة بين ما أخرج زبده، وما لم يخرج زبده، وكل من المتساويين يصح عليه ما يصح على الآخر، فلما منع السمن بما لم يخرج زبده، وأجازه بما أخرج زبده دل على أنه ليس ربويًا. قُلتُ: قد أخذت في هذا السؤال كون هذين اللبنين يطلب فيهما المساواة في المعاوضة، وهو معنى كونهما ربويين، فكيف حكم أن أحدهما غير ربوي من كونهما ربويين، هذا تناقض انتهى كلامه. وحاصله أنه فهم أن تخريج اللخمي آيل إلى أخذ كونه غير ربوي من كونه ربويًا بما ذكره من سؤال وجواب، وليس الأمر كما زعم، وبيانه بتقرير تخريج اللخمي على القواعد القياسية، وهو أنه ادعى أن ما أخرج زبده غير ربوي؛ لأنه لو كان ربويًا لما جاز بيعه بالسمن، واللازم باطل لنص المدَوَّنة، فالملزوم مثله فيثبت نقيضه وهو المدعى بيان الملازمة أن لو كان ربويًا لكان مماثلًا لما لم يخرج زبده والملازمة واضحة بالاتفاق المذهبي قطعًا، وكلما كان مماثلًا لما لم يخرج زبده لم يجب بيعه بالسمن؛ لأن ما لم يخرج زبده لا يجوز بالسمن اتفاقُا، ونسبة أحد المتماثلين الربويين لغيرهما كنسبة الآخر إليه اتفاقًا، كما أن نسبة القمح لشيء كنسبة الشعير إليه فثبت صدق قولنا لو كان ما أخرج زبده ربويًا كان مماثلًا، لما لم يخرج زبده، وكلما كان مماثلًا له لم يجز بيعه بالسمن، واللازم باطل بنص المدَوَّنة فالملزوم باطل، وهو كون ما أخرج زبده ربويًا فيثبت نقيضه، وهو كونه غير ربوي وهو المدعى، فقول ابن عبد السلام أخذ كونه غير ربوي من كونه ربويًا، وهو تناقض يرد بأنه إن أراد أنه أخذه من كونه ربويًا في الواقع فهذا ممنوع، ولم يقله اللخمي بحال، وإن أراد أنه أخذه من كونه ربويًا، فالفرض والتقدير المرتب عليه لازم بين بطلانه فمسلم، ولا تناقض فيه وهو شأن الاستدلال على المطلوب بقياس شرطي استثني فيه نقيض اللازم، فكيف يتوهم فيه أنه استدلال على ثبوت الشيء بثبوت نقيضه، ومن يتوهم هذا يؤول به توهمه في قوله تعالى: لو كان فيهما ءالهه إلا الله لفسدتا [الانبياء:] لشناعة فادحة؛ لكن عندي في تخريج اللخمي نظر من وجه آخر، وهو منع صدق إحدى مقدمتي دليله فنقول قوله: لو كان ربويًا كان مماثلًا لما لم يخرج زبده، وكل ما كان مماثلًا له إلخ، إن أراد

بالمماثلة المماثلة في كونهما لبنين فقط لا في ذلك مع كونه يخرج منه الزبد سلمنا الأولى ومنعنا صدق الثانية، ولا يتم دليل صدقها حينئذ وهو قوله: نسبة أحد المتماثلين الربويين لغيرهما كنسبة الآخر إليه؛ لأن ذلك إنما هو إذا نسب أحدهما لما نسب إليه الآخر في المعنى الذي وقعت المماثلة به، وهي ليست كذلك هنا؛ لأن نسبة الذي لم يخرج زبده إلى السمن إنما هي من حيث اشتماله على الزبد، وهذه الحيثية ليست هي التي وقعت المماثلة بها بينه وبين ما أخرج زبده إنما المماثلة بينهما من حيث كونهما لبنين فقط، وإن أراد بالمماثلة في كونه لبنا مع كونه يخرج منه الزبد اتضح كذب الأولى فضلًا عن منعها فتأمل هذا وحققه. فإن قلت: يرد هذا بأن معروف المذهب أن نسبة الرطب الذي لا يتمر كنسبة الرطب الذي يتمر إليه، وإن كان لا يخرج منه تمر. قُلتُ: ما به مماثلة الرطب الذي لا يتمر للرطب الذي يتمر هي المانع من بيع الرطب الذي يتمر بالتمر؛ لأن المماثلة بينهما هي في كونهما رطبين، وكونهما رطبين هي المانعة من بيع الرطب الذي يتمر بالتمر؛ لأنها الملزومة لعدم مساواة الرطب الذي يتمر للتمر، وإن ساواه حينئذ في القدر كمد رطبٍ بتمر بمد تمر حسبما أو مأ إليه صلى الله عليه وسلم بقوله: أينقص الرطب إذا جف؟ قالوا: نعم قال: فلا إذن. مع علمه صلى بأنه ينقص فالعلة الموجبة للمنع هي كونه رطبًا؛ لأنها ملزومة لعدم مساواة المد من أحدهما للمد من الآخر؛ لأن بعض أجزاء الرطب الذي يتمر لما كانت بحيث لو يبس ذهبت حكم لها الشارع صلوات الله عليه بالعدم، وهذه العلة ثابتة في الرطب الذي لا يتمر؛ بل هي فيه أتم؛ لأنه بحيث لو يبس لم يبق منه شيء، وما به مماثلة اللبن الذي أخرج زبده لما لم يخرج منه زبده ليست هي العلة المانعة من بيع ما لم يخرج زبده بالسمن؛ لأن ما به مما ثلثهما إنما هي كونهما لبنين فقط، وعلة بيع ما لم يخرج منه الزبد بالسمن إنما هي كونه يخرج منه الزبد، وهذه العلة معدومة في اللبن الذي أخرج زبده. فإن قلت: يرد هذا بقولها: لا خير في زيت زيوت بزيتون كان مما يخرج منه الزيت أم لا؛ لأن علة المنع فيما له زيت منتفية عما لا زيت فيه كاللبن المضروبمع غير مضروب.

قُلتُ: لا نسلم انتفاءها مطلقًا؛ لأن كل زيتون له زيت، وإن قل واللبن المضروب لا زبد فيه بحال. ثم قال ابن عبد السلام: إن قلت: منع الرطب باليابس لا يشترط فيه كون الرطب على حالة يؤول بها الرطب إلى حالة اليابس من كل وجه؛ لأن الرطب الذي لا يتمر لا يصح بالتمر فقصارى ما أوردتم على اللخمي أن ما أخرج زبده مع الذي فيه زبد كرطبين أحدهما يتمر دون الآخر، وعلى هذا التقدير، عدم خروج الزبد من اللبن المضروب لا يخرجه عن حكم اللبن في منع بيعه بالسمن، فلما لم يمنع ذلك مالك دل على أنه ليس من اللبن الربوي، وهو المطلوب انتهى. قُلتُ: هذا الكلام إذا تأملته لم تجد له تعلقًا بالكلام السابق الذي يليه؛ لأن كلامه السابق على هذا إنما هو تضعيف تخريج اللخمي باشتماله على التناقض الناشئ عن أخذه كونه غير ربوي من كونه ربويًا حسبما تقدم، فقوله: إن قلت: لا تعلق له بحال، وإنما يتعلق بقوله: أولًا ما أخرج زبده لا يخرج منه زبد، وهو ما قررت به رد تخريج اللخمي بمنع إحدى مقدمتي دليله، وبيانه أن نقول قولكم في الرد المماثلة إن كانت في كونهما لبنين فقط دون كون أحدهما يخرج منها الزبد صدقت المقدمة الأولى دون الثانية؛ لأن نسبة ما لم يخرج زبده للسمن إنما هي من حيث اشتماله على الزبد إلخ مردود بالرطبين اللذين لا يتمر أحدهما، فإن نسبة ما يتمر منهما للتمر في منع بيعه به إنما هي من حيث قبول صيرورته تمرًا، وما لا يتمر، هذه الحيثية غير ثابتة له، مع أن نسبته للتمر في منع بيعه به كنسبة ما يتمر فكذا ما أخرج زبده مع ما لم يخرج زبده، وقد تقدم لنا جواب هذا السؤال وأجاب هو عنه بأن قال قلت: هذا السؤال غير لازم؛ لأن ما ذكر تموه في باب منع الرطب باليابس إنما هو في النوعين الداخلين تحت جنس واحد، وصنفين تحت نوع كلحمين أحدهما يابس والآخر رطب أو كالرطب بالتمر، وأما السمن والزبد مع اللبن فليس من هذا إنما هما جزآن من اللبن الذي لم يخرج زبده، وتحقق ذلك أن النوع مضاد لنوعه في المعنى، فإنه لا يصلح كون الحيوان الواحد طائرًا إنسانًا ولا ذكرا أنثى فلا يجتمعان بوجه، بخلاف السمن واللبن على ما قلنا فحيث منع شيء من هذا فإنما منع لأجل المزابنة التي تكون في الربوي وغيره لا لكونه ربويًا.

قُلتُ: حاصله أنه زعم أالمماثلة التي لا يضر فيها كون أحد المثلين يختص بأمر دون مماثله، إنما هي في المثلين اللذين هما نوعان تحت جنس أو صنفان تحت نوع كاللحمين أحدهما يابس والآخر رطب، أو كالرطب والتمر والسمن والزبد مع اللبن ليسا كذلك؛ لأنهما جزآن من اللبن الذي لم يخرج زبده. واستدل على أن الرطب والتمر نوعان بتضادهما، وعلى أن اللبن المخرج زبده مع السمن أو الزبد لا يصح كونهما نوعين ولا صنفين بعدم تضادهما؛ لأنهما جزآن من اللبن الذي لم يخرج زبده، والجزآن من كل يجتمعان فلا تضاد بينهما. أما زعمه أن المنع إنما هو في النوعين أو الصنفين فمردود بأن منع المزابنة في الربوي وغيره إنما هي في النوع الواحد، ويقع في عباراتهم الجنس والصنف بدل النوع، والمعتبر في منع المزابنة كونها فيما كان المقصود منه في المنفعة، واحدًا أو متقاربًا سمي نوعًا أو جنسًا أو صنفًا لا فيما تباين ذلك فيه أو تباعد، كما هو ظاهر شرطه المنع بكةنه بين نوعين متضادين فتأمله، وأما زعمه أن اللبن مع السمن أو الزبد ليسا بنوعين لعدم تضادهما؛ لأنهما جزآن إلخ فوهم؛ لأن التضاد المعتبر بين النوعين إنما هو في الصادقية على موضوع واحد، وهو حاصل في اللبن المخرج زبده مع السمن، والزبد، والاجتماع الكائن بينهما إنما هو في الوجود الحسي وهو غير مانع من التضاد المذكور فهما نوعان أو صنفان أقرب مشترك بينهما المخرج من اللبن الحليب. وقوله: حيث منع شيء من هذا إنما منع للمزابنة التي تكون في الربوي وغيره لا لكونه ربويًا غير صحيح؛ لأن المزابنة التي تكون في الربوي وغيره إذا تبين الفضل ألغيت، والمزابنة في الرطب والتمر واللبن والسمن والزبد معتبرة ولو بان الفضل بينهما، أما في الرطب والتمر فواضح، وأما في اللبن المضروب مع الزبد والسمن فكذلك؛ لأن اللبن مع أحدهما إن كانا جنسين فلا مزابنة؛ لأنها إنما تعتبر في الجنس الواحد، وإن كانا جنسًا واحدًا كان اللبن ربويًا؛ لأنه من جنس الزبد، أو السمن حينئذ، وما هو من جنس الربوي ربوي، وتوهيم ابن الحاجب ابن بشير بما ذكر من لفظها بين، ويجاب بأن مراده بالصنعة مجموع المخض وما بعده، لا ما بعده فقط، وتوهيمه اللخمي وهم.

والمعروف أن الماء غير طعام في ثالث سلمها والإدام والشراب كله طعام لا يباع قبل قبضه، ولا يصلح منه اثنان بواحد إلا أن يختلف أنواعه إلا الماء يجوز بيعه قبل قبضه ومتاضلًا يدًا بيد، وبطعام إلى أجل، وخرج القاضي من رواية أبي الفرج وابن نافع منع بيع عذبه بطعام إلى أجل أنه ربوي، ورد المازري وغيره بأنه حينئذ كفاكهة لا تدخر ولا تقتات، وقبلوه وعبر عنه ابن الحاجب بقوله: ووهم فإن هذا حكم الطعام غير الربوي ويرد بأن وضوح العلم بادخاره ودوامه مع كونه طعامًا برواية ابن نافع يوجب كونه ربويًا. المازري: وعلى الترجيح بيع دار بأخرى لكل منهما ماء عذب، غير جائز على رعي الأتباع جائز على لغوها. قُلتُ: فليزم الثاني في فدان بآخر بكل منهما تمر ربوي، واختلاف جنس الطعامين الربويين يبيح فضل أحدهما على الآخر فالحنطة والتمر والزبيب ولحم ذي الأربع ولحم دواب والجراد واللبن مطلقًا والزيت والخل والعسل كل منهما جنس لأنواعه: الشَّيخ: روى ابن حبيب: بيض كل الطير جنس واحد كان مما يطير أولا كالنعام والطاووس وصغيره وكبيره. الباجي: التين كله جنس وكذا العنب. ابن حبيب: الثوم والبصل جنسان. قُلتُ: وكذا عسل النحل والسكر، وهو دليل قول قول اللخمي لا يراد عندنا إلا للعلاج، ولظاهر قوله: العسول أصناف، وتقارب منفعة الجنسين تصيرهما جنسًا واحدًا. والمعروف أن القمح والشعير جنس واحد، ولم يحك المازري فيه في شرح التلقين خلافًا في المذهب، وقال في المعلم إثر نقله قول الشافعي: إنهما جنسان، ومال إليه بعض شُيُوخنا المحققين. وقال في موضع آخر: لم يختلف المذهب أنهما جنس واحد ورأى السيوريى أنهما جنسان ووافقه على ذلك بعض من أخذ عنه قال في موضع آخر: لم يختلف المذهب أنهما جنس واحد ورأى السيوريى أنهما جنسان ووافقه على ذلك بعض من أخذ عنه قال غيره هو: عبد الحميد الصائغ، ولم يعزه ابن بشير إلا للسيوري، والمذهب أن السلت كالقمح وفي إجزاء قول السيوري فيه

نظر، والأظهر عدمه؛ لأنه أقرب للقمح من الشعير. وفي كون (...) من جنس القمح نقل أبي عمر عن ابن كنانة مع اللخمي عن رواية ابن حبيب، ومعروف المذهب، أبو عمر اتفق قول مالك على أن الذخن والذرة والأرز أصناف يجوز التفاضل بينها. الباجي لزيد بن بشير عن ابن وَهْب: أن الدخن والذرة والأرز جنس لا يجوز التفاضل بينهما. وقول ابن شاس: المشهور أنها لا تلحق بالقمح والشعير وما معها وألحقها ابن وَهْب بها. وسبب الخلاف النظر لتباين الخلقة والمنفعة أو إلى أن العادة اختبازها لا أعرف من نقله عن ابن وَهْب غير ابن محرز، ونقله ابن بشير غير معزو، ونقله اللخمي عن الليث ومال إليه. قال: ذكر عن الليث أن القمح والشعير والسلت والأرز والذرة والدخن صنف واحد في البيع وهو أقيس على قولهم: أخبازها صنف واحد وفيها رجع عن كون القطاني أصنافًا؛ لأنها صنف واحد. وبالأول أقول: ابن رُشْد به قال: سائر أصحاب، وثالثها له ما لا يشبه بعضه بعًا في المنفعة كالحمص والفول، والترمس والكسر سنة فهي أصناف، وما أشبه بعضه كالحمص والعدس صنف. أبو عمر: روي ابن وَهْب أنها كلها صنف واحد، وروى ابن القاسم أنها أصناف لا بأس بالتفاضل بينها، وقاله سَحنون وأكثر أصحاب مالك، وقال ابن القاسم وأشهب: الجلبان والبسيلة صنف واحد والحمص واللوبيا صنف واحد، وما عدا ذلك أصناف مختلفة. ابن زرقون: قال عيسى: لا بأس بالبسيلة بالجلبان واللوبيا بالحمص متفاضلًا، ورواه ابن أبي جعفر عن ابن القاسم في الحمص واللوبيا، وأجاز الجلبان بالعدس. قال: وكرهه أشهب. وفي كون الكرسنة من القطاني أو صنفًا على حدة، ثالثها: إنها غير طعام رواية اللخمي مع أحد نقلي ابن بشير، وثانيهما مع ابن رُشْد عن ابن حبيب، وقوله في سماع

القرينين في الزكاة. قال ابن وَهْب: لا زكاة فيها واختاره يحيى بن يحيى، وهو الأظهر؛ لأنها علف ليست بطعام. وفي كون الأرز والجلبان من القطنية نقل ابن رُشْد رواية زياد والمشهور مع سماع القرينين، وقول ابن بشير الكرسنة هي اللوبيا خلاف سماع القرينين، تفسير مالك القطنية بقوله: الجلبان واللوبيا والحمص والكرسنة وما أشبه ذلك. وفيها: ما أضيف اللحم من شحم وكبد وكرشٍ وقلب ورئة وطحال، وكلأ وحلقوم وكراع وخصي ورأس وشبهه حكم اللحم. والمعروف اختلاف طبخ اللحم لا يعد جنسه. عبد الحق: لم يذكروا في كون الطبخ يوجب اتحاد المطبوخين ولو كانا جنسين أم لا، والظاهر الأول كخبزي الجنسين. قُلتُ: فيتخرج خلافه احرويًا؛ لأن التباين بالطبخ أبين ولذا قيل به في الجنس الواحد وصفة الطبخ تأتي، التونسي: إن بيع اللحم المطبوخ بعسل بما طبخ به بلبن فلا شك في اتحاده؛ لأن طعمهما متقارب، وإن بيعا بمرقتهما أمكن أن يختلفا لا ختلاف أجناسهما، إلا أن يغلب اللحم فيكون مرقة تبعا فيجب تحري الجميع. اللخمي: القياس جواز التفاضل بين قلتي الخلوالعسل لتباين الأغراض فيهما. المازري: مال بعض أشياخي لتعدد جنس اللحم باختلاف طبخه الذي تختلف فيه الأغراض. ابن شاس: تعقب بعض المتأخرين المذهب، وأرى أن الزبرباج مخالف للطباهجة مخالفة لا يتمارى فيها. قُلتُ: ففي اختلاف اللحمين مطبوخين طبخًا تختلف فيه الأغراض. ثالثها: إن كانا جنسين وبيعا بمرقتهما. اللخمي: ومعروف المذهب، والتونسي، وظاهر كلامه: أن بيع لحم مع مرقه بلحم مع مرقه كبيع لحم بلحم. وقال اللخمي: قولها: لا يجوز قلية لحم بعسل بقلية لحم بخل أو لبن متفاضلًا،

يريد: إن باعا اللحم باللحم فقط، وإن أدخلا أو داكهما في البيع جرى على الخلاف في بيع قمح، ودقيق بقمح ودقيق. قال المازري: هذا إن أعطيت الاتباع حكم نفسها، وإن ألغيت فلا. قال: والتساوي بين اللخمين مطبوخين بالوزن يعسر، فوجب كونه بالتحري وفي وجوب التحري في اللحمين ومرقيهما أو دونهما قولا الشَّيخ وغيره، ورجحه عبد الحق بأن المعتبر في تحري الخبزين دقيقاهما دون تماثل أعيانهما، وسياق كلام المازري دخول قول ابن شعبان بإلغاء عظم اللحم المتحرى قبل طبخه فيه بعد، ويرد بأن عظم المطبوخ معتبر لطبخه معه بخلاف ما قبله، وقول ابن الحاجب اختلف في الأمراق باللحوم المطبوخة، المختلفة والمشهور أنها جنس بين لكل منصف بعده عن بيان المذهب. اللخمي: في كون التوابل طعامًا روايتها ورواية ابن شعبان، وهي الكزبر والقرنباذ والفلفل وشبهه. قُلتُ: وفيها والشونيز، والتابل، ويدخل في قول اللخمي شبه ذلك الزنجبيل. عياض: القرنباذ: بفتح القاف والراء ونون بعدها ساكنة وآخره دال: الكرويا، والشونيز: بفتح الشين: الحبة السوداء. الشَّيخ عن محمد عن ابن القاسم: الشمار والآنيسون والكمونات طعام، وقال محمد وأَصْبَغ في هذه الأربعة: ليست طعامًا هي دواء إنما التابل الذي هو طعام: الفلفل والكرويا، والكزبر، والقرفة والسنبل. ابن حبيب: الشونيز والخردل من التوابل لا الحرف، وهو حب الرشاد، وهو دواء لا طعام، وعزو ابن الحاجب كون التوابل غير طعام لأَصْبَغ يقتضي عموم قوله في جميعها، والذي في النوادر إثر قول ابن القاسم لأَصْبَغ غير ذلك. والذي في النوادر إثر قول ابن القاسم لأَصْبغ غير ذلك. وفي كون التوابل جنسًا أو أجنسًا. نقل الشِّيخ عن محمد عن ابن القاسم: الشمار والانيسون جنس، والكمونات جنس، وقول الباجي: الأظهر أنها أجناس لاختلاف منافعها وتباين الأغراض فيها. قال: ولمحمد عن أَصْبَغ وتأوله عن مالك الفلفل والقرفة، والسنبل والكرويا وحب الكزبر والقرطم والخردل أجناس مختلفة. قُلتُ: في النوادر إثر قول أَصْبَغ في الفلفل وما بعده.

قال أشهب عن مالك: كل واحد من ذلك جنس. والأظهر أن الفلفل والزنجبيل جنس واحد، ولا نص فيه وفي تعبير ابن الحاجب عن قول الباجي بالكراهة نظر. وفي وحدة جنس الأخبار مطلقًا طريقان: ابن رُشْد: في كونها كذلك، وفي كون أخبار القطنية جنسًا وحدها، ثالثها: أنها أجناس باختلاف أصولها للمشهور وابن أبي جعفر عن ابن القاسم رواية معه. قُلتُ: عزاه اللخمي أيضًا لأحد قولي أشهب قائلًا: أرى تباين منفعة الخبز وطعمه تبيح التفاضل فيه. قُلتُ: فيلزم جواز الفضل في خبزي القمح والشعير ضرورة. ابن زرقون: في كونها جنسًا واحدًا وتبعيتها لأصولها، ثالثها: خبز القمح والشعير والسلت والدخن والذرة، والأرز جنس، وخبز القطنية جنس لأشهب، والبرقي ومحمد عن ابن القاسم مع أشهب، وعليه في كون خبز القطنية جنسًا خلاف ابن حارث، اتفقوا على أن سويق أجناس القطنية جنس واحد، وذكره الباجي عن ابن القاسم قال: وفرق أسهب بينه وبين أخبازها بأن جعلها أخبازًا نادر، وجعلها سويقًا غالبًا. والخلول وإن اختلفت أجناسها جنس. ابن حارث: اتفقوا في خل العنب والتمر أنها جنس لاتفاق النافع. الباجي: تجمع الصنعة بين الشيء وما ليس من جنسه كخل التمر وخل العنب، وخل العسل كلها جنس واحد. زاد ابن القاسم في المدينة، وكذا كل خل اختلفت أصنافه أو لم تختلف، وقاله ابن نافع، وقال عيسى: هذه الأخيرة خطأ، ولذا قلنا في الإبل والبقر والغنم أنها أجناس لاختلاف الأغراض فيها، ولحومها وألبانها جنس لاتفاق الأغراض فيها. قلت: لم يتعقب الباجي ولا ابن زرقون تخطئته ابن القاسم والأظهر أنها الخطأ؛ لأن الزيادة المذكورة صواب وتخطئة الصواب خطأ، وتمسكه بما ذكر ينقلب عكس دعواه ضرورة صدق قولنا ألبانها جنس واحد اختلفت أصنافها أو لم تختف، وكذا لحومها.

وظاهر كلام ابن رُشْد: الاتفاق على اتحاد جنس الخلول مطلقًا، ولم يذكر اللخمي والمازري فيها خلافًا، وقول ابن الحاجب: اختلف في الخلول وقبوله ابن عبد السلام لا أعرفه، ولا يصح أخذه من قول عيسى بعد تسليمه؛ لأنه بشرط اختلاف الأغراض فيها. وفيها: زيت الزيتون، وزيت الفجل، وزيت الجلجلان أجناس لاختلاف منافعها. ابن حارث: اتفقوا في كل زيت يؤكل أنه ربوي، وأجاز ابن القاسم التفاضل في زيت الكتان؛ لأنه لا يؤكل، وقال أشهب: لا يباع قبل قبضه. المازري: مال بعض شُيُوخي إلى أن دهن اللوز غير ربوي؛ لأنه لا يستعمل غالبًا عندنا إلا دواء، وهو بعيد عن أصل المذهب؛ لأن بعض القوت والأدم يترك أكلها لغلائها. ودهن الورد، والياسمين والبنفسج، ونحوها إنما تتخذ دواء، فيخرج عن حكم الطعام عند بعض أشياخي. قُلتُ: ما ذكره عن بعض أشياخه وهو نص اللخمي، وقولهما في زيت الورد ونحوه يقتضي عدم وقوفهما عليه للمتقدمين، وفي رسم من سماع عيسى ابن القاسم من السلم والآجال: لا يعجبني الزنبق والرازي والخيري بعضه ببعض إلى أجل متفاضلًا؛ لأن منافعه واحدة. ابن رُشْد: هذه أدهان حكم لها بحكم الصنف الواحد على أصله في مراعاة المنافع دون الأسماء. المازري واللخمي: لا يجوز الفضل بين الخبز والكعك إلا أن يكون فيه أبراز. ابن شاس: أجازوا الفضل بينهما، وقال بعض المتأخرين: انظر هذا مع قولهم: الألوان كلها صنف، ومقتضاه جعل الخبز والكعك صنفًا واحدًا، وقول ابن الحاجب: اختلف في الخبز والكعك للأبزار، والمذهب أنهما جنسان ظاهره التنافي، ومقتضى المذهب في وحدة جنس المطبوخ كونهما جنسًا واحدًا كما أشار إليه ابن شاس عن بعضهم، وللشيخ عن كتاب محمد قال: الأرز المطبوخ بالهريسة لا يصلح إلا مثلًا بمثل، أَصْبَغ كعجينهما لا يصلح إلا تحريًا. المازري: إن أراد الهريسة المصنوعة من الأرز واللحم يجعل خلط اللحم به لا ينقله

عن حكمه، وإن أراد ما صنع من القمح واللحم يجعل طبخ القمح والأرز يصيرهما جنسًا واحدًا. قُلتُ: مقتضى منع الأرز بهريسة متفاضلًا منع بالكعك متفاضلًا فتأمله. وفي جواز التمر بخله ومنعه مطلقًا، ثالثها في اليسير لابن رُشْد عنها مع نقله عن بعض روايات سماع عيسى، وأخذه عن سماع يحيى. ابن القاسم: منع خل التمر بنبيذه منضمًا لمنع التمر لنبيذه؛ لأن نسبة بعض الجنس إلى طعام كنسبة باقيه إليه مع فضل، واستحسانه هذا الأخذ من هذا السماع، وابن الماجِشُون، وعلى غير الأول فرق بين جواز خل العنب بخله ببعد ما بينهما، ثم رد الأخذ من سماع عيسى بأن قرب التمر من نبيذه مع قريب نبيذه من خله لا ينتج قرب التمر من خله؛ لأنهما طرفان النبيذ بينهما. الباجي: نص مالك على جواز التمر بخله فقاس ابن القاسم عليه العنب بخله، وروى محمد عنه أنه قال: لا أدري إن كان يطول كالثمر فلا بأس به فاعتبر الطول دون الطعم، وقال المغيرة: لا يحل التمر بخله ولا العنب بخله، ولا بأس بخل التمر بالعنب وخل العنب بالتمر، وقال أبو زيد عن ابن الماجِشُون: يجوز في اليسير لا الكثير للمزابنة، وقال اللخمي في ثمانية أبي زيد: إنه فاسد للمزابنة حتى يتبين الفضل كقول مالك في الجلد بالأحذية. قُلتُ: قوله: حتى يتبين الفضل وهم؛ لأنهما ربويان بخلاف الجلد بالأحذية. الباجي مع سماع يحيى ابن القاسم: لا يحل خل التمر بنبيذ الزبيب. وفيها: لا خير في قصب الحلو بربه ولا التمر بربه، إلا أن يدخله أبراز فيصير صنعة يبيح التفاضل فيه. الشَّيخ عن كتاب محمد قال: لا خير في رب عسل القصب بعسله، إلا أن تدخله أبزار. ابن بشير: إن لم يطل زمن الصنعة فالمشهور لا تنقل، كالتمر بنبيذه، والزبيب بنبيذه. الباجي: سمع يحيى ابن القاسم: لا يصلح التمر بنبيذه متفاضلًا، وعلله بتقارب المنافع، ولعله أراد تقارب الانتفاع إذ منافعها متباينة، وإن عللنا بالطعم واختلاف

الأغراض جاز الخل بالنبيذ متفاضلًا، قال وسمع أبو زيد ابن القاسم: لا بأس بالفقع بالقمح وليس فيه غير تغير الطعم. ابن رُشْد: يحتمل أن يريد الفقع الذي يعمل في الأعراس، روي أن مالكًا كره شربه، إلا أن يكون من عمله مأمونًا في دينه. وقال ابن وَهْب: هو حلال شربه السلف وأجازوه، رأيت الليث بن سعد يشريه كثيرًا، ويقول ليس من الخليطين في شيء، وقال أَصْبَغ وسَحنون: لا بأس به، ومن كرهه إنما كرهه من ناحية الطب لا من جهة العلم، وهو حلال بين أصله من العسل يجعل فيه خمير القمح، وإفاوة طيب فأجاز بيعه بالقمح يدًا بيد لم يعتبر ما فيه من خمير القمح؛ لأنه يسير مستهلك تبع ويحتمل أن يريد ما يتولد زمن الربيع في أصول الشجر والمواضع الرطبة يؤكل نيئًا ومشويًا، فإن كان مراده فيجوز بالقمح يدًا بيد وإلى أجل؛ لأنه وإن كان يؤكل فأكله قليل لا يحكم له بحكم الطعام والأول أظهر. قُلتُ: ظاهر قول الباجي ليس فيه غير تغير الطعم أنه لا إضافة فيه من عسل ولا إفاوة. الباجي: في كون نبيذ التمر ونبيذ العنب جنسًا أو جنسين قولها، وقول كتاب الفرج، وتجويز ابن القاسم الفقاع بالقمح يقتضي أن الانتباذ صنعة. قُلتُ: هذا على فهمه لا على ما مر لابن رُشْد. وفي كون نبيذ التمر ونبيذ الزبيب جنسًا أو جنسين نقلا الباجي مع غيره، وعن كتاب أبي الفرج. اللخمي: قال مالك: لا يصلح نبيذ الثمر ونبيذ الزبيب إلا مثلًا بمثل؛ لأن منفعتهما واحدة. ابن حبيب: الأشربة الحلال من التمر والزبيب جنس، وقال أبو الفرج: عصير العنب والتمر جنسان ما لم يتخللا، وهذا أبين؛ لأن التمر بنبيذه والعنب بعصيره لا يجوز متفاضلًا، فإذا لم ينقله انتباذه عن أصله، والتمر بالعنب يجوز متفاضلًا؛ جاز الفضل بين نبيذيهما. قُلتُ: فقول ابن شاس وابن الحاجب، وقبوله ابن عبد السلام المشهور أن نبيذ

التمر ونبيذ الزبيب صنفان تبعًا لأصولهما، وعند أبي الفرج أنهما صنف واحد وهم، وفيها لمالك: لا يصلح نبيذ التمر ونبيذ الزبيب إلا مثلًا بمثل. والمذهب أن الطحن والعجن لغو، ونقله ابن بشير، ثم قال في لغو الصنعة: دون نار ولا طول قولان: الباجي عن عبد الرحمن بن أبي سلمة: الطحن معتبر وعزاه غيره لليث. وفيها لمالك لا يجوز اللحم الممقور بالنيئ، ولا السمك الطري بالمملح ولا القديد باللحم النيء متفاضلًا، ولا مثلًا بمثل ولا تحريًا، ولا يعجبني اللحم المشوي بالنيء واحد باثنين ولا بينهما فضل، وهذا أيضًا مما رجع عنه وأقام على كراهته، مثل القديد وهو أحب قوله إلي، وقال مالك: ولا يتحرى، ولم أسمع منه في القديد بالمطبوخ شيئًا، فإن كان القديد إنما جففته الشمس بلا تابل ولا صنعة صنعت فيه جاز منه واحدًا باثنين من المطبوخ، وكذا المشوي به، ولا خير في القديد بالمشوي وإن تحرى. قُلتُ: فتجفيف الشمس والنار بتابل ناقل، وكذا فيها ما كان بمرقة وأبزار. الباجي: إن اقترن بالنار ما تتم الصنعة به من ملح وإبزار وزيت وخل ومري وغير ذلك، فما انضاف إليه ما تكون للنهاية المعتادة من عمله فهي صناعة، كالأبزار والمرقة في طبخ اللحم والماء، والملح في الخبز فهذا يغير الجنس؛ لأن الماء والملح هو النهاية من عمل الخبز في الأغلب. قُلتُ: ظاهره أن طبخ اللحم بالماء والملح فقط لغو ومثله قول اللخمي. قال ابن حبيب: لا خير في قديد بقديد لاختلاف يبسه، ولا في الشواء؛ لأنه لا يعتدل، وبيع أحدهما بلآخر أو بالنيء مثلًا بمثل لا يجوز إن كان الأبزار فيهما، ولا أبزار في أحدهما، فإن كان في أحدهما فقط جاز التفاضل فيهما إذا غيرته الصنعة بالتوابل والأبزار التي عظمت فيها النفقة، فأما ما طبخ بالماء والملح فلا. قُلتُ: فإن أضيف إيهما بصل فقط أو ثوم، فكان بعض شُيُوخنا يراه معتبرًا، وهو مقتضى آخر كلام ابن حبيب خلاف مقتضى أوله، وقول ابن الحاجب: طبخه بماء أو غيره ناقل خلاف ما تقدم للباجي واللخمي عن ابن حبيب، وما تعرض ابن عبد السلام إليه بوجه.

ابن حارث: اختلف في طري اللحم بالمطبوخ فأجازه ابن القاسم. وقال ابن عبد الحَكم: لا يجوز مثلًا بمثل بحال، وروى عن مالك قال: وانفرد ابن القاسم بقوله. قُلتُ: فيها قال مالك: لا بأس باللحم الطري بالمطبوخ متفاضلًا إذا غيرته الصنعة، ونقل ابن زرقون قول ابن عبد الحَكم دون روايته، وزاد فيه وإن طبخ بأبزار وخل ومري. والمعروف أن الخبز ناقل. ابن زرقون في المبسوطة عن ابن نافع: لا يجوز بيع القمح والدقيق بالخبز. قُلتُ: فيفوم منه، ومن قول ابن عبد الحَكم في الطبخ، وقول المغيرة في منع الخل بتمره لغو الصنعة مطلقًا. اللخمي: يجوز التفاضل بين الأسفنجة والخبز والكعك؛ لأن الزيت نقل طعمها كالأبزار، واختلف فتوى شُيُوخنا في بيع السقي بالخبز متفاضلًا، وهو ما يطبخ مسطحًا من عجين القمح طبخًا يسيرًا، ثم يعجن سحتًا تحله الحاكة بالماء حتى ينماع به ثم يبلون فيه الغزل، والأظهر جوازه من قولها: يجوز مشوي اللحم بمطبوخه متفاضلًا، ويجوز النشاء بالخبز متفاضلًا؛ لأن صنعته أخرجته عن منفعة الأقل إلى غيره، التونسي لا رواية في الخبز، بالسويق وينبغي جواز التفاضل فيه لاختلاف منفعته، وإذا لم تجز الهريسة بما فيها من اللحم بالأرز المطبوخ وحده، فلا تجوز بخبز ولا بعصيدة إلا مثلا بمثل؛ لأن النار جمعتهما. وفي قلو الحبوب قولان: لقولها: لا بأس بالحنطة المبلولة بالحنطة المقلوة، وبلغني عن مالك فيه بعض مغمز حتى تطحن المقلوة، ولا بأس بالأرز اليابس بالمقلو. اللخمي: لا يجوز يابس الفلول بمسلوقه، وقد يجوز في الترمس لطول أمره وتكلف مؤنته. المازري: أما السلق للحب فرأى بعض الأشياخ أن سلق الفول صار جنسًا آخر، وجاز الفضل بينه وبين ما لم يسلق منه، ثم ذكر كلام اللخمي. ففي اعتبار السلق ثالثها في الترمس لا الفول الأقوال المتأخرين، وسمع عيسى ابن القاسم، لا خير في بيض مسلوق

باب في شرط المماثلة

بنيء منه ليس السلق صنعة. ابن رُشْد: كقولها: طبخ اللحم بغير أبزار لغو، وسمعه لا بأس بالقصب بالسكر. ابن رُشْد: زاد في بعض الروايات وعسل القصب بربه إن أدخله أبزار كالقرفة والسنبل والفلفل، واللوز والفستق والبيض لا بأس فيه متفاضلًا، لا أعلم إلا أنه بلغني عن مالك، ووقف فيه ابن القاسم إن من لم يدخله شيء إلا بيض ضرب به. ولا بأس بعسل القصب بالسكر لطول أمره. ابن رُشْد: وهذه زيادة على ما في المدَوَّنة؛ لأنه أجاز السكر بقصبه وبربه وعسله لبعد ما بين السكر وبينها، وجعل القصب وربه وعسله جنسًا واحدًا، إلا أن يدخل بعضها أبزار فيجوز التفاضل بينه وبين ما لم يدخله منها. [باب في شرط المماثلة] وشرط المماثلة: اتحاد العوضين في درجة الطيب، وسمع عيسى ابن القاسم: لا بأس بواحد باثنين أخضرين أو يابسين في الخوخ، وعيون البقر ولا خير في رطبة بيابسة من صنف واحد؛ لأنه مخاطرة كالتمر والتين في ذلك الحديث: «النهي عن الرطب باليابس». ابن رُشْد: لا يجوز ذلك في الصنف الذي لا يجوز فيه التفاضل اتفاقًا، وفيما جاز فيه التفاضل كالتفاح والخوخ، وعيون البقر فثالثها إن لم يبين الفضل بينهما لدليل احتجاجه في هذه الرواية، وفي سماع أَصْبَغ بحديث النهي، ولابن القاسم في رسم باع شاة وسماعه أبو زيد في جامع البيوع مع دليل اعتلاله في هذه الرواية، وسماع أَصْبَغ بالغرر والمخاطرة

والمزابنة. وقياسه الخوخ وعيون البقر، على التمر والتين بعيد؛ لأنهما ربويان ورد فضل القولين إلى الثالث فلا اختلاف، والرطب واليابس من صنفين جائز مطلقًا اتفاقًا، وقول ابن الحاجب: لا يباع رطب بتمر ونحوهما باتفاق. قُلتُ: إن أراد بنحوهما الرطوبة واليبس بطل بغير الربويين، وإن أراد في ذلك بكونهما ربويين فاته حكم غير الربويين، واختلاف العوضين في درجة الطيب ينافي تماثل قدريهما. فيها: لا يجوز كبير البلح برطب ولا ببسر ولا بسر برطب، ولا تمر بأحدهما ولا برطب. اللخمي اختلف في الرطب بالتمر إذا تحرى نقص الرطب إذا جف، واختلف قول مالك في طري اللحم بيابسه على التحري. وذكر ابن بشير تخريج اللخمي، وقال: ليس كما ظنه فإن الرطب حالة كماله التيبس، وله يراد، واللحم حال كماله الرطوبة، واليبس تغير عن كمال لذا ألغى في أحد القولين، والعجين دقيق أضيف إليه شيء فجاز بيعه بالدقيق وقبله ابن عبد السلام، وحاصله التفريق بأن الرطوبة في اللحم كمال لا اليبس، وفي التمر على العكس، وكون هذا رد القياس لا ينهض؛ بل يرد بأن يبس الرطب من اللحم قد يعود يابسًا، فالتحري فيه قريب الصدق لإمكان تجربته طريًا، ويابسًا، وعين الرطب لا تصير تمرًا، فلا تمكن تلك التجربة فيه، وبأنه قياس فاسد الوضع؛ لأنه في معرض النص، وتقدم نحو هذا في شحم الميتة. الشَّيخ في كتاب محمد قال: الجبن كالسمن والزبد، لا يجوز بالبن، واختلف في الجبن باللبن المضروب، فكره وأجازه ابن القاسم، وأجاز مالك المضروب بالزبد والسمن. ابن حبيب: لا يباع رطب الجبن بيابسه ونحوه لمحمد. اللخمي: في جواز الرطب بالرطب مثلًا بمثل قولا ابن القاسم مع مالك وعبد الملك لنقصه إذا جف، وعليه منع البسر بالبسر، وأجاز مالك جديد التمر بقديمه ومنعه عبد الملك، وهو أحسن إن اختلف صنفاهما كصيحاني وبرني.

الباجي: انظر إذا كان نصف الثمرة بسرًا ونصفها قد أرطب، هل يجوز بيع بعضه؟ قُلتُ: الأظهر على مشهور المذهب جوازه. اللخمي: في جواز الحليب بحليب، متماثلًا: روايتها ورواية أبي الفرج لجعل قدر زبديهما، وهذا يصح، حيث يراد لزبده، ولو منع لاختلاف ما يراد منهما، لمنع قمح بقمح لاختلاف ربيعهما. وفيها: يجوز حليب فيه زبده، وبما لا زبد له من لبن لقاح، أو إبل كدقيق بقمح وله ريع: قُلتُ: فيتخرج فيه رواية منعه. اللخمي: يجوز الزيتون بالزيتون مثلًا بمثل، وإن كان زيت أحدهما أكثر. قُلتُ: لم يذكر فيه تخريجًا من رواية أبي الفرج. وقال ابن الحاجب: يجوز بمثله اتفاقًا. اللخمي: شرط بيع اللحم بمثله من جنسه كون الذبح فيهما في وقت واحد أو متقارب. وإن بعد، وجفت الأولى لم يجز وزنًا، ويختلف فيه على تحري النقص، ويجوز تفضلًا من رب الأولى إن لم تكن أدنى كالدنانير الناقصة بالوازنة. قُلتُ: منع قطع الدنانير صيرورته كجودة، وقطع اللحم متيسر، وسمع عيسى ابن القاسم: لا خير في زيتون جف بمثله مما لو ترك قدر ما ترك نقص. ابن رُشْد: لا يجوز كيلًا اتفاقًا، وروى محمد جواز رطب الخبز بيابسه تحريًا، والمنع أحسن؛ لأن التحري لا تحصل به حقيقة المماثلة. الشَّيخ عن المَّوازية: اختلف قول مالك في طري اللحم بالقديد أو المشوي، وآخر قوليه كراهته، وإن تحرى، وبه أخذ ابن القاسم وأَصْبَغ وأخذ ابن وَهْب، وابن أبي المغمر بالأول. ابن القاسم: لا خير في قديد بمشوي وإن تحرى، ولا في طري السمك بمالحه وإن تحرى. قال مالك: لا بأس بالحالوم الرطب بيابسه، وبالمعصور القديم وبالجبن بالحالوم تحريًا، وكره الزيتون الطري الأخضر بالمالح الذي أكل منه.

قُلتُ: ظاهر كراهته الزيتون من غير ذكر تحريه مع إجازته التحري فيما قبله وفيما بعده منعه فيه، وذكر ابن الحاجب: فيه قولين، ولم أجد من ذكرهما نصًا فيه، وتخريجهما من غيره واضح. اللخمي: في جواز العجين بالدقيق تحريًا روايتان: ابن رُشْد: العجن ليس بصنعة، لا يجوز دقيق بعجين متفاضلًا اتفاقًا. وفي جوازه تحريًا ثالثها في اليسير كسلف بعض الجيران الخميرة يرد فيها دقيقًا أو يبدلونها به، لابن حبيب مع أحد سماعي عيسى ابن القاسم، وثانيهما وثاني سماع ابن القاسم مع نص رواية محمد، وقول أشهب بالمنع قيل لعدم استطاعة تحريه، وقول سَحنون: لأن أصل الكيل للدقيق، وأصل العجين الوزن، ولا يتحرى ما أصله الكيل؛ بل ما أصله الوزن غير بين؛ لأن معنى تحري المكيل لعدم، تعذر ما يكال به من قدح أو صحفة، وإن لم يكن مكيالًا معلومًا، وما يوزن به قد يتعذر، والعجين لا يمكن كيل دقيقه بحال، فالتحري فيه أجوز من الموزون لعدم الميزان، ولذا أجاز ابن القاسم خبز القمح بخبز الشعير بتحري كيل دقيقهما، وأجاز التمر المنثور بالمكتل تحريًا إذ لا يتأتى كيل التمر المكتل. قُلتُ: المكتل يحتمل أنه اسم مفعول من فعل مضعف العين لقول الجوهري: الكتلة المجتمعة من الصمغ، أو على وزن فعل كز من لقول ابن سيده، كتل الشيء فهو كتل تزلق وتزلج. ابن شاس: ما كانت رطوبته طارية كالقمح المبلول مثلًا بمثل المشهور منعه لاختلاف البلل، وقيل بالجواز قياسًا على الرطب بالرطب. ابن بشير: غي بيع ذي الرطوبة الطارئة بعضه ببعض مثلًا بمثل الجواز لتساوي حالتيهما، والمنع؛ لأن المقصود حالة الجفاف، ولا يقطع بالتساوي فيهما وتوهم الفضل كتحققه. وقال ابن رُشْد: في رابع مسألة من رسم أوصى من سماع عيسى من جامع البيوع لا خلاف في منع بيع الزيتون الطري بالجاف منه كيلًا بكيل كالرطب بالتمر، والفريك بالقمح والحنطة المبلولة بالحنطة المبلولة؛ لأن بعض المبلول أشد انتفاخًا من بعض.

قُلتُ: ظاهر لفظ ابن شاس أن القول بالجواز إنما هو مخرج على جواز بيع الرطب بالرطب، ويرد بأن رطوبة الرطب أصلى الله عليه وسلمة لا عارضية ولا معروضة؛ لأن تكون بفعل آدمي، وبأنه كذلك يؤكل ولاييبس فلا يصير لحالة يختلف فيها قدره، وقد أشار ابن بشير إلى هذا في تعليله المنع ولازم صحة التخريج تناقض المشهور؛ لأنه في الرطبين الجواز، وفي المبلولين المنع، وظاهر قول ابن بشير أن القول بالجواز منصوص لا مخرج، وظاهر سياق ابن رُشْد الاتفاق على منعه، وقال في رسم القبلة من سماع ابن القاسم من كتاب الصرف: ظاهر هذا السماع وسماع عيسى ابن القاسم في جامع البيوع جواز بدل القمح المأكول والمعفون بالسالم على وجه المعروف، ومنعه أشهب كالدنانير الكثيرة النقص بالوازنة فلم يجز المعفون بالصحيح إلا أن يشبه بعضه بعضًا ولا يتفاوت، وأجاز ذلك سَيحون في المعفون، وفرق بين الدنانير والطعام، بأن الدنانير الوازنة بينها وبين الناقصة فضل في الوزن، ولا فضل بين المعفون والصحيح، وكرهه في المأكول إذا ذهب أكثر الحبة. قُلتُ: يريد في المأكول إذا ذهب أكثر الحبة قلت: يريد بالمأكول السايبس وبه عبر اللخمي وذكر قول أشهب في الكثير قال عنه: ولا بأس إذا قل الطعام، كالدنانير اليسيرة، وإن كثر الطعام، وعفنه مختلف أو كان بأحدهما فقط لم يجز كالدنانير إذا كثرت، وكذا القمحان أحدهما كثير التراب لا يصلح إلا في اليسير، وتقدم منع ابن حبيب قديدًا بمثله ومشويًا بمثله، وذكر اللخمي قبل ذكره جوازه كأنه المذهب، وعبر عنه المازري وابن شاس بالمشهور وتبعه ابن الحاجب، وأشار بمناقضته المشهور في منع المبلول بالمبلوب، ويجاب بأن المشوي والقديد لا يؤول لحالة تبين اختلاف قدره؛ لأنه كذلك يؤكل، وغالب مبلول الحنطة أكله بعد يبسه فيؤول لحالة تبين اختلاف قدره. الباجي: مابه التماثل: الكيل في الحبوب؛ لأنه نصه صلى الله عليه وسلم في التمر والحبوب مثله في نصب الزكاة، وقدر زكاة الفطر والفدية وما لا قدر له في الشرع إن تقرر مقداره كيلًا أو وزنًا في كل بلد كالوزن في اللحم والجبن قدر به، وانظر ما اختلف فيه البلاد كالسمن واللبن والزيت والعسل في بعض البلاد مكيل، وفي بعضها موزون وما لا يتقرر فيه كيل ولا وزن؛ كالبيض والجوز على أنهما ربويان.

زاد ابن بشير ما اختلف فيه البلاد قدر بعادة بلده لا بغيره، إلا أن يعلم نسبته منه. زاد ابن شاس: إن جرت عادة فيه بوجهين قدر بأحدهما أيهما كان. قُلتُ: إن تساويا وإلا اعتبر الأكثر. المازري: إنما يجوز بعض البيض ببعضه بشرط تحري المساواة، واتحاد قدره وإن اقتضى التحري مساواة بيضة لبيضتين، وشرط محمد في بيض النعام استثناء قشره؛ لأنه له ثمنًا ولم يشترطه غيره؛ لأنه رأى أن ثمنه غير مقصود أو؛ لأنه من مصلحته فأشبه النوى في التمر؛ لأنه من ضرورة ادخاره، وقال بعض الشافعية: لايباع عسل بآخر حتى يصفيا من شمعهما؛ لأنه عرض يباع ولا يدخر غالبًا إلا مصفى. ابن بشير: في الرجوع إلى التحري في البيض قولان: قُلتُ: في كون مقابل التحري عنده وزنه، أو الوقف الذي تقدم للباجي نظر، وظاهر سماع عيسى رواية ابن القاسم، بعد هذا أن المعتبر فيه الوزن. وفي اعتبار التحري في المساواة طرق: المازري: اختلاف المذهب فيه خلاف في حال من ألغى غلطه لندوره عنده اعتبره، ومن عكس عكس. ابن بشير: في اعتبار ثالثها في اليسير، وسمع ابن القاسم: لا تصلح قلة صير بقلة صير إلا بالتحري. ابن رُشْد: لا يجوز بعضه ببعض إلا مثلًا بمثل وزنًا، أو تحريًا؛ لأن التحري فيما يوزن جائز، قيل ولو كثر ما لم تدع له ضرورة، وهو ظالم قولها: يجوز اللحم باللحم تحريًا، والسلم فيه تحريا، وقيل لا يجوز إلا عند عدم الميزان، وقيل ولو عدم إلا في طعام يخشى فساده إن ترك لوجود الميزان، وهذا في المبايعة والمبادلة، ولا يجوز في الاقتضاء، اتفاقًا إلا عند عدم الميزان، قاله سَحنون في نوازله. قُلتُ: إن أراد قبل حلول الأجل فالظاهر منعه، ولو عدم الميزان، وإن أراد بعده فالظاهر جوازه؛ لأن كذبه فيه إنما يؤدي إلى حسن قضاء أو اقتضاء دخلا عليه. وفي المبايعة يؤدي للربا فهو في الاقتضاء أجوز، وسمع سَحنون ابن القاسم في

جامع البيوع لمن أسلم في مائة طير لا تستحيي أخذ أقل عددًا من غير صنفها بقدر التي له تحريا. ابن رُشْد: يريد بعد الأجل. قُلتُ: عدم شرطه فقد الميزان أنه لعدم شرطه مطلقًا اختلاف قول ابن رُشْد وسًحنون، أو لأن تعذر وزن الطير كفقد الميزان، وظاهر لفظ المازري وابن بشير إطلاق الخلاف في المكيل والموزون، وسمع عيسى رواية ابن القاسم: بيع اللحم والخبز والبيض بعضه ببعض تحريًا أن يكون فيما يعطى مثل ما يأخذ مثلًا بمثل بلا كيل ولا وزن. ابن القاسم: هذا إذا بلغه التحري ولم يكثر حتى لا يستطاع أن يتحرى، وكذا كل ما يباع وزنًا لا كيلًا هذا إذا يلغه التحري ولم، وما جاز فيه واحد باثنين من طعام أو غيره فلا بأس بقسمه تحريًا كان مكيلًا أو موزونًا أو لا يكال ولا يوزن. ابن رُشْد: قول ابن القاسم إنما يجوز فيما لا يكثر حتي لا يستطاع أن يتحرى، تفسير لقول مالك، وكما يجوز بيع بعضه ببعض بالتحري يجوز قسمه بالتحري. وقال ابن حبيب: لا يجوز، ومعناه، فيما كثر، وما يباع كيلًا لا وزنًا، مما لا يجوز فيه التفاضل لا يجوز بيع بعضه ببعض تحريًا، ولا قسمه تحريًا بلا خلاف. وفي جواز التحري في البيع والقسم فيما يباع كيلًا، أو وزنًا، أو عددًا مما يجوز فيه التفاضل، ثالثها فيما يباع وزنًا كالفاكهة، أو جزافًا كالبقل لا فيما يباع كيلًا لقول ابن القاسم في هذا السماع مع مذهب أشهب. وابن حبيب، ولما في آخر ثالث سلمها مع دليل قولها في القسم: لا يجوز قسم البقل حتى يجذ ويباع، وابن عبدوس عن ابن القاسم مع ما وقع في بعض الكتب قولها في القسم: لا يجوز قسم البقل حتى يجذ أو يباع فعطف يباع بأو لا بالواو. الباجي: المشهور جواز التحري في الموزون دون المكيل، والمعدود وراوه محمد وغيره وهذا عندي على القول إنه لا يجوز إلا في السفر وعدم الميزان، وعلى جواز ذلك مطلقًا، وهو الأظهر لتجويزه السلم في اللحم بالتحري فيجب جوازه في المكيل، والمكيال يعدم كما يعدم الميزان، والقبضة تتعذر فيها المساواة لتعذر بقائها على شكل واحد من القبض والبسط.

قال ابن القاسم: إنما يجوز التحري في القليل دون الكثير. قُلتُ: كذا ذكره في ترجمة المزابنة، وظاهره أنه حمل قول ابن القاسم على الخلاف خلاف ما حمله عليه ابن رُشْد، وقال في ترجمة بيع اللحم باللحم: قال عبد الوهاب من أصحابنا: من أجاز التحري مطلقًا، دون تقييد بوزن وقيده بعضهم بعدم الموَّازين كالبادية والأسفار، وهذا في الموزون دون المكيل والمعدود. قال ابن القاسم: هذا فيما يمكن تحريه لقلته لا فيما يتعذر تحريه لكثرته. ابن شاس: إن فقد الميزان فيما يقدر بالوزن جاز فيه التحري إن قل، وقيل: لا يجوز كالكثير على المنصوص واستقرأ الباجي: جوازه في الكثير من جواز شاة بشاة مذبوحتين، وحكى بعض المتأخرين جواز التحري مطلقًا دون تقييد بوزن، ولا يسارة وهو بعيد جدًا. قُلتُ: ففي جوازه ومنعه مطلقًا ثالثها في غير الكثير، ورابعها وخامسها وسادسها الثلاثة في الموزون فقط بتقييد الخامس بما لم يخش فساد الطعام، وسابعها يجوز في الموزون إن فقد الميزان، وقل، وثامنها ولو كثر لاختيار الباجي، ونقل ابن شاس، والتخريج في المكيل على مثله في الموزون، وابن رُشْد عن سماع ابن القاسم مع قول الباجي المشهور ونقل ابن رُشْد، ونقله عن رواية ابن حبيب، ونقل ابن شاس، ونقله عن تخريج الباجي مع ظاهر نقل ابن رُشْد وما منعت كثرته تحريه واضح. وفي القمح بدقيقه طرق: الباجي، في منعه به، وجوازه متساويًا روايتان. قال بعض أصحابنا: هما قولان: الأولى: لأنه كالزيت بالزيتون. والثانية: للغو كثرة أجزاء المكيل، وقلتها كالتمر الكبير بصغيره، ورد المازري هذا التوجيه بأن ملء الصاع قمح أكثر منه دقيقًا فمساواتهما كمساواة قدلا من تمر لقدر من رطب. الباجي: ورد بعضهم الجواز لرواية محمد يجوز كيلًا بالرزم لا وزنًا، ولا تحريًا وعكسه بعضهم. قُلتُ: كذا وجدته رزمًا بالزاي بعد الراء، وتعقبه ابن عبد السلام بأن كيل الرزم

مكروه. قُلتُ: إن أراد كراهة تنزيه فهو تمسك منه بظاهر سماع ابن القاسم: تركه أحب إليَّ وابن رُشْد حمله على الوجوب. قُلتُ: ويحتمل كون اللفظة ردمًا بدال بعد الراء، والردم السد قاله الجوهري فيكون مطلق الصب. اللخمي وابن زرقون عن ابن حبيب: روى ابن الماجِشُون: إنما يجوز فيما قل على وجه المعروف بين الرفقاء، وحكى أبو عمر عن ابن الماجِشُون، منعه مطلقًا، وقال هو مثل الرطب بالتمر، وعزا اللخمي جوازه وزنًا لا كيلًا لابن القُصَّار ولم يحك عكسه قال: ولا يصلح إلا على أن يقول المماثلة بين القمحين، تجوز بالكيل والوزن، فإذا جاز ذلك قبل الطحن جاز بعد طحن أحدهما إذ ليس فيه أكثر من تفرقة أجزائه، وإن قيل المماثلة بالكيل فقط لم يجز بعد طحن أحدهما بالوزن ولا بالكيل ولا يصح حمله على ما هما فيه سواء؛ لأن كلامهم في مطلق القمح لا في معينه، ويختلف في السميد بالدقيق كالقمح به وقبله المازري، ويرد بأن قرب أجزاء السميد بأجزاء الدقيق يمنع تخريج منعه، ويصير تخريج جوازه أحرويًا، وينبغي منع القمح بالسميد مطلقًا لفضل القمح بالريع والسميد بالجودة، وذكر المازري قول ابن القُصَّار عامًا: كل مكيل يجوز بعضه ببعض وزنًا قمحًا كان أو غيره قال: لأن قصد الشارع المساواة، وأنكره بعض الأشياخ، وقال: معروف المذهب غير هذا، ولا يجوز القمح بالقمح وزنًا؛ لأنهما وإن تساويا وزنًا قد يختلفان كيلًا. قُلتُ: وكان بعض شُيُوخنا يرده بقول صرفها لا يباع القمح وزنًا، وكنت أجيبه بأنه في البيع غرر؛ لأن المعروف فيه الكيل والموزون منه مجهول القدر فيؤدي إلى جهل قدر المبيع، وفي المبادلة بين القمحين إنما المقصود اتحاد قدر ما يأخذ لما يعطى، وهو حاصل في الوزن، ولذا أجازه اللخمي إذا كانت المماثلة تجوز بالكيل والوزن. وفي عدم اعتباره عظم اللحمين في تحريمهما كالنوى في تمر بتمر، ووجوب تحريه أو نزعه، نقلا اللخمي عن ظاهر المذهب وابن شعبان قائلًا: الأول أحسن في شاة بشاة أو نصف بنصف وإن كثر عظم أحد اللحمين المقطعين؛ لم يجز إلا على وجه المكارمة والفضل.

قُلتُ: إن كان معتبرًا لم تجز المكارمة بتركه كالمكارمة بالتفضل، وإن لم يكن معتبرًا فلا مكارمة، ورد المكارمة به للصفة لا للقدر بعيد لإمكان نزعه كما مر ولا شيء من الصفة يمكن نزعها. قال: وأجاز ابن القاسم، رأسًا برأسين وزنًا، ولا يجوز على قول ابن شعبان إلا بتحري اللحم ويعتبر ذلك في القسم ولجوازه تفضيل أحدهما الآخر فيه جاز أن يكون أحدهما مباينًا باعظام ما لم يكن لحمه أحسن؛ لأن بعض مواضع الشاة أطيب لحمًا. اللخمي: في جواز شاة بشاة مذبوحتين، ثالثها إن استثني جلداهما لابن القاسم فيها قائلًا: إن قدر تحريمهما، وأَصْبَغ قائلًا: لا يقدر عليه وفضل، وعزاه الصقلي لابن أبي زمنين، وزاد وهذا حيث يجوز استثناء الجلد، ورجح اللخمي الثاني بأنه دون استثناء لحم وعرض بمثلهما، ومعه غرر، لأنه لحم ومغيب وتفاضل؛ لأن تحريمها لا يصدق، وعزا الباجي الثاني لسَحنون أيضًا، ورواية يحيى بن يحيى قال: وتعليل بعض أصحابنا بأنه لحم مغيب لا يصح؛ لأن الجلد لحم، ولأنه ريء بعضه من مذبحها. قُلتُ: فيلزم جواز كل رطل بكذا، ونصها المنع، قال: وفي الواضحة جواز حي لا يقتنى من وحش وطير بمثله تحريًا مثلًا بمثل، وسمعه عيسى من ابن القاسم وكره في الموَّازيَّة ما لا يحيى من الطير بلحم تحريًا. أصبغ: لأنه حي بعد، والأظهر أنه يريد؛ لأنه اللحم بالحيوان ويحتمل؛ لأنه لتعذر لحم الحي، وفي المعتبر في تماثل قدر الخبزين طرق: في الموطأ: لا خير في الخبز قرصًا بقرصين ولا عظيم بصغير، وإن تحرى كونه مثلًا بمثل فلا بأس به، وإن لم يوزن؛ لأنه لو تحرى الدقيق لم يصلح وزن ما في القرصين من دقيق، ولو كثر القول بهذا في المذهب كان أصح، ولكن ظاهره تحري الدقيق. وسمع أبو زيد ابن القاسم: لا خير في خبز شعير بخبز قمح رطلًا برطل؛ لأن الشعير أخف، ولا بأس به تحريًا لكيل دقيقيهما وكذا يابس الخبز برطبه. ابن رُشْد: التحري في المكيل لا يجوز، وإنما أجازه في دقيق الأخباز لتعذر كيله كإجازته التمر المنثور بالمكتل تحريًا، وقوله في خبز شعير وقمح يريد والسلت وهو صحيح على معنى ما في المدَوَّنة.

وقال ابن دحون: المساواة في الخبز بالوزن؛ لأنه صار صنفًا على حدة فوجب لغو أصله، قال: ولو جاز ما قال لفسد أكثر البيوع، ولعمري أن لقوله وجهًا، وهو القياس على الأخلال والأنبذة، المراعى قدر العوضين لا ما دخل في كل منهما من تمر أو زبيب أو عنب، وعلى دقيق القمح بدقيق الشعير، المراعى قدرهما لا أصلهما، ومعلوم أن ريع الشعير لا يساوي ريع القمح، والحجة له بالأنبذة والأخلال أبين، لاختلافهما فيما يضاف إليهما من الماء والدقيق لم يضف إليه شيء وريعه بعضه قريب من بعض. قُلتُ: هذا ينتج له العكس لتعذر تحري أصول الأنبذة، والخلول بما أضيف إليها بخلاف الدقيق، قال: وإن كانت أصول الأخبار جائز فيها التفاضل فالمماثلة في أخبازها بالوزن اتفاقًا. ابن بشير: على أن الأخباز جنس في طلب التساوي في بدل بعضها ببعض بتحري دقيقهما أو وزنهما رواية المتقدمين، وقول الباجي ابن شاس: أجازوا الخبز بالخبز وهما مختلفا الرطوبة فذكر رواية المتقدمين. قال قال بعض المتأخرين إنما يتحرى الدقيق في خبز ما يحرم فيه التفاضل، وما جاز فيه تحرية رطوبة خبوه، ثم ذكر قول الباجي، وقال المازري: يعتبر في الخبزين اتحاد أخذ النار منهما لتحصل الثقة بماثلة وزن أحدهما وزن الآخر وإن كان أحدهما رطبًا والآخر يابسًا، فقيل يتحرى دقيقهما وحمل بعض الأشياخ المذهب فذكر ما ذكره ابن شاس عن بعض المتأخرين. قُلتُ: وهو قول أبي حفص العطار، وتقدم حكاية ابن رُشْد الاتفاق عليه وظاهر لفظ ابن شاس، ونص ابن الحاجب: أنه مختلف فيه وهو بعيد أو ممتنع، ففي اعتبار التساوي فيه بالوزن أو تحري الدقيق، ثالثها إن اتحد طبخه وإلا فالتحري، ورابعها إن اختلف جنسها وإلا التحري للباجي ورواية المتقدمين والمازري وبعض المتأخرين. والتفاضل التقديري لقصد يمكن مانع لو كان بعض أحد العوضين أجود من كل مقابله، وباقيه دونه منع اتفاقًا. ابن زرقون: كمد سمراء ومد شعير بمد محمولة. الباجي: إن كان العوض المختلف أفضل من المنفرد أو دونه كمد حنطة ومد شعير بمدي حنطة أجود مع الشعير، ففي إجازته قول محمد، والمشهور بناء على صحة قياسه

على الذهبين بذهب كذلك مراطلة، والفرق بصحة التقسيط في الطعام، وفرق اللخمي بصدق جودة الأجود في الذهب، وخلفها في الطعام بقول قائل في قمحين هما سواء، وأخذ أحدهما أجود، وآخر؛ بل هو أدنى ابن زرقون: ومنعه سَحنون فيها. الباجي: في منع مد حنطة ومد دقيق أو مد حنطة ومد شعير بمثلهما المشهور مع رواية ابن القاسم وقول محمد. قُلتُ: وهو خلاف قول ابن شاس. قال بعض المتأخرين: لم يذكروا خلافًا في منع مد قمح ومد شعير، بمد قمح ومد شعير. الصقلي وعبد الحق: من سأل رجلًا بدل طعام بأجود منه يدًا بيد، فإن كان على المعروف ليس شرط لازم إذا قال: نعم لزمه؛ لكن إذا شاء أتمه وإذا شاء رد ما أخذ فهو جائز، إن كان مثل الكيل يدًا بيد. عبد الحق: انظر قوله: بدل الطعام والدينار الناقص بالوازن، وأخرجوه على البيع. والمعروف من الغرض وغيره الذي من أوجبه على نفسه لزمه ولم يجيزوه حتى يكون بالخيار في تمامه ورده ولا وجه له. والنساء الحكمي مانع كالحسي، سمع عيسى ابن القاسم معها: لا تباع أرض فيها زرع صغير بطعام نقدًا. ابن رُشْد: أجازه سَحنون على أصله في إجازته السيف المحلى، بالذهب بذهب إلى أجل إن كان الذهب الثلث فأقل، في إجازته بيع حائط فيه ثمر لم يبد صلاحه بطعام إلى أجل، وقاله ابن الماجِشُون، وهو القياس؛ لأنه إذا أجاز بيع الزرع وهو صغير بالعين مع الأرض لتبعيته لها، وكأنه لم يقع له حصة من الثمن جاز بيعه بطعام كذلك. قُلتُ: ظاهره أن الجواز مقيد بالتبعية وهذا عن سَحنون صحيح كذا نقله اللخمي وغيره عنه، وفيه عن ابن الماجِشُون نظر لقول التونسي والصقلي في أكرية الدور أجاز عبد الملك بيع جنان وفيه ثمرة بقمح أو كتان آخر فيه ثمرة تخالفها؛ لأن كل ثمرة مقبوضة فكانا متناجزين ودليل قبضها لو اشترى ثمرة على البقاء، ثم اشترى الأصل وغفل عن ذلك حتى أزهت الثمرة كان على المشتري قيمة الثمرة يوم اشترى الأصول

لأنه بشراء الأصول صار قابضًا للثمرة، وصار النماء في ملكه. وفي ثالث سلمها أكره ممن يبيع الزيت والخل بالحنطة كيلها ثم يدخل حانوته لإخراج ذلك وليدع الحنطة عند صاحبها، ثم يخرج ذلك فيأخذ ويعطي كالصرف، رجع أبو عمران عن تفرقته بين الحانوت الصغير والكبير إلى كونهما سواء. قُلتُ: قد تقدم في يسير التفرقة في الصرف خلاف اللخمي إن كان أحد العوضين غائبًا قريبًا مجلسهما أحضر بفوز ذلك أو قاما إليه تناجزاه بالحضرة لم يفسخ، ومضى مثله في الصرف. في قسمها: لا خير في ثمرة طابت في شجرها بثمرة مخالفة لها يابسة أو في شجرها مزهية إلا أن يجدا ما في الشجرة قبل أن يفترقا، وإن جد أحدهما وتفرقا قبل جد الآخر لم يجز، وكذا لو اشترى ما في رؤوس النخل بحنطة دفعها، وتفرقا قبل الجد لم يجز، ومثله في ثالث سلمها. عياض: غير ابن القاسم لا يشترط الجداد بحضورها حصلت في ضمانه. اللخمي: إن كانت زهوًا أو رطبًا لم يجز إلا بجدها. قال ابن القاسم: لأن فيها الجوائح، وإن كانت يابسة، والجد على المشتري أو على البائع على أن ضمانها من المشتري بالعقد جاز، وإن لم تجد بالحضرة وفيها: لا خير في فدان كراث بفدان كراث أو سريس أو خس حشي إلا أن يجدا قبل التفرق، ولا بأس بيبع حائط لا ثمر فيه بآخر مطلقًا، ما لم يستثن الثمرة غير المأبورة ربها فإن كان بكل منهما ثمر لم يؤبر لم يجز بحال لامتناع استثناء غير المأبورة، وإن أبرت إحداهما فقط جاز إن استنثاها ربها، ولم يستثن للآخر ثمرتهما، وإن أبرت جاز ما لم يشترط كل منهما ثمرة الآخر، وللخمي في القسم عن محمد بن مسلمة: لا بأس بنخل فيها ثمر لم يصلح، ولو أبر بطعام يريد، ولو كان لأجل يحسبه وغيره؛ لأن المقصود الأصول فقط. وفي عراياها لمن منح لبن غنم عام فأكثر، شراؤه بطعام مؤجل كشراء شاة لبون به ورده اللخمي بأن المبيع في المقيس طعام وفي المقيس عليه غيره، ثم أجراها على قول ابن القاسم وأَصْبَغ في منع صلح على الإنكار فاسد على دعوى المدعي دون المدعى عليه وجوازه. قُلتُ: يرد بأن المدعى عليه جازم بنفي موجب الفساد، ومشتري الغنم

غير جازم به. [النهي في المعاملات] لاختلاف نقليهما: اللخمي: ورأى البغداديون تعليل النهي بالمزابنة، وقاله ابن القاسم في المدَوَّنة إلا أنه عمم البيع وإذا سلم أن المنع لأجل المزابنة جاز إن كان الحي مرادا للقنية. ويجري فيها قول ثالث بالجواز إن علم الفضل بينهما لقول مالك في ثوب الصوف بالصوف والجلد بالأحدية. قُلتُ: يرد بأن المزابنة إنما تعتبر في الجنس الواحد فدخولها في اللحم بالحيوان يصيرهما جنسًا واحدًا، وذلك برد الحي لجنس اللحم لأنه المناسب للمنع لا العكس؛ لأن حكمه الجواز وإذا كان كذلك لزم المنع، ولو بان الفضل؛ لأن الجنس حينئذ ربوي بخلاف الكتان والجلد، وقوله عن ابن القاسم: إذا سلم أن المنع لأجل المزابنة جاز إذا كان الحي مرادا للقنية مع نقله عنه أنه منعه جملة خلاف المنصوص في أصول الفقه وعلم النظر، أن المجتهد إذا عين علة حكم مع نصه على نفيه في صورة معينة فيها تلك العلة أنه لا يصح تخريج ذلك الحكم في تلك الصورة؛ لأن دلالة لفظه على نفيه عنها نص خاص، ودلالة العلة كلفظ عام، والخاص مقدم على العام ومأكول اللحم مما يقتنى له حكم نفسه مطلقًا، وما لا يقتنى، وتقصر حياته كطير الماء في كونه مع طعام غير جنس لحمه أو مع حيه المقتنى كمقتنى أو كلحم نقل اللخمي عن أشهب ومالك مع الباجي عن ابن القاسم، ومع حي جنسه كحيً لا يجوز له اتفاقًا دون تحر، وفيه تحريًا، ثالثها يكره للخمي عن محمد عن ابن القاسم، وعن إجازته في العتبيَّة طيرًا لا يستحيى بمثله تحريًا مع رواية محمد، الرجوع عن كراهة (...) النعم وكبيرها الذي للذبح بلحم لجوازه تحريًا، وابن القاسم ابن رُشْد: أشهب يراعي حياته فلا يجيزه بلحم صنفه بحال. الباجي: في جوازه به تحريًا روايتان: الأولى بناء على ثلاثة أصول جواز بيعه باللحم وجواز التحري في العوضين من جنس واحد، وصحة التحري في الحي، وفي جوازه بمثله، ثالثها تحريًا للخمي عن أشهب ومالك وغيرهما، وفيه بمقتنى جنسه، نقل

باب الاقتناء في الحيوان

اللخمي عن ابن القُصَّار، وعزا ابن رُشْد الأول لأشهب، وما تطول حياته كالشارف، في كونه مع طعام غير لحم جنسه ومع حيَّة المقتنى كمقتنى أو كلحم نقلا اللخمي عن أشهب مع أحد قولي مالك. وثانيهما مع نقل ابن القاسم، وعزا الباجي الأول لأَصْبَغ كأشهب، ومع لحم جنسه كمقتنى ومع مثله في كونه كمقتنى بمثله تخريجًا اللخمي، على قول أشهب ومالك قائلًا: ويختلف عليه في جوازه تحريًا وهو مع ما لا تطول حياته على أحد قولي مالك حيوان بلحم وعلى الآخر في جوازه تحريًا خلاف، ويجوز على قول أشهب مطلقًا. [باب الاقتناء في الحيوان] والاقتناء: قال اللخمي والباجي: الاتخاذ للولادة واللبن والصوف والفحلة. اللخمي، والشعر في التيس، وفي الاتخاذ لتزيد اللحم والسمن نقلاهما عن أَصْبَغ وابن القاسم. اللخمي: كره ابن القاسم مرة خصي الكبش بطعام لأجل، وقال: لا يقتنى للفحلة، ثم قال: إن كانت فيه منفعة غير ذلك، فلا بأس به يريد إن رغب فيه لصوفه، وإن كان للحم فهو محل الخلاف، وروى العُتْبِيّ إن كان لا منفعة في التيس الخصي قائمة، ولا مؤخرة فهو مثل ذلك يريد. لا يجو، وأرى جوازه؛ لأن العرب ترغب فيه لشعره، وغيرهم لزقه، وذكر الصقلي عن ابن القاسم في العتبيَّة في خصي الكبش، مثل ما تقدم قال عنه: والتيس لا يحل بطعام إلى أجل لا يقتنى لصوف إنما هو للذبح. قُلتُ: هو في سماع عيسى بزيادة الجدي بلبن إلى أجل إن كان يستحيى فلا بأس به، وإلا فلا خير فيه. ابن رُشْد: أشهب: يراعي الحياة في كل ذلك لا يجيز لحمًا منه بلحم صنفه بحال، ويجيز كل ذلك بعضه ببعض وبطعام بحي ما يقتنى، ولو متفاضلًا إلى أجل، وقاله ابن نافع. قال محمد: بخلاف الشارف والكبير فكأنه ذهب إلى أن الشارف، والكبير له حكم اللحم عند جميعهم.

قلت لمالك: من أراد ذبح عناق كريمة أو حمام فاره أو دجاجة، فقيل له: خذ هذا الكبش أو الشارف، أو ما لا منفعة فيه إلا الذبح لا أحب شيئًا من هذا بلحم يدًا بيد ولا بطعام لأجل. ابن القاسم: لأن الكبش لو استوفى كان فيه منفعة سوى اللحم. قُلتُ: ظاهر قول مالك أن الاتخاذ لتزيد اللحم والسمن معتبر كقول أَصْبَغ وظاهر قول ابن القاسم خلافه كما مر له، وخصيان الدجاج المعلوفة كطير الماء الذي لا يحيى والتي لم تعلف كالمقتنى لتزيد لحمه. اللخمي: وحشي ذوات الأربع والطير. قال مالك: لا بأس بما يستحيى منه بحيتان لأجل. ابن حبيب: الوحش لا يحيى حياة اقتناء وأرى أن يجوز؛ لأنه تطول حياته، ويراد للفراخ والولادة قنية اتفاقًا. قُلتُ: في ثالث سلمها يجوز: لحم الأنعام والوحش والحوت بالطير الحي ولو لأجل في أوله: لمن أسلم في دجاج أو إوز أخذ حمام وشبهه من الداجن المربوب. الشَّيخ في الموَّازية: كره أشهب الكبش بلحم مطبوخ لأجل، وأجازه ابن القاسم وهو أحب إلينا. قُلتُ: في تعليقة التونسي كرهه أشهب، وهو قول ابن القاسم وغيره التونسي إنما أراد أشهب أنه يعطيه منه فكرهه ككتان في ثوب كتان وإلا فهما صنفان؛ لأن الطبخ أخرجه عن كونه لحمًا بحيوان فيجوز نقدًا اتفاقًا كلحم بمطبوخ نقدًا، ولما ذكر الباجي منع اللحم بالحيوان قال: هذا في اللحم النيء والمطبوخ. قال محمد: كرهه أشهب، وأجازه ابن القاسم، وذكرهما ابن شاس، معبرًا عن الكراهة بالمنع. قال بناء على اعتبار عموم الحديث واعتبار صيرورته بالطبخ جنسًا، فإن (...) الأنقال، ففي جوازه ومنعه وكراهته رابعها يجوز نقدًا، ويكره لأجل، وعزوها واضح. ومنها رواية مسلم عن ابن عمر قال: «نهى رسول الله صلى عن المزابنة»، والمزابنة

باب المزابنة

بيع ثمر النخل بالتمر كيلًا، وبيع الزبيب بالعنب كيلًا، وعن كل ثمر بخرصه. وفي رواية: بيع الزرع بالحنطة كيلًا، وهو متفق عليه. [باب المزابنة] المازري: المزابنة عندنا: بيع معلوم بمجهول أو مجهول بمجهول من جنس واحد فيهما، وتبعه ابن الحاجب وقبلوه ويبطل عكسه ببيع الشيء بما يخرج منه حسبما يأتي إن شاء الله. وتكون في الربوي وغيره، وسمع ابن القاسم: لا خير في شاة لبون بلبن لأجل أيهما عجل وبطعام لأجل غير اللبن لا بأس به. سَحنون: الذي عرفنا من قول ابن القاسم غير مرة لا بأس باللبن بشاة لبون لأجل، ولم يختلف قوله في حرمتها بلبن لأجل، وقاله أصبغ. ابن رُشْد: أصل هذا نهيه صلى الله عليه وسلم عن المزابنة وهي في صنف واحد كون أحد العوضين

جزافًا لا يجوز ولو نقدًا، ولا تدخل في الصنفين إلا لأجل، فإن كان المعجل أصل المؤخر، ولا تمكن مقارنتهما في الوجود كصوف في ثوبه لم يجز اتفاقًا لأجل يمكن كونه منه فيه، وإن أمكنت، والمتولد موجود كاللبون بلبن والبيوضة، ببيض في جوازه مطلقًا، ثالثها إن كان المؤجل ما منه الآخر، ورابعها عكسه لسماع أبي زيد ابن القاسم مع سماعه عيسى في الدجاجة البياضة ببيض لأجل ولها مع ظاهر سماع ابن القاسم وله في هذا السماع مع سَحنون وابن حبيب ولأشهب، والأول أظهرها لاتفاقهم على جواز اللبون باللبن أو بطعام ولو لأجل، والثالث ضعيف في اللبون بلبن لامتناع دخوله المزابنة إذ لا يبقى اللبن للأجل دون تغير فإنما يعطيه عنده من لبن غيرها، وإنما لهذه التفرقة وجه في بيعها بجبن لأجل يمكن جمعه من لبنها فيه، ووجه الرابع أنها معجلة لبنها غير مقصود؛ لأنه تبع لها، وإن كانت المؤجلة علم قصدهما إياه إذ قد اشتراطاه، وإن لم يكن المتولد موجودًا حين العقد كشاة لا لبن فيها بلبن لأجل يكون لها فيه، أو دجاجة ببيض أو ذباب نحل بعسل لأجل كذلك، في جواز ذلك، قولا ابن حبيب في جميعه مع سماع عيسى ابن القاسم، في الدجاجة لا بيض فيها ببيض لأجل وقولها: في كراء الدور في النخل لا ثمر فيها بثمر لأجل وقول ابن القاسم مع سماع عيسى روايته، وإن كان لأجل لا يكون لها فيه لبن ولا بيض ولا عسل جاز اتفاقًا، ولما ذكر اللخمي قول ابن حبيب في ذباب النحل قال: قال محمد عن ابن القاسم: لا تباع الخلايا بعسل ولو نقدًا، محمد ولو لم يكن فيها عسل، أَصْبَغ وإن لم يكن فيها جاز بيعها بطعام غير العسل نقدًا ولو لأجل لا يكون لها فيه عسل، وإلا فلا خير فيه إلا بعين أو عرض لا بعسل بحال. اللخمي: إن كان بها عسل فاضل عن قوتها جازت بطعام نقدًا لا لأجل ولو بعسل ولونقدًا، وإن لم يكن فيه فضل يخرج بيعها بطعام لأجل على بيع السيف ذي حلية فضة تبعًا له بفضة أو ذهب لأجل، في جوازه وفسخه ثالثها يكره وهو في النحل أجوز؛ لأنها تهلك إن قطع ويختلف في بيعها بعسل لأجل يصير فيه فضل عنها، وإن بيع النحل والخلايا بقرب ما رمى النحل فيها، ولم تعمل شيئًا أو علمت الشهد دون العسل جاز بيعها كالذباب قبل أن يعمل ذلك. قُلتُ: والمؤجل الخارج بعضه من المعجل كالخارج كله، الشَّيخ عن محمد ابن

القاسم: لا خير في عصفر في ثوب معصفرلأجل وعكسه جائز. ابن الحاج: لا يجوز سلم زيت في صابون؛ لأنه يخرج من الزيت فهو كمن أسلم طعامًا في طعام وعرض. قُلتُ: دليله يوهم قصره على الربوي والتمسك بمسألة المعصفر أوضح. وقول اللخمي: إن كان فيها عسل فاضل عن قوتها جازت بطعام نقدا ظاهره من غير رعي التبعية. وفي جواز الطعام بطعام من غير جنسه مع أحدهما عرض نقدًا ومنعه ثالثها بقيد التبعية كالصرف للخمي عن سلمها الأول قائلًا: وهو خلاف قول صرفها وبعض شُيُوخنا عن المذهب مفرقًا بينه وبين البيع والصرف بما تقدم فيه وتخريج اللخمي على قول صرفها مع ابن بشير، وابن محرز عن المذهب، وتعقب ابن بشير نقل اللخمي عن أول سلمها، الجواز مطلقًا، وقال هو هنا مجمل فسره في كتاب الصرف. قُلتُ: نقل ابن محرز مسألة كتاب السلم مشبهة بمسألة البيع والصرف فقال: تشبيهه بالصرف يدل على اعتبار التبعية. قُلتُ: وعلى هذا اختلفت فتوى شُيُوخنا في جواز شراء زيت بربع درهم وخبزة قيمتها ربع درهم نقدًا، وقال اللخمي: قال بعض شُيُوخنا: القياس إذا تناجزا في الطعامين جواز تأخير السلعة، وإن كثر أحد الطعامين وقل الآخر كالمد جاز تأخير الطعامين، وتعجيل الثوب كقوله إذا باع سلعة ودرهمين بدينار، وتبين الفضل في غير الربويين يلغي المزابنة. والمعروف معتبر الصنعة في بعض جنس يصير باقيه كخلافه. اللخمي: اختلف في بيع مصنوع بجنسه من كتان وقطن، وصوف وجلد بأحذية نقدًا، أجازه مالك في الكتان مطلقًا، وروي محمد كراهته في صوب بثبوته، وجلد بعشرة أحذية نقدًا. قُلتُ: زاد عنه الشَّيخ وكذا الكرسف والكتان بغزلهما. محمد: إن بان الفضل بينهما جاز. ولعبد الحق عن سَحنون مثله في خز بثوبه.

وقال بعض شُيُوخنا القرويين: معناه في ثياب الخز والصوف الغلاظ لإمكان نفشها لا في رقيقها وفهمته عن الشَّيخ أبي الحسن. قُلتُ: الأظهر أن صنعة الأحذية إن كانت بمجرد قطع الجلود على مقدار معين أنها لغو، وإن كانت مع خرز أنها معتبرة. في الصحاح حذوت النعل بالنعل حذوا إذا قدرت كل واجدة على صاحبتها، وحذت الشفرة العل قطعتها، ثم قال: والحذاء: النعل واحتذأ: انتعل. الصقلي وعبد الحق عن ابن أبي زَمَنَيْن من أهل العلم من قال: نسج الغزل ليس (...)، وقاله أشهب فلم يجز ثوبًا بغزل نقدًا للمزابنة إلا أن يتبين أن أحدهما أكثر غزلًا كالغزل بالكتان ويقويه قول مالك: من اشترى غزلًا فنسجه ثم فلس المبتاع فبائعه أحق به. عبد الحق: وقول بعض الناس الجاري على قول ابن القاسم أن الغزل صنعة تبيح التفاضل بينه وبين الكتان ولو لأجل، لقول ابن القاسم بقيمته على مستهلكه ليس بشيء؛ لأن القيمة فيه لاختلافه (...) كالقيمة في جزاف الطعام قال: وروى محمد: لا بأس بثبوت مروي بثبوت مخيط، قيل كأنه قال: أعطني من الثوب قميصًا، وما زاد أو نقص فلك أو عليك، قال: إن أراد هذا فلا خير فيه كأنه ضمن له قميصًا، وما زاد أو نقص فلك أو عليك، قال: إن أراد هذا فلا خير فيه كأنه ضمن قميصًا طوله كذا من شقته، وفي أول سلمها لا خير في فلوس من نحاس بنحاس يدًا بيد؛ لأنه مزابنة إلا أن يبعد ما بينهما، وتكون الفلوس عددًا. زاد في ثالث سلمها: لا بأس بنحاس بتور نحاس نقدًا. ابن بشير: قال الأشياخ: القياس اعتبار صنعة الفلوس كالتور، ويمكن أن يفرق بيسارة صنعة الفلوس، وسمع ابن القاسم: لا خير في نحاس مكسور بفلوس هو مزابنة، ولا يجوز لمن اشترى تورًا بدرهمين ونصف يريد الوضوء به لا وجه النحاس أن يعطي في نصف الدرهم فلوسًا. ابن رُشْد: هذا مثل قولها: لا خير فيه إلا أن يتبين الفضل بينهما ولا خلاف فيه. وفي جواز التور بالنحاس أو بفلوس ولو لأجل وقصر جوازه على النقدين ولو لم يبين الفضل، ثالثها: لا يجوز ولا نقدا يريد إلا أن يتبين الفضل لإحدى روايتي ابن

وَهب، وظاهر جعلها إياه كالصوف بثوبه والكتان بثوبه، فقال: لا بأس به نقدًا ولا بأس بالتور النحاس بالنحاس نقدًا، وإليه رجع مالك في رواية ابن وَهْب، ولهذا السماع، وعليه حمل التونسي قول ابن القاسم فيها، وأخذ بعضهم من هذا السماع: أنه لا يجوز، وإن بان الفضل؛ لأنه منع إعطاء نصف الدرهم فلوسًا مع تيقن أن نحاس التور أكثر غير صحيح؛ لأن التور مفضوض على قيمة الدرهمين، ونصف الدرهم من الفلوس ولا يدرى مناب الفلوس منه أأقل أو أكثر فوجب منعه، ولو أخذ في جميع الدرهمين ونصف، فلوسًا لا يشك أنها أكثر من التور، أو أقل لجاز، وهذا الخلاف موجود أيضًا في الصوف بثوبه، والكتان بثوبه، وروى أَصْبَغ لا يجوز نقدًا، ولا مؤجلًا أيهما عجل ورجع ابن القاسم عنه لجوازه إن كان الثوب معجلًا. ومصنوع بمصنوع من النحاس أو منسوج بمنسوج من الصوف أو الكتان أو الكرسف جائز اتفاقًا نقدًا، ولو لم يبين الفضل، وتعقبه التونسي بقوله: لا فرق في القياس بين مصنوع بمصنوع أو مصنوع بغير مصنوع؛ لأن الصنعة إن لم تؤثر في أحد الجانبين لم تؤثر فيهما فانظره. قُلتُ: قد يفرق بطول أحد الصنعتين كما مر في الفلوس، وفي ثالث سلمها كل شيء يجوز فيه واحد باثنين من صنفه، فلا يجوز فيه الجزاف، بينهما لا منهما ولا من أحدهما؛ لأنه مزابنة، ولو كان ترابًا إلا أن يبين الفضل بينهما بكثير. وسمع أبو زيد ابن القاسم لا بأس أن يأخذ عن وزن صوف معلوم قدره تحريًا لا يخطئ إلا برطل ونحوه، وإن لم يعلم إلا بتغابن كثير فلا خير فيه. ابن رُشْد: هذا كسماعه عيسى في السلم والآجال كل صنف من طعام أو غيره يجوز فيه واحد باثنين من صنفه فلا بأس بقسمه تحريًّا كان مكيلًا أو موزونًا أو لا، وخلاف قولها: كل شيء يجوز فيه واحد باثنين إلى آخرها. وقال ابن دحون في سماع أبي زيد في الصوف: هو خلاف أصل مالك وأصحابه في أن الصنف الجائز فيه التفاضل لا يجوز بعضه ببعض إلا بتبين الفضل وظهوره، وأما بالتحري فمزابنة تعويل على قولها: وهو أصل مختلف فيه، وقصر المدة المانع من سبب

المزابنة يلغيها كما مر في سماع ابن القاسم لابن رُشْد. وفي ثالث سلمها: لا خير في شعير نقدًا في قصيل لأجل إلا لأجل لا يصير الشعير فيه قصيلًا ويكون مضمونًا بصفته. ابن شاس: ونهى عن بيع الكالئ بالكالئ. قُلتُ: وذكر عبد الرازق قال: أخبرنا الأسلمي قال: حدثنا عبد الله بن دينار عن ابن عمر قال: نهى رسزل الله صلى الله عليه وسلم عن الكالئ بالكالئ وهو الدين بالدين. عبد الحق: الأسلمي: هو إبراهيم بن محمد بن أبي يحيى وهو متروك كان يرمي بالكذب. قُلتُ: ولم يتعقبه ابن القطان، وفي مختصر من كتاب المزري في رجال الكتب الستة إبراهيم بن محمد أبي يحيي المدني، واه روى عن الزهري، وصالح مولى التوأمة وطائفة، روى عنه الشافعي ويحيى بن آدم وروى عنه من شُيُوخه يزيد بن الهادي وخلق آخرهم: ابن عرفة، قال البخاري: جهمي، وتركه ابن المبارك والناس، وقال أحمد: قدري معتزلي جهمي، وقال يحيى القطان: كذاب، قال المزي: خرج له ابن ماجة. قُلتُ: ولم يذكره ابن عدي في كتابه المسمى بالكامل في الضعفاء والمتروكين واقتصار ابن عبد السلام على كلام الحق يقضي هذا الحكم العام عن ذكر دليله. قُلتُ: ودليله الحديث المذكور وتلقي الأئمة له بالقبول يغني عن طلب الإسناد فيه كما قالوا في حديث: «لا وصيَّة لوارث» وممن تلقاه بالقبول. ابن المنذر: في كتاب السنن له قا ل فيه: جاء الحديث «عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن الكالئ بالكالئ»، وحديث عبد الله بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا يحل سلف

باب الكالئ بالكالئ

ولا بيع ولا شرطان في بيع ولا ربح ما لم يضمن ولا بيع ما ليس عندك» أخرجه الترمذي وصححه. وتخصيصه بالسلم والبيع إلى أجل لا يمنع التمسك به لما تقرر في العام المخصوص والإجماع. قال ابن المنذر: أجمع أهل العلم على أن بيع الدين بالدين لا يجوز. [باب الكالئ بالكالئ] وحقيقته: بيع شيء في ذمة بشيء في ذمة أخرى غير سابق تقرر أحدهما على الآخر, وهو معنى قولهم: ابتداء الدين بالدين وهو ملزوم لتعدد الذمة ووجهه

كصريحه كوجه الظهار والتفليس وغيرهما لا كوجه الشغار لا يجوز شراؤك سلعة بعتها بثمن إلى أجل قبل حلوله بثمن إلى أجل. وفيها: وهو دين بدين، وفي موضع آخر من وجه الدين بالدين، وما تقدم فيه تقرر الدين يسمى فسخ دين في دين. وقول ابن الحاجب: حقيقة بيع الكالئ بالكالئ بيع ما في الذمة بشيء مؤخر، وكذلك بيعه بمنافع، وقيل إلا منافع عين يتعقب بأنه إن أراد الأول وحده أو مع الثاني بطل بقوله: وكذلك بيعه بمنافع، وقيل إلا منافع عين لدخول منافع العين في الأول، فتمنع، والحكم الجواز اتفاقًا، وإن أراد بالكالئ الثاني فقط أخل بأصل لا ينبغي ترك ذكره والثاني لا يستلزمه؛ لأنه أشد منه في المنع ولا تستلزم حرمة إلا حرم الحرام. وبيع دين على حي بمضمون حرام مطلقًا كربا الجاهلية، فسخ دين في أكثر منه من الدين صح منع ابن القاسم فيها، قال: اللخمي ثلاثة منعه مالك وابن القاسم حل الأجل أم لا؟ وأجازه أشهب، وروى محمد لا خير في استعمال رجل بدين عليه قبل حلوله لخوف غيبته، أو مرضه فيتأخر لأجل آخر فصار دينًا في دين. اللخمي: المنع فيما العمل فيه أو بعضه بعد حلول أجل الدين أصوب؛ لأن ثمن ما

يتأخر أقل من ثمن ما يتعجل فيدخله تقضي أو تربي، وما لا يتأخر العمل فيه عن حلول الدين جائز؛ لأنتفاء علة المنع، ولا يدخله علة مالم في المرض؛ لأنه هنا إن مرض انفسخ من الإجارة بقدر ما بقي من الأمد، وهو في هذا الخلاف مقاطعته على خياطة أثواب وشبهها لا يجوز إلا فيما قل؛ لأن المقاطعة لا تتعلق بوقت فتدخل علة مالك في المرض، وفي بيعه بثمرة يتأخر جدادها منع ابن القاسم فيها، وأجازه أشهب. اللخمي: استثقله مالك في الواضحة وهو قوله في المدَوَّنة؛ لأنه قال: وإنه لتقرب أشياء ينهى عنها يريد أنه ليس بالحرام البين، وعلى رواية محمد إن لم يتأخر جدها عن حلول الأجل جاز، وإلا منع. وفي البيوع الفاسدة منها: يجوز اكتراء دار بدين يبقى عليك لا بدين لك عليه وتعقب بأن منفعة المعين إن كانت كمعين جازت، وإن كانت كمضمون منعتا، وفي بيعه منه بدار غائبة، منع. ابن القاسم: فيها وأجازه أشهب، وعلل اللخمي المنع بأن ثمنها حاضرة أكثر من ثمنها غائبة فيما بينهما ترك لمكان التأخير، قال: وعلى القول الآخر إن لم يتأخر قبضه إياها عن حلول الأجل جاز وإلا منع. قُلتُ: والمعتبر في تأخير القبض عن الأجل وعدمه، مقتضى العادة لا الفعل فلو قدر الفعل مخالف العادة اعتبرت دونه إجازة، ومنعًا، لأنها مؤثرة في العقد، وفي منعه منه بجارية تتواضع أو شيء بخيار قول ابن القاسم فيها، ونقل الصقلي عن أشهب مع محمد بن مسلمة في الجميع، وذكر الباجي قول أشهب أيضًا رواية له، وثالثه للخمي: إن تأخرت الحيضة وأمد الخيار عن حلول الدين. في بيوع الآجال منها بعد ذكر ما ذكر لابن القاسم منعه ولو بعت دينك من غير غريمك بما ذكرنا جاز، وليس كغريمك؛ لأنك انتفعت بتأخيره في ثمن ما فسخته فيه، عليه بخلاف الأجنبي مع أنه لا يجوز في خيار أو مواضعة أو شراء غائب تعجيل النقد بشرط اللخمي: اختلف في بيع دين من أجنبي بمنافع عبد أو دابة، وله في كتاب الحوالة في جواز كراء دار بدين على آخر ومنعه مطلقًا، ثالثها إن شرع في السكنى لقولها في بيوع الآجال، ورواية محمد، وقولها في الحوالة قال: وروى ابن القاسم من استأجر أجيرًا سنة

بدين له على آخر لا خير فيه، وأخبرني بعض أصحابنا أنه أجازه فسألته فقال: لا خير فيه، وبيعه من المدين بمعين معجل جائز، والتأخير غير اليسير بشرط مبطل، وفي اليسير اضطراب في أول ثالث سلمها إن بعت من رجل ما أسلمت فيه، مما يجوز بيعه لم يجز أن تؤخر المبتاع بالثمن يومًا أو ساعة بشرط أو بغير شرط؛ لأنه دين بدين، ولا تفارقه حتى تقبض الثمن كالصرف. وفي أول بيوع الآجال منها كل شيء لك على غريم حل أو لم يحل فلا تبعه منه بشيء توخره إلا أن ينقدك يدا بيد كالصرف لا تؤخره يومًا ولا ساعة. قُلتُ: ولم يذكرها البرادعي، وفي آخره، ومن بعته طعامًا لك عليه من قرض حل بدنانير حالة لم يجز أن تفارقه حتى تنتقد إلا مثل أن تذهب معه إلى السوق أو يأتيك بها من البيت، فأما أن تصير تطلبه بها فلا يجوز؛ لأنه فسخ دين في دين. وفي أوائل البيوع الفاسدة منها كل دين لك على رجل من بيع أو قرض لا تفسخه عليه إلا فيما تتعجله، فإن أخذت به منه قبل الأجل، أو بعده سلعة معينة فلا تفارقه حتى تقبضها فإن أخرتها لم يجز. وفي صلحها: وإن بعت من رجل طعامًا لك عليه من قرض فلا تؤخره بثمنه، وإن تأخر ذلك أو بعضه حتى فارقك لم يجز، وترد ما قبضت، ويبقى الطعام بحاله ولا يجوز من ذلك حصة النقد إلا أن يقرب افتراقكما مثل أن تذهب معه إلى السوق أو البيت فينقدك. وفي آخر بيوع الآجال منها أيضًا إن ابتاع بدراهم إلى أجل وحل سلعة بعينها حاضرة رضيها، ثم قام فدخل بيته قبل قبضها جاز ويقبضها إذا خرج إذا لم يكن لبائعها منعه من قبضها، إنما هو رجل ترك سلعته وقام عنها ابن محرز: قالوا: إنما جاز ذلك؛ لأن السلعة حاضرة في ضمان المشتري بالعقد، فهي كمقبوضة، بخلاف مسألة البيوع الفاسدة، السلعة فيها معينة غير حاضرة لم يجز بيعها لما يضمنها. ابن محرز: لا يصح هذا قول ابن القاسم بمنع أخذ دار غائبة من دين وإن كان في ضمان مشتريها، وإنما أجاز مسألة بيوع الآجال لقرب قبضها، ومجمل مسألة البيوع الفاسدة بعد قبضها؛ لأنه أطلق ذكر المفارقة فيها.

وقال يحيى فيها: فد جوز هذا أول الكتاب وتلك خير من هذه وأشهب يجيزها أيضًا معه، فحمل المسألة على قولين، وذكر عياض في ثاني مسألة من بيوع الآجال رواية زعم أن مقتضاها شرط الجواز بعدم مطلق المفارقة، ورواية زعم أن مقتضاها اغتفار مفارقته ليأتي بها عن قرب، وأكده بقولها في مسألة ابن محرز، وعزا القول الذي تعقبه ابن محرز إلى فضل وابن أبي زَمَنَيْن والأندلسيين، وعزا ما اختاره ابن محرز للقرويين قائلًا: وخطأوا تأويل الأندلسيين بأن ما سقط الضمان هنا لا يتنزل منزلة القبض، بدليل منع أخذ عقار غائب عن دين وإن دخل في ضمانه بالعقد، وقال التونسي: إنما يمتنع أخذ عقار غائب عن دين إذا أخذ على صفة أو تذريع إذ لا تدخل في ضمانه إلا بعد وجودهما على الصفة أو القبض، وإن كانت على رؤية تقدمت فهو قبض ناجز كالنقد، وسمع أشهب نحوه في العتبية. قُلتُ: فعلى تأويل التونسي يبطل، تعقب ابن محرز على الأندلسيين ويتم تأويلها، وما تقدم للخمي من تعليل منع أخذ الربع الغائب عن دين بأن ثمن الشيء حاضرا أكثر من ثمنه غائبًا، فبطل تأويل التونسي فتأمله، وسمع سَحنون أشهب في كتاب السلم: إن أتى من أقيل من سلم حل برأس ماله، ومن أقيل من طعام ابتاعه بثمن إلى أجل حل فلم يدفعا ما أقيلا به حتى طال ذلك، وتباعد بشهر ونحوه، إقالتهما جائزة، وإن طال ما لم يكونا أضمرا ذلك فتبطل الإقالة ويبقى على كل منهما ما كان عليه. ابن رُشْد: قول أشهب: هذا خلاف قول ابن القاسم وروايته في ثالث سلمها، وهو أظهر، لأنه صلى الله عليه وسلم نهى عن الدين، وعن بيع الطعام قبل استيفائه، كما نهى عن التأخير في الصرف، وأجمعوا على منع التأخير في الصرف، ولو بغير شرط فوجب رد ما اختلف فيه إليه. وفي بيوع الآجال منها إن أخذت بدينك طعامًا كثر كيله فذهبت بعد وجوب بيعه لتأتي بدواب تحمله أو تكتري له منزلًا أو سفنًا، وذلك يتأخر اليوم واليومين أو غابت الشمس قبل تمام كيله فتأخر لغد فلا بأس به، وهو خفيف. والتهمة على الكالئ بالكالئ المشهور اعتبارها في صرفها من أسلفني دراهم فاشتريت بها منه مكاني حنطة أو ثيابًا إن كان السلف لأجل، جاز ذلك على النقد، وإن كان حالًا جاز ذلك يدًا بيد. عياض، وفي الأصل أو لأجل، وهذا الحرف موقوف في

كتاب ابن عتاب، وقال محمد: يريد لأجل كأجل السلم، وقال سَحنون، وهو حرف سوء، وأمر بطرحه. ابن وضاح: هو لأشهب أدخلها سَحنون، وهو يجيز ذلك لا عن مالك، وقال فضل: قرأه لنا يحيى وطرحه سَحنون؛ لأنه رد عليه سلفه وأسلم عينًا في ذمة في طعام لأجل، وهو الدين بالدين وبه علل مالك المسألة ومنعها في المبسوطة، وقال: الخلاف في اللفظة على الخلاف في العارية الحالة هل توجب قدرا للنفع بها أو لًا؟ وكذا السلف الحال، وقوله هنا يدل على ثبوت الأجل له بقدر ما يرى أن المسلف أراد منفعته به، التونسي إن أقرضه دراهم حالة فاشترى بها منه سلعة موصوفة الأجل أو معينة نقدًا أو أقرضه الدراهم لثىلاثة أيام فاشترى لها منه سلعة موصوفة لشهر جاز الجميع، ولو أقرضه الدراهم لعشرة أيام فاشترى بها منه سلعة موصوفة لم يجز؛ لأنه دين بدين، ولو أقرضه سلعة فباعها منه بدراهم نقدًا أو لأجل لم يجز إلا أن يكون عنده مثل تلك السلعة. قُلتُ: ظاهر المذهب في منع السلم الحال منعه، ولو كان المثل عنده، وإنما يصح قول التونسي على صحة تأويل بعض الشُيُوخ ما وقع في المدَوَّنة مما يدل على السلم الحال، بكون المثل حاضرًا عند البائع، قال: ولو كان قرض السلعة لشهر جاز بيغها من مقرضها بثمن نقدًا، أو بدراهم إلى ثلاثة أيام، ولو كانت إلى عشرة أيام لم يجز؛ لأنه دين بدين. والتهمة على فسخ الدين في الدين معتبرة في صرفها إن قبضت من غريمك دينًا فلا تعده إليه مكانك سلمًا في شيء، ولو أسلمت إليه دنانير ثم قضاكها بحدثان ذلك من دين لك علي بغير شرط لم يجز، ويكره ذلك كله بحدثانه. وفيها مع غيرها جواز بيع الدين من غير المدين إن كان حاضرًا مقرًا فإن كان منكرًا أو بعيد الغيبة بحيث يجهل ملاؤه من عدمه لم يجز، وفي قريب الغيبة بحيث يعلم ملاؤه من عدمه ولم ينكر المشهور وقول محمد. اللخمي: لا أرى أن يجوز ولو قربت غيبته، والدين بينة، إلا أن يشهد أنه كان مقرًا حين غيبته، فإن كان منكرًا لم يجز، ولو كانت عليه بينة؛ لأنه بيع ما فيه خصومة، وقد تكون للغائب بينة بالقضاء أو يخرج شهود الدين. قُلتُ: وقد يجرح شهود الإقرار إلا يكونوا غير شهود الدين، ومفهوما قوله: أولًا وثانيًا متعارضان فيمن لم يعلم منه إقرار، ولا إنكار، ولموسى بن معاوية عن ابن

القاسم، في كتاب المدبر مثل قول محمد. ابن رُشْد: هذا خلاف المعروف من قوله: إنه لا يجوز إلا وهو حاضر مقر ولم يشترط إقراره في شراء الكفيل ما على مكفوله فقيل اختلاف، وقيل يريد أنه مقر. في ثاني سلمها من باع من كفيل له بثياب موصوفة لأجل ما تكفل له به بما يحل، وحتى لا يكون للكفيل على الغريم إلا ما عليه وهو حاضر فلا بأس به. عياض: كذا في كتابي، وعليه اختصره ابن أبي زمنين، وغير واحد واختصره أبو محمد وغيره بزيادة مقر، وكذا في رواية العسال، وفي كتابي في القسمة والصلح، وقال اللؤلؤي: لا حاجة لهذه اللفظة في شراء الحميل؛ لأنه في غير خوف إنكاره فيؤدي للخصومة، والكفيل غريم أقر أو أنكر، وصوب غيره إثبات إقراره؛ لأن إنكاره يؤدي للخصومة. قُلتُ: إن قلت مقتضى قول اللؤلؤي، نفي الخصومة في شراء الكفيل ونص غيره إثباتها، وأهمل عياض بيان الصواب منهما كما هو. قُلتُ: المنفي في قول اللؤلؤي الخصومة بين البائع والكفيل، والثابتة في قول غيره بين الكفيل والغريم فلا تناقض راعى اللؤلؤي مقتضى اتفاق رب الدين والكفيل على حقية المبيع مع كون الكفيل كالغريم، وراعى غيره ظاهر الأمر حين الكفيل والغريم، قال عياض، وقال بعضهم: إنما يشترط حضور الغريم قبل حلول الدين لا بعده؛ لأن الكفيل مطلوب بما تكفل به، وفيه نزاع بين المتأخرين ومنهم من منعه إن غاب بكل حال. الباجي: لا يجوز شراء دين على غائب لا بينة عليه اتفاقًا؛ لأنه غرر، كالآبق ابن زرقون: ظاهر قول أَصْبَغ في العتبيَّة جوازه. ابن رُشْد: وجهه حمل الأمر على الصحة من أن البائع صدق، فلا يلتفت لما يطرأ. الباجي: فإن كان عليه بينة عدول، فروى داود بن سعيد إن علم حياة المدين فلا بأس به، ولعيسى عن ابن القاسم لا أحبه إلا أن يجمع بينه، وبينه. ابن رُشْد: لو اشتراه على أنه إن أنكره رد إليه البائع ثمنه منع، ولو قال المبتاع: أعلم

وجوبه لك عليه وإقراره به جاز اتفاقًا فيهما. وفي بيع شرائه الكفيل بأكثر من رأس ماله كالغريم، وجوازه كالأجنبي قول محمد، ونقل عبد الحق عن بعض القرويين محتجًا بأن الدافع إنما أخذ أزيد مما دفع من غير من دفع إليه أولًا، وقيد اللخمي قول محمد بكون الحمالة كانت في العقد شرطًا قال: وقد قال ابن القاسم فيمن أسلم لرجلين بعضهما حميل عن بعض: لا يجوز أن يقيل أحدهما، فجعل إقالة أحدهما سلفًا. قُلتُ: قد يفرق ببقاء أحكام إلا الحمالة بين رب الدين والحميل المقال وانتفائها في شراء الكفيل فما حكم للكفيل بكونه كالغريم إلا بالمجموع المركب من الحمالة وبقاء حكم طلبها، وهو في البيع منتف، وفي أول ثالث سلمها ما انتقدت من ثمن دين بعته ثم فلس المدين فلا رجوع لمبتاعه عليك، ولك محاصة غرمائه. عبد الحق عن بعض القرويين: وكذا لو لم ينتقد إذ ليس للمبتاع حبس الثمن حتى يقبض ما ابتاع كماله ذلك في السلعة. قُلتُ: ظاهرها، ولو علم البائع فلس المدين وجهله مبتاعه كقول مساقاتها من ابتاع سلعة لأجل، وهو مفلس جهل البائع فلسه لا حجة له بخلاف قول حوالتها إن غر المحيل المحال بفلس المحال عليه بطلت حوالته؛ لأن البيع مكايسة، والمبتاع مفرط، والحوالة معروف يعذر المحال بجهله ما علمه المحيل. والمذهب منع بيع الدين على ميت مطلقًا، وحكى ابن رُشْد الإجماع عليه بلفظ: لا أعلم فيه خلافًا، وعبد الحافظ أبو الحسن ابن القطان في مصنفه في الإجماع مثل هذا اللفظ إجماعًا، وأطنب مالك في الموطأ في تعليله بالغرر، وقول اللخمي، يجوز شراؤها على الميت إذا كان ظاهر اليسار غير معروف بالمداينة، وقد فرق ابن القاسم في قسم ماله بين الغرماء، بين من هو معروف بالدين وغيره يرد بالأجماع إذ ناقله ثقة عدل، وبأن قياسه على القسم واضح الفساد؛ لأن القسم واجب والبيع غير واجب إجماعًا، وبأن القسم قضاء لعين ما في الذمة لا إنشاء عقد والبيع عقد إنشاء. روى مسلم بسنده عن أبي هريرة قال: «نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع الحصاة، وعن

باب في الغرر

بيع الغرر»، وفي الموطأ من مراسيل ابن المسيب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: «نهى عن بيع الغرر». [باب في الغرر] المازري الغرر ما تردد بين السلامة والعطب. قُلتُ: يريد ذو الغرر أو صفة ما تردد، ويرد بعدم انعكاسه لخروج غرر فاسد

صور بيع الجزاف وبيعتين في بيعة ونحوهما إذ لا عطب فيها والأقرب أن بيع الغرر ما شك في حصول أحد عوضيه أو مقصود منه غالبًا، وقول ابن الحاجب: بيع الغرر ذو الجهل والخطر وتعذر التسليم يتعقب بأن الجهل صفة العاقد والغرر صفة المبيع فهو تعريف بمباين وبأن الخطر مساو في المعرفة للغرر أو أخفى، وتعذر التسليم إنما ذكره الأصوليون حكمةً في التعليل بالغرر. الباجي: يسيره عفو إذ لا يكاد يفارق، وزاد المازري كون متعلق باليسير غير مقصود، ودليل ارتكابه، وقرره بقوله: منع بيع الأجنة وجواز بيع الجبة المجهول قدر حشوها الممنوع بيعه وحده، وجواز الكراء لشهر مع احتمال نقصه وتمامه، وجواز دخول الحمام مع اختلاف قدر ماء الناس ولبثهم فيه والشرب من الساقي إجماعًا في الجميع دليل إلغاء ما هو منه يسير غير مقصود دعت الضرورة للغو. ابن عبد السلام في زيادة المازري: إن لم يكن محتاجًا إليه منع صحة البيع إشكال من وجهين: الأول: أنه إذا كان يسيرًا في نفسه غير مقصود إليه من المتبايعين ولا من أحدهما فلا معنى للمنع منه؛ لأن المنع من بيع الغرر، إنما هو لما يؤدي إليه من المخاصمة والمنازعة. والثاني: إنهم قالوا والمازري فيهم: والعيان يشهد له إن أكثر البياعات لا تخلو عن يسير غرر، فلو شرطنا منع ذلك في إجازة البيع احتياج المتبايعين إلى ارتكاب ذلك الغرر، ومعلوم أن الذي يباح عند الحاجة، ويمنع منه عند عدمها هو رخصة، فيلزم

كون أكثر البياعات رخصة وهو باطل قطعًا. قُلتُ: حاصل الأول أن الغرر كل ما كان يسيرًا غير مقصود بوجه لم يمنع صحة البيع وبين الملازمة بأن مانعية الغرر إنما هي لما يؤدي إليه من مخاصمة المتبايعين، ويرد بأنه دعوى إخراج صورة النزاع من عام شامل لها بمفهوم علة، مستنبطة، ومثل هذا لا يوجب إشكالًا؛ لأن العموم مقدم على مفهوم العلة المستنبطة، وإنما الخلاف في مفهوم منطوق أو علة منصوص عليها، وما بين فيه الملازمة غير صحيح؛ لأن مانعيه الغرر إنما هي لا شتمال الغرر على حكمة هي عجز البائع عن تسليم المبيع لمبتاعه حسبما قرره الفخر في المحصول وغيره من الأصوليين، ولقد كان شيخنا أبو عبد الله بن الحباب ينكث على متفقهة وقته ويقول يقرأون كتاب بيع الغرر ويعللون به ولا يعرفون وجه علته وكيف يتوهم كون حكمة علة الغرر المخاصمة، وأكثر صورها عرية عنها كبيع الآبق والثمر قبل بدو صلاحه على أن ضمانه من مبتاعه إلى غير ذلك من صور الغرر، وحاصل وجهه الثاني أنه كلما اشترطت الحاجة لارتكاب يسير الغرر متمنًا لما في الواقع من عدم خلو أكثر البياعات عنه لزم كون أكثر البياعات رخصة، وبين الملازمة بأن ما يباح عند الحاجة، ويمنع عند عدمها رخصة ويرد من بوجهين: الأول: قوله: ما يباح عند الحاجة ويمنع عند عدمها رخصة إن أراد مع كون الحاجة خاصة فمسلم كأكل الميتة فإنه محتاج إليه لبعض الناس في بعض الأزمنة لا عام فيهما وكثيرًا العرية بخرصها تمرًا ونحوهما، وإن أراد سواء كانت خاصة أو عامة منعناه، وسند المنع استقراء صور الرخصة، والحاجة في ارتكاب يسير الغرر في البيع عامة، لا خاصة، وقد تقرر في كتاب القياس أن الحاجي العامي من المقاصد معتبر، ومثلوه بالبيع والإجازة. الثاني: الملازمة التي ادعى صحتها، وادعى بطلانها لازمها، وهو كذلك ينتج له إن وصف الحاجة في يسير الغرر، لا شتراط في لغوه، وذلك باطل للاتفاق على صحة بيع جبة محشوة بحشوها الثاني: الملازمة التي ادعى صحتها، وادعى بطلانها لازمها، وهو كذلك ينتج له إن وصف الحاجة في يسير الغرر، لا شتراط في لغوه، وذلك باطل للاتفاق على صحة بيع جبة محشوة بحشوها المجهول وفساد بيع حملة ثياب قيمتها ضعف قيمة الجبة مع حشو الجبة دونها صفقة واحدة ولا فرق غير الحاجة، للحشو في بيعه مع حببته وعدمها في بيعه مع الأثواب.

باب في بيع الحامل بشرط الحمل

الباجي والمازري: والخلاف في بعض الصور للخلاف في يساره غررها وكثرته وقول ابن عبد السلام بعد تردده فيماشك في يسارة غرور هل هو شك في الشرط، فيعتبر بناء على أن مسمى الغرر راجح لفقد شرط ركن البيع، وهو العلم بوصف رعي المبيع أو المانع فيلغى بناء على أن مسماه راجع لمانع المبيع، وأيضًا فقد قال أكثر البياعات: لا تخلو عن يسير الغرر فإذا شك في صورة ما وجب إلحاقها بأكثر صور نوعها، ظاهره ترجيحه إلحاقها بصور الجواز فيرد بأن أكثره عدم الخلو المذكور في صور البيع الجائز معارض، بأن أكثر صور الفاسد، لا تخلو عن كثيره فإلحاقه بأكثر صور الجائز معارض بإلحاقه بأكثر صور الفساد، وقوله: من نوع مصادرة إذ ليس كونه من نوع الجائز بأولى من كونه من نوع الفاسد لاحتماله في ذاته الموجب لشكه المفروض. [باب في بيع الحامل بشرط الحمل] سمع عبد الملك أشهب في كتاب العيوب من ابتاع بقرة على أنها حامل أو جارية يزيد فيها الحمل فلا يجد بها حملًا له ردها. ابن رُشْد: قال ابن القاسم: وروي لا يجوز بيعها على ذلك وإن كان الحمل ظاهرًا، وبيعها مفسوخ، وأجازه سَحنون إن كان الحمل ظاهرًا، وقال ابن أبي حازم: البيع جائز ولا يرد بفقد الحمل إذا باع الركمة يظنها عقومًا، ولو باعها على ذلك وهو يعلم أنها على غير ذلك لمعرفة أن الفحل لم ينز عليها له الرد؛ لأنه غره وأطعمه فيتحصل فيها أربعة أقوال: أظهرها قول سَحنون، وقال ابن عبد الحَكم: لا خير في بيع الرجل الدابة ويشترط عقاقها، ولو قال: هي عقوق دون شرط، فلا بأس به. قُلتُ: زاد في رسم الشريكين من سماع ابن القاسم من جامع البيوع وكل هذا في الحيوان الذي يزيده الحمل، ويجوز في الجارية الرفيعة التي ينقصها الحمل على أنها حامل إذا كانت ظاهرة الحمل؛ لأنه تبر من عيب حملها كسائر العيوب. ابن زرقون: إنما يجوز في الركمة عند من أجازه إن قاله مطلقًا، ولو قال: إنها حامل من فرس أو قال: من حمار لفسد البيع لاحتمال أن يكون انفلت عليها غير الذي سمى

باب في بيع المضامن والملاقيح

وقاله ابن رُشْد في رسم البيع والصرف من سماع أَصْبَغ من جامع البيوع قلت: الأظهر جوازه إن عين ليسر معرفة ذلك بعلم ما أنزى عليها وتحفظه عليه من غيره والأظهر في صورة الإطلاق التي خصصها بالجواز المنع إن كان بموضع الأمران فيه متقاربان، وإلا فالأكثر في الرماك، حمل الفرس وما ذكره ابن رُشْد عن ابن عبد الحَكم نحوه للصقلي عن المَّوازية، وقول ابن الحاجب: في بيع الإماء، وغيرهن بشرط الحمل الظاهر، ثالثها إن قصد البراءة منه صح وإلا فسد، نص في الخلاف في بيع الأمة، وغيرها بشرط الحمل على وجه البراءة منه وفيه نظر للاتفاق على جواز بيع الأمة بشرط البراءة من الحمل حسبما تقدم من نقل ابن زرقون وابن رُشْد، واقتضاه قواعد المذهب إياه؛ لأنه عيب في نفس المبيع ظاهرًا، وكل عيب كذا البراءة منه جائزة، وللصقلي في كتاب الخيار مثل ابن الحاجب، قال: لو شرط حمل الجارية في البيع فسخ وقيل إن كان ظاهرًا جاز فيها وفي الغنم، وقيل إن كان على وجه البراءة جاز في الوجهين معًا، فإن نص على شرطه براءة أو رغبة فواضح ةإلا فقال اللخمي: إن كان مشتريها حضريًا فشرطه براءة وإن كان من البادية فليس براءة لرغبة كثير منهم في نسل الإماء وقول ابن الحاجب وأما شرطه الخفي ففاسد إلا في البراءة ظاهره فساده بشرطه على غير البراءة اتفاقًا، ويرد بما تقدم نقل ابن رُشْد وابن زرقون قول أشهب وابن أبي الحازم، وظاهره صحة شرطه براءة، وإن لم يكن ظاهرًا في العلي، ونص استبرائها وعيوبها منعه. [باب في بيع المضامن والملاقيح] ونهى عن بيع المضامين والملاقيح اشتهر في كتب الفقهاء والأصوليين حديث النهي عن بيع المضامين والملاقيح، ولا أعرف في كتاب حديث إلا في الموطأ مرسلًا، روى مالك عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب أنه قال: «لا ربا في الحيوان وإنما نهي عن الحيوان عن ثلاثة المضامين والملاقيح وحبل حبلة فالمضامين: ما في بطون إناث الإبل، والملاقيح: ما في ظهور الجمال»، ونقله الصقلي عن مالك مطلقًا لا بقيد كونها في

باب في بيع الملامسة والمنابذة

الإبل، وعزا لابن حبيب عكس قولي مالك فيها، وخرج مسلم ومالك في الموطأ عن نافع عن عبد الله عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن بيع حبل الحبلة. زاد مسلم في رواية عن ابن عمر وهو في الموطأ قال: وكان أهل الجاهلية يتبايعون لحم الجزور إلى حبل الحبلة، وحبل الحبلة أن تنتج الناقة ثم تحمل التي نتجت، الصقلي عن ابن وَهْب وغيره هو: نتاج ما تنتج الناقة، وعزاه أبو عمر لأبي عبيد وابن حنبل وغيرهما. [باب في بيع الملامسة والمنابذة] خرج مسلم بسنده عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن الملامسة والمنابذة وفي رواية: نهى عن بيعتين عن بيعة الملامسة والمنابذة. أما الملامسة: بأن يلمس كل واحد منهما ثوب صاحبه بغير تأمل، والمنابذة: أن ينبذ كل واحد منهما ثوبه إلى الآخر ولم ينظر واحد منهما إلى ثوب صاحب، وفي رواية والملامسة: لمس الرجل بيده ثوب الآخر بالليل أو بالنهار ولا يقبله إلا بذلك، والمنابذة: أن ينبذ الرجل إلى الرجل ثوبه وينبذ الآخر إليه ثوبه ويكون ذلك بينهما عن غير نظر ولا تراض. قال المازري: ولو فعلا هذا على أن ينظر إليها ويتأملها فإن رضي أمسك جاز. [باب في بيع الحصاة] وخرج مسلم بسنده عن أبي هريرة قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع الحصاة، وعن

باب في النهي عن بيعتين في بيعة

بيع الغرر. المازري: اختلف في تأويله، وأحسن ما قيل فيه تأويلات منها: أن يبيع من أرضه قدر رمية الحصاة ولا شك في جهله لاختلاف قوة الرامي، وقيل معناه: أي ثوب وقعت عليه حصاتي فهو المبيع، وهو مجهول كالأول وقيل معناه ارم بالحصاة فما خرج كان لي بعدده دنانير أو دراهم وهذا مجهول أيضًا، وقيل معناه: إذا أعجبه الثوب ترك عليه حصاة، وهذا إن كان بمعنى الخيار، وجعل ترك الحصاة علمًا على الاختيار لم تمنع إلا أن تكون عادتهم في الجاهلية أن يضعوا أمورًا تفسد البيع مثل أن يكون متى ترك الحصاة، وإن كان بعد عام وجب له البيع وهذا إن كان معناه إذا سقطت باختياره فهو بيع خيار أذا وقع مؤجلًا فلا يمنع إلا أن يكون ثمنه مجهولًا، وقد يكون هذا هو معنى القولين الأخيرين. قُلتُ: هذا هو قول اللخمي بعد ذكر التفسيرين الأخيرين لا يكون البيع هنا فاسدًا إن كان الثمن معلومًا. [باب في النهي عن بيعتين في بيعة] ونهى عن بيعتين في بيعة، فأخرج الترمذي عن أبي هريرة رضي، قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيعتين في بيعة. وقال: حديث صحيح، وفي الموطأ لمالك أنه بلغه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى بمثله، أبو عمر: هذا حديث من طرق صحاح تلقاها أهل العلم بالقبول. [باب بيعتين في بيعة] الباجي: هو تناول عقد البيع لزومًا بيعتين على أن لا تتم منهما إلا واحدة كبيع

ثوبه بدينار وآخر بدينارين يختار أيهما شاء لازمًا لهما أو لأحدهما. ابن رُشْد: هو تناول البيع مبيعين لا يتم مع لزومه للمتبايعين أو لأحدهما إلا في أحد المبيعين، وقلنا: أحد المبيعين لا أحد الثمنين ولا أحد المثمونين ليعم الأمرين لاستوائهما فيه. قُلتُ: تعريف الباجي يشمل صحيحًا وفاسدًا وتمثيله به وذكر علة فساده ينافيه، وتعريف ابن رُشْد كذلك، وتقسيمه لصحيح وفاسد يناسبه والأولى ما يخص متعلق النهي وهو بيع لأحد مثمونين يختلف الغرض فيهما أو بأحد ثمنين كذلك لزومه لأحد عاقديه. وقول ابن الحاجب: ومحمله عند مالك: على سلعة ثمنين مختلفين وسلعتين مختلفتين بثمن واحد على اللزوم لهما أو لأحدهما يبطل طرده بيع سلعتين مختلفتين بثمن واحد لزومًا أو لأحدهما. وفيها: بيعتان في بيعة بيع سلعة بدينار تقدًا أو دينارين لأجل قد لزم المتبايعين أو أحدهما، وكأن وجب بدينار نقدًا وجعله بدينارين لأجل أو وجب بدينارين لأجل لجعله بدينار نقدًا ونحوه في الموطأ، وفي البيوع الفاسدة منها مع رواية محمد إن كان دون لزوم جاز، وفي الموطأ، خيار ما لو اتحد الثمن واختلف قدر عوضه من صنفي نوع طعام ربوي بكيل لم يجز للتفاضل وبيعه قبل قبضه.

قُلتُ: فالغرر ولو قال: خذ الثوب أو الشاة بدينار إن شئت ففي جواز نقل الباجي روايتي أشهب وابن القاسم مع ابن وَهْب. محمد: هذا أصوب، لخلو العقد من معنى التخيير والمساومة، به فسره ابن القاسم قال: ولفظ الإيجاب قوله: هي لك بكذا أو خذها بكذا ولفظ المساومة أنا أبيع هذا بدينار، وهذا بدينارين أو يقول له بكم هذا؟ فيقول له بدينار نقدًا، ويقول وبكم هذا لأجل فيقول بدينارين، فاشتر بأحدهما جاز. ابن رُشْد: صور بيعتين في بيعة ثلاثة؛ لأن اختلاف الغرض إما في الثمنين أو المثمنين أو أحدهما فإن امتنع تحويل أحدهما في الآخر، فإن ظهرت التهمة منع اتفاقًا، وإن انتفت جاز كاختلاف المبيعين في غير الطعام في القلة والكثرة مع النقد والتساوي في الأجل أو اختلافه مع كون المؤجل أو الأبعد أجلًا أقل عددًا للعلم، إن البيع إنما وجب الأكثر إن كان الخيار للبائع أو بالأقل إن كان للمبتاع وما جاز فيه تحويل أحد الثمنين أو المثمنين في الآخر، فإن كانا صنفين يجوز سلم أحدهما في الآخر، لم يجز إلا على قول عبد العزيز بن أبي سلمة، وإن كانا صنفًا وتباينت صفتاهما بحيث يمتنع أحدهما في الآخر جاز عن محمد وعبد العزيز وإن كانا صنفا واحدًا وتفاضلًا في الجودة ففي جوازه قولها مع الأولين، وقول ابن حبيب وإن كان صنفًا واحدًا بصفة واحدة جاز اتفاقًا. قُلتُ: وهو بيع الاختيار دون خيار. زاد في البيان بعد الإحاطة بمعرفة خيارها وشرارها وحصل في جوازها بشرط تساويهما في الجودة، أو بعد اختلافهما بما تختلف فيه الأغراض، ولو لم يجز سلم أحدهما في الآخر ثالثها بشرط عدم اختلافهما بما يجوز به سلم أحدهما في الآخر، ورابعها الجواز، ولو صح سلم أحدهما في الآخر لابن حبيب، ولها ولمحمد، وعبد العزيز، وسمع عيسى ابن ال قاسم لو اشترى عشرة يختارها من غنم بعد اشترائه عشرة منها قبل اختيارها جاز. ولو اشتراها غيره قبل اختياره لم يجز؛ لأنه غرر. ابن رُشْد: الفرق بينهما أنه يعلم ما يختار فلم يدخل في العشرة الثانية على جهل،

وغيره لا يعلم ذلك، ويجوز له يشتري بقيتها قبل أن يختار فلم يدخل في العشرة الثانية على جهل، وغيره لا يعلم ذلك، ويجوز له أن يشتري بقيتها قبل أن يختار عشرته الأولى ولا يجوز لغيره، وأجازهما محمد لغيره، ووجهه أن الثاني علم أن الأول لا يختار إلا خيارها، وخيارها لا يخفي على ذي معرفة فكأن البائع أبقى تلك العشرة لنفسه، وباع باقيها أو عشرة منه على أن يختارها، وعليه يجوز بيع عشرته قبل اختيارها من غيره يختار المشتري الثاني لنفسه خلاف ما في سماع سَحنون، لأشهب ومن حق مشتري عشرة يختارها أن يختارها هو أو من يعينه لذلك وهذا مقتضى النظر، ويأتي على قول أشهب في سماع سَحنون، إن ذلك ليس له، إذا لم يجز له بيعها من غيره على أن يأخذ ما اختار هو ولا على أن يختارها هو لنفسه إذ لا يتنزل عنده أحد منزلة المبتاع في اختياره إلا وارثه، وهو بعيد، وقول بعض الشُيُوخ إنما قال أشهب هذا؛ لأن من حق البائع أن يقول إنما رخصت عليك لعلمي أنك غير ما هو في اختيار الغنم أرجو أن يختار ما ليس بخيارها ليس بشيء إذ لو كان ذلك لكان غررًا. قُلتُ: قوله: ليس بشيء إلى آخره، وتضعيفه قول أشهب سبقه به التونسي. ابن رُشْد وقول: ابن دحون إن شرط البائع عليه أن يختاره بفسه لزمه غير صحيح. قُلتُ: قوله: ليس بشيء إلى آخره، وتضعيفه قول أشهب سبقه به التونسي. ابن رُشْد وقول: ابن دحون إن شرط البائع عليه أن يختاره بنفسه لزمه غير صحيح. قُلتُ: ففي لزوم اختياره بنفسه ما لم يمت، ثالثها إن شرطه البائع وعزوها واضح، ابن رُشْد، وغيره عن ابن حبيب: إن اشترى عشرة من خيرة غنمه ولم يعينا من يختارا، واختلفا في تعيين خيرتها، دعا لذلك أهل العدل والبصر، قال: وهو صحيح؛ لأن خيرتها معلوم، وسمع أَصْبَغ ابن القاسم: من اشترى عشرة يختارها من غنم حوامل فلم يختر حتى ولدت لا خيرة له إلا في الأمهات فقط، وله ما جزه البائع من صوفها، لا ما اغتله من لبنها وسمنها؛ لأنه كان ضامنًا لها، ولو كان المبيع كذلك جواري، ولم يشترط حملهن فوضعن قبل اختياره فسخ البيع؛ لأنه آل لبيع الأم دون ولدها، وقال أصبغ: لايفسخ؛ لأن أصله جائز، ويخير المبتاع ثم يجمع ما اختار لولده ويباعان معًا ويقسم الثمن على الأقدار. ابن رُشْد: قول ابن القاسم إنما يختار في الغنم الأمهات مثل قول أشهب في خيارها

خلاف قول ابن القاسم. فيها: من ابتاع أمة بخيار فولدت في أيامه الولد للمبتاع إن أبت البيع فجعل الولد كعضو منها، وهو في هذه أحرى للزوم البيع في عشرة منها، وقول ابن دحون، وليس ذلك باختلاف؛ لأنه إنما جعل الولد للمشتري في مسألة المدَوَّنة للتفرقة ولا تفرقة في الغنم غير صحيح لقول ابن القاسم في الجواري البيع للتفرقة، والتفرقة ببقاء الولد للبائع. وفي قوله: يفسخ البيع، نظر؛ لأنه إنما فسخه؛ لأنه رأى أن اختياره إن اختار إنما يكون على العقد الأول، وكأنها لم تزل ملكًا له، من يومئذ، وهذا يوجب كون الولد له، وفسخه البيع أيضًا من أجل التفرقة خلاف قوله فيها: أنه لا يفسخ إلا إن امتنعا أن يجمعا بينهما في ملك أحدهما، وقيل: لا يفسخ بينهما فإن أبيا أن يجمعا بينهما في ملك أحدهما بيعًا عليهما وقسم الثمن بينهما على قيمتهما وهو قول أَصْبَغ هنا. وقوله: (ماجز البائع من صوفها فها هو للمبتاع) لايختلف فيه، وفي قوله: في اللبن والسمن للبائع نظرًا؛ لأن المبتاع ضامن للعشرة على قوله لوجوب البيع عليه فيها، لو تلفت لزمه غرم الثمن بقياس قوله: أن يكون له ما يقع للعشرة من لبن الغنم وسمنها؛ لأنه شريك فيها بالعشرة، وإنما يصح كون اللبن والسمن للبائع على قول سَحنون إن المصيبة من البائع في كل الغنم إن تلفت قبل أن يختار، وشراؤه الطعام على الاختيار لزومًا لا يجوز في غير متماثلين مطلقًا، ولا فيهما ربويين جزافًا ولا كيلًا إن اختلف قدر مع فيها مع غيرها لا يجوز شراء صبرة يختارها من صبر أو ثمرة شجرة يختارها من شجر، وإن اتفق الجنس أو عد ما يختار من هذه النخلة؛ لأنه في الجنس الواحد تفاضل مع بيعه قبل قبضه في الكيل؛ لأنه يدع هذه وقد ملك أخذها، ويأخذ هذه وبينهما فضل وكذا عشرة: أصبغ: محمولة بدينار أو تسعة سمراء على الإلزام وهو من بيعتين في بيعة. المازري: إنما يحسن هذا على أن مجرد اختياره بقلبه دون لفظه يوجب ملكه إياه، وأما إذا قيل إنما علق الشارع أحكام الملك على الألفاظ فلا يحتاج لهذا المعنى والتحقيق النظر للأصل الذي أشرنا إليه.

قُلتُ: لم يتقدم له فيها غير التعليل بالانتقال المذكور، ولفظ يريد غير ذلك، وزعمه إنه إنما يتوجه على اعتبار مجرد الاختيار القلبي يرد بأنه مستند للفظ العقد اللازم والأمر القلبي إنما قيل بالغاية إذا تجرد عن لفظ سابق كالطلاق لمجرد النية، قال: وعلى الأول في اعتبار علة المنع المذكورة مطلقًا حماية للذريعة، كبيوع الآجال، وصرف ذلك لأمانة ذي الاختيار في أنه لم يختر ولم ينتقل نظر، ومال بعض المتأخرين إلى أنه ينبغي صرف ذلك لأمانته. قُلتُ: هو اللخمي وشاعت فتوى بعض شُيُوخ شُيُوخنا أن شراء الغبن من البائع الذي بعض عند أسود وبعضه أبيض إنما يجوز إذا عين المشتري الأخذ من أحدهما وكذا شراء التين من البائع المختلف تينه محتجًا بما تقدم من نص المدَوَّنة، وغيرها، وأفتيت بجوار ذلك؛ لأن المنع المذكور إنما هو فيما بيع على الإلزام حسبما مر، وبياعات أهل زمننا في الأسواق إنما هو بالمعطاة فهي منحلة قبل قبض المبيع ولا يعقدونها بالإيجاب والقبول اللفظي بحال ويؤيد ما قلته في سماع القرينين: من ابتاع بدرهم فاكهة فبدا له بعد دفعه الدرهم، فقال للبائع: أعطني نصفه بطيخًا ونصفه تينًا لا أرى به بأسًا. ابن رُشْد: إنما أجازه؛ لأن عقد البيع لم يتم إنما كانا في حال التفاوض، ولم يقطعا السعي بعد إذ لو أراد أخذ درهم كان له ذلك. التونسي: لو اشترى مدين من إحدى صبرتين يختارها لزومًا جاز أن يتساويا ولم يتراضيا؛ لأنه بيع طعام بطعام. الباجي: روى ابن حبيب عقد البيع على عشرة آصع من هذه الصبرة من جنس واحد، لا يجوز. ابن زرقون: في الحاوي مثله، وذكر ابن محرز عن من لقي من الشُيُوخ جوازه وذكر عبد الحق أنه يدخله طعام على خيار لا بيعه قبل قبضه لجواز أخذ سمراء من محمولة مثل كيلها بعد الأجل وهو بدل ابن الكاتب معنى رواية ابن حبيب إن تأخر الاختيار عن وقت العقد. قُلتُ: إن روعي مانع التأخير وجب كون معناها إن عقدا على تأخير الاختيار. ابن زرقون: وقال فضل بن سلمة: ظاهر المدَوَّنة يدل أنه اتفق الكيل والصنف

جاز، قال وفيه مغمز؛ لأن الطعام بالطعام لا يجوز فيه خيار ساعة. ابن زرقون: انظر كيف هو ظاهر المدَوَّنة، وقد علل فيها بما يشبه ذلك ببيع الطعام قبل قبضه. قُلتُ: لم أجد في المدَوَّنة ما يدل على ما قاله فضل بحال، التونسي لو كان الاختيار في آحاد طعام يجوز فيه التفاضل كالقثاء لم يدخله إلا الغرر إن اختلفت كالثياب أو التراخي في بيع بآخر لا بيع طعام قبل قبضه، وذكره المازري غير معزوً وذكر ما تقدم عن الحاوي وابن الكاتب. وفيها: لا بأس باشتراء أربع نخلات يختارهن من هذا الحائط، ولا ثمر فيهن، وقبل الصقلي قول عبد الحق بعموم الجواز ولو لم يعلم المبتاع عدد نخلات الحائط؛ لأن قدر ما ابتاعه معلوم، قال: ولو لم يشترط الخيار وأبهم ذلك لم يجز إلا بمعرفة عددها؛ لأنه يصير شريكًا في الحائط بقدر عدة ما ابتاع من كل عدة نخل الحائط، وشرط البائع استثناء اختياره عددًا من مبيعه غير الطعام مع لزوم العقد جائز إن قل اللخمي: لا يجوز إن كان أكثر واختلف في النصف منعه في نكاحها الأول، قال: إن تزوجها على أحد عبديه، والخيار للمرأة جاز، وإن كان على أن الخيار له لم يجز وأجازه سَحنون وهو ظاهر قول ابن القاسم في خيارها لا يجوز بشرط البائع خيار جلها، والنصف ليس بجل. قُلتُ: ظاهر نقله إن نص المدَوَّنة إنما هو النكاح بأحدهما دون البيع، وكلاهما فيه مقيسة مسألة النكاح على مسألة البيع وهي في التهذيب معكوسة، وسمع عيسى ابن القاسم لا خير في شراء عشرة من شرار هذه الغنم؛ لأن الخيار للبائع يعطيه ما أحب ولا يدري ما اشترى. ابن رُشْد شرط البائع اختيار عدد مسمى هو جلها أو أكثرها لم تختلف نصوص الروايات أنه لا يجوز، وإن جاز أن يدخله الخلاف بالمعنى. قال ابن حبيب: فيمن يبيع البز المصنف، ويستثني منه ثيابًا إن شرط اختيارها من رقم بعينه فلا بأس، وإن كانت جل ذلك الرقم وإنما يكره في الكيل من الجزاف وهو بعيد.

قُلتُ: كذا رأيته في اختصار الواضحة، قال فضل إثر نقله: انظره مع قوله في الغنم: لا يجوز أن يشترط خيار أكثرها. قُلتُ: ويحتمل أنه إنما أجازه؛ لأن أكثر الصنف لا يكون أكثر الصفقة؛ لأنه فرض كون المبيع أصنافًا، فالغالب إن أكثر صنف منها لا يكون أكثر مجموعها. وقال ابن عبدوس: إن حمل هذا على النظر لم يجز منه شيء إذ لا يجوز جهل البائع ما باع ولا جهل المشتري ما اشترى فإن كان الخيار للمبتاع فقد جهل البائع ما باع، وإن كان للبائع جهل المبتاع ما ابتاع وإنما جاز اختيار المبتاع إن اتفق الصنف والثمن بالتسهيل؛ لأنه من بياعات الناس، والذي يجوز للبائع أن يستثني اختياره الثلث فأقل. فإن كان أكثر من الثلث لم يجزه ابن القاسم وأجازه سَحنون. يريد ما لم يكن الجل أكثر من الصنف؛ لأنه أجاز بيع الرجل أحد عبديه أيهما شاء على الإلزام للمشتري وأن يتزوج المرأة على ذلك خلاف ما في نكاحها. قُلتُ: ففي جواز استثناء البائع اختيار أكثر من الصنف وقصره عليه ثالثها على الثلث فقط، ورابعها ما دون النصف لابن حبيب وسَحنون وابن رُشْد عن ابن القاسم واللخمي مع غيره عنه، وفي السماع المذكور إن باع عشرة من غنمه يختارها المبتاع بعد بيعه عشرة كذلك من غيره قبل اختياره إياها فلا خير فيه؛ لأن غرر. ابن رُشْد: أجازه محمد وبيع بقيمتها من غيره. ووجهه أن العشرة التي للأول كأنها معلومة للثاني لعلمه أنه لا يختار إلا خيارها وخيارها معلوم لأهل المعرفة فكأن البائع أبقاها لنفسه، وباع منه الباقي أو عشرة على أن يختارها وعليه يجوز للأول بيع عشرته قبل أن يختارها، ويختارها المشتري الثاني لنفسه خلاف ما سماع سَحنون لأشهب، ولما ذكر اللخمي منع البيع على اختيار المبتاع في الطعام، قال: اختلف قوله إن كان الخيار للبائع فمنعه وأجازه ففرق بين البائع والمبتاع والفرق بينهما فإن خشي أن يختار ثمر شجرة ثم ينتقل إلى أخرى لم يجز لبائع ولا مبتاع، وإن كان غير منتقل جاز لهما بعد بيان ذلك لهما وصرف الأمر إلى أمانة ذي الخيار ما لم يكم المبيع أصنافًا فيمنع للغرر. وفيها: إن استثنى البائع خيار ثمر أربع نخلات أو خمس أجازه مالك بعد إن وقف فيه أربعين ليلة.

باب في بيع عسيب الفحل

ابن القاسم: لا يعجبني، فإن وقع أجزته لقول مالك فيها وتخريجها، التونسي: على أن المستثنى مبقى أو مشترى خلاف نفى اللخمي الفرق بينهما وزاد ابن محرز تخريج قول ابن القاسم على أنه مشترى بأن قوله: هو مبقى وخرجهما على الخلاف فيمن ملك أن يملك هل يعد مالكًا أم لا؟ قُلتُ: ويرد تخريج قول مالك بأن كونه مبقى منضمًا لقولها برعي الانتقال بعد الأخذ إنما بنفي بيعه قبل قبضه لا التفاضل في الجنس الواحد عبد الحق في النكث، إنما فرق مالك بين البائع والمبتاع لعلم البائع جيد حائطه من رديئه فكان مستثناه معلومًا فلا انتقال. زاد في تهذيب الطالب واختار قول مالك غير واحد من أهل النظر، وطعن بعض القرويين فيما فرقنا به؛ لأنه لو كان البائع يعلم ذلك قبل بيعه لعين مستنثاه، ولم يشترط اختياره. قُلتُ: ولم يذكر ولا المازري له جوابًا وجوابه إن علم البائع المدعي تقدمه، هو الظن الذي هو مظنه لاختياره ما يختار لا يكذب فيه موجب اختياره إياه لتقدم علمه المذكور فلا ينتقل عنه لغيره، لا الاعتقاد الجازم الموجب لتعيين المستثنى وهذه المظنة منتفية عن المبتاع؛ بل يرد الفرق المذكور بالبائع الحديث الملك المبيع وجواب الصقلي، والأول أصوب؛ لأنه ما من أحد لا يعلم خيار ثمره لتعاهده ونظره إليه من يد ثماره يستشكل؛ لأنه ليس إيصاله لملازمة المعترض ولا لإيصال الملازم، فهو لغو لمسألته وقد يجاب بأنه مجرد منع لملازمة المعترض أو إشارة لما أجبت به، وقبل الصقلي قول عبد الحق قال بعض شُيُوخنا: لو هلكت النخل قبل اختيار البائع كانت منه؛ لأن البيع إنما يتم بعد اختياره. [باب في بيع عسيب الفحل] ونهى عن عسيب الفحل البخاري عن ابن عمر: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن عسب الفحل، الدارقطني عن أبي سعيد الخدري، قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن عسيب

الفحل وعن قفيز الطحان. الترمذي عن أنس بن مالك أن رجلًا من كلاب سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن عسيب الفحل فنهاه عن ذلك فقال: يا رسول الله إنا نطرق الفحل فنهاه عن ذلك فقال: يا رسول الله إنا نطرق الفحل فنكرم، فرخص له الكرامة. قال: حديث حسن غريب. النسائي: عن أبي هريرة قال: «نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ثمن الكلب وعسيب التيس». مسلم عن جابر بن عبد الله قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع ضراب الفحل، وتلقى ابن عبد السلام نقل عبد الحق كل هذه الأحاديث بالقبول وتعقب ابن القطاب على عبد الحق في نقله حديث الترمذي، فقال: ذكره مرفوعًا وإنما هو موقوف لم يذكر فيه النبي صلى الله عليه وسلم، قال: ولفظه عند الدارقطني بسنده إلى أبي سعيد الخدري، قال: «نهى عن عسيب الفحل وعن قفيز الطحان». قُلتُ: وجدت بخطي هو القفيز بتقديم الفاء وهو الحفير الذي يحفره الطحان ليجعل فيه الطرف الذي يسقط فيه من الدقيق ثقب الرحاء. في الصحاح القفيز: حفير يحفر حول الفسيلة فنهى صلى الله عليه وسلم عن أخذ الدقيق الذي يسقط في الحفيز غلبة حين رفع الظرف لامتلائه خشية الذريعة لتعمده، ثم رأيت لابن حماد في كتابه المسمى «بالإعلام» بفوائد الأحكام ما نصه: قفيز الطحان المنهي عنه. قال ابن المبارك: هو أن يقول الرجل للطحان: اطحن لي بكذا وكذا، وزيادة قفيز من نفس الطحين، والقفيز معروف بما يصطلح عليه أهل كل قطر. انتهى.

قُلتُ: إن ثبتت روايته بتقديم القاف تعين ما قاله وإلا فالأول أنسب ولا يسمى على مذهب مالك في شراء قمح على أن بائعه طحنه. قال ابن القطان: ولعل قائلًا يقول لعله اعتقد فيما يقوله الصحابي من هذا مرفوعًا فنقول له: إنما عليه أن ينقل لنا روايته ولا رأيه فلعل من يبلغه يرى غير ذلك، ورأيت في تقييد لابن عبد الملك جمع فيه كلامًا لابن القطان وابن الموَّاز على أحكام عبد الحق أن حديث الترمذي المذكور صحيح لا حسن فقط، قال الجوهري: العسيب: الكراء الذي يؤخذ على ضراب الفحل، يقال: عسب فحله أي: إكراه، وعسيب الفحل أيضًا ضرابه، ويقال: ماؤه ومشهور المذهب جوازه. المازري: أجاز مالك إجازة الفحل للإنزاء. قُلتُ: هو نص كتاب الجعل منها المازري، قال بعض أصحابنا: إنما النهي عن بيعه والذي أجزناه إجارته وهو غير بيعه كإجازتنا إجازة الظئر للرضاع ومنع بين لبنها. اللخمي: روى ابن حبيب كراهة بيع عسيب الفحل لحديث النهي عنه، وقد يحمل على الندب، وإن أخذ الأجر فيه ليس من مكارم الأخلاق فإن فعل لم يفسخ ولم يرد الأجر. ابن شاس: محمل النهي على استئجاره على عقوق الأنثى، هو فاسد؛ لأنه غير مقدور على تسليمه، وتبعه ابن الحاجب في عزوه ابن عبد السلام: لأهل المذهب نظر لما تقدم. وفيها: إنما أجازه مالك مع حديث النهي؛ لأنه ذكر أنه العمل عندهم فيجوز على أعوام معرفة أو شهر وأما حتى تعق ففاسد. الشَّيخ عن الواضحة: إن سمى يومًا أو شهرًا لم يجز أن يسمى نزوات. قُلتُ: في هذا الأصل خلاف في موضعه العُتْبِيّ عن سَحنون. من استأجر نزو فحل مرتين فعقت الدابة بأحدهما رجع بنصف الأجرة كصبي استؤجر على رضاعه مدة مات في نصفها. ابن رُشْد: وكذا موت الصبي المستأجر على تعليمه والدابة المستأجرة على رياضتها ولما ذكر ابن عبد السلام نقل ابن الحاجب قول سَحنون قال: وسكت المؤلف

باب في النهي عن بيع وشرط

عما إذا كانت الإجازة على زمن معين دون تسمية مرات هل حكمها كهذه أو مخالف إذا عقت الأنثى في أثناء المدة والأقرب أنه مخالف؛ لأنه إذا تعرض للزمان وحده دون إشارة إلى الأنثى فقد ترك التعيين مطلقًا فيرجع إلى الأصل وهو أن يأتي بأنثى أخرى أو يؤدي جميع الأجر. قُلتُ: هذا يدل على أن الأنثى في مسألة سَحنون غير معينة دلالة واضحة لمن أنصف وهو وهم لنص ابن رُشْد في المقدمات، وفي رسم العتق من سماع عيسى على أنها معينة، وبعد تسليم هذا ما اختاره من التفرقة هي بين كون الإجارة على عدة النزوات، وبين كونها على مدة من الزمان يرد بتشبيهه، سَحنون: مسألة النزوات بمسألة المستأجر على عدة النزوات ومدة معلومة على رضاع صبي، وسمع عيسى ابن القاسم: لا بأس بإنزاء البغل على البغلة ويكره استئجار كذلك؛ لأنه لا يعق ولا منفعة فيه ثم قال: لا أدري ما هو؟ عيسى: لا بأس به إذا لم يجده بأجر. [باب في النهي عن بيع وشرط] ابن شاس وابن الحاجب: ونهى عن بيع وشرط قلت: لا أعرفه إلا من طريق عبد الحق قال: ذكر عبد الوارث قال: حدثنا أبو حنيفة عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع وشرط خرجه أبو محمد من طريق محمد بن عبد الله. الحاكم: فذكره ابن القطان في باب أحاديث عللها عبد الحق ولم يبين من أسانيدها مواضع العلل فقال: لم يقل عبد الحق بعد ذكره شيئًا وكأنه تبرأ من عهدته بذكر إسناده، وعلته ضعف أبي حنيفة في الحديث وعمرو عن أبيه عن جده مذهبه أن لا يضعفه. قُلتُ: في اختصار الشَّيخ المحدث جمال الدين بن عثمان الذهبي لكتاب: تهذيب الكمال في أسماء الرجال في الكتب الستة ما نصه: أبو حنيفة النعمان بن ثابت الفقيه رأي أنسًا وسمع عطاء والأعرج ونافعًا وعكرمة روى عنه أبو يوسف ومحمد وأبو نعيم

المقبري عاش سبعين سنة خرج عنه الترمذي قلت: فظاهره أنه مقبول عنده، وشرط البيع ثلاث؛ لأنه إما ماف له أو لا؟ والثاني: إما من مقتضاه أو لا فالأول فيه قول ابن رُشْد في المقدمات في بيوع الشروط المسماة عند العلماء: ببيوع الثنيا كالبيع على أن لا يبيع ولا يهب ولا يخرج بها من بلد أو أن يتخذها أم ولد أو على أن لا يعزل عنها أو لا يجيزها البحر، أو على إن باعها فهو أحق بها الثمن أو على أنه بالخيار فيها لأجل بعيد لا يجوز الخيار إليه، وشبهه من شروط التخيير على المشتري خلاف، قيل: يفسخ مطلقًا، وفي فوت السلعة قيمتها ما بلغت والمشهور يفسخ ما لم يترك، ذو الشرط إن تركه صح البيع إلا في شرط ما لا يجوز من أمد الخيار فيلزم فسخه لامتناع تحقق إسقاط الشرط لجواز كون إسقاطه أخذا به. قُلتُ: زاد في رسم العشور من سماع عيسى من جامع البيوع مسألة ثانية وهي من باع أمة على أن لا يطأها المبتاع فإن فعل فهي حرة أو عليه كذا، قال: هذا يفسخ على كل حال، ولا يصح إسقاط هذا الشرط؛ لأنه يمين، وعلى الأول حمل سماع يحيي بن القاسم في رسم الصلاة، قال: وعلى المشهور إن فاتت السلعة في لزوم المشتري الأكثر من الثمن أو القيمة أو ما نقص من الثمن بالشروط قولان. قُلتُ: الأول قولها، وعزا أبو عمر الثاني لرواية ابن وَهْب وسمع يحيي ابن القاسم من اشترى في مرضه عبدًا على أن يومئ بعتقه ففعل ومات لم يحمل العبد ثلثه بيعه غير جائز فإن فات بعتق بعضه بالوصيَّة المشروطة رد لقيمة مثله يوم تبايعًا، وليس للبائع رد مارق منه بمنابه من الثمن. ابن رُشْد: هذه كما باعه على أن يدبره المشتري أو يكاتبه أو يعتقه إلى أجل فذكر القولين السابقين أولًا، وعزا الأول منهما لظاهر هذا السماع قال: لقوله فيه إن القيمة فيه يوم تبايعا إذا فات بعتق بعضه بالوصية، ولم يقل الأكثر من القيمة أو الثمن، ويريد بقوله: يوم تبايعا إذا فات بعتق بعضه بالوصية، ولم يقل الأكثر من القيمة أو الثمن، ويريد بقوله: يوم تبايعا إذا كان البيع والقبض في يوم واحد، ويفوته مفوت البيع الفاسد ولا يفوت بالوصيَّة ما لم يمت المبتاع الموصى فيجب عتقه بالوصيَّة أو عتق

بعضه إذ له الرجوع عن الوصية، بخلاف التدبير والكتابة والعتق لأجل ولو مات المبتاع الموصى مدينًا بما يغترف كل ماله فسخ فيه بيعه ولو بيع في الدين. قُلتُ: وما عزاه لظاهر هذا السماع من القول الأول هو نص سماع القرينين في رسم مسائل بيوع من كتاب العيوب وفي كتاب البيوع الفاسدة، منها، من ابتاع أمة على تعجيل العتق جاز؛ لأنه البائع تعجل الشرط فلا غرر، فإن أبى أن يعتق فإن كان اشترى على إيجاب العتق لزمه العتق. اللخمي: إن كان على أنه حر عتق بالعقد، وإن كان التزام عتقه أجبر عليه إن لد عتقه الحاكم. وإن كان على مطلق عتقه، ففي كونه كذلك أو عدمه بتخيير بائعه في إسقاط، وفسخ بيعه قولا سَحنون مع أشهب وابن القاسم، وإن كان على خيار مبتاعه بشرط النقد فسد، وإن كان بغير شرطه جاز، وعليه وعلى قول ابن القاسم إن مات العبد إثر العقد أو بعد تراخ علمه البائع ضمنه مبتاعه، ولا غرم عليه، ولو جهل تراخيه تبعه بمناب الشرط، ولو عيب بالقرب أو في تراخ، علمه البائع خير في عتقه، وعدمه مع غرمه مناب الشرط وإن جهله خير في رضاه، بعتقه، معيبًا، وأخذه بما حط للشرط، وإن أبى المشتري عتقه غرم ما حط للشرط. وسمع ابن القاسم: من ابتاع أمة على أن يعتقها بشرط أو عدة فحسبها يطأها أو يستخدمها ثم أعتقها بعد، أو مات هو أو هي قبل عتقها إن كان ذلك بغير علم البائع ورضاه، فعليه مناب الشرط من ثمنها يوم بيعت. وإن علمه فأقر به أو رضيه جاز، ولا شيء عليه، وإن علم به قبل فوت العبد فله رد عبده وتركه. ابن رُشْد: هذا بناء على قولها البيع على العتق جائز، ولا يلزم المشتري وعليه لا يجوز النقد فيه بشرط، ويجوز على قول أشهب بلزومه والشرط قول البائع أبيعها منك على أن تعتقها، والعدة قول المبتاع: بعها مني، وأنا أعتقها، وجعله العدة كالشرط؛ لأنها في العقد، وقيل ليست مثله، وعليه رواية مُطَرَّف قوله: بعني جاريتك اتخذها أم ولد بيع لا مكروه فيه، حتى يكون شرطًا، وقوله: عليه ما نقص الشرط في عنقها بعد حبسها يطأها ويستخدمها ومات هو أو هي قبل عتقها يريد بعد أن حبسها يطأها ويستخدمها

إذ لو ماتت بفوت شرائه لم يكن للبائع رجوع عليه قاله في سماع أَصْبَغ والموَّازية: ولو مات المبتاع بالقرب ولم تفت خير ورثته بمنزلته في العتق والرد، ومعرفة مناب الشرط من الثمن إن تقدم دونه وبه، وق\ر فضل قيمتها دونه على قيمتها به من قيمتها دونه هو قدره من الثمن كان الثمن قدر قيمتها بدون الشرط أو أكثر خلاف سماع أَصْبَغ أن المشتري يغرم إذا فات عنده فواتًا بعيدًا بالعيب المفسد والنقص المتفاحش، والزيادة المتباينة ما نقص من قيمته يوم الشراء ما لم يتقارب ذلك، فعليه إن كانت قيمته يوم الشراء بغير شرط قريبة من ثمنه لم يغرم للبائع شيئًا، وإن كانت أكثر بكثير غرم له فضل القيمة على الثمن، وقول مالك أصح؛ لأن البيع قد يكون بمثل القيمة وأقل وأكثر، وإنما غرم مناب الشرط إن أعتقها بعد أن حبسها يطأها ويستخدمها بتفويته بذلك، شرط تعجيل البائع عتقها إنما أعتقها لنفسه. وعلى قياس هذا إن أعتقها لواجب عليه أجزاه، وكذا عتقه بعد الفوت بعيب مفسد. قُلتُ: ظاهره إن أجزأه العتق عن واجب تخريج، وقال اللخمي عن ابن القاسم في الموَّازية: إن طال ذلك كالسنة ثم أعتقه غرم بقيمة الثمن، وإن أعتقه عن ظهاره أجزأه، وكذا بعد شهر وبعد إن ظهر به عيب، ويجزئه عن ظهاره يريد إن العيب مما يجزئ في الواجب. ابن رُشْد: وإن علم البائع أن المبتاع لم يعتق وإنه يطأ ويستخدم، وأقر به ورضي فلا مقال له اتفاقًا، ولا يدخله الخلاف في السكوت هل هو إذن أو لا؟ قوله: إن علم به قبل فوت العبد فللبائع رد عبده وتركه، وفيه تفصيل: إن علم عدم عتقه بقرب البيع فليس له ما قال وإن علمه، بعد طول استخدامه ووطئه فله رد عبده أو تركه مع رجوعه بقدر نقص الشرط من الثمن وإن فات فليس له رده؛ بل الرجوع بما نقص الشرط أو ببقية القيمة على رواية أصبغ، ولا يفوت إلا بالعيب المفسد كما في رواية أصبغ، وقيل بحوالة السوق وهو بعيد، وتقييد ابن رُشْد قوله عليه ما نقص الشرط في موت المبتاع بأنه كان حبسها للوطئ أو الخدمة خلاف ما حمله عليه اللخمي؛ لأنه ساقه من الموَّازنة، وقال: لا أرى للبائع مقالًا في موت المشتري؛ لأن وارثه مكانه،

والاستخدام ليس بفوت، والوطء أثقل، ولا يفت، والصدقة والهبة كالعتق، لابن القاسم في الموَّازيَّة من باع أمة بشرط أن يتصدق بها المبتاع على ولد البائع جاز، ولا يحكم بها عليه، وللبائع إن أبى المشتري الصدقة إمضاء البيع دونها ورده، وعلى قول أشهب وسَحنون يلزمه وفيها: بيعها على أن يعتقها إلى أجل أو يد برها أو يولدها لا يجوز، فإن فاتت ففيها الأكثر من قيمتها يوم قبضها أو الثمن المازري: في إمضائه بإسقاط الشرط ولزوم فسخه قولا ابن القاسم وأشهب، فإن فاتت ففي مضيه بالأكثر من ثمنه أو قيمته أو بالثمن فقط، ثالثها يوقف ما حط للشرط إن لم يعتق. وإن تم العتق رد لمبتاعه وإلا أخذه البائع للمشهور، ونقل المازري قال: وأشار بعضهم إلى أنه يحس رجوع البائع بما بين قيمته رقيقًا ومدبرًا، وعزا ابن محرز الثاني لأشهب، والثالث لسَحنون، وخرج عليهما من قال: دبر عبدك، ولك كذا، ففعل، فقال محمد: في هذه يرد للأمر ما بذل، وفي الموطأ لمالك: من اشترى جارية على أن لا يبيعها ولا يهبها، وشبهه لم ينبغ له وطئها؛ لأنه لم يملكها ملكًا تامًا لما استثنى عليه فيها لا وكان بيعًا مكروهًا أبو عمر: أول كلامه يدل على جواز البيع وكراهة الوطء وآخره على أنه لا يجوز، وهو قوله مع أصحابه وروى ابن وَهْب: من ابتاع جارية على أن لا يبيعها ولا يهبها، باعها نقض بيعه وردت إلا أن يسقط الشرط، فإن لم توجد أعطى البائع فضل ما وضع للشرط. ابن رُشْد: لم ير في هذه الرواية البيع فوتًا، وقال سَحنون: هو فوت كبيع فاسد. اللخمي: إن باع على أن لا يبيعه من فلان وحده جاز جملة أو لا يبيعه إلا من فلان فهو فاسد، ويغرم المشتري تمام الثمن إلا أن يسقط البائع شرطه. قُلتُ: قوله: فهو فاسد مع قوله: ويغرم تمام الثمن كمناف، قال: وإن قال: على أن تبيعه من فلان فهو فاسد ويغرم المشتري تمام الثمن إلا أن يسقط البائع شرطه قلت: قوله: فلو فاسد مع قوله: ويغرم تمام الثمن كمناف، وإن قال على أن تبيعه لفلان فهو فاسد ولا على المشتري غير الثمن الذي باعه به من فلان؛ لأنه بيع لا تمكين فيه فلا يضمنه المبتاع، وإن قال على أن لا تبيعه من هذا النفر جاز، وفي الموَّازية: على أن لا

يخرجه من بلده أو إلى الشام يفسخ إلا أن يسقط الشرط. وفي مختصر ما ليس في المختصر: إن باعه على أن يخرجه مبتاعه لا بأس به وهو أبين؛ لأن البائع إنما يشترطه لموجب، ولا سيما إن كان المبتاع طارئًا وما ذكره اللخمي من إجازة البيع على أن لا يبيع من فلان. قال ابن رُشْد: وفي ثالث مسألة من رسم القبلة أجازه ابن القاسم في رسم باع شاة من سماع عيسى من كتاب الدعوى والصلح، وكرهه أَصْبَغ اتفقا على كراهة البيع على أن لا يبيع ممن يضر بالبائع. قُلتُ: ما حكاه عن رسم باع شاة من سماع عيسى لم أجده فيه بحال، وسمع ابن القاسم لا أحب البيع على إن وجد ثمنًا قضاه وإن هلك ولا شيء عنده فهو في حال. ابن القاسم: إن فات لزمته القيمة يوم القبض. ابن رُشْد: هذا؛ لأنه غرر، لا يدري البائع هل يقبض له الثمن أم لا؟ فلا يدخله الخلاف الذي في البيع على أن يبيع ولا يهب، وقول ابن القاسم تفسير لقول مالك؛ لأنه يقول كثيرًا فيما يجب فسخه، لا أحب. قُلتُ: الأظهر حمل قول مالك على الكراهة خلاف قول ابن القاسم؛ لأن حقيقة هذا الشرط، وهو مقتضى الحكم في عدم الطلب في الدنيا لقوله تعالى: (فنظرة إلى ميسرة) [البقرة:80]، فإذا مات عديمًا فلا ميسرة، وأما في الآخرة فهو خلاف مقتضى الحكم على ما قاله عز الدين بن عبد السلام: إنه يؤخذ من حسنات المدين بقدر الدين وهذا عندي غرر يسير؛ لأن أحكام البياعات إنما هي مبنية على المقصود منها، وقصد الناس بها إنما هي في الأمور الدنيوية، وسمع يحيي بن القاسم: من باع سفينة على أن لا يبيعها ولا يهيبها حتى يقضيه ثمنها فسخ بيعه إن لم تفت فإن فاتت أو هلكت، فهي من المشتري ومضي البيع بفوتها. ابن رُشْد: هذا من بيوع الثنيا التي المشهور فسخها ما لم تفت إلا أن يسقط البائع شرطه، فإن فات ففيه الأكثر من القيمة أو الثمن، وقوله هنا: يفسخ في القيام وفي فوته قيمته يوم قبضه، وهو معنى قوله: البيع ماض عليه بفوتها خلاف مشهور قوله. قُلتُ: قال الباجي: إن شرط أن لا يبيع ولا يهب ولا يعتق حتى يعطيه ثمنه فروى

باب في البيع بشرط السلف

داوود في المدينة هو جائز في كل شيء، وله أن يرتهن الغلام أو السلعة ويحوزها على يدي عدل كالرهون، وروى محمد جوازه في السلع، قال محمد: هذا في قريب الأجل اليوم واليومين استحسان وما طال أو إلى غير أجل فلا خير فيه. ابن أبي زَمَنَيْن روى على: لا بأس به في الرقيق والسلع إن كان أجل الثمن معلومًا؛ لأنه كالرهن. الباجي: ولأن للبائع منه البيع حتى يقبض الثمن كبيع النقد ولابن القاسم في: الموَّازيَّة لا خير فيه، وفي سماع يحيي ابن القاسم: يفسخ ما لم يفت فإن فات، مضى البيع ولم يرد. قُلتُ: قوله: حتى يدفع إليه الثمن كبيع النقد، وهم؛ لأن المنصوص أنه ليس له ذلك في البيع إلى أجل، وماحمل عليه سماع يحيي خلاف ما حمل عليه ابن رُشْد، ويتحصل في جوازه ومنعه، ثالثها في السلع فقط مطلقًا، ورابعها إن كان الأجل يومين، وخامسها في السلع والرقيق مطلقًا، وسادسها يكره، وعزوها بين، وسمع القرينان من ابتاع سلعة على إن ادعاها مدع بثمنها رد عليه بغير خصومة لا يجبني. ابن رُشْد: يريد أنه بيع فاسد للشرط؛ لأنه غرر. [باب في البيع بشرط السلف] والبيع بشرط السلف حقيقة لا يحل: الباجي: إجماعًا، وفي لزوم فسخه إن وقع والقيمة ما بلغت في فوته وصحته بإسقاط ذي الشرط شرطه قولان للباجي عن رواية بعض المدنيين عن ابن حارث، وغيره عن ابن عبد الحَكم وابن رُشْد عن سماع يحيي ابن القاسم، والمشهور، وعليه إن فاتت السلعة ولم يفت مطلقًا، أو ما لم تزد القيمة على الثمن، والسلف في الأول والأقل منهما في الثني مطلقًا، ثالثها ما لم تكن فيه القيمة أقل من الثمن مسقطٍا منه السلف فلا ينقص منه، ورابعها رجوع مشترط السلف على صاحبه بقدر ما نقصه أو زاد المشهور، والباجي عن أصْبَغ واللخمي مع ابن رُشْد عنه، وتخريجه من غير أصله قائلًا: وجه العمل فيه أن تقوم السلعة بشرط السلف دونه فيؤخذ اسم ما بين القيمتين من الثمن

باب في البيع بشرط أن لا يبيع

يرجع به المشترط على الآخر وفي إيجاب الغيبة على السلف لزوم فسخه والقيمة ما بلغت في فوته وبقاء تصحيحه بإسقاط الشرط، ثالثها إن غاب عليها مدة أجله أو قدر مل يرى أنه أسلفه إليه، للباجي مع غير واحد عن سَحنون مع ابن حبيب، وعن أَصْبَغ وتفسير ابن رُشْد قول ابن القاسم، وعزا الثاني. ابن حارث: الفضل عن رواية يحيي في الموطأ وصححها، وعزاها أبو عمر لبعضهم وخطأها، وعزاه عياض لرواية لها، وفي حملها عليه أو على الأول نقلاه عن الشُيوخ، وسمع عيسى ابن القاسم من استقال من ثوب اشتراه بعشرة دنانير إلى شهر على أن يسلفه عشرة دنانير إلى أبعد من الأجل أو أقرب منه، لا خير فيه، وهو بيع وسلف، وأما إلى الأجل نفسه، فأجازه ناس وكرهه أخرون ومالك يتقيه، وأنا أكرهه ولا أحرمه. ابن رُشْد: أجازه أشهب وحمله على أنه اشتراه بالعشرة المدفوعة فإذا حل الأجل أخذه بالعشرة التي ثمنًا، وذكر السلف لغو، ومن كرهه، اعتبر فساد اللفظ، وقول أشهب أظهر؛ لأن الفعل إذا صح لم يضر قبح اللفظ وهو نص مالك في المدَونَّة: ومن باع سلعة ممن له عليه قدر ثمنها حالًا بشرط أن لا مقاصة في فساد بيعه وصحته مع بطلان شرطه، ثالثها مع صحته لابن حارث عن قول ابن القاسم لا يحل رواية أشهب وقول أصبغ. [باب في البيع بشرط أن لا يبيع] في البيع بشرط أن لا بيع إن لم ينقد إلى أجل قريب في فسخه، وتمامه بشرطه وتمامه بإبطاله، رابعها يوقف المشتري إن نقد مضى وإلا رد لابن حارث عن ابن مسكين عن روايات ابن القاسم للثلاثة ونقل عياض، وعزا الثلاثة لروايات ابن لبابة، وعلى الثالث في جبره على النقد عاجلًا أو أجل، ثالثها إن قال: إن جئتني بالثمن وإلا فلا بيع بيننا، وإن قال: إن لم تأتي فإلى الأجل، لعياض عن ظاهرها، وعن تفسيرها أكثرهم، ولابن حارث عن الدمياطي عن ابن القاسم. اللخمي: إن دخلا على أن المبيع على ملك بائعه إن أتى مبتاعه بالثمن إلى أجل

باب في بيع الثنيا

أخذه، فهو بيع خيار في أمده، وضمانه. عياض: حمله ابن لبابة المسألة. اللخمي: إن دخلا على أنه مشتري وإنه إن لم يأت بالثمن أخذه البائع على الثمن فهو شرط فاسد في فساد البيع به وصحته مع بطلان الشرط، ثالثها إن أسقط صح، وإلا فسخ وهو أحسنها، والأمد في المدَوَّنة إلى يوم أويومين وروى يحيي أو عشرة أيام. عياض: سقط لفظ عشرة في رواية غير يحيي وروى بعضهم مكانها أيامًا يسيرة، وفي الموَّازيَّة لا بأس في الدور والأرضين إلى شهر، ويكره في الحيوان، وهو في العروض باطل ولابن لبابة عن ابن القاسم سبيله إلى شهرين سبيل البيع الفاسد قلت: ولابن حارث عنه سبيله إلى شهر سبيل البيع الفاسد، وفي البيوع الفاسدة منها لمالك لمن اشترى سلعة على أن ينقدها ثمنها إلى ثلاثة أيام، وفي موضع آخر إلى عشرة أيام فلا بيع بيننا، لا يعجبني البيع على شراء، فإن نزل جاز وبطل الرط والسلعة إن كانت حيوانًا، من البائع حتى يقبضها المبتاع، بخلاف البيع الفاسد الصحيح، تحبس فيه بالثمن هلاكها من البائع بعد عقدة البيع. عياض: روى ابن وَهبْ إن كان ينقده إلى يوم ونحوه فهي من المبتاع، وإن كان إلى عشرة أيام ونحوه فهو من البائع، وفي الكتاب: إن هلكت في الأمد بيد البائع فهي من البائع، ومرة علق لم يقل في الأمد. ابن لبابة: هلاكها قبل القبض كالبيع الفاسد من البائع، وبعده كالصحيح من المبتاع. [باب في بيع الثنيا] محمد: عم ابن رُشْد لفظ بيع الثنيا في بياعات الشروط النافية وخصصه الأكثر بمعنى قولها في بيوع الآجال، من ابتاع سلعة على أن البائع متى ما رد الثمن، فالسلعة له، لم يجز؛ لأنه سلف جر نفعًا.

الباجي: هذا قول سَحنون الثمن سلف جر منفعة الغلة. وقال ابن القاسم: لأنه تارة بيعًا وتارة سلفا. ابن زرقون: روايتها أنه بيع فاسد في فسخه وفوته وغلته، وعلى قول سَحنون، وابن الماجشُون وغيرهما: إنه سلف جر نفعًا، ترد الغلة للبائع وتقدم جعلها ابن رُشْد من جملة بياعات الشروط، وقال اللخمي في الموَّازية: من اشترى على ثنيا فأسقط البائع الشرط مضى البيع. محمد: إن رضي المشتري، الشَّيخ: وقد يفسخ البيع الأول، وقول محمد أحسن؛ لأن انتقالهما عن الصفقة الأولى فسخ. المازري: ظاهر قول مالك صحة العقد بمجرد الإسقاط فإن لم يرض المشتري، وروى محمد إن فساده راجع للثمن فلم يصح العقد بإسقاطه كبيع بثمن لموت زيد ثم عجل. قُلتُ: ويلزم على قول الشَّيخ الإشهاد على الفسخ حسبما مر في الصرف لو أجلا الثنيا، ففي كون الغلة في الأجل للبائع، وبعده، كبيع فاسد أو كما لو لم يؤجلاه، قول ابن شبلون مع القابسي محتجًا بقول رهونها إن لم آتك بالحق إلى الأجل، فالرَّهن لك إنه قبل الأجل كالرهن، وبعده كبيع فاسد، ونقله عن ابن حبيب وابن الكاتب مع ابن عبد الرحمن محتجين بأن الرواية كذلك، وفرق بعضهم بين هذه والرهن، بأن البيع فيها مقيد بمضي الأجل. وفي مسألة الثنيا مقر، وقبله الصقلي هما سواء؛ لأن قوله: متى جئت بالثمن كقوله إن لم آتك بالحق فهي لك. قُلتُ: الأول أصوب كتفرقة وصاياها بين قوله: ثلثي لأبي، فإن رده الورثة فهو للفقراء، وبين قوله: وهو حر إلا أن يجيزه الورثة لابني. المتيطي: الثاني المشهور المعمول به.

وفي نوازل أَصْبَغ الطوع بها بعد تمام العقد، وقبض عوضيه دون توطئة ولا مواعدة ولا مراوضة مؤقتة ومطلقة حلال في كل شيء سوى الفروج إلا أن يجعله في الجارية إلى استبرائها إن وقته منع من إخراج المبيع من يده وأن يحدث فيه شيئًا مدة الوقت، وإن أبهمه لزمه ما لم يخرجها من يده. ابن رُشْد: يريد إلا أن يفتيه بفوز ذلك، مما يرى أنه أراد قطع ما أوجبه على نفسه، قال في أجوبته: ولو بنى المبتاع في المدة التي طاع بالثنيا لها، فله قيمة ذلك منقوضًا لتعديه. ابن عات: قال بعض أصحابنا: إن لم يأت البائع بالثمن حتى حل الأجل فلا شيء له، وقيل له من الأجل قدر زيادة الأيام في الأهلة، ونقصها، قال بعض أصحابنا: اليوم ونحوه. قُلتُ: قال ابن فتوح: ما قارب انتهاء الأجل كما قبل انقضاء الأجل، وفي وثائق الباجي: إن بعد أجلها كالعشرين سنة فهي كالهبة. قال ابن فتوح: في المبهمة إن فوته المبتاع فلا حق للبائع فيه، وله إن أحضر الثمن منعه تفويته، فإن فوته نفذ تفويته إلا أن يكون السلطان قضى بتوقيفه فيفسخ التفويت، قال: وإن ادعى أحدهما في الثنيا المنعدمة بالطوع أنها كانت شرطًا في العقد، حلف الآخر على نفيه لما عرف بين الناس من أن العقد في الظاهر يخالف الباطن ولا يسقط حلفه إلا ببينة حضرت ابنياعها على الصحة فلا ثنيا. قُلتُ: انظر ظاهر قوله: حضرت البينة ابتياعهما إن مجرد ذكره في وثيقة التبايع لا يسقط هذه اليمين، وظاهر قول المتيطي: أن ذكره في الوثيقة يسقطهما، والصواب الأول ونحوه حكى في مسألة دعوى الرهن. ابن عات عن ابن تليد، من مات وقد قال بعد وجوب بيعه متى جئتني بالثمن فهو مردود عليك، لزم ذلك ورثته إذا أعطوا الثمن من الاستغناء إن كان هذا الطوع يجري مجرى الهبة فهي هبة لم تحز فتأمل قول ابن تليد، وقد يكون من باب العدة. قُلتُ: لا أعلم مستندًا لأقوال الشُيُوخ بصحة الطوع بالثنيا بعد العقد إلا ما في نوازل أصبغ، وفيه لمن أنصف نظر؛ لأن التزامها إن عد من جهة المبتاع عقدا بتا، فهو

من جهة البائع خيار، فيجب تأجيله لقولها: من اشترى سلعة من رجل ثم جعل أحدهما لصاحبه الخيار بعد تمام البيع لزمهما، إذا كان يجوز في مثله الخيار، وهو بيع مؤتنف كبيع المشتري لها من غير البائع مع قولها: من ابتاع شيئًا بالخيار ولم يضرب له أمدًا جاز، ويضرب له من الأمد ما ينبغي في مثل تلك السلعة، ولو ادعى البائع فيما تطوع به بعد عقده بالثينا إن المبيع رهن تحيل بطوع الثنيا لإسقاط حوزه، ففي وجوب حلف المبتاع، فإن نكل حلف البائع وثبت قوله: وسقوطه ببينة العقد. ثالثها: إن كان متهمًا بذلك، ورابعها: إن كان من أهل العينة، والعمل بمثل هذا فالقول قول البائع مع يمينه، وإلا حلف المبتاع للمتيطي عن ابن لبابة قائلًا: هو قول العلماء الماضين مع يحيي بن إسحاق عن عيسى قائًلا: هو قول مالك وأصحابه، وعن غير واحد من الموثقين مع العمل به، وعن يحيي بن عبد العزيز مع عبيد الله بن يحيي وحسين بن محمد بن أصبغ، وعن ابن أيمن مع أيوب بن سليمان وعزا ابن عات، الثالث لسَحنون وغيره. قُلتُ: وتقع في بلدنا هذه الدعوى فيما عقد دون طوع بعده بالثنيا وهي أضعف مما تقدم فجرى فيها غير الرابع، وسمع القرينان لمن أقال من حائط على أنه متى باعه البائع فالمشتري أحق به بالثمن الذي يبيعه به، ثم باعه بالثمن بعد زمان أخذه بالثمن الذي باعه به. ابن رُشْد: أوجب له أخذه بشرطه، وإن باعه بعد زمان لقوله في الشرط: تى ما باعه؛ لأن لا تقتضي قرب الزمان بخلاف سماع محمد بن خالد لابن القاسم وابن كنانة: التفرقة بين القرب والبعد، إذا أقاله على إن باعه من غيره فهو له بالثمن، وكأن المقيل تخوف من المستقبل إن استقاله ليبيعه من غيره بزيادة أعطيها، وسمع سَحنون ابن القاسم: إن أقاله على ذلك لخوف أن يكون أراد بيعها لربح، إن علم أنه استقاله لبيعها، فبيعه منتقض غير جائز، وإن باع لغير ذلك بدا له البيع في بيعها، وطال الزمان فبيعه جائز كقول مالك فيمن طلب امرأته أن تضع له مهرها فقالت: أخاف إن وضعته طلقتني فقال: لا أفعل، فوضعته ثم طلقها، لها الرجوع عليه بما وضعت، إلا أن يطلقها بعد طول الزمان، وتبين الصحة، فلا رجوع لها. ابن رشد: إذا نقض البيع لما ذكر انتقضت الإقالة وردت للمقيل وتنظير ابن

القاسم بمسألة الطلاق صحيح ولو لم يجر، بين الزوجين كلام؛ بل سألها الوضع فوضعت ثم طلقها بالقرب لرجعت عليه، ولو سأل البائع المبتاع الإقالة فأقاله، ثم باعها بالقرب فلا مقال للمبتاع هنا تفترق المسألتان، ولو وضعته على أن لا يطلقها أبدًا أو على أنه متى طلقها رجعت عليه فلها الرجوع، ولو طلقها بالبعد وسمع محمد بن خالد بن القاسم، وابن كنانة مثل سماع سَحنون في الإقالة وفيه قال محمد بن خالد: كان ابن نافع لا يجيز الإقالة في هذا بمنزلة البيع. قال ابن لبابة: هذا جيد من فتياه واستحسنه. قُلتُ: لما ذكر الصقلي قول ابن القاسم بالجواز، قال: قال الشَّيخ: هذا خلاف ما في الموطأ عن عمر لا تقربها وفيها شرط لأحد، وفي المختصر إن ذلك في البيع لا خير فيه والإقالة بيع. وشرط ما العقد يقتضيه واضح في الصحة، قال المازري: كشرط تسليم المبيع، والقيام بالعيب، ورد العوض عند انتقاض البيع وهو لازم دون شرط فشرطه تأكيد وشرط ما ل يقتضيه، ولا ينافيه وهو من مصلحته جائز، لازم بالشرط ساقط بدونه كالأجل والخيار والرَّهن والحميل. وفيها: يجوز البيع على حميل معين قريب الغيبة، وفي شراء الغائب منها الغيبة القريبة اليومان، فإن أبى الحمالة فللبائع رد البيع، وإمضاؤه دونه، فلو فات قبل التزامه ورده، ففي خيار البائع في إمضاء البيع دونه ورده والتزامه إمضاؤه كقبضه، نقل المازري عن معروف المذهب مع ظاهر نقل غيره عنه، وقول أشهب والرَّهن المعين مثله، ويجبر على تسليمه، وعلى المعروف لو جاء المشتري بحميل مثله في موته، أو إبايته، ففي خيار البائع ولزومه قبوله قولها، ونقل المازري مع اللخمي، ولو جاء برهن مثل الأول لفوته في جنسه والتوثق به، فالقولان لها. واللخمي عن عبد الملك وصوبه، وعلى حميل بعيد الغيبة لا يجوز وعلى رهن كذلك، فيها: يجوز كبيعه، وتوقف السلعة حتى يقبض الثمن الرَّهن ومنعه أشهب كالحميل، وفرق المازري بقوة الغرر فيه، لاحتمال إبايته مع وجوده. عياض: في النوادر: إن بعدت غيبة الرَّهن لم يجز إلا أن يكون أرضًا أو دارًا أو

باب في هلاك الرهن بعد قبضه

يقبض السلعة المبيعة حمله حمديس قياس الرَّهن على الحميل، أولى، وطرح سَحنون اسمه على المسئلة لينبه على الفرق بين الرَّهن والسلعة الغائبة. [باب في هلاك الرَّهن بعد قبضه] ابن محرز: قالوا لو هلك المبيع في الإيقاف ثم هلك الرَّهن الغائب أو استحق، فأراد البائع إمضاء البيع دون رهن لجرى على الخلاف في إمضاء المشتري جارية حدث بها في المواضعة عيب، وقد هلك ثمنها في الإيقاف. وفيها: هلاك الرَّهن بعد قبضه كعدم شرطه: اللخمي: وكذا لو هلك قبل قبضه بعد إمكانه منه. ابن محرز: ليس التمكين من قبض الرَّهن كقبضه بخلاف المبيع. اللخمي: ويختلف إن هلك قبل إن إمكانه منه كالبيع. قُلتُ: يرد بشرطيه الحوز في الرَّهن بخلاف المبيع، ويجوز عليهما أو على أحدهما مضمونين فيها، وإن لم يصفاه، وعليه الثقة، من رهن أو حميل. قُلتُ: أطلقوه ويجب تقييده بكونه يغاب عليه أولا وهو ظاهر لم يصفاه، دون لم يسمياه، ولو هلك الرَّهن بعد قبضه ومات الحميل بعد أخذه، ففي لزوم بدلهما كالراحلة المضمونة تهلك بعد قبضها قولا ابن مناس وبعض الفقهاء، ولو ادعى المشتري العجز عن الرَّهن والحميل، ففي سجنه لذلك في الحميل لا الرَّهن أو فيهما، ثالثها إن رئي أنه يقدر عليهما سجن، وإن رئي إنه عاجز لم يسجن لابن مناس مع ابن شبلون وابن محرز عن المذاكرين محتجين بأن تهمته في الرَّهن أقوى، وبتسوية المدَوَّنه بينهما، واختياره. [باب في استحقاق الرَّهن قبل قبضه] ولو استحق معين الرَّهن قبل قبضه، ففي خيار البائع في رد المبيع وإمضائه دونه مطلقًا أو ما لم يأت برهن. ثالثها: لا مقال للبائع. اللخمي عن ابن القاسم، وعبد الملك وتخريجه على قول مالك لا مقال له في تعدي

باب في بيع الأمة بشرط رضاع ولدها ونفقته

المشتري على بيعه. ولابن محرز عن ابن الماجِشُون: البائع مخير في الرد والإمضاء دون رهن وله أخذ قيمتها إن فاتت بعيوب مفسدة، وبعد قبضه. قال اللخمي: لا مقال للبائع إن لم يغيره وإن غره فهو قبله وبعده سواء. ابن القاسم: يخير البائع، ولو أتى المبتاع ببدله. عبد الملك: يخير المبتاع عليه. محمد: إن أتى ببدله لزم قبوله وإلا خير البائع، سَحنون: يجبر على تعجيل الحق، قال: وأراه بعد القبض وقبله سواء، وإن لم يغره إن أخلفه، أجبر على قبوله، وإلا خير البائع في إمضاء البيع، وأخذ سلعته أو قيمتها إن فاتت، وإن غره فله جبره على خلفه، وأخذ سلعته أو قيمتها إن فاتت والمشهور فوتها بحوالة الأسواق، ويلزم قوله محمد لا يفتها إلا العيب المفسد ذلك في عوض المستحق، وفي كون شرط عدم اتخاذ المبيع المجاور للبائع محلًا لصناعة خاصة من الثالث أو الأول خلاف، كمن باع أسطوان داره بعد إحاطة بقدره، وما دخل في بيعه على أن لا يجعل فيه مبتاعه طاحونة في صحة بيعه، مع لزوم شرطه، وسقوطه ثالثها إن لم يفت بهدم أو بناء خير البائع في إمضاء البيع بإسقاط شرطه والتمسك به فيفسخ، وإن فات مضى بالأكثر من قيمته أو ثمنه لابن سهل عن بن الشقاق، مع أبي المُطَرَّف عبد الرحمن بن فرج قائلًا: يقضى بقلع الطاحونة، وابن دحون مع أبي علي المسيلي قائلًا: ويمنع من الضرر، وابن عات. قُلتُ: ضعف الثاني واضح. [باب في بيع الأمة بشرط رضاع ولدها ونفقته] وسمع ابن القاسم في: جامع البيوع من باع أمة بشرط رضاع ولدها ونفقته سنة؛ جاز إن كان إن ماتت أرضعوا له أخرى. ابن القاسم: هذا وهم من مالك، أو أمر رجع عنه لكراهته بيع أمة دون ولدها الصغير. سَحنون: هذا إن كان الولد رقيقًا وإن كان حرًا جاز ابن رُشْد: معنى المسألة: أنه حر، وكذا هي في آخر البيوع الفاسدة، منها، قالوا وهم ابن القاسم فيما حمل المسألة عليه

لا مالك، ومعناها: إن رب الأمة أعتقه ثم باعها، ولم يبق من أمر رضاعه إلا سنة، فأجاز شرط رضاعه مضمونًا لا في عين الأمة لقوله في «المدَوَّنة»: ذلك جائز إن كان مات ارضعوا له أخر وكذا هنا في بعض: الروايات، فإن وقع البيع على الشرطين: إن ماتت أرضعوا له أخرى، وإن مات أرضعوا له آخر، وأرادوا كون الرضاع مضمونًا على المشتري جاز اتفاقاً، وإن (أرادوا) كونه في عينها ما لم تمت، إن ماتت أتى بخلفها لم يجز كشرط أن الرضاع في عينها، ويبطل بموتها أو يرجع عليه البائع بقدره؛ لأنه في عينها تحجير على مشتريها، وإن كان في عين الصبي مضمونًا على المشتري دخله الغرر، واختلف إن لم تكن لهم في الشرط نية: فحمله هنا على أنه مضمون وأجازه وحمله في سماع أشهب على أنه في عينها ما لم تمت فلم يجزه واختلف إن وقع البيع على إن مات الصبي أرضعوا له آخر وسكتوا على قولهم: إن ماتت أرضعوا له أخرى فحمله ابن القاسم في «المدَوَّنة» على المضمون وأجاز هو حمله سَحنون على أنه في عين الأمة يسقط بموتها فلم يجزه إلا على وجه الضرورة مثل أن يرهقه دين فتباع فيه عليه كذلك وتأول على قول ابن القاسم: أنه أجازه على أن الرضاع في عينها، فتعقبه بقولها: كيف يجيزه، وهو لا يجيز الإجارة على ذلك؟ فلا يجوز إلا للضرورة وهذا غير لازم لابن القاسم لأنه لم يجزه إلا بأن حمل الأمر في المسكوت عليه على أن الرضاع مضمون على المشتري لا في عين الأمة، ويلزم سَحنون في قوله آخر المسألة: لو كان حرًا جاز البيع ما ألزمه ابن القاسم؛ لأنه حمل المسكوت عنه في الصبي على المضمون، فأجاز البيع كما حمل ابن القاسم المسكوت عنه في الأمة على المضمون فأجاز البيع، وإذا تم الرضاع فنفقته على سيده حتى يثغر؛ لأن من أعتق صغيرًا لزمته نفقته حتى يستغني بنفسه، ويقدر على الكسب ولو بالسؤال، هذا معنى قول محمد فيمن أعتق صغيرًا أو التقط لقيطًا. قُلتُ: قال اللخمي: القياس أن لا نفقة على سيده، وتكون مواساته على أهل بلده سيده أحدهم. المتيطي: هو الذي في وثائق ابن العطار قال ثم حكى جواب مالك في شرط السيد نفقته وقال: هذا يدل على أن نفقته عليه. التونسي انظر لو فلس قبل تمام الرضاع هل تباع الأمة في الدين بشرط رضاعه

ومؤنته على المشتري، وإن نقص من حق الغرماء فيكون أوجب من نفقته على ولده الذين لا يترك لهم من ماله إلى أن يقدروا على أنفسهم، وأرى أن لا يلزم أن يشترط على المشتري ذلك في بيع الأمة فيكون بدئ الغرماء، بكل حقه، ولا يبطل جملة حقه بتبدئة الغرماء عليه كهبة لم تقبض حتى قام الغرماء على واهبها؛ بل يحاص له الغرماء بمبلغ نفقته، وسمع ابن القاسم: لا بأس ببيع نصف الأمة أو الدابة على أن على المشتري نفقتها سنة وإنها إن ماتت أو باعها فذلك له ثابت. ابن رُشْد: وقعت أيضًا في هذا السماع من كتاب السلطان بزيادة: أن سَحنون أنكره فحمل قوله: إن له عليه إن ماتت الدابة آخذ ذلك منه على أنه يأتيه في كل يوم من الطعام ما كان ينفق عليها؛ لانقضاء السنة، فبعض ثمن نصفها نفقتها المعلومة، لانقضاء السنة كإجازة المدَوَّنة وغيرها استئجار الأجير، بالنفقة، وإن لم توصف، وحمل سَحنون قوله على أنه إن ماتت أخذ منه بقية النفقة عاجلًا أو قيمة ذلك فأنكره لغرره ولو وقوع الأمر على أحد الوجهين نصًا ارتفع الخلاف ولو لم يزد على اشتراط النفقة شيئًا لجاز على معنى قولها: يجوز بيع نصف الثوب أو الدابة على أن يبيع له النصف الآخر إلى شهر، وعلى ما في رسم الراءة من سماع عيسى، فإن ماتت الدابة أو الوصيفة قبل السنة رجع البائع على المبتاع في قيمة النصف المبيع يوم باعه لفوته بالموت بقدر ما بقي من النفقة من كل الثمن؛ لأن ثمن النصف ما سمى من الثمن، والنفقة على نصفها المبقى، فإن كان المسمى عشرة دنانير، وقيمة النفقة على النصف ديناران، وأنفق عليها نصف السنة، ثم ماتت رجع على المبتاع بنصف سدس قيمة النصف المبيع يوم باعه لفوته بالموت كان أقل من دينار أو أكثر كبيع نصفها بعشرة دنانير، وعرض قيمته ديناران فاستحق نصفه؛ لأن ما بطل من النفقة بموت الوصيفة كاستحقاق بعض الثمن وهو عرض، وقيل: لا يرجع عليه بشيء وهو الآتي على ما في العشرة. لابن القاسم فيمن باع أمة أعتق ولدها الصغير، واشترط نفقته على المشتري حتى يثغر، ويستغني فمات قبل ذلك أن المشتري لا يتبع بشيء؛ لأنه إنما أرد بالشرط كفاية مؤنة الصبي، وهو بعيد وسمع عيسى ابن القاسم: من باع صبيًا صغيرًا على الصبي أو عليه عشر سنين ثم أعتق المشتري لو باعه أو مات، نظركم نفقة المدة؟ وكم قيمة

باب في أرض الجزاء

الصبي؟ فإن كان الصبي نصف القيمة أو ثلثيها يوم البيع رجع بقدر النفقة من الثمن، وهو بيع جائز. ابن رُشْد: هذه مسألة رديئة من مسائل المجالس لم يتدبر بيعها غير جائز؛ لأن ما يسترجعه المشتري من مناب باقي النفقة من الثمن هو تارة بيع، وتارة سلف، بسبب ما له أن يحدثه من بيع أو عتق، والبيع على هذا الشرط إن كان على أن يقبض المبتاع الصبي ويأخذ نفقته من البائع تلك المدة شهرًا شهرًا أو سنة سنة جاز البيع، ولم تسقط النفقة بموت الصبي، ولا بيعه ولا عتقه، وكان للمبتاع أخذه بها، وإن كان على أن يكون الصبي مع البائع يأكل معه كواحد من عياله لم يجز عند ابن القاسم إلا أن يكون على أنه إن مات أو باعه أو أعتقه أتاه بمثله ينفق عليه لتمام المدة على قوله فيها فيمن باع أمة على أن ترضع ابنًا لها سنة، جاز إن كان إن مات أرضع له آخر، وعلى أصله في الراعي يستأجر على رعاية غنم بأعيانها لا يجوز إلا بشرط الخلف وأجازه سَحنون مطلقًا، ولو قال البائع: شرطت كونه يأكل عندي يده مع يدي، وقال المبتاع: بل على أنه عندي أخذ نفقته شهرًا شهرًا تحالفا، وتفاسخا، وكذا إن ادعيا ذلك نيَّة تحالفًا على نياتهما، وفي قوله: أو يعتق المشتري الصبي نظر إذ لا تسقط النفقة عمن أعتق صغيرًا لا يقوم بنفسه. [باب في أرض الجزاء] وشراء الأرض بشرط أداء قدر معلوم عليها في كل مرة معلومة إن كان بوضعه عليها حين الإحياء جاز، ولا ينبغي أن يختلف فيه، وهو ما استقر عليه العمل العام بتونس، منذ نحو ثلاثمائة سنة في الأرض المسماة بالجزاء، ونقل بعض شُيُوخنا في مجلس تدريسه إن بعض من أدركه من الشُيُوخ كان يمرض ملكها، ويضعفه، وإن كان لا يشهد في نكاح مهره ما هو من هذه الأرض إذا كان لا غرس بها مردود بعمل الشُيُوخ العلماء الجلة الذين يعجز عدهم كالشَّيخ الفقيه الصالح أبي العباس بن عجلان والشَّيخ الفقيه الصالح الشهير أبي على حسن الرشيدي وغيرهما، واحتاج بعضهم له بأن الجزاء المأخوذ عن الأرض إن جعل كراء فهو فاسد لعدم الأجل وإن جعل ثمنا فهو بيع فاسد لجهل قدره مردود بمنع حصره فيهما؛ بل هو وضع خراج على الأرض قبل

باب في الأرض المطبلة

إحيايها لقربها من العمران إذ لا يجوز فيه إحياء دون إذن الإمام حسبما هو مقرر في حريم البئر وموجب وضعه حاجة الناس العامة للإحياء والغراسة منضما للحاجة لما يقوم به أمر المسلمين وصونهم عن ذوي الفساد من أهل الحرب وغيرهم. وتحصيل هذه المصلحة الكلية العامة واضح لمن علم وجوب تحصيل المصالح الكلية بما تقرر في أصول الفقه، وفي بعض مسائل الفقه الجزئية كمسألة الترس في الجهاد ومسألة تضمين الصناع ومسألة الرمي من السفر عند الهول، وما ذكره بعض شُيُوخنا عن بعضهم محمله عندي في الأرض المسماة بأرض الحكر وهي أرض على قدر المرجع منها من الخراج أقل ما على المرجع من أرض الجزاء. والعادة فيها أن من بيده لا يتصرف فيها بإحداث غرس بحال وإذا أراد ذلك نقلها لآرض الجزاء بدفع قدر معلوم عندهم وإلحاق قدر خراجها بقدر خراج الجزاء. [باب في الأرض المطبلة] وأما شراء الأرض بشرط أداء عليها مستمر حادث الوضع بعد إحيائها فهذا غير كائن عندنا وهي الأرض المعبر عنها في كتب الوثائق والأندلسيين، بأرض الطبل والوظيف في جواز بيعها بشرطه في العقد ()، وكراهته، ثالثها لا يجوز لأشهب وسَحنون وابن القاسم. ابن فتوح وغيره القضاء بقول ابن القاسم. ابن أبي زمنين: روى ابن وضاح أن سَحنونا كان يكره بيع أرض العشور على شرطه ثم قال: لا بأس به، والأكثر على أن نسبة الجواز والمنع لأشهب وابن القاسم

تخريج على قوليهما في بيع أرض ذات الجزية على أن الخراج على المبتاع، وظاهر لفظ ابن فتوح، والمتيطي إنه عن أشهب نص، وظاهر قول ابن الهندي إنه عن ابن القاسم نص: ويؤيده قول شفعتها إثر منعه بيع أرض الصلح على أن الخراج على المبتاع كل عام شيئًا يدفعه، ولما ذكر الباجي قولي أشهب وابن القاسم في منع أرض الصلح على أن الخراج على المبتاع قال: وقد ألحق أهل بلدتنا بذلك ما ألزم أرض الإسلام من وظائف الظلم للسلطان، وهو غير صحيح؛ لأن هذه الوظائف مظلمة ليست بحق ثابت، ومن أمكنه دفعها عن نفسه لم يأثم، وخراج أرض الصلح لا يحل دفعه، وإنما مثل المظالم الموظفة على الأرض مثل ابتياع الثياب في بلد يلزم المبتاع المكس في كل ما يبتاع منه فلا يمنع ذلك صحة التبايع فيها. قُلتُ: قوله غير صحيح غير صحيح وقياسه على صحة بيع الثياب يرد بأن المغرم عليها معلوم غير مجهول؛ لأنه غير دائم، والوظيف مجهول بجهل مدته. ابن فتوح وغيره تحيل متأخرو فقهاء قرطبة تمسكًا بقول ابن القاسم بأن عقدوا التبري من الوظيف في كتاب غير كتاب الابتياع بنص كونه بعد عقد الصفقة، وقل ما تنعقد صفقة إلا بعد معرفتهما به، وإنه لمن الكذب الذي تركه أولى، ولو أخذ بقول أشهب؛ لكن أحسن الخروج الناس به من الكذب. قال ابن العطار: تكلمت غير مرة مع محمد بن بلفي وابن زَرْب قبل أن يستقضي، وكان يختار قول أشهب، فلما تولى القضاء قلت له: أمكنك إنفاذ ما كنت تختاره من الأخذ بقول أشهب فاحكم به تتبع فتثاقل عن ذلك، وقال: من يستطيع صرف الناس عن ما جروا عليه. قُلتُ: هذا بين على أن ترجيح قول أشهب عنده لم يبلغ كونه نتيجة اجتهاد مستقل عن تقليد، ولو كان كذلك ما جاز له العدول عنه اتباعًا لما عليه الناس. وقال ابن عات: رأيت لا بن رُشْد في تعقبه على ابن العطار، نحو قول أشهب قال: هذه المغارم ظلم يجوز أن يتبرأ بها في نفس الصفقة كسائر العيوب، ولولا ذلك ما جاز بيع الأصول الموظفة.

المشاور البيع على الوظيف جائز، وليس بعيب يرجع به علم أو لم يعلم؛ لأن أصل المغرم ظلم أوقعها العمال. قُلتُ: قوله وليس بعيب مشكل ابن عبد الغفور قال بعض القضاة: من باع أرضًا وعليها وظيف فالتزمه البائع لم يجز؛ لأنه إن مات احتيج إلى توقيف ماله بسببه. ابن زَرْب: من باع حقلا من أرضه الموظفة على الجزية، ورد جميع الوظيف على باقي أرض لم يجز إلا بالتزام المبتاع من الوظيف بقدر الحقل من الأرض، وإلا فسخ؛ لأن الوظيف عيب في نفس الأرض لو جاز بيع ذلك على الجزية لوجب وقف أرضه ولم تورث عنه، وتبقى موقوفة أبدًا للتوظيف الذي عليها، وأرض الصلح بخلاف هذه؛ لأنه إن أسلم المصالح سقط الوظيف عن أرضه، وقاله أحمد بن عبد الملك وأجاب ابن رُشْد فيمن اشترى نصف قرية عليها وظيف والتزام منه أكثر مما ينوب نصف القرية إن لم يشترط البائع على المبتاع أن يحمل عنه من لوازم ما بقي له بقدر الزائد الذي التزمه فالبيع جائز، ولا يلزم المبتاع إلا مناب البيع وإن اشترط عليه حمل ذلك عنه فالبيع فاسد إن شرط ذلك فيه، وإن انعقد ذلك بعد عقد التبايع على الطوع حسبما جرت به عادة كتاب العقود وادعى أحدهما أن البيع انعقد على الشرط وكذبه الآخر فالقول قول من ادعى الشرط منهما مع يمينه للعرف ويفسخ البيع، وإن اتفقا على أنه على الطوع صح البيع ولزم المبتاع ما طاع به إلى الأمد الذي يزعم أنه نواه مع يمينه، وإن مات سقط عنه ما طاع به من ذلك. قال ابن عات: ظاهر كلام ابن رُشْد: هذا أنه يجوز التبري من ذلك في أصل البيع. ابن زَرْب: الذي به الفتيا والقضاء ببلدنا فيمن باع وتبرأ إلى البائع بالعشور إن كان في أوان الزراعة فالعشور على المشتري، وإن كان بعد مضي أوان الزراعة، ولم يشترط على المشتري فهو على البائع وإن اشترى الملك بالزرع واشترطه فالعشور عليه، وإن ابتاع في أوان الزرع وقد زرع البائع ولم يشترط المبتاع فالعشور على البائع وإن اشترى وفد فات أوان الزراعة ولا زرع في الأرض ولم يشترط البائع على المشتري فالعشور على البائع، وإن اشترى في أوان الزراعية وضيع ولم يزرع حتى مضى وقت الزراعة فالغرم على المشتري؛ لأنه ضيع الزراعة ولو شاء لزرع.

باب في بيع العربان

قُلتُ: ويجري عليه لو وقع بيع أرض الجزاء ببلدنا مع السكت عن من يكون عليه جزاء عام البيع، فإن كان قبل فوات معظم وقت دفعه فهو على المبتاع وإلا فهو على البائع، وإن اختلفا فيمن شرط عليه تحالفا وتفاسخا إن لم يفت المبيع، وإلا فالقول قول من القول قوله في حال السكت مع يمينه. ابن سهل في أحكام ابن زياد البيان في العشور بعد الصفقة براءة، ولا يتم حتى يبين قمحه من شعيره، وأين يورد؟ وعن من؟ وكيف؟ فإنه، قد يعلق عن قليل فتخف المؤنة ويعلق عن عدد كثير فيكون ضررًا، وذلك عيب يوجب الرد، فإن قال البائع: إنه بين ذلك وأنكره خصمه حلف المنكر إلا أن تقوم عليه بينة، وله رد اليمين، قاله ابن لبابة وغيره. زاد المتيطي عن ابن زَرْب: إن ادعى أحدهما أنهما علما الوظيف قبل البيع ودعى إلى يمين صاحبه، وجبت عليه، وإن قامت بينه، بأن تبريهما كان بعد العقد للعرف أن المبتاع لا يبتاع ملكًا حتى يعرف ما عليه من الوظيف، قال: ولا أرى لمن اطلع على معرفتها بالوظيف قبل عقد البيع أن يعقد لهما عقد البيع والتبري. قُلتُ: هذا مع ما تقدم له من العرف يوجب أن لا يعقد لهما عقد البيع والتبري مطلقًا. [باب في بيع العربان] بيع العربان: روي أبو داود عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أنه قال: «نهي رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع العربان» (). قال عبد الحق: هذا الحديث مع ما في إسناده من الكلام هو عنده منقطع؛ لأنه رواه عن القعنبي عن مالك أنه بلغه عن عمرو بن شعيب، عن أبيه عن جده ورواه ابن وَهْب عن ابن لهيعة عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده ذكر ذلك أبو عمر، وقال أبو أحمد بن عدي يقال: إن الثقة ههنا هو ابن لهيعة،

والحديث عنه عن عمرو بن شعيب مشهور. وفي مصنف عبد الرازق: أخبرنا الأسلمي عن زيد بن أسلم قال: «سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن العربان في البيع فأحله». قُلتُ: لزيد: ما العربان؟ قال: هو الرجل يشتري السلعة فيقول إن أخذتها وإلا رددتها ورددت معها درهمًا، هذا مرسل وفي إسناده السلمي. قُلتُ: هو مرمي بالكذب، وبيع العربان فسره في الموطأ بإعطاء المبتاع البائع أو المكري درهمًا أو دينارًا على إن أخذ المبيع فهو من الثمن وإلا بقي للبائع (). أبو عمر: ما فسر به مالك عليه فقهاء الأمصار؛ لأنه غرر وأكل مال بالباطل ولمالك من اشترى شيئًا وأعطى عربانًا على إن رضيه أخذه، وإن سخطه رده وأخذ عربانه لا بأس به. الباجي عن ابن حبيب: العربان الجائز أن يبتاع شيئًا بالخيار فيدفع بعض الثمن مختومًا عليه إن كان لا يعرف بعينه على إن رضي جعله من الثمن وإلا رجع إليه، وصح النهي عن ثمن الكلب، ومر ما فيه من الخلاف.

باب في بيع الولد دون أمه أو العكس

[باب في بيع الولد دون أمه أو العكس] وروي الترمذي عن أبي أيوب قال: «سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من فرق بين الوالدة وولدها فرق الله بينه وبين أحبته يوم القيامة»، قال: حديث حسن غريب. قال ابن القطان: في باب ذكر مضمن كتابه ما نصه: حسنه، وينبغي أن يقال صحيح، وقال في غيره قبل ذلك ما نصه: إنما لم يصححه؛ لأنه من رواية ابن وَهْب عن حسن بن عبد الله عن أبي عبد الرحمن هو الجل عن أبي أيوب وحسن هذا: قال البخاري فيه نظر وقال أحمد أحاديثه مناكير. وقال ابن معين: ليس به بأس فلأجل الاختلاف فيه لم يصححه. قُلتُ: وهذا تقرير لعدم تصحيحه وظاهر في قبوله عدم تصحيحه وهو مناف لقوله، فينبغي أن يقال فيه صحيح، ويرد قوله: (ينبغي) قول الشَّيخ تقي الدين ابن دقيق العيد في إلمامه، أخرجه الحاكم، وقال: صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه. قُلتُ: وفي كونه على شرط مسلم نظر؛ لأنه لم يخرج له شيئًا في صحيحه. قال ابن القطان: عن الأشراف بعد ذكره الحديث المذكور أجمع أهل العلم على القول بهذا الخبر إذا كان الولد طفلًا لم يبلغ سبع سنين، واختلفوا في وقت التفرقة بينهما. [باب في التفرقة بين الأم وولدها في البيع] وفي حدها بالإثغار غير (...) أو باستغنائه عن أمه ومعرفته ما يؤمر به وينهى عه أو بعشر سنين أو سبع. خامسها باحتلامه للخمي عن مالك مع المازري عن المشهور عنه وعن ابن القاسم واللخمي عن ابن القاسم وابن وَهْب والصقلي مع المازري عن ابن حبيب ورواية ابن غانم، وسادسها: لابن عبد الحَكم: لا يفرق بينهما أبدًا واستبعده المازري، ووجههالصقلي بعموم الحديث، المتيطي عن بعض الموثقين بالأول العمل ولا يلحق

بالأم غيرها. اللخمي: لمحمد عن بعض المدنيين: الأب كالأم وهو أحسن لمقاربة مشقة التفرقة فيه بتفرقة الأم، وقد يكون بعض الآباء أشد حنانًا ولا يلحق بهما غيرهما اتفاقًا، وفي كون البيع لحق الأم أو الولد في حضانته نقلا اللخمي. زاد الثاني بأنه لو كان كذلك لثبت في كل ذات حضانة. ابن محرز: روى ابن القُصَّار: إن بيع ولد دون أمه فسخ إلا أن تختار الأم ذلك. اللخمي: في جواز التفرقة برضى الأم روايتا ابن عبد الحَكم ومحمد، وعزاهما ابن رُشْد لابن عبد الحَكم مع رواية أشهب، وأخذ بعضهم من قولها في التجارة بأرض الحرب، وابن القاسم مع ابن نافع، وقولها وفي لزوم فسخه، أو إن لم يجمعاهما في ملك أحدهما، ثالثها إن لم يجمعاهما فيه بيعاض معًا للمازري عن القاضي مع ابن حبيب عن مالك وأصحابه ومحمد. المتيطي: عنه إن لم يعلم به حتى مضى حد التفرقة تم البيع، وفيها لم أسمع من مالك فيه شيئًا، وأرى إن لم يجمعاهما في ملك واحد فسخ ويأتي له في بيعها من عبد وسيده صحة جمعها ببيعها معًا اللخمي، وعلى الأول إن فات بحوالة سوق لم يفسخ ومضى بالقيمة وجبرا على الجمع، وللمازري وعبد الحق عن ابن عبدوس يمضي بالثمن. اللخمي: أرى إن علما جبرهما على الجمع فسد بيعهما لجهلهما ما به يقع الجمع، وإن علمه أحدهما، فعلى علم أحد المتبايعين بالفساد. المازري: هذا إن دخلا على امتثالهما حكم الشرع فالجمع واضح وإلا فلا غرر. اللخمي: وإن جهلاه فلا فساد وللمبتاع الرد بعيب جبره على بيع ماء ابتاع أو ابتياع الأم، وللبائع الرد بعيب جبره على بيع الأم، إن لم يشتر الولد. المازري: سبب هذا العيب منهما لا من البائع فقط، ففي الرد به نظر اللخمي لو حدث بالولد عيب خير المبتاع في حبسه والرجوع بمناب ما بين قيمته على جبره على بيعه إن لو جاز ذلك، وقيمته دونه من الثمن أو رده مع قيمة العيب الحادث، وللبائع أن يقوم بحقه ما لم يفت الولد بعيب ومثله إذا دخل على الوجه الفاسد وفات المبيع بحوالة

باب في الإيصاء بالولد دون أمه أو العكس

سوق غرم المشتري قيمته على أنه مطالب بالجمع؛ لأنه أبخس قيمته لا على أنه غير مطالب، وإن لم ينظر في ذلك حتى فات المبيع أو الباقي في يد البائع لم تتغير القيمة، وإن كانا دخلا على الوجه الصحيح ثم مات الولد أو الأم فلا رد للمشتري، ولا مقال لذهاب العيب ولو لم ينظر في ذلك حتى بلغ الولد حد التفرقة لم يرد البيع ويسقط حكم الجمع، وإن دخلا على الوجه الفاسد لم تتغير القيمة. فضل عن ابن حبيب يضرب بائع التفرقة ومبتاعها إن علما ضربًا وجيعا، وقاله مالك وكل أصحابه، عبد الحق عن سَحنون: من باع كبيرة وصغيرة فإن كانت جل الصفقة فسخت فيهما إن لم يجمعا، وإلا فسخ فيهما فقط. [باب في الإيصاء بالولد دون أمه أو العكس] والإيصاء بأحدهما أو إعطاؤه دون عوض لا يفسخ، وفي الاكتفاء يجمهما في حوز أو ملك قولها بزيادة ثم شاء البيع منهما جبر الآخر له معه وإن لم يجمعاهما في حوز واحد منهما باعاهما معًا مع اللخمي عن الأخوين ومالك ورواية محمد وله عن ابن القاسم: إن باع أحدهما وتصدق بالآخر لم يفسخا وبيعا جميعًا. أصبغ: هذا رجوع عن الفسخ. الصقلي: لما بدأ بالبيع وجب جمعهما في ملك ولو بدأ بالهبة كفى جمعهما في حوز. المازري: ليس في كلام محمد ما يشعر بترتيب، وفي حوز عطية الولد بمجرد حوزه، وإن عصى بالتفرقة أو مع أمه، ثالثها بالإشهاد فقط، مع قيام لمعطى بمؤنة الولد، وإن كان مع أمه. للصقلي عنهما: ولابن حبيب عن ابن القاسم والأخرين. [باب في من وهب الولد دون أمه] وفي جبر واهب الولد على دفع الأم معه ليتم الحوز نقل ابن محرز عن سَحنون. وقوله: قالوا: لا يلزم الواهب تسليمها للحيازة مع نقله عبد الحق عن بعض الناس قائلًا: بخلاف وجوب تسليم أصول التمر الموهوب معه؛ لأنه لا يتعدى لغيرها.

الصقلي: في وجوب إرضاع الأم الولد وسقوطه، ثالثها: يحلف الواهب ما أراده، لابن حبيب عن أحد قولي ابن القاسم، ونقل محمد عنه وعن ابن حبيب عن أول قوليه. وفيها: هبة أحدهما لثوب كبيع، وعيب أحدهما يوجب رد الآخر برده، ومن باع أمة بخيار له ثم ابتاع ابها قبل بته فإن فعل رد إلا أن يجمعاهما في ملك واحد، فإن كان الخيار لمبتاعها ببتة أجبرا على جمعهما في ملك أو بيعهما معًا، ونقلها المازري واللخمي بلفظ، وللمشتري بت البيع. المازري: تعقبت تفرقته بينهما بأن عقد الخيار إذا أمضي عد ممضي يوم وقع جاز لهما الإمضاء، إذ لا تفرقة حينئذ، وإن لم يعد ممضى إلى يوم أمضى منع المبتاع من بته كالبائع ونحوه قول اللخمي فتخرج منه المبتاع بتة من القول فيمن اشترى جارية حاملًا فولدت في أيام الخيار. قال ابن القاسم في العتبية: الولد للبائع وللمشتري قبول الأم؛ لأن أصل البيع كان جائزًا، ثم يجمعانهما في ملك ولا ينقض البيع، وقال أصبغ: ينتقض إن لم يجمعاهما كابتداء شراء على التفرقة ويتخرج إمضاء البائع البيع من قول ابن حبيب إن جنى العبد في أيام الخيار ثم قبل الأرش للمشتري ووجه التونسي تفرقتهما بتهمة البائع على إرادته فسخ صفقة المبتاع بابتياعه الولد. قُلتُ: وتقريره: التزام كون أنه ممضي يوم بته لا يوم وقع، وجاز للمباع بته معاملة للبائع بنقيض قصده في تهمته على إرادة نقض صفقة المبتاع ونحوه لابن محرز قال: وحمل أَصْبَغ قول ابن القاسم على التناقض. قُلتُ: فيلزم منع المبتاع بته في إرث البائع الولد أو شرائه له وكيل له لم يعينه له. وفيها: بيع أحدهما من عبد مأذون له وبيع الآخر من سيده تفرقة إن لم يجمعاهما في ملك أحدهما باعهما معًا، وإلا فسخ بيعهما وتعقبه التونسي فإن أصله كلما أمكن الوصول للغرض المقصود لم يفسخ البيع، فإذا جاز بيعهما معًا أمكن الوصول للغرض المقصود، وكلما أمكن الوصول إليه لم يفسخ البيع كقوله في بيع المصحف من نصراني. قُلتُ: يرد بأن تحصيل المقصود إنما يمنع الفسخ إذا كان بيع لا غرر فيه بحال كبيع

المصحف، وفيه هنا غرر جمع الرجلين سلعيتهما في البيع مقابل غرره مفسدة الفسخ فجاء التخيير في ارتكاب أحدهما، وبه يتضح أن جواب المازري بقوله: إن البيع منهما معًا بتراضيهما كانتزاع السيد ما بيد عبده فصار بيعها لهما معًا كبيع مالك واحد لهما تقرير للسؤال لا للجواب، وبعد ما ذكرته من الجواب وجدته للمازري جوابًا عن مناقضة محمد لابن القاسم في قوله بعدم فسخ بيع المسلم من النصراني مصحفًا لإمكان بيعه عليه، وفسخ بيع التفرقة مع إمكان بيعها عليهما. وفيها: بيع نصفهما معًا غير تفرقة. ابن محرز قالوا: لو كانت الأمة بين رجلين فاشترى أحدهما ولدها فليس بتفرقة؛ لأنه إن فلس من هما له بيعا معًا، وإن فلس الآخر بيع نصفه فقط قال: ويؤديه قول عتقها، الثاني: من دبر جنين أمة بينهما تقاوياه عند وضعه ولم يقل إذا صار لأحدهما أمرًا بالجمع بينهما، وقال بيعا. التونسي لم يجعل ذلك تفرقة في ظاهر جوابه؛ لأنه قد يصير للذي لم يدبر فيكون رقًاله والأمة بينهما ولعمري إنه يشبه إنه ليس بتفرقة؛ لأنه متى فلس أحدهما بيعت الأمة كلها مع جملة الولد إذا كان رقًا إذ لا بد من بيع جملتها للضرر الداخل على المشتري في بيع نصيبه مفردًا، وقد عارض هذه سَحنون وكأنه أشار إلى أنها تفرقة ونحوه للمازري وصرح بأن في انفراد أحدهما بأحدهما من شركتهما في الآخر قولين في كونه تفرقة أولًا، وصرح اللخمي بقول سَحنون إن ذلك تفرقة قال: وهو أقيس، وقد يكون قصد ابن القاسم الكلام على حكم التدبير فقط أو ذهب إلى قول ابن حبيب بالجمع في الحوز فقط. قُلتُ: وما تقدم لابن محرز من بيع نصيب المفلس وحده خلاف نقل التونسي والمازري وهذا هو ظاهر المدَوَّنة والأمهات. اللخمي والمازري إن وجدت الأم بيد رجل والولد بيد آخر بيعا عليهما إن لم يجمعاهما في ملك أحدهما. قُلتُ: هو نصها وفيها: من ابتاع أمة وولدها في ملكه وكان لابنه الصغير فلا يفرق بينهما في البيع.

باب في وسائل إثبات النبوة المانعة من التفرقة

قُلتُ: ظاهره في مسألة كون الولد لابنه الصغير عدم الجبر على جمعهما في ملك والاكتفاء باجتماعهما في الحوز لعدم تسببه في التفرقة. وفيها لابن القاسم: إذا نزل الروم ببلدنا تجارًا ففرقوا بين الأم وولدها لم أمنعهم وكرهت للمسلمين شراءهم متفرقين. اللخمي: إن باعوا ذلك من ذمي لم يعرض له ابن محرز: إن باعوهم من مسلم أو ذمي جبروا على الجمع بينهم وإلا فسخ البيع، وقال الشَّيخ: لا يفسخ؛ لأنه تبع للصغير من الكبار؛ بل يباعون من مسلم. اللخمي: وأرى إن كانا لذمي ففرق بينهما بالبيع من ذمي أن يجبرا على الجمع، لأنه تظالم ومضرة على الأم كما لو أضربهما. المازري: هذا إن كانت التفرقة عندهم لا تجوز فإن كان ذلك في دينهم سائغًا ففيه نظر، وبعض أشياخي أطلق القول بمعنهم. [باب في وسائل إثبات النبوة المانعة من التفرقة] وثبت النبوة المانعة من التفريق بالنية أو إقرار مالكها أو دعوى الأم مع قرينة صدقها. اللخمي: إن قدم رجل بامرأة وآخر بصبي فادعت أنه ولدها فإن سبيا معًا أو اشتريا من بلد واحد جمع بينهما، وإن علم أنهما من بلدين كشف عن أمرهما، وإن لم يعلم هل هما من بلد أو بلدين جمعا؛ لأن ذلك لا تلحق فيه تهمة ولا يخفى أمرهما فيما يتبين من حنان الأم، وشدة وجدها، وفيها لمالك: إن قالت امرأة من السبي: هذا ابني لم يفرق بينهما ولا يتوارثان بذلك. يحيي بن عمر: إن كبر الولد منع من الخلوة بها. ابن محرز: لأنها إنما صدقت فيما لا يثبت حرمة بينهما؛ لأنها لو قالت: هذا زوجي أو قال: إنها زوجتي لم يصدقا. قُلتُ: في استدلاله بالنكاح نظر؛ لأن السبى يهدمه إلا أن يريد فيمن سبيت بعد خروج زوجها مسلمًا، وفيها: لمن أعتق ابن أمته الصغير بيع أمه ويشترط على مبتاعها

نفقة الولد ومؤنته زاد فيها في سماع ابن القاسم في التجارة بأرض الحرب. قال مالك: وإن بيعت بغير أرضها فلا بأس. ابن رُشْد: يريد باشتراط النفقة والمؤنة إلى أن يبلغ حد التفرقة قاله ابن القاسم في العشرة يريد وترجع عليه النفقة إلى بلوغه، وفي جواز نقد البيع خلاف أجازه هنا. وفيها قال في العشرة: استحسانًا لءلا يترك الصبي دون نفقة أو يمنع سيده من بيعه فإن مات الصبي فلا شيء للبائع على المشتري؛ لأنه إنما قصد بذلك كفاية المؤنة لا التزيد في الثمن. وقال سَحنون: لا يجوز البيع إلا لضرورة فلس أو شبهه، وقيل: لا يجوز بحال لغرر احتمال موتة قبل حد التفرقة وبقائه لها، وقيل: جائز، وإن مات قبل التفرقة، تبع البائع المبتاع بقدر ذلك من قيمة الأمة، وهو الآتي على سماع عيسى في جامع البيوع، ولو شرط أن النفقة مضمونة على المبتاع لحد الإثغار إن مات الولد قبله جاز البيع اتفاقًا. قُلتُ: هذا هو معنى نقل الصقلي عن محمد: شرط: بيعه بأنه إن مات قبل الإثغار أتى بمثله وليس لأنه تركه وإن كانت له جدة. قُلتُ: لأنه حق على البائع في عين الأمة وكتابة أحدهما غير تفرقة ولا يبيح كتابة أحدهما دون الآخر ولا العكس وكذا التدبير. الصقلي: لو حدث بعد تدبير أحدهما دين لم يبع له أحدهما، فلو مات المدبر، واستغرقهما الدين، بيعًا معًا، وإن كان في بيع غير المدبر أو بعضه للدين ما يعتق فيه المدبر وجب، وإلا بيعا منهما بالسوية بقدره وعتق من المدبر الباقي ومنعت التفرقة فيما بقي. قال ابن حبيب: لو دبر النصراني ولد أمته ثم أسلمت لم تبع للتفرقة ولا الولد للتدبير ويعزلان عنه، تؤاجر الأم لحد التفرقة، وكذا عتق أحدهما لأجل. اللخمي: ويجوز بيع أحدهما مع خدمة الآخر لأجل حد التفرقة إن ساوى أجل العتق حد الإثغار أو زاد عليه. وقال التونسي: فيه نظر لاحتمال فسخ بيع الخدمة لمرض ونحوه، ورده المازري بلغو اعتبار النادر.

اللخمي: إن عتق الولد لأجل لا خدمة له فيه شرط على مبتاع أمه نفقته لبلوغ سيعه إن كان أجل العتق قبله، وإن تأخر عنه إلى أن يبلغ الخدمة، بيع منها إلى حد التفرقة للضرورة، إذ لا يجوز لو لم يبع الأم بيع الخدمة إذا كان لا يشرع في قبضها إلا إلى أجل قريب وإيلاد أمة لها ولد صغير يمنع بيعه وفيها: لا بأس ببيع أحدهما للعتق وليس العتق بتفرقة. قُلتُ: فيه على لزوم فسخ بيع التفرقة نظر لتأخر العتق عنه، وصح حديث ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا يبع بعضكم على بيع بعض» أخرجه مالك ومسلم وأبو دود وعند ابن ماجة عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا يبيع الرجل على بيع أخيه ولا يسوم على سوم أخيه» الباجي: معنى لا يبيع: لا يشتري. ابن حبيب: إنما النهي للمشتري لا للبائع. الباجي: يحتمل حمله على ظاهره فيمنع البائع أيضًا أن يبيع على بيع أخيه، وإنما خصه ابن حبيب بالمشتري؛ لأن الإرخاص مستحب مشروع. عياض: الأولى حمله على ظاهره وهو أن يعرض سلعته على المشتري برخص ليزهده في شراء التي ركن إليها من عند غيره. قُلتُ: وهو دليل لفظ حديث ابن ماجه، وفي الموطأ لمالك: إنما النهي إذا ركن البائع للسائم، وجعل يشترط وزن الذهب، ويتبرأ من العيوب، وشبه ذلك مما يعرف به أن البائع أراد مبايعة السائم، فإن وقع المنهي عنه ففي فسخه، ثالثها ما لم يفت لسماع سَحنون عن ابن القاسم ورواية ابن حبيب وأبي عمر وعلى الثاني روى ابن حبيب: يعرضها على الأول بالثمن، زادت أو نقصت، وسمع سَحنون ابن القاسم يؤدب فأطلقه ابن رُشْد: وقال الباجي: لعله يريد من تكرر ذلك منه بعد الزجر وعلى العرض. روى ابن حبيب إن أنفق فيها ما زادت به غرمه الأول مع الثمن وإن نقصت لم يحط من

باب في بيع المزايدة

الثمن، والمذهب قصره على بيع المساومة. الباجي والمازري: وهو وقف السلعة ليسوم بها من يريد شراءها. المازري وقفها بحانوت أو غيره. [باب في بيع المزايدة] الباجي: روى محمد: الذمي كالمسلم والمذهب عدم اندراج بيع المزايدة فيه، لحديث أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم باع حلسًا وقدحا، وقال: من يشتري هذا الحلس والقدح؟ فقال رجل: أخذتهما بدرهم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من يزيد على درهم؟ فأعطاه رجل درهمين فباعهما منه» أخرجه الترمذي وقال: حديث حسن، ولم يتعقبه ابن القطان، وذكره عبد الحق في كتاب الزكاة من طريق أبي داود وفيه قصة: والحلس والقدح كانا لرجل شكا الفاقة، وبلفظ أبي داود ذكره ابن رُشْد في سماع عيسى ابن القاسم من كتاب الجعل: سمعه من زاد المنادي على بيع ثوب من ميراث ثم بداله لزمه البيع ولو زاد رجلان فيه. قال: هذا دينار، وقال: هذا دينار، وطلب الصائح الزيادة فلم يزد فأوجب لهما فبدالهما أو لأحدهما لزومهما البيع وهما شريكان فيه، عيسى لا يعجبني هذا وهو للأول، ولا أرى للصائح أن يقبل من أحدهما ما أعطاه غير فهو للأول إلا أن يعطياه جميعًا دينارًا معًا فهما شريكان. ابن رُشْد: حكمه أن كل من زاد لزمه البيع بما زاد إن أراد ربها إمضاءها له بما أعطى فيها ما لم يسترد سلعته فيبيع بعدها أخرى أو يمسكها حتى يمضي مجلس النداء، وهو مخير في إمضائها لمن شاء ممن أعطى فيها ثمنًا، وإن كان زاد غيره عليه هذا الذي أحفظه من قول أبي جعفر بن زرقوف وهو صحيح؛ لأن من حق ذي السلعة أن يقول لمن أراد أن يلزمها إن أبى، وقال: بعها ممن زادك أنا لا أحب معاملة الذي زادني وليس طلبي الزيادة وإن وجدته إبراء مني فمنعنى قول ابن القاسم لزمهما البيع، وهما

شريكان، إذا أسلم البائع لهما السلعة، ولم يختر أحدهما دون الآخر، وكذا قول أَصْبَغ إنها للأول، معناه: إذا قال: أمضيتها لمن هو منكما أحق بها، وقول ابن القاسم هو القياس؛ لأن الأول لا يستوجب السلعة بما أعطى إلا أن يمضيها له صاحبها، وكذا فلا مزية لأحدهما على الآخر وقول أَصْبَغ استحسان. ابن حبيب: إن فاروق المشتري البائع في بيع المساومة دون إيجاب لم يلزمه بعد ذلك بخلاف بيع المزايدة، يلزمه ما أعطى بعد الافتراق؛ لأن المشتري إنما فارقه في المزايدة على أنه استوجب البيع. المازري: لا وجه للتفرقة ألا الرجوع للعوائد ولو شرط المشتري إنما يلتزم الشراء في الحال قبل المفارقة أو شرط البائع لزومه له، وإنه بالخيار في أن يعرضها على غيره أمدًا معلومًا أو في حكم المعلوم لزم الحكم بالشرط في بيع المساومة والمزايدة اتفاقًا، وإنما افترقا للعادة حسبما علل به ابن حبيب الفرق بينهما، وإنما نبهت على هذا؛ لأن بعض القضاة ألزم بعض أهل الأسواق في بيع المزايدة البيع بعد الافتراق، وكانت عادتهم الافتراق على غير إيجاب اغترارًا بظاهر قول ابن حبيب وحكاية غيره فنهيته عن هذا لأجل مقتضى عوائدهم. قُلتُ: والعادة عندنا اللزوم ما لم يبعد زمن المبايعة حسبما تقرر قدر ذلك عندهم، والأمر واضح إن بعد والسلعة ليست في يد المبتاع، فإن كانت بيده موقوفة، ففيه نظر، والأقرب اللزوم كقولها: إن بعد من مضي الخيار والسلعة في يد البائع والخيار للمبتاع أن لاحق فيها للمبتاع إلا إن عرفنا في بيع المزايدة إنه لا يتم العقد ولو طال مكثها بيد المبتاع إلا بنص إمضائه، وسمع القرينان: من باع رقيقًا بين أنه يصيح عليها ثلاثة أيام للزيادة، إن أمضى البيع بعدها بيومين وشبهها لزم المبتاع وبعد عشرين ليلة لا يلزمه. ابن رُشْد: هذا كقولها في البيع على خيار ثلاثة أيام لا يلزم بمغيب الشمس من آخر أيام الخيار، وإن له الرد بعد مضي أيام الخيار ما لم يتباعد؛ لأنه إذا بين أنه يصيح عليها ثلاثة للزيادة فكل من أعطاه شيءًا تنقض الشراء على أن البائع بالخيار ما لم تنقص أيام الصياح، وعلى القول أن ليس له رد السلعة التي اشترى بعد انقضاء أيام الخيار ليس له أن يلزمه الشراء بعد انقضاء أيام الصياح، ولو كان العرف في بيع المزايدة أن يمضي أو

باب في بيع الحلي مزايدة بعين أو أصلها

يرد في المجلس ولم يشترط الصياح عليه أيامًا لم يلزمه الشراء بعد أن ينقلب بالسلعة عن المجلس، وروي هذا عن ابن القاسم فيمن يحضر المزايدة في بيع الميراث أو متاع الناس فيزيد ثم يصاح عليها فينقلب بها أهلها ثم يأتونه بالغد فيقولان: خذها بما زدت إن انقلبوا بها أو تركوها في المجلس وباعوا بعدها أخرى لم يلزمه ذلك إنما يلزم هذا في بيع السلطان الذي يباع على أن يستشار وجت هذه المسألة لابن القاسم بخط أبي عمر الإشبيلي وهي صحيحة على أصولهم. [باب في بيع الحلي مزايدة بعين أو أصلها] وبيع الحلي مزايدة بعين أو أصلها ممنوع على المعروف في الصرف بخيار، وأخفه بيعه على خيار المشتري على رأي ابن رُشْد عن المذهب جواز النكاح على الخيار من الجانبين لا على نصها بمنعه. [باب بيع النجش] وبيع النجش منهي عنه صح في حديث المعراة في صحيح مسلم: «ولا تناجشوا»، وفي الموطأ عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم «نهى عن النجش». قال مالك: والنجش: أن تعطيه بسلعته أكثر من ثمنها وليس في نفسك اشتراؤها فيقتدي بك غيرك، قول المازري وغيره، والناجش الذي يزيد في السلعة ليقتدي به غيره أعم من قول مالك لدخول إعطائه مثل ثمنها أو أقل في قول المازري وخروجه عن قول مالك.

وقال ابن العربي في العارضة ما نصه: النجش أن يزيد الرجل في السلعة من غير رغبةٍ في شرائها، وإنما ذلك ليغتر به المشتري فيظن أنه من رغبته فيرغب برغبته فينفقها عنده ويستثني من ماله ما كان كامنًا لا يخرجه وهو حرام لا يحل لأجل النهي عنه، ثم قال: والذي عندي إن بلغها الناجش قيمتها ورفع الغبن عن صاحبها فهو مأجور ولا خيار لمبتاعها. قُلتُ: كان بعض من كان مشهورًا بالخير والصلاح ومعرفة صالحي الشُيُوخ وكان له شهرة تجر في الكتب إذا حضر سوق الكتب فيستفتح للدلالين في الكتب ما يبنون عليه في الدلالة ولا غرض له في شراء الكتاب الذي يستفتح ثمنه وهو جائز على ظاهر تفسير مالك، واختيار ابن العربي لا ظاهر تفسير المازري، ففي منع إعطاء من لا يريد شراء سلعة ثمنًا فيها مطلقًا، وجوازه إن لم يزد على قيمتها، ثالثها: استحباب هذا لظاهر قول الأكثر، ودليل قول مالك وابن العربي، وحيث يمنع إن وقع بأمر البائع، ففي لزوم فسخ البيع واختيار المبتاع في رده وإتمامه، نقل المازري، ورواية القزويني مع ابن الجهم، والمشهور. قال ابن حبيب: نجش من هو من ناحية البائع كعبده وولده من غير أمره كأمره. زاد الباجي أو شريكه قالا عنه: وإن لم يكن من سببه لزم البيع ولا شيء على البائع والإثم على الناجش. ابن العربي: حكم ابن حبيب بفسخ البيع خروج عن طريق النظر. قُلتُ: لم أعرف من نقله عن ابن حبيب غيره، والذي في النوادر عن ابن حبيب في

واضحته تخيير المبتاع كالمشاورة، وحيث يخير المشتري إن فات المبيع. قال الباجي والمازري: لزم المشتري الأقل من ثمنها أو قيمتها. قال ابن عبد السلام: ما لم تنقص القيمة عن ثمن المبيع قبل زيادة الناجش إن كان هناك مزايد. قُلتُ: إن أراد والثمن الكائن قبل النجش كان من المشتري فحس وإلا فلا إذ لا يلزم أحدا ما التزمه غيره، وسمع القرينان لا بأس ببيع الرجل سلعته فيقول أعطيت فيها ثلاثين دينارًا وهو صادق إن كان أعطاه قريبًا صحيحًا لا قديمًا ولا نجشا. ابن رُشْد: إن ثبت كونه قديمًا أو أنه لم يعط بها ما قال، فالمبتاع مخير في إمساكها بالثمن المذكور، وردها إن لم تفت وإلا لزمته بالأقل من الثمن أو القيمة على حكم الغش والخديعة في البيع، وفي فوتها بما يفوت به البيع الفاسد أو بالنماء والنقصان قولان وسمع ابن القاسم من قال لذي حائط ببيعه: انظر ما أعطيت فيه ولك زيادة دينار، ثم لقيه فقال: أعطيت مائة دينار فزاده دينارًا وقبض الحائط، ثم سأل من زعم أنه أعطاه مائة دينار فقال: إنما أعطيته تسعين شراؤه لازم؛ لأنه صدقه، ولوشاء تثبت، وكذا الجارية تباع بالسوق يقول ربها: أعطيت بها مائة دينار فيصدقه ويربحه على ما قال، ولو حضر شهود في سوم الحائط شهدوا بخلاف ما قال أعطاني به فلان رد البيع ولا يمين على رب الحائط وعلى رب الجارية إذا رضي بقوله وثبت البيع. ابن رُشْد: إنما لم ير على البائع يمينًا للمبتاع؛ لأنه صدقه، ومعنى قوله: رد البيع إن شاء المبتاع والحائط لم يفت فإن فات هو والجارية فعلى المبتاع أقل من الثمن المسمى أو القيمة يوم البيع كالكذب في الرابحة، ويفوت به البيع الفاسد، وسمع القرينان أرجو أن لا بأس فيمن حضر جارية بالسوق يقول لرجل: كف عني فيها لي بها حاجة ولا أحب الأمر العام أن يتواطأ الناس بهذا فسدت البيوع. ابن رُشْد: روى ابن نافع في المبسوط كراهته في الواحد، ولو قال لواحد: كف عني ولك دينار جاز ولزمه الدينار ولو لم يشتر، ولو قال له: كف عني ولك نصفها على وجه الشركة جاز، وإنما لم يجزه في الرواية إن أعطاه النصف على وجه العطية؛ لأنه أعطاه على أن يكف عنه مالا يملك قاله ابن دحون وهو صحيح.

باب في بيع المقاومة

قُلتُ: في إجازته الدينار نظر؛ لأن إعطاءه ليس هو على الكف لذاته؛ بل لرجاء حصول السلعة له وهي قد لا تحصل، وظاهر قول المازري: إنما يجوز في الواحد إن كان الترك تفضلا، ولو كان على أن له نصفها لم يجز؛ لأنه دلسة منعه بالدينار خلاف نقل ابن رُشْد وسمع قول القوم يجتمعون في البيع لا تزيدوا على كذا والله ما هو بحسن. ابن رُشْد: لأنه فساد على البائع وضرر به فإن وقع هذا وثبت بإقرار أو بينة خير البائع في قيام السلعة في ردها، فإن فاتت فله الأكثر من القيمة أو الثمن على حكم الغش والخديعة في البيع فإن أمضى بيعها فهم فيها شركاء، بتواطئهم على ترك الزيادة زادت أو نقصت أو تلفت، من حق المبتاع منهم أن يلزمهم الشركة إن نقصت أو تلفت ومن حقهم أن يلزموه ذلك إن زادت أو كان فيها ربح ظاهر، كان هذا في سوق السلعة أو في غيره، أرادوها للتجارة أو لغيرها، كانوا من أهل تلك التجارة أو لا كما لو وقفوا على المبتاع فقالوا أشركنا في هذه السلعة، فقال: نعم إنما يفترق ما ذكرناه إن وقفوا عليه حتى تم ابتياعه ولم يقولوا له شيئًا أو قالوا فسكت. الشَّيخ: روى العُتْبِيّ وابن حبيب في عبد بين ثلاثة، فقال أحدهم لصاحبه: إذا تقاومناه فاخراج منه برج دينار ليقتدي بك صاحبنا والعبد بيني وبينك ففعل فاقتدى به الآخر، وثبت هذا بإقرار أو بينة، البيع مردود لا يجوز. ابن حبيب لم يأخذ به أَصْبَغ ولم يره من النجش وبه أقول؛ لأن صاحبه لم يرد أن يقتدي بزيادته إنما أمسك عن الزيادة ليرخص على نفسه وعلى صاحبه فلا بأس به. [باب في بيع المقاومة] وسمع القرينان جوابه عن أهل المقاومة بالسرار هو خفيف وكره بيع المقاومة بالحصاة. ابن رُشْد عن ابن دحون: هي أن يتقاوموا السلعة سرًا بالإشارة، وكذلك قال ابن لبابة السرار: أن يشير له بيده يستتر عمن حضر، وفي قوليهما نظر؛ لأن الإشراك في السلعة إذا تقاوموها فيما بينهم فليس لغيرهم دخول معهم فيها، فلا وجه لاستسرارهم

باب في بيع المقاومة بالحصاة

بالمقاومة ولا للسؤال عن ذلك ومعناه عندي: أن يتقاوم بعض الإشراك انصباءهم سرًا عن بقيتهم فيكون بعضهم قد خرج عن نصيبه لبعض أشراكه بما انتهت في المقاومة عليه دون علم بقيتهم فهو عنده خفيف إذ لا يجبر على المقاومة من أباها من الشركاء فلا حجة لمن استسر دونه بالمقاومة من الإشراك؛ لأن الذين تقاوموا يقولون له نحن لا نريد أن نقاومك إذ لا يجبر على المقاومة من أباها إنما هي على التراضي ونحن رضينا بها فيما بيننا وإنما استسرا عنه؛ لأنه من حقه لو علم بالمقاومة قبل نفوذها أن يكون شريكًا في نصيب الخارج عن نصيبه مع أخذه بالثمن الذي رضي أن يخرج له به عنه؛ لأن السلعة بين الشركاء إذا أحدهم أن يبيع نصيبه منها كان الشريك أحق بها بما يعطى فيها ما لم ينفذ البيع فكما يكون الشريك أحق من الأجنبيي فكذا يكون الشريك أحق من الشريك بما زاد على قدر حقه، وكما يكره للشريك أن يبيع نصيبه من أجنبي دون أن يعلم شريكه إذ ليس ذلك من مكارم الأخلاق فكذا يكره أن يبيع نصيبه من بعض إشراكه دون إعلامه سائهم إلا أن مالكًا رأى في هذه الرواية أن الشريك أخف من الأجنبي إذ لم يدخل على الشريك الذي لم يعلمه أجنبيًا. [باب في بيع المقاومة بالحصاة] وبيع المقاومة بالحصاة: قال ابن دحون: هو أن تقوم السلعة فإذا عرف كم الربح فيها جعل كل من اشترى في ابتاعها حصاة، ثم جعلت الحصيات في كم رجل، ثم يدعي من يخرج منها حصاة فمن كانت حصاته كانت السلعة له بالثمن الذي قومت به وكان الفضل بينهم على حسب شركتهم وهو تفسير حسن. [باب في بيع الحاضر للبادي] وبيع الحاضر للبادي منهي عنه، روى البخاري عن مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا تلقوا الركبان، ولا يبع بعضكم على بيع بعض ولا تناجشوا ولا يبع حاضر لباد ولا تصروا الغنم ومن ابتاعها فهو بخير

النظرين بعد أن يحلبها إن رضيها أمسكها، وإن سخطها ردها وصاعًا من تمر». وروى مسلم بسنده عن أبي هريرة يبلغ به النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا يبع حاضر لباد، وأخرجه أيضًا عن ابن عباس وفيه: فقلت لابن عباس: ما قوله: حاضر لباد؟ قال: لا يكون له سمسارًا، وله عن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يبع حاضر لباد ودعوا الناس يرزق الله بعضهم من بعض. وأخرجه عبد الحق من طريق مسلم بسنده وسكت عنه فتعقبه ابن القطان بأنه لم يبين أنه من رواية أبي الزبير عن جابر من غير رواية الليث عنه. قال ابن القطان: وقد ذكر في حديث ذكره من روايته من طريق الدارقطني واتبعه أن قال: إنما يؤخذ من حديث أبي الزبير عن جابر ما ذكر فيه السماع أو كان عن الليث عنه جابر وذكر أيضًا حديثًا من روايته من طريق النسائي ثم قال: أبو الزبير يدلس في حديث جابر فإذا ذكر سماعه منه أو كان من رواية الليث عن أبي الزبير فهو صحيح فهذا مذهبه فيه قال: وأكثر ما يقع له ذكره ساكتًا عن بيان كونه من عنعنة أبي الزبير من غير رواية الليث عنه فيما أخرجه مسلم كأنه بإدخال مسلم له حصل في حمى من النقد وهو خطأ لا شك فيه. قُلتُ: لعله راعى في ذلك ما ذكره ابن الصلاح وهو قوله: اتفاق الأئمة على تلقي ما اتفق عليه صحيحا مسلم والبخاري بالقبول ملزوم لصحة ما أخرجاه فيهما والقطع بصحته خلافًا لمن نفاه محتجًا بأن الأمة إنما تلقته بالقبول لوجوب العمل بالظن، والظن

يخطئ وهو غير صحيح؛ لأن ظن من هو معصوم من الخطأ لا يخطئ، وهذه نكتة نفسية فائدتها أن ما انفرد به أحدهما مقطوع بصحته لتلقي الأمة كل واحد من كتابيهما بالقبول. قُلتُ: رد بأن متعلق الإجماع والتلقي وجوب العمل، ولا يلزم من القطع به القطع بصحة الحديث. قال ابن رُشْد في أول مسألة من رسم حلف من سماع ابن القاسم من كتاب السلطان: لم يختلف أهل العلم في أن النهي عن أن يبيع حاضر لباد إنما هو لإرادة نفع أهل الحاضرة ليصيبوا من أهل البادية لجهلهم بالأسعار، واحتج بحديث مسلم الذي ذكر لحق، ثم قال: اختلف قول مالك في أهل البادية الذين لا يجوز للحضري أن يبيع لهم على ثلاثة أقوال: الأول: أنهم أهل العمود دون أهل القرى التي لا يفارقها أهلها وهي رواية أبي قرة. الثاني: أنهم هم وأهل القرى دون أهل المدن. والثالث: لا يجوز للحاضر أن يبيع لجالب وإن كان من أهل المدن والحواضر، وعزا ابن زرقون الثاني لأحد قولي مالك في الموَّازيَّة والعتبية، والثالث لثاني قوليه في الكتابين، والثاني هو ظاهر قول ابن القاسم في سماع عيسى هل ترى أهل بناء وأبوصي من البادية؟ قال: لا؛ لأنهما أهل مدائن إنما يراد بهذا أهل القرى وقول ابن الحاجب في الموطأ بحال، إنما نقله الشيَّيخ في نوادره عن مالك في الموَّازية، وكذا الباجي وعزاه أبو عمر لرواية أبي قرة كابن رُشْد. الباجي عن ابن حبيب: ولا يبعث البدوي إلى الحضري بمتاع يبيعه له. الصقلي رواه أبو محمد، أبو عمر: رواه أبو قرة المازري: للقزويني عن الأبهري يجوز للحضري فيما يبعه البدوي مع رسوله أن يبيعه له وسمع ابن القاسم يكره للحضري يسأله البدوي عن السعر أن يخبره به. ابن رُشْد: لما فيه من الإضرار بأهل الحاضرة في قطع الرفق ولا اختلاف فيه فيما

باب في البيع زمن نداء سعي صلاة الجمعة

أعلمه في مذهب مالك فإن وقع بيع الحاضر لباد فسمع عيسى ابن القاسم قوله بفسخه؛ لأن المشتري ابتاع حرامًا للنهي عنه، وسمع سَحنون قوله يمضي وعزاه الباجي لابن عبد الحَكم. زاد المازري وابن الجهم، وابن رُشْد: وعلى الفسخ اختلف إلى أي حد يفسخ؟ فقيل: ما كان قائمًا ويفوت بما يفوت به البيع الفاسد، ويمضي بالثمن، وقيل بالقيمة، وعلى أنه لا يفسخ قيل لمبتاعه فيه حق فيخير في رد المبيع إذا لم يعلم أن الحاضر باعه منه لباد وهو قياس قول سَحنون في بيع التلقي، تعرض السلعة على أهل الأسواق، وقيل: لا حق له فلا خيار له في الرد وهو ظاهر قول سَحنون وهو معارض لنص قوله في التلقي. وحكى ابن حبيب: أنه يفسخ للنهي عنه إلا أن يشاء المشتري أن يتماسك وهو قول مالك، وقوله خارج عن الأصول؛ لأن العقد الفاسد للنهي لا يجوز للمشتري أن يتمسك به. وقال بعض الشُيُوخ: قول ابن حبيب تفسير لرواية أَصْبَغ وعيسى عن ابن القاسم في هذا الرسم وذلك غيرصحيح؛ لأنه نص فيها أنه بيع حرام، وفي وجوب تأديب فاعله إن لم يعذر بجهل مطلقًا أو إن اعتاده نقل ابن رُشْد سماع سَحنون ابن القاسم، وسماعه أصْبَغ مع عيسى وزونان عن ابن وَهْب قائلًا يزجر. وفي جواز شراء الحاضر للبدوي ومنعه سماع ابن القاسم ونقل ابن رُشْد عن ابن الماجِشُون وابن حبيب ورواية أبي عمر. [باب في البيع زمن نداء سعي صلاة الجمعة] والبيع زمن نداء سعي صلاة الجمعة إلى تمامها منهي عنه مطلقًا، وفي فسخه في عقده من تلزمه ولو مع غيره، ثالثها إن اعتاد ذلك للمشهور والباجي عن رواية ابن وَهْب مع علي يستغفر الله فقط، والمازري عن ابن الماجِشُون والصقلي عن أَصْبَغ في العتبيَّة من باع بربح ما اشتراه حينئذ لم له أن يأكل الربح، وأحب إليَّ أن يتصدق به، فإن قات بحواله سوق ففي مضيه بالثمن أو القيمة نقل الباجي عن سَحنون مع المغيرة

باب في شراء تلقي السلع

وغيرهما، وعليه في كونها حين القبض أو تمام الصلاة قولا القاسم وابن حبيب مع أشهب. الشَّيخ: من انتقض وضوءه وقت النداء فلم يجد الماء إلا بثمن لا باس أن يشتريه، وفي فسخ بيع من باع لخنس ركعات للغروب، وعليه ظهر يومه وعصره قولا أبي عمر مع إسماعيل القاضي وسَحنون، وصوبه ابن محرز وغيره وفرقوا بأن الجمعة لا تقضى. المازري: كان شيخنا يقول كثيرًا ما يؤخر العوام صلاة العصر اشتغالًا بالبيع فيقضي منع معاملتهم ومنع أكل ما يشترى منهم على القول بالفسخ. [باب في شراء تلقي السلع] وشراء تلقي السلع الواردة لمحل بيعها بقربه قبل ورودها إياه، منهي عنه تقدم في حديث البخاري، وروي مسلم عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا تلقوا الجلب فمن تلقى فاشترى منه فإذا أتي سيده السوق فهو بالخيار. وعند البخاري عن ابن عمر قال: كنا نتلقى الركبان فنشتري منهم الطعام فنهانا النبي صلى الله عليه وسلم «أن نبيعه حتى يبلغ به سوق الطعام»، والمذهب منع تلقي مطلق السلع قبل سوقها في رواية ابن حبيب ولو على يومين لتجر، وروى محمد وابن حبيب وسمع ابن القاسم وكذا لغير تجر إلا بقرية قرب بلد سوقها كستة أميال. الشَّيخ: روى محمد إن خرج قوم لغزو أو تجر فلقوا سلع تجر جاز شراؤهم منها لأكلهم لا لتجر، وقول ابن العربي في عارضته: في حده بميل أو فرسخين ثالث الروايات يومان لا أعرفه إلا الأخيرة لمحمد وابن حبيب، ورواية غيرهما إلا الإطلاق. [باب في الخروج شراء الغلل من الحوائط] وفي جواز الخروج لشراء التجر من غلل حوائط القرية سماع ابن القاسم مع قول

أشهب وسماعه، وسمع أبو زيد ابن القاسم: من خرج بقمح ناويا إن وجد مبتاعًا بطريقه باع، وإلا بلغ الفسطاط لا يبيع إلا بالفسطاط إلا أن ينوي إلى قرية بها سوق فلا بأس أن يبيعه بها ولو اختزنه بيمنة موسى ثم بدا له فلا بأس بيعه. ابن رُشْد: لا يجوز بيعه بالطريق ممن يريده للبيع وجائز بقرية على أميال من الحاضر ممن يريده للأكل، ولو نوى قرية ذات سوق جاز بيعه بها، وإن اخترنه في الطريق بموضع لا سوق له ثم بدا له أن يبيعه جاز، وفيه تفصيل: إن باعه من أهل محلته جاز، ولو ليبيعوه، وبيعه ممن يخرج من الحاضرة، لشرائه يجري على الخلاف في أهل الحاضرة يخرجون للحوائط لشراء ثمارها، وروي ابن حبيب ما لا سوق له بحاضرة إذا دخل بيوت الحاضرة والأزرقة جاز شراؤها وإن لم يبلغ السوق. قُلتُ: يريد سوق غير السلعة إذ الفرض أن لا سوق لها، ويقوم منه أن بلوغ أول السوق كاف، الشَّيخ: روى محمد لا بأس بالشراء من سفن ترسى إلا أن تأتي ضرورة وفساد فيكون كحكره، فلا يصلح المازري: هي كالحوائط حول مدينة، وروى محمد لا خير في شرائها قبل وصولها على الصفة. الباجي: لو وصلت سوقها دون ربها فتلقاها من اشتراها منه فلا نص، وهو عندي تلق ممنوع، قال مع الشَّيخ عن الواضحة: إن بلغت السلعة موقفها ثم انقلب بها ولم يبع أو باع بعضها فلا بأس أن يشتريها من مرت ببابه أو من دار بائعها فإن وقع المنهي عنه. ابن رُشْد: في رواية القرينين: يفسخ، وعزاه أبو عمر لبعض أصحاب مالك، الشَّيخ عن محمد يرد لبائعه إن فات أمر من يقوم ببيعه عن صاحبه. المازري: مقتضاه ربحه له وخسارته عليه، والواضحة: يرد له إن حضر وإلا فإن كان المتلقي غير معتاد ترك له، وزجر، وإلا عرض بثمنه على أهل سوقه إن لم يكن طعامًا فإن لم يكن سوق فعلى كل الناس والطعام يعرض عليهم ولو كان له سوق. محمد: روى ابن وَهْب: يباع لأهل السوق وربحه بينهم والوضيعة على الملتقي وروى ابن القاسم ينهى إن عاد أدب ولا ينزع منه شيء. المازري: هو المشهور. الباجي: واختاره أشهب، محمد عن ابن القاسم، يشترك فيه من شاء، والتجار

وغيرهم وهو كأحدهم، وقاله ابن عبد الحَكم بالحصص من ثمنه، وأباه أصبغ. أبو عمر: تحصيل مذهب مالك عدم فسخه ونزعها لأهل سوقها إن أرادوها بثمنها، وإلا ردت لمبتاعها به وسمع عيسى ابن القاسم: إن لم تفت نزع لمن يأخذه بثمنه من أهل سوقه فإن لم يكن سوق فلكل الناس. ابن رُشْد: في فوته بمفوت البيع الفاسد أو بالعيب المفسد قولان وفي سماعه إن كان معتادًا لذلك أدب وزجر وإلا نهى، وأمر أن لا يعود. الشَّيخ عن ابن حبيب: من تكرر منه وعوقب بما يراه الإمام من سجن أو ضرب أو إخراج من السوق. ابن رُشْد: في رواية سَحنون عن ابن القاسم، إيجاب أدبه إن لم يعذر بجهل وفي رواية عيسى وأصْبَغ عنه: لا يؤدب إلا المعتاد لذلك ورواه زونان عن ابن وَهْب، وسمع القرينان: لا أحب الشراء من لحم جزور تلقي ابن رُشْد: كرهه لرعي القول أن البيع الفاسد يجب فسخه وإنه كلا بيع لا ينقل ملكًا والمبيع من بائعه إن تلف عند مبتاعه ببينة رواه أبوزيد عن ابن القاسم، أن البيع الفاسد يجب فسخه أن البيع الفاسد يجب فسخه ويقوم من سماع يحيي في كتاب الجعل فيكون المشتري على هذا كلحم شاة مغصوبة، والقياس إن الشراء من لحمها جائز على المشهور أنها تعرض على أهل الأسواق لفوات ذلك فيها بالذبح، وعلى القول أيضًا إنه فاسد للنهي عنه لفوته بالذبح فوجب مضيه بالثمن أو بالقيمة فإنما اشترى ما صح ملكه له ودخل في ضمانه، وعن عيسى بن دينار من ضحى بما اشتراه تلقيا عليه البدل في أيام النحر ولا يبيع لحم الأولى. ابن رُشْد: هو عندي استحسان لا واجب؛ لأنه ضحى بما في ضمانه وذكر ما مر في شراء لحم ما تلقي وقول أبي عمر. قال ابن خويز منداد: لا خيار فيه للبائع، وفيه حديث صحيح خرجه قاسم عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لاتلقوا الجلب فمن تلقى منها شيئًا فاشتراه فصاحبه بالخيار إذا أتى السوق مثل خيار البائع». ابن العربي: الصحيح عندي أنه حق للجالب ولأهل البلد معًا وربح التلقي. قال محمد: لا يطلب له، وفي سماع عيسى ابن القاسم أيتصدق به؟ قال ليس

باب في التسعير

بحرام ولو فعله احتياطًا فلا بأس به. [باب في التسعير] التسعير: تحديد حاكم السوق لبائع المأكول فيه قدرًا للمبيع بدرهم معلوم، فالجالب لا يسعر عليه. ابن رُشْد: اتفاقًا، قال: إن حط عن قدر السوق أمر بمساواته أو قيامه، وأهل السوق في تركهم لبيعهم باختيارهم ومنعهم، سماع عيسى ابن القاسم مع سماعه ونقله عن ابن حبيب مع سماع القرينين، وعليه قال: يجب على صاحب السوق الموكل لمصلحته أن يجعل لهم من الربح ما يشبه، ويمنعهم الزيادة عليه ويتفقدهم في ذلك ويلزمهم إياه كيف ما تقلب السعر بزيادة أو نقصان؛ فمن عصاه عاقبه بما يراه من الأدب أو بإخراجه من السوق إن اعتاد ذلك مستسرًا به، وأجمعوا أنه لا يقول لهم: لا تبيعوا إلا بكذا وكذا ربحتم أو خسرتم من غير أن ينظر إلى ما يشترون به ولا فيما اشتروه لا تبيعوه إلا بكذا وكذا مثل الثمن الذي اشتروه وإن ضرب لهم الربح على ما يشترون منعهم أن يلغوا السعر، وإن لم يزيدوا في الربح إذ قد يتساهلون فيه وإن علم ذلك منهم ضرب لهم الربح على ما يعلم من مبلغ السعر وقال: لا تبيعوا إلا بكذا وكذا ولا تشتروا إلا على هذا وهو معنى سماع أشهب ليس بأيديهم ما تعتلون به اشتروا على

ثلث رطل سعره عليكم من الضأن وعل نصف رطل نسعره عليكم من الإبل؛ لأن ذلك إنما يجوز له إذا علم أنهم يتساهلون في الشراء ويزيدون على القيمة. قُلتُ: ظاهر نقل ابن رُشْد القول بالتعسير إيجابه ولفظ ابن حبيب في النوادر ما نصه: لا يكون التسعير عند من أجازه إلا عن رضى ومن أكره الناس عليه فقط أخطأ، وهذا إذا كان الإمام عدلًا ورآه مصلحة فجمع وجوه أهل سوق ذلك الشيء، يسألهم كيف يبيعون وكيف يشترون وليس ما أجازوه من ذلك في القمح، والشعير وشبهه؛ لأن الجالب يبيعه ولا يترك التجار ليبيعوه على أيديهم إنما ذلك في مثل الزيت والسمن والعسل واللحم والبقل والفاكهة، وشبه ذلك ما عدا البز والقطن وشبهه، وعلى الأول سمع عيسى ابن القاسم: من حط السعر وأدخل على الناس فسادًا، أمر بسعر الناس أو الخروج من السوق، ولو باع واحد أربعة أرطال والناس يبيعون ثلاثة لم يقاموا الواحد والاثنان ولا خمسة، وإنما يقام الواحد والاثنان إذا حطوا عن حد سعر الناس فأدخلوا الفساد، وسمع ابن القاسم: ليس لجالب الطعام أن يبيع بسعر دون سعر الناس سَحنون يريد فيما هو في جودة سلعته، وليس عليه أن يبيع الجيد بسعر الردئ. ابن رُشْد: معنى بدون سعر الناس: في المثمون لا الثمن، وذكر بعض الناس تأويلًا على رواية ابن القاسم هذه وأمثالها، إن الواحد والاثنين من أهل السوق ليس أن يبيعوا بأرخص مما بيع أهل السوق؛ لأنه ضرر بهم وممن قاله عبد الوهاب بن محمد بن نصر البغدادي وهو غلط ظاهر إذ لا يلام أحد على المسامحة في البيع؛ بل يشكر عليها وقول سَحنون: يريد مما هو في جودة سلعته، مثله لابن حبيب قال: إنما المنع إذا تساوى الطعام أو تقارب، وإن اختلف فزاد صاحب الجيد على أصحاب الرديء إنما هو في الأندلس إذ ليس بين قمحها في الاختلاف مثل ما بإفريقيَّة ولا بمكة حيث يجتمع سمراء الشام والمحمولة قاله فضل، وهو صحيح فإن كان المرخصون الاثنين والثلاثة ونحو ذلك مما هو يسير لم يرد إليهم غيرهم مما هو كثير، فإن كانوا كثيرًا رد إليهم غيرهم، وإن كانوا أكثر منهم، وإن كان الكل قليلًا فالأقل تبع للأكثر إن كان الأكثر المرخصين وإلا ترك كل واحد على بيعه، وذكر الحكرة في المرابحة، إن شاء الله.

كتاب بيوع الآجال

[كتاب بيوع الآجال] بيوع الآجال، يطلق مضافًا ولقبًا الأول ما أجل العين وما أجل ثمنه غيرها سلم في سلمها الأول يجوز سلم الطعام في الفلوس العين أنه سلم بمجاز التغلب. في سلمها الأول: من أسلم ثوبًا في عشرة أرادب من حنطة إلى شهر عشرة دراهم لشهر آخر؛ فلا بأس به، ولو اختلف أجلهما وربما أطلق على ما أجل ثمنه غير العين أنه بيع كذلك في الغرر منها: لا بأس ببيع سلعة غائبة بعينها بسلعة إلى أجل أو بدنانير إلى أجل. [باب في شرط بيع الأجل] وشرطه كالنقد مع تعيين الأجل نصًا أو عرفًا فمجهول الأجل فاسد، ومعروفه

بالشخص واضح، وبالعرف كاف. في البيوع الفاسدة منها: لا بأس بالبيع إلى الحصاد والجداد أو العصير أو إلى رفع جرون بئر زرنوق؛ لأنه أجل معروف، وإن كان العطاء والنيروز والمهرجان، وفصح النصارى وصومهم، والميلاد وقتًا معروفًا جاز البيع إليه. عياض: جرون بئر زرنوق بضم الجيم والراء جمع جرين، وهو الأندر، والرواية فيه بزيادة واو والصواب بدونها جرن، وبئر زرنوق بفتح الزاي فسرها في الكتاب بأنها: بئر عليها زرع وحصاد، وفصح النصارى: بكسر الفاء وإهمال الصاد والحاء: فطرهم من صومهم. اللخمي: إنما يجوز إلى النيروز والمهرجان والفصح إن علما معًا حساب العجم وإن جهله أحدهما لم يجز. وفيها: خروج الحاج أجل معروف وهو أبين من الحصاد قلت: فإن اختلف الحصاد في الغلة ذلك العام، قال: إنما أراد مالك إذا حل أجل الحصاد، وعظمه، وإن لم يكن لهم حصاد في سنتهم تلك فقط بلغ الأجل محله، واختصرها البرادعي سؤالًا وجوابًا بالإيهام قوله: إذا حل أجل الحصاد وعظمه لاحتمال إراداته أجل الحصاد بالفعل في عام اختلافه أو في معتاد أعوامه لا في عام اختلافه لقوله: إن لم يكن لهم حصاد في سنتهم تلك فقد بلغ الأجل محله. اللخمي: وقدوم الحاج البيع إليه جائز، وإن لم يقدم لزم القضاء في وقت معتاد قدومه، وإن افترق القدوم لزم القضاء عند أوله إلا أن يكون القدوم الأول النفر اليسير

كالسابق فلا يراعى، وأول الشهر ووسطه وآخره أجل معلوم، وفي كون في شهر كذا معلومًا أو مجهولًا قول ابن لبابة مع ابن رُشْد عن بعض أهل عصره، وابن رُشْد مع ابن سهل محتجين برواية المبسوط أنه أجل معلوم هو وسط الشهر، وبقولها في الحصاد والجداد وسماع ابن القاسم في الديات. قُلتُ: هو فيمن صالح من دم عمد على أن يعطي في كل سنة كذا يعطيه في وسطها، وسمع ابن القاسم في السلم والآجال: من باع كرمه على أن ينتقد عشرين دينارًا، ثم يعطيه ثلث الثمن إذا قطف ثلثه ثم يعطيه البقية إذا قطف الثلثين لا خير فيه لا يعرف متى يقطف الثلث أو الثلثين، ولو شرط عليه إذا قطفه لم أر به بأسًا. كأنه جعله كالحصاد والجداد. ابن رُشْد: وجه تفرقته إنه إذا سمى الثلث أو الثلثين ولو شرط عليه إذا قطفه فقد صرح أنه أراد ثلث ذلك الكرم بعينه وثلثيه، وهو غرر إذ لا يعرف متى يقطف الثلث أو الثلثين، إذ قد يعجل أو يؤخر وإن لم يسم جزءًا منه؛ بل على أن يعطيه ثمنه إذا قطفه كان المعنى في ذلك عنده أنهم لم يقصدوا إلى قطاف ذلك الكرم بعينه، وإنما أراد أن يعطيه ثمنه إذا قطفه حين قطف الناس فجاز كالبيع للجداد والحصاد ولو بين أنه يعطيه ثمنه إذا قطفه بعينه عجله أو أخره ما جاز البيع، وذكر أصبغ: أن أشهب أجازه فيمن شرط إذا جد ثلثه دفع إليه ثلث الثمن، وإذا جد بقيته دفع إليه البقية، وقال مالك: النصف غير معروف، قيل: يعرف بعدة الفدادين، قال: لا أحب ذلك وليبعه إلى فراغه، فحمل أشهب أمرهما في الجد على معتاد الناس، وإليه نحى مالك، إلا أنه رأى النصف والثلث غير معروف إذ لا يعرف إلا بالخرص والتحري إذا تنازعا فيه فلم يجزه، وأجازه في الكل؛ لأنه معروف لا يخفى، وقال التونسي: إذا جاز إلى فراغه جاز إلى نصفه؛ لأن النصف مقدر معروف، وقول مالك: عندي أصح الشَّيخ: روى محمد: لا بأس ببيع أهل الأسواق على التقاضي وقد عرفوا قدر ذلك بينهم وفي الوكالات منها إن اختلفا في حلول الثمن وتأجيله، فإن كان للسلعة أمر معروف تباع عليه فالقول قول مدعيه، وبعيد الأجل جدًا ممنوع وغيره جائز في شراء الغائب منها يجوز شراء سلعة إلى عشر سنين أو عشرين.

وسمع أَصْبَغ جواب ابن القاسم عمن يبيع سلعته بثمن إلى ثلاثين سنة أو عشرين سنة قال: أما إلى ثلاثين فلا أدري، ولكن إلى عشرة وما أشبهه، وأكرهه إلى عشرين ولا أفسخه، ولو كان إلى سبعين لفسخته، أصبغ: لا بأس به ابتداء إلى عشرين، وقال لي: إن وقع به النكاح إلى ثلاثين لم أفسخه وكذا البيع عندي. قُلتُ: كذا وجدته في العتبيَّة إلى سبعين التي شطرها خمس وثلاثون، ولابن زرقون عن الباجي عن محمد عن ابن القاسم: إن كان إلى ستين فسخته. وفيها: بيع سلعة بثمن عين إلى أجل شرط قبضه ببلد لغو ولذا إن لم يذكر الأجل معه فسد البيع. عياض: اتفاقًا. اللخمي: إن قال أشتري بالعين لأقضي بموضع كذا؛ لأن لي به مالًا، وإنما معي ها هنا ما أتوصل به معي ما أقضي به هاهنا إلا داري أو ربعي ولا أحب بيعه لم يجبر على القضاء إلا بالموضع الذي سمى ويجوز البيع، وإن لم يضربا أجلًا كم باع على دنانير بأعيانها غائبة، وإن شرط البائع القبض ببلد معين لا حتياجه فيه لوجه كذا، فعجلها المشتري بغيره لم يلزم البائع قبولها لخوفه في وصولها إلى هناك، وقد اشترط شرطًا جائزًا فيوفي له به، والثاني: لقب لمتكرر بيع على عاقدي الأول ولو بعوض قبل اقتضائه.

ابن الحاجب: هو لقب لما يفسد بعض صورة لتطرق التهمة بأنهما قصدا إلى ظاهر جائز اليتوصلا به إلى باطن مموع حسمًا للذريعة فأبطل ابن عبد السلام طرده بصرف فضة رديئة من رجل بذهب، ثم يشتري منه بذهبه فضة طيبة أقل من الأولى في مجلس أو مجلسين قريبين ومثله في الأطعمة كثير وبصور منع الاقتضاء من الطعام طعامًا، وأجاب بما حاصله: إن مراده باللقب جمع المعنى الذي استعملت فيه الصيغة عرفًا، وإن لم يحصل المنع لتحصيل الفائدة بحسب الإمكان؛ لأن هذا إنما يسلك عند تعذر الحد والرسم، ألا ترى كيف أتى به مشتملًا على ما يجوز وما لا يجوز. قُلتُ: حاصله أن حمله على أنه لم يقصد به تعريفًا، وإنما قصد لبيان مسمى اللفظ عرفًا مع دخول غيره فيه، وهذا خارج عن القواعد العلمية إذ لم يحمله على تعريف ولا على إخبار يصدق، والإعلام بالحقائق منحصر في التعريف الاصطلاحي المشروط بالطرد والعكس، وفي التعريف الشامل لنوع من مسميات اللفظ فقط، وشرطه الصدق بعدم دخول ما ليس من مسمياته تحته، كقولنا في تعريف منون من الأسماء: كل ذي تنوين تمكين اسم، ولو قيل فيه: كل ذي تنوين اسم لم يصلح لدخول الفعل والحرف فيه، والأمر أجلى من أن يقرر، ومن أنصف علم أن ظاهر كلام ابن الحاجب قصد التعريف لا الإخبار بقضية كلية لا تنعكس كنفسها، وما ذكره من عدم طرده يرد بأن

ضمير منها عائد على بيوع الآجال وذلك مانع من نقضه بمسائل الصرف، والاقتضاء من ثمن الطعام طعامًا إذا كان البيع نقدًا، فإذا كان إلى أجل فالنقض فيه ممنوع؛ بل هو من صور المعرف حسبما ذكره ابن رُشْد وغيره في جملة صور بياعات الآجال. وكان بعض الإسكندرانيين أورد أسئلة على مواضع من كلام ابن عبد السلام وبعث بها إليه زمن قراءتي عليه فطلبني بالجواب عن الأسئلة فأجبت عنها فنظرها، وبعث بها مع جالبها إليه منها سؤاله عما يعود عليه ضمير منها قال ما حاصله: إما أن يعود على صور أو على بيوع الآجال لا يخلو عن أحدهما وكلاهما باطل، أما الأول فلأنه تحصيل الحاصل فكان حشوًا، وأما الثاني فلإيجابه الدور؛ لأنها المعرف، وفهم الضمير متوقف على فهم ما يعود عليه وهو المعرف فالتعريف متوقف على فهم المعرف، وكان جوابه منع لزوم الدور لجواز عوده على بيوع الآجال من حيث المعنى الإضافي لا اللقبي، فهو من باب عندي درهم ونصفه ومما أنشد عليه سيبويه: أري كل قوم قاربوا قيد فحلهم ... ونحن جلعنا قيده فهو سارب فإن قلت: شرط عود الضمير على اللفظ دون المعنى تماثل المعنيين كالدرهمين والفحلين، ولذا جعله بعضهم من باب حذف المضاف والضمير عائد على المذكور لفظًا ومعنى أي ونصف مثله. قُلتُ: إنما ذلك حيث لا يكون اللفظ في المعنى الذي يعود عليه الضمير أجلى منه في المعنى الذي استعمل فيه أولا كما في المثالين المذكورين، ولفظ بيوع الآجال في المعنى الإضافي أجلى منه في المعى اللقبلي، ويجاب أيضًا بأن فهم ما يعود عليه الضمير يكفي فيه مطلق الفهم بأمر صادق عليه أعم منه، والمستفاد من التعريف فهم حقيقته كالتصور الذي هو شرط في التصديق والتصور المستفاد من التعريف، فلا دور وعلة ممنوعه الذريعة وهي: ظهور جواز يقصد به فاسد لا نادرًا أقوى دليل اعتبارها، نقل الباجي الإجماع على منع بيع وسلف مع جوازهما منفردين ولا علة غيرها، وأثرها، وأثر عائشة قالت: لها محبة أم ولد لزيد بن أرقم: بعت من زيد عبدًا إلى العطاء بثمان مائة فاحتاج إلى ثمنه فاشتريته منه قبل محل الأجل بستمائة، فقالت: بئس ما شريت وبئس ما اشتريت

أبلغي زيدًا أنه قد أبطل جهاده مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إن لم يتب قالت: فقلت: أرأيت إن تركت وأخذت الستمائة؟ قالت: نعم (فمن جاءه موعظة من ربه فانتهى فله ما ساف) [البقرة:7]. أبو عمر رواه أبو إسحاق السبيعي عن امرأة أم يونس واسمها الغالية أنها سمعت عائشة ولا يحتج به عند أهل العلم بالحديث، وهؤلاء النساء غير معروفات بحمل العلم. قال ابن عبد السلام: هذه أحسن طرق استدلالهم وهي ضعيفة؛ لأنها بناء على أن الأحكام لا تتبع الذوات ولا دليل عليه وإن قام عليه دليل فهو منقوض بالتعبدات، ولو سلم فما المانع من كون المنع في الصورة المذكورة لتضمنها سلفًا جر نفعًا حقيقة لا احتمالا، فلا يكون المنع للذريعة وذلك؛ لأن البائع قد يغتبط بالسلف والمشتري قد يغتبط بالسلعة يشتريها بأضعاف ثمنها فكيف إذا رضي البائع منه بالسلف، ويحققه أن القائل بأن منعه للذريعة يحكم في فوت السلعة فيه بالأقل من الثمن أو القيمة أو بأكثرهما ومن يجعله سلفًا جر منفعة، وهو ابن عبد الحَكم وغيره يقول فيه بالقيمة مطلقًا، وبالجملة اتفاق عالمين على حكم صورة معينة لا يوجب اتفاقهما على مدركه وقد علمت أن البيع والسلف ممنوع بالإجماع، والحديث الصحيح، فكيف يقال علماء المسلمين مع أن فيهم من ينكر القياس وأكثرهم لا يقول بسد الزرائع ولا سيما في البيع تركوا الإجماع والحديث الصحيح واعتبروا أسباب سد الذرائع، ثم إنا إذا سلمناه فإنما يثبت الحكم في بياعات الآجال بالقياس على منع البيع والسلف، وقد علمت أن المنع فيه إنما نشأ عن اشتراط السلف نصًا، وبياعات الآجال لا نص فيها باشتراط أن البائع يشتري السلعة التي باع، وإنما هو أمر يتهمان عليه ويستند في تلك التهمة إلى العادة والاستدلال بالعادة أضعف من الاستدلال بالتنصيص بكثير، وهب أن تلك العادة وجدت في قوم في المائة الثالثة بالمدينة أو بالحجاز فلو قلتم: إنها وجدت بالعراق، والمغرب في المائة السابعة، وقد علم أن العادة إنما تجري بوقوع أحد الممكنين

دون الآخر، وهؤلاء يجعلونه قانونًا عقليًا مطردا كالقواعد العقلية إلى آخر كلامه، كله راجع إلى ما تقدم. قُلتُ: وقوله: وهي ضعيفة، إلى قوله: التعبدات حاصله أن التمسك بمنع البيع والسلف إنما هو بناء على عدم تعلق حكم المنع بالذوات، ولا دليل عليه، يرد بأنه إن أراد بقوله: على عدم تعليق الحكم بالذوات أنه بناء عليه ولو لم يقم دليل على كون الحكم معللًا، فواضح بطلانه؛ لأن الدليل المذكور إنما هو بناء على أنه معلل حسبما نص عليه المازري وابن شاس، وغيرهما، وإليه أشار ابن الحاجب بقوله: ولا معنى سواه وإن أراد أنه بناء عليه مع قيام الدليل على كون الحكم معللًا، فقوله: لا دليل عليه ةهم لا يليق به ولا بمن تصور أدنى كلام في القياس في أصول الفقه وقوله: وإن قام عليه دليل فهو منقوض بالتعبدات، قوله: إن قام الدليل على عدم تعلق الحكم بالذوات فهو منقوض بالتعبدات وهم واضح؛ لأن الدليل القائم على ذلك إنما هو عند قيام الدليل على كون الحكم معللًا وبالضرورة أن التعبدات لا يصح النقض بها على الأحكام المعللة، وكلامه إنما يتصور على قول بعض الفقهاء: إن التعبدات هي الأحكام التي لا علة لها بحال، وهو ظاهر كلام ابن رُشْد في كتاب الصيام لا على قول أكثر الأصوليين: إنها الأحكام التي لم يقم على إدراك علتها دليل لا التي لا علة لها في نفس الأمر؛ بل كل حكم له علة في نفس الأمر ارتبط بها شرعًا تفضلًا لا عقلًا ولا وجوبًا قوله: لو سلم، إلى قوله: بالسلف يرد بأنه إن أراد بقوله حقيقة نصًا أو علمًا فلا خفاء في بطلانه، وليس كذلك، وإن أراد به ظنًا رد بالقول بموجبه؛ لأن المنع في صور بيوع الآجال إنما هو عند ظن حصول الوصف الموجب للمنع قوله: ويحققه إلى قوله: مطلقًا يرد بأن قوله: القول بالأكثر من القيمة أو الثمن والأقل منهما بناء على فساده بالذريعة، والقول بالقيمة مطلقًا بناء على أنه سلف جر نفعًا دعوى لا دليل عليها ولا مناسبة لها تنتج التفرقة المذكورة إذ لا مناسبة بين كون الفساد للذريعة والحكم بالأقل من القيمة أو الثمن وإنما القولان بناء على إلزام أحدهما ما التزمه في العقد من رضاه، بما هو أقل من القيمة أو بما هو أكثر منها لقاعدة أن من التزم شيئًا فقد لزمه، وعدم التزامه؛ لأنه إما التزمه في عقد بطل لفساده فيبطل بطلان محله، ولذا اختلفوا لو غاب على السلف

حسبما مر في البيع والسلف. قوله: وبالجملة اتفاق عالمين على حكم صورة معينة إلى قوله: على مدركه يرد بوضوح العلم بأن الاستدلال بالإجماع على منع البيع مع السلف غيرمتوقف على الاتفاق على مدركه، وما ادعاه فيه أحد من شُيُوخ المذهب، ولا ألم به على تعليله، بمظنة التهمة على ما لا يجوز بالمناسبة الواضحة مع نفي ما سوى ما ادعى عليته، وإليه أشار ابن الحاجب بقوله: ولا معنى سواه قوله: وقد علمت أن البيع والسلف إلى قوله الذرائع. قُلتُ: حاصله: أن القول بدلالة منع البيع مع السلف على اعتبار الرائع في الأحكام الشرعية ملزوم لترك الإجماع والحديث الصحيح الدالين على المنع المذكور، وهذا وهمٌ شنيعٌ؛ لأنه يلزم منه أن كل قائل بحكم نص أو إجماع أبدا لذلك الحكم علة بأحد طرقها المعروفة أنه تارك للأخذ بذلك الإجماع والنص، وكيف يفهم قائل هذا اختلاف الشافعي مع غيره من الأصوليين في كون حكم الأصل ثابتًا بالعلة أو النص. قوله: ثم إنا إذا سلمنا ذلك إلى قوله: يتهمان عليه حاصله أن علة منع البيع مع السلف انضمام السلف إليه بالشرط، فقياس بيوع الآجال عليه لا يتم للفرق بأن الانضمام في البيع والسلف اشترط نصًا وانضمام البيعة الثانية في بيوع الآجال الذي ادعى أنه علة ليس مشترطًا نصًا ويرد بوجوه: الأول: إن المدعى عليته في الأصل والفرع متحد في حصوله بمجرد الفعل دون شرط، وبيانه: إن قصد الانتفاع بالسلف غير قصد، جر السلف نفعًا، والشرط إنما هو متعلق دائمًا أو في الأكثر بالأول؛ لأنه إنما يصدر من آخذ السلف لا من معطيه، وهذا ليس علة في المنع. والثاني: إنما حصوله دائمًا أو في الأكثر بمجرد الفعل؛ لأنه الصادر من معطي السلف وهو غير مشترط؛ بل مشترط عليه، والشروط إنما يشترطها من هي له لا من هى عليه، وهذا هو علة المنع، وهو السلف من حيث كونه يجر النفع لغيره لا من حيث كونه منتفعًا به فقد اتحدت علة المنع في الأصل والفرع في عدم الاشتراط والحصول

بمجرد الفعل الثاني سلمنا امتياز صورة الأصل بالنص على شرط الانضمام؛ لكن يجب إلغاؤه بالتنقيح، كما في قوله صلى الله عليه وسلم: لا يقضي القاضي حين يقضي وهو غضبان، فكما ألغوا وصف خصوصيته الغضب واعتبروا مجرد التشويش كذا يلغي وصف خصوصيَّة الشرط ويعتبر مجرد التهمة على ما لا يجوز الثالث منع كون مراد أهل المذهب بالدليل. المذكور استنتاج الحكم بالفساد في صور بيوع الآجال بالقياس على منع البيع مع السلف؛ بل مرادهم استنتاج الحكم بسببية وصف الذريعة في مطلق الحكم كقياس المطلق في المرض على قاتل مورثه عمدًا المستنتج به سببيه فعل ما لا يجوز في معاملة فاعله بنقيض مقصوده لا بثبوت الإرث أو نفيه لتناقضهما فيه، وإذا ثبت هذا فشرط السلف إنما هو جزء من محل الحكم بالسببية والمحل، أو جزؤه لا يصح كونه جزءًا من محله، فامتنع الفرق به، قوله: ويستند في تلك التهمة للعادة إلى آخر كلامه حاصله زعمه أن اعتبار التهمة عندهم إنما هو مستند للعادة، وإنما هو مستند إليه لا يطرد في عموم الأمكنة والأزمنة، وما ذكره من عدم اطراد العادة صحيح، وما ذكره من الاستناد إليها وهم وإنما استندوا في اعتبارها بمناسبة وصف الذريعة للحكم بالمنع فحكموا لها بالعلية بحكم المنع أو بحكم السببية عملًا بالمناسبة مع السلامة من المزاحم حسبما مر. قوله: يجعلونه قانونًا عقليًا إلى آخره لا أعلم من جعله عقليًا بحال، إلا أن يكون أطلق عقليًا مجازًا وهو إيهام غير محتاج إليه فتأمله بمقتضى قول الحق. فإن قلت: قد وقع في كلام ابن بشير التصريح باعتبار العادة منه قوله: إن ظهر ما تختلف العوائد في القصد إليه كدفع أكثر في أقل مما فيه الضمان ففيه قولان وصرح اللخمي بجرح بجري بعض الأقوال على العادة. قُلتُ: إنما وقع لهم ذلك في تحقيق اندراج بعض الصور تحت دليل المنع وعدمه، لا في تقرير دليل المنع الكلي الذي زعم المعترض أنه مبني عليه، ولهم في تقرير اعتبار

موجب الفساد طريقان إجمالي وتفصيلي. أما الأول: فقال ابن بشير وابن شاس، ما حاصله: إن كثر قصده كبيع وسلف جر منفعة اعتبر اتفاقًا، وإن قل كدفع كثير من نوع العين في قليل من نوع الآخر فالمشهور لغوه وإن توسط كدفع أكثر في أقل من مضمونين فقولان مشهوران وقول ابن الحاجب ولو اعتبر البعيد لمنع بالمثل وبأكثر نقدا والتزمه بعضهم وهم تبع فيه ابن بشير وقبله ابن هارون وذكره ابن شاس على الصواب حسبما نذكر لا بن محرز، والتفصيلي يأتي والتهمة في بيعتي النقد لغو، إن لم يكن أحد عاقديهما من أهل العينة ومعتبرة إن كان من أهلها اتفاقًا فيهما لظاهر نقل المازري وعياض وغيرهما، وإلا فقال أصبغ: معتبرة. اللخمي: يريد ما لم يكن الآخر من أهل الدين والفضل، وتبعه المازري، ونقل ابن محرز قول أَصْبَغ كأنه المذهب غير معزوله، ولم يقيده بشيء. وقوله: إن لم يكن أحدهما من أهل العينة لم يتهما في بيعتي النقد على حال في المذهب الأظهر يشعر بالخلاف، وفي بيعتي الأجل معتبرة اتفاقًا ولو لم يكن أحدهما من أهل العينة، وإن كانت الأولى نقدًا والثانية لأجل فقال المازري: في المذهب في ذلك خلاف. اللخمي: روى محمد حملها على بيع الأجل، وقال ابن القاسم، وأشهب: لا بأس أن يبتاعها البائع بأكثر إلى أجل قبل أن ينتقد أو بعد. ابن بشير: المشهور لا يتهم فيهما إلا أهل العينة، والشاذ اتهام عموم الناس، وإن كانت الأ لى إلى أجل فككونهما إليه ولهم في تقرير الممنوع طريقان إجماللاي وتفصيلي: الأول: قال المازري وغيره: ضابطه إلغاء المبيع ثوبًا كان أو غيره برجوعه لبائعه واعتبار ما خرج من اليد ولم يعد وما أخذ منه فإن صح صحتا وإلا فلا، وقولهما: ثوبًا كان أو غيره، إن أرادا أو غيره من ذوات القيم فواضح وبه عبر ابن الحاجب، وإن أرادا مطلقًا لم يتم. وأما التفصيلي: فلهم فيه عبارات أقربها عبارة ابن رُشْد قال: صور المبيع المعروف بعينه لأجل بثمن من جنس ثمنه سبع وعشرون؛ لأنه إما لما دون الأجل أو إليه أو إلى أبعد منه بمثل الثمن أو أقل أو أكثر، هذه تسع وضعفها في شراء بعضه، وكله مع غيره فتسع ما إلى الأجل جائزة لوجوب المقاصة.

قُلتُ: نص غير واحد شرط عدمها يفسدها، قال: وما قبله أربع صور شراؤها أو شراء بعضها بمثل الثمن أو أكثر جائزة لا صورتاهما بأقل وإلى أبعد أربع صورًا شراؤها أو مع غيرها بمثل الثمن أو أقل جائزة، وصورتا شرائها بأكثر، وثلاث شراء بعضها لا يجوز، والغيبة على المبيع لغو، وقال ابن محرز في صورتي شرائها بمثل الثمن أو أقل بعد انتفاع مبتاعها بها، القياس منعهما لسلف المبتاع مع تقدم انتفاعه بالسلعة في الأولى، وسلفه مع شرائه ما انتفع به ببقية الثمن في الثانية، وأجاب بأنما المعتبر عندهم الحاصل بعد البيعة الثانية، وما قبله لغو، قال: زنقل أبي الفرج عن ابن الماجِشُون: لا يجوز شراؤها بمثل أو أكثر إلى أبعد من الأجل لا وجه له إلا اعتبار انتفاع المبتاع بالمبيع. المازري: لم أجده لأبي الفرج في الحاوي. وقول ابن الحاجب: ويشكل منها بأكثر إلى أبعد وهمٌ لوضوحها نقلًا ووجها. عبد الحق عن بعض شُيُوخه: لو اشتراها بأقل إلى أبعد فتراضيا على تعجيل الثمن فبل أجله أو بأكثر نقدًا أو إلى دون الأجل فتراضيا على تأخيره إلى أبعد لم يفسخ لعقدهما أولًا على الصحة كمنع شرط النقد في الخيار والمواضعة وصحة الطوع به بعد العقد، ورده عبد الحق ببناء بيوع الآجال على التهمة وذكر المازري المسألة، وقال: اضطراب فيها الأشياخ. قال ابن عبد السلام: ينبغي أن ينظر لقرب زمن التعجيل من يوم الشراء وبعده منه فيمنع في الأول لا الثاني. قُلتُ: تحقيق العبارة أن ينظر إلى بعد التعجيل عن الأجل فيمنع وإلى قربه منه فلا يمنع إذ قد يبعد عن زمن الشراء مع بعده عن الأجل فمنع، ولعل مرادهم؛ لأن المنع في الأصل إنما هو للتهمة. عبد الحق عن بعض شُيُوخه عن الدمياطي عن ابن القاسم: لو مات مبتاعها إلى أجل قبله جاز للبائع شراؤها من وارثه، لحلول الأجل بموته، ولو مات البائع لم يجز لوارثه إلا ما جاز له من شرائها. ولو أفات السلعة بائعها ببيع أو عطية أو استهلاك غرم لمبتاعها الأكثر من ثمنها

أو قيمتها في فوتها بالبيع، وقيمتها في غيره فإن كان ليس أقل من ثمنها الأول غرمه لبائعها، وإلا ففي غرمه إياه، أو ما قبض لفوتها، ثالثها إن فاتت بغير بيع أو به، والمشتري الأول من أهل الدين والفضل، ورابعها: الأول ما لم يكن أحدهما من أهل العينة فيفسخ البيع اللخمي عن المجموعة وسماع يحيى ابن القاسم واختياره، ونقله عن أصبغ، وقول ابن الحاجب، ولو أفات البائع السلعة بما يوجب القيمة فكانت أقل فقولان مجمل: لشيوع احتمالهما في الأربعة دون مرجح، والأظهر أنه أراد ثاني الأربعة وغير باقيها وهو تأخير قبض المبتاع ما وجب بالإتلاف إلى حلول أجل الثمن لتوقف فهم تالي كلامه عليه وهو قوله: فإن التهمة فيها أبعد لو كانت الأولى نقدًا؛ لأن مراده به والله أعلم توجيه القول بعدم تعجيل الغرم بالقياس الأحروي على القول بالمنع فيمن باع ثوبًا بدينار نقدًا ثم اشتراه بدينارين إلى أجل لاشتراكهما في دفع قليل من كثير، وبيان الأحروية أن التهمة في الفرع أقوى منها في الأصل وهذا؛ لأن أصل معاملتهما في الفرع إنما كان يبيع لأجل والبيع إلى أجل يتهم فيه أهل العينة وغيرهم وهو معنى مناسب للمنع وهو مفقود في الأصل؛ لأن الأصل معاملتهما إنما كان يبيع نقدًا، وقوله: وفرق بقوة تهمة دين بدين توجيه للقول بالتعجيل، وبيانه أنه لا يلزم من عدم التعجيل في الأصل عدمه في الفرع؛ لأن عدمه في الأصل لا يستلزم المفسدة الناشئة عن ذمة بذمة إنما يستلزم منع البيعة الثانية وعدمه في الفرع يستلزمها ضرورة بقاء ذمة البائع المتلف للمبيع عامرة بقيمته لمبتاعه للأجل مع عمارة ذمته للبائع بالثمن، فإن قيل: هذه المفسدة معارضة بمفسدة دفع قليل في كثير إن عجل الغرم، أجيب بأن تهمة الدين بالدين أقوى من تهمة دفع قليل في كثير، ولذا عبر المؤلف بقوة تهمة دين بدين لا بتهمة دين بدين، وقوله: ولذا فسد في تساوي الأجلين إذا شرطا عدم المقاصة هو بيان الدين بالدين على تهمة دفع قليل في كثير، وصح في أكثر إلى أبعد إذا شرطا المقاصة هو بيان لقوة تهمة الدين بالدين على تهمة دفع قليل في كثير، وبيانه مع أنه من المضايق أن نقول: شرط عدم المقاصة يوجب الفساد في ابتياعها بأكثر إلى أبعد من الأجل، وهو مقارن لعلة دفع قليل في كثير، ولعلة عمارة ذمة بذمة، وهذا الوصف الموجب الفساد والمقارن للعلتين المذكورتين مقارنة إحداهما له وهي عمارة ذمة بذمة ألزم من الأخرى؛ لأنه لو عرض

لهذا الوصف وهو شرط عدم المقاصة كون الثمن الثاني ليس أكثر من الأول انتفى عنه علة دفع قليل في كثير، وبقي علة عمارة الذمتين، فعمارة الذمتين ألزم لموجب الفساد الذي هو شرط عدم المقاصة من دفع قليل في كثير له، فالوصف الملازم أقوى من المفارق ضرورة، وتهمة الأقوى معه أقوى من تهمة غير الأقوى معه ضرورة أن المتفاوتين إذا زيد على أحدهما ما هو مساو لما زيد على الآخر لم يزالا متفاوتين وجعل ابن عبد السلام أحد نقلي ابن الحاجب عدم التعجيل حسن ولا يخفى على منصف تقريره كلام ابن الحاجب بقوله، قوله: فإن التهمة فيها أبعد، لو كانت الأولى نقدًا هذا توجبه للقول بمنع المسألة السابقة على ضعفه؛ لأن البيعة الأولى من البيعتين إن كانت مؤجلة اتهم فيها كل أحد وإن كانت نقدًا فالمشهور لا يتهم فيها إلا أهل العينة فكأنه يقول التهمة الضعيفة التهمة في مسألة إفاتة البائع السلعة أقوى منها إذا كانت الأولى نقدًا فإذا روعيت التهمة فأحرى القوية. قُلتُ: فجعل المستنتج بهذا الكلام منع مسألة الإتلاف بالقياس الأحروي على منع مسألة البيعتين أولاهما نقدًا، ولم يتقدم له في مسألة الإتلاف قول بمنع المسألة بحال، إنما فسر نقلي المؤلف بتمكين المشتري قبض الأقل وعدمه، ويبعد أن يريد بمنع المسألة منع التعجيل ليس العبارة عنه بلفظ منع التعجيل، ثم قال: قوله: ولذا فسد في تساوي الأجلين إذا شرطا إلى آخرة، يعني لمراعاة قوة التهمة وضعفها منع ما أصله الجواز وهو إذا تساوى أجل البيعتين وشرطا عدم المقاصة وأجيز ما أصله المنع، وهو ما إذا كانت البيعة الثانية بأكثر إلى أبعد من الأجل إذا شرطا المقاصة لما أدى إليه في الأولى من الدين، وفي الثانية إلى السلامة من دفع قليل في كثير، ولقائل أن يقول قوة التهمة وضعفها في هاتين الصورتين إنما نشأ عن الشرط، والصورتان المتقدمتان ليس فيهما شرط فلا يصح احتجاجه. انتهى. قُلتُ: حاصله بيانه قوة التهمة بصورة المنع، وبيان ضعف التهمة بصورة الجواز، وبيانه الثاني بالثانية لا يصح؛ لأن ضعف التهمة إنما يصدق حيث يكون هناك شيء يتهم عليه، والصورة الثانية ليس فيها ما يمكن أن يتهما عليه بحال. فإن قلت: فيها ما يمكن أن يتهما عليه، وهو قصدهما عمارة ذمتهما بما لكل منهما

على الآخر إلى أجل. قُلتُ: إن اعتبر هذا أنتج الخلف، وبيانه أن صورة الجواز على هذا التقدير ملزومة لإبقاء التهمة على الدين بالدين، وصورة المنع عنده ملزمة لاعتبارها عملًا بقوله لما أدى إليه في الأولى من الدين بالدين فتكون التهمة على الدين بالدين معتبرة لا معتبرة أو قوية لا قوية، وهذا خلف والتهمة على مبادلة لا تجوز بتقديم الأردأ معتبرة فما باعه بمائة دينار قائمة لشهر لا يجوز أن يشتريه بمائة مثاقيل نقدًا، وما اشتراه بمائة محمدية لشهر لا يجوز بمائة يزيديه نقدًا، وفي منع شرائه إياها للأجل قولان لنص ابن القاسم، وتخريج اللخمي من إجازة ابن القاسم وعبد الملك شراء ما باعه بمائة قائمة لشهر بمائة مثاقيل للشهر، وفيها: ما باعه بمائة محمدية لشهر لا يجوز بمائة يزيدية نقدًا. المازري: في كون علته اشتغال الذمتين بسكتين مختلفتين أو لأن اليزيدية دون المحمدية طريقان للأشياخ وعليهما منع عكس المسألة، وجوازها. قُلتُ: عزا ابن محرز الأولى لأكثر الأشياخ والثانية لبعضهم، ولما جعل اللخمي ما تقدم من التهمة على المبادلة قال: وأما المراطلة فلابن القاسم وعبد الملك إن باعها بعشرة عتق إلى شهر ثم اشتراها بعشرة هاشمية نقدًا هي بزيادة عددها مثل العتق أو أكثر فلا بأس وإلا فلا خير فيه، ولو نقصت العتق خروبة خروبة والهاشمية رديئة وازنة، فإن كان في زيادة وزنها ما يحمل وجوه العتق فأكثر جاز وإلا فلا، وهذا خلاف منع ابن القاسم المحمدية باليزيدية، والمنع في المراطلة أقوى؛ لأنها مبايعة، المبادلة تفضل من صاحب المحمدية، وجواز الجميع أحسن؛ لأن التهمة في بيوع الآجال أن يقدم قليلًا في كثير، وفي لغو التهمة على صرف مؤخر، ثالثها إن بان فضل المعجل على المؤخر كشراء ما بيع بأربعين درهمًا لشهر بعشرين دينارًا نقدًا، لتخريج اللخمي على قول ابن القاسم مع عبد الملك ونقله عن أشهب وابن القاسم فيها، ونقل التونسي والمازري كاللخمي، وجعل ابن بشير الأول نصًا ولم يعزه. وفيها: ما بيع بأربعين درهمًا لشهر جائز شراؤه بثلاثة دنانير نقدًا، والثمنان طعامًا كالعين. وفي جواز شراء ما باعه بقفيز حنطة بقفيزين مثله كالعين، ومنعه لضمان غير العين

نقل عبد الحق، وقوله: قائلًا؛ فيها تنازع ما علمت فيها رواية ولم يحك ابن محرز غيره وعزاهما المازري للمتأخرين، وجعل ابن شاس شراءها بأقل لأبعد مثلها في الخلاف قائلًا: إن اختلفا بالجودة أو النوع فكالعين، وفي جواز شراء ما بيع بثوبين لشهر بثلاثة من صنفهما نقدًا أو بثبوت لأبعد من شهر نقلا المازري عن المتأخرين على لغو الضمان واعتباره. ابن شاس: إن كان الثمنان عروضًا من جنسين جازت الصور التسع إذ لا ربا في العروض، وإن كانا من جنس واحد، فاثنتان من الصور التسع ممنوعتان اتفاقا، وجازت خمس كذلك، واختلف في اثنتين كما مر في الطعام للضمان. قُلتُ: وقول عبد الحق: (لا أعرف فيها رواية) نظر لسماع عيسى ابن القاسم: من ابتاع ثوبين بسلعة موصوفة لأجل ثم باعها من صاحبها بثوب من صنف ثوبيه لا بأس به كشراء سلعة بدينارين نقدًا ممن ابتاعها منه بدينار لأجل. ابن رُشْد: إذ لا يتهم أحد في دفع ثوبين في ثوب من صنفه، وقول ابن شاس: إن كان الثمنان عروضًا من جنسين جازت الصور التسع تبع فيه ابن بشير وتبعهما ابن الحاجب. وهو وهم لنص سلمها الثالث، إن بعت ثوبًا بمائة درهم لشهر جاز أن تشتريه بعرض أو طعام نقدًا، ولو كان ثمن العرض أقل من المائة ولا يجوز بعرض مؤجل ولو كان لدون أجل المائة لأنه دين بدين. ابن رُشْد: إن كان المبيع مثليًا ففي شرائه أو بعضه أو أكثر منه بغير مؤخر لأجله بمثل ثمنه أو أقل أو أكثر ثمان عشرة مسطح، الثلاثة الأول والثانية في حالتي الغيبة على المبيع وعدمه وكذا للأجل ما اشتري فيها بأكثر أو بأقل دون مقاصة فيهما أو بها مع الغيبة كذلك ممنوع صوره خمس عشرة، وصورة شراء الأقل بعد الغيبة بمثل الثمن مقاصة في كراهتها أحد قولي مالك، وثانيهما مع ابن الماجِشُون لاعتبار التهمة على بيع عشرة أرادب بخمسة لأجل وإلغائها. المازري: واضطرب المتأخرون في هذه المسألة أشار بعضهم لمنعها لمفهوم قولها: لا بأس أن يشتري بمثل الثمن فأكثر مثل مكيلة ما باع أولا، وقال الأكثر: مفهومها لغو فاحتج الآخرون بقول سلمها: لا يجوز اقتضاء مثل بعض طعام عن ثمنه لمآله لبيع

قفيز بنصفه، ومثله شراء الأقل بمثل الثمن، فأجاب الأكثر بأن الاقتضاء ملزوم لبراءة ذمة المشتري فلزم كون المقتضي ثمن الأول فجاء بيع طعام بأقل منه، ومثله شراء الأقل ثمن الأول، فيها باق، وبقاؤه يمنع لزوم كون الأقل ثمنه. قُلتُ: هذا منتزع من جواب للشيخ عن تعقب لمحمد على ابن القاسم. قال ابن رُشْد: وباقيها جائز علة ممنوعها التهمة على سلف بزيادة أو بيع وسلف أو عين وعرض في عين لأجل كعشرة أرادب بعشرة دراهم لأجل يبتاع منها بعد غيبتها خمسة بخمسة نقدًا. عبد الحق عن بعض شُيُوخه: لو باعه بثمن لأجل ثم اشترى مثله صفة وقدرًا بعرض نقدًا لم يجز؛ لأن ما أخذ من طعام كسلف اقتضي، والعرض مبيع بالثمن المؤجل فهو بيع وسلف. الصقلي: الأظهر جوازه إذ لا تهمة فيه. ابن رُشْد: في شرائه كذلك لأبعد من أجله ثماني عشرة صورة ممنوعها اتفاقًا ثلاث عشرة هي كون المشترى أقل من المبيع بمثل ثمنه أو أقل وكونه بحالاته الثلاث بأكثر من ثمنه بعد الغيبة وقبلها في الخمسة وكونه أكثر بمثل ثمنه أو أقل وكونه كقدر المبيع بأقل من ثمنه بعد الغيبة في الثلاثة، وفي قدره بمثل ثمنه بعد الغيبة قولا ابن الماجِشُون وابن القاسم بناء على اعتبار أسلفني وأسلفك وإلغائه، وباقيها جائز، علة ممنوعها التهمة على بيع بزيادة، أو البيع والسلف. قُلتُ: وبهذا يتبين فساد إطلاق. ابن الحاجب: قوله: إن كانت السلعة طعامًا أو مما يكال أو ما يوزن فمثلها صفة ومقدارًا كعينها دون تقييده بعدم الغيبة عليه، وكذلك قوله: فإن اختلفا في المقدار، فاجعل الزيادة والنقص في المردود مثلها في الثمن ولكن على العكس فإن كان الراجع أقل فكسلعتين، ثم اشتريت أحدهما فإن كان أكثر فكسلعة ثم اشتريت مع أخرى وسيأتيان. اللخمي ومن بعده: الاختلاف بالجودة والرداءة كالكثرة والقلة، وغير صنفه من جنسه كالشعير أو السلت مع القمح أو المحمولة مع السمراء.

باب ما يمنع فيه اقتضاء الطعام من ثمن المبيع وما يجوز

قال عبد الحق عن بعض شُيُوخ القرويين: كمخالف جنسه لا تهمة فيه وحكاه اللخمي بلفظ: قيل: وفي سلمها الأول: لا يجوز لمن باع طعامًا أن يقبض في ثمنه طعامًا من صنفه أو غير صنفه إلا أن يأخذ منه بعد الأجل مثل ما باعه صفة وكيلًا، إن محمولة فمحمولة وإن سمراء فسمراء فيجوز وهي إقالة هذا لفظ أبي سعيد والصقلي بزيادة بعد الأجل، ومقتضاه منعه قبل الأجل ولا وجه له وليس لفظ بعد الأجل ثابتًا في الأم بحال، ولفظها: وإن افترضته محمولة جاز أخذك مثل كيلها سمراء بعد الأجل ولا خير فيه قبله وإن كنت إنما بعته طعامًا بثمن إلى أجل فلا بأس أن يأخذ منه بالثمن طعامًا مثله في صفته وكيله إن محمولة وإن سمراء فسمراء ونحوه في آخر سلمها الثاني. قُلتُ: والفرق بين الطعام القرض وثمن الطعام أن بيع الطعام بطعام لأجل ممنوع، وهو لازم أخذه في القرض قبل حلول أجله وبثمن لأجل جائز وهو لازم أخذه في بيع الطعام. [باب ما يمنع فيه اقتضاء الطعام من ثمن المبيع وما يجوز] وضابطه جعل المقتضى ثمنًا للمبيع ... ، ولذا امتنع أخذه عن كراء أرض بعين وعليع سماع عيسى رواية ابن القاسم لمنع باع طعامًا بثمن نقدًا أو لأجل أن يأخذ فيه زيتًا قبل أن يفترقا، فإن تفرقا فلا خير فيه نقدًا كان الثمن أو لأجل، وقول سلمها الثالث: إن بعت حب قضب أو غيره لأجل فلا أحب أن تقبض في ثمنه شيئًا مما ينبت ذلك الحب إذا تأخر لأجل ينبت من ذلك الحب قضب، وإن كان نقدًا أو لأمد لا ينبت

من الحب قضبًا جاز، وقولها في أكرية الدور: ومن أكرى أرضه بدنانير مؤجلة فحلت فلا يأخذ بها طعامًا ولا إدامًا وليأخذ ما يجوز أن يبتدي به كراءها. قُلتُ: وكذا اللحم عن ثمنه الحيوان وعكسه. الباجي: إن أخذ أقل من الأول في كيله وهو مثله في نوعه وصفته فاختلف فيه قول مالك في الموَّازيَّة أجازه فيها مرة، وبه قال أشهب وأباه مرة وهو الذي في المدَوَّنة الصقلي عن ابن القاسم: لا يعجبني أن يأخذ إلا مثل كيل حنطته وصفتها بمثل الثمن أو أكثر منه، ولا يجوز بأقل؛ لأنه سلف جر نفعًا، وقال في العتبية: استثقل مالك أن يأخذ أكثر من مكيلته وهو سهل، ولو قاله قائل: لم أره خطأ، وأجازه أشهب ولم يذكر اللخمي في منع أخذ أكثر من الأول خلافًا، ولما ذكر ابن محرز منع ابن القاسم أخذ أقل من الأول قال: وخالفه فيه أشهب وقال: لا تهمة فيه، كما لو أقاله من عروض السلم على أقل من رأس المال وهو ذهب، فكما لم يكن ذهبًا بذهب؛ لأنتفاء التهمة فكذا في الطعام، واتفقا في العروض إذا كانت رأس المال؛ لأنه يجوز أن يأخذ عنها أقل منها، ووجه قول ابن القاسم الفرق بين الذهب والطعام أن الذهب لا ضمان فيه وإن كان فيه الربا، والطعام فيه الضمان والربا، وأجازه في العروض وإن كان فيها الضمان؛ لأنه لا ربا فيها وخالف ابن القاسم أصله في الموَّازيَّة فأجاز أن يأخذ من ثمن طعامه من جنسه مثل كيله أدنى منه، ويحتمل أن يفرق بأن بيع مائة بخمسين لا يجوز، وبيع مائة بمائة أدنى جائز. قُلتُ: فقول ابن الحاجب: وجاء في بيع أقل منه بمثل: قولان لمالك وابن القاسم، الأردأ مثله الأظهر أن مراده لكل منهما القولان. أما لمالك فقد صرح بهما الباجي عنه، وأما لابن القاسم فما أشار إليه ابن محرز بقوله: وخالف ابن القاسم أصله إلى آخره، ويكون ابن الحاجب غير معتبر الفرق الذي ذكره ابن محرز، ولذا قال: وإلا روي مثله، إلا أن أحد قولي ابن القاسم على هذا التقدير مخرج لا نص. اللخمي: إن كان الثاني أدنى صفة وأكثر كيلًا لم يجز.

قُلتُ: ويبعد دخول: قول أشهب الجواز لدوران الفضل من الجانبين قال: وإن كان أدنى في الكيل أو الصفة أو فيهما كان فيها قولان: المنع، والإجازة. قُلتُ: وظاهر نقل الصقلي عن ابن القاسم لا يعجبني الكراهة فيتحصل فيها ثلاثة أقوال. اللخمي: والجواز أحسن إذ لا تهمه غالبًا فيما يجد إلى وضيعة إلا أن يقوم دليلها كزمن خوف أو خوف فساده أو رخصه مع رجاء نفاقه فيتهمان على ضمان بجعل إلا أن يكون الآخر تافهًا يسيرًا وإن أخذ محمولة من ثمن سمراء مثل كيلها أوقل فرأى ابن القاسم مرة في كتاب الصرف أنهما مما تختلف فيهما الأغراض فيمنع للتفاضل إن أخذ أدنى وللنساء إن أخذ مثل المكيلة، ورأى مرة أن المحمولة أدنى فيختلف هل يتهمان على الضمان بجعل حسبما تقدم، وإن أخذ تمرًا أو قطنية فالمعروف لا يجوز، وتجري على القول في بيوع الآجال أجاز ابن القاسم في المدَوَّنة لمن باع ثوبًا بدرهم لأجل شراؤه بدنانير نقدًا إن كانت الدنانير أقل من الأولى بالشيء البين وأجاز مع عبد الملك في المجموعة: إن كانت الدنانير مثل صرف الدراهم بالنقد يوم البيع الأول؛ لأنه يخسر الصبر فجعل التهمة فيما يعود بزيادة فعلى قوله في المدَوَّنة: إن كان ثمن ما أخذ أخيرًا أقل من الأول باشيء البين جاز، إذ لا تهمة فيه وعلى قوله في المجموعة: يجوز إن كانت قيمة الطعام الثاني مثل قيمة الأول يوم وقع البيع، ويمنع إن كانت أكثر والمراعى وقيمة الطعامين يوم البيع الأول ولا يعتبر نقصها بعده، ومن باع ثمر حائطه رطبًا بدين لأجل ففي جواز أخذه إذا صار تمرًا ببعض ثمنه أو كله أو بأكثر منه، ومنعه ثالثها في التفليس ويختص به عن غرمائه لابن رُشْد عن أول قولي مالك ورواية أشهب مع رواية ابن حبيب وآخر قوليه. قُلتُ: الأول في سماع القرينين بزيادة: لما سئل عنه أطرق طويلًا، ثم قال: لا بأس به إن كان قد استجد التمر ويبس وإلا فلا خير فيه؛ لأنه دين بدين، وذكر اللخمي قوله الأول والثالث قال: والأحسن جوازه مطلقًا؛ لأنه طعامه بعينه، وفي سلمها الثالث: وإن أحلت على ثمن طعام لك من له عليك مثل ذلك الثمن من بيع سلعة أو قرض لم

يجز للمحال به أن يأخذ فيه من الطعام إلا ما كان يجوز لك أن تأخذ من غريمك. الصقلي: يريد ولو كان ماله عليك إنما هو ثمن طعام مخالف للذي بعت من غريمك لم يجز أن تأخذ من غريمك طعامًا بحال. قُلتُ: هو نص سماع عيسى ابن القاسم في السلم والآجال. اللخمي: إن أحال المشتري البائع على غريم له لم يأخذ البائع من المحال عليه إلا ما جاز أن يأخذه من المشتري منه، وهذا حماية ولا أفسخه إن نزل ولم يتعقبه المازري. وقال ابن بشير: فيه نظر؛ لأن علة منع الاقتضاء من ثمن الطعام طعامًا قد وجد هنا. اللخمي والمازري: وإن أحال البائع على المشتري رجلًا فأحاله المشتري على آخر جاز أن يأخذ طعامًا أي صنف أحب؛ لأن خروج البائع والمشتري يرفع علة المنع لضعف التهمة. وسمع أَصْبَغ ابن القاسم: من اشترى بدرهم لحمًا من جازر فأعطاه به حميلًا فغرمه الحميل للجازر فله أن يأخذ به من الغريم ما يشاء من الطعام. ابن رُشْد: لأن الحميل لم يدفع طعامًا، ولو أراد الجازر أن يأخذ بالدرهم من الحميل طعامًا لم يجز؛ لأنه دفع طعامًا قاله ابن دحون وفيه نظر؛ لأنه أنزل الحميل منزلة المحال عليه في ذلك حسبما يأتي في سماع أَصْبَغ من كتاب الكفالة والحوالة، وليس بمنزلته فإن أخذه من الحميل على وجه الابتياع له بالدرهم الذي له على المشتري جاز اتفاقًا إن كان المشتري حاضرًا مقرًا بالدرهم يتبعه به الحميل لا بتياعه إياه من الجازر بالطعام الذي دفع إليه فيه وإن أخذ الطعام منه صلحًا عن المشتري في الدرهم الذي عليه فقيل ذلك جائز والمشتري بالخيار في إمضاء الصلح فيدفع الطعام الذي صالح به عنه، وبين رده، فيدفع الدرهم الذي تحمل به عنه، وقيل لا يجوز؛ لأنه دفع طعامًا لا يدري هل يرجع به أو بالدرهم من أجل خيار المتحمل عنه، وإن لم يبين على أي وجه دفع الطعام فاختلف على ما تحمل عليه من الوجهين المتقدمين فيجري الأمر على حكم ما يحمل عليه منهما. قُلتُ: الذي في سماع أَصْبَغ المذكور هو جواز أخذ الحميل بما غرمه من العين من

المتحمل عنه طعامًا قال: وكذا لو لم يكن حميلًا؛ بل طاع بدفع ذلك عنه لبائع الطعام منه ثم قال: وإنما كره من ذلك أن يكون البائع هو المحيل به عليه فلا يجوز للمحال إلا ما كان يجوز للبائع أن يأخذه؛ لأنه بمنزلته. قُلتُ: فأشار ابن رُشْد بهذه التفرقة بين الحميل والمحال عليه إلى الرد على ابن دحون في تسويته بينهما ويرد بأن الحميل في هذه المسألة إذا طعاما لم يصدق عليه، أنه أخذ طعامًا من ثمن طعام بخلاف أخذ بائع الطعام من الحميل طعامًا يصدق عليه أنه أخذ من ثمن طعامه طعامًا، وفي سماع عيسى ابن القاسم مع الموطأ قال مالك: وإنما نهى سعيد بن المسيب وسليمان بن يسار وأبو بكر محمد بن عمرو بن حزم، وابن شهاب عن أن يبيع الرجل حنطة بذهب ثم يشتري بالذهب قبل أن يقبض الذهب من بائعه الذي اشترى منه الحنطة، فإما أن يشتري بالذهب الذي به الحنطة إلى أجل تمرًا من بائعه الذي باع منه الحنطة قبل أن يقبض الذهب ويحيل الذي اشترى منه التمر على غريمه الذي باع منه الحنطة بالذهب الذي له عليه في ثمن التمر فلا بأس به، وقد سألت عنه غير واحد فلم ير به بأسًا. ابن رُشْد: لأنه باع من رجل، واشترى من غيره فلم يكن فيه تهمة، ولو اشترى بالمائة دينار بعينها طعامًا من غيره لجاز أيضًا إذ لم يأخذ الطعام من الذي باع منه الطعام فلا تهمة على أنه باع منه طعامًا بطعام. قُلتُ: ولما ذكر أبو عمر تمام في السماع وهو قوله: قال عيسى: قال ابن القاسم: ولو أحال الذي عليه المائة بائع الطعام على غريم له عليه بمائة؛ لم يجز أن يأخذ من الذي أحال عليه بالمائة طعامًا، قال أبو عمر: ولا فرق بين ذلك في قياس، ولا أثر؛ لأنه طعام من ثمن طعام من غير المشتري له. الباجي: إنما جاز أن يشتري البائع بالمائة طعامًا ثم يحيله بها على المشتري؛ لأنه اشترى بثمن متعلق بذمته ثم أحال به؛ لأن ذمة مبتاع الطعام الأول مشغولة بثمنه فيتميز الثمنان ثم وقعت الإحالة بعد ذلك في الثمنين بعد ثبوتهما في الذمة عينًا، وأما الذي أحاله مبتاع الطعام الأول على رجل فأخذ منه بذلك طعامًا، فإن ثمن الطعام الأول نفسه آل إلى طعام ففسد بذلك.

ابن زرقون: وقعت المسألة في سماع أشهب مبينة أنه اشترى منه بذلك الثمن فقال فيها مالك بعد إطراق لا بأس به، وقد فرق أبو الوليد بين مسألة الموطأ، والمسألة الأخرى بنحو ما تأول عليه مسألة الموطأ وهو منتقض بسماع أشهب، والأظهر عندي ما قاله أبو عمر أنه لا فرق بينهما. قُلتُ: ذكر المازري بفرقة الأشياخ الباجي معبرًا عنه ببعض الشُيُوخ قال: هذا يقتضي إجراء كلام سعيد بن المسيب وسليمان بن يسار، ومن ذكر معهما على عمومه في النهي عن أن يشتري بثمن الحنطة تمرًا، وظاهر كلامهم في الموطأ أن الشراء وقع بنفس ثمن الحنطة الذي في ذمة مشتريها، وإذا اشترى التمر من غير ما باع منه القمح لم يكن فيه تهمة؛ لكن لو قبل النهي عن الأخذ من ثمن الطعام طعامًا شرع غير معلل ظهر وجه هذه التفرقة التي ذكر هذا الشَّيخ قلت: ظاهر أقوالهم الاتفاق على أنه معلل. لا متعبد به، وقد اعتبروا في مسائل الباب طرد العلة، وعكسها حسبما تقدم من إجازتهم الاقتضاء من ثمن الطعام طعامًا من غير جنسه في المجلس. الباجي: لو وكل من يقبض ثمن طعامه فقبضه فأتلفه، جاز أن يأخذ منه به طعامًا قاله ابن حبيب، ولو كان لرجل على البائع مثل الثمن فأحاله به على المبتاع لم يجز للمحال عليه أن يدفع إليه إلا ما يجوز له أن يدفع إلى المحيل وروى محمد هذه المسألة والتي قبلها عن مالك وهما معًا من جهة منع الذريعة ضعيفتان؛ لأنه يبعد أن يبيع من رجل حنطة ليحيله بثمنها إذا حل على رجل يأخذ به منه تمرًا، وقد جوز مالك للمسلمين في صفقة أن يقبل أحدهما من حصته، وقال: لا يتهم أحد أن يسلف ليبتاع غيره، الشَّيخ معه عن ابن حبيب: من أتلف لك طعامًا لا يعرف كيله إن قامت بينه على إتلافه، جاز أن تأخذ بقيمته طعامًا، ولو غاب عليه اتهم أنه أمسكه، ودفع فيه طعامًا تلف بانتفاع المتعدي أو غيره. زاد الشَّيخ عن ابن حبيب: من باع طعامًا بثمن مؤجل فلا يأخذ فيه جبح نحل إذ لا تخلو من عسل إلا أن يكون فيه عسل لا يعتد به. وسمع ابن القاسم: من باع من رجل قمحًا بدينار فأتاه فوجد عنده تمرًا فاشترى منه بدينار تمرًا ثم لقيه بعد ذلك فقال: لي عليك دينار ولك علي دينار فقاصصني لا

أحبه، وليرد التمر الذي أخذ منه ابن القاسم: لأنه إن قاصه كان أخذ من ثمن الطعام طعامًا. ابن رُشْد قوله: يرد التمر على أصله فيمن باع سلعة لأجل ثم اشتراها بأقل نقدًا أنه يفسخ البيع الثاني فقط إلا أن تفوت السلعة فيفسخان معًا، وفي المسألة يقدر على التمر يرد مثله فلا يفسخ إلا الثاني، ويأتي على مذهب ابن الماجِشُون في فسخ البيعتين معًا فسخ بيع الحنطة أيضًا، وقال محمد: تفسخ المقاصة فقط، يأخذ منه الدينار ثم يرده إليه ولا معنى له؛ لأنه إذا رده إليه فكأنه لم يأخذه، وقيل: إنما قاله محمد؛ لأنه لم يتهمهما على أنهما عملا على ذلك ولو اتهمهما فسخ بيع الحنطة أيضًا وهو فاسد؛ لأنه لو لم يتهمهما لأجاز مقاصتهما. قُلتُ: ما عزاه لمحمد إنما عزاه الشَّيخ والباجي والصقلي لابن القاسم لما ذكر الشَّيخ قول مالك في الموَّازية. زاد: قال ابن القاسم: قيل يؤدي دينار التمر ويأخذ منه ثمن قمحه وإن رد إليه ذلك الدينار بعينه كما لا تستحمل غريمك بدينار عليه، وتستعمله بدينار تدفعه إليه ثم يقضيك إياه. الباجي: قول ابن القاسم على تجويز ذريعة الذريعة؛ لأن منع أخذه بالثمن تمرًا لئلا يكون ذريعة لبيع الطعام بالطعام لأجل، فإن منعنا المقاصة فإنما منعناها؛ لأنها ذريعة؛ لأن تأخذ من ثمن الطعام طعامًا. قُلتُ: تخريجه قول ابن القاسم على إجازته ذريعة الذريعة مع قوله منع المقاصة لذريعة الذريعة يقتضي إجازة ابن القاسم المقاصة وهو لم يجزها حسبما مر في السماع إنما أجاز في المَّازيَّة أخذ الدينار بعد دفعه، وهو إجازة منه لذريعة الذريعة، وهو الذي خالف فيه مالكا، وللشيخ عن المَّوازيَّة إن قبضت ثمن طعام من رجل فلا تبيع منه به في المجلس طعامًا. قُلتُ: مفهومه جوازه بعد المجلس ولو في يومه وله في الواضحة: لا بأس بأخذ النوى والقضب والتين من ثمن طعام، وكذا في سماع أشهب، وفي صرفها عن ابن المسيب: من باع من رجل طعامًا بدينار ونصف درهم فلا يأخذ من المبتاع بنصف

الدرهم طعامًا ولكن يأخذ منه درهمًا ويعطيه ببقيته طعامًا. مالك: إنما كرهه سعيد؛ لأنه يصير دينارا وطعاما بطعام ولو كان نصف الدرهم ورقا أو فلوسا أو غير الطعام جاز قلت: قوله: ولو كان نصف الدرهم، ورقًا إلى آخره يريد لو قضاه عن نصف الدرهم ورقًا؛ لأن أصل البيع كان بنصف درهم شائع من درهم لقول سعيد: ولكن يأخذ منه درهمًا إلى آخره وهي حجة للأكثر في الشريكين في مسكوك أن لأحدهما أن يعطي شريكه وزن حصته مسكوكًا عنها، وتقدمت في الصرف. وفي منع الإقالة في نصف الدرهم بما يصيبه من القمح بعد معرفته قبل قبضه وجوازه قولا السَّيخ محتجًا بأن المردود من القمح شائع في نصف الدرهم والدينار فأخذه عن نصف الدرهم فقط بيع الطعام قبل قبضه وابن محرز محتجًا بالقياس على جواز الإقالة في سلم ثوب وعبد في طعام من أحدهما بعد معرفة منابه. قُلتُ: للشيخ منع حكم الثانية إن لم يكن نصًا واحتج الصقلي على جوازه بإجازة ابن القاسم الإقالة من أحد ثوبين أسلما في طعام إن اعتدلا، ورد قول الشَّيخ بشيوع الطعام في الدينار ونصف الدرهم، بأن الإقالة إنما وقعت في طعام خصص بنصف الدرهم وتخصيصه يمنع شيوعه، ولو لزم معه شيوعه للزم في مسألة الثوبين ويلزمه فيمن باع مد قمح ومد شعير بدينارين، وقيمتهما متساوية أن لا يقيله من الشعير بدينار؛ لأن حصة الدينار نصف مد قمح ونصف مد شعير. قُلتُ: الدينار المردود ليس مردودًا من حيث كونه عوضًا عن نصف القمح ونصف الشعير؛ بل من حيث كونه قام مقام عوض الشعير وعوضه نصف الدينارين؛ لكن وجب جميعهما في دينار من الدينارين، لتماثلهما حسبما مر في الصرف إذا اطلع على درهم زائد وأخذه قدرًا منه بعد الغيبة عليه. قال ابن محرز: جائز، وأخذه به طعامًا من صنفه بعد قبضه قبل الغيبة عليه لا يجوز لربا الفضل، ومن غير صنفه كطعام وعرض بطعام جائز قبل الغيبة ولو قبل قبضه مطلقًا إلا على قول من يعتبر في طعام بسلعة وطعام يسارته كالصرف فيشترطها، ولو كانت معه بينة لم تفارقه لم يجز أن يعطيه طعامًا على حال إلا من الطعام بعينه ما يتراضيان به، وإن كان المبيع عرضًا، ففيها مثله كمخالفه يجوز بأقل نقدا ومنعه سَحنون

ومحمد محتجًا بأن أخذه اقتضاء عن الأول سلفًا ودفع الأقل من الثمن، سلف فيه كمنع ابن القاسم من أسلم ثيابًا في حيوان إقالته منه مثلها وزيادة ورده الشَّيخ بما قرره المازري بأن بقاء ما في الذمة في بيوع الآجال يمنع تعيين كون المثل المأخوذ عوضًا عما وقع أولا فلا يلزم صرف المفقود فيه عن كونه ثمنًا له، فلا يلزم سلف بزيادة، وسقوطه في الإقالة يوجب كون المثل المأخوذ عوضًا عما وقع أولًا فليزم السلف بزيادة وتقريرها الصقلي بأنهما لم يقصدا في مسألة الآجال لنقض البيعة الأولى فوجب عدم ضم الثانية إليها وفي السلم قصدا نقض الأولى فوجب اعتبار ما خرج من اليد ورجع إليها فيه نظر؛ لأن عدم القصد في بيوع الآجال مع تصور التهمة على ما يوجب الفساد لا يلغيه. وسمع القرينان: من باع سلعة لأجل فأقامت عنده حتى حدث بها عيب، عور أو عرج أو قطع أو أمر حتى يعلم أنهما لم يعملا القبيح، لا يجوز أن يشتريها بأقل من ثمنها نقدًا، وقال سَحنون مثله وهي خير من رواية ابن القاسم. ابن رُشْد: رواية ابن القاسم وقعت في الموَّازية: من باع دابة أو بعيرًا بثمن إلى أجل فسافر بذلك مبتاعه لحج أو سفر بعيد فأتى به وقد نقص لا بأس أن يشتريه بأقل من ثمنه نقدًا، وذهب كل من ابن القاسم وأشهب في هذه المسألة إلى رواية فيها، وذلك من قولهما في رواحلها، أجاز ابن القاسم أن يستقبل الكري المتكاري بزيادة بعد قبض الكراء والغيبة عليه إن سارا من الطريق ما يرفع التهمة، ولم يجزه أشهب، وقول ابن القاسم وروايته أظهر، وكون ثمن المبيع الثاني مؤجلًا وكون مبيعه بعض الأول أو أكثر تقدم ضابطه، وفي الموَّازية: لو ابتاع ما باع بخمسة نقدًا وخمسة لأجل وبخمسة نقدًا جاز وبأكثر أقل من عشرة لم يجز؛ لأنه سلف بزيادة وستة نقدًا وبخمسة لأجل جائزإلا أن يكونا من أهل العينة. التونسي: لأن شراء ما بيع بنقد بعد الغيبة عليه بأكثر منه لا يتهم فيه إلا أهل العينة، وفي سماع عيسى ابن القاسم: لو اشتراه بخمسة نقدًا وستة لأجل لم يجز إلا إن لم يغب على الدنانير؛ لأنه حينئذ باع سلعته بستة لشهر إذا حل قاصه بخمسة مما له عليه واسترجع دينارًا، فكان ثمن السلعة إنما هو دينار، فلا بأس به، التونسي مقتضى ما في الموَّازيَّة جوازه إن لم يكونا من أهل العينة؛ لأن التهمة في زيادة الدنيا إنما هي على كخمسة النقد فإذا

جازت نقدًا فكذا الأجل إلا أن يكون ما في العتبيَّة على لقول ابن القاسم في المجموعة لمن باع سلعة بسبعة نقدًا وخمسة لشهر شراؤها بسبعة نقدًا أو ثمانية لشهرين خمسة منها قصاص عند الشهر، وإنما يتهم في هذا أهل العينة وتلقى ابن رُشْد ما سمعه عيسى بالقبول ولم يحك في منعه خلافًا، ووجهه بقوله: لأن الأمر آل إلى أن رجعت للبائع سلعته ودفع له المبتاع خمسة نقدًا انتفع بها وردها إليه ويعطيه دينارًا إذا حل الأجل فاتهما على سلف خمسة دنانير على أن يعطيه دينارًا إذا حل الأجل فإن لم يغب على الدنانير جاز ذلك؛ لأنتفاء السلف، وقوله: استرجع دينارًا لفظ وقع على غير تحصيل إذا لم يدفع إليه شيء يسترجع منه الدينار، وصوابه أن يقول: إذا حل الشهر قاصه بالخمسة من الستة وأخذ منه الدينار الزائد. وقوله: فكان ثمن السلعة إنما هو دينار وقع على غير تحصيل، والمراد فكان الذي ربح معه في السلعة إنما هو دينار؛ لأن الدينار إنما هو ربح في السلعة للمبتاع لا ثمن لها. قُلتُ: لولا لفظ ابن القاسم في المجموعة كان الصواب ما في سماع عيسى؛ لأن الذي لا يتهم فيه إلا أهل العينة إنما هو بيعة النقد السالم عن انضمام مؤجل إليه، وهذه بيعه نقد ومؤجل، والصفقة إذا جمعت حلالًا وحرامًا غلب حكم الحرام. وفيها: إن بعت عبدين بعشرة لشهر فلا تبتع أحدهما بتسعة نقدًا؛ لأنه بيع وسلف، ولو كان قصاصًا جاز، وتعقب التونسي عموم منعها فيما إذا كان مجموع ما نقده مع قيمة العبد الباقي أزيد من الثمن الأول بكثير جدًا بقوله: ينفي التهمة على الصرف المستأجر بكون الثمن الباقي أقل من المنقود بكثير، وقول ابن القاسم فيها: من باع ثوبًا بعشرة دنانير لشهر وابتاعه بدينار نقدًا، وثوب قيمته مائة دينار لم يجز قيل له التهمة مرتفعة؟ قال: لم ترتفع ويدخله مع ذلك عرض وذهب بذهب قال: إلا أن يكون هذا على قول أشهب بعدم رفع التهمة على الصرف بذلك ونحوه للخمي، وفي صحة البيع في الباقي بيد المبتاع عبد الحق مع بعض شُيُوخه وقول اللخمي مع فرضه أن ثمنهما مائة قائلًا: يفسخ البيع في العبدين معًا على قول عبد الملك يرد الباقي بيد مبتاعهما لبائعهما، إن كان قائمًا، وقيمته إن فات، ولو كانت أكثر من خمسين؛ لأنكارهما أنهما عقدا على بيع وسلف فإن أقرا به سقط فضلها عن خمسين، وإن أنكراه والقيمة ستون فأكثر مضى بيعه بخمسين

إذ لا يتهم أن يبيع ما قيمته ستون بخمسين وسلف خمسين. قُلتُ: هذا على اعتبار ما تقدم للتونسي لا على قول ابن القاسم: قال: ولو استرجع العبد بائعه بخمسين لأبعد من الأجل لم يجز، ولو كانت قيمته ستين لتهمته أن يترك العشرة فضل قيمة العبد؛ لأن سلفه المشتري خمسين، ولو كانت قيمته أربعين، جاز. المازري: إن فات ففي إمضائه بالقيمة ما لم تزد على منابه من الثمن أو مطلقًا؛ لأن ذلك إنما هو إن كان الثمن نقدًا. ثالثها بما ينوبه من الثمن للمازري عن الأشياخ: قلت: وعلى فساده إن لم يفت ففي إمضائه بإسقاط السلف، ثالثها إن أقر بالعقد عليه لتعليلها فساده، بأنه بيع وسلف، ومقتضى القول الأول بالقيمة مطلقًا وما تقدم للخمي. وفيها: من باع ثوبين بعشرة لأجل لم يجز شراؤه أحدهما بخمسة وثوب نقدًا. عبد الحق مع بعض شُيُوخنا: لا يفوت الثوب الراجع لبائعه إلا بشديد التغير، وفوته يوجب في الباقي منابه من الثمن لصحة عقده وبفوت الثوب المدفوع فيه بحوالة الأشواق فيجب فيه حكم ما اشتري بشرط سلف من مشتريه. قُلتُ: لم يتعرض الصقلي لنقل هذا، وحكى أبو إبراهيم في فوته بها خلافًا، والصواب تعقب المازري تفرقة عبد الحق بين الثوبين، الراجع والمدفوع فيه في الفوت بحوالة الأسواق بقوله: إنما وقعت المعاملة الثانية فيهما بعقد واحد، فلا ينفرد أحدهما بحكم عن الآخر كل منهما عقد على شرط السلف، قال: ومقتضى الاقتصار على تعليل الفساد بأنه عرض وفضة بفضة لزوم القيمة مطلقًا، وعلى أنه بيع وسلف يجري على حكمه. قُلتُ: فيمتنع التعليل بهما على المعية لتنافي لازميهما. ابن بشير: لو اشترى أحدهما بحكم عن الآخر لكل منهما عقد على شرط السلف بنصف من العين غير صنف الثمن منها للبيع والسلف والصرف المستأخر والبدل المستأخر وتتصور فيه الزيادة. ابن الحاجب: لو اشترى أحدهما بغير صنف الثمن الأول فقالوا يمنع مطلقًا. قال ابن عبد السلام: ما حاصله إن قوله: (قالوا) إشارة إلى تعقبه إطلاقهم المنع، ووجوب تقييده المنع بما إذا لم يكن المعجل من العين أكثر مما يقابله من الثمن جدًا حسبما

مر في التهمة على الصرف المستأخر. قُلتُ: يرد بأن استرجاع كل المبيع يحقق كون المقابل للثمن المؤجل كل الثمن المدفوع ثانيًا، ونه أكثر منه جدًا ينفي كونه ثمنًا له ولا علة فيه سواه وفي استرجاع بعضه هذا، وعلة عرض وعين مؤخرة والكثرة لا تنفيها. وفيها: إن بعت ثوبًا بعشرة دراهم لشهر لم يجز أن تشتريه قبله بخمسة نقدًا، وثوب؛ لأنه بيع وسلف، ولو كانت الخمسة مقاصة عند الأجل جاز. عبد الحق: ما ارتجعه البائع لا يفوت بحوالة الأسواق فإن فات بعيب سقظ الثمن وما دفعه بعينه كبيع قارنه سلف. قُلتُ: هذا على أصله المتقدم وأصل المازري خلافه. وفيها: لا يعجبني من باع سلعة بثمن مؤجل شراؤها لمن وكله عليه بأقل من ثمنها لقول مالك لا خير في بيعه إياها عن مشتريها بوكالته إياه على بيعتها. اللخمي قول أشهب بكراهته ذلك أحسن. قلت فحمل قول ابن القاسم لا يعجبنه على غير الكراهة لاستدلاله بقول مالك لا خير، وتهمته في الوكالة على بيعها أشد منها على شرائها لتعيين الأجنبي في الأولى كذبه إن اشتراها لنفسه وإبهامه في الثانية فيخفى وبه يرد قياس ابن القاسم، وقول اللخمي: الوكالة على بيعها أحق من الوكالة على شرائها. وشراء السيد ما باعه عبده لأجل بأقل نقدًا، وشراء العبد ما باعه سيده كذلك إن كان تجره لسيده لم يجز، وإن كان لنفسه ففي جوازه وكراهته قولان لابن القاسم فيها واللخمي عن أشهب وفيها لابن القاسم: ما باعه رجل لأجل لا يعجبني أن يشتريه لابنه الصغير بأقل نقدًا ولم ينقلها اللخمي إلا عن أشهب بلفظ الكراهة واختار فسخه إن نزل. قُلتُ: هو مقتضى قول سلمها من وكل على سلم لم يجز أن يعطيه لابنه الصغير وكون الحق لله آكد. وفيها: من باع فرسًا بعشرة أثواب لأجل لم يجز تعجيل بعضها مع الفرس أو غيرها عن باقيها للبيع والسلف المعجل سلف وما معه بيع بالباقي، والتعجيل بوضيعة لاحتمال عدل الفرس أقل من الباقي، وحط الضمان بزيادة لاحتمال عدله بأكثر ضعيف،

وخرج اللخمي الجواز من قول ابن القاسم: لمن أسلم في عبدين تعجل مثل أحدهما مع عرض عن الآخر قال: فجعل أخذ المعجل على أنه نفس حقه لا سلف قائلًا: لو كان المعجل سلفًا لحوصص المعجل فيما بقي في ذمته في فلس المعجل له قبل الأجل وخرج ابن بشير الجواز على قول إسماعيل قال: وصوبه المتأخرون وإن كان شاذا، ورد المازري احتجاج اللخمي بلزوم الحصاص بإبطال الملازمة؛ لأن تعجيل المعجل إنما كان على إسقاط حق المعجل له في الباقي في ذمة المعجل الملزوم لاختصاصه به فكان كمحال عليه أو مرتهن له وتبعه ابن بشير مقررًا بكونه رهنًا فقط، ورده ابن عبد السلام بأن المشهور فيمن عليه دين لمدينه أنه ليس أحق بما في ذمته لمدينه في دينه إن فلس يرد بأن ما في ذمته باق على لزوم قضائه عند أجله خلاف من عجل ما في ذمته حسبما مر في تقرير كلام المازري. ابن محرز: من المذاكرين من عارض هذا الوجه بأنه كما جاز أن يأخذ عن جميع الأثواب قبل الأجل عرضًا يجوز أن يسلم فيها، وإن لم يف بقيمتها ولا يكون (ضع وتعجل) فكذا إذا تعجل بعضها وعاوض عن بقيتها، وقوله: باطل؛ لأن الأخذ عن جميعها لا يبقى ما يتصور فيه تعجيل فلا يتصور كون الوضع له، والأخذ عن بعضها مع تعجيل باقيها يوجبه كون التعجيل للوضيعة. قُلتُ: ما عزاه لبعض المذاكرين هو قول التونسي وإليه عزاه المازري، وذكر جواب ابن محرز وعزاه لبعض الأشياخ ولم يتعقبه، وضعف علته حط الضمان وأزيدك علله الصقلي بعدم القصد إليه غالبًا وتعقبه التونسي بنحو ما تعقب به ضع وتعجل، وعلى المشهور إن نزل قال اللخمي: خير البائع في رده المعجل فيتم بيع غيره وإلا فسخ فيهما. المازري: إن نزل فأكثر الشُيُوخ على لزوم الفسخ فيهما، وقال بعض أشياخي فذكر ما تقدم وحيث لزم الفسخ يرد الفرس أو قيمته إن فات وكذا الثياب. ابن محرز والتونسي واللخمي وغيرهم: لأن فاسد القرض في الفوت كالبيع. وقال ابن بشير: في القضاء في فاسد القرض بالقيمة أو المثل قولان. قال اللخمي: إثر كلامه وكذا إن لم ينظر في ذلك حتى حل الأجل فإن الأثواب تمضي بالقيمة.

ابن محرز: إن حل الأجل والأثواب باقية استوفاها من أثوابه وطلب البقية ورد الفرس أو قيمته إن فات ولو كانت الأثواب فاتت غرم قيمتها، وعلل المازري أخذه الثياب إن كانت قائمة بقوله إذ لا فائدة في ردها وأخذها في الحال. قُلتُ: فائدته نقص ما فعل فاسدًا كفائدة ما تقدم من قول محمد وابن القاسم فيمن قاصص من ثمن طعام عليه كمن له عليه ثمن طعام بما له عليه من ثمن الطعام أنه يفسخ ويقضيه ما عليه، ولو أخذه منه فيما له عليه في الحال حسبما مر. التونسي: لو كانت الفرس قائمة ففلس دفعها فقابضها أحق بها من غرمائه؛ لأنها مأخوذة من دين أخذًا فاسدًا. قُلتُ: في هذا الأصل خلاف اللخمي إن أخذ مثل فرسه وبقيت خمسه لأجلها دخله سلف بزيادة والتهمة فيه في أصل عقده بخلاف أخذه نفس فرسه العقد الأول صحيح والفساد فيما عملاه آخرًا. قُلتُ: فل أخرت أو عجلت فأحرى في المنع. ابن بشير: لو أبقى الثياب لأجلها والمعجل عين فرسه جاز، ولو أخر بها لم يجز اتفاقًا فيهما لحقيقة البيع والسلف، وقول ابن الحاجب: إن كان المزيد مؤخرًا عن الأجل منع؛ لأنه دين بدين وبيع وسلف محقق، وإن كان إلى مثله جاز متعقب بأنه إن أراد أن المزيد مثل المسلم فيه لم يكن دينًا بدين؛ بل محض سلف قارنه بيع وإن أراد أنه ليس مثله بطل، قوله: إن كان لمثله جاز؛ لأنه دين بدين، وجواب ابن عبد السلام بإرادة الأول قال: ويحتمل كون الباقي عما يعدل المعجل أقل من المزيد بعد الأجل ففسخه فيه فسخ دين في دين؛ لأنه دفع أقل في أكثر بعيد؛ لأن عباراتهم في التعليل بمثل هذا إنه سلف بزيادة لا فسخ دين في دين، وفيها لربيعة: من أقال من حمار ابتاعه بعشرة دنانير لأجل على إن عجل منها دينارًا أو بهما نقدًا على إن أخر به لم يجز. ابن محرز: يدخلها في المؤجل بيع وسلف، والتعجيل على وضع كمسألة الفرس لا حط بزيادة لوجوب قبول العين المؤجلة قبل أجلها فإن نزل رد الدينار والحمار إن كان قائمًا، وخرجها المازري على فسخ البيعتين في بيوع الآجال. ابن محرز: إن فات الحمار ففي نقض البيعتين أو الثانية إن كانت قيمة الحمار أقل من

عشرة، ثالثها تمضي بالقيمة مطلقًا لاستقلالها بالفساد دون ضمها للأولى. قُلتُ: الثالث قاله التونسي وأخذه المازري من تعليل مالك بأنه عرض وذهب بذهب. ابن محرز: الصواب إنه بيع وسلف يقضى بالقيمة ما لم تزد على الثمن وإن كان دينًا. الحق في أجله لدافعه فصار كحال، والمعتبر ثمنًا فيه العشرة لا التسعة قال: فإن قيل إنما جعل ثمنه تسعة والعاشر سلف، قيل: إنما قدر ذلك تهمة لهما، والمشتري إنما دخل على أن الثمن عشرة. قُلتُ: إن رد بأن المشتري إنما دخل على الثمن عشرة في عقد شرائه والكلام في عقد بيعه، ونصهم في المسألة على إن عجل دينار ظاهر في أنه من العشرة المؤجلة فالباقي في مقابله الحمار تسعة. قُلتُ: يرد هذا الظاهر نصهما على الإقالة المقتضية كون الثمن فيها هو الثمن الأول والتعجيل أعم من كون المعجل منها أو زيادة ولو زاده أي المتبايعين دينارًا للأجل جاز؛ لأنه مقاصة، وبعد بيع وسلف، ودراهم نقدًا، خرجه المازري واللخمي على صرف ما في الذمة قبل أجله والبيع والصرف، وللأجل وبعده فسخ دين في دين كعرض كذلك، إما نقدًا فجائز، المازري، واللخمي: إن زاده درهمين جرت على سلعة ودرهمين، بدينار لأجل، وإن كان ثمنه نقدًا فنقد الزيادة جائز مطلقًا إن كانت ورقًا فبيع وصرف ومؤجلها فسخ دين في دين وبيع وسلف الصقلي وقع للشيخ تنبيه أنه لم ينقده ولا أدري ما وجهه. المازري: تابع الشَّيخ على تقييده بعض الأشياخ، وقال: يجوز للمستري إن نقد أن يزيد؛ لأنها بيعة ثانية، وأنكره بعض المتأخرين. وقال: يتصور فيه البيع والسلف إن نقد؛ لأنه يقدر إنه اشترى الحمار بتسعة من الدنانير التي قبضها على أن أسلفه قابضها الدنانير العاشر. قُلتُ: إن كانت الزيادة من المبتاع عينًا فواضح منعها ولو بعد التعديل هو أوضح منه قبل النقد بحيث لا يخفي على من دون الشَّيخ وإن كانت غير عين امتنعت قبل النقد؛ لأنها فسخ دين في دين وجازت بعد النقد على حكم ابتداء البيع فتقييد الشَّيخ إنما هو لعموم سلب جواز الزيادة في العين وغيرها ضرورة عموم ابتداء البيع فتقييد الشَّيخ

سلب الجواز في العين وغيرها قبل النقد وعدم عمومه فيهما بعد النقد ضرورة جوازها في العرض بعد النقد فقول الصقلي لا وجه له ليس كذلك. وفيها: من باع عبده من رجل بعشرة دنانير على أن يبيعه عبده بمثلها جاز؛ لأن الثمنين مقاصة فإن أضمرا إخراج المال إضمارًا كالشرط لم يجز. قُلتُ: إن لم يشترطاها فالأظهر على رواية زياد بعدم وجوبها فساد بيعهما. ابن محرز عن ابن القاسم وكذا إن كان الثمنان لأجل واحد من صنف واحد ولو كان أحدهما أكثر، ولو اختلف أجلهما أو صنفهما لم يجز، ويفسخ ثانيه ما فسد منها، وفي الأولى قولا ابن الماجِشُون، والمشهور وحمله اللخمي على من لم تكن عادتهم الفساد. المازري: أشار بعض أشياخي أن ابن عبدوس لا يوجب الفسخ، والذي نقله غيره عنه من عدم الفسخ إنما هو في الفوت المبيع ففي فسخهما ومضيهما، ثالثها: الثانية فقط، فإن زاد الثمن على القيمة سقط فضله، ورابعها: إن كان أكثر وإلا فالثانية فقط لابن رُشْد عن سماع عيسى ابن القاسم في رسم القطعان مع تأويل التونسي على ابن القاسم والمازري مع اللخمي على ابن مسلمة ولابن رُشْد عن الآتي على سماع يحيي وسَحنون ابن القاسم ومضى سَحنون مع تأويل عبد الحق عن ابن القاسم. الباجي: إن هلك المبيع بيد مبتاعه قبل قبضه البائع الأول فسحت الثانية فقط عندي ولم أر فيها نصًا. قُلتُ: يريد: بفسخها لغوها كهلاك المبيع بيعًا فاسدًا بيد بائعه لا فسخها بلزوم القيمة وهذا على فسخ الثانية فقط واضح، وأما على فسخهما؛ فلأن موجب فساد الأولى إنما هو تمام البيعة الثانية، وهي لم تتم لعدم القبض فيها.

باب العينة

[باب العينة] وبيع العينة: قال أبو عمر: هو بيع ما ليس عندك. قُلتُ: مقتضى الروايات أنه أخص مما ذكر والصواب أنه البيع المتحيل به إلى دفع عين في أكثر منها، وأخبرني بعض الثقات عن الشَّيخ تقي الدين ابن دقيق العيد أجازه قال: صحح أبو الحسن بن القطان، فيما نقله من «كتاب الزهد» لأحمد بن حنبل عن ابن عمر قال: أتى علينا زمان وما يرى أحد منا أنه أحق بالدينار والدرهم من أخيه السلم ثم قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إذا الناس تبايعوا بالعينة واتبعوا أذناب البقر وتركوا الجهاد في سبيل الله أنزل الله بهم بلاءً فلا يرفعه عنهم حتى يراجعوا دينهم، وسمع ابن القاسم كان رجال من أهل الفضل يتجرون في العينة، ثم تركوها وهم يرون فضلها لما استرابوا منها، وسمعه أيضًا لا خير في شراء الرجل بنقدٍ ما باعه لأجل ممن ابتاعه منه بنقدٍ في مجلس واحد. قال ابن القاسم: قال ابن دينار: هذا مما يغرب عليه عندنا. ابن رُشْد: لأنه إذا كان في مجلس واحد، احتمل أن يكونا إنما أدخلا الرجل بينهما ليبعدا

التهمة عنهما ويتوصلا إلى رد السلعة لبائعها ودفعه قليلًا في كثير، وما يأخذه من أدخلاه بينهما من ربح سمي، إنما هو ثمن لمعونته إياه على الربا، وسمعه من باع طعامًا أو غيره وهو ممن يعين بثمن لأجل فجاءه مشتريه فقال: وضعته فيما بعتني وضيعة كثيرة فخفف عني من الثمن الذي بعتني به لا خير فيه؛ لأنه يقول ابتداء أربح عليك للعشرة أثني عشر أو أكثر يراوضه على ذلك فإذا باع السلعة فنقصت عما اعتبرا من ثمنها في المراوضة طلب منه الوضيعة ليتمما ما دخلا عليه، وسمعه أكره أن يبيع رجل عاين طعامًا من رجل لأجل على أن ينتقد من ثمنه دينارًا فكره ذلك، وقال: لست أول من كرهه، كرهه ربيعة وغيره. ابن رُشْد: هذه بيعة صحيحة في ظاهرها لا يتهم فيها إلا أهل العينة يخشى أنهما قصدا أن يبيع منه الطعام على أن يبيع له منه بدينار يدفعه إليه، ويكون الباقي له بكذا وكذا دينار لأجل، وذلك غرر إذ لا يدري ما يبقى له من الطعام إذا باع بدينار نقدًا. وقال بعض أهل العلم: إن دفع إليه الدينار من ماله لم يكن به بأس، وفي سماع سَحنون إنه لا يجوز؛ لأنه يخلفه من الطعام يريد؛ لأنه إن كان وقع البيع على أن ينقده الدينار من الطعام فلم يصلحه أن يدفعه من عنده. ابن رُشْد: العينة الجائزة بيع مبتاع عاين سلعة لطلبها منه قبل ملكه إياها ممن طلبها منه دون مرواضة ولا وعد، فلو قال: اشتر كذا أو آخذه بربح دون مراوضة على قدره كره. عياض: وقاله ابن حبيب، وروى ابن نافع لا أبلغ به الفسخ. قال فضل: هذاعلى قول ابن القاسم، ويجب فسخ شراء الآمر وكرهوا أن يقول لا يحل أن أعطيك ثمانين في مائة، ولكن هذه سلعة قيمتها ثلاثون خذها بمائة. ابن مزين: لو كان مشتري السلعة يريد بيعها ساعة يقبضها فلا خير فيه ولو لم يكن البائع غائبًا فليحق هذا علي قوله بالمكروه، وصور محظورها ثلاث: الأولي: اشترلي كذا بعشرة آخذه منك باثني عشرة نقدًا فيهما إن لم يشترط نقد المأمور جاز، وإلا فسدت؛ لأنها إجارة وسلف إن وقع لزمت الآمر فإن نقد المأمور جاز، وإلافسدت؛ لأنها إجارة وسلف إن وقع لزمت الآمر فإن نقد المأمور، ولم يمض قدر مدة بيع السلف ففي لزوم الأقل من أجر مثله والربح أو أجر مثله فقط، ثالثها لا أجر له؛ لأنه إتمام للربا لابن القاسم وسَحنون مع ابن حبيب وابن رُشْد، ولو مضى

قدر مدته فالأخيرران وإن لم ينقد فالأولان. الثانية: على أن الأولى نقد والثانية لأجل حرام، وفي لزوم البيع الأول للآمر وفسخه إن لم يفت المبيع قولا المشهور وسَحنون. ابن رُشْد: وهو بعيد وحمل على علم البائع الأول بعملها، وفي لزوم الأقل من جعل المثل والربا الثلاثة الأقوال. ابن محرز عن محمد: لا يفسخ وإن لم يفت وله رأس ماله، وجعل مثله: ابن حبيب يفسخ الشراء الآخر؛ لأنه بيع ما ليس عندك فإن فات المبيع فقيمته يوم قبضه الآخر ما بلغت، قال: فعلى تعليمه لا يجوز، ولو قع الشراء بنقد، الثالثة على العكس حرام؛ لآنه إجارة وسلف، يرد المأمور العشرة إن قبضها وله جعل مثله، فلو أسقط في الثلاثة ففي جواز الأولى وكراهتها روايتان، والثانية لا تجوز، وفي مضيها وفسخها فيمضي بالقيمة في الفوت يوم قبضها الآمر، رواية ابن القاسم مع قوله: مستحبًا ترك المأمور الزائد على ما نقد وقول ابن حبيب قائلا؛ لأنه واطأه على بيعها قبل وجوبها للمأمور فدخله بيع ما ليس عندك، والثالثة كذلك، وفي مضيها بالعقد أو الفوت ثالثها فسخه كما مر لابن القاسم، وسَحنون وابن القاسم.

كتاب بيع الخيار

[كتاب بيع الخيار] بيع الخيار: بيع وقف بته أولًا على إمضاء يتوقع، فيخرج ذو الخيار الحكمي.

المازري: في كونه رخصة لاستثنائه من الغرر وحجر المبيع خلاف، وفي ثبوت الخيار مدة المجلس دون شرطه قولا ابن حبيب، والمشهور أمد الشرطي فيها: في الدور الشهر ونحوه. ابن حبيب: فيها وفي الأرضين شهران. سواء لا وجه لمن فرق بينهما، وقولها في ابئر عشرة أيام في السؤال لا في الجواب. المازري: المشهور في الدور شهر ونحوه وقيل في العقار شهران. قُلتُ: عزاه الباجي لابن الماجِشُون. التونسي: له أن يقيم بالدار ليلًا لخبرة جبرانها دون سكنى، وفي جواز شرطها، ثالثها إن لم يكن من محلتها للمتيطي عن غير واحد من الشُيُوخ مع عبد الحق ونقله عن حمديس مع التونسي والمتيطي عن ابن القاسم واللخمي قائلًا: إن صون بها كراء مسكنه منع إلا بعوض معلوم إن بت قبل سكناه سقط ولتمام مدة الخيار وجب، وفي أثنائها بقدر ما سكن. وفيها: في الجارية خمسة أيام إلى جمعة وشبهه. ابن حبيب: وكذا العبد.

محمد: أجاز فيه ابن القاسم عشرة، وروى ابن وَهْب شهرًا ومنعه ابن القاسم وأشهب. محمد: أفسخه لشهر. اللخمي: لا يغيب أحدهما على الجارية وخدمة عبد الخدمة للمبتاع لغو وأجرصنعته، وخراجه غلة. وفي الدابة دون ركوب ابن حبيب: ثلاثة أيام. وفيها: لا بأس بشرط ركوبها اليوم وشبه والبريد ونحوه ما لم يبعه. أشهب وبريدين فقيل للذهاب والرجوع أبو عمران: للأول فقط. عياض: البريد للأول والبريدان لهما فيتفقان، وقول ابن عبد السلام: في ركوبها للخبرة دون شرط. قولا أبي عمران وأبي بكر بن عبد الرحمن، خلاف قول عياض قول أبي بكر لا تركب إلا بشرط، لقولها: إن شرط، وقول أبي عمران تركب وإن تركب وإن لم يشترط إن كان الركوب عرفًا في اخبارها. وقال ابن حبيب: والثوب كالدابة ولا يشترط لبسه. قُلتُ: هو قول غير ابن القاسم فيها لا يشترط لبسه؛ لأنه لا يختر باللبس كالدابة بالركوب والعبد بالاستخدام. اللخمي: الخيار لخبرة المبيع أو للتروي في ثمنه أو كسبه له قبضه للأول إن بينه وإلا فلا. المازري: إن اتفقا على وقوعه مطلقًا وإن ادعى كل قصد نقيض قصد الآخر فسخ. التونسي واللخمي: يختلف أمده بحسب المبيع إن كان لخبرته، وإن كان للتروي في ثمنه فقال التونسي: ثلاثة أيام فقط، ولو شرط في الدار شهر للتروي لم يجز إلا ثلاثة. اللخمي: التروي بحسب قدر الثمن ليس الدينار كالعشرة ولا هي كالمائة ولا هي كالألف، وإن كان لهما اعتبر أبعدهما فإن كان الأول اعتبر كله كان الثاني رد المبيع لبائع بانقضاء أمد خبرته، وبقي التروي؛ لانقضاء أمده. وفيها: بيع رطب الفاكهة والخضر بخيار إن احتاج الناس فيه إليه وأمده بقدر

حاجة الناس مما يتغير فيه. سَحنون: ولا يغيب مبتاع على مثلي. اللخمي: إلا بطبع فإن غاب دونه لم يفسد البيع. عياض: المنع بشرط ويجوز طوعًا. محمد: يمنع بقاؤه بيد بائعه، وأجازه بعض شُيُوخ عياض قال: وقول محمد إن شاحه المبتاع ابن محرز: ولو باع عرضًا بعرض اعتبر أمد المقصود منهما بالخيار. وفيها: أمد خيار السلم يومان، ونحوهما قدر أمد تأخير رأس ماله. ابن محرز: يريد ورأس ماله عين ولو كان غيرها فبحسبه. عياض: إنما ظاهرها أمد تأخير رأس ماله وما ذكره يوجب جهل أمد السلم لاحتمال بته في الدار أول الشهر أو آخره، ولو شرط بعد أمد فالنص فسخ البيع. اللخمي: علله مالك بتهمتهما على إضمار بته بأقل من الثمن وإظهار الخيارليضمنه البائع بتمامه، فخرج إمضاؤه إن لم تكن عادة بذلك من إمضاء فاسد بيوع الآجال إن لم تكن عادة بما اتهما عليه. ورده المازري بأن فساد بعيد الخيار قد علل بالغرر، وعلى الفسخ قال القاضي: إذا أسقط فاسد الشرط صح العقد إلا شرط بعيد الخيار لعدم مناقضة إسقاطه مقتضاه. المازري: هذا في إسقاطه ببت البيع، ويتخرج صحته على صحة أخذ تمر عن رأس مال سلم فيه فاسد بعد فسخه بجامع عدم تهمتهما على إتمام فاسد بإظهار الإسقاط والفسخ، وقبله ابن شاس، ويرد بأن الفسخ منهما والإسقاط من أحدهما وتهمة مسلمين أبعد من تهمة مسلم. قال: ولو أسقط الزائد دون بت ظهرت مناقضة مقتضى الشرط ففيه على مأخذه نظر. وفي كون الضمان في البعيد من مبتاعه بقبضه أو كصحيح الخيار نقل ابن حارث عن ابن سَحنون وابن عبدوس مع محمد وابن وَهْب وسماع سَحنون ابن القاسم قائلًا: شرط فيه النقد أو لا، ولم يحك ابن رُشْد غيره محتجًا بعدم بته. سَحنون: لو شرط في عقار ثلاث سنين، وبنى المبتاع أو غرس في أمد الخيار، والخيار للبائع لم يفت بذلك ورد وله قيمة بنائه منقوضًا، وبعده مفوت فيوجب على

المبتاع قيمة المبيع يوم انقضاء أمد الخيار، وفيها: إن لم يضربا أمده ضرب بحسب المبيع. وشرط النقد فيه مفسد، والضمان فيه كصحيح. الباجي: إلا أن يقبضه بعد أمد الخيار فيضمنه، وشاذ قول ابن الحاجب يفسده على المشهور لا أعرفه إلا رواية محمد من نقد ثمن ثوب حتى يراه فإن لم يرضه رده جاز إن قرب وطبع عليه، وفي صحة العقد بإسقاطه كبيع وسلف نقل ابن رُشْد عن سَحنون، وعبد الحق عن بعض الأندلسيين مع ابن رُشْد عن ظاهرها، وعزاهما المازري للمتأخرين. والطوع به جائز. ابن رُشْد: إلا فيما لا يمكن التناجز فيه بعد الإمضاء كالسلم والغائب والمتواضعة. اللخمي: ومضمون الكراء فإن نزل لم يفسخ؛ لأنه قبض عوضًا عنها. ابن بشير: إن كان كراء معينًا أو غائبًا أو متواضعًا جرى على أخذها عن دين. قُلتُ: قولها: منع أخذها عنه. وفيها: لا بأس بالخيار في السلم إن لم يقدم رأس المال فإن قدمه كرهت ذلك، لأنه سلف وبيع، وسلف جر نفعًا. ابن محرز: لا يجوز طوع النقد فيه وكذا كل ما تراخى قبضه بعد أمد الخيار كالإجارة وذكر ما ذكر. ابن رُشْد قال: لأنه فسخ دين في دين. قال: وقالوا لو طاع به في السلم لم يرد ما لم ينقض أمد خياره فيجب السلم فإذا وجب صار كتأخير رأس ماله بغير شرط ولم يفسخ لسلامة عقده مما يفسده. قُلتُ: الأظهر رد النقد مطلقًا إذ لا رافع لمفسدة فسخ دين في دين غيره، وحيث جاز الطوع به نقل ابن محرز يضمنه قابضه قال: وقيل إن كان عينًا والعرض كمبيع على خيار، واختار إن دفعه لتمكينه من النفع به، بالأول وإن وقفه بيده لتروي المبتاع بوديعة. عبد الحق والصقلي وغيرهما: لا يلزم وقف الثمن. المازري: أشار بعض المتأخرين إلى أنه لا يتخرج من الغائب ولا المتواضعة

لانبرامها وانحلاله. قُلتُ: قول عياض: الثمن في الخيار والمواضعة إنما يوقف عند المشاحة، يقتضي أن المذهب وقفه، والمشهور صحة اشتراط خيار ثالث إن قربت غيبته، أَصْبَغ عن ابن القاسم: لا يعجبني. ابن حارث لسَحنون عنه يفسده وعلى الأول لو شرطه أحدهما لنفسه ففي استبداده بالأخذ والرد دونه ولو سبقه بأحدهما واستبداد الثالث كذلك دونه أو الأول إن شرطه البائع وإلا فالثاني، أو القول الآخذ منهما إلا أن يتفق المبايعان على لغو حكم الثالث، خامسها هذا إن شرطه البائع والثاني إن شرطه المبتاع، وسادسها الشارط من كل يلزم أول صادر منه أو من الثالث إن كان البائع وإلا فالثاني، وسابعها هذا والمشتري كالبائع لابن رُشْد عن منخب ابن لبابة مع ابن حبيب، وظاهرها مع تفسير ابن رُشْد الموطأ والصقلي عن القاضي عن ابن القاسم ورواية أبي عمر مع ابن رُشْد عن من فسرها بتساوي المبتاع بالبائع وتأويلها الشَّيخ مع ابن لبابة وبه فسر قول ابن نافع، والموطأ وتأويلها التونسي، وتخريجه المبتاع على البائع فقيل: تفريقها فيهما تناقض وقيل لقوة ملك البائع، وقيل: شرطه البائع لنفسه والمبتاع لهما. الصقلي: قول ابن أخي هشام: موت الثالث يفسد البيع على الثاني لا الأول. الجلاب: ليس لمشترطه فسخ البيع قبل اختيار الثالث فإن مات الثالث استقل به، ولو شرط مشورته فالمعروف الأول. ابن رُشْد: نقل التونسي عن ظاهر الموَّازية، لزوم سابق، المستشار أخذًا وردًا بعيد، ونقله عن ابن نافع الثاني، وهم؛ لأنه إنما قاله في مشورة مقيدة بخيار، وعزاه اللخمي لروايته، وغلطه بذلك، وقبول ابن عبد السلام نقل ابن الحاجب، وقيل: يستبد إن كان بائعًا لا أعرفه نصًا، والرضى كالخيار. المازري: عن بعضهم: من وكل على شراء بخيار واشترط خيار ثالث لم يلزم الآمر؛ لأنه وكيل وكل. قُلتُ: هذا على غير الأول، ومن وكل على شراء ثوب فابتاعه بخيار فضاع، ففي ضمانه الآمر أو المأمور ما لم يبين للبائع أنه رسول فيحلف لقد ضاع ويبرأ، ثالثها إن لم

يزد في الثمن للخيار لرواية محمد وله. وللخمي قال: وعلى الأول لا يستقل المأمور برد أو بت عن الآمر وعلى الثاني يستقل ليزيل عداه، وتعقب التونسي قول محمد بأن قوله: أنه رسول لا يسقط حق البائع إلا أن يقول رسول إليه وقبوله. المازري: يرد بأن رضاه بالدفع له بعد إعلامه رافع علة ضمانه وهي القبض لمنفعته بالمقبوض فصار بذلك كأمين. المازري والتونسي وأبو عمران في نازلة القيروان: سمسار أمر بشراء سلعة فقال لأهل سوقه من عنده سلعة كذا فأعطيها فضاعت ضمنها آمره. وفيها: تخيير أحدهما الآخر إثر عقد البت، لازم بعض شُيُوخ الصقلي. إن نقد الثمن وإلا امتنع؛ لأنه أخذ سلعة بخيار عن دين. اللخمي: هذا إن قال أقيلك أو أخذتها عن الثمن وإلا جاز، إذ له أخذ ثمنه قبل بت العقد، يريد فليس العقد مبنيًا عليه، وحيث صح في ضمانها المبتاع أو جاعل الخيار قولان لها وللمغيرة. وفي كون بيع الخيار منحلًا حتى ينعقد أو منعقدًا حتى ينحل أو منحلًا اتفاقًا، فإن أمصى ففي عدة ممضي من يوم نزل أو أمضي قولان، طريقا ابن بشير مع المازري وابن رُشْد مخطئًا غيره، وظاهر المذهب، ونص اللخمي والباجي وابن رُشْد أن المبيع مدة الخيار ملك لبائعه فالإمضاء نقل ونص ابن عبد الرحمن ملك لمتاعه فهو إبقاء والرد فسخ. المازري: قولان خرج عليهما غيرهما. الثاني يصحح طريقة ابن بشير والمازري ويرد طريق ابن رُشْد وغلته لبائعه. الشَّيخ عن ابن القاسم اللبن والسمن غلة والصوف جزء من المبيع، وفي كون أرش الجناية عليه تبعًا به أو للبائع قولان لابن حبيب ولها، ولو ولدت الأمة في أمده ففي كون ولدها كجزء منها أو لبائعها قولا ابن القاسم وأشهب، نوقضا بقوليهما فيمن ولدت بعد جنايتها قبل إسلامها، ويفرق لابن القاسم بأن سبب الإمضاء، لما كان من المالك في البيع عد من يوم نزل ولأشهب بأنها في ضمان البائع كالجناية في ضمان المجني

باب دليل رفع الخيار

عليه بأرشه، ونقضا بعدم رجم ابن القاسم حرة تزوجها عبد بغير إذن مالكه، أجازه بعد أن زنت ورجمها أشهب، ويفرق لابن القاسم بدرء الحد بالشبهة، ولأشهب بأنه إجازة برفع مانع العقد لا بتحصيل جزء منه وبأنه حكمي. أشهب: إن أمضى أمرا بالجمع بين الأم وولدها، وفي كونه في ملك أو حوز قولا المتأخرين. اللخمي عن محمد: يفسخ للتفرقة، وفيها: ما وهب في الخيار لبائعها. ابن عبد الرحمن إن لم يشترط ما لها بخلاف رهنًا مشترطًا مالها ما وهبته، لا يكون رهنًا لانتقال ملك البائع بخيار لمبتاعه وعدمه للمرتهن. ابن الكاتب: كمكاتب بخيار ما وهب في مدته فله فقبله عبد الحق والصقلي، ويرد بأن ما ثبت بالسنة أقوى مما ثبت بالافتراق وبأن متعلق الحكم الشرعي كلي، ومتعلق الشرط المطلق الحادث جزئي. [باب دليل رفع الخيار] ودليل رفعه قول أو فعل: المازري: وترك هو كعدمهما، فبقاء المبيع بعد أمده بيد أحدهما يلزمه له كان ذا الخيار أو غيره يريد ما لم يشهد ذو الخيار بخلافه. وفيها: إن رد من له الخيار أو بت والآخر غائب وأشهد لزم الآخر، وفي رفع الخيار بغروب شمس آخر يومه وبقائه لما قرب منه قولان: للشيخ عن أشهب مع ابن الماجِشُون، ولها وقول التونسي لو هلك بيد المبتاع حيث يكون له رده لقربه، أشبه كون ضمانه منه خلاف مقتضاها ولو شرط إن لم يأت بالمبيع قبل غروب شمس يوم آخره لزمه، ففي فساد البيع وصحته دون شرطه قولان لها مع عياض عن كتاب محمد ولتخريج القابسي على إن لم يأت بالثمن لوقت كذا فلا بيع مع عياض عن سماع ابن القاسم فصوب الصقلي التخريج وفرق غيره بالانبرام، والحل والقول واضح.

باب في الفعل الدال على إسقاط الخيار

[باب في الفعل الدال على إسقاط الخيار] والفعل ما خص صدوره بالمالك ... : سَحنون: دليل بت المبتاع منه دليل رد البائع، ونقضه اللخمي بإجازة البائع العبد وبعثه للصنعة إذ الغلة له ومنه عقد حرية لازم ولا نص في الوصيَّة والكتابة على خيار والأظهر دلالتهما. وفيها: نظر فرج الأمة وتزويجها وتجريدها للذة دليل ولغيرها لغو إذ قد تجرد للتقليب. ابن محرز: هذا تعليل بواقع لا بجائز. الصقلي: بل بجائز إذ قد يكون بجسمهما عيب. ابن حبيب: قرصها أو مس بطنها أو ثديها أو خضب يديها بالحناء أو ظفر رأسها بغسل دليل لا فعلها ذلك دون أمره. وفيها: وتعريب الدابة وتهليبها وتوديجها دليل يعني فصدها في أسافلها، وجز شعر ذنبها، وفي إنكاح المشتري العبد أو إجارته أو رهنه أو إسلامه للصنعة أو المكتب أو السوم أو الجناية عمدًا قولا ابن القاسم، وأشهب قائلًا فيها بعد حلفه في الثلاثة الأول، وفي الموّضازيَّة في الجميع. اللخمي والصقلي: وقاله ابن حبيب في السموم وجناية المشتري والخيار له خطأ لغو فإن رد غرم نقص القليل، وفي غرمه للمفسد ثمنه أو قيمته ثالثها أقلهما لابن القاسم وسَحنون قائلًا ويعتق عليه وقول اللخمي: لو قيل كان وجهًا. الصقلي: قول بعض أصحابنا يحتمل قول ابن القاسم يضمن الثمن، أي: القيمة، أو أنه اختار قبل ذلك خلاف ظاهر الكتاب. ابن محرز: قال سَحنون على هذه المسألة كلام سوء ابن الكاتب أراد قوله: يمضي

بالثمن إنما عليه عنده قيمتها ابن محرز هي جارية على الخلاف فيمن استهلك سلعة وقفت غلي ثمن ولعل سوقها لم يتغير؛ فلذا ألزمه ابن القاسم ثمنها ولو تغير بزيادة غرم الأكثر منه ومن القيمة، وإن أخذه ففي غرمه النقض قولان لابن الكاتب مع ابن عبد الرحمن وظاهرها مع ظاهر الواضحة، وإن رد قال قال الصقلي عن سَحنون: يحلف وعن ابن القاسم إن اتهم وجناية البائع والخيار له خطأ يوجب المبتاع وعمدا في كونها دليل رده، القولان وعتق البائع والخيار للمبتاع لغو إن بت البيع وماض إن رد. قُلتُ: لم يذكروا فيه خلافًا وهو حجة لابن رُشْد على ابن بشير والمازري في أنه على الحل وعكسه العتق لغو لعدم ملك المبتاع وإذن البائع له في التصرف بخلاف عتق المبتاع مبيعًا فاسدًا وخروج لزومه إن بت من قول ابن حبيب، الأرش للمبتاع والمازري من انتقال الملك للمبتاع بالعقد. اللخمي: لو أعتق أحدهما العبد والأمة ثمنه فإن كإن ذا الخيار لزم فيما باع باع فقط وإلا ففيما يستقر في ملكه، خرج المازري لزوم عتق ذي الخيار فيما ابتاع لما مر، وفيما باع لقوة العتق كأن بعتك فأنت حر ويغرم القيمة كاستحقاق المبيع ووطء ذي الخيار بائعًا، رد ومبتاعًا بت، فإن كان وخشا عجل الثمن وتوقف العلية للاستبراء. اللخمي: اتفاقًا كبيع بت وضمانها بيد المشتري قبل الوقف، خرجه على ضمانها مبيعة على ترك المواضعة. ثالثها إن أقر البائع أنه كان وطئها فمنه، وروى أبو الفرج إن حملت من غير ذي الخيار منهما وبت كانت لذي الخيار مع قيمة الولد وإلا حد. التونسي: وجنايته، والخيار للبائع خطأ كأجنبي وقول ابن الحاجب: للبائع أخذ الجناية أو الثمن لا أعرفه ويضر بالمبتاع وعمدا للبائع إلزامه البيع أو أرش الجناية، وجناية البائع والخيار للمبتاع بقتل خطأ فسخ وعمدا يلزمه، فضل: قيمته على ثمنه وبنقص خطأ مجاز. وعمدا للمبتاع أخذه مع الأرش والمبتاع ذو الخيار فيها، روى علي لا ينبغي أن يبيع حتى يختار فإن باع قبله فللبائع إمضاؤه وأخذ الثمن أو الفسخ وطرحه سَحنون وقال: إنما روى علي الربح للبائع وصوبه الصقلي قال: إذ لو فسخه كان للمبتاع الأخذ إذ لا يسقط خياره فيصير الفسخ لغوًا. عياض: في بعض رواياتها لابن القاسم الربح للبائع إلا أن يحلف أنه اختار

قبل البيع. المازري: قيل بيعه رضا. اللخمي: لو فات ببيع المبتاع والخيار للبائع فله الأكثر من الثمنين والقيمة، وعكسه للمبتاع الفسخ أو الأكثر من فضل القيمة والثمن الثاني على الأول، فإن مات ذو الخيار، ورث ولا إمضاء لبعض ورثته دون بعض. ابن القاسم: مطلقًا. الشَّيخ عن الموَّازية: للمجيز أخذ الجميع. أشهب: فيها النظر الأول، والاستحسان الثاني، وكذا في الرد بالعيب. المازري: مطلقًا، الشَّيخ وابن شلبون: إن لم يرض البائع بالتبعيض. ابن محرز: وهو ظاهر الكتاب هنا، في مسألة الوصيين، وفي كون الراد من ورثة البائع كأخذ من ورثه المبتاع أو لا أخذ له بحال، قولا شُيُوخ عبد الحق ولم يحك المازري في شرح التلقين غير الثاني، وفي تعليقته أجرى بعضهم الاستحسان في ورثة البائع بأخذ المجيز حظ الراد ليتم البيع وأباه بعضهم؛ لأنه أخذ ملك الراد بغير اختياره. قُلتُ: لعله على إن عقد الخيار على البت فليس للراد حل بعضه، وقولها لمريد الأخذ أخذ حظ الراد إلا أن يسلم له الباقي من البائع أو المبتاع حظه فقط دليل للشيخ وابن شبلون. وفيها: لو اختلف وصيان مشتركان رد السلطان أحدهما لأصوبهما والمستقلان أو أحدهما مع كبير كوارثين. وفيها: للمجيز أخذ حظ الراد فإن أبى رد البيع إلا أن يسلم له الباقي من بائع أو مبتاع أخذ حظه فلا يكون له إلا ذلك فأخذ قول المازري، وأجيب بأن فيها تقديمًا وتأخيرًا. ابن محرز: إن اختلف ورثة المبتاع ذي الخيار وورثة البائع في قبول حظ الراد فلا حق للآخذ في حظ الراد من ورثة البائع من حظ الراد من ورثة المشتري، والاستحسان في حظ مريد الإمضاء منه من ورثة البائع بعض شُيُوخ عبد الحق عن بعض الأندلسيين

لا يدخل الاستحسان في ورثة البائع إن كان الخيار له، فأجاز بعضهم ورد بعضهم لا يقال لمن أجاز مصابة من لم يجز؛ لأنه إن قيل له ذلك لم ينتفع إذ الراد يرد البيع وأخذ ما له كرهًا، وألزم عهدة يفر منها، ويقع الضرر على المشتري في تبعيض الشراء عليه إذا أبى ذلك، ولو أن قائلا قال: إن أشهب لم يرد إلا أن لورثة البائع من الخيار ما لورثة المبتاع ما أبعد إذ هو ظاهر لفظ بعض شُيُوخ عبد الحق إن اختلف ورثة البائع كان مريد الفسخ منهم كمريد الإمضاء من ورثة المشتري في قول أشهب بالاستحسان، قالغيره من شُيُوخه: لا يدخل في ورثة البائع بحال. قُلتُ: ففي دخوله في ورثة البائع مطلقًا وعدمه، ثالثها يدخل، وللراد أخذ حظ المجيز، وليس للمجيز أخذ حظ الراد بحال لقول بعض القرويين: لو قاله قائل: ما أبعد، وقولي غيره من القرويين، وفي كون المتبايعين صفقة فيه، وفي الرد بالعيب كوارثين واستقلال كل بحكمه، قولا أشهب مع مالك وابن القاسم. وفيها: لمن شاء من مشتري سلعة يختار الأخذ والرد دون صاحبه ولا مقال عليه لبائعها وينظر السلطان لمن جن أو أغمي عليه. قال ابن القاسم: ينتظر، فإن طال فسخه السلطان لضرر. أشهب: هو كمن جن وتخريج المازري الفقد على الإغماء نحو قول اللخمي لا يأخذ له على قول ابن القاسم وعلى قول أشهب الأخذ أحروي. قُلتُ: الأحروية فرق يمنع تخريج عدم الأخذ على قول ابن القاسم: ويؤيده أن المذهب أن الإمام ينظر في مال المفقود لا في مال المغمى عليه، وعلى الأول لو أغمي على مشترطه ثلاثة أيام، يومين، وأفاق في الثالث. اللخمي: يزاد يومين. المازري: فيه نظر بناء على أنه مصيبة بالمبتاع أو البائع، وأخذه من قولها: لا يفسخ حتى يطول إغماؤه طولًا يضر البائع، ونوقض ابن القاسم بإجازته أخذ السلطان لغائب بناء معار عرصة فيها بقيمته مقلوعًا وأجاب الصقلي بأن الغيبة مظنة الطول، والإغماء مظنة قرب الزوال. قُلتُ: فيلزم جواز الأخذ للمفقود إلا أن يراعى قدم فقده في وجوده والمازري

بأن البناء وجب للغائب فتركه تضييع له، وحفظ مال الغائب واجب. وفيها: لغرماء ذي خيار مات محيطًا به دينهم الأخذ إن كان نظرًا. الشَّيخ: الربح له والنقص عليهم بخلاف أخذهم ما ابتاع بدفع ثمنه لاستقلاله ببت عقده، فإن تركوا والأخذ أرجح قالوا لم يجبروا بخلاف هبة ثواب كذلك لقوة عقدها لضمانه إياها. وفيها: ثم للورثة الأخذ بأموالهم. قُلتُ: والربح للميت. وفيها: إن عجز مكاتب ابتاع سلعة بخيار في أمده فلسيده من الخيار ما كان له يأخذ منه عجزه حجر، أو انتزاع وفي كون ضمان مبيع الخيار من بائعه إلا ما يغاب عليه من مبتاعه إن غاب عليه أو من شارط خياره مطلقًا قولا أشهب مع ابن القاسم ومالك مع رواية ابن رُشْد، وعلى الأول ضمانه لو قامت بينة بهلاكه بغير سببه نقلا المازري مع اللخمي عن أشهب وابن القاسم. وفيها: إن ثبت ببينة سرقة الثوب أو غرق مركب أو حرق منزل ورأت البينة الثوب في المركب والنار لم يضمنه، وشرط محمد علمها أنه من غير سببه، ويصدق في ذهاب الحيوان وإباقه وسرقته بيمين ما لم يقم دليل كذبه، ولو ادعى موتًا سئل أهل موضعه ولا يقبل إلا العدول فإن بان كذبه أو لم يعلم موته أحد منهم ضمنه، قالوا: والمتهم وغيره في لزوم يمينه سواء. ابن حبيب: ويحلف ما كان اختاره اللخمي: إن نكل عن إحداهما ضمن، وإن ادعى موته حيث لا أحد معه صدق بيمينه، وتقدم في ضمان المهر ما ينبغي ذكره هنا وما يضمن المبتاع لو هلك بيد البائع ضمنه اتفاقًا. اللخمي: يختلف إن قال المشتري: أقيله فعلى قول ابن القاسم يحلف البائع لقد ضاع ويبرأ، وعلى قول أشهب ويغرم فضل قيمته على ثمنه، ولو ضاع عند المشتري فللخمي عن ابن القاسم: يغرم: الثمن ولو كان أقل من قيمته دون يمين إن كان الخيار له وإلا فبعد يمينه إن نكل غرمها. أشهب: إن كان الخيار للمبتاع غرم الأقل منهما فإن كان الثمن فدون يمين وإن

كان القيمة فبعد يمين، وإن كان للبائع غرم الأكثر منهما دون يمين. قُلتُ: وقاله المازري، والأظهر إن كانت القيمة أكثر فبعد يمينه إن قال البائع: لا أمضي، ولم يحك ابن محرز غير قول أشهب وساقه كأنه المذهب، قال: وإن ادعى البائع هلاكه والخيار للمبتاع فله أخذه بفضل على الثمن وإن كانت من غير جنسه فله تركها فيه أو غرمه وأخذها، محمد عن ابن القاسم من ابتاع عبدًا بخيار له فهلك، فقال: هلك في أمد الخيار، وقل البائع بعده: صدق؛ لأن المبتاع يطلب نقض البيع فعليه البينة. الشَّيخ: يعني واتفقا على مضي الأمد، ولو قال المبتاع: لم ينقض، صدق مع يمينه؛ لأن البائع يريد تضمينه. محمد: وجناية المبيع في أمد الخيار عمدًا عيب وخطأ لغو إن سلمه ربه، والخيار له تم وإن كان الخيار للمبتاع فله منعه ويغرم له فضل الثمن على الأرش، وفي جناياتها من باع عبده بعد أن جنى، وافتكه فلمبتاعه رده بهذا العيب إلا أن تكون بينة، قال غيره: هذا في العمد وفي الخطأ، كأنه عيب ذهب. اللخمي: إن كان العبد معاودًا لمثل ذلك في الخطأ فله رده، ومن قبل جاريته بعيب حدث في أمد الخيار ثم حدث عنده أخر وظهر عيب قديم ففيها عرفت قيمتها بعيب الخيار يوم الصفقة، وقيمتها بالقديم، وطرح من الثمن حصته، وإن ردها رد ما نقصها الحادث يوم قبضها ابن شبلون: والقيمة يوم العقد محتجًا بشفعة مبتاع شقص بخيار قبل مبتاع بت أخر بته أخر بعده عليه، وعزاه عياض للقرويين. قال عبد الحق وابن محرز: يوم يضمنها المبتاع وعزاه للمذاكرين وعياض للأكثر، ورد عبد الحق حجة ابن مناس بإنكار سَحنون شفعة ذي الخيار على ذي البت يرد بأن البحث على قول ابن القاسم وهذا أشهر قوليه حسبما ذكره ابن رُشْد آخر سماع سَحنون. ابن القاسم: في كتاب الزكاة؛ بل ترد حجة ابن مناس بأن ذلك في الثمن؛ لأنه عليه دخل والكلام هنا في القيمة فإن أمسكها سقط عنه من ثمنها الجزء المسمى للخارج من تسمية فضل قيمتها بعيب مدة الخيار على قيمتها به وبالقديم من قيمتها

بعيب مدة الخيار فقط، وإن ردها رد منه السمي للخارج من تسمية فضل قيمتها بالأولين على قيمتها بالثلاثة من قيمتها بعيب مدة الخيار فقط، قاله الشَّيخ وعبد الحق وابن محرز مغلطًا ابن أخي هشام، وفي قوله: من قيمتها بالأولين؛ لأنه ظلن بالمبتاع. قُلتُ: لأن الثمن إنما بذل فيها بعيب الخيار فقط، ولو كان بيعها فاسدًا بشرط النقد، وفاتت بحوالة سوق فله ردها بالعيب القديم، وإن أمسكها ففي لزومه قيمتها بعيب الخيار فقط أو به وبالقديم، ثالثها إن حكم عليه بالقيمة قبل ظهور القديم لعبد الحق عن سَحنون مع عياض عن ابن عبدوس وأشهب مع ابن القاسم وعياض عن بعضهم. ابن محرز: إن حدث بها عنده عيب فله إمساكها بقيمتها يوم قبضها بالعيبين وردها بغرم نقص الثالث من قيمتها بها ووجه قول أشهب بأن فوتها يعلقها بذمة المشتري كإتلافه إياها قال: والأول قال: والأول أصح؛ لأن فوتها يوجب أن قيمتها كثمن لها بالعيبين معًا، ومبتاع شيء بخيار إن رده فأنكر البائع أنه المبيع صدق مبتاعه مع يمينه، وبيع الاختيار وفروعه يأتي إن شاء الله حيث ذكره ابن الحاجب، والله الموفق.

كتاب الرد بالعيب

[كتاب الرد بالعيب] الرد بالعيب لقب لتمكن المبتاع من رد مبيعه على بائععه لنقصه عن حالة بيع عليها غير كميته قبل ضمانه مبتاعه، فيدخل حادث النقص في الغائب والمواضعة وقبل

الاستيفاء وبت الخيار لا الرد لاستحقاق الأكثر وعبر ابن شاس وابن الحاجب تابعين للغزالي بخيار النقيصة وحالة المبيع المعتبر نقصها، إما بشرط أو عرف فشرط ما لا ينقص ولا غرض فيه بوجه لغو، وتخريج ابن بشير إيجابه الخيار من الخلاف في لزوم الوفاء به تخريج للشيء على نفسه والخلاف فيه منصوص، سمع عيسى ابن القاسم: من اشترى أمة على أنها نصرانية فوجدها مسلمة غره بها، وقال: أردت تزويجها غلامًا نصرانيًا أو غير ذلك إن عرف ما قال وأن له وجهًا من حاجته لما ذكر فله ردها، وإن لم

يعرف صدق ما قال ولا له وجه فلا رد له، أصبغ: أو ليمينه لا ملك مسلمة. ابن رُشْد: هذا صحيح على سماع عيسى إن نكح مسلم نصرانية على أنه على دينها فلها فراقه، وروى ابن نافع: لا خيار لها وعليه لا ترد الأمة بأنها مسلمة، والصحيح الأول، وكذا لو اشتراها على أنها من جنس فوجدها من آخر أفضل في تمكينه من ردها، ثالثها إن كان لشرطه وجه لجبلة عن سَحنون والآتي على رواية ابن نافع وهذا السماع. عبد الحق: قلت لابن عبد الرحمن: النصرانية بصقلية أكثر ثمنًا من المسلمة بكثير. قال: له ردها وشديد أن يكون الإسلام عيبًا. قُلتُ: في جري الخلاف فيها مع كون ثمن النصرانية أكثر نظر، وفيها: إن وجد جنسًا أرفع مما شرط فلا رد له إلا أن يعلم أنه أراد به وجهًا كمن شرط صقلبية فوجدها بربرية فلا رد؛ لأنها أفضل. قُلتُ: وتحفظه عن مالك. قال: لا إلا أن يعلم أنه أراد بذلك وجهًا مثل أن يكره شراء البربريات لما يخاف من أصولهن وحريتهن وسرقتهن وما أشبه فله الرد، وسمعت مالكا وسأله ابن كنانة ونزلت المسألة بالمدينة في رجل اشترى جارية فأراد أن يتخذها أم ولد فإذا نسبها من العرب فأرادها بذلك، وقال: إن ولدت مني وعتقت يومًا جر العرب ولاءها ولا يكون ولاؤها لولدي. قال مالك: لا رد له. المازري: اختلف النقلة في قوله: وحريتهن فقال سَحنون: يريد أنهن سرقن أحرارًا وهذا يؤيد رواية حريتهن. اللخمي: وقيل جرأتهن. قُلتُ: وعلى قوله من العرب للأشياخ كلام محله في الولاء، ومن شرط جنسًا وجد دونه فله الرد اتفاقًا. ابن رُشْد: عجف شاة شرط سمنها عيب يرجع بحصته من ثمنها، وهو معنى قول أشهب في المبسوطة يرد فيها القيمة. وفيها: إن شرطها بربرية فوجدها خراسانية فله ردها. محمد: وكذا العكس لإشكال ما بينهما، وسمع القرينان لمن ابتاع سمنا رده لكونه

سمن بقر لا غنم. ابن رُشْد: لأنه رأى أن سمن الغنم أفضل، وكذا في هذا السماع من جامع البيوع، أن سمن الغنم ولبنها وزبدها أجود مما من البقر، والذي عندنا العكس وهذا إذا كان سمن الغنم أغلب في البلد أو تساويا فيه، فعلى رواية أشهب هذه إنما يقع البيع في كل متساويين في البلد على أفضلهما، ولابن حبيب في الواضحة خلافه قال: من ابتاع أمة أو عبدًا فألفاه روميًا، وسبهه من الأجناس التي يكرهها الناس، ولم يكن ذكر له جنسه فلا رد له أن يكون أدنى مما شرطه له بائعه، وفي رسم سن من سماع ابن القاسم من ابتاع جارية مثلها لا يوطأ فوجدها مفتضة إن كانت عليه فهو عيب، وإن كانت وخشًا فليس بعيب وإن كان مثلها يوطأ فليس بعيب ولو كانت من العلي. ابن رُشْد: التي لا يوطأ مثلها محمولة على أنها لم توطأ وليس كالشرط فيها فإن وجدها مفتضة فله رد الرفيعة؛ لأنه ينقص ثمنها لا التي من الوخش إذ لا ينقصها الافتضاض إلا أن يشترط أنها غير مفتضة وهو قائم من قولها: من اشترى بكرًا فافتضها لم يبعها مرابحة حتى يبين إلا أن تكون من الوخش اللائي لا ينقصهن الاقتضاض وعارض المازري: إلغاء الثيوبة في التي توطأ بمسألة السمن لاشتراكهما في الدخول على أمر أعم فيهما، وأجاب بأن ثيوبتها غالبة، وتحمل مسألة السمن على أن سمن الغنم أغلب، وسمع القرينان من اشترى قلنسوة سوداء فوجدها من ثوب ملبوس لا رد له؛ لأنها تعمل من الخلقان إلا أن تكون فاسدة جدًّا، وينبغي للبائع أن يبين، فقبله ابن رُشْد وللمازري أثر المسألة، وقال: من اشترى جبة ركبت من ثوب لبس أشهرًا ثم بيض وركبت منه الجبة هذا عيب فأشار بعض الأشياخ إلى أنه اختلاف قول، والعذر عنه أن القلانس ذلك فيها غالب وكذا قال من وجد قلنسوة حشوها صرف أو قطن بعضه قديم لا رد له إن لم تكن رفيعة وهذا؛ لأن العادة عندهم ذلك. الباجي: عيب الرد ما نقص من الثمن كالعور وبياض العين والصمم والخرس. السَّيخ عن الموَّازيَّة لا يرد صغير وجد أخرس أو أصم إلا أن يعرف ذلك منه في صغره. وفيها: والقطع ولو في أصبع، وسمع عيسى رواية ابن القاسم والشعر في العين

ولا يحلف المبتاع أنه لم يره الجلاب: والخصي والجب والرتق والإفضاء. ابن حبيب: والقبل في العينين أو إحداهما ميل إحدى الحدقتين للأخرى في نظرها، والميل كون أحد الخدين مائلًا عن الآخر للأذن أو اللحى والصور ميل العنق عن الجسد لأحد الشقين والزور كيل المنكب لأحد الشقين، والصدر أن يكون بوسط الصدر إشراف كالحدقة والفزر كونه في الظهر أو بين الكتفين كالحدقة ويقال للأحدب: أفزر، والخبط أثر الجرح والقرحة بعد البرء بخلاف لون الجسد، والعجزة العقدة على ظهر الكف أو غيره من الجسد، والبجرة نفخ كالعجزة إلا أن البجرة لينة من نفخ ليس بزائد والسلعة نفخ زائد ناتئ يتفاحش أثره، والظفرة لحم نابت في شفر العينين، وسمع أَصْبَغ ابن القاسم نقص الضرس في العبد خفيف، وفي الجارية الرفيعة عيب. ابن رشْد عن ابن حبيب: نقص السن في العبد والوضيعة من مؤخر الفم لغو، ونقص السنين وزيادة السن الواحدة عيب مطلقًا فيهما، وحمل الرائعة عيب. الباجي: اتفاقًا. التونسي: هو في ذات زوج أو معتدة أو ظاهر الزنا لغو في بعض الروايات رجوع من ابتاع زوجته بعيب حمل ظهر بها وفيه نظر. وفي حمل الوخش ثالثها لأهل الحضر لا البدو، ورابعها ولذي صلاح منهم علم أنه لا يكتسب مثلها لابن القاسم مع روايته، وابن نانة فيها مع الباجي عن رواية أشهب وابن رُشْد عن ابن حبيب واللخمي. ابن عبد الرحمن: معنى قول ابن كنانة في الجلب، وحمله غيره من زنى أو نكاح وكلاهما عيب، فقبله المازري ورده عياض بأنه قد يكون من زنا تبرأ منه، وجهل حملها أو علمه وكتمه وكذا من نكاح وقع منه فراق. الباجي: صفة الرد به ما في المبسوط: إن ظهر بها وجاء لستة أشهر من يوم قبضها متباعها فلا رد له، وإن ولدته قبل ستة أشهر فله الرد. قُلتُ: سمع ابن القاسم ترد بتبينه بشهادة امرأتين ولا يستأنى وضعه لضمانها مبتاعها. ابن رُشْد: لا يبين وجوده لأقل من ثلاثة أشهر ولا حركته لأقل من أربعة أشهر

وعشر فإن شهدتا ببيانه، دون شك من غير حركة ردت فيما دون ثلاثة أشهر وعشر لا فيما زاد لاحتمال حدوثه ويتخرج على رواية لا تجب نفقة البائن لظهوره؛ بل بوضعه ولا يلاعن له إلا بعد وضعه ولا يوجب حكم أم الولد ظهره؛ بل وضعه عدم الرد به؛ بل بوضعه إن وضعته حيًا لأقل من ستة أشهر فترد لعيب الولد والولادة وإن مات الولد فلعيب الولادة إن نقصها، وإن وضعته لستة أشهر لم لاحتمال حدوثه. وسمع ابن القاسم: إن ردت بشهادة النساء بحملها ثم وجد باطلًا لم ترد على المشتري. ابن رُشْد: إذا لعلها أسقطته وكتمته، والرسح: صغر العجزة فيها ليس بعيب. الشَّيخ: روى محمد إلا أن تكون ناقصة الخلق. المازري: لذا أولها المتأخرون بيسيره وعدم كونه غير معتاد. ابن حبيب: الرسح عيب إلا أنه ظاهر للمبتاع. قُلتُ: في سقوط قيام المبتاع بعيب لا يخفى مثله على المبتاع طريقان. ابن رُشْد: لا قيام له لقول مالك في الزلاء. الصقلي: هذا قول ابن حبيب وهو حسن ومالك لا يوجب فيه غير اليمين. قُلتُ: وكذا نقل محمد عن ابن القاسم بعض شُيوخ عبد الحق لو اشتراها غائبة على الصفة فوجدها زلاء فله ردها لكلام ابن حبيب. روى أشهب: صغر القبل ليس بعيب ما لم يتفاحش، وشيب الشابة في كونه عيبًا في العلي مطلقًا أو إن كثر. ثالثها، وإن قل إن كتمه البائع لها مع الشَّيخ عن رواية محمد وابن عبد الحَكم، وقول أشهب قيل: وقليله في الوخش لغو وفي كثيرة فيه، ثالثها ما تفاحش عما يكون في سن الأمة عيب لها واللخمي عن أشهب واختياره. الشّضيخ: روى ابن حبيب تجعيد شعر غير الرائعة، وتسويده لغو، وفي الرائعة عيب، زاد محمد: إن نقص من ثمنها، وفي كتاب آخر نقصًا بينًا. وفي كون صهوبة الشعر عيبًا، ثالثها فيمن يظن أن شعرها أسود كالسمر لنقل التونسي مع عياض عن تأويلها بعضهم والأسدية، وابن حبيب واختيار التونسي شارطًا نقصه من ثمنها مع اللخمي لا بشرطه قائلًا: إن سواد شعر من يظن أنها صهباء

ردت به إن رآه المبتاع، وإن كان مستورًا فلا. الشَّيخ روى ابن حبيب: لا ترد صهباء الشعر، ولو قال المبتاع: لم أره فهو لا يخفى. قُلتُ: ظاهره أنه عيب وعدم الرد به لظهوره. والاستحاضة عيب ولو في الوخش. محمد: قال ابن القاسم: مرة بقي عيب في التي توطأ، ويسأل عن الدنيئة فإن نقصها من ثمنها ردت. ابن حبيب: إن اعترتها الاستحاضة مرة بعد أخرى فهو عيب، وارتفاع الحيض مرة بعد أخرى غير عيب. الباجي: مقتضى المدَوَّنة أنهما سواء فقول ابن عبد السلام. قال ابن حبيب: إن كانت الاستحاضة تعتريها مرة أخرى لم يلزمه البيان ولا ترد وهو ظاهر، لأن الاستحاضة على هذا الوجه أكثر فهو كالمدخول عليه غلط فاحش. الباجي: روى محمد مدة الاستحاضة التي هي عيب شهران قال: ولا يردها إلا إن ثبت عند البائع لا بما اتصل يوم الاستبراء؛ لأن بحيضها ضمنها مبتاعها. قُلتُ: عزاه الشَّيخ لأشهب ولتفسير محمد قول مالك. اللخمي: هذا على أن المحبوسة بالثمن من المبتاع وعلى أنها من المبتاع ترد. قُلتُ: يفرق بأن حبس الحبوسة بفعل البائع وفي الاستبراء بالحكم. اللخمي: إن قبضها في أول الدم ثم تمادى استحاضة فله ردها للشك في استحاضتها قبل هذا الحيض بخلاف شرائها نقية من الحيض والاستحاضة إلا أن يشهد عليه أنه لم يكن أو يكون عليها دليل ذلك مما يحدث للنساء من الشحوب كان أبين أنه قديم. قُلتُ: في ظاهر الكتاب تنافٍ ولذا لم يذكره المازري، والأقرب رد قوله: إلا أن يشهد استثناء من قوله: فله ردها، وقوله: أو يكون عطف على أول كلامه فيكون حاصله إن قبضها في أول الدم ثم تمادى استحاضة أو يكون عليها أي: الاستحاضة دليل فله الرد وإن قبضها في نقاء أو شهد أنه أي: دم الاستحاضة لم يكن فلا رد. وفيها: بول الجارية في الفراش عيب.

ابن حبيب: وكذا الغلام إن فارق حد الصغر جدًّا. اللخمي: ولو كان وخشا، وسمع القرينان إن أنكره البائع وضعت عند عدول، ويقبل خبر الرجال والنساء. ابن رُشْد عن ابن الحَكم: لا يثبت إلا بإقرار البائع. قُلتُ: نقل اللخمي عنه يحلف البائع ويبرأ إذ قد تكره الأمة مبتاعها فتفعله. ابن رُشْد: الصحيح قول ابن حبيب لا يثبت إلا بينة أنها كانت تبول ولا يحلف المبتاع بائعه على علمه بمجرد دعواه؛ بل حتى توضع بيد امرأة، أو ذي زوجة فيقبل خبر المرأة والزوج عن امرأته ببولها، ولو أتى المبتاع بمن ينظر مرقدها بالغدوات مبلولًا فلا بد من رجلين؛ لأنها شهادة. وفيها: كون العبد مخنثًا عيب، وكون الأمة مذكرة عيب إن اشتهرت بذلك عبد الحق في بعض التعاليق عن أبي عمران: شرط الشهرة فيها دونه؛ لأن خنوثته دليل ضعفه وتذكيرها لا ينقص من خصال النساء شيئًا فإن اشتهرت به كان عيبًا؛ لأنها ملعونة في الحديث. وروى ابن حبيب إن وجد العبد مؤنثًا يؤتى أو الأمة مذكرة فحلة شرار النساء إن شهد بذلك فهو عيب ووضيع كلامه وتذكير كلامها بطبعهما لا يردان به. الشَّيخ: هذا خلاف المدَوَّنة، ونقله عنه عبد الحق، وقال عن بعض شُيُوخه: ليس خلافها إنما شرط فيها الشهرة؛ لأنه نسب بغير بينة. قُلتُ: فيلزم في العبد، قال في تهذيبه: قول الشَّيخ أصوب. عياض: شرط الشهرة في جارية المهنة لا في العلية؛ لأنه عيب فيها مطلقًا. وفيها: زعراء العانة عيب، الصقلي عن سَحنون: لأنه عيب في وطئها؛ لأن الشعر يشد الفرج وعدمه يرخيه. ابن حبيب: يتقى عاقبته في الداء السوء. المتيطي: أخذ بعض الموثقين منه كونه عيبًا في الأمة والعبد، ومن قول سَحنون لغوه فيه، وفي المَّوازية: زعر غير العانة عيب. محمد: يريد: إن لم ينبت في ساقها وجسدها، ولا يعجبني قول ابن القاسم لا يرد

عبد بقول أهل النظر يرى به جذامًا لا يظهر إلا لسنة؛ لأنه يرد بقولهم: هو سياري. الشَّيخ عن غيره: هو الذي لا حاجبان له. قُلتُ: يرد لعدم حاجبيه لا لما يتوقع إلا أن يقال عدم حاجبيه واضح الظهور، وفي سماع ابن القاسم قال سَحنون: ثيوبة من يفتض مثلها لغو ومن لا عيب في العلي لا الوخش. ابن رُشْد: إلا أن تشترط بكارتها وهو قائم من قولها: إن افتضها مبتاعها لزمه بيانه في المرابحة إلا أن تكون وخشًا لا ينقصها افتضاضها. قُلتُ: هي لابن القاسم لم يسمعها، وليس كلما لزم بيانه في المرابحة عيبًا في غيرها كعدم الشراء وفي الاستغناء شرط البكارة في وخش الرقيق، دون وسطه لغو، قال: وكانت الفتيا بقرطبة بكارة العلية عيب لجهل ما يحدث عند افتضاضها. قُلتُ: هذا نقيض قول سَحنون الذي قبله الناس، فقول ابن شاس وابن الحاجب: ثيوبة من لا يوطأ مثلها عيب متعقب لإطلاقه، والعسر: البطش باليسرى دون اليمنى عيب لا الضبط: البطش بهما معًا. وفيها: الزنا ولو في العبد الوخش عيب. محمد: ووطؤها غصبًا عيب، وروي: شرب المسكر وأخذ العبد أو الأمة في شربه ولو لم تظهر بهما رائحة عيب وفيها: بخر الفم عيب. ابن حبيب: ولو في عبد دنئ. وفيها مع سماع عيسى ورواية ابن القاسم: الولد مطلقًا عيب. ابن حبيب: وأحد الأبويين. وفي الأخ ثالثها: إن كان يخشى مثله ويتجنب الشراء لأجله للمتيطي مع ابن فتحون عن انفراد ابن العطار به والمعروف، واللخمي. الصقلي: قال بعض أصحابنا: الجدة عيب؛ لأنه يأوي إليها. وفيها: الزوج أو الزوجة أو الدين عيب. الشَّيخ عن ابن حبيب: لو قال مبتاعها: كان لها زوج مات أو طلقها، وصدقه البائع أو الأمة لم يطأها ولم يزوجها إلا ببينة طلاقه أو موته ولا رد له بذلك ولو قال

ظننت قبول قول الأمة والبائع في ذلك وهو جاهل. قُلتُ: قد تجري على قولها فيمن قال: كان لفلان على دين، وقضيته لا على سبيل الشكر إن طال قبل قوله. وفي كون جذام أحد الأبوين عيبًا ولغوه ولو كان بهما. ثالثها: إن قال أهل النظر هو مرض لا يخطئ قريبًا أبدًا، لابن رُشْد عن سَحنون مع أَصْبَغ وسماعه ابن القاسم ورواية ابن حبيب وابن كنانة مع رواية داود بن جعفر وابن دينار. قُلتُ: زاد الشَّيخ في رواية ابن حبيب: والجدان كالأبوين اللخمي والمازري: جنون أحد الأبوين من فساد الطبع كجذامه ومن مس الجان لغو. اللخمي: وسواد الأبوين لغو في العبد والأمة الوخش، وفي العلية قولا العتبيَّة والواضحة. قُلتُ: سمع القرينان سواد أحد الجدين لغو. ابن رُشْد: الصحيح رواية ابن حبيب عيب، وكون من اشترط لرشده لزنا عيب مطلقًا، وإن لم يشترط ففي كونه عيبًا ولو في العبد الوخش، ثالثها في العلي منهما، ورابعها في العلية فقط، وخامسها في الأمة ولو من الوخش والعبد الرفيع، وسادسها في العلي منهما مطلقًا، وفي الوخش إن علمه البائع وكتمه للخمي عن سَحنون مع ظاهرها وابن رُشْد عن ابن القاسم وله عن سماع القرينين مرة واللخمي عن أشهب، وله عن ابن شعبان مع ابن رُشْد عن سماع القرينين مرة، والشَّيخ عن رواية أشهب ورواية ابن حبيب. وفي كون عدم خفاض الجارية وختان الغلام والمسلمين وقد ولدا عند المسلمين أو طال ملكهم لهما وفات ذلك منهما عيبًا مطلقًا أو في الرفيعين. ثالثها: في الغلام مطلقًا، وفي الجارية الرفيعة لابن حبيب مع سماع محمد بن خالد ابن القاسم وسماعه عيسى وقياس ابن رُشْد بكونه قولًا ثالثًا، وفي كون خنتان العبد النصراني عيبًا قول ابن رُشْد مع سماع يحيي ابن القاسم وسماعه عيسى مع الشَّيخ عن الموَّازيَّة والواضحة. ابن حبيب: ختانه وخفضها إن كانا مجلوبين عيب لخوف كونهما من رقيقنا أبقا

لعدو أو أغار عليهم وإلا فلا. وفي كون دعوى الأمة إيلادها سيدها أو الحرية عيبًا ترد به على من ادعت ذلك في ملكه، سماع ابن القاسم مع الشَّيخ عن رواية محمد والواضحة وابن رُشْد عن فتوى ابن لبابة وابن مزين، وعبيد الله بن (يحيى) ونظائرهم ورواية المدنيين قائلًا: روى داود بن جعفر نحوه وقال: إن سرق العبد في عهدة الثلاث رد بذلك، وإن أقر بالسرقةلم يرد؛ لأنه لم يتهم على إرادة الرجوع لسيده، ومعناه عندي إن كانت سرقته التي أقر بها لا توجب قطعه. قُلتُ: ما يتهم فيه ليس بمحل خلاف بحال. ابن عات: إن قام شاهد بحرية عبدٍ أو أمة لم يحكم به، وكان عيبًا يرد به، وارتفاع حيض الشابة عيب. اللخمي: ولو في الوخش. عياض وابن عات: رواه أَصْبَغ عن ابن القاسم. ابن عات: به أفتى ابن عتاب. الشَّيخ عن ابن القاسم: عيب في العلية والوخش إن بلغت ست عشرة سنة، ونحوها. ابن عات: مذهب «المدَوَّنة» إنه غير عيب في الوخش. عياض: أخذه ابن سهل من قولها؛ لأنها في ضمان البائع حتى تخرج من الاستبراء، وقال غيره: إنما تكلم على الغائب مما فيه المواضعة. قُلتُ: إن أراد عدم رد الوخش على بائعها بارتفاعه بعد العقد فبين من لفظها، وإن أراد عدم ردها، ولو ثبت عند البائع قبل العقد فممنوع، بل ظاهر لفظها أو نصه كونه عيبًا؛ لأن لفظها لو قال بائعها: حاضت قبل بيعها بيومين فارتفاعه عيب حدث عندك لم ينفعه؛ لأنها في ضمانه حتى تخرج من الاستبراء، فهو إن حدث منه كسائر العيوب إذا كانت تتواضع إلا أن تكون من اللاتي يبعن على غير الاستبراء فتباع على ذلك فتكون من المشتري؛ لأنه مما يحدث كعيب حدث، ألا ترى لو ماتت بعد ابتياعها لكانت من مبتاعها.

ابن حبيب: كونها لا تحيض إلا بعد ثلاثة أشهر عيب، ولو ابتاعها في أول دمها؛ لأنه إن باعها لا يقبض ثمنها إلا بعد ثلاثة أشهر، وتأخير حيض معتادته عقب بيعها عيب، وفي قدره خمسة. الشَّيخ: روى محمد شهران. عياض: عن ابن حبيب: ورواية أشهب ومطرف: ثلاثة أشهر. الشَّيخ لمحمد عن ابن القاسم: أربعة وما لا ضرر فيه على المبتاع لا رد له، وروى أشهب إن مضى بعد قدرحيضها شهران لم ترد حتى تطول. وقال أشهب: ينظرها النساء بعد ثلاثة أشهر فإن قلن لا حمل بها حل له وطؤها ثم لا رد له فإن لم يطأ وطال الأمر فله ردها. اللخمي: قال مالك وابن دينار والمغيرة: إذا مضت خمسة وأربعون يومًا ولم تحض فالقول قول من أراد الفسخ منهما ورجح اللخمي رواية أشهب، وعزا عياض الأول لأحد قولي محمد وعزا له أيضًا مثل قول المغيرة. وفيها: إن ارتفع شهرين فهو عيب ثم قال: إن مضى شهران من حين الشراء ولم تحض فلا رد له؛ لأن الحيض يتقدم ويتأخر الأيام اليسيرة إلا أن يطول ذلك. ابن محرز: قالوا ليس اختلافًا الشهران في الأولى بعد أيام الاستبراء، وفي الثانية من يوم الشراء، وظاهر المدَوَّنة إن طال ثم حاضت فلا رد له. عياض: حملها شُيُوخنا على اختلاف قوله فيهما وأن مذهبه فيهما اعتبار الطول والضرر، وقوله: أولًا هو عيب أي: ارتفاعه لا تحديده بشهرين؛ لأنه في لفظ السؤال لا الجواب. ابن عبد الغفور: قيل يلزم المبتاع الصبر لأقصى أمد الريبة، وسمع القرينان: إباق الصبي في المكتب عيب رد ولو بيع بعد بلوغه. الشَّيخ: في كتاب محمد كون الأمة مغنية غيرعيب. اللخمي: إن علم أنه ممن يرغب في ذلك وإلا فله ردها؛ لأنه يتقي منه ما تعوده أمثلها. وفي كون تصرية الأمة تشترى لإرضاع، عيبًا نقلًا ابن زرقون عن الخطابي وبعض القرويين.

وسمع أَصْبَغ ابن القاسم الكي خفيف إلا ما خالف اللون، أَصْبَغ أو تفاحش أو كان مفرقًا وإن لم يخالفه أو وإلا الفرج أو كان في الوجه، وروى ابن حبيب غير متفاحشه عفو، وإن كان عند النخاسين عيبًا، وصوب ابن رُشْد قوله الكية الواحدة عيب في الرائعة لا الوضيعة ولا العبد، بعض شُيُوخ عبد الحق، وابن رُشْد عن ابن دحون: إن قال أهل النظر في كي عبد أنه لعلة لم يرد إن كان بربريًا، وزاد إن كان روميًا؛ لأنهم لا يكتوون إلا لعلة، بخلاف البربر. الشَّيخ: روى ابن حبيب الخيلان في الوجه والحسد إن نقصت من ثمن العلية عيب وإلا فلا. قُلتُ: تخصيصه بالعلية خلاف إطلاقها، وفيها: حبس من اتهم بسرقة فألفي بريئًا غير عيب ككونه غير جرحة في الحد. الصقلي: براءته بثبوت سرقة ما اتهم فيه غيره. ابن حارث: اتفقوا على رد العبد بأنه سرق عند بائعه واختلف إن كانت تهمة غير حقيقية فقال ابن القاسم: ليس بعيب. وقال أشهب: هو عيب يوجب الرد، وسمع عيسى ابن القاسم علم مبتاع عبد بمائة أن بائعه إنما باعه بها بعد امتناعه من بيعه بها على أن زاده غيره عشرين دينارًا عيب إن اشتراه للعتق. ابن رُشْد: لا يصدق أنه اشتراه وإلا فلا. ابن رُشْد: إن اشتراه على السكت فادعى له أنه اشتراه للعتق ليرده لاحتمال ندمه ولو لم يعلم ذلك حتى أعتقه صدق. قُلتُ: يتهم على الرجوع بقيمة العيب قال: ولو شرطه وعلم قبل عتقه فله رده، وبعده سمع ابن القاسم مالكًا وابن هرمز: هو عيب يرجع به المبتاع فيأخذه من الثمن، ففسره ابن القاسم برجوعه بمناب عيب شرط العتق من الثمن كمناب عيب الدين والزوجة والولد. ابن رُشْد: لا وجه له والصحيح أن يرجع في المائة بقدر الزيادة منها مع المائة، وذلك سدس المائة.

زاد الشَّيخ عن عيسى: لو ابتاعه رقبة وقد كتب بائعه على أجنبي عشرين وكتبها الأجنبي يوم البيع على العبد، ثم باع المبتاع، فإن علم البائع الكتب على العبد سقطت العشرون عنه وعن الأجنبي وإن جهله رجع بها على الأجنبي والأجني على العبد والمبتاع على البائع بقيمة عيب الدين وسمع القرينان: ابتياع العبد بالبراءة، عيب. ابن رُشْد: اتفاقًا، وعزا المتيطي: كونه عيبًا لرواية محمد: قال: وقال في العتبية: لا بأس بذلك. قُلتُ: عزوه للعتبية وهم لما تقدم. عبد الحق عن بعض القرويين: يجب على هذا أن لو باع ما وهبه ولم يبين، وباع على أنه اشتراه لكان لمبتاعه مقال إذ لا رجوع له على الواهب بحال. قُلتُ: كذا قال الصقلي وباع على أنه اشتراه ونقل المتيطي أصوال. قال أبو بكر بن عبد الرحمن ومحمد بن عمر وابن بدر، وغيرهم وكذا من باع ما وهبه ولم يبين. اللخمي: من وجد العبد صقلبيًا وهو ممن لا يكتسب مثله، رده لضعفه وعدم تصرفه فيما يتصرف فيه غيره، وإن كان ممن يرغب في مثله فلا رد له؛ لأنه أثمن إلا أن يعلم أنه قصد شراءه لغير ما يراد له. الصقلبي: وسمع القرينان عثار الدابة إن ثبت كونه عند بائعها أو قول أهل النظر لا يحدث بع بيعها أو كان لقوائمها أو غيرها أثره ردت به وإن أمكن حدوثه بعد بيعها حلف بائعها ما علمه عنده، فإن نكل حلف المبتاع ورد، وخرج ابن رُشْد: نفي حلف البائع من قول أشهب: في العبد يأبق بعد شرائه لا يمين على بائعه، وقول ابن كنانة: إن قرب عثارها من بيعها حلف وإلا فلا ثالث والدبر والرهص والمشش عيب. المتيطي: وتقويس ذراعيه وقلة الأكل المفرط الباجي. والحران والنفور المفرط، وسمع ابن القاسم: قول بائع فرس وجد به رهصة لمتاعه اركبه فإنها تذهب ليومين لغو ولمباعه رده. سَحنون: عدم حرث الثور أو البقرة غير عيب إلا أن يشترط ولو شرطه ولم يبين هل برأسه أو عنقه فوجده بعنقه فله رد ذكور البقر دون إناثها؛ لأنه المعروف فيهما.

وسمع القرينان: إن وجد مبتاع شاة جوفها أخضر يظن أنه من ضربها، أو قيل له سمينة فقيل له عجفاء لا رد له ويحلف بائعها ما ضربها إن جاء مبتاعها بوجه. ابن رُشْد: قائل هي سمينة غير بائعها وإلا ردت عليه، وظاهره إن علم أنها من ضربه فله ردها، وهو من غير ضربه كسوس الخشب، ووقفه يمينه على إتيان المبتاع بوجه هو على أن يمين التهمة لا تتوجه دون شبهة. وفي الأضحية: توجد بعد ذبحها عجفاء اضطراب. ابن الفخار وابن دحون وابن العطار: لا رجوع له كسوس الخشب محتجين بسماع القرينين ما تقدم، وأجاز ابن دحون بائعها بأخذها ورد ثمنها قال: لأنها عين ما باع، ومنعه ابن الفخار. قال: لأنه بيع الحيوان باللحم فخرجهما ابن سهل على سماع القرينين أول قولي مالك بإجازة أخذ بائع تمر بعد بدو صلاحه شيئًا منه يبسه ببعض مابقي عليه من ثمنه، وثانيهما بمنعه، أبو محمد بن الفساوي الطليطلي له ردها كالثوب على المدلس بعد قطعه، ورده ابن سهل بأن بائعها قد لا يكون مدلسًا. ابن عات: يرجع بقيمة العيب وقاله ابن مالك، وقال: كذا في كتاب ابن شعبان. ابن سهل: ذكرت لابن عتاب قول ابن دحون وسماع القرينين فلم يأت بحجة ونظرت كتاب ابن شعبان فلم أجده فيه. ابن رُشْد: الذي أقوله إن قال له أخرج لي من غنمك شاة أضحي بها فوجدها لا تجزئ فله ردها مذبوحة، وإن قصد شاة بعينها قال: أضحي بها أو لم يقل إلا أنه وقت شراء الضحايا وليس من أهل التجر كالجزارين فلا رد له إلا أن يقر البائع أنه كان عالمًا أنها لا تجزئ ابن سهل: سئل بعض شُيُوخنا عمن ابتاع شاة وجد بلحهما جدريًا. فقال: رأى بعض من سمعنا من العلماء، أنه عيب يرد به قبل الذبح، ويرجع بقيمته بعده، وقولنا وقول بعض أصحابنا لا رد له كعيب باطن الخشب. وفيها: ما بيع من غير الحيوان، وفي باطنه عيب من أصل الخلقة يجهله المتبايعان ولا يعلم إلا بفساده كالخشبة يلفى بداخلها عيب لا ترد به ولا قيمة فيه، وكذا الجوز الهندي وسائر الجوز يوجد داخه فاسدًا أو القثاء أو البطيخ يوجد مرًا ويرد البيض لفساده؛ لأنه يعلم ويظهر قبل كسره هو من البائع إذا رد بقرب البيع.

اللخمي: اختلف فيما لا يعرف من العيوب حين العقد على ثلاثة أقوال، وروى محمد ما لا تمكن معرفته إلا بعد القطع والنحت لم يرد وكذا الفص يحك، وعلى هذا يتبايعان. ابن حبيب: هذا إن كان من أصل الخلقة لم يحدث بعد قطعه، وما حدث بعد الصحة من غفن أوسوس هذا يعلمه بعض الناس، وإن جهله آخرون يرد به. الأبهري: له الرد في الجميع وهو أقيس إن دخلا على السلامة، وجهلا الحكم في الرد بالعيب إلا أن تكون العادة عدم الرد به، وعلمها المتبايعان وعلى هذا الوجه تكلم مالك، ولو جهل المشتري ذلك، وقال: إنما اشتريت معتقدًا إن لي الرد لو علمت أن لا رد لي ما اشتريته إلا بأقل، فله رده إلا أن يرضى بائعه بأنه على حقه في عيبه إن ظهر، وإن لم يعلم حتى فات وبانت سلامته فلا مقال له، وإن عيبه رجع بقيمة العيب. المازري: ما لا يعلم لكونه بباطن المبيع كعفن الخشب وسوسه في الرد به رواية القزويني مع الأبهري عن رواية المدنيين ورواية الأكثر مع أصحاب مالك، ثم ذكر قول ابن حبيب، وقال: جعله بعض الأشياخ ثالثًا وما أراه كذلك؛ لأن ابن حبيب خصه بما يعلمه بعض الناس ويجهله آخرون. ومحل الخلاف إنما هو فيما لا يمكن علمه، وفي كون الجوز الهندي وغيره يوجد داخله فاسدًا كالخشب مطلقًا، أوله الرد في اليسير نقلا اللخمي عن مالك معها ومحمد قائلًا: لا رد فيما كثر كالأحمال إلا أن يكون أكثره. قُلتُ: عزاه ابن حبيب لابن الماجِشُون وأَصْبَغ وقال: لأنه إذا شمله الفساد خرج عن كونه عيبًا إلى كونه جنسًا آخر، وفي كون القثاء يوجد مرًا كذلك القولان لعزو هما ولمحمد وابن حبيب عن أشهب إن أمكن معرفة مره بإدخال عود رقيق فله الرد في اليسير كالقثاء والأثنين ولا ترد الأحمال. محمد: إلا أن يكون أكثره مرًا. اللخمي: اختلف في الجلود فقال ابن القاسم: ترد بالعيب كالثياب. ابن حبيب: كالخشب ما هو من أصل الخلقة كالجدري لا رد به، وما يحدث من قلة الملح أو حرارة الشمس أو ماء بحر ترد به في الواضحة، وكذا جلود الفراء تباع

فيتبين أن السوس قد ساس فيها ولم يلبث عنده ما تسوس فيه؛ لأنها عند البيع مقبضة يابسة لا يستطاع تقليبها، او قد تكون غير مقبضة والسوس بين الجلد والصوف فإذا دبغت علم ذلك وكذا الجلود البقرية كذا فسره ابن الماجِشُون وأَصْبَغ زاد أصبغ: وفساد لون الحرير يظهر بعد إدخاله العمل إن كان أصلى الله عليه وسلما لا يحدث بعد تمامه وهو في يد أهله لا يرد به، وإن عرفه بصراء التجارة رد به. وفيها: يرد البيض لفساده؛ لأنه يعلم ويظهر قبل كسره هو من البائع. محمد: إن كان البائع مدلسًا فلا شيء على المبتاع في كسره وإن كان غير مدلس لم يرد، ورجع بما بين الصحة والداء. اللخمي: يريد إن كان ممروقًا وإن لم يجز أكله فهو ميتة يرد جميع الثمن وإن لم يدلس. وقال ابن القاسم في المَّازية: إنما يرد بفساده بحضرة البيع، وإن كان بعد أيام لم يرد إذ لا يدري هل فسد عند البائع أو المبتاع. الشَّيخ: روى محمد عدم نهوض الناقة غير عجفاء بحمل مثلها عيب، ومن ابتاع دابة بعد أن ركبها، ورأى سيرها حسنًا، ثم وجدها بطيئة المشي لا رد له. وفيها: كون الحنطة جفت بللها عيب. وروى محمد: وطفو الحوت عيب. ابن حبيب: عدم نبات الشعير عيب روى محمد يرجع مبتاعه بما بين قيمتيه نابتًا وغير نابت علم بائعه ذلك أو لا؛ يتصرف إلى غير وجه وباء المدلس بالإثم وعليه العقوبة. الشَّيخ: يريد ولم يشترط عليه زريعة ولا بين له أنه يشتريه لذلك. ابن سَحنون: عنه إن باعه على أنه زريعة، ويعلم أنه لا ينبت رجع عليه بكل الثمن وإن لم يعلم رجع عليه بالثمن ورد له مثل شعيره إن ثبت أن الشعير بعينه زرعه بأرض ثرية فلم ينبت. اللخمي: البائع الشاك في النبات كالعالم عدمه، والشراء أبان الزراعة وثمنه كثمن ما يراد لها كشرطها.

ابن حبيب: ولو زارع به أحدًا فنبت شعير صاحبه دونه فإن دلس، تبعه صاحبه بنصف مكيله من شعير سليم ونصف كراء الأرض التي أبطل عليه، وإن لم يدلس تبعه بنصف قيمة العيب والزرع فيهما بينهما. وقاله أصبغ: وقال ابن سَحنون: نحوه إلا الكراء لم يذكره، وزاد إن لم يدلس دفع لصاحبه نصف زريعته سالمة، ودفع له شريكه مثل نصف زريعته التي لم تنبت وهذا إن زال إبان الزراعة ولو كان فيه وقد دلس، غرم قدره سليمًا يزرع في مكانه وإن لم يغره فخلفه عليهما معًا إن شاء، وسمع عيسى ابن القاسم لا يحل تتريب وجوه الفراء لتحسينها ربما عيب بعض عيوبها ولو علم المشتري ذلك وله ردها إن لم يعلمه. ابن رُشْد: إن فاتت قبل علمه فعليه الأقل من الثمن أو القيمة. قُلتُ: الصواب ذلك ما لم يكن باقي الثمن بعد طرح حصة العيب أقل من قيمتها معيبة، وإلا كان الغشاش أحسن حالًا من غيره إلا أن يكون فيما لم يعلم به عيب. ابن حبيب عن أصبغ: وجود أحد جانبي الشقة أطول بذراع أو أعرض به إن بيعت على ذرع مسمى ينقص طولها أو عرضها عيب، وإن لم يبع عليه فلغو ما لم يتفاوت بحيث يفسد الثوب إن قطع قميصًا فيكون عيبًا، وليس بعيب في ملحفة أو إزار، قاس المشتري جانبها الطويل أو العريض فظن الآخر كذلك أو لا. أصبغ: كون الثوب أدنى من فوقه وكميه ومقعدة السراويل أدنى من سائره لغو إن تقارب وعيب إن تباعد. ابن حبيب: كون الجبة أو الساج مقلوبًا عيب ولبس الثوب أسمر قبل تقصيره وإخراج هدب له بعد أن بليت. وقص صوف الفرو من الكبش لإيهام أنه من خراف أو تندية الفرو ليمد فإذا لبس قصر قصرًا بينًا وجعل رقعة مصوفة على رقعة غيرها وجعل جلد حسن لا صوف له على مصوفة لا وجه لها عيب، ولو في رقعة واحدة في فروله قدر إلا في يسير جدًا كالثقب ونحوه، ولا بأس بسود الجلود في حاضرة الفرو أو كمه؛ لأنه يرى. ابن عبد السلام: حكى جماعة من أصحابنا في المجالس كثرة القمل في الثوب عيب.

قُلتُ: لعله في الرفيع. ابن عات: الغفائر العسلية صبغها بالسواد عيب، والسرير المبقق عيب، ولو أزيل بقه قبل بيعه ولم يؤمن، وفي إيجاب مطلق العيب المؤثر في الثمن حكم الرد ولو في الدور. وتخصيصه بغير يسيره في الدور وغيرها. ثالثها في غيرها فقط للباجي عن بعض الأندلسيين، وابن سهل عن نقل الكتاب الجامع أقوال مالك، المؤلف لأمير المؤمنين الحكم بن عبد الرحمن رواية زياد من وجد في ثوب ابتاعه يسير خرق تخرج في القطع ونحوه من العيوب لم يرد، ووضع قدر العيب، وكذا في كل الأشياء مع نقله عن المختصر الكبير لا يرد إلا لعيب كثير تخاف عاقبته، وعياض عن ابن رزق: متأولًا عليه مسائل المدَوَّنة وغيرها محتجًا له بمتقدم قولها في الكي، ونقل الأكثر عن المذهب وعليه قال المتيطي عن الشَّيخ وعبد الحق عن بعض شُيُوخه: عيوب الدور ثلاثة: يسير لا ينقص من الثمن لغو، وخطير يستغرق معظمه أو يخشى منه سقوط حائط يثبت له الرد، ومتوسط يرجع بمنابه من الثمن كصدع يسير بحائط. وفي حد الكثير بثلث الثمن أو ربعه. ثالثها: ماقيمته عشرة مثاقيل، ورابعها: عشرة من مائة، وخامسها لا حد لما به الرد، إلا بما أضر لابن عبد الرحمن وعياض عن ابن عتاب وعن ابن العطار وابن رُشْد، ونقل عياض. وفيها: إن وجد بالدار صدع يخاف منه سقوطها فله الرد وإلا فلا وتعقب عبد الحق اختصار أبي سعيد يخاف منه سقوط الجدار؛ لأن لفظها: يخاف منه سقوطها. قُلتُ: اختصرها الشَّيخ على لفظها خلاف ما تقدم للمتيطي عنه وعبد الحق عن بعض شُيوخه: ويءكد التعق قول ابن عبد الرحمن قول محمد لم يخف على الدار من الصدع الهدم غرم البائع ما نقص من ثمنها تفسير لها، ولو خيف من صدع الحائط هدمه، ففي رد الدار به، ثالثها إن كان ينقص الدار كثيرًا لعياض عن عبد الحق مع ابن سهل وعياض عن ظاهرها مع اللخمي محتجًا بقياسه على استحقاقه ومتقدم قول محمد، ونقل عياض محتجًا له بقوله: ولو كان الحائط يلي المحجة ولا تمكن السكنى دون بنائه أو الذي يتعلق به بناء الدار فيلزم تدعيم ما عليه، وتلزم فيه نفقة كثيرة اتضح

باب الغش والتدليس

الرد به ونحوه لابن عتاب، ورد قياس اللخمي على الاستحقاق باضطرار هذا لنفقة وإصلاح. قُلتُ: أشار بنحوه على ابن عتاب لقوله في طي بئر تهيأ للسقوط بتعفن مائدته هو عيب، رد اللخمي: إن كان الحائط يلي دار البائع رد له ورجع المبتاع عليه بما بين قيمتها به وقيمتها دونه على أنه سترة لبائعها قال: وما كان عيبًا شاملًا رد به ولو قل ما ينوبه كاستحقاق ما جلها أو مطمر أو سقوفها أو قناة تشقها. زاد عياض: وكغور ماء بئرها وفساد مطمر مرحاضها أو زعاق ماء بئرها في البلاد التي ماء آبارها حلو أو خلل أياس حيطانها. [باب الغش والتدليس] والغش: التدليس؛ إبداء البائع ما يوهم كمالًا في مبيعه كاذبًا أو كتم عيبه ... ، يحرم إجماعًا كبيرةً لحديث مسلم عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر على صبرة طعام فأدخل يده فنالت أصابعه بللًا فقال: ما هذا يا صاحب الطعام؟ قال أصابته السماء يا رسول

الله، قال: أفلا جعلته فوق الطعام حتى يراه الناس! «من غشنا فليس منا» ... ، ولا يجب فسخ بيعه لحديث المصراة اتفاقًا وتوهم تخريج شاذ نقل ابن شعبان وجوبه فيما اطلع على أنه مغصوب رده المازري بأن الغصب لو علم به في العقد أفسده بخلاف الغش ورد تخريجه على قول القرويين وابن الجهم يفسخ بيع النجش، والحق فيه لآدمي؛ بأنه عندهما لدلالة النهي على الفساد، وشرطها عدم النص بلغو دلالته وقوله صلى الله عليه وسلم: «فهو بخير النظرين» في حديث المصراة نص في لغوها. ابن حبيب عن الأخوين: يعاقب من غش بسجن وضرب أو إخراجه من سوقه إن اعتاده. ابن رُشْد: في إخراجه من السوق بشرط اعتياده إياه أو دونه نقل ابن حبيب وسماع ابن القاسم في كتاب السلطان، وعليه يصح رده بعد مدة يرجى فيها أنه قد تاب وإن لم تظهر توبته، وعلى الأول لا يرد حتى تظهر. قال بعض أهل النظر: إنما يؤدب بالإخراج حيث لا يمكن أن يرجع إليه، دون أن يعرف وإلا لم يؤدب إلا بالضرب. قال ابن حبيب: ولا يتلف متاعه إلا ما خف كلبن غشه بماء أو يسير الخبز الناقص، يتصدق به مع تأديبه بما ذكر وما كثر لا يرد له ويباع ممن لا يغش به، وقاله أصحاب مالك، وسمع ابن القاسم لا يحرق الزعفران المغشوش ولا يراق اللبن المغشوش ويتصدق بذلك على غشه وكذا المسك، وقاله ابن القاسم فيما قل. ابن رُشْد: لا يتصدق به على من لم يغشه إنما اشتراه أو ورثه، وسمع القرينان في جامع البيوع أحب إلى أن لا يخلط لبن البقر والغنم لإخراج زبدهما بضربهما معًا إن خلطا لم يبع لبنهما ولا زبدهما إلا ببيان. ابن رُشْد قوله: أحب إليَّ على الوجوب وإن بين؛ لأنه غش. وقال ابن القاسم في رسم الجواب: وروى محمد: يعاقب من خلط طعامًا بطعام دونه أو قمحًا بشعير، ويمنع من بيعه على ظاهر ما في الموَّازيَّة من أجل الذريعة إن باع

وبين مضى ولا رد للمبتاع وقد أساء فليس في قوله: أرى أن يبين إذا باع دليل على إباحته؛ بل معناه لزومه للمبتاع إن بين له؟ ويلزمه أن يبين قدر كل منهما إن علمه وإلا أخبر باختلاطهما وروى محمد كراهة من خلط قمحًا بشعير لقوته وفضل له منه فضل أن يبيعه وإن قل ثمنه، وخففه ابن القاسم إن لم يتعمد خلطه للبيع، وقاله الأخوان وإنما يرد المبتاع اللبن المخلوط والزبد والسمن إذا لم يكن غالب البلد أدناهما. وسمع عيسى ابن القاسم في كتاب السلطان لا يحل خلط الزيت برديئه، وكذا السمن والقمح، ولو كان يريد أن يبين إذا باع ولا أدري كيف سألت عن هذا. قال لي مالك مرة في شيء سألته عنه أنت حتى الساعة هنا تسأل عن هذا؟ ابن رُشْد: ينبغي للإمام أن يضرب فاعله، وللمشتري رده ولو بين له أنه مخلوط إلا أن يبين له قدر جيده من رديئه وصفتهما قبل خلطهما فلا يرد عليه وباء بالإثم في خلطه إذ قد يغش به غيره، ويجوز بيعه ممن يعلم أنه لا يغش به إلا على اختلاف ضعيف ويكره ممن لا يأمن أن يغش به، وممن لا يدري ما يصنع به، أجازه ابن وَهب وجماعة من السلف ولم يجزه ابن القاسم، وهذا فيما لا يمكن امتيازه بعد خلطه كالزيت والسمن والعسل وما يمكن امتيازه كالقمح والشعير أو السمن والعسل أو الغلث، والطعام إن كان أحد الصنفين يسيرًا جدًّا تبعًا للآخر جاز بيعه دون بيان؛ لأن المشتري يراه وإن لم يكن تبعًا فإن أمكن تميزه كالغلث في الطعام والسمين في اللحم مع مهزوله لم يجز بيع كثيرة حتى يميز أو يجوز بيع قليله دون تمييزه قاله ابن القاسم في السمين والمهزول مخلوطين لا بأس ببيعهما إن قلت الأرطال كالخمسة والستة وما كثر كالعشرين لا خير فيه حتى يعرف وزن كل منهما. وإن لم يمكن تميزه كالسمن من العسل والقمح من الشعير والماء من اللبن والعسل ففي جواز بيعه ببيانه ممن لا يغش به ومنعه، ثالثها إن خلطه للأكل لا البيع، ورابعها: هذا إن كان يسيرًا لقولة ابن حبيب في اللبن والعسل المغشوشين، وروايته مع محمد من خلط قمحًا بشعير لقوته يكره بيع ما فضل منه، وابن القاسم في المَّازيَّة والأخويين، وقيد ابن رُشْد الثاني بقوله: إلا أن يبين قدر الشعير من القمح، وسمع القرينان لا بأس ببيع الصبرة طعام أو تمر وفيهما حشف بداخلها أو على وجهها ما لم يزين أعلاها فيكون داخلها بخلاف خارجها، قيل: إن كان الحشف

بداخلها وخارجها فأزال ما بخارجها عنها. قال: لا يعجبني. زاد محمد: هذا تزيين. ابن رُشْد: لأنه إذا نقى ظاهرها ظن المشتري أن باطنها كذلك وإن لم ينقه فلا حجة للمشتري؛ لأنه يستدل بظاهرها على باطنها. وسمع ابن القاسم نفخ الجزارين اللحم وهو يغير طعمه، أكرهه. أشهب عن مالك يؤدبون ويمنعون: ابن رُشْد: هو نفخه بعد السلخ يمنع لتغييره طعمه ولأنه غش قلت: جعل أصحاب القلانس مع القطن صوفًا أو خلطه به غش، والقمح المغلوث الكثير التبن غربلته حق يؤخذ الناس به. ابن رُشْد: من وجد قلنسوة حشوها قطن بال له ردها إلا أن تكون من التي يعرف فيها أنها لا تحشى إلا بالبالي كسماح أشهب من ابتاع قلنسوة سواداء فوجدها من ثوب لبيس لا رد له يريد إلا أن يكون ما صنعت منه منهوكًا جدَّا أو معفونًا. وغربلة القمح من التبن والغلث للبيع واجب إن كان تبنه وغلثه أكثر من الثلث؛ لأن بيعه كذلك غرر ويستحب إن كانا يسيرين. قُلتُ: ظاهره لا يجب في الثلث والظاهر وجوبه فيه، وفيما قاربه مما ليس يسيرا وهو ظاهر قسمها فيه قال مالك: يغربل القمح للبيع وهو الحق الذي لا شك فيه، ومحمل قول نذورها لا تغربل الحنطة في الكفارة على اليسير وسمع ابن القاسم: لا خير في خمر تعمل من القز وترش بخبز مبلول لتشتد وتصفق وهو غش. ابن رُشْد: لظن مشتريها أن شدتها من صفاقتها فإن كان مشتريها علم أن شدتها من ذلك فلا كلام له، وإلا فله ردها فإن فاتت ففيها الأقل من قيمتها وثمنها، وهذا كقول ابن حبيب: ما يصنعه حاكة الديباج من تصفيقها غش؛ لأنه وإن علمه المشتري فقد يخفى عليه قدر ما أحدث فيه من الشدة والتصفيق. وسمع القرينان فيمن يشتري المتاع فيه الخلل والسقط، فيكمده حتى يصفق ويشتد كل خلله وسقطه لا خير في الغش. قُلتُ: قدم واستمر حال بائعي سلل التين، وحمولات العنب على جعل أطيبها أعلاها ثم ما يليه أدنى منه وأطيب مما تحته وعلم المتبايعون ذلك، وهو خفيف ولا

مقال لمبتاعه إلا أن يكثر خلاف الأسفل لما فوقه فيكون معيبًا. ابن شاس: والتغرير الفعلي هو أن يفعل في المبيع فعلًا يظن به المشتري كمالًا فلا يوجد. زاد ابن الحاجب: كتلطيخ الثوب بالمداد. قُلتُ: هذا إن ثبت أن البائع مع فعله أو أمر به لاحتمال فعله العبد دون علم سيده لكراهة بقائه في ملكه وتصويره المازري أبين، قال: كما باع غلامًا في ثوبه أثر المداد وبيده الدواة والقلم فإذا به أمي قلت. ومنه قولها في البيوع الفاسدة: من ابتاع ثيابًا، فرقم عليها أكثر مما ابتاعها به، وباعها برقمها، ولم يقل قامت علي بكذا، شدد مالك كراهة فعله، واتقى فيه وجه الخلابة. ابن أبي زمنين: إن وقع خير فيه مبتاعه وإن فات رد لقيمته وقاله عبد الملك الصقلي عن ابن أخي هشام: يحير في قيامها وفي فوتها الأقل من قيمتها أو ثمنهما. ابن شاس: والأصل في اعتباره قوله صلى الله عليه وسلم: «لاتصروا الإبل والغنم فمن ابتاعها بعد ذلك فهو بخير النظرين إن رضيها، أمسكها وإن سخطها ردها، وصاعًا من تمر». قلت: الحديث متفق عليه. وفيها: من ابتاع شاة غير مصراة الراغبة فيها للبن في إبان الحلاب ولم يذكر البائع ما تحلب، فإن جهله فلا رد لمبتاعها وإلا فله ردها كصبرة يعلم كيلها فكتمه، وكذا ما تنوفس فيه للبن من بقر وإبل، ولو باعها في غير إبان حلابها فلم يرضها مبتاعها حين حلبها فلا رد له. الصقلي وغيره لمحمد عن أشهب: له ردها إن كتمه البائع وقاله محمد إن كانت إنما تراد للبن. وفيها: إن ابتاعها في الإبان على أن تحلب قسطين جاز، فإن وجدها تحلب قسطًا فله الرد وهي أقوى في الرد من المصراة. اللخمي: يختلف الجواب فيما يحلب إن اشتراها على إن كانت كذلك فحلابها

لبائعها، ولو تمسك بها مبتاعها، وإن كان على تصديقه فهو لمبتاعها ولو ردها. ابن زرقون: في رد صاع معها كالمصراة وردها دون شيء قولا أبي الفرج وغيره. قُلتُ: لم يحك ابم محرز غير الأول والصقلي غير الثاني كأنه المذهب قُلتُ: في قوله: أقوى نظر؛ لأن حكم المصراة ثبت بالنص على عينه وحكم المشترط حلابها بعموم «المسلمون على شروطهم»، وحكم المعين أقوى لامتناع عروض إخراجه بالتخصيص واحتماله فيما دل عليه عام يجاب بأنه أقوى باعتبار حجة المبتاع في تعلق غرضه بما فات لدلالته بالنص على عينه ودلالته عليه في المصراة بعموم تعلق غرضه بكل كمالاتها ودلالة المعين أقوى من العام كما قرر في السؤال، وبالحلبة الثانية ناقصة عن لبن التصرية له ردها اتفاقًا، فإن حلبها ثالثة ففيها قال: إن جاء من ذلك ما يعلم أنه حلبها بعد ما تقدم من حلابها ما فيه خبرة فلا رد له. اللخمي: عن محمد: لا رد له، وفي الموَّازية: له ردها وهو أحسن لحديث البخاري، ومسلم «فهو بالخيار ثلاثة أيام»، وذكرها المازري رواية، ولما ذكر الصقلي قول محمد قال: قال عيسى بن دينار إن نقص لبنها في الثانية فظن نقصه من سوء الموضع ونحوه ثم حلبها الثالثة فبان أنها مصراة فله ردها حلفه ما رضيها. الصقلي: القولان راجعان لما في المدَوَّنة، وحمل ابن زرقون الخلاف على ظاهره كالمازري واللخمي قال: فإن علم مشتريها أنها مصراة قبل أن يحلبها فله ردها قبل حلابها، وإمساكها ليختبرها لحلابها، وهل نقص تصريتها يسير أم لا؟ وكذا إن علم بعد حلابها ما صريت به له ردها وإمساكها حتى يحلبها ويعلم عادتها. قُلتُ: يجب أن لا يردها بعد إمساكها لما ذكر إلا بعد حلفه أنه ما أمسكها إلا لذلك إلا أن يشهد بذلك قبل إمساكها قال: وإن اشتراها عالمًا أنها مصراة فلا رد له إلا أن يجدها دون معتاد مثلها، وإذا رد للتصرية ففي لغو لبنها ورد صاع بدله سماع القرينين والمشهور بناء على نسخ حديث المصراة بحديث: «الخروج بالضمان» وتخصيصه به. الباجي: لأن حديث المصراة أصح.

قُلتُ: ضعف حديث الخراج غير واحد، وعلى المشهور في تحتم رد صاع غيره وجواز رد عين اللبن إن تراضيا. ثالثها: ولم يغب على اللبن، ورابعها: إن حلبها بفوز شرائها تعين الرد مع المازري عنها، وابن رُشْد مع غيره عن سَحنون وابن رُشْد عن ابن وضاح واللخمي عن فهمه المذهب وفي كون الصاع من غالب عيش البلد أو التمر، ثالثها يرد مكيلة اللبن تمرًا أو قيمته للباجي عن المذهب، وابن رُشْد عن إلزام ابن لبابة منع أخذ لبنها مع قول مالك في حديث: «وصاعًا من تمر»، وهذا حديث متبع ليس لأحد فيه رأي، والباجي عن رواية زياد. ابن زرقون: إذا وجب رد صاع التمر فكان يساوي قيمة الشاة أو أكثر فأوجب بعض الشافعيَّة رد الصاع ولم يوجبه بعضهم. قال بعض أصحابنا: الأول أظهر، ولو ردها بعيب غير التصرية لرضاه بها ففي رد الصاع معها وسقوطه قولان لابن زرقون عن ابن مزين، وبعض المتأخرين تخريجًا على قول ابن القاسم؛ لأنه إذا رضي بتصرتها فكأنها غير مصراة، والخراج بالضمان، ورده ابن زرقون بأن لبن المصراة كعضو منها لوجوده حين العقد وعزا عبد الحق الثاني لرواية أشهب واللخمي لمحمد، واختار الرد ولم يحكه. وفيها: المصراة من جميع الأنعام سواء. الباجي عن ابن القاسم: الشاة والبقرة والبعير سواء لا يرد إلا صاعًا، ولو تعددت المصراة في عقد واحد، فقال الباجي: قال بعض شُيُوخنا الأندلسيين: يرد لجميعها صاعًا واحدًا. الباجي: لو قيل يرد مع كل واحدة صاعًا رأيت له وجهًا. ابن زرقون: الأول قول أحمد بن خالد وحكاه ابن العطار على أنه المذهب قال: وقيل عن كل شاة صاع وليس عليه العمل. وقال ابن الكاتب: لكل شاة صاع ومثله من قال: أنا أنحر ولدي هؤلاء قيل تجزئه هدي واحد، وقيل لكل واحد هدي. ابن لبابة: إن كانت المصراة عددًا لم يرد شيئًا. وقال ابن وضاح: إنما يرد الصاع في الشاة الواحدة والقليل وإن كثرت لم يرد شيئًا.

باب البراءة

ابن زرقون: فالحاصل أربعة أقول: المازري: لو كانت التصرية في غير الأنعام كالحمر والآدميات فللمبتاع مقال بأن زيادة لبنها يزيد في ثمنها لتغذية ولدها قاله الشافعيَّة ويجب تسليمه. ابن زرقون عن الخطابي: التصرية في الآدميات كالأنعام، وقال بعض القرويين من أصحابنا لا ترد الأمة لذلك. ابن محرز قال: لو اشترى شاة مصراة وسافر قبل حلابها فحلبها أهله زمانًا فقدم فعلم تصريتها فله ردها، ويرد الصاع فقط وغيره خراج بالضمان. [باب البراءة] البراءة: ترك القيام بعيب قديم.

فيها: وفي عدد أقوالها اضطراب. ابن زرقون: في اعتبارها في كل شيء، ثالثها: في الرقيق، ورابعها: وفي الحيوان لراية الأخوين والقاضي، والمشهور والموطأ، وعزا المتيطي الأول لأشهب وابن كنانة وابن حبيب وابن وَهْب مع الرواية المذكورة. وقال ابن رُشْد: في رسم مساجد القبائل من سماع ابن القاسم من جامع البيوع: لم يختلف قول مالك: أنها لغو في العروض، وقال المتيطي عن الباجي: أن الثاني غير معروف في المذهب. قال المتيطي: وبالثالث العمل والفتيا وعليه جمهور أصحاب مالك. الباجي والصقلي: لمحمد عن أشهب بيع البراءة في الحيوان غير الرقيق لا أفسخه وأفسخه في العروض إلا أن يطول. عياض: له ولأصحابه فيها عشرة أقوال له منها تسعة منها في الكتاب ست. الأول: القديم ورواية ابن القاسم وأشهب أنها جائزة في الرقيق بالشرط في كل عيب لم يعلمه البائع ولو كثر، وفي بيع السلطان في كل شيء، وإن لم يشترط، وبيع الميراث إن علم المبتاع أنه بيع ميراث وهو بين في الكتاب. الثاني: في الرقيق فقط في بيع التفليس فقط لنص الموَّازيَّة معها. الثالث: في الحيوان والرقيق، للموطأ الواضحة، وأحد قولي الموَّازية. الرابع: لا تنفع البراءة في الحيوان والثياب إلا في التافه غير المضر، ونحوه في العتبية، وحمل عليه قول المغيرة لا تنفع البراءة من عيب جاوز الثلث ونحوه قولها: لا تنفع إلا في عيب خفيف. الخامس: في الحيوان العروض وكل شيء.

السادس: فيما طالت إقامته عند بائعه، واختبره لا في غيره، للواضحة والموَّازيَّة مثل قولها: لا تنفع الجالب الذي يأتيه الرقيق، وظاهر الروايات إلغاء الطول. زاد عبد الملك في ذلك بيع العبد الغائب على الصفة وما وهب للثوب. السابع: قولها: رجع مالك أنها لا تنفع في الرقيق يريد ولا في غيره، ولو في بيع السلطان عليه تأوله اللخمي ويدل عليه قولها: من اشترى عبدًا من مال مفلس فأصاب به عيبًا رده على الغرماء، وأول جماعة مسألة المفلس أنه كان علم بالعيب، وقال الشًّيخ وابن الكاتب لم يختلف قوله: أن بيع السلطان بيع براءة. الثامن: إنما تنفع في بيع السلطان والميراث لا فيما يشترط فيه وهو قولها عند مالك إلا في الرقيق من الميراث، وبيع السلطان. التاسع: قولها: لا تنفع إلا في الرقيق، كانوا أهل ميراث أو غيرهم، فظاهره لا يكون إلا بشرط؛ لأن لا تنفع إنما يستعمل فيما قصد وما يوجبه الحكم إنما يقال فيه يكون أو يصح. العاشر: قول ابن حبيب لا تنفع فيما بيع طوعًا إلا في الرقيق، وفيما باعه السلطان مطلقًا في كل شيء من حيوان وعروض وقاله الأخوان وأصبغ، وعلى اعتبار بيع الميراث، ففي كونه ما بيع منه لقضاء دين فقط أو ولما بيع لقسم الورثة قولان: للباجي وعياض عن غيره. والبراءة في ذكور الرقيق لا يفتقر لقيد، وفي إناثه. قال المتيطي: الصواب بيان كون الأمة من الوخش إن كانت منه والعلية إن كانت مستبرأة جاز بيعها على البراءة، يقول في كتب بيعها مستبرأة في عظم دمها، وإن لم تكن مستبرأة فلا بد من مواضعتها ولا تجوز فيها البراءة من الحمل، وفي جواز بيعها بالبراءة من سائر العيوب غيره قولا مالك وابن القاسم ووجهه ابن أبي زَمَنَيْن بأن السنة في بيع البراءة عمومها في كل عيب فتخصيصها بغير الحمل يخرجها عن وجه الرخصة فيها، وقواه بعض الموثقين برواية ابن نافع بيع عبد بالبراءة من عهدة السنة دون عهدة الثلاث غير حسن؛ لأنه بيع غير براءة، ولا تمسك بعهدة تامة. ابن أبي زمنين: بالأول عمل كثير من الفقهاء ورأى أن يستأنى إلى خروجها من

العهدة ثم ينفذ فيها بيع البراءة ولا يرد في بيع البراءة بما ظهر من عيب قديم إلا ببينة أن البائع كان عالمًا به فإن لم تكن ففي وجوب حلفه ما كان عالمًا به، وإن لم يدع المبتاع علمه، أو إن ادعاه رواية ابن حبيب مع نقله عن أصحاب مالك ورواية محمد ويحيي عن ابن القاسم. المتيطي: الأول المشهور وحيث تجب في كونه على البت في الظاهر والعلم في الخفي أو على العلم مطلقًا، قولا ابن العطار وابن الفخار متعقبًا قوله بأنه إنما يرد في البراءة بما علم ولو نكل البائع ففي وجوب الرد عليه دون حلف المبتاع أو بعد حلفه على العلم، رواية أشهب مع رواية محمد وسماع يحيي ابن القاسم. قُلتُ: ما ذكره عن ابن الفخار هو نص سماع يحيي بن القاسم. ابن رُشْد: اتفاقًا، ولو كان العيب ظاهرًا لا يشك أن البائع يعلمه لم تنفع فيه براءة روى زياد من باع عبدًا بالبراءة فوجد مقعدًا أو أعور أو مقطوع اليد ونحوه لم تنفعه براءة، وسمعه أصْبَغ من ابن القاسم، ومعناه: فيما بيع على صفة وهو في الحاضر عيب ظاهر لا يرد به. الباجي: ويحلف على ذلك من ورثته من يظن به به علم ذلك من صغار الورثة ثم يكبر في الظاهر والخفي رواه ابن حبيب عن الأخوين وأَصْبَغ قائلًا: هو قول مالك، وهذا إن كان صغيرًا يعلم ذلك عند التبايع، ومقتضى رواية ابن القاسم في اليمن على العلم سقوطها عن الصغير والغائب ولعله فيمن لا يفهم الأمر عند وقوعه لصغيره وأوجب عبد الله بن عوف اليمين عليهما ويقول لعلهما تيقنا ذلك كحلفهما مع شاهد لهما. قُلتُ: تيقنهما فيما لهما أقرب لبحثهما عنه، بخلاف ما لا نفع لهما فيه. المتيطي: ولو ظهر عيب يمكن قدمه وحدوثه ففي حلف البائع ما علمه سماع يحيي ابن القاسم وقول ابن حبيب مع رواية عن مالك وأصحابه، وعلى حلفه إن نكل ففي رده عليه بنكوله أو حتى يحلف المبتاع سماع يحيي، وقول اللخمي، وعزا ابن رُشْد الأول لرواية محمد وابن حبيب ولم يعز الثاني لأحد، ولو شرط للبائع بالبراءة سقوط اليمين عنه، ثم ظهر عيب قديم ففي الوفاء بشرطه مطلقًا أو إن كان غير متهم قولان

للمتيطي عن ابن الهندي مع ابن لبابة وابن زَرْب وسماع القرينين وبعض الموثقين وخرجها ابن زَرْب على من باع بثمن إلى أجل وشرط سقوط اليمين في دعوى القضاء. قُلتُ: لابن رُشْد في سماع القرينين في الوفاء بشرطه مطلقًا أو في المأمون والوصي والوكيل سماع القرينين وسماع ابن القاسم وخرجهما شُيُوخنا على شرط التصديق في الاقتضاء فيأتي في أعماله. ثالثها الثاني والصواب عدم التخريج؛ لأن مسألة البراءة كمن أسقط حقًا بعد وجوبه، وقبل العلم به، وشرط التصديق في الاقتضاء، كمن أسقط شيئًا قبل وجوبه وقبل العلم به وشرط التصديق في الاقتضاء كمن أسقط شيئًا قبل وجوبه في أعماله اختلاف. المتيطي: ومنع بعضهم اشتراطه؛ لأنه داعية إلى التدليس. ابن شاس: لو ظن المبتاع في بيع السلطان أنه بيع غيره ففي خياره في رده خوف البراءة ولزومهما قولان. قُلتُ: روى اللخمي: إن جهل المشتري أنه بيع ميراث أو سلطان فله العهدة إلا أن يشعل لذلك فيخير المشتري إن شاء أخذ بالبراءة أورد، وأرى له العهدة. الباجي: على قصر البراءة على بيع السلطان والميراث إن باع أحد بأمره ولم يذكر أنه بيع مغنم ولا مفلس ولا ميراث، فلابن حبيب عن أصبغ: هو على البراءة، وروى محمد: هو على البراءة إلا أن لا يعلم المشتري ذلك، وأما بيع الوصي أو الورثة فلا يحمل على البراءة إلا بعلم المبتاع أنه بيع براءة؛ لأن بيع السلطان لا يكاد يخفى بخلاف بيع الوصي. الباجي: من باع على البراءة ولم يذكر الميراث ثم علم أنه بيع ميراث فروى ابن القاسم في المدَزَّنة أنه لازم؛ لأنها صادفت محلها مع قوله لا تكون البراءة في بيع الرجل في خاصة نفسه، وفي التهذيب إن باع السلطان عبد مفلس كان أعتقه فوجد مبتاعه به عيبًا قديمًا بعد قسم ثمنه بين غرمائه لم يرد؛ لأنه بيع براءة إلا أن يعلم أن المفلس كتمه فيرد ويؤخذ ثمنه من الغرماء فيباع بالبراءة من العيب إن نقص ثمنهم عن حقهم اتبعوه، ولو كان الآن مليًا غرم ثمنه من ماله، ولم يتبع الغرماء بشيء وكان العبد حرًا؛

لأن البيع الأول لم يتم حين رده بالعيب. الصقلي عن محمد عن أشهب: إنما يرد ببينته على علم المفلس به وإن لم يعلم إلا بقوله لم يرد فإن رده مبتاعه فلا شيء له على الغرماء. وقال ابن زَمَنَيْن عن أشهب: لا عتق للعبد. قال فناقضا أصلى الله عليه وسلمهما في قوليهما بالمواضعة ونفيها في قول استبرائها من رد أمة رائعة بعيب. قُلتُ: يفرق لابن القاسم بالاحتياط ولأشهب بأن ذلك فيما باعه لنفسه، بخلاف بيع السلطان؛ لأنه كحكم لا ينقض، ولفظها فيها: من اشترى عبدًا من مال مفلس فأصاب به عيبًا، فله رده على الغرماء الذين بيع لهم وأخذوا ثمنه فأخذ منه اللخمي أن بيع السلطان غير بيع براءة، وقال غيره معناه: إن المفلس علم العيب. وفيها: لو حدث به عيب عند مبتاعه فله رده، والتماسك به ويرجع بقيمة العيب. الصقلي: قال جماعة من أصحابنا: إن رده وما نقصه فما نقصه لسيده؛ لأنه اليوم تم عتقه وظهر لي لو كان بيعه بعرض ولم يفت حتى رده بالعيب وما نقصه كان ما نقصه للعبد؛ لأنه ثمن بعضه فكما لا يجوز للمفلس ملك ما بقي منه فكذا لا يمتلك ثمن نقصه؛ لأنه ثمن بعضه. ومعنى قولهم: يرده ويرد ما نقصه إذا كان الثمن عينًا أن يرد منه ما بقي بحصته من الثمن وما نقصه كسلعة ثانية فاتت عند المشتري فيرد العبد معيبًا، ويرد عليه هذا ما يقابله من الثمن ويعتق ما نقص فيه البيع وما فات عند مبتاعه لا نقض فيه كما لو تمسك بالعبد ورجع بقيمة العيب ثم ظهر لي أن نقصه لسيده، ولو كان الثمن عرضا؛ لأن ما نقصه فات عند مبتاعه، فتم فيه البيع كما لو تمسك بجميعه ورجع بقيمة العيب بقيمة ثمنه سائغًا لبائعه. المتيطي: ما بيع على مفلس فظهر عيب كان به عالمًا بعد قسم ثمنه على غرمائه في وجوب الرد لمبتاعه، قول أشهب مع أصل مالك المعمول به ورواية داودين بن جعفر في المدينة، وعلى المشهور في رجوعه على الغرماء بكل الثمن أو قيمة العيب فقط رواية محمد ورواية المدينَّة مع قول ابن نافع وابن القاسم، كذا نقل المسألة هو والباجي: في العيب الذي كان المفلس به عالمًا، ورأيت للمازري ما نصه: ذكر بعض المتأخرين أن بيع البراءة إذا وقع من السلطان أو أهل الميراث لقضاء دين أو إنفاذ وصيَّة واطلع

المبتاع على عيب قبل تفرقة الثمن على الغرماء فله رد المبيع، وبعد تفرقته لا رد له بخلاف ثبوت البراءة باشتراط البائع على أحد القولين فيما باعه لنفسه لا رد للمشتري ولو كان الثمن حاضرًا، وفيه نظر عندي لا فرق بين بيع السلطان وبيع الإنسان مال نفسه، بل ربما كان ما يجب بالحكم آكد مما يجب بالشرط؛ لكن وقع في المدينَّة فيما باعه السلطان وثبت أنه علم بالعيب هو أو الغريم الذي بيع عليه لذلك إن للمبتاع الرد به إن لم يقسم الثمن على الغرماء وهذه التفرقة تشير إلى ما ذكره بعض المتأخرين، وحكى عن مالك وأصحابه إن العلم بالعيب حيث عقد السلطان يوجب المطالبة بالعيب. قُلتُ: مقتضى قولها في عتق الجنين إن عتق السنة أقوى من عتق الاقتراف، أن براءة بيع السلطان أقوى من براءة اشتراط البائع، ومقتضي ما تقدم أن رد من اشترط قدرًا من الحلاب بأن نقصه أقوى من رد المصراة العكس، وفي الموَّازيَّة معها البراءة بعد تمام البيع على ترك ثمنه كالبراءة في العقد فيما يصح فيه، وما تمنع فيه. الصقلي: عن الشَّيخ قول ابن حبيب: من باع جارية بعشرة دنانير على أن وضع في عيوبها دينارًا إن وجد عيبًا ردها، ولو تم البيع ثم وضع له دينار في عيوبها، جاز بجواز البراءة فيها، وما جاز شرطه في العقد جاز أن يلحق به تناقض، وسمع القرينان: من ابتاع بيع الإسلام وعهدته لا بيع بالبراءة إلا من باع في دين عليه أو ميراث ورثه أو بيع سلطان أو شبهه من العذر. ابن رُشْد: هو بيع غرر؛ لأنه ترك أن يكشف عن ما بالعبد الذي اشترى من العيوب التي يجب له بها القيام ليلزم ذلك من باع منه بيع براءة، فأضر من باع منه ونفع من ابتاع منه بمجهول لا يعلم قدره، في فسخه قولا مالك في هذا السماع ونوازل سَحنون والبراءة من عيب معين إن لم يقبل التفاوت برئ بذكره. الباجي: كالعور وقطع اليد من الكوع وإلا لم يبع حتى يبين قدره فإن باعه دون بيانه ففي فسخه نقلا الباجي عن أشهب وابن القاسم، وقاله أشهب: في الإباق وداء الفرج والمتفاوت، فيها الدبر منه المفسد والمنقل، والإباق منه القريب كما إلى العوالي والبعيد كما إلى الشام ومصر. ابن القاسم وكالسرقة منها سرقة الرغيف في البيت، ومنها نقب بيوت الناس،

والكي منه المتفاحش وغيره لا يبرأه منه إلا أن يخبره بشنيع الكي أو يريه إياه، وكذا عيوب الفرج إن كان منها الفاحش وغيره وكذا الرتق. ابن حبيب إن تبرأ من دبرة عرف غولا\رها، وما بداخلها لم يبرأ من متافحشة إلا ببيانه وإن لم يعرفهما لم يضره ما ظهر منها كعيب البائع والمبتاع فيه سواء، قاله من كاشفته من أصحاب مالك. الصقلي: صواب ويرد قوله في عيوب الخشب لا يبرأ منه إلا ما من أصل خلقته. قُلتُ: ظاهر لفظها، ونقل الباجي علم البائع بحال المتفاوت وجهله به سواء. ابن عبد الرحمن: من تبرأ من إباق ذكر قدره فأبق عند مبتاعه فهلك في إباقه ثم اطلع على أنه عنده أكثر مما بين إن هلك في مثل ما بين فهومن مبتاعه. الصقلي: يريد ويرجع عليه بما بين القيمتين وإن هلك في أكثر من ذلك أو في مثل ما دلس فيه فمن بائعه، ويرجع عليه بكل ثمنه. الصقلي: عن غيره إن قال: أبق مرة وكان أبق مرتين فهلك بسبب الإباق رجع بقدر ما كتمه فقط، وقال غيره يرجع بجميع الثمن، وفي الموَّازيَّة لها لمالك: من كثر من أسماء العيوب في براءته لم يبرأ إلا من عيب يوقفه عليه، في الواضحة أو يكون ظاهرًا أو يخبره غير بائعه. محمد: روى أشهب: لا يبرأ من عيب علم به ولو سماه بعينه ولم يخلطه بغيره حتى يقول إنه به. الصقلي: أرى أن يبرأ بذكره وإن لم يقل أنه به، ولابن سَحنون عنه: من قام بسقوط أضراس عبد ابتاعه فقال بائعه تبرأت إليك منها، فأكذبه مبتاعه فأتى ببينة على بيعه إياه منه بالبراءة من كل عيب، وقال لا أعرف هذه الأضراس وأردت بقولي تبرأت منها أني بعت بالبراءة من كل عيب لا تنفعه بينته، وقوله: برئت منها إقرار بأنه كان يعرفها، وله من ابتاع عبدًا قام فيه بعيب فقال: بائعه بعته بالبراءة منه ولم أعلم العيب، فأكذبه، وعجز عن البينة، فرد عليه فطلب رده على بائعه فقال له: قد أقررت أنك بعته بالبراءة، والمبتاع ظلمك في رده عليك وبراءتك من عيبه براءة لي، له رده على بائعه الأول. وفيها: من تبرأ من عيب أمة ذكره بعد عقد بيعها، إن كان ظاهرًا خير المبتاع في

ردها وإلا لم تنفعه براءته فإن ظهر بها عيب قديم فلمبتاعها ردها ولبائعها إقامة البينة على عيب بها ليبرأ منه، محمد عن أشهب: لا تنفعه البينة إن لم يقبلها ويبرئه إلا أن يقفه السلطان على الرد والإمساك. محمد: لو أراد ردها بمجرد إقراره دون ظهور عيب بها لم يكن له ذلك إلا ببقاء إقراره. الصقلي: قال بعض شُيُؤخ أصحابنا: يريد ولو أقر بعد بيعه أنه دلس بإباقه فلم يصدقه مبتاعه، ثم أبق بعد ذلك فمات في إباقه فلمبتاعه أخذه بثمنه؛ لأن من أقر بمال أخذ به وكذا فسره أبو الحسن وحكم ثبوت العيب والمبيع قائم تخيير مبتاعه في رده في كونه نقضًا أو ابتداء قولا أشهب وابن القاسم في استبرائها والتمسك به على أخذ أرشه بعد معرفتهما به جاز برضاهما اتفاقًا، وقبلها خرج المازري جوازه على قولي ابن حبيب وابن القاسم في جةاز تمسك مبتاع ما استحق أكثره معينًا من ذوات بباقيه ومنعه، وفيها لوارث مبيع القيام بعينه على بائعه، فإن قال: تبرأت منه فعليه البينة وإلا حلف من يظن به من الورثة علم ذلك ولا يحلف من يرى أنه لا يعلم ذلك. قُلتُ: كسماع القرينين في تداعي ورثة الزوجين دفع المهر بعد البناء يحلف ورثة الزوج ما نعلم بقاءه عليه. فناقض ابن رُشْد: إيجاب حلفه دون تحقيق دعوى علمه ذلك بقول نكاحها إن قال ورثة الزوج في المدخول بها لا علم لنا بعدم دفعه المهر فلا شيء عليهم، فإن ادعى ورثة الزوجة علمهم حلفوا أنهم لا يعلمون أن الزوج لم يدفعه، وقول غررها في التداعي في وقت موت الجارية الغائبة المبيعة على الصفة فإن فات المعيب غير مثلي بتلف تعين قدر العيب من الثمن وهو جزؤه المسمى للخارج من تسمية فضل قيمته سليمًا على قيمته بعيبه من قيمته سليمًا والقيمة إن صح البيع يوم الصفقة فيما لا يتواضع، وإن فسد فيوم قبضه، فيها: لمالك من ابتاع جارية بيعًا صحيحًا قبضها بعد شهرين قيمة العيب فيها يوم الصفقة. سَحنون: إن كانت لا تتواضع وبيعت على القبض. قُلتُ: فإن كان بيعها حرامًا فقيمتها يوم قبضها؛ لأن له ترك قبضها، والبيع

الصحيح القبض له لازم. ابن محرز: ظاهره يوم ضمانها يوم تقويمها فالبيع بالخيار والعهدة والمواضعة إنما قيمتها يوم ضمانها مبتاعها ببت الخيار، والخروج من المواضعة. عياض: وهو قولها إن كانت الجارية لا تتواضع وهو متصل بكلام ابن القاسم عند ابن عات وغيره، ولشَحنون عند ابن عيسى، وإن كان مثليًا ففي سقوط حقه بعدم غرم مثله ورجوعه بقيمة عيبه قولا ابن القاسم وأشهب: وصوبه اللخمي وعزاه الباجي لابن حبيب، والأول لابن القاسم: في الدينار، ولَسحنون في: الشعير يعلم أنه لا ينبت بعد زرعه. وفيها: من أكل حنطة أو لبنا ثم بعيبه رجع بقيمته، إذ لا يوجد مثله ولو وجد مثله سواء رده الصقلي عن الشَّيخ عن سَحنون: لا يرد مثله، ولو وجد؛ بل يرجع بقيمة العيب، ولو اختلفا في صفة ما فات، ففي قبول قول بائعه مطلقًا، أو إن انتقد وإلا فالمشتري، نقلا اللخمي عن محمد مع أشهب وابن القاسم فيها. وفيها: مع غيرها إن علم بعيب ما ابتاعه بعد عتقه أو صدقته أو هبته أو كتابته أو تدبيره أو إيلاد الأمة وجب رجوعه بقيمة عيبه. ابن زرقون: روى زياد: إن تصدق به أو أعتقه فات ولا يرجع بقيمة العيب، ولو كانت الهبة لمن له اعتصارها منه ففي كونها فوتًا أو لا؟ قولا ابن حبيب وابن الكاتب، فخرجها المازري على الخلاف فيمن ملك أن يملك هل يعد مالكًا أو لا؟ وإن علم عيبه بعد رهنه أو إجارته ففي وجوب كونه كفوته إن عجز عن استخلاصه وبقائه على حكم رده لاستخلاصه. ثالثها إن بعد كالأشهر والسنة، وإن قرب كالشهر ونحوه، فالثاني لأشهب وابن القاسم فيها، وغير واحد عن ابنحبيب وكذا نقلها ابن شاس واقتصر ابن الحاجب على نقل الأول والثاني معزوًا لابن القاسم فتعقبوه، ونقل اللخمي قول ابن القاسم مقيدًا بتخيير المبتاع في الرجوع بقيمة العيب والتربص، واختار الثالث غير معزو كأنه لنفسه. الشَّيخ: روى أشهب تحبيس فرس مبتاعه اطلع على عيب به قبله إن حيز عنه

فات وإلا فلا وبع بيعه من بائعه والمبتاع يجهل عيبه إن باعه بمثل ثمنه فلا تراجع، وبأقل في رجوعه عليه ببقية ثمنه قول ابن القاسم فيها، وتخريج اللخمي على قوله: من علمت بعيب زوجها بعد مخالعته لا رجوع لها عليه. ورد المازري بأن العوض في البيع أشد ثبوتًا منه في الخلع؛ لأنه لو خالعها على خمر مضى، ولا رجوع له عن العصمة بشيء، ولو باع عبده بخمر ففسخ بيعه رجع في عبده، يرد بأن هذا في العوض العصمة لا العوض المالي ومحل المزاع مالي، وبأكثر إن كان الأول مدلسًا فلا رد له وإلا فله، إلا أن يرد له الثاني فضل ثمنه على الأول، ولو علم عيبه دون الأول فلا رجوع له في الجميع ولبائعه رده عليه. الصقلي: إن كان العيب في الأول يمكن حدوثه عندك أو عنده في الملك الأول أو الثاني حلفت في الظاهر على البت وفي الخفى على العلم إنما حدث عندك وبرئت من رده عليك، فإن نكلت حلف كذلك، ورده عليك، وفي الثاني قال محمد: يحلف ويبرأ من رده عليك إن نكل حلفت ورجعت عليه بتمام ثمنك، وفي الثالث حلفت وبرئت من رده عليك، فإن نكلت حلف ورده عليك. اللخمي: في الثاني إن شك هل كان عند الأول قبل بيعه أو حدث عند المشتري الأول ما حدث عنده وسقط الرجوع عليه، وفي الثالث يحلف المشتري الآخر وحده ما حدث عنده ولم يرجع عليه بفضل الثمن إلا أن يعترف أنه عند البائع الأول فيجب عليه رد الفضل. قُلتُ: كذا وجدته في نسختين إحداهما عتيقة والصواب يحلف المشتري الأول لا الآخر، ولذا قال عند البائع الأول، وله في ترجمة جامع العيوب: محمد من اشترى ما باعه من مشتريه بدون ثمنه فوجد به عيبًا شك فيه حلف، فإن نكل حلف الآخر وأخذ بقيمة ثمنه يريد شك أحدث في الصفقة الأولى أو عند المشتري الأول وأحب التماسك، ولو أحب الرد حلفا إن نكل من هو بيده، وحلف الآخر وأخذ بقية ثمنه، وفي عكسه ترد عليه ويرد الثمن الثاني، ولو شك أحدث عند بائعه في الصفقة الثانية أو عند مشتريه حلف وبرئ، وإن نكل حلف بائعه ورده، ولو شك مع ذلك أكان عند بائعه قبل بيعه

حلف وبرئ ويحلف البائع ما علمه قبل بيعه ولا بعد شرائه إن نكل عنها حلف المشتري وأخذ بقية ثمنه وفي عكسه للبائع رده وأخذ ثمنه ولو حلف ما علمه في الصفقة الأولى ونكل عنه في الثانية لم يغرم، ولم يرد ولا يمين على المشتري؛ لأنه إن نكل ردت اليمين على من نكل عنها وبع بيعه من غيره في رجوعه بقيمة عيبه ثالثها بالأقل منه، ومن تمام ثمنه، ورابعها إن باعه ظانًا أن عيبه عنده أو باعه وكيله وبينه القاضي مع ابن عبد الحَكم وروايته، وأخذه من الموطأ وابن القاسم فيها مع روايته وابن حبيب مع أشهب وروايته والصقلي عن محمد، وجعل عياض وابن رُشْد في سماع يحيي قول محمد تفسيرًا لقول ابن القاسم فيها، وعزاه عبد الحق لابن القاسم في الموَّازيَّة لا لمحمد، ولو رجع على الثاني مبتاعه بأرش ذلك العيب ففي رجوعه على الأول بالأقل مما غرم أو تمام ثمنه أو أرش العيب أو بأقل الأخرين، ثالثها كما لم يغرم شيئًا للخمي عن ابن القاسم والآتي على قول أشهب وعلى رواية ابن عبد الحَكم. الصقلي عن محمد: إن فلس الثاني والمبيع بيد الثالث فلا رد له على الأول؛ بل على الثاني فيرده مع غرمائه على الأول ليتحاصوا في ثمنه ولو فات عند الثالث رجعوا على الأول بما كان يرجع به الثاني عليه يضرب فيه وفيما له الثالث مع غرمائه بأرش العيب من ثمنه وإن لم يكن عليه غرماء رجع الثالث على الأول بما يرجع به على الثاني إلا أن يعطيه الأول قيمة عيبه الذي كان يلزمه أو بقية رأس مال الثاني، لابن رُشْد: في مسألة لو باع نصفه أو اشتراه بمائة وباعه بتسعة وتسعين فرجع عليه مبتاعه بأرش عيبه وهو دينارران وأرش عيبه فيما فيما ابتاعه به ثلاثة دنانير، على سماع عيسى ابن القاسم رجوعه بقيمة عيبه من الثمن الأول رجع الثاني على الأول بثلاثة دنانير وعلى أحد قولي ابن القاسم في الموَّازيَّة رجوعه بالأقل من ذلك أو مما غرم يرجع بدينارين. وعلى أحد قولي ابن القاسم واختار محمد رجوعه بالأقل منهما ومن بقية رأس ماله يرجع بدينار فقط. وفيها: من ابتاع عبدًا فادعى عيبًا به بعد بيعه لا خصومة له فيه إذ لا رجوع له به لو ثبت. قُلتُ: على متقدم تقييد ابن رشد قول ابن القاسم، بقول محمد: إن ادعى أنه باعه مبينًا عيبه لظنه حدوثه عنده أو باعه وكيله مبينًا له فله خصومته.

وفيها: من اطلع على عيب بعبد بعد بيعه نصفه خير بائعه في قبول نصفه برد نصف ثمنه ورد نصف قيمة عيبه ومثله، سمع عيسى، فخرج ابن رشيد فيها ما في سماعه فيمن تصدق بنصف عبد ابتاعه ثم ظهر على عيب به قال ما تصدق به رد له نصف قيمة العيب وما بقي بيد المشتري في لزوم رجوعه بمنابه من قيمة العيب وتخييره في الرضا به، ورده، وأخذ منابه من الثمن ثالثها يخير البائع في رد منابه من الثمن بأخذه ورد منابه من العيب، والمذهب أنه إن رجع المعيب لمبتاعه بوجه ما فله رده على بائعه. المازري: توقف فيه بعض الأشياخ؛ لأن ملك شرائه من بائعه الأول لا ضرر فيه عند ابن القاسم بعد بيعه، وهذا ملك مستأنف باق بحاله ولم يحب عنه، ويرد بأن ابن القاسم إنما قال ذلك في إغرام البائع، أرش العيب دون ضرر المبتاع بغرم أرش عيب حدث عنده. وفيها: قلت: إن اشتريت جارية بها عيب لم أعلمه ثم بعتها وتداولتها رجال ثم اشتريتها فعلمت بيعها. قال سَحنون: قال أشهب: لك ردها على من اشتريتها منه آخرًا؛ لأن عهدتك عليه. قُلتُ: كذا نقلها ابن محرز والتونسي إلا أنهما ذكرا بدل. قال سَحنون: قال أشهب: لفظ قال غيره، وفي بعض نسخ المدَوّنة قبل قال سَحنون، قال لك أن تردها عليه إن لم يدخلها عيب مفسد مثل ما وصفت لك. قال التونسي: الأشبه قصر رده على الآخر إذ قد يكون بعض المشترين قد خسر في بيعه فيريد نقض البيع ليرجع بتمام ثمنه، وبعضهم ربح فلا يريد نقضه فإن قيل يدخل هذه العلة فيمن اشتراها بمائة ثم باعها من رجل بثمانين ثم اشتراها بتسعين قيل إذا ردها مبتاعها على البائع الأول فكأنه رضي أن لا يرجع، على من اشتراها منه أخيرًا بعشرة، ولا حجة لمن اشتراها أخيرًا؛ لأنه لا يرجع ولا يرجع عليه، ولا حجة للمشتري الأول في أن يقول انتقض البيع لما رددته على الأول، فيجب نقض شرائه من الآخر فإن رجع عليه بعشرة إذ هو مختار في رده على الأول، وإنما ينتقض بيع الآخر لو كان اشتراها منه بستين ثم ردها على الأول فأخذ منه مائة لرجع الآخر بتمام ثمنه وهو عشرون؛ لأنه

يقول لما انتقض البيع في العبد وجب أن لا تربح أنت فرد على ما كنت خسرته ومثله قال ابن محرز. المازري: لو باع المعيب من اشتراه فتداولته الأملاك فاشتراه مشتريه الأول من مشتريه الآخر فذكر في المدَوَّنة لمن اشتراه أولا رده على من اشتراه آخرا، وفي بعض روايات المدَوَّنة له أن يرد عليه، وظاهر هذا الضمير عند بعض المتأخرين عوده على من اشتراه منه أولا وتعقب هو وغيره من الأشياخ رده على الأول، وقرر ما قاله التونسي بأنه لو رجع العبد لمن لا يريد رده؛ لأن تمسكه به أنفع له لم يصل لمشتريه الأول وإذا لم يصل إليه لم يكن له على بائعه منه أولا مقال: حسبما قاله ابن القاسم ورأى بعض أشياخي أن هذا يجري على مسألة من اشترى سلعة شراء فاسدًا فباعها بيعًا صحيحًا ثم اشتراها في ارتفاع حكم الفوت بعود السلعة إليه، ولم تحل أسواقها قولان، وفي تخريجه نظر؛ لأن فسخ البيع الفاسد حق لله لا يسقط بتراضي المتبايعين والرد بالعيب يسقط بالتراضي، وقد ذكرنا إمكان رضا أحد المتبايعين به. قُلتُ: ما ذكرته عن بعض النسخ وذكره المازري عن بعض رواياتها وقع فيها بعد هذه الترجمة في كل النسخ ولم يذكر البراذعي غيره ما نصه: قُلتُ: إن بعت عبدًا من رجل فباعه المشتري ثم ادعى عيبًا بالعبد أنه أن يخاصم بائعه فيه في قول مالك قال: لا أرى أن يرجع بالعيب فكيف يخاصمه؟ قُلتُ: فإن رجع العبد إلى المشتري بوجه من الوجوه بهبة أو شراء أوميراث فأراد أن يخاصم الذي باعه في العيب الذي ادعى أنه كان به يوم ابتاعه أله ذلك في قول مالك؟ قال: نعم، وهذا ظاهر في أن له الرد على الأول وما ذكروه من التعقب، يرد بأنه بناء على أن رده على الأول موجب لنقض البياعات وهذه دعوى لم يقم عليها دليل مجرد منعها كافٍ في ردها، وبأنه لو انتقضت البياعات في هذا المبيع برده بالعيب لنقضت في المبيع بيعًا فاسدًا، إذا فسخ برجوعه لمبتاعه بيعًا فاسدًا بعد بيعه بيعا صحيحًا، والمذهب أنها لا تنتقض وما رد به المازري تخريج اللخمي ينتج هنا تأكيد لزوم النقص في البيع الفاسد، للنقض في الرد بالعيب؛ لأنه إذا أوجب النقض مع أنه اختياري لحق آدمي فأحرى في الفاسد؛ لأنه جبري لحق الله تعالى، ولهذا المعنى قال في

"المدَوَّنة" وغيرها: عتق السنة آكد من عتق الافتراق ولا أعلم لما زعموه من نقض البياعات متمسكًا إلا توهم القياس على نقض البياعات المتعددة في الشفعة الكائنة بعد البيع الذي شفع بثمنه وتقرير القياس أنه إذا تعدد بيع الشقص أربعًا فأخذ الشفيع بالبيع الأول فقد نقض البيع الثاني اتفاقًا، وأوجب نقض هذا الثاني، نقض ما بعده اتفاقًا، والمشتري الأول إذا رد المبيع على البائع الأول فقد نقض بيعه وهو أول البياعات فوجب نقض ما بعده قياسًا على الشفعة بجامع مطلق نقض البيع، ورد هذا القياس واضح وهذا؛ لأن موجب النقض في الشفعة ليس هو نقض البيع الثاني عن البيع الذي أخذ فيه بالشفعة وإنما موجبه أن الشفيع إذا أخذ بالشفعة بثمن البيع الأول أخذ الشقص من يد مشتريه بغير عوض يعطيه إياه إجماعًا فوجب رجوع المشتري الآخر على بائعه بما أخذ منه من ثمن الشقص وكذا كل مبتاع يرجع على بائعه إلى أن ينتهي الأمر إلى المشتري الذي أخذ الشفيع بثمن شرائه فيعطي لمن ابتاع منه ثمنه ولا يرجع هو على أحد لأخذه ثمنه من الشفيع، فموجب النقض في الشفعة إنما هو أخذ المبيع من يد آخر مشتريه بغير ثمن، وفي مسألة الرد بالعيب إنما أخذه الراد بثمن دفعه إليه، فعلة النقض في الشفعة معدومة في الرد بالعيب فتأمله. وقال ابن عبد السلام إثر ذكره كلام التونسي: وهذا ظاهر ولكنه يصعب إذا تعدت الباعات ورجع للمشتري الأول بهبة أو صدقة. قُلتُ: لا صعوبة فيه؛ لأن اللازم عند عدم رده على البائع الأول وهذا هو اختيار التونسي وله في الهبة كلام يأتي إن شاء الله. وفي شرط رد مشتريه إذا رجع إليه بشراء على بائعه الأول بعدم علمه بالعيب قبل شرائه الثاني نقلا عياض: تأويل الأقل قولي ابن القاسم مع أشهب وتأويل الأكثر قال: وهو ظاهر قولها: إن اشترى عبدًا فباعه ثم ادعى عيبًا لم يكن له أن يخاصم بائعه؛ لكن إن رجع إليه بشراء أو غيره فله رده على بائعه قال: قالوا لو رجع إليه بشراء بعد تخيير مشتريه الثاني في رده بالعيب لم يكن له رده. قُلتُ: التأويل الأول عزاه عبد الحق لمحمد، والثاني لبعض شُيُوخه واختاره قال: وقال بعض شُيُوخنا: لو باعه مشتريه من مشتريه من بائع بائعه لم تنقض البياعات؛ لأن

هذا أمر حادث قال: وخالفني غيري وقال تنتقض كل البياعات كالاستحقاق قال: وعلى قول أشهب لو رجع بالأقل من قيمة العيب أو نفيه رأس ماله ثم رجع إليه بشراء أو غيره فله رده وخالفه غيره ورآه حكمًا مضى. عبد الحق: ورأيت لابن حبيب إن باعه مبتاعه بمثل الثمن فأكثر ثم رجع إليه بشراء أو غيره بحالة دون تغير، فإن كان قام قبل رجوعه إليه وقضى عليه ألا يرجع بشيء فلا قيام له الآن، وإن لم يكن حكم بينهما بشيء فله رده. قُلتُ: لما ذكر الصقلى قول ابن حبيب قال: وقال أبو محمد: هذا بعيد من أصولهم، قال: وقال بعض شُيُوخنا القرويين لو أن مشتري نصف عبد رده بعيب على بائعه وكان بائعه رجع على بائعه بنصف قيمة العيب فلبائعه الأول أن يقول له إنما غرمت لك نصف قيمة العيب لتبعيض العبد والآن صار كله لك إن شئت رده إلي وخذ ثمنك أو احسبه ورد على نصف قيمة العيب وللمشتري ذلك، وإن أبى البائع. وقال غيره: ذلك حكم مضى وأجراه الصقلي على قولي ابن حبيب والشَّيخ. وفيها: من باع ثوبًا من رجلين فباع أحدهما حظه من صاحبه ثم ظهر على عيبه فلا قول له ولمالك كله رد حظه فقط. وفيها: لو رجع إليه بهبة أو صدقة ممن اشتراه منه فلمعطيه الرجوع عليه بأرش العيب وله رده على بائعه الأول وأخذ جميع ثمنه لا يحاسب بشيء مما بقي في يده من ثمن الواهب؛ لأنه كأنه رد عليه فوهبه أو تصدق عليه، ببقية الثمن بعد أرش العيب ونقلها التونسي بلفظ: إن رجع إليه بهبة رده على الأول ورجع الواهب بقيمة العيب على البائع منه قال: ولم يجعل للواهب استرجاع بقية ثمنه بأن يقول لما رده الذي باعه منه على الأول انتقض البيع والهبة وصار ما وهبته كاستحقاقه فلا شيء للموهوب في ثمنه إذ لو شاء الموهوب لم يرده على البائع الأول فشبه رده هنا إلى الأول كابتداء بيعه وإمضاء الهبة في بقيته بعد أرش العيب. قُلتُ: جوابه يجعل رده كتبتداء بيع يرد ما تقدم له من تعقبه القول برده على بائعه في رجوعه إليه بشراء إلا أن يريد بجوا به هذا إجراء القول على قوله ذلك لا تصويبه عنده، وهذا إذا وهبه من ابتاعه منه ولو وهبه من ابتاعه ممن ابتاعه منه أو ممن ينتهي.

ابتياعه إليه بعد بياعات لرجع واهبه بأرش العيب على بائعه منه وكذا كل بائع حتى ينتهي الرجوع بأرش ذلك العيب في يوم عقد بيعه إلى من ابتاعه من المشتري الأول الموهوب فيغرم له أيضًا أرش العيب كذلك ورضا المبتاع العيب يسقط مقاله. المازري: الأصل المعتبر أن كل فعل لا يقع عادة إلا رضى منه بالعيب يسقط مقاله وما أشكل من التصرف لغو. ابن شاس: إن تمكن رد المعيب فسكت عنه لا لعذر، بطل خياره. وفي الجلاب: من ظهر على عيب سلعة اشتراها ثم مات قبل رده لها فلورثته ردها، وسمع أَصْبَغ ابن القاسم: إن دبر مكاتب عبده فعلم سيده ذلك فلم ينكر عليه حتى عجز لا تدبير إلا أن يكون أمره بتدبيره، وليس السكوت والعلم شيئًا. ابن رُشْد: في كون السكوت إذنًا في الشيء وإقرارًا به قولان مشهوران لابن القاسم في سماع عيسى من كتاب المديان مع كتاب النكاح وهذا السماع مع سماعه عيسى في كتاب الدعوى والصلح وهذا الأظهر لقوله صلى الله عليه وسلم: «البكر تستأذن وإذنها صماتها». فغيرها بخلافها في النكاح إجماعًا، يوجب قياس غيره عليه إلا ما علم عادة أن السكوت عليه رضا فلا يختلف أنه إقرار به كمن سكت عن حمل امرأته وشبهه. قُلتُ: في التفليس منها قال ابن القاسم: من كان من غرماء المفلس حاضرًا عالمًا بتفليسه فلم يقم مع من قام فلارجوع له على الغرماء وذلك رضا ببقاء دينه في ذمة الغريم كعلمهم بعتقه وسكوتهم عنه فلا يرد لهم عتقه بعد ذلك إن قاموا، وقيل توقف لهم حقوقهم كالغائب. وفيها: إن أخر رب الحق الغريم وسكت الحميل وعلم بذلك لزمته الحمالة وله أن يرضى بذلك خوف أن تلزمه الحمالة. وفي النكاح الأول من زوج ابنه البالغ المالك لأمره وهو حاضر صامت فلما فرغ الأب من النكاح قال الابن: ما أمرته ولا أرضى، صدق مع يمينه والقولان قائمان من مسائلها. وغيبة بائع المعيب لا تسقط حق مبتاعه. اللخمي لمحمد عن ابن القاسم: من أقام بيده عبدًا استراه ستة أشهر لغيبة بائعه

ولم يرفع للسلطان حتى مات العبد، له الرجوع بعيبه ويعذر بغيبة البائع الخصومة عند القضاة، ويرجو إن قدم البائع موافقته. وقول ابن الحاجب: إن كان البائع غائبًا استشهد شهدين يقتضي أن الشهادة شرط في رده أو في سقوط اليمين عنه إن قدم ربه، ولو لم يدع عليه ذلك ولا أعرفه لغير ابن شاس وله القيام في غيبته. فيها لمالك: إن رفع للسلطان سأله البينة على شرائه بعهده الإسلام وبيعه، فإن أقامها تلوم للبائع، فإن طمع بقدومه وإلا باعه، وقضى المبتاع حقه فإن نقص عنه تبعه بما بقي، وإن فضل منه شيء حبسه للبائع. قُلتُ: حصر اللخمي ما يثبته في أمرين كون بيعه على العهدة، ودفع الثمن قال: وأرى إن كان العادة البراءة كلف إثبات أن بيعه على العهدة وإلا فهو عليها ويستظهر بيمينه في مكانه، والنقد إنما يكلف البينة عليه فيما يقبل فيه إنكار البائع قبضه لا فيما يقبل فيه قول المبتاع، فإن كانت العادة في بيع الرقيق النقد أو طال مقام البائع قبل سفره، أو كان أحد المتايعين غريبًا لم يكلف المشتري بينة. قُلتُ: اعتبار العادة في النقد سبقه به. ابن محرز قال: فإن لم يقم البينة، كفت العادة في ثبوته مع يمينه قال: وهذه عكس مسألة غيبة المكتري، وطلب مكري الإبل أن يكرى له عليه وقال: لم أقبض الكراء، إن كانت العادة تأخيره صدقته، وإن كانت نقده، لم يحكم عليه بها، لعدم حضور مدعيها، وحكم له بالكراء بعد يمينه فيهما لاحتمال دعوى الكتري النقد في الأولى واحتمال دعوى المكتري النقد في الأول واحتمال نكوله في الثاني، وقاله المازري كأنه من عند نفسه هو قول ابن محرز: هذه عكس مسألة الجمال، وقول المازري: هذه بخلاف مسألة الجمال يريد أن العادة بالنقد في مسألة العيب يحكم بها لمدعيها وهو المبتاع، والعادة به في مسألة الكراء، لا يقتضي بها لمدعيها وهو المكتري، وفرقا بأن العادة في مسألة المبتاع من يقوم بها حاضر، والعادة في مسألة الجمال من يقوم بها غائب ويرد بأن عدم حضور من يقوم بالعادة في مسألة الحمال أشد أموره أن يصيرها كالعدم وعدمها في مسألة المبتاع

أوجب عدم قبول دعوى الحاضر على الغائب فيجب ذلك في مسألة الحمال فلا فرق بما قالاه فإن قيل: بل من أشد أمرره أن يصيره كحاضر نكل وإليه أشار ابن محرز بقوله: واحتمال نكوله في الثاني رد بأن غيبة من لو حضر قيل له لا تنزل منزلة نكوله ضرورة أن من ادعى عليه بمال لا توجب غيبته قبول قول خصمه وهو لو حضر نكل قبل قول خصمه، والمكتري أقوى لشهادة العادة له، فإن قيل: إنما أجابا بالفرق عن سؤال لغو العادة بالنقد للمكتري واعتبارها للمبتاع. قُلتُ: قول ابن محرز عكسها، ولفظ المازري مطلق في اعتبار العادة ولغوها، وقبول قول من لم يشهد له مع يمينه ولغوه، والإطلاق كالعموم، ومسألة الحمال عكس مسألة المبتاع فيهما، أما في الأول فظاهر، وأما في الثاني فلأن المبتاع إذا لم تقم له عادة فدعواه لغو، والمكري إذا لم تقم له عادة. قوله: مع يمينه مقبول وفرقهما إنما يتم في الأول لا الثاني، والصواب التفريق بأن المبتاع في عدم العادة يدعي ثبوت النقد والأصل عدمه والحمال في عدم العادة يدعي عدمه وهو الأصل، وفسر ابن محرز والمازري المدَوَّنة بأنه يكلف مع الأمرين صحة العقد فالأخوف دعوى الغائب فساده وفائدة بينته بذلك سقوط حلفه على ذلك. وقال فضل: لابد أن يحلف ما تبرأ البائع له من هذا العيب لاحتمال كون البراءة بعد العقد الذي حضرته البينة، وعزاه المتيطي لابن حبيب معه قال: وتثبت غيبته. قُلتُ: وعلى قول فضل يزيد في حلفه ما أسقط حقه فيه بوجه وذكره المتيطي كأنه المذهب وأنه ما استخدم العبد بعد رؤية العيب. ابن لبابة: وتؤرخ البينة يوم الشراء لقدم البيع. المتيطي: إن قربت غيبته لم يعجل عليه وإن بعدت، فقال: مالك: في عيوبها يتلوم له الأيام إن طمع بقدومه وإلا باعه، وفي التجارة للحرب منها: إن بعدت غيبته قضى عليه، ولم يذكر تلومًا، ونحوه لابن القاسم في قسمتها فحمله غير واحد على الخلاف لما في عيوبها. قال بعضهم: ولمالك أيضًا في بعيد الغيبة إن خاف عليه الضيعة أو النقص باعه وما فضل عن ثمنه حبسه له عند أمين. قُلتُ: هذا نص عيوبها.

المتيطي: القولان وفاق أي: يتلوم له إن طمع بقدومه ما لم يخف عليه ذلك ولابن رُشْد: في سماع ابن القاسم من الأقضية غيبة الخصم إن قربت كمسافة ثلاثة أيام كتب إليه بالإعذار إما قدم أو وكل فإن أبى حكم عليه في كل شيء من طلاق وعتق وغيره ولم ترج له حجة في شيء وبعيد الغيبة كمسافة عشرة أيام يقضى عليه في غير استحقاق الأصول، وترجى حجته، ومنقطع الغيبة كمكة من إفريقيَّة والعدوة من الأندلس يقضي عليه في كل شيء وترجى حجته. وقال سَحنون وابن الماجِشُون: لا ترجى له حجة إلا إن بان أن البينة عليه ذات حجر عليها أو رق أو كفر فعلى قولهما يوكل له وكيل يحتج عنه ويعذر إليه، وعلى قول ابن القاسم لا يوكل له، وفي كون قول البينة غاب منذ شهر ونحوه بحيث لا نعلم مستقره شهادة ببعدها أو حتى تنص على بعدها قولا أبي مروان وابن القطان وصوب ابن سهل الأول، وقال: هو ظاهرها، وأنكر الثاني. وقال ابن محرز: معنى قوله في بيع المردود أنه لم يكن للغائب مال غيره أو رأى أنه أمثل ما يباع له، وتبعه المازري. قُلتُ: ما فيها هو نص الروايات وأقول المتكلمين على المدَوَّنة وغيرها وأهل الشورى كابن عتاب، وابن القطان وابن مالك، وابن سهل وغيرهم، وسمع عيسى ابن القاسم من ابتاع جارية فغاب البائع ووجد المبتاع بها عيبًا لم يعلم به إن أقام البينة عند الإمام أنه ابتاع بيع الإسلام وعهدته لأداء ولا غائلة باعها السلطان فإن كان نقص اتبع به البائع ولا شيء عليه في وطئها إلا أن تكون بكرًا فيكون عليه ما نقصها ولا يمين عليه إنه لم يطأها منذ علم عيبها إلا أن يكون متهمًا. ابن رُشْد: قوله: أقام البينة ببيع الإسلام، يريد في يوم كذا لأجل العيوب التي تقدم وتحدث ويقيم البينة على نقد الثمن ويحلف ما وحينئذ يبيع العبد على الغائب، ويفع الثمن إن لم تقم البينة على الأول حلف عليه وإن لم يقمها على النقض حلف عليه أيضًا إن مضى من المدة ما لو أنكر البائع القبض قبل قوله: مع يمينه أنه دفعه وذلك العام والعامان في قول ابن حبيب والعشرون ونحوها، على قول ابن القاسم. قُلتُ: فقد نص ابن رُشْد على بيعه له دون شرط، وإنما ذكر أهل المذهب اعتبار

أولوية ما يباع على بيعه. اللخمي: من قال بعيب مبيع في غيبة بائعه، والبائع منه حاضر رد له عليه لحجته بدعواه أن الغائب رضيه إلا في عدم الغائب؛ لأنه لو رضيه وثمنه لا يفي بثمنه لم يقبل رضاه، ولو استحق من الآخر فله القيام على الأول؛ لأنه غريم غريمه. وفيها قلت: إن كان ذلك في بيع فاسد. قال: لم أسمعه، وأرى إن أقام البينة إنه ابتاعه بيعًا حرامًا، ونقد ثمنه ولم يفت بحوالة سوق حكم فيه كالصحيح وإن فات جعله القاضي عليه بقيمته ويترادان الفضل متى اتقيا، ونوقض قولها بنزع فضل الثمن من مشتري المعيب في البيع الصحيح بقولها: لا ينزع من مشتريه في فوته في البيع الفاسد ابن محرز فرقوا بأنه في البيع الصحيح لم يكن الغائب رضي معاملته، وفي الفاسد، كان رضيها وزاد بعضهم أنه دين للغائب والسلطان لا يقتضى دين الغائب ورده ابن محرز بأنه إنما رضي معاملته في بيعة فسخت، قال: إنما رأي ابن القاسم أن بقاءه في ذمة خيرًا من أمانة إلا أن يخشى على ذمته ثلم فينزع منه. زاد المازري: إن البيع في الصحيح نقض وبطل ملك المشتري فصار البائع والمشتري كأنهما لم يتعاملا قط، وفي الفاسد لم ينقض بكليته لبقاء ملك مشتريه، قال: والحق عندي فذكر مثل ما تقدم لابن محرز. قُلتُ: تفرقة المازري في غير محل السؤال؛ لأن السؤال طلب الفرق بين مشتريه من السلطان في البيع الصحيح وبين مشتريه من ربه في البيع الفاسد لا بينه وبين مشتريه من ربه في البيع الصحيح. اللخمي: إن كان بائع المعيب بعيد الغيبة وأثبت مبتاعه فاسًدا والمبيع قائم نقض بيعه، وبيع للغائب ودفع لمبتاعه ثمنه إن نقده ووقف فضله إن كان لبائعه واتبع بنقصه، وإن لم يكن نقده وقف كل ثمنه. قُلتُ: في بيعه إن لم يكن نقد ثمنه نظر إلا أن يخاف عليه قال: وإن فات قوم وتركت القيمة في الذمة ولو لم يكن دفع ثمنه لرضا الغائب ببقاء الثمن في ذمته. وتصرف المضطر في لغوه اختلاف. سمع ابن القاسم من ابتاع دابة فسافر عليها فوجد بها عيبًا له ركوبها ولا شيء عليه فيه وردها بعيبها إن ردها بحالها والحاضر إن

ركبها بعد علمه بعيبها ركوب احتباس لزمته، وإن ركبها ليردها، وما أشبهه فلا شيء عليه. ابن رُشْد ابن القاسم: يجيز له ركوبها إلا أن يكون قريبًا مؤنة عليه في رجوعه، ويستحب أن يشهد أن ركوبه ليس رضا، وإن لم يشهد فلا شيء عليه، وهو ظاهر قول مالك في هذا السماع. وقال ابن كنانة: يشهد على العيب ويردها، ولا يركبها في رده، إلا أن يكون بين قريتين فيبلغ عليها إلى القرية يشهد. وقال ابن نافع: لا يركبها ولا يحمل عليها شيئًا إلا أن يجد من ذلك بدا فليشهد على ذلك ويركب ويحمل إلى الموضع الذي لا يجوز أن يركبها فيه يعني حتى يجد حكمًا وبينة تشهد له بذلك الموضع بما يوجب ردها فاعرف أنها ثلاثة أقوال. اللخمي: اختلف فيه قول مالك في الموَّازية، قال مرة: يسقط قيامه، وقال مرة: له الرد، ولم يكن عليه أن يقودها، ويكتري غيرها ولا يكريها فإن أكراها فهو رضا، وعلى قول ابن حبيب له أن يكري الدابة والمشتري حاضر حتى يحكم له بالرد يكريها في السفر، وعزا الصقلي لغو ركوب السفر لابن القاسم وروايته وعدم الرد به لأشهب وروايته وابن عبد الحَكم وهو خلاف ثلاثة أقوال. ابن رُشْد: فالأقوال أربعة. وتصرف المختار معتبر، أما سكنى الدار ونحوها بعد علم عيبها، وقبل القيام به فلا أعرف فيه نصًا وهو أشد من مجرد السكوت، وبعد القيام به. اللخمي والمازري: له أن ينتفع بغلة الدار والحائط حين الخصام ولا يخرج من الدار ويمنع لبس الثوب والتلذذ بالجارية. المازري: في منع اسخدام العبد والدابة المشهور، وقول ابن حبيب: وقيد المازري وقول ابن حبيب بوقت الخصومة، ومثله قول ابن رُشْد ففيه إن ألجأه البائع إلى الخصومة وهو خلاف قول اللخمي، اختلف في ذلك إذا ركب الدابة واستخدم العبد بعد علمه بالعيب أو بعد أن أقام، كذا وجدته في غير نسخة واحدة معطوفًا بأولا بالواو. وفيها: زوال عيب دين العبد بإسقاطه ربه أو أداه وولده بموته وحماه في الثلاث

وبياض عينيه بذهابهما، وكون الأمة في عدة بانقضائها قبل الرد يسقطه. الصقلي عن سَحنون: إلا أن يكون أدانه في فساد. أشهب: إن علم بالدين قبل أن يسقطه فله رده وإن أسقطه بعد علمه؛ لأنه اطلع عليه ولم يحك غيره، وزاد اللخمي. قال ابن القاسم: لا رد له، وهو أصوب وذكر قول ابن القاسم لا يرد اللخمي الحادثة في عهدة الثلاث إن ذهبت. قال: وقال أشهب: يرد، وكيف يعرف ذهابها بها؟ وأرى أن يستأنى به إن استمر برؤه لم يرد، وإن عاوده عن قرب رد والعيب الذاهب إن غلب عوده أو أشكل فكبقائه، وإلا لم يرد، وغالب خفيف الحمى البرء والاستئناء أحسن إلا حيث تكثر حمى الثلاث والتربع، وسمع القرينان: من ابتاع عبدًا دلس بائعه بزوجيته فلم يعلم ذلك حتى طلقها أو ماتت فله رده لذلك. ابن رُشْد: وقيل يذهب العيب بارتفاع الصمة بموت أو طلاق وتأوله فضل على قول ابن القاسم فيها: إن اشترى الأمة في عدة طلاق فلم يعلم ذلك حتى انقضت لا رد له، وليس ببين لاحتمال أن يكون علم أنه كان لها زوج، ولم يعلم أنها في عدة منه، وهذا القول اختاره التونسي، قال: لأن العصمة إذا ارتفعت بموت أو طلاق لم يبق إلا اعتيادها الوطء، وهو لو وهبها لعبده بطؤها، ثم انتزعها ما كان عليه بيان ذلك، ولم ير بين اعتبادها الوطء بالنكاح، والتسرر فرقًا ولعمري أن بينهما فرقا للزوجة حق بخلاف الأمة، والقول الثالث ذهاب العيب بزوال العصمة بالموت دون الطلاق لابن حبيب وأشهب وهو أعدلها. وتعقب ابن عبد السلام تفريق ابن رُشْد بأن قال: ليس هذا الفرق ببين؛ لأن علة كون الزوجية عيبًا ليس وطء الزوج أو الزوجة، وإنما هو نأنس العبد والأمة بالوطء، وكون ذلك مؤديًا إلى تخلفهما على سيدهما وهذا لايفترق فيه وطء السيد من وطء الزوج فإذا اتفق على زوال أحد السببين يزيل العيب وجب في الآخر كذلك. قُلتُ: لا يخفى على منصف ضعف هذا الرد؛ لأن فقد التأنس بما كان يملكه المتأنس به أشد عليه من فقده ما كان يتأنس به مما لا يملكه؛ لأن الملك مظنة لكثرة

أوقات التأنس به وعدمه مظنة لقلتها وهذا مدرك بالعادة ضرورة؛ لأن تمتع الإنسان بما يملكه من مركوب به أكثر مما ينال من ذلك دون ملك، وفقد ما كثر ألفه أشد مما قل. الصقلي عن أشهب: زوال الجنون والجذام والبرص إن طال مكثه بعد برئه حتى أمن عوده فلا رد به وإن لم يؤمن عوده فله الرد، وفيها لابن القاسم: يرد بالجنون وإن لم يعلم به حتى ذهب؛ لأنه لا يؤمن عوده، ولو أصابه في السنة جذام أوبرص فبرئ قبل علمه به لم يرد به إلا أن يخاف عوده فيكون كالجنون، وتقدم للخمي إن علم أن العبد كان به قبل شرائه جذام أو برص ثم ذهب أنه يرد بذلك وتقدم قول ابن القاسم انقطاع البول في الفراش لا يؤمن عوده، وقول أشهب فيها: إلا أن يمضي كثير السنين عليه مما يؤمن عوده، وما حدث عند مبتاعه ألغى يسره وأوجب الأرش مفسده وغيرهما يخيره في أرشه ورده، وأرش الحادث، فلو أسقط البائع أرش الحادث ففي سقوط خيار المبتاع ثالثها إن حدث بالمبيع رفع سوقه أو فراهة، ورابعها إن كان بائعه مدلسًا لها مع غيرها وعيسى بن دينار مع الباجي. الأظهر من قول البغداديين وعياض عن ابن القاسم في العشرة وابن نافع وروايته وشُيُوخ المذهب وابن لبابة. قال عياض: نص ابن حبيب على المدلس وغيره سواء. قُلتُ: هو فيها نص في سؤال أجاب عنه برأيه ولم يسمعه. ابن محرز: ناقض ما أوجب التخيير الأول بعض المذاكرين بمنع ابن القاسم من ابتاع سلعًا فاستحق أكثرها التمسك ببقيتها؛ لأن منابه من الثمن مجهول، وأجاب ابن محرز بأن التقدير فيما يصيب بالحبس في العيب معروف لا يتفاوت التقدير في الفض علي السلع في الاستحقاق، وفي هذا المعنى قول ابن القاسم لمن انهدم بعض ما اكتراه أثناء سكناه التمسك بما بقي بمنابه ويرد بمنع أن ما ذهب فالباقي في المعيب معروف بخلاف الاستحقاق؛ بل العكس أقرب؛ لأن الذاهب بالعيب جزء هو الآن عدمي، وفي الاستحقاق وجودي، والموجود أعرف، ومناب الأعراف، والجواب أن لزوم الإمضاء في الجزء الذاهب عند المبتاع بحادث العيب وفيما سكنه المكتري يوجب كون التمسك بالباقي بالعقد الأول لا مستأنف.

قُلتُ: وهذه المناقضة خلاف قول عبد الحق لا يخير إلا بعد معرفة مناب العيب القديم والحادث، فالأول فيها لابن القاسم ما لا ينقصه نقصًا كثيرًا. الصقلي: ألغى للمبتاع دون البائع لشرط السلامة عليه، ولأنه بسبب تدليسه أو تفريطه هذا الاستحسان، والقياس عدم إلغائه له كالبائع، وقاله اللخمي: إن كان البائع غير مدلس. وفيها: الرمد والكي والدمامل والحمى والصداع وإن نقصه يسير. اللخمي عن سَحنون: الحمى من أمراض الموت يريد فلا يرد به وهو حسن فلا يعجل بالرد فقد ينكشف عن مخوف يمنع الرد وكذا الرمد. المازري: أشار بعض الأشياخ إلى أن مراد ابن القاسم، الحمى اللطيفة، قال: وقال ابن كنانة: يتوقف في رد المريض حتى يتبين موته أو إفاقته. قُلتُ: هو للباجي قال: ولابن القاسم: يرده ما لم يكن مخوفًا فالأمراض ثلاثة: خفيف لا يثبت خيارًا، ومتوسط يثبته، ومخوف يمنع الرد. قُلتُ: ظاهره اتفاقًا وفيه خلاف، قال: وقال أشهب: الوعك والحمى يوجب خياره وذكره ابن الحاجب رواية له: سمع ابن القاسم: لمن اطلع على عيب عبد بعد مرضه رده إلا أن يكون مرضًا مخوفًا. قال عيسى: قال ابن القاسم: إن كان مخوفًا استؤني به ما لم يدخل في ذلك ضرر، فإن قرب برؤه رده وإن تطاول رد إليه قدر قيمة العيب. ابن رُشْد: قول ابن القاسم تفسير لقول مالك، ولو لم يرج برؤه لأمد قريب لم يستأن به، ورجع بقيمة العيب ابن رُشْد: يقول ابن القاسم. وفي نوازل سَحنون: في بعض الروايات: يرده مريضًا وإن كان مخوفًا رد معه ما نقصه عيب المخوف فقيل هذا الاختلاف على الخلاف في بيع المريض وليس بصحيح؛ لأن الخلاف في ذلك إنما هو مع تراضي المتبايعين والمردود عليه بالعيب لا يرضى أخذه مريضًا يخاف موته، ويدل عليه قول مالك مخوف المرض فوت في المراد بالعيب مع أن مذهبه جواز بيعه وهو دليل قوله في بيع الخيار منها وفي استبرائها، وسماع عيسى بعد هذا وقول أَصْبَغ خلاف قول ابن الماجِشُون واختيار ابن حبيب إذا بلغ مرضه ما يقصر

تصرف الحر على ثلثه وألغى ابن حبيب حدوث العيب الخلقي كالسرقة والزنا وشرب الخمر والإباق. اللخمي: هذا خلاف الأصل، بعض شُيُوخ عبد الحق: قول ابن القاسم: النكاج عيب يغرم المبتاع أرشه، خلافه، ولما ذكر الباجي قول ابن حبيب قال: وسمع ابن القاسم: من اشترى جارية فزوجها فولدت عنده، ثم وجد بها عيبًا قديمًا حبسها ولا شيء له، وإما ردها بولدها. وروى محمد بن صدقة ... في المدينَّة من اشترى جارية فزوجها ثم وجد بها عيبًا فله ردها مع نقص التزويج والتمسك مع الرجوع بقيمة العيب القديم. قُلتُ: ظاهر قول ابن القاسم عنده كابن حبيب ولم يتكلم عليها ابن رُشْد في هذا المعنى بحال. عياض: وقول أبي الفرج ما حدث من غير سبب المشتري، وكان من الله لا يرد له شيئًا، خلاف أصل المذهب. ونص ابن القُصَّار عن المذهب. وفيها: ذهاب الظفر يسير. اللخمي: ليس بخفيف في العلي من الجواري، وفيها: وزوال الأنملة في الوخش. اللخمي: إن كان صانعًا يرغب فيه لصنعته فبطلت لذهاب أنملته مفسدًا. ابن الحاجب: فيها الوعك أو الرمد والحمى يسير. ابن عبد السلام: لم أقف على الوعك فيها إنما فيها الرمد والحمى. قُلتُ: فيها مع الرمد والحمى الصاع، وكل وجع ليس بمخوف، وفي الصحاح: الوعك مغث الحمى، والمغث: ضرب ليس بالشديد يقال: مغثوا فلأنا إذا ضربوه ضربا ليس باشديد كأنهم تلتلوه وفيها: ذهاب الأصبع من الثالث. اللخمي: كما قال في الأنملة.

الباجي: برء الموضحة والمنقلة والجائفة كعدم حدوثها. محمد: ولو أخذ لذلك عقلًا لم يرده مع العبد؛ لأنه عاد لهيئته بخلاف قطع اليد. وروى محمد بن صدقة: يرده ولا يرد عقل الموضحة؛ لأنها لا تعيبه وما شانه من جرح رد ما أخذ فيه. ابن القاسم: وكذا عقل المنقلة والمأمومة والجائفة لأخذه إلا أن يشين فيرده معه عيسى إن شانه فله رده وما نقصه الشين بسبب أخذه العقل، وإمساكه ولا شيء له من قيمة العيب، ومن اشترى عبدًا به ورم لم يعلمه فزاد عنده، ثم اطلع على عيب في رده بعيب دون غرم أرش جنايته نقلا المازري عن ابن عبد الرحمن وغيره من الشُيُوخ. وفيها: العمى والشلل من الثالث. اللخمي عن محمد بن مسلمة: إن عمي أو أقعد أو هرم أو عجفت الدابة، أو انقطع ذنبها فصارت في غير ما يراد منه تعين الأرش. اللخمي عن محمد بن مسلمة وكذا قطع اليد والشلل والعجف إن لم يرج ذهابه، ولم يذكر اللخمي عن ابن مسلمة إلا ما ذكرته ولم يذكر الشلل إلا إلحاقًا بما ذكر، وذكره ابن شاس وابن الحاجب عنه نصًا، وقول ابن عبد السلام هو أقرب لقولها في الديات من فقأ عيني عبد غيره أو قطع يديه أبطله فيضمن قيمته، ويعتق عليه يرد بأن ذلك مثلة يوجب عتقه فكان الظالم أحق وعلى قوله: هما تناقض. وفيها: كبر الصغير من الثاني. اللخمي: وروى محمد له رده وأخذ ثمنه، قال عن محمد: لم يختلف قول مالك في الدابة تعجف أن له ردها ويرد ما نقصها، وتقدم قول ابن مسلمة أنه فوت، وعزاه الصقلي لابن حبيب وابن القاسم. الباجي: رواه ابن حبيب عن من يرضى من شُيُوخه وعبد الرحمن بن دينار عن ابن كنانة، وفي كون هرم الرقيق من الثاني أو الثالث ثالثها مع قيامه، ورابعها إن هرم عن حالته السابقة كثيرًا وإلا فمن الثالث لها، ولمحمد وأَصْبَغ واللخمي، ونقل ابن الحاجب أنه من الأول وقبوله. ابن عبد السلام: لا أعرفه، وفي كون بين سمن الرقيق بعد بين هزاله، وبينه بعد

بيته فوتا ثالثها في الهزال للصقلي عن ابن حبيب قوله: أحسن ما سمعت وروايته وعن ابن القاسم. اللخمي: إن قال أهل المعرفة غيرها السمن كثيرًا فله الرجوع بالأرش، وإن قالوا غيرها الهزال كثيرًا فله ردها وما نقصها. قُلتُ: بلغوهما في إقالة الطعام أحرويا هنا؛ لأن حق الله آكد. ابن رُشْد: في لغو السمن وكونه من الثالث أو الثاني ثلاثة لابن القاسم وابن حبيب، والتخريج على الكبر. الباجي: روى ابن حبيب هزال الرقيق وسمنه لغو، وهزال الدواب يخير المبتاع، وفي سمنها ثالثها إن كان بينًا لروايتي الجلاب مع الباجي عن روايتي أَصْبَغ ونقله عن ابن القاسم وصلاح البدن بغير السمن لغو. اللخمي: اختلف في مريض بيع يصح هل هو فوت يوجب الرجوع بالأرش أو ليس إلا الرد؟ وهذا قول محمد. وفي كون وطء الثيب من الأول أو الثاني نقلا الجلاب مع رواية الموطأ وأبي عمر عن ابن وَهْب مع المازري عن ابن حبيب عنه وعن ابن نافع وأَصْبَغ ووطء البكر المنصوص من الثالث، وتخريج قول ابن وَهْب أحروي. الباجي: قول مالك في وطئ البكر ما نقص من ثمنها يريد، وكانت ممن ينقصها الاقتضاض؛ لأن الوخش لا ينقصها رما زاد فيهن، وقبله المازري ونحوه قولها في المرابحة: لو كانت أمة فوطئها لم يبين إلا أن يكون اقتضها هى ممن ينقصها، وأما الوخش التي ربما كان أزيد لثمنها فلا بيان عليه، وفي كون النكاح من الأول أو الثاني. ثالثها من الثالث، للمازري عن أخذه بعضهم من سماع ابن القاسم: من ابتاع جارية فزوجها فولدت أولادًا ثم وجد بها عيبًاقديمًا له ردها بولدها وحبسها ولا شيء له وقاله ابن القاسم وتخريج اللخمي قول ابن مسلمة في الفوت بالعمى وما ذكر معه والمشهور مع رواية المدينة، ورد المازري الأول بحمله على جبره بالولد، وعلى المشهور في جبره بالولد قولا ابن القاسم وغيره فيها. المازري: فأخذ منه السيوري أن الولد غلة كنقل الباجي عن عبد الرحمن بن دينار

عن ابن كنانة فيمن ابتاع شاة حاملا فولدت عنده وأكل سخلتها هو مخير في ردها مع ما نقصها الولادة؛ لأنها كانت ترجى ... لولدها وإمساكها، وأخذ الأرش ولاشيء عليه في الولد كذهاب السمن خلاف قول ابن القاسم في المدنيَّة إن ردها رد الولد، قد تزيد قيمته على قيمة العيب، وتعقب محمد قول ابن القاسم بأنه قد تكون قيمة عيب النكاح نصف الثمن ولا يسوى فع ولدها دينارًا فردها دون الولد ظلم، ورده الصقلي بأن مراد ابن القاسم يجبره به إن كان قدر قيمة العيب فأكثر وإن كان أقل رد معه بقية النقص. قُلتُ: وبه فسره التونسي وابن محرز والمازري قالوا صفة التقويم: أن يقال قيمتها سليمة مائة، وبعيب التدليس ثمانون، ثم إن كان قيمتها به وبعيب النكاح والولد ثمانين فقد جبر الولد عيب النكاح وإن كانت سبعين خير في إمساكها مع رجوعه بعيب التليس وهو خمس الثمن وردها مع ما نقص عنده وهو العشر، وفي رواية فيها قال أشهب: بدل غيره، وعزوه ابن عبد السلام لمالك فيها لا أعرفه، ونصها: الجبر عيب نكاحها بالولد في نكاح مالك قال: نعم؛ لأن مالكًا قال: بما ردها وولدها وقد زاد في ثمنها فهذا يدل أنه يجبر به عنده، وفي كتاب الوديعة ما نصه وقاله مالك: فيمن رد أمة ابتاعها بعيب وقد زوجها فولدت يجبر نقص النكاح بالولد كما يجبر بزيادة قيمتها والنكاح ثابت. ابن الحاجب: النكاح من الأول منصوصًا لا أعرفه، لغير ابن شاس. المازري: ورد أخذ السيوري بأنه لو كان غلة ما جبر به العيب؛ لأنه غير عين وقيمة العيب إنما هي عين فالجبر به يوجب كونه كعضو منها وبأنه يجبر به، ولو زاد على أرش العيب وجه اللخمي الجبر بأنه لرفع ضرر عيب النكاح بالولد كما قيل فيمن اطلع على عيب بعد بيع المبيع بمثل الثمن لا رد له. المازري: ويجب عليه جبره بنماء الجارية ورد القول بأن الولد غلة بأنه لا خلاف أن ولد الحرة من العبد حر وولد الأمة من الحر عبد، وولد المعتق بعضها والمعتقة لأجل والمكاتبة والمدبرة بمنزلتها، ولو كان غلة ما كان كذلك. قال المازري: وعندي أن الجبر بالولد؛ لأنه عن عيب النكاح فكأنه يجبره لم يكن

ومقتضاه أن لا يجبربه عيب النكاح، وفي الموَّازيَّة يجبر به غير النكاح وبه ترد حجة أشهب على ابن القاسم بعدم جبره بالنماء. قُلتُ: قوله: به ترد حجة أشهب يقتضي أن ابن القاسم يوافق أشهب في عدم جبره بالنماء، وقال ابن محرز: زيادة البدن. ابن القاسم: يلتزم ذلك فيها ويجبر بها العيب كالولد، وحملوا قولها في الوديعة يجبر النكاح بزيادة قيمتها على زيادتها بنماء بدنها، وكذا رواه ابن شعبان. اللخمي: موت الولد كعدم ولادته. المازري: إن قيل: رده قائمًا يوجب كونه كيدها فموته كذهاب يدها فيرد قيمته كرد قيمة يدها قيل: ليدها حظ من ثمنها لوجودها يوم الصفقة، ولا حظ للولد منه لعدم وجوده يومئذ. قُلتُ: سبقه به التونسي. اللخمي: إن ماتت الأم دون الولد فقال ابن القاسم: كموتها يرجع بقيمة العيب، وقال أشهب: يخير البائع في دفع قيمة العيب وتخيير المشتري في حبس الولد ولا شيء له ورده، وأخذ الثمن ولما ذكر المازري قول أشهب قال: الحكم في عيب حدث عند المشتري أن المشتري يبدأ بالتخيير وفي مسألة الولد خير أشهب البائع، وأجاب بأنه خير البائع هنا لفوت المبيع، وقال بعض المتأخرين: ابن القاسم لا يخالف أشهب في هذه المسألة؛ لأنه ذكر في المدَوَّنة في باب بعد هذا هذه المسألة، وقال: يأخذ المشتري قيمة العيب إلا أن يشاء البائع أن يسترد الولد فقط، ويرد جميع الثمن فيخير المشتري في قبول هذا منه أو تمسك الولد ولا شيء له قيمة العيب فقدر هذا أن الجواب الأول مطلق وهذا مقيد، فيرد المطلق إليه وأنكره غيره من المتأخرين وقال: قال سَحنون عقيب هذا: هذا مذهب أشهب، فلا ينبغي إضافة هذا لابن القاسم، وأجاب غيره عن هذا بأن مراده بقوله: هذا مذهب أشهب أي: هذا النوع قاله ابن القاسم مثل مذهب أشهب. اللخمي: وإن بيعا فذكر ما تقدم لابن القاسم وأشهب في بيع المعيب، قال: وقال ابن القاسم: إن بيع الولد أو قتل رد الأم وما أخذ من ثمن الولد أو قيمته بخلاف

المفلس يبيع الولد ثم يجد البائع الأم لا شيء له فيما بيع من ولده. وقال أصبغ: في الولد يرد من ثمنه قدر قيمته كأنه اشتراه مع أمه مولودًا. قُلتُ: قول أَصْبَغ في الرد بالعيب حسبما بينه المازري والصقلي قال: قال ابن الموَّاز: يرد جميع ما أخذ في الولد وقاله ابن القاسم وأشهب ولا يعجبنا قول أصبغ. الصقلي: معنى قولهم: يرد ما أخذ في الولد أي: يقاصص البائع بما أخذ في الولد إن كان الثمن عيبا وإن كان عرضًا لم يفت رده، والفرق بين التفليس والرد بالعيب: أن المبتاع في الرد بالعيب مخير، وفي التفليس مجبور لقوله صلى الله عليه وسلم: «أيما رجل فلس فأدرك البائع ماله بعينه فهو أحق به من غيره»، فدل أن ما فات فلا حق له فيه، والولد قد فات، وذكر المازري مسألة التفليس احتجاجًا للسيوري، وقال: روى محمد: من ابتاع أمة فزوجها فولدت عنده وباع ولدها ثم فلس فللبائع أخذ الأمة دون ما أخذ المشتري من ثمن الولد قال: لأن الولد غلة فقد نص على أن الولد غلة: واعتذر بعض المتأخرين عن هذا فذكر ما تقدم للصقلي من التفريق وزاد وأشير أيضًا إلى فرق آخر، وهو أن البائع إنما يحاصص بثمن الأم فكذا إن عدل عنه ليس له إلا أخذ الأم. قُلتُ: فلا يأخذ الولد وإن كان قائمًا قال المازي: التحقيق إن قيل الولد غلة أن لا يرد في عيب ولا تفليس ولا ثمنه، ولما كان ما في الموَّازيَّة من أوضح دليل للسيوري، لذكره أن الولد غلة دعا هذا بعض أشياخي أن قال: لم يرد أنه غلة في سائر أحكام الغلة إنما أراد أن الأمة إن ردها في الفليس بعينها قدر أن الولد لم يكن كما لو أصابتها موضحة أخذ لها أرشًا ولم تنقصها فإنه لا يرد ما أخذ من أرشها، ومقتضي قول شيخنا هذا أن لا يرد الولد وإن كان قائمًا. اللخمي: ولو قتلا أو قتلت دون الولد رجع على قول ابن القاسم بقيمة العيب وعلى قول أشهب لا شيء له إن أخذ مثل الثمن، وإن أخذ أقل رجع بالأقل من قيمة

العيب أو تمام الثمن إن قتلا وإن قتلت وقيمتها أقل فله أن يعطيه قيمة العيب أو يخيره بين أن يسلم الولد ويتم له الثمن أو يمسكه، ولا شيء له وإن قتل الولد دونها وفي قيمته ما يجبر عيب النكاح خير في تماسكه ولا شيء له أو يرد ويحاسب بالولد وإن لم يجبر فله أن يمسك ويأخذ قيمة العيب أو يرد ويغرم ما نقص العيب بعد الولد، واستحسن إن فات الولد ببيع أو قتل أن يمسك ويرجع بالعيب مطلقًا كالصغير يكبر. ابن رُشْد: في كون زيادة الولد لغوا، وإيجابه تخيير المبتاع قولان، لسماع عيسى ابن القاسم، إن أحب أمسك ولا شيء له في العيب أو ردها بولدها أو ثمنهم إن كان باعهم وسماعه، موسى يخير بين ردها بولدها أو ثمنهم إن باعهم أو يمسك ويرجع بقيمة العيب، وقول أَصْبَغ إن باع الأولاد رد الأم وأخذ حصتها من الثمن كأنها بيعت معهم بعيد، وفي كون كبر الصغير من الثاني أو الثالث قولان لها، ولابن حبيب، مع روايته ولا فرق بين زيادة الولد والكبر فيكون في كل منهما ثلاثة أقوال. وفيها: تعليم العبد والأمة صنعة تزيد في الثمن لغو. ابن رُشْد: اتفاقًا كإفادتهما الأموال. اللخمي: اختلف في تعليمهما الصنعة، ففي الموَّازية: لغو، وقال في المبسوط: إن غرمت الزوجة في تعليم الأمة المهر فطلقت قبل البناء فعلى الزوج نصف ما غرمت، وهذا أحسن، فعليه يخير المشتري في التماسك مع أخذ الأرش أو يعطيه المشتري ما غرم من أجره أو يباع فيكون ما زادت الصنعة على الثمن الأول فإن الأول فإن لم تزد شيئًا فله الرجوع بقيمة العيب لئلا يضيع عمله، وقد قال ابن القاسم: من نقل طعامًا غصب لبلد لقيه المغصوب منه به ليس له أخذه منه لئلا يضيع عمله، فالمشتري أحرى، ورده المازري بأن غرم الزوج لعله على القول بأنه بالطلاق شريك يرجع بنصف غلة المهر وخرجه التونسي من قول الموَّازيَّة من ابتاع عبدًا باعه، القاضي بعد عتقه ربه عديمًا لدينه ثم أيسر المدين ثم أعسر فاطلع مبتاعه على عيب قديم له حبسه والرجوع بأرشه؛ لأنه إن رده عليه عتق بيسره الطارئ ولا يجد ثمنًا يأخذه لعسره الثاني بعد اليسر المذكور، وعزاه المازري لبعض الأشياخ ورده وأجاب بأن ضرر عدم الرجوع بالثمن ناشيء عن الرد، وعدم أجر الصنعة ليس كذلك.

قال: وقال بعض الأشياخ: غرم قبالة السلطان على شراء ما يشتري يوجب رجوع المشتري بالأرش وخرجه بعضهم على غرم أجر الصنعة، قال: وقال بعضهم إن ادعى في حمل سلعة ثقيلة أجرًا فله الرجوع بالأرش وخرجه بعضهم على غرم أجر الصنعة. الشَّيخ عن الموَّازية: من سافر بعبد ابتاعه فاطلع على عيب به فأشهد عليه وباعه، فإن كان ببلد لا سلطان فيه أو يعسر تناوله رجع ببقية ثمنه، وإلا فإن لم يرفع إليه حتى يقضي له برده ويبيعه فلا شيء له وتمام حكم النقل في التدليس.

باب فيما يهده في حق المدلس بسبب تدليسه

[باب فيما يهده في حق المدلس بسبب تدليسه] وما حدث بمبيع بسبب ما دلس به فيه أو حين فعله المبيع أو من معتاد فيه هدر فيها مع غيرها كالتدليس بالمرض فيموت منه أو بالسرقة فيسرق فتقطع يده فيموت من ذلك أو بالإباق فيا بق فيهلك، ولما ذكر اللخمي الموت من المرض قال: وقال في الموَّازية: ومن يعلم أنه مات منه وكذا الأمة يدلس بحملها فتموت من النفاس، قال في المدَوَّنة: هي من البائع، وقال أشهب: لو علم أنها ماتت من النفاس كانت من البائع، والأول أحسن؛ لأن ذلك يعرف كالسل والاستسقاء يدوم بصاحبه حتى يموت. قُلتُ: قوله: قال في الموَّازيَّة يريد به مالكا صرح به الشَّيخ في النوادر قالا: عن ابن دينار: إن هلك في إباقه ففيه قيمة عيبه فقط إلا أن يلجئه الهروب للعطف كالنهر يقتحمه أو مهواة يتردي بها أو دخول مدخل تنهشه حيَّة به، وأخذ ابن الماجِشُون بقول مالك وأصحابه؛ لأنه في الإباق ضمنه حين دلس به، وسمع ابن القاسم: إن قال مبتاع عبد دلس بإباقه أبق وقال بائعه: بل غيبته، صدق مبتاعه مع يمينه. ابن رُشْد: كقول ابن سَحنون في دعوى إباق العبد أو الأمة في عهدة الثلاث. وقول ابن الحاجب: حادث بيع التدليس إن كان من التدليس كقطع يده بالسرقة، وقتله من حرابته وموته من حمى أو كان سماويًا فهدر يقتضي لو دلس فيه بسرقة فمات بسماوي ضمنه بائعه وليس كذلك فإن كان مراده التنبيه على خلاف قول ابن دينار، فليرد حين اتصافه بما به التدليس. وفيها: إن قطع الثوب سراويلات أو أقبية والجلد خفافا أو نعلا فهدر، وكذا سائر السلع يعمل بها ما يعمل بمثلها. قُلتُ: انظر لو عمل به ما لا يعمل ببلد التبايع وهو يعمل به في غيره والأظهر أن كان المبتاع غريبًا أو ممن يتجر بما يسافر إنه كمعتاد.

وفيها: فعل ما لا يفعل في مثله كقطع ثوب الوشي تبابين فوت يرجع البائع إلى الأرش، وثبوت التدليس في الواضحة بأن يثبت علم البائع بالعيب حين البيع، وفيها معها: إن علمه ونسيه حين البيع فليس بمدلس. وفيها: إن ادعى مشتري الثوب بعد قطعه تدليس بائعه فقال: علمته وأنسيته حين البيع حلف أنه نسيه وكان له نقص قطعه. عبد الحق: روى محمد إنما يحلف إذا اختار المشتري الرد لا التماسك وزيادة ورم عبد بعد بيعه دلس به لغو، وفي كون غير المدلس به كذلك متقدم قولي ابن عبد الرحمن وغيره واحتج بها المازري على لغو قطع يد عبد عند من ابتاعه بشرط سرقة حكم بقطعة لها. قُلتُ: في صحة بيعه بهذا الشرط نظر والأظهر أنه كذي المرض المخوف وتقدم، ولو هلك بتدليس بائعه على بائعه ففي أخذ الثالث ثمن الأول، وفضله على ثمنه ونقصه عن قدر العيب من ثمنه للثاني، وعليه وأخذه منه القدر فقط وباقيه للثاني، ثالثها يأخذ من الأول ما يحب للثاني عليه الأقل من قدر العيب من ثمن الثالث، أو قدره من ثمن الثاني أو بقيته، للمازري عن ابن القاسم وأَصْبَغ ومحمد قال: بناء على تأثير التدليس في البيعين أو الأول فقط ولغوه. قُلتُ: الأول سماع يحيي ابن القاسم وفيه إن كان الأول عديمًا رجع الثالث على الثاني بقدر عيبه من ثمنه فقط، وتبع الأول بتمام ثمنه. ابن رُشْد: لو أيسر الأول فلم يتبعه الثالث ببقية ثمنه لم يكن للثاني عليه إلا قدر قيمة العيب إذ لا طلب له بتدليسه، إذ لم يطالبه به الثالث، ونقل باقي الثلاثة الأقوال قال: والرابع قول التونسي القياس أن يرجع الآخر بقيمة عيبه، ويرجع المدلس عليه على المدلس بقيمة عيبه أو بأقل على القول الآخر. قُلتُ: قال التونسي: لأن بقية الإعطاء أخذها ثمنًا فأشبه موتها عنده بغير عيب الدليس. ابن رُشْد: والقياس عندي جعل هلاكه من المدلس ونقض البيعان معًا فإن كان ثمن المدلس مائة، وباعه الثاني بمائة وعشرين، أخذت المائة من المدلس والعشرون من

الثاني للثالث ولو باعه الثاني بثمانين دفع له من المائة عشرون، ولما ذكر الصقلي قول ابن القاسم قال: ولسَحنون إن قصر ثمن الأول عن ثمن الثالث رجع على الثاني بالأقل من تمام ثمنه أو من قيمة العيب من ثمنه وقول ابن القاسم أبين وقول سَحنون؛ لأن الأول بتدليسه كما لو قتله يغرم قيمته للثالث فيرجع بالأقل من تمام ثمنه ومن قيمة العيب منه وعزا قول أَصْبَغ لابن القاسم أيضًا. قُلتُ: فالأقوال ستة ثلاثة للمازري وثلاثة للتونسي وابن رُشْد وسَحنون. قال ابن عبد السلام: قول ابن الحاجب، وقال أصبغ: يرجع على الأول بقيمة العيب ويأخذ من الثاني بقية الثمن يعني: أن الثالث يأخذ من الأول بقية الثمن ولا أدري وجه هذا القول فإن الثاني لم يدلس على الأول. قُلتُ: في بعض النسخ إسقاط من قبل لفظ الثاني وهو الصواب وزيادة من وهم أو غلط ناسخ. وقال ابن الحاجب: قال محمد: يرجع الثالث إما على الثاني بالأرش فيكون على الأول للثاني الأقل مما غرم وكمال الثمن وأما على الأول بالأقل من الأرش وكمال الثمن الأول فلا يكون على الأول للثاني شيء قلت: وهذا خلاف ما نقله المازري عن محمد ومثله نقل عنه ابن شاس أنه يرجع على الأول من ثلاثة أقدار بقية ثمن الأول وقدر العيب منه وقدر العيب من ثمن الثاني وكمال الثمن الأول في لفظ ابن الحاجب يحتمل أن يريد به بقيته كما صرح به المازري والصقلي ويحنمل أن يريد به جميعه وهو ظاهر تقريره ابن عبد السلام بقوله: إذا غرم الثاني للثالث رجع الثاني على الأول بالأقل مما غرم؛ لأنه لولا الغرم لما توجه له عليه رجوع، ومن كمال الثمن الأول؛ لأن قصارى أمره أن يكون العبد هلك عند الثاني ولو هلك عنده لما كان عليه إلا الثمن الذي أخذ منه وقد ينتفي في بعض صور المسألة بقية ثمن الأول، كما لو اشتراه بعشرة وباعه بأربعين وقدر العيب من الثمن الثاني الربع، وذكر الصقلي قول محمد بلفظ فيه غلط، وصححه بمثل ما تقدم. المازري في جناياتها: إن سرق عبد من مبتاعه وقد دلس عليه سرقته فرده بذلك في ذمته إن عتق يومًا ما، ولو رده بعد سرقته من أجنبي ما لا قطع فيه فهي جناية في رقبته.

اللخمي: عن ابن سَحنون: من اطلع على عيب في خشب أو مطاحن دلس به بائعها بعد أن بها مبتاعها. قال بعض أصحابنا: عليه كراء ردها، وقال بعضهم: هو على بائعها؛ لأنه غره وهو أحسن، ورأى ليه غرم كراء توصيلها لدار مبتاعها ويختلف إن لم يدلس. قال ابن حبيب: من نقل ما في رده لبائعه غرم كثير رفعه لسلطان بلد النقل فيسمع بيبته على شراء الإسلام، وعهدته يريد في الجارية فيأمر ببيع ذلك على بائعه، له فضله وعليه نقصه، وعلى هذا إن نقلت في البلد قبضها حيث نقلت وإن لم يدلس وعلى ما ذكره ابن سَحنون نقله لبلد آخر فوت يرجع مشتريه بقيمة العيب لا يلزم بائعه قبوله في البلد الآخر وهو أحسن إلا أن يكون المبيع دابة أو عبدًا لا كراء في رجوعه والطريق آمنة فلا يكون نقله فوتًا ولو وجد البائع حيث ما نقل ماله حمل ففي لغو قول المشتري أمسك وأرجع بقيمة العيب إن قبله بائعه قولان للتخريج على قول ابن حبيب، ورواية أبي قرة، وهي أحسن وإن لم يكن له حمل، فالمقال لبائعه إن لم يكن الطريق آمنًا، وإلا فلا مقال لواحد منهما، وإن دلس البائع وعلم أن المشتري ينقله فللمشتري جبره على قبوله في محل نقله ولا يراعى حمل ولا خوف طريق، وإن كان مثلياًّ فللمشتري حبسه ويغرم مقله مبيعا حيث اشتراه وجبره البائع على قبوله حيث نقله إن كان مدلسًا. وفيها: لو فعل في الثوب ما زاد في قيمته فله حبسه، وأخذ الأرش ورده فيكون بما زادت الصنعة شريكًا لا بقيمتها ولا بما أدى دلس أم لا. الصقلي: قول القابسي: القيمة في الزيادة يوم الحكم؛ لأن برده انفسخ البيع خلاف قولهم: إذا نقص فأراد رده أن القيمة يوم البيع فكذا إذا زاد ولا فرق بينهما، وعزا المازري قول القابسي لمحمد فقط؛ لأن الزيادة لم تقطع فيها معاقدة بين المتبايعين وذكر قول الصقلي ولم يتعقبه، وتعليل محمد فرق واضح بين الزيادة والنقص، وذكر ابن محرز عن بعض المذاكرين مثل ما اختار الصقلي. اللخمي: المعتبر في الزيادة والنقص يوم البيع إن نقصه ذلك يوم البيع غرم النقص وإن كان يوم الرد لا ينقص وإن كان يزيد ذلك اليوم، وينقص اليوم برئ المشترك من النقص؛ لأنه لو رده ذلك اليوم لم يغرم المشتري ذلك شيئًا ولا شارك الآن بشيء إذ لا

فضل فيه الآن، وإن كان فيه زيادة يوم الرد كان شريكًا بالأقل من الزيادة يوم البيع أو اليوم. المازري: مشهور المذهب أن الشركة بما زاد الصبغ، وقيل فيمن استحق من يده ثوب اشتراه وقد صبغه، وأبى المستحق أن يدفع له قيمة الصبغ وأبى هو أن يدف ع للمستحق قيمة ثوبه غير مصبوغ أنهما شريكان هذا بقيمة صبغه وهذا بقيمة ثوبه. فأجرى بعض المتأخرين هذا في مسألة العيب وإن البائع يبدأ بالخيار كالمستحق، وخرج بعض أشياخي في مسألة العيب الشركة بقيمة الصبغة، وذكر أنه قبل. قُلتُ: ما ذكره عن بعض المتأخرين عزاه ابن محرز لبعض المذكرين قال: والصواب تأخير ذلك عن تخيير المشتري في التماسك والرجوع بقيمة العيب. المازري: فرق بعضهم بين الصبغ في العيب والاستحقاق، بأن المستحق منه مجبور على أخذ الثوب منه مصبوغًا فوجب إعطاؤه وقيمة ماأجبر على تسليمه والمبتاع في العيب مخير في صون صبغه بالرجوع بأرش العيب، وقال أَصبَغ في عامل القراض: يصبغ ثياب القراض بمال نفسه يكون شريكًا بما أدى؛ لأنه كالمأذون له في ذلك من رب المال، وعزا الباجي الفرق المذكور لعبد الحق، وقال: هذا ليس بالبين؛ لأنه لا يجبر على الشركة إن رضي بدفع ثمن الثوب كواجد العيب إن رضي بإمضاء البيع لم يجبر على الشركة، والأظهر أنه إنما ثبت له في الشركة قيمة ما لصاحبه أن يخرج عنه الآخر يدفع قيمته إليه، فلما كان في الاستحقاق له دفع قيمة الصبغ شاركه عند الإبابة به، وفي مسألة العيب ليس للبائع دفع قيمة الصبغ ليخرجه عنه فلم يثبت للصبغ قيمة بانفراده، وليس للمشتري رد الثوب بالعيب ناقصًا عما اشتراه، فلو شاركه بقيمة الصبغ وكان أكثر مما زاد على قيمة الثوب كان قد رده ناقصًا بالنقص الذي أحدثه الصبغ ولم يرد إليه ذلك النقص فلذا جبره بالنقص وشاركه بما زاد. قُلتُ: ما عزاه المازري لأَصْبَغ في عامل القراض وهو قول ابن القاسم في المدَوَّنة. وفيها: للغير بقيمة الصبغ. أبو عمران: الشركة بالصبغ في خمس: مسألتا العيب، ومن ألقت الريح ثوبه في قصرية صباغ بما زاد، ومسألتا الاستحقاق، ومن فلس بعد صبغه ثوبًا اشتراه فأخذه

بائعه بقيمته، ومسألة القراض بما ودى، ولا شركة في ثلاث من صبغ ما غصب لزمه أخذه مجانًا أو قيمته، ومن دفع ثوبًا لمن اشتراه منه بان أنه غيره بعد صبغه إن لم يدفع بائعه قيمة صبغه غرم له قابضه قيمته أبيض والقصار يخطئ كذلك، ومن صبغ ثوب رجل فلس فله ما زاد الصبغ فيه. وفيها: من اشترى ثوبًا فقطعه أو صبغه ثم ظهر على عيب تدليس فله حبسه وأخذ أرش العيب. ابن محرز عن أصبغ: ليس له ذلك في قطعه؛ لأن له رده دون غرم فحملها بعض المذاكرين على قول أَصْبَغ ومحمد ورد جوابها للصبغ فقط، ورده ابن شاس لهما على أنه أدى للقطع أجرًا كالديباج في الصنائع يحتاج لتخليصها في قطعه وتبعه التونسي والصقلي والمازري: قول بعضهم الجواب للصبغ فقط تعسف، وجواب ابن مناس. أشار بعض أشياخي إلى إنما يصح على أحد القولين فيمن أدى ثمنًا في تعليم العبد، ويمكن أن يقال الغالب في القطع أن يفصل والغالب في التفصيل أن يغرم فيه أجر، ولو رد صحيحًا لأدى في تفصيله أجرًا اعتباره، بخلاف تعليم العبد. الصقلي: قال بعض شُيُوخ إفريقية: قول ماللك أولى؛ لأن القطع فوت في غير المدلس يرده وما نقصه القطع أو يرجع بقيمة العيب فإذا دلس فلا يكون أحسن حالًا ممن لم يدلس حكمهما سواء إلا أنه يرد ولا يلزمه نقص القطع. الصقلي: هي الحجة التي أوجبت أن لا يرجع بقية العيب؛ لأنه كمن لم يحدث عنده عيب، وكما لو قال له البائع في عيب حدث عنده رده ولا شيء عليك لم يكن له أن يرجع بقيمة العيب. قُلتُ: ما ذكره لبعض شُيُوخ إفريقيَّة عزاه المازري لبعض شُيُوخه بزيادة والظالم أحق أن يحمل عليه، قال: وهذا يهدم ما أصلناه من أن علة تمكين المشتري من طلب قيمة العيب الضرر الذي يلحقه بالخسارة، وعلى هذا الأصل يجري حكم من دلس في بيع بكر فافتضها مشتريها ثم اطلع على عيبها. قال ابن الكاتب: لا شيء عليه في اقتضاضها كقطع الثوب؛ لأنه كالإذن فيه بتدليسه، والرواية وجوب غرمه.

وقال بعض أشياخي: إن قلنا أن الاقتضاض ينتفع به المشتري كما ينتفع باللباس، وجب غرم قيمته وكان غيره من أشياخي يقول في الاختلاف في إلزام الولد تزويج أبيه الفقير، سببه الاختلاف في الوطء هل هو كالأقوات أو كالتفكهات. ابن محرز: لو خاطه كان حكمه كالصبغ قالوا: إن أراد رده قوم غير مقطوع ولا مصبوغ ثم مخيطًا أو مصبوغًا، فيكون شريكًا بما زادته الخياطة والصبغ يوم الحكم فجبروا القطع ببعض الخياطة والقياس أن يقوم مقطوعًا ثم مخيطًا فينظر لما زادته الخياطة والصبغ يوم الحكم فيكون بها شريكًا، ويرد قيمة القطع ويجري على هذا لو أصابه عيب مفسد، وقد صبغه أن يقوم صحيحًا، ثم مصبوغًا فما زادت قيمته شارك به. ويحتمل أن يفرق بأن القطع تفريق يزيله اتصال الخياطة، والصبغ غير العيب المفسد، وقالوا: من شق ثوبًا يرفوه ثم يغرم ما نقصه فجعلوا اتصال الرفو يجبر تفريق القطع. المازري: تردد التونسي في جبر القطع بالخياطة، وتقدم قولنا في جبر عيب النكاح بالولد وما قيل فيه. قُلتُ: الولد والسمن سماويان والصبغ والخياطة كسبيان، فالجبر بهما أحروي. عبد الحق عن أصبغ: لوقال بائعه أسقط نقص القطع وأغرم أجر الخياطة ليسقط حق مبتاعه في حبسه، والرجوع بقينة العيب، لم يكن له ذلك إذ لا حق له أخذ صنعته كرهًا. قُلتُ: لفضل في اختصار الواضحة جعل ابن القاسم الخياطة عينًا قائمة مرة، ومرة لم يجعلها كذلك. قال: وفي الجعل من المدَوَّنة: من قال في ثبوت مخيط بيد صانع سرق مني أو قال سرقته مني، وقال الصانع: بل استعملتنيه يحلفان ولربه إعطاء الخياط قيمة خياطته وأخذ ثوبه فإن أبى فالآخر إعطاء قيمة ثوبه غير مخيط فإن أبى كانا شريكين فجعل الخياطة عينًا قائمة. وقال في تضمين الصناع منها في القصار: يدفع للرجل غير ثوبه، فيقطعه ويخيطه

باب في قدر مناب العيب القديم من ثمن المعيب

لربه اتباع القصار بقيمته وتبقى التبعية بين القُصَّار ومن خاطه، وله أخذ ثوبه ممن خاط بعد دفع قيمتها. وقال فضل: زاد عبد الجبار عن سَحنون، فإن أبى قيل لمن خاطه إن شئت أعطه قيمة ثوبه وإلا فأسلمه له مخيطًا، وساق ابن جعفر عن ابن القاسم ما دل على هذه الرواية فلم يجعلها عينًا قائمة. [باب في قدر مناب العيب القديم من ثمن المعيب] وقدر مناب العيب القديم من الثمن المعيب جزأه المسمى للخارج من تسمية فضل قيمته سليمًا منه على قيمته معيبًا به ضمان المبتاع المبيع من قيمته سليمًا. المازري: فيعتبر وقت ضمان ذات المواضعة والغائب والمحبوسة بالثمن والفاسد اتفاقًا واختلافًا. [باب في قدر الحادث من العيب في المبيع] وقدر الحادث منه الجزء المسمى للخارج من تسمية فضل قيمته بالقديم على قيمته

باب معرفة قدر زيادة زادها المشتري في المبيع

بهما من قيمته بالقديم فقط، وفي كون قيمته بالحادث يوم ضمانه أورده قولا المشهور، وابن المعذل بناء على إمضاء البيع في الذاهب من المبيع بالحادث لضمانه المبتاع به، وفسخه فيه لفسخه في المردود. والصقلي عن بعض القرويين: لو رأى ابن المذل كلام ابن القاسم ما خالفه لظهور صوابه، وهو كطعام أكل بعضه واطلع على عيب لباقيه فإنه يرد باقيه ويمضي ما أكل بحصته من الثمن. قُلتُ: لعله يخالف أيضًا في الطعام ويأتي نحو هذا في مسألة مشتري ثوبين بعبد يطلع على عيب بأعلاهما بعد فوت أدناهما. [باب معرفة قدر زيادة زادها المشتري في المبيع] (...) الزيادة الجزء المسمى فخارج من تسمية فضل قيمته معيبًا مع ما زيد عليه على قيمته معيبًا دونه من قيمته معيبًا مع ما زيد عليه ... ، فلو اجتمع قديم وحادث

وزيادة في مبيع بمائة وعشرين وقيمته سليمًا مائة وقيمته بالقديم ثمانون وقيمته بالحادث سبعون فقدر القديم من الثمن خمسه، وقدر الحادث منه مسقطًا منه مناب العيب القديم ثمنه وغير مسقط منه عشرة، فإن كانت قيمته مع زيادته سبعين فلا أثر لها، وإن كانت ثمانين فعلى الجبر بها يسقط الطلب بالحادث إن رد المعيب، وعلى عدم الجبر به يغرم قدره من الثمن ويكون شريكًا في المعيب بثمنه. اللخمي: إن قطع الثوب مبتاعه وخاطه ثم اطلع على عيب به قديم إن أحب الرجوع بقيمة العيب اتفق المدلس وغيره، وإن أحب رده افترقا، فالمدلس لا يرد له في القطع شيئًا وكان شريكًا بالخياطة يوم الرد فيقوم اليوم قيمتين يقوم مقطوعًا معيبًا غير

مخيط ومقطوعًا معيبًا مخيطا، فإن كانت الأولى مائة والثانية تسعين كان شريكًا بالعشرة، وإن لم تزد الخياطة لم يكن له شيء انتهى. قُلتُ: كذلك وجدته في نسختين إحداهما صحيحة عتيقة أن الأولى مائة والثانية تسعون، وصوابه العكس، ووجه واضح، ثم قال: وإن كان البائع غير مدلس واختار المشتري الرد قوم ثلاث قيم: قائمًا غير معيب، وقائمًا معيبًا، ومقطوعًا معيبًا مخيطا. فإن قيل: الأولى مائة، والثانية تسعون، والثالثة ثمانون. علم أن الباقي عشرة رده، وعشر ثمنه وإن قيل تسعون رده ولا شيء عليه؛ لأن الخياطة جبرت القطع، وإن قيل: مائة كان شريكًا بالعشرة هذا إن لم يتغير سوقه من يوم شرائه إلى يوم فإن تغير قوم الآن قيمتين مقطوعًا معيبًا غير مخيط والثانية قيمته مخيطًا، فإن زادت الخياطة عشرة لم يكن عليه شيء؛ لأن الخياطة جبرت نقص القطع، وإن زادت خمسة كان الباقي عنده نصف قيمة العيب بنصف عشر الثمن، وإن زادت خمسة عشر كان شريكًا بثلث قيمته. قُلتُ: في قوله: بثلث قيمته إجمال واضح وصوابه بنصف عشرة. ابن الحاجب: يقوم القديم والحادث بتقويم المبيع يوم ضمنه المشتري، فإن أمسك قوم صحيحًا، وبالعيب القديم، وإن رد قوم ثالثًا بهما، فإن كانت زيادة قوم رابعًا بالجميع، وكان شريكًا بنسبة ما زاد عليهما. ابن عبد السلام: في كلامه نظر، لأن المشتري إن أراد الشركة لتأدية الحال إليها فلا يقوم المعيب سليمًا؛ لأنه غبن للمشتري؛ لأن البائع إنما دفع المبيع معيبًا فكيف يشارك المشتري به سليمًا، وإن لم يقل المؤلف يكون شريكًا بما زاد على القيمة الأولى فتقويمه للمبيع سليمًا يوهم ذلك أو يوجب تشويشًا في فهمه، وبالجملة فلا يحتاج لقيمته سليمًا ولا يحتاج لقيمته بالعيب الحادث؛ لأن الزيادة إنما تظهر بعد جبره بالصنعة المزيدة فلو شارك المشتري في المبيع بما زادت الصنعة على مجموع العيبين مع أن العيب الثاني إنما حدث في ملك المشتري لكان حيفًا على البائع، فالذي يوجبه النظر أن يقوم المعيب بالعيب القديم وحده؛ لأنه الذي خرج من يد البائع ثم يقوم بالصنعة الحادثة فإن وقعت زيادة على ذلك بمثل تلك الزيادة تكون تجب شركة المشتري مع البائع في المبيع.

قُلتُ: قوله: لأن المشتري إذا أراد الشركة فلا يقوم المعيب سليمًا، إلى قوله: (في فهمه) حاصله الحكم بلغو تقويمه سليمًا لتأديته إلى شركة البائع بقيمته سليمًا وهو باطل؛ لأنه غبن على المشتري إذ البائع إنما دفعه معيبًا وهو وهم؛ لأن تقويمه سليمًا ليس لما زعمه من شركته بقيمته سليمًا ولا لأمر مستغنى عنه؛ بل لآمر محتاج إليه وهو معرفة حال ما زاده في المبيع، هل جبر نقص العيب الحادث اللازم للمبتاع ولا يعلم هل جبره أم إلا بعد معرفة قدر العيب الحادث من الثمن ولا يعرف هذا إلا بعد معرفة قيمة المبيع سليما حسبما تقدم، فإن قلت: يكفي في معرفة قدر نقص المبيع الحادث اللازم للمبتاع معرفة قيمة البيع بعد معرفة قيمته بالعيب القديم. قُلتُ: ليس الأمر كذلك؛ لأنه لا يحب على المشتري قدر نقص الحادث في المبيع من قيمته بالعيب القديم مجردين؛ بل بقيد ما ينوبهما من الثمن المسمى، ولا يحصل ذلك إلا بعد معرفة قيمته سليمًا، حسبما بينه متقدموا أهل المذهب، ومتأخروهم. فإن قلت: إنما تكلم ابن الحاجب على الزيادة، إذا ثبتت واستقرت وهذه لا يحتاج فيها إلى معرفة الجبر؛ لأنها ملزومة له قطعًا. قُلتُ: ليس الأمر كذلك إنما كذلك إنما تكلم على ما إذا كانت زيادة حسية وهي أعم من كونها جائزة فقط أو موجبة زيادة معنوية، وإن كان لفظه صالحًا لذلك وجب حمله عليه لسلامته عن التعقب، وابن عبد السلام بنى كلامه على أن الزيادة في كلام ابن الحاجب هي الزيادة المعنوية، ولذا قال: يحتاج إلى ثلاث قيم إذا شك في تلك الصنعة هل يجبر العيب الحادث فيقوم المبيع سالمًا ثم بالعيب القديم وحده ثم بالصنعة فإن جبرت العيب الحادث من غير زيادة كان كما إذا لم يحدث في المبيع شيء. وفيها: إن وجد رجلان بعبد ابتاعاه صفقة عيبًا فلمن شاء منهما أن يرده ويحبس دون الآخر، ولو أبى بائعه، وكان مالك يقول للبائع مقال ابن القاسم لمن شاء منهما أن يرد إذ فلس أحدهما لم يتبع إلا بنصف الثمن، وقال أشهب في كتاب الخيار: ليس لهما إلا أن يرادا معًا أو يحبسا معًا أو يأخذ المتمسك جميع العبد، وذكر اللخمي قول أشهب رواية له قال: ولم يذكر المقال بين المشتريين، ويحتمل أن يقال لمريد الرد جبر صاحبه عليه؛ لأنه يقول دخلنا على صفقة واحدة وعلى أحكام العيب أنه يرد به؛ لأن التزام

المعيب ضرر بمن أراد الرد وأن يقال لا يلزمه ذلك ويجبر البائع في إعطائه مريد الرد قيمة عيب نصيبه أو يقيله ويعطيه نصف ثمنه؛ لأن مقال البائع لأجل التبعيض فيكون كمن باع عبدًا من رجل فباع نصفه ثم علم بالعيب. ابن القاسم: إن باع أحدهما نصيبه من الآخر ثم علم بالعيب لم يرجع من باع نصيبه بشيء وللأخر رد نصفه على البائع الأول. اللخمي: يجري الخلاف في النصيبين معًا لمن باع أن يرجع بالأقل من قيمة العيب أو تمام الثمن إن باع بأقل، وعلى رواية ابن عبد الحَكم يرجع بالعيب، وإن باع بمثل الثمن ومن لم يبع على رواية أشهب لا رد له؛ لأنه يبعض على البائع بيعه ويكون للبائع أن يعطيه نصف قيمة العيب أو يقبل منه الرد. المازري: لمن ابتاع عبدًا من رجلين شركة بينهما رده نصيب أحدهما عليه بالعيب دون الآخر، وتعد صفقتهما صفقتين. ابن عبد السلام: كذا قالوا ولا يبعد أن يقال: ليس له ذلك لدخولهم على اتحاد الصفقة كما ليس له ذلك في اتحاد البائع؛ لأن الثمن يختلف بكثرة السلع وقلتها في الصفقة الواحدة وهذا جار في جمع الرجلين سلعيهما في البيع على القول بإجازته. قُلتُ: يرد قياسه على وحدة البائع بضرر تبعيض مبيعه ويؤيد نقل المازري قولها في السلم الثاني: إن أسلم رجلان إلى رجل في طعام أو عرض فأقاله أحدهما جاز إلا أن يكونا متفاوضين فيما أسلفا فيه من عرض أو طعام فلا يجوز؛ لأن ما أقال منه وأبقى بينهما ولو ابتاع رجلان عبدًا أو أمة ففي تمكين أحدهما من رد حظه دون الآخر ثالثها لا وللمتمسك أخذ حظ الراد استحسانًا لثاني قولي مالك مع ابن القاسم، وأولهما وأشهب في خيارها، وعزا الباجي الأول لرواية ابن القاسم والثاني لرواية أشهب قال: وعليه البائع أحق لحظ الراد من المتمسك وعزا لمحمد قول أشهب لا بقيد أنه استحسان قال: وحكى القاضي إنما للراد إن اختلفا أرش العيب ويجب كونه المذهب كرواية ابن القاسم: من باع نصف عبد ابتاعه فعلى بائعه قبول رد باقيه بالعيب أو رد نصف قيمة عيبه وهو مقتضى قول أشهب ويحتمل أن يكون معنى قوله: يردان معًا إن تمسكا ولابن وَهْب إن أراد أحدهما رده دون الآخر تقاوياه ليرده من صار إليه.

باب ما يكون فيه المبيع المتعدد كالمتحد في العيب

قُلتُ: يرد قياسه منع الرد على بائع نصف عبد ابتاعه بأن التنظير فيه من قباه، وفي أحد المشتريين ليس من قبله. [باب ما يكون فيه المبيع المتعدد كالمتحد في العيب] ةتعدد المبيع ومعيبه وجهه أو أحد مزدوجيه كمتحد والأخص الرد المعيب بحصته من الثمن يوم وجب ... ككونهن عليات يوم الخروج من المواضعة، وفي كون ذلك مطلقًا قولان لمعروف المذهب ونقل الباجي، عن محمد وأشهب: إن نقص المعيب الجملة رده وحده وإن لم ينقصه لم يرده، ولو نقصه عيبه، وسمع ابن القاسم: من ابتاع جملة رقيق من السند والزنج صفقة فوجد جارية منهم حاملًا لا رد له لأنهم وخش. ابن رُشْد: لم ير رد الحامل بعيب حملها إذا لا ينقص الحمل من الثمن شيئًا لأنهم وخش ولو اشتراها وحدها كان له ردها قاله في آخر سماع أصْبَغ على قولها مع غيرها الحمل عيب في الوخش والعلي والقياس ردها مطلقًا على قولها مع غيرها في الاطلاع على عيب بعض السلع تشترى جملة إن المعيب يرد منها بمنابه من الثمن إلا أنه استحسن هذا في الحمل فقط مراعاة لقول ابن كنانة حمل الوخش غير عيب وقاله ابن حبيب لأهل البادية لا الحاضرة. قُلتُ: ففي رد أفراد المبيع بعيب ينقصه مطلقًا أو إلا أن ينقص الجملة، ثالثها مطلقًا إلا أن يكون حملًا من جملة وخش لمعروف المذهب، ومحمد مع أشهب وسماع ابن القاسم مع سماعه أصبغ. وفيها: إن كان المبيع جملة ثياب أو رقيق أو مكيل أو موزون فاستحق أقل ذلك أو وجد به لزمه الباقي بحصته من الثمن. قُلتُ: ظاهره ولا حجة عليه في ذلك للبائع، وللتونسي في كتاب الخيار إن قال له البائع: إما أن تأخذه معيبًا كله أو ترد فالقول قول البائع؛ لأنه يجمل بعضه بعضًا وكذا

إن كان مكيلًا أو موزونًا غير الطعام يوجد بعضه معيبًا، وللصقلي في ثاني ترجمة من هذا الكتاب ما نصه: نظرنا إلى السالم إن كان وجه الصفقة لزم المبتاع ولا حجة له إذ سلم له جل صفقته فكما لم تكن له حجة في ذلك لم يكن للبائع حجة في أن يقول إما أن تأخذ الجميع أو ترد، وهذا خلاف نقل التونسي في الخيار منها من اشترى ثيابًا أو رقيقًا أو غنمًا على أنه بالخيارإذا نظرها فنظر أولها وصمت حتى رأى آخرها فلم يرضها فذلك له ولو كانت حنطه فنظر بعضها فريضه ثم نظر ما بقي فلم يرضه فإن كان على صفة ما رضي لزمه الجميع لتساويه؛ لأن الصفقة واحدة وإن خرج آخر الحنطة مخالفًا لأولها لم يلزمه شيء وله رد الجميع إن كان الاختلاف كثيرًا. قُلتُ: مفهوم قولها لتساويه أن موجب لزوم العقد في الطعام وعدمه في الرقيق تماثل الطعام مثليًا وكون الرقيق من ذوات القيم، وهو قول ابن شبلون، وظاهر منطوقها أن موجبه ثبوت رضاه في الطعام وعدمه في الرقيق وهو قول ابن محرز، الشَّيخ: لو كان ما رضيه معيبًا لم يلزمه باقيه إن كان معيبًا، ولو ماثل الأول لطعمه في سلامته. عياض: لم يتكلم إن كان يسيرًا، وفي بعض نسخ المدَوَّنة قال غيره: إلا أن يكون ما خرج مخالفًا أقله فلا قول للمشتري؛ بل يلزمه، وإن أراد الرد إلا أن يقيله البائع، وثبت هذا لابن عيسى وسقط في أكثر الروايات ونبه عنده على سقوطه من بعض الروايات، وهو كتاب ابن عتاب وابن المرابط مخوف عليه، وهو مثل ما في العتبيَّة إن الطعام يلزم المبتاع بحصته من الثمن وكذا لابن حبيب عن أَصْبَغ والأخوين وقول سَحنون يلزم البائع والمبتاع. فضل قول سَحنون هنا لزمه المبتاع على ما أحب البائع أو كره وقاله عبد الملك وأَصْبَغ خلاف رواية ابن القاسم. ابن أبي زمنين: لم يعطنا في اليسير جوابًا بينًا وفيه تنازع، وكل هذا خلاف تأويل الشَّيخ عن سَحنون إن ذلك إنما يلزم المبتاع برضا البائع، وفي الواضحة لابن القاسم يقال للمشتري إن شئت فخذه كله وإن شءت فدفع، قل الفاسد أو أكثر؛ لأن البائع يقول لم أبعه إلا ليحمل الصحيح الفاسد. ابن القاسم: هذا تفسير قول مالك، وحكى الداودي هذا القول.

اللخمي، قول ابن القاسم، فيها: إن قل السالم لم يكن للمبتاع أخذه فقط لحجة البائع في جملة المعيب يوجب كونه في عكسه أبين، وسمع ابن القاسم في جامع البيوع: من اشترى طعامًا جزافًا أو كيلًا أو غيره فوجد أسفله مخالفًا لأوله فله أخذ كله أو رده إلا أن يسلم له بائعه ما وجد طيبًا أن أحب ذلك المبتاع وإلا لم يلزمه، وإنما يلزم بتراضيهما معًا قال سَحنون: إنما هذا إن وجد العيب بجله. ابن رُشْد: في لفظه تقديم وتأخير صوابه طعامًا أو غيره جزافًا أو وكيلًا، ويريد بغيره ما عدا الطعام من مكيل أو موزون كالحناء والعصفر، لأن له حكم الطعام، فالخلاف الموجود في المكيل والموزون من طعام أو عرض على خمسة أقسام: الأول: إن كان يسيرًا وهو مما لا ينفك منه الطعام كالكائن في قيعان الأهراء والبيوت فهو لازم للمشتري. الثاني: ما ينفك منه الطعام، وهو يسير لا خطب له إن البائع أن يمسك المعيب، ويلزم المشتري السالم بما ينوبه من الثمن فله ذلك اتفاقًا وإن أراد المشتري أن يلزم السالم، ويرد المعيب لم يكن ذلك له على نصها: إن البائع إنما باع على أن حمل بعضه بعضًا وظاهر هذه الرواية وليحيى عن ابن القاسم له ذلك. الثالث: أن يكون مثل الخمس والربع، ونحو ذلك إن أراد البائع أن يلزم المشتري السالم بحصته من الثمن ويمسك المعيب فله ذلك إن أراد البائع أن يلزم المشتري السالم بحصته من الثمن ويمسك المعيب فله ذلك اتفاقًا إذا لا خلاف أن استحقاق ربع الطعام لا يوجب للمبتاع رد الباقي، وإن أراد المبتاع رد المعيب، ويأخذ السالم بحصته من الثمن لم يكن له ذلك اتفاقًا. الرابع: أن يكون مثل النصف والثلث أن أراد البائع أن يمسك المعيب ويلزم المبتاع السالم بحصته من الثمن لم يكن له ذلك على مذهب ابن القاسم وروايته وله ذلك عند أشهب وسَحنون ولم يكن للمبتاع أن يأخذ السالم ويرد المعيب. الخامس: أن يكون أكثر من النصف لا خلاف أن ليس للبائع أن يلزم المشتري السالم بحصته من الثمن ولا للمبتاع أن يرد المعيب ويأخذ السالم بحصته، ومذهب ابن القاسم وروايته إن استحقاق ثلث الطعام والمكيل والموزون من العروض يوجب للمشتري رد الجميع بخلاف العبيد والعروض وسوى أشهب بين العبيد والعروض

والطعام في ذلك لا يرد المبتاع الباقي إلا أن يستحق أكثر من النصف. قُلتُ: قوله في القسم الثالث للبائع إلزم المبتاع السالم إن كان المعيب خمسًا أو ربعًا .... إلخ، خلاف قول الصقلي جعلوه مخيرًا إذا وجد ثلث الطعام أو ربعه معيبًا كالكثير في العروض. اللخمي: أنكر أشهب قول ابن القاسم النصف في الطعام كثير قال ما قاله مالك قط. اللخمي: أرى أن ينظر في ذلك عرف بلد الطعام إن كان ثمن النصف وحده أقل لم يلزمه وإلا لزمه. الصقلي: قال الشَّيخ: إن قل معيب الطعام جدًّا لزم البيع في السالم البائع والمبتاع، وقال بعض أصحابنا: ذلك كالعشر. الشَّيخ: وإن كان له بال أو ليس بكثير فليس للمبتاع أخذ السالم إلا برضا بائعه. الصقلي: قال بعض شُيُوخنا: ذلك كالخمس. محمد: كثير جزاف الطعام كالعروض. اللخمي: القياس أنه كمكيله وتبعه المازري في قوله القياس بعد أن نقله كأنه المذهب. وفيها: لمن ابتاع شاتين مذبوحتين إحداهما ميتة حبس الذكية بحصتها من الثمن وردها كقول مالك فيمن ابتاع طعامًا على أن فيه مائة فلم يجد فيه إلا خمسين، يحيي لا يعجبني قوله له حبس الذكية. المازري: أشار إلى أنه خالف أصله. الصقلي عن الشَّيخ: أراد أنه مما لا يعرف ثمنه إلا بالقيمة، وقد وجب الرد فصار بيعًا بثمن مجهول إلا أن يشتريهما على الوزن فيصح قول ابن القاسم. ابن الكاتب: حمل شرائها على الوزن غير مستقيم، وظاهره أنهما غير مسلوختين إذ لا يعلم عدم ذكاتها إلا قبل سلخها إذ بسلخها يزول رأسها فلا يعلم عدم ذكاتها، وقوله: (مذبوحتين) يدل أنه لم يحدث فيهما غير الذبح، ولو كان على الوزن لزم التقويم إذ قد يختلفان في السمانة فلا يعتبر ما يسمى لكل رطل.

الصقلي: تصحيح الشَّيخ المسألة بكونه على الوزن واستوائهما في السمانة خير من إفسادها ويحتمل كون إشترائهما مسلوختين على الوزن، وأتى من يشهد أن إحداهما بعينها غير ذكية، وعلى الوزن حملها اللخمي وعزاه المازري وابن محرز لابن عبد الرحمن. اللخمي: وقال سَحنون: يفسخ البيع فيهما؛ لأنهما صفقة جمعت حلالا وحرامًا كقوله: (من نكح بعبد ثبت أنهحر فسخ نكاحه). قُلتُ: وهو قول ابن القاسم عند ابن محرز: لاعتذاره عنها بقوله: (وجه هذه المسألة ما بينته غير مرة) أن القصد إذا كان سؤال عن معنى أهمل التحرز عن غيره اكتفاء ببيانه في موضع آخر، والقصد هنا بيان حكم العيب لا تصحيح العقد بخلاف قوله في العقد على أم وابنتها. اللخمي: أخذ ابن القُصَّار: من هذه إمضاء الصفقة الجامعة حرامًا، وحلالًا فيه. ابن محرز: ناقضوها بحكم نقض الصفقة الجامعة حرامًا وحلالًا، بقوله: (من تزوج أمًا وابنتها، وللأم زوج لم يعلم به فسخ نكاحهما)، فرق بعضهم بأن نكاح الأم يقدح في نكاح البنت لسراية التحريم، والعقد على الميتة لا يسري إلى تحريم غيرها، وليس بشيء؛ لأن الأم متزوجة فليس لنكاحها حرمة تسري، ومن علل تحريم عقد نكاح الأم والبنت بأنه لم يسم لكل منهما مهرها لزمه هنا؛ لأنه لم يسم لكل واحدة ثمنها ومنهم من حملها على اختلاف القول في حرام البيع إذا علم به أحد المتبايعين فقط. قُلتُ: يرد نقضه تعليل فسخ نكاح الأم وابنتها بعدم التسمية لكل منهما بعدم تسميته في الشاتين بتعدد مستحق المهر واتحاد مستحق ثمن الشاتين والتحقيق عندي أن جمع الصفقة حلالًا وحرامًا على وجهين: الأول: أن يتعلق العقد بنفس إنشائه بالحرام منهما من حيث وصفه الموجب حرمة بيعه، ولو جهل العاقد إيجابه الحرمة كبيع ثوب مع أم ولد من حيث إنها أم ولد. الثاني: أن يتعلق العقد كذلك بالحرام منهما من حيث وصفه المعتقد ثبوته له غير موجب الحرمة، كبيع ثوب مع أم ولد من حيث كونها أمة لم تلد من سيدها. فالأول: يفسخ فيهما لتعليقه بأحدهما من حيث وصفه الموجب فساده فيمنع تعلق

العقد به فيصير لا متعلق له ضرورة بطلان الكل ببطلان جزئه. والثاني: لا ينفسخ فيهما معا؛ بل في الحرام فقط لتعلقه حين إنشائه بكل منهما من حيث وصفه الموجب صحة تعلق العقد به، فإذا ظهر فوت الوصف الذي تعلق العقد بالمبيع من حيث حصوله له صار شبيهًا شيهًا بينًا باستحقاقه فبطل فيه فقط، ومن البين كون مسألة نكاح الأم وابنتها من الأول، وكون مسألة الشاتين من الثاني. غبد الحق: إن جهلت الذكية رد الثمن وطرحتا بحيث لا يأكلهما إلا الكلاب، وذكر عن الشَّيخ أبي الحسن، وينبغي عندي إن أكل إحدى الشاتين مع جهل الذكية منهما أن يرجع بثلاثة أرباع الثمن؛ لأن ثمن واحدة قد ثبت يقينًا، ويرد ثمن نصف الأخرى للشك في التي أكل هل هي الذكية أم لا؟ إذا كانتل متكافئين، وصورها الصقلي بأنه أتي بعد أكل إحداهما من شهد أن أحدهما كانت غير ذكية فيرد نصف الثمن؛ لأنه ثمن الباقية ونصف المأكولة، للشك في ذكاتها. قُلتُ: ألزماه في المأكولة ربع الثمن بناء على اعتبار حكمها باعتبار وصفها في نفس الأمر دون اعتبار وصفها عند العاقدين والحاكم والصواب اعتبار وصفها بهذا لأنه الظاهر المدرك لقوله صلى الله عليه وسلم: «أمرت أن أحكم بالظاهر» ... ، فيكون عليه قيمتها مشكوكًا في ذكاتها؛ لأن جهل الذكية منهما يوجب الفسخ حسبما مر فيبطل اعتبار ثمنها فيجب عليه فيما فوته قيمته. وفيها: لو اشترى عشر شياه مذبوحة وجد إحداهن ميتة لزمه الباقي بحصته من الثمن، ولا خيار لأحدهما وكذا من ابتاع قلتي خل أو قلالًا فأصاب إحداهن خمرًا على ما وصفنا من قول ملبك. الشَّيخ: يريد أن الخمر والميتة كالنقص لا كمعيب. محمد: لأشهب لو أصاب من العشر تسعًا خمرًا لزمته الواحدة. الصقلي عن بعض

أصحابنا أشهب يرى استحقاق تسعة أعشار ما ينقسم لا يرفع لزوم الباقي بحصته. اللخمي: لو اشترى جملة عبيد أو ثياب متقاربة، فكان المعيب والاستحقاق في أكثر فقال ابن القاسم: له رد السالم والباقي، وقال أشهب: يلزمه ذلك ولو بقي واحد من عشرة بناء على اعتبار وصف الجملة ولغوه، وليس اختلاف فقه، وأرى الرجوع في ذلك إلى ما يقوله التجار. عبد الحق والصقلي عن الإبياني من نقل قلالًا ابتاعها فوجد منها ثلاثة خمرًا فسهي عن ردها أيامًا فصارت خلًا إن ثبت ذلك ببينة أو إقرار البائع سقط عنه منابها من الثمن، وإن لم يعرف إلا بقوله: لم يرد عليه عليه منه شيء. الشَّيخ: الجواب صحيح، ويرد القلال التي كانت خمرًا إلى البائع، ولما ذكرالمازري قول الإبياني قال: استدركه الشَّيخ، وتأوله على أن هذه القلال التي تخللت ترد لبائعها وهذا يمكن أن الإبياني لم يرده؛ لأن هذه القلال كانت خمرًا عند العقد فلا ملك للبائع عليها فتخللها عند المبتاع رزق ساقه الله إليه كطائر سقط بداره. قُلتُ: وكان بعض من لقيناه لا يحمل كلام الشَّيخ على ما فهمه المازري ويحمله على أن خل القلال التي كانت خمرًا سقط منابها من الثمن ويكون خلها للمبتاع، ويقول معنى قول الشَّيخ ويرد القلال التي كانت خمرًا للبائع على رد القلال من حيث هي ظروف لا ردها بما فيها. قُلتُ: الصواب ما فهمه المازري عن الشَّيخ واستشكاله إياه، وقول من لقيناه يردهما نص قولها في الغصب: وإن غصب مسلم خمرًا من مسلم فخللها فلربها أخذها ثم قال المازري بناء على وجوب ردها لبائعها: لم لا يتم البيع فيها ويكون تخللها كذهاب عيب بالمبيع قبل رده، وأجاب بكلام طويل حاصله: المعيب تعلق البيع به صحيح؛ لأنه لو رضيه البائع صح والخمر لا يصح تعلق العقد به بحال، وإن تعدد المبيع غير مثلى والعيب بأعلاه، ففيها لابن القاسم من ابتاع سلعًا فوجد ببعضها عيبًا فليس له إلا رد المعيب إن لم يكن وجه الصفقة، فإن كان وجهها فليس له إلا رد الجميع أو الرضا بالمعيب. المازري: لا يتخرج لزوم الأدنى على قول أشهب؛ لأنه فيما ينقسم، وقيل لأنه فيما

ليس نبعًا. اللخمي: اختلف فيمن ابتاع عبدين ظهر بأعلاهما عيب فمنع ابن القاسم إن رد الأعلى أو استحق أن يحبس الأدنى؛ لأنه كشراء بثمن مجهول وأجازه ابن حبيب ثم قال في مسألة الثوبين: إن كان المعيب وجهها فله رد الأدنى، ولا له أن يتمسك به على قول ابن القاسم وله ذلك على قول ابن حبيب وهو بالخيار، وعلى قول أشهب لا خيار له. قُلتُ: هذا خلاف قول المازري لا يتخرج لزوم الأدنى على قول أشهب، ووجه المازري قول ابن حبيب بأنه أحق بمقتضى لزوم العقد الأول لعدم انحلاله؛ لأن ضمان المردود بالعيب من راده حتى يرد، وهو أصل أشهب في أن الصلح عن العيب شراء مرجع لا ابتداء بيع أو على أحد القولين في جمع الرجلين سلعتيهما في البيع، وعلى قول الموَّازيَّة لمن اطلع على عيب بعدين التمسك بأحدهما، الصقلي لأشهب نحو قول ابن حبيب وأنا أستحسن إن استحق الكثيرورضي المبتاع أخذ ما بقي بحصته من الثمن ألا يأخذ إلا بعد التقويم، ومعرفة حصة ما بقي فترتفع علة منع ابن القاسم، وإذا رد أعلى المبيع وفات أدناه، وعوضه عين أو غير مثلي قد فات، ففي مضي الأدنى بمنابه من الثمن، ورد قيمته لأخذ كل مطلقًا، ثالثها إن لم تكن أكثر من منابه من الثمن، لعبد الحق عن المذهب مع اللخمي عن ابن القاسم، ونقل المازري قائلا: وكذا قال محمد: فيمن باع شاة عليها صوف جزه وفات إن ردها بعيب رد مثل الصوف أو قيمته ما بلغت، كذا نقل الأشياخ هذه الرواية يرد قيمة الفائت مطلقًا، ونقل اللخمي مسألة الشاة معزوة لابن القاسم قائلًا: فعلى هذا يرد قيمة الأدنى إلا أن تكون أكثر فيمضي بالثمن، ووجه عبد الحق نقله بأنه لا فائدة في رد عين وأخذ عين، وأخذ عين، والمازري الثاني بحجة المغبون في رفع المغابنة بأنه إنما رضيها لحصول الغرض في إمضاء الصفقة، وردها في الجل يبطله، والثالث برعي هذا في جنبة المبتاع فقط لغرمه وصوب التونسي التعليل باعتبار المغابنة بأنه. وقال ابن محرز: ليس بشيء ولو لزم ذلك للزم في بيع ثوبين بعين. قُلتُ: يرد بالتزامه؛ لأن المازري صرح بفرض المسألة والثمن عين، وهو ظاهر كلام عبد الحق وغيره، وفي فوت الأدنى بحوالة الأسواق وقصره على العيب المفسد

المفيت الرد بالعيب، نقلا اللخمي عن ابن القاسم ومحمد مع عبد الحق وابن محرز عن المذهب بناء على الحكم له بعوض المعيب لوصف كونه لو كان قائمًا رد لرد معيب غيره أو بمعيب؛ لأنه تبع له ولو كان عوض المتعدد المعيب بعضه عرضا، ففيها لابن القاسم جوابًا عن السؤال عن قول مالك من باع عبدًا بثوبين، وجد أعلاهما معيبًا وفات أدناهما، العبد قائم رد المعيب وقيمة الأدنى ورد العبد وإن فات بحوالة سوق فأعلى وقيمة الثوب الباقي من التالف، ثلثًا أو ربعًا رجع بقدر ذلك من قيمة لا في العبد، وإن كان المعيب وأعلى الثوبين باق لم يفت، ولا بحوالة سوق، وفات أدناهما رد العبد وأعلى الثوبين وقيمة أدناهما وإن الباقي بحوالة سوق أو كان أدناهما ردت قيمتهما مكانهما. اللخمي: إن كان المعيب الأعلى وفات الأدنى وفات العبد رد المعيب وأخذ منابه من قيمة العبد، وعلى القول الآخر للمبتاع رد قيمته وأخذ قيمة عبده إن نقصت عن منابه من قيمة العبد. قُلتُ: ويجري في ثاني الثلاثة وإن كان المعيب الأدنى والعبد قائم رده، وفي رجوعه بمنابه في قيمة العبد أو عينه، ثالثها هذا ويخير مبتاعه في الرضا بضرر الشركة، ورده لها، ولنقل ابن رُشْد مع الصقلي والتونسي عن أشهب والمازري عن أحد قولي ابن القاسم مع اللخمي عنه مع أشهب قائلًا ما قيل في ذلك أن لا خيارله؛ لأن العيب من سببه غير حسن؛ لأن البائع إن لم يدلس فلم يقصد لبقاء شركة فيه، وإن دلس فهو راج خفاءه والاطلاع عليه فيجري على حكم الرد بالعيب لا يؤخذ في المعيب بغير ما باع به كما لا يجبر على إسقاط قيمة العيب مع القيام، وإن كان المعيب العبد ورد، رد العبدان الثوبان وقيمتهما إن فاتا بحوالة سوق إلا أن يحب البائع أخذ الأدنى فله ذلك، لأن المقال فيه له واختلف في الأدنى إن كان قائمًا، قيل يرد قيمته، وقيل لمشتريه رده؛ لأن انتزاع الأجود من يده عيب عليه في الأدنى. قُلتُ: يريد بانتزاع الاجود من يده فسخ البيع فيه لرده، وحكم سماع عيسى ابن القاسم فيمن اشترى جارية بجاريتين في عيب إحداهن، وهلاكها كمسألة العبد بالثوبين.

وحدوث العيب في المواضعة كعيب قديم. الشَّيخ في الموَّازية: إن وجد بإحدى الجاريتين عيبًا وماتت الأخرى واختلفا في قيمتها وصفاتها، فإن اختلفا صدق البائع مع يمينه وإن لم ينتقد، وأنكر محمد فرق ابن القاسم بين النقد وعدمه، وكذا قال ابن حبيب وأصبغ. قُلتُ: وعزاه التونسي لمحمد وأشهب في مسألة نصف حمل في الوكلات تفرقة ابن القاسم نصها في العيوب، وسمع أَصْبَغ ابن القاسم: إن اختلفا في قدر ثمن المردود بالعيب أو نوعه صدق البائع مع يمينه فيما يشبه. أصبغ: إن يشبه صدق المبتاع فيما يشبه، فإن لم يشبه، ولم يقارب فقيمته يوم قبضه معيبًا. ابن رُشْد: يريد بيوم قبضه يوم باعه؛ لأنه بيع صحيح، وذلك بعد أيمانهما معًا أو نكولهما، ومن نكل صدق خصمه مع يمينه وإن لم يشبه وسمعه عيسى إن مات بائع المعيب ومبتاعه وجهل ورثتهما ثمنه، جهله فوت، ولو كان العبد قائًما يرجع بقيمة العيب ينظر كم قيمته يوم قبضه مبتاعه فإن كان أرفع قيمته يومئذ خمسين دينارًا وأدناها أربعين كان ثمنه خمسة وأرعين ورجع بقدر العيب من ذلك. عيسى: لا ينظر في هذا إلى وسط القيمة؛ لكن إلى قيمة يوم بيع تجعل القيمة ثمنه، ويرجع بقدر العيب في القيمة. ابن رُشْد عن ابن القاسم: ليس جهل الثمن فوتًا ويرد العبد ويرجع بقيمة وسط، والقيمة يوم البيع لا يوم القبض؛ لأنه بيع صحيح ولم يذكر في هذا يمينًا، واليمين فيه واجبة على القول بلحقوق يمين التهمة فلا يحكم بما قال من رد العبد والرجوع بقيمته أو يوم مساكه والرجوع بقيمة العيب من القيمة على هذا القول إلا بعد أيمانهما أو نكولهما، فإن حلف ورثة البائع أنهم لا يعلمون عدة الثمن، ونكل ورثة المشتري لم يكن لهم شيء حتى يحلفوا، وإن حلف ونكل ورثة البائع اشترى بما يؤدي إليه اجتهاد الحاكم من الثمن ولو تصادقوا على جهله، وعدم قبضه، والسلعة قائمة حلفوا جميعًا ورد البيع على قولها في تضمين الصناع، وإن فاتت فهي لورثة المشتري بقيمتها وحكم في العيب كما تقدم، وقول عيسى: لا ينظر في شيء من هذا إلى وسط القيمة يرجع لقول ابن القاسم

في المعنى لا تخالفه إلا في صفة التقويم؛ لأنه لا يقول إنه يقوم أعلى القيم التي توجد في النادر ولا أدناها التي يبيع بها المضطر إنما يقول إنه يقول على الوسط من ذلك في الوكالة منها من ابتاع بمائة طعامًا رده بعيب وهو نصف حمل فقال بائعه: إنما بعتك بها حملًا فالقول قول المشتري إن أشبه؛ لأن البائع أقر له بالمائة كما لو رد عبدًا بعيب ابتاعه بمائة فقال بائعه: بعتكه وآخر معه بها، وإن لم يشبه قوله: وتفاحش صدق البائع بيمينه، ويرد نصف الثمن ولا غرم على المشتري في النصف الثاني إن حلف؛ لأن البائع مدع عبد الحق عن بعض شُيُوخه إن حلف البائع لنكول المشتري المشبه قوله في الطعام أو العبدين والمردود أعلاهما فلا يمين للمشتري لنكوله، ولا شيء له في الثمن إلا برد ما ادعاه البائع لتهمته على حبس ما ليس له حبسه، وإن كان أدناهما رجع بمنابه من الثمن، ولو حلف البائع لعدم شبه قول المشتري حلف ليرجع بمناب المردود وإلا فكنكوله مع شبه قوله، وقال غيره من شُيُوخنا: قولها: حلف البائع ولا يرد من الثمن إلا نصفه ولا غرم على المبتاع إذا حلف وليس يعني إن حلف البائع؛ لأن المشتري أتى بما لا يشبه أن اليمين على المشتري، وفي نقل الصقلي عن بعض الفقهاء: أنه إذا حلف البائع؛ لأن المشتري لم يشبه قوله: قيل للمشتري احلف وتبرأ من نصف حمل ويرجع بنصف الثمن فإن نكل لزمه المعيب بجميع الثمن. قال الصقلي: يريد إلا قيمة العيب، وهذا أبين وأشبه بظاهر الكتاب من قول بعض الفقهاء. قوله: (ولا غرم على المبتاع إذا حلف) عائد على أول المسألة إذا أتى المبتاع بما يشبه. التونسي: فائدة يمين المبتاع إذا أتى بما لا يشبه بعد حلف البائع ليرد على البائع المعيب ويرجع بمنابه من الثمن، في الموَّازيَّة إن الطعام إن كان مكيلًا وأتى بما لا يشبه كان عليه حمل كامل، ويقدم تضعيفه في كتاب السلم، وعزاه اللخمي لمحمد، وعبر بأنه مخير بين يمسك ولا شيء له أو يرد نصفًا سالمًا مع المعيب. قال: لأن إيتان المشتري بما لا يشبه، دليل على أن مع المردود غيره فلما لم يعينه مبتاعه قبل قول البائع في تعينه، ولو كان الطعام جزافًا لكان للمشتري رد المعيب وحده؛ لأن الجزاف في الفوت

كالسلع، وصار كمن اشترى سلعتين ظهر بإحداهما عيب. قُلتُ: فيفرق بين كون العيب وجه الصفقة أو لا. عياض: عن أبي عمران ظاهر الكتاب أن لا فرق بين المكيل والجزاف هنا خلاف قول محمد. وقال ابن الماجِشُون: يلزمه تمام الحمل في المكيل، والموزون. عبد الحق: ينبغي أن يفرق في المسألة بين نقد المبتاع وعدمه لتفرقة ابن القاسم فيمن اشترى عبدين هلك أحدهما ورد الآخر بعيب فاختلفا في صفة الهالك، وقاله بعض شُيُوخنا القرويين، فإن قيل: قوله: إذا حلف البائع يرد نصف الثمن دليل انتقاده قيل معناه بحكم الحاكم يرده وإلا ناقصت قوله في العبدين ونحوه للتونسي ولابن رُشْد في آخر مسألة من أول مسألة من نوازل أَصْبَغ في العيوب ظاهر قول ابن القاسم في أن القول قول المبتاع أنه نقد لقوله: (******)، وإن كان قد تأول أنه يرد بحكم الحاكم، وذكر عياض القياس على مسألة العبدين ثم قال: وقد فرقوا بين هذه المسألة يعني مسألة الحمل وبين غيرها بفروق كثيرة معلومة في كتاب البيوع. قُلتُ: ولم أقف على هذه الفروق ولا بعضها ولاذكر شيئًا منه تقدم ذكره في المسألة؛ بل الظاهر أن القياس أحروي لتمام غرض البائع في مضي بيعه وهو الفائت بخلاف مسألة الطعام وتفريق أبي عمران بأن المبتاع في مسألة العبدين مقر مدع يرد بمنع كونه مقرًا بحال لقولها: إن قال الغاصب: غصبت الثوب خلقًا، وقال ربه: جديدًا فالقول قول الغاصب، وفيها مع غيرها: إنكار البائع ما رد عليه بعيب أنه معيبه مقبول بيمينه. ابن عتاب: إن قال: أشك في كونه المبيع رد عليه ابن سهل. قلت له: بيمين المبتاع. قال: قد تتوجه اليمين وقد لا تتوجه. قلت له: إن قال رجل لي عليك عشرة دنانير، فقال: المطلوب لا أدري أعشرة أم خمسة؟ قال: تلزمه عشرة، وقال لي ابن مالك في قول البائع: لا أعلم أهو الذي بعت منك أو غيره؟ يحلف المشتري.

ابن سهل: هذا أصل مختلف فيه الواضحة والموَّازية وغيرهما تركته خوف التطويل. المتيطىي: إن اختلفا في قدر ثمن المردود بالعيب أو جنسه فلمحمد عن ابن القاسم يصدق البائع مع يمينه إن أتى بما يشبه وإلا صدق المبتاع بيمينه فيما يشبه وإلا فله قيمة المبيع سليمًا من العيب يوم البيع. وفيها: مع سماع ابن القاسم في جامع البيوع من رد معيبًا دفع عن ثمنه الدنانير دراهم أو عرضا، رجع في الدراهم بها، وفي العروض بالدنانير زاد في السماع إلا أن لا يشبه كونه ثمنًا فما عليه إلا قيمة العرض. ابن القاسم: يريد أخذه على وجه التجاوز والتخفيف ككونه معسرًا. ابن رُشْد: هذا كقولها في العيوب والاستحقاق والرواحل والدور والتفرقة؛ لأنه في الدراهم صرف، وفي العرض بيع؛ لأن استحقاق السلعة المبيعة بالدنانير أو وجود عيب بها يسقط الدنانير عن المبتاع فتصير كأنها فوجب إن دفع فيها دراهم أن يرجع بالدراهم؛ لأنه صرف استحقت؛ لأن استحقاق الثمن في البيع لا يوجب نقضه؛ بل الرجوع بمثل المستحق، وقول مالك إلا أن يكون العرض لا يشبه كونه ثمنًا فيرجع بقيمته يوم قبضه صحيح لا يخنلف فيه، ومعناه إن فات العرض وإن كان قائمًا رجع في عينه، وروى أشهب يرجع بعينه أو قيمته إن فات ولو قبضه على غير التجاوز، وإلى هذا الخلاف أشار في العيوب منها بقوله: (وإنما اختلف الناس في السلعة الأولى) ولو باع سلعة بسلعة أخذ بها دنانير فاستحقت السلعة الأولى لرجع بالدنانير؛ لأن المبتاع يستحق السلعة الفائتة، فيرجع بثمنها وهو الدنانير. قُلتُ: وكذا ردها بعيب وسمع أَصْبَغ ابن القاسم من أحال على ثمن عبد باعه بنصف دينار قضى عنه المبتاع دراهم ثم وجد به عيب رده رجع بصف دينار. ابن رُشْد: سمع عيسى ابن القاسم يرجع بالدراهم وفيها مع غيرها: من ابتاع سلعًا صفقة واحدة وسميا ما لكل سلعة من الثمن المسمى، فهي لكل سلعة لغو في عيب بعضها أو استحقاقه؛ بل المعتبر مناب قيمة كل منها من المسمى لجميعها،

وفرضها المتيطي في العبيد ثم قال: إلا أن يقول بثمن كذا المملوك الفلاني منهم بكذا والفلاني بكذا والفلاني بكذا اتفقا على هذه التسمية أنفذاها على أنفسهما بعد أن حققا ذلك من قيمة كل واحد رضيا به فتنفذ التسمية عليهما فيهما، وتقدم اعتبار التسمية في نكاح امرأتين في عقد، وجمع الرجلين سلعتيهما في البيع، ولو كان المعيب قبض عن سليم في الذمة، كمن اطلع على عيب بعد موته قبضه من سليم، ففي رد قيمته لأخذ سليم، ورجوعه بقدر العيب جزاء في عبد سليم، ثالثها يرجع بقدر العيب عينًا للشيخ عن «الموَّازيَّة» وسَحنون وابن الحَكم قائلًا: إن قوم سليما بمائتين ومعيبا بمائة، رجع بمائة والعتق والإيلاد كالموت. الشَّيخ: لا وجه له؛ لأن المقبوض إن كان غير صفقته لزم قول ابن القاسم، وإلا كان بعض صفقته، وهو قول سَحنون، وخرج المازري وغيره الأولين على رعي ضرر الشركة ولغوه. الشَّيخ عن الواضحة: من أخذ عبدًا من دين سلف أو بيع أو دية خطأ فوجد به عيبًا فإن أشبه كونه ثمنًا لما أخذ منه رجع بجميعه، وإن لم يشبه أخذه إلا على الهضم البين لعدم أو صلة رجع بقيمته، وفيه اختلاف وهذا أحب إليَّ وذكر عن مالك. وفيها: إن بعت عبدك من نفسه بأمة له فوجدت بها عيبًا أو استحقت، فلا رد لك وكأنه انتزاع وعتق ولو كانت حينئذ لغيره رجعت عليه بقيمتها، كما لو قاطعت مكاتبك على أمة بيده فاستحقت أو ظهر بها عيب، وسمع عيسى ابن القاسم: من اطلع على عيب مبيع كان عند بائعه وبائعه مفلس فأراد رده على الأول أو تغرمه أرش العيب لفوت المبيع لا يقبل قول المفلس أنه اشتراه بالبراءة من ذلك العيب إلا ببينة على قوله ذلك قبل التفليس أو على شرائه كذلك. ابن رُشْد: لا خلاف في رجوعه على الأول ونحوه في سماع يحيي وأَصْبَغ وقوله: لا يقبل قوله بعد التفليس صحيح على أصولهم لا خلاف فيه إلا أنه رده على الأول لم يرجع عليه إلا بالأقل من الثمنين ثمنه بيعه، وثمن بيع المفلس إن كان الأول عشرة والثاني خمسة عشر رجع على الأول بعشرة وتبع المفلس بخمسة، وإن كانا بالعكس رجع عليه بعشرة والخمسة للمفلس على الأول يأخذها منه غرماؤه، وإن فات المبيع

رجع على الأول بالأقل من أرش العيب من الثمن الأول يوم بيعه ومن أرشه من الثمن الثاني يوم بيعه، وسمع عيسى رواية ابن القاسم: من اشترى جارية بستين وباعها بثمانين، فأراد مبتاعها ردها بعيب، فقال له بائعها أولًا: أنا أقيلك فرضي رجع عليه بستين لا بثمانين. ابن القاسم: ولا يرجع على الثاني بشيء. ابن رُشْد: هذا إن علم أن ثمنها أولًا ستون ولو جهله، وقال: ظننت ثمنها ستين حلف على ذلك، فإن أعطاه البائع الثاني بقية ثمنه لزمته الإقالة وإلا فلا. قُلتُ: لهذه المسألة شبه بمسألة تعدي الوكيا على الإنكاح في زيادته في الصداق، ودخول الزوج عالمًا بتعدي الوكيل دون الزوجه وعكسه وعلمها، وجهلهما فتأمله فإن في تقريره طولًا. وفيها: وفي شركتها مع غيرها إن ظهر عيب أنه لا يحدث مثله عند المبتاع فله رده به، وإن كان مما يمكن حدوثه عند أحدهما فإن كان ظاهرًا حلف البائع على البت، وإن كان يخفى مثله حلف على العلم. زاد في سماع عيسى التصريح بمفهوم قولها فقال: إن كان مثله يحدث عند المشتري لطول مدته بيده فلا رد له. ابن رُشْد: ما يمكن قدمه وحدوثه من عيب بدني يحلف فيه البائع اتفاقًا، وفي كون حلفه على البت مطلقًا أو على العلم، ثالثها: الأول: في الظاهر، والثاني: في الخفي، لابن نافع مع يحيي عن ابن القاسم وأشهب وابن القاسم أيضًا. الباجي: سأل حبيب سَحنونا عن الحفر في الفم، والأضراس الساقطة، وعيب الفرج، وجري الجوف هل من الظاهر؟ قال: يسأل عنه أهل المعرفة. ابن رُشْد: إن نكل ففي رجوعها على المبتاع بصفتها على البائع أو على العلم مطلقًا قولا ابن القاسم في المدنيَّة مع ابن حبيب وسماع عيسى، وعز الباجي الأول ليحيي عن ابن القاسم، وقال عن ابن نافع: يحلف المبتاع في العيوب على البت ولم يفرق وبه قال ابن أبي حازم وغيره من المدنيين. فإن نكل المبتاع فقال ابن القاسم في المدينة: لزمه البيع

وهذا يقتضي أن لا حلف له بعد نكوله، ولابن نافع في المدنيَّة إن نكل المبتاع لم يرده أبدًا حتى يحلف، وهذا يقتضي أن له الحلف بعد نكوله. اللخمي عن محمد: من ابتاع سلعة ممن باعها منه بأقل من ثمنها فظهر بها عيب مشكوك فيه حلف فإن نكل حلف الآخر وأخذ بقية ثمنه يريد شك هل هو في الصفقة الأولى أو حدث عند المشتري أولا وأحب التماسك وإن أحب الرد حلفا معًا، فإن نكل بائعها أولا وحلف مشتريها أخذ بقية الثمن وإن حلف البائع ونكل المشتري ردها وأخذ الثمن الثاني، وإن شك هل كان عند المشتري أو البائع في الصفقة الأخيرة حلف المشتري أولا وحده وبرئ فإن نكل حلف الأخر أنه لا يعلم أنه حدث عنده ويرد، وإن شك هل كان عند البائع قبل البيع أوفي الصفقة الثانية أو عند المشتري حلفا معًا ويحلف البائع أنه لا يعلم أنه حدث عنده ويبرآن، فإن نكل البائع في الوجهين معًا حلف المشتري ورجع على البائع ببقية الثمن وإن حلف ونكل المشتري فللبائع أن يرد عليه ويرجع بالثمن ولا يغرم شيئًا، وإن حلف البائع أنه لا يعلمه كان في الصفقة الأولى، ونكل عن الحلف أنه لا يعلمه حدث في الأخير ولم يعلم يغرم ولا يرد ولا يمين على المشتري؛ لأنه ينكل فيرد تلك اليمين على من نكل عنها، وسمع عيسى ابن القاسم: من ابتاع عبدًا ظهر به عيب قديم، وآخر يمكن حدوثه وقدمه، فله الرد بالقديم ولا شيء عليه في الأخير إلا حلفه: ما علمت أنه حدث عندي. ابن رُشْد: لأنه وجب له الرد بالقديم وأخذ جميع الثمن، والبائع يريد نقصه من الثمن بقوله: (... عندك) فهو مدع. قُلتُ: سبقه بهذا التوجيه الباجي. الصقلي: قال بعض أصحابنا: لا يقبل قول المبتاع في المشكوك فيه؛ لأنه إذا طلب رده بالقديم طلبه البائع بأرش المشكوك فيه فيحلف ويرده، وهو بين في سماع عيسى. ابن رُشْد: فإن نكل المبتاع حلف البائع أنه ما يعلم العيب عنده أو ما كان عنده إن كان ظاهرًا وثبت حكم حدوثه عند المبتاع، فإن نكل البائع لزمه العيبان حسبما في سماع عيسى. اللخمي: لو قال المشتري في الممكن حدوثه هو حديث وأنا أتمسك وأرجع بقيمة

العيب القديم، وقال البائع: هو قديم فأمسك ولا شيء أورد ولاشيء عليك، فالقول قول البائع على قول ابن القاسم وعلى قول ابن وَهْب، وعيسى القول قول المشتري مع يمينه فيرجع بالقديم. التونسي: لوثبت معهما عيب حادث فإن رد كان القول قوله في المشكوك فيه مع يمينه وغرم ما يخص الحادث عنده، وإن أمسك ورجع بقيمة العيب القديم فالقول قول البائع في المشكوك فيه مع يمينه. ابن محرز والمازري: إيجاب حلف البائع مع الشك في حدوث العيب وعدم تحقيق الدعوى عليه لشبهة شك أهل المعرفة في قدم العيب مع تحقيق وجوده بخلاف من شك في ثبوت حق له على غيره لا يمين له عليه اتفاقًا، والصواب فيمن شك في قضائه دينا عليه أن لا يمين له على رب الدين. المازري: في تحليفه اختلاف في المذهب من نفاه رأي الشك لا شبهة له، ومن أثبته رأى أن الشك في القضاء يصير الدين مشكوكًا في ثبوته قلت: قوله: يصير الدين مشكوكًا في ثبوته، واضح ضعفه. ابن الحاجب: إن تنازعا في العيب الخفي أو قدمه فالقول قول البائع. ابن عبد السلام: لا مفهوم لقوله: (الخفي)؛ لأن العيب الظاهر لا رجوع به، وهو قول ابن حبيب، وغير واحد من الموثقين. قُلتُ: عزاه لابن حبيب، الصقلي وصوبه، وعزا لمالك خلافه في مسألة الزلاء في المدَوَّونة، وفيما ذكره عن غير واحد من الموثقين نظر، لأن المتيطي وغيره منهم وابن سهل، وغيره من الأندلسيين أوجبوا اليمين على البت، في العيب الظاهر، ومثله لابن عات في غير موضع من الطرر منها قوله: من امتنع من دفع ثمن ما ابتاعه لدعوى عيب به إن كان ظاهرًا لا طول في القيام به لم يلزمه دفعه حتى يحاكمه، وقاله ابن رُشْد إن كان شيئًا ينقضي من ساعته، والحق أنه لا خلاف في الرد بالعيب الظاهر وكلام المتقدمين والمتأخرين يدل على أن العيب الظاهر مشترك أو مشكك يطلق على الظاهر الذي لا يخفى غالبًا على كل من اختبر المبيع تقليبًا ككون العبد مقعدًا أو مطموس العينين، وعلى مايخفى عند التقليب على من لم يتأمل، ولا يخفى غالبًا على من تأمل ككونه أعمى وهو

قائم العينين فالأول لا قيام به، والثاني يقام به اتفاقًا فيهما، ومما يدل على ذلك قول اللخمي: قال مالك: يرد بالعيب الظاهر لا يخفى. محمد: ولو طالت إقامته. ابن القاسم: لا يمين له أن يكون من الظاهر الذي لا يشك أنه لا يخفى كقطع اليد والرجل والعور. اللخمي: إن كان مطموس العينين لم يرد به إلا بفور الشراء، ولو قيل لا يصدق أنه لم يره كان وجهًا، وكذا أقطع إن قلب يديه، وإن قال: كتمني العبد هذه اليد حلف على ذلك فيما قرب، وقطع الرجل أبين أن لا يمكن من الرد إلا أن يكون بفوز تصرفه عند العقد والشراء وهو جالس، وروى محمد: إن ابتاع نحاس غلامًا فأقام عنده ثلاثة أشهر حتى صرع ونقص حاله فوجد به عيبًا فلا رد له؛ لأنه يشتري فإن وجد ربحًا باع، وإلا خاصم. ابن القاسم: أحب إلىَّ إن كان عيبًا يخفى حلف ما رآه ورده، وللصقلي في ترجمة الرد بالعيب والتداعي فيه ما نصه: قال ابن حبيب: وهذا فيما يخفى، وأما في الظاهر الرد بالعيب والتداعي فيه ما نصه: قال ابن حبيب: وهذا فيما يخفى، وأما في الظاهر فاليمن على البت فما نقله أولًا عن ابن حبيب هو في القسم الأول، وما نقله عنه ثانيًا هو في الثاني، فلو تأمل نقله ما حمل قوله: (أولًا) على الخلاف ثم وقفت على نقل ابن الحاج في نوازله عن أبي زَمَنْين ما نصه: من اشترى شيئًا وأشهد على نفسه أنه قلب ورضي ثم وجد عيبًا مثله يخفى عند التقليب حلف ما رآه، ورده إن أحب، وإن كان ظاهرًا مثله لا يخفى عند التقليب لزمه، ولا رد له، وإن لم يشهد أنه قلبه رد من الأمرين معًا قاله عبد الملك وأصبغ. [باب فيما يثبت ... العيب عند المبيع في سماع عيسى أهل البصر. الباجي: ما يطلع عليه الرجال قال محمد: لا يثبت إلا بعدلين من أهل العلم بعيوب تلك السلعة فيما يستوي الناس في معرفته، فإن اختصت معرفته بأهل العلم

كالأمراض المختصة بمعرفتها الأطباء لم يقبل إلا أهل المعرفة بها إن كانوا عدولًا فهو أتم وإن لم يوجد فيهم عدول قبل غيرهم، وإن لم يكونوا مسلمين؛ لأنه خبر عما ينفردون بعلمه ... . قُلتُ: ظاهر قوله: فهو أتم صحة الاجتزاء بغير العدل مع وجوده، ولفظ المازري إن لم يوجد من يعرف هذا إلا من ليس بعدل من أهل الإسلام أو غيرهم اكتفى بهم للضرورة كقبول شهادة الصبيان في الجراح للضرورة ونحوه قول ابن رُشْد: القياس قبول قول القائف وإن كان غير عدل كقبول قول النصراني الطبيب فيما يحتاج لمعرفته كالعيوب، ولفظ المتيطي: يقبل في الشهادات بالعيوب أهل المعرفة بها عدولًا كانوا أول غير عدول، ويقبل في ذلك أهل الكتاب إذا لم يوجد سواهم يقتضي قبول غير العدول لا بشرط عدم العدول لإطلاقه أولا وتقييده في أهل الكتاب. قُلتُ: والواجب في قبول غير العدل عند الحاجة إليه سلامته من جرحة الكذب، وإلا لم يقبل اتفاقًا ولذا علله الباجي بأنه خبر ولا خلاف في لغو خبر المجروح بالكذب، قال: وإن كان مما لا يطلع عليه الرجال كعيب جسد المرأة فظاهر قول مالك أن ما تحت الثوب من عيب تقبل فيه شهادة امرأتين. وقال سَحنون: إن كان في الحسد بقر عنه ينظر إليه الرجال وما بالفرج يشهد فيه النساء، وعندي إن أمكن ستر ما حواليه وإظهار موضع العيب فقط لم يبقر الثوب فإن كان العيب الذي يشهد به النساء مما يستوي فيه النساء قبل فيه امرأتان من عدولهن دون يمين وإن كان من العيوب التي ينفرد بمعرفتها الرجال شهدت امرأتان بصفته وسأل أهل العلم عن حكمها، وسمع القرينان: من قبض جارية ابتاعها على أنها عذراء فقال: وجدتها ثيبًا وأكذبه بائعها، وقال: لعلك افترعتها أو غيرك؟ نظرها النساء إن قلن نرى

أثرًا قريبًا من افتراعها حلف البائع، ولزمن المبتاع. ابن رُشْد: جعل شهادة النساء موجبة لقبول قول من شهدن له مع يمينه كالشاهد الواحد واليد والرَّهن وإرخاء الستر ومعرفة العفاص والوكاء وشبهه. قلت في قوله: (ومعرفة العفاص والوكاء) نظر؛ لأن المعروف أنه لا يحلف معه إذ ليس فيه منازع قال: ولو كان ما رأه النساء منها أمرًا فيما لا يشككن في قدمه أو حدوثه إذ ذلك مما تعرف حقيقة بالنظر لكانت شهادتهن بذلك عاملة دون يمين على ما سمعه عسي، وكان من أدركناه من الشُيُوخ ومن لم ندرك من المتقدمين يحملون هذا السماع على الخلاف لرواية عيسى، وعلى ذلك اختلفوا في الحائط، بين داري رجلين يدعيه كل منهما ملكًا له وتشهد البينة بأنه لأحدهما من حقوق داره بدليل عقود البناء وشبهه هل يقضى له بذلك مع يمينه أو دون يمين، وهذه عندي مسألة أخرى لا ينبغي أن يختلف في إيجاب اليمين فيها، إذ لا يمكن البينة أن تشهد بالملك من جهة دليل البناء إذ قد تكون لمن لا دليل له فيه بشرط في مقاسمة الدار أو بيع أو هبة أو شبه ذلك، وباليمين أفتى أبو عمر الأشبيلي وهو نص ابن الماجِشُون ولو كان المتداعيان في الحائط لا يدعيه كل واحد ملكًا لنفسه إنما يقول أنه من حقوق داره، يقضي له دون يمين. قُلتُ: كونه من حقوق داره ملزوم؛ لأنه ملك لما تقرر أن المملوك للآدمي إنما هو منافع الذات ما دمت موجودة لا الذات. ابن عات: أخبرت عن بعض الشُيُوخ من ادعى في أمة ابتاعها استرخاءءها عند الجماع أي تغوط وأنكره البائع إنها تطعم أيامًا متوالية لما يعتبر به ذلك كالبقل، ونحوه ثم يجامعها فإذا فرغ نظر النساء ثيابها فإن رأين أثر ذلك ردت. قُلتُ: في قوله: (نظر النساء) نظر، والصواب الرجال، وتقدم نحوه في عيوب الزوجة. الباجي عن ابن الماجِشُون إن كان العبد المعيب حيًا حاضرًا أجرأ فيه قول واحد من أهل المعرفة وإلا لم يثبت إلا بعدلين. قال بعضهم: هذا إن كان القاضي أرسله ليقف عليه، وإن كان المبتاع وقفه عليه لنفسه، فلا يثبت إلا بعدلين اتفاقًا من أصحاب مالك، وفي أحكام ابن زياد: قام عندي مدعي عيب أمة فبعثت امرأة وثقت بها لتنظرها

فشهدت بأن بها عيبًا قديمًا يرد بمثله فأجاب. ابن لبابة: بالحكم لمبتاعها بالرد، فتعقبه ابن سهل: بأن شهادة المرأة الواحدة في العيب لا يحكم بها. قُلتُ: لعله جعله خبرًا لا شهادة؛ لأنه ببعث القاضي، وخبر المرأة كالرجل، ثم رأيت لابن عات عن أبي زيد وابن حبيب عن ابن الماجِشُون، إن كان المعيب قائمًا والعيب من أمور النساء سأل القاضي عنه أهل البصر وأخذ فيه بقول المرأة الواحدة، وقال المتيطي: معه عن بعضهم على قول مالك في الأمة الموقوفة للاستبراء يكفي فيها قول امرأة واحدة يثبت العيب بامرأة ويرد بأن في العيب منازعًا، والاستبراء لا منازع فيه، وعاب ابن سهل: قضاء القضاة بشهادة البينة بالعيب وإنه يحط من الثمن ويوجب الرد، وخطأ ابن لبابة في قبوله ذلك، وفتواه بعض القضاة على ذلك، وقال: الخطأ على ابن لبابة أقبح منه على القاضي إذ كان عليه أن يرشده، وقد أنكره ابن عتاب في شهادة شهود، وصلوا به شهاداتهم في عيب حوانيت وأنكرته أنا على شهود في حائط وقمطه أنه لفلان منهما، وقلت: ليس ذلك إليهم ولا يسمع منهم إنما يؤدون الشهادة بما عاينوا من حال البناء ووضعه ثم يفتي الفقيه على ذلك؛ لكني رأيت هذا المعنى كثر عند الحكام، ولا ينكرونه، وبلغني عن بعضهم أنه قال: لم تزال الشهادة تؤدى على هذا، والشُيُوخ متوافرون لا ينكرونه، ورأيت جواب جاهل بحال الفتيا أفتى في قناة ظهرت بدار مبيعة بقرب بئرها. قال: يقال للشهود هل يجب بذلك الرد قالوا ردت فليت شعري ما الذي استفتى هو فيه؟ وإذا ثبتت الجهالة في الناس ظنت حقًا وحسبت سنة قُلتُ: لعل ذلك عندهم في الشهود الذين يعلم أنهم يعلمون ما يفرقون به بين ما يجب به الرد وما لا. المتيطي: قولنا في شهادة الطبيب إن العيب الذي شهد به ينقص الثمن، حسن، وقال بعض المفتين: إنما يجب أن يبين صفة الداء فقط، ويشهد بنقص الثمن عدلان سواه، بعد أن تصف البينة لهما الداء؛ لأن الضرورة ارتفعت في هذه الزيادة، قال بعض الموثقين: الأول أحسن؛ لأن من لا يدري الداء كيف يدري نقص الثمن. الباجي: إن شهد بقدم العيب شاهد واحد. قال محمد: يحلف معه المبتاع على

البت، وإن كان خفيًا، فإن نكل ففي حلف البائع على البت، أو العلم قولا محمد وأصبغ. اللخمي: ليس هذا ببين، وأرى أن كانت الشهادة على قدمه وعلم البائع به، وقال المشتري: نعلم صحة الشهادة؛ لأن البائع اعترف عندي بذلك فحلف المشتري على البت وردها عند النكول كذلك، وإن قال الشاهد: علمته قبل البيع، ولا أدري هل رآه البائع، وقال المشتري: لا علم لي إلا بقول الشاهد لم يحلف مع شهادته على الصحيح من المذهب؛ لأنه يكلف اليمين على بت الشهادة ولا علم عنده من صدق الشاهد واليمين هنا في جنبة البائع على العلم، وكأنه لم يشهد بها شاهد، وإن قال الشاهد: علم بذلك البائع ولا علم عند المشتري من صدقه كانت اليمين في جنبة البائع فيحلف على البت في تكذيب الشاهد وعلى العلم في قدم العيب فإن نكل عن العيب وحلف على تكذيب الشاهد رجعت اليمين على المشتري على العلم بمنزلتها لو لم يشهد بذلك شاهد، وإن نكل عن تكذيب الشاهد رد البيع ولم ترد اليمين، وإن قطع المشتري بصدق الشاهد ولم يقطع بمعرفة البائع حلف المشتري على البت، فإن نكل حلف البائع على العلم، ولو اختلف أهل البصر في العيب، فقال بعضهم: يوجب الرد، وقال بعضهم: لا يوجبه فللمتيطي عن الموَّازيَّة وابن مزين وغيرهما يسقطان؛ لأنه تكاذيب قال بعض الموثقين، إن تكافأتا في العدالة وإلا حكم بالأعدل. قُلتُ: الجاري على قول الغير فيها في اختلاف المكاتب وسيدة في قول المكاتب نجمت على في عشرة أنجم، وقال السيد: في خمسة، أن تقدم بينة السيد؛ لأنها زادت. وفي من مات وترك ولدين مسلمًا ونصرانيًا كلاهما يدعي أن الأب مات على دينه وأقاما على ذلك بينه من المسلمين وتكافأتا في العدالة، أن المال للمسلم أن تقدم بينة الرد؛ لأنها زادت لقولها الأصل السلامة ثم وجدت لابن سهل أن ابن القطان أفتى بذلك، وقال هو معنى المدَوَّنة والعتبية. ابن سهل: الذي أشار إليه في المدَوَّنة هو قولها في اختلاف المقومين في السرقة، وقوله: في سماع عيسى: إن اجتمع رجلان على القيمة لم يلتفت لمن خالفهما، وفي نوازل سَحنون من شهد عليه بقتل عمدًا فأتى بينة أنه كان ببلد نائية عن موضع القتيل إذا

حق الحق لم يبطل إلا بجرح الشهود، وتمامها في الشهادات، ثم قال عن محمد: من أحضر حقًا لقضائه ربه فقال شاهدان: هو رديء، وقال آخران: هو جيد لم يقض بقبوله، ولو قبضه، فلما قلبه وجده رديئًا بزعمه، وشهد له به شاهدان وشهد آخران أنه جيد لم يقض له رده. اللخمي: وكذا من باع ثوبًا لجنس فأراه مشتريه لأهل البصر، فاختلفوا فيه، إن تكافئوا في العدالة لزم المشتري، فأما إن لم يشتره على التصديق وإنما اشتراه بشرط إن كان من ذلك الجنس فلا يلزمه إذا اختلفا، ويلزمه ذلك إن ذلك إن اشتراه على التصديق؛ لأن اختلاف أهل المعرفة فيه عيب. قُلتُ: عيب حادث لا قديم والأظهر إن كان الجنس المشترط هو غالب موضع التبايع فلا رد له، كقولها في اختلافهما في حدوث العيب وقدمه وإلا فله الرد. ابن سهل: شهادة شاهد بعيب قديم وشهادة آخر قديم لغو، لعدم اجتماعهما على عيب واحد، وأشار ابن عتاب لتخريجها على قولي سَحنون في إعمال شهادة شاهد بجرحة رجل بشيء معين وآخر بآخر، ويرد بملزوميته الشيئين في الجرحة لوصف زائد عليهما هو الفسق، فاجتمعا على شيء واحد والعيبان لا شركة بينهما في أمر زائد عليهما. وفيها: من ابتاع عبدًا فأبق بقرب البيع فقال له لبائعه أخشى أن يكون أبق عندك فاحلف لي، فلا يمين عليه، وما جهل أمره فهو على السلامة حتى تقوم بينة، وسمع ابن القاسم: من اشترى عبدًا فأبق منه فزعم العبد أنه أبق عند بائعه، فعلى بائعه اليمن. ابن رُشْد: قول ابن القاسم بإيجاب اليمن على البائع ولو لم يعلم إباقه عند المشتري إلا بقوله مثل ظاهر سماعه هذا إذا لم يفرق بين ثبوت إباقه عند المشتري وعدمه خلاف ما في المدَوَّنة، وقول أشهب لا يمين عليه مثل سماعه في رسم الأقضية، ومثل ما في المدَوَّنة، وقول أشهب لا يمين عليه مثل سماعه في رسم الأقضية، ومثل ما في المدَونَّة حكى ذلك محمد عنهما، وقال: من رأيه قولًا ثالثًا، لا يمين عليه إلا أن يظهر العيب عند المشتري وما في المدَوَّنة إنما هو لأشهب لا لابن القاسم، وكذا القول في السرقة والزنا وعيوب الأخلاق، وقول بعض الشُيُوخ ليست هذه الرواية بخلاف لما في المدَوَّنة؛ لأنه إنما أوجب فيها اليمين على البائع لقول العبد أنه أبق عند بائعه فهي شبهة غلط ظاهر لا أثر لقول العبد لتهمته على إرادة رجوعه لبائعه.

باب صفة يمين البائع في العيب

اللخمي: إن سرق عبد أو أبق عند مبتاعه فادعى علم أنه فعل ذلك عند بائعه فعليه اليمين وإن لم يظهر ذلك عنده، وقال: يمكن أنه فعله عندك فلا يمين عليه اتفاقًا فيهما وإن قال: فعل ذلك عندي وأخبرت أنه أحدث مثله عندك فأصل ابن القاسم أنه يحلف، وقال أشهب: لا يمين عليه، ولابن القاسم في الموَّازيَّة إن قال: أبق عند البائع أو سرق أو زنى أو جن أو غير ذلك مما لا يعلم إلا بقوله: حلف البائع على علمه. وقال ابن القاسم: لا يمين عليه وهو ظاهر قول ابن القاسم في المدَوَّنة، وذكر ما حكاه ابن رُشْد عن محمد وصوبه، قال: وكذا إن قال المشتري سرق عندي وهو من أهل الدين والثقة فأرى أن يحلفه. [باب صفة يمين البائع في العيب] وصفة يمين البائع: قال أبو عمر: يحلف لقد باعه وما به عيب، أو ما به ذلك العيب. قُلتُ: هذا مقتضى الأصول؛ لأن متعلق اليمين إنما هو نقيض نفس الدعوى، وقول ابن الحاجب: يمينه بعته وأقبضته وما به عيب، خلاف المذهب في قوله، وأقبضته لما علم من نصوص المذهب أن الضمان فيما ليس فيه حق توفية وهو حاضر أنه بالعقد لا بالقبض، وكذا اقتصاره على قوله: وما به عيب إنما الواجب عليه نفى العيب المخصوص فإن نفاه بصيغة العموم كفاه حسبما تقدم لأبي عمر. وفيها: من رد عبدًا بعيب فادعى بائعه أنه رضيه فلا يمين عليه إلا أن يدعي علم رضاه بمخبر أنه أخبره أنه تسوق به بعد علمه بالعيب أو رضيه أو تقول بينته له فريضه. اللخمي: لأشهب في المَّوازيَّة لا يمين له عليه، وإن ادعى أن مخبرًا أخبره وهو أصوب لإمكان كذبه ليحلفه وعليه أن يحضر من أخبره، فإن كان عدلًا فله أن يحلف معه، وإن كان حسن الحال غير عدل أحلفه به، وإن كان ساقط الحال فهو لغو وعزًا

الصقلي قولها للواضحة أيضًا، قال: وقال ابن أبي زمنين: ويحلف البائع لقد أخبره بذلك مخبر، ورواه يحيي بن عمر عن ابن القاسم، وقال بعض شُيُوخنا: ويزيد البائع في يمينه مخبر صدق، ولو عين من أخبره سقطت يمنه، ولو مسخوطًا. قُلتُ: ونقله الباجي بلفظ واشترط فيه بعض المتأخرين أن يحلف أخبرني مخبر صدق خوف الإلغاز يقيم صبيًا أو مسخوطًا يخبره بذلك. قال: وإن أظهر الذي أخبره بذلك لزم المشتري أن يحلف. وإن كان المخبر مسخوطًا، ويجب على هذا التعليل إن كان المخبر ممن لا يعبأ لم تجب اليمين. قُلتُ: ففي حلفه بقول البائع أخبرت برضاك العيب مطلقًا، ثالثها إن عين المخبر ولو كان مسخوطًا أو حلف أن مخبرًا أخبره بذلك، ورابعها هذا بزيادة مخبر صدق، وخامسها لا يحلف إلا بتعيين مخبر مستور لها مع الواضحة، ولأشهب ولابن أبي زَمَنَيْن مع ابن القاسم وبعض الشُيُوخ، واللخمي: ولما ذكر المتيطي بعض ما تقدم قال: وفي العتبيَّة قال سَحنون: أخبرني أشهب وابن نافع عن مالك: من أراد تحليف من رد عليه جارية بعيب أنه ما وطئها منذ رأى العيب، فلا يمين عليه له، قال سَحنون: جيدة. وقال ابن القاسم في سماع عيسى: إن كان متهمًا حلف وإلا فلا. قُلتُ: هذا يدل دلالة واضحة أن سماع عيسى عنده فيمن رد على حاضر، وليس الأمر كذلك إنما هو فيمن رد جارية بعيب على غائب، وتقدمت في الرد على الغائب. قُلتُ: هو جواب سَحنون واحتجاجه برواية أشهب وابن نافع فإن قلت قول ابن رُشْد احتجاج سَحنون بذلك صحيح، لأن الإمام إنما يحلف فيما لو كان حاضرًا وإن أراد أن يحلفه فيه؛ لكن له أن يحلفه فيه، يدل على مساواة تحليفه للغائب لتحليفه للحاضر، وهذا موافق لنقل المتيطي. قُلتُ: إن سلم ما قاله ابن رُشْد فإنما يوافقه قياسًا وتخريجًا لا نصًا، والمتيطي إنما ساقه مساق النص، وذكرها بن سهل على الصواب. قال في أحكام ابن زياد: إذا رد جارية بعيب مبتاعها يحلف أنه ما وطئها، قاله محمد بن وليد وأيوب بن سليمان. وقال ابن لبابة: إن كانت من الوخش، فلا يمين عليه إلا أن يكون متهمًا.

قال ابن سهل: قول ابن لبابة هو قول ابن القاسم في سماع عيسى في جارية ابتاعها، وغاب بائعها، ووصل بها في العتبيَّة سئل عنها سَحنون فذكر ما تقدم. قال ابن سهل: فأسقط مالك وسَحنون اليمين والبائع يدعو إليها فاتهامه بوطء الجارية. أما في مسألة ابن لبابة وأصحابه فلا يمين فيها على حال إذ ليس في مسألتهم أن البائع دعا إلى ذلك، وأظهر اتهام المبتاع بالوطء فلمن يحلف إذا لم يطلبه المبتاع؟ وأخل المتيطي بعدم ذكر تعقب ابن سهل. قال الباجي: وإن اتفق الشاهدان على تاريخ العيب، واختلف المتبايعان في تاريخ البيع، فعلى قول أشهب القول قول البائع انتقد أو لم ينتقد، وعلى قول ابن القاسم إت انتقد فالقول قوله، وإلا فالقول قول المبتاع، وقد قال كل منهما في هذا الأصل بالقولين. قُلتُ: وتمامها في عهدة الثلاث والمذهب ما اغتله مبتاع من حادث في مبيعه بعد عقده لا شيء عليه منه إن رده بعيب لحدث الترمذي بسنده عن مخلد بن خفاف عن عروة عن عائشة رضي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: «قضى أن الخراج بالضمان» ... . عبد الحق: مخلد بن خفاف معروف بهذا الحديث لا يعرف له غيره، وقال أبو عيسى فيه: حديث حسن. ابن القطان: ليس في هذا الكلام ما يبين حكم هذا الخبر عنده ومخلد مدني ثقة، ذكره المنتجالي عن أحمد بن خالد عن ابن وضاح وليس في هذا الحديث من ينظر فيه سواه فهو صحيح. قُلتُ: هذا يقتضي أن ليس لعبد الحق فيه من الكلام غير ما نقل من كلامه وليس كذلك؛ لأنه أتبعه بقوله ورواه الترمذي أيضًا من حديث عمر بن علي المقدمي عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم، وإنما يعرف هذا بمسلم بن خالد

الزنجي عن هشام: ومسلم بن خالد لا يحتج به وعمر بن علي كان يدلس، وبه ضعفه من ضعفه وكان ابن حنبل يثني عليه، ويذكر تدليسه، وقال الترمذي في حديث عمر بن علي هذا الذي رواه عن هشام بمثل رواية مخلد بن خفاف: حديث حسن صحيح. قُلتُ: فقد صرح بنقل صحته، وحديث مسلم بن خالد ذكره أبو داود عن مسلم بن خالد قال: حدثنا هشام بن عروة، عن أبيه عن عائشة أن رجلًا ابتاع غلامًا فأقام عنده ما شاء الله أن يقيم ثم وجد عيبًا فخاصمه إلى النبي صلى الله عليه وسلم: فرده عليه فقال له الرجل يا رسول الله قد استغل غلامى فقال رسول الله صلى الله وسلم: «الخراج بالضمان». الترمذي: تفسيره أن العبد لو هلك هلك من مال المشتري. وفيها: غلة ما رد بعيب من عبد أو دار عند مبتاعه له، والولد كأمه ولا غرم للولادة إلا أن يفقصها. الصقلي: ويجبر بالولد كقوله في الأمة. ابن رُشْد: الغلة أقسام: ما لا يتولد عن المبيع كالعبد يؤاجر والمسكن يكرى لمباعه إلى يوم رده، وعليه نفقته، وما يتولد عنه، وشأنه قبضه كلما تولد كالبن كما لا يتولد، وما شأنه أن لا يقبض إلا في أوقات معهودة من صوف نبات كالنحل، فإن لم يكن بها ثمر يوم البيع ولا يوم الرد فلا شيء في سقيها، وقيل: يرجع به على مذهب ابن القاسم وهو جار على كون الرد نقض بيع أو ابتداء بيع بقاء الثمرة للمبتاع وقاله أَصْبَغ في البيع الفاسد، والرد على أنه نقض مثله، وفي جده ما تقدم وفي جده قبل إباره، ولو كان أبر وطاب فهو للمبتاع هذا قول ابن القاسم، فيها لا أعرف له خلافه وعلى قوله في الموَّازيَّة في الاستحقاق أن يرده ما لم ييأس ويرجع بالسقي والعلاج وعلى ما لأبي زيد عنه في الاستحقاق أن يرده ويرجع ما لم تجد كقول أشهب فيها أنه إذا اشترى الثمرة وقد أبرت، ولا فرق على مذهبه في هذا بين شراء النخل ولا ثمرة فيها أو فيها ثمرة أبرت أم لا؛ لأنه رآها ما لم تطب تبعًا للأصول لا حصة لها من الثمن وإن لم

تجب له بعد الإبار إلا باشتراطه إذ لا يصح بيعها مفردة عن الأصل وقاله ابن الماجِشُون في البيع الفاسد: أنه يرد الثمرة ما لم تجد، ولا فرق في الرد بالعيب وبفساد البيع، وبالاستحقاق، ففي صيرورة الثمرة غلة في الثلاثة بلإبار أو الطيب أو اليبس، رابعها: لا إلا بالجذاذ وإن كان بها ثمر يوم البيع وردها ولم تؤبر ففي رجوعه بها نقل فضل عن ابن القاسم مع أشهب، ودليل قول القاسم فيها: فإن جده كان كعيب حدث عنده، ولو أبرت قبل الرد أو طابت، فكما تقدم إذا اشتراها ولا ثمر فيها، فأبرت قبل الرد أو طابت اتفاقًا واختلافًا وإن كان بها يوم البيع ثمر أبر وقام بالعيب قبل طيبه رد معها اتفاقًا، ويرجع بها عند ابن القاسم وأشهب فإن جده كا كعيب حدث عنده فإن قام به بعد طيبه ففي رده معها، ولو جد ومكيلته إن فات، وقيمته إن جهلت، ويرجع بها، وكونه غلة، ثالثها مضيه بمنابه من الثمن إن يبس لابن القاسم وأشهب، وتخريج سَحنون على قول ابن القاسم في الشفعة لعده ذلك تناقضًا منه، وعلى كونها غلة أو مضيها بالثمن في حد ذلك بالطيب أو اليبس، ثالثها بالجد ولو ذهب الثمر في هذا الوجه بجائحة رد المعيب، ورجع بجميع الثمن اتفاقًا ولو كان بها يوم البيع ثمر طاب، رده معها ومثله إن فات، فإن جهلت مكيلته ففي مضيه بمنابه من الثمن، ورد قيمته بدله قولان وحكم الرد لفساد البع كالرد بالعيب إلا أن رده للفساد لازم، فهو نقض بيع اتفاقًا، وجد الثمرة فيه قبل الإبار أو بعده فوت يوجب تصحيحه بالقيمة، ورجع اللخمي: كون الثمرة بالطيب غلة وجعله المازري المشهور، قال: وكذا في البيع الفاسد، وفي الاستحقاق والشفعة، ترد ما لم تيبس، وفي التفليس ترد ولو يبست ما لم تجد، وقد اختلف في هذه المسائل فقيل الإبار فيها فوت، وكان أشياخي يرون أنه لا يتحقق فرق يقتضي اختلاف أجوبة هذه المسائل الخمس فيدخل في جميعها الفوت بالطيب، وباليبس وبالجداد والإبار قول وقع في المذهب من غير تخريج، وهو مقتضى كون الرد بالعيب ابتداء بيع وكذا في الشفعة، ولا يتصور هذا في الاستحقاق والبيع الفاسد، ولما ذكر اللخمي قولي ابن القاسم، وأشهب إذا اشتراها وبها ثمر أبر، قال: إن لم يزد ثمرها في ثمنها شيئًا أو زاد ما لا خطب له كان له بغير ثمن وإلا كان مبيعًا، وأرى أن يمضي بما ينوبه من الثمن يوم البيع وأصل مالك وابن القاسم في العيوب عدم

تهمتهما في البيع وإذا لم يتهما على إظهار البيع في الرقاب ليتوصلا لبيع الثمر قبل بدو صلاحه مضى بمنابه من الثمن. الباجي: لا يجوز ترك التمر بحصته من الثمن؛ لأنه لا يجوز إفراده قبل بدو صلاحه بالبيع. ولما ذكر قول ابن القاسم إذا رد الثمن رجع بالسقي والعلاج قال: وعندي أنه لا يكون له من العمل إلا ما لولا الثمرة لم يعلمه؛ لأنهم لم يذكروا في الغنم الرجوع بالرعي والسقي. وفيها: لو هلكت الثمرة المأبورة يوم البيع ثم وجد بالنخل عيبًا ردها ولا شيء عليه في الثمر: ابن محرز عن بعض المذاكرين قوله في هلاك الثمرة من غير سببه لا شيء عليع فيها يدل على أنها لا حصة لها من الثمن إذ لو كان لها حصة لكان لها ضامنًا، وقال بعضهم: هذا لا دلالة فيه وإنما لم يضمنه؛ لأنها غير مقبوضة له، ألا ترى أنه لا يجوز شراؤها مع أصلها بطعام نقدًا. ابن محرز: كل هذا غير صحيح، أما القول الأول فقد نص ابن القاسم على خلافه، وهو قوله: لو جدها كان لها ضامنًا فلو لم تكن لها حصة من الثمن ما اختلف حكمها إذا هلكت قبل جدها أو بعده، ولقوله: لو جدها بعد طيبها ثم جاء شفيع حط عنه من الثمن ما ينوبها يوم البيع، والقول الثاني متناقض لأنه يجب إذا كان الضمان على البائع أن يرجع المشتري عليه بما ينوبه من الثمن. قلت: يرد رده الأول بأنها قبل الجد تابعة فلم يكن لها حظ من الثمن وبعده مستقلة فإن هلكت ضمنها، كمال العبد يهلك قبل انتزاعه أو بعده، وإيه أشار فيها بقوله: وهي كمال العبد إن انتزعته رددته معه فإن هلك المال قبل انتزاعه لم يلزمك له نقص إن رددته بعيب، وكذلك ما يأتي على الثمرة من أمر الله قبل جدادها، وذكر المازري ما ذكره ابن محرز ولم يجب عنه، قال: وذكر بعض المتأخرين لو اشتراها بعد الزهو ضمنها وإن لم تفارق الشجر إذا هلكت بأمر من الله. قُلتُ: هو الصقلي: وفيها: لا شيء عليك فيما حلبت من لبن ولو كان في ضروعها يوم البيع ولا فيما انتفعت به من زبد أو سمن. اللخمي: إن لم تكن حين البيع مصراة؛ لأنه حينئذ مبيع على الصحيح من المذهب وإن كانت حين الرد مصراة فله أن يحلبها ثم يرد؛ لأنه قد جمع ولم يبق فيه إلا حلبه.

وفيها: ولا فيما جززت من صوف أو وبر، وإن كان يوم الصفقة تامًا رددته بردها بعيب أو مثله إن فات. اللخمي: ما حدث بعد العقد فهو غلة بجزازه ولو جزه قبل وقته، وما لم يجزه في كونه غلة بتمامه أو تعسامه أو جزه ثلاثة قياسًا على الطيب واليبس والجد في التمر، وفي رد ما كان تامًا يوم البيع قول ابن القاسم وأشهب فيها وعلى الأول يرده أو مثله إن فات، وقول اللخمي: الأول أحسن؛ لأنه يزاد في الثمن لأجله، وللمشتري غرم مثله؛ لأن خطبه قريب كالقول في الجلد المستثنى يغرم مثله أو قيمته، وإن وجد العيب بعد أن صار عليها صوف وتم ردها ولا شيء عليه للأول وهذا أبين من جبر العيب بالولد. الباجي: لم يذكروا الرجوع بالرعي والسقي وإنما يرجع بالجز عندي ولم أرفيه نصًا وبه استدل على ما تقدم له في السقي، والعلاج. قال: وما تلف قبل الجز فلا شيء عليه. وفيها: إن هلك مال العبد قبل انتزاعه فلا شيء عليه فيه في رده بعيب، وإن انتزعته رددته معه. الباجي: ما وهبه له غير المبتاع أو تصدق به عليه أو ربحه فيما بيده كما بيده يوم البيع وما وهبه له مبتاعه أو أفاده من عمله أو ربحه في مال دفعه له مبتاعه فله إمساكه. المازري: هذا بناء على أن ماله تبع له وأن لا حصة له من الثمن ولذا جاز اشتراطه ولو كان مجهولًا ولو كان فيه عبد أبق. قُلتُ: ومنه قولها في آخر شراء الغائب: من اشترى عبدًا واستثنى ماله، وماله دنانير ودراهم، وعروض ورقيق بدراهم نقدًا أو إلى أجل جاز. الصقلي عن «الموَّازيَّة» لو استثنى ماله وله جارية رهنها البائع إن افتكها فهي للعبد. محمد: عليه افتكاكها من ماله، ولو كانت حاملًا منه فهي تبع له وولدها للبائع؛ لأنه ليس بمال له ولا يفسخ البيع؛ لأنه لو استثنى ماله وفيه عبد آبق فلا بأس بذلك. محمد: وأظنها رواية أبي زيد عن ابن القاسم وأتوقف عنها، وعزا المازري: ما في الموَّازيَّة لمالك قال: وتوقف محمد في مسألة الجارية دون الآبق فلعله يفرق بينهما فإن الإباق الظاهر عدمه فلا يقصد بشيء من الثمن، والجارية معينة فلها حصة من الثمن فلا يجوز بيع أمة استثنى البائع جنينها مع انعقاده على تفرقة الولد منها.

قُلتُ: تفرقته بأن الجارية لها حصة من الثمن خلاف ما تقدم من قولها في شراء الغائب وقولها في الجنايات: إن أذن أحد الشريكين في العبد لصاحبه في أخذ حصته من ماله، وترك الآخر نصيبه بيد العبد جاز؛ لأنه هبة منه أو مقاسمة ثم إن باعها العبد بعد ذلك واشترط المبتاع ماله فالثمن بينهما نصفان؛ لأن ما له ملغى لا حصة له من الثمن، وتفرقته بأن في الجارية تفرقة بين الأم وولدها صواب به يجاب عن معارضة محمد: في توقفة مع أجازة ابن القاسم في أمهات الأولاد: شراء الولد زوجته الحامل منه من أبيه؛ لأن استثناء الولد فيها للحرية والتفرقة بالحرية جائزة حسبما في التجارة بأرض الحرب منها ولم يذكر المازري في كون مال العبد لا حصة له من الثمن خلافًا لما ذكره اللخمي، قال: ولابن القاسم في كتاب الجوائح أنه يزاد في الثمن لأجله. قُلتُ: إن قيل أين ذكر ذلك في الجوائح؟ بل نص في الجوائح منها على أنه: لا حصة له من الثمن وهو لفظ أبي سعيد كمكتري الدار وفيها: نخل لم يطب وهو تبع للكراء فاشتراطها فذلك جائز ولا جائحة في ثمرها إذ لا حصة لذلك من الثمن في الكراء، وكمن ابتاع عبدًا فاستثنى ماله ثم هلك ماله ثم رده بعيب أو استحق فإنه يرجع بجميع الثمن ولا يحط لمال العبد من الثمن شيء إذ لا حصة له منه. قُلتُ: هذا السؤال عارض لمن قصر نظره على المختصرات دون أصولها؛ لأن أبا سعيد أجل بذكر ما أخذ منه. اللخمي: مدعاه؛ لأن لفظها في المدَوَّنة ما نصه، ومما يبين ذلك أن الرجل يشتري العبد ويشتثنى ماله فيصاب مال العبد ثم يجد به عيبًا أو يستحق فيرجع المشتري بالثمن كله فلا يوضع عن البائع شيء لمال العبد الذي تلف وهو لم ستثنه كان للبائع، وفيه زيادة في الثمن فلا يوضع عنه شيء قال اللخمي: وكذلك في الموَّازية، وقال في العبد الرَّهن يجني فيسلمه سيده فيفتديه المرتهن دون إذن سيده إنه يباع بماله ويفض الثمن فما ناب المال دخل معه فيه الغرماء وهو أحسن؛ لأن ذلك معلوم أن ثمنه بماله أكثر من ثمنه دونه وأرى أنه مبيع معه كسلعة أخرى فيتقى فيه الربا والجهالة فيمنع شراؤه بالعين إذا كان ماله عينًا لوجهين: أحدهما مراعاة الخلاف للقول: إن العبد لا يملك، الثاني مراعاة لأحد قولي ابن القاسم في العبد المأذون له يشتري ابنة مولاه أنها تعتق على

السيد ولا يطؤها العبد وكل هذا إذا اشتراه بماله، وإن قال: اشتريه وماله لم يجز إلا كأنه سلعة بيعت منه قولًا واحدًا. الصقلي: لأصْبَغ عن ابن القاسم من قال: أبيعك عبدي هذا وله مائة دينار أو فيكها لم يجز، يريد والثمن عين، قال بعض أصحابنا: لأن قوله أوفيكها كالانتزاع ولو لم يذكر ذلك لجاز، وعن بعض القرويين لو قال: أبيعك عبدي هذا وله مائة دينار لم يجز، وقال بعض أصحابنا عن بعض شُيُوخنا: إنه جائز بناء على أن ذكرها موجب لها من الثمن قدرًا في دخول ما رد بعيب في ضمان بائعه بقول مبتاعه رددته أو بالحكم به، ثالثها يقبضه بائعه. للخمي عن ابن القُصَّار، مقيدًا له بكون عيب رد لا شك فيه، وعنا مع إحدى روايتي الموَّازيَّة وأخراهما المقدمات في دخوله في ضمان البائع بإشهاد مبتاعه أنه غير راض به ولم يطل أمره بحيث يرى أنه رضيه أو بإثباته عند السلطان، ثالثها بالقضاء به أو رضا بائعه بقبضه لأَصْبَغ وغيره، وسمع ابن القاسم من وجد بعبد ابتاعه عيبًا فلقى صاحبه فأشهد عليه أنه غير راض به وأنه برئ منه، فأقبل ليأخذ عبده فوجده هلك بعد قول المشتري أو امتنع البائع من قبضه، فذهب المشتري ليستعدي عليه فهلك العبد، فالعبد من مشتريه حتى يرده لبائعه بقضاء السلطان أو قبض البائع عبده. ابن القاسم قال لي مالك: إذا قضى به السلطان فهو من البائع وإن لم يقبضه. مبين قوله: قبل ذلك حتى يرده إلى البائع بقضاء السلطان. وفيما يدخل به المردود بالعيب في ضمان البائع أربعة: أحدها: بإشهاد المبتاع على العيب وأنه غير راض به وهو قول أصبغ. الثاني: برضا البائع بقبضه أو بثبوت العيب عند السلطان، وإن لم يحكم برده وهو الآتي على قول مالك في الموطأ وقول ابن القاسم في شهادات المدَوَّنة. الثالث: إن رضي بقبضه، فحتى يمضي من المدة ما يمكنه فيه قبضه، وإن ثبت العيب عند السلطان فحتى يقضي فيه برده، ويمضي ما يمكنه فيه قبضه، وهو معنى ما في هذه الرواية، ولا خلاف في هذا؛ لأن حكم الحاكم لا يفتقر لحيازة وإنما يختلف إذا رضي البائع بأخذ مبيعه دون حكم هل يدخل في ضانه بنفس رضاه أو حتى يقبضه أو

يمضي ما يمكنه فيه قبضه أو حتى يقبضه، وإن مضى من المدة ما فيه قبضه فقيل يدخل في ضمانه بنفس الرضا دون القبض، وقيل أو يمضي من المدة ما فيه قبضه، وقيل حتى يقبضه، وإن مضى ما فيه قبضه، وهو ظاهر قوله في هذه الرواية أو بأمر يعرفه صاحب العبد فيقبض عبده، وهذا هو القول الرابع على القول إن الرد بالعيب ابتداء بيع، وإن على البائع في المبيع حق توفية، وجه الأول أن المبتاع لما كان بالخيار بين الرد والإمساك شاء البائع أو أبى لم يكن لاعتبار رضاه معنى ووجب بإشهاد المبتاع أنه رد نقض البيع، وكون المصيبة من البائع والثاني على أن الرد نقض بيع فإذا وجب بثبوت العيب أو بإقرار البائع به وجب كون الضمان منه. والثالث على القول إن الرد ابتداء بيع، وإن البائع ليس عليه حق توفية، فإذا مضى ما يمكنه فيه قبضه فالمصيبة منه وإن لم يقبضه، والرابع على أن الرد ابتداء بيع وإن على البائع فيما باعه حق توفية فالمصيبة منه ما لم يقبض المبتاع، وإن مضى ما يمكنه فيه القبض، وهذا الاختلاف جار على اختلافهم في المكيال يسقط في يد المشتري بعد امتلائه، وقبل تفريغه في إنائه، فسمع يحيي ابن القاسم ضمانه من البائع وعليه يأتي قوله في هذه الرواية فيقبض عبده، ولسَحنون في نوازله: ضمانه من المشتري فعليه يدخل المردود بالعيب في ضمان البائع بنفس رضاه بقبضه، وقد قيل على البائع في العروض حق توفية وهي في ضمانه، وإن طال الأمر، وكان قبض الثمن ما لم يقبضها لمبتاع أو يدعوه البائع لقبضها فيأبى قاله أشهب في ديوانه، وعليه يأتي القول الرابع حسبما بيناه. وقال ابن دحون: قوله في هذه الرواية: ويقبض العبد قول غريب يوجب أن من اشترى شيئًا بعينه فمات قبل قبض المشتري إنه من بائعه، ولا خلاف في ذلك إلا في هذه القولة النادرة وليس قوله بصحيح إذا قد بينا الاختلاف فيه، وإنه قول من رأى أن على البائع حق توفية في العروض. قال ابن دحون: وإنما الخلاف إذا احتبسه البائع بالثمن. قال ابن القاسم: حكمه كالرهن، وقال غيره: هو من البائع. ابن رُشْد: القولان لمالك في كتاب العيوب من المدَوَّنة فلو كان البائع لما رضي بقبض عبده أبي المبتاع دفعه حتى يرد الثمن فهلك فيما بين ذلك لجرى الأمر فيه على

هذا الاختلاف. وفيها: إن رددت السلعة بعيب رد السمسار الجعل على البائع فأخذ منها كونه عند عدم الشرط، والعرف على البائع، وخرجه غير واحد على أن الرد بالعيب نقض بيع، وعلى أنه ابتداء بيع لا يرده، وتخريج ابن الحاجب عدم رده على أنه نقض له الآن غير بين الصقلي عن ابن اللباد معنى قولها إن لم يدلس فإن دلس لم يرد الجعل. القابسي: وهذا إذا لم يعلم السمسار بالعيب، وإن علمه فإن رد البيع فلا جعل له وإلا فله أجر مثله. الصقلي: أرى له ما سمى له كما كان للبائع المدلس الثمن لا القيمة إلا أن يتعامل البائع والسمسار على التدليس فيكون له أجر مثله؛ لأن البائع قال له: دلس فإن تم البيع فلك كذا، وإن رد فلا شيء لك فهو غرر. قُلتُ: يرد بأن هذا شأن الجعل أنه لا يثبت إلا بتمام العمل إلا أن يقال هذا الغرر عارض عن شيء تسبب فيه، بخلاف الغرر الناشئ عن نفس تمام العمل، وبعد رده، ولسَحنون إنما يرد جعل السمسار برد المعيب إذا رد بقضية، وأما بتبرع فلا؛ لأنه كإقالة، قال: ولو استحق المبيع فرجع المشتري بالثمن رجع بالجعل، ولو فات بيد المشتري فؤجع بقيمة العيب بقضية رجع بنسبة ذلك الجزء من الجعل، وقال بعض أصحابنا: لو حدث عند المشتري عيب واطلع على عيب قديم فإن أمسك ورجع بقيمة العيب، فكما تقدم، وإن رد المعيب وما نقصه العيب الحادث رد السمسار الجعل إلا قدر ما نقصه العيب. وفيها: من باع لرجل سلعة بأمره من رجل إن أعلمه في العقد أنها لفلان فالعهدة على ربها إن ردت بعيب، فعليه ترد وعليه اليمين لا على الوكيل، وإن لم يعلمه حلف الوكيل، وإلا ردت عليه. الصقلي عن الشَّيخ هذا إن بيعت بالبراءة أو كان عيبًا مشكوكًا في قدمه، فإن حلف فللمشتري تحليف الآمر ما علم بالعيب، وقاله محمد وروى يحلف الوكيل ولو بين أنه لغيره، وصوب عدم حلفه بأنه ليس له أن يقر ولو أقر إنه كان يعلم بالعيب لينقض البيع ما قبل قوله، وناقضه التونسي بقولها في الوكيل على دفع دراهم سلمًا أتى البائع

قال: هي زائفة إن عرفها الوكيل لزمت الآمر فما الفرق وقد انقضت وكالته كما انقضت هنا بعقد البيع. الصقلي: يحتمل أنه اختلاف قول. قُلتُ: يفرق بانقطاع ما وكل عليه في مسألة العهدة فصار كأجنبي وعدمه في مسألة الوكالات، فإن قلت: بل هو منقطع في مسألة الوكالات؛ لأنه إنما وكل على دفع الدراهم حسبما نص عليه التونسي في نقله لها، وكذا في لفظ الصقلي قال ما نصه: قال بعض فقهائنا القرويين: قال في المدَوَّنة: قال في الوكيل: على دفع دراهم سلمًا في طعام. قُلتُ: أرأيت إن وكلت رجلًا يسلم لي في طعام إلى أجل، ودفعت إليه الدراهم وذكر المسألة، وظاهر قول المازري كالصقلي أنها اختلاف قول وذكر في كتاب الوكالات عن بعض المتأخرين إنه إنما صدقه في مسألة الوكالات؛ لأن الطعام المسلم فيه لم يقبض فبقى بعض أفعال الوكيل لم ينقض فصدق، ولو قبض الطعام انقطعت وكالته ولا يصدق. قُلتُ: وهذا مثل ما فرقت به قبل أن أراه، قال المازري: ومن المتأخرين من أنكر هذا وقال: ظاهرها تصديق الوكيل، ولو قبض الطعام. محمد: وإن لم يبين أنه لغيره ثم ثبت ذلك ببينة فللمشتري رد البيع إلا أن يرضى الوكيل العهدة عليه، ولا يلزمه ذلك. المازري: إنما لم تلزمه العهدة إن أبى مع أن سكةته عن ذكر ذلك في العقد يوجبها عليه إن لم تقم بينة بأنه وكيل؛ لأن دلالة البينة وكيل أقوى من دلالة السكوت أنها عليه. التونسي: جعل للمبتاع حجة في العهدة، وقال: إن أجاز المغصوب منه بيع الغاصب ما غصبه لم يكن للمبتاع حجة بانتقال عهدته على المستحق؛ لأن ذمة المستحق خير من ذمة الغاصب وتعقبه ابن عبد السلام بأن البائع لو كان غير غاصب لما كان للمشتري أيضًا حجة في انتقال العهدة، قال: وكان يمشي في مجالس المذاكرات إن احتمال الاستحقاق قائم في كل البياعات عسر الاحتراز منه بعيب انتقال العهدة فيه

كالعيب الذي يستوي فيه المتبايعان في الجهل به فلم يكن فيه مقال، واحتمال الوكالة ضعيف؛ لأن غالب متولي البيع مالك المبيع فعيب العهدة فيه، كالعيب الذي يمكن الإطلاع عليه وهذا ضعيف أقل ما فيه عدم تناوله مسألة الغاصب. قُلتُ: وكان يجري لي الفرق بأن انتقال العهدة عن الوكيل أشق على المبتاع من انتقالها عن غيره من غاصب وغيره، وهذا؛ لأن كل ما يظهر من عيب قبل عقد البيع ولو بساعة لا مطالبة للمشتري به على الوكيل بحال، ولو تعذر عليه الموكل، وفي غيره له المطالبة به على بائعه منه كان غاصبًا أو غيره إن تعذر عليه المستحق بفرقة المذكور قوله، ولذا أجاز لمن أخذ من رجل دراهم سلمًا في طعام لفلان وشرط عليه الدافع إن أقر له فلان وإلا فالسلم عليك، ولم يجعل ذلك غررًا في البيع فلعله يريد لتساوي الذمتين وأنكره سَحنون. قُلتُ: انظر قوله لتساوي الذمتين هل هو تقييد لحكم المسألة بما إذا تساوت الذمتان، وأنهما لو اختلفا لم تجز أو تقرير له بأن حكم الذمم التساوي وتصور اختلافها لغو، فإن كان الأول لزم إشكال ثبوت مقال المشتري في مسألة من ظهر أنه وكيل. قُلتُ: الأظهر الأول، وجواب الإشكال أن عهدة العيب والاستحقاق أخف؛ لندور الطلب بهما لقلة وقوعهما، وتحقق الطلب في مسألة السلم، وعارض التونسي صرف العهدة عن البائع لغيره بإعلامه المبتاع أن المبيع لغيره بقولها: من ابتاع لغره سلعة فالثمن عليه ولو كان مؤجلًا وذكر للبائع أن الشراء لغيره إلا أن يقول: هو ينقدك دوني، قال: فلم يجعل ذكره أن الشراء لغيره يصرف عنه المطالبة بالثمن لمن أعلم أنه نائب عنه وصرف عنه العهدة له بقوله ذلك، وأجاب بأن غالب العادة أن من أمر غيره بشراء سلعة دفع له ثمنها إلا أن يقول لست من الثمن في شيء أو يقول بعثني إليك لتبيعه فهذا لا يتبع بالثمن ولو قال: لا أشتري منك إلا لفلان فرضي أن يبيع لفلان فيتبع أيهما شاء إلا أن يقول قد دفعت الثمن فيحلف ويبرأ ويتبع البائع المأمور ولم يذكر في الموَّازيَّة هل قبض الآمر السلعة أم لا؟ أَصْبَغ له في العتبيَّة عن ابن القاسم في قبض

الآمر السلعة، وقال: دفعت ثمنها للمأمور إن كان المأمور دفع الثمن للبائع صدق الآمر مع يمينه، وإن لم ينقد حلف المأمور أني ما قبضت، وأخذ سَحنون إن أشهد حين دفع الثمن إنه إنما ينتقد من ماله لم يقبل قول الآمر أنه دفعه إليه. التونسي: وما في الموَّازيَّة خلاف هذا؛ لأنه ذكر أن الثمن لم يدفعه المأمور للبائع، وجعل القول قول الآمر، وذلك أن السلعة ليست رهنا في يد المأمور على قوله، ويشبه إذا لم يدفع السلعة أن يكون القول قوله على مذهب أشهب؛ لأنه يراها كالرَّهن بيده له حبسها حتى يقبض الثمن، وأما على قول ابن القاسم فليس له حبسها فيكون القول قول الآمر فيجب إذا دفع السلعة للآمر أن يكون القول قوله إذا لم يبق بيد المأمور عوض عما دفعه عما هو مجبور على دفعه، وجعل في العتبيَّة القول قوله: بعد دفع السلعة أذا كان هو لم يدفع الثمن للبائع فكأنه أحله محل البائع إذ الثمن لا يسقط عن المشتري بقبض السلعة منه فمتى كان الثمن لم يقبض كان القول قول المأمور، وقال: من قال: خذ لي دراهم سلما عن طعام إن الطعام لا يلزم المأمور وهو مشتر للدراهم بالطعام وبقول لو اشترى سلعة بثمن إلى أجل وأخبر أن الشراء لغيره فالثمن عليه وإن أخبر أنه لغيره حتى يقول لست من الثمن في شيء ولا فرق إلا أن يقال: القياس فيمن أخبر أن شراءه لغيره أن لا شيء عليه من الثمن؛ لكن جرت العادة أن من أمر بالشراء دفع ثمنه إليه في غير السلم فبقي على أصله. قُلتُ: سمع أبو زيد ابن القاسم في جامع البيوع من استعان رجلًا يبتاع له سلعة فلما ابتاعها واستوجبها قال لبائعها: خذ ذهبك من هذا هو رب السلعة فادفعها إليه، يعلمه ذلك كان عليه بدلها. ابن رُشْد: يريد: إن لم يغلمه عند الشراء أنه إنما يشتري منه لفلان وأنه إليه يدفع ومنه يقبض فعليه البدل، ولا ينفعه ذلك بعد الشراء إلا أن يصدقه في ذلك، ولو قال عند الشراء: إنما اشتريتها لفلان ودفع إليه هو الثمن وقال: إنه مال فلان، فوجد فيه نقصًا وقد غاب فلان لوجب على المشتري البدل ما لم يصدقه البائع على ذلك ويبيعه عليه بتصريح على قياس قول أَصْبغ في نوازله مثل هذا خلاف قول ابن الماجِشُون.

وفيها: ما باع الطوافون والنخاسون، ومن يعلم أنه يبيع للناس لا عهدة فيه عليهم في عيب ولا استحقاق والتباعة على ربها إن وجد وإلا اتبع. قُلتُ: ذكرها الأكثر ولم يقيدوها بشيء، وقال المازري: لكن يؤمرون بإعلام مشتري السلعة من وكلهم على بيعها ليحاكموه فيها. قُلتُ: انظر إن عجزوا عن تعيين البائع هل تلزمهم العهدة أم لا؟ وكثيرًا ما ينزل ذلك، والأظهر أن يشدد عليهم في طلب تعيينه وأن يؤمروا بأخذ الضامن ممن لا يغرفونه من بائع فإن لم يفعلوا ذلك بعد التقدم إليهم في ذلك كانت العهدة عليهم؛ لأن ذلك مصلحة عامة حاجية كتضمين الصناع، ولابن أبي زَمَنَيْن عن كثير من شُيُوخه إن قال السمسار: لا أعرف البائع حلف، فإن نكل واستريب سجن قدر ما يراه السلطان. وفيها: لا عهدة على قاض ولا وصي فيما وليا بيعه، والعهدة في مال الأيتام. اللخمي والمتيطي: القاضي كالوصي في أن لا تباعة عليه. المازري: اختار محمد إثبات العهدة عليهم وعلى الوكيل المفرض إليه، وكان بعض أشياخي يشير إلى أن العهدة عليهم إنما يتصور فيما باعوه من أموال اليتامى لتجارة لفعلهم ذلك اختيارًا، إذ لا يلزم الوصي التجر بمال يتيمه وإذا فعل ذلك صار كالوكيل المفوض إليه الذي يقضي بالعهدة عليه؛ لأنه أحل نفسه محل مالك السلعة. قُلتُ: ما ذكره عن محمد في إثبات العهدة على الوصي لا أعرفه لغيره ولم يذكره اللخمي نصًا إنما قال: وكذلك الوصي يبيع لنفقة من يلي عليه أو لبعض مؤنه، أو لصدقة ويبين ذلك فلا تباعة عليه، إنما يرجع في عين ذلك الشيء، إن وجد قائمًا فإن أنفقوه لم يرجع عليهم بشيء، ولو اتباع به رقبة وأعتقته ففي نقضه عتقها قول وصاياها، وقول الموَّازيَّة لا يرد ويغرم الوصي، انتهى. قُلتُ: فقوله: ويغرم الوصي يدل على أن العهدة عليه، ثم قال: إن تجر الوصي ليتمه أتبعت ذمته كالوكيل المفوض إليه ولابن حارث عن محمد الذي يأخذ به أن الوصي والوكيل المفوض إليه تلزمهما اليمين وإن أخبرا أنه لغيرهما إلا أن يشترط ذو الفضل منهم أن لا يمين عليه فأجيز له ذلك، وذكره اللخمي رواية لمحمد قال: وإن كان البيع لإنفاذ ديون على مفلس رجع على الغرماء، ولو استهلكوا المال أو ضاع لهم

وبيع العامل في القراض كبيعه ملك نفسه، وإن كان رد المال صفقة لربه، فللمشتري أن يتبعه أو رب المال ما لم يجاوز ما قبضه رب المال فيتبعه العامل بالزائد، ويبيع أحد الشريكين في معين حظ شريكه كوكيل عليه، وفي غير معين كبيعه ملك نفسه، ونقل المازري كاللخمي، وسمع أَصْبَغ ابن القاسم: من باع عبدًا سرقه لربه أجازه بيعه ولا رد لمشتريه وعهدته على ربه.

باب الفوات في المبيع

[باب الفوات في المبيع] أَصْبَغ: أن فات العبد حتى يكون المستحق مخيرًا في الثمن أو القيمة فالعهدة على السارق، وإن اختار ربه الثمن. ابن رُشْد: أن أخذ ربه الثمن ففي نقد العهدة إليه عن الغاصب قولان لظاهر هذا السماع ودليل قولها في الاستحقاق. ورواية سَحنون غائبًا ما في استحقاقها، وإذا لم تنتقل عهدة في القيام فأحرى في الفوت وهو دليل قولها في الغصب أن المستحق إذا أجاز البيع لزم المشتري الشراء؛ لأن الذي يوجبه النظر إذا انتقلت العهدة عن البائع إلى المستحق أن يكون المشتري بالخيار إن كانت ذمة المستحق معيبة بعدم أو حرام، فقول ابن القاسم في هذا السماع بانتقال العهدة للمستحق معناه: إن لم تكن ذمة المستحق أدنى من ذمة السارق، وقول أَصْبَغ صحيح؛ لأن العبد إذا فات لم يكن للمستحق أخذه فلا خلاف في عدم انتقالها عن السارق ولو اختار المستحق أخذ الثمن، وكان القياس إذا لم يفت العبد أو فات بزيادة أن لا يختلف في عدم انتقالها للمستحق؛ إذ ليس له أن يضمن الغاصب قيمته؛ فكأنه هو البائع إلا أن يقال: إذا باعه على أنه له فقد رضي بالتزام الدرك إن جاء له طالب وهو بعيد إنها يتصور الاختلاف في انتقال العهدة إذا أجاز المستحق البيع إذا كان العبد قد فات، وكان سيده مخيرًا في تضمينه الغاصب، وفي إجازته البيع، وفي أخذه عبده فاحفظ أنها ثلاثة أوجه: إذا أجاز المستحق البيع وأخذ الثمن، وجه تنتقل فيه العهدة ووجه لا تنتقل فيه اتفاقاً فيهما. ووجه فيه خلاف. هذا موجب النظر عندي في هذه المسألة، وكان بعض من مضى يحصل في انتقالها ثلاثة أقوال، ثالثها: الفرق بين أن يكون العبد قائماً أو فائتاً لا يفرق في فوته بين أن يكون المستحق أخذه أولا، وإذا أخذ المستحق القيمة من الغاصب فالعهدة عليه اتفاقاً؛ لأن العبد وجب له بالقيمة التي أخذت منه فيه، فإن استحق العبد من يد المشتري من الغاصب على القول أن العهدة لا تنتقل عن الغاصب فرجع المشتري على الغاصب بالثمن رجع به الغاصب على المستحق، فالإعذار فيما أثبته المستحق الثاني على المشتري

من الغاصب إنما يكون على المستحق الأول الذي رجع عليه الغاصب لا على الغاصب؛ لأن من حجته أن يقول أنا لا أدفع إذ لي على من أرجع، فإن خاصم ودفع لم يكن له رجوع إلا على الخلاف المتقدم في سماع عيسى من كتاب الاستحقاق والذي يفوت به العبد عند مشتريه من الغاصب، فوتاً لا يكون للمغصوب منه أخذه أن تضهب عينه أو يحصل في حال لا يجوز بيعه من إباق أو مرض مخوف على القول: إنه لا يجوز بيع المريض؛ لأنه كأخذه يكون مبتاعاً له بما وجب له على الغاصب من القيمة أو الثمن ويتخرج في هذا قولان على اختلافهما فيمن باع عبداً أبق عند المشتري ثم فلس هل له أخذه وترك محاصة العرماء أم لا؟ وسمع عيسى ابن القاسم في السلم والآجال من أسلم في سلعة بعينها أو طعام عند مواجبة بيعه أو ولاه فعهدته على البائع الأول وإن باعه إياه فهي على المشتري الأول إلا أن يشترطها على البائع الأول بحضرة البيع الأول فذلك جائز، ومن انقلب بسلعة ابتاعها أو فارق بائعها ثم أشرك فيها أو ولاها أو باعها فعهدته على الذي ولاه أو أشركه أو باع منه. ابن رُشْد: تحصيلها أن من باع ما ابتاع بحصرة ابتياعه فالعهدة عليه اتفاقاً، ولو شرطها على بائعها، ففي إعمال شرطة قولا ابن القاسم، وابن حبيب وعنى الأول أن لم يفضل الثمن الثاني الأول فأن فضله ففضله ساقط عن الأول إلا برضاه حمالته، وعلى الثاني يجوز كونها على الأول برضاه حاملة إن استحق المبيع خير المشتري في اتباعه بقدر الثمن الأول بائعه أو الأول؛ لأنه غريم غريمه ولا يتبعه بفضل الثمن الثاني إلا في عدم بائعه؛ لأنه حمالة، ومن أشرك أو ولي بحضرة ابتياعه، ففي كون العهدة على من باعه بشرط أو دونه قولان، وإن طال الأمر أو افترقا فالمشهور كونها على الثاني في المبيع والشركة والتولية، لا يجوز شرطها على الأول إلا برضاه حمالة فيخير المبتاع الثاني، والمشرك والمولى في اتباعه ما شاء منهما بما للثاني أن يتبع به الأول ولا يتبعه إلا بما زاد إلا بحكم الحمالة حسبما مر، وكان روى عن مالك جواز اشتراطها عليه، وإن كان غائباً إن كان معروفاً يريد إن طرأ استحقاق إلا بما زاد على الثمن الأول، قال: وإن لم يكن معروفاً فسخ البيع، ثم رجع فقال: الشرط باطل إذا لم يكن بحضرة البيع. قُلتُ: الضمير المجرور في قوله: فلا يرجع عليه إن طرأ استحقاق عائد على

المشترط لا على الغائب. ابن رُشْد: ففي اشتراطها على البائع ثلاثة أقوال: أحدها: إن ذلك جائز وهو للبائع لازم ولو افترقا وطال الأمر، والثاني: أن ذلك لا يجوز ولو بحضرة البيع إلا برضاه حاملة، والثالث: الفرق بين شرطها بحضرة البيع أو بعد الافتراق والطول. وفي الشركة والتولية قولان على من تكون بالحضرة، وقولان في اشتراطها على البائع الأول بعد الأفتراق أو الطول، وقيل: إذا لم يطل فلا يراعي الافتراق، ويجوز شرطها على البائع الأول وهو ظاهر قول أَصْبَغ في نوازله من جامع البيوع، وفى كون اشتراط البائع العهدة على أجنبي في عقد بيعه كفالة حتى يبن البائع براءته منها أو على العكس نقلا ابن رُشْد: عن سماع ابن القاسم أول كتاب الكفالة وعن أَصْبَغ، وحيث كونها على البراءة في فساد البيع به؛ لأنه ذمة بذمة وصحته؛ لأنه إنما بيع على أنها على الأجنبي لا على البائع ثم نقلت نقلاه عنهما مصوباً صحته. الغبن في البيع إن كان بسبب الجهل بقيمة المبيع ففيه طرق: ابن رُشْد: في آخر مسألة من أول رسم من سماع ابن القاسم من جامع البيوع لا يعذر أحد المتبايعين فيه إن كان في بيع مكايسة، هذا ظاهر المذهب، ولبعض البغداديين أنه يجب الرد بالغبن إذا كان أكثر من الثلث، وأقامه بعض الشُيُوخ من سماع أشهب في الرهون، وليس بصحيح؛ لأنها مسألة لها معنى من أجله وجب الرد بالغبن. قُلتُ: سماع أشهب هو قوله من رهن حائطه من رجل في دين له عليه وأحلفه بالطلاق ليوفينه الثمن لأجل كذا، فلما قرب وخاف الحنث باعه الحائط الرهن بالدين، ثم قال له إنما بعتك حين خفت الحنث وأنا أظنك سترد علي مالي وأقضيت حقك، وقال المشتري: ابتعت منك بالبينة إن طابت نفس الحالف بالحنث، وكان الحائط كثير الفضل عن من باعه به، لا يشبه تغابن الناس في البيوع فله رد ماله ويقضيه دينه، ويقع حنثه. ابن رُشْد: تعقبه ابن دحون، وقال: هذه مسألة ضعيفة، كيف يفسخ البيع للغبن، وذلك جائز بين كل متبايعين إلا ما خصته السنة بالرد، أو اشترى رجل من غير مولى عليه ما يساوي مائة درهم بدرهم لزم ذلك، ولم يفسخ ولم يختلف فيه وتقدم توجيهها

في سماع ابن القاسم. قُلتُ: هو قوله في أول رسم منه: لو باع رجل جارية قيمتها خمسون ديناراً بألف درهم وأرتهن رهناً، ومشتريها من غير أهل السفه جاز ذلك. ابن رُشْد: هذا يدل على أن لا قيام في بيع المكايسة بالغبن، ولا أعرف فيه في المذهب نص خلاف، وحمل بعض الشًيُوخ مسألة سماع أشهب على الخلاف، وتناول منها وجوب القايم بالغبن في بيع المكايسة، وليس بصحيح؛ لأنه إنما رأى له الرد بالغبن فيها من أجل إضطراره إلي البيع خوف الحنث على ما ذكر في الرواية كتضعيفهم وكالة الراهن للمرتهن على بيع الرهن، وحكاية بعض البغداديين، وأراه ابن القُصَّار إنه يجب الرد بالغبن إذا كان أكثر من الثلث ليس بصحيح. أبو عمر: الغبن في بيع المستسلم المستنصح يوجب للمغبون الخيار فيه، وبيع غيره، المالك أمر نفسه لا أعلم في لزومه خلافاً، ولو كا بأضعاف القيمة، وسمعه عيسى ابن القاسم في كتاب الرهون الباجي عن القاضي في لزوم البيع بما لا يتغابن بمثله أبداً عادة وأحدهما لا يعلم سعر ذلك إذا زاد الغبن على الثلث، أو خرج عن العادة والمتعارف فيه قولان لأصحابنا، وبالأول قال ابن حبيب. قُلتُ: ظاهر قوله: أو خرج عن العادة والمتعارف فيه أن الغبن يتقرر بدون ما زاد على الثلث. وقال أبو عمر: اتفق أهل العلم أن النائب عن غيره في بيع أو شراء من وكيل أو وصي إذا باع أو اشترى بما لا يتغابن الناس بمثله أنه مردود، وكان أبو بكر الأبهري وأصحابه يذهبون إلي أن ما لا يتغابن الناس بمثله هو الثلث فأكثر من قيمة المبيع وما كان دون ذلك لم يرد فيه البيع إذا لم يقصد إليه ويمضي في اجتهاد الوصي والوكيل وأشباههما. قُلتُ: هذا نص منه أن قدر التغابن هو الثلث لا أكثر منه ففي حده بالأكثر أو بالثلث، ثالثها: ما دونه أن خرج عن المعتاد والمتعارف لنقل ابن رُشْد عن بعض البغداديين مع أبي عمر عن الأبهري والباجي عن القاضي هذا على ظاهر استعمالهم في قوله بعه بعشرة فصاعدا أن له بيعه بعشرة وعلى قول بعضهم أن الفاء في قوله: فصاعدًا

عاطفة، فلا يجوز له بيعه إلا بأكثر من عشرة فيكون نقل أبي عمر كنقل ابن رُشْد وهذا قول ابن الصائغ في تعقبه على ابن عصفور رسمه الأعمال في المقرب. وظاهر قول أبي عمران قدر الغبن في الوصي والوكيل كقدره في بيع من باع ملك نفسه وكان بعض من لقيناه ينكر ذلك ويقول غير بيع الوصي والوكيل ما نقص عن القيمة نقصا بينا وإن لم يبلغ الثلث وهو صواب؛ لأنه مقتضى الروايات في المدوَّنة وغيرها كقولها إذا باع الوكيل أو ابتاع بما لا يشبه من الثمن لم يلزمك ويأتي لابن رُشْد كلام فيه احتمال. المتيطي: قولنا في وثيقة التبايع وعرف كل منهما قدر هذا التبايع يسقط دعوى أحدهما الجهل بالمبيع إلا أن يدعي على صاحبه أنه علم بجهله فيجب له عليه اليمين أنه ما علم بجهله، فإن نكل، حلف الآخر وفسخ البيع. قال بعض الموثقين: وتنازع البغداديون في ذلك، قال بعضهم: لا قيام بذلك، والبيع لازم؛ إذ كان له أن يسأل ويتثبت، وقال بعضهم: فذكر قول القاضي المتقدم قال: وبه قال منذر بن سعيد، قال هو وابن عات عن ابن مغيث: والأصل في ذلك أن ينظر إلي مدعي الجهل، فإن كان معروفاً بذلك اجتهد الحاكم، وإن كان من أهل البصر، والمعرفة لم تسمع منه حجة، وسئل ابن رُشْد عمن باع أملاكاً ورثها وأشهد على نفسه في عقد بيعها أنه عرف قدرها، ومبلغها ثم ادعى أنه ما دخلها ولا عرف قدرها ولا مبلغها، وشهد له كل أهل موضعها بما قال، فأجاب بأنه لا يلتفت لقوله والبيع له لازم. قُلتُ: دعوى جهل المبيع راجع لدعوى الفساد، وجعله المتيطي، وغيره من دعوى الغبن ليس كذلك فتأمله، وسأل ابن رُشْد عن وصي باع على محجوره ربعاً من شريكه فيه بموجب بيعه ثم باع نصف جميعه ثم رشد اليتيم بعد أعوام وأثبت أن ربعه يساوي يوم بيع أمثال ثمنه، وأراد نقض بيعه بذلك في جميع ما بيع عليه والشفعة فيما باع من شريكه من حظه، فأجاب بأن له نقض البيع فيما هو قائم بيد المبتاع من الوصي لا فيما باعه من ذلك، وله فيما باعه فضل قيمته على ثمنه، يوم بيعه لفوته بالبيع؛ لأنه بيع جائز فيه غبن على من بيع عليه يرد ما دام قائماً، على اختلاف فيه، قيل للمبتاع: أن يوفي

تمام القيمة، ولا يرد البيع وإن لم يفت، وقيل: يمضي له بقدر الثمن من قيمته يوم البيع؛ وهذه الأقوال قائمة من العتبيَّة لابن القاسم وسَحنون في سماعه وسماع أبي زيد، ولها في المدَوَّنة نظائر. والنصف المردود على اليتيم من حصته؛ إنما يرجع إليه بملك مستأنف لا على الملك الأول فلا شفعة لها به على المبتاع الثاني لا في بقية حصتها، ولا في سائر المبيع ولا له عليها فيه شفعة بصفقته المتقدمة؛ إذ ليس ببيع محض؛ لأن البيع المحض ما تراضى عليه البائعان والمشتري الأول مغلوب على إخراج هذه الحصة من يده فهو بيع في حق اليتيم لكونه أخذه اليتيم بأختيار ونقض بيع في حق المشتري؛ لأنه مغلوب على ذلك، والقول أن بيع الغبن يفيته واضح؛ لأنه إذا فات، البيع الفاسد، وقد قيل: أنه ليس ببيع فأحرى بيع الغبن؛ لأنه لا ينقص إلا بأختيار أحدهما، والبيع الفاسد ينقض جبراً. وفيها: من أخطأ فباع سلعته مرابحة بأقل من ثمنها، ثم قام على المبتاع له الرجوع في سلعته أن لم تفت، ويفيتها ما يفيت البيع الفاسد، ولا فرق بين الغبن على الأيتام فيما باعه الوصي، وبين الرجل فيما باعه لنفسه فيما يوجبه الحكم في ذلك على القول بوجوب الرجوع بالغبن، وفى ثالث سلمها إن أسلم إليك رجل مائة درهم، في مائة أردب قيمتها مائتا درهم، فأقالك في مرضه ثم مات ولا مال له غيرها، فإما أجاز الورثة وأخذوا منك رأس المال، وإلا قطعوا لك بثلث ما عليك من الطعام فأخذ منه عدم القيام بالغبن، ومن قولها في الصرف: ومن اشترى بدينار مائة درهم أو ديناراً بدرهمين أو بدرهم، أو كان له على رجل ذهب حال فأعطاه بها دراهم فقال: لا أقبل إلا كذا. والغبن بسبب جهل حال المبيع سمع فيه القرينان: باع مصلى ثم قال له مشتريه: هو خز، فقال البائع: ما علمت أنه خز لو علمته ما بعته بهذا الثمن هو للمشتري لا شيء للبائع عليه لو شاء تثبت قبل بيعه وكذا لو باع مروياً، ثم قال: لم أعلم أنه مروي إنما ظننته كذا، أرأيت لو قال مبتاعه: والله ما اشتريته إلا طناً أنه خز وليس بخز فهذا مثله، وكذا من باع حجراً بثمن يسير، ثم هو ياقوتة أو زبر جدة فبلغ مالاً كثيراً بخلاف من قال: أخرج لي ثوباً مروياً بدينار فأخرج له ثوباً أعطاه إياه ثم وجده من أثمان أربعة دنانير، فقال: أخطأت، هذا يحلف ويأخذ ثوبه.

ابن رُشْد: في سماع أبي زيد خلافه أن من اشترى ياقوتة وهو يظنها ياقوتة ولا يعرفها البائع ولا المبتاع فيجدها على غير ذلك أو يشتري القرط يظنه ذهباً فيجده نحاساً أن البيع يرد فيهما معاً، وهذا الاختلاف إنما هو إذا لم يسم أحدهما الشيء بغير اسمه، وسماه بما يصلح له على كل حال كقول البائع، أبيعك هذا الحجر وكقول المشتري: بع مني هذا الحجر فيشتريه وهو يظنه ياقوتة فيجده غير ياقوتة أو يبيع البائع ظناً أنه غير ياقوتة فإذا هو ياقوتة فيلزمهما البيع في الحالين على سماع أشهب، ولا يلزمهما على سماع أبي زيد، ولو سمى أحدهما الشيء بغير اسمه، كقول البائع: أبيعك هذه الياقوتة فيجدها المشتري غير ياقوتة وكقول المشتري: بع مني هذه الزجاجة ثم يعلم البائه أنها ياقوتة لم يلزم البيع اتفاقاً، واختلف إن لغز أحدهما لصاحبه في التسمية ولم يصرح، فقال ابن حبيب: يوجب الرد كالتصريح، وحكى أن شريحاً اختصم إليه في رجل مر برجل معه ثوب مصبوغ الصبغ الهروي فقال له: بكم هذا الثوب الهروي؟ فقال بكذا وكذا، فاشتراه بذلك ثم تبين أنه ليس بهروي، وإنما صبغ صبغ الهروي فأجاز بيعه، ولو استطاع أن يزين ثوبه بأكثر من هذه الزينة، قال عبد الملك؛ لأنه إنما باعه هروي الصبغ ولو قال: هروي سداه كان له رده وهو عندي اختلاف من قوله. وقال بعض الشُيوُخ: إذا بيع الحجر في سوق الجوهر فوجده صخرة؛ فلمبتاعه القيام، وإن لم يشترط أنه جوهر، وإن باعه في غير سوق الجوهر ميراث أو غيره لم يكن له قيام وهذا عندي يجري على الخلاف في الألغاز. والفرق بين الذي يبيع الياقوتة جهلاً بها، وبين من قصد إخراج ثوب بدينار فأخرج ثوباً بأربعة دنانير أن الأول جهل وقصر ولم يسأل من يعلم ما هو؟ والثالث غالط، والغلط لا يمكن التوقي منه فيحلف، ويأخذ ثوبه إن أتى بدليل صدقه من رسم أو شهادة قوم على حضور ما صار إليه في مقاسمة وشبه ذلك، ويرجع بالغلط في بيع المرابحة اتفاقاً، وفى بيع المساومة باختلاف، وتقدم في سماع ابن القاسم. قُلتُ: هو سماعه من باع ثوباً فأمر بعض قومته بدفعه لمبتاعه، ثم قال بعد انصرافه: إنما دفع إليك غير الثوب الذي بعتك أو كان هو دفعه إليه إن دفعه المأمور حلف الآمر، ورد عليه الثوب وإن دفعه البائع فقوله باطل إلا أن يأتي بأمر معروف من رسم أكثر مما

باع به أو شهادة من قوم قاسموه أو عرفوا ما قام به عليه فيحلف ويرد ثوبه. ابن رُشْد: إن دفعه بعض قومته فلا خلاف في قبول قوله: مع يمينه، فإن حلف رد الثوب، ودفع الثوب الذي زعم أنه المبيع، فإن نكل؛ فلا شيء له إن كان المبتاع لم يكذب البائع فيما ادعى ولا يصدقه وإن كذبه حلفا معاً، فإن حلف أو نكلا؛ فلا بيع بينهما، وإن نكل أحدهما؛ فالقول قول الحالف إن كان البائع لزم المبتاع الثوب الذي عينه البائع ورد الآخر، وإن كان المبتاع أخذ الثوب المدفوع ولم يلزمه الآخر، وكذا لو أمر التاجر بعض قومته أن يرى رجلاً ثوباً فأراه ثم باعه على تلك الرؤية ثم ادعى أنه غير الثوب الذي أمره أن يريه إياه، وأما إن باعه الثوب ثم دفعه هو، وادعى أنه غلط، فإن لم تكن له شبهة رسم ولا شيء لم يصدق، وإن كانت له شبة فكما لو دفعه وكيله في الوجوه كلها، وفي كون دعوى الغلط في بيع المساومة كالمرابحة ولغوه قولان لظاهر هذا السماع مع نوازل سَحنون في كتاب العيوب في بعض الروايات، وما في الأقضية من المدَوَّنة، وقول ابن حبيب: وما في رسم الأقضية الثاني من سماع أشهب هنا محتمل أبو داود عن الحسن عن عقبة بن عامر: أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال: ((عهدة الرقيق ثلاثة أيام)). عبد الحق: وأبو عمر عن المحدثين: لم يسمع الحسن من عقبة بن أبي شيبة عن الحسن عن سمرة عن النبي (صلى الله عليه وسلم) عهدة الرقيق ثلاثة. أبو عمر: اختلفوا في سماع الحسن من سمرة. الباجي: معنى العهدة: تعلق المبيع بضمان البائع، والبيع فيما يبين فيه لازم لا خيار فيه، لكنه إن سلم في مدة العهدة علم لزومه المتبايعين معاً، وإن أصابه نقص ثبت خيار المبتاع كعيب قديم، وفي القضاء بها روايات. الصقلي: روى محمد إنما عهدة الثلاث والسنة في الرقيق بالمدينة وأعراضها الذين جروا عليها لا يلزم بغيرها إلا بشرط.

ابن حبيب: روى المصريون لا تلزم حتى يحملهم السلطان عليها. وروى المدنيون يقضى بها في كل بلد وإن لم يعرفوها، وعلى الإمام أن يحكم بها ولو على من جهلها. ابن رُشْد: سمع أشهب: لا يحمل الناس عليها. وروى المدنيون يحملون عليها، ومثله سماع ابن القاسم في كتاب السلطان وددت ذلك وفي وجوب الحاكم بها فيما بيع حيث لا يعمل بها قبل الحمل عليها، ثالثها: إن اشترطوها للمدنيين مع روايتهم وابن القاسم في الموازيَّة ورواية المصريين. وقال ابن عبد الحَكم: عهدة السنة حرام ورواية المدنيين هو الآتي على أصل مذهب مالك وغيرها استحسان ومراعاة للخلاف، ولو شرط إسقاطها، حيث العادة ثبوتها ففي سقوطها ولزومها، ثالثها: يفسد البيع لنقلي اللخمي وتخريجه على فساد البيع بفساد شرطه. وأشار المازري لرده بأن ذلك في الشرط المتفق على فساده، وإن كان مختلفاً فيه اختلافاً مشهوراً لم يوجب فساداً؛ لأن الخلاف المشهور تحسن مراعاته، وإن شذ وضعف في النظر سقطت مراعاة. الباجي: هنا معنى يحتاج إلي بيانه وهو إن شرط الضمان المتفق على محله مفسد للعقد، كشرط ضمان المبيع بعد قبضه على بائعه، وما اختلف في محله إن كان فيه عرف جاز نقله بالشرط كشرط ضمان الغائب على غير ما يقتضيه العقد، وإن كان ثم عرف يوافق مقتضى العقد عند القائل بذلك فلا يجوز اشتراط نقله، فإن شرط نقله في عقد بيع عما يقتضيه العرف صح العقد وبطل الشرط، وإن كان العرف يخالف مقتضى العقد فشرط نقله إلي ما يقتضيه العقد والشرط، وإن شرط نقله عما يقتضيه العقد إلي العرف فإن كان العرف وجه صحيح صح العقد والشرط، وإن لم يكن له وجه صحيح بطل الشرط وصح العقد، فعل هذا إن شرط العهدة في غير بلدها، فعلى قول المصريين يثبت العقد ويسقط الشرط؛ لأنه شرط ما يخالف مقتضى العقد والعرف من ضمان البائع للمبيع بعد القبض وعلى قول المدنيين يثبت العقد والشرط؛ لأنه شرط مقتضى العقد دون العرف، وإن شرط البراءة بالمدينة، فعلى قول المصريين يثبت الشرط والعقد، وعلى

قول المدنيين يبطل الشرط ويثبت العقد. ابن زرقون: ما تأول عليه الباجي رواية المصريين بقوله: يثبت العقد ويبطل الشرط خلاف ما حملها عليه ابن رُشْد: فتأمله. المتيطي: إن اشترط العهدة لزمت ولو في بلد عرفهم البراءة، وإنما الخلاف متقدم في البيع يقع مبهماً. وفيها: عهدة السنة والثلاث أمر قائم بالمدينة. قال مالك: لا عهدة عندنا إلا في الرقيق. الصقلي عن ابن القاسم: إن كتب في الشراء في غير بلد العهدة وله عهدة المسلمين لم ينفعه ذلك وذكرها في الكتاب باطل. وفيها: ما حدث بالرأس في الثلاث من مرض أو موت فمن بائعه، وكذا إن جرح فإرشه للبائع وللمبتاع رده. الصقلي: عن الموازيَّة وكذا إن أصابه بياض بعينه أو حمى، وما ذهب من قبل الثلاث لا رد به. أشهب: لا يعلم ذهاب الحمى ويستأنى به إن عاودته بالقرب رده ولو بعد الثلاث، وللباجي قبل ذكره قول أشهب ما نصه، قال سَحنون: ما تعتاد عودته كالحمى فله الرد، رفعه للحاكم حين أصابته أو لم يرفعه وسمع عيسى ابن القاسم يرد العبد بحدوث شربه الخمر في عهدة الثلاث أو زنى أو سرقة، وبكل ما أحدث أو أصابه فيها، وكذا حدوث ذلك بالأمة أيام حيضتها. ابن رُشْد: لا خلاف في هذا في المذهب ولا فرق بين ما يحدث فيها في الأبدان أو الأديان أو الأخلاق إلا أن يتبرأ البائع بشيء من ذلك أنه فعله قبل البيع فيبرأ منه، وإن أحدث مثله في العهدة. وفرق أَصْبَغ على رواية أشهب وابن نافع فيمن يبيع العبد ويبرأ من الإباق ثم يأبق في عهدة الثلاث وجعل السرقة مثله؛ لأنه لا يدري ما يؤول إليه من ذهاب الجسد.

وفيها: من ابتاع عبداً فأبق في الثلاث فهو من بائعه إلا أن يبيعه بيع براءة. قال ابن نافع عن مالك: إن بيع بالبراءة من الإباق فأبق في الثلاث فهو من بائعه حتى يعلم أنه خرج من الثلاث سالماً وإلا عجل برد الثمن وأضرب للعبد أجلاً، فإن علم أنه خرج من الثلاث سالماً فهو من مبتاعه، وإن جهل أمره فهو من بائعه، وإن وجد بعد الثلاث لم تؤتنف فيه عهدة. وسمع ابن القاسم: من تبرأ في بيع غلام من إباقه فأبق في عهدة الثلاث، ومات وجهل هل مات في العهدة أو بعدها؟ هو من مبتاعه حتى يأتي ببينة أنه مات في عهدة الثلاث، وكذا العور وسائر العيوب، وروى ابن نافع: أنه من بائعه حتى يعلم بالبينة أنه خرج سالماً من الثلاث. ابن رُشْد: رواية ابن نافع وقعت هنا في بعض الروايات مختصرة، وهى في المدَوَّنة وفى أول سماع أشهب كاملاً، وفى آخر سماعه المصيبة من مبتاعه حتى يعلم أنه مات في العهدة مثل سماع ابن القاسم، وإنما الخلاف إذا لم تعلم حياته ولا موته أو علم موته ولم يعلم إن كان موته في عهدة الثلاث أو بعدها، ولو علم موته في عهدة الثلاث فهو من بائعه ولو علم موته بعدها فمن مبتاعه اتفاقاً فيهما فإن عمي خبره فترادا الثمن على إحدى روايتي اشهب ثم أتى العبد كان للبائع ولم يرد لمبتاعه ولو أتى قبل أن يترادا فهو لمبتاعه حكماه محمد عن أشهب ومعناه عندي: إن تراضيا على ذلك دون حكم، ولو حكم عليهما بذلك لوجب رده لمبتاعه لانكشاف خطأ الحكم في ذلك فلا اختلاف فيه، وسمع يحيي ابن القاسم لا يرد العبد بذهاب ماله في الثلاث. ابن رُشْد: لأنه لا حظ له من ثمنه، ولو تلف في العهدة وبقي ما له انتقض بيعهوليس لمبتاعه حبس ماله بثمنه. وفي نوازل سَحنون: لا عهدة ثلاث، ولا سنة في العبد المقرض ولا في المسلف فيه ولا المصالح به ولا المشتى بصفة، ولا المأخوذ بدين ولا المنكح به، ولا المخالع به، ولا المقاطع به، ولا المأخوذ من دم عمد كله على مذهب ابن القاسم، وروى أشهب في المنكح به العهدتان. ابن رُشْد: لا عهدة في القرض اتفاقاً.

وقال ابن حبيب في المسلف فيه: العهدة والمصالح به يريد على الإنكار؛ لأنه كالهبة في حق الدافع، ولأنه يقتضي المناجزة؛ لأنه أخذه على ترك خصومة فلا يجوز التقايل فيه، ولو استحق ما رجع بالعوض كالبيوع، ولا عهدة في المأخوذ من دين أو من دم عمد لوجوب المناجزة في ذلك اتقاء الدين بالدين، وسقوطها في المشترى على الصفة؛ لأن وجه البيع يقتضيه لاقتضائه التناجز إذا كان الناس يتبايعون الغائب على ما أدركت الصفقة حياً، وبيع الصفقة بيع مؤخر قاطع للضمان وسقوطها في المنكح به؛ لأن طريق النكاح المكارمة، وقد سماه الله نحلة. وسقوطها في المخالع به؛ لأن طريقه المناجزة؛ لأن المرأة لما ملكت نفسها بالخلع ملكًا تامًا لا يتعقبه رد وجب ملك الزوج العوض كذلك، وفى المقاطع به؛ لأنه إن كان معيناً فكأنه انتزاع، وإن كان غيره أشبه المسلم فيه، وفى سقوطها في المستقبل منه قولا سَحنون وابن حبيب مع أَصْبَغ وهذا إذا انتقد وإلا سقطت اتفاقاً لأنه كالمأخوذ من دين. قول ابن العطار بسقوطها في العبد رأس سلم صحيح لاقتضاء السلم المناجزة، قد قيل: لا يجوز السلم على تأخير رأس ماله يوماً إنها يجوز تأخيره إلي ثلاثة أيام إذا وقع على المناجزة، وهو قائم من المدَوَّنة بدليل وقياس قوله: سقوطها فيما بيع بدين، واعترض ابن الهندي قول ابن العطار ورأى فيه العهدة. وحكى ابن حبيب سقوطها في العبد الموهوب على الثواب ويدخله القولان في المكنح به. ابن زرقون: حكى فضل عن سَحنون كقول أَصْبَغ في الإقالة خلاف نقل ابن رُشْد عنه قال: والعهدة في الإقالة على أنها بيع، وإن قلنا على أنها فسخ على ما تأوله بعض أصحابنا في الشفعة والمرابحة؛ فلا عهدة عليها قولاً واحداً. الباجي: روى أشهب: لا عهدة في الرد بالعيب؛ لأنه فسخ، وكذا البيع الفاسد يفسخ. ابن زرقون: قوله هنا في الرد بالعيب يقتضي أنه نقض بيع كقول أشهب في استبرائها لا مواضعة فيمن ردت بعيب مثل قول ابن القاسم في الرد بالعيب منها في المديان يعتق فيرد عتقه ويباع للغرماء ثم يرد بعيب علمه المديان، وقد أيسر أنه يعتق

عليه، وقال أشهب: لا يعتق عليه. قُلتُ: تقدم الكلام على قوليهما تناقضاً وتفريقاً. الباجي: روى محمد في المسلف فيه، كقول ابن حبيب، وقال محمد: لا عهدة فيه، وإن كان ببلد العهدة إلا أن يشترطها، وقال ابن القاسم، وقال سَحنون: لا عهدة في عبد أخذ من دين أو كتابة، وقول ابن حبيب: فيه العهدة، فيحتمل أن يكون بناء على قول أشهب: أن تعيين العبد كالقبض، ويحتمل أن يجري على قول ابن القاسم، وإن فسخ الدين في الدين؛ إنما هو فيما نقل من جنس لآخر. وأما من ثبت له شيء في الذمة فعين بجنسه؛ فليس من فسخ الدين في الدين. الباجي: ابتداء أيام عهدة الثلاث من يوم عقد البيع، فإن كان بعد الفجر؛ احتسب به، وإن كان في بعض النهار، فروى ابن القاسم: إن كان نصف النهار إلغي ذلك اليوم، وهذا مشهور لابن القاسم في العتبيَّة، ومقام المسافر، وقال سَحنون: بلغو أبعاض اليوم في إقامة المسافر، ويجب عليه أن يلفق في العهدة وتبعه المازري. وقال ابن زرقون: روى ابن أبي زَمَنَيْن في العهدة كقول سَحنون في إقامة المسافر. المتيطي: في إلغاء يوم التبايع وتكميله من الرابع بقدر ما مر منه، ثالثها: إن عقد قرب طلوع الشمس حسب ذلك اليوم وإلا ألغي لروايتي ابن القاسم وغيره وابن عبد البر. ونقل عياض: إن مضى أكثر النهار ألغي وإلا حسب يوماً كاملاً قال: والأول ظاهرها. قُلتُ: ففى لغو لزوم يوم العقد وتلفيقه ثالثها: إن مضى أكثره وإلا حسب كاملاً، ورابعها:: إن عقد قرب طلوع الشمس حسب كاملاً وإلا ألغي لروايتي المتيطي، وأبي عمر، ونقل عياض، وسمع عيسى ابن القاسم ابتداؤها في بيع الخيار من وقت انبرامه، ونقله الباجي وابن محرز وغير واحد كأنه المذهب. المازري: هذا المنصوص؛ وإنما يصح بناء على أحد القولين عندنا، أن بيع الخيار إنما يقدر منعقداً من وقت إمضائه. وقول ابن رُشْد: في سماع عيسى: هذا على المشهور أن بيع الخيار، إذا أمضي إنما

يقع يوم أمضي، وعلى قولها في الشفعة يوم وقع تكون العهدة في أيام الخيار. الباجي: وعلى العهدة في المبيع على الصفقة ابتداء الثلاث في بعيد الغيبة من يوم العقد، فإذا انقضت الثلاث بقي ضمان القيمة كبقاء ضمان الاستبراء بعدها، وتبعه المازري وقال: وكذا في المحتبسة بالثمن؛ لأن الضمان في ذلك عام، كعموم عهدة الثلاث، وسمع ابن القاسم قال: أيام العهدة من يوم تباع وتدخل في الاستبراء ليس بعد الاستبراء عهدة. ابن رُشْد: مثله. سمع أشهب: وإنما هذا إن أقامت في الاستبراء ثلاث ليال فأكثر، وإن أقامت؛ فلا بد من تمام عهدة الثلاث، وقال المشيخة السبعة: عهدة الثلاث بعد الحيضة، ونقله أبو عمر كأنه من المذهب. قُلتُ: هذا خلاف قول ابن حارث اتفقوا في انقضاء عهدة الثلاث في المواضعة على أن ضمان عيوب باقي أيما المواضعة من البائع، واختلف إذا انقضت المواضعة قبل انقضاء أيام عهدة الثلاث، فروى محمد: عهدة الثلاث داخلة في الاستبراء، ومثله سماع أبي زيد رواية ابن القاسم، وقال محمد: إن كانت أيام المواضعة أقل من عهدة الثلاث فهذه الثلاث قائمة، وفي كون عهدة السنة بعد الثلاث أو من يوم العقد فتدخل فيها عهدة الثلاث، سماع القرينين، وقول ابن الماجِشُون مع رواية الواضحة. وفرق ابن رُشْد بين دخولها في الاستبراء وعدمه في السنة بتماثل عهدة الثلاث والاستبراء لعمومها في كل عيب وخصوص السنة بالجنون والجذام والبرص. وفي نوازل أَصْبَغ: من أراد رد عبد أو أمة بعيب لدعوى حدوثه في السنة أو الاستبراء، وقال بائعه: إنما حدث بعدهما صدق بيمينه ولو لم ينتقد، وقول ابن القاسم: إن لم ينتقد؛ صدق المبتاع بيمينه خطأ، وسألت أشهب فوافقني، وكذا قول ابن القاسم: في المعيب يفوت يصدق البائع في صفته إن انتقد، وإلا صدق المبتاع خطأ. ابن رُشْد: قد روى عبد الأعلى عن أَصْبَغ في هذه المسألة أن القول قول المبتاع؛ لأن العهدة لزمت للبائع؛ فهو مدع انقضاءها، وعلى ذلك يأتي قوله في نوازله في طلاق السنة في النصرانية: تسلم تحت نصراني ثم يسلم زوجها، فيريد رجعتها، فتزعم أنها

حاضت ثلاث حيض بعد إسلامها، وأن إسلامها كان لأكثر من أربعين يوماً لما يحاض في مثله ثلاث حيض. ويزع الزوج أن إسلامها كان منذ عشرين ليلة لما لا يحاض في مثله ثلاث حيض، وفيمن طلق امرأته واحدة وأراد رجعتها، وقال: إنما طلقتها أمس، وقالت: طلقني منذ شهرين وحضت ثلاث حيض، إن القول قول الزوج؛ إذا لا فرق بين دعوى انقضاء العدة ودعوى انقضاء العهدة، وإلى هذا القول ذهب سَحنون فقال: في قول أَصْيَغ في هذه النوازل إن القول قول البائع هذا خلاف ما أجمع عليه سلفنا في معرفة المدعي من المدعى عليه. ومن لزمته العهدة والاستبراء فزعم أنهما قد انقضيا فهو مدع، وهذا على مذهب سَحنون انتقد أو لم ينتقد، القول قول المبتاع وهو قول ابن القاسم في الوكالات منها فيمن رد نصف حمل طعام بعيب فقال البائع: بل بعتك حملاً كاملاً، القول قول المبتاع، وظاهره أنه نقد لقوله: إذا حلف البائع لم يرد من الثمن إلا نصفه، وعهده السنة من حادث الجذام والبرص والجذام فيها، ولو ظهر فيها ما شك في كونه جذاماً أهل البصر كخفة الحاجبين، ورفع المبتاع أمره للقاضي وتحقق قرب انقضائها، ففي الرد به قولان لسماع يحيي ابن القاسم مع ابن رُشْد عن محمد وابن حبيب، ونقله عن ابن وَهْب وأشهب وأَصْبَغ ومحمد مع ابن حبيب عن ابن القاسم وابن كنانة وصوبه ابن رُشْد. الباجي عن ابن وَهْب وأشهب وابن الماجِشُون وأَصْيَغ: يرد بما يتقى بعد السنة إذا شك فيه قبل انقضائها، وقال محمد: إذا تيقن سببه في السنة وعلم أنه لا يظهر إلا بعدها رد به. وفى سماع يحيي في البرص كالجذام وفيه إن ادعى مشتري أمة في السنة أنها مجنونة، ورفع أمرها للإمام ولم يبين خنقها للعدول وما تحققوه إلا بعد السنة بما يستراب دون تحقق من الجنون أو غيره ولا بما يتحقق من ذلك قرب انسلاخ السنة إن لم يظهر دلائله في السنة، قال: وفي الرد بالجنون وذهاب العقل وإن كان بجناية وإن لم يكن بها، ثالثها: لا يرد إلا بالجنون لابن وَهْب، ولما ولابن حبيب. ابن زرقون: الرد بالجنون، ولابن عبد الحَكم لا يرد به، وفي ذهاب العقل ثالثها: إن ذهب بجناية لابن حبيب، وابن وَهْب ولها.

وفيها: لا يرد من الجرب والحمرة وأن تسلخ وورم ولا من البهق في السنة ولا من صمم أو خرص غن كان معه عقله. ابن الحاجب: وما يطرأ واحتمل فيها وبعدها فمن المشتري على الأصح. قُلتُ: ظاهره أنه لو اتفقنا على زمن العقدة واختلفا بعد انقضاء السنة في جذام به حينئذ، فقال البائع: حدث به بعد السنة وقال المشتري: حدث فيها، إن القول قول البائع على الأصح ولا خلاف في هذه الصورة، أن القول قول البائع وإنما الخلاف إذا تداعياه باختلافهما في زمن العقد حسبما قدمناه، وتفسير كلامه بهذا بعيد من لفظه عند من تأمل وأنصف والأولى تفسيره بقول ابن شاس: إن طرأ على المبيع أمر أشكل وقت حدوثه ولم يدر أفي العهدة أو بعدها هل يكون ضمانه من المبتاع أو البائع مذهبان: لمقابل أصل السلامة والضمان. قال ابن القاسم في العبد يأبق في العهدة وقد تبرأ بائعه من الإباق فذكر ما تقدم من روايتي ابن القاسم وابن نافع ولو عبر بقوله من تبرأ من إباقه فمات فيه وجعل كون موته في الثلاثة أو بعدها ففي كونه من مبتاعه أو بائعه روايتا ابن القاسم وابن نافع لكان واضحاً. ابن شاس: وللمبتاع إسقاط العهدة بعد العقد: وقول ابن الحاجب: والبائع قبله كعيب غيره بحمل. وقال ابن عبد السلام: يحتمل أن يريد أن البائع قبل إسقاط المشتري لحقه في العهدة إذا أسقطها بعد ذلك يكون حكم المشتري معه في العيب الحادث بعد الشراء، وقبل الإسقاط كحاله في البيع الذي لا عهدة فيه، ومعنى هذا أن من اشترى عبداً على عهدة الثلاث، وقبضه وبقي عنده يومين ثم أسقط حقه في باقي العهدة ثم اطلع على عيب حدث في اليوم الأول والثاني فإن حكمه في ذلك حكم من اشترى عبداً واطلع فيه على عيب قديم له الرد به ولا يكون بإسقاط حقه في باقي العهدة مسقطاً لما مضى منها. قُلتُ: ظاهر كلامه أولاً: تفسير كلامه بإسقاط المشتري حقه في كل أيام العهدة، وظاهر قوله ومعنى هذه تفسيره بإسقاط إياها في باقي العهدة ولو أعتق العبد مبتاعه،

ثم حدث به عيب في الثلاث، ففي سقوط حقه في العيب وباقي العهدة، ورجوعه بقيمته ثالثها: يرد عتقه، للباجي عن الموازيَّة وأَصْبَغ مع سَحنون وابن حبيب عن ابن القاسم في عهدة السنة حاكياً عنه الأولين. الباجي: ودخول الثالث في عهدة الثلاث أولى، وعزا اللخمي الأول لابن القاسم ومحمد قائلاَ: ولو كان أعتقه يحنث يمينه بعتق ما يملك. قال اللخمي: وقول ابن القاسم: أشكل في عهدة الثلاث من عهدة السنة؛ لأن للبائع في عهدة الثلاث أن يمنعه من العتق إلا أن يسقط العهدة، وليس كذلك في عهدة السنة. وقول محمد بسقوط العهدة في عتقه بالحنث ليس بحسن؛ لأنه فيه غير قاصد لإسقاط العهدة إلا أن يحنث اختياراً، وإن أعتق الأمة في استبرائها ف'ن كان الاستبراء من غير البائع نفذ الآن ثم يختلف هل تسقط العهدة، وإن كان من وطء البائع فأعتقها هو والمشتري وقف عتقها، إن ظهر حملها عتقت على البائع وإن حاضت عتقت على المشتري فإن كان حدث بها عيب في الاستبراء لم يرجع به على قول ابن القاسم ورجع به على قول أَصْبَغ. ابن رُشْد: في كونه عتقه وإيلاده في الثلاث أو السنة قطعاً لهما فلا يرجع على البائع بشيء ولغوه فتثبتان ويرجع على البائع بقيمة العيب ثالثها: في عهدة الثلاث لا في السنة لسماع أَصْبَغ ابن القاسم وسَحنون ومع أَصْبَغ وسَحنون في نوازله في بعض الروايات. وفى سماع أَصْبَغ: قال ابن كنانة: من يبتاع العبد بيع الإسلام وعهدته فيعتقه، ثم يظهر به جذام في السنة يرجع على البائع، بما بين القيمتين، وكذا في إيلاد الأمة. ابن القاسم: كان مالك يقول: يرد العتق ويأخذ المشتري الثمن كله، ولست أراه، ولا قول ابن كنانه؛ بل عتقه قطع لعهدة السنة. ابن رُشْد: إن لم يكن له ثمن، فقال ابن كنانة: يرجع المبتاع على البائع بجميع الثمن ويمضي عتقه، فإن مات العبد عن مال أخذ البائع منه الثمن الذي دفع لمبتاعه وبقيته للمبتاع. قُلتُ: فالأقوال بقول ابن كنانة ومالك خمسة، ومغايرة قول سَحنون، لقول ابن

كنانة: إن مقتضى قول سَحنون أن كل ما يتركه العبد المعتق للمبتاع خلاف قول ابن كنانة يأخذ منه البائع الثمن. الشَّيخ: روى محمد النفقة في عهدة الثلاث على البائع. المتيطي: كذا في المواضعة وبيع الرقيق بخيار؛ لأن ذلك في ضمانه، فإن أسقط المبتاع في العهدة صارت عليه كالضمان. الباجي: إن شرطه بطل العقد ولا يجوز شرط وضعه على يدي البائع مختوماً عليه؛ لأنه كشرط نقده، وعلى قول القاضي هي مسألة العربان يكون جائزاً، ولو طلب البائع وقفه على يدي عدل ففي لزومه روايتا المبسوط مع العتيبة والموازيَّة، ولو تلف بعد وضعه، ففي صحة تمسك المبتاع بالبيع ناقصاً ولزوم فسخ البيع برد الأمة لبائعها قول أَصْبَغ مع سَحنون وأحد قولي ابن القاسم. وثانيهما: ابن الماجِشُون: وعلى الأول في تمسكه به بالثمن التالف أو بثانٍ. ثالثها: إن تلف بعد حدوث العيب لمحمد عن ابن القاسم وابن عبدوس عن ابن الماجِشُون وسَحنون. ابن زرقون: قول سَحنون هو نحو ما حكى ابن عبدوس عن ابن الماجِشُون قال: وسواء علم بتلف الثمن أو لم يعلم؛ لأنه وقت حدوث العيب والثمن قائم كان له الخيار في قبول العيب؛ فلا يرفعه تلف الثمن. ابن عبدوس: وهو تفسير قول ابن الماجِشُون وحمله أبو الوليد على ثلاثه أقوال. الباجي: ويجوز الطوع بالنقد إن لم يكن بيع خيار، وسمع عيسى ابن القاسم ما حدث للعبد في الثلاث من نماء ماله بربح أو عطية لمبتاعه إن شرط ماله وإلا فلبائعه. ابن رُشْد: القياس أن نماه بالعطية لبائعه؛ لأنه في ضمانه، وقول ابن القاسم استحسان، ورعى القول بعدم عهدة الثلاث. قُلتُ: غلته فيها لا أعرف فيها نصاً لمتقدم ويجري على نماء ماله بالعطية للبائع، ولا شاس: الغلة فيها لمبتاعه، ورأى بعض المتأخرين أنها للبائع؛ لأن الخراج بالضمان. وفيها: إن قطعت يده أو فقئت عينه في الثلاث فالأرش لبائعه؛ لأنه في ضمانه

ولمبتاعه أخذه بالثمن كله أورده، وقبول عبد الحق تعقب ابن أبي زَمَنَيْن، أخذه المبتاع بوجوب وقفه لبرء جرحه ولا حد له، قال: والوجه فسخه إلا أن يعفو البائع عن الجناية إن كانت غير مخوفة وإلا فلا؛ لأنه كبيع مريض يرد بأن أخذه بالعقد السابق؛ لأنه كان بتً، والخيار كخيار العيب. وفيها: والنقد في عهدة السنة جائز وهى من الجنون والجذام والبرص. الباجي: هو فيها لازم؛ لأن ما يتقي فيها نادر ولا يحكم به. وفي الجلاب: لا بأس بالنقد فيها وعبارة الباجي أصوب وهي الحكم. المازري عن الأشياخ: البيع الفاسد كالصحيح في العهدة، واحتج له ابن عبد الرحمن بأن شرط النقد في الخيار لا يرفع ضمانه عن البائع كالصحيح، وضمان ما ليس فيه حق توفية من كيل أو وزن أو عدد من مبيع لم يحبس في ثمنه في كونه من مبتاعه بعقدة بتاً أو يمضي زمن قبضه، ثالثها: بتمكينه، ورابعها:: بقبضه، ولو قبض ثمنه، وطال الأمد لها مع الموطأ والمازري عن نقل البغداديين المذهب، واللخمي عن أحد قولي مالك والمازري عن فهم بعضهم المذهب وعن غيره، وابن زرقون مع ابن رُشْد عن أشهب مع اللخمي عن ثاني قولي مالك قال هو والمازري: روى ابن شعبان: إن كان المشتري من أهل البلد موسراً فضمانه من البائع وإلا فمن المشتري، وإن كان الأجل عشرة أيام ونحوها فمن البائع؛ لأنه كرهن في يده. قُلتُ: هذا يدل على أن المبيع محبوس، الفرض خلافه ووجه اللخمي الأخير بأن البيع حقيقة هو التعاقد والتقابض قال: والتعليل لأمد التسليم ليس بحسن؛ لأنه لو رأى أن عليه التوفية والتسليم لما سقط ذلك بالتراخي، كما لا تسقط به توفية الكيل. المازري: هذا التشبيه ضعيف؛ لأن الضمان قبل الكيل والوزن لكون المبيع لا يتميز عن ملك البائع إلا بأحدهما، والعبد والثوب مميزان بذاتهما، وإنما قال: من قال بوقف الضمان على التمكين لعدم قدرة المشتري على القبض، فإذا مضى زمن إمكن قبضه انتفى وقف ضمانه لانتفاء موجبه، ويبعد أن يعتقد احد من أهل المذهب أن حقيقة البيع التبايع والتقايض. وفى نوازل سَحنون: سئل عن الرجل يبتاع الأرض أو الدار أو غير ذلك، وعرفه

للمبتاع في يد بائعه بحوزه، وتملكه، فيطلبه بتحويزه، أترى على البائع حوزاً؟ قال: إن اشترى ما عرفه بيد بائعه؛ فلا حوز له عليه، وإن دفعه عما اشترى دافع، فهي مصيبة نزلت بالمشتري. ابن رُشْد: شراء الرجل الأرض أو الدار إن كان بإقراره للبائع بالملك واليد لم يلزمه له تحويزه ولا تنزيله فيه، وإن دفعه دافع عن النزول فيه، واستحقه مستحق فهي مصيبة نزلت به على قول سَحنون هذا والصواب لزوم إنزاله ما باعه منه، كما إذا كان مقراًله بالملك غير مقر باليد خوف أن يمنعه نزوله فيه وكيله أو أمينه ويقول لا أدري صدق ما تدعي من شرائه. المتيطي: إن نزل المبتاع في الملك المبيع على الجزاف كتب قبل تقييد الإشهاد ونزل المبتاع في المبيع فإن كان حد بعضه قلت ما حد منه وما لم يحد بعد أن وقفه عليه البائع حقلاً حقلاً وأراه إعلامه، وعرفه بحدوده فوقف على جميع ذلك وأحاط به علماً وإبراء البائع من درك الإنزال والتحديد وإن عري العقد من ذكر ثم أقر له بعد ذلك بحضرة بينة كتب ذلك بمعاينة البينة إنزاله حسبما تقدم، وإن لم يذكر الإنزال في العقد ولا فعلاه بعد، وطلب المبتاع إنزاله فقد مضى العمل بالحكم به وإلزامه البائع. قال ابن الهندي: الرواية تدل على خلافه؛ لأنها واردة بأن ما أصاب المبيع من دار أو أرض من هدم أو غرق أو غيره بعد العقد هو من المبتاع وهذا ما متفق عليه، والإنزال يوجب الفسخ ويؤول إليه عند الاختلاف في أشخاص المبيع ويوجب كون ضمان المبيع قبله بعد العقد من بائعه. قد قال بعض من يقول بالإنزال: إذا مضى لعقد البيع عام؛ لم يلزم البائع إنزال، وأنه إن أقر المبتاع بالإنزال في طروء استحقاق بعض المبيع إن لم يكن البائع أنزله في المبيع بمحضر بينة احتاج عند الرجوع بمناب المستحق على البائع إن كان يسيراً، وينقض الصفقة إن كان كثيراً إلي الثلث كون المستحق من المبيع إن أنكر البائع كونه منه، وإن كان أنزله في المبيع بمحضر بينه سقطت عنه مؤنة الإثبات، فإن احتاج إلي حيازة ذلك حازه الشهود الذين حضروا إنزاله أو غيرهم وإذا حدد المبيع، ووصف قرب من معنى الإنزال، وتتأكد الحاجة للإنزال إذا كان المبيع جزافاً

غير محدود ولا موصوف. ابن سهل: هذا الذي علل به حكم الإنزال حسن. قلت: قول ابن الهندي: ما أصاب المبيع بعد العقد من المبتاع اتفاقاً خلاف ما تقدم من نقل القول بوقف ضمانه على القبض ورده قول الموثقين بما ذكر، يرد بأن الإنزال كالإقباض في السلع المعينة فكما لا يوجب ذلك ضمان البائع على المشهور كذلك وجوب الإنزال، ولما ذكر ابن رشد قول أشهب بوقف الضمان على القبض قال: وللخروج من هذا الخلاف يقول الموثقون في وثائقهم: ونزل المبتاع فيما ابتاع وإبراء البائع من درك الإنزال؛ لأنه به يسقط الضمان عن البائع اتفاقا ففي الإنزال حق للمبتاع في طروء الاستحقاق وللبائع في سقوط الضمان بعد طلبه منهما قضي له به على الآخر. وضمان ما فيه حق توفية قبلها من بائعه ويتم بعد ما عد على مبتاعه، واستقرار ما كيل أو وزن في وعاء مبتاعه. وسمع عيسى ابن القاسم: من باع زيتا فأمر أجيره بكيله فكال مطراً صبه في وعاء المشتري ثم كال آخر فوقع على وعاء المشتري فانكسرا معاً فالثاني من بائعه، ويضمن الأجير الأول؛ لأنه من سببه. ابن رشد: كون الثاني من بائعه؛ لأن يد أجيره كيده، ولا يضمن الأجير ما سقط من يده، وضمان سقوط المكيل من يد البائع بعد امتلائه حين كيله منه اتفاقاً، ولو كان المبتاع هو الذي كال أو من ناب عنه بإذن البائع فسقط المكيال من يده أو من يد من ناب عنه بعد أن امتلأ وقبل صبه في وعائه فانكسر، وذهب ما فيه، ففي كونه من البائع أو المبتاع سماع عيسى بن القاسم مع سماعه يحيي وقول سحنون قائلاً: إن هلك قبل امتلائه فهو من بائعه كان المكيال للبائع أو المبتاع إلا أن يكون هو الذي يتصرف به المبتاع لمنزله ليس له إناء غيره فيضمن ما فيه إذا امتلأ كان له أو للبائع استعاره منه، رواه ابن أبي جعفر عن ابن وهب وهو صحيح وهذا الخلاف على الخلاف في السلعة الحاضرة هل يضمنها مبتاعها بالعقد أو حتى يقبضها أو يمضي من المدة ما كان يمكنه فيها قبضها لو أراده، والقولان في السلعة الحاضرة قائمان من قولها في البيوع الفاسدة وبيوع الآجال؛ وإنما لم يدخل الخلاف إن كان البائع هو الذي كال؛ لأنه لا يتعين ما في

المكيال للمشتري بامتلائه ومن حق البائع أخذه لنفسه بعد امتلائه ويعطي المبتاع غيره، ولو كان المكيال الذي انكسر بيد البائع آخر كيل بقي للمشتري، وقد فني زيت البائع الذي باع منه الكيل المسمى لدخول الخلاف المذكور في ذلك ليعينه للمشتري، وكذا لو كان البائع أخذ في صيب المكيال في وعاء المشتري بعد امتلائه فسقط من يده قبل استيفاء تفريغه لتعينه للمشتري شروع البائع في تفريغه، ولو دفع البائع المكيال للمشتري بعد امتلائه ليفرغه في إنائه فقسط من يده قبل تفريغه كان منه اتفاقاً. قُلتُ: قوله في هلاكه بيد البائع إنه منه اتفاقاً خلاف حاصل قول المازري واللخمي في كونه من بائعه أو من مبتاعه. ثالثها: إن ولي مبتاعه كيله فمنه، قيل لابن رُشْد: لو صب ما في المكيال في القمع فسقط القمع وتلف ما فيه وقد جرى بعضه في إنا المشتري أو لم يجر هل يدخل فيه القولان؟ فقال: يدخلانه، قيل له: هو من منافع المشتري يفضل به البائع، لو أتى المبتاع بإناء واسع لم يحتج إليه فقال البائع: التزم صبه فيه، فلزمه كل ما حدث بعده، قيل: فإن قال البائع: لا أصبه في هذا الإناء الذي يفتقر فيه إلي قمع إنما أصبه في إناء لا يفتقر إليه قال: القول قوله. وقال غير ابن رُشْد: لا أقول بأن له أن لا يصبه إلا في إناء لا يفتقر إلي قمع، وأرى أن القمع يلزمه إن كان من عادة الناس، كما يلزمه إحضار ما يكيل به، قال السائل: فحاججت الغير في ذلك فأبى أن يرجع، والقول الأول أحب إليَّ؛ لأن المكيال إنما لزمه؛ لأن الكيل على البائع لقوله تعالى*************** ************ والقمع تفضل من البائع فلا يلزمه إلا أن يلتزمه. قُلتُ: إنما لزمه الغير إذا ثبت كونه عادة، ومسائل المذهب ناصة بأن العادة كالشرط، وسمع ابن القاسم في جامع البيوع: الصواب، والذي يقع في قلبي: أن أجر الكيالين على البائع؛ لأن المبتاع إن لم يجد من يكيل له كان على البائع أن يكيل له، وقد قال إخوة يوسف: ************ ************ فكان يوسف هو الذي يكيل. ابن رُشْد: هذا المعلوم من قوله الذي عليه أصحابه، وكان يقول قديماً: أجره على المشتري، وعليه لا يلزم البائع أن يكيل وعلى المشتري الكيل بنفسه واستلاله بقوله تعالى: ********** ************* صحيح على القول أن شرائع من قبلنا

لازمة لنا. وسمع عيسى ابن القاسم: لمن ابتاع طعاماً وسمي له كيله أو حضره على بائعه كيله ثانية حتى يشتريه على أنه يأخذه بكيله أو على أن يصدقه في كيله وإن اشتراه على الكيل فله أخذه بتصديقه في كيله فإن أراد أن يرجع إلي كيله لم يكن له ذلك. ابن رُشْد: لا خلاف أن لمن اشترى طعاماً على الكيل أن له بيعه على التصديق نقداً، وإن اشتراه على التصديق فروى ابن كنانة منع بيعه على الكيل أو التصديق حتى يكيله أو يغيب عليه؛ لأنه إن كاله قبل الغيبة عليه فبان به نقص، رجع بمنابه من الثمن فلا يتم البيع إلا بكيله، ولو قيل: لا يجوز بيعه قبل كيله، ولو غاب عليه؛ لأنه قد يدعي نقصه، وينكل البائع عن اليمين فيحلف ويأخذ منابه من الثمن، فكأن البيع لم يتم أيضاً لكان قولاً. وقال ابن القاسم وابن الماجِشُون وأَصْبَغ: يجوز مطلقاً، وسمع ابن القاسم جواز الانتقال فيما بيع على الوزن إلي كيله إن علم نسبة الكيل من الوزن ومن مكيال إلي أكبر منه إن علم قدره منه. ابن رُشْد: وكذا ما العرف فيه الكيل جائز بيعه بالوزن إذا عرف نسبته منه، قاله أشهب في البيوع الفاسدة منها ولا خلاف فيه. قُلتُ: ولأجل تحيل الكيالين في كيفية الكيل كان الشَّيخ الفقيه القاضي أبو علي بن قداح يبيع القمح بالوزن بعد كيله من القمح المبيع قفيزاً بالتحقيق حسبما تقدم. وفيها: جزاف ما فيه حق توفية كغيره سمع عيسى ابن القاسم: من ابتاع زقاق زيت فذهب قبل تفريغها في آنيته فهو منه؛ لأنه قد استوفاه. ابن رُشْد: لأنه بالعقد ضمنه كالصبرة، وسمع عيسى رواية ابن القاسم من ابتاع حمل ماء فهلك قبل إيصاله السقاء محله ضمانه من السقاء؛ لأنه من الأمور المشتراة على أن يبلغ. ابن رُشْد: ليس هذا على الأصول؛ لأنه جزاف. ولو اشترى رجل زيتاً في زق فتلف في الطريق لكان ضمانه منه. وفي المبسوط لأَصْبَغ في الماء: ضمانه من مبتاعه وهو القياس وهو معنى قوله: إنه

ضامن لما يجب للماء من الثمن الذي اشتراه به؛ لأنه اشتراه على أن يحمله لداره، فإذا عثر به فذهب لم يكن عليه في الماء ضمان، ولم يكن له فيها حمله كراء على مذهب ابن القاسم وروايته في تلف المستأجر على جمله من قبل ما عليه استحمل، ويحتمل أن يكون معنى قول ابن القاسم في روايته أن الضمان من السقاء إذا لم يكن للماء قيمة في الموضع الذي اشترى منه الحمل فيكون جملة الثمن فيه إنما هو على توصيله. وسمع أَصْبَغ بن القاسم: من اشترى صبره طعام وذهب ليأتي بالثمن فاحترقت فهي من المبتاع. ابن رُشْد: اتفاقاً، إن كانت في غير ملك البائع كالرحاب وبعد إمكان قبضها وقبله على الخلاف فيما يسقط من المكيال بعد امتلائه، قبل حصوله في إناء مشتريه، وإن كانت الصبرة في دار البائع أو حانوته جرت على الخلاف في السلعة تهلك بيد البائع. وسمعه من باع عشرة فدادين من قمح من زرعه فتأخر ليقيسه فاحترق الزرع فمصيبته منهما. ابن رُشْد: يريد أن المشتري يضمن العشرة فيغرم ثمنها ومصيبة الزائد عليها من البائع ولو لم يكن في القمح إلا عشرة فدادين فأقل كانت مصيبتها من المبتاع، وإن تلفت قبل التذريع؛ لأنه متمكن في الأرض بعد إتلاف الزرع على قياس قوله في سماع عيسى في مشتري السمن موازنة في جراره فيزنه في جراره له بيعه قبل وزن الجرار إذ لو تلفت كانت مصيبته منه إذ لم يبق إلا وزن الجرار، وذلك ممكن بعد تلاف السمن كما يمكن تذريع الأرض بعد ذهاب الزرع، وقبل المصيبة من البائع إن تلفت قبل التذريع وهو سماع أشهب ومشهور المذهب، وبيع الفدادين من القمح قبل التذريع جائز على سماع أبي زيد وسماع عيسى لا على سماع أشهب. قُلتُ: زاد الشَّيخ عن الأخوين وأَصْبَغ وكذلك من اشترى داراً على عدد حتى يذرع، أو حائطاً على عدد نخل فهلك ذلك بسيل أو حريق النخل فالمصيبة من مبتاعه، ويذرع الأرض ويعد النخل على ما هي به ويلزم المبتاع الثمن. قُلتُ: الأظهر إن عرض لهما ما يمنع الذرع والعد أن المصيبة من البائع، وسمع ابن القاسم: من ابتاع صوف ضأن فهلكت منها أكبش قبل جزها هي من بائعها يسقط

عن المبتاع بقدرها. ابن القاسم: هذا أن سرقت أو أكلها سبع ولو ماتت لزمه صوفها، إلا أن يكون صوف الميتة عند الناس لا يشبه الحي فيسقط عنه. ابن رُشْد: هذا يدل على الجزاز على البائع فضمنه لما عليه من حق التوفية خلاف ما يدل عليه ما في رسم الثمرة من سماع عيسى وخلاف المشهور من أن الجزاز على المشتري كجد التمر، وقطع الزيتون وقلع حلية السيف ذلك على المشتري، وإن لم يشترط عليه إلا أن يشترط على البائع، ويحتمل أن يكون هذا السماع على أن العرف عندهم أن الجزاز على البائع؛ لأن الخلاف إنما هو مع عدم الشرط والعرف. وقال ابن دحون: معنى المسألة أنه شرط الجزاز على البائع، قال: وكذا وقع في سماع ابن أبي أوبس أن المشتري اشترطه على البائع، وفي هذا عندي نظر؛ لأنه لو كان الجزاز على المشتري والضمان منه قولاً واحداً ما صح نقله على البائع بالشرط ولكان البيع بهذا الشرط فاسداً؛ لأن شرط الضمان حينئذ يكون له جزء من الثمن وإنما يجوز شرط الضمان في البيع على البائع إذا كان مختلفاً فيه، فإذا قدرنا أن في المسألة قولين في كون الجزاز والضمان من البائع أو من المبتاع جاز شرطها على البائع على أنها على المبتاع، وجاز شرطها على المبتاع على أنهما من البائع كشراء السلعة الغائبة على الفقة، وإذا قدرنا أنه لا خلاف أنهما على المبتاع كان اشتراطه كونهما على البائع فاسداً، وإن شرط عليه الجز وسكت عن الضمان كان البيع صحيحاً؛ لأنه إنما اشترى منه الصوف جزافاً واستأجره على جزأره كم اشترى ثوباً على أن على البائع أن يخيطه أو قمحاً على أن عليه طحنه فلا يضمنه البائع إلا أن يكون صانعاً قد نصب نفسه ولو باع منه الكباش دون صوفها أو السيف دون حليته أو الحائط، دون ثمرته، لكان الجز والنقض والجذع على البائع اتفاقاً، كمن باع من رجل عموداً له عليه بناء، فإزالة البناء عنه عليه ليصل المبتاع لأخذه. وفي الرد بالعيب منها لو لم يقبض المبتاع الأمة في البيع الصحيح حتى ماتت عند البائع أو حدث بها عنده عيب، وقد قبض الثمن أم لا فضمانها من المبتاع وإن كان المبتاع احتبسها بالثمن كالرهن إن كانت لا تتواضع وبيعت على القبض.

وقال ابن المسيب: من باع عبده وحبسه حتى يقبض ثمنه فمات بيده مصيبته منه، وقال سليمان بن يسار: هو من مبتاعه، وقال مالك بقوليهما. وفي سلمها الأول: وإن أسلمت إلي رجل عرضًا يغاب عليه في حنطة إلي أجل فأحرقه رجل في يدك قبل أن يقبضه المسلم إليه، فإن تركه وديعة بيدك بعد أن دفعته إليه فهو منه، ويتبع الجاني بقيمته والسلم ثابت، وكذا إن كنت لم تدفعه إليه حتى أحرقه رجل بيده وقامت بذلك بينة، وإن لم تقم بينة كان منك وانتقض السلم وإن كان رأس المال حيواناً فقتلها رجل بيدك أو كانت دوراً أو أرضين فهدم البناء رجل واحتفر الأرضين فللمسلم إليه طلب الجاني، والسلم ثابت. اللخمي: في ضمان البائع المحبوسة بالثمن روايتان، وسمع سَحنون ابن القاسم في جامع البيوع في البائع يحبس الثوب في ثمنه ثم يدعي تلفه دون بينة أحب إلي َّ أن البيع مفسوخ إلا أن يكون قيمة الثوب أكثر من الثمن فيغرمه؛ لأنه يتهم أنه غيبة وإن كانت قيمته أقل فسخ البيع وليس حبسه برهن ولو كان حيواناً صدق في تلفه، ولو قيل في الثوب: عليه قيمته كان أقل، أو أكثر لم أعبه. سَحنون: ليست هذه الرواية بشيء وردها إلي أن ضاعت؛ فالبيع مفسوخ ولا قيمة على البائع. ابن رُشْد: مشهور قول ابن القاسم أن المحبوسة بالثمن رهن مصيبتها من المشتري إن قامت بينة بتلفها، وإن لم تقم به بينة غرم البائع قيمتها، وجوابه هنا على أن ضمانها من البائع إن قامت بينة بتلفها انفسخ البيع وهو قول سليمان وأحد قولي مالك في المدَوَّنة. وقال سَحنون: في نوازله من كتاب الاستبراء: إنه قول جميع أصحاب مالك غير ابن القاسم جعلها كالرهن، وقوله: (يفسخ) يريد بعد يمينه لقد تلف إلا أن يصدقه المبتاع إلا أن تكون قيمتها أكثر من الثمن فيغرمها؛ لأنه يتهم أنه ندم فادعى تلفها فلا بد من إتيانه بالثوب أو قيمته، وقوله: (لو كان حيواناً) صدق في قوله؛ يريد مع يمينه، ويفسخ البيع على ما بنى عليه جوابه من أن ضمان المحبوسة من البائع وقوله: (ولو قيل .... إلخ) هو الآتي على مشهور قوله: أنها رهن، وعاب سَحنون هذا القول؛ لأنه

ذهب إلى أن ضمانها من البائع حسبما مر فيتحصل في كون ضمان المحبوسة، وعلى تلفها بينة من البائع فيفسخ البيع أو من المبتاع، ويغرم ثمنها قولان، وإن تقم به بينة فأربعة. سَحنون: يصدق البائع بيمينه ولو كان ثمنها أكثر ويفسخ البيع. ابن القاسم: هذا إلا أن تكون قيمتها أكثر فلا يصدق إلا أن يصدقه المبتاع فيفسخ البيع أو يغرمه القيمة ويثبت البيع وهما على القول بأن المصيبة من البائع ويفسخ البيع إن قامت البينة بالتلف والآتي على مشهور قول ابن القاسم أن حكمها حكم الرهن تصديق البائع مع يمينه في التلف ويغرم القيمة إلا أن تكون أقل من الثمن فلا يصدق لتهمته في أن يدفع القيمة ويأخذ الثمن وهو أكثر إلا أن يصدقه المبتاع، فعلى هذا يخير المشتري بين أن يصدقه فيأخذ القيمة منه ويدفع إليه الثمن وإن كان أكثر وبين أن لا يصدقه وينقض البيع، وعلى هذا يأتي قول ابن القاسم في بعض رواياتها فيمن أسلم ثوباً في طعام وادعى تلفه ولم يعلم ذلك إلا بقوله أن المسلم إليه بالخيار بين أن يضمنه قيمة الثوب ويثبت السلم عليه وبين أن يدفع قيمته ويبطل السلم. وقوله فيها: إن السلم ينتقض إذا لم يعلم تلف الثوب إلا بقوله: معناه عندي: إن شاء المسلم إليه فليس ذلك باختلاف من قوله، وحمله التونسي على أنه اختلاف وهو بعيد، والقولان: الثالث والرابع على قياس القول بأن مصيبة المحبوسة بالثمن من المبتاع في قيام البينة كالرهن. اللخمي: على أن المصيبة من البائع إن أهلك المبيع خطأ فلا شيء عليه إن كانت قيمته أكثر وعليه في العمد فضلها على الثمن فإن خالف جنسه القيمة خير المبتاع في الفسخ، ودفع الثمن ليرجع بالقيمة، وعلى أن المصيبة من المبتاع الخطأ كالعمد على المشتري الثمن وله القيمة، ومن له فضل أخذه وإن أتلفه المشتري خطأ انفسخ البيع وغرم الأكثر من الثمن أو القيمة لموأخذته بإتلافه الدين أو عين المبيع، وعلى الثاني يغرم الثمن قل أو كثر؛ لأن إتلافه كقبضه، وعمداً يغرم الثمن قل أو كثر على الأول أو الثاني؛ لأنه رضي منه بقبضه على تلف الحال وإن أهلكه أجنبي عمداً أو خطأ فعليه، على الأول للبائع الأكثر من القيمة أو الثمن لإبطاله ما في ذمة المشتري وعلى الآخر يغرم القيمة للمشتري.

المازري: بعض أشياخي رأى أن ما يحدث بالمحبوسة من نقص يجرى على الخلاف في ضمانها وكذا غلتها لمن منه ضمانها، وكذا حالة زيادتها في مدة احتباسها، وقد قال بعض الأشياخ: لو ذهب بياض كان بعينها مدة احتباسها لجرى على حكم ضمانها، وأشار إلي أن للبائع نقض البيع لأجل هذه الزيادة، كما أن للمشتري نقض البيع إن حدث عيب بالمبيع، وقد قال: هلا كان بهذه الزيادة شريكاً في المبيع بثبوت ملك المشتري بالعقد، ولم يحدث ما يوجب حله. قُلتُ: ظاهر المذهب أن لا شيء للبائع فيما يحدث من زيادة مدة الاحتباس، لأن ذلك كظهور وصف في المبيع لو علم به كان ثمنه أكثر والاحتباس بمنع البائع المبتاع القبض ونفيه بدفعه البائع أو تسليمه واضحاً، وفيما سوى ذلك نظر، مفهوم لفظ سلمها الأول إنه احتباس، وظاهر لفظ استبرائها ولو أمكنه البائع من الرائعه فتركها حتى حاضت فإن حيتضها استبراء للمشتري؛ لأن ضمانها كان منه؛ لأنه استودعها إنه غير احتباس. وقال المازري في أثناء كلامه في المحتبسة: وقد حكينا أن بعض المتأخرين ذكر الخلاف عن مالك وإن لم يمنع البائع من التسليم فإن أراد أن الخلاف يتصور ولو مكن من التسليم فوجهه ما قدمته. قُلتُ: يريد وقف ضمان المبتاع على القبض الحسي قال: وإن أراد إنه لم يمنع من التسليم ولا مكن أيضاً وافترقا على غير تصريح بأحد الوجهين صح ما أراد على أنها كالمحبوسة لما كان له حبسها، وقد ذكرنا ما في مختصر ابن شعبان من الاستدلال على أحد الوجهين بكون المشتري معروفاً غنياً أو غريماً فقيراً، فإن كان الأول كان الضمان من المبتاع وإن كان الثاني فهو من البائع. قُلتُ: الذي تقدم للخمي عن مختصر ابن شعبان عكس هذه التفرقة ويأتي له توجيه هذا العكس. ولابن بشير في السلم الأول من ترجمة إتلاف رأس المال إن بقي المبيع على السكت دون بيان هل هو محتبس بالثمن أو مسلم للمشتري؟ ففي كونه على الاحتباس حتى يتبين رفع يده عنه لأن الأصل ملك البائع ولم يرض بالتسليم إلا بشرط تسليم

الثمن أو حكم الوديعة قولان للمتأخرين. وإذا اختلف العاقدان في التبدئة بالدفع، فقال المازري في كتاب السلم: لا أعرف فيها نصاً جلياً لمالك ولا لأحد من أصحابه. وقال ابن القُصَّار: الذي يقوى في نفسي جبر المشتري على البدء بالتسليم أو يقال لهما أنتما أعلم إما أن يتطوع أحد كما بالبدء أو كونا على ما أنتما عليه وأن يجبر المبتاع أولى وهو قول أبي حنيفة، وقال الشافعي: مرة يجبر البائع، ومرة لا يجبر واحد منهما، وقال قوم: يحضر الثمن والمثمون عند الحاكم أو العدل؛ ليسلم لكل واحد منهما ماله عزى للشافعي، وإنما قلت: إن المبتاع يجبر؛ لظاهر قول مالك للبائع أن يتمسك بما باع حتى يقبض الثمن. قُلتُ: تممت نقل قوله من كتاب اختصار عيون الأدلة، وإنما ذكر المازري بعضه وزاد في كتاب العيون قال إسماعيل القاضي: يدفع الثمن والمثمون لرجل يدفع لكل منهما حقه، قال: وهذا أيضاً قد يتشاحان في البدء بالدفع لهذا الرجل إلا أن يقال يتناول ذلك، منهما معاً وأخذ بعض أشياخي، من قولها في الأكرية يبدأ صاحب الدابة بالدفاع فكلما مضى يوم أخذ مقداره من المكتري تبدئة البائع ومن قولها في النكاح للمرأة منع نفسها حتى تقبض صداقها تبدئة المشتري، وعزا هذا التخريج في كتاب السلم لشيخه عبد الحميد، قال: ونازع فيه شيخي اللخمي وفرق بأنه لا يمكن تسليم العوض للمكتري بنفس دفعه الثمن لأنه إنما يقتضي شيئاً بعد شيء بخلاف السلعة المعينة، ورده المازري بأنه لو كان تبدئة المكتري لأن المكتري لو جبر على الدفع لما أمكن قبضه العوض حينئذ لعكس هذا وقيل: لا يلزم المكري أن يسلم منافع دابته أول النهار لأجل تأخر قبضه عوضها وإذا بطل تعليل تبدئة المكري بها ذكر تعين كونه لأجل أنه بائع، فتعين كونه كذلك في كل بائع ويؤكده على أن بائع السلعة لأجل تسليمها وإن كان لا يقبض عوضها حينئذ لأجل ما رضي به من التأجيل فكذلك المكتري لعلمه أن ما ابتاعه من المنافع لا يمكن قبضها دفعة. قُلتُ: ما ذكره المازري يرد بالقول بموجبه لعدم تناوله الفرق المذكور، وبيانه أن حاصل الفرق صدق قولنا لو بدئ المكتري بالدفع تمام ما بيده لزم ضرره الناشئ عن

تسليمه ما بيده مع تعذر قبضه عوضه بخلاف مبتاع السلعة المعينة ضرورة تيسر قبضه السلعة، وهذا لا ينعكس في تبدئة المكتري ضرورة صدق نقيضه، وهو قولنا: لو بدئ المكري بدفع تمام ما بيده لما لزمه الضرر الناشئ عن تسليمه ما بيده مع تعذر قبضه عوضه ضرورة تيسره، وقوله: ويؤكده إلخ يرد بأن بائع السلعة إلي أجل دخل على تسليم ما بيده مع تأخر عوضه، وكذا المكتري إن دخل على ذلك ولو بالعرف ولو بتعرض لرد تخريج القول الآخر على تبدئة الزوج بدفع المهر، وكذا ابن عبد السلام وكثيراً ما كان يجري لنا رده بأن تسليم عوض المرأة ملزوم لتفويته فوجب تأخيرها بالدفع خشية طرو تعذر تسليم عوض بخلاف تبدئة بائع السلعة بدفعها. وقال اللخمي إثر نقله قول ابن القُصَّار: إن كان المبيع ثوباً بثوب فتشاحا: فعلى كل منهما مد يده بثوبه، فإذا تجاذبا قبض كل منهما ما اشتراه، وكذا في بيع ثوب معين بعد وزنه وتقليبه، وإن كان المبيع أرضاً أو ما لا بيان به جبر المبتاع على دفع الثمن إذ ليس على البائع أكثر من رفع يده والتسليم بالقول مع كون المبيع فارغاً من أشغاله، وعلى القول: إن العقد بيع في الحقيقة فإن كان بيع الثوب بعين بدأ بائع الثوب بتسليمه وإليه رجع مالك في مختصر ما ليس في المختصر إن كان المشتري موسراً من أهل البلد يريد أن البائع يصير في معنى المتعدي بإمساكه؛ لأن المبيع صار للمشتري بنفس العقد، وللبائع مطالبته في ذمته بالثمن فعليه أن يسلم للمشتري ملكه والإمساك حتى يقبض الثمن ضرب من الارتهان، ولا يكون إلا بشرط، وإن كان فقيراً أو غريبا كان الإمساك من سبب المكتري فكانت المصيبة منه. قُلتُ: وهذا عكس ما تقدم للمازري عن مختصر ما ليس في المختصر وذكر المازري قول اللخمي وقال: يبعد تحصيل هذا في الوجود لأنهما إذا تلاقت أيديهما فقد لا تمكن المساواة في التقابض في أضيق زمن، وقد يقول أحدهما: أزل يدك عن ثوبك قبل أن أزيل يدي عن كسائي ويعكس الآخر وتصور تقابضهما معاً بعيد، ولكن إذا بعد، فالقرعة أولى، ولما ذكر ابن محرز قول عبد الملك ومالك في وقف ثمن المتواضعة بطلب بائعها وعدمه قال وهذا الخلاف مبني على الخلاف فيمن باع سلعة يقدر على تسليمها، من قال البائع: يبدأ بالدفع يرى ما قاله مالك، ومن قال: التسليم في العوضين معاً

أوقف الثمن هاهنا. قُلتُ: ففي تبدئة بائع سلعة أو ما لا يثقل بعين يدفعها أو تسليمها فارغاً من أشغاله، وتبدئة مبتاعها يدفع الثمن. ثالثها: يتقارعان فيهما، ورابعهما: يقترعان على المبدئ منهما، وخامسها: يسلمانهما لعدل يحصلهما لهما معاً لتخريج عبد الحميد على المكري مع نقل ابن محرز، وأخذ اللخمي من رواية ابن شعبان وتخريج عبد الحميد على تبدئة الزوج بدفع المهر واختيار اللخمي والمازري وقول إسماعيل، وبغير عين ما سوى الأولين. قال ابن عبد السلام: فيها ما يدل على تبدئة المشتري ظاهراً قريباً من النص، قولها في الرد بالعيب، من اشترى عبداً فللبائع منعه من قبضه حتي يدفع إليه الثمن، وفي كتاب الهبة: فأما هبة الثواب فللواهب منعها حتى يقبض العوض كالبيع. قُلتُ: ما ذكره تقدم لابن القُصَّار عن مالك غير معزولها، وكان يجري في البحث منع دلالة لفظها على تبدئة المبتاع؛ إنما يدل على عدم تبدئة البائع، والمقابضة والإقراع والتسليم لعدل، وذلك أعم من تبدئة المبتاع أو القول لهما: إما أن يتطوع أحدكما أو كونا على ما أنتما عليه، وهو ما تقدم لابن القُصَّار، ولو حل أجل مبيع لأجل ولو بموت مشتريه أو فلسه ففي صيرورته كبيع نقد الحبس بثمنه، وكونه مختلفاً فيه أخذ بعض شُيُوخ عبد الحق من قولها: من نكح بنقد وبمؤجل وادعى دفع المؤجل صدق بيمينه إن بنى بعد حلوله، وتخريج بعضهم على القولين في منع المرأة نفسها من البناء حتى تقبض إذا تأخر بناؤها حتى حل المؤجل وفيها مع غيرها.

كتاب البيوع الفاسدة

[كتاب البيوع الفاسدة] ترجمة البيوع الفاسدة: ولعياض والمارزي: (وغيرهما ما حاصله فاسدها نوعان: ما لا يصح رفع المكلف إثر فساده، وعلله: أصناف الغرر وربا الفضل، والنساء، وعدم استيفاء المبيع طعاما وحرمته عموما كذي حرية أو عقدها أو خصوصا كالمصحف، والمسلم من كافر على قول، وتعلق القربة به القربة به أو قصدها كلحم الهدي والأضحية. وعدم الانتفاع به شرعا كالنجس، والصور، والخنزير، والقرد، وآلة الباطل والسم، وآلة الحرب من محارب أو حربي. عياض: أو نقادة كالديدان، وسابعها استحقاق زمنه غيره. ابن رشد: كالبيع زمن أقل إدراك أداء الصلاة.

عياض: كوقت الأذان والصلاة يوم الجمعة، ومقارنة شرط يوجب مفسدة تقدم تفصيله. قلت: عدم الانتفاع المؤثر ما كان حالا ومالا، أما الحالي فقط فلا، وقول المارزي في كتاب الغرر: (وما لا ينتفع به في الحال كطفل رضيع يباع، فإن ذلك مما ينتفع به في المآل دون الحال البيع فيه لا يجوز)، ولهذا قال أشهب في شراء ممر في دار: إنما جوز البيع إذا كان مشتريه يتوصل به إلى ما ينتفع به كأرض له يصل به إليها ولابد من حمل ما في المدونة على هذا، لأنه إذا كان يشتري خطوات يخطوها في دار إنسان لا يتوصل بها إلى ما ينتفع به في الحال أو يعلم أنه سيكون في المآل، فإن هذا من إضاعة المال غلط لنقل ابن محرز في كتاب الظهار ما نصه: (ضعف الصغر ليس بزمانه والصغير إن لم يطق السعي في الحال يطبقه في ثاني حال، ولذا جاز بيعه). وفي نوازل أصبغ في الظهار: (من أعتق منفوسا فكبر أخرس أو مطبقا بجنون أجزاء أن هذا شيء يحدث، وكذا لو ابتاعه فكبر على هذا لم يلحق بائعه شيء)، ولم يحك ابن رشد فيه خلافا، وقولا ابن القاسم وأصبغ: في جواز بيع شعر الخنزير أخذ منه حيا أو ميتا ومنعه خرجه ابن رشد على طهارته بعدم حلول الحياة ونجاسته وصوب الأول وما يصح رفع المكلف إثر فساده هو ذو حق آدمي فقط، كبيع السفيه والأجنبي غير وكيل والتفرقة ونحو ذلك. وفي نوازل أصبغ في الظهار: (من أعتق منفوسا فكبر أخرس أو مطبقا بجنون أجزاء لأن هذا شيء يحدث، وكذا لو ابتاعه فكبر على هذا لم يلحق بائعه شيء)، ولم يحك ابن رشد فيه خلافا، وقولا ابن القاسم وأصبغ: في جواز بيع شعر الخنزير أخذ منه حيا أو ميتا ومنعه خرجه ابن رشد على طهارته بعد حلول الحياة ونجاسته وصوب الأول وما يصح رفع المكلف إثر فساده هو ذي حق آدمي فقط، كبيع السفيه والأجنبي غير وكيل والتفرقة ونحو ذلك. وفي اندراج المكروه في الفاسد صرح ابن رشد باندراجه والأظهر إن عني بالفاسد ما نهي عنه فقط فمندرج وإن به ذلك مع سلب خاصية الصحيح وهي إمضاؤه ولزومه فهو غير مندرج. وفيها: ضمان ما فسد من آبق أو جنين أو ثمرة لم يبد صلاحها من البائع حتى يقبضه، وفي الرد بالعيب منها كل ربيع فاسد، فضمان ما يحدث بالسلعة في سوق أو بدن من البائع حتى يقبضها المبتاع. أبو عمران وابن محرز: قال أشهب: يضمنه مشتريه، وإن لم يقبضه إذا مكنه من قبضه أو انتقد ثمنه. زاد أبو عمران: ورواية أشهب: من تزوج على عبد فمات قبل القبض أنه من

الزوج وهو لم يكن على منعها منه يرد قوله في البيع. وسمع أبو زيد ابن القاسم في جامع البيوع (من ابتاع زرعا قبل بدو صلاحه ثم حصده وحمله إلى منزله فأصابته نار فاحترق، وعلم أنه ذلك القمح بعينه فمصيبته من بائعه). ابن رشد: هذا لخلاف المعلوم في المذهب أن المبيع بيعا فاسدا، يضمنه مبتاعه بقبضه، ونحوه سمع يحيي في كتاب الجعل، ووجهه لما كان بيعا فاسدا لم ينعقد، ولا انتقل به ملك، وبقى في ملك البائع؛ فوجب كون ضمانه منه إذا قامت على تلفه بينة، وقال جماعة خارج المذهب، زاد في أجوبته في هذا القول: ولا يفيت المبيع بيع ولا غيره وهو شاذ في المذهب. قلت: وظاهره أنه إنما يكون من البائع إن قامت بهلاكه بينة. اللخمي: وقال سحنون: إن كان البيع حراما فمصيبته من بائعه وهو في يد مشتريه كالرهن، وعبر المارزي عنه بكونه متفقا على تحريمه. قلت: وسمع سحنون ابن القاسم: من اشترى زرعا بعد يبسه بثمن فاسد فأصابته عاهة فتلف قبل حصده مصيبته من مشتريه، وهو قابض بخلاف مشتريه قبل بدو صلاحه على أن يتركه فيصاب بعد يبسه مصيبته من بائعه. ابن رشد: لأنه إذا ابتاعه بعد يبسه بثمن فاسد دخل بالعقد في ضمانه؛ إذ لا توفية فيه على البائع؛ لأنه جزاف كما لو اشتراه صحيحا ضمنه بالعقد؛ لأن حصاده عليه ولا جانحة فيه فهو كصبرة جزافا. قلت: هذا يقتضي أن المذهب عنده في المبيع بيعا فاسدا إذا لم يكن بيد بائعه، ولا توفية فيه، إنه من مبتاعه، وظاهر قولنا والروايات غير هذا السماع أنه من بائعه، وإنما يتصور هذا على قول أشهب القائل: إن التمكين كالقبض، فتأمله وسمع أبو زيد ابن القاسم: من ابتاع كلبا فهلك بيده ضمانه من بائعه وعليه يرد المبتاع ما انتفع به لحديث: "الخراج بالضمان"، ومثله سماع عيسى في مسلم اشترى من مسلم خنزيرا يرد ثمنه

لمشتريه ويقتل فظاهره قتله من البائع وقيل: يقتل على مشتريه إن قبضه، فعليه يكون ضمان الكلب من مشتريه والأول هو المعروف. اللخمي: اختلف إن كانت بيد أمين البائع فأقرها المشتري ولم يقبضها هل تبقى على ضمان االبائع لأن الحكم منع المشتري من قبضها أو يضمنها المشتري، وكذا لو كانت قبل البيع عند المشتري ثم اشتراها شراء فاسدا اختلف هل يضمنها المشتري أو تبقى في ضمان البائع لأن الحكم رد ذلك الرضى وهي باقية على حكم الأمانة إلا أن يحدث فيها المشتري حدثا فيضمن قيمتها يوم أحدثه بخلاف أن يحدث فيها أمر من غير سبب المشتري. قلت: ففي ضمان المبتاع المبيع فاسدا ولا توفية فيه بقبض ثمنه كتمكينه البائع من قبضه أو بقبضه، ثالثهما: لا يضمنه بحال إن قامت بينة بتلفه بغير سبب، رابعها: هذا إن كان متفقا على حرمته وخامسها يضمنه بالعقد إن كان جزافا، ولو كان بأرض بائعه لأشهب والمشهور وسماع أبي زيد وقول شحنون وسماعه ونقل ابن عبد السلام قول سحنون. ثالثها: لقولي ابن القاسم وأشهب: مطلقا لا بقيد كونه في متفق على فساده غير تام، وضمانه يوجب قيمته بموجبها يومه على أقواله، الكافي: في كون قيمته يوم قبضه أو فوته قولان، والثاني أقيس، وفي الرد بالعيب منها، وكذا في البيع الفاسد ترد المبيع ولا شيء عليك في غلته، ثم قال: لأن الغلة بالضمان والبيع الفاسد لا ينقل حقيقة الملك بعقده لقولها في الهبة: (عتق البائع من باعه بيعا فاسدا قبل فوته لازم)، ومقتضى قول المارزي عن أشهب لغو عتقه نقله حقيقته، وفي نقله للمبتاع شبهته نقل المارزي عن بعض البغداديين مع أخذه من قولها من قال لعبد: إن اشتريتك أو ملكتك؛ فأنت حر فابتاعه بيعا فاسدا عتق عليه، وعن أخذ بعض القرويين من قولها في الهبة: إذا فسخ البيع الفاسد؛ إنما يرجع المبيع على الملك الأول.

قلت: ظاهر معاندته ما أخذه بعض القرويين لقول بعض البغداديين: إنه لا ينقل شبهة الملك، وأخذ ابن رشد أنه لا ينقل شبهة الملك عند هذا القروي، وهذا لا أعرفه إنما قال ابن محرز: لا ينقل الملك للمشتري؛ لكن يوجب له في المبيع شبهة لقولها في الصدقة: وهذا هو معنى شبهة الملك، وأخذ ابن رشد أنه لا ينقل شبهة الملك من سماع أبي زيد المتقدم في ضمانه والأول من قولها في الرد بالعيب: من ابتاع جارية بيعا فاسدا فأعتقها قبل أن يقبضها أو كاتبها أو دبرها أو تصدق بها فذلك فوت إن كان له مال. وقول اللخمي في كتاب الهبة: إن كان مجمعا على فساده لم ينقل الملك، إنما ينقل الضمان، على أحد القولين يرد بقولها في الرد بالعيب إن اشترى مسلم جارية من ذمي بخمر فأعتقها أو أحبلها فذلك فوت وعليه قيمتها، وقد يجاب برعي نسبة البيع للذمي، وبه يفهم دلالة مفهوم قوله: (من ذمي) لولا قول ثاني عتقها، وإن باع عبده من أجنبي بخمر أو خنزير أو بما لا يحل فأعتقه المبتاع جاز عتقه، ولم يرد، ولزم المبتاع شبهته في المجمع على حرمته للمشهور، وأخذ ابن رشد من سماع أبي زيد مع المازري عن بعض القرويين، ومقتضي قول أشهب: (عتق البائع) لغو. واللخمي في كتاب الهبة: **** البيع الحرام لثمته أو مثمونه أو عرزه يفسخ ما لم يفت وجوبا. اللخمي والمارزي: قال محمد بن مسلمة: يرد بعد قبضه استحسانا. وفيها مع غيرها: من ابتاع شيئا فاسدا ففات عنده فعليه قيمته يوم قبضه. وفيها: وظاهره لربعة: كل بيع فاسد لم يدرك حتى يتفاوت، ولا يستطاع رده إلا بمظلة فات رده ما لم يفت فأنقضه. ابن وهب: سمعت مالكا يقول: الحرام البين من الربا وغيره يرد لأهله أبدا، ولو فات، وما يكرهه الناس نقض إن أدرك فإن فات ترك. الصقلي: معنى يرد: فات أو لم يفت إنه إن كان المبيع قائما رد، وإن فات ردت قيمته، وما كرهه الناس قال محمد عن ابن القاسم: هو مثل من أسلم في حائط بعد زهوه على أخذه تمرا وكل بيع مكروه.

المازري: ما فسد لثمنه فسخ إن كانت السلعة قائمة، فإن فاتت فإن أجمع على فساده أغرمت القيمة، وإن اختلف فيه فالقيمة أيضا، وعن مالك يمضي بالثمن وهو مقتضي قول ابن مسلمة: فسخه بعد قبضه استحسان. اللخمي: في مضي ما اختلف في فساده بالعقد أو القبض، ثالثهما: بقوته مقبوضا، وفي مضيه في فوته بالثمن أو القيمة كغيره من الفاسد قولان. ابن الحاجب: قال ابن القاسم في الحرام البين المثلي والقيمة في غيره، وما كرهه الناس يمضي بالثمن، وقيل: بتعميم الأول. قلت: هو معنى قول ابن شاس: فوت المبيع بيعا فاسدا بعد قبضه يوجب المثل أو القيمة. وفي تعميم هذا الحكم في المختلف في فساده، وتخصيصه بالحرام البين رواية ابن نافع وابن القاسم. وقال ابن عبد السلام: معنى قوله: وقيل: بتعميم الأول، أن النوع الأول من الفاسد وهو الحرام البين يفسخ فات أو لم يفت ولابد من رد عينه، إذا أمكن ردها ولو تغيرت، وكلام ابن القاسم هذا وقع في المدونة وزاد المؤلف فيه القضاء في المثل بالمثلي والقيمة فيما عداه وهي زيادة صحيحة. قلت: هذا يقتضي أن قول ابن القاسم هذا وقع في المدونة، ولا أعرفه فيها إلا من رواية ابن وهب حسبما قدمناه، وتفسيره الأول بالنوع الأول إن أراد به تعميم حكمه فيما كرهه الناس لم يستقم لقوله: ولابد من رد عينه إن أمكن؛ إذ لا خلاف في المذهب أنه يفوت بغير فوت عينه من المفوتات إلا على سماع أبي زيد، وقد تقدم شذوذه، وإن أراد تعميمه في حالتي فوته وهذا هو ظاهر كلامه لم يصح نسبته لابن القاسم إنما عزاه اللخمي والمازري وغيرهما لسحنون. قال ابن الحاجب - إثر قوله الأول: فلو كان درهمان وسلعة ساوي عشرة بثوب فاستحقت السلعة وفات الثوب فله قيمته بكماله على الأصح، ويرد الدرهمين لا قيمة نصفه وثلثه. قلت: هذه من مسائل كتاب الاستحقاق وما أدرى موجب ذكره إياها هنا ولم يزل

المذاكرون يعتذرون عن مثل هذا في المدونة في كتاب الغصب وغيره، بأن أصلها الاختلاط؛ ولذا سميت (مختلطة) ونفس هذه المسألة لا أعرفها لغيره، وما ذكره من القولين فيها تقدما في العيوب فيمن رد أعلى المعيب وفات أدناه؛ لأن المردود كالمستحق وفوت الأدنى كالدرهمين. قال ابن عبد السلام: بعد تصويره القولين الذين نقل ابن الحاجب، وفي هذا المذهب قول منسوب لابن الماجشون: إن الحكم في قيام الثوب وفواته واحد؛ وهو أنه لا يرجع في هذا المثال إلا في قيمة خمسة أسداس الثوب، ولو كان قائما لم يتغير في سوق ولا غيرها. قلت: هذا نفس القول بأن من استحق من يده ما ابتاعه إنه لا يرجع في عين عوضه الذي خرج من يده مع كونه قائما لم يفت بحوالة سوق ولا أعرف من نقله والأصول تأباه بالبديهة؛ لأنه يؤدي إلى إخراج الشيء عن ملك ربه بغير اختياره؛ بل قال ابن الحارث: اتفقوا فيمن استحقت من يده سلعة أنه يرجع في عوضه إن كان عينا فيعين وإن كان قائما وبقيمته إن كان فائتا. ثم قال ابن عبد السلام: (وقول المؤلف لا قيمة ثلثه ونصفه)، فلا يريد به خصوصية هذه المسألة لاستحالة أن تكون السلعة ثلثا ونصفا من الصفقة في وقت واحد وإنما ماده لا قيمة ثلثه إن كانت السلعة ثلث الصفقة كما لو كانت تساوي درهما واحدا، ولا قيمة نصفه كما لو كانت تساوي درهمين وهذه المسألة ليست م هذا الباب. قلت: قوله: لاستحالة أن تكون السلعة ثلثا ونصفا يريد أن لازم قول ابن الحاجب: (قيمة ثلثه ونصفه) صدق قولنا: تكون السلعة ثلثا ونصفا، وهذا عنده مستحيل لامتناع صدق مسمى النصف والثلث على شيء واحد في وقت واحد، ومن الضروري هنا أن تعلم أن الخبر وهو المحمول عند المنطقين إذا كان معطوفاً ومعطوفاً عليه فتارة يكون المعتبر فيهما صدق كل منهما على المبتدأ وهو الموضوع كقولنا: العشرة عدد وزوج، وتارة يكون المعتبر صدق مجموعهما لا أحدهما منفردا كقولنا: العشرة سبعة وثلاثة، إذا تذكرت هذا فقوله: يستحيل أن تكون السلعة ثلثا ونصفا من الصفقة

في وقت واحد وهم سببه قصر فهمه القضية القائلة تكون السلعة ثلثا ونصفا على الاعتبار الأول ولا موجب لقصره على الاعتبار الأول ولا موجب لقصره على ذلك بل هو من الاعتبار الثاني وهو كون السلعة مجموع ثلث الصفقة ونصفها، وكذلك هو في المسألة المفروضة، وقد أشار ابن الحاجب في: مختصره الأصلي: إلى هذا المعني حيث قال: كجعل الجزء جننسا مثل العشرة خمسة وخمسة، وهذا الاعتبار مستعمل في كلام الفقهاء في العيوب والاستحقاق، وفي كلام الفرضيين، والفوت بغير المبيع معتبر فيه: فيها: منه الولادة والعيب وزيادة بدن الجارية وزوال بياض العين وتغير سوق غير الربع والمثلي، وظاهر قول الأكثر أن تغير الأسواق متفق عليه، وفي الكافي: في الفوت بها اختلاف عن مالك وأصحابه، وعود السوق بعد انتقالها كدوامه وصحيح بيعه بعد قبضه. المازري: في كون بيع المتفق على فساده بيعا صحيحا فوت قولان للمشهور وسحنون والمختلف في فساده بيعه بيعا صحيحا فوت، في الرد بالعيب منها بيع نصفها ككلها. وسمع عيسى ابن القاسم: من باع عبدا أو دارا بيعا حراما فقام بفساد البيع على المشتري يريد فسخ البيع ولم يفت ذلك فيفوت المشتري ذلك يتصدق بالدار أو يبيعها أو يبيع العبد أو يعتقه بعد قيام البائع عليه؛ لم تجز صدقته ولا بيعه بعد قيامه عليه بفسخه، ويمضي العتق لحرمته. ابن رشد: وهذا صحيح؛ لأنه متعد فيما فعل بعد القيام عليه؛ إنما يجوز له ذلك قبل القيام عليه؛ لأنه أذن له في ذلك حين ملكه المبيع بالبيع الفاسد، فإذا باع أو وهب أو تصدق بعد أن قام عليه فله إجازة ذلك، ويضمنه القيمة يوم القبض؛ لأنه بفعله ذلك رضي بالتزام القيمة، وله رد ذلك وأخذ مبيعه وليس له أن يجيز البيع، ويأخذ الثمن إذ ليس بعداء صرف؛ لأنه إنما باع ما ضمنه بالبيع الفاسد؛ لأنه لو تلف كانت مصيبته منه، والقياس أن يكون في العتق مخير بين أخذ عبده وإمضاء عتقه، ويضمن المشتري قيمته، وإنما أمضاه استحسانا. وفيها: من اشترى سيفا نصله لفضته بدنانير ثم افترقا قبل النقد، ثم باع السيف، ثم على قبح جاز بيعه، وعليه قيمته يوم قبضه.

ابن محرز: أنكر سحنون فوته بالبيع ورآه ربا، وقوله في السؤال: ثم علم بقبح ذلك، فيه إبهام البيع الصحيح وإنما يفوت الفاسد إن لم يقصد مشتريه تفويته ولا يفوت بقصده ذلك وهو وجه صحيح. عياض: لا يختلفون أنه لو علم بالفساد، ثم باعها قصد تفويتها أن بيعه غير ماض. قلت: هذا خلاف قول اللخمي إن قصد المشتري بالبيع والهبة تفويت البيع قبل أن يقوم عليه البائع كان فوتا، واختلف إن فعل ذلك قبل قيام بائعه بفسخه لظاهرها مع اللخمي عن المذهب، وعياض مع ابن محرز عنه. ونقل اللخمي مع سماع عيسى ابن القاسم: قال ابن عبد السلام: ووقع، في الرواية أن المشتري إن قصد تفويته ببيعه؛ فإنه لا يفوت بذلك إلا بالعتق. قلت: إنما وقع هذا سماع عيسى المتقدم، ولم يقع مطلقا كما نقله؛ بل مقيدا بكونه بعد قيام بائعه عليه بالفسخ حسبما تقدم، وفي فواته ببيعه قبل قبضه نقلا الصقلي: عن ابن عبد الرحمن والشيخ وأخذ ابن محرز الأول من قولها في العيوب الصدقة به قبل قبضه فوت، قال: والبيع أقوى من الصدقة، ورد المارزي كونه أقوى بأن المبيع إذا نقض رجع المشتري بالثمن فلم يتضرر بفسخه، وإذا نقضت الصدقة؛ لم يرجع المتصدق عليه بشيء. الصقلي: البيع أحرى من الصدقة؛ لافتقارها للحوز دونه. ابن محرز: وقد اختلف في هذا الأصل فعن مالك من اشترى ثمرا قبل بدو صلاحه على البقاء، ثم باعه بعد بدو صلاحه على مشتريه قيمته يوم زهوه، وقال أيضا: يرد مثل مكيلته. وقال محمد: وعليه قيمته يوم باعه، فلم ير مالك بقوله: يرد المكيلة أن البيع الصحيح يفيته لما كان باقيا في أصول بائعه، ومن هذا المعنى قوله في الشفعة من المدونة من أعمر رجلا دارا حياته على عوض يرد غلتها، ولم يجعل صحيح عقد كرائها بعيب عقد كرائها الفاسد، لما كان العقد فيما لم يضمنه مشتريه ومن لم يقل بهذا يتأول قوله يرد الغلة برد قيمتها وقوله في الثمرة بأنه مضى البيع الثاني وأغرم أولا مكيلته يوم البيع.

وذكر اللخمي قولي مالك ومحمد في الثمر وقال: لا يصح قوله: إن قيمته يوم بدو صلاحه إلا على أنه دخل على بدو صلاحه أو بعد ذلك، فيجري على الخلاف في التمكين هل هو قبض، وإن دخل على بقائه فيه يوم البيع الثاني. واختلف فيمن اشترى عبدا شراء فاسدا فباعه أو أعتقه قبل قبضه فعلى أنه ليس يفوت يخبر البائع في إمضاء بيعه وأخذ ثمنه ورده، وإن جذه المشتري وبان به، وهو يعلم؛ فليس له إلا الثمن، وإن لم يعلم بالبيع الثاني خير في إجازة البيع، وأخذ الثمن من المشتري الثاني أو قيمته مجدودا كما قبضها المشتري الثاني أو المكيلة إن عرفت، وعلى أنه فوت يغرم المشتري الأول قيمته يوم باعه يقال: ما قيمته على أن يبقى في رؤوس النخل في ضمان الأول إلى يبسه هذا معنى قول محمد؛ لأن المشتري إنما اشتراه على أن جائحته من البائع حتى يبس، فإذا لم يضمنه المشتري ثانيا إلا باليبس كان للمشتري أولا على البائع مثل ذلك كمن اشترى تمرا مزهيا فباعه بالحضرة، فلكل واحد من مشتريه الرجوع على بائعه بجائحته، ويصح على أن البيع فوت أن يكون للمشتري أولا الثمن الذي باع به، وعليه لمن باع منه مثل كيله كقول مالك؛ لأنه وإن كان البيع فوتا، فالضمان لاينتقل عن واحد منهما إلا بالبيس، وإذا كان كذلك كانت المكيلة على صفتها وقت قبضها، ولو رجع المبيع فاسدا لمشتريه بعد بيعه إياه صحيحا بشراء أو إرث أو رد عيب أو هبة، ففي رفع فوته، وبقائه، قولا ابن القاسم مع مالك وأشهب. فيها: وفي عبارتها عن الفسخ بقوله له رده تعقب يوجب كون اللام على عياض: عارض بعض الأندلسيين قول ابن القاسم بقولها: إن باع الموهوب هبة الثواب، ثم اشتراها لم يزل ما لزمه من قيمتها، وأجاب القرويون بأن رد الهبة اختياري فبيعها دليل التزامه قيمتها ورد الفساد جبري فيتم على بيعه إنه لا بأخذه الشفيع بالصفقة الأولى لفسادها فإن نقضنا انتقض الأول، وجرى أشهب على أصله أنه يأخذه

بأيتهما شاء. الأولى بقسمة الشقص لفواته بالبيع، والثانية بالثمن قال فضل: هذا أشبه بأصوااهم قلت: يريد: أنه يجري على أصل ابن القاسم أيضاً؛ لأن نقض الصفقة الثانية؛ إنما هو بالأخذ بالفقة الأولى بعد تقررها فهو رفع مفوت لها بمفوت آخر، فلم يزل حكم اللفوت. وفي الرد بالعيب منها، وإن قبض الأمة مشتريها شراءً فاسدا فكاتبها، ثم عجزت بعد أيام يسيرة؛ فله الرد إلا أن يتغير سوقها قبل رجوعها إليه فهو فوت، وأشهب يفيتها بعقد الكتابة، وإن عجزت قرب ذلك، والتدبير فوت كإيلادها، والرهن والإجازة، فلا أراه فوتاً. الشيخ عن أشهب: برهنها لزمته قيمتها، ولو رد غرماؤه عتقه أو تدبيره أو رد عليه بعيب بعد الحكم بالقيمة لفوته لم يرتفع. اللخمي: اتفاقا ولو حدث ذلك قبله فقولان: لمحمد عن أشهب وابن القاسم وهو أحسن. المازري: والقولان لا يجريان فيما لو سافر به سفراً مفيتاً، ثم عاد أو صح عن مرض أو زال عيبه أو افتكه من رهن، أو إجازة عن قرب. وفيها: إن تغيير سوق السلعة ثم عادت لن ترد، لأن القيمة وجبت بخلاف رجوعها بعد بيعها إليه ببيع أو بغيره، وفرق القابسي بأن التي حال سوقها، ثم رجع إنما رجعت لسوق أخرى لا للأولى، وفي البيع عادت الملك الأول. ابن محرز: ليس هذا ببين والصواب الجمع بينهما. عبد الحق: وقيل: لأن حوالة السوق ليس من فعل المشتري والبيع من فعل، وليس بالقوي، وقول ابن القاسم في رفع فوت القاسم بعوده لمشتريه، يبين وهم ابن رشد في رده على التونسي في مسألة من باع ثوباً على الصفقة ثم اشتراه قبل قبضه منه بقوله: من اشترى ما باعه فاسداً شراء صحيحاً لا يفسخ بيعه والعتق لأجل فوت، سمع أبو زيد ابن القاسم: من باع امة على حرية ما في بطنها مضي بيعها، لأن عتق

الجنين فوت. وفيها: قيمتها يوم قبضها. ابن رشد: فسد؛ لأن شرط عتقه على مبتاعها غرر والواجب قيمتها يوم بيعها، لأنه يوم فوتها، وفي قوله يوم قبضها نظر، إلا أن يكون قبضها يوم بيعها، ولو كان على أنه حر على بائعها فسخ ما لم يفت به البيع الفاسد على مذهب ابن القاسم، والقيمة فيها على أن الولد مستثنى لرجل بيعها كذلك. وقال ابن حبيب: لا يفوت بحوالة سوق ولا ولادة، ويفوت بالعيب المفسد قال: ولو أعتقها مشتريها قبل ولادتها؛ فله ولاؤها، وولاء ولدها لبائعها، وكذلك هبته إياها وفي رهنها، وأما الدور والأرضون؛ فلا يفيتها حوالة الأسواق ولا طول زمان، إنما يفتيها الغرس والبناء والهدم بفعلك أو غيره. وفي سماع عيسى ابن القاسم: بيع الدار والصدقة بها كما مر له في العرض. الشيخ عن محمد: لا يفتيها الزرع، فإن فسخ بيعها في إبانه لم يقلع، وعليه كراء المثل، وبعده لا كراء عليه ولو أثمرت الأصول عند مبتاعها ففسخ بيعها وقد طابت الثمرة فهي للمبتاع، ولو لم تجذ وإن لم تطب فهي للبائع، وعليه للمبتاع ما أنفق ولأصبغ: من اشترى أرضاً شراء فاسداً فغرس غرساً أحاط بها وأكثرها بياض لم يحدث به شيئاً؛ فهو فوت إن عظمت مئونته وله بال، وإن غرس منها ناحية فقط، وجلها بياض سخ في بياضها، وفيها غرس قيمته إلا أن يكون يسيراً جداً لا بال فيفسخ في جميعها وللغارس على البائع قيمته. ابن رشد: ومضي ما غرس منها غير يسير بمنابه من قيمتها جميعها، ولابن القاسم في الدمياطية مضيه بقيمته مفرداً، وذلك يختلف قد يكون قيمته مفرداً عشرة، ومع جملة الأرض عشرين؛ إذ قد تساوي الأرض دون ذلك الموضع تسعين، ويساوي ذلك الموضع وحده عشرة، ويساوي جميع الأرض جملة مائة وعشرين. وقوله: إن كان الغرس يسيراً لا بال له، فسخ بيع جميعها مثل سماع القريبين في يسير البناء قال فيه: على رب الحائط ما أنفق المبتاع فيه، وقال في الغرس: على البائع قيمة الغرس معناه: قيمته مقلوعاً يوم غرسه، وما أنفق في غرسه أو قيمة ما أنفق فيه

قلت: في سماع القرينين: وعلى رب الحائط ما أنفق مبتاعه في بناء جدار أو حفر بئر وأصل هذا البيع لم يكن جائزا. ابن رشد: لا يفوت الحائط في البيع الفاسد: بالبناء اليسير، فلذا قال: على رب الحائط إذا رد إليه مت أنفق المبتاع، وقيل: قيمة ما أنفق، وليس باختلاف إن كانت نفقته بالسداد رجع بما أنفق، وإن كانت بغير سداد كاستئجارة الأجراء بأكثر من أجر مثلهم فيرجع بقيمة ذلك على السداد. قلت: ما ذكر في قيمة الغرس خلاف قول التونسي، لم يذكر أصبغ في قيمة الغرس قائماً ولا منقوضاً، والأشبه أن يكون قائماً؛ لأنه فعله يشبهة على البقاء، فأشبه من بني ببقعة فاستحقت وفي فوتها بحوالة الأسواق قولان: للخمي مع نفله عن أشهب والصقلي عن أصبغ في الواضحة وفضل بن سلمة عن ابن وهب، والمشهور، وفي لغو طول الزمان فيهما مطلقاً فوتهما بعشرين نقلا اللخمي عن ابن القاسم مع مالك وأصبغ قائلاً: لابد أن يدخلها التغيير في ذلك. اللخمي: اختلف في الطول في الحيوان؛ ففي التدليس منها من كاتب عبداً اشتراه شراء فاسداً فعجز بعد شهر فات بيعه؛ لأنه طول، وفي ثالث سلمها الثلاثة الأشهر ليست بفوت في العبيد والدواب. المارزي: اختلف في مجرد طول الزمان يمر على الحيوان، ولم يتغير في ذاته ولا سوقه، هل هو فوت؟ فذكر قولها في الكتابين، ثم قال: اعتقد بعض أشياخي أنه اختلاف قول على الإطلاق، وليس كذلك إنما هو اختلاف في شهادة بعادة؛ لأنه أشار في المدونة إلى المقدار من الزمان الذي لا يمضي إلا وقد تغير الحيوان، فتغيره في ذاته أو سوقع معتبر، وإنما الخلاف في قدر الزمان الذي يستدل به على التغير. قلت: في رده على اللخمي تعسف واضح، لأن حاصل كلامه أن الخلاف إنما في قدر الزمان الذي هو مظنة لتغيره لا في التغير، وهذا هو نفس مقتضي كلام اللخمي لمن تأمله وأنصف، وذهاب عين المثلي مع بقاء سوقه لغو لقيام مثله مقامه، وفي فوته بحوالة سوقه، ثالثهما: إن ذهبت عينه، للصقلي عن ابن وهب مع اللخمي عنه وعن

غيره والمازري عنه مع قول ابن رشد: هو مقتضي النظر ولم يعزه ونقله لما هو سوقه بخلاف سوق ما نقل منه فوت ولغيره. قال ابن رشد: إن كان يفتقر لكراء من دواب ورقيق ففي لغو نقله وفوته به سماع عيسى ابن القاسم في الرقيق قائلاً: ترد على بائعها حيث نقلها، وإن كان طعاماً رده من حيث نقله، وقياس السلع عليها والتخريج على قول أشهب وأصبغ بتخيير من غضبها منه في إلزامه غاضبهما قيمتهما وهذا الأظهر. اللخمي: إن كانت عروضاً لحملها أجرة فنقلها فوت ولم يره ابن القاسم في نقل الحيوان؛ لأنه ينتقل بنفسه لم يغرم مشتريه لنقله أجراً وكذا البائع في رده، وأرى أن لبائعه أن لا يقبله إلا حيث قبض منه، وإن كان بطريقه خوف فهو أبين ولبائعه أن يضمنه قيمته وإن حال سوقه وما بين البلدين قريب مأمون فلمشتريه رده حيث قبضه وقد تقدم قولا ابن القاسم وأشهب: إذا عاد المشتري فاسداً بعد بيعه لمشتريه. المازري: نقل الموزون والمكيل كالعرض، لافتقاره لأجر في نقله، وفي فوت جزافه ولم يعلم كيله ولا وزنه طريقان: الصقلي: قولان لمحمد في الحلي الجزاف، وقولها في بيع السيف حليته أكثره يفسد بتأخير عوضه لا يفوت بحوالة سوقه. الصقلي: مع شبهه بالعرض لربطه به. اللخمي: هو كالعرض يفوت لها وبذهاب عينه/ وأرى إن ذهبت، وأراد البائع أن يقضي له بمثل المكيلة التي تقوم قضي له به؛ لأنه إذا قيل فيها تسعة إلى أحد عشر غرم عشرة كان غرم مثل العشرة أولى من غرم قيمتها، وكذا إن قال: أغرمه أقل ما يقال: إنه فيها، أو قال المشتري: أغرم له أكثر ما يقال: إنه فيها؛ فله ذلك. قلت: إن قيل قوله ثانياً، وكذا إن قال البائع: أغرمه اقل ما يقال: إنه فيها تكرار عن قرب لقوله: أول وأرى أن يقضي له بمثل المكيلة التي تقوم. قلت: ليس تكراراً؛ لأن الأولى تردد التقدير فيها بين ثلاثة أعداد، واخبر أن الحكم فيها بالوسط، والثانية تردد التقدير بين عددين فقط، واقتصار المازري في نقله عنه على الثاني فقط يخل علم حكم الأولى فتأمله.

اللخمي: وأرى إن ذهبت عينه، وعرف كيله ولم يتغير سوقه أن يقضي فيه بالمثل. المازري: قال بعض أشياخنا: المذهب على قولين فيه: إن علم كيله بعد ذلك هل يقضي فيه بالمثل أو يبقى على حكمه حين عقد البيع؟ وأشار الشيخ إلى ارتفاع الخلاف في هذا في مسألة من ابتاع ثمراً قبل زهوه وجذه رطباً. قلت: ظاهر كلام اللخمي: إن مذهب فيما عرف كيله كما جهل كيله، وإنه أختار خلافه ولم يصرح بذكر القولين. اللخمي عن محمد عن ابن القاسم: وطء الأمة فوتز زاد عبد الحق قال بعض شيوخنا: لأنه لابد من المواضعة للاستبراء، فيطول الأمد، وطول الزمان في الحيوان فوت. المازري: مقتضي هذا التعليل أنها إن كانت وخشاً لم تفت به؛ لأنها إذا ردت إلى البائع لن يمنع من منفعة مقصودة لكن يمنع من بيعها لاحتمال حملها. قلت: ومنعه بيعها ضرر عليه فالحكم بفوتها به صحيح، والاقتصار على العلة الأولى متعقب ومجرد غيبة المبتاع عليها لغو إن صدقه البائع، ووقفت للاستبراء إن كانت من العلي وإلا لم توقف وإن كذبه وهي من العلي لم ترد وإن كانت من الوخش، فالقول قوله إن لم يصب وردت. وفيها: إن اشترى ثمراً لم يزه فتركه حتى أرطب أو أتمر فسخ ورد قيمة الرطب وكيلة التمر إن جده تمرٍاً. الصقلي: يريد إن كان الرطب قائما ردت، وإن فات والإبان قائم رد مثله، وإنما يرد مكيلة التمر إن فات وإلا رده بعينه. الشيخ: انظر قال محمد في جزاف الطعام: إنما عليه إن حال سوقه قيمته لا رد مكيلته التمر إن عرفت. الصقلي: الذي هنا إذا عرفت المكيلة ردها، فلعله يريد إنما يكون عليه قيمتها إن فاتت عينه وجهل كيله فلا يكون اختلاف قول، ورد المكيلة أعدل ولو أخره حتى أرطب لقصد فسخه وإمضائه معاملة بنقي قصده قولان لها، ولنقل الصقلي، وسمع ابن القاسم: من ابتاع ثمراً لم يبد صلاحه ثم باع بعد بدو صلاحه

لصاحبه عدد الثمرة حين يبدو صلاحها ولا يأخذ إلا تمراً فإن تلفت لم يأخذ الأول من أخذ الثمرة المبتاع شيئاً. ابن رشد: بيعه كذلك فاسد ضمانه من بائعه ما دام في شجرة وإن طاب؛ لأن قبض أصوله ليس قبضاً له، ويضمنه مبتاعه بجده وعليه كيله إن جده رطباً وعرف كيله، ولم يفت إبان الرطب وإن فات أو جهل كيله فعليه قيمة خرصه، وإن كان قائماً رد وفسخ البيع بكل حال هذا معنى قوله في البيوع الفاسدة وغيرها، ولو باعه مبتاعه بعد بدو صلاحه فقيل بيعه فوت وقبض، وفي كون قيمته يوم باعه أو يوم بدو صلاحه قول محمد وروايته، ومعناه: إن كان بيعه يوم بدا صلاحه أو استوت القيمة في الوقتين؛ فلا اختلاف، وقيل ليس بيعه قبضاً ولا فوتاً؛ لأنه باع ما ليس في ضمانه فبيعه فاسد لا يقع به فوت ما لم يجده فيه البيع الصحيح تفويتاً قبل القبض وجعل الهبة فيه فوتاً. قلت: تقدم هذا مستوفي قال: وقوله: لصحابها عدد الثمرة، معناه: إن جده المبتاع الثاني تمراُ؛ لأنه إذا لم يجعل بيعه بعد بدو صالحه فوتاً وجب رده لبائعه الأول إن كان قائماً ومكيلته إن فات أو تلف بعد جده وينفسخ فيه البيعان، وقوله: حين يبدو صلاحها! لا وجه له؛ لأن المكيلة لا تجب عليه ببدو صلاحها إنما تجب عليه بجده إياها بعد ذلك تمراً، ولأن الملكية لا تختلف باختلاف الأوقات إنما تختلف فيها القيمة، وقوله: لا يأخذ إلا ثمراً معناه: إن جدها تمراً لأنه هو الواجب له، وعليه ولو تراضياً على ما سواه، جاز أن يأخذ منه كل ما يجوز له أن يبيع به الثمر، كمن استهلك لرجل تمرا وقوله: إن تلفت لم يأخذ الأول من أخذ الثمرة المبتاع شيئاً معناه: إن تلفت قبل جدها، وإن يبست، ومثله في الموازية وهو صحيح على قياس قوله: إن البيع فيها ليس بفوت. قلت: حمله قول محمد ومالك على الوفاق خلاف ظاهر كلام اللخمي، قال قوله: (القيمة يوم بدو الصلاح)؛ إنما يصح على أن المشتري جدها من حين بدو صلاحها فيجري على الخلاف في كون التميكين قبضاً وإن دخل على أن تبقى لتيبس لم تكن القيمة يوم بدو الصلاح، وكان الاعتبار يوم البيع الثاني، ومن فاسدها بيع معين حاضر يتأخر

قبضه لما يتغير فيه. مقصود منه في سلمها الأول، من أسلم في سلعة بعينها لأجل بعيد لم يجز نقد أو لا؟ لأنه غرر لا يدري أتسلم السلعة لأجلها أم لا؟ إن هلكت، وقد شرط نقد ثمنها رده بعد نفعه به باطلاً. وإن لم يشترطه صار كأنه زاده في ثمنها على ضمانها، وإن شرط قبض السلعة ليومين جاز لقربه، ولو شرط في طعام بعينه كيله إلى ثلاثة أيام جاز وكذا السلع كلها شرطه البائع أو المبتاع. وفي كراء الرواحل منها لابن القاسم: لا يعجبني شرطا تأخيرها ثلاثة أيام إلا لعذر من ركوب دابة ولبس ثوب وخدمة عبد وغيره أو توثيقاً للإشهاد وإن لم يكن لشيء من ذلك كرهته ولا أفسخ به البيع. قلت: فظاهره شرط جوازه لفائدة توثق أو انتفاع وأخذ لغوه من قول سلمها شرطه البائع أو المبتاع. وفيها: مع غيرها: جواز بيع الدار واستثناء سكناها مدة لا تتغير فيها غالباً، وفي حدها بسنة أو نصف أو سنتين رابعها ثلاثا، وخامسها، خمساً، وسادسها عشراً لها مع سماع يحيى ابن القاسم قائلا: ولو كان الثمن مؤجلاً، ولابن رشد عن رواية ابن وهب والمتيطي عن ابن حبيب وعن سحنون، ولابن رشد عنه وله عن ابن القاسم في الموازية مع المغيرة ودليل قولها في العارية: بجواز إعارة الأرض عشر سنين على أن يبنيها بناء موصوفا ورده المتيطي بأن لرب العرصة أخذ البناء عند انقضاء المدة برد بأنه حينئذ مرئي مدركة حالته. ابن رشد: ينبغي أن ينظر في ذلك لحال البناء في أمنه وضعفه. قلت: هذا قول التونسي وكذا الأرض. ابن رشد: في سماع يحيى بيع الأرض واستثناؤها أعواماً أخف يجوز فيها عشرة أعوام، قاله ابن القاسم أول سماع أصبغ من كتاب الحبس ومثله في الموازية، وقال المغيرة: يجوز فيها السنين ذوات العدد أكثر من عشر، ولابن القاسم في المدينة لا يجوز فيها إلا سنة كالدار. قلت: ومثله للمازري ولابد من بيان ما يجعله فيها، وفي الغرر منها: يجوز لمن باع دابة استثناء ركوبها يومين لا ما بعد ولا ركوبها شهراً، فإن هلكت فيما لا يجوز استثناؤه

فهي من البائع لأنه بيع فاسد لم تقبض بع السلعة وكذا استثناء خدمة العبد. ولابن رشد يجوز استثناء ركوب الدابة ثلاثة أيام. قلت: ومثله للمازري. الباجي: روى ابن حبيب يجوز ركوبها يومين في السفر، وروى أشهب منع ذلك في السفر، وروى محمد منع ركوبها ثلاثة أيام، وقال: يفسد العقد، وعندي أن دواب الكد والعمل يسرع لها التغير وتدبر ولو كانت من دواب الحمال والركوب، خاصة، جاز فيها لأنها لا تكاد تتغير في مثله ما لم يكن سفراً، وقبله ابن زرقون ورواية أشهب بالمنع في السفر إنما هي في النوادر بلفظ فال عنه أشهب لا يصلح في بعيد السفر. اللخمي: ما جاز استثناؤه يجوز بعد قبض المبتاع، ومقامها عنده يومين لا جمعة. وفي كون ضمانها فيما يجوز استثناؤه من المبتاع مطلقاً أو فيما كان بعد قبضه قولا مالك وابن حبيب، وما فسد في كونه من بائعه مطلقاً أو ما لم يهلك بيد مبتاعه أو بعد حوالة سوق قولا ابن القاسم وكتاب ابن سحنون. وفي نوازله: من باع داراً اشترط سكناها سنة ثم تهدمت قبلها، أو باع دابة اشترط ركوبها يومين فماتت قبلها وطلب رجوعه على المشتري بحصة السكني والركوب واحتج بأنه رخص في الثمن لما استثناه. قال: سمعت علي بن زياد يقول لا رجوع له بشيء، وروى أصبغ عن ابن القاسم مثله. ابن رشد: مثل رواية أصبغ في سماعه لا يرجع بشيء وزاد فيه؛ لأنه خفيف لم يضع له من الثمن شيئاً وفيه نظر؛ لأن المعلوم أن الثمن مع الاستثناء، أقل منه دونه، ولعل قيمة السكني مثل قيمة ربع الدار أو أكثر، وكذا استثناء ركوب الدابة بيومين أو ثلاثة؛ وإنما وجه عدم رجوعه إنه جعل ما استثناه باقياً على ملكه ولم يبعه؛ وإنما حط عن المشتري ما كان يجب لما لم يبعه، واستثناه كمن باع ناقة لها فصيل واستثناه، فإن بني المبتاع الدار على هذا القول وبقيت من مدة الاستثناء بقية، فللبائع سكني الدار بقيتها وعليه كراء الأنقاض قائمة لذهاب الأنقاض التي استثنى سكانها، ولا حق له في أنقاض المشتري فيقال كم كراء البقعة مهدومة؟ وكم قيمة كراء الدار قائمة؟ فيغرم

البائع فضل قيمة كراء الدار قائمة على قيمة الأنقاض في المدة التي بقيت من شرطه وإن لم يبنها المشتري فللبائع سكني القاعة مهدومة بقية المدة وله أن يبنيها، فإذا انقضى أمد سكناه أخذ نقضه إلا أن يشاء المبتاع أن يعطيه قيمته منقوضا على قول ابن القاسم وروايته، وعلى قول المدينين وروايتهم له قيمته قائما إذا انقضى أمد سكانها وعلى أن المستثني مشتري فهو كمن باع داره بدنانير وسكني مدة معلومة فينظر لقيمة السكني إن كانت عشرة دنانير، والثمن تسعون رجع بعشر قيمة الدار يوم باعها، وكذا في الدابة، وهو قول أصبغ في سماعه إلا أنه قال: ما لم يكن المستثنى يسيراً مثل الأيام في الدار والبريد في الدابة وهو استحسان لا قياس، وكذا تفرقة ابن حبيب بجعله الركوب قبل قبض المبتاع مبقى على ملك البائع لا يرجع بشيء وبعض وبعد قبض المبتاع مشتري يجب له به الرجوع، ولما ذكر ابن محرز عدم رجوعه في الانهدام قال: وقال ابن القاسم: إلا أن يصلح الدار قبل السنة فيكون للبائع بقية شرطه. قلت: زاد في النوادر ولا يجبر على الإصلاح. قال ابن محرز: إنما رآه في الهدم اليسير الجاري مجرى الإصلاح؛ لأن الأنقاض التي شرط الانتفاع بسكانها قائمة، ولو ذهبت ثم بناها المشتري، من عنده أو كثر الانهدام حتى يحتاج إلى إنشائها لم يبق للبائع حق إلا في القاعة وفيما بقي من أنقاضه. وقال الأصبغ: لا يعجبني قول ابن القاسم، وأرى أن تقوم السكني، ويرجع البائع بقدرها، وكذا في استثناء ركوب الدابة إن هلكت يرجع بقدرها إن كانت شيئاً له قدر. وأما مثل الأيام والبريد، والأيام القليلة في الدار فلا يرجع بشيء وليس كالصبرة؛ لأن صفقة الصبرة قبض للمبتاع ما اشتراه والبائع لم يقبض سكناه. قال محمد: لم أجد لقول أصبغ معنى ابن محرز: هو كما قال محمد: وقول أصبغ يدل على أن المستثنى على مالك المشتري وهو باطل ضرورة؛ لأن المشتري ماملك قط السكني ولا ابتاعها إنما ابتاع ما سواها، وقو أصبغ وهم، ولو كان مشتري للزم في الصبرة إذا استثنى البائع من ثمرته كيلاً أن يبيع ما استثناه قبل كيله خوف أن يطن له أن اشتراه، ولعله ممن يقتدي به.

قلت: قول أصبغ هذا وقع في سماعه، ولم يتعقبه ابن رشد، ودعوى ابن محرز وهم قول أصبغ إغراق للشهرة نقل غير واحد الخلاف في كون المستثنى أو مبقى، وتقدم تفريغ ابن رشد على القولين. وسمع أصبغ ابن القاسم من باع دابة على أن يركبها بعد ثلاث إلى الإسكندرية فقبضها المشتري، فتلفت عنده قبل الثلاث إنها منه ولو أخذها البائع بعد الثلاث فركبها ضمنها. أصبغ: لفساد بيعها بطول الركوب، وكثرته وردها لبائعها كعدم قبضها منه. ابن رشد: فسد لأمرين بعد المسافة، وعدم الاتصال الكوب بالبيع، إنما جاءت السنة في اتصاله بالبيع، ومثله سمع أبو زيد إنه فاسد، أنه جعل ضمانها من البائع ما بقي له فيها ركوب، وإن تلف بيد المشتري، فسماع عيسى على أن المستثنى مشتري وسماع أبي زيد على أنه مبقى. الصقلي عن بعض القرويين: وأجر تقويم المبيع إن افتقر إليه على المتابعين معاً لدخولهما قي البيع مدخلاً واحدا. قلت: ما علل به هو تفرقتها بين فوت البيع الفاسد بحوالة الأسواق بخلاف الرد بالعيب وحكي بعضهم أنه على البائع قال: وقيل: على المبتاع، والأظهر الأول ما لم ينفرد أحدهما بعلم فساده فيكون عليه، وهلاك المبيع قبل ضمانه مبتاعه بغير سبب بائعه كاستحقاق ينقص بيعه وتغيره حينئذ بنقص كقدمه يوجب تخيير مبتاعه وتلف بعضه أو استحقاقه معينا كرده بعيب، فيها مع غيرها: إن قل المستحق؛ لزمه الباقي بمنابه من الثمن حين العقد معيناً. وفيها: إن استحق الأكثر حتى يضر بتبعيض الصفقة فعليه رد جميعها لا يجوز رضاه بقي لجهل حصة ذلك إلا بعد القيمة فكأنه بيع بثمن مجهول لوجوب الرد في كل الصفقة. الصقلي وغيره: أجاز ابن حبيب تمسكه بما بقي بمنابه من الثمن، وعزاه ابن محرز له عمن أدرك من أصحاب مالك وقال: وقال ابن الكاتب: أجاز ابن القاسم مرة جمع الرجلين سلعتيهما في البيع؛ فعليه يجوز أن يتمسك بما بقي بمنابه من الثمن؛ لكونه في

الجملة معروفاً ولو كان التمسك كابتداء عقد لكان إذا كان الاستحقاق على الأجزاء في أكثر المشترى لافتقر في التمسك به إلى رضى البالغ. قال التونسي والصقلي: ووقع في أكرية الدور منها ما يؤيده وهو قوله فيمن اكترى دارًا فانهدم منها بعد ما سكن بعض السكنى ما يجب به الرد إن له التماسك بما بقي، وهو أخف من جمع الرجلين سلعتيهما في البيع؛ لأنهما في جمعهما ابتدءا العقد على ذلك، وفي الاستحقاق هو حادث بعد صحة العقد. قُلتُ: يعارض ما ذكراه من الحفة بأن جهل مناب ما بقي من الثمن في الاستحقاق عام في البائع والمبتاع، وجهل مناب كل سلعة من الثمن في جمع السلعتين خاص بجنبة البائع. وقال الصقلي في كتاب العيوب: لأشهب نحو قول ابن حبيب، وأنا أستحسن إن استحق الكثير ورضي المبتاع أخذ ما بقي بحصته أن لا يأخذ إلا بعد التقويم، ومعرفة حصة ما بقي، وفي استحقاقها إن استحق نصف الدار أو جلها أو أقل مما هو ضرر بالمشتري خير في تمسكه بما لم يستحق على قدره من الثمن ورده. عياض: وظاهرة: أن الاستحقاق على غير الأجزاء، فإن كان كلامه على الأجزاء فهو على أصله، وإن كان على ظاهره وكلامه على النخلات المعينات والبيت، فهو خلاف ما عرف من مذهبه؛ لأن منابع من الثمن مجهول لا يجوز ذلك حتى يعرف ذلك وهو مثل ابن حبيب خلاف ماله في العيوب وماله هنا في مسألة السلع الكثيرة، وأشار بعضهم إلى أن مذهبه في كتاب الاستحقاق التفريق بين السلع والرباع. قُلتُ: ففي كون استحقاق الجل معيناً من غير المكيل والموزون موجباً لفسخ بيع ما بقي وتخيير مشتريه في إمساكه ما بقي، ثالثها: في السلع لا الرباع. ورابعها: لزوم ما بقي ولو كان العشر فيما تقاربت أفراده عدده للمشهور وابن حبيب مع نقله عن أصحاب مالك وأشهب ودليل بعض مسائلها ونقل عياض عن بعضهم، وغير واحد عن أشهب وقول عياض: لأن منابه من الثمن مجهول لا يجوز ذلك حتى يعرف ذلك يقتضي أنه المذهب عنده وهو خلاف ما تقدم للصقلي: أنه اختيار منه، فتأمله وقول ابن

عبد السلام: أشهب يرى في جميع هذه المسائل أن استحقاق الأكثر لا يوجب خياراً للمشتري ويلزمه الأقل بما ينوبه من الثمن يقتضي أن قول أشهب مطلق غير مقيد بتساوي أفراد المبيع أو تقاربها ولا أعرفه إلا مقيدًا حسبما ذكرناه، واستحقاق الأكثر من مثلي أو غيره شائعًا يوجب تخيير مبتاعه في رده، واستحقاق الأقل من واحد من الحيوان وما يفسده القسم كالثوب مثله ومن غيرهما معينًا لا ينقص منفعة باقية لا يوجبه الأقل في العروض غير المثلية النصف، وما فوقه كثير. ابن رُشْد: هذا قوله وقول غيره في الرد بالعيب، وقيل: النصف كثير يفسخ البيع باستحقاقه قاله في آخر كتاب الاستحقاق منها في بعض رواياتها، وفي استحقاقها صبر المثلي كالسلع وفي التجارة لأرض الحرب، منها: من اشترى لبن عشر شياه في إبانه ثلاثة أشهر فمات منها خمس بعد حلبه جميعها شهرًا، فإن كانت الميتة تحلب قسطين قسطين والباقية تحلب قسطًا قسطًا نظر، كم الشهر من الثلاثة في نفاق اللبن؟ فإن كان النصف فقد قبض نصف صفقته بنصف الثمن وهلك ثلثًا فالهالك ثلثا النصف الباقي قبل قبضه؛ فله الرجوع يرجع بحصته من الثمن وهو ثلثا نصف الثمن وهلك ثلث للثمن أجمع ولو كان موتها قبل أن يحلب منها شيئًا رجع بثلثي جميع الثمن. ابنن محرز: لم يبين حكم ما بقي من لزومه أو تخييره في رده كاستحقاقه، والصواب أنه كالثمار، يلزمه مابقي ولو قل، واعتبرها بعض المذاكرين بمسألة كراء الحمامين والحانوتين إن انهدم وجههما رد الباقي، وليس مثله لأن الربع مأمون وهدمه نادر ولو كان المكترى رواحل أو عبيدًا، فهلك بعضها لكان كالغنم والثمار لأن هلاكها متوقع فلم يكن للمشتري حجة في ردها. قُلتُ: ما ذكره هو قولها في مرض الظئر والبعد المستأجر والدابة في المدة في غير سفر الدابة، إن باقي المدة لازم ما لم يحكم بالفسخ والرجوع بمناب المستحق من الثمن بقبضه على قيمته، وقيمة ما بقي ولو كانا سميا قدرًا منه لهما في العقد، وتقدم نقل المتيطي اعتبار ما سميا. الصقلي: وقيل: يفسد البيع بالتسمية؛ لأنه كالمشترط أن لا يقبض الثمن في الاستحقاق والأقل في الطعام وغيره مكيلاً أو موزونًا في كونه كالعروض أو ما دون

الثلث والثلث كثير. ثالثها: في غير الطعام لابن رُشْد مع غير واحد عن أشهب ونقله عن سَحنون في رسم الثمرة من سماع عيسى في الاستحقاق، وله عن ابن القاسم في رسم يوصى من سماعه عيسى من كتاب الاستحقاق مع نقله في سماع ابن القاسم عنه من جامع البيوع، ولابن محرز عنه مع ابن رُشْد عنه في رسم الثمرة من سماعه عيسى في الاستحقاق قائلاً: هو المشهور المعلوم من مذهبه. وفي الدار ما لا يضر فيها من ابتاع دارًا فاستحق منها بيت فإن كان أيسرها كدار عظمى لا يضرها ذلك لزم بيع بقيتها، وكذا النخل الكثيرة يستحق منها نخلات يسيرة، ولو استحق جل الدار أو دون نصفها مما يضر بالمشتري، فله رد ما بقي أو حبسه بحصته من الثمن ومثله في ثاني نكاحها. وسمع عيسى ابن القاسم: من ابتاع دارًا فاستحق منها سهم عن عشرة أو أقل أو أكثر قال: قال مالك: إن كان المستحق منها يسيرًا. قُلتُ: العشر، قال: ربما كان العشر فيها يضر بها وقد لا يضر إنما ينظر الوالي بالاجتهاد إن رأى ضررًا رده وإلا أمضى البيع ورد عليه قدر ذلك من الثمن. ابن رُشْد: إن كانت لا تنقسم أعشارًا فذلك ضرر، وإن كانت تنقسم ببيت تحصل للمستحق منها والمدخل على باب الدار والساحة مشتركة فإن كانت دارًا جامعة كالفنادق تسكنها الجماعة فليس بضرر فيرفع بقدره من الثمن ولا يرد ما بقي، وإن كانت للسكنى فهو ضرر وإن كانت تنقسم دون نقص في الثمن ويصبر لكل حظ حظ من الساحة وباب على حدته فليس بضرر إلا أن يكون المستحق على هذه الصفة الثلث فأكثر والدار الواحدة في هذا بخلاف الدور وإن استحق بعضها لم يرد باقيها إلا أن يكون معها أكثر من النصف، وقد نص في القسمة منها أن استحقاق ثلث الدار الواحدة كثير. قُلتُ: كون ثلثها كثير هو نقل الزاهي عن المذهب قال: وقال أشهب: هذا في كبار الدور التي لا يضر استحقاق صغير جزئها، فأما صغارها وما لا ينقسم؛ فله رد الجميع وبهذا أقول. قُلتُ: ظاهره أن فيما لا ينقسم منها خلاف وليس كذلك حسبما تقدم لابن رُشْد في النوادر عن ابن القاسم: من اشترى دارين فاستحق يسير، من إحداهما رجع بحصته

من الثمن ولزمه ما بقي، وإن استحق أكثرها وهي وجه الصفقة رد الدارين إن شاء أو حبسهما ولا شيء له، وإن لم تكن وجهها ففي ردها بحصتها من الثمن ولزوم باقيها قولا ابن القاسم وسَحنون وقول ابن رُشْد: والدار الواحدة في هذا بخلاف الدور يريد أن الدور كعدة سلع في قسمتها لمن ابتاع عبدًا رده باستحقاق أيسره بخلاف مبتاع عبدين متكافئين يستحق أحدهما أو مبتاع الدور والسلع لا ترد في هذا الصفقة إلا باستحقاق أكثرها، والأقل في الأرض ما دون النصف والنصف كثير في الشفعة منها: من استحق منه نصف أرض ابتاعها ولم يشفع مستحقه في باقيها، فله رد ما بقي بيده من الصفقة؛ لأنه استحق منها ما له بال، وعليه فيه الضرر وقد ذكرت هذا في مذاكرة بعضهم فأنكره على فوقفته على قولها هذا ومثله قولها بعده بنحو ورقة: ومن ابتاع أرضًا بعبد فاستحق نصف الأرض قبل تغير سوق العبد فله رد بقية الأرض وأخذ عبده. وفي الزاهي: ما استحق من الأرض كالدار وقيل: ليس الأرض كالدار وبالأول أقول. قُلتُ: هذا خلاف قولها، والنقص بالخطأ في التقدير كالاستحقاق في رد البيع في البيوع الفاسدة، منها: إن ابتعت صبرة على أن فيها مائة إردب جاز، وكذلك لو ابتعت مائة من تلك الصبرة فإن نقصت يسيرًا ووجدت أكثر المائة لزمك ما أصبت بحصته من الثمن، وإن نقصت كثيرًا فأنت مخير في أخذ ما أصبت بحصته من الثمن أورده. قال ابن رُشْد في أول مسألة من سماع القرينين من جامع البيوغ: اختلفت إن اشترى دارًا أو ارضًا أو خشبة أو شقة على أن فيها كذا وكذا دراعًا، فقيل ذلك كقوله: أشتري منك كذا وكذا ذراعًا فإن وجد في ذلك أكثر مما سمى من الأذرع فالبائع شريك له بالزيادة كالصبرة يشتريها على أن فيها عشرة أقفزة فيجد فيها أحد عشر قفيزًا فالزائد للبائع وإن وجد أقل مما سمى كان ما نقص كمستحق إن قل لزم المبتاع ما وجد بحسابه وإن كثر كان مخيرًا في أخذ ما وجد بمنابه من الثمن، وقيل ذلك كالصفة لما ابتاع إن وجد أكثر مم سمى فهو له، وإن وجد أقل كان مخيرًا في أخذه بجميع الثمن أو رده والقولان قائمان من أول كتاب تضمين الصناع منها، ومن رسم أوصى من سماع عيسى من هذا الكتاب، وفرق في نوازل سَحنون منه بين الدار والأرض وبين الشقة والخشبة،

وسوى بين ذلك كله في نوازل سَحنون من كتاب العيوب في بعض الروايات، وقال: يدخله الخلاف كله دخولاً واحدًا. قُلتُ: تفرقة سَحنون بالأول في الدار والثاني في الشقة والخشبة. ابن رُشْد: وقال بعض الشُيُوخ: على قياس التفرقة في نوازل سَحنون كل ما كان أصل شرائه شراء الجملة بغير ذرع فوجد زيادة في الذرع كالثوب والحبل والخشبة فهي له، وكل ما أصله أن يشترى بعدد أو كيل أو ذرع فوجد فيه زيادة فهي للبائع كصبرة الطعام والحرث والأرض تشترى على ذرع، وأما الدار يكون في صفتها عدد ذرع فإن كانت ذات بناء وهيئة فالذرع بعض صفاتها إن وجد فيها المبتاع زيادة فهي له وإن كانت على غير ذلك إنما بيعت لسعتها وانفساحها فوجد زيادة كان شريكًا مع البائع بالزيادة إن شاء أو يرد الكل إن كره الشركة. وسمع عيسى ابن القاسم: من اشترى دارًا على أن فيها ألف ذراع فلم يجد إلا خمس مائة له أخذها بمنابها من الثمن أو ردها ولو كان بها بنيان فانهدم ثم لم يجد فيها غلا خمس مائة لزمته بمنابها من الثمن. وفي كتاب أسد: هو مخير في أخذها كلها بجميع الثمن أوردها. ابن رُشْد: إنما ألزمه الخمس مائة إن كان بها بنيان؛ لأن ما نقص من الذرع كاستحقاق واستحقاق نصف ذرع الدار إن لم يكن بها كثير يوجب له الخيار، وليس نقص نصف الذرع إذا كان بها بناء بكثير؛ إذ قد تكون قيمة البناء وقيمة البقعة سواء فيكون نقص نصف ذرعها كاستحقاق ربعها، وسواء كان البناء قائمًا أو انهدم؛ لأن مصيبة ما نهدم منها بعد الشراء من المشتري، وهذا على أن الذرع في الدار والأرض والثوب والخشبة كالكيل، وعلى أنه كالصفقة وهو أظهر القولين يكون مخيرًا في الدار بين أخذ ما وجد بجميع الثمن أو رده وهو الذي قال: إنه في كتاب أسد. الصقلي: في كتاب الرد بالعيب: قال محمد: من اشترى دارًا على أن فيها مائة ذراع فوجد فيها زيادة ذراع؛ فله أن يغرم حصة الذراع أو يردها كلها إلا أن يدع له البائع الزيادة؛ لضرر القسمة، ولو كان ثوبًا؛ فله الزيادة والرد في النقصان. الصقلي: كما له الرد في النقص يجب أن لا تكون له الزيادة كالدار، ويحتمل أن

الفرق بينهما أن الثوب ظاهر الاختبار فكأنه باع عالماً بالزيادة، قال: الصبرة تزيد، برد زيادتها ويلزمه ما بقي. وذكر في الواضحة في الثوب ما تقدم. وقال في النقص: إن فات بالقطع رجع بقيمة ذلك قال: والعرصة كالشقة في الزيادة والنقص بخلاف الدار ذات المنازل والبناء؛ لأنها إنما توصف بحدودها الذرع فيها كالتحلية إن نقص الذرع يسيرًا فلا قيام به إلا أن يتفاحش بما له خطر فيكون عيبًا أو يكون اشتراط الذرع شرطًا نصًّا، فله القيام بما قل أو كثر كالشقة، والعرصة، وهو فيها عيب كان بشرط أو بذكر البائع فقط كقول مالك في الجارية تزعم أنها عذراء أو طباخة فتوجد بخلاف ذلك؛ فله الرد. قُلتُ: ففي كون شرط الذرع في الدار كالكيل إن وجد زيادة غرم حصتها أورد جميعها أو كالصفة نقصها عيب نقلا الصقلي عن محمد وابن حبيب وعزاهما ابن رُشْد لها مع سماع عيسى ابن القاسم، والأسدية. ولو ذكر الذرع في صفتها دون شرط ففي كونه كصفة لها زيادته لغو مطلقًا ونقصه لغو إن قل، وإن تفاحش كعيب، وإن كانت ذات بناء وهيئة فهو صفة لها زيادته لمبتاعها، وإن بيعت لا تساعها فهي للبائع شريكًا بها وللمبتاع الرد لضرر الشركة قولان لابن حبيب وابن رُشْد عن بعضهم، وفي الأرض والخضبة والشقة تشترى على قدر يبين خلافه نقلا ابن رُشْد القولين في الدار، وله في قول سَحنون في نوازله: لو اشترى شقة على أن فيها سبعة أذرع فوجد فيها ثمانية أو خشبة، كذلك فالزيادة له. ابن رُشْد: المعنى أن الشقة والخشبة غائبتان، واشتراهما على الصفة ولو حضرتا لم يجز بيعهما إلا بعد كيلهما؛ إذ لا مئونة فيه بخلاف الدار والصبرة لمؤنة ذلك فيهما. قُلتُ: ظاهر الرواية الإطلاق ولا أعلم من قيدها بما ذكر غيره، وسمع عيسى ابن القاسم: من باع طعامًا واعدى هلاكه قبل كيله وكذبه مبتاعه وطلب ضمانه الكيل الذي ابتاع منه لزم غرم الكيل الذي ابتاعه منه، إلا أن تقوم بينة بهلاكه. ابن رُشْد: ولا يجوز تصديقه إياه في هلاكه فيأخذ ثمنه؛ لأنه إذا كان مخيرًا في أخذه بمثل الكيل الذي ابتاعه أو ثمنه دخله بيع الطعام قبل قبضه؛ لأن أخذ الثمن منه إقالة

وهي لا تجوز إلا بأجرة فتفسد للخيار وهو قائم من سلمها الثالث فيمن اشترى طعامًا بعينه كيلاً، فأتلفه بائعه فإنه يضمن مثله، ولا خيار له في أخذ ثمنه؛ لأن معنى المسألة أن التلف لم يعلم إلا بقوله. قال أشهب: إنه بالخيار في ذلك وهو نحو بعض روايات سلمها الأول فيمن اشترى ثوبًا بطعام فتعدى رجل على الثوب فأحرقه ولم يعلم إلا بقوله: إن المسلم إليه بالخيار في أن يغرمه قيمته ويتم السلم بحاله أو يفسخه عنه ومثله في الموازية فعليه يكون للمشتري أن يصدقه في دعوى تلفه ويأخذ ثمنه أو يغرمه مثله، وقيل: معنى ما تكلم عليه أشهب، ومسألة السلم الثالث إذا علم استهلاكه ومسألة السلم الأول لا وجه فيها للتأويل؛ لأنه خيره بين الأمرين مع نصه على أنه لم يعلم ذلك إلا بقوله، وفي هذا القول بعد لاحتمال أن المسلم استهلك الثوب فتجب عليه قيمته للمسلم إليه، فتكون الإقالة على القيمة فيدخله بيع الطعام قبل قبضه؛ فالصحيح وجوب غرم قيمته وبقاء السلم. ولما ذكر المازري سماع عيسى قال: مقتضى قولها في السلم: أن يختلف على تلفه بأمر من الله وينفسخ بيعه. قُلتُ: ففي لزوم غرمه مثله وتخيير مبتاعه. ثالثها: يفسخ بيعه وإن حلف بائعه، لسماع عيسى ابن القاسم وأشهب والمازري عنها، وفي سلمها الثالث: إن ابتعت صبرة طعام جزافًا، فهلكت بعد العقد فهي منك، فقول ابن شاس: إتلاف المشتري قبض واضح فيما ليس فيه حق توفية بيع عليها وقوله مطلق: فيما بيع عليها وأتلفه قبلها وهو نقل اللخمي عن المذهب قال: إن أتلف طعامًا ابتاعه على الكيل قبل كيله، وعرف كيله فهو قبض له، وإن لم يعرف كيله؛ فالقدر الذي يقال: إنه كان فيها إن قيل: قفيز غرم ثمنه ومثله للمازري، فقول ابن الحاجب: إتلاف المشتري الطعام المجهول كيله يوجب القيمة لا المثل ولا ينفسخ على الأصح، وقبول ابن عبد السلام نقله إيجاب القيمة وهم وتعقبه عليه مقابل الأصح صواب. وفيه إن هلكت بتعدي أحد تبعه المبتاع بقيمتها كان بائعًا أو غيره.

اللخمي: إن أتلفها بائعها فعليه قيمتها وله ثمنها، ولو كان حبسها بثمنها ففي كونها من مبتاعها أو منه روايتا محمد على الأولى كما لم تحبس إن أتلفها أجنبي غرم قيمتها وإن أتلفها بائعها فقيل يخير مبتاعها في إغرامه قيمتها أو فسخ بيعها ولابن القاسم لو قال قائل: يغرم قيمتها كأجنبي لم أعبه، وعلى الثانية إن تلفت بأمر من الله او من أجنبي انفسخ بيعها، وعلى الأجنبي الأكثر من قيمتها أو ثمنها وإن أتلفها بائعها أو باعها انفسخ بيعها، في إغرام مبتاعها بائعها الأكثر من قيمتها أو ثمنها وإن أتلفها بائعها الفسخ ببيعها في إغرام مبتاعها بائعها الأكثر من قيمتها أو الثمن ومنعه قولا: على قولي أشهب وابن القاسم: لأنه بيع طعام قبل قبضه كاللبن في الضروع، والثمرة الغائبة، وفيه ولو ابتاعها على كل قفيز بدرهم فهلكت قبل المكيل بأمر من الله فهي من البائع وانتقض البيع وإن تلفت بتعدي البائع أو بيعه إياها فعليه مثلها تحريًا يوفيكها على الكيل لا خيار لك في أخذ ثمنك أو الطعام. اللخمي: ولا إمضاء بيع البائع ولا أخذه بقيمته إن أكله أو وهبه؛ لأنه بيع لع قبل قبضه. ابن محرز: كتب سَحنون اسمه على هذه المسألة إنكارًا لها. قال فضل: يحتمل كونه؛ لنه رأى أن تبين استهلاكه ينفي تهمة المشتري ويثبت خياره كقول غير ابن القاسم فيمن ابتاع سلعة بمائة إلى أجل فتعدى بائعها ببيعها من غيره بثمانين نقدًا وفاتت، وقيمتها ثمانون، إن لمشتريها أخذ ما باعها به ويعطي الثمن الأول عند أجله ولا يتهمان لما كان العداء ظاهرًا، وكما قال ابن حبيب فيمن استهلك لرجل زرعًا بحريق ظاهر أنه ياخذ منه القيمة طعامًا. قُلتُ: ليس أصل غير ابن القاسم بحجة عليه، وكذا قول ابن حبيب ومسألة الغير تقدمت في الآجال. وفيها: إن تلفت بتعدي أجنبي قبل كيلها قال: لم أسمع فيها شيئًا، وأرى للبائع عليه القيمة، ويشتري بها طعامًا للبائع ثم يكيله البائع للمشتري؛ لأنه لو عرف كيلها، غرمه المتعدي فلما لم يعرف كيله وأخذ مكان الطعام القيمة اشترى له طعامًا بها يأخذه المشتري، وليس ببيع للطعام قبل قبضه؛ لأن التعدي إنما وقع على البائع.

ونقل عياض منها ما نصه: قال للبائع القيمة على المستهلك وأرى أن يشتري للبائع منه طعامًا للبائع قال: كذا روايتنا هذا الحرف، في بعض النسخ يشتري بالقيمة طعامًا للبائع، وكذا جاء بعد هذا عند تكرير المسألة، وهو قوله: وأخذ مكان الطعام القيمة اشترى له طعامًا يعني البائع. وفي بعض النسخ: اشترى على ما لم يسم، فاعله موافقًا لأول المسألة على روايتنا، على هذا اختصرها الشَّيخ ورأى من قال: البائع يشتري ذلك إنه لا يلزم المتعدي أكثر من القيمة، وقال بعضهم الشراء على المتعدي وينقله إلى محل تعديه، والظالم أحق أن يحمل عليه. وقال ابن أبي زَمَنَيْن: لم يبين في المسألة من يشتري، ولفظ الكتاب يدل على أنه البائع زاد عبد الحق عنه ومن الدليل عليه قول أشهب: إنه يفسخ بيعها وإنما ذلك؛ لأن البائع لو كلف بشراء الطعام كان ظلمًا. عبد الحق: انظر ما تأول به قول أشهب بأن ما في الموازيَّة عنه يفسخ إلا أن يقر المستهلك بقدر كيفها فيخير البائع في إغرامه ما أقر به من الكيل بعد أن يحلفه أو القيمة فيكون المشتري بالخيار في أخذ الكيل المقر به والقيمة يشترى له بها طعام؛ بل كان يقول: لا يأخذ القيمة ويفسخ البيع فانظر، زاد ابن محرز. قال محمد: ولأشهب مثل قول ابن القاسم وهو أحب إليً. قال فضب: القياس فسخه وتكون القيمة للبائع لأن عين الطعام المبيع قد ذهب. قال عبد الحق وابن محرز: لو حال سوق الطعام فصار المشترى بالقيمة أكثر من عدد الكيل الذي اشتراه أو أنقص فالزائد للبائع والنقص كما في الاستحقاق. التونسي: إنقيل: هذا سببهمن غير البائع؛ قيل: هذا معتير كموت الأرفع من الجاريتين وانهدام الأرفع من الدارين في اكترائهما قال: ولو لم يوجد للمعتدي لكان للمبتاع المحاكمة في فسخ البيع عنه؛ لضرره بتأخره لوجود المتعدي. المازري: وكذا لو كان المتعدي معسرَا؛ لكان للمبتاع الفسخ أو التأخير كعيب وجده ولو تطوع البائع بها لزم المتعدي ارتفع خيار المشتري. ابن محرز: قالوا: إنها ضمن البائع مثل الطعام وهو غير مكيل بخلاف الأجنبي

لأن الغلط في حزرها بزيادة أو نقصان لا يضره؛ لأنه يأخذ الثمن بقدر ذلك. الصقلي عن بعض القرويين: كنان الأصل القضاء بقيمة الصبرة فيهما؛ لأن قيمتها أضعف من قدرها, ولما استهلكها بائعها انهم على أنه عرف كيلها واستهلكها؛ ليغرم قيمتها, وقد حال سوقها فيشتري بالقيمة أقل من قدرها فألزم أشد الأمرين, وهو المثل وهذه العلة منتفية عن الأجنبي. الصقلي: بل الأصل غرم المثل فيهما لأن القيمة لا تعرف إلا بعد تقدير مثلها ليقوم فأغرم البائع ذلك بخلاف الأجنبي خوف أن يكون المثل أكثر أو أقل فيدخله التفاضل في الطعامين، والبائع ضمان الطعام منه فلا تفاضل، وأما احتجاجه بأنه لزم البائع أشد الأمرين لتعديه فقد تكون الأسواق حالت بزيادة فيشتري بأقل من القيمة فيربح. قُلتُ: وينقض تعليل الصقلي بما لو كانت الصبرة من غير طاعم إلا أن يجاب بالمزابنة، وحكم ضمان المبيع على خيار تقدم في الخيار. قال ابن عبد السلام: هنا إن قامت بينة بهلاك الثوب بغير سبب المشتري دون تفريط منه لم يضمنه وانظر هل يدخله خلاف، أشهب في الرهن والعارية. قُلتُ: تقدم في الخيار نقله اللخمي والمارزي عن أشهب، وتقدم حكم هلاكه بيد أحدهما والخيار للآخر فانظره. وسمع ابن القاسم: من اشترى ثوبي رجلين في صفقتين بالخيار فيهما فاختلطا عنده ولم يعرف ثوب هذا من ثوب الآخر، وينكر أحدهما أو كلاهما لزماه بالثمن إلا أن يعرف ثوب كل منهما فيحلف ويرده أو يعرفه غيره. ابن رُشْد: قوله: وينكر أحدهما يريد بقول أحدهما ليس ثوبي واحد منهما، ويدعي الآخر أحدهما، ومعنى قوله: أو كلاهما، قول كل منهما ليس ثوبي واحد منهما فعليه أجاب بقوله: يلزمانه بالثمن يريد: بعد حلف كل منهما أن ليس ثوبه أحد الثوبين، فإن نكلا حلف أن الثوبين هما اللذان أخذ منهما وأنه لا يعرف عين ثوب كل منهما، وكان الثوبان بينهما بقدر أثمانهما، وإن حلف أحدهما فقط دفع له ثمن ثوبه، وحلف أن هذين الثوبين هما اللذان أخذ منهما وليس للناكل إلا أخذ أيهما شاء، وإن قال ذلك أحدهما، وادعى الآخر أحدهما فلم يجب في السماع عن ذلك، وجوابه: غرمه الذي أنكر ثمن

ثوبه ويأخذ مدعي أحد الثوبين الثوب الذي ادعاه ولا يمين على واحد منهما، وإن قال كل منهما: لا أدري أيهما ثوبي لأنك خلطتهما، حلف كل منهما على دعواه وأخذ منه ثمن ثوبه، وإن قال أحدهما هذا ثوبي لأحدهما، وقال الآخر: لا أدري أيهما ثوبي أخذ الذي ميز ثوبه ثوبه، وحلف الآخر على قوله وأخذ ثمنه، وسمع يحيى ابن القاسم من اشترى ثوبي رجلين في صفقتين أحدهما بعشرة والآخر بخمسة بالخيار فيهما فردهما وقد خلطهما فتداعيا أجودهما إن ثوب هذا بعشرة وثوب الآخر بخمسة ضمنهما بخمسة عشر يدفع لمن شاء منهما الأجود وأعطي الآخر خمسة وبرئ وإن جهل تعيين ثمن كل منهما غرم لكل منهما عشرة. ابن رُشْد: إن عين لكل ثوبه ونكل حلف كل منهما وأغرمه ما دفع إليه به ثوبه، وقوله إن علم ثمن كل منهما أعطى الأجود من شاء منهما وأعطى الآخر ما أقر أنه دفع به إليه ثوبه بعد يمينه إن كان أقل الثمنين، فإن نكل عن اليمين؛ حلف هذا البائع وأخذ منه أكثر الثمنين. وقوله: إن جهل تعيين ثمن كل منهما غرم لكل منهما عشرة، ولم يقل: إن له أن يعطي أجودهما من شاء من بائعهما كما قال في التي قبلها، ولا فرق بينهما وله ذلك فيهما معًا؛ إذ لا حجة لواحد منهما عليه في ذلك. ولابن كنانة: إن تداعيا أحدهما وجهل هو لمن هو منهما حلفا على الثوب الذي تداعياه واقتسماه بينهما، فإن نكل أحدهما اختص به الحالف وأبرأه من الثوب الآخر فليذهب به حتى يطلباه على وجهه. وفي نوازل سَحنون في كتاب القراض: فيمن أخذ من رجلين قراضين اشترى بمال كل منهما سلعة في إحداهما ربح وفي الأخرى وضيعة، فتداعا صاحبا المال ذات الربح وجهل للعامل بمال هي منهما لا ضمان عليه لها، والسلعة التي، وهذا نحو قول ابن كنانة وفي سماع أبي زيد من الكتاب المذكور: أن لهما أن يضمناه أموالها ويتركا له السلعتين وإلا أخذاهما فتباعان، ولكل واحد رأس ماله وللعامل ربحه وهذا على أصله في هذه المسألة.

باب بيع الاختيار

[باب بيع الاختيار] وبيع الاختيار: قسيما من البيع الخيار وهو: بيع بت في بعض عدد من نوع واحد على خيار المبتاع في تعيينه وبيع الاختيار قسما من بيع بعض عدد من نوع واحد على خيار المبتاع في تعيينه وبته وتقدم حكمه في فصل بيعتين في بيعة. اللخمي: من أخذ ثوبين ليختار أحدهما أو يردهما فادعى تلفهما ففي ضمانه أحدهما بالثمن أو كليهما بالقيمة والأقل منها ومن الثمن. ثالثها: إن تطوع البائع بدفعهما، وإن سأله المشتري أخذهما ليختار، ضمنهما لابن

القاسم وأشهب، ومحمد عن ابن القاسم. ورابعها: لابن حبيب في قبض أربعة لذلك يضمن كل واحد منها بالمسمى، وهذا قول أصحاب مالك؛ لأنه بالخيار في كل منها وقول أشهب أحسن. قُلتُ: الأول قولها: قال كالذي يسأل رجلاً دينارًا فيعطيه ثلاثة ليختار أحدهما فيزعم أنه تلف منها دينار فإنه يكون شريكًا، ولو ادعى ضياع أحد الثوبين ففيها يضمن نصفًا من التالف، وله أخذ الثاني أورده. وقال محمد: ليس له إلا أخذ نصفه؛ لأنه لم يبعه ثوبًا، ونصفًا. اللخمي: قول أشهب أحسن له رد الباقي، ويغرم في التالف الأقل أو حبسه بالثمن وفي التالف القيمة ما بلغت واستشكل قولها يضمن نصف التالف على أصلها أنه ضمان تهمة لا ستحالة تهمته في نصفه فقط، فإن اعتبرت تهمته ضمن جميعه وإلا لم يضمن، ويرد بأن شرط إيجاب تهمته ضمانه كونها في مشتراه له، ومشتراه أحدهما مبهمًا ففض عليهما فكان مشتراه نصف كل منهما فصار كثوبين أحدهما مشترى بخيار، والآخر وديعة، ادعى تلفهما وإن أخذهما على لزوم أحدهما والخيار في تعيينه، فقال اللخمي: هو على أقوال الأربعة - إن لم تقم بالهلاك بينة ولو قامت به بينة فعلى قول ابن القاسم فكما لم تقم، وعلى أصل أشهب يضمنهما كالرهن والعارية، ويتخرج نفي ضمانهما، وأرى ضمانهما مع عدم البينة، ونفيه معها؛ لأنه قبضهما على أنهما على ملك البائع حتى يعين ما اشتراه منهما. الشَّيخ عن ابن حبيب: تفرقة ابن القاسم بقوله: يضمن الثوبين معًا في قول المشتري أحدهما بالخيار دون إيجاب، وقوله يضمن أحدهما فقط في قوله: أحدهما على واحد بخياره غلط، وسواء أخذهما على لزوم واحد يختاره منهما أو على أنه فيه بالخيار إلا في ضياع واحد منهما يلزمه أخذ واحد من الباقي يختاره ولا يكون شريكًا به فيما يقى، وفي الثانية هو فيه بالخيار ويضمن التالف فيهما، ولا تشبهها مسألة الدنانير لأن الدنانير فيها أمانة بينة، وفي البيع كلها على الضمان لأنه مخير في كل منهما، ورده الصقلي بقوله: والدنانير أيضًا هو فيها مخير فلو قول ابن القاسم، ما فرق وإن تجاهله وتغليطه لابن القاسم لقبيح.

قُلتُ: الأظهر قول ابن حبيب، لأن معنى تفرقته: أن التخيير في البيع مقارن لعقده وهو مبني على المكايسة فضعف فيه تأمينه بخلاف مجرد الاقتصار، ولهذا المعنى فرق محمد بين طوع البائع ابتداء يدفعهما وبين سؤال المبتاع ذلك. قال اللخمي: ولو ضاع أحدهما في بيعهما على لزوم أحدهما، فقال محمد: هما بينهما وعليه نصف ثمنهما. وفي العتبيَّة: يلزمه نصف ثمن التالف، وله رد الباقي لضرر الشركة. ولمحمد: إن كانا عبدين فالهالك من البائع ويرد الباقي على المشتري. وفي كتاب ابن سَحنون: له رد الباقي، وقاله أشهب وابن عبد الحَكم، وجه القول بأنه لا يضمن التالف أن لزوم البيع في أحدهما موقوف على تعيينه المبتاع وليس القصد لزوم نصف كل منهما، ولو قال: أحد عبديه حر فمات أحدهما أو قتل ففي لزوم حرية الباقي بنفس فوت التالف ووقفهما على اختيار ربه عتقه قولا، سَحنون، فعلى الثاني له رد الباقي في البيع، وهو أحسن. قُلتُ: ظاهر هذا التوجيه عموم نفي الضمان فيما يغاب عليه خلاف مفهوم قول محمد، وما عزاه للعتبية هو سماع ابن القاسم لفظه إن قال: لم أكن اخترت شيئًا اتهم، ولم يصدق، وغرم نصف التالف؛ لأنه لو هلكا معًا. وقال: لم اختر، لم يصدق وضمن نصف كل منهما؛ لأنه كان أمينًا في نصف كل منهما. ابن رُشْد: هذا وهم منه؛ لأنه إنما يضمن الواحد إذا تلفا معًا ونصف التالف إذا تلف أحدهما على قوله؛ لأنه أخذ أحدهما على الشراء والضمان والآخر على الأمانة، فلا معنى للتهمة وذهب وهله لمسألة من اشترى أحدهما ليختار وهو فيه بالخيار، وسَحنون يقول: فيما تلف في أحدهما ليختار أحدهما، وقد لزمه إن قامت عليه بينة على التلف فالمصيبة من البائع كالمشتري بخيار، لأنه جعل ذلك كمن اشترى شيئًا على الكيل وتلف قبله يقوم ذلك من قوله في المدَوَّنة، ومعناه: أن التلف لم يعلم إلا بقوله في مسألة الذي أخذ ثلاثة دنانير ليقتضي واحدًا منها، ويرد الباقيين فتلف أحدهما، أنهما شريكان، وسواء على قول ابن القاسم وروايته قامت على تلف الدنانير بينة أو لم تقم.

قُلتُ: قال عبد الحق: قال غير واحد من شُيُوخنا: ما وقع في مسألة الدنانير ومعناه: إن تلفها لا يعلم إلا بقوله هذا ليس بصحيح على ما قيدنا في مسألة الثياب إذا كان بأحدهما على الإيجاب وسواء علم تلف الدنانير أو لم يعلم، إلا بقوله، زاد الصقلي: وقاله أبو موسى بن مناس وغيره من القرويين وأسقط الشَّيخ وغيره قوله، ومعناه: أن تلف الدنانير لا يعلم إلا بقوله وهو الصواب. قُلتُ: الأظهر ما قاله سَحنون في الدنانير؛ لأنه لا يلزم من لزوم الضمان في مسألة الثياب مع قيام البينة لزومه في الدنانير مع قيام البينة فإن أحد الثوبين وجب للمشتري بالعقد والمترقب باختياره تعيينه لا لزومه من حيث كونه أحدهما والدنانير لم يجب له أحدهما من حيث هو أحدهما بمجرد قبضها لتوقف ما يجب له منهما على كونه وازنًا وهذا يرد ما خرجه ابن رُشْد في الثياب لسَحنون من قوله ذلك في الدنانير، وقوله: إنه جعله كالكيل بمجرد دعوى يكفي في ردها منعها. الشَّيخ والمازري عن ابن حبيب: إنما يصح قول مالك، إن كثرت الدنانير بحيث يعلم أن فيها وازنًا وإلا حلف القابض ما علم أن فيها وازنًا ولا ضمان عليه، وقاله من كاشفت من أصحاب مالك، ولابن القاسم في الموازيَّة من اقتضى عشرة دنانير من دينه فأعطاه دنانير ليزنها ويستوفي حقه منها ويرد ما زاد، وإن نقصت عن حقه عاد إليه ليوفيه إنها مضمونة؛ لأنها لا تنفك أن تكون قضاء أو كرهن بحقه. قُلتُ: في حاصل هذا الضمان إجمال لاختلاف ضماني الاقتضاء والرهن ويجب كونه كالرهن لتحققه. المازري: أشار أَصْبَغ إلى أنها قضاء ما كانت لا ترجع ليد صاحبها قال: وقال ابن القاسم: من حلف ليقضين فلانًا حقه إلى أجل معين فدفع إليه عند حلوله، دنانير على مثل الصفة أنه حانث إن لم يدفعها له على وجه القضاء. قُلتُ: زاد في النوادر: لأن هذا رهن وقول المازري: أشار أَصْبغ إلى آخره لم أجده في النوادر؛ بل فيها قال أَصْبغ: إن كان عليه ثلاثة دنانير قائمة فدفع إليه ثلاثة، وقال له: زنها، ما وجدت من قائم خذه إن ضاعت قبل أن يعرف فيها قائم فهي من الدافع. التونسي: إن قال: كنت اخترت هذا الباقي ثم ضاع الآخر، ففي الموازيَّة: يحلف

ويصدق وفي ذلك نظر اللخمي: اختلف هل يقبل قوله. قُلتُ: سمع عيسى ابن القاسم إن قال: كنت اخترت هذا الباقي حلف على ما قال وسقط ضمان التالف؛ لأنه كان أمينًا. ابن رُشْد: هذا كقوله وروايته فيمن ملك امرأته فتقول قضيت ما ملكني وناكرها، إن القول قولها خلاف قول أشهب ومن هذا المعنى تصديق المأمور فيما أمره به من إخلاء ذمته أو تعمير ذمة الآمر. قول أشهب: إنه لا يصدق على أصله في المملكة، واختلف قول ابن القاسم في ذلك فقوله في المملكة، وفي هذه المسألة على أحد قوليه في هذا الأصل منها قوله في مسألة كله في غرائرك أو ناحية بيتك، فقال: فعلت، وضاع إنه لا يصدق، وقال فيمن قال لمدينه: ابتع لي لمالي عليك سلعًا، فقال: فعلت، وتلفت، أنه يصدق مثل قوله في مسألة اللؤلؤ في كتاب الوكالات، ومثل قوله في مسألة البنيان آخر كتاب الرواحل خلاف قول أشهب فيهما. اللخمي: إن أخذ الثوبين على أنه بالخيار في أن يمسك أو يرد واحدًا والآخر لازم فضاعا ضمنهما اتفاقًا إلا أن تقوم بينة بالتلف قال: ويختلف إن قامت بينة بتلفهما، فقول ابن القاسم: يسقط ضمان أحدهما عنه، وعلى قول أشهب يضمنهما، وعلى القول الآخر لا شيء عليه فيهما يسقط ضمان أحدهما؛ لأن له رده والآخر؛ لأنه على ملك ربه إذا حلف ما كان اختار منهما شيئًا حتى ضاعا، وإن ضاع أحدهما ضمنه إلا أن تقوم بتلفه بينة فيسقط ضمان نصفه عند ابن القاسم، ويلزمه نصف الباقي، ويكون بالخيار في نصف الباقي، له أخذه فيعطي كل الثمن ويرده، ويغرم نصف الثمن، وعلى القول الآخر له رد جميعه نصفه لأنه كان فيه بالخيار، ونصفه بعيب الشركة، وعلى أحد قولي سَحنون لا شيء عليه في التالف؛ لأنه ضاع، وهو على ملك بائعه، وفوت مدة تعيين المشتري اختيارًا، ويرفع حق مشتريه في تعيينه إياه وتجب شركته به في جملة ما هو منه. الصقلي: عن بعض الفقهاء في شراء أحدهما اختيارًا أو خيارًا، إن بعد مضي أمد خياره، فلا خيار له، ولزمه نصف كل منهما في الاختيار لا الخيار. التونسي: وكذا يلزمه نصفهما لحدوث عيب في أحدهما ولو في مدة الخيار.

وفيها: إن ادعى على مبتاع ثوبين بالخيار ضياع أحدهما لزمه بالثمن. الصقلي عن بعض القرويين: إن كان الهالك وجه الصفقة؛ لزماه كضياع الجميع، ويحمل على أنه غيبه، ولم يقيده اللخمي بذلك، وزاد: وعلى قول أشهب: له رد الباقي ويغرم قيمة التالف أو يمسك ويغرم ثمنهما وهو أبين وقبل المازري تقييد بعض القرويين. قُلتُ: هو الجاري على قولها في مشتري عبد بثوبين يطلع على عيب به. الصقلي عن ابن حبيب: وضمانه تلف أحدهما بحصته من الثمن ولو كان سمى لكل منهما ثمنًا على أن يأخذهما فضاع أحدهما ضمنه بما سمى له، وله أخذ الباقي أورده، والجناية على المبيع بخيار تقدمت في الخيار. ... ملك قبل قبضه جائز إلا الطعام غير جزاف بعوض غير قرض، والمشهور بيع الجزاف قبل قبضه مطلقًا جائز وهو نصها. الباجي: في المبسوط روى ابن القاسم لا بأس ببيعه قبل قبضه بثمن نقدًا أو مؤجلاً كبيع ما شترى من تمر في رؤوس النخل قبل جده. وروى الوقار: لا يجوز بيعه قبل قبضه. روى ابن نافع: يكره بيعه بنظرة قبل نقله لقول ابن عمر: بعث لنا النبي (صلى الله عليه وسلم) لا تبعه في مكانه حتى تنقله لمكان سواه. قال مالك: تفسيره أن تبيعه بالدين ابن القاسم: كان يستحب ذلك، ولا يراه حرامًا وإن وقع؛ جاز. القاضي: استحبه مالك؛ ليخرج من الخلاف. قُلتُ: ففي جواز بيعه قبل قبضه ومنعه، ثالثها: يستحب كونه بعد نقله إن بيع بدين ورابعها: مطلقًا للمشهور معها وروايات الوقار وابن نافع والقاضي، وروى مسلم بسنده عن أبي هريرة أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال: من اشترى طعامًا فلا يبعه حتى يكتاله.

وعن ابن عمر: أنهم كانوا يضربون على عهد رسول الله (صلى الله عليه وسلم) إذا اشتروا طعامًا جزافًا أن يبيعوه في مكانه حتى يحولوه؛ فالمنع أظهر لوجوب تقديم النص على المفهوم وتبع ابن عبد السلام عبد الحق في ذكره حديث أبي داود عن ابن عمر: أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) "نهى أن يبيع أحد طعامًا اشتراه بكيل حتى يستوفيه". وقال فيه ابن القطان، في باب برنامجه ما نصه: سكت عنه وهو لا يصح وقال قبل ذلك إنما هو من رواية عمرو بن الحارث، عن المنذر بن عتيك عن القاسم بن محمد عن ابن عمر؛ والمنذر هذا مدني لا تعرف حاله. قال أبو حاتم: روى عنه ابن لهيعة وعمرو بن الحارث وأبو معشر: ولم يعرف من حاله شيء فهي عنده مجهولة. قُلتُ: عبر عنه المزي أنه مدني، وذكر من روى عنه مثل نقل ابن القطان وقال فيه: وثق، فظاهره أنه غير مجهول. التونسي: اختلف فيما بيع من الطعام جزافًا مما لا يضمنه المبتاع بالعقد كلبن الغنم إذا اشترى شهرًا او ثمر غائب بصفة فمنع ابن القاسم بيعه قبل قبضه، وأجازه أشهب.

اللخمي: في الموازيَّة من ابتاع ثمر حائط غائب لم يره لم يجز أن يبيعه حتى يراه؛ لأنه في ضمان البائع يريد إن كانت يابسة؛ لأنه لا يسقط الضمان، وإن رضيه إلا فيما كان يابسًا، والمنع أحسن لعموم الحديث، وقد قال مالك في حديث النهي عن ربح ما لم يضمن: إن ذلك في الطعام، فبأي وجه كان في ضمان بائعه منع من بيعه ويختلف على هذا في الصبرة تحبس في الثمن على أن المصيبة من البائع. قُلتُ: في قوله لا يسقط الضمان وإن رضيه إلا فيما كان يابسًا نظر؛ بل ظاهر المذهب أنها في ضمانه بمجرد رؤيته ورضاه قبل يبسها كاشترائها حاضرة، وضمان الجوائح في هذا الباب غير معتبر؛ ولذا لم يقيده التونسي وهو ظاهر قول الباجي؛ لأنه لما ذكر قول ابن القاسم وأشهب في مسألة اللبن قال: وجه قول أشهب أنه لم يبق على البائع حق توفية فيه كالثمرة في رؤوس النخل، والفرق على قول ابن القاسم بينهما وبين الثمرة أنها ليست في ضمان البائع على الإطلاق؛ وإنما هي في ضمانه على وجه مخصوص مختلف فيه. قُلتُ: فظاهره جواز بيع الثمرة لا بقيد اليبس وهو دليل سماع ابن القاسم لا بأس بثمن اشترى نصف ثمرة بعد بدو صلاحها أن يبيعها قبل أن يجدها. ابن القاسم: وكان يقول قديمًا ليس له بيعها حتى يستوفيها. ابن رُشْد: وجه قوله بالمنع إنه كان لا يقدر أن يبين بحظه إلا بالقسمة بالكيل فيما يكال أو الوزن فيما يوزن أو العد فيما يعد أشبه المشتري من الطعام على ذلك والقول الآخر هو مقتضى القياس؛ لأن حظه داخل في ضمانه بالعقد كدخول جميعها بعقد الشراء وإن لم يستوفها إلا ما فيه من حكم الجائحة. قُلتُ: فهذا نص من ابن رُشْد على لغو اعتبار اليبس وهو ظاهر السماع.

وقال ابن حارث: اتفقوا فيمن اشترى ثمر حائط بعد زهوه إنه يجوز له بيعه قبل جده، ومن باع تمرًا، واستثنى منه كيلاً يجوز له، ففي جواز بيعه قبل قبضه سماع ابن القاسم. ونقل ابن رُشْد رواية ابن وَهْب قال: بناء على أن المستثنى مبقى أو مشترى، وسمع ابن القاسم: من اشترى بدينار قمحًا فاكتال نصفه، ثم سأله أن يعطيه بالنصف الثاني زيتًا أو عدسًا لا خير فيه. ابن القاسم: لأنه بيع الطعام قبل قبضه. قال مالك وإن أخذ مثل كيله شعيرًا جاز، وفي سلمها الثالث: كلما أكريت به أو صالحت به من دم عمد أو خالعت به من طعام بعينه أو مضمون على كيل أو وزن فلا تبعه حتى تقبضه. الصقلي عن الواضحة: ما ارتزقه القضاة والكتاب والمؤذنون وصاحب السوق من طعام لا يباع قبل قبضه. زاد ابن رُشْد: والجند؛ لأنها أجرة لهم على عملهم بخلاف ما كان وقفًا وصلة على غير عمل او على انه مخير إن شاء عمل أو ترك، ويجوز بيع الأرزاق والعطاء السنة والسنتين إن كانت داره مأمونة، فإن حبست انفسخ البيع وللمبتاع رأس ماله، ولا يجوز بيع أصل العطاء؛ لأنه بموته قاله أشهب وابن وَهْب، وجماعة من فقهاء التابعين، ولم يذكر مشاهير المؤلفين في منع رزق القضاة ومن ذكر معهم خلافًا. وقال ابن بشير: ما يأخذه المستحقون من بيوت الأموال من طعام في جواز بيعه قبل قبضه قولان: جوازه؛ لأنه عن فعل غير معين فأشبه العطية والمعروف في طعام الخلع ما تقدم وأظن فيه قولاً كالعطية ولا اتحققه الآن وطعام النكاح كالبيع اتفاقًا. وفيها لمن كاتب عبده بطعام موصوف بيعه منه قبل محله بعرض أو عين إلى اجل لا من أجنبي في قول مالك؛ لأنه لا يحاصص به غرماء مكاتبه. سَحنون: إنما يجوز إذا تعجل المكاتب عتق نفسه هذا لفظ المدَوَّنة عندي، وللصقلي مع التهذيب عنها: وإما أن يبيع من المكاتب نجمًا مما عليه من الطعام؛ فلا

يجوز؛ لأنه بيع الطعام قبل قبضه، إنما يجوز أن يبيعه جميع ما عليه فيعتق. قال سَحنون: غنما يجوز إذا تعجل المكاتب عتق نفسه. اللخمي: لا فرق بين المكاتب والأجنبي إن كانت دينًا فلا يجوز في المكاتب وإلا جاز من الأجنبي وقد منع سَحنون فسخ الكتابة في غيرها إن لم يتعجل العتق فكذا بيع الطعام، وأرى جوازه من المكاتب والأجنبي إن كانت قدر خراجه؛ لأنها غلة، وإن كانت أكثر بأمر بين أو كان إنما ينالها بما يستعين من الناس؛ لم يجز؛ لأنه ثمن للرقبة. الصقلي: عن ابن حبيب: لا يجوز من أجنبي إلا أن يكون يسيرًا تافهًا. وقيل: يجوز من المكاتب مطلقًا، وإن لم يجعل عتقه؛ لأنها ليست بدين ثابت، في الصلاة الثاني منها: احتجاج ابن القاسم بالذمي الذي ابتاع طعامًا على كيل فباعه من مسلم قبل كيله قال: بيعه غير جائز هذا لفظ المدَوَّنة والتهذيب ونقلها اللخمي قال مالك: لا أحب لمسلم شراءه قبل قبضه فلم يره محرمًا؛ لأنهم غير مخاطبين وبلفظ لا أحب وقعت في السلم الثالث في المدَوَّنة والتهذيب ونقلها المازري من كتاب الصلاة بلفظ منع شرائه قبل قبضه، وقال: رأى النصراني مخاطبًا بالنهي كالمسلم بناء على أنهم مخاطبون بالفروع. قُلتُ: فحمل اللخمي المدَوَذنة على الكراهة، وحملها المازري على المنع، قال: وعورض هذا ببيع أم ولده عليه إذا أسلمت مع كونه مخاطيًا بأن لا يبيع أم ولده على هذه الطريقة ويعتذر بأن بقاءها في ملكه محرم أيضًا. وفي كون المنع معللاً بالعينة أو تعبدًا، نقل القاضي مع أبي الفرج والبغداديين. ونقل اللخمي قائلاً: وهو أحسن، إن علل بالعينة جاز بيعه من بائعه بأقل ومن غيره وبأكثر وكان العرض كالطعام. الباجي: قال عبد العزيز بن أبي سلمة ويحيي بن سعيد وربيعة: كل مكيل أو موزون أو معدود وإن كان غير مطعون لا يجوز بيعه قبل قبضه واختاره ابن حبيب، المازري عن أبي الفرج: لو سلم بيع الطعام من العينة، وبيع بنقد جاز بيعه قبل قبضه وهذا يشير إلى قريب من قول عثمان البتي بجوار بيع كل شيء قبل قبضه. قُلتُ: ففي منع بيع المكيل وأخويه قبل قبضه وجوازه في غير الطعام يباع بثمن

مؤجل، ثالثها: في الطعام مطلقًا، لابن حبيب وأبي الفرج والمشهور. الصقلي: في الموازيَّة من قبض ثمن طعام باعه قبل قبضه وفات به مشتريه أخذ منه واشتري به للغائب طعام إن قصر عنه فالباقي دين عليه وإن كان أكثر وقف له. اللخمي: ورأى أن البائع الأول برئ بذلك الكيل، والتعدي في البيع إنما هو من البائع الثاني، واستحسن في السليمانية إذا اشترى الطعام أن يعاد إلى يد الأول حتى يوصله إلى من اشتراه منه. وفيها: من ابتاع طعامًا فلا يواعد أحدًا على بيعه قبل قبضه. اللخمي: المواعدة فيه كالصرف، وقد اختلف فيها. فيه ابن رُشْد فتكون فيه ثلاثة أقوال، وليس كما قال: والفرق أنها في الصرف إنما يتخيل فيها وجود عقد فيه تأخير وهي في الطعام قبل قبضه كالمواعدة على النكاح في العدة، وإنما منعت فيهما؛ لأن إبرام العقد محرم فيها: فجعلت المواعدة حريمًا له وليس إبرام العقد في الصرف بمحرم، فتجعل المواعدة حريمًا له، وقد ذكر هذا الفرق لمن يسمى بالفقه فلم يفهمه وهو ظاهر والله أعلم. والتعريض على بيع الطعام قبل قبضه كالتعريض في نكاح المعتدة. وفيها: لا تبع طعامًا تنوي أن يقضيه من هذا الطعام الذي اشترى كان بعينه أو بغير عينه. الصقلي عن سَحنون: هذه مسألة ابن المسيب والعجب منهم كيف كرهوها وفي الفقه لا تضر. اللخمي: إذا عقد بيعًا على طعام في ذمة ونيته أن يقضيه من ذلك الطعام فلا أثر لهذه النية، وقد أجيز التعريض في النكاح فكيف بما يضمر؟ وقيل: المعنى لا يبيع طعامًا ينوي انه يقضيه من طعام عليه، وهذا أبعد؛ لأنه يستحيل صرف النيَّة فيه إذا طلب بطعام عليه وليس عنده وقرر عبد الحق لفظها ببقوله: يريد كان الطعام معينًا قد اشتراه ولم يقبضه أو كان سلمًا له عند رجل ولم يقبضه كأنه باع طعامًا على صفة الطعام الذي ذكرنا ونيته أن يقضيه منه فجعله كأنه باع ذلك الطعام قبل قبضه بهذه النية. وفي المجموعة عن أشهب في قول سعيد: إن كان لك قبل رجل طعام من بيع، ثم بعت أنت طعامًا صار في ذمتك ونويت أن تقضيه من الطعام الذي لك من بيع نهيت

عن ذلك لا تضره النية، ولا بأس أن يقضيه منه ما لم يشترط ذلك كما لو نوى أن يشتري طعامًا يوفيه منه أو مما لم يبد صلاحه من الحب، قال مالك: لم يكن بالحجاز أعلم بالبيوع في التابعين من سعيد ومنه أخذ ربيعة علم البيوع، ولم يكن بالمشرق أعلم بها من ابن سيرين. قُلتُ: قوله: أو مما لم يبد صلاحه يريد نوى قضاءه منه، وهو في ملكه، لا أنه ابتاعه إذ لا يجوز ابتياعه. ابن بشير: تروى ولا تبع يعني: من له طعام في ذمة لا يبع طعامًا، وينوي أن يقضي المشتري من ذلك الطعام الذي له وتروى ولا تبتع، ومعناه: أن يكون عليه طعام فيشتري طعامًا ينوي أنه يدفعه للمشتري فيما عليه، وهذا لا يمكن التحرز منه. قُلتُ: تقدم هذا. اللخمي: لا بقيد كون الرواية تبتع، وفي التفسير الأول لابن بشير نظر لقصوره على الطعامين من سلم، ولفظ المدَوَنة عام في الطعام المعين وغيره. وفيها: إن اشترى من أسلمت غليه في كر حنطة كر حنطة حين حل عليه فقال لي: أقبضه، لم يجز؛ لأنه بيع الطعام قبل قبضه. وإن قلت له: اشتر هذا الطعام وآخذه منك فلا خير فيه، ويدخله مع بيعه قبل قبضه بيع ما ليس عندك. ابن حبيب: كأنه اشتراه له فقضاه ثمنًا، ولا ينبغي للطالب أن يدله على طعام يبتاعه فيبتاعه لقضائه أو يعينه عليه، نهى عنه سعيد ويحيي وربيعة وابن شهاب. اللخمي: منع ابن القاسم مرة من ابتاع طعامًا كيلاً قضاءه قبل كيله في سلم عليه، وأجازه مرة، قال: من أعطى من له عليه طعام سلم مثل رأس ماله ليشتريه لنفسه لا بأس به، فإذا جاز أن يشتريه على ذمه المطلوب ثم يقضيه لنفسه؛ جاز أن يشتريه الغريم، ثم يجعل للطالب قبضه، والقول: إن هذه إقالة خطأ لاتفقاهما على أخذه على وجه الوكالة، ولو ضاع الثمن كان من الآمر، ****** ليعتبر قبض مبتاعه أو وكيله أجنبيًا عن بائعه لا بوساطة. فيها: من لك عليه طعام سلم فلا تقل له بعه وجئني بالثمن وهو من ناحية بيعه

قبل قبضه مع ما يدخله من ذهب بأكثر منها إن كان رأس المال ذهبا وإن كان ورقا فصرف لأجل وخرج اللخمي: جوازه إن باعه بمثل رأس المال فأقل من قول أشهب، بجوازه وكالة الطالب على الشراء بأقل من رأس المال. وفيها: توكيل عبده أو مديره أو أم ولده أو زوجته أو صغير ولده على قبضه منه كتوكيله على ذلك وكبير ولده كأجنبي، ونوقض قوله في الزوجة بقول ثاني سلمها من وكل على سلم جاز أن يسلمه لزوجته بخلاف من في ولايته، ويجاب بأن الحق في هذه لآدمي، وفي الأولى لله تعالى وهو آكد. اللخمي: من وكل على شراء طعام سلم يقضيه عن الموكل فقضاه من عنده وأمسك الذهب فرضي بذلك الموكل جاز. وفيها: من دفع لمن له عليه طعام سلم ما يشتري به مثل ما له عليه فتقتضيه بغير معنى الإقالة؛ لم يجز. الصقلي عن محمد: إن أعطاه أكثر من رأس ماله أو أقل، وزعم أنه ابتاع به ذلك وقبضه، فإن أقام بينة أنه ابتاعه باسم الأمر ثم قبضه وفات بعد ذلك، وإن لم يكن إلا قوله: لم يجز، ورد ما أخذ وطلب حقه. قُلتُ: انظر لو أقام البينة بشرائه لا بقيد كونه باسم الأمر هل لا يقبل قوله وهو مفهوم قوله أولاً: أو يقبل وهو مفهوم قوله: لو أقام البينة بشرائه وهو مفهوم قوله: آخرًا، وهذا أظهر لا لانتفاء التهمة. قال: وقال أشهب: إن دفع له مثل رأس ماله فأقل؛ ليشتري ذلك لنفسه فزعم أنه فعل وقبض حقه؛ جاز ذلك، وإن زعم أنه بقي له شيء يكون أكثر من رأس ماله لم يصدق، ونقض ذلك بينهما. زاد التونسي عن أشهب: إن قال: اشتريت بأكثر لم يلزم الآمر ورد عليه دراهمه، وأخذ منه طعامه. التونسي: في هذا نظر؛ لأنه يقول: أن وكلتني على شراء هذا الطعام وكالة فاسدة فهو واجب لك، فانظر في هذا، وكان أشهب اتقى أنه إن وجب للآمر قضاه فيما عليه من السلم فيتم ما صنعاه.

قُلتُ: يرد ما ذكره من النظر بأن الآمر؛ إنما أمره بشراء قدر من الطعام بثمن معلوم فاشتراه إياه بأكثر من ذلك السعر تعد يلزم المأمور دون الآمر. وفيها: من أقرض طعامًا له من سلم قبل قبضه فقبضه المقرض لم يعجبني بيعه منه قبل قبضه؛ لأنه بيع له قبل قبضه. الصقلي: يريد: ولا من غيره. محمد عن مالك: أما اليسير من الكثير؛ فلا بأس به كأنه وكيل على قبضه، قال: ولا يجوز لمن أسلفته إياه فيه إلا ما يجوز لك، والمحال بطعام سلم على طعام قرض هو فيه، كطعام سلمه مع من أحيل عليه. التونسي: وللمحال عليه أن يأخذ له فيه من المحيل دراهم كالكفيل بطعام سلم بعد قضائه مع المتكفل عنه، وعزا اللخمي لأشهب مثل رواية محمد في اليسير، ومن أحيل بطعام قرض له على طعام سلم، ففي جواز بيعه إياه قبل قبضه قولان: للخمي عن ابن القاسم، وتخريجه على رواية ابن حبيب؛ لأن المحال مقرض لا مبتاع والمبتاع خرجت يده، قال: ومن وهب له طعام سلم أو تصدق به عليه ففي خفة بيعه إياه قبل قبضه رواية ابن حبيب، وغيره بناء على اعتبار حاله أو حال واهبه. قُلتُ: عزا الباجي الثاني لابن دينار عن المغيرة، وعيسى عن ابن القاسم. اللخمي: لو طاع أجنبي بأداء طعام سلم عن المسلم إليه فحكم المسلم معه كحكمه مع المسلم إليه، قال: وعقد هذا أنه متى بقيت يد المسلم على سلمه فبيعه قبل قبضه لا يجوز كان المقبوض منه المسلم إليه أو من وهبه أو تصديق عليه أو أقرضه وإن زالت يده والقابض موهوب له أو متصدق عليه جاز؛ لأنه لا ينطلق عليه من ابتاع طعامًا. قُلتُ: ظاهره: أن المقرض بخلافهما وفيه نظر؛ لأنه لا يصدق عليه أنه مبتاع ويوهم أن ورائه عن مبتاعه ليس كمبتاعه؛ لأنه لا يصدق عليه أنه ابتاعه والمنصوص أنه فيه مثله. قال ابن الحاجب: ومن اقترضه؛ جاز له بيعه قبل قبضه. ابن عبد السلام: معناه أن لمن أقترض طعامًا بيعه قبل قبضه ممن أقرضه.

قُلتُ: ظاهره جواز بيعه ممن أقرضه مطلقًا لا بقيد، وليس كذلك؛ لأنه إذا دفع فيه المقرض لمن أقرضه ثمنًا؛ فإنما هو ثمن عما يقبضه منه بعد ذلك، وما خرج من السيد وعاد إليها كأنه لم يخرج فعلى هذا لو استقرضه قفيز قمح؛ لم يجز له بيعه بزيت ونحوه؛ لأنه طعام بطعام إلى أجل ولا بدراهم إلا أن يكون القرض إلى مثل أجل السلم إلا أن يقال: إنما انتصب إلى بيان مطلق بيعه قبل قبضه. وقوله: ممن أقرضه يوهم أن غيره ليس كذلك والحكم فيهما واحد. وفي كون الطعام غير الربوي كالربوي روايتا المشهور وابن وَهْب وضعفت لعموم النص، ولما ذكر اللخمي رواية ابن وَهْب قال: وفي الموازيَّة من اشترى تينًا وزنًا ثم قال: زن لي بنصفه عنبًا أو بطيخًا ونصفه تينًا لا بأس به. محمد لا خير فيه ومحمل قول مالك في التين أنه لا يدخل كالشتوي أو صنف يدخر عجل جناه في وقت لا يدخر. قُلتُ: سمع القرينان من أعطيته درهما قلت له: أعطني رطبًا فبدا لي فقلت له أعطني بنصفه بطيخًا وبنصفه تينًا؛ فلا بأس به. ابن رُشْد: إنما أجازه؛ لأن عقد البيع لم يتم بينهما إنما كانا مترا وضين إذا لم يقطعا السعر بعد، لو أراد أخذ درهمه كان له ذلك ولو انعقد البيع بينهما لم يجز له ذلك حسبما تقدم في رسم شك من سماع ابن القاسم في التين يباع كيلاً أو وزنًا أخضر، فيريد بدله من صاحبه قبل قبضه بغيره إنه لا خير فيه، وكذلك البطيخ، وفي كون طعام الغصب والتعدي كالقرض أو البيع نقلا الباجي عن الموازيَّة وحكاية القاضي. ابن الحاجب: ولا يقبض من نفسه لنفسه. إلا من يتولى طرفي العقد كالأب في ولديه والوصي في يتيمه. ابن عبد السلام: يعني من كان عنده طعام وديعة وشبهها فاشتراه من مالكه لم يجز له بيعه وشبهها فاشتراه من مالكه لم يجز له بيعه بالقبض الثاني عن الشراء؛ لأن ذلك القبض السابق لم يكن قبضًا تامًا؛ لأن رب الطعام لو أراد إزالته من يده كان له ذلك إلا أن يكون ذلك القبض السابق قويًا كالوالد والوصي فإنه إذا باع الوالد، طعام أحدهما.

من الآخر كان له بعد ذلك أن يبيع ذلك الطعام على ما اشتراه له قبل أن يقبضه قبضًا ثانيًا حسيًا وكذلك الوصي في يتيميه، والأب فيما بينه وبين ابنه الصغير، وفي النفس شئ من جواز هذه المسألة لا سيما والصحيح في المذهب أن النهي عن بيع الطعام قبل قبضه متعبد به، وأصول المذهب تدل على جريان الخلاف فيها والأقرب منعها. قُلتُ: ما ذكره ابن الحاجب سبقه به ابن شاس وما ذكراه هو ظاهر سلمها الثالث فيه، لمالك إن اشتريت طعامًا فاكتلته لنفسك ورجل واقف على غير موعد؛ فلا بأس أن تبيعه منه على كيلك أو على تصديقك في كيله إن لم يكن حاضرًا أو لم يكن بينكما في ذلك موعد. فقوله: لا بأس أن تبيعه منه على كيلك يريد به: أن كيلك السابق لشرائك إياه يكفي في بيعك إياه مشتريه منك عن كيله ثانيًا، فيجوز له بيعه بذلك دون كيله إياه بحضوره وعلمه لا بيان كفايته في شرائه لوضوح بيان ذلك، وامتناع السؤال عنه، والاتفاق عليه وهو دليل على أن علم مبتاع طعام كيله بحضوره إياه ودوام علمه ذلك بعد شرائه إياه يتنزل منزلة كيله إياه بعد شرائه، فيلزم مثله في مسألتي الأب والوضي، ضرورة علمهما ذلك بحضورهما فقوله في النفس من ذلك شيء ليس كذلك لوضوح جريه على نصها، ولكنه مع ذلك مختلف فيه ولا يوجب ذلك فيه إشكالاً كأغلب مسائل المدَوَنة. قال الصقلي: إثر لفظها المدَوَّنة. ثم قال محمد: وروي أيضًا: أنه لا يأخذه بحضوره كيله ولا تصديقه فيه، وكرهه، وأجازه ابن القاسم في غير الموعد وقوله: أصول المذهب تدل على جريان الخلاف فيه حسن إلا أنه لم يبينها، وهذا فيما بين الولدين الصغيرين، واليتيمين. وأما قوله: والأب فيما بينه وبين ولده الصغير ففيه نظر لقولها في الرهن: ليس للوضي أخذ عروض اليتيم بما أسلفه رهنًا إلا أن يكون تسلف له مالاً من غيره ولا يكون أحق بالرهن من الغرماء؛ لأنه حائز لنفسه من نفسه. في أحكام عبد الحق: أبو داود عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): "من أقال

باب الإقالة

مسلمًا بيعته أقال الله عثرته"، وله عن ربيعة بن عبد الرحمن قال سعيد بن المسيب في حديث ذكره كأنه عن النبي (صلى الله عليه وسلم): "لا بأس بالتولية في الطعام قبل أن يستوفى"، ولا بأس بالإقالة في الطعام قبل أن يستوفى ولا بأس بالشركة في الطعام قبل أن يستوفي أبو داود: هذا قول أهل المدينة، وذكره عبد الرزاق عن ابن جريح، قال: أخبرني ربيعة بن عبد الرحمن عن النبي (صلى الله عليه وسلم) في حديث مستفيضًا بالمدينة قال: "من ابتاع طعامًا فلا يبعه حتى يقبضه ويستوفيه إلا أن يشترك فيه أو يوليه أو يقيله". [باب الإقالة] الإقالة: (ترك المبيع لبائعه بثمنه)، وأكثر استعمالها قبل قبض المبيع، وهي:

باب في شرط الإقالة في الطعام قبل القبض

رخصة وعزيمة الأولى فيما يمتنع بيعه قبل قبضه. [باب في شرط الإقالة في الطعام قبل القبض] وشرعلها: عدم تغير الثمن بما يختلف فيه الأغراض غاليًا. فيها: لا يجوز بغير الثمن ولا عليه وأخذ غيره عنه ولا به مع زيادة عليه ولا مع تأخيره ولو ساعة ولو برهن أو حميل أو حوالة، ولو أقلته، فأحالك بالثمن فقبضته قبل أن يفارق الذي أقلته جاز ولو وكل البائع من يدفع رأي المال أحال وذهب أو وكلت أنت من يقبض وذهبت فإن قبض وكيلك منه أو قبضت أنت من وكيله مكانكما قبل التفرق جاز وإن تأخر لم يجز ولو كان رأس المال عرضًا. الصقلي: وكذا كان ينبغي في الحوالة الجواز إذا قبضت من الذي أحالك عليه قبل فراقه وإن فارقت الذي أحالك قال مع ابن محرز، والفرق أن ذمة المحيل برئت بالحوالة قبل القبض فثبتت الفرقة قبل الفرض وفي الوكالة لا تبرأ ذمة الموكل إلا بالقبض

ووكيله مقامه فلا فرقة. ابن محرز: أضيق ما تجب فيه المناجزة: الصرف، ثم الإقالة من الطعام، والتولية فيه ثم الإقالة من العروض، وفسخ الدين في الدين ثم بيع الدين، وعند محمد لا بأس بتأخير ثمنه اليومين كرأس مال السلم. وفيها: من أقال في مرض موته من أسلم له مائة درهم في مائتي إردب حنطة قيمتها مائتا درهم ولا شيء له غيرها لزم وراثه إجازتها أو سقوط ثلثها ولو حملها ثلثه أو كانت قيمتها مائة درهم لزمته، وجازت وصيته. قُلتُ: أحفظته عن مالك، قال: لا، قال مالك: بيع المريض وشراءه جائز إلا أن يكون بمحاباة فيكون في الثلث، فأنكرها سَحنون وأبطل الإقالة، وفي تصويبها بحملها على موته إثرها، أو قبضه رأس ماله حيث عقدها أو أنها موصى بها لا منجزة، رابعها: لأنهما دخلا على المناجزة والتأخير حكمي لأمر ظهر لابن اللباد، وأحمد بن نصر، والقابسي محتجًا بقولها، وتمت الوصية، ويجعل كل الطعام في الثلث المحاباة فقط كبيع المريض بها. وعبد الحق مع ابن محرز عن الشَّيخ قائلاً: كقولهم: إن أقاله فهرب صحت الإقالة، وزاد ابن محرز الأول بأن موته لا يرفع تأخير النظر لموته ولا مانعيته صحت الإقالة وصوب رد ابن الكاتب الثاني بأن الانتقاد لا يرفعهما ورد الثالث بقولها" إن لم تكن محاباة جازت ولو كانت وصية شرطت بحملها الثلث وتسميتها وصية مجاز، وصوب الرابع محتجًا باتفاقهم على صحة بيع المريض بمحاباة مع ضرر احتمال صحته، فتصبح المحاباة من رأس ماله وموته فتقصر على الثلث مع احتمال حمله إياها أو بعضها فقدر ثمنه مجهول، وكذا الصقلي محتجًا بإجازة أَصْبغ بيع مريض ذهبًا بفضة بمحاباة ونحوه للتونسي. قُلتُ: وبه يصح احتجاج ابن القاسم ببيع المريض. اللخمي: محمل قول ابن القاسم أنهما تقابضا جهلاً بموجب الحكم أو علما به قصد الافتيات على الوارث وله الرد إن لم يحمله الثلث، وإن أجازها قبل موت مورثه ففي صحتها ولزوم فسخها لاحتمال كون الوارث غيره قولان:

الأول: أحسن لندور كونه غيره، وفي حملها على أن المجعول في الثلث المحاباة أو كل الطعام نقلا عياض عن عبد الحق وابن محرز. التونسي: على أنها وصية بجعل كل الطعام في الثلث إن حمله تمت الإقالة وإلا فله الثلث ففي كونه شائعاً في مال الميت أو في الطعام فقط قولان، وعلى أنها منجزة يسقط عنه نصف الطعام لمعادلته المائة رأس المال وثلثا نصفه. الثاني: لأنهما ثلث مال الميت نصف الطعام الثاني، والمائة رأس المال معتبرة طعاماً، وأجاب عن مالك لكونه بيعاً وسلفاً بعدم دخولها على التبعيض المؤدي إليها. ابن محرز خالف ابن القاسم أصله في بيع المريض بمحاباة بجعله كل الطعام في الثلث لا المحاباة فقط؛ لأنه بقية الطعام قدر الثلث كان إقالة من بعض الطعام لرجوع رأس المال إلى الورثة، ويأخذ بقية الطعام إن حمله الثلث أو ما حمله منه فيكون سلفاً جر نفعاً، وهذا منعه ابن القاسم في المدونة، فإذا جعل في الثلث كل الطعام مع المحاباة لم يكن في المسألة مانع في حق الله تعالى ولا في حق الوارث، فإن لم يحمل الثلث الطعام خير الورثة في إمضاء الإقالة فلا يكون في المسألة مانع، وإن أبوا فالقياس إمضاء الإقالة في قدر رأس المال، وثلث ما يبقى بعد ذلك لحق العطية لولا ما فيه من مخالفة، مذهب المدونة من الإقالة من بعض السلم على رأس المال. قلت: قوله: لولا ما فيه إلى آخره، خلاف ما تقدم للتونسي، ولو أقال من عليه الطعام في مرض موته من هو له ولا مال له، غير المائة رأس المال ولم يجز الوارث فلذي الطعام طعامه يشترى له بخمسين، وفي أخذه ثلث الخمسين الباقية للإرث بعطية الميت عيناً أو طعاماً مشترى به نقلا عبد الحق عن الشيخ وأبي عمران مع ابن أخي هشام بناء على لغو تهمة البيع والسلف واعتبارها ولم يذكر التونسي غير الأول معزواً لبعض أصحابه، وذكر وجه الثاني تشكيكاً وأجاب بأن الأحكام آلت إليه فلا تهمة فيه وبأنه في الموازية من صرف ديناراً في مرض موته بمحاباة إن لم تجز الورثة، صرفه قطعه له بثلث الدار وبطل الصرف، وذكر اللخمي مثله عن ابن حبيب قائلاً: قيل: ذلك حرام، ولا أراه.

عبد الحق: إن كانت محاباة في مرض موت في بيعه وشرائه يوم النظر فيه دون يوم وقوعه أو بالعكس فهي لغو وإن اختلف قدرها فيهما اعتبر أقلها وسقط الزائد، وفي بطلانها بتأخير قبض رأس مالها عيناً، ثالثها: إن كانا من أهل العينة، للخمي، عنها وعن رواية محمد ولأشهب، وصوبه قائلاً: إن قامت تهمة فسخت وإن قام دليل نفيها ككونها من أهل الدين أو لكونها لسفر حدث، صحت، وإلا فهو محل الخلاف قال: وشرط تأخير رأس مالها معيناً عبداً أو ثوباً يوماً يبطلها، وفي صحتها في طعام غائب قبول المازري تخريجها على تعليل أشهب ويحيى بن عمر صحتها في العرض الغائب ببراءة الذمتين نقل المازري عن المشهور وعزاه اللخمي لرواية محمد. الصقلي عن محمد روى سحنون عن أشهب: جواز الإقالة ولو تأخر الثمن شهراً ولم يأخذ به أحد من أصحابه، وعنه أنها فاسدة، ويرجع بالطعام إلا أن يقيله ثانية وفيها: إن أسلم ثوباً في طعام، فأقال منه لم يجز إلا برد الثوب، بحضرة الإقالة ولو هلك ببينة بعدها كان ممن هو بيده؛ لأن الإقالة لا تجوز إلا بالقبض. ابن محرز: لا يدخله خلاف المحبوسة في الثمن، وعليه لو باع الدين ممن هو عليه بحيوان مما يجوز أن يسلم فيه رأس المال فهلك قبل قبضه كان من بائعه، وكذا في بيعه من غيره ويطلب كونها على نفس رأس المال غير مغير عن حاله حين العقد فإن كان غير مثلي فغيره مثله يبطلها وعيناً مثله كعينه وفي كون غيرها مثليا، كالأول أو الثاني نقلا: اللخمي عن ابن القاسم في الموازية وأشهب وصوبه إن كان المثل لا تختلف فيه الأغراض كالحديد والرصاص والنحاس، وإن لم يتحصل فيه المثل كالكتان لم يجز. قلت: ما عزاه للموازية هو قولها آخر السلم الثاني. وفيها: حدوث دين في ذمة العبد يمنعها بخلاف حوالة الأسواق فيه وفي غيره. عبد الحق: لأن الدين عيب بخلاف حوالة الأسواق ويسيره ككثيره بخلاف حدوث يسره عند من اشتراه واطلع على عيب به قديم وسقوط دينه كعدم كونه إن لم يكن في فساد. قال بعض أصحابنا: زوال حدوث نقص في جسمه كبقائه بخلاف زوال حدوث بياض بعينه؛ لأنه ساتر زال.

الصقلي: إن القياس أن الجميع سواء؛ لأنه عيب زال. المازري: لا فرق بين البياض والعيب المؤثر في الموازية زوال البياض كالنماء قلت: هو نصها قال: ولو زال العيب المؤثر بعد حدوثه، ففي منعه الإقالة قولا المتأخرين. قلت: الأول ظاهر قولها: إن تغيرت هبة الثواب عند الموهوب له لزمته قيمتها. والثاني: قول اللخمي في الولادة: ففي منعها بعيب حدث وزال، ثالثها: في غير البياض لبعض المتأخرين وغيره مع اللخمي وعبد الحق عن بعض أصحابه، وقول ابن محرز والمازري يسير الدين جدا كالدرهم لغو خلاف عموم، قول عبد الحق اليسير كالكثير. المازري: وكونه بغير إذن ربه أو به، وصرفه في فساد عيب لا يرتفع بإسقاطه. وفيها: تغير رأس المال أو نقص بين يمنعها والنماء كالصغير يكبر، وذهاب بياض العين وزوال الصمم، والسمن بعد الهزال وعكسه في الدواب مانع، وفي الجواري. ثالثها: إن قال أهل المعرفة: بقيمة الرقيق إنه يؤثر في الثمن لها ولتخريج اللخمي على قول ابن حبيب أنهما فوت في الرد بالعيب وله. وفيها: لأن الدواب تشترى لشحومها والرقيق ليس كذلك. قلت: ظاهره: أن العبد كالجارية والأظهر أن ما يراد منه للخدمة كالدابة. وفيها: ولادة الأمة تمنعها. اللخمي: لتغيرها بزيادة الولد وذهاب عيب الحمل إن مات أو بعيبها إن كان من زنا أو إنكاح المشتري ولو كانت حين العقد متزوجة فولدت فمات الولد، وزال بغير نفاسها جازت الإقالة وخرجها المازري على الخلاف في زوال العيب الحادث، وفي لغو طول زمن الحيوان الشهرين والثلاث قولها، ونقل اللخمي عن بيوعها الفاسدة ذلك فوت، وحمله على التغير. وفيها: إن أسلمت رقيقاً أو حيواناً أو نخلاً أو دوراً في طعام أيقيل منه بعد استغلال ثمرها ولبنها وأخذ كراء الدور؟ قال: قال مالك في العبد والدابة: لا بأس أن يقيل بعد شهر أو شهرين أو ثلاثة

وهي تركب والعبد يستخدم فعلى هذا فقس. اللخمي: سواء كان اللبن حين السلم أو حدث. اللخمي: جز الصوف الحادث مانع لتغير الشاة في مدته. عبد الحق: وكذا قبل جزه؛ لأنه نماء كهبة الأمة أو العبد مالاً. قلت: لغو ذهابه في الرد بالعيب، والعهدة، لغو حدوث في منع الإقالة. اللخمي: جز غير الحادث حبسه مانع ورده معها لا يمنعها. المازري: إن كان لجزه أجر منع؛ لأنه زيادة. ابن محرز: إن كان بالنخل ثمر يوم الإقالة لا السلم؛ لم تجز الإقالة؛ لأنها على الأصل معها زيادة ودونها غير مأبورة لا يجوز ومأبورة كذلك لتأخر جدها. عبد الحق: كان يوم السلم يجده إن لم يكن يحدث لم يجز، لأنه نقص أو زيادة كصوف الغنم كذلك فحاصله: إن لم يكن بها ثمر بحال جازت إن كانت يوم الإقالة كذلك وإلا لم يجز. اللخمي: إن لم يكن وهو يوم الإقالة مأبور جازت ويلزم المسلم إليه تعجيل جدها لاقتضاء الإقالة رد الأصل لحالة قبضه، وسلمها وبها ثمر غير مأبور فاسد إلا أن يشترطها ربها على الجد، ومأبور جائز ولو اشترطها مشتري الأصول وهي علف غير زهو بطعام سلم، ففي صحته قولا ابن مسلمة، وابن القاسم بناء على اعتبار حاله ومآله وأجازه سحنون في السليمانية وإن طاب لأنه تبع كمال العبد وحلية السيف، فعلى قول ابن مسلمة: إن انتقلت الثمرة إلى الإبار أو إلى الزهو؛ لم تجز إقالة؛ لأنها على ردها زيادة، وعلى حبسها نقص وعلى بقائها بما ينوبها من الثمن فاسدة لتهمتهما على أنهما عملا على بيع الثمر قبل بدو صلاحه، وعلى قول سحنون: إن انتقلت ليبس؛ لم تجز إقالة لما تقدم، وإن كانت على أن تبقى بمنابها فلتهمتهما على طعام بطعام مؤخر. وفيها: إن أسلم عيباً في طعام ثم أقال منه، وأخذ برأس المال عرضاً؛ لم يجز؛ لأنه بيع الطعام قبل قبضه، والإقالة لغو. اللخمي: ولو أخذ عن الدراهم دنانير لم يجز كالعرض عند مالك ويجوز على أصل أشهب لأن التهمة ليست على شيء في أصل العقد إنما هي على بيع الطعام قبل قبضه

وهو أجاز أن يعطي الغريم لذي السلم أقل من رأس ماله يشتري به طعاماً، لنفسه وإذا سلم العقد من التهمة لم يمنع فيما يكون بعد لأنه من أفعال النقود لا يتهم فيها إلا أهل العينة. قلت: أخذ الذهب عن الفضة تهمة على العقد بتأخير الصرف. وفيها إن أسلم ثوباً في طعام فأقاله فهلك ببينة بعدها فهو ممن هلك بيده؛ لأن الإقالة لا تجوز إلا بالقبض. ابن محرز: لا يدخله خلاف المحبوسة بالثمن، وعليه لو باع الدين ممن هو عليه أو غيره بحيوان أو غيره مما يجوز أن يسلم في رأس المال فهلك قبل قبضه كان من بائعه وناقضها التونسي بقول ابن القاسم في المحبوسة بالثمن ضمان هلاكها ببينة من مبتاعها، وأجاب بضعف موجب ضمانه؛ لأنه العقد وهو هنا ضعيف؛ لبطلانه بتراخي القبض ولا يبطل به في غيره فناقضه بثبوت هلاكه إثر، عقب إمكان المناولة؛ إذ لا أثر هنا لموجب الضعف؛ إذ هو التأخير وهو منتف في هذه الصورة. قلت: إن قيل بأن الجواب إنما هو بضعف موجب الضمان وهو عند الإقالة من حيث هو معروض للفسخ بالتأخير لا من حيث حصول التأخير وعدم حصول التأخير فيه لا يرفع كونه معروضاً له. قلت: في ثبوت المرجوحية بمجرد إمكان وقوع موجبها البين نفيه خلاف في وصاياها إن قال: إن مت، فمرزوق حر وميمون حر على أن يؤدي إلى ورثتي مائة دينار فإن عجلها تحاصا، وإلا بدئ مرزوق وقيل يبدأ الموصي بعتقه على الذي قاله يؤخذ منه المال، وأجاب التونسي بأنه لو ضمنه بذلك ما انتقل عنه ضمانه بتأخيره. قلت: ترد الملازمة بأنهما في التأخير يتهمان على العمل عليها فتبطل الإقالة فينتفي الضمان قطعاً وفي هلاكه لا تهمة قلت: والأظهر الجواب بما أشار إليه آخر كلامه أن الإقالة تقتضي رد ما قبض بحالته يوم قبض ووضعه بيد دافعه حسبما كان حين العقد ثم ناقضه بضمان المشتري في الصرف ما قبضه ووزنه إن هلك قبل دفعه عوضه مع أنه ضمان بعقد معروض للفسخ بالتأخير دفع العوض الآخر، وأجاب بما حاصله أن المدعي ضعف إيجاب العقد المعروض للفسخ بالتأخير ضمان ما لم يقبضه من حكم

عليه بضمانه لا ما قبضه حسًا، ثم قال: إنما نظير مسألتنا: لو كان له عليه دين فأعطاه به دراهم فضاعت بعد الوزن وقبل القبض أو كان له عليه دين فأعطاه به ساعة في الدار فضاعت فتلفت بعد الإعطاء قبل القبض وقد لا يتصور في مسألة الدنانير من الدراهم، ما يتصور في بيع الإقالة؛ لأن شرط صرف ما في الذمة أن يحضر ما يؤخذ عنه بالحضرة لا يكون في دار ولا في موضع متوار وهو إذا وزن بالحضرة فقد ضمنه من وزن له فلم يشبه ذلك الإقالة؛ لأنها لو تقايلا على حضور رأس المال؛ لكان من كان له أولا، وإنما معناه أنه غاب غيبة قريبة بحيث يجوز التراخي فيه فضاع بعد العقد وقبل القبض فجعل من الذي هو بيده حتى يوصله؛ لأنه مفهوم الإقالة: أن يرد إليه ما دفعه إليه. قُلتُ: تقييده ضمانه ممن هو بيده الخ، خلاف قول ابن بشير لو كان رأس المال ثوبًا فأقال منه وهو بالحضرة فضاع قبل وصوله إلى ربه فاختلف الأشياخ هل يدخله من الخلاف ما يدخل المثمون يضيع قبل قبضه مشتريه أم لا؟ لأن صحة الإقالة هنا موقوفة على القبض فيكون الضمان على الغريم حتى يسلمه للآخر. اللخمي عن ابن حبيب: من أقال من طعام باعه فضاع بعد الإقالة ضمنه إن لم يغب عليه مشتريه بعد أن اكتاله، ومن أقال من طعام أسلم فيه دنانير وهي حاضرة بيد المسلم إليه، فأراد أن يعطي غيرها وأبى ربها. ففي كون القول قول المسلم إليه، ولو شرط ربها رد عينها أو قول ربها ولو لم يشترطها قولها وقول سَحنون، وصوبه اللخمي وخرجهما التونسي على الإقالة ابتداء بيع سهلت في الطعام؛ إذ لا ربح فيها أو حل بيع، ولو كان رأس المال حين الإقالة بغير موضعه يوم البيع، وافتقر في نقله لأجر ففي كونه على مبتاعه مطلقا أو على طالبهما منهما نقلا عبد الحق عن بعض القرويين والأبياني واستحسنه الشَّيخ والقابسي وقيدوا الأول بكون محل النقل قريبًا ولو بعد كانت إقالة على تأخير. وفيها: إن أسلمت إلى رجل في طعام فقال لي ولنيه جاز، وهي إقالة إنما التولية لغير بائعه. ابن محرز: أجازها بلفظ التولية وهو لا يجيزها بلفظ البيع؛ لأن لفظ التولية لفظ رخصة كالإقالة، وقوله في الكتاب: إذا دفع الذي عليه السلم مثل رأس ماله للذي له

السلم يشتري به طعامًا جاز؛ لأنه إقالة لا يدل على جوازها بغير لفظها؛ لأنها هنا غير مقصودة إنما رأى أن فعلهما لا تهمة فيه لقدرتهما على فسخ السلم برد رأس ماله. وقال أبو حفص: لا تجوز المسألة على قول ابن القاسم إلا على وجه الإقالة كقوله: أعطني طعامًا فيقول له: إنما يسوى الطعام مثل رأس مالك، فإن شئت أن تأخذه وإن شئت أن تشتري به طعامًا فأنت تجد، وإن شئت مسكته فيأخذه على المناجزة على أن لا طلب بينهما فذلك جائز وهي إقالة وإن أخذه على أن يشتري به ففعل، وقامت به بينة لم يجز؛ لأنه اشتراه ليقبضه بعد شرائه فهي كمن واعد غريمه على طعام يشتريه ثم يقبضه فهو غير جائز. قلت: ظاهر كلام ابن محرز إنه حملها على غير معنى الإقالة بل على الوكالة السالمة من الفساد لنفي التهمة عنهما لقدرتهما على تحصيل مقصودهما بالإقالة وتبعه المازري. وظاهر قول أبي حفص عكس ذلك وعليها لو فلس دافع رأس المال قبل الشراء به قول ابن محرز لا يكون قابضه أحق به وعلى قول أبي حفص، يكون أحق به، وذكر طرو تفليسه في تعليقة أبي عمران وقال: يحيى الشَّيخ إلى أنه لا يكون أحق به من الغرماء وشبهه بمن وضع دنانير على يدي عدل ليشتري بها طعامًا لرب السلم فإنه لا يكون أحق بها إلا أن يشترط أن صاحبها لا يأخذها ممن هو على يديه حتى يصل لذي الطعام طعامه. قُلتُ: لم أقف على نص القول بجوازها بلفظ البيع، وفي رسم: إن أمكنتني من سماع عيسى من السلم والآجال من أخذ عشرة دنانير سلمًا في طعام فلما حل قال لمن هو له: بعني طعامًا أقضيكه فباعه بعشرة نقده إياها؛ فلا بأس به؛ لأنها إقالة. قُلتُ: فقد صرح بأنها إقالة بأن العبارة عنها إنما وقعت بلفظ البيع فيقوم منه جوازها بلفظ البيع، وهو المناسب لقولها: إنما ينظر مالك على أفعالهما لا إلى أقوالهما. والإقالة من بعض الطعام قبل الغيبة على رأس ماله أو ثمنه مطلقًا أو بعدها وهو غير مثلي جائزة، في ثاني سلمها: إن كان رأس المال عينًا أو ما لا يعرف بعينه فإن لم يفترقا جاز أن تقليه من بعض وتترك بقية السلم لأجله، فأما بعد التفرق فلا يأخذ منه إلا ما أسلمت فيه أو رأس مالك، وإن كان رأس مالك عروضًا تعرف بعينها أسلمتها

في عروض أو حيوان أو طعام فأقلته من نصف ما أسلمته فيه على نصف رأس مالك بعينه فلا بأس به ولو بعد افتراقكما. اللخمي: أجاز مالك لمن أسلم عبدًا أو ثوبًا في طعام أن يقيل من نصفه، وليس بالبين؛ لأن الشركة عيب، وأجاب المازري بأن قال هذا العيب لم يسبق الإقالة إنما حدث بها وتعلق بها حل البيع، وحدوث العيب واضطراب المذهب في مثل هذا الأمر الذي يتعلق به حكمان متدافعان ما الذي يقدر سابقًا منهما كقوله: إن بعتك فأنت حر إن جعل حل البيع سابقًا على عيب الشركة؛ فالإقالة صحيحة. قُلتُ: يرد بأنه لا يلزم من كونها سابقة على الشركة لغو عيب الشركة؛ لأنها وإن سبقتها فهي لازمة عقبها قبل إمكان قبض رأس المال بعيبها كذلك ضرورة ثبوت اللازم لثبوت ملزومه، وكل عيب حادث برأس المال قبل إمكان قبض المقال فهو من دافعه، وكل عيب هو من دافع رأس المال فهو كعيب قديم في إبطاله الإقالة دليل ذلك قول آخر ثاني سلمها: إن أسلمت ثوبًا في طعام فهلك الثوب بعد الإقالة انفسخت، وبقي السلم بحاله، ويجاب بأن كون الحادث قبل مضي إمكان قبض رأس المال ممن هو بيده مشروط بكون ذلك الحادث من غير سبب من يجب له قبضه، أما إذا كان من فعله فهو كقبضه ولا يكون ممن هو بيده كما لو كان تلف العبد بفعل من يجب له قبضه لصحة الإقالة، وعيب الشركة هنا بفعل من يجب له القبض، لأن الإقالة لا تقرر إلا بطلبه إياها وإجابته لها، وكلاهما فعله، فهو كقبضه ولا يكون ممن هو بيده كما لو كان تلف العبد بفعل من يجب له قبضه لصحة الإقالة، وعيب الشركة هنا بفعل من يجب له القبض، لأن الإقالة لا تقرر إلا بطلبه إياها وإجابته لها، وكلاهما فعله، فوجب كون عيبها منه، وكونه منه يمنع كونه كعيب قديم فتأمله. ابن محرز: تعقب ابن الكاتب قولها بجواز الإقالة من نصف الطعام على نصف الثياب بأنها إن كانت على الشيع فالشركة هنا عيب حادث فيبطلها كحدوث دين العبد، وإن كانت نصفها من أثواب بعينها فهي إقالة على خلاف رأس المال؛ لأنه أخذ نصف الثياب التي أقال عليها عوضًا عن نصف الثياب الأخرى، لأن كل ثوب شائع في نصف الطعام فنصف الطعام الذي أقال منه رأس ماله نصف الأثواب كلها فكأنه عاوضه على النصف الذي سلم بالنصف الذي أخذ، وقد أجاز ابن القاسم لمن أسلم ثوبين في طعام أن يقيله من نصفه على أحدهما إن استوت قيمتها، ويلزم على قوله

جواز الإقالة على مثل رأس مال الطعام إن كانت مثليا، وهو قد منعه. في الموازيَّة: وهو أصوب من قوله في آخر الجزء الثاني من المدَوَّنة، والذي نقل المازري عنه أنه ألزم ابن القاسم جواز الإقالة على رأس المال وهو ثوب لا وهو مثلي قال: واعتذر التونسي عن ابن القاسم في مسألة الثوبين سلما في طعام بأن الثوب المقال منه يقابله نصف كل من القفرزين ومسمى نصفيهما هو قفيز قطعًا وجمعهما في لفظ قفيز لا أثر له، كما لو اشترى من عليه نصف دينار لرجل سلعة منه بنصف دينار قضى عليه بدينار كامل لإيجاب الحكم جمعهما، وفي هذا نظر؛ لأن هذا التقدير ليس بأولى من تقدير كون القفيز عوضه نصف الثوبين. اللخمي: في الموازيَّة يجوز لمن أسلم في أصناف تمر أن يولي صنفًا بمنابه، وأجاز في المجموعة لمن أسلم في قمح وشعير وعدس أن يولي صنفًا منهما بمنابه فيجوز على ذلك الإقالة فيه والشركة كذلك ونقله المازري نصًا لا تخريجًا، قال: وقع في الموازيَّة من أسلم في أصناف من تمر فجائز أن يقيل من أحدهما، وكذا من اسلم في قمح وشعير، وعدس يجوز أن يقيل من أحدهما ويجب أن يمنع على طريقة سَحنون والإقالة من بعضه بعد الغيبة على ثمنه مثليًا لا يجوز فيها مع غيرها؛ لأنه بيع وسلف وألزم هذا فيما يعرف بعينه؛ لأن رد العين المقرض لا ينافي السلف، وأجيب بأن المانع التهمة عليه لا تحقيقه، والتهمة في المثلي واضحة، وفيما يعرف بعينه بعيدة. عبد الحق عن الموازيَّة: ما أسلمت فيه من طعام أو غيره فقبضت بعضه لم يجز أن يقيل مما بقي، ولو رددت عليه ما اقتضيت وأقالك من الكل فهو حرام، وبيع الطعام قبل قبضه كأنه أقالك مما بقي على أن وليته ما قبضت. قال مالك: إلا أن يقل ما قبضت كعشرة أرادب من مائه فأرجو خفته. قال ابن القاسم في العتبيَّة: أكرهه فيما قل أو كثر، وسمعه أصْبَغ: من ابتاع طعامًا بعينه، ونقد بعض ثمنه إلى أن يقضيه بقيته، ثم أراد أن تكتال بقدر ما نقد ويستقيل من البقيه لا بأس به، وإن كان نقد كل الثمن لم يصلح أن يأخذ بعضًا، ويقيل من بعض إلا أن يكونا لم يفترقا ولم يغب على الدنانير. ابن رُشْد: الصحيح على أصولهم أن الإقالة فيها من البعض جائزة، ولو نقده كل

الثمن؛ إذ ليس في نفس الإقالة فساد، إنما يوجد الفساد فيها بمجموع البيع والإقالة إذا اتهما في ذلك فيجب أن يجوز إن لم يكونا من أهل العينة؛ لأن بيع النقد لا يتهم فيها إلا أهل العينة. قُلتُ: هذا خلاف أصل منعها مع غيرها أخذ طعام من ثمن طعام بيع على النقد بعد الافتراق، ومنع أخذ طعام عن دراهم من اكترى أرضًا بها. وفيها: إن أقال أحد رجلين من طعام أو عرض أسلما فيه لرجل جاز إلا أن يكونا متفاوضين في شراء الطعام وبيعه فلا يجوز؛ لأن ما أقال وأبقى بينهما، وكذا إن ولاه حصته ولا حجة لشريكه عليه في تولية أو إقالة إن لم يفاوضه إنما حجته على البائع. عبد الحق: في رواية العسال وزياد قال سَحنون: لا يجوز ذلك إلا بإذن شريكه، ونقله اللخمي عنه لا رواية فيها، قال: والأول أحسن؛ لأن الشركة عنده تضمنت أن لا يقتضي أحدهما دون الآخر ولم تتضمن أن لا يقيل؛ لأنها حل بيع وأجاز التولية ولم ير فيها للشريك حجة؟ قال محمد: إن باع أحد الشريكين، فلشريكه أن يدخل في الثمن والأول أحسن؛ لأنه إنما باع حظًا شائعًا هو له. عبد الحق عن فضل: إنما أجاز مالك إقالة أحدهما من كل حظه؛ لأن شريكه لو أراد الدخول عليه فيما أخذه لم يجز لما لها إلى إقالة من بعض حظه وهو أبين من قول سَحنون ووجهه القابسي بأن إقالته من حظه كتوليته أجنبيًا أو بيعه منه فيما يجوز بيعه قبل قبضه وليس كالاقتضاء ولا كالصلح، ورده عبد الحق بأن بيعه من أجنبي وتوليته لا توجب في ذمة المدين ضعفًا ولا أخذا منها، وفي إقالته توجبه ضرورة رده له رأس ماله فصار كالاقتضاء والصلح، قال: وحملها بعضهم على إقالته بعد قسمتهما ما على المدين. قُلتُ: لا يخالفه في سَحنون؛ لأن قسمهما ملزوم لإذنه قال: ووجهه بعض القرويين بأنه قاسمه أو كان المدين ظاهر الملاء. قال عبد الحق: ويلزم مثله في صلح أحد الشريكين غريمهما، قال: وتوجيه فضل، إنما يتم على قول من يرى في صلح أحدهما من حظه من دين لهما، إنه إذا رجع عليه

شريكه فيما أخذ أنهما معًا يرجعان على المدين، وأما على القول: أن الآخر يرجع بجميع حقه ثم يغرم لشريكه ما أخذ منه فلا؛ لأنه لا يدخله على هذا البيع والسلف بحال، وقبل الصقلي جواب فضل المذكور، وجواب أبي عمران بأنه لو ثبت لشريكه عليه دخول لأدى ذلك إلى كونها إقالة على خيار فتفسد. قُلتُ: يريد: أن ثبوت الدخول له يؤدي إلى نفيه؛ لأنه لا يثبت له لزومًا إجماعًا فيجب ثبوته له مخيرًا فيه، وكلما كان له مخيرًا فيه فسدت الإقالة، وكلما فسدت لم يكن له دخول فأدى ثبوت دخوله إلى نفيه، ويرد بأن حاصله إبطال لما هو لازم إقالة أحد الشريكين دون إذن الآخر، وبيان كونه لازمًا إن تصرف أحد الشريكين بأخذ شيء من ذمة مدينهما فيما هما فيه شريكان يوجب دخول الآخر عليه عملًا بقاعدة المذهب في ذلك والدخول المذكور باطل لما قررتم من تأديته للمحال، ووجه ابن الكاتب قول مالك بكلام مقتضى أوله ككلام القابسي. وفي آخره ما نصه: والإقالة ليست عوضًا من الدين ولا بيعًا له ممن عليه؛ إذ لو كان كذلك ما جازت الإقالة فيه؛ لأنه بيع الطعام قبل قبضه، وغنما إسقاط لما عقداه وبراءة لذمة البائع من الدين، ألا ترى أن المبتاع إنما أخذ مثل ما دفع وما كان دفعه لم يكن لصاحبه فيه شركة. عبد الحق: هذا نحو ما تقدم للقابسي، وإن كانت فيه زيادة إيضاح فهو معترض بما ذكرناه. قُلتُ: ليس كذلك لأن حاصل اعتراضه المتقدم إنما هو على الجواب بأن إقالته كتوليته من أجنبي، وفي كلام ابن الكاتب زيادة ليست مجرد الإيضاح كما زعم؛ بل فيها زيادة على ما قاله القابسي تقريرها: أن الإقالة من الطعام حكم لها أهل المذهب بأنها ليست بيعًا؛ بل حل بيع، وكل ما كان كذلك بطل مقال الشريك على شريكه فيها؛ لأن مقاله إنما هو فيما يضعف ذمة المدين بشيء مرتب على بيعهما من المدين ما ثمنه بينهما، وحل البيع بالإقالة لا يضعف ذمة المدين بشيء مرتب على بيعهما من المدين ما ثمنه دينهما وحل البيع بالإقالة لا يضعف ذمة المدين بشيء مرتب على بيعهما منه ضرورة كونها حلاله، وهو جواب حسن لمن تأمله؛ ولذا قال الصقلي إثر نقله ما تقدم: هذه

وجوه صحيحة واحتجاج بين، واعتراض ذلك بعض أصحابنا باعتراض ضعيف. عبد الحق: قال بعض أصحابنا: قد يقال: إن هذا مذهب في أن من باع حظه أن شريكه لا يدخل عليه، ولغير ابن القاسم في كتاب الصلح، ما يدل عليه في صلح أحد الورثة عن حظه في الدم بعبد أن الباقين لا يدخلون معه فيه، والقياس أن ذلك لا يشبه أحد الشريكين بحظه في العبد؛ لأن بيعه منه لا ضرر على شريكه فيه، وفي الاقتضاء يتضرر بإخلاء الذمة. وفيها: إن أسلم لرجلين في طعام جازت إقالته أحدهما إن لم يشترط أن كلا منهما حميل بالآخر أيهما شاء أخذ بحقه، فلو لم يشترط أيهما شاء أخذ لحقه، ففي جوازه على مشهور قولي مالك لا يطلب الحميل في غير تعذر الغريم ومنعهما قولا ابن الكاتب مع عبد الحق، ونقله عن بعض القرويين مع الشَّيخ في مختصره؛ لاحتمال الفلس حين حلول الأجل فيصير حقه على واحد فتصير إقالة من البعض. عبد الحق عن بعض شُيُوخه: لا تجوز إقالة أحدهما، وإن لم يغيبا على رأس المال؛ لأن كلا منهما حميل بالآخر فإقالته على بقائه حميلًا أو ترك حمالته يحيل الإقالة عن شرطها، وقاله الشَّيخ والقابسي، ولم يعزه المازري لغيرهما، وقال: سلكا غير ما قدمناه عمن سواهما من الأشياخ وجعلا إقالته على بقائه حميلا إقالته على بعض رأس المال؛ لأن رأس المال هنا دنانير وحمالة وإن أقال على إسقاطها فكأنه بائع المقال على إسقاط ضمان عنه والبيع على ثبوت الضمان أو إسقاطه لا يجوز، وقوله في إقالته على بقاء الحمالة صحيح. قُلتُ: تقريره منع الإقالة بأنها إقالة على بعض رأس المال؛ لأن رأس المال هنا دنانير وحمالة وهم، إنما إقالة من بعض المسلم فيه؛ لأن كلا منهما أخذ نصف المال هنا رأس المال على أن بذل فيه شيئين نصف الطعام، والحمالة عن غيره بإقالته بأخذ رأس المال على أن بذل فيه شيئين نصف الطعام، والحمالة عن غيره بإقالته بأخذ رأس المال على إسقاط ما عليه من الطعام وإبقاء ما عليه من الحمالة إقالة من بعض مقابل كل رأس المال برد جميعه فهو كمن أسلم دينارًا في قفيز قمح وعبد، ثم أقاله من القمح فقط، ثم قال: وأما إقالته من جملة ما اشتمل عليه العقد من طعام وحمالة فبعيد منعه، وإذا وقعت الإقالة في العقد على ما هو عليه سقطت الإقالة

بسقوط الطعام؛ لأنها تابعة له ولاسيما إذا قلنا: الإقالة حل للعقد من أصله. قُلتُ: ففي جواز إقالة من أسلم في طعام لرجلين على حمالة كل منهما بالآخر غير شارط أيهما أخذ بحقه، ثالثها: إن لم يغيبا على رأس المال لابن الكاتب مع عبد الحق والشَّيخ مع القابسي ونقل المازدي عن غيرهما من الشُيُوخ. اللخمي عن أشهب: من ولي نصف طعام من سلم فله، وللمولي الإقالة من كل حظه لا من بعضه، والقياس جوازها في بعضه؛ لأن المولى لم يكن بينه وبين المسلم إليه معاملة فلا تهمة؛ لأنه أجاز إقالته من كل حظه لا من بعضه فالقياس جوازها في بعضه؛ لأن المولى لم يكن بينه وبين المسلم إليه معاملة فلا تهمة؛ لأنه أجاز إقالته من كل حظه فلو اتهمهما لم تجز الإقالة؛ لأن المسلم قبض دينارين ثم رد أحدهما بعد أن انتفع به، فإذا جاز أن يرد دينارًا جاز أن يرد نصف دينار، وتعقب المازري منع إقالة الموهوب له والوارث من بعض نصيبه بأن علته التهمة على مواطأة المسلم والمسلم إليه على البيع والسلف وهي منتفية في الوارث والموهوب له، وأجاب بأن حلولهما محل المسلم أوجب لهما حكمه كالمحال على ثمن طعام لا يجوز أن يقتضي منه طعامًا اعتراضه بأنه لو أعطى حكمه لما جازت إقالته من كل حظه؛ لأنه بعض الطعام المسلم فيه، وأجاب بأن شرط اعتبار تهمتهما تبعيضه ما على المسلم إليه بإقالة بعضه مع قدرته على الإقالة من جميعه وهذا في الوارث والموهوب له منتف. اللخمي: من أقال من طعام ابتاعه بعد قبضه قبل غيبته عليه لم يلزمه كيله، وإن غاب عليه فعليه كيله. ابن حبيب: من أقال من طعام باعه فضاع فهو منه وإن لم يغب عليه مبتاعه ولو اكتاله وغاب عليه ضمنه حتى يكتاله بائعه، والإقالة من غير الطعام كالبيع في شفعتها: الإقالة عند مالك بيع من البيوع في كل شيء إلا إقالة مبتاع شقص قبل أخذه بالشفعة ونقص بالإقالة عند مالك بيع من البيوع في كل شيء إلا إقالة مبتاع شقص قبل أخذه بالشفعة ونقض بالإقالة من الطعام وفي المرابحة فيما باع بربح ثم أقال ويجاب بأن مراده فيما يجوز بيعه قبل قبضه وهو في المرابحة بيع؛ لكنه يكرهه المبتاع لكونه بثمن أكثر من الأول. وفيها: من باع جارية بعيد فتقابضا ثم مات العبد فتقايلا؛ لم تجز الإقالة إلا أن

يكونا حيين، وكذا إن حدث بالعبد عيب لم تجز الإقالة إلا أن يعلم دافع العبد بنقصه فيجوز. اللخمي: إن لم يعلم فله قبوله أو رده، وإن تقايلا بعد علمه بموته على قيمته؛ لم تجز إلا لعد علمهما القيمة، وغن أقاله على مثله جاز إن كان في ملك مشتري العبد، ولو كان غائبًا عن البلد، وإن لم يكن في ملكه تخرج على القولين في البيع مرابحة فيما ثمنه عرض وعلى السلم الحال أو إلى يومين، ولو حدث بالعبد بعد الإقالة عيب أو هلاك فهو من بائعه على أن الإقالة حل بيع وعلى أنها بيع يتخرج على الخلاف في المحبوسة بالثمن. قُلتُ: في طرر ابن عات، في ترجمة وثيقة بإقالة. قال ابن عيشون: عن أقال من طعام ونحوه فبان هلاكه؛ بطلت إقالته إلا أن يكون بين هلاكه، وقيل يلزمه وإن لم يبين. اللخمي: لو أسلم عبدًا في ثوب جرى الجواب على ما تقدم، إلا أنه إن كانت الإقالة على المثل لم تجز إلا أن يكون في مثله حاضرًا أو يقومان لقبضه وغلا كان دينًا بدين، ومن أقال بغير بلد سلمه جاز على أخذ المثل ببلد الإقالة بالحضرة، وعلى قبضه ببلد السلم لا يجوز وهو دين بدين، ولو أسلم عرضًا مثليًا في طعام لم تجز الإقالة بغير بلد السلم لأنها على تعجيل رأس المال إقالة على غير رأس المال؛ لأن ثمنه في البلدان مختلف، وعلى تأخيره دين بدين، قال: إقالته من سلم ثوبين في فرسين يردهما أو أحدهما من الفرسين أو من أحدهما والباقي لأجله جائزة ولو بزيادة، واختلف فيها على تعجيل الباقي، فأجازه ابن القاسم في الموازيَّة لأن أخذه اقتضاء لا سلف، وغلا شركة فيها غرماؤه في فلسه. والإقالة برد مثلهما أو مثل أحدهما عن كلا الفرسين دون زيادة عليهما جائزة وإلا قلا، وكذا على أحد الثوبين ومثل الآخر، واختلف في إقالته على مثل ثوبيه وزيادة أجازها ابن القاسم في الموازيَّة. قُلتُ: المنع في الصورتين هو قول ثاني سلمها، ورد المازري قوله: لو كان أخذه سلفًا لشركة فيه غرماؤه في فلسه بأنه سلف أحاله عليه بحقه المماثل له فصار كمن أحاله غريمه بحقه على غريم له ثم فلس المحيل فلا دخول لغرمائه على المحال.

قلت يرد بأنه لو كان كذلك لفسد أخذ كل حق قبل أجله لملزوميته حينئذ الحوالة بما لم يحل ثم خرج القولين على الخلاف في المسبب عن عقد هل يعد متأخرًا عنه أو متقدمًا أخذا ذلك من مسألة: إن بعتك فأنت حر، قال: فعلى الحكم بتقديمه تكون براءة الذمة المسببة عن المعارضة سابقة عليها، فصارت كمعاوضة بعد حلول الدين. قلت؛: لا يخفى تكلف هذا وبعده؛ لأن مسألة العتق إنما قيل فيها ذلك؛ لتشوف الشرع للحرية، وما قرره فيها من تقديم المسبب على سببه؛ غنما هو في القوال لا الأفعال للاتفاق على لغو عتق وارث أخيه عبدًا له قبل موته ببينة. الصقلي: روى محمد: من باع عبدًا بمائة دينار لشهر فأقال منه على أن زاد مبتاعه عينًا أو عرضًا نقدًا أو مؤجلًا جاز، ولا يجوز على أن يزيده مبتاعه عينًا إلا إلى الأجل نفسه من صنف الثمن فيصير مقاصة، وعلى زيادة عرض جائز نقدًا ولو كان من غير صنف الثمن ونظمه بعضهم فقال: إذا استقالك مبتاع إلى أجل ... وزاد نقدًا فخذه ثم لا تسل حاشي من الثمن المرجى إلى أجل ... إلا إلى ذلك الميقات والأجل مع الوقات فلا تزدد فإن لها ... حكمًا من الصرف التعجيل والأجل وزده أتت من الأشياء أجمعها ... ما شئت نقدًا ومضمونًا إلى أجل ما لم يكن صنف ما استرجعت تدفعه ... إلى زمان ولا بأس على عجل ووجه الممنوع منها واضح وهو في منع زيادة البائع ما هو من صنف ما استرجع إلى أجل سلف بزيادة، فإن قلت: فييات وقيل مضي عشرة. قُلتُ: ليس كذلك هذه الأبيات من عيوب القوافي الإيطاء، وهو إعادة كلمة الروي قبل مضي سبعة أب، أما في البيت الرابع فواضح؛ لأن كلمة الروي فيه منكرة وفي غيره معرفة، والمنصوص لهم أن الاختلاف بالتعريف والتنكير كاختلاف الألفاظ وأما في البيت الثالث فقد يتوهم لاتحاد الكلمة فيه، وفيما قبله في التعريف وليس كذلك؛ لأن مسمى الأجل فيه مطلق غير مقيد وهو فيما قبله مقيد بكونه الأجل الذي

وقع البيع إليه، والمنصوص لهم أن الاختلاف بهذا كاختلاف اللفاظ مع زيادة هذا بمزية التجنيس وذكرناه لرفع التشغيب بهذا على الفقيه من حيث كونه فقيهًا، وسمع ابن القاسم: إقالة من باع طعامًا بثمن مؤجل قبل الفرقة بزيادته المبتاع عرضًا أو عينًا بعد كليه الطعام جائزة، وكذا بزيادة المبتاع إياه عرضًا أو طعامًا وإن تفرقا لم أحبه. ابن رُشْد: لا يعتبر تفريقهما وغيبة المبتاع على الطعام إلا في زيادة المبتاع لا البائع حسبما نبينه وتحصيلها: إنهما إن تقايلا قبل كيل الطعام لم تجز بزيادة أحدهما بحال، إلا أن يكون المبتاع هو المستقبل بزيادة مثل الثمن لذلك الجل فيجوز؛ لأنه يصير قد أدى الثمن ووهب الطعام، وإن تقايلا بعد كليه، وقبل قبضه المبتاع أو شيئًا منه وقبل قبض البائع الثمن أو شيئًا منه جازت الزيادة من كل منهما للآخر إن لم يكن في نفس الإقالة على الزيادة فساد فتجوز بزيادة البائع عرضًا أو عينًا نقدًا أو أجل إلا بزيادة من صنف الطعام المبيع فلا يجوز بحال من غير صنفه تجوز نقدًا إن كان الثمن حالًا اتفاقًا وإن كان مؤجلًا فقولان: في الواضحة بناء على أن انحلال الذمم بخلاف انعقادها فلا يراعي الأجل؛ لأنهما قد تبارءا أو كانعقادها فيراعي وإن تبارءا وتجوز بزيادة المبتاع من صنف الثمن إلى الأجل نفسه لا نقدًا ولا إلى أبعد من الأجل؛ لأنه في النقد ضع، وتعجيل وبيع وسلف، وعرض وذهب لأجل في التأخير لأبعد من الأجل بيع وسلف وذهب وعرض بذهب لأجل، وتجوز بزيادة ما شاء من عرض أو طعام نقدًا لا إلى أجل مطلقًا لأنه في نقد الزيادة شراء لها مع الطعام بثمنه، وفي تأخيرها فسخ دين في دين ولا تجوز بزيادة دنانير، والثمن دراهم ولا دراهم، والثمن دنانير ولو نقدًا وإن حل الثمن أو كان حالًا جازت بزيادة ما يشاء من، عرض أو عين أو طعام من صنف طعامه أو غيره نقدًا إلا أن يكون ورقًا فلا، إلا أن تكون أقل من صرف دينار، على قول ابن القاسم: ولا تجوز بزيادة شيء إلى أجل لأنه يدخله فسخ دين في دين، وأما بعد غيبة المبتاع على الطعام أو بعضه فلا يجوز في جمعيه بزيادته شيئًا؛ لأنه سلف بزيادة وكذا إن غاب البائع على بعض الثمن فلا تجوز على زيادة المبتاع شيئًا؛ لأنه سلف بزيادة هذا إن كان البيع لأجل، وإن كان نقدًا جاز؛ إذ لا يتهم في بيع النقد إلا أهل العينة على ما له في

رسم كتب عليه ذكر حق، وهو دليل قوله في هذا السماع، وإن تفرقا فلا أحبه إن كان الثمن لأجل، وحكم المثلي من غير الطعام كالطعام إلا في رعي بيعه قبل قبضه، وحكم العرض والحيوان في هذا كالمثلي إلا في رعي الغيبة عليه لمعرفة عينه بعد الغيبة عليه. وسمع عيسى: من باع ثوبًا بعشرة دنانير لشهر فأقاله مبتاعه على سلف عشرة دنانير لأبعد من الأجل أو لأجل، دونه لا خير في إقالته به يدخلها بيع وسلف، إلى الأجل نفسه كرهه قوم وأجازه آخرون واتقاه مالك، وأنا أكرهه ولا أحرمه. ابن رُشْد: إن أقاله على سلفها حالة أو لأجل غير الأجل أو أقل منها أو أكثر لم يجز اتفاقًا؛ لأنه صريح البيع والسلف، وفي قوله: يدخله ذلك نظر لا يقال: يدخله ذلك إلا فيما ظاهره الصحة ومآله لذلك، وأما إن أقاله على إن أسلفه العشرة للأجل نفسه فأجازه أشهب وحمله لما رجعت إليه سلعته بعينها كأنه اشتراها بالعشرة التي دفع إليه فإذا حل الأجل أخذه بالعشرة التي كان باعه بها وذكر السلف لغو ومن كرهه اعتبر فساد اللفظ. وقول أشهب أظهر لأن استقامة الفعل تلغي قبح اللفظ وهو نص قول مالك فيها. وفي غررها: من باع سلعة غائبة لا يجوز النقد فيها؛ لم تجز الإقالة منها بمثل ثمنها أو أقل أو أكثر؛ لأنها إن كانت سالمة في البيع الأول فقد بعت سلعة غائبة بما في ذمتك من ثمنها فهذا من ناحية الدين بالدين. سُحنون: هذا على قول مالك إن ما أدركته الصفقة من المبتاع. التونسي: في الموازيَّة هو على القولين معًا؛ لأنه رأى الضمان، وغن كان من البائع فالدين في ذمة المشتري حتى تهلك السلعة، والأصوب قول سَحنون ولو كان كما قال محمد لما صح قولها بإجازة الإقالة من أمة في المواضعة على زيادة توقف؛ لأن ثمن الجارية في ذمته حتى تهلك أو يثبت حملها، ولم يعترض محمد مسألة الجارية، ورجح ابن محرز قول محمد وأجاب عن التمسك به بمسألة الجارية بأن إبقاءها في هذا الموضع إنما هو لخوف ظهور حمل بها من بائعها فيكون المشتري؛ لأنها ليست بسبيل المواضعة إنما هي

لخوف الحمل فقط، وغلا فهي على ملك بائعها. اللخمي: أجاز أشهب الإقالة في الأمة الغائبة على أصله في جواز أخذ سلعة غائبة عن دين وأجازها يحيى بن عمر، لبراءة الذمة. المازري: ويصححه كون الإقالة حل بيع. قُلتُ: وما جزم به ابن محرز في طرو العيب جعله التونسي محل نظر فقال: انظر لو أقاله من الأمة في المواضعة بزيادة من البائع فحدث بها عيب ولم يظهر بها حمل فقال البائع: أردها للعيب عليك فتردها أنت علي وتسقط الزيادة أو لا تكون له حجة بهذا؛ لأن المشتري يقول بضمانها لم يزل منك وأنت قد رغبت في ردها بما أربحتني، وإنما وقفها خوف حملها فيسقط الربح لأن أن الولد لا يصح بيعها ولم توقف لحدوث عيب؛ إذ عيوبها منك. الصقلي: قول يحيي بن عمر: إنما يجب وقف الزيادة إن كان البائع وطئها وإلا فلا بأس بتعجيلها. وقال شُيُوخنا: سواء وطئها أو لا؛ إذ قد يظهر بها حمل من غيره فإذا ردها المشتري ذهب النفع بالربح باطلًا. المازري: قد ينفصل يحيي عن هذا بأن الحمل إن كان من السيد وجب ردها شرعًا، فكان الثمن تارة سلفًا وتارة بيعًا، وإن كان من غيره لم يجب ردها، وجاز تمسك المشتري بها فلم يلزم كون الثمن تارة بيعا وتارة سلفًا. قُلتُ: يرد بأن حاصله إن احتمال كون الثمن تارة بيعًا وتارة سلفًا، في وطء بائعها أقرب منه في عدمه لتوقفه في وطئه على ظهور حملها فقط، وتوقفه في عدمه على ظهور حملها وعلى إرادة المشتري ردها، ومسائل المذهب دالة على أن مطلق احتمال كون العقد مشتملًا على البيع تارة الثمن بيعا وتارة سلفا مانع كونه في بعض الصور أرجح لا يوجب لغوه، وحيث كونه ليس أقرب كالحكم الثابت في صورتين هو في أحدهما أرجح، ويرد جواب ابن محرز عن مناقضة التونسي قول محمد في الأمة الغائبة بموافقته على جواز الإقالة في الأمة المتواضعة بزيادة توقف بأن حاصل جوابه زعمه أن الإقالة مقبوضة لبائعها بنفس الإقالة فلا يكون آخذ شيئًا مؤخرًا عما لزم ذمة المشتري بنفس

العقد وإن وقفها إنما هو لطيب ربحها بعدم ظهور حملها؛ لا لأنها في ضمان مبتاعها؛ بل هي من بائعها فيما يظهر بها من عيب، وهذا كله موجود في المة الغائبة؛ لأنها بعد الإقالة من بائعها ضرورة التفريع عليه، فإن قيل: تأخير القبض في الغائبة حسي فلا ترفع ما يفيته للأخذ عن دين كون ضمان المؤخر قبضه من قابضه. قُلتً: وكذا الأمة المتواضعة تأخير القبض فيها حسي لأجل الزيادة وما جزم به من كون العيب من البائع أظهر أنه من المبتاع؛ لأنه يرجحه فيها بائع لها فيلزمه حكم من باعها، وكون ضمان عينها الحادث ملزومًا لضمان بائعها أو لا يمنع اعتبار الحكم المرتب على ذلك، وهو سقوط الربح عن بائعها من حجته ردها عليه بالعيب الحادث نقضًا لبيع الربح، فإذا ردها عليه بعد ذلك؛ لكونها في المواضعة لأجل البيع الأول منه لم يأخذ منه غير الثمن الأول، وهذا كقولها فيمن باع عبدًا ممن ابتاعه منه بأزيد من ثمنه ثم ظهر به عيب قديم وبائعه غير مدلس، له رده على مبتاعه فتسقط عنه الزيادة. وفي نوازل سُحنون من جامع البيوع: من أقال من عبد غائب اشتراه على الصفة بشرط أنه منه إن أدركته الصفقة لم تجز إقالته خوف كونه أدركته الصفقة فيكون الثمن دينًا عليه لبائعه ففسخه في عبد لم يقبضه وإن كان على أن الضمان من بائعه فلا بأس بها إذ لم يجب به على المبتاع دين. ابن رُشْد: الإقالة من الغائب المشتري على الصفة شرط ضمانه من مشترية بالعقد إن كان على الصفة يومئذ أو على القول إن الضمان منه إن لم يشترط على البائع لا تجوز اتفاقًا؛ لأنه دين في دين، وأما على أن الضمان من البائع أما بشرط المبتاع ذلك، وإما بأن الحكم أوجبه فاختلف فيه أجازه هنا سَحنون لأن يكون الضمان من البائع لم يجب على المشتري دين له عليه فيكون قد فسخه في شيء لم يقبضه فصار ذلك حلًا للعقد الأول، وقاسه أيضًا على إجازة ملك الإقالة من جارية في المواضعة بربح إذا لم ينتقد ولم يجز ذلك. في المدَوَّنة: قال في التفسير الثاني: لأن السلعة للمشتري وإن كان الضمان من البائع، ألا ترى أنه لا يقر على بيعها من غيره ولا يرجع في بيعه فأشبه ذلك بيع الغائب، وقول سُحنون أظهر؛ إذ لا فرق بين الإقالة من التي في المواضعة والغائبة على القول:

باب التولية

إن الضمان من البائع إلا من وجه أنه لم يختلف أن ضمان التي في المواضعة من البائع، واختلف في الغائبة، ومن مذهبه مراعاة الخلاف، وقد تأول قول مالك في المدُوَّنة على مذهبة، فقال في قوله هنا إن الإقالة لا تجوز؛ لأنها دين بدين على الحديث الذي جاء في السلعة إن أدركتها الصفقة قائمة مجتمعة، وليس بصحيح؛ بل لا تجوز الإقالة فيها عند ابن القاسم وروايته كان الضمان من البائع أو المبتاع يبين ذلك من مذهبهما ما ذكرته بما وقع في التفسير. اللخمي: من اشترى طعامًا قريب الغيبة وشرط النقد جازت فيه الإقالة وإن بعدت غيبته بحيث لا يجوز فيه شرط النقد فيختلف هل تجوز الإقالة؛ لأن الذمم تبرأ من الآن أو لا تجوز؛ لأنه أخذ غائب عن دين فيكون فسخ دين وبيع طعام قبل قبضه. وقال محمد: إن قال: أقيلك على أن تقيلني أو تشركني أو توليني لم يجز؛ لخروجهما عن المعروف للمكايسة فهو بيع الطعام قبل قبضه، ثم قال: إن أقاله على أن يقيله ورأس أموالهما سواء والطعامان سواء، جاز لمآل أمرهما إلى بيع أحد الطعامين بالآخر لأنه لم يخرج أحدهما للآخر شيئًا. قُلتُ: هذا خلاف منعها مقاصتهما ووفاق لقول أشهب لجوازها. [باب التولية] التولية: تصيير مشتر ما اشتراه لغير بائعه بثمنه، وهي في الطعام غير جزاف قبل

كيله رخصة للحديث، وشرطها كون الثمن عيناً. الصقلي عن ابن حبيب: ما ثمنه إجازة أو كراء لا تجوز توليته مضت المدة أن لا عمل أم لا؛ لأن العمال تختلف، وقاله ابن الماجِشُون وأشهب وله عزاه محمد وابن عبدوس، ورواه محمد، وكذا لو كان الثمن عرضًا، وللبرقي عنه لو اشترى ذلك العرض أجنبي جازت توليته به. عبد الحق: زمنع ذلك الشَّيخ أبو الحسن، وروي البريقي جوازه، وقاله بعض شُيوخنا، ولابن القاسم من قبض بعض طعامه من سلم عند حلوله لم يجز أن يولي ما بقي منه أو ما أخذ منه أو بعضه أو ما قبض منه مع ما بقي. الشَّيخ: كذا في الموازَّية أو ما اخذ معطوفًا بـ (أو)، وأرى الألف غلطًا إنما هو وما أخذ، وكذا في سماع عيسى ابن القاسم لا بأس أن يولي ما بقي مع ما أخذ وكذا في الواضحة. ابن رُشْد: لم يجز في الموازيَّة التولية فيما بقي، ووجه ذلك أن ذمته قد تضعف بقبض الخمسين منه فلا تكون قيمة الخمسين الباقية مثلها. قُلتُ: فهي في العتيبَّة على أن الطعام مائة إردب قبض نصفها وولي نصفها. قال: ابن رُشْد: لم يجز في الموازيَّة في الخمسين الباقية، ووجهه أن ذمته قد تضعف بقيض الخمسين منه فلا تكون قيمة الخمسين الثانية إلا أقل من نصف ثمن الجميع فإذا ولاها بنصف الثمن كان أخذ فيها مما يجب لها فيكون بيع الطعام قبل قبضه. وسمع عيسى ابن القاسم: من ابتاع سلعة أو طعامًا فأشرك فيه عند مواجبة البيع أو ولاه فتباعته على البائع الأول وإن باعه إياه فتباعته على المشتري الأول إلا أن يشترطها على البائع الأول بحضرة البيع الأول فذلك جائز، ومن ابتاع سلعته فانقلب بها أو فارق بائعها ثم أشرك فيها أو ولاها فتباعته على الذي أشركه أو ولاه أو باع منه. ابن رُشْد: فرق هنا بين التولية والشركة وبين البيع في السلع المعينة، وقيل: الكل

سواء العهدة في الجميع على المولى والمشرك إلا أن يشترط على البائع الأول: قاله مالك في الموطأ، وأَصْبَغ في نوازله من جامع البيوع، وظاهر سماع عيسى في العيوب وقول ابن حبيب، في الواضحة أنه لم يرها في التولية والشركة على البائع الأول إلا أن يكون أشركه أو ولاه نسقًا بالبيع قبل أن يثبت بينهما ولا خلاف في هذا الموضع، وتحصيلها أنه إن باع بحضرة البيع فالعهدة على البائع الثاني اتفاقًا واختلف إن شرط البائع أنها على البائع الأول فظاهر قول ابن القاسم في هذه الرواية إن ذلك جائز وللبائع لازم؛ ومعناه عندي إن باعها بمثل الثمن الذي اشتراها به أو أقل وإن كان أكثر لم يلزم البائع الأول إلا برضاه إن رضي كان حميلًا عن البائع الثاني بالزائد إن عرض استحقاق. وقال ابن حبيب: إن ذلك لا يجوز؛ لأنها ذمة بذمة إلا أن يشترطها برضاه على وجه الحمالة إن رضيها ونزل استحقاق رجع المشتري الثاني بقدر الثمن الأول على من شاء منهما اتفاقًا لأنه غريم غريمه إن رجع على الذي باعه فلمن باعه أن يرجع على الأول وما زاد على الثمن الأول لا يرجع به على الأول إلا في عدم الذي باعه على حكم الحمالة وإن ولاه أو أشركه بحضرة البيع ففي كونها على المشرك أو المولى إلا أن يشترطها على البائع الأول أو عليه، وإن لم يشترط عليه قولان، وإن طال الأمر وافترقا فالمشهور أنها على البائع الثاني للمبتاع والمشرك والمولى، ولا يجوز شرطها على البائع الأول إلا برضاه على وجه الحمالة فيكون للمبتاع الثاني والمشرك والمولي الرجوع على من شاء منهما بما للثاني أن يرجع به على الأول ولا يرجع على الأول بما ليس للثاني أن يرجع به عليه إلا في عدمه على حكم الحمالة. وروي عن مالك جواز شرط العهدة عليه، وإن كان غائبًا إن كان معروفً؛ يريد ولا يرجع عليه إن طرأ استحقاق إلا بما زاد على الثمن الأول. قال: وإن لم يكن معروفًا فسخ البيع ثم رجع، فقال: الشرط باطل إن لم يكن حضرة البيع، ففي جواز شرطها في البيع على البائع الأول، فيلزمه ولو افترقا وطال الأمد ومنعها، ولو كان بحضرة البيع إلا برضاه حمالة ثالثها: إن شرطها بحضرة البيع قبل الافتراق والطول، وفي الشركة والتولية قولان على من يكون بالحضرة وقولان في جواز شرطها على البائع الأول بعد الافتراق والطول، وقيل: إن لم يطل فلا يراعى

الافتراق، ويجوز شرطها على البائع الأول، وهو ظاهر قول أصْبَغ في نوازله من جامع البيوع. وفيها: إن أسلمت في الطعام أو عرض ثم أقلت من ذلك أو وليت ذلك رجلًا أو بعته إن كان مما يجوز بيعه لم يجز أن تؤخر بثمنه من وليته أو أقلته أو بعته يومًا أو ساعة ولو بغير شرط؛ لأنه دين بدين ولا تفارقه حتى تقبض الثمن كالصرف. عبد الحق: قال بعض أصحابنا القرويين: يسوى بين بيع ذلك من المدين أو من أجنبي، فأما بيعه من المدين فهو فسخ دين في دين، وبيعه من أجنبي أخف؛ لأن ذمته لم تكن مشغولة، وقد أجاز تأخير رأس مال السلم عينًا ثلاثة أيام، ونحوها غير أن هذه أخف لأن إحدى الذمتين في بيع ما في الذمة كانت مشغولة بالدين، وهذه لم تكن فيها ذمة مشغولة بدين وأجاز في الموازيَّة تأخير ثمن الدين اليومين والثلاثة كالسلم. اللخمي: معروف المذهب أن الإقالة أوسع من الصرف تجوز المفارقة فيها ليأتي بالثمن من البيت وما قارب ذلك، والتولية أوسع من الإقالة لا يجوز فيها شرط تأخير اليومين اتفاقًا واختلف هل شرط تأخير اليومين والثلاثة في التولية، ثم قال: من ولي طعامًا كان دفع رأس ماله بفور عقده لم يجز تأخير قبضه. قُلتُ: تأخير القبض في الإقالة أشد لاتحاد الذمة، وفيه خلاف تقدم تخريج تأخيره في التولية أحروي، قال: وإن كان السلم بتأخير رأس ماله ثلاثة أيام والتولية بفور العقد لزم تأخيره المولي إليه، وإن ولاه بعد مضيها فقولان: أحدهما: إن إطلاق التولية يقتضي التأخير لمثل ذلك وشرط التعجيل يفسدها، والأخر أنها تقتضي التعجيل، وشرط التأخير يفسدها، وهذا قياس على الشفعة غي الشراء بثمن مؤجل يقوم الشفيع بعد مضي الأجل؛ لأن الشفيع بمثل ذلك وكذا التولية. المازري: وإن ولاه بفور العقد بشرط تعجيل النقد لم يجز، ولو ولاه على تأخيره الأيام التي شرط تأخيرها لنفسه لمنع على مذهب المدَوَّنة. إن بيع الدين المستقر في الذمة لا يجوز بشرط تأخيره اليوم واليومين، وأجرى بعضهم المسألة على الخلاف فيمن اشترى شقصًا بثمن مؤجل، وقام الشفيع بعد حلوله فذكر ما تقدم للخمي، ثم قال: وهذا قد لا يصلح؛ لأن تغيير الأثمان يصح في الشفعة بالتراضي ولا يصح في التولية،

وقد أشرنا إلى أن التأجيل يقتضي اختلاف الثمن فيمنع التولية دون الشفعة؛ لأن من اشترى شقصًا بعرض أخذ الشفيع بقيمته، وقيمته جنس مخالف له والذمم تختلف. اللخمي: من اشترى طعامًا بثمن مؤجل ففيها لابن القاسم جواز توليته ومنعه هو وأشهب في الموازيَّة. أشهب: لأن الدين كالعرض. ابن حبيب: لأن الذمم تختلف، وعزا المازري الأول لمالك، وخرج القولين على لغو اختلاف الذمم واعتبارها. قًلتً: فعلى تعليل أشهب تمنع ولو تساوت الذمتان، قال: ولو أسلم عشرة دنانير في طعام، ثم زاد المسلم إليه دينارًا. فقال محمد: مرة تجوز توليته على أحد عشر دينارًا، ثم قال: لا يجوز بحال، والأول أحسن لأن الدينار ألحقه بالثمن لو كان ذلك في سلعة ثم استحقت رجع بأحد عشر دينارًا، ونقل المازري الجواز مقيدًا بإعلام أن الزيادة تطوع. اللخمي عن محمد: ومن أسلم في طعام بحميل أو رهن، فولاه رجلًا على إسقاط الحمالة لم تجز وإن أسقط ذلك قبل ثم ولاه جاز، إن بين أنه اسقط ذلك عن بائعه بخلاف الزيادة، إذا أسقطت؛ لأن الثمن هنا على حالة إنما أسقط ما كان من التوثيق وليس ذلك من الثمن. المازري: عورض محمد بان الثمن لم ينفك عن تعمير، وإسقاط الحميل والرهن قبل التولية كإسقاطه في عقدها. أجاز في المجموعة لمن أسلم في قمح وشعير وعدس: أن يولي صنفًا لما ينوبه، وتتخرج عليه الإقالة والشركة وعلى قول سَحنون: تمنع الإقالة في أحد ثوبين أسلما في طعام خوف الغلط في القويم لا تجوز التولية في أحد الأصناف. وفيها: من ابتاع طعامًا فاكتاله ثم ولاه على تصديقه في كليه جاز وله وعليه المتعارف من زيادة الكيل ونقصه. اللخمي: إن ولاه بعد أن اكتاله ولم يغب عليه لم يكن عليه كليه، وإن غاب عليه فعليه كيله.

ابن حبيب: وضمانه منه، وإن لم يغب عليه حتى يكتاله المولي، وأرى أن لا كيل علي المولي إذا لم يغب عليه؛ لأنه يقول للمولي: قد عاينت كيله، فإن كان على الوفاء فهو حقي، وإن كان فيه بخس فقد رضيته لنفسي، وعليه دخلت أنت كما لو اشتريت سلعة فاطلعت على عيب بها فوليتها إياك وأنت عالم بالعيب. قلت: الأظهر حيث تكون العهدة عليه فالكيل كذلك، وحيث تكون علي البائع، الأول؛ فلا كيل عليه. قال عن محمد: إن قال: أوليك على أن توليني أو أشركك علي أن توليني؛ لم يجز لخروجهما عن المعروف إلي المكايسة. والتولية: فيما صح بيعه بحاله، بيع في ثالث سلمها الأول من ابتاع طعاما كيلا بثمن مؤجل فلم يكتله حتى ولاه بثمنه إلي الأجل جاز، وإن شرط تعجيله لم يجز، ولو ولاه بعد أن اكتاله وشرط تعجيله جاز؛ لأن بيع مؤتنف وإن لم يشترط تعجيله لم يكن له أخذه بالثمن إلا إلى أجله ولو اشتري سلعة ثم ولاها غيره ولم يسمها له ولا ثمنها فإن كان على الإلزام لم يجز وإلا جاز؛ لأنه معروف يلزم المولي دون المولي كما لو بعت منه سلعة في بيتك بمائة ولم تصفها له علي الإلزام والخيار

باب الشركة

[باب الشركة] الشركة هنا: جعل مشتر قدراً لغيره باختياره مما اشتراه لنفسه بمنابه من ثمنه،

هي في الطعام المكيل أو الموزون قبل الكيل والوزن رخصة. التونسي: اتفاقًا. وفيها: أجمع أهل العلم على جوازها فيه، وروى أبو الفرج منعها، وعلى الجواز لو كان الثمن مؤجلًا، ففي جوازها قولان لها، ولابن حبيب مع محمد عن ابن القاسم وابن محرز عنه مع أشهب وهي بزيادة قدر أو تعجيل أو عكسه مردودة. محمد: وكذا شرطها بأمر شركة أو تولية أو إقالة. اللخمي: من قبض بعض سلمه في طعام لم تجز شركته غيره فيما قبض وما لم يقبض، ويختلف فيما لم يقبض فقط. اللخمي: ومن أشرك في طعام بعد كيله قبل غيبته عليه غيره فلا كيل له عليه. وفيها: إن ابتعت سلعة بعينها فلم تقبضها حتى أشركت فيها رجلًا فهلكت قبل قبضه إياها، أو ابتعت طعامًا فاكتلته ثم أشركت فيه رجلًا فلم تقاسمه حتى هلك الطعام فضمانه منكما، وترجع عليه بنصف الثمن. عياض: أنكرها سَحنون وحكى فضل في التولية أنها من المولى حتى تكتاله وكذلك ينبغي أن يكون من المشرك، وعليه حمل إنكار سَحنون المسألة. أبو عمرات: لا يعرف هذا إلا من فضل وقول ابن القاسم إنه من المولي بنفس العقد، دخل في ضمانه كمشتري صبرة جزافًا وقد سوى في الكتاب بعد هذا بين التولية والشركة في وجود النقص، قال: على المولى نقصانه، وله زيادته إذا كان من نقص الكيل، وزيادته ليس ذلك للذي ولي، وإن كان كثيرًا وضع عنه بحسابه، ولم يكن عليه ضمان ما نقص، والشركة مثله. فضل: انظر سوى بينهما في النقص الكثير. وقد قال في الشركة: لو تلف الطعام قبل قبض المشرك كان منهما، وصوب اللخمي قولها وعزاه لابن حبيب. ابن محرز: هذه تدل على أن ليس على المشرك أجر الكيل، وكذا ينبغي في الإقالة،

والتولية إذ هما معروف كالشركة، وكذا ينبغي في القرض والهبة، وإن وجدوا زيادة أو نقصا فلهم وعليهم بخلاف البيع ذلك للبائع وعليه إلا أن يشتريه على التصديق فيكون للمشتري وعليه. قٌلتٌ: إنما يكون للمشتري وعليه المتعارف من ذلك وما زاد علي ذلك فللبائع وعليه، هذا نصها في السلم الثاني لا أعلم فيه خلافًا. قال: واختلف فيمن وهب أقساطا من دهن جلجلانه على من عصره فيجر على الخلاف فيما ذكرناه، ولم يجعل الطعام في الشركة إن لم يكن قبض ثمنه كالمحتبسة في الضمان، لما كان أصل الشركة، معروفًا وتأول بعض المذاكرين مسألة الكتاب على أن الهلاك ببينة ولو كان بدعواه لجري على الخلاف في المحتبسة، والصواب ما ذكرناه؛ لأنه كما لم يقف الضمان على الكيل؛ لأن أصل الشركة معروف، أحله محل نفسه في عقده، فكذا لا يقف على قبض الثمن. المازري: فرق ابن حبيب فقال: في الشركة كقولها، وأوجب في التولية والإقالة الكيل على المقيل والمولي إن غابا على الطعام فإن لم يغيبا لم يجب على المقيل، ويجب على المولي ولا وجه لهذه التفرقة. قُلتُ: في لزوم الكيل بعقد الشركة كالبيع القولان: أما كيل القسم فبينهما اتفاقًا. قال ابن محرز: لو شرع في القسم معه فكان له بعض ما أشركه ثم هلك باقي الطعام لرجع الذي لم يكتل بنصف ما اكتال صاحبه قاله محمد عن أشهب، ولو هلك الجميع أو غصب لكان لمن لم يكتل الرجوع على من اكتال بنصفه؛ لأنه ضمنه بكيله غاب عليه أم لا؟. قلت: قوله: رجع الذي لم يكتل بنصف ما اكتال صاحبه علله المازري بقوله: لأن من صار في يده ما اكتيل إنما يعلم استحقاقه لجميعه بعد كيل ما بقي فإن ضاع ما بقي قبل أن يستحق هو ما في يده بقيا على حكم الشركة في الجميع. قُلتُ: مقتضاه إنه لو كان معنى مقاسمتهما إن حظ المبتاع هو الباقي بعد كيله لمن أشركه دون افتقار إلى كيله لم يرجع المبتاع على من كال له فيما كاله له بشيء لتعينه له

بكيله، وهو صواب، وقول ابن محرز: لو هلك الجميع لرجع من لم يكتل على من اكتال له بنصفه مشكل؛ لأنه إن أراد أنه يرجع عليه بنصف الثمن، فهذا قد تقدم له عن قرب وخلاف سحنون فيه، وإن أراد أنه يرجع عليه بنصف الطعام المكيل مع تلفه، وهو ظاهر قوله: غاب عليه أم لا فهو وهم، وإن كان المازري قد قبله؛ لأنه إن كان وجب له فلا حق للآخر فيه وإلا فهو بينهما فيجب كونه منهما فلا ضمان عليه فيه للآخر بحال، وتعليل المازري ضمان من اكتيل له حظ صاحبه بقوله، لأنه قبضه لنفسه ليستبد به، وبقي عليه حق التوفية لصاحبه مثل ما صار إليه هو، فلهذا رجع عليه صاحبه إذا ضاع ما لم يكتل، ويضمن هو ما اكتيل لأجل أنه وفى لصاحبه ما عليه من كيل مصادرة؛ لأن إحدى مقدمات ما أتى به دليلاً. قوله: ويضمن هو ما اكتال إلخ مع إجمال في لفظه؛ لأن ضمير هو وأنه لا يعودان لشخص واحد فتأمله. ولفظ الشركة نصًا في القدر واضح كأشركتك بثلثه لك ومطلقة كأشركتك، ولك شرك، ولا قرينة في وجوب حمله على المساواة وكونه مجملاً يجب تفسيره. ثالثها: إن قال: معي. للمازري عن الأشياخ وله مع اللخمي، عن نقلي ابن سَحنون فيمن قال فيما بيده لفلان فيه شرك أو شرك معي قال: والثاني أصل ابن القاسم قال: من أخذ قراضًا علي أن له شركًا من الربح؛ فهو فاسد فجعله مجملا، وقال غيره: هو جائز على النصف. قلت: وتمامها في القراض. وفيها: من قال لرجلين: اشتريا عبدًا أشركاني فأشركاه كان بينهم أثلاثا؛ لأنهما أراد أنه فيه كأحدهما. ابن محرز: قالوا هذا علي أنه لقيهما معا، ولو لقيهما منفردين لكان له نصفه. الصقلي: في كونه كذلك وكون نصفه للثالث. ثالثها: إن لقيهما معا ولو لقيهما منفردين لكان له نصفه لها ولغيرها، وبعض أصحابنا قائلا: لو تفاوت حظ الأولين لكان للثالث نصفه. اللخمي: علي قولها لو كان المشرك واحدا فللمشرك نصفه.

قال: وقال ابن سحنون أجمعوا علي أنه إن وصل بقولة له شرك الثلث أنه مصدق، وإن قال: هو لي وله أو بيني وبينه وسكت، ثم قال له: الثلث والآخر قال له: النصف، فذكر الخلاف المتقدم. اللخمي قولة: هو بيني وبينه، وله فيه حق، وله فيه شرك معي، أو دونه سواء، القول قول المقر إذا أراد، فإن خالفه الآخر أخذ ما أقر له به، وتحالفنا في الجزء الذي اختلفنا فيه عل أصل بن القاسم فيكون ذلك الجزء بينهما نصفين إن أقر بالربع وقال الآخر: النصف أخذ الربع بإقراره وتحالفنا في الربع فكان بينهما؛ لأن الإقرار بالربع إقرار منه بأن يد الآخر معه علي العبد، وإن كان في بيت المقر، ولو كان الإقرار بطعام أو دراهم، وقال: كانت الشركة في نصفه هو الذي قبضت وأضفت إليه نصفاً، فالقول قوله، وإن قال: كانت أيدينا علي جمعيه إلا أن الذي لك الربع لم يقبل قوله، وسلم له الربع، واقتسما الربع بعد أيمانهما. وفيها: ما اشتريت من عرض أو طعام؛ لم يجز أن تشرك فيه قبل قبضه أو بعده أحداً علي أن ينقد عنك؛ لأنه بيع وسلف. اللخمي: إن نزل فسخ إلا يسقط السلف فإن كان من المشتري قال: اشتر وأشركني وأنقذ عني أو اشتر وأشركني، ثم بعد العقد قال: انقد عني جاز في كل شيء حتى الصرف، والشراء إلي أجل؛ لأن الشراء انعقد عليهما معاً. المازري: لأن متولي العقد كالوكيل للآخر علي شراء نصف، والوكيل يجوز أن يوكل علي العقد قال: أشركني وانقد عني أو أشركني فلما أشركه قال: انقد عني لم يجز في الصرف، وجاز في العروض وإن لم يكن سلماً في ذمة أشركه بشرط النقد أو تطوع به بعد أن أشركه، وإن كان سلماً فأشركه علي أن ينقد عنه لم يجز، وإن أشركه بغير شرط ثم رضي أن ينقد عنه جاز، والجواب في الصرف صحيح؛ لأن الشركة في هذه الوجوه كابتداء بيع والتطوع بالصبر في الصرف لا يجوز، ومحمل قوله في العروض سلماً في ذمته يمنع الشركة بشرط النقد علي القوا في التولية أنها لا تجوز إلا أن ينقد ويجوز علي القول الآخر بتأخير النقد اليومين والثلاثة كرأس

مال المسلم. المازري: إنما لم تجز الشركة في العروض سلماً في ذمة بشرط أن ينقد عنه؛ لأن الجزء الذي أنعم له بالشركة به بيع له منه، ولبيع الدين لا يجوز تأخير ثمنه، وقاله في المدونة. وتقدم عن الموازية جواز شرط تأخيره اليوم واليومين كرأس مال السلم، وكذا الحكم هنا، وأما إن سأله في الشركة فأنهم له قم سأله النقد عنه فهذا ينبغي منعه لما أشرنا إليه من كون ثمن الدين لا يجوز تأخيره ولو بغير شرط في العقد. اللخمي: أما الطعام فقال: إن كان حاضراً لم يجز أن يشركه علي أن ينقد عنه، وإن أشركه بغير شرط ثم قال: انقد عني ولم يكن الأول نقد جاز، وإن كان نقد لم يجز. ولاين القاسم أيضاً: لا بأس إذا سأله بعد أن بنقد عنه ولم يراع نقد الأول أولاً، وعلل المازري منع أن يشركه علي أن ينقد عنه بكون الثمن المؤخر أقل قيمة من الثمن النقد، فصارت الشركة علي خلاف رأس المال ووجه منع قوله: انقد عني بعد أن أشركه، وقد نقد بقوله: كأنها اتهما علي أنهما أبطلا عقد الشركة علي شرط النقد وأظهرا خلاف ذلك. قلت: الأصوب توجيهه بأنها شركة في طعام علي تأخير ثمنه فهي شركة علي خلاف رأس المال، وقوله: انقد عني مع كونه قد نقد مجاز عن قوله: أخبرني. اللخمي: وإن كان طعاماً سلماً لم تجز الشركة إلا أن ينقد بالحضرة. قال ابن القاسم: كالصرف جرفاً بحرف. المازري: في الموازية: إن أشركه ثم سأله أن ينقد عنه لم يجز إن كان نقد حميه الثمن وإن لم ينقد فمنعه في وضع وأجازة في آخر، ورأي أنه لما أشركه قبل نقد ثمنه، فكأنه عقد المسلم شرط بينهما حتى صار كوكيل له، وهذا تقرير لا يتضح؛ لأن ثمن الطعام إنما وجب علي مشتريه لا علي المشرك. اللخمي: وإن كان الطعام غائباً لم يجز فيه شرك ولا تولية وإن كان معيناً؛ لأنه دين بدين. قال محمد: إلا أن ينقد حصته. قلت: في كتاب المرابحة: سمع يحيى بن القاسم: لا يجوز لمن اشترى طعاماً بعينه

غائبًا غيبة قريبة أن يولي منه أحدًا ولو لمن رآه كما رآه المشتري أو وصف له كما وصف للمشتري. ابن رُشْد: إنما لم يجز لاختلاف الذمم؛ لأن المشتري لم ينقد؛ إذ لا يجوز نقده لغيبة الطعام ومعنى قوله: غيبة قريبة مما لا يجوز النقد فيه، وكذا ذكره ابن حبيب إنما لم تجز إن كانت غيبة بعيدة أو يكون قوله هذا على منع النقد في الغائب، وإن قربت غيبته، وهذا أشبه بظاهر الكتاب، والخلاف الذي في مسألة من اشترى طعامًا بثمن مؤجل فلاه رجلًا قبل استيفائه داخل في هذه المسألة. وفي التفسير الأول سألت ابن القاسم لم كره مالك التولية في الطعام الغائب المعين؟ قال: لأنه دين بدين؛ لأنه وجب للمشتري وهو أحق به من البائع إن سلم فهو كدين له، فإذا ولاه لم يجز النقد فيه فصار دينًا بدين، وكذا لو استقال منه دخله الدين بالدين، والتولية أحرى أن يدخلها الدين بالدين، وكذا البيع لا يجوز بين البائع والمشتري في ذلك إقالة، ولا بيع في عرض ولا طعام لما يدخله من بيع الطعام قبل أن يستوفي الطعام، ولا بأس في العروض أن يبيعها المشتري أو يوليها أو يشرك فيها. ابن رُشْد: وهذا الذي وقع في التفسير متناقض غير صحيح قال: أولًا تولية الطعام الغائب يدخله الدين بالدين، ولو كان دينًا بدين لكان بيع السلعة الغائبة دينًا بدين فلم يجز بيع الغائب الذي لا يجوز النقد فيه بحال ولو كان دينًا بدين لم يجز في العروض وهو قد أجازه فيها في أحد قوليه وأجاز فيها الشركة والبيع أيضًا. وقوله: إنما لا يجوز ذلك في الطعام؛ لأنه بيع الطعام قبل استيفائه، وهذا تناقض بين؛ لأنه قال: أولا يدخله الدين بالدين، وقال آخرًا: إنما يدخله بيع الطعام قبل استيفائه، ولا يتصور دخول بيع الطعام قبل استيفائه إلا على ما ذكرناه من خلاف الذمم. وقوله: أحرى أن لا تجوز التولية، وهم؛ لأن الإقالة يدخلها فسخ الدين في الدين لوجوب الثمن للبائع على المبتاع ولأخذ سلعة غائبة عنه، والتولية لا يدخلها شيء من ذلك؛ لأنها بيع من غير الذي اشتراه منه قبل أن يقبضه فكذلك يجوز له أن يولي الطعام الغائب قبل أن يقبضه إذا انتقد من الذي ولاه مثل ما نقد فلا وجه لكراهة مالك تولية

باب بيع المساومة

الطعام الغائب سوى ما ذكرناه. [باب بيع المساومة] والبيع باعتبار طريق ثمنه إن علم قدره أقسام بيع مساومة وبيع مزايدة، وبيع استرسال واستئمان وبيع مرابحة؛ لأنه إن لم يتوقف ثمن مبيعه المعلوم قدره على اعتبار ثمنه في بيع قبله، فهو مساومة. [باب المرابحة] وإن التزم مشتريه ثمنه لا على قبول زيادة عليه فهو مرابحة. [باب المزايدة] ومزايدة إن التزامه على قبولها. [باب الاستيمان] واستيمان إن كان على صرف قدره لعرف علمه أحدهما.

عياض: أحسنها الأول لا تدخله دلسة التبريح وهو إدخال سلعة قديمة يرى ربها أنها طرية. ابن القاسم: أو إدخال غير مجلوب فيه مالك أو غير تركة فيها. قُلتُ: ومنه إدخال بعض أهل السوق بعض ما بحانوته للنداء عليه لوارد على السوق. عياض: بيع الاسترسال والاستمانة: هو أن يأتي الجاهل بقيمة السلعة وسعر الناس لمن يقول له أعطني بهذا الدينار أو الدرهم، كذا ويرد إذا أعطاه أكثر من سعر الناس إن لم تفت فإن فاتت ردت لسوم الناس قاله ابن حبيب وقصره على المشتري دون البائع، وأجراه غيره فيه، وسمع عيسى ابن القاسم من قال لبائع: بعني كما تبيع من الناس لم يصلح يفسخ إن كان قائما ويرد مثله إن كان مثليا وإلا رد قيمته. ابن رشد: لأنه بيع بثمن مجهول ولو قال: بعني كما تبيع من الناس فقال له: أبيع بكذا وكذا، فقال: قد أخذت، وقال الآخر: وأنا قد بعتك جاز، فإن كذبه فيما قال له فله الخيار في القيام، ورد القيمة في الفوت، وفي المقدمات: بيع الاسترسال: أن يقول: اشتر مني سلعتي كما تشتري من الناس فإني لا أعلم القيمة فيشتري منه بما يعطيه من الثمن. وقال ابن حبيب: غنما يكون في الشراء أن يقول: بع مني كما تبيع من الناس لا في البيع، ولا فرق بينهما وليس قوله بصحيح قاله ابن رشد، في أول كتاب المرابحة وفي آخره. قلت: ففي كون بيع الاسترسال الشراء أو البيع على عرف الناس في قدر البيع أو ثمنه دون تعيينه في العقد أو مع تعيينه طريقان لظاهر لفظ عياض، ونص ابن رشد مع سماع عيسى ابن القاسم بناء على أن الاسترسال والاستئمان في نفس القدر أو في كونه على عرف الناس وأكثر بياعات سوق العطارين في بلدنا على الوجه الأول وإن توقف اعتبار ثمنه على ثمن بيع قبله فهو بيع مرابحة.

باب المرابحة

[باب المرابحة] المرابحة: بيع مرتب ثمنه على بيع يعقبه غير لازم مساواته له، خرج

باب صيغة قدر الربح والوضيعة

بالأول بيع المساومة والمزايدة والاستئمان، وبالثاني الإقالة والتولية والشفعة، والرد بالعيب، على كونه بيعًا، والمذهب جوازه. وقال المازري: لمنعه إن افتقر إدراك جملة اجزاء الربح لفكرةٍ حسابية ورد المازري تعليل ابن راهويه فساد هذا البيع بجهل مبلغ ثمنه بمنع جهله للعلم بتفصيله عقب العقد، قال: كبيع الصبرة كل قفيز بدينار وإن كان المثمون لا يعلم إلا في ثاني حال، وقد يقال في هذا عندي الصبرة أجاز الشارع بيعها جزافًا على الحزر، وهذا الحرز يحصل في بيعها كل قفيز بدينار وثمن السلعة لا يصح بيعها إلا بعمله. قلت: يرد هذا التفريق بأن جهل جملة الصبرة المبيعة كل قفيز بدينار ملزوم لجهل ثمنها فكذا يجهل الثمن في المرابحة، فإن قلت هل يتخرج فساده من الشاذ في منع بيع الصبرة كل قفيز بدينار؟ قلت: فيه نظر؛ لأن علم ثمن المرابحة تحقيقًا هو لازم علمه، بعبارة ربح كذا كذا وضيعة كذا كذا، ففي عده معتقدًا باعتقاده خلاف مشهور في مسألة التكفير بالمآل، وعلم ثمن الصبرة تحقيقًا متوقف على فعل كيلها، وما لا يعلم إلا بفعل ما هو قبل الفعل مجهول اتفاقًا. [باب صيغة قدر الربح والوضيعة] وصيغة قدر الربح والوضيعة ما دل عليه ظاهرًا عرفًا فربح كل عدد، مفسره إن لم يفضله، وإلا ففضله لنقل عبد الحق عن أبي عمران في ربح العشرة درهمًا أو أحد عشر، الربح درهم. ونقل ابن محرز عن ابن سحنون في بربح العشرة عشرة الربح عشرة وتقريره في

باب في قدر الوضيعة

الفاضل بحذف مضاف للمفسر هو فضل أو بعرف تقرر، وقول المازري في بربح العشرة خمسة يأخذ ثلث رأس المال، أو يخسره، خلاف قول أبي عمران ومقتضاه نصف رأس المال. [باب في قدر الوضيعة] وقدر الوضيعة، ظبطه المازري مع ابن محرز والصقلي بأن يوضع من الثمن وقدر الوضيعة الجزء المسمى للخارج من تسمية العدد الثاني منه مع الأول إن لم يكن الثاني أكثر، وإلا فمن تسمية الزائد منه مع الأول. الصقلي: إن قال بوضيعة العشرة واحدًا وضع من الثمن جزءًا من أحد عشر، وإن قال: للعشرة اثنين وضع من الثمن سدسه وللعشرة خمسة وضع من الثمن ثلثه تنسب العدد الثاني منه مع الأول، ومثل ذلك الجزء يحط من الثمن، وإن قال بوضيعة العشرة أحد عشر نسبت الزائد على الأول منهما فيحط من الثمن جزء من أحد عشر، وإن قال: للعشرة اثنا عشر حط من الثمن سدسه، وإن قال: للعشرة خمسة عشر حط ثلث الثمن. ولابن محرز: إن كان الثاني أقل فللخارج من تسميته من الأول، وله عن أحمد بن داود إن كان الثاني أكثر، فللخارج من تسمية الزائد من الأول مع الثاني لنقله عنه في: بربح العشرة أحد عشر يسمي واحد من أحد وعشرين قال: والصواب ما ذكرناه وقول المازري أخيرًا في: بربح العشرة درهمين الربح سدس المال، وبوضعية العشرة درهمين الخسارة سدس رأس المال وفي: بربح العشرة خمسة يأخذ ثلث رأس المال أو يخسره نص في قدر الربح والوضيعة من الثمن سواء، وقول المازري أولًا مع الصقلي وابن محرز في ربح العشرة أحد عشر لكل عشرة نقدت أحد عشر تنقد، وفي الوضعية كذلك لكل أحد عشر نقدت عشرة، تنقد مقتضاه قدر الربح من الثمن أعظم من قدر الوضيعة منه، لأبي حفص العطار: للعشرة أحد عشر، سواء في الربح والوضيعة لأنه إنما جعله قالبًا وإلا ففيه بعض اختلاف، أما الربح فبين، وأما الخسارة فتقريره أن يحط جزء من أحد عشر جزءًا من الثمن كالوصية بشراء عبد فلان إن كانت قيمته ثلاثين زيدت عشرة، وهي ربع الجميع ووصيته ببيعه منه يحط منه عشرة، فالحطيطة ثلث

الثمن، والزيادة ربعه، ولابن بشير في بوضيعة العشرة أحد عشر طريقان: يأخذ عن كل أحد عشر عشرة؛ لأن الربح ضد الخسارة والأخرى تقسم العشرة على أحد عشر جزءًا فيحط ذلك الجزء من الثمن، وعلله بعض المتأخرين بأنها لفظة فارسية تفسيرها ما قلنا، قال: واتفقوا في بوضيعة العشرة عشرين على أنه يأخذ عن كل عشرين عشرة وتبعه ابن شاس معبرًا عن الطريقين بقولين. ابن الحاجب: لو قال بربح العشرة أحد عشر بزيادة عشر الأصل، وبوضيعة العشرة أحد عشر فينقص جزء من أحد عشر من الأصل على الأصح، والعشرة عشرون باتفاق ففسر ابن عبد السلام مقابل الأصح بثاني القولين قال: ومرجعهما لقول واحد؛ إذ لا فرق بين قسم كل الثمن على أحد عشر أو قسم كل عشرة، قال: ويمنع تفسير مقابل الأصح بوضع عشر الثمن أنه في المواضع التي نقل المؤلف منها منصوص بمعنى ما فسرنا. قلت: حاصله أنه قصر تفسير قول ابن الحاجب على ما نقله ابن بشير وابن شاس وإن ما ذكراه من القولين يرجعان لقول واحد، أما الأول فغير لازم إذا كان ظاهر لفظه خلافه سالمًا عن مخالفته نص اتفاق في المذهب وهو كذلك هنا حسبما يبين إن شاء الله. وأما الثاني فالأصل في تعداد الأشياخ والنقلة الأقوال إنها متغايرة ولاسيما إذا توارد على ذلك عدة منهم كما في المسألة، وما ادعاه من رجوع القولين لقول واحد غير لازم لجواز تغايرهما بأن الأول يقتضي أن الوضيعة إنما تترتب في الثمن على أقدار منه مخصوصة هي على القول الول: أحد عشر، وعلى الثاني: عشرة، فإن كان الثمن ثلاثة وثلاثين ونحوه مما هو منقسم على أحد عشر فقط ترتبت الوضيعة على جميعه على القول الأول وعلى القول الثاني إنما تترتب على ثلاثين منه فقط، أو على المنقسم على عشرة من غيره وإن كان ثلاثين ونحوه مما هو منقسم على عشرة فقط ترتبت على جملته على القول الثاني وعلى القول الأول إنما تترتب على اثنين وعشرين منه فقط وعلى ما ينقسم على أحد عشر من نحوه فإن كان الثمن ينقسم على عشرة وعلى أحد عشر اتخذ قدر الوضيعة على القولين: ظاهر لفظ ابن الحاجب عندي أن مقابل الأصح هو وضع عشر الثمن لقرينة تقدم ذكره في الربح.

باب فيما يحسب له الربح من عوض المبيع

المازري: لو قال بوضيعة العشرة عشرة فظاهر هذا الاستحالة فيصرف إلى ما تشبه إرادته كأنه، قال: أبيعك بوضيعة نصف المال فإن كان الثمن عشرين فكأنه قال بوضيعة نصفها، وسبقه به ابن محرز، وعزاه عبد الحق في تهذيبه لابن الكاتب مقررًا له بكلام طويل حاصله وجوب نسبة عشرة الوضيعة للمجموع منها، ومن العشرة الموضوع منها لامتناع حمل اللفظ على ظاهره. ونقل ابن بشير وتابعيه الاتفاق في بوضيعة العشرة عشرين: أن الوضيعة نصف الثمن خلاف مقتضى ما نقله ابن محرز عن أحمد بن داود في بربح العشرة أحد عشر، يقال: كم واحد من أحد وعشرين؟ ومقتضى قول ابن داود أن يقال: كم عشرة من ثلاثين؟ فتكون الوضيعة الثلث. [باب فيما يحسب له الربح من عوض المبيع] والثمن ما دفع عوضًا عن المبيع لعقد بيعه عليه، وثمن ما زيد فيه، وله عين قائمة مثله فيها كالصبغ والخياطة والقصارة. الشيخ عن الموازية وغيرهما: والخياطة. وفي الواضحة: والكمد والفتل والطرز. عياض: لم يبين في الكتاب فيما يحسب في الثمن ويربح له هل يلزم بيانه أو يجعل في الثمن دون بيان فقال سحنون: لا بد من تفصيله بقول: اشتريتهما بكذا وصبغتهما بكذا وإلا لم تجز وترد إن كانت قائمة إلا أن يرضاها المشتري فإن فاتت مضت ولم ترد إلى قيمة. قال محمد وابن حبيب: لا يلزمه بيانه، واختاره التونسي قال: كمن اشترى سلعتين بثمنين فباعهما بذلك مرابحة، وأجمل ثمنيهما وظاهر الموطأ كقول سحنون. قلت: لما ذكر في المقدمات قول سحنون، قال: كان القياس إذا خيره في القيام أن يرده في الفوت إلى القيمة إن كانت أقل من الثمن على مذهب ابن القاسم في مسائل الغش والخديعة أو القيمة على قول سحنون يوم قبضها ما لم تكن أكثر من الثمن الذي اشتراها به أو أقل من قيمتها يوم ابتاعها على أصل مذهبه في مسائل المرابحة.

اللخمي: ليس عليه أن يبين في الصبغ فيما يشتري له إلا أن يكون بأر عليه أبيض فصبغه فيلزم بيانه، ويلزم البيان في الخياطة لأن الناس يكرهون السوقي من الخياطة، ولأن المشتري يظن أنه اشترى مخيطًا؛ لأنه الشأن فيما اشترى قائمًا ثم قطع وخيط أنه يحط ثمنه، فالمشتري يظن أنه كان ذا ثمن فخسر فيه إلا أن يكون المشتري ممن لا يخفى عليه ذلك فلا يلزم بيانه. وفيها: يحسب كراء الحمولة، والنفقة على الرقيق والحيوان في الثمن ولا يحسب له ربح إلا أن يربحه عليه فأطلقه الصقلي وابن رشد وغير واحد. وقال اللخمي: لأن النقل من بلد إلى بلد أغلى يزيد في الثمن، ولو كان سعر البلدين واحدًا لم يحسب، ولو كان سعر البلد المنقول إليه أرخص وأسقط الكراء لم يبع حتى يبين قلت: تقييده بكون سعر المنقول إليه أعلى يرد بأن النقل للتجر مظنة لذلك ولا يبطل اعتبار المظنة بقوت الحكمة على المعروف، وقال في النفقة: يريد ما لم تكن غلة تفي بالنفقة فإن كانت الغلة أقل حسب ما بقي. وفيها: لغو جعل السمسار وكراء البيت وأجر الشد والطي. ابن محرز: ألغى الشد والطي؛ لأن الغالب أن رب المتاع يلي ذلك بنفسه ولو علم أنه أمر يحتاج إلى النفقة لحسب كالنفقة على الحمل وعلى الرقيق ولا يحسب لها ربح، قال: وإلغاء السمسرة؛ لأنه ليس كل من يشتري يحتاج إلى سمسار، ولو علم ذلك لكان القياس عندي أن تكون كالصبغ، وقاله عبد الوهاب في التلقين وللباجي عن الشيخ: إن كان من المتاع ما يعلم أنه لا يشتري إلا بسمسار في العادة واكترى منزلًا لحفظ المتاع فقط لحسب في الثمن ولم يضرب له ربح. قلت: ففي اعتبار السمسرة إن افتقر إليها المشتري كالثمن أو يحتسب ولا ربح بها، ثالثها: لا تعتبر لابن محرز وابن رشد مع الشيخ وظاهرها، وفي لغو كراء المحل مطلقًا واعتباره إن اضطر إليه دون ربح قولها وقولهما. عبد الحق: لو ولي المشتري الطرز أو الصبغ لم يجز أن يحسبه؛ لأنه كمن وظف على سلعة ثمنًا، وإنما معنى ما في الكتاب إذا استأجر على ذلك، وفيها: إن ضرب الربح على الحمولة ولم يبين ذلك فات المتاع بتغير سوق أو بدن

حسب ذلك في الثمن ولم يحسب له ربح وإن لم يفت رد البيع إلا أن يتراضيا على ما يجوز. الباجي عن سحنون: إن رضي البائع بحط ما لا يلزم من الربح والثمن لزم ذلك المبتاع وإن فات، فقال مالك في الموطأ: يحط منه ما زاد عليه، وقال سحنون: على المبتاع القيمة إلا أن تكون أكثر من الثمن الأول فلا يزاد، وأقل منه بعد طرح ما ذكرنا فلا ينقص. قلت: في النكت. قال ابن عبدوس: معنى المسألة ما ذكر سحنون، وإنما لم يذكر القيمة إذا فاتت؛ لأنها أقل بعد طرح ما يجب طرحه أو مثله. قال عبد الحق: هذا واضح سواء حسبه عامدًا أو جاهلًا، وعزا عياض الأول لتأويل أبي عمران المدونة والموازية والواضحة، قال: وإليه نحى التونسي والباجي وابن محرز واللخمي، وأنكره ابن لبابة. ابن زرقون: قال ابن رشد: الصواب فسخ هذا البيع لجهل المشتري الثمن، وفيها إلا أن يعلم البائع من يساومه فذلك فإن أربحه بعد العلم بذلك؛ فلا بأس به. عياض: ظاهره: إن أطلق ضرب الربح على ما له ربح دون ما لا ربح له، وهذا غرر وجهل بحقيقة الثمن؛ إذ لا تخلو مسائل المرابحة من خمسة أوجه: الأول: أن يبين كل ما دفع فيها ما يحسب وما لا يحسب مفصلًا أو مجملًا، وشرط الربح للجميع صح ولزم المبتاع، ولو فيما لا يحسب وهو معنى قوله في الكتاب: إلا أن يربحه على ذلك فلا بأس به. الثاني: أن يبين ما يربح له وما لا يحسب جملة وضرب الربح على ما يجب له فقط صح. الثالث: إن أبهم كل ذلك جملة كقوله قامت بكذا أو ثمنها كذا أو أربح للعشرة درهمًا فسد لجهل المبتاع الثمن وهو ظاهر المدونة ومقتضى أصولهم وفي الواضحة إجازة مثل ذلك إذا عاقده على المرابحة، للعشرة أحد عشر ولم يفسر ما لزمه ولا فضه. قال فضل: تفسيره أنه جعل كل الأشياء في أصل الثمن وضرب عليها.

الرابع: إن أجمل النفقة مع الثمن كقوله: قامت على بمائة بشدها ورقمها وطيها وحملها، أو فصلها عن مجملة فيقول: منها عشرة في مؤنة، فسد لجهل الثمن، وفسخ قاله ابن سحنون، وغيره. وفي الموازية: جواز مثل ذلك في هاتين الصورتين قال: ويعمل فيه على التحقيق فيما يحسب وما لا يحسب وفيه ظلم على البائع بطرح ما لا يحسب وصار أسوأ حالًا من الكاذب؛ لأنهم جعلوا له القيمة ما لم تكن أكثر من الثمن الصحيح. وتوجيه بعضهم قول محمد بأن ما يلزم في مؤنة السلعة غير خافٍ قدره وإن خفي منه شيء فيسير، ويسير الغرر مغتفر بعيد؛ إذ ليس كل أحد يعرف هذا، ولو صح هذا، لصح الشراء على القيمة؛ إذ لا تخفى على التجار، وذلك فاسد إجماعًا، وأقرب ما يوجه به أنهما دخلا على اعتقاد أن ما سيما هو الثمن عندهما، ورجوعهما إلى ما يجب كعيب أو استحقاق طرأ على العقد، فإن قيل البائع يعلم ذلك والمشتري يجهله. قلت: في علم أحد المتبايعين بالفساد خلاف تقدم أخذه من كتاب الصرف. الخامس: أن يذكر ما دفع فيها مفسرًا كقوله: هي بمائة رأس المال منها كذا، وفي الصبغ كذا وفي الحمل كذا، وفي الشد والطي كذا، ويبيع على ربح العشرة أحد عشرًا أو للجملة أحد عشر ولم يبينا ما يربح له ولا ما يحسب، وما لا يحسب فمذهبهم جواز هذا وفض الثمن على ما يجب وإسقاط ما لا يحسب وفيه نظر؛ لأنهما قد يجهلان الحكم فيما يحسب وما لا يحسب فتقع الجهالة في الثمن، وأشار إلى هذا أبو إسحاق في ظاهر كلامه، ولعل قولهم بالجواز؛ لأنهما ظنا أن هذا هو الحكم ولم يقصدا فسادًا، فيجب ذكر ما لو علم قلت غبطة المشتري. فيها: لو رضي عيبًا اطلع عليه، لم يكف بيانه حتى يذكر شراءه على السلامة منه، ويجب بيان تأجيل الثمن فإن باع بالنقد دونه رد ولو قبلها المبتاع بالثمن لذلك الأجل إلا أن تفوت فتجب قيمتها يوم القبض ما لم تزد على الثمن معجلة دون ربح لها. عبد الحق: عن بعض شيوخه من غير القرويين قوله: إن قال المشتري: أقبلها بالثمن إلى الأجل لا خير فيه، ولا أحبه، إنما يعني إذا فاتت السلعة لفسخ القيمة الواجبة بالفوت في أكثر منها فهو حرام، وقوله: لا خير فيه: ربما وقع له مثل هذه

العبارة فيما هو حرام. قال: وفي الموازية في هذه المسألة قوله: ليس له ذلك إنما ذلك إن كانت السلعة قائمة. عبد الحق: هذا خلاف نقل الشيخ في مختصره؛ لأنه جعل ما في المدونة والموازية شيئًا واحدًا. وقال بعض شيوخنا من القرويين: إنما قال: لا خير فيه إذا كانت قائمة؛ ووجهه: أنه لما كان له رد السلعة صار التأخير للأجل إنما اتفقا عليه لأجل ترك القيام الذي كان له فهو سلف جر نفعًا كمن ترك رد سلعة بعيب لتأخيره البائع بثمنها، ولما ذكر اللخمي هذا التعليل من عند نفسه قال: وهذا أصل أشهب إن الصلح مع القيام، شراء مرجع، وأرى إن قال له البائع حين قام ليرد لا ترد وأؤخرك بالثمن لم يجز، وإن قال المشتري: رددت فقال له: أقبلها وأصبر عليك؛ جاز. الصقلي: محصولها ثلاثة أقوال: القول بفسخه إن كانت قائمة، وإن فاتت ففيها الأقل من الثمن أو القيمة. وقول ابن سحنون عن أبيه يقوم الدين بنقد إن كان عشرة فقوم بثمانية فهي كمسألة كذب له قيمتها ما لم تجاوز عشرة وربحها أو تنقص من ثمانية وربحها. وقول: إنها مسألة غش يخبر المبتاع في قيامها في أخذها بما ابتاعها به نقدًا وردها، وفي فوتها الأقل، قاله ابن عبدوس وهو أبينها، وقاله ابن حبيب. ابن محرز عن يحيى بن عمر له الأكثر من القيمة أو الثمن، والمذاكرون على قول محمد له الأقل منهما، ومنهم من احتج بقوله في الكتاب ليس له إلا ذلك بلفظ التذكير، والثمن مذكر، ولو أراد القيمة لقال ليس له إلا هي أو إلا تلك، وهذا ليس بصحيح؛ لأن التذكير باعتبار الشيء المذكور. قلت: فقول يحيى بن عمر رابع الأقوال الصقلي. ابن محرز: وقول اللوبي: قوله: لا خير فيه؛ لأن السلعة فاتت فلزمته قيمتها ففسخها في الثمن للأجل فسخ دين في دين صحيح إن اختلف جنس الثمن والقيمة

وإن اتفقا والثمن أكثر كان سلفًا جر نفعًا، ولو كان مثلها فأقل جاز، وليس هو معنى ما في الكتاب، ومعناه: أن السلعة قائمة لقوله: أقبلها ولا أردها. عياض: في كونه بيعًا فاسدًا يجب فسخه أو صحيحًا، ومعنى قوله: مردودًا أي: إن شاء المشتري وإلا فله الرضاء به، ثالثها: هي مسألة كذب وقيمة المؤجل نقدًا الثمن، الصدق لبعض الشيوخ وابن أبي زمنين قائلًا: هذا قول ابن القاسم وابن الكاتب، وابن لبابة وابن عبدوس وأبي عمران، والواضحة وسحنون. ورابعها: لبعضهم له الرضاء به في القيام لا في الفوت؛ لأنه فسخ دين في دين أو صرف مؤخر أو سلف بزيادة، وعلى الأول إن فات ففي لزوم قيمتها مطلقًا أو الأكثر منها ومن الثمن. ثالثها: الأقل منهما للقابسي، ويحيى بن عمر. والموازية: مع اختصار الشيخ وابن شبلون واللوبي، ومعظم الشيوخ. وفيها: إن اشترى بنقد ثم أخر بالثمن لم يبع حتى يبين. ابن محرز: إن لم يبين فهو كمن اشترى بدين وباع بنقد. وفيها لابن القاسم تعليلًا؛ لأن الطري عند التجار ليس كما تقادم، هم في الطري أرغب وأحرص، وهو أنفق. وقال مالك: إذا تقادم مكث السلعة لم يبع مرابحة حتى يبين زمن اشترائها. الصقلي عن ابن حبيب: إن طال مكثها فليبين وإن لم يحل سوقها فإن لم يفعل وفاتت، رد إلى القيمة، ولابن رشد في ثاني مسألة من المرابحة تحصيلها: إن طال مكث المتاع عنده فلا بيع مرابحة ولا مساومة حتى يبين وإن لم تحل أسواقه؛ لأن التجار في الطري أرغب وأحرص؛ لأنه إن طال مكثه حال عن حاله وتغير، وقد يتشاءمون بها لثقل خروجها. قلت: ونحوه للصقلي والمازري وابن محرز وابن حارث، وغيرهم وثاني قولي ابن الحاجب: وفي طول الزمان قولان لا أعرفه، وقبله ابن عبد السلام ولم يعزه ابن رشد إن باع مرابحة أو مساومة بعد الطول ولم يبين فهي مسألة غش يخير المبتاع في القيام ويغرم الأقل من الثمن أو القيمة في الفوت.

وفيها لمالك: لا تبع ما اشتريت مرابحة إذا حالت الأسواق إلا أن يبين. قلت: فإن حالت بزيادة أيجوز لي ولا أبين؟ قال: إنما قلت لنا: إذا حالت الأسواق إلا أن يبين قلت فإن حالت بزيادة إلا أن يبين قلت فإن حالت بزيادة ولم يذكر بزيادة ولا نقصان، وأعجب لي أن لا يبيع حتى يبين، وإن كانت الأسواق قد زادت؛ لأن الطري عند التجار إلخ ما تقدم تعليلًا. الصقلي عن ابن حبيب: إن حال السوق بزيادة عن قرب لم يبين وإلا بين فإن لم يبين فللمبتاع الرد فإن فات رد القيمة. قلت: يريد إن كانت أقل مما دفع. ابن رشد: إن باع مرابحة، وقد حالت الأسواق بنقص ولم يبين، ففي كونها مسألة غش أو كذب، ثمن الصدق فيه قيمتها يوما للبيع قولا ابن القاسم وسحنون وفي قوله نظر، والقياس إذا حكم له بحكم الكذب أن تقوم السلعة يوم اشتراها البائع، وتقوم يوم باعها هذا البيع ويسمى ما بين القيمتين من أكثرها ويحط ذلك الجزء من الثمن فما بقي بعده فهو الثمن الصحيح إن لم تفت السلعة، خير المبتاع في الرد والإمساك إلا أن يلزمه البائع إياها بما قلنا: أنه الثمن الصحيح وإن فاتت ولم يردها البائع للثمن الصحيح ففيها القيمة إلا أن يكون أكثر من الثمن الذي باع به فلا يزاد عليه أو يكون أقل من الثمن الصحيح فلا ينقص منه وللصقلي عن العتبية والموازية: إن حال سوق السلعة فلا يعجبني أن يبيع مرابحة إلا أن يتقارب ذلك، يريد محمد من اختلاف الأسواق قال: ولسحنون في كتاب ابنه إن لم يبين حوالة الأسواق وهي قائمة خير في ردها ليس للبائع أن يلزمها له فإن فاتت فالقيمة ولا يزاد في ثمن ويمضي البيع بالثمن كله ثم رجع سحنون إلى أنه إن حالت الأسواق بزيادة فلا قيمة وتمضي بالثمن وإن حالت بنقص فهي مسألة كذب وذكر ما تقدم لابن رشد عنه. قال: وقال ابن عبدوس: هي مسألة غش. قال الشيخ: وهو أصح. قلت: ففي كون ما كتم حوالة سوقه بالنقص غشا أو كذبا ثمنه صدقًا، قيمته يوم شرائه أو الباقي من ثمنه بعد طرح جزئه المسمى للخارج من تسمية فضل إحدى قيمته

يوم شرائها مبتاعها ويوم شرائها بائعها عن الأخرى من كبراهما. رابعها: للمبتاع ردها قائمة، ويلزمه ثمنها كاملًا فائتة لابن رشد عن ابن القاسم مع الشيخ وابن عبدوس، وابن رشد والصقلي عن ثاني قولي سحنون وابن رشد عن قياس قوله هذا، والصقلي عن أول قولي سحنون. وفيها: من ابتاع حوائط أو الغلة أو حيوانًا أو ربعًا فاغتل وحلب الغنم فلا بيان عليه؛ لأن الغلة بالضمان إلا أن يطول الزمان. عياض: نقل ابن المنذر عن مالك: لا يبيع من اغتل حتى يبين وهم غير معروف من مذهبه وأصوله. وفيها: يبين صوف الغنم إن جزه؛ لأنه إن كان يوم الشراء تامًا فله حظ من الثمن وإلا فهو لا يثبت إلا بعد مدة يتغير فيها. ابن محرز عن ابن سحنون: إن لم يبين فهي مسألة كذب ثمن صدقها ما بقي من الثمن بعد طرح مناب الصوف منه، وذكر اللخمي كأنه المذهب غير معزو، وقال: وإن حدث الصوف عند المشتري ثم جزه فلا مقال للمشتري من أجل الصوف، وينظر لانتقال سنها إن كانت جذعة فصارت ثنية لم يبين إن لم تتغير بنقص سوق ولا كانت تعرض فبارت وإن كانت رباعًا فهرمت بين أبو عمران: إن لم يبين أنه جز صوفها الذي عليها يوم ابتاعها دخلها التوطيف على القيمة بتقويمه على قول ابن سحنون يجب فيها الأقل من القيمة أو الثمن الذي يقع عليها من القيمة على العدل وللبائع أن يلزمها له بذلك. وقال ابن عبدوس: ليس للبائع أن يلزمها إياه بثمن؛ لأن شراء الجملة تراد فيه كما قال في جملة الثياب. ابن العطار: إن قال البائع: أدفع إليك الصوف لم يجب المبتاع عليه، وإن حط ما يقابله من الثمن لزمه. وفيها إن ولدت الغنم لم يبع حتى يبين، ولو باعها بأولادها وكذا الأمة. اللخمي: لم يذكر هل كان بها حمل أم لا وأرى إن كان بها حين الشراء، وهي قريبة الوضع فلا بيان عليه إن باعها بأولادها؛ لأن المشتري لا يكره ذلك وهو في الأمة أبين؛

لأنها تباع أولًا ببخس لما يخشى من موتها وإن حملت بعد الشراء أو كانت بعيدة وضع الحمل بعد الشراء، الجواب في الغنم كما تقدم لأن المشتري لا يكره ذلك والولد زيادة وإنما يعتبر طول العقد، وانتقال سنها فإن لم يتغير السوق، ولا كان يعرضها فبارت وانتقل سنها لأفضل يبين وإن انتقل لأبخس لزم البيان، والأمة تحمل بعد الشراء عيب، وإن كانت حاملًا بعيدة الوضع فوضعت لم يلزم غيرها؛ لأنه لا يتجسس إليه في الأمة ويراعى تغير سوقها وهل بارت. ابن العطار: إن كانت الغنم حوامل فولدت فباع، ولم يبين فالولد غلة ولكن نقصت عنده، فقد كذب فينظر إلى قيمتها حوامل وغير حوامل كالكذب وإن لم تكن حوامل حين الشراء فما ولدته غلة، فإن لم تنقص ولا حال سوقها فإن رجعت لحالها، يوم الشراء فلا شيء عليه. وفيها: إن ولدت الجارية فلا يبيعها ويحبس ولدها حتى يبين فإن بين فلا بأس بذلك. عياض: اعترضها فضل وقال: هذا بيع تفرقة، وفي تعليلها بأنه لعله أعتق الولد أو بلغ حد التفرقة وبين السيد طول المدة، ثالثها: لعله مات، ورابعها: لعله على تأويل ابن القاسم على مالك في العتبية، وتخريجه في سماعه إلا أنه رجع لإجازة بيع التفرقة ووهم هذا التأويل. وخامسها: أنه برضى الأم على أحد القولين، وسادسها: أنه إنما تكلم على حكم بيع المرابحة لا التفرقة وكثير يرد هذا في مسائله. الصقلي عن سحنون: إن باع الغنم ولو بولدها ولم يبين أنها ولدت عنده، ولم تفت فللمبتاع الحبس بجميع الثمن أو يرد وليس للبائع إن باعها بغير ولد أن يلزمه بيعها برده الولد إليه، فإن فاتت الغنم وكان سوقها إنما حال بزيادة مضى البيع بثمنه، وإن حالت بنقص فهي كمسألة كذب، ما آلت إليه من النقص هو ثقمنها الصدق، قال: ولو كانت أمة حبس ولدها ولم يبين فإن لم تفت أو فاتت بحوالة سوق أو نقص خفيف، فله ردها ليس للبائع أن يقول: أنا أحط حصة العيب؛ لأن الولد عيب ولا له أن يلزمه البيع برده الولد.

قال ابن سحنون: لأن المشتري يحتج بحوالة الأسواق. الشيخ قوله: (لأن الولد عيب) أولى، لأنه لم يعد حوالة الأسواق فيها فوتًا، قال: أرضي المبتاع بعيبها جبرًا على الجمع بين الولد وامه في ملك، قال: فإن فاتت بعتق ونحوه فإن حط حصة العيب وربحه، وإلا فعلى المبتاع قيمتها معيبة ما لم تجاوز الثمن بعد إلغاء قيمة العيب وربحه فلا يزاد ولا ينقص. الشيخ: مرجع هذا إلى حط حصة العيب وربحه لا أثر للقيمة فيه نحو ما تقدم لابن عبدوس، وفيمن نقد غير ما به عقد طريقان: اللخمي إن عقد بدنانير ونقد دراهم لم يبع على ما به عقد حتى يبين، وفي بيعه على ما نقد دونه رواية محمد وقول ابن حبيب، ولو عقد بدراهم، ونقد عرضًا لزم البيان فيما نقد وفيما عقد قولان لها ولرواية محمد، ولو نقد طعامًا ففي بيعه عليه كالعين ومنعه كالسلعة رواية محمد. وقوله: ولو نقد عن عرض عرضًا غيره ففي لزوم بيانه في بيعه على أحدهما، أو إن باع على الثاني قولان لظاهرها والتخريج على رواية محمد، والصواب إن جاء المشتري مستفتيًا صدق فإن قال: إنما أخذ البائع ما نقدته رغبة منه بعد أن مكنته ما به عقدت، لم يلزمه بيان وإن لم يكن لرغبته؛ بل قصدًا من المشتري لزم بيانه، وإن لم يجئ مستفتيًا؛ بل ظهر عليه فقال: إنما كان رغبة من البائع قبل قوله إن كان الثمن الأول غير عين؛ لأنه ليس مما يحط منه عند الدفع، وهي مبايعة تختلف فيها الأغراض، وإن كان عينًا وعرف البلد أن ينقد ما به عقد من غير طلب مسامحة قبل قوله، وإن كان العرف طلب المسامحة عند الوزن لم يصدق، وإن عقد بدنانير ونقد دراهم ولم يتغير الصرف أو تغيرت الدراهم برخص جاز بيعه على ما نقد دون بيان، وإن تغير بغلاء الدراهم لم يبع على أحدهما حتى يبين، ولما ذكر ابن محرز قول محمد: إن نقده طعامًا كسلعة لا كالعين قال: قال محمد: وهو قول أصحاب مالك: ابن القاسم وغيره. عياض: من نقد غير ما به عقد في لزوم بيانه في بيعه بالأول أو بالثاني وقصره على بيعه بالأول قولان لظاهرها مع الواضحة، ونص الموازية، وعليه تأول فضل المدونة والواضحة قال: وكذا رواية ابن وهب وابن القاسم وأشهب في السماع وعلي، وابن أشرس.

وفيها لابن القاسم: إن ابتاع بمكيل أو موزون منن عرض أو طعام ثم نقد عينًا أو جنسًا سواه من مكيل او موزون بين ذلك وضربا الربح على ما أحبا منهما إذا وصف ذلك. الصقلي: يريد إن كان الطعام جزافًا لأنه لو كان مكيلًا، دخله بيع الطعام قبل قبضه. ابن محرز: قال شيخنا أبو الحسن: معناه: أنه إذا اكتال له الطعام ثم رده بالحضرة ونقد العين. ابن محرز: وهذا وشبهه مما يجري في خلل الكلام من غير قصد. الباجي: إن نقد غير ما به عقد وباع ولم يبين خير في القيام. قلت: وكذا في الفوت، وفي الموطأ: هو للمبتاع بما ابتاعه به البائع ويحسب للبائع الربح على ما اشترى به على ما ربحه المبتاع. وروى محمد: إلا أن يجيء ذلك أكثر مما رضي به ولم يجعل فيه مالك قيمة. وفيها: إن نقد في العين ثيابًا جاز أن يربح عليها إذا وصفها على قيمتها كما أجزنا لمن ابتاع بطعام أو عرض أن يبيع مرابحة عليها إذا وصف ولم يجزه، أشهب على عرض أو طعام؛ لأنه بيع ما ليس عندك لغير أجل السلم. ابن محرز: قال الشيخ أبو الحسن: معنى قول ابن القاسم: إن كان المثل عنده حاضرًا فقول أشهب تفسير لقول ابن القاسم: المرابحة والمكايسة في ذلك سواء بخلاف التولية لمن اشترى سلعة بعرض توليتها بمثله وإن لم يكن حاضرًا عنده وقال بعض المذاكرين: قول أشهب خلاف. ووجه قول ابن القاسم بأن العرض هنا غير مقصود لنفسه، وإنما هو ثمن والمبيع غيره. الباجي: قال بعض المغاربة: أجازه ابن القاسم؛ لأنه لم يقصد بيع ما ليس عنده كالشفيع يأخذ ما ابتيع بمكيل أو موزون مثله وإن لم يكن عنده، والأول أظهر؛ لأن الشفعة حق ثابت ليس للمشتري الامتناع منه، ألا ترى أن الشفيع يأخذ بقيمة الثواب الذي ابتيع به لا يجوز في المرابحة أن يبيع على قيمة ثوبه.

وقول ابن الحاجب: لو كان الثمن عرضًا غير مثلي ففي جواز البيع مرابحة: قولان بخلاف المثلي، وهم لنصها مع غيرها لكون المثلي كغيره، وسمع ابن القاسم من ابتاع له نصراني سلعة لم يبعها مرابحة حتى يبين ذلك. قال سحنون وعيسى: لا يحل لمسلم توكيل نصراني على بيع أو شراء. وقال مالك: لا أحب لمسلم شراء سلعة مرابحة ابتاعها له مسلم حتى يبين أن غيره اشتراها له. ابن رشد: قوله في النصراني: صحيح، وكذلك لو باعها مساومة لزمه البيان؛ لأن أهل الورع يتجنبون ذلك ويتقونه، وإلزامه البيان فيما اشتراه له مسلم لحجة المشتري أنه إنما اشتراها بذلك الثمن لثقته بتبصر البائع في شرائه وأنه لا يخدع واستخف ذلك في سماع أشهب في هذا الكتاب في كتاب البضائع والوكالات إن له أن يبيع دون بيان فإن باع دون بيان ما ابتاعه له نصراني أو مسلم على القول بلزوم بيانه، فالمشتري مخير في قيام السلعة في التماسك والرد فإن فات بما يفوت به البيع الفاسد، رد فيها القيمة إن كانت أقل وهو حكم الغش. وفيها: إن حط من الثمن ما يشبهه حطيطة البيع أو تجاوز عنه درهمًا زائفًا لزم بيان جميعه. ابن محرز: إن لم يبين الزائف والثمن عشرة، فللبائع أن يلزمه البيع بالتسعة، وقيمة الزائف وفي الفوت القيمة ما لم تزد على العشرة أو تنقص عن التسعة، وقيمة الزائف، وقال أبو بكر بن عبد الرحمن، عن سحنون: إن عرف ما فيه من فضة ونحاس فإن عليه وزنهما كاستهلاكهما، وإن جهل وزنهما فقيمتهما. الصقلي عن ابن سحنون عن أبيه إن لم يبين، فإن حط عن مبتاعه ذلك لزمه البيع وإلا فله الرد. قال سحنون: إذا حط ما حط هو فقط دون حصة ربحه لزمه البيع فإن لم يعلم بالحطيطة حتى فاتت أو كانت الحطيطة بعد فوتها قيل للبائع حط عنه مثل ما حططت دون ربح فإن أبى فله القيمة ما لم تجاوز الثمن الأول فلا ترد يزاد أو ينقص منه بعد طرح الحطيطة بلا ربح فلا ينقص.

قلت: زاد الشيخ في النوادر عن محمد عن أصبغ: إنما يلزمه البيع في القيام إذا حط عنه الحطيطة وربحها. قال: وقاله ابن القاسم في بعض مجالسه، وعزا لابن حبيب في الفوت مثل قول سحنون، كذا نقل عبد الحق في تهذيبه زاد. وفي كتاب حمديس الحطيطة التي تشبه مثل العشرين من المائة. قال عبد الحق: في هذا نظر وما هي فيما يظهر إلا كثير. قلت: يأتي لابن القاسم ما يؤيد قول حمديس. وفيها: إن أشركت في سلعة أو وليتها رجلًا ثم حطك بائعك ما يشبه استصلاح البيع لزمك أن تضع عمن أشركت نصف ما حط عنك ولا يلزمك ذلك فيمن وليته إلا أن تشاء أن تلزمه البيع فيلزمك أن تحطه ذلك ولو حطك بائعك نصف الثمن مما يعلم أنه لغير البيع لم يلزمك أن تحطه شيئًا ولا خيار له. قلت: مفهوم قوله: نصف الثمن يؤيد ما تقدم لحمديس، وهو خلاف قول عياض: قولها: في الذي حط عشرين من مائة نزلت بالمدينة فأجاب فيها مالك بما ذكر، قيل معناه: أن النازلة نزلت بالمدينة من حيث الجملة لا أنها بصورة حط عشرين من مائة؛ لأنها كثير لا يمكن حطها في البيع، وإنما الحطيطة التي توضع ما يعلم أنه لاستصلاح البيع ولا حد فيه والعشر من العشرة قليل ومن الألف كثير، والمعتبر في ذلك ما يفهم من قرينة الحال. قلت: نحوه لابن رشد قبله اللخمي: إن قلت الوضيعة وعلم أنها مكارمة أو لصداقة فهي كالكثيرة، قال: واختلف في الشركة فقال الأخوان: الوضيعة لمن ولي الصفقة، وضيعة لجميعهم ولغيره ممن أشرك له فقط إلا أن يكون المبيع من سلع الأسواق، التي تلزم فيها الشركة فهي لجميعهم إلا أن تكون الوضيعة لصلة من وضعت له ليست على وجه الاستغناء فهي لمن وضعت له. وفي العتبية: إن ولوا الصفقة جميعًا فما وضع لأحدهم اختص به. قلت: في سماع أصبغ من كتاب الشركة: سئل أشهب عن شركاء ثلاثة في سلعة تقاوموها فخرج أحدهم وبقيت لاثنين بدينار بربح دينار ثم استوضع الخارج البائع

فوضعه دينارًا فقام الاثنان ليردا، قال: ذلك لهما إلا أن يجعل دينار الوضيعة بينهم أثلاثًا وسوغ له كل الربح. ابن رشد: لا يستقيم قوله هذا؛ لأن من وضعت له الوضيعة، وهو الخارج عنهما إن كان هو ولي صفقة شراء السلعة وحده لزمه كون الوضيعة بينهم أثلاثًا جبرًا فقوله: لشريكه رد البيع إلا أن يجعل الدينار بينهم أثلاثًا لا يصح؛ لأن من أشرك في سلعة ثم وضع من الثمن لزمه كون الوضيعة بينهما جبرًا سواء بقي حظه بيده أو خرج عنه ببيع أو غيره ليس له أن يقو لمن أشركه: لا أضع عنك شيئًا إن شئت أن ترد رددت، إنما له ذلك في بيع المرابحة؛ لأنها مكايسة، والشركة معروف هذا قوله في المدونة. وقال التونسي: القياس أن الشركة كالمرابحة فيكون مخيرًا، وعليه يأتي قول أشهب هذا وإن كان من وضع له الدينار من الشركاء الثلاثة، ليس من ولي شراءها بل كان شراؤهم صفقة واحدة، فالدينار الوضيعة له وحده على مذهب مالك وأصحابه خلاف قول الفقهاء السبعة، حسبما تقدم في سماع ابن القاسم: ولو باع أحد الشركاء في السلعة حظه من شريكه بربح دينار مرابحة على على وجه المقاومة لوجب إن كان هو الذي ولي شراء السلعة أن يرد على شريكيه ثلثي الدينار جبرًا ويخير في الثلث الذي ناب حظه الذي باع مرابحة، بين أن يطحه عنهما، قيل وما ينوبه من الربح، وقيل دون ما ينوبه من الربح فيلزمهما البيع أو لا يحط ذلك عنهما فيكون لهما رد البيع وكذا إن لم يكن هو الذي ولي الصفقة على مذهب الفقهاء السبعة وعلى قول مالك وأصحابه يكون له ثلث الدينار، ولا يلزمه أن يرد عليهما، ويكون مخيرًا في الثلث الذي ناب حظه الذي باعه منهما مرابحة. قلت: ما نقله اللخمي عن الأخوين هو سماع ابن القاسم في القوم يشترون السلعة فيضع البائع لأحدهم إن كان هو الذي ولي الصفقة فما وضع له بينهم. ابن رشد: لا خلاف أن الذي وضع له إن كان هو الذي ولي الصفقة أن ذلك بينهم، ولما قال في القوم: يجتمعون يشترون السلعة فيضع البائع لرجل منهم إن كان الذي ولي الصفقة، فما وضع له فهو بينهم، دل على أن ما وضع لأحدهم إذا اجتمعوا في شرائها للذي وضع له وحده دون شركائه.

والفقهاء السبعة يقولون: بل هو لجميعهم وهذا الخلاف إنما هو إذا لم يكونوا شركاء عقد ولا حيث يوجب الحكم الشركة بينهم فإن كانوا شركاء عقد أو حيث يوجب الحكم الشركة بينهم فلا اختلاف أن الوضيعة بينهم وكذا لو وضع الذي ولي الصفقة أو الذي أشرك وهذا إذا كانت الوضيعة مما يشبه أن تكون وضيعة من الثمن. قلت: وما تقدم لابن رشد من تفرقته بين الشركة وبين بيع المرابحة بأنه مكايسة والشركة معروف وإن تبع فيه. ابن القاسم في المدونة فهو مؤكد سؤالًا حضرت إيراده في حداثة السن بدرس الشيخ الفقيه أبي علي بن قداح قاضي الجماعة حينئذ، وهو في قولها. قلت: إن اشتريت سلعة بمائة درهم فأشركت فيهما رجلًا بنصفها ثم إن البائع حط عني فأبيت أن أحط شريكي قال: سئل عنها مالك، فقال يحط بين شريكه نصف ما حط عنه على ما أحب أو كره وفرق بين ما هذا وبين بيع المرابحة أن بيع المرابحة على المكايسة وهذا إنما هو شركة. قلت: فلو وليت سلعة اشتريتها ثم حط عني بائعها من ثمنها؟ قال: لم أسمع من مالك فيها شيئًا، وأرى المولي بالخيار إن وضع عن من ولي الذي وضع لزم البيع المولى وإن أبى فللذي ولي ردها كبيع المرابحة، وتقرير السؤال أن وضيعة البائع من ثمنه إن أوجب كونها لاستصلاح بيعه حقًا في الوضيعة يقضي به لمن ملك مبيعه على وجه المعروف وإن كان إنما يوجب له تخييرًا في قبوله دون الوضيعة أو رده إن لم يعطها لزم ذلك في الشركة كالتولية، وكثر كلام أهل الدرس فيه ولم يتحصل لهم عنه جواب ولم يتعرضوا لما قاله ابن محرز يحتمل أنه أراد الشركة الجبرية فيصير كالشفعة في وجوب طرح ما وضع عن المشتري عن الشفيع، فإن لم يكن كذلك قال ابن محرز، فلا أعلم بين الشركة والتولية فرقًا. قلت: بل الفرق أنه لما صار الشريك بشركته مماثلًا للمبتاع في ابتياعه والمبيع ضرورة مساواته له فيما يعرض للمبيع المفروض من تلف ونماء ووضيعة، وربح لزم مماثلته له في استحقاقه الوضيعة الكائنة لاستصلاح البيع، ولما لم يكن المولى كذلك لم

يلزم فيه ذلك وصار ك مبتاع ذلك المبيع مرابحة فوجب كونه مثله، وحيث يجب إسقاط الوضيعة وإلا خير المبتاع إن فاتت السلعة ففي لزوم قيمتها يوم شرائها ما لم تزد على الثمن كاملًا، وما لم تنقص عنه مسقطًا منه الوضيعة دون ربحها أو بربحها. ثالثها: إن كانت الوضيعة بعد شراء الثاني، لمحمد عن قولي ابن القاسم قائلًا: الثاني إغراق ليس بشيء، واختيار. الصقلي: محمد: وروى أصبغ الأول. الصقلي: وقاله سحنون. وفيها: من ابتاع سلعة بمائة فنقدها وافترقا ثم وهبت له المائة؛ فله أن يبيع مرابحة، ألغى بعض الفاسيين مفهوم نقد وافترقا بما تقدم من قولها: لو حط بائعك كل الثمن أو نصفه لم يلزمك أن تحطه شيئًا. وقال أبو حفص: إن وهبه الثمن قبل قبضه أو بعده وقبل الغيبة عليه أو بعدها، وقال: هذا ثمن سلعتك، وهبته لك لم يبع مرابحة، ولو وهبه بعد البيع أو بعد القبض والغيبة عليه ولم يقل: هذا ثمن سلعتك فله البيع مرابحة وفيها: من ابتاع سلعة بعشرين ثم باعها بثلاثين ثم أقال منها لم يبع مرابحة إلا على عشرين؛ لأن البيع لم يتم بينهما حين استقلاله. أبو حفص: الإقالة عند ابن القاسم ابتداء بيع إلا في المرابحة والشفعة والطعام من سلم. قلت: فيناقضها قوله: والإقالة عند مالك بيع حادث في كل شيء إلا في مثل هذا. الصقلي: قال بعض أصحابنا: إنما لم يجعلها بيعًا حادثًا؛ لأنه إقالة بحضرة البيع، ولو تناقدا وافترقا وتباعد ذلك ثم تقايلا فهو بيع مبتدأ، وإن سموه إقالة وله البيع على الثمن الآخر، ولما ذكر اللخمي قولها قال عن ابن القاسم: إن استقالة بأقل أو أكثر جز أن يبيع على الثاني. وقال ابن حبيب: لا يبيع إلا على الأول مطلقًا، والأول أحسن إلا في قوم يظهرون بيعه حادثة ليتوصلوا للبيع بأكثر من الأول. وفيها: من باع سلعة مرابحة ثم ابتاعها بأقل مما باعها به أو أكثر فليبع مرابحة على

الثمن الآخر؛ لأن هذا ملك حادث. ابن محرز: ظاهره ولو كان ذلك ممن ابتاعها، وحملها فضل على أنه في شرائها من غيره، كقول ابن حبيب. وفيها: من ورث نصف سلعة ثم ابتاع نصفها فلا بيع نصفها مرابحة حتى يبين؛ لأنه إذا لم يبين دخل في ذلك ما ابتاع وما ورث وإذا بين فإنما يقع البيع على ما ابتاع. القابسي: لو سبق الشراء الإرث لم يلزمه بيان؛ لأنه في سبق الإرث، يزيد في ثمن المشتري للتكميل. وقال ابن عبد الرحمن: هما سواء لقوله: إن لم يبين دخل فيه ما ابتاع وما ورث. عبد الحق: ويلزم على الأول لو اشترى نصفه ثم اشترى باقيه أن يلزمه البيان؛ لأنه يزيد في النصف المكمل لجميعه، وتعليل ابن القاسم يخالفه. قلت: قد يفرق القابسي بأن الزيادة لتكميل ما ورث أكثر قصدًا إليها من القصد لتكميل ما اشترى. وجعل ابن رشد قوله: إذا بين إنما يقع البيع على ما ابتاع خلاف ما في سماع أصبغ من كتاب العتق فيمن حلف بعتق عبد له فيه شقص ثم باع حظه من شريكه ثم اشترى منه حظه أو اشترى حظه ابتداء ثم باع حظه منه أو من غيره ثم فعل موجب الحنث لزمه الحنث. الصقلي: إن باع ولم يبين وفات فالنصف المبيع نصفه مشترى فيمضي نصف الثمن ونصف الربح، ونصفه موروث يمضي بالأقل من قيمته أو ما يقع عليه من الثمن والربح، وإن كانت قائمة فللمشتري رد البيع أو إمضاؤه. ابن محرز: إن قال: أبيعك النصف الذي اشتريت فعلى قول أبي الحسن: إن تقدم الميراث فليبين ويكون إن باع وعلم أنه زاد في الشراء كالكذب وإن تقدم الشراء فلا بيان وذكر ما تقدم للصقلي في تخيير المشتري في رد المبيع إن لم يفت زاد، ولا حجة للمشتري إن رد ربع السلعة التي ورث نصفها ولم يبين في رد الربع الباقي؛ لأنه دخل على الشركة، ولو ناب الميراث أكثر من النصف كان له رد البقية لانتقاض البيع في

كل الصفقة. الصقلي: عن ابن حبيب لمن أخذ سلعة في المقاواة بينه وبين شريكه بيعها مرابحة بالمقاواة ولا يبين إذا صح ذلك. الشيخ: ويحمل على الثمن نصف الزيادة فقط وهو ما أخذ من شريكه. المازري: هذا خلاف ما تقدم عن القابسي؛ لأنه يتصور أن هذه الزيادة لأجل الاستكمال. وقال اللخمي: إن كانت الزيادة لرفع الشركة لسوء عشرة صاحبه لم يبع حتى يبين. قلت: انظر هل يلزمه بيان شرائه حظ شريكه بتلك الزيادة فقط او يبين مع ذلك أنه لسوء شركته والأول أظهر لفظا والثاني أظهر معنى قال: وإن كانت الزيادة؛ لأنها صالحة، ولأن السوق حال إغلاء لم يلزمه بيان. قال ابن الحاجب: لو أتم البيع بشراء من شريكه فالرواية كالأجنبي، وفيه نظر. قلت: وهي مسألة ابن حبيب وظاهر قوله الرواية: يقتضي أنه قول مالك ولا أعلم من نقله عنه إنما نقله الصقلي والمازري واللخمي عن ابن حبيب ولو قال فالرواية لا يبين بدل قوله كالأجنبي لكان أحسن. وفيها لمن ابتاع مكيلًا أو موزونًا بيع ما جاء من أجزائه مرابحة وكذا عشرة أقفزة من مائة إن كان كله متماثلًا. ابن محرز: ظاهره عدم لزوم البيان وعارضه بعض المذاكرين في الطعام؛ لأن جملته يزاد لها؛ لأنه إن استحق ثلثه رد بقيته. ابن محرز: ظاهره عدم لزوم البيان وعارضه بعض المذاكرين في الطعام؛ لأن جملته يزاد لها؛ لأنه إن استحق ثلثه رد بقيته. المازري: قولها بناء على أن القسم في المكيل والموزون تمييز حق وأنه لا يزيد فيه لأجل الجملة خلاف ما أشار إليه ابن عبدوس أن الجملة يزاد في ثمنها. قلت: قول ابن محرز ظاهره عدم اللزوم: هو نص سماع عيسى ابن القاسم في رسم حبل حبلة. ابن رشد: وهذا مثل قولها، وعلى قول ابن عبدوس أن الجملة يزاد فيها لا يجوز أن يبيع مرابحة إلا ببيان.

وفيها: إن بعت جزءًا شائعًا مرابحة من عروض ابتعتها معينة جاز؛ لأنه بثمن معلوم بخلاف ما فيه القيمة. وفيها: لو ابتاع رجلان عروضًا ثم اقتسماها فلا يبع أحدهما حظه مرابحة حتى يبين. اللخمي: لأن ثمن ما صار له عين وعرض وهو حظه فيما أخذ شريكه فإن باع ولم يبين فللمشتري رد الجميع إلا أن يكون قيمة نصف ما اشترى مثل نصف العين الذي باع به فلا يكون له وإن فات مضى نصفه بالثمن وضرب له الربح في النصف الآخر على قيمة ما نقد إلا أن يكون ما باع به أقل. وفيها: إن ابتعت ثوبين بأعيانهما صفقة واحدة وهما جنسًا واحدًا وصفة واحدة لم يجز بيع أحدهما مرابحة بنصف الثمن؛ لأنه إنما يقسم عليهما بقيمة كل منهما، ولو كانا من سلم وصفتهما واحدة جاز ذلك، إن لم يتجاوز عنه في أحد الثوبين في شيء من الصفة؛ إذ لو استحق أحدهما رجع بمثله، والمعين إنما يرجع بحصته من الثمن. ابن محرز: قالوا إنما يحتاج لشرط عدم التجاوز في الثوب المبيع مرابحة فقط إلا أن يكون الثوب الآخر أفضل صفة من صفته المشترطة فيكون فضله هبة من البائع لمكان البيع فيقدح في المبيع مرابحة ويكون كوضيعة عنه إن كانت قبل بيعه لزمه بيانه، وإن كانت بعده فكما تقدم. وسمع أبو زيد ابن القاسم في كتاب السلم لمن أسلم ثوبين في طعام: أن يقيل من أحدهما بنصف الطعام إن كانا معتدلين. ابن رشد: منعه سحنون وقال: هذا بيع الطعام قبل قبضه؛ إذ قد يغلط في التقويم كما لا يجوز لمشتري ثوبين بيع أحدهما مرابحة بنصف ثمنهما حتى يبين، وعلى قول ابن القاسم يجوز بيع أحدهما مرابحة بنصف الثمن، غن استويا ولا يبين كما لو أسلم فيهما خلاف قوله في المدونة. وقال ابن عبدوس: إنما لم يجز بيع أحدهما مرابحة دون بيان؛ لأنه قد يزاد في ثمن الجملة فعليه لا يجوز بيع أحدهما في جواز بيع أحدهما متماثلين مرابحة دون بيان، ثالثها: إن كان من سلم لابن نافع وسحنون، وابن نافع والأول أحسن؛ لأن الشراء كان على

معرفته، فكذا التقويم فإن باع ولم يبين كانت مسألة كذب على قول ابن سحنون. الصقلي عن ابن عبدوس: إن لم يبين فللمبتاع رده وليس للبائع إلزامه إياه بحصته من الثمن بالقيمة لحجة المبتاع إن الجملة يزداد في ثمنها للرغبة فيها. الصقلي: هذا خلاف قولها لمشتري جملة مكيل بيع بعضه دون بيان والإقالة وشراء ثان من المبتاع تقدم، ولو اختلف ثمن ما هما فيه بالسوية وباعاه مرابحة، ففي كون ثمنه بينهما على ثمنيهما أو حظيهما قولان لها، ولأشهب. اللخمي: والعهدة عليهما كذلك، والأول أحسن إن علم المشتري أن ثمن شرائهما مختلف، ولو جهل ما بين الحظين من التغابن وأرى إن اشتريا في وقت واحد والسوق على ما اشترى به الأكثر ثمنًا أن لا بيان عليهما، وكذا إن كان في وقتين وحالت السوق إلى ما اشترى به الأكثر ثمنًا عن قرب وإن اشتريا في وقت واحد والسوق على ما اشترى به الأقل ثمنًا أو في وقتين، واشترى الثاني بأقل بينًا؛ لنه اختلاف بنقص والوضيعة كالريح في القولين. وفيها: إن باعاه مساومة فالثمن بينهما نصفين، وتقدم حكم اغتلال المبيع، وتخريج ابن عبد السلام على قول أشهب: أن الصرف في الرد بالعيب غلة بالجد، وإن كان تامًا يوم الشراء يرد بأن البائع في الرد بالعيب مدلس أو مفرط بخلاف المبتاع في المرابحة وبأن بيع المرابحة أضيق على البائع؛ لأن طول الزمان وحوالة الأسواق بنقص فيه عيب بخلاف الرد بالعيب. وفيها: لمن ابتاع من عبده المأذون أو من مكاتبه سلعة بغير محاباة بيعها مرابحة دون بيان، وكذا شراء العبد من سيده؛ إذ له أن يطأ بملك يمينه وإن جنى أسلم بماله. اللخمي: هذا صحيح فيما بينه وبين الله وفيما بينه وبين المشتري إن كان ذلك مما يكرهه الناس فعليه أن يبين. قلت: يرد تفصيله بأنه كلما لزمه البيان شرعًا كان جحده ظلمًا والظلم لا يصح فيما بينه وبين الله تعالى، وفي احتجاجه فيها بقوله إذ له أن يطأ بملك يمينه، يدل على أن العبد يتجر بماله لا بمال سيده حسبما ذكره في نحو هذا من بيوع الآجال وصرح به في سماع أبي زيد، وقال فيه: إن كان يعمل بمال نفسه، وإن كان يعمل بمال سيده فلا

خير فيه. قلت: وكذا لو اشترى سلعة من مقارضة. ابن رشد: إن باع ولم يبين وتجر العبد بما لسيده ولم يكن العبد اشترى السلعة فللمشتري ردها إن كانت قائمة فإن فاتت رد فيها القيمة إن كانت أقل من الثمن على حكم العتق والخديعة في المرابحة وإن كان العبد اشتراها بمثل ذلك الثمن أو أكثر جاز البيع ولا كلام للمبتاع على سماع أشهب إن له أن يبيع مرابحة ما اشتراه له غيره دون بيان لا على رواية ابن القاسم لا يجوز له ذلك حتى يبين، فإن لم يبين كانت مسألة غش وإن كان العبد اشتراها بأقل مما باعها به سيده فهي على سماع أشهب مسألة كذب، وعلى رواية ابن القاسم مسألة غش. وفيها: من ابتاع ثوبًا فلبسه أو دابة فركبها في سفر فليبين ذلك في المرابحة قال غيره: ليس عليه ذلك فيما خف من ركوب أو لباس إن لم يتعمد ذلك ولم ينقل اللخمي لفظ الغير، وقال من عند نفسه: إن ركبها في غير سفرٍ لم يبين وكذا اللبس إن نقص الشيء اليسير. وفيها: لو وطئ الأمة لم يبين إلا أن يفتضها وهي ممن ينقصها فليبينه. وأما الوخش التي ربما كان أزيد لثمنها فلا شيء عليه فيه اللخمي يسأل التجار فإن كان لا ينقص لم يبين. قلت: ونحوه في آخر استبرائها إذا وطئها مبتاعها في استبرائها ثم حدث بها عيب. ابن محرز: إن لم يبين فهي مسألة كذب. قال ابن عبدوس: للمشتري حبسها بكل الثمن أو ردها إلا أن يحط البائع عنه مناب الافتضاض من الثمن وربحه، تقوم يوم الشراء بكرا، وثيبًا إن نقصها الافتضاض ربع قيمتها يحط ذلك عن المبتاع فلا حجة له؛ لأنه رضي أخذها بكل الثمن، وليس ذلك كالتزويج لأن التزويج يجب بيانه في بيع المساومة، والافتضاض ليس كذلك، وإن فاتت عند المبتاع بحوالة سوق فأكثر فليس له ردها بالافتضاض إلا أن يشترط أنها بكر فإن لم يشترط ذلك حكم فيها بحكم الكذب في الفوت والكذب فيها مناب كونها بكرًا من الثمن فلو كذب في الثمن والمبيع قائم ففي لزوم البيع بإسقاط كذبه وربحه.

ثالثها: إن عرف كذبه منه لا من غيره، لها ولعبد الملك. ونقل ابن بشير عن المتأخرين وصوب اللخمي قول عبد الملك قال: ويحمل قول مالك إن المشتري قام بالكذب فقط، ولو قال: أرد لإمكان أن تكون ذمته استغرقت من ذلك لكان له الرد ولأن أدنى حاله أن الناس يكرهون مبايعة مثله فإن لم يكن نقد الثمن أو نقده، وعرف بعينه أو كان عرضا لم يفت فله الرد كقول عبد الملك وإن استهلكه مضى بالثمن الصحيح لأنه إن رد السلعة أخذ ثمنه من ذمة فاسدة إلا أن يكون حديث عهد بالجلوس للبيع وفائدة ذلك المال فلا رد له إن حط عنه الكذب وربحه، وإلا كان عهد بالجلوس للبيع وفائدة ذلك المال فلا رد له إن حط عنه الكذب وربحه، وإلا كان له الرد؛ لأنه دليل على أنه غير متوق في كسبه. المازري: نقل الأسفراني عن مالك بطلان بيع الكذب وهم. قلت: لعله يريد ببطلانه: عدم لزومه، وهو قول عبد الملك. الصقلي عن ابن عبد الرحمن: إن كان البائع معتادا للزيادة في الثمن معروفًا فللمشتري رد السلعة ولو حط عنه الكذب وربحه. قلت: الأظهر العكس إلا أن يكون المشتري طارئًا أو علم جهله بحاله، ولو فات المبيع ففيها مع غيرها لزوم القيمة ما لم تزد على ثمن الكذب وربحه أو تنقص عن ثمن الصدق وربحه. عياض: وروى محمد: يطرح ما زاد وربحه ثم رجع فقال: القيمة أعدل، والنماء والنقص فوت، وفي حوالة الأسواق قولان لرواية ابن القاسم، ومفهوم رواية علي فيها: يفيتها النماء والنقص عند اللخمي مع الشيخ وللباجي هما وفاق لضعف دلالة المفهوم. اللخمي: إن احتج بفساد ذمة البائع قبل دفع الثمن؛ فله الرد مع نقص العيب. وفي كون القيمة يوم القبض أو العقد روايتا بن القاسم وعلي. فقال الشيخ: اختلاف وخرجهما المازري: على تعارض قياسيها على البيع الفاسد لحرمة الكذب أو اختلاف المتبايعين لحق المبتاع في الثمن وملكه إمضاء البيع إن رضي. ومال الصقلي لوفاقهما باحتمال كون يوم البيع هو يوم القبض. اللخمي: الاختلاف في وقت القيمة راجع إلى الاختلاف في المحبوسة بالثمن فعلى أنها من البائع القيمة يوم القبض وعلى أنها من المشتري القيمة يوم البيع؛ لأنه بيع

باب في الغش

صحيح، تعلق به حق لآدمي ونقله المازري عنه، وقال: هذا الذي قاله، ظاهر الروايات لا يقتضيه؛ لأنه لم يذكر فيها هل حبس البائع السلعة المكذوب فيها بالثمن أو مكن المشتري منها فتكون القيمة يوم التمكن على أحد القولين. قلت: هذا بناء منه على أنه فهم إجراء اللخمي على الخلاف في المحبوسة على أنه على الخلاف في المحبوسة في بيع المرابحة التي بيعت بكذب لا على المحبوسة من حيث الجملة، وهذا منه وهم، وإنما مراد اللخمي إجراؤها على المحبوسة من حيث كونها محبوسة، وتقريره أن المحبوسة من حيث ذاتها تمام البيع فيها الموجب لاستقلال المبتاع فيها بالتصرف موقوف على أمر يترقب حصوله في عقد صحيح وهو دفع الثمن وبيع الكذب في المرابحة تمام البيع فيه أيضًا الموجب لاستقلال المبتاع بالتصرف في المبيع موقوف على أمر يترتب حصوله في عقد صحيح وهو إسقاط البائع الكذب وربحه فاستوت الصورتان في هذا التوقف، فإن أوجب في المحبوسة كون الضمان يوم القبض فكذا يجب في المرابحة وإن لم يوجبه في المحبوسة وجب كون القيمة فيها يوم العقد عملًا بكون العقد فيها صحيحًا، وكذا يجب أيضًا في المرابحة بالقياس عليها، وما ذكره اللخمي من الإجراءات على المحبوسة سبقه به أبو بكر بن عبد الرحمن فتخصيص المازري عزوه له قصور. الصقلي على الموازية: ويؤدب معتاد الكذب في بيعه وفي موضع آخر، ويقام من السوق فهو أشد عليه من الضرب، فإن كذب فيما ملكه دون شراء بثمن الصدق فيه قيمته. [باب في الغش] والغش: أن يوهم وجود مفقود مقصود في المبيع، أو يكتم فقد موجود مقصود فقده منه، لا تنقص قيمته لهما للمبتاع فسخه في القيمة وعليه الأقل من قيمته أو المسمى في الفوت أفاته.

ابن عبدوس: بحوالة الأسواق وخرج اللخمي من رواية علي لا يفيته إلا العيوب وله الرد وما نقصه العيب من الأقل من القيمة أو الثمن وأرى أن غشه بأن رقم على المبيع بعشرة اثني عشر وباع على عشرة أنه إن حط عنه الدينارين لزمه البيع، قال: وبيعه على الشراء ما ورثه غش.

والعيب في المرابحة كغيرها: اللخمي: هذا قول مالك، والقياس أن للمغبون منهما فسخه فإن كان المشتري اشترى بعشرة ما قيمته ثمانية، وقدر العيب الخمس فأسقط البائع خمس الثمن فقال المشتري أغرم قيمتها معيبة؛ لأنك لو أسقطت عني هذا الخمس مع القيام لم يلزمه فكذا في الفوت، وإن كان البائع فقال: لا أجبر على إمضاء البيع كما لم كن ذلك علي مع القيام كان له ذلك، وقد قال مالك في الكذب: لا يجبر البائع على الحط في الفوت، وقال: ليس ظلمه موجب عليه أن يؤخذ بغير ما لم يبع به، فإن قيل: العيب بخلاف الكذب؛ لأنه بذهاب جزءٍ فكان فكان كمن اشترى سلعتين فوجد واحدة قيل هذا غير صحيح، لأنه لو كان كذلك لجبر على رد ما قابل العيب في القيام ولأنا نعلم أنه ليس كالجزء ضرورة لو كان كذلك لم يرجع في فوت السلعة بشيء؛ لأن الثوب يكون ثلاثين ذراعا وعيبه درهم فلو نظر قدره من الثوب لم يكن له شيء محسوس ابن رشد على حكم الكذب أو الغش أو العيب يجري حكم المرابحة وشذت من هذا الأصل عند ابن القاسم مسألتان لم يحكم فيهما بحكم أحد الثلاثة إحداهما مسألة من حسب ما لا يحسب أو ضرب الربح على ما لا ربح له الثانية مسألة من باع على ما عقد له ولم يبين ما نقد ووافق سحنون ابن القاسم في حكم العيب وفي حكم الكذب وخالفه في حكم الغش؛ لأنه عنده على قسمين أحدهما غش لا أثر له في زيادة الثمن كبيعه مرابحة ما ورث أو ما وهب له أو ما طالت إقامته عنده ولم تحل أسواقه هذا وافق فيه ابن القاسم وغش له أثر في زيادة الثمن كبيعة مرابحة سلعة بثمن اشتراها إلى أجل لأن الشراء إلى أجل يزيد في الثمن وكمن باع أحد ثوبين اشتراهما معا بما ينوبه من ثمنهما؛ إذ قد يضع عليه أكثر من منابه منه هذا خالف فيه ابن القاسم وحكم فيه بحكم الكذب في القيام والفوت فإن اجتمع على مذهب الغشان معا كبيعه ما طال زمانه وحال سوقه بنقص وافق ابن القاسم في القيام إن أراد البائع إلزام المبتاع البيع بحط الكذب ومنابه من الربح احتج عليه بطول الإقامة ويخالفه في الفوت فيحكم فيه بحكم الكذب ووجه الحكم فيه أن تقوم السلعة يوم بيعها بتلك القيمة ثمنها الصدق وتقوم يوم قبضها إن تأخر فتكون له القيمة ما لم يفضل الثمن أو تنقص من القيمة الأولى ومنابها من الربح

هذا نص سحنون وهو معترض، والصواب: أن تقوم يوم ابتاعها ثم تقوم يوم باعها فينظر ما بين القيمتين لحوالة الأسواق ويحط ذلك الجزء من الثمن وربحه، وما بقي الثمن الصدق للذي لا ينقص منه إن كانت القيمة أقل. قلت: وتقدم نحوه، قال: فإن اجتمع عيب وكذب فحالاته خمس: الأولى: كون السلعة قائمة لم تفت بوجه مثل أن يشتري سلعة فيحدث بها عنده عيب أو تكون جارية فيزوجها ثم يبيعها مرابحة ولم يبين ما حدث عنده ولا أن لها الزوج؛ لأنه زاد في ثمنها ما نقص العيب من قيمتها فإن لم تفت بوجه فلا طلب للمشتري إلا بحكم العيب وليس للبائع أن يلزمه إياها بحطه الكذب وهو قيمة العيب وربحه. الثانية: أن تفوت بحوالة سوق أو نقص يسير فللمشتري القيام بحكم العيب حسبما تقدم أو بحكم الكذب، ويرضى بالعيب وثمنها الصدق المسمى مسقطًا منه أرش عيب التزويج ما بين قيمتيها يوم شرائها بعيب التزويج وسليمة ثم يقوم يوم ابتاعها أو يوم قبضها على الخلاف في ذلك فيكون على المبتاع تلك القيمة ما لم تنقص عن ثمن الصدق أو تفضل ما اشتراها به. الثالثة: أن تفوم ببيع فلا طلب للمشتري إلا بحكم الكذب إذ لا رجوع للمشتري في العيب بشيء بعد البيع على مذهب ابن القاسم. الرابعة: فوتها بالعيب المفسد له الطلب بأي الوجهين شاء وله الخيار في ثلاثة: ردها ورد، ما نقصها العيب الحادث عنده. أو الرجوع بقيمة العيب ومنابه من الربح. أو الرضى بالعيب وطلب حكم الكذب حسبما تقدم. الخامسة: فوتها بذهاب عينها أو ما يقوم مقامه من عقد حرية أو عطية لغير ثواب وشبه ذلك فله الطلب بحكم العيب أو الكذب حسبما فسرنا، ووقع في المدونة في هذا الوجه كلام طويل، واختلاف في الرواية يرجع الكلام على الرواية الواحدة إذا حملته على ظاهره أن المبتاع يرجع على البائع بقيمة العيب ومنابه من الربح على حكم العيب بانفراده، وعلى هذه الرواية اختصر المسألة ابن أبي زمنين، وهي جل الروايات، وعلى

الرواية الثانية جعل الحكم في المسألة حكم الكذب بانفراده، وهو الأظهر من قصد ابن القاسم في الكتاب؛ لأنه لو قصد إلى حكم العيب بانفراده لقال يرجع بقيمة العيب وبما ينوبه من الربح فاستغنى عن التطويل في ذكر القيمة واعتبارها بما إذا حصل لم يرجع لمعنى فيه فائدة وفي كل هذا نظر، والصحيح ما نذكره بعد من التأويل؛ لأن الرجوع بقيمة العيب وما ينوبه من الربح أفضل للمشتري في هذه المسألة ممن حقه طلبه على مذهب ابن القاسم؛ لأن عقد الحرية ولو بتدبير على قوله فوت توجب للمبتاع الرجوع بقيمته، فهذه الرواية تضاهي رواية علي: أن من اشترى عبدًا فوهبه فهو فوت ولا رجوع له بقيمة العيب إلا أن يتأول أنه رضي بالعيب وطلب حكم الكذب، والرواية الأولى على تأويل ابن أبي زمنين يحتمل أن يكون إنما رجع المبتاع فيها بقيمة العيب ومنابه من الربح على حكم العيب لأنه أفضل للمشتري وهو بعيد في الظاهر، ولو اشترى معيبًا عالمًا بعيبه، وباعه بأكثر من ثمنه وكتم عيبه كان أبين في اجتماع الكذب والعيب وللمشتري في فوت المبيع بذهاب عينه أو ما يقوم مقامه المطالبة بالأمرين معًا: يرجع على البائع بأرش العيب ومنابه يؤمر البائع بحط الكذب ومنابه من الربح فإن أبى فعلى المبتاع القيمة ما لم تقضل الثمن مسقطًا منه أرش العيب ومنابه من الربح. - أو ينقص على الثمن الصحيح مسقطًا منه قيمة العيب وما ينوبه من الربح. وعلى هذه الوجوه يحمل قول ابن القاسم في المدونة فيحمل قوله على أنه رجع في آخر المسألة إلى التكلم على هذا الوجه وإن كان لم يبتدئ في كلامه عليه ولا يجعل كلامه لغوا وتكريرًا لغير فائدة كما فعل ابن أبي زمنين. قلت: صورها اللخمي بمن ابتاع بعشرة وباع باثني عشر واطلع المبتاع على عيب فله الرد به في القيام، ولو أسقط الكذب، فإن فات بنماء أو نقصان كان فوتًا في بيع العيب والكذب، فعلى القول بحط الكذب يثبت يبدأ بإسقاطه وربحه ثم يحط العيب من الثمن الصحيح وهو الشعرة وربحها، على أن الكذب لا يسقط إلا برضى البائع فبدأ بإسقاط العيب من كل الثمن صحيحه وسقيمه إن قيل قيمته صحيحًا عشرة ولأن الثمن لا غبن فيه، ومعيبًا ثمانية كان له ثمانية وأربعة أخماس دينار؛ لأنها الثمن الصحيح بعد طرح الكذب والعيب، وإن كانت القيمة أكثر فله ما لم يجاوز أربعة أخماس الثمن

بكذبه وربحه، وإن فات بحوالة سوق فهو كالقائم على رواية علي، وعلى رواية ابن القاسم فائت في الكذب لا في العيب فله الرد به وله حبسه ثم يخير البائع في حط الكب وربحه أو يعطي قيمة سلعته ما لم تكن أقل من العشرة وربحها؛ لأنه الثمن الصحيح أو أكثر مما يباع به ويختلف في الصفة التي تقوم عليها فقال محمد: تقوم سالمة؛ لأن المشتري رضي بالعيب لما لم يرد به دون غرم. وقال ابن سَحتون وابن عبدوس: تقوم معيبة وهو أحسن؛ لأن القيمة بدل العينين التي قبض والعيب التي كان برد معيبه. وفيها: من ابتاع أمة فزوجها لم يبع مرابحة ولا مساومة حتى يبين؛ لأنه عيب، فإن باع ولم يبين فللمبتاع قبولها بجميع الثمن أو وردها وليس للبائع أن يلزمه إياها بحط قيمة العيب ولا يفيتهما حوالة سوق أو نقص خفيف ولا زيادة لأنه من معنى الرد بالعيب بخلاف من اطلع على زيادة في الثمن فإن فاتت بعتق أو تدبير فعلى البائع حصة العيب من الثمن وربحه. الصفلي عن ابن عبدوس: ها معنى ما كرر فيه الكلام في الكتاب فجعله الشيَّخ تفسيرًا لها. والذي فيها مع كتاب ابن سَحنون في فوتها بعتق ونحوه إن حط البائع حصة العيب وربحه فلا حجة للمبتاع فإن أبى فلبائع القيمة ما لم تنقص من الثمن بعد إلغاء قيمة العيب وربحه أو يزيد على الثمن ولا يزاد ولا ينقص. الصقلي: ها إن أسقط حكم العيب وطلب حكم الكذب ولو طلب حكم العيب كان ما قاله ابن عبدوس. وقال بعض أصحابنا عن بعض شُيُوخه القرويين: هي مسألة عيب وكذب؛ لأنه لو بين أنها متزوجة وكتم أنه اشتراها دون زوج ثم زوجها كانت مسألة كذب فإذا لم يذكر تزويجها صارت مسألة عيب وكذب، فإن فاتت بعتق ونحوه وجبت قيمة العيب فإن حطه مع ذلك الكذب، وربحه فلا حجة له، وإن أبى قيل: ما قيمتها سليمة يوم ابتاعها الأول قيل: ثلاثون وكم قيمتها يومئذ متزوجة؟ قيل: عشرون فنقصها التزويج ثلثها، فإن كان اشتراها الأول بمائة وربح عشرين أسقط ثلث جميع لك أربعون يبقى ثمانون وهو ثمنها بلا كذب، ثم يقال: ما قيمتها يوم اشتراها الثاني؟ فيقال: أربعون،

وقيمتها يومئذ معيبة ثلاثون فنقصها العيب في هذا البيع الربع، فأسقط ربع كل ثمن ثلاثين تبقى تسعون ثم أسقط ربع الثمانين التي هي الثمن بلا كذب، وذلك عشرون تبقى ستون هو ثمنها بعد إسقاط قيمة العيب والكذب وربحهما فتكون له القيمة ما لم تنقص عن ستين أو تزيد على التسعين. الصقلي: هذا خلاف قول ابن عبدوس؛ لأنه جعلها مسألة عيب؛ لأن الكذب هو العيب فإذا أخذه بالكذب والعيب أغرمه قيمة العيب مرتين، وإنما يصح ذلك أن لو كان الكذب غير العيب والكذب هنا هو العيب فأرى أن يخيره بين أن يأخذه بالكذب أو بالعيب أي ذلك كان أنفع له أخذ به، وقد تقرر أن ثمنها بعد طرح الكذب وربحه ثمانون فإن أعطاء إياها فلا حجة له؛ لأنها أنفع له وإن أبى كان عليه القيمة ما لم تنقص عن ثمانين أو تزيد على الثمن بعد إسقاط قيمة العيب وربحه وذلك تسعون وإن نقصها العيب في التقويم الأول الربع وفي الثاني الثلث، فالأنفع له أخذه بحكم العيب فيأخذها بثمانين فتسقط قيمة العيب وربحه، وذلك أربعون وإنما هذا إن اختلفت القيمة في القيمتين ولو تساوت أخذه بالتدليس لأن إسقاط قيمة العيب وربحه كإسقاط الكذب. ابن رُشْد: وإن اجتمع العيب والغش مثل أن يبتاع معيبًا عالًما بعيبه وطالت إقامته عنده ثم باع ولم يبين فحالاته خمس: إن بقي المبيع بحاله خير المبتاع في رده. وإن فاته ببيع فإنما له طلب حكم الغش فتكون عليه قيمته إن فضلها الثمن؟ وإن فات بحوالة سوق أو نقص يسير خير في الرد بالعيب أو الرضى به ويقوم بحكم الغش فيغرم الأقل من القيمة أو المسمى. وإن فات بعيوب مفسدة خير في ثلاثة أوجه: - أحدهما: ردها وما نقصها. - الثاني: حبسها والرجوع بقيمة العيب ومنابه من الربح. - والثالث: الرضى بالعيب وطلب حكم الغش فيكون عليه الأقل من قيمتها أو المسمى.

وإن فات بفوت عينه أو ما يقوم مقامه خير في وجهين: حكم العيب فيحط عنه قيمة العيب ومنابه من الربح. أو الرضى بالعيب وطلب حكم الغش فيكون عليه الأقل من القيمة أو المسمى. اللخمي: إن فاتت بنماء أو نقص فللمشتري أن يمسك ثم يبتدئ بالعيب بحط قدره من الثمن إن قومت سليمة بعشرة ومعيبة بثمانية كان على المشتري ثمانية فقط؛ لأن العيب نقصها الخمس، وأربعة أخماس الثمن ثمانية دنانير وهي التي تلزم من جهة الغش فقط لأنه لا يضرب، لها بربح وإن قومت سليمة بثمانية ومعيبة بسبعة كان عليه سبعة فقط لأن الثاني بعد العيب سبعة أثمان الثمن تسعة إلا ربع، وربحها دينار إلا ثمن كل لك تسعة ونصف وثمن هذا الثابت من ناحية العيب ثم يرجع إلى حكم الغش فليس له إلا قيمته معيبًا، وهي سبعة دنانير التي تستحق بعد طرح العيب فيصير المشتري كمن لم يشترها إلا معيبة بتسعة ونصف وثمن ثم علم بما خدعه فيعطي القيمة ما لم تجاوز الباقي، وإن قومت سليمة باثني عشر ومعيبة بعشرة سقط حكم الغش، لأن العيب نقصها السدس وهو ديناران إلا سدس من المسمى والباقي تسعة دنانير وسدس فقيامه بالعيب خير له، وإن تغير سوقها كان فوتًا من جهة الغش فقط على قول ابن عبدوس فله الرد بالعيب، وحبسها ويطفع القيمة من ناحية الغش ويختلف في الصفة التي تقوم عليها، قال محمد: تقوم غير معيبة؛ لأنها لم تفت من ناحية العيب، وعلى القول الآخر تقوم معيبة وتقدم وجهه. ابن رُشْد: وإن اجتمع الكذب والغش مثل أن يبتاعه معيبًا بعشرة دنانير فتطول إقامته ويبيعه باثني عشر ولم يبين، فإن لم تفت فله الرد والتماسك وليس لبائعه إلزامه إياه بطرح الكب وربحه لاحتجاجه بالغش، وإن فات بحوالة سوق أو نماء أو نقصان فمطالبته بالغش أفضل له فيكون عليه الأقل من القيمة أو المسمى. زاد اللخمي: إن كانت قيمته يوم قبض ثمانية أو تسعة أو فوق ذلك دون عشرة وربحها غرم القيمة فقط وإن كانت قيمته فوق ذلك اتفق جواب الكذب والغش يغرم قيمته دون ربح ما لم تجاوز الكذب وربحه على القول بحط الكذب حكمًا كالعيب يبتدئ بحطه ثم يغرم القيمة ما لم تجاوز الباقي.

ابن رُشْد: وإن اجتمع العيب والكذب والغش مثل شرائه جارية ولا ولد لها فيزوجها وتلد عنده أولادًا ثم يبيعها بكل الثمن دون ولدها، ولم يبين أن لها ولدًا فولدها عيب، وطول إقامتها إلى أن ولدت غش، وما نقص التزويج والولد من قيمتها كذب، فإن لم تفت فليس للمشتري إلا الرد ولا شيء عليه أو حبسها ولا شيء له، وليس للبائع أن يلزمه إياها بحط شيء من الثمن لأجل العيب والغش، وإن فاتت ببيع فلا طلب له بالعيب وطلبه بحكم الغش أنفع له من طلب حكم الكب وإن فاتت بحوالة سوق أو نقص يسير فله الرد بالعيب أو الرضا به بحكم الغش فيغرم الأقل من قيمتها أو المسمى؛ لأنه أحسن له من حكم الكذب وإن فاتت بعيب مفسد خير في ثلاثة أوجه: أن يردها وما نقصها العيب عنده أو يمسك ويرجع بقيمة العيب ومنابه من الربح. أو يرضى بالعيب ويقوم بحكم الغش فيغرم الأقل من قيمتها أو المسمى؛ لأنه أحسن له من حكم الكذب وإن لم يرد والولد صغير لم يبلغ حد التفرقة جبرا على الجمع بينهما في ملك واحد أو يرد البيع، وإن فاتت بفوت عينها أو ما يقوم مقامه خير في الرجوع بقيمة العيب ومنابه من الربح أو الرضى بالعيب وطلب حكم الغش، وصورها اللخمي بمن اشترى سلعة بعشرة، وقال: ثمنها اثني عشر وربح دينار أو أرقم عليها خمسة عشر ووجد بها عيبًا بعد فوتها بنماء أو نقصٍ فعلى القول بإسقاط الكب حكمًا يسقط هو وربحه وهو ديناران وسدس، والباقي أحد عشر إلا سدسًا ثم يرجع للعيب فتقوم السلعة سليمة إن كانت قيمتها سليمة عشرة وقيمتها معيبة ثمانية فقيمة العيب الخمس وهو ديناران وسدس، فالباقي بعد طرح العيب وربحه ثمانية دنانير وثلثا دينار هذا ما تستحقه بعد طرح الكذب وربحه، فيقول المشتري بقي مقالي فيما غشني به من رقم أو كتمان طول إقامة مكثها فأعطيه القيمة بغير ربح ما لم تجاوز الباقي والقيمة ثمانية دنانير فلا شيء له غيرها، وإن كانت قيمتها سليمة ثمانية، ومعيبة سبعة أو ستة لتغابن كان في البيع لم يكن للبائع إلا تلك القيمة فمتى كانت هي والثمن

متساويين أو القيمة أقل لم يكن على المشتري غيرها، وإن كانت أكثر من الثمن ومنابه من الربح بعد طرح العيب سقط حكم الغش وبقى حكم الكذب وفيها: من باع سلعة مرابحة، وقال: قامت علي بمائة فأربح عشرة ثم ثبت أنها قامت عليه بمائة، وعشرين فإن لم تفت خير المشتري بين ردها أو يضرب له الربح على عشرين ومائة فإن فاتت بنماء أو نقصٍ خير المشتري إن شاء أخدها بقيمتها يوم التبايع إلا أن تكون القيمة أقل من عشرة ومائة فلا ينقص منه، أو يكون أكثر من عشرين ومائة وربحها لا يزاد عليه. قُلتُ: قوله: إن فاتت بنماء أو نقص خير المشتري إلخ فيه نظر لأن ما فسر به التخيير ليس بتخيير بحال؛ ولا عبر اللخمي بقوله: غرم المشتري قيمتها ما لم تنقص عما تبايعا به أو تزد على المائة وعشرين وربحها، ثم قال: وأرى إن فاتت بزيادة وقيمتها يوم قبضها أكثر مما اشتراها ولا تجاوز المائة وعشرين، وربحها أن يخير في غرم قيمتها أو ردها لأنها أفضل مما كانت فلا مضرة على البائع، وإن نقصت بغير سبب المشتري أن يردها ناقصة إلا أن يمضيها له البائع بما باعها به ويختلف إن نقصها من سببه خطأ هل يضمنها أو يردها ناقصة، ولا شيء عليه، وكذا إن كان المبيع ثوبًا فنقص عنده، ثم طلب البائع فضل الثمن فإن نقص بلبسه لزمته قيمته ما لم تكن أقل مما باعه أو أكثر من المائة وعشرين وربحها وإن نقص بلبسه لم يضمن قيمته وله رده بنقصه، إلا أن يمضيه البائع بما باع ويختلف إن كان نقصه؛ لأنه قطعه ولم يلبسه؛ لأن الغلط من البائع بتسليطه، كمن باع ثوبًا فأعطى المشتري غيره فقطعه المشتري في غرم المشتري نقص القطع خلال. قُلتُ: لم يحك الصقلي إلا القول بعدم غرمه وقال: بخلاف من اشترى قوبًا مرابحة فقطعه ثم اطلع على كب البائع القطع في هذا فوت، ففرق ابن الكاتب بأن ثوب الكذب لو هلك ببينة بعد قبضه المبتاع كان منه ولو هلك ثوب الغلط كذلك كان من بائعه. الصقلي: ولأن ثوب المرابحة مبيع وثوب الغلط غير مبيع، ولابن رُشْد في آخر مسألة من أول رسم من سماع ابن القاسم في جامع البيوع: إن باع مرابحة ثم ادعى أن

ثمنه أكثر مما باعه به وإنه غلط فيه واختلط له بغيره فإن كانت له شبهة من رقم أو شهادة على ما وقع به عليه من مقاسمة أو في شراء صدق، ولما كان أحد أسباب الغش طول المكث المعروض لكونه عن احتكار لزم بيانه. فيها: الحكرة في كل شيء من طعام أو غيره جائز وما أضر احتكاره بالناس منع احتكاره. ابن رُشْد: ما يضر ممنوع اتفاقاً، وما لا يضر في جوازه في الطعام والإدام ومنعه ثالثها: فيما عدا القمح والشعير، ورابعها: في الإدام والفواكه فقط لها وللأخوين مع المدنيين وسماع أشهب، ودليل قول ابن حبيب وقول الشَّيخ: قول الأخوين معناه في المدينة؛ إذ لا يكون الاحتكار فيها إلا مضرًا لقلة الطعام بها يدل على أنهم متفقون على أن علة المنع منه تغلية الأسعار، وإنما اختلفوا في جوازه لاختلافهم في وجود العلة، وعدمها وهو في غير الأطعمة من عصفرٍ وكتان وغير ذلك جائز إن لم يضر. اللخمي: الأول أحسن وفي ادخار الأقوات في الرخاء مرتفق وقت الشدة ولولاه لم يجد الناس عيشًا في الشدة ولو قيل إنه مستحسن لم أعبه. قُلتُ: هو مقتضى تعليله بالارتفاق لأنه مصلحة راجحة، سالمة عن مضرة الناس إن كان فاعله لا يتمنى غلاء، قال: ومن قدم بطعام لم يمنع من ادخاره إلا أن يكون جهد فيؤخذ ببيعه. قُلتُ: هو قول عمر في الموطأ. الباجي: روى محمد ما علمت في التربص بالطعام لرجاء غلائه بأسًا، قيل له، من يبتاع الطعام ويجب غلاءه؟ قال: ما من أحد يبتاع طعامًا أو غيره إلا ويحب غلاءه. قُلتُ: والأصل في ذلك حديث مسلم عن سعيد بن المسيب عن معمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من احتكر فهو خاطئ قيل لسعيد: إنك تحتكر، قال: كان معمر يحتكر.

اللخمي قال مالك: من احتكر في وقت يضر بالناس أشرك فيه أهل السوق بما اشتراه به وإن لم يعلم ثمنه فبسعر يومه ولابن العربي في عارضته: إن كثر الجالب وكان إن لم يشتر منه رد الطعام كانت الحكرة مستحبة، وسمع ابن القاسم إذا غلا الطعام واحتيج إليه وبالبلد طعام فلا بأس أن يأمر الإمام أهل الطعام بإخراجه للناس. ابن رُشْد: مثله في الموازيَّة. ابن العربي كان خليفة بغداد إذا زاد السعر أمر بفتح المخازن ويبيع بأقل مما يبيع الناس فإذا رجع الناس إلى ذلك السعر أمر أن يباع له بأقل حتى يرد السعر إلى أوله وذلك من حسن نظره. الباجي: من معه طعام زراعة أو جلبه لم يمنع من احتكاره كان ذلك في ضرورة أو غيرها. وروى محمد: يبيع هذا متى شاء ويمسك إذا شاء ولو بالمدينة وأما من صار إليه الطعام بابتياع في وقت سعة ثم لحق الناس، شدة، فروى محمد: إن كان الغلاء الشديد، وعند الناس طعام مخزون أيباع عليهم؟ قال ما سمعته، وقال في موضع آخر: لا بأس أن يأمر بإخراجه إلى السوق. قُلتُ: ظاهر العتبيَّة وقول ابن رُشْد: إذا وقعت الشدة أمر أهل الطعام بإخراجه مطلقًا كان من زراعة أو جلب خلاف ما نقله الباجي، قال: ومن اشتراه بالفسطاط للريف وهو بالفسطاط كثير وبالريف ما يغني أهله فروى محمد منع ذلك؛ لأن المصر مجتمع الناس ورعيه أولى إن فسد فسدت الأرياف، وإن كانت الحاجة بالريف والكثرة بالمصر جاز إخراج أهل الريف منه إليهم، وإن كان بالمصر قليلاً يخاف من إخراجه للريف مضرة منع من إخراجه لتساوي الحالين ومراعاة المصر أولى. وسمع ابن القاسم: إن كان عند أهل الريف والسواحل ما يغنيهم منعوا اشتراء الطعام من الفسطاط، وإن لم يكن عندهم ما يغنيهم من الطعام فلهم أن يشتروا. ابن رُشْد: على قول المدَوَّنة يحتكر أهل الريف والسواحل من الفسطاط إن لم يضر ذلك بهم، وعلى هذا السماع لا يحتكرون وإن لم يضر ذلك بهم ووجهه أن الحواضر فيها يؤخذ الطعام في الشدائد.

وقوله: إن لم يكن عندهم ما يكفيهم فلهم أن يشتروا؛ يريد: ولو أضر ذلك بأهل الفسطاط والقري التي فيها الأسواق حكمها حكم الفسطاط قاله في المدَوَّنة، فلا يحتكر هؤلاء من هؤلاء ولا هؤلاء من هؤلاء إذا أضر بهم ومن لم يكن عنده ما يغنيه فله الشراء؛ لقوته هؤلاء من هؤلاء وهؤلاء من هؤلاء وإن أضر بهم؛ لأن المواساة بين المسلمين واجبة. مسمى لفظ المبيع: إن كان متعينًا بذاته كالعرصة، دون نقضها وعكسه فواضح وإلا حمل على الراجح إن كان وإلا فمقتضى الأصول فساد بيعه للجهل به في رهونها من ارتهن أرضًا ذات نخل ولم يسمها أو ارتهن النخل ولم يذكر الأرض فذلك موجب لكون الأرض والرهن والنخل رهنًا، وكذا في الوصية والبيع، وفي ترجيح ذكر المبيع في وثيقة بيعه غير منسوب لبائعه بلفظ له وعدمه، نقلا ابن فتوح عن الموثقين فيقول: على الأول اشترى فلان من فلان جميع الدار التي له بموضع كذا، ورجح كذا، ورجح الثاني محتجًا بقول أهل العلم في وثائقهم اشترى فلان من فلان جميع ما حوته أملاكه، ولا فرق بين أملاكه وبين الدار التي له. قلت مقتضاه عدم الخلاف في نسبته له بالإضافة فقط، وقول المتيطي قولنا: ابتاع منه جميع الدار أولى من قولنا: جميع داره، وكذا كل ما يباع من مبيع لما وقع في ذلك من الخلاف. قال بعض الموثقين: إن أضافه للبائع ثم استحق من المبتاع لم يرجع على البائع بشيء لأن إضافته إليه إقرار من المبتاع بتحققه ملك البائع ما باعه منه. وقال ابن الهندي وغيره: لا يمنع ذلك رجوع المبتاع عند الاستحقاق؛ لأن الإضافة والنسبة إلى ملكه تصدق في ملكه بزعمه، ولو صرح المبتاع بتمليك البائع المبيع ثم استحق ذلك منه ففي رجوعه على البائع روايتان، بالأولى قال أشهب وعبد الملك وابن وَهْب، وسَحنون واختاره شُيُوخ الأندلسيين وهو دليل قولها في الاستحقاق من له على رجل ألف درهم فحطه نصفها على إن أخذه عبده ميمونًا بنصفها فاستحق رجع عليه بالألف، فقوله: (عبده) كقول الموثق: (ابتاع منه داره). قُلتُ: يرد بأنه يصدق لفظ عبده مع العبارة عنه بغير الإضافة ولو سلم فتقدم كون

الإضافة غير صريحة في الدلالة على اعتراف المبتاع بملكه، إنما هي في صريح الاعتراف. المتيطي: وجد المبيع دارًا أو أرضًا منه. وقال ابن الهندي وابن العطار وغيرهما: ما لم يصرح بضده وكقول كثير من الموثقين حدها في القبلة دار فلان. ابن عتاب: سأل إسماعيل القاضي عن قوله حدها في الشرق الشجرة هل تدخل في المبيع فوقف ثم قال لسائله: قرأت في باب كذا في سيبويه فدلني على أنها تدخل في المبيع. قال ابن سهل وفي هذا نظر. قُلتُ: قولهم: حد الشيء منه ينفي القاضي ونظر ابن سهل. سئل ابن عتاب عمن له داران متصلتان في صف واحد باباهما في ناحية واحدة ساق إحداهما في مهر زوجته بلفظ: ساق إليها جميع الدار التي بموضع كذا، حدها في القبلة كذا وفي الجوف كذا وفي الشرق كذا وفي الغرب الطريق إليها يشرع بابها ثم ماتت زوجته بعد أن أزيد من عام فطلب وارثها إرثه في الدار المسوقة، وطلبه في الدارين؛ لأن الحدود مشتملة عليهما ولو كانت المسوقة إحداهما كان حدها في الجوف، الدار الأخرى لا الأرض التي لفلان، وقال الزوج: لم أسق إلا أحدهما التي بقبله الأخرى فأجاب بلزوم السياقة في الدارين إلا أن يأتي الزوج بما يبين أنها في الواحدة فقط؛ لأن الحدود أقوى من تسميتها دارًا واحدة. ابن سهل: هذا هو الفقه إن حقق وارث المرأة أنها في الدارين وإن قال: لا علم لي إلا لفظ الصداق بالتحديد فالقول قول الزوج من يمينه. المتيطي: قولنا بحقوق المبيع، وحرمه ومنافعه ومرافقه يغني عن تسميته ذلك، ولو زيد في الفرن، وموضع جمع الحطب له وفي الحمام: وموضع إعداد الزبل، وبئر سانيته. وفي الرحى وأفنيتها ومناصبها وجسرها وغير ذلك مما يمكن انفصاله كان حسنًا. وقولنا: في الدار وشبهها وكل جدرها المحيطة بها هو الصواب لو سكت عنه ووجد

المشتري حائطًا منها لغيره لم يكن له حق على بائعها ولم يدخل في جملة حقوقها ولو ذكرت ثم خرج جدار منها لجاره رجع بحصته من ثمنها ولو لم يذكر الجدر وادعى المبتاع أن البائع شرط ذلك له حلف البائع على تكذيبه وكل ما بالدار المبيعة حين العقد مما ينقل من دلو وبكرةٍ وباب وصخرة وتراب، كان معدًا لإصلاح الدار أو مما انهدم منها فهو لبائعها لا لمبتاعها إلا بشرط، وكذا قال ابن فتوح وغيره. قُلتُ: ونحوه قولها: ما كان ملقى في الأرض من حجر أو باب أو خشبة سارية فالقول فيه قول المكتري. المتيطي: اختلف في السلم الذي يرتقى به إلى الغرف فقال ابن العطار وابن زَرْب: هو للمبتاع ولو لم يشترطه ولو كان ينقل باليد من مكان لآخر، واحتج ابن زَرْب بما في الوثائق من قولهم بمنافعها ومرافقها والسلم منها. ابن سهل: يؤيده سماع عيسى ابن القاسم من اكترى منزلًا فيه علو لا درج له ولا سلم فقال لرب المنزل: اجعل لي له سلمًا فتوانى ولم ينتفع به المكتري حتى مضت السنة طرح عنه مناب العلو من الكراء وقاله ابن عتاب في السلم المبني قال: والمنقول للبائع إلا أن يشترطه المبتاع قال بعض الموثقين إلا أن يكون مسندًا لعلية يرقى منه إليها فهو للمبتاع وحكى بعض الأندلسيين عن ابن حبيب: إن السلم للمبتاع وإن لم يشترطه. قُلتُ: قال ابن رُشْد في سماع عيسى: هذا بخلاف الشراء لو باع دارًا فيها علو وفيها سلم فهو للبائع، وقول ابن العطار إنه للمبتاع قياسًا على هذا السماع غير صحيح، ولو صح قياس الشراء على الكراء لوجب على البائع أن يأتيه به وإن لم يكن في الدار، وهذا لم يقله ابن أحد فما أصاب في قوله ولا قياسه، وقال: من باع دارًا بها مبينة فهي للمبتاع السرير، والحجر الأسفل وللبائع الحجر الأعلى قياسًا على قول بعض الشُيُوخ، معنى قوله في المدَوَّنة لا شفعة في الأرحى، الحجر الأعلى لا الأسفل لأنه من البناء كقدر الحمام، وهي تفرقة لا وجه لها، إذ لا ينتفع بأحد الحجرين، دون الآخر والصواب في المطاحن المبنية بالدار أنها للبائع إذ ليست من بناء الدار ولا من أنقاضه. المتيطي عن بعض الأندلسيين: لا يختلف في خرزة المعصرة إن لم تذكر في عقد الابتياع؛ لأنها مقصودة في الابتياع؛ إذ لا منفعة للمعصرة إلا بها وما بالدار من جبح

منصوب للبائع إلا أن يشترطه المبتاع، والنحل في جدار بيت الدار في كوى فيه. قال بعض الموثقين: ونحوه لابن العطار وغيره هي للمبتاع؛ إذ لا يستطاع إزالتها إلا بهدم الكوى، قال: والحمام في برج فيها بخلافه هي للبائع؛ لأنها تؤخذ دون إضرار بالمبتاع في برجه ونحوه للشيخ أبي الوليد، قال: وقال ابن العطار: هما سواء النحل والحمام للمبتاع. وفي وثائق الباجي: هما معًا للبائع إلا أن يشترطه المبتاع بعد المعرفة به، ونحوه لأبي عمران وأبي بكر بن عبد الرحمن. ابن عات: قال ابن عتاب: أفتى ابن الفخار فيمن باع ملكًا بقرية وفي الملك شجر زيتون طاب ثمرها لم يشترطه المبتاع إلا أن في الوثيقة اشترى فلان من فلان جميع ما حوته أملاكه في الأرض والشجر ولم يذكر الثمرة، فطلب المبتاع أخذها أنها له واحتج بأن الشجر نفسه لو لم يذكر في الابتياع دخل فيه وتبع الأرض فإذا دخلت الأصول في الشراء فالثمرة أحرى. قال ابن عات: ولم يذكر هل ذلك رواية ولم يسأل عنه؛ إذ كان لا يتجرأ على سؤاله، وكان حافظًا ذاكرًا للروايات ولم أزل أطلب ذلك فلما امتحنته بالفتيا ونزلت هذه المسألة في دار بيعت فيها نخلة مزهية فأفتيت بما كنت أسمع منه وخولفت في ذلك، ولم أزل أطلبها إلى أن ظفرت بها في كتاب الشروط لابن عبد الحَكم قال: من الناس من يقول من اشترى دارًا بما فيها، وفيها نخل فالثمرة للمشتري ولو طابت، وأما نحن فنجعل ذلك للبائع إلا أن يشترطه المبتاع اتباعًا للسنة. قال ابن عتاب: والذي أقوله ما شاهدت الفتيا به وبه نفذ الحكم. قُلتُ: ظاهر قوله ظفرت بها إنه ظفر بما يوافقه، وحاصل ما ذكر أنه ظفر بما يخالفه فتأمله، وتمامها في الإبار. ابن عات: في بعض الكتب قال سئل عن رجل باع داره وفيها زبل لصق بقاعتها ولم يذكر وقت التبايع ثم ادعاه كل واحد منهما قال: هو للمبتاع إلا أن يشترطه البائع. وسمع سَحنون ابن القاسم: من ابتاع دارًا فيها نقض لرجل هو فيها بكراء وأبواب في بيوت الدار وحضر المكتري شراءه ثم طلب النقض والخشب فقال له

المشتري: حضرت شرائي فلم تدع شيئًا وقد وجب لي كل ما بالدار فذلك كله للمكتري من قبل أنه يقول: لم أظن أن ذلك يكون لك. ابن رُشْد: قوله: ألأبواب والنقض للمكتري معناه: إن كانت له بينة أنه أتى بذلك من عنده وأقر صاحب الدار له بذلك قبل البيع؛ إذ لا يقبل إقراره له بذلك بعد البيع وإنما عذر المكتري في سكوته حين البيع لأن من حجته أن يقول: إنما سكت لأني ظننت أن من اشترى دارًا لا شيء له من نقضها الملقي فيها إلا أن يشترطه، ولو قال: أبيعك الدار بأنقاضها وأبوابها والمكتري يسمع فلم ينكر، كان سكوته إجازة للبيع، وكان له من الثمن مناب النقض والأبواب إن كان رب الدار مقرًا له بالنقض، والأبواب، وإن لم يكن مقرًا له بذلك، ولا مكذبًا لبينته التي شهدت له بذلك وإنما ادعى أنه اشترى ذلك بماله وبما كان له عليه من كراء كان سكوته على البيع تصديقًا للبائع فيما ادعى ولم يكن للمكتري شيء من النقض والأبواب ولا من ثمنها هذا الآتي على أصولهم وقيل: لا يبطل حقه في الأنقضاض إن كانت له بينة أنه أتى بها ويأخذ ما يجب لها من الثمن بعد حلفه على تكذيب بائع الدار إلا أن يطول سكوته بعد البيع ولو ادعى النقض المبينة في الدار والأبواب المركبة فيها ولا بينة له بهما لم يكن له شيء منها، ولو كان النقض مطروحا في الدار والأبواب غير مركبة فيها ولا مقلوعة منها ما دخلت في البيع وكانت للمكتري مع يمينه بيعت الدار، أو لم تبع إن ادعاها صاحب الدار. وقال ابن دحون: إنما لم يضر سكوته عند البيع، وله بينة بالأنقضاض من أجل أنه في الدار، ولو كان خارجًا عنها لم يكن له منها شيء، وهذا لا وجه له، لا فرق بين كونه في الدار أو خارجًا عنها. قُلتُ: ظاهر قوله في السماع: وقد وجب لي كل ما في الدار: مع قوله: لم أظن أن ذلك يكون لك أنه لو لم يدعه المكتري لكان له داخلاً في المبيع ومثله قول ابن رُشْد لا يقبل إقرار البائع بذلك للمكتري بعد عقد البيع، وقد تقدم من نقل المتيطي وغيره: أن ما بالدار حين البيع مما ينقل ويحول من خشب وصخر وتراب كان معدًا لإصلاح الدار أو مما انهدم منها فهو للبائع. المتيطي: لو كان بالدار المبيعة صخر أو رخام أو عمد وشبه ذلك لم يعلم به

المتبايعان ثم علماه فمعلوم مذهب ابن القاسم أنه للبائع إن ادعاه وأشبه أنه له بميراث أو غيره وإلا فهو لقطة. وقال سَحنون وابن حبيب وابن دينار: هو للمبتاع وهو ظاهر قول ابن القاسم في العتبيَّة. قُلتُ: في نوازل سَحنون: من وجد في عرصة ابتاعها بئرًا عادية لها بال، فقال البائع: بعتك ما لا عرفته فأنا أفسخ بيعه هي للمشتري. ابن رُشْد: وكذا لو وجد المشتري صخرًا أو عمدا أو رخامًا، وقاله ابن حبيب وابن دينار وهو قياس أحد قولي ابن القاسم في سماع عيسى من كتاب الأقضية فيمن وجد في أرضه جبًّا بابه بأرض غيره إن له منه ما كان في أرضه ويسد فيما بينه وبين صاحبه ولا يستحقه جاره بالباب، ويأتي على قياس قول ابن القاسم أن الجب لصاحب الباب وحده أنه إن وجد المشتري بئرًا أو جبا أو بيتًا لم يعلم به، أن للبائع نقض البيع، وكذا إن وجد صخرًا أو رخامًا أنه للبائع وكذا لابن القاسم في سماع عيسى من كتاب اللقطة (أنه لا حق فيه للمبتاع وهذا إنما هو في المجهول مالكه وما ثبت منه أنه للبائع أو لمن يرثه عنه فهو له اتفاقًا، وكذا إن ثبت أن البئر أو الجب أو البيت الموجود تحت الأرض من عمل البائع كان نسيه أو من عمل مورثه فله نقض البيع اتفاقًا، ولا يندرج في الشجر مأبور شجرها هذا المذهب. وقال المتيطي: هذا مشهوره المعمول به. وقال ابن الفخار: هو للمبتاع واحتج بأن الشجر لو لم يذكر في الشراء لدخلت فيه وكان تبعًا للأرض، وذكر ما تقدم عنه وعن ابن عتاب. قُلتُ: وهذا وهم منه في أمرين: الأول: أن تصور مثل هذا القول فاسد؛ لأنه قياس في معرض النص، والإجماع على بطلانه، روى مسلم بسنده عن عبد الله بن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من ابتاع نخلاً بعد أن تؤير فثمرها للذي باعها إلا أن يشترطها المبتاع، وهو في الموطأ والترمذي وغيرهما.

الثاني: فهمه قول الشَّيخين على ذلك وهذا؛ لأنهما إنما قالا ذلك في مسئلتي الأرض ... لخاصية فيهما وهي اشتمالهما على لفظ دالٍ على اشتراط المبتاع الثمرة؛ لأن مسألة ابن الفخار هي من باع جميع ما حوته أملاكه من الأرض والشجر، ولفظ جميع ما كالنص على دخول الثمرة فهو عنده مما اشترطه المبتاع فيكون له بنص الحديث. وكذا صورة مسألة الدار التي أتى بها ابن عتاب لقوله: ونزلت هذه المسألة وهذا نص بأنها نزلت بلفظ مسألة ابن الفخار ولو كانتا عريتين عن هذا اللفظ الدال على اشتراط الثمرة بعمومه لم يلق بمنصبيهما الفتوى بدخول الثمرة لنص الحديث بخلاف ذلك. وذكر المسألة في مختصر ابن الجلاب بنقيض فتواهما في الجلاب ما نصه: من اشترى أرضًا فيها شجر مثمر فما كان من ثمرها عقد فهو للبائع وما كان وردًا فهو للمبتاع. وذكر ابن سهل وغيره عن ابن عتاب في القضية أنه قال: لما ذكر فتوى ابن الفخار، ولم يذكر هل جوابه عن رواية ولم يسأل عن ذلك وكان لا يجترأ عليه بالسؤال، وفيه عندي نظر؛ لأن المفتي يسأل عن مستند فتواه أو يرد سؤاله عن ذلك إذا كان مستنده تخريجًا يفتقر فيه لتأمل باعتبار حفظ أصله أو استنباط علته، أما إذا كان استناده إلى ظاهر الرواية المعلومة المشهورة فلا يسأله عنه لبيب. ومستند فتوى ابن الفخار المذكورة إنما هو الأخذ بصريح المذهب في وجوب الثمرة المأبورة للمشتري باشتراطه، ودليل اشتراطه في النازلتين واضح لمن نظر وأنصف، وذكر استدلال الشُيُوخ بظواهر الروايات الجارية على الأصول، فتأمله. ابن سهل: أجاب ابن القطان، فيمن باع جميع أملاكه بقرية كذا، وقال: في كتاب الابتياع في الدور والدمن والأفنية والزيتون، والكروم ولم يزد على هذا، وللبائع في القرية أرحى لم تذكر في الوثيقة فقال المبتاع: هي لي، وقال البائع: إنما بعت ملكي فيما نصصت في الوثيقة فإن الأرحى للمبتاع وكل ما بالقرية من العقار. ابن سهل: هذا موافق لسماع أَصْبَغ في الصدقة. قال المتيطي: وقال غيره هي للبائع.

باب الإبار في النخل

[باب الإبار في النخل] الإبار: الباجي عن ابن حبيب: هو أن ينشق الطلع عن الثمرة فإذا تم اللقاح فيسقط ما يسقط وثبت ما ثبت كان الثمر للبائع، وإن انشق الطلع فتأخر تأبيره وأبر غيره حوله مما حاله مثل حاله فحكمه حكم ما أبر، وإبار التين وما لا نور له أن تبرز جميع الثمر عن موضعها تتميز عن أصلها. وإبار النخل التي لا تؤبر أن تبلغ مبلغ الإبار في غيرها، وسمع القرينان إبار الشجر غير النخل اللقاح وهو أن يثمر الشجر فيسقط منه ما يسقط ويثبت منه ما يثبت، وليس ذلك بأن يورد الشجر ويكون ذلك في العنب والرمان. ابن رُشْد: هذا مشهور مذهب مالك ومعلومه، وإليه رجع مالك بعد أن قال: هو أن يورد الشجر. وفي إبار الزرع طرق: الباجي: في كونه إفراكه أو ظهوره من الأرض روايتا ابن القاسم وأشهب. ابن رُشْد: روى ابن القاسم عن مالك وقال: هو نباته، وقيل: هو أن يستقل ويفرق، وقيل: بل حتى يأخذ الحب وقع ذلك في أصل الأسدية وهو أحد قولي ابن عبد الحَكم. المتيطي: المشهور إباره نباته، وقيل: هو تحبيبه. وفي الكافي: روى ابن عبد الحَكم: هو أن يحبب حتى لو يبس حينئذ لم يكن فسادًا. قُلتُ: وروى أبو عمر أنه بذره، ونقله ابن شاس وغيره، فإن أبر بعضها دون بعض فقال الباجي: إن كانا متساويين، فقال مالك: ما أبر للبائع وما لم يؤبر للمبتاع. وقال محمد بن دينار: ما أبر تبع لما لم يؤبر وكله للمبتاع. ولسَحنون عن ابن القاسم في العتبيّضة: يقال للبائع: إما أن تسلم كل الثمرة للمبتاع وإلا فسد البيع ولو رضي المبتاع بالنصف، هذا إن تميز المأبور من غيره بعض الثمار أبر وبعضها لم يؤبر، وإن كانت النخل بعض ثمرتها قد كمل ذلك فيها وبعضها لم يكمل، وكان في سائر الثمار قد ظهر بعض الثمرة وبعضها لم يظهر، فروى ابن حبيب ذلك للبائع وجعل ظهور بعضه كظهور جميعه أصله الإزهاء.

وروى ابن المواز: أن ذلك لا يجوز إلا أن يشترط المبتاع الثمرة، ورأى أنه لما لم يتميز ولا يجوز أن يشترط البائع ما لم يؤبر، فلم يبق إلا أن يشترط المبتاع حظ البائع؛ لأنه جائز له. ابن زرقون: لم يحسن الباجي تحصيل هذه المسألة، وتحصيلها: أنه إن كان ما أبر مساويًا لما لم يؤبر، وكل متميز في نخلات بأعيانها فلا يختلف أن ما أبر للبائع وما لم يؤبر للمبتاع، وإن كان ما أبر شائعًا في كل نخلة وما لم يؤبر كذلك ففي كونه كله للبائع أو للمبتاع. ثالثها: يخير البائع إما سلم كل الثمرة، وإلا فسخ البيع، ورابعها: البيع مفسوخ لابن حبيب ومحمد بن دينار وابن القاسم في العتبيّضة ورواية يحيي عنه في العشرة كنحو رواية محمد مع فضل عن ابن القاسم وسَحنون. الباجي: وإن كان أحدهما أكثر ففي تبعية القليل للكثير وكونه كالمساوي روايتان، وسمع عيسى ابن القاسم من اشترى زيتونة على قطعها فتأخر حتى أثمرت فله ثمرتها. ابن رُشْد: يريد: لم يكن فيها ثمر مأبور، ولو كان فيها ثمر أبر لكان للبائع اتفاقًا، وقوله: الثمرة للمشتري: يدل على أن قطع الثمرة عليه ولو كان على البائع لكان ضمانها منه، وكانت الثمرة له خلاف قوله في رسم سلف، من سماع ابن القاسم في بيع الصوف على ظهور الغنم، ويؤيد كونه خلافًا ما روي عن سَحنون أن ضمان الشجرة من البائع فاللة له، وعلى المشتري في ثمر هذه الشجرة للبائع أجر قيامه عليها إن كان يسقيها هو لا المطر، رواه ابن أبي جعفر عن ابن القاسم وعليه كراء موضعها من الأرض إن كان البائع غائبًا اتفاقًا، وإن كان حاضرًا فعلى اختلاف، قيل: يحلف إن كان حاضرًا، ويأخذ الكراء، وقاله عيسى في سماعه في الشركة وهو أصل اختلف فيه قول ابن القاسم. وقال ابن عبدوس: إن كان البائع اشترط الأغصان فالثمرة له وإن لم يشترط ذلك ووقع البيع مجملًا فهو للمبتاع، وقاله سعيد بن حسان ويلزم على قياس ما قلناه أن يكون عليه لمشتري الشجرة كراء العمود إن كان غائبًا، وإن كان حاضرًا فعلى الخلاف المذكور، ولابن لبابة على قياس ما قلناه: لو اشترى عمود الزيتونة واشترى آخر الفروع وتأخر قطعها حتى أثمرت فالثمرة لصاحب الفروع، وعليه كراء العمود، وعلى صاحب العمود كراء الأرض إن كان صاحب الأرض وصاحب العمود غائبين، وإن

كان صاحب الأرض غائبًا وصاحب العمود حاضرًا لم يكن له كراء، وكان لصاحب الأرض كراؤها على صاحب العمود المتيطي: إذا ثبت أن الثمرة للبائع فليس للمبتاع إجباره على جدها قبل أوان الجد، وهل يكون سقي الأصول مدة ذلك على البائع أو على المبتاع؟ رواية محمد وقول المغيرة. قُلتُ: روى الأول أَصْبَغ في نوازله. ابن رُشْد: القياس أنه عليهما؛ لأنه منفعة لهما لا يستبد بها أحدهما كشريكين ولم يعد اختياره قولًا ثالثًا وفي بعض نسخ ابن الحاجب ولكليهما السقي ما لم يضر بالآخر. ابن عبد السلام: يعني لكل واحد من صاحبي المأبور والمنعقد إذا بقيا على ملك البائعين السقي ما لم يضر ذلك بالمشتري، ومعناه: إلى الوقت الذي جرت العادة أن تجد الثمرة فيه، وإنما ذلك بمقتضى العرف. قُلتُ: إنما يتقرر هذا الكلام على أن السقي علىة البائع لا على المشتري وفي قوله: ما لم يضر: نظر، لأن لحقوق الضرر للمبتاع بعيد لأنه إنما يلحقه بتضرر أصوله، وتضرر الأصول بسقي ثمرها بعيد، وإنما يتوقع الضرر بالثمرة فلو قاله على قول المغيرة كان أنسب فتأمله. وسمع ابن القاسم إن بيعت الجارية وعليها حلي وثياب لم يشترطها بائع ولا مبتاع فهي للبائع، وما لا تتزين به فهو لها. ابن القاسم: وما تتزين به لا ينبغي اشتراطه المبتاع. سَحنون: من الحلي والثياب لا بأس بها. ابن وَهْب: سمعت مالكًا يقول: إن كانت الجارية فارهة لها الثوب نحو بذلتها عند أهلها ليس للبائع نزعه، والثوب الجديد الذي لزينتها هو للبائع. ابن رُشْد: إن كان الحلي والثياب للبائع لزمه أن يكسوها كسوة مثلها للبذلة، وقيل: لا يجب ذلك عليه إن لم يشترطه المبتاع فإن اشترطه لزمه، ولو شرط البائع أخذها عريانة ففي بطلان شرطه وعليه أن يعطيها ما يواريها ولزوم شرطه، سماع أشهب، وقوله عيسى بن دينار في المدنيَّة مع روايته عن ابن القاسم. قال ابن رُشْد: هو القياس وبه الفتوى.

قُلتُ: لم يحك ابن فتوح عن المذهب إلا الأول غير معزو لمعين، وقول ابن عتاب عن ابن مغيث هو الذي جرت به الفتيا عند الشُيُوخ خلاف قول ابن رُشْد. وفي سماع أشهب: لو باع الجارية على أن ينزع ما عليها ولا يكون لها إلا ثوبين خلقين في المنزل فجاء بهما فإذا هما لا يواريانها فليس له ذلك ولو اشترطه والبيع لازم، ويلزمه أن يعطيها ثوبًا يواريها وأما خلقان لا يواريانها فلا وأرى أن يعطيها إزارًا، قيل: فالقميص قال: لا، بل إزارًا أو ثوبًا. ابن رُشْد: النظر وقياس المذهب فساد هذا البيع؛ لأن إخلاق الثياب يختلف ولو وصفا لم يجز إلا على اختلاف؛ لأنهما حاضران بالبلد. وفيها مع غيرها: جواز بيع الثمر بدو صلاحه على جده. اللخمي: في السلم الأول شرط ذلك بلوغ الثمر أن ينتفع به، واحتيج لبيعه، ولم يتمال عليه أكثر أهل موضعه وإلا لم يجز؛ لأنه فساد وعلى بقائه نصوص المذهب فساده. وقال اللخمي: هذا إن شرطا أن مصيبته من المشتري أو من البائع والبيع بالنقد، لأنه تارة بيع وتارة سلف، وإن كانت المصيبة من البائع والبيع بغير نقد جاز، وصرح المازري بأن بيع الثمر قبل بدو صلاحه على البقاء لا يجوز إجماعًا ولم يستثن منه شيئًا، ثم قال: انفرد بعض أشياخي في بيع التمر قبل الزهو فذكر ما قاله اللخمي قال: وقول الأشياخ: وظاهر المذهب أن هذا لا يجوز، وفي المذهب ما يشير إلى الاختلاف في هذا الأصل فإن فيه قولين مشهورين في جواز كراء الأرض الغرقة على أن العقد إنما يتم بنضوب الماء عنها. قُلتُ: هي مسألة الكتاب فيها قولا ابن القاسم وغيره وهي عندي كقولها بجواز كراء الأرض البعل عشر سنين إن لم ينقد، والفرق بينهما وبين مسألة التمر قبل الزهو تباع على البقاء، إن غرره يقدر على رفعه بالعقد مع شرط الجد وغرر نزول المطر، وانكشاف الماء غير مقدور على رفعه، وقد فرقوا هذا المعنى في فصل الخلع بالغرر، وعلى السكت في حمله على الجد فيصح أو على البقاء فيفسد نقلا اللخمي عن ابن القاسم فيها والقاضي، وصوب الأول؛ لأن أصل البيع التقابض في عوضيه ولا يعترض هذا بالعادة إنها تجد بعد الصلاح؛ لأن العادة إنما هي إذا لم يقع البيع وإذا وقع

البيع حمل على أصل البياعات، وقاله ابن محرز قبله وعزا المازي المنع لرواية البغداديين. عياض: ظاهرها الجواز إن لم يشترط بقاؤها وعليه حملها غير واحد، من حذاق شُيُوخنا، واختصرها كثير منهم وإليه مال الأبهري، وحكى البغداديون أنه على الفساد حتى يشترط الجد وحمل بعضهم المسألة على أنه شرط جده وحكي عن أبي محمد وعليه اختصرها، واحتجوا بما له في كتاب العرايا وحمل فضل المسألة على أن عرفهم الجد، وجعل بعضهم كثرة الثمن دليل البقاء وقلته دليل جده. وقال ابن رُشْد: في أثناء أول مسألة من سماع ابن القاسم من جامع البيوع: لا يجوز بيع البلح قبل زهوه إلا بشرط القطع فإن وقع مسكوتًا عليه فسخ إلا أن يقطعه المشتريس قبل أن يعثر عليه لأن بقطعه يتبين أنه اشتراه على القطع، على هذا يحمل ما في البيوع الفاسدة من المدَوَّنة، وبيع العرايا منها لا على أنه اختلاف قول على ما قاله بعض أهل النظر بخلاف القصيل؛ لأنه يجوز بيعه وإن وقع على السكت قبل أن يتحبب فرق بينهما العرف. الباجي: لا خلاف في منع بيع التمر قبل بدو صلاحه على البقاء إلا ما يروى عن يزيد بن أبي حبيبب في العرية، وإن أطلق البيع فالمشهور عن مالك منعه، ولابن القاسم في البيوع الفاسدة، عنه جوازه ابن عبد السلام سمع عيسى ابن القاسم أنه يجوز شراء مال العبد وثمر النخل بعد الصفقة لمن لم يشترطها فيها ولم يفرق بين قربٍ وبعدٍ، ومثله في جوائح المدَوَّنة في ثمر النخل بعد الصفقة. قُلتُ: وفي شفعتها حسبما يأتي. قال: وروي أشهب: أنه لا يجوز قرب أو بعد، فكنت أقول تفرقة عيسى في سماعه إن كان بالقرب جاز وإن طال فلا خير فيه، ومثله لأَصْبَغ عن ابن القاسم مفسرة لقوله في سماع عيسى: وإن الخلاف إنما هو في القرب، ولا خلاف في البعد لأجل إنه إذا طال لم يكن الذي اشترى هو ما كان يجوز له أن يستثنيه والذي أقول به الآن أن التفرقة قول ثالث، وتفرقة أشهب بإجازته ذلك في الثمر يريد ولو بعد ومنعه ذلك في مال العبد يريد ولو قرب قول رابع. وحكم شراء الزرع بعد الأرض حكم شراء الثمرة في الأقوال الثلاثة.

قال يحيى: وحد القرب في ذلك عشرون يومًا ونحوه، وعن الباجي للمخزومي وابن دينار مثل رواية أشهب. ابن زرقون: قال فضل عن ابن حبيب: إنما يجوز له شراء ذلك على مثل الثمن الذي ابتاع به الأصل من نقد أو أجل، وإن كان بعرض فبمثله، ومنعه ابن الماجِشُون في مال العبد بكل حال ولو بالقرب؛ لأنه مجهول محض، قال: وأما شراء السيف المنقوض الحلية إن اشتراها بعده، فإن كان بحدثانه والسيف بحاله ولم تركب فيه حلية حديد ولا غيرها فلا بأس بشرائها بالفضة وإن لم تكن مراطلة إن أمكن تركيبها دون إعادة للصياغة وكانت متوافرة كلها، فإن فات بعضها أو كان السيف حلي بغير تلك الحلية أو تطاول أو كانت حليته لا تركب إلا بعد إعادتها بالصياغة لم يجز، وأجازه مُطَرِّف في مال العبد والثمر والزرع، إن كان بحدثانه وبمثل الثمن الأول ولم يجزه فلي الحلية إلا أن يكون البائع باع السيف واستثنى الحلية، فلم ينقضها حتى أراد بيعها بحدثانه فيجوز. الباجي: وإن اشترى الأصل والثمرة في صفقة واحدة ثم استحق الأصل فقال ابن حبيب إن كان في زرع فاستحقت الأرض فسخ البيع ما لم يستحصد الزرع فإن استحصد قبل الاستحقاق تم فيه البيع، وكذا الثمرة في استحقاق الأصل، ومثله لمحمد، وظاهر المدَوَّنة في الشفعة فسخ البيع طاب أو لم يطب. لابن حبيب من اكترى دارًا فيها شجرة تبع للكراء فاشتراطها المكتري ثم استحقت الدار إلا موضع الثمرة أنها ترد طابت أو لم تطب؛ لأنه ضمها إلى ما لم يكن يملكه، ولو انهدمت الدار فالثمرة للمكتري منابها من الثمن وهذا اختلاف من قوله في الاستحقاق إلا أن يفرق بين الاكتراء والشراء. وقال محمد ويحيى بن عمر في انهدام الدار في بعض المدة والثمرة مزهية: أن الثمرة ترد إلى البائع إلا أن تكون تبعًا لما مضى من المدة، ولأبي زيد عن ابن القاسم: إن أزهت فهي للمكتري بمنابها من الثمن، ففي رد ثمرة الدار للبائع، وكونها للمشتري. ثالثها: تفرقة ابن حبيب بين الهدم والاستحقاق ولو اشترى الثمرة على الجد ثم اشترى الأصل فله أن يقر الثمرة في الأصل، ولو اشترى الزرع على الحصاد ثم اكترى

الأرض لم يجز أن يقر الزرع حتى يبدو صلاحه؛ لأنه لم يملك الأرض، ولو اشترى الثمرة على التبقية ثم اشترى الأصل لم يكن له أن يبقيها؛ لأن عقد الثمرة فاسد، ولو ورث الأرض بعد ذلك جازت التبقية قاله مالك؛ لأن الثمرة إذا فسخ بيعها رجعت إليه بالإرث. قُلتُ: في شفعتها يجوز ابتياعه الزرع بعد ابتياعه الأرض فيبقيه فيها ويحل محل البائع، وله بيع الأرض دون الزرع، ولا يبطل البيع في الزرع؛ لأن شراءه الأرض لم ينتقض، وفي الاستحقاق انتقض. وفي أكرية الدور منها: إن انقضت السنون، وفي الأرض للمكتري زرع لم يبد صلاحه لم يجز لرب الأرض شراؤه، وإنما يجوز بيع زرع أخضر بشرط مع الأرض في صفقة، وكذا الأصول بثمرها، ونقل بعض المغاربة جواز شرائه رب الأرض لا أعرفه نصًا ولا يبعد تخريجًا، ونص أبو إبراهيم أن من صارت إليه الأرض بشراء من مكريها أو هبة أنه كمكريها في منع شراء زرعها. وبيع التمر بعد بدو صلاحها جائز: ابن الحاجب: ما لم يستثن نحو البذر من الكتان. قُلتٌ: استثناؤه كالجنين، وبعضهم يخرج فيه الخلاف من كون المستثنى مبقى، ويلزم مثله في سائر الحبوب، كالقمح والفول. ابن حارث: اتفقوا في الحائط تزهو فيه نخلات، أنه جائز بيع جميعه، وإن أزهى ما حوله فسمع ابن القاسم: أنه كذلك إن كان الزمن أمنت فيه العاهات. وقال ابن القاسم: لا أراه حرامًا وأحب إليَّ حتى يزهو، وقاله ابن حبيب وحكاه عن مُطَرِّف. قُلتُ: ظاهر ما عزاه الباجي لمُطَرِّف المنع لا الكراهة قال: إذا بدا صلاح نخلة بحائط جاز بيع ما حواليه من الحوائط مما هو كحاله في التبكير والتأخير خلافًا لمُطَرِّف من أصحابنا والشافعي قالا: لا يباع بطيبها غير حائطها. قُلتُ: ففي جوازه واستحباب تركه حتى يبدو صلاحه، ثالثها: المنع وعزوها واضح، وسمع ابن القاسم: بجواز بيع الحائط فيه صنف واحد من الثمر يبدو

صلاحه، وإن لم يعم كل الحائط إن كان طيبه متتابعًا ولا يجوز بيعه بالشيء المبكر، وإن كانت أصنافه من التمر مختلفة لم يبع منها إلا ما طاب، ولا بأس ببيع الدالية، وقد طابت الحبات في العنقود وسائرها لم يطب، والتينة كذلك. ابن رُشْد: يريد بالصنف الواحد: أنه نخل كله أو تين كله أو رمان كله، ولو اختلفت أجناس ذلك إذا تتابع طيب جميعه قريبًا بعضه من بعض. وقال ابن كنانة: وإن لم يقرب بعضه من بعض إن كان لا يفرغ آخر الأول حتى يطيب أول الآخر، ويقوم هذا من قول مالك في رسم طلق في مسألة الجنين؛ لأن البطنين في الثمرة الواحدة كالجنسين من صنف واحد، وإن كان أصنافًا مثل عنب وتين، ورمان فلا يباع ما لم يطب من صنف بما طاب من آخر اتفاقًا، ولو قرب وتتابع إلا أن يكون ما لم يطب تبعًا لما طاب على اختلاف نذكره في آخر سماع أشهب إن شاء الله تعالى. وقوله: إن كانت أصنافه من التمر مختلفة لم يبع منها إلا ما طاب معناه مثل ثمر، وتين وعنب، ورمان، والرواية في الثمر بالثاء المعجمة بثلاثة لا باثنتين، ثم حصل في وقف بيع الحائط على بدو صلاح جميعه أو صلاح بعضه، وهو متتابع قريب بعضه من بعض. ثالثها: يجوز ولو لم يقرب إذا لم ينقطع الأول قبل بدو صلاح الثاني، ورابعها: يجوز ببدو صلاح ما حوله لأول قولي مالك، وثانيهما، وابن كنانة وقول مالك في رسم أخذ يشرب خمرًا من سماع ابن القاسم مع ابن حبيب. قُلتُ: هذا خلاف نقل ابن حارث عنه، وخامسها: نقل ابن حارث عنه مع ابن القاسم أحب إلىَّ أن لا يباع بما حوله. قال ابن رُشْد: وما استعجل زهوه بسبب مرض في الثمرة وشبهه لم يبع به الحائط اتفاقًا، سمع ابن القاسم الشجرة تطعم بطنين في السنة بطنًا بعد بطن لا يباع البطن الثاني مع الأول؛ بل كل بطن وحده ابن رُشْد ظاهر قوله: لا يجوز، وإن كان لا ينقطع الأول حتى يبدو طيب الثاني وهو خلاف ما تقدم من قوله. وروى ابن وَهْب: جواز بيع البطن الثاني مع الأول إن كان لا ينقطع الأول حتى يدركه الثاني.

قُلتُ: يفرق بأن البطن الثاني غير موجود حين بيع الأول ولا مرئي بخلاف الصنفين؛ لأنهما مرئيان حين بيع أولهما طيبًا. الشَّيخ عن ابن حبيب: وقت جواز بيع الزيتون إذانها ناحية الاسوداد وكذا العنب الأسود، وأما الأبيض فإن بيان ينحو ناحية الطيب وحد الإزهار في كل الثمار إذا نحت ناحية الاحمرار وانبعثت للطيب. ابن الحاجب: (وصلاحها زهوها وظهور الحلاوة). قال ابن عبد السلام: ظهور الحلاوة لا أحفظه عن المتقدمين. قُلتُ: للمتيطي: بدو صلاح العنب دوران الحلاوة فيه مع اسوداد أسوده وحاصله في سائر الثمار إمكان الانتفاع به. وفي سلمها الأول: لا يباع الحب حتى ييبس وينقطع عنه شرب الماء حتى لا ينفعه الشرب. اللخمي: في الموازيَّة عن ابن شهاب: كان العلماء يقولون بدو صلاح الزرع إذا أفرك، قال: والأول أحسن لحديث ابن عمر حتى يبيض. قُلتُ: يقع في بعض النسخ أشهب بدل ابن شهاب، وهو غلط إنما هو ابن شهاب كذا في النسخ العتيقة، وكذا وقع في النوادر عن ابن شهاب، الشَّيخ روى محمد إذا يبس الزرع وفيه ما لا خطب له لم ييبس فلا بأس ببيع جميعه وفي سماع أَصْبَغ قال: سألت أشهب عن صلاح البطيخ الذي يحل بيعه أهو أن يؤكل بطيخًا أو فقوسًا؟ قال: أن يؤكل فقوسًا، قال أَصْبَغ: فقوسًا قد تهيأ للبطيخ فأما الصغار فلا.

ابن رُشْد: قول أَصْبَغ خلاف لقول أشهب؛ لأن مذهبه جواز اشتراء المقاثي إذا عقدت، وإن كان يريد تركها حتى يصير بطيخًا كالثمار إذا بدا صلاحها، وإن أراد تركها حتى تيبس، وقيل: لا يجوز شراؤها بعد طيبها على أن يتركها حتى تيبس والقولان قائمان من المدَوَّنة؛ لأنه لم يجز فيها شراء الفول أخضر على أن يترك حتى ييبس، وذلك معارض لقوله: في النخل والعنب إذا اشترى أخضر ثم أصيب بعد أن يبس إنه لا جائحة فيه؛ لأن الظاهر منه إجازوة شرائه، على أن يتركه حتى ييبس وهو مشهور المذهب وعلى الثاني يأتي قول أَصْبَغ، وفي الموطأ عندنا في البطيخ والقثاء والخربز والجزر أن بيعه إذا بدا صلاحه جائز، وللمشتري ما ينبت حتى ينقطع ثمره، وليس فيه وقت يوقت وهو معروف عند الناس. الباجي: الخربز: نوع من البطيخ وكذا الباذنجان والقرع؛ لأنه لا يمكن حبس أولها على آخرها، وهذه ثلاثة أضرب: ضرب تتميز بطونه ولا تتصل كالتين والنخل والورد والياسمين والتفاح والرمان والجوز هذا لا يباع ما لم يظهر من بطونه بظهور ما ظهر منها وبدا صلاحه، وحكم كل بطن منها مختص به. وضرب تتميز بطونه وتتصل كالقصيل والقرط فإطلاق العقد فيه لما ظهر منه فقط. قال محمد بن مسلمة: والبقول بمنزلة القضب. وسمع القرينان: أيشتري الموز قبل أن يطيب حتى ينزع؟ قال: لا بأس به. ابن رُشْد: من شأنه أن لا يطيب حتى يدفن في التبن أو غيره؛ فلذا جاز بيعه قبل طيبه، وذلك إذا صلح للقلع فصلاحه للقلع هو طيبه الذي يبيح بيعه، وكذا ثمار عندنا تسمى المشتهي. المتيطي: يجوز بيع المقاثي والمباطخ، إذا بدا صلاح أولها وإن لم يظهر ما بعده، وكله للمشتري إلى تمام إطعامه والورد والياسمين إذا آن قطاف أوله وكله للمشتري إلى

آخر إبانه. وفيها آخر المساقاة: لا بأس بشراء الموز في شجره إذا حل بيعه، ويستثنى من بطونه خمس بطون أو عشرًا أو ما تطعم هذه السنة أو سنة ونصفًا وذلك معروف والقضب مثله. وفي البيوع الفاسدة منها: لا يجوز بيع ما تطعم المقثأة شهرًا. الباجي: قال محمد بن مسلمة: يباع الموز سنتين، وروى ابن نافع: لا أحب بيعه أكثر من سنة بالزمن الطويل ولا يصح إلا أن تكون بطونه متصلة في هذه المدة ولا يتقدر بالتمام؛ لبقاء أصله فإن تميز كل بطن من الآخر، واتصلت صح شراؤه بعدد البطون، وإن اتصلت ولا تتميز قدر بالزمن كالمياه، والجميز. روى محمد: إن اتصل نباته فهو كالمقاثي وإن كان منفصلاً فلا خير فيه والسدر مثله يريد: وأما بيعه إلى أن يفنى الأصل كالمقاثي فلا يجوز.

كتاب العرية

[كتاب العرية] هبة الثمرة: ما منح من ثمر ييبس. وروى المازري: هبة الثمرة عياض: منح ثمر النخل عاما. الباجي: هي النخلة الموهوب ثمرها في البخاري عن سعيد بن جبير قال: العرايا نخل توهب. قلت: إطلاق الروايات بإضافة البيع لها يمنع كونها الإعطاء أو النخل؛ روى

مالك عن نافع عن ابن عمر عن زيد بن ثابت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رخص لصاحب العرية أن يبيعها بخرصها من التمر وثبت لفظ رخص في حديث مسلم والبخاري وأبي داود وغيرهم. الباجي: الرخصة عند الفقهاء تخصيص بعض الجمل المحظورة بالإباحة وسموها رخصة؛ لأنها مستثناة من قوله صلى الله عليه وسلم (لا تبيعوا الثمر حتى يبدو صلاحه ولا تبيعوا الثمر بالتمر). المازري: هي مستثناة من بيع الرطب وربا الفضل والنساء وقول الباجي في قوله الثمر قبل بدو صلاحه خلاف المعروف فيها. ابن الحاجب: وبيع العرايا مستثنى من الربا، والمزانبة وبيع الطعام نسيئة. قلت: اقتصر عن الرجوع في الهبة وهو مكروه أو محرم. الباجي: وتصح في قدر من الثمر غير معين كأوسق من حائط. ابن حارث: وبيع العرية بخرصها من صنفها إلى الجداد جائز اتفاقا. وقال ابن بشير: في شراء العرية ثلاثة أقوال: الجواز بالخرص والعين والعرض

باب في شروط رخصة العرية

وهو المشهور: والمنع إلا بالخرص، والثالث منع شرائها بشيء للنهي عن العود في الهبة وعن الربا من بيع الرطب بالتمر. وقال ابن العربي في عارضته: قال مالك: يجوز بيعها بكل شيء، وقيل: لا يجوز بيعها بالخرص إلا بالعين والعرض وغيره كأنه رأي الرخصة كانت في صدر الإسلام للحاجة، فلما توسعت الناس سقطت العلة فسقط الحكم. وذكرها اللخمي والمازري وجعل الأول المشهور قال: وشرط بيعها بطعام يخالفها المناجرة وعزا الثاني لرواية ابن شعبان. اللخمي: أرى إن قال المعري: اشتريتها لدفع مضرة دخلت على أو لأتصرف في الرقاب أو لإرادة معروف، جاز، وإن قال للتجر منع. وفي قصر رخصة شرائها على الثمر والعنب أو على كل ما ييبس ويدخر ثالثها: هذا وتكره فيما لا يدخر ويمضي بالقبض. للخمي عن أولى روايتي محمد وأخرهما، ومحمد. المازري: لأصبغ في الموازية: ما لا يدخر من رطب الفواكه إن اشترى بخرصه نقداً أو لأجل تناهيه فسخ إلا أن يقبض، وكذا نقله الباجي عن أصبغ لا عن محمد، وكذا في النوادر، إلا أنه قال: إن قبض فات ولم يرد، فزاد لفظ فات. قال أصبغ: ولو أجيز ابتداء لم يكن خطأ، ومن فسخه لم أعبه الباجي: ما لا يثمر ولا يتزبب من العنب على شرط التيبيس لا يجوز. قلت: هو نصها ونقله الشيخ عن ابن حبيب قائلا: كما لا يجوز في ماييبس بخرصه رطباً. [باب في شروط رخصة العرية] وشرط رخصتها: كون شرائها بعد بدو صلاحها على المعروف.

وحكى الصقلي والمازري والباجي عن يزيد بن أبي حبيب: يجوز قبل بدو صلاحها وكونه بخرصها من صنفها فيها: لا يجوز بتمر من غير صنفها ولا برطب أو بسر. قلت: وعبارة صنفها خير من لفظ ابن الحاجب نوعها لما تقرر أن الصنف أخص من النوع. الباجي: إن كانت برنيا لم يجز بصيحاني ولا أدنى ولا أفضل. اللخمي: إن كانت برنيا لم تبع بصيحاني ولا يجوز بجنسها إن أعطى المعري أدنى وإن أعطى أجود، فإن كان لرفع الضرر لم يجز وإن أراد المعروف للمعري جاز. قلت: هذا خلاف ما تقدم للباجي: القابسي: ويجوز إذا حل الأجل أخذ ثمر من غير صنفها كطعام القرض بخلاف البيع. الصقلي: فيلزمه جواز بيعه قبل قبضه، ولو قيل: إنما جاز أخذ غير صنفه؛ لأنه تقرر في الذمة فجاز السلم في سمراء بجواز أخذ محمولة عنها؛ لأنه بدل ومعروف، وليس كاقتضاء محمولة من ثمن سمراء؛ لأن المتقرر في الذمة عين. فإن قيل: الأول باع طعاماً وأخذ طعاماً خلافه قيل: الشرع أباح له أن يأخذ فيه هذا الطعام الموصوف فهو كما لو أسلم فيه ويلزم على هذا منع بيعه قبل بحلاف قول أبي الحسن. المازري: اضطرب الأشياخ في جري بيع العرية بخرصها على حكم القرض أو البيع، وظاهر المذهب أنه على قولين كثبوت الجائحة فيه ونفيها.

ابن رشد: وعلى قول ابن القاسم في المدونة من شرط تسميتها عرية لا هبة مطلقاً؛ لافتراق حكمها عنها. وفيها: قال كبار أصحابنا: العرية مثل الهبة. وكونه لمدة جذاذها: فيها: لا يجوز شراؤها إذا أزهت بخرصتها تمراً نقداً وإن جذها مكانها. اللخمي: اختلف إن كان العوض نقداً فمنعه مالك، وابن القاسم وأمضاء محمد بالقبض، وقال: لو أجيز من غير كراهة ابتداء كان قريبا كأنه يقول: إذا جاز أن يأخذ لحماً، ويدفع تمراً على المعروف كان دفعه نقداً زيادة في المعروف. الصقلي عن الواضحة: إن تطوع بتعجيل حرصها من غير شرط؛ جاز. ابن الكاتب: وعليه لو مات المعري قبل يبسها أخذ من تركته خرصها تمراً. الصقلي: وعلى قول القابسي: أنه كطعام القرض يجبر على قبضه إن عجل، والصواب عدم جبره كطعام البيع كقول ابن القاسم فيها: الجائحة كالبيع. وكونه في ذمة: فيها: لا يجوز بخرصها تمراً من حائط آخر بعينه، وليس عليه أن يعطيه ذلك من حائط بعينه. الباجي: قال في المبسوط: إن عينه في حائط بعينه رأيته حائطاً جائزاً وتكون في ضمانه يعطيه من حيث شاء وظاهر مذهب ابن القاسم فسخه. المارزي: لا وجه للمبسوط إلا أن يجزيه على أحد الأقوال في بياعات الشروط لمضي العقد وإبطال الشرط. وفي كون علة الترخيص أحد وصفي إرادة معروف المعري أو دفع ضرر المعري أو الثاني فقط. ثالثهما: الأول اللخمي مع الباجي عن ابن القاسم مع مالك وعن ابن الماجشون ونقل اللخمي وأخذه المارزي لمالك وابن القاسم من قوليهما, فيها: لمن ملك رجلا في حائطه أصل نخلة شراء ثمرها بخرصها كالعرية إن أراد وقفه لكفايتها مؤنتها، وإن كان لرفع ضرر دخوله لم يعجبني، وأراه من بيع الثمر

بالرطب؛ لأنه لم يعره. قلت: ويقوم منها رابع هو استخلاص رقية النخل، ولما ذكر اللخمي قول ابن القاسم، ومالك وتعليلهما بالمعروف، قال: وعلى قول مالك: يجوز أن يشتري العرية بخرصها أجنبي لم رعر إذا أراد المعروف، وتعقبه المازري بقوله: إن لرب النخلة شركة لرب الحائط بمروه فيها فكأنه استحقه من ربه، ومالك إنما علل بالمعروف في شراء الثمرة ممن تعلق له حق فيها فهذا مما ينظر فيه. قلت: حاصل رده قياس اللخميي: الأجنبي على رب الحائط بالفرق بينهما؛ لأن بين رب الحائط ورب النخلة شبه شركة لمالك رب النخلة المرور في الحائط، وهذا لو صح اعتباره لكان راجعاً إلى اعتبار الضرر، ومالك نص على لغوه وكل ما نص المجتهد على لغوه لم يجز لمن قلده اعتبار لتناقضه بتقليده ومخالفته حسبما قرر ذلك أئمة البحث والنظر وممن أوضح بيان ذلك بعض شراح إرشاد العميدي. ويرد تخريج اللخمي بأنه قياس على أصل مجتهد فرع نص المجتهد على نقيض حكم الأصل فيه، والمنصوص في هذا فساده قالوا: لأنه بقياسه هذا مخطئ لمقلده في صورة الفرع لعجزه عن الفرق بينهما وبين الصورة الأصل وبيان نص مالك عن نقيض حكم الأصل في الفرع المقيس ما تقدم من قوله في المدونة وأراه من بيع الثمر بالرطب؛ لأنه لم يعزه وما عجز عنه اللخمي من الفرق يمكن تقريره بقوة غلبة الظن بصدق المبتاع أنه قصد المعروف بشرائه ثمن النخلة لاستغنائه عنه بملكه أمثالها، وهذه القوة غير كائنة في الأجنبي لانتفاء دليلها المذكور. وفيها مع غيرها: لمن انتقل ثمر إليه ثمر المعري بعوض أو غيره حكم المعري ولمن انتقل غليه ثمرها كذلك حكم المعري. اللخمي: إن باع المعري باقي ثمر حائطه دون أصله أو باعه من رجل والحائط من آخر جاز شراؤه العرية على علة رفع الضرر، وكذا من انتقل إليه الأصل دون ما في الثمرة. المازري: إن قيل: يلزم على قولهم بجواز شرائه بحكم الرخصة بعد بيعه

باقي التمر. وأصل الحائط جوازه في الأجنبي لقصد المعروف، أجيب بأن المعري ثبت له حكم الرخصة قبل بيعه فاستصحب بخلاف الأجنبي. ابن عبد السلام: من صار إليه بقية ثمر الحائط لا يبعد دخول الخلاف فيه على القول باعتبار التعليل بالمعروف فقط فإن من صار إليه بقية الحائط بهبة أو شبه ذلك لم يفعل معروفاً مع المعري حتى يرخص له. قلت: هذا وهم؛ لأنه بناء على أن معنى التعليل بقصد المعروف إنما هو باعتبار الإعطاء وهذا باطل لنص مالك وابن القاسم على التعليل بالمعروف في مسألة من له: نخلة في أصل حائط رجل ضرورة أن لا إعطاء فيها، وإنما التعليل بالمعروف قصد تحصيله بالشراء لا بأمر قبله وهذا واضح من هذه المسألة ومن بحث اللخمي والمازري في إلحاق الأجنبي المعري إذا قصد المعروف وفيها: إن أعرى أكثر من خمسة أو سق فله شراء خمسة وقد يجوز لمن أسكن رجلاً حياته شراء بعض السكني. قال بعض كبار أصحاب مالك لا يجوز شراء بعض عريته؛ لأن الضرر قائم، وذكر اللخمي والمازري القولين مخرجين على التعليل بالمعروف أو رفع الضرر. قلت: هو خلاف قول ابن القاسم فيها؛ لأنه قاس الجواز في العرية على جواز شراء بعض السكني ولا معروف في شاء في شراء السكني فبطل تعليله في العرية بالمعروف لانتفاء علته في هذا القياس، وإنما قولا ابن القاسم، والغير فيها بناء على صحة التعليل باستخلاص رقبة النخل وقصره على رفع الضرر. وفيها لابن القاسم: من أرى كل حائطه وهو خمسة أوسق أو أدنى جاز شراء جميعه أو بعضه بالخرص ووقف ابن مالك في شراء جميعه، وبلغني عنه إجازته والذي سمعت منه شراء بعضه وذلك عندي سواء، وإن لم يدفع به ضررا كما جاز شراء كل السكني أو بعضها ولا يدفع بع ضررا، وتوهم كون التشبيه بالسكني نظرا لا قياساً فلا يتم الرد على اللخمي والمازري، يرد بأنه فيها قياس، نصا لنصها: لا بأس أن يشتري منها خمسة أوسق بلغني ذلك عن مالك وأنا أراه حسناً؛ لأنه قال لي: لا بأس أن يشتري

الرجل ممن أسكنه داره بعض سكناه فهذا عندي مثل العرية، ولم أسمع العرية من مالك وسمعت منه السكني والعرية على هذا، وهي ترجمة ثانية إن كان الحائط أقل من خمسة أوسق لم يجز أن يشتري منه إلا خمسة، وسألت مالكا عنها فقال: لا بأس بع بالعين فقلت له: فبالثمر؟ فلم يجبني، وبلغني أنه أجازه وهو سواء، ويبين لك ذلك، لو أن رجلاً أسكن وذكر رجلاً .. الخ وزاد ما نصه: قال ابن القاسم: إن قال قائل: إن كان الحائط خمسة أوسق، لم يدخل على ربه فيه أحد ولا يؤذيه فلا يجوز أن يشتري ذلك؛ لأن وجه الرخصة ما يتأذى به من دخول من أعراه وخروجه فليس كما قال؛ والحجة عليه أن الدار إذا أسكنها رجلاً لم يدخل عليه احد ولم يخرج، ولا بأس لصاحب السكني أن يشتري بعضه. قلت: وما أوهم خلاف هذا من لفظ البراذعي متعقب، وعزا المازري المنع لابن الماجشون، وخرج هو واللخمي القولين فيها وابن الماجشون في الواضحة بجواز شراء أحد شركاء في حائط أعروا خمسة أوسق ومنعه، وفي شرطه بخمسة أوسق فأدنى أو بأدنى نقلا الباجي روايتي المصريين وأبي الفرج. المازري: المشهور عليها جماعة أصحابه، فإن كانت أزيد من خمسة ففي جواز شراء الخمسة بحكم الرخصة وشرطها، والزائد بعين أو عرض أو غيره مما يجوز شراء الثمر به نقلا المازري عن الأشياخ، وخرجه على البيع مع الصرف أو مع الصرف أو مع النكاح، في عقد واحد. ولو أعرى رب حوائط من كل منهما ففي كواحد لا يشتري منها أكثر من خمسة أوسق أو يشتري من كل حائط خمسة أوسق، ثالثها: إن كانت بلفظ واحد وإن كان عقد كل عرية في زمن غير من الأخرى فالثاني لعبد الحق مع المازري عن الشيخ والقابسي وابن الكاتب وخرجها المارزي على تعدد العقد بالمعقود عليه وعدمه. قلت: هذا يوجب قصر الخلاف على كونها في عقد واحد فيسقط الثالث وهو عده ثالثا كما تقدم. وفيها: تعدد تدبير المدبرين في فور واحد ممونهم في عقد واحد فيتحاصون ولو

تراخت عقودهم قدم السابق على اللاحق. ورجح عبد الحق الثالث بروايته: من اشتريت في صفقة روعي ثلث الجميع. وشراؤها لا بحكم الرخصة يعتبر فيه شرط صحة بيع الثمر، فيها: لا يجوز شراؤها بطعام نقداً إلا أن يجذها مكانه، ولا يجوز بطعام مؤجل ولو جذها، ويجوز بعين أو عرض ولو لأجل. قلت: يقوم منه إباحة الهبة إلا أن يراعى استخلاص الرقبة، وبه أجاب عبد الحق في شراء لبن المنحة، ولا ثمر بالنخل أو بها ثمر غير مأبور جائز، كانت العرية لسنة أو سنتين إن شرط جذها قبل صلاحها؛ لأنه قادر على بيع الرقاب وإن كانت لسنة أو كانت لأعوام جاز شراء الجملة إن شرط جذ ثمرة هذا العام، وأما بالطعام فإن لم يؤبر ثمرها أو لم يكن جاز ولزمه مؤجلا؛ لأنه يتحلل بذلك الرقاب ولو كانت لسنتين وكذا بتمر وإن أبر ثمرها ولو جذ كان علفاً جاز شراؤها بطعام ولو من جنسها نقداً ومؤجلاً إن جذت وإن كان إن جذا أريد للأكل لم يجز على قول ابن القاسم إلا بجذه وقبض عوضه، وعلى قول أشهب بشرط قبض العوض، وإن لم تجذ الثمرة إن لم يؤخر جذها لبدو صلاحها وإن كانت لسنتين وأبر ثمرها وأحب بيعها بطعام أفردت هذه الثمرة بعقد عن الأعوام، وإن جمعاها في عقد، وهذه الثمرة تبع لثمر باقي الأعوام جاز، ولو بطعام من جنسها لم يجز تأخر العوض عن العقد، ويختلف في جواز تأخير الجد، فمنعه ابن القاسم ويجوز على أصل أشهب أن لا جائحة فيبيعها بالعين؛ لأنها في ضمان المشتري بكونها في أصوله وسقيها، ولما نقله المازري عنه معبراً عنه ببعض أشياخي، قال: ومتقدمو الشيوخ يمنعون شراءها إن كانت لأعوام يسيرة إلا بشروط الترخيص؛ لأن المقصود شراء الثمرة. الصقلي: قال أبو عمران: لا يجوز شراء جميع العرية إلا بعد طيبها كانت لسنة أو سنين كثيرة يريد ولو بيعت بعين أو عرض. وقال غيره: إن طالت السنون جاز لذلك؛ يريد بالعين على القول: لا تباع بالخرص

باب في الذي يبطل العرية

إلا بعد الزهو، وعلى قول يريد: يجوز بخرصها ثمراً تخرص إذا طابت كل سنة، ويدفع إليه ذلك الخرص كما جاز في سنة قبل بدو صلاحها. وقال ابن شبلون: إن كانت حياة المعري جاز شراؤها بالعين للضرورة، وأما بالخرص فلا بشرطها، وإن كانت لسنتين أو ثلاث لم يجز شراؤها بالعين، وقول أبي عمران صواب. [باب في الذي يبطل العرية] وموت معريها أو فلسه قبل حوزها كجنسها، وفي كونه بجوز أصلها أو به مع ظهور الثمرة فيه ثالثها: بالأول أو مجرد إبارها. اللخمي: غير معزو كأنه المذهب مع الصقلي عنها وله مع ابن رشد والأندلسيين عن ابن حبيب وله مع الصقلي عن أشهب. وفي المقدمات: قال أبو عمر بن القطان: قول ابن حبيب مفسر قولها في العرية والهبة، والصدقة لا فرق بين الثلاثة محتجاً على تساويها بسماع يحيى ابن القاسم في رسم الصلاة من كتاب الهبات. وقال أبو مروان بن مالك قول ابن حبيب خلاف لها، يريد أنه في العارية قبض الأصول وإن لم يطلع ثمرها على ظاهر قولها في الهبة والصدقة. وقال أبو جعفر بن رزق قوله: مفسر لقولها في العرية خلاف لقولها في الهبة والصدقة، وهو أظهر التأويلات. قلت: نص السماع قال يحيى: سئل مالك عمن قال: ثمر حائطي العام صدقة على فلان ولا ثمر فيه وأراد بيع أصوله ليس له ذلك إلا في فلس فإن مات المتصدق قبل ولن تثمر النخل فلا شيء للمتصدق عليه، ولم يتكلم عليها ابن رشد بشيء. الصقلي: قول ابن القاسم في هباتها إن وهبه ما تلده أمته أو ثمرة نخلة عشرين سنة جاز إذا حوزه الأصل أو الأمة أو حاز ذلك أجنبي خير من قول ابن حبيب، وسمع محمد بن خالد، إن مات المعري قبل طيب الثمرة لم يجب لورثته ولو كان قبضها إلا أن

يموت بعد طيبها. ابن رُشْد حملها محمل الحبس لا الهبة وهو صحيح على القول: إن السقي والزكاة على المعري، وعلى قول أشهب في الحبس: أن الثمرة تورث عنه بالإبار تجب لورثة المعري. وزكاتها إن كانت بعد الطيب: قال الصقلي عن محمد وأشهب: على معريها، وقبله فيها وفي الهبة على رب الأصل أو المعطي. ثالثها: في العرية لا الهبة، ورابعها: على من هي بيده يلي القيام عليها لنقل الصقلي مع ظاهر رواية أشهب، ونقل ابن القاسم عن أكابر أصحابه مع الصقلي عن أشهب، ومحمد وقول ابن القاسم مع روايته فيها، والصقلي عن سحنون، وفي كون سقي العرية على رب الأصل أو المعري قولان لابن القاسم ونقله فيها عن كبار أصحابه. الصقلي عن محمد: زكاتها على المعري ولم يختلفوا أن سقيها على رب الحائط. اللخمي: ولو وهب صغيرًا ترضعه أمه، فقال ابن حبيب على واهبه إرضاعه أمه. وقال ابن القاسم: على الموهوب له إن حلف الواهب إنه لم يرد إرضاعه، ومن عليه زكاتها يجب عليه ضمها لسائر ملكه في كمال النصاب. وفيها: زكاة العرية، وسقيها على رب الحائط أعراه جزأ شائعًا أو نخلًا معينة أو كل الحائط. الشَّيخ: يرد: ويخرج زكاته من غيره، ويأخذ المعري جميعه. اللخمي: لمالك في كتاب المدنيين إن وجد المعري في العرية أكثر مما خرصت به رد الفضل للمعري، وإن وجد أقل فلا شيء له، ومعناه: أن النقص بقوله ولو كان بينة رجع بقدره. قلت: قال الباجي: إن وجد أكثر مما خرصت به أو أقل فروى صدقة ابن حبيب لا شيء عليه. وفيه: لا بأس أن يشتري ما منحته من لبن نعم بطعام نقدًا أو مؤجلًا لجواز شراء

شاة لبون بطعام مؤجل. اللخمي: ليست سواء؛ لأن قصد بائع المنحة بيع اللبن، وعلى قدر حقه في ذلك اللبن يبيع ولو قصد المعطي تحلل الرقبة فإنما يشتري اللبن وعنه يعطي العوض والصلح عن الإنكار إذا صح على دعوى المنكر وفسد على دعوى المدعي عنه. ابن القاسم: وأجازه أَصْبَغ فشراء المنحة لا يصح على أصل ابن القاسم، وفي كون حوز الغنم يمنح لبنها بحوزها فقط أو مع ظهور لبنها نقلا الصقلي عن ابن حبيب ومحمد وصوبه. وفيها: لا بأس أن تشتري سكنى دار أسكنتها رجلًا تعميرًا وخدمة عبدٍ أخدمته رجلًا تعميرًا بسكنى دارًا أو خدمة عبد سَحنون: يعني والمشتري به مؤقت بأجل. الصقلي: حمل الشيخ قول سحنون على التفسير، والقابسي على الخلاف. اللخمي: قول القابسي أحسن في الدارين لا في العدين؛ لأن الدارين مأمونتان أن تبقى حياة المعطي فذلك سكنى يوم بيوم، ول كانت لمدة معلومة أمكن أن يعيش المعطي لأكثر منها، فيكون على غبن وأن يموت قبلها فتبقى ورثته في الثانية فيكون الغبن على المعطي وليس كذلك في العبدين لاختلاف حياتهما قد يطول عمر الثاني فيكون الغبن على المخدم أو يموت قبل الأول فيكون على المعطي قال: ولو تراضيا على سنين معلومة فمات الثاني في نصفها رجع في قيمة نصف خدمة الأول على غررها، وعلى قول ابن القاسم يرجع بقيمة السنين قياسًا على الصلح على الإنكار. المازري: لو أخر الدار الثانية لسكنى مدة معلومة فتهدمت ففي تخريجها على الخلاف في مسألة الصلح على الإنكار يستحق ما صولح به هل يرجع للخصام أو لقيمة ما صولح به خوف الانتقال من معلوم لمجهول وعدمه اختلاف الأشياخ، ومن اشترى عمرى رباع أعمرها رجلًا فاستحق بعضها فض الثمن على منافعها لا على رقابها، وفي ثبوت مقال البائع باستحقاق أكثرها كهبة الثواب ونفي مقاله، نقلا الصقلي عن أبي عمران وأبي بكر بن عبد الرحمن، وفي ثاني وصاياها ووارث المعمر في شراء العمرى مثله. ولابن رُشْد في رسم شك من سماع ابن القاسم من كتاب الحبس: وورثة المعمر

مثله في اشتراء السكنى، ولا يجوز لأحدهم عند ابن القاسم اشتراء أكثر من حظه، وأجازه المخزومي ومنع ابن كنانة اشتراء أحدهم قدر حظه إلا أن يجتمعوا على شراء جميعها وقول ابن القاسم هو الصحيح؛ لأن الوارث يملك بذلك التصرف في حظه، وكذا يجب للمحبس عليهما السكنى حياتهما اشتراء المرجع ممن يرجع عليه فيملك بذلك رقبة الدار على ما قاله في غير ما سماع، من ذلك قول ابن القاسم في رسم إن خرجت من سماع عيسى من كتاب الصدقات والهبات في رسم البيوع الأول: من سماع أشهب بعد ذلك، أنه لا يجوز لمن حبست عليه وصيفة حياته أن يبتاع المرتجع من غرماء المحبس فقيل: هو اختلاف قول، وقيل: ليس باختلاف، ويجوز للمخدم شراء مرجع الجارية ممكن أخدمه إياها ليتم ملكه رقبتها، ولا يجوز له شراء ذلك من غرمائه إن كان عليه دين والأول أظهر؛ لأن حق الغرماء ليس في عين مرجع الوصيفة بل في ذمة المحبس وكذا لو بيعت بعد موت المحبس في دين عليه؛ لأن الدين إنما هو في ذمته لا في عين التركة على الصحيح من الأقوال، فعلى القول الأول: يجوز اشتراؤه الرقبة ممن أخدمه أو من وارثه أو غرمائه؛ لأنه يملك بذلك الرقبة ولا يجوز على القول الآخر مطلقًا؛ لأن غرر لا يدري متى يرجع المرجع لمن باعه منه. ووجه التفرقة بين الموضعين: أن المخدم والمحبس فعلا معروفًا ممن أخدم وأسكن، وجاز لهما شراء الخدمة والسكنى ليملك التصرف في الرقبة بالبيع فيكون إذا فعلا ذلك كأنهما إنما اشتريا الرقبة جاز لهما أن يبيعا المرجع، من المخدم والمسكن؛ لأنه يملك بذلك الرقبة، لما كان الغرماء لا يجوز لهم اشتراء الخدمة لم يجز لهم بيع المرجع، ولا يجوز اتفاقًا اشتراء الخدمة أو السكنى لغير من له الرقبة ولا شراء المرجع لغير من له الخدمة أو السكنى، في تنزيل الموهوب له الخجمة أو السكنى منزلة واهبة في جواز اشتراء المرجع، ولا يجوز اتفاقًا شراء الخدمة أو السكنى لغير من له الرقبة ولا شراء المرجع لغير من له الخدمة أو السكنى، في تنزيل الموهوب له الخدمة أو السكنى منزلة واهبة في جواز اشتراء المرجع، وتنزيل الموهوب له المرجع منزلة واهبة في جواز ابتياع الخدمة والسكنى قولان الأظهر منهما أن يتنزل منزلتهما على قولها في العرايا: يجوز لمن أسكن رجلًا أن يبتاع السكنى ممن وهبه إياها.

كتاب الجوائح

[كتاب الجوائح] الجائحة: ما أتلف من معجوزٍ عن دفعة عادةٍ قدرًا من ثمرٍ أو نباتٍ بعد بيعه.

روى مسلم عن جابر بن عبد الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بوضع الجوائح، وعنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لو بعت من أخيك ثمرًا فأصابته جائحة فلا يحل لك أن تأخذ منه شيئًا ثم تأخذ مال أخيك بغير حق؟). قال عبد الحق: وروى أبو محمد من حديث عبد الملك بن حبيب عن مُطَرَّف عن أبي طوالة عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إذا أصيب ثلث الثمرة فقد وجب على البائع الوضيعة). قال عبد الملك: وحدثني أَصْبَغ بن الفرج عن السبيعي عن عبد الجبار بن عمر عن ربيعة الرأي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بوضع الجوائح إذا بلغت ثلث الثمرة فصاعدًا وسكت عنه عبد الحق ولم يتعقبه ابن القطان. وفيها: ما بيع من ثمر نخل وعنب وغيره بعد أن يبس وصار تمرًا أو زبيبًا فلا جائحة فيه، ولو اشترى ذلك حين الزهو ثم أجيح بعد إمكان جذاذه ويبسه فلا جائحة فيه وكأنك ابتعته بعد إمكان الجذاذ. الصقلي عن سحنون: إن تناهى العنب وآن قطافه حتى لا يترك إلا لسوق ترجى أو لشغل فلا جائحة فيه.

اللخمي: ما أصيب قبل كمال انتقاله لتمام حلاوته، وما أشبه ذلك من مقصود فيه لم يوجد بعد ففيه الجائحة ولو كان تم سقيه أو كان بعلًا، وما أجيح قبل استكمال جفافه، وكان إبقاءه لئلا يفسد إن جذ حينئذ كالبقل يؤخر ليقبض شيئًا بعد شيء يختلف في وضع الجائحة فيه وما تم جفافه وما بقي إلا جفافه ومكن المشتري منه؛ لأنه دفع ثمنه أو كان مؤجلًا، وكان الجد على المشتري فهو منه وإن حبس بالثمن فعلى ضمان ما حبس به من ثوب أو عبد وإن لم يكن محبوسًا وجذاذه من بائعه، ففي ضمانه بائعه أو مبتاعه خلاف، وكذا العنب بعد استكماله عسيلته وبقاؤه ليأخذه على قدر حاجته لئلا يفسد إن أخذ مرة واحدة ثم استعمله على قدر حاجته فهو على الخلاف إن كانت العادة بقاؤه لمثل ذلك وإن كانت العادة جادة، مرة فأخره ليأخذه على قدر حاجته فهو منه وكذا الزيتون قبل كمال زيته من بائعه. ابن رشد: فيما أجيح قبل كمال طيبه، الجائحة اتفاقًا لحق المبتاع في بقائها حتى تيبس، وما أجيح بعد إمكان جذاذه بعد طيبه وقبل مضي ما يؤخر إليه جذه عادة يجري على اختلاف قول مالك في البقول، وما أجيح بعده من مبتاعه اتفاقًا، ففي كون الثمرة من مبتاعها بتناهي طيبها، فإن لم يمض ما يمكنه فيه جدها أو بمضيه، ثالثها: يمضي ذلك وما يجري العرف بالتأخير إليه، وهذا تحصيل لم أره لغيره. قلت: للباجي روى ابن القاسم في المدنيَّة إن اشترى التمر في رؤوس النخل وقد طابت طيبًا بينا فلا جائحة فيه؛ لأنه مثل ما في الجرين، ولعبد الرحمن بن دينار عن ابن كنانة: من اشترى فاكهة أو رطبا فطاب وأخرها رجاء النفاق فأصابتها جائحة، ولو عجل بها لم يصبها جائحة، وضع عنه الثلث ولعيسى عنه عن مالك ذلك على البائع ما لم تيبس الثمر؛ يريد: لأن بقاءها لحفظ رطوبتها ونضارتها وجه مقصود وعليه ابتاع وفي جذها جملة فساد. قال ابن الحاجب: فلو انتهت كالعنب يطيب والبقول والقصيل فلا جائحة كالتمر على النخل. وقال سحنون: فيه الجائحة. قال ابن عبد السلام: ما حكاه المؤلف عن سحنون حكاه غيره وحكى ابن يونس

عنه إن تناهى العنب وآن قطافه حتى لا يتركه تارك فذكر ما قدمناه، وقال: وهذا مخالف لما حكاه المؤلف عنه والأقرب أن لا جائحة في مثل هذا. قلت: مثل ما ذكره الصقلي عن سحنون ذكر الباجي عنه نصًّا سواء. المتيطي: ما بيع من ثمر ييبس بعد انتهائه بحيث لا يتزايد طيبه بتبقيته أو بيع قبل هذا ثم انتهى إليه فمشهور المذهب لا جائحة فيه، ولعبد الرحمن بن دينار عن ابن كنانة فيه الجائحة، وذكر ابن عبد السلام هنا سماع سحنون ابن القاسم فيمن ابتاع زرعًا بعد طيبه ويبسه بثمن فاسد وتلقى كلام ابن رشد فيه بالقبول، وقد تقدم الكلام عليه في حكم ضمان المبيع فتذكره وما بيع من ثمر مع أصله في لغو جائحته ولو عظم، وثبوتها إن عظم خطره قولها مع الموازيَّة ورواية الواضحة وابن حبيب عن أصبغ. وفيها: من اشترط في اكترائه دارًا نخلات بها أقل من الثلث ولو قبل إبارها؛ جاز ولا جائحة فيها، وكذا مكتري أرض بها سواد قدر الثلث فأقل اشترطه. الصقلي: جعل في الدار التبع ما دون الثلث وهو لمالك وفي الأرض الثلث وهو لابن القاسم وهما سواء. روى ابن القاسم: ما دون الثلث وفيما بلغه الثلث وبه أخذ، وفي لغوها في النكاح لبنائه على المعروف، وثبوتها لأنها عوض للعتبي عن ابن القاسم وغير واحد عن ابن الماجِشُون وصوبه الصقلي واللخمي. وفيها: كل ما هو من قبل الله جائحة كالجراد والنار والريح، والغرق والبرد والمطر والطير الغالب والدود، وعفن الثمرة في الشجرة والسموم. ابن حارث: اتفاقًا، قال: وفي السارق قولاها لابن القاسم وابن نافع. ابن حارث: في السارق والجيش، والسلطان الغالب قولان لابن القاسم مع ابن عبد الحكم وأصبغ وابن حبيب والأخوين مع سحنون. ابن رشد: فرق ابن نافع بين السارق والجيش. المتيطي: في كون الجيش جائحة روايتا ابن القاسم ولأخوين، لأصبغ في السارق كابن نافع ولمحمد عن ابن القاسم مثله الباجي: في كونها ما أصاب الثمرة بأي وجه كان أو بغالب لا يستطاع دفعه مطلقًا، ثالثهما: ما كان سماويًا لا من صنع ادمي لسحنون

عن ابن القاسم ومحمد عن ابن القاسم وابن نافع فيها، ومالك. ابن رشد: في ثبوتها بالجيش والسارق ثالثها: بالجيش لابن القاسم والأخوين وابن نافع. عبد الحق عن الشَّيخ والقابسي: إنما يكون السارق جائحة عند ابن القاسم، إن لم يعرف وإن عرف اتبعه المبتاع بقيمة ما سرق له، وإن كان معدمًا ولا يكون جائحة. قلت: يلزم مثله في الجيش إن عرف منه واحد؛ لأنه يضمن جميعه، والأظهر في عدمه غير مرجو يسره عن قرب إنه جائحة، وهو ظاهر الرواية. وفي الزاهي: إن سقطت الثمرة بريح وأمكن لقطها فهي جائحة. ابن الماجِشُون: ليس ذلك بجائحة ولو أصيبت بتناثر أسقط ثلث ثمنها والمكيلة قائمة، ففي كونها جائحة قولان، الذي أراه أنه غير جائحة. اللخمي: إن عابها السموم ولم يسقط منها شيئًا فله الرد بالعيب فقط، وإن كان مع إسقاطه ثلثها رجع بمناب الساقط، وله في الباقي حكم العيب، وكذا الغبار، واختلف إن أسقطها الريح فذكر قولي ابن شعبان وابن الماجِشُون، قال: وأرى إن عابها فله حكم العيب وإن أسقط الثلث لم يرجع بشيء على قول عبد الملك وعلى الآخر يخير في قبوله معيبًا بكل ثمنه، ورده فيسقط عنه ثلث ثمنه. قلت: قوله: لم يرجع بشيء على قول عبد الملك: إن أراد مع تخييره لأجل العيب فواضح وإلا فضرر بالمبتاع، فإن قيل: هو عيب حدث بعد العقد. قلت: قد قال به فيما عابه السموم. وقوله: على القول الآخر ... إلخ؛ يرد بأن ظاهر قول ابن شعبان أن مناب نقصه بسقوطه من الثمن يوضع من الثمن كذهاب قدر الثمرة بالجائحة من الثمن وإن أسقط الدود الثلث فأكثر فله رد الساقط أو حبسه ولا يحط عنه شيء وإن أسقطها الدود وأذهب منها الثلث فله حبسه، ويحط عنه بقدر ما أكل الدود أو رد الباقي بالعيب ويسقط عنه كل الثمن. وفيها: قال مالك: ما ذهب من التمر من قبل ماء العيون وضع عن المشتري ولو قل؛ لأن البائع حين باع الثمر إنما باعها على الماء، فما أصيب من قبل الماء فسببه من

قبل البائع. قلت: وماء السماء بمنزلته، قال: لم أسمع منه فيه شيئًا وأراه مثله إذا كان إنما كان حياتها سقيها، وتعقب ابن عبد السلام قوله: (لأن البائع حين باع الثمرة ... إلخ) فإنه يقتضي في شجر السقي أن لا يقضي بالنقد حتى ينظر عاقبته وأن لا يجوز البيع على النقد ولاسيما في شجر البعل. قلت: إنما شجر ما هو سقي فلا تعقب فيه ليسر حصوله، وأمنه فيجب النقد لتمكنه من قبضه في الحال، وأما البعل فالحق تعقب قياسه على ما هو سقي، وفي جوابه أن ابن القاسم إنما سئل عن حكم جائحته، وحكم الجائحة متأخر عن وقوع البيع، وبيعه ماض لا يفسخ إنما كرهه مالك فقط، فاستقام جوابه فيها فتأمله ويخرج من كلام التونسي فيما يشتري على الجد، الجواب فإن السقي قد يكون لبقاء حسن الثمر إلا الزيادة تحدث. ومثل هذا يكفي فيه اليسير، والغالب وجوده فصار كماء العين، وفي شفعتها: من اشترى شرب يوم أو شهرين لسقي زلاع له فغار الماء وضع عنه مشتريه ما قل منه أو كثر. ابن القاسم: وقال مالك: ما أصيب من الثمر من قبل الماء وضع، وإن كان أقل من الثلث فكذلك الماء عندي إذ قطع بعض ما اشترى له إلا أن يكون ما فسد لذلك يسيرًا لا خطب له. اللخمي: في الرجوع بنقض الماء المشتري لسقي مطلقًا أو إن بلغ الثلث قولان، والأول أحسن. تنبيه: قلت: أرأيت البقول الكراث والسلق وشبهه والجزر والبصل والفجل، إن أصابته جائحة أقل من الثلث؟ قال: قال مالك: يوضع ذلك ولو قل. وروى على أن البقل إن بلغت جائحته الثلث، وضعت وإلا فلا، ورواه ابن أشرس. الجلاب: في وضع جائحة البقل، ثالث الروايات إن بلغت الثلث. الباجي: وروى ابن القاسم في المدنيَّة إلا أن يكون الشيء التافه فلا يوضع، قول ابن حارث: اتفقوا على وضع جائحة البقل، واختلفوا في قدر ما يوضع خلاف ثاني

روايات الجلاب ونقل غيره. اللخمي عن محمد: ما لا بال له لا يوضع وما له بال يوضع، ولابن القاسم في العتبيَّة: ما جازت مساقاته على غير الاضطرار فلا جائحة فيه حتى تبلغ الثلث إلا الموز لا تجوز مساقاته ولا جائحة فيه حتى يبلغ الثلث فرأى أن جائحة البصل والجوز واللفت وما لا يخلف إن جذ كالثمار، وما يجذ ويخلف يوضع قليله ككثيره، ولا وجه لهذه التفرقة. وفي المقدمات: رواية سحنون عن ابن القاسم ما جازت مساقاته من البقول كاللفت فجائحته كالثمار، وما لا تجوز مساقاته وضعت جائحته ولو قلت؛ قلت: ومثله في الموازيَّة وهو خلاف المدَوَّنة. ابن عبد السلام: على المشهور توضع جائحة البقول واختلف في الأصول المغيبة: كاللفت والبصل والإسفنارية هل هي كالبقول أم لا؟ قلت: تقدم نص المدَوًّنة أن الجزر والفجل من البقول وكذا نقل اللخمي وغيره. وفي سماع سحنون ابن القاسم: وأما الزعفران والبقل، والريحان والقرط والقصب والسكر والكسبر فيوضع في الجائحة قليلة وكثيرة. وفي وضعها في قصب السكر، ثالثها: إن بلغت الثلث لابن حارث عن نص أشهب مع ظاهر أحد قولي ابن القاسم وثانيهما نصًّا وقوله في العتبيَّة. الصقلي عن ابن حبيب: وجائحة القصب غير الحلو كالحلو لا يوضع حتى يبلغ الثلث، ولا تباع حتى يبدو صلاحها بطنًا واحدًا. وفي وضعها في ورق التوت ولو قل أو إن بلغت الثلث سماع أبي زيد ابن القاسم وقول ابن حبيب. التونسي: أنظر لو مات دود الحرير الذي لا يراد ورق التوت إلا لأكله هل مشتريه كمكتري حمامًا أو فندقًا خلا بلده فلم يجد من يعمره فيكون له متكلم أو لا يشبهه؛ لأن ضمان الريع في ضمان مكريه، وورق التوت سلعة تضمن بالعقد كمن اشترى علفًا لقافلة تأتيه فعدلت عن محله أو ليس مثله لإمكان نقل الطعام حيث يباع، وورق التوت لا ينقل؟.

باب فيما يشترط فيه الثلث في وضع الجوائح

الصقلي: وكذا لو اشترى قوم ثمار بلد وانجلى أهلها عنها لفتنة أو لأهل حرب كان ذلك جائحة. اللخمي: وتوضع في المقاثي اتفاقًا، وفي وضعها ولو قلت: إن بلغت الثلث قولا أشهب كالبقل وابن القاسم والأول أقيس. الباجي: روى ابن القاسم وجميع أصحابنا في جائحة القثاء والبطيخ والقرع والباذنجان والفول والجلبان اعتبار الثلث في جائحتها، وقال أشهب: المقاثي كالبقل توضع ولو قلت. قلت: هو قول أشهب في سماع أصبغ في جامع البيوع. ابن رشد: معناه في مقاثي الفقوس لا البطيخ؛ لأن الفقوس يجني صغيرًا وكبيرًا كالبقول في استعجال قطعها بخلاف الثمار التي تحتاج لبقائها إلى تناهيها. [باب فيما يشترط فيه الثلث في وضع الجوائح] والثلث فيها هو فيها ييبس ويدخر ويترك حتى يجد جميعه مما يخرص أم لا كالنخل والعنب والزيتون واللوز والفستق والجوز واللوز وشبهه قدره من الثمرة يوضع له ثلث الثمن لا ينظر فيه لاختلاف سوق إن كان الصنف الثمر صنفًا واحدًا. الباجي: اتفاقًا. وفيها: وما يقطع بطونًا كالمقاثي والورد والياسمين والتفاح والرمان والخوخ والموز والأترج إن بلغ المجاح ثلث قدره اعتبر ولو قصر منابه من قيمة جميعه عن ثلثه وإلا فلا، ولو بلغ منابه منه تسعة أعشاره وعكس. أشهب: فراعى الثلث في قيمته لا قدره. الباجي: إن كان ما يجد جميعه جنسًا واحدًا ذا أنواع مختلفة اعتبر ثلث جميعها اتفاقًا. وفي كونه بقدر الثمرة أو قيمتها؟ قولا ابن القاسم وأشهب. الشَّيخ: ذكر ابن حبيب قول ابن القاسم وعزاه للأخوين وابن عبد الحكم معه قال: ولم يفرق ابن القاسم بين تفاضل القيم في النوع الواحد ويقول قولًا مجملًا إن

بلغت الجائحة ثلث الثمر رجع بثلث الثمن فلا تقويم. الشَّيخ: ما قاله ابن حبيب عنه شيء تأوله عليه وهو بعيد من مذهب ابن القاسم. قلت: هو خلاف نص قوله فيها إن كان في الحائط أصناف برني وعجوة وغيره أجيح أحدها فإن كان قدر الثلث كيلًا من الأصناف وضع من الثمن قدر قيمته من جميعها ناب على الثلث. أبو حفص: الحيطان المتفرقة لكل حائط حكم على حدة. قلت: هذا خلاف سماع ابن القاسم إن أجيح ثمر حائط أو بعضه اشترى مع حائط صفقة واحدة وضعت إن بلغ ثلث ثمره كل الحائط. ابن رشد: الحوائط في صفقة كحائط واحد يوضع للجائحة ثلث الثمن بقدر ثلث الثمر إن تساوى الثمن في الطيب أو تقارب، وإن كان بعضه أفضل وأطيب ففي كون المعتبر ثلث الثمرة بثلث الثمن ولا تقويم أو ثلثها فيوضع عنه مناب قيمة المحاج من قيمة ما سلم من الثمن فإن قصر عن ثلث الثمرة ألغيت حائجته، ولو بلغ من الثمر أكثر من ثلثه، ثالثها: إن أجيح ما قيمته الثلث وضع ولو كان عشر الثمرة لأصبغ عن ابن القاسم وله ولأشهب. قلت: ما عزاه ابن القاسم هو ما وهم فيه الشيخ. ابن حبيب: ولم يذكر قول ابن القاسم فيها، وإن كان المبيع أجناسًا. الباجي: ككونه عنبًا وتينًا وسفرجلا. ابن رشد: ككونه عنبًا وتينًا ورمانًا فطريقان: الباجي، وابن زرقون: في اعتبار كل جنس كأنه بيع وحده واعتبار كون قيمة المجاح ثلث الجميع دون اعتبار قدره من قدر الجميع، ثالثها: اعتبار بلوغ قيمة المجاح مع بولغ قدره ثلث قدر نوعه لرواية ابن حبيب، وقولي أصبغ وابن القاسم. ابن رشد: الأقوال ثلاثة فذكر الأولين، وعزا الثاني لأشهب فقط، قال: والثالث إن كان المجاح ثلث الثمر، وضع منابه من الثمن ولو قل، قاله أصبغ. وقال محمد: إن قصر أحد الأصناف عن الثلث فلا جائحة ولو أتت على جميعه. قلت: ما عزاه لأصبغ مغاير لثلاثة.

الباجي وابن زرقون: القويم يوم الصفقة أو يوم نزول الجائحة والجناية نقلا عياض عن تأويلها. ابن أبي زَمَنَيْن مع ابن زَرْب وغيرهم. عياض: والأول أصل ابن القاسم في استحقاق بعض السلع إنها تقوم يوم الصفقة لا يوم النازلة وذكر تعلق كل فريق بألفاظ تعلق بها منها. قلت: وقال عبد الحق: اضطرب إذا أجيح أول بطن من مقتات هل يعجل تقويم باقي البطون الآن على ما عرف من عادتها أم يستأني حتى يجني جميعها؟ وهذا أصوب فلا يرجع إلى الاجتهاد فيما يعلم حقيقة عيانًا ولا حجة بخوف فلس البائع؛ لأنه أمر طارئ. وفي أولها التين كالرمان وبعده يسأل عنه. عياض: هذا يختلف في البلاد فيحكم فيه بحال محله. اللخمي: ما ييبس ولا يباع رطبًا اعتبر قدره إلا أن يخالف أوله آخره بالجودة فتقوم بطونه، الثمر إن قرب من الحاضرة يباع رطبًا ولا يدخر نظرا لاختلاف أسواقه، والمذهب لزوم ما سلم من الثمر ولو قل، وعدم الرجوع بما أجيح إن قل بخلاف الاستحقاق فيهما لدخول المشتري على عدم الكمال لغلبته، وفي ثبوتها في شراء المعرى عريته قولان لروايتها والباجي مع غيره عن روايته ابن وَهْب. قلت: الأولى سماع ابن القاسم وخرجهما ابن رشد والابجي وغيرهما على أن المستثنى مشترى أو مبقى وعزاهما الباجي لمالك. وقال اللخمي: القول: إن هذا الأصل على أن المستثنى مشترى وهم لا وجه له ولو كان مشترى كان حرامًا.

قلت: وهذا نحو نقل الصقلي عن بعض الفقهاء الصواب رواية ابن وهب؛ لأنه كمن باع رطبًا يأخذ ثمرًا وللباجي في إسقاط قدر الجائحة من العدد المستثنى مطلقًا أو إن بلغ المجاح الثلث، ثالثها: لا يوضع منه شيء ولو كثر المجاح لرواية ابن القاسم مع أشهب وقول ابن القاسم في المدنية ورواية ابن وهب. قلت: هذا خلاف نقل الصقلي رواية ابن القاسم وأشهب فتأمله. وقال اللخمي: اختلف فيها على ثلاثة أقوال فذكر أول أقوال الباجي معزوا لأبي الفرج ورواية ابن وهب ولم يذكر ثالثا. وسمع أصبغ ابن القاسم من باع جزءًا من ثمر حائطه فجائحته بينهما على قدر شركتهما ما ناب المبيع اعتبر قدره؛ كأنه بيع وحده. ابن رشد: لا كلام في هذا لوضوحه. اللخمي: من اشترى عشرة أو سق من حائط بعينه فأجيج بدئ المشتري فيما سلم ولو اشترى غيره بعده مثله بدئ الأول. وفيها: من أسلم في حائط بعينه فأجيح بعضه اتبعه بحقه في بقيته؛ لأنه على الكيل. وما اشترى مع أصله تقدم أن لا جائحة فيه. اللخمي: لابن حبيب عن أصبغ إن أجيحت بعد الطيب وهي مما يعظم قدرها ففيها الجائحة، والأول أحسن ولابن رشد تخريج يأتي إن شاء الله. وفيها: ما اشترى مما يؤكل أخضر من فول أو قطنية بعد أن طاب للأكل على أن يتركه حتى ييبس لم يصلح عند مالك، وكرهه وإن شرط قطعه أخضر جاز وفيه الجائحة إن أصابت ثلثه. التونسي: إن كان لأن له سقيا لحفظ بقائه بحاله لا لحدوث زيادة فيه، فله وجه كسقي القصيل لبقائه بحاله لا لزياجة فيه فإن قيل لحق توفيته كالمبيع الغائب، وقدر تسليم الحاضر رد بكونه لو كان لذلك ضمنه البائع ولو قل. قلت: قبل الصقلي هذا الإلزام ويجاب عنه بأن حق المبتاع في مضي زمن قبضه المعتاد فيه كحقه في بقائه فيما لم يشترط عليه جده فأعطى حكمه في توفيته بالثلث. وفيها: ما اشترى من ثمر نخل قبل بدو صلاحه على جده يومه أو من الغد فأجيح

قبل جده أيكون كالبقل؟ قال: لم أسمع من مالك فيه شيئًا وأرى فيه الجائحة إن بلغت الثلث وكذا بلح الثمار كلها، التين والجوز والفستق على جده. وفيها: من اشترى ثمرًا أزهى بعد شرائه أصله فلا جائحة فيه. اللخمي: قال في الموازية: هو من بائعه، وفي تعليل سقوطها بإلحاقها بالعقد أو سقوطه سقيها عن البائع قولان لظاهرها ولسحنون والقول بأن مصيبتها من البائع أحسن؛ لأنهما عقدان، وسقيها على البائع بمقتضى مجرد العقد إلا أن يفهم بعضهم عن بعض سقوطه ولو قيل: هو عليهما قبل شراء الثمرة كان وجهًا؛ لأن نفعه للأصل والثمرة إلا أن تستغني الأصول عنه تلك المدة لو لم يكن بها ثمر فيكون على البائع إبقاؤها لنفسه، أو باعها بعد ذلك إلا أن يشترط حين يبيعها أن لا سقي عليه. قلتُ: ما عزاه للموازية هو سماع أبي زيد ابن القاسم. ابن رشد: إن اشترى الثمرة قبل زهوها بعد شرائه الأصل فلا جائحة، كما لو اشترطها في ابتياعه لأصل قبل زهوها؛ لأنها تبع لا حصة لها في الثمن وإن اشتراها بعد زهوها، يقال فيها الجائحة، وهو خلاف قوله فيها إن اشتراها مع أصلها فقد حل بيعها لا جائحة فيها إذ لا فرق بين شرائها معها أو بعدها؛ لأن لها في شرائها معها حظًا من الثمن وهو نص أصْبَغ في الواضحة، والصواب قولها: لا جائحة؛ لأنها في ضمان المشتري بالعقد؛ لأنها في أصوله، هذه العلة الصحيحة لا تعليل المدوّنة بأنها تبع للأصول، وإن اشتراه قبل زهوه بعد شرائه الأصل ففيها لا جائحة كما لو جمعها في أول الصفقة، وإن اشترى الثمرة بعد زهوه ثم اشترى الأصل ففيها الجائحة، قال محمد. الصقلي: لوجوبها قبل الأصل. اللخمي: والسقي باق على البائع ولو شرط سقوطه بجائحة عنه كبيعه الأصل من غير مشتري ثمره وشرط عليه سقي الثمرة، فالسقي على المشتري بالشرط وانتقال الثمر إلى حلاوة ونضج وبقية البيع الأول وهو من توفيته وإن اشتراه قبل زهوه على الجد ثم اشترى أصله فلا جائحة فيه. اللخمي: إن قال أنا أجده على ما اشتريت ففيه الجائحة إلا أن يتراخى بجده عن ما كان يجده إليه.

وفيها: من اشترى ثمرًا قبل بدو صلاحه على الترك فهو من بائعه؛ لأنه فاسد، والثمر في الشجر لم يقبضه مبتاعه. وفيها: قال مالك: إن أجيحت الثمرة بعد أن عمل فيها المساقي وضعت الجائحة عنه، وروى سعيد إن أصابت دون الثلث لم يوضع عنه سقى شيء من الحائط وإن أصابت ثلثه، خير في سقي جميعه، وتركه الصقلي عن محمد: هذا إن شاعت الجائحة في الحائط، وإن خصت ناحية منه سقي ما سلم فقط ما لم يكن يسيرًا جدًّا الثلث فأقل، وإن شاعت الجائحة واختار ترك سقي الحائط فلا شيء له فيما يقدم من عمله ونفقته، وروى أشهب لا جائحة في المساقات ولا للعامل خروج منها، وهما شريكان في النماء والنقص. وفيها: ما اشترط من ثمر شجر بأرض أو دار أكثر من الثلث كشرائه وحده وثمنه منابه مع ما أكري معه من الثمن وما كان تبعًا لأرض أو دار لا جائحة فيه. اللخمي: اختلف إن كان جميع الثمرة أقل من الثلث فأصيب جميعها أو الثلث، قيل: فيها الجائحة. وقيل: لا جائحة؛ لأنها تبع، والأول أحسن؛ لأنها مشتراة مقصودة فاختيار المشتري شراءها لا لدفع مضرة ففارقت ما اشترى قبل صلاحه؛ لأنه إنما أجيز لدفع ضرر الدخول والخروج، ولو قصد الشرء لغرض غير ذلك لم يجز. وسمع ابن القاسم شرط إسقاط الجائحة لغو وهي لازمة. ابن رُشْد: لأنه لو أسقطها بعد العقد لم يلزمه؛ لأنه إسقاط حق قبل وجوبه فكذا في العقد ولا يؤثر فسادًا؛ لأنه لا حظ له من الثمن؛ لأن الجائحة أمر نادر. قلتُ: زاد اللخمي عن السليمانية البيع فاسد وعزا الأول لرواية محمد قال: وأرى ان يخير البائع إن أسقط شرطه صح البيع وإلا رد، وله في الفوت الأكثر من القيمة أو الثمن وإنما بطل الشرط؛ لأن ما تنتقل إليه الثمرة من حلاوة ونضج مشترى فشرط إسقاط الجائحة كمن شرط أخذ ثمن ما لم يكن بعد ولو شرط السقي على المشتري ففي كون الجائحة من البائع أو المشتري خلاف بناء على صرف انتقال حالها وطيبها للأصول دون الماء والسقي أولهما. المتبايعان مطلقًا إن اختلفا في جنس أحد العوضين كتمر وبر، تحالفا وتفاسخا.

ابن حارث: اتفاقاً المازري: لم يختلف فيه أصحاب مالك، وخرج فيه شيخنا عبد الحميد، خلافًا من قولها: من صبغ لرجل ثوبًا أسود وقال: به أمرني ربه، وقال ربه إنما أمرتك بصبغه أحمر، القول قول الصباغ، وفي تخريجه نظر؛ لأن الصباغ بدفع الثوب إليه مؤتمن عليه والمتبايعان لا ائتمان أحدهما من الآخر بل كل منهما مدع على صاحبه، قال: ونقل أبو الفرج عن ابن الماجِشُون: إن قال: أسلمت إليك في قمح، وقال الآخر بل في شعير لا يتحالفان؛ لأنهما اتفقا على جنس واحد يقتضي عدم مخالفته ملكًا فيما هما جنسان، وقول عبد الملك بناء منه على ملزومية كونهما جنسًا في الربا كونهما جنسًا في غيره، وذلك غير صحيح؛ لأن علة الربا غير علة التداعي؛ علة الربا تقارب المنافع، وعلة التخالف عدم إقرار أحدهما بما قال الآخر. ابن زرقون: لا خلاف في المذهب في ذلك إلا ما حكاه ابن حبيب وغيره عن ابن القاسم في الكراء أن القول قول الساكن إن أشبه، والذهب والدراهم نوعان كالقمح والشعير، وكذلك الرواية حكاه ابن سهل في باب ذكر الخلطة من أحكامه. المازري: نقل محمد عن أشهب إن اختلفا في القدر أو الجنس، وعرف كذب أجدهما وصدق الآخر قبل قوله يدل على رعي الشبهة مع القيام، وهو مقتضي المذهب ببادئ الرأي كالعرف في تداعي الزوجين في متاع البيت والقمط في تداعي الحائط ورده بأن هذا فيما لم يعلم فيه تقدم تعيين مالكه والمبيع متقدم تعيين مالكه، وهو بائعه. قلتُ: فرعي الشبه في الاختلاف في الجنس مخصص عموم الاتفاق على التحالف فيه. اللخمي: اختلافهما في الجودة كاختلافهما في الكيل، وإن قال: أسلمت إليك في فرس صفته كيت، وقال الآخر دونها فكاختلافهما في الكيل، فإن قال أحدهما: ذكر وقال الآخر: أنثى تحالفا؛ لأن كل واحد منهما يراد لما لا يراد إليه الآخر، ولو اختلفا بذلك في البغال كان كاختلافهما في الجودة؛ لأن الأنثى لا تراد للنسل وتبعه المازري. اللخمي: أرى إن قال: المسلم: عشرة أقفزة قمحًا، والمسلم إليه: عشرين شعيرًا، وثمن القدرين واحد، أن لا يحلفا ويشتري بثمن الشعير قمح.

قلتُ: وينبغي أن يلي ذلك المسلم إليه لا المشلم خوف وقوعه في فاسد الاقتضاء أو شبهه، وفي كون اختلافهما بدعوى أحدهما سمراء والآخر محمولة كاختلاف في الجودة أو الجنس نقلا المازري مع الصقلي وبعد الحق عن ابن حبيب وفضل. وفيها: لو اختلفا في كون ثمن الجارية مائة حنطة أو مائة عدسًا وفاتت، فعلى مشتريها قيمتها بعد تحالفهما، وجعلت القيمة كأنها ثمن؛ لأنه لو باعها أو ماتت أو نقصت ضمنها، فله نماؤها، وعليه نقصها يوم قبضها. الصقلي عن الشيخ: يريد بيوم قبضها: يوم ابتياعها؛ لأنه بيع صحيح. وقال ابن شبلون: فيمة ما اختلفا فيه في النوع يوم القبض والصواب الأول. وقال ابن عبد الرحمن: إنما قال يوم القبض؛ لأنها تفتقر للمواضعة، ولو كانت في أول دمها كان يوم القبض يوم العقد. المازري: بقول الشيخ: قال ابن عبد الرحمن، وناظره ابن الكاتب في مجلس القابسي في المسألة وهما بناء على اعتبار قوة شبه البيع المتختلف فيه بالبيع الصحصح لصحة تمسك أحدهما به لو رضي أو بالبيع الفاسد لعدم تقرر الملك للمبتاع بنفس العقد. قلتُ: الأول أظهر من حيث قياسه على رواية على في بيع المرابحة، والثاني أظهر من حيث اعتبار لفظها، والقياس على رواية ابن القاسم في المرابحة، وزاد ابن محرز على نقل المازري أنه لو أصيبت بعد التحالف بين المشتري لضمنها، وينظر هل يضمن جميعها أو قدر ما أصيب منها. وقال ابن عبدوس: إن قطعت يد العبد قبل قبضه المشتري ضمن يده فقط. قلتُ: قوله ينظر مشكل بأن كل من ضمن جزءًا غير معين من كل فهو ضامن جميعه ضرورة والضروري لا ينظر فيه إلا أن يريد هل ذهاب ذلك الجزء يوجب إلزامه ما بقي أولا؟ وهذا يشكل بما حكى فيه قول ابن عبدوس فتأمله، وحق المازري أنه كما نقل الواضح من كلامه إن نقل ما سواه وإن اختلفا في قدر الثمن والمبيع بين بائعه تحالفا، المازري وغيره: اتفاقًا، وذكره ابن حارث مقيدًا له بقوله: وادعى كل منهما من القمن ما يشبه، قال: وقلت: هذا القيد لما ذكر عياش بن عيسى عن موسى بن عبد

الرحمن القطان، قال: قال لي محمد بن سَحنون يومًا: ما تقول في اختلاف المتبايعين؟ قلتُ: يتحالفان ويتفاسخان، قال لي بقي عليك. قلتُ: فما الجواب؟ فألى أن يخبرني فنظرت فيها بعد موته فأصبتها لابن الماجِشون إنهما يتحالفان وتفاسخان إن أشبه قول كل منهما، وإن أشبه قول أحدهما فقط فالقول قوله، فعلمت ما أراد ابن سَحنون بقوله: بقي عليك ولو قبضها المبتاع فطريقان: الباجي: في حلفهما ولو فاتت أو ما لم يفترقا فيقبل قوله، ثالثها: ما لم تفت بحوالة سوق فأكثر لروايات أشهب وابن وَهْب وابن القاسم راويا ثلاثها قال: ورواية ابن القاسم ولو نقدا الثمن ويجب أن يكون اعتبار قبض الثمن قولًا آخر. قلتُ: فيكون رابعًا، وقيل: قول محمد: ولم يختلف قول مالك في حلفهما بعد قبض السلعة، وإن لم يفترقا، وذكر ابن حارث رواية ابن وهب بمجرد القبض لا بقيد افتراق وقال عن سحنون رواية ابن وهب: هي قول مالك الأول عليها اجتمع الرواة وأخذ ابن القاسم بقوله الآخر. ابن عبدوس: بقول ابن وهب أخذ سحنون. المازري: إن شئت قلت: فيها خمسة: التحالف ما لم بقبضها المشتري فيصدق، والتحالف ما لم يبن بها وهي روايتها في كتاب المكاتب، ورواية ابن القاسم وبها أخذ، ورواية أشهب وبها أخذ وبها أفتى كشيخي، والحلف ما لم ينفرد أحدهما بشبه. قلت اختيار المازري عبر عنه ابن بشير مرة بقوله: التحالف مطلقًا هو رأي من لقيناه من الأشياخ وأشياخهم ومرة بقوله: بقول أشهب كان يفتي من أدركناه من محققي الأشياخ. المازري: وقال بعضهم: الحاصل ثلاث روايات فذكر ما تقدم للباجي، وقال: وغيره يشير إلى أنها أربع روايات، وأن ابن وهب روى إذا قبضها المشتري صدق، وذكر ابن بشير خمسة أقوال: أولها: القول قول المشتري بوجود العقد قال: هذا يحكيه بعض المتأخرين عن كتاب ابن حبيب ولم يوجد فيه. قلتُ: ففي حلفهما مطلقًا وقبول قول المشتري مطلقًا أو بقبضه أو مع افتراقهما، خامسها: بقبضه مع قبض ثمنه، وسادسها: بقبضه مع فوته بحوالة سوق فأكثر،

وسابعها: التحالف ما لم يشبه قول أحدهما فيصدق ولو قبل قبض المبيع، وثامنها: هذا بشرط المبيع لأشهب، ونقل ابن بشير عن بعضهم في الواضحة، وغير الباجي عن رواية ابن وهب، والباجي عن روايته مع المازري عن رواية كتاب المكاتب والباجي عن بعضهم ورواية ابن القاسم وابن حارث عن ابن الماجِشون وعياض في الرواحل عن ابن وهب، وابن حبيب، واللخمي لأحد قولي مالك، واختاره، وعزاه الباجي أيضًا لمُطَرِّف وأصْبَغ، وأشهب، قال: والقولان موجودان في المدوَّنة، وساق مسألة اختلاف ابن القاسم، وغيره في المدوّنة في قوله اكتريت بمائة وقول المكري بمائتين. ابن زرقون: والتي في أول اختلاف المتكارين من المدوّنة أبين في الاختلاف، ثم ذكر المازري النزاع في قدر الثمن بعد قبضه البائع عند وجوب رده لفسخ البيع بفساده أو يحلف لاختلاف فيه أو لإقالة والقول في الجميع قول البائع لغرمه. الباجي: لو حال سوق السلعة وهي بيد البائع وقبض الثمن قبل قوله مع يمينه، ولو قبض بعضه لزمه من السلعة بقدر ما قبض فقط بعد حلفه ويحلف المبتاع وإلا لزمته بقية السلعة وغرم تمام الثمن على ما حلف البائع إن لم يكن في الشركة ضرر، فإن كان فيها ضرر كالعبد تحالفا وتفاسخا ولو طال ذلك، قاله محمد عن ابن القاسم، وروى يحيى بن يحيى عن ابن القاسم: لو اختلفنا في قدر ما ابتاعه منه بدينار طعامًا تحالفا وتفاسخا. ابن حبيب: وروى مُطَرِّف تحالفا وصدق البائع في قدر ما أقر؛ لأنه باعه، وصدق المبتاع في قدر منابه مما أقر به من الثمن فلو قبض البائع الثمن وهو دينار، ودفع خمسة أرداب واختلفا قبل التفرق فقال المبتاع: إنما ابتعت به ستة أرادب، وقال البائع: بل الخمسة فقط، فسمع يحيى ابن القاسم البائع مصدق مع يمينه لقبضه الدينار. ابن حبيب: ورواه مُطَرِّف وأنكره يحيى بن عمر كأنه رأى أن يتحالفا ما لم يفترقا ولم يفت، فوجه قول ابن القاسم أن الدينار لما كان لا يتعين كان فوتًا، ولو قبض المبتاع خمسة أرادب ولم يدفع الدينار فروى يحيى بن يحيى تلزمه خمسة أسداس دينار بعد حلفهما. ابن حبيب: وروى مُطَرِّف القول قول المبتاع.

ابن زرقون: إنما في رواية ابن حبيب أن المبتاع قبض كل ما ادعى من الكيل وعلى ما ساقه أبو الوليد يكون راجعاً لمثل رواية يحيى. وفي الموازية: لو قال: نقدت أكثر من الثمن كان في الزائد مدعياً. ابن رشد في سماع يحيى: قول ابن القاسم البائع مصدق مع يمينه لقبضه الدينار خلاف قوله فيها؛ لأنه لم ير النقد المقبوض فيها فوتاً إن اختلفا في المثمون ولا قبض السلعة قوتاً في اختلافهما في الثمن بل هو مثل قوله في الرواحل منها، ورواية ابن وهب في أن قبض السلعة فوت، فالاختلاف في كون قبض الثمن فوتاً إذا اختلفا في المثمون كالاختلاف في كون قبض السلعة فوتاً إذا اختلفا في الثمن من جعل قبضة السلعة فوتاً جعل قبض الدينار فوتاً وهو هذا السماع ومن لم ير قبض السلعة فوتاً حتى تفوت بحوالة سوق لم ير قبض النقد فوتاً إلا أن يغيب عليه البائع، وقيل: إلا أن يطول أمد غيبته عليه أو يحل أجل المثمون المختلف فيه إن كان سلماً وهو قول ابن القاسم فيها، والقياس لا فرق إن غاب عليه بين الطول وعدمه، وقيل لا يكون قبضه فوتاً ولو طال؛ لأن الدنانير والدراهم لا تراد لعينها، والمكيل والموزون المختلف في ثمنه الغيبة عليه على قول ابن القاسم فوت؛ لأنه لا يعرف بعينه وقوله في هذا السماع إن قبض خمسة أرادب، وادعى السادس ولم ينقد الدينار، حلف على دعواه، وحلف البائع ما باعه إلا خمسة بدينار، فإن حلفا قضاه خمسة أسداس الدينار، وفاسخه في السدس خلاف مشهور مذهبه أن القبض ليس بفوت على أصله في هذا السماع إن النقد المقبوض فوت وإنما يصح هذا الجواب على مشهور مذهبه إن القبض ليس بفوت إن كان غاب على الطعام وإلا تحالفا وتفاسخا، ورد الطعام لبائعه. قلت: ومثله قول المازري في قول محمد: إن قبض مبتاع طعام صاعاً منه، وقال: ابتعته ثلاث آصع بدينار وقبض بائعه نصف دينار، وقال: إنما بعته صاعين بدينارين تحالفا ويعطي البائع بربع دينار نصف صاع إنما هذا على الترجيح بالقبض وكون قبض النقد فوتاً، ومن لم يرد ذلك فالحكم عنده التحالف والتفاسخ، وأطال في تقريره وهو واضح. اللخمي: تغير سوق السلعة محبوسة على ضمانها بائعها لغو.

قلت: يريد وعلى ضمانها مبتاعها كغيره بعد قبضه إياها، قال: وتغير ذاتها محبوسة على الأول للمبتاع الرد دون حلفه، فإن رضي بالعيب تحالفا، وعلى الثاني إن ناب العيب ربع الثمن ضمنه المبتاع بربع ما أقر به وتحالفا في الباقي، وقاله ابن عبدوس؛ لأن المبيع كالرهن لحبسه فما هلك خرج من الرهن وقبل قوله غارمه، والباقي لا يخرج من ملك راهنه بغير ما يقول، وتقدم الخلاف في رعي الشبه في القيام. المازري: ويعتبر في فوت السلعة اتفاقاً إن فاتت بيد المشتري، وادعى الأشبه صدق وإن لم يدعه إلا البائع صدق فإن ادعيا معاً ما لا يشبه تحالفا وقضي بغرم القيمة. وفيها: إن فاتت السلعة بيد مبتاعها بحوالة سوق فأعلى صدق في قدر ثمنها إن أتي بما يشبه. عياض: انظر لو حال سوقه وهي بيد بائعها ما الحكم؟ قلت: ظاهر قول اللخمي. وقال أيضاً مالك: إن فات المبيع بعد القبض بحوالة سوق كان القول قوله: إنه دون قبضه بخلاف ذلك. وقال المازري: في كون فوتها بيد البائع كفوتها بيد المشتري أو ليس كذلك؟ فلا يصدق به المشتري، فيتحالفان، قولا ابن القُصار وإسماعيل القاضي ابن الحاجب: لا يعتبر الشبه وهي قائمة على المشهور. قلتك تقدم عزو مقابل المشهور. قال اللخمي: وهذا إذا أتى الآخر بما لا يشبه وهو ممكن، ولو ادعى عشرة فيما ثمنه مائة أو العكس صدق ذو الشبه مع يمينه وقيل: دون يمين، ولما ذكر ابن شاس القولين في مراعاة الشبه قال: وقال أبو الطاهر: ينبغي إن ادعى أحدهما الأشبه وأبعد الآخر إلى ما لا يشبه أن يتفق على قبول قول مدعي الأشبه وإن ادعى الآخر ما هو ممكن أن يتغابن الناس بمثله ألغي الأشبه. قلت: وغفلا أو أعرضا عن قول ابن محرز لا يعتبر الأشبه، ألا ترى أنه إذا قال أحدهما: المبيع بعشرة، وقال الآخر: بمائة والأشبه عند الناس في ثمنها عشرة؛ لكان الحكم عند أهل المذهب التحالف والتفاسخ بكل حال.

قال ابن الحاجب: وفي الفوت بحوالة الأسواق قولان. قلت: القول بأنها فوت هو نصها، ومقابله لم يعزه شارحاه ولم أجده نصاً، ولا ظاهراً إلا ما وجدته لابن العربي في عارضته. قال ما نصه: القول الثالث أنهما يتحالفان ما لم تفت السلعة، فإن فاتت بنقص أو زيادة في وصف أو أصل وطول زمان في العقار. قال ابن القاسم عن مالك: فالقول قول المشتري. قلت: فظاهر قوله بنقص أو زيادة أن مجرد حوالة الأسواق ليس فوتاً. وفي كون المبدأ باليمين البائع أو المبتاع، ثالثها: يخير الحاكم، ورابعها: يقرع بينهما للمازري عنها وعن العتبية مع قولها في تضمين الصناع: إذا تجاهل الورثة الثمن يبدأ ورثة المبتاع، وعن بعض أشياخه وغيره منهم وهو قول اللخمي. قلت: ما في العتبية هو سماع يحيى ابن القاسم فيمن اشترى طعاماً بدينار قبضه منه بائعه وقبض هو خمسة آصع، وقال قبل افتراقهما: إنما اشتريت بالدينار ستة آصع، وبقي لي صاع، وقال البائع إنما بعتك خمسة آصع بدينار وقد وصلت إليك، فالقول قول البائع مع يمينه لقبضه الدينار فإن لم يقبض واحد منهما شيئاً تحالفاً. قلت: فأيهما يبدأ باليمين؟ قال: يحلف المشتري ما اشترى منه إلا ستة آصع بدينار، ثم يحلف البائع ما باعه إلا خمسة آصع بدينار ويخير المشتري في أخذ الخمسة بدينار. ابن رشد: إن لم يقبض واحد منهما شيئاً تحالفا وتفاسخا اتفاقاً، والاختيار تبدئه المشتري على هذا السماع؛ لأنه بائع للدينار، يقول: لم أبع ديناري إلا بستة، ولو اختلفا في ثمن الخمسة الآصع؟ فقال البائع: بعتها بدينار، وقال المشتري: اشتريتها بخمسة أسداس دينار لكان الاختيار تبدئة البائع. كما لو اختلفا في ثمن السلعة قال البائع: بعتها بستة أرادب أو دينار، وقال المبتاع: بل ابتعتها بخمسة أرادب أو دنانير الاختيار تبدئة البائع وأيهما بدئ في هذه المسألة فذلك جائز؛ لأن كل منهما مدع ومدعى عليه بأيهما بدئ جاز، وكان مضى لنا عند من أدركنا من الشيوخ في هذه المسألة أن تبدئة المشتري فيها باليمين خلاف الاختيار، والصحيح ما قلناه. ولما ذكر ابن عبد السلام قولها في تضمين الصناع إذا تجاهل ورثة المتبايعين الثمن

حلف ورثة المبتاع ما يعلمون الثمن ثم ورثة البائع قال: إن قلت: لم خالف بين المتبايعين وورثتهما في التبدئة. قلت: لم يخالف بينهما وإنما بدأ ورثة المشتري في تجاهل الثمن؛ لأنه عند أهل المذهب فوت وكذا لو تجاهله المتبايعان. قلت: هذا خلاف ما تقدم للمازري إن قولها في تضمين الصناع مثل ما في العتبية، وقول المازري بعيد لتصريح مالك في تضمين الصناع بتبدئة البائع، وذكره إثره تبدئة ورثة المشتري يدل على عدم مناقضتها إياه؛ بل تبدئتهم لمعنى اختص بصورتهم وتقريره. ابن عبد السلام: بأن مجهلة الثمن فوت يرد بأنه لو كان فوتاً لما ردت فيه السلعة وقد قال فيها: إن حلف ورثة المبتاع حلف ورثة البائع وردت السلعة، وقال: هذا بعد أن قال: إن فاتت السلعة بحوالة سوق فأعلى صدق المبتاع مع يمينه، وإنما المعنى الذي لأجله بدئ ورثة المشتري في التجاهل؛ لأنهم هم المدعى عليهم في الثمن باعتبار طلبهم بدفعه، وباعتبار دعوى علمهم به؛ لأن الأصل في دعوى العلم، وعدمه حيث التساوي عدم العلم حسبما قرره الأشياخ مستدلين بقوله تعالى: {وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لا تَعْلَمُونَ شَيْئًا} [النحل:78]، وورثة البائع، وإن ساووهم في أصالة عدم العلم لم يساووهم في كونهم مدعى عليهم أن يدفعوا الثمن، وهذا لأن تجاهل الثمن يتفرع عن أمر محتمل راجح الوقوع، وهو ثبوت بيع متفق عليه بين عاقديه وهما المتبايعان؛ لأن الأصل عدم الاختلاف وتقرر بيع متفق عليه يوجب توجه الطلب بثمنه على مبتاعه أو وارثه فثبت اختصاص وارثه كونه مدعى عليه واختلاف المتبايعين أنفسهما غير ملزوم لتقرر بيع متفق عليه فلا موجب لتعين كون المبتاع مدعى عليه. ابن شاس: على المشهور في تبدئة البائع في كونه واجباً أو أولى، خلاف من قال أنها من باب الأولى، قال: إن تناكلا فالفسخ كما إذا حلفا، وبه قال ابن القاسم، ومن قال: إنها واجبة أمضى العقد بما قال البائع، وبه قال ابن حبيب. اللخمي: إن نكلا في اختلافهما في كون المسلم فيه قمحاً أو شعيراً رد رأس المال، وروى ابن حبيب القول قول البائع كمطلوب رد اليمين فنكل الطالب، وهذا يصح

على قول أبي الفرج القائل يبدأ البائع باليمين ويسلم الشعير، وعلى القول إنما يبدأ باليمين ليسقط دعوى المسلم في القمح، ويحلف الآخر لئلا يؤخذ بقبض الشعير إن نكلا فكل واحد على ما بدأ به وحلف. قلت: نقله عن أبي الفرج يبدأ البائع باليمين ويسلم الشعير مشكل؛ لأنه يقتضي قبول قوله على خصمه، ونصوص المذهب خلافه، ولو سلم فلا يتصور حينئذ تحالف فلا تناكل، والفرض ثبوته فتأمله وتقرير بسطه أن الذي نقله غير واحد من رواية ابن حبيب؛ إنما هي في نكولهما في التحالف الذي حلف أحدهما فيه لا يثبت دعواه إنما يوجب حلف خصمه لا في نكولهما في الحلف الذي حلف أحدهما فيه يثبت دعواه فإن أراد بالإجراء على قول أبي الفرج التحالف الأول وهو مقتضى قوله بعد هذا حيث تكلم على هذا النوع من التحالف ما نصه تقدم الخلاف، إذا نكلا هل يفسخ أو يكون القول قول من بدأ لزم ما قلناه من أنه يقتضي قبول قول البائع على خصمه ونصوص المذهب خلافه؛ وإن أراد به التحالف الثاني فهذا لا تنفرد به رواية ابن حبيب، ولا تختص بالإجراء على قول أبي الفرج لموافقتها حينئذ أصل المذهب وفروعه فبان أن قوله مشكل ولذا والله أعلم لم ينقله المازري، ولم يتعرض المازري لنقل هذا من كلام اللخمي، ثم قال اللخمي بعد قوله هذا: تقدم الخلاف إن نكلا هل يفسخ أو يكون القول قول البائع؟ والأول أحسن؛ لأن كل يمين بدأ بها حالف فنكل عنها ثم ردت فنكل عنها من ردت عليه فإن الحكم يعود لما يجب إن لو حلف المبدأ، والحكم لو حلف البائع بقاء سلته بيده لا ثبوت دعواه على المبتاع، ولو كانت تبدئته ليستحق دعواه لم يحلف المشتري بعد يمينه. المازري: وما حكيناه من رواية ابن حبيب قبول قول البائع، قيل: مراده قبول قوله فيما ادعاه من الثمن دون حلف أو لا يأخذه إلا بعد حلفه الذي يشير إليه أشياخنا أجمعون أنه دون يمين، وقال الباجي: لابد من يمينه جنوحاً منه إلى ما رددنا به ما حكاه ابن حبيب. قلت: هو ما رجح بن اللخمي القول بالفسخ وبه وجه ابن رشد قول الباجي معبراً عنه ببعض أهل العلم.

قلت: وأطال المازري وذكر ما حاصله أن قول الباجي بناء على أن حلف كل منهما إنما يكون على نفي دعوى خصمه فقط أو على أنه إن زاد فيها صحة دعواه لم يحكم لتلك الزيادة بحكم ما زيدت عليه في إلزام مقتضى حكمها خصمه بناء على اعتبار عدم وجوبها على الحالف، وكونه متطوعاً بها قال: وأقوال أهل المذهب تقتضي أن حكم الزيادة حكم ما زيدت عليه حرصاً على تقليل الأيمان. قلت: وهو ظاهر ألفاظ المدونة في صفة أيمانهما. وفيها: اختلاف اللخمي: اختلف هل يحلف كل منهما على إثبات دعواه أو على تكذيب دعوى صاحبه؟ وأرى أن كلاً منهما مخير في ذلك إن حلف البائع أنه لم يبع إلا بمائة استحقها بنكول المشتري دون حلفه ثانية، وإن حلف أنه لم يبع بخمسين فإن نكل المشتري حلف يميناً أخرى أنه ما باع بمائة واستحقها، وكذا المشتري. وفرق المازري بين قبول حلفه على الزيادة رجاء نكول خصمه قبل وجوبها وبين عدم قبول حلف مدع على دعواه قبل نكول المدعى عليه، بأن البائع استوجب الحلف من حيث كونه مدعى عليه، فانسحب حكم اعتداده بحلفه على الزيادة فاعتد بها حرصاً على تقليل الحلف والمدعي لم يجب له شيء فينسحب. قلت: وهذا المعنى ساقط في الزيادة في حلف الثاني بعد حلف الأول واجب بذاته فيها بعد نكول الأول حسبما قاله ابن رشد في المقدمات في كتاب الأكرية. قال المازري: ما ذكره اللخمي من الحلف هل يحلف على النفي أو عليه مع الإثبات لا أحفظ نص أحدِ من أصحابنا عليه، وعند الشافعية فيه خلاف. قال: وحلفه على الزيادة للوجه الذي قررناه وهو كقول أهل المذهب في حلف المرتهن على كل ما ادعاه من مَنْ قدر دينه الذي الرهن به رهن، وإن كانت قيمة الرهن أقل مما ادعاه المرتهن، وأكثر مما أقر به الراهن لرجاء نكول الراهن عن الحلف على نفي الزائد على قيمة الرهن. قلت: فيلزم مثله فيمن ادعى على رجل قدراً من الدين أقام شاهداً ببعضه واقتصار ابن رشد في المقدمات في صفة حلف البائع على أنه مخير في حلفه على الزيادة قال بخلاف حلف المبتاع بعد البيع ويعضد قول المازري فيما نقله اللخمي لا أحفظه.

قلت: والإنصاف أن القول الذي قال: لا أحفظه هو نصها في كتاب الخيار، منها ما نصه قيل للبائع إما أن تصدق المشتري وإلا فاحلف لي ما بعت سلعتك إلا بما قلت، فإن حلف قيل للمبتاع: إما أن تأخذها بما قال البائع، وإلا فاحلف ما اشتريت إلا بما قلت، وتبرأ ومثله في تضمين الصناع، وعلى لفظ المدونة بنى ابن فتحون والمتيطي حلفهما قالا ما نصه: يتحالفان، يحلف البائع أولاً ثم يخير المبتاع في أن يأخذ السلعة بما حلف عليها البائع أو يحلف على ما قال فيفسخ البيع وقولها بخير المبتاع في أن يأخذ السلعة بما حلف عليه البائع نص في أنه يحلف على الجزأين، وكذا في قولهما في المبتاع يحلف على ما قال وعدم ذكر المازري وابن مرشد ما ذكرناه على المدونة غريب ولاسيما ابن رشد مع كثرة ذكره مسائلها. فإن قلت: علة عدم ذكرهما ما فيها لوضوح ضعفه بما قرراه من أن يمين المدعى عليه إنما تطلب منه على نفي الدعوى فقط ووضوح ذلك يوجب حملها على غير ظاهرها وتفسيرها بما قررناه. قلت: هذا يرد بما نقلناه عن المتيطي وغيره من حملها على ظاهرها ووجهه أن تقول: الحلف على الجزأين العدمي، وهو الراجع لنفي الدعوى والوجودي الراجع لإثبات دعواه مطلوب حسبما دل عليه ظاهرها، وتقريره أن الحلف عليهما معاً موجب لدرء مفسدة محتملة الثبوت وكل موجب لدرء مفسدة محتملة الثبوت مطلوب فالحلف على الجزأين مطلوب بيان الأولى أن الحلف على الجزء العدمي فقط حلف على كذب محتمل، وكل حلف على كذب محتمل هو ذو مفسدة محتملة الثبوت، فالحلف على الجزء العدمي فقط ذو مفسدة محتملة الثبوت بيان الأولى أن الحلف على الجزء العدمي فقط أخص من الحلف على نفي مطلق البيع ونفي الأخص، وإن لم يستلزم نفي الأعم فنفيه معه محتمل، فحلفه على بيع البيع الأخص فقط محتمل لحلفه على نفي مطلق البيع ونفي مطلق البيع كذبن فالحلف على الجزء العدمي فقط حلف على كذب محتمل لحلفه على نفي مطلق البيع، ونفي مطلق البيع وصدق كبرى هذه وهي قولنان وكل حلف على كذب محتمل هو ذو مفسدة محتملة، واضح فصدق أن الحلف على الجزء العدمي فقط درء مفسدة محتملة ثم يقول بيان صدق صغرى القياس الأول وهي قولنا: الحلف على

الجزأين يوجب درء مفسدة محتملة الثبوت أنه إذا حلف ما باع إلا بكذا انتفى احتمال حلفه على نفي مطلق البيع الموجب لاحتمال الكذب قطعاً فكان درءاً للمفسدة المذكورة وبيان صدق كبراها، وهي قولنا: وكل موجب لدرء مفسدة محتملة الثبوت مطلوب واضح، فزم حينئذ صدق الدعوى وهي قولنا: الحلف على الجزأين مطلوب وبه يتضح وجه الحلف على الزيادة المذكورة في حلف المبتاع بعد حلف البائع على ظاهر المدونة، وقول المتيطي وابن فتحون خلاف قول ابن رشد وقول ابن الحاجب ويحلف على نفي دعوى خصمه وقيل مع تحقيق دعواه، ونحوه لابن شاس إتباع لنقل اللخمي إلا أن فيه نقل قول المدونة مهملاً مؤخراً. في تقرير الفسخ بحلفهما طريقان: ابن رشد: في كونه بتمام حلفهما أو لا؟ ثالثها: إن كان بحكم وإلا لم يقع بتراضيهما بعد حلفهما، ورابعها: إن كان بحكم لم يقع إلا بحكم، وإن كان دون حكم وقع بتمام حلفهما عكس الثالث لسحنون مع ظاهر شفعتها وابن القاسم في ثاني سلمها. قلت: لم يعز الباقين إلا لمتأخري أصحابه، وعزا عبد الحق الأخير لبعض القرويين قال: وخالفه غيره، وظاهر تفسير ابن رشد الثالث أن المقابل للفسخ بتمام حلفهما قصر كونه بتراضيهما لقوله: إلا بتراضيهما، وظاهر تفسيره الرابع قصر كونه بحكم لظاهر قوله فيه عكس الثالث، وحمل القصرين على ظاهرهما تناقض ألا أن يريد بقوله: عكس الثالث في اعتبار الحكم، ولغوه مطلقاً، وبكون المقابل للفسخ بتمام الحلف في الثالث التراضي، وفي الرابع الحكم، وفي هذه المسألة نظر نقلاً وتوجيهاً، والآخر أن يريد بمقابل الفسخ بتمام التحالف أحد الأمرين التراضي أو الحكم. المازري: في وقوعه بتمام حلفهما أو بالحكم قول سحنون وابن القاسم، وثالثها: نقل بعض أشياخي وقوعه بتراضيهما. قلت: عزاه اللخمي لابن عبد الحكم قال: وهو أحسن، فعلى جعل المازري التراضي مغايراً للقول بالحكم، الأقوال الخمسة: ابن رشد: على عدم الفسخ بتمام التحالف.

اختلاف فيها للمبتاع الأخذ بما قال البائع فظاهره ليس للبائع أن يلزم المبتاع البيع بما قال. ولابن عبد الحكم: للبائع أن يلزم المبتاع البيع بما قال، فظاهره ليس للمبتاع أن يلزم البائع البيع بما قال. وقيل: هما سواء تكلم كل منهما بمنطوق مفهومه مسكوت عنه غير محكوم فيه بالنقيض. هذا قول ابن زرقون وإنما يصح إن كان اختلافهما في القلة والكثرة أو في غاية المسافة في الكراء وإن كان في الأنواع أو في جملة المسافة فلا يصح أن يحمل إلا على أنه اختلاف من القول. قلت: فيما ذكره من عدم الصحة نظر؛ لأن لزوم إلزام أحدهما البيع بما قال في القلة والكثرة إنما هو بأخذه بعين دعواه لا بتفضل الملزم عليه بالزائدة على دعوى الملزم وإلا افتقر لقبول الملزم، وإذا كان إلزامه ذلك لأخذه بدعواه فلا فرق بين كونها في قلة أو كثرة ولا بين كونها في وقوع آخر، ولا سينما على القول بأن الفسخ إنما هو في الظاهر فقط حسبما يأتي فتأمله، وإن كان من لقيناه من الشيوخ يتلقى كلامه عند نقلنا إياه بالقبول. المازري: في كون الفسخ ثابتاً في الباطن كالظاهر خلاف، ولبعض الشافعية، ثالثها: إن كان البائع مظلوماً؛ لأنه وهو ظالم غاصب المبيع، وفائدة الحلية صحة تصرف البائع بالوطء والعتق وغيره وعلى كونه في الظاهر فقط لا تصرف له فيه، وحقه في عوضه على مشتريه والمبيع له لا يمكن من أخذه في دينه بل يباع فيه إن قصر ثمنه عنه، فما بقي في ذمة مشتريه وإن فضله رد فضله عليه، وبين أصحاب الشافعي خلاف هل يبيعه لنفسه لتعذر الرفع للحاكم أو يبيعه الحاكم؟ والأشبه بظاهر مذهبنا الرفع للحاكم. قال ابن عبد السلام: الذي أفهمه من قواعد مذهبنا أنه لا يلزمه ذلك بل له أن يبيع بنفسه. قلت: الأظهر ما قال المازري، وقول ابن عبد السلام يرد بنصها مع غيرها يمنع

المرتهن من بيع الرهن بعد حلول أجل دينه وأنه يجب رفعه للإمام ليأمر ببيعه. المازري: قول بعض متأخري أصحابنا كل ما يؤدي للاختلاف في الثمن كالاختلاف فيه كاختلافهما في رهن أو حميل صحيح. ابن عبد السلام: وقع في المذهب ما يدل على أن الرهن لا حصة له من الثمن وهذا يعترض به في تشبيه هذه المسألة باختلاف المتبايعين في قلة الثمن وكثرته. فيها: من أمرته أن يسلم لك في طعام ففعل وأخذ رهناً أو حميلاً بغير أمرك جاز؛ لأنه زيادة في التوثق وإليك التفطن في الوجه الذي يعترض به على التشبيه. قلت: وجه التفطن أن مسألة الكتاب تدل على أن الرهن لا حظ له من الثمن ولو كان الاختلاف فيه كالاختلاف في قلة الثمن وكثرته لكان له حظ من الثمن وهو خلاف ما بينا أنه مقتضى قولها، ويرد بأن مقتضى تشبيه اختلافهما في الرهن باختلافهما في قلة الثمن وكثرته، أن الرهن المدعى شرطه في العقد له حظ من الثمن لا مطلق الرهن ولو لم يشترط في العقد. ومسألة الوكيل إنما هي في رهن لم يشترط في العقد بين الوكيل والموكل لذا لو شرطه عليه في عقد التوكيل كان بتركه متعدياً. فإن قلت: قد وقع بين الوكيل والمسلم إليه بشرط فلو كان له حظ من الثمن لكان متعدياً؛ لأنه يكون قد ترك بعض ثمن المبيع وهو رأس مال السلم لمكان الرهن. قلت: الثمن في بيع الوكيل الذي يكون بترك بعضه متعدياً إنما هو ما يبلغ القيمة والزائد عليها لا يكون بعدم تحصيله متعدياً اتفاقاً، ومعنى مسألة الكتاب أن الوكيل أعطى في المسلم فيه ثمن مثله فأقل لا أنه أعطى أكثر من ذلك؛ ولذا قال في المدونة: لأنه زيادة توثق، وسمع أصبغ ابن القاسم: من قال اشتريت من فلان أنا وفلان هذه السلعة بكذا، وقال البائع: إنما بعتكها وحدك لم يلزمه إلا نصفها بنصف الثمن، ولو قال: اشتريتها كلها، وقال البائع: إنما بعتك أنت وفلان فإن ادعى ذلك فلان أخذه إلا أن يكون للآخر بينة وقال أصبغ، قال ابن القاسم: فإن لم يدع ذلك فهي لمن ادعاها ولا حجة للبائع؛ لأنه أقر ببيعها كلها، أصبغ: ليس هذا بشيء إنما له نصفها إلا أن يسلمها له البائع، وهذا إغراق عن الصواب. ابن رشد: قوله: لم يلزمه إلا نصفهما يريد ويحلف أنه ما ابتاع إلا نصفها إن حلف

كان شاهداً لفلان بشراء النصف الآخر، وإن نكل عن اليمين فحلف البائع وألزمه كل السلعة لزمه دفع نصفها لمن أقر أنه اشترى معه إن أراد أخذه وإن لم يرد أخذه وأراد هو أن يلزمه إياه لزمته اليمين أنه ما اشتراه معه فإن حلف انفرد الأول بالسلعة، وإن نكل حلف الأول وكانت السلعة بينهما. وقوله في الثانية: فإن لم يدع ذلك فهي لمن ادعاها هو استحسان والقياس قول أصبغ؛ لأن البائع إنما أخذ بالبيع لغيره، واستحسان ابن القاسم في هذه المسألة كاستحسان أشهب في كتاب الخيار، ويلزم في المسألة الأولى على استحسان ابن القاسم في الثانية إذا قال: اشتريت أنا وفلان، وقال البائع: إنما بعتك وحدك، أن يكون لفلان أخذ نصف السلعة فتكون بينهما ولا يكون للبائع حجة؛ لأنه أقر ببيعها كلها بالثمن من هذا، وسمع أبو زيد ابن القاسم من اشترى نصف شقة ولم يسم أولاً، ولا آخراً، ولم يسم البائع حتى قطع الثوب، وقال: لا أعطيك إلا الأخير، وقال المشتري: لا آخذ إلا الأول حلف البائع ما باع إلا على الأخير وفسخ البيع ورد الثوب مقطوعاً إلا أن تكون سنة التجار إذا قطعوا إنما يبيعون الأول فيحملان على ذلك. ابن رشد: يريد إذا حلف البائع حلف المشتري ما اشترى إلا على الأول. قلت: انظر قوله: ما اشترى إلا على الأول فجعله يحلف على مجموع نفي دعوى خصمه وإثبات دعواه. وقد قال في المقدمات: إذا حلف البائع أولاً إنما يحلف المشتري بعده على نفي دعوى البائع فقط إذ لا فائدة في حلفه على إثبات دعواه بعد حلف البائع قال: وأيمانهما في هذه المسألة على البتات يحلف البائع أنه أراد الآخر والمشتري أنه أراد الآخر؛ لأنهما اتفقا على أن البيع وقع منهما دون تسمية أول ولا آخر ولو ادعيا التسمية حلف كل منهما على ما سمى لا فرق بين دعواهما التسمية اتفاقهما على الإبهام، إن ادعى كل منهما أنه أراد غير ما أراد صاحبه إلا في صفة الأيمان، ولو اتفقا على الإبهام ولا نية لواحد منها كانا شريكين يقسم الثوب على القيمة ثم يستهمان عليه. وقال ابن دحون: هذه مسألة حائلة لا يجوز إن أبهما ولم يسميا؛ لأنه بيع مجهول، كمن باع فداناً من أرضه ولم يحوزه، وإن ادعى أحدهما أنه سمى جاز، وحلف على ما

ادعى، فإن ادعيا معاً فالقول قول البائع مع يمينه، وإن لم يقطع الشقة وقد أبهما كانا شريكين كمن اشترى نصف أرض ولم يذكر الناحية، وليس قوله بصحيح؛ لأنهما إذا أبهما فليس ببيع مجهول كما قال: إذ لم ينعقد البيع بينهما على جهل؛ لأن كل منهما ظن أن صاحبه أراد النصف الذي أراده ولم يقع شراء المشتري على أن يأخذ أحد النصفين من غير أن يعلم أيهما هو ولا بيع البائع على ذلك، ولو وقع ذلك كان غرراً مثاله: أن يقول: أشتري أحد الصنفين الأول أو الآخر أيهما وقع السهم عليه أو أيهما شئت أن تعطيني. قلت: قوله: أو أيهما ... الخ ظاهره إنه فاسد اتفاقاً، وفيه نظر؛ بل هو بمنزلة بيع ثوب من ثوبين على أن الخيار للبائع، وتقدم ما فيها من الخلاف، وذكرها في كتاب النكاح منها قال: وقوله إن ادعى أحدهما أنه سمى جاز، وحلف على ذلك مطرد على ما ذهب إليه من فساد البيع إذا أبهما؛ لأن من سمى منهما يكون مدعياً للصحة، ومن لم يسم مدع للفساد، وقوله: إن ادعيا معاً فالقول قول البائع لا يصح إذ الواجب أن يحلف كل منهما لصاحبه فلا يكون بينهما بيع؛ لأن البائع مدع على المبتاع أنه باع منه النصف الأول، والمبتاع مدع على البائع أنه به منه النصف الأول منكر أن يكون اشترى منه النصف الآخر فإن حلفا أو نكلا انفسخ بيعهما وإن نكل أحدهما فالقول قول الحالف. وفي نوازل سحنون: من سام سلعة وأراد الانقلاب بها فقال: أخذتها بعشرة، وقال البائع: تأخذها بأحد عشر، فقال المشتري: لا أزيدك على عشرة فذهب بها، ثم فاتت ففيها القيمة ما لم تزد على أحد عشر وما لم تنقص عن عشرة فلا يزاد ولا ينقص لرضى البائع بأحد عشر ورضى المبتاع بعشرة. ابن رشد: هذه جيدة خفية المعنى ناقصة الوجوه أبين خفيها وأتمم وجوهها: إنما رجع للقيمة في فوتها لافتراقهما فيما دون اتفاق على ثمن ولزوم القيمة على الوجه المذكور سواء فاتت السلعة بيد المبتاع أو أفاتها هو إذ لم يقل له البائع: لا أنقصك من أحد عشر إنما عرض عليه أن يأخذها بذلك إلا أن يفيتها بحضرة البائع وهو ساكت مثل أن تكون طعاماً فيأكله أو شاة فيذبحها أو ثوباً فيقطعه أو كراء دار فيسكنها، فلا يلزمه أحد عشر فيها لسكوته على تفويته إياها، وقد سمع قوله: لا أزيدك شيئاً على

عشرة، ولو قال له لا أنقصك من أحد عشر فأخذها المبتاع، وقال: لا أزيدك على عشرة ثم انقلب بها فأفاتها لزمته الأحد عشر إذا فاتها أو سمع قول البائع لا أنقصك من أحد عشر فأخذها المبتاع وقال: لا أزيدك، ولو أفاتها المبتاع بحضرة البائع وهو ساكت للزمه الآخر من قولهما الذي افترقا عليه إن كان الآخر قول البائع لا أنقصك من أحد عشر المبتاع بتفويتهن وإن كان قول المبتاع: لا أزيدك على عشرة لزم البائع أخذ العشرة بسكوته، وهذا كله يبينه ما في سماع عيسى من كتاب كراء الدور، وما رواه ابن أبي جعفر عن ابن القاسم في الدمياطية، وفي نوازل سحنون روى ابن وهب: إن اختلفا في نقد الثمن وتأجيله، فإن بان المشتري بالسلعة حلف، وقبل قوله: وإن لم يقبض السلعة فالقول قول البائع، والمبتاع بالخيار يحلف المبتاع ما بعتها إلا بالنقد والمشتري ما اشتريتها بالنقد ويبرآن. قال سحنون: خذ مني هذا الأصل، فإنه اختلف فيه قول مالك اختلافاً شديداً. ابن رشد في اختلافهما في أجل الثمن إن اتفقا على عدده ثمانية أقوال: الأول: رواية ابن وهب هذه يتحالفان ويتفاسخان ما كانت السلعة عند البائع فإن قبضها المبتاع فالقول قوله أقر البائع بأجل أم لا؟ واختاره سحنون. الثاني: مثل هذا ما لم يقر البائع بأجل وإلا فالقول ولو قبضها المبتاع. والثالث: يتحالفان يتفاسخان، ولو قبض المبتاع السلعة ما لم تفت فإن فاتت قبل قول البائع إن لم يقر بأجل، والقول قول المبتاع عن تقارا على الأجل واختلفا فيه وهو مشهور قولي ابن القاسم. والرابع: قول ابن عبد الحكم وأصبغ، وابن الماجشون: يتحالفان ويتفاسخان ولو قبضت السلعة ما لم تفت فإن فاتت فالقول قول المشتري، وإن لم يقر البائع بأجل. والخامس: القول قول المشتري إن ادعى من الأجل ما يشبه فاتت السلعة أو لا، روي عن ابن القاسم. والسادس: إن لم يقر البائع بأجل قبل قوله ما لم يدفع فإن دفعها فالقول قول المبتاع. والسابع: إن لم يقر البائع بأجل فالقول قوله وإن دفع السلعة ما لم تفت وإن فاتت

فالقول قول المشتري روي عن ابن القاسم وهو قول العراقيين. والثامن: القول قول البائع إن لم يقر بأجل فاتت السلعة أم لا؟ وإن أقر فالقول قول المشتري فاتت السلعة أم لا؟ وهي رواية مُطَرِّف. المازري: إن اتفقا على مدة الأجل واختلفا في انقضائه فالقول قول منكره؛ لأنه اختلاف في زمن العقد، وإن اختلفا في قدره مع اتفاقهما على ثبوته في العقد جرت فيه أقوال: اختلافهما في قدر الثمن. عياض في تضمين الصناع: قوله في آخرها بلغني عن مالك اختلافهما في الأجل في فوت السلعة كاختلافهما في الثمن صحت لأحمد وابن باز لا ليحيى. المازري: وإن ادعى البائع عقده على الحلول، وقال المشتري: إلى شهر ففي تضمير الصناع منها: إن لم تفت السلعة تحالفا وإن فاتت صدق البائع، وفي رواية غير يحيى يصدق المشتري في الفوت، وفي الوكالات والرهن منها يصدق المشتري في الفوت إن ادعى أمراً قريباً لا يتهم فيه وكذا قال ابن القاسم في الرهن يقبل قول البائع. وتقدم الخلاف في رعي الأشبه في القيام. قلت: ونحوه قول اللخمي إنما الخلاف إن فاتت السلعة وإلا تحالفا وتفاسخا إذ لا يراعى الشبه في القيام على المشهور. ابن شاس: إن اختلفا في تأجيله فالأصل أنه كاختلافهما في قدره إلا أنه إن ثبت في مبيع عرف رجع إليه فيه؛ ولذا قال بعض المتأخرين اختلاف الأصحاب في ذلك هو على شهادة بعادة، وقيل: القول قول البائع، وهذا على أن العادة التعجيل، وقيل: هذا في دعوى بعيد الأجل، وفي القريب يتحالفان كالاختلاف في قدر الثمن. قلت: هذا اختصار كلام ابن بشير. قال: وفي قول: يتحالفان ما لم تفت وهذا هو الأصل، فإن أقر البائع بالأجل وادعى قربه وادعى المشتري بعده جرى على الاختلاف في الثمن إلا على رأي من يرى أنه مقر مدع فيكون القول قول المشتري، وفي المذهب فيه قولان. وفيها في كتاب الوكالات: إن ادعى البائع نقده والمبتاع تأجيله صدق إن ادعى أجلاً يقرب لا يتهم فيه، وإلا صدق البائع إلا أن يكون لما تباع إليه السلعة أمر معروف

فالقول قول مدعيه. وفي تضمين الصناع: إن ادعى البائع حلوله أو إلى شهر وقال المبتاع: إلى شهرين، فإن لم تفت حلفا وردت، وإن فاتت بيد المبتاع بحوالة سوق فأعلى صدق البائع في حلوله لا في قصر أجله. وفي الرهون: قال مالك: إن فاتت وادعى البائع حلوله والمبتاع أجلاً قريباً صدق، وإن ادعى بعيداً لم يصدق. ابن القاسم: لا يصدق في الأجل ويعجل ما أقر به إلا أن يقر بأكثر من دعوى البائع فلا يأخذ إلا ما ادعى. وفي ثاني سلمها: إن ادعى المبتاع أجلاً، والبائع أجلاً دونه صدق المبتاع إلا أن يأتي بما لا يشبه فيصدق البائع. وفيها: إن اختلفا في دفع الثمن في الربع والحيوان والعروض وقد باع المبتاع بالمبيع صدق البائع بيمينه، إلا فيما يباع على النقد كالصرف، وما بيع في الأسواق من اللحم والفاكهة، والخضر والحنطة والزبيب ونحوه وانقلب به المبتاع، صدق بيمينه، وسمع القرينان: من أكتال رطباً ابتاعه فطلبه بائعه بثمنه فقال: دفعته لك صدق البائع بيمينه؛ لأنه لم يفارقه، وكذا من ابتاع طعاماً فاكتاله في وعائه ولم يتزايلا فالقول قول بائعه بيمينه. ابن رشد: لم يبين متى ادعى مبتاع الرطب دفع ثمنه فإن ادعى بعد قبضه الرطب فالقول قول بائعه اتفاقاً، ولو ادعى دفعه قبله ففي قبول قوله أو بائعه، ثالثها: فيما الشأن قبض ثمنه قبل قبض مثمونه لرواية ابن القاسم في كتاب الميديان، وظاهر هذا السماع ومحمد عن ابن القاسم وهذا فيما يتبايع بالنقد شبه الصرف كيسير الحنطة والزيت والسوط، والشراك، والنعل، وأما كثير الطعام والبر، والعروض، والرقيق والدور، فالقول قول البائع إلى ما يجوز التبايع إلا مثله عند ابن القاسم وليحيى عنه في العشرة، أن القول قول المبتاع في ثمن الطعام ولو كثر إن بان به عن بائعه، وقال يحيى وأصبغ وغيره: كثير الطعام كالبز والعروض. ولابن حبيب: أما الرقيق والدواب الرباع وشبه ذلك مما لا أصل فيه ألا يبيعه على الدين ولا على التقاضي فالقول فيه قول البائع أنه لم يقبض ولو تفرقا ما لم تمض له السنة

والسنتان فيقبل قول المبتاع، وأما البز والتجارات وما يباع على التقاضي والآجال فالقول قول البائع، ولو تفرقا ما لم تمض؛ لذلك مثل العشرة أعوام ونحوها فيقبل قول المشتري. ابن محرز: إن اختلفا في ثمن ما يباع على النقد بعد قبضه قبل الانقلاب به فقد اختلف فيه، فروى أشهب القول قول البائع، وروى ابن القاسم: قول المبتاع. قال ابن القاسم: هذا إن كانت العادة أخذ ثمنه قبل قبضه أو معه معاً. ابن محرز: فقد نبه ابن القاسم على المعنى المعتمد عليه وهو العادة من ادعاها قبل قوله بيمينه في كل مبيع. قلت: مقتضى تعليل ابن القاسم روايته أنها وفاق لرواية أشهب خلاف قول ابن محرز اختلف فيه، وإطلاق قوله خلاف قول ابن رشد: إن ادعى دفعه بعد قبضه الرطب قبل قول بائعه اتفاقاً وما عزاه لابن القاسم في العشرة. قال الصقلي: رواه عنه ابن أبي زَمَنَيْن وأنكره يحيى بن عمر، وقال: هو كالسلع وما عزاه لابن حبيب عزاه الصقلي له عن قول الأخوين وروايتهما قال وسوى ابن القاسم بين البز وغيره إلا الزيت والحنطة ونحوه فجعل القول قول البائع ولو بعد عشر سنين ما لم يجاوز حد ما يجوز البيع إليه ولما ذكر اللخمي قول مالك في الحيوان والثياب قال يريد ما لم يقم دليل أن المشتري لم يسلم له المبيع إلا بعد دفع الثمن ككونه بدوياً أو غريباً لا يعرف أو فقيراً أو من لا يؤمن إليه، وهذا يعرف عند النزول. ابن عبد السلام: ينبغي إن جرت عادة بمثل ما يباع من البقل واللحم في غيرهما من المبيعات كالثياب أن يحكم بها فيها ولا تبعد شهادة الروايات بذلك لمن تتبعها. قلتك هو ظاهر قولها إلا فيما يباع على النقد، ومتقدم نقل ابن محرز عن ابن القاسم قال: وذكر بعض المذاكرين ممن ولي القضاء عندنا وفي غير بلد عن بعض القضاة الجمود على ظاهر الروايات المشهورة المخالفة؛ لهذا الأصل وإنه حضر حكم بعض القضاة بين رجل بدوي وتاجر رهد أن طلب البدوي بثمن ثياب ابتاعها منه منذ مدة قريبة لم يدفع إليه ثمنها، وقال البدوي: ما فارقته حتى دفعته إليه فحكم للبائع بحلفهن وقبول قوله، قال: فأنكرت عليه ذلك وقلت: العادة جارية في مثل هذا أن البدوي لا

يبين بالسلعة من حانوت التاجر إلا بعد دفع الثمن فأحرى إن مضى لذلك يوم فلم يرجع إليّ. ابن عبد السلام: وإنكاره صحيح والعادة عندنا بتونس مطردة بذلك. قلت: لعل القاضي لم تثبت عنده العادة بذلك وعدم رجوعه للمنكر بمجرد قوله صواب، لكن ينبغي أن يسأل غيره ممن يقبل قوله فإن ثبت ذلك ببينة صح قول المنكر، وإلا فلا. وسمع أصبغ ابن القاسم: من طلب ثمن سلعة فقال: لم أقبضها وادعى البائع أنه قبضها إن كان أشهد بالثمن فقد قبضها، وغرم ثمنها أصبغ ويحلف البائع إن كان بحرارة البيع والإشهاد؛ لأن هذا من أعمال الناس وإن كف حتى حل الأجل وشبهه فلا يمين على البائع. قلت: مفهومه إن لم يكن أشهد فالقول قوله، وهو نقل المازري عن المذهب. ابن رشد: وقيل إن حل الأجل صدق البائع بيمينه في دفع السلعة، وإن كان بالقرب صدق المشتري بيمينه، ولو كان أشهد على نفسه بالثمن وكذا لو باعها بالنقد وأشهد عليه المبتاع بدفع الثمن ثم قام يطلب السلعة بالقرب الذي يتأخر فيه القبض وتستعجل فيه الأيام والجمعة ونحو ذلك فالقول قول المشتري وإن بعد كالشهر والشهرين، ونحو ذلك فالقول قول البائع، وهذا القول ظاهر قول ابن القاسم في الدمياطية وهو أظهر؛ لأن البائع مدع في دفع السلعة كالمبتاع في ثمن السلعة فلما كان بالقرب القول قول البائع، إنه ما قبض، وفي البعد القول قول المبتاع مع يمينه لقد دفع وقد مضى حد القرب والبعد والاختلاف فيه في رسم الأقضية من سماع أشهب، وجب أن يكون بالقرب قول المبتاع مع يمينه أنه ما قبض السلعة وإن أشهد على نفسه بالثمن إن كان لأجل أو يدفعه للبائع إن كان نقداً؛ إذ لا دليل في الإشهاد بالثمن على قبض السلعة؛ إذ قد يشهد له قبل ذلك، وأن يكون في البعد القول قول البائع مع يمينه ولا وجه لسقوط اليمين عنه مع تحقيق دعوى المبتاع عليه ما دفع إليه السلعة. اللخمي عن ابن عبد الحكم: إن شهدت بينة على رجل أن لفلان عليه مائة دينار ثمن سلعة اشتراها منه لم يلزمه الثمن حتى يقولا وقبض السلعة، وكذا لو شهد أنه باعه سلعة بكذا لم يقض عليه إذ ليس في شهادتهما ما يوجب قبض السلعة.

ابن رشد: ولو أشهد المبتاع على نفسه بالثمن وأنه قبض السلعة ثم قام بالقرب يطلبها وقال: إنما أشهدت له طمأنينة له لجرى على اختلاف المتأخرين في دعوى البائع أنه بقي له من الثمن بعد إشهاده بقبضه أو أنه لم يقبض منه شيئاً، وقال: إنما أشهدت طمأنينة له ففي عدم حلف المبتاع مطلقاً أو إن بعد وطال. ثالثها: إن كان أجنبياً لا قريباً للبائع ولا حليفاً له لنقلي ابن الهندي وقول ابن زَرْب. قلت: ظاهر قوله يجري على اختلاف المتأخرين عدم نص المتقدمين، وفي تهذيب الطالب عن الواضحة: إن أشهد بقبض الثمن. ثم قال إنما أشهدت به ثقة بالمبتاع وطلب يمينه فقال مالك وأصحابه: لا يمين عليه. ابن حبيب: إلا أن يأتي بما يدل على ما ادعى وتقع عليه تهمة فيحلف. عبد الحق: وفي الموازية: يحلف مطلقاً، وعندي أن مراعاة من يتهم ومن لا يتهم في وجوب اليمين وسقوطها صواب، ولو اختلفا في البت والخيار، ففي قبول قول ذي البت أو الخيار، ثالثها: يتحالفان ويتفاسخان لها، ولابن رشد مع غيره عن أشهب وابن محرز قائلاً؛ لأن الشرط يؤثر في الثمن فهو آيل للاختلاف فيه. المازري: هذا إن أراد مدعي الخيار الرد وإلا فلا اختلاف. قلت: يتقرر الاختلاف مع إرادة مدعي الخيار البت إن وهب العبد مالاً في أيام الخيار والبائع مدعيه ليكون له المال على أن عقد الخيار يوم بت. وفيها: إن ادعى أحدهما أنهما لم يضربا للسلم أجلاً أو أن رأس ماله تأخر شهراً بشرط وأكذبه الآخر، فالقول قول مدعي الصحة؛ لأنه ادعى بيع الناس. الصقلي عن الشيخ: انظر قول ابن سحنون إن قال البائع: بعتك بخمر، وقال المبتاع: بدنانير، تحالفا وتفاسخا، بخلاف دعوى أحدهما الحلال والآخر الحرام. وقال بعض شيوخ القرويين: إن كان الفساد المدعى في العقد كبيع يوم الجمعة أو بيع غرر فالقول قول مدعي الصحة وإن كان يؤدي إلى الاختلاف في الثمن تحالفا وتفاسخا. قلت: صور عبد الحق كونه بيع غرر بدعوى المشتري أنه لم ير المبيع ولم

يوصف له. الصقلي: هذا على لغو دعوى الأشبه مع القيام، وعلى اعتباره القول قول مدعي الحلال منهما. قلت: وعلى ذلك نقل الصقلي وعبد الحق نحى ابن عبد الرحمن إلى أنه إنما يكون القول قول مدعي الصحة إن فاتت السلعة، وإلا تحالفا وتفاسخا وقال: معنى قولها في دعوى أحدهما تأخير رأس المال ودعوى الأخير تعجيله، إنه عند حلول الأجل ولو كان يقرب عقده تحالفا وتفاسخا، وقال بعض شيوخ القرويين: القول قول مدعي الصحة فاتت السلعة أم لا؟ الصقلي: هذا على القول برعي الشبه، وفي الموازية إن اختلفا مع ذلك في الثمن تحالفا وتفاسخا. المازري: ظاهرها القول قول مدعي الصحة مطلقاً، وحملها الأشياخ على ما لا يتضمن اختلافاً في الثمن فنوقضوا بقولها: القول قول مدعي الصحة في الاختلاف في تأخير رأس المال بشرط، وهو يتضمن الاختلاف في الثمن، وأجاب بعضهم بحمله على أنه بعد فوت السلعة، وذهب شيخنا إلى أنه إن غلب في بعض المبيعات التعامل بالفساد صدق مدعيه مستدلاً بقولها: القول قول الزوجة في دعوى الوطء بإرخاء الستر ولو كانت حائضاً أو في نهار رمضان، وكما قيل: في المغارسة إن غلب فيها الفساد فالقول قول مدعيه، وما قاله صحيح على أصل المذهب في القضاء بالعرف. قلت: في قبوله استدلاله بمسألة الستر نظر؛ لأن نفس إرخاء الستر في رمضان جائز باعتبار ذاته، والعادة الفاسدة محرمة باعتبار ذاتها، ولا يلزم من اعتبار الجائز دليلاً اعتبار المحرم كذلكن ومن القضايا المشهورة في الفقه: المعدوم شرعاً كالمعدوم حساً. ابن بشير: إن لم يعد اختلافهما إلى الاختلاف في الثمن فالمشهور القول قول مدعي الصحة؛ لأنه الأصل وإن كان الغالب الفساد. قال سحنون: القول قول مدعيه واستقرأه أبو محمد عبد الحميد فذكر ما تقدم في دعوى الزوجة الوطء في رمضان. قال: وإن عاد إلى الاختلاف في الثمن فلأهل المذهب طريقان:

إحداهما: أنه كالاختلاف في الثمن. والأخرى: أن القول قول مدعي الصحة. عياض: أشار بعضهم إلى أن قولها بناءً على رعي الأشبه مع القيام حتى لو كان عرف البلد الفساد كان القول قول مدعيه، قال: وعلى أصله في الكتاب يتحالفان ويتفاسخان، وتأمل قولها ليس فيه ما يؤول إلى الاختلاف في رأس المال فليست معارضة لما في كتاب ابن سحنون إن قال بعت بخمر، وقال المشتري: بدنانير تحالفا وتفاسخا؛ لأن هذا اختلاف في الثمن وإلى التفريق بين بابين نحى الشيخ وغيره من القرويين وحمله بعضهم على الخلاف وإن قولها يحلف مدعي الصحة مطلقاً. وقال العتبي: إنما يكون القول قول مدعي الصحة ما لم تقم بينة فإن قامت على ظاهر صحيح سقطت اليمين، قال فضل: إلا أن يقول مدعي الحرام تعاملنا في السر على الحرام فإن كان الآخر ممن يتهم بذلك أحلف وإلا فلا. وفي المقدمات: تحصيلها على أصولهم إن كانت السلعة قائمة ولا يؤول اختلافهما إلى الاختلاف في ثمن ولا مثمون فالقول قول مدعي الصحة، وإن آل إلى الاختلاف في ثمن أو مثمون جرى على الخلاف في مراعاة الأشبه مع القيام، ولأبي زيد عن ابن القاسم القول قول مدعي العرف منهما قال: فإن كان الناس يتعاملون بالحلال والحرام أحلفا وفسخ الأمر بينهما، فلم ير في هذه الرواية لمدعي الحلال مزية وبناها على رعي الشبه مع القيام وإن كانت فائتة واختلافهما لا يؤدي إلى الاختلاف في قدر الثمن أو يؤدي إليه أو إلى الاختلاف في صفته دون نوعه، فالقول قول مدعي الحلال، وإن كان اختلافهما في الأنواع جرى على الخلاف في رعي الأشبه مع القيام. قلت: قولها: ففي كون القول قول مدعي الصحة أبدا أو إن لم يؤول إلى الاختلاف في قدر الثمن أو نوعه وإن فات المبيع. رابعها: إن كانت العرف، وإن كان الفساد فالقول قول مدعيه وإلا تحلفا لظاهرها مع نقله. عياض: عن بعضهم وتأويلها غير واحد وتخريج بعضهم على لغو الأشبه في القيام ورعية في الفوت مع عبد الحق عن بعض القرويين بقيد دعوى ذي الصحة من الثمن ما

يشبه، وأبي زيد عن ابن القاسم. ابن رشد: وعلى لغو اعتبار الصحة يتحالفان ويتفاسخان كذا أتت الرواية وينبغي أن يكون القول مدعي الفساد بائعاً كان أو مبتاعاً إن حلف انفسخ البيع ولا معنى ليمين الآخر؛ لأن البيع يفسخ حلف أم لا؟ إن حلف مدعي الفساد، فإن قال مدعي الصحة وثبت البيع، وإذا وجب التحالف ففي تبدئة البائع مطلقاً كالتحالف في قلة الصحة وثبت البيع، وإذا وجب التحالف ففي تبدئة البائع مطلقاً كالتحالف في قلة الثمن ولزوم تبدئة مدعي الفساد لزوميتها دائماً وحدة الحلف أو مدعي الصحة لملزوميتها بعض الأحيان، وهو إن نكل غرم مطلق الحلف ثلاثى للمازري عن أخذ بعضهم بظاهر قول محمد، وعن التونسي وغيره من المتأخرين. قلت: الثاني أخذ عبد الحق، وحكاه عن بعض شيوخه القرويين، وجعل ابن عبد السلام ثالث القولين الأول والأخير تبدئة البائع إن ادعى الفساد فإن نكل حلف المشتري وتعقبه بعدم فائدة حلفه وإن ادعى الصحة بدأ المشتري وإن حلف فسخ البيع دون حلف البائع، لا أعرفه ولا ظاهر قوله إنه للتونسي إنما نقله ابن رشد والمازري وغيرهما كما قلناه. قال المازري: واحتج قائل الأول بعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "إذا اختلف المتبايعان فالقول قول البائع"، فلم يفرق بين كون أحدهما ادعى مع ذلك صحة أو فساداً، وإن اختلفا فى قدر المسلم فيه، ورأس ماله عين وأتيا بما يشبه بقرب عقده ففي قبول قول المسلم إليه، ولو بقرب قبضه رأس ماله أو حتى يبين به، ثالثها: يتحالفان ويتفاسخان لظاهرها مع الصقلي عن ظاهر قول ابن حبيب واللخمي عن غير ابن القاسم في رواحلها، ونقله عن غيره والصقلي عن محمد مع نقله عن أشهب، وبعد طوله في قبول قوله وتحالفهما ليفسخ، ثالثها: يقضي بالوسط لظاهرها مع الصقلي عن ابن حبيب، ونقل اللخمي مع الصقلي عن أشهب، ونقل اللخمي قائلاً: أرى الحق للمسلم إن قام به في أنتفاع المسلم إليه تلك المدة بالنقد لم يمكن من التحالف وإن أسقطه تحالفا وتفاسخا، واختلف في

هذا الأصل كبائع أسقط عن مبتاع اطلع على عيب قديم أرش ما حدث عنه في المبيع في سقوط حقه في التماسك بالمعيب ليرجع بأرش العيب القديم قولان لها ولعيسى عبد الحق. قال بعض أصحابنا: إن اختلفا قرب انتقاده تحالفا وتفاسخا وإن اختلفا عند حلول أجله فالقول قول المسلم إليه إن أشبه، فجعل الطول فوتا في العين وهي لا تحتلف أسعارها، فإن قيل: إنما جعله فوتاً؛ لأن أسواق المسلم فيه تختلف بالطول قيل: يلزم ذلك لو كان رأس المال عرضا ولم تحل أسواقه أن يكون فوتا. وفيها: إنه ليس فوتا وإن أتيا بما لا يشبه قرب عقده، ففي تحالفهما وتفاسخهما وحملهما على الوسط سلم الناس نقلا الصقلي عن محمد، وظاهر قول ابن حبيب وبعد طوله في حملهما على الوسط، وتحالفهما نقلاه عن محمد عن ابن القاسم وعن تخريج بعضهم على قول ابن القاسم في اختلافهما كذلك في موضع القضاء فقبله، ورده المازري وابن محرز بإمكان الوسط في قدر المسلم فيه، ويعذره في مواضعه. عبد الحق: جعل للمسلم أخذ ما لم يقر البائع ببيعه خلاف قوله في مكري الدابة، إنما اكتريتها لمصر، وقال المكتري: إلى مكة ولم يشبه ما قال المكري وقد انتقد أنهما يتحالفان ويتفساخات من مصر إلى مكة، ويرد قدره من الكراء، فإن قيل: لو فعل هذا في السلم صار ذلك بيعاً وسلفاً، قيل قد قالوا: لا يتهم المتبايعان فيما يوجبه الحكم في غير شيء. وفي الموازية: في الكراء إن كان زمن الحج ركب المكتري لمكة، وإن لم يقر بذلك المكري؛ لأن غالب كراء الناس في الحج إلى مكة. قلت: إن قيل في إيراده: التفرقة بين الكراء والسلم بأنه يؤدي ذلك في السلم إلى البيع والسلف نظر؛ لأنه كذلك في الكراء قيل: هو كذلك على قول الغير بالمنع في إقالة المكري المكتري بزيادة من المكري المكتري بعد غيبته على النقد سيرهما ما له بال لا على قول ابن القاسم. وفرق اللخمي بين مسألة السلم والكراء: بأنهما اتفقا في السلم على أنه صفقة واحدة في الذمة، بخلاف مسألة الكراء؛ لأن اختلافهما في سلعة معينة فأشبه من قال:

بعتك خمسة أقفزة وأتى بما لا يشبه، وقال الآخر خمسة وهذا العبد، وأتى بما يشبه لكثرته أنه ثمن لهما معاً فلا يقبل قول المشتري على البائع في العبد، وذكر المازري تفريق اللخمي معبراً عنه ببعض أشياخه، هذا تخيل فيه بعد، وعدد الأقفزة يمكن أن يتصور فيه إنه كسلع مختلفة كما في أجزاء المسافة؛ ولذا أشار بعض أشياخي إلى أنه لا فرق بينهما وفرق غيره من الأشياخ بأنه يؤدي في السلم إلى البيع والسلم وإليه أشار التونسي وذكر أنه ليس بالبين وكيفما كان فهو أبين من القول الذي ذكره بعض أشياخي. قلت: بل فرق اللخمي أشبه، ورده المازري بقوله: عدد الأقفزة كأجزاء المسافة رد من لا فهم كلام اللخمي. وبيانه: أن اللخمي فرق بين دعوى البيع في معين ليس من ذوات الأمثال وفي كلي في الذمة من ذوات الأمثال فجعلها في المعين مردودة، ولو أشبهت وفي الكلي في الذمة مقبولة إن أشبهت؛ لأن تعلق الأغراض بالمعين إن استحق لم يقض على بائعه ولا مبتاعه بمثله، وإن استهلك لم يقض مثله، والكلي في الذمة إن استحق بعد اقتضائه غرم بائعه مثله وكذا إن استهلك المثلي قضي بمثله فلا تعلق الأغراض بالمعين لم يقض على المكري بالمسافة التي ادعى المكتري شراءها منه وإن أشبهت دعواه لاعتبار تعلق الأغراض بعين ما هو مثلي أو في الذمة قضي على المسلم إليه ببيع القدر الزائد وإن لم يقر ببيعه لشبهة دعوى المسلم. وفيها: إن كان رأس المال عرضا واختلفا في قدر الطعام قرب بيعهما او عند حلول الأجل، فإن لم يتغير سوق الثوب تحالفا وتفاسخا وإن حال؛ فالقول قول المسلم إليه. عياض: لأن السلعة المعينة لا يراعى فيها إلا الفوت، لا الغيبة عليها. الصقلي عن القابسي: لو كان رأس المال جارية وأتيا بما لا يشبه لزم المبتاع قيمتها، ولا يحملان على سلم الناس، كما لو كان رأس المال عيناً؛ لأن غالب يبايع الناس بالأثمان. اللخمي: إن كان رأس المال ثوباُ ولم يحل سوقه تحالفا وتفاسخا ولو حل الأجل؛ لأنه لم ينتفع به إذ لو انتفخ به لتغير ولو تغير أو حال سوقه فإن تغير أو حال سوقه

فالقول قول المسلم إليه إن أتى بما يشبه وإن أتى بما لا يشبه فالقول قول المسلم فإن أتيا بما لا يشبه ردا للوسط مما يشبه أن يسلم فيه وكذا لو اختلفا فيما بيع لأجل وأتيا بما لا يشبه رد لما يشبه أن تباع به لذلك الأجل؛ لأنه بيع صحيح بخلاف الفاسد؛ لأن الفاسد يسقط من الذمة ما تراضيا عليه فيرجع إلى القيمة. وفيها: إن ادعى المسلم قبضه بالفسطاط، وقال الآخر بالإسكندرية، فالقول قول مدعي موضع التبايع مع يمينه، ولغير واحد عن سحنون القول قول المسلم إليه وصوب اللخمي الأول إن كانا من بلد واحد وإن كانا حضرياً وبدوياً فالقول قول البدوي، إن ادعى القضاء بقربته؛ لأن مآل اختلافهما في مؤنة نقله فهو مدعى عليه غرمه. المازري: إن اختلفا بقرب عقدهما تحالفا وتفاسخا كاختلافهما في قدر الأجل، ويجري فيه ما تقدم من الخلاف في أنواع الفوت، ورعي الشبه مع القيام؛ لأن مدعي محل العقد ادعى ما يشبه، فإن وقع الفوت بطول الزمان فذكر القولين. وتبع ابن عبد السلام المازري في تقييده بالفوت، وإن لم يدع، موضع العقد أحدهما، ففيها القول قول المسلم إليه. اللخمي: وقال أبو الفرج: تحالفا وتفاسخا، وأرى إن كان معنى اختلافهما لما يتكلف من أجر النقل فالقول قول البائع، وإن اختلفا في ناحيتين ليس الشأن النقل منهما إلى المدينة تحالفا وتفاسخا، وقولها: إن ادعيا معاً لا يشبه تحالف، يدل على أنه إن انفرد المسلم بدعوى الشبه قبل قوله والله تعالى أعلم.

كتاب السلم

[كتاب السلم] السلم: عقد معاوضة يوجب عمارة ذمة بغير عين ولا منفعة غير متماثل العوضين، فيخرج شراء الدين وإن ماثل حكمه حكمه لأنه لا يصدق عليه عرفاً،

والمختلفان يجوز اشتراكهما في حكم واحد والكراء المضمون والقرض ولا يدخل إتلاف المثلي غير عين ولا هبة غير معين، ويطلب تعجيل أول عوضيه. وشرطه: عدم طول تأخيره. ابن حارث: اتفقوا على أنه لا يجوز تأخير رأس ماله المدة الطويلة، أنه يجوز أن

يتأخر اليوم واليومين. اللخمي: من شرطه تعجيل رأس ماله إن كان مضموناً، ولا يضر تأخير المعين، واختلف إذا اشترط تأخير المدة اليسيرة كاليومين أو يسير رأس المال المدة البعيدة، هل يصح أو يفسد؟ فأجاز مالك وابن القاسم تأخير جميعه بشرط ثلاثة أيام، وحكى ابن سحنون وغيره من البغداديين أنه فاسد. زاد المازري عن عبد الوهاب: يومان لا أكثر. قلت: ولم يذكر الباجي الثلاثة فاستدركها عليه ابن زرقون من المدونة وما ذكره من الخلاف مناف لنقل ابن حارث، الاتفاق في اليومين وعزا الصقلي وغيره كون الثلاثة كاليومين لكتاب الخيار قال: قال بعض أصحابنا: على إجازة السلم إلى ثلاثة أيام ونحوها لا يجوز تأخير رأس ماله اليومين؛ لأنه يصير ديناً بدين، ومثله لابن الكاتب وهو بين. قلت: ذكره الباجي غير معزو كأنه المذهب قال: ويجب أن يقبض في المجلس أو ما يقرب منه، قال: وتأخيره من غير شرط إن كان عيناً إلى أجل السلم. قال ابن القاسم مرة: يفسد ثم رجع فقال: لا يفسد إن لم يكن بشرط ربه قال أشهب ولابن وهب: إن تعمد أحدهما تأخيره لم يفسد وإن تعمداه فسد؛ يريد: إن فر أحدهما ليفسده لم يفسد على قولنا: الفرار من الأداء في الصرف لا يفسده. الباجي: وعلى رواية ابن وهب قال ابن حبيب: إن كان المسلم هو الممتنع منه القضاء خير المسلم إليه في الأخذ ويدفع المسلم فيه، وفي حل الصفقة ورد ما قبض منه وإن كان المسلم إليه هو الممتنع لزمه عند الأجل قبضه، ودفع المسلم فيه وفي التهذيب: إن ادعى أحدهما أنهما لم يضر بالرأس المال أجلا أو أنه تأخر شهراً بشرط، وأكذبه الآخر، فالقول قول مدعى الصحة. قال عبد الحق: نقص أبو سعيد من هذه المسألة لأن نصها في الأم قال: الذي عليه السلم: لم أقبض رأس المال إلا بعد شهر أو شهرين أو كان شرطنا ذلك واقتصر أبو سعيد على مسألة الشرط، وترك الأخرى وهي يستفاد منها أن تأخير رأس المال بغير شرط الأمد الطويل كالشهر يفسده، وقال ابن القاسم في الكتاب الثالث إن أخر النقد

حتى حل الأجل كرهته، وأراه من الدين بالدين ولا يجوز هذا وهو رأيي وذكر الصقلي هذا الأخر لابن أبي أبي زمنين عن بعض شيوخه. اللخمي: أجازه أشهب في الموازية ولو تأخر الشيء اليسير بشرط وكله فاسد عند ابن القاسم؛ لأنه يرى الاتباع مراعاة في نفسها. وعلى إجازة مالك في الموازية في الكراء المضمون: إن تأخر ثلث الكراء يجوز في السلم، والقياس بعد تسليم رعي الاتباع في أنفسها أن لا يبطل إلا قدر ما تأخر وإن تأخر الكثير النصف ونحوه فسد جميعه على معروف المذهب. وحكى ابن القصار: إمضاء ما تناجزا فيه، ويجري فيها ثالث إن سمى لكل قفيز ثمناً صح ما تناجزا فيه وإلا فسد جميعه، حكاه القاضي في الصرف وتعقب المارزي أخذه من مسألة الكراء المضمون بأن ذلك ذلك للضرورة وإليه الإشارة بتعليله في الرواية بأن الأكرياء يقتطعون أموال الناس، وقول عبد الحق في تهذيبه قول أشهب: إن تأخر يسير رأس المال لشرط لم يفسخ ليس بخلاف لابن القاسم ليسارته خلاف ظاهر، كلام اللخمي، وغيره أنه خلاف. وفي سلمها الأول: إن أصيب رأس المال نحاساً بعد شهرين؛ فله البدل ولا ينقض السلم إلا أن يعملا على ذلك فيفسخ وليس كتأخير النقد شهراً إذ للمسلم إليه الرضى بما قبض، وإن قال حين ردها سأبدلها بعد شهر لم يجز وإن قال: بعد يومين جاز كابتدائه. ابن محرز: قال لنا أبو بكر بن عبد الرحمن: لو نزل قوله سأبدلها بعد شهرين وأدرك بعد يومين فسخ الشرط وأخذ بالدفع، وإن لم يدرك حتى طال فسخ السلم من أوله كأنهما عملا عليه، وقال بعضهم: لا ينتقض السلم لأنه وقع صحيحاً، وينتقض ما أخره فقط، وأراه قول أبي عمران، وهو أشبه. قال أشهب: ولو بقي من أجل السلم يومان فقط جاز أن يؤخره بالبدل أكثر من شهر. اللخمي: إن وجد رأس المال زيوفاً أو رصاصاً أبدلها وتم السلم وفي مختصر ما ليس في المختصر: إن ثبت في رأس المال درهم ناقص انتقض من السلم بقدره فرأى أن

النهي عن الكالئ بالكالئ غير معلل فأفسد السلم بالتأخير وإن لم يعملا عليه، وغلبا عليه واختلف في الغلبة في الصرف وفي لزوم تعيين الدنانير بشرط تعيينها. ثالثها: إن شرطه دافعها فعلى عدمه الحكم ما تقدم من الخلاف من لزوم البدل أو فسخ العقد، ومن ألزم الشرط أجاز الخلف إن رضيا معاً وصار ابتداء عقد كرد رأس المال بعيب وهو عرض وقد اختلف في لزوم الوفاء بشرط ما لايفيد. ولو شرط تعيينها لمعنى معتبر لزم الوفاء به كشرط البائع تعيينها لعدم ملكه غيرها أو لمشقة بيعه ما يخلفها به وكشرط المبتاع تعيينها لحلها وإن كان رأس المال عرضا أو مكيلا أو موزنا فرده بعيب انتقض السلم إن كان معينا وإن كان موصوفاً على جواز الموصوف على الحلول لم ينتقض السلم، وغرم مثله، وإن انتقض السلم برد رأس ماله رد عوضه إن لم يفت، فإن فات فقيمته إن كان من ذوات القيم ويفيته حوالة الأسواق، وإن كان من ذوات الأمثال رد مثله إن فاتت عينه، وعلى رواية ابن وهب بفواته بحوالة الأسواق في البيع الفاسد يفوت بها، ويرجع بقيمته. وفي خيارها: لا بأس بالخيار في السلم إلى أمد قريب يجوز تأخير النقد لمثله كيومين أو ثلاثة إن لم يقدم رأس المال فإن قدمه كرهته لأنه سلف وبيع، وسلف جر نفعاً< هذه إحدى المسائل الأربع التي لا يجوز فيها النقد ولو طوعاً وعلته ما قاله ابن محرز وغيره، مآله لفسخ دين في دين وهي مقيدة بكون الثمن لا يعرف بعينه؛ لأنه بقبضه، تعلق بذمته بنفس غيبته عليه، فصار ديناً عليه للمبتاع، إذا أمضى السلم كان المسلم قد أخذ السلم متقرراً في ذمة المسلم إليه بدلاً مما تقرر في ذمته من رأس ماله وتقدم هذا في الخيار. قال اللخمي: في آخر أو ترجمة من كراء الرواحل: إن نقد في الكراء على خيار تطوعا فقيل يمنع وقيل يجوز وهو أحسن؛ لأن نقده إنما كان لأخذ هذه المنافع فلم يدخله تقضي أو تربي هذا في المضمون وهو في المعين أخف للاختلاف في أخذ منافع عن دين أجازة أشهب. قلت: وله خلاف هذا عن أشهب حسبما يأتي إن شاء الله تعالى في إجازة الطبيب في ترجمة الجعل، وقرر فيها دخوله سلف، وبيع وسلف جر منفعه بقوله: إن قدم النقد

فكأنه أسلفه الدنانير إلى أجل الخيار على أن جعلاها بعد أجله في سلعة إلى أجل فصارت الدنانير سلفاً، وصارت السلعة الموصوفة بيعاً بها فصار سلفاً نفعاً. قلت: حاصل هذا بعد تسليمه أنه سلف جر نفعاً، ونص دعواه أنه يدخل مع ذلك البيع والسلف، ويحتمل أن يريد دخولها على البدلية فسلف جر نفعاً بما قرر. ومراده بالبيع والسلف تارة يكون الثمن بيعاً إن بت العقد وتارة يكون سلفاً إن لم يبت وفيه نظر؛ لأن كلا منهما غير كائن في العقد فإن قيل: لعله بناء على أن الملحق بالعقد كأنه فيه، قيل يلزم منع الطوع بالنقد وبيع الخيار مطلقاً. ابن محرز: ظاهر قولها إن رأس المال عين وربما كان عبداً أو ثوباُ، أو دابة، أو داراً وأمد الخيار يختلف في هذه الأشياء يبعت بنقد أو تأخير، فالصواب عندي أنه تعتبر ذلك فيها، فيضرب فيها من الأجل بقدر ما يحتاج إليه. قلت: لا يلزم من الحكم بيعه أمد الخيار فيما بيع عليه بدين كونه كذلك إن كان رأس المسلم؛ لأن الموجب للفساد في تأخير رأس مال السلم إنما هو الأجل الذي يؤول به امرهما إلى الدين بالدين، والأجل في بيع الأجل بعين أضعف منه في السلم؛ لأنه في بيع الأجل قابل للسقوط بتعجيل المدين الثمن ويجبر ربه على قبضه، بخلاف السلم، ولا يلزم من عدم تأثير الأجل المعروض للسقوط الفساد عدم تأثير الأجل القوي ذلك. وفيها: قلت: من أسلم في طعام ولم يضرب لرأس المال أجلاً، وافترقا قبل قبض رأس المال، قال: هذا حرام إلا أن يكون على النقد، وقال مالك: لا بأس به إن قبضه بعد يومين ونحو ذلك. قال عياض إثر قوله: (حرام): قيل: لعله لم يكن عرفهم في السلم النقد؛ لأن مقتضى لفظ السلم وعرفه جوازه وإن لم ينصا على النقد ويكون قوله إلا أن يكون على النقد أي: بشرط أو عرف، وحملها ابن محرز على أنهما عملا على التأخير. أبو عمران: وقول مالك: بعده أتى به ابن القاسم مع جوابه لأسد فأتى بما سئل عنه، وما لم يسأل. وفيها: إن أسلم عبداً في طعام ولو يقبض العبد إلا بعد شهر جاز إن تأخر بغير

شرط ولم يؤقت لنا مالك في ذلك شهراً، ولو كان رأس ماله ثوباً بعينه أو طعاماً بعينه ولم يقبض ذلك إلا بعد أيام كثيرة فقد كرهه مالك ولم يعجبه ولا أحفظ عنه فسخه، وأراه نافذاً. ابن محرز: عن اللوبي إنما كرهه فيهما؛ لأنهما مما يغاب عليه فقاربا الدين بالدين. ابن محرز: الطعام أشد كراهة؛ لأنه لا يعرف بعينه. وقال بعض المذاكرين: هذا على أن الطعام لم يكتل والثوب غائب على الصفة ولو نظر إليه، وكان الطعام وتركهما على غير شرط تراخ لم يكن فيه كراهة؛ لأنه لو أخذ من دينه سلعة نظرها وقام، ولم يقبضها جاز. اللخمي: إنما كرهه في العبد والثوب والطعام خوف أن يكون عملا على ذلك فيكون بيع معين على تأخير قبضه لا لخوف الدين بالدين لأنهما معينان وهذا على أن الضمان مع قيام البينة من المشتري ولا يفترق حكم العبد من غيره، وعلى أنه من البائع يكره في العبد كالثوب، ومعنى قول مالك إن إبقاءه للإشهاد وشبهه ولو مكن البائع المشتري من العبد والثوب والطعام بعد كيله لم يكره وكان وديعة ولو حبس الطعام قبل كيله فتغير طعمه أو تسوس كان للمشتري رده إلا أن يكون ترك قبضه عمداً فلا رد له وفيها مع غيرها صحة كون رأس المال منفعة معين أو جزافاً من غير مسكوك ابن حارث في ترجمة قبالة الرحاء بطعام هو جائز ولو حل أجل الطعام المسلم فيه قبل استيفاء المنفعة التي هي رأس ماله. ابن شاس: قال أبو الطاهر: ظاهر قول عبد الوهاب منع كونه جزافاً وكل المذهب على خلافه. قُلتُ: لفظه في المعونة رابع شروطه كون رأس ماله معلوماً مقدراً، فظاهر قوله جواز كونه جزافاً، وخرج بعض المتأخرين منع كونه جزافاً كقول الشافعي خوفاً من منع الإقالة إن احتيج إليها بعد فوت رأس المال. قال ابن عبد السلام: وهو بناء منه على الصور النادرة قال: وفيه نظر إذ ليس من لوازم كل سلم بحيث تصح الإقالة فيه في كل وقت، ألا ترى أن كل العروض المقومة يصح أن تكون رأس مال السلم، ومع ذلك لا تصح الإقالة بعد فوتها؟.

قُلتُ: إنما نقل المازري في توجيه قول الشافعي القياس على رأس المال في القرض والقراض وفرق بلزوم اقتضاء العقد ردهما بخلاف رأس مال السلم. وقوله: ألا ترى أن العروض الخ ظاهره قصر ما ذكره من الحكم على العروض ذوات القيم وليس كذلك بل هو عام فيها، وفي العروض المثلية وهذا لأن قوله لا تصح الإقالة بعد فوتها إن أراد والمسلم فيه طعام فواضح كون المثلية كالمقومة في منع الإقالة بفوتهما وإن أراد في غير الطعام فإن أراد بالإقالة الممنوعة في العروض المقومة أنها وقعت مطلقة لا على شيء مسمى يدفعه البائع بدلاً عن المبيع فالحكم فيهما واحد ولو باع حديداً بعبد معين، ثم طلب بائع العبد رده إليه بمطلق الإقالة من غير ذكر فوات الحديد الذي قبضه لم يلزم دافع الحديد تلك الإقالة على مثله كما لو كان ثمن العبد ثوباً، وقد فات لقولها آخر السلم الثاني: وكل ما ابتعته من مكيل أو موزون من طعام أو غيره فقبضته فأتلفته فجائز أن تقيل منه وترد مثله بعد علم البائع بهلاكه وبعد أن يكون المثل حاضراً عندك وتدفعه له بموضع قبضته منه ولو طلب ذلك بعد فوات الحديد المعين على أن الإقالة على مثله جاز كما تقدم في نصها، وكذا على مثل الثوب سواء. وفيها: منع كونه دراهم أو دنانير جزافا ولو عرفا عددها لأنه لا يصلح بيعها جزافا. ابن حارث: يجوز فيها الجزاف. وفيها: إن أسلما دراهم يعرفان وزنها مع دنانير لا يعرفان وزنها فسخ الجميع والبائع مصدق في وزن ما قبض بيمينه. الصقلي: يريد إلا حيث تجوز عدداً؛ لأنه أمر عرفوه. وفيها: لا خير في سلم حنطة في حنطة مثلها أو طعام في طعام مثله، ولا يجوز سلم الدنانير والدراهم في الفلوس. وفيها مع غيرها: لا يجوز سلم شيء في أكثر منه ولا أقل منه ولا أدنى في أجود ولا عكسه لأن سلف جر نفعاً، وضمان بجعل، وقول ابن الحاجب: وكذلك في أجود، وأردأ على الأصح إلا أن تختلف منافعهما ومقابل الأصح لا أعرف وقبله ابن

عبد السلام، وقال يعني: إن سلم الرديء في الجيد كالقليل في الكثير وسلم الجيد في الرديء كالكثير في القليل فتمنع الصورتان على أصح القولين، والقول بالجواز؛ لأن اختلاف الصفة يغر الجنس الواحد كالجنسين، وفيه بعد وإذا تقاربت المنفعتان، وأحدهما أرادأ فالظاهر المنع. قُلتُ: يعني بالصورتين الجيد في الرديء وعكسه، وقال ابن هارون: أجاز في غير المدَوَّنة سلم العبد التاجر في غير التاجر وهو الخلاف المشار إليه بقوله: على الأصح. قُلتُ: قال عياض: أجاز في الكتاب العبد التاجر فيمن ليس بتاجر؛ لأن الآخر يراد للخدمة، ولمنفعة غير التجارة مما لا يستخدم فيها التاجر ولا يطيقه. قُلتُ: وقال اللخمي: لا يسلم تاجر ولا صانع فيما تراد منه الخدمة ولا تجارة له ولا صنعة وهو كإسلام الجيد في الدنيء إلا أن يبين بفراهة أو جمال فتدخله المبايعة، ويجوز سلم التاجر والصانع في عدد تراد منهم الخدمة. قُلتُ: فمقتضى طريقة اللخمي اتفاق المذهب على منع الجيد في الرديء، وأحرى في العكس وقرر المازري هذا المعنى معزواً لبعضهم. ثم قال: وغيره يرى خلاف ذلك تعلقاً برواية المبسوط إجازة سلم العبد التاجر في غير تاجر، وإجازة البعير النجيب في بعير من حواشي الإبل فقايل هذا يلغي التهمة على ضمان بجعل التهمة على سلف بزيادة لشدة التهمة فيه وتكرر فعله وقلة دفع كثير في قليل. ومثل رواية المبسوط إجازة الموازيَّة سلم فرسين سابقين في فرس ليس مثلهما وسلم طباختين في أمة لا تحسن الطبخ. قُلتٌ: وهذا يقرر وجود القول بإجازة سلم الجيد في الرديء من صنفه لا العكس. وقال ابن بشير: في سلم الرديء من كل صنف في الأجود أو بالعكس قولان فالأقوال والطرق ثلاث، للخمي، والمازري، وابن بشير وفيها إن أسلمت جذعاً في مثله صفة وجنساً فهو قرض إن ابتغيت به نفع الذي أقرضته وإن ابتغيت نفع نفسك رد السلف. اللخمي: واختلف إن قصد في القرض في الثوب بيعه بمثله، فقال مالك وابن القاسم وغيرهما: ذلك فاسد، وأجازه في مختصر الوقار، وعلى الأول فهو في فسخه

باب فيما يعتبر في عوض السلم

وفوته كبيع فاسد. وفيها: لا يسلم جذع في جذعين حتى يتبين اختلافهما كجذع نخل كبير طوله وعرضه كذا في جذوع صغار لا تقاربه. عياض: عورضت بأنه يصنع من الكبير صغار، وصوب فضل منع ابن حبيب ذلك، وقال غيره: معناه: أن الكبير لا يصلح لما يصلح فيه الصغار ولا يرجع منه صغار إلا بفساد ولا يقصده الناس، ولا نقد على ما في الكتاب؛ لأن ظاهره أن الجذوع على خلقتها لم تدخلها صنعة ولا يمكن أن يجعل من الجذع الكبير الغليظ جذوع صغار رقاق إلا بالنشر والنجر، وإذا فعل هذا بها لم تسم جذوعاً بل جوائز، واختلاف الأعراض في الجذع الكبير والجذوع الصغار بين لاختلاف مصارفها. اللخمي: لا يسلم جذع في جذع إن اتفقا فيما يعمل منهما ولو اختلف أصلهما وإن اختلف فيما يعمل منهما جاز، ولو اتحد أصلهما. وفيها: لا يسلم جذع في نصف جذع ابن أبي زَمَنَيْن: أي من جنسه، ولو كان من صنوبر والنصف من نخل أو نوع آخر غير الصنوبر لم يكن به بأس على أصل ابن القاسم. وفي الواضحة: الخشب صنف واحد وإن اختلف أصولها إلا أن تختلف منافعها كالألواح والجوائز. الصقلي: هذا كله يرد قول ابن أبي زَمَنَيْن. [باب فيما يعتبر في عوض السلم] وفيها: مع غيرها المعتبر في السلم اختلاف منافع عوضيه، والأصل في أفراد النوع اتحاد منافعها، وفي تقرير ذلك أقوال وروايات.

أما الحمر ففي الطرر هي عند ابن القاسم ثلاثة أصناف: صغارها صنف، وكبارها صنفان: حمر مصر التي للركوب صنف، وحمر الأعراب التي للخدمة صنف. عياض: مذهبها السير والحمل فيها غير معتبر، وحكاه ابن حبيب عن ابن القاسم وقاله أبو عمران قال: لجعله حمر مصر صنفاً، وبعضها أسير، وحملها فضل على خلافه، وأنكر تأويل ابن حبيب على ابن القاسم، وقال: كيف يصح هذا، وقد قال فيها: إلا أن يختلف اختلاف الحمار النجيب بالأعرابيين وباختلافهما بالسير؟ قال ابن حبيب وأَصْبَغ وعيسى، وأنكر أبو عمران تأويل فضل. قُلتُ: احتجاج أبي عمران بجعل ابن القاسم حمر مصر صنفاً، وبعضها أسير يرد بأنه لا يلزم من لغو شدة السير مع سير دونه لغوه مع عدمه؛ لأن المراد بالسير سرعته لا مطلقه. اللخمي: يجوز سلم حمار يراد للحمل في أقل حملا يراد للركوب والسرج، واختلف في سرعة السير ألغاه محمد واعتبره عبد الملك وهو أحسن؛ لأنه يزاد في ثمنه لأجله إن كان سيراً بيناً والآخر معه في معنى الدنيء يسلم المسيار في اثنين. المتيطي: لمحمد عن ابن القاسم تسلم الأعرابية في المصرية والأشهر لا تختلف حمر مصر بحيث يسلم بعضها في بعض. وقال عيسى وأَصْبَغ: اختلاف سيرها يبيح سلم بعضها في بعض. وفيها: لا يسلف كبار الخيل في كبارها إلا فرس جواد له سبق فيما ليس مثله في جودته، وإن كان في سنه. قُلتُ: ظاهره ولو لم يكن فيه معنى مقصود ليس في الأول. وقيده اللخمي بأن يرغب أحدهما لجماله، والآخر لسرعته فتكون مبايعته ولو تساويا في السبق وأحدهما أجمل أو في الجمال والسمانة أو الرداءة وأحدهما أسبق لم يجز. ابن زرقون عن ابن حبيب: لا يخرجها سرعة سيرها عن جنسها وإن فاتت به؛ لأن المقصود فيها السبق إلا البراذين التي لا جري فيها وعرفت بذلك فتكون جنساً. وفيها: لا تسلف كبار الإبل في كبارها إلا ما بان في النجابة والحمولة فيجوز في حواشي الإبل وإن كانت في سنه.

اللخمي: الإبل صنفان صنف يراد للحمل وصنف للركوب لا الحمل وكل منهما جيد وحاش يسلم ما يراد للحمل فيما يراد للركوب، وعكسه اتحد العدد أو اختلف، وما يراد للحمل أوالركوب لا يسلم بعضه في بعض إلا أن يكثر عدد الرديء لتحصل المبايعة فيجوز سلم نصف جيد في كامل رديء. المازري: الإبل لا تراد للجري والسباق بل للحمولة فيعتبر التفاضل فيها من هذه الناحية وتبعه ابن بشير وهو خلاف متقدم نقل اللخمي وذكر الباجي اعتبار الحمل فيها، ثم قال آخر كلامه: وأكثرها يركب بالسروج؛ لأنها للمشي السريع وليست للحمل. فظاهره: أن سرعة السير للراكب معتبر فيها خلاف الحمل فيها قاله في ترجمة ما يجوز من بيع الحيوان بعضه ببعض وقال في أول ترجمة من البيوع: المقصود من الإبل القوة على الحمل، وليس السبق بمقصود فيها؛ ولذا لا يسهم لها وإن كان منها ما يسابق به وقد يكون من الخيل ما يشتد في القوة على الحمل ويتخذ لذلك، ولا يتميز به في الجنس. وقول ابن عبد السلام: في قولهم بلغو السبق فيها نظر؛ لأن العرب كانوا يقاتلون عليها ويريدون بعضها للركوب دون الحمل وهو موجود إلى الآن، فينبغي أن يسلم منها ما يصلح للركوب فيما يصلح للحمل وعكسه. قُلتُ: أول كلامه في السبق وآخره في السير بجواب قوله في لغوهم السبق نظر ما تقدم للباجي مستشهداً بعد القسم للإبل، وقوله: ينبغي هو مقتضى كلام الباجي أولاً. وفيها قال ابن القاسم: لا بأس أن تسلم البقرة القوية على العمل الفارهة في الحرث وشبهها في حواشي البقر ولومن سنها. الباجي: يعتبر القوة على الحرث في ذكور البقر اتفاقاً وهو ظاهر قول ابن القاسم في الإناث، وحكى ابن حبيب أن المقصود منها كثرة اللبن فعلى روايته يجوز سلم البقرة الكثيرة اللبن وإن كانت قوية على الحرث في الثور القوي عليه. المتيطي: وتسلم البقرة الغزيرة اللبن في بقرات ليست مثلها.

وفيها: الغنم لا يسلم ضأنها في معزاها ولا العكس إلا غنماً غزيرة اللبن موصوفة بالكرم فلا بأس أن تسلم في حواشي الغنم. الباجي: غزر اللبن معتبر في المعز وهو ظاهر قول ابن القاسم في الغنم فيها وليحيى عن ابن القاسم كثرة اللبن في الغنم لغو وعزاه اللخمي لابن حبيب عن مالك وأصحابه. قال بعض الفقهاء: وهو ظاهرها. الصقلي: ظاهرا أن الضأن كالمعز سواء في اعتبار غزر اللبن. وقال يحيى بن سعيد: والمعز أغزر لبناً والضأن أفضل لبناً. اللخمي: وذكور الغنم وإناثها صنف واحد، وأجاز ابن القاسم: أن تسلم الدجاجة البيوض أو ما فيها من بيض في ديكين فعليه يجوز سلم نعجة في كبشين وهو صواب؛ لأن أهل كسبها يرغبون في إناثها للنسل واللبن ولا يرغبون في ذكورها ولا يمسكون منها إلا ما تحتاجه الغنم. ولا تسلم نعجة في كبش واحد؛ لأنهما أفضل إلا أن يكون في الكبش فضل عليها من وجه آخر، وأجاز ابن أبي سلمة الضأن في المعز، ورآهما صنفين وعليه الناس اليوم، منهم من يرغب في المعز عن الضأن ومنهم على العكس. قُلتُ: ظاهره أنه جعل الضأن والمعز نوعين ونحوه قول ابن الحاجب في تمثيله ما تختلف منافعه بقوله: وكالحمار الفاره في الأعرابي والجواد في حواشي الخيل، وكذلك الإبل، البقر والمعز بخلاف الضأن على الأصح ويحتمل أن يريد أن أفراد الضأن لا يختلف بحال على الأصح فتكون غزارة اللبن فيها لغو إلا أن نوعها خلاف نوع المعز. وفي اعتبار وصف الصغر، والكبر اضطراب، وسمع عيسى ابن القاسم لا خير في صغير بكبير لأجل من صنفه من البهائم ولا عكسه؛ لأنه سلف بزيادة أو لضمان ولا بأس به على وجه البيع أن يكون صغيران بكبير أو كبير بصغيرين أو كبيران بصغيرين لخروجهما من تهمة السلف بزيادة وتهمة الضمان. ابن رُشْد: سكت عن صغير في كبيرين وإرادته إجازته وهو نصه في رسم باع شاة ومثله في "الموازيَّة".

قُلتُ: مقتضى تعليله منع صغير في كبير منع صغير في كبيرين لتهمة سلف بزيادة قال: ولمحمد في موضع آخر من كتابه لا يجوز صغير في كبيرين ويجوز كبير في صغيرين، فالأقوال ثلاثة: الأول: منع صغير في كبير وعكسه وإجازة ما سواه. الثاني: منعه ومنع صغير في كبيرين وإجازة ما سواهما. والثالث: قول ابن لبابة تأويلاً على ما لأَصْبَغ عن ابن القاسم: أنه لا يجوز صغير في كبيرين أنه لا يجوز الواحد في الواحد ولا الجماعة فيه ولا هو في الجماعة كيف ما كان، ويجوز ما سوى ذلك ولا يحمل القياس شيئاً من هذه الأقوال لأنه إذا جاز العدد في العدد جاز الواحد في الواحد؛ لأن المكروه لو دخل في الواحد كان أكثر دخولاً في العدد بالعدد، وما في رسم باع شاة من إجازة صغير الآدمي في المهد بكبير تاجر فصحيح معارض لها وهو أصح وعليه ينبغي أن تحمل المدَوَّنة لإجازته فيها كبار الخيل في صغارها وكبار الإبل، وكبار البقر في صغارهما ولم يفرق فيها بين واحد بواحد أو عدد بعدد، وجعلهما صنفين، والتفرقة بينهما لا يحملها قياس كما ذكرناه، وقد أجاز فيها ثوباً من غليظ الكتان مثل الزيقة، وشبهه في ثوب قصبي لأجل وثوب ثوب فرفى معجل، إنه شاذ إنما يأتي على أحد قولي مالك في أجازة جمل في جمل مثله نقداً، وجمل منه لأجل، ومشهور قوله: إنه لا يجوز. عياض: ظاهره: لا يجوز كبير في صغير ولا جيد في رديء حتى يختلف العدد، ونحوه في سماع عيسى ولأَصْبَغ عن ابن القاسم، وقاله بعضهم. وقال بعض الشُيُوخ: مذهب الكتاب جواز كبير في صغير، وصغيرين وصغير في كبير وكبيرين وهو نص الواضحة وأحد قولي الموازيَّة وتأويل ابن لبابة وابن محرز وغيرهما المدَوَّنة. ولابن القاسم في العتبيَّة: جواز الكبير التاجر في العبد الصغير، فرأى الكبير والصغير صنفين على مذهب الكتاب الكتاب لاختلاف الأغراض سوى بني آدم والغنم؛ لأن المراد من الغنم اللبن واللحم فلم يفترق إلا بغزر اللبن. قُلتُ: انظر قوله سوى بني آدم مع قوله قبله يليه عن ابن القاسم جواز الكبير

باب حد الكبر في الخيل

التاجر في الصغير فرأى الكبير والصغير صنفين؛ أخذ من هذا أن الصغير والكبير صنفان وهم لما قاله ابن محرز قال: الصغار والكبار يختلفان من سائر الحيوان إلا في الغنم لأن غالب المراد منها اللحم، وما سوى اللحم من الأغراض تابع له وإلا في الآدمي؛ لأن شراء صغيره إنما هو للخدمة إذا كبر، وما عدا الخدمة إنما يكون بتعليم فإذا باع صغيراً بكبير ليس فيه إلا الخدمة فلم تختلف الإغراض، والإبل والخيل مجبولة على أحوال شتى تختلف لها الأغراض. منها: القوة على الحمل، ومنها الجري وهذه الأحوال لا تتبين في الصغر. اللخمي: الصغار والكبار من الرقيق ينبغي كونهما صنفين فيسلم كبير في صغيرين وصغيران في كبير لا كبير في صغير ولا عكسه إلا كبير من الوخش لا يراد إلا للخدمة وللصغير جمال، ومما يراد للتجر إن كبر أو للصنعة. الباجي: في الواضحة صغير الرقيق وكبيره صنف واحد، والقياس عندي أنهما جنسان لأن المنافع لا يتبين بها الجنس من التجر والصنائع لا تصح من الصغير. اللخمي: يريد ابن حبيب إن تساوى العدد أو كان عدد الكبار أكثر. الباجي: وهما في الخيل والبغال والحمير جنسان وكذا الإبل والبقر لا خلاف أن صغارها مخالفة لكبارها لأن العمل فيها مقصودة والحيوان المأكول إن لم يكن فيه عمل مقصود والحيوان المأكول إن لم يكن فيه عمل مقصود ولا منفعة فصغيره وكبيره سوا اتفاقاً كالحجل واليمام، وإن كان فيه منفعة لبن أو نحوه، ففي اختلافه بالصغر والكبر روايتا محمد. [باب حد الكبر في الخيل] وجد الكبر في الخيل بلوغها المنفعة المقصودة. محمد: هو أن يسافر عليه كالجذع، وما دونه صغير والحولي صغير، وقاله مالك في البغال والحمير، والرباعي كبير ويحتمل كون الجذع كبيراً كالخيل. وروى محمد: لا خير في ابنتي مخاض في حقة ولا في حقة في جذعتين فيحتمل منعه ابنتي مخاض في حقة؛ لأنهما من سن الصغير أو على رواية منع صغيرين في كبير ويحتمل

منعه حقة في جذعتين على رواية منع صغير في كبيرين فإن الجذع في الإبل أول أسنان الكبر أو لأنهما من سن الكبر. قُلتُ: انظر قوله على رواية منع صغير في كبيرين مع متقدم قوله: وكذا الإبل والبقر لا خلاف أن صغارها مخالفة لكبارها قال: وحد الكبر في ذكور البقر بلوغ الحرث والإناث على قول ابن القاسم كذلك، وعلى قول ابن حبيب أن تبلغ سن الوضع واللبن والغنم إن فرق بين صغارها وكبارها، فكبرها بلوغها سن الوضع واللبن ويجيب على هذا كون ذكورها كصغارها؛ إذ لا منفعة فيها غير اللحم إلا النزو وهو لغو كما هو في الخيل والحمر، وحد الكبر في الرقيق إن فرق بين صغارهم وكبارهم بلوغ سن التكسب بعمله أو تجره، وهو عندي نحو خمسة عشر سنة ونحوها أو الاحتلام. ابن زرقون: ولابن دينار لا يختلف صغير من كبير في جنس من الأجناس. قُلتُ: فهو رابع لثلاثة أقوال. ابن رُشُد: ابن الحاجب: وكذلك كبير في صغير وصغير في كبير على الأصح بشرط أن لا تفضي المدة إلى معنى المزابنة فيهما. المازري: وطريقة ثانية أشار إليها بعض المتأخرين هي حمل رواية منع الصغير في الكبير على أنه لأجل يكبر فيه فيؤول للمزابنة وهذا تعسف وبعيد من ظاهر الروايات. ووقع لمالك منع كبار الحمر في صغار البغال لأجلٍ يمكن أن تنتج فيه الحمير بغالاً وإن لم تمكن فيه كالخمسة الأيام جاز. فإن قلت: قبوله هذه الرواية تنفي كون قول المتأخر تعسفاً، والرواية هي سماع عيسى ابن القاسم: لا خير في كبار الحمير بصغار البغال لأجل بحال قاله مالك، ولا بأس بكبار البغال بصغار الحمير اثنان بواحد لأجل. قُلتُ: لم كرهت كبار الحمير بصغار البغال. قال: ما فيه إلا الاتباع؛ لأن مالكا قاله قلت: من أي وجه أخذه؟ قال: كأنه من أن الحمير تنتج البغال. قُلتُ: فلو كان لأجل قريب لا تهمة فيه قال: إن كان مثل الخمسة الأيام وشبهها لم أر به بأساً. ابن رُشْد: ظاهره أن مالكاً لم يجز كبار الحمير في صغار البغال، وإن ابن القاسم

كره ذلك اتباعًا لمالك، وتأول عليه أن ذلك للمزابنة فأجازة للأجل القريب وأجاز كبار البغال في صغار الحمير، لأنها لاتنتجها على هذا حمل الشُيُوخ المسألة، واعترضوها، واعتراضهم على ما حملوها عليه صحيح، لأن كراهة كبار الحمير في صغار البغال ضعيفة، وحجة ابن القاسم باتباعه مالكا عليها غير صحيح إذ لايصح اتباع عالم عالًما فيما لايرى له وجه صحة وتأويله أنه للمزابنة بعيد لبعدها في ذلك، ويلزمه على هذا التاويل إجازة مالك إلى الأجل البعيد الذي لا يكن فيه من الحمار بغل ولا يقصره على خمسة أيام ونحوها، وكيف يصح على ما تأويله علي مالك وقد أجاز فيها كبار الخيل والإبل في صغارهما صغار ماتنتج الخيل والإبل تناج الإبل؟ ولعل معنى قول مالك في هذه العبارة أن الصغار والكبار من كل جنس صنفاً واحداً كما كذلك في بني أدم والضأن والمعز، وهو قول ابن دينارفي المدينة، ولو سئل على هذا القول عن كبار البغال لصغار الحمير لكرهها ولم يفرق بينهما كما فعلل ابن القاسم، والذي أقوله في هذه المسألة إن معنى قوله: لا خير في كبار الحمير بصغار البغال؛ أي لا خير في ذلك واحد بواحد قدم الكبير أو أخر كقوله في المسألة التي قبلها وذلك علي أصله أن البغال والحمير صنف واحد، وقوله بعد ذلك لا بأس بكبار البغال بصغار الحمير اثنان بواحد علي ما وصفت لك أي يجوز اثنان بواحد لأجل مع تباعدهما بالصغر والكبر والأجناس؟ ففال: لا أجد في ذلكم إلا الاتباع لقول مالك أي: لققوله: (أنهما جنس واحد والجنس الواحد لا يجوز الصغير منه بالكبير واحد بواحد)، فقال: من أي وجه أخذه؟ أي: من أي وجه أخذ كونهما جنساً واحداً؟ فقال: لأن الحمير تنتج البغال، فقال له: فلو كان لأجل قريب أي: لأجل لا تهمة فيه على الضمان لقربه فقال: إن كان لخمسة أيام ونحوه فلا بأس فعلى هذا تستقيم المسألة ويرتفع اللإلباس وأطال ابن لبابة كلامه عليها في المنتخبة وخلطه، وقال: إن ابن القاسم لم يفهم ما قاله مالك، قال: والذي قاله مالك إجازة كبار البغال في صغار الحمير عدداًً في عدد، وواحداًَ في واحد كالخيل في الحمير إذ لا يخرج الحمير من البغال كما لا تخرج من الخيل. وسلم كبار الحمير في صغار البغال جاز في ذلك العدد في العدد ولم يجز فيه الواحد بالواحد ككبار الحمير في صغار الحمير؛ إذ تخرج صغار البغال من الحمير كما تخرج

صغار الحمير من الحمير، هذا عنى قوله وهو تعسف من التأويل بعيد عن اللفظ. قُلتُ: في أول كلام ابن رُشْد ما يقتضي كون الصغير من الآدمي كغيره كاختيار الباجي، وفي إثباته ما يقتضي الاتفاق على عكس ذلك كقول ابن محرز وغيره ولابن زرقون: قال ابن دينار: ولا يختلف صغير من كبير في جنس من الأجناس، فهو لأقوال ابن رُشْد رابع وهو خلاف قول الباجي لا خلاف في يأن ما فيه عمل مقصود، كالإبل والبقر أن صغيره مخالف لكبيره، وي اعتبار مانعية المزابنة طريقان لنقل النازري عن بعضهم مع ظاهر سماع عيسي ابن القاسم عند بعضهم والباجي، وظاهر كلام المازري مع نص ابن رُشْد. وتقدم قول الباجي في الطير وسمع عيسى ابن القاسم: الطير كلله جنس واحد لا يحل دجاجة بدجاجتين ولا شبيء من الطير واحد باثنين لأجل وإن تفاضلت في البيض والفراخ وصغيره ككبيره، وذكر كأنثان). ابن رُشْد: لا خلاف في المذهب أن ما يقتنى من الطير للفراخ والبيض كالدجاج والأوز والحمام كل جنس منه صنف على حدته صغيره وكبيره ذكره وأثناه وإن تفاضل بالبيض والفراخ فإن اختلف الجنسان جاز منه واحد باثنين لأجل، وما كان منها لايقتنى لبيض ولا فراخ إنما يتخذ لحم فسبيلها سبيل اللحم عند ابن القاسم ولا يراعى حياتها إلا مع اللحم، وأشهب يراعيها في كل حال يجوز على مذهبه سلم بعضها في بعض إن اختلفت أجناسها بمنزلة ما يقتنى لبيض أو فراخ وتقدم للخمي عن ابن القاسم إجازة سلم للدجاجة البيوض أو ما فيها بيض في ديكين. ونقل الصقلي والمتيطي عنه: الديك والدجاجة صنف. وقال أَصْبَغ: إلا الدجاجة ذات البيض من صنف تسلم البيوض في ديكين أو ديك في دجاجتين منها. وما عزاه اللخمي لابن القاسم خلاف ظاهر سماعه عيسى. المتيطي عن ابن حبيب: الدجاج والأوز صنف واحد، والحمام صنف وما لا يقتنى من الوحش كالحجل واليمام هو كاللحم لا يباع بعضه ببعض حياً إلا تحريا يداً بيد. قُلتُ: ظاهر كلام ابن رُشْد أن الدجاج والأوز جنسان وظاهر نقل المتيطي أنهما

جنس واحد وهما معاً ن قطر الأندلس. وفيها: العبيد صنف غلا ذو النفاذ. الباجي: ليست الذكورة والأنوثة بجنس في الرقيق ولا في الحيوان. الخمي: قال ابن حبيب: الذكران والإناث صنف واحد، وعلي قول مالك في العتق الأول من قال: كل عبد أشتريه أو أكل جارية أشتريها حرة، لا شيء عليه؛ لأنه عم الجواري والغلمان فلم يلزمه اليمين في تعميمه الذكور دون الإناث ولا في العكس، فلو كان جنسًا واحداً لزمته فيهما وهو قول ابن الماجِشُون وقول مالك أحسن لاختلاف خدمة النوعين خدمة الذكور خارج البيت والأسفار والحرث وشبه ذلك، وخدمة الإناث ما يتعلق بالبيت من خبزٍ وطبخ وشبهه. وقول ابن الحاجب: الذكورة والأنوثة في غير الآدمي ملغاة اتفاقاً صحيح باعتبار نصوص المذهب، وتقدم للخمي أنها معتبرة في الضان. وذكر ابن عبد السلام: استقراء اللخمي غير معزو له، قال: في استقرائه جواز سلم أحدهما في لآخر نظر؛ لأن نتيجة الاستقراء أنهما جنسان واختلاف الجنسية أعم من اختلاف المنفعة افاقها والمعتبر اختلاف المنفعة والأعم لا إشعار له بالأخص، ولو سلك في الاستقراء دلالة العرف على تباين منفعة الذكور من منفعة الإناث كما دل عليه العرف المطرد لكان له وجه، وسلكه بعضهم وجعله كالمقوي لما أخذه من المدونة، وهذا الأخير وحده كاف. قُلتُ: ظاهره أن بعضهم أخذه من مجرد استنتاج كونهما جنسين من مسألة العتق دون اعتبار اختلاف منافعهما ولا أعرف هذا الاستقراء لغير اللخمي إلا من هو بعده، واللخمي لم يستقره من مطلق الجنسين غير معتبر اختلاف منافعهما؛ بل مع اعتباره، وكذا حكاه المازري. وقوله: اختلاف الجنسية أعم من اختلاف المنافع ييرد بمنع ذلك؛ بل هو مسارٍ له غالبًا والعيان يثبته. وقوله جعل بعضهم اختلاف منافعهما مقويًا لما أخذه من المدونة وهو وحده كاف، يرد بأن ذكرهمن حيث كونه كافيًا في جواز سلم أحدهما في الآخر ليس كذكره

من حيث كونه مثبتاً كونهما جنسين؛ لأن الأول لا ينتج جواز سلم صغيرهما في كبيرهما مطلقاً وكونه مثبتاً كونهما جنسين يثبته وكلام اللخمي يدل على أنه إنما ذكره ليثبت به كونهما جنسين وهو بحسن فطرته يهتدي في كثير من أبحاثه لنكت لايدركها غالبًا إلا ذو حظ من علم أصول الفقه، ومقدماته منها تقريره هذا الموضع كونهما جنسين باختلاف منافعهما لما تقرر من أن أفراد كل نوع لا بد أن تباين أفراد ما هو نوع غير نوعها، وتختلف أفراد النوع بالتجر فيها لا بأس بسلم عبد تاجر في ثوبين أو غيرهما لا تجر فيهما. عياض: من تأملها مع كراهة بيعهم، ذكروا أن لهم عهداًَ. قُلتُ: نصها في التجارة بأرض الحرب والنوبة لا ينبغي شرائهم ممن سباهم؛ لأن لهم عهداً من عرو بن العاص أو عبدالله بن سعد. قال عياض: وقيلك لعله فيما باعوه من عبيدهم أو يكون لفظًا للتمثيل لا للتحقيق؛ لأنه لم يقصد الكلام على جواز بيعهم. ققُلتُ: ولعله شرط نقضوه. اللخمي: يسلم أحدهما في الآخر إن اختلفت تجراهما كبزاز وعطار أو صنعتاهما كنجار وخياط، ويسلم التاجر في الصانع، لا أحدهما فيما يراد لمجرد الخدمة، وبسلم أحدهما في عدد تراد منه الخدمة واختلف في الحساب والكتابة، هل هما كالصنعة وأرى إن اشتغلا بهما فهما كالصنعة وإن اشتغلا بالخدمة فليسا كالصنعة. ان محرز: من المذاكريين من ألغاهما بأنهما علم فقط لا صناعةوهو منقوض بالتجر فإنه علم وهومعتبر اتفاقا. ز المتيطي: فيها لابن سعد لا بأس بسلم حاسب كاتب في وصفاء سواه وقاله اببن حبيب. أبو عمران: قولهما خلاف المدونة. الباجي: لمحمد عن ابن القاسم إذا نفذ في الكتابة والقراءة نفاذا يمكنه التكسب بها فهيي منفعة مقصوة. ولمحمد عن ابن القاسم: ليست اكلكتابة بجنس في الإماء، ولعيس نه إن كانت فائقة فيها فهي جنس تبين به من غيرها فيحتمل أن يكون قولًا

واحدًا، وأن النفاذ فيه جنس ويحتمل أن يكون قولين. ابن زرقون: انظر هذا فالذي لابن أبي زَمَنْين عن عيسى عن ابن القاسم ان الكتابة ليست بصنعة في الإماء وهى صنعة في الذكورإن كان فائقا فيها. قال أبو عمران: لا توجد هذه الرواية لابن أبي زَمَنَيْن إنما لأَصبغ في الموازية، وقول ابن حبيب في الجواري، ففي كون الكتابة صنعة ثالثهما: في الذكور لابن القاسم مع مالك وابن حبيب مع أَصْبَغ وابن أبي زَمَنَيْن مع عيسى عن ابن القاسم. اللخمي: روى محمد الطبخ والخبز صنعة. ابن القاسم والرقم يريد: إن كان مقصوداً، منها، زاد الباجي: والنسج وكل نوع منها مخالف للآخر إلا الطبخ والخبز فهما جنس واحد. اللخمي عن ابن القاسم: ليس الغزل وعمل الطيب بصنعة، والنساء أجمع يغزلن يريد ما لم تبن بذلك ويكون المقصود منها، ونقله الصقلي ولم يقيده التونسي لعله يريد بعمل الطيب علمه لا عمله باليد الذي يحتاج إلى علم. الباجي: والحرث والحصاد لغو في الرجال. ابن بشير: قال المتأخرون: الانفراد في الطبخ والغزل معتبر. قُلتُ: هذا ييقتضي أن الطبخ كالغزل خلاف ما تقدم وتبعه ابن الحاجب فيه. اللخمي: اختلف هل الجمال فيما للفراش من الجواري صنف تبين به الجارية من غيرها فقال ابن القاسم: هما صنف واحد، لا يسلم العلي في الوخش وروى محمد لا بأس بالرائعة بالجاريتين دونها قال: كل ما اختلف في هذا النسيئة فيه تحل، وقاله ابن وَهْب، وقال: أصْبَغ لا بأس بجارية جميلة فصيحة في جاريتين لأجل، وظاهر قول مالك: إجازة رائعة في رائعتين دونها وهو الأصل كسابق في عدد دونه. الباجي: لعيسى عن ابن القاسم الجمال في الإماء ليس بجنس ولأََصْبَغ هو جنس مقصود. قال بعض القرويين: ورواه ابن وَهْب. محمدك وليس السواد والبياض والرومي والنوبي باختلاف في الرقيق.

ابن زرقون: حكى خلف عن ابن عبد الحَكم: إجازة سلم الأسود في الأبيض. المازري: الأصح أن الجميلة التي تريد للفراش صنف مخالف للوخش المراد منه الخدمة. ابن بشير في الاختلاف بالجمال قولان والصحيح عند المتأخرين اختلافه بالجمال الفائق، وجعل أصل كلامه في الحيوان الناطق، ومراده في الجمال ما خصه به غير واحد وهو الإماء، وذكر اللخمي وغيره قول أَصْبَع باعتبار الجمال مطلقًا ونقله عنه عبد الحق اعتبار كونه فائقًا، ويسير الصنعة في بعض النوع لغو وكثيرها معتبر في المزابنة وتقدمت وفي السلم. الصقلي عن محمد: مغزول الكتان كأصله لا خير في سلم أحدهما في الآخر. ابن أبي زَمَنَيْن هما عند أصحاب مالك صنف واحد، وأرى الغزل صنعة تبيح التفاضل نقدًا وإلى أجل إن عجل الغزل. قُلتُ: ومقتضي قول محمد ومنعها سلم صوف في صوف منع الغزل بالغزل. وقال اللخمي: يجوز سلم الغزل في الغزل إن اختلفا، فيسلم قليلًا جيدًا في كثير رديء؛ لأنه يعمل من أحدهما ما لا يعمل من الآخر. المازري: كون الغزل بالغزل والكتان صنفًا واحدًا هو مشهور المهب، وأشار بعض المتأخرين إلى أن القياس كونهما صنفين. ابن الحاجب: والمصنوع لا يعود إن قدم وهانت الصنعة كالغزل إن لم يجز على الأشهر بخلاف النقد. قُلتُ: ظاهره جوازه نقدًا لا بقيد تبين الفضل وهو خلاف المشهور حسبما تقدم للمازري ونحوه لعبد الحق، في فضل المزابنة وإنما هو على خلاف المشهور. وفيها: لا بأس بثوب كتان في كتان وثوب صوف فيه: قُلتُ: لامتناع زوال صنعة الغزل، ومنع الشَّيخ سلم ثوب خزِّ فيه معللَّا له بنفسْه. اللخمي: يسلم ثوب الكتان فيه وفي غزله وإن بعد الأجل، منع أشهب الثوب بالغزل إلى أجل ونقدًا للمزابنة إلا أن يتبين الفضل، وقول مالك: من باع غزلًا فنسجه مبتاعه ثم فلس فلربه أخذه، يقوي قول أشهب.

وفيها: لا يسلم كتان في ثوب كتان لأنه يخرج منه. وفي نوازل سَحنون من الجعل والإجازة: من تقبل من رجل أحواضًا للملح لها شربٌ معلوم من بئر أشهرًا بملح مضمون عليه لا بأس به. ابن رُشْد: عاب قول سَحنون هذا الناس قديمًا وحديثًا، وروى زياده أكره أخذ الملاحة ببعض ما يخرج منها، ووجه الكراهة أن الملح يخرج من الماء الذي دفعه أخذ الملح، فأشبه سلم كتان في ثوب كتان، ووجه إجازته سَحنون: أن جل الكراء إنما هو للأحواض لا للماء، إذ لو اكترى الأحواض دون الماء على أن يسوق إليها ماءه لم ينتفع رب الماء به إن لم تكن له أحواض يسيره إليها، بخلاف من أسلم كتانًا في ثوبه؛ لأنه يعطيه من عينه. اللخمي: يسلم الكتان وغزله في ثوبه إن قرب الأجل بحيث لا يمكن أن يمل منه في ذلك الأجل وإلا لم يجز إلا أن يكون ذلك الغزل لا يصلح عمل ذك الثوب منه فيجوز. قُلتُ: دليل اعتبار الأجل قول سلمها الثالث: لا خير في شعير نقدًا في قصيلٍ لأجلِ إلا لأجلٍ لا يصير الشعير فيه قصيلًا ويكون مضمونًا بصفة. اللخمي: ولو بعد الأجل فإن كان الغزل أجود جاز، قل وزنه أو كثر؛ لأنها مبايعة وإن كان أدنى لم يجز إلا أن يكون أكثر وزنًا إن كان مثل وزنه أو أدنى دخله سلف بزيادة هي فضل جودة غزل الثاني وصنعته، ومثله الصوف في ثوبه، وذو الصنعة المفارقة في أصله كأصله بخلاف ما تقدم في اللازمة كالنسيج. فيها: لا يجوز سيوف في حديد لا يخرج منه لأنه نوع واحد ولو جازت لجاز حديد السيوف في الحديد الذي لا يخرج منه، ولأجزت الكتان الغليظ في الرقيق والصوف في الصوف لأجل وهو يختلف ولا يجوز بعضه ببعض. قُلتُ: يريد بقوله: لأنه نوع واحد أن الصنعة المفارقة لغو فصار ما قامت به كما لم تقم به، وقوله: (ولو جازت ... إلخ) دليل صدق الملازمة، مقدمتان حذفتا للعلم بهما واضح صدقهما. الأولى: الحديد الذي يخرج منه السيوف كالحديد الي لا يخرج منه؛ إذ لا يجوز

سلم أحدهما في الآخر. والثانية: حكم أحد المتساويين حكم الآخر. والثانية متفق عليها، وفي الأولى اختلاف. اللخمي: الموزون من حديد وصوف وكتان غير مصنوع نوع واحد وإن تباينا في الجودة. قال ابن القاسم: الحديد الذي تعلم منه السيوف والحديد الذي لا تعمل منه والصوف الذي يعمل منه السيجان العراقية والأسوانية، وما لا يعمل منه ذلك والكتان كذلك كل منها نوع واحد، وهذا حماية لئلا يتذرع بما يتباين لما يتقارب والقياس الجواز، وأصل المذهب أن ما يتباين اختلافه من الجنس الواحد، وقصد من أحدهما خلاف ما يقصد من الآخر جواز سلم أحدهما في الآخر كما هو في الحيوان والثياب. قُلتُ: في تهذيب الطالب أجاز سَحنون الحديد الذي لا يخرج منه السيوف في سيوف إلى أجل وله أنه لا يجوز سلم سيف في سيفين بحال. قُلتُ: فليزم منه جواز سلم حديد لا يخرج منه سيوف في حديد تخرج منه. اللخمي: وتعليل المنع بأنه يمكن أن يعمل من الدنيء مثل الجيد إذا بولغ في عمله خلاف نص ابن القاسم بمنع سلم الصوف في الصوف وإن كان يعمل من أحدهما ما لا يعمل من الآخر أبدًا. ابن حارث: قال فضل عن يحيى بن عمر: يجوز سلم سيوف في حديد كثوب كتان فيه ووافقني عليه البرقي. فضل: وقول ابن القاسم أشبه بأصولهم؛ لأن السيوف قد تكسر فتصير حديدًا. قلت؛ كذا نقله ابن حارث في حديد من غير تقييده بكونه لا يخرج منه سيوف ونقله اللخمي مقيدًا به، وزاد: ومنعه سَحنون، وقال: ليس ضرب السيوف صنعة تخرجه عن الحديد؛ لأنه يعاد حديدًا، قال: والأول أحسن، وليس إعادة السيف حديدًا بفعل عاقل، ويعاقب فاعله؛ لأنه فساد وإضاعة مال، وإن كان ذك مبلغ عقله وتمييزه حجر عليه.

ابن بشير: المشهور منع سلم سيوف في حديد لا يخرج منه، وأجازه البرقي ويحيى بن عمر، وأخذه اللخمي من قولها: لا بأس بتور نحاس به نقدًا، قال: فجعل الصنعة تخرجه عن الجنس، وقوله غير صحيح من وجهين: الأول: أن المذهب منعه على أن غير المصنوع إذا كان يخرج منه المصنوع لم يجز وما ذكره من مسألة المدَوَّنة هذه لم يفرق فيه بين كونه مما يخرج منه أو لا. الثاني: أن حكم النقد يخالف حكم الأجل اتفاقًا يجوز ثوب بثوبين نقدًا لا لأجل. ابن الحاجب: والمصنوع يعود معتبر فيهما. ابن هارون: وهذا أحسن إذا قدم الأصل، وأما عكسه فمذهب المدَوَّنة المنع وأجازه يحيى بن عمر والبرقي. ابن عبد السلام: ضمير فيهما عائد على صورتين: تقديم الأصل في المصنوع، وعكسه واعتبار الأجل في الأول ظاهر، وهو أن يكون الأجل لا يسع أن يصنع فيه مثل المصنوع خوف سلم الشيء فيما يخرج منه. قُلتُ: قول ابن هارون هذا إذا قدم الأصل حسن وقبوله ابن عبد السلام أيضًا لا أعرفه معزوًا لنص ولا لتخريج، ولكنه من حيث كونه لأجل لا يمكن فيه خروج المسلم فيه منه كسلم حديد لا يخرج منه سيوف في سيوف وقد تقدم عزو عبد الحق إجازته لسَحنون، وفي أخذه من متقدم سلم كتان في ثوبه لأجل لا يخرج منه فيه نظر؛ لأن صنعة النسيج غير مفارقة وصنعة المتكلم فيه تفارقه. وفيها: لا خير في سيف في سيفين دونه لتقارب المنفعة إلا أن يبعد ما بينهما في الجودة والقطع كتباعده في الرقيق والثياب فيجوز. اللخمي والصقلي: ومنعه سَحنون الصواب الأول. الصقلي عن محمد: الحديد جيده ورديئه صنف، حتى يعمل سيوفًا وسكاكين فيجوز سلم مرتفعها في غير المرتفع، وكذا ما صنع منه سيوفًا وسكاكين ومرايا وغير ذلك إذا صار أصنافًا مختلفة المنافع وكا النحاس، وتقرر فيما تقدم أجناس الحيوان وسلم بعضها في بعض وما في الضأن والمعز، وقول ابن لبابة في الزكاة: أنهما جنسان والطريقان في الأوز والدجاج، وفي كون البغال والحمير جنسًا أو جنسين قولان لها،

ولابن حبيب. اللخمي: الأول أحسن لتقارب منافعهما ولا يفترقان إلا من باب الجودة أو الدناءة البغال في معنى الجيد والحمير في معنى الدنيء. المتيطي: قال أَصْبَغ والبرقي كقول ابن حبيب. قال فضل: تكلم ابن حبيب على حمر الأندلس وابن القاسم على حمر مصر وأجاب عبد الحق عن معارضة قولها في السلم بقولها في القسم لا يجمع البغال مع الحمير في القسم بالاحتياط في الحكمين، ونقضه غير واحد من المتأخرين بقولها في القسم يجمع ثياب الكتان والصوف والحرير في القسم ويسلم بعضها في بعض والحق أن هذه مشكلة والصواب عدم الجمع. وفيها: ثياب القطن لا يسلم بعضها في بعض إلا غلاظها في رقيقها، وكذا ثياب الكتان، وفي ثالث سلمها من لك عليه ثياب فرقبية جاز بيعها منه قبل الأجل بما يجوز أن تسلف فيها من الثياب المروية والهروية إذا انتقدت ذلك ولم تؤخره. عياض: خرج منه أثمتنا جواز سلم رقيق الكتان في رقيق القطن، خلاف قول بعضهم وهو قول مالك في المنتخبة: قال: لأنه رقيق كله وليس في المدَوَّنة ما يستدل به إلا هذا وعزا اللخمي المنع لأشهب، قال: وهو أحسن. قال: وثياب الكتان والصوف والحرير يسلم بعضها في بعض لاختلاف منافعها ويسلم ما استوت جودته بعضه في بعض لاختلاف منافعها كالعمائم والأردية. قُلتُ: أخذ بعضهم قول أشهب من قولها في البغال والحمير، ومنهم من فرق باتحاد المنفعة أو تقاربها فيهما واختلافهما في الثياب. ابن بشير: إن تباين الجنس دون المنفعة فالمذهب المنع، وقد يظن أن فيه قولين من قولي ابن القاسم وأشهب في سلم جيد الكتان في جيد القطن أجازه ابن القاسم وأخذ له من إجازته في السلم الثالث فيمن له ثياب فرقبية وهي رقيق ثياب الكتان إلى أجل يجوز له بيعها من غير من هي عليه بثياب ثطن هروية أو مروية وهي من رقيق ثيابه؛ لأنه يشترط في هذا البيع شرط السلم، ومنعه أشهب وليس كا ظن؛ لأن الخلاف في هذا الفرع خلاف في شهادة هل المنافع متساوية أم لا؟ قلت: بهذا وجه المازري

قوليهما. وفيها: إن أسلم فسطاطية في فسطاطية معجلة ومروية مؤجلة جاز، ولو عجلت المروية و**** الفسطاطية لم يصلح لأنه قرض بزيادة مروية. اللخمي: إن أسلم فسطاطيًا في فسطاطيين مثله أحدهما معجل والآخر مؤجل فأجازه ابن القاسم ومنعه سَحنون. محمد: اضطر المخزومي طرد القياس فيه لأشهب حتى أجاز دينارًا بدينارين أحدهما مؤجل يريد إن قصد بذلك المعروف كدينار بأوزن منه، ويجوز على قوله: أن يكون هو الأوزن هو المعجل وجوازه في الثياب أحسن وإنما يمنع من ذلك ما يقصد فيه إلى فساد فإن اختلفوا في الجودة، والمنفرد مثل المعجل من الثوبين أو أدنى جاز، وإن كان أجود من المعجل ومثل المؤجل أو أدنى لم يجز وهو سلف بزيادة هي المعجل مع فضل المؤجل إن كان أجود وإن كان المنفرد أجود منهما جاز وهي مبايعة. المازري: في جمل بجملتين مثله أحدهما نقدًا والآخر مؤجل روايتان بالجواز والكراهة بالأولى أخذ ابن القاسم، وبالثانية أخذ ابن عبد الحَكم، وقال - أي سَحنون: هذا الربا، وعزا ابن محرز الروايتين لان بعد الحَكم، قال ابن عبد الحَكم وكراهته أحب إليَّ. ابن محرز: وقول ابن القاسم في الجملين إذا تساويا الجواز، وأرى أن المنفرد إذا لم يكن فيه فضل عن المعجل فقد استغرقه، ولم يبق فيه تعلق بالمؤجل ولو خالف المعجل من الجملين المنفرد حتى اختلفت الأغراض فيهما تعلق المنفرد بهما معًا كان المعجل منهما زيادة في السلف، والتزم أشهب للمغيرة على ما أجازه من الجمل بالجملين جواز دينا بدينار مثله نقدًا ودينار لأجل لانحصار عوضية المنفرد بالمعجل، بخلاف كونهما معجلين لعموم عوضيته فيهما، ومن المذاكرين من يلزم أشهب ذلك، وإن كان الديناران نقدا وها لم يقله ولا أحد من فقهاء الأمصار وربما استدل من مذهبه على مصيره لذلك، بقوله في صلح المرأة ورثة زوجها عن دنانير بدنانير من أموالهم قدر ميراثها وترك الميت عروضًا أن الصلح جائز وهو بيع ذهب بذهب وعروض وليس كما توهم على أشهب. ومعنى المسألة أن الدنانير المتروكة كانت بيد الورثة، وإذا كانت

بأيديهم فإن كانت مضمونة عليهم فإنما قضوا بدفعهم ما كان في متهم، وإن كانت في أمانتهم فقد ذكر محمد عن أشهب أنه لا بأس لمن كانت عنده دنانير وديعة في بيته أن يدفع بدلها من ماله فعلى هذا إجازة أشهب. مسألة الورثة، فإن قيل: إنما أجاز أشهب مسألة الوديعة لأنها في يده فصارت كالمقبوة وهنا أمر زائد على القبض والمناجزة وهو التفاضل بين الذهبين، قيل: إ ن ثبت أن هذا هو علة أشهب في الوديعة حملنا مسألة الورثة على أنهم ضمنوه بتعديهم. ابن بشير: جرت في مسألة الجملين مناظرة بين المغيرة وأشهب والتزم أشهب الجواز فألزمه المغيرة ذلك في دينار بدينارين فالتزمه وقد لا يلزمه؛ لأن باب الربا أضيق من غيره، فقد تقدر المقابلة في سلم العروض لأجل والإجماع على منع ذلك في الربويات واختلف الأشياخ هل يلزم أشهب ذلك في الدنانير نقدًا فألزمه ذلك بعضهم وأباه بعضهم، وذكر ابن الحاجب هنا أن أشهب هو الذي ألزم المغيرة بيع دينار بدينارين وأن المغيرة هو الملتزم وكذا في تنبيه ابن بشير في كتاب الصرف وللمازري في كتاب الصلح وفي بعض نسخ ابن الحاجب بالعكس وكذا في تنبيه ابن بشير في كتاب الصرف في السلم الأول، وكذا ذكره المازري وابن محرز، وظاهر لفظ اللخمي الأول فتأمله. ابن رُشْد: السلم في الصناعات على قول ابن القاسم: إن لم يشترك تعيين العامل ولا ما يعمل منه المصنوع فحكمه كالسلم لا يجوز إلا بوصف العمل وضرب الأجل، وتقديم رأس المال وعكسه شرط تعيينهما ليس بسلم إنما هو بيع وإجازة في المبيع إن كان يعرف وجه خروج ذلك الشيء من العمل أو يمكن إعادته للعمل أو عمل غيره من الشيء المعين فيه العمل جاز على الشروع في العمل أو على تأخير الشروع لثلاثة أيام ونحو ذلك، فإن كان على الشروع جاز بشرط تعجيل النقد وتأخيره، وإن كان على تأخيره لثلاثة أيام لم يجز تعجيل النقد بشرط حتى يشرع، وإن لم يشترط عمله بعينه ويعين ما يعمل منه فهو أيضًا من البيع والإجازة في المبيع إلا أنه يجوز على تعجيل العمل وتأخيره إلى نحو ثلاثة أيام فتعحيل النقد وتأخيره، وإن اشترط عمله ولم يعين ما يعمل منه، لم يجز بحال لأنه يجتذبه أصلان متناقضان: لزوم النقد؛ لأن ما يعمل منه

مضمون وامتناعه لاشتراط عمل العامل بعينه. قُلتُ: وقرر اللخمي القسم الثاني بقوله: إن كان لا تختلف صفة خروجه كشراء القمح على أن يطحنه البائع والزيتون على أن يعصره يأخه منه كيلًا معلومًا، أو الثوب على أن يخيطه أو تختلف، ويمكن عوده لحالته الأولى فيصنع على الصفة المشترطة جاز فيهما، وذلك كالحديد والرصاص إلا أن يشتري جملة الحديد والرصاص فلا يجوز؛ لأنه كلما أعيد نقص فلا يقدر أن يعمل في الثاني إلا دون الأول وإن كان يختلف خروجه، ولا يعاد لهيئته الأولى لم يجز كالثوب يشترط صبغه والغزل يشترط نسجه، والعود يعمل تابوتًا أو بابًا، ولو كثر الغزل واشترط إن أتى ناقصًا على الصفة عمل من بقيته حتى يأتي على الصفة جاز، واختلف في جواز استئجار الأجير على أن يأتيه بالغلة فعلى جوازه يجوز شراء الثوب على أن يصبغه، وقيل: لا يجوز شراء سلعة على أن البائع يبيعها لمبتاعها، وكل ذلك جائز على جواز الاستئجار للغلة. قُلتُ: قوله: ولو كثر الغزل إلى قوله: جاز يرد بالغرر الناشيء عن جهل الأجير بماذا يستحق عوض عمله هل بصنعه المصنوع مرة أو مرتين؛ ولذا لم يذكره ابن رُشْد مع تأخره عنه، والله أعلم، وذكره ابن بشير غير معزو له ولم يتعقبه. **** على المنع في المختلف خروجه، مع اتفاقهم على جواز الإجازة عليه نظر، لأن احتمال اختلاف الخروج إن أوجب غررًا أفسد عقده مطلقًا وإلا فلا، فإن قيل: هذا الغرر في مجرد عقد الإجارة مضطر إليه فألغى تأثيره الفساد فيد. وفي عقد بيه مادة المستأجر عليه غير مضطر إليه فاعتبر تأثيره فيه، ولذا منعه سَحنون مطلقًا، قيل يلزم على هذا منع العقد على البيع والإجازة في غير المبيع. قال اللخمي: وعلى الجواز إن هلك القمح قبل طحنه أو الثوب قبل خياطته أو الحديد قبل صنعه، فإن هلك ببينة أو دونها، والبائع غير منتصب لتلك الصنعة حلف على ضياعه ولم يضمنه، وحط عن المشتري قدر الصنعة وإن كان منتصبًا لتلك الصنعة ضمنه بالقيمة لا الثمن؛ لأن التمكين في المبيع تقدم، وإنما بقي لموضع الصنعة، وعلى المشتري ما ينوبه من الثمن، ويحط عنه مناب الصنعة كما تقدم، وأما الزيتون فضمانه من بائعه، ولو قامت بتلفه بينة لأجل حق التوفية بالكيل، ولو لم يسلم في الغزل على أن

ينسج واشتراه على أنه إن خرج على ما وصف أخذه، ونقد وإن خرج على غير ذلك كان لبائعه جاز. ابن بشير: إن كان الصانع معينًا والمصنوع منه غير معين والصانع لا يفتر عن العمل غاليًا كالقصاب والخباز جاز الشراء منه وحكموا له بحكم النقد لما كان الغالب وجوده فهو في حكم المعين ومتى تعذر شيء من هذا وجب الفسخ فيه وظنه اللخمي سلما على الحلول فأخذ منه ذلك، ومقتضى الروايات خلاف ما قال: إنما هو بيع نقد ولا يفتقر إلى أجل السلم، وإن كان العامل لا يستديم عمله فقد أجازوه للضرورة على حكم السلم يشترط فيه أن يكون أجل المسلم فيه يبقى إلى أجل السلم فأكثر، ويقدم رأس المال وإن تعذر فيه شيء منه تعلق بالذمة، وكان كالصانع يبيع مصنوعًا كثيرًا على أن يبتدئ في الأخذ منه يوم العقد أو بعده بالزمن اليسير وأن كان المصنوع منه معينًا والصانع غير معين فمقتضى الفقه أنه هذا الذي فرغنا منه في الصانع يبيع ما ارتفع من صنعته، وما لم يرتفع؛ لأن هذا إنما يجوز إذا كان الصانع غير معين. قُلتُ: ما ذكره من السلم للقصاب والخباز في قسم تعيين الصانع وعدم تعيين المصنوع منه خلاف ما ذكره فيه الأشياخ من أنه مجرد سلم لذى صنعة في مصنوعه لا بقيد تعيين المصنوع منه. وما تقدم لابن رُشْد من قوله إن اشترط عمله ولم يعين ما يعمل منه لم يجز بحال فيه نظر لقولها في كتاب الجعل والإجارة، قال مالك: من استأجر من يبني له داره على أن الآجر والجص من عند الأجير جاز. قُلتُ: لم جوزه ولم يشتر شيئًا من الجص والآجر بعينه؟ قال: لأنه معروف عند الناس. قُلتُ: أرأيت السلم هل يجوز فيه إلا أن يضرب له أجلًا وهذا لم يضرب للآجر والجص أجلًا؟ قال: لما قال له: ابن لي هذه الدار فكأنه وقت له، وقت بنيانها عند الناس معروف فكأنه أسلم إليه في جص وآجر معروف إلى وقت معروف، وإجارته في عمل هذه الدار فلذلك جاز، وقال غيره: إن كان على وجه القبالة ولم يشترط عمل يده فلا بأس إذا قدم نقده.

قُلتُ: ظاهر المسألة خلاف نقل ابن رُشْد عن المذهب، إن العقد على تعيين العامل وعدم تعيين المعمول منه أنه غير جائز ووفاق لنقل ابن بشير. الصقلي: قول الغير خلاف لان القاسم؛ لأن ابن القاسم يجيز ذلك في عمل رجل بعينه؛ لأنه يشرع في العمل كإجازاته على خدمته سنة؛ ولذا قال في الحمالة: إن دفعت لخياطٍ ثوبًا على أن يخيطه بنفسه جاز. وقال بعض القرويين: إنما يصح قول ابن القاسم على أن يكون الأجير صاحب صنعة عمل الآجر والجص فيصير تأخير النقد جائزًا كالشراء من الجزار والخباز كل يوم خبزًا ولحمًا، والثمن مؤخر فعلى هذا يجوز قدم النقد أو أخره، ويشرع في العمل أو يكون المأخوذ منه من الجص والآخر شيئًا شيئًا يطول أخذ جملته حتى يكون المعجل منه يسيرًا في جنب ما يأخذ منه لا قدر المعجل منه لكثرته فيجوز لأنه قد تأخر كله لمثل أجل السلم. وإنما قلنا ذلك؛ لأنه في عمل رجل بعينه والآجر والجص في ذمته مضمونًا، والمضمون يجب تأخيره لأجل السلم، ويكون جميع ما ينوب ذلك وما ينوب إجارته نقدًا لأنه لو تأخر من ذلك شيء كان قد تأخر منه قدر مما ينوب الآجر والجص ولا يقدر أن يخص ما ينقده بهما وإن نقد الجميع لأجل منابهما مع وجوب تأخر اقتضائهما لأجل السلم لزم تأخير عمل الأجير لذلك مع انتقاد إجارته وذلك لا يجوز. قُلتُ: بعض القرويين هو التونسي، وهذا المعنى هو الذي أشار إليه ابن رُشْد بتعليل المنع بالتناقض والتعقب عليه بإطلاقه المنع فيه دون تفصيل الحال في المسلم إليه. ولما ذكر المتيطي قول الغير في المدَوَّنة قال: ونحوه لعبد الملك في الثمانية. قال ابن أبي زَمَنَيْن: هذه المسألة لا تحتمل النظر وجوازها استحسان، كذلك قال سَحنون، وإن وقع العقد بتسمية الثمن دون شرط نقده ولا تأخيره نقد منه ما قابل الآلة، وكلما عمل شيئًا دفع له بقدره. قُلتُ: هذا خلاف قول التونسي لا يقدر أن يخص ما ينقده بالآلة ففي جواز السلم في سلم معين صانعه دون مادته ومنعه ثالثها: إن كان المسلم إليه من أهل حرفة صنعته أو قل ما يعجل منه لضرورة الشروع في العمل قبل مضي أقل مدة أجل السلم بالنسبة للباقي من المادة، ورابعها: إن نقد منابها لظاهرها مع حملها عليه.

باب في الذمة

ابن أبي زمنيْن وابن رُشْد والتونسي، والمتيطي، وتمام الكلام في السلم لذوي الحرف في فصل شرط الأجل. وشرطه بتعلقه مبيعه بالذمه لازم: الباجي: اتفاقًا. [باب في الذمة] ابن عبد السلام: الذمة أمر تقديري يفرضه الذهن لا ذات ولا صفة لها. قُلتُ: يرد بلزوم كون معنى قولنا إن قام زيد ونحوه ذمة والصواب في تعريفها أنها ملك متمول كلي حاصل أو مقدر عنه ما أمكن حصوله من نكاح أو ولاية أو وجوب حق في قصاص أو غيره مما ليس متمولًا؛ إذ لا يسمى ذلك في العرف ذمة.

وفي طرر ابن عات في ترجمة السلم في ثمر حائط بعينه: من استسلف ملا وأخذ سلمًا، وقال: أؤدي إليك من مالي من قرية، كذا فحيل بينه وبين ماله ذلك فطلبه المسلم بدينه فأفتى صاحب المظالم أبو عبد الله بن عبد الرؤوف، وابن الشقاق، وابن دحون وغيرهم بلزوم أداء دينة. وأفتى أبو المُطَرِّف عبد الرحمن بن بشر: أنه لا يلزمه أداء دينه إلا من ماله بتلك القرية فعرض جوابه هذا على الفقهاء المذكورين فرجعوا إليه عن جوابهم الأول واحتج لجوابه بسماع أشهب وابن نافع في الرجل يتعين في عطائه فيحبس العطاء وله مال فيه وفاء لما عليه من تلك الغيبة إنه لا يؤخذ ذلك من ماله. قال ابن سهل: أخبرني بجميعه أبو مروان بن مالك فذكرت ذلك المعينة انه لابن عتاب قال لي: لا أذكر أنها نزلت عندنا، وينبغي أن لا يجوز كما قال ابن القاسم في الرواحل والدواب من المدَوَّنة فيمن ابتاع سلعة بدنانير لع معينة غائبة، ولم يشترط خلف الدنانير إن ضاعت، قال: وليس مسألة العطاء من ذلك؛ لأن العطاء كان مأمونًا. قُلتُ: فالحاصل أن في النازلة المذكورة ثلاثة أقوال: صحة البيع والقضاء بغرمه من عموم ماله. وصحته وقصر القضاء على المال المشترط القضاء منه. وفساد البيع، وأخذه ابن عتاب من مسألة الدنانير الغائبة، يرد بأن التعيين فيها أشد منه في النازلة المعينة؛ لأن مسمى ماله في قرية كذا وسماها ابن سهل بما أحرفه،

وهو أوسع من الدنانير المعينة. قُلتُ: مسألة سماع أشهب هي في رسم الأقضية من كتاب المديان. قال ابن رُشْد: (تكررت في آخر السماع)، ومعناها: أنه حكم للعطاء بحكم الدين الثابت في ذمة في أن مصيبته ممن اشتراه إن مات من عليه الدين أو فلس، ومعناه في العطاء: المأمون فإن اشترى سلعة بدين على أن يقضيه من عطائه إذا خرج فلم يخرج بطل حقه، وإن خرج بعضه حل عليه من الدين بقدره على ما في آخر السماع، وكذا لو اشترى العطاء فلم يخرج لم يكن له على هذا القول شيء، وقيل: إن تعين في عطائه أو باعه كان ذكر العطاء كالأجل وتعلق ذلك بذمته إن لم يخرج العطاء أو مات قبل خروجه واختاره محمد ورواه أشهب في الواضحة وهو الآتي على قول الغير فيها: فيمن اشترى سلعة بدنانير له غائبة انه يضمنها إن تلفت وإن لم يشترط الضمان، وعلى قول ابن القاسم فيها لا يجوز التعيين في العطاء إلا بشرط الخلف، فيتحصل ثلاثة أقوال: الأول: لا يجوز البيع إلا بشرط الضمان إن لم يخرج العطاء. والثاني: الجواز والحكم الضمان. والثالث: الجواز ولا يلزمه ضمان. وأما العطاء غير المأمون فلا يتعين فيه حق باتفاق، ويختلف في جواز ذلك بغير شرط الخلف على قولين، ويحتمل حمل هذه الرواية على العطاء المأمون، وما فيه الواضحة، وقول محمد علي غير المأمون فلا يكون في المسألة اختلاف إلا في جواز البيع، بغير شرط الخلف في غير المأمون. قُلتُ: فالحاصل أن معنى مسألة سماع أشهب غنما هو راجع إلى بيع العطاء نفسه دون تعلقه بذمة بائعه فصار. كبيع دين على مدين حسبما نص عليه ابن رُشْد بقوله: حكم العطاء بحكم الدين الثابت في الذمة، وذلك خلاف ما فهمه منها أبو المُطَرِّف مستدلًا به على فتواه في النازلة المذكورة، لا يتصور أو كسلعة غائبة مأمونة، فانحصر تعلق البيع والعوضية به والعين، لا تنافي تعلق البيع بها من حيث تعيينها مع أمنها والنازلة

المذكورة هي سلم على أن يدفعه من ماله بقرية كذا، وهذا يمنع كونه كبيع دين؛ لأن طلبه إنما هو من بائعه لا من غيره، والدين المبيع إنما يطلب به غير بائعه، ويمتنع كونه كبيع سلعة غائبة؛ لأن السلعة الغائبة يمتنع السلم فيها لامتناعه في المعينات اتفاقًا حسبما قاله الباجي، وإذا بطل الأمران فيها لزم تعلق البيع فيها بذمة البائع وكلما تعلق بالذمة لزم تعلقه بكل مملوك لذي الذمة، والعجب من ابن عات في عدم ذكره كلام ابن رُشْد مع كثرة نقله عنه. الباجي: وكون المسلم فيه موجودًا، عند حلول أجله شرط فيها ما ينقطع من أيدي الناس في بعض السنة من الثمار الرطبة وغيرها لا يشترط أخذ سلمه إلا في إبانه وإن شرط أخذه في غير إبانه؛ لأنه شرط ما لا يقدر عليه. ابن بشير: وشرط أبو حنيفة كونه مقدورًا على تسليمه في جميع أثناء الأجل لئلا يموت المسلم إليه في أثنائه فيجب تعجيله، وعندنا خلاف في مراعاة الطوارئ البعيدة فيجري هذا الشرط على رعيها. ابن عبد السلام: في هذا نظر لاحتمال اتفاق أهل المذهب على إلغاء احتمال الموت والفلس في هذا، وإن اختلفوا في مراعاة الصور النادرة لاحتمالها شهد الشرع بإلغائه في الأجل لجواز البيع إلى أجل طويل إذ لو روعي ذلك الاحتمال كان الأجل غير منضبط فيكون العقد ذا غرر فيمنع وهو باطل قطعًا. قُلتُ: رده بقوله: لاحتمال اتفاق أهل المذهب على إلغاء احتمال الموت والفلس لا يخفى ضعفه لأن احتمال الاتفاق لا يوجب ثبوته؛ لأنه من جملة أفراد القضية الضرورية القائلة احتمال الشيء لا يوجب ثبوته وهي بديهية وربما برهنت باستلزام نقيضها المحال وهو اجتماع الضدين والنقيضين، ورده ثانيًا بقوله: شهد الشرع بإلغاء هذا الاحتمال إلى آخره، يرد بأنه إنما ألغاه لتعذر المنجي منه في أمر حاجي أو ضروري وهو البيع بثمن مؤجل وصورة النزاع المنجي منه ممكن وهو دوام وجود المسلم فيه مدة الأجل. وفيها: لا يجوز السلم في نسل حيوان بعينه من الأنعام والدواب بصفة وإن كانت حوامل إنما يكون السلم في الحيوان مضمونًا لا في نسل حيوان بعينه. اللخمي: لأنه إن لو يوجد بتلك الصفة كان رأس المال تارة سلفًا وتارة بيعًا،

ويجوز إن لم يقدم رأس المال وقرب الوضع إن خرج على الصفة أخذه، ودفع الثمن وإلا فلا بيع بينهما ويختلف إن بعد الوضع لموضع التحجير، فأصل ابن القاسم جوازه وأصل غيره منعه. قُلتُ: هذا إشارة إلى قوليهما في عقد الكراء على أرض البعل غير المأمونة في أكرية الدور والأرضين فيها وهذا على أصله في إجازته بيع ما فيه غرر إذا وقف ثمنه وكرره في مواضع، ومثله قول المارزي إن شرطا وقفه الثمن فإن خرج الجنين على الصفة المشترطة تم البيع جري على القولين المشهورين فيمن اكتري أرضًا غرقة ووقف الثمن لاختبار انكشاف الماء وفيمن اكترى دابة بعينها على أن لا يركبها إلا إلى أجل بعيد بشرط وقف الثمن. ورأى السيوري: إذا بيعت الثمرة قبل الزهو بشرط التبقية على وقف الثمن لاختبار سلامتها جاز بيعها كذلك، وهو ظاهر التعليل في قوله ?: أرأيت إن منع الله الثمرة فبم يأخذ أحدكم مال أخيه؟ ويجري هذا على القولين في الأرض والدابة. وقال ابن شاس: لا يجوز السلم في نسل حيوان بعينه ولو وصف، نقد أو لم ينقد. وقال السيوري: إن لم ينقد وشرط إن وافق الصفة تم البيع جرى على القولين في الأرض الغرقة. قُلتُ: الصواب منع تخريج الجواز في مسألة السلم في نسل حيوان بعينه مما ذكرو. وفي الثمر قبل زهوة على التبقية، ووقف الثمن لقيام دليل المنع وفساد التخريج فيهما أما دليل المنع، فالأحاديث الدالة على فساد بيع الغرر إذ لا خفاء في وجوده في مسألة نسل الحيوان وهو الغرر الناشئ عن احتمال حصوله بالصفة المشترطة وعدمه. وفي مسألة السيوري: الغرر الناشئ عن احتمال سلامة الثمرة وفساده ونفي علة فساده المشار إليها في الحديث بوقفه لا نفي مطلق علة فساده بغيرها وهو الغرر اللاحق

للمبتاع في وقفه ماله لأمر يحتمل حصوله وعدمه، وفساد تخريجه من قول ابن القاسم فيها في الأرض الغرقة والدابة المعينة بالفرق بينهما وبين صورة النزاع، وذلك أن البيع يقتضي لذاته تعلقه بعوضين ويستحيل تقرره بأحدهما والعوضان في مسألة الأرض حاصلان؛ لأن الأرض حاصلة في ملك مكريها فصح تقرر عقد الإجارة لتقرر عوضيها حاصلين، وكذا في الدابة المعينة والغرر إنما تعلق بصفة العوض وهو انكشاف الماء عن الأرض واستمرار سلامة الدابة وهما خارجان عن ذات العوض، والغرر في صورة النزاع متعلق بذات المبيع وهو نفس النسل المسلم فيه لعدم تقرره في ملك البائع له حين العقد عليه، ولا يلزم من إلغاء الغرر المتعلق بأمر خارج عن ذات العوض إلغاء الغر المتعلق بذات العوض ونحو هذا مذكور في مسألة كراء الأرض. ابن شاس: لو كان في نسل نعم كثيرة لا يتعذر الشراء منها جاز. قُلتُ: ظاهره: أنه هو المذهب وظاهر المدَوَّنو منعه مطلقًا هنا وفي الزكاة الثاني في السلم إلى الساعي ويتخرج جوازه من قول بعض الشُيُوخ يجوز السلم في ثمر قرية صغيرة لمن لا ملك له فيها إن كان الغالب بيع بعض أهلها قدر ذلك. قُلتُ: لا يجوز السلم في ثمر حائط بعينه قبل زهوه ولو شرط أخذه رطبًا فإن أزهى جاز بشرط أخذه رطبًا لا تمرًا؛ لأن مدة إرباطه، وغرر بعد مدة صيرورته تمرًا، وتأجيل قدر ما يأخذه مفرقًا وكله إن شرط أخذه دفعة؛ لان محله البيع لا السلف، والشروع في أخذه أو لأيام قليلة وتأخيره خمسة عشر يومًا قريب، وكون الحائط في ملك المسلم إليه ولو انقطع ثمر الحائط قبل تمام قبض الثمر ففي مضي ما قبضه بمناب قيمته من الثمر في أوقاته كالأكرية أو بقدره كجائحته في شراء جميعه، قولان، لابن محرز عن ابن شبلون، مع اللوبي وعبد الحق عن القابسي وابن محرز عن ابن مزين عن عيسى بن دينار. اللخمي: إن كان شرط أخذه في يومين فعلى القدر، وإلا فعلى القيم، وسمع أشهب إن شرط أخذه رطبًا فأثمر قبل أخذ جميعه لم يأخذ بقيته تمرًا؛ لأنه بيع رطب بتمر. ابن محرز لتهمتهما على تعمدهما تأخيره وكذا ما يتهمان عليه ولو أجيحت ثمر

الحائط جاز أخذه ما تراضيا عليه من عين وطعام وغيره لنفي التهمة، ويراعى في أخذه السلامة من فسخ الدين في الدين والصرف المستأخر وسلف جر نفعًا. والفرق بين منع شراءه ثمر الحائط كيلا على تركه ليصير تمرًا، وجواز شرائه جزافًا على ذلك أن ضمان المكيل من بائعه فيما قل أو كثر والجزاف لا ضمان على البائع فيه إلا ضمان الجائحة، فكان الغرر في الجزاف يسير فلم يمنع صحة البيع، وكثر في المكيل فمنع، ويعتبر هذا المعنى بجواز النقد في عهدة السنة لقلة الغرر وكراهته في عهدة الثلاث لكثرته. قُلتُ: في هذا التعليل نظر؛ لأن الضمان، مهما قل في حق البائع كثر في حق المشتري وكذا العكس فإن أوجبت الكثرة الغرر لزم مطلقًا ولأجل هذا وهم ابن بشير في هذه المسألة، فاعتقد المذهب على عكس ما نقله ابن محرز، فقال ما نصه: وهل يجوز أن يشتري بعد الزهو ويشترط أخذه تمرًا، أما إن اشترى مكيلة فيجوز ذلك، وإن اشترى جملة الحائط فلا يجوز، والفرق كثرة الغرر مع اشتراء الجملة؛ لأن الضمان من المشتري إلا حكم الجائحة، وقلة الغرر إذا اشترى مكيلة؛ لأن الضمان من البائع، وأراد اللخمي المساواة بينهما وليس كما قال. قُلتُ: ألفاظ المدَوَّنة كالنص في أن الحكم ما قاله ابن محرز، وما نقله عن اللخمي من المساواة لم أجده في تبصرته، وإنما سوى بين الشراء على الكيل والجزاف في شراء الزرع بعد أن أفرك، وأشار في المدَوَّنة إلى الفرق بأنه إذا اشترى على الكيل لزم تأخير ضمانه لكيله، ومن لوازمه منه انتفاعه بشيء منه قبل إرطابه، ولا خلاف أنه مبيع من حيث تعيينه لا أنه مضمون، فإذا كان أمد كيله إرطابه قرب قبضه فلم يدخله بيع معين يتأخر قبضه. وإذا اشتراه على الجزاف ضمنه بنفس العقد وكان له التصرف فيه من حينئذ، وانتفى عنه مطلق التأخير. وفيها: إن انقطع ثمر الحائط بعد أخذه بعض سلمه رجع بحصة ما بقي من الثمن وله أن يأخذ بتلك الحصة ما شاء من السلع معجلًا. الصقلي عن محمد: وكذا صبرة يشتري منها كيلًا فتقصر عنه، والمسكن ينهدم قبل تمام المدة. ابن أبي زَمَنَيْن لبعضهم عن ابن القاسم: يأخذ به عنه ما شاء إلا ما هو من صنف

الثمر الذي أسلم فيه فلا يأخذ منه إلا قدر ما بقي له لتهمة التأخير على سلف جر نفعًا. قال بعض القرويين: وعليه لا يأخذ ذهبًا عن ورق ولا عكسه لتهمة على صرف مستأخر. قُلتُ: إن رد بأن مطلق التهمة على صرف مستأخر أضعف من تهمة دفع قليل في كثير. قُلتُ: قد اعتبرها في بيوع الآجال إن كان الصرف بينهما على السعر وألغاها إن كان أقل من السعر فتعتبر هنا إن كان بأكثر من السعر وفيها: تراضيهما على تعجيله قبل الوقت الذي شرطاه جائز إن كان على صفته. اللخمي: أجاز أخذ ما طاب الآن عن ما يطيب بعده وهو طعام بطعام غير يد بيد فإن قصد المعروف جاز، وإن قصد التصرف في ثمر حائطه وإن أجيحت الثمرة لم يرجع بشيء جاز وإن كان ليرجع بمثل ما دفع لم يجز إلا على وجه السلف. ومنع ابن القاسم في كتاب الحبس من وهب عشرة أقساط من زيت جلجلان له أن يعطيه ذلك من غيره؟ قُلتُ: إنما شبه مسألة الجلجلان لو عجل له ذلك من غير ذلك الحائط، والمعجل هنا منه والمبيع منه غير معين فيه فما عجل منه كان نفس المبيع ولم يجب عنه المازري بشيء. وفيها: (إن هلك المتبايعان لزم البيع ورثتهما). وفي تهذيب عبد الحق: قال بعض شُيُوخنا: إن مات قبل إرطاب التمر أخر مبتاعه لإرطابه وحلول الحق بموت من هو عليه إنما هو فيما تعلق بالذمة، والحق هنا في معين لا في ذمة؛ لأنه لو أجيح رجع في رأس ماله. عبد الحق: وينبغي أن يكون للورثة قسم التركة ويترك التمر لصيرورته ربطًا لمبتاعه، وليس له منعهم من القسم إن أجيح بأن الثمر قد يجاح فيرجع لرأس المال، لأن التأخير لإرطابه قريب، والغالب السلامة، ولو كان على الميت ديون وطلب أربابها بيع ثمن الحائط، ويستثنى منه قدر حق هذا من الثمر وهو كثير ففيه نظر. الصقلي: الظاهر أن ليس لهم ذلك؛ لأن الذي له السلم مبدى فيه بحقه والصبر

للإرطاب قريب. قال ابن عبد السلام: لو كان على الميت دين فطلب أربابه بيع ثمن الحائط لدينهم ويستثنى قدر حق المشتري، من الرطب، فقال بعض الشُيُوخ: في ذلك نظر ثم ذك كلام ابن يونس وقال: كان يمشي لنا في المذاكرات أن تمكينهم من البيع يتخرج على القولين فيمن استثنى في بيع غلة حائطه أو سقاء الثلث فأقل فأجيح ثلث الغلة فأكثر فعلى تبدئته فيما استثنى لا ضرر على المسلم في الصورة التي تردد فيها. الشَّيخ: وعلى عدم تبدئته لا يمكن أرباب الديون من البيع؛ لأنه يبطل على المسلم حقه في تبدئته. قُلتُ: فيما ذكره نظر من وجهين: الأول: أن المسألة التي توقف فيها عبد الحق إنما عبر عنها بقوله: ويستثنى منه قدر حق هذا من الثمر وهو كثير وكذا نقلها ابن يونس فظاهره أنه أكثر من الثلث، ونصه: أنه غير محدود به، والمسألة التي خرج منها مقيدة بكون المستثنى الثلث فأقل حسبما ذكرها كما هي في الروايات، فمسألة النظر مباينة مبطلة للقياس ضرورة أن حكم الأصل مشروط يكون المستثنى الثلث فأقل، وصورة الفرع وهو ما جعله عبد الحق محل نظر هذا الشرط فيها مفقود، إما لانها مفروضة على انها مقيدة بنقيضه وهو قوله: (وحقه من الثمر كثير) إن حملنا كثير على أكثر من الثلث أو على أنها عرية عن اعتباره لوضوح دلالة لفظ كثير على عدم التقييد بكونه الثلث فأقل. الثاني: أن نقول قال اللخمي وغيره في كتاب الجوائح: من اشترى عشرة أوسق من حائط بعينه فأجيح بعضه بدي المشتري فيما بقي بالمكيلة التي اشترى ولو اشترى غيره بعده قدر مكيلة أخرى فأصيب بعض الحائط بدي المشتري الأول على المشتري الثاني وما فضل عنهما لرب الحائط، ولا يحاص الثاني الأول؛ لأن الثاني إنما حل محل البائع، وحق البائع مؤخر عن حق الأول. واختلف فيمن باع ثمر حائطه جزافًا واستثنى مكيلة الثلث فأقل، فقال مالك: يبدى صاحب الحائط بما استثنى.

قُلتُ: ومن البين أن مسألتنا وهي بيع الغرماء لثمر الحائط مع استثناء مكيلة المشتري إنما هي كمسألة من باع من حائطه مكيلة ثم باع من آخر مكيلة لاشتراكهما في تبدئة المشتري فيهما على رب الحائط لا كالمسألة التي زعم الإجراء عليها. فإن قلت: ما ذكرتموه أولًا يرد بما إذا كان التمر المبيع عن الحائط كثيرًا أكثر من الثلث أو غيره مقيد بكونه الثلث فأقل كان من الواضح منع بيع الحائط واستثناء هذا القدر فلا يكون محلًا للنظر بكونه عند قائله محلًا له يوجب كونه كالثلث فأقل. قُلتُ: إنما ينتج هذا تقييده بكونه القلق فأقل لو انحصر موجب النظر فيما في بيعه مستثنى منه الثمر المبيع بوصف كونه مكيلًا ولا موجب لانحصاره فيه لجواز بيعه مستنثى منه الثمر المبيع، من حيث كونه جزء الحائط يكون خرصه ستين وسقا ومكيلة المشتري عشرون وسقا فمحل النظر هل يباع نصف الحائط أو ثلثاه لغلبة أمن الثمر لإرطابه أو لا يباع لاحتمال الجائحة المفوتة ما بقي بقدر جزء المشتري؟ وفيها: إن أسلم فيه بعد زهوة وشرط أخذ ذلك ثمرًا لم يجز لبعد ذلك وقلة أمن الجوائح فيه، وفي فوته بمجرد قبضه ولزوم فسخه قولا أَصْبَغ مع الشَّيخ ونقله رواية محمد وابن شبلون قائلًا: ليس كمن أسلم فيه وقد أرطب، وشرط أخذه تمرًا؛ لأن التمر من الإرطاب قريب ومن الزهو بعيد وصوب الصقلي الأول لقول مالك: إن أسلم في زرع قد أفرك وشرط أخذه إن فات مضى. وصرح عياض بأن قول الشَّيخ فوته بقبضه قال، وقال غيره بالعقد، وعزا ابن رُشْد لسلمها الأول فسخه وإن قبض ما لم يفت بعد القبض. وفيها: جواز السلم في كل رطب الفواكه كالرمان والقثاء والبطيخ كالحائط بعينه، وفي لبن غنم بعينها أو صوفها أو أقطها أو جبنها أو سمنها وكره أشهب السمن. ابن محرز: منعه فيه، وفي الأقط. التونسي: قال عنه محمد. ابن محرز عن سَحنون: قوله هذا خير من قوله في الصناعات؛ يريد: بيع ثوب على أن يخيطه البائع أو جلدًا على أن يخرزه أو قمحًا على أن يطحنه، وأجازه ابن القاسم وأشهب لا من وجه خروجها غالبًا وكذا السمن والأقط عن ابن القاسم، ولسَحنون

إنما كره أشهب السمن؛ لأنه كالزيتون على أن على البائع عصره. الشيخ: إنما يصح هذا التعليل لو أسلم إليه في كيل من اللبن على أن يخرج له بائعه منه سمناً أو أقطعا غير معلوم القدر، وهذه المسألة إنما أسلم إليه في سمن أو أقط معلوم. الصقلي: إنما كرهه لبعده كاشتراط الزهو تمراً. وفيها: ما ينقطع من الثمار في بعض السنة أسلم فيه في أي إبان شئت واشترط أخذه في إبان عبد الحق: عن بعض شيوخه، لو مات المسلم إليه قبل الإبان وقف قسم التركة إليه. ابن رشد: إنما يوقف إن خفيف أن يستغرقها ما عليه من السلم، وإن قل السلم وكثرت التركة وقف قدر ما يرى أنه يفي بالسلم وقسم ما سواه إلا على رواية أشهب، أن القسم لا يجوز وعلى الميت دين وإن كان يسيراً عبد الحق عن بعض شيوخه إن كانت ديون منه لابقيمته لو أسلم فيه الآن على أن يقبض في إبانه. زاد ابن رشد: إلا على قول سحنون ذو السلم المرجل يحاصص بقيمة سلمه إلى أجله لا بقيمته الآن حالاً. عبد الحق عن بعض شيوخه: إن جاء الإبان، فكان غالياً فلا شيء له وإن كان أرخص فلا زيادة له على حقه. الصقلي: ما طار له في الحصاص وقف ليشتري له في الإبان إن نقص عن حقه اتبع بباقية ذمة الميت وإن زاده فالزيادة لمستحقها من وارث أو ذي دين. قلت: في تعليقه أبي عمران بعد ذكره ما تقدم من الحصاص. وذكر الشيخ: أن أبا الحسن قال: توقف ما في ذمة الغريم إلى الإبان فعابه وأنكره الصقلي لو هلك كان من الميت؛ لأن له نماءه وحق هذا ليس عين ما وقف له. ابن رشد: إن جاء الإبان وهو أغلى مما قوم به فلا رجوع له عليه على الغرماء، وإن كان أرخص فلا رجوع لهم عليه في الزائد ما بينه وبين جميع حقه، وما فضل عنه فهو لهم. ابن عبد السلام: إنما لم يحكم في هذه المسألة بقول ابن القاسم فيما وقف للغريم من

مال المفلس لأن مسألة السلم لم يحل الأجل فيها؛ لأن الإبان لم يأت فلم يتمكن المشتري من حقه بوجه ولو حل الأجل كان كما وقف للغريم من مال المفلس. قلت: الأجل حل بموته والأولى ان يقال: كون سبب الوقف أمراً خارجاً عن تسبب رب الدين بغيبته يمنع جزيها على ضمان ما وقف لرب دين على مفلس. قلت: قال أبو عمران ما هلك في الوقف فهو ممن وقف له كقول ابن القاسم في كون العين من الغرماء قيل له: الغرماء ليس لهم إلا الموقف وهذا حقه في عرض يشتري له قال: هذا يؤدي إلى قول المغيرة العين من أصحابه والغرض ممن له العرض وهو خلاف المذهب. وفيها: إن شرط أخذه في إبانه فانقطع قبل أخذ ما أسلم فيه قال مالك: يتأخر من له السلم لإبانه. عياض: في لزوم التأخير لإبانه أو إن طلبه أحدهما، ثالثها: يخير المسلم في التأخير والمحاسبة، ورابعها: إن قبض أقله لزمت المحاسبة وإن قبض أكثره جاز له التأخير ولا وجه له وعكسه أقيس وأسعد بلفظ الكتاب، وخامسها: وجوب المحاسبة، وسادسها: هذا إلا أن يجتمعا على التأخير لسحنون مع أول قولي مالك، وثانيهما: وظاهر قول ابن القاسم فيها مع نصه في الموازية وفي عزو الثالث لابن القاسم أو لسحنون تأويلان ورواية الصقلي أو أشهب وأصبغ. المازري: في لزوم التأخير أو المحاسبة أو إلا أن يرضيا المحاسبة أو التأخير، خامسها يخير المسلم، فأسقط من نقل عياض الثاني والرابع، وجعل الخامس وجوب التأخير إلا أن يجتمعا على المحاسبة، وتبعه ابن بشير، وزاد عن ابن القاسم إن قبض الأقل وجبت المحاسبة، وإن قبض الأكثر وجب التأخير على إعطاء المتبوعات حكم ما تبعها، وحكى اللخمي: قول أصبغ بزيادة سواء كان ذلك بمطل منه أو غيره. وقول أشهب أحسن إن كان فوت الثمرة بجائحة، وإن كان بلد المطلوب، وقاله ابن حبيب إن هرب المسلم برأس المال او المسلم إليه فلم يقبض رأس المال حتى حل الأجل، فأرى أن يرفع المسلم إليه للحاكم الرطب فيحكم له ببراءته منه وببيعه للغائب إن خشى فساده

إلى حضوره. قلت: ويؤيده قولها في المدين الحالف ليقضين فلاناً حقه إلى أجل كذا فيغيب الطالب ولا وكيل له فله الرفع إلى الإمام لأداء الحق الذي حلف عليه. قلت: فمجموع الأقوال تسعة، ستة. عياض: وما زاده المازري وما نقله ابن بشير عن ابن القاسم، واختيار اللخمي، وإن عد قولا قول عياض وعكسه أقيس وأسعد بلفظ الكتاب كان عاشراً، وفي عد مثل هذا قولا نظر، وربما مر بي في كلام ابن رشد ما عده يقتضي عده قولا. الصقلي: قال أشهب: من غصب شيئاً فلم سجد مثله خير ربه في تأخيره لوجود مثله وتغريمه قيمته وهذا نحو ما تقدم لابن القاسم وينبغي على أصل أشهب أن يغرمه القيمة ولا يجوز تأخيره. قلت: قد يفرق بأن خروج العوض من يد ربه في السلم باختياره فأمكنت تهمته، وفي الغضب بغير اختياره فبعدت. قال ابن الحاجب: فلو اخره ححتى انقطع فالمشتري بالخيار في الفسخ والإبقاء. قال ابن عبد السلام: يعني لو أخر المشتري قبض ما أسلم فيه لم يقبض منه شيئاً حتى انقطع إبانه خير في فسخ العقد والتربص لعام آخر، وهذا يظهر إن كان التأخير من منع البائع وهو بعيد من لفظ المؤلف، وإن كان التأخير من سبب المشتري وحده فلا وجه لتخييره؛ لأن تأخيره ظلم. قلت: تفسيره هذا اللفظ بقوله: يعني لو أخر المشتري إلى آخر تعقبه يرد بأن التعقب إنما جاء من تفسير المرجوح، وهذا لأن فاعل أخر إنما هو ضمير عائد على البائع لا على المشتري كما قال زاعماً أن كون التأخير من البائع بعيد بل الأبعد ما فسره به من كونه عائداً على المشتري وهذا لأن الضمير الفاعل في آخره لو كان عائداً على المشتري لما قال: فالمشتري بالخيار، بل كان يقول: فهو بالخيار فعدوله عن ذلك قرينة تهدي المنصف إلى عود الضمير على البائع ولهذا تلقاه ابن هارون بالقبول، والمسألة جارية على مسألة تأخير الضحايا المسلم فيها لوقتها عنها، سمع القرينان في كتاب الضحايا من أسلم إليه في ضحايا ليأتي بها للأضحى فلم

يأت بها إلا بعد ذلك، أو في قطائف للشتاء فيأتي بها للصيف، والقمح ليأتي به في إبان يغلو فيه فيأتي به بعد ذلك على المشتري قبول ذلك ليس كالمكري للحج يأتي بعد إبانه. ابن رشد: إنما فرق الحج وغيره؛ لأن منفعته مخصوصة بأيام معينة، ومنفعة الضحايا أثمانها وقد يحصل في غير إبانها، وروى مطرف: إن أتاه بها قرب الأضحى بعد اليوم واليومين لزمته وإن أتى بها بعد الأيام الكثيرة لم تلزمه وهو جار على الخلاف، في السلم ينعقد على النقد فيتأخر إلى حلول الأجل بهروب المسلم وهو عرض على ما في المدونة أو عين على ما حكى ابن حبيب فعلى قولها بلزوم السلم يأتي قوله بلزوم الضحايا. وعلى نقل ابن حبيب عن ابن القاسم وهو قول ابن وهب ان المسلم إليه بالخيار إن كان الهارب المسلم لكون المسلم إليه فالخيار وفي مسألة الضحايا إذا لم يأته بها إلا بعد الأضحى بكثير، وفي إلزامه إياها بالقرب دون البعد نظر لكساد اللحم قرب أيام الأضحى لكثرته بايدي الناس من ضحاياهم. اللخمي: لو مطل بالأضحية لعام قابل أو بالفاكهة لو قت إبانها لم يجبر على قبولها على قول أشهب وأصبغ، ويختلف على قول ابن القاسم هل يجبر على قبولها كعيب ذهب، واختلف فيمن أكترى سفينة فدخل عليه الشتاء فلم يتفاسخا حتى عاد إبان السفر وهذا مثله. وفي تهذيب أبي سعيد: وأم القرى الصغار أو قرى ينقطع طعامها أو ثمرها في بعض السنة فلا يصلح من السلف في ثمرها إلا ما يجوز في حائط بعينه وقد ذكرناه. عبد الحق: في تعقيبه هذا يقتضي إنها في كل الوجوه كالحائط بعينه، وليس في الأم تشبيهها بالحائط بعينه، ولفظ الأم لا يصلح أن يسلف في هذه إلا أن يسلف في ثمرها إذا أزهى ويشترط أخذه رطباً أو بسراً لا تمراً لأنه ليس فيها بمأمون، فإنما أخبر أن هذا ليس بمأمون ولم يشبهها بالحائط بعينه. وقال بعض شيوخنا القرويين: السلف في القرية الصغيرة حكمه حكم الحائط بعينه في وجهين: أنه لا يسلم في ثمره إلا بعد زهوه.

وفي شرط أخذه بسراً او رطباً: ولا يجوز شرط أخذه تمراً وتخالفه في وجهين: في أنه يجوز ان يسلم فيها إلى من ليس له في القرية حائط؛ لأنه مضمون عليه. وفي انه لا يجوز تأخير رأس المال. ورأيت لبعض الاندلسيين منع السلم فيها لمن ليس له ملك فيها. قلت: ولفظ أبي سعيد فيها كلفظ مختصر ابن أبي زيد وما عزاه لبعض الاندلسيين عزاه الصقلي لابن أبي زمنين وابن محرز قال: وهو خلاف قول أبي محمد. ابن زرقون: وعليه تأول التونسي المدونة. عياض: ظاهرها: انه لا سلف فيها لمن لا ملك له فيها لقولها: لا يسلم فيها بعد الزهو. قال بعض الشيوخ: فلو جاز لمن لا ملك له فيها لما شرط طيب الثمرة؛ إذ لا يشترط طيبها إلا في المعين، وقاله فضل وابن أبي زمنين وابن محرز. وقال بعضهم: يجوز: لمن لا ملك له فيها إن كان شأن أهلها بيع ثمارهم ووجود ما اشترى غالباً بيعه، ولو استغرق السلم ثمار القرية او لما جرت العادة ببيعه منها لم يجز وإليه نحى الشيخ. قال ابن محرز: لم يختلفوا في وجوب تقديم رأس المال: قال أبو محمد: لأنه مضمون وهذا على أصله، وعلى قول من يراه كالحائط بعينه يجريه مجراه في تقديم النقد وتأخيره ذكره عبد الحق عن أبي عمران، وقال: تقديم النقد احوط وإلا فحقيقته أنه كالحائط في كل أحواله، وكر عبد الحق عن بعض الشيوخ انها توافق الحائط بعينه في وجهين ويخالفه في وجهين، فانظر هذا مع القول الأول انه إذا أسلم لمن لا ملك له فيها جاز اشتراط اخذه تمراً لوجود ذلك على الصفة عند الأجل وفيه نظر، ولو كان كما قال: لم يكن بينهما وبين المأمونة فرق، ولو انقطع ثمرها قبل استيفاء ما أسلم فيه ففي وجوب المحاسبة وجواز التأخير قولان، ولو أجيحت لزم التأخير. وفيها: لا بأس بالسلم في طعام قرية بعينها او ثمرها أو حبها في إبانه وقبله

ويشترط أخذه في إبانه إن كانت مأمونة كمصر وخيبر، ووادي القرى لمن ليس له في شيء من ذلك ملك، والسلم في حديد معدن بعينه كالقرية بعينها في أمنه وقلة أمنه. وشرطه بكونه لأجل معلوم ومعروف المذهب. الباجي: هو ظاهر المذهب وفي أقله اضطراب. الباجي: روى ابن عبد الحكم وابن وهب يجوز إلى يومين زاد ابن عبد الحكم أو يوم. القاضي: أخذ منه بعض أصحابنا السلم الحال، وقال بعضهم: الأجل شرط في السلم اتفاقا وإنما الخلاف في قدره. المازري: إلى الأول أشار التونسي ولا يحسن لإمكان كون غجازته لأجل قريب لدخوله في عموم قوله صلى الله عليه وسلم إلى أجل معلوم. قلت: في حد أقله مأخوذاً ببلد عقده بمجرد ما تختلف فيه الأسواق او بيوم أو يومين أو خمسة. خامسها خمسة عشر، وسادسها شهر لقول مالك فيها ورواية ابن عبد الحكم وروايته مع ابن وهب وسماع عيسى ابن القاسم حين قال له: لو كان سلم البغال في الحمير لأجل قريب لا تهمة فيه قال: لو كان لأجل قريب الخمسة الأيام وشبهها لم أر به بأساً وقوله فيها، والمازري عن بعض الشافعية عن مالك واستبعده الباجي عن القاضي تغير الأسواق لا يختص بمدة إنما هو بحسب عرف البلاد ومن قدره بخمسة عشر يوماً أو اكثر قدره بعرف بلده. الصقلي: عن أصبغ: إن وقع إلى يومين لم يفسخ؛ لأنه ليس بحرام ولا مكروه بين. محمد: يفسخ أحب إلينا. اللخمي: لابن وهب: السلم إلى يومين احب إلي من بعيد الأجل، وقال أصبغ: إن وقع فسخ وأراه فاسداً. قلت: هذا خلاف نقل الصقلي عنه، وحمل ابن رشد سماع عيسى على ظاهره،

وقال: هو خلاف مشهور قوله. ونقل غير واحد عن ابن بشير أنه قال في كتابه المسمى بالأنوار البديعة: يمكن أن يكون غرضه بالخمسة الأيام التحرز من سلم الشيء فيما يخرج منه أو لم يقصد الجواب عن الأجل. وفي سلمها الثالث: إن أسلمت إلى رجل في طعام ببلد على أن تأخذه ببلد آخر مسافته ثلاثة أيام جاز لاختلاف سعريهما بخلاف البلد الواحد، صور المازري: المسألة بأن المسافة ما بين البلدين اليوم الواحد. وذكر المتيطي عن بعض الموثقين: إن كان بلد القضاء كاليوم ونحوه فهو كالبلد الواحد لا يجوز إلا بأجل تختلف فيه الأسواق. قلت: هو نقل ابن فتوح عن المذهب ومقتضى لفظ المدونة اعتبار ما هو مظنة لاختلاف سعريهما فكما اعتبر هذه المظنة في الزمان اعتبرها في المكان. وفي لغو شرط تسمية الأجل فيه وافتقاره إليها أو إلى شرط الخروج عاجلاً قولا الموازية وابن أبي زمنين. الصقلي: هذا أحسن. اللخمي: لو لم يسميا أجلا ففي صحته ويجبر المدين على الخروج أو التوكيل عليه، وفساده قولان، وفساده أحسن. قال: وسمع ابن القاسم سئل مالك عن قوم يقدمون من أرياف مصر على مسيرة يوم يبيعون لمن بالفسطاط طعاماً مضموناً يوفونه بالريف لا يضربون له أجلاً، قال: أذلك حال قال: نعم، قال: لا بأس به ولم يجعله على الجواز ولا على الحلول لمجرد العقد، وإلى هذا ذهب فضل إلى أن الدنانير والعروض سواء، فهو فاسد كذا وجدته في غير نسخة متصلاً بقوله: لا بأس به ولم يجعله إلى قوله فاسد. وقال المازري، بعد إشارته غلى القولين، وأشار بعض شيوخنا لقول ثالث وهو كون السلم لا يحمل الخروج فيه على الفور او على التراخي وتعلق بما روي عن مالك لما سئل عن قوم من الريف يأخذون الدنانير على طعام يقضونه بالريف وبينه وبين موضع العقد مسافة قريبة فقال: أحال له فقيل نعم، فأجازه، وهذا لا يعد ثالثاً؛ لأنه إن

كان العقد محتملاً للتراخي والفور صار لأجل مجهول فيفسد كما لو شرط تأخير الخروج لأجل مجهول. قلت: قوله: أشار إلى قول ثالث وهم إنما أشار إلى تقوية ما اختاره من القول بالفساد، ولذا قال آخر قوله فهو فاسد، وما ذكره اللخمي عن سماع ابن القاسم لم أجده بحال إنما فيه ما نصه، وسئل عن من سلف في طعام مضمون إلى أجل وشرط المشتري على البائع حمله من الريف إلى الفسطاط وإنما كان اشتراه منه على أن يوفيه إياه بالريف قال: ما أرى بهذا بأسا. ابن رشد: لأنه بيع وإجارة أسلم إليه في الطعام على أن يوفيه بالريف واستأجره على حمله منه للفسطاط في صفقة واحدة. وقول الباجي على اعتبار ما تختلف فيه الأسواق يجب أن يختلف رأس السلم باختلاف السلع إذ منها ما يكثر بغير أسواقه، ومنها ما يندر كالدر والياقوت، يرد بان الحكم المعلق على مظنة حكمه لا يختلف لندور حصول الحكمة كمسافة القصر بالنسبة غلى عموم الناس وأقلهم ذوي الترفه الذين لا يلحقهم بهذا القدر مشقة. ابن بشير: لما حد ابن القاسم الأجل بخمسة عشر يوماً. قال القاضي: هذا يجري على عوائد البلاد يختلف الأمر فيه باختلافهما، فظنه الباجي خلافاً، وليس كذلك ما قاله ابن القاسم شهادة بعادة، وما قاله القاضي تفسير. قلت: ظاهره: أن الباجي صرح بكونه خلافا وليس كذلك، قال إثر قوله في مسألة الدر والياقوت: قال القاضي: تغير الأسواق لا يختص بمدة من الزمان إنما هو بحسب عرف البلاد، من قدر ذلك بخمسة عشر يوماً او أكثر غنما قدره على عرف بلده. قلت: وهذا كالنص في جعله قول ابن القاسم وفاقا لقول من يخص كل موضع بعرفه. قال ابن بشير: ظن اللخمي ان في المذهب قولين: أحدهما: أن مسافة ما بين البلدين تكفي عن الأجل. والثاني: لابد من ذكره وليس كما ظنه بل لا خلاف في المذهب. وللمسألة صورتان: إن كان السلم يحل بوصول البلد فلا حاجة للاجل، وإن كان يطول قدر زمن

الحلول فلا بد من ذكر الاجل. قلت: ما نسبه للخمي لم يختص به؛ بل قاله المازري وغيره. الباجي: ويجب على المسلم إليه الخروج لمحل القضاء متى بقى بينه وبينه قدر المسافة، فإن أبى أجبر على الخروج او توكيل من يقضي عنه. ومن متأخري أصحابنا من قال: لا يكفي توكيله حتى يضمن الوكيل المسلم فيه خوف عزله فيبطل سفر المسلم، ويجوز عندي ان يقال: ليس له عزله لتعلق حق المسلم بوكالته كالوكيل على بيع الرهن، وعلى الخصومة بعد تقييد المقالات، وقال ابن بشير: ذكر الباجي عن بعض العراقيين انه يشترط في هذا أن لا يعزله، ورأى الباجي أن هذا لا يحتاج إليه؛ لأنه تعلق بالوكالة حق فليس له عزله، وإنما ينبغي ان يقال في هذا: ليس له عزله جملة ولكن له أن يستبدله إن لم يكن في ذلك مضرة على الطالب. قلت: الذي في المنتقى وذكره ابن زرقون والمتبطي إنما هو شرط الضمان لا شرط عدم العزل، وشتان ما بينهما شرط عدم العزل يستقل به الموكل وشرط الضمان موقوف على التزامه الوكيل. وفي سلمها الثالث: وإن أسلمت في طعام لأجل على أن تقبضه بإفريقية جاز، وليس لك اخذه بعد الأجل إلا بإفريقية. عياض: انظر قوله إفريقية قال فضل: معناه سمى منها موضعاً وإلا لم يجز كمسألة مصر. وقول الباجي يجب عليه الخروج متى بقي بينه وبينه قدر المسافة، ظاهره انه يجبر على الخروج قبل حلول الأجل ومثله قال اللخمي. وقال ابن بشير: إذا حل الأجل امر بالخروج وهو أصوب لقولها: إن أبى الذي عليه الطعاك أن يخرج لما حل الأجل أو بعد حلوله أجبر، ومثله في كتاب الغرور منها. اللخمي: وتقرر العادة بوقت قبض السلم تغني عن ذكره عادة وقت قبض سلم الزيت وقت عصره، وذلك شهر ينير، وفي الحبوب الخصاد، قال: والسلم في الشيء لمن هو من أهل حرفته جائز على الحلول. قلت: ويخالف السلم أيضا في عدم وجوب نقد رأس المال في كتاب التجارة لأرض الحرب منها، وقد كان الناس يتبايعون اللحم بسعر معلوم يأخذ كل يوم شيئاً

معلومًا ويشرع في الأخذ ويتأخر الثمن إلى العطاء وكذا كل ما يبتاع في الأسواق ويسمي ما يأخذ كل يوم وكان العطاء مأمونا ولم يره دينا بدين، وتقدم أخذ التونسي السلم الحال مطلقا من جوازه ليومين وأخذه غير واحد من إجازتها البيع مرابحة، والثمن عرض وهو أبين من أخذه بعضهم من الشفعة والثمن كذلك؛ لأن بيع المرابحة بيع اتفاقا والأخذ بالشفعة يشبه الاستحقاق. المتيطي: روى أبو تمام جوازه حالا، وفي المرابحة ما يدل عليه. قلت: وفي شراء الغائب منها: من له عرض دين فباعه، من رجل جاز ظاهره وإن حل وهو نفس السلم الحال، وأصرح منه قول هباتها، وكل دين لك من عين او عرض فلك بيعه من غير غريمك قبل محله او بعد بثمن معجل. الباجي عن القاضي: رواية ابن عبد الحكم جوازه ليوم، رواية بجوازه حالا كقول الشافعي. ومنهم من قال: الأجل شرط قولاً واحداً؛ إنما اختلف الرواية في قدره، وقول الباجي يصح تعيينه بالحصاد والجذاذ وخروج العطاء غن كان معروفا لا يختلف وكذا قدوم الحاج. وتقدم شيء من هذا في بيوع الآجال. الباجي: ويبين الأجل فيه وفي البياعات فيقول إلى أول شهر كذا أو آخره وإن قال: إلى شهر كذا حل بأول ليلة منه. المتيطي: الصواب تأجيله بقولنا في أول الشهر من عام كذا وإن قال إلى شهر كذا احتمل ان يكون إلى آخره لقوله تعالى" (إِلَى الْمَرَافِقِ) [المائدة:6]، قال ابن القاسم: المرفق داخل في الغسل، وقال ابن نافع: لا يدخل لقوله تعالى: (ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ) [البقرة:187]، فدليل قوله أن يحكم عليه بدفع السلم أول الشهر، وقال بعض الموثقين: بدخول يوم منه يلزمه القضاء. ابن شاش: لو قال: إلى ثلاثة أشهر حسبت بالأهلة إلا أن يكون الشهر الأول انكسر في الابتداء فيكمل ثلاثين من الشهر الرابع. قلت: هو نصها في أكرية الدور وفي تلفيق كسر اليوم اختلاف وكذا في قصر المعدود على تسعة وعشرين يوما تقدم في الأيمان وقوله في شهر كذا قال الباجي عن ابن

العطار: هو ضعيف وليس باجل محدود يكره فإن نزل مضى ويدفع ما بين اول الشهر، وىخره وفي هذا القول نظر. ابن زرقون عن ابن لبابة: هو أجل مجهول. ولمالك في المبسوط: هو أجل معلوم، ومحل الأجل في وسط الشهر او وسط السنة إن قال: في سنة كذا كالبيع غلى الجداد والحصاد. ابن عات: لابن مغيث في وثائقه عن ابن لبابة: أنه يحكم له بالشهر كله قال: وهو اقيس، لقول مالك في المدونة: من حلف ليقضين فلانا حقه في شهر كذا فقضاه في آخره بر. قال ابن الحاجب: وفي رمضان بآخره وقيل: إن كان آجلا يغتفر معه الشهر. قلت: لم يعز ابن عبد السلام القول الثاني وعزاه ابن هارون للباجي وهو وهم إنما قال الباجي إثر قول ابن العطار: (وفي هذا القول نظر) فقط. ولابن بشير في التهذيب إثر قول الباجي نظر ولا شك إن كان هذا القدر إن نسب للأجل اثر في الثمن نقصا او زيادة في فسخ السلم، وإن لم يؤثر فيه ذلك لقلته بالنسبة لبعد الأجل صح قول ابن العطار، فظن ابن هارون ان هذا من كلام الباجي وليس كذلك. ولما ذكر ابن عبد السلام قول ابن العطار قال: إن قلت: هل في مسألة الحالف ليقضين فلانا حقه في شهر كذا دليل عليه؟ قلت: لا؛ لأن الأجل في الأيمان لا ينافي التوسعة بخلاف البيع؛ لأنه لو قال: لأقضينك في هذا العاك في أي شهر أردت أنا أو أردت أنت جاز ولو كان في البيع فسد. قلت: ظاهره انه لم يقف على احتجاج ابن مغيث بمسألة المدونة وعزاه ابن عبد الغفور لغير واحد، وفي رده الشيخ بما ذكر نظر، يتضح بتقرير القياس وبيان ضعفه، فنقول أجمعوا على مساواة زمن البر الموجب تأخير الفعل االمحلوف على إيقاعه عنه الحنث لزمن وجوب الحق المؤجل في قوله: لأقضينك حقك يوم كذا واشتريت منك هذه السلعة بثمن كذا على دفعه يوم كذا فيجب استواؤها في قوله: في شهر كذا، ولما كان زمن البر المذكور هو آخر يوم من الشهر وجب كونه كذلك في البيع عملاً بوجوب

المساواة السالمة عن ملزوميتها الغرور الموجب فساد البيع، والصورة التي زعم النقض بها غير واردة، على هذا القياس، المذكور؛ لأن المثبت بالقياس المذكور المساواة في مسمى الوقت فيهما وهي حاصلة في صورة النقض، ولكن المساواة اقتضت في صورة النقض فساد البيع لملزوميتها الغرر، وذلك غير قادح في قياس المساواة حسبما بيناه في البحث معه في مسألة الأمة تعتق أثناء الصلاة ونحو هذا قياس الفقهاء إبطال نفي الإرث في طلاق المريض على قاتل مورثه بجامع التعدي المثبت الحكم بمعاملته بنقيض مقصوده وإن كان حكم الأصل عدم الإرث وحكم الفرع نقيضه؛ لأن المثبت بالقياس نفس الحكم بالمعاملة بنقيض المقصود ومقتضاها في الأصل نفي الإرث وفي الفرع ثبوته وكذا المساواة في صورة النزاع اقتضت الصحة وفي صورة النقض اقتضت الفساد فكما لا يكون ذلك مانعا من صحة القياس لم يكن موجبا للتخلف في الصورة التي زعم النقض بها والصورة المدعي كونها نقضا إنما تكون نقضا إذا اشتملت على تخلف الحكم المثبت بالقياس، وفي لفظ صدر الشهر اختلاف. ابن سهل: سألت عنه. ابن القطان، فقال: الثلثان والنصف لسماع ابن القاسم في الحلف على قضاء صدر الحق، قال: الصدر: الثلثان، ولو كان النصف كان قولا، والثلثان احب إلي وسألت ابن مالك فقال يتقى في اليمين: الحنث، والصدر في العقد أقل من ذلك وهو الأشبه عندي إلا أن يكون ثلث الشهر او ما قرب منه. وروى ابن حبيب: من حلف ليقضين غريمه لأجل كذا بر بإرضائه بقضائه صدرا مثل الثلث، ورواه ابن وهب وقاله ابن القاسم وغيره من أصحاب مالك لم أعلمهم اختلفوا فيه، فقد أطلق الصدر على الثلث. قلت: وتقدمت في الأيمان وفي شرط محل القضاء طريقان: المتيطي: تعيينه مستحسن. وقال ابن حارث: إن لم يذكر فسد السلم اتفاقا. الباجي عن القاضي: الأفضل ذكره لرفع النزاع. في الموازية: لا يضر عدم ذكره وإطلاق العقد يقتضي كونه ببلد العقد.

وسمع عيسى ابن القاسم: القضاء حيث قبض الدراهم فيختمل أن يريد موضع النقد ويحتمل ان يريد بلده وجعله سحنون كالحمل للحطب ونحوه يلزم إيصاله لمنزل المبتاع، ومن شروطه: علم قدرالمسلم فيه بمعياره العادي. في ثاني سلمها: لا يجوز ابتياع طعام معين أو سلم موصوف بقدح معلوم أو قصعة ويفسخ غن نزل وكرهه أشهب ولم يفسخه. ابن حارث: لابن عبد الحكم عن أشهب: يجوز بمكيال مجهول حجراً وغيره، وكرهه في المدونة. اللخمي: وعلى قوله: يؤخذ المكيال المجهول فيعرف قدره من المعلوم ويكتب في وثيقة الدين خوف تلفه. الباجي: كون طريق معرفة القدر بالكيل أو الوزن او العدد هو بحسب العرف في البيع ولا يتقرر في الثياب إلا بالذرع طولا وعرضا، فإن شرط ذراع رجل بعينه جاز، قال ابن القاسم في المدونة: فإن خفيف أو تغيب أخذ قدر ذراعه وإن لم يعينا ذراع رجل بعينه فقال في سماع أصبغ يحملان على ذراع وسط، أصبغ هذا استحسان، والقياس الفسخ ولو كان بالبلد ذراع معين جرى عرف البايع به كراع الرشاش بقرطبة وجب الحمل عليه عند الإطلاق. وقال ابن رشد في مسألة سماع أصبغ: هي مثل قوله في المدونة خلاف قول ابن حبيب: لا يجوز السلم على ذراع رجل بعينه، قال: ويكفي أن يسميا الذراع فقط فإن اختلفا لزم الوسط هذا إن لم يكن القاضي جعل ذراعا لتبايع الناس فغن نصبه وجب الحكم به ولو يجز اشتراط رجل بعينه، كما لا يجوز ترك المكيال المعروف لمكيال مجهول، وإن لم ينصب للناس ذراع معين، ففي كون الوسط كذراع منصوب فيجوز على ذراع بعينه أو على وسط كشراء الطعام بمكيال مجهول حيث لا مكيال قولا ابن حبيب وابن القاسم، فيها: وفي سلمها الثامي أيجوز السلم في ثياب بذراع رجل بعينه؟ قال: قال مالك: لا بأس ببيع ويبه وحفنة إن أراه الحفنة، لأنها تختلف فأرى الذراع بهذه المنزلة وليأخذا قيسه فيكون عندهما. قلت: لا يلزم من لغو غرر في تابع يسير لغوه في مقصود.

الصقلي عن بعضهم: لو دفن الرجل قبل أخذ قيس ذراعه واختلفا في قدره قرب العقد تحالفا وتفاسخا، وعند حلوله القول قول المسلم إليه إن أتى بما يشبه وإلا حملا على ذراع وسط. ابن محرز: إن اتفقا على جعل قيسه بيد عدل فذلك وإلا أخذ كل منهما قيسه عنده، ولو كثرت الحفنات، ففي منعها نقلا عياض عن الأكثر من سحنون وعن أبي عمران عن ظاهر الموازية، وفي شرط رؤية الحفنة قولان لظاهرها، ونقل الصقلي عن ابن أبي زمنين عن ابن القاسم، إن وقع دونها لم يفسخ وقضى بحفنة عامة، وفي حجها الثالث والحفنة ملء يد واحدة. وفي سلمها الثاني: ويشترط إذا أسلم في لحم وزنا معروفا وإن اشترط تحريا معروفا جاز لجواز بيع اللحم بعضه ببعض تحريا. عياض: عن ابن أبي زمنين وغيره معناه أن يقول: أسلمك في لحم يكون قدره عشرة أرطال، وقال ابن زرب: معناه أن يعرض عليه قدرا فيقول: آخذ منك قدر هذا؟ قلت: وعلى الأول تعقب قياسها بأن إدراك الصواب بتحري موجود مشار إليه في الحس أقرب من إدراكه بالإشارة إليه في الذهب موصوفا. الباجي: الأظهر انه لا يجوز تحريا إلا لتعذر الموازين وهو مع إمكانها خطر. وفي سلمها الثاني: إنما يجوز الشراء بقدح او قصعة بموضع ليس فيه مكيال معروف كالأعراب يشترى منهم العلف والتبن والخبط. اللخمي: هذا في الطارئ عليهم وما بينهم هو المكيال المعروف بينهم ولو كان مع الطارئ مكيال الحاضرة لم يجز أن يبايعوه به وكذا البادي يقدم الحاضرة يجوز أن يبتاع بمكيالها وإن لم يعلم قدره. المتيطي عن أبي عمران: إنما خص ابن القاسم الخبط والتبن والعلف لأنه غالب على ما بأسواق الأعراب، وكذلك عنده الطعام حيث يتعذر فيه المكيال، وذكر عنه محمد أن ذلك في الطعام اليسير ولا أدري وجهه. قلت: لأنه المضطر إليه غالبا. وفي سلمها الأول: يسلم في الرمان عددا إذا وصف قدر الرمانة وكذا التفاح

والسفرجل، وفي الجوز عددا وكيلا إن عرف فيه، ولا يسلم في البيض إلا عددا ولا في الصوف إلا وزنا لا على عدد جزز. الباجي عن ابن حبيب: يسلم في الرمان والسفرجل عددا وكيلا لا وزنا، ويذكر مقداره والعدد فيما عظم أظهر وكذا البطيخ والقثاء والخيار والموز والكمثرى ورؤوس الغنم واختلف في الجوز قول مالك وابن القاسم وابن حبيب، كاختلافهم في الرمان وصغير الفاكهة كعيون البقر والمشمش والزعرور والمضاع يتأتى فيه الكيل والوزن والأحمال، والمعتب عرف كل بلد. ابن حبيب: وما ييبس ويدخر كاللوز والبندق وقلوب الصنوبر إنما يسلم فيه كيلا لا عددا. الباجي: لمشقة عدده ومن شروطه: وصفه بما يندرج تحته ما لا تختلف فيه الأغراض بمعتبر عادة فما تختلف فيه الأغراض لا عادة لغو، وما اقتضى العرف ثبوته مغتفر عدم ذكره. فيها: من أسلم في ثمر ولم يذكر برنيا، من صيحاني ولا جنسا من الثمر او ذكر الجنس، ولم يذكر جودة أو رداءة فالسلم فاسد حتى يذكر الجنس والصفة وإن أسلم في حنطة بمصر ولم يذكر جنسا قضى بمحمولة، وإن كان بالشام قضى بسمراء ولا بد من ذكر الصفة وإن اجتمع في الحجاز حيث تجتمع السمراء المحمولة ولم يسم جنسا فسد السلم. الصقلي عن محمد: روى ابن القاسم إن لم يسم بمصر سمراء من بيضاء لم يجز وقاله ابن عبد الحكم وهو أحب إلينا وقال أصبغ: هو جائز، وقول ابن حبيب ما يجلب غليه جنسان فلابد من ذكر احدهما، وما ينبتان فيه لا يلزمه ذكره فيه لا وجه له. ابن عبد الرحمن: لا يفتقر لذكر جديد من قديم؛ لأن الرواية لزوم قبول قديم لمن شرط جديدا فإنه لا يختلف عندنا بإفريقية، وهو مختلف عندنا بصقلية فلا بد من ذكره. قلت: والذي شاهدته في أنباء هذا القرن الثامن وعلمته تواترا عن أوله والقرن السامع اختلاف الجديد مع القديم. ونقل ابن فتوح عن المذهب كابن عبد الرحمن إلا أنه قال: يستحسن ذكر كونه

جديدًا أو من عام أو من عامين. المتيطي عن ابن أبي زمنين: لا يضر عدم ذكر كون القمح جديدا أو قديماً، وقال عبد الملك عن بعض شيوخه كذا جاءت الرواية، وقال بعض الموثقين: لا بد من ذكر من ربع أي عام هو؛ لأن منه ما يجعل في المطمر، وفي الأهراء وفي الغرف. الصقلي عن ابن حبيب: ويذكر في الزيت مع صفته بانه جيد أو وسط او رديء كونه زيت الماء، أو المعصرة وفي لزوم ذكر جنسه من الزيتون نقلا المتيطي عن ابن العطار مع ابن لبابة، وابن أبي زمنين مع موسى بن أحمد المعروف بالوتد محتجا بأنه لو لزم ذلك في الزيت لزم في الدقيق. قال المتيطي: وقاله ابن العطار في الدقيق، وانتقد قوله في الزيت ابن الفخار وقال لا نعلم أن مالكا او أحدا من أصحابه قاله غنما قاله بعض الموثقين من غير رواية الباجي، في وثائقه عن بعضهم يفتقر لذكر جنس الزيت في بد لا تختلط فيه أجناسه في العصر، وحيث يخلط فلا، ويوصف الخل بكونه خل عنب او عسل والصفاء والنقاء والجودة. قلت: حاصل أقوالهم وصف كل نوع تختلف أصنافه بما يعين الصنف المسلم فيه دون غيره. المتيطي: إن اقتصر على قوله من قمح طيب فسد هذا القول المعمول به. قال فضل: ولابن حبيب إجازته قال: والطيب بمقام الجيد. قال ابن القاسم في الواضحة: لا يجزئ قوله جيد او وسط حتى يقول أبيض أو سمراء مع الجودة والنقاء، وخالفه أصحاب مالك وقالوا إذا قال جيد أجزأ. قال أبو عمران: قول ابن القاسم هذا خلاف المدونة. قلت: انظر قبول المتيطي قوله: إنه خلاف المدونة فإن أراد من حيث لزوم ذكر أبيضاء أو سمراء فليس كذلك، وإن أراد من حيث ذكره النقاء فحسن. قال ابن فتوح: إن ذكر في وصف الشعير النقاء فحسن وإن سكت، لم يضره؛ لأن الجيد يجمع الطبيب والنقاء والوسط يعرف في الجودة والنقاء. الباجي عن ابن حبيب: إن اخل بذكر النقاء في الحنطة وذكر الجودة أو الرداءة

أو التوسط لم يفسده. قال الباجي: وليس عليه وصف التمر بالنقاء؛ لأنه لا غلث فيه ولا وصفه بأن لا حشف فيه؛ لأنه عيب. المتيطي: عن ابن العطار: لا يجزئ قوله جيد حتى يقول غاية الجودة. قال: وإن قال في القمح: طيب، ولم يقل: غاية الطيب فسد السلم، وأنكره الباجي، وقال: يلزم في وصف الثوب برقة او غلظ أن يقول غاية الرقة أو الغلظ. قال: وشرطه هذا أقرب إلى الفساد. وقال أبو عمر في كافيه: كره بعض اهل العلم شرط غاية الطيب في شيء من الأشياء لتعذر ذلك. وفي سلمها الثاني: إن شرط في سلم في ثوب حرير طوله وعرضه دون وزنه جاز إن وصفه، ووصف صفاته او خفته وإن شرط صفة ثوب اراه فحسن، وإلا فالصفة تجري ولا أعرف في صفة الثوب جيدا ولا في الحيوان، فأراها غنما السلم فيهما على الصفة. الصقلي: أنكر سحنون قول ابن القاسم في ثوب الحرير جاز. قلت: لم يذكر موجب إنكاره فلعله عدم شرط وزنه، والصواب قول ابن القاسم بل شرط وزنه مع صفة ما شرط من صفاقة أو خفة متناف والنوازل تسهد لهذا. وقوله: (إن شرط صفة ثواب أراه إياه فحسن). قال الباجي: السلم على مثال، منعه ابن القاسم في الموازية، وأصبغ وأجازه في المدونة في الثوب وجوازه في المثلي أولى. ابن بشير: الخلاف في السلم على المثال خلاف في حال إن قصدت كل صفات المثال منع لأنه يؤدي إلى إعواز الوجود وإن قصدت صفاته العامة جاز، وقوله: (لا أعرف جيدا ولا فارها) يريد: الاقتصار على أحدهما دون ذكر النوع وما يجب اعتباره من الصفات فيهما. ابن فتوح: وغيره يصف الرقيق بالسن واللون والقد ولون الشعر، وحال سبوطته او جعودته وصفة العين بالشهلة او الزرقة أو الكحل، والأنف بالقنى أو الشمم، أو

الفطس أو الخنس وسائر الصفات المذكورة في بابها. ابن شاس وغيره: ويذكر جنسه فيقول: رومي او تركي وغير ذلك من الأجناس. قلت: وهو قولها في الرد بالعيب إذا ابتاعه على جنس فبان خلافه وكذا البكارة والثيوبة، وفي قول ابن شاس: إن اختلف الثمن لذلك اختلافا مقصودا نظر لوضوح اختلاف الأعراض فيهما. وفيها: لا بأس بالسلم في الشحم واللحم إذا شرطا شحما معروفا، ولحما معروفا والجنس من ضأن ومعز ونحوه. الصقلي عن محمد: قيل لابن القاسم: أيحتاج لذكر كونه من فخذ او يد او جنب؟ قال: لا، إنما يقوله أهل العراق وهو باطل غنما يسمي السمانة، وقاله مالك؛ أصبغ؛ وذكر وسط من السمانة يكفي. محمد: إن اشترط سمينا ولم يحد السمانة جاز، وذكر اللخمي قول ابن القاسم في عدم شرط ذكر كونه من فخذ ونحوه، وقال: أرى أن يسمى ذلك فإن لم يفعل قضى من المقدم، والمؤخر، ويجب ذكر كونه من جذع أو غيره وذكر أو أنثى وخصي او فحل والتسمية في الرؤوس آكد منها في اللحم؛ لأنه لا سلم فيها بوزن فتسمية الصغير فيها من الكبير فيها آكد محمد عن ابن القاسم إن قضاه مع ذلك بطونا فلم يقبلها قال: أيكون لحم بلا بطون؟ قيل: ما قدره قال: (قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا) [الطلاق:3] البطن من الشاة كأنه يقول على قدر البطن من الشاة. قال: وهذه اشياء عرف الناس وجهها. اللخمي: يحمل قوله: أيكون لحم بلا بطون على أن ذلك عادة عندهم ولا يقضى به اليوم؛ لأن الشأن بيع البطون وحدها وما تعذر فيه بعض شروطه امتنع فيه. فيها: لا يسلم في تراب المعادن لأن صفته لا تعرف، وجائز بيعه يد بيد؛ لأنها حجارة تعرف والمذهب منعه في الربع معادن الحديد وغيره مما يحتاج غي إخراج المقصود منه إلى عمل والمنصوص المعروف منعه في الربع؛ لأنه إن وصف بما يجب فيما تختلف الأغراض لأجله عادة تعين لذكر موضعه الشخصي فبطل تعلقه بالذمة، وإن لم يوصف بذلك صار مجهولا.

وقال اللخمي: لأنه إن عين موضعه صار غير مقدور على الوفاء به، وهذه الملازمة غير صادقة لنقضها بما هو في ملكه ولما ذكر الصقلي قولها يجوز السلم في القصيل والبقول على جزر او أحمال معلومة ولا يجوز ان يشترط من ذلك، فدادين معروفة بصفة طول وعرض وجودة او رداءة، ذكر عن محمد قال أشهب: ذلك جائز كله ومن لم يجزه؛ لأن الجيد منه يختلف والوسط منه يختلف لزمه في الحبوب. الصقلي: قول أشهب هذا خلاف قول شوخنا المتأخرين، إن السلم في الربع والأرضين والحوائط لا يصلح؛ لأنه يؤدس إلى السلم في شيء معين وبيع ماليس عندك. الزري المشهور عندنا منع السلم في العقار، وحاول بعض الأشياخ أن يضيف إلى المذهب جوازه في العقار ويجعل المذهب على قولين، وذكر ما تقدم للصقلي من إلزامه ذلك ثم قال: وهذا تعسف في التأويل، وأجاب بما حاصله أن إجازة أشهب السلم في القصيل على فدادين معلومة لا يلزم منه تعيين الموضع الشخص إذا لا أثر له في المبيع، غنما أثره في علم قدر من المشتري من القصيل بمجموع قدر مسافته وصفاقته وخفته. قلت: وما أشار إليه من رده عليه بهذا صواب، وحقه ان لا يقول المشهور منعه في العقار؛ لأنه يدل على وجود القول بجوازه نصا شذوذا، وغنما هو إلزام بين كونه تعسفا. اللخمي: ويجوز في عدد شجر لقبض بغير أرض، وكذا في البناء بغير أرض، إذا وصف وأمكن الوفاء بهما عند حلول الأجل والمذهب جوازه في جواري الوطء، ومال اللخمي او صرح بمنعه فيها لزعمه تعذر حصول المقصود هنا بالوصف، وضعف دليل المذهب على جوازه. وفيها: يجوز السلم في اللؤلؤ وفي المكاتب منها إن كاتبه على لؤلؤ غير موصوف لم يجز لتفاوت الإحاطة بصفته. عياض: أشار بعضهم إلى مناقضته بقوله في السلم وليس بشيء؛ لأن السلم يقدر على حصر صفته بذكر جنسه وعدده، وقدر كل حبة وصفتها، وفي الكتابة وقع مبهما ولشدة تفاوته بقدر إدراك الوسط منه.

باب ما يلزم فيه قضاء المسلم فيه من الجانبين

[باب ما يلزم فيه قضاء المسلم فيه من الجانبين] قصاؤه لحلوله بصفته، وقدره لازم من الجانبين مع يسر المدين، وبأقل قدرا فقط من صنفه، والقبض من المدين جائز. [باب حسن الاقتضاء والقضاء] حسن قضاء وعكسه حسن اقتضاء، وكذا في صفتي الرداءة والجودة مع اتحاد القدر ومنع أقل قدرا وأجود صفة واضح وعكسه اختلف فيه في سلمها الثالث من أخذ من مائة سمراء حل أجلها خمسين منها ثم حطه بعد ذلك بغير شرط جاز وكذا في خمسين سمراء من مائة محمولة. وتعقب ابن عبد السلام أخذ الأدنى في الطعام بأنه غير ما في الذمة والإلزام قبوله وكونه غيره يوجب كونه بيع طعام قبل قبضه يرد بمنع إيجاب مطلق كونه غير ما في

الذمة كونه بيعًا؛ لأن كونه أدنى ككونه أقل في القدر إعطاء للجزء المعقول حكم الجزء المحسوس فيما لا خصوصية فيه لأحد العوضين عن الآخر، بل المغاير بالدناءة أقرب بكونه نفس ما في الذمة لجواز مبادلة أدنى بأجود ومنعه في أقل بأكثر. اللخمي: أخذ خمسين محمولة عن مائة سمراء، أجازه ابن القاسم مرة لأنها أدنى صفة ومنعه مرة لإمكان أن يرغب فيها في بعض الأوقات والأول قول أشهب. قُلتُ: لم يحك الباجي إلا المنع، وعزاه لرواية قلت: لابن القاسم في كتاب الصرف يجوز أخذ تبر أدنى أقل قدرًا من تبر لك أجود، ولا يجوز ذلك في محمولة عن سمراء، وأجازه أشهب وفرق ابن القاسم بقوله التبر عند الناس نوع واحد والسمراء والمحمولة متباعد ما بينهما، وعزا ابن حارث لسَحنون قول أشهب. وفيها لو أخذ الخمسين محمولة عن خمسين سمراء ثم حطه الباقي جاز. الباجي: أجاز ابن القاسم ما هو أشد قال من له مائة محمولة على رجل فأخذ منه بعد الأجل خمسين سمراء، ثم رهنه الباقي دون شرط جاز وهذه أشد تهمة. ابن الحاجب: قضاؤه بجنسه بعد أجله بأجود يجب. ابن هارون: نحوه حكى أبو الطاهر وابن شاس، وفيه نظر لأنه لا يلزمه قبول منته. ابن عبد السلام: كنقل المؤلف قال غير واحد من المتأخرين: إنه يجب قبول الأجود وهو بعيد عن أصول المذهب لأنه معروف لا يلزم قبوله. قُلتُ: ما نقله ابن هارون عن أبي الطاهر لم أجده فيه لا في ذكره الاقتضاء في كتاب الصرف ولا في كتاب السلم، وفيما ذكراه عن ظاهر المذهب نظر بل ظاهر قولها من اشترى جارية على جنس فوجد أجود منه لزمه كنقل ابن شاس لأن مسألة المدَوَّنة عامة في البيع والسلم، والأظهر إن دفعه المسلم إليه على وجه التفضل لم يلزم قبوله، وإن دفعه لدفعه عن نفسه مشقة تعويضه بمثل ما شرط لزم قبوله. وفي سلمها الثاني، منع أخذ محمولة من سمراء بعد الأجل من الكفيل بخلاف الغريم لأنه منه بدل، ومن الكفيل بيع إذ لا يرجع بما أدى، وفيها مع اغيرها قضاؤه بصفته وقدره قبل الأجل جائز، ولا يجب قبوله وأجود مساويًا أو أقل أو أكثر وأدنى كذلك لا يجوز لأنه ترك

ضمان بعوض، وتقدم نقل اللخمي جواز ضع وتعجل. وقال ابن زرقون في ترجمة (ما جاء في الربا في الدين)، تأمل ما حكاه اللخمي إن ابن القاسم يجيز التعجيل بالوضيعة فأراه وهمًا. وفي سلمها الثاني إن أسلمت إلى رجل في ثوب موصوف فزدته بعد الأجل دراهم على أن يعطيك ثوبًا أطول منه في صفته من صنفه أو من غيره جاز معجلًا، ولا يجوز أخذ أدنى مع بعض الثمن إن كان لا يعرف بعينه، وغاب عليه، ولو كان يعرف بعينه جاز، وتعقبه بعضهم بأن رد العين لا ينافي السلف فيدخله ما يدخل فيما لا يعرف بعينه من علة دخول البيع فيما اقتضى والسلف فيما رد من رأس المال، ويجاب بأن العلة تهمة البيع والسلف لا حقيقته، والتهمة فيما لا يعرف بعينه واضحة لإمكان التصرف فيما قبض ورد مثله وامتناعه فيما يعرف بعينه تضعفها. وفيها إن أسلمت لرجل في ثياب فزدته قبل الأجل دراهم نقدًا على أن زادك في طولها جاز لأنهما صفقتان، ولو كانت صفقة واحدة ما جاز كما لو دفعت له غزلًا ينسجه ستة في ثلاثة ثم زدته دراهم، وغزلًا على أن يزيدك في طول أو عرض جاز، وهما صفقتان. الصقلي عن سَحنون: لا يجوز في السلم وأخاف كونه دينًا بدين. اللخمي: الأول أصوب إن كانت تلك الزيادة لا يرتفع لها ثمن الأول، وإن كان ذلك مما يرتفع له ثمن الأول لم يجز. قُلتُ: ما خافه سَحنون مردود بقول ابن القاسم لأنهما صفقتان، أن الصفقة الأولى باقية لثبوتها السالم عن تحقق منافيها، والمعاملة الثانية صفقة ثانية لتعلقها بغير متعلق الأولى، والقولان بناء على أن الشيء من حيث كونه وحده ليس بمخالف له من حيث كونه مع غيره أو هو مخالف له. فإن قلت: قولها: في كتاب الأيمان بالطلاق من قال لامرأة: إن تزوجتك فأنت طالق، ثم قال لها مع نساء معها: إن تزوجتكن فأنتن طوالق، فإن نكحها لزمته طلقتان، يقتضي أن الشيء من حيث كونه وحده مخالف له من حيث كونه مع غيره، وإلا كان المعلق عليه فيهما واحدًا ولو كان واحدا لم يلزمه إلا طلقة واحدة، وهذه المخالفة ألغاها

في مسألة السلم في قول ابن القاسم، وقد يجاب بأن مخالفة الشيء من حيث انفراده لنفسه من حيث كونه مع غيره إنما هو باعتبار ذاته في نفسه لا باعتبار المقصود منه وتعلق الأغراض به، والمعتبر في تعدد الطلاق الأول لأنه يتغير بمطلق مغايرة ما علق عليه ولو بأمر عقلي، والحيثيتان توجبان التغاير العقلي، وهو قول ابن التلمساني في شرح المعالم وغيره الشيء في نفسه ليس كهو مع غيره. والمعتبر في البيع التغاير الثاني لأن البياعات مبنية على الأغراض، والقصود، ولذا تختلف أثمان المبيع في وقتين مع اتحاد ذاته فيهما، وتتفق أثمان المختلفات في ذاتها، ولذا اعتبر اللخمي تغير ثمن الأول بالزيادة، وعدم تغيره، ومما يدل على لغو الاعتبار الأول في البيع أنه يجوز في المرابحة لمن اشترى مكيلًا أو موزونا بقيت له منه بقية أن يبيعها دون بيان قاله الصقلي وهو ظاهر المدَوَّنة، ولم يذكروا فيه خلافًا عن سَحنون ولا عن غيره فتأمله، ولابن عبد السلام فيها كلام حاصله: التمسك بما قررنا به قول سَحنون من وجوب التغاير بالحيثيتين. الباجي: إن زاد على أن يزيده في الصفاقة والطول ففي الموازيَّة لا يجوز لأنه نقله لصفة أخرى. ابن زرقون: ولا يجوز على أن يزيده في العرض. قُلتُ: إن أراد مع الزيادة في الصفاقة فصواب وإن أراد دونها، ففيه نظر، وظاهر ما تقدم من لفظ المدَوَّنة في طول أو عرض جاز جوازه، والحق إن كان الثوب للتفصيل فزيادة العرض كالطول وإلا لم يجز لأنه يصير العرض صفة فيه. وفيها: إن أسلمت في ثوب فزدته بعد الأجل دراهم على أن يعطيك ثوبًا أطول منه في صفته أو من غير صفته جاز إن تعجلت ذلك. ابن محرز في غير صنفه إن كان مما يجوز أن يسلم فيه رأس المال. اللخمي: معناه أن الثوب المأخوذ معين وإلا دخله السلم الحال. قُلتُ: وفسخ في الدين ولذا قال عبد الحق: إنما شرط تعجيل الثوب لئلا يدخله بيع وسلف، إن كان من صنف المسلم فيه، وفسخ الدين في الدين إن كان من غير صنفه.

باب في جواز اقتضاء غير جنس ما أسلم فيه

قُلتُ: تخصيصه دخول البيع والسلف بما إذا كان من صنفه إنما هو على ما تقدم في المسألة الأولى من أصل ابن القاسم، وأما على أصل سَحنون فيدخله فسخ الدين في الدين. ابن شاس: إن زاده بعد الأجل دراهم على أن أعطاه أزيد في الثوب طولًا أو عرضًا جاز إن عجل الدراهم، قال في الكتاب لأنهما صفقتان، كما لو دفعت إليه غزلًا ينسجه ثوبًا ثم زدته في الأجر على أن يزيدك في طول أو عرض، وأنكره سَحنون ورآه دينًا بدين وأجازه في الإجارة لأنه شيء بعينه، والسلم مضمون. قُلتُ: وتبعه ابن الحاجب وكلاهما واهم لأن قوله في «المدَوَّنة» لأنهما صفقتان إنما قاله فيما إذا كان ذلك قبل الأجل حسبما تقدم. [باب في جواز اقتضاء غير جنس ما أسلم فيه] واقتضاء غير جنس ما أسلم فيه ضبط ابن محرز: جوازه بصحة بيعه قبل قبضه، قال: فيمنع وهو طعام وبصحة بيعه المقتضي فيمنع ورأس المال ذهب، والمقتضى عن غير الطعام فضة والعكس، قال ولو كان رأس المال دنانير في عروض فأخذ عنها أقل من رأس ماله جاز، واتقاه عبد العزيز ومنع ابن القاسم هذا في الطعام أن يأخذ عن ثمن مائة إردب سمراء خمسين مثلها، وقال: أخاف أن تكون الخمسين ثمنًا للمائة، وأجازه في العروض وعللوه بأن الطعام يدخله التفاضل والضمان معًا، وفي العروض الضمان فقط، وفي الدنانير التفاضل فقط، ولما ذكر ابن بشير هذا في كتاب الصرف قال: والقولان في الطعام لما اجتمع فيه علتان. وفي كتاب الآجال منها قال مالك: لمن باع طعامًا بثمن لأجل أن يشتري بمثل الثمن قدر ما باع منه من الطعام. ابن محرز ظاهره منع شراء أقل منه كقول ابن القاسم في مسألة السلم: أخاف أن تكون المائة ثمنًا للخمسين وأجازه أكثر المذاكرين وفرقوا بأن البيعة الثانية في مسألة الآجال غير متعلقة بالبيعة الأولى، بخلاف مسألة السلم، ويصح هذا الفرق أنه لو اشترى منه شعيرًا أو قمحًا غير الجنس الذي باع منه جاز، ولا يجوز أن يأخذ ذلك

قضاء عن ثمن الطعام قال: ولو اقتضى ذلك قبل الأجل اشترط مع ذلك صحة سلم المقتضى في المسلم فيه فيمنع أخذ سلت والمسلم فيه قمح قال وأولى من هذا أن يعتبر صحة قرضه فيه ولذا لا يحتاج إلى اعتبار كون ما بقي من الأجل أنه كأجل السلم لأن محل القضاء في هذا الموضع محل القرض، ولو أسلم عرضا في حيوان اقتضى عنه عرضا يصح أن يسلم فيه جاز، وينبغي فيه اعتبار مقدار ما مر من أجل السلم فإن كان مثل أجل السلم جاز وإلا فلا لاعتبارهم صحة سلم رأس المال فيما اقتضى إلا أن الأجل في السلم لعمرى لا يبلغ مبلغ الربا في القوة وهو مما ينظر فيه ابن بشير في رعي أن يمر بين عقد السلم والاقتضاء مقدار أجل السلم طريقان للأشياخ وكذا يختلف ف 6 ي رعي بقاء أجله من وقت الاقتضاء لحلول أجل السلم. ولزوم اقتضائه بحلوله: ابن بشير في التهذيب: حكى ابن محرز عن الأشياخ أنه إن عجل المسلم إليه قضاء السلم قبل أجله بيومين لزمه قبوله لأن الأسواق لا تتغير في هذا القدر ولا تختلف فيه الأغراض. قُلتُ: إنما حكاه ابن محرلاز في السلم الثاني رواية لأشهب وهو خلاف نصها في السلم الثاني إن أتاك من لك عليه طعام من سلم به قبل الأجل لم يجبر على أخذه وفي القرض يجبر عليه. وفي شرط محل القضاء طريقان: المتيطي تعيينه مستحسن. ابن الحارث: إن لم يذكر، فسد السلم اتفاقًا. الباجي عن القاضي: الأفضل ذكره، لرفع النزاع، وفي الموازيَّة: لا يضر عدم ذكره وإطلاق العقد يقتضي كونه ببلد العقد وسمع عيسى ابن القاسم القضاء حيث قبض الدراهم فيحتمل أن يريد موضع النقد، ويحتمل أن يريد بلده، وجعله سَحنون كالحمل للحطب يلزمه إيصاله لمنزل المبتاع. وفي سلمها الثاني لابن القاسم من أسلم في طعام على أن يقبضه بمصر لم يجز حتى يسمى الموضع منها لأنها ما بين البحر إلى أسوان. الصقلي: بخلاف كراء دابة إليها ذلك جائز وينزله بالفسطاط لأنه العرف عندهم ولا عرف لهم في القضاء.

قُلتُ: هو نصها في الرواحل والدواب. وفيها: إن عينا الفسطاط جاز ويتعين سوق المسلم فيه فإن لم يكن له سوق فحيث ما قضاه منها لزمه. الصقلي عن سَحنون: يلزمه في منزله ولو كان له سوق. التونسي: وهو الحكم اليوم لأنه العرف. قُلتُ: وكذا هو في وقتنا وما قبله في وقت شُيُوخنا. ابن بشير: إن شرط موضعًا معينًا ففي أي موضع يقضيه فيه وقعت ثلاث روايات: سوق المسلم فيه. الثانية: موضع العقد. الثالثة: جميع نواحي البلد. وليس هو بخلاف إنما هو نظر للعوائد. ابن بشير: إن أتى المسلم المسلم إليه في غير البلد المشترط فيه القضاء، والدين عين، فالقول قول من طلب القضاء منهما، فإن كان عرضا له حمل لم يجبر من أباه منهما وإن لم يكن له حمل كالجوهر، ففي كونه كالعين قولان وهما خلاف في حال إن كان الأمن في الطريق فهو كالعين وإلا فكالعرض، وينبغي في الخوف أن يكون العين كالعرض، وللصقلي في بيوع الآجال عن أشهب: إن تقارب سعر الموضعين فيما خف حمله والبلد بعيد جدًّا فله أخذه بحقه في موضعه، وغن كان على غير ذلك لم يجبر إلا أن يطوع به فيجبر رب الحق على قبوله لأنه بموضعهما أغلى. اللخمي: لأشهب في الموازيَّة ما يؤخذ منه إن اتحد سعر البلدين أو هو بالبلد الذي لقيه أرخص جبر المسلم إليه على القضاء. وفيها: إن شرط قبض الطعام بالفسطاط لم يجز أن يقبضه بغيرها ويأخذ كراء المسافة لأن البلدان كالآجال فكأنك بعته قبل قبضه أو أسقطت عنه الضمان على مال تعجلته فإن وقع رد الكراء، ومثل الطعام بموضع قبض إن فات وأتبعته بطعامك بالفسطاط. ابن محرز عن ابن الكاتب ولو لم يعطه الكراء أشبه أن لا يجوز لأنه ازداد حمله لغير البلد الذي شرطه ألا ترى إن قرض الطعام لا يجوز شرط قبضه في غير بلد قرض، ويؤكد المنع اختلاف الأسعار كما لو دفع غير الصنف، وزيادة.

ابن محرز: وفي الموازيَّة والواضحة جواز قضاء مثل ما له عليه بغير البلد إذا حل أجله وإن لم يحل لم يجز والنظر يوجب أن لا فرق بين الحلول وعدمه. وفي النوادر وغيرها: قال يحيى بن عمر عن أَصْبَغ: قضاء مثل ما في الذمة من طعام بيع أو قرض بغير البلد وقد حل أجله جائز، ولا يجوز أدنى ولا أجود وقبل حلوله لا يجوز بحال، ولو كان مثل ما في الذمة، وقاله ابن القاسم في الموازيَّة في الطعام والعرض، قال: ويدخل في أخذ المثل ما يدخل في أخذ أدنى أو أرفع، وأجاز سَحنون أخذ المثل ولو قبل الأجل. ابن عبدوس: هذا أجود والقياس أن لا يجوز بغير البلد على حال ونحوه لابن زرقون في آخر ترجمة جامع الدين والحول. قُلتُ: ففي جواز اقتضاء المثل بغير البلد ثالثها: إن حل لسَحنون وابن الكاتب مع قول ابن عبدوس هو القياس، وأَصْبَغ مع ابن القاسم وغير المثل لا يجوز بحال. والمنع لبيع الطعام قبل قبضه مؤثر في اقتضاء طعام السلم لا القرض ولضع وتعجل عام فيهما ولذا تساويا في المنع في اقتضائه بغير بلده فاقتضاء ما ليس من جنس الطعام عنه لا يجوز في البيع ويجوز في القرض لجواز بيعه قبل قبضه. وفي آخر سلمها الأول: لا تأخذ من حنطة سلمًا دقيقًا. الصقلي في السلم الثالث عن التونسي في سماع عيسى ابن القاسم: جواز اقتضائه منه، وفي رسم مسائل كراء وبيوع من سماع أشهب سئل ابن القاسم عمن أسلف مائة إردب قمحًا فأخذ تسعين إردبًا قمحًا وعشرة أرادب شعيرًا أو دقيقًا بعد الأجل، فقال: لا بأس به. ابن رُشْد: إن كانت التسعون مثل المائة التي له لا أفضل ولا أدنى جاز أخذه ذلك في المجلس لأنها مبادلة، وجاز أخذها تمرا، لأن طعام القرض يجوز بيعه قبل قبضه، ولو كانت أدنى أو أفضل لم يجز أن يأخذ في المجلس بالعشرة الباقية شعيرًا ولا شيئًا من الأشياء على قول ابن القاسم، وعلى قول أشهب في كتاب الصرف من المدَوَّنة تفصيل مذكور في رسم أوصى من سماع عيسى وله بعد انصرافه أن يأخذ في مجلس آخر عن العشرة شعيرًا أو دقيقًا مثل كيلها أو تمرًا أو ما شاء من العروض والعين.

وحمل التونسي المسألة على أن المائة من سلم، فقال فيها: جواز اقتضاء الدقيق من القمح في السلم وليس بصحيح؛ لأنه قال: سئل عمن أسلف مائة إردب، ولم يقل في مائة إردب. وسمع عيسى ابن القاسم: لمن أسلم ويبة قمحًا أخذ نصفها قمحًا، ونصفها دقيقًا أو شعيرًا أو ثمرًا كمن له ديناران، له أخذ دينار عينًا، ويأخذ بالآخر ما شاء قمحًا أو دراهم، فإن قيل الدينار لا يصلح أن يأخذ نصفه عينًا، ونصفه شيئًا آخر فالويبة بمنزلته قيل: ليس كذلك، لأن الدينار لا يتبعض والويبة تتبعض كدينارين وله أن يأخذ من ويبة القمح نصفها قمحًا، وبالنصف الآخر كل ما يجوز بالقمح متفاضلًا وما لا يجوز إلا مثلًا بمثل لا يأخذ إلا مثل ما بقي من الكيل إن كان له ويبة محمولة فلا خير في اخذه نصفها سمراء، ونصفها شعيرًا أو شيئًا من الأشياء في صفقة واحدة ولو كان ذلك في صفقتين في وقتين فلا بأس به. ابن رُشْد: لابن أبي جعفر عن أشهب أن الويبة كالدينار فلم يجز ذلك فيها. وقول ابن القاسم أصح كالدنانير والدراهم المجموعة، وإنما لم يجز في الويبة المحمولة نصفها سمراء ونصفها شعيرًا لأن السمراء أفضل من المحمولة والشعير أدنى فيدخله التفاضل المعنوي، ولا خلاف في منعه وكذا أخذ نصف ويبة سمراء، وفي النصف الآخر صنف آخر تمرًا وشبهه، ولو كان له عليه ويبة سمراء فأراد أن يخذ منه نصف ويبة محمولة ونصف ويبة شعيرًا أو كان له ويبة شعيرًا فأراد أن يأخذ منه نصف ويبة سمراء ونصف ويبة محمولة لجاز على أحد قولي ابن القاسم في المدَوَّنة، وقول أشهب فيها خلاف ظاهر قول ابن القاسم في هذه الرواية، وفي رسم إن خرجت بعد هذا دليل على القولين فهي ثلاثة أوجه: وجه جائز اتفاقًا، ووجه لا يجوز اتفاقًا، ووجه مختلف فيه. فالاقتضاء يفترق من المبادلة والمراطلة في وجهين: أحدهما: أن من كان له على رجل ذهب أو طعام جاز له أخذ بعضه على صفته التي وجبت له وباقيه على صفة أرفع أو أدنى اتفاقًا، ولا يجوز بدل قفيز من قمح، بقفيزين أحدهما مماثل والآخر أجود أو أدنى ولا تجوز مراطلة ذهب بذهبين أحدهما مماثل

والآخر أجود أو أدنى إلا على اختلاف أجازهما ابن حبيب ومنعهما سَحنون، وأجاز ابن القاسم المراطلة لا المبادلة. والثاني: من له على رجل دين ذهب أو طعام لا يجوز له أن يأخذ منه ذهبًا أو طعامًا أدنى مما له، من وجه وأفضل من وجه، وذلك جائز في المبادلة والمراطلة. وفيها: إن قبضت طعام سلم أو بيع على تصديق الدافع جاز ولا رجوع لك بما تدعي من نقص إلا ببينة لم تفارقك من حين قبضك ثم ما ثبت من نقص أو زيادة كنقص الكيل وزيادته فلا رجوع به، وما زاد على المتعارف فلك وعليك. اللخمي: في الموازيَّة منع أخذه على التصديق ولا أراه اليوم لقلة أمانة الناس فيؤدي للنزاع والخصومة إلا أن يكون الدافع ذا دين. ابن بشير: ما علل به المنع يجري في المبيع على النقد ولا خلاف في جوازه فيه وإنما ذكر الأشياخ القولين في جواز بيعه بقبض التصديق.

كتاب القرض

[كتاب القرض] القرض: دفع متمول في عوض غير مخالف له لا عاجلا، فتخرج المبادلة المثلية

ويشمل الفاسد ويخص الصحيح زيادة تفضلا فقط لا يوجب إمكان عارية لا تحل متعلقا بذمة ولو قلنا مماثل بدل غير مخالف لم يشمل إلا ما شرط فيه رد المثل لامتناع مماثلة الشيء لنفسه وصحة غير مخالفة الشيء نفسه وصحة قصر تعلقه على ما مال بعينه تقدم نقل ابن سهل فيه في شرط تعلق السلم بالذمة وأخذه بعضهم من قصر سلف اليتيم على ما في ملكه يوم السلف. وفيها: إن قال أحد الشريكين في مكاتب لصاحبه بدئني بهذا النجم وخذ أنت

باب في متعلق القرض

النجم الثاني ففعل ثم عجز العبد عنه رجع على صاحبه لأنه سلف منه له ونحو النفقة على اليتيم النفقة على الزرع الرهن والضالة ونحو ذلك. ابن عبد السلام: حقيقته معلومة للعوام فضلا عن الخاصة. قُلتُ: يرد بأنه إنما هو كذلك من حيث وجوده لا من حيث معقوله كما تقرر في حقيقة العلم ونحوه وأشياء كثيرة معلومة من حيث وجودها ضرورة عسيرٌ علمها من حيث كونها معقولة كالأمر والنهي معلومان للعوام من حيث وجودهما ضرورة لا من حيث معقوليتهما. وحكمه من حيث ذاته الندب وقد يعرض ما يوجبه أو كراهته أو حرمته وإباحته تعسر. [باب في متعلق القرض] ومتعلقه ما صح ضبطه بصفة كليا، فيخرج كما قال اللخمي وغير واحد تراب

المعادن والصواغين والدور والأرضون والبساتين. ومنها عندي قرض قواديس قفصة ونحوها لأنها قدر ماء عين يقدر من أصلها كقولها في شرب يوم أو يومين من كل شهر من عين وهذا راجع لكونه جزءا من أرض معينة ولذا تعلقت به الشفعة في بعض أحواله. والأرض لا تقرض وفتوى ابن رُشْد بقرض ماء ليلة إنما هو في الماء مجرى عن أصله ولذا لم يقيده من البئر وفتوى بعضهم بجوازه في القواديس لا أعرفه نصًّا ولا تخريجًا إلا على قول بعضهم في جواز السلم في طعام قرية صغيرة لمن لا ملك له فيها وقد يفرق بأن الطعام الأصل جواز السلم فيه والأرض الأصل منع القرض فيها. وفيها مع غيرها: منع قرض الجواري المازري والصقلي أجازه ابن عبد الحَكم على رد المثل ونحوه للخمي. ولابن بشير: أجازه ابن عبد الحَكم وأوجب رد المثل ولفظ اللخمي: لا يجوز قرض الجواري إلا أن تكون في سن من لا توطأ أو يكون المقرض له لا يمكن التذاذه بها لسنه أو امرأة أو محرمًا عليه وطؤها أو مدينًا تقضى عنه. وقال الباجي: قاتل ابن عبد الحَكم: يجوز قرض الأمة لذي محرم منها وعلى هذا يجوز للنساء. قُلتُ: فالأنقال عن ابن عبد الحَكم ثلاثة للصقلي ولابن بشير والباجي. وفي كون جوازه لتعذر التمتع بها خلقة أو شرعًا تقييدًا للمذهب أو خلافا فيه طريقان للخمي مع الصقلي عن بعض علمائنا والباجي. الصقلي: قال بعض أصحابنا: انظر إن نزل قرض الجواري على الوجه الممنوع هل هو كبيع فاسد يفوت بحوالة الأسواق وتجب فيه القيمة، وكذا لو غاب عليها وإن لم يحل سوقها خوف أن يكون وطئها، وقد قال القرويون: للقرض الفاسد حكم البيع

الفاسد فكذا قرض الجواري وأظن الأبهري قال: يرد فيه المثل. اللخمي: قال القاضي في المعونة: من اقترض أمة ردها ما لم يطأها ونقله المتيطي غير معزو وكأنه المذهب قال: فإن وطئها فات ردها ولا حد عليه وفي رد مثلها أو قيمتها يوم وطئها قولان، وقال الأبهري: القيمة أعدل. قُلتُ: هذا خلاف ما تقدم للصقلي عنه. قُلتُ: وفي فوتها بمجرد الغيبة عليها ثالثها: إن كانت غيبة تشبه الوطء فيها للصقلي عن بعض الأصحاب وظاهر نقل اللخمي عن المدَوَّنة والمازري بزيادة وظن بالقابض الوطء. المازري قرض العين لصيرفي على عدم استهلاكها؛ بل ليتجمل بها جائز وتعقبه شيخي عبد الحميد بأنه تغرير بالناس أن هذا الصيرفي ملي. قُلتُ: الحق أن هذا عارية لا قرض وفي نقله جواز ذلك نظر لقولها: من استعار عينًا أو فلوسًا فهو سلف مضمون لا عارية. ابن شاس: أكثر المتأخرين في فاسد القرض على رده لحكم البيع الفاسد، واختار ابن محرز أن لا يؤخذ المقترض إلا بما دخل عليه فيغرم المثل ثم يباع فيعطي للمقرض إن كان قدر القيمة أو ناقصا عنها ليس له سواه وإن زاد عليها وقف الزائد فإن طال وقفه تصدق به على من هو له. قال بعضهم: وقوله يجري في مسألة الجارية. قُلتُ: إن قيل: ما فائدة وقف الزائد أجيب بأن ابن محرز إنما ذكره فيما فسد لقصد المقرض بالقرض منفعة نفسه ففائدة الوقف حينئذ رجاء انتقال المستقرض عن تمسكه بما دخل عليه من حكم القرض الصحيح لحكم ما قصده المقرض. وفيها: إن علم أن المقرض أراد بالقرض نفع نفسه كان فاسدًا. قال ابن محرز: قالوا ويرد مثله إن وجد وإلا فقيمته إن لم يوجد مثله. وفيها لابن عبد الرحمن: كيف يرد القيمة وهو إنما دخل على رد المثل قال هذا كقولهم فيمن أدخل عليه بدل امرأته أمة جعلها مالك كالمحللة وألزم الزوج القيمة وإن كان لم يدخل عليها ابن محرز وليس يعرف في المسألة وجود أخذ مثلها. قُلتُ: انظر قوله: أولا قالوا ويرد مثله مع نقله قول ابن عبد الرحمن وليس يعرف

إلخ ونقل المازري كابن شاس في جعل الأشياخ القرض الفاسد كالبيع الفاسد وذكر كلام ابن محرز وقال: هو سديد؛ لاشتماله على الحكم لكل منهما بمقتضى حاله لولا ما ينظر فيه من يتولى هذا البيع وعلى من تكون عهدته. قُلتُ: لا خفاء في أن العهدة على المستقرض؛ لأنه هو دافع هذا المبيع لإبراء ذمته وأما مؤنة بيعه فعلى المقرض؛ لأن قصده الفاسد هو الموجب لهذا البيع. ابن الحاجب: إن وطئ وجبت القيمة حكى المنصوص، وقيل: المثل بناء على أن المستثنى الفاسد يرد إلى صحيح أصله أو صحيحه. ابن عبد السلام: أي هل يصحح برده إلى الأصل المستثنى منه أو يرده إلى صحيح نفسه. ابن هارون: أى يرد إلى صحيح وهو البيع الفاسد أو إلى صحيحه وهو القرض الصحيح. قُلتُ: وحكى بعض من لقيناه أن الأشياخ بتونس كانوا يعبرون عن هذا في إقرائهم ومذاكرتهم بقولهم هل يرد إلى فاسد أصله أو صحيح نفسه. قال: وكان بعض فقهاء طرابلس ينتقد عبارتهم هذه، ويقول: كيف يرد الفاسد لفاسد أصله فيصحح الفاسد بالفاسد وكنت أجبته بأن قولهم ذلك هو على حذف مضاف دل السياق عليه تقديره إلى تصحيح فاسد أصله والتصريح به أو حمل الكلام عليه عندي أصوب من عبارة ابن الحاجب لتعذر صدق ظاهرها؛ لأن ظاهرها رده إلى نفس صحيح أصله وصحيح أصله إنما حكم إمضائه بالثمن المسمى فيه بالثمن وهذا في القرض الفاسد متعذر تصورا وتصديقا فتأمله. وجر منفعة تخص المقرض تفسده اتفاقاً: وفيها: ما علم قصد جره فسخ لا ما ادعاه المقرض فيه، وسمع ابن القاسم: من أسلف شاة مسلوخة لجازر على أن يقضيه كل يوم قدرا معروفًا لا أحبه؛ لأني أراه أخذ في سلفه وهي تضمينه له عريضا مقطعا ولو وقع على غير صنعة جاز. ابن رُشْد: أي لو فعل ذلك رفقا بالجازر فقط بحيث لو باع الجزرة أخذ في ثمنها ما يشتري به من اللحم المقطع أكثر من زنتها جاز، ولأشهب إن كان الجازر جاء يستسلفه

جاز ظاهره ولو كانت له فيه منفعة ومعناه: إذا أسلفه لحاجة الجازر وأنه كان يفعل ذلك ولا منفعة له فيه وهذا لا ينبغي أن يختلف فيه؛ إذ لا يقدر أن يسلفه إياها ويسقط المنفعة عن نفسه مثل رواية زياد فيمن له طعام يخشى فساده فيسأله المحتاج سلفه جائز أن يسلفه له من غير شرط. وفي جواز سلف الفدان لمن يحصده ويدرسه ويرد كيله إن كان هو السائل ذلك ليتقوت به مطلقا أو شرط كونه من زرع كثير لا يحط عن ربه مؤنة ثالثها: يكره مطلقا لابن حبيب عن مالك وغيره ولمالك في بيوع الآجال ورواية زياد. وفي جواز قرض العين على قضائها ببلد آخر لخوف الطريق ومنعه ثالثها: إن غلب خوف الطريق، ورابعها: إن طلبه المستقرض لا المقرض لعياض عن ابن الحَكم مع الباجي عن رواية أبي الفرج ولها مع الباجي عن المشهور واختيار اللخمي محتجا بإجازة مالك تأخير نقد كراء المضمون لاقتطاع الأكرياء أموال الناس والصقلي عن الموازيَّة والصورة هي المسماة بالسفاتج. عياض: السفتجات بفتح السين وسكون الفاء وفتح التاء بعدها جيم جمع سفتجة وهي البطايق تكتب فيها الإحالات بالديون وذلك أن يسلف الرجل في بلدنا مالا لبعض أهله ويكتب القابض لنائبه ببلد المسلف ليدفع له عوضه هنالك مما له بيده خوف الطريق الصقلي عن الواضحة يجوز في سنة الشدة سلف السايس والعفن والمبلول في السليم من ذلك إن اختصت منفعة السلف بالقابض ونحوه نقل المازري ولما ذكر ابن بشير القولين في السفاتج وأن المشهور المنع. قال: وكذلك القولان في المسوس أو القديم في زمن الشدة يشترط أخذه جديدا وهذا يقتضي أن المشهور في السايس زمن الشدة المنع ولم يحك غيره إلا الجواز. وفيها: قرض طعام أو عرض أو حيوان أو غيره ببلد على أن يوفيه ببلد أخر لا يجوز اللخمي: إلا أن يقوم دليل على كون المنفعة للمستقرض وحده. وفيها: لا يجوز للحاج قرض كعك أو سويق على أن يوفيه ببلد آخر ويسلفه ولا يشترط اللخمي أجازه سَحنون في الحمديسية للحاج ونحوه للضرورة وهو أحسن. وفيها: إن استقرض رطلا من خبز الفرن برطل من خبز التنور أو الملة؛ لم يجز ابن

محرز ظاهره جواز رطل من خبز التنور في رطل من خبز الفرن ولا يصح؛ لأن التحري في الخبزين في القرض والمبادلة إنما هو في الدقيق لا في قدر الخبز ونبه على هذا المعنى بقوله في الكتاب ولو لم يشترط فلا بأس أن يأخذ خبز التنور من خبز الفرن إذا تحريا الصواب في ذلك وتحري الصواب إنما هو بتحري الدقيق، ووجدت على المسألة بخط ابن اللياد: قال سَحنون: كل ما أصله الوزن فلا بأس بالتحري فيه فيحتمل أن يكون إنكارا لما في الكتاب من إباحة التحري في هذا الموضع؛ لأن هذا أصله الكيل ويحتمل أن يكون سوغ التحري فيه لأن الخبز مما يوزن. عياض: أكثرهم على أن التحري في دقيق الخبزين لا في وزنهما، وقال اللخمي: إنما المعتبر وزنهما. وفي جواز شرط المسلف إسقاط يمين دعوى قضائه في العقد أو الطوع به بعده ومنعه ثالثها: منعه في العقد للمتيطي عن محمد بن عمر وابن لبابة وابن العطار بناء على إيجاب استصحاب حال عدم الدعوى ليعد كونه نفعا أو هدية. وإيجابهما احتمالهما أو الأول فقط؛ لأنه أشد وعلى الأول في استحسان ذكر أن المقرض أعلم بما فيه من خلاف فالتزم لزوم سقوطه وعدمه إذ الحكم للحاكم لا له طريقا ابن الهندي مع ابن بشير والباجي وغيرهم وابن العطار والمذهب لا يجوز لذي دين قبول هدية مدينه. فيها مع غيرها: إلا من تعودت ذلك منه وعلمت أن هديته ليست لدينك. وسمع ابن القاسم: من اشترى زيتًا بثمن لأجل ففضل له منه رطلان فتركهما لبائعه لا بأس به وأخاف أن يكثر فإن كثر فلا يعجبني ولا بأس باليسير سَحنون: لا بأس به ولو كثر ابن رُشْد: اتقى مالك ما كثر خوف أن يكون من هدية المديان واستخفه سَحنون وجعله من المسامحة في البيع فلا يقام من هذا أنه يجيز هدية المديان إن كانت مبتدأة على غير هذا الوجه؛ بل لا يحل عنده ولا عند غيره هدية المديان لرجاء التأخير ولا قبولها ممن علم قصده ذلك ولا حرج في ذلك إن صحت النيَّة وقد كان ابن شهاب يكون عليه الدين فإن جاءه غرماؤه أجازهم ولم يقضهم لصحة نيته ويكره لمن يقتدى به قبول ذلك وقول ابن دحون إنما أجاز سَحنون ترك ما نقص من الوزن وإن

كثر لأنه يجيز هدية المديان من بيع ولا يجيزها من مدين قرض إلا أن يجري به عادة غير صحيح لما بيناه. وفي سلمها الثاني: إذا استزدت ممن أسلمت إليه في مائة إردب حنطة بعد تمام السلم أرادب معجلة أو مؤجلة إلة الأجل أو بعده جاز وكأنه في العقد. الصقللي قال سَحنون: في غير المدَوَّنة كان يترجح فيها مرة يجيزها ومرة يبطلها وإبطالها خير. ابن أبي زَمَنَيْن: ينبغي إن مات قبل قبضها منه أن تبطل؛ لأنها هبة لم تقبض. قال بعض أصحابنا: فيها نظر؛ لأنها هبة مديان وقد يقال: لا تهمة فيها لكثرة الزيادة فخرجت عن هدية المديان، وقال بعضهم: هدية المديان ما ابتدأه من غير سؤال وهذا سأله لاسترخاصه وهذا يقتضي كونها يسيرة أو كثيرة سواء إن كانت بسؤال، وقد قال عبد الملك: اتلزيادة بعد العقد لاحقة به لها حكمه. قُلتُ: ظاهره: أنها لا تفتقر لحوز خلاف قول ابن أبي زَمَنَيْن. عياض: غمزها سَحنون إن كانت قبل الأجل. قال فضل: أظنه رآه قبل الأجل كأنه عجل له حقه وزاده عياض تفسيره كأن الذي عجل له هو الحق الذي كان عليه إن زاده قدر ذلك يوفيه مع بقية السلم فأسقط عنه الضمان مما قبض وهذا ليس ببين إذ لم يجتر منفعة ولا يسقط عنه بالحقيقة ضمان شيء إذ بقدر ما سقط ترتب عليه في الزيادة. قُلتُ: ففي منع هدية مدين لذي دينه ما ليس معتادًا له قبل دينه مطلقا أو في دين القرض فقط أو إن لم يطلب منه. رابعها: إن كانت مقبوضة قبل أجل الدين لمعروف المذهب وابن دحون عن فهمه قول سَحنون والصقلي عن بعضهم وعياض عن فضل عن سَحنون. ابن شاس عن بعض المتأخرين: إن حدث بينهما من الاتصال ما يعلم أن الهدية له جازت وقيد اللخمي جوازها ممن اعتادها منه رب الدين قبل دينه بكونها قدر ما كان يجري بينهما. اللخمي: إن كانت قائمة ردت وإن فاتت أو حال سوقها غرم المثل

أو القيمة. ابن بشير: إن أتلفها المعطي نظر فإن قصد بها التأخير رد مثلها أو قيمتها وإن لم يظهر قصد ذلك لم ترد وفي مبايعته قبل الأجل الجواز والكراهة لنقل اللخمي مع المازري وغيرهما وقول ابن الحاجب وفي مبايعته بالمسامحة الجواز والكر اهة غلطٌ ومقتضى ما تقدم من سلمها الثاني في طلب الزيادة جواز المسامحة وتقدم تعقبها. اللخمي: إن وقعت مبايعته دون مسامحة أو كانت وقضاه الدين مضت وإن طال ردت ولما ذكر المازري قولي الجواز والكراهة قال: وينظر إلى قرائن الأحوال إن ظهر دليل قصد التأخير فسخ البيع وإن ظهر دليل السلامة منه أجيز وكذا إن وقع البيع بعد حلول الأجل وهذا أكثر في التهمة اللخمي: يكره أن يبيع الطالب من الغريم خوف أن يزيده ليؤخره أو يعملا على فسخ الدين ولم يزده في الثمن مضى فإن زاده في الثمن واعتقبه تأخير حمل على قصد التأخير بالزيادة وإن كان ثمن الثاني قريبًا من الدين الأول حمل على فسخ الدين في الدين إلا أن يعلم أنه اشترى الثانية لقضاء غريم آخر وشبه ذلك فيجوز. قُلتُ: إن خرج من يد رب الدين في المعاملة الثانية ما هو من نوع الدين دخلته تهمة فسخ الدين في الدين وإلا لم يدخله إلا تهمة الزيادة للتأخير. وفيها: العطاء هدية عامل القراض كمدين اللخمي: للتهمة على أنها لقصد إبقاء المال للعمل فيه واختلف في جواز نقله عن النصف إلى الثلثين المازري: إن كانت والمال عين فعلة المنع متصورة وإن كان سلعا ففي كراهتها قولا المتأخرين وكذا إن كان ناضا على القول بلزوم عقد القراض قبل العمل وظاهر قول المازري أن خلاف المتأخرين عام في كونها من العامل لرب المال وعكسه. وقال ابن بشير: وأما هدية العامل لرب المال فإن لم يشغل المال منعت اتفاقا وإن شغل ففي المنع والجواز قولا المتأخرين فخص النقل لكونها من العامل. ابن شاس: حكم القرض التمليك وإن لم يتصرف ولو أراد الرجوع فيه منع إلا بعد مضي مدة الانتفاع بالشرط أو العادة وإن لم يكن أحدهما جرى على العارية، كذلك قال اللخمي: اختلف إن لم يضرب لها أجلًا ولا يعلم مدة انقضائها فقيل: المعير بالخيار

في تسليم ذلك وإمساكه وإن سلمه فله استرداده وإن قرب وقيل يلزمه القدر الذي يرى أنه أعار إلى مثله. ابن هارون: اختلف عندنا في مطلقه؛ قيل: يحمل على الحلول، وقيل: يؤجل بقدر ما يرى أنه ينتفع به وعزا ابن عبد السلام القولين للمتأخرين قال: ظاهر كتاب الصرف ضرب الأجل وظاهر كتاب العرية عدمه والأول أقرب. قلت: ما أشار إليه في الصرف هو قولها: من استقرضت منه عينًا فلا تصرفها منه مكانك فيؤول إلى الصرف ونظرة وغن اشتريت بها من حنطة أو كتابًا والسلف لأجل جاز على النقد وإن كان حالا جاز يدًا بيد. عياض: وفي الأصل: أو إلى أجل ووقف هذا الحرف ابن عتاب، وقال أبو محمد: يريد لأجل كأجل السلم وقال سحنون: هو حرف سوء وأمر بطرحه. ابن وضاح: هو لأشهب. قال بعض شيوخنا: ومن قول أشهب أدخلها سحنون وليس لمالك. قال فضل: فرآه لنا يحيى وما طرحه سحنون إلا أنه يرد عليه سلفه وأسلم له عينًا في ذمة في طعام لأجل وهذا الدين بالدين وبه علل مالك المسألة ومنعها في المبسوطة وقال: الخلاف في إثبات هذه اللفظة على الخلاف في العارية الحالة هل يجب قدر الانتفاع بها أم لا؟ وكذا السلف الحال ودليل قوله هنا أن السلف الحال إذا وقع مطلقًا تضمن الأجل بقدر ما يرى أنه أراد المتسلف منفعته به وعليه يدل منعه مصارفته. وللمقرض رد عين القرض ما لم يتغير وبه اتضح تعليل منعه في الإماء بأنه عارية للفرج فإن تغير بنقص فواضح عدم القضاء بقبوله ولو تغير بزيادة فالأظهر وجوب القضاء بقبوله وقول ابن عبد السلام الأقرب عدمه؛ لأنه معروف من المقترض يرد بوجوب القضاء بقبوله قبل أجله وهو عرض لانتفاء المنة على المقرض فيهما لتقدم معروفه عليه بالقرض. ووجوب قضائه بمحل قبضه، وهو غير عين ويجوز بغيره تراضيا. الجلاب: إن حل أجله وإلا فلا. ابن عات عن المشاور: من أقرض طعامًا ببلد فخرب وانجلى أهله وأيس من

عمارته إلا بعد طول فله أخذ قيمته في موضع السلف وإن رجى قرب عمارته تربص إليها ولو كان من سلم خير في الإياس بين تربصه أو أخذ رأس ماله. قلت: الأظهر إن لم يرج عمارة من قرب القضاء بالدفع في أقرب موضع عمارة لمحل القرض. وتعجيله قبل أجله طوعًا يجب على ربه قبوله ولو كان على غير عين مطلقًا؛ لأن أجله من حق من هو عليه. الباجي عن أشهب: لا يجب قبول تعجيل القرض غير عين وعليهما قولاهما بجواز تراضيهما على قضاء أفضل قبل الأجل ومنعه قاله في ترجمة السلف في العروض وقال في ترجمة العينة مشهور قول أشهب إن المسلف لا يجبر على قبض القرض قبل الأجل أصبغ في سماعه في السلم والآجال: من تسلف من بعض شركائه في ما يقتسمونه بالقلد أقلادًا في الشتاء فغفلوا عن قضائه حتى الصيف وقد حل فله طلبه فيه وإن كان حينئذ أغلى ثمنًا. ابن رشد: هذا خلاف قول ابن القاسم ومقتضى قوله أنه لا يجب قضاؤه إلا في فصل قبضه لقوله في سماع أبي زيد: من تعدى على من له مع شريكه سقي بالنهار على سقي شريكه بالليل ولا سقي بالليل غرم له قيمة سقيه بالليل؛ لأن سقي النهار لا يشبه سقي الليل. ووجه قول أصبغ: أن الواجب في القرض رد المثل دون اعتبار قيمته يوم الأخذ ويوم الرد ومعناه إن اتحد قدر الماء في وقت أخذه ورده؛ لأن العادة قلة الماء في الصيف وكثرته في الشتاء فليس للمسلف في الصيف الأخذ في الشتاء؛ لأنه أكثر من حقه ولا يجبر عليه؛ لأن الزائد معروف لا يجب قبوله ولا للمسلف في الشتاء الأخذ في الصيف؛ لأنه أقل من حقه فباقيه تركه معروف لا يجبر من هو عليه على قبوله ولا يجبر عليه؛ لأنه أقل من حقه فعند عدم التراضي يلزم التربص للفصل الذي أسلفه فيه كمن أسلف فيما له إبان فانقضى قبل أخذ سلفه ولا يدخل فيه الخلاف الذي في ذلك؛ لأن هذا قرض وذلك بيع.

باب المقاصة

[باب المقاصة] المقاصة: متاركة مطلوب بمماثل صنف ما عليه لما له على طالبه طالبه فيما ذكر عليهما، ولا ينتقض طرده بمتاركة متقاذفين حديهما أو طلبيهما على شرط ثبوت الحد

فالحكم به ولا بمتاركة متجارحين جرحين متساويين؛ لأن المتماثلين عرفًا لا لغة ما

صح قيام أحدهما مقام الآخر وهذا لا يصدق على حدي القذف ولا طلبيهما ولا على الجرحين للإجماع على أن أحدهما لا يصح بدل الآخر بحال وإلا زيد في الرسم ماليًا وقولنا ما عليه خير من لفظ الدين؛ لتدخل المقاصة فيما حل من الكتابة ونفقة الزوجة. وعبارتها في آخر بيوع الآجال هي جائزة فيجب تفسيره بالجواز الأعم من الوجوب لا بقسيمه وإلا كان خلاف المشهور كالإمكان الأعم من الواجب ومن نحو هذا يقال يقع في المدونة ما هو من القواعد العقلية للمشاركة في علومها أو لفطرة سنية ولابن رشد في رسم العشور من سماع عيسى من النذور: مشهور المذهب وجوب الحكم بالمقاصة، وروى زياد: لا يحكم بها ومثله في كتاب الصرف منها خلاف ما في النكاح الثاني والسلم الثاني والوكالات منها وعلى المشهور لو اشترى على أن لا مقاصة ففي لغو الشرط وإعماله سماع القرينين وقول ابن كنانة مع ابن القاسم في المدنية وتأول ما في الصرف عليه؛ لأن كون الصرف على المناجزة كشرط تركها وتعليله يرد هذا التأويل، وقيل: يفسد البيع بشرط تركها إن كان الدين حالا فيدخله البيع، والسلف روي هذا عن ابن القاسم، وقال أصبغ: هو خفيف إن لم يضرب للدين أجلًا، ولم يشترط ألا يقضيه ذلك اليوم فالدينان إن كانا عينًا متحدي الصنف والصفة والقدر، وقد حل أجلهما جازت المقاصة فيهما اتفاقًا. ابن بشير: هذا على جواز صرفا ما في الذمة وعلى منعه ينبغي ألا تجوز إلا بحضرة العينين، ورده ابن عبد السلام وابن هارون بأن الصرف مبايعة لاختلاف العوضين؛ وهما في المقاصة متفقان فلا مبايعة حسن أشار إليه المازري في مقاصة العرضين. اللخمي: إن سلمت المقاصة من الفساد اعتبر دخوله في أصل مداينتهما فإن كان الدينان دنانير متساوية وإحداهما ثمن قمح والأخرى ثمن تمر لم تجز على أصل ابن القاسم في المدونة؛ لأنهما يتهمان على بيع قمح بتمر ليس يدًا بيد، والمقاصة لغو إلا أن يكون البيعتان نقدًا أو الأولى مؤجلة والثانية نقدًا وأخذ عن المبيع أو لا ما يباع به نقدًا فتجوز، وإن كان الثاني ثمنًا؛ لم تجز وكذا إن كانت في عروض من سلم، فإن اتفق رأس المال أو كان الأول أكثر جاز، وإن كان الأول أقل لم تجز لتهمتهما على سلف بزيادة، وإن كان رأس مال أحدهما دنانير والآخر دراهم؛ لم تجز على قول ابن القاسم في "المدونة"

لتهمتهما على صرف مؤخر، وتجوز على ما في المجموعة إلا أن يكون رأس مال الأول أقل مما يكون الصرف يوم السلم الأول وإن اختلف قدر الدينين. قال ابن شاس: إن كان من بيع منعت اتفاقًا؛ لأنه بدل عين بأكثر منه. وقال ابن بشير: إن اختلفا في المقدار والصفة؛ لم تجز المقاصة إلا أن يحل الأجلان، وكذا إن اختلفا في المقدار دون الصفة وتبع ابن الحاجب ابن شاس فقال: إن كان الدينان من بيع وتساويا صفة وحلولًا ومقدارًا جاز اتفاقًا، فإن اختلف القدر منع اتفاقًا وقبله ابن هارون وابن عبد السلام، وصرح بما أشار إليه ابن شاس من إجرائه على حكم المبادلة في اغتفار زيادة يسير الوزن. قلت: والأسعد بالمذهب نقل ابن بشير لقبول الصقلي قول ابن حبيب: إن كان أحد الذهبين ناقصًا والاخر وازنًا؛ لم تجز المقاصة حتى تحل الوازنة، وقال محمد: إن اختلف العدد فمكان أولهما حلولًا أكثرهما؛ جازت المقاصة ومثله في النوادر، ولأن علة منع الزيادة في البدل كونه صريح معاوضة في معينين حسيين تختلف الأغراض في أعيانهما وإلا لما طلبت المبادلة فيهما فاندرجت تحت بيع الذهب بالذهب؛ فالزيادة فيها ربًى والمقاصة عرية عن هذا؛ لأن العوضين فيها كليين غير معينين، فكانت الزيادة فيها محض هبة وإن اتحد قدرهما ولم يحلا ففي جوازها مطلقًا ومنعها إن لم يحل أحدهما، ثالثها: هذا إن اختلف أجلهما وإلا فالوقف للخمي عن ابن القاسم وابن نافع ومالك وعزاه المازري لرواية أشهب ابن بشير: إن لم يحلا أو حل أحدهما فقط فالمشهور الجواز، وشذ المنع وعن مالك: إن حلا جاز وإلا فالوقف. قلت: فعلى هذا اختلاف أجلهما كاتحاده في الوقف. قلت: قوله: وشذ المنع خلاف متقدم قولنا إن حل أجل أحدهما جاز اتفاقًا، وصرح هو بالاتفاق وذكر هذا عقبه. قال: وهو بناء على أن المقاصة تعجيل من الذمة؛ ليأخذ منها عند الأجل وهو أصل المشهور وألغاه هنا لبعد التهمة. قلت: التهمة إنما تتصور بحيث تلغى في عدم حلول أحدهما لا في حلوله؛ لأنا إن قلنا: المقاصة تقتضي البراءة؛ فالذي عليه ما لم يحل هو مسلفه بتعجيله حكمًا وإلا فهو

مسلف ما وجب له أخذه ليأخذه من ذمته عند حلوله ولا تهمة في السلفين بحيث تلغى بحال وتوهم أخذ هذا الشاذ من رواية اللخمي منعه إذا اختلف الأجل لا يصلح؛ لأنه لا يصدق اختلاف الأجل إلا وكلا الدينين مؤجل وإن حل أحدهما فلا اجل له ولأنه علله بالمكايسة. قال: ولا مكايسة في اتحاد الأجل. قلت: وكذا في حلول أحدهما وإن اختلفت صفتهما فقط؛ جازت إن حلا وإلا ففي جوازها مطلقًا ومنعها ثالثها: إن حل الأجود أو كان أولهما حلولًا لتخريج بعض شيوخ المازري على أن المقاصة متاركة تصير ما في الذمتين مؤجلًا كحال مع تصريح اللخمي به، ونقل ابن بشير مع ابن شاس عن ابن محرز عن المذهب واللخمي عنه، وإن اختلف نوعهما كذهب وفضة ففي جوازها ومنعها ثالثها: إن حلا لتخريج المازري مع عزوه ابن بشير لأصل إسماعيل القاضي وابن حارث عن ابن كنانة مع ابن وهب والمشهور ابن بشير والمازري: والقرض فيما ذكر كالبيع وتعتبر في القرض الزيادة في الصفة فتغتفر لا الزيادة في العدد على المشهور. وفي «الموازية»: إن اختلف العدد في القرض منع مطلقًا. وقال بعض أشياخي: إن كان القرض أولًا أقل عددًا وما اقترض ثانيًا أكثر عددًا منعت وجعل المقاصة لغوًا والقضاء معتبر حين القرض الثاني وظاهر المذهب الزيادة في العدد حين المقاصة اللخمي إن حلا والأكثر أخرهما قرضًا؛ لم تجز المقاصة عند ابن القاسم وأجازها ابن حبيب وغيره ورأى زيادة العدد كالجودة وإن حل أحدهما وهو الأقل أو كان أولهما حلولًا لم تجز وإن حل الأكثر أو كان أولهما حلولًا أو أولهما قرضًا جازت وإلا فلا، وإن اتحد الأجل جازت ما لم يكن الأكثر أخرهما قرضًا، وإن كان أحدهما من قرض والآخر من بيع جازت ما لم يكن الذي حل أو أولهما حلولا الأقل وما لم يعد إلى المقرض أكثر، وفي جوازها في الطعامين: من قرض مطلقًا أو شرط حلولهما نقل اللخمي عن ابن القاسم وتخريجه على قول ابن نافع في العين وخرج المازري كل أقوال العين في الطعام وعزاه لبعض الأشياخ في منعها فيهما من بيع مطلقًا وجوازها إن استوت رءوس الأموال ولو لم يحلا قولا ابن القاسم وأشهب، وإن كان

أحدهما من بيع ففي جوازها إن اتفق أجلهما مطلقًا أو بشرط حلولهما ثالثها: بحلول أحدهما مطلقًا، ورابعها: بشرط كونه السلم للمازري عن ابن حبيب وابن القاسم وأحد قولي أشهب وثانيهما. وهي في العرضين: قال اللخمي: إن اتحدا في الجنس والجودة كالدنانير إن حلا أو حل أحدهما ويختلف إن لم يحلا واتفق الأجل أو اختلف وإن كان أحدهما أجود فإن حلا أو حل الأجود أو كان أولهما حلولا جازت وإن حل الأدنى أو كان أولهما حلولا دخله ضع وتعجل إن كانا من قرض وإن كانا من بيع دخله ضع وتعجل وحط الضمان وأزيدك إن حل الأجود وإن كان أحدهما من بيع فإن كان المتأخر في الذمة لم تجز؛ لأنه إن كان أجود حط عني الضمان وأزيدك وإن كان أدنى ضع وتعجل وإن كان المتأخر القرض جازت إن كان الأجود ولم تجز إن كان الأدنى وإن اختلف جنسهما جازت إن حلا وإلا ففيها لابن القاسم: إن اتفق الأجل جازت وإن لم يحلا وإن اختلف لم يجز إن لم يحلا. وقال محمد: إن حل أحدهما لم تجز. عبد الحق عن بعض شيوخه: ينبغي إن كان العرضان من سلم اعتبار رءوس الأموال فغن تساويا أو كان آخرهما أقل جازت وإلا فلا لتهمتهما على دفع قليل في كثير وكذا إن كان أحدهما ذهبا والآخر ورقا ودليله قولها إن ضاع الرهن وأراد المقاصة ولو اتحد وقت سلمهما لم يعتبر رءوس الأموال إذ لا تهمة حينئذ. اللخمي: إن كان رأس مال أحد العوضين دراهم والآخر دنانير لم تجز المقاصة على قول ابن القاسم في المقاصة من المدونة ويجوز على ما في المجموعة إلا أن يكون رأس مال الأول أقل مما يكون صرفا يوم السلم الأول وإذا سلمت المقاصة من موجب الفساد في فعلهما الآن وفي أصل مداينتهما جازت واختلفت لتهمة صرف مستأخر أو بيع طعام بطعام مؤخر، ففي فسخ المحاصة فقط أو البيع الآخر قولان والأول أحسن إن لم تجز بموضعها عادة فيما اتهما عليه وإلا فسخ البيعان.

كتاب الرهن

[كتاب الرهن] الرهن: مال قبضه توثق به في دين، فتخرج الوديعة والمصنوع بيد صانعه،

باب صيغة الرهن

وقبض المجني عليه عبدًا جنى عليه، وإن شاركاه في الأحقية؛ لجواز اشتراك المختلفات في أمر يخصها، ولا تدخل وثيقة ذكر الحق، ولا الحميل، ولا يخرج ما اشترطت منفعته؛ لأن شرطها لا ينافي قبضه للتوثق. ابن الحاجب: هو إعطاء امرئٍ وثيقة بحق، فنقضه ابن هارون بالحلف لذي حق، على الوفاء به، والحميل به والإشهاد به. وقال ابن عبد السلام: أجيب بمنع قبول دخول الشيء منها تحته؛ لأن لفظ إعطاءٍ يقتضي حقيقته دفع شيءٍ ما، ولفظ وثيقة يقتضي صحة رجوع ذلك الشيء ليد دافعه إذا استوفى في حقه، ولا يصح في الحميل واليمين الأخذ والرد حقيقة، والوثيقة بذكر الحق، وإن صح دفعها فلا يلزم ردها بعد استيفاء الحق، ويرد بأن قوله: (لفظ إعطاءٍ يقتضي دفع شيء ... إلخ) إن اراد دفعا حسيًا لمحسوس منع لصحة قولنا: أعطاه عهد الله، والأصل الحقيقة، وإن أراد الأعم منه، ومن المعنوي دخل ما وقع النقض به، وإن سلم كونه حسيًا بطل بإخراجه رهن الدين. وقوله: (لفظه وثيقة تقتضي صحة رجوع ذلك الشيء ... إلخ)؛ يرد بأنه لا يلزم من نفي لزوم ردها نفي صحته، واللازم عنده إنما هو الصحة حسبما صرح به، ويتعقب رسم ابن الحاجب بأنه لا يتناول الرهن بحال؛ لأنه اسم، والإعطاء مصدر، وهما متباينان. [باب صيغة الرهن] الصيغة: ما دل على خاصته؛ وهي اختصاص من حيز له به عن سواه، وفي

باب المرهون

لزوم كون الدلالة مطابقة أو تكفي دلالة الالتزام قولا ابن القاسم وأشهب. سمع أبو زيد ابن القاسم في كتاب المديان: من تقاضى مدينه فأعطى رجلا سلعة يبيعها ويوفيه ثمنها، فليس المدين قبل بيعها، هو أسوة الغرماء في السلعة. ابن رشد: هذا كقوله فيها: إن قال الراهن للمرتهن: أنفق على الرهن على أن نفقتك فيه لا يكون أحق بفضل الرهن عن دينه في نفقته عن الغرماء، وأشهب يقول: هو أحق به في نفقته من الغرماء، فعليه يكون رب الدين أحق بالسلعة من الغرماء، وإن لم ينص على أنها رهن فالخلاف بين ابن القاسم وأشهب في الرهن هل يفتقر للتصريح به أم لا؟ فلو دفع رجل إلى آخر سلعة ولم يزد على قوله: أمسكها حتى أدفع لك حقك، كانت رهنًا عند أشهب لا عند ابن القاسم، فقول ابن الحاجب: (وأمر الصيغة كالبيع) لا يخفى عند منصف إجماله، وحكم عقده يأتي. [باب المرهون] ابن شاس: ركنه الأول المرهون. قلت: هو مسمى الرهن في إطلاقات المتقدمين والمتأخرين.

باب في شرط الرهن

[باب في شرط الرهن] قال: وشرطه أن يكون مما يمكن أن يستوفى منه أو من ثمنه، أو من ثمن منافعه. قلت: فيها يجوز ارتهان ما لا يجوز بيعه في وقت، ويجوز في وقت كزرع قبل بدو صلاحه. وفيها: قبله لا يجوز لمسلم أن يرتهن من ذمي خمرًا أو خنازير. الصقلي عن محمد قال أشهب: إن قبضه، ثم فلس الذمي فهو فيه أسوة الغرماء؛ لأنه لم يجز في الأصل. سحنون: لو تخللت كان أحق بها، ولو باع من ذمي سلعة وارتهن منه خمرًا لم يفسد البيع وردت الخمر للذمي وليس للمسلم إبقاؤها تحت يد ذمي خوف فلسه، ولو تخللت كان أحق بها، ولو ارتهن نصراني من مسلم خمرًا أهريقت عليه، ولا عليه أن يأتيه برهن آخر. وفيها: من ارتهن عصيرًا فصار خمرًا، رفعه للإمام ليراق بأمره، كالوصي يجد في التركة خمرًا. الصقلي: إنما يراق إن كان الراهن مسلمًا والذمي ترد إليه. وفيها: لا بأس برهن جلود السباع المذكية وبيعها، ولا يجوز رهن جلود الميتة ولا بيعها ولو صبغت. اللخمي: ما اختلف في جواز بيعه كجلد الميتة بعد دبغه وجلد السبع قبل ذبحه وبعده وكلب الماشية والصيد والزرع على منع بيعها، يمنع رهنها، وعلى جوازها

جوازه. الباجي: رهن الدين جائز فما له ذكر حق حوزه دفعه، والإشهاد به، وما ليس له ذكر حق فلابن القاسم ومالك يجزئ فيه الإشهاد، ولابن القاسم أيضًا: لا يجوز إلا بالجمع بينهما وهو ظاهر رواية محمد. اللخمي: حوز ماله ذكر حق بأخذه، ويجمع بين المرتهن والغريم، فإن لم يكن ذكر حق فالجمع بينه وبين الغريم، ويقدم إليه بحضرة بينة أن لا يقضيه إياه حتى يقبض حقه، فإن فعل غرمه ثانية لإتلافه على المرتهن، وإن كان الغريم غائبًا ولا عليه ذكر حق أجزئ فيه الإشهاد وفيه لاختلاف ابن عات. وقيل: لا يكون رهنًا حتى يجمع بينهما ويقر الذي عليه الدين بذلك، ويتفقا، ومتى لم يتفقا لم يكن رهنًا. قلت: ففي الحوز بمجرد الإشهاد فيما لا ذكر حق له، أو لا بد من الجمع بين المرتهن والمدين، ثالثها: إن كان غائبًا، ورابعها: شرط حضور المدين، وإقراره لنقلي الباجي ونقل ابن عات. اللخمي: الباجي: إن كان الدين للراهن على المرتهن، فإن كان أجل الرهن بمثل أجل الدين الذي ره به أو أبعد جاز، وإلا لم يجز؛ لأن بقاءه بعد محله كسلف، فصار في البيع بيعًا وسلفًا، إلا أن يجعل بيد عدل لمحل أجل الدين الذي رهن به، وهذا تفسير قول مالك في العتبية وغيرها. اللخمي: يصح أن يرتهن مدين منا في ذمته، ويجوزه من نفسه لنفسه، ولا على الراهن دفع ذكر حقه؛ خوف جحده فيتلف حقه، ولأن قبضه إنما هو ليقبض به، ولا يحتاج إليه هنا، فإن باعه سلعة بثمن مؤجل على إن ارتهن ذلك الدين وأجل الدينين، سواء جاز، وكذا إن كان حلول الدين الاخر قبل، فإن وفي الراهن وإلا بيع الدين، وقضى المرتهن إلا أن يكون الدين طعاما من سلم فيؤخر لأجله، وإن كان محل الأول قبل وشرطا بقاءه في الذمة لحلول الدين الآخر لم يجز، وإن شرطا إخراجه ليد عدل إلى أجل الدين جاز، وإن لم يشترطا بقاءه ولا إخراجه جاز وأخرج ووقف. قلت: المشهور إذا احتملت الصفقة الجواز والمنع حكم بالمنع، ومسألة بيع الرجل

سلعة بثمن مؤجل على ارتهانه فيه دينًا عليه لمبتاعها هي في نوازل سحنون عن تفسير ابن القاسم قول مالك. ابن رشد: إن ويع البيع على الرهن في الوجه الممنوع، فقيل: يفسخ، وإن فات ففيه القيمة ما بلغت، وقيل: إلا أن يرضى البائع بإسقاط ما شرط من ارتهان الدين أو بأن يوضع على يدي عدل بقرب ذلك إن كان حالا أو عند حلوله إن كان مؤجلًا قبل أن ينتفع ببقاء الدين في ذمته، وقيل: البيع جائز إن لم يعثر عليه بفور ذلك إن أسقط الشرط أو وضع الدين على يدي عدل وإن لم يرض بذلك فسخ البيع إن لم تفت السلعة، وإلا ففيها الأقل من القيمة أو الثمن. ابن الحاجب: يجوز رهن الدين من المدين وغيره، ولا يشترط الإقرار. ابن هارون: أن لا يشترط حضور المدين والدين بشهادة كما يشترط في البيع لجواز ارتهان الغرر، فإن ادعى المدين القضاء حلف الراهن وقضى للمرتهن على المدين، فإن نكل ولا مال، ففي يمين المرتهن نظر. قلت: الأظهر عدم تمكينه من الحلف. ابن عبد السلام: هذه في كثير من النسخ بالقاف وراءين بينهما ألف، فإن صح وهو بعيد، فمعناه: فذكر ما قال ابن هارون والصواب ضبط اللفظة بالقاف وراء بعدها وزاي بينهما ألف، كذا هي في كتاب ابن شاس، وكلام الغزالي الذي يتبعه ابن شاس تنبيها منهم على مخالفة أبي حنيفة في منع رهن المبتاع، ويعقبون هذه المسألة بالنص على رهن المشاع. قلت: الأول أنسب للفظ المؤلف، وفي بعض النسخ الإبراز بالباء وراء وألف وزاي؛ أي: لا يشترط إبراز الدين، وقول ابن الحاجب: يجوز رهن غلة الدار والعبد، مندرج في قولها: يجوز ارتهان ما يجوز بيعه في وقت، ودليل قولها: كراء الدور وإجارة العبيد؛ لا تدخل في الرهن إلا بشرط. الباجي: قال أشهب: يجوز ارتهان غلة الدور، وحوز ذلك، بحوز الدار والعبد كقولها في ثمر النخل وزرع الأرض حوزها بحوز الأصول والأرض. اللخمي: ما لا يجوز بيعه في بعض الأحوال للغرر كالثمر قبل بدو صلاحه،

والآبق والشارد والجنين. الصقلي عن محمد: يجوز ارتهان الآبق والشارد إن قبضه قبل موت صاحبه وفلسه. المازري: في رهن ما فيه غرر في عقد البيع، قولان بناء على أن للرهن حظ من الثمن أو لا؟ وعلى المنع في فساد البيع بشرطه قولان، وسمع عيسى ابن القاسم: من باع رجلًا بيعا فرهنه خدمة مدبره، لا يعجبني إلا أن يكون مخارجًا أو مؤاجرًا، فيرهنه أجرته. ابن رشد: إنما لم يجز رهن خدمة المدبر للغرر؛ إذ لا يدري مبلغ ما يؤاخر به، ومعناه: أنه في أصل البيع على القول بمنع رهن الغرر في عقد البيع، والمشهور جوازه، وهو ظاهر قول ابن القاسم في إطلاقاته في المدونة إجازته رهن الثمرة قبل بدو صلاحها، والزرع قبل بدو صلاحه، وأجاز في كتاب المدبر رهن المدبر، ولم يفرق بين كونه في العقد أو لا، وإذا جاز رهن المدبر مع غرره؛ إذ لا يباع في حياة الراهن فخدمة المدبر أخف؛ لقدرته على مؤاجرته في الوقت، ورهن إجارته إن كان مؤاجرًا واضحة، وحيازتها بإشهاد المرتهن على الراهن بحضرة المستأجر، فإذا حلت الإجارة قبضها المرتهن، وطبع عليها أو تجعل على يدي عدل. وفي قوله: (إلا أن يكون مخارجًا) نظر؛ لأن كونه مخارجًا هو أن يكون السيد ضرب عليه خراجًا معلومًا كل يوم أو كل شهر، وإذا كان كذلك فلا يصح ارتهانه؛ لأن الرهن لا يتم إلا بالحووز، ولا يصح حوز العبد للمرتهن ما عليه من الخراج؛ لأن يده كيد سيده. قلت: في قوله: (نظر) نظر؛ لأنه يتقرر الحوز في الخراج بما قرره في الإجارة، وإنما فرق ابن القاسم بينهما؛ لأن قدر الإجارة مجهول، وقدر الخراج معلوم. الشيخ: عن ابن حبيب: قال أصبغ: من رهن مدبره فحل أجله ولا مال له، كان المرتهن أحق بإجارته من الغرماء، وفي منع رهن الجنين وجوازه قول الشيخ معروف قول مالك منعه، وأجازه ابن ميسر كالآبق، وقيل لمحمد: أيجوز رهن ما تلده هذه الجارية أو هذه الغنم، فلم يذكر جوابًا. قلت: لم يحك ابن الجلاب إلا الجواز، وعزاه ابن حارث لابن الماجشون، وسمع

القرينان: لا يجوز رهن الأمة الحامل دون جنينها. ابن رشد: قال بعض أهل النظر: لأن استثناءه في البيع لا يجوز، وليس بالبين؛ لأن علته في البيع صيرورة البائع مشتريًا له بناء على أن المستثنى مشتري، وعلى أنه مبقى لا موجب لمنعه، وعلى هذا جوازه عند من أجازه وهذا لا يتصور في الرهن؛ لأن الأم والجنين باقيام على ملك البائع، إلا أنه لما منع رهن الجنين دون أمه إتباعا على غير قياس منع رهن الأم دونه استحسانا دون قياس، وكان القياس رهن كل واحد منهما دون الآخر، كرهن الثمرة التي لم تؤبر دون الأصل، ولما ذكر المازري قياس منعه في الرهن على البيع. قال: على أن المنع في البيع للغرر، والرهن قد يجوز فيه الغرر، لكن الولد كعضو من أمه، فكما لا يجوز استثناء عضو منها في الرهن، فكذا الجنين. قال: والغرر في الجنين أشد منه في الثمرة؛ لأنها موجودة مشاهدة، والغرر في ترقب إبانها، والجنين الضرر في تقرر وجوده وكيفيته حين وضعه، وغرر الآبق أخف منه، ورهن ثمر لم يخلق من شجر معلومة كالجنين، ولابن رشد في رسم شك رهن العبد الصغير الذي لا يفرق بينه وبين أمه في البيع، بشرط أن يحوزه دون أمه فاسد يفسخ وشرط حوزه معها جائز، وفي كراهته ابتداء قول مالك في سماع يحيى، وقول ابن وهب وهو الأظهر، وإن رهنه دون شرط فسمع أبو زيد ابن القاسم يجبر على تحويزه في أمه معه، ويتخرج فيها قول آخر من قولها في التجارة بأرض الحرب: وهو إن أبى الراهن أن يحوز الأم، وأبى المرتهن إلا أن يحوزه، رهنه أن يباعا معًا، فيكون للمرتهن رهن مناب الولد، ولما ذكر المازري قول ابن القاسم: لا يجوز رهنه إلا مع أمه، وأنه حمل على المعية في الحيازة، قال: وقال ابن شعبان: لا يرهن دون أمه حتى يثغر، إلا أن يرهن معها كالبيع. قلت: ففي رهنه دونها مع شرط حوزه معها الجواز والكراهة، والمنع، وعزوها ظاهر، والمعروف جواز رهن الثمر قبل بدو صلاحه، وتقدم نقل الخلاف فيه في العقد، وذكر غير واحد المنع فيه مخرجًا خلاف ذكره ابن رشد رواية لابن القاسم. المازري: رهن ثمرة لم تخلق كالجنين.

قلت: ظاهر الروايات خلاف ذلك. وقال ابن حارث: اتفق ابن القاسم وابن الماجشون على ارتهان الثمرة التي لم تظهر، واختلفا في ارتهان ما في البطن، أجازه عبد الملك كالثمرة، ومنعه ابن القاسم، وقال المازري في آخر جواب ثالث: يجوز إفراد ثمر النخل بالرهن، وإن لم يظهر، وقد أجازوا ارتهانها سنين، وهي لم تظهر في السنة الثانية. وفي التهذيب: من فلس أو مات فقام غرماؤه وله زرع أو ثمر وهو لم يبد صلاحه مذكور في التفليس. قلت: فيه يحاص المرتهن بكل دينه، وفي كل ما أخذ في الحصاص، وإن قصر عنه ففي رده منه الزائد على واجبه في الحصاص بما بقي له بعد ثمن الراهن أو الزائد على جزء ما بقي له، المسمى للخارج من تسمية ما قبضه كل غرم من دينه طريقا ابن القاسم ويحيى بن عمر. عبد الحق وغيره: هما في المعنى واحد، والخلاف في العمل والمردود كمال طرأ. أبو حفص العطار: من ارتهن ثمر حل قبل ظهوره وفلس الراهن قبل ظهوره وقف، فإذا أبرت بيعت مع الأصل، وللمرتهن مناب الثمن، ولا حجة له إن طلب بيع النخل فقط يحاصص فيه بدينه، وتوقف الثمرة لبدو صلاحها، كمسألة الزرع لئلا يبخس في ثمنه؛ لأنه يقال له: كيف تضرب بدينك أجمع وأنت قادر على بيع رهنك، وإن كان فيه بخس كما يباع للدين على الغريم وفيه بخس، وإنما يمنع بيع الثمر لو كان بلا أصل، ككونه لغير الراهن؛ لأن بيعه على الجد فساد، ولو قال: لا تبيعوا الثمر وأضرب معكم بقدر ما يبقى من ديني لو قبضت، ثمن الثمرة والزرع، فإن كان على أنه إن هلك الرهن لم يرجع عليهم بشيء، فله ذلك، وليس للغرماء الامتناع من ذلك إلا أن يقولوا في بيع الأصل أو الأرض دون ثمر وزرع بخس، فلهم في ذلك متكلم. وفي الجلاب: من ساقى حائطه من رجل ثم رهنه من غيره فلا بأس، وينبغي للمرتهن أن يستخلف مع العامل في الحائط غيره. الصقلي عن الموازية: من ساقى حائطه ثم رهنه فليجعل المرتهن مع المساقي رجلًا أو يجعلانه على يدي عدل.

قال مالك: جعل بيد المساقي أو أجير له يبطل رهنه. وفي الموازية: روى ابن القاسم: من أخذ حائطًا مساقاة، ثم ارتهنه قبل تمام السنة فليس حائزًا للرهن؛ لأنه محاز قبل ذلك. قيل له: فما الفرق بينه وبين رهن فضلة الرهن، وقد تقدم فيه حوز. قال محمد: هذا محوز له، والرهن محوز عنه. الصقلي: القياس هما سواء. قلت: يريد: أن الحائط محوز عنه. ولسحنون في المجموعة: قول ابن القاسم: جواز ارتهان الرجل ما بيده مساقاة، وهو حوز المرتهن كمن أخدم عبدا ثم تصدق به على آخر، وسمع ابن القاسم: من رهن حائطه ووضعه بيد عادل فأراد العدل أن يساقيه ربه. قال: أراه رهن رهنه ولا نراه رهنًا، ولا بأس أن يساقيه الذي له الدين من العدل. قلت: صورتها أن العدل هو العامل في المساقاة، فإن عقدها من الراهن بطل الحوز، وإن عقدها من المرتهن لم يبطل على أصل المذهب في مباشرة عقد إجزاء العمل في الرهن، وقول ابن رشد في توجيه المسألة؛ لأن الرهن إن رجع لراهنه بمساقة أو إجارة بطل حوزه، وإن رجع من العدل لمرتهنه لم يبطل، وحيازته أقوى من العدل؛ لأنه في حوزه شاهد له اتفاقًا، وفي شهادته في حوز عدله اختلاف، إنما يتقرر على أن العامل في المساقاة في القسم الأول الراهن، ولا يصح تصورا؛ لأن لفظ السماع من رهن حائطه لا يفيد أن غلته رهن، وهذا يمنع كون ربه هو العامل لامتناع مساقاة الإنسان حائطه، ولا تصديقا؛ لأن رد العدل لربه بغير إذن مرتهنه لا يبطل الرهن، ولسماع أبي زيد ابن القاسم: إن اكترى الراهن رهنه ممن اكتراه من مرتهنه أجنبيًا عن الراهن لا يبطل حوزه، ولا يفسخ اكتراء راهنه، وفي بطلان ارتهان المستأجر عبدا أو دارا إياهما وصحته نقلا الصقلي عن محمد رواية عن ابن القاسم وابن عبدوس عن سحنون عن ابن القاسم. اللخمي: في صحة حوز المرتهن المقارن عقد ارتهانه لاستئجاره قول ابن القاسم وغيره، وفي صحة حوز المستأجر ما في إجارته دليل قول ابن القاسم بصحته هبته له،

وقول ابن الماجِشون، وفي صحته مع استئجاره بعد الرهن قولا ابن القاسم وابن المعذل، فعلى قول عبد الملك لا يضمن الرهن، وفي ضمانه على قول ابن القاسم نظر، وقيل: يضمن القدر الباقي بعد قدر اللباس، وأرى أن لا ضمان عليه لتغليب الإجازة، وكذا قال ابن القاسم في الأجير على حمل شيء فلس ربه قبل حمله بعد إبرازه، وقبضه هو أحق به، ولو ادعى ضياعه قبل قوله: فإن انقضت الإجارة وغاب عليه لم يقبل قوله؛ لأنه محض رهن، ورهن ما هو مؤاجر في تقرر حوزه لمرتهنه بكونه بيد من استأجره ولغوه، ثالثها: هذا إن لم يرض المستأجر بحوزه لمرتهنه إلا أن يجعل المرتهن يده معه، للخمي عن ابن نافع، ورواية محمد واختياره ناقلًا عن ابن القاسم لم ارتهن بعيرا وهو في كراء إن كان المرتهن يعلفه، ويقوم به فهو حوز. قال: وروى محمد من باع عبدًا أو ثوبًا أو دارا بثمن مؤجل على بقائه رهنًا به إلى أجله لم يجز، ولو جعله بيد أجنبي وكل من اشترى ما لا يدري متى يقبضه لم يجز، وأجازه أصبَغ في الواضحة في الدور الأرضين، لا في العبد، وأجازه إذا وضع بيد غيره، وأجازه في الجلاب في الربع والسلع، ومنعه في الحيوان من غير مراعاة كونه في يد البائع أو غيره، وأجازه ابن القُصَّار في كل الأشياء، وقال: إن شرط البائع أن نفس المبيع رهن جاز ولم يفسخ. قلتُ: ففي منع شرط المبيع بثمن لأجل في عقد بيعه مع جوازه محوزًا بيد غير بائعه، وجوازه مطلقًا، ثالثها: في العبيد لا في الربع، ورابعها: في الحيوان مطلقًا لا السلع والربع، وخامسها: الأول مع كراهته بحوز أجنبي لرواية محمد، وقول ابن القُصَّار وأصبَغ وابن الجلاب ومحمد، وعزا ابن رشد في رسم الزيتون من سماع عيسى منعه في غير الربع لرواية ابن وهب، وقول ابن القاسم، وفي شرط وضعه على يد غير البائع قول ابن رشد: هو جائز، ومنعه أصبغ وأشهب. قلتُ: وثالثها: كراهة محمد، وفي شرط رهن ما لا يعرف بعينه إن وضع عنه مرتهنه وقصره على العين والفلوس، قولها: ونقل الشيخ عن ابن عبدوس عن أشهب لا أحبه في العين والفلوس وإلا بالطبع، ولفظ ابن شاس في نقله عن أشهب كما تقدم. وقال ابن الحاجب: ما لا يعرف بعينه إن لم يطبع عليه أو يكون عند أمين

امتنع مطلقًا. وقال أشهب: إن كان نقد القوة التهمة. قال ابن عبد السلام: ظاهر قوله أن الطبع عند أشهب واجب، ولفظ أشهب إنما هو لا أحب. قلتُ: لعل ابن الحاجب حمل قوله: (لا أحب) على التحريم لتعليله بالتهمة على السلف، ووقع مثل هذا اللفظ لابن القاسم في النوادر، وفي سماع ابن القاسم: من اشترى ثوبًا بدينار فرهنه الدينار وهو فيه بالخيار فلا أحب ذلك إلا أن يطبع عليه أو يجعله على يد غيره، وكذا إن تسلف منه دراهم ورهنه دينارًا وتقدم رهن المدبر والأم دون ولدها وعكسه، ولا أعرف في رهن المكاتب نصا، ومقتضى اتفاق المذهب على صحة بيع كتابته ومنع بيع رقبته صحة رهنه مصر وفا تعلق رهنه بكتابته ورقبته إن عجز، وفساده إن علق ببيع رقبته دون عجزه، وربما اندرج في متقدم قولها: يجوز ارتهان ما لا يجوز بيعه في وقت ويجوز في وقت خلاف مفهوم قولها: من رهن عبدًا ثم أعتقه أو كاتبه، جاز إن كان مليًا وعجل الدين، وإن دبره جاز وبقي رهنا بحاله، لأن الرجل يرهن مدبره. وفيها: إن خاف المكاتب العجز جاز رهنه أم ولده لا ولده. وفيها: من استعار سلعة ليرهنها جاز، وبيعت في الدين إن لم يؤد الغريم ما عليه، وغرم ما أدى عنه من ثمن السلعة، ونقلها عياض وغرم قيمتها، قال: كذا عند شيوخنا، وفي رواية يحيى ابن عمر واختصار ابن محمد، وفي رواية: قيمتها، وفي أخرى ما أدى. قال يحيى: وهو الصواب، وهو معنى رواية ثمنها، وقول أشهب. وفيها: لو هلكت السلعة عند المرتهن وهي مما يغاب عليه، لا تبع المعير المستعير بقيمتها. الصقلي: يريد: وكذا يلزم المرتهن، قال مالك: وكذا إن كانت لا يغاب عليها لم يضمنها مستعير ولا مرتهن، وفي سماع عيسى: إن كان المستعار ثوبًا فتلف ضمنه المرتهن لراهنه، وراهنه لربه. ابن رشد: معناه أنه ضاع بيد المرتهن، ولو ضاع بيد عدل جعله بيده راهنه دون

ربه ضمنه راهنه فقط، ولو جعله معه ربه كان من ربه، وقال أشهب: إن ضاع عند المرتهن ضمن قيمته لراهنه وضمنه راهنه لربه يوم يطلبه به؛ يريد: أشهب: يضمن المرتهن قيمته يوم ضاع إذا علم كونه عنده يوم دعوى ضياعه على ما مر في رسم الرهون، وفي قوله: يضمن راهنه يوم يطلبه به نظر فتدبره. وفيها: من استعار سلعة ليرهنها في دارهم مسماة فرهنها في طعام فقد خالف وأراه ضامنًا. الصقلي: هذا إن أقر المستعير بذلك وخالفه المرتهن ولم يشأ المعير أن يحلف ليكون رهنه رهنا فيما أقر به من الدراهم، فإذا لم يحلف ضمن المستعير، ونقلها أبو محمد والرهن عبد فهو ضامن بتعديه. قال: وقال أشهب: لا ضمان عليه في العبد، ويكون رهنا في الدراهم. الصقلي: يريد إن حلف أو أقر المرتهن بذلك فيتفق القولان، ونقله أبو إبراهيم وقبله، وظاهر نقل ابن شاس أو قول أشهب خلاف قول ابن القاسم، وهو الصواب لقول ابن حارث اتفقوا على أن من استعار سلعة ليرهنها بكذا وكذا درهمًا أنه لا ينبغي له أن يرهنها بأكثر، ولا بخلاف، واختلفو إن رهنها بصنف غير ذلك من طعام وشبهه فقال ابن القاسم هو ضامن، وقال أشهب: إن كانت لا يغاب عليها فلا ضمان عليه، وإن كانت يغاب عليها فهو ضامن بسنة العارية، لا لأنه خالف، وأراه رهنا جائزًا في الذي أقر به المعير. قال يحيى بن عمر: جواب أشهب خير من كلام ابن القاسم، وسمعت إنكار سحنون جواب ابن القاسم، ونماء الرهن لراهنه لا لمرتهنه إلا بشرط صحيح، سمع أصبغ ابن القاسم: لا بأس أن يشترط من يبيع البيع، ويرتهن الدار أو العبد أو الثوب انتفاعه به لأجل معلوم كان أبعد من أجل الرهن أو قبله. ابن رشد: هذا كقوله فيهما خلاف قصر مالك جوازه على الربع والأصول دون الحيوان والثياب، قال: إذ لا يدري كيف يرجع ذلك إليه، واحتج ابن القاسم بجواز إجارة ذلك وهو لا يدري كيف يرجع إليه، ولا حجة على مالك؛ لأنه إنما كرهه للغرر في الرهن؛ إذ لا يدري ما تكون قيمته بعد استعماله.

قال التونسي: فعليه لا يجوز رهن الغرر، كالثمرة قبل بدو صلاحها في أصل البيع، خلاف ظاهر روايات المدوّنة وغيرها وكرهه مالك فيها، ولم يذكر حكمه إن وقع، ويتخرج فيه أربعة: فساد البيع والرهن، ومقابله، والكراهة ابتداء، وهو ظاهرها، وفساد البيع لا الرهن، فيكون رهنا بالأقل من الثمن أو القيمة وعكسه، قال: وتخريج التونسي منع رهن الغرر في العقد كالثمرة قبل بدو صلاحها يرد بأن غررها لا صنع لهما فيه، وغرر الانتفاع باشتراطهما، والمشهور جواز ارتهان الثمرة قبل بدو صلاحها في العقد. وروى ابن القاسم في المبسوط: أنه لا يجوز، وقول عبد الحق عن القابسي أنما كرهه في الثياب؛ لأنها تضمن في الرهن لا في الإجازة، فكره اجتماعهما للشك في حكم دعوى المرتهن التلف، واختلف قوله في ضمان المرتهن الحيوان، فلعل قوله هذا على ضمانه غير صحيح، لنص مالك على علة قوله، ولو ادعى المرتهن تلف الثوب لوجب تغليب حكم الرهن. وقال التونسي: ينظر إلى ما يذهب منه بالإجارة، فإن كان الربع ضمن ثلاثة أرباعه، وليس بصحيح؛ لأنه لم يستأجر منه ربع الثوب، وارتهن منه ثلاثة أرباعه؛ بل استأجر جميعه، وارتهن جميعه، والصواب تغليب حكم الرهن، فيغرم قيمته بحاله يوم يحكم عليه بضمانه إن ادعى تلفه قبل استعماله غرم قيمته على حاله يوم الرهن، وسقط عنه ذلك القدر من الإجازة، ونظر ذلك القدر كم هو من الجملة فيرجع بجزئه من قيمة ثوبة المبيع، أو يشاركه فيه إن كان قائمًا على اختلاف في ذلك لضرر الشركة وإن ادعى تلفه بعد انقضاء أجل انتفاعه ضمن قيمته ناقصًا على ما تقرر أن الاستعمال نقصه، وتلزمه الإجارة ولا يصدق إن ادعى بعد حلول الأجل أنه تلف قبل ذلك على قول ابن القاسم: لا يصدق المستأجر حين حلول الأجل أن ضياعة كذان قبل ذلك، في إسقاط الأجرة إلا ببينة على الضياع أو على التفقد الطلاب وخالفه غيره. وفيها: شرط منفعة رهن دين القرض لا يجوز؛ لأنه سلف جر نفعًا. وفيها: لا يجوز لراهن ثوب رهن فضلته من مرتهن آخر إلا بإذن الأول ليجوز للثاني، وسمع القرينان: من رهن رهنًا في سلعة لستة أشهر، ثم رهن فضله في ثمن

سلعة لشهر من آخر، قال له: فلان مبدأ عليك، فحل أجل الأخير قبل الأول ولم يكن علم أن حق الأول لستة أشهر بيع الرهن، وأعطى منه للأول حقه، ولا يوقف لحلول أجله، ويعطي منه للأخير ما فضل. ابن رشد: لم يذكر أن المرتهن الأول علم بالرهن الآخر وصحح رهن فضلة رهنه رهن فضلة رهنه، فقال ابن دحون: قوله هذا خارج عن الأصول كيف يكون فضله للثاني، والأول لم بقبضه له، وهذا غير لازم؛ لأن المسألة محتملة للتأويل، وفي صحة رهن فضل الرهن الذي بيد مرتهنه مطلقًا أو بشرط علمه بذلك، ثالثها: بعلمه ورضاه لأشهب في الواضحة مع ابن القاسم في المبسوطة وأصبغ، ومشهور قول مالك فيها وفي غيرها. قلتُ: ورابعها: لا يصح جواز الأول للثاني، ولو رضي حوزه له لنقل المازري رواية ابن القاسم: لا يصح هذا الرهن للثاني إلا أن يحوزه له غير الأول؛ لأن الأول إنما حاز لنفسه، قال: وتأويلها ابن القاسم بقوله: إلا أن يرضى الأول بحوزه للثاني خلاف ظاهريا. قلتُ: سبقه بهذا الباجي وزاد. وروى ابن الجلاب: لا يجوز رهن فضلة الرهن، وإن أذن الأول. ابن رشد: وما بيد عدل المعتبر علمه، وقول مالك فيها: إن قبض المخدم قبض للموهوب له، وكذا المودع على قوله، وإن لم يعلم خلاف سماع سحنون في الصدقات والهبات، فظاهر قول مالك التفريق بين الرهن والهبة؛ لأن الرهن أقوى حيازة، ففي كون ذلك حيازة فيهما، ثالثها: في الهبة لا الرهن، وفائدة هذا هل مرتهن الفضلة أحق من الغرماء، أم لا؟ وإن لم يكن قيام غرماء، فلا كلام أن الفضل له، فيحتمل أن يكون إنما تكلم في هذه المسألة على أن المرتهن الثاني طلب فضلة الرهن في دينه لحلوله قبل حلول دين المرتهن الأول، ولا غرماء على الراهن، فيسقط اعتراض ابن دحون، ولو علم الثاني بأجل الأول لم يبع له حتى يحل. وقوله: إذا بيع أعطى الأول حقه ولم يوقف معناه إن لم يأت برهن يشبه الرهن الأول، خلاف ما مضى في رسم الأقضية، الثاني من هذا السماع مثل سماع سحنون، وظاهر التجارة بأرض الحرب من المدونة ويشبه ألا يختلف في التعجيل في هذه المسألة؛

لأن الراهن أدخل على المرتهن بيع رهنه فأشبه ذلك بيعه بغير إذنه وما يبقى من الرهن بعد أن يباع منه بحق الأول مجهول، فيقوم من هذه المسألة رهن الغرر في العقد، وفيه قولان قائمان من المدونة من قولي مالك وابن القاسم في منع اشتراط منفعة الرهن وهو ثبات أو حيوان. قلتُ: عبر في رسم الأقضية الثاني عن ما في التجارة بأرض الحرب بقوله: دليل ما في التجارة بأرض الحرب، لم يعينه وهو قوله: إن أسلم عبد النصراني فرهنه بعته، وعجلت الحق إلا أن يأتي برهن ثقة، وظاهر قول ابن رشد أنه إذا كان بيد عدل أنه لا يشترط علم الأول في رهن الفضلة من غير خلاف. وقال اللخمي: اختلف في ذلك. روى محمد: يجوز إذا رضي الأول، وقال أصبَغ: يجوز وإن لم يرض إن رضي العدل. اللخمي: إن لم يكن من اجل الأول أبعد، لم يعتبر رضاه، وإن كان ودينه عرض من بيع لم يجز إلا برضاع إلا أن يرهن الثاني، على أن لا يقوم ببيع الرهن حتى يحل الأول، وفيه مغمز من الغرر، وإن كان دين الأول عينا أو عرضا من قرض جاز إذا دخل على أن يجعل حقه إذا حل الأول وإن لم يرض الأول، وهذا إذا علم العدل ورضي أن يحوز ذلك الفضل إذا بيع للأول، فيحول بين الراهن وبين ذلك الفضل، واختلف إن لم يرض قياسًا على المخدم، وقد تقدم. قلتُ: في فهم كلامه هذا عسر وهو كما نقله في غير نسخة، ولا يفهم إلا على أن الضمير الفاعل المستكن في دخل إنما يعود على الغريم، وقوله: يعجل حقه؛ أي: الحق الذي عليه لا له، وعليه يصح اتصاله بقوله عقبه، وهذا إذا علم العدل ورضي أن يحوز ذلك الفضل إذا بيع للأول؛ أي يجوز دين الأول، وأطلق عليه فضلًا مجازًا باعتبار كونه زائدًا على القدر الواجب للثاني، لا على قدر دينه؛ لأن حق الأول مبدأ عليه. وذكر الصقلي مسألة سماع القرينين من رواية ابن القاسم في الموازيّة. وفيها: كما في السماع: قال مالك: أعلم الثاني أن حق الأول إلى ستة أشهر، قال: لا إلى آخرها، فقال التونسي: يحتمل أنه لو علم لم يجز البيع من الثاني؛ لأنه على أن يعجل للأول حقه فيصير بيعًا وسلفًا؛ لأنه لا يقدر على بيعه للثاني، إلا بتعجيل دين الأول،

وقبله ابن عبد السلام، ويرد بمنع ملزومية علمه ذلك لتعجيل حق الأول؛ بل لازمه الحكم عليه لعلمه ذلك بتأخير حقه لحلول أجل الأول، ويؤيده قول ابن حارث ما نصه: ونحا أشهب إلى أنه إن حل حق الثاني وقد علم أجل الأول أن لا شيء له، حتى يحل حق الأول، إلى هذا نحا في كلامه، انتهى. قلتُ: وهذا نص بخلاف ما زعمه التونسي، وهو ظاهر مفهوم الكلام لمن تأمله. قال ابن المواز: وقاله أشهب، قال هذا: إن بيع بعين أو بما يقضي بمثله، وحق الأول مثله ولم يبع بعرض وهو مثل ما عليه أو بدنانير ودينه دراهم او بطعام مخالف لما عليه ورضع له رهنا إلى حلول حقه. وقال سحنون في المجموعة: سواء علم الأول أن حق الثاني يحل قبله أو لم يعلم أن بيع بمثل حقه عجل له، قال في موضع آخر: إلا أن يكون حقه طعامًا من بيع فيأبى تعجيله، فذلك له. قال التونسي في نقل الموازيّة: إن بيع بغير العين إلى آخره، ظاهره ودين الأول من بيع، وجعل له تعجيله، وهذا غير معروف، وفي بيع الرهن بغير العين اعتراض. قلتُ: ينبغي حملها على أن ذلك برضىً ممن له حقٌ في بيعه؛ لأن وجوب بيعه بالعين ليس من حق الله. قال ابن الحاجب: إن رهن الفضلة برضى الأول وسبق أجل الثاني قسم إن أمكن وإلا بيع وقضيا، وقسمه إن انقسم لا أعرفه في هذه المسألة إلا في الجلاب، مثل ما ذكر المؤلف، وما وقع الحكم بالقسم في الموازية والعتبيَّة إلا في استحقاق بعض الرهن. وفي سماع عيسى وأبي زيد ابن القاسم في رجلين لهما رهن بينهما، قام أحدهما ببيعه، وأخر صاحبه الغريم بحقه بقسم إن لم ينقص القسم حظ القائم فيباع له حظه لقضاء حقه، ويوقف حظ لقضاء حقه، ويوقف حظ من أخر الغريم، وإن لم ينقسم كذلك بيع وعجل حق القائم، وحق الآخر إن حلف ما أخره إلا لإعظاء رهن مثله، إلا أن يأتي الراهن برهن ثقة، فيأخذ فاضل ثمن رهنه عن حق القائم. ابن رشد: في تعجيل حق المؤخر إن لم يأت الراهن برهن ثقة قولان، ويقومان من قوليهما في كتاب الرهن، وكتاب التجارة بأرض الحرب، قولها: ضمان الفضلة عن المرتهن

والرهن بيده قولا ابن القاسم وأشهب. الصقلي: وبعض أصحابه: إنما يسقط ضمانها عن الأول إن أحضره حين رهن الفضلة أو علم كونه بيده حينئذ، وزاد عن أشهب في قوله: كما لو كان بيد الثاني وغيره، المبدأ عليه، فضاع لم يضمنه؛ لأنه رهن للأول، وإنما لهذا فضلة إن كانت، ولو وضع ما رهنه لرجلين عند أحدهما لم يضمن إلا ما هو رهن منه له. اللخمي: على قول ابن القاسم: يضمن مرتهن الفضلة الفضلة إن وضع عليه يديه. قلتُ: يرد بالفرق بما أشار إليه أشهب؛ وهو اعتبار أصالة الضمان حين وضع اليد إليه، فتأمله. وفيها: من أقرضته مائة درهم برهن قيمته مائة درهم لم يجز قرضك إياه مائة أخرى على رهن بهما قيمته مائتان؛ لأنك انتفعت بزيادة وثيقة في المائة الأولى، وكذا لو كانت الأولى بغير رهن افترضته أخرى برهن بهما معًا، فإن فلس فالرهن رهن بالدين الثاني فقط. اللخمي ومحمد: ومن له دين برهن قال له غيرمه قب الأجل زدني فيه وأزيدك رهنًا، إن كان في الأول وفاء بلا شك جاز، وقول ابن القاسم: أحسن؛ لأنه لا يزيده له فرضًا لزيادة رهن إلا لخوف في الأول، ولوحل أجل الأول وهو موسر أو معسر، وفي الرهن وفاء جاز قرضه برهن يرهنه بالدينين معا؛ لأن التخوف حينئذ إنما هو فيما يكون في المستقبل، وقد كان له أخذ حقه حالا، ونحوه للتونسي. قال: وأجاز أشهب أن يسقط عنه بعض دينه على أن يعطيه رهنًا أو يبيع منه بيعًا، على أن يعطيه بثمنها، والدين الأول رهنًا، وكرهه كله ابن القاسم، وللصقلي في كتاب الحمالة عن ابن وهب، أجاز ابن أبي سلمة إذا حل الأجل أن يعطيك غريمك بدينك رهنًا وتؤخره؛ لأنك تقدر على أن يتبع عليه ذلك الرهن، إلا أن يتبين فلس الغريم، فلا يجوز لك؛ إذ لا يقع لك في الحصاص قدر حقك فهو سلف جر نفعًا. قال مالك: إن حل دينه فقال له غريمه: أخرني وأسلفني، مالا آخر على أن أرهنك بهما رهنًا جاز، وقيل: إلا أن يتبين عدمه. محمد: هو عندي جائز وإن بان عدمه، إن كان الرهن له.

الصقلي: يريد: لأنه شاء قبض دينه من ثمنه. قال محمد: ما لم يكن عليه دين محيط فلا يجوز تأخيره بالدين الأول برهنه؛ لأنه يزاد بما أخره منفعة. الصقلي: لأنه لو قام عليه الآن لحوصص، فبادر فيما أراد أن يرهنه بأخذه ليختص بالرهن. وفيها: إن فلس فكل الرهن رهن بكل الدين الثاني فقط. محمد: وقال بعض أصحابنا: يكون منه رهنًا بالثاني بمنابه منه، وبالأول أقول كرهن بثمن سلعتين استحقت إحداهما كله رهن بثمن الباقية. وسمع عيسى ابن القاسم: معها غلة الحائط المرهون والدار والعبد كذلك لا يكون رهنًا إلا بشرط. ابن رشد: هذا المشهور، وروى ابن القاسم في المبسوط دخولها فيه. ابن الماجشون: لا أعرف هذا، وقول ابن الماجِشون: هو المعروف، ورواية ابن القاسم هذه شاذة لا تعرف. الصقلي: قال بعض القرويين: إن كانت الثمرة يوم الرهن يابسة، دخلت فيه كالصوف التام. قال: وإنما فرق بين مسألتي الكتاب أن الثمرة تترك لتزداد طيبًا، فهي غلة لم يرهنها، والصوف لا فائدة في بقائه، فلما سكت عنه كان رهنًا. الصقلي: علة ابن القاسم أنه قاسه على البيع، فبطل هذا، ولهذا وجه في القياس؛ لأن الرهن لا يجري مجرى البيع في جميع وجوهه؛ لأن من باع نخلًا بها، ثمن لم يؤبر دخل في البيع، ولا يدخل في الرهن. وفيها: لا يكون مال العبد الرهن رهنًا إلا بشرط. ابن حارث: اتفاقًا. قال: واختلف فيما يستفيده بهبة وشبهها، فقال ابن عبدوس عن ابن القاسم: لا يدخل إلا باشتراطه، وقاله أشهب، واحتج بالوصية أنا تدخل في الأرباح لا فيما لم يعلمه الموصي، وقال يحيى بن عمر: يدخل، وهي أشبه بالبيع من الوصية.

التونسي: في "الموازيَّة": إذا شرط مال العبد في الرهن لا يدخل ما أفاد فيه، والأشبه دخوله كشرط ماله إذا ابتيع على خيار، فما أفاد من مال دخل فيه. وفي المدوّنة: فيمن كوتبت على خيار ما أفادت في أيامه لسيدها، وهو فيها لابن القاسم، والمعروف الأول. المازري: قيل في الأرباح: إنها كالفوائد في الزكاة، فأشار إلا تخريج الخلاف في ربح مال العبد. قال ابن الحاجب: وكذا لا يندرج مال العبد وخراجه. ابن عبد السلام: حكى بعض الشيوخ: أنه لا يدخل في الرهن عند الجميع، وقال ابن رشد: أن ذلك يدخل في الرواية الشاذة، ومال العبد، ولا أعرفه له، إنما قاله في الكراء وخراج العبد. الصقلي: قال في المجموعة: يجوز رهن مال العبد دونه، فيكون له معلومه ومجهوله يوم الرهن إن قبضه، ولا ينفرد في البيع؛ لأنه غرر. وفيها: من ارتهن أمة حاملًا كان في بطنها وما تلد بعد ذلك رهنًا معها، وكذا نتاج كل الحيوان. ابن رشد: لأنه كجزء منها. قلتُ: وتقدم نحوه للمازري في منع استثنائه، وكان يجري في المذكرات تعقب كونه كالجزء بأنه لو كان كذلك للزم من عتق الجنين عتق أمه، كعتق أمه، كعتق يدها وليس كذلك، ويجاب بأن الجزء لازم ومفارق، فالملزوم للعتق الملازم لا المفارق. وفي الجلاب: وفراخ النخل والشجر رهن من أصولها. وفيها: ولا يدخل صوف الغنم وألبانها في رهنها إلا صوفًا كمل نباتها يوم الرهن، فهو رهن معها، ولغير واحد عن أشهب: لا يكون رهنا مطبقا كلبن في ضروعها. قلت: وهو ظاهر قول الجلاب: لا يدخل صوف الغنم إلا بشرط.

باب المرهون فيه

[باب المرهون فيه] المرهون فيه: مال كلي لا يوجب الرهن فيه غرم راهنه مجانًا بحال. فقولنا: مال دون دين في الذمة؛ ليشمل الكتابة، ويخرج بالكلى المال المعين، لامتناع الرهن به، لملزومتيه انقلاب حقيقته أو حقيقة الرهن؛ لأنه إن استوفى من الرهن بطل كونه معينًا، وإن لم يستوف منه بطل كون الرهن توثقا به، فيبطل حقيقة الرهن، وقولنا: لا يوجب ... إلخ، يدخل الكتابة بالنسبة إلى المكاتب لا بالنسبة إلى غيره، وهذا؛ لأن الرهن بها يصح من المكاتب لا من أجنبي؛ لأنه من المكاتب لا يوجب عليه غرمًا

مجانًا بحال؛ لأنه إن ودى الكتابة دون الرهن أو به لم يوجب عليه غرمًا مجانًا بحال، وإن عجز فكذلك؛ لأن بعجزه صار ملكه ملكًا لسيده ضرورة نفوذ انتزاع السيد ماله، وهذا لا يصدق عليه الغرم مجانًا بحال، وأخذ الرهن في الكتابة من أجنبي يوجب على الراهن غرما مجانا في حالة عحزه بعد أخذ الرهن فيما فيه رهن، أو بعضه، ضرورة أنه لا رجوع للراهن على المكاتب؛ لأنه لم يعلمه، ولا على السيد؛ لأنه إنما أخذه منه في الكتابة، وهي لا ترد عليه ما أخذ منها لعجز المكاتب، وعموم قول ابن الحاجب: لا رهن في نجوم الكتابة تابعًا لابن شاس خلاف نصها. لا يصح الرهن بالكتابة من غير المكاتب، ويصح منه، ومثله في الموازية في كتاب المكاتب منها: من أخذ من مكاتبه في عقد كتابته رهنًا فغاب عليه ضاع بيده، ضمنه إن ساوت قيمته الكتابة عتق مكانه، وإن فلس السيد، فإن كان في عقد الكتابة بشرط فهو انتزاع لا محاصة للمكاتب به من غير سيده، ولا حق له في عينه إن وجده بعينه ومحاصة غرماء سيده بقيمته إن لم يجده. وقال غيره: ليس ذلك انتزاعًا، ورهنه في العقد كرهنه بعده. وقول ابن عبد السلام: ما قالاه لا يبعد أن يكون قولًا في المذهب على قول أن للمكاتب تعجيز نفسه، وله مال ظاهر، فلا يكون ما عليه لازمًا له، فلا يتقرر بع رهن منه، يرد بأنه يلزمه عليه القول بامتناع الرهن بكراء مشاهرة، والتزامه خروج عن المذهب، وقولها: يجوز الرهن بالعارية المضمونة لا ينافي وجوب كون المرهون فيه كليا؛ لأنه رهن في قيمتها لا في عينها؛ ولذا قال قبلها: الرهن في العارية غير المضمونة لا يجوز. المازري: ويتقرر الرهن والتزامه قبل انعقاد الحق الذي يؤخذ به الرهن، خلافًا للشافعي. وفيها: إن دفعت لرجل رهنًا بكل ما أقرض لفلان جاز. الصقلي: قال بعض أصحابنا: والرهن بما داينه به رهن ما لم يجاوز قيمته لا يراعى ما يشبه أن يداين به، بخلاف مسألة الحمالة فيمن قال: دائنه ما داينته به، أنا جميل؛ لأن الذي أعطاه به رهنًا بين بالرهن مقدار ما يقرضه، فإن جاوزه لم يلزمه. قلتُ: قولهم: لا يلزمه ما جاوز قيمته إن أراد في الرهن فهو تحصيل الحاصل،

لامتناع تعلق الدين بالرهن في أكثر من قيمته في كل رهن، وإن أراد في ذمة الراهن فكذلك لأنه لم يلزم له في ذمته شيئًا؛ بل الواجب أن ينظر هل يقضي ما يتعلق بالرهن من معاملته على قدر ما يعامل به مثله إذا كانت قيمة الرهن أكثر من ذلك، كمسألة الحمالة، أو يعم تعلقه بكل قيمة الرهن لقرينة دفعه، رهنا والأظهر جريه على قاعدة تعارض دليلين أحدهما يدل على عمارة الذمة، والآخر يدل على براءتها في هذا الأصل خلاف. قيل: يقدم الأول؛ لأنه مثبت شيئًا والآخر نافيه، وقيل: يقدم الثاني لموافقته أصل براءة الذمة؛ لأن الدليلين يتساقطان ويرجع إلى الأصل وهو براءة الذمة ورهن السلعة في ثمنها، تقدم، وقول ابن الحاجب، ويخير البائع وشبهه في الفسخ في غير المعين، هو مدلول قولها: وإن بعت منه سلعة إلى أجل على أن تأخذ به رهنًا ثقة من حقك فلم تجد عنده رهنًا، فلك نقض البيع أو تركه، بلا رهن، وقوله: وشبهه، يريد: كالمسلف على ذلك، وقوله: يصح للرهن قبل القبض، ولا يتم إلا به، ويجبر الراهن عليه إن كان معينًا. المازري: عقد الرهن لازم بالقول، ويتخرج على عقد الهبة. روي ابن خويز منداد: عدم لزوم عقد الهبة وأخذه بعض أشياخي من قولها: لمن أعار أرضًا للبناء والغرس دون أجل إخراج المعار بإعطائه ما أنفق، ورده غيره من أشياخي. قلت: التخريج على الهبة في الرهن غير المشترط في عقد البيع أو القرض، وقول ابن الحاجب: يجبر عليه إن كان معينًا خلاف نصوص المذهب بعموم جبره في المعين وغيره، والمعهود تبعيته لابن شاس، ولفظ ابن شاس مطلق غير مقيد بالمعين في البيوع الفاسدة منها مع غيرها، وإن بعته على حميل لم تسمياه أو رهن لم تصفاه جاز وعليه الثقة من رهن أو حميل، وإن هلك ما اشترطت من رهن معين قبل قبضه المرتهن، فهو مخير في فسخ بيعه، وليس للمبتاع جبره على رهن آخر إلا أن يشاء، ولو هلك الرهن بعد قبضه المرتهن فلا حجة له، ولو كان غير معين فهلك بعد قبضه ففي كونه كذلك، ولزوم بدله كالراحلة المضمونة، نقلا الصقلي عن بعض الفقهاء وابن مناس قائلًا: إن عجز المبتاع عن حميل أو رهن عنه سجن في الحميل، لا في الرهن؛ لأنه يقدر على اختبار ذمته بالسؤال عنه والكشف، ولا يقدر على علم من يتحمل عنه بذلك، وعزاه ابن محرز لابن شبلون معه،

قال: والمذاكرون على خلافه، وقالوا: سجنه في الرهن أولى على أنه قال في الكتاب: وهو مثل الرهن فسوى بينهما، والصواب: أن ينظر، فإن كان يقدر عليهما سجن فيهما، وإن رؤي أنه لا يقدر عليهما لم يسجن. قال بعض شيوخنا: ويحلف أنه لا يقدر على شيء منهما. قالوا: ولو هلكت السلعة المبيعة قبل أن تثبت الحمالة كانت من البائع كبيع الخيار، وإن استحق الرهن المعين قبل قبضه مرتهنه ففي تخييره في فسخ البيع إن كان المبيع قائمًا، وأخذ قيمته إن فات، وإمضائه دون رهن، ولو طاع الراهن بمثله أو ما لم يطع به، ثالثها: لا مقال لمرتهنه، للخمي عن ابن القاسم وابن الماجشون: والتخريج الأحرورى على قول مالك: لا مقال للمرتهن في بيع الراهن الرهن، وبعد قبضه لا مقال لمرتهنه إن لم يغره راهنه، وإن غره ففي تخييره كما مر وجبر الراهن على حلفه، ثالثها: لا يجبر، فإن أخلفه لزم قبوله وإلا فالتخيير، ورابعها: يجبر على تعجيل الحق لابن القاسم وعبد الملك ومحمد وسحنون. اللخمي: أرى استحقاقه قبل قبضه وبعده، سواء إن لم يغره إن أحلفه أجبر على قبوله، وإن لم يحلفه فالتخيير، وإن غره خير المرتهن في جبره على الحلف أو تركه وأخذ سلعته أو قيمتها، وفي فوت السلعة بحوالة الأسواق أو بالعيوب المفسدة، مشهور المذهب وقول محمد، ويلزم في عوض المستحق قصر فوته على العيوب. وقبضه شرط خاصته، وهي اختصاص المرتهن به. ابن حارث: اتفقوا على أنه لا يتم إلا بقبضه فإن تراخى بقبضه لقيام الغرماء بطل ولو كان جادًا في طلبه، وقال القاضي: عجزه مع جده في طلبه؛ لقيامهم لا يبطله كالهبة، وحكاه اللخمي غير معزو قال: وهو أحسن ابن حارث اختلف ابن القاسم وسحنون في المشترط في البيع بعينه يدع المرتهن قبضه حتى يقوم الغرماء أو حتى يبيعه ربه، فأبطله ابن القاسم، وقال سحنون: ينقض بيعه ويكون أحق به من الغرماء. محمد: فجعل سحنون للرهن حصة من الثمن إذا وقع البيع عليه.

باب في صفة قبض الرهن فيما ينقل وضبطه فيما لا ينقل

[باب في صفة قبض الرهن فيما ينقل وضبطه فيما لا ينقل] وصفة قبضه: قال المازري: ينقل التصرف فيه عن راهنه لمرتهنه ما ينقل بنقله تحت يده، وما لا كالربع بصرف التصرف فيه عن راهنه لمرتهنه، ولو كان بيتًا بقي به متاع راهنه، فإن ولي التصرف فيه بطل الحق وإن خص به المرتهن، فقيل: حوز، وفيه نظر. قلتُ: بناء على أن مجرد النفع بحلول متاعه به كسكناه أو كون منعه التصرف ككونه بيد غيره. اللخمي: ما يبان به كالعبد والثوب لا يصح حوزه إلا بمعاينة البينة قبضه المرتهن أو العدل والأعدال والسفن إن دخلا على بقائهما بموضعها أجزأ فيها الإقرار والتسليم مع منع الراهن وضع يده عليهما، وكذا الأرضون والبساتين، ولو كان للراهن فيها عبيد ودواب إن ولي فيها النظر المرتهن أو وكيله، والدار المسكونة والحانوت يصح حوز جميعه بخروجه عنه، ولو كان له بذلك متاع إذا منعه من التصرف فيه. قلتُ: ظاهر عموم قول هبتها، ولا يقضي بالحيازة إلا بمعاينة البينة بحوزه في حبس أو رهن أو هبة أن مجرد الإشهاد والإقرار بالحوز لغو، وكان يجري في المذكرات أن التحويز في حوز الرهن شرط لا يكفي الحوز دونه لبقاء ملك الراهن بخلاف الهبة، وفي هبتها إن قبض الهبة الموهوب بغير إذن الواهب جاز قبضه؛ إذ يقضي على الواهب بذلك إذا منعه. قلتُ: فظاهر تعليله بالقضاء عليه بذلك يوجب كون الرهن كذلك. وفي النوادر عن مُطَرِّف وأَصْبَغ في الرهن: يوجد بيد المرتهن بعد موت راهنه يقبل قوله حزته في صحته، وكذا الهبة خلاف قول ابن حبيب وابن الماجشون لا يقبل فيهما. قال عبد الحق في النكت: في الحبس منها. قال بعض شيوخنا: من أهل بلدنا إذا وهب لابنه الصغير دارا وأشهد، ولم تشهر البينة أنها خالية فارغة نظرت، فإن كانت هذه الدار مشهورة بسكنى الأب فهي على ذلك، ولا تتم فيها الهبة حتى يثبت أنه أخلاها وإن لم تعرف بسكناه فهي على أنها خالية

سالمة من شواغله حتى يعلم غير ذلك فاعلم، اه. منها: فانظر إن كانت معروفة بسكناه ووجدت بيد المتصدق عليه وقد حازها فهي لذلك، وإن لم يحضروا الحيازة كما قاله ابن عات لثبوت الحوز. وفي الطرر لابن عات: والعمل أنه إذا وجد بيده وقد حازه كان رهنًا، وإن لم يحضروا الحيازة ولا عاينوها؛ لأنه صار مقبوضًا، وكذا الصدقة. قلت: ذكر الصقلي في أول كتاب الرهن فيه خلافًا غير معزو، وقال: قال محمد: الصواب أن لا ينتفع إلا بمعاينة البينة الحوز. الباجي: لو ثبت أنه وجد بيده قبل الموت والفلس ثم أفلس أو مات لوجب أن يحكم له بحكم الرهن، ولعله معنى قول محمد، وظاهر اللفظ يقتضي أن لا ينفع حتى يعاين تسليم الراهن له للمرتهن. قلت: ففي شرط حوز الرهن بتحويزه القولان، فقبض الرهن بنقل تصرف ربه عنه لمرتهنه أو نائبه، وقول ابن الحاجب: قبضه كقبض المبيع لا يخفى إجماله، وحوز الدين الرهن تقدم. قلت: وفيها مع غيرها: صحة رهن المشاع. المازري: وهو قولها، وقول الشافعي، وقال أبو حنيفة: لا ينعقد فيه رهن، وخرجه الشَّيخ أبو الطيب عبد المنعم وهو أحد شيوخ شيوخي من قول بعض أصحابنا بناء على أن هبة المشاع لا تصح؛ لأن قبضه لا يتأتى، وأشار إلى تخريجه بعض من لقيت من منع من صرف جزء الدينار لامتناع القبض فيه. وقال ابن الحاجب: قبضه والباقي لغير الراهن إن كان عقارًا جاز باتفاق. قال ابن عبد السلام: لم يطلع المؤلف على الرواية بمنع رهن المشاع كأبي حنيفة. قلت: لا أعرف هذه الرواية، وظاهر نقل الشيوخ عن نفيها، ولو كانت ثابتة ما اضطر إلى التخريج الذي ذكره المازري، والشأن من المحققين والرواة في ذكر غريب مثل هذا، عزوه، وهو فيما باقيه لغير الراهن ربعا أو منقسما لا يفتقر لإذن شريكه، وإن كان غيره ففي كونه كذلك، ووقفه على إذنه قولا ابن القاسم وأشهب، قائلًا: لأن رهنه يمنع من بيعه ناجزًا.

الباجي عنه: فإن لم يأذن انتقض الرهن، فإن أذن فلا بيع له إلا بشرط بقاء جميعه بيد المرتهن للأجل، وكذا لو كان جميعه على يد الشريك، ولا يفسد ذلك البيع وإن لم يكن بقرب الأجل؛ لأنه باع ما لا يقدر على تسليمه كالغائب. ابن زرقون: وضمانه من مشتريه بالعقد قاله الأشهب، ويلزم عليه نقد ثمنه. قلت: إلزام نقد ثمنه، قاله التونسي. الشيخ: وغيره، ومنع ابن ميسر بيعه، لأنه معين يقبض الأجل. وعلل التونسي ضمانه من مشتريه بخلاف الغائب يتمكن مشتريه من التصرف فيه في البيع وانتفاعه به. قلت: ويتحقق موجب الضمان فيه، وهو تمام عقد البيع بتحقق ماهيته بوجوده بقية أركانه وهو البيع، بخلاف، وصوب الباجي قول ابن القاسم: لا يفتقر لإذن الشريك؛ لأن ذلك لا يمنع بيع حظه لو دعاه لبيع جميعه، فإن باعه بغير جنس الدين كان الثمن رهنًا، وإن كان بجنسه قضى منه الدين إن لم يأت برهن مثله، وحوزه وهو دار، وأرض بحلول المرتهن في محل راهنه مع الشريك. ابن حارث وغيره: اتفاقًا بين ابن القاسم وأشهب. اللخمي: حوز الحظ المرتهن بكونه على يد مرتهنه أو الشريك أو غيرهما، وفي كون ما ينقل كالثوب والعبد كذلك أو يكون جميعه تحد يد أحد الثلاثة قولا ابن القاسم وأشهب، وعزاه محمد في النوادر له، ولعبد الملك في حوز المشاع مما باقيه لراهنه طرق. اللخمي: إن كان دارًا أو عبدًا في كون حوزه بانفراد المرتهن أو يكفي كون يده فيه مع راهنه، كشريك قولان، ونحوه للمازري. الباجي: ما ينقل حوزه بانفراد المرتهن به، أو عدل أو ما لا يزال كالربع في كونه كذلك أو يكفي كونه يده فيه مع راهنه، كشريك قولان لأشهب والموازيَّة. وروى ابن القاسم في المجموعة: من رهن نصف داره قبضه، أو أنه يحوزه دون صاحبه، وهذا إن أشار به إلى الجزء المرتهن فهو كالموازية، وإن أشار به إلى جميع ما رهن بعضه فهو كقول أشهب. وفيها: إن أقرض رجلان من شرطا عليه رهنًا، بقرضهما، فإن قضى أحدهما دينه،

باب في حوز الرهن

أيكون له أخذ حصته من الرهن. قال مالك في رجلين لهما دار رهنانه بمائة، فأتى أحدهما بحصته من الدين، يريد افتكاك حقه من الدار: ذلك له فمسألتك مثل هذا. الصقلي: هذا يدل على أن رهن نصف داره يحوز أن تبقى يده على النصف الآخر مع المرتهن، وعزا عياض هذا الأخذ لبعض الشيوخ، وقال مذهب الكتاب ومشهور المذهب: أن حوزه إنما هو يحوز جميعه، وقيل: يجوز بحلوله في الجزء المشاع محل صاحبه، وكانت يده عليه مع يده وقيل: لا يصح ذلك مما لا ينقل كالربع، وعندي لا يصح أخذ هذا القول من هذه المسألة؛ لأن لم يقل إن بقاءه بعد يده لا يبطل الرهن إنما تكلم على خروجه بذلك من الرهن، ولعله ليبيعه فينتفع بثمنه أو يعد صاحبه حينئذ يقول له: انظر تحذير ذلك لي، ونضع الجميع تحت يد عندنا؛ إذ قد خرج من رهن وأخشى بقاءه في يدك فيبطل رهني. قلت: ولهذا الاختلاف فيها اختصرها البراذعي سؤالًا وجوابًا. الصقلي: عن محمد: من ارتهن حظ شريك مما هو حائز باقيه للمرتهن وحوزه راهني باقيه بطلا، ولو جعلا حظ الشريك الراهن باقيا بيد أجنبي بطل رهن حظه فقط. [باب في حوز الرهن] الصقلي عن بعضهم على صحة حوز مرتهن المشاع: من كل لراهنه بحوزه معه، يصح الرهن الثاني؛ ولذا كان الحوز رفع مباشرة الراهن التصرف في الرهن صح وضعه بيد من لا تسلط للراهن على التصر فمما بيده وبطل في غيره. ابن شاس: يصح حوز مكاتب الراهن رهنه لمرتهنه. قلت: ظاهره: ولو كان الرهن بعض باقيه لراهنه، وللشيخ والباجي عن عبد الملك في المجموعة: أن وضع الرهن على يد قيم ربه من مكاتبه ومجيزه، فإن كان الرهن بعضه، فليس بحوز، وإن كان جميعه فهو حوز وحوزه عبده لغو. ابن شاس: وكذا أم ولده. قلت: هو مقتضى قول سلمها الثالث: إن كان لك على رجل طعام سلم حل فلا

ينبغي أن توكل على قبضه منه عبده أو مدبره أو أم ولده أو زوجته أو صغار بنيه، فلا تبعه بذلك القبض، ولك بيعه في قبض الكبير البائن عنه من ولده. الباجي: وضع يد الراهن بيد ولد راهنه الصغير لغو اتفاقا، والمالك أمره البائن عنه في العتبية والموازية لابن القاسم: لا ينبغي ذلك. قال في المجموعة: ويفسخ ولسحنون في العتبية هو جائز. ابن حبيب: وقاله أشهب فيه وفي التيب، وفي صحة وضعه بيد زوجة راهنه حتى لا يلي عليه، ولا يقضي فيه، ولغوه قولا ابن القاسم وأصبغ، ووضعه بيد أخي الراهن. قال ابن القاسم في الموازية والعتبية: لا ينبغي وضعه، وقوله في المجموعة: فقوله في المجموعة يصح أصح. قلت: في سماع ابن القاسم: لا يعجبني وضعه على يد ابنه ولا امرأته ولا أخيه، وهو وهن للرهن وضعف به، فلا خير فيه. سحنون: معناه في ابنه الصغير ولو كان كبيرا بائنًا عنه؛ جاز. قلت: ذكر الأخ معه يبعد هذا. ابن رشد: قول سحنون: تفسيرٌ لقول مالك، وقاله ابن الماجِشُون، والقياس استواء الصغير والكبير في صحة حيازتهما للرهن إن كانا بائنين، عنه كاستوائهما في آخر حيازتهما إن كانا ساكنين معه، وكذا الزوج والأخ إن كانا بائنين عنه، ونص عليه ابن الماجشون في الزوجة، وكذا إن كانا ساكنين معه، وحاز الرهن عنه في غير موضع سكناهما، وحوز أحد الزوجين خادم الآخر وهي تخدمهما في الهبة والرهن مذكور في الهبة. الباجي في الموازية: لعبد الملك: إن كان ليتيم وليان فارتهن منهما رهن بدين على اليتيم فوضع على يد أحدهما لم يتم الحوز به؛ لأن الولاية لهما، ولا يحوز المرء على نفسه. قلت: انظر قوله ولا يحوز ... إلخ، ظاهره مطلقًا سواء حاز لنفسه أو لغيره، وهو الجاري على ما تقدم من لغو حوز وكيل الراهن للمرتهن منه بعض شيوخ عبد الحق، لو أخذ وصي رهنا من يتيمه ليتيم له آخر من مبايعة بينهما، لم يصح حوزه ولا يجوز من نفسه لنفسه. وفيه: للوصي أخذ عروض اليتيم بما أسلفه رهنًا، إلا أن يكون أسلف لليتيم

مالًا من غيره أنفقه عليه، ولا يكون أحق بالرهن من الغرماء؛ لأنه حائز من نفسه لنفسه، فظاهره صحة حوزه لغيره. عياض: قوله للوصي يرهن لنفسه عروض يتيمه، ليس ذلك له، كذا لأكثر الرواة، ولغير العسال في رواية القرويين فذلك له. أبو عمران: فالرواية الأولى يستقيم نسق قوله: إلا أن يكون سلف لليتيم من غيره، وعلى الثانية هو استئناف كلام. قلت: ففي صحة حوز الوصي رهنا من مال يتيمه في دينه ودين غيره ولغوه فيهما؛ ثالثها: في دين غيره لروايتها القرويين، وظاهر نقل محمد عن عبد الملك، وروايتها الأكثر، ووضع الرهن عند من شرطه كون بيده أو رضيه راهنه ومرتهنه فإن اختلفا؛ فللباجي عن ابن عبد الحكم وضعه بيد من يعينه الحاكم ووضعه بيد مرتهنه لا يحلف له ولا عليه لخوف راهنه اتلافه وخوف مرتهنه ضمانه. اللخمي: إن كانت العادة وضعه بيد مرتهنه فالقول قول من طلبه أولًا، قول ابن عيد الحكم قال: وإن كان ذلك أرى أن يكون القول قول راهنه اتلافه وخوف مرتهنه ضمانه. اللخمي: إن كانت العادة وضعه بيد مرتهنه فالقول قول من طلبه أولًا. قول ابن عيد الحكم قال: وإن كان ذلك أرى أن يكون القول قول راهنه إتلافه وخوف مرتهنه ضمانه. اللخمي: إن كانت العادة وضعه بيد مرتهنه؛ فالقول قول من طلبه من راهنه فيما لا يضر مرتهنه، وسمع عيسى ابن القاسم: كراء موضع الرهن إن كان مما يحترز على راهنه. ابن رشد: اتفاقًا، وما لا مؤنة فيه كالرأس والثوب لا كراء فيه. ابن رشد: اتفاقًا، وعارض الأشياخ قوله في الثوب والعبد، بقول ابن القاسم. فيها: على الأب في الحاضنة السكنى؛ يريد: على الجماجم، كقول ابن وهب في الدمياطية، وأحد قولي ابن القاسم فيها أنه لا سكنى لها، ولا خدمة، والخلاف فيه بناء على أن الحضانة من حق الحاضن أو المحضون على الأول، لا سكنى له، ولا نفقة، وعلى الثاني: له السكنى والنفقة، فعلى هذا القياس إن شرط المرتهن كون العبد بيده فلا كراء،

وإن لم يشترطه ودفعه له الراهن بطوعه فله كراؤه. قلت: هذا ما لم يكن عرف، والعرف اليوم عدم طلبه. وفيها: إن تعدى العدل فدفع الرهن لراهنه فضاع ضمنه للمرتهن، وإن دفعه للمرتهن ضمنه لراهنه إن كان كفاف دينه سقط لهلاكه بيده، وإن كان فيه فضل ضمنه العدل لراهنه. اللخمي: هذا إن سلمه مرتهنه بعد حلول أجله أو قبله، وعقل حتى حل أجله ولم يعلم ذلك قبل حلوله فله إغرام قيمته أيهما شاء، لتعدي العدل بالدفع والأخذ ما حده، فتوقف قيمته بين عدل آخر، وللراهن أخذها، بإتيانه برهن فإن أغرم العدل لم يرجع العدل على المرتهن؛ لأنه إن سلطه هذا إن ضاع بيبنة، ويختلف إن لم تكن بينة، هل يغرم المرتهن للعدل قيمته الآن، أو تكون قصاصا؛ لأن غرم العدل بالتعدي، وغرم المرتهن بالتهمة، وقد يكون صادقًا، وإن غرم المرتهن بالتعدي أخذت منه القيمة الآن عاجلًا، وإن أسلمه العدل للراهن فللمرتهن وقفه على يدي عدلٍ آخر. اللخمي: إن لم ينتزع من الراهن حتى فلس ففي كون المرتهن أحق به، قولا ابن القاسم في العتبية ومحمد، وعزا الأول ابن رشد لأصبغ أيضًا، والثاني: لعيسى بن دينار أيضًا، قال: والأول على قياس القول بأن كوه بيد العدل ككونه بيد مرتهنه في كونه شاهدًا، والثاني على أنه لا يكون بيد العدل شاهدا، وللصقلي فيها كلام حاصله أنه إن غرم المرتهن العدل قيمته قبل محاصة غرماء الراهن بالمرتهن بقية دينه، والعدل بما غرم، وغريم الراهن فيما وجد له أهل حصاص فيه بما لكل منهم، وإن حاص المرتهن غريم الراهن قبل غرم، لإغرامه العدل والرهن غير قائم بيد الراهن، ففي رجوعها على العدل وكل قيمة الرهن ويدر مناب قدرها مما أخذ في الحصاص؛ لأنه ظهر أنه لا حصاص له بها لغريم الراهن يضرب معه فيه ببقية دينه، وقصر رجوعه على العدل بقيمة الرهن مسقطًا منها منابها مما أخذه في الحصاص؛ لأنه بعد ما حاصص، فيختص بما رجع عليه، ثالثها: بتمام ما يجب له لو لم يسلم الرهن، وحاص بما بقي له مما بيد الراهن، غريمه للشيخ على قول محمد، ويحيى بن عمر في محاصة مرتهن زرع قبل بدو صلاحه، وللصقلي: مفرقًا بأن العدل حقًا فيما به حاصص المرتهن، والزرع لا حق له في ذلك.

قال: وإنما شبهها لو تعدى العدل بأكله الرهن لا يدفعه لراهنه، ولابن رشد غير ذاكر غيره، وإن كان الرهن باقيًا بيد الراهن ففي رجوع المرتهن على العدل بتمام ما يجب له لو لم يسلم الرهن لراهنه أو بتمام ما يجب له لو سلمه، وهو ما يجب له أو أغرم العدل قيمة الرهن وحاصص بقية دينه فيما للمفلس من رهن أو غيره غرمه بدينه، والعدل بما غرم من قيمة الرهن قولان للصقلي عن عتيق الفرضي مع عبد الحق عن جماعة من القرويين ومحمد، وصوبه الصقلي، وأبطل حجته عليه لفسادها، ولم يذكر ابن رشد غير الأول غير معزو كأنه المذهب، فلو كان دين المرتهن عشرين وقيمة الرهن عشرة، ولغريم آخر عشرون، والرهن فائت، ووجد للمفلس عشرون فعلى الأول حظ المرتهن في القصاص عشرة، ويأخذ من العدل عشرة يرد منابها من حظه في الحصاص خمسة، يضرب بخمسة مع الغريم بعشرة، يصير لها ثلثها بمقبوضة ربه ستة عشر وثلثان، وعلى الثاني: لا يرجع على العدل إلا بخمسة يختص بها فمقبوضه خمسة عشر، وعلى الثالث: لو اختص بالرهن طار له في المحاصة بما بقي له سبعة غير ثلث مع قيمة الرهن، فذلك سبعة عشر إلا ثلث بيده منها عشرة يتبع العدل بباقيها، فمقبوضه سبعة عشر غير ثلث، ولو كان الثلث باقيًا بيد راهنه فعلى الأول يرجع على الأول بثلاثة وثلث، فمقبوضه ثلاثة عشر وثلث، وعلى الثاني يرجع بما عليه بخمسة فمقبوضه خمسة عشر. اللخمي: إن كان الرهن قائمًا بيد راهنه وقيمته عشرة، وبيده خمسة وعلى المرتهن عشرة، ولغريم آخر عشرة، أخذ المرتهن سبعة ونصفًا، وتبع العدل بتمام دينه، لو كان قيمة الرهن خمسة وبيده عشرة، أخذ نصف الخمسة عشر، وتبع العدل بخمسة أسداس؛ لأنه لو لم يسلم الرهن، أخذ المرتهن خمسة، قيمة الرهن تبقى له خمسة يحاصص بها مع الغريم بعشرة في العشرة التي للراهن حظه منها ثلاثة وثلث، وبيده من الرهن خمسة، فذلك ثمانية وثلث، وصار له بالمحاصة سبعة ونصف، فالذي سلم عليه نصف الرهن خمسة أسداس دينار، ولو هلك الرهن وبيد الغريم عشرة، وقيمة الرهن خمسة، فذلك ثمانية، وثلث فله نصفها بالمحاصة، ويتبع العدل بثلاثة وثلث، ولو هون الراهن به ماله كان طعاما فأكله أو ثوبًا فلبسه أو باعه فاشترى بها ما أكل رجع على العدل بدنانير أو بدينارين غير ثلث؛ لأنه لو لم يسلم الرهن له بقى للغريم من العشرة التي وجدت بيده

خمسة، ولم يجد المرتهن إلا خمسة ينوبه بالمحاصة ثلثها مع خمسة من الرهن، فكل ما كان يصير له سبعة غير ثلث، بالذي فوته تسليم الرهن بقياس غير ثلث. ورجوع الرهن بحوز راهنه اختيارا يبطل حوزه: سمع أبو زيد ابن القاسم من ارتهن دارًا، ثم أكراها بإذن ربها من رجل، ثم أكراها الرجل من راهنها، وإن كان أجنبيًا عنه؛ فذلك جائز. ابن رشد: هذا إن علم أنه من سببه، ولو لم يتخرج بطلان ثاني القولين من حيث لا علم من فلان، فيباع ممن اشترى له هو من سببه، وجهل الحالف ذلك في حنثه قولان لظاهرها، وأشهب مع روايته، ولو خرجت من يد راهنها بانقضاء أمد الكراء صح الرهن، وصحة الرهن والمكتري من المرتهن أجنبي؛ لأن المرتهن مغلوب على ذلك، وحكم الفقيه أبو إسحاق ابن عبد الرفيع المصنف أبي عبد الله بن عبد النور بإخراجه من داره بعد أن رهنها واكتراها ممن أكراها من مرتهنها خلاف السماع، إلا أن يحمله على أنه بعد حوزها وخروجها عن يد راهنها، أو أخذ بقول المازري، وتعقب ابن حارث قول ابن القاسم فيها، من ارتهن نصف دار من رجل، فاكترى الراهن مصف شريكه منه فسد حين سكن. المازري: فإذا بطل هنا مع بعد التهمة فأحرى إذا أخذه من مكتريه. قلت: وقبول ابن رشد ما في السماع مع بعد عدم ذكره مسألة المدّوَّنة يقتضي عدم ورود تعقب فلعله؛ لأن شريكه كمن هو من ناحيته لعلاقة الشركة، أو لأن الشركة أو لأن المرتهن مختار في رجوع الرهن لراهنه في مسألة الشريك لقدرته على القيام بالمقاسمة ليختص فيحوز رهنه، وهو دليل قول ابن القاسم في تعليلها بقوله؛ لأن إذا لم يقم بقبض نصفه ويقاسم الشريك صار غير حائز لرهنه، ولو قال الشريك: أنا أكري حظي من الراهن لم يمنع، وقسمت الدار ليحوز المرتهن رهنه، ويكري الشريك من الراهن رهنه والمرتهن غير قادر على اختصاصه بالرهن في اكترائه من الأجنبي من الراهن. وفيها: إن قبض المرتهن الرهن ثم أودعه راهنه أو آجره أو أعاره إياه أو رده إليه بأي وجه حتى يكون الراهن هو الحائز له، فقد خرج من الرهن. الصقلي لمحمد عن أشهب وابن القاسم: ثم للمرتهن القضاء برده له إلا أن يفوت

بتنخيس أو عتق أو تدبير أو بيع أو قيام غرماء. وقال ابن القاسم في المدونة: ليس له رده إن أعاره إياه إلا أن يعيره على ذلك فله رده ما لم يفت أو تقم الغرماء عليه، وقال أشهب: له رده عليه في العارية مطلقا، ولابن رشد في رسم العتق من سماع عيسى: ليس له رده في العارية قبل مضي أمد انتفاعه به اتفاقًا، بخلاف عارية الرجل ماله في رده قبل مضي ذلك قولان لها ولغيرها، وفي رده بعد مضي أمد انتفاعه قولا أشهب وابن القاسم في هذا السماع معها، وله رده في العارية المؤجلة بعد أجلها اتفاقًا، كإعارته على رده، فإن رده حيث يجب اتفاقًا أو على قول عاد رهنًا اتفاقا، وإن رده جاز اختياره حيث لا يجب اتفاقًا، وعلى قول من لا يوجبه ففي رجوعه رهنا مطلقا أو نص على رهينته قولا لابن القاسم ومالك بناء على عدم افتقار الرهن للتصريح به، وافتقاره له، وقول ابن القاسم فيها افتقاره، ولم يشترط هنا لاستصحاب تقدم كونه رهنا، وألغى مالك اعتبار تقدم كونه رهنا، ويجب على مذهبه إذا لم يكن رهنًا أن يكون أحق به ما لم تكن غرماء على نفي ما في الذمة. ونصها في المدونة وسماع أبي زيد من المديان والتفليس: وإن رده إليه بإجارة فله أخذه منه لرده لحكم رهنه إن انقضى أمد إجارته لا قبل انقضائه، وقيل: إن ادعى جهل كونه نقضًا لرهنه وأشبه ما قال حلف، وكان له رده إن لم تقم غرماؤه، وإن رده إليه بإيداع فلم أقف في وقتي على نص رواية في ذلك، والذي أقوله أن له رده من بحكم رهنه إن لم يكن عليه دين يستغرقه باتفاق وما لم يقم عليه الغرماء على اختلاف قول مالك في رهن من أحاط الدين بماله. قلت: قوله لم يقف في رده بإيداع على نص رواية بعيد على رتبة حفظه في النوادر من الموازية لابن القاسم وأشهب رده بإيداع يبطل حوزه، وقال أشهب: يقضي له برده ما لم يقم عليه الغرماء. قلت: هو مقتضى قولها ليس لمرتهن إعارة رهنه راهنه، المدة يرده في رهنه إلا أن يكون أعاره على ذلك؛ لأن عاريته بإيداعه؛ لأن منفعة الرهن من وارثه لم يبطل حوزه؛ لأن الدين لم ينتقل لذمة الوارث.

قلت: صرح في النوادر بأن التعليل لمحمد، وزاد ولو كان ذلك والأب حي لبطل الرهن. قال ابن الحاجب: لو عاد لرهنه اختيارًا فللمرتهن طلبه قبل فوته بعتق أو تحبيس أو قيام غرماء. قال ابن عبد السلام: وكذا عندهم التدبير، وفيه نظرٌ، فإن التدبير ليس بمانع من ابتداء الرهن إلا أن يكون معنى قولهم: أن لا يباع الآن، ولكن يرد إليه فيحوزه كما يحاز المدبر في الارتهان، وقد أشار بعضهم إليه. قلت: هو مقتضى كلام اللخمي وغيره في وقوع ذلك قبل الحوز، ولا فرق بينه وبين كونه بعد الحوز ورده إليه، وحمل ابن هارون قولهم في التدبير على أنه فوت كالعتق. وقال ابن بشير: له رده للرهن في التدبير ويبقى مدبرًا، وهو أحسن لجواز رهن المدبر. ثم قال ابن عبد السلام: وهذا إنما هو على القول بأن بطلان الحوز إنما هو بتصرف الراهن في الرهن بإذن المرتهن، كاف في الخروج من الرهن لا يحتاج إلى التفويت بشيء مما ذكر. قلت: قوله: (لا يحتاج ... إلخ)، وهم؛ لأن الأشياء المذكورة إنما ذكرت تفويتًا لرده في الرهن، إن طلب المرتهن رده للرهن لا لإبطال الحوز المعروض للجبر برد الرهن لمرتهنه والإذن في التصرف إنما هو مبطل للحوز كإبطاله بالتصرف بالفعل المعروض للجبر بالرد المذكور والرد فيه، هو منعه مما أذن له فيه، كما أن الرد فيما أحيز بالفعل عن يد مرتهنه بنزعه من يده فتأمله، وقبولهم مفهوم من قول ابن الحاجب وهو أن له رده إن لم يفت، إنما ذكر خلاف مفهوم نصها في العارية. ورجوعه للراهن دون اختيار المرتهن لا يبطل حزه لقولها في اللقطة: إن أبق العبد الرهن صدق المرتهن في إباقه، ولا يحلف وهو على حقه، فإن وجده ربه، وقامت الغرماء فالراهن أولى به إن حازه المرتهن قبل إباقه إلا أن يعلم أن بيد راهنه فتركه حتى قامت الغرماء. ابن حارث: اتفقوا على أنه إن أذن المرتهن للراهن في كراء الدار أو سكناها ففعل أن

الرهن قد بطل، وإن لم يكرها ولم يسكنها حتى فلس أو مات ففي خروجه من الرهن قولا ابن القاسم وأشهب. ابن حارث: إن كان الرهن بيد أمين فأول، وإن كان بيد مرتهنه فالثاني. قلت: الأول هو نصها في حريم البئر، ولم يحك ابن رشد عنه خلافه. وقال ابن القاسم في كتاب الرهن منها: خلافه. قلت: هو مفهوم متقدم قولها حتى يكون الراهن هو الحائز له. ابن حارث: وصفة دوام حوزها يستقل بمباشرة المرتهن العقد على أسباب تحصيل غلته في حريم البئر منها من ارتهن بئرًا أو عينًا أو قناة أو جزءًا من شرب ذلك، وحاز فليس لراهنه أن يكريه، ولا لمرتهنه بغير إذنه ولكن يتولى المرتهن كراءه بإذنه. الباجي: لابن حبيب عن ابن الماجشون: أحب إى كونه بإذنه، وإن لم يأمره مضى، ولابن القاسم وأشهب في المحموعة: ليس له ذلك إلا بأمره، وسمع ابن القاسم المرتهن أول من الأمين يلي ذلك بإذن الراهن. ابن رزقون: وروى ابن عبد الحكم: له أن يكريه دون صاحبه، ولأشهب إن شرط رهن كراؤه مع رقبته؛ فله كراءه، وسمع ابن القاسم إن طلب المرتهن أجر قيامه بالرهن واقتضائه غلته إن كان مثله يعمل بأجر، ومثله يؤاجر نفسه في مثله؛ فله ذلك وإلا فلا أرى له ذلك. ابن القاسم: مثله في رسم جاع من كتاب الجعل، ولا بد من يمينه، إنما فعل ذلك احتسابًا، إنما فعله؛ ليرجع بذلك على ما في سماع يحيى من الكتاب المذكور. الباجي لابن حبيب عن ابن الماجشون: إن حابى المرتهن في كراء الهن ضمن المحاباة، ومضى الكراء. قال: فإن أراد الراهن تعجيل الرهن وفسخ الكراء، والكراء بلا وجيبة؛ يريد: وهو على عمل معين يتقدر بنفسه؛ لم يكن له فسخه، وإن كان وجيبته؛ فللراهن فسخه، وإن كان أجله دون أجل الدين، وقال أصبغ: إن كان وجيبة إلى أجل الدين بدون؛ فلا فسخ له، وإن كان أبعد منه؛ فله فسخ ما زاد إذا حل الأجل قال: فإن كان الدين حالًا؛ فلا يكريه بوجيبة طويلة جدًا، وإن فعل لم يلزم الراهن إن عجل الدين.

قلت: هذا بناءً على صحة كراء المرتهن دون إذن الراهن؛ لأن ما كان بإذنه لا مقال له بحال فيه. ابن حبيب عن ابن الماجشون: إن ترك المرتهن كراء ما الشأن إكراؤه من دار أو عبد حتى حل الأجل غرم كراءه، أصبغ: لا غرم عليه، وكذا الوكيل على الكراء يترك ذلك لا غرم عليه. ابن حارث اتفقوا على أنه إن ولي الراهن عارية الرهن بطل الرهن ولو أجازه المرتهن بغير إذن الراهن لا يبطل اتفاقًا، وإن أعاره بإذنه ففي بطلانه قولاً أشهب وابن القاسم وابن حارث إن كان ذلك لمن أراده المرتهن لم يبطل، وإن كان لمن أراده الراهن بطل. قلتُ: فنقل المازري مسألة الخلاف بلفظ لو اتفاقًا على عاريته لرجل قاصدُا لإيهامه أنهما استويا في عاريته فيلزم الخلاف في استقلال المرتهن بها بإذن الراهن، ولابن رشد في أول مسألة من رسم الرهون من سماع عيسى، قوله: اضطربت ألفاظ السماع فيمن يلي المؤاجرة في الرهن وكرائه، فقوله أول كلامه: ليس لمرتهن ما له غلة أن يحول بين الراهن وبين استعمال رهنه؛ يريد: لا يحول بينه وبين عقد الإجارة يتولى ذلك والكراء فيه، وقال: ليس للراهن أن يفعل ذلك إلا بإذنه وعلمه فدل قوله على أن الراهن هو الذي يلي ذلك بأمر المرتهن، وقال آخر المسألة: المرتهن هو الذي يعامل في عمل الحائط فيبيع الغلة ويؤاجر الدار، وليس للراهن في ذلك أمر فدل قوله على أن المرتهن هو الذي يلي ذلك، والذي أقول في ذلك إن كانت الغلة لم يشترطها المرتهن ولي المرتهن الكراء، ولم يجز أن يليه الراهن؛ لأنه إن وليه بإذن المرتهن وأخذ الغلة صار منتفعًا بالرهن فبطلت حيازة المرتهن وهو نص قوله فيها: إن أذن له أن يكري الدار، فقد خرجت من الرهن معناه عندي أنه أذن له أن يكريها ويأخذ كراءها، وعليه يحمل قوله أخر المسألة، والمرتهن والمسلم هو الذي يعامل في ذلك، وليس للراهن فيه أمر، وإن كانت الغلة رهنًا باشتراط المرتهن جاز أن يلي الراهن عقد الكراء فيها، والإجازة لها بإذن المرتهن، وعليه يحمل قوله أول كلامه، وفي ولاية المرتهن عقد الكراء دون إذن الراهن اختلاف. قال محمد: لا يكري إلا بإذنه معناه والكراء للراهن ومثله في حريم البئر منها.

قال: لا يكري إلا بإذنه، والكراء لرب الأرض الرهن، وإن كان الكراء في الرهن بإسقاط فله كراؤه بغير إذنه وليس له منعه من كرائه، وقاله أشهب وعليه تحمل رواية ابن عبد الحكم له أن يكريه دون إذن ربه، وقيل: يجب على المرتهن إن تركه ضمن، وإن كان الرهن يتخذ للكراء، وله قدر قاله ابن الماجشون، وقال أصبغ: لا ضمان عليه، وهو ظاهر ما في المدوّنة وغيرها من قول ابن القاسم، وروايته: إذ لم يفرق في شيء من ذلك بين ما يتخذ للكراء وغيره. قلتُ: ففي بطلان دوام حوز ذي الغلة يتخذ للكراء بمباشرة الراهن عقد كرائه أو قبضه مطلقًا أو ما لم يشترط رهن غلته معًا طريقا المتيطي مع الباجي والأكثر وابن رشد وفي وقف ولاية المرتهن على إذن الراهن، ثالثها: إن لم يشترط رهن الغلة لابن القاسم مع أشهب، ورواية ابن عبد الحكم وابن زرقون مع أشهب، وفسر ابن رُشد الأولين بالثالث: وتقدم حكم وجود الرهن بيد المرتهن بعد فلس الراهن أو موته. وفي الموازية: وكذا وجوده بيد الأمين. ابن عات: قال ابن عتاب: شهادة الأمين في الارتهان ضعيفة. وقال سحنون: شهادة العدل البيع، وليس عليه رهن غيره؛ لأن تركك إياه حتى باعه كتسليمك لذلك وبيعك غير منتقض. عياض: كذا في بعض الروايات لمحمد عن مالك وابن القاسم، وفي رواية أخرى: وليوضع، وعلى هذه الرواية نقلها الشيخ في نوادره ومختصره، وكذا ابن أبي زَمَنَيْن، ونقلها اللخمي عن رواية، يوضع وكذا في موضع آخر من النوادر لأشهب، ودليل قوله: (لأت تركك إياه ... إلخ)؛ أنه لو لم يتراخ لم يبطل الرهن، ومضى البيع إن كان ثمنه رهنًا، هذا تأويل الشيخ. وقال غيره: وأشار إليه بعض شيوخنا أنه لا يجوز بيعه، ويرد لراهنه، فإن فات بيد مشتريه كان الثمن رهنًا أشار إليه بعض شيوخنا وهو على جواز الهبة إن مات الواهب قبل التراضي في حوزها. قلتُ: لا يلزم بطلان الهبة بالموت بطلان الرهن بالبيع؛ لأنه فعل عداء، وأشار بعض شيوخنا إلى أن هذا فيما اشترط في العقد، وما تطوع به بعد العقد من رهن فبيعه قبل

قبضه كبيع الهبة قبل قبضها. وفي الموازية: قرب أو بعد فات أو لم يفت بنقد البيع. زاد عبد الملك في المجموعة: كان بتفريط أو غيره، البيع نافذ كله على الخلاف في الهبة المبيعة. قال بعض الشيوخ: إنما يبطل الرهن أن يسلم للمشتري السلعة قبل بيع الرهن، وإن كانت سلعة قائمة لم يلزمه تسليمها حتى يرجع إليه رهنًا، ولو كان فرط في قبض الرهن. قلتُ: ما عزاه لبعض الشيوخ أولًا، وثانيًا، كلام ابن رشد في رسم الرهون من كتاب ابن الموّاز من سماع عيسى. وفي الجلاب معها: إن باع الراهن بغير إذن المرتهن لم يجز، فإن باعه بعد حوزه المرتهن أو أمينه بغير إذنه بثمل دينه فطرق. ابن رشد في سماع ابن القاسم: يعجل له دينه إن كان مما يقضى بع عليه بتعجيله ككونه عينًا أو قرضًا، ومعنى قولها: لا يجوز إلا أن يجيزه المرتهن أنه باعه بأقل من حقه أو كان الدين عينًا في عين قرض، وليس قولها على هذا بخلاف هذا السماع إن باعه مضى البيع، وعجل للمرتهن حقه. الصقلي: في نفوذ بيعه وتعجيل الدين ورد بيعه مطلقًا ورواية ابن القاسم وأشهب قائلًا: إن هلك ثمن الرهن قبل دفعه وعنده ما به وداه، وتم البيع، وإلا فللمرتهن رد بيعه. ابن حارث: اتفقوا إن باعه بغير إذن مرتهنه أن له فسخه، فإن أمضاه ففي تعجيل حقه وبقائه لأجله قولا ابن القاسم وأشهب، ولابن الماجشون: إن بلغ الثمن حق المرتهن جاز البيع، ولا خيار لمرتهنه، ويعجل له حقه، واختاره يحيى بن عمر إن اتقق الثمن والدين في الصنف والجودة. قلتُ: قول ابن الماجشون ينقض نقل اتفاقه. اللخمي: إن كان لدينا عينًا وبيع بمثله مضى البيع وعجل الدين، وكذا إن كان عرضًا من قرض ورضي الراهن أن يشتري بثمنه ويعجله، وفيه وفاء، إن كان بيعه

وقت نفاق الرهن أو موسم بيعه لم يرد البيع، وإن لم يف بالدين؛ لأن منعه ضرر على الراهن دون منفعة للمرتهن، وإن باعه بأقل ففي وجوب تعجيل الراهن الدين، ولو بإتمامه من ماله إن كان ذا مال بعتقه وتخيير المرتهن في رده نقلا ابن رشد عن أشهب، وعنها وعليه قال: إن أمضاه ففي وقف ثمنه رهنا إلا أن يأتي الراهن برهن ثقة، ووجوب تعجيله قولان لها في رهنها، وكتاب التجارة مع سحنون، ورواية ابن عبد الحكم: ولو باعه بإذنه ولم يسلمه إلا لمبتاعه، فإن شرط رهن ثمنه لزم، وإلا ففي كونه رهنا إن حلف ما أذن له إلا لإحياء الرهن، وبطلانه قولها، ونقل الصقلي عن أشهب، وعلى الأول فيها إن أتى راهنه برهن ثقة يشبه الأول، وقيمته كمقيمته فله أخض الثمن وإلا بقي رهنا لأجله، شرط كون قيمة الثاني بقيمة الأول، وإن كانت أزيد من الدين خوف نقص الأسواق، وقيل: إن كان الأول مما لا يضمن فلا يلزم ما يضمن، ولو أسلمه لراهنه فباعه بأدنى ففي بطلانه وقبوله قوله: أنه لإحيائه بيمينه قولها، ونقل الصقلي عن بعض الفقهاء، ولو أسلمه لراهنه ليبيعه، ففي قبول قوله؛ إنما فعلته لتعجيل حقي وسقوطه؛ لأن شرط تعجيله الثمن على البيع في الإذن سلف جر نفعًا، نقل الصقلي قولي أشهب قائلًا: على الأول هو أحق بالثمن من الغرماء إن قاموا قرب دفعه وهم إن قامو لبعد بعده. وعتق الراهن وهو معسر لغوٌ: ابن حارث: اتفاقًا. قلتُ: لأنه عتق مدين وعليه. قال الصقلي: يروي محمد إن كان الراهن عديمًا ولا فضل في ثمن العبد لم يبع، ولو كان فيه فضل بيع بقدر لدين وعتق منه الفضل، وإن لم يوجد من يشتري بعضه، وأعطى راهنه فضل ثمنه. الصقلي: لا يباع كله حتى يحل الأجل لعل السيد أن يفيد مالًا فيعتق، وإن أعتقه موسرًا قبل حوزه ففي مضيه بلزوم تعجيل حق المرتهن أو دونه. نقل اللخمي عن ابن القاسم في العتبيّة، ونقل ابن حارث عن أشهب: وبعد حوزه في لزوم تعجيله حق المرتهن مطلقًا، أو ما لم يأت برهن ثقة معروف المذهب.

ونقل اللخمي عن القاضي عن الأبهري مطلقاً، لا بقيد كونه مطقلً، لا بقيد كونه بعد الحوز، والصقلي في آخر ترجمة جناية الرهن، انظر إن أعتق العبد والدين عروض من بيع، وامتنع المرتهن من تعجيلها هل يغرم الراهن قيمته فتوقف رهناً، ما لم يأت برهن ثقة، أو يبقى رهناً بحاله لا يعجل. قُلتُ: وهو كلام التونسي يؤخر تنفيذ عتقه لحق المرتهن، وعلى التعجيل في كونه في كل دين إن كان أكثر من قيمته، أو قدرها فقط قولها، ونقل اللخمي عن ابن القاسم فيمن أعار عبداً ثم أعتقه، قال: ولابن القاسم في الموازيَّة تعديه بعتقه كبيعه. ابن الحاجب: إن أعتقه قب القبض أو بعده كالبيع قبله. وفيها: بتعجل هذه, ولا يلزم قبول رهن ابن عبد السلام على هذا، ينفذ العتق، ويأتي برهن ثقة أعتقه قبل قبضه أو بعده، وهو في غاية البعد عن الروايات. قُلتُ: نقل ابن الحاجب هو مقتضى قول الأبهري، ونقل اللخمي عن ابن القاسم في العتبيَّة إن كاتبه بعد حوزه. قال اللخمي: وبقي رهناً، وقيل: كعتقه. الصقلي: عن محمد بقي، فإن حل الأجل، وفي كتابته وفاء نفعت، فإن كان فيها فضل بيع منها بقدر الدين، وإن لم يكن فيها وفاء بيعت رقبته. الشَّيخ: في الموازيَّة: قال ابن القاسم: والكتابة كالعتق تمضي، ويجعل المرتهن حقه إن كانت بعد حوزة. الصقلي: وإن كانت قبل حوزه حازه مكاتبا، وفي كون الكتابة رهنا كالرقبة ولا كالغلة، قولا أشهب ومحمد. اللخمي: على قول أشهب: يقبض المرتهن كل نجم يحل، فإن وفي الكتابة ولم يف الدين لم تنفذ له حرية حتي يحل الأجل يقبض من الرهن تمام دينه، فإن أعدم بيع من المكاتب على أنه مكاتب بقدر ما بقي، فإن لم يف عجز وبيعت رقبته. قُلتُ: للشيخ في الموازيَّة عن أشهب: إن كان الراهن عديما وحب أجله بيع كله، وأعطي فضل ثمنه للراهن إذ لا يكون بعض مكاتب. اللخمي: وعلى قول محمد يقبض السيد كل نجم يحل ولا حرية له، فإن أدى السيد

الدين عند حلوله وإلا بيع، والعبد في القولين بالخيار بين أن يمضي على الكتابة على هذا أو يرد؛ لأن عليه ضرراً، إلا أن تكون الكتابة بكتابة كخراجه. قُلتُ: في النوادر من المجموعة قال سَحنون: لها الكتابة فتمضي إن كان ملياً، ويؤخذ منه الدين، وإن كان عديماً، وفي الكتابة إن بيعت وفاء بالدين جازت وبيعت، ثم ذكر قول أشهب المتقدم: وإن دبره ففي بقائه رهنا مدبراً، وكونه كإعتاقه، قول ابن القاسم محتجاً بصحة رهن المدبر ورواية المدبر. الصقلي: صوبها بعض الفقهاء بأنه لو لم يعجل غرم الراهن كالعتق لاحتمال عسره عند حلول الدين، فيبطل تدبيره. سَحنون: فإن عدم تعجيل إغرامه يؤدي لتأخير اقتضاء حقه من ثمنه بعد حلول دينه لموت راهنه، ورده الصقلي باحتمال أن معنى قول ابن القاسم إن حل أجله في حياة راهنه عديما بيع في الدين، ومثل رواية ابن وَهْب، نقل الشَّيخ عن محمد عن أشهب التدبير كالعتق إن كان الرهن ملياً عجل الدين إن دبره بعد حوزه، وإن كان عديماً بيد مرتهنه بحاله إن ودى الراهن الدين بعد تدبيره، وإن لم يؤده بيع جميعه، ولو كان في ثمنه فضل دفع لسيده؛ إذ لا يكون بعض مدبر. ابن حارث عن يحيى بن عمر: يباع منه بقدر الدين وينفذ غيره. الباقي: والكتابة تباع كلها؛ إذ لا يكاتب بعض عبد. قُلتُ: هذا يوجب تعقب ظاهر قول ابن الحاجب بعد ذكره المكاتب: إن تعذر بيع بعضه بعد أجله بيع جميعه. وفي رهونها: إن أعتق المديان عبده، فأراد الغرماء رده، فقال لهم العبد: خذوا دينكم، ولا تردوا عتقي أو تبرع بذلك أجنبي، فذلك للعبد. اللخمي: إن أعتق الراهن بعد حوز الرهن وهو معسر، فقال العبد أو أجنبي خذوا دينكم، كان ذلك له ولا قول للمرتهن، فإن قال العبد أو الأجنبي: إنما قضيت، لأرجع على السيد، فذلك له؛ لأن السيد رضي أن يعتق، ويبقى الدين في ذمته يتبع به، وقال أبو الزناد في العبد: ليس له ذلك، ولي بحسن، ولا يجري قوله على أصلٍ. قُلتُ: بل يجري؛ لأنه سلف منه لسيده جر نفع عتقه.

الصقلي: ينبغي لو رضي العبد أن يسلف سيده ذلك أن يكون له الرجوع به عليه؛ لأن للغرماء أن يجيزوا عتقه، ويصبروا بدينهم إلا أن يقال: لم يكن عتقه يتم إلا بقضاء الدين، فصار كأنه أدى الدين وهو في ملك سيده، وفي هذا نظر؛ لأن سيده لو أعتقه وللعبد على سيده دين ولم يكن استثنى ماله لمضى عتقه وبقي دينه في ذمة سيده، وليس له رد عتق نفسه بدينه؛ لأنه إن رده كان أضر به إن رده لسيده حينئذ، أخذ ماله إن شاء كما قيل: أن من رفع أمته من عبد وقبض صداقها ولا مال له، فاختارت نفسها، فطلب زوجها سيدها بالصداق، وطلب رده عتقه الأمة لعسره بالصداق. قيل: لا يكون لها خيار؛ لأن خيارها الطلاق يوجب سقوط عتقها وبقاؤها حرة تحت عبد خير من إبقائها أمة لموجب سقوط خيارها، ولم يجعل أن العتق يمضي؛ لأن إيجاب الصداق على الميت إنما حدث بعد العتق، كما قال: إذا أخذ مهر أمته وأعتقها، ثم طلقها، الزوج أنه دين عليه حدث بعد الطلاق لا يرد العتق. الصقلي: ولا فرق بينهما وهو اختلاف قول، وقول ابن عبد السلام: لا شك أن ليس للأجنبي إذا دين السيد سلفاً له الإمضاء وعتق العبد بخلاف العبد خلاف ما تقدم للخمي نصاً، ولظاهر لفظها، وإن أعتق العبد الرهن معيبوه بعد حوزه ففي لزوم غرمه الأقل من قيمته أو من الدين أو الدين، وإن زاد على قيمته، ثالثها: لا غرم عليه إن حلف ما أعتقه ليؤدي الدين، ورابعها: الأول: إلا أن يكون المستعير هلك عن إياس أن يكون له شيء، فالثالث لابن قاسم: ولنقل اللخمي، وعلى القول الآخر يعجل الدين، وإن زاد على قيمته مع ابن حارث عن سَحنون ويحيى بن عمر محتجاً بأنه لا يخرج رهن من يد مرتهنه إلا بقبض دينه، والصقلي عن محمد عن أشهب، واختياره محمد وأشهب كمن أعتق عبده بعد أن جنى، فحلف ما أعتقه لأداء الأرش، ورده محمد بأن الجناية أدرجت للعبد من ملك ربه. قُلتُ: وبأن الأرش مسبب فعل العبد بقرب قصد العتق أنه بعدمه، والدين ليس من سبب، وقول اللخمي: يريد: ما حكاه من القول، فحمل فعل الفاعل على عدم التعدي وقصده به أداءة الرهن به رهن ابن حارث إن كان المعير عديماً بقي رهنا اتفاقاً، وقول ابن شاس إن غرم الدين بملائه رجع المستعير بعد حلول الأجل صواب، كقولها

إن تعجل رب الدين دينه قبل حلول أجله من تركه جميل به لموته، فلا رجوع لوارثه على الغريم حتي يحل أجله. وفيها: إن حملت أمة الرهن من راهنها بإذن مرتهنها في وطئها بطل رهنها، وإن حملت فوطأه إياها توبا غرم قيمتها عاجلاً، وإن كان عديماً، فقال اللخمي: يباع منها بقدر الدين ويعتق الباقي، وقال أشهب: يؤخر لحلول الدين؛ لأنه لا يكون بعض أم ولد ولم يحك. ابن رُشْد: لعد الراهن إلا بعد حلول الأجل. ابن حارث إثر قول أشهب: وقال يحيى بن عمر: لا يباع منها إلا بقدر الدين وباقيها، فقيل: يعتق الآن، وقيل: يوقف لعله يملك باقيها بوجه ما، إلا أن يدخلها بالبيع منها حرية فيجتمع على تعجيل عتق. ابن رُشْد: إن فقد ما يبتاع منها بقدر الدين بيعت كلها أو تصدق الراهن بفضل ثمنه؛ لأنه ثمن أم ولد، وقيل: تباع كلها، ولو وجد من يبتاع منها بقدر الدين لضررها بتبعيض عتقها، ولو حملت بوطئه وهى تتصرف للمرتهن، ففي كونه كإذنه أو كلنسورة، قولها: ونقل للخمي: رواية محمد قائلاً: ولا سبيل على الولد وصوبه، وسمع عيسى ابن القاسم: إن كانت بيد عدل، فردها لراهنها فحملت منه عجل الدين لربه، وكانت له أم ولد، فإن كان عديماً غرم العدل قيمتها لمرتهنها يوم وطئها واتبع الغريم بذلك، فإن كانا عديمين بيعت تضع في الدين أو قدره منها، وعبر عنه اللخمي: إن كانا عريمين، فالمرتهن أحق بالجارية إن لم يعلم، وعلى قول محمد: لا سبيل للمرتهن عليها، كقوله: إن كانت بيد الراهن لم يكن المرتهن أحق، ومثله لابن رُشْد. وفيها: من رهن أمة عبده أو رهنهما معاً، فليس للعبد وطؤها في الرهن، ثم هي في الوجهين بعد فكاك الرهن للعبد كما كانت وإرهانهما وافتكاكهما جميعاً أبين. الصقلي: في كونه شرط مال العبد رهناً معه كذلك أو له أن يطأ أمته ما لم يرهنه جاريته قول الموازيَّة وقول بعد أصحابنا اللخمي. قال محمد: ورهنهما أو رهن أمة عبده فقط، انتزاع؛ يريد: فلا يرجع إليه إلا برد جديد، ورأى في المدَوَّنة أنه تعريض للانتزاع، وليس بانتزاع.

وقال ابن عبد السلام: ليس ذلك انتزاعا، إنما هو شبه انتزاع، ولو كان انتزاعاً لافتقر بعد الفداء إلي تمليك آخر، ويرد بأن شبه الشيء في الفقهيات، كالشيء فما لزم في الانتزاع؛ لزم في شبهه؛ والصواب ما وقع في الموازيَّة أنه انتزاع، ويرد إلزام اللخمي علي أنه انتزاع افتقاره لرد جديد، فإنه انتزاع لشيء خاص، وهو دين الارتهان لا لمطلق ملك المنتزع، فإذا سقط تعلق دين الارتهان بقي على ما كان عليه لمن انتزع كمن انتزع جارية عبده بهبتها لرجل، فلم يقبلها. وقال ابن رُشْد في رسم: إن خرج من سماع عيسى من كتاب النكاح. قال في المدَوَّنة: إن رهنه أمة عبده معه غير انتزاع، ومنعها الوطء؛ لأنه تعريض لانتزاعه إياها، وقيل: هو انتزاع، والأول أظهر. قال ابن عبد السلام: وهذا في المأذون له في التجارة، وأما المحجور عليه؛ فليس له وطء أمته إلا بإذن سيده كما تقدم. قُلتُ: ظاهر الروايات في المدَوَّنة وغيرها: أن للعبد أن يطأ أمته دون إذن سيده في وطئها، وليس كما زعم، وغره في ذلك-والله أعلم- قول الصقلي وغيره في مسألة كتاب النكاح الأول، وللمكاتب والعبد التسري في ماله بغير إذن سيده. قال الصقلي: يريد: إن كان مأذوناً له في التجارة، ولا دليل فيه على وطء غير المأذون له على إذن سيده؛ لأن معنى التسري في ما له أن يكون بيده مال؛ فيريد: أن يتسرر فيه، وهذا لا يمكنه الوطء بملكه إلا باشتراه الأمة، ومطلق شرائه لا يجوز إلابإذن سيده، وأما الوطء لما تقرر في ملكه فلا موجب؛ لافتقاره لإذن سيده، وقد قال أبو إبراهيم في مسألة كتاب النكاح لما حكى قول ابن يونس. قال ابن رُشْد: وكذلك العبد المحجور، ولابن رُشْد في المقدمات: مذهب مالك: أن للعبد التسرر في ماله إذا أذن له سيده، ويطأ بملك يمينه. قُلتُ: فقيد التسرر بإذن السيد دون وطئه. وفيها: إن وطئها المرتهن فولدت منه حد ولم يلحق به الولد ولا يعتق عليه إن ملكه، وكان رهنا مع أمه، ويغرم ما نقصها وطؤه، ولم كانت ثيباً أو أكرهها، وكذا إن طاوعته وهى بكر، وإن كانت ثيباً فلا شيء عليه، والمرتهن وغيره في ذلك سواء.

الصقلي: الصواب أن عليه ما نقصها، وإن طاوعته وإن كانت ثيباً وهو أشد في الإكراه؛ لأنها في الإكراه لا تعد زانية بخلاف الطوع، فإذا دخل على سيدها فيها عيب فوجب عليه غرم قيمته، ونحوه في كتاب المكاتب: أن على الأجنبي ما نقصها بكل حال، ولأشهب إن طاوعته فلا شيء عليه مما نقصها، وإن كانت بكراً كالحرة. قُلتُ: نوقض قولها: ولا يعتق عليه الولد إن ملكها بقولها آخر أمهات الأولاد إن كان للولد جارية لم تحل له أبداً، وربما أخذ من عدم عتقها إباحة وطئها كقول عبد الملك، وجواب بعض المغاربة بأنه حكم بين حكمين لا يخفى على منصف سقوطه، ويفرق بينهما بأن تأثير مانع احتمال البنوة في حلية الوطء أخف من تأثيره في رفع العتق بالملك لأنه في رفع حلية الوطء إنما يرفع بعض مقتضيات الملك، وهو الوطء؛ لأن مطلق الانتفاع بالمملوك من الاستخدام والإجازة والبيع وغير ذلك، وفي إيجاب العتق برفع مقتضات الملك كلها من الوطء ومطلق الانتفاع، ولا يلزم من إيجاب وصف ما مرا أخف إيجابه أمرا أشد. ابن حارث: اتفقوا على منع إنكاح الراهن أمته الرهن، فإن نزل فقال ابن القاسم: لا يجوز النكاح إلا بإذن المرتهن. أشهب: يفسخ قبل البناء ويثبت بعده ويمنع الزوج من الوطء ما دامت رهنا، ولها صداق المثل إن فضل المسمى، وإن بنى بها بعلم المرتهن بطل رهنه، ولم يعجب يحيى بن عمر قولاهما، وقال: يفسخ ولو رضى المرتهن وبنى الزواج، وأنكر سَحنون قول أشهب بصداق المثل، لأنه فاسد لعقده. ابن حارث: لم يوجبه أشهب لسبب فساده؛ بل لحق المرتهن في نقص الأمة كالأمة تتزوج بغير إذن سيدها على زوجها الأكثر من المسمى أو مهر المثل. سَحنون: إن كان سيدها موسراً جاز النكاح؛ يعني: ويعجل الدين. قال: وإن كان عديماً رد النكاح. وفيها: المرتهن بثمن الرهن لا يبيح له استقلاله ببيعه إن حل أجله. البجي: إن حل أجله ولم يقضه لم يكن له بيعه ورفعه للإمام. قال مالك فيها: قال ابن القاسم في غيرها، فإن باعه رد بيعه.

قُلتُ: في أحكام ابن سهل ما حاصله: غن أبا الراهن من قضاء الحق وليس من الناض ففي سجنه حتي يبيع للقضاء، أو إن عجز عن حميل بلالمال ليبيعه في أجل يضرب له ثانياً يبيعها عليه الحاكم دون سجن ولا حميل لابن معاذ مع ابن غالب مع محمد وابن سهل مع نقله جواب ابن صالح. اللخمي: فإن لد الراهن عن البيع أو غاب؛ فللسلطان، فإن لم يكن أو عسر تناوله بجماعة العدول يحضرهم لإشهاده فيما يبلغ ثمنه، وينفذ بيعه. أشهب في الموازيَّة: إن شق تناوله فبيعه جائز إن كان بيعاً صحيحاً، واستؤني بعذر فيما بينه وبين الراهن إن كان الرهن مما يسرع إليه الفساد، معناه: أو قضيا باعه من غير حاكم؛ لأن حبسه فساد. ابن رُشْد في رسم الرهن وثيقه لمرتهنه: باق على ملك راهنه لا يجوز بيعه مرتهنه إلا بإذن ربه، فإن لد أو غاب رفعه السلطان فباعه بعد أن يثبت عنده الدين والرهن، وفي لزوم إثبات ملك الراهن الرهن، قولان يتخرجان على المذهب، وذلك عندي فيما يشبه أن يكون له، وما يشبه أن تكون كرهن الرجل حلياً أو ثوبا لا يشبه لباسه، ولا تجره ورهن المرأة حلاساً أو ثوباً لا يجوز لباسها فلابد فيه من إثباته ملكه للراهن. قُلتُ: وفي أحكام ابن سهل: افتى ابن عتاب بعدم وقف بيعه على ثبوت ملكه، وخالفه غيره، ووافقه ابن عتاب في الرفع. قُلتُ: فالأقوال أربعة. ابن رُشْد: فإن عسر تناول السلطان باعه بحضرة العدول، ولا مقال لراهنه على مشتريه إلا أن يكون باعه بأقل من القيمة؛ فله أخذه منه بالثمن الذي اشتراه منه. قُلتُ: ظاهره: ولو طاع المشتري بدفع تمام الثمن، وفي هذا الأصل خلاف؟ يذكر إن شاء الله تعالى في الوكالات. ابن رُشْد: وهذا في العروض، وأما في العقار والأرضين؛ فله أخذها من المشتري بالثمن إن لم يبعها السلطان وباعها المرتهن بحضرة العدول واستقصى الثمن وباع بالقيمة. قُلتُ: ظاهر ما تقدم للخمي أن لا فرق بين الربع وغيره.

ابن رُشْد: وقال أشهب: إن كان الرهن مقتاتاً أو قضباً أو ثمراً يخشى فساده فبيع المرتهن جائز دون السلطان وجماعة العدول وهو تفسير لم تقدم وحمل بعض الثاني على أنه خلاف رواية ابن القاسم في المدَوَّنة وغيرها. قُلتُ: في المجموعة: ذكر المازري قول أشهب رواية له، ومقتضى لفظ ابن الحاجب لفظ حمله على خلاف. الصقلي: إذا أمر الإمام ببيع الرهن، فإن كان يسير الثمن بيع في مجلس، وما كثر من الأيام وما كثر من ذلك بيع في أكثر حتي يشتهر ويسمع به كالجارية الفارهة والثوب الرفيع والدار والمنزل فربما ينادي على السلعة في الشهرين والثلاث، وكل شيء بقدره. المازري: لو احتيج في بيع الرهن إلي السمسار غغي كون الرهن الآخر على مرتهنهاو راهنه رواية عيسى وأَصْبَغ عن ابن قاسم قولهما، وكذا لو أبق العبد الرهن وافتقر بالإتيان به لجعل ففي كون ذلك على مرتهنه أو راهنه نقلا ابن سَحنون عنه وعن غيره نحوه للباجي والصقلي، والأول سماع عيسى ابن القاسم، والثاني: قول عيسى، ولم يعزه ابن رُشْد لأَصْبَغ. قُلتُ: هل يفتقر بيع الإمام الرهن إلي بلوغة القيمة بعد انتهاء مدة النداء عليه، كما كان يفعله بعض قضاة الوقت ممن لا تحصيل له أم لا؟. وظاهر الروايات عدمه، وهو مقتضى قول ابن محرز: ولو كسرت عروض المفلس وترجى لها أسواق بيعت عاجلاً، وهو ظاهر قول سَحنون في آخر ترجمة المحبوس في الدين يسأل أن يعطى حميلا. قال سَحنون: يبيع الحاكم ضيعة المدين بالخيار، فإن لم يجد إلا ما أعطى باع، وانظر هل يفتقر لكونه أولاً ما يباع عليه كالدين في الدين على الفائب، والأظهر عدمه لتعلق حق المرتهن بعينه، وربما كان أيسر بيعاً مع أن راهنه كالملتزم بيعه برتكه، وقال: أعني نظر الإمام فيمن يجب أن يباع عليه في الدين لرهن وغيره، وفيه نظر من ظاهر ما يأتي لابن رُشْد خلافه. وفي العتق الأول منها: وبيع السلطان بالمدينة على خيار ثلاثة أيام، فإن وجد من يزيده، وإلا فقد البيع.

ابن الحاجب: لا يستقل المرتهن بالبيع إلا بإذن بعد الأجل: ولا يضر اتحاد القابض والمقبض جواب عن سؤال مقدم مقدر تقديره، أن يقال: صحة توكيل الراهن المرتهن على بيع الرهن مشكل؛ لأنه يؤدي لصدق متباين على ذات موضوع واحد وهو باطل، وبيانه إن أسلم القابض الفاعل من أقبض رباعياً يستلزم مفعولاً هو فاعل في المعنى كاسم الفاعل من أقبضت زيداً درهماً فزيد مفعول هو فاعل في المعنى واسم الفاعل من قبض يقتضي مفعولاً ليس فاعلاً في المعنى كاسم الفاعل من قبضت درهماً بدرهم مفعولاً ليس فاعلاً في المعنى فلازم الفعلين متباينين وتباين اللازمين موجب لتباين الملزومين العوضين، فقابض ومقبض متباينان، فلو صح توكيل الراهن للمرتهن على بيع الرهن من البراءة من الدين للزم أن يصدق عليه مقبض من حيث مقام الراهن وقابض من حيث استحقاقه قبض ثمنه من دينه، وقد بينا تباينهما، فلزم صدق المتباينين على ذات واحدة وهو محال، فهذا الإشكال يصلح كونه متمسكاً لنقل المازري عن الشافعي منع كون المرتهن وكيلاً على بيع الرهن، وتقرير قول ابن الحاجب، ولا يضر اتحاد القابض والمقبض أن يقال: إنما يصح يمتنع صدق المتبايعين على ذات موضوع واحد إذا كان ذلك باعتبار واحد، أما باعتبارين فلا كقولنا: زيد أب ليس بأب، باعتبار كونه أباً لولد ذكر وأنه ليس بأب لولد أنثى، ومن فهم كلام الأشياخ من حد التناقض اتضح له فهم ما قررناه. وقال ابن عبد السلام: كونه مطلقاً مقبضاً سابقاً على كونه قابضاً لنفسه إلا أن قبضه للرهن حسي، وقبضه نفسه حكمي بالبينة فقط، وهل السبقية بالزمن أو العلة فيه نظر، فإن كان بالزمن لم يضمن المرتهن إن ضاع بالبينة إثر قبضه من المشتري، وإن كانت السبقية بالعلية ضمنه، ولم أراه لهم فتأمله. قُلتُ: إنما التقدم المذكور بالزمان لا بالعلة لجواز انعقاد قبضه الرهن عن قبضه لنفسه باعتبار ذاتيهما. وفي تقييده: نفي الضمان بالبينة نظر؛ لأنه في قبضهه للراهن وكيل، والقول قول الوكيل في دعوى التلف إن لم تقم بينة. قال ابن رُشْد: ولو شرط المرتهن على الراهن في عقد البيع أنه موكل على بيعه دون

مؤامرة سلطان أو عند حلوله يقول له: أؤخرك لأجل كذا على رهن كذا وتوكلني على بيعه دون مؤامرة سلطان، ففي جوازه مع لزومه ومنع فسخ وكالته ومنعه ابتداء، وله عزله قولا إسماعيل القاضي، والقاضي دون عيرهم. قُلتُ: عزا ابن زرقون الجواب لأشهب وابن نافع المنع، وللمدَوَّنة الكراهة، وحكى ابن رُشْد عن أشهب: أنه يجوز في العروض ويرد في الأصول فات أو لم يفت، فهذا قول ابن نافع. ابن رُشْد: وعلى منعه إن باعها عزله، ففي مضيه جملة إن أصاب وجه البيع أو في العروض ويرد في الأصول ما لم تفت، ثالثها: ولو فاتت لهذا السماع مع روايتها، وقول ابن القاسم في هذا السماع، وأَصْبَغ وقول مالك في الثاني في هذا السماع وأشهب. قُلتُ: حكاها اللخمي، وجعل في القول الثاني: الحيوان كالأصول، وقال: قول ابن القُصَّار أقيس. ابن زرقون: ما لا بال له أو يخشى فساده يمضي قولاً واحداً وما له بال ثلاثة أقوال: في المدَوَّنة: يمضي. قال في العتبيَّة، ولو لم يفت. وفي العتبيَّة أيضاً لمالك: يرد ما لم يفت. وفي الموازيَّة: إن فات لزم المرتهن الأكثر من الثمن أو القيمة، وتأويل ابن رُشْد على العتبيَّة يجوز في العروض، ويرد في الأصول غير بين. ابن رُشْد: وعلى الأول إن باع بأقل من القيمة فلراهنه أخذه من مشتريه بالثمن، فإن تداولته الأملاك فله أخذه بأي الأثمان شاء، كالشفعة فيما تداولته الأملاك، وعلى الثاني: فوتها بحوالة الأسواق فما فوقها. الصقلي: اختصار اختلافهم اتفاق ابن القاسم ومالك في مضي بيعه في التافه، واختلف قولهما فيما له بال هل يمضي أو يرد ما لم يفت، وروى أشهب أنه يمضي فيما يخضى فساده، ويرد فيما لا يخشى فساده. ابن رُشْد: وقول أشهب أنه مردود في الأصول، ولو فاتت؛ لأنه قال: إن فاتت

ضمنها بائعها؛ ومعناه: أن للراهن أخذها على أي حال وجدها بالثمن الذي بيعت به، والدرك فيه على المرتهن مثل أن يجد الدار بيد المشتري، مهدومه قيمتها خمسون واشتراها قائمة بمائة فيدفعها لمشتريها، ويرجع بخمسين على البائع. قُلتُ: انظر قوله: ويرجع بخمسين على البائع، وهو إنما أخذها في دينه على الراهن، فإن أخذها الراهن منه رجع بها عليه في تمام دينه إلا أن يجعله ضامناً لها لتعديه. قال ابن رُشْد: وإن وجدها بيد من اشتراها من المشتري بأكثر من الثمن الذي اشتراها به الأول من المرتهن أخذها منه بالثمن الأول، ورجع هو بتمام ثمنه على من اشتراها منه، وهذا الاختلاف في توكيل الراهن للمرتهن؛ لأنها وكالة اضطرار لحاجة لابتياع ما اشترى أو استقراضه أو تأخيره؛ ولأن الرهن لا يباع إلا إذا ألد في رهنه أو غاب ولم يوجد له ما يقضي منه دينه، فيحتاج إلي البحث عن ذلك، وعن قرب غيبته عن بعدها، ولا يفعل ذلك إلا الحاكم، فأشبه حكمه على الغائب. قُلتُ: ظاهر حصره ما يتوقف عليه بيع الرهن فيما ذكر أنه لا يتوقف على كونه أولا مما يباع عليه، ولا بلوغه قيمته. قال ابن رُشْد: ولو طاع الراهن للمرتهن بعد البيع وقبل حلول الأجل بأن رهنه وهناً، ووكله على بيعه عند حلول الأجل دون مؤامرة حاكم جاز اتفاقاً؛ لأنه معروف منه، ونقله المتيطي وغيره، وفيه نظر؛ لأنه شبه هدية مديان، وقد منعو بيع طعام بثمن مؤجل على تصديق البائع في كيله، وسوى اللخمي: بين شرط توكيل المرتهن، والعدل وهو نصها، وكذلك شرط توكيل غيرها وهو الواقع في عصرنا وساق ابن رُشْد الكلام فيه في المرتهن فقط وسوى أيضاً بين شرطه في عقد البيع والقرض. وقال المتيطي: اختلف إن شرطه في عقد القرض فأجازه ابن العطار ومنعه ابن الفخار، وقال: هو سلف جر نفعاً لا نتفاعه بشرط مئونة ما يتوصل به للبيع، وانظر لو طاع الراهن بتوكيل المرتهن أو العدل أو غيرهما بعد العقد، هل هو كطوعه بعد العقد بالرهن مع التوكيل على بيعه؛ لأنه معروف أولا؛ لأن تقدم شرط الرهن في العقد يضعف كونه معروفاً، وربما يكتبونه بعد العقد تحليلاً، وقول ابن الحاجي: إن أذن قبله فباع رد ما لم يفت، وقيل: يمضى، وقيل: في التافه، وقيل: إن عسر الوصول إلى الحاكم،

ويستقل الأمين إن أذن له قبل الأجل وبعده ما لم يكن في العقد شرط خلاف ما تقدم لابن رُشْد وغيره أن طوعه بعد العقد بالرهن والتوكيل جائز اتفاقاً، ومجرد الطوع بالتوكيل فقط لا نص فيه لهم، وما ذكره من الخلاف في مضي البيع، ورده إنما ذكروه في شرطه في العقد وأنه في عسر الوصول للحاكم متفق عليه. وقول ابن الحاجب: (ويستقل الأمين ... إلخ) صواب؛ لأنه محض توكيل سالم عن توهم كون الراهن فيه مكرهاً. وقول ابن عبد السلام ظاهر قوله: ما لم يكن في العقد بشرط نقض لقوله: أن ذلك بيد الأمين؛ لأن قوله: (إن أذن له قبل الأجل) يتناول ما كان في أصل المبيع، يرد بأنه إن أراد بكونه نقضا نقض التناقض في الكلام الموجب لفساده فليس كذلك، وإن أراد النقض الكائن في الكلام ذي الاستثناء المتصل، فلا تعقب فيه؛ ولذا تلقاه ابن هارون بالقبول. وقال ابن شاس: إن أذن الراهن للعدل وقت الرهن في البيع عند الأجل جاز، ولو قال لمن على يده الرهن من مرتهن أو عدل إن لم آت إلي أجل كذا فبعه إلا بأمر الحاكم، وإن باعه بغير أمره نفذ فجعل شرطه بعدم إتيانه موجباً لوقف بيعه على أمر السلطان؛ لأنه لا تثبت غيبته إلا عند الحاكم. والنفقة على الراهن الواجبة من الراهن قبل رهنه **** بعده فيها، كفن العبد الرهن إن مات ودفنه على راهنه. وفيها: إن أنفق المرتهن على الراهن بأمر ربه أو بغير أمره رجع بما أنفق عليه، ولا يكون ما أنفقفى الرهن إن أنفق بأمره؛ لأنه سلف، بخلاف المنفق على الضالة هو أحق بها من الغرماء حتي يستوفي نفقته؛ إذ لا يقدر على ردها، ولابد من النفقة عليها، والمرتهن يأخذ راهنه بنفقته، فإن غاب رفع ذلك للإمام. اللخمي عن أشهب: النفقة على الرهن كالضالة، وقال محمد بن مسلمة: النفقة على العبد الرهن مبداة على الدين كإجارة الأجير، على سقي زرع الأجير مبدا وهو أقيس، ويتبع ذمة الراهن بخلاف الضالة؛ لأن رضاه بوقفه إلي الأجل رضىً بالإنفاق عليه، ويجبر عليه، وفي اتباع المرتهن الراهن بما أنفقه على الرهن في غيبة راهنه، زائداً على ثمنها

قولا بعض الفقهاء محتجاً بأن غيبته مع علمه بالحاجة إلي النفقة عليه كالإذن في ذلك، والصقلي: محتجاً بأنه ليس له أن يعمر ذمته بما لم يأذن له فيه، وحقه بعد بلوغ نفقته ثمنه أن يرفع ذلك للإمام ليبيعه، وقيد الأول بقوله: يريد: إن كان حين النفقة عليه ملياً، وإن كان عديماً نظر الإمام إن كان بيعه خيراً له باعه، ومحتمل المرتهن دينه. وفيها: لو قال: أنفق والرهن فما أنفقت رهن، فهو بها رهن، ولو قال: ونفقتك في الرهن ففي كونه فائدة حبسه عن ربه في النفقة لا أنه رهن بها، قول ابن شبلون: أخذها بظاهرها، والصقلي عن بعض القرويين: متأولاً عليه المَوَّنة منكراً قول ابن شبلون، قائلاً: وقع المسألة في المجموعة والموازيَّة على ما فسرت، ولفظها في الكتابين لابن القاسم: إن أنفق عليه بإذن ربه أو بغيره فهو سلف لا يكون في الرهن إلا أن يشترط أنه رهن في النفقة، إلا أن له حبسه بما أنفق، ودينه إلا أن يكون على الراهن دين فلا يكون أولى بما فضل عن دينه إلا أن يشترط أن ذلك رهن في النفقة. قُلتُ: حاصل ما ذكره عن الكتابين أنه لا يكون رهناً إلا أن يشترط أن ذلك رهن في النفقة، وليس هذا محل الخلاف مع ابن الماجَشُون، ونقل المازري ما في الكتابين بزيادة نصها، أو يقول له: أنفق ونفقتك في الرهن، فيكون أحق به من الغرماء، وهذه الزيادة إن صجت حجة على ابن شبلون، وقد يؤخذ من آخر نقل الصقلي عن الكتابين إن قال له الإمام في غيبة الراهن: أنفق على أن نفقتك فيه، كان أحق به من الغرماء، وذكر ابن عبد السلام هذه الزيادة من كلام بعض الشُيُوخ، فظاهره أنها ليست رواية، ورد عبد الحق قول ابن شبلون بقولها في الوكالات فيمن أمر غيره أن يشتري له وينقد عنه، ويحبسه حتي ينقده الثمن: أنه رهن، وقوله: أحبسه ونفقته في الرهن سواء. قُلتُ: لفظ احبسه أقرب لمعنى الرهن، ولو تهدر بين الثمرة الرهن، ففي وجوب إصلاحها الراهن لتمام الثمرة نقلا الباجي عن ابن القاسم في المختصر، وعنها عزا ابن رُشْد الأول لسماعه يحيى فقط، وقال: هو خلاف قولها: إن أبى أن يصلحها فللمرتهن إصلاحها ليحيي رهنه، ولا يرجع بنفقته على الراهن، وتكون في الرهن مبداة على الدين، فإن لم يكن في الرهنإلا قدرها تبع الراهن بدينه، وإن قصر الرهن عنها لم يتبع الراهن بتمامها، وقال أشهب: هو أولى بماء البئر حتي يعطيه بقيه نفقته، ولا شيء على المرتهن فيما

انتفع بمائها؛ لأنه كان ضامناً له بنفقته لو ذهب ماؤها فقول ابن القاسم فيها خلاف سماع يحيى: أنه يلزمه إن كان ذا مال، وعليهإن طاع المرتهن بإصلاحها فلم يف الرهن بإصلاحها تبع الراهن بما بقي من نفقته مع دينه، ويحتمل أن يحمل هذا السماع على الرهن المشترط في أصل المبيع أو السلف، وما فيها على ما تطوع به بعد العقد فيتفقان. وفيها: إن خاف الراهن هلاك الرهن ولم ينفق عليه المرتهن فأخذ من أجنبي مالاً أنفقه فيه، فالأجنبي أحق بمبلغ النفقة من ثمن الزرع، وما فضل فللمرتهن. عبد الحق عن بعض شُيُوخ القرويين: إنما يكون الأجنبي أحق بذلك إن قال: أنفقه في هذا الزرع ويكون لك رهناً ولم يقل له ذلك، وإنما قال له: أنفقه عليه لم يكن أحق بذلك؛ لأنه سلف في ذمة. ابن عبد السلام: ظاهره يكون حائزاً للثمرة لا أجنبي مسلف النفقة، قال: وهذا صحيح إن لم تكن الثمرة مشترطة في ارتهان المرتهن. قُلتُ: هذا التقرير خلاف نصها إن خاف الراهن هلاك الرهن، قال: وإن كانت مشترطة فتعقبه بما حاصله أنه يلزم أن يكون المرتهن حائزاً لنفسه وغيره ما هو رهن لكل منهما على وجه الاستقلال دون شركة، وذلك لا يصح، ولعدم صحته منع فيها صحة حوز الوصي ما ارتهنه من مال يتيمه، ويرد بمنع كونه رهناً لهما على سبيل التسوية في التسليط عليه بحكم الرهن ضرورة تبدية على الأجنبي في هذا الرهن على دين المرتهن، وذلك يوجب كون المرتهن فيه كمرتهن فضلة الراهن وضع الرهن المرتهن فضلته على دين هو فيه رهن بيده مرتهن فضلته لا خفاء في صحته وجريه على الأصول فتأمله. قُلتُ: وفي قبول عبد الحق والصقلي تقييد المدَوَّنة بقوله إن قال له: ويكون لك رهناً، وإلا لم يكن أحق به نظر لسماع ابن القاسم من ارتهن زرعاً فعجز عنه صاحبه فقال: زدني مالاً أصلح به زرعي فأبى، فأخذ مالا من غيره فأصلح به زرعه حتي انتعش، قال: يبدأ المسلف على المرتهن الأول في الزرع حتي يتسوفي حقه. ابن رُشْد: هذا نص الرهون من المدَوَّنة ومعناه: إن أذن المرتهن في ذلك للرهن، وروى محمد: أن الأول مبدى، ثم الثاني: وجه الأول أن المرتهن بإذنه في ذلك للراهن رضي بتبديته عليه، وصار حائزاً له، ووجه الثاني أن المرتهن الأول حاز الزرع لنفسه فلا

يخرج قدر دينه عن يده ويكون فيه حائزا لغيره وإلا قبض وحبسه في ذلك؛ لأنه بإذنه حائز للثاني ما فضل عن حقه، ولو لم يأذن فيه لو جب أن يكون الثاني أسوه الغرماء فيما فضل عن حق المرتهن الأول. قُلتُ: فظاهر السماع عدم الافتقار إلي نص الراهن على أن الزرع فيما تسلفه لإحيائه رهن خلاف قول عبد الحق والصقلي، وظاهر كلامهم عدم الافتقار إلي إذن المرتهن خلاف قول ابن رُشْد، فاعلم ذلك، ونحو ذلك سماع ابن أبي زيد ابن القاسم رهن عبد شرط راهنه أنه مبدى في ثمنه على ما رهنه فيه بمائة، بمائة باطل. ابن رُشْد: روى محمد: هو على شرطه، ولغو مائة مائة وما بعدها رهن. قُلتُ: ظاهره: أن للمرتهن الدخول مع الغرماء في المائة المبدأة بما يبقى له من دينهبعد رهنه، وقال المازري في ظاهر قول مالك: عدم دخوله بذلك معهم، وفيه نظر، قال: وإبطال ابن القاسم هذا الرهن؛ لأن الشرط وقع في رهنه بخلاف فضل رهنة الرهن بعد عقده وحوزه وهو مما ينظر فيه. ضمان الرهن الذي لا يغاب عليه، المعروف من ربه ما لم يتهم مرتهنه. ابن حارث: اتفقوا أن ضمان الحيوان الرهن من ربه اتفاقاً. المازري: هذا معروف المذهب، وخرج بعضهم ضمانه على رواية ضمانه محبوساً بثمنه ورده بعض أشياخي بأن ضمانه محبوساً ليس رهن بثمنه؛ لاحتمال كونه على رواية شرط مضى زمان إمكان قبض المبيع مع عقده في ضمانه في العقد المحبس مانع من تمكن قبضه، وخرجه بعضهم من قول شركتها: إن استعار أحد الشركين دابة لحمل شيء من مال الشركة بغير أذن شريكه فتلفت، لا ضمان على الشريك غير المعير. قُلتُ: ونحوه قول اللخمي: وعلى ضمان الحيوان في العارية يضمن في الرهن. المازري: وأجيب بأنه بيان لحكم الشركة أن حكم الحاكم بضمانه؛ لأنه بيان لحكم ضمان المستعار. قُلتُ: أو بيان لحكم الضمان بالتعدي، ويكون قول الغير فيها تفسيراً. قال: ويستغني عن هذا التخريج بنقل أبي الفرج عن ابن القاسم: من ارتهن عبداً تلف نصفه فتلف ضمن نصفه فقط.

قُلتُ: وأشار إلي تخريجه من قول أشهب بضمان ما هلك ببينة فيما يغاب عليه. الباجي: إن ادعى المرتهن إتلاف الرهن وإباق العبد وهروب الحيوان؛ لم يضمن حتي يتبين كذبه، مثل قول أشهب: إن زعم انفلات الدابة، وأن العبد كابره بحضرة ناس عدول لم يثبت قوله، وإن ادعى موت الدابة ففيها لمالك: يصدق إلا أن يظهر كذبه لدعواه بموضع لا يعلم أهله موتها، ولو قال: ماتت دابة لا نعلم لمن هي، ففي المجموعة إن وصفوها أو لم يصفوها قبل قوله. قُلتُ: تقدم هذا في دعوى المبتاع هلاك المبيع على خيار وكلام ابن رُشْد في ذلك. الصقلي: في يمين المرتهن في ضياع ما يغاب عليه نقلا بعض شُيُوخنا، قال: وأجب إلينا أن يحلف المتهم لقد ضاع وما فرطت، وما تعديت ويحلف غير المتهم ما فرطت ولا ضيعت، لا على الضياع؛ لأنه يصدق فيه. عياض: اختلف فيه المتأخرون، قيل: يحلف بكل حال بخلاف المودع، المختلف فيه، وقيل: كالمودع يختلف فيه على الأقوال الثلاثة المعلومة. وما لا يغاب عليه في سلمها الثاني، كالحيوان أو الدور والأرضين، والثمر في رؤوس النخل، والزرع الذي لم يحصد. اللخمي: وهو عام في الحيوان على اختلاف أنواعه من شاة أو طير، وأرى أن يضمن ما يستخفى ذبحه، وأكله. قال: وما كان في الأندر والجرين كالزرع؛ لأن المرتهن يغيب عليه بالليل، وهو فوائد الناس ومنه الشفن ولو صغرت ترتهن على ساحل البحر، وكذا مرساها وصاريها إن كان على بقائه بموضعها، وكذا أعدال الكتان في قاعة الفدادين والطعام والزيت بدار راهنه، وبان المرتهن بمفتاحه أو طبع عليه، وكذا إن كان بغير دار الراهن، وإن كان مفتاحه بيده لا أن يعلم أنه يتصرف إليه، ويفتحه فينظر هل يشبه أن يكون أخذ ذلك في تكرره إليه، وإغلاق الربع مثل الربع، ويصدق أنه لم يجز في ذلك، ويحلف إن كان متهما. وما يغاب عليه بيد أمين من راهنه، وما بيد مرتهنه منه ما لم تقم بالبينة: ابن حارث: اتفاقاً، ولو ادعى الراهن تغييب المرتهن الرهن، فقال العتبي: لا يمين عليه إلا أن يدعي علم ذلك، وأنه أخبره بذلك من وثق به فإن حلف حلف له المرتهن

تغيب المرتهن الرهن. وقال ابن مزين: يحلف لقد ضاع، وما دلس فيه، ولا يعلم له موضعاً، وأنكر قول العتبي، وقال: يمين توجب يميناً، هذا لا يكون وأجبه العُتْبِيّ بأن اللعان اليمين، توجب فيه يميناً. ابن حارث: إن كان المرتهن ممكن يتهم بذلك حلف، وإلا كدعوى الغصب والتهمة بالخطة في توجه اليمين. عياض: اختلف في قدرها شُيُوخنا، ومتأخروهم، وعلى قول ابن مزين حمل بعض الشُيُوخ ظاهر المدَوَّنة، وبه أفتى إسحاق بن إبراهيم ونحو قول العُتْبِيّ لمالك في هذا الأصل، وقاله ابن لبابة الأكبر، ولو قامت بينة على تلفه ففى سقوط ضمانه روايتا ابن القاسم مع قوله وأشهب، وعزا الصقلي الأول أيضاً لعبد الله وأَصْبَغ، وعلل أشهب قوله بقوله؛ لأن الأصل في ذلك الضمان، وعليه أخذه. ابن شاس: للقولين بناء على أن الضمان للتهمة، ولدخوله عليه، وتبعه ابن الحاجب. قال ابن عبد السلام: أخذه لأشهب من قوله في شرط نفي ضمانه جلي، ويبعد ذلك في حمل المرتهن بنفي الضمان، وإنما حمل الناس على أشهب أن الضمان عنده ضمان أصالة. قُلتُ: ينتفي التعقب على ابن الحاجب وابن شاس. الصقلي: قول أشهب أصل ذلك الضمان، وعليه أخذه إلا أن يجعل الضمير في عليهعائداً على أصل لا على الضمان، وفي ضمانه الساج بأكل السوس قولا ابن وَهْب، ورواية يحيى مع حلفه ما ضيعت ولا أردت فساداً، وعزاه الباجي لسماع عيسى رواية ابن القاسم بناء على وجوب نقضه وتفقده وسقوطه. اللخمي: القياس سقوطه إلا أن تكون عادة؟ قُلتُ: في تضمين الصناع منها: ويضمن القُصَّار قرض الفأر؛ إذ لا يعرف، ولو عرف أن الفأر قرضه من غير تضييع، وقامت بذلك بينة لم يضمن. ابن رُشْد في سماع محمد بن خالد في تضمين الصناع، انظر على القول إن ثبت أنه قرض فأر، فلا ضمان عليه حتي يثبت تسببه فيه بتضييع أهل إذا وقع في بيته النار، وتحريق

الثوب يحترق، فلا ضمان عليه حتي يثبت أن النار من سببه؛ لأنه العادة أنه يبادر بيته ليصدق في أمتعة الناس أو يفرق أن فساد الثوب قد علم أنه من قرض الفأر والنار وهو يقدر على علمها، والأشبه أن لا فرق بينهما. اللخمي: سوس الخشب من الراهن؛ لأنه لا ينفعه التفقد. الباجي: ومثل قيام البينة رواية ابن القاسم في المجموعة؛ أن رهنه رهناً في مركب فغرق أو احترق منزله أو أخذه اللصوص بمعاينة البينة في كل ذلك، وإن جاء بالرهن محترقاً لم يصدق إلا ببينة أن يكون ذلك مغروفا من احتراق منزله أو حانوته، فيأتي ببعض ذلك محترقاً فيصدق، رواه ابن حبيب عن أَصْبَغ عن ابن القاسم. الباجي: إن لم يعلم سببه ضمنه، وإن علم سببه كاحتراق منزله، فإن ثبت أن الثوب كان فيما احترق صدق اتفاقاً، ولو لم يأت ببعضه. ابن زرقون: قال محمد: ويعلم أن النار ليست من سببه. الباجي: وإن لم يثبت أن ذلك كان فيما احترق، فإن أتى ببعضه محرقاً صدق، وإن كان في حانوته الذي احترق وإن لم يأت بشيء منه وادعى حرق جميعه فظاهر المسألة لا يصدق وعندي أنه إن كان مما جرت العادة بدفع الرهن في الحوانيت التي يكون متعدياً بنقله عنها، فأرى أن يصدق في احتراق ذلك فيما عرف من احتراق حانوته، وبه أفتيت في طرطوشة عند احتراق أسواقها، وكثر الخصومات وظني أن يعض الطلبة أظهر لي رواية على ابن أيمن يمثل ذلك. وفي العتبيَّة لعيسى عن ابن القاسم عن مالك: بالمرتهن يأتي بالساج تآكل من السوس لا ضمان عليه يحلف ما ضيعه، وفي لغو شرط المرتهن سقوط ضمانه وأعماله نقل اللخمي عن ابن القاسم مع مالك وأشهب، وصوبه قال: وهذا إن كان في عقد البيع أو القرض، وإن كان بعدهما اعتبر؛ لأن طوعه بالرهن معروف، وإسقاط الضمان معروفاً كان كالعارية بسقوط الضمان يعتبر اتفاقاً من ابن القاسم وأشهب وفي المذكرات قولاهما في شرط سقوطه مناقض لعلتي لقوليهما في هلاكه ببينة؛ لأن ما بالتهمة سقوطه بالشرط واضح لعدم مناقضته إياها، وما بالأصالة شرط سقوطه يناقضه، ويجاب عن الأول بأن الشرط موجب لتقوية علة الضمان وهى التهمة، فإيجابها كذلك، وعن الثاني بأن الشرط

مناقض لمقتضى الأصل برفعه كناسخ في سماع القرينين في تضمين الصناع لو اشترط المعير أو الراهن ضمان ملا يغاب عليه من الحيوان بشرط باطل من غير تفصيل، قاله مالك وكل أصحابه حاشى مُطَرَّف. قال: إن شرط لأمر خافه من لصوص أو شبهه شرطه ذلك لازم إن عطب فيما خافه، وقال أَصْبَغ: لا سيء عليه في الوجهين، كقول مالك وأصحابه. اللخمي عن ابن القاسم: إن شرط ضمان الحيوان بفضل شرطه، ويجري فيها ضمانه؛ لأنه يختلف في ضمانه من غير شرط، فالشرط أخذ بأحد القولين، وتخريج بعضهم ضمان ما لا يغاب عليه يرد بأنه في السقوط موافق لأصل ابن القاسم براءة الذمة حين العقد. وفيها: إن استعرت دابة على أنها مضمونة، ورهنته بها فهي من ربها أو الرهن فيها لا يجوز، فإن ضاع ضمنه إذ لم يأخذه على الأمانة. الصقلي: عن أشهب في المجموعة: لو وجب ضمانه بتعد أو شبهه، فقال مرة: الرهن بها، ومرة لا تكون بها رهناً. وفيها: من ارتهن نصف ثوب فقبض جميعه فهلك عنده لم يضمن إلا نصفه كمعط لغريم ديناراً له نصفه ويرد ما بقي فضمان نصفه من معطيه وهو في النصف الآخر أمين ولا يمين عليه إلا أن يتهم تعقبه. ابن عبد السلام وغيره: بأن ضمانه نصف إنما هو بالتهمة، فإن صح تأثيره ضمنه أجمع لاستحالة خيانته في نصفه مشاعا دون باقيها، وإن بطل تأثيرها لم يضمن منه شيئاً، وبه يبطل قياسه؛ لأن نصف الدينار إنما ضمنه باقتضائه، وإنما يتم القياس على أصل أشهب أن الضمان أصالة، ويجاب بأن تهمته؛ إنما هي مؤثرة فيما قبضه رهناً، وهذا الوصف إنما هو في نصفه فقط، كما لو دفع له ثوبين أحدهما رهن، والآخر وديعة، فادعى تلفهما. وفيها: من ارتهن ثوباً فاستحق نصفه وترك المستحق نصفه بيد المرتهن، وضاع لم يضمن المرتهن إلا نصف قيمة الرهن. قُلتُ: لثبوت نقيض وضع نصفه بمعنى الرهن وهو وضعه بمعنى الأمانة من

المستحق المرتهن ربه يجاب عن توهم مناقضتها بقولها يبقى ضمان الرهن بعد قضاء ما كان به رهناً أو بيان سقوطه من أصله. وفيها: إن هلك الرهن بتعد غير المرتهن ضمنه ربه وتبع المتعدي، فإن غرم قيمة ما حط فيه إن أتى الراهن برهن ثقة مكان الأول أخذ القيمة، وإلا كانت رهناً. الصقليعن الموازيَّة، وظاهره لأشهب: إن كان ما غرمه المتعدي كصفة الدين، عجل للمرتهن؛ لأن وقفه لأجل ضرر. الصقلي: ابن القاسم يرى في مثل هذا وقف الثمن لعل الراهن يأتي بمثل ذلك الرهن، ولو أيسر من ذلك لم يكن في وصفه. قُلتُ: نص في النوادر على غرر التعجيل لمحمد، وأشهب قال: وقال ابن القاسم: إن جاء ربه برهن مثله أو لا فيه ثقة من الحق أخذ القيمة. قُلتُ: ظاهر عطف قوله أو بما فيه ثقة أنه لا يشترط كونه من صنفه خلاف ما تقدم في مسألة بيع الرهن بإذن المرتهن. وفي سلمها الثاني: تجوز مقاصة المرتهن فيمن ضمنهمن رهن بما له على راهنه من سلم غير طعام، ما لم يكن الرهن من دنانير فلا خير فيه إلا أن يكون رأس المال السلم غير عين. الباجي: شرطها جواز أخذ الرهن من رأس المال، والسلم فيه إن فقد أحدهما بطلت ككون الرهن دنانير ورأس المال دراهم، وكونها دنانير، والرهن أكثر، ولو كان قدره فأقل جاز، وإن كان الرهن عرضا من جنس ما أسلم فيه أقل أو أكثر أو أدنى أو أجود بطلت قبل الأجل فما بعده، وإن تساويا جازت مطلقاً، وإن كان من جنس رأس المال لم تجز أجود أو أكثر أو بعكسها، ولو حل الأجل، وإن كان مثلها جازت، ولو كان رأس المال عرضًا، والرهن عرض من غير جنسه. فقال ابن بشير: يجوز بعد معرفة قيمة الرهن، وهذا أصل فيه تنازع، وهل يراعى قيمة الرهن إن كان رأس المال عيناً. قال ابن بشير: إن كانت قيمته أكثر من رأس المال امتنعت، وإن كانت مثله فأقل جازت وأنكره غيره من أصحابنا؛ لأنه إن كان الرهن باقيأً فلا خلاف في جواز سلف

دنانير فيه، وإن كان تلف لزمت القيمة. وفيها: إن أقر الراهن بجناية الرهن بعد رهنه ففداه أو أبى كان عديماً بقي رهناً، فإن حل الأجل والراهن مليٌّ أجبر على قضاء الدين تسليم الرهن في الجناية، وإن كان عديماً فالرهن أحق به. قلت: انظر لو أبى من فدائه أولاً وهو ملي، ثم أراده حين الأجل، ونازعه المجني عليه، فالأظهر أن ليس له ذلك؛ لأنه لو مات كان من المجني عليه. الصقلي: لو أقر بذلك قبل رهنه، فإن رضي بافتدائه بقي رهناً، وإن أبى وقال: لم أرض تحمل الجناية وحلف على ذلك أجبر على إسلامه، وتعجيل الدين كمن أعتق وأقر أنه لغيره، والدين مما يعجل، وإن كان عرضاً من بيع ولم يرض من له تعجيله لم يجز إقراره على المرتهن كما لو كان معسراً، والدين مما يعجل، وإن كان عرضاً من بيع ولم يرض من له تعجيله لم يجز إقراره على المرتهن كما لو كان معسراً، والدين مما يعجل، وللمجني إغرامه قيمته يوم رهنه لتعديه عليه برهنه والتعريض حتى يحل الأجل، فيباع ويتبعونه بثمنه. وفيها: إن ثبتت جنابة الرهن وفداه ربه بقي رهناً، وإن أسلمه فلمرتهنه إسلامه فإن فداه ففداؤه في رقبته مبدى على الدين لا يباع حتى يحل الأجل وليس له فداؤه من مال العبد إلا بإذن ربه. الصقلي عن بعض القرويين: ونفقته في بقائه للأجل على راهنه كما كانت عليه. وفي الموازية: لمرتهنه فداؤه ملكاً له بزيادة دراهم على أن شرطه يسقط من دينه ويتبع الراهن ببقيته لأجله، فإن فداه بأرشه فقط كان رهناً به مع الدين على أن الأرش في رقبته إن مات لم يتبع راهنه بشيء من أرشه، فإن كان للعبد مال لم يكن لمرتهنه فداؤه منه بغير إذن ربه، فإن أبا فداءه المرتهن ففي كونه ماله رهناً بالأرش لا بالدين ورقبته رهناً بهما، أو كرقبة، ثالثها: لا بواحدة منهما، لروايات محمد قائلاً بالأخير أخذ ابن القاسم، وابن عبد الحكم، وبالثانية أصحاب مالك وهو الصواب؛ لأنه بفدائه حل محل المجني عليه. قلت: والأولى بناء على إعطاء حكم نفسه، وعليهما نقل المازري وغيره في تمكينه بفدائه بيعه قبل أجله وعدمه قولا سحنون، والأكثر، والثانية بناءً على ما به الأولى مع جهل إيجاب الرهينة المطلقة عدم ماله غير رهن كاستحقاق مال عبد اشترى بماله لا يقال

لمشتريه. محمد: إن بيع بماله فأقل مما فداه به، لم يكن ما نقصه على سيده؛ إنما عليه الدين الأول، وما فضل بعد الأرش كان للدين الأول إلا أن يكون عليه غرماء أخر، فيدخلون معه فيما زاد ماله في ثمنه بعد الجناية إن زاد مثل نصف ثمنه فما فضل بعد الأرش نصفه للمال ونصفه للرقبة فما للرقبة للمرتهن، وما للمال لغرمائه يدخل معهم المرتهن بما بقي له إن بقي له شيء، وكذا إن زاد المال فيه الثلث أو الربع. الصقلي: تفسيره جعل تفسير العبد دون ماله خمسين، وبه مائة نصفها للمال، ونصفها للرقبة، وتجعل الجناية أربعين يبدأ بها من ثمنه تفضل ستون نصفها للرقبة المرتهن أحق بها، تبقى ثلاثون حصة المال للغرماء يحاصهم فيها المرتهن بما بقي عليه إن بقي عليه شيء، ولو فداه بإذن ربه ففي كونه رهناً فيما فداه به مع دينه مطلقاً، وإن نص على كونه رهناً بالفداء نقلا الشيخ عن الموازية قول ابن القاسم مع مالك ومحمد مع أشهب. التونسي: خالف ابن القاسم وأشهب قوليهما فيمن أمر من يشتري له سلعة وينقد ثمنها عنه. قال ابن القاسم: لا تكون بيد المأمور رهناً فيمن دفع، وقال أشهب: متى رهن له فأجل ابن القاسم في الجناية الدافع محل المدفوع له، وعكس أشهب ويجاب لابن القاسم بأن الدافع في الجناية محل مرتهن، فاستصحب عليه حكم وصفه، ولأشهب يتقدم اختصاص الراهن بمال العبد قبل جنايته، فاستصحب وعدم تقدم اختصاص الأمر بالسلعة قبل الشراء، وسمع عيسى ابن القاسم أرش جرح العبد الرهن رهن. ابن رشد: اتفاقاً؛ لأنه عوض بعضه وما يجب فيه من دية لا تنقص قيمته كالمأمومة والمنقلة لراهنه، إلا أن ينقصه. الشيخ: لأشهب في المجموعة: إن قتل الرهن عبداً لربه لم يقتله إلا إن عجل دين المرتهن وعكسه إن عفا عن قاتله فلا حق فيه لمرتهن القتيل، وإن قتل العبد الرهن عبد أجنبي، فإن اتفق مرتهنه وراهنه على قتله قتل وإلا فلا، وخير ربه في إسلامه وفدائه بقيمة القتيل يكون ذلك رهناً، وكل جزء من الرهن رهن بكل جزء من الدين الذي

رهن فيه بمعنى الكلية فيهما، لا بمعنى التوزيع إن اتحد ملك الدين، وإن تعدد ولا شركة بينهم فيه على التوزيع فيها من رهن امرأته رهناً بكل المهر قبل البناء، ثم طلقها قبله لم يكن له أخذ نصف الرهن، والرهن أجمع رهن بنصف كمن قضى بعض الدين. وفيها: من رهن داراً من رجلين صفقة واحدة في دين لهما ولا شركة بينهما فقضى أحدهما كل حقه أخذ حصته من الدار. وفيها: من ارتهن دابة أو داراً أو ثياباً فاستحق نصف ذلك من مرتهنه بقي نصفه رهنا بكل حقه، فإن شاء المستحق بيعه. قيل: للراهن والمرتهن بيعا معه، وللمرتهن لا تسلم رهنك ويباع وهو بيدك، ويبقى حظ الراهن من الثمن رهنا بيد المرتهن بكل حقه. اللخمي: لأشهب في الموازية أن بيع بمثل الدين عجل للمرتهن في دينه؛ إذ لا يقع في وقفه إلا أن يأتي برهن، ويقول: أتى به في المستقبل. الصقلي عنه: لو بيع بدنانير والدين دراهم أو بالعكس لم يعجل، ونقل الباجي: وزاد أن يبيع بقمح، وحق المرتهن صفة وجوده. فقال محمد: يتعجل حقه، ولأشهب في العتبية بشي من الطعام أو الإدام والشراب استحسن تعجيله، وإن أبى رب الحق، وكذا كل مكيل أو موزون ونحوهما، وقال سحنون في موضع آخر: إلا أن يكون آخر حقه من بيع فله أن يتعجله؛ لأنه لا يجبر على تعجيله بخلاف العتق، ولأشهب في العتبية لو بيع بعرض مثل حقه لم يتعجله إلا برضا الراهن؛ لأن المماثلة لا تكاد تصح. اللخمي: لو طلب المستحق وضعه على يديه أو يد أجنبي، والراهن غائب لم يكن للمرتهن ذلك، ونظر الحاكم، فإن وقفه عبد غير المرتهن لم يضمنه، ولو ادعى مرتهنه ضياعه قبل استحقاق نصفه ففي ضمانه حظ المستحق، قولا ابن القاسم وغيره، قال: ويحلف لقد ضاع. اللخمي: إن كان الرهن بدينين قبضا أحدهما أو ثمن عبدين، استحق أحدهما أو رد بعيب أو بمائة ثمن عبد بيع بيعا فاسدا وكانت قيمته خمسين، فالرهن رهن بما بقي، وحكى ابن شعبان: يسقط منه بقدر ما اقتضى من الدين.

وفي "الموازية": من اقترض من له عليه مائة مائة على رهن بهما يسقط منه مناب المائة الأولى. وقال محمد: كله رهن بالثانية، كقولها، وعلى هذا يفض في الاستحقاق والرد بالعيب والطلاق قبل البناء فيسقط مناب الساقط، ومن أسقط دينارا في ثلاثين درهماً أخذ بها رهنا ففسخ، فإن ساوى الدينار الدراهم رهن، بكل الدينار وإن ساوى الدينار أربعين درهماً كان رهناً بثلاثة أرباعه فقط، فإن كانت قيمته عشرين ففي كونه رهناً بجميعه أو بثلثيه، ويسقط مناب العشرة الزائدة؛ لأنها كمستحقة قولان، ولو ادعى حائز لشيء ارتهانه وربه إيداعه فالمذهب تصديقه. اللخمي: إن شهد عرف لحائزه صدق، كالبقال في الخاتم ونحوه. ابن العطار: ولو ادعى حائز عبدين أنهما رهن، وقال ربهما: بل أحدهما صدق، ولو ادعى عن حائز عبد رهن جميعه، وقال ربه: بل نصفه صدق حائزه. قلت: الأظهر كالأولى. وفيها: من حاز جبة وقمطاً فهلك، وقال: هو وديعة، والجبة رهن، وعكس ربها حلف كل منهما على نفي دعوى الآخر، وأخذ الجبة رهناً ولا غرم على الحائز. ابن الحارث: ولأشهب القول قول الذي بيده الثوب، وقال يحيى بن عمر: إنما تكلم أشهب في التالف لا في الباقي، ولو وافق المدين عليه مائة لمن بيده رهن وزعم أنه في خمسين منها أو قيمته خمسين، وقال: حائزه في جميعها ففي قبول قول الراهن أو المرتهن قولا ابن القاسم فيها مع الصقلي عن محمد ونقله عن أشهب، وصوبه الصقلي: إن كان قبل حلول الأجل والرهن سواء عند حلوله مائة. وإن اختلفا في قدر دين الرهن وهو بيد مرتهنه صدق بيمينه في قدر الرهن في دعواه، فإن نكل ما ادعاه قدرها فأقل حلف وثبت حقه، وفي لزوم حلف الراهن على نفيها لبقي مؤنة بيع الرهن وعهدته نقل اللخمي، وقول محمد وصوبه اللخمي لخفة مؤنة بيعه ندور استحقاقه، ولم يحك ابن رشد غيره. عياض: لم يختلفوا أن للرهن شاهد للمدين، وأن القول من ادعى قيمته إلا ما وقع في العتبية: أن القول قول المرتهن أبداً، وإن كان قيمة الرهن ما أقر به الراهن، وهذا على

أنه شاهد على نفسه لا على الذمة. قلت: ما ذكره عن العتبية لم أجده فيها؛ بل قال ابن رشد: في سماع عيسى إن ادعى المرتهن أكثر من قيمة الرهن والراهن قيمته قبل قوله اتفاقاً، وإذا ثبت قول المرتهن بحلفه، فلابن رشد في سماع يحيى تحصيل الأقوال ثلاثة. مالك: يلزم الراهن افتكاك رهنه بقيمته سحنون، وعيسى بن دينار، ورواية ابن القاسم هو يخير في ذلك، وقيل: في إسلامه وفدائه بما حلف عليه مرتهنه، وعزاه في سماع عيسى لسماع يحيى ابن القاسم، وقيل: في الثاني هو مشهور قول ابن القاسم، ولو كانت قيمة الرهن أقل من دعوى قيمته وأكثر من دعوى راهنه، فقال ابن رشد: يحلف المرتهن على دعواه، وقيل: للراهن أحلف على دعواك، وذكر الأقوال الثلاثة. ابن زرقون: الذي في الموطأ هو مشهور المذهب أن الرهن شاهد على نفسه، ويخير الراهن. الباجي: إن كانت قيمة الرهن خمسة عشر، وقال الراهن: عشرة، وقال المرتهن: عشرون، فقال محمد: له أن يحلف على العشرين أو قيمة الرهن، ولعبد الحق عن بعض القرويين: إنما يحلف على قيمته كمدعي عشرين، وله شاهد بخمسة عشر، وهذا خلال نص المذهب لا أعلم فيه خلافاً بين أصحابنا إلا قول محمد: أنه يخير فيما ذكر والفرق بين الرهن والشاهد أن الرهن متعلق بجميع الدين والشاهد لا يتعلق له بما لم يشهد به، ألا ترى أن الراهن لو أقر بالعشرين كان الرهن رهناً بها ولو أقر بتصديق الشاهد لم تتعلق شهادته بغير الخمسة عشر فجاز أن يقال: يحلف مع الشاهد على خمسة عشر ومع الرهن على عشرين، وعلى التخيير إن حلف المرتهن على العشرين حلف الراهن ليسقط ما زاد على قيمة الرهن، إن نكل دفع إليه ما حلف عليه، وإن حلف المرتهن أولاً على خمسة عشر، فقال محمد: يحلف الراهن ليسقط بقية دعوى المرتهن إن نكل لم يقض للمرتهن لما زاد على قيمة الرهن لما تقدم من نكوله. الباجي: إن قلنا نكول المرتهن أولاً عن اليمين على الزائد مؤثر، ولم تغير الترتيب فلا معنى ليمين الراهن؛ لأنه قد سقط الزائد عن الراهن لنكول المرتهن عن اليمين التي حكمها أن ترضيه، وإن قلنا أنه غير مؤثر وليس له حكم النكول إلا بعد نكول الراهن

لترتيب فله أن يحلف فيستحق أو ينكل فيبطل. وما بيد أمين في كونه شاهداً ولغوه قولا محمد واللخمي عن القاضي، وصوب الأول الشيخ قال: أصبغ في العتبية: إن اختلفا والرهن بين أمين فالقول قول الراهن، قال: ونحوه ليحيى عن ابن القاسم، ولم يعزه الباجي إلا لأصبغ. قال أصبغ: لو قال المرتهن: هو في مائة دينار، وقال الراهن: في مائة أردب قمحاً إن كانت المائة أردب أكثر من المائة دينار؛ فالقول قول الراهن تباع، توفي منها المائة دينار، وإن كانت أقل؛ منها فالقول قول المرتهن. ابن رشد: إن فضل من ثمن المائة شيء وقف لإقرار كل منهما أنه لصاحبه، وأولهما رجوعا لقول صاحبه أحق به، وفيه اختلاف. قال بعضهم: والقول قول الراهن بغير يمين؛ لأنه سواء حلف أو نكل لا بد أن يباع من الطعام بالمائة دينار، وليس بصحيح لا بد من حلفه؛ لأنه إن حلف بيع على ملك المرتهن، وإن نكل حلف المرتهن وبيع على ملك الراهن، ولو باع السلطان دون حلف قضى، لو تلف الطعام قبل بيعه لزمت الأيمان إن حلف الراهن كان من المرتهن، وإن نكل وحلف المرتهن كان من الراهن، وإن كانت قيمة المائة أردب فالقول قول الراهن مع يمينه، وليس للمرتهن إلا لمائة أردب، فإن نكل حلف المرتهن وأخذ المائة، ولا كلام في هذا الوجه؛ لأن الرهن لا يشهد للمرتهن بصفة دينه إن اختلفا في نوعه، وإن كانت قيمتها أقل من المائة حلفا معاً؛ لأن كلا منهما مدعي مدعىً عليه بالدنانير، وهو مدع فيما نقص عن قيمة الرهن، والمرتهن مدع بالدنانير مدعىً عليه ما هلك من رهن لا يضمنه من تهمته للبينة بهلاكه أو لأنه لا يغاب عليه شهادته لغو. ابن رشد: وكذا ما استحق، لا أعلم فيه نص خلاف، وهذا على أنه لا يكون شاهداً على ما في الذمة، وعلى أنه شاهد على ما فيها يكون شاهداً له بقيمته يوم رهنه في جميع ذلك. وفيها: ما ضمنه مرتهنه واختلفا قبل في قيمته وصف المرتهن، وقوم وشهدت قيمته محمد عن أشهب إلا أن يتبين كذبه من قلة أن يذكر جداً. الصقلي: إنما أعرف بجر لهذا ابن القاسم.

عياض: ظاهر قوليهما القول قول المرتهن في قيمته أنه كذلك، ولو ذكر من صفة الراهن ما لا يشبه الدين، فإن الدين ليس بشاهد للدين، وهو قوله في الموازية خلاف قول أصبغ في العتبية، واختلف فيه قول أشهب فله في العتبية: القول قول المرتهن إن لم يذكر إلا ما يسوى درهماً كقول ابن القاسم، وقاله ابن عبد الحكم وابن حبيب، وفي نوازل أصبغ: أتى مرتهن بألف دينار له، برهن قيمته مائة، وقال الراهن: إنما رهنتك ثوب وشيء قيمته ألف دينار صدق؛ لأنه المشبه قوله: يحلف ويحاسبه بقيمته، وكذا كل متداعيين، وقول أشهب لي القول قول المرتهن، وإن أتى بما قيمته درهم باطل وإغراق. ابن رشد: لا يبعد رهن ما قيمته مائة في ألف ويبعد هذا في البيع، وقول أشهب إغراق في القياس، وقول أصبغ واستحسانه أظهر، وقد قال مالك: تسعة أعشار العلم الاستحسان. قلت: وذكر الباجي عنه من الثمانية، وقال: ليس هذا من شهادة الرهن، إنما هو من باب دعوى الشبه. قال في «العتبية»: لو اتفقا على أن الدين عشرة، وقال الراهن: قيمة الرهن عشرون، وقال المرتهن: ثلاثة، حلف على ذلك وسقط من الدين ثلاثة، وهذا على الدين لا يشهد لقيمة الرهن، وعلى أن قيمته إنما هي يوم يحتاج لبيعه كرهن ما لا قيمة له يوم الرهن كالثمر قبل إباره. وروى ابن وهب في المجموعة: إن نكل المرتهن حلف الراهن أن قيمته عشرون، وسقط دينه وأخذ عشرة، وقاله أصبغ، فإن نكل الراهن أخذ المرتهن ما فضل عن قيمة الرهن. أصبغ: لو جهل الراهن صفته ووصفه للمرتهن حلف، فإن نكل سقط حقه، وكان الرهن بما فيه، فإن قال المرتهن: لا علم لي بقيمته حلف الراهن على ما وصف إلا أن يأتي بمستنكر فللمرتهن أن يقول إنما ادعيت الجهل بتحقيق الصفة على وجه أحلف عليه، فإن أتى بما يستنكره، فأنا بصفة لا أشك أنها أفضل من صفة الرهن وهي دون صفة الراهن بكثير فيحلف على ذلك ويسقط عن نفسه ما يستنكر ولو سمع وصف الراهن ثم نكل ورد اليمين عليه كان للراهن ما حلف عليه، ولم يعتبر في ذلك

ما يستنكر، ولو أقر أولا بقيمة الرهن، فلما خالفه الراهن وصفه بصفة قومت بأقل من القيمة التي أقر بها، لزمه ما أقر به من القيمة الأولى. وسمع عيسى ابن القاسم: قيمة ما ضاع من رهن حلي أو ثياب يوم ضاع لا يوم رهن. ابن رشد: وقال بعده: قيمته يوم رهن، وليس باختلاف ففي قوله هنا أنه ظهر عندي يوم ادعى ضياعه، ومعنى قوله بعده: أنه لم ير من يوم رهن إلا أن تكون قيمته يوم ادعى ضياعه فيه أكثر من قيمته يوم رهن لو رئي عنده يوم رهنه بمدة صار يوم رئي كيوم رهن. وقال ابن دحون: هو اختلاف قال أكثر أقواله أنه يوم رهن وهو القياس؛ لأنه في ذلك اليوم دخل ضمانه، وليس بصحيح، وقال غيره: إنما يلزم قيمته يوم ضاع إن جهلت يوم رهن، وما بعده فلم يجعل ذلك اختلافا في وقت قيمته أقل لم يصدق، وفي وقت قيمته شاهدا خلاف الباجي، لابن نافع في النوادر إن كان قائماً فيوم الحكم، وإن هلك بيوم القبض، وقاله ابن القاسم في المدنية، وفي سماع عيسى يضمن قيمته يوم الضياع، وقال في موضع آخر: يوم الرهن، فعلى اعتبار تضمينه يوم الضياع بموضع يجب اعتبار تلك القيمة مبلغ الدين. وقال في ترجمة القضاء في الرهن في الحيوان، إثر ذكره الخلاف: وهذا ما لم يقم الرهن يوم الارتهان، ولو قوم بعشرة فضاع لزمته إلا أن يكون زاد في قيمته، أو نقصاً فيرد لقيمته إذا علم ذلك، قاله في العتبية، ولو اعدى من اقتضى من له عليه دينار أحدهما برهن أو حميل فيما اقتضاه أنه العربي عنهما، وأكذبه الدافع ولا بينة ففي قسم المقبوض عليهما في حلفهما وقبول قول القابض، ثالثها: قبول قول الدافع لرهونها، وكفالتها في حقين، أحدهما رهن والآخر كفالة مع سماع أبي زيد ابن القاسم، وابن كنانة مع رواية محمد بن صدقة، وعزا الصقلي الثاني لأشهب، زاده غيره، ولعبد الملك وسحنون. عبد الحق عن بعض شيوخه: إنما يصح قولها إن قلت: المائتان فإن كانت القولان، فالقول من الدافع؛ لأنه يقول: قصدت أخذ رهني بخلاف مسألة الحمالة في الحقين،

أحدهما قرض، والآخر من حمالة المؤجلتان كالحالتين. اللخمي: إن حل أحدهما فقط، فالقول قول من ادعى القضاء عنه، وإن لم يحلا واحدهما واحد أو متقارب قسمت بينهما، هذا ظاهر المذهب، والقياس قبول قول الدافع؛ لأنه متطوع، وإن بعد ما بينهما فالقول قول من ادعى آخرهما أجلاً. ابن رشد: ولو اختلفا عند القضاء، أي الحقين يبدأ به لجرى على هذا الخلاف، إلا أنه لا يمين في شيء من ذلك، وفرق في سماع أبي زيد من كتاب المديان بين اختلافهما عند القضاء وبعده، وعلى اختلاف وقع في الروايات، وللصقلي في الحملي عن محمد نكولهما كحلفهما في القسم على الحقين، قال: قال مالك: بيمين وحق بلا يمين. قلت: إن كان بعد حلوله حلف اليمين فلا فائدة لا ختلافهما، وقبله يجب لغو كونه عن ذي اليمين؛ لأنه لم يثبت بعد، ولو ادعى أحدهما بيان المدفوع عنه، والآخر إبهامه، ففي كون القول قول مدعي الإبهام، نقل محمد عن أشهب وعبد الملك قائلاً: هذا قول أشهب وعبد الملك خلاف قول ابن القاسم. الصقلي: على قوله يكون لمدعي ثلاثة أرباع الحق نصفه بالقسم بدعوى الإبهام، ويتنازعان في النصف الآخر فينتظر. بعض القرويين: إنما يصح قولهما بالقسم إن كان المتحمل عنه يوم الدفع معدماً وهو موسر، ولو كان على العكس أو معدماً فيهما، قبل قول القابض لتوجه الغرم على الدافع الآن، ولو كان موسراً فيهما قبل قول الدافع. الصقلي: هذا توقف غرم الحميل على تعذر غير طلب الغريم، وعلى قول ملك الآخر لا يقسم، وسمع عيسى ابن القاسم من ارتهن رهنا بغير بينة فادعى رده، وقبض دينه وأنكره الراهن حلف وضمن الرهن المرتهن. ابن رشد: لأن ما لا يصدق في تلفه لا يصدق في رده، ولا أعلم فيه خلافاً إلا ما في آخر سماع أبي زيد في الوديعة فيه دليل على تصديقه في دعوى رد الرهن المقبوض بغير بينة، وهو بعيد ولعله في الرهن الذي لا يغاب عليه. الشيخ عن سحنون في العتبية: إن ادعى الراهن أن ما قبض رهنه إلا بعد دفع الحق، وقال مرتهنه: سرقته مني أو اختلسته أو أعرتك إياه أو دفعته لك لتأتي بحقه قبل

قول مرتهنه إن قام بإثر حلول أجله مع يمينه إن نكل حلف الراهن وبرئ كالصانع يطلب الأجر إثر دفعه المتاع، ولو كان الحق حالاً متى شاء الطالب طلبه، وقال الراهن: قبضت الرهن منذ أشهر ودفعت حقه، وقال مرتهنه: بالأمس دفعته إليه كشف عن ذلك، وكان الأمر فيه على ما ذكرناه، فإن جهل صدق المرتهن ببينة، وقيامه كحلول الأجل. ابن رشد: في مختصر ابن عبد الحكم: كقول سحنون، وسوى بين وجده بما ذكر، وهو مفترق إن ادعى دفعه له ليأتيه له تخرج على قولين في سماع ابن القاسم، يصدق الراهن بيمينه خلاف قول سحنون، ولو يقر المرتهن بدفع الرهن لراهنه، وقال تلف به فسقط عليه، قبل قوله: اتفاقاً إن قام بالقرب، وإن ادعى أنه إعارة تخرج على ثلاثة أقوال: أحدهما قبول قول المرتهن بيمينه أنحقه باقٍ عليه، ويأخذه وليس عليه حلفه، لقد أعاره وهو الآتي على قول سحنون هنا؛ لأنه لو أقر أنه دفعه له ليأتي بحقه قبل قوله على مذهبه أنه ما قبض حقه إن قام بالقرب؛ فلا معنى ليمينه على ذلك، والثاني: أنه يحلف على الأمرين معاً، فإن نكل على أنه ما قبض حلفه حلف الراهن لقد دفع له، وبرئ، وإن نكل أن يحلف لقد أعاره، وقال: أحلف ما قبضت حقي لم يكن من الحلف على ذلك، وحلف الراهن ما أعاره إياه، ولا قبضه منه إلا على أن يأتيه بحقه، وقد دفعه له، وهذا يأتي على سماع ابن القاسم أن القول قول الراهن أنه أدى إليه حقه إن أقر المرتهن أنه دفع له الرهن على أن يأتيه بحقه، وقال: لم يأته به، الثالث: القول قول الراهن يحلف على الأمرين معاً إن نكل عن الحلف أنه دفع إليه حقه حلف المرتهن ما أخذ منه حقه، وإن قال: أحلف لقد دفعت له حقه ولا أحلف ... قبضت الرهن على وجه العارية لم يمكن من الحلف على ذلك، وحلف المرتهن على الوجهين معاً أنه ما دفع إليه دفع، وحلف المرتهن ما أخذ منه الرهن إلا على وجه العارية، وأنه لم يقبض حقه فيأخذه بحقه، وكذا إذا ادعى أنه سرقه منه أو اختلسه من يده وهو ممن يشبه ذلك دخله الأقوال الثلاثة في دعوى العارية، وكذا هذا إن اختلفا بالقرب، وإن طال فلا خلاف في قبول قول الراهن إن أقر المرتهن أنه دفع له الرهن ليأتيه بحقه فلم يفعل، وإن ادعى أنه أعاره أياماً وسرقه منه أو اختلسه وهو ممن يليق به ذلك صدق الراهن بيمينه أنه ما

سرقه ولا أعاره، وأن ما قبضه حتى وفاه حقه أو على أن يأتيه به، وقد فعل، فإن نكل حلف المرتهن وأخذه منه، وإن كان الراهن ممن يليق به السرقة والاختلاس فلا يمين على المرتهن في دعوى ذلك، فإن كان بالقرب جرى على القولين في تضمين الراهن في الدفع إن أقر المرتهن بدفعه له ليأتيه بحقه ولم يأته به، وإن كان بعد طول صدق الراهن اتفاقاً، ولو قال المرتهن: حلف له أو سرق فحصل بيده قبل قوله بالقرب، وقول الراهن بعد الطول اتفاقاً فيهما. وفيها: إن أمر السلطان من يبيع الرهن لقضاء الدين فباعه، وضاع ثمنه صدق في ضياعه، فإن اتهم أحلف وكان الثمن من الذي له الدين كقول مالك في ضياع ثمن ما باعه الإمام لغرماء المفلس أنه منهم، وإن قال المأمور: بعت الرهن بمائة قبضها المرتهن فأكذبه المرتهن صدق المرتهن، ولو قال المرتهن: إنما باعه بخمسين وقضانيها ضمن المأمور الخمسين الباقية لإقراره أنه باعه بمائة كمأمور بدفع مائة لرجل أقر بقبضه منه خمسين فقط. الصقلي عن بعض القرويين: إنما يكون الثمن من الذي به الدين على قول ابن القاسم: إن ثبت بيع الرهن ببينة، ولو لم يكن إلا قول المأمور: لم يبرأ الراهن من الثمن؛ لأن رب الدين لم يأتمنه على البيع، وخالفه غيره، وقال: ضمانه من المرتهن. الصقلي: وهو الصواب، وهو ظاهر الكتاب؛ لأن الإمام جعله أميناً لهما، ولو ضاع الرهن قبل بيعه كان على قول ابن القاسم من ربه، وعلى قول ابن الماجشون من رب الدين، ولو كان المرتهن هو الآمر ببيعه صدق المأمور مع يمينه أنه دفعه للمرتهن؛ لأن الوكيل على البيع مصدق في دفع الثمن إلى الآمر، فقول ابن الحاجب: لو قال الأمين: بعته بمائة وسلمتها إليك وأنكر المرتهن غرم له الأمين له ما أنكره يجب حمله على قولها لا على تقييد الصقلي.

كتاب التفليس

[كتاب التفليس] التفليس: الأخص حكم الحاكم بخلع كل ما لمدين لغرمائه لعجزه عن قضاء ما لزمه، فيخرج (بخلع ... إلخ) خلع كل ما له باستحقاق عينه موجبه منه دخول دين سابق عليه على لاحق بمعاملة بعده، والأعم قيام ذي دين على مدين ليس له ما يفي به، رواه محمد قائلاً يريد وحالوا بينه وبين ما له والبيع والشراء موجبه لغو دخول

إقرار المدين على متقدم دينه، يتقرر الأول بتوجه طلب في طلب المدين بأزيد مما يملكه المدين فكانوا جماعة فواضح، فإن طلبه أحدهم دونه ودينه أقل مما للمدين فكذلك. اللخمي عن محمد: إلا أن يرضى غرماؤه بإعطائه كل دينه، ولو قام بالمدين من حل دينه عليه وعليه دين لم يحل وما بيده كفاف دين القائم ففي تفليسه نقلا الصقلي عن القرويين وتبعه المازري. ابن محرز: إن قام من حل دينه ومن لم يحل لم يفلس إلا أن يغترق ما حل بيده ولم يفضل عنه إلا يسير لا يرجى في حركته به أداء حقوق الآخرين. اللخمي: في الموازية: إن كان ما بيده أكثر مما حل عليه لم يفلس وليس بحسن، إلا أن يكون ما فضل عما حل أن إن تجر به وفي حق الآخرين عند حلوله، وما ذكره اللخمي استثناء ذكر المازري على أنه تأويل لبعض الأشياخ قال وهو بناء على أحد قولي الأشياخ في تفليس من بيده قدر ما حل عليه فقط. اللخمي: إن قام ذو دين على مدين فليس لغيره عليه قيام مما لم يحل له عليه لم يفلسه به إن لم يتغير حاله من يوم داينه ولا كان غره من فلس، فإن تغيرت بإتلاف يخشى به عدمه حين حلول الدين حجر عليه وحل دينه إلا أن يضمن له أو يجد ثقة يتجر فيه فينزع منه ويدفعه له، وإن غره من فلس فلا مقال له عند مالك والأبين أن له أخذ سلعته؛ لأن العسر عيب. قلت: قول مالك هو نصها في المساقاة وقول اللخمي في تفليسه في دين لم يحل، وأن العسر عيب خلاف المذهب. قال المازري: إذا كانت الديون مؤجلة لم يفلس بها، والمذهب حلول دين المفلس المؤجل بتفليسه كالموت مطلقاً. وسئل السيوري وبعض متأخري المغاربة بعدم حلوله فيهما خلاف المذهب، وقبول ابن عبد السلام استقراء السيوري من قولها: إن مات عامل القراض بيد المال

بيد وارثه يعمل فيه إن كان أميناً أو أتى بأمين واضح سقوطه؛ لأن مال القراض ليس ديناً على العامل إجماعاً إنما هو أجير فيه، ووجه عمل وارثه فيه مذكور في القراض. اللخمي: القياس إن أتى المفلس بحميل أن يبقي ما عليه لأجله؛ لأن تعجيله إنما هو خوف أن يكون له عند الأجل شيء، ولابن رشد عن سحنون: لا يحاصص دون الدين القرض المؤجل بقيمته حالاً؛ بل على أن يقبض لأجله، قال: وهو بعيد. قلت: ففي حلول المؤجل بتفليسها، ثالثها: إن لم يأتي بحميل به، ورابعها: إن لم يكن عرضاً للمعروف، وقال السيوري: وفيه وفي الميت واللخمي وسحنون. وفي تفليس في ذي الغيبة طريقان: اللخمي: قريب الغيبة كالحاضر بالكتاب إليه، ومن بعدت غيبته حاله وشك في قدره لوجوده فلس، وإن علم وجوده وفيه وفاء، فلابن القاسم: لا يفلس، وأشهب: يفلس. أصبغ: ويكتب بتفليسه؛ ليستتم عليه وهو أحسن إن بعد كالأندلس من مصر أو دونه إن كان لا يقدر على اقتضاء الحق عند حلوله ولا بعده يسير؛ لأن محمل الغائب على السلامة، فإن وفي الحاضر بما عليه لم يفلس فيه وإلا فلس لمن حل دينه له ولم يأخذ سلعته ولم يكن مفلساً لمن لم يحل دينه، وإذا فلس بجميعهم فلس به وتساوى الغرماء في مواضعهم فيما يجب لكل واحد من الحصاص كما لو حضروا مع كل ماله في موضع واحد وحكم غيبته وغيبة ماله سواء. الصقلي عن محمد بقول ابن القاسم: قال أصبغ: استحساناً. قال: والقياس قول أشهب. وقال بعض فقهائنا: في قول أصبغ: يكتب بتفليسه نظر؛ لأن أشهب إنما فلسه لإمكان تلف المال، فإذا وصل إليه فكيف يحل عليه المؤجل وهو ملي، أرأيت لو قدم لما له أن يكون لمن لم يحل دينه أن يأخذ بقية دينه قبل حلوله، والأشبه أنه ليس لهم ذلك، وظاهر قول أصبغ أن لهم ذلك؛ وكأنه حكم مضى بحلول ديونه، وعليه لو فلس وعليه غرماء لم يحل ديونهم ثم ورث مالاً كان لهم أخذ بقية دينهم قبل حلوله منه، والأشبه أنه لا يكون لهم ذلك.

ابن رشد: بعد ذكره قولي ابن القاسم وأشهب؛ إنما الخلاف عندي فيما هو على مسيرة العشرة الأيام ونحوها وما بعد كالشهر ونحوه فلا خلاف في تفليسه وإن عرف ملاؤه. قلت: هو خلاف ما تقدم للخمي ففي كون البعيد كالشهر مختلفا فيه طريقان. ابن الحاجب: والبعيد الغيبة لا يعرف ملؤه بفلس، وقال أشهب: ولو عرف. ابن عبد السلام: فيما حكاه عن أشهب قصور؛ لأنه لا يتناول من كان معروف الملاء ويتبين لك ذلك بأن نسوق كلام ابن يونس بذكر ذلك. قلت: لا يخفى على ذي فهم أن قول ابن الحاجب، ولو كان عرف أنه يتناول من كان معلوم الملاء تناولا نصاً، وقول ابن الحاجب: لو مكنهم الغريم من ماله فاقتسموه ثم تداين فليس للأولين دخول في ذلك إلا أن يكون فيه فضل ربح كتفليس الإمام هو نص سماع ابن القاسم، ومثله سماع أصبغ روايته. وفيه قال ابن القاسم: ولو قاموا عليه فلم يجدوا في يده شيئاً فتركوه لم أره تفليساً، فإن بعد ذلك دخل الأولون على الآخرين؛ لأنهم لم يرفعوه إلى الإمام فلم يبلغوا من كشفه ما يبلغه الإمام. ابن رشد: هذا حد للتفليس المانع دخول من فلسه على من عامله بعد ذلك، وحد التفليس المانع قبول إقراره قيام غرمائه عليه أو قيامهم فيستتر عنهم. قال محمد: ويمنعونه من التصرف في ماله فالأعم. قال ابن رشد: يمنع إتلاف شيء من ماله لا يعوض فيما لا يلزمه مما لم تجر العادة بفعله كالهبة والعتق لا ما لزمه من نفقة أبيه وابنه ونفسه، ولا ما جرت العادة به من كسوة السائل والأضحية ونفقة العيدين دون سرق في الجميع، وماه عوض معتاد فعله كالنكاح ونفقة الزوجة بخلاف ما ليس معتاداً كنفقة حج التطوع، وفي نفقة حج الفرض نظر، وقد يأتي على كونه على الفور أو التراخي، وانظر في جواز تزويجه أربعاً. قلت: الظاهر منعه ثانية لقلته عادة، وكذا طلاقه وتكرر تزويجه لمطلق شهوته. المازري: تخريج القاضي عتقه وهبته على قضائه بعض غرمائه أنكره بعض شيوخي؛ لأن قضاءه بعض غرمائه يؤدي إلى الثقة به في معاملته، وإذا عومل نما ماله،

ويجوز بيعه وابتياعه دون محاباة وإقراره لمن لا يتهم عليه جائز اتفاقاً ولمن يتهم عليه باختلاف، وفي صحة قضائه بعض غرمائه، ثالثها: ما لم يتشاوروا في تفليسه لابن رشد عن أصبغ، وعن ثاني قوليهما وسماع عيسى. قال ابن رشد: مفسر لأول قوليهما. وفيها: قضاؤه بعض غرمائه أو رهنه إياه رجع مالك إلى إجازتهما، وذكرهما الباجي عن الواضحة. قال ابن القاسم: وعلى إجازته جميع الناس. قلت: هو نصها في المديان، وذكر ابن رشد الأقوال في قضائه في رهنه، وفي المديان منها قضاء المريض المغترق دينه ماله بعض غرمائه لا يجوز؛ لأنه تأليج، وقال غيره: هو كالصحيح في تجره، وإقراره بالدين لمن لا يتهم عليه. المازري: قصر السيوري الخلاف في قضاء بعض غرمائه على إمساك بعض ماله يعامل به الناس. قال: ولو قضى كل ما بيده بعض غرمائه لم يجز اتفاقاً للمعنى الذي فرق به بين من إعتاقه وقضائه بعض غرمائه، ونحوه رأيت في بعض التعاليق عن بعض القرويين أنه لو عجل ديناً لبعض غرمائه قبل حلوله لم يختلف في رده؛ لأن لم يعامل على ذلك وحكيته في بعض الدروس بحضرة بعض المفتيين فقال: يرد من وجه آخر هو أن قيمة المؤجل أقل من عدده معجلاً؛ فالزائد على قيمته هبة ترد اتفاقاً، وهذا صحيح ويبقى النظر هل يرد جميعه أو ما زاد عدده على قيمته مؤجلاً. قلت: في جعله إياه محل نظر؛ لأن ما زاد يؤدي إلى ضع وتعجل، وذلك زوال فاسد ظن آدمي بارتكاب فاسد لحق الله، والأخص يمنع ما منع الأعم ومطلق بيعه وشرائه. اللخمي: إن باع بعد الحجر بغير محاباة نظر، فإن كان إمضاؤه حسناً أمضى، وإن كان بخساً رد، وإن شك فيه التبس به الزائد فإن لم يوجد أمضى هذا إن كان الثمن قائماً، فإن أنفقه رجعوا إلى السلعة إلا أن يرضى المشتري بدفع ثمن آخر، وإن اشترى بعد الحجر على المال الذي فلس فيه رد إلا أن يكون فيه فضل ويقرب بيعه إلا أن يرضى

البائع أن يباع له ولا يدخل مع الغرماء، وإن اشترى على أن يقضيه من غير ما حجر عليه فيه جاز؛ وهو مقتضى قول ابن الحاجب وتصرفه شارطاً أن يقضي من غير ما مر عليه فيه جائز. قلت: ونحوه قول المازري إن كان بيعه وشراؤه مصرفاً لذمته كسلم يسلم إليه فيه الأجل بعيد يصح العقد إليه، وما في معناه لم يكن لغرمائه منعه من ذلك؛ لأنه مخير وهو غير متعلق بالمال الذي استحقوه. قال ابن الحاجب: وفي معاملته ثالثها: بالنقد لا بالنسيئة، ورابعها: بما يبقى لا بما يذهب، ويعني بالنقد أن يشتري ما ينتقده لا ما يتأخر، وما يبقى فسره ابن عبد السلام كشرائه الربع وابن هارون بالمتاع والثياب، قال: بخلاف المنافع وما له من الطعام وسكت عن ثبوت هذه الأقوال في المذهب وعدم ثبوتها. قال ابن عبد السلام: لست على وثوق من نسبة هذه الأقوال للمذهب بل رأيت من الحفاظ من ينكرها. قلت: من أمعن النظر والبحث علم ضرورة عدم وجودها في المذهب، وكل المذهب هو ما قدمناه من وقف تصرفه على نظر الحاكم رداً وإمضاء، وهذا هو نقل المازري وابن رشد وغيرهما من حفاظ المذهب، فالله أعلم من أين أتى هذا الرجل بهذه الأقوال، قم قال: ويمضي عتق أم ولده، ورده المغيرة. ابن عبد السلام: وليس الخلاف كالخلاف في إعتاق السفيه أم ولده؛ لأن نظر المفلس صحيح إنما حجر عليه في مال مخصوص لو سقط الدين الذي فلس فيه زال حجره والسفيه محجور عليه من أكثر الوجوه، وكثير من أهل العلم لا يزال حجره بانتقال حاله للرشد حتى يحكم الحاكم بإطلاقه. قلت: تفرقته بين إعتاق المديان أم ولده وإعتاق السفيه أم ولده يقتضي أن مسألة إعتاق أم الولد منصوصة في المفلس نفسه ولا أعرفها كذلك. قال اللخمي في كتاب الحجر: من آخر كتاب المديان اختلف في عتق المحجور عليه أن ولده فأمضاه ابن القاسم في المدونة، ورده المغيرة في كتاب ابن سحنون؛ لأنها بمنزلة رقيقه مما يدخل عليه فيها من الرفق، وإن أمضى عتقه التمس زوجة أو جارية،

وعلى جواز عتقها روى محمد يتبعها مالها. وقال ابن القاسم: لا يتبعها إلا أن يكون يسيرا هو أشبه، وكذا نقله المازري وعزو اللخمي إمضاء عتقها لابن القاسم في المدونة يدل على أنها في السفيه لا في المفلس؛ لأنها في المدونة إنما هي في المفلس، ويأتي شيء من هذا في الحجر. وفيها: ما ليس للمولى عليه فيه إلا المتعة فعله فيه جائز فيجوز طلاقه. قلت: فأحرى خلعه. ابن شاس: تصرف المفلس من غير مال كطلاقه وخلعه واستيفاء القصاص وعفوه واستلحاق النسب ونفيه بلعان، وقبوله الوصية صحيح. المازري: في إمضاء المولى عليه عن قذفه وقصاص وجب عليه قولا ابن القاسم والأخوين وغيره عن قصاص قاتله ماض على قول ابن القاسم بعدم جبر القاتل على الدية، وعلى قول أشهب وأحد قولي مالك بجبره يتخرج جواز عفوه عنه على الخلاف فيمن ملك أن يملك. وفيها: من أقر لرجل عند التفليس بمال دخل فيه مع من داينه وما بعد التفليس لا يدخل فيما بيده بعد مال، فإن أفاد مالاً بعد ذلك دخل فيه مع من بقي له من الأولين للشيء. اللخمي: إقراره قبل احجر لمن لا يتهم عليه جائز ولغيره كالأب والأخ والزوج يختلف فيه وألا يجوز أحسن. الصقلي عن ابن بشير: إقراره ما دام قائم الوجه في ماله جائز، واستحسن إن قرب تفليسه فإقراره لمن يتهم عليه من ولد أو والد باطل. المتيطي: المشهور أنه لا يجوز إقراره، وقاله ابن بشير وبعد القيام عليه جائز إن كانت ديون القائمين عليه بغير بينة أو ببينة وهي لا تستغرق ما بيده أو تستغرقه وعلم تقدم معاملته من أقر له وتقاضيه منه وأشبه ما أقر له به مداينته له. المتيطي: إقراره عند الحاكم إنما يثبت منها أقر به في مجلسه أو قربه، رواه محمد وما بعد ذلك لغو في ذلك المال؛ لأنه بتمام إقراره حجر عليه، وقال ابن أيمن: من حل دينه وادعى العدم وأقر بآخر لم يدخل على الأول إلا ببينة إن كان الأول ببينة، ولابن لبابة:

من فلس وطلق المرأة وقامت بصداقها؛ فهو كدين حادث بعد تفليسه. المتيطي: وفيه نظر لا فرق في قيامها بدليل كونها زوجة أو مطلقة. اللخمي: والشيخ في لغو دخول إقراره على دين القائمين ببينة لمجرد قيامهم عليه أو بسجنهم إياه، ثالثها: لقيامهم إن حالوا بينه وبين ماله ومنعوه البيع والشراء لقولي مالك ومحمد. اللخمي: الصواب إن بادر بعض غرمائه بالحجر عليه أن يسأله الإمام عن ديونه فيثبت ما اعترفا به ويشهد عليه ولو لم يقبل إلا قول من يرفعه للحاكم بطلت أموال الناس؛ لأن أكثر بيعهم دون بينة ولو قال بعد أن كشف عن ديونه نسيت كذا قبل قوله بالقرب، وقد قبلوا قول عامل القراض قرب تسليم ماله أنسيت النفقة. قلت: ما استصوبه هو قول المقدمات عن ابن حبيب، قال إن أقر قبل أن يستسلم ويسكت جاز؛ إذ لا يقدر على أكثر منه، وروى عن مالك إقراره لمن علم له تقاض منه مداينة وخلطة جائز مع يمينه ويحاص من له بينة. قلت: وحكاه الشيخ عن مالك في الموازية. قال المتيطي إثره: وقال ابن نافع: إقرار من تعين فلسه لا يجوز وهو خلاف ما في المدونة وغيرها، وذكر المازري ما استصوبه اللخمي من قبول قوله بعد كشفه وتمسكه بمسألة القراض، ورده بأن قبول إقرار المفلس بعد حكم الحاكم بحجره نقص لحكم الحاكم بخلاف المقارض، فإن دفعه المال غير مناف لبقاء حق له، فاهر المذهب عموم قبول إقراره بعد الحجر عليه. قلت: حاصله أنه قبل قيام الغرماء عليه لمن لا يتهم عليه ماض فيه اتفاقاً ولمن لا يتهم عليه نقلا اللخمي وقبل القيام عليه قبل الحكم بحجره لمن لا يتهم عليه نقلا اللخمي والشيخ الثلاثة الأقوال، وبعد الحجر عليه مقبول على من ليس دينه ببينة إن قارنه أو قاربه، وفي قبوله على من دينه ببينة كذلك ولغوه، وثالثها: يقبل لمن علم له تقاضى منه للخمي مع نقل ابن رشد عن ابن حبيب ونقله رواية. وفي المقدمات: لو أقر بمعين كقوله هذا قراض لفلان أو وديعة ففي قبوله، ثالثها: إن كان على أصلهما بينة صدق في التعيين لمساع عيسى رواية ابن القاسم وسماعه مع

سماع أشهب، وقول ابن القاسم في ثاني وصاياها وسماعه أبو زيد. قال في سماع ابن القاسم وقبل سماع أبي زيد مفسر: أنه مفسر لأحد القولين، وقيد الأول بأنه مع يمين المقر به، وزاد في سماعه في تضمين الصناع كون المقر له ممن يتهم عله ولم يعز ابن شاس الأول إلا لأصبغ قائلاً لو لم يعين المقر به بطل؛ لأنه إقرار ودين، وتعقبه ابن عبد السلام ما عزاه كثاني وصاياها، بأن ظاهره عدم التعيين يرد بأنه في لفظها نكرة في سياق النفي فتعم المعينة وغيرها، وقولها من عامله بعد تفليسه أحق بما بيده من متقدم غرمائه في قدر ما عامله به إلا فيما أفاده من ربح وغيره تفسير قول ابن شاس. والمال المتجدد يحتاج لحجر ثان واضح فيما علم تجدده، وما جهل يحتاج لبيان من الطرر من الاستغناء إن وجد بيد المفلس بعد قسم ماله وتركه يسعى في معاشه ثوب أو شيء وقام فيه غرماؤه فقال: هو لفلان أبيعه له أو أحمله له إلى كذا قبل قوله بيمين ربه إن ادعاه؛ لأنه لو أقر بدين قبل. قال: وما وجد بيد المفلس بعد تفليسه فادعى فيه ذلك لم يقبل إلا ببينة لمن ادعاه أو يكون ممن يبيع هذه الأشياء ويحملها، وقول ابن شاس: أجرة الكيل والحمل بما يتعلق بمصلحة الحجر عليه مقدم على ديونه؛ لأنه لو لم يقدم ما وجد أجيره، وتقدم القول في أجرة بيع الرهن. وقول ابن شاس: أجرة الكيل والحمل بما يتعلق بمصلحة الحجر عليه مقدم على ديونه؛ لأنه لو لم يقدم ما وجد أجيره، وتقدم القول في أجرة بيع الرهن. اللخمي في كتاب الشهادات لابن حبيب عن الأخوين: إن نكل مدين على الحلف مع شاهد له بدين قبل الضرب عليه؛ فليس لغرمائه الحلف معه وبعده لهم ذلك يحلف كل منهم أن ما شهد به الشاهد حق يحلف على جميعه لا على ثبوته، ومن نكل بطل حقه فيه. وفي صحة رجوعه لعد نكوله قبل الحكم بمقتضاه قولا ابن حبيب ومطرف ومن حلف. قال ابن الماجشون: له بقدر حظه. ابن عبد الحكم: له قدر حقه من كل ذلك الدين، وعزا الصقلي قول ابن الماجشون لوراية عيسى، قال: وقال بعض القرويين ينبغي أن يكمل بعض الغرماء ولا فضل في

الدين أن يحلف الغريم ويسقط عنه حق من نكل وليس لبقية الغرماء إن لم يكن في الدين ... وفاء بحقوقهم أن يأخذوا ما نكل عنه كما لم يكن للورثة إن نكل الغرماء وحلف الورثة أخذ ذلك. وسمع عيسى ابن القاسم: من مات مدينا بمهر زوجه وغيره وقام له شاهد بوضعها مهرها بصلح مع زوجها حلف غرماؤه واستحقوا حقوقهم فإن أبوا حلف من رضي واستحق حقه. ابن رشد: هذا صحيح كقول مالك في شاهد الميت: أن الغرماء يحلفون معه، ولابن حبيب عن أصبغ: أن الغرماء لا يحلفون في أمر الميت؛ لأن حلفهم رجم بالغيب، وهو بعيد، وأنكره سحنون، وقال: ليس رجما بالغيب، إنما يحلفون بخبر مخبر، كحلفهم على إثبات دين له، وقوله: حلف من رضي واستحق حقه؛ يريد: وترجع اليمين على المرأة في حق من نكل منهم فتحاص بذلك من حلف، وقيل: يبطل حقها بيمين من حلف؛ لأنه لا يحلف أن ما شهد به الشاهد حق؛ إذ لا تبعض شهادة الشاهد، ويلزم على قياس هذا القول الاكتفاء بيمين احدهم، فيقال لهم: إما أن يحلف واحد منكم مع الشاهد، وإنا أن ترجع اليمين عليهما فيحلف على تكذيبه، وتحاصكم بكل حقها، وظاهر قوله: يحلف الغرماء ويستحقون تبدئتهم على الوراثة، وفيه تفصيل إن فضلت التركة ديونهم بدئ الورثة اتفاقاً إن حلفوا بطل دين المرأة، وإن نكلوا حلف الغرماء واستحقوا حقهم، وحلفت وأخذت في دينها ما فضل عن دين الغرماء، وإن نكل الغرماء معهم حلفت واستحقت دينها وحاصت بجمعية في متروك الميت، وإن لم تفضل التركة الديون ففي تبدئة الورثة على الغرماء وعكسه قولاً ظاهر الموطأ ورواية ابن وهب، واختارها سحنون وتأول قوله في الموطأ فقال: إنما تبدأ الورثة؛ لأن الغرماء لم يحلفوا بعد ما قبضوا دينهم، ولو كانوا مبدئين باليمين، هذا تأويل بعيد والصواب أنه اختلاف قول وهو جار على اختلافهم في تعليل الدين النائب على المتوفى هل هم متعين في تركة الميت أو في ذمته، فمن علله بأنه متعين في ذمة الميت بدأ الورثة، ومن علله بأنه متعين في عين التركة بدأ الغرماء، ووجه هذا الاختلاف في التعليل أن الميت لا يطرأ له مال إلا نادر من رعاه، قال: دينه في ذمته؛ لأنه إن تلف ما ترك وطرأ له ما

لم يعلم به تعلق الدين به اتفاقاً ومن يراعي ذلك النادر قال: لا ذمة للميت فدينه متعين في تركته فوجه تبدئة الورثة باليمين، وإن لم يكن في التركة فضل عن الدين هو أنه قد يطرأ للميت مال فيكون في حقوقهم اليمين مع الشاهد على إبطال دين المرأة؛ ليستحقوا ذلك المال الطارئ، وقو ابن الحاجب: (ويمنع من السفر بالدين المؤجل إلخ) تقدم بيانه في السلم. وفيها مع غيرها: يبيع الإمام ما ظهر للمفلس. المتيطي وابن فتوح: شرط بيع القاضي مال المفلس لقضاء دينه ثبوت الديون وحلف أربابها على بقائها كيمين بقاء الدين على الميت وثبوت ملك المفلس ما يبيعه عليه. قلت: وقول ابن عبد السلام في حلف كل منهم بقاء دينه إلى آخر فصول اليمين تردد بين الحكام لا أعرف سقوطها من قبل الحاكم إما بتراضيهم وعدم مناكرة الغريم إياهم فظاهر. وفي طرر ابن عات: لو لم يثبت ملك المبتاع له وثبت أنه وجد في ملكه وتحت ثقابه فإن ذلك يكفي كذا في وثائق ابن فتوح فيما يبيعه صاحب الموارث، وفي أحكام ابن سهل في ذلك قولان للشيوخ. قلت: في أحكام ابن سهل شاهدت فتيا أهل طليطلة إن دعا الطالب؛ لتفتيش مسكن المطلوب حين دعواه العدم بالحق فتش فما ألفى فيه من متاع للرجال بيع، وأنصف الطالب منه لم يختلفوا في ذلك وأنكره ابن عتاب وابن مالك، وقال: أرأيت إن ألفى في بيته ودائع. قلت: ذلك محمول عندهم على أنه ملكه حتى يتبين خلافه، قال: فيلزم وقفه حتى يعلم هل له طالب وأعلمت ابن العطار بذلك فقال: وما يبعد ولم ينكره، وأنا أراه حسنا فيما ظاهره اللدد والمطل. قلت: وحكم به ابن عبد السلام في أول ولايته فأنكره عليه من له ظهور عند السلطنة من متفقه صنف المرابطين فكف عن تنفيذه الحكم به، وقول ابن الحاجب: لا يكلف الغرماء إلا غريم سواهم هو مقتضى قولها مع غيرها ليس الاستيناء في البيع على

المفلس كالميت؛ إذ لو كلف الغرماء أن لا غريم سواهم ما احتيج لنفي الاستيناء في المفلس وإثباته في الميت. وفيها: من رواية ابن وهب ليس الغائب في الاستيناء في بيع عروضه في ديونه، ولعله كثير المداينة لغير من حضر كالميت في الاستيناء لاجتماع من يطرأ من غرمائه لبقاء ذمة هذا وزوال ذمة الميت، وجعله غيره كالميت يستأنى به إن كان معروفا بالدين، وإن لم يعرف بالدين قضى لمن حضر ولم ينتظر به. اللخمي: من لا يعرف بالدين قسم ماله لغرمائه عاجلاً، وإن كان معروفاً به استؤني في موته وفي فلسه قولان والأحسن الاستيناء، ولابن رشد في رسم الجواب من سماع عيسى: يباع مال الغائب لغرمائه اتفاقاً، وفي الاستيناء به قولان لابن القاسم وغيره من الرواة. في المدونة: ولظاهر هذا السماع من رواية ابن وهب في بعض رواياتها هذا في الحاضر والقريب الغيبة وبعيدها يستأنى فيه إن خشي أن يكون عليه دين اتفاقاً. الشيخ عن ابن حبيب: قال أصبغ: من فلس أو مات وعليه دين أمر القاضي من ينادي بباب المسجد، ويجتمع الناس أن فلان بن فلان مات أو فلس فمن له قبله دين أو قرض أو وديعة أو بضاعة، فليرفع ذلك للقاضي كفعل عمر في الأسيفع، وفي النوادر: قال مالك في موضع آخر: شأن بيع السلطان أنه بالخيار ثلاثة أيام. قلت: تقدم أنه نص عتقها الأول. الشيخ: قال سحنون في غير مسألة من بيع السلطان ويبيع بالخيار: لعل زائداً يأتيه، ولم يذكر الأجل في الخيار، وسأله شجرة هل للسلطان أن يشتري ما باعه بالمزايدة على غائب أو مفلس أو طفل من مبتاعه؟ لا أحبه إلا أن تتداوله الأملاك فتسقط الظنة. اللخمي: لا يباع مال المفلس بالحضرة ويستأني به لشهر. قال مالك: يستأني في الدور والأرضين الشهر والشهرين، وفي الحيوان والعروض يسيرا والحيوان دون ذلك. اللخمي: إن كان العطاء الأول مستوفى لا ترجى عليه زيادة أن البدار للعقد

أو لا خوف أن ينثني رأيه عن الشراء أمضى، وكذا إن أخذه بعض الغرماء بما لا ترجى بعده زيادة، والعادة أن يبيع القاضي على خيار وإن لم يشترط إلا أن يجهل المشتري العادة؛ فله القيام بالتنجيز رداً أو إمضاء. وسمع ابن القاسم: يستأني بالعروض مثل الشهر والشهرين كالدور وما أشبه ذلك، ويستأني بالحيوان الشيء اليسير لا كالعروض. ابن رشد: لفظه مشكل؛ لاحتمال أن العروض يستأني بها الشهر والشهرين كالدور، ويحتمل أن يكون قوله: مثل الدور تفسير للعروض فيكون معنى قوله: إن العروض التي هي الدور يستأني بها الشهر والشهرين بخلاف الحيوان، ومثله في الموازية: أن الدور يستأني بها ذلك ففي الاستيناء بالعروض الشهرين أو الأيام اليسيرة كالحيوان اختلاف، وكون الحيوان لا يستأني به إلا اليسير لأجل كلفة النفقة، والنظر في العروض أن يستأني بالرفيع الكثير الثمن منها الشهر والشهرين وما دون ذلك الأيام اليسيرة، ويسير الثمن كالحبل والدلو والسوط يباع من ساعته وعروض بيع دينه قبل أجله بعدم بيع زرعه قبل بدو صلاحه، وأجاب ابن محرز: بأنه فساد والدين لا فساد فيه؛ إنما فيه نقص من قدره وهو لغو لو كما كانت عروضه كاسدة ولها أسواق ترجى فإنها لا تدخر إليها، وفي المقدمات وجه التحاصص صرف مال الغريم من جنس دين الغرماء دنانير إن كان دنانير أو دراهم إن كان دراهم أو طعاما إن كان طعاما، فإن اختلفت أصناف ديونهم صرف المال عينا دنانير أو دراهم بالاجتهاد إن كان الصنفان جاريين بالبلد، ويباع ماله من ديون إلا أن يتفق الغرماء على تركها لحولها، ويحمل جميع ديونهم إن كانت صفة واحدة أو قيمتها إن كانت مختلفة حلت أو لم تحل؛ لأن التفليس يقتضي حلولها كالموت هذا قول ابن القاسم. وقال سحنون: العرض المؤجل يقوم يوم التفليس على أن يقبض لأجله وهو بعيد؛ لأن المال لو كان به وفاء لعجل له حقه أجمع، وإذا قاله في العروض؛ فيلزم في العين المؤجل، وهذا لم يقله هو ولا غيره فيقدر مال المفلس بقدر ما يصير لكل ذي دين من دينه. قلت: هذا الأصل مقرر في قسم التركات من كتاب القراض، وقد استوفيناه في

اختصار الحوفية ومن لم يكن دينه من صنف مال الغريم ابتيع له بما صار له صنف دينه، فإن أراد أخذ ما كان له عينا لم يجز إن كان دينه طعاما من سلم، وجاز إن كان من قرض، وإن كان الذي له عرض من سلم؛ لم يجز، وقيل: إنه جائز؛ لأن التفليس يرفع التهمة وهو جائز على اختلاف في مسألة سماع أشهب من كتاب السلم والآجال. قلت: حاصل ما فيها أن في رفع التفليس حكم التهمة روايتان لغير ابن حبيب، ولابن زرقون: ولأن حكم التفليس يرفع التهمة خير. ابن القاسم في سماع عيسى: من باع عبدا ففلس مشتريه وقد أبق بين حصاصه للغرماء وبين طلبه للعبد، وقال أصبغ: ليس إلا المحاصة. قلت: فيها لابن رشد نظر يأتي. قال في المقدمات: ولو أراد أخذ ما صار له في المحاصة بجميع حقه جاز إن كان ما صار ما له فيها مثل رأس ماله فأقل إلا أن يكون للدين طعام سلم؛ فلا يجوز إلا أن يكون حظه في المحاصة مثل رأس ماله ولو كان طعام قرض جاز مطلقا، وإذا وجب الشراء له مثل ما صار له في المحاصة بالعروض مثل ماله، فإن غلا السعر أو رخص فاشترى له أقل لغلائه أو أكثر لرخصه فلا تراجع بينه وبين الغرماء إلا أن يكون فيما صار له أكثر من حقه فيجب فضله للغرماء، وإنما التحاسب في زيادة ذلك ونقصانه بينه وبين الغريم فيتبعه بما بقي بينه ومن حقه قل لرخص سعره أو كثر لغلائه. قلت: وأصل هذا في رسم العرية من سماع عيسى وفي سماع أصبغ وسماع ابن القاسم، وفيه ما صار في المحاصة لذي كراء مضمون اكترى له به إلى الجهة التي يريد السير إليها ونحوه للباجي. قال: ولو كان السلم في وصيف فطار له ما يشتري به نصف وصيف خير بين أن يشتري له ذلك ويتبع المفلس ببقيته وبين أن يترك حتى يصير فيأخذ منه وصيفا كاملا. وفيها: مع غيرها ينبغي للقاضي أن يقف لمن غاب من غرماء المفلس حظه ثم إن هلك كان منه. الصقلي: وقال أشهب هو من الغريم ورواه عن مالك. قلت: هذا وهم، إنما قاله أشهب، ورواه أشهب فيما وقف للقسم بين الغرماء لا

فيما قسم وعين وقفه لشخص معين هذا هو نص في الرواية. قال الشيخ: إثر نقله إنما وقف من الغرماء، وأما على رواية أشهب؛ فهو من المديان حتى يصل لأهل الدين أو يضعه لهم الإمام أو يعزله لهم الوصي، ونحوه قولها في الزكاة الأول إن قبض الوصي مالا عينا للأصاغر والأكابر لم يكن حوله لهم من يوم قبضه حتى يقتسموه، وللصقلي مثل هذا في ترجمة إقرار المريض على ضمانه في كونه إن تلف بقدره من الدين لا كله لا كأكله إن طرأ غريم قبول المازري قول بعض الحذاق محتجا بقياسه على ضمان المشتري ما استحق من يده عن معروف المذهب، والأول هو اختيار التونسي قائلا فيها: إن ثبت ضياع ما بأيديهم لم يضمنوه للقادمين وعزا الأول للمازرية. اللخمي: في آخر ترجمة الوصي أو الوارث يقضي بعض غرماء الميت اختلف إن قضى الحاكم للحاضر من غرماء المفلس بحقه وبقي حظ الغائب في الذمة هل يختص الحاضر بحظه أو يكون جميع القضاء فاسدا. وفيها: إن طرأ غريم على غرماء بعد قسم مال المدين عليهم وعدم العلم بالطارئ وشهرة المدين بالدين تبع كلا منهم بما يجب له لو حضر معهم فيما صار لهم، ولو لم يجب له وفاء ما فضل عن ديونهم بحظ الطارئ تبع الورثة ديونهم، زاد في قسمها ولا يتبع المليء بما على المعدم، ومعنى قول ابن الحاجب مع ابن شاس إن ظهر غريم رجع على كل واحد بما يخصه، وهذا لو استحق مبيع، كذا هو نقل الشيخ في الموازية لأصبغ وعبد الملك أن من استحق شيء من يده ما اشتراه مما بيع على مفلس رجع بثمنه على الغرماء، ومثله في المدونة: إذا استحق ثمن الرهن بعد بيعه الإمام ونحوه في الرد بالعيب، وفي العتق الأول من باع سلعة ثم أعتق عبده استحقت السلعة ولا مال له فلا رد للعتق؛ لأنه دين لحقه بعد إنفاذه فقيده محمد بأن الثمن كان قائما بيده يوم عتقه ولو لم يكن كذلك رد عتقه وجعله الصقلي تفسيرا لها، واحتج بقول ابن القاسم فيمن حلف على قضاء دنانير لأجل فقضاها فيه ثم استحقت بعده أنه حانث، فعمم ابن عبد السلام قول ابن الحاجب فيما ذكرناه، وفي هذه بناء على قول الصقلي: أنه تفسير وهو عندي بعيد من قولها؛ لأنه دين لحقه بعد إنفاذه؛ بل علته في حال كونه أنه عتق صدر في حال

كونه مليا بما عليه والأمر فيها عندي جار على الحكم في السبب عن أمر هل يعتبر في الحكم عليه زمن حدوثه أو زمن حدوث سببه كبيع الخيار إذا أمضى ومبتاع شقص على خيار إذا أمضى بعد بيع شخص آخر على بت بعده، ومسألة كتاب الرواحل من أكرى دابة لحمل دهن من مصر إلى فلسطين قد قر مكريها فيها بعثار فعثرت بالعريش ضمن قيمته بالعريش، وقال غيره: بمصر، فالجاري على قول ابن القاسم أن ثمن المستحق دين حادث مطلقا خلاف قول محمد. وفيها: إن قضى الورثة أو الوصي بما تركه الميت غير وافٍ بديونه من حضرهم من غرمائه بدينه، أو كان معروفا بالدين رجع القادمون على الورثة أو الوصي بحصاصهم، ورجع الورثة أو الوصي على الغرماء. وقال ابن القاسم في باب آخر: رجعوا عليهم إن كان الغرماء معدمين. الصقلي: هذا والأول سواء إنما أراد أنهم يخيرون في الرجوع على الورثة والوصي أو الغرماء الأولين، وقال بعض متأخري أصحابنا: إنه اختلاف وليس بشيء. قلت: عزا ابن رشد القولين في هذا للمذاكرين. اللخمي: اختلف إن أراد البداية بإغرام من تولى القضاء دون القابض مع قدرته على أخذه من قابضه فجعله له مرة ومنعه أخرى، والبداية بالقابض أولاً؛ لأنه لا يرجع بما يغرمه على أحد، إلا أن يكون قبض ذلك من الوارث أقرب فالأمر البين لكونه فيبتدئ به ناضا وما عند الآخر يطول بيعه فيبديه قولا واحدا. وفيها: إن باع الورثة التركة فاستهلكوها، ثم طرأت ديون عليها إن كان الميت يعرف بالدين، وباعوا مبادرة لم يجز بيعهم، وللغرماء أخذ العروض ممن هو بيده، ويتبع المشتري الورثة بالثمن، وإن باعوا على ما يبيع الناس ولم يعرف الميت بالدين اتبع الغرماء الورثة بالثمن كان فيه وفاء أو لم يكن ولا تباعة على من ذلك بيده. ابن محرز: قالوا: للغرماء فسخ البيع يحتمل أن يكون؛ لأنه ما وجد الثمن بيد الورثة ولو وجدوه لم يكن له فسخ البيع؛ لأن حقهم ليس في اعتبار البيع، ويحتمل أنه رأي فسخ البيع على رواية أشهب أن الورثة إن باعوا بعض السلم لأنفسهم وعزلوا الدين أضعافه أنه فسخ؛ لأنه لا ميراث إلا بعد قضاء الدين فعليه يفسخ البيع لحق الله

هي كبيع التفرقة ويوم الجمعة والأول أشبه بظاهر الكتاب لقوله للغرماء أخذ مال الميت حيث يستقام. وقال محمد: إن تمت السلع بيد المشتري أو نقصت فله دفع قيمتها يوم قبضها هو على القول بفساد البيع؛ لأن السلع إذا فاتت بنماء أو نقص ترتبت فيها القيمة وهو قول ما فسد لصغره، وقول على أنه على هذا قولهم القيمة يوم القبض، ولو كان ابتداء السلعة من الغرماء كانت قيمتها يوم قيم عليهم وكان لهم ذلك ولو لم تتغير السلع. زاد ابن بشير: احتجاج سحنون بقوله لقول مالك: من حلف بحرية رقيقه ليقضين فلان حقه إلى شهر فهو ممنوع من بيعهم، فإن باعهم، ثم قضى الحق قبل الأجل مضى بيعه، قاله في سماع أصبغ من العتق في سماع ابن القاسم في التفليس ما يرد قول سحنون فتأمله، وذكر ابن عبد السلام معنى قول ابن محرز أنه رأى فسخ البيع على رواية أشهب ... إلخ. وقال في هذا التخريج: نظر؛ لأن قول أشهب فيمن اشترى سلعة شراء فاسدا، وقبضها ودفع ثمنها أن له حبسها على وجه الرهن متى يأخذ الثمن الذي دفعه. قلت: ما تعقب به التخريج يرد فإن قول أشهب يحبسها في البيع الفاسد رهنا إنما قاله فيمن باع ما في ملكه دون حجر عليه فكان ذلك منه كرهنه، والبائع في مسألة النزاع إنما باع ما لا يملكه فصار كغاصب باع ما غصبه في وقت النداء أو على التفرقة، وإذا رجع القادم على الورثة، ففي النوادر وظاهره من الموازية وفي قسم المدونة: يتبع الملي في كل حظه فالإرث بما على المعدم بخلاف طروه على غرماء. وفي ضمان ما وقفه الحاكم من مال مدين لقضاء غرمائه منه أو منهم والغائب منهم كحاضر، ثالثهما: ما ليس بعيب، ورابعها: الدنانير من ذي دنانير، والدراهم من ذي دراهم والعروض من المدين، وخامسها: الأول في الفلس والثاني في الموت، لابن رشد عن أشهب وعبد الملك وابن القاسم وروى كل منهم قوله، واللخمي عن المغيرة وابن رشد مع غيره عن أصبغ. وقوله: معنى قول ابن القاسم؛ أن العين من الغرماء إن كان دينهم عينا، ومعنى قوله: إن العرض من المدين؛ أن دين الغرماء ليس مماثلا لها، ولو كان مماثلا؛ لها لكان

منهم عزاه الحق لبعض القرويين، ولم يقيده الباجي ولا المازري بشيء. ابن رشد: قبول ابن القاسم أن ما يحتاج لبيعه هو من الغريم؛ لأنه على ملكه يباع وما لا يحتاج لبيعه من الغرماء، وللشيخ عن ابن حبيب عن ابن وهب ومطرف والمغيرة كقول ابن القاسم، ومحمد عن ابن عبد الحكم كأشهب ولأصبغ كقول ابن القاسم ولابن حبيب عنه كقول ابن الماجشون. محمد: قيل لابن القاسم: لو اشترى من العين بعد أن وقف سلعة ربح فيها مالا، قال: الربح هل يقضي منه دينه، قيل له: كيف يكون ربح ما ضمانه من غيره فسكت عنه ولم يوجه. الشيخ: المازري: عندي أن له أن يقول: لما حيل بينه وبين المال فتعدى بالتجربة كانت الديون بائنة في ذمته بالتعدي، وإن كانت ذمته برئت منها لو لم يتعد، ومن تعدى على دنانير أو دراهم فتجر بها فربحها له، وهذا يدفع المناقضة دفعا ظاهرا، ولعله إنما سكت استثقالا للمعارضة التي هي كالمناقصة. وفي زكاتها الأول: يبيع الإمام على المفلس كل عروضه إلا ما لا بد له من ثياب جسده وثوبي جمعته إن كانت لها قيمة، وإن لم يكن لها تلك القيمة فلا. وفي عتقها الأول: يباع على معتق شخص له في عبد لتقديمه كسوة ذات مال لا التي لا بد له منها، ولابن القاسم في سماعه: تترك بسببه إلا أن يكون فيها أفضل، ونقله اللخمي عن الموازية قال: ويؤيده فتباع ويشتري دونها، وقولها في ثوبي جمعته: كان يجري لنا أن الصواب عكس تفصيله فلا تباع إن كان لها قيمة؛ لأنها حينئذ لها خصوصية الجمعة، وإن لم يكن هلا قيمة صارت كثياب سائر الأيام وهي زائدة عليها فتباع، ويجاب بأن الغرض أنها من ثياب الجمعة يمنع كونها من ثياب سائر الأيام، فحينئذ إن كان لها قيمة بيعت؛ لأنها في حقه كسرف، وإلا بقيت؛ إذ لا سرف فيها حينئذ مع كونها من ثياب الجمعة. اللخمي: قولها في ثياب الجمعة استحسان والقياس البيع. المازري: إلا أن يكون يلحقه ببيعها معرة ومضرة. الشيخ: روى ابن القاسم: الكفن أولى من الدين.

الباجي في سماع ابن القاسم: تترك كسوة له ولأهله، وفي كسوة زوجته شك. قال سحنون في السماع المذكور: لا يترك له كسوة زوجته. زاد ابن بشير: شك مالك في ذلك في المختصر. قلت: ظهر نقل الباجي: أن شك مالك في ذلك في «العتبية» ولم أجده فيها ولذا عزاه ابن رشد للمختصر، وأضاف اللخمي الشك لابن القاسم، وقال: إنما شك فيما حفظ عن مالك في النفقة؛ لأن الزوجة أحق في ذلك من الولد، فإذا ترك الولد كان أولى أن يترك للزوجة، وقال سَحنون: لا يترك للزوجة ما لا يترك للولد وهو أبين وحسبهم ما كان عليهم، واختلف إن كانت ثياب أهله وولده خلقة هل تجدد لهم؟ ولا أرى أن يستأنف له كسوة، ويكفيه ما كان يكفي به قبل ذلك. المازري: شك مالك في ذلك، وأضاف بعض أشياخي الشك لابن القاسم. ابن رشد: وشك مالك فيهما؛ لأنها لا تجب إلا بمعاوضة ويطول الانتفاع بها فيكون ذلك كالنفقة لها بعد المدة المؤقتة، وهذا عندي إنما هو في ابتداء الكسوة، وإنما عندها وما كان عندها من كسوة كساها كان لها فيها فضل عن كسوتها وهو قائم؛ فلا ينتزع منهما قولا واحدًا؛ لأن الغرماء دخلوا معه على ذلك، وقوله في السماع والمدونة يترك له ما يعيش به وأهله الأيام هي العشرة، ونحو ذلك لابن الحاجب ومحمد: قدر الشهر وهو ليس بخلاف؛ إنما هو على قدر الأحوال والعرف تفاوت أهل ذلك المكان، وروى ابن نافع: لا يترك له شيء، وهو قول ابن كنانة وهو القياس والأول مع استحسان. ابن زرقون: روى ابن نافع: لا يترك له إلا ثوب يواريه وهو قول ابن كنانة لا يترك له شيء. الباجي عن أصبع: إن كان الذي وجد له قدر نصفه شهرا ونحوه تركا له ما يعيش به. المازري: والتحقيق في قدر ما يعاش به اعتبار حال المفلس في كسبه فيترك له قدر ما يرى أنه لتحصيل معيشته، فإن كان صانعا ينفق على نفسه وأهله من خدمته لم يترك له شيء، ومن الأشياخ من قال: يترك له نفقة اليومين والثلاثة خوف كسله أو مرضه في

غيره وما بعده في الأيام اليسيرة. قلت: قال اللخمي: ليس ذلك ببين؛ لأن المرض نادر ويبعد كونه بفور فلسه، والغالب أن المفلس يدخر ويكتم. اللخمي: في بيع خاتمه قولا ابن القاسم وأشهب ويباع مصحفه، وفي كراهة بيع كتبه روايتان. روى محمد: لا تباع لغرمائه، وإن مات فالوارث وغيره سواء، وأجاز بيعها ابن عبد الحكم، قال: بيعت كتب ابن وهب بحضرتي مع غير واحد من أصحاب مالك بثلاثمائة دينار وكانا في وصية، وقيل ابن رشد قول سحنون في الذي يموت، ويترك خمرا؛ لا يجبر وارثه على بيعها لقضاء دين مسلم ويترك، فإن باعها بمال حكم بقضاء دينه منه، والمذهب لا يؤاجر المدين الغريم لقضاء دين عليه. اللخمي: هذا إن كان تاجرا وإن كان صانعا يداين لقضاء من عمله، فإن عجل أجبر على العمل، فإن أبى استؤجر وأباع منافعه في نسيج الباب أو خياطة متاع مدة معلومة أجبر على ذلك إن احتاج لنفقته، وأما من يداين ليعمل ويقضي فيبدأ بنفقته ونفقة عياله ويقضي من الفاضل، ومن باع منافعه مدة معلومة بدئ الذي استأجره، وإن أدى ذلك لتكففه الناس؛ لأن منافعه صارت ملكا لمن اشتراها كمن باع سلعة فلم يسلمها حتى افتقر فإنه يسلمها وإن تكفف الناس، إلا أن يخاف موته يتجر متاجرة في أن يسلفه ما يعيش به دون عياله حتى يتم عمله أو يتركه يعمل يعمل عنده غير بمثل ذلك؛ لأنه إن منع هلك ولم ينتفع المتاجر بشيء، ولما ذكر المازري أن مذهب مالك والشافعي وأبي حنيفة: أن المفلس لا يؤجر في الدين وقرر حجته، المذهب. قال: كان بعض أشياخي يحمل المذهب على أن ذلك في التجار، وذكر ما ذكرناه عن اللخمي؛ ولذا لو لم يزد عليه شيئا، وروى محمد: ليس لغرماء المفلس أن يؤاجروا أم ولده، ولهم مؤاجرة مدبره ويبيع كتابة كتابه، وتباع خدمة المعتق لأجل، وإن طالت العشرة سنين ونحوها، ويباع من خدمة المدبر السنة والسنتين، ولا يباع مرجع عبد له أخدمه غيره، وإن أفلس المخدم؛ فالخدمة له كعرض، وإن كانت سنين معلومة كعشر ونحوها، وإن كانت حياة المخدم أو المخدم بيع ما قرب السنة والسنتين وما اكترى

ونقد ثمنه بيع له. وفيها: ليس لغرماء المفلس جبره على انتزاع مال أم ولده أو مدبره وله هو ذلك، وإن مرض ولا دين عليه فليس له انتزاعه؛ لأنه ينتزعه لوارثه وفي التفليس لنفسه. اللخمي: ولو اعتصر ما وهبه لابنه ولا يجبر على ذلك، وعزاه الباجي لرواية محمد بزيادة: ولا على أخذ شفعة له فيها فضل. اللخمي: في جواز أخذه بها إن رضي قولا ابن القاسم مع مالك وسحنون وهو أبين ومن أصل مالك لا يستشفع ليبيع ولا ينزع. ابن زرقون في سماع ابن القاسم: من حبس حبسا، وشرط أن للمحبس عليه البيع لغرمائه، يبيع عليه، وهذا يعارض ما تقدم. قلت: أشار إليه اللخمي بذكره إثر ما تقدم ولم يصرح بالتناقض. الشيخ عن ابن حبيب: وسماع يحيى ابن القاسم وأصبغ عنه: لا يجبر على قبول صدقة أو هبة أو سلف. ابن رشد: لو قبض الهبة على أنه بالخيار في قبولها وردها لتخريج جبره على قبولها على ما في رسم أخذ يشرب ثمرا من سماع ابن القاسم من كتاب الحبس، وعلى قولها: لا يجبر على انتزاع مال مدبره. قلت: السماع المذكور: أن من تصدق على ابنته بدار على وجه الحبس وعلى أن لها بيعها للغرماء في دينهم. ابن رشد: روى محمد ليس للغرماء ذلك وهو الآتي على قولها: لا يجبر المفلس على انتزاع مال أم ولده ولا مدبره. قلت: مقتضى منافاة ما في السماع لقولها في أم الوالد والمدبرة: لوقفه على الانتزاع. الشيخ في النوادر: أعرف لابن القاسم أنه لا يجبر على العفو عن دم لأخذ دينه ولا له العفو عن دية وجبت له. قال ولابن حبيب عن مطرف: ليس له أن يجبر وصيا إليه بماله. قلت: هو نص قولها آخر الوصايا الثاني. وسمع أبو زيد ابن القاسم: من ورث أباه؛ فالدين أولى به ولا يعتق عليه، ولو

وهب له عتق عليه؛ لأنه إنما وهب له لعتقه للغرماء. ابن رشد عن أشهب: يعتق في الميراث. قال محمد: وما فرق به بينهما فاسد؛ إذ لا يدري حقيقة مراده، فلعله أراد منفعة الموهوب له بأداء ديونه بثمنه لا سيما إن كان يجهل أنه لا يصح له ملكه؛ فالقياس أنهما قولان يعتق فيهما ويباع للغرماء فيهما. قلت: فالأقوال ثلاثة، ثالثها: التفرقة. قال: وهذا الاختلاف على الخلاف في العتق بالقرابة هل يفتقر لحكم ام لا؟ ابن شاس: إن لم يبق للمفلس مال، واعترف بذلك الغرماء انفك الحجر ولا يحتاج لفك القاضي، وقال القاضي أبو محمد: لا ينفك حجر عن محجور عليه بحكم أو بغير حكم إلا بحكم حاكم. قلت: قال في المعونة: لأنه يحتاج لاختبار حاله وزوال المعنى الذي حجر عليه من أجله، وسواء في ذلك الصبي والمجنون والبالغ والمفلس. قلت: والأول هو ظاهر الروايات في المفلس. فيها: قال مالك: إن داين الناس بعد التفليس، ثم فلس ثانية فمداينه أخيرا أولى من الأولين، فظاهر قوله: داين الناس ارتفاع الحجر عنه دون حكم حاكم، وكذا قولها: ليس للمفلس ان يتزوج في المال الذي فلس فيه، وله أن يتزوج فيما بعد ذلك، وقول ابن عبد السلام في قول ابن الحاجب: وفي انفكاك الحجر من غير حكم حاكم قولان، وجود هذين القولين في ذلك في المذهب عزيز يقتضي عدم وقوفه على نقل القاضي في المعونة، والمدين بما حل إن امتنع من أدائه أقسام الأول من كان موسرا به فهو ملكه، وفي جبر رب دين حال عن قبض بعضه، وقبول امتناعه حتى يقبض جميعه والمدين موسرا نقلا ابن رشد رواية محمد مع أبي زيد عن ابن القاسم، وقول أصبغ مع سماعه أشهب ومحمد عن ابن القاسم والأول في العسر اتفاقا. ابن سهل وغيره: روى ابن القاسم: من كان له مال اتهمه القاضي على تغييبه حبسه أبدا حتى يؤدي. سحنون: ويؤدبه بوجيع الضرب، ومثله في البيان، وعلى ذكر ابن فتوح نصه ابن

أبي الجواد. قال ابن عات: من الاستغناء من أخذ أموال الناس في دين وتجر وزعم أنه لا شيء معه، ولم يعلم به عطب سجن وضرب بالسوط مرة بعد مرة حتى يؤدي ما عليه أو يموت أو يتبين انه لا شيء له، وبه قضى سحنون. وفي المقدمات: قول سحنون: وفاق لقول مالك لقوله: يضرب الإمام الخصم إذا ألد، ولا يرد أبين من هذا، وما ذكره ابن الهندي عن سحنون، وفي ضربه ابن أبي الجواد حتى مات إن صح لا يدل على رجوعه عن مذهبه؛ بل على تونينه وورعه؛ لأنه قال: لم أقتله إنما قتله الحق، قاله إشفاقا خوف أن يكون جاوز في اجتهاده وتأسيا بقول عمر رضي الله عنه لو مات جمل بالفرات ضياعا خفت أن أسأل عنه. قلت: ما ذكره عن سحنون ذكره ابن فتوح رواية. قال ابن القاسم: من تبين إلداده حبسه الحاكم وضرب الضرب الوجيع. اللخمي: إن أقر الغريم بالملاء ولو في القضاء إن وجد له مال قضى منه وإلا سجن، فإن لم يقض ضرب حتى يقضي. والثاني: من طلب التأخير لأداء ما عليه في ذلك طرق. اللخمي: اختلف في حد تأخيره، فقال سحنون: اليوم وشبهه. ابن حبيب عن ابن الماجشون: على قدر حالاته، وما يطلب به مالك في المبسوط: يختلف حال الملي والمعدم وقلة المال وكثرته، وأرى أن يؤخر المليء ثلاثا وأربعا وخمسا وهو أحسن، ومتى أشكل الأمر لم يحمل على الرد إلا أن يكون قدر ذلك لا يعتذر على مثله ليسيره فيلزم القضاء بالحضرة. قال: وعلى التأخير ففي لزومه حميل، وإلا سجن قولان. سحنون: ورواية المبسوط وهو أحسن إلا أن تكون ريبة تدل على تغيبه أو سفره أو لدده؛ فيلزمه الحميل، وإن قدر على تعجيل القضاء من يومه فيبيع ما يشق عليه خروجه من ملكه كجاريته وعبده التاجر ومركوبه، وما تدركه ببيعه مع تمر لم يؤخر بيعه؛ لأن الشأن القضاء من غير ذلك، وقاله مالك في المبسوط. عياض: في تأخيره يسير قضائه عادة، ثالثها: إن عرف بالتأخير لم يؤخر لقولي

الشيوخ وظاهر الروايات وعلى الاول في إلزامه حميل بالمال وإلا سجن قولا معظم الشيوخ مع ابن سحنون عنه وكثير من الشيوخ مع نحوه عن سماع أبي زيد ابن القاسم، وفي تحليفه أنه ما أخفى ناضا إن لم يعرف به، ثالثها: إن كان من التجار لابن دحون وأبي علي الحداد وابن ذئب وهو على الخلاف في أيمان التهم. قلت: في أحكام ابن زيد: من طلب تأخيره بما حل عليه لبيع ربعه لم يقبل منه وحكم بأدائه، فإن أبى؛ سجن حتى يثبت أنه لا مال له غير الربع ويحلف على ذلك. ابن سهل: اختلف في تحليفه فذكر الثلاثة الأقوال التي ذكر عياض وابن دخون هو القائل لا يحلف، وإن الحداد هو القائل يحلف عكس نقل عياض. وسمع أبو زيد ابن القاسم من كتاب الحمالة: من عليه دين وله مال غائب علمه غرماؤه فطلبه بحميل حتى يقدم لهم ماله ليس لهم ذلك إلا أن يخافوا أن يهرب أو يغيب. ابن رشد: ضعف ابن عتاب هذه الرواية فقال: هي خلاف الأصول، والصواب إلزامه الحميل إن سأل التأخير بماله. وأفتى أهل طليطلة: إن سأل من عليه دين أن يؤخر حتى ينظر فيه وهو معلوم اليسير والمأمور المأمور وأجل في ذلك، ولا يلزمه حميل إلا بوجهه بدليل هذه الرواية وهو لعمري ظاهر، وإليه ذهب ابن مالك فقال: إن كان المطلوب مشهور العين ظاهر الملاء لم يلزمه حميل إذ لا معنى له، وإنما ألزم سحنون قاتل الخطأ الحميل لتشهد البينة على عينه في رجل غير مشهور فعلى قول ابن مالك إن لم يكن مشهور العين وهو ظاهر الوفر لزمه حميل الوجه خلاف إلزامه أهل طليطلة مطلقا، وتضعيف ابن عتاب الرواية صواب؛ لأن مال المطلوب خلاف بخلاف من له مال حاضر ووفره ظاهر، وقاله سحنون؛ لأنه لا يلزمه حميل. وفي المقدمات: إن وعد المدين بالقضاء، وسأل أن يؤخر أخر حسبما يرجى له ولا يعجل عليه بيع عروضه للجبر الرواية بذلك مسطورة في المدونة وغيرها بخلاف فتوى سائر فقهاء الأندلس من التوكيل على بيع ماله عاجلا، وتأخير الشفيع عن النقد من هذان بمعنى.

قال سحنون: ويؤخذ بحميل وإلا سجن، إلا من سجن يعرف بالناض فلا يؤخر، فإن لم يعرف أنه من أهل الناض، وادعى الطالب أنه من أهله جرى تحليفه على الخلاف في أيمن التهم، وضعف أبو عمر الإشبيلي تحليفه، واحتج بسماع يحيي في الزكاة جل الناس لا نقد لهم وقد حقق الدعوى بأنه ذو ناض لزم حلفه اتفاقا. ابن فتوح: إن أثبت المدين عدم نفسه وأعذر لطالبه فأثبت له مالا عينته البينة ولا مدفع عند المدين لها أعدى الحاكم الطالب في ذلك المال. ابن عات: يأمر الحاكم المدين ببيعه ذلك المال لقضاء دينه، فإن أبى ضيق عليه بالسجن وضرب حتى يبيع ولا يبيع عليه كالمفلس؛ لأن المفلس ضرب على يديه، قاله أبو بكر بن عبد الرحمن، فإن أنكر المدين المال الذي أثبت له وعجز عن الدفع في شهادة من ثبت به، فقال ابن فتوح: يبيعه عليه ولا يضطره لبيع ما يتبرأ منه، كذا ذكره ابن عات في آخر ترجمة بيع السلطان على مفلس إثر ذكره قول ابن عبد الرحمن وما في وثائق ابن فتحون ما نصه، انظر في آخر الثالث في فقه تسجيل بيع في دين خلاف ما وقع لأبي بكر بن عبد الرحمن. الثالث: من اتهم أنه غيب مالا. قال في المقدمات: يجبر حتى يؤدي أو يثبت عدمه فيحلف ويسرح، وعبر عنه بانه ألد واتهم بأنه غيب مالا. قال: وإن طلب إعطاء حميل بوجهه ليثبت عدمه لم يمكن من ذلك إلا التضييق عليه واجب لتهمته رجاء أن يؤدي، فإن أراد أن لا يسجن أعطى حميلا غارما لا يسقط غرمه إثبات عدم المطلوب، وكذا إن أثبت بينة بالعدم ولم تزك، قاله سحنون. قال: وزاد الصقلي. قيل: لم يلزم عليه حميل؛ لأنه إن ذهب لم يحلف الحميل من لا بد من يمنه أنه لا يجد قضاء. الصقلي: ويحتمل أن يكون لظهور ملائه وبينته التي لم تزك كلا شيء. الرابع: ما جهل حاله في المقدمات يحبس بقدر ما يستبرأ عليه أمره، ويكشف عن حاله، ويختلف باختلاف الدين لابن حبيب عن ابن الماجشون يحبس في يسير

الدريهمات نصف شهر، وفي كثير المال اربعة أشهر، وفي الوسط شهران، وإن سأل أعطى حميل حتى يكشف عن أمره ولا يحبس. ففي المدونة: يحبس أو يعطي حميلا، فقال التونسي: يريد بالوجه لا بالمال في قول ابن القاسم؛ لإحضاره عند انقضاء المدة التي يجب فيها سجنه لاختبار حاله، فإن أحضره برئ من الضمان وحبس إلا أن يتبين أن ماله مالا حتى يقضي، وإن تبين أنه لا مال له أطلق بعد يمينه، فإن لم يحضر غرم، وإن تبين أنه عديم اليمين ملازما له. قلت: كما ذكر اللخمي قول ابن القاسم بأنه يقبل منه الحميل، قال: ومنعه سحنون والأول أحسن ألا يعرف باللدد فلا يقبل منه، فإن قبل الحميل وطلبه الغريم، فأثبت الحميل فقد برئ من حمالته؛ لأنه يمين بعد إثبات فقره؛ لأنه ما كتم شيئا استحسان إلا أن يظن أنه كتم، ولما ذكر عياض قولي ابن القاسم وسحنون قال: حمل بعضهم قوليهما على الخلاف، وقال غيره: قول سحنون؛ إنما هو فيمن هو ظاهر الملاء ملد ومن جهل حاله. وفي حمل مجهول الحال على العدم أو الملإ مطلقا دون اعتبار دلالة حاله على العدم والأصل الدين، ثالثها: اعتبار دلالة حاله على العدم، وكون أصله لا عن عوض لابن محرز عن قول سحنون مجهول الحال إن كشف عن حاله فلم يكن له مال أحلف، وترك مع ابن زرقون مع ظاهر رواية المبسوط وابن عات مع بعضهم عن ابن زرقون عن التونسي وابن الفخار لقوله: إن طلب الأب نفقته من أبيه فادعى العدم، القول قول الأب خلاف قول ابن العطار وغيره، واللخمي عن رواية المبسوط لا يفلس وليس بتاجر ولا متهم ولا يستحلف. اللخمي: يريد: من كان معروفا بقلة ذات اليد كالبقال والخياط والصنعة التي شأن أهلها القلة إلا أن تكون الدعوى في يسير، ولا يصدق حتى يثبت ذلك، وكذا ما كان عن عرض متمول. وقال ابن زرقون: إثر ذكره الأولين، وقيل: إن كان عن عرض ما يتملك أو مطلقا، فحمله ابن القاسم وأشهب محملا واحدا. وقال ابن كنانة وسحنون: إن كان ممن لا يتملك كالصداق وأرش الجراح؛ فهو

على العدم. اللخمي: هو على الملاء في الحمالة في المال؛ لأنها إقرار باليسير، وليس كذلك حمالة الطلب وذا فرط حتى لزمه المال، فإنه ينظر إلى الغالب في حال مثله، وإن قال: حميل الوجه إن أحضره غرمت عنه فهو إقرار يسير ما تحمل به، والصداق يحمل على الغالب من مال مثله كثير مما يتزوج بما ليس عنده خصوصا أهل البوادي، وكذا جناية الخطأ وجناية العمد في المأمومة والجائفة على انها في ماله ولابن الماجشون فمن أعتق حظا له في عبد، وقال: ما عندي ما أغرم في الباقي إن قال: جيرانه، ومن يعرفه لا نعلم له مالا حلف وبرئ، وقال سحنون: كل أصحابنا على هذا في العتق إلا في اليمين؛ فلا يستحلف، وهذا الأصل في كل ما لم يؤخذ عنه عوض؛ لأنه لا يحمل على الرد، ومثله نفقة الأبوين بخلاف نفقة الولد هو فيها محمول على الملاء. ابن رشد: الغريم محمول على الملاء، وغن كان الدين لا عن عوض، قاله أبو إسحاق وغيره، ويدخله في هذا الوجه الأخير الخلاف في مسألة من غاب عن امراته، ثم تطلبه بالنفقة. ابن عات: محمله على الملإ مطلقا القضاء. وفيها: إن تبين عدم من حبس أطلق، وروى عن أبي بكر وعمر رضى الله عنهما: أنه يستحلف أنه ما يجد قضاء من عين أو قرض وإن وجد ليقضين، وفي المقدمات إن ثبت عدم الغريم أو انقضاء أمد سجنه لم يطلق حتى يستحلف ما له مال ظاهر ولا باطن، وإن وجد مالا ليؤدين إليه حقه، وإنما وجب استحلافه؛ لأن البينة إنما تشهد على العلم لا القطع، فإن ادعى الطالب عليه أنه أفاد مالا، ولم يأت عليه ببينة؛ فلا يمين له عليه فهذه فائدة بزيادة قوله ولئن وجد ليؤدين إليه حقه، وعزا هذه اليمين ابن سهل لأهل الفتيا. ابن لبابة وغيره ومثله لابن فتوح، قال: وزاد بعض المفتيين في اليمين ليعجلن الأداء؛ لأنه قد يؤديه بعد طول وإذ رزقه الله مالا في سفر ليعجلن الاوبة والأداء. قال أحمد بن سعيد: اليمين الاولى كافية. قلت: قال ابن الهندي عن محمد بن إسحاق بن السليم قاضي قرطبة ابن عبد الملك بن عبد: حمل هذه الزيادة.

المتيطي وغيره: إن زعم المدين علم رب الدين عدمه؛ لزمه اليمين أنه ما يعلم عدمه، فإن نكل حلف المدين وقاله غير واحد من الفقهاء، وبه كان يفتي ابن الفخار وثبت عدمه. قلت: وكان بعض قضاة بلدنا بتونس لا يحكم بهذه اليمين وهو ممن لا يظن به علم حال المدين لبعده عنه، ولابن رشد في رسم نقد سماع عيسى صفة الشهادة بالعدم أن يقول الشاهد إنه يعرفه فقيرا عديما لا يعلم له مالا ظاهرا ولا باطنا. زاد ابن عات ولا تبدلت حاله بغيرها إلى حين إيقاعهم شهادتهم في هذا الكتاب. ابن رشد: فإن قال: إنه فقير عديم لا مال له لا ظاهرا ولا باطنا؛ ففي بطلانها قولان بناء على حملها على ظاهرها أنها على البت أو على العلم ولا بظن على القطع والبت بطلت ونحوه في سماع أشهب في الشهادات. اللخمي: قد تنزل مسائل لا تقبل فيها البينة بالفقر منها من عليه دين منجم قضى بعضه وادعى العجز عن باقيه وحالته لم تتغير، ومن ادعى العجز عن نفقة ولده بعد طلاق الأم وقد كان ينفق عليهم إلا أن تقوم بينة أنه نزل به ما نقله إلى العجز. ابن فتوح: قال محمد بن عبد الله: كتب الموثقين أن المدين مليء بالحق الذي عليه حبس إن ادعى عدما لم يصدق وإن قامت بينة؛ لأنه مكذب لها، ويحبس ويؤدب إلا أن تشهد بينة بعطب حل به بعد إقراره، وذكره المتيطي في كتاب النكاح وزاد عن بعض شيوخه القضاة عن بعض القرويين أن البينة بالعدم تنفعه؛ لأنه في شهادته بالملاء مضطر لولا ذلك ما داينه أحد والذي عليه العمل وقاله غير واحد من الموثقين كفضل وابن أبي زمنين وغيرهما أنه لا يقبل قوله: ولا تنفعه بينة ويسجن أبدا حتى يؤدي دينه، وعلى الأول نقل ابن عات عن المشاور: ومن صالح رجلا على دين بنقد، ثم ادعى العدم اتبعه في ذمته، وليس صلحه بالنقد يكذبه قوله: ولا تبطل بينته بالعدم؛ لأنه يقول: كنت أرجو سلفا أو هبة ونحو ذلك. قلت: ظاهر قوله: أتبعه في ذمته أنه مع تمام الصلح وفيه نظر؛ لأنه إن كان على إسقاط بعض الدين ففي آخر الصلح منها أنه إن لم يعجل له ما شرط لم يلزمه الصلح، وإن كان على أخذ شيء من غير صنف الدين كان التأخير فسخ دين في دين، وإن

شهدت بينة بعدم الدين وأخرى بملائه فطريقان: المقدمات: إن لم تعين بينة الملاء مالا في أحكام ابن زياد بينة بالملاء ثبت أعلم وإن كانت عدالتها أقل يحبس حتى تقوم بينة بجائحة أتت عليه، وهذا بعيد ولا يصح عندي إلا رواية أبي زيد أن ذلك تكاذب؛ لأن بينة العدم أثبت حكما هو تحليفه وتسريحه وبينة الملاء نفته، وإنما شبه كونها أعمل إن كان اختلافهما بعد أن أحلف وسرح؛ لأنها هنا أثبت حكما هو رده غلى السجن. ابن عات: من سجن فشهدت بينة الملاء أعمل، وقيل: يرسل من السجن حتى ينظر من حاله ما يوجب عوده للسجن، فكانت بينة العدم أعمل، وفي أحكام ابن زياد لأحمد بن غالب ومعاصريه: بينة الملاء أعمل، وإن كانت أقل عدالة. وقيل: بينة العدم أعمل، ولو كانت أقل عدالة ولو قالت: بينة الملاء له مال ناض أخفاه قدمت اتفاقا. وسمع عيسى ابن القاسم: ليس على القاضي أن يسأل من حبس في الدين البينة أنه لا مال له؛ بل يسأل عنه أهل المعرفة به، فإن لم يجد له مالا أخفاه خلى سبيله. ابن رشد: هذا في المجهول الحال ولو سأله البينة على ذلك مضى. قلت: على هذا استقر عمل قضاة بلدنا لعسر سؤال القاضي أهل المعرفة بحاله؛ لأن القاضي لا يعرفهم. اللخمي: اختلف في إخراج المفلس من السوق خوف أن يغتر أحد بمبايعته فروى محمد: من تعمد إتلاف أموال الناس أقيم من الناس، وقال الأخوان: لا يقام المفلس وهذا أحسن فيمن لم يتعمد إتلاف أموال الناس. قلت: في قوله: اختلف نظر لاختلاف محل المقالتين. وفيها لابن القاسم: لا يحبس الابن في دين أبيه. اللخمي: يحبس في امتناعه من نفقة ابنه الصغير، وكذا نقله ابن محرز. زاد اللخمي والباجي عنه حبسه في المال لابنه فأبى من تسليمه. اللخمي: إن كان عينا وله مال يقدر على أخذه منه أخذ ولم يحبس، وإن ادعى الفقر كلف إثباته دون حبس فإن علم لدده وأحال له قدر ولا ظاهر له يقضي منه حبس إلا

أن يكون حقيرا في الابن، ونقل ابن الباجي حبسه في نفقة ولده الصغير غير معين، ولا بن عبد الحكم؛ بل كأنه المذهب قائلا بأن ترك النفقة عليه ضرر وغيره يطلبه به، وقول ابن شاس: قال محمد: يحبس الوالد لولده في دينه إن شح به ظاهره في الولد الكبير والدين في الذمة، ومن تقدم إنما حكماه في نفقة الصغير أو المال يمنع من تسليمه، وهذا يقتضي كونه معينا، وعليه. قال ابن الحاجب في حبس والده: له قولان، فالأقوال بنقل ابن شاس ثلاثة. وفيها: ويحبس للولد غير أبويه من الأجداد والأقارب، وفي كون تحليفه في حق يدعيه عليه مكروها ويقضي به أو عقوقا ولا يقضى به، ثالثها: ويقضى به لنقل ابن رشد في سماع ابن القاسم في الأقضية عن ابن الماجشون في الثمانية مع ظاهر قول ابن القاسم في الأقضية، وأصبغ في المبسوط، وروايتها في كتاب المديان مع الأخوين وابن عبد الحكم وسحنون في تحليفه وحده في ما يجب فيه الحد، وسماع عيسى ابن القاسم في الشهادة: يقضى له بتحليفه به وحده وهو عاق بذلك، ولا يعذر بجهل وهو بعيد؛ لأن العقوق كبيرة، ولو ادعى الأب على ابنه دعوى، فرد عليه اليمين أو كان له شاهدا على حقه قضي بيمينه اتفاقا فيهما، وكذلك إن تعلق بيمينه حق لغير ابنه كالأب يدعي تلف صداق ابنته والزوج يطلبه بالجهاز، أو الرجل يدعي على أبي زوجته نحلة في عقد نكاحه او طلب الأب ابنه بالنفقة عليه وأثبت العدم هل يقضى له بالنفقة دون يمين؛ لأنه لا يمين لابن على أبيه أو بعد يمينه؛ لأنها يمين وجبت بالحكم والأمر فيها محتمل، وأحسب أني رأيت في ذلك خلافا، والأظهر وجوب حلفه، وقولها: يحبس للولد غير أبويه من الأجداد والأقارب يدل على أن تحليفهم له كذلك؛ لأنه أخف وأنه دون الأب في البر كقول الطرطوشي؛ لأنه مثله كقول عياض وهو ظاهر قول اللخمي وأنه لا يحلف له حده أحسن؛ لأن له حرمة الأب. وفيها: يحبس السيد في دين مكاتبه. ابن محرز عن سحنون: هذا إن كان الدين أكثر مما على المكاتب من الكتابة، وإن كان مثلها فأقل لم يحبس. قال بعضهم: لأن السيد يبيع الكتابة بنقد.

ابن عبد الرحمن: بل يحبس بكل حال إذا لم يبعها؛ لأن الحاكم يضيق عليه لبيعها ولا يبيعها عليه الحاكم؛ لأنه لا يبيع إلا على مفلس. قلت: الحق أن البيع على المفلس جبري لحجره كالطلاق على المجنون عند وجوبه للزوجة والبيع على المدين اختياري؛ لوقفه على تمامه منه كالطلاق على الزوج إذا لزمت لعيب أو لعسر نفقة، فإن الحاكم يوقفه حسبما تقدم القول فيه، ويجبره على الرجعة فإن أبى ارتجع عليه الحاكم. اللخمي: يحبس المكاتب في دين سيده من غير الكتابة لا في الكتابة إلا على القول لا يعجزه إلا الإمام، فإن له أن يسجنه أن يرى أنه كتم ما لا رغبة في العجز. وفيها: حبس من فيه رق وأهل الذمة كالأحرار، ويحبس النساء في القصاص والحدود. قلت: تلقى الأشياخ بالقبول ما في ثمانية أبي زيد، ولا يسجن في الحدود إلا من سجن في دم. قلت: وكذا من لا يؤمن فراره دونه. اللخمي: وحبس النساء بموضع لا رجال فيه ولا أمير عليهن امرأة مأمونة لا زوج لها أو لها زوج مأمون معروف بالخير. قلت: يؤخذ هذا من قولها. قال مالك: أحب المواضعة على يدي النساء أو رجل له أهل. الصقلي عن سحنون: من سجن ليس له أن يدخل إليه امرأته؛ لأنه إنما سجن ليضيق عليه. الصقلي: إلا أن تشأ امرأته الدخول إليه في سجنه في دينها؛ فلها ذلك. محمد: لا يمنع من يحبس في الحقوق ممن يسلم عليه أو يحدثه، وإن احتاج في مرضه؛ لأمة تباشر منه ما لا يباشر غيرها تطلع على عدته، فلا بأس أن يجعل معه حيث يجوز ذلك، وإن حبس الزوجان في دين، فطلب الغريم أن يفرق بينهما، وطلب الزوجان اجتماعهما؛ فلهما ذلك إن كان السجن خاليا، وإلا حبس مع الرجال وهي مع النساء.

قلت: قول سحنون: ليس إليه تدخل عليه امرأته هو قولها في نوازله. قال ابن رشد: وقول محمد للزوجين: أن يجتمعا في السجن خلاف قول سحنون وقول سحنون أظهر. محمد: ولا يفرق بين الأب من ابنه في السجن ولا بين الأخوة. الصقلي عن محمد: ولا يخرج المحبوس للجمعة ولا للعيدين، واستحسن إن اشتد مرض أبويه أو ولده أو إخوته ومن يقرب من قرابته وخيف موته أن يخرج لهم إن أتى بكفيل بوجهه لا في غيرهم من القرابات، وعن المازري منع خروجه للجمعة لابن عبد الحكم وكذلك جميع ما ذكره الصقلي هو لابن عبد الحكم في النوادر. المازري: قال بعض أشياخي: منعه من الجمعة؛ إنما هو على قول ابن رشد بقوله: الجمعة فرض كفاية، ورده المازري بأن لها بدلا، وتسقط بالمطر على قول وأبيح التيمم إذا كثر ثمن الماء، فكذا الخوف على تلف مال الغرماء بخروجه للجمعة والأولى أنه لا يمنع منها إن أمكن خروجه لها مع عدم ضرر الغرماء، وللصقلي مع النوادر وابن عبد الحكم لا يخرج لحجة الإسلام، ولو أحرم بحجة أو عمرة يقيم عليه بدين حبس وبقي على إحرامه، ولو ثبت عليه يوم نزوله مكة أو منى أو عرفة استحسنت أخذ حميل منه حتى يتم حجه، ثم يحبس بعد النفر الأول، ولا يخرج لنفير العدو إلا أن يخاف أسره أو قتله إن بنى بموضعه فيخرج لغيره، وإن قذف أخرج نحوه ورجع ورد، فإن مرض لم يخرج إلا أن يخرج عقله فيخرج، فإن عاد عقله رد. روى مالك عن ابن شهاب عن أبي بكر بن عبد الرحمن: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((أيما رجل باع متاعا فأفلس الذي ابتاعه ولم يقبض الذي باعه من ثمنه شيئا فوجده بعينه فهو أحق به، وإن مات المشتري فصاحب المتاع أسوة الغرماء)). عبد الحق: هذا مرسل ووصله أبو داود من طريق إسماعيل بن عياش عن الزبيدي عن الزهري عن أبي بكر بن عبد الرحمن عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم نحوه، قال: ((فإن

كان قضاه من ثمنها شيئا فما بقي فهو أسوة الغراء، وأيما امرئ هلك وعنده متاع امرئ بعينه اقتضى منه شيئا أو لم يقتض فهو أسوة الغرماء))، وإسماعيل حديثه عن الشاميين صحيح، قاله ابن معين وغيره. والزبيدي: هو محمد بن الوليد شامي حمصي، وحديث أبي داود من طريق ابي عصمة توج بن أبي مريم: ((إذا فلس الرجل ووجد رجل متاعه فهو بين غرمائه متروك)). أبو عمر: حديث الموطأ مرسل، ووصله عبد الرازق عن أبي هريرة، وأصحاب ابن شهاب منهم من أوصله ومنهم من أرسله. ابن رشد: إن أفلس مبتاع قبضها فبائعها أحق بها ولو في موت مبتاعها، وإن قبضها فبائعها أحق بها في فلسه دون موته وثبوت عين المبيع ببينة على عينه أو بإقرار مبتاعها قبل تفليسه وبعده قولان، وعلى الأول في يمين البائع قولان، وعلى الثاني: يحلف القائم. ابن القاسم: إن كانت بينته على الأصل قبل قوله في تعيينه، وعلى لغو تعيينه يحلف الغرماء ما يعلمونها للبائع. ابن حارث: اتفقوا على أن من وجد نفس سلعته في تفليس مبتاعها أخذها عن ثمنها، فإن أراد غرماؤه أخذها بدفع ثمنها له بذلك لهم دونه، وفي دفعه من حيث شاؤوا وتعيين كونه من أموالهم، ثالثها: من مال المفلس لابن حارث عن ابن القاسم فيها وأشهب وابن كنانة، ورابعها: للمازري وابن رشد عن أشهب: ليس ذلك لهم إلا بشرط بزيادة على ثمنها يحطونها من دينهم عن الميت. ابن حارث: ثم اختلفوا في ضمان السلعة، فقال ابن القاسم: مصيبها من الغريم، ودليل قول أشهب أنها من الغرماء؛ لأنهم إذا حطوا عن الغريم فإنما فدوها لأنفسهم. وقال ابن حبيب: الخسارة عليهم والربح له، وسمع يحيى ابن وهب: إن منعهم المفلس من أخذها بدفع ثمنها، وقال: أخاف ضياعها فإن أردتم أخذها فمصيبتها منكم،؛ فقالوا: بل منك؛ فمصيبتها منهم والربح له. قلت: ما عزاه لابن حبيب عزاه الصقلي مع ابن الماجشون وأصبغ، وعزا ابن رشد الأول لابن القاسم مع روايته فيها، وعزا لابن وهب في هذا السماع إن قدر ما يرضى

به المفلس فله وعليه، وإن فدوها بغير رضاه فله وعليهم، ولأشهب: لهم وعليهم في الجلاب والموطأ: إن قبض بعض ثمنها فأراد أخذها ورد ما أخذ من ثمنها وليس له أخذ بعضها مما يلي له من ثمنها، ولو باع مشتريها بعضها فلبائعها أخذ ما وجده منها. الباجي: عن ابن القاسم: من ابتاع ثلاثة ارؤس بمائة دينار قيمة أحدهم النصف والآخر الثلاثة الأعشار والآخر الخمس فض الثمن على ذلك ما وجد منهم له أخذه يرد منابه مما قبض. ابن زرقون: هذا المشهور، وما أول ابن زرق ما في الموطأ على خلاف قول أبي الوليد، وأن البائع لا يأخذ ما وجد من السلع إلا برد كل ما قبض، وقال: هو خلاف سماعه في مسلة روايتي الزيت. قلت: حاصلها: أن ليس له أخذ ما أدرك من المبيع إلا برد منابه مما قبض، وكذا في عدة بيع سلع ابن زرقون، ومثلها: من اكترى دارا باثني عشر مثقالا ودفع كراء سنة وسكن ستة أشهر وفلس سمع عيسى تخيير رب الدار في إسلامه بقية السكن، ويحاصص بالستة الدنانير الباقية، وأخذ بقيته السكنى ورد منابها مما قبض ويحاصص بما رد. وفي الموازية: إن شاء إسلام بقية السكنى رد منابها مما تبقى، ويحاص بتسعة دنانير وإن أخذ بقية السكنى رد منابها، وحاص بها الغرماء فألزمه رب المناب مطلقا، وإنما ألزمه رد مناب السكنى إن سلمها؛ لأنها غير مقبوضة؛ إذ هي بعد في ضمان المكري لو انهدمت، ولا يعترض هذا بالسلعة المبيعة يفلس مبتاعها قبل قبضها من بائعها؛ لأن السلعة يقدر المشتري على ربها الآن، ولا يمكن ذلك في الكراء، وعلى ظاهر الموطأ وتأويل ابن رزق: ليس للمكري ارتجاع بقية السكنى لا برد الستة الدنانير، ولأبي زيد قول رابع: أن له أخذ داره ولا يرد شيئا ويخص المقبوض بما سكن، وفي كون المقرض أحق بعين قرضه كالبائع قولا الصقلي ومحمد، وعبر عنه المازري في آخر كلامه بالمشهور. اللخمي: بناء على صحة قياسه على البيع ومنعه؛ لأنه فيه رخصة، ولابن رشد: أول سماع سحنون مذهب ابن القاسم وروايته وعامة أصحاب مالك أن المقترض أحق

بقرضه خلاف قول محمد. ابن محرز: ولو دفع الغرماء للبائع مناب ما وجد من مبيعه، ففي اختصاصهم به دون بائعه ومحاصته إياهم فيه قولا أشهب وأَصْبَغ مع ابن القاسم بناءً على حلولهم محل بائعه وكل دفعهم محض سلف قال كقوليهما في المأمور بشراء سلعة يدفع ثمنها من محض سلف، كما قال في المأمور بسلعة: يقبض ثمنها من عنده في كونه أحق بها حتى يقبض ثمنها قولا أشهب وابن القاسم وفي كون المحال ثمن المبيع على مشتريه كمحيله في أنه أحق بالمبيع في فلس مشتريه وكونه كسائر الغرماء نقلا اللخمي عن محمد وأَصْبَغ وابن القاسم بناءً على أن الحوالة معروفٌ وهو أصل أشهب، أو بيعٌ؛ وهو قول ابن القاسم، ومن اشترى ثمن سلعة ففلس مبتاعها؛ لأنها معروف الشَّيخ. روى محمد: من أخذ سلعته في التفليس بعد رده ما قبض من ثمنها فوجد بها عيباً حدث عنه مبتاعها لم يكن مشتري ثمنها أحق بها، ومن تصدق عليه بثمن سلعة كان أحق بها من سلف مبتاعها؛ فله حبسها أو ردها ويحاص بجميع ثمنها؛ لأنه لا يعرف ما كان رد من الثمن بعينه، وإن عرف بعينه مثل أن يكون طعاماً أو كتاناً أو غيره كان أحق به ويحاص بباقي ثمنها، وتلقاه ابن محرز بالقبول، وهو ظاهر في أن المكيل والموزون مما يعرف بعينه بعد الغيبة عليه في أحكام، وكانت نزلت وحكم بعض القضاة بأنه لا يعرف بعينه بعد الغيبة عليه في ابتياعه ضياع بفلس، وسئلت عن ذلك فتوقفت فيه ثم وجدت نص ابن رُشْد في الأجوبة على أن المكيل والموزون لا يعرف بعينه بعد الغيبة عليه فأفتيت به في هذا لا في استحقاقه؛ لأن خروجه من يد ربه فيه بغير طوعه، وبعد هذا تمام المسألة، وما حاص بثمن سلعة لبيعها مبتاعها ثم ردت بعيب ففي تمكينه من رد ما أخذ في الحصاص لأخذ سلعته، ومنعه ذلك سماع عيسى ابن القاسم، وتخريج ابن رُشْد: أن الرد بالعيب ابتداء بيع، قال: وهو أشهر قولا ابن القاسم، وكونه نقضاً هو أشهر قولي أشهب، وخرجه اللخمي على أنه حكم مضى من قول ابن حبيب: من اشترى سلعة فباعها، ثم ظهر على عيب بها فرجع بقيمته ثم ردت عليه لا يردها على الأول، قال: لأن رجوعه بالعيب حكم مضى، وقول ابن الحاجب: وقيل: حكم مضى؛ يقتضي أنه نص، وليس كذلك.

الشَّيخ: في الموازيَّة عن أَصْبَغ: وزراعة القمح فوتٌ، وكراء طحنه ونقله. اللخمي عن محمد عن الباجي عن ابن حبيب: روى مُطَرف: عمى الجارية تغير، والجنابة عن موت، وكذا اعورارها، وخلق الثوب أو فساده، واللخمي في زيادات تأتي. قال: وعلى فوت العبد بالهرم في الرد بالعيب يفوت في الفلس، وعلى رده له أخذه في الفلس، ويختلف في محاصته بنقل الهرم كقوله في الجارية: بعيب فيفلس مشتريها، وكبر الصغير فوتٌ، وعلى عدمه في الرد بالعيب لا يفوت في الفلس. اللخمي: أرى أنه لا يمنع الرد بالعيب من حادث لا يمنع الأخذ في التفليس، واختلف في فوت الرد في الطحن وعدم فوته فيها بين لا سارته، قال: ولابن حبيب عن أَصْبَغ: خلط زيت فجل بفجل بزيت الزيتون أو نقي القمح بالمغلوث جداً أو بالمسوس حتى يحول أو يفسد قوت. قُلتُ: انظر مفهوم قوله: حتى يحول ويفسد؛ مع قول الباجي: خلط القمح بقمح روي يفوت، واختار اللخمي: أنه غير فوت، وهما شريكان بقيمة الجيد والرديء. الشَّيخ: لابن حبيب عن أَصْبَغ: وجعل الزبد سمناً، وقطع الثوب قميصاً أو ظهارةً، وجعل الخشبة باباً، وذبح الكبش فوتاً. الشَّيخ: روى أَصْبَغ: إن قطعت الثياب لا أدري، وقطع الجلود وجعلها نعالاً فوتٌ، وروى محمد: قطع الجلود خفافاً فوتٌ. اللخمي: اختلف قول ابن وَهْب في صبغ الثوب ودبغ الجلد، وثبت على أنه غير فوتٍ، وسمع أبو زيد ابن القاسم: إن فلس مبتاع عرضة بعد أن بناها؛ فلبائعها المحاصة بثمنها أو شركته الغرماء فيها مبنية بقيمتها وهو قيمة بنيانها، وفي سماع عيسى في فسخ الغزل مثله. ابن رُشْد: الفرق بين هذا وبين قطع الثوب والجلد؛ أن المنفعة والغزل قائم بعينه إلا أنه قد زيد فيه غيره، وقطع الثياب والجلود نقصٌ وإفاتةٌ لها، ومقتضى القياس على إجماعهم في الجارية يصيبها عورٌ أو عمى أو الثوب يخلق أو يبلى أن لربه أخذه بكل ثمنه إلا أن يكون قطعاً مفسداً كقطعهما لما لا يقطعان لمثله إن وجدهما خيطاً وعملاً كان له أن يكون فيهما شريكاً كبناء العرصة.

ابن محرز: في فوت الثوب بقطعه قميصاً أو ظهارة قولان، ولو قطعا لما لا يصلح لمثله كان فوتاً، والقياس كان النسج فوتاً كمن غصب غزلاً فنسجه أو اشتراه فنسجه، ثم استحق، فإذا بطل حق المغصوب منه والمشترى؛ فالبائع في التفليس أولى، ونحوه للتونسي والصقلي، وقول ابن عبد السلام: ذكره بعضهم قوله لابن القاسم؛ لا أعرفه، ومقتضى قول الأشياخ؛ أنه القياس، عدم معرفته نصاًّ لأحدٍ، وقول ابن رُشْد في سماع عيسى ابن القاسم: إن نسج الثوب غير فوت؛ لا اختلاف أحفظه فيه. قُلتُ: والأولى عزو نقل ما هو غريب، وكان بعضهم يعلل تأكيد عزوه بوجهين. الأول: سلامة ناقله من احتمال وهمه، والثاني: سلامته من غوائل مفسدات الأعمال. قال: لأني وهمت عن بعض المؤلفين أن قصده بعدم عزوه بقاء إضافته إليه وذكر اسمه بذلك، ولما أجرى اللخمي فوت أخذ السلعة في الفوت على فوت رد العيب، قال: اختلف في فوت رده بالبناء، قال: فما عظم قدر نفقته فوتٌ، وما قل ليس بفوتٍ، ورده المازري بقوله: لما كان العيب من جهة البائع وأبهم بالتدليس حمل عليه أنه أسقط حقه في إمضاء البيع على ما هو عليه بأن يرضى مشتريه أو ينقصه، والفلس لا يلحق البائع فيه تهمة تفريط ولا تفليس، في الموطأ تفسير ذلك أن يكون قيمة ذلك كله ألف درهم وخمسمائة درهم، فيكون قيمة النفقة خمسمائة درهم، وقيمة البناء ألف درهم، فلصاحب النفقة الثلث وللغرماء الثلثان، وناقض المازري في قوله هذا في أصل المذهب في مستحق أرض بعد إحداث المشتري فيها بناءً على أن لمستحقها أخذها ببنائها، ويعطي قيمته قائماً، فأخرج البناء على ملك بانيه جبراً، ولم يخرجه عن ملكه في التفليس، وفرق بأن الاستحقاق أبان الباقي. لابن القاسم في المدنيَّة: تعتبر القيمة يوم الحكم يقوم البناء جملة لا جداراً جداراً وخشبةً خشبةً، يقال: ما قيمة الدار مبنية؟ ثم ما قيمة البقعة براحاً؟ فيشتركان، رب البقعة بقيمتها ورب البناء بقيمته، وقاله ابن نافع. قُلتُ: ظاهر أول كلامه أن المشترى يكون شريكاً بقيمة الدار مبنية مسقطاً منها قيمة العرصة، وهذا أكثر من قيمة البناء مجرداً، وهو خلاف ما في الموطأ، وآخر كلامه

كالموطأ، وفي المأذون منها روى ابن وَهْب: خلط الزيت بمثله غير فوتٍ كالدنانير بمثلها، وقال أشهب: هو في الدنانير فوتٌ. اللخمي: خلط زيت الزيتون بجنس وأحدهما أجود غير فوت وهما شريكان بقيمة ما لكل واحد منهما. الصقلي وغيره في الموازيَّة: من أشحا ابتياعه من رجل بعد ابتياعه من آخر وفلس فهما أحق بهما من الغرماء فيتحاصان في ثمنهما بقيمتهما. قال ابن أبي مريم: وقف فيها محمد، وسمع سَحنون قول أشهب: خلط الدقيق فوتٌ. ابن رُشْد: هو خلاف قول ابن القاسم وروايته وقول عامة أصحاب مالك، والقولان على الخلاف في المعين هل تتعين أم لا؟ وفيها: من ابتاع أمةً أو غنماً ففلس وقد ولدت الأمة والغنم؛ فللبائع أخذ الأمهات والأولاد كالرد بالعيب، ولو ماتت وبقي ولدها فليس له أخذ إلا بكل الثمن. ابن رُشْد: إن فاتت الأم أو الولد بموتٍ فالباقي كل المبيع اتفاقاً وإن قارب الولد المبيع ففي كون الأم كل البيع أو كمبيعه مع الولد، ثالثها: يأخذها ويأخذ بما أخذ ثمناً للولد. سماع عيسى ابن القاسم مع روايته وابن حبيب عنه، فجعل الولد في الأول غلة وفي الثاني كأمه، والثالث غير جارٍ على أصلٍ. قُلتُ: عزا ابن زرقون الثاني ليحيى بن عمر عن رواية ابن القاسم، وذكر الثالث غير معزو كابن رُشْد. اللخمي: قال مالك في الموازيَّة: يأخذ الأم بجميع الثمن؛ لأنه من غلاتها، وقال سَحنون: لا أدري ما هذا، يؤيد ابن القاسم؛ لأن القياس فيهما سواء كما إذا باع الأم فإنما يأخذ الولد بمنابه من الثمن. وفي الجلاب: يأخذ الأم ويضرب بما ينوب الولد. اللخمي: لم يرد مالك أنه غلة حقيقة، لو كان غلة لم يرد إن كان قائماً ولم يكن للبائع أذى الأم؛ لأن الغلة في القيام والفوت سواءٌ.

قُلتُ: هذا يقتضي أن مالكاً قال: إنه غلة، ونص الرواية في النوادر على الموازيَّة: وكأنه غلةٌ. قُلتُ: ثالث أقوال ابن رُشْد: أنه يضرب بما أخذ ثمناً في الولد، وثالث أقوال اللخمي بما ينوب الولد ويغايرهما واضحٌ، فالأقوال أربعةٌ. ابن رُشْد: فإن باع الأم دون الولد وأخذه البائع ففي ضربه بقيمة الأم أو بقدر منابها من الثمن روايتان الثانية كقول ابن القاسم في أصل المسألة ابن زرقون وهو قول ابن القاسم ومشهور المذهب. قُلتُ: لم يحك اللخمي غيره ولابن حبيب عن ابن حبيب عن ابن القاسم ما أخذ في قتل أحدهما كثمنه. اللخمي: إن وجد عبده بعد أخذ المفلس أرش موضحته وعوده لهيئته فأرشه لهيئته ولو لم يعد لها رده في العيب وأخذ الباقي في الفلس بمنابه في الثمن وحاصص بالباقي ولو نقص المبيع بسماوي ففي أخذه الباقي بمنابه في الثمن أو بجميعه روايتان ولو لبس المفلس الثوب حتى خلق ففي أخذه بكل ثمنه أو منابه، ثالثها: وفيها ما جزه المفلس من صوف وحلبه من لبن فما استرده بائعه منه لفلسه لا شيء لبائعه فيه لقول مالك الصوف في الزكاة غلة بخلاف تام الصوف يوم البيع، وما أبر من ثمر يوم البيع ولمؤجر، وقال غيره: أن جد فهو غلة وقال أشهب في الصوف ونقلها أبو سعيد، وقال غيره: إن جد الثمرة وجز الصوف فهما كالغلة وفي لفظ الصقلي، وقال أشهب: بدل غيره زاد، وقال يحيى: إن جدها تمراً رد مكيلته وإن جدها رطباً رد قيمته. الصقلي: يريد: إن فات قال: وله أجر سقيه وعلاجه ابن حبيب لا نفقة له؛ لأنه إنما أنفق على ماله وما في ضمانه. الصقلي: إنما يصح قول يحيى في الدر بالعيب، وإن فاتت الثمرة في الفلس لم يكن للبائع مثلها ولا قيمتها؛ لأن عين نسئته ذهب فيأخذ النخل بما ينوبها من الثمن ويحاص بما ينوب الثمرة. ابن رُشْد: في كون ما حدث بعد العقد من ثمن غلة لمبتاعه يجده أو بطيبها قولها، وسماع عيسى ابن القاسم: ويتخرج كونه كذلك بالإبار وباليبس من قول أَصْبَغ في

البيع الفاسد إنه كذلك في الإبار، وفي الموازيَّة في الاستحقاق: إنه باليبس وما استدره البائع لكونه غير غلة لمبتاعه بعد سقيه وعلاجه غرم قيمتها لمبتاعه وجدت في بعض الكتب القديمة لابن القاسم، ولا غرم عليه لسقيه وعلاجه. ابن محرز: إن كانت الثمرة يوم البيع قد أبرت، وفاتت قبل التفليس مضت بما ينوبها من الثمن خلاف قولها: إن اشتراها وقد أبرت فوجد بالنخل عيباً، وقد جد الثمرة ليس له رد النخل دونها؛ لأنه مختار للرد، فإن رد النخل دونها كأن بيع التمر قبل بدو صلاحه وفي النوادر، وظاهره من الموازيَّة. قال مالك: من باع ثمن حائطه في رؤوس النخل، ثم فلس مبتاعها بعد يبسها لأخير في أخذها بائعها، وأجازه أشهب واختلف فيه قول مالك في العتبيَّة، وأخذ أَصْبَغ بنهي مالك عنه ابن حبيب، وقال أَصْبَغ في الآبق: ليس لبائعه أخذه بثمنه وبه أقول وسمع أبو زيد وعيسى ابن القاسم وهو في الموازيَّة ليس لبائعه أن يحاص بثمنه على أنه إن وجد العبد أخذه، ورد ما حاصص به إما أن يرضى بطلب العبد لا شيء عليه له غيره وإلا حاصص إلا أن يعطيه للغرماء ثمنه. ابن حبيب لأَصْبَغ عن أشهب: له ترك الحصاص ويطلب عبده، فإن لم يجده رجع بحصاص الغرماء. قُلتُ: ذكر ابن رُشْد اختلاف قولي مالك في أخذه بعد يبسيه من سماع أشهب، وفي السلم والآجال: واختيار إجازته، وفي السماع المذكور: تخيير بائع العبد إن فلس مبتاعه، وتواين في المحاصة وفي طلب العبد، فإن لم يجده رجع يحاص الغرماء، وفيه نظر؛ إذ لا حد لوقت طلبه الذي يجب ببلوغه الرجوع بمحاصة الغرماء أو الرجوع على كل واحد بما يجب له لو حاصهم، وفي سماع عيسى ابن القاسم في كتاب المديان: إن رضي بطلب العبد وترك المحاصة، فليس له أن يرجع إليها إن لم يجد العبد كما إن اختار محاصتهم؛ فليس له إن وجد العبد أن يرده، ويرد ما أخذ في المحاصة. المازري: وعلى المشهور أن الثمرة والصوف التامين يوم البيع حصة من الثمن إن قام بعد الجد والجز؛ فالمشهور أن الصوف إن كان قائماً رده مع الغنم، ولا يرد الثمرة مع الأصول، ويعسر الفرق بينهما، وأقصى ما يفرق به أنه لو ردت الثمرة إلى البيع الرطب

بالتمر، ولاسيما على القول أن يأخذ السلعة في التفليس كابتداء شرائها، وأن تغيير فسادها يخرجها عن كونها العين المبيعة والصوف إذا جز صار كسلعة ثانية مع أصله. قُلتُ: وفرق الصقلي بأن التمر لما لم يدخل في البيع إلا بشرط أشبه مال العبد وجده كانتزاعه، والبائع لا يأخذ مال العبد بعد انتزاعه، فكذا الثمرة بعد جذها، والصوف لما دخل في البيع دون شرط كان كجزء من المبيع ويجزه كتجزئة المبيع؛ فلا يمنع أخذ جميعه والروايات واضحة بأن البائع إن وجد بعض مبيعه أخذه بمنابة عن الثمن. الشَّيخ والصقلي: روى محمد وابن حبيب: ولو وجد ربع المبيع؛ فله أخذه بعشر الثمن، ويحاص بباقيه ولما اختصره ابن الحاجب بقوله: وليأخذ بعض المبيع ويحاصص فيما يخص الغائب. قال ابن عبد السلام: هنا بين على أن رد السلعة في الفلس كابتداء بيع ثان، وعلى أنه نقض بيع ينبغي أن يفصل في السلعة الغائبة بين أن تكون وجه الصفقة، وهي من ذوات القيم أو لا تكون كذلك، ومسألة مالك كذلك وسلك بالمسألة استحقاق بعض المبيع فتأمله. قُلتُ: الصواب الجائي على القاعدة عكس ما قاله، وبيانه أنه على أنه ابتداء بيع يكون البائع مشترياً ما استرده بمنابه من الثمن باختياره لا جبراً، فيكون كمن استحق من يده ما أوجب له الخيار؛ ففي بقي بيده، فإن كان الباقي من ذوات القيم؛ فالمشهور أنه ليس له التماسك به بمنابه من الثمن لا بنشوء، والقول الآخر جوازه يلزم مثله في أخذ البائع ما وجد بمنابه من الثمن، وعلى أنه نقض بيع يصير ما يأخذه البائع من ذلك باستحقاق، ولا خلاف أن هذا لا يراعى فيه قيمة ولا جمع قدر عوض؛ إذ لا عوض له فتأمله منصفاً، وقوله: يفصل في السلعة الفائتة بين أن تكون وجه الصفقة وهي من ذوات القيم، أو لا تكون كذلك كاستحقاق بعض السلعة غلط، وبيانه أن كون الشيء وجه الصفقة معتبر في الفائتة، ووصف كونه في ذوات القيم؛ إنما هو معتبر في الباقي بعد الاستحقاق والروايات ناطقة بذلك، فجعل كونه معتبراً في الفائت وصح فتأمله منصفاً، وموت الولد دون أمه وعكسه تقدم، واستهلاك مبتاع العبد ماله بعد انتزاعه،

كما لم يكن في أخذه بائعه في تفليسه، ولو انتزعه وهو قائم، ففي كونه كذلك أو كما لم ينزعه. نقل ابن رُشْد: وظاهر سماع ابن القاسم ابن رُشْد هذا فيما اشتراه به أو كسبه بتجر أو عطية من غير مبتاعه وما وهبه إياه مبتاعه أو أكتسبه عنده من عمل يده؛ فلا حق فيه لبائعه في التفليس إن أخذه ولا في الرد في العيب إن رد عليه. الشَّيخ: سمع ابن القاسم: إن فلس مبتاع عبد بعد رهنه فلبائعه فداؤه والمحاصة بما فداه به، وروى محمد مثله في الجناية ولا يحاص بفدائه؛ لأنه في رقبة العبد لا في ذمة مبتاعه، وفي قول ابن الحاجب تابعاً لابن شاس في شروط الرجوع بعيب أو في التفليس أن يكون بمعاوضة محضة؛ فلا يثبت في النكاح والخلع والصلح؛ لتعذر استيفاء العوض نظر لأن المفروض في كلامهما الرجوع لعين المال لا لعين العوض والعوض في النكاح والخلع والصلح على الإنكار غير مال أما لو كان المفروض الرجوع للعوض لأمكن ذكرها على أن أصل المذهب لم يذكروا هذه المسائل في هذا الأصل فيما رأيت؛ وإنما ذكرها فيه الغزالي فتبعاه، ولو فلس من حلت له أمة بعد وطئه إياها ففي أحقية محللها بها ومنعه منها وقف ابن العطار فيها، وجزم ابن عبد الرحمن بمنعه. وفيها مع غيرها: هبة الثواب في ذلك كالبيع، ونجيب أن يذكر في شروط أخذ المبيع في التفليس كونه تفليس حي لا ميت، وكأنهم رأوا خصوص صدق التفليس على الحي، وسمع عيسى رواية ابن القاسم إن وقف الإمام في مال المفلس دابة لبائعها، فمات المفلس قبل أخذها بائعها فهو أحق بها ولو لم يوقفها له كان أسوة الغرماء ابن رُشْد هذه المسألة مفسرة لقولها في الهبات. قُلتُ: زاد الشَّيخ: رواية مُطّرف: من ادعى دابة بيد مفلس أنه باعها منه، وأقام بينة فمات المفلس قبل أخذها فهو أحق بها. وفيها مع غيرها: إن فلس مشترى منافع قبل قبضها؛ فبائعها أحق بها في المقدمات، ويفسخ العقد كسلعة بيد بائعها، وإن فلس بعد قبضها، وإن كانت منافع أجير زرع؛ ففي كونه أحق بزرعها في أجرته، ثالثها: في الفلس لا الموت لابن رُشْد عن أَصْبَغ مع ابن الماجِشُون في الواضحة وابن القاسم في الموازيَّة والمخزومي وابن القاسم

مع روايته. فيها ومع غيرها: قال: وكذا الثالثة في مكري أرضها؛ لأن المعنى فيها سواء وإن اجتمعا فعلى أنه أحق في تحاصهما وتبدئة رب الأرض على الأجير، ثالثها: العكس. قُلتُ: عزا الصقلي الأول لرواية أشهب والثاني لرواية ابن القاسم قائلا قال أَصْبَغ اختلف فيها أصحابنا بمصر، وأحب ما فيه إلي أن يتحاصا في الموت والفلس، ويقدمان على الغرماء. قُلتُ: فيدخل عزو الثالث في عموم قوله اختلف فيها أصحابنا على أن الصقلي لم يصرح بوجود القول الثالث، والمازري إنما ذكر في المسألتين القولين الأولين فقط. التونسي: لو ولي مكتري الأرض عمل الزرع لتمامه ففي أحقة رب الأرض بكل الزرع أو بمنابه في محاصته أجيراً عليه لو كان نظر. الصقلي: الأظهر منابه في محاصته. وسمع أَصْبَغ ابن القاسم: لو عجز أجير الزرع، فاستأجر مكتري الأرض أخرتم به الزرع كان ما فضل عنه وعن رب الأرض من الزرع للأجير العاجز دون الغرماء. المازري: لو اجتمع رب الأرض وأجير ثان تم به عمل الزرع فنص الرواية قصر المحاصة عليهما، وتخرج فيهما معادة الأجير الأخير رب الأرض بما يجب للأجير الأول في المحاصة من معتادة شقيق جد الأخ لأب. اللخمي: في تقديم الأجير الذي به تم الزرع على الأول ومحاصتهما ثالثها: يقدم الأكثر منهما. الشَّيخ: روى أشهب في الموازيَّة وسطرت في الواضحة: من اكترى أرضا يزرعها فاستأجر أجيراً ورهن الزرع. قال ابن حبيب: وقبضه المرتهن ثم فلس فرب الأرض والأجير يتحصان دون المرتهن. وروى أَصْبَغ عن ابن القاسم في العتبيَّة مثله وقال أَصْبَغ وتلقاه الأشياخ بالقبول. وتعقبه ابن عبد السلام: بأن رب الأرض، والأجير إن جعلا كمن وجد سلعته في التفليس بعد خروجها من يده لزم تقديم مرتهنها عليهما، وإن جعلا كمن لم يدنها لبطل

الرهن فيها والفرض صحته، وحوزه هذا أخلفه، ويجاب باختيار الثاني، ومنع كونه ملزوما بخلاف الغرض، وبيناه أنهما فيما يستغرقه حقهما من الزرع كمن لم يخرج سلعته من يده ضرورة كون الزرع في أرض رب الأرض وهي كيد وبقاء يد الأجير على الزرع، والرهينة في هذا القدر باطلة ممنوع فرض صحتها فيه دينار، أو على ذلك الرهينة فيه تامة، وهو المسلم فرض صحة رهنه، ثم قال: ما نصه في قولهم: إن بعض الغرماء أحق في الموت نظر لا يحتمله أصل المذهب؛ أنهم شبهوا من حكموا له بهذا الحكم ببائع لم يخرج سلعته من يده ولم يضطره حكمه؛ لأن حكم من لم تخرج سلعته من يده ومشتريها عديم بيعها على ذمته زيادة ثمنها على اشتراها فيه ونقصه عنه له وعليه ولم يحكموا في مسألة الزرع وشبهها بهذا؛ بل قالوا بأخذ البائع السلعة عوضاً عن ثمنه، ويصير كنقص البيع. قُلتُ: هذا كالنص بأنه فهم أن معنى اختصاص رب الأرض والأجير أو أحدهما بالزرع أخذه قل ثمنه أو كثر في الكراء والأجرة وهو وهم؛ لأن الرواية في الواضحة، وسماع أبي زيد نص بأن الأجير إنما يستحق من الزرع قدر أجرته، وما فضل فهو لغرماء المفلس، ونقله الصقلي ومغيره، وإنما جعلوا أخذ السلعة نقضاً للبيع في غير الأجير والمكتري، وأخذاً بظاهر الحديث، ولم يشبهوا هذا بمن أعدم مبتاع سلعته قبل قبضها. وفيها مع غيرها: أجير رعاية الإبل أو رحلتها أو علف الدواب أسوة الغرماء في الموت والفلس. ابن حارث: قال لقمان بن يوسف: قرأت على عبد الجبار بن خالد كلام ابن القاسم: أن الراعي أسوة الغرماء فقال لي: معناه: إن كان يردها لبيتها، وإن كانت باقية في يده ومنزله فهو كالصانع. الصقلي عن محمد: ومثل الأجير على رعاية الإبل الحارس، وأجير الخدمة أو على البيع في حانوتك بزاً أو غريه. اللخمي عن ابن الماجِشُون: الأجير فيما أرسل فيه، وخلا به دون ربه أحق في الموت والفلس، وكذا الجعل في الأبق والشارد، وحلب الماشية والراعي فيما يتباعد به عن صاحبه، وكذا الأجير على حلب قال من مكان.

الصقلي عن الموازيَّة: من استؤجر على درس زرع ببقرة فهو أولى بالأندر؛ لأنه لا ينقلب به ربه بخلاف صانع استعملته في حانوتك إذا كان الليل انرف. وفيها: جميع الصناع أحق بما في أيديهم في الفلس والموت. ابن رُشْد في رسم العارية من سماع عيسى: إن فلس مبتاع عمل نقط، والمعول بيد عامله هو رهن بأجرته اتفاقاً، وبعد دفعه ولا بينة بيننا أجرته لا حصاص له بها فإن كانت بينة بأنه دفعه له فيأتيه بأجرته فالمشهور كأحد غرمائه. ولأبي زيد عن ابن القاسم: يخير في المحاصة بأجرته، وتركها لشركته فيه بقيمة عمله، وإن فلس مبتاع عمل، وما به يعمل فالعامل في عمله كما مر، وفيما به عمله كسلعة مبينة كالصباغ يصبغ الثوب بصبغة، والرقاع يرقع الثوب برقاعه فما أخرج من ذلك كسلعة مبيعه اتفاقاً، وعمل يده هو أحق به على رواية أبي زيد يخير في أن يكون أسوة الغرماء بكل أجرته، وأن يكون أحق بقيمة ما فعل في السلعة من صبغ أو رباع وبقيمة عمل يده يكون بكل ذلك شريكاً للغرماء في السلعة إن كانت قيمتها غير معمولة عشرة، وقيمة ما أخرج فيها خمسة وقيمة عمل يده خمسة كان شريكاً فيها بالنصف، والقيمة يوم الحكم على نص هذا السماع ولابن القاسم في الموازيَّة يكون شريكاً بما زاد عمله فيها من صبغ وغيره، وهو بعيد؛ إذ قد يزيد عمله فيها أضعاف قيمته، وقد لا يزيد إلا بعض قيمة عمله، وقد لا يزيد شيئاً، وقد نقض قيمتها؛ فالقياس كونه شريكاً بقيمة ما أخرج من صبغ وعمل يوم الحكم، فأخذ البائع سلعته في التفليس زادت قيمتها أو نقصت، وعلى سماع عيسى وهو المشهور لا يكون أحق إلا بقيمة ما أخرج، وقيمة عمله يكون به أسوة الغرماء. وقيل: لا يكون له في شيء؛ وإنما يخير في الحصاص بكل أجرته، وفي كونه شريكاً في السلعة بقيمة ما أخرج فيها فقط دون عمل يده، وهو ظاهر هذا السماع ولا يحتمله القياس. الشَّيخ لابن حبيب عن أَصْبَغ: إن حاط له فتوقاً ورقاعاً. فإن قلت: فهو أسوة في الموت والفلس، وفي عكسه أحق في الفلس فقط، وإن تناصفنا؛ فلكل حكمه، ولما ذكر اللخمي القولين في كونه شريكاً بقيمة الصبغ أي: بما

زاد قاله، فإن لم يزد كان أسوة؛ لأنه لا يختار إن لم ترد إلا التسليم والحصاص. وفي الموازيَّة: هو أحق بما زادت قيمة الصبغ يكون شريكاً به، وما بقي له حاص به داري أن يكون أحق بصنعته؛ لأن المشترى هو الموجود من الخياطة والصبغ، وقبل أن يسلم كانت المصيبة منه؛ لأنه في معنى الشيء القائم، ويكون شريكاً بما زادت الصنعة ليس بقيتها؛ لأن الثوب غير المقصود بالشراء، وكثيراً ما يكون الصبغ غير مقصود بالشراء، ولو كان أبيض كان الثمن والخياطة الأشبه أن يكون شريكاً بقيمتها؛ لأنه لو قام بعد القطع وقبل الخياطة لأخذ جميع الثمن، ولم يحط الأجل القطع شيئاً؛ فالخياطة تزيد على قيمته مقطوعاً ولا يشتري إلا ليخاط. قُلتُ: فبائع منفعة يده إن لم يجز ما فيه عمله تأخير وإن حازه، ولم يخرج فيه من عنده شيئاً فصانع فقط، وإن أخرج فيه فصانع بائع وأحكامها تقدمت، فإن فلس مبتاع عمل وما به يعمل، ولم يرض البائع بالمحاصة، ففي كونه شريكاً بقيمه عمله، وما به يعمل أو بما زاد، ثالثها: بقيمة ما به العمل، ويحاص بقيمة عمله، ورابعها: لغو قيمة عمله، وخامسها: بما زاد ويحاص بما بقي له، وسادسها: في الصبغ بما زاد لاختلاف الأغراض في تحصيله، وفي الخياطة بالقيمة لإبقائها على تحصيلها. لابن رُشْد عن أبي زيد عن ابن القاسم وعنه في الموازيَّة وسماع عيسى ابن القاسم مع المشهور، ونقل ابن رُشْد ونقل ابن الحاجب مع ابن شاس، واختيار اللخمي، وقول ابن الحاجب وابن شاس: والصباغ والبناء والنساج شريك بقيمة ذلك، فلو أقبضه فيما زاد ويحاص بما بقي، وقيل: يفسخه نص في كون الصياغة، ومن ذكر معه يكونان شريكين في المصنوع قبل دفعهما إياه ولا أعرفه؛ بل هما أحق به في أجرتهما كالرهن حسبما قاله ابن رُشْد وغيره. وسمع أبو زيد ابن القاسم: من دفع لصانع سواراً يعمله له، ثم آخر، ثم فلس الدافع بعد قبضة أحدهما، وقبل دفعه أجرتهما؛ فللصانع نفس ما بيده في أجرته فقط لا في أجرتهما كان دفعهما معاً أو مفترقاً. ابن رُشْد: إن كان استعماله إياهما في صفقة واحدة؛ فله حبس ما بيده في أجرتهما معا؛ لأنه استعملهما معاً صفقة واحدة بأجرتهما معاً كمرتين عبدين بعشرين درهماً دفع

أحدهما للراهن؛ ليدفع له نصف حقه، فلم يفعل حتى فلس؛ فهو أحق بالباقي بيده حتى يستوفي كل حقه اتفاقاً، فقوله: كان دفعهما معاً أو مفترقاً غير صحيح وقع على غير تحصيل. قُلتُ: يرد ما زعمه من عدم صحة السماع؛ لأن المماثل لمسألة السوارين في عقد واحد أنه سمى لكل سوار قدراً من الأجر، والمماثل للصورة التي احتج بها من الرهن مواجرته على السوارين بقدر غير مخصص بعضه بأحدهما وحكم هذه الصورة هو كما ذكروا ما إذا رهن السببين صفقة واحدة أحدهما في عشرة والآخر في عشرة ثم دفع أحدهما، فالباقي إنما يكون رهناً في القدر الذي سمى كونه رهناً فيه لا في كل الدين المذكور فتأمله. وسمع أبو زيد ابن القاسم إن فلس مكتر على حمل متاعه إبلاً، والمتاع على الإبل فالجمال أولى به، وكذا مكتري السفينة. ابن رُشْد: إن أسلم المتاع ربه إلى الجمال ليحمله على حمالة فهو أحق بالمبتاع إن كان بيده في فلس ربه ومتوته اتفاقاً؛ لأنه كرهن بيده، ولو سلم الجمال الإبل لمكتريها يحمل عليها متاعه ففلس قبل حوزه متاعه، ورد الإبل للجمال؛ فالمشهور أن الجمال ألوى بالمتاع في كرائه. وفيها: تعليله بأنه إنما بلغ على إبله والعلة الصحيحة أنه كالرهن ويتخرج فيها أنه أسوة الغرماء في الموت والفلس؛ إذ ليس المتاع في يده رهناً ولا هو عين ما باع، ويتخرج له أنه أحق في الفلس دون الموت؛ لأن حمله المبتاع من بلد لبلد على الإبل تنمية له فأشبه اكتراؤه ابتياعه، وهذا على قياس كون رب الأرض أحق بالزرع في الفلس دون الموت. قُلتُ: ما خرجه أولاً هو تخريج اللخمي من قول الغير في الراحلة المضمونة لا يكون متكريها أحق بها؛ لأن المتاع المحمول لا يتعين قال: هذا إن كان أبرز المتاع له، ولم يحمله، وإن فلس بعد بلوغ المبتاع، فإن كان الجمال يخلو بالمبتاع وعونه؛ فهو أحق به في الموت والفلس وإن لم يجزه، فقال ابن القاسم: هو كذلك، وعلى قول عبد الملك يكون أسوة؛ لأنه لم يغل به، وهو أبين، وقد يحمل قول ابن القاسم على أن زيادة سوق البلد

الذي حمل إليه في المبتاع أكثر من الكراء، وإن كان أقل لم يكن أحق إلا بالزيادة في الفلس لا الموت. وفي المقدمات: رب الإبل أولى بالمتاع؛ لأنه قابض له يكون على ظهور دوابه، ولو أسلمها للمكتري، وهو كرهن يده ما لم ينقض الكراء، ويحز المتاع ربه وكذا السفينة. وفي العتبيَّة: بيان أنه إنما يكون أحق بما في سفينته أو على ظهور دوابه، وتأول أحمد بن خالد المدَوَّنة على أنه أحق ولو قبضه؛ يريد: وفارق ظهور الدواب؛ لتعليلها بأنه إنما بلغ الموضع على دوابه، وهو بعيد غي حار على القياس. وفيها: مع سماع أبي زيد ابن القاسم أرباب الدور والحوانيت فيما فيها من أمتعة أسوة الغرماء في الموت والفلس. ابن رُشْد: اتفاقاً. قُلتُ: هذا خلاف نقل الصقلي هذا قول الجماعة إلا عبد الملك حصل الدور والحوانيت كالدواب. ونقله المازري وعبر عنه بابن الماجِشُون. قُلتُ: وفي النفس من هذا النقل شيء لأني طالعت هذه الترجمة في النوادر، ولم يذكره الشَّيخ بحال. قال: وروى محمد: رب الدار أحق ببقية السكنى إلا أن يعطيه الغرماء منابه أو يكروها، ويحاصهم في كرائها بمناب ما مضى بعد احتصاصهم منه بما فدوا به باقي المدة. ابن القاسم: إنما يكون رب الدار أحق بباقي المدة في الفلس لا الموت، وفي آخر الدور منها مكتري الدابة المعينة أحق بها في الفلس والموت؛ كمبتاع طعام معين مات بائعه قبل كيله. وقوله ابن رُشْد آخر سماع ابن القاسم من الرواحل: هذا إن نقد كراها، وإن لم ينقد؛ فله نسخ كرائها، ويكون أحق بما عليه من الكراء بشكل؛ إذ قد يحول الكراء الرخص. وفي آخر الدور منها: إن فلس الجمال؛ فالمكتري أحق بالإبل حتى يتم حمله إلا أن

يضمن له الغرماء حملانه، ويكتروا له من أملياء، فيأخذوا الإبل لبيعها في دينهم. قال غيره: لا يجوز أن يضمنوا حملانه. عياض: قال بعض الشُيُوخ: هذا في المعين، ولا يختلف في جواز الضمان في المضمون. وقال آخرون: إنما الخلاف في المضمون للاختلاف هل هو أحق به أو لا، وأما المعين فلا يختلف أنه أحق به، ولا أنهم ليس لهم ضمانه ولا يلزمه. قال: واختلف إن تراضعوا بذلك هل يجوز أم لا؟ وهذا ظاهر قول سَحنون لقوله معنى المسألة: إذا كان الكراء مضموناً ومكتري المضمونة قبل قبضها أسودة. الصقلي: عن ابن القاسم في الموت والفلس: وبعد قبضها طريقان. المازري: وفي كونه أحق مطلقاً أو أسوة قولا ابن القاسم فيها مع قوله في غيرها، ولو كانت تدار تحت الراكب وغيره قال: بناء على تموينها بقبضها؛ إذ ليس له نزعها منه ولغوه؛ لأنها لو ماتت لزمه إتيانه بغيرها. وفي نقل الصقلي: ثالثها: لأَصْبَغ إن كانت تدار فهو أسوة وإلا فهو أحق وناقض قوله مالك: أنه أحق، وإن كانت تدار بقوله في الأجير لرحلة الإبل وعلوفها: إنه أسوة. قال: هو اختلاف قوله: داري إنه أسوة. ابن حبيب: الصواب قول مالك: ولا فرق بين أن يديرها بينهم أو لا ومن هي بيده يوم الفلس أولى وليس كأجير الرحلة والعلوفة؛ لأنه لم يتعلق له حق بعين الدواب والمكتري تعلق له بالإبل حق. وسمع ابن القاسم في الرواحل: تكتري الإبل ومكريها يديرها تحتهم أحق بها في فلس مكريها. ابن القاسم: وهو رأيي. سَحنون: هذه جيدة، ولو كانت الإبل مضمونةً؛ لأنه كلما قدم الكري لرجل جمال لكان كراؤه وقع عليه. ابن رُشْد: مثله سمع ابن القاسم في المديان والتفليس، وفي الرواحل والدواب منها، وهذا إن كان نقده وإن لم ينقده حيز في النقد، ويكون أحق.

وفي فسخه الكراء عن نفسه، ويكون أحق بما عليه لا أعلم في هذا خلافاً إلا قول الغير فيها ليس الراحلة بعينها كالمضمونة. قيل: إنه أراد ليست كالمعينة في أنه أحق بها في التفليس. وقيل: في اختلافهما في الكراء. والظاهر: أن فيهما معاً ولو فسخ بيع سلعة لفساده وبائعها مفلس، ففي كون مبتاعها أحق بها في ثمنه طريقان: الأولى: ثالثها: عن النقد لا الدين للشيخ عن سَحنون، ومحمد وابن الماجِشُون. الثانية: لابن محرز قولان لابن الماجِشُون ومحمد، واتفقوا إذا كان الشراء بدين لا يكون أحق بالسلعة، وعارض بعض المذاكرين هذا بمن أعطى رهناً قبل الأجل على أن يؤخره بالدين بعد الأجل، ولم يفطن له حتى دخل في الأجل الذي أخره إليه أن الرهن يكون بالدين، وإن كان فاسداً لما كان تأخيره بسببه فكذا هذا. فإن قلت: معنى الشراء إلى الأجل في القول الثالث: أن المؤجل هو الثمن أو السلعة. قُلتُ: ظاهر لفظ ابن محرز الأول، وظاهر نقل الشَّيخ في النوادر، وفي آخر كلام ابن الماجِشُون الثاني قال عن ابن الماِجشُون ما نصه: إن باعها بنقد فمبتاعها أحق بثمنها حتى يستوفي حقه، وإن أخذها بدين دخل على الغرماء في ثمنها كأنه كان له دين لدينهم فرجع لما كان. قُلتُ: فظاهر قوله: إنه كان له دين كدينهم نص أن ثمنه كان له ديناً كدينهم، فرجع إلى ما كان على المفلس، وهذا لا يتقرر إلا والسلعة مؤخرة، ولم يحك ابن رُشْد غير قولي سَحنون ومحمد، وكذا المازري ولم يعزها، ولابن رُشْد في سماع عيسى على أن الرد بالعيب نقض بيع. قال ابن القاسم في الموازيَّة: من رد عبداً ببيع فيلس بائعه والعبد في يده قبل قبض الراد ثمنه، ولا يكون أحق به من الغرماء، وعلى أنه ابتداء بيع يكون أحق به. قُلتُ: انظر قوله: والعبد في يد البائع قبل قبض الراد ثمنه قبض في أنه بعد الراد. وقال اللخمي: من رد عبداً بعيب، فلم يأخذ ثمنه حتى فلس بائعه كان أسوة،

باب في دين المحاصة

واختلف إن لم يرده حتى فلس البائع هل هو أحق به، فيباع له، أو يكون أسوة، واختلف على أنه أسوة. قيل: يخير في حبسه، ولا شيء له من العيب أو يرده ويحاص، وقيل له: حبسه، ويرجع بقيمة العيب لضرر المحاصة أو رده، وتبع المازري اللخمي في كيفية نقله، ولفظ الشَّيخ في النوادر مثل لفظ ابن رُشْد فاعلمه. وفيها: إن تغيرت هبة الثواب بيد الموهوب بزيادة أو نقص في بدن، وقد فلس؛ فللواهب أخذها إلا أن يدفع الغرماء له قيمتها. عبد الحق عن بعض شُيُوخه القرويين: إن كانت قائمة؛ فالواهب أحق بها من الغرماء في الموت والفلس، وإن فاتت؛ صار كالبيع لوجوب القيمة فيها كالثمن في البيع، فيكون أحق بها في الفلس لا الموت، وسمع عيسى ابن القاسم: وطء الموهوب له الجارية في هبة الثواب فوت يوجب قيمتها، ويمنع اعتصار الأب إياها، ولا يمنع أخذ واهبها إياها في التفليس. ابن رُشْد في النوادر عن سَحنون عقب هذا: لا أدري ما هذا يريد ما الفرق بينهما والفرق بينهما عندي بين وهو أن الوطء في هبة الثواب والاعتصار فوت للتهمة على عارية الفروج لا الرد فيهما اختياري والتفليس لا تهمة فيه؛ لأنه خوف ضرر الحاصص. [باب في دين المحاصة] ودين المحاصة: ما كان عن عوض مالي يلزم أخذ العوض طوعاً أو كرهاً أو بضع أو متعة أو دية المالي، واضح وغير اللازم لغو كالكتابة تسقط بالعجز في مكاتبتها إن

ترك مكاتبٌ مات مالاً، وعليه دين فلا حصاص لسيده بما قاطعه كما لا يحاص بالكتابة. قال شريخ: يحاص بالنجم أنه قد حل. قال ابن المسيب: أخطأ شريح، وما لزم اليد من ضمان رهن بالكتابة أخذاً بعد عقدها أخذاً في محاصة المكاتب به غرماء سيده قولان لغير ابن القاسم وله، ولو أخذه عند عقده حاصص به اتفاقاً، وفي ثاني زكاتها تحاص المرأة بمهرها في الموت والفلس، ونقل ابن الجلاب خلافه غلط فيه في ثاني نكاحها تضرب المرأة مع غرماء زوجها بما أنفقت في مسيرها على نفسها لا على ولده الصغار. وفي الديات منها: إن قطع عبد يد رجل خطأ وقتل الآخر خطأ، واستهلك مع ذلك مالاً حاص أله المال أهل الجراح في رقبته في قيمته بما استهلك لهم ودين الشاهد واليمين كدين الشاهدين.

كتاب الحجر

[كتاب الحجر] الحجر: صفة حكمية تمنع موصوفها نفوذ تصرفه في الزائد على قوته أو تبرعه بماله، وبه دخل حجر المريض والزوجة، واكتفى المازري جواباً عن قوله ما معنى الحجر بقوله معناه لغة المنع، والحجر يقتضي أن معناه عرفاً كمعناه لغة، وليس كذلك، بل العرفي آخر. قال مع القاضي الحجر: إما لحق موصوفه أو لغيره. ابن الحاجب وابن شاس: أسبابه سبع الصبا والجنون والتبذير والرق والفلس

والمرض والنكاح في الزوجة. قُلتُ: الحصر استقرائي وهو في الأمور المذهبية العام بالمذهب القطع؛ لأنه عدة منه لوجوده عنده. وتعقب ابن عبد السلام: قول ابن الحاجب بأن ترك سبباً سابعاً، وهو الردة، وبأنه قدم حكم الفلس على ذكر سببه، فإنه عد الفلس في الأسباب بعد أن تكلم على أحكام التفليس. قُلتُ: يرد تعقبه الأول بأنهم إنما ذكروا الحجر على المالك فيما يملك لا فيما لا يملكه، وحجر المرتد ليس من حكم المالك على ما يملكه بأنه لو مات ما ورث عنه، ولعله في تعقبه تبع القرافي في الذخيرة فإنه قال: أسبابه ثمانية، فعد فيها الردة وأما تعقبه بقوله: إنه قدم حكم الفلس قبل ذكره سببه فكلام لا مدخل له في التعقب؛ لأن قوله سبب إن أراد ما هو سبب في الفلس؛ فالحاصل أنه قدم حكم الفلس على ذكر سببه، ولا تعقب في هذا إلا أن يكون كمن ترك الأولى، ولا مدخل لها في الحجر، وإن أراد ما الفلس سببه، وهو الحجر، فحاصله أنه ذكر حكم الفلس قبل ذكر كونه سبباً في الحجر، وهذا لا تعقب فيه فتأمله، وقوله: الأسباب التي ذكر ابن الحاجب ستة وهم؛ بل هي سبعة كما قال ابن شاس. والابتلاء للمرشد مطلوب: اللخمي: في كون ابتلاء من في ولاية بعد بلوغه أو قبله قولا محمد والأبهري مع البغدادي، وهو أبين؛ لقوله تعالى: {وَابْتَلُوا الْيَتَامَى} الآية [النساء: 6]. المازري: الأشهر أنه بعد البلوغ. اللخمي: اختلف هل يجبر بدفع شيء من ماله؛ ليختبر به فظاهر قول مالك المنع؛ لأنه قال: إن فعل لم يلحقه فيه دين، ولا فيما بيد وصيه، وأجاز غيره، وقال: يلحقه الدين فيما بيده. المازري: في إثبات الأشياخ اضطراب في اختباره بشيء من ماله، ثم ذكر كلام اللخمي، وقال: هذا التخريج غير لازم قد يكومن الدفع مباحاً ... الخ إلى أن تعقب ولكن الغرماء لم يعاملوه على ما بيده؛ فذلك لم يقض لهم به.

قلت: كذا وجدته في غير نسخة ومقتضى قوله: قد يكون الدفع مباحاً ... إلخ؛ أنه تعقب على تخريج منع الدفع من عدم تعلق الدين، وما زعمه دليلاً على ذلك غير صحيح في نفسه وهو قوله للغرماء: ما لم يعاملوه على ما بيده؛ لأن الثابت يقتضيه؛ لأنهم عاملوه على ما في يده، وفي المعونة: لولي السفيه أو الصغير الإذن له في قدر من ماله يختبره به. اللخمي: يريد بالصغير: الذي قارب البلوغ إن رأى دليل رشده. ومقتضى كلام المتيطي: وغيره في الموثقين: أنه المذهب. قال: للوصي أن يدفع ليتيمه بعض ماله يختبره به كالستين ديناراً ولا يكثر جداً إن رأى استقامته، فإن تلق؛ لم يضمنه، وإن لم يصلح اختباره؛ ضمنه، وأعط ضمانه بذكره في عقد الإشهاد معرفة شهيديه أنه مما يصلح اختباره. وفيها: إن دفه له من ماله ما يختبره به؛ لم يلحقه فيه دين. الصقلي عن القابسي: يلحقه فيه ما عومل فيه بنقد لا بما عومل فيه بدين إلا أن يكون بيده أكثر مما دفع له وليه، فيكون حق الذي داينه في الزائد إن كان من معاملته إياه. الصقلي في ثاني وصاياها: إذا أمر الوصي الصبي أن يتجر جاز، وإن خرج من موضع لآخر جاز مستدلاً على جاوز إذن الوصي له في مواجز نفسه. قلت: ظاهره: فهم على ذلك يتجره بماله؛ ولذا أتى به في هذه المسألة، ومثله لابن عات عن ابن عبد الغفور مثله؛ لأنه في الوصايا إنما أتى بذلك مستدلاً على جواز إذن الوصي له في مواجزة نفسه على حج سياق كلامه يدل على أنه في التجر لغيره بماله لا بمال نفيه فتأمله. الشيخ: للوصي أن يدفع للصبي مالاً يتخبر به، ولا يضمن الوصي ما نقص منه. ابن حبيب: والصبي مصدق فيما دفع له إن أنكره إذا علم أن اليتيم كان يتجر. قلت: ويلزم منه أن مصدق في أنه دفع له ذلك؛ لأنه أهل لاختباره بذلك ما لم تقم بينة بخلاف ذلك. زاد ابن عات: وقيل: لا يقبل قوله إلا ببينة كدفع المال له، والنفقة إذا لم يكن

في عياله. المتيطي عن أبي عمران: إنما يجوز ذلك في الصبي إن جعل معه من يرقبه، وإلا ضمن الوصي، وعزا لحوق الدين فيما اختبر به اليتيم لأشهب وابن الماجشون. قلت: ففي لحوق الدين فيه، ثالثها: إن عومل بنقد لهما ومالك مع ابن القاسم والقابسي. المازري: في صفة اختياره إذا استقل بنفسه في تقويته وتدبير طعامه دفع له من العين لشراء غذائه ونظر، فإن سلك فيه مسلك الرشداء؛ دفع له من ماله ما ينظر فيه تصرفه. وقال الشافعي: إن كان من أبناء لوزراء الذين لا يليق بهم التجر دفع له من إنفاقه على أهله وولده ما يختبر به. والمرأة تختبر بتصرفها في أمور العزل، وما قاله الشافعي تضمنه قولها الغرض حصول ما تدل عليه قرائن الأحوال، فذو الأب إن بلغ وهو معلوم الرشد؛ زال حجره، ولو لم يشهد الأب بإطلاقه، وإن بلغ معلوم السفه دام حجره به، وإن بلغ مجهول الحال؛ ففي كونه كذلك أو على الرشد قولاً نص سماع يحيى ابن القاسم في كتاب الصدقة، مع ظاهر سائر الروايات عنه، وعن مالك؛ وظاهرها في النكاح الأول والصدقة والهبات والجعل، ورواية زياد مع ظاهرها في النكاح الأول، وفي الصدقة والهبات: إذا احتلم الغلام؛ فله أن يذهب حيث شاء، فتأوله الشيخ بنفسه دون ماله. وقال غيره: بنفسه وماله، واستحسن بعضهم وقف رفع حجره في مرور عام ونحوه بعد احتلامه، وقال ابن العطار على اضطراب منه. قال: لا يجوز تسفيه الأب ابنه، إلا أن يكون معلوم السفه، ولم يفرق بين قرب ولا بعد. وحكى غيره من الموثقين: إن تسفيه الأب إياه حداثة بلوغه قبل مضي عامين جائز، وإن جهل سفهه، وعزا اللخمي لابن حبيب مثل رواية زياد بقوله: من وجبت له شفعة عند بلوغه بسنة من بلوغه تسقط شفعته. المتيطي: في كونه على السفه بعد بلوغه إلى عام فقط، أو إلى عامين قولا ابن العطار

والباجي، وهو بعدهما على الرشد حتى يثبت سفهه، وفي وقف مضي أفعال يتيم الوصي على إطلاقه إياه، وكونه معه ككونه مع الأب، نقلاً ابن رشد عن المشهور المعمول به. فظاهر قولها في الصدقة والهبة منعهم الله أموالهم مع الأوصياء بعد البلوغ إلا بالرشد، فكيف مع الآباء الذين هم أملك بهم، وإنما الأوصياء بسبب الآباء ونحوه. قال ابن الماجشون: إن عنست البكر أو نكحت جازت أفعالها كانت ذات أب أو وصي. وقال عياض: لم يذهب إلى هذا إلا عبد الرحمن بن سلمة الطليطلي، وعلى الأول، قال: لا يزول حجره ببلوغه إلا مع إطلاقه إياه، ولو علم رشده ويصح إطلاقه بمجرد قوله. وسمع اصبغ ابن القاسم وقفه على معرفة رشده، وفي وقف إطلاق وصي القاضي على إذنه، وكونه كوصي الأب، ثالثها: هذا إن عرف رشده لابن زرب وقولي غيره. قلت: أخذ الثاني من قولها في إرخاء الستور: إن لم يكن لليتيم وصي، فأقام له القاضي له خليفته كان، كالوصي في جميع أمره. وإن شرط الأب في إيصائه بابنه إطلاقه ببلوغه عشرين سنة فمات الموصي، وبلغ اليتيم المدة، وتصرف وهو مجهول الحال ففي وقف تصرفه على ثبوت رشده، وإطلاقه بشرطه قولا ابن دحون مع ابن الشقاق والإشبيلي مع القاضي ابن بشير وابن العطار. قلت: بالأول عمل قضاة ذوي العلم من قضاة بلدنا، ولا يختلف في لغ تعليقه على مجرد بلوغه. واليتيم دون وصي ولا مقدم إذا بلغ، فإن جهل سفهه؛ جاز فعله ابن رشد اتفاقاً، وإلا ففي نفوذ فعله خلاف يذكر في تصرف السفيه قبل الحجر عليه. وفي ثبوت الولاية بتقديم على شيء خاص خلاف في أحكام ابن سهل لو قدم القاضي على مهمل من يقاسم عنه، فقسم عليه ففي كون بقائه مهملاً مطلقاً، أو إن كان حين التقديم بالغاً لا صغيراً. ثالثها: عكسه لابن عتاب مع الإشبيلي ابن دحون، وابن الشقاق والقسم على الصغير ماض، وفي البالغ قولان لابن دحون والإشبيلي.

والبكر ذات الأب إن بلغت، فقال ابن رُشد: فيها ثمانية: الأول: رواية زياد رفع حجرها ببلوغها. الثاني: رواية الموطأ والمدونة، ومطرف في الواضحة بشهادة على صلاح أمرها بعد البناء بها، فهي على هذا الحجر قبل البناء، ولو علم رشدها وبعده ما لم يرشدها ولو بقرب بنائها. وفي رواية مطرف: استخفاف تأخير أمرها العام ونحوه من غير إيجاب. الثالث: بهذا أو بتغييبها فهي على هذه الرواية بعد التعنيس على الرشد ما لم يعلم سفهها وقبله على السفه، ولو علم رشدها، ثم إن بنى بها قبل تعنيسها فهي على السفه حتى يعرف رشدها وبعده على العكس، وفي كون تعنيس هذه أربعين أو من الخمسين إلى الستين قولان. قلت: عزا ابن سهل الأول لابن حبيب، وابن وهب ابن رشد، وروى: أن تبرعاتها بعد التعنيس جائزة إن أجازها الوالد؛ ومعناه: إن قال في المجهول: حالها هي رشيدة؛ لأن المعلوم سفهها لا يجوز له إجازة تبرعاتها، والمعلم رشدها لا يجوز له ردها فحاصل هذه الرواية أنه لم يحمل المعنسة المجهولة الحال على السفه، ولا على الرشد؛ بل على قول الأب، فتفرع هذا الثالث إلى ثلاثة، فالأقول خمسة. السادس: ظاهر قول يحيى بن سعيد في المدونة، وقال مطرف: رفعه بمرور عام بعد البناء بها، فعليه هي قبل البناء على السفه، ولو علم رشدها وبعده قبل العالم ما لم يعلم رشدها، وبعده على الرشد ما لم يعلم سفهها، ووافقه ابن الماجشون في تحديد السنة، وخالفه في لغو التعيين، فقال: إن عنست وعلم حسن حالها؛ زال حجر أبيها أو وصيه. السابع: قول ابن نافع في الصدقات من العتبية بمرور عامين. الثامن: لابن القاسم وبه العمل عندنا بمرور سبعة أعوام بعد البناء. وقال ابن أبي زمنين: الذي أدركت عليه الشيوخ أنه بمضي ستة أعوام إلى سبعة ما لم يجدد الأب عليها السفه قبل ذلك، وهو قريب من الثامن فحالها بعد هذا الأمد على الرشد حتى يثبت خلافه.

وقوله: ما لم يجدد الأب عليها السفه كان يفتي ابن زرب، وقاله ابن العطار، وقال أبو عمر الإشبيلي: لا يلزمها إلا أن يضمن شهود تجديد سفهها علمهم بسفهها، وبه أفتى ابن القطان، وهو القياس على قول من حد الجواز فعلها حداً يحملها ببلوغها إياه على الرشد، فلا يصدق الأب في إبطال رشدها بدعواه سفهها، ويتخرج قول أبن أبي زمنين على رواية جواز تبرعاتها بعد التعنيس بإجازة أبيها، وعلى إعمال تسفيهه إياها لو ولى عليها بعد البناء قبل بلوغها مدة رشدها، ومات بعد بلوغها إياها؛ ففي لزومها حكم الولاية، فلا ترتفع إلا بثبوت رشدها ولغوه قولا متأخري شيوخنا. ولو مات قبل بلوغها إياها؛ لم أعلم اختلافاً في لزومها حكم الولاية، ولا يبعد دخول الخلاف فيه بالمعنى. ومن أوصى على ابنته البكر، ومات قبل بلوغها مدة خروجها من الولاية لزمها حكم ولايته. واليتيمة ذات وصي أو مقدم في وقف رفع حجرها على إطلاقها من ثقافة بما يصح إطلاقها به، وكونها مع الوصي ككونها مع الأب في خروجها من ولايته بالتعنيس أو النكاح مع طول المدة، وتبين الرشد قولا المشهور وابن الماجشون. واليتيمة المهملة على الوصي في رفع حجرها ببلوغها أو تنعيسها قولا سحنون في العتبية مع غير ابن القاسم في المدونة، ورواية زياد وغيرهم. وفي حد تعنيسها بثلاثين سنة أو أقل منها أو بأربعين أو من الخمسين إلى الستين. خامسها: رواية المدونة: لا يجوز فعلها حتى تعنس، وتقعد عن المحيض أو حتى يمر بها بعد البناء مدة يحمل أمرها فيها على الرشد، قيل: أقصاها عام، قاله ابن الماجشون، وابن العطار، وقيل ثلاثة أعوام ونحوها. وقال ابن أبي زمنين: الذي أدركت عليه الشيوخ مثل السنة والسنتين والثلاث. والبلوغ بالاحتلام وفي الإنبات، نقل ابن رشد قوليها. قال: وهذا فيما يلزمه في الحكم الظاهر من طلاق واحد، وفيما بينه وبين الله لا يلزه طلاق حتى يحتلم، أو يبلغ الاحتلام وهو خمسة عشر عاماً عند ابن وهب، وعن ابن القاسم سبعة عشر، وعنه ثمانية عشر.

وتختص الأنثى بالحيض والحمل. المازري: المشهور ثمانية عشر. الطرطوشي: والمراد بالإنبات الخشن دون الزغب. ابن شاس: فيثبت الاحتلام بقوله: ما لم يعارضه، والإنبات. قال ابن العربي بالنظر إلى مرآت تسامت محل الإنبات. قال ابن الحاجب: هو غريب. قلت: أنكره الشيخ عز الدين بن عبد السلام، وقال: هو كالنظر لعين العورة، وكذلك ابن القطان المحدث. الرشد: القاضي هو ضبط المال وإصلاحه. المازري: في كونه مجرد صونه أو مع كونه يحسن تنميته عبارتان. قلت: عزاهما اللخمي لها ولمحمد، وفي اعتبار صلاح الدين فيه نقلاه عن محمد وأشهب. قلت: ما عزاه لمحمد هو نقل ابن القاسم فيها، وفي سماع يحيى من الصدقات. قال ابن رشد: وقاله أصبغ: ما لم يكن سارقاً. ابن حارث عن ابن القاسم: الرشد ينافي السفه إصلاح الحال والمال، وإن قصر عن غير ذلك. وقال ابن الماجشون: لا يتم إلا بجواز الشهادة، وكلهم متفقون على أنه إن ظهرت منه جرحة في دينه وهو ممسك لماله أنه لا يحجر عليه، وقبل المازري نقل ابن حارث وكذا ابن رشد في سماع يحيى في كتاب الصدقات بعد أن قال: ذهب الأخوان إلى أنه لا يخرج من الولاية إذا شرب النبيذ المسكر، وإن كان حسن النظر في ولايته، وهذا قول مالك وجميع علمائنا بالمدينة. وقاله ابن كنانة، وابن حبيب، وقول ابن القاسم أظهر في القياس. اللخمي: إن كان غير عدل لكذبه أو غير ذلك مما لا تعلق له بالمال دفع له ماله؛ لأنه لا يحجر عليه بذلك، وإن كان فاسقاً أو بشرب الخمر لم يدفع له؛ لأنه يستعين به في ذلك، ولو كان قادراً على التنمية.

وقال ابن عبد السلام: ليس هناك اتفاق، فإن ابن شعبان حكى في التحجير على الفاسق لأجل فسقه قولين. قلت: وهذا يفتقر إلى تثبيت، فإن اللخمي والمازري لم ينقلاه مع كثرة نقل اللخمي عنه غرائب أقواله، وكذا أبو إبراهيم الفاسي لم ينقله، ونظرت الزاهي لابن شعبان فلم أجد فيه إلى قوله الحجر على البالغ بوجهين بإنفاق، ماله في غير الطاعة أو قلة حفظه وتضييعه. قلت: صفة من يحجر عليه من الأحرار أن يكون يبذر ماله سرفاً في لذاته من الشرب، والفسق وغيره ظاهر أقوال أهل المذهب: أنه قسيم الرشد قسمة حقيقية لا واسطة بينهما، فعلى هذا السفه تتقرر حقيقته بتبذير المال اتفاقاً، وفي تقرره بعدم حسن القيام بتنميته أو بالفسق قولان مخرجان من القولين باعتبار حين التنمية وعدم الفسق، وفي كون السفه الموجب استئناف الحجر كالمانع أخذ المال، وشرطه بكونه بينا ظاهر نقلا المازري عن ابن القاسم وأشهب. وأجاب ابن رشد برد حكم حاكم على غير مولى عليه بتحجير بيعه ربعه، وقال: إن ثبتسفهه حجر عليه مطلقاً وإلا فلا. قلت: وفيه نظر لاحتمال ثبوت نهوض دليل سفه قبل تمامه، كفعل ما ادعى استحقاقه قبل تمام موجبه، وربما حكم به بعضهم، واختلفت عباراتهم في تقرر عدم الفسق، فالأكثر على العبارة عنه بمجرد لفظه؛ وهي طريقة ابن رشد والمازري والأكثر، وعبارة ابن حارث عن ابن الماجشون بجواز الشهادة، وأنكره المازري على الشافعية فقال: اعتبر محمد في الرشد كونه صالحاً في دينه، وكذلك الشافعي؛ لكنه غلا حتى شرط أن يكون مقبول الشهادة. وتبع ابن شاس وابن الحاجب ابن حارث المازري في الإنفاق في جميع الجماعات لا كل الكثير من الطيبات في المبيتات، والموانسات أشكال، وأشار ابن القصار لإيجابه الحجر؛ ولكنه قال: إن كان ما فضل عن ذلك لا يتصدق به ولا يطعمه، فقوله: لا يطعمه بعد ذكر الصدقة ظاهره أنه أراد إطعامه لإخوانه، وهذا يشير إلى أنه يوجب الحجر، والحق اعتبار قلة المال من كثرته والتجربة وتنميته.

قلت: في سماع يحيى بن القاسم: من يعرف بالاكتساب وتنمية ماله وتفقد عقاره إن كان ذاهب السرف فيها يتصرف فيه من السخاء على إخوانه وجميع لناس على طعامه، وأعطيات ايحملها ماله فإنه يولي عليه. ابن رشد: يريد في غير وجوه البر: إرادة الثناء والحمد. ومن ثبت سفهه ولم يحكم بحجره في نفوذ فعله بمجرد بلوغه، ولو كان معلن السفه متصلاً ببلوغه، أو إن لم يتصل ببلوغه أو يبيع بعشر ثمنه كان معلن السفه أم لا؟. ثالثها: إن كان معلن السفه رد فعله، وإلا جاز ولو اتصل سفهه. ورابعها:: إن كان حين بيعه رشيداً جاز فعله، وإن كان سفيهاً لم يجز اتصل سفهه أولاً لابن رشد عن مالك مع كبراء أصحابه والآخرين، وأصبغ وابن القاسم، وعبر المازري عن الأول بقوله: روى مالك قال: وقد روى زياد شبطون القرطبي: أنه سأل مالكاً عن سفيه عندهم يكسر قوارير ألبان على ناصية رأسه، ويشتري الكلب أو البازي بالضيعة الخطيرة، فقال: تمضي أفعاله، قال: ثم سألته بعد زمان فقال: تمضي أفعاله، قال: ثم سألته بعد زمان فقال: تمضي أفعاله ولو كان مثل سفيهكم. ابن سهل: كان ابن عتاب يفتي بقول ابن كنانة، وغيره من أصحاب مالك بجواز أفعاله، ويحتج بما جرى به العمل قديماً، ولا يرى ما ذكره ابن زرب من الأخذ برد أفعاله لأمر الحكم أمير المؤمنين بذلك، وكذا ذكر ابن العطار: أن العمل كان بقول مالك وأصحابه إلى أن أمر الحكم المستنصر بالله أمير المؤمنين بعد صدر من خلافته محمد بن السليم قاضي الجماعة بقرطبة أن يحمل الناس على قول مطرف وابن القاسم في فسخ فعل السفيه قبل الولاية عليه، فمضت الفتيا بذلك في خلافته. ابن سهل: فزاد ابن العطار: أن قول مطرف كقول ابن القاسم. ولما ذكر ابن الحاجب قولي مالك وابن القاسم، ولم يذكر أقوال ابن رشد قال ما نصه: وعليها العكس في تصرفه بعد الحجر إذ رشد. ابن عبد السلام: ما ذكره صحيح لولا أن ابن رشد حكى عن ابن القاسم ما معناه: إن أفعال السفيه قبل الحجر مبنية على العلة عنده ما وافق منها أفعال الرشيد

مضى، وما وافق منها أفعال السفيه بطل. وأما أفعاله بعد الحجر فمردودة، وهذا له أصل مختلف فيه في المذهب، وهو ما فعل من فعل ل رفع للحاكم لم يفعل سواه، هل يمضي أولاً، وهذا المحجور قصارى أمره أنه لو تصرف تصرفاً صحيحاً، ثم رفع أمره للحاكم لم يفعل غيره لكنه قد يقال: إن كان هذا عنده صحيحاً، وأن من فعل فعلاً مثل هذا لم يكن فعله كفعل الحاكم، فيلزم إمضاء فعله قبل الحجر ما وافق منا الصواب وما لم يوافقه. قلت: مقتضى قول ابن الحاجب: أن القولين في إمضاء فعل من عليه ولاية إذا كان رشيداً في نفسه أنهما مخرجان على قولي مالك وابن القاسم لا منصوصان، وليس الأمر كذلك؛ بل هما منصوصان حسبما أذكر، وما ذكره ابن عبد السلام عن ابن رشد: أنه حكى عن ابن القاسم أن أفعال السفيه بعد الحجر عليه مردودة ظاهره، ولو كان رشيداً في نفسه وهو وهم. قال ابن رشد في رسم باه من سماع عيسى من كتاب المديان: أجاز ابن القاسم في هذا السماع نكاح اليتيم بغير إذن وصيه إن كان في ذلك رشيداً في أحواله مثله لو طلب ماله أعطيه، وهذا مشهور أقواله: أن الولاية ثابتة على اليتيم لا يعتبر ثبوتها إذا علم رشده ولا سقوطها إن علم سفهه خلاف مشهور مذهب مالك، وعامة أصحابه: أن المولي عليه بوصي أب أو قاض لا تجوز أفعاله، وإن علم رشده حتى يطلق من الولاية التي لزمته، ولزونان عن ابن القاسم كقول مالك ولابن وهب عنه مثل قول ابن القاسم. قلت: فهذا لمن تأمله نص في ثبوت القولين اللذين جعلهما ابن الحاجب تخريجاً، ونص في أن ابن القاسم يلغي ثبوت الولاية مع ثبوت الرشد خلاف ما ذكر ابن عبد السلام عنه، ولا يخفي سقوطه. قوله: فيلزم إمضاء فعله قبل الحجر ما وافق الصواب وما لم يوافقه، ولابن رشد في رسم البراءة من سماع أصبغ من المديان في اعتبار حال ذي تصرف حين تصرفه من رشد أو سفه، وإلغاء ولاية عليه وعدمها. ثالثها: اعتبار الولاية ولغو اعتبار عدمها لسماع عيسى ابن القاسم، ومشهور قولي

مالك وسماع أصبغ ابن القاسم، وإدراك هذه الأقوال خفي قل من يعرفه. والحجر يوجب لغو التصرف في المال ولو بالمعارضة والإقرار به، والتوكيل سوى معاوضة قوته إن أحسنها في غيره. قال اللخمي: هو موقوف على نظر وليه له إمضاؤه إن كان نظراً. قلت: في كون إمضائه بأنه سداد حين عقده، أو جين النظر فيه نقلا ابن سهل عن ابن لبابة، وأيوب بن سليمان، ومحمد بن وليد وعن الأخوين في الواضحة، وعليه: إن كان إمضاؤه، يوم النظر سداداً أمضى وغرم مبتاعه تمام قيمته اليوم. ابن رشد: فإن لم يكن له ولي قدم له القاضي ناظراً في ذلك، فإن لم يفعل حتى ملك أمره خير في إمضاء ذلك أو رده، فإن رد بيعه أو ابتياعه، وقد تلف الثمن أو السلعة التي ابتاعها لم يتبع في ماله بشيء، ولو كانت أمة فأولدها؛ فلا شيء عليه في الولد، وفي فوتها أوردها قولان. اللخمي: قال في العتبية: ترد ويرد على اليتيم ثمنها، ولا شيء عليه من قيمة الولد، وقال في مثلها: تمضي له أم ولد بغير عوض، والأول أبين، ولو باع أمة فحملت من مشتريها فهي كالأمة المستحقة، إلا أن يكون المشتري معسراً، وعلم حجر بائعها، فتنزع منه بكل حال. ابن عات: من أسلم في عمارة منزلة، فإن كان مما يخاف خرابه وهدمه تبع به وإلا فلا قال عن المشاور: إن دفع سفيه غير مولي عليه وديعة لرجل، فتلفت لم يضمنها المودع إن كان الإمام غير عدل، ولا مأمون وإن كان مأموناً ضمنها ابن رشد إن أنفق ثمن ما باعه فيما لا بد له منه، ففي إتباعه بذلك في ماله قولان. قلت: الذي في أحكام ابن سهل للأخوين وغيرهما، ولابن فتوح إتباعه ابن رشد، وإن كان ما اشتري منه أمة فأولدها أو أعتقا أو غنما فتناسلت أو بقعة فبناها، أو شيء له غلة فاعتله فذلك كله كمستحق من مشتريه، ولو علم المشتري أنه مولى عليه متعد في بيعه بغير إذن وليه فهو كالغاصب في الغلة، وفي قيمة البناء منقوضاً، ولو لم يعلم بما فوته السفيه من بيع أو عطية إلا بعد موته ففي رده قولان. قلت: عزاهما الشيخ للأخوين وابن القاسم.

وإن أقر بدين أوصى به في ثلثه فمات ففي لزومه في ثلثه مطلقاً، أو لم يكثر سماع القرينين، وقول أصبغ لو لم يوص به ففي بطلانه، ولزومه في ثلثه أو في صحته أو مرضه سماع القرنيين، ونقل ابن رشد. قلت: وعلى أصل أشهب في قوله: أنت حر بعد موتى إن كان في المرض لزم في الثلث وإلا سقط، ولو لم يمت بطل إقراره المتيطي في الواضحة لابن كنانة إقراره بدين في مرض موته في ثلثه مبدأ على الوصايا. والمذهب لزوم طلاق السفيه المكلف المازري مال بعضهم المحققين للوقف في لزومه من تعليل المغيرة رد عتقه أم ولده بأنه يدخل عليه نقصاً في ماله لاحتياجه لتزويج أو تسر ورده المازري بزيادة عتق أم الولد بتفويت أمر مالي، وهو ما يعرض من أرش جناية عليها فأشبهت الأمر المالي. قلت: وكذا العصمة معرضة للخلع. ابن رشد: ويلزمه ظهاره ولوليه أن يعتق عنه لبقاء زوجته، أن لا يعتق عليه، وإن آل لفراقها بحسب نظره ولا يجزيه صوم ولا إطعام إن كان له مال. وقال محمد: إن لم يعتق عنه وليه فله أن يصوم، فلا يطلق عليه على قوله: إلا بعد أجل الإيلاء إن طلبته المرأة؛ لأن له أن يكفر بالصوم، وعلى الأول يطلق عليه دون ضرب أجل لإيلاءه إذا رفعته امرأته وهو قول أصبغ، ولا حد في ذلك عند ابن القاسم. وقال ابن كنانة: يعتق عنه وليه أول مرة؛ لأنها تعرض للحكام، فإن أعاد الظهار لم يعتق عليه، وقاله محمد. وقول ابن شاس: استلحاق النسب، ونفيه لازم هو مقتضى قولها، وما ليس له فيها إلا المتعة فعله فيه جائز، وفي لزومه عتق أم ولده قولان للمشهور مع الأكثر، والمغيرة مع ابن نافع وفي إتباعها مالها ثالثها: إن كان يسيراً لرواية أشهب، وليحيي عن ابن القاسم ولأصبغ. وإيلاؤه بطلاق هو فيه على حنث أو بعدم تكفير وليه ظاهره، أو بيمين بصوم أو صلاة يلزمه وبيمين على ترك الوطء بما يمنعه من عتق أو صدقة لغو بيمينه بالله في لزومه مطلقاً، أو إن لم يكن له مال قولا محمد وغيره، ويلزمه ما أفسد أو كسر في ماله مما

لم يؤتمن عليه اتفاقاً، وفيها عليه قولان، ولا يحل فيها ادعي عليه في ماله، ويحلف فيما ادعي عليه فيما يجوز فيه إقراره. قلت: قوله: لا يحلف فيما ادعي عليه في ماله هو معروف المذهب. وفي أحكام ابن سهل: لأبي محمد الأصيلي: توجه اليمين عليه بذلك متعقباً قول الأندلسيين بسقوطها، واحتج بتوجه اليمين على من أحاط الدين بماله، وعلى ذات الزوج بدعوى ما هو أكثر من ثلثها، ويرد بأن السفيه لا يجوز إقراره، فلو لزمته اليمين، فإن لم يوجب نكوله غرمه لم تكن لها فائدة، وإن أوجبتها لزم إعمال إقراره وإقرار من أحاط الدين بماله لازم، وكذا الزوجة فيما ادعى عليها بأكثر من ثلثها بمعاوضة إن كانت الدعوى المذكورة بها، وإن كانت بعيطة منعنا توجهها عليها فتأمله. ولو نكل من ادعى عليه مولى عليه حقاً، ففي غرمه عاجلاً دون يمين المولى عليه حينئذ وتؤخر لرشده، فإن نكل حينئذ رد ما أخذ ووقف الغريم على تعجيل الحلف، نقل ابن فتوح عن المذهب مع ابن الهندي قائلاً: إنما حلف مع شهادة إحياء للسنة. وابن سهل ابن رشد: ويعقل مع العاقلة ما لزمها ويجوز عفوه عن دمه، ولو كان خطئاً، وفي عفوه عن ما دون النفس في بدنه من جراح وشتم قولا ابن القاسم والأخوين، إقراره عما يتعلق ببدنه من حد وقصاص لازم بخلاف المجنون، كالصلاة ونحوها فيهما. وولى المولى عليه أبوه ثم وصيه ثم الحاكم ولا ولاية لجد في وصاياها الأول: لا تجوز وصية الجد بولد الولد، ولا أخ بأخ وإن لم يكن أب ولا وصي وإن قل المال، ولا يجوز إيصاء الأم، بمال ولدها المال أن تكون وصياً من قبل الأب، وإلا لم يجز إن كثر المال، وإن كان يسير كالستين دينار، وأجاز إسنادها العدل فيمن لا أب له وصي. وقال غيره. لا يجوز ذلك لهما، وحد اللخمي اليسير بخمسين، وخرج على إجازة أشهب قسم الأخ على أخيه تحت نظره صحة إيصائه به فيما يرث منه، قال: هذا في الميراث. وما تطوع به ميت من وصية فجائز إيصاؤه بالنظر فيه للموصي له به إلى ما شاء دون أبيه ووصيه، ولو نص على دفعه للمولى عليه يتسع فيه لم يدخل تحت نظر

وفيه نظر. ابن فتوح لابن حبيب عن ابن الماجشون عن مالك غيره: أنهم أجازوا نظر العم وغيره، كالأم والأخ الرشيد لليتيم دون تقديم سلطان وإيصاء أب، وأجازوا له ما يجوز للوصي إذا أحسن النظر ولم يتهم، وعزو ابن عبد السلام هذا لغير واحد من العلماء يقتضي أنه ليس في المذهب وليس كذلك. المتيطي: بيع الأب على صغار بنيه، وأبكار بناته محمول على النظر حتى يثبت خلافه. قال بعض الشيوخ: اتفاقاً إلا في شرائه لنفسه فهو على العكس، قال: ولا اعتراض على الابن بعد رشده فيما باعه عليه أبوه، قاله ابن القاسم في الواضحة والثمانية وغيرهما. ابن حبيب عن أصبغ: يمضي بيعه، و'ن باع لمنفعة نفسه، ثم رجع لقول ابن القاسم: إن باع لمنفعة نفسه ونحو ذلك فسخ. قلت: يريد: منفعة غير واجبة له، ولو كانت واجبة له لم يفسخ كبيعه عليه الدار لشركته معه فيها، وهي لا تنقسم. قال غير ابن كنانة: بيعه على ولده جائز ولا يكلف المبتاع إثبات غنى الأب، وصلاح حاله. قال عيسى عن ابن القاسم: إلا أن يكون الأب ممن يولي عليه؛ فلا يجوز بيعه، وإن لم يكن في ولاية، وسمعه أصبغ من ابن القاسم. قال ابن مالك: بعد الإعذار للمبتاع فيما ثبت من سفهه، وقال القاضي ابن بشير: بيعه على ولده ماض، ولو كان الأب سفيهاً معدماً، والولد صغير، وخالفه شيوخ عصره، واحتجوا بسماع أصبغ. قلت: لم يحك ابن رشد قول القاضي ابن بشير بحال، وقال: بيع الأب عقار ابنه الذي في حجره إن كان على وجه النظر جائز من غير قصره على وجوه معدودة، وهو محمول على النظر حتى يثبت خلافه، ولو كان مفلساً على ما نص عليه في هذا السماع. وفيها: لا يبيع الوصي عقار اليتامى، ولا العبد الذي يحسن القيام بهم، إلا أن

يكون لبيع العقار وجه من ملك بجواره يرغبه في الثمن، أو ما لا كفاية في غلته، وليس لهم ما ينفق منه عليهم. الصقلي: ولمالك في المجموعة: لا يباع عليه إلا في الدين على الميت أو حاجة أو خوف خرابه. قال بعض أصحابنا لأبيه: بيعه عليه بخلاف الوصي، قال: ولا يهب الوصي ربعه للثواب؛ لأن الهبة إذا فاتت بيد الموهوب له إنما عليه قيمتها وهو لا يبيع بالقيمة، وللأب هبة مال ولده الصغير للثواب. الصقلي: الوصي العدل، كالأب يجوز له ما لا يجوز للأب أن يبيع عقاره إلا لوجه نظر كالوصي. قلت: تأمل هذا مع نقل المتيطي أولاً أنه على النظر اتفاقاً ابن رشد في سماع أصبغ لا يجوز للوصي بيع عقار اليتيم إلا لوجوه حصرها أهل العلم بالعد. قلت: حاصر حدها أحد عشر وجهاً دين لا فضله له من غير ثمنه أو نفقة اليتيم، أكثرة الثمن. قال ابن فتوح عن سحنون: ويكون مال اليتيم طيباً حلالاً، ونقل عنه المتيطي إن كان مثل عمر بن عبد العزيز. قلت: الأخذ بهذا يوجب تعذره. قال ابن أبي عمران: فإن علم الوصي أن الملك خبيث المال ضمن، وإن لم يعلم فللابن إلزامه ثمناً حلالاً أو تباع الدار عليه فيه، ولا ضمان على الوصي إن لم يعلم زاد في هذا الوجه، ويرجو أن يعوض له ما هو أفيد أو لخرابه، وليس ثم ما يصلحه به أو لشركة فيه ليعوضه ما لا شركة فيه، أو لدعوى شريكه فيما لا ينقسم بيعه. قال المتيطي: ولا مال لليتيم يبتاع له به تلك الحصة أو لكونه موظفاً ليستبدل به حراً، أو لأنه لا يعود بنفع ابن زياد وابن أبي زمنين، أو تكون داراً بين اليهود يشتري له بين المسلمين، أو تكون مثقلة بالغرم. ابن الطلاع: أو يخشى عليها النزول، وقد كنت جمعتها في ستة أبيات هي هذه:

وبيع عقار عن يتيم لقوته ... ودم وما يبنى به غير حاصر وين ولا مقضي منه سواه قل ... وشرك به يرجى به ملك كامل ودعوى شريك لا سبيل لقسمه ... وذي ثمن حل كثير وطائل كل العاري عن نفع وما خيف غصبه ... أو الدار في دور اليهود الأراذل وما قاله توظيف أو ثقل مغرم ... فجذها جواباً عن سؤال لسائل ودعوى شريك البيع قيد بعضهم ... بلا ثمن يعطى لداع مفاصل ويطلب في البيع عليه ذكر كونه أولى ما يباع عليه من نفقة أو دين، وكونه بعد شهرته وطلب الزيادة فيه، فإن باع مساومة، وأصاب وجه البيع، واستقصى الثمن جاز. ابن فتوح: ويجوز للحاضن والحاضنة ولو كان أجنبياً البيع على محضونه إذا لم يكن له شيء يقوم بنفقته في حضر أو بدو، دون إذن قاض إن كان تافهاً. قال محمد بن أحمد: لعشرين ديناراً، وقال أحمد بن سعيد: العشرة دنانير ونحوها ابن زرب ثلاثون ديناراً، وأباه أهل عصرنا، وهذا العدد المذكور في الواحد من الأيتام وليس لليتيم رده بعد كبره، والقول: أنه ليس للحاضن بيعه إلا بإذن الإمام ليس عليه العمل، والقول: أنه له البيع دون إذن الإمام في الشيء الكثير إن كان لمصلحة، ووافق السواد ليس عليه العمال، والأم الحاضنة أحرى في بيعها من حاضن غيرها. وشرطه في الجميع ثبوت الحاضنة وسداد البيع وأنه أولى ما يباع عليه. وفي دياتها للأب: القصاص في جراح ابنه الصغير، ولا عفو له إلا بعوض، وكذا الوصي والنظر في شفعة السفيه لوليه فيها لو أسلم من ذكرنا من أب أو وصي أو سلطان شفعة الصبي لزمه ذلك، ولا قيام له إن كبر ابن فتوح كلاهما محمول على النظر، إلا أن يثبت أن إسقاطها سوى نظر، وأن الأخذ نظر وغبطة فيبقى على شفعته. والمتيطى عن غير واحد من الموثقين: إن ثبت أن إسقاطها سوء نظر فاليتيم باق على شفعته، وقال أبو عمران: إن سلم القاضي شفعة صغير، وليس ينظر لم يقطع شفعته؛

لأنه كمن رفع إليه الصغير فلم يحم له، وليس كالأب والوصي يسلمان شفعته، وليس بنظر ذلك يقطع شفعته؛ لأنهما تركا التجربة، والنص لمالك في الأب والوصي كما ذكرنا ولحمديس في ذلك ترجيح. قلت: وحكم سكوت وليه في الشفعة، وحكم الخلع تقدم. وكون الرق سبباً في الحجر يوجب أصالته في كل ذي رق إلا ما ارتفع بإذن نصاً؛ كالمأذون له في التجر أو لزوماً كالمكاتب. اللخمي: المدبر والمعتق لأجل وأم الولد كالقن ووهم بعض شيوخ شهود تونس في أوائل هذا القرن فشهدوا في بيعها لما تقرر من عدم إنصاف أكثر قضاتها من تقديم من لا يحسن لطلب فضلاً عن الفقه لأهواء الله يعلمها، وكان سيدها غائب فبالغ في إنكار ذلك، فنقص فعلها ولو كانوا طلبة لقلت غرهم في ذلك لفظ أبي سعيد في كتاب الشفعة قال فيه ما نصه: ولأم الولد والمكاتب الشفعة، والعبد المأذون، وإن لم يكن مأذوناً؛ فذلك لسيده إن أحب أخذه الشفعة لعبده أو ترك. قلت: فظاهر هذا أنها كالمكاتب والمأذون له، وعليه فيه تعقب لإيهامه هذا، ولفظ المدونة سام عنه لفظها في أو الكتاب. قلت: أم الولد والمكاتب ألهماً الشفعة في قول مالك، قال: نعم؛ لأن العبيد لهم الشفعة عنده، وفي أخذه للعبد الشفعة إن كان مأذوناً له، وإن كان غير مأذون له فلسيده الأخذ، والترك وهذا اللفظ بعيد عن الإيهام المذكور من لفظ أبي سعيد، فمعنى قولها: أولاً الإعلام بثبوت الشفعة للأعم من ذي الاستقلال بالأخذ والقاصر عنه. ومعنى قوله: ثانياً تقسيمه لهما، وقول ابن شاس وابن الحاجب: للسيد الحجر على رقيقه، لفظ يوهم أصالة جواز فعله، وحمله على المأذون له بعيد؛ لأنه ذكره بعد هذا.

باب في صيغة الإذن في التجر

[باب في صيغة الإذن في التجر] فصيغة الأذن ما دل عليه، ولو ظاهراً والفعل الدال كالقول: عياض: في بعض رواياتها: من قال لعبده: أد إلى الغلة لم يكن بذلك مأذوناً له، وفي المأذون منها من خلى بين عبده وبين التجارة تجر بما شاء، ولزم ذمته ما دائن الناس من كل تجارته؛ لأنه أقعده للناس، ولا يدرون لأي أنواع التجارة أقعده. قال بعض شيوخ عبد الحق: لو أشهد أنه إنما أذن له في نوع خاص أو أعلمهم لم يلحقه دين في غيره، وهو دليل قولها: ولا يدري الناس لأي أنواع التجر أقعده. سمع أصبع ابن القاسم: من أمر عبده في التجارة بماله أنه لا يبيع ولا يشتري إلا بالنقد فداين الناي فهم أحق بما في يديه. أصبغ: لأنه مأذون حين أطلعه على البعض كمن أذن له ألا يتجر إلا في البز فتجر في غيره. ابن القاسم: إن قصر ما بيده عن دينهم استحسنت كونه في ذمته وفيه ضعف، سحنون: هو كما شرطه سيده كما لو أعطاه قراضاً كان به مأذوناً، وحكم القراض أن لا يبيع بالدين، فكذا إن شرط ألا يبيع بالدين. عبد الحق: يحتمل كون هذا الخلاف إن لم يشهر ذلك ولم يعلنه. قال ابن رشد في المقدمات: قال بعض شيوخ صقلية: إن بين تحجيره عليه التجر في نوع لزمه حجره فيه وهو صحيح في المعنى، قائم من المدونة والعتبية. وقال في البيان: دليل قول أصبع: كالمدونة؛ أنه لو أعلن بقصر إذنه على شيء لم يلزمه في غيره، ويدخل فيه الخلاف بالمعنى؛ لأنه من باب التحجير، فعلى قولنا: لا يحجر على العبد إلا عند السلطان لم ينفعه الإعلان بالقصر، وعلى قول سحنون: أن له أن يحجر على عبده دون السلطان ينفعه ذلك.

قلت: يرد تخريجه الأول بأنه لا يلزم من لغو الحجر على من ثبت الإذن فيه وعمل به لغوه فيما قارن إذنه قبل العمل به. قال: وظاهر قول يحنون: أنه إن حجر عليه الدين أن الغرماء لا حق لهم فيما بيده من مال أذن ل بالتجر فيه، وإن لم يعملوا بذلك، ومسألة القراض التي احتج بها لا يلزم ابن القاسم حجة بها؛ لأنه يخالفه فيها، ويقول: بلحوق الدين فيما بيده، إلا أن يعملوا أن بيده قراض، وكذا في قراض الحر إن علموا ذلك وإن لم يعلموا ذلك افترق الحر من العبد؛ لأن الحر يضمن المال، فربه يحاص الغرماء فيه، والعبد لا يضمن لسيده فتنفرد الغرماء إن لم يعلموا بجميعه؛ لأنه فرط حين لم يعلمهم. وقال ابن دحون: وقول سحنون: ضعيف ليس المأذون له كالمقارض؛ لأن المأذون له لو حجر عليه التجر فيما عدى البز لزمه بخلاف المقارض، وليس قول ابن دحون بصحيح؛ لأن قول سحنون إنما ضعف من أجل أنه جعل تحجير السيد على عبده الدين لازماً للغرماء، وإن لم يعلموا بتحجيره المداينة عليه لا من أجل الفرق بين تحجير الدين على العبد وبين دفع المال إليه قراضاً؛ إذ قد بينا عدم الفرق بينهما. قلت: ففي لزوم تخصيص السيد تجر عبده بنوع ولغوه فيعم ثالثها: إن أعلن بذلك لسحنون في سماع أصبغ ابن القاسم، وتخريج ابن رشد على لغ تحجير السيد على عبده دون السلطان والسماع المذكور. ورابعها: للخمي إن كان العبد يرى أنه لا يخالف ما حد له وإلا فالثاني وعليه قال: إن نقص المبيع من غير سبب العبد لم يلزمه، وإن كان من سببه ولم يصون به ماله كان في ماله الأقل من الثمن أو القيمة، وإن باع ما اشتراه تعدياً، والثمن قائم؛ فعليه الأقل من الثمن الأول أو الثاني، أو القيمة وإن تلف الثمن؛ لم يلزمه غرم من المال الذي بيده، وإن باع بالنسيئة وتغير سوق المبيع فلسيده رده وإجازته وإن تلف أو تغير من غير سبب المشتري، فكذلك وإن كان من سببه؛ فله إجازة ذلك، أو القيمة نقداً، وإن كان حل الأجل؛ فله أخذ الثمن، وإن اشترى بالنسيئة فإن كان قائماً؛ فله إمضاء ذلك أورده، وإن هلك من غير سبب العبد فهو من بائعه. وإن حدث به عيب من غير سبب العبد رده السيد وأخذ ثمنه، وإن كان من سببه؛

فليس له رده، ويختلف هل يغرم العبد ذلك النقص أو يكون جناية في رقبته، وللسيد قبوله بالأقل من القيمة أو الثمن، إلا أن يرضى بائعه بأخذه معيباً، وتبع العبد بالعيب كما تقدم، وإن صون به ماله بأكل أو لبس؛ فعليه الأقل من الثمن أو القيمة، إلا أن يكون مكيلاً أو لا يرضى البائع بالقيمة؛ فله الرجوع بالمثل على العبد أو السيد. ابن الحاجب: حكم المأذون له في التجارة حكم الوكيل المفوض إليه. قلت: هو نص قولها إذا وضع العبد المفوض إليه من ثمن ما باع استيلافاً للتجر جاز، وكذا الوكيل لا الوكيل على بيع بعير أو جارية، وباحتمال قصده إتباع المدونة يرد تعقبه ابن عبد السلام بقله: لم يتقدم له حكم الوكيل المفوض له، ولا غيره حتى تصبح الإحالة عليه، إلا أنه عكس التشبيه في تشبيهه العبد بالوكيل المفوض إليه تابعاً للفظ التهذيب بالمعنى. وفيها: ليس له أن يصنع طعاماً للناس إلا استيلافاً للتجر. أبو سعيد: عنها وكذا تأخيره ديناً له. قلت: ولفظها قلت: أيجوز له أن يؤخر الثمن قال: قال مالك: فذكر ما تقدم له في الوضعية. عياض: زاهره جواز التأخير استيلافاً، وفي إلغاء منفعة السلف؛ إذ ليست من المؤخر ومنعه سحنون وهو أظهر، ورده ابن عبد السلام بأنها منفعة غير محققة الحصول، وبأن التجر يجوز له التأخير طلباً لمحمدة الثناء؛ ويرد بأنه إذ أراد بنفي تحقق المنفعة نفي ظنها منع، وإن أراد نفي علمها لم يضر؛ لأن الظن كاف. وقوله: بجوازه في الحر طلباً للثناء ممنوع. وفيها: ولا يعير شيئاً من ماله بغير إذن سيده. الصقلي عن محمد قال غيره: لا بأس أن يعير دابته للمكان القريب ويعطي السائل الكسرة والقبضة. قلت: ذا قيل في الوصي من المال: غير القليل. ابن الحاجب: وله أن يتصرف في الوصية له والهبة ونحوهما، ويقبلهما بغير إذنه وكذا غير المأذون.

قلت: قوله في الوصية والهبة: غير محتاج إليه لوضوح كونهما من جملة مال العبد فيجب عليه حجر التصرف فيه، وأما استقلاله، وإن كان غير مأذون له بقبول الهبة فمقتضى قول وصاياها: من أوصى لعبد ابنه ولا وارث له غيره جاز، ولا ينزع ذلك الابن منه، وقد يؤخذ من أخذ الأشياخ من قول نكاحها الثاني: روى ابن نافع: من زوج أمته من عبده ثم وهبها له يغتري فسخ نكاحه وأن يحلها لنفسه أو لغيره لم يجز، ولا تحرم بذلك على الزوج جبر السيد عبده عل قبوله الهبة وعدم استقلاله بقبول الهبة؛ لأنه لو استقل بالقبول استقل بالرد، وكلما استقل به لم يصح جبره بيان الصغرى أن الاستقلال بالقبول موجب للاستقلال بالرد أصله المفلس لما استقل بقبول الهبة استقل بردها، ولو كره غرماؤه عكسه الصبي لما لم يستقل بقبول الهبة عن وليه لم يستقل بردها، وصدق الكبرى واضح ينتج لو استقل بالقبول لم يصح جبره، واللازم باطل، فأخذ الأشياخ نقيضه من قولها المذكور فيثبت نقيض الملزوم، وهو عدم استقلاله وهو المدعي. ومثل رواية نافع سماع سحنون: إن تصدق على عبد فأبى أن يقبل فلسيده أخذ ذلك، وإن أبى المتصدق من ذلك ابن رشد اتفاقاً، والأول هو ظاهر قولها، وما وهب للمأذون، وقد استغرقه دين؛ فغر ماؤه أحق بدينه من سيده، وسيده أحق بكسبه، وعمل يده، وأرش خراجه، وقيمته إن قتل وما فضل بيده من خارجه؛ وإنما لهم ذلك فيها وهب للعبد، أو تصدق به عليه أو أوصى له به فقبله العبد. قلت: فظاهر قوله: فقبله العبد استقلاله بالقبول؛ ولذا جعله بعضهم خلاف ما تقدم في نكاحها الثاني. وفي تعلق الدين بما أعطيه مطلقاً أو بشرط كون لإعطاء لقضاء الدين نقلاً الصقلي عن الشيخ والقابسي. اللخمي: إن علم قصد معطيه كونه ليتسع بالنفع به لم يتعلق به دينه، وفي استلزام الإذن في التجر أخذ القراض وإعطائه نقلا الصقلي عن ابن القاسم وأشهب بناء على أنه تجر أو إجارة، وإيداع للغير. اللخمي: إن كثر المال وعلم أنه مثله يبضع يقارض؛ جاز في بعضه حسب

المعتاد، ويمنع أخذه ما يعمل فيه للناس، ويدع ما أذن له فيه ولا له أخذ زيادة على ما بيده كما ليس له أن يتجر في مائتين إن أعطاه سيده مائة، إلا أن يكون أذن السيد في غير مال دفعه إليه، ويعلم إن تجر به أن يكون من قراض أو بضاعة أو شبه ذلك، وقد تقدم في الرهن حكم تسرره، وقول نكاحها الأول وللمكاتب والعبد التجر في ماله بغير إذن السيد. قال اللخمي في كتاب المأذون له: ومحمله على أن العادة عندهم، ولأن يختلف أنه لا يستبيح ذلك بمجرد الأذن في التجارة، لأنه ليس مما يتضمنه الاسم، ولا يدخل في معناه. قُلتُ: يريد: لايدل عليه مطابقة ولا تضمناً، وهذا لإدراكه بمجرد فطنته دلالة المطابقة والتضمن؛ لعدم مشاركته في أصول الفقه حسبما قال المازري في كتاب الجنائز، ولا يتم قول اللخمي إلا بنفي الدلالة الثالثة، وهي دلالة الالتزام والتحقيق ثبوتها هنا؛ لأنه لا خلاف أعلمه في جواز وطئ المأذون له مافي ملكه حسبما تقدم في كتاب الرهن، فالإذن له بالتجر يصحح شراء الأمة وملكه إياها يوجب جواز وطئه إياها، فالإذن في التجر يستلزم الإذن في التسري، وهذا هو وجه المذهب خلاف مازعمه اللخمي. ومتعلق دينه ذمته كالحر لا رقبته ولاذمة سيده. فيها: لايلزم السيد عهدة مااشترى المأذون، إلا أن يضمنه ويباع العبد عليه في ذلك وتعلق الدين بالذمة أعم وأخص فالأعم تعلقه باعتبار صلاحية اقتضائه منها. والأخص تعلقه بها باعتبار اقتضائه فقول ابن الحاجب: ويتعلق دينه بما في يديه،، ثم بذمته هو بالمعنى الأخص، وقولها: كلما صار بيد المأذون بالطوع من معطيه من دين أو وديعة فاستهلكه فذلك في ذمته لا في رقبته هو بالمعنى الأعم. وسمع عيسى رواية ابن القاسم: من ضمن دينّا على عبده ثم باعه، وانتزع ماله ليس لرب دينه طلب سيده بحمالته به حتى يحل الأجل. ابن رُشد: قول ابن دحون: القياس منع سيده انتزاع ماله خوف؛ فليس السيد بل يباع بماله، فإذا حل الأجل اعتصره من العبد، فإن عسر به اتبع بائعه لحمالته صحيح،

ولو لم يتحمل به لم يصح انتزاعه؛ لأن دين المأذون له فيما بيده قبل الإذن، وفي كسبه من التجر، وفيما فضل عما خارجه به سيده من عمله، وليس لسيده انتزاع شيء من ذلك، وغير المأذون له ما استدانه بغير إذن سيده له إسقاطه فأحرى أنهله انتزاع ماله. وقولها: ومالزم ذمة العبد لا يكون في فاضل خراجهن بل فيما أعطيه هبة أو وصية معناه ف غير المأذون له، وفيما لزم ذمته وليس لسيده إسقاطه؛ لأن ماله إسقاطه لايؤخذ مما وهب له. قُلتُ: مالزم ذمته، وليس لسيده إسقاطه. قال في سماع يحيى: هو أن يستدين بإذن سيده دون إذن له في المتجر. وفيها: قيل لمالك: أبيع المأذون له أم ولده؟ .. قال: إن أذن له سيده؛ فذلك له ابن القاسم، وتباع فيما عليه من دين للغرماء؛ لأنها مال له، ولم يدخلها من الحرية ما دخل أم ولد الحر. وفي آخر عتقاء: الأول: وإذا ملك المأذون له من أقاربه من يعتق على الحر لم يبعهم إلا بإذن سيده، ولم يبع أم ولده إلا بإذنه. وسمع أصبع ابن القاسم في الاستبراء: لا تباع أم ولده لغرمائه، وهي حامل حتى تضع؛ لأن مافي بطنها لسيده ولا يجوز استثناؤه، وإن لم يكن عليه دين جاز بيعها بإذنه وإن كانت حاملاً. أَصْبَغ: إن إذن له جاز بيعه علم حملها أو لم يعلم. ابن رُشْد: لو بيعت في دينه ثم زهر حملها ففي تمكن السيد من فسخ بيعها قولا الصقليين لاعتبار حق السيد أو لتغليب كون البيع وقع بأمر جائز، والأول الصحيح، وعليه لابد فيها من المواضعة، ولو كان وضيعة لفسخ بيعها بالحمل، وعلى الثاني إن كانت رفيعه كاملة لم يطأها. وفي كون وقف بيعها في غير الدين على إذن سيده لرعي القول بأنها تكون له أم ولد إن عتق، أو لخوف كونها حاملاً، والأول صحيح، لأنه لا يبيعها حتى يستبريها، وإن باعها قبله، فلابد من مواضعتها لحق السيد في ولدها، وإن أذن سيده في بيعها فظهر بها حمل لزمه، ولو لم يكن علم بها؛ لأنها محمولة على أنها حامل؛ لأن جل النساء على الحمل

كما قال مالك: ولو ردها مشتريها بعيب حملها، فعلى أن الرد بالعيب نقض بيع الولد لسيده، وعلى أنه ابتداء بيع للعبد ولأَصبَغ عن ابن القاسم إن باعها لغير دين بغير إذن سيده مضى البيع؛ لأن رعي الخلاف إنما يكون في الابتداء لا الإنتهاء، ولو باع ولده منها بغير إذنه رد بيعه، إذ لا اختلاف في عتقه عليه إذا أعتق. قُلتُ: بل لأنه محض ملك السيد. اللخمي: إن صار ولده بيده بشراء أو عطية بيع لغرمائه، إلا أن يعلم قصد معطيه بقاءه بيده، فقلا يباع لهم ولو اشترى زوجته حاملا بيعت لغرمائه قبل وضعها، ولو وضعت لاختلاف فيها قياساً على الأمة تلد في أيام الخيار في كون ولدها للبائع أو للمشتري، وهذا أحسن. واتفق على أن من أعتق مافي بطن أمته ثم باعها ولم يبين، فوضعت أن البيع يرد في الولد بما ينوبه من الثمن. وفيها: لا يحجر ولي على وليه ولاسيد على مأذون له إلا عند الأمين، فيوقفه السلطان للناس، ويسمع به في مجالسه، ويشهد على ذلك فبيعه وابتياعه بعد ذلك مردود. اللخمي: إن لم يطل أمد الإذن له كفى تجير السيد وإعلامه أهل سوقه، ومن يرى أنه يخالطه أو يعامله، وإن طالت إقامته، واشتهرت تجارته كان حجره عند السلطان، ولو حجر عليه سيده وبالغ ففعل السلطان أجزأ وإلا فلا. وقول ابن الحاجب: والانتزاع إن لم يكن غرماء من المأذون كغيره هو قولها أولاً، ولسيده انتزاع ماله ومال أم ولده ومدبره لا مكاتبه، وقولها: آخراً، وليس لسيده في ماله شيء إلا مايفضل عن دينه إن داينه به. وسمع عيسى ابن القاسم في كتاب النكاح: تزويجه أمة أم ولده ليس بانتزاع. ابن رُشد: لأن الانتزاع أما بتصريح به أو بفعل ما لا يصح إلا بعده، كوطئه الأمة أو عتقها أو هبتها، وفي الرهن اختلاف تقدم في الرهن. وفيها: لا يجوز للمسلم أن يستتجر عبده النصراني، ولا يأمره ببيع شيء لقوله تعالى: (وَأَخْذِهِمُ الرِّبَا وَقَدْ نُهُوا عَنْهُ) النساء:161.

باب في المرض المخوف

اللخمي: لا ينبغي للسيد أن يأذن لعبده في التجر إن كان يعمل بالربا أو خائناً في معاملته، فإن ربح في معاملته بالربا تصدق بالفضل، وإن كان يجهل وجه الفساد في التجر استحسن صدقته بالربح، وإن كان العبد نصرانياً، وتجربه مع أهل دينه بالخمر أو بالربا، فعلى أنهم مخاطبون، فكما تقدم في معاملتهم المسلمين وعلى عدم خطابهم يسوغ لسيده ما أتى به من ذلك. وقد ورث ابن عمر عبد الله عبداً كان يبيع الخمر. قُلتُ: هذا نصها في آخر الولاء منها. اللخمي: هذا في تجره لنفسه، وإن تجر لسيده لم يجز شيء من ذلك. عياض: في السلم الثاني منها. وقوله: وأن يبيع الخمر ويبتاعها. قيل: مراده بعبده هنا مكاتبه؛ إذ لا تحجير له عليه، وقيل: مأذون له فلس، وعنده خمر وقيل في مأذون له يتجر بمال نفسه، وقيل: في قوته ومعاوضته فيه، وقيل: فيما تركه له سيده توسعة له. وفي غير موضع منها لسيد العبد غير المأذون له رد ما استدانه بغير إذنه، فإنه جهله حتى عتق لزمه وعتقه في العتق. (باب في المرض المخوف) والمذهب: أن مخوف المرض يوجب الحجر على المريض في تبرعاته، وصرف ماله فيما لا يحتاج إليه من منتفع به زائداً على ثلثه لحق وارثه، فإن صح فلا حجر. وفي تعجيل تنفيذ ما حمله من مقصور عليه إن كان ماله مأموناً روايتان في ع تقها الأول من بتل في مرضه عتق عبده وماله مأمون تمت حرمته في كل أحكام الأحرار، وإن لم يكن مأموناً وقف حتى يقوم في ثلثه بعد موته، وليس المال المأمون عند مالك إلا الدور والأرضون والنخل والعقار، ولمالك قول ثان في المبتل في المرض: أن حكمه حكم العبد حتى يعتق بعد الموت في الثلث، ثم رجع إلى ما وصفنا. وبيعه جائز ومحاباته في ثلثه إن توفي من مرضه وهي لغير وارث، إن كانت له؛

بطلت إلا أن يجيزها له بقية الورثة. وفي كونها كابتداء عطية تفتقر لحوز أو لمجرد رفع تعقب فلا تفتقر إليه نقلا المتيطي عن كل الموثقين وغيرهم، وضعفه قال: والمعتبر في المحابات يوم فعلها لا يوم الحكم وحوالة الأسواق بعد ذلك بزيادة أو نقص لغو. قُلتُ: عزاه ابن عات لابن مغيث، وزاد: فإن اختلفت المحابات في مرض فعله المحاباة جعل أقلها في الثلث. ابن عات: انظر الصقلي في إقالة المريض في السلم، وفي وصايا الواضحة ماظاهره خلاف ماذكره ابن مغيث والصقلي. وفي البيوع الفاسدة منها، وبيع المريض من ولده بغير محاباة جائز. التونسي: إن حاباه بعين المبيع كبيعه منه خيار ماله؛ فللورثة نقض ذلك، ولو زاد ثمنه على قيمته. وإن حاباه في ثمنه فقط كبيعه منه بمائة ماقيمته مائتان فعند ابن القاسم له بقدر ثمنه فقط، ولو أتم بقية الثمن ما كان ذلك له؛ لأن أصل البيع وقع على التأليج، وقيل: إن أتم بقية المحاباة؛ فلا قول للورثة. قُلتُ: بناء على أن المحاباة في المثمون أو الثمن، ومخوف المرض تقدم في طلاق المريض وعد ابن الحاجب في المخوف بلوغ حمل المرأة ستة أشهر. وقال المتيطي في كتاب الهبات: الحامل كالصحيحة حتى تدخل ستة أشهر، وقال بعضهم: حتى تدخل في السابع. وقال ابن شهاب: حتى يأخذها الطلق، وأخذ به الداودي. وقال ابن المسيب: هي بمنزلة المريض من أول حملها. قُلتُ: ما حكاه عن بعضهم: حتى تدخل في السابع هو الذي فسر به عياض المذهب في كتاب الخيار، ونحوه قول المازري فيه. ذكر إسماعيل القاضي عن ابن الماجِشُون: أن الحامل إذا جاوزت ستة أشهر كانت كالمريضة عطيتها في الثلث، وللمازري نحو قول الداودي، وبما ذكر المتيطي أولاً فسر ابن عبد السلام قول ابن الحاجب.

قال: ظاهره بدخولها في السادس يحكم لها بحكم المريض في هذا الأصل قولان: قُلتُ: والصواب نقل عياض، وفي عزوة المازدي لإسماعيل عن ابن الماجشُون قصور، لأنه نص الموطأ، واستدل على ذلك بقوله تعالى: (وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ) البقرة:233 (وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا) الأحقاف:15 ففي الحكم لها بالمرض المخوف بدخولها في السادس أو السابع، ثالثها: بالطلق لنقلي المتيطي والمازري مع الداودي، سمع عيسى ابن القاسم علم بلوغها ستة أشهر بقولها: ولا يسأل النساء عن ذلك. والمذهب: ثبوت حجر الزوج على زوجته في تبرعها بزائد على ثلثها. ابن رُشد في رسم الكبش من سماع يحيى في الهبات: قضاء ذات الزوج في أكثر من ثلثها تبرعاً لا يجوز دون إذن زوجها في قول مالك، وكل أصحابه لقوله (صلى الله عليه وسلم): لايجوز لامرأة قضاء في ذي بال من مالها بغير إذن زوجها. قُلتُ لا أعرف هذا الحديث من كتب الحديث إنما ذكره ابن حبيب، وأحاديثه لاتستقل بالصحة، بل يجب البحث فيها حسبما ذكره عبد الحق وغيره. وخرج النسائي عن حسين بن عمر المعلم عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن عبد الله بن عمرو بن العاصي، قال: لما فتح رسول الله (صلى الله عليه وسلم) مكة قام خطيباً في خطبته: لا يجوز لامرأة عطية إلا بأذن زوجها، ورواه داود بن أبي هند، وحبيب المعلم عن عمرو بن شعيب بهذا الأسناد. قال: لا يجوز لامرأة هبة في مالها إذا ملك زوجها عصمتها، ذكره النسائي أيضاً. قال ع بد الخق: وتقدم على ضعف هذا الإسناد. وفي البخاري عن ميمونة: أنها أعتقت وليدة، ولم تستأذن رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، فلما كان يومها الذي يدور عليها فيه قالت: أشعرت يا رسول الله أني أعتقت وليدتي، قال:

أو فعلت، قال: نعم، قال: أما أنك لو أعطيتها أخوالك كان أعظم لأجرك. محمد: ولو لي لزوج منع زوجته إعطاءها أكثر من ثلثها. وسمع أصبَغ ابن وَهب: لا حجر للحر على زوجته الأمة مالها لسيدها، وفي لغو حجر زوج الحرة عبداً عليها، وكونه كحر سماع أصبَغ في كتاب المديان. ابن وهَب قائلاً: قول ابن وهب ليس بشيءن وسماع القرينين مع سماع أبي زيد ابن القاسم. عياض في كتاب الكفالة: قوله: لأن الرجل إنما يتزوج المرأة لما لها، ويرفع في صداقها لما لها حجة لقول بعذ المتأخرين إنما له متكلم في مالها من مال حين نكاحها، وما يرجى لها من ميراث ظاهر، وشبهة لا من فائدة طرت عليها من زوج لم يحتسب، لأنه يتزوجها عليه. ابن رُشد: في سماع يحيى من الهبات: فعلها في الثلث فأقل على عدم الضرر حتى يعلم أنها قصدته، فإن علم ففي جوازه، ثالثها، إن كان أقل من الثلث لسحنون مع سماع يحيى ابن القاسم في الهبات. وقول غير ابن القاسم في سماعه يحيى فيه مع ظاهر سماع أشهب في الأقضية، ولسَحنون عن ابن القاسم في سماعه يحيى، وعزا اللخمي الأول لأصبَغ وابن القاسم، والثاني لرواية ابن حبيب، ولم يذكر الثالث قال: والأول أبين: قال: واختلف في الوصية بالثلث على وجه الضرر، وعزا الصقلي الثاني لرواية الأخوين وأشهب، ولم يذكر القول الثالث، وفي كون تدبيرهما كعتقها أو كبيعها نقلا الصقلي عن ابن الماجِشُون، وابن حبيب مع أصبَغ. المتيطي: ورواه مُطرَف وابن القاسم ولو أعتقت ثلث عبد لا تملك غيره فلابن حبيب عن ابن القاسم جاز، ولو أعتقته كله لم يجز، وقال ابن أبي حازم، وروى الأخوان بطلانه، وقال المغيرة وابن دينار.

وفيها مع غيرها: كفالتها كعطيتها. اللخمي: في منعه كفالتها بأكثر من ثلثها بموسر قولا ابن القاسم، وابن الماجِشُون، وهو أشبه؛ لأن الغالب بقاء اليسر، وإن احتيج فإلى البعض، وإن تكفلت بزوجها. وقالت: أكرهني لم تصدق. أشهب: إن ثبت لزمها إلا أن يعلم رب الحق وإن لم يثبت، وقال: لم أعلم حلف إن أتهم بع لم ذلك كقريب الجواز، فإن نكل حلفت أنه علم وبريت، وإن لم يتهم، لم يحلف، وإن تحملت له وقالت: أكرهني فإن قامت بينة أنه ظاهر الإساءة لها، وقلة ورعة فيها وقهره لها وتحامله عليها بما لا يحل حلقت، وسقطت حمالتها، فألزمها الكفالة للأجنبيمع الإكراه، إذا لم يعلم؛ لأنها غرته، إلا أن تكون كفالتها بعد عقد البيع، ولم ينقص ماله عن يوم الحمالة، ولم يلزمها الكفالة له؛ لأنه المكره، وهو عالم. ولمحمد بن عبد الحكم: إن تكفلت ذات الزوج بوجه رجل على أنه لا مال عليها فلزوجها رد حمالتها؛ لأنه يقولك تحبس، ويمنع منها وتخرج للخصومة. ولو أقرضت أكثر من ثلثها؛ ففي تمكين الزوج من رده ككفالتها قولان للمتيطي عن الشارقي عن ابن الشقاق وابن دخون قائلاً: أنها في الكفالة مطلوبة وفي القرض طالبة. وفي كون فعلها على الجواز حتى يرد وعكسه قولان، لقول ابن رُشد حكي عن ابن القاسم مع زاهر قولها في رسم الكراء والقضية وسًحنون في سماع ابن القاسم من العتق، وابن حبيب عن الأخوين، وعزا الصقلي الأول لأصبَغ مع رواية ابن القاسم. ابن رشد: وعلى الأول أن ادعى الزوج أنه أكثر من الثلث لزمه إثباته ببينة. وعلى الثاني: إن ادعت أنه الثالث فعليها إثباته. ولو طلقها أو مات عنها قبل رده ذلك، أو قيل علمه فطريقان الصقلى مضى ذلك، وأجمعوا عليه. وابن رشد في رسم اغتسل من سماع ابن القاسم في العتق، هذا مشهور المذهب ولمحمد عن بعض أصحاب مالك: إت زالت العصمة والعبد بيجها فلها استرقاقه،

وهو على أن فعلها على الرد، ولو بقي ذلك بعد رد الزوج بيدها لم تفوته إلى أن زالت عصمته لم يلزمها شيء في الهبة والصدقة اتفاقاً. وفي العتق؛ ثالثها: تؤمر به ولا تجبر لأشهب والأخوين، واين القاسم، ولها التصرف بما شاءت قبل أن تتأيم بعد الرد اتفاقاً، ولو لم يعلم الزوج حتى ماتت ففي تمكينه من رد فعلها، قولا سَحنون مع الآخرين، وأصبَغ عن ابن القاسم. وفي عموم رد الزوج تبرعها بأمثر من ثلثها جميعه، وقصره على الوائد على الثلث قولا ابن القاسم، والمغيرة فيها، ولم يعزه ابن رَشد إلا لعبد العزيز بن أبي سلمة الصقلي، ورواه ابن الماجشَون في الصدقة، وفي العتق يرد جميعه؛ لئلا يعتق بعض عبد .. وقال مُطرف/ ماعلمت مالكاً فرق بين ذلك، وكله مردود. ابن حبيب: يقول ابن الماجشُون اقول. قال الأخوان وأصبَع: ولها النفقة على أبويها، وإن جاوز ذلك الثلث؛ لأن الحكم يوجبه. وفيها: إلا أن يزيد على الثلث؛ كالدينار وماخف هذا يعلم أنها لمترد به ضرراً فيمضي الثلث مع مازادت، وقد قال مالك فيمن أوصى بجارية له، أن تعتق أن حملها الثلث، وإلا فلا فزاد ثمنها عليه ديناراً أو دينارين لا تحرم العتق به. ابن القاسم: مازاد من قيمتها على الثلث إن قل غرمته الجارية، وإن لم يكن معها اتبعت به. المتيطي: اختلف إن زادت على الثلث الدينار ونحوه، فذكر قولها. قال: وقال ابن نافع، للزوج رد مازاد على الثلث من قليل وكثير. وفي تكرر فعليها اضطراب. الصقلي عن أصبَغ: إن أعتقت رأساً ثم رأساً، وزوجها غائب فقدم، فإن نكل، وكان بين ذلك اليوم واليومان فكعتقها ذلك في كلمة واحدة إن حمل ثلثها جميعهم، وإلا رد الجميع، وإن كان بين ذلك الشهر أو الشهران جاز الأول إن حمله الثلث ورد مابعده، وإن حمله الثلث مع الأول؛ لأن مخرجه الضرر، وإن تباعد مابين الوقتين كستة أشهر فهو كعتق مؤتنف ينظر الثلث في كل وقت.

الصقلي: قوله: إن كان مابين ذلك مثل شهر أو شهرين؛ جاز الأول إن حمله الثلث ورد مابعده، وإن حمله الثلث مع الأول، لأن مخرجه الضرر غير صحيح. وينبغي أن يجوز كعتقها إياهما في كلمة واحدةـ، إلا أن يعلم قصدها الضرر فيدخله ما تقدم من الخلاف. ابن رُشد في سماع يحيى من الهبات: إن فرقت مالها شيئاً بعد شيء، فإن قرب مابين ذلك فإن كان الأول أكثر من الثلث رد الجميع، وإن كان الثلث جاز ورد مابعده، إن كان أقل من الثلث جاز، فإن كان ما يليه مع الأول الثلث جاز ورد مابعده، وإن كان أكثر من الثلث رد مابعده، هذا على قياس سماع عيسى ابن القاسم في العتق. وقرب هذا الشهر والشهران على ماقاله ابن حبيب وحكاه عن أصبع، قال: ولو قرب الأمر هذا كاليوم واليومين رد جميعه ككونه في عقد واحد، والقياس: لا فرق بين اليوم واليومين والشهر والشهرين في أنه يجب إمضاء الأول ورد الثاني، فقد قيل: إنه يمضي الثلث، ويرد مازاد عليه، وإن كان في صفقة واحدة، فكيف مافي صفقتين، وإن بعد مابين ذلك، فإن كان الأول الثلث فأقل، جاز ثم مابعده إن كان ثلث الباقي فأقل؛ جاز، وإن كان أكثر لم يجز وإن كان الأول أكثر من الثلث؛ رد ثم مابعده إن كان أكثر من ثاث الجميع رد، وإن كان الثلث فأقل جاز هذا على قياس سماع يحيى بن القاسم في رسم المكاتب من العتق، وهذا التباعد ستة أشهر، حكاه ابن حبيب. وقيل: كالعام؛ لأنه لأحد في غير ما مسألة، وقيل:، تصدقت بثلثها لم تنفذ لها عطية في باقي مالها بحال، ولو بعد، قاله القاضي، إلا أن تفيد مالاً آخر؛ فلها التصرف في مثله، والقياس جواز قضائها في مل ما أفادت بعد النكاح، إذ لم تتزوج الزوج عليه. اللخمي: إن تصدقت بثلث ثم بثلث ثم بثلث الباقي وبعد ما بينهما، ففي مضي الثانية وبطلانها قولا محمد والقاضي، وهو أحسن. وذكر ما تقدم لأصبَغ، وقال: أرى أن تمضي عطيتها الأولى ولو قرب ما بينهما، لأنا على شك في كون الثانية لقصد حدث بعد الأولى، أو لقصدها مع الأولى، إلا أن

تفيد مالا فلا تمنع من إحداث العطية، ولو قيل: لها إعطاء كل الفائدة كان صوابًا؛ لأنها إنما منعت فيما كان قبل نكاحها لقوله صلى الله عليه وسلم: "تنكح المرأة لأربع لمالها .... " الحديث. والفائدة: لم تتزوج لأجلها ولا زيد في مهرها لها، وقد يكون فيه مقال إن كان بميراث عن أبيها، وزيد في صداقها ليسرها.

كتاب الصلح

[كتاب الصلح] الصلح: انتقال عن حق أو دعوى بعوض لرفع نزاع أو خوف وقوعه، وقول ابن رُشْد: هو قبض شيء عن عوض يدخل فيه محض البيع، وقول عياض: هو معاوضة عن دعوى يخرج عنه صلح الإقرار، وقول ابن الحاجب تابعًا لابن شاس: الصلح معاوضة كالبيع، وإبراء وإسقاط تقسيم له لا تعريف، فلا يتوهم نقضه بمحض البيع، وهبة كل الدين أو بعضه؛ لعدم اندراجهما تحت مدرك التقسيم، وهو من حيث ذاته

مندوب إليه، وقد يعرض وجوبه عند تعيين مصلحته وحرمته وكراهته لاستلزامه مفسدة واجبة الدرء أو راجحته كما مر في النكاح للخمي وغيره. ابن رُشْد: لا بأس بندب القاضي الخصمين إليه، ما لم يتبين له الحق لأحدهما لقول عمر لأبي موسى: واحرص على الصلح ما لم يبن لك فصل القضاء. وقيل في بعض المذكرات: لا بأس به بعد التبين إن كان الدين لضعيف منهما كالندب لصدقة، ورد بأنه يوهم ثبوت الحق على من له الحق، أو سقوطه له، بخلاف الصدقة. ابن رُشْد: إن أباه أحدهما فلا يلح عليهما إلحاحًا يوهم الإلزام. قُلتُ: ونقل عن بعض القضاة باطرابلس جبره، عليه لعزل، ويتجه لإقرار وإنكار، فيقول عياض: بحكم السكوت والإقرار تكون القسمة حقيقية بين الشيء ونقيضه، والمساوي لنقيضه، فالأول: إن كان عن دين اعتبر فيه شرط صحة الاقتضاء، وشرط صحة بيع الدين وإسقاطه، فصلح الوارث بقدر حظه من صنف ما أخذه واضح؛ لأنه لما سواه واهب لخوف نزاع، وبزائد عن حظه فيه بائع حظه في غيره بالزائد، فيعتبر البيع والصرف وتعجيل قبض ما معه، وشرط بيع الدين بحضور المدين وإقراره فلو صلحت زوجة على دنانير من التركة قدر حظها فيها، جاز اتفاقًا مطلقًا وعلى أكثر من حظها، فيها في كونه كذلك، وشرطه باستيعابه كل دنانير التركة قولان لها

ولمحمد، فألزمه ابن محرز نقص كل الصرف في دنانير بدراهم نحاس. عياض: إشارة شُيُوخنا أن قولها خلاف قول محمد، ليس بظاهر. قُلتُ: جزم المازري بأنه خلاف وقرر موجب فساده عنده بأنها أخذت بالإرث ثمن كل دينار من العشرين التي أخذتها وباقي أثمانها أخذت عوضًا عن ثمنها في الستين الباقية، وباقي التركة، قال: ونوقض محمد بإلزامه أخذها قدر حظها من دنانير التركة، وأجاب بأن أخذها حظها فقط، محض قسم، والقسم يوجب اعتبار الأجزاء في الآحاد المتماثلة المشترط فيها مضمونة لتمام منها أخذها كاملة، وأخذها أكثر من حظها يوجب كون الزائد عليه مبايعة فينسحب حكمها على بائعها، فصار كل أخذ بيعا أثمانها في كل دينار منها غير مضمونة؛ إنما يوجب ضمانها إنما هو القسم، وقد ألغي لعدم انفراده، وتغليب حكم البيع المقارن له عليه على ما معه، وتقدم قول أشهب في صلحها بدنانير من غير التركة في مسألة الجملين في السلم، والصلح عن المعيب بمبيع في كونه قبل فوته كمعاوضة فيه بعد رده، استواء الدوام عنده، ثالثها: إن كان بعد وجوبه ردت للمازري مع اللخمي عن أصل ابن القاسم وأشهب واختياره محمد برواية ابن القُصَّار، وقوله: ردت فسخ للبيع وإن لم يحكم به. قال: فإن صالحه والثمن مائة دينار نقدت بعشرة من سكتها جاز على الأول نقدًا، وامتنع إلى أجل. قُلتُ: لأنه بيع وسلف، وعلى الأول لأنه فسخ دين في دين؛ لأنه لما ملك الرد والعبد قائم كان كمن رده ثم اشتراه فيه نظر. قال: وأجازه أشهب على جوازه أكثر من صرف دينار، ويجوز على أصله على دنانير، ولو من غير سكة الأولى، ولو لأجل، وعلى عوض مؤجل، ولو لم ينقد المائة جاز على نقد تسعين وتأخيره بعشرة ولو من غير السكة وبدراهم أو بعوض ولو لأجل لا على أصل أشهب؛ لأن البيع عنده منعقد فهو تأخير العشرة سلفًا جر منفعة، وفي تأخير الدراهم صرف مستأخر، وفي العوض فسخ دين في دين، وفي الدنانير من غير السكة تفاضل، وإن اصطلحا على قبض البائع المائة، ثم يرد بعد شهر عشرة دنانير من السكة أو غيرها أو دراهم امتنع على أصل ابن القاسم، وجاز على أصل أشهب، وعلى

رد عوض جاز على أصليهما. اللخمي: إن فات المبيع أمرًا ألا يصطلحا بشيء حتى يعرفا قيمة للعيب، واختلف إن وقع قبله، فمنع ابن القاسم فيها، وأجازه في الموازيَّة، وأن الغالب وقوعه بالشيء البين، فإن وقع بدنانير من غير السكة لم يمض ونظر، فإن كان دون السكة ومثل قدر العيب جاز، وإن كان أجود مثل الوزن فأكثر جاز، وإلا لم يجز، وإن وقع بدنانير مؤجلة قبل معرفة قيمة العيب نظر، فإن كانت السكتان والوزن سواء أو كان الصلح أدنى سكة، أو أدنى ورقًا أو سكة جاز، وإن كانت سكة الصلح أجود لم يجز استواء الوزن أو اختلف. ابن محرز: إن علم أن قيمة العيب أقل مما دفع أو أكثر جاز، وإن لم يقفا إلا على حقيقته؛ لأنه ليس بمعاوضة بمجهول ولا خطر. الصقلي وابن محرز: قال أَصْبَغ: أجاز بعض أهل العلم الصلح، وإن لم يعرفا قيمة العيب. زاد المازري: وفي الموازيَّة جوازه، والثمن دنانير، وأشار بعض الأشياخ إلى جوازه في كل الأنواع، كما حكاه أَصْبَغ عن بعض العلماء، وأشار بعض المتأخرين إلى أنه إن علم أنه بأقل من قيمة العيب أو أكثر جاز، وإنما يمنع إذا شك فيما وقع به الصلح هل هو قدر الواجب للعيب كما تحاكما، وقد قال أَصْبَغ: لو لم ينقد الثمن وفات العبد جاز التراضي على حط بعض الثمن قبل أن يعرفا قيمة العيب، ولا فرق في هذا بين نقد الثمن وعدمه. قُلتُ: ففي جوازه قبل معرفة قيمة العيب، ثالثها: إن كان الثمن دنانير، ورابعها: إن كان الصلح بما لا يشك فيه أنه أكثر منها أو أقل، وخامسها: إن كان قبل نقد الثمن للخمي عن الموازيَّة مع المارزي عن بعض الأشياخ، والمشهور، والمارزي عن الموازيَّة وابن محرز عن أَصْبَغ. وفي المقدمات: تحصيل تمام هذه المسألة أن بيع العبد بدنانير نقدًا، وفات العبد ونقد الثمن جاز الصلح بكل شيء بعد معرفة قيمة العيب نقدًا لا لأجل أنه فسخ دين في دين مع صرف مستأخر في بعض الصور أو سلفًا نفعًا لا بدنانير مثل قيمة العيب

فأقل، وإن لم ينقد الثمن؛ فجائز بعوض معين نقدًا أو بموصوف لأجل السلم، وبدارهم على حكم الصرف، وبذهب لا أعرفه نص رواية، وعندي: لا يجوز على قول مالك إلا مراطلة بعد معرفة قيمة العيب، واتفاقهما عليه، فإن أنكر لم يجز؛ لأنها مراطلة من المبتاع لإسقاط البائع عنه فوته إثبات العيب؛ إذ قد ينكل البائع فيجب حلف المبتاع، وعلى قول ابن القاسم يجوز مراطلة، وإن أنكر البائع العيب؛ لأن المبتاع إن كان صادقًا فلا نفع، وإلا لم يحل له أخذ شيء وبذهب إسقاطًا من الثمن جاز اتفاقًا وإن بيع بدنانير مؤجلة جاز بغير العين نقدًا، وإلا كان فسخ دين في دين لا بدراهم، ولو نقدًا. وفيها: لا يجوز بدنانير، فقال الشَّيخ وأحمد بن خالد: إن كانت أقل من قيمة العيب، وإلا جاز إذ لا تهمة في دفع قليل في كثير، ولا مثلا في مثل، وقيل: لا مطلقًا إن أنكر البائع العيب؛ لأنه لما طرح المبتاع الخصومة في العيب فصار سلفًا جر نفعًا، ودنانير في دنانير لأجل. قُلتُ: وعزاه عبد الحق للقابسي. ابن رُشْد: وإن لم يفت، والثمن نقد، وتقرر الصلح بعوض من المبتاع ليرد بجائز بعرض، ولو لأجل، وبدراهم نقدا أقل من صرف دينار لا يجوز إلا مقاصة، وبعرض من البائع لئلا يرد جائز، وبدنانير. قُلتُ: من جنس الثمن، قال: لا بأجل أنه بيع وسلف، وإن تأخرت لا شرط جاز، وبدراهم لأجل لا يجوز، وشرط في نقدها بأنها أقل من صرف دينار، قولا ابن القاسم وأشهب وبعوض نقدا جائز، وفيه لأجل قولا ابن القاسم، وإن لم ينقد، والصلح بعرض من البائع لئلا يرد عليه غير جائز، بدنانير إلا مقاصة، وإلا كان غير جائز؛ لأنه عبد، وذهب بذهب وبدراهم نقدًا جائزٌ على قولي ابن القاسم وأشهب، لا لأجل، وبعرض معينًا نقدًا أو مضمونًا لأجل السلم جائز، ومن المشتري ليرد جائز بدنانير نقدا لا لأجل؛ لأنه بيع وسلف وبدراهم نقدًا جائز إن نقصت عن صرف دينار، وبعرض نقدا جائز لا لأجل؛ لأنه فسخ دين في دين، ولو كان بيعه بدنانير لأجل، والصلح بعرض من البائع لم يجز بدنانير إلا مقاصة من الثمن، ولا بدراهم مطلقًا يجوز بعرض نقدًا لا يؤجل، ومن المبتاع جائز بعرض نقدًا لا مؤجلاً، ولا بدراهم مطلقًا،

ولا بدنانير إلا مقاصة، ويدخله في زيادة دنانير ما يدخل مسألتي ربيعة ضع وتعجل، وذهب بذهب لأجل. قُلتُ: سبقه به عبد الحق، ومن اطلع على عيب بطوق ذهب ابتاعه بدراهم، ففي جواز صلحه عنه بدنانير نقدا أو بدراهم، والسكة وحدة، ومنعه كمشتري دينار بدارهم اطلع على عيب به، ثالثها: يجوز بدراهم ولو من غير السكة لابن القاسم فيها، وسَحنون قائلاً في قوله ذلك، واللخمي عن أشهب. ابن محرز: فرق الشَّيخ لابن القاسم بين الطوق والدينار، فإن الصرف إنما وقع على دينار في الذمة، فامتنع الصلح عنه بدراهم؛ لأنه بيع له بالعيب ودراهم. ابن الكاتب: لا يحتاج إحضار الطوق بخلاف استحقاق خلخال أجيز بيعه؛ لأن الطوق مضمون على مشتريه، وخرج اللخمي على قول أشهب جوازه بدنانير أو بدراهم أو عرض لأجل؛ لأنه شراء خصومته، وعلى قولها: لو تأخرت الدارهم بغير شرط، ففي جوازه، ومنعه نقل ابن محرز عن بعض المذاكرين، وقوله مع عبد الحق عن بعض شُيُوخ القرويين، واحتج ابن محرز بما حاصله إن تأخرت الدنانير في مسألة العبد لا يحصل موجب فساد العقد؛ لأن فساده بالبيع والسلف؛ إنما هو بشرط لا بوقوعه دون شرط، وموجب فساده في مسألة الطوق؛ إنما هو التأخير في الصرف، ومجرد حصوله يوجب الفساد، وإن لم يشترط. قُلتُ: ويريد: ما أشار إليه من شرط تأثير مقارنة السلف للبيع الفاسد شرطه لا بمجرد حصوله. قوله في الصرف: إن ابتاع منه سلعة بثاثي دينار، فقال له بعد البيع: هذا دينار استوف منه ثلثيك وأمسك ثلثه انتفع به؛ فلا بأس به إذا لم يكن في ذلك شرط، ولا عادة، ولا إضمار. ابن عات: قال بعض العلماء: يجوز الصلح بذهب عن ورق وورق عن ذهب غير ناجز، وقاله القاضي منذر بن سعيد، وإنما كرهه مالك؛ لأنه حلمه محمل البيع، والقياس عند مالك وغيره أنه ليس ببيع إنما هو أصل في نفسه.

والصلح على الإنكار جائز: قُلتُ: باعتبار عقده، وباطن الأمر إن كان الصادق المنكر، فالمأخوذ منه حرام وإلا فحلال، فإن وفى الحق برئ، وإلا فهو غاصب في الباقي، ولم يذكر فيه المازري ولا ابن القُصَّار ولا أحد من مشاهير شُيُوخ المذهب المعتاد منهم، نقل غرائب المذهب خلافًا في جوازه. وقول ابن عبد السلام: لا أعرفه، وكان يجري لنا في البحث تخريج قول الشافعي من قول سَحنون: إن طلب السلامة شيئًا خفيفًا؛ لم يجز إلا أن يعطوه خلاف قولها في أول الجهاد في جامع: أنه أعطى مالاً؛ ليدفع عدى، وأن التخريج أحروي؛ لأن العداء في المحارب القتال المعروض للقتل وهو أشد عند الخصومة للمعروض للحلف. قال ابن عبد السلام: والنفس لمذهب الشافعي أميل، وفي كتاب الجهاد من المدَوَّنة ما يقرب منه. قُلتُ: أول الجهاد منها ما يدل على عكس الآخر من قولها، وإذا تنازع رجلان في اسم مكتوب في العطاء، فأعطى أحدهما مالاً على أن يبرأ له من ذلك الاسم؛ لم يجز؛ لأن الذي أعطى الدراهم إن كان صاحب الاسم، فقد أخذ الآخر ما لا يحل له، وإن كان الذي أخذ الراهم هو صاحب الاسم لم يجز ذلك؛ لأنه لا يدري أقليلاً أم كثيرًا، ولا يدري ما تبع حياة صاحبه، وهذا عندي لا يجوز، ويرد بأن المنع في مسألة الجهاد إنما كان لدوران للأمر فيها بين أمرين كل واحد منهما موجب للفساد حسبما قرره فيها، والصلح على الإنكار ليس كذلك؛ لأنه على تقدير صدق المدعي لا موجب للفساد. وفي الأيمان منها: من لزمته يمين فافتدى عنها بمال جاز فقيدها غير واحد بمقتضى الصلح على الإنكار فيما يجوز وما لا يجوز. وفي المقدمات: عقده على حرام في حق كل منهما يفسخ اتفاقًا، كصلحه على دعوى عشرة دنانير أنكرها بدراهم مؤجلة في فسخه وإمضائه قولان للمشهور، وأَصْبَغ: والمكروه ما ظاهره الفساد غير محقق كونه في جهة معينة كدعوى كل واحد منهما على صاحبه بدنانير مؤجلة في فسخه فيصطلحان على تأخير كل منهما صاحبه

لأجل، قيل: يمضي. وقال ابن الماجِشُون: يفسخ ما لم يطل. قُلتُ: عزا اللخمي الأول لمُطَرِّف، وسمع أَصْبَغ ابن القاسم: من أراد خلاف من أنكره ما ادعى عليه فصالحه على تأخيره فسخ، ورجعا على الخصومة. ابن رُشْد: هذا على سماع أشهب، وقول مالك فيها: من صالح من ادعى عليه دنانير على تأخيره بها؛ جاز إن كان مقررًا بها، وأجازه ابن القاسم، ولو كان منكرًا. قُلتُ: فقوله فيها خلاف سماع أشهب، وسماع أَصْبَغ في المديان هو منع تأخير من قام له به شاهد واحد على أنه لا يحلفه. ابن رُشْد: هذا خلاف قول ابن القاسم فيها، وهو أظهر إن كان المنكر كاذبًا، وإن كان شاكًا في الدعوى عليه لم يجز، وسمع أشهب في الحمالة من له على رجل مائة دينار فسأله لدين أن ينظره ويعمل له بها حميل لا بأس بذلك. فقال بعض الشُيُوخ: هذا خلاف سماع أشهب في الشاهد الواحد، وليس بخلاف؛ لأنه أحق بتأخيره لو شاء أخذه به عاجلاً، فهو كابتداء سلف بحميل، ولو كان معسرًا أو قام عليه؛ لم يجز عنده إلا بعض حقه، لم يجز تأخيره بجميعه على حميل به، ومن صالح على إنكار خصمه، ثم أقر له بدعواه؛ فله الرجوع بتمام حقه. ابن رُشْد: اتفاقًا. الصقلي: قول سَحنون فيمن صالح عن دار بيده منكرًا دعوى مدعيها إن أقر بها لمدعيها أمضى الصلح أو رده وأخذها تفسير لقول مالك فيها. المتيطي عن حمديس وابن أبي زَمَنَيْن: إقرار المنكر بعد علمه إن كان عالمًا ببينته، لا يوجب له عليه غرما. وسمع ابن القاسم من صالح من حق له من أنكره، ثم وجد ذكر حقه؛ فله نقض صلحه إن عرف من قوله أنه ضاع ذكر حقه. ابن رُشْد: دليله إن لم يعرف ذلك من قوله فلا قيام له، خلاف قولها في الصلح: إن صالح جاهلاً ببينة فله القيام بها بما شاء، مثل رواية كتاب الجدار لا قيام له بها، ويحتمل أن معنى قوله في السماع: إذا عرف هذا من قوله؛ أنه يرجع ببقية حقه دون يمين، وإن لم

يعرف ذلك منه؛ لم يرجع به إلا بعد يمينه أنه إنما صالحه وكتبه قد ضاع، ولا يعرف شهوده فلا يكون خلاف قولها في الصلح؛ بل مفسدًا له في إيجاب اليمين، وفرق في كتاب الجدار بين المسألتين، فيتحصل في صحة قيامه بالبينة، وبذكر الحق، ثالثها: به لا بها، ويحتمل أن يقال في هذه الرواية على ظاهرها أنها ليست بخلاف في المدَوَّنة، وإنما فرق بين المسألتين، فيأتي على هذا، وهو تأويل في المسألتين قول رابع، وفي التفرقة عكس ما في كتاب الجدار. المتيطي وابن فتوح: إن ذكر في الصلح إسقاط البينات فلا قيام له بها، ولو لم يكن علمها، وإن لم يذكره فيه، فله القيام بها إن لم يعلمها حين الصلح بعد حلفه ما كان عالمًا بها، وحلفه هذا إنما يكون بعد قيامه بالبينة، وقبولها؛ لأنه لو حلف قبل قبولها، ثم ردت لم يفد حلفه شيئًا إلا أن يكون في الخصام اتعاب للمطلوب بحيث يرفعه عن شغله إلى الخصومة وأداء البينة على عينة، فالقياس إحلاف الطالب قبل تمكينه، وإتعاب خصمه. ابن رُشْد: أحلفه عالما بينته القريبة الغيبة لم يكن له قيام بها، اتفاقًا، ولو كانت بعيدة فاستحلفه أو صالحه ففي صحة قيامه بها إن حضرت، ثالثها: قولها: يقوم بها إن استحلفه، لا إن صالحه. الصقلي لأَصْبَغ عن ابن القاسم: إن بعدت غيبة البينة جدًّا فأشهد أنه إنما يصالح لذلك؛ فله القيام بها. الصقلي: إن أعلن بالشهادة ينبغي أنه لا يختلف فيه كقوله للحاكم بينتي بعيدة الغيبة، فأحلفه لي، فإن قدمت قمت بها فيحلف له، وله القيام ببينته، وإن لم يشهد على الغريم بذلك، وأشهد به سرًا أو صالح عالمًا بينته؛ ففي صحة قيامها بها قولان. وفيها: قلت: فإن كان ادعى دارًا بيد رجل، فأنكره فصالحه على مال، ثم أقر له المطلوب. قال: قال مالك: من ادعى قبل رجل مالاً فأنكره فصالحه على شيء آخذه منه، ثم وجد بينته، فإن كان عالمًا بها فلا قيام له بها، ولو كانت غائبة يخاف موتها، وإن لم يعلم بها؛ فله القيام بها، فهذا يدلك على مسألتك فاستشكل الجواب، فاختصارها البراذعي سؤالاً وجوابًا بالموضوع جواب ابن القاسم بقياسه، وهو قياس أحروي؛ لأن الإقرار

أقوى من البينة التي لم يعلمها، وجواب ذلك بتقرير إشكال الجواب من وجواب من وجهين: الأول مع اختصار إقراره على جهل المدعي البينة؛ لصحة قياسه على علمه بالبينة الغائبة بجامع أنه صالح مع علمه بوجود دليل صدقه في الواقع المحتمل حصوله في الظاهر وعدم حصوله؛ لأن احتمال توبته وإقراره كاحتمال حضور البينة، الثاني: إجمال جوابه لاحتمال تقييده بما إذا لم يكن المقر له قد صالح وهو عالم ببينة له، وأنه لو كان عالمًا بها لم يرجع على خصومته لإقراره بشيء، وبهذا قيدها حمديس، وابن أبي زَمَنَيْن فيما نقله المتيطي، واحتمل عدم تقييده بذلك، وأن له مؤاخذته بإقراره مطلقًا وهو ظاهر لفظها. الصقلي: اختلف فيمن يقر في السر ويجحد في العلانية إن صالحه على تأخير سنة، وأشهد أنه إنما يصالحه لغيبته ببينته إن قدمت قام بها، قيل له: القيام بها إن علم أنه يطلبه فيجحده، وقيل: لا قيام لربها. قال مُطَرِّف: إلا أن يقر المطلوب بعد إنكاره، وقاله أَصْبَغ: ولو صالحه على تأخيره سنة بعد أن أشهد بعد الشهادة على إنكاره أنه إنما يصالحه ليقر له بحقه، ففي لزوم أخذه بإقراره، ولغو صلحه على تأخيره ولغو إقراره، ولزوم صلحه بتأخيره نقلا الصقلي عن سَحنون وابن عبد الحَكم قائلا: الأول أحسن، والظالم أحق أن يحمل عليه. قُلتُ: وعليه عمل القضاة والموثقين، وأكثرهم لم يحك عن المذهب غيره، وحكى المتيطي ثانيًا عن ابن مزين عن أَصْبَغ: لا ينفع إشهاد السر إلا على من لا ينتصف منه كالسلطان أو الرجل القاهر، ولم يذكر الثاني، فالأقوال ثلاثة، وعلى الأول حاصل حقيقة الاسترعاء عندهم وهو المسمى في وقتنا إيداعًا هو إشهاد الطالب أنه طلب فلانًا، وأنه أنكره، وقد تقدم بهذه البينة أو يرها، وأنه متى أشهد بتأخيره إياه بحقه فضيعه شيء منه، أو بإسقاطه بينة الاسترعاء، فهو غير ملتزم لشيء من ذلك، وأنه إنما يفعله ليقر له بحقه، وشرط تقدمه على الصلح فيجب تعين وقته بيومه، وفي أي وقت هو من يومه خوف اتحاد يومهما فإن اتحدا دون تغير جزء اليوم؛ لم يعد استرعاء. المتيطي وابن فتوح: ولا ينفع الاسترعاء إلا مع ثبوت إنكار المطلوب ورجوعه في الصلح إلى الإنكار، فإن ثبت إنكاره وتمادى عليه في صلحه؛ لم يفد استرعاؤه شيئًا،

وقول العوام: صلح المنكر اثبات لحق الطالب جهل، وقولهم في الرجوع: ساقط الاسترعاء والاسترعاء في الاسترعاء؛ لأنه إذا استرعى، وقال في استرعائه: متى أشهد بقطع استرعائه؛ فإنما يفعله؛ لتحصيل إقرار خصمه لم يضره اسقاطه في الصلح استرعاه، ولو لم يذكر استرعاءه أنه متى استرعاه؛ فهو غير ملتزم له كان اسقاطه في صلحه استرعاه مسقطًا لاسترعائه. وإذا قلت: إنه قطع الاسترعاء والاسترعاء في الاسترعاء، ثم ادعى وقال: إنه متى أشهد بقطع الاسترعاء؛ فهو غير ملتزم له إنما يفعله؛ لتحصيل إقرار خصمه لم يفده؛ إذ لا استرعاء في الاسترعاء. زاد المتيطي: وقاله غير واحد من الموثقين، وفيه تنازع، والأحسن ما قدمناه. قُلتُ: ولابن رُشْد كلام في هذا مذكور في كتاب الحبس.

كتاب الحوالة

[كتاب الحوالة] الحوالة: طرح الدين عن ذمة بمثله في أخرى، ولا ترد المقاصة؛ إذ ليست طرحًا بمثله في أخرى؛ لامتناع تعلق الدين بذمة من هو له، وقول ابن الحاجب نقل الدين من ذمة إلى ذمة تبرأ بها الأولى تعقب بأن النقل حقيقة في الأجسام، وبحشو تبرأ بها الأولى؛ لعدم إفادته مدخلًا أو مخرجًا، وتعقب بعض البجائيين عن القاضي تحويل الحق من ذمة إلى ذمة تبرأ بها الأولى بأنه بيان الشيء بنفسه، ويرد بأن الحوالة في التعريف لغوية والمعرف العرفية، وهي أخص من الأولى، والأعم غير الأخص فاعرف، وترجيح ابن عبد السلام أخذ لفظة الحق بدلًا من لفظة الدين لزعمه أنه لا يصدق على المنافع إلا بتكلف يرد بمنع كونه تكلفًا في المضمونة وهي المعروضة للحوالة.

عياض: قال الأكثر: هي رخصة؛ لأنها مبايعة مستثناة من الدين بالدين والعين بالعين، غير يد بيد؛ لأنها معروف، وأشار الباجي إلى أنها ليست كالبيع، ولا هي من هذا الباب؛ بل هي من باب النقد. قُلتُ: ليست من الدين بالدين، والعين بالعين غير يد بيد من نفس الإحالة، فهي من باب النقد. عياض: في حمل الحمالة على الندب أو الإباحة قولا الأكثر وبعضهم. الباجي: هي على الإباحة، والمحال مخير في الاستحالة.

باب صيغة الحوالة

[باب صيغة الحوالة] الصيغة: ما دل على ترك المحال دينه في ذمة المحيل بذمته في ذمة المحال عليه. اللخمي: قول المطلوب: اقبض دينك من غريمي وكالة لا حوالة. قال ن القاسم: لأنه يقول: لم أحتمل، إنما كفيتك مؤنة التقاضي. قُلتُ: هو سماع يحيى ابن القاسم: خذ حقك من هذا، ويأمره بالدفع ليس بحوالة؛ لأنه يقول: لم أحتمل. ابن رُشْد: لا تكون حوالة إلا بالتصريح بلفظ الحوالة أو ما ينوب منابه، كقولك خذ حقك منه وأنا بريء من دينك وشبهه، وقول بعض الشُيُوخ: قوله اتبع فلانًا بحقك على حوالة لقوله صلى الله عليه وسلم: "من أتبع على ملي فليتبع" غير بين، إنما البين قوله: أتبعتك على فلان، وقوله: اتبع فتخرج على الروايتين في قول البائع: خذ هذا الثوب بكذا، هل هو إيجاب للبيع؛ كقولك بعتك أولاً.

باب في شرط الحوالة

[باب في شرط الحوالة] والمذهب: توقفها على رضى المحيل والمحال، وصرح ابن الحاجب وابن شاس بأنهما من شروطها، ولم يعدهما اللخمي وابن رُشْد منها، وهو الأحسن والأظهر أنهما جزءان لها؛ لأنهما كلما وجدا وجدت. والمعروف لغو رضى المحال عليه: ابن زرقون: في الزاهي لابن شعبان: يعتبر رضاه فلا تلزم الحوالة دونه، والمشهور شرطها بكونها على أصل دين، فإن وقعت على غيره فطرق. ابن رُشْد: في تخييره في طلب المحيل والمحال عليه، وشرطه بعدم المحيل وعكسه، رابعها: كحوالة على أصل دين لابن رُشْد عن سماع عيسى بن القاسم وأحد قوليه فيها واحد القولين الظاهرين منها، ومن قول مالك وابن القاسم في سماعه أيضًا، ولابن الماجِشُون: المازري إن كانت على إبراء المحال المحيل مطلقا دون قيد فلا رجوع له عليه بحال، وإن كانت على أنه ما دام متمكنًا من أخذ حقه؛ فله الرجوع عليه اتفاقًا فيهما، ومحل الخلاف ما سواهما. اللخمي: إن علم المحال أنه أحيل على غير أصل دين، فإن كان هبة بدئ بالمحال عليه إن كان موسرًا اتفاقًا، فإذا فلس ففي كون الحوالة عليها جوزا فيثبت أو لغوها فتسقط قولان، فعلى الأول يحاصص بها المحال، ولا يرجع بما بقي له على المحيل، وإن لم يعلم؛ فله الرجوع على المحيل عاجلاً؛ لأن كونها على غير أصل دين عيب، إلا أن يكون المحال عليه لا يخشى فلسه أو يحكم الحاكم بوجوب الهبة عند الفلس فيسقط العيب، وإن أحاله على فلس، ولم يجد عنده شيئًا رجع المحيل اتفاقًا إن كان معسرًا، فللمحال محاصة غرماء المحال عليه، على القول بصحة الهبة بالحوالة؛ لأن منفعة السلف هبة لأفاد المحيل شيئًا تحاص فيه المحال، والمحال عليه بما لكل منهما عليه، فإن

كان دين المحال بالمائة، وصار له بالحصاص من المحال عليه خمسون، وطرأ للحميل ضربًا بينهما بالسواء؛ لأن الذي قضى خمسون والباقي له خمسون، فأخذ الغريم الأول منها خمسة وعشرين، ويأخذ الغرماء المقرض خمسة وعشرين، ثم ينظر لما كان يضرب به المحال يصبر له خمسة وسبعون ينوبه من الضرب الأول ثلاثة وأربعون إلا سبعًا، والفاضل عنده سبعة وسبع يضاف إلى الخمسة والعشرين التي صارت لغرماء المقرض، جميع ذلك اثنان وثلاثون وسبع يقتسمانها أسباعًا. قُلتُ: للمحال ثلاثة أسباعها وللغرماء ما بقي. ابن زرقون: فتحصل في شرط براءة المحيل خمسة أقوال. ابن القاسم فيها: لا رجوع له على المحيل. ورواية ابن وَهْب فيها: لا رجوع له إلا في الفلس والموت، ورواية مُطَرِّف كعيسى عن ابن القاسم أنه بالخيار، وقول ابن الماجِشُون وأشهب أن الشرط باطل، وهي حمالة لا يطلب إلا في غيبة المحيل أو عدمه، وقول مالك وابن القاسم لا ينفعه الشرط إلا في ذي سلطان أو إلى القضاء. قُلتُ: قوله: فتحصل إلخ، نقله عن ابن الماجِشُون مع ما تقدم لابن رُشْد عن ابن الماجِشُون، ومثله نقل ابن زرقون كلام الباجي الحوالة على غير أصل دين حمالة عند جميع أصحابنا إلا ما قاله ابن الماجِشُون إلا ما وقعت بلفظ الحوالة؛ فلها حكم الحوالة يوجب كون محل الأقوال الخمسة هو إذا لم يصرح بلفظ الحوالة، وكذا نص عليه في المقدمات في كتاب الحمالة خلاف ظاهر لفظ ابن زرقون في المحيل، فمحمل أقوال ابن رُشْد الأربعة خلاف محمل أقوال ابن زرقون الخمسة فتأمله، وظاهر نقل ابن عبد السلام أو نصه أن محمل الخلاف في ذلك كله واحد وهو غير صحيح لما بيناه من مناقضة نقل الباجي مع ابن رُشْد عن ابن الماجِشُون لما نقل ابن زرقون عقب نقل الباجي قول ابن الماجِشُون، ثم يختلف على قول الجماعة بمن يبدأ. قال التونسي في المدَوَّنة: لفظًا مرة جعل ذلك حمالة يبدأ ممن عليه الدين، ومرة بالحميل، وفي سماع ابن القاسم بأيهما شاء.

ويشترط كونها بما حل على ما حل: الباجي: إنما لم يحل كمن أخذ في دينه قبل حلوله من جنسه ما هو أقل أو أكثر وأجود أو أردى؛ لتعذر تماثل الذمم فيدخله ضع وتعجل، أو حط عني الضمان وأزيدك، ومثل هذا عند حلول الأجل جائز. وفي ثاني سلمها: لو استقرض مسلم له طعامًا، وأحال عليه من له عليه مثله؛ جاز ولو قبل حلوله فأورد بعض أهل درس شيخنا ابن عبد السلام حين أقرأنها خلاف المذهب في شرط حلول المحال به، فلم يحضره ولا غيره جواب، ثم بلى لي يسره، فإن شرط الحلول إنما هو في الحوالة الحقيقية التي هي أصل دين، وهذه مجاز؛ لأنها على غير أصل دين، وهي حمالة ويؤيده قولها في الحوالة إن أحالك مكاتبك على من لا دين له قبله لم يجز؛ لأنها حمالة، ولا تجوز حمالة بكتابة، وتجوز الحوالة بها على أصل دين. وفي شرطها بحلولها كالدين قولا ابن القاسم وغيره فيها، وصوبه سَحنون، واللخمي والصقلي، واحتج الغير بأنها ليست بدين ثابت، فهي كتعجيل عتق مكاتب بدنانير قبل حلها على دراهم معجلة أو مؤجلة، كأن لم يكن قبله إلا ما أدى، فابن القاسم بكراهة ملك بيع الكتابة من أجنبي بشيء مؤجل، فجعلها مع الأجنبي كالدين، ورده التونسي وعبد الحق والصقلي واللخمي، بأن هذه معاملة بين السيد والأجنبي، وفي مسألة النزاع معاملة بين السيد ومكاتبه. المازري: عذر ابن القاسم عن هذا أن حوالته على أجنبي لا شبهة للسيد في ماله، فأشبه ذلك شراء الأجنبي الكتابة بعض شُيُوخ عبد الحق إن لم تحل الكتابة على وجه لا تجوز بين أجنبيين، وأحال سيده بشرط تعجيل العتق أو بشرط عدمه لم يختلف فيهما، وإن لم يشترطا، فقال ابن القاسم: يفسخ؛ يريد ما لم يفت بالأداء، وعند غيره يحكم بتعجيل العتق لما ذكره المازري قال: تقدم الخلاف في تحويل الكتابة على وجه لا تجوز بين الأجنبيين مع عدم شرط تعجيل العتق، فإن كان الغير ممن يمنع عدم شرطه تعجيل العتق، فقوله: لا يختلفان أو بشرط عدمه لم يختلف فيها، وإن لم يشترط، فقال ابن القاسم: يفسخ؛ يريد: ما لم يفت إذا شرطا تأخير العتق صحيح. قُلتُ: الأظهر أنهما لا يختلفان مع شرط تأخير العتق مطلقًا؛ لأن القول بجوازه مع

تأخيره؛ إنما هو إذا كان ذلك بين السيد وبين مكاتبه لا بينه وبين الأجنبي. وفيها: إن أحالك مكاتبك بكتابته على مكاتب له بقدرها؛ لم يجز إلا ببت العتق في الأعلى، فإن عجز الأسفل؛ كان له رقًا. الصقلي: يريد: وإن لم يحمل الكتابة إلا على شرط تعجيل العتق مما لا تجوز الحمالة بالكتابة إلا بشرط تعجيل العتق. المازري قالوا: لا معنى لشرط تعجيل العتق مما لا تجوز الحمالة؛ لأن الحكم يوجبه؛ لأن السيد أخذ عوض ماله على مكاتبه، فإذا باع منه نجومه، وأخذ عوضها صار حرًا. الصقلي عن بعض الفقهاء: القياس أن لفظ الحوالة موجب؛ لتعجيل العتق وهو غير قول ابن القاسم، وأجاز المازري اعتذارًا عن شرط تعجيل العتق بما تقريره أن الحوالة؛ إنما أوجبت براءة المحيل حيث كونها على تحقق ثبوته، وهو الدين الثابت في الذمة والمحال عليه هنا ليس كذلك لاحتمال عجز الأسفل بما بحصل نفس المحال عليه؛ لضعف إيجاب هذه الحوالة البراءة التي هي موجبة للعتق، فافتقر إلى شرطها بالعتق، ويشترط تماثل صنف الدينين. وفي شرط تفاوتهما في الصفة والقدر مطلقًا، وجواز كون المحال عليه أقل أو أدنى قول المقدمات شرطها تماثلها في القدر والصفة لا أقل ولا أكثر، ولا أدنى ولا أفضل، ونص القاضي مع المازري والمتيطي، وقال: شرطها ستة كونها على دين، واتحاد جنس الدينين، واتحاد قدريهما وصفتهما، وكون المحال عليه أقل أو أدنى، وحلول المحال به، ولا بغير المحيل المحال بفلس المحال عليه، وكونهما بمحض للمحال عليه، ولو جهل يسره عسره، وزاد ابن فتوح، وإقراره بالدين، وقول ابن الحاجب منها: أن يكونا هما متجانسين لا يفتقر إلى الرضا لو أعطيه فيجوز بالأعلى على الأدنى يتعقب بأنه إنما أراد بمدلول لا يفتقر إلى الرضا لو أعطيه المماثل كان تكرارًا عن قرب. وإن أراد ما هو أجود هو، وقول محمد: إن اختلفا في الصنف أو الجودة، وقال: وهما عرضان لم يجز، ولو حلا إلا أن يقبض قبل الافتراق نحو قول المقدمات: وفي هباتها لا يجوز بدنانير على دراهم، ولو حلا.

الصقلي عن محمد: إلا أن يقبضه قبل افتراق الثلاثة وطول المجلس. وفيها: طعامًا القرض كالعرضين، ومنعها في طعامي السلم مطلقًا. ابن القاسم: فيها. الصقلي: عن أشهب ولو حلا إلا أن تتيقن رؤوس أموالهما؛ فيجوز تشبه التولية، وعن ابن حبيب: إن كان أحد الطعامين قرضًا؛ جازت الحوالة بما حل على ما لم يحل، قاله مالك وأصحابه إلا أن ابن القاسم بشرط حلولهما. الصقلي: وقولهم أصوب. ابن رُشْد: وينزل المحال في الدين الذي أحيل به، فنزله من أحاله؛ فنزلته في الدين الذي أحيل به فيها؛ يريد: أن يأخذ به من المحال عليه أو يبيعه به من غيره. قُلتُ: هو قول سلمها الثالث، وتقدم ما فيه في الاقتضاء من ثمن الطعام طعامًا. المازري: شرط بيع الدين علم حال ذمة المدين، وإلا كان غررًا بخلاف الحوالة؛ لأنها معروف، فاغتفر فيها الغرر. قُلتُ: ونحوه قول اللخمي: أجاز مالك الحوالة مع جهل ذمة المحال عليه. وقال الصقلي ما نصه: الحوالة بيع دين بدين أجيزت رخصة، وشراء الدين لا يجوز حتى يعرف ملؤ الغريم من عدمه. قُلتُ: ولازم هذا الكلام أن الحوالة لا تجوز يعني من يعرف ملأ الغريم من عدمه، وهو خلاف نقل المازري واللخمي، فتأمله. وحدوث فلس المحال عليه بعد الحوالة لغو لا يوجب فيها نقضًا. وسمع سَحنون المغيرة إن شرط المحال عليه على المحيل إن فلس رجع على المحيل فله شرطه، ونقله الباجي كأنه المذهب. وقال ابن رُشْد: هذا صحيح، لا أعلم فيه خلافًا. قُلتُ: وفيه نظر؛ لأنه شرط مناقض لأصل عقد الحوالة، وأصل المذهب في الشرط المناقض للعقد أنه مفسد، وفي بعضها يسقط الشرط، ويصح العقد كالبيع على أن لا جائحة. فتأمله. وظهور تقدم فلسه فيه تفصيل.

وفيها: لو غرك من عدم يعلمه بغريمه أو فلس؛ فلك طلب المحيل، ولو لم يغرك كانت حوالة لازمة، ونقلها اللخمي بلفظ إن كان ظاهرًا ليسر، وعلم المحيل فقره؛ فللطالب الرجوع عليه. قال مالك: لأنه غره وأرى أن له الرجوع؛ لأنه لو علم بفقره ما قبل الحوالة. المازري. انظر لو شك المحال في كون المحال عليه والمحيل عالم يفقره، هل دلسه، أو قبوله الإحالة مع شكه دخول على فقره، وعلم المحيل بفقره، وهو ظاهر الملأ تدليس، والأظهر على أصل المذهب أن له مقالاً، ولو كان شاكًا. قُلتُ: ففي رجوعه بظهور فقره مطلقًا، أو إن أعلمه المحيل مطلقًا، ثالثها: هذا والمحال عليه ظاهر الملأ، المازري مع اللخمي وظاهرها، ونقله عن المذهب. الباجي: إن جعل كون المحيل غارًا. قال مالك: إن اتهم أحلف؛ ومعناه: إن ظن أنه يرضى بذلك، وتعقب التونسي وغيره قولها بقولها في المساقاة: من باع سلعة بثمن لأجل ممن ظن ملاؤه، وهو عديم لا مقال. قال الصقلي: الفرق أن الحوالة دين بدين أجيزت للرخصة وشراء الدين لا يجوز حتى يعرف ملأ الغريم من عدمه؛ لأنه شراء لما في ذمته بوجود ذمته معيبة كوجود السلعة معيبة، والذي باع السلعة لم يقصد شراء ما في ذمته. قُلتُ: ويفرق بأن للبائع نفع المعاوضة بربح، أو بحصول غرضه في معاوضته شيئًا، بغيره، والمحال لا نفع له، وبأن المبيع لما كان على المكايسة كان مظنة لعلم البائع بفقر المشتري، وبأن إعلام المشتري بفقر نفسه يوجب عدم معاملته فيتضرر وإعلام المحيل بفقر المحال لا يضره لقدرته على بيعه. بعض شُيُوخ عبد الحق فرقوا بين أن يغر ولم يجعلوه كعيوب السلع؛ لأن البيع مكايسة يغلظ على البائع فيه، والحوالة معروف يسهل على المحيل فيه حتى يغر. الباجي: الفرق من ثلاثة أوجه: عيب السلعة عيب في نفس العوض، وفلس المحال عليه عيب في محل العوض، الثاني: الحوالة كعيب البراءةح فلا يرجع إلا بما علم، وعليه يجب حلفه المحيل ما علم بفلسه على ظاهر قول مالك، وعلى ما ليحيى عن ابن القاسم

في بيع البراءة لا يمين عليه إلا أن يدعي ذلك المحال أن عيب الذمة خفي كالعيوب الباطنة، فإن علمه المحيل صار كغير الباطنة. قُلتُ: وبه فرق المازري. التونسي: انظر لو أنكر المحال عليه الدين هل عدم البينة به عيب؟ لولا التفريط للمحال في ترك الإشهاد عليه بعد حضوره، وإقراره ولو كان غائبًا، فلما حضر إنكاره كان للمحال حجة. المازري: الصواب إن كان غالب الديون ببينة أن له الحجة؛ لأنه يقول: إنما تركت ثقة بالبينة، وقوله في الغائب صحيح، وإن لم يصدق المحال، وقوله في المحيل في صحة دينه، فإن صدقه جرى على الخلاف فيمن دفع وديعة لمن زعم أن ربها أمره بقبضها منه، وصدقه المودع وأنكر ربها فغرمها له هل يرجع على قابضها بها لغرمه إياها، أو لا لتصديقه إياه؟ ومن أحيل على ثمن عبد، فاستحق، ففي لزوم الحوالة فيرجع المبتاع بما غرم على بائعها، ونقضها فيرجع به على المحال إن قبضه قول ابن القاسم فيها، وأشهب مع محمد ونقله عن أصحاب مالك. اللخمي: بناء على أنها معروف أو بيع قائلاً: ولو لم يحل بالثمن وباعه وهو عين أو ثوب، ثم استحق العين قبل قبض ثمن الثوب من مشتري العبد؛ لكان مشتري الدين والثوب أحق على القولين، ولو أحال على الثوب من له عليه مثله؛ لكان المحال أحق بالثوب على قول ابن القاسم، ويرجع مشتري العبد على بائعه بقيمة الثوب، ولا يكون أحق به على قول أشهب، وكذا الجواب إن وجد مشتري العبد به عيبًا فرده. قُلتُ: سمع أَصْبَغ ابن القاسم في العيب كقوله في الاستحقاق. ابن رُشْد: على أن الرد بالعيب نقض بيع يدخل فيه قول أشهب على قوله: لا يدفع الثمن للمحال، وإن كان دفعه له استرده منه، وإن فات عنده على قوله: مضى له ورجع المشتري بالثمن على البائع، وقيل: لا يلزمه دفعه له، وإن دفعه له؛ لم يكن له أخذه منه، ورجع به علىى البائع، وإن فات من يده، وإن شاء رجع على البائع؛ لأن العيب كشف أنه أحاله بما لا يملكه، وعلى أنه ابتداء بيع يلزمه أن يدفع إلى المحال الثمن قولاً واحدًا، وكذا إن أعطا ثمن العبد، ثم استحق أو رد بعيب على هذه الأربعة الأقوال:

أحدها: أن العطية فوت، ويلزم المبتاع أن يدفعه للمعطي، ويرجع به على البائع المعطي قاله ابن القاسم في المدنيَّة إن جمع بينه وبينه، وأقر له به، وهو قول بعض الرواة في النكاح الثاني منها في هبة المرأة: صداقها على الزوج قبل البناء، فيطلقها يلزمها دفع جميعه، ورجع بنصفه على المرأة. والثاني: لا يفوت إلا بالقبض. والثالث: لا يفوت إلا بالاستهلاك بعد قبضه، فإن لم يفوته كان له أخذه. والرابع: أن العطية لا تصح بحال؛ لأن العيب كشف أن أعطى ما لم يملك، وإن كان دفعه واستهلكه رجع المبتاع على البائع، ورجع البائع على المعطي حكاه محمد عن ابن القاسم في صدقة المرأة بصداقها بعد قبضها إياه، فيطلقها قبل البناء أنه يرجع عليها بنصف الصداق، وترجع هي على المعطي، وفي المسألة خامس: إن كان الواهب عديمًا؛ فللمشتري حبسه إن لم يدفعه، وإن كان مليَا؛ لزمه دفعه للموهوب له، ويتبع به الواهب، قاله ابن القاسم في المدَوَّنة: في المرأة تهب صداقها، ومقتضى النظر أن يكون هذا الخلاف في الرد بالعيب على أنه بيع مبتدأ، أو في الطلاق قبل البناء على وجوب كل المهر للزوجة بالعقد وأن لا تجوز العطية في الاستحقاق، ولا في الرد بالعيب على أن نقض بيع، ولا في الطلاق على أنه لا يجب للزوجة بالعقد إلا نصف الصداق، فيأتي جواب ابن القاسم في هبة الزوجة صداقها قبل البناء على أنه لا يجب لها بالعقد إلا نصف المهر، وجواب بعض الرواة على وجوب جميعه. الباجي: لو أشهد بائع العبد بصدقة ثمنه، ثم استحق أو رد؛ فلأَصْبَغ وأبي زيد عن ابن القاسم في العتبيَّة: أنه إن قبض المتصدق عليه الثمن، فات عنده لم يرجع عليه بشيء، ويرجع المشتري على البائع، كما لو قبضه المتصدق، وتصدق به، ولو لم يفت بيد المعطي أخذه منه المشتري، ولا شيء للمعطي. ابن زرقون: كذا نقلها الشَّيخ في النوادر، وهو وهم إنما في سماعها فوته بمجرد القبض، ولو ادعى المحيل أن الحوالة توكيل للمحال على القبض وأكذبه المحال، ففي كونها حوالة حتى يقوم الدليل على كونها وكالة ككون المحال ممن يتصرف للمحيل أو كون عادة المحيل التوكيل على التقاضي، وهذا ممن يتوكل في مثل ذلك، أو يكون المحال

ممن لا يشبه مثل ذلك أو بالعكس. نقل اللخمي عن ابن الماجِشُون، وأخذه عن ابن القاسم في العتبيَّة: إن قال المحيل: أقرضتك ما قبضت، وقال: المحال ما قبضته كان لي دينًا عليك، أحلتني به المقتضي غارم، وهي سلف اللخمي هذه أحري أن يقبل قول القابض؛ لأنه أحرى أن يكون أحاله ليقبضها لنفسه، وفي الأولى ما أقر أنه جعل قبضها لنفسه، وأرى أن ينظر هل بينهما ما يشبه أسلفه أو لا، وهل بينهما معاملة؟. المازري: في تخريج شيخنا نظر؛ لأن قول المحيل يشبه الحوالة على دين؛ لأنه لما التزم أن يسلفه صار كدين عليه، فصارت الحوالة هنا على دين باتفاقهما، والمسلمة من أصل آخر، وهو من قال: قبضت من فلان مائة دينار كانت لي عليه، وقال الدافع: بل هي سلف مني لك في كون القول قول الدافع أو القابض، قولان. قُلتُ: قول ابن القاسم هو سماعه يحيى، وفي لفظ: أما إحالته إيلال فليس بإقرار؛ بل هو بذلك سلف، وللقابض أجر تقاضيه إن كان له أجر. ابن رُشْد: إن أشبه قول أحدهما دون الآخر؛ فالقول قوله اتفاقًا، وإن أتيا معًا بما يشبه أو بما لا يشبه، فقول ابن القاسم وأشهب، القول قول المحيل، وقول ابن الماجِشُون: القول قول المحال، وقول ابن القاسم كقولها في كتاب المديان فيمن أمر رجلاً بدفع مال لفلان فيقول الآمر: كانت لي عليك، ويقول المأمور: لم يكن لكل علي شيء أن القول قول المأمور. وقال ابن الماجِشُون: على معروف قول أشهب: لا يؤخذ أحد بأكثر مما أقربه؛ لأنه يقول: لم أقبض إلا حقي، خلاف قوله، وقول ابن القاسم في هذه المسألة، وقوله: للقابض أجر مثله نظر؛ إذ لم يدع الأجرة، إنما زعم أنه قبض لنفسه حقه، وكذا إذا قال المحيل: إنما أحلتك لتكفيني مؤنة التقاضي قبل قوله على ما حكاه ابن حبيب، وكان له أجره إن كان شيء له أجر، وهو ممن يعمل في مثل هذا بأجر. اللخمي: إن قال المحال: بعد موت المحال عليه، أحلتني على غير مال، وقال المحيل: بل على مال، فهو حول ثابت حتى يثبت أنه على غير مال.

كتاب الحمالة

[كتاب الحمالة] الحمالة: التزام دين لا يسقطه أو طلب من هو عليه لمن هو له، وقول ابن الحاجب تابعًا للقاضي: الضمان شغل ذمة أخرى بالحق لا يتناولها؛ لأن شغل ذمة أخرى، إنما هو لازم لها، لا نفسها؛ لأنها مكتسبة، والشغل حكم غير مكتسب ينشأ عن مكتسب كالملك مع البيع فتأمله. وقول ابن عبد السلام: إطلاق الحمالة على الطلب عرفًا؛ إنما هو مجاز لا حقيقة يرد بمنعه لظاهر إطلاقات المدَوَّنة والأمهات والمتقدمين والرواة، ونصوصها مع غيرها

بصحتها دون رضى المحتمل عنه واضحة منها قولها: من تكفل عن صبي بحق قضى به عليه فوداه عنه بغير إذن وليه؛ فله أن يرجع به في مال الصبي. المتيطي وابن فتوح من العلماء من قال: لا تلزم الحمالة الذي عليه الحق إلا بأمره؛ ولذا كتب كثير من الموثقين تحمل عن فلان بإذنه بأمره. في المديان منها: من أدى عن رجل دينًا بغير أمره جاز إن فعله رفقًا بالمطلوب، وإن أراد الضرر بطلبه فاعتاقه أحد وارث لعداوة بينهما منع من ذلك، وكذلك إن اشترى دينًا عليه؛ لم يجز البيع، ورد إن علم بهذا، ولو ثبت قصد مشتري الدين ضرر المدين والبائع جاهل بذلك، ففي فسخ البيع ومضيه، ويبتاع على مشتريه نقلا عبد الحق عن بعض القرويين محتجًا بالقياس على قصد السلف النفع بالسلف دون قابضه، وبيع من تلزمه الحجة ممن لا تلزمه، وغيره مع الصقلي، وأشار بالجواب له بإمكان زوال موسة ... المنع بيعه على مشتريه دون إعذار البائع بفتح بيعه يغدره بالجهل، وقول ابن الحاجب صح لو تنازعا على أنه دفعه محتسبًا؛ فالقول قول البائع إلا بقرينة هو مقتضى قول نكاحها الثاني: إن أنفقت الزوجة على زوجها، وهو ملي أو معدم، فلها اتباعه إلا أن يرى أن ذلك بمعنى الصلة، وكذا المنفق على أجنبي، ونحوه في تضمين الصناع، والضمان بجعل لا يجوز بمال. ابن العطار: أجمع العلماء على ذلك. اللخمي: من جعل لرجل دينارًا؛ ليتحمل له بثمن ما باعه لأجل بطلت الحمالة والجعل لا البيع؛ لأن المشتري لا مدخل له فيما فعلاه، ولو كان الجعل من المشتري ولا علم للبائع صح البيع ولزمت الحمالة؛ لأنه غره حتى أخرج سلعته، ولو علم البائع ذلك ففي سقوطه الحمالة قولا لابن القاسم ومحمد قائلاً: إن لم يكن للبائع في ذلك سبب. اللخمي: وعلى الأول يخير في إمضاء البيع دون حمالة، وفسخه ولو جهلا حرمته، فلأَصْبَغ لا شيء على الحميل، وعلى قول محمد يلزم الحمالة إن لم يكن للبائع في ذلك سبب، ويختلف على هذا إن باع سلعة من رجل على أن يزن عنه فلان ثمنها، فجعل من المشتري؛ فلا يجوز على قول ابن القاسم أن يطلب فلانًا بالثمن إن علم ذلك؛ لأنه

سبب بزيادة، وله أخذ سلعته إن عجز المشتري عن ثمنها، وعلى قول محمد يمضي البيع ويلزم فلانًا الثمن. قُلتُ: يريد: ويسقط الفعل، قال: والأول أحسن، ولمحمد عن مالك وابن القاسم وأشهب وغيرهم من قال لرجل: ضع من دينك علي فلان، وأتحمل لك بباقيه لأجل آخر، لا بأس به؛ لأن له أخذه بحقه حالاً، وروى عنه أشهب جوازه وكراهته، وقال مالك في العتبيَّة: لا بأس أن يقول: خذ هذه العشرة دنانير وأعطني بما لي عليك حميلاً أو رهنًا، وعلى أحد أقوال مالك: لا يجوز، ولو قال: أتحمل لك على أن تعطي فلانًا غير الغريم دينارًا لم يجز، ولمحمد عن أشهب: من له على رجل عشرة دنانير لأجل، فأسقط عنه قبل الأجل دينارين على أن يعطيه بالباقي رهنًا أو حميلاً، فلا بأس به. وقال ابن القاسم: لا يجوز. اللخمي: لأن أخذه الحميل خوف عسر الغريم عند الأجل فيجب تأخيره، فأخذه الحميل بما وضع مثل ضع وتعجل في البيوع الفاسدة منها إن باعًا سلعتيهما في صفقة على أن أحدهما بالآخر حميل لم تجزؤ أنه ابتاع معه الحميل على أن يتحمل له المعدم ابن الكاتب اتفاقًا من ابن القاسم وأشهب، ولو كان كانت السلفة بينهما وبدعاها على أن أحدهما بالآخر حميل، ففي جوازه قولان، وهذا على أن تحمل له بما دفع لشريكه من الثمن، ولو باع رجل من رجلين سلعة على أن كل واحد منهما حميل لصاحبه، لجاز إن استوت شركتهما. الصقلي: وقد أجاز ابن القاسم السلم أجلين على أن كل واحد منهما حميل بصاحبه؛ لنهما حميلان في الملك، وفي جمع السلعتين إنما تقع الحمالة على الاستحقاق، وقد يستحق مبيع أحدهما دون الآخر. الصقلي: ولو كانت السلعة أو السلعتان بينهما نصفين فباعاهما على أن أحدهما حميل بالآخر جاز؛ لأن الثمن بينهما، ولحبيب عن سَحنون إن وكل أحد الشريكين في سلعة شريكه على بيعها، فشرط المشتري على البائع أن يضمن له حظ شريكه لم يجز، وكأنه زاده في ثمن حظه لضمانه. قُلتُ: وكقولها في السلم قولها في مسألة الستة حملاء.

باب المتحمل له

قال ابن الحاجب: لو اشتريا سلعة بينهما على السواء جاز للعمل. قُلتُ: ولأن استواءهما في المبيع وثمنه يوجب ستة بمجموعهما، بشخص واحد، واختلافهما في أحدهما يوجب تعددها المقتضي للضمان في الجعل، وفي منعه بالقرض مطلقًا وجوازه كالبيع نقلا ابن فتوح والمتيطي عن ابن الهندي وابن أبي زَمَنَيْن قائلاً: إن كان أحدهما معسرًا والآخر موسرًا لم يجز، وعزاه بعضهم لابن العطار، لا بقيد التساوي في الملا، وعزا الأول لابن الفخار، وتصح بما مات، ولو عديمًا. [باب المتحمل له] المتحمل له: من ثبت حقه على المحتمل عنه، ولو جهل. المازري من ضمن دين ميت لزمه ما طرأ عليه من دين غريم لم يعلم به الحميل. [باب في الحميل] الباجي: من لا حجر عليه فيها كفالة ذات الزوج في ثلثها، ولو تكفلت بزوجها. ففيها: قال مالك: عطيتها زوجها جميع مالها جائز، وكذا كفالتها عنه. الباجي: يريد بإذنه. وفيها: إن ادعت أنه أكرهها في كفالتها عنه فعليها البينة. اللخمي عن أشهب: إن ثبت ذلك وتكلفت به لأجنبي؛ لزمها إلا أن يعلم رب

الحق، وإن لم تقم بينة، وقال: لم أعلم حلف إن اتهم بالعلم كالقريب الجدار، فإن نكل حلفت أنه علم وبرئت، وكفالتهما لغيره ينظر، فإن قامت بينة بإساءته لها وقهره وتمله عليها بما لا يحل حلفت وبرئت، فألزمها الكفالة للأجنبي، وإن ثبت الإكراه إن لم يعلم ذلك؛ لأنها غرته إلا أن تكون كفالتها بعد البيع ولم ينقص ماله عن يوم الحمالة. ابن عبد الحَكم: ولزوجها منعها من الكفالة بالوجه على أنه لا مال عليها بحجته بحبسها، فيمنع منها، وتخرج للخصومة، وفي كفالتها لموسر بأزيد من ثلثها قولا ابن الماجِشُون وابن القاسم. اللخمي: الأول أشبه. وفيها: لا يجوز لعبد أو مكاتب او مدبر أو أم ولد عتق ولا عطية ولا معروف إلا بإذن السيد، فإن فعلوا بغير إذنه؛ لم يجز، فإن رده لم يلزمهم إن عتقوا وإلا لزمهم إن عتقوا، وقال غيره: لا يجوز ذلك للمكاتب، وإن أذن له سيده؛ لأنه داعية لرقه. ابن الحاجب: وإن رد السيد ضمان العبد والمدبر وأم الولد اتبع به إذا عتق. ابن هارون: هذا خلاف نصها، ومثل نصها قول ابن شاس: إنما يتبع به بعد العتق إن لم يرده. وقال ابن عبد السلام: يعني بإثر الإجازة، وفي كون المأذون كذلك أو كالحر، قولا ابن القاسم، وابن الماجِشُون. اللخمي: هذا أحسن فيما يرى أنه علمه للاستيلاف، وغن كان المتكفل به موسرا جاز، ولو كثر، وإن كان فقيرًا؛ لم تجز إلا فيما قل، وإن أذن له سيده جاز. وفيها: وإن اغترق الدين ماله لم يجز، وإن أذن لا تجوز كفالة الحر، ولا يجبره سيده على الكفالة له ولا يخبره ولو أشهد فيها أنه ألزمه الكفالة لم تلزمه إلا برضاه له جبره عليها إن كان له بيده من المال قدرها، وإن لم يكن له شيء بيده شيء وهو فقير، ففي صحة جبره عليها قولا محمد وابن القاسم وابن عبد الحَكم: لا يجبر؛ لأنه يقول أجبر في ذلك. اللخمي: إن أسقط الطالب مقاله في حبسه؛ فله جبره. وفيها: رجع مالك عن تخيير الطالب في طلب الحميل دون الغريم؛ لوقفه عن

العجز على طلب الغريم، وأخذ به ابن القاسم ورواه ابن وضهْب. قال مالك: وإن كان الغريم غائبًا أو مدينًا حاضرًا يخاف الطالب إن قام عليه المحاصة؛ فله طلب الحميل، إلا ان يكون للغائب مال حاضر يعدى فيه، فلا يتبع الحميل. قال غيره: إلا أن يكون في تثبيت ذلك فيه بعد فيؤخذ من الحميل. الصقلي: وقاله سَحنون. قُلتُ: ظاهره: أن قول الغير وفاق، وصرح ابن حارث على أنه خلاف ابن الحاجب. وفيها: لا يطالب، والأصل حاضر ملي؛ لكن إذا غاب أو فلس، ورآه كالرهن، وقيل: لو كان ملطاطًا. قُلتُ: كونه كالرهن قاله الصقلي؛ والملطاط معتر الملك، لا جاحد الحق. في الصحاح: لططت حقه إذا جحدته؛ لأن حمله على الجحد هنا يحمل معنى المسألة، وربما تلطيت كرامة إجماع ثلاث طاءات، فأبدلوا الأخيرة تاء، وعدوله عن لفظ الملك إلى الملطاط، وهو مرجوع لا مشاع إرادة حقيقته هنا حسبما بيناه، ولقرابته بالنسبة لفظ الملك، ولا أعرف هذا القول في هذه الصورة لأحد من أهل المذهبح بل في غيرها حسبما يذكر، ولو غاب الغريم، ففي تعجيل غرم الحميل التلوم له، وفي سماع عيسى ابن القاسم: يتلوم له في الغيبة القريبة الأيام اليسيرة. ابن رُشْد: يريد: اليومين والثلاثة، والسماعان الأول على قول مالك للأول، والثاني للثاني، ولو شرط أنه يأخذ بحقه من شاء منهما، ففي أعمال شرطه مطلقًا ولغوه، ثالثها: في المطالبة أو ذي سلطان، ورابعها: إن كانت في العقد، وإلا فالثلاث لابن رُشْد عن مشهور قول ابن القاسم، وأشهب مع ابن الماجِشُون وابن كنانة، وثاني قولي ابن القاسم، وتأويل بعضهم عليه، وعلى الثانية في حمل الغريم على العدم أو الملا، نقل ابن رُشْد عن نوازل سَحنون وسماع يحيى ابن القاسم: ولو شرط المتحمل له قصر طلبه على الحميل، وإبراء الغريم ففي كون الشرط مطلقًا، أو إلا أن يموت أو يفلس الحميل، ولغوه مطلقًا بخلاف تقدم في الحوالة.

باب ما تسقط به الحمالة

[باب ما تسقط به الحمالة] والمعروف سقوط الحمالة بإسقاط المتحمل به. محمد: روى أشهب عن مشتر حميلا بالثمن: أيهما شاء أخذ بحقه فمات، فاقتضى ثلثي حقه من تركته فسأله ورثته أنه يحلله ففعل، فله طلب الحميل إن حلف وضع للميت. محمد: فيها شيء. وقال في موضع آخر: فيها نظر. وقال مالك فيمن له علي رجل حق بحمالة وحق بغير حمالة، فلم تف تركته بما عليه، فسأله الورثة أن يحلل الميت من بقية حقه، ففعل، ثم طلب الحميل فسأله الورثة أن يخلل الميت من بقية حقه، ففعل، ثم طلب الحميل، فقال، ما وصل إليه من مال الميت بين الحقين، ويحلف ما وضعت إلا للميت، ويغرم الحميل حصته من الدين. الصقلي: إنما يغرم الحميل ما هو باق على الغريم، فإذا سقط عن الحميل ولو غرم الحميل لم تكن فائدة غي تحلل الغريم؛ لأن الحميل إذا غرم رجع على الغريم. قلت: ومسألة في سماع أشهب. ابن رشد: هذه المسالة حاصلة لا يصح سقوط الدين على الغريم، ويبقى على الحميل؛ لأنه إنما يؤدي عنه ما وجب عليه، ويتبعه به. وقال ابن دحون: إنما لزمه الحميل من الدين الذي كان له بغير حميل، فيحلف ما حلله إلا دينه الذي كان بغير حمالة. قال: ولو كان الدين كله بغير حمالة فاخذ بعضه، وحلل الميت من الباقي، لم بكن له طلب على الحميل، وهو تأويل تصح به المسالة، ينبغي إن يحمل عليه، وان بعد من ظاهر اللفظ. قلت: هذا التأويل إنما يتوجه لو لم يرد عن مالك سقىوط الحق عن الغريم بسقوط

وفاء الحق على الحميل؛ إلا في هذه الصورة، وهذا جائز كما تقدم في «الموازية» من رواية أشهب فيمن أخذ بثمن سلعته حملاً حسبما تقدم فتأمله، وقول ابن دحون: وقبوله ابن رشد يدل على عدم ذكرهما رواية «الموازية» مع غيرها، ونقلها الصقلي والشيخ، وأقرب ما تأول الرواية على وجه يعم رواية «الموازية» و «العتبية» أنه إنما حلل الميت يعنى باعتبار طلب الأجرة؛ إذ لم يحصل لحقه من الحميل؛ لاحتمال عجزه عن القضاء؛ لأن عز الدين ابن عبد السلام قال: من مات مديناً أخذ لرب الدين من حسناته حتى تنفد، فان كان قد مات قادراً على القضاء أخذ من سيئات رب الدين، وطرحت عليه بقدر حقه، وان مات عاجزاً عن القضاء لم يطرح عليه من سيئاته، ثم رأيت هذا التأويل للمازري. وفي «الموازية»: إن قضى الحميل لغيبة الغريم، ثم قدم وأثبت قضاءه، فان سبق الحميل بعد حلول الدين تبع الغريم، واتبع الغريم الطالب، وان ثبت العكس لم يرجع الحميل إلا على الطالب، وان جهل الأول منهما فهو بالخيار، ولا الحميل إلا الطالب إلا أن يكون دفعه نقصاً من الحاكم بعد حلف الغريم أنه دفع قبل، فان نكل حلف الأول، وأغرم الغريم، فإن نكل؛ فلا شيء عليه، وموت الغريم ملياً يوجب تعجيل القضاء من تركته وموته عديماً لا يوجب على الحميل تعجيله، وفى كون موت الحميل توجب تعجيل الحق من تركته وارثه عند حلوله ووقفه لحلوله، فان حل والغريم ملي رد لوارثه، وإلا أخذه الطالب، روايتان لها، ولابن وهب وعبد المالك. الصقلي عن يحيى: هذه رواية سوء، القاضي: الأولى: على رواية تخيير الطالب في الغريم والحميل، الثانية: على عدم تخييره. الصقلي: بل الأولى على عدم تخييره؛ إذا لا فائدة في دفعه؛ لأنه إن حل والغريم عديم أخذه الطالب؛ وإلا يأخذه الوارث من الغريم كرده له حينئذ بعد وقفه مع احتمال تلفه في مدة الوقف، وتأخير الطالب الغريم. قال بن رشد في آخر سماع أشهب: إن أخره معدماً؛ فلا حجه لحميله، وان أخره ملياً فأنكر حميله ففي سقوط حمالته بقائها، ثالثها: إن أسقط الحمالة صح تأخيره، وإلا حلف ما أخره على بقائها وسقط تأخره، وان نكل لزمه، وسقطت الكفالة للغير فيها

وغيره، وابن القاسم فيما حلف ما أخره إسقاط للحمالة، ولزمت، فان نكل سقطت، هذا كله غي التأخير لا كثير واليسير لا حجة فيه للحميل، وتأخير الحميل فيها تأخير للغريم، إلا أن يحلف ما أردت تأخيره جار، فإن نكل لزمه التأخير؛ إذ لو وضع الحمالة كان له طلب الغريم، إن قال: وضعت الحمالة دون الحق، فإن نكل لزم تأخيره. عياض: أخذ من عدم انقلاب يمين التهمة، وأداء الحميل يثبت بالبينة، وإقرار الطالب، وإقرار الغريم لغو إن كان الدفع بغير خصومة، وسمع عيسى ابن القاسم: من دفع لحامل عنه بعشرة عشرة؛ ليدفعها للطالب فدفعها بحضرة الغريم، ولم يشهد عليه فجحدها الطالب غرمها الغريم ثانية، ولو دفعها في غيبة الغريم ضمنها حين لم يشهد على دفعها، ولو دفع من ماله بحضرة الحميل فجحدها الطالب غرمها الغريم ثانيا، فإن غرمها الحميل لعسر الغريم وغيبته لم يتبعه بها الحميل؛ لأنها مظلمة. ابن رشد: تفرقته في دفع الحميل بين حضور الغريم وغيبته صحيح على قولها في القراض في العامل يتبع ثمن ما ابتاعه بحضرة رب المال أو بغيبته، وقوله: إن غرمه الحميل لعسر الغريم او غيبته هو على سماع عيسى ابن القاسم في كتاب الاستحقاق فيمن استحق من يده عبد، فعلم انه من بلاد البائع، فيدخله من الخلاف ما في ذلك، وما دفعه من ماله بحضرة المطلوب في كون ضمانه منه أو من المطلوب قولا ابن القاسم في هذا السماع، لبراءته لحضرته، وقال بعضهم: سماع أبي زيد كقول ابن وهب وأشهب في مسألة الدابة تستحق، وسماع عيسى كسماعه فيمن استحقه عبد يعلم انه من بلاد البائع وليس بصحيح، اختلاف قول ابن القاسم حتى على من يتعين الإشهاد عليه هل هو على الدافع أو علي المدفوع منه، وقول ابن وهب وأشهب هو في مسألة أخرى. قلت: هي قولها في سماع عبد الملك: من اخذ دابة من مبتاعها ليثبت استحقاقها على من ضمنه في قيمتها إن هلكت قبل الاسحقاق بإذنه من يعلم انها ملكه فهلكت فغرم الضامن قيمتها له اتباعه بها، وإن كان يعلم انها ملكه. ابن رشد: حمل من ادركناه من الشيوخ هذا عل اختلاف قول ابن القاسم فيمن استحق من يده عبد يعلم انه من بلاد البائع أنه لا يتبعه بشيء، وقول سحنون نحوه،

وليس بصحيح؛ لأنه غرم منه ما ضمنه عنه بإذنه. وصلح الكفيل عن الغريم. اللخمي: يراعي فيه صحة أخذ ما يدفعه عن الدين وعن رأس ماله إن كان سلماً، فلو كان عن عين بما يقوم فجائز، ويغرم الأقل من الدين أو القيمة. المازري: اتفاقاً. وفي تخريج التونسي منعه من منع: محمد: دفع عرض عن ثوب من وهب عرض هبة ثواب مع أنه إنما يقضي للدافع بالأقل من قيمة العرض الذي دفع، وقيمة الموهوب؛ نظر لأنه هبه الثواب رخصة، وفي القياس على الرخص خلاف، ولأن الغائب في الثواب كونه أكثر من القيمة، وهو مجهول، والأقل عن مجهول. ابن رشد: غرراً من الأقل معلوم، ومجهول، والدين المحتمل به معلوم. قلت: وقول ابن زرقون: خرج التونسي فيما يرجع للقيمة قولا بالمنع، وعارضها، الصقلي وغيره بقولها: من أمر من يشتري له سلعه، فاشتراها بغير العين، فلو تركها، فان أخذها دفع له مثل الذي دفع لا الأقل، كقوله في الكفيل، فيحتمل أنه اختلاف قول، ويحتمل أنه يفرق بأن المأمور أمره المأمور أن يسلفه دنانير أن يشتري له بها فأسلفه المأمور عرضاً، والكفيل لم يأمر الغريم أن يسلفه حتى تطوع، واشترى له دينه بسلعه بعد بائعها له لا مسلفاً، ولو كان سأله أن يعطي عنه الدين فدفع فيه عرضاً جبر الغريم في دفع مثل العرض أو ما عليه من الدين، ويدخله الخلاف فيما إذا دفع عنه ما يقضى مثله، وقيل: معنى مسألة القرار رضي أن يدفع مثل ما وذي، يعني: إن كان مكيلاً أو موزوناً، وان كان قرضاً دفع قيمته كالحميل يصالح عن الغريم بعرض، وكمن ابتاع شقصاً بعرض للشفيع الأخذ بقيمه العرض لا بمثله، وان كان من عين نصفها ادني أو أجود، فقال الصقلي عن بعض الفقهاء: جائز لمتفق أن أحدا لا يختار إلا دفع الأخف عليه. وفيها: لو دفع ذهباً عن ورق رد، والحمالة بحالها بخلاف المأمور يدفع خلاف ما أمر به من العين.

وقد قال ابن القاسم في دفع المأمور والكفيل ذهباً عن ورق أو طعاماً أو عرضاً: الآمر والغريم مخيران في دفع ما عليه أو ما دفع عنه لتعديه، وهذا أصل متنازع فيه كثيراً. ابن رشد في رسم العرية من سماع عيسى: من قضى عن رجل دراهم عن دنانير أو بالعكس أو تمراً عن قمح من أمر المدين رجع عل من قضاه بما قضاه، وبقى الدين بحاله اتفاقا، فالفساد القضاء وإن قضاه بأمره، فإن قال: اصارفك لنفسي فيما لك من الذهب، وابتاع منك القمح الذي لك بهذا الثمن رجع بالدنانير والقمح، إن قال فيهما: صالحني بما ذكر غريمك رجع بما دفع إلا أن يشاء الآمر دفع ما عليه اتفاقاً فيهما، وإن وقع ذلك مبهماً دون بيان لأحد الآمرين، ففي حمله على انه مبتاع لنفسه أو مصالح قولا ابن القاسم، وقول بعضهم: تخير الأمر، قول ثالث غير صحيح، وحاصل الخلاف أن في منع القضاء وجوازه قىولان، بناء على إيجاب خيار الأمر العباد، ولغوه؛ لأنه حكمي. وفي رجوع المأمور والكفيل بدفع دنانير عن دراهم، وقمحاً عن تمر بما دفع إلا أن يشاء المطلوب دفع ما عليه أو بالدين، ثالثها ليرجع للكفيل بما أدى، والمأمور بالدين، وتفرقته في المدونة في احد اقواله بين الحميل والمأمور؛ لأن الحميل إنما تحمل على أدائه للطالب ما له على المطلوب، ويتبعه بها أذى على شرائه ما على المطلوب فوجب حمل أمره عند الإفهام على ما علم من قصده أولاً. الصقلي: عن محمد: الحميل بدنانير إن دفع عنها دراهم قبل الأجل لم يحل، وبعده الأجل جائز، ويخرج الغريم ما عليه بشتري به دراهم إن نقضت لم يكن للحميل غيرها، ولا شيء له في الفضل، فرجع ابن القاسم عن تخير الغريم قي دفعه دراهم أو دنانير، وقال: هذا حرام، وقاله أشهب. ابن رشد: في سماع يحيى: إن أدى عن دنانير دراهم أو قحماً عن ثمن، ففي جوازه قولان، وعلى الجواز ففي رجوعه بها بما تحمل الغريم فيه. وفيها: غرم عنه، قولان، وهذا معنى قولها: لا بربح في السلف، والقولان في كتاب الكفالة منها.

وفي منعه عن عين بمثلي وجوازها قولاً سلمها، وكفالتها بناء على تأثير الغرر فيها يرجع به الحميل؛ بتخيير الغريم لدفع ما عليه، وما أدى عنه، ولغوه؛ لأنه معروف. ابن زرقون: في جواز ظن العين مما هو من ذوات القيم، ولو كان جزافاً مثلياً لا بمثلى غير جزاف، ومنعه مطلقاً، ثالثها: الجواز مطلقاً لمشهور، وتخريج التونسي، وقولها في الكفالة. قلت لابن رشد في آخر رسم الأقضية من سماع يحيى: إن أدى من تحمل بدنانير عنها عرضاً، والبلد بتبايع فيه بدنانير جاز اتفاقاً للعلم؛ لأنه لا يختار إلا غرم الأقل، وفى منعه عن عرض بعين أو عرض مخالف له، سماع يحيى ابن القاسم، ولو أدى من تحمل عنه بعرض مثله من عدنه في رجوعه بمثله أو قيمته، ثالثها: تخيير المطلوب فيهما له على المشهور معها، وقوله في الواضحة وسماع أبى زيد: ولو قضى عن الحميل عن العرض فاشتراه، فسمع يحيى ابن القاسم يرجع عليه بالثمن ما بلغ ابن رشد اتفاقاً، ومعناه: لم يشتره بأكثر مما يتغابن فيه البيوع. قلت: ما عزاه في الواضحة عزاه. الصقلي: لأصبغ عن ابن القاسم: ولو أدى من تحمل بمثلي مثله إن أداه من عنده، وبمثله إن اشتره. وقال بعض القرويين: إنما يرجع بما يحلف شراءه؛ لأنه الغريم علم انه يشتريه، ولو تحمل عنه بغير إذن لما وجب له إلا الأقل من الثمن أو نفس ما عليه. وفى الموازية: لغارم ثمن طعام تحمل به أن يأخذ به من الغريم أي شيء شاء، برضاه بخلاف البائع، ومن أحاله البائع. وفيها من غيرها: إن تحمل اثنان فأكثر بقدر على غيرهم لا بقيد، فكل حميل بالجزء المسمى لعددهم، والقدر، ولو قال: أيهم شئت أخذه بحقي فقط؛ فله أخذ أجرهم بجميعه، ولا رجوع للغارم على من تحمل له بها غرم، ولو قال: ولبعضهم كفيل ببعض مع قوله: أيهم شئت أخذت بحقي أو دونه فان أغرم أحدهم دون الحق، ففي رجوعه.

عليه بنصف ما غرم كاملاً أو مسقطاً منه منابه في خاصته كدين عليهم تحملوا به قولان لابن رشد عن التونسي والموازية مع سماع أبي زيد، وهو الآتي على لغير ابن القاسم في مسألة الستة، وعزا عياض الأول لابن لبابة مع التونسي، والثاني: لمن ذكر مع كثير من الشيوخ الأندلس. ابن الحارث: لا تجوز حمالة المكاتب اتفاقا، ولو تحمل مع حق محق على ضرر بعيبه بما غرم عنه من ثمن ما ابتاعه، وبما يوجبه مساواته إياه فيما غرمه بالحمالة عن غيره، ثم في رجوعه عليه بذلك على مقتضى حال، إما بالغارم من لقيه فقط، أ, على مقتضى حال ما يجب على كل واحد منهم مع كل من غرم، لو لقيهم رب الحق مجتمعين قولا الأكثر، ونقل عياض حيث قال: لو لقى ثاني الستة ثالثهم. ففيها: يأخذه بخمسين قضاء عنه في خاصته، وبخمسة وسبعين نصف مائة وخمسين اداها بالحمالة فذلك مائة وعشرين، وعلى هذا حسب كل الفقهاء المسألة في التراجع بينهم، وقال أبو القاسم الطنيزي الفارض هذا غلط في الحساب، والواجب إذا التقي الثالث مع أحد الأولين أن يقول الثالث: نحن الثلاثة كانا اجتمعنا معاً، فاجتماع بعضها بعضاً، ولو اجتمعا معاً، كان المال علينا أثلاثاً علي منها مائتان قد غرمتها أنت وصاحبك عني خذ مائتك التي تقع لك، وادفع لصاحبك مائة إذا لقيته، وكذلك في بقية سائر المسألة. قلت: وقبله عياض وغيره، وهو غلط في التحفة؛ لأن ماله عدم غرم الثالث شيئاً بالحمالة؛ لأن جملة غرم على قوله في لقائه الثالث: مائه، وهي واجبة عليه فيما عليه بالشراء واستواؤهما في التزام الحمالة يوجب استواؤهما في الغرام بها، واستواؤهما فيه يوجب رجوع الثاني علي الثالث بما قاله الفقهاء.

باب المضمون

[باب المضمون] المضمون: ما يتأتى نيله من الضامن أو ما يستلزمه فيدخله الوجه، وكل كلي؛ لأنه الجزئي الحقيقي كالمعين من غير المعين؛ ولذا جازت بعمل المساقاة؛ لأنه كلي حسبما دلت عليه أجوبتها مع غيرها، وتوقف فيها بعض المفتين. وفيها: لايجوز الكفالة بها ابتعته من شيء بعينه، وتجوز بها أدركه من درك في المبيع، فيغرم الثمن حين الدرك في غيبة البائع وعدمه، ولشرط خلاص السلعة؛ لم يجز الكفالة، ولم تلزم. قال غيره تلزمه، فعليه الأقل من قيمة المبيع يوم الاستحقاق أو الثمن. قال ابن القاسم: إن شرط المبتاع على البائع خلاص السلعة في الدرك، وأخذ منه كفيلاً بذلك بطل المبيع والكفالة كمن باع ما ليس له، واشترط خلاصه على اشتراطه ولو عقد البيع على اشتراطه فسد البيع. عياض: حمل بعضهم أول الكلام على أن الكفالة لم تشترط في العقد فصح، وفي آخره على اشتراط فيه ففسد، وقيل: إنما تعرض أولا للزوم الكفالة وسقوطها، وأخرى على جواز البيع وفساده، وقيل: في جوازه بلزوم سقوط الشرط، وتخييره في التماسك به، فيفسد البيع وإسقاطه فيصح قولان.

والجزئي غير الحقيقي كالكلي في ثاني نكاحها، والرواحل منها من ابتاع سلعةً بدراهم بعينها غائبة؛ لم تجز إلا أن يشترط عليه بدلها إن كتبت، ومن ادعى دابة بيد رجل أراد وقفها بشبهة أتي بها بترك وقفها إلى إثبات بضامن ما جاء فيها، وأخرجت للراعي فهاتت ضمانه إياها قولا سحنون في نوازله، ونقل ابن رشد عن أصبغ بناء علي ظاهر اللفظ، والمعني وهو الأظهر؛ لأن المعني ضمان ما يغشى ممن هي بيده من تغيبها أو هروبه. قلت: هذا يشبه ضمان المعين. عياض: هي الجنايات والحدود والقصاص، وعقوبات الأبدان لا يصح، لأصبغ في الواضحة في الفاسق المتعسف بالقتل، وأخذ المال يعطي حميلا بما اجترم من قتل، ومال فأنه يلزمه ويأخذ مما يؤخذ به إلا أنه يقتل. قال فضل: انظر هل أراد أنه يؤخذ بما اجترم من المال إلا القتل والجراح، أو يؤخذ بالدية في القتل؟. قال عياض: فعلي هذا هو مذهب التي الذي يلزم الحميل بالنفس في القتل والجراح، أو لم يأت به ودي دية المقتول وأرش الجراح. اللخمي: المطلوب بحق الله لا يترك بحميل، كالحامل من زنى تسجن، وإن كان ذلك بإقرارها فالأمر واسع؛ لأن لها إن ترجع، واختلفت الأحاديث في الغامدية في بعضها أمرها رسول الله صلي الله عليه وسلم بالانصراف حتى تضع، وفي بعضها أنه كفل بها، واختلف هل الهروب رجوع، وهل يقبل الرجوع دون عذر؟ فمن أجازها يجيز الترك بغير حميل، ومن تحمل بطلب من ثبت عليه حد هروبه، فإن ثبت بينة أزام الوفاء بالحمالة، وإن ثبت بإقراره طلبه على الخلاف، وحميل المتحمل به مانع اتفاقا، وحمل وقت الحمالة بالحق. قال اللخمي: إن تحمل بعرض أوثمن مبيع ففي عقد بيعه بخروج العطاء جاز، وتختلف إن كان في عقده، والثمن لأجل معلوم، إن كان البيع والحمالة بخروج العطاء.

فسد البيع إن لم يكن المشترى من أهل الديوان، وان كان من أهله، فكرهه مالك مرة، وخففه أخرى لحاجه الجند إلى القيمة، وجهل بقدره بشرط ما يسقطه. قال ابن الحارث فيه: إن شرط الحميل تقرر انه إن مات؛ فانه لا شيء على ورثته، وان مات رب الدين؛ فلا شيء على الحميل، جاز اتفاقاً، وان كان في عقد بيع ففي فسخه وسقوط الحمالة، وصحة سماع أصبغ ابن القاسم وقوله. قلت: في نص السماع: فال أًصبغ: أرى جوابه هذا على عجلة، وغير علم بالمسألة، وأنه أجاب جواب غيرها مما سبق على ظنه بها، وإلا فلا. ابن رشد: في فساد البيع مع سقوط الحمالة وصحتها وصحة البيع، وسقوط الحمالة رابعها: عكسه لابن القاسم وأصبغ وغيرهما، والخلاف فيه كالبيع على رهن فاسد حسبما مر، وقول بعض أهل العلم: النظر قول ابن القاسم هذا خلاف قولها باجازه البيع على رهن ذي غرر كالثمر قبل بدو صلاحه غير صحيح؛ لأن غرره الثمرة لا بصنعهما، وغرة الحمالة بصنعها، وهذه المسألة من غريب المسائل على مذهب ابن القاسم؛ لأنه يجيز الحمالة إن انفردت عن البيع ويبطلها ويفسد البيع إن اشترطت في أصله وفرق أشهب بين الرهن والحمالة الصحيحين من أصل البيع الفاسد، فأبطل وجعل الرهن رهناً بالأقل من الثمن أو القيمة، وابن القاسم يبطل الرهن والحمالة في أحد أقوالة، ومن تحمل لفلان بما له على فلان لزم غرم ما أقر به فلان بإقراره، ووقفه على ثبوته ببينة نقلا اللخمي قولا ابن القاسم في الدمياطية والمدونة، قال: والأول أحسن في البزاز فيما العادة فيه في المداينة فيه بغير بينة، وسمع عيسى رواية ابن القاسم: من قال: أنا حميل بما بويع به فلان؛ لم يلزمه شيء مما بويع به إلا ببينه لا بإقراره وكذا من شكا إليه مطل رجل، فقال: ما عليه علي لم يلزمه ما أقرب به المطلوب إلا ما ثبت ببينه أن يداين بمثله المحمول عنه، ولا خلاف فيه عندي، ولا في مثله الشكوى، وقال من أدركنا من الشيوخ هاتان المسألتان، خلاف دليل قولها فيمن قال لي: على فلان ألف درهم، فقال الرجل: أنا بها كفيل، فأنكر فلان أنه لا شيء انه لا شيء على الكفيل إلا ببينة على الحق؛ لأنه الذي عليه الحق قد جحده، فقوله: لأن الذي عليه الحق قد جحده يدل على أنه لو أقر لزمته الحمالة، وليس بصحيح، لأن المسألتين مفرقتان من قال لمن قال: لي على فلان

ألف درهم أنا بها كفيل؛ لزمته الكفالة بإقرار المطلوب اتفاقاً، ولو قال لي: على فلان حق، فقال الرجل: أنا به كفيل، لم تلزم الكفالة بما أقر به المطلوب وأخذه ذلك من دليل قولها، لأن الذي عليه الحق قد جحده، فإن عيسى سمع مثله خلاف نقل ابن رشد، الاتفاق على عدم لزومه، وفي دعواه الفرق دون بينة نظر؛ لأن رد مستدل عليه بدعوى عرية عن دليل لغو، وإنما اختلف فيمن قال: أنا كفيل لفلان بألف دينار له على فلان في غرمها الكفيل، ولو أنكرها المطلوب، ثالثها: إن كان عديماً، وعلى الأول: لا يلزم المطلوب غرم المحيل إلا ببينة بالحق لسماع يحيى ابن القاسم مع كتاب ابن سحنون، ورواية أشهب، وما يقوم من قول ابن القاسم في أول رسم من سماعه من كتاب الشهادات حسبما تقدم. قلت: في الشفعة منها: من تكفل بنفس رجل، ولم يذكر ما عليه جاز، فإن غاب المطلوب، قيل: للطالب أثبت حقك ببينة، وخذه من الكفيل، وإن لم تقم بينة، وقال لي: على المطلوب ألف درهم؛ فله أن يحلف الكفيل على علمه، فإن نكل حلف الطالب، واستحق. قلت: انظر هذا مع متقدمي قول ابن رشد: تلزمه الكفالة بما أقر المطلوب إلا ببينة قولاً واحداً. الصقلي: ولا يرجع الحميل على الغريم بما حمل بنكوله إلا أن يقر الغريم؛ فللكفيل أن يغرمه، فإن نكل غرم. قلت: وعرضت بمسألة النكاح الأول في الرسول يضمن الصداق عمن أرسله إلى امرأة يخطبها، فأنكر العدد الذي عقد به فلم يضمن ابن القاسم الرسوم وضمنه غيره. ابن عبد السلام: وللشيوخ كلام في قول الغير: إنما يلزمه ما يشبه أن يداين بمثله المحمول عنه هل هو تفسير أو خلاف. قلت: لا أذكر من حمله على الخلاف؛ بل نص. الصقلي: وابن رشد على أنه وفاق. وفيها: لو رجع القائل دائن فلاناً، وأنا به حميل، فقال: قبل أن يداينه: لا تفعل قد بدا لي في الحمالة؛ فذلك له بخلاف قوله: أحلف وأنا ضامن، ثم رجع قبل حلفه، لم

ينفعه رجوعه؛ لأنه حق وجب عليه، ففرق عبد الحق بأنه في الحمالة لم يدخله في شيء، والآخر ادخله في ترك الغريم ورفع طلبه، ولأن حلف الطالب هو مستقل به، والمعاملة لا يستقل بها بنفسه، ولأنه في الحلف ضمن شيئاً وجب، وفي المعاملة لم يجب بعد. اللخمي: إن سمى القدر الذي يداين به؛ لم يكن له عنه رجوع، ويختلف أن أطلقه، فقال ابن القاسم: له أن يرجع، واختلف قول مالك في هذا الأصل إذا أكرى مشاهرة، فقال مرة، لا يلزمه شيء؛ لأنه لا غاية له، وألزمه مرة شهراً، وكذا اختلف فيمن أعار أرضاً، ولم يضرب أجلاً هل تلزم العارية لمدة ما يرى أنه يعار إليها أو لا تلزم، وعلى أحد القولين يلزمه ذلك إلا أن يداين بمثله هذا، وإن داينه بأكثر من مداينة مثله مرة بعد مرة لزمه أولها، وسقط ما فوقه، وإن عامله بأكثر وأخذ فوق ما يعامله به مثله سقط عن الكفيل المطالبة بجميع ذلك. وسمع عيسى رواية ابن القاسم من ترك مالا لم يدر قدره فتحمل ولده لغرمائه ديونهم على أن يخلوا بينه وبين التركة، فإن كان على أن يختص بفضل التركة عن الدين دون الورثة لم يجز، وإلا جاز؛ لأنه معروف، وهذا من أمر الناس، وفي سماع ابن القاسم من كتاب المديان: لو كان الدين ثلاثة أمثال التركة وورثه ولده فقط، فطلب تأخيره الغرماء سنتين على أن يضمن على دينهم لا بأس به، وبلغني مثله عن ابن هرمز ابن دحون، هذه المسألة رديئة، إلا أنه تبع فيها ابن هرمز؛ لأنه أخذ عيناً ليعطي إلى أجل أكثر منها، ولأنه ضمن ما يطرأ على أبيه من دين مجهول أو يطرأ دين لزمه، ولو شرط أنه لا يؤدي إلى دين من حضر لم يجز؛ لأن الغائب إذا قدم أخذ حظه من التركة ابن رشد هذا غير صحيح؛ إذ لا يجوز عند أحد من العلماء تقليد عالم لعالم فيما يراه باجتهاده أنه خطأ، إنما اختلفوا هل له ترك النظر في نازلة ليقلد من نظر فيها واجتهد، أم لا؟ ودليل مسائل مالك أن ذلك لا يجوز، فلم يتابع مالك ابن هرمز من دون نظر؛ بل أجازها بنظره، وحكى قول ابن هرمز احتجاجاً لصحة نظره، ووجهه أن المتروك لم يدخل في ضمان الغرماء، فيكونوا دفعوه فيما هو أكثر؛ لأن ذلك لو تلف كان من الميت، ولما كان باقياً على المتوفى؛ جاز أن يحل وارثه محله، والميت لو فلس ففعل ذلك مع الغرماء؛ جاز كذلك وارثه؛ ولذا لم يجزه مالك لأحد الورثة

إلا على الفصل بينهم لا له وحده. وفيها: لا تجوز كفالة بكتابة، ومن عجل عتق عبده على مال جازت الكفالة به وكذا من قال لرجل: عجل عتق مكاتبك، وأنا بكتابته كفيل، وله اتباع المكاتب بذلك. اللخمي: تجوز بالكتابة على أصل المذهب لإجازته أن يعطى رجل سيد عبد مالاً على أن يكاتبه، وهو لا يدري أيعتق أم لا؟ فكذا إذا لم يكاتبه سيده إلا بالحمالة، ولو كانت الكتابة نجماً واحداً، وقال الكفيل: حتى للأجل، وعجز وديته عنه جاز قولاً واحداً، وكذا إن قال سيده: قف عليه كل نجم فعجزه لأخر نجومه، فإن جيء لأجلها غرم كل ما عجز عنه وكان حراً، وإن مات قبل ذلك لم أتبعه بشيء. وقال المازري إثر قوله: تخريج اللخمي على قول أشهب: هذا التخريج قد يقال فيه: من كاتب عبده على حميل بالكتابة أعطاه حميلاً بدين قد لا ثبت، وإنما تكون الحمالة بما يثبت، ومسألة أشهب إنما دفع له مالاً على أن يستأنف كتابة، ويسقط حقه في بيع العبد، وهذا مما ينظر فيه لإشكاله. قلت: إنما يقرر التخريج لو كانت علة المنع غرر ثبوت العتق وعدمه، وليس كذلك؛ إنما هي عدم تقرر ثبوت المتحمل. فإن قلت: المعنى في عدم ثبوتها أنها قد تؤدى إلى عدم الحميل دون رجوع على أحد؛ لاحتمال عجز المكاتب بعد غرم الحميل حال المانع؛ لأنه إذا قال: لا يرجع به على أمر الحصول وعدمه، وهذا في مسألة أشهب موجود. قلت: المقصود في مسألة أشهب محقق الحصول، وهو نفس الكتابة لا المقصود منها، وهو العتق في الحمالة في الكتابة المقصود منها العتق، وقد لا يحصل فيؤدي لغرم المحلل مجاناً، وافتقارهم للتخريج، والبحث فيه يدل على عدم وجود هذا القول المخرج منصوصاً، وللصقلي في آخر كتاب المكاتب عن ابن عبد الحكم: لا بأس بالحمالة بالكتابة، كما لو تحمل رجل عن عبد غير مأذون في التجر بمال أو غير المولى عليه بشيء اشتراه أحدهما أن ذلك يلزمه، وإن ذهب ماله باطلاً؛ لأنه رضي بذلك. قال الصقلي: ولا أعلم أن لي بهذا القول رواية ابن شاس: لا يجوز ضمان الجعل في الجعالة إلا بعد العمل، وتبعه ابن الحاجب: ولا أعرفه لغيرهما، وفيه نظر الغزالي في

ضمان الجعل من الحمالة وجهان، ومقتضى المذهب عندي الجواز لقولها مع غيرها بصحة ضمان ما هو محتمل الثبوت استقبالاً وقد تقدم، وتوجيه ابن عبد السلام نقل ابن الحاجب بقوله؛ لأن الحمالة قبل العمل ليست بعقد منبرم، فأشبهت الكتابة يرد بأن حمالة الكتابة تؤدي إلى الغرم مجاناً، حسبما تقدم؛ لأنها ليست ديناً ثابتاً، والجعل متى غرمه الحميل رجع به؛ لأنه بعد تقرره دين ثابت. والحمالة: بالوجه جائزة ولو بوجه منكر. فيها: من ادعى على رجل حقا فأنكره فتحمل به رجل آخر إلى غد على إن لم يأت به ضمن المال، فلم يأت به لم يلزمه حتى يثبت الحف ببينة حكمها لزوم إحضاره حيث يقدر الطالب عليه. فيها: إن دفعه بموضع لا سلطان فيه، أو حال فتنة أو مفازة، أو حيث يقدر على الامتناع فيه إلا بما يمتنع في الموضع الذي ضمنه فيه. اللخمي: إن كان المطلوب مقراً حين الحمالة صح تسليمه حيث لا بينة، وإن كان حينئذ منكراً، وأخذ الحميل عليه لإقامة البينة؛ لم يبرأ بتسليمه حيث لا بينة، وإن اشترط إحضاره ببلد، فأحضره بغير، حيث تأخذه الأحكام، ففي براءته نقلا ابن عبد الحكم، وتخريجها المازري على شرط ضمان ما لا يفيد نظر، ولو خرب الموضع المشترط فيه حضوره ففي براءته بإحضاره فيه نقلا ابن عبد الحكم. وفيها: لو دفعه له وهو في السجن برئ؛ لأنه يحبس له بعد تمام ما حبس فيه. الباجي: ولو كان حبسه في دين أو دم أو غيره، ويكفي قوله: برئت إليك منه، وهو في السجن فتناوبه اللخمي، كان سجنه في حق أو تعدياً. قلت: في التعدي نظر؛ لأنه مظنة لإخراجه برفع التعدي عنه. الباجي: شرط الإحضار كونه من المبيع أو وكيله على ذلك، وإحضار أجنبي لغو. وفيها: وكذا لو أشهد الغريم أنه سلم نفسه إليه ضمن الحميل. زاد في الموازية: إلا أن يأمره الحميل بذلك، فيكون كوكيل الحميل على ذلك، وهو إذا لم يرض الطالب قبوله إلا بتسليم الحميل، ولو قبله برئ كمن دفع ديناً عن أجنبي للطاب ألا يقبله إلا بتوكيل الغريم، وله قبوله إلا أن يكون كوكيل الحميل على ذلك،

وهذا أن يكون الحميل أنكره بدفع نفسه إليه، فإن أشهد بذلك أحداً برئ الحميل. الباجي: سمع حسين بن عاصم، ولو شرط الحميل على الطالب إن لقيت غريمتك فتلك براءتي برئ بلقائه بموضع يقدر عليه. المازري: المشهور عدم سقوطها، بتسليم الغريم نفسه للطالب؛ لكن محمد قال: المازري: المشهور عدم سقوطها، بتسليم الغريم نفسه للطالب؛ لكن محمد قال: إلا أن يكون الحميل أمر الغريم بذلك، فجعل هنا، مقابل المشهور قول محمد، وظاهر كلام الباجي أن قول محمد، وفاق ثم صرح المازري عن ابن عبد الحكم ببراءة الحميل بتسليم الغريم نفسه لا بقيد النيابة عن الحميل. قال: واختاره بعض أشياخي، وزاد: إن تمكن الطالب من الغريم بحضوره بين يديه، وعدم امتناعه يبريه. قال: وفيه نظر. قال: إلا أن تقوم قرينة بإسقاطه الكفالة، والمشهور بطء إحضاره عديماً للمازري. روى ابن الجهم: لا يبرأ إلا بإحضاره ملياً، وعبر عنه عياض، بقوله: روى ابن الجهم أنهما كحمالة المال، سواء تلزمه في كون ذلك، وزاد اللخمي في رواية ابن الجهم قال: لأنه تحمل وقت يسره، فيأتي به وقت عسره، فأتلف عليه ماله، والأول أبين إن كان معسراً وقت حلول الأجل، وإن كان ملياً، وأتى به معسراً لزمه المال، إلا أن تكون الحمالة بمال حال، وإن لم يتحمل ليؤخره. قلت: ففي براءته بمطلق إحضاره أو بقيد كونه ملياً، ثالثها: بقيد كونه مساوياً لحاله وقت ضمانه، ورابعها: لحلوله وقت الدين للمشهور، ونقل عياض ورواية ابن الجهم، ونقلها اللخمي، واختياره. وفي غرمه ما عليه بعجزه عن احتضاره قولان للمشهور، ونقل اللخمي مع غيره عن ابن عبد الحكم، وعلى المشهور في تعجيل غرمه بعد احتضاره نقل الصقلي عن ابن وهب، والمشهور، وقال الباجي: في قول ابن وهب لعله يريد من بعدت غيبته، وعلى التلوم في كونه يومين أو ثلاثة أو فيهما ونحوه نقلا لابن رشد عن سماع يحيى ابن القاسم، وقولها: قلت: إن لم يأت به والغريم حاضر أو قريب الغيبة مثل اليومين أو اليوم تلوم له، وإن بعدت غيبته غرم الحميل مكانه، ولما حكى الصقلي قول ابن وهب،

قال: قال بعض فقهائنا: ما في المدونة أشبه؛ لأن التلوم الحاضر ثلاثة أيام ونحوها، فإن كانت غيبته يوماً تلوم له ثلاثة يوماً لخروجه ويوماً للإقامة، ويوماً لمجيئه، وإن كانت غيبته ليومين؛ صارت مدة التلوم يومين لذهابه، ويومين لمجيئه، ويوماً لإقامته فيكثر التلوم. قلت: هذا التقرير ينافي قولها: يتلوم في الغائب على يومين إلا أن يحمل قولها على التلوم لرجاء القدوم لا للخروج لإتيانه به، فتأمله، وكذا نقل ابن رشد في قدر التلوم ما يقدم فيه، فيه نظر؛ لأن ذلك القدر إنما وقع في السماع، وفي المدونة: حداً للغيبة التي يتلوم فيها، لا حداً لمدة التلوم، ونص السماع: إن كانت غيبته قريبة اليوم، واليومين، ولثلاثة، ولا يضر بالطالب أخذا على قدر ما يرى الإمام. اللخمي: هذا يقتضي أن يؤخر سبعة أيام سيراً، ورجوعاً وطلباً، وقوله: ما لا يضر بالمتحمل له حسن ليس الطالب المقيم كالمسافر. قلت: ففي حد التلوم في قريب الغيبة ثلاثة أيام أو يوم ونحوه، وسبعة أيام، ورابعها: بحسب حال الطالب فيما لا يضر به، لنقلي ابن رشد ونقل اللخمي، واختياره، وعلى طريقة المازري. قال المازري: قدر التلوم يوم ونحوه، وقيل: يومان، وقيل: ثلاثة، واختار بعض الأشياخ يوماً واحداً. خامسها: يومان. وسادسها: يوم فقط. اللخمي: إن أمكن من الخروج لطلبه؛ فللطالب أخذه بحميل خوف عدم رجوعه إلا أن يرى أن مثله لا يخشى منه ذلك، فإن لم يرفع أغرم الحميل الثاني، ولو حكم بغرمه وأحضره قبله ففي سقوطه نقلا الصقلي عن سحنون، وقولها: ولم يضر. اللخمي: الثاني: إلا لابن الماجشون، قال: وأرى إن قدم معسراً، وكان يوم حلول الدين موسراً مضى الحكم، وإن كان حينئذ معسراً رد الحكم، ولو دفع الحميل المال رد له، وإن كان في اليومين موسراً مضى الحكم، وهو كحميل بمال، واختلف هل يبرأ

بالحميل أم لا؟ ولو أثبت الحميل فقر الغريم في غيبته ليسقط حمالته، فقال المازري: يجري سقوطها بذلك عندنا على قولين؛ لأن حلف الغريم لو حضر مع البينة على فقره يمين استظهار لتهمته على أنه أخفى مالاً يمين التهمة ليس لها من القوة ما لا للأيمان، واختار بعض أشياخي سقوطها بذلك؛ لضعف يمين الاستظهار. وفي سقوطها بموت الغريم مطلقا، أو ما لم يمت في غيبته لو كلف الحميل إتيانه به قبل موته، وقبل حلول أجل الدين عجز عنه قولان لها مع الصقلي، فاعتبار الأولى، من خروج الحميل وإتيانه بالغريم بناء على اعتبار امتناعه، وفي الثاني من اعتبار إتيان الغريم فقط، بناء على عدم امتناعه، وقول ابن الحاجب: وعن ابن القاسم: إن مات بعد الأجل لزم. وإن قلت: غيره فاطرحوه وهم. وفيها: لو غرم الحميل، ثم أثبت بينة موت الغريم في غيبته قبل القضاء رجع بما غرم على رب الدين. المازري: وفي سقوط الحمالة بموت حميل الوجه، وتعلقها بتركته قولا ابن الماجشون، والمشهور بناء على قصر تعلق الحمالة على عين الحميل، أو بذمته، وعلى المشهور لو مات الحميل قبل الأجل؛ برئ الورثة بإحضاره. محمد: ويكفي إحضاره بعض الورثة، وتعقب بعضهم سقوطها بإحضاره قبل الأجل؛ لأنه لا يفيد الطالب؛ ولذا لا يبرأ الحميل بذلك. المازري: لعل محمداً يرى حلول الأجل في الموت بموت الحميل كحميل المال، وأن تأخير الطلب بها يوجب تعلقه بالتركة إن عجز عن إحضاره حين الأجل، فيلزم تأخير قسم التركة، وهو ضرر بالورثة، وللتونسي في شرح الموازية إثر نقله منها قول عبد الملك. قال محمد: يقال للورثة: جيئوا بالذي عليه الدين وإلا ضمنتم. قال التونسي: لم يذكر متى يجيئون به، ولعله أراد عند حلول الجل. قلت: لو أراد عند حلول الأجل لقال: وإلا غرمتم، ولم يقل وإلا ضمنتم. اللخمي: الصواب أنه لا يبرأ الميت بإحضار الغريم قبل حلول الجل، ويوقف

من تركته قدر الدين، فإن كان الورثة مأمونين وقف في ذمتهم. وحمالة الطلب لا توجب غرم مال صيغتها حميل يطلبه، ويبرأ دفعه، ومثله قوله مع سماع أبي زيد ابن القاسم إن قال: حميل الوجه أطلبه، فإن لم أجده برئت من المال. وفي المقدمات عن الموازية: قائل لا يضمن إلا وجهه لا يلزمه مال. ابن رشد: وفيه نظر لا فرق بين قوله أنا ضمان لوجهه. وقوله: لا أضمن إلا وجهه. وفي ضمان الوجه عليه: ومن ضمن الوجه؛ ضمن المال، كما لا فرق بين قوله: أسلفني فلان ألف درهم، وقوله: ما أسفلني إلا ألف درهم في وجوب الألف درهم، وإنما يصح قوله: إن كان لكلامه بساط يدل على إسقاط المال، مثل أن يقال: تحمل له بوجه، فلان فإن جئت به برئت من المال، فيقول: لا أضمن إلا وجهه وشبه ذلك. وفيها: لغير ابن القاسم زيادة على قوله: إلا أن يمكنه بعد الأجل إحضاره ففرط فيه حتى أعوزه، فهذا قد غره، ومثله في سماع أبي زيد إن لم يحضره. قال أشهب: أراه ضامناً إن أخره ثم خلاه. اللخمي عن ابن الماجشون: إن قدر على إحضاره فتركه حتى غاب فقد غر، وقال في المبسوط: هو ضامن. ابن القاسم: إن لم يعرف. ابن رشد: فيها مع غيرها: إنما عليه إن غاب عن موضعه أن يذهب إليه إن كان قريبا، وليس ذلك عليه إن كان بعيداً، ولا يطلبه إن جهل موضعه. اللخمي: لابن القاسم في الموازية: إن لم يعرف موضعها لم يسجن فيه إلا أن يتهم بمعرفة موضعه، فيسجن على قدر ما يراه السلطان، ويرجى له الرد على صاحبه. اللخمي: إن قوي دليل تهمته بمعرفة مكانه، لد من طلبه وإظهاره، فأغرم المال كان له وجه. قلت: في السماع المذكور إن قامت بينة أنه خرج وأقام بقرية ثم رجع، ولم يصل إلى الغريم سجن على قدر ما يرى السلطان وأما ضمان المال؛ فلا. ابن رشد: في حد القرب الموجب طلبه بما يرى أنه يقدر عليه أو بأسفار الناس غير

النائية جداً، ثالثها: بيومين، وما لا مضرة فيه، ورابعها: يتلوم له الأيام، فإن لم يأت به حبسه حتى يأتي به، لابن رشد عن سماع أبي زيد، ولابن عب دالحكم عن ابن الماجشون في الواضحة قائلاً ابن حبيب: والشهر ونحوه من أسفار الناس كثيراً، وأصبغ وفضل عن ابن عبد الحكم. لت: وفي السماع المذكور إن كانت غيبة الغريم لا تعرف لم يكلف الحميل، وإن كان ببلد يقوى مثله على السيرله؛ لزمه، فإن خرج حتى قدم، فقال: لم أجده، وقال الطالب: من يعرف بلوغه الموضع، فإن غاب قدر ما يبلغه صدق، وإن ضعف عن الخروج للموضع الذي نحاه الطالب؛ لم يلزمه. اللخمي: هذا كقوله في الأجير على تبليغ كتاب، وخالفه غيره في الأجير، ويلزم على قوله: أن يكلف الحميل إثبات وصوله، ولما ذكر المازري تخريج اللخمي على قول الغير، قال: وفيه نظر؛ لأنه يريد أن يثبت بدعواه ديناً في ذمة، والدين لا يثبت إلا ببينة، والحميل لا يريد إثبات دين في ذمة، إنما يريد إثبات براءة من الطلب، ولا يمكن إقامة بينة عليه، فكان الغريم والطالب دخلا على تصديق الحميل، فهذا ينظر فيه. وفيها: من أخر مدينه قبل حلول أجله لأبعد منه برهن أو حميل؛ لم يجز. قال: والرهن والحمالة ساقطان. الصقلي: لو كان الرهن في أصل العقد كان أحق به كقولها فيمن أخذ رهناً بثمن أو قرض على أنه إن لم يفتكه فالرهن له لم يجز، وهو أحق من الغرماء، وفي الموازية: إن مات أو فلس في الأجل سقطا، وفي الثاني: سقطت الحمالة فقط. الصقلي: هذا على قول أشهب: الرهن بجعل جائزا، ولأنه بدخول الأجل. الثاني: صار كرهن في عقد، وهذا أشبه، ولابن القاسم ثبوت الحمالة بعد الأجل الأول؛ لأنه كمن خرج من يده شيئاً؛ لاحتمال قدرته حين حل الأجل على أخذ حقه. اللخمي: إن أراد إن لم ينقص ذمة الغريم عن حالها يوم الحمالة فهي ساقطة، وإن نقصت فعلى الحميل للقدر الذي نقص له كان التأخير إعطائه حميلاً ببدل، فقال: أجله إليه جائز مطلقاً، وإلى أجل دونه، والدين عين أو عرض كذلك، فإن كان عرضاً من بيع، والقصد نقع الطالب بالتعجيل؛ جاز، ولنفع المطلوب بإسقاط الضمان؛ لم يجز،

وأعطاه بعد حلوله لتأخير، والغريم موسر جائز، وكذا إن كان معسراً، والتأخير لم يرى أيسره إليه أو بعده. وفي جوازه لما يرى اليسرة إليه أو قبله، قولا أشهب وابن القاسم: إن كان بالبعض؛ فالحمالة به ليؤخره جائزة، وكذلك ما هو به معتبر على تعجيل ما هو به موسر، وعلى تأخيره لا يجوز. قلت: وهو معنى قول ابن الحاجب، وإن كان موسراً بالبعض؛ جاز ضمان أحدهما دون الجميع. ابن عبد السلام: وفيه نظر إذا فرضنا أن حاله في العسر لا ينتقل لليسر في ذلك الأجل؛ لأنه لو كان موسراً بالجميع؛ لجازت المسألة، ولو كان معسراً لا يقدر على قضاء شيء من دينه؛ لجازت المسألة أيضاً. قلت: لا يخفى على منصف سقوط احتجاجه على ما زعمه من النظر؛ لنه إذا كان معسراً بالجميع فلا عوض عن الحمالة بوجه، وإن كان موسراً بالبعض؛ فالعوض عنها موجود، وهو تأخيره بالبعض الذي هو به موسر يدخله ضمان بجعل، وسلف جر نفعاً حسبما قرره غير واحد. اللخمي: من قيد حمالته بعسر الغريم أو جحده أو لدده أو غيبته أو موته لم يلزمه إلا ثبوت الشرط، فلو علقه بغيبته فحل الأجل وهو حاضر مقدور على طلبه، ففرط طالبه حتى غاب سقطت الحمالة، ولو قال: إن جحد أو افتقر؛ لم يلزمه إن غاب.

باب صيغة الحمالة

[باب صيغة الحمالة] صيغة الضمان: ما دل على الحقيقة عرفاً. فيها: من قال: أنا حميل بفلان، أو زعيم، أو ضامن، أو قبيل، أو هو لك عندي، أو إلي أو قبلي؛ فهي حمالة لازمة إن أراد الوجه لزمه، وإن أراد المال لزمه. عياض: ومثلها: قبيل، ودين وعزيز وضمين، وكوين، وفي حمل لفظها المبهم العاري عن بيان لفظ أو قرينة عن المال، والنفس نقلا عياض عن شيوخنا. ابن رشد: الأصح الأول لقوله صلى الله عليه وسلم: «الحميل غارم».

[كتاب الشركة]

[كتاب الشركة] الشركة: الأعمية تقرر متمول بين مالكين فأكثر ملكًا فقط، والأخصية بيع ملك كل بعضه ببعض كل الآخر موجب صحة تصرفهما في الجميع، فيدخل في الأولى شركة الإرث والغنيمة لا شركة التجر، وهما في الثانية على العكس، وشركة الأبدان والحرث باعتبار العمل في الثانية، وفي عرضه في الأولى، وقد يتباينان في الحكم شركة الشريك بالأولى جائزة، وفي عرضه في الأولى، وبالثانية ممنوعة.

فيها: ليس لأحدهما أن يفاوض شريكا دون إذن شريكه، وله أن يشاركه في سلعةٍ بعينها دون إذنه، وقول ابن الحاجب: أذن في التصرف لهما مع أنفسهما قبلوه ويبطل طرده بقول ملك شيء لغيره أذنت لك في التصرف فيه معي وقول الآخر له مثل ذلك، وليس بشركة؛ لأنه لو هلك ملك أحدهما لم يضمنه الآخر، وهو لازم الشركة، وينفى اللازم نفي الملزوم وعكسه بخروج شركة الجبر كالورثة، وشركة المتايعين شيئًا بينهما، وقد ذكرهما إذ لا إذن في التصرف لهما؛ ولذا اختلف في كون أحدهما كغاصب أم لا، سمع ابن القاسم ليس لأحد مالكي عبد ضربه بغير إذن شريكه إن فعل ضمنه إلا في ضرب لا يعطب بمثله أو ضرب أدب. قال أَصْبَغ: يضمنه مطلقًا ولو بضربة واحدة كأجنبي. ابن رُشْد: رأى مالك شركته شبهة تسقط الضمان في ضربه الأدب، وهو أظهر من

قول سَحنون؛ لأن ترك ضربه أدبًا يفسده، وعليه زرع أحد الشريكين، وبناؤه في أرض بينهما بغير إذن شريكه في كونه كغاصب يقلع زرعه، وبناؤه أم لا لشبهة الشركة، فيكون له الزرع، وإن لم يفت إلا بأن يكون عليه الكراء في نصف شريكه، ويكون له قيمة بنائه قائمان عليه، قول ابن القاسم في إيلاد العبد أمة بينه وبين حر في نصف قيمتها جناية في رقبته، وقول سَحنون: هو دين في ذمته يتبع بما نقص نصف ثمنها عن نصف قيمتها، وحكمها الجواز كحجرهما البيع والوكالة وعروض وجوبها بعيد، وعروض موجب حرمتها وكراهتها، ودليلها الإجماع في صور بعضها، وحديث أبي داود بسنده لأبي هريرة أن رسول الله ?: قال: ((إن الله يقول: أنا ثالث الشريكين ما لم يخن أحدهما صاحبه، فإذا خانه خرجت من بينهم))، ذكره عبد الحق وصححه بسكوته عنه، والحاكم في مستدركه، وفيه: ((خرجت من بينهما)). ابن شاس: أركانها ثلاثة: الأول: العاقدان، ولا يشترك فيهما إلا أهلية التوكيل والتوكل، فإن كل واحد منهما متصرف لنفسه بإذنه، وتبعه ابن الحاجب، وقبله ابن عبد السلام وغيره، وكلهم تبع الوجيز، ويرد بوجوب زيادة وأهلية البيع؛ لأن كلا منهما بايع من صاحبه نصف ماله، ولا تستلزمها أهلية الوكالة، لجواز توكيل الأعمى اتفاقًا، وتوكيله وتقدم الخلاف في صحته كون بائعها، وروى اللخمي: لا ينبغي مشاركة من يتهم في دينه أو معاملته. وفيها: لا يصلح لمسلم أن يشارك ذميًا إلا ألا يغيب عليه على بيع ولا شراء ولا قضاء ولا اقتضاء إلا بحضرة المسلم، ويستشكل بأن الشركة ملزومة للبيع فيلزم كون ابتياع الذمي حظ المسلم مشروطًا ببيع الذمي ابتاعه من مال المسلم إلا بحضرته، ويجاب بأن عدم غيبة الذمي على البيع معتبر وقوعه لا اشتراطه، وإن سلم اشتراطه فإنما هو لكونه وكيلًا لا لكونه مبتاعًا. اللخمي: فإن وقع استحب صدقته بربحه إن شك في عمله بالربا وبجميع ماله إن شك في عمله به في خمر، وإلا لم يكن عليه شيء.

باب صيغة الشركة

وفيها: وتجوز بين النساء وبينهن وبين الرجال. اللخمي: يريد: إن كانت متجالة أو شابة ولا تباشره في التجارة؛ لأن كثرة محادثة الشابة للرجال تبطر معها الفتنة، فإن كان بينهما في ذلك واسطة فلا بأس. قُلتُ:: يريد: واسطة مأمونة. المتيطي: عن ابن الهندي: إنما تجوز بين الرجال والنساء إن كانا صالحين مشهورين بالخير والدين، والفضل وإلا فلا. وفيها: وتجوز شركة العبيد إذا أذن لهم في التجارة. اللخمي: إن لم يكن مأذونًا له وولي البيع والشراء لم يضمن الحر وضيعة المال ولا تلفه، وكذا إن وليا معا البيع والشراء ووزن كل منهما منابه، وأغلقا عليهما ولم ينفرد الحر منهما، وإن انفرد الحر بتولي ذلك ضمن رأس المال إن هلك أو خسر. ] باب صيغة الشركة [ الصيغة: ابن شاس: ما دل على الإن في التصرف أو ما يقوم مقامه في الدلالة فيكفي اشتركنا إن فهم المقصود عرفًا. ابن الحاجب: ما يدل لفظًا أو عرفًا، والأولى ما دل على الحقيقة لفظًا وعرفًا. والأول: يقتضي أن الشيء يقوم مقام نفسه، والقائم مقام شيء غيره فيكون الشيء غير نفسه. والثاني: يقتضي كون قسم الشيء قسيما له مرتين؛ لأن ما يدل لفظا ينقسم لما يدل وضعا وعرفًا، وما يدل عرفا ينقسم لما يدل لفظًا وفعلًا، فهو كقوله الحيوان إنسان أو أبيض. ] باب في محل الشركة [ محلها بالذات مال أو عمل، فيها مع غيرها: جوازها بالدنانير فقط، أو الدراهم

فقط جائزة. ابن المنذر: إجماعًا. ابن رُشْد: هو خلاف القياس. وفي صحة القياس عليه قولان، وهي بالطعامين من صنف واحد مختلفي القيمة كثيرًا ممنوعًا. الصقلي: اتفاقًا، وإلا فثالثها: إن لم يستو قيمتها لرواية ابن القاسم فيها قائلا: لم يجزه لها منذ لقيناه، وللصقلي: مع تخريج بعض القرويين على قول ابن القاسم بجوازها بين يزيدية، ومحمدية مختلفي النفاق يسيرًا، وقوله فيها مع أول قولي مالك. وفيها: لا أعلم لكراهة مالك فيه وجها. الصقلي: علله محمد بأنه إن خلط أدى إلى لخلط الرديء بالجيد، وإن لم يخلطا بطلت الشركة وبعض شُيُوخ بعض أصحابنا فيه لبيع الطعام قبل قبضه لبقي يؤكل منهما على طعامه، وإسماعيل القاضي بافتقارها فيه لمساواة الكيل والقيمة فيه لغو، فألزمه الصقلي في المختلفين الجائز فيهما التفاضل إن استوت قيمتهما، ولم يجيزاه. قُلتُ: وقيل: اختلاف الأعراض مطلقًا لفسخ بيعه باستحقاقه وعدمه في العين لعدم الفسخ به يصير منهما ثلثي الطعام كمختلفي الشركة والبيع، وفي الأولى زيادة عدم المناجزة مع إجازة سَحنون الجميع، وأبي زيد عن ابن القاسم في الموازيَّة، وأحد قولي مالك وابن القاسم لاجتماع غلتين في الأولين، وانفراد غلة في العوضين. الصقلي: عن محمد جواز الإجارة في الدنانير مع الدراهم غلط، ورواية ابن وَهْب كراهتهما أخف، وما علمت من أجازه؛ لأنه صرف لا يبين به صاحبه لبقاء كل منهما على صرفه. قُلتُ: في حمل الكراهة على ظاهرها نظر. اللخمي: معنى رواية الجواز أنهما تناجزا فقبض كل منهما ما أخرجه صاحبه. وفيها: إن خرج أحدهما دنانير والآخر دراهم لم يجز، وإن باع نصف ذهبه بنصف فضة صاحبه، ولا بأس أن يخرج هذا ذهبًا وفضة، وهذا مثله. قُلتُ: ما الفرق بينهما.

قال: لأن الأولى مع الشركة صرف، وهذه ليست فيها صرف. قُلتُ: وتقدمت معارضتهما بمنع سلمها، الثالث: بيع مد قمح ومد دقيق بمثلهما وجوابهما. ابن عبد السلام: احتجاجه بأنه صرف وشركة غير بين؛ لأن العقود المنضمة إلى الشركة إنما هو بيع من صحتها إن كانت العقود خارجة عن الشركة نص على معنى هذا في المدَوَّنة. قُلتُ: قوله إن كانت العقود خارجة عن الشركة نص ظاهره أن غير الخارجة غير مانعة كيف كانت صرفًا أو غيره، وليس كذلك، إنما قاله فيما ليس صرفًا لأجل ضيق الصرف وشدته؛ لأن الغير مانعة الصرف إذا كان في الشركة. سَحنون: حسبما ذكره الصقل عنه في تعليله، قوله: بإجازة الشركة بالدنانير وبالدراهم. وفيها: إن اشتركا بدنانير أو بدراهم فلكل رأس ماله، ويقتسمان الربح لكل عشرة دنانير دينار، ولكل عشرة دراهم درهم، وكذا الوضيعة، ولو علم كل واحد منهما ما اشترى بماله بيعت السلع وقسم كل ثمنها كما ذكرنا، وقال غيره: لكل واحد ما عرف أنه اشتراه بماله ولا شركة له فيما اشترى بمال الآخر، وإن تفاضل المال فلأقلهما مالا أجره في عون صاحبه. المتيطي: ذكره الشَّيخ في مختصره: على أن قول الغير خلاف لقول ابن القاسم، وأن ابن القاسم يقول: وإن عرف ما اشترى كل واحد برأس ماله من السلع؛ لأن الخلط تم بينهما؛ وقال أبو عمران: قول الغير وفاق؛ لأنه إذا عرف كل منهما سلعته لم تنعقد بينهما شركة، ولفظ الأمهات. قال ابن القاسم: إذا كان ما اشترياه قائمًا بعينه بيع واقتسماه على ما وصفناه كان فيه ربح أو وضيعة. ابن رُشْد في سماع عيسى: قول ابن القاسم: إذا اعتبرته بما يخرجه الحساب راجع إلى أن يقتسما جميع ما في أيديهما على ما فيه من ربح أو خسارة على قيمة الدنانير والدراهم يوم الفسخ، وهذا أقرب مأخذا في العمل، وقيل: يقتسمان ذلك كل قيمة

الدنانير والدراهم يوم اشتركا، وهو قول غيره في المدَوَّنة. الصقلي: قال بعض فقهاء القرويين: قول غير ابن القاسم لكل واحد بما اشترى بماله صواب، وهو الجاري على أصل ابن القاسم؛ لأن الشركة إذا فسدت لم يضمن أحدهما لصاحبه شيئًا؛ لتفويته متاع صاحبه وثمنه لصاحبه، كقوله إن اشتركا بعرضين مختلفي القيمة فباع أحدهما عرض صاحيه لا يضمن له شيئًا، وثمن عرضه له وبه يكون شريكًا إن عملا بعد ذلك، فكذا ينبغي إن اشترى بالدنانير والدراهم عرضًا يكون لصاحبه ذلك المال، كما كان ثمن العرض في شركة العرضين لصاحب ذلك العرض. قُلتُ: هو قول التونسي وقبله الصقلي، ويرد بأنه لا يلزم من اختصاص رب العوض بثمنه، اختصاص رب العين بعوضها؛ لأن أصل المذهب عدم إيجاب العين اختصاص ربها بعوضها إذا حركها غيره بخلاف العقد، فذلك في صرفها من أودعته دنانير، فابتاع بها سلعة فليس لك أخذها، إنما لك أخذ دنانيرك، ولو أودعته عرضًا فباعه بعرض أو طعام فلك أخذ ثمن ما باع أو المثل مما له مثل أو القيمة مما لا مثل له. التونسي: وقوله: (إن لم يجز قسم ما بأيديهما على قيمة الدنانير والدراهم) صواب، وفي القيمة في قول ابن القاسم نظر؛ لأنه إذا استوت قيمة الدنانير والدراهم يوم الشركة كانت السلعة بينهما نصفين فيجب أن يكون ثمنها واحد بينهما نصفين، فإن زادت قيمة الدنانير يوم القيمة فأعطى مثل دنانير أنظر صاحب الدراهم، وكذا إن زادت قيمة الدراهم وقبله الصقلي، ويرد بأنه بناء على ترتيب القسم على قيمة الغير، وأصل المذهب خلال ذلك؛ لأنها ليست من ذوات القيم، إنما هي من ذوات الأمثال، إنما يعتبر فيها عددها، فوجب ترتيب القسم عليها اعتبار عددها لا باعتبار قيمتها، وحمل اللخمي المذهب على قسمتهما على قيمة المالين يوم الشراء، وحمل قول ابن القاسم: أن المشترى بينهما على أنهما لم يعلما ما اشترى بمال كل واحد منهما. قال: وحمله بعض أهل العلم على أنه ولو علماء غير صحيح، ولو كان كلك كان المشترى بينهما نصفين؛ لأن كلا منهما اشترى ملك صاحبه، ويكون اشتراؤه فوتًا كالبيع الفاسد، ويكون قد اشتغلت ذمة كل منهما بنصف ما أخرجه من الآخر، وقول ابن القاسم: يأخذ كل منهما قدر ماله والربح على ذلك دليل أن مال كل واحد على ملكه،

ولم تعمر ذمة الآخر منه، وأما قوله يعطي كل منهما قدر ماله، أن الصرف لم يتغير، ولو تغير لاعتبر حال المالين يوم الشراء. وفيها: نظر اعتبار التساوي بين التقدير في الوزن والقيمة لا السكة، ويسير اختلافهما في الصرف مغتفر. اللخمي: القياس أنه لا يجوز؛ لأن الترك لموضع الشركة كما قال في شركة الطعام وتوليته: لا أقيلك إلا أن تقيلني ولا أشركك إلا أن تشركني، ولم يجز بخروجهما بذلك على وجه المعروف، إلا أن يعقدا على التساوي، ثم أحضر أحدهما ماله، وفيه فضل جودة أو وزن، وتقدم لهما من المكارمة ما يفعل في ذلك دون شركة، وإن تساوى الذهبان، ولأحدهما فضل سكة، وللأخرتين، فإن كثر فضل السكة لم يجز، وإن قل جاز إن ألقياه على قول ابن القاسم، وإن اعتدلا في القيمة فعدلت قيمة جودة التبر السكة جرت على القولين، كما لو أخرج أحدهما دنانير والآخر دراهم؛ لأنها حينئذ مبايعة، فيجوز إذا قبض كل منهما ما أخرج صاحبه. وفيها: لا بأس بالشركة بعرضين مختلفين أو متفقين، أو بطعام وعرض. الصقلي: روى محمد: ما الشركة بالعرضين من عمل الناس، وأرجوا أن لا بأس بها. ابن رُشْد: وروى عن مالك أنه قال في الشركة بالعرضين المختلفين، وما هو من عمل الناس، وذلك والله أعلم؛ لأنه بيع وشركة. قُلتُ: فظاهره عدم ذلك في العرضين المتفقين لبعد قصر التبايع فيهما لتماثلهما لا سيما إن كانا من ذوات الأمثال. وفي الشركة بغزلين على نسجهما معا نظر؛ لأنه بيع لنصف غزله بشرط نسجه حسبما ذكره اللخمي على أصل سَحنون في الشركة بالمال للغائب، وذكر الصقلي في باب الإجارة والسلف رواية محمد بإجارته ما لم يزد أحدهما صاحبه شيئًا. وفيها: إن اتفق قيمة العرضين المختلفين وعرف ذلك في العقد جازت شركتهما، وهو بيع لنصف عرض هذا بنصف عرض الآخر، وأن يشهد أو لم يذكر بيعا ولم يشترط التساوي فلما قوما بمفاضلة القيم، فإن لم يعملا فلا شركة، وإن عملا وفاتت السلعتان

فرأس مال كل منهما ثمن سلعته، وبقدره ربحه ووضعته؛ لأن شركتهما وقعت فاسدة. وفي الصحيحة رأس مال كل منهما ما قومت به سلعته: عياض: قوله: إذا فسدت إن لم يعملا وأدركت السلعتان ردتا، كذلك روايتنا وفي بعض النسخ ولم يفوتا ببيع ردتا. قال شُيُوخنا: يفيتها حوالة الأسواق كالبيع الفاسد؛ لأن الشركة على قول ابن القاسم تلزم بالعقد الفاسد، كالبيع الفاسد. الشَّيخ: علة فساد الفاسدة وتفاضل المالين غرر بيع في الأقل مالًا بالأفضل عمله فضل مال صاحبه وهو مجهول. الصقلي عن بعض فقهاء القرويين: قد يقال على أن التمكين في البيع الفاسد يوجب ضمان المشتري، وإن لم يقبضه يلزم كل واحد قيمة عرضه يوم دفعه وأحضره لتمكين صاحب التصرف فيه، وإن كانت يد بائعه عليه. ابن عبد السلام: وهذا شيء؛ لأن البائع في البيع مكن المشتري على وجه ليس للبائع معه تصرف، وفي الشركة الفاسدة إنما مكنه على أنه معه فيه التصرف فلم يفد هذا التمكين قوة ذلك التمكين. قُلتُ: يرد بأن التمكين في مسألة الشركة لا تصرف فيه؛ لأن التصرف فيها إنما توجبه الشركة، وهي متأخرة عن لزوم القيمة المتأخرة عن التمكين ضرورة تأخر الموجب عن الموجب بالتصرف، فتأخر عن التمكين بمن يتبين وهو يتقرر دونه، فهو كالتمكين في البيع الفاسد، وبأن تصرف الشركة ليس خاًا بالمتصرف حكمًا؛ بل فنسبته لفاعله كنسبته لشريكه فيصير بما كره فرقا القياس أحرويا؛ لأن التمكين فيه ملزوم لكون الممكن فيها، وهو المشتري متصرف حكمًا كتصرف المتصرف حسًا، والتمكين في البيع الفاسد عري عن كون المشتري متصرفًا؛ لأنتفاء التصرف عنه حسًا وحكمًا. الصقلي: إن جهلًا ما بيعت به سلعته كل منهما فلكل منهما قيمة عرضه يوم البيع؛ لأن سلعة كل منهما في ضمانه إلا إن بيعت، فالبيع أفاتها كالطعامين إذا خلطا رأس مال كل منهما قيمة طعامه يوم خلطا.

اللخمي: إن اشتركا على المساواة، والقيم مختلفة لم يجز، واختلف إن نزل وفات بالبيع أو القبض، ففي المدَوَّنة: لكل منهما ما بيعت به سلعته، ولا شركة بينهما، ولا قبض؛ لأن لكل منهما التصرف فيما باعه بالبيع بعد قبضه منه، فكان القبض في المشترى كلا قبض، والقبض الصحيح ما لا تسلط لبائعه فيه، والقول الآخر أن لك قبض، وهو قول مالك في مسألة الشركة بذهب وفضة، صحة مناجزتهما، وإذا كان كذلك فقبض كل منهما سلعة صاحبه ضمن نصف قيمتها يوم قبضها، وصار جميع ما تجرأ فيه بينهما نصفين، إذا باع كل منهما سلعة صاحبه بعد قبضها منه، وإن باعها قبل قبضها كان فيها قولان أحدهما أن بيعه كقبضه يوجب عليه نصف القيمة ويوجب له نصف الثمن، والثاني: أن ذلك ليس بقبض، وثمن السلعة لمن كانت له، وإن باع كل منهما سلعته قبل قبضها منه، أو بعد وقبل فوتها عند قابضها بحوالة سوق أو بدن بثمنها له شركة، وإن باعها بعد فوتها بيد قابضها فثمنها بينهما، وعلى كل واحد نصف قيمة سلعة صاحبه، وإن قبض أحدهما سلعة صاحبه ثم باعاها جميعًا كان له ثمن سلعته، وثمن سلعة صاحبه بينهما، وعليه لصاحبه نصف قيمتها، فإن تجروا بعد ذلك كان المشترى بينهما على قدر ذلك لأحدهما بقدر ثمن كل سلعته ونصف ثمن سلعة صاحبه، وللآخر قدر نصف ثمن سلعته فقط. ابن الحاجب: لو وقعت فاسدة فرأس ماله ما بيع به عرضه لا قيمته يوم إحضاره على المشهور. قُلتُ: لا وجود لمقابل المشهور إلا ما أشار إليه التونسي من التخريج على قول أشهب، ونص تخريج اللخمي على قول مالك في الشركة: بذهب وفضة، ولو وقعت فاسدة بطعامين قد خلطا ففيها رأس مال كل منهما قيمة طعامه يوم خلطا، ورواه محمد عن ابن القاسم، ولمالك ثمنه. وفيها: تجوز الشركة بطعام ودراهم أو بعين وعروض، وقول ابن الحاجب: تصح بالعروض من جانب والنقد من جانب على المشهور، ولا أعرف مقابل المشهور في قول منهما. ابن عبد السلام: تقدم هذا المعنى، ولعل الشاذ على المشهور في منعها بذهب

وفضة لاجتماع الشركة والصرف. قُلتُ: تقدم لابن رُشْد الفرق بينهما، فذكره وتقدم ذكر الجودة والسكة. وفي الشركة لمال حاضر وغائب نقل اللخمي صحتها عن مالك مع ابن القاسم، ومنعها عن سَحنون، ونقل ابن القاسم عنه الأكرية، والصقلي للفساد. وفي كون قول بعض شُيوخ عبد الحق أنها تجوز عند ابن القاسم بشرط قرب الغيبة، ووقف التجر بالحاضر على حضور الغائب تقييدًا نظر، والأظهر أنه خلاف لاحتجاج ابن القاسم على الجواز بقول مالك فيها. اللخمي: عن سَحنون على أصله أنها مبايعة، والأول أحسن، إذ لو كانت مبايعة ما جازت بدنانير ودراهم من الجانبين، ولا في الحرث لإخراجهما الزريعة وإخراج أحدهما بقر والآخر يد. قُلتُ: إنما علل التونسي والصقلي قول محمد: بشرط الخلط وهو في الغائب متعذر. قُلتُ: احتجاج ابن القاسم على جوازها بمال غائب بقول مالك: إن شارك ذو خمسمائة درهم له ألف غائبة ذو الف وخمسمائة حاضرة تخرج بذلك المحل الألف الغائبة فتشتري بالجميع تجرا فلم يجد ألفه مباشرة بما خرج به فقط ليكل منهما من الربح بقدر ماله فيها خرج به في تمسكه بهذا نظر؛ لأنه كذلك حكم، كذلك كونها فاسدة بعد وقوعها. قُلتُ: إن كرهه بأن له مالاً غايبًا، ولا مال له غير حاضر بالربح بينهما على حاضرها، قاله محمد، وإلا ففي كونه كذلك أو بينهما نصفين ثالثها: إن اشترى بعد علمه فقد ما غاب لظاهرها، ولمحمد والتونسي، وقول اللخمي: أرى أن يسأل، فإن قال: اشتريت ببينة القصر على الحاضر صدق، وإن قال: عليه، وعليه والغائب صدق في النقض لعدمه لا في الربح؛ لأنكار ذي الحاضر فعليه في كونه رابعًا لظاهر قوله: أرى ذلك وفاقًا لمسائلة لقبول إقراره وعلى نفسه وعلى قبول دعواه نظر، وعلى كون الربح للحاضر فقط في لغو زيادة عمل ذي الغائب، وثبوت أجره. نقل اللخمي عن ابن القاسم مع التونسي عن مالك، ونقلهما عن سَحنون وصوبه

باب في شركة عنان

اللخمي: قائلا له: الأقل من أجر مثله أو الربح. قال: وقول مالك الربح بينهما إن باع دليل أنه يرى إن غرم الألف لا يمنع العامل الاشتراء بالمالين، ولو كان للمقيم منعه لقلة مال الآخر لقال الربح بينهما نصفين، وكان له جميع الربح إن اشترى به لنفسه أنه إذا كان الحكم عند عدم الألف أن يوقف مال المقيم ولا بتجريبه له فتعدى، وتجر كان له كل الربح وهذا حكم كل مال حكمه أن لا يحرك لتجارة. قُلتُ: هو قوله في كتاب القراض، وإذا لم يستعمل العامل المال حتى نما لمربه عن التجربه فاشترى به سلعة ضمن المال، وكان الربح له كمن تعدى على وديعة فاشترى بها سلعة. وفيها: المفاوضة على وجهين في جميع الأشياء، وفي نوع من المتاجر. [باب في شركة عنان] ابن القاسم: ولا أعرف من قول مالك شركة عنان، ولا رأيت أحدًا من أهل الحجاز يعرفه. عياض: بكسر العين ضبطناه، وهو المعروف، وفي كتب اللغة فتحها ولم أراه، ومعنى كلام ابن القاسم أنه لم يعرف استعمال هذا اللفظ ببلدهم. وفي كونها شركة الشريك المخصوص لا المفاوض أو في شئ بعينه، ثالثها: هذا على أنه لا يبيع أحدهما إلا بإذن صاحبه. لسَحنون والصقلي عن ابن عبد الحَكم، ونقل ابن القُصَّار عن بعض أصحابنا، وفي المقدمات: هي الشركة في شئ خاص جائزة إجماعًا بين كل الناس برضاهم ولازمة في كل الأسواق، وذكر قول الصقلي، قيل: هي الشركة في كل شئ ومن شيء بعينه.

ابن الحاجب: إن شرط نفي الاستئذان لزم، وتسمى شركة عنان. قُلتُ: ظاهره ولو كانت غير مقصورة على نوع معين من الأموال وهو خلاف ما تقدم. وفي كونها التجر بمال مخصوص أو معين، ثالثها: هذا بقيد عدم الاستئذان والاستبداد، ورابعها: ما قيد به مطلقًا عياض في المقدمات، وابن الحاجب إن صح. وفي شرط ثبوت لازمها، وهو ضمان المشترك به منهما بالخلط الحكمي فضلاً عن الحسي أو به فقط قولا ابن القاسم وغيره فيها، والحكمي كون المالين في حوز واحد أو عند أحدهما، وشراء أحدهما بماله عليهما قبل حوزه تشبيها فيه دون مقابلة. فيها: وإن جعلا صرتيهما بيد غيرهما أو في تابوتٍ أو خرجه فضاعت إحداهما فهي بينهما، وإن بقيت صرة كل واحد بيده فضياعها منه حسي كخلطها، أو جعلا عند أحدهما ولم بقيت صرة كل واحد منهما بيده حتى ابتاع أحدهما أمة على الشركة وتلفت الصرة الأخرى، والمالان متفقان، فالأمة بينهما والصرة من ربها. عبد الحق: إن اشترى بصرته بعد التلف، فإن كان علم به حين شركته فيها وتركها له، وإن اشتراها بنفسه فهي له، وإن لم يكن علم به أو اشترى ثم كان التلف فالأمة بينهما. الصقلي: هذا على أصل ابن القاسم. ابن الحاجب: ولا بد من خلط المالين تحت أيديهما أو أحدهما أو يشتريا بهما. ابن عبد السلام: قال ابن القاسم: لا بد من خلط المالين حقيقة أو كونهما في حكم المخلوطين بأن يكونا تحت أيديهما بجعلهما مجموع المالين في بيت واحد، وجعلا عليه قفلين؛ بيد أحدهما مفتاح، وبيد الآخر مفتاح، أو يكون المال تحت يد أحدهما برضى الآخر من غير شرط ذلك في العقد أو يشتريا بمجموع المالين سلعا أو سلعة، ولغير ابن القاسم: لا ينعقد بهما شركة حتى يخلطا، وظاهره أنه لا يعتبر الاختلاط الحسي. قُلتُ: ظاهره أنه لا ينعقد عند ابن القاسم دون اجتماع المالين في حوز واحد لا يتميز، ورأى أن ذلك مبايعة نصف دينار أحدهما بنصف دينار الآخر، فغاية المناجزة الخلط، والقول الأول أحسن؛ لأن المعلوم عدم قصد المبايعة، بل القصد المبايعة بهما،

باب معنى الخلط في الشركة

والتجر فيهما. ثم قال في فصل آخر: قال سَحنون: لا تنعقد الشركة إلا بخلط المالين وحمل أمرهما على أن كل وأمر باع نصف ملكه بنصف ملك الآخر، وأنها مصارفة، فإذا خلطا كان ذلك قبضًا وفوتًا، وقياد قوله إذا قبض كل منهما جميع دنانير الآخر كان مناجزة، وإن لم يخلطا كان ذلك قبضا؛ لأن المقبوض بعضه صرف وبعضه وديعة، ولو صرف رجل من رجل خمسين دينارَا، أو دفع إليه مائة دينار ليكون له نصفها، ونصفها وديعة جاز. قُلتُ: ظاهر قوله وقياد قوله إن اجتماع المالين في حوز أحدهما دون خلط، كالخلط الحسي أنه غير نص له خلاف قول الصقلي. قال سَحنون: إن جمعا الصرتين في خرج أحدهما أو في يديه تمت الشركة. [باب معنى الخلط في الشركة] ففي شرطها بالخلط الحسي المفيد عدم تمييز أحدهما من الآخر، أو بمجرد اجتماعهما في حوز واحد، ثالثها: هذا أو شراء كل منهما بماله على الشركة أو أحدهما فقط في ثبوتها، للخمي عن الغير، وعن سَحنون، وقول ابن القاسم فيها: وحكمها جوز استقلال كل منهما بتصرف التجر في مالها، وإن لم يشترطاه، وأن فعل أحدهما كفعل الآخر في شفعتها ليس لأحد المتفاوضين فيما باع الآخر شفعة؛ لأن بيع أحدهما يلزم صاحبه، وفي شهاداتها: إن ادعى أحد المتفاوضين وخير على رجل دينا من شريكه، فأنكره فله تحليفه على حظ شريكه لا فعل أحدهما كفعل الآخر. قُلتُ: من قضى ما عليه لأحدهما لآخر جاز، ولأحدهما أن ينفع أو يفارض دون إذن الآخر ويودع لعذر نزل به، ومقتضى قولها: إن باع أحدهما لأجل، ثم أخر الغريم بعد حلول الاجل جاز استيلافًا، وما باعه لأجل لا يجوز لشريكه شراؤه بأقل نقدًا، وما

باعه لأجل فقضى الغريم ثمنه أحدهما قبل علمه بافتراقها جاز، جواز بيع أحدهما بالدين دون إذن شريكه، وعزاه اللخمي لابن القاسم فيها. قال: ولاَصْبغ عنه لا يجوز، والأول أحسن. الصقلي: لمالك فيها إن باع بدين ولم يذكراه في شركتهما جاز على شريكه. وقال محمد في الموازية: لا يجوز إلا بإذن شريكه، وسمع ابن القاسم في رجلين اشتركا على مال مسمى على أن ما باع أحدهما بدين ضمنه معه صاحبه أكرهه؛ لأن كلاً منهما لا يدري ما يغيب به صاحبه. سَحنون: لا بأس به؛ لأن الشركة لا تكون إلا بضمان كل منهما لصاحبه. ابن رُشْد: معناه إن اشتركنا في مال مسمى على أن باع أحدهما بدين ضمنه الآخر معه كرهته؛ لأن كلا منهما لا يدري ما يغيب به عنه صاحبه من الخلاف. سَحنون: لا بأس بذلك؛ لأن الشركة لا تكون إلا بالتفاوض والضمان من كل منهما لصاحبه. ابن رُشْد: لم يرهما ملك باشتراكهما مال مسمى متفاوضين فيما اشتركا فيه حتى ينصا على المفاوضة بخلاف ما إذا اشتركا في جميع أموالها، برأي ما شرطا من ضمان كل منهما ما باعه الآخر بدين غرم إلا انه ضمن فيما اشتركا فيه، وإن لم يشترطا ذلك كما إذا تشاركا في جميع أموالها. ابن الحاجب: لو باع أو اشترى نسيئة مضى وله ذلك ابتداء ما لم يحجر عليه. قُلتُ: قوله ما لم يحجر عليه لا أعرفه، وفيه نظر؛ لأن ثبوت ذلك على المشهور إنما هو بمقتضى عقد الشركة، وما هو بمقتضى العقد يمتنع استقلال أحدهما برفعه كرفضه عهدة ما ابتاعه صاحبه عنه، وقد يجاب بأن هذا إنما فيما هو لازم للتجر من حيث استقلال أحدهما ذاته والبيع بالدين لا يلزمه، وإذا لم يكن ثابتًا في تجر القراض، وإذا كان كذلك جاز استقلال أحدهما برفعه كرفع رب المال لازم عقد القراض، وهو جواز سفر العامل بمال قبل أخذه في أهبته. وفيها: منع تبرع أحدهما دون إذن صاحبه، إلا أن يكون أراد استيلاف التجر، وإن

وهب أحدهما أو أعار ضمن حظ شريكه إلا أن يفعل ذلك استيلافًا. عياض: قوله لا يجوز ما صنعه أحدهما ضمن حظ شريكه من المعروف من مال شريكه في بعض الروايات، ورواية ابن أبي عقبة، ويجوز عليه قدر حصته، وضرب عليه في كتاب ابن وضاح، وقال: طرحه سَحنون. قُلتُ: لاحتمال خوف نقص في المال يعجز به حظه في بانيه، وعن قدر تبرعه ولا مال له غيره. وفيها: وإن أخر أحدهما بما أوضع له نظرًا أو استيلافًا للتجر جاز. اللخمي: للشريك رده تأخير شريكه بدينهما في حظه، ويمضي في حظ المؤخر إن لم يكن في قسمها الدين ضرر، فإن كان عليهما فيه ضرر، وقال المؤخر: لم أظن ذلك يفسد على شيئًا من الجميع، وإن لم يعلم بتأخيره حتى حل الأجل فلا شئ على المؤخر، فإن أعدم المدين بعد التأخير ضمن المؤخر حظ صاحبه، وإن أخره استيلافًا جاز على شريكه، وإن أعسر المدين إلا يكون المدين ممن يخشى عدمه فيرد التأخير، وإن لم يرد حتى أعسر ضمن المؤخر إن كان عالمًا بذلك، وقيل: لا يجوز التأخير للاستيلاف؛ لأنه سلف بزيادة ووضع أحدهما يرد منه كا زاد ما يراد به الاستيلاف. وفيها: ليس لأحدهما أن يعير من مال الشركة إلا بإذن شريكه أو ما حف كغلام يسقي دابة أو ما كان استيلافًا للتجر، ولما كان فعل أحدهما بالتجر كفعل الآخر لزم كلا منهما ما ابتاعه صاحبه. فيها: ما ابتاع أحد المتفاوضين لزم الآخر، ويتبع البائع بالثمن أو القيمة في فوت البيع الفاسد أيهما شاء. وفيها: من ابتاع عبدًا من أحدهما فظهر على عيب فله رده، فإن غاب بائعه غيبة قريبة اليوم ونحوه تلوم له إذ لعل له حجة، وإن بعدت غيبته، فإن أقام المشتري بينة أنه ابتاع بيع الإسلام وعهدته، فإن كان العيب قديمًا رد العيب على الشريك الآخر، وإن كان يحدث مثله فعلى المبتاع البينة أن العيب كان عند البائع وإلا حلف الشريك، فإن علم أن هذا العيب كان عندنا وبرئ، فإن نكل حلف المبتاع على البت أنه ما حدث عنده، ورده الصقلي، ويحلف الشريك على العلم كان العيب ظاهرًا أو خفيًا؛ لأن غيره

يتولى البيع كوارث، ولو حضر البائع حلف في الظاهر على البت، وفي الخفي على العلم، فإن نكل الشريك الذي لم يتول الشراء، فقال الشَّيخ: يحلف المبتاع على البت، وفي الموازية: كما يحلف بائعه في الخفي على العلم. زاد ابن اللباد في مسألة المبتاع: وأنه نقد الثمن، وتقدم في العيوب. قال بعض فقهاء القرويين: لو جاء الغائب فأقر بالعيب؛ لا نبغى أن يرده ويلزم ذلك الشريك الحالف، ولو أنكر لحلف، فإن نكل ففي رد جميعه أو نصفه فقط لتقدم حلف شريكه نظر. الصقلي: الأظهر رد جميعه؛ لأن نكو له كإقراره، ويمين شريكه لغو؛ لأنه إنما حلف على عدم علمه. قال: وإن نكل الحاضر الذي لم يتول البيع فحلف المشتري ثم قدم الغائب، فقال: أحلف وأنقض الرد على شريكي، فإذ للأشبه دون ذلك له؛ لأن نكول صاحبه إنما كان؛ لأنه لا حقيقة عنده، وقد يكون ذلك في نصفه ويمضي الرد في النصف الذي للحاضر لنكوله؛ لأن متولي البيع كوكيله. وفي المدَوَّنة: اليمين في العيب فيما باعه الوكيل على الموكل وهو الحاضر، ولو نكل. وفيها: إقرار أحد المتفاوضين بدين في تجرهما لازم لها لو كان الأجنبي لا يتهم عليه كجده أو جدته أو زوجته أو صديق ملاطف لم يلزم شريكه، وذكره اللخمي معزوا لمالك. قال: ويتخرج جواز إقراره لمن يتهم عليه من إقرار من يتبين فلسه لمن يتهم، وقد اختلف فيه، والمفلس أبين في التهمة لنزع جميع ماله يبقى لا شيء له، فيولج من ماله لم يتهم كي يعيده عليه، وليس للتفرقة بأن هذا يبقى في ذمته دين وجه. قُلتُ: التونسي أشار للتفرقة به، وليس بحيث أن يقال فيه ليس له وجه. اللخمي: وإقرار أحدهما عند إرادة المفاصلة جائز، فإن افترقا ثم أقر أحدهما بدين أو شبهه لم يقبل إلا إن طال الافتراق، ويختلف إن قرب وادعى أنه شيء. قال ابن القاسم في العامل: يدعي بعد المقاسمة أنه أنفق من عنده من مال القراض

وشيء ذكره عند المحاسبة لا يقبل قوله، وروى يحلف، ويكون له ذلك، والشريك مثله. قُلتُ: يرد بأنه لم يقبله في المقيس عليه إلا بيمين، وهي في مسألى الشريك متعذرة؛ لأنها من الشريك لا تصح؛ لأنها يمين؛ لأنتفاع غيره، ومن المقر له يصير قول الشريك شهادة، والفرض أنه إقرار هذا خلاف مقتضى قوله: أنه لم يقف على القول المخرج عنده نصَّا له. وقال الصقلي: لابن سَحنون عنه إقرار أحد الشريكين بدين بعد التفرق، ويلزمهما في أموالها، وقول ابن القاسم: لا يلزم المقر حصته؛ يريد: إن يحلف الشهود له. قُلتُ: ظاهر قول سَحنون: ولو أقر بعد الطول، وتقدم نص اللخمي: الخلاف على القرب. وقال الصقلي: أجاز فيها إقرار العبد بعد حجره سيده عليه بدين بقرب ذكر الحجر عليه ولا بعد، والأشبه إنما يجوز بقربه كما لو فلس فأقر ساعة ضرب على يده، فأما بعد تفليسه وسكوته فلا، وسمع يحيى ابن القاسم: إن قدم شريك غائب على شريكه فقال: في شيء مما بيده هو وديعة، وقال: لم أعين ربها سقط. قوله: وإن عينه لم يأخذه حتى يحلف مع إقراره، كمن استحق حقه بيمين مع شاهد، فإن نكل أخذ حظه المقر فقط. التونسي: ظاهره اشتراط عدالة المقر؛ لأنه جعله كشاهد، وينبغي قبول إقراره لمن لا يتهم عليه، وقد يحلفون استبراء. ابن رُشْد: الصواب عدم شرط عدالته، وعليه يحمل السماع؛ لأنه لم يجعله شاهدًا، إنما جعله بمنزلة الشاهد، ولم يذكر هل يحلف الشريك أم لا، والوجه حلفه إن حقق عليه الدعوى أنه أقر بباطل، وإن اتهمه فلا يمين عليه، والأصل قبول إقرار الشريك إلا أنه لما كان هذا الذي أقر به ليس بدين من التجر استظهر على المقر له بيمينه كقولها آخر الوصايا في إقرار المدين يبرئ إياه من دين عليه أو ودائع أن المقر له يحلف. وفيها لابن القاسم: إن أقام أحدهما بينة بعد موت شريكه أن مائة كانت بيده، ولم توجد ولا علم مسقطا فإن قرب موته أخذها فيما يظن أنه لم يشغلها في تجر فهي في

حصته، وما طال لا شيء عليه فيه. وفي النوادر عن محمد: إن أشهد على نفسه بأخذ المائة بشاهدين لم يبرأ منها إلا ببينة على ردها، وإن طال ذلك، وإما إقرار بغير تعمد إشهاد وعلى بينة، ولا كتاب فكما قال في صدر المسألة. قُلتُ: انظر قوله: (ولا كتاب) ظاهره إن كان بكتاب لم يبرأ منه، ووجهه أنه إذا أخذها بذلك فقد وثق أحدهما ولا يبرأ إلا بدليل على البراءة. قال محمد: إن فلس أحد المتفاوضين، ولأحدهما زوجة لها عليه مائتا دينار، وعليهما للناس ألف دينار، وجميع ما بأيديهما ألف دينار ومائتا دينار والحصاص في حظ التزويج له من المال ستمائة، وعليه سبعمائة للزوجة ومائة وإحدى وستون دينارًا وثلاثة أسباع دينار، وللغرماء أربعمائة دينار وسبعا المائة، وذلك ثمانية وعشرون دينارًا وأربعة أسباع دينار، ثم يرجع على الشريك الآخر بما أخذت زوجة هذا من الخمسمائة درهم، وذلك خمسة أسباع المائة، ويأخذون منه الخمسمائة التي لهم عليه، ثم يرجع الشريك الغارم بما أدى عنه، وذلك خمسة أسباع المائة، ويبقى لها سبعا المائة، ولابن سَحنون سأله شجرة عن رجل دفع عن أخيه وهو مفاوضه صداق امرأته، ولم يذكر من ماله ولا من مال أخيه ثم مات الدافع، ثم ورثته هذا من مال ولينا فأجابه إن كانا متفاوضين، وأقاما سنين كثيرة في تفاوضهما لا يطلب أخاه بشئ من ذلك، فهذا ضعيف، وإن كان بحضرة ذلك فذلك بينهما شطرين ويحاسبه إلا أن يكون للباقي حجة. وفيها: مع غيرها ربح مال الشركة وعمله ووضعه بقدر ما لكل منهما. اللخمي: إن أخرج أحدهما ما ئتي دينار والآخر مائة وهي على ثلاثة أوجه، فإن كان العمل والربح نصفين والوضعية أثلاثًا، أو الربح معها أثلاثًا، أو لتكون الخمسون لرب المائة هبه أو سلفًا، فإن كان له ربحها وخسارتها على ربها فله ربحها اتفاقًا؛ لأنها باقية على ملك ربها، وإن جعل وضعيتها من الآخر؛ لأنها سلف أو هبة كان فيها قولان: أحدهما: ضمانها وربحها من المستلف والموهوب له الثاني: كونها من ربها؛ لأن شرط كون التجر بها من المال ولا يبين يمنع انتقال ضمانها، وهو قول مالك فيها

لقوله: (إنما أسلفه الخمسين) على أن أعانه بالعامل بضمانها من ربها وربحها ووضيعتها عليه، يريد: إن قصد أن يكون سلفًا لم يكن كذلك؛ لأن يدرب الثلثين متصرفة في جميع المال بالبيع والشراء. وفي ثبوت أجر مثله في الخمسين الزائدة، ولو كان في المال وضيعة وسقوطها قولها، وقول مختضر ما ليس في المختصر: وهذا أحسن، وأرى أنه لا أجر له في الوضعية، وله في الربح لأقل من أجره المثل أو ربحه فيها؛ لأن بها لم يستأجر إنما جعل له العمل منهما لنفسه. وقد قال ابن حبيب فيما يرد من فاسد القراض: لأجرة مثله إنما هي متعلقة بالربح، فإذا لم تتعلق الأجرة بالذمة في القراض مع أنه أجير على العمل فأحرى فيمن لم يكن له استئجار. قال: وإن كان كل العمل على رب المائة على أن الربح والوضعية نصفان كما تقدم فمن ضمنه الخمسين جعل له ربحها، ومن لم يضمنه جعل له لربها وللعامل أجر مثله في مائة وخمسين؛ لأنه عملها لربها، ويختلف في الأجرة عن خمسين، وإن شرطا الربح تصفان والوضعية أثلاثًا جاز، وكانت المائتان قراضًا على الربح، ولم يضر شرط خلف المائتين على أحد قولي ولم يتكم مالك في هذا الوجه، وإنما جازت إذا شرط الربح والخسارة نصفين، ولذا لم يجرها مجرى القراض، ولو علم من رب المائتين فصد المعروف في سلفه الخمسين لؤاخاة بينهما كان صحيحًا، والهبة ماضية منتقلة الملك عن معطيها، ولو كان المال بينهما نصفين وربحه ووضعيته كمائتين، وكذا لو أخرج أحدهما مائتين، ولم يخرج الآخر شيئًا على أن مائة منهما سلف أو هبة، فإن كان لصدقاة بينهما بحيث أنه لو لم تكن شركة فعل ذلك جاز، وإلا لم يجز ثم يختلف في ضمان السلف والهبة أو لا ضمان لمكان التحجير، وسمع ابن القاسم من دعا أخا له إلى أن يسلفه ذهبا ويشاركه بمثلها يتجران بها في موضعهما، أو يسافران جاز إن كان على الصلة والمعروف، وإن كان لنفوذ التجر فلا خير فيه، ثم قال: ولا خير فيه بحال، والأول أحسن وأحب إليَّ. ابن رُشْد: إن صح صدقه الربح جاز، وإن قصد نفع نفسه لم يجز اتفاقًا فيهما، فمرة

رأى مالك: الهبة في ذلك محتملة فسأله عنها وصدقه فيها، ومرة رآها بغيرة، والأظهر أنه قصد نفع نفسه بر المطلوب ليستعجل سلفه المؤجل، وقيمته إن كان عرضًا ففات، فعلى أنه يسأل عن نيته ابتداء لا يصدق في ذلك، وعلى أنه لا يسأل فيهما عن ذلك يصدق في ذلك مع يمينه، ويأخذ سلفه معجلًا، ولأبي عمر اختلف قول مالك فيمن أسلف رجلًا ليشاركه على وجه الرفق، فروى أبن القاسم: جوازه وكراهته، وأختار أبن القاسم جوازه، وإن كان لبصره بالتجر لم يجز. ابن الحاجب: ولو تبرع أحدهما بعد العقد فجائز من غير شرط، وكذلك لو أسلفه أو وهبه. ابن عبدالسلام: يعني اختلاف نسبة الربح والعمل مع رأس المال، وإنما يفسد الشركة إن كان شرطًا في عقدهما، ولو تبرع به أحدهما بعده جائز، وهو بين في شركة الأموال، لأن المذهب لزومها بالعقد دون الشروع في العمل دون شركة الحرث، كذلك قولا سَحنون وابن القاسم، وعليه يصعب التبرع بها قبل الشروع، وظاهر نصوصهم أنه لا يقدح في صحتها. قُلتُ: سمع ابن القاسم إن شارك ذو مائة ذا خمسين، ثم دعا ذو المائة ذا الخمسين على أن يسلفه نصف ما فضل به، وكان ذلك على غير شرط عند الشركة، ولا الحاجة من المسلف من أسلفه الآن، إلا رفقًا به فلا بأس به. ابن رُشْد: هذا كما قال، وإن شرط في سلفة أن يشاركه بذلك لم يجز، وكذا إن شرط بعد عقدها بأن يخرج مائة والآخر خمسين على الثلث والثلثين لم يجز، لأن الشركة من العقود الجائزة التي لا تلزم بالعقد، وإنما يفترق قوله ذلك في العقد أو بعده إن قاله على غير وجه الشرط، كقوله: تعالى أسلفك خمسة وعشرين نضيفها للتي له، وأخرج أنا مثل ذلك، ونشترك بها، أو يقول له ذلك بعد أن عقد معه الشركة على مائة له، وخمسين للآخر أثلاثًا، إلا أنه إن قال له ذلك في العقد ابتداء كان الأظهر منه قصد منفعته فيصدق في ذلك مع يمينه، وإن قال بعد العقد حمل على أنه لم يقصد منفعة نفسه، إذ قد رضى بشركته فأشبه إذا كان المشترط هو الذي سأله لك، ولو قال له ذلك بعد أن عقد الشركة فاشتريا بها عروضًا للتجر على الثلث والثلثين مبلغ رؤوس أموالهما كان بيعا

جائزا وإن سمياه سلفًا، لأنه باع منه سدس العروض بالخمسة والعشرين التي سميا سلفًا. قُلتُ: قول ابن عبدالسلام: لأن المذهب لزوم الشركة بالعقد دون الشروع، وهو مقتضى قول ابن الحاجب بجواز التبرع بعد العقد خلاف قول ابن رُشْد: أنها من العقود الجائزة، وهو نقتضى مفهوم أنه إن شرط ذلك بعد العقد أنه لا يجوز، ومحوه قول المقدمات: هي من العقود الجائزة لكل منهما أن ينفصل عن شريكه متى شاء، ولهذه العلة لم تجز إلا على التكافئ والاعتدال، لأنه إن فضل أحدهما صاحبه فيما يخرجه، فلما سمح لذلك رجاء بقائه معه على الشركة فصار غررًا، وجاز في المزارعة كون قيمة كراء ما يخرجه أحدهما أكثر من قيمة ما يخرجه الآخر على قول سَحنون: أن المزارعة تلزم بالعقد، وقاله ابن الماجشُون وابن كنانة وابن القاسم في كتاب ابن سَحنون، ولا يجوز فيها على القول بأنها لا تلزم بالعقد وهو معنى قول ابن القاسم في المدونة: ونص سماعه أَصْبَغ. اللخمي: إن اشتركا بالعقد اشتريا مالا يقدر أحدهما على شرائه بانفراده لم يكن لأحدهما الرجوع على ذلك، لأنهما أوجبا ما يتعلق به حق لمن طلبه، وكذا إن قدر أحدهما الرجوع على ذلك، لأنهما أوجبا ما يتعلق به حق لمن طلبه، وكذا إن قدر أحدهما على شرائه وشراء الجملة أرخص، وإن كان شراء الجملة، وعلى الانفراد وسواء جرت على القولين في وجوب الوفاء بشرط مالا يفيد، وإن اشترط للتجر في غير معين، وماله هذا، لأنقصانه فلكل منهما الرجوع، وكذا إن أخرج أحدهما دنانير والآخر دراهم على القول بإجازته، فلكل رد ما أخرجه، لأنهما لم يقصد الصرف إلا للشركة والتجر في المستقبل، ويجري فيها القول بلزومها لأول نضة كأحد قولي مالك في عقد مراء المشاهدة أنه يلزم منه أول شهر، وإن اشتركا بسلع، فإنه قصد بيع نصف كل منهما نصف الآخر فقط فهي لازمة، ومن دعا للمفاصلة فله ذلك، وإن قصد التربص لحوالة أسواق ترجي لموسم ونحوه، فالقول قول من دعا لتأخير المفاصلة للوقت المعتاد كسلع القراض إلا أن يكون مما ينقسم من غير عرض ولا نقص ولا ضرر فينقسم، وأن كان القصد تمادي التجر بأثمانهما فالقول قول من دعا على أحد قولي مالك في الكراء، ويكون لمن أحب التمادي الخيار في نقض الشركة في العرضين دون من أحب

التمادي فيها، لأن مقال من أحب التمادي أن يقول: لم أقصد باخراج عرضي الشركه فيه إلا لرجاء التجر في المستقبل، فإذا لم يكن من ذلك عدت في عرضي ولا حجة لمن كره التمادي، لأن شريكه مكنه من الوجه الذي تقصد الشركة لأجله، ولو اخرجنا دنانير ثم سافر أحدهما بالمال فليس لأحدهما أخذ حظه من المال، ولا حظ صحابة إليه، ولو سافرا معًا والسفر لأجل التعاون بالمالين، لأنهما يتجران فيه بما لا يقدر أحدهما ان يتجر فيه وحده، فالقول قول من دعا للتمادي لأول نضة. وفيها: إن أدعى أحد الشريكين أنه ابتاع سلعة فضاعت منه صدق، لأنه امين. قُلتُ: ما لم تقم عليه تهمة كدعواه التلف وهو في رفقة لا يخفى ذلك فيها فيسأل أهل الرفقة فلم يعلم ذلك أحد منهم أو يدعي الخسارة في سلعة لم يعلم ذلك فيها لشهرة سعرها، ومحو ذلك حسبما تقدم في دعوى مبتاع حيوان بخيار تلفه أو موته، وقول ابن عبدالسلام إثر قول ابن الحاجب: والقول قول من يدعي التلف أو الخسارة. قال الباجي: قال بعض أصحابنا: إن لم يبين العامل في القراض وجه دعواه الخسارة ضمن إن لم يرد تخريجه في الشريك، فذكر غير مناسب، وأن أراد تخريجه رد بوضوح دلالة مسائل المذهب على أن تسلط الشريك على مال الشركة أقوى من تسلط عامل القراض على ماله، ونسبته للشريك كنسبة الخصوص للمفروض إليه. وفيها: لمالك لغو نفقتهما إن كان ذوي عيال، وإن كان ببلدين مختلفي السعر. الصقلي في رواية سليمان لاابن القاسم: هذا إن تقاربا في العيال. قُلتُ: ذكرها ابن العطار غير معزومة كأنها للذهب. التونسي: بلغني إن كان لكل منهما عيال فاختلف سعر بلديهما اختلافًا بينًا أن تحسب النفقة إذا نفقت العيال ليست من التجر. اللخمي: القياس إن كان أحدهما في قراره وسعره أغلى حوسب بما بين السعرين مطلقًا، لأنه لم يخرج لتجر، وإن كان الاخر اعلاهما لم يحاسب بفضل، لأنه خرج لتنمية المال، فإن كان كل واحد قراره أو كان أغلاهما من هو في قراره دون من خرج لتنمية المال كان لأقلهما سعرًا أن يحاسب الآخر، لأن الأصل أن نفقة كل واحد عليه، وما سوى ذلك فهو للعادة، فأن كانت العادة الإنفاق من الوسط جاز على ما تجوز عليه

الشركة وهو المساواة في الانتفاع. وفيها: لما قال مالك بلغني النفقة علمًا أن ما أنفقنا إنما جاز مال التجارة والكسوة لهما أو لعيالهما تلغى، لأن مالكًا قال: بلغني النفقة فالكسوة من النفقة. قُلتُ: هذا نص في لزوم كسوة من ألتزمت نفقته وتقدم القول فيها في النفقة. وفيها: إلا أن تكون كسوة ليس ما بيدلها العيال مثل القصي والشرطي والوشي فهذا لا يلغى، وما أشترا أحدهما من طعام أو كسوة لنفسه أو لعياله فلبائعة ان يأخذ من ثمنه من قدر عليه فيهما، لأن مالكًا قال: أنه يلغى. اللخمي: إن تساوهما العيال في العدد وتباينوا في السر تحاسبوا بالفضل كتباين العدد، وإن كانت ممن لا يبدل واشتريت من مال الشركة فربحها للشركة، وخسارتها على مشتريها، وإن علم ذلك قبل، وزن الثمن فللآخر منعه إلا على المفاضلة فيه، وإن اشتركا على الثلث والثلثين وتساويا في العيال لم ينفق صاحب الثلث إلا قدر جزئه، ولا يجوز أن ينفق بقدر عياله ليحاسب بذلك في المستقبل. قُلتُ: هذا إن عقد الشركة على ذلك، ولو كان تطوعًا بعد عقد الشركة كان كالسلف، وقد تقدم قول ابن الحاجب: وقيل: إنما يلغي في غير أوطانهما، فقبله ابن هارون. وقال ابن عبدالسلام: لا أذكر من قاله في المذهب. قُلتُ: في أخذه من كلام ابن شاس نظر. قال ما نصه: الحكم إلغاء نفقتهما كان في بلد أو بلدين، وإن اختلفت الأسعار فيهما، وقيل: ذلك إن كان في غير أوطانهما فانظر هل لفظ قوله ذلك راجع إلى مطلق إلغاء النفقة فيكون إثباتًا لما نقله أبن الحاجب، ولا أعرف لغيرهما أو إلى إلغائهما مع أختلاف الأسعار فيكون إشارة لما قاله اللخمي فتأمله. وفيها: إن كان لأحدهما عيال وولد وليس للآخر عيال ولا ولد حسب كل واحد ما أنفق. وفيها: إن مات أحد الشريكين لم يكن للباقين أن يحدثوا في المال ولا في السلع شيئًا إلا برضا الورثة، لانقطاع الشركة.

وفيها: لابن القاسم من أقام بينه على رجل أنه مفاوضة كان له جميع ما بأيديهما بينهما إلا قامت فيه بينة أنه لأحدهما بإرث أو هبة أو صدقة، أو كان له قبل التفاوض، وأنه لم يفاوض عليه فيكون له خاصة. الصقلي: عن بعض الفقهاء، وكذا يجب لو قال البينة عليه إنه شريكه كان شريكًا في جميع مابأيديهما إلا ما قامت بينة انه لأحدهما كالمفاوضة لا فرق بينهما. اللخمي: لو أقام رجل البينة على رجل أنه شريكه لم يقض بالشركة في جميع أموالها، لأنه يقع على بعض المال، وعلى جميعه. وفي كتاب ابن سَحنون: من أقر أنه شريك فلان في القليل والكثير فهما كمتفاوضين في كل ما بأيديهما، إلا إنه لا يجوز إقرار أحدهما على الآخر بدين ولا وديعة، ولو أقر أنهما شريكان في التجارات كان بأيديهما من التجارات بينهما لا يدخل فيه مسكنه ولا خادم ولا طعام، وإن قال إحدهما في مال بيده، ليس من الشركة هو لي من ميراث أو جائزة أو بضاعة أو وديعة لرجل صدق مع يمينه، إلا أن يقيم الآخر بينة أنه من الشركة، أو أنه كان بيده يوم أقر، فإن أقر أنه كان بيده يوم أقر بالشركة كان منهما، لان العين من التجارة، ولو قال: في متاع بيده من متاع التجر ليس منها ولم يزل بيدي قبل الشركة كان بينهما، ولو قال: فلان شريكي ثم قال: إنما عينت في هذه الدار والخادم صدق مع يمينه، وإن قال: شريكي في متاع كذا صدق، وإن قال: في كل تجارة، وقال الآخر: فيما بيدك، ولست شريكي فيما بيدي صدق مع يمينه، وإن قال: في حانوت بيده فلان شريكي فيما فيه، ثم أدخل فيه غزلًا وقطنًا، وقال: ليس من الشركة، وقال الآخر: كان فيه يوم أقر، فالقول قول من قال كان فيه. قال: وقال سَحنون: روى أشهب أيضًا القول قول من قال: أدخله بعد الإقرار ليس من الشركة قُلتُ: ففي كون الشركة كالمفاوضة في عموم شركتها في كل مالأحدهما أو ما قام دليل تخصيصه بأحدهما طريقا. الصقلي مع التونسي واللخمي: ولو اختلفا عند المفاصلة بدعوى أحدهما الثلثين، والآخر النصف ففي كونه نصفين بعد أيهانهما، وأخذه في الثلثين إياهما إلا نصف

السدس، والباقي للآخر نقلا محمد عن أشهب، وابن القاسم بناء على اعتبار اتحاد حوزهما وتسليم دعواهما، وتعقب ابن عبدالسلام وغيره قول أشهب بعد إيهانهما بأنه لا موجب ليمين به لامتناع الثلثين، لأن مامضى له به منازع له فيه. ابن فتوح: إن دعا أحد إلى أحد رجلين أنه بينهما وأدعى الآخر نصفه، ففي كتاب الجار لعيسى بن دينار: حلفا، وكان بينهما شطرين بعد أن يحلف طال النص أن نصفه له لا يعلم جميعه لمنازعة. ابن فتوح: هذا وهم، إنما اليمين على مدعي النصف أنه لا يعلم جميعه لمدعي الكل، ولا يمين على مدعي الكل. قُلتُ: وكان يمشي لنا الجواب عنه بأن تعقبه إنما يتصور باعتبار رعي دعوى مدعي الثلثين أو النصف مع قصد دعوى خصمه على النصف الآخر، وذلك يوجب تسليم النصف لمدعي الثلثين، ومن سأله خصمه مدعاه امتنع حلفا عليه، وقول أشهب: يمتنع بناء على رعي ذلك، لأن بناءه على رعي الدعوتين يوجب أن يكون لمدعي الثلثين النصف بتسليم خصمه، ونصف السدس باعتبار دعواهما في السدس والفرض الحكم بأنه بينهما نصفين، هذا خلاف، وإذا بطل بنا على رعي دعواهما وجب بناه على رعي تساويهما في الحوز، والقضاء بالحوز لا يستقل الحكم له دون يمين الحائز، فوجب يمين كل منهما، لأن الحكم إنما هو الحوزة، ولهذا قال الصقلي ما نصفه: وحجة أشهب أنهم تساووا في الحيازة واليمين، وقول ابن الحاجب: وإذا تنازعا في قدر المالين حمل على النصف خلاف قول أشهب لإسقاطه اليمين، وخلاف قول ابن القاسم: ونقل خلاف نصوص المذهب عنه لا يجوز. وفي النوادر: لو أدعى أحد رجلين في جدار بينهما جميعه والآخر نصفه، ففي كون الواجب لمدعي كله ثلثه أو ثلاثه أرباعه قولًا مطرف وابن الماجشون، فالأول على قول مالك والليث وابن كنانة وأشهب وابن وهب وابن الماجشون على قول أبيه، وبه قال ابن القاسم. وفيها: إن اشترى أحد المتفاوضين من مال شركتهما جارية، وقال: إنما اشتريتها لنفسه.

قال ابن القاسم: هي بينهما وشريكه بالخيار، وليس من فعل هذا كغاصب الثمن أو متعدي في وديعة ابتاع بها سلعة، هذا ليس عليه لرب الدنانير إلا مثل دنانيره، وهو كمبضع معه في شراء سلعة أو مقارض، أو وكيل تعدى فرب المال مخير في أخذ ما اشتراه أو تركه واختصرها البرادعي يزيادة بأن هؤلاء أذن لهم في تحريك المال فلكل متعد سنة يحمل عليه. قُلتُ: تعليله بأنه أذن له في تحريك المال يبطل بتجر الوصي لنفسه بمال يتيمه. فيها: يندب لجعله الربح لليتيم، ولا يجب عليه، والصواب تعليله بأنه أخذه بحركة التجر، وأصل أخذ الوصي إنما هو للحفظ لا لتنمية. وفي وطء أحد الشريكين منهما طرق: ابن رُشْد في نوازل سَحنون من الاستبراء: إن وطئها بعد إذن شريكه ففي تخيير غير الواطئ في التقويم عليه، وإبقائهما ولزوم تقويمها قولها مع المشهور، وغيره مع ظاهر قولها في الشركة، وعلى الأول إن لم يقومها منع الوطئ من الغيبة عليها، وعقوبته إن جهل أخف منها إن تعمد. اللخمي: اختلف هل لغير الواطئ ردها للشركة فمنعه ابن القاسم وأجازه غيره، وأرى إن زطئها جهلاً فله ردها، وإن تعمده حيزت عنه لشريكه إن كان مأمونًا وله أهل، وإلا فلا حتى تباع. ولابن القاسم: من وطئ أخته من الرضاعة بملك بيعت عليه إن كان عالمًا، وإن ظن حل ذلك لم تبع عليه، وفي استبرائها من وطئ أختين بملك، ثم عادت إليه إحداهما بعد بيعها قبل وطء الباقية أن يجتمعا في ملكه؛ ومعناه: إن كان جاهلاً. عياض: في أمهات الأولاد: معروف مذهب المدونة في هذا الكتاب وغيره تخيير غير الواطئ التقويم والتماسك، وفي الشركة ما ظاهر خلاف هذا، وأنهما قولان آخران له أحدهما تقويمها يوم وطئها، ولم يذكر تخييرًا أو نحوه في الموازية واللفظ الآخر. قوله: إن اشترى جارية لنفسه فوطئها أنهما يتقاومانها. قال محمد بن يحيي: وكذا كل مالا ينقسم إذا ادعى أحدهما بيعه، فإن أبي أحدهما المقاواة عرضت للبي، وأخذها فإن أحب أمسكها بما بلغت.

وقال ابن أبي زَمَنين: هذا حكم المتفاوضين دون غيرهما، وقال فيها قول رابع: أنها باقية على حكم الشركة، ويعطي الشريك ما نقصها الوطء إن نقصها، وهو نحو رواية البرقي عن أشهب، لا يجب على الواطئ تقويم. قال بعضهم: وهو القياس. قُلتُ: قوله ونحوه في الموازية عزاه اللخمي لرواية محمد، وعزا الرابع أيضًا لرواية محمد. قال: وهو القياس. قال: وإن نقصها الوطء؛ لأنها ثيب فلا شيء عليه، وإن كانت بكرًا فعليه ما نقصها، وإن كان ربها إنما اشترى لقصد بكارتها كان له تغريمه نصف قيمتها. ابن الحاجب: ولو وطئ جارية للشركة فللآخر تقويمها أو إبقاؤها، وقيل: تتعين مقاومتها، وقال ابن القاسم: تتعين إن كانت في شركة مفاوضة. ابن عبد السلام: القول الثالث لا أعمله لغير ابن القاسم غير أن مالكًا قال في المدونة: إن كان كل واحد منهما يشتري امة من مال الشركة يطأها ثم يبيعها ويرد ثمنها في رأس المال ولا خير في ذلك، وما بأيديهما من الجواري على هذا يتفاومانها بينهما، فلو بقي هذا القول على هذا الوجه كان قريبًا من الثالث، غير أنه منسوب لمالك لا لابن القاسم، وتممه ابن بشير القاسم لقوله: للشريك إنفادها لمن وطئها بالثمن. فإن قال: لا أقاويه فيها: وأردها في الشركة لم يكن له ذلك. وقال غيره: له ذلك، فإذا كان كلام ابن القاسم متممًا لقول مالك لم يبق للقول الثالث وجود، ولا نسبة لابن القاسم. قُلتُ: يرد بأن الثالث هو عزاه عياض لا بن أبي زمنين؛ ومعنى عزوه له أنه حمل قول ابن القاسم عليه لا أنه أنشأه لنفسه، وقول ابن عبد السلام إن ماتممه به ابن القاسم لا يبقي للقول الثالث وجود غير صحيح، وبيانه أن المتمم حاصله أن الشريك الواطئ أن يمضي للواطئ الأمة بثمنها، وهذا؛ لأنه قصد بشرائه أنها له لا للشركة بدليل فرضه المسألة أنه اشتراها ليطأها فقصده بشرائه وطأها ظاهر في أنه اشتراها لنفسه، فكان لشريكه أن يضمي له ذلك على الأصل فيما اشتراه أحدهما لنفسه من مال

باب في شروط شركة الأبدان

الشركة، فإن أبي ذلك فقد ألزمه حكم كونها للشركة، وعلى هذا التقدير. قال ابن القاسم: تتعين المقاواة، ويمتنع إبقاؤها للشركة، وهو مع قيد تخصيصه بالمفاوضة السلامة من مناقضته المشهور، وهو عدم لزوم المقاواة فيحمل المشور على عدم المفاوضة، وهذا على المفاوضة ففي لزوم تقديمها على وطئها، ثالثا: في شركة المفاوضة، ورابعها: لزوم بقائها مع غرم نقص وطئها إن نقصها لعياض عن أحد قوليها والمشهور وثاني قوليها، ونقله ابن رشد واللخمي. وإن أصابها بإذن شريكه لزمته القيمة، ولو لم تحمل؛ لأنه تحليل. قال: ولو اشتراها للتجر وليصبها، وشراؤها للتجر حسن، وعلم بذلك قبل الوطء لم يضمن الثمن، وربحها وخسارتها للشركة، وكذا إن اشتراها بغير إذن شريكه، وإن لم يعلم حتى وطئها لزمته قيمتها دون خيار، وكذا الجواب إن فعلا ذلك معًا، ولو حملت لزمت قيمتها وتمامها في أمهات الأولاد. وفيها: ما اشترى أحدهما لطعامه أو لمنزله أو ما عرف أنه اشتراه لعياله من كسوة فلا شركة لصاحبه فيه. [باب في شروط شركة الأبدان] وشركة الأبدان: فيها مع غيرها: شرطها اتحاد صنعتهما ومكانهما. وفيها: ولا يشترك حداد وخراز في حانون واحد وصنعة كل واحد غير صنعة صاحبه فلا خير فيه، وإن كان حملهما واحدا في حانوتين مفترقين فلا بأس به. ابن رُشْد: لا وجه لقوله لا بأس به إلا أن يكون معناه أنهما يجتمعان معًا على أخذهما الأعمال، ثم يأخذ كل واحد منهما طابقه من العمل يذهب به لحانوته يعمله فيه لرفق له في ذلك لسعة حانوته واشنراحه أو قربه من منزله وشبه ذلك.

عياض: تأول شُيوخنا ما في العتبية على تعاونهما في الموضعين أو أن نفاق السلعتين في الموضعين سواء، فيكون وفاقا للمدونة؛ لأن المقصود من وحدة المكان تقارب أسواقه ومتابعه، وشرطها إن لم تفتقر لآلة تقاربهما، والقدرة على العمل ومعرفته ووحدة العمل والمكان. قُلتُ: خرج اللخمي ما في العتبية على القول بجواز استئجار الأجير على أن يأتيه بالغلة، وإن افتقرت لآلة كالكمد وصيد الجوارح وحمل الدواب ردت بشرط الاشتراك في الآلة بملك أو إجازة من غيرهما، ويجوز أن يؤاجر أحدهما نصف ألته بنصف آلة صاحبه وهما متساويان هذا ظاهر الكتاب، ولابن القاسم وغيره المنع في غير المتساوي بالملك والكراء من غيرهما، وإن لم يذكرا كراء، وتساويا فظاهر المدونة المنع، فإن وقع مضى وأجازه سَحنون، واختلف في تأويل قوله في الكتاب في ذلك، وخامس مشروطها كون عملها وقسمتها على قدر رؤوس أموالهما في العمل. ابن رُشْد: أجازه ابن حبيب افتراق الأكرباء في البلد غن كانت الدواب مشتركة بينهم ليس بخلاف لابن القاسم. قُلتُ: وقول أبي عبد الله الذكي في مسائله: لو اشترك قارئ وحاسب على أن يقتسما على قدر عملهما جرى ذلك على جميع الرجلين سلعتيهما في البيع، يرد بقوة الغرر في الشركة، لجهل قدر عمل كل منهما، وقدر عوضه والمجهول في السلعتين قدر العوض فقط، ولا يتخرج على قول اللخمي: لو اشترك حائكان بأموالهما أحدهما يتولى النسج والآخر يحسنه ويتولى الخدمة والبيع والشراء وقيمة عملهما سواء جاز؛ لأن معموليهما لا قيم إلا بعملهما معا كالشريكين في استخراج اللؤلؤ أحدهما يغوص، والآخر يفرق أو يمسك عليه. وفيها: إن أخرج أحدهما ثلت رأس المال الآخر الثلثين على أن العمل عليهما جميعًا والربح بينهما نصفان لم يجز، وإن كان على قدر ما أخرج كل منهما يكون ربحه وعمله ووضعيته جاز، وإن تطاول احد القصارين على صاحبه بتابعه من الماعون لا قدر له في الكراء كقصرية ومدقة جاز، وإن تطاول أحدهما بما لا يلغى مثله لكثرته لم يجز.

باب شركة الوجه

وفيها: ما يقبل أحد شريكي الصنعة لزم الآخر عملة وضمانه، ويؤخذ بذلك إن افترقا. ابن رُشْد: قال سَحنون: لا يضمن أحدهما ما تقبله الآخر، إلا أن يجتمعا على أخذه ولا يضمن أحدهما العمل عن صاحبه إلا أن يلتزما ذلك، خلاف قول ابن القاسم في الوجهين، فقول ابن القاسم في الصائغين، إن مرض أحدهما، أو غاب غيبة طويلة فعمل صاحبه في غيبته لا يكون به متطوعاً له، فعمله صحيح على أصله؛ لأنه عمل تحمل عنه بما لزمه من الضمان، فوجب رجوعه بقيمة عمله، وهو معنى قوله، وليس بخلاف قوله في كتاب الجعل والإجازة: إذا استأجر أجيرين لحفر بئر فمرض أحدهما وعمل الآخر أنه متطوع بعمله له إذ ليس أحدهما ضامناً عن صاحبه، وإنما تستوي المسألتان على قول سَحنون الذي لا يجعل بين الصانعين ضماناً، وقال: إن إحدهما ترد إلي الآخر، وقوله في مسألة الجعل: الحافر متطوع لرب الئر ليس بخلاف لقول ابن القاسم؛ لأنه حمل الإجارة على التعيين، تنفسخ بالموت والمرض، وحملها ابن القاسم على أنها مضمونة عليهما لا تنفسخ بالموت وتلزم في أموالها، ولا يختلفان فيمن يكون العامل متطوعاً له إن وقعت الإجارة مبينة في مضمون أو معين، وإنما يكون العامل متطوعاً في معين أو مضمون إن لم يحتج إلي الاستيجار على ذلك على ما قالوه فيمن حصد زرع غيره بغير إذنه. وفيها: وإن أقعدت صانعاً في حانوت على أن تتقبل عليه المتاع، ويعمل هو والفائدة بينكما نصفين لم يجز. [باب شركة الوجه] ابن رُشْد: شركة الوجوه لا تصح، وفسرها بعض أهل العلم أن يبيع الوجيه مال الخامل بوجه بزيادة ربح ليكون له بعضه، وقال القاضي أبو محمد: هي أن يشتركا على الذمم دون مال ولا صنعة على أن ما اشترياه يكون في ذمتهما وربحه بينهما، وكلاهما لا يجوز.

باب في شركه الذمم

وسمع عيسى ابن القاسم: من قال لصاحبه اقعد بهذا الحانوت تبيع به، وأنا آخذ المتاع بوجهي والضمان علي، وعليه يفعلا فالربح بينهما على ما تعاملا عليه، ويأخذ أحدهما من صاحبه أجر ما يفضله به من عمل. ابن رُشْد: مثله في عمله والربح تبع للضمان كما يتبع المال، وسمعه لو قال: له في ذلك، ولك نصف ما ربحت أو ثلثه لم يصح، فإن عملا بها دين في الحانوت أجر مثله في العمل والربح لمن أجلسه. ابن رُشْد: لأن الربح تابع للضمان، وإذا كان من الذي أجلسه كان له الربح وأجر مثله؛ لأنه عمل على نصف الربح فيما باع، وهو غرر. قُلتُ: وقال اللخمي: قال ابن القاسم في العتبيَّة: من شارك رجلاً، وقال: أتقبل عنك المتاع، وتعمل أنت وما رزق الله تعالى بيننا نصفين لم يجز. اللخمي: فإن نزل ذلك، وتقبل أحدهما وعمل به الآخر بما تقبل به العامل، ولرب الحانوت أجر مثله فيما تولى من العقد مع الناس وأجر حانوته سواء دخل المتقبل منه على عمل هذا بعينه أو على مضمون. قُلتُ: هذا خلاف ما تقدم لابن القاسم، ثم إن اللخمي بعد ذكره هذا عن العتبيَّة ذكر عنه المسألتين الأوليتين، وقال: فرق بين السؤالين؛ لأنه قال في الأول: الضمان عليهما، وهو يقتضي أن الشراء على ذمتيهما، وقال في الثاني: لك نصف ما ربحت، ولم يجعل عليه من الخسارة شيئاً، وذلك يقتضي أن الشراء على ذمة المشتري وحده. [باب في شركه الذمم] وشركة الذمم: شركة فيها يتقرر في ذمتيهما مضمونا عليهما. وفيها: ولا تجوز بالذمم بغير مال على أن يضمنا ما ابتاع كل منهما، كانا في بلد

أو بلدين. اللخمي: إن اشتريا سلعة صفقة واحدة فهي بينهما على الجزء الذي اشتركا فيه، وما انفردا أحدهما بشرائه في كونه كذلك لشرائه بإذن صاحبه أو اختصاصه بمشتريه قولا ابن القاسم وسَحنون، والأول أحسن؛ لأن كل واحد منهما وكيل لصاحبه يجعل فاسد، وللبائع أخذ كل منهما بنصف الثمن إن حضرا موسرين وإلا فإن علم شركتهم وجهل فسادها فله أخذ الموسر الحاضر بكل الثمن، وإن لم يباشر بالشراء، وإن علم فسادها لم يأخذ أحدهما من الآخر، وإن جهل شركتهما فله أخذ متولي الشراء بكل الثمن وغيره بنصفه؛ لأنه ملك نصف سلعته. قُلتُ: ولأَصْبَغ في سماعه كقول ابن القاسم. وسمع عيسى ابن القاسم: من قال لرجل: اشتر سلعة كذا، وأنا فيها شريكك لم أشرك فيها آخر، فللأول نصفها، ويخير الشريك الآخر في أخذ حظ من أشركه أو تركه. ابن رُشْد: قوله: ليس للمشرك الثاني إلا نصف حظ من أشركه هو المشهور كما سمع يحيى من كتاب الشفعة على قياس قولها: فيمن اشترى نصف سلعة، وورث نصفها لا يبيع نصفها مرابحة حتي يبين؛ لأنه أن لم يبين وقع بيعه على ما ورث واشترى، وقيل: للمشرك كل حظ من أشركه، وهو دليل قولها في العتق الأول ... آخر مسألة من أول رسم من سماع ابن القاسم من هذا الكتاب، وتقدم القول فيه. قُلتُ: زاد فيه: إن قال يتخرج هذا الخلاف على اختلافهم فيمن باع نصف دار على الإشاعة وهى بينه وبين غيره، هل يقع بيعه على كل حظه أو على نصفه ونصف حظ شريكه. وفي الموطأ قال مالك: من قال لرجل اشتر هذه السلعة بيني وبينك، وانقد عني، وأنا أبيعها لك؛ لا يصلح؛ لأنه أسلف على أن يبيعها له، ولو هلكت السلعة فلمن نقد الثمن أن يأخذ من شريكه ما نقد عنه. الباجي: إن نزل ذلك فالسلعة بينهما وليس عليه حظ المسلف، وإن كان باعه فله أجر مثله في بيعه، ولو علم قبل النقد لم ينقد عنه، وهما شريكان، وفيه من وجبت له سلعة بابتياع، فقال له رجل: أشركني بنصفها وأبيع لك جميعها، كان حلالاً لا بأس

به وتجب. وسمع أَصْبَغ ابن القاسم: إن اشتركا في سلعة معينة اشترياها لدين فلا بأس، وإن لم يكن لهما رأس مال، وإن قال: ما اشترى كل واحد منا بدين فنحن فيه شركاء، ولا مال لهم لم يعجبني. أَصْبَغ: إن وقع ونفد ضمناه، وفسخت الشركة بينهما. ابن رُشْد: مثله فيها، ولا خلاف أنهما إن اجتمعا في اشتراه سلعة معينة بدين أنه جائز وهما شريكان فيها، وإن لم يكن لهما مال وكل منهما ضامن عن صاحبه إن شرط البائع وإلا فلا. وسمع أبو زيد ابن القاسم: من وقف علي وهو يشتري سلعة لم يتكلم، فلما تم البيع قال: أنا شريكك فهو شريكه، فإن أبى ألقى في السجن حتي يفعل إن اشتراها ليبيعها، ولو اشتراها لمنزله أو ليخرج بها لبلد آخر لم يكن عليه فيها شرك، ونحوه في نوازل أَصْبَغ من جامع البيوع. قال ابن رُشْد في القضاء لأهل الأسواق بالشركة فيما ابتاعه بعضهم بحضرتهم للتجر على غير المزايدة: رفقا بهم، وهو مذهب مالك، وتبعه عليه كل أصحابه. وفي قصرها على الطعام وعمومها في غيرها من دابة وسلعة رواية أشهب وقول ابن حبيب مع أَصْبَغ، وسماعه ابن القاسم. وفي كون ذلك فيما بيع بالسوق فقط، وفيه وفيما بيع بالطرق والأزقة وغيرها، إلا ما اشتراه في حانوته أو داره قولا أَصْبَغ وابن حبيب. وفي خصوص وجوب الشركة لأهل تجر تلك السلعة وعمومه فيه. وفي كل ذي ثمن قولا أَصْبَغ مع ابن حبيب وابن الماجِشُون، وحيث تجب لهم لا تجب عليهم إن أبوا ولو قالوا له وهو يسوم تشركنا في هذا الطعام، فقال: نعم، أو سكت لزمهم ولو قال: لا لم تلزمه شركته؛ لأنه أنذرتهم ليشتروا؛ لأنفسهم لا، ولو قالوا له وهو يسوم أشركا: واشترا علينا فسكت وذهبوا ثم اشترك بعدهم لم يلزمه شركتهم وحلفه اشترى عليهم ولا أشركهم، ولو طلبهم بالشركة لتلف السلعة أو خسارة ظهرت لزمهم لسؤالهم، ولو قال لهم: نعم لزمته ولزمتهم، وكذا ما اشتراه من غير سوقه، ولو كان

يوقف به من غير أهل التجر فيه. وفي نوازل أَصْبَغ: لو قال: قال لم حضره لم أشترها لتجر بل لأكل الطعام أو لحرمة في الرقيق أو لركوب في الدواب أو للبس في الثوب صدق، إلا أن يدل على كذبه كثيرة المشترى مما يعلم أنه لا يشترى به إلا التجر. ابن رُشْد: يريد: يصدق مع يمينه. وفي ثبوتها بجميع مالكي سلعتين إياها في بيعها من ثمنها المماثل صفة وأجلاً يكتبهما في كتا واحدٍ نقلا الصقلي عن ظاهرها، والشَّيخ عن المذهب، ورد ابن عبد السلام احتجاج الصقلي بأنه لو كان تفريق كتبهما ما هو شركة بينهما في كتابين لدفع شركتهما، وجب كون جمعهما في كتاب واحد يوجب شركتهما بأن جعله موجباً لها يلزم منه بيع الدين بالدين بخلاف كونه بائعاً، يرد: بأن تماثل الثمنين المذكورين ينفي تقرر البيع بينهما لعد اختصاص أحدهما بجزء منهما لما تقدم من الفرق بين إجازة شركتيهما بذهب رفضة من كل منهما، ومنع سلمها بيع إردب قمح، وإردب شعير بمثليهما، وإن ادعى أحد شريكي ما لا ينقسم لإصلاحه أمر به، فإن أبى ففي جبره على بيعه ممكن يصلحه، أو بيع القاضي عليه من حظه يقدر ما يلزمه من العمل فيما بقي من حقه بعد ما بيع عليه منه، ثالثها: إن كان ملياً جبر على الإصلاح وإلا فالأول لابن رُشْد عن سماع يحيى ابن القاسم في كتاب السداد، ومالك في رسم الصلاة من سماع يحيى من كتاب الأقضية مع دليل قولها في كتاب القاسم وسَحنون قال: بناء على جواز البيع بشرط بالإصلاح، وهو قولها ومنعه مطلقاً وجوازه عند الضرورة. ابن الحاجب: والمشرك مما لا يجب، وينقسم يلزمه أن يعمر أو يبيع، وإلا باع الحاكم بقدر ما يعمر. قُلتُ: ظاهرة أن هذا يبيع القاضي عليه بقدر ما يعمر اختص بنقله للمؤلف وهو قصور عن إدراك ما تقدم في الأسمعة المذكورة، وعزو ابن رُشْد الثاني لدليل قسمها لا أعرفه؛ بل مقتضى أخذه من بأن بيع كل حظه ممن يشترط عليه الإصلاح منها؛ لأن البيع بشرط الإصلاح لما وقع فيها في مسألة العلو والسفل، وما نقله ابن الحاجب عن المذهب خلاف الأقوال الثلاثة لابن رُشْد، وهذا؛ لأن القول ببيع بعض حظه إنما وقع في السماع،

وذكره ابن رُشْد مرتباً على إبابته من الإصلاح فقط لا عليه مع إبايته عن بيعه ممكن يصلح، وهو نقل ابن الحاجب مرتب عليهما فهو إذن قول رابع فتأمله، وفي إجراء ابن رُشْد مرتاً على إبايته من الإصلاح نظر؛ لأن بيع حظه أذن بسرط إصلاح المبتاع تناقض؛ لأنه بجويز للبيع بشرط الإصلاح على منع بشرط الإصلاح، فإن لا يشترط أدى لك إلي قاء الضرر لأجله وجب البيع، وسمع يحيى ابن القاسم: إن ادعى بعض اشراك في كرم سقطت حيطانه وخيف عليه الفساد لإصلاحه، وأبى بعضهم، فإن كان حظ كل منهم معيناً له لم يلزم الآبى إصلاح، وإن كان مشاعاً جبر على قسمه من أباه، فإن كان به ثمره وترك إصلاحه يضر بها جبر الآبي على تحصينه أو ببيع ممكن يحصن الثمرة إن طابت وإلا جلهم أن يحصنوا ويتبعوه بمنابه من التحصين في حظه من الثمرة. ابن رُشْد: ظاهره إن طابت الثمرة فلم يف حظه فيها بمناب إصلاحه أنه لا يلزمه أكثر من تسلمه حظه فيها لهم، والأظهر لزوم بيعه حظه حينئذ منها، ومن الأصل وإلا سلمها لهم، وظاهر قوله: إن أبى ولم تطب الثمرة أنه لا يلزمه أكثر من تسليمهم حظه من الثمرة، والقياس أنه إن لم تطلب الثمرة لزمه التحصين معهم أو بيع حظه من الثمرة، والأصل ممن يحصن معهم، وكذا سماع ابن القاسم من كتاب السداد. وفيها: إن سقط العلو على الأسفل يهدمه، خير رب الأسفل على أن يبني أو يبيع لمن يبني. اللخمي: قال سَحنون: إنما يجوز البيع بشرط الإصلاح إن كان البائع لا مال له، وإلا لم يجز؛ يريد: ويجبر على الإصلاح. قُلتُ: ابن القُصَّار: يجبر مطلقاً إلا أن يختار رب العلو بناء من عنده، ويمنع رب السفل من النفع به حتي يعطيه ما أنفق، وأرى أن يخير رب السفل في بنائه أو بيعه ممن يبني أو يمكن رب العلو من بنائه إن رضي على أن يشتركا فيه بقيمة كراء القاعة، وقيمة كراء البناء إلا أن يعطيه بعد ذلك قيمة البناء قائماً يوم يأخذه، وإن كان سبب الأنهدام وهاء العلو، ففي ضمانه خلاف، وضمانه أحسن، ولو قدم إليه فلم يفعل ضمن اتفاقاً، وكذا

إن كان الانهدام بوهاء السفل ورب العلو حاضر، ولم يقدم إليه أو كان غائباً، وإذا وهى السفل ففي تعليق العلو مدة صلاح السفل اختلاف، والأولى على رب العلو. وللصقلي عن ابن شعبان: إلا أن يرد هدمه من غير حاجة. قُلتُ: ظاهره جواز هدمه من غير حاجة. وفي النوادر لابن سَحنون عنه، وهو لأشهب: إن إراد رب السفل هدمه وأراد رب العلو أن يبني علوه فليس لرب السفل هدمه إلا من ضرورة ككون معدمه أرجف لرب العلو لئلا ينهدم، ويكون ذلك سبباً يفسد عليه طوبه وينهدم بانهدامه العلو وحكى القولين فيما يكون عليه التعليق. أبو عمران: وعزا لابن القاسم أنه على رب العلو. وفي النوادر من كتاب نفي الضرر من العتبيَّة عن ابن القاسم عن مالك: بتعليق العلو الناشئ على صاحب الأوسط. وفي العتبيَّة: قال سَحنون: إذا خيف على حيطان السفل فليهدمه ربه، وعليه تعليق العلو. وروى ابن القاسم في المجموعة: إن كان لرجل منازل بعضها فوق بعض فانهدمت فليبن الأسفل منزله، ثم يبني كل واحد منهم منزله؛ يريد: إلا أعلاهم له أن يترك. وسمع ابن القاسم في كتاب الأقضية في رجلين بينهما منزل لأحدهما علوه وللآخر سفله فانكسر السقف الأدنى بسقف البيت قال: على رب الأسفل إصلاح خشبه، وجريده. ابن رُشْد: مثله فيها ولا خلاف فيه. وفي النوادر ما نصه: ون كتاب ابن عبد الحَكم عن ابن القاسم قُلتُ: على من السلم، فإن رب السفل قال: ليس هو علي، قال: هو بينهما على رب السفل إن كان له علو أن يبلغ به علوه، ثم على رب العلو لا على ما أدرك العلو الأول إلي علوه، وأعرف لبعض أصحابنا على رب السفل بناء السلم إلي حد العلو، فإن كان ثَم علو آخر فعلى رب العلو الأول من بناء السلم من حد علوه إلي مبلغ سقف علوه الذي عليه علو الآخر. ابن عبدوس: إن احتاج رب السفل أن يرم سفله لعلو الطريق عليه، وضاق مدخله

يجبر رب العلو على أن يجبر ويرفع علوه في هواه وبنائه بثمن يدفعه له، وإن احتاج من يجري قناة جاره عليه لرفع داره لعلو الطريق عليه ورفعه يضر بالأول، له ذلك، ويقال لصاحبه: ارفع إن شئت وإلا فلا شيء لك. قال ابن اللباد: القياس أنه ليس له رفع داره إلا بطوع من الأول. الشَّيخ: إنما هذا إن كان للماء منفذ في الزقاق بإصلاح يسير وإن تفاحش، فالقول قول ابن عبدوس. ولابن سَحنون عنه، وهو لأشهب: ليس لرب العلو أن يبني على علوه شيء شيئاً لم يكن إلا ما خلف مما لا يضر رب السفل، فإن بنا مضراً قلع، ولو انكسرت خشبة من سقف العلو لم يكن له إدخال خشبة أثقل منها. وسمع أَصْبَغ أشهب: باب الدار على رب السفل. وفي كون كنس مرحاض بالسفل يسقط فيه فضلة رب العلو على رب السفل أو عليهما بقدر عدد الجماجم. نقلا ابن رُشْد في رسم باع شاة من سماع أَصْبَغ من جامع البيوع عن سماع أشهب لأَصْبَغ، وقول أَصْبَغ مع ابن وَهْب، وعليهما الخلاف في كنس كنيف الدار المكراة، قال أشهب: على ربها، ورواه ابن جعفر، وسمع أبو زيد ابن القاسم على المكتري على قياس قول أَصْبَغ وابن وَهْب، وفيها دليل القولين. قُلتُ: وزاد الشَّيخ، وقال لنا أبو بكر عن محمد: إن كانت رقبة البئر لرب السفل فالكنس عليه، وإن كانت لرب العلو في رقبة البئر ملك، فالكنس عليهما على قدر الجماجم. الشَّيخ: خرج على قول ابن القاسم وعلى قول ابن وَهْب: إنما على قول ابن القاسم: فإن كان لرب العلو ملك في البئر فعليه بقدر ملكه، وابن وَهْب: لا يسأل عن الرقبة، ويجعل الكنس على من انتفع. وأخذ بعض متأخري أصحابنا ممن ولي الحكم بقول ابن وَهْب: إن كانت البئر محفورة في الفناء، وإن كانت البئر محفورة في رقبة الدار فالكنس على من له رقبة الملك. وسمع أَصْبَغ أشهب: كنس تراب قاعة السفلى على رب السفل.

أَصْبَغ: مما لم يطرحه رب العلو وليس له أن يطرح فيها شيئاً حتي يجتمع، وقاله أشهب، إلا أن يكون له شرط في القسم في الاتفاق بقاعة السفل. الشَّيخ: والقول في مرحاض بين دارين كالقول في العلو والسفل فيمن له رقبة البئر أو ليست له. وفي نوازل عيسى من كتاب السداد: لو تهدمت رحابين نفر أنفق فيها بعضهم فلما تمت قال: من لم يعمل هذا نصف ما أنفقت وأنا على حظي فله ذلك، ولو كان المنفق اغتلها فاختلف فيه. قال محمد بن إبراهيم بن دينار: للمنفق بقدر ما أنفق، وقدر حظه قدر إنفاقه، ولمن لم يعلم بقدر ما كان بقي من قاعتها وسدها وحجارتها، وما كان فيه من إصلاح. وقال ابن القاسم: مرة كل غلتها للعامل كاختصاصه بماء البئر يذهب ماؤها، ويأبى شريكه الإصلاح فيصلحها. قال عيسى: وبهذا رأيت ابن بشير يحكم. ثم قال ابن القاسم: في الرجل يحاصه بما اغتل فيما أنفق، ولو كان اغتل كلما أنفق رجع هذا بحظه دون غرم. قال عيسى: فالذي أخذ به أن كل الغلة للعامل، وعليه لمن يعمل كراء حظه من القاعة، وما بقي فيها من العمل، فإن أراد الدخول معه فيما بنا دفع له ما ينوبه من قيمة العمل الذي في الرحا يوم يدخل معه، لا يوم عمله، ولا قدر ما ينوبه من النفقة إلا أن يكون ذلك بحدثانه. قال: وقال ابن وَهْب: كابن دينار للعامل من الغلة بقدر ما أنفق، وحظه فيها، وللآخر بقدر حظه فيه، فإن كانت قيمتها غير معمولة عشرة، وبعد العمل خمسة عشر، فثلث الغلة للعامل وثلثها بينهما، وعلى الذي لم يعمل منابه من أجر العمل في قيامه بعلمها، فإن أراد الذي لم يعمل الدخول في الرحا لم يعمل منابه من قيمة الرحا يوم يدفع له ذلك. وقال يحيى بن يحيى: مثله كله وبه أخذ، وسمعت ابن القاسم يقول غيره. ابن رُشْد: قول محمد بن إبراهيم ظاهره أن الغلة تفضي على منتهى نفقته، وقيمة ما

كان له من أصل الرحا، وعلى قيمة ما كان لمن لم يعلم من أصل الرحا، فإن كانت النفقة غير مضمونة فإن كانت عشرة، وقيمتها بعد العمل خمسة عشر كان للعامل ثلثا الغلة لمن لم يعمل الثلث، إذ لو أراد ذلك لقال: يكون للعامل من الغلة بقدر ما زادت نفقته في الرحا، وبقدر ما كان له فيها، وقول عيسى ابن دينار: إن أراد. من لم يعمل الدخول مع الذي عمل دفع منابه من قيمة العلم قيمته يوم يدخل معه لا يوم عمله، ولا قدر ما ينوبه من النفقة التي أنفق إلا أن يكون ذلك بحدثانه مفسر لقول ابن القاسم: أن كل الغلة للعامل، ولم يبين حكم قيامه بحدثانه، وفيه قولان قائمان من المدَوَّنة، أحدهما: إعطاه منابه من مبلغ النفقة، والثاني: منابه من قيمة النفقة، إذ قد يغير في استئجار الإجراء، وما ابتاع من متاع الرحا، ولو أراد الدخول بعد أن يلي البنيان لم يلزمه إلا منابه من قيمته على حاله اتفاقاً، وتفسيره أن يقال كم قيمة الرحا على ما هي عليه من قدم بنائها، وكم كانت تكون قيمتة اليوم لو كان بناؤها جديدً فينقص ما بين القيمتين مما أنفق أو من قيمة النفقة على ما مر من الخلاف، فما بقي عليه مما ينوبه منه، وقيل: ذلك راجع إلي أن يكون عليه منابه مما زادت قيمة الرحا من البناء على ما هو عليه بأن تقوم خربة، وعلى ما هي عليه فيكون عليه منابه مما بين القيمتين إلا أن يكون أكثر من قيمة ما أنفق، ولا يكون عليه أكثر من قيمة ما أنفق، وكذا حكى ابن حبيب عن مُطَرَّف أن عليه الأقل من قيمة البناء أو قيمة ما أنفق، ولا خلاف أنه لا يلزمه أكثر مما أنفق، فليس قول عيسى بخلاف لقول ابن القاسم الأول إلا فيما ذكر أنه يكون عليه كم لم يعمل كراء حظه من القاعة؛ لأن ابن القاسم لا يرى عليه في ذلك كراء؛ لأن الرحا مهدومة لاكراء لها، إنما صار الكراء ببنيانه، وقول عيسى أظهر؛ لأن الكراء فيها موجود ففي محاصة بالنفقة وعدهما ثالثها: إن تهدمت لم يحاصص، وإن كانت قائمة فانحرف بئرها فتعطلت حاصص لقولي ابن القاسم في السماع، وقوله في المبسوط وعلى عدم المحاصة ففي كون الغلة للعامل إلا أن يريد الآخر الدخول معه، ولا كراء عليه في حظ الآخر، أو مع غرمه الكراء، ثالثها: بينهما بقدر حظ العامل من الرحا على ما كانت عليه، وقدر حظ العامل منها، وقدر عمله على الاختلاف في تأويله لابن القاسم وعيسى، وسكت عن عزو الثالث.

قلت: لا يخفى على من فهم هذا التفصيل إجمال نقل ابن الحاجب، وإذا انهدمت الرحا المشتركة فأقامها أحدهم، فإن أبى الباقون فعن ابن القاسم الغلة كلها لمقيمها، وعليه أجرة نصيبهم خرابا، وعنه أيضا يكون شريكا بالغلة بما زاد بعمارته، فإن كانت قيمتها عشرة، وبعد العمارة خمسة عشر فله ثلث الغلة بعمارته، والباقي بينهم، ثم من أراد أن يدخل معه دفع ما ينوبه من قيمة ذلك يوم يدفعه، وقيل: الغلة بينهم ويستوفي منها ما أنفق، وفيها مع غيرها منع أحد الشريكين مجرد الملك، يعني: تصرفه فيه دون إذن شريكه؛ لملزوميته التصرف في ملك الغير بغير إذنه. الشيخ لابن حبيب عن الأخوين: ليس لأحد مالكي جدار أن يحمل عليه ما يمنع صاحبه من حمل مثله إن احتاج إلا بإذنه، وإن كان مما لا يصنع صاحبه من حمل مثله إن احتاج إلا بإذنه أن يحمل عليه مثله كحمل سقف بيت أو غرز خشب فذلك له، وأن يأذن له. وفيها: أيقسم الجدار إن طلب قسمه أحد الشريكين. قال: لم أسمع فيه شيئا وأرى إن لم يدخل فيه ضرر، وكان ينقسم أن يقسم، وإن كان لكل واحد عليه جذوع لم يقسم وتقاوماه. الصقلي لابن حبيب عن الأخوين: لا ينقسم إلا عن تراض مجردا كان أو حاملا. اللخمي: قال ابن القاسم: إن لم يكن فيه ضرر. أشهب: لا يقسم وتقاوماه. الصقلي: لابن حبيب عن الأخوين: لا يقسم إلا عن تراض مجردا. قول ابن القاسم: إن كان عليه جذوع تقاوياه غير بين؛ لأن الحمل عليه لا يمنع قيمة كالعلو والسفل، وأرى أن يقسم طائفتين على أن من صارت له طائفة فهي له، والآخر فيها الحمل، وإنما تصح المقاواة على إن صار له الحائط فللآخر فيه الحمل، وإن جارت على هذه الصفة فقسمته أولا. قلت: ظاهر قول ابن القاسم أنهما يتقاومانه كما لا ينقسم من العروض والحيوان أنه لا حمل فيه على من صار له. قال: وصفة قسمه إذا كان جاريا من المشرق إلى المغرب أن يأخذ أحدهما طائفة مما

يلي المشرق، والآخر طائفة مما يلي المغرب لا أن يأخذ أحدهما ما يلي القبلة، والآخر مما يلي الجوفية؛ لأن ذلك ليس بقسمة إذ كل ما يضع أحدهما عليه ثقله، ومضرته على كل الحائط، إلا أن يقتسماه على مثل أن يكون أرضه شبرين يبني كل منهما على أعلى شبر مما يليه لنفسه فيكون قيمة الأعلى، وجملة الحائط على الشركة الأولى أو يقسمانه بعد انهدامه، فيأخذ كل واحد من أرضه حظه مما يليه. قلت: فصفة قسمه عند اللخمي أن يقسم طولا لا عرضا، وقال أبو إبراهيم: ظاهر المدونة: قسمه طولا لا عرضا لقوله وكان ينقسم قال: وأما عرضا فينقسم، وإن قل. ابن فتوح: قال أحمد بن سعيد: صفة قسمه أن يقسم بخيط من أعلاه لأسفله فيقع جميع الشطر وجميع الشطر الواحد لواحد إلا أن يتفقا على قسمه عرضه على طوله. وقال محمد بن أحمد،: قال عيسى بن دينار يقسم عرضا، يأخذ كل واحد نصفه لا ثلثه إن كان عرضه شبرين أخذ كل منهما شبرا مما يليه، ولا تصلح القرعة بمثل هذا، وابن القاسم رأى القرعة فيرسم كل بالصفة، وينزع بينهما فيكون لكل واحد حظه لناحيته، ولا تصلح القرعة فيه إلا كذا، والحائط بين رجلين يخاف سقوطه إن طلب أحدهما إصلاحه، وأبى الآخر. ففي النوادر أجاب عنه لشجرة سحنون بقوله: بعض أصحابنا يرى أنه لا يجبر، وبعضهم يرى جبره أن يصلح أو يبيع ممن يصلح. قلت: ظاهر ما يأتي لابن رشد أن الثاني هو المذهب، ومثله أيضا في النوادر قال: وروى ابن القاسم في المجموعة: يؤمر الآبي منهما أن يبني مع صاحبه. قال: ولابن عبدوس عن ابن كنانة لا يجبر أحدهما على بنائه، ومن شاء منهما ستر على نفسه. وقال ابن القاسم: يقال لمن أبى منهما: إما أن تبني أو تبيع ممن يبني أو تقاسم، ولابن حبيب عن ابن الماجشون: يجبر الآبي على البناء، وإن طلب قسم موضع الجدار فليس له ذلك، وسمع عيسى ابن القاسم في كتاب الأقضية: من له حائط، وهو ستره على جاره ليس له هدمه إلا لوجه يرى ألا يلتمس به ضررا.

ابن رشد: يتحصل في حكم بنائه إن انهدم أربعة، سمع عيسى ويحيى ابن القاسم إن سقط بسماوي أو بهدم خوف سقوطه لم يلزمه بناؤه مطلقا، وقيل لجاره: استر على نفسك إن شئت، وإن هدمه ليجبره، أو لمنفعة أجبر على بنائه إن كان له مال، وإلا فلا، وإن هدمه ضررا لزم بناؤه إن كان له مال، وإن لم يكن له مال بيع ممن يبنيه كالحائط بين الشريكين، ولابن حبيب عن الأخوين يجبر مطلقا كالحائط بين الشريكين وهو ظاهر قول سحنون في هذا السماع يجبر على كل حال، ولابن الماجشون في الثمانية كهذا، إلا أنه إن لم يكن له مال بيع من داره ما يبني به، فإن كانت بيده صدقة أو عمره ما فلصاحبه بناؤه وإتباعه دينا في ذمته. ابن رشد: معناه عندي إن لم يسلم كراؤها لذلك، ورابعها قول أصبغ وروايته: لا يلزمه شيء على كل حال، وله هدمه وجعله عرضا. قال ابن الحاجب: لو هدم الجدار أحد الشريكين، وفيه ضرر لزمه رده كما كان. قلت: هو نص الروايات في هذا الباب. وقال ابن عبد السلام: انظر هل يدخله الخلاف المذكور فيمن هدم حائط رجل أو داره تعديا، هل يلزمه أن يعيده على هيئته التي كان عليها؟ أو قيمة البناء قائما على الأصل في حكم إتلاف ما ليس بمكيل ولا موزون. قلت: الأظهر عدم تخريج القول بالقيمة؛ لأنه قصد الضرر بإتلافه عين الجدار من حيث كونه جدارا لا بحيث كونه ممولا بدليل أنه أتلف ملكه فيه يوجب معاملته بنقيض مقصوده، وهو إلزامه إعادته وإتلافه الأجنبي لا دليل يدل على أنه أتلفه في هذه الحيثية إذ لا ملك له فيها. قال سحنون: ما ثبت في النجم أو في الحبس بين أرضين من زرع أو غيره فهو بينهما، ولو اختلفت الزريعة. ابن عات: قال غيره: وكذا الشجر، فإن غرس أحدهما فيه شجرة فله نصفها ونصف قيمتها مقلوعا. وفي النوادر لابن سحنون عنه في جواب ابن حبيب: من أراد أن يجير حائطه من دار جاره ليس له منعه أن يدخل داره فيمن حائطه، وكذا لو رفعت الريح ثوب رجل فما نعته

في دار آخر لم يكن له منعه أن يدخل فيأخذه أو يخرجه له. وفي طرر ابن عات: المشاور لمن له حائط بدار رجل الدخول إليه لافتقاده كمن له شجرة في دار رجل. ابن فتوح: من ذهب لغير حائطه من ناحية دار جاره فمنعه من ذلك، فإن كان الحائط يحتاج إلى الطر كان له ذلك، وإن لم يحتج جاز له منعه. قلت: وهذا كالمخالف لقول المشاور له الدخول لافتقاده. ابن عات: وقيل: ليس له ذلك؛ لأن الطر يقع في هوى جاره، إلا أن ينحت من حائطه، ما يقع عليه الطر، ومن أراد أن يطر داخل داره وبجداره حائط ولجاره فيها فمنعه من ذلك لم يكن له ذلك؛ لأن له فيه نفعا ولا مضرة على جاره. مسلم: عن أبي هريرة أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال: "لا يمنع أحدكم أن يغرز خشبة في جداره"، ثم يقول أبو هريرة: مالي أراكم عنها معرضين؟ والله لأرمين بها بين أكتافكم، وخرجه مالك في الموطأ. وقال أبو داود: إذا استأذن أحدكم أخاه أن يغرز خشبة في جداره فلا يمنعه. أبو عمر: روى إذا استأذن أحدكم جاره، وروي من سأله، والمعنى واحد. قال يونس بن عبد الأعلى عن ابن وهب: سمعت من جماعة (خشبة) بلفظ الوحد. الباجي: قال عبد الغني: كل الناس يقولون (خشبة) على الجمع غير الطحاوي قاله على التوحيد، والمعنى واحد. أبو عمر: حمله مالك على الندب؛ لقوله (صلى الله عليه وسلم): "لا يحل مال امرئ مسلم إلا عن طيب نفس منه". الباجي: روى ابن نافع أنه على معنى الوصية بالجار، وكان ابن الطيب يقضي به عندنا، وأراه على وجه المعروف، وإني أظنه لفي شك.

وقال ابن القاسم: لا ينبغي منعه، ولا يقضي به عليه. وقال الشافعي وأحمد: هو على الوجوب إن لم يكن بذلك مضرة بينه، على رب الجدار، ويأتي على رواية زياد بالقضاء بالممر في أرض الرجل لجاره إن لم يضر به أن يكون في الجدار مثله، ويحمل الحديث على ظاهره ابن زرقون، وابن رشد، وقال ابن كنانة مثل الشافعي. الباجي: وعلى قول مالك في لزومه له بمجرد إذنه ظاهر قول الأخوين، وابن القاسم وأشهب لمن أباح البناء في عرصته لرجل منعه قبل بنائه. قال: وقال الأخوان: كلما طلبه جاره من فتح باب أو إرفاق بماء وطريق وشبهه، فهو مثل الغرز. وفي جواز غرز جار المسجد أو الجامع فيه خشبة كغير المسجد، ومنعه فتوى ابن عات مع نقله عن الشيوخ، وفتوى ابن العطار وابن مالك ابن عات عن المشاور: ومن أراد أن يغلق بيتا في داره على حائط على جاره فله ذلك إن لم يضر بجاره، ولا يمنع، واختلف في التعليق على جدار المسجد والجامع كاختلافهم في الغرز. وسمع ابن القاسم: من له خشبة في جدار رجل أدخلها بإذنه فوقع بينهما شحناء، فقال له: أخرج خشبتك من جداري، لم يكن له ذلك على وجه الضرر، فإن احتاج لجدره لهدمه أو لنفع به فهو أولى. ابن رشد: ومثله سمع أشهب في كتاب العرية. وقال في المدونة وغيرها: لمن أذن في بناء بأرضه أو غرس أن يأمره بإخراجه ويعطيه قيمة ما أنفق، فقال ابن لبابة وابن أيمن من الشيوخ: أنه اختلاف قول. وقال سحنون: إنما فرق بينهما لقوله (صلى الله عليه وسلم): "لا يمنعن أحدكم جاره"، الحديث. يريد: لقول من حمله على الوجوب، ولابن حبيب روى الأخوان: ليس له إخراجه ولا هدم الجدار، ولو طال الزمان واحتاج إليها ولا وارثه ولا مبتاع إلا أن ينهدم، فإن أعاده

بعد هدمه فلا حق فيه للمعار إلا بإذن مستأنف، وكذا كل ما أذن فيه، وفيه عمل وإنفاق، وكذا الإذن في ماء بير أو عين لمن ينشئ عليه عملا أو غرسا، ولو شرط الرجوع متى شاء بطل الإذن قبل العمل، وبطل الشرط بعده، وما لا عمل فيه ولا كبير إنفاق كفتح باب أو طريق بأرض أو ماء لسبقه اشتفت أو لسقي شجر أنشئت قبل ذلك، فذهب ماؤها فله الرجوع فيمن أذن فيه إن لم يكن يحده بأجل فيلزمه بتمامه أو يكون المأذون له باع، وشرط لمبتاعه ما أذن له فيها فعلم الإذن فيلزمه، وقالوا فيمن أذن لرجل أن يسوق على أرض براء له، وللإذن لا رجوع له، وإن لم يتكلف المأذون له نفقة لإلزام عمر بن محمد بن مسلمة ذلك لعبد الرحمن بن عوف، واختار هذا ابن حبيب، وحكى عن أصبغ أن له الرجوع فيما أذن فيه ولو فيما تكلف فيه عمل، وإنفاق إن أتى عليه من الزمان ما يعار لمثله عادة، إلا من أذن له في غرس على مائة فليس له قطعة بعد غرسه. قال: وهو على مذهب ابن القاسم فالأقوال ستة الآتي على قول ابن لبابة، وابن أيمن: لا رجوع للآذن إلا أن يحتاج، ولا رجوع وإن احتاج، والرجوع ولو لم يحتج، ويغرم للمأذون له فيما عمل قيمة نفقته، رابعها: قول أصبغ، وخامسها: الفرق بين غرز الخشبة وغيره لحديث: "لا يمنع أحدكم ... "، وسادسها: الفرق بين ما تكلف المأذون له فيه نفقه ومالا، والاختلاف إنما هو في الإذن المبهم غير المصرح فيه بهبة ولا عارية، ويختلف إن غرس على مائة، وهو ساكت، ثم أراد قطعه، قيل: ذلك له بعد حلفه أن سكوته لم يكن رضى، وقيل: سكوته كالإذن فيجري على الاختلاف فيه. قلت: وفي الكلام عليها في العارية زيادة، وإن تنازع جاران في جدار بينهما عمل على البينة، فإن عدمت فدليل البناء السالم عن المعارض، فإن عدم قسم على أصل التداعي العاري عن مرجح، والدليل في ذلك من أعلاه فقط، ولابن سحنون عنه لو كان حائط فوق آخر، وكل منهما لمن عنده إليه. سحنون: ولو كان الكراء المعدة للرفع فيها مبينة مع أصل الحائط من جهة مدعيه غير نافذة. ابن القاسم وغيره: لو كان محل خشب مدعيه عليه.

ابن عبد الحكم: ولو خشبة واحدة. في كتاب ابن سحنون: إن كان لأحدهما محل خشب ولا عقد فيه لأحدهما فقد اختلف قوله فيه. سحنون: وكذا بابه في حوزه والكوى النافذة للضوء. ابن سحنون: ووجه كون البناء لأحدهما وظهره للآخر لغو. ابن فتوح وغيره: بعث رسول الله (صلى الله عليه وسلم) حذيفة بن اليمان لرؤية معاقد الحيطان وقضى بذلك، ونقله ابن عبد السلام وقبله، ولا ينبغي. قال عبد الحق: ذكر البزار من حديث مرهم بن مهران عن عمران بن جارية عن أبيه أن قوما اختصموا لرسول الله (صلى الله عليه وسلم) في خص، فبعث حذيفة بن اليمان يقضى بينهم، فقضى به للذي يليهم القمط، فلما رجع للنبي (صلى الله عليه وسلم) أخبره، فقال: أصبت أو أحسنت. قال عبد الحق: دهثم متروك الحديث، وتعاض المتماثلين يسقطهما. ابن سحنون: علته لو كان عقده إلى أحدهما من ثلاثة مواضع، وعقده للآخر من موضع واحد، فهو بينهما على عدد العقود، ولابن القاسم وسحنون: إن كان لأحدهما عشر خشبات وللآخر سبع، فهو بينهما ليس لأحدهما زيادة خشبة إلا بإذن صاحبه، فإن أبى أحدهما قيل له: بع ممن يبني إن سقط البناء. الشيخ: يعني: بع دارك لا الحائط، فقط. وفي المجموعة، وكتاب ابن سحنون عن أشهب، إن كان عقده لأحدهما وللآخر عليه جذوع فهو لذي العقد، ولذي الجذوع موضع جذوعه إن انكسرت خشبة فله جعل أخرى مكانها، وقاله ابن عبد الحكم. أشهب: إن كان لأحدهما عليه عشر، وللآخر خمس فهو بينهما نصفان لا على العدد. سحنون: قال أصحابنا: ولو كان لأحدهما عليه خشبة واحدة، وللآخر عشر فهو

بينهما نصفين. ابن شعبان: وقيل: ليس هو بينهما نصفين، بل لكل واحد ما تحت خشبه، وبالأول أقول. وقول ابن الحاجب: ويجلس الباعة في الأفنية للبيع - إلى قوله -: جائز بغير إذن، الكلام عليه المذكور في أثناء إحياء الموات، لقوله: ولا تحاز الشوارع بالبنيان، ولا يمنع الباعة منها، وعند قوله قبله: وحريم الدار المحفوفة بالموات، وقول ابن الحاجب هنا: والروشن وشبهه، والساقط مردود بالروشن الأجنحة، وهو قولها في كتاب القسم: من صارت الأجنحة في حظه فهي له، ولا تعد من البناء، وإن كانت في هوى الأفنية، وفي الصحاح الروشن: الكوة. قال: والطريق المستدة الأسفل كالملك لأرباب دورها. قال ابن هارون وابن عبد السلام: يعني أن الطريق المستدة لا يحدث أحد من أربابها فيها، ولا سباطا إلا بإذن الباقين، وقبلاه، ولا أعرفه لأقدم من أبي عمر بن عبد البر حسبما هو مذكور في إحياء الموات، وظاهر سماع أصبغ في الأقضية خلافه، ولم يقيده ابن رشد بالطريق النافذة فتأمله، وفي حريم البئر استيفاء ذلك.

كتاب الوكالة

[كتاب الوكالة] الوكالة: نيابة ذي حق غير ذي إمرة، ولا عبادة لغيره فيه غير مشروطة بموته،

فتخرج نيابة إمام الطاعة أميرا أو قاضيا أو صاحب صلاة والوصية، ولا يقال النيابة في حق ذي إمرة وكالة لقول اللخمي تجوز الوكالة في إقامة الحدود؛ لأن إقامة الحد مجرد فعل لا إمرة فيه، هذا ظاهر استعمال الفقهاء، وجعل ابن رشد ولاية الأمراء وكالة، ونحوه قول عياض استعمل لفظ الوكالة في عرف الفقهاء في النيابة خلاف ذلك، ومن تأمل وأنصف علم صحة ما قلناه؛ لأنه المتبادر للذهن عرفا، ويأتي لهم الفرق بين قوله: فلان وكيل أو وصي، ويحتمل أن يقال النيابة مساوية للوكالة في المعرفة فتعرفها بها دور، فيقال: هي جعل ذي أمر غير إمرة التصرف فيه لغيره الموجب لحوق حكمه فاعله

كأنه فعله فتخرج نيابة إمام الطاعة أميرا أو قاضيا أو إمام الصلاة لعدم لحوق فعل النائب في الصلاة الجاعل، والوصية للحوق حكم فاعله غير الجاعل. وقول ابن الحاجب: هي نيابة فيما لا تتعين فيه المباشرة يبطل طرده بما ذكر خروجه وأداء واجب عن الغير لا بأمره كقضاء دين عنه بغير أمره ونحوه، وأبطله ابن هارون بالنيابة في المعاصي كالسرقة والغضب وقتل العدوان، وعزه في ذلك قول ابن شاس: لا تصح في المعاصي كالسرقة وقتل العمد العدوان، ويرد بمنع صادقية النيابة على ذلك؛ لأن الاستقراء والاستعمال يدل على أن شرط النيابة استحقاق فاعلها فعل ما وقعت النيابة فيه، وبأنه إن جعل الإنسان غيره فاعلا أمرا إن كان يمتنع أن يباشره أو لا حق له في مباشرته فهو أمر، وإن صحت مباشرته وكان له فيها حق فهو نيابة، فجعل الإنسان غيره يقتل رجلا عمدا عدوانا هو أمر لا نيابة، وجعله يقتل قصاصا له نيابة ووكالة. وقال ابن عبد السلام: ظاهر لفظه أنه سلك به مسلك الرسوم كعادته في أوائل الكتاب، والأقرب أنه لم يرد هذا، وأن معنى الوكالة وهو جلي وهو النيابة لا تحتاج إلا تفسير اللفظ فقط لا إلى حد ولا رسم، وإنما يحتاج إلى محل الوكالة فيكون مقصده بيان ما يصح فيه الوكالة؛ ولذا قال الجوهري: والوكيل معروف. قلت: قوله أولا: ظاهره أنه رسم مناقض لقوله ثانيا: الأقرب أنه لم يرده؛ لأن الظاهر أقرب للفهم من ظاهره، فجعل نقيضه أقرب يناقصه. وقوله: لا يحتاج إلا إلى تفسير اللفظ باللفظ نص منه في تعريف لفظي، وحمله على ذلك لا ينجيه من التعقب؛ لأن شرط التعريف اللفظي اتحاد مدلول اللفظين وهما هنا متغايران؛ لأن مدلول النيابة أعم من مدلول الوكالة لصدق النيابة على ما لا تصدق عليه الوكالة، فإن النيابة تصدق على نيابة إمام الطاعة فيما ذكرناه وعلى الوصية، ولا تصدق الوكالة على شيء من ذلك، فصار ذلك كمن عرف القمح التعريف اللفظي بقوله: هو الحب المأكول. وحكمها لذاتها الجواز، ورواه أبو داود عن جابر بن عبد الله قال: أردت الخروج إلى خيبر فأتيت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فسلمت عليه وقلت: أردت الخروج إلى خيبر، فقال "إذا أتيت وكيلي فخذ منه خمسة عشر وسقا، فإن ابتغى منك آية فضع يدك على

باب في ضابط تراجع الحملاء فيما ابتاعوه متحاملين

ترقوته"، وصححه عبد الحق بالسكوت عنه، وتعقبه عليه ابن القطان بأنه من رواية ابن إسحاق. وقال ابن عبد الحق فيه: في كتاب الصلاة رماه مالك بالكذب، وقال: نحن نفيناه من المدينة، وتعرض لها سائر الأحكام بحسب متعلقها كقضاء دين تعلق لا يوصل إليه إلا بها والصدقة والبيع المكروه والحرام ونحو ذلك، وحكى المازري الإجماع على جوازها. [باب فيما تجوز فيه الوكالة] اللخمي: تجوز الوكالة فيما تصح فيه النيابة البيع والشراء والجعل والإجارة واقتضاء الدين وقضاؤه وعقد النكاح والطلاق وإقامة الحد وبعض القرب، وتبعه المازري إلا أنه أضاف ذلك للنيابة لا الوكالة، ولا تجوز النيابة في أعمال الأبدان المحضة كالصلاة والطهارة، وكذا الحج إلا أنه تبعد الوصية به، وينقض قوله في أعمال الأبدان المحضة بقولها مع غيرها في العاجز عن الرمي لمرضه في الحج يرمي عنه. ابن شاس: لا تجوز الوكالة في العبادات، ولا في المالية كأداة الزكاة وفي الحج خلاف، وتقدم للمازري القول فيه من حيث الوصية به لا الوكالة عليه. ابن شاس: ولا يجوز في المعاصي كالسرقة ويلحق بالعبادة الشهادات والأيمان واللعان والإيلاء منها. قال ابن الحاجب وابن شاس: وتجوز في الكفالة كالحوالة والبيع. ابن عبد السلام: أي يجوز أن يوكل من يتكفل عنه في حق من وجب عليه. قلت: فيه نظر؛ لأن الوكالة إنما تطلق حقيقة عرفية فيما يصح للموكل مباشرته وكفالة الإنسان عن نفسه ممتنعة فتأمله، وقال ابن هارون: هو أن يوكله على أن يتكفل عنه لفلان بما على فلان، وهذا أقرب من الأول؛ لأن الموكل هنا في المثال يصح منه الفعل، وينبغي أن يزداد فيه أنه كان التزام لرب الدين الذي على فلان أنه يأتيه بكفيل به

عنه بحيث يكون الإتيان بالكفيل حقا على الموكل المذكور. قال ابن شاس: ولا تصح بالظهار؛ لأنه منكر من القول وزور، وخرج عليه ابن هارون الطلاق الثلاث. وقال ابن عبد السلام: الأقرب عندي في الظهار أنه كالطلاق؛ لأنه إذا قال الوكيل زوجة فلان موكلي على هذا هي عليه كظهر أمه هي كقوله امرأة موكلي طالق عليه، وذلك أن الظهار والطلاق إنشاء مجرد كالبيع والنكاح، وأما اليمين فمتضمنة للخبر عن فعل عند الموكل، ولا يدري الوكيل حقيقة ما حلف عليه. قلت: قوله ولا يدري الوكيل ما حلف عليه، يرد بعلمه ذلك بإخبار موكله بذلك، ويرد قياسه الظهار على الطلاق وجمعه فيه بمجرد الإنشاء بالفرق بأن الطلاق يتضمن إسقاط حق للموكل بخلاف الظهار، والاستقراء يدل على أن كل ما فيه حق للموكل أو عليه غير خاص به جاز فيه التوكيل وما ليس كذلك لا يصح. وقوله: غير خاص به، احترازا ممن وجبت عليه يمين لغيره فوكل غيره على أدائها فإنه حق عليه فلا يجوز فيه التوكيل؛ لأن حلف غيره غير حلفه فهو غير الحق الواجب عليه.

وفي نوازل أصبغ: تصح على الإقرار نصا، ولم يحك ابن رشد فيه خلاف. ابن عات: في الكافي لأبي عمر: جرى العمل عندنا أنه إذا جعل الموكل لوكيله الإقرار لزمه ما أقر به عند القاضي، وزعم ابن خويز منداد أن تحصيل مذهب مالك أنه

لا يلزمه إقراره وهذا في غير المفوض إليه. قال: واتفق الفقهاء فيمن قال: ما أقر به على فلان فهو لازم لي أنه لا يلزمه، وقبله ابن عات. فإن قلت: ما نقله عن اتفاق العلماء أنه لا يلزمه هل هو خلاف قول أصبغ الذي تلقاه أهل المذهب بالقبول أم لا؟ قلت: ظاهر قول ابن عبد السلام إثر نقله قول أصبغ هذا معروف المذهب، وقال أبو عمر: إلى آخر كلام ابن خويز منداد أنه خلافه، والأظهر أنه ليس بخلاف؛ لأن مسألة أصبغ نص فيها: على توكيله على الإقرار عليه وهو ملزوم لجعله قوله كقوله، ومسألة ابن خويز منددًا إنما صدر منه أن ما أقر به فهو لازم له، فصار ذلك كقوله ما شهد به على فلان حق، وهذا لا يلزمه حسبما يذكر في موضعهن. وفي نوازل أصبغ: تصح الوكالة على الخصام دون جعل الموكل توكيله إقرارًا عنه، ويقبلها الحاكم ويحكم له وإن لم يجعل له فيها إلا المدافعة. ابن رشد: هذا خلاف ما ذهب إليه ابن العطار أنها لا تقبل على الخصام حتى يكون فيها الإقرار والإنكار، ونزلت فقضى فيها ألا تقبل حتى يحضر مع وكيله ليقر بما يوافقه عليه خصمه أو يكون في وقت الحكم قريبًا من مجلس القاضي، وذكر المتيطي قول ابن العطار غير معزو وكأنه المذهب، وقال: هذا هو المشهور وبه العمل عند القضاة والحكام، ويظهر من فعل بعض من تقدم من القضاة بتونس أنه يقبلها دون إقرار فيها إلا أن يطلب الخصم حقه في شرط الإقرار، وكما قاله بعضهم في توجه اليمين دون خلطة إلا أن يقوم بذلك المدعي عليه. قال ابن الحاجب: والمعتبر الصيغة وما يقوم مقامها. ابن عبد السلام وابن هارون: ما يقوم مقامها كالإشارة في حق الأخرس. وقال ابن شاس: معلومًا بالنص أو عموم اللفظ أو بالقرائن أو العادة. قلت: قوله: أو بالعادة كقولنا في ذبح الولد أضحية أبيه وإنكاحه أخته حسبما ذكره في الأضحية والنكاح، وفي نوازل أصبغ: وهي على الخصام فقط لا تشمل صلحًا ولا إقرارًا، ولا يصح من الوكيل أحدهما إلا بنص من موكله عليه، فلم يذكر فيه ابن رشد

خلافًا، وسمع عيسى ابن القاسم: من وكلت رجلًا على خصومة في قرية، وأنها فوضت إليه وأمره جائز فيما يصنع ولم تذكر بيعًا ولا غير ذلك، فباع القرية بعد أن صالح فيها وصارت للمرأة لا يلزمها بيعه. ابن رشد: الأصل أن الوكيل لا يتعدى ما سمى له فيما وكل عليه، وإنما أجاز في هذا السماع للوكيل على الخصومة صلحه فيها لقول موكله: فوضت إليه في الخصومة وجعلت أمره جائزًا فيما يصنع فيها، فليس بخلافٍ لقول أصبغ: ليس للوكيل على الخصومة صلح، ولا بخلاف لقول عيسى في نوازله: من وكله على تقاضي ديونه وفوض إليه النظر فيها لا يجوز للوكيل صلحه عنه في شيء منها ولو كان نظرا؛ لأن تفويضه النظر في اقتضاء ديونه لا يقتضي مصالحته لإمكان إعادته لتعجيل ما يقتضي النظر تعجيله، وتأخير ما يقتضي النظر تأخيره. وقال بعض الناس: إن قول ابن القاسم هذا خلاف قول عيسى وليس بصحيح، وقولنا: إن سمى في الوكالة شيئًا لا يتعداه، وإن نص على التفويض له في الوكالة؛ لأن ذلك يعود إلى ما سمى هو، بين من قول أصبغ في نوازله. قلت: ولم يحك خلافًا في عدم شمول وكالة الخصام صحة إقرار الوكيل على موكله. وقال المتيطي: قال أبو عمر في كافيه: اختلف قول مالك في قبول إقرار الوكيل بالخصومة عند القاضي على موكله فمرة أجازوه ومرة أباه، وقال: لا يلزم موكله ما أقر به عليه. قلت: وكذا وجدته في كافيه. المازري: لو قال لوكيل: أقر عني لفلان بألف درهم ففي الإقرار من الآمر وجهان للشافعية، والظاهر أن ما نطق به الوكيل كالنطق من الموكل لقوله: أقر عني، فأضاف قول الوكيل لنفسه، وقد قال أصبغ: من وكل رجلًا وجعله في الإقرار عنه كنفسه فما أقر في الوكيل يلزم موكله، وظاهره أنه يقول بذلك في أقر عني، وقول ابن عبد السلام: ليس فيما ذكره من قول أصبغ كبير شاهد يرد بأنه محض دعوى غير مقرونة بدليل في مقابلة مستدل عليه، واستشهاد المازري واضح أنه لا فرق بين أمر الموكل

وكيله بفعل شيء وبين جعله ذلك الأمر بيده، كقوله بع هذا الثوب أو جعلت بيعه بيدك، هذا إن حملنا قول المازري على أن قول الوكيل ذلك كقول الموكل فيكون حاصله لزوم إقرار الوكيل لموكله ما وكله على الإقرار به عنه، وهو ظاهر قوله والظاهر أن ما نطق به الوكيل كالنطق من الموكل لقوله: أقر عني، وإن حملناه على ما فهم ابن شاس منه أن قوله: أقر عني بكذا إقرار منه بذلك. قال ابن شاس ما نصه: لو قال لوكيله أقر لفلان عني بألف درهم فهو بهذا القول كالمقر بالألف. قال المازري: واستقرأه من نص بعض الأصحاب. قلت: فإن حملناه على هذا صح قول ابن عبد السلام: ليس فيما ذكره كبير شاهدٍ. ابن شاس: ولابد في الصيغة من القبول وإن وقع بالفور فواضح، وإن تأخر ففي لغوه قولان على الروايتين في لغو التخيير بانقضاء المجلس. المازري: التحقيق الرجوع لاعتبار المقصود والعادة هل المراد من اللفظ استدعاء الجواب عاجلًا أولا كان مؤخرًا؟ قلت: زاد المازري عن بعض أشياخه الفقهاء إجراء الخلاف في التخيير على الخلاف في كون الأصل على الفور أو على التراخي. قال: فذكرته لإمامي في الأصول فلم يقبله، وقال: الأولى جريه على خلاف الأصوليين في العموم في المعاني. قلت: إن قيل: ما هو خلاف الأصوليين في المعاني؟ قلت: المناسب فيه هنا ما أشار إليه الفهري لا ما قاله ابن الحاجب في ثاني مسألة من العموم. قال الفهري في شرح المعالم: التوكيل بالبيع المطلق يرى أبو حنيفة تناوله الإذن في البيع بالغبن الفاحش وغيره، والشافعي يقول لا إشعار للفظ بقبول البتة. قلت: فتناوله الوكالة القبول بعد المجلس كتناول البيع الإذن بالثمن البخس وعدم تناولنا كقدم تناوله، ووجه رده الإجزاء على القول أنه من عوارض الأمر والطلب والوكالة ليست بطلب إنما هي إنشاء يثبت نقلًا وجعلًا كطلقت وبعت

وأعتقت، والمصنف يعلم أن هذه الأمور لا طلب فيها. وتعقب ابن عبد السلام التخريج على عدم إعمال التخيير بعد المجلس بأنه لضرر الزوج في ملك العصمة عليه مع عدم قدومه على عزل الزوجة، وفي الوكالة هو قادر على عزل وكيله يرد بقبول بعد المجلس عمل به الوكيل، وبأن قدرته على دفع ضرره بتأخير جوابها بوقفها عاجلًا كقدرة الموكل على العزل. إن قلت: العزل سقط ما بيد الوكيل، ووقف الزوجة لا يسقط ما بيدها. قلت: وقفها يصير جوابها عاجلًا، ولا خلاف في لغو ضره بجوابها العاجل. وشرط صحتها علم متعلقها خاصًا أو عامًا بلفظ أو قرينة أو عرف خاص أو عام، فلو أتى بلفظ التوكيل مطلقًا كأنت وكيلي أو وكلتك فطريقان. ابن بشير وابن شاس: لغو وهو قول ابن الحاجب لم يفد، وقبله ابن عبد السلام وابن هارون. وقال ابن رشد في رسم أسلم من سماع عيسى ما نصه: وإنما تكون الوكالة مفوضة في كل شيء إذا لم يسم فيها شيئًا، وكذا الوصية إذا قال الرجل، فلان وصي ولم يزد على ذلك كان وصيًا له في كل شيء من ماله وبضع بناته، ولهذا المعنى قالوا في الوكالة: أنها إذا طالت قصرت وإذا قصرت طالت. قلت: فظاهر قوله: إن قال: أنت وكيلي أو وكلتك عم ذلك وصح وكان تفويضًا. والحاصل إن ما بين متعلق التوكيل خصوصًا أو عمومًا لزم قصده عليه، وإعماله فيه إلا ما خص ولو بعادة. ابن بشير وابن شاس: إن قال: وكلتك بما إلي من قليل وكثير شملت يد الوكيل جميع الأشياء، ومضى فعله فيها إذا كان نظرا وما ليس نظرا هو معزول عنه عادة إلا أن يقول له افعل ما شئت ولو كان غير نظر، وتبعهما ابن الحاجب، وقبله ابن عبد السلام وابن هارون. ومقتضى أصل المذهب منع التوكيل على غير وجه النظر؛ لأنه فساد، وفي البيوع الفاسدة منها تقييد بيع الثمر قبل بدو صلاحه بقوله: إذا لم يكن فسادًا، ويأتي نقل اللخمي عن المذهب منع توكيل السفيه.

وفي نوازل أصبغ لابن رشد: الأصل أن التوكيل لا يتعدى ما سمى له فيما وكل عليه، وإن قال في توكيله: أنه وكله وكالة مفوضة أقامه فيها مقام نفسه، وأنزله منزلتها وجعل له النظر بما يراه؛ أنه وكله وكالة مفوضة أقامه فيها مقام نفسه، وأنزله منزلتها وجعل له النظر بما يراه؛ لأن ذلك كله يحمل على ما سمى ويعاد إليه إلا أن لا يسمي شيئًا رأسًا، فيقول: وكلته وكالة مفوضة فيجوز فعله في كل شيء من بيع وشراء وصلح وغيره، وإن قال: وكالة مفوضة جامعة لجميع وجوه التوكيل ومعانيه كان أبين في التفويض. المتيطي: واختصار لفظة التوكيل الشامل العام أن يقول: وكل فلان فلانًا توكيلًا مفوضًا جامعًا لمعاني التوكيل كله لا يشد عنه فصل من فصوله، ولا فرع أصل من أصوله دائمًا مستمرًا، وأذن له أن يوكل عنه من شاء بما شاء من فصوله، فلو لم يذكر توكيل غيره عنه ففي دخوله فيه اختلاف للشيوخ المتقدمين. قال بعضهم: لا أحفظ في ذلك قولًا منصوصًا لأحد من المتقدمين، والأظهر أن له أن يوكل؛ لأن الموكل أنزله منزلته وجعله بمثابته. قلت: وقال قبل هذا قال فقهاء طليطلة: من وكل على طلب حقوقه، والمخاصمة عنه، والإقرار والإنكار فإقرار موكله وهب داره لزيد أو قال: لفلان على موكلي مائة دينار أن ذلك لازم لموكله، وأنكره ابن عتاب وغيره وقال: إنما يلزمه إقراره فيما كان من معنى المخاصمة التي وكل عليه. قال القاضي أبو الأصبغ: وهذا هو الصحيح عندي، وفي شفعتها لابن القاسم: من وكل على قبض شفعة فأقر أن موكله سلمها فهو شاهد. قلت: لا يلزم من لغو إقرار الوكيل على الشفعة لغو إقرار من جعل له الإقرار؛ لعدم صدق الآخذ بالشفعة على إقراره بإسقاطها وصدق مطلق الإقرار وعلى الإقرار بالهبة. قلت: ولقول ابن عتاب هذا وغيره، ومتقدم قول بعض الشيوخ بعدم دخول التوكيل على الموكل بوكالة التفويض، استمر عمل قضاة بلدنا بعدم إعمال وكالة التفويض التام العام في بيع دار سكنى الموكل وطلاق زوجته. قال ابن عبد السلام: قال بعض كبار شيوخ الأندلسيين: إذا ابتدأت الوكالة

خاصة، ثم عقبت بالأوصاف العامة لم تتعد الوجه الذي ابتديت عليه، وتكون تلك الأوصاف العامة راجعة إلى أحوال ذلك الخاص الذي ذكر أولًا. وقال لي بعض أشياخي: لا يدخل ذلك خلاف الأصوليين في العموم إذا جرى على سبب، قيل: يقصر على ذلك السبب أو لا، ومما قاله نظر. قلت: ما ذكره عن بعض كبار الشيوخ هو ما ذكرناه من كلام ابن رشد. وقوله: عن بعض شيوخه، لا يدخله خلاف الأصوليين في العام الوارد على سبب صواب. وقوله: فيه نظر، يرد بأن مسألة الوكالة العموم المذكور فيها أخيرًا إنما هو عموم في الوجه المذكور أولا غير صادق على غيره فلم يصلح إعماله في غيره، والعام الوارد على سبب صادق على غير السبب فصلح إعماله في غيره فتأمله. وتبع ابن الحاجب ابن شاس في قوله: والتوكيل بالإبراء لا يستدعي علم الموكل بمبلغ الدين المبرأ عنه، ولا علم الوكيل، ولا علم من عليه الحق. قلت: وهذا كضروري من المذهب؛ لأنه محض ترك والترك لا مانعية للغرر فيه؛ ولذا قال الغير في إرخاء الستور: لأنه يرسل من يده بالغرر ولا يأخذ به، ولو فرضتها في صلح الوكيل عن مجهول بمجهول كان أبين كقولها، وإن كان لك عليه دراهم نسيتما مبلغها جاز أن تصطلحا على ما شئتما من ذهب أو غرض أو ورق ومضمر التقية سواء. عبد الحق عن القابسي: إنما يصلح هذا على أنهما نسيا الدراهم عما صارت لا يدريان من بيع سلعة أو غيرها أو قرض أو غيره فحينئذ يدخل ما يصطلحان عليه ما يدخل في الدراهم إذ يمكن أن تكون الدراهم من ثمن عرض لا ينبغي أن يقتضي هذا العرض الذي اصطلحا عليه من ثمنه. فإن قلت: ظاهره قصر التقية في العرض على ما ذكره من احتمال كونه مأخوذًا عن ثمن عرض لا يجوز أخذ هذا العرض عنه، والظاهر عدم قصره على ذلك وأن التقية وصف عام في العرض والدنانير والدراهم وهو أخذ معلوم عوضًا عن مجهول وهي الدراهم. قلت: التقية في هذا الصلح عامة في العرض وغيره، وهي الصلح غير مجهول

قدره، وهذه لا يدعي القابسي ولا غيره قصرها في العرض على الغرض الذي ذكره وخاصة، وهي احتمال كون المأخوذ مأخوذًا عما لو علم قدره وانتفت لجهالة عنه لم يجز أخذه عنه، فهذه في الدراهم هي كون الأولى أجود وأقل من المأخوذة أو بالعكس، وهذه لا تتقرر، في العرض المأخوذ لا بالفرض الذي ذكره القابسي، ولم يتعرض المازري في المسألة لما ذكره القابسي بحال وقرر التقية التي أشار إليها ابن القاسم بالجهالة المانعة من صحة المعاوضة، وأنها ألغيت هنا للضرورة الناشئة عن تعذر السلامة منها. قال: وفي الدراهم أيضًا تقية احتمال الربا لجواز كون الدراهم المأخوذة مما لا يصح اقتضاؤه عن الدراهم التي اقتضيت عنها. قال: وشرط في المدونة: تعجيل ما صالحا به خوف فسخ الدين في الدين في العرض، وكذا قال في الدنانير مع تأخير الصرف: وفي الدراهم خوف التأخير بزيادة. وقال أشهب: يجوز الصلح على الدراهم المستهلكة بدراهم ما كان، فإن أراد جوازه على أي حال كانت الدراهم المصالح بها من زيادة أو نقص على المستهلكة فهو سائغ كما قدمنا وإن أراد جوازه، وأن المأخوذ خلاف سكة الأولى فهذا يمكن فيه الربا بأن يكون المصالح به أدنى جودة وأكثر وزنًا، واعتذر أشهب عن طريق الإطلاق بعدم قصدهما المقامرة والمفاضلة، ونصوص المذهب واضحة بقصد فعل الوكيل على ما عليه وكل، فإن كان معينًا لم يتعده، وإن كان مطلقًا عم الأحوال عن البدلية مفردًا أو معدودًا فيما لم يقيده عرف أو قرينة أو استثناء، وإن كان عامًا فأحرى وتخصص بها. ابن شاس: مخصصات الموكل معتبرة لو قال: بع من زيد لم يبع من غير، ولو تخصص بالزمات تعين، ولو خصص سوقًا تتفاوت فيه الأغراض تخصص. وقال ابن الحاجب: مخصصات الموكل متعينة كالمشتري والزمان والسوق. قلت: فلم يغيرها باختلاف الأغراض وهو الأقرب إن لم يشعد العرف بالتقييد. وفي تقييد ابن شاس: السوق دون الزمان نظر. وفي كتاب القراض: تأخير السلعة لما يرجى له سوق. وللشيخ عن الموازية: من أمر بشراء جارية موصوفة ببلد فاشتراها ببلد دونه، خير

الآمر في أخذها وضمانها من المأمور، وإن اشتراها لنفسه اختص بربحه. زاد ابن حبيب عن مطرف: كانت بالموضع المسمى أرخص أو أغلى. وقال ابن الماجشون: إن تساوى سعر الموضعين فليس بمتعد وضمانها من الآمر. ابن عبد السلام: إن قلت: هل أطلق التخصيص على التقييد كفعل بعض الفقهاء والموثقين على حقيقته عند الأصوليين. قلت: بل على حقيقته عند الأصوليين لتقدمه في ذلك الفن. قلت: تقرر أن التخصيص عند أهل الأصول إنما هو من عوارض العموم والتقييد من عوارض المطلق، وإذا كان ذلك كذلك امتنع حمله في كلام المؤلف على حقيقة التخصيص الأصولي لقوله في المخصصات كالمشترك؛ لأنه لا يعقل فيه غير التقييد؛ لأنه راجع لقوله: وكلتك على شراء كذا، وهذا لا يتناول إقرار المشتري إلا بالإطلاق لا التقييد، وفعل الوكيل غير ما وكل عليه تعد لموكله رده وقبوله إن لم يوجب خيارًا في معاوضة طعام بطعام أو بيعه قبل قبضه. في سلمها الثاني: إن اشترى مأمور بشراء ثوبًا لم يوصف له ما لا يشبه كونه من ثياب الآمر لم يلزمه إلا أن يشاء، ولو أمرته بشراء سلعة فاشتراها بغير العين فلك ترك ما اشترى أو الرضى به. وفيها لابن القاسم: إن وكلت رجلًا على بيع طعام أو عوض فباعه بطعام أو شعير أو عرض، أحب إلي أن يضمن المأمور إلا أن يشاء الآمر أخذ ثمن ما بيع له إن كان عرضًا أو طعامًا. اللخمي: أجاز ابن القاسم إن باع الطعام بطعام أن يأخذ الآمر الطعام الثاني، ومنعه أشهب وقال: ليس للآمر إلا مثل طعامه، ويباع له الثاني إن كان له فضل لئلا يربح المتعدي، واختلف قوله في هذا الأصل. قال في عبد تزوج حرة بغير إذن ربه ودخل بها ثم زنت قبل إجازة سيده نكاحه، فقال: إن أجازه رجحت، وإن رده لم ترجح، فجعله بإجازته منعقدا بأوله، فعليه يجوز للآمر أخذ الطعام الثاني. المازري: كثر التعقب في جوابه في المدونة لاقتضائه التخيير في بيع وكيله طعامه

بطعام، ولا يجوز فيما شرط صحة عقده التناجز عقده على خيار. والجواب عنه أنه: إن علم مشتري الطعام بطعام من الوكيل تعديه، وعقده على أن مالكه بالخيار في إمضائه ورده كان فاسدًا، وإن لم يعلم تعديه واعتقد أنه عقدٌ جائزٌ لازمٌ جرى على القولين المشهورين في هذا الأصل. ابن القاسم: يمنعه، وأشهب: يجيزه. قلت: في قوله هذا نظر؛ لأنه عدل عن ذكر القولين المنصوصين للخمي عنهما إلى ذكر عكسهما تخريجًا، ولا يتقرر بما أتى به جوابًا عن التعقب المذكور جوابٌ بوجه بل تأكيدًا للتعقب؛ لأن حاصل ما أتى به جوابًا أن الحكم في المسألة الفساد اتفاقًا، فإن علم المشتري موجب الخيار، والفساد على أصل ابن القاسم الذي لفظ مسألة المدونة له فجعله الفساد جوابًا عن تعقب قولها بالجواز خلف فتأمله، ثم قال: وأشار بعضهم إلى حملها على وجه يغني عن هذا الاعتذار وإجرائها على الخلاف، فقال: معنى صورة تعديه أنه باع الطعام بعرض، وباع العرض بطعام لا أنه باع الطعام بطعام. قلت: ما عزاه لبعضهم هو قول ابن محرزٍ. وقال عياض: إلى حمل المسألة عن ظاهرها وأنه باع طعامًا بطعام نحى كثير من شيوخ القرويين. قلت: وقال ابن الحاجب: فإن خالف فالخيار للموكل إلا أن يكون ربويًا، فقبله ابن هارون وابن عبد السلام، ولا ينبغي قبوله؛ لأن ظاهره أن يكون للموكل أيضًا فعله تعديًا مطلقًا في غير بيع الطعام بطعام وليس كذلك، ويجب تقييده بعدم إيجابه فسخ دين في دين كقولها: وإن دفعت إليه دراهم يسلمها لك في ثوب هروي، فأسلمها في بساط شعرٍ أو في طعام أو في غير ما أمرته به، أو زاد في الثمن ما لا يزاد في مثله، فليس لك أن تجيز فعله، وتطلب ما أسلم فيه وتدفع له ما زاده؛ لأن الدراهم لما تعدي عليها وجبت عليه دينًا، ففسخها فيما لا تتعجله، وذلك دين بدين، ويدخل في الطعام مع ذلك بيعه قبل قبضه لا شك فيه؛ لأن الطعام قد وجب للمأمور بالتعدي، فليس له بيعه قبل قبضه، وكان بعضهم يتعقب قوله: وجب للمأمور بالتعدي؛ لأنه إنما اتباعه للآمر لا لنفسه.

فقوله: يدخله بيع الطعام قبل قبضه لا شك فيه، فيه شك. ويجاب بأن عقد اشترائه لازم، ولزومه يوجب مشتريًا له لازمًا له عقده، والآمر لا يلزمه لعدم أمره به، فتعين كونه المأمور، وإذا لزم العقد المأمور فقد وجب له ما عقد عليه، فإذا زاد في ثمن ما أمر ببيعه بثمن، أو نقص من ثمن ما أمر بشرائه بثمن لم يتعد. في ثاني سلمها: من أبضع مع رجل أربعين دينارًا في شراء جارية وصفها له، فاشتراها بأقل لزمت الآمر، وضمنها إن ماتت قبل قبضة إياها، ولم يحك المازري ولا غيره فيما علمت فيه خلافًا. وقال ابن بشير: إن خالف بزيادة، كقوله: بع بعشرةٍ فباع باثني عشرة، أو بع بالدين بعشرة فباع بذلك نقدًا فقولان مبنيان على الخلاف في شرط ما لا يفيد هل يوفى به أم لا؟ وهذا كما قال: والأظهر إن كان ذلك في بيع ما فيه شفعة أن يكون للآمر مقال لجواز تعلق قصده بشركة الشفيع دون غيره، ويسير الزيادة في الثمن كمأذون فيها، أو زاد على أربعين دينارًا دينارين، أو ما أشبه أن يزاد على مثل الثمن، لزم الامر وضمن المشتري إن هلك قبل قبضه، وغرم الزيادة للمأمور. المازري: واليسير في المائة الديناران والثلاثة. التونسي: لا تكون الزيادة في قليل الثمن محصورةً على هذا الحساب، إنما ينظر إلى ما يزاد مثله عادةً، قد يكثر ما يزاد لقلة ثمن المبيع فيكون أكثر من هذا التقدير، ويستسهل ليسارته ولا يجب على الوكيل أن يزيده ذلك، إنما هذا إن زاده لزم الموكل، ولو اشترى السلعة لنفسه لما لم يبعها ربها بالمسمى كانت له إذا قلنا إنه لا يلزمه أن يسلف من وكله ويصير كأنه غير واجدٍ، فما اشترى بالمال شيئًا لنفسه فكان كوديعة اشترى بها شيئًا لنفسه. قلت: الظاهر أنه لو كان بيد المأمور للآمر ما يدفع منه الزيادة لزمه الشراء بها، فلا يتم له شراءها لنفسه، وكذا إن كان المأمور مالكًا لقدر الزيادة غير محتاج إليها؛ لأن قبوله التوكيل على شرائها التزام منه للوازم شرائها، ويؤيده قول أصبغ في سماعه. أشهب: من أمر بشراء سلعة بخمسة عشر فاشتراها بستة عشر، وقال: أبي البائع بيعها بخمسة عشر فاشتريتها لنفسي بستة عشر قبل قوله وكانت له.

قال أصبغ: أرى أن يحلف وأستحسن أن الآمر في أخذها بالخيار. ابن رشد: استحسانه بعيد إذ لا يلزمه أن يسلفه الزيادة. التونسي: ولو ادعى المأمور زيادة ما تشبه زيادته حلف ورجع بذلك؛ لأنه كالمأذون له في ذلك فأشبه قوله اشتر لي كذا وأسلفني ثمنه، فقال: اشتريتها وضاعت، حلف وثبت له الرجوع وإن لم يظهر شراؤها، وهذا أبين لظهور الشراء إلا أن فيه إشكالًا لجواز كون الشراء بدون الزيادة، وظهور الشراء فيمن قال له: أسلفني يسقط يمينه إلا أن يكون متهمًا فيحلف. وأجرى المازري قبول قول الوكيل في الزيادة على القولين فيمن أمر أن يخرج من ذمته لأمانته. ابن العطار: إن أمره بشراء عبد فلان وسمى له ثمنًا فهذا لا يزيد له على الثمن شيئًا، وإن سمى العبد أو الثمن فهذا يزيد ما يتغابن الناس به. التونسي: ولو ادعى الزيادة بعد تسليمه المشترى للآمر، فقال ابن القاسم: يقبل إن ادعاه بقرب تسليمه، وإن طال لم يقبل، وهذا للعادة إلا أن يكون له عذر في تأخير ذلك. قلت: وهذا كقولنا في دعوى القائل في القراض بعد المفاصلة أنه أنفق من مال نفسه. الصقلي: قال بعض أصحابنا: وقال بعض الناس إن باع السلعة بدون التسمية ليسير لم يلزم الآمر بخلاف زيادة اليسير في الثمن في الشراء. الصقلي: وفي نظر. المازري: إن باع المأمور السلعة بدون ما سمى له لم يلزم الآمر، وإن قل النقص بخلاف الشراء؛ لأن الشراء لا يتأتى غالبًا بما يحده الآمر، وفي البيع يتأتى بما حد له وإلا رد لموكله ما وكله، وأشار بعض المتأخرين إلى أن لا فرق بين البيع والشراء، وهذا هو القياس، ولا طريق للفرق إلا العرف. وفيها: إن باع الوكيل أو ابتاع بما لا يشبه من الثمن لم يلزم الآمر ويرد ما لم تفت السلعة، فيلزم الوكيل القيمة.

ابن بشير: إن قال الوكيل أنا أتم ما نقصت، فهل يترك ويمضي البيع؟ قولان: أحدهما: لا يلتفت قوله؛ لأنه متعد في البيع، والثاني: أن له ذلك؛ لأن مقصد الآمر قد حصل له. قلت: لم يحك الصقلي غير قول ابن حبيب ليس للمأمور أن يلزم الآمر المشتري بما أمره به، ويحط عنه الزيادة. الصقلي: لأنها عطية منه لا يلزمه قبولها. ابن عبد السلام: وهذا المسألة كمسألة من أمر من يزوجه بألف فزوجه بألفين فيما يرجع إلى هذين القولين. قلت: الأظهر أن المسألتين مختلفتان ولا يجري من القول بقبول اتهام المأمور في مسألة البيع القول بقبول اتمامه في النكاح؛ لأن في قوله في النكاح غضاضة على الزوج والزوجة وولدٍ إن حدث، وهذا المعنى يوجب جري القول الآخر أحرويًا. وفي كون بيعه به نقدًا بما أمر به نسيئة تعديًا طرق. التونسي: لو أمره ببيعها بعشرة دراهم إلى أجل فباعها بها نقدًا فلا كلام للآمر؛ لأن الدراهم لو عجلت له لزمته. عبد الحق في تهذيب الطالب: لو أمره ببيعها بعشرة نقدًا، فباعها بذلك وقيمتها أكثر، فلا قول للآخر؛ لأنه فعل ما أذن له فيه، وهي في كتاب البضائع لمحمد، وإنما الخلاف لو أمره ببيعها بعشرة إلى أجل فباعها بها نقدًا وقيمتها أكثر؛ لتعديه ما أمر به، وذكرنا الخلاف فيها في كتاب النكث. قلت: في النكث قال بعض شيوخنا: إن أمر ببيعها بثمن إلى أجل، فباعها به نقدًا وقيمة السلعة أكثر، غرم المأمور القيمة ولا حجة له في التسمية؛ لأن من حجة الآمر أن يقول ظننتها لا تسوى هذا، فسميت هذا لئلا تنقص عنه. عبد الحق: وهي تجري عنده على قولين في العتبية. قال ابن القاسم: إن أمره أن يبيعها بعشرة إلى شهر، فباعها بسلعة إلى شهر، بيعت السلعة المؤخرة بعين وكان للآمر الأكثر من ذلك ومن قيمة سلعته ما لم يكن ذلك أكثر من العشرة التي أمر أن يبيع بها، وإنما تباع المؤخرة إن كان فيها فضل، وإلا فله القيمة

إلا أن يكون أكثر من العشرة التي سمى له إلى أجل، وقد قال: لا ينظر إلى ما سمى له من الثمن بل إلى قيمة السلعة، فهذان القولان في هذا السؤال جاريان في المسألة التي قدمنا. ابن رشد: القول الثاني هو الذي في المدونة وهو أصح وأجرى على أصل؛ لأن لرب السلعة أن يقول إنما سميت العشرة لأجل خوف بيعها بأقل منها فإذا تعدى فلي قيمة سلعتي، كما أنه إذا أمره ببيع سلعة بعشرة نقدًا، فباعها بسلعة يكون له ما تباع به السلعة إن بيعت بأكثر من عشرة، ولا حجة عليه أنه رضي بعشرة؛ لأنه يقول له إنما سميتها خوف بيعها بأقل. وفي سلمها الثاني: وإن أمره ببيعها إلى أجل فباعها بنقد فعليه الأكثر مما باعها به أو القيمة، سمى له ثمنًا أم لا. ابن محرز: قال لنا أبو بكر بن عبد الرحمن: قال لنا أبو محمد بن أبي زيد: معناها أنه باعها نقدًا بأقل مما سمى له، ولو باعها بما سمى له فأكثر لم يكن للآمر قول، وخالفني في ذلك أبو محمد بن التبان فناظرته في ذلك وقلت له: أرأيت لو امتثل ما أمر به وأراد المشترى أن يعجل له الدين أكان ذلك له؟ ابن محرز: إن أمره بذلك من غير أن يكون له غرض في أكثر منها ولا أمره بالزيادة بالاجتهاد في الزيادة فالقول قول ابن أبي زيد، وإن أمره بما سمى له تحديدًا لأقل الثمن، وعلى أن يجتهد في الزيادة فهو متعدٍ، ويجب عليه غرم القيمة، وهذا وجه قول ابن التبان. لقت: اختار المازري هذه التفرقة وأتى بها كأنها من عنده. ثم قال التونسي: لو أمره ببيعها بقمح سماه إلى أجل، فباعها به نقدًا كان متعديًا؛ لأن الطعام المؤجل لا يجبر مبتاعه على قبول تعجيله، وكان شيخنا اللخمي يرى أن الطعام هنا كالعين. قلت: لم أجد في تبصرته إلا ما نصه: ومن أمر أن يبيع سلعة بعشرة لشهر فباعها به نقدا ألزمه؛ لأن التعجيل زيادة وهو كمن باع بأكثر إلا أن يقول الآمر: اطلب عشرة فأكثر ولا تبع بأقل، فينظر إلى ما تباع به إلى شهر، فإن كان أكثر كان للآمر رد البيع، فإن

فات بها المشتري فعلى الآمر الأكثر مما تباع به إلى أجل أو قيمتها نقدًا، وإن أمره أن يسلمها في عشرة أقفزةٍ قمحًا إلى أجل فكذلك؛ لأن العادة أن الناس لا يقصدون بالأجل الضمان إليه، ومعلوم أنه على التعجيل أحرص، وإن علم أن قصده الضمان له صح أن يفسخ البيع وتعاد له سلعته. قلت: ظاهر مناظرتهما أن المسألة غير منصوصة للمتقدمين وهو ظاهر قول ابن محرزٍ والمازري، وإنما نقله عن التونسي غير منصوص للمتقدمين. وقال الصقلي: عن كتاب ابن سحنون: لو أمره بالبيع بعشرة لأجل، فباعها بعشرة نقدًا فلا قول لربها؛ لأن الدراهم لو عجلت لزمته، وأمره ببيعها بعشرة أقفزةٍ لأجل، فباعها بها نقدًا، كان له فسخ البيع إن كانت قائمة، أو إغرامه القيمة إن كانت فائتة، إذ لا يقدر من عليه الطعام أن يعجله، ولو أسلمها في طعام غرم الآن التسمية أو القيمة إن لم يسم وبيع الطعام حين قبضه، فما زاد فللآمر، وما نقص على المأمور. قال بعض أصحابنا: إنما يلزم المأمور من بيع الطعام بقدر القيمة أو التسمية، ومقتضى قول ابن الحاجب: ولو قال بع نسيئةً بكذا فباع نقدًا به، وعكسه في الشراء فقولان، رجع أبو محمد فيه ابن التبان أن مسألة العكس تناظر فيه الشيخان إلا أن يجعل الضمير في قوله فيها إلى المسألة الأولى دون عكسها. المازري: اختلف في كون التسمية للثمن مسقطة عن المأمور النداء والشهرة والمبالغة في الاجتهاد أم لا؟ ابن بشير: لو أمره ببيع سلعة بثمن سماه فباعها به من غير إشهاد قولان: أحدهما إمضاؤه، والثاني رده؛ لأن القصد عدم نقص الثمن وطلب الزيادة، ولو ثبت أحد القصدين ما اختلف فيه، وقول ابن الحاجب: واشتر بعينها فاشترى في الذمة ونقدها أو بالعكس، صح هو قول ابن شاس: إن سلم له ألفًا فقال اشتر بها كذا فاشتراه في الذمة ونقد الألف، أو اشترى في الذمى وسلم الألف فاشترى بعينه صح فيهما. وقال المازري: لو وكله على شراء شيء بمال دفعه له فاشتراه على ذمته أو على أن يشتريه على الذمة ودفع له ما لا ينقده فيه فاشتراه بعين المال، فذكر فيها كلاما للشافعية، ثم قال: النكتة في ذلك عندنا غرض الموكل إن ظهر فيما رسمه غرض

فمخالفته عداء، وغن لم يكن غرضه إلا تحصيل السلعة فليس بعداءٍ. وقال ابن عبد السلام: لو دفع له الدنانير وديعة فدفعها الوكيل في الثمن لم يبعد أن يكون متعديًا إذا قيل بتعين الدنانير والدراهم، إذ قد يتعلق للآمر بعينها غرض صحيح أما لشبهة فيها فلا يجب تفويتها بالشراء بها حتى ينظر في إصلاح تلك الشبهة أو لتحقق طيب كسبها، فيجب أن يشتري بها لقوته لا لتجارة أو غير ذلك مما يعصره الناس. قلت: إن أراد أنه يحكم عليه على هذا القول بحكم التعدي بقيد كون الدنانير والدراهم قائمة بعينها بعينها فمسلم، وإن أراد أن يحكم عليه بحكم التعدي مطلقًا وهو ظاهر قوله: رد بأنه لا فائدة في الحكم عليه حينئذ بالتعدي؛ لأن الواجب عليه بتعديه غرم مثل دنانير الآمر، ويجب على الآمر غرم مثلها، وهذا لا فائدة فيه. وفي بع بالدنانير فباع بالدراهم وعكسه نقلا المازري: في هذا الأصل قولان بناء على أنهما جنس أو جنسان، والمعتبر اعتبار عادة المتعاملين في تساويهما واختلافهما. قلت: الأظهر أنهما جنسان؛ لأنه لو أودعه دنانير فتسلفها وردها دراهم لم يبر اتفاقًا، ولو كان رأس مال القراض دنانير فرده العامل دراهم لم يلزم رب المال قبولها، ولا أعلم اتحادهما في المشهور إلا في الزكاة، وقيد اللخمي الخلاف باتحاد قيمة الدنانير والدراهم، وسمع أصبغ أشهب: من أمر ببيع ولم يسم له شيء فبيعه بدراهم ماض، ولو كان المبيع إنما يباع بدنانير. أصبغ: إن بلغت الدراهم صرف ما تباع به من الدنانير مضى استحسانًا. ابن رشد: قول أشهب أنه ماض وإن لم تبلغ الدراهم ذاك إذا باعها بما يتغابن الناس به في بيعها بالدراهم خلاف قول أصبغ استحسانًا، والقياس عنده أن لا يجوز إذا كان البلد لا تباع تلك السلعة فيه إلا بالدنانير. وقول ابن دحون: معنى المسألة إن كان ببلد تباع فيه بالدراهم وإلا لم يلزم الآمر غير صحيح؛ لأن فرض المسألة أن البلد لا تباع السلعة فيه بالدراهم أو كانت السلع لا يباع مثلها إلا بالدنانير، ووجه قول أشهب أن الدنانير والدراهم عين والعين هو الثمن؛ لأن صرف الدراهم ليس مما يغبن فيه، وقد قال قال مالك: بيع المأمور بما لا يغبن ببيعه من العروض نافذ، وقال أيضًا: إن باع بما يغبن في بيعه فعليه بيعه له، ثم رجع فقال: لا

ينفذ بيعه بغير العين، قاله في رسم العتق من سماع عيسى من جامع البيوع في بعض الروايات، ويتخرج في بيعها بالدراهم حيث لا تباع إلا بالدنانير ثلاثة أقوال خيار، الآمر في الرد والإمضاء إن لم تفت، وإن فاتت فقيمتها دنانير وإمضاء البيع، وعلى المأمور تصريفها دنانير، وثالثها نفوذه ولا يلزمه تصريف. ومن وكل على شراء جارية موصوفة بثمن فاشترى به جاريتين بصفتها، فقال اللخمي: إن اشتراهما في عقدتين أو كانت إحداهما على غير الصفة لزمت الأولى والتي على الصفة والآمر في الأخرى بالخيار، وإلا فقال محمد: إن لم يقدر على غيرهما لزمتا الآمر. ابن القاسم: هو بالخيار في أخذهما أو أحديهما بمنابها من الثمن. أصبغ: يلزمانه مطلقًا. عبد الملك: هو بالخيار في أخذهما أو تركهما. وقول محمد: إن لم يقدر على شراء واحد لزمتاه أحسن، ولا يختلف فيه إنما الخلاف إن قدر. المازري: يحتج لأصبغ بحديث حكيم بن حزام: "أنه صلى الله عليه وسلم أمره أن يشتري له شاة بدينار، فاشترى له شاتين بدينار، وباع واحدة منهما بدينار، واتاه بشاة ودينار، فدعا له بالبركة"، فكان لو اشترى ترابا لربح فيه، فلولا أن الشاة المبيعة لازمة له صلى الله عليه وسلم وصارت على ملكه لم يأخذ ثمنها ولا أقره على ذلك، وقيل: إ الشاة المبيعة لو لم تكن على ملك حكيم لما باعها، ولا أقره صلى الله عليه وسلم على جواز بيعها، وإنما باعها على ملكه وكان له صلى الله عليه وسلم الخيار في قبولها لما كان الشراء به. قلت: حديث حكيم لا أعلمه إلا من طريق الترمذي خرج عن أبي حصين عن حبيب بن أبي ثابت عن حكيم بن حزام أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث حكيم بن حزام يشتري له

أضحية بدينار، فاشترى أضحية فأربح فيها دينارًا فاشترى أخرى مكانها، فجاء بالأضحية والدينار إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "ضح بالشاة وتصدق بالدينار". قال الترمذي: حديث حكيم لا أعرفه إلا من هذا الوجه. وروى البخاري عن شيب بن غرقدة قال: سمعت الحي يتحدثون عن عروة أن النبي صلى الله عليه وسلم أعطاه دينارًا ليشتري له شاة. قال: فاشتريت له شاتين فبعت إحداهما بدينار وجئت بالشاة والدينار إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكرت له ما كان من الأمر، فقال: "بارك الله لك في صفقة يمينك"، فكان بعد ذلك يخرج إلى كناسة الكوفة فيربح الربح العظيم. قلت: فالاستدلال بحديث عروة هو الصواب لا بحديث حكيم، وقول ابن القاسم هو سماعه عيسى. قال ابن رشد: قول محمد هو خلاف قول ابن القاسم هذا. قلت: جعله خلافًا كأكثر الشيوخ خلاف ما تقدم للخمي. ابن رشد: على قول ابن القاسم أنه مخير في أخذهما أو إحدهما بما يصيبها من الثمن، ويأخذ منه بقيته لو ماتت إحداهما قبل أن يختار كانت من المأمور لتعديه في الثانية، قاله ابن دخون، وليس بصحيح إذ لم يشترهما واحدة بعد واحدة ليكون متعديًا في الثانية كما قاله، إنما اشتراها صفقة واحدة فما تعدى في إحداهما بعينها لكنه بتعديه في اشترائهما صفقة واحدة لزمت ذمته ما ناب التي لم يخيرها الآمر، فصار كأنه اشترى على أن الآمر بالخيار في أخذ أيتهما شاء بما ينوبها من المسمى، ويضمن هو بقيتها في ذمته وتكون له الثانية، فيتخرج ضمان الهالكة منهما قبل أن يختار، على الخلاف فيمن اشترى ثوبًا من ثوبين على أن يختار أيهما شاء، فتلف أحدهما قبل أن يختار، فيكون التالف منهما معا على قول ابن القاسم، ومن المأمور على مذهب سحنون.

ولو اشترى الجارية على الصفة وولدها الكبير خير في أخذها وولدها، وتركها وأخذها دونه بمنابها من الثمن، وإن كان الولد صغيرًا فكما في السماع: إن علم بالولد لزمته، وإن لم يعلم كان له ردها بولدها، هذا إن كان بعينها، وإن لم تكن بعينها فله ردها بولدها، علم أن لها ولدًا أم لا؛ لأن الولد عيب. قلت: في النوادر عقب هذه المسألة. قال ابن حبيب: عن ابن الماجشون: إن أمره بشراء جارية معينة موصوفة بثمن فاشتراها به ومتاعًا معها في صفقة، خير الآمر في أخذ الجميع أو الجارية بحصتها من الثمن، فإن هلك الجميع قبل علمه فمصيبة الجارية وحدها منه بحصتها من الثمن. قلت: في هذه حجة لابن دحون. ولو أمره بشراء جارية أو ثوب فاشترى نصف ما أمره به ثم اشترى باقيه، فالأظهر أنه متعد، وللشيخ عن المجموعة: من أمر ببيع سلعة بعشرين فباع نصفها بعشرة، فإن كان إذا بيع النصف الباقي بتمام عشرين وجرى ذلك فليس بمتعد، وإن كان بنقص فهو متعد. قلت: ويجري هذا في الشراء. المازري: من أمر بشراء جارية أو ثوب فاشترى نصفه لم يلزم الآمر، ولو أمر بشراء أثواب فاشتراها جملة أو آحاد فليس بمتعد، ومسائل المرابحة تدل على ذلك. وقال المازري: ذاك جائز إلا أن يكون للموكل غرض في الإفراد أو الجمع أو يكون في تلك عرف، وقول ابن شاس: إن أذن له في البيع إلى أجل مطلق قيده العرف بالمصلحة صواب. وفي سلمها الثاني: من أمر من يشتري له جارية، أو ثوبًا، ولم يصف له ذلك، فإن اشترى له ما يصلح أن يكون من ثياب الآمر أو خدمه لزم ذلك الآمر، وإلا لم يلزمه إلا أن يشاء. اللخمي: وقال أشهب: يلزمه مطلقًا إلا أن يقول للباسي أو لخدمتي، وقاله سحنون. قلت: وتقدم في الأيمان مناقضة الأولين قولها هنا: قولها في الأيمان والكلام

على ذلك. قال ابن الحاجب: وكذا المخصص بالعرف. قال ابن عبد السلام: يعني كما يفيد العرف المطلق يخصص العام، فلو قال: اشتر لي ثوبًا من أي الأثواب شئت وشبه ذلك من ألفاظ العموم في أحاد الثياب أو الأثمان أو الآجال، فإن العرف إذا ثبت يخصص الكلام. وقد قال في المدونة: من استعار دابة ليركبها حيث شاء وهو بالفسطاط فركبها إلى الشام أو بإفريقية، فإن كان وجه عاريته لمثل ذلك فلا شيء عليه وإلا ضمن، والذي سأل رجلًا ليسرج جهاله إلى الشام أو إلى إفريقية، هذا مقتضى أصول المذهب، ولأصحاب أصول الفقه كلام في العموم هل يخص بالعادة أو لا؟ وتفصيل الفخر في ذلك حسن. قلت: ظاهر قول ابن الحاجب: تخصيص العام بالعرف مطلقًا كان قوليًا أو فعليًا، وزعم القرافي أن تخصيصه إنما هو بالقولي لا بالفعلي، ومسائل المدونة وغيرها دالة على أن تخصيصه بالقولي كالفعلي. وفي كتاب الحمالة: لولا أن الناس كتبوا في وثائق الأشربة خلاص السلعة في الدرك لا يريدون به خلاصها ولكن تشديدًا في التوثق لنقضت به البيع، والمذهب أن بيع المأمور بعرض بغير إذن عداء، فإن نزل والمبيع قائم ففي تخيير الآمر في إمضائه ورده بأخذه الأكثر مما يباع به العرض الثاني، أو قيمة المبيع وقصره على الأول، أو أخذ سلعته نقلًا. الصقلي عن محمد وغير ابن القاسم فيها: وتبع عبد الحق فردهما لوفاقٍ، بحمل قول محمد على أنه لا بينة بأن المبيع للآمر إلا بقول المأمور. ونقل ابن محرزٍ ما في الموازية لرواية الدباغ في المدونة، وطرحها سحنون، وصوب ابن الكاتب معنى قول الغير غير معزو قال: لأن المتعدي فيه قائم يمكن أخذه. قال: وعليه قال ابن القاسم في العتبية: من تعدى على طعام ببيعه بعرض إلى أجل، لا يباع ذلك العرض؛ لأن الطعام مضمون بمثله فكان كالقائم.

قال: وهو كقوله في العين: إذا تعدى فيها. قال ابن محرز: يريد قوله فيها: فيمن أمره أن يسلم له دنانير في ثوب هروي، فأسلمها في بساط شعرٍ. قال فضل: أصل ابن القاسم وأشهب أن للآخر أخذ رأس ماله فقط، أو ثمن البساط يبيعه عاجلًا إن كان ثمنه أكثر، أو أخذ رأس ماله وترك البساط ليبيعه عند أجله، ففضله له ونقصه على المأمور، وإن فات المبيع فالكثر من قيمته أو ثمن ما ليع به. قلت: قول ابن الكاتب؛ لأن المتعدي فيه قائم يمكن أخذه؛ لأنه لا يفوت بحوالة الأسواق. وظاهر قول المازري في طرح سحنون رواية الدباغ: لكون المتعدي على سلعة غيره لا يضمنها بغرم قيمتها، وهي قائمة لم تتغير في ذاتها ولا سوقها أن تغير الأسواق فوت. وفيها: إن أمرته بشراء سلعة فاشتراها بغير العين فلك ترك ما اشترى أو أخذه، وتدفع له مثل ما أدى. عبد الحق: إنما يدفع مثل ما أدى إن كان قليلًا أو موزونًا، وفي غير ذلك من العروض إنما يدفع قيمة العرض كالحميل المصالح عن الغريم بعرض، وكالمبتاع لشقصٍ بعرض يشفه بقيمته لا بمثله. قلت: وقال ابن محرز: ظاهر قوله إنه يعطيه مثل العرض، ووجهه أنه كالقرض، كما لو سأله أن يشتري له سلعة بطعام من عنده أو عرض يرجع بمثل الطعام والعرض. وفي الأسدية لابن القاسم: يرجع بقيمة العرض، فعليه تعتبر قيمة العرض الذي اشترى به إن كان قيمة السلعة لزمه وإن كان أكثر من قيمة السلعة الذي اشترى بالشيء الكثير لم يلزمه، وكان مخيرًا. وفيها: لو اشترى له أو باع بفلوس فيها كالعرض إلا أن تكون سلعة خفية الثمن، إنما تباع بالفلوس فهي كالعين. وفيها: إن أمرته ببيع سلعة فأسلمها في عرض أو باعها بدنانير لأجل لم يجز بيعه،

فإن لم تفت فسخ، وإن فاتت بيع العرض بعين نقدًا، أو الدنانير بعرض نقدًا، ثم بيع العرض بعين نقدًا، فإن كان مثل القيمة أالتسمية إن سمى فأكثر، كان ذلك له، وما نقص عن ذلك ضمنه المأمور. المازري: اختلف إن خالف المأمور ما سمى له هل يعود ملتزمًا لما سمى له أم لا؟ ثم قال: إن باع بخمسة عشر لأجل ما أمر ببيعه لعشرة نقدًا والمبيع قائم، قللآمر رد البيع وإمضاؤه إذا لم يقل مخالفة المأمور التزام للتسمية، فصرح ابن عبد السلام بمفهوم هذا الشرط فقال: إن كانت السلعة قائمة، وقلنا بأن المأمور بتعديه ملتزمة للتسمية لم يلزمه إلا العشرة المسماة، وإن قلنا لا يعد ملتزمًا خير الآمر في الرد والإمضاء. قلت: مقتضى كلام المازري أنه لا يسقط تخيير الآمر بمجرد البناء على أن المأمور ملتزم بتعديه في التسمية، بل لا بد في ذلك من البناء على أن التسمية تسقط على المأمور وجوب الشهرة للمبيع والاجتهاد في قدر ثمنه، ويأتي للخمي ما هو نص في ذلك إن شاء الله. وسمع أبو زيد ابن القاسم في جامع البيوع: إن أمر ببيعها بعشرة دنانير نقدًا فباعها بعشرين لأجل أو بألف درهم، فقال الآمر: بيعوا منها بعشرة دنانير نقدًا وأبقوا سائرها للأجل فلا بأس به. ابن رشد: لأنه لا يدخله مكروه، ولو أراد أن يباع له من ذلك بأقل لم يجز؛ لأنه دنانير في أكثر منها أو في دراهم لأجل ولو أراد المأمور المأمور دفع العشرة ليأخذها من العشرين إذا حلت وباقيها للآمر، ففي جوازها مطلقًا أو برضى الآمر وبلوغ قيمة العشرين عشرة فأكثر لا أدنى ثالثها: وبلوغ قيمتها عشرة فأدنى لا أكثر لسماع يحيى ابن القاسم، وظاهر قول أشهب ولابن القاسم أيضًا، ورابعها: لا يجوز إلا أن تكون قيمتها عشرة فقط؛ لأنها إن كانت أكثر دخلها على قول ابن القاسم الدين بالدين، وإن كانت أقل دخله على قول أشهب سلف جر نفعًا. وفي سماع عيسى من رسم أوصى: إن أمره ببيع سلعة بثمن سماع أو بعرض، فباع

بثمن لأجل لم يجز للآمر إمضاء البيع وأخذ الثمن؛ لأنه فسخ دين في دين. ابن رشد: معناه إن فاتت السلعة ولو كانت قائمة جاز، ومثله في الموازية، وفي سماعه: إن كانت قيمة ما بع به لأجل وقيمة المبيع وقد فات سواء، جاز أن يتحول للآمر على المشتري؛ لأنه رفق بالمتعدي، فإن باعها بأكثر فرضي له المتعدي أن يعجل له القيمة، ويقبض ذلك لنفسه عند الأجل، ويدفع ما زاد على القيمة إلى الآخر، أجبر الآمر على ذلك ولم يكن من بيع الدين. وقال اللخمي: واختلف إن باع بخلاف ما أمر به هل يعد ملتزمًا للتسمية؟ وهل بيعه بها دون نداء عداء؟ وهل من خير بين أمرين يعد متنقلًا؟ فعلى أنه ملتزم ولا يلزمه شهرة يكون قيام السلعة كفوتها، وليس للآمر أخذها، إنما له الأكثر من التسمية أو القيمة أو ما يباع به الدين، ويختلف هل له الإجازة بالثمن الدين؛ لأن السلعة وإن كانت قائمة فقد ملك أخذ التسمية أو القيمة فيكون فسخ دين في دين، على أنه لا يلزمه البيع بالتسمية دون شهرة نداء يكون للآمر أخذ سلعته لا إجازة البيع بالدين؛ لأنه ملك أخذ التسمية، وأرى أن القول قول الوكيل؛ لأنه لم يلتزم التسمية، ويخير الامر في الرد والإمضاء إلى الآجل، فإن فاتت بلبس خير الآمر في الإمضاء إلى الأجل وأخذ القيمة من اللابس يوم لبس، ويسقط عنه الثمن وأخذ القيمة من الوكيل يوم باعه ويمضي للمشتري بالثمن؛ لأن من اشترى شيئًا بوجه شبهة فهلك في يده لم يضمنه إلا بثمنه. ثم قال: وقال: من أمر ببيع سلعة بعشرين نقدًا فباعها بثلاثين لأجل فباع الآمر الدين حسبما تقدم. قال: وليس للآمر عنده إجازة البيع للأجل لإمكان أنه اختار التسمية فيكون فسخها في ثلاثين، ولا أن يختار التسمية لإمكان أنه اختار الإجازة للأجل فيدخله ضع وتعجل، وعلى القول الآخر له أي ذلك شاء. وفي منع الوكيل على معاوضة منها لنفسه قولها مع المشهور، واللخمي عن القاضي مع ظاهر لفظ المازري عن بعض الخلافيين عن مالك، وتخريج ابن رشد على سماع ابن القاسم.

ابن حارث: اتفقوا فيمن وكل على سلم فأسلمه لنفسه أنه لا يجوز. وفي كون المنع لعدم دخول المخاطب تحت الخطاب أو لأنه مظنة تهمته: نقلا المازري: ولم يحك اللخمي غير الثاني قائلًا: قال مالك: من اشترى سلعة ثم أخذ قراضًا، فأراد دفعه في ثمن سلعة، أخاف أن يكون قد استغلى، فجعل المنع للمحاباة؛ لا لأنه معزول عن شرائها، وأرى إن فعل وعلم أنه استقصى وبالغ وذكر من الثمن ما هو غايتها، مضى بيعه وإلا نقص إن كان قائمًا، ومضى بعد الفوت بالأكثر من القيمة أو الثمن إن فات بذهاب عينه. واختلف إن حال سوقه أو تغير فيه نفسه، فقال محمد: إن باع المأمور من نفسه خير الآمر في ردها ما لم تفت بغلاء بالسوق أو في بدنها فيلزمه قيمتها، وذكر يحيى بن عمر قولين هذا، والآخر لا يفيتها النماء ولا النقص، ولغير ابن القاسم في كتاب القراض: كل من أطلقت يده في بيع فباعه من نفسه وأعتقه، فللآمر رده ونقض عتقه إلا المقارض إن كان في العتق فضل نفذ عتقه للشرك الذي له فيه. ولابن حبيب: إن باعه من نفسه ثم باعه من آخر بربح، فالربح للأول إلا أن تكون قيمته أكثر فيلزمه الأكثر، وكذا الوصي يشتري من تركة الموصي لنفسه فللسلطان رده، وإن باعه فربح فهو للأيتام، أو الثلث إلا أن تكون القيمة أكثر، فجعله كالمتعدي لا يفيته عتق ولا بيع، وهو أحسن إن حابى لنفسه. وسمع عيسى ابن القاسم: من أمر ببيع شيء سمي له فأخذه لنفسه، فإن لم يفت أخذه الآمر، وإن فاتت وقد أمره ببيعه بطعام أو عين، خير ربه في أخذه بما أمره أن يبيعه به، وإن أمره ببيعه بغير ذاك من العروض لم يكن عليه إلا القيمة، ويفيته النماء والنقص واختلاف الأسواق. ابن رشد: معنى أخذه لنفسه أي بالثمن المسمى. وقوله: أخذه الآمر؛ يريد: وله إلزامه إياه بالمسمى، ووجهه أنه إنما أمره ببيعه من غيره ولم يرض أن يبيعها من نفسه، فلو كان له رده، ويتخرج جواز بيعها من نفسه من سماع ابن القاسم: فيمن خرج حاجًا أو غازيًا فبعث معه بمال يعطيه كل منقطع به فاحتاج هو، فلا بأس أن يأخذ منه.

قلت: يرد التخريج بأن كون علة الإعطاء موجودة في المأمور توجب دخوله في الإعطاء، ولا علة في البيع بل فيه مانع التهمة على عدم طلب الزيادة في الثمن. قال: وفي تفرقته بين العروض والطعام مع العين نظر، والنظر أن الطعام كالعروض بخلاف العين؛ لأنه في الطعام والعرض سلم حال، والمشهور منعه بخلاف العين فيجب أن يبطل عنه الثمن في الطعام والعرض، ويلزمه قيمة السلعة إن فاتت بالغة ما بلغت إلا أنه لما كان الطعام من ذوات الأمثال أشبه عنده العين، وحكمه في الفوات لها بحكم البيع الفاسد خلاف القياس، والقياس عدم فوتها بالنماء وحوالة الأسواق بالزيادة، والنماء إنما يفوت بالعيوب وحوالة الأسواق بالنقص، ويبين هذا قوله في رسم أوصى: فذلك ليس ببيع وصاحبه يرد هإن شاء إن لم يفت، فإن فات خير في الثمن الذي أمره به أو القيمة. وفي كون ولده الصغير ويتيمه في المنع كنفسه أو كأجنبي قولها مع المشهور، وابن محرز مع غير واحد عن سحنون محتجًا بأن العهدة في أموالهما. وفيها لابن القاسم: من وكل على سلم مال في طعام، فأسلمه إلى نفسه أو زوجته أو أحد أبويه أو جده أو جدته أو ولده أو ولد ولده أو مكاتبه أو مدبره أو أم ولده أو عبده المأذون له أو ولد عبده الصغير أو عبد أحد ممن ذكرنا أو إلى شريكه المفاوض أو إلى شركة عنانٍ فذلك كله جائز إن صح بغير محاباة، سواء نفسه أو شريكه المفاوض؛ لأنه كنفسه أو من يلي عليه من ولد أو يتيم أو سفيه ومن أشبه هؤلاء. قلت: من أشبه ذلك من له فيه رق غير مأذون له. الصقلي عن سحنون في الشريك: إلا أن يكون عن المال الذي فاوضه فيه. عياض: منع إسلامه لابنه الصغير ويتيمه. قال ابن وضاح: أمر سحنون بطرحها وقال: ذلك جائز؛ لأن العهدة في أموالهما. قلت: في الأمر بالطرح نظر؛ لأنه لا يجوز لراو قول إمام طرح قوله من المروي لضعف دليله عنده. الصقلي: قال يحيى بن سعيد: لا يجوز عندي إلى عبده ومدبره وأم ولده. قلت: ظاهره ولو كان مأذونا له، وتقدم قولها في المرابحة: ليس على من اشترى

سلعة من عبده المأذون له في التجر بيان ذلك في بيعه إياها مرابحة إن كان العبد يتجر بماله. وذكر ابن عبد السلام لفظ المدونة وعقبة بقوله: كذا فهمها الأكثر غير أنهم قيدوها بأن يكون المدبر وأم الولد مأذون لهما، وفي فهمهم ما نسبوه إلى المدونة نظر لا يليق ذكره هنا. قلت: ما نسبه للمدونة لفهم الأكثر هو نصها الجلي، ولا يقال فهمها الأكثر إلا لما ليس بظاهر جلي، وما أضاف إليها من التقييد هو نصها في العبد، ولا فرق بينه وبين المدبر وأم الولد في قوله نظر تهويل لا محايل له، بل حقه أن ينبه على تقييدهما بما ذكرناه من قولها في المرابحة إذا كان يتجر بمال نفسه. ونوقض قولها يجوز سلمه لزوجته بقولها: لا يجوز بيع المسلم بقبض زوجة المسلم إليه. ويجاب بأنه في البيع لحق الله وهو آكد من حق الآدمي. وأجاب بعض شيوخ عبد الحق بأن الموكيل على قبضه محله منزل الوكيل، ومنزل الزوجة مشترك بينها وبين زوجها فلم يتم القبض، ومحل المسلم فيه الذمة، وذمة الزوجة خاصة بها، وأجاب ابن محرز بأنه في قبض الزوجة لم تقم بينة على قبضها، ولو قامت صح بيعه بقبضها، واتخاد العاقد لنفسه من نفسه نائبًا حيث لا مانع جائز كقولها في شراء الوصي من تركه يتيمه ما قل ثمنه وثبت شهرته، وقولها: إن لم يكن لها ولي فزوجها القاضي من نفسه برضاها جاز، وتزويجه معتقته من نفسه برضاها، وكذا من بينه لمصلحتها في رهونها، لا بأس بما يشتري الأب أو الموصى لبعض من يليان من بعض، وقيدت بالسلامة من التهمة بشراء، فإن كانت فكشرائه لنفسه كبيعه على من يلي عليه بإيصائه لابنه الصغير. وفيها: من أمرته بشراء عبد، فاشترى من يعتق عليك غير عالم، لزمك وعتق عليك، وإن كان عالمًا لم يلزمك. ابن محرز: هذه تدل على عدم لزوم شراء المرء من يعتق عليه إذ لو لزمه لما كان الوكيل العالم متعديًا، وعلى أن ما تلف على يدي وكيل أو وصي دون عمد من ربه

لا من المأمور. واختلف في هذا الأصل وفي خطأ القاضي في ماله عن اجتهاد هل يوجب غرمه أم لا، وقالوا في الوصي يشتري رقبة نصرانية فيعتقها يضمن، ولعله حيث فرط، والمعمول عليه عندي النظر في خطابه، فإن كان فيما لا طريق لعلمه إلا بما عمل لم يضمنه، وإن كان فيه تقصير ضمن، وعلى هذا يجري ما يوجد من خلاف. عياض: روى محمد بن يحيى في المدنية أن جهل الوكيل لم يعتق على الآمر؛ لأنه لم يعتمد شراءه وهو عيب في المبيع له رده وإبقاؤه رقًا له. قال: وسمع ابن القاسم لا يعتق على واحد منهما وما ضمنه المأمور لعلمه في رقه له وعتقه إن كان مليًا بثمنه، أو ما فصل عنه إن كان عديمًا، وولاؤه للآمر قولًا يحيى بن عمر مع عبيد بن معاوية، وعياض عن رواية ابن أبي أويس والبرقي. وفي كون الجاري على قول ابن القاسم: الأول أو الثاني طريقًا، بعض القرويين مع ظاهر قول الشيخ في مختصره والصقلي، بناء على اعتبار الفرق بينه وبين عامل القراض بشبهة ملكه في المآل والغاية؛ لأن العتق على الآمر لا عليه، وقصر موجب العتق بغرم المأمور على تعديه، وهو في العامل والوكيل سواء. ابن محرز: قال بعض المذاكرين بقول سحنون: بشبهة عامل القراض بشبهة مكله في المال وإلغائه؛ لأن العتق على الأمر لا عليه وقصر موجب العتق كغرم المأمور وعلى تعديه، وهو في العامل في المال إذ لو وطئ منه لم يحد، ولو وطئ الوكيل جارية اشتراها لموكله حد وقاله عبد الحق. عياض عن بعض الشيوخ: ووجه جهل الوكيل هو أن لا يعلم أنه أبوه، ولو علمه وجهل حكمه فهو كعلمه سواء. المازري: لو ادعى الموكل علم الوكيل وأنكره الوكيل، حلف ولزم عقدة موكله، وعتق العبد عليه، وإن نكل الوكيل، حلف الموكل ولم يلزمه العقد، وعتق العبد على الوكيل قولًا واحدًا لإقراره أنه اشتراه غير عالم أنه ممن يعتق، وإن عتقه واجب على الموكل وهو جحده وذلك ظلم. وقول ابن شاس: كل من جاز تصرفه لنفسه جاز توكيله، ومن جاز تصرفه لنفسه

جاز كونه وكيلًا إلا لمانع مسائل المذهب واضحة به، وامتناع توكيل من ليس جائز الأمر. في سماع يحيى: في توكيل بكرٍ من يخاصم لها توكيلها غير جائز؛ لأنها لا تلي مثل هذا من أمرها إنما يليه وصيها أو من يوكله السلطان، ووقع في المدونة ما يوهم صحة وكالة المحجور عليه في عتقها الثاني إن دفع العبد مالا لرجل على أن يشتريه ويعتقه، ففعل فالبيع لازم، فإن استثنى ماله لم يغرم الثمن ثانيًا، وإلا غرمه ويعتق العبد ولا يتبع بشيء. وفي سماع عيسى ابن القاسم: هو كالنص في ذلك قال فيه: إن دفع عبد إلى رجل مائة دينار، وقال له: اشترني لنفسي من سيدي، فاشتراه لنفس العبد واستثنى ماله كان حرًا، ولا رجوع لبائعه على العبد ولا على المشتري بشيء، وولاؤه لبائعه. ابن رشد: مرض الأصيلي هذا الشراء بأن وكالة العبد على شرائه لا تجوز إلا بإذن سيده، فعلى قياس قوله إن لم يعلم السيد أنه اشتراه للغير كان له رد ذلك، وإن علم فلا كلام له. قلت: وكان يمشي لنا الجواب عن تعقب الأصيلي بأن حجر العبد إنما هو إنما مادام في ملك سيده، وهو ببيعه خرج عن ملكه وصح لوكيله ولزم عتقه ضربة واحدة، كقولها فيمن باع عبده بعد أن تزوج بغير إذنه ولم يعلم به، مضى نكاحه وليس لسيده فسخه إلا أن يرجع لملكه برده مبتاعه بعيب نكاحه، وأما منع كون الوكيل محجورًا عليه فقال اللخمي: لا يجوز توكيله؛ لأنه تضييع للمال. قلت: وعليه عمل أهل بلدنا وظاهر كتاب المديان جوازها فيها منه ما نصه: قلت: إن دفعت إلى عبد أجنبي محجور عليه مالا يتجر لي فيه أو ليتيم محجور عليه، ثم لحقها دين أيكون في ذمتهما. قال: قال مالك: ويكون في الحال الذي دفع إليهما وما زاد عنه فهو ساقط لا يكون في ذمتهما. قلت: ظاهره جواز توكيلهما إلا أن يقال إنما يتكلم عليه بعد وقوعه، والأول أظهر وهو الأكثر من أخذ الأشياخ الأحكام من مفروضات المدونة، ويؤيده سماع أصبغ ابن

القاسم في كتاب العتق، وقال: أشهدكم أن ما أعتق أو أحدث في رقيقي، فأمره جائز وابنه سفيه، ثم باع ابنه من رقيق أبيه عشرة، جاز بعيه على أبيه، وإن كره إلا أن يبيع بما لا يتغابن به من محاباة بينة ووكالة السفيه كغيره. ابن رشد: هذا بين لا خلاف فيه ولا إشكال، والتوكيل في الحياة بخلاف الوصية بمال ولده لا يجوز لسفيه بخلاف وصيته بتنفيذ ثلثه إلى سفيه، أي غير عدل ذاك جائز؛ لأن ثلثه له حيًا وميتًا، جواز توكلها إلا أن يقال إنما تكلم عليه بعد وقوعه والأول أظهر، وهو الأكثر من أخذ الأشياخ من مفروضات المدونة، وظاهر كلام ابن رشد في رسم أسلم من سماع يحيى ابن القاسم من كتاب العتق الثاني جواز توكيل المحجور عليه. وفي نوازله: من وكل على قبض دين له صبيًا قبل بلوغه فقبضه براءة للغريم؛ لأن رب الحق رضي به، وأقر له منزلته. وفي سلمها الثاني قلت: إن وكلت ذميًا على أن يسلم لي في شيء. قال: قال مالك: لا تدفع لنصراني شيئًا يبيعه لك، ولا يشتري لك شيئًا ولا يتقاضى لك، ولا تبضع معه، وكذلك عبدي النصراني، ولا يجوز شيء مما يصنعه النصراني للمسلمين في بيع ولا شراء. المازري: لو وقع تفاوض الذمي بوكالته في خمر تصدق الموكل بجميع ثمنه، وفي الربا بالزيادة فقط، ولو فعل ذلك وهو يعلم حرمته وعدم إرادة المسلم ذلك غرم له ما أتلف عليه بفعله ذلك. ابن الحاجب: وفيها لا يوكل الذمي على مسلمٍ أو بيعٍ أو شراءٍ أو يضع معه، وكرهه ولو كان عبدًا. قلت: فيها ليس كونه على مسلم ولا لفظ الكراهة، وظاهر لفظها لا يجوز الحرمة. الصقلي عن بعض القرويين: توكيله على الاقتضاء تسليطه له على المسلمين وعلى أن يغلظ عليهم إن منعوه، فكره ذلك لئلا يذل المسلم. قلت: وهذا وإن وافق نقل ابن الحاجب فهو ليس من لفظها، وقول ابن الحاجب كابن شاس من لا يوكل عدو على عدوه، وهو قول ابن شعبان في زاهيه، لا بأس

بتوكيل من ليس بينه، وبين الموكل عليه عداوة لما نهى عنه عن الضرر والإضرار. وتشمل الوكالة على البيع والشراء لوازمها العرفية في نكاحها الأول؛ لأن وكيل البيع له قبض الثمن وإن لم يؤمر بذلك، وليس للمبتاع أن يأبى ذلك عليه. ابن شاس: والوكيل بالشراء يملك قبض المبيع، وتبعه ابن الحاجب، وقبله ابن هارون وابن عبد السلام، وفي قبوله مطلقًا نظر، ومقتضى المذهب عندي التفصيل، فحيث يجب عليه دفع الثمن يجب له قبض المبيع، وحيث لا يجب لا يجب لنكتة التي فرقوا فيها بين وجوب قبض الوكيل ثمن ما باعه وعدم صحة قبض ولي الثيب نقد وليته دون توكيل عليه، فإنه في البيع هو مسلم البيع لمبتاعه، وليس الولي كذلك في النكاح وشراؤه معيبًا تعديًا عداء إلا ما يغتفر عرفًا. فيها: إن أمرته بشراء سلعة فابتاعها معيبة تعمدًا، فإن كان عيبًا خفيفًا يغتفر مثله، وقد يكون شراؤه بها فرصة لزمتك، وإن كان عيبًا مفسدًا لم يلزمك إلا أن تشاء وهي لازمة للمأمور. قلت: انظر لو كان العيب خفيًا مغتفرًا باعتبار حال عموم الناس وحال الآمر لا يقتضي اغتفاره هل يلزم الآمر أم لا؟ والأظهر أنه يتخرج على القولين في أول كتاب الغصب في أثر العداء إذا كان يسيرًا بالنسبة إلى عموم الناس، وغير يسير بالنسبة إلى حال المتعدي عليه، هل يحكم عليه بحكم اليسير أو الكثير؟ وعبر عن هذا ابن الحاجب بقوله: فإن علم بالعيب كان له، ولا رد إلا في اليسير. قلت: استثناؤه القائل إلا في اليسير يستحيل رده لمنطوق ما قبله، وإنما يستقيم برده لمحذوف تقديره: ولا يلزم الآمر، ومثل هذا الحذف لا ينبغي في إلقاء المسائل العلمية مع يسر العبارة عنه بقوله: فإن علم بالعيب لزمه كالآمر إلا في اليسير. وفيها: لو عينه الآمر فلا رد للمأمور بعيبه، وإن لم يعينه فقولا أشهب: قائل للآمر أخذها بعد ردها المأمور، فإن ماتت ضمنها، وابن القاسم قائلًا: ليس له ردها أن العهدة له دون الآمر لكن لمخالفة الصفة وقد أمكنه الرد، وهذا في وكيل مخصوص والمفوض له جائز رده، وإقالته على الاجتهاد دون محاباة، وفي تعليق أبي عمران: هو إن ردها ضمن عند أشهب، وإن لم يردها ضمن عند ابن القاسم، فالحيلة في الخلاص من

الضمان أن يرفع للحاكم، فما حكم به منهما فعليه يسقط الخلاف فلا ضمان. ونقل ابن الحاجب: له الرد في غير المعين، وفيه قولا هما عكس نص قولها. قال المازري: وهو نقل الشافعية عن مذهبهم، وعلى الصواب نقلها ابن شاس. وفي الرد بالعيب منها: من ابتاع سلعة لرجل وأعلم به البائع فالثمن على الوكيل ولو كان مؤجلًا حتى يقول له في العمد إنما ينقدك فلان دوني، فالثمن على الآمر حينئذ. الصقلي: قال محمد: وإن لم يقل إلا ابتاعه لفلان تبع المأمور دون الآمر، إلا أن يقر الآمر فلتيبع أيهما شاء، إلا أن يدعي الآمر أنه دفع الثمن للمأمور، فيحلف ويبرأ ويتبع المأمور، ولم يذكر محمد هل قبض الآمر السلعة أم لا؟ وذكر أصبغ في العتبية: عن ابن القاسم في قبض الآمر السلعة وقال: دفعت إلى المأمور الثمن، فإن كان المأمور دفع الثمن للبائع فالقول قول الآمر مع يمينه، وإن لم ينقد حلف المأمور ما قبض وأخذ من الآمر. سحنون: إن كان أشهد حين دفع أنه إنما ينقد من ماله لم يقبل قول الآمر أنه دفع إليه. قال بعض فقهاء القرويين: ما في كتاب محمد خلاف هذا؛ لأنه ذكر أن الثمن لم يدفعه المأمور للبائع، وجعل القول قول الآمر؛ لأن السلعة ليست برهن في يد المأمور، وعلى قول ويشبه لو لم يدفع السلعة أن القول قوله على قول أشهب وإن نقد؛ لأنه يراها كرهن في يده إذ له حبسها حتى يقبض الثمن، وعلى قول ابن القاسم ليس له حبسها وعلى قوله يكون القول قول الآمر، ويجب إن دفع السلعة للآمر أن يكون القول قول الآمر، إذ لم يبق إذ لم يبقى بيد المأمور عوض عما دفعه، وعما هو مجبور على دفع، وجعل في العتبية القول قوله بعد دفع السلعة، إذ لم يدفع الثمن للبائع فأحله محل البائع، إذ الثمن لا يسقط عن المشتري بقبض السلعة منه، فمتى لم يقبض الثمن كان القول قول المأمور. وقال: فيمن قال خذ لي دراهم سلفًا على طعام، لا يلزم المأمور وهو مشتري الدراهم بطعام، وهو يقول لمن اشترى سلعة بثمن لأجل، وأخبر أن الشراء لغيره، أن الثمن على المأمور حتى يقول فلان ينقدك دوني، فما الفرق بين شرائه الدراهم بسلعة

وشرائه السلعة بدراهم، إلا أن يقال القياس فيمن اشترى لغيره وأخبر أن الشراء لغيره أن يجب الثمن على الآمر، لولا العادة أن من أمر بالشراء دفع إليه الثمن، ولم تجر العادة فيمن أخذ الدراهم على سلم أن يدفع للمأمور السلم، فبقي هذا على أصله أن ذلك على الآمر كعهدة المبيعات، وجرى الشراء على العادة. وفي الموازيَّة: إن قال بعثني فلان إليك لتبيعه فلا يتبع إلا فلاناً، وإن أنكر غرم الرسول رأس المال. قال أشهب: ولو قال بعثني إليك لأشتري منك أو لتبيعني فالثمن على الرسول، وإن أقر المرسل كان عليه حتى يبين أني لست من الثمن في شيء، أو يقول فلان بعثني لتبيع منه. الصقلي: والفرق بين شراء الوكيل وبيعه، إن قال البيع لفلان فالعهدة على فلان، وإن قال أشترى لفلان فالثمن على الوكيل إلا أن يقول فلان ينقدك دوني، هو أن أمر العهدة خفيف، وقد لا يحتاج لها أبداً والثمن لابد منه، وهذا قد ولي معاملته وقبض سلعته فعليه أداء ثمنها إلا أن يشترطه على فلان. قُلتُ: قوله وذكر أَصْبَغ إلى قوله كان القول قول المأمور إنما هو من فصل تنازع الآمر والمأمور، وقد تقدم في مسائل العهدة في الرد بالعيب ويأتي تحصيله لابن رُشْد في تنازع الآمر والمأمور. اللخمي: وكالة أخذ السلم بلفظ بعثني لأخذ سلم له يوجب أخذ الوكيل رأس ماله وأداء الآمر السلم، فإن أنكره سقط عنهما. وفي غرم المأمور رأس المال قولا محمد وغيره، ورأى إن كان مأموناً حلف لقد أرسلني وأوصلته وبرئ وإلا غرم، ولفظ وكلفني على عقد سلم له لا يوجب عليه رأس ماله، ولفظ وكلني أن أسلم له يوجبه وهي على الشراء بلفظ بعثني لتبيعه على الآمر، ولفظ لأشترى منك على المأمور، ولفظ لأشتري له في إيجابه على الوكيل أو الآمر قول محمد، ورواية المبسوط: إن أعلم أنه وكيل على شراء أنه وكيل لغيره لم يجب عليه بدل زائف يظهر في الثمن بناء على أن البيع التقابض مع العقد أو تجرده. قُلتُ: يرد تخريجه من رواية المبسوط خلاف قول محمد: بأنه لا يلزم من عدم

وجوب البدل على المأمور عدم إيجاب دفعه الثمن، لجواز رعيه أن العرف إنما يقتضي قبض المأمور قدر الثمن فقط لا زيادة عليه ببدل منها، ثم وجدت نحوه للمازري. وقول ابن الحاجب: ويطالب بالثمن، وللثمن ما لم يصرح بالبراءة يقتضي أن الوكيل على أخذ سلمٍ مطالبٌ بأدائه، وهو خلاف ما تقدم، وخلاف ظاهر قولها ونصه: قلت: إن قلت لرجل خذ لي دراهم سلماً في طعام لأجل ففعل أيلزمني السلم في قول مالك. قال: ذلك لازم للآمر عند مالك. قال: قال مالك: وإن شرط المشترى على المأمور إن لم يرض فلان الذي أمره باث لبيعي ضامن حتى توفيه فلا بأس به. ولما ذكر ابن عبد السلام بعض ما تقدم قال: لكن وقع في السلم الثاني فذكر المسألة بزيادة. قال: وكذلك إن ابتعت لرجل سلعة بأمره من رجل يعرفه، فاشترط عليك البائع أن الرجل إن أقر له بالثمن وإلا فهو عليك نقداً أو لأجل فلا بأس به، وظاهر هذا أن المطالب بالعوض في المسألتين إنما هو الموكل لا الوكيل، ولأنه لا يلزم الوكيل إلا بشرط. قُلتُ: وهذا يوجب تناقض قولها في الرد بالعيب لقولها في المسألة الثانية من مسألتي كتاب السلم، وهو وهم غره فيه اعتماده على ظاهر لفظ التهذيب في مسألة كتاب السلم، ولفظها في المدَوَّنة على خلاف ذلك، ونصه: قال مالك: وإنما مثل ذلك مثل من يقول لرجل ابتغ لي غلاماً أو دابة بالسوق، فيأتي المأمور لمن يشتري منه فيقول إن فلاناً أرسلني إليك أشتري له ثوبا فبيعوه فقد عرفتموه، فيقول: نحن نبيعه فإن أقر لنا بالثمن فاث برئ، وإلا فالثمن عليك نقدا أو إلى أجل، فهذا لا بأس به، ونص مسألة الرد بالعيب. قُلتُ: لو اشترى سلعة من رجل لفلان وأخبرته أني اشتريتها لفلان لا لنفسي، قال: إن لم يقل المشتري للبائع لا أنقدك إنما ينقدك الثمن فلانٌ، فالثمن على المشترى، قاله مالك.

قُلتُ: فمسألة كتاب السلم المأمور فيها غير مشترٍ، بل أمر للبائع أن يبيع من الآمر لا منه، فجعل الثمن على الآمر. ومسألة الرد بالعيب المأمور فيها هو المشتري لا الآمر، فلذا جعل الثمن عليه إلا أن يشترط على الآمر، وقد تقدم من نقل الصقلي واللخمي وجه هذه التفرقة. وفيها: من باع سلعة لرجل بأمره، فإن أعلم المأمور في العقد أنها لفلان، فالعهدة على ربها إن ردت بعيب، فعلى ربها ترد وعليه الثمن لا على الوكيل، وإن لم يعلم أنها لفلان حلف الوكيل وإلا ردت السلعة عليه. [باب في ضابط تراجع الحملاء فيما ابتاعوه متحاملين] وما باعه الطوافون والنخاسون ومن يعلم أنه يبيع للناس فلا عهدة عليهم في عيب ولا استحقاق، والتباعة على ربها إن وجده وإلا اتبع، وتقدم تفريق الصقلي بين سقوط العهدة عن المأمور بإعلامه المشترى أنه نائب، ولا تسقط عنه مطالبته بالثمن بذلك، وأبين منه دوام مطالبة العهدة لامتناع سقوطها، ويسر سقوط مطالبة الثمن بدفعه، وتقدم شيء من هذا في مسائل العهدة، ولو ضاع للمأمور ثمن ما ابتاعه ففي غرمة الآمر، ثالثها: إن كان شراؤه قبل قبضه من الآمر للصقلي عن الشَّيخ عن المغيرة وبعض المدنيين في قراضها والمشهور معها ومحمد قائلاً: ولو تلفت السلعة وحيث لا يجب على الآمر فالسلعة للمأمور إلا أن يأخذها الآمر بغرمه. وسمع عيسى ابن القاسم: إن اشترى مبضعٌ معه في شراء جارية أباها، وقال: لبائعها دعني أبعثها خوف فوات الرفقة وأرجع فأنقذه، فرجع فوجد الثمن تلف، فإن فرط بتطويله في رجوعها وفاتت بحمل فهو منه، وإلا خير ربها في أخذها بثمن آخر أو ردها، واختصارها ابن الحاجب بقوله: ولو تلف الثمن في يده رجع على موكله واضح القصور. ولو جحد مبتاع سلعة من أمر ببيعها قبضها، ففي غرمه قيمتها أو ثمنها، ثالثها: أقلها للصقلي مع المازري عن الشَّيخ وابن شبلون وبعض أصحابنا، ورجح ابن محرزٍ الأول وعزاه، والثاني: للمذاكرين ولم يحك الثالث، والصقلي الثالث محتجاً بتعيينها

ضمانه بأنه أتلف الثمن. قال: ولأن الإشهاد على العقد أنفع إذ قد يخالفه في الثمن، وقد قال محمد: إن اختلفا في الثمن وفاتت السلعة صدق المبتاع مع يمينه، وضمن الوكيل ما بقي بتعديه بترك الإشهاد، وإذا ضمن بعض الثمن ضمن جميعه. وقال بعض شُيُوخنا: لو أنكر المسلم إليه الثمن ضمن الوكيل السلم لإقراره بثبوته على المسلم إليه وتفريطه في الإشهاد، وكذا لو أقر بقدر أقل مما قال الوكيل ضمن الوكيل الزيادة. ابن الحاجب: ولو أسلم المبيع ولم يشهد، فجحد المشترى الثمن ضمن. ابن عبد السلام: زاد المؤلف لفظة: الثمن، وهي توجب تشويشاً على فهم السامع ولم يذكرها أحد، وإثباتها يقتضي أنه لو جحد الشراء لما ضمن الوكيل ولو سلم المبيع، وليس كذلك في نصوص المتقدمين على ما ستقف عليه. قُلتُ: ولم يأت بشيء من نصوص المتقدمين في ذلك إلا قوله: قال بعض الأشياخ: العادة في عقود البياعات ترك الإشهاد فلا يضمن الوكيل بتركه ولا مطالبته عليه إن كانت السلعة قائمة بيده، لكنه إن سلمها كان كالمتلف لها فيضمن. قُلتُ: قوله إثباتها يقتضي أنه لو جحد الشراء لما ضمن الوكيل، ولو سلم المبيع وهم؛ لأن جحد الشراء مع ادعائه المأمور دفع المبيع لمن زعم أنه ابتاعه ملزوم قطعاً لجحده الثمن الذي صرح المأمور بادعائه عليه قطعا؛ لأن الشراء المذكور وثمنه متلازمان كلما انتفى أحدهما انتفى الآخر، فجحد المبتاع الشراء جحد للثمن، وكلما جحد الثمن لزم ضمان المأمور. فقوله: لو جحد الشراء لما ضمن المأمور وهم فتأمله، ونصها فيها: من باع سلعة وكل على بيعها فجحده على مبتاعها ثمنها ضمنه؛ لأنه أتلفه بتركه الإشهاد على مبتاعها لقول مالك: من زعم في بضاعة بعثت معه لرجل أنه دفعها له فأنكره ضمنها. اللخمي: قول عبد الملك في هذا الأصل تصديقه، وإن لم يشهد وهو عادة الناس في كثير من البياعات، فإن كان سلم السلعة حلف، وحلف الآخر ما اشترى ولا قبض

وبرئا، فإن نكل المأمور غرم الأقل من القيمة أو الثمن، وإن نكل المشترى غرم الثمن، وإن نكلا وقد غرم المأمور لنكوله بتقدم طلب الآمر لم يرجع على المشتري؛ لأنه يقول لا وخاصمني كنت المبرأ بالحلف فأردده عليك وقد نكلت عنه، فلا يجب لك على شيءٌ، ولو غرم المشتري لبرأ الآمر به، كان له تحليف الوكيل إن نكل غرم له الثمن الذي أغرمه الآمر، وإن كانت العادة الإشهاد على الثمن غرمه، سلم السلعة له أم لا. وإن كانت على العقد دون التسمية فإن لم يسلم السلعة لم يغرم شيئاً، وإن سلمها غرم الأقل من القيمة أو الثمن. وإن قال المشتري: إنما اشتريت بأربعين، وقال المأمور: بخمسين مخالفاً، فإن نكل المأمور غرم المشترى أربعين فقط. وفي غرم المأمور تمام الخمسين قولا ابن القاسم ومحمد، وثالثها لرواية يفسخ البيع وهو أبين لقول الآمر: لا يجوز على نكول المأمور، فلا تؤخذ سلعتي بغير ما أقر وكيلي أنه باع به، وعلى الفسخ يغرم الوكيل على قول محمد الخمسين، وعلى قول ابن القاسم: لا غرم عليه، ومحمل قول محمد على ترك الإشهاد. وسمع ابن القاسم: من أمر من يبيع له غلاماً لم يسم له ثمنه فقال: بعثه بخمسين، وقال: مشتريه بأربعين تحالفاً، فإن نكل الوكيل حلف المشتري، وثبت قوله: فلا يقال للآمر احلف؛ لأنه لا علم له. ابن رُشْد: معناه فوض له في ثمنه؛ لأنه لو لم يفوض له ولا سمى لوقف الآمر على رضاه ولوجب إن قال: بعته بخمسين، وقال المشتري: بأربعين، وقال الآمر: لا أرضى بيعه بالخمسين أن يأخذ عبده، وإن قال: لا أبيعه بدون الخمسين، قيل المشتري: إن شئت خذه بها وإلا فلا شيء لك ولا أيمان بينكما، ولو قال الآمر: لو باعه بأربعين رضيتها؛ ولكنه باعها بخمسين فأطلبها، كانت الأيمان بينهما كما ذكره؛ يريد: تكون الأيمان بينهما كاختلاف المتبايعين في الثمن. فقوله: إن نكل الرسول لم يفسخ البيع صحيح، قوله: لا يقال للآمر احلف، معناه: لا يجب عليه إذا لم يل البيع، إنما يجب على من وليه ومن حقه إن ادعى معرفة الثمن أن يحلف إن شاء بدل الرسول فيفسخ البيع إن حلف المشتري، ولا يجب على

الوكيل شيء بنكوله؛ لأنه بحلفه أختار فسخ البيع على إمضائه بيمين المشتري ويضمن الرسول العشرة، وكذا إن حلف المشتري والرسول وانفسخ البيع لم يجب على الرسول شيء؛ لأن الإشهاد لا يجب عليه إلا عند دفع السلعة؛ لأنه إن لو قال بعته بخمسين فأنكر المشتري الشراء وحلف لم يجب على الوكيل شيء، ولو دفع العبد فجحد الثمن وأنكر، قبض العبد وحلف، ضمن الرسول الخمسين لا قيمة العبد، كذا قال في المدَوَّنة: يضمن الثمن، ووجهه أن الإشهاد بالثمن إنما يجب عند دفع العبد، وإن لم يحلف واحد منهما حلف المشتري وثبت قوله على ما قال في السماع، وتبع الآمر الوكيل بالعشرة التي أتلف بنكوله، رواه محمد، وكذا لو فات العبد عند المشتري وحلف لغرم الوكيل العشرة، رواه محمد أيضاً، ولم يتكلم في السماع إن نكل المشتري بعد نكول الرسول. وقال فيه ابن حبيب: يلزمه البيع، يريد: بما قاله الوكيل، كقوله: إن نكل المتبايعان فالقول قول البائع، وقول أبي بكر بن محمد: إن نكل المشتري بعد نكول الوكيل غرم ما قال الرسول، بخلاف المتبايعين لا يصح بوجه، ولا فرق بينهما وبين المتبايعين ففي نكولهما القولان كالمتبايعين، وذكر كلاماً تقدم في اختلاف المتبايعين. وفي الوديعة منها: أن أمر من باع ثوباً من رجل بدفعه ثمنه لمن يأتيه به فقال: قبضته وتلف، لم يبر دافعه إلا ببينة على دفعه. قُلتُ: ما الفرق بينه وبين قول مالك: فيمن بعث بمال لرجل فقال: قبضته وتلف، قال: ليس ما في الذمة كالأمانة. وسمع عيسى ابن القاسم: إن قال من أمر بدفع ثوب لصباغ دفعته له، فأكذبه الصباغ فالمأمور ضامن ولو صدق، وقال: ضاع وهو عديم، ضمنه الصباغ ولا شيء على المأمور. ابن رُشْد: إن أكذبه ضمن اتفاقاً لتعديه إذ لم يشهد، ولو كان مفوضاً إليه، وقول بعض أهل النظر: معنى المسألة أنه أمره بدفه لصباغ معين، ولو كان غير معين صدق مع يمينه، وإن أنكر القابض كالمساكين الذين لا يلزمه الإشهاد عليهم، ويصدق في الدفع إليهم غير صحيح والإشهاد لازم له في المعين وغيره.

قُلتُ: قوله: قول بعض أهل النظر؛ يريد به: ابن دحونٍ؛ لأنه صرح بعزو هذه إليه في الأولى من رسم أوصى من سماع عيسى من كتاب الرهون، وفي براءة الدافع بتصديق الصباغ وهو عديم تأويلان، أحدهما الغسال ضامن تتبع ذمته بخلاف المؤتمن، الثاني: أنه على القول ببراءة المأمور بالدفع إذا كان أميناً بتصديق القابض، وإن كان مؤتمناً وادعى التلف، وهو قول ابن القاسم في الوديعة منها خلاف قوله في الموازيَّة. وفي مختصر الأسدية لأبي زيد القولان: ففي براءة الآدمي الدافع بتصديق القابض قبض لأمانة أو ذمةٍ، وعدمه قبض لأمانة أو ذمة إذا كانت خربةً، ثالثها: لا يبرأ إن قبض إلى أمانة، ويبرأ إن قبض لذمةٍ وإن كانت خربةً. قُلتُ: عزا الثالث في المقدمات لفضل قال: ومسائله أربع من ذمة لذمة أو لأمانة، ومن أمانة لأمانة أو لذمة، وتحصيلها في المقدمات. قُلتُ: وقال فيها: دافع الأمانة لأمانة في براءته بتصديق، وأمر بدفعها له مدعياً تلفها، قول ابن القاسم فيها، وفي الموازيَّة: ولذمة خربة قولان في سماع عيسى في مسألة الصباغ مع أحد نقلي أبي زيد عنه، وثانيهما: ودافع ما في ذمة لأمانة لا يبرأ بتصديق من أمر بدفعه له إن ادعى تلفه، لا أعرف فيه نص خلاف إلا أن يتخرج فيه من الأمانة، وكذا إن أنكر قبضه وقد يدخله الخلاف من مسألة اللؤلؤ. قُلتُ: وقال قبل هذا دافع الأمانة لغير اليد التي دفعت إليه عليه الإشهاد كولي مال اليتيم لا يصدق في الدفع إن أنكره القابض لا أحفظ فيه نص خلاف الأقوال. ابن الماجِشُون: فيمن بعث بضاعة مع رجل لرجل أنه لا يلزمه إشهاد بدفعها ويصدق وإن أنكر القابض كانت ديناً أوصلةً، ويمكن أن يتخرج مثله من قول ابن القاسم فيها: من أمر من يشتري له لؤلؤاً من بلد، وينقد عنه فزعم أنه ابتاعه ونقد ثمنه ثم تلف حلف على ذلك ورجع عليه بالثمن؛ لأنه أمينه، فإذا وجب تعمير ذمة الآمر بقوله فعلت ما أمرني به، وإذا وجب أن تخلى ذمته بقوله ما أمرتني به، وإذ أوجب أن تخلي ذمته بقوله فعلت فإخلاؤه أمانته أوجب. ومن سماع عيسى ممن اشترى ثوباً من ثوبين على أن أحدهما قد وجب عليه بخياره فيضيع أحدهما فيدعي أنه كان اختار هذا الباقي أنه يصدق، وإذا غرم الدافع ففي

رجوعه على القابض المدعي تلفه. قولا مُطَرف: لتفريطه بعدم سرعة الدفع وابن الماجِشُون: إذ الأصل عدم التفريط، هذا إن ثبت توكيله ببينة أو إقرار الموكل، وإلا ففي كون القول قول الموكل فيحلف ما وكله ويضمن الوكيل، أو قوله لتصديق الدافع له قولان الآتي على ما في الوديعة منها مع قول أشهب وسماع سَحنون ابن القاسم في كتاب العارية وسماعه عيسى فيه، وعلى الأول إن رجع الآمر على الوكيل فلا رجوع له على أحد، وإن رجع على الغريم رجع على الوكيل، وعلى الثاني في رجوع الغريم عليه إن غرم ما تقدم من قول الأخوين. وقول ابن الحاجب تابعاً لابن شاس: ولو قال: قبضت الثمن وتلف برئ ولم يبرأ الغريم إلا ببينة إلا في الوكيل المفوض إليه هو نص النوادر. ومن نقل ابن حبيب عن رواية مُطَرف قال: والوصي كالمفوض إليه، وقاله ابن القاسم وابن الماجِشُون، وفي المديان منها بمثله. ولو جحد الوكيل قبض ثمنٍ فأكذبته البينة، فقال: تلف أو رددته بموجب لم تقبل ببينة بذلك، وكذا من أقام بينته ببراءته من دين قامت به بينة بعد إنكاره إياه وتمامها في الوديعة. والمذهب عدم قبول قول الوصي من أب أو قاض في دفع مال اليتيم إليه بعد رشده إلا ببينة أو دليل طول السكوت، وفي الوكالة منها: كالوصي يدعي الدفع للورثة فعليه البينة؛ لأنهم غير من دفع إليه، ولو زعم الوصي أنه تلف ما بيده لم يضمن؛ لأنه أمين، ومثله في الوصايا الأول منها. الصقلي: لأنه وإن كان مؤتمناً فقد دفع لغير من ائتمنه. وروى محمد: إلا أن يطول الزمان كعشرين سنة يقيمون معه لا يطلبونه فالقول قوله مع يمينه. الصقلي: لأن العرف قبض أموالهم إذا رشدوا كالبياعات بغير كتب وثيقة إذا مضى من الزمان ما العادة عدم تأخير قبض الثمن إليه، قبل قول المشتري بيمينه. المتيطي: الإشهاد لازم للوصي في دفعه مال اليتيم إليه إذا انطلق من ولايته، قبض

الوصي المال ببينة أو غيرها. وروى أبو زيد عن ابن القاسم: إذا طال الزمان سنين كثيرة بعد انطلاقه، قبل قول الوصي مع يمينه. قال ابن العطار: والقضاء بما تقدم، وقال القاضي أبو بكر بن زَرْب: إذا قام على وصيه بعد انطلاقه بالعشرة الأعوام أو الثمانية أنه لم يدفع إليه ماله فلا شيء له قبله؛ يريد: من المال وحلف لقد دفع إليه، ومقتضى النظر أن القول قول المدعي أنه ما قبض حتى يمضي من المدة ما يقتضي كذبه. قُلتُ: ففي لغو دعوى الوصي دفعه ما ليتيمه له بعد رشده مطلقاً، وقبول قوله مع حلفه بعد طول سكوت اليتيم عشرين عاماً أو ثمانية، ثالثها: ما يقتضي العرف كذبه لابن العطار عن القضاء عندهم، ورواية محمد مع المتيطي عن أشهب وعن ابن زَرْب واختياره. وفيها لمالك لو قال: أنفقت عليهم وهم صغار فإن كانوا بحجره يليهم فالقول قوله ما لم يأت بما لم يستنكر أو بسرفٍ. الصقلي: روى محمد إن ادعى سدادا أو زيادة يسيرة صدق مع حلفه، وقال ابن القاسم، وفي سماع أشهب وربما قال: وله أن يشتري له بعض ما يلهو به، وفي المجموعة لابن كنانة: وينفق في عرسه بقدر حاله. وفيها مع غيرها: إن كان اليتيم في حضانة غير وصيه لم يصدق في دفع النفقة إلا ببينة، وتمام هذا في الوصايا. وفيها: والوكيل على بيع مصدق في دفع ثمنه للآمر؛ لأنه أمينه. ابن رُشْد: في قبول قول الوكيل مع حلفه أنه دفع لموكله ما أمره بقبضه من مبيع أو غريم مطلقاً، أو إن كان بعد شهر ونحوه، وإن طال لم يحلف، ثالثها: إن كان بالفور كيسير الأيام يحلف، وإن طال لم يحلف، ورابعها: الوكيل على معين غارم مطلقاً والمفوض إليه يحلف في القرب لا في البعد لسماع ابن القاسم معها، ورواية مُطَرف وقول ابن عبد الحَكم مع ابن الماجِشُون وأَصْبَغ، وإن مات بحدثان قبضه كان في ماله وبعده ما فيه القضاء والدفع فلا شيء عليه.

وفي حمل الزوج في بيعه وشرائه لزوجه على الوكالة وإن لم تثبت أو حتى تثبت دليلاً، سماع ابن القاسم في كتاب المديان وسماع عبد الملك في كتاب الدعوى. قال ابن الحاجب: والمصدق في الرد ليس له التأخير لعذر الإشهاد. ابن عبد السلام: موضع هذا الفرع كتاب الوديعة. ولما رأى المؤلف أن المشهور قبول قول الوكيل في دفعه لموكله ما قبضه أشبه المودع في دعواه رد الوديعة إذا قبضها بغير بينة، وينبغي أن يكون للوكيل والمودع مقال في وقف الدفع على البينة وإن كان القول قولهما في الرد؛ لأن البينة تسقط عنهما اليمين. ابن هارون ونحوه، وذكر ابن شاس: وفي نظر؛ لأن بالبينة تسقط عنهما اليمين أعني الموكل والمودع. قُلتُ: كلاهما حمل لفظ ابن الحاجب على دفع الوكيل للموكل وتعقباه بما ذكراه، وفيهما حملاه عليه نظر؛ لأن لفظ ابن شاء هو ما نصه: ومن يصدق في الرد إذا طلب به فليس له التأخير لعذر الإشهاد إذا تحقق الوكالة أو باشره المستحق ولمن عليه الحق بشهادة وقد دفعه لمستحقه أو وكيله على الإشهاد وإن اعترف به، فإن كان بيده تركه واعترف لإنسان أنه الوارث لا غيره لزمه دفعه إليه، ولم يجز له تكليفه البينة على أن لا وارث سواه. قُلتُ: فقوله لمستحقه أو وكيله نص في أنها ليست بين الوكيل والموكل وجميع ما نقلناه لابن شاس لم أجده نصاًّ لأهل المذهب، بل هو نص الغزالي في الوجيز بزيادة خلاف عندهم؛ لأنه قال: ومن يصدق في الرد إذا طولب بالرد هل له التأخير بعذر الإشهاد؟ وجهان. وقال المازري: قالوا: يعني: الشافعيَّة: إذا كان الدين بالإشهاد فمن حق المداين أن لا يدفعه إلا بالإشهاد إذ لا مخلص للمدين إلا بالإشهاد، ولو كان بغير بينة لم يلزم مستحقه الإشهاد بقبضه؛ لأن من هو عليه يمكن أن يبرأ منه بجحوده أصلاً فيصدق مع يمينه ولم يعتبروا مشقة الحلف. والحق أن لا تعقب على ظاهر لفظ ابن الحاجب؛ لأنه يصدق بحمله على الصور التي يصدق فيها الدافع بغير يمين كالوكيل على قبض شيء يطلبه منه موكله بعد قبضه

منه بمدة طويلة يصدق فيها الوكيل دون يمين، وفيما ذكره ابن شاس عن المذهب نظر، ولا يجوز له أن ينقل عن المذهب ما هو نص لغير المذهب ولا سيما وأصول المذهب تقتضي خلافه حسبما أشار إليه المازري وشارحا ابن الحاجب، وكذلك قوله في مسألة التركة فاعلمه. وفي نوازل عيسى: من وكل على خصومة أو وجه من الوجوه لا يوكل غيره عليه في حياته ولا مماته، إنما يجوز ذلك للوصي. ابن رُشْد: لا أحفظ خلافًا في الوكيل على شيء مخصوص أنه لا يجوز توكيل غيره عليه، واختلف إن فعل في ضمانه ففي رسم الصبرة من سماع يحيى أنه ضامن إن خرج المال من يده لمن وكله إلا أن يكون لا يلي ذلك بنفسه وعرف ذلك موكله، وإن لم يعرفه فهو ضامن إن كان غير مشهور أنه لا يلي ذلك؛ لأن رضاه بالوكالة يدل على أنه يتولى حتى يعلم الموكل أنه لا يتولى، وفي غير المشهور محمول على أنه لم يعلم حتى يعلم أنه علم، والمشهور بأنه لا يتولى بنفسه لا يضمن والموكل فيه محمول على أنه علم. وقال بعض العلماء: إذا فعل وكيل الوكيل ما يصنع الوكيل، ولم يتعد في شيء أنه جائز، يريد: لا يضمن من وكله، وقال أشهب: إن كان مثله في الكفاية لم يضمن. المازري: إن علم الموكل حال المشهور أنه لا يتولى بنفسه لم يكن متعديًا بوكالة غيره اتفاقًا. قُلتُ: ظاهر كلامه وكلام ابن رُشْد عدم تعديه بفعله، وهل يجوز له ابتداءً؟ ظاهر لفظها منعه، ومقتضى تعليلها بحاله يقتضي جوازه ابتداء. وفيها: والوكيل على السلم إذا وكل غيره لم يجز. الصقلي: يريد: ولا يجوز للآمر أن يرضى فعله إذ بتعديه صار الثمن دينًا في ذمته، فيصير فسخ دين في دين إلا أن يكون السلم حل وقبض، فلا بأس بأخذه لسلامته من ذلك وبيع الطعام قبل قبضه. وقال سَحنون: إن كان المأمور مثله لا يتولى السلم بنفسه؛ جاز للآمر أن يرضى بفعله. الصقلي: يريد: أنه فعل ما يجوز له فلا يتخلد في ذمته دينًا.

قُلتُ: فيجب حمل قوله: جاز للآمر أن يرضى بفعله على لزوم ذلك له. قال ابن حبيب: روى ابن القاسم: إن وكل الوكيل غيره فللآمر أن يجيز ذلك، ويكون الطعام له أو يأخذ رأس ماله من الوكيل. قال: وأنكر أَصْبَغ ومن لقيت من أصحاب مالك، وقالوا: إن فعل وكيل الوكيل ما ينبغي أن يفعل وتوثق لزم ذلك الموكل، ولا خيار له، وإلا غرم الوكيل ألول للآمر وبقي له الطعام، وبه أقول. ابن رُشْد: والوكيل المفوض إليه في كل الأشياء لا أحفظ في جواز توكيله غيره نصًّا لأحد من المتقدمين، واختلف فيه الشُيُوخ المتأخرون، والأظهر أن له أن يوكل؛ لأن الموكل قد أنزله منزلته. وقوله: يجوز ذلك للوصي في حياته وبعد موته هو نص مالك وأصحابه لا أعلم فيه خلافًا. ابن شاس: علم الموكل عجز الوكيل بانفراده عما وكل عليه أو عدم مباشرته ذلك عادةً يجوز له توكيل غيره ولا يوكل إلا أمينًا. قُلتُ: ظاهر لفظ ابن رُشْد أنه لا يوكل غيره ابتداءً لكنه إن فعل لم يضمن، ومقتضى علة نفي ضمانه يقتضي جوازه ابتداءً، ولفظ المازري كابن رُشْد، وظاهر قوله: أنه لا يوكل إلا أمينًا أنه لا يشترط مساواته في الأمانة. ودليل لفظ المدَوَّنة في كتاب الإجارة: إن اكتريت فسطاطًا فأكريته من مثلك في حالك وأمانتك، فذلك جائز بشرط مساواته في الأمانة. وإذا وكل الوكيل بإذن الموكل، ثم مات الوكيل الأول فقال المازري: الأظهر أن الثاني لا ينعزل بموت الأول، بخلاف انعزال الوكيل الأول بموت موكله، ولابن القاسم ما يشير إلى هذا وهو إمضاء تصرف من أبضع معه أحد الشريكين بعد تفاصلهما. قُلتُ: هي مسألة كتاب الشركة. ابن الحاجب: ولا ينعزل الوكيل الثاني بموت الأول ابن عبد السلام، لا يتخرج فيه الخلاف من وكيل القاضي لليتيم، فإن فيه خلافًا هل هو نائب عن القاضي أو عن

والد اليتيم؟ وأيضًا فإن القاضي الذي قدم ناظرًا لليتيم لو مات لم يكن موته عزلًا لذلك الناظر. قُلتُ: في كلامه هذا تنافٍ، بيانه أنه نقل أولا القول بأن ناظر اليتيم نائب عنه القاضي لا عن الأب، ولازم هذا انعزال الناظر بموت القاضي، ثم قال على وجه الاستدلال: بأنه لو مات القاضي لم ينعزل الناظر، وظاهره اتفاقًا وهو خلاف لازم كونه نائبًا عن القاضي لا عن الأب، ولازم هذا انعزال الناظر بموت القاضي، والقول بانعزال ناظر اليتيم بموت القاضي ثابت في المذهب حسبما يذكر في كتاب الأقضية إن شاء الله تعالى، وبعد الإعراض عن هذا التنافي فالذي يتحصل من كلامه فرقًا مانعًا من التخريج كما زعم هو أن ناظر القاضي نائب عنه في قولٍ، ووكيل الوكيل نائب عن الموكل لا عن الوكيل، وهذا يرد بمنع انحصار نيابة وكيل الموكل عن الموكل؛ لأن الوكيل له عزل وكيله واستقلاله بفعل نفسه اتفاقًا، ولو لم يكن نائبًا عنه لما صح عزله عنه. ويفرق بأن نيابة القاضي عن الأب أضعف من نيابة الوكيل عن موكله؛ لأن نيابة القاضي عن الأب إنما هي بأمر أعم وهو ولايته الصالحة له ولغيره فهو بالنسبة إليه كدلالة العام على بعض أفراده، ونيابة الوكيل عن الموكل إنما هي بتوليته إياه بعينه فهي كدلالة الخاص على نفس مدلوله وهي أقوى من دلالة العام اتفاقًا، ولا يلزم من نقض أثر الأضعف نقض أثر الأقوى. والمعروف انعزال الوكيل بعلمه بموت موكله: ونقل اللخمي والمازري وابن رُشْد وغيرهم من مُطَرَّف: لا ينعزل به إلا بقيد كونه مفوضًا إليه. ونقل ابن شاس وابن حارث عنه بقيد: كونه مفوضًا إليه، وعزاه ابن رُشْد في سماع سَحنون لابن الماجِشُون: وطرف مطلقًا لا بقيد تفويض، وكذا في المقدمات قال فيها: ولأَصْبَغ ينعزل بموته إن كان هو البائع ولا يقبض الثمن إلا بتوكيل الوارث، وإن كان الوكيل ولي البيع فهو على وكالته حتى يعزله الوارث. قُلتُ: فالأقوال أربعة: المعروف، والنقلان عن مُطَرِّف، وقول أَصْبَغ.

قال ابن رُشْد: وقول محمد أجمع أصحاب مالك على انعزاله بعلمه بعزله أو موت موكله غير صحيح، ثم قال: ولم أعلمهم اختلفوا أن القاضي لا ينعزل بموت الإمام الذي قدمه، فانظر الفرق بينهما. قُلتُ: الفرق عظم المفسدة بعزله بموته لعموم متعلق نيابته في أمور المسلمين، ولأنها في تغيير منكر؛ لأنها في رد ظلم الظالم عن المظلوم، وقاله عز الدين بن عبد السلام، وبأن الإمام إنما قدمه نائبًا عن المسلمين في حقهم لا عن نفسه في حقه، وفي تقرر انعزاله بنفس عزله أو موت موكله أو مع علمه ذلك ولو في حق مدين موكله، ثالثها: بعلمه فقط في حقه وفي حق المدين بعلمه، ورابعها: بنفس الموت فيه وبعلمه في العزل لابن رُشْد عن ابن القاسم في كتاب الشركة قائلًا: عليه حمله التونسي والشُيُوخ مع اللخمي عن ظاهر المذهب قائلًا عن ابن المنذر: الإجماع عليه، وابن رُشْد عن سماع سَحنون أشهب في المقدمات عن قول مالك: أول وكالتها مع ابن القاسم في الشريكين يفترقان فيقضي الغريم أجرهما إن علم افتراقهما، ضمن حظ من لم يدفع له ورجع على من دفع له بما غرم للغائب وإن لم يعلم لم يصحبه، ورواية اللخمي: وفي إجراء الخلاف على اختلافهم في اعتبار النسخ يوم نزوله أو بلاغه، ومنعه بالتفرقة بأنه لا يلزم من كونه يوم البلاغ في الحكم الشرعي كونه كذلك في فعل الوكيل؛ لأن الحكم السابق لا يجوز للمكلف ترك العمل به، وأمر الموكل جائزٌ للوكيل تركه، فجاز توجه الحكم الشرعي عليه بالنهي قبل بلوغه نقلًا. المازري: وأخذ ابن رُشْد في المقدمات قول أشهب من قوله: إن علم الوكيل عزله دون المدين غرم بخلاف إن لم يعلمًا. فإن قيل: قد ضمنه إن علم ولم يعلم الموكل الوكيل، قيل: إنه معزول في حقهما معًا بعلم أحدهما، قلنا لا نقوله ولا يصح؛ لأنه إنما ضمنه إن دفع وهو عالم والوكيل جاهل لتعديه بالدفع لا؛ لأن الوكالة انفسخت في حق الوكيل ألا ترى أنه لا يرجع على الوكيل إن تلف المال بيده لبقاء الوكالة في حقه فهو أمانة عنده، ولو انعزل بعلم لوجب الرجوع عليه بما غرم لرب الدين، وفي المسألة تأويلات كثيرة، جعل بعضهم قول ابن القاسم في كتاب الشركة كقول أشهب، فيتأول قوله على أن الوكيل علم بعزله ويجعل

مثله مسألة موت الموكل فيقول: إن لم يعلم الوكيل بموت موكله لم يضمن من دفع إليه إلا أن يعلم فيكون متعديًا، ومنهم من فرق بين مسألة عزله وموت الموكل فقال: إنما ضمن الدافع للوكيل في الموت إن لم يعلم الوكيل رعيًا للقول أن الوكالة لا تنفسخ بموت الموكل، ولو علم الوكيل فيضمن الغريم على هذا التأويل في العزل وإن لم يعلم أحدهما، ولا يضمن في الموت إلا من علم، وقال بعضهم: هو اختلاف قول فيدخل قول إحداهما في الأخرى فيأتي في مسألة الموت ثلاثة أوجه: أحدها: لا يبرأ الدافع للوكيل وإن لم يعلم هو ولا الوكيل. والثاني: يبرأ بدفعه إن لم يعلم ولو علم الوكيل. والثالث: يبرأ الدافع إن لم يعلم إذا لم يعلم الوكيل لا إن علم، وهذا أظهر التأويلات. فالتأويلات خمس: أحدها: الموت والعزل سواء في الفسخ في كل منهما، فأحدهما مطلقًا أو بعلم الوكيل، ثالثها في حق العالم منهما فقط وقد مر عزوها. الثاني: هما سواء في كل منهما الأخيران فقط. الثالث: لا ينفسخ بالموت في حق أحدهما إلا بعلمه، وفي العزل قولان الفسخ في حقهما معا بالعزل، وقيل: بعلم الوكيل فقط. الرابع: لا تنفسخ في الموت في حق أحدهما إلا بعلمه، وفي العزل بعلم الوكيل قولًا واحدًا. الخامس: تنفسخ في الموت بعلم الوكيل في حقه وحق من عاملهن وفي العزل بوقوعه وإن لم يعلم أحدهما. وفي البيان: أجمعوا أن من باع سلعة وكل على بيعها بعد بيع موكله إياها غير عالم به أنها للثاني وإن قبضها، وهذا يدل على عدم فسخ وكالته بنفس الفسخ حتى يعلم الوكيل ذلك أو المشتري، قاله في سماع سَحنون، والمسألة في سماع ابن القاسم قال فيها ابن رُشْد: لا خلاف في المذهب أنها للثاني إن قبضتها غير معالم ببيع الآمر إياها إلا ما حكاه ابن حارث عن المغيرة أنها للأول ولو قبضها الثاني. اللخمي: وعلى انعزال الوكيل بنفس العزل أو الموت فبيعه بعد عزله كمستحق

لربه وشراؤه بعده إن بين لبائعه أنه وكيل، فللوارث أخذ المشتري أو ثمنه من بائعه إن كان حاضرًا، وإن غاب فليس له على الوكيل إلا أخذ ما اشتراه أو ثمن ما باعه؛ لأنه تصرف بشبهةٍ، وخصومته بعد انعزاله تثبت الحق للآمر لا عليه. المازري: وجنون الوكيل لا يوجب عزله إن برئ، وكذا جنون الموكل وإن لم يبرأ، فإن طال نظر السلطان في كل أمره، وطلاق الزوجة لا يوجب عزلها عن وكالة مطلقها إلا أن يعلم أنه لا يرضى فعلها بعد طلاقها. قُلتُ: والأظهر انعزاله عن وكالتها إياه بطلاقها قال: والردة لغو إلا أن يعلم أنه لا يرضى فعله بعد ردته، وفي الانعزال بطول مدة التوكيل ستة أشهرٍ وبقائه قول ابن سهلٍ: رأيت بعض شُيُوخنا يستكثر إمساك الوكيل على الخصومة ستة أشهر أو نحوها، ويرى تجديد التوكيل مع قول المتيطي في الوكالة: على الإنكاح إن سقط من رسمه لفظ دائمةٍ مستمرةٍ وطال أمر التوكيل ستة أشهر سقطت إلا بتوكيلٍ ثانٍ. ونقل ابن سهل عن سَحنون: من قام بتوكيل على خصومة ستة أشهر أو نحوها، ويرى تجديد التوكيل مع قول المتيطي في الوكالة: على الإنكاح إن سقط من رسمه بعد سنتين، وقد أنشب الخصومة قبل ذلك أو لم ينشبها بعد مضي سنتين سأل الحاكم موكله على بقاء توكيله أو عزله فإن كان غائبًا فهو على وكالته. ابن فتوحٍ: إن خاصم واتصل خصامه سنتين لم يحتج لتجديد توكيل. ولابن رُشْد في نوازله: لا خلاف أن للموكل عزل وكيله متى شاء، وأن للوكيل ان ينحل عن الوكالة متى شاء إلا في الوكالة على الخصام، والوكالة على الخصام لمرض الموكل أو سفره أو كونه امرأةً لا يخرج مثلها جائزةٌ اتفاقًا. المتيطي: وكذا لعذرٍ بشغل الأمير أو خطةٍ لا يستطيع مفارقتها كالحجابة وغيرها، وفي جوازها لغير ذلك ثالثها للطالب لا للمطلوب للمعروف مع نقل المتيطي هو الذي عليه العمل، ونقله عن سَحنون في رسالته إلى محمد بن زياد قاضي قرطبة وفعله، وعلى المعروف في جوازها مطلقًا أو بعد أن ينعقد بينهما ما يكون من دعوى أو إقرارٍ. نقلا ابن سهلٍ قائلًا: وذكر ابن العطار: أن له أن يوكل قبل المجاوبة إن كان الوكيل حاضرًا، والصحيح عندي أن لا يمكن من ذلك؛ لأن اللدد فيه ظاههرٌ ومراده

أن يحدث عنه ما فيه شغبًا، ثم قال: الذي عليه العمل قديمًا وحديثًا قبول الوكلاء إلا من ظهر منه تشغيبٌ ولددٌ فواجبٌ منعه من التوكيل لأحدٍ. المتيطي: للموكل عزل وكيله ما لم يناشب الخصومة، فإن جالس الوكيل خصمه عند الحاكم ثلاث مراتٍ فأكثر لم يكن له عزلا، ولأَصْبَغ في الواضحة: إن قاعده مقاعدةً تثبت فيها الحجج لم يكن له عزله، ومثله في أحكام ابن زياد، ولأَصْبَغ ما يدل أيضًا على أن له عزله ما لم يشرف على تمام الحكم وحيث لا يكون للموكل عزله لا يكون له هو أن ينحل عنه إن قبل الوكالة، وقال محمد: له حول وكيله ما لم يشرف على الحكم. وإن ظهر من الوكيل تفريطٌ أو ميلٌ مع الخصم أو مرض فلموكله عزله ولمن خاصم لنفسه، وقاعد خصمه ثلاث مجالس وانعقدت المقالات بينهما لم يكن له أن يوكل من يخاصم عنه إلا لمرض أو سفر، ويعرف ذلك ولا يمنع أحد الخصمين من سفر إن أراده. وله أن يوكل عنه. ابن العطار: ويلزمه الحلف أنه ما استعمل السفر ليوكل غيره، فإن نكل منع. وقال ابن الفخار: لا يمين عليه. قُلتُ: الأظهر أنها كأيمان التهم. قال محمد بن عمر: من حلف أن لا يخاصم خصمه؛ لأنه أحرجه أو شاتمه جاز أن يوكل غيره، وإن حلف لا لذلك فلا. قُلتُ: في عطف شاتمه على أحرجه بالواو أو بأو اختلاف نسخ. وفي طرر ابن عاتٍ عن ابن رُشْد: للموكل عزل وكيله، وللوكيل أن ينحل عن الوكالة متى شاء أحدهما اتفاقًا إلا في وكالة الخصام فليس لأحدهما ذلك بعد أن ينشب الخصام والمفوض إليه والمخصوص سواءٌ. وسمع عيسى ابن القاسم: أن ادعاء شريكان على رجل حقا فقالا للقاضي: من حضر منا يخاصمه فليس لهما ذلك لقول مالك: من قاعد خصمه عند القاضي فليس له أن يوكل الآمر علة، وقال في ورثة ادعوا منزلًا بيد رجل لا يخاصمه كل واحد عن نفسه؛ بل يقدمون رجلًا يخاصمه.

ابن رُشْد: هذا كما لا يجوز للرجل توكيل وكيلين يخاصمان عنه إن غاب أحدهما خاصم له الآخر، ولذاك لم يكن لمن قاعد خصمه أن يوكل غيره إلا لعوز مرضٍ أو سفرٍ أو إساءة خصمه له فيحلف لا خاصمه أو يظهر من وكيله ميلٌ لخصمه ولا خلاف في هذا. قُلتُ: ففي منع العزل بمجرد انتشاب الخصام أو بمقاعدته ثلاثًا، ثالثها بمقاعدته مقاعدةً يثبت فيها الحجج، ورابعها: ما لم يشرف على تمام الحكم، وخامسها: على الحكم لابن رُشْد مع اللخمي والمتيطي عن المذهب، وله عن أحد قولي أَصْبَغ وعن ثانيهما ومحمد. المتيطي وابن الهندي: ولإعذار إلى الموكل من تمام الوكيل وإن لم يعذر إليه جاز. ابن عات: لأن الشأن في القديم الإعذار ثم ترك. قال: ويعذر أيضًا في الموت والوراثة. ابن مالك: لا بد من الإعذار للموكل؛ لأن الوكيل يقر على موكله ويلزمه. ابن بشير: إنما ترك الإعذار في الوكالة والموت؛ لأنه لابد أن يعزو إليه في آخر الأمر. قال أبو الأَصْبَغ: هذه نكتة حسنة إذ لا بد للقاضي أن يقول للخصمين أبقيت لكما حجة، وفي أحكام ابن زياد: فيمن طلب أن يعذر إليه في توكيل خصمه السيرة أن يثبت التوكيل ثم ينظر في الطلب. وعقد الوكالة غير لازم للموكل مطلقًا في غير الخصام والوكيل مخير في قبولها، فغن تأخر قبوله عن علمه بها، فقال المارزي: يتخرج على قولي مالك في قبول المرأة التمليك بعد انقضاء المجلس، وخرجه بعض أشياخي الفقهاء على خلاف الأصوليين في فور الأمر وتراخيه، فذكرته لإمامي في الأصول فلم يقبله، وقال: الأولى جريه على خلاف الأصوليين في ثبوت العموم في المعاني ونفيه؛ لأن قوله أقر لك بيدك لا زمن فيه بصيغة تتناوله، ومن حيث لم يقيد الخطاب بزمن حمل على العموم وعلى طريقة هذين الشَّيخين يتصور الخلاف في الوكالة، والتحقيق الرجوع لاعتبار القصد والعوائد في اقتضاء الجواب عاجلًا أو ولو مؤخرًا.

قُلتُ: تقدم الكلام فيه بأتم من هذا، فإن قيل: الوكيل بغير عوض ففي صحة عزله نفسه نقلا اللخمي عن مالك، مع عبد الملك وابن القُصَّار والبغداديين وغيرهم، مع المازري عن تخريجه بعض أشياخي: على عدم لزوم الهبة بالعقد قائلًا: ورواه بعض أشياخي نصًّا من رواية ابن نافع: قبول قول وكيل على شراء سلعة بعد شرائه إياها اشتريتها لنفسي، ولابن زرقون في كتاب القراض: المشهور أن الوكيل عزل نفسه، وقيل: ليس له ذلك. قال: ومن وكل على شراء سلعة بعينها فاشتراها الوكيل لنفسه فلابن القاسم في الثمانية هي للآمر، وروى ابن نافع هي للوكيل، وقاله ابن الماجِشُون. وقال مُطَرِّف: إن كان الآمر بالبلد فهي للوكيل وإلا فللآمر، وعلى أنها للوكيل روى ابن نافع يصدق أنه اشتراها لنفسه. ابن الماجِشُون: ولا يصدق إلا أن أشهد عند الشراء أن ما يشتري لنفسه، وهذا بناء على جواز عزله نفسه ونفيه. ابن رُشْد في أول رسم من سماع ابن القاسم في الشركة: في كونها للمأمور ولو قبض ثمنها بعد حلفه أنه اشتراها لنفسه أو للآمر ولو لم يدفع ثمنها، ثالثها: إن أشهد قبل الشراء أنه إنما يشتري لنفسه، ورابعها: إن لم يدفع له الآمر ثمنها لرواية لرواية السباتي وعيسى عن ابن القاسم في المدنيَّة مع أَصْبَغ، ونقله عنه في الثمانية، ولو أشهد أنه إنما يشتري لنفسه حتى يرجع للآمر فيبرأ من وعده بالشراء ولم يعز الأخيرين. قُلتُ: ونقل اللخمي رواية ابن نافع بزيادة ويحلف إن اتهم. قُلتُ: ففي كونها للمأمور أو للآمر، ثالثها: إن أشهد أن الشراء له، ورابعها: إن كان الآمر بالبلد وإلا فهي له لابن زرقون عن رواية ابن نافع، وعيسى عن ابن القاسم، وابن الماجِشُون عن مُطَرِّف، وخامسها: بعد حلفه أنه إنما اشتراها لنفسه ولو قبض الثمن، وسادسها: إن لم يدفعه له الآمر فهي له لابن رُشْد عن رواية السبائي وغيرها، وسابعها: بعد حلفه إن اتهم للخمي عن رواية ابن نافع. ويجوز توكيل أكثر من واحد على غير الخصام. قال ابن الحاجب تابعًا لابن شاس: ولأحد الوكيلين الاستبداد ما لم يشترط

خلافه. ابن عبد السلام: يعني أن أمر الوكيلين مخالف للوصيين، فإنه لا يجوز لأحدهما الاستبداد ونحوه لابن هارون. قُلتُ: لا أعرف هذا لغيرهم، وظاهر المدونَّة: خلافة في التخيير والتمليك منها ما نصه: لو أن رجلًا أمر رجلين يشتريان له سلعة أو يبيعانها له فباع أحدهما أو اشترى أن ذلك غير لازم للموكل في قول مالك. وفي زاهي ابن شعبان: من وكل رجلين كل واحد على الانفراد يزوج ابنته فزوجاها جميعًا كان ذلك كالأب والوكيل، ولو وكلها معا فزوج كل واحد منهما بطل النكاح. قُلتُ: فظاهره إن وكلها في عقد واحد لم يستغل أحدهما، وإن كانا منفردين استغل كل واحد منهما. وسمع يحيى ابن القاسم: إن مات أحد وكيلين على تقاضٍ لم يتقاض الباقي دون إذن القاضي، وأحببت له أن يغرم معه ثقة مأمونا من أهل بلد الموكل يتقاضى معه إن خاف تلف الدين، وإن قرب منه ربه استوثق الباقي من الغرماء حتى يأتي منه توكيل جديد. ابن رُشْد: هذه مسألة حسنة. اللخمي: والوكالة بإجازة تلزم بالعقد. ابن رُشْد: بأجر وأجل معلومين وعمل معروف، وفي الجعل عليه على إن أفلح فله كذا وإلا فلا شيء له قولاها في كتاب الجعل. اللخمي: في لزومه لهما بالعقد أو للجاعل فقط، ثالثها: هما بالخيار ما لم يشرع العامل في العمل والعامل بالخيار ولو شرع. وفيها: إن باع الوكيل السلعة، وقال: بذلك أمرني ربها، وقال ربها: بل أمرتك أن ترهنها، صدق ربها ولو فاتت؛ يريد: ويحلف ويأخذها إن كانت قائمةً؛ لأن فرض المسألة أن الآمر ثابتٌ ملكه لها وحق المشتري إنما هو متعلقٌ بدعوى الوكالة، فإن نكل فقال ابن عبد السلام: حلف الوكيل إن لم يقر المشتري أنه وكيلٌ.

قُلتُ: التحقيق هذا إن كان عدم إقراره بذلك بمعنى أنه لا علم عنده من صدق بائعه في دعواه وكالة ربها ولا كذبه، وإن كان بمعنى علمه كذبه كان لربها أخذها، ولا يحلف الوكيل؛ لأنه يحلف ليثبت حقا لمن يقر بنفيه، قال: وإن علم أنه وكيل حلف المشتري. قُلتُ: ظاهره لغو حلف الوكيل، وفيه نظر والصواب أن يحلف أولا الوكيل؛ لأنه المباشر لعقد التوكيل وله حقٌ في عدم في عدم نقض فعله الذي فعله لمن لا يقر ببطلانه؛ فإن نكل الوكيل حلف المشتري، فإن فاتت السلعة فإن كانت قيمتها كالثمن فأقل أخذها ولم يحلف، وإلا فبعد حلفه إن أخذها. وقال ابن عبد السلام: إن فاتت حلف مالكها ما أمره أن يبيعها ويغرمه الأكثر من الثمن أو القيمة. قُلتُ: هذا يقتضي تحليفه مع أخذه الثمن وهو وهم؛ لأن أخذ الثمن ملزوم لإمضائه فعل الوكيل فلا موجب لحلفه، وإن نكل ربها حلف الوكيل إن كانت قيمتها أكثر من الثمن وإلا فلا، وفوت السلعة كفوتها في الاستحقاق، وإن جهل فوتها ولم يعلم إلا قول مشتريها احلف أن حقي ربها أنه حجرها وإن اتهمه فعلى أيمان التهم. اللخمي عن ابن القاسم: من باع سلعة بعشرة قائلًا بوكالة ربها، فقال: إنما بعثها باثني عشر قبل قوله: بيمينه. أَصْبَغ: يحلف أنها باعها منه ويأخذها أو قيمتها إن فاتت ما لم تفصل ما قاله من الثمن؛ يريد: بعد حلف بائعها ما اشتراها إن حلفا ردت، وإن نكل الوكيل وباعها بعشرة وثمن دعوى ربها اثني عشر غرم دينارين لربها، وإن نكل ربها أخذ عشرة فقط، وإن نكلا وقيمتها أحد عشر غرم الوكيل دينارًا فقط فاتت وحلفا فكذلك، فإن نكل الوكيل غرم دينارين، فإن نكل ربها أخذ عشرة فقط، والقول في ضمانها إن تلفت قول الوكيل يغرم قيمتها كذلك ما لم تنقص عن عشرة أو تزيد على اثني عشر وردها لبائعها مع ملزومية قوليهما صحة بيعها لاختلافها في تقرر عهدة مشتريها على الوكيل إذ قد يكون ربها عديمًا، وأشار إليه المازري: ومن باع بعشرة ما وكل على بيعه ببينة باثني

عشر ولم يفت فلربه أخذه، وفي تخييره في إمضائه بإغرامه المأمور الزائد قول ابن القاسم، ونقل اللخمي بناء على أنه ملتزم الزائد بتعديه أولا، وصوبه اللخمي وقال: إن أحلف أنه لم يلتزمه فحسن. ولو فات ففي لزومه الأكثر من الاثني عشر أو القيمة أو هي فقط قولان، على قول ابن القاسم وغيره، وفي إلزام البائع رٍضى المشتري أخذها بغرم الزائد، نقلاه وصوب إلزامه إن كان ذلك قبل علم البائع بتعديه محتجًا ببقاء وكالته؛ لأنه لو رد بيع التعدي كان له بيعه بما أمر به. قُلتُ: فمقتضى أصل التخيير في سقوط ما بيد المخير باختيارها غير ما جعل لها سقوط وكالته على بيعه، وعزى الشيخ في النوادر الأول لأشهب، والثاني لابن القاسم وإياه استحب محمد ومثله في تهذيب الطالب. قال: والفرق بين هذه ومسألة المتبايعين يختلفان في الثمن والسلعة قائمة أن للمشتري قبل الفسخ الآخذ بما قال البائع أن المتبايعين مقران بالبيع واستقراره. وفي مسألة الوكيل بيعه غير مستقر لتعديه وإن لم تكن بينة وأقر المأمور بالتعدي لم يصدق على المشتري. وروى محمد: ويغرم للآمر الزا ولو كان عديمًا ولبا شيء على المشتري. اللخمي: يريد: إن لم يحلف الآمر فإن حلف أخذ سلعته، فإن فاتت غرم المشتري تمام القيمة إن فضلت العشرة، فإن نكل مضت بالعشرة ولا يمين على المشتري إذ لا علم عنده، وحلف البائع له لتهمته فلا تنقلب ولا ترجع على الوكيل؛ لأنه إذا خلص المقال بين الآمر والمأمور كان القول قول المأمور، فإن نكل حلف الآمر واستحق، فإن نكل فلا شيء له وقد نكل عنها، وإن بان المشتري بها فالقول قول المأمور، فإن نكل حلف الآمر واستحق، فإن نكل فلا شيء له، وقيل: يتحالفان إن كانت القيمة إحدى عشرة ويغرم المأمور ديناران؛ لأن اختلافها كالمتبايعين، وقد قال أشهب: إن فاتت تحالفا وردت القيمة وإن أتى الآمر بما لا يشبه وأتى المأمور بما يشبه والسلعة قائمة، فعلى قول مالك: القول قول البائع يكون القول قول الآمر مع يمينه ويرد البيع، وبه

أخذ ابن القاسم، وقال مرة: لا يقبل قوله وهو أحسن؛ لأن ذلك دليل كشاهد للمأمور والمشتري على صدق المأمور، فإن فاتت فالقول قول المأمور مع يمينه ولا يغرم المشتري إلا ما حلف عليه المأمور، فإن غاب المشتري حلف المأمور وبرئ، فإن نكل والقيمة أكثر مما باع به غرم تمام القيمة. وفيها لمالك: من باع جارية وكل على بيعها دون تسمية ثمنها بخمسة دينار وهي ذات ثمن كثير ردت، فإن فاتت غرم قيمتها ولو باعها بعشرة، وقال بها أمرت، وقال: ربها بل باثني عشر أمرتك حلف وأخذها، فإن فاتت حلف المأمور ولا شيء عليه. ابن القاسم: يريد مالك: إذا كان ما باع به غير مستنكر. وابن حارث: إن حلف الآمر ففي حلف المأمور قولا أَصْبَغ وابن القاسم قائلًا: فإن نكل الآمر فلا شيء له. محمد: وعلى قول أصبغ يحلف المأمور. قُلتُ: ظاهره إن حلف المأمور إنما هو حق للآمر. وقال التونسي: إن أخذ الآمر سلعته بحلفه فأراد المشتري تحليف المأمور أنه لم يتحمل عنه الزائد، فقال أصبغ: يحلفه، وأباه محمد إلا إن عقد دعوى ذلك عليه. الصقلي عن محمد: إن نكل الآمر أخذ عشرة دون يمين. ابن ميسر: إن نكل حلف المأمور ومضى البيع بعشرة. الصقلي: يريد إن نكل غرم دينارين. المازري: ظاهر المذهب سقوط حلف الوكيل لنكول موكله. وفي كون سقوطه؛ لأن يمينه لا نفع له فيها أو لا غرم عليه بدفعه بها ضرورة قيام السلعة وتمكن ربها من أخذها ولا تجلب له نفعًا، أو لأنه لا نفع له بها إذ لا دفع غرمه لموكله الزائد، وغرمه لا يلزمه بمجرد نكوله بل حتى يحلف الآمر وهو قد نكل عنها. عياض: قال ابن القاسم في تفسير يحيى: وفوات السلعة هنا ذهاب العين ولا يفيتها نقص ولا نماء ولا عتق ولا غيره، ومثله في الوكالات، وفي سماع عيسى يفيتها أختلاف الأسواق.

قُلتُ: لم يعز عبد الحق في «تهذيب الطالب» الأول إلا للأبياني. وفيها: إن باع المأمور سلعة بطعام أو عرض نقدًا، وقال به أمرني وأنكر الآمر، فإن كانت مما لا تباع بذلك ضمن، قال غيره: إن كانت قائمة لم يضمن وخير الآمر في الرد والإمضاء، فإن فاتت خير في أخذ ما بيعت به وتضمين الوكيل قيمتها. عياض: قول الغير وفاق وانظر إن كان المأمور لم يعلم المشتري أنها لغيره واحتاج لإثبات ذلك والخصام فيه هل هو فوت؟ والأشبه أنه فوتٌ، وكذا لو أثبت ولزمته اليمين.

كتاب الإقرار

[كتاب الإقرار] الإقرار: لم يعرفوه وكأنه عندهم بديهي ومن أنصف لم يدع بداهته؛ لأن مقتضى حال مدعيها أنه قول يوجب حقًا على قائله والأظهر أنه نظري، فيعرف بأنه خبرٌ يوجب حكم صدقه على قائله فقط بلفظه أو لفظ نائبه، فيدخل إقرار الوكيل وتخرج

باب المقر

الإنشاءات كبعت وطلقت ونطق الكافر بالشهادتين ولازمهما لا الإخبار عنها ككنت بعت وطلقت وأسلمت ونحو ذلك، والرواية والشهادة، وقوله: زيد زان؛ لأنه وإن أوجب حكمًا على قائله فقط، فليس هو حكم مقتضى صدقه. [باب المقر] والحجر العام مع الصبا يلغيه مطلقًا، ودونه كالسفيه البالغ مثله في المال، وجناية الخطأ؛ لأنه مال، وفي جراح العمد وقتله معتبر، وإقرار المراهق كطلاقه، وقد تقدم الشيخ عن ابن الحكم من أذن لابنه الصغير أو يتيمه في التجر فأقر بدين بطل، والحجر الخاص كالمفلس يلقيه في متعلق حجره فقط. المازري: وإقرار السكران كبيعه، وحجر الرق يلغيه في المال لا في البدن. في جنايتها: إن أقر العبد بما يلزمه في جسده من قطع أو قتل أو غيره صدق فيه، وما آل إلى غرم سيده لم يقبل إقراره، فإن أقر أنه وطئ حرة أو أمة غصبًا لم يصدق إلا أن تأتي وهي مستغيثة متعلقة به تدمي إن كانت بكرًا أو إن كانت ثيبًا مستغيثة متعلقة به صدق، وكذا إن أقر بقطع أصبع صبي فإن أدرك الصبي متعلقًا به أصبعه تدمي صدق. الشيخ عن ابن سَحنون: قال مالك وأصحابه: إقراره المأذون له من عبد أو مدبرٍ أو أم ولد بدين أو وديعة أو عارية أو غصب لازمٌ. ابن ميسر: وكذا بقراض لم يستنكر وإقراره لسيده وقد أحاط به دينه لغو، وكذا بجرح حر عمدًا إذ لا قصاص فيه. ويجوز بقتله عمدًا إن لم يستحيه الولي، فإن استحياه بطل. محمد: ويضرب مائةً ويسجن عامًا.

سحنون: وإقراره بجرح العمد في العبيد لازم، وكذا قتلهم ما لم يستحيه سيد القتيل. وإقراره إن نقصت عن نصاب القطع كالمال، وغقرار غير المأذون له فيما يحد فيه أو يقطع لازم ولا يغرم السرقة، فإن كانت قائمة فسيده أحق بها إن ادعاها. ولو أقر بقتل حر عمدصا فعفا أحد ولييه سقط إقراره ولو كان بعد الحكم بالقود. ابن ميسر: إن لم يسقط عنه سيده ما أقر به من دين حتى عتق لزمه، وكذا اللقطة يقر بإتلافها بعد السنة، وأما قبل السنة فلا تلزمه مطلقًا. وإقرار المكاتب في الموازية، وكتاب ابن سحنون: جائز ببيع أو دين أو وديعة أو عارية أو بدار في يده بكراء لمسلم أو كافر حر أو عبد، ولو أحاط ما أقر به من دين بما في يده. وقال ابن عبد الحكم: مثله في إقراره بالدين والبيع. قال: وإقراره بوديعة لا يحكم بما عليه فيها إلا ان يعتق وهي في يده، فإن تلفت فلا شيء عليه، ولا يلزمه إقراره بالعارية إلا أن يعتق وهي في يده، فإن تلفت قبل عتقه فلا شيء عليه فيها، ولا يلزمه إقراره بالعارية إلا أن يعتق فتؤخذ منه، وإن عجز أخذها سيده. وإقراره بغصب أو جناية في غير بدنه لغو، وقاله محمد في الغصب والجناية ونحوه لكتاب ابن سحنون. وإقرار المريض في المقدمات: إقراره بدين عليه ولا دين جائز لمن لا يتهم عليه كأجنبي وله ولد وساقط إن اتهم كلإقراره لصديق ملاطف وورثته كلالة. وتحصيل إقرار الزوج لزوجه بدين في مرضه على منهاج قول مالك وأصحابه أنه إن علم ميله لها وصبابته بها سقط إقراره لها، وإن علم بغضه لها وشنئلنه لها صح لها إقراره، وإن جهل حاله معها سقط إقراره لها إن ورث بكلالة، وإن ورث بولد غير ذكر وعصبة والولد بنت واحدة أو أكثر صغارًا أو كبارًا منها. قُلتُ: في صحة إقراره لها قولان من اختلافهم في إقراره لبعض العصبة إذا ترك

ابنة وعصبة، فإن كن صغارًا منها لم يجز إقراره لها اتفاقًا. وإن كان الولد ذكرًا واحدًا جاز إقراره صغيرًا كان أو كبيرًا منها أو من غيرها، وإن كان الوولد ذكورًا عددًا جاز إقراره لها إلا أن يكون بعضهم صغيرًا منها وبعضهم كبيرًا منها أو من غيرها فلا يجوز، فإن كان الولد الكبير في الموضع الذي يرفع التهمة عن الأب في إقراره لها عاقًا له لم ترتفع تهمته، وبطل إقراره على ما في سماع أصبغ وإحدى الروايتين فيها، وإن كان بعضهم عاقا وبعضهم بارا تخرج على الخلاف في إقراره لبعض العصبة إذا ترك ابنة وعصبة وإقرار الزوجة لزوجها كإقراره لها. قُلتُ: ومثله قال في آخر مسألة من أول رسم من سماع ابن القاسم من كتاب التفليس. وقال في ثاني مسألة: من رسم ليرفعن أمرصا من السماع المذكور، وإقرار من سوى الزوجين لصاحبه بدين في المرض فلا يخلو من أربعة أوجه: الأول: إقراره لوارث قريب منه كسائر الورثة كأحد أولاده أو إخوته أو بني عمه أو أقرب من سائرهم كإقراره لابنته، وله عصبة أو لأخ شقيق وله أخ لأم أو لأمه وله أخ شقيق أو لأب أو لأم أو عم أو ابن عم ساقط اتفاقًا. قال في الموازية: إن لم يكن لذلك سبب يدل على صدقه وإن لم يكن قاطعًا، قبل إلا أن يكون المقر له عاقًا، ومن لم يقر له بارًا به فإقراره جائز كالزوجة يقر لها وقد عرف البغض والشنئان منه لها، وقيل: لا يجوز بخلاف الزوجة على اختلاف الرواية في المدونة. وإن اقر لوارث أبعد ممن لم يقر له من الورثة كإقراره لعصبته وله ابنة أو لأخ لأم وله أخ شقيق أو لأخ شقيق أو لأب أو لأم وله أم جاز إقراره اتفاقًا. وإن كان من لم يقر له من ورثته بعضهم أقرب إليه من المقر له بمنزلته وبعضهم أبعد منه كلإقراره لأمه وله ابنة وأخ ففي جوازه قولان، بناء على نفي التهمة باعتبار حال الأقرب وثبوتها باعتبار حال الأبعد والمساوي. قُلتُ: هي فيه أضعف فلو قيل: بالتفريق لحسن. الثاني: إقراره لقريب غير وارث أو صديق ملاطف في جوازه مطلقًا، أو إن ورث

بولد قولان وهما قائمان منها على اختلاف الرواية في كتاب الكفالة منها، وقيل إن ورث بولد جاز إقراره من رأس ماله، وإن ورث بكلالة فمن الثلث. الثالث: بأن يقر لأجنبي وهو جائز اتفاقًا، فإن طلب ولم يوجد تصدق به عنه كاللقطة بعد التعريف على ما قاله في رسم اغتسل من هذا الكتاب وكتاب الوصايا. الرابع: أن يقر لمجهول فإن ورث بولد جاز من رأس ماله أوصى أن يتصدق به عنهم أو يوقف لهم، فإن ورث بكلالة ففي كونه من الثلث مطلقًا أو من رأس المال إن قل، وإن كثر بطل، ثالثها: إن أوصى بوقفه حتى يأتيه طالب جاز من رأس المال، وإن أوصى أن يتصدق به عنهم بطل مطلقًا للقائم من كتاب المكاتب، وأول سماع عيسى من الوصايا وسماع عيسى من هذا الكتاب. وفي زاهي ابن شعبان: لو أقر لوارث عند موته فلم يهلك حتى ولد له ولد يحجبه عن الميراث صح إقراره، فإن هلك الولد فعاد وارثا بعد، تم الإقرار إذا ثبت مرة لم يبطل له إلا بالخروج منه. قُلتُ: الظهر أنه علم المقر بحدوث من يحجب المقر له أن الإقرار صحيح وإن لم يعلم به لم يصح، وللشيخ عن كتاب ابن سحنون من أقر في مرضه لوارث فمات قبل المقر وورثه من لا يرث المقر صح إقراره. وفي التفليس منها: ومن أقر في مرضه لأجنبي بمائة ولم يترك إلا مائة تحاصا فيها، فما صار للأجنبي أخذه، وما صار للولد دخل فيه بقية الورثة إلا أن يجيزوه له، ولا حجة للأجنبي أنه أقر لوارث؛ لأنه هو إنما أخذه بإقراره. الشيخ: عن ابن سحنون: قال أشهب: إن أقر مريض بدين لرجلين أحدهما وارثه، ثم مات سقط إقراره له وللأجنبي؛ لأنه كلما أخذ الأجنبي شيئًا شركه فيه الوارث وكلما أخذ الورثة من الوارث شيئًا من ذلك رجع على الأجنبي أبدًا حتى لا يبقى شيء كمن أعتق عبدًا وعليه دين قبل عتقه ادان دينًا بعد عتقه وقيمته مثل الدينين فلا يعتق منه شيء إذ لو بيع منه بقدر الدين السابق دخل فيه الدين اللاحق. وقال ابن عبد الحكم: إن قال غير الأجنبي ما بيني وبين الوارث شركة أعطى النصف ولم يقبل عليه قول الوارث أنه شريكه، وإن قال: أنا شريكه فقد قال بعض

أصحابنا: فذكر قول أشهب الذي ذكر ابن سحنون. قال ابن عبد الحكم: إن قال لأجنبي أنا شريك له في المال، وقال الوارث: لست شريكه بطل الإقرار، وإن قالا لا شركة بيننا أخذ الأجنبي حصته بعد يمينه على ذلك، قال: وقال ابن القاسم فذكر قوله في المدونة، قال: وقاله مالك. قُلتُ: ونصها في نوازل ابن سحنون من العتبية: من أقر في مرضه بدين لأجنبي وأقر لابنه بدين إن كان ما لهما واحدًا فاقتسماه رجع الورثة على الابن فأخذوا منه، ويرجع الابن على صاحب الدين يقول قد استحق مني حقي فيرجع عليه كذلك حتى ينقلب بغير شيء، وإن كان المال مفترقًا أخذ كل واحد منهما ماله. ابن رُشْد: مثاله: أن يترك الميت مائة دينار وقد أقر في مرضه لأحد ابنيه بمائة دينار، ولأجنبي بمائة دينار، فكلما أخذ الابن المقر له شيئًا أخذ أخوه منه نصفه، وكلما أخذها منه رجع بنصفه على الأجنبي حتى ينقلب الأجنبي بغير شيء فيئول الأمر إلى بطلان إقراره للأجنبي، هذا مذهب أشهب. وقال التونسي: مذهب أشهب إنما هو أن يرجع الابن المقر له على الأجنبي المقر له على الأجنبي بنصف ما أخذ منه الورثة مما صار له في المحاصة لا بنصف ما صار له في المحاصة. قال: فقوله ثم يتراجعون حتى لا يبقى بيد الأجنبي شيء لا يصح؛ بل يبقى بيد الأجنبي كثير. بيانه أن الابن غير المقر له يرجع على الابن المقر له بخمسة وعشرين من الخمسين التى أخذ في المحاصة، فيرجع المقر له على الأجنبي بنصف الخمسة والعشرين ويرجع هو على الأجنبي بنصف الثلاثة، ثم يرجع عليه أخوه بنصف نصف ثلاثة وثمن، فيرجع هو على الأجنبي بنصف ذلك فيبقى بيده كثير على ما قاله. وقول ابن القاسم في المدونة: أن لا رجوع للوارث على الأجنبي بما رجع به الورثة عليه أظهر من قول أشهب وسحنون هنا. وإن وفى ما تركه الميت من المال بما أقر به لهما جميعًا أخذ كل منهما ما أقر له به، فإن

شاء الورثة أقروا ذلك للوارث وأخذوه منه، فيكون ميراثًا لجميعهم، وهذا معنى قوله: إن كان المال مفترقًا أخذ كل واحد منهما ما له، ولا خلاف في هذا الوجه. قُلتُ: فالأقوال ثلاثة قولا ابن القاسم، وسحنون، وتفسير التونسي قول أشهب بغير قول سحنون، وتفسيره بما ذكر يرد نقلًا بأنه خلاف قول أشهب لتشبيهه بعتق المدين بالدينين السابق واللاحق، ونظر بأن ما أخذه الوارث المقر له في مقاسمة أخيه إنما أخذها بالإرث لا بالإقرار، ورجوعه على الأجنبي إنما هو بحقه في الإقرار وهو لم يبق بيده منه شيء. وللشيخ عن كتاب ابن سحنون: قال أشهب: إن أقر مريض له دين على وارث بكفيل أجنبي أنه قبضه من وارثه أو كفيله لم يصدق، ولو كان الدين على الأجنبي والوارث كفيله فأقر بقبضه من الأجنبي فهو كالأول، وأنكره سَحنون، وقال: لو أوصى به للأجنبي جاز في ثلثه فكيف بهذا. ابن سحنون: إن كان الأجنبي مليًا فكما قال سحنون، وإلا فالإقراره باطل؛ لأنه لم يقع لوارثه، أشهب: إن أبطلنا إقراره فقال الكفيل برئت من الحمالة إذ لست بوارث لم يبرأ منها حتى يسقط الدين كما لو أوصى بالدين لوارثه. ابن المواز: إن أسقط المريض حمالة أجنبي بدين على وارثه جاز إن كان الوارث مليًسا أو معدمًا، وكذا إن أقر أنه قبض حقه من وارثه سقطت حمالة الأجنبي. ابن عبد الحكم: إن حمل الثلث المال فالأولى يسقط الحق عن الوارث. محمد: ولو أقر أنه استوفى الحق من الحميل الأجنبي جاز وسقط حقه عن الوارث والأجنبي وصار ما على الوارث وللأجنبي كما لو أوصى به من ثلثه والإقرار له به من رأس ماله. سحنون: لو كان له دين على وارث وأجنبي كل منهما كفيل بصاحبه، فإقراره بقبض ذلك منهما باطل كإقراره لهما بدين، هذا قول أشهب. وقال ابن القاسم: يجوز في إقراره بحصة الأجنبي فقط، ويغرم الوارث حصته، فإن كان عديمًا وداه عنه الأجنبي، ورجع به عليه المقر له.

باب المقر له

[باب المقر له] المازري: من يصح ملكه لا من يمتنع كالحجر. قُلتُ: فيصح للعبد لصحة ملكه. الشيخ عن ابن سحنون وابن عبد الحكم: إقرار الحر لمكاتب أو عبد لازم. ابن عبد الحكم: ولسيد العبد غير المأذون له أخذ ما أقر له بخلاف المكاتب والمأذون له، وما أقر به لمجنون أخذه وليه أو السلطان إن لم يكن له ولي. المازري: والإقرار لحملٍ إن قيده بما يصح كقوله لهذا الحمل عندي مائة دينار من وصية أوصى له بها أو ميراثٍ صح، وإن قيده بما يمتنع بطل كقوله لهذا الحمل عندي مائة دينار من معاملةٍ عاملني بها، فقال سحنون: يلزمه وتقييده بما ذكر ندم. وفي لزوم طلاق من قال: أنت طالق إن شاء هذا الحجر خلافٌ. قُلتُ: وكقولع وطئتها بملك أو نكاح فيمن لم يثبت له ذلك عليها، وإن لم يقيده بشيء وتعذر استفساره فذكر ابن سحنون وابن عبد الحكم لزومه، وقال محمد: من قال لك: علي مائة دينار أو على فلان لم يلزمه شيء؛ لأنه شك في عمارة ذمته والأصل البراءة، ولو قال: علي أو على هذا الطفل وهو ابن شهر لزمه؛ لأن ابن شهر لا يصح أن يملك ولا يكتسب كقوله علي أو على هذا الحجر. قال المازري: فجعل ابن شهر كالحجر فأحرى أن يكون الحمل، كذلك فيسقط إقراره للحمل المطلق دون قيد كما يسقط في إقراره للحجر؛ لأن ابن شهر ممن لا يصح أن يملك ولا يكتسب. قُلتُ: هذا التخريج وإن قبله ابن عبد السلام إنما يصح إذا ثبت أن قوله؛ لأن ابن

شهر لا يصح أن يملك ولا يكتسب من كلام محمد وليس بثابت في كلامه، ونصه في النوادر: إن كان الصبي ابن شهر لزمته العشرة وحده، كقوله علي أو على هذا الحجر ولا يتم تخريجه إلا على أن تشبيه محمد ابن شهر بالحجر إنما هو في امتناع نسبة الملك إليهما حسبما صرح به المازري بلفظ يوهم أنه من لفظ محمد، ولا يتعين ذلك لجواز كون تشبيهه به إنما هو في امتناع اتصفاهما بموجب عمارة ذمتهما؛ ولذا نص محمد علي أنه لو قال: علي أو على فلان الصبي الذي ليس بابن شهر أن ذلك لا يلزمه، فسوى بينه وبين الكبير؛ لأن الصبي الذي سنه فوق شهر يصح أن يتصف بما يوجب غرمه وهو جنايته على المال مطلقًا وعلى الدماء فيما قصر عن ثلث الدية بخلاف ابن شهر؛ لأن فعله كالعجماء حسبما تقرر في أول كتاب الغصب فتأمله. الشيخ عن ابن عبد الحكم: من أقر لحمل بكذا من كراء هذه الدار أو غلة هذا الجنان لزمه ذلك إذا ولد حيا ودفعه لأبيه أو وصيه. ابن سحنون: من أقر بشيء لحمل فإن ولدته لأقل من ستة أشهر من قوله لزمه له وإن قال وهبت ذلك؟ أو تصدقت أو أوصى له به أخذ منه ما قال، وإن وضعته لأكثر من ستة أشهر وزوجها مرسل عليها لم يلزمه ما ذكر من عطيته ووصيته، وإن كان معزولًا عنها فقد قيل: يجوز الإقرار إن وضعته لما تلد له النساء وذلك أربع سنين وما ولدته ميتًا بطل الإقرار له. ولما ذكر المازري: ما يدل على وجود الحمل يوم الإقرار وهو وضعه لأقل من ستة أشهر وما يدل علي عدمه وهو وضعه لأكثر من أربع سنين من يوم الإقرار. قال: وإن وضعته لما بين هذين الوقتين وليست بذات زوج ولا سيد يطأها حمل على أن الولد كان مخلوقًا إذ لا تحل إضافته للزني. وتعقب ابن عبد السلام: جعل ابن الحاجب وضعه لستة أشهر كوضعه لأقل منها لا كوضعه لأكثر منها بأنه خلاف المذهب قائلًا حكم الستة الأشهر في ذلك حكم ما زاد عليها اتفاقًا، وإنما تبع فيه ابن شاس من غير تأمل صوابٌ، ومثله لابن هارون إلا أن لابن شاس وابن الحاجب في ذلك عذرًا، وهي أول مسألة من كتاب أمهات الأولاد

قال فيها ما نصه: قلت: أرأيت إن أقر رجل بوطء أمة فجاءت بولد أيلزمه؟ قال: قال مالك: يلزمه إلا أن يدعي استبراءً يقول حاضت حيضةً فلم أطأها بعدها حتى ظهر هذا الحمل فليس هو مني فلا يلزمه إأذا ولدته لأكثر من ستة أشهر بعد الاستبراء، فنقلها القرافي في ذخيرته ولم يتعقبها، وعياض لم يقيدها، وقيدها الصقلي فقال: بإثر قولها لأكثر من ستة أشهر. قال سحنون في كتاب ابنه: أو بستة أشهرٍ فالتعقب عليهما في لفظهما بما هو نص في المدونة: هو أخف من التعقب عليهما في لفظ هو من قبل أنفسهما، وتقدم أن بعضهم يرى في هذا النوع أن التعقب إنما هو على قائل اللفظ أولا حسبما ذكره عياض في تعريفه بأبي سعيد وأنه بمنجاة مما تعقبه عليه. عبد الحق: قال: لأنه تابع لأبي محمد في مختصره، والحق أنه وارد عليهما معا، وفي تقييدها الصقلي بقول سحنون في كتاب ابنه دون تقييدها بقوله في العتق الثاني قصور. فيها: من أعتق ما في بطن أمته ولها زوج ولا يعلم بها حمل يوم عتقه فلا يعتق إلا ما وضعته لأقل من ستة أشهر من يوم العتق كالمواريث إذا مات رجل فولدت فولدت أمه من غير أبيه بعد موته ولدًا إن وضعته لستة أشهر من يوم موته لم يرثه وإن كان لأقل ورث، ونحوه في أمهات الأولاد وغير موضع منها. ابن سَحنون: إن وضع الحمل توأمين فالإقرار بينهما بالسوية، وإن وضعت أحدهما ميتًا استقل به الحي، وكذا الوصية له والهبة والصدقة، ولو وضعته حيًا ثم مات ورث حظه عنه. وإن كان إقراره لأبى الحمل ووضعته ذكرًا وأنثى فهي لهما على إرثهما. ابن عبد الحكم: وإن أقر بذلك لهما عن أخ لهما شقيق أو لأب فهو بينهما نصفين، وقيل: يقسم على ثلاثة للذكر جزء وللأنثى جزء والثالث يدعيه الذكر كله والأنثى نصفه، وسلمت نصفه للذكر فيقسم النصف بينهما لتداعيهما فيه فيقسم المال على اثني عشر للذكر سبعة وللأنثى خمسة وبالأول أقول. وقول ابن شاس وابن الحاجب: لو أكذب المقر له المقر بطل ولا رجوع له إلا بإقرار ثان، هو نقل الشيخ عن سحنون إن قال لك: علي ألف، فقال الآخر: مالي عليك

شيء، ثم رجع فقال: هي لي عليك فأنكرها المقر، فالمقر مصدق ولا شيء للطالب، ولو قال الطالب: ما أعلم لي عليك شيئًا، ثم قال: نعم هي لي عليك فأنكر المقر لم ينفعه إنكاره ولزمه إقراره فإن أعاد المقر الإقرار، فقال: المقر له أجل هي لي عليك أخذ بإقراره. ومن قال لرجل: أسلفتك كذا فأنكر، ثم رجع الأول فقال: ما أسلفتك فليحلف أني ما أسلفتك شيئًا ولا يلزمه أخذ بشيء. وفي كتاب ابن سحنون: إن أقر مريض بعبد في يده لفلان، فقال فلان: بل هو لابن المريض ثم مات المريض فإقراره باطل، ولو قال: المقر له بالعبد إنه حر الأصل أو أقر أنه أعتقه ولا مال للمريض غيره جاز إقراره والعبد حر بخلاف أنه لابن المريض، وكذا لو قال: هو مدبر أو مكاتب أو هي أم ولد في الأمة، وفي صيرورة الخبر أو الشهادة إقرار بانتقال الملك اضطراب في ثاني عتقها إن شهد رجلان على رجل بعتق عبده فردت شهادتهما، ثم اشتراه أحدهما عتق عليه. قال أشهب: إن أقام على قوله بعد الشراء وإن قال كنت كاذبًا لم يعتق عليه. وفي الولاء منها: من شهد على رجل أنه أعتق عبده فردت شهادته ثم ابتاعه منه أو شهد بعد موت أبيه أنه أعتق عبده في وصيته، ثم ورثه عنه بأسره أو أقر بعد إن اشترى عبدا أنه حر أو شهد أن البائع أعتقه والبائع ينكر، أو قال: كنت بعت عبدي هذا من فلان أعتقه، وفلان يجحد فالعبد في ذلك كله حر بالقضاء، وولاؤه لمن زعم هذا أنه أعتقه. عياض: قول أشهب فيها: لا يعتق عليه إلا أن يقر بعدما اشتراه أن سيده كان أعتقه - إلى ىخر قوله -: ثابت لابن عتاب، وفي كتاب ابن المرابط، وسقط في كثير من النسخ ومن رواية القرويين. الصقلي في الواضحة: وكذا إن ملكه بأي وجه عتق عليه يريد بالقضاء. قال ابن المواز: وقال عبد الملك كقول أشهب، ويحلف على ذلك فإن نكل عتق عليه ومثله في النوادر. وصرح في كتاب العتق: أن عبد الملك هو ابن الماجِشُون، وسمع عيسى ابن

القاسم من أخبر عن رجل أنه أعتق عبده ثم اشتراه منه، فإن كان إخباره بمعنى أنه علم ذلك منه أو سمعه أنه أعتقه لا بخبر غيره عتق عليه. ابن رُشْد: هذا يفسر قوله في المدونة، وأشهب يرى أنه لا يعتق عليه إلا أن يقيم على قوله بعد اشترائه وإن أكذب نفسه لم يعتق عليه. وفي كون ولائه لمن أخيبر أنه أعتقه، أو لمن عتق عليه قولا ابن القاسم وأشهب مع المخزومي، وفي آخر أول رسم من سماع ابن القاسم من الشهادات: قال عبد العزيز بن أبي سلمة: شهادة الوارث في العتق والصدقة جائزة في حظه، وإن كان عدلًا جازت في الصدقة عليه، وفي العتق لا يحلف فيه ولا يقوم عليه. ابن القاسم: وقال مالك: لا يعتق منه شيء إلا أن يشتريه فيعتق عليه. ابن رُشْد: اختلف فيما يلزم الشاهد في حظه إذا لم تجز شهادته؛ لأنفراده أو لكونهما إن كان اثنين غير جائزي الشهادة أو متهمين في شهادتهما بجر الولاء؛ لأنفسهما دون من يرث الميت ممن لا ولاء له على ثلاثة أقوال: الأول: لا يلزمه عتق حظه ويستحب أن يبيعه فيجعله في عتق، فإن ملك العبد يومًا ما عتق عليه إن حمله الثلث أو كانت الشهادة في الصحة، قاله مالك هنا وفي المدونة. والثاني: يعتق عليه حظه وهو قول ابن أبي سلمة والمغيرة في نوازل سَحنون. والثالث: يعتق عليه حظه ويقوم عليه حظوظ إشراكه وهو الآتي على قول أصبغ في نوازله في الرجلين يشتريان العبد من رجل ثم يشهد أحدهما أن البائع كان أعتقه أنه يعتق عليه ويقوم عليه ما بقي، وذكر اللخمي قولي ابن القاسم وأشهب في كتاب العتق الثاني: وقال: إن ردت شهادته بعداوة أو غير ذلك قبل قوله وإلا لم يقبل قوله. وقول مالك: أنه يعتق عليه يحتمل أن يريد بحكم أو أنه حر بنفس الشراء، والقياس أن يكون حرًا بنفس الشراء؛ لأنه مقر أنه اشترى حرًّا إلا أن يراعى الاختلاف فيه فلا يعتق إلا بحكم. قُلتُ: ظاهر قولها فهو حر بالقضاء أنه يفتقر إليه. قال ابن الحاجب: ومن أقر أو شهد بحرية عبد، ثم اشتراه فثالثها إن ردت

شهادته بجرحةٍ لم يعتق. ابن عبد السلام: يعني أنه اختلف المذهب على ثلاثة أقوال: الأول: لزوم العتق وهو قول مالك في المدونة وغيرها. والثاني: لا يعتق عليه يعني صاحب هذا القول، وهو غير قول ابن القاسم في المدونة، وهو قول أشهب وعبد الملك إذا لم يتماد على قوله: فإن تمادى عليه عتق عند الجميع. والثالث: قول المغيرة ويعني بالجرحة ما ترد به شهادة الشاهد ككبيرة أو عداوة وشبه ذلك، نص المغيرة على ما فسرنا به كلامه، فالأقوال ثلاثة لا أربعة كما يشير إليه غير واحد. قُلتُ: طريقة ابن شاس وابن حارث خلاف ذلك. قال ابن حارث ما نصه: اتفقوا على أن من أقر بحرية عبد في يده وهو رشيد غير مريض ولا مديان أنه تلزمه حريته، واختلفوا إن أقر بذلك على غيره أو شهد به عليه، ثم صار العبد في ملكه فقال ابن القاسم في المدونة: يعتق عليه. وقال أشهب: يعتق عليه إن تمادى على إقراره. وفي كتاب أداب القضاء لابن سحنون: قال ابن الماجشون: لا يعتق عليه. وقال المغيرة: إن ردت شهادته بجرحةٍ لم يعتق عليه، وإن كانت إنما ردت لنقصعتق عليه، وإلى قول المغيرة أشار المارزي في فصل كون حكم الحاكم يحل الحرام بقوله هذا، قد يسبق إلى النفس أنه كقول أبي حنيفة أن حكم الحاكم يحل الحرام فيما هو من أحكام الفروج حسبما هو مذكور في محله، وخلاف المنصوص له في العتبية في أواخر نوازل سحنون ما نصه، سئل المغيرة عن من توفيت وليس لها وارث إلا بنات فشهد أخوها وزوجها معه أنها حلفت في شيء بعتق، وأنها لم تفعله حتى ماتت لا تجوز لا شهادة أخيها لجره الولاء لنفسه وتعتق عليهما حصتهما في الرقيق ولا يقوم عليهما ما بقي. قُلتُ: فقد نص على وجوب العتق على الزوج على الزوج والأخ مع رد شهادتهما بالتهمة، ومثل نقل ابن حارث عن المغيرة نقل الصقلي في آخر كتاب أمهات الأولاد ما

باب صيغة ما يصح الإقرار به

نصه: قال المغيرة: من شهد أن فلانًا أعتق عبده، ثم صار إلى ملك الشاهد بابتياعه، فإن كان الإمام رد شهادته بشيء كرهه من الشاهد سئل الآن، فإن أقام عليها عتق، وإن رجع لم يعتق، وإن لم يرده الإمام إلا لإقراره بالعتق عتق عليه والولاء للمشهود عليه. قُلتُ: ففي عتق العبد عتلى من شهد بعتقه قبل ملكه، ولم يحكم بشهادته بملكه إياه، ثالثها: إن تمادى على قوله، ورابعها: إن ردت شهادته بجرحةٍ، وخامسها: إن ردت بعداوة أو شبه ذلك لها، ولابن شاس عن ابن الماجشون ولابن رُشْد مع الشيخ عن أشهب مع ابن الماجشون والصقلي عن المغيرة واللخمي. [باب صيغة ما يصح الإقرار به] الصيغة: ما دل على ثبوت دعوى المقر له من لفظ المدعي عليه أو كتبه أو إشارته به بدين أو وديعة أو غير ذلك. الصريحة: كتسلفت وغصبت وفي ذمتي، والروايات في علي كذلك وأودع عندي ورهن عندي كذلك في معناهما. ابن شاس: عندي ألف كعلي إقرار. قُلتُ: وقاله ابن شعبان، والصواب تقييده بما هو جوابٌ له من ذكر دينٍ أو رهنٍ أو وديعةٍ وإن لم تتقدم قرينةٌ قبل تفسيره كالمجمل. المازري: قوله أخذت كذا من دار فلان أو بيته أو ما يجوزه فلان بغلقٍ أو حائطٍ أو زربٍ ويمنع منه الناس ولا يدخل إلا بإذنه كإقراره بأخذه من يده فهو تمليك له، ولو قال: من فندق فلان أو حمامه أو مسجده فليس بإقرار، ولو قال: أخذت السرج من على دابة فلان فإقرار له به إلا أن يثبت أن الدابة في حوز المقر وتصرفه هذا أصل الباب، ولو كانت دار بين رجلين شركة، وقال أحدهما: أخذت هذا الثوب منها ففي اختصاصه به وكونه بينهما قولان بناء على اعتبار اختصاصه به أو كونه بينهما قولان بناءًا على اعتبار

اختصاصه بالأخذ وشركتهما في المأخوذ منه، ولو انفرد أحدهما بسكناه وحوزها كان الثوب له إن ادعاه. قُلتُ: ذكره في النوادر من كتاب ان سحنون، وابن عبد الحكم، وقول ابن الحاجب، ومثله وهبته لي أو بعته مني هو مقتضى نقل الشيخ عن كتاب ابن سحنون إن قال: في الدار والدابة اشتريتها منه أو وهبنها لي وجاء بالبينة قبلت منه، ولو أقر له بالعبد ثم قال: بعد ذلك اشتريته منه لزم إقراره ولا أقبل منه البينة؛ لأنه أكذبها، إلا أن تشهد أنه اشتراه بعد إقراره، وكذا في الهبة والصدقة في الدابة وجميع العروض. الشيخ عن ابن سحنون وابن عبد الحكم: من قال لرجل أعطني كذا، فقال: نعم، أو سأعطيكه أو أبعث لك به وليس عندي اليوم، أو ابعث من يأخذه منه فهو إقرارٌ وكذا أجلني به شهرًا أو نفسني به، ولفظ ابن شاس هنا: ساهلني فيها دون نفسني بها لم أجده في النوادر ولا في نقل المازري، ولو قال: حتى يأتي وكيلي ففي كونه إقرارًا أولا نقل الشيخ عن ابن سحنون وابن عبد الحكم. المازري: لو قال له اجلس فزن أو فاتزنها أو فانتقد أو انتقدها، ففي كونه إقرارًا قولاهما الشيخ عن ابن عبد الحكم: اتزنها: مني إقرار وبإسقاط لفظ مني لغو، وقال عن ابن سحنون: لو قال: اتزن أو اتزنها ما أبعدك منها فليس بإقرار أمر أي ضرب تأخذها ما أبعدك منها. ابن عبد الحكم: قوله اجلس فانتقدها أو اتزنها كقوله اتزن وانتقد؛ لأنه لم ينسب ذلك إلى نفسه. وفي المعونة عن ابن عبد الحكم قوله: هذا سرج دابة فلان أو لجامها ليس بإقرار بهما لفلان، ولو قال هذا باب دار فلان فهو إقرار به لفلان، قال: لأن الباب من الدار فإذا ثبت أن الدار لفلان فما كان منها تضمنه هذا الإقرار والسرج ليس جزءا من الدابة، فكأنه قال: هذا السرج تسرج به دابة فلان، وفي موضع آخر سوى بينهما وبين الباب. المازري: الإقرار بجواب نعم صريح، وكذا ببلى واستعمالها في إنكار النفي إثبات، ولذا قال بعض النحاة لو أجابوا قوله تعالى: {ألَسْتُ بِرَبِّكُمْ} [الأعراف: 172] بنعم

كان كفرًا وأجل كنعم، فجواب أليس لي عندك مائة ببلى إقرار. قُلتُ: وبنعم لغو من العالم بالعربية لغو، والأظهر أنه من العامي إقرار، ويؤيده نقل الشيخ عن كتاب ابن سحنون: من قال لرجل أليس قد أقرضتني أمس ألف درهم، فقال الطالب: بلى أو نعم فجحد المقر فالمال يلزمه، ولو قال أما أقرضتني أو لم تقرضني لزمه المال إن ادعاه طالبه. ابن عبد الحكم: يحلف المقر ولا شيء عليه إنما سأله بالاستفهام ما عنده من العلم فليس قوله أليس بإقرار. ابن المواز وابن عبد الحكم: إن قال: ألم أوفك العشرة التي لك علي فقال: لا فهو إقرار. محمد: يغرم له العشرة بلا يمين إلا أن يرجع على الاستفهام، فيقول: بلى قضيتك فتلزمه اليمين، قالا: وإن قال ألم أضمن لك المائة التي تدعي على أبي وقد مات، قال: بلى فرجع وقال: ما ضمنت لك شيئًا إنما استفهمتك، وما أوقن أن لك على أبي شيئًا فليس بإقرار زولا يحلف. ابن عبد الحكم: إلا أن يكون بيده من تركته شيء. وفي نوازل الشعبي: قال محمد بن عبد الحكم الخولاني: من قال لرجل ألم تسلفني مائة دينار ورددتها لك، وقال: ما رددت إلى شيئًا، فقال الآخر: ما أسلفتني شيئًا فلا شيء عليه، ولو قال: ألم أوفك المائة دينار التي أسلفتني، فقال: لم توفني شيئًا، فقال: ما أوفيتني شيئًا فلأنه يلزمه؛ لأنه إقرار أنه أسلفه. الشيخ عن محمد وابن عبد الحكم: من قال لرجل لك علي عشرة دراهم أو على فلان حلف ولا شيء عليه، وعلى أصل سحنون: إن قال لك: علي كذا أو قال: على فلان لزمه دون فلان. ابن عبد الحكم: من قال لك علي مائة دينار أو على ابني فلان فمات ابنه وترك مائة دينار وورث أبوه ربعها لزم الأب ربع ما صار إليه، ولو ترك مائة دينار لم يلزمه إلا نصيبه من مائة. والمجملة: ما جهل جنس مدلولها أو قدره.

المازري: شيء أو حق من قوله عندي شيء أو حق في غاية الإجمال؛ لأن لفظ شيء يصدق على ما لا يحصى من الأجناس والمقادير، ومثل المحصلون المجمل في الخطاب بقوله تعالى: {وَآَتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ} [الأنعام: 141] فيجب على المقر تفسيره بما يصلح له، فلو فسره بعشر العشر قبل منه مع يمينه إن أحلفه المقر له، فإن امتنع من التفسير سجن حتى يفسر، وقيد محمد ما وقع في المدونة من إطلاق هذا الجواب بأن المقر له لا يدعي قدر ما أقر له به، ولو ادعاه وامتنع المقر من التفسير كان كنكوله وحلف المقر له، واستحق ما حلف عليه. قلت: نقل الشيخ قول محمد مطلقا لا على أنه تقييد للمدونة، وقال عن ابن حبيب عن ابن الماجشون: من أقر بعشرة دنانير وشيء أو بمائة دينار وشيء ثم مات ولم يسأل فالشيء ساقط؛ لأنه مجهول ويلزمه ما سمى، وكذا لو شهدت بينة بذلك سقط الشيء وثبت العدد ويحلف المطلوب. ابن الحاجب: وقيل في مائة وشيء لا يلزمه إلا مائة. قال: ابن عبد السلام: هذا إشارة إلى تخريج الخلاف في كل واحدة من المسألتين في الأخرى لكنه لم يجزم به؛ لأن الناس كثيرا ما يريدون بقولهم لك علي عشرة وشيء أنها عشرة كاملة. قلت: هذا التعليل لسقوط شيء المعطوف خلاف تعليل ابن الماجشون بأنه مجهول، والفرق عنده بينه مفردا ومعطوفا أن لغوه مفردا يؤدي إلى إهمال اللفظ المقر به، وإذا كان معطوفا سلم من الإهمال لإعماله في المعطوف عليه. الشيخ عن كتاب ابن سحنون: من أقر في دار بيده بحق لرجل قبل منه ما يسمى منها وحلف عليه إن ادعى الطالب أكثر منه، ولو قال هو هذا الجذع أو الباب المركب فقال سحنون: مرة يصدق، ثم رجع فقال: لا يصدق، ولو قال هو هذا البناء لبناء بالدار ففي تصديقه قولان. وقال سحنون: في آخر قوله لو قال: أردت هذا الثوب الذي في الدار، أو هو هذا الطعام لم يصدق، وقال قبل ذلك: يصدق ولا حق في رقبة الدار، ولو قال: له في هذا البستان حق، وقال: أردت ثمن هذه النخلة لم يصدق في قوله الأول، ولم يصدق في

قوله الآخر، ولو قال: أردت هذه النخلة بأصلها صدق مع يمينه إن أقر معها من الأرض بشيء، ولو قال: وهبتها له بغير أرض، فقيل: لا يصدق، وقيل يصدق مع يمينه، ولو قال: له في هذه الأرض حق، وقال: أزرعتها إياه سنة، وقال الآخر: لي فيها شرك لزمه أن يقر له بشيء من رقبتها في قوله الآخر ويصدق في قوله الأول، وكذا في قوله الآخر له في هذه الدار حق، وقال: هو سكناها شهرا. ابن عبد الحكم: من اقر بحق في دار أو ثوب، وقال: أردت سكنى بيت منها أكريته إياه أو أسكنته أو أجرته الثوب أو أعرته شهرا صدق مع يمينه، ولو قال: من هذه الدار أو من هذا الثوب لم يصدق إلا بشيء من رقبة ذلك الشيء. قال: ولو قال حق في الدراهم أو الدنانير أو الطعام كان محمله من الرقبة. قال: في أو من؛ لأن ظاهر القصد فيه عين الشيء. قلت: وكذا نقله ابن شاس وقال ابن الحاجب: وله في هذه الدار أو الأرض أو الحائط حق، وفسره بجذع أو باب مركب وشبهه، فثالثها الفرق بين (من) و (في) فظاهره في الباب من الدار ثلاثة أقوال، وفي يقرر الثالث فيهما مما تقدم؛ لأن الباب المركب فيها كالجزء منها، ولم يحك المازري في مسألة الدار غير قولي سحنون. قال المازري: وقوله له معنى في هذه الدار حق أو نصيب، أو جزء أو سهم، أو طائفة يقبل فيها ما زعم انه أراد؛ لانطلاقها على ما قل أو كثر من الأجزاء. وقال أشهب: لا يقبل تفسيره بأقل من الثمن ولا يكاد يظهر له وجه، وليس كون أقل أجزاء فرض الميراث الثمن بمثابته في الإقرار. الشيخ عن كتاب ابن سحنون: من قال: لفلان على حق، ثم قال: أردت حق الإسلام لم يصدق ولزمه أن يقر بشيء ويحلف على دعوى الدعوى إن ادعى أكثر منه، وكان سحنون يقول: ينظر فيه على نحو ما ينزل ما يتكلمان فيه، فإن تنازعا في ذكر المال أخذ بذلك، وإن تنازعا فيما يجب لبعضهما على بعض من حق وحرمة لم يؤخذ بالمال، فقد يقول الحق في القرابة أو السن أو الإسلام أو الجوار. وفي قول الواجب في الإقرار بمال نصاب زكاة أهل المقر من العين ذهبا أو فضة أو

ما فسره به المقر، ثالثها: نصاب السرقة ربع دينار أو ثلاثة دراهم، للمازري عن الأشهر مع قول محمد في الوصية به، مع أصبغ عن ابن وهب في الإقرار به، وابن سحنون مع اختيار الأبهري وابن القصار قائلا: لا نص فيها لمالك، وفي المعونة عزو الثاني لبعض أصحابنا بزيادة ولو فسره بقيراط أو حبة. قال: المازري: ومقتضى النظر رد الحكم لمقتضى اللغة أو الشرع أو عرف الاستعمال. قلت: فتقدم منها ما في الأيمان، وفي المعونة: قال بعض أصحابنا: وعلى قول محمد: إن كان المقر من أهل الإبل أو البقر أو الغنم لزمه أقل نصاب منها. قال القاضي: ولو أقر بمال عظيم أو كثير فمن أصحابنا من قال هو كقوله: مال فقط يرجع به لتفسيره، ومنهم من قال ثلاثة دراهم أو ربع دينار، ومنهم من اعتبر نصاب الزكاة، ويحتمل عندي قولين آخرين الدية ألف دينار والآخر ما زاد على النصاب. قلت: ففي ذكر ابن الحاجب هذين القولين على وجه الجزم بثبوتهما نظر، إن لم يكن له مستند في ثبوتهما إلا لفظ القاضي. المازري: وقوله له عندي كذا كقوله له عندي شيء أو له عندي واحد فيقبل منه ما يصدق عليه أحد الألفاظ الثلاثة. ابن عبد السلام: ظاهر قول الفقهاء يقبل أنه أخص من لفظ شيء؛ لأن لفظ شيء يصح تفسيره بالجزء كنصف درهم وربع ثوب وشبه ذلك، وكذا لا يصح تفسيره إلا بواحد كامل من ذلك. قلت: في منع تفسير كذا بالنصف وغيره من الأجزاء نظر، وإنما يمنع من ذلك إذا كان مضافا والفرض كونه مفردا. وفي الصحاح ما نصبه: كذا كناية عن الشيء وتكون كناية عن العدد. المازري: ظاهر قول ابن عبد الحكم وغيره من البغداديين المالكيين تفسير المراد بهذه الكناية بإعراب ما وقع يعدها من التفسير ففي كذا دراهم أقل الجمع ثلاثة ثلاثة دراهم، وكذا درهما عشرون درهما، وفي قوله كذا درهم بالخفض.

قال ابن القصار: لا نص فيه، ويحتمل أن يراد به درهم. قال: وقال في بعض النحاة: يلزمه فيه مائة درهم. قلت: في عيون المسائل لابن القصار: من قال: علي كذا وكذا درهما، فقال ابن عبد الحكم: يلزمه أحد عشر درهما، وفي كذا وكذا أحد وعشرون درهما، وفي كذا درهما عشرون درهما. الشيخ عن كتاب ابن سحنون: من قال: على كذا وكذا درهما صدق فيما سمى مع يمينه، وقد قال: يلزمه أقل ما يكون في اللغة. قال: وفي قوله: علي كذا وكذا دينارا ودرهما، ينظر أقل ما يكون كذا وكذا من العدد فيكون عليه نصفه من الدنانير، ونصفه من الدراهم، وفي قوله الآخر القول قول المقر ويحلف. المازري: هذا حكم للدرهم بالنصب والخفض، ولو قاله بالرفع فلا نص فيه، ويمكن حمله على درهم واحد، على أنه خبر مبتدأ؛ أي: هو درهم. الشيخ عن كتاب ابن سحنون: من أقر بعشرة دراهم ونيف قبل قوله في النيف، ولو قل فسره بدرهم أو دانق، ونقله المازري كأنه المذهب ولم يحك غيره، وفي زاهي ابن شعبان: من قال: مائة ونيف وهلك قبل البيان لزمه مائة وثلثها، قاله بعض أصحابنا. وقال بعض الناس: النيف على الشيء مثله ولا أقول بشيء من هذا، وإنما فيه ما اصطلحوا عليه إن هلك المقر، وإن كان حيا حلف على ما قال ولو قل، فإن لم يحلف وذكر المقر أنه يجد شيئا هو ما قدمت ذكره أو أقل حلف وأخذه، وإن ذكر أكثر حلفته وأعطيته الأقل، ولم يحك عنه ابن شاس غير قول بعض الأصحاب، وما اختاره من تفسير المقر مع يمينه. وثاني قول ابن الحاجب: وله خمسون ونيف بتفسير، وقيل: ثلاث، وقيل: ثلث الأول، فقبله ابن عبد السلام وعزا القول بأنه ثلاث لابن شعبان. وقال ابن هارون: لا أعرفه لغير ابن الحاجب. قلت: ووقفت على نسخة عتيقة من الزاهي فيها كلام مشكل قد يؤخذ منه ما

حكاه ابن الحاجب نصه: لو أقر أن له عليه شيئا وعشرين، فالنيف أدناه عند بعض أصحابنا ثلاث وعشرون دينار وثلث دينار، وكذا مائة ونيف ومات قبل البيان يلزمه مائة وثلثها، والغالب أنه سقط من بين قوله دينارا وثلث دينار ما معناه، وقيل: إنه ثلث العدد الأول فيلزمه في عشرة دنانير ونيف في النيف ثلاثة دنانير ودينار، والتحقيق في ذلك باستقراء النسخ الصحيحة. والبضع: في كونه من واحد حتى أربع أو تسع أو من ثلاثة حتى سبع أو تسع، خامسها: حتى عشر لعياض عن أبي عبيد وغيره وقطرب والأكثر معها وابن دريد. ففائدة أقله إن فسره المقر بأقل منه، وفائدة أكثر إن قال له أكثر البضع ففسره بأقل منه. وعزا اللخمي الثاني لابن فارس قال: فإن شك في قدره وجب حتى تيقناه، وفي لغو الزائد وقسمه بينهما قولان: وإن تيقنا واختلفا قبل قول المقر مع يمينه ما لم يدع دون المسمى، وإن شك أحدهما قبل قول المتيقن، وفي حلفه إن ادعى ما فوق الأقل قولان، فإن مات المقر قبل أن يفسر لزم الأقل، وفي قسم الزائد قولان، ولا ينظر هنا إلى تيقن الطالب إلا أن يكون الميت صرح بشك. وفي كون مبهم الجنس معطوفا عليه مبين يجب بتفسير لمقر مطلقا، وإن كان المعطوف غير موزون ولا مكيل ولا معدود كألف وعبد أو ثوب، وإن كان أحدهما كألف ودينار أو قفيز أو رطل وجب تنوع المعطوف. نقلا المازري عن ابن القصار وسحنون: ولم يذكر في المعونة غير الأول معزوا لشيوخنا، وعزا الثاني لأبي حنيفة، ولم يحك الشيخ غير قول سحنون مع يمين المقر في تفسيره بغير جنس المعطوف، وادعى المقر له أجود.

ونقل ابن الحاجب: لزوم كونه من جنس المعطوف مطلقا وقبوله. ابن عبد السلام وابن هارون: لا اعرفه إلا للمازري عن أبي ثور ومحمد بن الحسن. الشيخ في العتبية لسحنون: من أقر في مرضه أن لفلان عليه جل المائة أو قرب المائة أو أكثر المائة أو نحو المائة أو مائة إلا قليلا أو إلا شيئا، فقال: أكثر أصحابنا يعطى من ثلثي المائة إلى أكثر بقدر ما يرى الحاكم. قلت: هي في نوازله من المديان والتفليس. ابن رشد: لأن هذه الألفاظ تدل على أكثر المائة فوجب ألا يحط منها إلا أقل من ثلثها؛ لأن الثلث آخر حد اليسير وأول حد الكثير، وقول أهل العراق ويزاد على الخمسين دينارا ديناران بعيد؛ إذ لا يقال في اثنين وخمسين أنها جل المائة ولا شيء من بقية الألفاظ. وعن ابن الماجشون: في مائة إلا شيئان أن الشيء عقد من عقود المائة فما دونها فيعطى تسعين ويجتهد فيما زاد عليها وهو قول له وجه، وهذا كله إن تعذر سؤاله بموته، ولو حضر سئل عن مراده وصدق مع يمينه إن نازعه المقر له فادعى أكثر وحقق الدعوى وإن لم يحققها ففي إيجاب يمينه قولان. قلت: زاد الشيخ عنه في كتاب ابنه: قال بعض أصحابنا: يلزمه ثلث المائة، وقال بعضهم: يلزمه النصف وشيء وذلك أحد وخمسون. وقال رجل من أصحابنا القول قوله مع يمينه فيما يقول. قال محمد: وإن مات المطلوب في تركته في قوله بعض أصحابنا الثلثان، وفي قول آخرين أكثر من النصف بدرهم وكذا إن مات الطالب. قلت: ظاهر نقل ابن رشد عن ابن الماجشون: في مائة إلا شيئا أنه يلزمه تسعون ويجتهد فيما زاد عليها، والذي له في الواضحة: أنه يلزمه أحد وتسعون فالأقوال ستة: قول نوازل سحنون، وقول ابن الماجشون نصا وتخريجا في غير محل النص على نقل ابن رشد، وما نقله عنه في الواضحة، وقول بعضهم ثلث المائة، وقول بعضهم النصف وواحد، وقول بعضهم تفسير المقر. قال ابن الحاجب: والوصية بجل المائة وقربها ونحوها.

قيل: الثلثان فما فوقها باجتهاد الحاكم، وقيل: الثلثان، وقيل: أحد وخمسون، وقالوا: في مائة إلا قليلا وإلا شيئا كذاك، وقالوا: لو أقر بمائة إلا شيئا لزمه أحد وتسعون وفي عشرة آلاف تسعة آلاف ومائة. ابن عبد السلام: قوله: (وقالوا لو أقر بمائة إلا شيئا ... إلى أخره) أما تأكيد الاعتقاد الفرق بين الوصية والإقرار، وأما لإشكال التفرقة بينهما لاعتقاده التساوي بينهما وهو الأقرب إلا أن هذا الفرع في الإقرار لا نعرفه لغير ابن الماجشون، ومذهبه أنه لا يجوز استثناء الصحيح من العدد، وإنما يجوز استثناء الكسر فيمنع له عندي عشرة دراهم إلا ثلاثة، وإنما يجوز إلا نصف درهم وشبهه، وكذا نسبة العشرات عنده إلى المائة يجيز له عندي مائة إلا واحد إلى تسعة ولا يجوز إلا عشرة؛ لأن نسبة العشرة إلى المائة كالواحد إلى العشرة، وكذا عشرة آلاف لا يجيز استثناء ألف منها ويجيز استثناء مائة منها إلى تسعمائة؛ لأن نسبة الألف إلى عشرة آلاف كالمائة إلى الألف. قال: وهذا المذهب على ضعفه إن سلم لا يلزم منه صحة هذا الفرع إلا لو كان يحمل الاستثناء على أقل ما ينطلق عليه اسم شيء، وكما يجوز عنده استثناء تسعة من مائة فكذا اقل منها، وكما يجوز استثناء تسعمائة من عشرة آلاف، فكذا أقل منها فلم حمل الشيء المستثنى على أكثر ما يمكن. وأجاب عنه: بأن مقتضى الإقرار إلزام المقر أقل مسمى إقراره وذلك موجب لحمل الشيء المستثنى على أكثر مسماه دون أقله. قال: فلم يبق الإشكال إلا فيما قدمناه من أنه لا يجوز استثناء الكسر، وعادتهم يوجهون ذلك بما لا أرضاه. قلت: حاصل كلامه ثلاثة أمور: الأول: تلقيه نقل ابن الحاجب أن الأقوال الثلاثة في المائة إلا شيئا إنما هي في الوصية لا الإقرار، وإن المنصوص لهم في الإقرار إنما هو لزوم أحد وتسعين. الثاني: أن قوله: قالوا إشارة إلى إشكال المسألة مع أنه لا يعرفها لغير ابن الماجشون. الثالث: تقريره إشكالها بما ذكر، أما الأول وهو أن الأقوال الثلاثة إنما هي في

الوصية فهو وهم تبع فيه ابن الحاجب ابن شاس فقبله منه هو وابن هارون، وليس كذلك لنقل الشيخ الأقوال الثلاثة في الإقرار لا في الوصية. وقال في النوادر ما نصه: من العتبية قال سحنون: من أقر في مرضه أن لفلان عليه مائة إلا شيئا وإلا قليلا، فقال: أكثر أصحابنا يعطى من ثلثي المائة إلى أكثر بقدر ما يرى الحاكم. ثم قال: ومن كتاب ابن سحنون: إن قال: لفلان علي مائة درهم إلا شيئا أو إلا قليلا فذكر ما قدمناه من الأقوال. وأما الأمر الثاني: وهو أن قوله قالوا إشارة إلى إشكال المسألة، وتعقبه بأنه لا يعرفه إلا لعبد الملك فصواب. وأما الثالث: وهو تقريره إشكالها بما ذكر ففيه تناف، كبيانه أولا عن ابن الماجشون أنه يجعل استثناء الآحاد من المسمى كالكسر من الصحيح، كذا المسمى من عشرات الآلاف، ثم قال آخر كلامه: أنه لا يجيز إلا استثناء الكسر، وهذا مناف لنقله أولا عنه فتأمله. وهذا هو المنصوص لابن الماجشون في الواضحة عنه ما نصه: من قال في مرضه: لفلان عندي عشرة أو مائة أو ألف إلا شيئا ومات ولم يسأل عن قوله أخذ بما يحسن في لفظ الناس ويجري في قولهم ولزم به الأقصى من ذلك، فإن قال: عشرة آلاف إلا شيئا فاطرح بإلا تسعمائة؛ لأنه أقصى ذلك في الكلام، وفي قوله ألف إلا شيئا، اطرح بإلا تسعين وهو الأقصى لا مائة لا تجد أحدا يقول له عندي ألف إلا مائة، وقال تعالى: {فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عَامًا} [العنكبوت: 14] ولا يحسن أن يقال مائة إلا خمسين، وإنما يطرح من مائة إلا شيئا بإلا تسعة؛ لأنه قد يقال: له عندي مائة إلا درهما وإلا ثلاثة إلى تسعة، ولا يقول أحد إلا عشرة. وفي قوله: عندي درهم إلا شيئا أو درهمان إلا شيئا فاطرح بإلا ثلث درهم وهو الأقصى في مثل هذا ما بينك وبين تسعة عشر، ولا يحسن في قوله هنا إلا شيئا أن يكون إلا درهما، فأما في العشرين والثلاثين فيكون إلا درهما وإلا درهمين وإلا ثلاثة. وفي عندي له خمسة وتسعون درهما إلا شيئا أو خمسمائة درهم إلا شيئا، فلا تجعل

الشك بإلا في الجملة كلها بل في النيف فقط؛ لأنه حين أناف علمنا أن الجملة صحيحة وإنما شك في النيف فاطرح ثلث درهم من النيف فقط، وقس بهذا المعنى تهتد. قال فضل: تكلم ابن الماجشون على أصله أن الشهود إذا شهدوا على حق ولم يسموه أن الشهادة باطلة، وهو قول أصبغ خلاف قول مطرف وروايته، وقول ابن القاسم. قلت: في هذا الإجراء بعد وإنما بنى ابن الماجشون كلامه على عرف غالب التخاطب عنده. وحاصله أنه لا يجيز استثناء عدد من عدد إلا كسرا من صحيح، أو صحيحا وآحادا من تثنية عقودها لا من مفردها أو العقود مما يزيد عليها بمرتبتين. والإقرار بمطلق من صنف أو نوع يتقيد بالعرف أو السياق فإن عدما فأقل مسماه، في المعونة: إن قال: له علي دينار ولم يقل: جيدا ولا رديئا ولا وازنا ولا ناقصا ومات حكم بجيد ووازن بنقد بلده، وإن اختلف نقد البلد فقال محمد بن عبد الحكم: يلزمه دينار من أي الأصناف ويحلف إن استحلفه المقر له. وقال شيخنا أبو بكر: يحتمل هذا والأجود أن يلزم الورثة أوسط النقود. قلت: هذا إن لم يكن بعض الأصناف أغلب وإلا تعين الأغلب وكلفظ القاضي نقله الشيخ عنه. زاد عنه: لو قال: له مائة درهم صغارا صدق مع يمينه فيما يدعيه منها، ولو قال: له علي درهم ثقيل فطلب منه أكثر من وزن درهم حلف وبرئ من الفضل. قال ابن الحاجب: ودرهم على المتعامل به عرفا ولو مغشوشة وإلا فزنة سبعة أعشار دينار من الفضة. قلت: هو قول ابن شاس تابعا لنقل الغزالي في الوجيز، ولا أعرفه لأهل المذهب، ومقتضى ما تقدم عن ابن الحكم وغيره أن الواجب ما فسره به المقر مع يمينه، ولو أقر به مقيدا للزم بقيده ما صدق عليه. الشيخ عن ابن عبد الحكم: لو أقر بدرهم وزنه نصف درهم صدق مع يمينه إن وصل كلامه.

المازري: إن قيد إقراره بدنانير أو دراهم بصفة لم يؤخذ بغيرها إلا أن يقر بها ثمنا لمبيع، ويخالفه المقر له فيرجع ذلك لاختلاف المتبايعين في الثمن، وإن أقر به في ذمته عن قرض قبل إن قيده بما يقرضه الناس بينهم، وغن قيده بما الغالب أنه لا يقرضه الناس تخرج على نقل ابن سحنون فيمن أقر بقرض فلوس قيدها بأنها الفلوس الكاسدة. في قبول قوله قولان لأصحابنا. ولو وصل الإقرار بكونها وديعة، ثم ذكر بعد ذلك أنها زيوف أو بهارج قبل قوله بخلاف، ولو قيد الإقرار بكونها غصبا ثم ذكر أنها زيوف أو بهارج لم يقبل. ابن سحنون: لأن المقر بالغصب ذكر ما يوجب تعلقها بذمته بخلاف الوديعة فإنه يقبل منه كونها زيوفا أو بهارج، ولا يقبل منه إن فسرها بأنها رصاص أو ستوقية. وحكى عن أبيه أنه لا فرق بين كونها زيوفا أو رصاصا إلا أن يصفها بما لا ينطلق عليه اسم دراهم كقوله: هي رصاص محض لا فضة فيها فلا يقبل منه، ولو كان تقييده غير متصل بإقراره لم يقبل تقييده بأنها ناقصة عن وزن البلد أو بهارج إلا أن يكون إقراره بها وديعة على حسب ما ذكره ابن سحنون عن أبيه. ولابن عبد الحكم: إن أقر بدراهم وديعة، ثم قال: هي مغشوشة ففي قبول قوله قولان لابن القاسم، ولو قال: لفلان عندي دينار في منزلي ثم مات حمل إقراره على دينار جيد، ولو قال: له دينار في منزلي لا أعرف هل هو جيد أم دني ولا وزنه ثم مات حمل على أقل مسمى دينار. المازري: لو أقر بدارهم أو دنانير أو دريهمات أو دنييرات فثلاث من المسمى، فلو قال: دراهم كثيرة أو دنانير كثيرة، فقال الأبهري: كما لو يصفها بذلك. وقال ابن عبد الحكم: لابد من الزيادة على الثلاث، ويقبل قوله في قدر الزيادة وحدها. ابن المواز: بواحد صحيح فأكثر، ونقل ابن عبد الحكم: حدها بخمسة. قلت في المعونة: ذكر عن ابن عبد الحكم لأصحابنا قولين أحدهما ما زاد على الثلاثة، والآخر يلزمه تسعة، وقال بعض شيوخنا الذين درسنا عليهم: يلزمه مائتا درهم؛ لأن أصله في مال عظيم أنه نصاب.

قُلتُ: هو نقل الشيخ في النوادر عن ابن سَحنون: في دراهم كثيرة مائة درهم، وفي دنانير كثيرة عشرون ديناراً. قال ابن عبد الحكم: لا معنى لقول أبي يوسف أنها مائة درهم، ولا لقول النعمان عشرة دراهم. قُلتُ: هو الأظهر؛ لأنه اقل مسمى جمع الكثرة. قال: ولو قال دراهم لا قليلة ولا كثيرة فهي أربعة، وليس فيه أمر لا يقصر عنه، ويجتهد في ذلك عند نزوله، وكذا إبل كثيرة أو بقر كثيرة، ونقله عنه في المعونة قال: ويحتمل أنه تلزمه زيادة على الثلاثة يرجع فيها لتفسيره على القول بذلك في دراهم كثيرة. قُلتُ: ويتخرج فيها ثلاثة فقط من قول ذلك في دراهم كثيرة تخريجاً أحروياً، ولو قال له: عندي من مائة درهم إلى مائة أو من مائة إلى درهم. قال المازري: لزم المجرور بمن، وفي لزوم المجرور بإلى زائداً عليه قولا سَحنون قال ابن الحاجب: ومابين درهم إلى عشرة. قال سَحنون: عشرة مرة وتسعة مرة وثمانية مرة. قُلتُ: لا أعرف نسبة القول بثمانية لأحد من المذهب إلا له ولابن شاس، ولم يحك ابن حارث عنه في هذه المسألة غير القولين الأولين فقط. وكذا ذكر الشَّيخ المسألة من كتاب ابن سَحنون، وللم يحك عنه غير القولين الأولين، وقال: وكذا من جرهم إلى ثلاثة يلزمه ثلاثة، وقال: يلزمه درهمان، وإنما حكى المازري القول الثالث عن الشافعي، قال: يلزمه درهمان، وإنما حكى الناوري القول الثالث عن الشافعي، قال: لأنه جملة مابين المبدء والمنتهى. زاد الشَّيخ عن سَحنون: لو قال له على مابين مائتي درهم إلى مائة درهم قضي له بمائة وتسعة وتسعين؛ لأنا أيقنا بمائة ولم يرد أن يكمل له مائة ثانية، وكذا مابين عشرة دراهم إلى درهم عليه تسعة، وفي قوله الآخر: يلزمه عشرة. ابن المواز: لو قال: له علي مابين عشرة إلى عشرين لزمته العشرون إن ادعاها الطالب، وإن لم يدعها فله العشرة، فإن رجع المقر على الزائد فذلك له ويحلف إن ادعى المقر له أكثر، وإن لم يدع أكثر فلا يمين عليه، وإن تمادى المقر على شكه وادعى المقر له

العشرين فهي له دون يمين إن لم يكذبه المقر، ولو رجع المقر فقال: مالك إلا عشرة حلف وصدق، ـ فإ ن نكل حلف المقر له وأخذ. قال: ولو قال: أسلفتني مابين الخمسين إلى الستين لزمته الخمسون، فإن رجع عما زاد عليها حلف إن أخلفه الطالب، فإن نكل حلف الطالب وأخذ تمام الستين إن أنكر المقر العشرة، قال: تيقنت أنها خمسون، وإن نكل وشك جبرته ليقر أو ينكر وسجنته إن طلب ذلك إلى المدعي، وقال له عبد الملك وابن عبد الحكم، وقاله مالك فيمن لا يقر ولا ينكر، وهذا صواب والاستحسان عندي إن ثبت على شكه، وقال: كيف أحلف على مالا أوقنه أحلفته ما وقف إلا لشكه، ثم يغرم العشرة بلا يمين على المدعي؛ لأن كل مدع لا يرفع قوله للمدعى عليه ولا ينكر دعواه فإنه يحكم له بدعواه جون يمين. وتعقب التونسي المقر: بأنه إذا لزمه العشرة فلا فائدة في تحليفه على أنه إنما وقف لشكه. المازري: وهذا تعقب حسن. قال: لكن إن بنينا على أحد القولين أن المقر له إذا أيقن بالعشرة وتمادى المقر على شكه أنه يأخذها المقر له إلا بعد حلفه، أفادت هذه اليمين التي أستحبها محمد؛ لأن المقر له يتهم المقر في دعوى الشك. وأنه في باطنه غ ير شاك بل هو جازم بثبوتها عليه، ولو صرح بجزمه لم يكن عليه يمين عليه، ولو صرح بالإنكار طلبته باليمين؛ لكن قد يقال ان صرح بالإنكار فلزمته فله ردها عليه، فإن لم يحلف لم يستحق شيئاً، فلم يتحقق في يمينه على شكه فائدة واضحة، إلا أن يقال قد يختار التصريح برد اليمين بخلاف يمين من يجب عليه من غير أن يكون له ردها فهذا مما ينظر فيه. قُلتُ: لم يتحصل من كلامه على تعقب التونسي جواب، ويمكن أن يجاب بأن إيجاب حلفه مع غرمه لحق المقر له في رجاء نكوله فيقر فيأخذها المقر له طيبة بها نفسه في قدومه على أخذ ماثبت أنه حق له أو حلفه على شكه فيتركها تنزها لورعه. المازري: وأشار التونسي إلى أن ظاهر الموازية أن الشك في مثل هذا هو يسقط المشكوك فيه؛ لأن الأصل براءة الذمة، أو يقسم المشكوك فيه نصفين وهي العشرة

الزائدة؟ ودل قول محمد هذا بلزوم الستين على أن مابعد حرف الغاية داخل. الشَّيخ عن ابن عبد الحكم: من قال: له عندي مابين كر حنطة وكر شعير فعليه فضل مابين الكرين، ولو قال: مابين دينار ودرهم لطرح من الدينار قيمة درهم وصار له مابقي. ابن المواز: إن قال له عندي إردب حنطة إلى إردب شعير لزمه الأقل، فإن ادعى المقر له مازاد عليه كان له، إلا أن ينكره المقر فيحلف ويبرأ، فإن نكل بعد الإنكار حلف المقر له، وإن لم ينكل ولم يقر غرم. المازري: من قال له عندي دينار في دينار أو درهم في درهم لم يلزمه عند سَحنون سوى درهم واحد، وقو قال: عشرة دراهم في عشرة دراهم لزمة مائة جرهم. وقال ابن عبد الحكم: إ نما يلزمه العدد الأول ويسقط مابعده إن حلف المقر أنه لم يرد بذلك التضعيف، وضرب الحساب بناء على حمل اللفظ على المعنى اللغوي أو العرفي. قُلتُ: قول غير واحد من شيوخنا: إن كان المقر له عالما بالحساب لزمه قول سَحنون اتفاقاً صواب إن كان المقر له كذلك، وإلا فلا. وأول نقلي ابن الحاجب، وعشرة في عشرة. قيل: عشرون، وقيل: وقبوله ابن عبد السلام وابن هارون: لا أعرفه ولابن شاس/ ونقل المازري كالنوادر، إلا أن يؤخذ من نقل الشَّيخ في ترجمة من قال: غصبتك ثوبا في ثوب قال فيها ما نصه: عن ابن عبد الحكم في قوله: ثوب في عشرة أثواب قولان، قيل: لا يلزمه إلا ثوب، وقيل: أحد عشر ثوباً. قُلتُ: فجعل في كحرف العطف. الشَّيخ عن سَحنون: لو قال له علي عشرة دراهم في عشرة دنانير لم يلزمه إلا عشرة دراهم، لأن لقوله مخرجا والجنس مختلف، ولو قال له: علي درهم في قفيز حنطة قضى يالقفيز وهذا سلم إن صدقة المقر له، وإن كذبه طالبه بالدرهم. المازري: وصار من باب التداعي في السلم. قُلتُ: في قبول المازري قول سَحنون في قوله: له علي درهم في قفيز حنطة أنه إقرار

بسلم نظر؛ لاحتمال أنه إقرار بثمن قفيز حنطة إلا أن يكذبه العرف فيه لقلته. سحنون ولو قال له عندي عشرة أقساط زيت في قفيز حنطة قضي في الزيت فقط لفساد المعاملة، وما جاز سلم بعضه في بعض أخذ به إلا أن يجحد الطالب فيحلف يكون له ماقال المقر، وقول ابن الحاجب، في عشرة بعشرة عشرة هو قول سَحنون، لو قال: علي درهم بدرهم لم يلزمه إلا درهم، وللطالب أن يحلفه ما أراد درهمين. المازري/ إن أقر بذي وعاء قد يستغنى عنه وينتقل بانتقاله كقوله: غ صبته ثوبا في عغيبته أو ثوبا في منديل أو قمحاً في شكارة، ففي تعلق الإقرار بالوعاء قولا سَحنون وغيره. قُلتُ: لم يحك في المعونة عن المذهب غيره، وفي النوادر: عزو الثاني لابن عبد الحكم قال: وفي كتاب ابن سَحنون: لو قال: غصبتك ثوبا مروياً ثوب أو في ثوب مروي لزمه ثوبان، ولا يؤخذ هذا من باب الضرب في الحساب قد يدرج ثوب في ثوب، وكذا عشرة أثواب مروية في ثوب مروي يلزمه أحد عشر ثوبا مروية، ولو لم يذكر الجنس صدق الغاصب فيه. ولو قال: ثوباً في عشرة أثواب أو في مائة ثوب فبخلاف ذلك؛ أنه معروف من كلام الناس أن الثياب تكون في ثوب وعاء لها، ولا يقال: ثوب في ثياب وعاء له، وفي ثوبه، ثوب في عشرة أثواب قولان، أحدهما: لا يلزمه إلا ثوب، وقيل: يلزمه أحد عشر. وقول ابن الحاجب: وثوب في صندوق أو في منديل في لزوم ظرفه قولان، بخلاف زيت في جرة ظاهرة نفي الخلاف في الجرة، وهو وهم تبع فيه زاهر لفظ ابن شاس لذكر الشَّيخ قولي سَحنون وابن عبد الحكم نصا. الشَّيخ عن ابن عبد الحكم: ولفظ الكرم يشمل أرضه، والبستان يشمل شجره وأرضه، ولفظ النخل يشمل موضع أصلها وطريقها، ومابين النخل من أرض إلا أن تقل النخل وتكثر الأرض فتشمل أصلها جون الأرض بينها، ولو أقر بعشرة أصول من هذا الكرم كانت له بأصولها. ابن سَحنون: لو قال: شجر هذا البستان لفلان فله الشجر بأصوله من الأرض في

أحد قولي سَحنون، وقوله الآخر: له الشجر دون الأرض، ولابن سَحنون من قال: هذه الأمة لفلان وولدها لي كلاماً نسقاً كما قال: ثم ذكر عن لو قال هذه الأمة لفلان ولم يذكر الولد فولدها لمن هي في يده، ولو شهدت بينة أن هذه الأمة لفلان ولم يذكروا الولد قي بها وبولدها لفلان للبينة بخلاف الإقرار. وفي غصبها: أنه غصبك هذا الخاتم ثم قال: وفصه لي أوجبه، ثم قال: وبطانتها لي أو بدار، ثم قال: وبناؤها لي لم يصدق إلا أن يكون كلاماً نسقاً، وفي النوادر عن سَحنون وأشهب مثله في مسائل عديدة، ثم قال عن ابن عبد الحكم: لو قال في باب بيده خشب: هذا الباب لغلام ومساميره لي أو بالعكس فهو كما قال: وهما فيه شريكان بقدر المسامير من الخشب، وقال أشهب. ابن عبد الحكم: وأرى الباب كله للمقر له، وإن قال: غ صبت هذا الخاتم وفصه لي، فالخاتم والفص للمقر له ويحلف، ولو قال: لا علم لي فقد أثر أنه غصبه بالفص وادعى الفص. قُلتُ: في نزازل سَحنون من الغصب: من قال لرجل كنت غصبتك ألف دينار وأما صبي لزمه ذلك، وكذا لو قال كنت أقررت لك بألف دينار وأنا صبي. ابن رشد: قوله غصبتك ألف دينار وأنا بي لا خلاف في لزوم ذلك؛ لأن الصبي يلزمه ما افسد وكسر. وقوله: كنت أقررت لك بألف وأنا صبي يتخرج على قولين: أحدهما: أنه لا يلزمه ذلك إذا كان كلامه نسقاً وهو الأصح، وعليه قوله فيها طلقتك وأنا صبي؛ لأنه يلزمه، وكذا إن اقر بالخاتم لرجل، وقال: الفص لي أو بالبقعة وقال: البنيان لي والكلام نسق. والثاني: أنه يلزمه وإن كان كلامه نسقاً وعليه سماع أصبّغ. ابن القاسم: تفرقته بين أن يقول لغلام علي ألف دينار وعلى فلان وفلان، وبين أن يقول لفلان علي وعلى فلان وفلان ألف دينار. قال: لأن الأول أقر على نفسه بألف دينار فلا يقبل قوله بعد ذلك وعلى فلان

وفلان، وإن كان كلامه نسقاً، فعلى قوله هذا يأتي قول سَحنون في هذه المسألة. قُلتُ: ومثل قول سَحنون هذا سمع عيسى ابن القاسم في كتاب الشركة في رسم يدير ماله. قُلتُ: ففي لغو المقر به لتقييده بوصف يوجب لغوه مع ثبوت كونه إقراراً في نفسه، وطرح بعضه برافعه من لفظ المقر نسقا فيهما قولان لها مع أشهب ومشهور أحد قولي سَحنون، وابن القاسم وابن عبد الحكم مع أحد قولي ابن القاسم وسَحنون. وقولنا مع ثبوت كونه إقراراً في نفسه احترازاً من قوله له علي درهم إلا درهما فإنه يلزمه درهم اتفاقاً؛ لأن له علي درهم لا يتقرر كونه إقراراً مع قوله إلا درهما. وقوله له: علي ألف مع قوله: وأنا صبي يتقرر كونه إقراراُ، وكذا هذا الخاتم لفلان وفصه لي. وفي تكرير الإقرار اضطراب، وله نظير في تكرير الوصية بطلي مماثل الآحاد والطلاق في كتاب الإيمان به. الشَّيخ عن كتاب ابن سَحنون: من أشهد لرجل في موطن بمائة، ثم أشهد له في موطن آخر بمائة، فقال الطالب: هي مائتان، وقال المقر: هي مائة واحدة فقال أصحابنا جميعاً: لا يلزمه إلا مائة بخلاف أذكار الحقوق لو شهد له في ذكر حق بمائة وفي صك آخر بمائة لومه مائتان. قال محمد: لو اشهد في موطن بمائة، وفي موطن بمائتين لزمته ثلاثمائة، ولابن حبيب عن أصبَغ: إن اقر بالأقل أولاً صدق المطلوب أن الأقل دخل في الأكثر، وإن أقر بالأكثر أولاً فهما مالان. وقال ابن سَحنون في غير كتاب الإقرار: اضطراب قول مالك في هذا، وآخر قوله: وبه اقول قبول قول المقر فيحلف ولا يلزمه إلا مائة، وقال ابن عبد الحكم. قُلتُ: ففي كون تعدد الإقرار تعدد واحد في مجلسين يوجب وحدته مع يمين المقر أو تعدده مع يمين المقر له قولان لسَحنون، مع ابن عبد الحكم وأحد قولي مالك. وثانيهما قال ابن الحاجب: ولو أشهد في ذكر بمائة، وفي آخر بمائة فآخر قوليه مائة، فقبله ابن عبد السلام، وصوره بأنه أشهد له في وثيقة بمائة من عير ذكر سبب لرجل ولم

يذكر سببها، ثم اشهد له في وثيقة أخرى له بمائة من غير ذكر سبب، وكذلك ابن هارون وتبعوا في ذلاك لفظ ابن شاس: وهو وهم وغفلة؛ لأن المنصوص في عين المسألة خلاف ذلك وهو لفظ محمد بجلاف أذكار الحقوق، ومثله لابن رشد. قال ابن القاسم في سماع عيسى من كتاب الشهادات في رسم حمل صبياً: لو أشهد رجل على نفسه قوماً أن عليه لفلان مائة دينار ثم أشهد من الغد آخرين ـ أن له عليه مائة دينار، ثم أشهد من الغد آخرين أن له عليه مائة دينار لزمه ثلاثمائة إن طلبها ولي الحق. قال اصبَغ في سماعه في النكاح: يعني إذا أشهدهم مفترقين ادعى أنها مائة واحدة، وارى إن كان له كتاب في كل شهادة فهي أموال مختلفة، وإن كان كتاباً واحداً فهو حق واحد، وإن كان بغير كتاب فهو مائة واحدة ويحلف، وكذا إن تقارب مابين ذلك مثل أن يشهد هنا ويقوم إلى موضع آخر فيشهد آخرين. ابن رشد: فقول ابن القاسم يلزمه ثلاثمائة إن طلبها ولي الحق يأتي على القول بأن الشهادة لا تلفق وأنه إذا شهد لرجل شاهد أن فلاناً أقر له بمائة في يوم كذا، وآخر أنه أقر له من الغد بمائة، وثالث أنه أقر به من الغد بمائة فيحلف مع كل شاهد ويأخذ ثلاثمائة، وأما على أنها تلفق فيأخذ في هذه المسألة مائة واحدة ويحلف المطلوب مالخ علي إلا مائة واحدة ويحلف المطلوب ماله عليه شيء ويحلف المطلوب ماله عليه إلا مائة واحدة أشهد له عليها شاهداً بعد شاهد، ولا يلزمه غيرها فيأخذ في مسألة الكتاب مائة واحدة يحلف المطلوب ماله عليه إلا مائة واحدة أشهد له بها شهوداً بعد شهود فإذا نكل حلف الطالب أنها ثلاث حقوق وأخذ ثلاثمائة، فإن أنكر أن يكون له عليه شيء أصلاً أدى الثلاثمائة ولم يكن على الطالب يمين. وقوله: يلزمه ثلاثمائة إن طلبها ولي الحق، يريد: بعد يمينه أنها ثلاث حقوق، فإن نكل حلف المطلوب أنها حق واحد وأدى مائة واحدة. وتفرقة أصبَغ في الحق بين أن يكون بكتاب واحد في جميع الشهادات، أو كتاب في كل شهادة تفرقة صحيحة لا خلاف أنه إن كان في كتاب واحد أنه حق واحد، وكذا لا اختلاف في أنه إن أشهد قوما في كتاب أن عليه لفلان مائة دينار، ثم أشهد في كتاب آخر بمائة دينار، ثم اشهد في كتاب آخر آخرين، بمائة دينار، قم أشهد في كتاب آخر آخرين بمائة دينار، فقام الطالب بالكتب

الثلاثة أنه يقضي عليه بالثلاثمائة، وإنما مسالة الخلاف إذا اشهد شهوداً بعد شهود بغير كتاب وبينهما مدة امن الزمان، وإن كتب صاحب الحق بما أشهد عليه كل جماعة كتاباً على حده لم يخرج بذلك عن الخلاف. قُلتُ: وهذا نس بخلاف نقل ابن شاس المتقدم عن المذهب فتحقق ابن الحاجب: وبمائة عن ومائتين في موطنين، ثالثها: إن كان الأكثر أولا لزمه ثلاثمائة. ً قُلتُ: تقدم عزو الشَّيخ لزوم الثلاثمائة مطلقاً لمحمد، وعزوة الثالث لأصبَ، ولا أعرف ثبوت الثاني وهو لزوم أكثر الإقرارين مطلقاً في المذهب نصاً إلا لابن الحاجب. ولم يحكه ابن شاس، ولا يؤخذ من قبل الشَّيخ قول ابن سَحنون في غير كتاب الإقرار اضطراب قول مالك في هذا، وآخر قوله أنه لا يلزمه إلا مائة، لأن ذلك إنما هو راجع لإقراره بمائة مرتين، وقد يؤخذ من قولها في كتاب السلم الثاني وكتاب الشهادات: من أقام شاهداً بمائة دينار وشاهداً بخمسين، فإن شاء حلف مع شاهد المائة، وقضي له بها وإلا أخذ خمسين بغير يمين، فلم يجعل له حقاً إ لا في أكثر الإقرارين أو في أقلهما لا في مجموعهما، هذا ظاهر المدونة. ةقال الصقلي: قال بعض شيوخنا القرويين: هذا إن كان في مجلس واحد، ولو كان في مجلسين، وادعة الطالب كلها خلف مع كل شاهد وأخذ مائة وخمسين. ولابن حارث في كتاب الرهن: أو قال: لي عند فلان مائة دينار بذكر حق ومائة برهن، فقال الغريم: هي مائة واحدة بها الرهن وذكر الحق ففي لزومه مائة واحدة أو مائتان قولا لابم القاسم أولاً وقانياً، وصوب ابن حارث الأول مائة وخمسين. وفي النوادر من كتاب ابن سَحنون: من أقر بثمن عليه ألف دينار من ثمن خمر أو خنزير أو من ثمن حر، وقال الطالب/ هي من ثمة بز لزمه المال مع يمين الطالب، وقال ابن عبد الحكم، وقال: اشتريت منك خمراً بألف درهم لم يلزمه شيء، لأنه لم يقر أن له عليه شيئاً. المازري: من قال لك علي مائة دينار زوراً، فالمنصوص لا يصدق ويقضى عليه بإقراره.

قُلتُ: عزاه الشَّيخ لكتاب ابن سَحنون قائلاً: في اجماعنا قال: ومن قال: لفلان علي دنانير من ثمن سلعة لم اقبضها، ففي قبول قوله لم أقبضها نقلاه عن سحنون وعزا الثاني لابن القاسم. قال أصبَغ: ولا يحلف البائع إلا أن يقوم عليه بحرارة البيع. فال ابن عبد الحكم: على البائع البينة بدفع السلعة، وقول ابن الحاجب بخلاف قوله: اشتريته بألف دينار ولم أقبضه هو نقل الشَّيخ عن ابن القاسم لو أقر أنه اشتراها وأنه لم يقبضها نسقاً متتابعاً قبل قوله. قال: وفي كتاب ابن عبد الحكم: من أقر لرجل بألف درهم من ثمن بز اشتراه منه، ثم قال بعد ذلك: لم أقبض البز منه حلف المقر وقبل قوله: سواء وصل كلامه أو لا. ابن الحاجب: وعلي ألف من ثمن خنزير، ثم أقام بينه أنه ربما لم يثبل على الأصح، كما لو قال: بألف قضيته ألفا، بخلاف قضيته بعد إقرار المقر له. قُلتُ: قوله: من ثمن خنزير إلى آخره، كذا وقع في جميع مارأيت من نسخه بلفظ خنزير بالخاء المعجمة، وهو المذكور في قوله تعالى: (وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ) [البقرة: 173] وعين هذه المسألة لم أقف لأحد غيره فالله أعلم من أين جلبها، ولم أجدها في وجيز الغزالي ولا غيره. ومقتضى قوله: أن القول الأول فيها لزوم إقراره بالألف كإقراره بألف من ثمن خنزير دون بينة، وهذا؛ لأن البينة التي أتى بها غير مطابقة لدعواه لعدم ترادف لفظ ثمن خنزير ولفظ ربا، ومقابل الأصح إعمال البينة، وهذا إن وجد في المذهب وجهه أن القول بأن الربا صادق على ثمن كل بيع فاسد حكاه اللخمي في كتاب الصرف. وفي الجواهر لابن شاس ما نصه: ولو أقر على نفسه بمال من ثمن خنزير مثلاً ثم اقام بينه ـأنه ربا وإنما أقر أنه من ثمن الخنزير لزمه المال بإقراره أنه من ثمن خنزير إلا أن يقيم بينه على إقرار الطالب أنه ربا. قال ابن سَحنون: تقبل منه البينة أن ذلك ربا ويرد إلى رأس مال، وبالأول قال سَحنون. قُلتُ: لفم اقف على هذه المسألة في النوادر، ولا في كتاب الدعوى والصلح

في العتبية. الشَّيخ: عن كتاب ابن سَحنون: من قال لفلان علي ألف درهم وقضيتها كاملاً متصلاً بكلامه غرمها إلا أن يقيم بينه بإ جماعنا، ولو قالك بعد إقراره بها قضيته إياها قبل الاقرار لم تقبل له بينة بذلك. وله في ترجمة الإقرار على جهة الشكر لابن حبيب عن ابن الماجِشون: من قال لقوم أسلفني فلان مائة دينار وقضيته إياها صدق، ولو قالها عند السلطان لم يصدق؛ أن ما كان على وجه الشكر أو الذم لم يؤخذ بهن وقال مالك وجميع أصحابه. وفي شهادتها: من أقر أنه كان تسلف من فلان الميت مالا وقضاه إياه، فإن كان عن زمن لم يطل غرم، وإن طال من ذلك خلف وبريء إلا أن يذكر ذلك بمعنى الشكر، فيقول: جزى الله فلاناً أسلفني وقضيته فلا يلزمه قرب الزمان أو بعد. وسمع عيسى ابن القاسم: من أشهد أنه تقاضى من فلان مائة دينار كانت له عليه فجزاه الله خيرا فإنه أحسن قضائي فليس لي عليه شيء، فقال: المشهود له بذلك كذي إنما أسلفته المائة سلفاً، فالقول قول المشهود له. ابن رشد: هذا مثل مافي آخر كتاب المديان منها، مافي سماع يحيى، أن من أقر بالاقتضاء لا يصدق أنه اقتضاه من حق له وإن كان إقراره ع لى وجه الشكر، ومن قوله من كتاب الشهادات منها، وفي سماع سَحنون ابن القاسم بعد هذا: أن من اقر بسلف ادعى قضاءه على وجه الشكر أنه لا يلزمه. والفرق أن السلف معروف يستحق فاعله الشكر وقضاء الحق واجب لا يستحق صاحبه الشكر وهذا على أصل ابن القاسم، وعلى أصل أشهب أنه لا يؤخذ أحد بأكثر ما أقر به بكون القول المقتضي، وقال ابن الماجِشون نصّا في هذه المسألة ويقوم من هذه المسألة أن من عليه وثيقة بحق قضاه، وطلب قبض الوثيقة أو حرقها أنه ليس له ذلك، وإنما له أن يشهد له فيها وتبقى بيد ربها، لأنه يدفع بها عن نفسه خوف أن يستدعي دافع الدين بينه بإقراره رب الدين بقبضه أو بحضورهم دفعه، ولم يعلم على أي وجه كان دفعه، وإقامه شيخنا ابن رزق من آخر مسالة من كتاب المديان. قُلتُ: وقد تقدم هذا فيما أظن وسمع سَحنون ابن القاسم من قال لفلان علي دينار

فتقاضاه مني أسوأ التقاضي فلا جزي خيراً، فيقول المقر له ماتقاضين منه شيئاً، الدين باق على المقر وليس كمن على وجه الشكر. ابن رشد والشكر إنما هو معتبر في قضاء السلف، لأنه معروف يوجب شكراً؟ ولو اقر يدين من غير قرض وادعى قضاءه ولم يصدق، رواه ابن أبي أويس، وسواء كان عندي على وجه الشكر أم لا. ومن قال: لفلان علي ألف درهم إن شاء الله أو أن قضى الله ذلك أو بذلك ففي لزومها نقلا الشَّيخ عن سَحنون مع نقل ابنه عن جميع أصحابنا، ومحمد مع ابن عبد الحكم، وله عن ابن سَحنون: له علي ألف درهم إلا أن يبدو لي لا يسقط بحال، ولو قال: لفلان علي ألف درهم إن شاء فلان لم يلزمه ولو شاء ذلك، أنه خطر كقوله له علي ألف درهم إن تكلم أو أن دخل الدار وقاله محمد، قال: كقوله: فلان مصدق في شهادته على أن ذلك لا يلزمه. ومن قال: علي الف درهم في شهادة فلان ففي لزومه قولا سَحنون، ومحمد عن ابن عبد الحكم قائلين: لو قال بشهادة فلان أو علمه لزمه. سَحنون: لو قال بقول فلان ـأو في قوله لم يلزمه، لأنه في مخرج الإنكار كأنه يقول فلان يقوله لا أنا. ومن قال لفلان: علي ألف درهم فيما أعلم أو في علمي أو فيما أظن أو فيما أحسب ـو فيما ارى ففي لزومه. نقلا عن سَحنون قائلاً: وكذا فيما أظن أو فيما رأيت، ومحمد مع ابن عبد الحكم قائلين، وكذا فيما يحضرني؛ أنه شك فيسقط كالشهادة، ورده سَحنون بأن الشك لا اثر له في الإقرار. ابن سَحنون: وقوله: في حسباتي أو في ذكري أو في كتابي أو بكتابتي يلزمه في إجماعهم. قُلتُ: الأظهر أن في حسباتي مثل فيما أحسب، ولابن جبيب عن ابن الجاجشِون من قال لرجل: لا أعلم إ لا أن فلاناً أعطاني من طعامك أو ما أظن إلا أن لك عندي عشرة أصع لم يلزمه ذلك إن اعاه المقر له إلا بإقرار صحيح، ويحلف مايحق ذلك وما

هو إلا ظن وإن أنكر أن يكون قاله فشهد به عليه شاهد واحد فيحلف ماشهد به الشاهد لباطل. قُلتُ: في الواضحة لابن الماجِشون، من قالك لفلان علي عشرة دنانير أعطيه كل يوم ديناراً، وقال المقر له هي حالة،، قبل قول المقر مع يمينه، ونحوه في النوادر في ترجمة الإقرار بشرط اليمين عن ابن عبد الحكم. وفي زاهي ابن شعبان ما نصه: ومن اقر لغيره بمال منجم أو مؤجل، فقال المقر له هو حال ففيها قولان، أحدهما: يحلف المقر له ويكون حالاً، والآخر أن المقر يحلف وبقبل قوله، وقد اختلف في يمين المقر وهذا أحوط وبه كان يقضي متقدمو قضاة مصر. قال ابن الحاجب: وألف مجل يقبل في تأجيل مثلها على الأصح بخلاف مؤجله من قرض، فقبل. ابن هارون وابن عبد السلام نقله أن حكم القرض الحلول دون ذكر خلال فيه، ولا أعرف هذا لغير ابن الحاجب، وظاهر ما نقلته عن لفظ الواضحة ولفظ الزاهي أن لا فرق بين القرض وغيره، بل قبول قوله في القرض أبين وأحرى من قبوله في المعاوضة؛ لأن غالب المعاوضة النقد وغالب القرض التأجيل. الشَّيخ عن كتاب ابن سَحنون من قال لفلان علي مائة درهم أن حلف، أو إذا حلف أو متى حلف أو حين يحلف أو مع يمينه أو في يمينه أو بعد يمينه فخلف فلان على ذلك ونكل المقر فلا شيء عليه في إجماعنا، وقاله ابن عبد الحكم قائلاً: إن حلف مطلقاً أو بطلاق أو عتق أو صدقة، أو أن استحل ذلك أو إن كان يعلم ذلك أو إن أعارني رداءه أو دابته فأعار ذلك، أو إن اشهد بها علي فلان فشهد، ولو قال: إن حكم بها علي فلان فتحاكما إليه، فحكم بها عليه لزمه. ابن سَحنون: من أنكر ما اعى به عليه فقال له المدعي احلف وأنت بريء أو متى حلفت أو أنت بريء مع يمينك أو في يمينك فحلف فقد بريء، ولو قال له الطالب لا تحلف لم يكن له ذلك، وكذا إن قال: المطلوب للمدعي احلف، وأنا أغرم لك فحلف لزمهن ولا رجوع له عن قوله. ونوقض قول سَحنون بعدم اللزوم في قوله: إن حلفت فحلف بقوله احلف، وأنا

أغرم أنه يلزمه، ومثله قول حمالتها: احلف أن الحق الذي تدعيه قبل أخي حق وانا ضامن أنه يلزمه ولا رجوع له ن ويلزمه ذلك أن حلف المطلوب، وإن مات كان ذلك في ماله. ويجاب بأن شرط لزوم الشيء إمكانه وهو غير ثابت في قوله: إن حلفت وأخواته لما علم أن ملزومية الشيء للشيء لا تدل على إمكانه فلم يلزمه الإقرار لعدم إثباته في لفظه بشرطه وهو الإمكان، ولزومه ذلك في قوله: احلف لاتيانه بما دل على ثبوت شرط اللزوم وهو الإمكان للدلالة صيغة افعل عليه، لأن كل مطلوب عادة ممكن، ومن تأمل ما قلناه تبين له الجواب عما أشار إليه ابن سهل من مناقضة قول سَحنون المتقدم لأصل المذهب، لأنه قال في أول كتابه في باب الإيمان والخلطة ما نصه سئل ابن عتاب عمن وجبت عليه يمين فردها على طالبها بمحضره فسكت من ردت عليه، ومضى زمان وأراد أن يحلف فقال الراد: أنا أحلف، لأنك لم تقبل حين رددتها إليك، فأجاب بأن القول قول من ردت عليه هو قول مالك وعامة أصحابه. قال ابن سهل: ما أجاب هو سماع أصبَغ في الدعوى والتفليس وفي رسم الجواب من سماع عيسى وفي ديات المدونة؟ ولسحنون: من قال لفلان علي مائة درهم إن حلف، فحلف أنه لا يلزمه فتدبره قُلتُ: فتدبره إشارة إلى مخالفته لابن عتاب، وتعقب ابن عبد السلام قولها ويلزمه ذلك إن حلف المطلوب، وإن مات كان ذلك في تركته بأنها هبة لم تقبض، وأجاب بأنه أدخله في عهدة الحلف. قُلتُ: هذا يدل على أنه لو مات قبل حلفه لم يلزمه في تركته بأنها منه وهو وهم، ولفظ المدونة يدل على لزومه ولو مات قبل حلفه، لأن فيها ما نصهن من قال لرجل احلف أن ما تدعيه قبل أخي حق واغرمه ولا رجوع له، لأنها حمالة لازمة كالجين. قال ابن القاسم/ ولو مات الضامن كان ذلك في ماله. وقال اللخمي: من قال لرجل ماثبت لك قبل فلان فأنا كفيل به لزمه ذلك في الحياة، واختلف أن مات القائل ثم اثبت المدعي حقه، فقال ابن القاسم: ذلك في ماله

وقيل: ذلك ساقط لأنها كهبة. وقال الصقلي: ليس هذا كهبة لم تقبض؛ لأنتها على أصل معاوضة لمن له الدين، وفي الإقرار بأحد أمين اضطراب. الشَّيخ عن سَحنون: من قال لرجل: لك هذه الشاة أو هذه الناقة لزمته الشاة وحلف ما الناقة له. محمد: يقال له أعط أيهما شئت بلا يمين، إلا أن يدعي الطالب ارفعهما أو كليهما فيحلف المقر ولا يلزمه إلا ما اقر به، وقال أشهب. وقال ايضاً: إن أقام المقر على شكه أخذ المقر له ماشاء منهما دون يمين، فإن رجع المقر فقال: ماله شيء منهما وادعاهما الطالب قضي له بقيمة أدناهما، وقال أشهب: بأدناهما لا يعينه. ابن عبد الحكم: القول قول المقر مع يمينه، فإن قال: ماله شيء منهما وادعاهما الطالب قضي له بقيمة أدناهما لا بعينه. ولسحنون: من قال: له علي ألف درهم بيض أو سود، لزمته البيض وحلف في السود. ابن عبد الحكم: وقيل: يلزمه الأقل ويحلف على الأكثر، وكذا له علي ألف درهم وخمسمائة، فإن نكل حلف الطالب وأخذ الألف، فن مكل فليس له إلا خمسمائة وكذلك ألف درهم أو نصفها. سَحنون: إن قال له علي كر حنطة أو كر شعير لزمته الحنطة وحلف في الشعير، وإن قال: له علي ألف درهم ودينار أو كر حنطة لزمه الألف في إجماعهم. سَحنون: ويلزمه الدينار ويحلف في الكر، فإن نكل حلف الآخر وأخذ الكر مع الألف والدينار، ون نكل الطالب سقط الكر وأخذ الألف والجينا ولو قال: له علي مائة درهم وكر حنطة لزمته المائة، والكر الحنطة في إجماعنا ويحلف عند سَحنون في الدينار، فإن نكل حلف الطالب وأخذه، فإن نكل سقط الدينار وأخذ المائة والكر، وإن قال علي ألف درهم ومائة دينار أو كر حنطة وكر شعير لزمه الألف في إجماعنا، وتلزمه المائةعند سَحنون ولزمه الكر شعير في إجماعنا، ويحلف عند سَحنون في كر

الحنطة، فإن نكل حلف الطالب وأخذه مع الألف والمائة وكر الشعير، فإن نكل في كر حنطة سقط وكان له الألف والمائة وكر الشعير، فأما الألف وكرا الشعير فقد جاء معوناً فيهما، وأما المائة وكر حنطة فقال سَحنون يغرم المائة، لأنه لم يوقع فيها شكا ويحلف في الحنطة والشعير. وقال المازري: من قال لفلان علي كذا وكذا ففي لزوم إقراره بالأول فقط مع حلفه على نفي الثاني إن ادعاه المقر له، ولزوم حلفه على شكه وحلف المقر له على شكه إن شك قولا سَحنون وابن القاسم في العتبية مع غيره، وعليه أن حلفا أو حلف المقر له فقط كانا بينهما، فإن ادعى المقر أعلاهما ففي أخذه إياه بيمين أو دونها قولان، فإن نكلا معا ففي كونهما بينهما أو للمقر له أدناهما، ثالثهما، قيمته لابن القاسم وأشهب وابن عبد الحكم محتجا بأنهما لو كانتا جاريتين لم يجيز للمقر له وطء أدناهما إذا قضى له بها لمنع إباحة فرج بشك. المازري: لا يتحتم المنع بل يجري في جواز وطئه على القولين في جواز وطء بائع أمة ردت إليه بإنكار مبتاعها شراءها وفسخ بيعهما لاختلافهما. قُلتُ: ما عزاه لابن القاسم هو سماع عيسى، من قال لرجل في ثوبين له: أحدهما لك والآخر لي، وقال سَحنون: إنما هو في قوله: هذا الثوب لك أو هذا الآخر حسبما تقدم في نقل النوادر، ولا يلزم من قول ابن القاسم بالشركة في الأولى قوله بها في الثانية لجواز عده إياه ولذا جعلهما ابن الحاجب مسألتين. ومن قال: لزيد علي مائة درهم أو لعمرو، ففي غرمه لكل منهما مائة دون حلفه وغرمه مائة واحدة بعد حلفه لا شيء عليه غ يرها يقتسمانها بعد إيمانهما ونكولهما كحلفهما، ثالثها، يلزمه إ قراره للأول بعد حلفه لا اعلمها للثاني وحلف المقر لا شيء له عليه إن نكل حلف الثاني وغرم له مائة أخرى. للمازري عن محمد قائلاً: لو مات المقر فعلى كل منهما اليمين لجواز أن لو بقي حيا انتقل عن الشك وأنكر الإقرار، وابن عبد الحكم وسَحنون مع أشهب، وعلى الثاني قال ابن عبد الحكم: إن نكل عن الحلف لهما غرم لكل منهما مائة، وإن حلف لأحدهما بريء منه وغرم للآخر مائة، فإن قال: قال أحدهما مالي شيء، وقال الآخر: هي لي وحلف

المقر فلا شيء لواحد منهما؛ لأن الإقرار ثبت لواحد بغير يمينه، فإذا تبرأ أحدهما منها أمكن أن تكون له، فلم يكن للآخر شيء، ولو عادل في شكه أكثر من واحد لأكثر من واحد كقوله علي ألف درهم لزيد وعمرو، أو لخالد وجعفر فهو كمعادلة واحد بواحد، وكذا واحد بأكثر منه وتجيء الأقوال الثلاثة. الشيخ والمازري: من قال: لزيد عندي مائة درهم بل هي لعمرو وغرم لكل منهما مائة. ولو قال: غصبت هذا العبد من زيد بل من عمرو فهو للأول وغرم للثاني قيمته، وبالإجماع عليه رد سحنون قول أشهب من قال: غصبته من زيد أو من عمرو بل من خالد، العبد لزيد ويحلف لمن شك فيه. ويجاب: بكون العطف للإضراب عن كون الشك بين الأولين لكونه بين الأول والأخير لا الإضراب عن الشك إلى الجزم فإنه للأخير، واتفقنا في قوله: غصبته من زيد وعمرو بل من زيد على أنه بينهما نصفان بإقراره أولًا، والإضراب أوجب لزيد قيمته أجمع لضرر الشركة أو نصفه ونصف قيمته بعد حلف كل منهما لصاحبه أن لا حق لهما فيه ونكولهما كحلفهما، فإن حلف مستحق النصف وحلف الآخر اختص به، وغرم للناكل نصف قيمته لإتلافه عليه النصف الذي أقر له به أو لا؛ لإضرابه عليه بنكوله لغيره، ولو نكل مستحق جميعه كان له نصفه ونصف قيمته على المقر. وقول ابن سحنون: وهذا يدل على صحة قول سحنون دون أشهب فيرد بالجواب المتقدم فتأمله. وأنكر سحنون تفرقة أصبغ في قوله: غصبته من زيد بل من عمرو وأنه إن قال: بل بعد قبضه الأول غرم للثاني نصف قيمته وإلا كان بينهما. المازري: ونحو قول أصبغ قول أشهب: من ورثه ولد له فقال هذه وديعةٌ عند أبي لفلان وفلان معه نسقًا قضي بها لهما، ولو قال لفلان: ثم بعد حين قال: ولفلان معه أو لفلان دونه، فإن كان عدلًا حلف المقر له آخرًا معه وقضي له بموجب الشهادة، وإن لم يكن عدلًا أو نكل المقر له آخرًا عن الحلف قضي بذلك للمقر له أولا، ولا غرم على الوارث إلا أن يدفع ذلك للمقر له أو لا فيغرم للثاني حقه لاستهلاكه.

الشيخ في كتاب ابن سحنون: من قال في عبد بيده: هو بينه وبين فلان، ثم قال: هو بيني وبين فلان آخر، ثم قال: هو بيني وبين ثالث، فقيل: للأول نصفه، وللثاني نصف نصفه، وللثالث نصف ربعه ويبقى للمقر ثمنه. وقال سحنون: قال بعض أصحابنا للثاني: نصف العبد الذي بقي له، وللثالث قيمة نصف العبد؛ لأنه أتلفه عليه بإقراره. ولو أقر بالعبد كله لرجل، ثم أقر به لآخر فهو للأول ولا شيء للآخر، قال أشهب: إلا أن يدفعه لمن أقر له به أولا فيغرم للثاني قيمته. قال المازري: هذا نفس القول بأن لا غرم على المقر لكونه إتلافًا بالقول دون فعل، وقد اختلف في قتل البينة بزنا محصن رجم بشهادتها؛ لرجوعها عن شهادتها مقرةً بتعمد الكذب بناءً على أن القول الموجب لأمر كفعله أو لا. ومن قال في ثوبين بيده: أحدهما فلان، فإن عين له أجودهما أخذه، وإن عين أدناهما وصدقه فكذلك دون يمين، وإن أكذبه أحلفه، وإن شك وادعى المقر له أدناهما أخذه دون يمين، وإن ادعى أجودهما ففي أخذه بيمين أو دونها. نقلا ابن رشد عن ابن القاسم في تضمين الصناع: مع سماع عيسى في كتاب الدعوى ومحمد: وإن شكا ففي سماعه عيسى يحلفان وإن حلفا أو نكلا أو حلف أحدهما كانا شريكين. ابن رشد: هذا على لحوق يمين التهمة ورجوعها لتهمة كل منهما صاحبه أنه يعلم أجودهما له فشركتهما بحلفهما أو نكولهما واضح لاستوائهما، وإن نكل أحدهما فكذلك؛ لأن نكول أحدهما يوجب رد اليمين على صاحبه أن لا حق له؛ لأن يمين التهمة إنما ترجع على البت وهو قد نكل عنها بحلفه أنه لا يعلم أنهما له، وعلى عدم لحوق يمين التهمة يكونان شريكين دون أيمان، وعلى لحوقها وعدم رجوعها إن نكل المقر وحلف المقر له كان له أجودهما، وفي العكس أدناهما. وفي السماع لعيسى عن أشهب: إن نكلا كان للمقر له أدناهما، وكذا حكاه المازري عنه، ووجهه بأنه بناءً على أن ما شك فيه المقر ساقطٌ بأصالة براءة الذمة، والآخر بناءً على أن تساويهما كمالٍ تداعياه فيقسم بينهما.

قلت: هذا يعم قول أشهب في نكولهما وحلفهما. ويرد توجيهه إياه بأصالة براءة الذمة بأن تعلق إقرار المقر إنما هو بمعينٍ لا بشيء في ذمته، وتوجيهه بأصالة دلالة يد الحوز على الملك واستصحابه حتى يترجح رافعه أقرب ولعله مراده. والاستثناء في الإقرار على قواعده وتقدم منه في الطلاق، وإيجاز تحصيله جواز استثناء الأقل في غير العدد اتفاقًا. وفي كونه فيه كغيره وقصر جوازه على استثناء الكسر أو شبهه ككون المستثنى قبل المستثنى منه بمرتبتين قولا الأكثر، ونقل الآمدي عن بعضهم مع قول ابن الماجشون. وفي جوازه في المساوي قولا والأقل مع أحد قولي ابن الطيب. وفي جواز الأكثر قولا الأكثر والأقل مع ابن الماجشون وأحمد. المازري: اعتذر بعض الأشياخ عن ابن الماجشون فإنه لم يخالف في حكمه، وإنما خالف في استعمال العرب إياه وأنه يقول في القائل له علي مائة درهم إلا تسعين إنما تلزمه عشرة. قلت: وحكى في المحصول والمستصفى الإجماع على لزوم واحد فقط في علي عشرة إلا تسعة، ورده ابن التلمساني بأن خلاف أحمد يمنع تقرر الإجماع. وأخذ ابن عبد السلام مثل ما تؤول عن ابن الماجشون من منع استثناء الأكثر لغة مع إعمال حكمه من قول مالك في أكرية الدور: من أكرى مساكن له واستثنى ربعها بربع الكراء أو ربعها بغير كراء جاز؛ لأنه إنما باع ربعها، ولا ينظر إلى اللفظ إذا صح العمل يرد بأن لفظها في الأم. قلت: إن اكتريت منك مساكن واستثنيت ربعها بربع الكراء، أو ربعها بغير كراء، أيجوز في قول مالك؟ قال: لا أرى به بأسًا، وكذا الرجل يبيع الدار ويستثنى ثلاثة أرباعها أنه جائز؛ لأنه إنما باع ربعها، وهذا قول مالك؛ لأنه إذا صح العمل لم ينظر إلى لفظهما. قلت: فقوله إذا صح العمل إلخ يحتمل عوده إلى لفظهما في استثناء الأكثر فيصح الأخذ، ويحتمل عوده إلى عدم سقوط مناب المستثنى من الثمن إذا لم ينص على

سقوطه؛ لأنه المتعارف بينهما، وهو خلاف ظاهر لفظهما؛ لأن ظاهره يوجب سقوط المستثنى من الثمن. وبيانه أن قوله أكريت منك هذه الرباع بأربعة دنانير إلا ربعًا ظاهر في أن الثمن المذكور إنما هو لجملة الربع، فإذا أخرج ربعه بالاستثناء وجب سقوط منابه من الثمن كاستحقاقه، لا لأن عرف تخاطبهما دل على خلافه، فيكون قوله: ولا ينظر إلى لفظهما راجعا إلى هذا لا إلى استثناء الأكثر، ويؤيد ترجيح هذا الاحتمال ومساواته الأول المانعة من ترجيح الأول عليه إنه هو المسئول عنه في لفظ السائل وليس لفظ سؤال عن استثناء الأكثر بوجه فتأمله. وفي المستغرق طريقان الأكثر على نقل الاتفاق على منعه. القرافي: حكى ابن طلحة في مختصره المعروف بالمدخل فيمن قال لامرأته: أنت طالق ثلاثًا إلا ثلاثًا قولين أحدهما أنه استثناء ينفعه، والآخر لا ينفعه ويلزمه الثلاث. القرافي: نص العلماء على منعه في المذكور بعينه عطفًا كقوله قام زيد وعمرو وخالد إلا عمرًا، وجوز أصحابنا أنت طالقٌ واحدةً وواحدةً وواحدة إلا واحدةً، وما عملت فيه خلافًا. قلت: ابن الماجشون يمنعه؛ ولكن يتم السؤال بجواز البعض فضلا عن الأكثر لاتفاقهم على منعه في عين المعطوف. قال: وعللوا جوازه في العدد بأن للثالث عبارتان الثلاث وواحدةٌ وواحدةٌ وواحدةٌ، فكل ما صح في الثلاث صح في المعطوفات، ولأن خصوص الوحدات ليست مقصودة عند الفقهاء بخلاف زيد وعمرو، ويلزم على هذا إن قال له: علي درهمٌ ودرهمٌ ودرهمٌ إلا درهمًا لا يلزمه إلا درهمان؛ لأن الدنانير والدراهم لا تتعين ولم أر لهم فيه نقلًا. قلت: قوله لم أر لهم فيه نقلًا قصورٌ لنقل المازري في كتاب الإقرار ما نصه: في قول الرجل له عندي درهمٌ ودرهمٌ ودرهمٌ إلا درهما مسلكان. قال بعض العلماء: لا يلزمه سوى درهم؛ لأنه في قوله: له عندي ثلاثة دراهم، ولا فرق عند العرب بين قوله ثلاثة دراهم وعبارة الثلاثة، ولأن بعض النحويين جعلوا

جاءني الزيدون بدلًا من جاءني زيد وزيد، وقال بعضهم: هو كاستثناء كلٍّ من كلٍّ فيبطل. وفي النوادر: قال ابن سحنون: من أقر بألف درهم إلا مائتي درهم وعشرة دنانير إلا قيراطًا، فإن المائتي درهمٍ والعشرة دنانير إلا قيراطًا كلاهما استثناء من الألف الدرهم في قول سحنون وأهل العراق. وإن أقر بألف درهم ومائة دينار إلا مائة درهم وعشرة دنانير فاستثناؤه جائز، وعليه تسعمائة درهم وتسعون دينار عند بعض أصحابنا وأهل العراق، وقال آخرون المائة درهم والعشرة دنانير تحط من المائتين، وقال ابن عبد الحكم: وبالقول الأول. قلت قوله: قوله قال في الأول نص في تغاير القولين، ولا تغاير بينهما في قدر ما يلزمه منهما بل فيما يتفرع عليهما. قال ابن سحنون: إن أقر بألف درهم ومائة دينار إلا ألف درهم فقيل: استثناؤه باطل كمن استثنى جميع أحد النوعين، وقيل: يجوز وتحط الألف درهم من المالين، ولا يلزمه إلا مائة دينار، قال: وإن أقر بألف درهم ومائة دينار إلا درهمًا جاز في إجماعنا. قال بعضهم: والاستثناء من الدراهم، وقال سحنون: يحط من المالين درهم، وإن كان الإقرار لرجلين بطل الاستثناء من الأول ويكون كمن سكت ثم استثنى، وإن استثناه من الأجزاء وأبهم استثناءه جعلناه منه وجاز. المازري: إن قال: صرفته جملتين فض عليهما المستثنى، فما ناب الأول بطل، وما ناب الجملة الثانية صح. وإن أقر بألف درهم إلا مائة وخمسين أدى تسعمائة وحلف في الخمسين، فإن نكل حلف الطالب أن استثناءه المائة باطل وأخذ تسعمائة وحلف في وخمسين، فإن نكل أخذ تسعمائة. قلت: كذا وجدت هذا الفرع في نسختين من النوادر عتيقتين بلفظ: فإن نكل حلف الطالب أن استثناءه المائة باطل وأخذ تسعمائة. وصوابه استثناءه الخمسين التي هي نصف المائة، وتقريره أن الخمسين في لفظ المقر يحتمل كونها معطوفة على المستثنى منه، فيجب عليه غرمها مع التسعمائة الواجبة

عليه، وهي الباقية عليه بعد استثنائه المائة من الألف، فيكون الواجب عليه على هذا التقدير تسعمائة وخمسين، ويحتمل قولها معطوفة على المائة المستثناة فتكون مسقطة مع المائة من الألف، والاحتمال الأول كدعوى عليه فيحلف على نفيه ليسقط عنه غرم الخمسين زائدة على التسعمائة، فإن نكل انقلبت اليمين على الطالب، فيحلف أن استثناءه الخمسين باطل، فيثبت كونها معطوفة على المستثنى منه فيجب له عليه تسعمائة وخمسين. المازري: من قال لزيد: علي مائة دينارٍ ومائة درهمٍ إلا دينارًا، في حط الدينار من الدنانير أو من مجموع المالين قولان، وعليهما لو قال: له علي ألف درهم ومائة دينار إلا ألف درهم ففي بلاطن استثنائه قولان، بناء على أن استثناء الألف من الألف أو من المجموع منهما ومن المائة كالقولين في له عندي كر حنطٍة وكر شعيٍر إلا كر حنطٍة وقفيز شعيٍر بلزوم كر حنطٍة وكر شعيٍر، مسقطًا منه قفيز شعيٍر للغو استثناء كر حنطٍة؛ لأنه مستغرٌق بصرف الاستثناء لآحاد الجمل لا لمجموعها وعدم لزومه بصرف الاستثناء للمجموع، فلا يلزمه إلا باقي كر الشعير عن إسقاط قفيز منه. وتكرر الاستثناء بغير عطف قالوا على صحته من العدد وصحة استثناء الأكثر وكونه من النفي إثباتًا لو قاله له علي عشرةٌ إلا تسعةً إلا ثمانيةً، ثم كذلك إلى واحدٍ لزمه خمسةٌ. قُلتُ: ضابطه أن تطرح مجموع كل استثناءٍ هو وترٌ من مجموع كل استثناء هو شفعٌ مع المستثنى منه أولا فما بقي فهو الجواب، ومجموع كل استثناء هو وترٌ في مسألتنا هو خمسةٌ وعشرون مجموع تسعةٍ وخمسةٍ وثلاثةٍ وواحدٍ فذلك خمسةٌ وعشرون صح، ومجموع كل استثناء هو شفعٌ في مسألتنا هو ثمانيةٌ وستةٌ وأربعةٌ واثنان فذلك عشرون إلى المستثنى منه أولًا، وهو عشرةٌ جميع ذلك ثلاثون، اطرح منها المجموع الأول وهو خمسةً وعشرين، الباقي خمسةٌ وهو الجواب المقر به. فلو قال له عندي عشرة إلا سبعةً إلا خمسةً إلا واحداً فالاستثناء التور فيها سبعةٌ وواحدٌ، فذلك ثمانيةٌ تطرحها من الاستثناء الشفع وذلك خمسةٌ فقط مع المستثنى منه أولا، وذلك خمسة عشر، الباقي سبعةٌ وهو الجواب.

الشَّيخ عن كتاب ابن سَحنون: من أقر بدار بيده أنها لفلان إلا بيتًا معلومًا فإنه لي قبل استثناؤه، وكذا إلا تسعة أعشاره، ومثله لمحمد بن سَحنون عنه مع أشهب: من قال هذه الدار لفلان وهذا البيت لي صدق إن كان كلامه نسقًا. ابن عبد الحَكم عن أشهب: إن قال جميع الدار لفلان ونصفها لي صدق، وكذا في الموازيَّة. ابن عبد الحَكم: لو قال غصبته جميع هذه الدار وبيتها لي لم يقبل، وقد أقر بغصبه جميعها، كأنه قال: غصبتك بيتا هو لي، ولو قال: هذه الدار لفلان ولكن بيتًا منها لي صدق مع يمنه. ابن عبد الحَكم عن أشهب: قوله: غصبت هذه الدار لفلان وبناؤها لي أو بيت منها لي، أو قال: في الجبة بطانتها لي إذا نسق الكلام، مثل قوله هذا الخاتم لفلان وفصه لي. والاستثناء من غير الجنس. قال المازري: مذهبنا صحته، بان سَحنون لو قال: له علي مائة دينار إلا عشرة أقفزةٍ قمحًا في صحة استثنائه ولغوة قولان، وأشار إلى أن قوله: على ألف درهم إلا عشرة دنانير متفقٌ على جوازه فيسقط المستثنى من المستثنى منه بصرفهما، وعلى صحته في القمح من الدنانير تسقط قيمته منها، وكذا في مائة دينارٍ إلا عبدًا أو ثوبًا يصفهما المقر تطرح قيمتها، وكذا في قوله عندي عبدٌ إلا ثوبٌ تطرح قيمة الثاني من الأول. واختار بعض حذاق الأشياخ لغو استثنائه من غير الجنس وعده نادمًا.

كتاب الاستلحاق

[كتاب الاستلحاق] الاستلحاق: ادعاء المدعي أنه أبٌ لغيره، فيخرج قوله:: هذا أبي وهذا أبو فلان. [باب مبطل الاستلحاق] ويبطله مانع العقل ككونه ممن ليس بأسن ممن ادعى أنه ابنه، والعادة ككونه لم يدخل حيث ولد من ادعى أنه ابنه، أو الشرع كشهرة نسبه لغيره.

فيها: من باع صغيرً ثم أقر أنه ابنه صدق في قول مالك، ولو لم يولد عنده إلا أن يتبين كذبه كمن ولد بأرض شرك وأتى بد فادعاه من لم يدخل تلك البلدة قط، أو تقوم بينةٌ أن أمه لم تزل زوجةً لفلان حتى ماتت، ولو شهدت أنها لم تزل ملكا لفلان فلا أدري، ولعله يتزوجها. وفيها: ما لم يتبين كذبه أو يكون للولد أبٌ معروفٌ. الشَّيخ لأَصْبَغ في كتاب ابن سَحنون عنه والعتبيَّة: يجوز استلحاقه لولد الصلب في صحته أو مرضه كان له ولد أم لا. ابن الحاجب وابن شاس: ولا كلام للمستلحق ولو كان كبيرًا، فقبله ابن عبد السلام وابن هارون دون ذكر خلاف فيه، وذكرنا في اختصار الحوفية أن في شرط الاستلحاق بتصديق المستلحق إذا كان الولد ممن يعقل ذلك طرقًا. الأولى: لابن خروفٍ والحوفي اشتراطه. الثانية: للبيان وابن شاس لا يشترط. الثالثة: للصقلي يشترط في مجهول حوز الأم لا في غيره. وفي أمهات الأولاد منها: ومن ولد عنده صبيٌ فأعتقه، ثم استلحق بعد طول الزمان لحق به وإن كذبه الولد. وفي الشهادات منها: من ادعى على رجل أنه ولده أو والده لم يحلف له، فظاهره شرط التصديق، وكذا قولها في الولاء والمواريث: من ادعى أنه ابن فلان أو أبوه وأنه مولاه من فوق أو من أسفل وفلان يجحد فله إيقاع البينة عليه، ويقضى له به. وفي باب الإقرار بالولد من كتاب الإقرار من النوادر قال محمد: من ادعى في ولد بيد امرأة أنه ولده منها، فقالت: بل هو ولدي من غيرك ولم تسم أحدًا، فإن لم بحزه نسبٌ لحق بمستلحقه إن لم يبين كذبه، وإن سمت غيره وحضر فادعاه كان أحق به إن

كانا طارئين، وإلا نظر من كان يعرف بحوزها فإن لم تكن في حيازة أحد كان ولد زنًا، ولم يلحق بواحد منهما. قُلتُ: هذا يأتي على القول بشرط الاستلحاق بثبوت تقدم نكاح المستلحق أم الولد أو ملكه إياها وهو منافٍ لقوله أولًا إن لم تسم أحدًا لحق الولد بمستلحقه فتأمله. واستلحاق الأم لغوٌ، ولابن رُشْد في نوازل سَحنون من كتاب الاستلحاق: ولا خلاف أعلمه أن المرأة لا يجوز لها استلحاق. وفي القذف منها: إن نظرت امرأةٌ إلى رجل فقالت: ابني ومثله يولد لها، وصدقها لم يثبت نسبه منها إذ ليس هنا أبٌ يلحق به. وفي الولاء منها: إن جاءت امرأة بغلام مفصولٍ فادعت أنه ولدها لم يلحق بها في ميراث ولا يحد من افترى عليه بها، واستلحاق اللقيط مذكور في فصل اللقيط. وفي نوازل أَصْبَغ: لا يصح استلحاق الجد كقوله هذا ابن ابني وابنه مات. ابن رُشْد: هذا كما قال: إنه لا يجوز للرجل أن يلحق بولده ولدًا هو له منكرٌ، وقيل: إن استلحق الجد ولد ولده لحق به، حكاه التونسي في كتابه، وليس بصحيح إلا على ما أذكره، فإن قال: هذا ابن ولدي أو ولد ابني لم يصدق وإن قال: أبو هذا ابني أو والد هذا ابني صدق؛ لأن الرجل إنما يصدق في إلحاق ولدٍ بفراشه لا في إلحاقه بفراش غيره، وهذا مما لا ينبغي أن يختلف فيه. قُلتُ: قال الباجي: قال مالك في كتاب ابن سَحنون: لا يصح استلحاق الجد ولا يصح إلا من الأب. سَحنون: ما علمت فيه اختلافًا، وقال أشهب: يستلحق الأب والجد. قُلتُ: زاد الشَّيخ فيها: قال أشهب: من له ابن فمات وبيده صبي فقال الجد: هو ابن ابني لم يصدق ف نسبه؛ لأن الأب لم يدعه فكأنه نفاه، هذا إن كان مع الابن وارث غيره، ولا ينبغي للجد أن يأكل من ثمنه شيئًا إن صدق، وإن لم يكن مه وارثٌ غيره عتق عليه ولا يثبت له بذلك نسبه. ابن رُشْد في رسم باع غلامًا من سماع ابن القاسم: من استلحق من يشبه أن يكون

ابنه وعرف ملكه إن كانت أمةً أو تزويجه إياها إن كانت حرةً، وأتت به لما يشبه ان يكون منه، ولم يحزه غيره بنسب لحق به اتفاقًا، وإن لم يعلم ملكه لأمه ولا تزويجه إياها وأشبه أن يكون ابنه فاختلف فيه قول ابن القاسم. قال في سماعه عيسى: من خرج من دار الحرب بعد إقامته بها سنين بذرية. قال: هؤلاء أولادي جاز إقراره بهم. ابن رُشْد: هذا كما قال: وهو المشهور المعلوم من مذهب ابن القاسم في المدَوَّنة وغيرها، وعلى ما حكاه محمد عنه لا يلحق به إلا أن يعلم أنه تزوج أمه أو اشتراها. الباجي: إن لم يعرف له ملك أمه بنكاح أو ملك، فقال ابن القاسم حرة يلحق به ما لم يبين كذبه ولم يكن له نسب معروف، وبه قال مالك، ولابن القاسم أيضًا: لا يلحق به حتى يتقدم على أمه ملكٌ أو نكاحٌ يجوز أن يكون منه وليس له نسبٌ معروفٌ، وبه قال سَحنون. وسمع عيسى ابن القاسم: في قوم من أهل الحرب يسلمون جماعةً يستلحقون أولادًا من الزنى، قال: إن كانوا أحرارا لم يدعهم أحدٌ لفراش لحقوا به، وقد ألاط عمر بن الخطاب من ولد في الجاهلية بمن ادعاهم في الإسلام إلا أن يدعيه سيد الأمة أو زوج الحرة فهو أحق، وكذا النصارى يسلمون لاستحلالهم الزنى. قُلتُ: فإن استلحق رجل منهم ولد أمة مسلم أو نصراني قال: ألحقه به، فإن عتق يومًا ما كان ولده وورثه. ابن رُشْد: قوله أولًا إن كانوا أحرارًا يدل على أنهم إن كانوا عبيدًا لم يلحقوا به، ومثل هذا في أمهات الأولاد من المدَوَّنة، وهو خلاف قوله آخر المسألة ألحقه به فإن عتق يومًا ما كان ولده وورثه، وقوله آخر المسألة هو الصحيح إذ لا يمتنع كونه ابنًا لمن استلحقه وعبدا لمن هو في يده، وفي كلامه تقديم وتأخير وحقيقته ألحقه به ويكون ولده، فإن عتق يومًا ما ورثه. أبو عمر: كان عمر يليد أولاد الجاهلية بمن استلحقهم إذا لم يكن هناك فراش؛ لأن أكثر فعل الجاهلية كان كذلك، وأما اليوم في الإسلام فلا يلحق ولد الزنا بمدعيه

عند أحد من العلماء كان هناك فراش أم لا. الباجي: كان النكاح في الجاهلية على أربعة أضرب: الأول: الاستبضاع وهو أن يعجب الرجل بنجابة الرجل ونبله فيأمر من تكون له من أمة أو حرة أن تبيح له نفسها، فإذا حملت منه رجع هو إلى وطئها حرصًا على نجابة الولد. الثاني: أن تكون المرأة لا زوج لها فيغشاها جماعة، فإذا حملت دعتهم، وقالت لأحدكم: هذا منك، فيلحق به ولا يمكنه الامتناع منه. والثالث: البغايا كن يجعلن الريات على مواضعهن فيغشاها من اشء الله، فإن استمر به حمل قالت لأحدهم: هو منك فيلحق به. والرابع: النكاح الصحيح، أبطل الإسلام الثلاثة المتقدمة. ومن استلحق من قدم من بلد لم يعرف دخولها إياها ولا عدمه، ففي صحة استلحاقه نقلا اللخمي قولي ابن القاسم قال: وعلى صحته يصدق في المحمولين، ومنعه ابن القُصَّار والأول أحسن، اتذهب والمحمولون كالصارئين من بعض بلاد المسلمين، ولا خلاف أنه يصدق في استلحاقه، وإنما لا يصدق في الولادة التي تكون بين أظهرنا؛ لأنه لا يخفى النكاح إلا أن يكون المصر كبيرًا. قُلتُ: نقل اللخمي قولي ابن القاسم نحو قول عياض، اختلفت الرواية فيما ظاهره كذبه مع تجويز صدقه كادعائه من ولد بأرض الشرك اختلفت الرواية فيه في غير موضع من الكتاب إن عرف أنه لم يدخل تلك البلاد قط لم يصدق، وهذا الذي يعرف كذبه فقصر تبين كذبه على علم أنه لم يدخلها، وتحققه وإن لم يعلم ذلك فبخلافه. وقال في موضع آخر: إن لم يعلم دخوله لم يصدق، فعلى هذا لا يصدق مع الإشكال. ومثله قوله: في مدعي غلام قامت البينة أن أمه لم تزل ملكًا لغير مستلحقه حتى هلكت لعله كان تزوجها لا أدري ما هذا، وفرق بينه وبين إذا قامت البينة أنها لم تزل زوجة فلان، فجعل ذلك مثل ما يولد بأرض الشرك.

وقال بعض الشُيُوخ: لا فرق بين المسألتين والحرة والأمة في ذلك سواء إذا لم يكن نسب معروف. ولو استلحقه بائعه بعد عتقه مشتريه، فقال ابن القاسم أول الباب: إن أكذبه من أعتقه لم يصدق، وقال بعده: إن لم يتبين كذب البائع قبل قوله، هو قول غيره وهو أشهب ورجحه سَحنون، وقال: هو أعدل قوليه. قال ابن الحاجب: وقال سَحنون: لا يقبل إذا لم يتقدم نكاحٌ أو ملكٌ يمينٍ، ولو استلحق ذا مال وله وارثٌ لم يرثه، وكذا إن لم يكن وراثٌ على الأصح بناء على أن المسلمين كالوارث أولا، فقال ابن هارون: يعني أن هذا الولد المستلحق مريض وله مال، وإن لم يكن له مال فلا تهمة في استلحاقه، وإن كان له مال وله وارث لم يجز استلحاقه لتهمته بحرمان الوارث وتنقيصه. قُلتُ: ظاهر كلام ابن هارون أنه حمله على الإقرار بالولد لا بوارث غيره، وأن فاعل لم يرثه عائد على المقر وهذا هو الصواب لا غيره لوضوح دلالة لفظ ابن الحاجب عليه، إلا أن في كلام ابن هارون أن حمله على الإقرار لا بوارث غيره عليه وهمًا لا يليق بمثله، وهو قوله: إن كان له مال وله وارث لم يجز استلحاقه فإنه خلاف المنصوص. في نوازل سَحنون: إن هلك ابن الملاعنة وترك ابنةً وعصبةً، ثم استلحق الأب ابنة الميت لحقت بجدها وأخذ من العصبة النصف الذي أخذوه من ميراث ولده. ابن رُشُد: هذا كما قال؛ لأن استلحاقه لابنه الميت الذي لاعن فيه استلحاق لابنته فتلحق بجدها كقوله في المدَوَّنة: إن للملاعن أن يستلحق ولده الذي لاعن فيه بعد موته ولا يتهم على استلحاقه إن كان له ولد ذكر أو أنثى وإن ورث معها النصف، إذ قد يكون مال الذي ترك ولدًا ذكرًا ملًا كثيرًا سدسه أكثر من من نصرف الذي ترك ابنه، الوهم الثاني في كلامه التهمة بحرمان الوارث، أو تنقيصه وبيانه أن الاستلحاق إنما هو من الوارث لا من الموروث والتهمة في حقه إنما هي دعواه الإرث لنفسه لا حرمان الوارث. والتعليل في كلام أهل المذهب بحرمان الوارث إنما هو إذا كان المستلحق

الموروث لا الوارث فتأمله منصفًا. وقال ابن عبد السلام: إن أراد ابن الحاجب أن ذلك في مرض المقر به أو بعد موته بذلك ظاهرٌ لقوة التهمة، وإن كان في صحته فهي تهمة ضعيفة، وتقدم شيء من هذا في اللعان. قال: ومفهوم كلامه إن لم يكن له مال قبل، وفي معناه المال القليل. وهذا منه قبول لقول ابن الحاجب لم يرثه، فإن كان حمله على استلحاق الوالد الولد لزمه من الوهم ما لزم ابن هارون، وإن حمله على الإقرار بوارث وهو ظاهر قوله؛ لأن من لا وارث له معروف؛ اختلف أهل المذهب هل يقبل إقراره لرجل بأنه وارثه أم لا؟ فهو بعيد من لفظ ابن الحابج جدا؛ لأن مسألة الإقرار بوارث إنما اعتبروا فيها المال من حيث كونه للمقر لا من حيث كونه للمقر له، وابن الحاجب إنما ذكره من حيث كونه للمقر له. والحق أن ظاهر كلام ابن الحاجب في هذه المسألة وهم، وأما ابن شاس فصرح بكونها مسألة الإقرار بوارث المشهورة في المذهب في كتب فقهه وفرائضه، وإيجاز تحصيلها أن إقرار من يعرف له وارث يحيط بإرثه ولو بولاء بوارث لغو اتفاقًا، وإن لم يكن له وارث أو كان ولم يحط كذي بنت فقط ففي إعمال إقراره قولان، لابن القاسم في سماعه من كتاب الاستلحاق مع ابن رُشْد عن قوله فيها مع غيرها، وسَحنون في نوازله والباجي عند جمهور أصحاب مالك ومالك وأَصْبَغ، وأول قولي سَحنون وثانيهما مع أشهب. والمعتبر في ثبوت الوارث وعدمه إنما هو يوم موت المقر لا يوم الإقرار قاله أَصْبَغ في نوازله، ولم يحك ابن رُشْد غيره، وبالأول أفتى ابن عتاب مستدلًا بقول ابن القاسم في التعبيَّة. قال ابن سهل: وسئل أيضًا عن مسألة من هذا النوع فأفتى مذهب ابن القاسم أن من أقر أن فلانًا ابن عمه لا يثبت نسبه بهذا الإقرار، وإنما له المال بعد الثاني إن لم يأت له طالب.

قال: ولابن حبيب عن ابن الماجِشُون وأَصْبَغ: من أقر في مرضه أن فلانًا أخوه وفلانًا مولاه ميراثه لمولاه دون أخيه فغلبا الإقرار بالولاء على الإقرار بالنسب؛ لأن الإقرار بالولاء حق من الحقوق أقر به، والإقرار بالأخ استلحاق ولا يكون إلا في الولد فقط، وقول أشهب أنه لا يستحق الإرث إلا من يستحق النسب، وبهذا قال ابن لبابة، وهو القياس إلا أن العمل جرى على قول ابن القاسم. وقال المتيطي في قول ابن القاسم: هو شاذ واستحبه بعض القرويين في زمانه، قائلًا ليس ثم بيت مال. قُلتُ: نقل المتيطي هو نقل الصقلي في كتاب الفرائض معبرًا بقوله: قال شيخنا عتيق - إلى قوله -: وقال: أنكر أنا نستحب في زماننا هذا أن المقر له أولى من بيت المال. قُلتُ: فهو قول ثالث في المسألة، وما عزاه ابن رُشْد لابن القاسم في المدَوَّنة مثل قوله في سماع عيسى لا أعرفه فيها بحال، ولذا لم عزه ابن سهل للمدَوَّنة وإنما فيها مسألة الإقرار بالولاء، وقد فرق ابن الماجِشُون وأَصْبَغ بينهما، وعلل ذلك ابن سهل بأن الإقرار بالولاء أقوى؛ لكن في نوازل أَصْبَغ: من أقر بأخ ثم بولاء لرجل ثم مات أو أقر بأخ ثم ثبت الولاء ببينة فالنسب أولى بكل حال كان هو الأول أو الثاني. ابن رُشْد: قوله النسب أولى بكل حال لا يعود على مسألة ثبوت الولاء ببينة، إذ لا خلاف أنه لا يجوز الإقرار بهما فرأى النسب أولى ولو تأخر؛ ومعناه عندي: إن قال فلان مولاي ولم يقل أعتقني؛ لأنه إن قال: أعتقني ثبت له الولاء والمال، وإن لم يقل أعتقني ثبت له المال دون الولاء قاله سَحنون، فهاهنا يقدم الإقرار بالنسب على الولاء ولو تأخر النسب، وعلى هذا لو قال: فلان أخي وفلان ابن عمي كان الأخ أولى بالميراث ولو تأخر؛ لأن الإقرار بهما كقيام البينة بهما، ورأى ابن الماجِشُون أن الإقرار بالولاء أولى من الإقرار بالنسب، ظاهره وإن لم يقل أعتقني وسنزيد المسألة بينانًا في نوازل سَحنون من كتاب الولاء.

قُلتُ: قال سَحنون فيه: إن قال فلان مولاي أعتقني ثبت الولاء والإرث كقيام البينة وقدم على الإقرار بالنسب ولو تأخر عنه أو كان في المرض. قال ابن رُشْد: على ظاهر قول أَصْبَغ في نوازله أن الولاء لا يثبت بالإقرار، ولو قال: أعتقني ففي تقديم الإقرار بالنسب على الإقرار بالولاء، ثالثها إن لم يقل أعتقني وإلا فالعكس لظاهر قول أَصْبَغ، وقول ابن الماجِشُون وسَحنون في نوازله. قُلتُ: فعلى تقديم الإقرار بالنسب على الولاء يصح عزو ابن رُشْد للمدَوَّنة. ومن أقر لرجلين أنهما أخواه أو ابنا عمه الوارثان له، ثم مات أحدهما ثم مات المقر، فقال ابن سهل: أفتى ابن مالك وأبو المُطَرِّف وابن القطان باستحقاق الباقي إرث جميع متروك المقر، ودليله في نوازل أَصْبَغ، وأفتى ابن عتاب وابن أبي زعبلٍ أنه ليس له إلا نصف متروكه. قال ابن عتاب: وجوابي هو جواب الشُيُوخ قبلي؛ لأنه على أصل ابن القاسم، إنما أقر له بمال. وقال ابن أبي زعبل: كما لو أقر له بمال، ثم قال ابن مالك: أفتيت ببطليوس عمن أقر بأخ أو غيره فمات المقر له في حياة المقر وخلف ولدًا أنه لا يرث المقر لما في نوازل أَصْبَغ من الاستلحاق، وبه أفتى واحد من أهل بطليوس وقاله ابن عتاب، وأفتى أكثر أهل بطليوس أن الولد يرث المقر. قُلتُ: قول ابن مالك ودليله في نوازل أَصْبَغ ليس فيها ما يصلح دليلًا على ذلك إلا ما ذكرناه من نوازل أَصْبَغ، وفي إقامة ذلك من قوله نظر. قال ابن رَشْد في رسم باغ غلامًا سماع ابن القاسم من كتاب الاستلحاق: وقد قيل أن الميراث لا يكون إلا بعد يمينه إن ما أقر له به المتوفى حق ويقوم ذلك من قولها في كتاب الولاء، فيمن ادعى ميراث من لا وارث له وأقام شاهدا له بنسبه منه، فقول ابن القاسم فيها أنه يحلف ويستحق المال دون النسب ويحلف على هذا المقر له مع المقر به وإن لم يكن عدلًا رعيًا لقول أهل العراق إن من لا وارث له جائز له أن يوصي بجميع ماله لمن أحب.

قُلتُ: ما أشار إليه من التمسك بقولها في كتاب الولاء هو قول ابن سهل، كان ابن مالك يفتي فيمن أقر بوارث سماه، ثم مات أن المقر له يحلف أن الذي أقر له به الميت من قرابته منه وأنه وارثه حق، واستدل بقولها في كتاب الولاء: فيمن ادعى في ميت ترك ابنتين أنه مولى أبيهما، وأقر باله بذلك ولا وارث لأبيهما معهما لا بنسب ولا ولاء أنه يحلف معهما إن كانتا عدلتين واستحق المال. قال ابن المواز: بعد الثاني ولا يستحق الولاء، وقال غيره: لا يحلف مع البنتين؛ لأن شهدتهما على عتق ولا يثبت المال إلا بعد ثبوت الولاء، ولو أقرتا له أنه مولاهما ورثهما إن لم يكذبهما. قال محمد: بعد يمينه، وأنكر ابن عتاب فتوى ابن مالك بيمينه وقال: لم يقله أحد، وعلى إعمال الإقرار بوارث إن أقر به معينًا وجه نسبه إليه كقوله هذا أخي شقيقًا أو لأب أو لأم فواح، فإن أجمل ففيه اضطراب. في نوازل أَصْبَغ إقراره بأخ أو ابن عم أو مولى أو أنه وارثه جائز، للمقر له الإرث إن أحاط به ولو أقر في مرضه. ابن رُشْد: قوله بعض أهل النظر تسوية أَصْبَغ بين قوله: فلان وارثي وفلان أخي وابن عمي خلاف، منع ابن القاسم فيها شهادة البينة حتى تقول أعتقه غير صحيح؛ لأن معنى قول ابن القاسم إنما هو إذا سئلوا فأبوا أن يفسروا، ولو ماتوا قبل سؤالهم جازت شهادتهم وقضي بها، وهو قول أشهب. والذي أقوله على مذهب ابن القاسم أنه إن قال: فلان وارثي ولم يفسر ومات، أن لج جميع الميراث إن كان المقر ممن يعلم من يرثه ومن لا يرثه، وجاهل ذلك لا يرثه بذلك حتى يقول وارثي وهو ابن عمي، أو ابن ابن عمي، أو ابن ابن عم عمي، أو ابن ابن عم عمي، أو ابن عم عم عم عمي، أو مولاي أعتقني، أو أعتق أبي، أو أعتق من أعتقني، أو من أعتق أبي، أو ولد من أعتقني، أو من أعتق أبي، أو من أعتق من أعتق أمي، أو من أعتق من أعتقني، وكذا إن قال: فلان أخي قاصدًا إلى الإشهاد له بالإرث، كقوله: أشهدكم أن هذا أخي يرثني، وكذا لو قيل له: هل لك وارث؟

فقال: نعم، هذا أخي وشبه ذلك، ولو قال: على غير سبب هذا أخي ولم يزد على هذا لم يرث منه إلا السدس لاحتمال كونه لأمه، ولو كان إنما يقول له يا أخي لم يرثه بذلك إلا أن تطول مدة سنين كل منهما يدعو صاحبه باسم الأخوة والعمومة فإنهما يتوارثان بذلك، ويثبت على قول سَحنون في نوازله لغو قوله: فلان أخي أو وارثي حتى يفسر. ابن سهل: سئل ابن عتاب عمن أقرت لرجل أنه ابن عم أبيها في عقد، فقال: فيه علة لعدم رفع العاقد نسبهما لجد بجتمعان فيه، وأرى له مصالحة صاحب المواريث وإلا فعليه اليمين ويرث، وأفتى غيره بثبوت إرثه ولا يمين عليه. قُلتُ: ففي لغو الإقرار بلفظ وارثي فقط، ثالثها إن كان من جاهل وجوب أسباب الإرث لتخريج بعضهم على ظاهر قول ابن القاسم لغو قوله فلان مولاي فقط، وأَصْبَغ وابن رُشْد وعلى ثبوته، ففي شرطه بيمين المقر له، ثالثها: إن لم يبين المقر وجه اتصاله بالمقر له في جد معين لابن مالك مع ابن القطان، ونقل ابن سهل عن بعضهم وعن ابن عتاب ولسَحنون في نوازله: من له ثلاثة أعبدٍ أخوة لأم أو مفترقين، فقال في مرضه: أحدهم ابني ومات، فإن كانوا إخوة لأم فالصغير حر، ويعتق من الوسط ثلثاه، من الكبير ثلثه، ولا نسب لواحد منهم به ولا يرثه، وإن كانوا مفترقين فقول الرواة أنه كقول أحد عبيدي حرٌ، وقال المخزومي: يعتق من كل واحد منهم ثلثه ويرق ثلثاه، وقال آخرون: يعتق أحدهم بالقرعة، وقيل: يقرع بينهم وإن كانوا لأم. ابن رُشْد: وجه الأول لزوم عتق الصغير على التقادير الثلاثة وعتق الأوسط في حالين منها وعتق الأكبر في حالة واحدة منها فقط. وقوله: وقيل يقرع بينهم وإن كانوا لأم إنما يريد بين الأوسط والأكبر لتحقق عتق الأصغر، وإن كان ظاهر الرواية خلافه، وعاد ضمير الجمع على اثنين؛ لأنهما جماعة، وعلى قوله بعد هذا فيمن قال عند موته: إن فلانة جاريته ولدت منه، عتق الأكبر والأوسط لوجوب العتق بالشك في الحرية، إذ لا يصح للوارث تملك من لا يعلم هل هو حر أو عبد وهو أظهر من القرعة؛ لأنها لا ترفع الشك، ويتخرج فيها قول رابع

وهو رقهما معا على القول بأن الشك لا يؤثر في اليثين، وقوله: لا يثبت لواحد منهم منهم نسب لا اختلاف فيه، وفي قوله لا يرث واحد منهم نظر. والقياس أن يكون حظه من الميراث بينهم على القول بعتقهم جميعًا لصحة الميراث لواحد منهم لا بعينه فيقسم بينهم بعد أيمانهم إن حلفوا جميعًا أو نكلوا، ومن نكل منهم اختص الحالف بالإرث دونه، وكا إن قالوا لا علم عندنا كان الميراث بينهم بعد حلفهم أنهم لا يعلمون من أراد الميت منهم على الخلاف في يمين التهمة، وإن عتق بعضهم كان له حظه من الإرث ويوقف حظ من لم يعتق إن عتق أخذ، وإن مات قبل عتقه رد للورثة. قُلتُ: ما ذكره العُتْبِيّ عن المغيرة أنه يعتق من كل منهم ثلثه ويرق ثلثاه، كذا وجدته في غير نسخة من البيان ولم يتعرض ابن رُشْد إليه بإثبات ولا نفي، وكذا الشَّيخ في نوادره: لم ينقل عنه هذا الفرع بحال، بل نقل عنه قوله في التعبيَّة: من قال في ثلاثة أولادٍ من أمته أحدهم ولدي فالصغير حرٌّ؛ لأنه إن كان المستلحق الأكبر فالأوسط والصغير حران، وإن كان الأوسط فالصغير حر، وإن كان الصغير فالكبير والأوسط عبدان، وعن المغيرة: يعتق الصغير وثلثا الأوسط وثلث الأكبر، ووجهه بما تقدم من اعتبار التقادير. قال: وقال ابن عبد الحَكم: يعتقون كلهم بالشك. محمد: إن قالت أمهم هم من سيدي فأقر سيدها بالصغير، وقال: لم تلدي مني غيره قيل له: وإن أقر بالأوسط، وقال: لم تليدي مني الأكبر صدق ولزمه الأصغر إلا أن ينفيه باستبراء، وكذا إن أقر بالأكبر فقط. ابن رُشْد: وإن كانوا مفترقين فهو كقوله: أحد عبيدي حرٌّ ومات قبل تعيينه في عتق أحدهم بالقرعة أو من كل منهم الجزء المسمى لعددهم إن كانوا ثلاثة فالثلث، وإن كانوا أربعة فالربع، ثالثها: للورثة تعيين أحدهم للعتق، ورابعها: يعتق منهم الجزء المسمى لعددهم بالقرعة، وخامسها: إن اتفق الورثة فالثالث وإلا فالأول، وسادسها: وإلا فالثاني، الثلاثة الأول لابن القاسم والرابع لمالك، والأخيران لسَحنون كلها في

عتق العتبيَّة، وسابعها: عتق جميعهم على وجوب العتق بالشك، وثامنها: وقف الورثة عن جميعهم إلى أن يموت واحد منهم أو يعتقوه فلا يحكم عليهم فيمن بقي بعتق بل يؤمرون ولا يجبرون، على القول بأن الشك لا يؤثر في اليقين. قُلتُ: إثباته القول بعتق كل الأكبر والأوسط بتخريجه من القول بوجوب العتق في الشك قصورٌ لنقله الشَّيخ في نوادره والصقلي عن ابن عبد الحَكم نصَّا. وفي نوازل سَحنون: من أقر عند موته أن فلانة جاريته ولدت منه، وابنتها فلانة بنتي، ولها ابنتان سوى المقر بها فمات وأنسيت البينة والورثة اسمها، فإن أقر الورثة بذلك فهن كلهن أحرارٌ ولهن ميراث واحدة، يقسم بينهن ولا نسب لواحدة منهن به، وإن لم يقر بذلك الورثة وأنسيت البينة اسمها فلا عتق لواحدة منهن. ابن رُشْد: إقرار الورثة بذلك كقيام البينة على قوله: إحدى هذه الثلاث ابنتي ولم يسمها، فالشهادة جائزةٌ اتفاقًا. وقوله: يعتق كلهن خلاف قوله: قبل هذا فيمن قال في مرضه في عبيد له ثلاثةٍ أحدهم ابني. وقوله: إن حجروا لا عتق لواحدة منهن إن لم تعلم البينة أيتهن هي، هو مشهور المذهب، وقيل: الشهادة جائزة ويكون الحكم بها كما لم يسمها، وهو قوله في الأسدية في الأيمان بالطلاق؛ لأنه وقع فيها شك الشهود ولم يعلموا أيتهن المطلقة التي بنى بها والتي لم يبن بها، وقد فرق فيها في ذلك بين أن تكون الشهادة في الصحة أو في المرض، ففي صحة الشهادة ثالثها: تجوز في المرض في الصحة. الشَّيخ عن كتاب ابن سَحنون: لو ولدت زوجة رجل غلامًا وأمة آخر غلامًا وماتتا، فقال أحدهما ولدي ولا أعرفه، فمن ألحقته القافة به منهما لحق القاضة به، ويلحق الآخر بالآخر. وقال في كتاب أمهات الأولاد: في حرةٍ وأمةٍ لهما ولدان باتتا في بيت فماتت الأمة وادعت الحرة أحد الولدين، فدعواها جائزة ويلحق الولد الآخر بالأب، وإن ماتت الحرة والأمة عتق الولدان ولم يلحق نسب واحد منهما.

ولأشهب في كتاب الأقضية: من نزل على رجل له أم ولدٍ حاملُ فولدت هي وولدت امرأة الضيف في ليلة صبيين، فلم تعرف كل واحدة منهما ولدها، وادعت كل واحدة منهما أحدهما ونفى الآخر، دعي له القافة. قلت: هي أول مسألة من نوازله في العتبيَّة ونصها: من نزل على من له أم ولدٍ حاملُ وامرأة الضيف حاملُ، فولدتا في ليلة واحدة واختلط الصبيان ولم يعرف كل واحد منهما ولده وادعى كل واحد منهما صبياً منهما، يقول هذا ولدي، ويقول الآخر هذا ولدي، وكلاهما لا يدعي منهما صبياً بعينه؛ لأنهم اختلطا، فإنها تدعى لهما القافة. ابن رُشْد: قوله: وادعى كل واحد منهما صبياً منهما يقول هذا ولدي ويقول الآخر هذا ولدي، مناقض لقوله ولا يعرف كل واحد منهما ولده، ولقوله أخيراً وكلاهما لا يدعي صبياً بعينه، ولا تخلو المسألة من ثلاثة أحوال. الأول: إن ادعى كل واحد منهما واحداً بعينه، ونفى الآخر عن نفسه وجب أن يلحق بكل منهما ما ادعاه، ويحمل قوله في الرواية يدعي كل منهما صبياً يقول: هذا ولدي، ويقول الآخر: هذا ولدي، على أنه يقول آخذه فأتبناه فيكون ابني، ولا أعلم هو ابني أم لا، فتكون أرادت ذلك لغواً، كما لو لم يدع إلى ذلك ولا أراده، فالوجه أن تدعى له القافة. الثاني: إن ادعيا معاً واحداً بعينه، ونفى كل منهما عن نفسه ما سواه فالواجب على أصولهم أن تدعى له القافة كالأمة بين الشريكين يطآنها في طهر واحد فتلد والداً يدعيانه معاً. وفي أول نوازل سَحنون من الشهادة مسألة من هذا النوع لم يقل فيها بالقافة، فمن الشيوخ من حملها على أنه اختلاف من قوله، ومنهم من جعل هذه مفسرة تلك وأوجب القافة فيها، ومنهم من فرق بينهما بما ذكرته هناك وهو الأولى فلا اختلاف في القافة في هذه ولا يقام منها القافة في الأحرار وإن اختلف في ذلك؛ لأن ما اعتل به في التفرقة بينهما وهو قوة فراش أحد الزوجين على ما تقدم في سماع أشهب معدوم في هذه المسألة، إذ لا مزية في هذا لأحد الفراشين على الآخر.

قلت: الذي ذكر في سماع أشهب: إنما لم تكن القافة في أولاد الحرائر على المشهور لحرمة النكاح وقوة الفراش به. ومسألة نوازل سَحنون: وهي من مات وقد أشهد بينة أن واحدة من هذه الجواري الثلاث جارية فلان كانت له وديعة عندي والجاريتان ابنتاه إلا أنا لا نعلم أيتهن جاريتك أيها المودعة الشهادة ساقطة ولا شيء للمدعي. ابن رُشْد: لم يقل فيها بالقافة كقوله في نزازل الاستلحاق، فذكر ما تقدم ثم قال: والأظهر أنهما مفترقتان؛ لأن مسألة الاستلحاق نسب كل واحد منهما بأبيه ثابت ولم يحكم في هذه بالقافة؛ لأنه يؤول إلى القضاء برق أحدهن لمدعيها ملكاً وذلك لا يجوز إعمال القافة فيه، ألا ترى أنه لو ادعى رجلُ ولد أمة رجلٍ قال: زوجنيها، فولدت هذا الولد مني وأكذبه سيدها وادعى أن الولد ولدته من زنى لم يحكم به لمدعيه بقول القافة. الشيخ عن كتاب أحمد بن ميسرٍ: من حلف لزوجته إن ولدت المرة جارية لأغيبن عنك غيبةُ طويلةُ فولدت في سفره جارية، فبعثت بها خادمها في جوف الليل لتطرحها على باب قوم ففعلت، فقدم زوجها فوافى الخادم راجعةُ، فأنكر خروجها حينئذ وحقق عليها فأخبرته، فردها لتأتي بالصبية فوجدت صبيتين فأتته بهما، فأشكل على الأم أيتهما منهما. قال: قال ابن القاسم: لا تلحق به واحدة منهما وقاله محمد، وقال سَحنون: تدعى لهما القافة وبه أقول وهو يشبه حديث محرز. قال ابن ميسرٍ: من وضعت زوجته وأم ولده في ليلة ابنا وابنة، وجهل من ولدت الابن وكلتاهما معاً تدعيه، فنسبهما معاً ثابت يرثانه ويرثهما، فإن ماتت أم الولد عن غير ولد ذكر ورث الابن منها النصف بالولاء أوقفت الباقي، فإن ماتت البنت ورث هو الباقي وإن لم يكن لها وارث غيره، قال أحمد: بعد موت سيدها، وأما الحرة فيعزل من مورثها ميراث بنت إن كان ثم ورثة سواها، وإن علم أن القافة تلحق الأبناء بالأمهات، فقد قال سَحنون: أنهم يلحقون كل واحدة بولدها. قال أحمد: لا أرى أن يكون للعصبة شيء وأن يوقف ما بقي من الميراث حتى

يتبين لمن هو منهم بعد أن يدفع لكل من له فرض فرضه ممن لا يحجبهم الولد الذكر فيأخذ فرضه على أن لها ولداً ذكراً. وفي قصر إلحاق القافة الولد بالأب على الأب الحي وعمومها فيه. وفي الميت إن بقي من فراشه ما يلحق به نسبه: نقلا الشيخ عن عبد الملك مع سَحنون في كتاب الأقضية قائلاً: لا تلحق القافة الولد إلا بأب حي، فإن مات فلا قول للقافة في ذلك من جهة قرابته، وأشهب مع مفهوم نقله عن سَحنون كتب له: من ولدت امرأته وجاريته، وأمته جارية وأشكل ولد الحرة من ولد الأمة، ومات الرجل ولم تدع عصبة تستدل بها القافة، قال: لا قافة في مثل هذا ولا يورث بالشك. وفي قصرها على الولد حياً وعمومها فيه حياً وميتاً سماع أصبغ ابن القاسم إن وضعته تماماً ميتاً لا قافة في الأموات، ونقل الصقلي عن سَحنون: إن مات بعد وضعه حياً دعي له القافة. قلت: ويحتمل ردهما إلى وفاق؛ لأن السماع فيمن ولد ميتاً، وقول سَحنون فيمن ولد حياً ومات، ولم أقف لابن رشد على نقل خلاف فيها، ولما ذكر اللخمي قول ابن القاسم إذا وضعته ميتاً، وقال: لا أرى للقافة دخولاً في الأموات. قال: خالفه سَحنون في كتاب ابنه، قال: إن وضعته بعد ستة أشهر حياً ثم مات دعيت له القافة؛ لأن الموت لا يغير شخصه إلا أن يفوت الولد. قلت: فيكون في الأب قول ثالث وهو نظر القافة إليه بعد موته دون اعتبار عصبته، وفي قبول قول القائف الواحد إن كان عدلاً واحداً، ولغو قوله: إن لم يوجد معه مثله، ثالثها: يقبل وإن لم يكن عدلاً لابن القاسم في نوازل سحنون وله مع رواية ابن نافع في نوازل سَحنون من الشهادات، وسماع أشهب في الاستلحاق وقول ابن رشد قائلاً: هو القياس على أصولهم كقبول قول النصراني فيما يحتاج إليه في أحكام الطب. قال: وروى ابن وهب القضاء بقول الواحد غير مشترط عدالته. قلت: يريد: مع سلامته من تصرفات الكذب.

الصقلي في إقرار الفرائض: ابن زرقون غير واحد: إن أقر وارثان عدلان بثالث ثبت نسبه، وعبر عنه ابن شاس: والحوفي بلفظ إن شهد وارثان وهو الأصوب؛ لأن الإنسان يجوز إقراره بما يظنه دون تحقيق ولا يشهد بذلك، ونزلت ببعض عدول تونس في تركة له فيها إرث، فقال: أقر بكذا ولا أشهد به. المازري: إن اتفق كل الورثة هم اثنان فأكثر على الإقرار بنسب للميت فلا أحفظ فيها لمالك نصاً جلياً، ومقتضى نقل ابن القُصَّار عن المذهب ثبوت نسب المقر له باتفاقهم، وأشار بعض الشيوخ العادة عن أصول المذهب، وصرح ابن القُصَّار ثبوته بإقرارهم وإن لم يكونوا عدولاً، ولم يصرح بقبول الإناث وإن أحطن ففي إعمال إقرارهن كغير العدول من الذكور، ومنعه للفرق بأنهن لا تقبل شهادتهن بالنسب، وغير العدول من الذكور هم من نوع من تقبل شهادتهم في النسب نظر. قلت: ما نقله عن ابن القُصَّار من ثبوته بإقرارهم، وإن لم يكونوا عدولاً لا خلاف نقل الصقلي في كتاب الفرائض إجماع أهل العلم أن النسب لا يصح بقبولهم والشهادات بمجرد الظن باطلة. وفي شهادات المَدوَّنة: وتجوز شهادة الوارثين بنسب يلحقانه بالميت أو دين أو وصية. وفي المديان منها: من هلك وترك ولدين وترك مائتين فأقر أحدهما أن لفلان على أبيه مائة وأنكر الآخر، فإن كان المقر عدلاً حلف معه المقر له وأخذ المائة. قال ابن الحاجب تابعاً لابن شاس: إن أقر ولدان عدلان بثالث ثبت النسب وعدل يحلف ويشاركهما ولا يثبت النسب، وقبله ابن عبد السلام ولم يذكر فيه عن المذهب خوفاً وهو وهم منه. في آخر كتاب الولاء من المدَوَّنة: من مات وترك ابنين فأقر أحدهما بأخت له فليعطها خمس ما بيده ولا تحلف الأخت مع الأخ المقر بها؛ لأنه لا يحلف في النسب مع شاهد واحد، وتبع ابن شاس في ذلك قول الباجي في باب القضاء بإلحاق الولد: من ترك ولدين أقر أحدهما بثالث إن كان المقر عدلاً حلفه المقر له مع شهادته، وأخذ من

كل واحد منهما حصته ولا يثبت نسبه. قال ابن زرقون: رحال في باب ميراث الولد المستلحق لا يثبت نسب بشاهد ويمين ولا يستحق بذلك المال على الآخر الثابت النسب. قلت: يؤيد قوله أولاً قول الشيخ في نوادره. قال ابن المواز: من ترك ابنتين وعصبة فأقرب ابنتان بأخ، فإن لم تكونا عدلتين أعطته كل واحدة منهما ربع ما بيدها، وإن كانتا عدلتين حلف عند ابن القاسم وأخذ تمام النصف من العصبة، ونحوه قولها في الولاء: إن أقر اثنتان لرجل بأنه أعتق أباهما وهما عدلتان حلف وورث الثلث الباقي، ومعروف المذهب في إقرار وارث بآخر إعطاء المقر المقر له فضل حظه في الإنكار على حظه في الإقرار. وقال ابن كنانة: حظ المقر بينه وبين المقر به على محاصة جميع سهامهم في الإقرار، وذكره اللخمي غير معزو لابن كنانة، قال: لأنه الجاري على أصل ابن القاسم؛ لأن مقتضى إقرار المقر أن المنكر غاصبٌ فيما أخذه بمقتضى الإنكار، فيجب حلفه موزعاً على ما يجب للمقر والمقر له؛ لأن مقاسمة المقر المنكر غير ماضية على المقر له. قلت: يرد بأن مقاسمة الغاصب إنما تلغى إذا كانت طوعاً، وإن كانت بخبر الحاكم فلا، فإن كانت التركة عروضاً مختلفة أو معها حيوان والإقرار قبل قسمها فالمقر له كوارث أصلي، وإن كانت بعده دفع المقر من كل ما بيده للمقر له واجبه على إقرار المقر، وقيمة فضل إنكاره على إقراره فيما أخذ غيره، قاله أهل المدينة والبصرة. الشيخ: هذا هو الصواب وليس في ذلك تخيير، قاله الباجي. وقال ابن ميسر: يخير في قيمة ذلك الجزء أو مثله مما بيد المقر. ورد ابن خروف ذلك: بأن المقر له إن أجاز المعاوضة فلا حق فيما خرج عن المقر، وإن ردها فلا حق له فيما بيد المقر إلا ما كان قبل المعاوضة. يرد بوجوب استحقاق المبيع من يد المشتري المقر بغصبه لم غصب منه. وفي نوازل سَحنون من قال: هذا أخي لا بل هذا أخي لا بل هذا أخي كان للمقر له أولاً نصف حظ المقر، وللثاني ربعه، وللثالث ثمنه وإن ردها فلا حق له فيما بيد المقر

إلا مما كان قبل أن يرد بوجوب استحقاق المبيع. وقال بعض أصحابنا: يغرم للثاني مثل ما صار للأول، وكذا للثالث لقول كل منهما أنت أتلفت على مورثي. ابن رُشْد: هذا أصح في النظر للعلة التي ذكر، وعليه يأتي قول ابن القاسم في رسم يوصي من سماع عيسى من كتاب الدعوى والصلح فيمن أقر بعبد لرجلين فادعاه كل منهما لنفسه أن المقر يحلف ما يعرفه لأحدهما خالصاً، فإن نكل حلف المقر لهما وأغرماه قيمة العبد، وعلى قول سَحنون هذا لا يمين على المقر بالعبد، ووجه قول سَحنون أن المقر بالأخ ثانياً إنما أقر بما في يده حين شركه غيره في الإرث، فكان كإقرار وارث معه وارث بوارث، وخرج الصقلي الثاني على قول أشهب في إقراره بوارث بعد آخر، فقول سَحنون هو الجاري على قول ابن القاسم فيه. الحوفي والصقلي: لو أقر بوارث وآخر نسقاً تساويا في استحقاق فضل إنكار المقر له على إقراره به، وإن لم يكن نسقاً فقول سَحنون مع مشهور قول البصريين أن لغير الأول على المقر فضل صابه حين قدم إقراره به على إقراره به قائلاً: هذا معنى قول ابن القاسم. وقال أشهب: يغرم له ما يجب له لو أقر بهما مع الأول قائلاً، ولو دفع للأول واجبه بقضاء. الصقلي عنه: كان غرمه للأول ما يجب له قبل إقراره بالثاني أو لم يغرم له شيئاً، قالا عنه؛ لأن الخطأ والعمد في أموال الناس سواء. الحوفي: وحكى الداودي إن دفع بقضاء لم يضمن. الشيخ في «الموازَّية»: من ترك أخاه وأمه فأقرت الأم بأخ آخر للميت أخرجت الأم نصف ما بيدها وهو السدس. وقال مالك في «الموطأ»: وعليه الجماعة من أصحابه يأخذه المستلحق. وقال ابن القاسم وأصبغ: هو بينه وبين الأخ الآخر، ورواه ابن القاسم وابن وَهْب.

قال محمد: والأول قولها وهو قول مالك وكل أصحابه، وذكر سَحنون في العتبيَّة هذا القول الذي أنكره محمد. وقال سَحنون: يأخذ المقر به نصف السدس ويوقف نصفه حتى يقر به الآخر فيقاسمه ما في يده، وأخطأ من قال: يعطى نصف السدس للمنكر. قلت: تقدم لنا في اختصار الحوفية: أن في كون نصف ما بيد الأم للمقر به أو بينه وبين الأخ الثابت نصفين، ثالثها: يوقف نصف الثابت، فإن صدق الأم تحمل على تصديقه، ورابعها: يوقف على إقرارها، فإن صدقها عمل عليه، وإن كذبها فالسدس للمقربه، وإن شك كان بين الأخوين، هل نقل الحوفي. وعزا ابن رُشْد الأول للفراض ومالك وجماعة من أصحابه قال: وهو أظهر الأقوال واختيار محمد، والثاني لأصبغ، والثالث لسحنون، ولم يحفظ الرابع، قال: وقول سَحنون أضعف الأقوال؛ لأنه إن كان لا يأخذ نصف السدس إلا أن يعطى أكثر منه فلا معنى لتوقيفه. قال محمد: وكذا المرأة يطلقها زوجها بعد إرخاء الستر ويقر بوطئها وتنكر ذلك، ليس لها إلا نصف المهر؛ لأنها تدفع النصف الآخر عن نفسها. قال ابن رُشْد: ولا يشبه مسألة الصداق؛ لأن المرأة أنكرت ما أقر لها به فوجب أن يكون لمن رجع منهما أولاً لتصديق صاحبه على قول سَحنون في هذه المسألة أنه يقال للمرأة إن أقررت بالوطء فخذي وإلا لم يكن لك إلا نصف المهر، وقوله هذا يبين قوله في إرخاء الستور؛ لأن له في الرهن مثله، وهو قول أشهب في إرخاء الستور من المدَوَّنة، ولسَحنون بعد هذا خلاف قوله أن لها أخذ ما أقر لها به، وإن أقامت على الإنكار، قيل: لا يحكم لها بأخذ ما أقر لها به، وإن رجعت لقوله إلا أن يشاء دفع ذلك لها، قاله ابن القاسم في سماع عيسى من النكاح، وكتاب الدعوى والصلح ولا يدخل شيء من هذا في مسألتنا؛ لأن الأخ لم ينكر إقرار الأم به ولو أنكره كانت كمسألة الصداق. قلت: وظاهر نقل الشيخ قول محمد أن مسألة من ترك أخاه وأمه وأقرت الأم بأخ أنها منصوصةٌ في الموطأ، وتبعه ابن شاس وابن الحاجب وابن هارون وابن عبد السلام،

وليست بموجودة في الموطأ بحال، وإنما في الموطأ كون الواجب على المقر إعطاء فضل إنكاره على إقراره فقط من غير تعرض لعين مسألة الأم المقرة بأخ، ففهم أن هؤلاء أن هذه المسألة مماثلة لمطلق سائر مسائل الإقرار بوارثٍ المذكور بما في الوطأ، فنقلوا فيها قوله في الموطأ، وصرح بذلك محمد في النوادر محمد عنه: من ترك زوجةٌ وعاصباً فأقرت بابن دفعت له نصف ما بيدها، وعلى القول الذي ذكرناه عن ابن القاسم وأصبغ يكون بينه وبين الغاصب، ونحو فهمهم هذا نقل المازري في كتاب الإقرار بعد ذكر المشهور في كون فضل إنكار المقر للمقر به وحده، ونقله قول ابن كنانة المتقدم ما نصه: وقيل: إن هذا النصيب الذي هو نصف الثلث يكون نصفه للمقر به ونصفه الآخر لبقية الورثة الجاحدين؛ لأن حاصل إقرار المقر التبري منه وأنه لا يستحق فيه إرثاً، فصار المقر له يدعيه، وبقية الورثة الجاحدين يقولون: ليس لك فيه شيء فيقسم ذلك بينه وبينهم، وهذا أضعف المذاهب، ولا يتصور له وجه سوى ما ذكرته. قلت: ظاهره أن هذا التوجيه هو من عنده، وقد ذكره الشيخ من كلام أصبغ. قال: لأن الأخ الثابت النسب يقول ما تبرأت الأم منه أنا أحق به إذ لا وارث معي، ويقول المستلحق: بل هو لي فيقسم بينهما. قلت: ولم يصرح المازري بعزوه للمذهب، ولما تبع شيخنا أبو عبد الله السطي طريقتهم حصل في شرحه كتاب الحوفي في مسألة مطلق الإقرار بوارث خمسة أقوال: المشهور وقول ابن كنانة، والثلاثة المذكورة في مسألة إقرار الأم بأخ ثان، والصواب عندي عدم مماثلة مسألة الأم لمطلق مسائل الإقرار بوارث، فلا يصح عزوها للموطأ ولا ثبوت أقوالها الثلاثة في مطلق مسائل الإقرار بوارث، وهو مقتضى ذكرها الحوفي بعد ذكره مسائل مطلق الإقرار، وهو ظاهر سياق كلام ابن رشد، وعدم بيان مماثلتها مطلق مسائل الإقرار أن مسألة إقرار الأم بأخ ثان مشتملة على معنى خاص بها مناسب لتوجه منازعة المنكر في فضل إقرار المقر بالأخ، وهو أن الأخ المنكر يحتج على المقر له بأن يقول له: لولا وجودي لم يتقرر لك فضل بإقرار الأم؛ لأنها لو كانت دوني أخذت الثلث وبيت المال الثلثين، فإن أقرت بك مع ذلك لم يكن في إقرارها بك فضل على

إنكارها تستحقه أنت، ولما لم تتفرد دوني كان وجودي سبباً في تقرر الفضل، فيجب لي فيه حق بتبرئها منه، وهذه الحجة مناسبة لمقاسمة المقر به الفضل المذكور، ولا تتقرر هذه الحجة للمنكر في مطلق مسائل الإقرار بوارث فتأمله منصفاً، ثم وقفت للمازري على ما يشير لما أبديناه من الحجة للأخ المنكر، وهو أنه ذكر نفس مسألة الأم في آخر كتاب الإقرار، وذكر في توجيه القول بأن ما فضل بإقرار الأم يكون بين المنكر، والمقر بأن المقر يحتج بأنه له مشاركة في خروج هذا السهم من يد الأم؛ لأن الأم لا تحجب عن الثلث إلى السدس إلا بأخوين هو أحدهما، وأقوال الفقهاء والفراض واضحة بأن إقرار المقر بمن يحجبه عن كل إرثه لو انفرد بالميراث يوجب إرثه لمن أقر بن كابن أخ أقر بأخ لأب. وقال المازري: إن أقر أخ بولد لم يثبت نسبه؛ لأنه لو ثبت أسقط إرثه، فيرد إقراره؛ لأنه أقر على من لم يستحق منه شيئاً، فصار كأجنبي أقر بوارث لميت فلا يقبل فأدى ثبوت إقراره لنفيه، وما أدى ثبوته لنفيه فهو منفي، ولم ينص ابن القُصَّار عليه إذا أقر جماعة الورثة بمن يسقطهم كبنت وأخت أقرتا بابن، ويمكن أن يوافق ابن القُصَّار الشافعي على هذا، وفي المذهب ما يلاحظه كأمة عتقت تحت عبد قبل البناء، وقد أتلف السيد مهرها، ولا مال لها حين عتقها بغيرها لا خيار لها؛ لأن خيارها نفسها يوجب بطلان المهر ووجوب الرجوع به على السيد وهو فقير، فيجب رد عتقها وبيعها في الدين، فأدى خيارها إلى نفيه، وكذا شهادة عبدين بعد عتقهما بأن من أعتقهما كان غصبهما من فلان، فلا تجوز لتأدية ثبوتها إلى نفيها؛ لأنها لو ثبتت وجب رقهما لمن غصبا منه، فتسقط شهادتهما برقهما. قلت: ظاهر قوله أولاً أن إقرار المقر بمن يسقطه لا يقبل في ثبوت نسب المقر به واضح، وتمام كلامه يقتضي أنه لا يقبل فيه ولا في المال، ولا أعلم في المذهب فيه خلافاً، واحتجاجه بمسألة الأمة يقتضي أن ما ذكره فيها من نقض العتق هو المذهب، وليس كذلك في كتاب الرهون فيها أن لها الخيار ولا يرد عتقها ودين المهر على سيدها إنما ثبت باختيارها وهو متأخر عن عتقها، وزعمه أن إعمال الإقرار بما يسقط إرث المقر ثبوته يؤدي

إلى نفيه، يرد بأنه إنما يلزم كونه كذلك إذا كان إعماله فيما وجب له بالإرث من حيث كونه مملوكاً للميت؛ لأنه من هذه الحيثية يصير المقر به أجنبياً فيسقط إقراره، فيصدق أن ثبوته أدى إلى نفيه، وإعماله من هذا الوجه ممنوع لزومه، لجواز كون إعماله في المال المذكور إنما هو من حيث استحقاقه إياه بالإرث الثابت موجبه، وهو من هذه حيثية غير أجنبي بل هو مقر على نفسه فيما يثبت له ملكه فوجب إعماله فلم يؤد ثبوته إلى نفيه.

كتاب الوديعة

[كتاب الوديعة] الوديعة: بمعنى الإيداع نقل مجرد حفظ ملك ينقل، فيدخل إيداع الوثائق بذكر الحقوق ويخرج حفظ الإيصاء والوكالة؛ لأنهما لأزيد منه وحفظ الربع.

باب المودع

وقول ابن الحاجب كابن شاس تابعين الغزالي: استنابةٌ في حفظ المال كحروفه ويبطل عكسه ما دخل وطرده ما خرج، وبمعنى لفظها متملك نقل بمجرد حفظه ينتقل، وهو المستعمل في لفظ الفقهاء ولا يتناوله لفظ ابن شاس. وهي من حيث ذاتها للفاعل والقابل مباحة، وقد يعرض وجوبها كخائفٍ فقدها الموجب هلاكه أو فقره إن لم يودعها مع وجود قابلٍ لها يقدر على حفظها وحرمتها كمودع شيءٍ غصبه، ولا يقدر القابل على جحدها ليردها لربها أو للفقراء إن كان المودع مستغرق الذمة؛ ولذا ذكر عياض في مداركه عن بعض الشيوخ أن من قبل وديعة من مستغرق ذمة، ثم ردها إليه ضمنها للغرماء. ابن شعبان: من سئل قبول وديعةٍ ليس عليه قبولها، وإن لم يوجد غيره. قلت: ما لم يتعين عليه قبولها بهلاكها إن لم يقبلها مع قدرته على حفظها كرفقةٍ فيها من يحترمه من أغار عليها أو في حرمةٍ بحاضرةٍ يعرض ظالم لبعض أهلها، وندبها حيث يخشى ما يوجبها كتحققه وكراهتها حيث يخشى ما يحرمها دون تحققه. [باب المودع] المودع: من له التصرف في الوديعة بملكٍ أو تفويضٍ أو ولايةٍ كالقاضي في مال اليتيم والغائب والمجنون.

باب المودع

[باب المودَع] والمودَع: من يظن حفظه. [باب شروط الوديعة] والأظهر أن شرطها باعتبار جواز فعلها وقبولها حاجة للفاعل، وظن صونها من القابل، فتجوز من الصبي الخائف عليها إن بقيت بيده، وكذا العبد المحجور عليه، ويجوز أن يودعا ما خيف تلفه بيد مودعها إن ظن صونه بيد أحدهما لاحترامهما وثقتهما كأولاد المحترمين وعبيدهم عند نزول بعض الظلمة ببعض البلاد أو لقاء الأعراب القوافل، والأصل في هذا النصوص الدالة على حفظ المال والنهي عن إضاعته. قال اللخمي: في البخاري ومسلم قال: النبي صلى الله عليه وسلم: "إن الله نهى عن إضاعة المال". وشرطها باعتبار ضمان القابل عند موجب الضمان ونفيه عند نفيه عدم حجره وحجر الفاعل. ويدخل في قولنا وظن صونها من القابل قول اللخمي لا تودع الحرم لغير

ذي محرم إلا أن يكون مأموناً لقوله صلى الله عليه وسلم: "لا يخلون رجلٌ بامرأةٍ ليس بينه وبينها محرمٌ". قلت: ظاهر الحديث الإطلاق في المأمون وغيره. قال: وأجاز مالك لمن ادعى أمة وأقام شاهداً أو لطخا ووضع قيمتها أن يسافر بها إن كان مأموناً، ومنعه أصبغ وهو أصوب للحديث، والخوف عليها من مودعها أشد لزعمه أنها ملكه. وفيها: من أودع صبياً صغيراً وديعة بإذن أهله أو بغير إذنهم فضاعت لم يضمنها، لقول مالك: من باع منه سلعة فأتلفتها فلا يتبعه بثمن ولا قيمة ولو ابتاع منه سلعة ودفع إليه ثمنها فأتلفه ضمن المبتاع السلعة، ولا شيء له من ثمنها؛ لأنه الذي سلط الصبي على ذلك وأتلف ماله فكذلك الوديعة. قلت: الجواب في إتلافه صواب، والسؤال في ضياعها مشكل؛ لأنه كذلك في الرشيد. الصقلي: واللخمي وغيرهما: وكذلك السفيه؛ لأن أصحاب ذلك سلطوا يده على إتلافه. اللخمي: ولا تباعة عليهما إلا أن يثبتا أنهما أنفقا فيما لا غنى لهما عنه فيتبعان في المال الذي صوناه، فإن ذهب ذلك المال وأفاد غيره لم يتبعا فيه. وفي استهلاكها العبد للخمي ثلاثة: ابن القاسم: كالحر إن كان مأذوناً وإلا فلسيده طرح ضمانه. أشهب: كالحر إن كان فارهاً وإن لم يكن مأذوناً له، وإن كان وغداً بطلت عنه، ولو كان مأذوناً له إذا أتلفها؛ يريد: ما لم يل نفسه، وقال يحيى بن عمر: هي جناية في رقبته إن كان مأذوناً له.

باب المعير

قلت: قول اللخمي يريد: ما لم يل نفسه يقتضي أنه غير منصوص له، ونقله عنه الشيخ بلفظ: إن كان وغدا لا يستودع فلا شيء عليه في رقه، رد ذلك عنه سيده أو لم يرد حتى يلي نفسه بالعتق؛ يريد: فيتبع وأنكرها سحنون. اللخمي: إن كانت الوديعة عيناً والعبد مؤسرٌ فهي في ذمته؛ لأن له أن يتسلفها على قول، وإن كان معسراً أو الوديعة عرضا حسن الاختلاف هل تكون في ذمته أو قبته، وسمع عبد الملك بن الحسن أشهب: من أتى رجلاً يستودعه مالاً، فقال له: ادفعه لعبدي هذا، فاستهلكه العبد هو في ذمته، ولو غره السيد منه. ابن رُشْد: قول ابن عبد الحَكم: لا تكون في ذمة العبد إلا بينة لا بإقراره صحيح. وقيل: السيد ضامن إن غره وهو على الخلاف المعلوم في الغرور بالقول، وعلى ضمانه ذلك يباع العبد فيها. ابن حارث: اتفقوا على أن العبد المحجور عليه يستودع الوديعة فيستهلكها أن للسيد فسخها عليه، واختلف في المأذون فقال ابن القاسم: كالحر لا يفسخها مطلقاً، وقال أشهب: يفسخها إن كان مثله في لا يستودع. وفي الزاهي: لا يؤتمن الكافر ولو كان ملياً. قلت: الأظهر جوازه إن كان مأموناً. [باب موجب ضمان الوديعة] موجب ضمانه إياها: تصرفه فيما بغير إذنٍ عاديٍّ أو جحدها فما فوقها، فيها مع

غيرها إيداعه إياها لا لعذرٍ في غيبة ربها توجب ضمانه إياها، وسفره وخوف عورة منزله عذر. اللخمي: الجار السوء كخوف عورة المنزل إن حدثا بعد الإيداع ولم تقدم الإيداع، والمودع عالم لم يكن له أن يودعها، فإن فعل ضمن، وإن كان صاحبها غير عالم ضمن، ضاعت عنده أو عند غيره إلا أن تضيع عنده؛ لا من السبب الذي يخاف منه كذا وقع في غير نسخة من اللخمي، وكذا نقله ابن عبد السلام وقبله، والصواب إن كانا عالمين بالخوف فهو لغو لدخولهما عليه، ومقابلة غرر عذر وإلا فالأظهر اعتبار حال الفاعل؛ لأنه مالك التصرف بالذات. الصقلي: لأشهب من أودع وديعة وهو في خراب يخاف عليها فأودعها لغيره في أعمر من مكانه، فإن علم ربها بخراب مكانه وخوفه ولم يزد خرابه فالمودع ضامن، وإن زاد فلا ضمان عليه. عبد الحق: إن علم المودع عورة رب المنزل منزل المودع فأودعه غيره ضمن إلا أن يزداد منزله اعوراراً. وفيها: لا يصدق في إرادة السفر أو خوف عورة المنزل إلا ببينةٍ، وخرج اللخمي تصديقه من تصديق ابن القاسم، اكترى دابة فقدم دونها، وقال: أودعتها؛ لأنها وقفت علي. قال: وهو في الوديعة أبين إذ لا يتهم أحد في إخراج الوديعة من يده إلا لعذر، ومحمل قول ابن القاسم في تصديقه في إيداعها إن ثبت الخوف والسفر على أن المودع الثاني مقر بالقبض مدع ضياعها، وإن كذبه في دفعها إليه لم يصدق على أصله فيمن أمر أن يدفع لغير اليد التي دفعت إليه. وقال عبد الملك: يصدق وبه أرى القضاء اليوم؛ لا الشأن دفع الودائع بغير بينة، لو أراد ذو وديعة أو بضاعة أو قراض دفعه لمن يبلغه لربه بينة لم يقبله منه أحد. قال ابن عبد السلام إثر كلام اللخمي: وفيما ألزممه ابن القاسم هنا نظر فتأمله. قُلتُ: الأظهر أن الإلزام واضح أحروي؛ لأنه إنما أمر بالدفع نصا فأكذبه المدفوع

إليه أنه يضمن فأحرى في هذه التي دفعها فيها للغير إنما هو بالعرف لا بالنص ولا أنه خلاف نقل عبد الحق. قال: حكي عن الشيخ أبي محمد فيمن أودع لخوف عورة منزله أو سفره وعلم ذلك منه أنه إأودع الوديعة بغير بينة لم يضمنها إن أنكرها من زعم أنه أودعها إياه، أو قال: أودعني وتلفت؛ لأنه لما خاف عورة منزله أو أراد السفر أبيح له أن يودع غيره فصدق وإن لم تقم له بينة. الصقلي: كدفعه لزوجته أو خادمه، وينبغي على أصولهم إن لم تقم له بينة على إيداعه أن يضمن كمن دفع لغير من دفع إليه؛ لكنهم لم يضمنوه للعذر. وفيها: إن أراد سفراً أو خاف عورة منزله وربها غائب فليودعها ثقة ظاهره ولو كان دونه في ثقته، ونحوه في شفعة الشفيع في شخص بيع بثمن إلي أجل، وفي سماع عيسى في رسم إن أمكتني. قال ابن رُشْد: ظاهره إن كان مليا لم يلزمه حميل، وإن كان المشتري أملى منه، وقال أشهب: إن كان المشتري أملاً منه منه فعليه أن يأتي لحميل فعليه مثله في الملاء. قُلتُ: ولا يلزم تخريج قوله في المودع؛ لأنه كمضطر والشفيع مختار، وفي رسم شك من سماع ابن القاسم من البضائع والوكالات الأول: من أبضع معه بضاعةً من مكه لمصر فمر بالمدينة وله بها إقامة، ووجد ثقةً يخرج لمصر، لا بأس به أن يبعث بها معه. عيسى: سئل ابن القاسم عنه، فقال: لا شيء على المبضع معه ذهبت منه أو من الرسول. ابن القاسم: إن لم يجد لها محملاً معه فأعطاها لبعض من يثق به لم يضمنها، ولو كان معه محمل فحملها غيره ضمنها. ومثله الحاضر يستودع وديعةً فيودعها غيره، إن كان لخراب منزل أو عورة وليس معه من يحفظ منزله، أو أراد سفراً فأودعها من يثق به فضاعت لم يضمنها. وفي سماع سَحنون: قال مالك: في مكي بعث مع رجل بضاعةً لمصر فعرضت له

حاجة بالمدينة فبعث بها مع من يثق به لمصر: لا يضمنها. سَحنون: قُلتُ لابن القاسم: ما تقول فيها؟ قال: إن كانت إقامته بالمدينة الأيام اليسيرة فبعث بها ضمنها، وإن أراد إطالة الإقامة بالمدينة فأرى أن يبعث بها، واستحسن قول مالك؛ لأنه إن حبسها وأقام بالمدينة الإقامة الطويلة فتلفت رأيته ضامناً. ابن رُشْد: قول مالك اولاً لا بأس أن يبعث بها مع ما حكى سَحنون عنه لا ضمان عليه دليل على أنه لا ضمان عليه إن أمسكها مع نفسه، وهو نص سماع عيسى ابن القاسم وإنما سقط عنه الضمان إن ادعى الرسول تلفها إن أشهد عليه بالدفع، وسماع عيسى ابن القاسم تفسير لقول مالك، وقول ابن القاسم في رواية سَحنون عنه في الإقامة اليسيرة والطويلة إلي آخر قول ابن القاسم، واستحسن قول مالك ظاهره أنه خلاف قول مالك، ولا ينبغي حمله عليه؛ لأنه لم يتكلم على إقامة الأيام اليسيرة ولا على الإقامة الطويلة، بل على ما بينهما، فإن كانت أياماً يسيرة نحو ما يشتغل المسافر في طريقه وجب ضمانه إن بعثها؛ لأن ربها علم أنه يقيم في طريقه قدر ما يحتاج إليه ودفعها إليه على ذلك، وإن كانت إقامة طويلة ضمن إن أمسكها وهو يجد ثقة يبعثها معه إن تلفت؛ لأن ربها لم يرد تركها بذلك البلد، إنما أراد إيطالها حيث بعث فهو متعد بإمساكها. والطول سنة فصاعداً على ما في سماع محمد بن خالد، وإن كانت إقامته الشهرين ونحو ذلك لم يضمن أمسكها مع نفسه أو بعث بها مع ثقة على ما قاله مالك لا يخالفه في ذلك ابن القاسم، فلم يرد يقوله: وأنا أقول خلافاً بل بياناً، وتمثيل ابن القاسم المبضع معه لا يجد للبضاعة محملاً فيبضعها من يثق به بالحاضر المودع يخاف على الوديعة من عورة منزله أو عدم من يحفظها فيودعها غيره ليس يتمثيل صحيح، وهو خلاف روايته أول كتاب الوديعة من أنه لم ير السفر كالحضر؛ لأنه إنما دفعها إليه في السفر لتكون معه فالآتي على رواية المدونة ضمانه البضاعة إن دفعها لغيره، وإن لم يجد لها محملا إلا أن يعلم ربها أنه إن لم يجد لها محملا أعطاها من يحملها فلا يضمنها، وإن لم يعلم بذلك

ضمنها؛ إن قبضه إياها دليل على أنه يحملها، يؤيد هذا التأويل سماع يحيى: من بعث لرجل بنفقة يشتري له بها متاعا فدفعها المرسل إليه لمن يشتري له فتلفت أنه ضامن إلا أن يعلم رب النفقة أنه لا يلي اشتراه مثل هذا المتاع، وإنما تشبه مسألة الحاضر المودع يخرب منزله فيودع الوديعة غيره، ما قاله سَحنون آخر سماعه: من أبضع معه بمال فخرج عليه لصوص فلما قاربوه إلقاها في شجرة ليحرزها أو دفعها افارس ينجو بها أنه لا ضمان عليه. وفيها: إن سافر فحمل معه الوديعة ضمنها كقول مالك: من ماتت بالإسكندرية فكتب وصيها لورثتها بالمدينة فلم يأته خير منهم فخرج بتركتهم إليهم فهلكت بالطريق ضمنها حين خرج بغير أمر منهم. عياض: خرج بعض الشيوخ الخلاف في هذا الأصل من مسائل وقعت في الواضحة لاصبغ في توجيه القاضي مال اليتيم، ولمالك في الموازية في الأوصياء والمبضع معه تحدث له إقامة وشبهها من جواز السفر بالمال وتوجيهه لأربابه رفع الضمان في ذلك. وخرج بعضهم هذا من قولها في كتاب الجهاد في المستأمن يموت عندنا ويترك مالاً: فليؤد ماله لورثته ببلده، وقال غيره: يدفع ماله لحكامهم. وفيها: من أودع وديعة عند غيره، ثم استردها منه فضاعت لم يضمن لقول مالك إن أنفق منها ثم رد ما أنفق منها لم يضمن. وفي النوادر: ومن كتاب آخر قال أشهب وعبد الملك: من أودع جرارً فيها إدام أو قوارير فيها دهنً فنقلها من موضع في بيته إلي موضع فانكسرت، في ذلك لم يضمنها ولو سقط عليه من يده شيء فانكسرت أو رمى في بيته بشيء؛ يريد: غيرها فأصابها فانكسرت ضمنها أشهب في كتابه، لو سقطت من يده فانكسرت لم يضمنها، وكذا نقلها ابن شاس ونقلها ابن الحاجب بنقلها نقل مثلها، وهى زيادة حسنة موافقة للأصول كالراعي يضرب الشاة ونحوها فتصيب إن ضربها ضرب مثلها لم يضمن.

وفيها لابن القاسم: من أودع وديعة فأودعها امرأته أو خادمة اللتان يرفعان له أن يرفعاها في بيته فلا ضمان عليه، وهذا لابد للرجل منه، وبلغني أن مالكاً قال: إن دفعها لامرأته ترفعها لم يضمن. عبد الحق: لو لم يكن من ش؟ أنه أن يدفع لزوجته أو أمته لقرب تزويجه أو شرائه الأمة أو لعدم وثوقه بهما في ماله فانه يضمن، وليس له اختيارهم بمال غيره، وظاهر الكتاب بدل عليه. عياض: حمل بعضهم قولي ابن القاسم ومالك على الخلاف، ابن القاسم شرط أن عادته معها كذلك، ومالك لم يشترطه، وحملها أكثرهم على الوفاق وهو ظاهر قياس ابن القاسم على قول مالك، وقوله بعد: والعبد والأجير على ما أخبرتك ظاهره أنهما كالمرأةوالخادم على ما تقدم من تفصيله وعادته معهما، وتأويله بعضهم فيما حكاه ابن سهل في بعض تعاليقه أنهما بخلاف الزوجة وضعفه، وحمل بعضهم قول أشهب في تضمينه بإيداعه الخدم عبداً كان أو أجيراً، وإن كان في عياله على الخلاف، وحمله آخرون على الوفاق وإن معناه ليس من عادته إيداع متاعه عنده. قُلتُ: ظاهر لفظ عياض والصقلي واللخمي أن خلاف أشهب إنما هو في غير الزوجة، ولابن رُشْد في أول مسألة من كتاب الوديعة في العتبية نص المدونة: أنه لا ضمان عليه إذا وضع الوديعة عند امرأته أو خادمه خلاف قول أشهب أنه ضامن في ذلك، وقيل: قول أشهب وفاق لقول ابن القاسم وروايته، فقول أشهب: إن كانالعرف عدم رفعه ماله عند أهله وعدم ائتمانهم، فكل تكلم على مقتضى عرفه، فعلى هذا لا خلاف بينهم إن علم غرف البلد، ويختلفان إن جهل، أشهب يضمنه حتي تقوم البينة أن العرف ائتمان الناس أهليهم على أموالهم، وابن القاسم لا يضمنه حتي يثبت أن العرف أن الناس لا يأتمنون أهليهم، والأظهر أنه اختلاف قول إذ من حجة صاحبها أن يقول: إنما رضيت بأمانتك ولم نعلم أنك تأمن أهلك كما يفعل الناس، فعلى هذا يتحصل فيها ثلاثة أقوال: ****** لا ضمان عليه وإن كان الناس لا يأتمنون أهليهم، وهو ظاهر المدونة.

والثاني: ضمانه ولو كان الناس يأتمنون أهليهم، هو ظاهر قول أشهب. والثالث: الفرق بين كون العرف الائتمان أو عدمه، ومن كان لا يأتمن أهله ضمنها بدفعها إليهم كيف ما كان عرف الناس قولاً واحداً. ولم يعط في المدونة جواباً بيناً في العبد والأجير إن كانا في عياله فوضع عندهما ما بيده من وديعة، والآتي على قوله فيها لا ضمان عليه إن كان يأمنها على ماله ويسترفعهما إياه. وفيها: ويصدق أنه دفعها إلي أهله أو أنه أودعها على هذه الوجوه التي ذكرنا أنه لا يضمن فيها. عبد الحق: يصدق؛ لأن عرف الناس الدفع اليهم دون إشهادٍ والعرف كالشرط، كما في الرسول يشترط الدفع بغير بينه ويحلف أنه دفع لزوجه إن أنكرته إن كان متهماً وإلا فلا يمين عليه، فإن وجب حلفه لتهمته فنكل غرم وله أن يحلف زوجته، وإن نكل وهو معسرً كان لرب الوديعة تحليفها وإن لم تكن متهمة؛ لأنه يقوم مقام الزوج في طلبها باليمين كما يطلب غريم الغريم، وقاله بعض شيوخنا، ولما نقله الصقلي قال: ويظهر لي أن يحلف وإن كان غير متهم؛ لأن هنا من يكذبه كقوله رددت الوديعة إلي ربما فيكذبه فانه يحلف وإن لم يكن متهما. وفيها: مع آخر قراضها، من هلك وقبلة قراض وودائع ولم توجد ولم يوص بمها فذلك في ماله ويحاص بذلك غرماؤه، ومثله سمع ابن القاسم في كتاب التفليس. ابن رُشْد: هذا صحيح لا أعلم فيه خلافاً. قُلتُ: قال اللخمي: من مات وقبله وديعة فلم يذكر شيئاً حتي مات، فاختلف هل تكون في ذمته، ثم قال: محملها في العين على أنه تسلفها، وكذا المكيل والموزون بالبادية إلا من علم أن شأنه لا يتسلف فيحمل على عادته إلا أن يعلم أنه نزل به ما يضطره للسلف، وفي العروض على التلف إلا من علم منه قلة الأمانة، وكذا المكيلى والموزون بالحاضرة والمخازن بالمكيل والموازون توضع بالحاضرة، الشأن عدم الإفتيات عليها، وشأن البادية إسراع أيديهم إليها، وإذا تعلقت بالذمة ضرب بها مع

الغرماء، وقال بعض أهل العلم: لا يضرب بها؛ لأن الضمان بغلبة الظن دون قطعٍ، ولابن القاسم نحوه. قال في كتاب الشركة في متفاوضين أودع أحدهما وديعة فمات فهى في نصيبه دون شريكه لما أشكل أمرها هل ضاعت املا؟ ولو حمله على التصرف فيها كانت في كل المال؛ لأنه على أحد أمرين، إن كان تجر فيها فهي في جميع المال، وإن كان قد أنفقها فقد ترك عوضها في المال؛ لأنه لو لم ينفقها لأنفق من مال. قُلتُ: في زاهي ابن شعبان من هلك وعنده وديعة لم تجد وعليه دين فماله بينهما بالحصص، قاله الشعبي وداود بن أبي هند، وعن النخعي فيها قولان، هذا والآخر أن الوديعة أولى، قال الحارث العكلي: الدين أولى، وقال ابن أبي ليلى: إن لم تعرف فليس لصاحبها شيء وبالأول أقول. قال ابن الحاجب: ومتى مات ولم يوص بها ولم توجد ضمن، قال مالك: مالم تتقادم كعشر سنين، فقبله ابن هارون بإطلاقه، وكذا ابن عبد السلام وأتي بما يدل على إطلاق لفظه، فقال: استشكل ذلك بعضهم؛ لأن الأصل فيما قبض على الأمانة أنه باق على ذلك، وقصارى هذه القرينة أن توجب شكا، والذمم لا تعمر بالشك، وأجل هذا استثنى مالك بقوله ما لم تتقادم لضعف موجب الضمان في الأصل، ولو وجب محققاً ما سقط بهذا الطول، ورأى أن هذا الطول يدل على أن ربها أخذها أو ما يشبه هذا من الاحتمالات المنضمة إلي الأصل في إسقاط الضمان. قُلتُ: وهذا لمن تأمله يدل على فهمه وحمله لفظ ابن الحاجب على الإطلاق سواءً كانت هذه الوديعة ثابتة بالبينة أو باعتراف البينة المودع، وليس الأمر كذلك، بل ظاهر

المدونة في كتاب الوديعة والقراض عكس ذلك، وهو ثبوت كونها في ذمته مطلقاً كانت بينة أو اعترافٍ، لكن هذا الإطلاق يقيده سماع ابن القاسم، سئل عن الوديعة يقر بها الذي هي عنده دون بينة عليه. قال مالك: لهذه الأمور وجوه أرأيت لو مر عليها عشرون سنة ثم مات ربها فقام يطلبها ما رأيت له شيئاً، وكأني رأيته يرى إن كان قريباً أن ذلك له وهو رأى، ولو كان أنما لذلك السنة وشبهها ثم مات، ثم طلب الذي أقر له لرأيته في ماله. ابن رُشْد: هذا كما قال: إن من أقر بوديعة دون أن يشهد بها عليه، ثم مات ولم توجد، أن لا شيء عليه إن طالت المدة؛ لأنه لو كان حياً وادعى كان القول قوله مع يمينه، فإن مات لزم الكبير من ورثته أن يحلف ما يعلم لها سبباً، ولم يحمل عليه مع الطول أنه تصرف فيها بما يعلقها بذمته؛ لأن الأصل براءة الذمة فلا تعمر إلا بيقين، ولأن ذلك كان يكون منه أو فعله عدة فعلى من ادعاه بيانه وهذا كان القياس لو لم تطل المدة، فتعريفه بين القرب والبعد استحسان ووجهه قوة الظن بالرد مع الطول، وقال الطول عشرون سنة، وكذا عشر سنين على ما قاله في موضع آخر. وقال في السنة وشبهها أنه يسير، فقيل: ذلك خلاف قوله آخر الشركة منها في الشريكين يموت أحدهما فيقيم شريكه البينة أنه كانت عنده مائة دينار من الشركة فلم يوجد لها مسقط أنها تكون في ماله إلا أن تطول المدة، أرأيت لو كان ذلك مثل السنة أكان يؤخذ من ماله، وقيل: ليست بخلاف لها وهو الصحيح؛ لأنها مسألة أخرى. والفرق أن للشريك التصرف في المال وليس للمودع التصرف في الوديعة. قُلتُ: فنقل ابن الحاجب قول مالكٍ ما لم يتقادم دون تقييد ثبوت الوديعة بإقرار المودع غفلة أو غلطة والتعقب على شار حيه أشد. وأخذ ابن سهل وغيره من قولها في الوديعة: أن من تصدق على ابنه الصغير بثياب وصفها وأراها الشهود وحازها لا بنه ثم مات ولم توجد في تركته أنه يقضى لابنه بقيمتها في تركته. وقال ابن زرب: لا شيء له إلا أن تقوم بينة أنه باعها بعد سنة، وفرق بينها وبين

الوديعة باحتمال بيع الأب هذه العروض قبل السنة. قال: وهذا الشك يمنع من تضمينه. وسمع ابن سهل: هذا اعتلال ضعيف، والصواب أنها كالوديعة، وسمع أبو زيد ابن القاسم: من هلك وترك ودائع ولم يوص فتوجد صرر مكتوب وديعة فلانٍ ابن فلان، وفيها كذا وكذا ديناراً ولا بينه على أنه استودعها إياه إلا بقوله ووجدوها عند الهالك كما ادعى، لا شيء له منها، لعله دفع لأهل البيت دراهم حتي كتبوا فوق هذه الصرر ما يريد. ابن رُشْد: لا يقضى بها لمن وجد عليها اسمه إن لم تكن بخطه ولا بخط المودع، وتقدم تحصيل ذلك في سماع عيسى في رسم أسلم. قُلتُ: قال فيه: إن لم يعلم خط من كتب عليها إنها لفلان لم يقض له بها، وإن كانت بخط المتوفى الذي وجدت عنده فهى لمن وجد اسمه عليها اتفاقاً فيها إلا على قول من لا يرى الشهادة على الخط، وإن كان بخط مدعي الوديعة، فقال أَصْبَغ في رسم بع ولا نقصان عليك من سماع عيسى من كتاب المديان: أنه يقضى له بها مع كونها في حوز المستودع. وقال ابن دحون: لا يقضى له بها لا حتمال أن يكون بعض الورثة أخرجها له فكتب عليها اسمه وأخذ منه على ذلك جعلاً. الشيخ لأشهب في كتابه: من قال عند موته: قراض فلان ووديعة فلان في موضع كذا فلم يوجد حيث قال: فلا ضمان عليه، وذكره اللخمي غير مزو كأنه المذهب. ومن بعث بمال بضاعة لرجل ببلد فمات ولم يوجد في تركته وأنكر المبعوث له قبضها، ففي ضمانها المبعوث معه مطلقاً، أو إن مات قبل وصوله البلد، ثالثها: العكس للصقلي عن محمد مع أشهب وسَحنون قائلاً في روايتها: هي رواية سوءٍ، ولها وللموازية وفيها: إن مات بعد وصوله حلف ورثته إن كان فيهم كبيرً ما نعلم له شيئاً. اللخمي: يحسن تضمينه بموته بالطريق إن أقام بعد قبضها وهى عين، ومثله يتصرف في الوديعة.

عياض: حمل الأكثر قول أشهب على الخلاف، وتأول حمديسً قولها على أنه فيما تطاول، وإن الذي يجيء على أصله في القرب أن يضمن، وكذا ضمنه في الموازية. قُلتُ: فعلى عد التأويل قولاً وهو فعل ابن رُشْد الأقوال خمسة الثلاثة واختيار اللخمي، وتأويل حمديس. وفيها: من دفعت له مالا ليدفعه لرجل فقال: دفعته له فأكذبه، لم يبرأ إلا بينة، ولو قبضه بغير بينة، ولو شرط دفعة بغير بينة لم يضمن ولو لم تقم له بينة. عبد الحق: ولو شرط أن لا يمين عليه لم ينفعه؛ لأن اليمين إنما ينظر فيها حين تعلقها فكأنه شرط إسقاط أمر لم يكن بعد بخلاف ترك الإشهاد. قُلتُ: انظر هذا مع القول بالوفاء بشرط دعوى التصديق في دعوى عدم القضاء. وفيها: أليس قد قال مالك: من بعث رجلاً بمال أمره بدفعه لفلان، فدفعه له غيره بينة وصدقة فلان أنه لا ضمان عليه، قال: نعم. عياض: اختلف في تأويلها فقال ابن لبابة وغيره: معناه أنه يبرأ بتصديق المبعوث إليه قبضها من حق أو وديعة، وعليه اختصارها أكثرهم وهو بين في الواضحة بين. وقال حمديس: إنما يجب أن يكون على أصله فيما أقر به المبعوث إليه من حقوقه أو وديعة قائمة بيده، وإن ادعى تلفها أو انكر قبضها، فلا يبرأ الرسول إلا ببينة على الدفع، وقاله جماعة من الأندلسين. قُلتُ: وتقدم كلام ابن رُشْد في هذا في الوكالة فتذكره. وخلط الوديعة بمثلها مكيلاً أو موزوناً أو بغيره متيسراً ميزه مغتفرً، وبغيرها يوجب ضمانه. وفيها: من خلط وديعة حنطة بمثلها على وجه الأحراز والدفع فهلك الجميع لم يضمن، وإن كانت مختلفة ضمن. ومن خلط دنانير وديعة عنده أو دراهم بمثلها فضاع بعضها لم يضمنه وما بقى بين مالكيها؛ لأن دراهم أحدهم لا تعرف من دراهم الآخر، ولو عرفت بعينها كانت دراهم كل واحد منهما منه؛ لأنها لا يغيرها الخلط.

اللخمي: إن خلط دنانير أو دراهم بغيرهما مما يتميز منها لم يضمن إن ضاعت، ولابن الماجشون: إن كانت الأولى كثيرة فخلطها بقليلة لم يضمن، وإن خلطها بمال عظيم حتى أشهرها ضمن، وهذا يحسن إن كانت حيث لا يظن ذلك فيه، ولو كانت فيه بتابوت أو صندوق لم يضمن. وإن خلط شعيرا بمثله ففيها ليس متعديا، ولعبد الملك في ثمانية. أبي زيد: هو ضامن، ورأى أنها تختلف فيها الأغراض، قد يظن المودع أنهما سواء، ويرى غيره أن الوديعة أفضل، ومنع ابن القاسم في الرهون الشريك من مقاسمة المرتهن في الطعام حتى يقاسمه السلطان، والصبرة الواحدة أخف في الاختلاف في الأغراض من خلط الطعامين. قلت: إنما منعه؛ لأن المرتهن غير مأذون له في القسم على الغائب وتوقع الغبن في القدر، وقال: وإن ضاع بعض الدنانير والدراهم بعد الخلط كانا شريكين في الباقي بقدر ما لكل منهما، ويتفق فيه مالك وابن القاسم لشركته قبل الضياع بوجه جائز وتقدم هذا في تضمين الصناع. قلت: في النوادر عن ابن الماجشون: من أودعه رجل ثلاثة دنانير وآخر دينارين وآحر ديناراً فخلطها فضاع منها دينار، فلرب الثلاثة ثلاثة إلا ربعا، ولرب الدينارين ديناران إلا ربعا، ولرب الدينار نصفه، يقال لرب الدينار: أنت لا تدعي من الباقي إلا دينارا فيعزل وتبقى أربعة، لا يدعي رب الدينارين منها إلا دينارين فتعزل ويبقى ديناران لا يدعيهما إلا رب الثلاثة فيأخذها، ثم الثلاثة المعزولة لا يدعي رب الدينار منها إلا دينارا لتقدم أخذه فيعزل، ويبقى اثنان لا يدعي رب الثلاثة منها إلا دينارا لتقدم أخذه ديناريم فيعزل، ويبقى دينار لا يدعيه إلا رب الاثنين فيأخذه، ثم يرجع إلى الدينارين المعزولين رب الدينار لا يدعي منهما إلا دينارا، فيبقى دينار فيقسم بين رب الثلاثة ورب الدينارين؛ لأن كل منهما يدعيه ويبقة دينار فيقسم بينهم، لرب الدينار نصفه؛ لأنه يدعيه جميعه، ولرب الثلاثة والدينارين نصفه بينهما؛ لأنهما يدعيانه كله، هذا قول ابن الماجشون وأبيه عبد العزيز وابن القاسم.

وقال مالك: الدينار التالف يقسم بينهم على الأجزاء، على رب الثلاثة ثلاثة أجزائه، وعلى رب الدينارين جزآن، وعلى رب الدينار جزء، وبه أخذ الليث بن سعد وابن كنانة وابن وهب ومطرف وأشهب وأصبغ وابن حبيب، ولو عرف التالف لمن هو كان منه وحده. وفيها: إن خلط صبي وديعة قمح بأخرى شعير اتبع بمثلهما، وله ترك ضمانه بشركتهما بقيمتي طعامهما بعد معرفة كليهما. قال بعض شيوخ عبد الحق، إنما تجوز شركتهما على الكيل لا القيمة؛ لأنها توجب تفاضل الطعامين، ويباع ويقسم صمنهما على قيمة كليهما. قلت: قصره الشركة أولا على الكيل ينافي قسمه الثمن على قيمتهما، وجواب بعض الفاسيين بحمل الثاني على إرادتهما قسمه على القيم، يرد بأن شركتهما على الكيل يبعد معها رضى رب الشعير بالقسم على القيمة غالبا، وبقول عبد الحق: لا يجوز بيع أحدهما حظه شائعا؛ لأن المشتري لا يصل لأخذ ما اشتراه إذ الحكم بيعه وقسم ثمنه على قيمة طعام كل منهما، فيكون المشتري اشترى شيئا مجهولا. قال: فإن كان الصبي عديماً قسم ثمن الطعام على قيمة ما لكل منهما يوم الحكم فيشتري له مثل طعامه وما نقصه تبع به الصبي، ولو تركا ضمانه قسم ثمنه على قيمتهما يوم الخلط، وجاز بيعه مخلوطاً؛ لأنه بغير فعلهما. وفيها: لا يجوز إعطاء أحدهما الآخر مثل طعامه ليختص بالمخلوط. ابن أخي هشام: لأن اختلاف قدر قيمة طعاميهما قبل خلطه يوجب اختلاف قدر حظيهما في المخلوط، فلو أعطاه مثل طعامه قبل خلطه دخله تفاضل الطعامين. ولابن رشد في أجوبته: تحصيل اختلاف الروايات والتأويلات فيمن غصب قمح رجل وشعير آخر فخلطهما ان المذهب غرمه مثل ما لكل منهما، فإن أعدم بيع المخلوط واشترى بثمنه ذلك، فما نقص فعليه وما فضل له. وفي شرط أخذهما المخلوط عما وجب لهما برضاه قولا أشهب وابن القاسم، وعليه إن أخذاه قسماه على قيمتي طعاميهما يوم الخلط، ودليل المدونة تقويم القمح غير

معيب، وقول سحنون يقوم معيبا ولا وجه لمن فسر قول ابن القاسم بقسم ثمنه ومنع قسمه على القيمة؛ لأنه تفاضل. وقول سحنون: يقسمان ثمنه استحسان لا على الوجوب؛ لأن بيعه إنما هو على ملكهما، فلو حرم على رب القمح أخذ أكثر من قمحه لحرم عليه أخذ ثمنه، وقال صلى الله عليه وسلم: "لعن الله اليهود حرمت عليهم الشحوم فأكلوا أثمانها" ويؤيده سماع عيسى ابن القاسم إن فقد الغاضب لم أحب قسمهما الطعام على الكيل فمنعه؛ لأن الواجب قسمه على القيم؛ فلو قسماه على الكيل تفاضلا؛ ومعنى: لا أحب لا يحل؛ فإن الواجب لهما مثل طعامهما، فلو وجب قسمه فتركهما إياه على القيم كان كل منهما أخذ عن ماله عليه أكثر أو أقل وهو ربا. أجيب بأن هذا أمر أوجبه الحكم وليس بيعا لعدم وقفه على رضى الغاصب، وعلى الأول إن أخذاه برضاه لم يقسماه إلا على كيل طعامهما لا على القيم، ويجوز إعطاء أحدهما الآخر برضاه مثل طعامه ليختص بالمخلوط، ولا يجوز قبل رفعهما عداء الغاضب إعطاء أحدهما الآخر عن الغاصب مثل طعامه؛ لأنه ابتاع المخلوط بما وجب له على الغاصب، وما أعطاه لصاحبه عنه فهو كمن باع مدي قمح بمدي طعام أحدهما أرفع منه والثاني أدنى منه، ولو أخذ أحدهما من الغاصب كيل طعامه لم يكن لصاحبه شركة الغاصب في المخلوط بكيل طعامه الذي وجب له عليه إلا برضاه. وتكلم التونسي وغيره في كتاب الوديعة والغصب على المسألة فلم يحصلوا الروايات ولا جروا على أصل. قلت: وقال اللخمي: إن خلط وديعة قمح بوديعة شعير مودعهما ضمن مثليهما. وفي جواز رفعهما عداؤه بأحدهما كذلك قولا ابن القاسم مع أشهب وسحنون،

وعلى الأول قال ابن القاسم: شركتهما على القيم؛ يريد: والقمح معيب والشعير سليم، ومعنى قسمه على غير ذلك، ولأبي زيد عنه إنما يقتسمان ثمنه، وقال أشهب: يقتسمان على الكيل لا القيمة؛ لأنه بها تفاضل كمن قال: أخلط قمحي بشعيرك شركة على القيم لم يجز. قلن: في كون شركتهما بقيمة ما لكل منهما غير مختلط أو مختلطا، ثالثها: قيمة القمح معيبا بالشعير، وقيمة الشعير خالصا لسحنون مرة وغيره وله أخرى. اللخمي: لو أعطى أحدهما صاحبه مثل شيئه ليختص بجميعه ففيها: لم يجز، وأجازه أشهب بتراضيهما، ولو ضمن رب الشعير المتعدي جاز على قول أشهب بقاء الآخر على الشركة وكان شريكا بقمحه معيبا، ولو ضمنه رب القمح لم يكن لرب الشعير البقاء عليها مع التعدي إلا برضاه؛ لأنه يأخذ أفضل منه حقه، وعلى قول ابن القاسم يجوز أيهما ضمنه؛ لأن الشركة على القيم وعليهما يقتسمان الثمن، فهما على قوله برفعهما العداء كاختلاطهما بأمر سماوي وكأنهما ما اختارا تضمينه قط، ولا يجوز قسمه على القيم؛ لأنه ربا لو كان قيمة قفيز أحدهما القمح معيبا دينارين، وقيمة قفيز الآخر الشعير دينارا وقسماه على القيم، أحذ رب القمح قفيزا وثلثا، وأخذ الآخر ثلثي قفيز، فيكون نصف ما بيد رب القمح شعيرا وهو ثلثا قفيز أخذه عن ثلث قفيز قمح وذلك ربا، وإنما يجوز بقاؤه بينهما على أن لهذا قمحه ولهذا شعيره حتى يباع فيأخذ كل منهما ثمن شيئه. ولو سقط ثوب قيمته ديناران في صبغ قيمته دينار فمالكهما بالخيار في كونهما شركة بينهما على الثلث والثلثين، أو بقاء كل منهما على ملك ربه، فإذا باعاه قسما ثمنه على قدر ما لكل منهما يوم البيع. وقال أشهب: في الطعامين بناء على أنهما لما ملكا التضمين كان أخذهما ذلك عن الواجب في الذمة، فلا يجوز إلا على التساوي كما لو كان لهما ذلك في ذمته من غير بعد، فإن أراد قسمه جاز؛ لأن بيع نصف قفيز قمح بنصف قفيز شعير جائز ولم يجبر أحدهما على تسليم جميعه ويأخذ مثل حظه، فيكون قد بيع عليه ملكه بمثله جبرا.

ولسحنون في قوله ثلاثة أوجه: أحدها: أن ذلك صار كالفائت ومالهما سالم في ذمته فليس لهما جبره على أخذ هذا، كقول ابن القاسم في الموازية: من صبغ ثوبا تعديا ليس لربه إلا أخذ قيمته، أو لأنهما رفعا العداء للشركة ليتجرا بثمنه في المستقبل، وإن كانت الشركة في هذا على التساوي؛ لأنه يؤدي إلى التفاضل كمن أخرجا قفيز قمح وقفيز شعير ليتجرا بثمنه في المستقبل وإن كانت الشركة في هذا على التساوي فيفسد، وإن دخلا على المساواة لموضع التمادي، أو يكونا رفعا العداء ليقسماه على القيمة، ولو هلك ما لبسه المودع من ثوب أو ركبه من دابة ففي تصديقه مع يمينه انه هلك بعد رده إن ثبت بإقراره، وإن أنكر وقامت به بينه ضمن، وتضمينه مطلقا إلا بينة أنه نزل عنها وهي سليمة، ثالثها: يضمن حتى يردها، للصقلي عن محمد قائلا: هو قول أصحابنا وكتاب ابن سحنون والصقلي عن بعض أصحابنا. وتسلف المودع الوديعة عينا: اللخمي: إن كان فقيرا لم يجز، وإن كان موسر ففي كراهته وجوازه مع الإشهاد بها ثالثها: إن كانت مربوطة أو مختومة لم يجز، لسماع أشهب أولا مع لقطتها، وسماعه ثانيا وعبد الملك، وأرى إن علم كراهة المودع ذلك جاز، وإن علمت كراهته لم يجز، كما لو حجر عليه ذلك حين إيداعها، وإن أشكل أمر كره. الباجي: وفي المعونة رواية الكراهة، وسمع أشهب تركه أحب إلي، واختاره بعض الناس فروجع، فقال: إن كان ذا مال فيه وفاء وأشهد فأرجو ان لا بأس به. قلت: فالأقوال على أن نقيض المستحب غيره مكروه أربعة، سماع أشهب استحباب تركها، وروايتا كراهتها، وجوازها بشرط الإشهاد، وقول عبد الملك واختيار اللخمي الخامس. اللخمي: وليس له تسلفها لمن كانت مما يقضي فيه بالقيمة، وكذا المكيل والموزون إن كثر اختلافه كالكتان. وفي إالحاق القمح والشعير وشبهه بالعين اختلاف لقولها إن تسلفها، ثم رد مثلها لم يضمنها، وقول عبد الملك: إن خلطها بمثلها ضمن.

الباجي: حكى عبد الوهاب أن هذا في كل مكيل وموزون، وقول ابن عبد السلام: وجود الجواز في تسلفها عزيز، وكذا الكراهة. يرد بقول ابن الجلاب في إنفاق الوديعة بغير إذن ربها روايتان بالكراهة والإجازة. فإن قلت: لفظ الإنفاق يدل على أتها عين والكلام في الطعام ونحوه. قلت: ليس كذلك لحمل الشيخ وابن رشد سماع أشهب من استنفق طعاما اودعه غرم مبلغه على ظاهره. وفي براءة متسلف الوديعة العين بردها وعدمه مطلقا، نقل الشيخ عن محمد معها، وابن القاسم وأشهب، وابن عبد الحكم وأصبغ، ويحيى بن عمر عن رواية المدنيين مع قولهم ورواية المصريين دون قولهم، وثالثها: إن ردها بإشهاد برئ لرواية اخذها ابن وهب، ورابعها: لابن الماجشون: إن كانت منثورة وإن كانت مصرورة ضمنها ولو ردها، وكذا بمجرد حملها، وعلى براءته في تصديقه في ردها دون يمينه او بها، ثالثها: إن تسلفها بغير بينة صدق مع يمين وإلا لم يصدق إلا بينة لقول الشيخ: لم يذكر في المدونة يمينا مع قول الباجي ظاهرها نفيها، والشيخ عن محمد مع ابن الماجشون في المنثورة والموازية، وذكر اللخمي الثالث اختيارا له ولم يعزه، وقال: إلا أن يكون إشهاده لخوف موته حفظا لحق المودع فيبرأ وإن لم يشهد على ردها. الشيخ في كتاب ابن شعبان: من أودع وديعة وقال: له تسلف منها إن شئت فتسلف لم يبرأ بردها إلا إلى ربها. اللخمي: لا يختلف في هذا؛ لأن السلف من ربها. قلت: ووجهه الباجي بهذا وقال: وعندي انه يبرأ بردها. قال في الموازية: من صرف وديعة عنده لنفسه فليس لربها إلا ما كان له، وليس له أخذ ما صرفها به إلا بتراضيهما، ولو صرفها لربها لم يجز له أخذ ما صرفها به ولو رضيا؛ لأنه لما صرفها لربها كان ربها بالخيار فمنع ذلك صحة الصرف، فإن لم يقدر على نقضه صرفت هذه بمثل الوديعة، وربحها لربها ونقصها على المتعدي. ابن زرقون: انظر قول محمد: لم يجز له أخذ ما صرفها به لربها وأجاز له أخذ

ربحها، واعتذر عنه بأن معناه: أنه أضمر في نفسه أنه يصرفها لربها، ولو عقد مع الصراف أنه لربها بغير إذنه لم يجز وفسخ على كل حال، وقول محمد هذا خلاف المدونة ومذهبها أنه إن صرفها لربها أنه مخير في أخذها أو تضمينه مثلها، قاله ابن أبي زمنين وغيره. وفي السلم الثاني منها مسألتان تدلان على ذلك: إحدهما: من وكل من يسلم له دنانير في طعام فصرفها بدراهم لغير نظر، ثم اسلمها وقبض الطعام للآمر أخه منه، وفي أخذه إجازة لما اعتاض من الدراهم. الثانية: من أمر من يبيع له سلعة او طعاما فباعه بطعام أو غيره؛ جاز له أخذ العوض ولم يجعله طعاما بطعام فيه خيار كما قال محمد. قلت: قد تقدم هذا في البيع والصرف، وللشيخ عن ابن عبد الحكم: من قال لمن اودعه وديعة: اجعلها في تابوتك ولم يقل غير ذلك لم يضمن إن قفل عليها، ولو قال: لا تقفل عليها فقفل عليها قفلين لم يضمن. الصقلي: هو أطمع إذا كانت بقفلين؛ لأنه خلاف العادة فوجب الضمان. اللخمي: السارق يقصد التابوت، ولو لم يكن عليه قفل؛ لأنه يرفع فيه، فلا وجه لزيادة الأطماع كما لم يكن إذا قفل بقفلين. قلت: ففي تضمينه في لا تقفل فقفل، أو اقفل واحدا فقط فقفل أزيد، ثالثها في الأولى فقط للصقلي واللخمي وابن عبد الحكم، وللشيخ عنه لو قال: اجعلها في سطل فخار او قلة فخار فجعلها فيهما من نحاس ضمن. وفي؟؟؟ العكس: اللخمي: لو قال اجعلها في هذا السطل فجعلها في مثله لم يضمن. وفي الزاهي: لو جعل الوديعة في جيب قميصه ضمنها، وقيل: لا والأول احوط

للحديث: "فانجابت عن المدينة انجياب الثوب"؛ أي: خرجت عنها كما خرج الجيب عن الثوب، وما خرج عن الثوب فليس منه. وفي نوازل ابن الحاج: أفتى ابن رشد بالضمان، وقال ابن عيشون: لا ضمان عليه يحلف ولا شيء عليه، واستدل بإسقاط الضمان وقال ابن عيشون: لا ضمان عليه في مسألة النعلين في العتبية. قال ابن شعبان: ولو اودعها في الطريق فمضى في حاجته قبل إحرازها فضاعت ضمن، ولو جعلها في كلمة ملقاة لم يكن حزرا، ولو ربطها في داخل كلمة أو خارجه كان حرزا، ولو شدها في وسطه كان حرزا، ولو ثنى عليها بالسراويل بغير شدها لم يكن حرزا، ولو وضعها في يده كان حرزا. الشيخ: لابن حبيب عن الأخوين: من عنده وديعة فأخذها يوما فجعلها في كمه فخرج بها يظنها دراهم ضمنها، وكذا إن نسيها بموضع دفعت له وقام، وليس كسقوطها من كمه او من يده دون نسيان لأخذها هذا لا يضمنها، وقاله أصبغ. قلت: قوله في سقوطها من كمه خلاف ما تقدم في الزاهي، وبه يفسر قول ابن الحاجب، ولو نسيها بموضع إيداعها ضمنها، بخلاف إن نسيها في كمه فتقع. اللخمي: لو لقيه في غير بيت، فقال: اجعلها في وسطك فجعلها في كمه او جيبه ضمن، ولو قال: في كمك فجعلها في وسطه أو عمامته لم يضمن، واجعلها في عمامتك فجعلها في وسطه لم يضمن، ولو لم يشترط حيث يجعلها فجعلها في كمه او عمامته لم يضمن. وفي جعلها في الجيب نظر. قلت: لا يختلف في عدم ضمانه اليوم في الجيب؛ لأنه الأغلب من حال الناس. وسمع أصبغ ابن القاسم: من استودع وديعة وهو بالمسجد او بمجلس فجعلها

على نعليه فذهبت لم يضمنها ولو كان عليه رداء يمكن ربطها فيه. ابن رشد: يريد: ونعلاه بين يديه؛ لأنه وجه حرزها بذلك الموضع عادة. قلت: زاد اللخمي: إن جعلها هناك بحضرته أو بعد غيبته، والوديعة ثياب او دراهم كثيرة الشأن ان لا يجعلها في كمه إلا عند قيامه، وإن كانت صرة دنانير ضمن؛ لأنه فرط، ولو أخذ نعليه فنثرها ضمن ويختلف غن قام فنسيها، فقال ابن حبيب: يضمن، ويخرج فيها عدم ضمانه من مودع مائة ادعاها رجلان ونسي مودعها منهما، ومن يشتري ثوبين من رجلين بخيار لم يدر رب الجيد منهما. قيل: لا ضمان عليه وأن يعذر بالنسيان أبين؛ لأنه لا يعد به مفرطا، ونحوه للصقلي عن بعض الفقهاء. قال: وكذا إن نسي موضعها من بيته لا يضمن. سحنون: من أودع وديعة فصرها في كمه مع نفقته، ثم دخل الحمام فضاعت ثيابه بما فيها ضمنها. قال بعض الفقهاء: لعله بدخوله بها الحمام. وقول ابن الحاجب وابن شاس: ولو سعى بها إلى مصادر ضمنها واضح لتسببه في تلفها؛ ولا اعلم نص المسألة إلا في وجيز الغزالي. وإن أنزى مودع نعم عليها، ففي ضمانه هلاكها تحت الفحل او بالولادة قولا ابن القاسم فيها، وأشهب قائلا: إنزاؤه عليها أرجح؛ لأنها مصلحة. وفيها: إن زوج الأمة مودعها بغير إذن ربها فماتت من الولادة؛ أيضمنها في قول مالك؟ قال: أراه ضامنا ويضمن نقص التزويج إلا أن يجبره الولد؛ لقول مالك: من ابتاع أمة فزوجها؛ ثم اطلع على عيب بها يجبر نقص تزويجها لولدها، وأرى لربها في الوديعة أخذها بولدها او قيمتها بالولد. قلت: لا يلزم من الجبر في المشتري الجبر في المودع لعدائه بالتزويج في المودع دون المشتري.

عياض: قوله في المدونة: إن أحب اخذها وولدها او ضمنه إياه إذا نفست وأخذ قيمتها، اختلف في معنى هذا اللفظ. قال ابن أبي زمنين: سقطت لفظة إذا في رواية إذا نفست، وتأول بعضهم ثبوتها على أن التخيير إنما يكون بعد مزايلة الولد عنها، إذ حينئذ يكون ولدا ويجبر به النقص، ويحتمل أن يريد بالنفاس الحمل، وسقوط اللفظ أصح. اللخمي: إن أجاز نكاحها سقط حكم العداء فسخ أو أمضى على قول، وإن لم يجزه فسخ اتفاقا، ولربها طلب عيبي التزويج والولادة، فإن تعالت من نفاسها سقط عيب الولادة إلا أن تكون من العلي التي لا يزول عيب ولادتها بتعاليها من نفاسها، فتكون له المطالبة بذلك، وقد يسقط عيب عادة التزويج إن كانت من العلى؛ لأن الشأن أنها تكسب للوطء وليست كالوخش، ثم إن كان العيب يسيرا والولد يجبره فليس لربها غيرها، وإن كان العيب كثيرا والولد يجبر خير ربها في أخذها بولدها ولا شيء له من قيمة العيب أو أخذ قيمتها. قلت: تفصيله بين اليسير والكثير خلاف إطلاق ابن القاسم في تخييره مطلقا، وليس كذلك إن اشتراها فزوجها، وفي الولد جبر العيب له ردها ولو كره البائع؛ لأنه زوجها بوجه جائز والمودع متعد، فلم يكن له ردها معيبة إن كثر عيبها إلا برضى ربها، وإن أتى المودع وهي حامل والعيب يسير أخذها وقيمة العيب، وإن كثر خير في قيمتها وأخذها مع ما نقصها العيب، وإن ماتت من الولادة، فقال مالك: لا يضمنها، وضمنه ابن القاسم وهو أصوب؛ لأن التسليط على الوطء تسليط على الولادة. ويلزم على قول مالك إن لم تمت ووجدها حاملا أن يجبره على قبولها حاملا ولا شيء له سواها، وإن كانت وضعت وما قيل فيمن غر من أمته فزوجها وهو عالم ثم استحقت بعد ما ولدت أن الزوج يرجع بالمهر لا بما غرم في الولد؛ لأن الولد بقي له ولم يؤخذ منه. قلت: نحو قوله عن مالك قول البراذعي ولم اجدها في المدونة. وروى عن مالك في مرتهن الأمة يزوجها بغير إذن ربها فحملت فماتت من

النفاس أن ضمانها من ربها. الشيخ: قال ابن حبيب عن ابن القاسم وأشهب والأخوين، من أودع وديعة ببينة ثم جحدها ثم أقام بردها بينة أنه ضامن؛ لأنه أكذب بينته بجحدها؛ يريد: إن قال: ما أو دعنى شيئاً، ولو قال: مالك عندي من هذه الوديعة شيء نفعته بينته، وسمع عيس: سئل ابن القاسم: عمن جحد قراضًا أدعى عليه به، ثم قال: تلف مني. قال: قال مالك فيمن أنكر مالاً بعث به معه لرجل فقامت عليه به بينة، فقال: تلف يحلف لقد ضاع، ويبرأ فكذلك مسألتك. وقال عيسى: إن جحدها فقامت عليه البينة لم يصدق في دعوى الضياع، وبلغنى عن مالك. وقال ابن القاسم في مسألة القراض: إن لم يأت بالبينة على القضاء غرمه، وليس دعوى القضاء كدعوى الضياع. وفي سماع ابن القاسم في رسم حديث طلق قال مالك: إنما عليه اليمين. ابن رُشْد: في تصديقه مع يمينه بعد الإنكار في دعواه الرد أو الضياع وعدم تصديقه، ثالثهما: في دعواه الضياع لا في الرد، ومن هذا الأصل أن ينكر دعوى فلما قامت عليه البينة جاء بالمخرج منها ببينته على البراءة، أو الدعوى لو جاء بها قبل إنكاره قبلت وشبه ذلك، فقيل: لا يقبل منه؛ لأنه كذبه بجحوده، وقيل: يقبل منه، وقيل: لا يقبل منه إلا في اللعان إذا ادعى رؤية بعد إنكاره القذف وأراد أن يلاعن، وشبه اللعان من الحدود هو قول محمد، وقليل: لا يقبل إلا في الحدود والأصول لا في الحقوق، قاله ابن كنانة وابن القاسم في المدنية، فيتحصل في ذلك أربعة أقوال: التفرقة بين الحدود وما سواها، وبيني الحدود والأصول وما سواهما. قُلتُ: تحقيقها أن من أنكر ما قامت عليه بينة بعد إنكاره في قبول ما يدفع عنه ما ادعى عليه به لو أتى به قبل إنكاره بعده مطلقًا مع يمينه ولغوه ولو كان ببينة، ثالثهما: تقبل ببينته لا قوله: مع يمينه في تلفٍ ولا قضاء، ورابعها: تقبل في التلف لا القضاء لسماع عيسي رواية ابن القاسم ومتقدم نقل ابن حبيب، وقول عيسى مع روايته ونقله.

عن ابن القاسم، وخامسها وسادسها: نقل ابن رشد تفريقتي محمد وابن كنانة مع ابن القاسم. اللخمي: قبول بينته منه بعد الجحد أحسن؛ لأنه يقول: أردت أن أحلف ولا أتكلف بينة. وإن قال: أودعتنى مائة درهم، ثم قال: لم أقبضها لم يصدق، ولو قال: اشتريت منك ثوبًا، ثم قال: لم أقبضه، قبل قوله مع يمينه؛ لأن أودعتني يدل على القبض والشراء يقع على العقد، وسماع أصْبَغ ابن القاسم: من اعتذر عن دفعه وديعة ًعنده لربها حصله ابن رُشْد بقوله: من سئل إعطاء وديعة أودعها فأبى لعذر ذكره، ثم طلب بها، فقال: تلفت قبل طلبها أولا ضمنها؛ لأن اعتذراه أو لا إقرار ببقائها، فقال لم أعلم بتلفها حين اعتذرت أو ما أدري متى تلفت حلف على ما قاله وبرئ، وإن قال: تلفت بعد ذلك ومنعه وإعطاءها عذر لم يضمنها وإلا ضمنها، وفى حملة على العذر حتى يثبت عداؤه، وعكسه قولا أَصْبَغ وغيره: لا خلاف في المسألة إلا فى هذا الوجه. وفي النوادر لابن عبد الحكم: لا ضمان عليه تلفت قبل أو بعد وليس بخلاف لما تقدم؛ لأن معنى قوله: قبل إذا لم يعلم بذلك إلا بعد، ومعنى قوله: أو بعد إذا كان له في منعه عذر ولم يكن فيه متعديًا. ابن عبد الحكم: ولو أبى من دفعها إلا بالسلطان فتلفت في خلال الدفع لم يضمنها لعذره بقوله خفت مشعبه وأذاه، وله في آخر سماع أبي زيد: ولو أبى من دفعها إلا بالسلطان فهلكت في تراضيهما، ففي ضمانه فيها، وفي الرهن: وإن كان قبضها ببينةٍ ونفيه وإن كان بغيرها، ثالثهما: إن كان بغير بينةٍ لابن دحونٍ وابن عبد الحكم وهذا السماع. ابن حارث: اتفقوا إذا طلب وديعة عنده وهو بحيث يمد يده إليها بلا مؤنةٍ فامتنع من دفعها أنه يضمنها إن هلكت، واختلف إن كان الأمر فوق ذلك فقال ابن القاسم في العتبية: إن كان له عذر وعليه ضررٌ في رجوعه معه فلا ضمان، وإن لم يكن له عذر ضمنها.

وقال أَصْبَغ: قد يعوق الرجل العائق الذي لا يظهر وللناس أعذارٌ باطنةٌ، فلا ضمان عليه، ويحلف ويبرأ. وسمع أَصْبَغ ابن القاسم: من طلب بوديعة فقال ضاعت منذ سنين وكنت أرجوها وأطلبها وشبهه، ولم يسمع ذلك منه وربها حاضرٌ لم يذكر له ذلك لم يضمنها، إلا أن يكون طلبه بها فأقر بها، ثم قال: ضاعت منذ سنين فيضمنها والقراض مثله. أَصْبَغ: إن لم يعرف منه طلبٌ ولا ذكر لربها ولغيره ولا وجه مصيبة تطرق، ولا سماع سرق ولا غرق ولا غير ذلك، وحضور ربها أشد بإمساكه عنه وكل سواء فهو ضامنٌ إذا طال جدٌا وادعى أمًرا قريبًا لا ذكر له. ابن رٌشْد: قول ابن القاسم أصوب؛ لأن الأصل براءة الذمة وهو قول محمد بن عبد الحكم، وقال أصحابنا: يقولون إن سمع ذلك منه قبل ذلك الوقت الذي طلبت فيه قبل منه، وإن لم يسمع منه إلا بذلك الوقت لم يقبل منه, ودعوى المودع بغير بينة رد الوديعة لربها مقبول، وبها المعروف عدم قبوله ونقل ابن شاس، وقيل عن ابن القاسم: يقبل قوله في الرد، ولو قبضها ببينة لا أعرفه لابن القاسم نصٌا؛ بل حكاه عنه ابن رُشْد تخريحا. قال: إن قبض الوديعة بإشهاد لم تقبل دعواه ردها، هذا قول مالك وجميع أصحابه. ابن القاسم وغيره: حاشا رواية أَصْبَغ عنه في دعوى المستأجر رد ما استأجره من العروض أنه يصدق ولو قبضه ببينة، ولا فرق بينه وبين الوديعة، وتأول أَصْبَغ عنه أنه فرق بينهما. وفي النوادر: لابن القاسم ما ظاهره مثل تأويل أَصْبَغ، والصحيح أن لا فرق بينهما بل هو في الوديعة؛ لأنه قبضها لمنفعة ربها خالصة والمستأجر قبضه لمنفعتهما، ثم قال: وقد كان يشبه بأن يفرق بأن المستأجر يحتمل أن يكون القصد من الإشهاد التوثق من الإجازة لا من عين الشيء.

قُلتُ: وهذا معنى مناسب يمنع من تمام التخريج، فعزو ابن شاس هذا القول لابن القاسم متعقب بهذا، والتعقب على ابن الحاجب أشد حيث جعل هذا القول هو الأصل في المذهب، أو مشهوره حيث عبر عن المذهب بلفظه القائل، وإذا ادعى الرد قبل مطلقًا، وقيل: ما لم تكن بينة مقصودة للتوثق. وفيها قلت: لم قال مالك: إذا قبض وديعة أو قراضًا ببينة لا يبرأ بقوله: رددت ويصدق إذا قال: ضاع مني. قال: لأنه حين دفع المال إليه استوثق منه الدافع فلا يبرأ حتى يستوثق هو أيضََا. قُلتُ: فلهذا قيد اللخمي وعبد الحق والصقلي البينة بأنها قصد بها التوثق. قال عبد الحق: من أخذ وديعة ًبحضرة قومٍ لم يقصد إشهادهم عليه فهو مصدقٌ في الرد، وليس كمن أخذها ببينةٍ، وكذا إن أقر المودع عند بينةٍ أنه قبض من فلانٍ وديعة ً، وإنما يكلف البينة من أخذ الوديعة ببينة؛ لأنه قصد بالبينة الإشهاد عليه ونحوه للخمي. وفي طرر ابن عاتٍ ما نصه: ظاهرة يعني لفظ ابن فتوح أن الإشهاد الذي يسقط دعوى المودع أنه رد الوديعة هو الذي يقصده رب الوديعة لا ما ينفرد به المودع؛ لأن مفهوم قصد رب الوديعة بالإشهاد على المودع أنه لم يأتمنه إلا على حفظ الوديعة وهو خلاف ما عند ابن زَرْب. قُلتُ: فقوله خلاف ما عند ابن زَرْب يقتضي أنه يقول مطلق البينة كيف ما كانت بمنع قبول دعوى المودع الرد، ولا أعرفه لغيره. وفيها مع غيرها: دعوى قابضها بغير بينة ردها مقبولة مع يمينه. اللخمي: يحلف ولو كان مأمونًا لدعوى ربها عليه، التحقيق أنه لم يردها إلا أن تطول المدة مما يعلم أن مثل المودع لا يستغني عنها فيه لما يعلم من قلة ذات يده، أو تمر عليه عسرة فتضعف اليمين إن كان المودع عدلاَ. ونقل ابن الحاجب عدم حلفه مطلقًا لا أعرفه، ولو صح كانت الأقوال ثلاثًة: هو،

واختيار اللخمي، ومنصوص المذهب. ودعواه ضياعه فيها مع غيرها مقبولةٌ ولو قبضها ببينةٍ، وفي لزوم حلفه، ثالثهما: إن كان متهمًا. الشيخ عن رواية ابن نافع، ونقل اللخمي والشيخ عن أصحاب مالك، وبه فرسها الصقلي ولفظها: صدق فقط. وقول ابن الحاجب: المتهم يحلف باتفاق، خلاف نقل اللخمي: عدم حلفه مطلقًا. قال: لأنها تهمة وهو أشبه، ولما حكى الأول قال: إلا أن يبين رجلٌ بالصلاح والخير، وعبر عن الثالث بقوله: وقيل: يحلف إلا أن يكون عدلا. الشيخ عن ابن عبدالحكم: إن نكل صدق ولا ترد اليمين هنا على ربها، ولابن زرقونٍ في ترجمة ما جاء في اليمين على المنبر: اختلف في تعلق اليمين بمجرد التهمة، ففي تضمين الصناع والشركة تعلقها، وهو قول ابن القاسم في غيرها. أشهب: لاتتعلق. قُلتُ: في آخر كلام ابن رُشْد في أجوبته: الأظهر أن تلحق إن قويت التهمة، وتسقط إذا ضعفت، وأن لا ترجع إذا لحقت. وله في رسم الأقضية الثاني من سماع أشهب من جامع البيوع: مثل هذا في سماع عيسى من كتاب الشركة: أن اليمين ترد في التهمة، والخلاف في: وجوب ردها، وفي لحوقها ابتداءً مشهور. قال ابن الحاجب: وفي يمينه ثالثهما: المشهور يحلف في الرد، فإن نكل فثالثهما: المشهور: يحلف المودع. قُلتُ: قرره ابن عبد السلام وغيره، بأن الأول: أنه لا يحلف ولا يغرم، والثاني: أنه يغرم بنكوله دون حلف رب الوديعة، والثالث: أنه لايغرم حتى يحلف رب الوديعة. قُلتُ: وجود الأقوال الثلاثة في دعوى التلف واضحة ٌٌ، الأول: بناء على توجيه يمين التهمة، والثانى: على توجهها وعدم انقلابها، والثالث: على انقلابها

وأما في دعوى الرد فقد تقدم تحقيق المذهب في ذلك، وحيث يقبل قوله: إنه لا خلاف أن بيمين، ولا في انقلابها إن نكل، وظاهر كلام ابن الحاجب أن في حلفه في دعوى الرد قوليه مشهورهما حلفه، وأنه إن نكل ففي غرمه دون حلف رب الوديعة قولان: المشهور حلفه، ومن تأمل روايات المذهب علم بطلان ذلك كله، وقول ابن عبد السلام إثر تقرير الأقوال التي ذكرها ابن الحاجب، وهذا الخلاف موجود في يمين التهمة، ظاهره قبولها، وقول ابن هارون في نقل ابن الحاجب هذا الخلاف في دعوى الرد مما انفرد به أصوب، ولاشتمال كتابه على مثل هذا كان محققوا شُيوخنا ينكرون كتاب ابن الحاجب الفقهي، والله أعلم. وفي نوازل أصبغ: لو قال لمودعها: ما أدري رددتها إليك أو تلفت لم يضمنها، إلا أن يكون إنما أودعه إياها ببينة فلا يبرأ إلا بها. ابن رُشْد: ويحلف ما هي عنده ولقد ردها إليه أو تلفت، ولو دفعها إليه ببينة فقال المودع: إن كنت دفعت إلى شيئاً فقد ضاع لبرئ بيمينه، قاله عبد الله بن عبد الحَكم وهو على قياس قول أصبغ هذا. الشيخ عن الموازيَّة: إن قال المودع أو العامل: رددنا المال لوصي الوارث لموت رب المال لم يصدقا إلا بينة أو إقرار الوصي، ولو كان قبضهما بغير بينة؛ لأنهما لغير من قبضاها منه. وفي كتاب الدعوى سمع عيسى ابن القاسم: من بيده مائة دينار وادعاها رجلان كل منهما لنفسه، وقال: ما أدري من أودعنيها منكما قسمت بينهما بعد حلفها، ومن نكل عنها اختص بها الحالف، ولو قال ذلك، وهي دين عليه لأحدهما، وجهل عينه حلفا، وغرم لكل منهما مائة. ابن رُشْد: في كون الدين كالوديعة وعكسه، ثالثها: الفرق التفرقة المذكور للآتي على أحد التأويلين في مسألة رسم البيوع من سماع عيسى من كتاب المديان، والآتي على سماع عيسى ابن القاسم في رسم القطعان من كتاب القراض من هذا السماع.

قلت: وللشيخ إثرها في النوادر، وقال محمد: لو قال: دفعتها إلى أحدكما وجهلته، وأنكرا قبضها حلفا وأخذا منه مائةً مائةً، ومن نكل لا شيء له، فإن نكلا معاً لم يكن على المقر إلا مائةٌ يقسمانها دون يمينٍ عليه؛ لأنه هو أبى اليمين، وردها بعد أن ردت عليه. محمد: فإن رجع المودع وقال: أحلف لهذا فله ذلك، فإن رجع وقال: أحلف أنها ليست لواحدٍ منهما فلابد من غرمه مائةً يقسمانها، وكذا لو كانت المائة عليه ديناً فيما ذكرنا. ولسَحنون: من مات عن وديعة بيده فادعاها رجلان كل واحد لنفسه ولا بينة لهما، وقال ابن الميت: لا أدري إلا أني أذكر أنها وديعة فإنها توقف أبداً حتى تستحق بالبينة. وله أيضاً من أودعه رجل مائةً وآخر خمسين فنسي رب المائة منهما، وادعاها كل منهما تحالفا على المائة وقسماها مع الخمسين. وقال بعض أصحابنا: يغرم لكل منهما مائة بعد حلفهما. محمد: من قال: دفع إلى فلان مائة لأتصدق بها وفعلت، ثم قال: بل دفعها إلي لذلك فلان وفعلت، وادعى كل منهما أنه الآمر، فقال أشهب: لا شيء لواحد منهما، وقال محمد: يغرم لكل منهما مائة. وفي الزاهي: من قبل الوديعة ثم طلب الأجر عليها فلا عوض له، وإن كان لها موضع تشغله من دار القابل، وطلب مثل أجر الموضع المشغول وجب له ذلك. وأجر الحمل في الإيداع والإقلاع على ربها، وإن احتاجت إلى غلقٍ أو قفلٍ فعلى ربها، وقيد ابن عبد السلام وجوب أجرة الحمل بكون طالبها ممن تقتضي حاله ذلك، وعدم أجرة حفظها بقبضه. واحتج بقولها: من ركب دابة رجلٍ إلى بلدٍ، وقال: إنه أعاره إياها، وقال ربها: بل بكراءٍ قبل قوله: إلا أن يكون ليس مثله يكري الدواب لشرفه وقدره. قلتك الأظهر نفي الأجر بينهما لاقتضاء لفظ الإيداع نفيه عرفاً، ودفعها دون لفظ

الإيداع، الأظهر فيه ما ذكره ابن شعبان. وقول ابن عبد السلام: بإثبات أجر الحفظ، يرد بأن أجر موضعها مع كونها بدار المودع أو منزله يستلزم أجر حفظها أو يغني عنه، ومن ظفر بمال لمن جحده مثله فيه اضطراب. ابن رُشْد في سماع ابن القاسم من المديان: قوله: في هذا السماع لا يجوز له اقتطاعه كقولها في كتاب الوديعة، وقال أشهب وابن وَهْب: يجوز له، وقيل: يكره، وقيل: يستحب، وقيل: جائز إن لم يكن عليه دين، فإن كان له جاز ما يجب له في الحصاص، وقيل: يجوز فيما دفع دفع بغير أمانة لا فيما دفع له بغير بينة لا فيما دفع له بها. قلت في النوادر: روى ابن وَهْب إن كان عليه دين اقتطع قدر منابه في المحاصة، ورواه ابن وَهْب وزاد: وأمن أن يحلف كاذباً. وقال محمد بن عبد الحَكم: يقتطعه ولو كان عليه دينٌ ما لم يفلس. ابن المواز: لمن غصب شيئاً خفي له أخذه بعينه أخذه، وإن لم يظفر إلا بغيره، فكذلك إن لم يكن عليه دين. وقال مالك: من أوصى لصغير بدنانير لم يشهد عليها إلا الوصي إن خفي له دفعها له حتى لا يتبع بها فله دفعها دون السلطان، وكذا الوديعة فلم يقبل شهادة. مالك: من غصب شيئاً وخفي له أخذه أخذه بخلاف من جحدك لما جاء فيه. اللخمي: إن كانت الوديعة عرضاً جاز بيعها وأخذ الثمن مما له، واختلف هل يجحدها إن كان يخدمه وفي صفة بيمينه، فقال مالك: إنما يجوز جحده إن أمن أن بحلفه كاذباً؛ يريد: أن المودع يقول: احلف أني ما أودعتك، وقيل: يحلف ما أودعتني شيئاً ناوياً يلزمني رده، وقيل: ينوي الأولى مثله، والصواب أن له جحد ما أودعه مكان حقه لقول تعالى: {فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ} [النحل:126]، ولقوله صلى الله عليه وسلم: "خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف"، ونحوه قول الباجي: الأظهر الإباحة لحديث هند، وتعقبه ابن عبد السلام بأن النفقة التي تأخذها هند من مال أبي سفيان هي عين ما وجب لها ولولدها لا مثل ما وجب لها ولهم، والنزاع إنما وقع في أخذ المثل لا في أخذ العين، إذ لا

خلاف في جواز أخذ العين. يرد بأنه إن أراد بقوله أن ما تأخذ هند من مال أبي سفيان هو عين ما وجب لها باعتبار شخصه كمن غصب ثوباً يقدر على أخذه فليس كذلك ضرورة أن حقها في ماله إنما هو باعتبار صفة لا تخص جزئياً من ماله بل هي عامة في كل ماله كتعلق دين بذمته، وإن أراد به أنه عينه نوعه فهو نفس محل النزاع حسبما اعترف به.

كتاب العارية

[كتاب العارية] العارية: الجوهري: بالتشديد؛ لأنه منسوب إلى العار؛ لأن طلبها عار، والعارة مثل العارية يقال: هم يتعورون العواري بينهم، وقيل: مستعار بمعنى متعاورٌ أي متداول، وفي بعض حواشي الصحاح ما ذكره من أنها من العار، وإن كان قد قيل فليس هو الوجه، والصحيح أنه من التعاور الذي هو التداول، وزنها فعيلةٌ، ويحتمل أن تكون من عراه يعروه إذا قصده ويكون وزنها (فاعولةٌ) أو (فعيلةٌ) على القلب، ولما ذكر ابن عبد السلام بعض كلام الجوهري قال: أنكر عليه كونها منسوبة إلى العار؛ لأنه لو كان كذلك لقالوا يتعيرون؛ لأن العار عينه ياءٌ.

قلت: في المخصص لابن سيده ما نصه: وتعاورنا العواري، وتعاورنا الشيء تداولنا، وقيل: العارية من الياء؛ لأنها عارٌ على صاحبها، وقد تعيروها بينهم. قلت: وهذا نص بأنها من ذوات الياء يرد إنكار ابن عبد السلام، ولكن قال ابن سيدة في المحكم: والعارية: المنيحة. قال بعضهم: أنها من العار، وهو قول ضعيف، غره قولهم: يتعيرون العواري، وليس على وضعه إنما هي معاقبة من الواو إلى الياء. قلت: وقد يرد بأن الأصل عدم المعاقبة، وهي مصدراً: تمليك منفعةٍ مؤقتة لا بعوضٍ فتدخل العمري والإخدام لا الحبس، واسماً: مالٌ ذو منفعةٍ مؤقتةٍ ملكت بغير عوضٍ، ونقض طرداهما بإرث ملك منفعة وارثها ممن حصلا له بعوضٍ لحصولها للوارث بغير عوضٍ منه، ويجاب بأن عموم نفي العوض؛ لأنه نكرةٌ في سياق النفي يخرجهما؛ لأنها بعوضٍ للمالك العين من الميت. وقول ابن الحاجب وابن شاس: تمليك منافع العين بغير عوضٍ يبطل طرده بالحبس، وعكسه لأنه لا يتناولها إلا مصدراً والعرف إنما هو استعمالها اسماً، وهو الشيء العار. وفيها: قال مالكٌ: ما تلف من عارية الحيوان عند من استعارها لا ضمان عليه إلا أن يتعدى. وهي من حيث ذاتها مندوبٌ إليها؛ لأنها إحسانٌ والله يحب المحسنين، ويعرض

وجوبها له كغنيٍّ لمن يخشى بعدمها هلاكه، وحرمتها ككونها معينةٌ على معصية محرمةٍ، وكراهتها ككونها معينةٌ على مكروهٍ، وتباح لغنيٍّ عنها، وفيه نظرٌ لاحتمال كراهتها في حقه. وفي كون النهي عن منع الجار من غرزه خشبة بجدار جاره على الندب لإجابته لذلك، ووجوبه معروف المذهب، ونقل ابن رُشْد عن ابن كنانة. ابن سهلٍ: أفتى ابن عتابٍ بجواز التعليق من المساجد إن اتصلت بالدور، ولم يضرها، وجواز غرز جارها خشبة بحائطها، ونقله عن الشيوخ قال: ولم يتكلموا في المسجد الجامع، ولا يجوز ذلك فيه لعدم اتصال الدور به، ولو اتصلت به جاز عندي، وأفتى ابن القطان بمنع الغرز وابن مالك بمنعه ومنع التعليق. قلت: وهو الصواب الجاري على حمله على الندب. [باب المعير] المعير: من ملك المنفعة لا لعينه، وبعضهم يجعل مملوكٌ من ملكها لعينه، إنما هو الانتفاع لا المنفعة.

باب المستعير

وفي الجعل والإجارة منها: إن استأجرت ثوباً تلبسه يوماً إلى الليل فلا تعطه غيرك ليلبسه لاختلاف اللبس والأمانة، وكره مالكٌ لمكتري الدابة لركوبه كراءها من غيره ولو كان أخف منه، وتمام هذا في الإجارة وما منع فيها فأحرى في العارية. وفي الزاهي لابن شعبان: من استعار دابةٌ فلا يركبها غيره وإن كان مثله في الخفة والحال. وقول ابن الحاجب وابن شاس: المعير مالك المنفعة غير محجورٍ عليه، فتصح من المستعير والمستأجر، قبله ابن هارون وابن عبد السلام، وخرج من قولها في الإجارة مثله في العارية، ويؤيد نقل ابن شاس وابن الحاجب قولها في الوصايا الثاني، وللرجل أن يواجر ما أوصي له به من سكنى دارٍ أو خدمة عبدٍ. [باب المستعير] المستعير قابل ملك المنفعة فلا يعار كافرٌ عبداً مسلماً ولا ولدٌ والده. وقول ابن الحاجب المستعير أهلٌ للتبرع عليه قاصرٌ؛ لأن الكافر والولد أهلٌ للتبرع عليه. وجواب ابن عبد السلام بأن مراده بالزيادة بالمستعار بخصوصيته يرد بأن كل كلام لا يصح، كذلك لصحة تقييده بما صح.

باب المستعار

[باب المستعار] المستعار: ما يصح الانتفاع به باقية ذاته، ونحوه قول ابن شاس: المستعار له شرطان أن يكون منتفعًا به مع بقائه، وأن يكون الانتفاع مباحًا. وقول ابن الحاجب: المستعار منفعةٌ مع بقاء العين خلافه، والأول مقتضى عرف المتقدمين والمتأخرين لمن تأمل. فيها: أرأيت إن استعرت ثوبًا، قال مالك: من استعار شيئًا من العروض ونحو ذلك كثير ما هو نص في أن المعار المنتفع به لا المنفعة. وقول ابن عبد السلام: لا نسلم أن المستعار الذات بل المنفعة وهو ظاهر رسم المؤلف يرد بما تقدم من لفظ المدونة وغيرها لمن تأمله، واستدلاله بلفظ المؤلف ساقط إذ هو المتعقب عليه، ولأن كل عاريةٍ يمكن كونها مؤداةً ولا شيء من المنفعة يمكن

كونها مؤداة، فلا شيء من العارية بمنفعة فلا شيء من المنفعة بعارية عارية، أما الأولى فلحديث أبي داود عن يعلى بن أمية قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا أتاك رسولي فادفع إليهم ثلاثين درعا وثلاثين بعيرا، فقلت: يا رسول الله أعارية مضمونة أم عارية مؤداة، قال: بل مؤداة". ولما أنشده الجوهري: إنما أنفسنا عارية ... والعواري قصار أن ترد والقصارى الغاية، وأما الثانية: فواضحة؛ لأن عين المنفعة لا ترد ولا يمكن ردها عادةً أو عقلًا عند غيرنا، والثالثة: النتيجة، والرابعة: عكسها حسبما تقرر في الأصول. وفيها: من استعار دنانير أو دراهم أو فلوسًا أو طعامًا فذلك سلفٌ مضمونٌ لا عارية. هذه ترد نقل المازري في السلم الأول: صحة فرض العين بشرط عدم استهلاكها، إلا أن يريد: ما قاله اللخمي لجواز عارية العين على بقاء عينها لصيرفي ليظهرها؛ لأن يقصد بالشراء أو من قل ماله ليظن ملاؤه. قلت: هذا إن كان يتعامل بالنقد، وأما إلى أجل فغرور لا تجوز الإعانة عليه. اللخمي: ولو قال: أتجر بها على أن الربح لك ولا خسارة عليك كانت كذلك وصدق فيما يشبه من الخسارة، وقاله ابن القاسم وأشهب وضمنه سحنون الخسارة. ولما أجمع جل العلماء على انحصار حل وطء المرأة في نكاحها أو ملكها لزم حرمة عارية الأمة للوطء، وإلا لما كان لها جماع الثابت ثابتًا. اللخمي: شرط عارية خدمة الإماء كونه لمن لا يخشى متعته بهن فتجوز للنساء ولغير بالغٍ ولذي محرمٍ منهن، فذو المحرم الجائز له ملكهن جائزٌ له استخدامهن، ومن لم يجز له ملكهن لم يكن له استخدامهن تلك المدة، وتكون خدمة ذلك العبد والأمة في تلك المدة لهما دون من وهبت له.

باب في صيغة العارية

وقال مالك فيمن عجل عتق عبده على أن يخدمه شهرًا: أن الخدمة ساقطة؛ لأنها بقية رق بخلاف أن يجعل عليه دراهم. قلت: وفي استئجار الأمة للرضاع إيراد منافاته لهذا ويأتي فيه جوابه. وتجوز هبة خدمتها لأجنبي منها مأمون له أهل وإلا لم تجز، فإن نزل ذلك بيعت له تلك الخدمة من امرأة أو مأمون إلا أن يكون قصد المعير نفس المعار له فترد الأمة له وتبطل العارية. [باب في صيغة العارية] الصيغة: ابن شاس: ما دل على معناها. قلت: بحسب اللفظ والقرينة فيها. قلت لابن القاسم: من استعار دابةً ليركبها حيث شاء ويحمل عليها ما شاء وهو بالفسطاط أيركبها إلى الشام، قال: إن كان وجه عاريته إلى الموضع الذي ركب إليه وإلا ضمنها، كمن قال: أسرج لي دابتك لأركبها في حاجة، فيقول اركبها حيث أحببت، فهذا يعلم الناس أنه لم يسرجها إليه إلى الشام. قلت: أتحفظه عن مالك؟ قال: هو رأي اللخمي عن أشهب إن قال: اركبها حيث شئت فركبها إلى الشام، فإن كانت من أسفاره فلا شيء عليه، وإن كانت أسفاره معروفة بالقرب فإنما أعاره عليها، فحمل ابن حارث قوليهما على الخلاف وسكت اللخمي. الشيخ: سمع ابن القاسم من قال لرجل: أعني بغلامك أو ثورك في حرثي يومًا أو يومين وأعينك بغلامي أو ثوري يومًا أو يومين، لا بأس بذلك من الرفق. وسمع أشهب: لا بأس أن يقول عامل الآخر أعني خمسة أيام وأعينك خمسة أيام.

ابن رشد: إنما يجوز فيما قرب، وسمع أصبغ إجازته. أشهب: يجوز في عملي خياطٍ ونجارٍ، وكذا قول المرأة لأخرى انسجي لي اليوم وأغزل لك غدًا إذا وصفت الغزل، ولا خير في قوله احرث لي في المصيف وأحرث لك في الشتاء. ابن حارث: اختلف فيمن استعار دواب رجلٍ لحرث على أن يعيره هو دوابه لمثل ذلك، فسمع ابن القاسم خفته؛ لأنه رفق، وقال أصبغ: لا يجوز ذلك وهي إجارة مجهولة. قلت: ويأتي ذكره في الإجارة. وضمان ما لا يغاب عليه من ربه ما لم يظهر كذب مستعيره، وتقدم في المبيع على خيار. اللخمي: مشهور قول مالك وأصحابه لا ضمان على مستعير الحيوان، وروى ابن شعبان لا يصدق في ذهابه حتى يعلم ذهابه بنفسه، وقاله ابن القاسم في كتاب الشركة، ولا حاجة لتأويله بعضهم إذا كان أحد قولي مالك، وقيل: لا يصدق فيهما فيما صغر فقط. الصقلي عن أشهب: يضمن الحيوان ولو قامت بينة بهلاكه بغير شببه. قلت: ففي ضمانه مطلقًا، ثالثها: إن لم تقم بينة بهلاكه، ورابعها: إن صغر للصقلي عن أشهب والمعروف ورواية ابن شعبان ونقل اللخمي، قال: فعلى الأول لا يضمن الدابة ويضمن سرجها ولجامها ولا العبد ولا كسوته؛ لأن العبد حائز ما عليه. قلت: قوله في الدابة هو نقل الشيخ عن محمد. اللخمي: ويصدق في موت العبد، وفي كنفه فيما عليه لا في زيادة عليه إن ادعاها. وشرط ضمانه في رهونها ساقط. أشهب: تنقلب إجازة فيغرم أجر مثلها، فعليه يفسخ قبل استعمالها، وثالثها: يتخرج تخيير المعير إن أسقطه وإلا ردت، فإن فاتت لم يغرم شيئًا؛ لأنه دخل على عدمه، كقوله في فوت حبس دار على ربها المحبس عليه، ورابعها: لزوم الشرط للقول

بوجوبه، وعلى لغوه لو كان لخوفٍ نزل به ففي لزومه إن هلكت بما خيف قولا مطرف وأصبغ، والأول أصوب. قلت: قال الشيخ: وبه أخذ ابن حبيب، وعزا ابن رشد الثاني لمالك وجميع أصحابه إلا مطرفا. اللخمي عن ابن حبيب: من زعم في بازٍ استعاره للصيد أنه مات أو سرق أو طار فلم يرجع صدق مع يمينه. وما يغاب عليه من مستعيره، ولو قامت بينة بتلفه ففي كونه من ربه أو كذلك، نقلا الصقلي قولي ابن القاسم وأشهب وحكاهما الجلاب روايتين، ولو شرط نفي ضمانه ففي لغوه وإعماله نقلا الجلاب عن المذهب مع سماعه أصبغ من ابن القاسم وأشهب، وتخريج ابن رشد من نقل الشيخ عن أشهب إعماله في شرط الصانع نفيه قائلًا هو في الصانع أحرى، وأخذه أيضًا من دليل تعليل مالك في سماع القرينين لغوه في الصناع بأنه لو أعمل لما عمل عامل إلا بشرطه، فيدخل على الناس الضرر. قلت: وفي غير نسخة من اللخمي قال ابن القاسم وأشهب: إن شرط أنه مصدق في تلف الثياب وشبهها له شرطه ولا شيء عليه. وقال سحنون: من أعطى رجلًا مالًا ليكون له ربحه ولا ضمان عليه أنه ضامن، فعليه يسقط شرطه في الثياب والأول أحسن. قلت: ما نقله عن ابن القاسم وأشهب خلاف نقل غير واحد عنهما، والعجب من ابن رشد وشارحي ابن الحاجب من عدم التنبيه عليه. اللخمي: إن جاء بالثوب باليا بلباسه فلا شيء عليه إلا فيما لا يحدث في مدة عاريته فيغرم الزائد على نفك ضمان لباسه إلا أن يكون ذلك شأن لباس المستعير، ويضمن ما به من خرقٍ وحرقٍ إلا أن يثبت أنه من غيره، ويضمن السوس والفأر؛ لأنهما لا يحدثان إلا عن غفلة لباسه أو عمل طعامٍ فيه. وفيها مع الموازية لمالك: ما ثبت في ثوبٍ بيد صانعٍ أنه قرض فأرٍ دون تضييعٍ فهو من ربه، وإن جهل تضييعه وأنكره، ففي ضمانه حتى يثبت عدم تضييعه قولان للصقلي

عن ظاهرها، وقول ابن حبيبٍ فيه: مع لحس السوس مع التونسي والصقلي عن قولها: إن أفسد السوس الرهن حلف المرتهن ما ضيعت ولا أردت فسادًا قائلين: وكذا ينبغي في قرض الفأر. التونسي: وقد يقال مثله في النار أو يقال النار هو قادر على عملنا فيجب ضمانه حتى يثبت أنها من غير سببه. زاد ابن رشد: والأشبه أنهما سواء. قلت: وتقدم هذا في الرهون ونحوه في تضمين الصانع ويجري كله في العارية المضمونة. وما أتى به مستعيره من فأسٍ ونحوه مكسورًا في ضمانه إياه حتى يقيم بينةً أنه انكسر فيما استعاره له وتصديقه فيما يشبه ذلك قولا ابن القاسم مع ابن وهب وعيسى بن دينارٍ مع مطرف وأصبغ وابن حبيب قائلًا من محاسن الأخلاق إصلاحه. ابن رشد: وثالثها قولها في السيف لا يصدق إلا ببينة، أنه كان معه في اللقاء رابعها: لسحنون لا يصدق إلا ببينة أنه ضرب به في اللقاء ضربًا يجوز له، هذا أبعدها وأصوبها قول عيسى مع يمينه. اللخمي: وكذا الرمح أو القوس، وأما الرحى يستعيرها للطحن فيأتي بها وقد حفيت فلا شيء عليه اتفاقًا. ... ضمان ما يضمن منها يوم العارية أو يوم ضاعت قياسها: اللخمي/ على الخلاف في الرهن، فإن رأت البينة العارية عنده بالأمس كانت قيمتها يومئذٍ قلت أو كثرت، فإ، لم تر من يوم أعيرت وقيمتها يوم العارية عشرةٌ ويوم ضاعت ثمانيةٌ غرم عشرةً؛ لأن المعير يكذبه في بقائها اليوم ضياعها وإن كانت في يومين على العكس أخذه بعشرة؛ لأنه يصدقه في دعوى بقائها. والقدر المضمون منهما جميعًا إن كان لا ينقصها استعمالها بحسب ذاتها أو قصر مدتها وما نقصها استعمالها يضمن باقيها بعد نقصها ذلك، ولو ثبت استهلاكه إياها قبل استعمالها؛ لأنه صار فيها به كشريك.

قلت: الأظهر أنه يغرم قيمتها كاملة إن كانت لا ينقصها الاستعمال على مذهب ابن القاسم في استهلاكها أجنبي حسبما يذكر بعد هذا. قال: وإن أهلكها المعير بعد قبضها المستعير ففي غرمه قيمتها يستأجر بها للمستعير مثل الأولى، أو يشتري له منها مثلها، ثالثها: يغرم قيمة المنفعة قياسًا على هذه الأقوال فيمن أولد أمةً بعد أن أخدمها رجلًا. ولو أهلكها قبل قبضها مستعيرها، ففي كونه لو قبضها أو لا يغرم له شيئًا قولان على قولي ابن القاسم وأشهب فيمن باع ما وهبه قبل قبضه الموهوب له. وإن أهلك الثوب أجنبي كانا شريكين في القيمة؛ لأنه مما ينقصه الاستعمال، ويختلف إن كان مما لا ينقصه الاستعمال كعبد يقتل، فقال ابن القاسم: لا شيء للمخدم وجميع القيمة لسيده. وقال أشهب: من أوصى بخدمة عبده لرجلٍ وبرقبته لآخر إن قتل جعلت قيمته في مثله فيخدم بقية خدمة الأول، ثم يعود للآخر؛ يريد: إن كانت لا ينقصها الاستعمال كعبد يقتل فقال ابن القاسم: لا شيء للمخدم، وجميع القيمة لسيد الخدمة لأجل فيخدم بقيته، وإن كانت حياة المخدم خدمة العبد الثاني حتى يموت المخدم، وإن كانت حياة العبد خدم الأخر قدر حياة العبد الأول، فقد يكون الأول شيخًا والثاني شابًا. ولمحمد: من أوصى له بغلة دار أو سكناها فيهدمها رجلٌ بعد موت الموصي، فعلى الهادم ما بين قيمتها قائمة ومهدومة تبنى بها تلك الدار، وإن أتى من بنائها مثل الأول أو أقل يكون ذلك للموصي له بحاله. ابن رشد: إن وجب ضمان العارية، فإنما يضمن قيمة الرقبة يوم انقضاء أجل العارية على ما ينقصها الاستعمال المأذون فيه بعد يمينه، لقد ضاعت ضياعًا لا يقدر على ردها لتهمته على أخذها بغير رضى ربها. ويتقيد الانتفاع بالعارية بما خصه به معيرها لفظًا أو عرفًا، والأخف من المأذون فيه مثله. فيها: من استعار دابةً ليحمل عليها بزًا فحمل عليها حجارةً فكلما حمل ما هو أضر

مما استعار له فعطبت به فهو ضامنٌ؛ وإن كان مثله في الضرر لم يضمن كحمله عدسًا مكان حنطةٍ أو كتانًا أو قطنًا مكان بز. وفي سماع سحنون قال: وروى علي بن زياد: من استعار دابةً إلى بلدٍ فركبها إلى غيره فعطبت، فغن كان ما ركبها إليه مثل الأول في السهولة لم يضمنها. ابن رشد: هذا يدل على أنه غير متعدٍ بذلك، وأن له أن يفعله ولابن القاسم في المبسوطة أنه ضامنٌ بركوبها لغير ما استعارها إليه، وهو الآتي على قولها في الرواحل من أكرى دابةً لبلدٍ ليس له أن يركبها إلى غيره، وله في آخر رسم سماع ابن القاسم من الجعل والإجارة: اختلف فيمن استعار دابةً لموضعٍ فركبها إلى مثله في الحزونة والسهولة والبعد فهلكت فروى علي لا ضمان عليه، وقاله عيسى بن دينارٍ في المبسوطة، وقال ابن القاسم فيها: أنها ضامنٌ. وظاهر لفظ المدونة: إذا حمل ما هو أضر أنه يضمنها مطلقًا، وهو ظاهر كلام عبد الحق: إذا أعاره ليحمل عليها شيئًا فحمل ما هو أضر واختار ربها تضمينه الكراء، فإن كان كراء مثل ما إذن له فيه عشرة وكراء مثل ما حمل عليها خمسة عشر غرم خمسة. قلت: فظاهر قوله فاختار أنه مخير في تضمينه قيمتها سواء كان هو أضر مما تعطب في مثله أم لا. وقال الصقلي: إن كانت مما تعطب في مثله فعطبت، خير رب الدابة في تضمينه قيمتها يوم تعديه ولا شيء له غير ذلك وفي أخذ كراء فضل الضرر، ثم ذكر في تقدير فضل الضرر ما تقدم لعبد الحق قال: وإن كان ما حمل عليها لا تعطب في مثله فليس له إلا كراء الزيادة. قلت: ظاهر كلام عبد الحق وغير واحد من الشيوخ خلافه وأنه ضامنٌ وإن كان ما حمل عليها لا تعطب في مثله. وفي النكث أيضًا في كتاب الرواحل: إن جاوز المكتري المسافة بقليل أو كثير ضمن بخلاف زيادة على الحمل فإنه يفرق فيها بين كون الزيادة مما تعطب في مثلها أو لا؛ لأن منابه التعدي في المسافة ممتاز من المأذون فيه، والزيادة في الحمل غير ممتازة.

قلت: وما به التعدي في العارية ممتاز عن المأذون فيه ضرورة أنه خلافه. ولابن رشد في مقدماته: إن استعملها في غير ما أذن له فيه فنقصها استعماله أكثر من الاستعمال المأذون فيه ضمن نقصها الزائد على نقص المأذون فيه، فإن أنهكها ذلك دون أن أعطبها ضمن قيمتها يوم انقضاء أجل العارية على ما ينقصها الاستعمال المأذون فيه، فإن أراد ربها أخذ قيمة ما استعملها فيه بعد طرح قيمة المأذون فيه لم يكن ذلك له في قول إن كانت أكثر من قيمتها وله ذلك في قول، وإن كانت أقل من قيمتها لم يمنع من ذلك. قلت: يحتمل أن يريد بقوله: وفي قول يكون له ذلك أنه على القول بتضمين الغاصب أعلى القيمة، ولم يفرق في هلاكها في غير المأذون فيه بين كونه مما تعطب في مثله أم لا. وللشيخ في كتاب ابن سحنون عن ابن القاسم وأشهب: من استعار دابة إلى موضع فتعداه بميل ونحوه، ثم ردها إلى الموضع الذي استعارها إليه، ثم رجع يريد: ردها لربها فعطبت ضمنها بتعديه. قلت: ظاهره ولو كان الزائد مما لا تعطب بمثله ونحوه. قولها: من استعار دابة إلى مسافة فجاوزها بميل ونحوه، ثم رجع إلى ما استعارها إليه، ثم رجع ليردها إلى ربها فعطبت بالطريق الذي أذن له فيه، هل يضمن؟ قال: قال مالك: من تكارى دابة لذي الحليفة فجاوزها ثم ردها فعطبت بعد أن رجع إلى ذي الحليفة، فإن كان تعدى لمثل منازل الناس فلا شيء عليه، وإن جاوز ذلك بمثل الميل ضمن. الصقلي: وقال ابن الماجشون: لا يضمن في هذا. قال ابن حبيب: كقول مالك: فيمن تسلف من وديعة ثم رد فيها ما تسلف، ثم سرقت لا ضمان عليه. قلت: فلم يقيد الزيادة بكونها مما تعطب في مثلها، وفي آخر رهونها: من ارتهن عبدًا فأعاره لرجل بغير أمر الراهن فهلك عند المعار بأمر من الله لم يضمن هو ولا

المستعير، وكذا إن استودعه رجلًا إلا أن يستعمله المودع أو المستعير عملًا أو يبعثه مبعثًا يعطب في مثله فيضمن. وفيها قبل هذه: من أعرته سلعةً ليرهنها في دراهم مسماةٍ فرهنها في طعامٍ فقد خالف وأراه ضامنًا. قلت: وهذا لا أثر له في العطف، ولعياض في كتاب الجعل وافجارة ما حاصله: ما هلك في استعماله فيما لم يأذن فيه ربه بغير سبب العمل الذي لا يعطب في مثله كالحراسة ونفش الصوف في ضمانه مستعمله قولا سحنون في بعض رواياتها، وابن القاسم بناء على أنه بالعداء كغاصب، واعتبار غالب السلامة، وما هلك بسبب العمل الذي يتوقع فيه الهلاك نادرًا في ضمانه بتأويل بعضهم عن ابن القاسم وظاهر قوله مع مالك وهو الصحيح، وفيما يتوقع فيه الهلاك غالبًا وهلك بسببه الضمان اتفاقًا، وما هلك فيه بغير سببه كالأول فيه قولا سحنون وابن القاسم. وفي كون استعمال الإعانة فيما فيه الإجارة واستعمال الإجارة سواء في تقييد الضمان بأنه يعطب في مثله، والفرق في الاستعمال فيما فيه الإجارة ولو كان لا يعطب في مثله وتقييده في الإجارة فيما يعطب في مثله تأويلا التونسي مع غيره وغيرهم، وتقدم القول فيها: إن وقعت مطلقة في فصل الصيغة. وزاد اللخمي: من استعار دابة ليركبها حيث شاء، فإن كان شأن الناس التصرف بذلك البلد راكبًا حملت عاريته على التصرف بها فيه حتى يقول أسافر بها وإن لم يكن ذلك شأنهم حمل على الخروج بها، ولا يبعد إلا أن يكون ذلك شأن المستعير. قلت: انظر إن كانت عادة المعير بخلاف عادة المستعير، والأظهر اعتبار عادة المعير، والوفاء بها لازم؛ لأنه معروف. وفيها: من ألزم نفسه معروفًا لزمه، ويدخلها الشاذ في عدم لزوم الهبة بالقول. اللخمي: إن أجلت العارية بزمن أو انقضاء عمل لزمت إليه، وإن لم تؤجل كقوله أعيرك هذه الأرض أو الدابة أو الدار أو هذا العبد أو الثوب، ففي صحة ردها ولو بقرب قبضها ولزوم قدر ما تعار له، ثالثها: إن أعاره ليبني ويسكن فالثاني وإلا فالأول

لابن القاسم فيها مع أشهب وغيرهما وابن القاسم في الدمياطية. ابن القصار: إن أعاره ليبني أو ليغرس لزمه بالقول مدة انتفاع مثل ما استعار له، ولم يبين حكم من لم يذكر بناء ولا غرسا، وأرى أنه إن بنى أو غرس بعلمه ولم ينكر عليه، أن يكون له مدة يرى أنه يترك لمثلها وإن لم يعلم ودل دليل لما فعله كمن أعار أرضًا بين ديار فبنى بها دارًا لزمه، ولو كانت بين حوانيت فبناها حوانيت لم يلزمه، وكذا أرض بين بساتين غرسها لصحة الانتفاع بالبيع فيها قاعة بين الحوانيت ومزرعة بين البساتين، ومحمل عاريتها للزرع مدة واحدة. ولابن حبيب عن الأخوين وروايتهما: من أعار جاره جداره لحمل خشبةٍ فليس له نزعها ولو طال واحتاج بجداره، ولو مات أو باع إلا أن يهدم الجدار فتسقط عاريته إن أعاره. وفي العتبية: له أن يزيله إن احتاج إلى حائطه، وقال محمد بن عبد الحكم: له الرجوع في حائطه ويرمي بها. وسمع ابن القاسم في الأقضية: ليس لمن أذن في غرز خشبة في حائطها نزعها إلا لحاجة في هدمه أو الانتفاع به. ابن رشد: مثله سمع أشهب في العارية. قلت: زاد فيها: فإن أراد البيع فطلب نزع الخشبة ليزيده المشتري في الثمن. قال: يبيعها على حالها وفيها الخشبة، أرأيت إن كان المشتري عدوًا له فأراد ضرره ما أرى ذلك له. قال ابن رشد: وفي المدونة: لمن أذن لغيره أن يبني في أرضه أو يغرس فبنى وغرس إخراجه بإعطائه قيمة ما أنفق، فقال ابن لبابة وابن أيمن وغيره من الشيوخ: هذا خلاف قول، وللعتبي عن سحنون فرقٌ بينهما لقوله صلى الله عليه وسلم: "لا يمنعن أحدكم جاره خشبة يغرزها في جداره"؛ يريد: لقول ابن كنانة وغيره من أصحاب مالك محمل

الحديث على ظاهره من وجوب ذلك وإن لم يأذن فكيف إذا أذن. ولابن حبيب عن رواية الأخوين: من أرفق جاره بوضع خشبة لزمه ذلك ولو طال واحتاج أو مات أو باع إلى أن ينهدم، وكذا كل ما أذن فيه مما فيه العمل والإنفاق من البناء والإرفاق بالماء من العيون والآبار لمن ينشئ عليه غرسًا أو يبتدئ عليه عملًا وهو كالعطية. ولو شرط رجوعه متى شاء بطل الإذن وعلى هذا الشرط قبل العمل، وبطل الشرط بعده لما فيه من الضرر بالعامل، وما لا كلفة عملٍ فيه كبير نفقةٍ كفتح بابٍ أو فتح طريقٍ إلى مختلف فيه فناء الآذن، أو أرضه، أو إرفاق ماءٍ لشفة أو سقي شجر قد غرست قبل ذلك نضب ماؤها، أو غارت آبارها للآذن فيه الرجوع، إلا أن يكون وقت ذلك وقتًا قيلزمه إليه أو يبيع المأذون إليه، وشرطه لمشتريه ما أذن له فيه بعلم الآذن فيلزمه ذلك، إلا أنهم قالوا: من أذن لمن يسوق على أرضه ماءه، أو ماء من النهر، أو من ماء الآذن إلى أرض المأذون له فلا رجوع له، وإن لم يتكلف المأذون له في كبير نفقة رعيا لإلزام عمر بن الخطاب محمد بن مسلمة لعبد الرحمن بن عوف بغير إذنه وطوعه، وإن كان العمل ليس عليه، واختاره ابن حبيب، وله عن أصبغ ما فيه كلفة عمل وإنفاق غير سواء للآذن الرجوع فيه إذا أتى عليه من الزمان ما يكون إلى مثله عارية في مثل هذا إلا فيمن أذن لرجل أن يغرس غرسًا على مائه، فلما غرسه أراد قطع مائه عنه فليس له ذلك. قال: وهو على مذهب ابن القاسم. قلت: ما عزاه لأصبغ عزاه الشيخ للدمياطي عن ابن القاسم. قال ابن رشد: فيتحصل فيها ستة أقوال: منع الرجوع في كل ذلك إلا أن يحتاج للآتي على تأويل ابن لبابة وابن أيمن، ومنع رجوعه ولو احتاج، ورجوعه ولو لم يحتج ويغرم للمأذون له فيما كان له فيه عمل قيمة نفقته، ورابعها: له الرجوع بعد مضي ما يعار لمثله، وخامسها: الفرق بين الإذن في وضع الخشب على الجدار وبين سائر ذلك للحديث بالنهي عن المنع من ذلك، وسادسها: الفرق بين ما تكلف المأذون له فيه نفقة

وما لم يتكلفها فيه، وهذا الخلاف إنما هو فيما لم يصرح فيه بلفظ هبة ولا عارية، فمن حمله على الهبة لم ير فيه رجوعًا، ومن حمله على العارية رأى فيه الرجوع بمضي أمد ما تعار إليه، ومنهم من جعله من ناحية العدة التي لا تلزم فيجعل له الرجوع متى شاء، ومنهم من حمل ما فيه النفقة على الهبة، وما لا نفقة فيه على العارية على اختلافهم في العارية إذا لم يسم لها أجلًا هل تلزم أم لا، ويختلف إذا غرس على مائه وهو ساكتٌ، ثم أراد قطعه عنه، فقيل: له ذلك بعد أن يحلف أن سكوته لم يكن رضا، وقيل سكوته كالإذن فيجري الأمر فيه على الاختلاف الذي ذكرنا في الإذن. قلت: ثاني الأقوال الستة لم يعزه ولا يصح عزوه للأخوين وروايتهما بل قولهما وروايتهما هو السادس، وذكره الصقلي غير معزو، والثالث: قولها، ورابعها: لأصبغ وخامسها: لسحنون، وأما السادس: فهو قول الأخوين وقال ابن عبد السلام: حصل بعض شيوخنا في هذه المسألة مع مسألة عارية الجدار لغرز الخشبة ستة أقوال. قول مالك وابن القاسم: ليس للآذن رجوع إلا أن يحتاج. الثاني: قول الأخوين: ليس له ذلك وإن احتاج. الثالث: قولها: له الرجوع وإن لم يحتج. الرابع: قول أصبغ: له الرجوع لمن مضى ما يعار له. الخامس: قول أشهب وابن نافع: الفرق بين ما تكلف فيه نفقة وما لم يتكلف فيه. السادس: قول سحنون: الفرق بين مسألة غرز الخشب في الدار وبين الإذن في بناء العرصة. قال: وينبغي أن تتأمل هذه الأقوال بعضها لا يشك في مناقضته للأول، وبعضها يغلب على الظن أن يكون قيدًا في الأول فلا يكون مخالفًا له. قلت: ما عزاه من التحصيل هو تحصيل ابن زرقون، وما عزاه للأخوين وهمٌ، إنما قولهما هو ما عزاه لأشهب حسبما تقدم من لفظ ابن رشد في غير نسخة من البيان، وما عزاه لأشهب وابن نافع لا أعرفه لغير الباجي.

وفي النوادر: ذكر أشهب في كتابه أن المستعير إذا فرغ من بنائه وغرسه فلرب الأرض إخراجه فيما قرب أو بعد؛ لأنه أعاره لغير أجل وهو فرط إذ لم يضرب أجلًا، وللدمياطي عنه له إخراجه متى شاء إن كان لحاجته إلى عرصته أو إلى بيعها تقدم لهما شرط أم لا، وإن كان لا لحاجة بل لشيء بينهما فليس له ذلك، وقال في كتابه: من قال: أعرتك دابتي إلى موضع كذا أو كذا يومًا أو حياتك فلا رجوع له إلا إلى الأجل، وإن لم يزد على أن قال: أعرتك فله الرجوع متى شاء. قلت: وهذا كله يرد ما عزاه لأشهب. وكل بانٍ أو غارسٍ في غير ملكه عمدًا بغير إذن رب الأرض، ولا شبهة ملك، ولا معار إلى أجل أخرج لتمام أجله، فلرب الأرض أمره بإخراجه من أرضه، أو أخذه مجانًا إنلم يكن له ثمن بعد قلعه، فإن كان له ثمن فلربها أخذه بقيمته، في المدونة مع غيرها منقوضًا مقلوعًا. الصقلي عن محمد: بعد طرح أجر القلع، وعزاه ابن رشد في غصب المقدمات إلى ابن شعبان، وقال: هذا إن كان الباني ممن لا يتولى ذلك بنفسه ولا عبيده، وإنما يستأجر عليه، وقيل: لا يحط من ذلك أجر القلع على مذهب ابن القاسم في المدونة، وإليه ذهب ابن دحونٍ واعتل بأن الغاصب لو هدمه لم يكن للمغصوب منه أخذه بالقيمة بعد الهدم. قلت: فأحرى أن يكون كذلك في غير الغاصب، وتمام هذا في الغصب والاستحقاق. عياض: حكى ابن حبيب عن شيوخه أن قيمة ذلك كله قائمًا على كل حال. ابن رشد: قال في سماع يحيى من الاستحقاق لابن حبيب من رواية الأخويين: من بنى أو غرس بأرض قوم بإذنهم أو بعملهم ولم يمنعوه فله قيمة ذلك قائمًا. قال: وكذا من تكارى أرضًا أو منحها لأجل أو لغير أجل أو بنى بأرض له فيها شرك فعلم شريكه. قال الأخوان: ما اختلف فيه قول مالك ولا أحد من أصحابه، وبه القضاء

بالمدينة، وقاله ابن كنانة وابن نافع وابن مسعود وشريح، وروى ابن وهب فيه حديثا. وفيها: من أذنت له أن يبني في أرضك أو يغرس فلما فعل أردت إخراجه بقرب إذنك مما لا يشبه أن تعيره إلى مثله، فليس لك إخراجه إلا أن تعطيه ما أنفق، وقال في بابٍ بعد هذا قيمة ما أنفق وإلا تركته إلى مثل ما يرى الناس أنك أعرته إلى مثله من الأمد. عياض: قوله: قيمة ما أنفق كذا في كتب شيوخنا، وهي رواية أصبغ وسقط لفظ قيمته في رواية، وزاد في بعض النسخ: حيًا قائمًا، وكذا في كتاب ابن المرابط، وفي موضع آخر من الكتاب: يعطيه ما أنفق وهي رواية الدمياطي، وتكلم الناس في اختلاف اللفظين واتفاقهما بما لا يحتاج إلى تكريره. وفي مختصر حمديس: إن أعطاه ما أنفق يعطيه أجر مثله في كفايته ليس على قيامه؛ لأن رب الأرض قد يجد ما أنفق ويعجز عن القيام، ولولا ذلك لم يشأ من عجز عن القيام أن يعير أرضه، فإذا استوى البناء والغرس أخرجه، وقال: هذه نفقتك وسلم ذلك. ولابن رشد في آخر سماع أشهب من الاستحقاق فيما يجب به الرجوع فيما عمره وبناه تفصيل، واختلاف إن كان ذلك بحدثانه قبل بنائه ففيه قولان: قوله: في هذه الرواية له النفقة، والثاني: له قيمة النفقة، والقولان في المدونة على اختلاف في الرواية، وقيل: ليس ذلك باختلاف فله النفقة إن كان لم يغبن فيها وقيمتها إن كان غبن، فيرجع إلى أن له الأقل من النفقة أو قيمتها، وإن كان ذلك بعد أن طال الأمر وبلي البناء، فليس فيه إلا قيمة البناء قائمًا على حالته من البلا اتفاقًا. ومعرفة ذلك أن يقول كم قيمة الدار اليوم على ما هي عليه من هذا البناء القديم وكم كانت تكون قيمتها اليوم لو كان هذا البناء الذي فيها جديدًا فينقص ما بين القيمتين من النفقة التي أنفق، أو من ثمنها على الاختلاف المذكور فيما بقي كان هو الواجب به الرجوع. قلت: وتمامه في الاستحقاق.

عبد الحق: قوله يعطيه ما أنفق، وفي باب آخر قيمة ما أنفق يحتمل ثلاثة أوجه: القيمة فيما أخرج من عنده من آجر وجيارٍ ونحوه، وما أنفق إذا أخرج ثمنًا اشترى به هذه الأشياء. الثاني: القيمة فيما طال أمده؛ لأنه تغير بانتفاعه، وما أنفق فيما قرب جدًا فلا يكون اختلاف قول. الثالث: أن ما أنفق يعطيه فيه عدد الدنانير التي أنفق إن كان لم يغبن أو غبن يسيرًا وقيمة ما أنفق يعطي القيمة بالعدل لا يحسب ما يتغابن الناس بمثله، وعلى هذا يكون اختلاف قول، وكل هذه الوجوه تأول فيها الصقلي هذا التأويل. والأول محتملان، وأما الآخر فخطأ؛ لأنه إنما يعطيه قيمة ما أنفق يوم البناء، ولا يراعى تغير أو لم يتغير، ولو عكس هذا كان أولى؛ لأن ما تقادم وتغير القيمة فيه يوم البناء متعذرة لتغيره، ولا يتحقق كيف حاله يوم البناء، فيجب أن يعطيه ما أنفق نقدًا، وما كان بالقرب لم يتغير فالقيمة فيه متحصلة، فإذا أعطيها لم يظلم؛ لأنها متوسطة بين ما غبن أو غبن كيف، وهو إذا طال الأمد ينقص فيه فهو يخرجه ويعطيه قيمته مقلوعًا. وفيها: من ركب دابة رجل إلى بلد وادعى أنه أعاره إياها، وقال ربها بل أكريتها مني، قبل قول ربها إلا أن يكون مثله لا يكري الدواب لشرفه وقدره. وفي الجعل والإجارة منها: إن ادعى رب المتاع أن الصنع عمله له باطلًا، وقال الصانع: بل بأجر كذا، صدق الصانع فيما يشبه من الأجر، وإلا رد لأجر مثله. قال غيره: يحلف ويأخذ الأقل مما ادعى أو من أجر مثله. عبد الحق: على قول ابن القاسم إن ادعى الصانع ما يشبه فلا يمين على رب المتاع، وإن ادعى ما لا يشبه حلف رب المتاع ليسقط ما ادعى الصانع من التسمية على أجر المثل وعلى قول غيره، ويأخذ الأقل مما ادعى رب المتاع إن فضلت التسمية على أجر المثل لم ليسقط الفضل، وإن ادعى الصانع مثل أجر المثل فأقل فلا حلف على رب المتاع إنما يحلف الصانع وحده. وفي أكرية الدور منها: ومن أسكنته دارك ثم سألته الكراء، فادعى أنك أسكنته

بغير كراء، فالقول قولك فيما يشبه من الكراء مع يمينك. قال غيره: على الساكن الأقل من دعواك وكراء المثل بعد أيمانكما، وتناقض ما في العارية لعدم تقييد هذه بقولها في العارية إلا أن يكون رب الدابة ممن لا يكري الدواب لشرفه. ويجاب باقتضاء العرف أن كراء الدواب نقص في بعض الناء، وكراء الرباع ليس نقصًا في أحد من الناس، وهذا في سكنى الرباع استغلالًا، ولو أسكنه بيتًا في دار معه لكان ذلك كمسألة الدابة، وكذا الثياب والآنية. الصقلي: قوله: بعد أيمانهما هو إن كان كراء المثل أقل من دعوى رب الدار، وإلا فلا معنى ليمين الساكن. وقال بعض فقهاء القرويين: يلزم على قول ابن القاسم لو قال: بعتك هذه السلعة بعشرة، وقال: من هي بيده وهبتما لي وفاتت وقيمتها تسعة، أن يأخذ ربها عشرة بيمينه والآخر ما أقر بوضع يده عليها بشراء قط. وفي الموازية: من قال: بعت منك هذه السلعة، وقال الآخر: وكلتني على ببيعها فبعتها، يحلفان وترجع السلعة، وفيه نظر؛ لأنهما مقران أن بيع الوكيل لا ينقض؛ لأن ربها يقول بعتها منه فبيعه لا ينقض، والوكيل يقول أمرتني ببيعها فلا ينقض، فإن فاتت لم يصدق أحدهما على صاحبه وغرم الوكيل قيمة السلعة ما لم تزد على الثمن الذي ادعاه ربها، فإن زاد فالزائد لربها إن رجع بالقرب، وإلا تصدق به على من هو الذي ادعاه ربها، فإن زاد فالزائد لربها إن رجع بالقرب، وإلا تصدق به على من هو له، وليس هذا الشرح من كتاب محمد وإنما نزلته على أصولهم، وأفادت المسألة أنه لم يجعل القول قول من قال: بعت منك، وكذا يجب إذا قال: أسكنتك بكذا، وقال الآخر: أسكنتني بغير شيء. قلت: قوله وكذا يجب إن قال: أسكنتك أسكنتني بغير شيء كلام واضح لغوه لمن تأمله، وهذا؛ لأنه أراد بقوله هذا أنه لا يلزم الساكن شيء بحال فباطل لزومه لما ذكر في مسألة الوكيل؛ لأنه فيها قد غرم الوكيل القيمة في الفوت، وإن أراد أنه لا يلزمه العدد الذي ادعاه عليه مالك الدار فهو المنصوص، فقوله: وكذا يجب لغوه؛ لأنه

تحصيل الحاصل. وسمع ابن القاسم: من استعار دابة وقال أعرتنيها لبلد كذا وكذا، وقال ربها بل إلى بلد كذا وكذا فإن أشبه ما قال المستعير فعليه اليمين. ابن القاسم: هذا إن ركب المستعير ورجع، وإن لم يركبها فالقول قول صاحب الدابة، وكذا ابن رشد: من أخدم رجلًا خادمًا أو أسكنه منزلًا. ابن راشد: لا خلاف أن القول قول المعير إن اختلفا قبل الركوب أو بعد الوصول لما أقر به المعير. اللخمي: إن اختلفا قبل الركوب فالقول قول المعير مع يمينه كان اختلافهما في ناحيتين أو في زيادة مسافة، ثم المستعير بالخيار في ركوبها إلى ما حلف عليه المعير أو يترك إلا أن يخشى منه التعدي بها حيث ادعى فلا تسلم له إلا بتوثق منه لئلا يتعدى، وإن اختلفا بعد الركوب ففيها مع سماع ابن القاسم: القول قول المستعير إن أشبه. زاد ابن القاسم في العتبية: عطبت أو اعتلت. اللخمي عن أشهب: يقبل قوله في نفي الضمان وقول المعير في الكراء، ويتخرج فيها قبول قوله فيهما من أحد القولين أن القول قول الآمر فيما اشترى المأمور خلافه أحرويًا؛ لأن المستعير يجر نفعًا لنفسه بخلاف الوكيل. قلت: عزا هذا القول ابن رشد في السماع المذكور لابن القاسم في الدمياطية، ونصها: من استعار ثوبًا فحبسه شهرًا وجاء به، وقد تغير فقال ربه: إنما أعرتك اليوم واليومين، وقال المستعير: بل إلى أن أقدم من سفري إن كان ربه حاضرًا معه لا يسأله عنه، فالقول قول المستعير ويحلف، وأما السفر فهو متعدٍ إن حلف صاحب الثوب، والخلاف في المسألة إنما هو إن غاب المستعير عن المعير بالدابة أو الثوب ثم قدم بهما. قلت: لا يخفى على منصف ضعف أخذ ابن رشد القول الذي خرجه اللخمي من مسألة الدمياطية، وهذا؛ لأنه لا خلاف أنه لا يكون القول قول المستعير إلا بقيد الشبه. وقوله في مسألة الدمياطية: إنما قاله ابن القاسم؛ لأنه رأى أن دعواه السفر غير شبهة؛ ولذا فرق بين الحضر والسفر.

الصقلي: مقتضى قول ابن القاسم أن القول قول المستعير في سقوط الضمان والكراء. في مختصر الشيخ: قال لسحنون: القول قوله في رفع الضمان وفي الكراء قول رب الدابة. ابن حارث: أنكر سحنون ضمان المستعير، وقال: القول قوله مع يمينه، قاله عنه يحيى بن عمر، ولهم فيها مناقضة وجواب ذكرناه في الأكرية بعد هذا. الشيخ لأشهب في كتابه من بعث رسولًا إلى رجل يعيره دابةً إلى برقة، فقال الرسول للرجل يسلك فلان، فأعاره وركبها إلى برقة فعطبت، فقال المعير: إنما أعرته إلى فلسطين، وقال الرسول: إلى برقة فشهادته ساقطة؛ لأنها على فعل نفسه، ويحلف المستعير على دعواه ويسقط عنه الضمان، ويحلف المعير على دعواه، ويكون له ما بين كراء برقة إلى فلسطين. وفيها: من بعث رسولًا إلى رجل يعيره دابةً إلى برقة، فقال الرسول للرجل: يسألك فلان أن تعيره دابتك إلى فلسطين، فأعاره فركبها المستعير إلى برقة ولا يدري فعطبت، فإن أقر الرسول بالكذب ضمن، وإن قال: بذلك أمرتني وأكذبه المستعير فلا يكون الرسول شاهدًا؛ لأنه خصم والمستعير ضامنٌ إلا أن يأتي ببينةٍ أنه ما أمره إلا إلى برقة. فضل- في اختصار الواضحة-: قول ابن القاسم: يضمن المستعير؛ يريد: إذا حلف الرسول. عياض: قوله والمستعير ضامن إلا أن يأتي ببينة على ما زعم ثبتت هذه الزيادة في كثير من روايات الأندلسيين والقرويين لا في رواية سليمان بن سالم، ولا يزيد بن أيوب وصحت في رواية يحيى بن عمر. وقال ابن القاسم اللبيدي: سقطت في رواية جبلة، وأسقطها البراذعي وغيره وقال بعضهم: وأدخلها الشيخ وغيره من المختصرين، وقال أشهب: لا يضمن المستعير ويحلف ما أمره إلا إلى برقة.

قال بعضهم: وكذا يجب على قول ابن القاسم كما في مسألة عبد الرحيم، وقال غيره: إنما ضمنه في هذه؛ لأنه لا يقطع بكذب المعير إذ لا حقيقة عنده مما قاله الرسول، وفي مسألة عبد الرحيم هو مكذب للمعير. قلت: عزا الصقلي هذا الجواب لبعض أصحابنا عن بعض شيوخنا وقال: لو عكس كان أولى؛ لأن مسألة عبد الرحيم المعير فيها يحقق تكذيب المستعير، وفي هذه لا يحقق تكذيبه فهو أحرى أن يقبل قول المستعير ولا يضمنه بالشك، ألا ترى أنهم قالوا في المودع يدعي رد الوديعة أن القول قوله مع حلفه، وإن لم يتهم لدعوى رب الوديعة تكذيبه، ولو قال ضاعت صدق إن كان غير متهم بغير يمين؛ لأن ربه لا يدعي تكذيبه، فبان أن من ادعى تكذيبه أشد. وأيضًا من أصلنا إذا استوت دعوى الخصمين فالقول قول من ادعى عليه الضمان، وهو المستعير، وفي هذه المسألة استوت من دعواهما؛ لأن كلا منهما لا يدعي تكذيب صاحبه. اللخمي: وعلى الرسول اليمين لهما أن الباعث أمره إلى فلسطين، فإن نكل غرم قيمة الدابة لربها، فيرد ربها للراكب ما أخذ منه إذ لا يجتمع له أخذ القيمة والكراء، ولأن نكوله لرب الدابة نكول عن دعوى الآمر أنه لم يأمره إلا إلى برقة؛ لأن الراكب يقول للرسول لو اعترفت لي بالتعدي غرمت القيمة ولم يكن علي شيء، وإن صدق الرسول الآمر حلف لرب الدابة أنه لم يقل للرسول إلا إلى برقة، فإن نكل حلف رب الدابة أنه لم يقل له إلا إلى فلسطين وأغرمه قيمة الدابة ورد الكراء للراكب. الصقلي عن ابن حبيب: من استعار دابة لحمل أو ركوب فردها مع عبده أو أجيره فعطبت أو ضلت لم يضمنها؛ لأن شأن الناس هذا، وإن لم يعلم ضياعها إلا بقول الرسول وهو مأمون أو غير مأمون ذلك سواء. زاد في الواضحة: وكذا مبتاع الدابة على خيارٍ يبعث بها إلى بائعها. الشيخ: لابن حبيب عن مطرف لا يقبل دعوى المستعير رد العارية التي يغاب عليها إلا ببينة ولو قبضها بغير بينة، وكذا ما لا يغاب عليه إن أخذه ببينة، وإن أخذه

باب المخدم

دونها صدق مع يمينه أدعى هو ردها أو رسوله، وقال أَصْبَغ إلا في دعوى ردها مع رسوله لا يصدق, ولو كان أخذها بغير بينة، وقول مطرف: أقول: اللخمي على قول عبد الملك في القانع: القول قوله في الرد إن كان أحذها بغير بينة بخلاف التلف يقبل قوله في العارية، وإن اختلاف في صفة العارية وقد تلفت قبل قول المستعير مع يمينه ما لم يأت بما لا يشبه. ابن رُشْد: من حق المستعير أن يشهد على المعير في رد العارية، وإن كان دفعها له بغير إشهاد بخلاف الوديعة؛ لأن العارية تضمن والوديعة والعرية لا تضمن، وأجرة حمل العارية على مستعيرها لقوله (صلى الله عليه وسلم) لصفوان في السلاح التي أعاره إياها أكفنا حملها واختلاف في أجرة ردها. قبل: على المستعير وهو الأظهر، وقيل: على المعير. [باب المخدم] المخدم: ذو رق وهب ملك خدمته إياها لغيره، فيدخل المدبر والجزء من العبد

لا المكاتب ولا أم الولد إذا لا خدمة لمالكهما فيهما، وهما أحد أنواع العارية إذا لم يخرج ربه عن ملك رقبته لعتقٍ أو ملكٍ في وصاياها الأولى نفقة الموصى بخدمته في الخدمة على المخدم. أن العطار: يحتمل أن يكون بفتح الدال وكسرها، والذى تأولناه أنه بفتحها. قال غيره: هذا خلاف قوله في الزكاة: أن زكاة الفطر عنه على سيده، وقال في باب بعده: ولا يؤديها الرجل إلا عن من يحكم عليه بنفقته من المسلمين خلاف المكاتب. وسمع أَصْبَغ ابن القاسم: من أخدم عبده رجلاً سنةً، ثم هو للآخر بتلاً فمات العبد قبل السنة عن مال فهو لسيده؛ أَصْبَغ: لأنه مات قبل أن يجب للرجل، وفي سماعه يحيى خلافه، ففي بقاء ملك المخدم المبتل بعد الخدمة للمخدم أو غيره على ملك ربه أو ينتقل لمن بتت له قولان ورويا. قُلتُ: وعليها لو أعمر ذو جنة ولده أو أجنبيا مدة، ثم هي له ملك بعد المدة، ثم مات المعير والمعمر قبل مضي المدة في كونها لورثة المعمر أو المعمر القولان والروايتان، وفي وصاياها الأول: ولد المخدمة والمخدم من أمته بمنزلته يخدم معه.

كتاب الغصب

[كتاب الغصب] الغصب: أخذ مالٍ غيرٍ منفعةٍ ظاماً قهراً لا بخوف قتالٍ، فيخرج أخذه غيلةً، إذ لا قهر فيه؛ لأنه بموت مالكه حرابته.

وقول ابن الحاجب مختصراً كلام ابن شاسٍ: أخذ المال عدواناً قهراً من غير حرابةٍ يبطل طرده بأخذ المنافع كذلك، كسكنى ربعٍ وحرثه وليس غصباً، بل تعدياً، وتعقب بتركيبه، وهو وقف معرفته على معرفة حقيقةٍ أخرى ليست أعم منه ولا أخص من أعمه. وقول ابن عبد السلام: ذكر القيود في الرسم بحرف السلب لا يحصل بها تمييزً؛ بل توجب إجمالاً، فإنك لا تشاء أن تقول مثل ذلك في حدً أو رسمٍ إلاً قلته. يرد بأن العدم الإضافي يفيد نفي ما كان محتمل الثبوت، إفادة ظاهرة، ولذا صح وروده في النعوت في كلام العرب والقرآن، كقوله تعالى {غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ} [الفاتحة: 7]، والخاصة في الماهيات الجعلية الاصطلاحية يصح كونها عدميةً؛ ولذا لم يتعقب الأشياخ حد القاضي القيا بقوله: حمل معلومٍ أو صفةٍ أو نفيهما باشتماله على قيدين عدميين، مع كثرة إيراد الأسئلة عليه. ومعرفة حرمته في الدين ضروريةً؛ لأن حفظ المال أحد الكليات الخمس التي أجمعت المال عليها، ويؤدب فاعله؛ لأنه ظلمً. ابن رُشْد واللخمي وابن شعبان وغيرهم: فيه حق الله تعالى الأدب والسجن بقدر اجتهاد الحاكم، فإن كان العاصب صغيراً لم يبلغ ففي سقوط أدبه لرفع الإثم عنه وثبوته كما يؤدب في المكتب قولان، والغصب بين الكافرين كالغصب بين المسلمين. ابن شعبان: وكذا بين الزوجين وبين الوالد وولده، وفي اغتصاب الوالد من ولده خلافً، وبهذا أقول ومتعلق حق المعصوب منه بمال الصبي المميز في حمالتها، ويلزم الصبي ما كسره من متاعٍ أو أفسده أو اختلسه وما فعله من ذلك ضمنه. وفيها: من أودعته حنطةً فخلطها صبي أجنبي بشعيرٍ للمودع ضمن الصبي ذلك في ماله، فإن لم يكن له مال ففي ذمته. وفي دياتها: وإذا جنى الصبي أو المجنون عمداً أو خطأً بسيف أو غيره فهو كله خطأ تحمله العاقلة إن بلغ الثلث، وإن لم يبلغه ففي ماله يتبع به ديناً في عدمه.

ابن رُشْد: إن كان الصغير لا يعقل ففي إهدار جنايته في الدم والمال كالعجماء أو كالمميز، ثالثها: إهدار ما أصاب من مالٍ واعتبار ما أصاب من الدم. وتقدم حكم ما باعه أو ابتاعه، والخلاف في إغرامه ما صون به في البيوع والوديعه. ابن الحاجب: وأما غير المميز قليل: المال في ماله، والدم على عاقلته، وقيل: المال هدر، وقيل: كلاهما، ابن عبد السلام: هذا حسن في الفقه، والروايات لا تساعده. قُلتُ: قوله: (والروايات لا تساعده) يرد بنقل ابن رُشْد في ثاني مسألة من رسم العشور من سماع عيسى من الجنايات. قال: لا خلاف أن الصبي الذي لا يعقل ابن سنة ونصف ونحوها أنه في جنايته في المال والدماء كالمجنون، وفيهما ثلاثة أقوال الذكورة، وعزا الثالث لهذه الرواية. قال: والصبي المميز ضامن المال في ذمته، والدماء على حكم الخطأ، والكبير المولى عليه في جنايته كالمالك أمر نفسه، ومجرد حصول المغصوب في حوز الغاصب يوجب ضمانه بسماوي أو جناية غيره عليه. فيها: ما مات من الحيوان، أو انهدم من ربع بيد غاصبه بقرب غصبه، أو بغير قربه بغير شبهة، ضمن قيمته يوم الغصب، ولو قتل الأمة المغصوبة أجنبي وقيمتها يومئذ أقل من قيمتها يوم الغصب غرم الغاصب تمام قيمتها. ابن الحاجب: ويكون التفويت بالمباشرة أو بإثبات اليد العادية بالمباشرة؛ كالقتل، والأكل، والإحراق، وإثبات اليد العادية في المنقول بالنقل، وفي العقار بالاستيلاء وإن لم يسكن. قُلتُ: قالوا ضمير (يكون) عائد على الضمان. وقال ابن عبد السلام: قوله: وإثبات اليد العادية في المنقول بالنقل، هذا الوجه من وجهي إثبات اليد العادية سبب اتفاقاً، وهو نقل ما يمكن نقله كالحيوان والثياب ينقلها الغاصب فتهلك تحت يده بأمر من الله. قال: وقوله: وفي العقار بالاستيلاء وإن لم يسكن، هذا مذهب مالكٍ والشافعي

خلاف مذهب أبي حنيفة. قُلتُ: فحاصل كلام ابن الحاجب وشارحة أن غير العقار لا يتقرر فيه الضمان بمجرد الاستيلاء، وليس المذهب كذلك؛ بل مجرد الاستيلاء وهو مجرد حقيقة الغصب توجب الضمان. لو غصب أمة كائنة ببقعةٍ أو غيرها من الممتلكات فاستولى عليها بالتمكن من التصرف فيها دون ربها ضمنها، روايات المذهب واضحة بهذا لمن تأملها، من ذلك قول الباجي: روى ابن وَهْب في المجموعة: من غصب عبداً فمات من وقته بغير سببه ضمنه، وقال ابن القاسم فيمن غصب داراً فلم يسكنها حتي انهدمت ضمن قيمتها. قُلتُ: كذا في النوادر قال: ومثله في الموازية. قال ابن عبدوس: وقاله أشهب، وذلك كله في العروض وغيرها.

كتاب التعدي

[كتاب التعدي] التعدي: قال المازري: هو غير الغصب أحسن ما ميز به عنه أن التعدي الانتفاع بملك الغير بغير حق دون قصد تملك الرقبة أو إتلافه أو بعضه دون قصد تملكه.

قُلتُ: وحاصل مسائل التعدي الانتفاع بمال الغير دون حق فيه خطؤه كعمده، أو التصرف فيه بغير إذنه ولا إذن قاضي أو من يقوم مقامه لفقدهما، فيدخل تعدي المقارض وسائر الأجراء والأجانب. ابن الحاجب: فإن غصب السكنى فانهدمت الدار لم يضمن إلا قيمة السكنى. ابن عبد السلام: معناه: أنه غير غاصب للذات؛ لأنه لم يقصد ملك رقبتها فهو متعدٍ، وقد علم الفرق في المذهب بين المتعدي والغاصب وهو حسن لو طردوه، ولكنهم جعلوا المتعدي على الدابة في الكراء والعارية ضامناً للرقبة. فإن قلت: المتعدي على الدابة ناقل لها وفي الدار غير ناقل لها. قُلتُ: أسقط أهل المذهب وصف النقل في المعصوب عن درجة الاعتبار في ضمان الغاصب، وكذا ينبغي في التعدي. قُلتُ: ظاهر لفظ ابن الحاجب وشارحه أنه لا يضمن الدار ولا شيئاً منها، سكن جميعها أو بعضها، وهو خلاف نقل ابن شاس عن المذهب. قال: لو غصب السكنى فقط فانهدمت الدار إلا موضع سكناه لم يضمن، ولو انهدم مسكنه لضمن قيمته، والتحقيق في ذلك إجراء المسألة على حكم هلاك المتعدي فيه مدة التعدي، بأمر سماوي، ولا سبب فيه للمتعدي، وتقدم تحصيله في العارية، فنقل ابن الحاجب بناءً على لغو ضمانه بذلك، ونقل ابن شاس بناءً على ضمانه بذلك فتأمله، وبهذا يتبين لك ضعف مناقضة ابن عبد السلام بين مسألة التعدي بالسكنى ومسألة التعدي بالركوب؛ لأن الهلاك في زمن التعدي بالركوب لا يعلم كونه بغير سبب المتعدي بحال، والهدم يعلم كونه لا بسببه، وقياسه في آخر كلامه التعدي على الغصب واضح رده بما فرق به أهل المذهب بين التعدي والغصب، من ذلك اعتبار لازمي ذاتيهما لازم ذات الغصب قصد تملك الرقبة، فلم يفتقر معه في الضمان إلي نقل، ولازم ذات التعدي البراءة من قصد تملك الذات، فناسب وقف ضمانها على التصرف فيها

بالنقل. ابن الحاجب: ويكفي الركوب في الدابة والجحد في الوديعة. ابن عبد السلام: يعني يكفيان في ضمان الغاصب والمتعدي، ومسألة الركوب ظاهرة باعتبار الغصب؛ لأن وضع اليد وحده كاف. قُلتُ: ما علل به ظهور مسألة الغصب موجب إشكالها في كلام ابن الحاجب؛ لأن ظاهر قوله: (يكفي الركوب في الضمان) يقتضي نفيه بنفيه، والعلة المذكورة تناقضه وهى الحق، وقول ابن عبد السلام بها يناقض ظاهر ما تقدم له في تفسير قول ابن الحاجب، وإثبات اليد العادية في المنقول بالنقل فتأمله منصفاً. والسبب الموجب سبب غصب مثله. في نوازل سَحنون: إن أكره عامل رجلاً على أن يخرج له متاع رجل من بيته فدفعه له، فللمغصوب منه طلب ماله ممن شاء منهما، فإن أخذه من المباشر فله الرجوع به على من أكرهه، وله طلبه بغرمه له قبل غرمه في غيبة ربه خوف طلبه به إذا قدم. ابن رُشْد: وهذا؛ لأن الإكراه على الأفعال التي يتعلق بها حق لمخلوق كالقتل والغصب لا يصح بإجماع، وقوله: (يقضى له بغرمه له قبل غرمه به) فيه نظر، ومقتضى النظر عدم تمكينه منه، ووقفه لربه. قُلتُ: الأظهر تمكينه منه؛ لأنه لو هلك في الوقت لضمنه؛ لأنه على حكم الغصب باقي، وذكر الشيخ مسألة نوازل سَحنون في كتاب الغصب، ولم يزد فيها شيئاً. وقال في كتاب الإكراه: ولابن سَحنون عنه من أكره على رمي مال رجل في مهلكة ففعل ذلك بإذن ربه من غير إكراه فلا شيء عليه ولا على من أكرهه، وإن أكره ربه على الإذن فالفاعل ضامن، فإن كان عديما فالضمان على الذي أكرهه، ولا رجوع له على الفاعل إذا أيسر. قُلتُ: مفهوم قوله: (إن كان عديماً) أنه لا غرم على الآمر المكره وهو خلاف قوله في نوازله: ويفرق بينهما أن المال الكره على أخذه قبضه الأمر المكره في مسألة نوازل، فناسب كونه أحد الغريمين على السوية، والمال المكره على أخذه في مسألة ابن سَحنون

ليس ماله؛ لانتفاع الآمر به يناسب كونه مشروطاً بعسر الفاعل. فإن قُلتُ: في ضمان الفاعل مع استناده لإذن المالك المكره على إذنه نظر؛ لأن كلا من فعل الفاعل وإذن المالك مسبب عن إكراه المالك لهما، فإن كان فعل المكره لغواً فلا ضمان على الفاعل، وإن كان معتبراً كان إذن المالك معتبراً، وكل ما كان معتبراً لم يكن الفاعل متعدياً فلا يكون ضامناً. قُلتُ: يجاب بأن المكره عليه إن كان قولاً كان لغواً، وإن كان فعلاً كان معتبراً حسبما تقدم في طلاق المكره، ويأتي إن شاء الله في الزنى والمكره عليه في حق الفاعل فعل يوجب اعتباره، وفي حق المالك قول يوجب لغوه فكأنه لم يكن منه إذن. قال الشيخ: وقال في باب آخر قولهم الكفر والقذف لم يبح له في الضرورة كما أبيحت له الميتة. فيها: قال محمد: أفسدوا هذه العلة بإجماعهم هنا على من أكره بتهديد بقتلٍ أو قطع عضو أو ضرب يخاف منه تلفه على أخذ مال فلان يدفعه لمن أمره وأكرهه أنه في سعة من مال الرجل ودفعه إليه ويضمن الآمر ولا يضمن المأمور. قال من خالفها: وإنما يسعه هذا ما دام حاضراً عند الآمر، ولو أرسله ليفعل ذلك فخاف إن ظفر به أن يفعل به ما هدده به فلا يسعه فعل ذلك إلا أن يكون معه رسول الآمر، يخاف أن يرده إليه إن لم يفعل فيكون كالحاضر. محمد: رجا المكره الخلاص إن لم يفعل فلا يسعه الفعل كان معه رسول أم لا، وإن لم يأمن نزول العقل به ويسعه أن يفعل كان معه رسول أم لا، وإن هدده على أن يأخذ مال مسلم يدفعه له فأبى حتي قتله كان عندنا في سعة، وإن أخذه كان في سعة. وفيها مع غيرها: من حفر بئراً أو غيرها حيث لا يجوز له أو حيث يجوز له لما لا يجوز له؛ ضمن ما هلك بذلك. الشيخ: روى محمد في ماله إلي الثلث ما بلغه على العاقلة. محمد: ما هلك من عبد أو دابة أو غير الديات في ماله وتمامه في موجبات الجراح. قال ابن الحاجب تابعاً لابن شاس: فإن ألقاه فيه غير الحافر ضمنه دونه

تقديمًا للمباشر. قُلتُ: وكذا نقله الطرطوشي في مسألة حل القفص الآتية، وعارضها ابن عبدالسلام بتسوية سَحنون بين المكره غير على أن يخرج له مال رجل من بيته ويدفعه له، مع أن الآمر المكره متسببٌ والمأمور مباشر. وأجاب بأن التسبب بالإكراه أشد من التسبب بالحفر. قُلتُ: الحق انهما سواء في مسألة سَحنون مباشران معًا ضرورة مباشرة الآمر المكره أخذ المال من مخرجه واستقراره بيده، والآخذ من الغاضب العالم بالغصب غاصبٌ. وقال المازي: في حل رباط زق مملوء زيتًا لرجل، وأبقاه مستندًا كما وجده فأسقطه رجل، فقال أصحاب الشافعي: لا ضمان على من حله سقط بفعل آدمي أو ربح وضمنوا من أسقطه غير قاصد إتلاف ما فيه، لأنه المباشر إتلافه، وفيه نظر، والأولى اشتراكهما في ضمانه إذا علم أنه لو سقط مربوطًا لم يذهب ما فيه، ولو بقي محلولًا لم يسقطه أحد لم يذهب ما فيه، لأن التلف إنما حصل بمجموع فعليهما، ول أنفرد أحدهما لم يحصل فهما كرجلين أخرجا شيئًا ثقيلًا من حرز، لو انفرد أحدهما به لم يقدر على إخراجه فإنهما يضمنانه معًا. الصقلي: لابن حبيب عن الأخوين: من جلس على ثوب رجل في الصلاة فقام ربه، وهو تحت الجالس فتقطع لا ضمان على الجالس، لا يجد الناس من هذا بدا في صلاتهم. قُلتُ: وأخذ من قولها ضمان موت فرس أحد المصطدمين في مال الآخر، وحده ضمان الجالس على الثوب وحده، وقاله بعض الموثقين من عند نفسه لا بالأخذ منهما. قُلتُ: والأظهر كونه منهما كمحرم حبس صيدًا لمحرم قتله. وفي لقطتها: من فتح باب قفص فيه طير فذهب الطير ضمن، ومن حل عبدًا من قيد قيد به خوف إباقه فذهب العبد ضمن، ومن حل دواب من مرابطها فذهبت ضمنها كالسارق يدع باب الحانوت مفتوحًا، وليس فيه ربه فيذهب ما في الحانوت فالسارق يضمنه.

ومن فتح باب دار فيها دواب فذهبت، فإن كانت الدار مسكونة فيها أهلها لم يضمن، وإن لم يكن فيها أربابها ضمن، ولو كان ربها فيها نائمًا لم يضمن، وكذا السارق يدع الباب مفتوحا، أهل الدار فيها نيام لا يضمن ما ذهب بعد ذلك. وسمع ابن القاسم في السرقة: من سرق ركاب دابة واقفة بباب المسجد عليها صبي قطع إن كان منتبهًا، وأن كان نائمًا فلا، كدابة ليس معها أحد. فعارض ابن رُشْد جعله الصبي بنومه كالعدم بجعله في كتاب اللقطة رب الدار فيها نائمًا ككونه مستيقظًا في طرح الضمان عن تارك باب داره محلولًا. وأجاب بأن ذلك جعله في مسألة القطع لدرء الحد بالشبهة، فلا يتخرج قولها في مسألة اللقطه لذلك، وأخذ من قولها ضمان موت أحد فرس المصطدمين في مال الآخر وحده ضمان الجالس على الثوب وحده، وقاله بعض الموثقين من عند نفسه لا بالأخذ منها ويشبه أن يتخرج قولها في مسألة اللقطة فيضمن تارك الباب مفتوحًا إن كان رب الدار نائمًا فيها، فجعله كالعدم كالصبي النائم على الدابة. الصقلي عن أشهب: إن كان الدواب مسرحية في الدار ضمن، وإن كان أربابها بها، والقياس ضمانه، وإن كان أهلها فيها إن لم يعلموا بفتح الباب، وإنما أسقط ضمانه خوف أن يكون أربابها علموا فتحها. وفي الموازية: من دفع عبده لرجل وقال له قيده فتركه لم يقيد ضمنه، ولو قال له صب لي هذا الزيت في هذه الخابية إن كانت صحيحة فصبه وهي مكسورة ناسيًا ضمن، ولو قال أجعل هذا الطير في القفص وأغلق عليه فترك بابه مفتوحًا نسيانًا لم يضمن. الصقلي: هذا والأول سواء، وهو اختلاف قول كالقولين في ضمان من أذن له في المشي بموضوع فمشى على إناء كسره، وكذا مسألة الطير والصب في الجرة، وقد يفرق بأن الصب في الجرة شرطة كونها صحيحة، والفرق بين مسألة الطير والعبد، أن العبد دفعه له على أن يقيده، والطير لم يدفعه له، إنما قال أغلق عليه. وفي حريم البئر منها: من أرسل في أرضه نارًا أو ماء فوصل لأرض جاره فأفسد

زرعه، فإن كانت أرض جاره بعيدة يؤمن أن يصل ذلك إليها، فتحاملت النار بريح أو غيره فأحرقته فلا شيء عليه، وإن لم يؤمن ذلك لقربها فهو ضامن، وكذا الماء، وما قتلت النار من نفس فعلى عاقله مرسلها، ومثله للشيخ عن ابن القاسم في المجموعة. المازري: وقولها من نصب شبكة لحرز غنمه من الذئب فمات بها إنسان ضمنه، معناه: أنه علم أنه لا يكاد يسلم من المرور عليها آدمي، وأجاب ابن رشد فيمن أسند جرة له بزيت لباب دار رجل ففتح رب الدار بابه فهلكت الجرة بذلك بقوله: (لا أذكر في ذلك نصًا لأحد)، ويجري فيها على أصولهم قولان: تضمين رب الدار وعدمه وبه كنت أقضي. قُلتُ: ونقل ابن سهل في مسألة إحداث فرن قرب فرن عن ابن ابي زعبل ما نصه: روى عن مالك في رجل وضع جرة من زيت حذاء باب رجل ففتح الرجل بابه ولا علم له بالجرة، وقد كان مباحا له وغيره ممنوع أن يفتح بابه، ويتصرف فيه فانكسرت الجرة فضمنه. مالك: ليس هو نفس مسألة ابن رُشْد، لأن قوله: (حذاء باب رجل) مع قوله أخيرًا: (أن يفتح بابه ويتصرف فيه) ظاهر في ان الجرة لم توضع على خشب الباب، بل بقربه، ولذا قال ابن رُشْد: لا أعرف فيها نصًا فتأمله. وفرق بعض الشيوخ بين: فتحه الباب المعهود فتحه فلا يضمن، وبين فتحه المعهود عدم فتحه فيضمن. قُلتُ: ولا يتخرج على موت الصيد من رؤية المحرم، لأنه حق لله. الشعبي: من أفتى بغرم ما لايجب فقضى به غرمه، قاله أصبغ بن خليل. ومن طارت حصاة تحت حافر دابة هو ركبها فكسرت آنية، ففي ضمانه ذلك قولا الإشبيلي وابن زَرْب. قُلتُ: وقال بعضهم بالأول إن طارت بطرد حافرها، وبالثاني: إن طارت من تحته. وقول ابن الحاجب: ومن أتلف مغصوبًا ضمن. ندرج تحت أقوال أهل المذهب قديمًا وحديثًا الخطأ في أموال الناس كالعمد.

وفيها: من سرق من سارق ما سرقه قطعًا معًا. قال مع ابن شاس: ولو قدمه الغاصب لضيفه فأكله غير عالم ضمن. قُلتُ: طاهرة أنه مبدى في ضمانه عن الغاصب، ومقتضى المذهب انه كمن وهبه غاصب ما غصبه، ويأتي حكمه، ولا أعلم نفس هذه المسألة لغير ابن شاس من أهل المذهب. قالا: ولو قدم الغاصب المغصوب للمغصوب منه فأكله برئ، وكذا لو أكرهه على أكله. قُلتُ: أما أكله طوعًا فلا أعرفه لغيره، والجاري على المذهب أن لا يحاسب المغصوب من ذلك إلا بما يقضي به عليه، إن لو أطعمه من ماله مما ليس بسرف في حق الآكل، وأما أكله مكرهًا فهو كمن أكره رجلًا على إتلاف مال، وقد تقدم وما أدري من أين نقلا هذين الفرعين. المازري: في ضمان المتسبب في إتلاف بقول كصيرفي يقول فيما علمه زائفًا طيب، وكمخير من أردا صب زيت في إناء علمه مكسورًا أنه صحيح، وكال ظالم على مال أخفاه ربه عنه عليه قولان، وعزاهما الشيخ للمتأخرين. المازري: كقولي أشهب وابن القاسم في لزوم الجزاء على من يدل محرمًا على صيد فقتله بدلالته، ولو شكا رجل رجلا لظالم يعلم أنه يتجاوز الحق في المشكو ويغرمه مالًا، والمظلوم لا تباعة للشاكي عليه، في ضمان الشاكي ما غرمه المشكو قولان، وثالثها: لبعض أصحابنا لا ضمان عليه إن كان مظلومًا. ابن رُشْد: ويجب على الغاصب رد المغصوب بعينه إن كان قائمّا، وإلا فمثله إن كان مثليًا. قُلتُ: ظاهره ولو كان عينا رد وفي الجلاب: لو امتنع غاصب عين من ردها فرد مثلها، ففي جبر ربها على مثلها قولا ابن القاسم والأبهري قال: لا حتجاج ربها بسوء كسب الغاصب، وقول ابن القاسم: إنما أخذ له في البيع ولو خلط زيتا بمثله ففي جبر ربه الغاصب على إعطائه منه، وتخييره فيه، وفي مثله من غيره نقل المارزي عن أشهب

والشافعي. قُلتُ: وهو الجاري على قولها في العين. ابن رُشْد: والمثلي المكيل والموزون والمعدود الذي لا تختلف أعيان عدده كالجواز والبيض، وقيمته إن لم يكن مثليًا، وهو ما عداه. قُلتُ: وحكى الباجي عن مالك قوله بأن جميع المثليات مثلية كقول أبي حنيفة والشافعي. المازري: في كذا في نسخ من المنتقى وأراه وهمًا قُلتُ: حكاه عن ابن زرقون ولم يتعقبه ولا نقل كلام المازري مع أنه نقل في كتابه عنه في غير موضوع. قُلتُ: واللؤلؤ الصغير القدر جدًا الذي لا يباع إلا وزنًا مثلى، وما فوقه مما هو عندي من ذوات القيم قال، ولذا قال في المكاتب: لا تجوز الكتابة على اللؤلؤ غير موصوف لتفاوت الإحاطة بصفته، يريد: بصفة الوسط منه. وفي الهبه للخمي: فيه كلام يذكر إن شاء الله تعالى. اللخمي: غاصب الطعام يغرم مثله صفة وقدرًا إن لم يتغير سوقه، ويختلف إن غصبه في شدة ثم صار إلى رخاء هل يغرم مثله، أو قيمته على القول الذي يغرم أعلى القيم، وإن كان جزافًا جهل كيله غرم قيمته يوم غصبه، واختلف إن قال المغصوب منه: أغرمه من الكيل مالا يشك أنه كان فيه، وأن له ذلك أحق. قُلتُ: وانظر لو قال الغاصب: أغرم ما لا شك أنه يفي بالقدر المغصوب هل يقبل منه اتفاقًا أو يختلف فيه بعدم جبر المغصوب منه على أكل أكثر من حقه ولو فقد المثل حين طلبه فقال ابن القاسنم: ليس عليه إلا مثله. اللخمي: يريد أنه يصير حتى يوجد. أشهب: يخير الطالب في الصبر أو القيمة. الصقلي عن ابن عبدوس: اختلفا في هذا كما اختلفا في السلم، في الفاكهة يفرغ إبانها، فالصبر حتى يأتي بالطعام من بلد آخر كالصبر حتى يأتي إبان الثمرة.

قال ابن القاسم: بالصبر فيهما. وقال أشهب: يرد رأس ماله في السلم، ولا يجوز أن يؤجره وحيزه في الطعام هو فسخ دين في دين على أصله، فلا يجوز أن يؤخره بالطعام إذا كان له أخذه بالقيمة، وإنما ينظر فإن كان قرب الموضع الذي يوجد فيه مثل الطعام على يومين أو ثلاثة فليس له إلا مثل الطعام، وإن بعد فما عليه في تأخيره ضرر، واستهلكه في لجج بحر أو فيافي بعيدة من العراق غرم قيمته يوم استهلكه مثل الطعام، وإن بعد مما عليه في تأخيره ضرر يأخذ بها حيث لقيه. ويجاب عن مناقضة أشهب بأن المغصوب منه ظلم يتقدم غصبه، فلو جبر على التأخير عظم ضرره، والمسلم لم يتقدم ظلمه بحال، بل هو كالمختار، في تراخيه بطلبه. ومن نقي من غضبه طعامًا بغير بلد غصبه والطعام معه، ففي كون الواجب مثله في بلد غصبه، وتخييره في أخذه أو مثله بالبد، ثالثها: إن لقيه ببلد بعيد عن بلد غصبه فالأول وإلا فالثاني لأبن رُشْد عن ابن القاسم مع سماعه وسماع أصبغ أشهب وقوله. اللخمي: أرى له أخذ الطعام إن كان الغاصب مستغرق الذمة، أو لم يكن سعره في بلد الغصب أقل منه في بلد النقل، أو قال به: ادفع الاقل من نقله وزيادة سوقه. قُلتُ: قال الشيخ عن أشهب في المجموعة ومحمد: يحال بين الغاصب، وبين ما نقل حتى يوفي المغصوب حقه. قال سَحنون: لا أعرف قول أشهب هذا من قول الرواة أن يأخذ الطعام وإنما له أخذه بمثله في موضع غصبه، وكذا لأصبغ عن أشهب في العتبية، وذكر الصقلي قول أصبغ بلفظ: ويتوثق لرب الطعام، وعبر عنه ابن الحاجب بقوله: لا خلاف أن الغاصب يمنع منه حتى يتوثق منه. قال ابن عبدالسلام: هذا صحيح في النظر، ولا يبعد وجود الخلاف فيه أو ما يدل عليه في فروعهم، وأظن أني وقفت على ما يقتضي ذلك. قُلتُ: قوله: (وجود الخلاف فيه) يقتضي وجود القول عنده بأنه لا يحال بينه وبينه مع عدم التوثق منه، وهذا خلاف الاجماع على منع الحكام من الحكم بما يقتضي تضييع

الأموال على أربابها فتأمله. الشَّيخ في الموازيَّة عن ابن القاسم: لو أتفقنا على أن يأخذ منه فيه ثمنًا نقًا جاز كبيع طعام القرض قبل قبضه، وقال أصبغ وروى ابن القاسم في المجموعة وفي العتبية: لا يجوز أخذه منه طعامًا يخالفه في جنس أو وصفه، لأنه طعام بطعام مؤخر. الصقلي عن ابن القاسم: لو اتفقنا على أخذه بقيمته، أو مثله حيث نقله، أو يأخذ فيه ثمنًا جاز كبيع طعام القرض قبل قبضه، وقاله أصبغ. قُلتُ: نحوه للشيخ، وزاد من ابتاع طعامًا في بيت أو مطمر ببلد فلا خير في أخذه مثله ببلد آخر، لأنه طعام بطعام مؤخر، ولو نقله البائع إلى بلد فتراضيا بأخذه بها جاز، وقد ضمنه بنقله، وقال غيره: لا بأس به في الوجهين، لأن الأول معروف. قُلتُ: قوله: (ولو نقله ... إلخ) مثله سمع سَحنون. ابن رُشْد قوله: (وقال غيره: لا بأس به) هو عبدالعزيز ابن أبي سلمة، والأول أظهر، لأن الطعام إذا تلف انتقض البيع، ولو حمل البائع جميع الطعام الذي باع منه المائة إلى بلد جاز أخذ ما اشترى منه حيث نقله، وقيل: يخير في أخذه وفي أخذ ثمنه، وهو أظهر من قول ابن القاسم في المدونة، إذ لم ير له في ذلك خيارًا إذا استهلك البائع الطعام أو باعه، لأنه بيع الخيار في ذلك خوف أن يكون البائع غاب عن الطعام ولم يستهلكه، وهذه تيقن فيها حمل الطعام. ولو لقى المغصول منه الغاصب بغير بلد الغصب، والطعام ببلد الغصب، فاللخمي عن ابن القاسم: يصبر لقدومه بلد الغصب ليغرم مثله، وعند أشهب: يغرمه مثله إن لم يكن سعره ببلد الغصب أكثر منه حيث لقيه، أو قيمته الأن ببلد الغصب إن بعد ما بين البلدين كقوله: إن كان معه ببلد الغصب وتعذر وجود المثل ورجي وجوده بعد، وأن يكون له ذلك في المسألتين معًا أحسن، لأنه لا ضرر فيه على الغاصب وللمغصوب منه حق في استعجال حقه. وفي غير الطعام طريقان: ابن رُشْد: في كون نقله من بلد لآخر فوتًا فيخير ربه في أخذه واخذ قيمته يوم الغصب أو غير فوت فليس لربه إلا أخذه، ثالثها: هو في

العروض والرقيق فوت لا في الحيوان، غيره لأصبغ مع ظاهر سماع أشهب، وسَحنون وسماع ابن القاسم. والباجي: روى ابن القاسم: ليس له إلا أخذ العبيد والدواب، وبخير في البز والعروض في أخذها بعينها وقيمتها يوم الغصب. أشهب: يخير في الحيوان كالعروض. سَحنون: البز والرقيق سواء ليس له إلا أخذه. ابن زرقون: لابن القاسم في الموازية قول رابع هو أخذ القيمة الأن. اللخمي: إن نقل العرض أو الحيوان ولقيه ربه ببلد نقله، ففي لزوم قيمته فلا يأخذه وتخييره فيه. ***** قولا ابن القاسم ومحمد: قائلًا: تفرقة البلدان البعيدة كتغير الابدان مع أشهب، وقال سَحنون: ليس له إلا عين شيئه في البز والرقيق، وروى ابن عبدوس: ليس له إلا عين شيئة في العبيد والدواب. اللخمي: ما لا حمل له والطريق آمنة، القول فيه قول من دعا لأخذه، وإلا لم يجبر ربه على أخذه، وله أخذه دون غرم نقله على قول أشهب، وعلى قول ابن القاسم بعد غرمه أجر نقله. ومعروف المذهب أن ليس لربه جبر الغاصب على رده لبلد الغصب، وللمغيرة: لمن نقلت خشبته من عدن إلى جدة اعديًا بمائة دينار، جبر ناقلها لمحلها. قال: ولابن القاسم: إن أخطا مستأجر على حمل شيء لبلد يحمله غيره إليه، خير ربه في قيمته بالبد الذي نقل منه، واخذه بغرم كرائه. أشهب: وأخذه دون غرم. أصبغ: لربه جبره على رده لمأمنه أو أخذه مجانًا، إلا أن يعلم أن ربه كان راغبًا في وصوله فيلزمه كراء المثل. وأجاب ابن رُشْد: فيمن أكرى ملاحًا على حمل تين من إشبيلية إلى سبته فحمله إلى

سلاح، يغرم الملاح مثل التين بإشبيلية وحمله إلى سبتة، فقيل له، أفتى غيرك بوجوب رده الملاح إلى سبتة وهو في ضمانه حتى يصل إليها، فقال: ذكر هذا ابن حبيب، وما قلته هو قول ابن القاسم. ومن غصب حليا فاستهلكه ففي غرم وجوب غرم قيمته أو مثله قولها، ونقل الصقلي عن أشهب كقولي ابن القاسم وغيره في الغزل في تضمين الصناع منها بناء على اعتبار الصنعة أو الأصل، ولو كسرهما ففي وجوب ما نقصهما أو قيمتها، ثالثًا: قيمة الصياغة، ورابعًا: صوغها اللخمي عن ابن القاسم وعما رجع إليه، وعن قولها في كتاب الغصب ورواية أشهب. قُلتُ: عزاه الشيخ لأشهب لا لروايته. وفي كون الواجب في هدم البناء قيمته أو مثله قول استحقاقها، ونقل الشيخ مع الباجي: عن أشهب، وعلى الأول قال المازري: خير شيخنا رب البناء في أخذ قيمة الجدار قائمًا على بقاء النقض للهادم أو قيمة التلفيق وهو قيمة ما أتلف على بقاء النقض لرب البناء، وهذا على أصل ابن القاسم أن لمن ملك تضمين الغاصب قيمة جملة ما غصب لنقض حدث فيه انه إن اختار أخذ شيئه فله طلبه ما نقص على بقاء النقص البناء وهذا على أصل ابن القاسم طلب ما نقص. اللخمي: في الموازية لو أعاد الغاصب الحلي بعد كسره على غير صفته فعليه قيمته، وعلى صفته يأخذه ربه مجانًا هذا قولها. محمد: لاشيء له إلا قيمته ولو أعادهما بحاله، لأن الغاصب ضمن القيمة، ولو لم يكن غاصبًا إلا متعديًا لكان له أخذه إن صاغه على حاله مجانًا ولو أعاده بعد كسره من اشتراه من غاصب لم يأخذه ربه إلا بدفعه للمشتري في قيمة الصياغة إذ يتعد بالكسر. قُلتُ: واختصر ابن الحاجب فقال: لو اشتراه غير عالم بغصبه فكسره، ورده على حاله لم يأخذه ربه، إلا بقيمة صياغته إذ لم يتعد. قال ابن عبدالسلام: هذا المنصوص في الفرع بعينه وفي الدار يهدمها، بخلاف الشاة يذبحها، والثوب يقطعه، والعصا يكسرها، وشبهه وهو مشكل.

وأصل المذهب أن كل ما أتلفه المشتري متعمداً ضمنه سواء انتفع به أو لم ينتفع به، وما تلف بأمر الله لم يضمنه، وفيما أتلفه خطأ فولا أشهرهما ضمانه. قلت: قوله: (وهو مشكل ..... إلخ) ظاهره أنه المبتدئ يذكر إشكاله، لم يذكر له جواباً. ويرد بنقل الشيخ فى نوادره ما نصه: والجناية الكثيرة كذبح الشاة وكسر العصا وشق الثوب. قال محمد: وكذا المشتري يقطع الثوب لمستحقه تضمينه جميع قيمته، وقاله مالك. وفرق بينه وبين هدم الدار، وكسر الحلي، لأن هذا تمكن إعادته، ولا يمكن ذلك فى الثوب ونقله الصقلي، وزاد: وهذه مسائل أتبع فيها النص إذا لم أجد خلافه، ولو قال قائل: أن الهدم والذبح وكسر الحلي وركوب الدابة وبعث العبد سواء لم أعبه ولكان قياساً، لأنه مال تبين أن للغير، والخطأ والعمد في أموال الناس سواء، وهدم الدار أشد من الذبح، لا تعاد الدار لما كانت عليه، إلا بمثل قيمتها الصحيحة أو أكثر، وقد يشتري بثمن الشاة مذبوحة مثلها حية، وقوله: (هذه تعود وهذه لا تعود) ضعيف، ونحوه قول اللخمي: فرق محمد ضعيف، وعلله بمثل ما تقدم. ابن الحارث: فيمن غصب قمحاً فطحنه أن لربه تضمينه مثله، ثم اختلف فقال ابن القاسم: إنما له المثل، وقال أِهب: له أخذ دقيقه مجاناً، لأن الذي صار للغاصب فيه لا يقدر على انتزاعه منه فهو كالتزين، ومثله قول المازري: إنما الخلاف فى تمكين رب القمح من أخذ عين الدقيق، ولو أراد تضمين الغاصب مكيلة القمح لم يضمن من ذلك عند ابن القاسم وأشهب. المازري: وذكرنا اختلاف قول مالك: إذا غضبه قمحاً فطحنه. الباجي: اتفق ابن القاسم وأشهب على أنه لو طحن الحنطة سويقاً ولته أن ليس لربه أخذها ذلك، ويباع السويق فى عدم الغاصب، ويشترى بثمنه مثل الحنطة وما فضل أو نقص للغاصب وعليه. ابن زرقون: لو تراضيا فأخذه ملتوتا عن الحنطة جاز، لجواز بيع الحنطة بالسويق

متفاضلاً، ولو غصبه سويقاً فلته فإنما له مثله، لأنه لته لا يبيح التفاضل. الباحى: لابن حبيب عن ابن الماجشون: لرب الحنطة أخذها إن طحنها سويقا أو يضمنه مثلها، ولا حجة للغاصب لما روي: "ليس لعرق ظالم حق". ابن زرقون: يريد: طحنه سويقاً، ولم يلته وهو مثل قول أشهب. قلت: طحنه سويقًا يبيح التفاضل بينه وبين القمح حسبما تقدم في البيوع، وهو نص سلمها الثالث، فلا فرق بين لته وعدمه، وقول أشهب في طحن القمح إنما قاله، لأن الدقيق والقمح جنس واحد فتأمله. وفي التعقيب لعبد الحق: قال أبو سعيد: ومن سرق حنطة فطحنها سويقًا، ولتها ثم قطع ولا مال له غير ذلك، فأبي رب الحنطة أخذ السويق فهو مثل ما وصفنا، يباع السويق ويشترى له من ثمنه مثل حنطته. قال عبدالحق: وقع في نقل أبي سعيد فأبي رب الحنطة أخذ السويق، فهذا يوهم أن له أخذها وليس له ذلك بالحكم وكذا قيمة اللتات أو لا، إلا أن يتفق هو والسارق على ذلك فيجوز. وأما في لفظ الأمهات: وقال رب الحنطة أنا آخذ هذا السويق، هو مثل ما وصفت لك، يباع ويعطى حنطة مثل حنطته تشتري له من ثمن السويق. ومن غصب غزلاً فنسجه ففي وجوب غرمه مثله، أو قيمته يوم استهلكه نقلا الباجي عن أشهب وابن القاسم في الموازية. قلت: قما قولا المغيرة وابن القاسم في تضمين الصناع منها، كالقولين في هدم الحائط.

باب في المغصوب

[باب في المغصوب] والمغصوب الباقي بحالة غير متغير في سواقه، ولم يطل زمانه ليس لربه غيره. اللخمي: وغيره اتفاقاً، فإن هلك ففي وجوب قيمته يوم الغصب، أو أعلي قيمة مضت عليه من يومه، معروف المذهب وأبن شعبان عن ابن وهب، وأِهب وعبدالملك قال: لأن عليه رده كل وقت فمتى لم يرده فهو كعصبه حينئذ. اللخمي: فجعل له أرفع القيمة مع وجود عينة وعدمه، وأراه كذلك إن كان المغصوب للتجر لا للقنية كقول الأخوين وأبن عبدالحكم، وأصبغ فيمن غصب دارا فأغلقها أو أرضا فبورها أو دابة فوقها يغرم إجارتها لمنعه ربها إياها. ولو قتل المغصوب أجنبي فلربه أخذ الغاصب بغصبه أو القاتل بقيمته يوم القتل، فإن أخذه بها وهي أقل منها يوم الغصب، ففي صحة رجوعه بتمامها يومه. نقلا الصقلي عن محمد وسحنون قائلا: كما لو باعه الغاصب وأخذ ربه ثمنه، وهو أقل من قيمته يومه. ورده الصقلي بأن أخذه الثمن إجازة لبيع الغاصب بخلافه القيمة في القتل، ولو أخذ قيمته يوم الغصب، وهي أقل منها يوم القتل، ففي كون فضل القيمة يوم القتل للغاصب أو لربه، نقلاه عن محمد وأشهب قائلاً: لا يربح الغاصب. ورده محمد بأنه ضمنه قيمته يوم الغصب تمليك له. محمد: ولم يختلف ابن القاسم وأشهب أن أخذ القيمة من القاتل أنه يرجع بتمامها يوم الغصب على الغاصب كما ذكرنا. أبو عمران: وخالف ابن القاسم أشهب إن أخذ القيمة من الغاصب. قال أِهب: يرجع بتمام القيمة يوم القتل على القاتل إن كانت أكثر، وخالفه بان القاسم في هذا. الصقلي: وعليه ألزم بعض القرويين ابن القاسم، أنه لو كان الغاصب عديما لم يكن المغصوب منه أحق بما أخذ من القاتل من غرماء الغاص، لأنه بالنيابة عنه أخذه إلا

أن يرفع عن الغاصب طلبه بتمام القيمة. اللخمي: ولابن القاسم أيضاً في تعدي الوكيل كأشهب. ابن الحاجب: إن كان ما أخذ ربه أقل مما يجب له على الآخر، فثالثها: المشهور يأخذ الزائد من الغاصب لا من الجاني. قلت: عزا الشيخ في النوادر: عدم أخذ الزائد مطلقاً لسحنون، والأخذ مطلقاً لأشهب، وما جعله ابن الحاجب المشهور لمحمد. الشيخ: سمع ابن القاسم من سرق سلعة فأعطاه فيها غير واحد ثمناً، ثم استهلكها رجل ضمن ما كان أعطي فيها، لا ينظر إلى قيمتها إن كان عطاء تواطأ عليه الناس ولو شاء أن يبيع باع. وقال سحنون: لا يضمن إلا قيمتها، وقال عيسي: يضمن الأكثر من القيمة أو الثمن. ابن رشد: قول مالك ولا ينظر إلى قيمتها، معناه: إلا أن تكون القيمة أكثر من ذلك فتكون له القيمة، وهو نص قول مالك فى سماع عيسي من كتاب العتق مثل قول عيسى من رأ] هـ أن لهه الأكثر، فقوله مفسر لقول مالك، فالمسألة راجعة إلي قولي الأكثر وقول سحنون. ابن حارث: اتفقوا إذا غصبه عبداً أو جارية ثم لقيه بها بموضع آخر أنه ليس له إلا أخذ ذلك بعينه، ولا تجب له قيمته ولا يأخذه برده إلي موضعه. قال ابن الحاجب: فلو وجد الغاصب خاصة فله تضمينه، فقبله ابن عبدالسلام وابن هارون، وزاد: قال سحنون في الجموعة. قلت: وقال اللخمي: إن لقي المغصوب منه الغاصب بغير البلد الذي غصبه فيه فأراد أن يغرمه المثل أو القيمة لم يكن له ذلك عند ابن القاسم، وعليه أن يصبر حتى يقدم البلد الأول وله ذلك عند أشهب إلى آخر كلامه المتقدم نقله في حمل الطعام. ومثله قول المارزي: ولو أبقي الغاصب الطعام ببلد الغصب، ثم سافر فلقيه ربه فطلعه حيث لقيه، فقال ابن القاسم: لا يقضي عليه حيث هو بالطعام، إنما يقضى عليه

بدفع الطعام أو مثله بالبلد الذي قبضه فيه. وما عزاه ابن هارون لسحنون في المجموعة لم أجده له في النوادر ولا غيرها، وإنما له في المجموعة ما نصه: وليس بمنزلته أن لو لقيه ربه وقد عاد إلى بلده والمتاع بالبلد الذي نقله إليه، هذا له تضمينه قيمته، لأنه حال بينه وبينه. قلت: وهذا خلاف مسألة لقائه بغير بلد الغصب، والغاصب لم يحدث به نقلا، لأن نقله كإتلافه، وإذا لم يتقله صار بضمانه إياه بمجرد غصبه كمدين به في ذمته مشروطاً عليه دفعه ببلد معين فلقيه ربه بعد حلول أجله بغير بلد قبضه، فالواجب عليه خروجه لدفعه له ببلد شرط قبضه أو توكيله على ذلك ثقة غيره. وفيها: وما اغتصب أو سرق من دواب أو رقيق فا استعملها، وطال مكثها بيده أو أكراها فلا شئ عليه في ذلك إنما عين شيئه، وليس أن يلزمه قيمتها إذا كانت بحالها لم تتغير في بدن ولا ينظر لتغير سوق، وأما المكتري أو المستعير يتعدي المسافة تعديا بعيداً أو يحبسها أياما كثيرة ولم يركبها ويردها بحالها، فربها أخذ قيمتها يوم التعدي، أو أخذها مع كراء حبسه إياها بعد المسافة، وله في الوجهين على المكتري الكراء الأول، ولولا ما قاله مالك لجعلت على السارق كراء ركوبه إياها وضمنته قيمتها إّذا حبسها عن أسواقها كالمكتري ولكني آخذ فيها بقول مالك، وقد قال جل الناس الغاصب والسارق والمكتري والمستعير سواء لا كراء عليهم، وليس عليهم إلا القيمة أو يأخذ دابته. فقال ابن رشد في أول مسألة من نوازل عيسي: أما العبيد والدواب فلا يلزم الغاصب قيمته إلا بدخول نقصان في أبدانها، هذا قول ابن القاسم وفيه اختلاف كثير. قيل: حوالة الأسواق بالنقص فوت يوجب قيمتها يوم الغصب، وقيل: طول الزمان، وإن لم تحل بنقص أو حالت بزيادة فوت، وإليه نحا ابن القاسم بقوله: ولولا ما قاله مالك لجعلت علي السارق والغاصب ما على المستعير والمكتري من ضمان القيمة بحبسه عن أسواقها، وقيل: إن حالت بزيادة فربها بتضمينه أرفع قيمتها، قاله ابن وهب

وأشهب، وقاله بعض المتأخرين إن كانت للتجارة، وإن كانت للقنية فليس لربها إلا أخذها. ولأبن حبيب عن الأخوين وأصبغ: إن سافر غاصب الدابة بها سفراً بعيداً، ثم ردها بحالها فربها مخير في تضمينه قيمتها يوم الغصب، وأخذها مع كراء ركوبه إياها، ومثله حكي أبو زيد عن ابن الماجشون، وزاد: وإنما هو كالمكتري يتعدي على ما اكتري، فحيث يلزم المكتري القيمة تلزم الغاصب أمرهما واحد. ولو أمسكها الغاصب في داره أياما كثيرة قدر ما لو سافر بها لزمته قيمتها، لم يلزمه قيمتها إن جاء بها صحيحة من غير سفر، وإن كان حبسها عن أسواقها وتفرقة ابن الماجشون هذه في حبسها عن أسواقها، وأتي بها بحالها بين أن يسافر عليها أو لا قول خامس في المسألة. قلت: فالحاصل في قولها بمجرد طول حبسها أو به مع حوالة الأسواق، ثالثها: إن سافر بها وردها بحالها لا لطول حبسها دون سفر بها لنقلي ابن رشد مع زعمه ميل ابن القاسم للأول وأبن الماجشون. وفي كون طول الحبس في المكتري والمستعير فوتا قولها، وميل ابن القاسم لمساواتها الغاصب، ولا أعرف فيهما نص القول بعدم التضمين بطول الحبس، ومقتضي قول ابن الحاجب: لو رجع بالدابة من سفر بعيد بحالها لم يلزم سواها عند ابن القاسم، بخلاف تعدي المكتري والمستعير، وفي الجميع قولان وجودهما فيهما نصاً، وقبله شارحاه، وتقدم في البيوع بيع المغصوب من حيث كونه مغصوباً، وأما بيعه من غاصبه بعد نقله من بلد غصبه والغاصب بغيره بلده، ففي صرفها لو غصبت جارية فانطلقت بها لبعض البلدان فأتيت ربها أيجوز إن ابتاعها. قال: نعم إذا وصفها، لأنه ضامن لما أصابها. الصقلي عن سحنون: لا يجوز له بيعها، لأنه لا يدري باع منه الجارية أو القيمة، فإن اختار تضمينه القيمة يوم الغصب كان له بيعها بما يجوز له بيعها وينتقد ابن محرز،

وهو كقول أِشهب، وفي قول ابن القاسم وسحنون في مسألة الجارية نظر، لأنه تقدم لابن رشد وغيره أن قول سحنون في نقل الرقيق: ليس لربه إلا أخذه، وذلك مناقض لقوله في مسألة الجارية له اختياره تضمينه القيمة، وتقدم للخمي عن ابن القاسم في نقل الحيوان: لزوم قيمته، وهذا مناقض لقوله في الجارية: يجوز بيعها، وقول أشهب جار علي أًله في النقل. قال ابن الحاجب: وفيها لو نقل الجارية لبلد، ثم اشتراها من ربها في بلد آخر جاز، وقال أشهب: بشرط أن يعرف القيمة ويبذل ما يجوز فيها بناء علي أصلي السلامة على القول في النقل، فإن الواجب فيه للمغصوب منه أخذ شيئه، وهذا إنما هو قول سحنون حسبما تقدم للخمي، والثاني: عزاء المؤلف لأشهب. وقوله في نقل المغصوب: إن ربه مخير في أخذه أو قيمته، ولم يقل بوجوب القيمة إلا ابن القاسم حسبما تقدم للخمي. وإذا حكم بقيمة المغصوب لظن فوته، ثم وجد بصفة ما قوم عليه، ولم يدلس الغاصب بإخفائه، فالروايات والأقوال واضحة بلزوم ذلك لربه، ولم يحك المازري عن المذهب ولا غيره ممكن تقدمه غيره، وخرجه بأن القيمة عوض عن نفس المغصوب، وعن الشافعي أنه يقضي لرب المغصوب بأخذه، ووجهه بأنه بناء على أن المأخوذ من الغاصب إنما هو عوض عن حيلولته بين المغصوب وربه. ولما ذكر ابن شاس الأول قال: ولربه الرجوع فيه لم يعزه، وعزاه اللخمي لابن القاسم في المبسوط وصوبه قال: ويحمل علي أنه أخفاه، لأنه علم رغبته فيه. قلت: ويتخرج عندي من قولها في كتاب الجعل من الإجازة: وإن انقطع ماء

الرحى فهو عذر تتفسخ به الإجازة، فإن عاد الماء في بقية المدة لزمه باقيها. وإن دلس الغاصب بإخفائها ففيها: لربه أخذه وإن لم يدلس، وظهر أفضل من الصفة التى قوم عليها فلربه الرجوع بتمام القيمة. الشيخ: وقاله أشهب. قال: ويخلف أنه ما أخفاه، وقال: من قال له أخذها أخطأ، لأنها لو ظهرت مثل الصفة لم يأخذها، لأنه لم يتبعها طائعا، إنما وجبت للغاصب بالقيمة حين أخذه ربها، فإنما تطلبه بما جحدك من قيمتها، لأنه لو نكل عن اليمين في صفتها وحلفت على صفتك، ثم ظهرت بخلاف ذلك كنت ظلمته في القيمة، فيرجع عليك بما حسبت عليه، ولو لم يكن له رد الجارية عليك. قلت: فمقتضي تعبير المازري عن قول أشهب، وابن القاسم بالمشهور أن ما أنكره أشهب هو في المذهب. عياض: وفي بعض رواياتها لرب الجارية أخذها ورد ما أخذ، وإن شاء تركها وحبس ما أخذ من القيمة، قيل: هذا قول مالك قال: هذا رأيي، وكذا لان عتاب وعلم عليه. قال ابن وضاح: قال سحنون: لا أعرفه يقول هذا وتركه ولم يعرضه. قال يحيي بن عمر لأصبغ وأبي زيد عن ابن القاسم: لربها رد ما أخذ وأخذ جاريته. قال ابن وضاح: قال سحنون لا أعرفه يقول هذا وتركه ولم يعرضه. قال يحيي بن عمر لأصبغ وأبي زيد عن ابن القاسم: لربها رد ما أخذ وأخذ جاريته. قلت: ففي انحصار حقه في تمام قيمتها وتخييره فيه وأخذها برد ما أخذ، ومقابل لفظ المازري المشهور يحتملهما. قلت: وكان يمضي لنا إجراء القولين على القول بعد التكفير في نفي الصفات بناء على أن نفي الصفة الثابتة للموصوف لا يستلزم القول بنفيه، وعلى القول بالتكفير به بناء على أن نفي الصفة الثابتة للموصوف يستلزم القول بنفيه. وسمع ابن القاسم: من انتهب صرة من رجل بمنظر من الناس فطرحها حيث

فقد، ولم يدر المنتهب ما فيها، واختلف في عددها فاليمين على المنتهب. وقال ابن مطرف وابن كنانة في هذا وشبهه: القول قول ربها إن ادعى ما يشبه وما يملك مثله. ابن رشد: القول قول المنتهب أنه ليس فيها أكثر من كذا، إن حقق أنه لم يكن فيها أكثر من ذلك وأتي بما يشبه، فإذا أتي ربها على قول ابن كنانة بما يشبه قبل قول المنتهب إن أتي بما يشبه وإلا سجن، فإن طال سجنه استحلف على ذلك. وأخذ منه اللخمي إن قال: غصبتنى هذا العبد، وقال الغاصب: بل هذا، واختلفا في الصفة فقط، قبل قول الغاصب إن أتي بما يشبه، وإن قال: ما لا يشبه ففي لغو قوله وقبوله قولا ابن القاسم، وقول أشهب فيمن غصب جارية، وقال: كانت صماء عمياء قبل قوله. اللخمي: ولو آنكر الغصب وقامت بينة بإقراره أو البينة غصبه عبداً لم تثبت صفته، ففي استحقاق ربه بيمينه ما ادعاه من صفته أو الوسط منها قولان، والأول أصوب. والمذهب أن الولد ليس بغلة خلافا للسيوري، وتقدم في الرد بالعيب، وعليه من غصب أمة فولدت عنده ففي ضمانه الولد بموته يوم ولد ولغوه. نقلا اللخمي عن أشهب وابن القاسم، وخرج اللخمي: ضمانه بأعلي قيمة على ضمان المغصوب كذلك، فول ماتت الأم فقول ابن القاسم: يضمنها فقط يوم الغصب، وإن ماتت الأم فقط خير عند ابن القاسم أحسن على أن قيمتها يوم الغصب. والقياس أن له أخذ قيمتها يوم ماتت، وأخذ الولد وله أخذ أرفع قيمتها بعد الولادة، ولو قتل أحدهما فعلي قول ابن القاسم يأخذ قيمته يوم قتل مع الآخر، وعلى قول أشهب: إن قتل الولد أخذ قيمة الأم وقيمته يوم ولد، وإن قتلت الأم أخذ الولد

وقيمتها يوم الغصب، وأن قتلهما فعلي قول ابن القاسم فيها يأخذ قيمة الأم فقط، وعلى قوله في الدمياطية: يأخذ قيمتها يوم قتلهما، وعلى قول أشهب يأخذ قيمة الأم يوم الغصب، وقيمة الولد يوم ولد. وعلى ما حكى ابن شعبان عنه له أخذ قيمته يوم القتل إن كانت أرفع، وإن قتل أحدهما ومات الآخر فعند ابن القاسم في الأم قيمتها يوم غصب ماتت أو قتلت، ولا شئ في الولد ولو قتل، وعلى قوله في غير المدونة له أخذ قيمة الأم يوم قتلت، ولا شئ في الولد ولو قتل، وعلى قوله في غير المدونة له أخذ قيمة الأم يوم قتلت، ولا شئ في الولد، لأنه مات، وإن ماتت الأم فالقيمة فيها عنده يوم الغصب ولا شئ في الولد، لأنه متى كانت القيمة عنده يوم الغصب لم يكن في الولد شئ. هذا على أًصله في المدونة، وعلى قوله في الدمياطية له أخذ قيمة الولد يوم قتل وفيما مضي دليل الوجوب، لو ولدت عند مشتر أو موهوب له من زني ووجدهما قائمين، أو ماتا أو أحدهما، أو قتلا أو أحدهما، أو قتل أحدهما ومات الآخر والقتل من المشتري أو الموهوب له أو من غيرهما. قلت: رد بعضهم تخريجه أعلي القيم بأن الولد رهنا. قيل: إنه غلة فيمكن أن يراعي هذا الخلاف فتسقط زيادة القيم. يرد بأن رعيه هنا يوجب لغو مطلق قيمته والفرض اعتبارها، وهو مع رعي كونه غلة متناف، وشرط رعي الخلاف عدمه حسبما تقدم الكلام عليه في الأنكحة، وإن عاب المغصوب بسماوي تخير ربه في أخذه كذلك أو أخذ قيمته. فيها: إن عصب أمة فعميت أو عورت أو ذهبت يدها بأمر من الله من غير سبب الغاصب، فليس لربها أخذها وما نقصها إنما له أخذها ناقصة أو أخذ قيمتها. اللخمي: وعلى قول سحنون له أن يأخذه بقيمة النقص يوم الغصب، لأنه قال: القيمة في قطع يد العبد يوم الغصب وإن لم يأخذه بالتعدي وهو يوم جني، وكان الحكم عنده يوم الغصب تساوي في ذلك ما كان من سبب الغاصب وغيره وهو أبين، لأنه يضمنه إن هلك من غير فعله فكذا إذا هلك بعضه، وتبع ابن رشد في المقدمات اللخمي في هذا التخريج.

وسمع عيسى ابن القاسم: إذا ذهبت يد العبد المغضوب بامر من السماء فلا شئ لربه، إلا قيمته أو أخذه مقطوعاً، ولا شيء علي الغاصب، لا اختلاف فيه من قول ابن القاسم. ويتضمن الغاصب المغصوب بالعيب الكثير اتفاقاً، وفي ضمانه باليسير نقل اللخمي. قال ابن القاسم: يضمن، وفي الموازيه: من غصب دارُا فانهدم بعضها خير ربها في إسلامه ما خرب بأصله واخذ قيمته أو أخذه بلا نقص، وإن انهدم أكثرهم فلا اسلام العرصة يأخذ قيمته مبينة وحبسها كلها بلا نقص ففرق بين الكثير والقليل، وعند ابن الجلاب مثله لا يضمن باليسير وهو أبين، ولا فرق بين الغصب والتعدي. والفرق بين الغاصب كان ضامناً للرقبة بالغيبة عليه لا يصح، لأنه لا يضمن بها في الحقيقة، إنما هو مترقب إن سلم لم يكن للمغصوب منه سوي عين شيئه. ولابن القاسم من خرج بعبد إلي بلد تعديا ضمنه إن هلك، وإن حدث به يسير عيب ضمن ما نقص فلم يضمنه باليسير، وإن كان ضامناً للرقبة. قلت: ضمانه للرقبة بتعديه للسفر ليس كضمانه الرقبة بالغصب، لأن الغاصب يضمن الرقبة ولو هلكت بسماوي غير ناشئ عن فعله، والمتعدي ليس كذلك حسبما نقلناه في العارية فتذكره. وتعقب المازري تخريج اللخمي بما في الموازية فقال: فيه نظر، لأنه يمكن ان يكون رأي بيوت اللدار كأنها سلع متفرقة، فإن انهدم بيت وسلم سائرها صار كمن غصب ثياباً، فلحق بعضها عيب وسلم باقيها فإنه لا يضمن السالم منها. وتعقب ابن عبد السلام رد المازري بقوله: في هذا الرد عندي نظر؛ لأنه لو راعي محمد هذا لما فرق بين انهدام جل الدار وما هو دون ذلك. قلت: يجاب للمازري بأنه إنما شبهها بالثياب وقرر احتمال اعتبار محمد ذلك حيث لا يكون هدم ما انهدم منها يوجب عيباً في باقيها وهو حيث كون المهدوم يسيراً، أما إن كان كثيراً فلا يتقرر شبهها بالثياب، لأن هدم كثيرها يعيب باقيها فيصير الهدم كأنه

عام فيها، ويؤيد هذا تفرقتهم في استحقاق بعضها بين اليسير والكثير. وفيها: لو قطع يد الجارية أجنبي لم يكن لربها أخذ الغاصب بما نقصها، وله أن يضمنه قيمتها يوم الغصب ويتبع الغاصب الجاني بجنايته لربها أخذها وإتباع الجاني بما نقصها دون الغاصب. الصقلي: قيل: إن كانت قيمتها يوم الغصب عشرين ونقصها القطع النصف فأخذها ربها ونقصها عشرةً نظر لقيمتها يوم الجناية، فإن كانت مائة ونقصها القطع خمسين أخذه ربها من الجاني يعطي منها للغاصب عشرة أخذها ما بقي، وهذا علي قول أشهب أن الغاصب لا يربح. وفيها لأبن القاسم: من غصب أمه شابة فهرمت عنده فهو فوت يوجب لربها قيمتها، وفي كتاب أشهب، لربها أخذها ولا شئ له في هرمها يسيراً كان أو كثيراً، وكذا لو صارت إلي تغيير يسير كانكسار النهدين ونحوه له تضمينه قيمتها إن شاء، وقبله الصقلي. وقال ابن عبد السلام: استشكل بعض الشيوخ قول اشهب من حيث لم يجعل ما حدث من النماء فيها، وهو نشور قدها جابراً لعيب انكسار الثديين. قلت: يرد ما قاله: بأن جبر العيب بالزيادة إنما ذكروه في الزيادة الكائنة عن سبب العيب الذي يجبرها، حسبما تقدم في جبر عيب النكاح بالولد في الرد بالعيب وكتاب الوديعة. وفي لغو حوالة الأسواق ولو بنقص وإيجاب نقصها خيار ربها في أخذه قيمتها، معروف المذهب، ونقل المازرى عن ابن حارث رواية ابن وهب، وتقدم حكم طول الحبس. وفيها: لو قطع الغاصب يدها فلربها أخذها وما نقصها أو تركها بأخذ قيمتها.

الصقلي على ابن حبيب وقاله الأخوان وابن كنانة، وقال سحنون: هذا خالف قول ابن القاسم في قتلها أن عليه قيمتها يوم الغصب لا يوم القتل، وقد تزيد قيمتها يوم القتل فيكون فيما نقص القطع يغرمه مثل قيمتها يوم القتل أو أكثر فيأخذها، ومثل قيمتها فيأخذ في اليد ما لا يأخذ في النفس، وأري أن ليس له إلا أخذها ناقصة فقط أو قيمتها يوم الغصب. محمد: وقاله أشهب وبه أقول. محمد: وحجة ابن القاسم إسقاطه حكم الغصب، وأخذه بحكم العداء فيلزمه ذلك في القتل، وهو لا يقوله ولا مالك ولا أصحابه. الصقلي: ذكر بعض أصحابنا: روي الدمياطي عن ابن القاسم أن له أخذه بالعداء فيغرمه القيمة يوم القتل، وقاله سحنون في المجموعة، ثم رجع عنه وهذا كقوله في القطع. الصقلي: قيل: إنما خالف بين القطع والقتل، لأنه قي القتل أذهب عينها. وفي القطع بقى بعضها، فقد يكون لربها رغبة في عينها فيرفع حكم الغصب ويأخذه بالجناية، وسحنون ضمنه قيمتها يوم الغصب كأجزاء غصبها فات بعضها وبقى بعضها فضمنه قيمة ما فات يوم الغصب، ويجب عليه إن ذهبت يدها بأمر من الله أن يضمنه قيمتها يوم الغصب ويأخذ بقية أعضائها. قلت: وتقدم هذا اللخمي. الصقلي: لأشهب: لو فقاً عينها أجنبي فلربها أخذها ونقصها من الفاقئ في عدمه وملائه، ولا شئ له على الغاصب، أو إسلامها وأخذ قيمتها منه يوم الغصب، ولو أخذ فإن كان عديما أخذ ذلك من الجاني على الغاصب، وإن كانت قيمتها يوم الغصب أكثر فله طلب الغاصب بالقيمة نقصها من الفاقئ وهو أكثر من قيمتها يوم الغصب أخذ منه الأكثر. سحنون: لها تفسير ابن عبدوس هو إن كان أخذه الغاصب من الفاقئ أكثر من

قيمتها يوم الغصب أخذ جاريته واتبع الغاصب بما أخذ من الجاني، أو يتبع الجاني به ثم يرجع الجاني به علي الغاصب. قلت: زاد في النوادر: قال أشهب: إن لم يأخذ من الجاني شيئاً فربها إن أخذ قيمتها من الغاصب وهي أكثر، فللغاصب طلب الجاني بما لزمه، وإن كان ما أخذ من الغاصب أقل رجع علي الجاني بما فضل له مما بين القيمتين، وأخذها الغاصب بما أدي من القيمة يوم الغصب، وأنكره محمد. أشهب: ولو أخذ من الجاني أو لا نقصها وهو الأكثر فلا طلب علي الغاصب، وإن كان الأقل تبع الغاصب بباقي قيمتها يوم الغصب، علي قول سحنون: لا شيء له إلا أخذ جاريته ونقصها من الجاني كان أكثر من قيمتها اللازمة للغاصب أو أقل ولا شيء عل الغاصب، او يأخذ من الجاني قيمتها يوم الغصب ويسلم له الجارية، وما يلزم الجاني يأخذه منه الغاصب، لأنه لما ضمنه القيمه يوم الغصب، صارت الجناية إنما هي علي الغاصب. أشهب: إن غصب أشياء مختلفةً فنقصت في يده فلربها تضمينه قيمتها يوم الغصب، أو اخذها ناقصة ولا شيء له، وله أخذ بعضها بنقصه وقيمة باقيها. وقتل المغصوب بحق قصاص أو حرابة كموته، ولو جني فلربه أخذه فيخير في فدائه بالآرش أو إسلامه فيه، أو اخذ قيمته فيخبر الغاصب في الفداء والإسلام. وفي قصر حقه علي هذا ورجوعه مع اي الأمرين اختاره علي الغاصب بالأقل من الأرش، أو قيمته نقلا الشيخ عن ابن القاسم مع قول محمد: هذا الصواب؛ لأن كل نقص يحدث ليس لربه أخذه مع نقصه، وأشهب قائلا، لأنه إن اسلمه وقيمته يوم الغصب أقل من الرش قال الغاصب: ليس علي غيرها، وإن كان الأرش أقل قال الغاصب: كان له فداؤه بالأرش فقط فأسلمته بما لا يلزمك ولا يلزم غيرك. قلت: وسمع عيسي ابن القاسم مثله. قال أشهب: ولو اسلمه الغاصب قبل استحقاقه ربه فله إمضاء تسليمه، ويتبع الغاصب بقيمته يوم الغصب، وإن فدأه رجع عليه بالأقل.

قلت: إنما رجع عليه إن أمضاه بالقيمة لا بالأقل، لأنه بإسلامه التزم قيمته. قال: ولو كان الغاصب قد فداه أخذ ربه، ولا خيار له فيه إن كانت جنايته خطا أو عمداً، وكان يفعل ذلك عند ربه، وإن لم يكن يفعل ذلك عند ربه، فله تركه وأخذ قيمته، وقاله أشهب. قال سحنون: كنت اقول بقول أشهب هذا، ثم تبين لي أن قول أبن القاسم أشبه، واحتج بمثل ما تقدم لمحمد. وقي الموازية: لو جني العبد قبل الغصب جناية وبعده أخري علي رجلين، فقال أشهب: يخير ربه، فإن أسلمه بهما تبع الغاصب بنصف قيمته يوم الغصب، إلا ان يكون أكثر من أرش جنايته علي الثاني، وإن شاء فداه بالأرشين وتبع الغاصب بالأقل من أرش الثانية، ونصف قيمتة يوم الغصب. محمد: ولم يعجبنا هذا، والصواب إن أسلمه ربه في الجنايتين لم يرجع علي الغاصب بشيء، لأنه كان مرتهناً بأرش الأول عليه وقع تعدي الغاصب فالعبد بين مستحقي الأرشين، ويرجع مستحق الأرش الأول علي الغاصب بنصف قيمة العبد، إلا أن يكون الأرش الثاني أقل من نصف فعلي الغاصب الأول، فيصير لمستحق الأرش الأول نصف العبد من نصف قيمته، إلا أن يدفع ربه لمستحقه ارشه فيصير له ما كان له ويصير له نصف العبد، ويرجع علي الغاصب بنصف قيمة العبد، لأن الغاصب لم يتلف عنده إلا نصف العبد. اللخمي: من غصب عصيراُ فتجمد ليس عليه وغرم مثله، ومن غصب خمراً فتخلل ولربه أخذه، وإن غصب عصيراً فتخلل خير ربه في أخذه أو أخذ مثله. وفي ثمانية أبي زيد: من كسر جرة عصير دخله عرق خلً، ولم يتخلل غرم قيمته علي الرجاء والخوف إن لم يدخله عرق خلً فلا شيء عليه؛ لأنه لو علم به ربه لم يحل له إمساكه. المازري: خرج بعض متأخري حذاق الأشياخ وهو الشيخ أبو الطيب عبد المنعم

وفي مسلم غصب مسلماً خمراً فتخللت خلافاً فقال: من أوجب من أصحابنا إراقتها ومنع حائزها من تخليلها فقد ألغي حوزه بها، فاذا غصبها مسلم فتخللت عنده بقيت ملكاً له لمكانه؛ لأنها صارت بتخللها كطائر حصل في حوزه لم يتقدم عليه ملك أحد ولا حوزه، ومن لم يجب إراقتها علي من حبسها للتخليل فقد اعتبر حوز من هي بيده، فإن تخللت بيد الغاصب ردت لحائزها الأول، وما قاله الشيخ أبو الطيب ينظر إلي ما اعتل به ابن القاسم لما قال إن مالكاً قال: إن اجترأ فخللها فإنه يتملكها، وقال ابن أبي زيد: إنما وجبت لمن غصبت منه، لأن الغاصب لم يكن له فيها صنعة توجب ملكها له. قلت: مفهومه لو تسبب في تخليلها كانت له، وتصير بتخميرها ثم تخليله إياها كصيد ند فتوحش فتسبب في صيده أجنبي، ففي كونها بتخليلها عند الغاصب له أو لربها ثالثها: إن تسبب في تخليلها لتخريج عبد المنعم والمعروف، ومفهوم تعليل أبي محمد، وللشيوخ قال أشهب: إن غصب مسلم خمراً لذمي فخللها خير في أخذها خلا وقيمتها يوم الغصب، ولو استهلك مسلم لذمي خمراً ففي غرمه قيمتها، ولغوه قول مالك مع أكثر أصحابه وابن الماجشون. وفي كون الخلاف بناء علي عدم تكليفهم بالفروع وثبوته أو علي خصوص دليل تحريمها بالمؤمن لقوله تعالي (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)) المائدة: 90) نقل المازري عن المذاكرين والبغداديين. قلت: هذا خلاف نقل ابن حارث: اتفقوا في المسلم يستهلك لنصراني خمراً أنه يجب عليه قيمتها، واختلفوا فيمن يقومها فقال ابن القاسم: أهل دينهم. سحنون: لا يقومها إلا أهل العدل من المسلمين. محمد: وسمعت أنه يقومها من أسلم من المسلمين وهو قول ضعيف، والاستضافة في ذلك لا تعدم عند المسلمين. الشيخ: لابن عبدوس عن ابن القاسم وعبد الملك: من غضب قمحاً فزرعه فعليه مثله.

قلت: زاد في المدونة: ولو حصد منه زرعاً كثيراً ولابن عبدوس عن اشهب: من غصب بيضة فحضنها فخرج منها دجاجة فهي له وعليه بيضه مثلها، كغاصب قمح فزرعه فالزرع له وعليه مثل القمح، وأحب الي تصدقه بالفضل ولا يجب عليه. ولسحنون في العتبية: من غصب بيضة من دجاجة حيه أو ميتة فحضنها تحت دجاجة فالفرخ لرب البيضة، وللغاصب قدر كراء حضانة دجاجته. ابن رشد: فول سحنون علي أصله في المزارعة والفاسدة أن الزرع لرب البذر، وهي رواية ابن غانم ، وعلي أن الزرع فيها لرب الأرض والعمل يكون الفرخ للغاصب، وعليه لرب البيضة مثلها، وعليه قول سماع سحنون ابن القاسم في الشركة في رجل أتي بذكر حمام وآخر بأنثي علي الفراخ بينهما أن الفراخ بينهما. ومن قال لرجل: حضن هذا البيض تحت دجاجتك والفراخ بينهما، أنها لرب الدجاجة ولرب البيض مثله. الشيخ: لأشهب في الموازية والمجموعة: من غصب دجاجة فحضن بيضها ففراخها لربها كالولادة أشهب: ولو حضن بيض المغصوبة تحت دجاجة للغاصب، وبيض دجاجته تحت المغصوبه، فلا شيء للممغصوب منه إلا دجاجته ومثل بيضها. قال في الموازية: وله كراء مثل حضانتها وما نقصت. الشيخ: في قوله) وما نقصت) نظر إلا ان يكون نقصا بيننا فيخير في أخذ قيمتها يوم الغصب دون شيء من بيضها وفراخها وحضانتها. قال في الكتابين: وكذا الحمامه يغصبها فتبيض وتحضنهم، فالأفراخ لربها ولا شيء للغاصب في إعانه ذكره. قال في الكتابين: ولا شيء له من أفراخ ما حضنه غيرها من بيضها، إنما له مثله إلا أن يكون عليه في أخذ البيض ضرر في تكليف تمام تحضينهم، فله أخذ الغاصب بقيمة البيض.

ومن غصب عينا تجر بها ففي كون ربحها له مطلقا، أو إن كان موسرا وإلا فلربها، ثالثها: لربها قدر ما كان يربح فيها لو بقيت بيده. للخمي عن ابن القاسم مع مالك، وابن مسلمة مع ابن حبيب في ولي اليتيم يتجر بما له لنفسه لا لليتيم، وابن سحنون فيمن رجع عن شهادته في دين عين أو مثلي حال أنه أخرجه المدين سنة، قال: وأري إن لم يتجز بها بل أنفقها أو قضاها في دين عليه، ولو كانت بيد ربها لم يتجر بها لا شئ على الغاصب، وإن كان ربها ممكن يتجر بها فعليه ما يري من تلك المدة، إلا أن يعلم أنها تلك المدة لا تربح، وإن كان ربها لا يتجر بها أو الغاصب موسر بغيرها ولم يعامل لأجلها فربحها له، وإن كان فقيراً عومل من أجلها فربحها لربها، وإذا لم تكن في ذمة الغاصب سبب الربح، فربح المال منه كزكاته. قال: وإن كان ربها ممن يتجر بها والغاصب فقير فعليه الأكثر مما ربح فيها أو كان يربحه ربها. ولو صبغ الثوب غاصبه فلربه أخذه. وفي كونه مجانا أو يغرم: نقل اللخمي عن أشهب: وعلي الثاني في كونه يغرم قيمة الصبغ أو زاده فيه قولها، ونقل اللخمي عن ابن القاسم: وله تركه للغاصب. وفي كونه بأغرامه قيمته يوم الغصب وتخييره بكونها يوم الغصب أو يوم الصبغ قولها، ونقل اللخمي عن ابن القاسم في غيرها: وله عن ابن مسلمة إن نقصه الصبغ غرم النقص، وإن زاد لم يكن له فيه شئ إلا أن يكون إن غسل خرج منه شئ له قيمة فيخير ربه إن شاء أعطاه الثوب يغسله، أو قيمة ما يخرج منه، وعلى قول عبدالملك لربه أخذه مجانا إن كانت النفقة يسيرة، وإن كان لها قدر أعطاه قيمة ذلك أو ضمنه إن كانا شريكين. المازري لان الماجشون في الواضحة: لا حق لغاصب في صبغ ولا صوغ ولا

طحن كقول أشهب لقوله "صلى الله عليه وسلم" "ليس لعرق ظالم حق"، ولأبن الماجشون أيضا في المبسوط: إن صبغ الغاصب يسيرا فلربه أخذه مجانا، وإن صبغ فيه كثيراً فلا يأخذه إلأ بدفع قيمته الصنعة أو يضمن الغاصب أو يكون شريكين، فأثبت الشركة هنا عبدالملك، ونفاها ابن القاسم. وقال أشهب: من غصب ثوبا فصبغه أو قطعه وخاطه، أو قمحاً فطحنه لربه أخذه بخلاف ما لو صبر القمح سويقا، وقال سحنون: كل ما غيره حتى انتقل اسمه فهو فوت. قلت: تقدم قولها في الصبغ: أنه بخير ربه في قيمته وأخذه بغرمه قيمة الصبغ، ونحوه في السارق: يصبغ الثوب. وفي تضمين الصناع منها: ولك أخذ ما خاطه الغاصب لا غرم أجر الخياطة لتغديه. قلت: الفرق بينهما أن الصبغ بإدخال صنعة في المغصوب فأشبه البناء والخياطة مجرد عمل فأشبه التزويق في الدار، وفي المقدمات، ولابن القاسم وأشهب: الصبغ فوت ليس لرب الثوب إلا قيمته يوم الغصب، وانظر في اللقطة من المدونة: أن يكونا شريكين. قال أبو عمران: لا يأخذه مصبوغاً إلا بغرم قيمة الصبغ ولو كان الصبغ قد نقصه. قلت: هذا خالف نص الجلاب: من غصب ثوبا فصبغه صبغا ينقص الثوب فلربه أخذه ناقصا، أو تركه وأخذ قيمته يوم الغصب، وإن صبغة صبغا يزيد في ثمنه فلربه أخذه ويدفع ما زاده الصبغ في ثمنه، إن شاء تركه وأخذ قيمته، فإن أبي ربه أن يأخذه، وأبي الغاصب أن يعطي قيمته بيع الثوب ودفع لربه قيمته وما فضل للغاصب.

قلت: هذا قولها في صبغ السارق إذا كان عديما. قلت: ففي لغو قيمة الصبغ وكونه فوتا، وتخيير رب الثوب في أخذه بغرم قيمة الصبغ، وأخذ قيمته يوم الغصب، رابعها: أو يوم الصبغ وقيمة الثوب إن أبي رب الثوب أن يدفع قيمة الصبغ، والغاصب أن يدفع قيمة الثوب، وسابعها: الأول إن لم ينقصه الصبغ وإلا خير في قيمته وأخذه مجاناً وعزوها واضح، وثامنها: قول لان الجلاب. وفيها: من غصب ترابا فجعله ملاطا لبنيانه فعليه مثله. قلت: وشبه الملاط بكسر الميم هو الطين، وذكر ابن زرقون فيمن غصب كتاناً فغزله أو غزلا فنسجه، إنه قيل: يشبه أن يكون كالثوب يخاط، لأنه إنما أحدث فيه تأليفاً لا قيمة له إذا أزيل. الجلاب: من غصب شاة فذبحها ضمن قيمتها وكان له آكلها، وقال محمد بن مسلمة: لربها أخذها، ويضمن الغاصب ما بين قيمتها حية ومذبوحة. وقال ابن الحاجب: وإذا ذبح الشاة ضمن قيمتها، وقال محمد: إذا لم يشوها فلربها أخذها مع أرشها. ابن عبد السلام: ظاهره أن ليس لربها في القول الأول إلا قيمتها وذبحها إفاتة وهو ظاهر ما حكاه غيره، وقال بعضهم عن ابن القاسم: إن ربها مخير في أخذ قيمتها، أو أخذها بعينها على ما هي عليه من غير زيادة. قلت: ما حكاه من أن ذبحها فوت يوجب قيمتها لا أعرفه في الذبح نصا، بل تخريجا مما حكاه المازري في طحن القمح، قال: روري عن ابن القاسم في المجموعة أن صحن القمح يوجب مثل القمح المغصوب وهو ظاهر قولها في الغصب. قلت: أرأيت إن غصب من رجل حنطة فطحنتها دقيقاً، أحب ما فيه إلي آن يضمن حنطة مثل حنطته. وقوله: وقال بعضهم عن ابن القاسم: إن ربها مخير، ظاهره أنه لم يقف عليه نصا

لابن القاسم. وفي رسم الصبرة من سماع يحيي ابن القاسم من كتاب الدعوي والصلح: من ذبح لرجل شاة فيلزمه غرم قيمتها، لا يجوز لربها أن يأخذ فيها شيئا من الحيوان الذي لا يجوز أن يباع بلحمها. قلت: ولم وإنما وجب لرب الشاة على ذابحها قيمتها عينا. قال: لأن رب الشاة ما لم يفت لحمها مخير في أخذها مذبوحة. وفي أخذ قيمتها حية فيدخله بيع اللحم بالحيوان، فإن فات لحمها فلا بأس بذلك، فقبلها ابن رشد ولم يزد فيها شيئا، ولا ذكر في أن لربها أخذها مذبوحة خلافا. وفيها: من غصب فضة فصاغها حلياً أو ضربها دراهم أو حديداً أو نحاسا، فعمل منه قدوراً أو سيوفا فعليه مثل ما غصب في صفته ووزنه. الشيخ عن ابن حبيب: قال ابن الماجشون في الفضة يصوغها حليا، والثوب يصبغة أو يقطعه ويخيطه، القمح يطحنه سويقا: لربه أخذه في كل ذلك. المازري: من غصب حجرا، أو خشبة بني عليها بناء ففي تمكين رب ذلك من أخذه ولو يهدم بنائه، مشهور المذهب مع قول ابن القاسم في الموازية: ولو كان البناء قصورا، وقول أشهب في النوادر، وقوله في غيرها، ونقله عنه ابن حارث، وزاد اتفاقه مع ابن القاسم على هدم البناء المعتمد على الحجر المغصوب، وإنما اختلفا فيما انتشر منه فقال ابن القاسم قولا مجملاً: يهدم. وقال أشهب: إن لم يكن نزع الحجر إلا بهدم كل البناء وجب قيمة الحجر لربها، وهذا الثقل لا أعرفه في المذهب، وما أدري من أين نقله، وإنما أعرفه للكرخي عن أبي حنيفة. ولو رضي رب المغصوب بتركه، وأخذ قيمته ففي لزوم ذلك للغاصب، لأنه هدم بنائه إضاعة للمال وتمكين الغاصب من ربه بهدم بنائه. قولا اللخمي مع عبدالحميد الصائغ، وابن القصار قال: وإدخال الغاصب لوحا في سفينة أنشأها عليه كالحجر المبني عليه بناء معتبراً، إن كان نزعه لا يستلزم موت

آدمي ولا إتلاف مال لغير الغاصب، وسبب الخلاف في هذا اعتبار أشد الضررين باعتبار ذات الضرر، ومن يلحقه من حيث كونه غاضباً وغير غاصب. وكذا غصب خيط خيط به جرح إن لم يستلزم نزعه خوف إتلاف عضو آدمي محترم، أو حدوث مرض به مخوف، فإن لم يستلزم ذلك أو استلزم تأخير برءه فمختلف فيه بين الشافعية، ومن هذا الأسلوب لو أن كبشاً أدخل رأسه في قدر لغير ربه لا لتسبب من أحد مالكيهما لم يضمن أحدهما لصاحبه شيئاً، وهو من جرح العجماء، وكذلك دخول دينار في دواة غير ربه لا يمكن إخراجه إلا بكسرها، وكان شيخنا إذا حكي هذه المسائل يحكي أن جملين اجتمعنا في مضيق لا يمكن نجاة أحدهما إلا بنحر الآخر، فحكم بعض القضاة بنحر أحدهما ويشتركان في الباقي كالمطروح من السفينة لنجاتها. وفيها: إن عمل الغاصب الخشبة باباً فعليه قيمتها، وإن غصب أرضاً فغرسها أو بني فيها ثم استحقها ربها، قيل للغاصب: اقلع الأصول والبناء إن كان لك فيه منفعة إلا أن يشاء رب الأرض أن يعطيه قيمة البناء والأصل مقلوعاً، وكل ما لا منفعة فيه للغاصب بعد القلع كالجص والنقش فلا شيء فيه، وكذا ما حفر من بئر ومطمر فلا شيء له في ذلك. قلت: تقدم في العارية حكم قيمته مقلوعاً، وسمع ابن القاسم في كتاب الجنايات: من خصي عبداً فنقصه ذلك فعليه ما بين القيمتين كجراحه، وإن زاد فيه نظر إلى ما ينقص من مثله من أوسط صنفه فيحمل عليه، فإن كان عشراً كان ل عشر ثمنه. ابن رشد: تأوله بعضهم على أنه إن زاد الخصاء في ثمنه الثلث، فعلى الجاني ثلث قيمته، وإن زاد فيه مثل ثلثه أو أكثر غرم جميع قيمته وهو بعيد في المعنى، وإن ساعده اللفظ، وإنما معناه أنه ينظر إلى ما ينقص منه الخصاء الذي زاد في قيمته كم كان ينقص منه لو لم يرغب فيه من أجل خصائه أنه لا شيء في نقص الخصاء بعض منافعه، فأراد في الرواية أن ينظر إلى ما نقص منه الخصاء لو لم يرغب فيه لأجل خصائه. وقال سحنون: إن زاد فيه نظر إلى عدد من ينقص منه الخصاء، فيقال: ما ينقصه أن

لو أخصى، فيقال: خمسه، فيغرم الجاني خمس قيمة العبد المجني عليه، وفيه نظر، لأن الخصاء ينقص من قيمة العبد النبيل الرائع أكثر مما ينقص من قيمة الوخش، فما تأولناه من قول مالك أصح. ولابن عبدوس: إن لم ينقصه فلا غرم على الجاني، والذي أقوله إن لم ينقصه أن على الجاني جميع قيمته، لأن الخصاء يقطع النسل، وفيه في الحر كمال الدية فيكون فيه في العبد كمال قيمته قياساً على موضحته ومنقلته ومأمومته. وقول ابن الحاجب وابن شاس: ولو هزلت الجارية، ثم سمنت أو نسي العبد الصنعة ثم ذكرها حصل الجبر، هو كقولها من اطلع على عيب قديم فيما ابتاعه فلم يرده حتى زال فلا رد له، والهزال والنسيان زوالهما في المغصوب كذلك، ولا أعرفهما نصاً في المذهب لغيرهما، بل للغزالي قال في وجيزة: ولو هزلت الجارية ثم سمنت أو نسي الصنعة ثم تذكرها أو أبطل صنعة الإناء ثم أعاد مثلها ففي حصول الجبر وجهان. قلت: الأظهر أن الإناء لا ينجبر بذلك، ومسألة الغاصب عندي تجري على ما تقدم من الخلاف في المودع يتعدى على الوديعة ثم يعيدها لحالها في المثلي منها، ومقتضى قولها أن الهزال في الجارية يوجب على الغاصب ضمانها، ولم أقف عليه لغيرها. ومفهوم قولها: من غصب شابة فهرمت فهو فوت، مع قولها في السلم الثاني: أن الهزال في الجارية لغو بخلاف الدابة خلاف ذلك. اللخمي: اختلف إن أغلق الدار وبور الأرض، ووقف الدابة ولم يستعمل العبد، فقال ابن القاسم: لا شيء عليه في كل ذلك، وقال الأخوان وأشهب وابن عبد الحكم وأصبغ: عليه الكراء. ونحوه لابن حبيب: إن باع الغاصب أو وهب غرم الغلة التي اغتل المشتري والموهوب له، فإن كان الغاصب معسراً رجع المغصوب منه على الموهوب له أو وارثه. وفي غرم الغاصب غلة المغصوب مطلقاً ونفيه، ثالثها: غلة الرباع والإبل والغنم لا العبيد والدواب، ورابعها: ما استقل لا ما استعمل، وخامسها: غلة الرباع والنخل لا غلة العبيد والحيوان، للخمي عن رواية أشهب مع رواية علي بن زياد، ورواية ابن

القصار ورواية ابن القاسم، وقوله وقول ابن المعذل. وفي المقدمات: اختلف في غلة المغصوب، فقال أشهب: حكمها حكم المغصوب يلزمه قيمتها يوم قبضها أو أكثر ما انتهت إليه وإن تلفت بأمر سماوي، ومن قال: حكمها خلاف حكم المغصوب اختلفوا بعد إجماعهم على أنها إن تلفت ببينةٍ لم يضمنها، وإن ادعى تلفها لم يصدق وإن يصدق وإن كان مما لا (يغاب) عليه. وتحصيل اختلافهم أن ما تولد من المغصوب على هيئته وخلقته وهو الولد فإن الغاصب يرده، وما تولد عنه على غير هيئته وهو الثمر والعنب واللبن والصوف وشبهه في كونه للغاصب ووجوب رده قولان، وإن تلف المغصوب خير ربه في أخذ قيمته، ولا شيء له في الغلة وأخذ الغلة دون قيمته، وما كان غير متولدٍ وهي الأكرية والخراجات في وجوب ردها ونفيه، ثالثها: يرد إن أكرى أو انتفع لا إن عطل، ورابعها: إن أكرى لا إن انتفع أو عطل، وخامسها: الفرق بين الحيوان والأصول. ابن شاس: منفعة البضع لا تضمن إلا بالتفويت، [ففي الحرة مهر المثل ولو كانت ثيباً، وفي الأمة ما نقصها، وكذا منفعة بدن الحر. قلت: قوله لا يضمن إلا بالتفويت] هو مقتضى قولها في السرقة وسائر الروايات إن رجع شاهداً الطلاق بعد البناء فلا غرم، وكذا في معتمدة إرضاع من يوجب رضاعها فسخ نكاحٍ، واختصره ابن الحاجب: فقال ابن عبد السلام: فمن منع حرةً أو أمةً التزويج لم يضمن صداقاً، لا أعلم فيه خلافاً، وتقدم في كتاب النكاح ما قد يتخرج منه خلافٌ لبعض الشيوخ. قلتُ: ما أشار إليه من التخريج لا أعرفه لأحدٍ، ولا أعرف في النكاح ما يناسب هذا الأصل، وهو منع متعة النكاح تعدياً، إلا قول اللخمي في الفصل الثالث من باب الطلاق قبل البناء في النكاح الثاني قال ما نصه في «الموازية»: إن قتل السيد أمته قبل البناء فله الصداق، وعليه إن قتلت الحرة نفسها فلها الصداق، وهذا كقولها إن باع السيد أمته بموضع لا يقدر الزوج على جماعها فله الصداق، ولا أرى للزوجة في جميع ذلك شيئاً إذا كان الامتناع منها أو من السيد إن كانت أمة.

قلت: وإشارة ابن عبد السلام إلى تخريج مسألة الغصب على ما اختاره اللخمي غير تام، وهذا لأن اللخمي لم يقل بغرم قيمة المنفعة بالقصد من حيث ذاتها، إنما اختار سقوط عوضها المالي بعد تقرره عوضاً فيها لطالبه بتعمده إتلافها، ولا يلزم من سقوط المال بالتعدي ثبوت المال عن مجرد منفعة البضع، لأنه غير مالي، ولم يحصل له عوض مالي. وقال ابن هارون إثر ابن الحاجب: وخرج فيه بعضهم أن عليه قيمة ما عطله من المنافع كالدار يغلقها والعبد يمنع منه سيده مدة، ذكره المازري، وهذا أيضاً لا أعرفه للمازري، إنما ذكر إذا غاصب على رائعة شك في وطئه إياها في ضمانه إياها. قولا الأخوين وابن القاسم وله في كتاب الشهادات: لم يختلف المذهب أن شهيدي الطلاق بعد البناء إذا رجعا أنه لا غرامة عليهما. وأوجب الشافعي غرامتهما لإتلافهما منافع البضع، وهي مما تقوم كالحقوق المالية، واعتمد أصحابنا على أن من له زوجتين أرضعت كبراهما صغراهما فحرمتا عليه أنه لا غرم عليها فيها حرمت به فرجها عليه، وعلى أن من قتل زوجة رجل لا يغرم له ما أتلف عليه من متعة. وقول ابن شاس: وفي الأمة ما نقصها هو نصها في الاستبراء والأمة كالسلعة على واطئها غصباً ما نقصها الوطء كانت ثيباً أو بكراً، ومثله في القذف. وفي الرهون منها: إن وطئ الأمة مرتهنها فعليه ما نقصها وطئه بكراً كانت أو ثيباً إن أكرهها، وكذا إن طاوعته وهي بكر، فإن كانت ثيباً فلا شيء عليه، والمرتهن وغيره في ذلك سواء. قلت: وفي تفرقته في الثيب بين وطئه طائعة أو مكرهة نظر، والصواب عكس تفرقته، لأنه بوطئه إياها طائعة أحدث فيها عيباً وهو زناها، ليس هو كذلك في وطئه إياها مكرهة، لأنها غير زانية، وتقدم في الرد بالعيب أن زناها عيب. وتقدم في الصيد حكم غصب آلته، وعلى غرم الغاصب الغلة في رجوعه بالنفقة فيها طريقان.

اللخمي: في رجوعه بنفقة العبد والدابة والسقي والعلاج ثلاثة. ابن القاسم في الموازية: يرجع بذلك ما لم يجاوز الغلة، ثم قال: لا يرجع بشيء، وهذا فيما ليس للمغصوب منه مندوحة كطعام العبد وكسوته وعلف الدابة والرعي وسقي الحائط، إن كان بحيث لو كان بيد ربه استأجر له فهو كطعام العبد، وإن كان لا يستأجر له، لأن له عبيداً ودواباً ولم يستعملهم بعد غصب الحائط لم يكن عليه شيء، وإن كان عنده بعض ذلك رجع بأجر ما يعجز رب الحائط عنه من ذلك، وإن استعملهم ربهم بعد غصب الحائط كان عليه أجر ما عمله الغاصب ما لم يجاوز الأجر الذي أخذه فيهم. ولأصبغ في الواضحة: من تعدى على رجل فسقى له شجره أو حرث أرضه أو حصد زرعه ثم سأله أجر ذلك ذلك، إن كان رب هذه الأشياء ممن لابد أن يستأجر عليها فعليه أجرها، وإن كان يلي ذلك بنفسه أو له من يلي ذلك له فلا شيء عليه، وأرى أن على المغصوب منه الأقل من إجارة المثل فيما عمله الغاصب، أو ما أجر هو عبيده أو الغلة. قلت: الأظهر أن ثالث الأقوال هو اختياره كعد ابن رشد في كثير من المسائل اختياره قولاً، ولا يصح جعل قول اصبغ ثالثاً، لأنه في غير مسألة غاصب لنص قوله: من تعدى مفسراً له بقوله فسقى إلى آخره. الصقلي: لما ذكر قولها برجوع الغاصب بما أنفق وسقى وعالج ورعى في الغلة، قال: وقاله أشهب في المجموعة. وقال ابن القاسم أيضاً: لا شيء له من ذلك وإن كان سبباً للغلة، وقاله مالك. قلت: وعزاه ابن رشد أيضاً لسحنون وابن الماجشون. الصقلي: وبه أخذ محمد، قال: إذ ليس بعين قائمة ولا يقدر على أخذه ولا مما له قيمة بعد قلعه، وهو كما لو غصب مركباً خراباً أنفق في قلقطته وزفته وآلته ثم اغتل فيه غلة كثيرة فلربه أخذه مصلوحاً بجميع غلته، ولا غرم عليه فيما أنفق إلا في الصاري والأرجل والحبال، وما يوجد له ثمن إن أخذ فللغاصب أخذه، وإن كان بموضع لا

توجد فيه آلته التي لابد منها في جريه حتى يرد إلى موضعه، ولا يوجد ذلك بالموضع الذي حمله إليه بمشقة فربه مخير في أخذ ذلك بقيمته. وزاد اللخمي عن محمد ما نصه: وقال: وأصبغ يذهب في ذلك لقول أشهب ولم يعجبني، وقول أشهب أبين، يقوم الأصل قبل إصلاحه فينظر ما كان يؤاجر به ممن يصلحه فيغرمه، وما زاد عليه فللغاصب، ولا أعلمهم اختلفوا فيمن غصب أرضاً فبناها ثم سكن أو استغل أنه لا يغرم إلا غلة القاعة. قلت: مثله للشيخ عن محمد في سكني الأرض وغلة ما غرس من شجر، وما عزاه اللخمي لأشهب إنما ذكره الشيخ عن محمد. وفيها مع غيرها: من ابتاع شيئاً من غاصب أو قبله منه هبة وهو عالم أنه غاصب، فهو كالغاصب في الغلة والضمان. وفي استحقاقها إن جهل أمر الواهب أغاصب هو أم لا؟ فهو على الشراء حتى يعلم أنه غاصب، وكذا للشيخ عن المجموعة في المشتري وشكك في حمله على الشراء بأن ثبوت استحقاقه بموجبه، ويمين ربه يوجب كونه غصباً، فإذا احتمل كونه في يد من استحق منه بغصب أو شراء وجب حمله على الغصب لتحققه. ويجاب بأن هذا الأصل عارضه أصالة سلامة المستحق منه، مع أن الغالب في وضع الآني الشراء لا الغصب. اللخمي عن سحنون: من ابتاع داراً ممن زعم أنه وكل على بيعها وقدم ربها فأكذبه، فإن كان بائعها ينظر فيه نظراً يثبت له شبهه الوكالة فغلتها لمبتاعها وإلا فكغاصب. وفي استحقاقها: من ابتاع داراً أو عبداً من غاصب ولم يعلم فاستغلهم ثم استحقوا فالغلة للمبتاع بضمانه. ابن رشد: اتفاقاً. وسمع عيسى ابن القاسم: من استحق منه عبد بحرية بعد قبضه مالاً كاتبه به لم يرجع عليه به كخراجه، ويرجع عليه بمال انتزعه من مال اشتراه معه أو فضل من

خراجه أو أعطيه وبأرش جراحه، لأن العبد يشتري للغلة لا لماله وأرش جراحه كأجزائه، ويرجع من استحق منه بما أعطاه، وبربح ما استتجره به لنفسه ولو أقر ربحه بيد العبد. ابن رشد: لابن نافع أن العبد يرجع على من كان بيده بخراجه وخدمته، وهو دليل تعليل ابن القاسم في المستحق بملك بأنه كان ضامناً له بثمنه لو مات، وكذا الأصل إذا استحق بحبس من مشتريه وجوب عليه بالغلة يجري على هذين القولين. وقوله: يرجع عليه بما كان أعطاه قبل استحقاقه بالحرية، مثل لابن حبيب عن الأخوين في الهبة إذا استحق بحرية أو ملك، وقالا لو أعمراه أو حبس فلا رجوع له في ذلك قبل استحقاقه، ولا بعده بملك أو حرية ولا لمستحقه بملك، وهو له مدة حياته، وقاله مالك والمغيرة وغيرهما من علماء المدينة قالا: وله ولمن صار إليه العبد أن يأخذا منه أو أحبا ما صار إليه من ثمرة الحبس أو غلته بعد أن يصير ذلك في يده وله، لأنه كما له وهو بعيد لا وجه للتفرقة بين الهبة والعمري والحبس، ولو أعطاه بعد أن أعتقه يرى أنه مولاه، ثم استحق بحرية أو ملك ففي رجوعه بما كان أعطاه قولا ابن حبيب مع ابن الماجشون، وأصبغ مع مطرف. وفي لغو ما اغتله المشتري غير عالم بغصبه وغرمه غاصبه، معروف المذهب ونقل اللخمي عن ابن الماجشون قائلاً يريد: لأنه حرمه ذلك. وفي الاستحقاق من النوادر عزو الأول لابن القاسم وأشهب. الشيخ في الموازية لابن القاسم: من غصب نخلاً فوهبها رجلاً اغتلها سنين فلربها أخذها وغلتها من الغاصب، فإن كان عديماً أخذ ذلك من الموهوب وحاصه بما أنفق، وقال أشهب: الموهوب كالمشتري لا غلة عليه. قلت: الأول قول ابن القاسم فيها. وفيها: من وهب لرجل طعاماً أو إداماً فأكله، أو ثياباً فلبسها حتى أبلاها ثم استحق ذلك رجل، رجع بذلك على الواهب إن كان ملياً، وإن كان عديماً أو لم يقدر

عليه رجع على الموهوب له، ولا يرجع الموهوب له على الواهب بشيء، وكذا لو أعاره ثياباً فلبسها لبساً ينقصها ولا رجوع للمستعير بما يغرم على المعير. ونقلها الصقلي بلفظ: من غصب طعاماً أو إداماً أو ثياباً فوهبها، وكذا هي في المجموعة قال: ولمحمد عن أشهب يتبع أيهما شاء كقول مالك في المشتري يأكل ويلبس. قال ابن القاسم في المجموعة: وإن كان الواهب غير غاصب لم يتبع إلا الموهوب المنتفع. الصقلي: هذا خلاف قوله في الاستحقاق: في مكري الأرض يحابي في كرائها ثم يطرأ له أخ يشركه، وقد علم به أولاً فإنه يرجع بالمحاباة على أخيه إن كان ملياً، فإن لم يكن له مال رجع على المكتري فسوى بين المتعدي وغيره. وسمع عيسى ابن القاسم: من غصب شاة فوهبها من أكلها، غرم الغاصب قيمتها إن كان ملياً، وإلا غرمها من أكلها، وإن وهبها بعد ذبحها فكذلك، فإن كان الغاصب عديماً غرم آكلها قيمتها مذبوحة، وما بين قيمتها حية ومذبوحة على الغاصب ولو كان معدماً. ابن رشد: هذا قولها في محاباة الوارث في الكراء وكقولها في كتاب الأقضية وقياس الدور، وعلى قياس قولها: إن غرم القيمة الموهوب له رجع بها على الغاصب، وإن غرمها أولاً لم يرجع بها على الموهوب له، لأنه لما أهداها التزم ضمانها، وإن كانا عديمين اتبع أولهما ملأ، ويرجع الموهوب له بما يغرم لا الغاصب عليه بما يغرم، وعلى قول غيره في مسألة كتاب الاستحقاق منها وهو أشهب بدليل قوله في رسم محض القضاء من سماع أصبغ من كتاب البضائع. وقول ابن القاسم في الشركة منها: يرجع أولاً على الموهوب له إن كان ملياً، وإلا فعلى الغاصب، وإن رجع عليه رجع الغاصب على الموهوب له، وإن رجع على الموهوب له لم يرجع الموهوب له على الغاصب، عكس القول الأول، فإن كانا عديمين رجع على أولهما يسراً.

ولابن القاسم في كراء الدور منها: إن رجع على الموهوب له لعدم الواهب لم يكن للموهوب له رجوع على الواهب خلاف ما يوجبه القياس. فيتحصل فيه خمسة أقوال، بقول أشهب روى ابن عبدوس عنه: أن المستحق يتبع أيهما شاء الغاصب الواهب أو الموهوب له. قال: واستحسنه سحنون واحتج بالبيع، لو ابتاع طعاماً فأكله فله أن يضمن من شاء منهما الغاصب أو المشتري، فكذا الموهوب له. قلت: قال الصقلي: الفرق بين المشتري والموهوب له أن المشتري إذا غرم رجع بثمنه على الغاصب، والموهوب له إذا غرم لم يرجع، إذ لا عهدة له الغاصب، وقاله المازري، ويتم على القول أن الموهوب له لا يرجع على الغاصب بما يغرمه، والقيمة على الآكل الموهوب له أو المشتري يوم الأكل، وعلى الغاصب يوم الغصب، لأنه هو وقت ضمان كل منهما، وقاله غير واحد. قال ابن عبد السلام: انظر إن اختار المالك تغريم الموهوب له، ومن ذكر المؤلف معه قيمة المغصوب، وهي أقل من القيمة اللازمة للغاصب، فهل للمالك الرجوع بتمام القيمة أو لا؟ على ما تقدم في الأجنبي يقتل الأمة المغصوبة بيد الغاصب. قلت: هذا التفريغ الذي ذكره إنما يتأتي على قول أشهب لقوله: إن اختار المالك، ولا خيار له إلا على قول أشهب أنه يتبع أيهما شاء. قال المازري: واختاره محمد وسحنون فيرد إجراؤه على ما تقدم في الأجنبي بقول المازري تفريعاً عليه: لو كانت قيمة الثوب يوم الغصب عشرين ويوم اللبس ثلاثين، فإن أخذ من الغاصب عشرين لم يرجع على الموهوب له بالعشرة تمام القيمة يوم اللبس، لأنه إذا اختار طلب أحدهما فكأنه أسقط الطلب عن الآخر. وفيها لابن القاسم: لو قتل الأمة مبتاعها فلربها أخذه بقيمتها يوم القتل، ثم يرجع على بائعه الغاصب بالثمن. وفيها لابن القاسم: لو قتل الأمة مبتاعها فلربها أخذه بقيمتها يوم القتل، ثم يرجع على بائعه الغاصب بالثمن. الصقلي: لأشهب: إن باعها الغاصب بمائة فقتلها المباع وقيمتها خمسون فأغرمه مستحقها قيمتها خمسين، فليرجع المبتاع على الغاصب بما غرم للمستحق وذلك

خمسون ويرجع المستحق أيضاً على الغاصب بخمسين بقية الثمن الذي أخذ فيها. والقياس قول ابن القاسم: لأن المستحق لما أغرم قيمتها المبتاع كأنه أخذ عين شيئه، وانتقض البيع بين المشتري والغاصب، فيجب رجوعه بثمنه أجمع، ولو كانت قيمتها يوم الغصب مائة وعشرين وباعها الغاصب بمائة وقتلها المبتاع وقيمتها خمسون، وأخذ مستحقها قيمتها من المشتري، رجع المشتري على قول أشهب على الغاصب بما غرم وهو خمسون، ورجع عليه المستحق بتمام القيمة يوم الغصب وذلك سبعون. وعلى قول ابن القاسم: يرجع المشتري بثمنه وهو مائة، ويرجع عليه المستحق بتمام القيمة يوم الغصب وذلك عشرون ونحوه للتونسي. ووجه قول أشهب: أن المشتري إنما يرجع على الغاصب بالخمسين التي غرمها، ويرجع المستحق ببقية الثمن، فإن المشتري إذا رد إليه مثل ما أخذ منه فكأنه لم يغرم شيئاً، والغاصب لا يربح كون الباقي بيده للمستحق. قال ابن الحاجب: وكذلك لو قتل العبد فإن اختار تغريمه فكان أقل من الثمن، ففي تعيين مستحقه من المشتري أو ربه قولا ابن القاسم وأشهب. ابن عبد السلام: يعني إن قتل المشتري من الغاصب العبد المغصوب، فأخذ ربه منه قيمته يوم قتله فكانت أقل من الثمن، فاتفق ابن القاسم وأشهب على أن الغاصب لا يستحق زيادة الثمن على القيمة، واختلفا فيمن يستحقها، فقال ابن القاسم: يستحقها المشتري، وقال أشهب: يستحقها المالك، ويرجع المشتري بقدر ما أدى، هذا ما ذكره المؤلف وهو خارج عما نقله من يعتد بنقله. قال في المدونة: فذكر متقدم لفظها قال: وحكي عن أشهب أن المشتري إن اشتراها بمائة وقتلها وقيمتها خمسون، فأغرمه المالك الخمسين القيمة، فالمبتاع يرجع على الغاصب بخمسين بقية الثمن الذي أخذ فيها، كذا حكي ابن يونس هذا القول، وظاهرة أنه يبقى بيد الغاصب مقدار ما غرمه المشتري للمالك وهو مشكل، لأنه يلزم عليه أن يبقى للغاصب بقية من الثمن يملكها بغير سبب. قال ابن يونس: ولو كانت قيمة الأم يوم الغصب مائة وعشرين فباعها الغاصب

بمائة إلى آخر ما ذكرناه نحن عنه، وعقبه بقوله تأمل كلامه ذكر هنا على قول أشهب أنه يرجع المشتري على الغاضب بما غرم، وذكر في الصورة التي فوق هذه أنه يرجع بما بين القيمة وتمام الثمن فهو كالمتناقض. قلت: في كلامه وهم من وجهين: الأول قوله: هذا ما ذكره المؤلف وهو خارج عما نقله من يعتد بنقله؛ لأن لفظه هذا يقتضي أنه ظفر بنقل مستقيم لمن يعتد به مخالف لما نقله المؤلف، وهو لم يأت بنقل إلا ما نقله من لفظ المدونة، وهو نفس ما عزاه ابن الحاجب لابن القاسم، فليس بمخالف له بحال، ولا ما أتى به في زعمه من نقل الصقلي عن أشهب المشكل عنده، فآل أمره إلى أنه تعقب نقل ابن الحاجب بنقلين: أحدهما: موافق لنقل ابن الحاجب والآخر مشكل في نفسه، ومن البين لكل منصف أن هذا لا يصح التعقب به، وأن التعقب به وهم. الثاني: أنه لا يخفى على منصف فهم ما نقلناه عن الصقلي أن ما ذكره ابن عبد السلام غلط سببه أن نسخته فيها نقص لم ينتبه له بحيث يحمله ذلك على مطالعة نسخ ابن يونس، والنقص المذكور هو ما بين قوله: فليرجع المبتاع على الغاضب، وبين قوله: بخمسين بقية الثمن الذي أخذ فيه، والنقص هو لفظها غرم للمستحق وذلك خمسون، ويرجع المستحق أيضا على الغاصب. انتهى. كذا في نسخ ابن يونس الصحيحة، وهذه الزيادة تنفي استشكاله وما ذكره، والتناقض من التناقض في نقل الصقلي مبني على نسخته الناقصة فلا يفتقر لجواب، فتأمل ذلك كله منصفا. وفيها: لو قتل الجارية مبتاعها من غاضب لم يعلم بغضبه فلربها أخذه بقيمتها يوم القتل ثم يرجع هو على الغاصب بالثمن؛ لأن مالكا قال: ما ابتاعه من طعام فأكله أو ثياب فلبسها حتى أبلاها فلمستحق ذلك أخذه بمثل الطعام وقيمة الثياب. قلت: مثله لابن القاسم في المجموعة بزيادة. قال أشهب: قتلها عمدا أو خطأ؛ لأنها جناية. وفي سماع عيسى ابن القاسم: هذا إذا كان ذلك عمدا، وإن كان خطأ فلا شيء فيه

على الغاصب ولا على المشتري. ابن رشد: هذه التفرقة تفسير قوله في المدونة إذا لم يفرق فيها بين عمد ولا خطأ، وقيل: لا فرق بينهما والخطأ كالعمد. قلت: ظاهر كلام الشيخ أن قول أشهب وفاق لابن القاسم في المجموعة، وعليه حمل بعضهم المدونة وهو ظاهر؛ لأن إطلاقهاتها كالعموم.

كتاب الاستحقاق

[كتاب الاستحقاق] والاستحقاق من تراجم كتبها، وهو رفع ملك شيء بثبوت ملك قبله أو حرية كذلك بغير عوض.

فيخرج العتق ومطلق رفع الملك بملك بعده، وما وجد في المقاسم بعد بيعه أو قسمه؛ لأنه لا يؤخذ إلا بثمن. وحكمه الوجوب عند تيسير أسبابه في الرفع على عدم يمين مستحقه وعلى يمينه مباح كغير الربع؛ لأن الحلف مشقة. فيها: ما هلك بيد مبتاعه بغير سببه فإن قامت بهلاك ما يغاب عليه ببينة فلا شيء عليه ولا يضمن. اللخمي: إن ثبت الاستحقاق فقال المشتري: أبق العبد أو ذهبت الدابة أو ماتا قبل قوله في الحيوان: بتلف أو غيره. وفي الموت إن سافر به ولا جماعة معه ولا يصدق في موته في حضر أو جماعة سفر.

قلت: تقدم استيفاؤه في الخيار قال: واختلف في السلع والطعام يدعي سرقته وشبة ذلك، فلابن القاسم في العتبية: لا يقبل وهو ظاهرها لقولها: يحلف لقد هلك ويغرم قيمته اليوم، ولمالك في مثل هذا لا يحلف قال: لو أحلفته ما ضمنته، وقال أصبغ: يقبل قول المشتري مع يمينه في ضياعه. قلت: ما عزاه للعتبية هو سماع عيسى ابن القاسم. ابن رشد: قوله: يحلف إذا ادعى تلف السلعة التي اشترى ويغرم قيمتها خوف أن يكون عيبا، ومثله يجب في المرتهن والمستعير والصانع. وقوله: إن أتى ببينة على الهلاك لم يكن عليه شيء؛ معناه: أن تشهد البينة على معاينة هلاك ذلك، وهو ظاهر كتاب الخيار منها. وقال محمد في الصانع: لو احترق بيته فيرى ثوب الرجل يحترق هو ضامن، وكذا الرهن حتى يعلم أن النار هو بغير سببه، أو سيل يأتي أو ينهدم البيت وشبهه، وتقدم حكم ما وهبه الغاصب، وتحصل ابن رشد فيه خمسة أقوال. وقال المازري: فيه ثلاثة أقوال، قول ابن القاسم: يبدأ بطلب الغاصب إن كان مليا ولا يرجع على الموهوب له، فإن كان عديما فعلى الموهوب له، وفي الاستحقاق لغير ابن القاسم: يبدأ بالموهوب له؛ لأنه المنتفع. وقال أشهب: الطالب بالخيار. واستحقاق الأرض من غاصب قبل زرعه إياها واضح، وبعده لابن رشد في نوازل أصبغ في أكرية الأرضين وسماع يحيى في الغصب والاستحقاق ما حاصله: إن كان في الإبان ولا نفع في الزرع إن قلع فلربها جبره على إزالته أو أخذه مجانا. محمد: ولا يجوز إبقاؤه للغاصب بكراء؛ لأنه بيع الزرع قبل بدو صلاحه فقبله الشيخ وابن رشد، وقال المازري: إنما هذا على أن من خير بين شيئين عد منتقلا وعلى أنه لا يعد منتقلا لا يتصور فيه بيع الزرع قبل بدو صلاحه. ابن رشد: وإن كان فيه نفع فلربها جبره على إزالته. وفي جبره على أخذه منه بإنفاقه في أرضه مجانا رواية ابن عبد الحكم والمشهور،

وعليه ليس لربه جبر ربها على قبوله مجانا؛ لأنه لا يجبر على قبول معروفه. وفي صحة أخذه بقيمته مقلوعا قولان لظاهر كراء الأرضين منها، ودليل سماع سحنون في المزارعة. الشيخ: لمستحقيها إبقاؤه لزراعة بكراء وبعد خروج الإبان. فيها: مع نوازل أصبغ وغيرها لا يقلع ويلزم الغاصب الكراء. ابن رشد: القياس أن له قلعه إن صلحت الأرض لقثاء أو بقل، وهو دليل قول ابن الماجشون والمغيرة لا يقلع إذا أسبل، وروى ابن عبد الحكم: يقلع ولو لم يقدر أن يزرع بعده؛ ومعناه: أن له نفعا بإجماع أرضه وإلا فهو مضار. المازري: للداودي عن مالك رواية شاذة أن الزرع لرب الأرض وعليه النفقة، ومال إليها واحتج بحديث الترمذي قال صلى الله عليه وسلم: ((من زرع أرض قوم بغير إذنهم فالزرع لرب الأرض وعليه ما أنفقه))، واحتج بأن من غصب أمة فولدت فولدت فولدها لرب الأمة، فقدر النطفة كالبذر، والنماء في بطن الجارية كالنماء في بطن الأرض، وورد هذا السؤال إلى المهدية وشيوخ الفتوى متوافرون، فأفتى أشهرهم وأفقههم منذ نحو ستين عاما بأن الزرع لرب الأرض، واحتج بما احتج به الداودي كأنه من عند نفسه، ووافقته أنا في فتواه. واحتججت بأن الزرع نشأ عن الحب والأرض فكان يجب كون الزرع بينهما؛ لكن لا يعلم قدر ما لكل من البذر والأرض من التمنية في الزرع إلا الله تعالى، فخصت الأرض به؛ لأنها أرجح؛ لأنها لا تنتقل والحب ينتقل، ولأن تنميتها حلال وتنميتها حلال وتنمية الحب حرام، ثم أطال وتفاصح في الاحتجاج بمعنى قوله:} وَلَكُمْ فِى الْقِصَاصِ حَيَوةٌ {] البقرة:179 [بما تقرير حاصله الحكم بكون الزرع لرب الأرض أمر يوجب صون الأموال المحترمة عند العدا، وكل أمر يوجب صون الأموال المحترمة عن العدا واجب،

فالحكم بكون الزرع لرب الأرض واجب وبين الصغرى بمعنى قوله تعالى:} وَلَكُمْ فِى الْقِصَاصِ حَيَوةٌ {الآية] البقرة:179 [، وذكر بعض ما ذكره البيانيون من فصاحة الآية وعذوبتها وارتفاع مقامها عما كانت العرب تقوله بالعبارة القائلة: القتل أبقى للقتل، وبين الكبرى بالقياس على مدلول الآية في حفظ الدماء. قلت: فتواه معهم بهذه الرواية مع اعترافه بشذوذها خلاف الأصول، وقياسه حفظ الأموال على حفظ الدماء يرد بما تقرر في أصول الفقه من أن حفظ الدماء آكد من حفظ الأموال. واستحقاقها من غير غاصب مشتر أو ذي شبهة إن كان قبل حرثها فواضح، وإن كان بعده وقبل زراعتها ففي لغو حرثه كتزويق الدار وثبوت حقه فيه، نقل ابن رشد في سماع يحيى عن ابن القاسم عن أصبغ مع سحنون فيه. وفي تذييلها محتجا بأنه كالجعفاء تسمن والصغير يكبر، وسماع يحيى ابن القاسم، وخرجها ابن رشد على قولي سحنون مع ابن الماجشون، وابن القاسم في الرجوع بقيمة السقي والعلاج. قال: وقول ابن القاسم أصح، ويلزم على قول سحنون ألا يكون له في البناء إلا قيمته منقوضا مقلوعا وهو لم يقله ولا غيره فيما أعلم. وفي السماع المذكور يخير المستحق في أخذه القليب بقيمته، فإن أبى قيل لفاعله: أغرم كراءها وإلا دعها ولا شيء لك. ابن رشد: قوله: وإلا دعها ولا شيء لك على غير أصل قوله، ومقتضى قوله: إن أبى أن يكونا شريكين في كرائها ذلك العام، رب الأرض بقيمة كرائها غير محروثة ورب الحرث بقيمته. وإن كان بعد زراعتها ففيها: ليس لمستحقها قلعه وعليه الصبر إلى إتمامه، فإن كانت تزرع مرة في السنة فليس له فسخ الكراء تلك السنة ووجب له كراؤها. اللخمي: له الأكثر من المسمى أو كراء المثل؛ لأنه إن كان المسمى أكثر مضى العقد وإلا رده.

قلت: هو معنى نقل الشيخ عن ابن القاسم في المجموعة في مستحق الأرض سنين أو سنة وقد زرعت إن لم تنبت الزراعة، فله كراء تلك السنة وليس له فسخها، وهو مخير فيما بقي أن يجيزه أو يرده، وإن كانت تزرع السنة كلها فله الكراء من يوم تستحق ويخير فيما بقي، وإن فات الإبان فلا شيء له من كراء تلك السنة. قال الشيخ واللخمي واللفظ له، وقال ابن الماجشون: إن ذهب أول الإبان فلمن استحقت منه قدر فضل الكراء أول الإبان، وللمستحق مناب الوقت الذي استحق فيه، فعليه إن كان الكراء أول الإبان دينارين وفي آخره دينار ونصف، كان للأول ربع المسمى وللمستحق الأكثر من ثلاثة أرباع المسمى أو من كراء المثل من يوم استحق، ولو خاصم المستحق في الإبان وحكم له بعد ذهابه، ففي كون الكراء للأول أو المستحق قولان، وخرجهما المازري على الخلاف في المترقبات: هل يعتبر الحكم بها يوم ثبوت سببها أو يوم حصوله؟ ومنها: من أعتق عبده في سفره فقدم فأنكره، وقدم من شهد عليه فحكم عليه هل يقدم الحكم يوم أعتق أو يوم ثبت، فيها اختلاف فيه، وقد يقال: إن كانت مخاصمة من استحق منه بماله وجه فالكراء له، وإن كانت بباطل واضح فهو لمستحقها. وحضرت فتوى اللخمي لقاض فيمن دعت زوجها للبناء بها فأنكر النكاح فأثبتته، فإن كان خصام الزوج بتأويل وشبهة فلا يطلب بالنفقة أيام الخصام، وإن خاصمها بباطل واضح قضى لها بالنفقة. وإن كانت تزرع بطونا في السنة ففيها: إن كانت تعمل السنة كلها فله من يوم يستحقها، فإن فسخ الكراء لزمه تمام البطن الذي هو فيها على حساب السنة وفسخ ما بقي. اللخمي: إن استحقها في البطن الثاني فالأول للمشتري، ويجري الجواب في الثاني على ما تقدم إن كان زرع أو لم يزرع، إلا أنه هنا يقض ما ينوب البطن الذي هو فيه إذا مضى بعضه؛ لأنها تعمل كل وقت. وقول ابن الحاجب: فإن كان في إبانها أو كانت تزرع بطونا فللمالك الخيار في أجرة

المثل من حين وجوبه أو نسبة ما بقي، تفسير للمذهب بقول عبد الملك، وهو وهم أو غلط، ثم قال: وغي الزرع سنين يفسخ أو يمضي، فإن أمضاه فله نسبة ما ينوبه كجمع سلعتين لرجلتين. قلت: هذا الفرع واضح جريانه على أصول المذهب وفروعه، ولا أعرفه بعينه في الزراعة بل في كراء الدار. في الاستحاق منها: من اكترى دارا سنة من غير غاصب فلم ينقده الكراء حتى استحقت الدار في نصف السنة، فكراء ما مضى للأول وللمستحق فسخ ما بقي أو الرضا به، فيكون له كراء بقية المدة، ونحوها قولها في أكرية الأرضين: من استأجر أرضا ثلاث سنين فزرعها ثم تهور بئرها؛ قوم العام الأول على قدر نفاقه وتشاح الناس فيه، ليس كراء الأرض في الشتاء والصيف واحدا. فقل الصقلي في مسألة كتاب الاستحقاق: والتونسي لا يجيز الكراء حتى يعلم ما ينوب ما بقي إن كانت قيمة الشهور مختلفة، وإن أجاز قبل ذلك صار يجيز بثمن لا يعلم ما هو كجمع الرجلين سلعتيهما في البيع. وزاد المازري: وهذا الأصل مختلف فيه، منعه ابن القاسم، وكذا جمع الرجلين سلعتيهما في البيع، وعليه خرج الأشياخ الخلاف في المسألة. وقال بعض أشياخي: ليست هذه المسألة من هذا الأصل؛ لأن هذا إذا أجاز عقد سلعتيهما في البيع، وعليه خرج الأشياخ الخلاف في المسألة. وقال بعض أشياخي: ليست هذه المسألة من هذا الأصل؛ لأن هذا إذا أجاز عقد الكراء صار العاقد كوكيل، والوكيل له أن يبيع بثمن لا يعرف قدره الموكل لا سيما على أن المتراقبات إنما يقدر وقوعها يوم أسبابها. وفيها: من اكترى أرضا للبناء أو الغرس من مبتاعها واستحقت بعدهما فلربما إمضاء كراء بقية المدة، فإن أمضاه كان له مناب كراء بقية المدة وأمره بقلع البناء والغرس أو أخدهما بقيتهما مقلوعين وله فسخ كراء بقية المدة وأمره بقطعهما أو أخذهما بقيمتهما قائمين، فإن أبى من أخدهما قيل للمكتري: أعطه قيمة أرضه، فإن أبى كانا شريكين. عبد الحق: قيمتها قائمين إنما هو على أن يقلعا إلى وقت الكراء، وكذا إذا وجبت

الشركة بقيمتهما، وقاله غير واحد من شيوخ بلدنا. الصقلي: انظر كيف تقويم البناء على القلع إلى عشر سنين. فإن قلت: بكم يبني مثله على أن يقلع إلى عشر سنين؟ فالقيمة لا تختلف، سواء قال: إلى سنة أو عشرين سنة، ولذلك قال ابن القاسم: يدفع إليه قيمة البناء قائما ولم يحده بوقت، وإنما يصح ذلك على تأويل ابن حبيب القائل معنى ذلك قائما هو ما زاد البناء في قيمة الأرض، يقال: عليه كم قيمة الأرض براحا، فإن كانت مائة فقل: كم قيمتها بهذا البناء على أن يقلع لعشر سنين، فيقال: مائة وخمسون فعلم أن قيمة البناء خمسون. وعلى تأويل قول ابن القاسم يقال بكم يبني مثل هذا البناء، فيقال: خمسون أو مائة، فهذه قيمة البناء. قلت: هذا صواب جار على أصل المذهب، وتفسير قيمة البناء قائما حسبما تقدم في كتاب العارية فتذكره. ولما ذكر التونسي لفظ المدونة إلى قوله: فإن أبيا كانا شريكين. زاد: ثم رجع المكنزي بما بقى له من الكراء على المشتري، وهذه الزيادة لم أجدها في الأم ولكن الأصول تقتضي صحتها. ثم قال التونسي: فانظر هل للمكتري منفعة بتقويم غرسه وبنائه على بقائه لعشر سنين، فيصير قد انتفع بعض انتفاع بأرض الذي أكراها، فكيف يرجع على المشتري بجميع كراء ما بقى مع انتفاعه بالكراء الذي اكترى منه. فإن قيل: إذا قومت له البناء على أنه باق في الأرض إلى الأمد كنت أخذت من رب الأرض جزءا من أرضه. قيل: إنما له قائما لدخوله بوجه شبهة، فإذا امتنع رب الأرض من ذلك أعطى قيمة أرضه كاملة لا بناء فيها فلم يظلم، فكذا إن امتنع أشركت بينهما على أن أرضه كلها تقوم له، وقيمة بناء الثاني على أنه في الأرض إلى الأمد، فصار ذلك الجزء مقوما مرتين، فلم يتضرر واحدا منهما.

قلت: حاصله أنه فسر قيمته بأنها على بقائه في الأرض إلى الأمد المذكور لا بما تبنى به خلاف ما تقدم للصقلي، وقول الصقلي هو الصواب حسبما تقدم. المارزي: أكثر متأخري الأشياخ في القدح في قولها: أعطى قيمة البناء والغرس قائما. فذكر ما تقدم للتونسي من أنه يوجب كونه: أخذ ثمن ما اكتراه مرتين، ولم يتعرض لجواب التونسي. قال: وبأنه يصير قد قوم له ما لا يملكه وهو جزء من الأرض الذي يطل عقد كرائه فيها، ثم قال: إذا قلنا إن مستحق الأرض من المبتاع يعطيه قيمة البناء والغرس قائما، فأما المكتري فمحمل قوله فيها قائما إلى مدة الكراء لا إلى الأبد؛ لأنه لم يدخل على تأييد البناء. قلت: وهذا التزام للسؤال وأن المستحق من يده إن كان مشتركا يكون له مع قيمة بنائه قائما محله من الأرض؛ لأنه عليه وضع بناءه، وهذا شيء لا أعرفه لأحد من أهل المذهب غير هذا الذي ذكره المارزي، ثم قال: وقد يقال عندي في دفع الاعتراض إن مستحق الأرض لما كان قادرا على إلزام الباني والغارس قيمة أرضه براحا كان عدوله عن ذلك رضا بما دخلا عليه من كون البناء والغرس في المشتري على التأييد، وفي المكتري على تمام المدة. قلت: قوله: أنه إن كان قادرا على إلزامهما قيمة أرضه براحا وهم لا يليق بطبقته في فقه المذهب، وكل هذا تخليط. والصواب ما تقدم للصقلي حسبما قررناه. ***** في بناء المشتري *****: قيمته قائما على ما تقدم تفسيره في العارية. المارزي: وذكر شيخنا عبد الحميد أنه قيل فيمن بني بوجه شبهة: إن قيمة بنائه منقوصا وأظنه أنه عن شيخه أبي القاسم السيوري. ونزلت هذه المسألة بشيخنا أبي عبد الله بن الحباب استحق منه جنة قد أحدث فيها من اشتراها منه بناء معتبرا، فحكم عليه الفقيه أبو إسحاق بن عبد الرفيع بقيمة

البناء منقوضًا مقلوعا، فاشتكى ذلك بعد موت الحاكم المذكور، فوقع في قضيته ما ذكرته في كتاب الأقضية، وكان أهل الإنصاف والمعرفة ينسبون القاضي للحكم بالشاذ الذي نقله المارزي، وكان هذا وأنا في ابتداء الطلب قبل تمكيني من الوقف على البيان والتحصيل والنوادر، ثم تمكنت من مطالعتها، فوجدت الصواب ما حكم به الحاكم؛ لأن المنصوص حسبما أذكره أن البناء إذا كان من بناء الملوك وذوي الشرف أن القيمة فيه منقوضا مقلوعا. فقال لي الفقيه أبو القاسم الغبريني: لو كان كذلك لضمنه في تسجيل حكمه بذلك، فقلت له: إنما ذكرت هذا لقصور من انتصب لإمضاء حكم الحاكم المذكور، ولم يعتل إلا بأنه من قضاة العدل الذين لا ينبغي أن تتعقب أحكامهم وسأذكرها في كتاب الأقضية إن شاء الله تعالى. والمنصوص هو سماع القرينين: من ابتاع دارا وعمرها ثم استحقت منه فلو ما أنفق فيها فيما عمر من عمل الناس، فأما بنيان الأمراء فلا أدري ما هو. ابن رشد: تضعيفه أن يكون له رجوع فيما بنى من بنيان الأمراء صحيح؛ لأنه أتلف ماله فيما لا يسوغ له من السرف المنهي عنه. قلت: وذكرها الشيخ في نوادره وزاد: ورواها ابن نافع في المجموعة، وقال: قال ابن نافع: إنما يغرم قيمة ما عمر لا ما أنفق كان البناء قليلا أو كثيرا، جيدا أو رديئا. قلت: في حمل قول ابن نافع قليلا أو كثيرا على خلاق قول مالك في بناء الملوك نظر، وعدم نقله ابن رشد خلافا يرجح كونه وفاقا. ومعروف المذهب أن رب الأرض إذا امتنع عن دفع قيمة البناء والغرس خير الباني والغارس في إعطائه رب الأرض قيمتها، فإن أبيا كانا شريكين في الأرض وعماراتها. وقال المارزي: وروي عن مالك أنه إن أبى المستحق من دفع قيمة العمارة خير الباني والغارس على دفع قيمة الأرض، بناء على أنه بما أحدثه في الأرض قد فوتها به. قلت: كذا ذكر المارزي هذه الرواية، وقال ابن رشد في رسم سماع القرينين في

مسألة بناء الملوك: وقيل: إن أبي المستحق من دفع قيمة البناء كانا شريكين، ولم يكن للمشتري أن يعطي رب الدار قيمة النفقة ويخرجه منها، والقولان في آخر كتاب الغصب منها، وهذا عك نقل المارزي، فإن صح نقلاهما فالأقوال ثلاثة. المارزي: وفي كون قيمة البناء أو يوم المحاكمة قولان. قال ابن مسلمة: إنما يعطي قيمة ما زادت قيمة بنائه وغرسه في قيمة الأرض براحا. وواطئ أمة لغيره غير ابن له عمدا يحد وولدها رق لربها غير لا حق بالواطئ إن علم غصب إياها أو علمه أنها لغيره ككونه مرتهنا لها، أو إقراره بأنها لغيره قبل وطئه إياها، فإن استحقت من مبتاعها وقد نقصها افتضاضه، ففيها: لا شيء عليه. عبد الحق: بخلاف نقص الثوب يلبسه، لأنه يذهب منه جزءا، وبخلاف مبتاعها يردها بعيب بعد افتضاضه؛ لأنه مختار في ردها وإن كان قد أولدها. وقال سحنون: عليه ما نقصها واحتج باللبس وبردها بعيب، قال اللخمي. فقال المازري: الأصل اتباعهم الأم على القول باسترقاقها كان يجب استرقاقه إياهم؛ لكن منع كون الواطئ إنما وطئها على حرية ولده منها، فوجبت حريته وقيمته، وقيمة بدل استرقاقه. وفي ***** يوم الحكم أو الولادة، مشهور المذهب مع الأكثر وقول المغيرة، وفيها مع غيرها، واللخمي: إن ضرب رجل بطنها فألقت جنينا ميتا فعلى الضارب الغرة للأب، وعلى الأب الأقل منها ومن عشر قيمة الأم، وإن ولدته حيا ثم مات لم يكن على الأب شيء، وإن قتل خطأ فعلى قاتله ديته منجمة ثلاث سنين، وعلى الأب الأقل منها ومن القيمة يوم القتل، فإن استحقت قبل أن يقبض الأب شيئا لم يغرم حتى يقبض فيقض الأب الدية فلا شيء للمستحق على العاقلة؛ لأن المقال عليها بالحرية، والمقال على الأب بالرق، وإن قتل عمدا فللأب القصاص أو العفو ولا مقال للمستحق على القاتل ولا على الأب، وإن صالح على أقل من الدية فللمستحق الأقل

من ذلك ومن قيمته يوم القتل. قال المارزي: إذا قتل الأب قاتله فلا شيء عليه، ولا على قول أشهب القائل للولي جبر القاتل على الدية؛ لأن الدية عنده ليست حقا متعينا، بل الولي ملك التخيير في إلزامها القاتل ومن ملك أن يملك لا يعد مالكا على قول. قلت: فيلزم التخريج على القول أنه لا يعد مالكا. قلت: قال عبد الحق: لو عفا الأب عن قاتله على أقل من الدية فلابد القاسم في المجموعة: فعلى الأب الأقل من ذلك ومن قيمته يوم القتل، فإن كان ما أخذ أقل من القيمة تبع القاتل بتمام القيمة، ولو عفا على غير شيء فلا شيء على الأب ويتبع المستحق القاتل بالأقل من قيمة الولد يوم القتل أو الدية، واحتج بمتقدم قول ابن القاسم في المجموعة. وقال ابن سلبون: لا شيء للمستحق على القاتل لقولها في كتاب الديات: عفو البنين على غير شيء جائز على البنات؛ لأن القتل لهم دون البنات كالأب مع المستحق. قلت: يفرق بأن أصل حق البنات غير مالي إنما هو دم، وأصل المستحق حق مالي. اللخمي: كل هذا على القول بأن القيمة يوم الحكم وعلى أنها يوم ولد لم ينظر إلى موته ولا إلى قتله عمدا أو خطأ ولا إلى ما أخذ قليلا أو كثيرا؛ لأن القيمة ثابتة عليه وإن لم يأخذ شيئا. وقال أشهب: دية الخطأ فيه لأبيه ولا شيء عليه، وقول مالك احسن؛ لأن الدية ثمن الرقبة فليس له أخذهما دون غرم. ولو قطعت يد الولد خطأ فلمستحقه على أبيه يوم الحكم أقطع مع الأقل من ديتها، وفضل قيمته أقطع، ثم في كون ديتها له أو للولد. نقل اللخمي عن ابن القاسم وقول سحنون مرة وله أخرى: إنما للولد فضل ديتها على مناب نقصه، وثالثها: له الوقف فيهما. قلت: فهو رابع: ونقله عن أشهب، دية اليد للابن ولا شيء على الأب على أصله في قتله خطأ، خامس: وعزاه عياض أيضا لابن وضاح عن سحنون.

وفيها: كون فضل دية اليد على مناب نقصها من الولد هو للأب. قال عياض: هو طرحه الشيخ من اختصاره وأثبته غيره وهو في الأصول، وتأول بعضهم قوله: هو للأب؛ أي: النظر فيه للأب لولده لصغره لا أنه ملك له واستدل بقوله أول المسألة إذا قطعت يد الولد فأخذه الأب نصف دية ولده. وفي تعليق حق مستحقها بقيمتها أو عينها اضطراب في النوادر: روى ابن القاسم في الموازية لربها أخذها وقيمة ولدها، ورجع في المجموعة إلى أخذ قيمتهما معاً، واجتمع ابن القاسم وأشهب على الأول، أشهب عليه جماعة الناس، وهو قول علي رضي الله عنه، ثم رجع مالك إلى أخذ أمته فقط إلا أن يكون في إسلامهم ضرر، ثم رجع إلى القول الأول، ابن كنانة وبقي عليه حتى مات. وذكر ابن حبيب الرواية الثانية وقال: بها أخذ المصريون من أصحابه مع مطرف، ثم رجع إلى أن ليس عليه إلا قيمتها يوم وطئها، وبه أخذ ابن دينار وابن الماجشون وابن أبي حازم وابن كنانة وبه أقول. زاد المازري وغيره: وبه أفتى لما استحقت أم ولده إبراهيم، وعبر عنه ابن رشد في نوازل عيسى من كتاب الغصب: وبه حكم عليه في استحقاق أم ولده. قلت: ذكر عياض الأولين قال: وهما بينان في المدونة، والثالثة: أخذ قيمتها فقط. وفي أخذا من الكتاب اضطراب من الشيوخ. قال ابن أبي زمنين في بعض رواياتها: إلا أن يكون ذلك ضرر على سيدها فترد إليه، والذي في أصول شيوخنا وروايتنا عنهم يأخذ قيمة الجارية؛ لأن في ذلك ضرراً على المشتري. قال ابن أبي زمنين: وهو أصح وأقرب إلى ما قاله مالك. عياض: ليس في هذه الرواية بعد على أصل مالك مثل أن لا يكون على الوالد في ذلك كبير عار لموت الولد، أو لكونه من ذوي الأعذار، وربما كان المستحق لها له بها تعلق وكلف فتغلب ضرورته؛ لأنه مالكها على ضرر من ليس بمالك، واعتمد على هذا بعض شيوخنا.

قال أبو عمران: أو يكون المستحق منه عديماً بالقيمة، فإن حكمنا بها لربما ولم يأخذ منه شيئاً أضررنا به. قلت: ففي تعلق حقه بقيمتها مع قيمة ولدها أو بعينها معها مطلقاً، أو ما لم يضر ذلك بمشتريها أو إن أضر ذلك بربها، خامس الروايات: بقيمتها فقط، وسادسها: بعينها فقط ما لم يضر ذلك بمشتريها، ولو رضي ربها بأخذ قيمتها ففي جبر مبتاعها على ذلك وبقاء الخلاف فيه قول ابن القاسم في قسمها مع الصقلي عن محمد عنه، وعن أشهب: هذا خطأ وإنما كنت أقول: لو قلت بهذا عليه قيمتها يوم أحبلها، ثم لا قيمة له في ولدها؛ لأنه في ملكه ولد. اللخمي: ولو أسقطت حاملاً فعلى أن له أخذها تؤخر لوضعها فيأخذها وقيمة ولدها، فإن أسقطت أو ماتت فلا شيء على الأب، وعلى أخذ قيمتها يأخذ قيمتها الآن على ما هي عليه ولا ينتظر وضعها، وعلى القول الآخر ليس له إلا أخذ قيمتها يوم حملت، فإن ماتت قبل المحكمة لم يسقط عنه القيمة. فعلى قوله: القيمة يوم حملت، هي على حكم أم الولد من أول حملها، وعلى أن القيمة قيها يوم الحكم يختلف فيها على قول أشهب: لا تكون أم الولد أم ولد إلا بولد بعد الابتداء؛ لأنه اجاز أن يسلمها إن أحب، وعلى قول ابن القاسم يجبر على دفع القيمة يترجح القول فيها، فيصح أن يقال تكون أم ولد قياسياً على أن لولدها في بطنها حكم الأحرار. وفي نوازل سحنون من أمهات الأولاد: من اشترى جارية فأولدها فاستحقها رجل فدفعها إليه الذي أولدها، ثم استراها منه إن كان دفعها له بحكم قاض، فلا تكون أم ولد إلا بإيلاد مستقبل، وإن دفعها له صلحاً جون قضاء كانت أم ولد بإيلادها أولاً. ابن رشد: هذا بين؛ لأنها وجبت لها حرمة الإيلاد فلا تنتقض إلا بحكم؛ لأنه يتهم على إبطال ما وجب لها من الحرمة. وفيها من ابتاع أمة فوطئها وهي بكر أو ثيب ثم استحقت بحرية فلا شيء عليه

لوطئه؛ لا صداق ولا ما نقصها، ورواه عن مالك الصقلي. وقال المغيرة: إن استحقت بحريةٍ فلها مهر مثلها. اللخمي: وهذا أبين، وعزو ابن عبد السلام القولين للمدونة لا أعرفه، ولا من عزا قول المغيرة للمدونة. وفي أثناء الحبس من أحكام ابن سهل، وفي مسائل ابن زرب: ومن ورث مالاً فاستحق حبساً على قول ابن القاسم لا خراج عليه، ونزلت بقرطبة فقضي بهذا فيها، وعلى قول سحنون عليه الخراج. ابن سهل: قول ابن القاسم المشار إليه هو قوله في «المدونة»: من اشترى بكراً فوطئها وذكر المسألة، وقال سحنون: ينبغي أن يكون عليه ما نقصها. وسمع عيسى ابن القاسم: من اشترى عبداً فخارجه واستخدمه، ثم استحق حراً لا يتبع المبتاع بغلةٍ ولا كتابةٍ، وتقدم قول ابن رشد فيها في فصل غلة المستحق. ولما ذكر الصقلي قول ابن القاسم لا صداق على الواطئ: قال: وكذا يقول لو اغتلها إن الغلة للمشتري/ والأشبه أن لا غله له؛ إذ لا ضمان عليه فيها؛ لأنها لو ماتت رجع بثمنها، والإيلاد في فوت المستحق به أشد من العتق؛ لأنه مظنة للمستحق منه أو ولده. وسمع ابن القاسم: من غصب أم ولدٍ فماتت عنده غرم قيمتها أمةً. الشَّيخ: لا شيء عليه كحرة غصبها فماتت بغير سببه. ابن رشد: الأول أصوب؛ لأن حكمها حكم الأمة. وعن مالك: من غصب حراً فباعه فكلف طلبه ففقده غرم قيمته، ونزلت بطليطلة فأفتى أهل العلم بهذه الرواية فحكم بها ابن بشير، ومنه من غصب جلد ميتةٍ ففيها: عليه قيمته ولو لم يدبغ، ولمالك في «المبسوط»: لا شيء عليه وإن دبغ، وقيل: إلا أن يدبغ ففيه القيمة، وقيل: إن دبغ فلا شيء فيه إلا قيمة الصنعة، وهذا يأتي على ما في سرقتها، والصواب أن فيه قيمة الانتفاع وفيها: من بني داره مسجداً ثم استحقها رجل فله هدمها، كمن ابتاع عبداً فأعتقه

باب التعدي

ثم استحق فلربه رد العتق. وفي جعل نقض المسجد في حبس مطلقاً، أو إن كان بانيه غاصباً، وإن كان ذا شبهة جعلت قيمته في حبس قولان لظاهر قول ابن القاسم فيها، والصقلي عن سحنون وصوبه اللخمي: وقال: ما لابد من هدمه لمخالفته بناء المساجد جعل نقضه في حبس مثله، وما شاكلها أخذه المستحق بقيمته، وإن بني بشبهه وأبي المستحق من دفع قيمة البناء والآخر من قيمة الأرض كانا شريكين، فإن حمل القسم. وفي حظ الحبس ما يصح مسجداً قسم وإلا بيع وجعل منابه في مثله، وللمستحق منه ما ابتاعه سالماً الرجوع بمثله، وما ابتاعه معيباً الرجوع في عوضه كما في رده بعيب واستحقاق بعضه كعيب به، وتقدما في الرد بالعيب. باب التعدي التعدي: التصرف في شيء بغير إذن ربه دون قصد تملكه، ابن الحاجب، والمتعدي/ يفارق الغاصب؛ لأن المعتدي جني على بعض السلعة والغاصب أخذها. ابن عبد السلام: تقدم أن التفريق بين الغصب والتعدي مشكل، وما قاله المؤلف لا يعم صور التعدي؛ لأن المكتري إذا زاد في المسافة حكم له بالتعدي، وكذا المستعير قلت: الفرق بينهما بقصد ملك الرقبة واضح، والروايات دالة على ذلك لمن فهمها. قال الشيخ في الواضحة عن الأخوين: من غصب سكني دار دون أصلها فانهدمت من غير فعله فلا شيء عليه إلا كراء ما سكن، وإن انهدمت من فعله خير ربها في قيمتها يوم الهدم وقيمة ما هدم، وأخذ النفقة ولو غصب رقبتها فإنهدمت من غير فعله خير ربها في قيمتها يوم الغصب ولا كراء له، ولا شيء له من الكراء، وإن هدمها الغاصب فلربها أخذ قيمتها يوم الغصب، أو أخذ النفقة والكراء وقيمة الهدم. الشيخ: قوله في الغاصب تنهدم من غير فعله: إن لربها أخذ قيمة الهدم والنفقة،

ولا كراء له ليس بأصلهم؛ لأن الغاصب لا تؤخذ منه وما نقصها إذا نقصت من غير فعله. قلت: فقولهم في هذه المسألة واضح في التفرقة بقصد الملك وعدمه. وقول ابن عبد السلام وقو المؤلف لا يعم صور التعدي إلى آخره بناءً منه على أن جناية المكتري والمستعير على كل الدابة. يرد بأن من أجزائه ملكها وجنايتها لم يتعلق به، ولذا فرق في المدونة وغيرها بين هبة العبد، وبين هبة خدمته لرجل حياته، ورقبته بعده لآخر في زكاة الفطر والجناية. زاد في أول كتاب الغصب: فإن قلت: المتعدي على الدابة ناقل لها والمتعدي على الدار غير ناقل. قلت: أسقط أهل المذهب وصف النقل في المغصوب عن الاعتبار في ضمان الغاصب، وكذا ينبغي في ضمان المتعدي. قلت: قوله: وكذا ينبغي في ضمان المتعدي، محض دعوى عرية عن الدليل فتأمله. وفيها: من خرق ثوباً فأفسده فساداً كثيراً فلربه أخذ قيمة جميعه أو أخذ بعينه وما نقصه بخلاف اليسير، وكان يقول: يغرم قيمة ما نقصه ولم يفصل بين قليل ولا كثير. وللصقلي: مع واحد عن أشهب: إنما له أخذ القيمة أو أخذه ناقصاً ولا شيء له في نقصه، وقاله ابن القاسم ورجع عنه، وبقول أشهب أخذ سحنون، ففي تخيير ربه في قيمة جميعه وأخذه مع قيمة نقصه أو دونها، ثالثهما: إنما له قيمة نقصه، لابن رشد في سماع يحيى من كتاب الجنايات عن روايتها مع مشهور قول ابن القاسم وإحدى روايتها، وأشهب مع أحد قولي ابن القاسم ودليل قوله في كتاب القذف منها وثاني روايتها، وعزا المازري قول أشهب ايضاً لمحمد. الباجي: الفساد عند أشهب ثلاثة أنواع: يسير ليس فيه إلا ما نقص، وكثير لا يذهب أكثر المنافع فيخير ربه، وكثير يذهب أكثر المنافع ليس إلا القيمة. وفيها: إن أفسده يسيراً فلا خيار لربه، إنما له ما نقصه بعد رفوه. ابن حارث: اتفاقاً من ابن القاسم وأشهب.

الصقلي: عن محمد ومالك. وفي كونه من القضاء بالمثل في يسير ذوات القيم طريقان للمتأخرين. اللخمي: ليس منه ولو كان منه ما غرم النقص بعد إصلاحه، وقد تكون قيمة الثوب سالماً مائة ومعيباً تسعين وأجر رفوه عشرة، وتكون قيمته بعد إصلاحه خمسة وتسعين، يخسر المتعدي خمسة، وقد لا يزيد الإصلاح في قيمته معيباً شيئاً وإنما ألزمه إصلاحه؛ لأن ربه لا يقدر على استعماله إلا بعده. ومثله: من حلق رأس مسلم كرهاً يفدي عنه؛ لأنه أدخله في ذلك، واختلف في هذا الأصل فقيل: على الجارح أجر الطبيب، فإن برئ على شين غرمه أيضاً، وقيل: ذلك على المجروح، فإن برئ على غير شين لم يكن على الجارح شيء وفيه ظلم على المجروح، ويلزم عليه إن كانت الجناية على عبد لا توجب غرم قيمته أن يكون علاجه على سيده، فإن برئ على غير شين لم يكن على جارحه شيء، وكون الرفو وأجر الطبيب على الجاني أحسن. الصقلي: لو قال قائل في اليسير: إنما عليه ما نقصه فقط لم يعبه؛ لأنه إذا أعطاه ما نقصه دخل فيه الرفو، كقولهم فيمن وجد آبقا وذلك شأنه له جعل مثله ولا نفقة له؛ لأنها داخلة في تقويم جعله، وعلى أخذه في الفساد الكثير في كونه بعد رفوه كاليسير أو دونه بخلاف قول عبد الحق قائلاً بخلاف مداواة الحيوان قائلاً؛ لأن ما ينفق على رفو الثوب وحصول الإصلاح معلومان، وما ينفق في المداواة وحصول النجح بها غير معلومين. ونقل الصقلي عن ظاهر أقوالهم وعزاهما المازري للمتأخرين، بناءً على أنه في اليسير لإدخال الجاني ربه في مؤنة الإصلاح، أو لأنه قضاء بالمثل في تيسير ذوات القيم.

باب الفساد اليسير والكثير في التعدي

[باب الفساد اليسير والكثير في التعدي] والفساد اليسير ما لم يبطل المقصود اللخمي: ولو كثر وما أبطله ولو قل كثيرا. ابن القصار: كقطع ذنب مركوب القاضي، ولو كان حماراً أو أذنه وإحداث عرج به، وكذا القطع في ملبوسه ولو كان قلنسوة، وكذا الشاهد والكاتب ومن يعلم أنه لا يلبس المجني عليه ولا يستعمله. وفي الواضحة: لا يضمن بإفساد الأذن بخلاف الذنب والأول أصوب. ولابن الماجشون في الفرس الجميل في فقء عينه ما نقصه: وإن فقأ عينه ضمنه، وإن ضرب ضرع شاة أو بقرة فانقطع لبنها ضمنها إن كان شأنها اللبن، وهو عظم ما يراد منها، ولو كانت رمكة أو ناقةً أو حمارةً كان عليه ما نقصها؛ لأن فيها منافع غير ذلك. قلت: جعله البقرة كالشاة خلاف نقل الصقلي.

قال: قال ابن حبيب عن الأخوين: غن قطع ذنبه وهو فرس أو حمار ضمن جميعه؛ لأنه أبطل المقصود فيه من ركوب ذوي الهيئات بخلاف الأذن والعين، وقاله أصبغ. وإن تعدى على شاة بما قل لينها به وعظم ما تراد له اللبن إن كانت غزيرة اللبن ضمن قيمتها إن شاء ربها، وإن لم تكن غزيرة اللبن ضمن ما نقصها، وأما الناقة والبقرة فإنما فيهما ما نقصها، وإن كانتا غزيرتي اللبن؛ لأن فيهما منافع غير ذلك. قلتك فجعل البقرة كالناقة، ومثله في النوادر والمنتقي، ولعل عرف البلاد في ذلك يختلف. وفقء العين: قال اللخمي: روى ابن عبدوس كثير، وفيها لابن القاسم والأخوين في الواضحة: يسير. وقطع اليد الواحدة: روى ابن عبدوس: كثير، وقال الأخوان: إن كان صانعاً وإلا فهو يسير ولو كان تاجراً نبيلاً. وقال الأصبغ: قال ابن القاسم: يسير. اللخمي: إن كان صانعاً فعطل صنعته كثير، وكذا قطع أنملته، والجارية الوخش كالعبد ينظر في تعطيل منافعه، والعلية إن أفسد شيئاً من محاسن وجهها أو صدياً أو غيرها حتى صارت لا تراد، لما كانت تراد له ضمنها. وفيها: من تعدي على عبد رجل ففقاً عينه أو قطع له جارحة، فما كان فساداً فاحشاً لم يبق منه كبير منفعة ضمن قيمته، وعتق عليه وكذا الأمة. ابن رشد في سماع أصبغ من كتاب الجنايات: إن قطع يديه أو الواحدة من صانع ضمن قيمته اتفاقاً، وفي عتقه اختلاف في هذا السماع معها يعتق عليه. وقال أصبغ: يعتق استحساناً. وقال ابن الماجشون: لا يعتق عليه. قلت: وعلى الأول في لزومه مطلقاً أو ما لم يرض ربه بأخذه مع ما نقصه، نقل الصقلي عن ابن القاسم مع أشهب، وعن تفسير بعض الفقهاء قول ابن القاسم

قلت: وفي النوادر لمطرف كابن الماجشون: لا يعتق عليه؛ لأنه مثل بعبد غيره، وليس لسيده إمساكه وأخذ ما نقصه. قلت: وجه عتقه كقولها: إن بعتك فأنت حر في الحكم بمعية وقوع الشرط والجزاء.

كتاب الشفعة

كتاب الشفعة

[كتاب الشفعة] الشفعة: استحقاق شريك أخذ مبيع شريكه بثمنه، وقول ابن الحاجب: أخذ الشريك حصة جبراً شراءً، إنما يتناول أخذها لا ماهيتها وهي غير أخذها؛ لأنها معروضة له ولنقيضه وهو تركها، والمعروض لشيئين متناقضين ليس عين أحدهما وإلا اجتمع النقيضان، وقول ابن هارون فيه: هو غير مانع؛ لأنه يقتضي وجوب الشفعة في العروض وهي لا شفعة فيها لا يخفي سقوطه لذي فهم. ابن عبد السلام: ونقض طرده بأخذ أحد الشريكين مشتركاً بينهما لا ينقسم بما يقف عليه من ثمن إذا دعا لبيعه أحدهما. قال: وجوابه بأن المأخوذ هو كل المشترك لاحظ الشريك؛ ليس بقوي.

قلت: قوله (جبرا) يمنع دخوله؛ لأن قدرة كل منهما على الزيادة في ثمنه تمنع كون أخذه منه جبراً. وفي كون حكمها تعبداً أو معللاً بما يأتي نقل ابن العربي عن إمام الحرمين. وقول ابن رشد في أجوبته: أجمع أهل العلم على أنه لأجل ضرر الشريك الذي أدخله البائع، وفيه منافاة بعد هذا في كونها لضرر الشركة أو القسم قولا المتأخرين. وتتعلق بميبع الشريك مشاعاً من ربع ينقسم إتباعا، ولا تتعلق بعرض

ابن حارث: اتفقوا في إسقاط الشفعة في العروض والأمتعة وما يشبه ذلك. أبو عمر: منهم من أوجبها لكل شريك في الحيوان والعروض وغيرها، قاله بعض أهل مكة، وهو قول شاذ، ورووا فيه حديثاً منقطعاً. ابن زرقون: حكاه الإسفراييني عن مالك، وهذه القولة لا يعرفها أصحاب مالك، ولعله رأي قول مالك في الحائط يباع شقص منه، وفيه الحيوان والرقيق أن فيه الشفعة في جميع ذلك فظن أن مالكاً يقول بالشفعة في كل شيء أو أرى قوله في الثوب المشترك أو غيره من العروض إذا أراد أحدهم البيع: أن شريكه أحق بما وقفت عليه من الثمن فظن ذلك، أو قوله في الشجر: تباع بأصلها من الأرض الشفعة. قلت: في قصرها على الأرض وما حكم بتبعيته لها مطلقا أو لم يتخذ للغلة كالفرن والفندق، ثالثها: هي فيها، وفي العروض لمعروف المذهب، واللخمي عن مقتضي رواية ابن شعبان: لا تكون فيما لا يسكن من مشاع وربع، ورواية الإسفراييني: وعلى المعروف. ابن حارث: اتفقوا في الشقص من الحائط يباع بما فيه من النخل أن فيه الشفعة، واختلف في النخلة الواحدة، روى ابن القاسم: لا شفعة فيها، وقال أشهب وابن الماجشون وأصبغ: فيها الشفعة. محمد: إن قسمت الشجر فلا شفعة في فحل النخل. الباجي: ولا في ذكار الشجر، وإن كانت مشاعة، ففي الفحل والذكار الشفعة وهو كالبئر والعين، لا شفعة فها إلا أن تكون الأرض مشاعة. وفي المقدمات: مال اينقسم اختلف فيه أصحاب مالك، قال بعضهم: لا شفعة فيه كالشجرة، وهو قول مطرف، وقال أشهب وابن الماجشون وأصبغ: فيه الشفعة، وهو أحد قولي ابن القاسم؛ لأنه قال في المدونة: إن بيعت الرحا بأصلها ففي الأرض والبيت الذي وضعت فيه الشفعة بما ينوبها من الثمن. وسمع يحيى ابن القاسم: لا شفعة في مناصب الأرحى.

قال في "البيان": هذا خلاف قوله في المدونة في أصل الرحا وبيتها، وعلى قوله في المدونة: إن بيعت الرحى بأصلها ففي الأرض والبيت الذي وضعت فيه الشفعة فيما ينوبها جرى العمل عندنا في الرحا لا يقسم محلها، وفيه الشفعة، والسماع المذكور هو في كتاب السداد والأنهار والبئر. قال ابن رشد: إن بيع شقص منها مع الأصل أو دونه ولم يقسم الأرض ففيه الشفعة اتفاقاً، وإن بيع بعد قسم الأرض ففيها لا شفعة فيها. وسمع يحيى ابن القاسم: فيها الشفعة، فقال ابن لبابة وسحنون: ليس ذلك باختلاف، واختلفا في وجه الجمع بينهما فقال سحنون: معنى قولها أنها بئر واحدة فلا شفعة فيها؛ لأنها لا تقسم، وسماع يحيى في آبار كثيرة: تقسم. وقال ابن لبابة: معنى قولها في بئر لا بناء لها ولا أرض، ومعنى سماع يحيى: أن لها بناء وأرضاً مشتركة يكون فيها القلد، وقال القاضي أبو الوليد: هو اختلاف قول جار على الخلاف فيما لا ينقسم كالنخلة والشجرة، وقال من أدركت من الشيوخ: أنه اختلاف جار على قولي مالك فيما هو متعلق بالأرض متشبث بها كالنقض، والنخل دون الأصل والكراء وشبهه، والرحا إن بيعت مفردة دون الأرض لا شفعة فيها. ابن حارث وابن رشد في رسم العتق من سماع عيسى: اتفاقاً. وفيها: ليس في رحا الماء شفعة، وليست من البناء وهي كحجر ملقى، ولو بيعت مع الأرض أو البيت التي نصبت فيها ففيها الشفعة دون الرحا بحصة ذلك، وسواء جرها الماء أو الدواب. ومثله سمع أبو زيد ابن القاسم. ابن رشد: قوله: (لا شفعة فيها إذا بيعت مع الأصول) خلاف سماع عيسى ابن القاسم في رقيق الحائط: يباعون مع الحائط. قلت: يرد ما زعمه من المخالفة من أن الحائط يحتاج لرقيقه، فرقيقه تبع له فصارت كجزء منه، وأرض الرحا بالعكس. ابن حارث: إن باع الرحا بما تحتها من الأرض فذكر قولها وسماع أبي زيد.

قال: وقال أشهب: الشفعة في جميع ذلك، ألا ترى أن الشفعة في رقيق الحائط فكيف بالرحا مع الأرض، وقاله سحنون. قلت: يرد قياسه بما رد به كلام ابن رشد. عياض: قيل معنى نفي الشفعة إنما هو في الحجر العليا، وأما السفلى فداخلة في البناء وفي جملة الأرض، وظاهر قولهم لا فرق بينهما في ثبوت الشفعة وفي نفيها، وأشار الباجي إلى أن الخلاف إنما هو في حجر الرحا دون موضعها، خلاف ما أشار إليه التونسي، وكذا قالوا يختلف فيها إذا بيع حجرها وهي مبنية، وهو ظاهر رواية عيسى عن ابن القاسم. قلت: ففي نفي الشفعة فيها، ثالثها: في حجرها العليا لها، ولأشهب مع ابن القاسم في كتاب ابن إسحاق، ورواية ابن وهب وبعض الشيوخ. وفي كون الخلاف في حجر الرحا دون محلها أو فيهما: نقل عياض عن الباجي والتونسي: وفي كون الخلاف فيها ولو بيعت دون محلها إن كانت مبنية ونفيها اتفاقاً، نقله عن بعضهم، ولو بيعت غير مبنية فلا اتفاقاً. قلت: القول بأن الخلاف إنما هو في الحجر العليا هو قول عبد الحق وبعض شيوخه، ولما ذكر الشيخ سماع أبي زيد قال: وقال أشهب وعبد الملك: إن نصبوها في أرضهم ففيها الشفعة، وإن نصبوها في غير أرضهم فلا شفعة باع أحدهما حصته من الرحا أو منها ومن البيت. قال أشهب: إنما الرحا التي لا شفعة فيها التي تجعل وسط الماء على غير أرض وما ردم في الماء وجعل عليه فإن كان متصلاً بالأرض فله حكمها، وإن لم يتصل فلا شفعة. قال: فإن باع الرحا بموضعها من العرصة فقط خير شريكه، إما أن يجيز بيع حصته أو يأخذ بالشفعة حظ شريكه، فإن أبى إلا فسخ البيع قاسمه، فإن طار للبائع موضع الرحا نفذ بيعه، وإن وقع لشريكه فسخ بيعه. قال في الموازية: إن باع حظه من الرحا فقط دون موضعها من الأرض أو حظه من

خشب في الدار فلشريكه الشفعة إن أجاز بيع حظ شريكه، والإ فله فسخه إلا أن يقاسمه الشريك، فإن أخذ ذلك بالشفعة كانت الرحا أو خشب البيت له خاصة، فإن اقتسما الدار قسماها بغير خشب ولا رحى، فإن صار ذلك في حظه أبقاه، وإن صار لشريكه نزع ذلك عنه. قال محمد: وإن لم يأخذ ذلك الشفيع وسلم فسخ البيع؛ لأنه اشترى ما يدخل في القسم مع غيره ولا يدري ما يقع له. عياض: اختلف الشيُوخ في الدار إذا بيعت وفيها مطاحن، فاتفقوا أنها إن كانت غير مبنية أنها للبائع، وإن كانت مبنية فالسفلى للمشتري، واختلف في العليا، وهذا يرد قول من جعلها كعرض ملقى. الصقلي: قال أشهب:: رحا الماء والدواب سواء إن نصباها فيما يملكانه إن باع أحدهما مصابته فلشريكه الشفعة، وإن شاء فسخ البيع إلى أن يدعوه البائع إلى المقاسمة فلا يفسخ حتى يقاسمه، فإن صار موضع الرحا للبائع جاز بيعه، وإن صار لشريكه انتقض بيعه، قال: ولم يصب من قال: لاشفعة في الرحا ولم يجعله كالبنيان، وهو في البنيانأثبت من الأبواب التي إن شاء قلعها بغير هدم، وإن شاء ردها بغير مؤونة، وفيها الشفعة غن بيعت مع الدار أو وحدها، والشفعة في جدر الحائط ورقيقة فكيف في الرحا. وفيها: قال مالك: في قوم شركاء في ثمرة والأصل لهم أو بأيديهم مساقاة اأو حبسًا عليهم إن باع أحدهم حظة من الثمرة، وقد حل بيعها فلشركائه في الثمرة الشفعة. قال مالك: ام علمت أحدًا من أهل العلم قبلي قال: في الثمرة الشفعة، ولكنه شئ أستحسنه، والزرع لا يشبه الثمرة عندى. قال ابن القاسم:: وبلغنى عنه وهو رأي أن ما بيع من الثمار مما فيه الشفعة كالثمر والعنب، والثمار كلها سوى الزرع مما ييبس في شجرة يباع نصيبه إذا يبست فلا شفعة فيه مثل الزرع. الباجى: إن لم يكن الأصل بينهما فقال أشهب: في الثمرة الشفعة، وقاله مالك وابن

القاسم في المدَونة، ولأشهب في الموازية: إن قسمت الأرض دون الثمرة. ابن زرقون: ثم باع حظه من الثمرة فى شفعة بعد الطيب كالبئر بعد قسم الأصل، هذه الزيادة من النوادر. الباجي: عن محمد: فيها الشفعة إن كان الأصل بينهما. قال القاضي: الروايتانفي ثبوتها ونفيها إن كان الأصل بأيديهم بملك أو حبس أو مبتدأ بشراء. روى ابن القاسم: الشفعة في العنب. ابن القاسم: وكذا المقاتي، ولا شفعة في البقول؛ يريد: كل ما له أصل تجنى ثمرته مع بقائه ففيه الشفعة، وسمع ابن القاسم: لا شفعة في الزرع؛ لأنه لا يباع حتى ييبس. ابن زرقون: يتخرج فيه الخلاف من جواز بيعه إن أفرك، وعلى فوته بالعقد، رواه محمد، ورده ابن عبد السلام باحتمال كون المجيز بيعه بالإفراك لا يجيز الشفعةفي الثمر، يرد بأنه تخريج باعتبارمدرك الحكم دون تعيين قائله، وما ذكره ابن زرقونمن التخريج في الزرع سيقه به ابن رُشْد في سماع أشهب. اللخمي: في الشفعة في الثمار بيعت مع الأصل أو دونه، والشفيع شريك في الأصل أو لانفيهما مطلقاً، ثالثهما: إن يبعت مع الأصل وإلا فلا لمالك قائلًا: ما علمت قولعه لأحد لكنى أستحسنته، وابن الماجِشُون وأشهب. اللخمي: إن باع حظه من الحائط بثمرة فالشفعة فيهما لا في أحدهما، وإن باع حظه من الثمر من رجلين ولم يأخذ الشفيع بالشفعة ثم باع بعد ذلك أحد الشريكين حظه، كانت الشفعة على قول اين القاسم لشريكه في الثمرة ولمن لم يكن باع، وعلى قول أشهب لشريكه في الثمرة فقط؛ لأنه معه كأهل سهم، فإن سلم فالشفعة لمن له الأصل، وإن باع حظه من الأصل والثمرة وحدها، ولا مقال لمشتري ذلك الأصل، وكذا إن كان حائطاً بين رجلين فساقى أحدهما حظه من رجل فلشريكه الشفعة، فإن لم يأخذ ثم باع أحد المساقيين حظه بعد الطيب، فالشفعة على قول ابن

القاسم للمساقي والشريك في الأصل، وعلى قول أشهب للمساقي الآخر وحده، وإن سلم كانت للشريك في الأصل، وإن باع الشريك في الأصل فالشفعة للمساقيين، وإن كان الحائط لرجل واحد فساقاه رجلين فالشفعة في بيع أحدهما لشريكه، فإن سلم فرب الأصل، وفي بيعه هو لهما. وعن مالك: من ساقى حائطه رجلاً على أن له الربع ثم باع رب الحائط حظه من الثمرة أن للمساقي الشفعة. قال: وكل من له شرك في الثمرة فله الشفعة مساقى كان أو غيره،، وسمع أيو زيد رواية ابن القاسم: لاشفعة في الزرع. اين رُشْد: هذا هو المشهور، يتخرج ثبوتها فيه، وإن يبس ما لم يحصد من ثبوتها فيه في الثمرة ما لم تجذ، وهو ظاهر سماع أشهب أنها في كل ما أنبتت الأرض. . في البقول أن لا شفعة فيها، ويتخرج وجوبهافيها من وجوبها في الثمرة ما لم تجد، في الزرع ما لم ييبس، ومن ظاهر قول أشهب: هي في كل ما انبتت الأرض. قُلتُ: ففي ثبوت الشفعة في بيع التمر مجرداً، ثالثهما: إن كان الأصل بينهما للمشهور، وابن الماجِشُون محمد مع دليل قول أشهب: بسقوطها بقسم الأرض. وفي الزرع تخريج ابن رُشْد: من ثبوتها في الثمرة، ولو يبست ما لمتجد مع ظاهر سماع أشهب: الشفعة في الأرض وكلما أنبتت، وسماع أبي زيد رواية ابن القاسم. ... التخريج والسماع المذكور، وفيها: إن اشترى النخل، وفي رؤوسها ثمر أزهى فالشفيع يأخذها بالشفعة إذا أدرك اللثمرة. عياض: قال بعضهم: فرق بينهما إذا اشتراها مع الأصل. قال: يأخذها ما لم تجد، وإن اشتراها بغير أصل. قال: الشفعة فيها ما لم تيبس، وعلى هذا حمل قوله في الكتاب، وقال آخرون: هو اختلاف قول في الوجهين، وظاهراختصار ابن أبي زَمَنَيْن وابن أبي زيد وغيرهما لتسوية بين هذه الوجوه، وأن الشفعة فيها ما لم تيبس؛ لكن ابن أبي زَمَنَيْن قال: وفي

بعض الروايات: فإن كان بعد يبس الثمرة وجدادها فنبه على الخلاف في الرواية. ولابن رُشْد في سماع أبي زيد: المشهور أن فيها الشفعة ما لم تيبس وهذا نصها، ودليل سماع عيسى ابن القاسم، ولابن القاسم: أن فيها الشفعة وإن يبست ما لم تجد إن اشتراها مع الأصل بعد الطيب ولا فرق، فهو اختلاف قول. قُلتُ: قد يفرق بأن بقاءها في الأصل ولو يبست أوجب تبعيتها له لاتصالها به، قال: ومعنى يبسها هو حضور وقت جدادها للتيبيس إن كانت تيبس أو للأكل إن كانت لا تيبس، وكذا هو نص لابن كنانةفهو تفسير لقول ابن القاسم. قُلتُ: ظاهر الروايات في غير هذا الموضع أن يبسهاارتفاع منفعتها ببقائها في أصلها لا حضور وقت قطافها، قد يحضر ويكون لبقائها زيادة منفعة كالعنب والرمان عندنا. الباجي: روى ابن القاسم وأشهب ومعظم أصحابه ثبوت الشفعة في الثمرة، أشهب: لأنها تنقسم بالحدود كالأرض؛ يريد: إذا قسمت في النخل قبل الجد، وروى أشهب: ما لم تزايل الأصل. ولابن القاسم في المدَونة ما لم تيبس أو تستجد، ولمحمد عن ابن الماجِشُون لا شفيعة فيها ورواه القاضي، هذا إن افردت بالبيع، وإن يبعت مع الأصل فقال القاضي: يأخذها الشفيع مع الثمرة ولو جدت، وللمشتري ما سقى وأنفق، وهذا يحتاج لتفصيل، فإن اشترى النخل ولا ثمر فيها فقام الشفيع قبل الإبار فالثمرة له مع الأصل اتفاقًا. قُلتُ: لقولها في السلم؛ لأنها قبل الإبار كجزء من النخل. قال: وإن قام بعد الإبارفله أخذها مع الأصل عند ابن القاسم، ولمحمد عن أشهب: إن اشتراها مأبورة أو غير مأبورة ثم أبرها المبتاع فللشفيع الأصل دونها؛ لأن الشفعة بيع ومأبور الثمر للبائع، وقال ابن القاسم في المدَونة: هو قول بعض المدنيين، وعلى أنها تبع للأصل، فقال ابن القاسم في الموازية والمجموعة: عليه مع الثمن ما أنفق المشتري وسقى وعالج.

وقال أشهب: يأخذ الثمرة بقيمتها علي الرجاء والخوف، ولو قال قائل: له قيمة ما أنفق لم أر به بأسًا، وقال عبد الملك في الكتابين: وقاله سَحنون: لا شيء علي الشفيع إلا الثمن؛ لأن المنفق أنفق علي مال نفسه فلا يرجع إلا بما له عين قائمة. قُلتُ: ما ذكره هو نقل الشيخ في نوادره وترك منه قول الشيخ إثر قول أشهب: لم أر به بأسًا. ما نصه قال محمد: إنما يأخذها بقيمة ما أنفق. الباجي: قال ابن القاسم: إن فاتت الثمرة بالجد أو اليبس أخذ الشفيع الأصل، بكل الثمن لا يوضع عنه شيء للثمرة، ولا حصة لها من الثمن يوم الصفقة، وإن كانت الثمرة يوم الشراء مأبورة فعلى قول ابن القاسم فيها حكم الشفعة ما لم تيبس، فإن يبست فلا شفعة، ويقسم الثمن على الأصل بمنابه، وإن اشتراها مزهية فقال أشهب: للشفيع أخذ الأصل دون الثمرة بناء على أن الثمرة لا شفعة فيها. وقال ابن القاسم وغيره من أصحابنا: فيها الشفعة. قال محمد: روى ابن القاسم: الثمرة للشفيع ما لم تيبس أو تجد، فإن جدت حط عن الشفيع حصتها من الثمن، وقال مرة: يأخذها بالشفعة وإن وجدت أو تيبست إن كانت يوم الشراء مزهية أو مأبورة، وأشترطها المبتاع، رواه عن مالك، وقاله أشهب ومحمد، وإن قلنا إن الثمرة للمشتري بالجد أو اليبس، فروى ابن القاسم: أنه يحط عن الشفيع حصتها من الثمن. وقال ابن الماجِشُون في الثمرة المأبورة: إن لم يقم الشفيع حتى زايلت الأصل فلا يحسب، وكذا يقال أنها تباع مع النخل بطعام إلى أجل، ولا حصة لها من الثمن. ابن زرقون: قال ابن عبدوس: ذهب سَحنون إلى هذا فقلت له: فهي إذا هبة فسكت. الباجي: وقال ابن عبدوس: لها حصة من الثمن لكنها تبع، واختلف فيها قول سَحنون.

ابن زرقون: تحصيله أن في فوت الثمرة قولين، وعليه يرد المكيلة أو القيمةأو الثمن، وهو قول أشهب، وعلى الفوت فقال: مرة بالجد أو اليبس، ومرة لا تفوت إلا أن تجد، ولا يعرف كيلها أو تجد قبل طيبها، فإن فاتت فقال مالك: يحط عن الشفيع مناب الثمرة. وقال ابن الماجِشُون: لا يحط عنه شيء، وأما الزرع فقال الباجي: من اشترى أرضًا فزرعها، وقام الشفيع قبل أن ينبت الزرع أخذها بزرعها الثمن، وقيمة الزرع علي الرجاء والخوف، ولو قيل: بالثمن وبما أنفق لم أعبه بل هو أقيس، واستحسن الأول. قال محمد: بالثمن وبقيمة ما أنفق من بذر وعلاج، وقال ابن القاسم: يأخذ الأرض والزرع بالثمن والنفقة كمن اشترى نخلاً لم تؤبر فأخذ الشفيع بعد الإبار. قُلتُ: كذا وقع في المنتقى وابن زرقون القول الأول غير معزو، وذكر قول ابن القاسم إثر قول محمد، وتصوير المسألة دون فرضها في الاستحقاق عسير؛ لأن المشتري إن زرع دون إذن شريكه فهو متعد، وبعد إذنه تبطل شفعته، ولم أجد المسألة في النوادر علي ذلك؛ بل نصها: قال في الموازية: من اشترى أرضًا فزرعها ثم استحق نصفها، وقد ظهر الزرع فلا شيء له منه فيما استحق واستشفع، وله حصة كراء ما استحق في الإبار، وإن لم يخرج من الأرض فهو للشفيع، وقاله أشهب. قال في المجموعة: يأخذه بثمن الشقص، وقيمة الزرع على الرجاء والخوف كأنه قارنها في الشراء الآن، ولو قيل: فذكر ما تقدم إلى آخر قول محمد، ولم يذكر لابن القاسم شيئاً. وقال: قالابن عبدوس: قال سَحنون: هذا مخالف لطلع النخل؛ لأن من زرع أرضًا ثم استحقت بعد ظهوره فالزرع لزارعه، وابن القاسم يرى الأخذ بالشفعة كالاستحقاق؛ لأنه جعل الثمرة وإن أبرت للشفيع كالاستحقاق، فإذا أخذ الأرض بالشفعة فلا شيء له في البذر كالمستحق، وأشهب يرى الأخذ بالاستحقاق كالبيع، يرى البذر للشفيع؛ لأنه لا يستثنى في البيع.

قُلتُ: فقوله: عن ابن القاسم: لاشيء له في البذر، خلاف نقل الباجي عنه أنه يأخذه، وقبله ابن زرقون، وتبعه ابن عبد السلام. الباجي: ولو اشتراها بزرعها فقام الشفيع قبل نبات الزرع، فعلى قول ابن القاسم: لا شفعةفي الزرع جملة، وعلى قول أشهب: فيها الشفعة، ويحتمل قول ابن القاسم أنه يأخذ الأرض بالشفعة وإن لم ينبت الزرع على القول أن الشفعة كالاستحقاق، ويحتمل أن ليس له أخذها بالشفعة حتى ينبت الزرع على القول أنها كالبيع، فإن قام الشفيع وقد نبت الزرع فلا شفعة في الزرع عند ابن القاسم، ولأشهب في الموازية: له الشفعة إن قام والزرع أخضر في الأرض والزرع جميعاً؛ بل ليس له إلا ذلك. وقال في موضع آخر: له الشفعة في الأرض دون الزرع، وأنكر سَحنون قول أشهب في الزرع، وقال بقول ابن القاسم. ابن شاس: آثر ذكره الخلاف في الشفعة في الثمرة، واختلفا أيضًا في كتابة المكاتب. وتبعه ابن الحاجب، ومقتضاه أن أحد الشريكين في عبد كاتباه أنه إن باع أحدهما حظه من الكتابة على أحد الأقوال بجواز ذلك أن لشريكه فيه الشفعة، ولا أعرفه، وإنما وقع في المذهب كون المكاتب أحق بما بيع من كتابته حسبما في كتاب المكاتب من المدَونة، وأمهات الأولاد في السيد يطأ أمة مكاتبه فتحمل منه وهو عديم وغيرهما. ولابن حارث في كتاب الشفعة: إنما كان ذلك لحرمة العتق كالتقويم والتكميل والتبدئة على الوصايا، ولابن رُشْد في رسم نذر من سماع ابن القاسم من كتاب المكاتب: في منع بيع بعض الكتابة وجوازها مطلقاً. ثالثهما: إن كانت لرجل واحد، وإن كانت بين اثنين جاز بيع أحدهما حظه منها لسماع ابن القاسم مع مالك في سماع يحيي وسَحنون وابن القاسم في العشرة، وأَصْبَغ مع سَحنون في هذا السماع والموطأ لقوله فيه: إن باع أحد الشريكين في الكتابة حظه منها لم يكن للمكاتب في ذلك شفعة؛ لأنه يصير كالمقطاعة، وليست له بذلك حرمة، ولو بيعت الكتابة كلها فأحسن ما سمعت أنه أحق باشتراء كتابته إن قوي على ثمنها نقداً؛ لأنه عتاقة، ومعنى ذلك أنه أحق بما يعطى فيها ما لم ينقد بيعها على ما قاله في سماع

ابن القاسم من العتق فيمن تحته امرأة ثلثها حر وباقيها رقيق وله منها ولد أنه أحق بهم بالثمن الذي يعطى فيهم إن أراد سيدهم بيعهم، ومثله لمالك في سماع عيسى من كتاب النكاح. ومن سماع أشهب: من المكاتب ما ظاهره أنه أحق بكتابته بعد نفوذ بيعها مثل ما لابن حبيب عن رواية مُطَرف، وعن ابن الماجِشُون وأشهب وابن وَهْب وابن عبد الحكم وأَصْبَغ، وحكى عن رواية ابن القاسم أن ذلك حسن ولا يقضى به. قُلتُ: ما عزاه لظاهر سماع أشهب، قال فيه: هو نص قول الغير في أوائل أمهات الأولاد في أمة المكاتب تحملل من سيده وهو عديم فتباع كتابته، وسمع عيسى رواية ابن القاسم في كتاب النكاح في أمة تحت حر لها منه أولادأرادو بيعها وولدها؛ زوجها أحق بهم بما أعطى فيهم من غيره. ابن رُشْد: لأن منعه من ذلك إضرار به دون منفعة لبائعهم، ولو باعوها وحدها دون ولدها لم يكن أحق بها إلا أن تكون حاملًا، إذ لا تكون له أم ولد إذا اشتراها، وإن كانت ولدت أو منه قبل الشراء إلا أن يشتريها وهى حامل منه وفيه خلاف، روي عن مالك: لا تكون أم ولد حتى يكون أصل حملها بعد الشراء، وكذا يجب في كل شيء مشترك فيه لا شفعة فيه إن باع بعض الشركاء أنصباءهم إن لم يف أخذ ذلك بالثمن الذي يعطى فيه ما لم ينفذ البيع. ابن رُشْد في رسم اغتسل من سماع ابن القاسم من أكرية الدور: اختلف قول مالك في الشفعة في الكتابة والدين يباعان؛ هل يكون للمكاتب والمدين شفعة في ذلك؟ فقال: به مرة، وقال الاخوان، وابن وَهْب وأَصْبَغ وابن عبد الحكم وابن حبيب، ورورى اببن القاسم استحسانها دون قضاء. ابن حارث: قال ابن القاسم: لا شفعة في الدين، ولا يكون المبيع أحق به إن بيع، أشهب: وهو أحق به للضرر الذي يدخل عليه يأخذه بقيمة العرض إن كان الثمن عرضًا وبعدده إن كان عيناً، ومثله لأبي عمر. الشيخ: في المجموعة روى ابن القاسم وأشهب: من باع ديناً لله على رجل لا

يكون من هو في ذمته أحق به بالشفعة، وبيعه نافذ إلا أن يبيعه من عدوه ونحوه من الضرر. قال في الموازيًّة: لم يقل أحد في الدين بالشفعة, لكن الذي هو عليه أحق به للضرر. قال مالك: إنه لحسن أن يكون أحق به ولا يقضى به. أشهب: هو فكاك من رق الدين الذي عليه. وفي كتاب السلم الثاني منها: إن أسلم رجلان إلى رجل في طعام أو عرض فأقاله أحدهما أو ولى حصته رجلاً ولا شركة بينهما جاز، ولا حجة لشريكه عليه، وإنما حجته على البائع. فوقع في بعض التعاليق ما نصه: أقام الشُيُوخ منه أن في الدين الشفعة، وهو قول عيسى في كتاب الجدار، وفي أحكام عبد الحق: روى عبد الرازق بسنده إلى عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى بالشفعة في الدين، وهو الرجل يكون له الدين على الرجل فيبيعه صاحب الدين أحق به. زاد في طريق آخر: إذا أدى مثل الذي أدى صاحبه, وتعقبه ابن القطان بأنه لم يبين من حال الزيادة أنها منقطعة الوصول إلى مرسلها. ابن حارث: أختلف في الشفعة في الكراء. ابن القاسم: إن اكترى رجلان داراً أو أرضاً ثم أكرى أحدهما حظه فلا شفعة لشريكه, وقاله سَحنون, ولابن القاسم في المستخرجة: له الشفعة, وقاله أشهب. قال: وكذا إن أكرى أحد الشريكين في دار حظه منها فلشريكه الشفعة. ابن رُشْد: إنما وقع اختلاف قول مالك في الشفعة في الكراء في الواضحة, وبقوله بالشفعة فيه قال ابن الماجِشُون وابن عبد الحَكم, وبنفيها فيه قال ابن القاسم ومُطَرَّف وأَصْبَغ وابن حبيب.

الصقلي: اختلف قول مالك في الشفعة في الكراء وقول أصحابه، روى ابن القاسم القولين، وروى ابن وَهبْ: لا شفعة فيه، وقاله المغيرة. أشهب: وللشريك أن يسلم الشفعة ويقاسمه السكنى، وله أن يقاسم شريكه في الأصل، فإن وقع نصيب المكتري على غير استواء فالمكتري مخير في التماسك والرد إن وقع له أقل من نصف الدار في الانتفاع لا في القيمة. وكذا رجلان إن اكتريا داراً فأكرى أحدهما حظه فلصاحبه الشفعة دون رب الأصل، فإن سلم فرب الأصل أحق، ولو أكرى رب الدار منها شيئاً مقسوماً فلا شفعة له فيه إن أكراه مكتريه، كما لو باعهما ذلك مشاعاً ثم باع أحدهما حظه فشريكه المبتاع أشفع من رب الأصل، فإن سلم فذلك لرب الأصل. الصقلي: هذا على أصل أشهب الذي يجعل المشتريين كورثة، وابن القاسم يراهم والبائع سواء. الشَّيخ عن محمد: لو كان الأصل لواحد فأكرى نصفه مشاعاً، ثم أكرى المكتري غيره فلرب الأصل الشفعة. اللخمي والصقلي والشَّيخ: قال محمد: لو ساقي أحد الشريكين في النخل حظه منها فقال أشهب: لا شفعة لشريكه في ذلك، وأظن ابن القاسم يرى له الشفعة، وجدته في كتابي، ولا أدري ممن سمعته. زاد الشَّيخ عنه: لو ساقي أحدهما فلشريكه الشفعة، فإن سلم ذلك للمساقي، ثم ساقي المساقي غيره فلرب الأصل الشفعة، ولو كان الأصل لواحد فساقي نصفه مشاعاً، ثم ساقي المساقي غيره فلرب الأصل الشفعة. والشفعة في النقض المبيع مع أصله: ابن رُشْد: اتفاقاً. قال: وفي جواز بيعه دون أصله على قلعه قولا ابن القاسم وسَحنون مع أشهب، وعلى الأول كمستحق نصفه من مشتريه أو مشتري حظ أحد الشريكين فيه دون أصله مشاعاً لتساويه في الشفعة فيه قولان قائمان منها، ولو باع أحد مستعيري عرصة بنياها

حظه من نقضها فربها أحق به. وفي كون أخذه من مبتاعه أو بائعه بفسخ بيعه قولان، فعلى الأول بكونه بقيمته مقلوعاً أو ثمنه، ثالثهما: بالأقل منهما، وعلى الثاني في كونه بالقيمة أو الأقل قولان، كل ذلك تؤول عليها، وأظهرها إنما يأخذها من البائع بالأقل. والأقيس أخذها من المبتاع بالقيمة، وتحصيل شرائه على الهدم والنخل على القلع في ست مسائل: الأولى: إن استحق أرضاً بيع نخلها أو نقضها على القلع في صحة بيعه، القولان على الأول: للمستحق أخذهما بقيمتهما مقلوعين فيها لنفي الضرر لا بالشفعة وتركهما، وعلى الثاني: يفسخ بيعهما، ولا سبيل عليهما للمستحق. وقال سَحنون: إن كان بائعهما غاصباً فللمستحق أخذهما بقيمتهما مقلوعين أو أمره بقلعهما، وإن كان مشتريا فللمستحق أخذهما بقيمتهما قائمين ويرجع المشتري بثمنه، فإن أبى فللبائع إعطاء المستحق قيمة أرضه براحاً، فإن أبى كانا شريكين البائع بقيمتهما قائمين ورب الأرض بقيمتهما، وينتقض شراء المشتري فيما صار مستحق الأرض من النقض، ويمضي فيما صار منه للبائع إن صار له جلها لم يكن للمشتري أن يمسكه وإن كان جزءا معلوماً؛ لأن ما يصير له بالقسم منه مجهول إذ لا يقسم إلا مع الأرض على خلاف في هذا الأصل في غير ما كتاب منها. وإن استحق نصف الأرض فللمستحق أخذ نصف النقض بقيمته مقلوعاً على قول ابن القاسم، والنصف الثاني: قول عبد الحق عن بعض شُيُوخه أنه يأخذه بالشفعة بنصف الثمن غير صحيح، إذ لا تجب الشركة بينهما فيه إلا بعد البيع فلا شفعة، والصحيح أخذه بقيمته مقلوعاً لقوله صلى الله عليه وسلم: "لا ضرر ولا ضرار". قُلتُ: الأظهر قول عبد الحق؛ لأن أخذ المستحق ما قابل نصف الأرض المستحق من النقض إنما هو سبب استحقاقه نصف الأرض فكأنه استحقه عملاً بإعطاء التابع حكم متبوعه في غير ما مسألة، وذلك ملزوم لتقرر شركته قبل البيع حكماً فتجب له الشفعة في نصفه، وقوله: يأخذها لنفي الضرر، غير صحيح؛ لأن ذلك إنما هو في نقض يكون عرصته ملكاً لآخذه، وعرصته هنا إنما هي للمستحق من يده لا للمستحق

فتأمله منصفاً. الثانية: إن اشترى النخل أو النقض على القلع، ثم اشترى الأرض فاستحقت رجع على البائع بثمن الأرض، والحكم بينه وبين المستحق في الأنقاض والنخل على ما في الأولى من قولي ابن القاسم وسَحنون. الثالثة: إن اشترى الأرض ثم النقض فاستحقت الأرض لم يأخذ المستحق النقض على قول ابن القاسم إلا قيمته قائماً؛ لأنه زاد في ثمنه لتبقيه في أرضه، حكاه عبد الحق وهو صحيح، فإن أبى فللمشتري إعطاء قيمة أرضه براحاً، فإن أبى كانا شريكين كما مر. وعلى قول سَحنون: إن كان البائع غاصباً فللمستحق أخذ النقض بقيمته منقوضاً وينقض بيعه ويرجع عليه مشتريه بثمنه، فإن أبى مضى بيع النقض لمشتريه، فإن لم يتفقا على أمر بينهما بيعت الدار وقسم ثمنها على قيمة العرصة والنقض قائماً، وإن كان بائع النقض مشترياً فللمستحق أخذ النقض بقيمته قائماً وينقض البيع، فإن أبى فللبائع أخذ البقعة بقيمتها براحاً، فإن كانت له البقعة وللمبتاع النقض، فإن اتفقا فيها على أمر بينهما وإلا بيع الجميع وقسم الثمن على القيم، فإن أبى ذلك حملا من الشركة على ما تقدم، وانتقض البيع فيما صار من النقض للمستحق، ومضى فيما صار منه للبائع على ما تقدم. الرابعة: إن اشترى النخل على القلع ثم أرضها ثم استحق نصفها. الخامسة: إن اشترى الأرض ثم النخل فاستحق رجل نصفها ففي الشفعة في النخل، ثالثهما: إن اشتراها قبل الأرض لأحد قولي ابن القاسم فيها، وثانيهما مع أشهب ومحمد فعلى الأول للمستحق أخذ نصف الأرض ونصف النخل بالشفعة بنصف الثمن، أو نصف الأرض بالشفعة وترك نصف النخل يقلعها المبتاع من المسألة الرابعة، ويبقى على حقه فيها في الخامسة إذ لم يشتريها على القلع أو نصف النخل بالشفعة وترك نصف الأرض، وعلى الثاني في أن له أخذها بالقيمة لأجل الضرر قولان، وعلى الأول فبالقيمة قائماً فيهما على ما في بعض رواياتها، وعلى قياس ما حكى عبد الحق لا يأخذه

بالقيمة قائماً إلا في الخامسة. السادسة: إن اشترى النخل على القلع فاستحق نصفها ونصف الأرض فسخ البيع فيما لم يستحق من النخل، إذ لا يوصل إلى نصف النخل الذي لم يستحق إلا بمقاسمة البائع المستحق النخل والأرض، وما يخرجه القسم من النخل مجهول لاحتمال تفاوت أجزاء الأرض بالجودة والرداءة كقول ابن القاسم في منع اشتراء حظ رجل من نخل وشريكه غائب على القلع، على أن ابن القاسم قال فيها: إن اشترى نقض دار على قلعه، ثم استحق نصف الدار أن له رد ما بقي في يده ما لم يستحق من النقض. فظاهر قوله: له رد ذلك أن له التماسك به ففيه نظر إلا أن يكون كلامه أن الأرض والنقض متساو لا يختلف في القسم، وإنما يصير له فيه النصف حقيقة، وهو معنى قول سَحنون في المسألة: تجوز في حال ولا تجوز في حال، وجواب ابن القاسم فيها في المدَوَّنة على أن لا شفعة في النقض؛ ولذا قال: يخير المبتاع ولو تكلم فيها على القول بوجوب الشفعة في النقض لبدأ بتخيير الشفيع قبل تخيير المبتاع على معلوم مذهبه في ذلك خلاف قول أشهب وسَحنون. الشَّيخ: قال محمد: لم يختلف مالك وأصحابه أن الشفعة في الحمام، وقال ابن الماجِشُون في غير الموازيَّة: أبى مالك في الشفعة في الحمام؛ لأنه لا ينقسم إلا بتحويله عن كونه حماماً، وأنا أرى فيه الشفعة. قُلتُ: قوله: (وأنا أرى فيه الشفعة) خلاف نقل اللخمي عنه. قال: رواية المدَوَّنة: في الحمام الشفعة، وقال ابن الماجِشُون: لا شفعة فيه، وهو خلاف قوله: في النخلة والشجرة الشفعة. ابن حارث: أخبرني من أثق به أن العمل عند أهل الشورى بقرطبة على الشفعة فيه. قال: واختلف في الشفعة في الأندر، فقال أشهب وابن وَهْب في سماع عبد الملك: فيه الشفعة، وفي سماع سَحنون قال: لا شفعة في الأنادر ولا في الأفنية.

ابن رُشْد: الشفعة في الأصول وإن لم تنقسم وقصرها على ما يحكم بقسمته، ثالثهما: على ما يقسم وإن لم يحكم بقسمته لمُطَرَّف وسماع يحيى ابن القاسم في كتاب السداد. قال في عزو الثالث: مضى ذكره في سماع يحيى. قُلتُ: قال فيه الحمام الخرب يحكم بقسمه على قول ابن القاسم: إن كان يصير لكل منهم ما يعمل فيه حماماً ولا يعتبر نقص الثمن، وإن كان قائماً ففيه نظر، والأظهر على قوله أنه لا يقسم، ثم ذكر الخلاف في شرط القسم بالإشفاع وعدمه حسبما هو في القسم. وقوله: (ولا في الأفنية)؛ معناه: في الفناء المشترك كساحة الدار بين الشركاء بعد قسم بيوتها، وأما الأفنية المتصلة بطرق المسلمين فلا يجوز بيعها ولا اقتطاعها، إنما يجوز الانتفاع بها وكراؤها إن لم يضر بالمارة. وفي المقدمات: في كون العلة الموجبة للشفعة ضرر القسم، أو ضرر الشركة قولا المتأخرين، والأول أصح. قال: وهي مقتضى القول في أنها لا تكون إلا فيما لا ينقسم، والثانية: مقتضى القول بأنها فيه وفيما لا ينقسم. قال: وضرر القسم بنقص الثمن بالقسم، وافتقار الشريك بعد القسم لإحداث بعض المرافق، وغرم أجر القسم وضرر الشركة واضح. والمناقلة: بيع الشقص بعقار في ثبوت الشفعة فيه مطلقاً ولغوها، ثالثهما: هذا بشرط أخذ أحد المتعاملين من صاحبه شقصاً فيما له فيه شقص، ورابعها: بشرط أخذ كل منهما من صاحبه ذلك، لابن رُشْد عن ابن القاسم، مع روايته وسماعه مع رواية بعض المدنيين، وقول مُطَرَّف وتأويل الأخوين قول مالك. وسمع عيسى: من اشترى شقصاً من حائط فيه رقيق يعملون فيه لم يكن للشفيع الشفعة إلا في الشقص ورقيقه لا في أحدهما فقط إن لم يكن للحائط منهم بد، فإن فاتوا ببيع أو هبة سقط منابهم من الثمن، ولو ماتوا لم يسقط منابهم من الثمن. ابن رُشْد: لأن قولهم كإهدام الدار وعلى القول لا شفعة فيهم يسقط منابهم من

الثمن، ثم قال: منها ما يختلف في الشفعة فيه إن بيع مع الأصل ويتفق على أن لا شفعة فيه إذا بيع دون الأصل، وهو الرحا ورقيق الحائط. قُلتُ: هذا خلاف قول اللخمي: اختلف في رحا الماء والدواب إن بيعت بانفرادها أو مع الدواب، ويختلف مع هذا في رقيق الحائط ودوابه إذا بيعت مع الأصل أو دونه. قُلتٌ: الرحى أشبه بالأرض من الحيوان. الباجي عن الموازيَّة: لو اقتسما الحائط ثم باع أحدهما حظه من الرقيق والآلة فلا شفعة فيه لأحد. قُلتُ: وفي النوادر عن الموازيَّة: لو بيع من شيء من ذلك على حدته ففيه الشفعة ما دام الأصل لم يقسم. اللخمي: قال ابن شعبان: قال من قال من الصدر الأول: لا شفعة لشريك في مشاع لا يسكن، وروي ذلك عن مالك، وقاله الشعبي؛ فعلى هذا لا شفعة في حمام ولا فندق ولا قرب ولا في كل شيء يراد للغلة ولا يسكن. اللخمي: إن قسمت بيوت الدار دون مرافقها من ساحة وبئر وماجل وطريق ثم باع أحدهم حظه من بيوتها بمرافقها التي لم تقسم فلا شفعة فيما قسم ولا ما لم ينقسم؛ لأنه من منفعة ما قسم وإن باع حظه من تلك المرافق فقط فلشركائه رد بيعه إن كان يتصرف إلى البيوت؛ لأنه ضرر بهم، وإن أسقط تصرفه فيها وصرف بيوته إلى مرافق أخر، فإن باعها من أهل الدار جاز، ولبقية الشركاء الشفعة على أحد القولين في الشفعةفيما لا ينقسم وإن باعه من غير أهل تلك الدار كان لهم رد بيعه؛ لأن ضرر الساكن أخف من ضرر غيره ولهم أن يجيزوا بيعه ويأخذوا بالشفعة. وقال ابن القُصَّار: اختلف الرواية في الشفع فيما لم ينقسم كالحمام والبئر والرحبة والطريق، ولم يبين كيف صفة البيع والفقه فيه ما تقدم. والجدار بين الدارين يبيع أحدهما داره بما يستحقه منه. قال ابن القاسم: فيه الشفعة وعلى أصل أشهب لا شفعة فيه؛ لأنه منع قسمه وأن

حمله القسم، وقال: يبقى مرتفقاً لهما لحمل خشب وضرب وتد، وكذا قال: في الماجل يبقى مرتفقاً لهما، ولا يقسم وإن حمل القسم، ولا شفعة فيه. وتسقط بما يدل على إسقاطها مستحقها نصًّا أو ظاهراً أو دليلاً حالياً ما لم يظهر ضد ما يظن الإسقاط لأجله. اللخمي: إسقاطها بالقول كقوله تركت. قُلتُ: يريد: ومرادفه من فعل أو إشارة بينة الدلالة وفيها: إن أخبر بالثمن فسلم ثم ظهر أنه دون ذلك فله الأخذ، ويحلف ما سلمت إلا لكثرة الثمن. الشَّيخ: لمحمد عن أشهب لا يمين عليه. قُلتُ: ظاهر الروايات أنه لو ظهر أنه دونه بيسير لا يكون الوكيل على الشراء بثمن مسمى متعدياً بزيادته لم يلزمه التسليم، وهو ظاهر كالكذب في المرابحة يسيره ككثيره، وكنقص الوكيل على البيع بثمن مسمى يسيره ككثيره، بخلاف شراء الوكيل بتقرر العرف فيه. الصقلي: عن محمد لو سلم لأخباره أن الثمن مائة إردب قمحاً فظهر أنه عين لم يلزمه تسليمه ولو كانت الدنانير أكثر من ثمن القمح لتعب كيل القمح وحمله ويحلف ما أسلمه إلا لذلك ولو سلم؛ لأنه دنانير فظهر أنه قمح لزمه إلا أن يكون القمح أقل ثمناً ولو سلم على مكيل من صنف فظهر أنه مكيل من صنف آخر لزمه إلا أن تختلف قيمته، ولو ظهر أنه موزون لم يلزمه تسليمه؛ لأنه أخف. قال: ولو قيل له: بجارية أو عرض ولو يوصف فسلم ثم ظهر أنه بدنانير فلا حجة له؛ لأن التسليم مع جهل الثمن لازم، وإنما يؤدى في العرض مالا. قال ابن القاسم: إلا أن يأتي من ذلك ما لا يكون مثله ثمناً لما سمي من جارية أو عرض لقلته كدينار أو عشرين درهماً فلا يلزمه تسليمه وتعقبه ابن عبد السلام هذا لمناقضته نقل الصقلي عن الموازيَّة أن ما بيع بما لا يشبه أن يكون مثله ثمناً أنه لا شفعة فيه يرد بأن ذلك إنما هو بالنسبة إلى الشقص، وهذا إنما هو بالنسبة إلى ما ذكر أنه بيع به. وحاصل مسائل هذا الفصل أنه إن سلم لمعنى ظهر خلافه، فإن استلزمه أو لم

يستلزمه ولم يناقضه لزم تسليمه، وإن ناقضه مناقضة بينة لم يلزمه ولا يحلف، وإن ناقضه مناقضة غير بينة تخرج حلفه على ذلك على أيمان التهم، وكذا في الأخذ بمعنى يظهر خلافه. وفيها إن سلم الشفعة في الأخبار ببيع نصف شقص شريكه فبان أنه باعه كله فله أخذه، وقال محمد وأشهب إنما له أخذ نصفه. الصقلي عنه: ولو أخذ عن بيع نصفه، ثم بان بيع جميعه فله أخذه، فإن أبى فاللمبتاع أن يقول: رد النصف أو خذ الجميع ولو سلم لمشتر واحد ثم ظهر أنه مع غيره ففي لزوم تسليمه حظ الأول. قول أشهب وابن القاسم: فيها وعلى الأول يكون حظ الأول بينهما ولهما قبوله وإسلام الشفيع أخذ المبيع أو رده ولو سميا له فقال أشهب: له الأخذ من أحدهما والتسليم للآخر. محمد: أن لم يكونا متفاوضين، وقال ابن القاسم: إنما له أخذ الجميع أوتركه ولو سلم لمشتر معين ظهر خلافه لم يلزمه بخلاف الأخذ، ولو سلم لغير مسمى لزمه مطلقاً كالأخذ. محمد: ولو كان عدواً أو شريراً. اللخمي: والصواب أن له الرجوع في تسليمه إن ظهر أنه عدو أو شرير ومن يرى أنه لو علم به ما سلم له وليس له وليس كذلك الأخذ، وفيها: إن قال بعد علمه بالثمن: أخذت شفعتي لزمه وقبله له رده. الصقلي لمحمد عن أشهب: أخذه قبل علمه بالثمن لا يجوز، ويجب فسخه ثم له الأخذ بعد ذلك، وفيها: إن سلم الشفعة بعد البيع لزمه ولو جهل الثمن. الصقلي: إلا أن يأتي من ذلك ثمناً لا يكون ثمناً لمثله لقلته فلا يلزم تسليمه كقول ابن القاسم فيمن قيل له: بيع بعرض ولم يوصف. ابن عبد السلام: يحتمل أن يقال: تسليمه دون سؤال على الثمن يدل على إسقاطه على كل حال، واحتجاجه بقول ابن القاسم في مسألة العرض: يرد بقول ابن القاسم في

من باع شقصاً بمحاباة: أن فيه الشفعة بالثمن المذكور، إلا أن يبيعه بما لا يشبه أن يكون ثمناً لقلته فلا شفعة فيه كان البائع صحيحاً أو مريضاً. قُلتُ: قوله يدل على إسقاطه على كل حال يرد بأنه إن أراد كل حال يتقرر فيما كون العرض ثمناً سلم ولا يتناول محل النزاع ضرورة كون العوض فيها لا يتقرر كونه ثمناً، وإن أراد مطلقاً منع ورده بمسألة المحاباة مع ما فيها من الاستثناء لا يتم؛ لأن المحاباة لا تنافي حقيقة البيع ونزارة العوض تنافيه. وفي النوادر عن أشهب: لو قاسم الشفيع شريكه كان قطعاً لشفعته. اللخمي: اتفاقاً. قال: ولم ير ابن القاسم المقاسمة لغير الشفيع مسقطة شفعته فقال: من اشترى شقصاً من دار فيها شفيع غائب فقاسم المشتري شركاءه فقدم الشفيع فله رد القسم والأخذ بالشفعة، ومثله في الموازيَّة ولو كانت المقاسمة من سلطان. سَحنون: لا يرد قسمته ويأخذ الشفيع ما طار للمشتري بالقسم. ابن رُشْد في قسم العتق من سماع عيسى: اختلف إن قسم القاضي على غائب فأتى، فلابن القاسم فيما له رد القسم والأخذ بالشفعة، وقال سَحنون وابن عبدوس وأشهب في أحد قوليه: يمضي القسم ويأخذ الشفيع ما صار للمشتري، وهو على الخلاف في كون القسمة بيعاً أو تمييز حق. الشَّيخ: لا أرى للمشترى دعاء للقسم إن كان شريكه الغائب وحده؛ لأنه دخل على أن للغائب حقاً حتى يأخذ أو يترك ومثله إن كان له شركاء سواه، ولم يطلبوا القسم وذلك لشركائه إن أحبوا وبجميع حظ الغائب مع حظ المشتري ليبقى على حظه في الشفعة إن قدم كان له القيام بشفعته، ولا ينقض القسم في حق بقية الشركاء ولو جهل القاسم فقسم لهما منفردين كان للغائب رد القسم كما قال ابن القاسم؛ لأنه قد يصير حظ الغائب في طرف والمشتري في طرف وبينهما حظ من لم يأخذ بالشفعة وذلك ضرر على الغائب؛ لأن من حقه أن يجمع له ذلك في موضعه، وإن صار حظ الغائب والمشتري في موضع كانا متجاورين لا شريكين، ولا شفعة في الجوار.

قلت: ما نقله عن ابن القاسم فيمن اشترى من دار إلخ، هي مسألة الكتاب واستشكل المذكورين تصويرها على قواعد المذهب في القسم، ومقتضى قول اللخمي: وإن جهل القاسم إلخ تصويرها بمقتضى جهله بالحكم في ذلك، وهذا بناء على أن القسم وقع بينهم مع جهل الحاكم في القسم على الغائب لمشتر للغائب عليه الشفعة ويمكن تصويرها مع السلامة من جهل هذا الحكم كأربع إخوة ورثوا داراً، ثم باع أحدهم حظه من بقيتهم بالسواء بينهم، ثم غاب أحدهما ثم اشترى بائع حظه حظ أحدهم، ثم قسموا بينهم وبين الغائب بأمر الحاكم لغيبته، وثبوت الشركة بينهم بإخوتهم، ثم قدم الغائب أثبت حدود ملك بائع حظه بشراء من أحدهم. وفيها لابن القاسم: مساومة الشفيع مشتري شقص شريكه أو مساقاته فيه أو اكترائه منه يسقط شفعته. الصقلي: عن محمد لأشهب: لا يسقطها شيء منها. اللخمي: أرى أن يسأل لم ساومه؟ فإن قال: لأن باعني بأقل وإلا شفعت حلف وشفع، وإن قال: لأشتري ولو باعني بأكثر سقطت. قلت: وقال ابن شاس: خلاف أشهب في شراء الشفيع الشقص المستشفع فيه وهم؛ لأن اللخمي والصقلي وابن حارث، والشيخ في النوادر لم ينقله عنه إلا في الثلاثة غير الشراء. زاد الشيخ: وقال أشهب: إن قاسمه سقطت شفعته. قلت: وشراؤه أقوى من مقاسمته، ويتهم على إرادة رده ما زاده في شرائه على ثمن الشفعة. والعجب من شيخنا السطي في عدم تعقبه ذلك على ابن شاس في مسائله التي تعقبها عليه. والكراء والمساقاة إن كان أحدهما بعد تمام سنة من يوم العقد فلا شفعة له، وإن كان دونها فهو محل القولين، فعلى قول أشهب لو طلب المشتري بتعجيل الأخذ أو الرد قبل انقضاء ما عقد له لم يكن له ذلك، وحقه في الإيقاف سقط في تلك المدة؛ لأن لا

يملك نقض ما عقد للشفيع ولا يستحق أخذ الثمرة الآن والغلة معاً، فإن انقضت المدة استحق وقفه على الأخذ أو الترك، وللشفيع استعجال الترك أو الأخذ، كان له ذلك، ويتعجل منه الثمن ولا يحط عنه منه شيء. قال: وبيع المشتري الشقص بعلم الشفيع يسقط شفعته في شرائه لا في بيعه، ودون علمه يخير في الجميع. قلت: هو قولها ورواية ابن القاسم في المجموعة. الشيخ: وقاله عبد الملك وأشهب قائلاً: إن أخذها من الأول كانت عهدته عليه، ودفع من ثمن الشقص إلى الثالث ما اشتراه به؛ لأن له أن لا يدفع الشقص حتى يقبض ما دفعه ويدفع فضلاً إن كان للأول، فإن بقى للثالث ما اشترى به شيء رجع به على الثاني، وليس للثالث حبسه حتى يدفع له بقية ثمنه، ويرجع الثاني على الأول بما اشترى به الشقص منه. وسمع عيسى: قيل لابن القاسم: من غاب شريكه في أرض فباع شريكه حظه منها، ثم باع الغائب غير عالم ببيع شريكه أله شفعة؟ قال: نعم. ابن رشد: هذا يدل على أنه لو علم ببيع شريكه لم تكن له شفعة، وإن كان فيه ضعف؛ لأنه في السؤال لا في الجواب، والمعنى يؤيده؛ لأنه ببيعه بعد علمه رغب عن البيع وقبله يقول: إنما بعته لزهادتي فيه، ولو علمت بيع شريكي لما بعت وشفعت، ثم قال: ما حاصله في ثبوت شفعته، ثالثها: إن باع جاهلاً تقدم بيه شريكه، ورابعها: قول أحب إلى أن لا شفعة له، وخامسها: إن بقي له بقية أخرى شفع بما باع، وما بقي لإحدى روايتي أشهب مع سماع يحيى ابن القاسم، وثانيتهما مع دليل قولها فيمن باع شقصته بخيار ثم باع شريكه بتا، وقول أشهب: ذلك له واحد احتمالي قول ابن ميسر: اشفعة له إلا أن تبقى له أنه يريد أن يأخذ جميع شفعته بقدر حظه كله ما باع وما بقي، وأظهرها ثالثها. وفي سقوطها بسكوت مستحقها العالم بها حاضراً قلها: إن علم بالشراء فلم يطلب شفعته سنة لم يقطع ذلك شفعته، ولو كتب شهادته ذلك في الشراء، ولم ير مالك

السبعة الأشهر ولا السنة بكثير إلا أنه إن تباعد كذا حلف ما وقف تركاً للشفعة، فإن جاوز السنة بما يعد به تاركاً فلا شفعة له. المتيطي عن ابن الهندي: إن جاوز السنة بشهرين حلف وأخذ بشفعته، فإن زاد على ذلك فلا شفعة له، ونحوه لابن فتوح غير معزو كأنه المذهب، وللأشياخ طرق. اللخمي: روايتها سكوته سنة قريب، وروى محمد: إن مضت سنة فلا شفعة. ابن ميسر: ما قارب السنة داخل فيها. أصبغ: هو على شفعته الثلاث سنين ونحوها، وروى الأخوان في حاضر قام بشفعته بعد خمس سنين، وربما قيل: له أكثر من ذلك، فقال: ليس هذا طولاً ما لم يحدث المشتري بناء أو بغيره والشفيع حاضر، أجل هذا أقصر إلا أن يقوم بحدثان ذلك. ولابن وهب في كتاب ابن شعبان: إن علم بالبيع فسكت فلا شفعة له، وقال أيضاً: هو على شفعته أبداً ما لم يوقفه، وأرى سقوطه بمضي ما الغالب أنه لو كان له غرض فيها لأخذ بها، والناس في هذا مختلفون، منهم ذو الحرص واليسر بالناض وكونه لو كان له غرض في الأخذ لم يؤخره إلى تلك المدة فهذا يسقط بدون السنة، ومنهم ذو التراخي في أموره والعسر بالناض ويرجو الثمن لوقت آخر فلا تسقط شفعته مثل هذا، وقد يقوم دليل على أن قيامه الآن لأمر حدث كزيادة ثمن الربع فزيادة غلة المبيع وحدوث يسر الشفيع بعد فقره. ولما ذكر الصقلي قول ابن ميسر قال: وقال غيره: عن اشهد الشفيع على المبتاع أنه على شفعته فهي له ولو طال مكث ذلك إلا أن يقفه السلطان، ويشهد عليه فلم يأخذ فلا شفعة له، ولابن رشد في رسم البز من سماع ابن القاسم في سقوط شفعة الحاضر الساكت العالم بالبيع بمضي سنة أو ما فوقها، ثالثها: بما تكون به الحيازة، ورابعها: لا تسقط إلا بأن يصرح بتركها لأشهب مع روايته ولابن القاسم مع روايته فيها، ولقول الأخوين: هو على شفعته ما لم يوقفه الإمام على الأخذ أو الترك أو يتركها طوعاً فسنة مدة بذلك أو يأتي من طول الزمان ما يدل على تركه والخمس سنين قليل إلا أن يحدث المشتري بناء أو غرساً فتسقط بأقل من ذلك.

وفي المقدمات: قال ابن المعذل: قال ابن الماجشون: يقول بثبوتها للحاضر إلى أربعين سنة ثم رجع إلى عشر، وفي الطرر: إن قال الشفيع: وقع الابتياع منذ شهرين، وقال المشتري: منذ عامين ولا بينة؛ فالقول قول الشفيع مع يمينه، قاله ابن فتحون. وعلى عدم سقوطها بالسنة سمع ابن القاسم: إن شهد الشريك في بيع شقص شريكه، ثم بدا له بعد عشرة أيام ونحوها في الأخذ بالشفعة فله ذلك، وأشد ما عليه أن يحلف ما كان ذلك منه تركاً لها، وسمعه إن قام بعد بيع شريكه حظه شهراً أو شهرين لا يطلب، ثم بدا له فله الأخذ ما لم يتطاول والشهران قريب، ولا يمين عليه إلا أن يأتي من ذلك ما يستنكر من التباعد فيحلف. ابن رشد: تحصيله إن لم يكتب شهادته وقام بالقرب كالشهرين فله الشفعة دون يمين، وإن لم يقم إلا بعد السبعة أو السنة على ما في المدونة فله ذلك بعد يمينه أنه ما تركها إسقاطاً لها، وإن كتب شهادته وقام بعد عشرة أيام ونحوها فله الشفعة بعد يمينه، وإن لم يقم إلا بعد الشهرين سقطت شفعته. قلت: وللباجي عن أصبغ: هو على شفعته السنتين ونحوها، وإذا قلنا بالسنة فقال أشهب: إذا غربت الشمس من آخر أيام السنة فلا شفعة له، ونحه للصقلي وقول ابن رشد: إن كتب شهادته ولم يقم إلا بعد شهرين فلا شفعة له خلاف ظاهرها، فيها لم يرد مالك السنة مما تنقطع به الشفعة، فقلت له: فلو كان كتب شهادته في الشراء ثم قام يطلب، قال: لا أرى في ذلك ما يقطع شفعته. ابن رشد: إن قال: لم أعلم بالشفعة قبل قوله: بيمينه ولو كان حاضر البلد إن بعد أربع سنين، قاله ابن عبد الحكم. قلت: زاد الباجي: قال محمد: إن الأربعة لكثير، ولا يصدق في أكثر منها، في الطرر: إن علم كذبه في دعواه جهل الشراء سقطت شفعته كرؤيته حرث المبتاع وإصلاحه شيئاً في الدار، وكذا المرأة المتصرفة ومثله لا يخفى عليها. وفيها: وإن كانت الدار بغير البلد الذي هما فيه فهو كالحاضر مع الدار فيما تنقطع إليه الشفعة، ولا حجة للشفيع إذ لا ينقد حتى يقبضها لجواز النقد في الربع الغائب، ولم

يقيدها الصقلي ولا غيره، والظاهر تقييدها بمساواة الشفيع للمشتري في العلم بها بحال الربع المشفوع فيه المسوغ بيعه، وإلا فللشفيع الحجة بجهله حال الربع الذي هو سبب في الرغبة فيه أو عنه. قال أبو إبراهيم عن بعض الشيوخ: أنه بنى على أن الخصومة حيث المطلوب وفيها خمسة أقوال: أحدها: هذا وحيث الملك لابن الماجشون، الثالث: وحيث البينة في المدعى فيه، والرابع: عند أعدل القضاة لابن كنانة سحنون، والخامس: حيث المدعى، قال: وهو بعيد، ولم أره نصاً. قلت: تحقيق هذا في كتاب الأقضية. وفيها لمالك: لا يقطع عن الغائب الشفعة لغيبته ولو كان عالماً. الصقلي عن محمد: قاله مالك أصحابه. مالك: إلا أن يقوم بعد طول يجهل فيه البيع وتموت فيه البينة فتسقط الشفعة، وما قرب مما سرى أن المبتاع أخفى الثمن فالشفعة فيه بقيمته. الباجي: إذا زال عذر الغيبة أو غيرها فله في المدة مثل ما للحاضر، ونقله الصقلي عن محمد، ونقله ابن الحاجب كأنه المذهب. ابن عبد السلام: لو قيل: العالم في غيبته بالشفعة لا يوسع له في الأجل كان له وجه. قلت: هذا نحو قول من يشترط في قيامه إشهاده في غيبته أنه على شفعته. الصقلي عن أشهب: وما قرب ولا مؤنة في الشخص منه على الشفيع هو فيه كالحاضر. قال غيره في المجموعة: وليست المرأة الضعيفة ومن لا يستطيع النهوض كغيرهم، إنما فيه اجتهاد الحاكم. وفي الطرر عن بعض المتأخرين: الغائبة على سير يوم لا تنقطع شفعتها لحديث:

((لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر سفر يوم وليلة إلا ومعها ذو محرم)). الصقلي: والحاكم بلد المشتري أن يكتب لحاكم بلد الشفيع فيوقفه للأخذ أو الترك. ابن حبيب: عن الأخوين: المريض الحاضر والصغير والبكر كالغائب، ولهم بعد زوال العذر ما للحاضر، سواء علم المريض والغائب بالشفعة أو جهلاً. أصبغ: المريض كالصحيح إلا أن يشهد في مرضه قبل مضي وقت الشفعة أنه على شفعته وأن تركه التوكيل عجز عنه وإلا فلا شيء له. ابن حبيب: الأول أحب إلي، ولما ذكر الباجي قول أشهب في إشهاد المريض. قال: وهذا يقتضي أن الغائب إنما يبقى عل شفعته إن لم يعلم، فإن علم فإنه يقدر على إشهاده بأخذ الشفعة، فإن لم يفعل فحكمه حكم الحاضر. اللخمي: إن استمر المريض على نظره في صحته في أمر الدنيا والبيع فهو كالصحيح، وإن أعرض عن ذلك وقال بعد صحته: كنت تركت ذلك والنظر فيه لمن يصير له قبل قوله، وليس من له ولد يعلم اجتهاده له كمن ورثته عصبة لا يصدق إن كانوا عصبة. قال أبو عمر: من أصحابنا وغيرهم من لا يرى على الغائب إشهاداً ولا يميناً أنه لم يترك إذا علم. وفيها: إن سافر الشفيع يحدثان الشراء لما لا يئوب منه إلا بعد أمد انقطاعها فلا شفعة له، وإن كان يؤوب منه قبل ذلك فعاقه منه ما يعذر به؛ فله شفعته ويحلف ما تركها ولو لم يشهد عند خروجه أنه على شفعته. اللخمي: إن خرج لما لا يرجع منه حتى تمضي السنة سقطت شفعته، وإن عاد عن

قرب لأمر منعه الوصول. قلت: في سقوطها بهذا نظر لجواز كونه كان عازماً على توكيل من يرسله لأخذها أو متردداً في ذلك، وكلاهما ينافي دلالة خروجه لذلك على جزمه بإسقاطها، وانظر هل تتخرج على قولي ابن القاسم وأشهب في وجوب الكفارة وسقوطها فيمن أصبح في رمضان ناوياً الفطر ثم نوى الصوم قبل طلوع الشمس. وفيها: إن اشتريت شقصاً من دار لرجل غائب، أللشفيع أن يأخذ بالشفعة؟ قال: نعم؛ لأن مالكاً رأى القضاء على الغائب. الصقلي: عن محمد: ويوكل السلطان من يقبض له الثمن. قلت: يريد: غير قريب الغيبة؛ لأنه كالحاضر، وقولها مع محمد من جملة حجج ابن عتاب على ابن القطان، قال ابن سهل ما حاصله: أفتى ابن عتاب بالشفعة على الغائب البعيد الغيبة مطلقاً، وأفتى ابن القطان بأن لا شفعة عليه إلا أن يغيب غيبة انقطاع، وأطال ابن عتاب وابن سهل في الرد عليه بنصوص المدونة وغيرها وصرحا بخطأ فتواه. الصقلي: عن محمد: إن كان الشفيع حاضراً بموضع الدار، والمبتاع غائب بعد الشراء أو اشتراها في غيبته هو أو وكيل له؛ فالشفعة له ولو طالت غيبة المشتري ولو كان وكيله يهدم ويبني ويكري بحضرة الشفيع ما لم يكن موكلاً برفع الشفعة عنه ببينة حاضرة علم بها الشفيع فتسقط شفعته يمضي ما تنقطع به الشفعة. قيل: إذا كان له الأخذ في غيبة المشتري ولا وكيل له، فلم لا تسقط شفعته بطول الزمان؟ قال: للعذر باستثقال اختلاف الناس للقضاة، وربما ترك المرء حقه إن لم يأخذه إلا بسلطان. ابن ميسر: إن كان الوكيل يهدم ويبني بحضرة الشفيع علمه سقطت شفعته بمضي ما تنقطع إليه الشفعة. محمد: إن أخذ بالشفعة من يد وكيل الغائب على الشراء فكتب العهدة إنما هو على

الغائب لا على الوكيل، ويدفع الثمن له إن وكله وهو يعلم أن له عليه شفيعاً وإلا فلمن يقدمه القاضي لقبضه، وإنما تكتب العهدة على الغائب إن أشهد الوكيل قبل شرائه أنه للغائب، ولو أقر بذلك بعد الشراء لم تزل العهدة عنه، فإن أقر الغائب بذلك بعد قدومه خير الشفيع في إبراء الوكيل من العهدة إن وقع استحقاق فلا شيء له قبله وله البقاء على عهدته عليه، فإن وقع استحقاق خير في الرجوع على أيهما شاء إن رجع على الوكيل رجع الوكيل بما غرم على الموكل بإقراره له. وفي الطرر وأظنه من أجوبة ابن رشد: إن لم يقم واحد من الشفعاء لمضي ما يسقطها سقطت لقريبهم وبعيدهم، ولا حجة له من أن القريب كان أحق لقدرته على الأخذ إن كان الأقرب غائباً، ووقفه إياه إن كان حاضراً على الأخذ أو الترك. قلت: هذا كالمنافي لما تقدم لمحمد في العذر باستثقال الناس الرفع إلى القضاة فتأمله. وفيها: الأخذ بشفعة الصبي لأبيه، فإن لم يكن له فلصيه، فإن لم يكن فللسلطان، فإن لم يكن فهو على شفعته إن بلغ، فإن لم يأخذ له أبوه ولم يترك حتى بلغ الصبي، وقد مضى له عشر سنين. قال: لم أسمع من مالك فيه شيئاً ولا أرى له شفعة؛ لأن أباه بمنزلته، والصبي لو كان بالغاً فترك الأخذ بشفعته عشر سنين سقطت شفعته فكذا مسألتك. قلت: انظر قوله في السؤال: ولم يترك أبوه، وفي الجواب: فترك الولد، يبطل قياسه لمنافاة الفرع الأصل في العلة إلا أن يفسر الترك المنفي في الفرع بالنص على الإسقاط والترك المثبت في الأصل بعدم النص على الأخذ لا بالنص على الترك. الصقلي عن محمد: مقدم القاضي في ذلك كالوصي. ابن سهل: قوله: لو كان بالغاً فتركها عشر سنين؛ يريد: أو ما تسقط به شفعة الحاضر السنة والأربعة الأشهر فأزيد. زاد ابن أبي زيد في مختصره: قال سحنون: وقيل: غير هذا وهو أحسن؛ يريد: في سكوت الأب، واختلف قول أشهب في سكوت الوصي، قاله في مقرب ابن أبي زمنين.

الصقلي: إن رفع شفيع الصبي الذي لا وصي له أمره للقاضي نظر له القاضي في الأخذ أو الترك، واستعان بمشورة ذي الرأي، ولا يؤخر المشتري إلى أن يقدم له رجلاً لما فيه من ضرره إلا أن يكون على ثقة من وجود ذلك معجلاً كاليومين والثلاثة، وقاله محمد عن أشهب. في طرر ابن عات: واختلف قول أشهب في سكوت الوصي مدة تنقطع فيها الشفعة، كذا في المقرب، وفي المدونة: سكوت الأب يسقطها. اللخمي: إن بان أن الأخذ له لم يكن نظراً لغلائه أو أنه قصد بالترك محاباة المشتري، فللصبي إذا رشد نقض ذلك. واختلف إن لم يأخذ له وكان الأخذ أحظى، فروى محمد: إن علم تضييع الوصي وإن تركه للآخذ غير حسن، ومضى للبيع خمس سنين سقطت شفعته فرأى الأخذ بها كابتداء شراء، وهو لا يجبر على ذلك، لو بذل رجل لصبي سلعة بثمن بخس فلم يأخذ له لم يضمن وصية؛ لأن تنميته ماله ليس بواجب. قلت: كذا وقع في غير نسخة واحدة من التبصرة. قال أولاً: اختلف ولم يذكر غير ما تقدم، ولابن فتوح: إسقاط الأب والوصي شفعة ابنه ويتيمه محمول على النظر، ولا قيام للصغير إذا بلغ إلا أن يثبت أن إسقاطها سوء نظر وأن الأخذ كان نظراً وغبطة، فيبقى على شفعته. وفيها: إن كان بلوغ الصبي قبل مضي ما يسقطها لم يكن خلافاً لنقل اللخمي، وإلا فظاهره أنه خلافه. وقال أبو إبراهيم إثر نقله قول ابن فتوح، وظاهر الكتاب سواء، قاله أبو عمران، وهو نص المجموعة بناء على أن الأخذ بالشفعة استحقاق أو شراء. وفيها: لا يأخذ الوصي بالشفعة لحمل. اللخمي: إن مضى بعض السنة ثم رشد ففي الموازية: له تمام السنة من يوم وجبت الشفعة، وإن لم يكن له وصي ولا ناظر فله ابتداء سنة في كونها من يوم ولى نفسه أو من يوم بلوغه والبكر من يوم بنائها قولان للموازية والواضحة، وهما على الخلاف في حد

ابتداء الحكم برشدهما. ولابن رشد في سماع يحيى قوله: من باع عقاراً له فيه شريك بحضرته ولم ينكر بيعه حتى بنى مشتريه فيه وغرسه لا شفعة له فيه صحيح؛ لأنه سكوته ذلك كبيعه معه، ولو أنكر البيع قبل تمامه كانت له الشفعة دون يمين، ولو أنكره بعد تمامه بمجلسه كان له بعد يمينه ما رضي ببيع حظه وبعد المجلس بقربه لا شفعة له، وله ثمن حظه وبعده بعام فأكثر له ثمن حظه، إلا أن يدعي شريكه أن كل المبيع كان صار له ببيع أو مقاسمة أو عطية ولو لم يحضر بيعه وعلمه بعد وقوعه، فإن أنكره فله حظه والشفعة له، فإن لم ينكره إلا بعد عام أو ثلاثة فله ثمن حظه ولا شفعة له، وإن لم ينكره إلا بعد عشرة أعوام لم يكن له ثمنه، إن ادعاه شريكه البائع لحوزه بالبيع وطول المدة، وفي السماع المذكور إن باع جزءاً معيناً وشريكه حاضر ساكت فلا شفعة له، ولو كان مبهماً ثلثاً أو ربعاً جاز البيع ولشريكه الشفعة. ابن رشد: يريد: أنه يأخذ قدر حظه مما باعه ويشفع فيما بقي، ووجه تفرقته بين المعين الشافع قبول عذره بقوله في الشائع: ظننت المبيع خاصاً بحظه، وقد قيل: وهو دليل عتقها الأول. قلت: يرد بأنه فيها مضافاً لمالكه وهو في هذه غير مضاف، وقوله: وهو دليل عتقها؛ يقتضي اختصاص الشريك البائع بالجزء لذي باعه إن لم يكن أكثر من حظه، وهو مناف لقوله أولاً: يأخذ الشريك الساكت من المبيع الشائع قد حظه. وقوله: إن باع أحد شريكين في شيء نصفاً منه وقع بيعه على حظه وحظ شريكه حتى يقول: نصفي على قوله في هذا السماع، وقولها في المرابحة فيمن ابتاع نصف سلعة وورث نصفها: لا يبيع نصفها مرابحة حتى يبين. قلت: يرد أخذه هذا من لفظها هذا بأن بيانه إنما هو لزيادته في الثمن لاستكمال ما ورث؛ لأن صورتها أنه ورث ثم ابتاع، وإنما يؤخذ ذلك من لفظها؛ لأنه إن لم يبين دخل في ذلك ما ورث وما ابتاع. قال: وعلى قول عتقها يختص بحظه حتى يقول نصف حظي ونصف حظ

شريكي، ويرد بما تقدم بأن قول عتقها إنما هو مضاف فتأمله. اللخمي: للمشتري وقف الشفيع على الأخذ أو الترك، فإن أبى جبره الحاكم على ذلك، وحكاه الصقلي عن محمد قال وقاله أشهب، وروى ابن عبد الحكم: يؤخره الحاكم اليومين والثلاثة يستشير وينظر. محمد: إن وقفه غير السلطان لم يزل ذلك بيده حتى يفقه السلطان. اللخمي: رواية ابن عبد الحكم أحسن أن وقفه بنفس شرائه؛ لأن الأول تربص وأمهل وإن كان قبل شرائه، وإن وقفه بعد أيام وهو عالم لم يهمل إلا اليوم أكثره. عبد الحق: ذكر علي بن عيد العزيز في المنتخب عن ابن عمر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((لا شفعة لغائب ولا لصغير ولا شريك عل شريكه إذا سبقه بالشراء والشفعة كحل العقال))، وذكره البراز، وحديث علي أتم، وهو ضعيف الإسناد، فيه السليماني وغيره، وتعقبه ابن القطان بقوله: أعله برجل وترك غيره، وسمع القرينان: من باع شقصاً في حائط فقال الشفيع: حتى أذهب فأنظر إلى شفعتي، وهي ليست معه في القرية ليس له ذلك، فراجعه السائل، فقال: إن كان الحائط على ساعة من نهار فذلك له وإلا فلا يخرج فيقيم أيضاً عشرة أيام. ابن رشد: هذا مثل ما في الموازية، وظاهر المدونة أنه لا يؤخر في الارتياء في الأخذ والترك مثل ما في هذا السماع من الأولى في المولي يوقف ولا يؤخر لينظر، وما في ثالث أنكحتها في المجوسين يسلم الزوج فيعرض عليها الإسلام أنه يفرق بينهما إن لم يسلم ولا تؤخر، ومثله المملكة يوقفها السلطان لا تؤخر. وقال ابن عبد الحكم: تؤخر اليومين والثلاثة، قاله قياساً على المرتد وحديث المصراة، ولا يبعد دخول هذا الخلاف في هذه المسائل كلها، والأصل في هذا المعنى قوله تعالى: (فَقَالَ تَمَتَّعُوا فِي دَارِكُمْ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ) [هود:65].

قلت: القول بالتأخير ذكره الصقلي واللخمي الباجي رواية لابن عبد الحكم، ولم يذكره ابن رشد إلا قوله له. اللخمي: واختلف إن كان الثمن مؤجلاً فقيل: كالأول، وقيل: لا يهمل. وفيها: إن أراد الأخذ بالشفعة ولم يحضره نقده أيتلوم له. قال: قال مالك: رأيت القضاة عندنا يؤخرونه في النقد اليومين والثلاثة، وأخذ به مالك، وفي لفظ الباجي: إن طلب أن يؤخر بالثمن ضرب له الإمام يومين أو ثلاثة، وإن لم يضرب له أجلاً فلا بأس. قلت: يريد: يؤخره دون تحديد لا أنه لا يؤخره. الباجي عن ابن الماجشون: يؤخر عشرة أيام ونحوها. أصبغ: بقدر قلة المال وكثرته، وعسره ويسره، وأقصاه شهر، لا أدري ما وراء ذلك. ولما ذكر اللخمي قول المدونة: قال وفي ثمانية أبي زيد: العشرة أيام ونحوها مما يقرب ولا يكون على المشتري فيه ضرر. اللخمي: الشهر كثير للموسر. الصقلي: لمحمد عن أشهب وهو في العتبية عن ابن القاسم: إن طلب التأخير فأخر، ثم بدا له ولم يقله المشتري لزم الشفيع الأخذ، فإن لم يكن له مال بيع ما أخذه بالشفعة وحظه الأول حتى يستوفي المشتري جميع حقه. قلت: ما في العتبية هو سماع يحيى. ابن رشد: إن وقفه الحاكم فقال: أخذت، وقال المشتري: سلمت، فأجل في الثمن فحل أجله وعجز عنه بيع عليه كل ماله في الثمن، ولا رد لواحد منهما في الأخذ والتسليم إلا بتراضيهما، وإن وقف فقال: أخذت، وسكت المشتري ولم يقل: سلمت، فأجله الحاكم في الثمن فلم يأت به إلى الأجل فللمشتري بيع مال الشفيع أو أخذ شقصه، وإن أراد الشفيع رد الشقص أو تماسكه به حتى يباع ما له في ثمنه لم يكن له في ذلك خيار، وهذا الوجه في "المدونة".

وإن قال الشفيع: أنا آخذ، ولم يقل: أخذت، فيؤجله الحاكم في الثمن فلم يأت به فقيل: يرد الشقص لمشتريه إلا أن يتفقا على إمضائه للشفيع وإتباعه بالثمن، وقيل: للمشتري إلزام الشفيع الأخذ بالشفعة، ويباع ماله في الثمن، وليس للشفيع رد الشقص، وهو قول ابن القاسم في هذا السماع وقول أشهب، والأول أبين. وتسليم الشفعة بعد الشراء لازم: فيها: إن سلم بعد الشراء على مال أخذه جاز، وإن قال للمبتاع قبل الشراء: اشتر فقد سلمت لك الشفعة وأشهد بذلك؛ فله القيام بعد الشراء؛ لأنه فيها إن سلم بعد الشراء على مال أخذه جاز، وإن قال للمبتاع قبل الشراء: اشتر فقد سلمت لك الشفعة وأشهد بذلك فله القيام بعد الشراء؛ لأن سلم ما لم يجب له بعد. اللخمي: ويتخرج لزوم تسليمه من قوله: إن اشتريت عبد فلان فهو حر، وإن تزوجت فلانة فهي طالق، وممن جعل لزوجته الخيار إن تزوج عليها فأسقطت ذلك الخيار قبل أن يتزوج عليها؛ أن ذلك لازم لها، وهو في الشفعة أبين؛ لأنه أدخل المشتري في عهدة الشراء لمكان الترك، فهو كهبة قارنت البيع، ولو قال له: اشتر الشقص والثمن علي، فاشتراه؛ لزمه غرم الثمن، وهذا قول مالك وابن القاسم. واختلف فيمن قال لزوجته: إن جئتني بما لي عليك فأنا أطلقت فجاءته به، فقال مرة: يلزمه الطلاق. وفي أجوبة ابن رشد: الفرق بين قوله: إن تزوجت فلانة فهي طالق، وإن اشترى فلان شقص كذا فقد أسقطت عنك الشفعة أن الطلاق حق له لا يملك المطلق رده إن وقع ولو رضيت المرأة برده فرده إذ ليس بحق لها؛ فلزم بعد النكاح كما ألزمه نفسه قبله، وإسقاط الشفعة إنما هو حق له لا لمن يصح له الرجوع فيه برضى المشتري؛ فلا يلزم إلا بعد وجوبه. ابن عبد السلام: هذا الفرق ليس بالقوي، ويظهر ببادئ الرأي صحة تخريج اللخمي، وكان مما استفدناه من قراءتنا على شيخنا أبي عبد الله بن الحباب- غفر الله

له- رد تخريج اللخمي، والفرق بين لزوم الطلاق والعتق في قوله: إن تزوجت فلانة فهي طالق، وإن اشتريت عبد فلان فهو حر؛ أن القضية الشرطية إنما يصدق تاليها بحكم الحاكم بها إذا استثنى من مقدمها وإلا لم يلزم من حكمه بها ثبوته، ولا كان الشرط هو المقدم الذي هو التزويج وشراء العبد في مسألتي الطلاق والعتق من فعل الحاكم بالقضية المذكورة؛ لأنه تزويجه وشراؤه كان ذلك كنصه على استثناء المقدم فلزمه ثبوت لازمه ضرورة وهو الطلاق والعتق، ولما كان المقدم وهو شراء الشقص المشفوع فيه في مسألة الشفعة ليس من فعل الملتزم المذكر ولم يكن مستثنياً مقدمها فلم يلزمه شراء تاليها ضرورة تدل استثنائه مقدمه. فإن قلت: هذا لا يرد تخريجه على قوله: اشتر شقص فلان وثمنه علي؛ لأن شراءه ليس من فعل المتلزم. قلت: يرد بأن التالي وهو إسقاط الشفعة في المسألة المخرجة لا يتصور ثبوته إلا معلقاً على شراء الشقص لامتناع تصر الشفعة ليس من فعل الملتزم المذكور، ولم يكن مستثنياً في الشقص دون شرائه الأجنبي فالتعليق فيه لازم فوجب اعتبار حكمه في عدم لزوم تاليه لمقدمه إلا باستثناء مقدمه، وبالتالي في مسألة التزام إعطاء ثمنه يصح ثبوته غير معلق؛ لأنه لو قال له: وهبتك ثمن هذا الشقص وذلك قبل شرائه ثم اشتراه لزمته الهبة لم يلزمه إسقاطه؛ لأنه التزام شيئاً يملكه، ولو قال له: أسقطت عنك شفعتي وذلك قبل شرائه ثم اشتراه لم يلزمه إسقاطه؛ لأنه التزام شيئاً لا يملكه. فإن قلت: ما رد به تخريج اللخمي على ما ذكر لا يرد تخريجه على قوله: إن ملكت عبد فلان فهو حر؛ لأن مقدمه وهو إرثه إياه ليس من فعله. قلت: المراد بفعله إياه مجرد إسناده له حساً أو حساً أو حكماً دون إسناده لغيره.

باب الأخذ بالشفعة

[باب الأخذ بالشفعة] لأن الملتزم شيئاً لا يمكنه الآخذ وهو مستحق الشفعة هو الشريك في الشقص المبيع بعضه حين بيعه غيره، فلا يدخل بائع بعض شقصه، وإن كان شريكاً حين البيع؛ لأن البيع ليس من غيره.

وقول ابن الحاجب: والشريك والمحبس إن كانت ترجع إليه، واقتصر ابن شاس على لفظ الشريك، وكالهما تبع الغزالي في وجيزه معبراً بلفظ: هو كل شريك، ولا يخفى على منصف إجماله؛ لأنه يدخل فيه ما نبهنا عل وجوب خروجه، وهو بائع بعض شقصه. وزيادة ابن الحاجب: والمحبس حشو؛ لاندراجه تحت عموم لفظ الشريك. ولابن رشد في سماع يحيى: إن كان الشفيع أو المشفوع عليه مسلماً والآخر كافرً فكمسلمين في الشفعة، وإن كان المسلم البائع فقط ففي كونها كذلك، وسقوطهما بردهما لأهل دينهما قولان للأسدية مع بعض روايات المدونة، ومقتضى قول أشهب في ثاني عتقها، وقول الغير فيه وهو ابن نافع مراعياً كون أحد الشريكين مسلماً، وأشهب في المجموعة مراعياً كون البائع أو المبتاع أو الشفيع مسلماً، وهذا السماع مع ابن القاسم في ثاني عتقها في عتق النصراني حظه من نصراني بينه وبين مسلم، ولو باع النصراني شقصه من نصراني بخمر أو خنزير وشفيعه مسلم، ففي شفعته بقيمة الشقص أو بقيمة الثمن قولا أشهب مع قول ابن الماجشون: لا قيمة له في استهلاكه مسلم فأحرى في دفعه النصراني اختياراً، وابن عبد الحكم مع قول ابن القاسم يغرم قيمته مستهلكه. وفيها: لمالك: إن حبس أحد الشريكين في دار حظه منها على رجل وولده وولد ولده فباع شريكه في الدار حظه، فليس لذي حبس ولا للمحبس عليه أخذه بالشفعة، إلا أن يأخذه المحبس فيجعله في مثل ما جعل للأول نصيبه الأول. ابن سهل: مثله سمع ابن القاسم، وقال ابن حبيب عن الأخوين وأصبغ: إن أراد المحبس عليه إلحاقه بالحبس فلهم أخذه بالشفعة؛ لأن المحبس هو الشريك. قالوا: وكذا إن أراد المحبس أخذه وإلحاقه بالحبس، قالوا: وإن كان مرجع الحبس إلى المحبس فله الأخذ بالشفعة. قلت: ما أشار إليه من سماع ابن القاسم هو قوله في رسم كتب عليه ذكر حق. ابن رشد: إن أراد المحبس عليهم أخذه بالشفعة لأنفسهم لم يكن لهم

ذلك، وإن أرادوا إلحاقها بالحبس فلهم ذلك، وعلى قياس هذا لو أراد أجنبي الأخذ بالشفعة للحبس كان ذلك له، ولم يحك خلافاً في أخذه لإلحاقه بالحبس. وقال اللخمي: قيل: لا شفعة للمحبس وإن أراد جعله في مثل الأول، وهو أقيس؛ لأنه لا أصل له، وإذا كان قد سقط ملكه بالتحبيس وكانت الشفعة ساقطة لم يكن له أن يتطوع بإخراج ثمن ملك من لم يكن عليه حق في الانتزاع، وهو كمن أعتق شركاً في عبد وهو معسر، وأراد آخر أن يتطوع في دفع قيمته ليكمل عتقه ولم يأمره المعتق بذلك فإنه لا يقبل منه. قلت: قوله: وإذا كان ملكه قد سقط بالتحبيس كالنص على سقوط ملك المحبس عما حبسه بتحبيسه إياه، ويأتي في المحبس بيان أنه ليس كذلك، وأن ملكة باق بدليل غلة زكاة الحبس على ملك المحبس، واغتفار النصاب في غلته بضم بعضه لبعض، وكذا في الماشية. قال: ولو كان الحبس على معينين فعلى قول مالك أنه لا يرجع بعد انقراضهم إلى المحبس. يعود الجواب لما تقدم على رجوعه ملكاً له تكون له الشفعة ولو لم يلحقه بالحبس، ومثله قال ابن رشد. ابن سهل: قال ابن زرب: أفتى بعض الفقهاء وأظنه الحجازي: بأن للنظار في بيت المال إذا وقعت حصة في بيت المال من ملك في المواريث أن يأخذ بالشفعة وهو خطأ، ولا تجب له شفعة؛ لأنه ليس يتجر للمسلمين إنما هو يجمع لهم ما يجب لهم. فسئل ابن رشد عن ذلك وقيل له: قد قال سحنون في المرتد: يقتل وقد وجبت له الشفعة أن السلطان يأخذ بها إن شاء لبيت المال، وهذا كالنص على الشفعة لبيت المال لها أن يفرق بين المسألتين، فأجاب بأن قول ابن زرب ليس بخلاف لقول سحنون؛ لأنه قال ذلك للسلطان؛ لأن له ذلك، ومنعه ابن زرب لصاحب المواريث؛ لأنه لم يجعل له ذلك، فلو جعل له السلطان ذلك كان له.

قلت: ظاهر مسألة سحنون أن الموروث فيها الشفعة نفيها، وظاهر مسألة ابن زرب أن الموروث فيها إنما هو الشقص الذي تجب الشفعة به فتأمله. الشيخ: في الموازية وهو لعبد الملك في المجموعة: إن باع الوصي شقصاً لأحد الأيتام فله الأخذ بالشفعة لباقيهم ولا يدخل فيه من بيع عليه، ولا حجة على الوصي بأنه بائع؛ لأنه باع على غيره. محمد: ولو كان له معهم شقص لدخل في تلك الشفعة أحب إلي، وينظر فإن كان خيراً لليتيم أمضاه، وإلا رد لتهمته أن يغتر وبالبيع رخصاً لأخذه بالشفعة. وقال ابن الماجشون في المجموعة: إن كان بيعه على اليتيم سداداً فلا شفعة له لنفسه لتهمته، فإن استشفع تعقب، فإن كان سداداً لليتيم أمضى وإلا رد وفسخ بيع المشتري. وفيها: إن اشترى عامل القراض شقصاً مما هو، أو رب المال شريك فيه؛ فله ألرب المال الشفعة فيه. اللخمي: وقيل: لا شفعة للعامل، وهو أبين إن كان عالماً بالشفعة لإقراره أنه قصد بالشراء الربح، والشفعة إنما هي في رأس المال، وذلك مناف لما أقر أنه قصده، وإن كان ممن يجهل حكم الشفعة، ثم علمه بعد الشراء حلف وكانت له الشفعة، وسمع القرينان: من باع حظه وشريكه مفلس، فقال له رجل: اشفع وأربحك فأخذ وأربحه إن علم ذلك ببينة لا بإقرار الشفيع، رد الشقص لمبتاعه. في أحكام ابن سهل: إن أراد الأخذ لنفسه بعد فسخ أخذه لغيره لم يكن له ذلك؛ لأنه بأخذها لغيه أسقطها لنفسه. ابن رشد: أجازوا للمدين أخذ الشفعة لتباع للغرماء، وفيه نظر لأخذه للبيع، واستحسن أشهب أن ليس له ذلك. قلت: مثله فال الباجي. ابن الحاجب: ويملك بتسليم الثمن أو بالإشهاد أو بالقضاء، ويلزم إن علم الثمن وإلا فلا.

باب الموجب لاستحقاق الشفيع الأخذ بالشفعة

ابن عبد السلام: يعني أن الشفعة يملكها الشفيع بأحد هذه الوجوه الثلاثة، ويعني بالإشهاد أنه بحضرة المشتري وإلا فلا معنى له، وما تقدم من قول محمد والعتبية على قوله في إمهاله ثلاثة أيام قولان: يصح أن يفسر به هذا الموضع، ثم ذكر ما نقلناه من كلام ابن رشد على قوله: في الإمهال. قلت: لا أعلم هذا المعنى لأحد من أهل المذهب إلا لابن شاس، ولفظه: ويملك الأخذ بتسليم الثمن، وإن لم يرض المشتري، ويقضي القاضي له بالشفعة عند الطلب ولمجرد الإشهاد فيما يملك بشهادة على الأخذ، وبقوله: أحذت وتملكت، ثم يلزمه إن كان علم بمقدار الثمن، وإن لم يكن علم لم يلزمه. قلت: وهذا تبع فيه الغزالي في وجيزه على عادته في إضافته كلام الغزالي للمذهب لظنه موافقته إياه، وهذا دون بيان لا ينبغي حسبما نبهنا عليه غير مرة، وظاهر كلامهم أن المملوك بأحد هذه الوجوه هو نفس الأخذ بالشفعة لا نفس الشقص المشفوع فيه، وروايات المذهب واضحة بخلافه. [باب الموجب لاستحقاق الشفيع الأخذ بالشفعة] وإن ملك الآخذ نفسه إنما هو ثبوت ملك الشفيع لشقص شائع من كل من ربع واشترى غيره شقصاً آخر منه، فهذا هو الموجب لاستحقاقه الأخذ؛ ولذا يكلفه

القاضي إذا طلبه بالحكم له بالأخذ على غريمه بإثبات ذلك.

قال ابن فتوح والمتيطي وغيره: إذا طلب الشفيع المبتاع بالشفعة عند الحاكم لم يقض له حتى يثبت عنده البيع والشركة ويقر المبتاع بالابتياع على الإشاعة ولا يحكم بإقرار المشتري والشفيع حتى يثبت عنده البيع، وأما ملك الشقص المشفوع فيه فلا أعلم فيه نصًا جليًا إلا ما تقدم من لفظ المدونة، ونزلت عندنا هذه المسألة عام خمسين وسبعمائة في شفيع أخذ بشفعته في دار يملك باقيها بشهادة عدلين دون أن يقف المشتري ويشهد عليه بذلك، ثم إن الشفيع باع جميع الدار فقام المشتري يخاصم في الدار المذكورة لبيعها دون إشهاد الشفيع عليه بالأخذ، ولم يأت بشيء لو أتى به قبل البيع قدح في الشفعة عليه فوقف القاضي في إمضاء البيع، وفسخه وشاور في ذلك شيخنا أبا عبد الله السطي فلم يذكروا في ذلك شيئًا غير كلام ابن الحاجب وما أشار إليه ابن عبد السلام من كلام ابن رُشْد عليه، وكنت أنا وبعض فقهاء الوقت وهو الفقيه أبو عبد الله بن خليل السكوني فعتبنا القاضي في الشهادة في البيع، وكانت شهادتي فيها عاطفًا عليه لاعتقادي فقهه وكونه من خواص القاضي المذكور. فاحتججت على القاضي بنص المدونة: الأول: قوله في كتاب الخيار: إذا اختار من له الخيار من المتبايعين وصاحبه غائب وأشهد على ذلك، جاز على الغائب والشفيع بمنزلة من الخيار على المشتري، فهذا يدل على صحة أخذه في غيبة المشتري. الثاني: قوله في كتاب الشفعة: ولا يجوز بيع الشفيع الشقص قبل أخذه بالشفعة. قُلتُ: فمفهوم قوله: قبل أخذه أنه يجوز بعد أخذه، والعمل بمفهومات المدونة هو المعهود من طريقة ابن رشد وغيره من الشيوخ، وإن كان ابن بشير يذكر في ذلك خلافًا، فعمل الأشياخ الأجلة إنما هو على الأول، وانفصل الخصمان بعد طول ومرافعة لأهل الأمر على صلح وقع بينهما. وشرط لزوم أخذ الشفيع إياه علمه بالثمن: فيها: إن قال بعد الشراء: اشهدوا أني أخذت بشفعتى، ثم رجع، فإن علم الثمن قبل أخذه لزمه، وإن لم يعلم به فله أن يرجع. اللخمي: قوله: أن يرجع ظاهره أن له الأخذ قبل معرفته بالثمن، وفي "الموازية": أنه

فاسد، ويجبر على رده. الصقلي لمحمد عن أشهب: إن لم يعلم بالثمن إلا بعد أخذه لم يجز وفسخ على ما أحبا أو كرها ثم يكون له الشفعة بعد الفسخ، وإذا تعدد الشفعاء واختلف قدر أنصبائهم ففي كونها على قدرها أو على قدر رؤوسهم طرق. الباجي وأبو عمر: على أنصبائهم، وهو نصها ونص الموطأ. ابن رشد في رسم الأقضية من سماع يحيى رواية ابن القاسم عن علي رضى الله عنه: لا أعلم في المذهب في خلافًا. اللخمي: على قول ابن الماجشون: يقوم باقي عبد أعتق شريكان فيه بالنصف والسدس حظيهما عليهما بالسواء وتكون الشفعة كذلك، وهذا إن كانت فيما ينقسم، وإن كانت في غيره كانت على الرؤوس. عياض: وخرجه بعضهم من قولها: اجر القسام على الرؤوس، وحكاه ابن الجهم عن بعض أصحابنا نصًا، وإن أسقط بعضهم حظه فيها أو غاب ففيها مع غيرها الباقي كمنفرد ليس له الاقتصار على واجبه مع أخذ غيره أو حضوره، ولا عليه ذلك. اللخمي عن ابن حبيب: لو أراد من أسقط حقه في ذلك هبتها لوجه المشتري لم يستشفع إلا بنصيبه، وغن تركه كراهية لأخذه أخذ هذا جميع النصيب. وفي مختصر الوقار: ليس لمن لم يجز إلا مصابته خاصة، وهو أقيس؛ لأن الذي كان له من الشفعة نصفها والفاضل لغيره، فإذا أسقط الآخر حقه فيه كان لمن ترك له. قُلتُ: كذا وقع في غير نسخه من التبصرة، وحاصله أن نصيب التارك للمشتري لا للباقي من الشفعاء مطلقًا، وأن ابن حبيب خص ذلك بكون الترك لوجه المشتري، وظاهر المدونة والعتبية أنه لمن بقي مطلقًا، فتكون الأقوال ثلاثة. وفي أول كتاب الشفعة سمع ابن القاسم: إن سلم بعض الشركاء الشفعة بعد بيع بعض الشركاء حظه، فلمن أبى أن يأخذ جميع المبيع نصيبه ونصيب من سلم. ابن رشد: إن سلم أحد الشفعاء بعد وجوب الشفعة ولم يقل: لك ولا له على وجه تركها وكراهة الأخذ بها، فلمن بقي أخذ حظه وحظ من سلم من شركائه.

قُلتُ: هذا خلاف ما تقدم للخمي عن مختصر الوقار فتأمله. قال ابن رشد: وإن قال للمشتري أو لمن سأله ذلك: سلمت لك شفعتي، فقال أصبغ: إن سلمه على وجه الهبة والعطية للمشتري اختص المشتري بسهام الذي سلم له، وعلى هذا يكون البيع بنزول المشتري منزلة الشفيع البائع الشفعة فلا يكون لمن سواه من الشفعاء شفعة، إلا أن يكون بمنزلته فيكون لهم منها بقدر حظوظهم، وعلى هذا تأول ابن لبابة رواية ابن القاسم: لا يجوز أن يبيع الرجل شفعة وجبت له ولا يهبها، فقال: معناه من غير المبتاع. واحتج لتأويله برواياتن كتاب الدعوى: يجوز أن يبيع شفعته من المبتاع بعد وجوب صفقته قبل أن يستشفع، ولا يجوز له بيع ذلك من غيره، وحكى مثله من رواية أشهب أنه لا يجوز له بيعها من غير المبتاع قبل أن يأخذ بشفعته، واختار من رأيه عدم بيعها وهبتها لا من مبتاع ولا من غيره، وهو الصواب، وما جلبت من الروايات ليست بجلية لاحتمال حملها على أخذ العوض من المبتاع على تسليم الشفعة له بما يجوز بعد وجوب الصفقة، وسماه بيعًا لما فيه من معنى البيع، وقول أصبغ شاذ بعيد. وحكى ابن لبابة أنه رأى ابن الحباب عقد لنفسه وثيقة شراء نصيب من رجل من مال، وما وجب له من الاستشفاع في حظ كان بيع من ذلك المال قبل ذلك، فلما تمت الوثيقة قال لي: هذا من غرائب التنبيهاتا التي لا يعرفها والله غيرنا يريدني ونفسه، فالحاصل أنه لا يجوز للشفيع هبة ما وجب له من الاستشفاع لغير المبتاع ولا بيعه منه، واختلف فيهما للمبتاع على قولين: أحدهما: جوازهما، فيختص المشتري بذلك، فلا يكون لغير البائع أو الواهب من الشفعاء عليه شفعة إلا أن يكونوا بمنزلته فيكون لهم بقدر حظوظهم، والثاني: أنه لا يجوز فيفسخ البيع والهبة ويكون الشفيع على شفعته وبيع الشفيع حظه الذي يجب له بالشفعة قبل أخذه بها فلا يجوز اتفاقًا، وكذا هبته لا تلزم. وتسليم الشفعة بمال بعد وجوبها له جائز اتفاقًا: وفي نوازل ابن رشد: إن صالح مشتري شقص أحد شفعائه لغيبة بقيتهم، ثم

قدموا فأخذوا بالشفعة فلا رجوع له على من صالحه، أما على القول باختصاصه بحظ من صالحه فواضح، وكذا على أخذهم حظه؛ لانتفاعه بقلة الشركاء معه، وهو الفرق بين هذه وسماع يحيى ابن القاسم فيمن قتل رجلين عمدًا فصالح أولياء أحدهما على الذية، ثم قام أولياء الآخر فقتلوه؛ أن ورثة القاتل يرجعون بالدية على المصالح لعدم انتفاعهم بالصلح، إذ فائدته حياة وليهم وقد قتل. قُلتُ: الأظهر في مسألة الشفعة رجوع المشتري على الشفيع المصالح بمناب اختصاصه بحظ الشفيع المصالح، من انتفاعه بقلة الشركاء بما أخذه الشفيع المصالح، كمن صالح على أمرين استحق منه أحدهما. وتعدد الصفقات يوجب انفراد كل صفقة بحكمها حسبما يأتي إن شاء الله تعالى وإن اتحدت، والبائع والمشتري والشقص فواضح، وتعدد الأشقاص فقط كاتحادها، وإن تعدد البائع فقط في مشترك بينهم. اللخمي: كبيع رجلين حظيهما من دارين أو دار وبستان بينهما فكاتحادهما. قُلتُ: ولأبي عمر عن ابن القاسم: في ثلاثة شركاء في أرض باع اثنان منهم حظيهما صفقة واحدة ليست للثالث إلا أن يشفع في الجميع أو يدع، وقال أشهب: يأخذ من أيهما شاء. قُلتُ: وهذا يوهم أن ذلك والمشتري واحد، ولكن آخر قوله: من أيهما شاء يدل على تعدد المشتري فيكون ذلك موافقًا لنقل الجماعة. اللخمي: ولو كان في غير مشترك بينهما كبيع أحدهم حظه في دار وبيع آخر حظه في بستان لا شركة بينهما فيهما، فقال ابن القاسم: كذلك، وعلى تعدد صفقتهم بتعددهم، وهو القول بأن العقد لو كان بالنسبة لأحدهم حلالًا، وبالنسبة للآخر حرامًا صح الحلال وفسخ الحرام، يكون للشفيع أخذ حظ أحدهم دون الآخر. الشيخ: قال ابن القاسم وأشهب: من ابتاع حظًا من دار من رجل وحظًا من حائط من آخر صفقة واحدة وشفيعهما واحد فليس له إلا أخذ الجميع. ابن عبدوس: وقاله عبد الملك.

باب الشريك الأخص والأعم

محمد: بيعهما هذا يرد ما لم يفت بحوالة سوق أو بيع أو أخذ بالشفعة. أشهب: وكذا إن كان الشفعاء جماعة، فإن أخذوا الجميع على أن لأحدهم النخل، وللآخر الدور فلا قول للمشتري في ذلك، ولو تعدد المشتري واتحدت الصفقة، ففي كونه كاتحاد المشتري وجواز اخذ الشفيع من أحدهما دون الآخر نقل غير واحد عن ابن القاسم وسحنون مع محمد. الصقلي: وقاله ابن القاسم ثم رجع عنه واختار الأول. اللخمي والتونسي: ونقل الشيخ عن محمد أنه أحب إليه. وفيها: من ابتاع شقصًا من دارين صفقة واحدة وشفيع كل دار على حدة فسلم أحدهما فللآخر أن يأخذ شفعته في التي هو شفيعها دون الآخر، ونحوها في النوادر عن الموازية: لكل واحد أخذ ما هو شفيع فيه بعد فض الثمنين على الشقصين، فإن أخذ قبل معرفة ذلك فأخذه باطل، ثم له أخذه بعد العلم. [باب الشريك الأخص والأعم] ... إطلاق مسمى الشريك الأخص والأعم، فالأول من شارك شريكه في جزء يخصهما من كل فيه شريك غيرهما، والأعم من شارك شريكه في كل جزء مشترك فيه، فيصدق الأعم على شريك في كل غير جزء كأحد بني من مات عن دار وترك

ثلاث زوجات وبنين من غيرهن، وعلى شريك في جزء هو كل جزء منه، كإحدى الزوجات من المسألة وقد ماتت ثانية عن زوج وأختين، فالمراتب ثلاث: عال وسافل ومتوسط، ورابعها: والمنفرد كالأجناس، فالعالي كأحد البنين في المسألة، والمتوسط كإحدى الزوجات، والسافل كإحدى الأختين، والمنفرد كزوج من ماتت عنه وعن أختها فالأخص أشفع من الأعم فيها الأخ أشفع من العم فيما باعه أخوه من حظ أبيهما من دار جدهما. اللخمي: قال ابن القصار: اختلفت الرواية عن مالك فقال: الأخ أولى بما باعه أخوه من العم، وقال أيضًا: كل من له ملك في ذلك الشيء فله حقه من الشفعة فيما يبيعه أحد الشركاء. قال: وهو القياس، وسوى بين الورثة والشركاء، فإن كانت الدور تنقسم اتساعًا، فالجواب على ما رواه ابن القاسم، وإن لم تنقسم ولا أثلاثًا فالشريك بإرث أو شراء سواء، وإن اقتسمت أثلاثًا لا اتساعًا فباع أحد ألأعمام فالشفعة لجميعهم، وإن باع أحد بني الإخوة فعلى قول مالك: الشفعة فيما لا ينقسم يتشافعون دون أعمامهم، وعلى قوله: لا شفعة فيه، فهي للأعمام د\ون بني الإخوة، ولو كانت الدار فيها شرك بغير وراثة، ووراثة بعد وراثة فعلى قولها أهل الوراثة السفلى أحق فيما باعه بعضهم، فإن سلموا فأهل الوراثة الأولى، فإن سلموا كانت للشركاء، وإن باع أحد الشركاء فالشفعة لجميعهم لبقية الشركاء وأهل الوراثتين، وعلى الرواية الأخرى: الشفعة بين الشركاء وأهل الوراثتين في بيع كان من أحدهم، ولو كانت دار بين ثلاثة باع أحدهم حظه من ثلاثة، ثم باع أحد، ثم باع أحد هؤلاء حظه من الثلث فقال ابن القاسم: الشفعة لجميعهم، وقال أشهب: لبقية أصحاب الثلث، ورأى الشركة بإرث وغيره سواء، وهو أبين. وفيها أهل الفرض الواحد أشفع من سائر الورثة كالبنات والزوجات أو الجدات. وفي كون العصبة أشفع فيما بينهم من ذوي الفروض، ودخول ذوي الفروض

عليهم روايتان. وفي كون الموصى لهم أشفع قولان، ولو كانت أخت شقيقة وأخوات لأب فباعت إحداهن، ففي كون الشفعة لجميعهن أو لبقية الأخوات للأب قولا ابن القاسم وأشهب. اللخمي: وهو أحسن. الشيخ: روى محمد: من أوصى له بثلث دار فهو شفيع مع الورثة فيما باع بعضهم. محمد: لأنه رجل واحد. الشيخ: كذا في الأم، فإن أوصى أحد ولد الميت بحظه لرجل ثم باع واحد من بقية الولد، فإن من أوصى له الولد يدخل في ذلك مع بقية الإخوة، ولم يختلفوا في هذه فليس كالذي أوصى لهم أبوهم الذي ورثوا الدار عنه؛ لكنه كمبتاع من أحد البنين فيحمل محمل بائعه، ولابن رشد في رسم الأقضية من سماع يحيى: أهل السهم الواحد كالزوجات والجدات والإخوة للأم يتشافعون بينهم لا يدخل عليهم غيرهم من الورثة، ويدخلون هم عليهم هو قول مالك وأصحابه إلا ابن دينار، واختلف في العصبة والموصى لهم بجزء والمشترين لهم للسهم أهل سهم كاشتراء جماعة ثمن الزوجات، والمشترين لحظ واحد من الورثة فقول أشهب واحد: قولي مالك: أن كل طائفة منهم أهل سهم واحد يتشافعون بينهم دون سائر الورثة. وقال ابن القاسم: ليسوا كذلك فيدخل الورثة كلهم عليهم، واختلف في الأخوات للأب مع الشقيقة، فقال ابن القاسم: كلهن أهل سهم واحد، وقال أشهب: الأخوات للأب مع الشقيقة أهل سهم واحد في السدس. اللخمي: في المجموعة: إن باع الحاكم أرض ميت في دين عليه مزايدة فقال أحد ورثته: بعد البيع أؤدي من الدين قدر ما علي، وآخذ حظ شركائي بالشفعة فله ذلك إن كان في بقية ما يباع منها تمام الدين، وقاله ابن كنانة. وفي كتب المدنيين: إن كان في ثمن الباقي وفاء بالدين قال: ولو قال بقية الورثة: يباع جميعه؛ لأن فيه فضلا لنا؛ لم يكن لهم ذلك، وإن لم يف الباقي بالدين بيع جميعه؛

باب المشفوع عليه

لأنه أثمن لهم، وقاله ابن القاسم، وقال عيسى: هذا أحب إلي فلم يراع نقص الثمن بين الورثة إذا أوفى بالدين، وهذا أصل في كل شريكين فيما لا ينقسم دعا أحدهم لبيع أنه يبيع حظه فقط، ولو كان بيع الجملة أثمن، وقاله ابن القاسم في كتاب القسم في المدونة فيما لا يحمل القسم أنه يقسم، وإن كان البخس في الثمن إذ يؤدي إلى فساد المقسوم، وفساده أعظم مضرة من نقص الثمن في بيع أحدهما حظه بانفراده. [باب المشفوع عليه] المشفوع عليه: من ملك بعوض مشاعًا من ربع باقيه لغير بائعه.

الشيخ: لابن حبيب عن مطرف: من تصدق بنصف دار شائعًا وباع باقيها من آخر نسقًا فالشفعة للمتصدق عليه إن قدمه في لفظه، وإلا فلا إن كان ذلك إنشاء، وإن كان خبرًا كقوله: كنت تصدقت على فلان وبعت من فلان، ففي كونه كذلك ولغو الشفعة

مطلقا قولًا أصبغ ومطرف. اللخمي: من أوصى أن يباع حظه من داره من رجل بعينه، والثلث يحمله لم يكن للورثة فيه شفعة؛ لأن قصد الميت ملكه له فالشفعة رد لوصيته، وجعل سحنون الجواب إن أوصى ببيع حظه ليصرف ثمنه للمساكين، كذلك لا شفعة للورثة فيه. قال: إذا كان الميت باعه والقياس أن لهم الشفعة لتأخير الميت البيع لبعد الموت لوقت لم يقع البيع إلا بعد ثبوت الشركة، وذكر الباجي قول سحنون، وقال الأظهر عندي: ثبوت الشفعة؛ وبلغني عن محمد بن الهندي؛ وهو الأصح لدخول الضرر على الورثة. المتيطي: فإن باع الورثة حظوظهم قبل بيع الوصي للثلث، فلا شفعة للثلث. اللخمي: ولو أوصى أن يباع من رجل بعينه والشريك حي كانت فيه الشفعة. والمعروف لا شفعة فيما حدث ملكه بهبة لا ثواب فيها ولا في صدقة. الجلاب: من وهب سهمًا من دار أو أرض مشتركة ففيها روايتان، إحداهما فيه الشفعة بقيمته. اللخمي: رواية إسقاطها أصوب. ابن عات: عن الأبهري: رواية الشفعة فيها بالقيمة؛ لأنه نقل ملكه لغيره اختيارًا كالبيع ولم يشبه الميراث؛ لأنه نقله على غير اختيار. قُلتُ: وهذا يدل على نفيها في الميراث اتفاقًا وهو ظاهر نقل غير واحد. وفي المعلم للمازري: حكى الطائي عن مالك الشفعة في الميراث، وهو شاذ لم يسمع إلا منه فيما أعلم. وفيها مع غيرها: لا شفعة في بيع الخيار إلا بعد بته. الشيخ: عن الموازية: لو سلم الشفيع شفعته قبل تمام الخيار لم تبطل شفعته، وله القيام إذا تم البيع، فلو بت بعد بيع بت بعده ففي كون الشفعة للمبتاع البتل على مبتاعه، وعكسه قولان لأشهب وابن القاسم فيها مع غيرها بناءً على أن بته مثبته يوم بت أو كاشف بته يوم عقد، وعليها مع الخلاف في كون بيع ما به الشفعة يسقطها أو لا

في مستحقها؟ قال اللخمي: أربعة، لمبتاع البتل على مبتاع الخيار، ولبائع البتل عليه، ولمبتاع الخيار على مبتاع البتل، ولبائع الخيار عليه. الباجي: لمحمد عن أصبغ عن ابن القاسم وابن حبيب عن مطرف لمن صار له شقص بيع الخيار بالشفعة في بيع البتل صار لبائع أو مبتاع، ابن زرقون: هذا كقولها والبرقي وابن عبد الحكم وابن الماجشون وأشهب. الباجي: وقال محمد وأصبغ: هي للبائع بالخيار في بيع البتل ثم بيع الخيار أورد، وقال أشهب: هي لمبتاع البتل فيما بيع بخيار. ابن زرقون: هذا كقول سَحنون، فالحاصل ثلاثة أقوال: هي للبائع بخيار بكل حال، الثاني: لمشتري البتل إن نفد بيع الخيار، الثالث: لمن صار له الشقص من بيع الخيار في بيع البتل. قال ابن الحاجب: فلو باع نصفين لاثنين خيارًا أو بتلًا، ثم أمضى ففي تعيين الشفيع قولان، بناءً على أن البيع من العقد أو من الإمضاء، وعليه وعلى الخلاف في بيع المستشفع بها إذا باع حصته بالخيار، ثم باع شريكه الآخر بتلًا ثم أمضى، فجاءت أربعة: ماض أولًا، ويشفع بالشفعة لبائع البتل، مقابله لمشتري البتل، الثالث: لمشتري الخيار، الرابع: لبائع الخيار. ابن عبد السلام: معنى قوله: مقابله لمشتري البتل؛ أي: مقابل القول الأول في الأصلين الذين بنى عليهما القول الأول أن لا يعد ماضيًا إلا حين الإمضاء، ومن باع شقصه الذي يستشفع به بعد بيع شريكه سقط حقه في الشفعة فيلزم عليه أن تكون الشفعة لمشتري البتل، وكلام المؤلف هنا صحيح إلا أنه زاد في الأصل الذي بنى عليه هذا القول زيادة مستغنى عنها، وهو أنه فرض إن بيع الحصة المستشفع بها لا يضر في طلب الشفعة، وهذا لا يحتاج إليه في هذا القول الثاني، وإنما يحتاج لكون بيع الخيار منحلا فتأمله. قُلتُ: ما نقله عنه من الزيادة المذكورة لم أجدها في نسخة من نسخ ابن الحاجب،

ومعناها مناف للقول الذي زعم أنه بناه عليها، وقوله: إنما يحتاج لكون بيع الخيار منحلًا، ظاهر إتيانه بلفظ إنما أن القول الثاني لا يفتقر في ثبوته إلا لكون بيع الخيار منحلًا، ومعلوم بالبديهة لمن فهم أصل المسألة أنه لا يتقرر إلا بأمرين، كون بيع الخيار منحلًا وأن ثبوته إنما هو يوم بت، وكون بيع الشقص المستشفع به يسقط الشفعة فتأمل هذا منصفًا. ومن ملك عدة مراجع مبهمة من أرض بهبة ففي لغو شفعته فيما بيع منها بعد هبته قبل معرفة قدرها بقيسها. نقل ابن رشد سماع أشهب فتوى مالك وقوله: مخطئا لها، ولو ملك ذلك بشراء فقولان لفتوى ابن رشد مع نقله فتوى ابن عتاب، ورجوع بعض قضاة وقته عن ثبوتها للغوها. وفي كون لغوها لعدم تمام ملكه ما به الشفعة قبل الحكم بشركته بقيس الأرض أو لفساد البيع. قولا ابن رشد محتجًا: بأن لا شفعة إلا بما ضمنه قبل بيع ما يشفع فيه، وقال: لو هلك جزء من الأرض قبل قيسها كان من بائعها إجماعًا وبعض قضاة وقته محتجًا بجهل قدر المبيع قبل قيس الأرض مع علماء بعض عصره محتجًا بجهل صفته إن اختلفت الأرض اتفاقًا، وعلى قول الغير وإن استوت؛ لأن في الدور منها من اكترى مائة ذراع من أرض معينة جاز إن تساوت، ولا يجوز إن اختلفت حتى يسمي موضعًا منها. وقال غيره: لا يجوز ولو تساوت حتى يسمي موضعًا منها، فمنع الغير ولو تساوت؛ لأن الواجب قيمتها فهو اكتراء لما يخرجه القسم، فخطأ ابن رشد الأول بمنع جهله؛ لأن عشرة مراجع من أرض مجهول قدرها معلوم؛ لأنها عشرها إن كانت مائة، وخمسها إن كانت خمسين، والثاني: بأن معنى مسألة الدور أن المكتري يختار ذلك منها والأغراض تختلف في الجهات، ولو كان لا على الاختيار جاز إجماعًا. قُلتُ: الأظهر ثبوتها، ويرد قول ابن رشد وما أشار إليه من الإجماع بقولها: من ابتاع شقصًا بخيار له شفيع فباع الشفيع شقصه قبل تمام الخيار بيع بتل، فإن تم بيع

الخيار، فالشفعة لمبتاعه، وإن رد فهي لبائعه. قُلتُ: فجعل له الشفعة بشقص غير مضمون؛ لأن المبيع على خيار ضمانه من بائعه فتأمله، ولأشهب: من ابتاع شقصًا فرده بعيب أو أراد رده فطلب شفيعه أخذه بعيبه فلا شفعة له، وقال سحنون فيه وفي استحقاق أكثره، وقال سحنون: إن أفلس مشتري الشقص فرجع إلى بائعه ففيه الشفعة؛ لأنه بيع جديد. وسمع يحيى ابن القاسم: من اشترى دارًا بعبد أو عرض فاستحق نصف الدار، فردها المشتري على البائع فلمستحق النصف أخذ النصف الباقي بالشفعة. ابن رشد: قوله: له الشفعة فيه، وإن كان لم يقم فيه إلا بعد رده على البائع هو على أن الرد بالعيب ابتداء بيع، وعلى أنه نقض لا شفعة فيه، وعلى الشفعة هو مخير في كتب العهدة على من شاء منهما كمن اشترى شقصًا ثم باعه من بائعه، ولو قال المشتري: أرد النصف الباقي وآخذ عبدي، وقال المستحق: آخذ بالشفعة، فالقول قوله على قياس هذا القول، وهو نصها، وتعقبه سحنون، وقال: لا نقول به؛ لأنا لا نعرف من قوله خلافه، وقوله: على أن الرد بالعيب نقض؛ لأنه إذا كان من حقه نقضه وجب أن يبدأ على الشفيع إذا أراد الرد. وفي حواشي بعض الكتب على مسألة المدونة قال سحنون: لا شفعة للشفيع؛ لأن البيع لم يتم، ولا يستقيم كتب قول سحنون هذا على مسألة المدونة: لأنه ما تكلم فيها إلا على أن الشفيع قام يطلب بالشفعة قبل الرد وأراد أن يمنعه من الرد، وإنما يحسن كتب قول سحنون هذا على مسألة سماع يحيى هذه؛ لأنه رأى الرد فيها بالعيب نقضًا للبيع فأبطل الشفعة، وهو القياس. ابن حارث: من استحق منه نصف أرض ابتاعها فتمسك بباقيها فللمستحق الشفعة فيه اتفاقًا. واختلف فيمن يبدأ بالتخيير فقال ابن القاسم: يبدأ المستحق، فإن أراد الشفعة فلا قول للمشتري، وقال أشهب: يبدأ المشتري إن رد فلا شفعة، وقاله سحنون. وفيها مع غيرها ثبوتها فيما تزوج به أو خولع به أو صولح به من عمد أو خطأ

وثبوتها لمستحق شقص من يد مبتاع كله بملك قبل ابتياعه على مبتاعه. وقال أبو عمر: الخلاف قديم في المستحق هل له أن يستشفع بالشقص الذي استحق من أثبتها له، قال: ظهر لنا تقدم ملكه، ومن نفاها قال: إنما ملك يوم استحق؛ لأنه لأخذ الغلة من المشتري ولا من البائع الجاحد له. الباجي: سمع يحيى ابن القاسم: لو رد المبتاع ما بقي من الدار للبائع لاستحقاق نصفها فللشفيع، الأخذ بالشفعة لا يقطعها رد المبتاع ما بقي بيده. الشيخ: قال محمد: أجمع مالك وأصحابه أن عهدة الشفيع على المشتري. أشهب: وله يدفع الثمن إن كان دفعه للبائع، وعلى المشتري قبض الشقص للشفيع، وللشفيع قبضه من البائع، وعهدته في كل ذلك على المبتاع. ابن رشد: وفي المدونة ما يدل على أن الشفيع مخير في كتب عهدته على من شاء منهما، وليس بصحيح، والأولى تأويله على المنصوص في المذهب، وإنما يكوون على البائع في المقارض يبتاع بمال القراض شقصًا هو شفيعه أو رب المال شفيعه؛ لأنها إن كانت لرب المال فالمال ماله فلا يصح كتبها له عليه، وإن كانت للمقارض لم يكن له جعلها على رب المال فيما ابتاع من ماله. عياض: وعلقت من كتاب ابن عتاب عن بعض الشيوخ أن سحنونا يقول: أن أخذ العامل بالشفعة في شقص هو شفيعه فعهدته على رب المال في مال القراض؛ وقول ابن عبد السلام: وعن سحنون: أن للشفيع أن يكتب عهدته على من شاء من بائع أو مبتاع لا أعرفه، ابن حبيب: إن حكم على المبتاع بشقصه فأبى أخذ الثمن وقفه له الحاكم والشفيع منه بريء، وقاله أشهب إن غاب المبتاع وبعدت غيبته. وفيها مع غيرها رواية محمد: إن تقابل المتبايعان فللشفيع الشفعة بعهدة البيع لا بالإقالة، محمد عن أشهب: هذا استحسان، كان المقيل البائع أو المبتاع، والقياس أخذه من أيهما شاء، لو قاله قائل لم أعبه. ابن حبيب: عن الأخوين: إن رأى أن تقايلهما لقطع الشفعة فهي باطلة، والشفعة بعهدة الشراء، وإن رأى أنها صحيحة فهي ببيع، وله الشفعة بأيهما شاء، ولأشهب

والأخوين: إن تقايلا بعد تسليم الشفعة فالإقالة بيع حادث. قال الأخوان: وكذا لو ولاه أو أشرك فيه، واستشكل قولها بأنه لو كانت الإقالة بيعًا وجب تخييره في أخذه بالبيع أو الإقالة، وإن كانت حلًا فلا بيع فلا شفعة، وأجيب بأنها حل اتهما فيه على قطعهما شفعة وجبت. وتعقب ابن عبد السلام قول أشهب والأخوين على أن الإقالة حل؛ لأنها بعد تسليم الشفعة فلا تهمة تلحقهما، يرد بعدم انحصار تهمتهما في البيع الأول المسلم شفعته لصحة لحوقها لهما في جعلهما البيع الثاني إقالة. وفيها مع غيرها لا يضمن المبتاع للشفيع ما حدث عنده في الشقص من هدم أو حرق أو غرق أو ما غار من عين أو بئر، ولا يحط للشفيع لذلك شيء من الثمن، أما أخذه بجميع الثمن وإما ترك، وكذا لو هدم المبتاع البناء ليبنيه أو ليوسعه؛ إما أخذه الشفيع مهدوما مع نقضه بكل الثمن، وإما ترك. عياض: قوله: هذا مثله آخر الكتاب، فدليله أنه يسقط عنه ما هدمه لوجه لا ما هدمه عبثًا ولغير منفعة فيجب أن يكون في ذلك ضامنًا؛ لأن الخطأ والعمد في أموال الناس سواء. وفيها: من ابتاع نخلًا لا ثمر فيها فاغتلها سنين فلا شيء للشفيع إن قام من الغلة، وتقدم القول فيما يستحق به الشفيع الثمرة. ابن سهل: إن أكرى الشقص مشتريه ثم قام الشفيع، نزلت بطليطة، وأكراه لعشرة أعوام فأفتى ابن مغيث وابن أرفع رأسه وغيرهما، وقاله الشارقي حاكي النازلة: ليس له فسخ الكراء، إنما له الأخذ بشفعته إن شاء كعيب حدث بالشقص، ودليلهم قولها: من ابتاع أرضًا فزرعها ثم استحق بعضها وأخذ بالشفعة باقيها فله كراء ما استحق إن استحقه قبل خروج الإبان، ولا كراء له فيما شفع فيه؛ لأنه لم تجب له الأرض إلا بعدما أخذها وقد زرعها قبل ذلك، وما استحقه وجب له قبل الزراعة. قال الشارقي: وكتبنا بها إلى قرطبة فأفتى ابن عتاب وابن القطان وابن مالك: له الأخذ بالشفعة وأن يفسخ الكراء، ودليلهم قولها في الاستحقاق من اكترى دارًا سنة

فاستحقت بعد نصف سنة. قال ابن القاسم: للمكري كراء الأشهر الماضية وللمستحق نقض الكراء وإمضاؤه، ولا حجة للمكتري في إمضائه ولا رده، ثم نزلت بالقاضي أبي زيد بن الحشا، فكتب إلى قرطبة فأجاب ابن القطان وابن مالك: بأن له إن أخذ بالشفعة نقض الكراء، وأجاب ابن عتاب: إن أكرى المبتاع عالمًا بأن عليه شفيعًا لم ينقد كراؤه إلا في المدة اليسيرة كالأشهر ولا ينقد في المدة البعيدة إلا أن يكون مكتري الأرض زرعها فيبقى حتى يحصد وإن لم يعلم المكري بالشفيع إنما استحق مستحق شقصًا من دار لم يفسخ الكراء إلا في الوجيبة الطويلة لا فيما يتعارفه الناس من الكراء كالسنة ونحوها. ابن سهل: هذا منه رجوع عما حكى الشارقي عنه، وكأنه ذهب في قوله: إن أكراه المشتري عالمًا بالشفيع إلى ما في مسائل ابن زرب: من بنى حصة ابتاعها لها شفيع، ثم قيم عليه بالشفعة أعطى قيمة بنائه منقوضًا، وتفريقه بين يسير المدة وكثيرها ينظر إلى قولها في الجعل فيمن أكرى ربع يتيمه لمدة يبلغ اليتيم قبلها المسألة. الصقلي: ومن المدونة قال: لو هدم المبتاع ثم بنى قيل للشفيع: خذه بجميع الثمن وقيمة ما عمر فيه. قال أشهب: يوم القيام وله قيمة الشقص الأول منقوضًا يوم الشراء يقسم الثمن على قيمة العرصة دون بناء، وعلى قيمة النقض ما وقع للنقض حسب للشفيع على المشتري، وحط عنه من الثمن ويقوم ما بقي مع قيمة البناء قائمًا. محمد: هو قول مالك وأصحابه. الصقلي: إنما غرم الشفيع قيمة العمارة يوم القيام؛ لأن المبتاع هو الذي أحدث البناء وهو غير متعد والأخذ بالشفعة كالشراء، فعلى الشفيع قيمته يوم أخذه بشفعته، وحسب للشفيع على المبتاع قيمة النقض مهدومًا يوم الشراء؛ لأنه غير متعد في هدمه فكأنه اشتراه مع العرصة مهدومًا وما ثم بنى به وهو في ملكه فوجب أخذه العرصة بمنابها مع قيمة النقض من الثمن يوم الشراء. قال مالك: فإن لم يفعل فلا شفعة له.

قيل محمد: وكيف يمكن أن يحدث بناء في مشاع؟ قال: يكون اشترى الجميع فأنفق وبنى وغرس، ثم استحق نصف ذلك مشاعًا أو يكون شريك البائع غائبًا فرفع المشتري للسلطان في القسم، والقسم على الغائب جائز فقسم عليه بعد الاستقصاء وضرب الأجل ثم لا يبطل ذلك شفعته. قُلتُ: ما نقله الصقلي من لفظ المدونة لم أجده إلا في التهذيب لا في المدونة، وإنما وجدت فيها قولها: إن اشتريت دارًا فهدمتها فهدمتها فاستحق رجل نصفها، وأراد الشفعة. قال: فقال له: ادفع قيمة بنيانه وإلا لا شفعة لك. قُلتُ: وذكر الصقلي هذا اللفظ عنها بعد عزوه الأول لها، فالله أعلم بذلك. قُلتُ: جواب محمد عن إشكال تصوير المسألة بقوله: أو يكون شريك البائع غائبًا فرفع المشتري إلخ؛ يريد: أنه قسم عليه على أنه شريك غائب فقط لا على أنه وجبت له الشفعة، ولو علم ذلك لم يجز له أن يقسم عليه، إذ لو جاز قسمه عليه لكان كقسمه هو بنفسه، إذ لا يجوز أن يفعل الحاكم عن غائب إلا ما يجب على الغائب فعله، فلو جاز قسمه عليه مع علمه بوجوب الشفعة لما كانت له شفعة، ولما تقرر لغائب شفعة لقدرة المشتري بإبطالها بهذا. ولابن شاس في تصوير المسألة أجوبة قال: تصور في تصرف المشتري في الشقص قبل قيام الشفيع بالبناء والغرس في ملك مشاع لا يجوز فعله ذلك كالغاصب، ولكن فرض العلماء لها صورًا: الأول: فذكر ما تقدم لمحمد من طرو الاستحقاق. الثاني: أن يكون المشتري كذب في الثمن فترك الشفيع الأخذ لكثرة الثمن ثم قاسمه. الثالث: أن يكون أحد الشريكين غاب ووكل في مقاسمة شريكه فباع شريكه نصيبه، ثم قاسم الوكيل المشتري ولم يأخذ بالشفعة. الرابع: أن يكون الشفيع غائبًا وله وكيل حاضر على التصرف في أمواله فباع

الشريك فلم ير الوكيل الأخذ بالشفعة وقاسم المبتاع. الخامس: أن يقول وهبت الشقص لغير ثواب ولم أشتره فتسقط الشفعة على إحدى الروايتين فيقاسمه ثم يثبت الشراء. وذكر ابن الحاجب هذه الأجوبة، وقبلها ابن عبد السلام وابن هارون، وما ذكروه زائدًا على جوابي محمد يرد، أما الثالث وهو أن يكون أحد الشريكين غاب ووكل في مقاسمته شريكه فباع شريكه نصيبه إلخ، فإن كان معناه أنه وكل في مقاسمته شريكه المعين لا في مقاسمته مطلق شريك له، فهذا راجع لثاني جوابي محمد؛ لأنه راجع للقسم عنه لظن القاسم صحته فبان خطؤه، وإن كان معناه أنه وكله في مقاسمة مطلق شريكه فلا شفعة له فامتنع كونه تصويرًا للمسألة، وأما الرابع: فواضح رجوعه لثاني جوابي محمد أيضًا؛ لأنه راجع للقسم عنه لظن القاسم صحته فبان خطؤه، وأما الثاني: والخامس: فباطلان في أنفسهما؛ لأن كذب المشتري في دعوى الثمن وفي دعوى الهبة يصيره متعديًا في بنائه، كغاصب بيده عرصة بنى فيها بناءً وهو يدعي أنه مالك فيان أنه غاصب فحكمه في بنائه حكم بناء الغاصب المعلوم غصبه ابتداءً، وحيث يجب للمشتري قيمة بنائه فإنه يجب له قائمًا، ظاهر أقوالهم إطلاقه ويجب تقييده بما تقدم في كتاب الغصب من كونه ليس الاستحقاق من المشتري بكونه ليس من بناءات الملوك ولا ذوي السرف، فإن كان منها اعتبرت قيمته منقوضًا. والمشتري شقصًا مما هو شريك يترك منه إن شفع شركاؤه ما يجب له من شفعته فيه معهم ولو اشتراه غيره. فيها: من ابتاع شقصًا هو شفيعه مع شفيع آخر تحاصا فيه بقدر حصتيهما يضرب فيه المبتاع بقدر حظه من الدار قبل الشراء ولا يضرب بما اشترى. ابن زرقون: عن الباجي: إن كان المشتري أحد الشركاء فأراد أحد شركائه الأخذ بالشفعة وسلمها سائرهم وقال الشفيع: إنك شفيع معي فأنا اترك بقدر حصتك من الشفعة، فلم أر فيها نصا. ابن زرقون: وقال أبو عمر: قال المزني: ذلك للشفيع؛ لأنه مثله وليس عليه أن

يلزم شفعته غيره. قُلتُ: مسألة الباجي التي قال فيها: لم أر فيها نصًا، إن كان معناها: أن المشتري أراد محاصة هذا الذي قام بالشفعة فيما تركه أصحابه فواضح أن له ذلك من نص المدونة المتقدم منضما لنصها: من ترك الأخذ بالشفعة من الشركاء فهو كعدمه، ومثل هذا لا يحسن من الباجي فيه: لم أر فيه نصا، وإن كان معناه أن هذا الذي قام بالشفعة طلب من المشتري مشاركته في الشفعة وأبى المشتري ذلك، وقال له: خذ الجميع أو دع فهو أيضًا واضح من المدونة، لأنه جعله في شفعته فيما اشتراه هو مع شركائه كحاله معهم فيما اشتراه غيره فلا يحسن أيضًا قوله ذلك فيه فتأمله، ويقوم من مسألة المدونة أنه لو اشترت إحدى الزوجتين حظ الأخرى فطلب بقية الورثة الشفعة في ذلك وطلبت هي الاختصاص به؛ لأنها أشفع منهم فيه، لو اشتراه غيرها لكن لها ذلك؛ لأنه في المدونة جعل للشريك الشفعة مع شركائه فيما اشتراه هو، فكما قال في المدونة: يحاصصهم في ذلك لمساواته إياهم، فكذا يختص عنهم فيما هو أشفع فيه منهم لو اشتراه غيره، ونزلت في أيام ابن عبد السلام فحكم فيها بالشفعة لبقية الورثة فسألني عنها المحكوم عليه. فقلت له: لا شفعة لهم عليك، فذكر لي أنه حكم بها عليه فذكرت المسألة والأخذ منها للقاضي ابن عبد السلام فرجع بإنصافه عن الحكم عليه بالشفعة لهم. ابن شاس: إن تساوق الشريكان لحاكم وادعى كل واحد أن شراء الآخر متأخر وله هو الشفعة عليه فالقول قول كل واحد في عصمة ملكه عن الشفعة إن حلفا أو نكلا سقط قولاهما، وإن حلف أحدهما دون الآخر قضي لمن حلف بالشفعة، وتبعه ابن الحاجب، ولا أعرفها بنصها لأحد من أهل المذهب، وإنما هو نص وجيز الغزالي، فأضافها ابن شاس للمذهب، وأصول المذهب لا تنافيها، وهي كاختلاف المتبايعين في كثرة الثمن وقلته من حيث أن نفس دعوى كل منهما تستلزم ثبوت دعواه؛ فالحلف على الأمرين في يمين واحدة كما في اختلاف المتبايعين وتقدم ما فيه.

الشيخ: لمحمد: عن أشهب: إن تداعى رجلان شقصًا كل منهما يدعي أنه اشتراه من الآخر، وأقام كل منهما بينة قضي بالتي ورخت، فإن ورختا فهي بأخراهما وللشفيع الأخذ بأي الثمنين شاء، إن أخذ ثمن الآخر لم يرجع واحد منهما على صاحبه بشيء، وإن أخذ من الذي لم يقض له به دفع للآخر ما ذكر أنه اشتراه به وفضله للآخر، وإن كان شهادتهما عن مجلس أو مجلسين ولم يؤرخا فتكافتا في العدالة، فإن كان الشقص بيد غيرهما سقطت البينتان والشقص لمن أقر به من هو في يده أنه له، وإن لم يكن بيد غيرهما قسم بينهما بعد أيمانهما، وللشفيع أخذه بما تقاررا عليه من الثمن. ابن القاسم: إن ادعى أحدهما شراءه بمائة والآخر شراءه بمائتين فقسم بينهما أخذه الشفيع بنصف الثمنين. أشهب: إن نكلا لم يقض لهما بشيء ولا شفعة للشفيع، وإن حلف أحدهما ونكل الآخر فهو لمن حلف ويؤخذ منه بالشفعة، فإن كان بيد أحدهما فهو له مع يمينه، فإن نكل حلف الآخر، وأخذ الشفيع ممن هو بيده. وفيها مع غيرها: لا شفعة في البيع الفاسد ما لم يفت. اللخمي: في فوته بحوالة الأسواق: قولا أشهب وابن القاسم مع مالك فيها لو علم بفساده بعد أخذ الشفيع فسخ بيع الشفعة والبيع الأول؛ لأن الشفيع دخل مدخل المشتري، وكذا لو باعه مبتاعه من غيره بيعًا فاسدًا ردا معًا، وما لم يفسخ حتى فات ولزمت المبتاع قيمته ففيه الشفعة بها. الصقلي: عن محمد: وليس للشفيع الأخذ إلا بعد معرفة القيمة، فإن أخذ قبل معرفتها فذلك باطل، وفي الموازية: إن لم يفسخ بيع الشفعة حتى فاتت بيد الشفيع فلزم المشتري القيمة يوم قبضه لزم الشفيع ما لزمه إلا أن يكون أكثر وليس الأخذ إلا بعد معرفته القيمة مما أخذ به الشفيع، فله الرد أو التماسك به بتلك القيمة، ولو فات الشقص عند المشتري قبل أخذ الشفيع ثم شفع ثم تراد البائع والمبتاع القيمة انتقضت الشفعة، وخير الشفيع في الأخذ بتلك القيمة أو الترك. محمد: بل ذلك سواء فات قبل الأخذ بالشفعة أو بعدها يلزم الشفيع الأخذ بتلك

القيمة، إلا أن تكون أكثر فيخير في الأخذ بها أو الترك. الصقلي: قال بعض فقهائنا: إن فات عند المشتري قبل أخذ الشفيع أخذه بالقيمة، فإن لم يعلم وأخذ بالبيع الفاسد رد إلا أن يفوت عند الشفيع فيلزمه الأقل من قيمته يوم قبضه أو القيمة التي لزمت المشتري، وكذا لو شفع فيه قبل فوته وفات عنده. الصقلي: هذا خلاف ما تقدم لمحمد، وهذا أبين؛ لأن الأخذ بالشفعة كالشراء، فإذا فات عند الشفيع لزمت قيمته يوم قبضها، فإن كانت أكثر قال: آخذ بما لزم المشتري. قُلتُ: فبيع الشقص الفاسد لغو، فإن فات فكصحيح ثمنه قيمته، فإن شفع قبل فوته فسخا، فإن فات بيد الشفيع لزم بقيمته يوم بيعه إن كانت أقل مما شفع به، فإن كانت أكثر ففي تخييره في أخذه بها ورده ولزومه له بالأقل منها ومن قيمته يوم أخذه بالشفعة قولا محمد وبعض القرويين قائلًا: إن شفع بعد فوته بثمن بيعه الفاسد لجهل فوته ردت شفعته، فإن فات عنده لزمه بالأقل من القيمتين. اللخمي: إن شفع على البيع الأول قبل فوته رد كمن اشترى شيئًا شراءً فاسدًا وباعه بيعًا فاسدًا انتقضت البيعتان، فإن فات عند الشفيع لزم المشتري بقيمته يوم قبضه. محمد: ويلزم الشفيع ما لزم المشتري إلا أن تكون أكثر إلخ قول محمد المتقدم، وقال متصلا به: وقيل: له أخذه بقيمته يوم اشترائه الأول؛ لأنه مرت به حالة فات فيها فلا يرد البيع الأول، وإن رد الثاني إلا أن يغرم المشتري الأول لمن باع منه القيمة قبل قيام الشفيع فيأخذه بالأقل من الثمن أو القيمة. قُلتُ: كذا وجدته في غير نسخة، فظاهره أن البيع الأول يفوت بمجرد الشفعة فيه وإن لم يحدث فيها فوت وأنها مع ذلك تفسخ، وهذا بعيد نقلًا ونظرًا، ثم قال: وإن أخذه الشفيع بثمن صحيح عالمًا بفساد البيع كان فوتًا، ولا شفعة له؛ لأنه رضي أن يشتريه شراءً صحيحًا، وإن لم يكن عالمًا بفساده كان بالخيار في تمسكه بذلك الثمن ويكون بيعًا حادثًا ورده، وإن لم يعلم ذلك حتى فات بهدم أو بناء كان عليه الأقل من

الثمن أو القيمة. وفيها: إن باعه مشتريه شراءً فاسدًا بيعًا صحيحًا فللشفيع الأخذ بالثمن الصحيح ويتراد الأولان القيمة، وليس له الأخذ بالبيع الفاسد؛ لأنه يزيل الذي أفاته ويعود بيعًا فاسدًا لا فوت فيه، ولو كان البيع الفاسد قد فات ببناء أو هدم فله أخذ بقيمته أو بثمن البيع الصحيح. قُلتُ: قوله: لأنه يزيل الذي أفاته إلخ لا يتم مع ما تقدم للخمي من قوله: لأنه مرت به حالة فات فيها إلخ؛ فتأمله، وبمقتضى ما قاله اللخمي يتوجه ما نقله ابن حارث عن أشهب أنه إن شاء أخذه بالقيمة، وإن شاء بالبيع الصحيح. وفيها: لو بنى في الشقص مشتريه بعد مقاسمته الشريك مسجدًا، وشفيعه غائب فقدم فله أخذه وهدم المسجد، ولو وهب الشقص مبتاعه أو تصدق به فللشفيع نقض ذلك، والثمن للموهوب أو للمتصدق عليه؛ لأن الواهب علم أن له شفيعًا فكأنه وهبه الثمن بخلاف الاستحقاق لو وهب الدار مبتاعها لرجل، ثم استحق رجل نصفها وأخذ باقيها بالشفعة فثمن النصف المستشفع للواهب، ومن وهب لرجل أمة فاستحقت قيمتها للواهب. الصقلي: لمحمد عن أشهب: الثمن في هبة الشقص للواهب أو المتصدق به كالاستحقاق. محمد: وهو أحب إلينا؛ لأنه بالبيع يأخذ فهو يفسخ ما بعده، وقاله سحنون إذ عليه تكتب العهدة. وتعدد صفقات بيع منها الشقص يوجب انفراد كل منهما بحكمها. فيها: من اشترى حظ ثلاثة رجال من دار في ثلاث صفقات فللشفيع أخذ ذلك أو أخذ أي صفقة شاء، إن أخذ الأولى لم يستشفع معه فيها المبتاع، وإن أخذ الثانية كان للمبتاع معه الشفعة بقدر صفقته الأولى فقط، وإن أخذ الثلاثة استشفع فيها بالأولى والثانية. الشيخ: لأشهب في المجموعة: إن اشتراها الأول بثلاثمائة والثاني بمائتين وثالث

بمائة، فإن أخذه من الأول كتب عهدته عليه ودفع للثالث من الثمن مائة؛ لأنه لو يؤخذ منه شقصه حتى يدفع له ثمنه ويأخذ الأول بقية الثمن؛ يريد: ويرجع الثاني على الأول بمائة، وإن أخذه من الثاني كتب عهدته عليه وثبت بيع الأول ودفع الشفيع مائة للثالث وما بقي للثاني، وإن أخذ من الثالث ثبت ما تقدم من بيع. قال غيره: من اشترى شقصًا بمائة ثم باع نصفه بمائة فللشفيع أخذه كله من مشتريه بمائة، وإن شاء نصفه من الثاني بمائة ونصفه من الأول بخمسين. وفيها مع غيرها: ما اشتري بعين أو مثلي فالشفعة فيه بمثل ثمنه، وما اشتري بمقوم قيمته فيها: ما اشتري بعبد شفع فيه بقيمته، وما اشتري بكراء إبل إلى مكة فمثل كرائها إلى مكة، وما اشتري بإجارة أجير سنة فقيمة الإجارة، وما اشتري بعرض فإنما ينظر إلى قيمته يوم الصفقة. الباجي: روى ابن عبدوس: يشفع بمثل كراء الإبل وإجارة الأجير. قال أشهب: بمثل كرائها من مثل صاحبها إن كان مضمونًا فعلى الضمان، وإن كان معينًا فعلى التعيين، وقاله ابن الماجشون في الإجارة، فإن تعذرت الدواب لمعينة في بعض الطريق أو مات الأجير أو انهدم المسكن في نصف المدة رجع البائع بقيمة نصف شقصه على المبتاع وتتم الشفعة، قاله محمد. وقال أشهب: يرجع عتليه المتكاري بنصف قيمة الشقص ويرجع المكري على الشفيع بما رجع به رب الشقص عليه، ويقاصه من نصف ما كان أخذه منه من قيمة كراء إبله إلا أن تكون قيمة كرائها أكثر من قيمة الشقص فيكون الشفيع هو الراجع عليه بنصف كراء إبله، ويدع له من ذلك نصف قيمة الشقص، ونحوه لعبد الملك. **** بعين فدفع عنه عرض وعكسه في الشفعة فيه بما دفع أو بما عقد به، ثالثها: هذا أحب للشيخ عن محمد عن عبد الملك مع ابن عبدوس عن سحنون ونقل محمد، وقوله: ورابعها: لابن عبد الحكم بما عقد عليه إلا أن يدفع ذهبًا عن ورق أو عكسه فيما دفع كالمرابحة، وخامسها: لابن عبدوس عن غير سحنون بالأقل منهما.

قُلتُ: هو نحو قولها في المرابحة. وفيها: من نكح أو خالع أو صالح من دم عمد على شقص ففيه الشفعة بقيمته إذ لا ثمن معلوم لعوضه. اللخمي: قيل: فيما تزوج به يشفع بمهر المثل. أبو عمران: من نكح على تفويض فدفع لزوجته شقصًا قبل بنائه شفع فيه بقيمته اتفاقًا، فإن دفعه بعد بنائه شفع فيه بمهر المثل اتفاقًا فيهما. الشيخ: لمالك في الموازية والمجموعة وغيرهما: من صالح من دم عمد على شقص أو نكح به أو خالع فالشفعة بقيمته. أشهب: لا يجوز ذلك إلا بعد معرفة قيمته، وذكره الصقلي غير معزو كأنه المذهب. اللخمي: إن كان الثمن عبدًا وهو يعرفه وأخذ قبل معرفة قيمته فقال: ذلك فاسد، وقال أيضًا: جائز، ومثله إن كانت بقيمة الشقص؛ لأنه خولع به أو تزوج به أو صولح به عن دم، واستحسن مضيه فيما تتقارب فيه القيم، وينقص فيما لا يدرى هل يقل أو يكثر؟ واستخفف محمد إ، كان الثمن طعامًا مسمى كيله دون صفته، وأجازه وإن وصف بعد ذلك فكان مثله أو دونه لزمه، وإن كان أعلى من الوسط خير في أخذه وتركه، وقول ابن عبد السلام في قول ابن الحاجب: فإن لم يتقوم كالمهر والخلع وصلح العمد ودراهم جزافًا بقيمة الشقص يوم العقد، وقيل: في المهر صداق المثل، وقيل: تبطل في الدراهم، هذا هو المشهور في هذه المسائل، يقتضي أن في الخلع ودم العمد خلافًا ولا أعرفه. الباجي: في الموازية: إن اشتراه بحلي جزافًا شفع بقيمته، وكذا السبائك والرصاص والنحاس والطعام المصبر وبمثل ما اشترى بمثلي، وليس هذا من بيع ما ليس عنده؛ لأنه عقد لا يقف على اختيار المتعاقدين؛ لأن المشتري مغلوب، وفيما يقف على اختيارهما خلاف بين ابن القاسم وأشهب في المرابحة.

ابن عبد السلام: قوله: ودراهم جزافًا في صحة فرض هذه المسألة على المذهب نظر؛ لأن الدنانير والدراهم لا يجوز بيعها جزافًا، وإنما تبع المؤلف فيه من تبع الشافعية. قُلتُ: ظاهر قوله: في صحة فرضها على المذهب نظر، أن كل المذهب على منع الجزاف في المسكوك وإلا لقال على مشهور المذهب، وليس كل المذهب على المنع. قال ابن حارث وغيره: أجاز ابن عبد الحكم في الدراهم السكية الجزاف، وتقدم قول ابن الحاجب في البيوع قوله: وقيل فيها قولان، وتقدم ذكر الخلاف. وفيها: إن أخذ الشقص عن دية خطأ والعاقلة أهل إبل شفع فيه بقيمتها، وإن كانت أهل عين شفع بعددها منجمًا بآجالها. اللخمي: هذا كقول أشهب في الموازية: إن اشترى الشقص بثمن إلى أجل فإن كان عينًا شفع بها، وإن كان عرضًا شفع بقيمته. محمد: هذا غلط. وفيها: إن أخذه عن نصف الدية وهي عين، قال مالك مرة: تؤخذ في سنتين، وقال أيضًا: يجتهد فيه الإمام إما في سنتين أو سنة ونصف. ابن القاسم: في سنتين أحب إلي. الصقلي: لمحمد عن أشهب: ثلثها في سنة وسدسها في الثانية. ابن عبدوس: عن سحنون: لا يجوز أخذ الشقص في النصف حتى يحكم الحاكم به في سنتين أو غيرهما؛ لأن ذلك مجهول، ويرجع معطي الشقص على العاقلة وهي أهل عين بالأقل من قيمته أو الدية، وإن كانوا أهل إبل لم يجز صلحه؛ لأنهم مخيرون، وهو راجع لقول ابن القاسم في الصلح من الكفيل على الغريم، وكان سحنون يقول كقول عبد الملك: الدين كالعرض إن دفع الشقص عن الدية وهي عين قومت بعرض على أن تؤخذ لأجلها ثم يقوم العرض بعين. وقال عبد الملك: يؤخذ ذلك بالعرض الذي قوم به الدين. سحنون: وإن كانت الدية إبلًا قومت بالنقد على أن تؤخذ في ثلاث سنين فيشفع بذلك أو يدع.

الصقلي: وهذا ظاهر المدونة أنه يشفع بقيمة الإبل نقدًا، ولم يجعله مثل الدين يؤخذ به شقص فكان يشفع بمثل الإبل إلى الأجل، والفرق أن صفة أسنان الدية غير محصلة، وهي لا تصح أن تكون ثمنًا للشقص إلا وهي معلومة الصفة، فإن قيل: وهي لا تقوم إلا موصوفة، قيل: الغرر في القيمة أخف من أخذ عين الإبل ونحوه لعبد الحق. وفيها: من ابتاع عبدًا قيمته ألف درهم بألف درهم، وشقص قيمة ألف درهم؛ ففي الشقص الشفعة بنصف قيمة العبد، ومثله للشيخ عن الموازية. زاد: وإنما يأخذ الشفيع بعد معرفته بما يقع على الشقص، فإن أخذه قبل ذلك لم يجز، وأما آلة الحائط ودوابه وعبيده فذلك كبعضه إلا أن يضاف إليه يوم الصفقة، وقد كان أخرج منه قبل ذلك فلا شفعة فيه ويفض الثمن. قال مالك وابن القاسم وأشهب: من اشترى شقصًا وبعيرًا بعبد والبعير من الشقص ثلث الجميع بالقيمة يوم الصفقة فالشفعة في الشقص بثلثي قيمة العبد، ثم إن استحق البعير رجع بائع العبد بثلث قيمة العبد على بائع الشقص، وإن ابتاع شقصًا وقمحًا بدنانير فلا بد من تقويم الشقص والقمح فيشفع بحصة ما يقع للشقص. محمد: وكذا لو ابتاع شقصًا ومعه مائة درهم بمائة دينار؛ يريد: محمد قول اشهب الذي يجيز البيع والصرف معًا. ابن الحاجب: فإن اشترى مع غيره فيما يخصه ويلزم المشتري باقي الصفقة. قُلتُ: هو ظاهرها مع الموطأ، ولا أعلم فيه خلافًا، ومال بعضهم: إلى إجرائها على حكم استحقاق الأكثر في البيوع على القول بأن الشفعة استحقاق، ونحوه قول ابن رشد في أول رسم أبي زيد فليمن استحق نصف دار من مبتاعها بعد بيعه مصراعيها بعشرة إن أخذ باقيها بالشفعة أخذه بمنابه من الثمن مسقطًا منه مناب المصراعين، ولا شيء له في المصراعين لفوتهما بالبيع، هذا خلاف قولها في نقض الدار إذا هدمها المشتري وباعها لا تفوت بالبيع، وللشفيع أخذه بالشفعة من مشتريه، وهذا الخلاف مبني على الخلاف في الأخذ بالفعة هل يحكم له بحكم البيع أو بحكم الاستحقاق.

ويرد بأن الموجب لمقال المبتاع في الاستحقاق إنما هو نقض جل صفقته الكائنة بينه وبين البائع الذي يطلب رد باقيها عليه، وهذا الاستحقاق الخاص في الشفعة لا يوجب عليه نقضًا فيها بينه وبينه بحال فلم يتقرر له عليه تلك الحجة التي بها وجب رد باقي الصفقة على البائع. ورده ابن هارون بأن شراء المشتري الشقص دخول منه على الشفعة عليه، وذلك دليل على رضاه بباقي الصفقة ولو قل، وهذا أحسن لولا تخلفه فيمن اشترى دارًا قيمتها مائة وثوبًا قيمته دينار فاستحق نصف الدار وأخذ باقيها بالشفعة، فإن ظاهر أقوالهم أن المشتري يلزمه البيع في الثوب بمنابه من الثمن. وفيها: من ابتاع شقصًا بثمنٍ إلى أجل فللشفيع أخذه بالثمن إلى ذلك الأجل إن كان مليًا أو أتى بضامن ملي ثقة، وفي سماع عيسى ابن القاسم: إن كان مليًا أخذه بغير حميل. ابن رشد: مثله فيها، وفي الواضحة عن مالك والأخوين وأصبغ: وظاهره إن كان مليًا لم يلزمه حميل ولو كان ملاؤه أقل من ملاء المشتري، وهو قول محمد خلاف قول أشهب: أنه يلزمه، وإن كان مليًا أن يأتي بحميل مثل المشتري في الملاء. واختلف إن اشترى برهن أو حميل. قيل: لا شفعة له إلا أن يأتي برهن أو حميل، وقيل: لا يلزمه ذلك إن كان ملاؤه كملاء الحميل. واختلف إن كانا عديمين: قيل: يلزمه أن يأتي بحميل، وقيل: لا يلزمه إلا أن يكون أعدم منه فيفترق استواؤهما في العدم من استوائهما في الملاء. وفي قول الشفيع أقل ملاء من كونه أشد عدمًا؛ لأنهما إذا استويا في العدم لزمه حميل على اختلاف، وإذا استويا في الملاء لم يلزمه حميل اتفاقًا، وإن كان الشفيع أقل ملاء لزمه حميل على اختلاف، وإن كان أشهد ما لزمه حميل اتفاقًا وإذا عجز الشفيع عن الحميل حيث يلزمه فعجزه السلطان ثم قدر على حميل قبل محل الأجل لم يكن له شفعة. قُلتُ: وقاله الباجي أيضًا وعزا القول بلزوم الحميل الملي كملاء المشتري وإن كان

الشفيع مليًا لأشهب في الموازية والمجموعة، وعدم لزومه في ذلك لمحمد وابن الماجشون، والقول بلزوم الحميل إن كانا عديمين متساويين في العدم لمحمد، وعدمه لابن الماجشون. وقال أشهب: إن اشتراه برهن أو حميل فليس للشفيع أخذه وإن كان أملأ منه إلا بحميل أو رهن مثله، وقال أيضًا: إن كان أملأ من الحميل ومن المشتري أخذه دون رهن ولا حميل. محمد: والأول أولى. قُلتُ: هذا خلاف ما تقدم لابن رشد: لا يلزمه رهن ولا حميل إن كان ملاؤه كملاء الحميل، ولو لم يقم الشفيع حتى حل الأجل فروى مطرف وقال ابن الماجشون: يستأنف له من الأجل مثل ما وقع البيع عليه، وقال أصبغ: لا يأخذه إلا بالثمن نقدًا، والأول أظهر. قُلتُ: ولو عجز الشفيع عن الحميل حيث يجب عليه وطاع بتعجيل الثمر فأبى المشتري قبوله؛ لأنه عرض، فإن قبل البائع تعجيله دفع له وسقط عن المشتري وصحت الشفعة، فإن أبيا وقف أخذه بالشفعة إلى حلول الأجل، وكان ذلك كغيبته. وفيها: لو قال البائع للمبتاع: أنا أرضى أن يكون مالي على الشفيع إلى الأجل؛ لم يجز؛ لأنه فسخ ما لا يحل من دينه في دين. الباجي: لو اشترى الشقص بدين له على البائع. ففي الموازية: لابن الماجشون: يشفع فيه بقيمة الدين من العروض التي يتعجل ثمنها كالحنطة والزبيب، ولسحنون في المجموعة يقوم بعرض ثم يقوم العرض بعين ويشفع بذلك، ولمحمد وابن حبيب: روى مطرف لا يشفع فيه إلا بمثل ذلك الدين أو يترك ولو كان البائع عديمًا، وقاله أشهب. زاد ابن حبيب عن مطرف: وإن كثرت القيمة فيه، ولأصبغ: يأخذ بمثل الدين إلا أن يهضم له هضيمة بينة فيأخذه بقيمة الشقص لا بقيمة الدين، وعلى أخذه بمثل الدين روى ابن حبيب: إن كان يوم قيام الشفيع حالًا أخذه به حالًا، وإن بقي من الأجل شيء

فإلى مثل ما بقي منه، وقال أصبغ: إنما يشفع بمثل الدين حالاً. ابن زرقون: كذا نقل أبو الوليد: إن كان يوم قام الشفيع حالا وهو غلط، إنما ينظر إلى ذلك يوم الشراء، وكذا هو في الموازية. ولابن رشد في سماع يحيى: لو كان الثمن خمرا أو خنزيرا؛ لأن البائع والمبتاع نصرانيان والشفيع مسلم، ففي كون الشفعة بقيمة الشقص أو بقيمة الخمر والخنزير قولا أشهب وابن عبد الحكم، والأول مقتضى قول ابن الماجشون في استهلاك المسلم خمر النصراني لا قيمة عليه، والثاني: أشبه بقول ابن القاسم: يغرم له قيمتها. والمذهب أن ما اشترى بثمن معلوم الشفعة فيه به، وما اشترى بمجهول الشفعة فيه بقيمة الشقص، فلو اشترى بهما كأخذ شقص عن موضحتي خطأ وعمد ففي كونها فيه بدية الخطأ ونصف قيمة الشقص بناء على فضه عليهما بالسوية أو بها وبجزء من قيمة الشقص وهو المسمي الخارج من تسمية قيمة الشقص منها مع دية الخطأ. ثالثها بقيمة ما لم تنقص عن دية الخطأ، ورابعها: بدية الخطأ وقدر قيمة العمد بالاجتهاد في اعتباره بحال قدر العمد وحرص العامد على الفداء من القصاص، وخامسها: بدية الخطأ وقيمة ما يقابل قيمة العمد المذكورة من الشقص بفضه عليها لها مع أشهب وابن القاسم والمغيرة وابن نافع. وأخذ المازري مع بعض شيوخه من قول أصبغ، وأخذ ابن محرز منه. المازري اختار قول ابن نافع حذاق، وأصحاب مالك، ومحمد وابن حبيب وسحنون، وغلا في قوله: ما سواه ليس بشيء، وتبعهم يحيى بن عمر. ابن محرز: وجدت لسحنون في موضع آخر أن قول المغيمرة أحسن، وبه نقول، وعلى الأول في كونه كذلك مطلقا، كان العمد جرحا أو قتلا، والخطأ كذلك، وتخصيصه بتساويهما كقطعين أو قتلين، فإن اختلفا قسم على قدر كل منهما فإن كان الخطأ قطع يد والآخر قتلا قسم عليهما أثلاثاً، تأويل ابن عبد الحكم على قول ابن القاسم وقول أكثر مذاكري القيروان. عبد الحق: وعليه لو دفع مع الشقص عينا ففي تخصيصها بالخطأ لمماثلته إياها

فيشفع بالباقي منه بعد طرح العين منه وبجزء من قيمة الشقص، وهو المسمى للخارج من تسمية العمد على أنه خمسون من مجموعه مع الباقي من الخطأ بعد طرح العين منه، وفضه عليهما فيشفع بباقي عدد الخطأ ونصف قيمة الشقص. نقلا الصقلي عن ابن عمر والشيخ، ورده بأنه: لو كانت العين مائة لزم عليه أن يشفع بنصف قيمة الشقص، والواجب بقيمته أجمع؛ لأنه مدفوع مع نصف العين عن العمد. قلت: سبقه ابن محرز بهذا معبرا بأنه: يؤدي إلى ضرب من المحال، ويرد ببيان عدم لزومه؛ لأنه إنما يجب فض الشقص إذا بقي من الخطأ شيء، فإن أسقط بمساواته نصف العين امتنع الفض واختص الشقص بالعمد، وعلى الأول أيضا لو دفع مع الشقص عرضا، ففي مضي قيمته على الخطأ والعمد فيشفع بباقي دية الخطأ، ونصف قيمة الشقص، وإسقاط العرض جزؤهما المسمى للخارج من تسمية قيمة العرض من مجموعهما مع قيمة الشقص، فيكون الشقص عن باقي عدد الخطأ والعمد فيشفع بباقي عدد الخطأ ونصف قيمة الشقص. قولا يحيى بن عمر والصقلي رادا قول يحيى بما رد به قول الشيخ في العين. وعبر المازري عن الأول بأنه المشهور في الجاري على قول ابن القاسم، وأشار إلى رد تعقب الصقلي قول يحيى بأن مماثلة العين لعقل دية الخطأ يوجب سقوطها بها والعرض ليس كذلك، وقد يقارض بعرض قيمته مائة بخمسين من العين، ولو دفع المجروح معها في الشقص عرضا فإن كانتا خطئا شفع بديتها وقيمة الشقص، وإن كانتا عمدا شفع بقيمة العرض مع جزء من قيمة الشقص. وفي كونه المسمى للخارج من تسمية قيمتها على الاجتهاد منها مع قيمة العمد، أو للخارج من تسمية قيمة الشقص منها مع قيمة العبد ثالثها بقيمة الشقص ما لم ينقص عن قيمة العرض قولا أصبغ وتخريج الصقلي على قول المخزومي وابن نافع. وتعقب الشيخ قول أصبغ: يقوم العمد في هذه المسألة مع موافقته ابن القاسم في مسألة الموضحتين في فض الشقص عليهما دون تقويم العمد، وأجاب المازري بأن

وجوب العرض أوجب الاتفاق على اعتبار القيمة في بعض ما ينفع به فاستحب حكم التقويم على العمد لمساواته في الشفعة به. قلت: هذا من المازري يرد بتقدم تخريجه قول أصبغ من هذه المسألة في مسألة الموضحتين فتأمله، وإن كانت إحداهما عمدا ففي شفعته بدية الخطأ وقيمة العرض مع جزء من قيمة الشقص هو المسمى للخارج من تسمية قيمة الشقص منها مع قيمة العرض، ودية الخطأ أو بقيمة الشقص ما لم تنقص عن دية الخطأ وقيمة الشقص. ثالثها: بدية الخطأ وقيمة العرض وجزء من قيمة الشقص هو المسمى للخارج من تسمية قيمة العمد المذكورة منها مع دية الخطأ، وقيمة العرض لتخريج الصقلي على قول المخزومي وابن نازع وتفسير الشيخ قول أصبغ. ورابعها: فدية الخطأ وقيمة العرض وقيمة العمد المذكورة لتقدم فهم المازري قول أصبغ، وخامسها: للصقلي: قياس قول ابن القاسم: أن يقوم العبد، فإن كانت قيمته خمسين شفع بمائة وثلث قيمة الشقص، وإن كانت مائة فبمائة وخمسين وربع قيمة الشقص، ولو دفع الشقص مع الموضحتين في عرض، فقال محمد: يبدأ من قيمة العمد بقيمة الشقص والخطأ فيما فضل للعمد، فإن كانت قيمة النقص خمسين وقيمة العرض مائة وخمسة وعثرين شفع بخمسين قيمة العرض، وإن كانت قيمته مائة فأقل شفع بنصف قيمة العرض. ابن محرز: هذا على اختياره قول ابن نافع، وعلى قول ابن القاسم: يشفع بجزء من قيمة العمد، وهو المسمى للخارج من تسمية قيمة الشقص منها مع دية الخطأ والخمسين المقدرة للعمد. ... لشقص الثواب لا تجب فيه شفعة قبل فوته وثوابه. وفي وجوب بفوته دون القضاء بالثواب نقلا اللخمي عن ابن عبد الحكم مع أشهب وعبد الملك مع ابن القاسم: والشفعة إن أثاب قبل فوته كما لو بيع به، فإن كان بعد فوته ففي كونه كذلك وكونها بالأقل من قيمته وقيمة الهبة، نقلاه عن عبد الملك مع ابن القاسم وأشهب لقوله بإيجاب العين في الثواب، وعدم جبر الواهب على قبول

عرض فيه. قال: والقياس كونها بالأم منهما؛ لأنه إن كانت قيمة الثواب أكثر قال: لأجله وهبني وإلا لباعه في السوق، وإن كانت أقل قال: إنما آخذ ذلك بدينه على، وهي القيمة إحسانا على إلا أن يعلم أن الموهوب له ملك وأخذ ذلك منه للتخلص منه، أو تكون قيمته أقل بالشيء الكثير ككون قيمة الهبة مائة وقيمة الثواب عشرون فاختلف هل يشفع بعشرين أو تسقط الشفعة كهبة على غير عوض كمن أوصى ببيع شقصه من فلان بعشرين وقيمته مائة. قال: وعكسه الإثابة بشقص عن هبة عبد إن أثابه به قبل فوات العبد شفع بقيمة الشقص قلت أو كثرت، وإن كان بعد الفوت فعلى قول ابن القاسم بقيمة الشقص، وعلى قول أشهب بالأقل منها ومن قيمة العبد، والقياس بالأكثر منهما. وفيها: من اشترى شقصا بألف درهم ثم وضعه البائع تسعمائة بعد أخذ الشفيع أو قبل، فإن أشبه كون ثمنه عند الناس مائة في بيعهم وضع ذلك عن الشفيع؛ لأن الزائد إنما كان لقطع الشفعة، وإن لم يشبه كون ثمنه مائة لم يحط الشفيع شيئا. الصقلي: مثل كونه ثلاثمائة أو أربع مائة، وله في موضع آخر: إن حطه ما يشبه أن يحط في البيوع وضع ذلك عن الشفيع، وإن كان لا يحط مثله لم يحط وكانت هبة، وهذا والأول سواء، وسبقه بهذا عبد الحق وزاد: لأن معنى قوله: إن حط ما لا يحط في البيوع لا يوضع عنه شيء؛ يريد: وثمن الشقص أكثر من الباقي بعد الحطيطة، وأما إن كان ثمن الشقص مثل الباقي من الثمن بعد الحطيطة فأقل فالأمر عل ما ذكر أولا؛ لأن إظهارهما جملة الثمن سبب لقطع الشفعة، فالحطيطة على ثلاثة أقسام، منها ما هو هبة للمبتاع لا يحط للشفيع، وما يشبه حطيطة البيع يحط للمبتاع بل للشفيع، وما يظهر أنه لقطع الشفعة فسقطاه فيكون الباقي من الثمن مثل قيمة الشقص فهذا يحط للشفيع لتهمتهما أن يجعلا ما أظهراه سببا لقطع الشفعة. الصقلي: قال محمد: وقاله أشهب، قال: وهذا استحسان، والقياس أن يوضع عن الشفيع كل ما وضع قل أو كثر.

ولمحمد عن ابن القاسم: من باع شقصه في مرضه لمحاباة جاز ومحاباته في ثلثه، والشفعة فيه بذلك الثمن، وكذا لو كان صحيحا إلا أن يبيعه بما لا يشبه أن يكون ثمنا لقلته فلا شفعة فيه في صحة أو مرض. وسمع سحنون ابن القاسم: من باع في مرضه شقصه من رجل بعشرة دنانير وقيمته ثلاثون ومات، قيل للمشتري: إن لم يجز الورثة المحاباة زد عشرة وخذ الشقص، فإن فعل فللشفيع الأخذ بعشرين، فإن أبى المشتري من الزيادة قيل للورثة: أعطوه ثلث الشقص بتلا دون شيء، قيل لابن القاسم: لم لا يشفع بثلاثين وتكون عشرة المحاباة للمشتري؟ قال: لأن الشراء إنما وقع بعشرين كما لو باع بعشرين ما قيمته أربعون فالشفعة بعشرين بخلاف بيعه بأربعين ثم يضع عشرين؛ لأن ما وضعه من الثمن مما لا يتغابن الناس بمثله لم يوضع عن الشفيع. ابن رشد: من باع شقصا بعشرة قيمته ثلاثون في كون الشفعة في جميعه بعشرة وقصر الشفعة فيه على ثلاثة مناب الثمن الصحيح وثلثاه للمشتري كهبة له، ثالثها: يشفع بثلثه بعشرة. وفي ثلثيه بقيمتهما لهذا السماع والتخريج على قول ابن القاسم: لا شفعة في هبته، وعلى رواية ابن عبد الحكم: فيها الشفعة بالقيمة. قلت: لا يلزم من سقوطها منفردة عما يستتبعها سقوطها حيث ثبوته ولا من إعطائها حكم نفسها حيث كونها منفردة عنه إعطاؤها ذلك حيث ثبوته، ولو زاد مشتري الشقص بائعه بعد بيعه لقوله: استرخصت فزدني أو دونه، ففي كون الشفعة بالثمن أو دونها أو معها قولها مع أشهب قائلا: وللمبتاع الرجوع على البائع بالزيادة إن حلف ما زاده إلا فرارا من الشفعة وعبد الملك. اللخمي: لا أعلم له وجها إلا أن يعلم أنه لو لم يزده لادعى ما يفسخ به بيعه. ومن شفع في شقص بيع بمقوم رد بعيب أو استحق ففي مضي الشفعة بما وقعت، ويرجع البائع على مشترى الشقص بقيمته وبعض الشفعة إلى كونها بقيمة الشقص

فيخير الشفيع إن كانت أكثر أو خلاف الثمن؛ لأنه كان مليا ويرجع بنقص قيمته عن قيمة ما دفع إن كان الثمن من ذوات القيم قولها: والثمن عبد بزيادة بخلاف البيع الفاسد الذي تبطل فيه الشفعة مع محمد وأشهب، وأصبغ وسحنون مع عبد الملك، وتقدم قول أشهب في الشفعة: فيما اشترى بمنافع ثم تعذر تمامها. وفيها: ما اشترى بعبد فاستحق قبل الشفعة فيه فلا شفعة فيه، ولو غصب عبدا فابتاع به شقصا فلا قيام للشفيع ما دام العبد لم يفت، فإن فات فوتا يوجب قيمته فللشفيع الأخذ بقيمة العبد يوم اشترى الدار، ولو غصبه ألف درهم فابتاع بها شقصا فالشراء جائز وللشفيع الشفعة مكانه وعلى الغاصب مثلها، وإن وجدها المغصوب منه بعينها بيد البائع أخذها ورجع البائع عل المبتاع بمثلها والبيع تام. وفيها أيضا: من ابتاع شقصا بحنطة بعينها فاستحقت قبل أخذ الشفيع فسخ البيع، ولا شفعة في الشقص. الصقلي: في رواية الدباغ: أن من استحق بعد أخذ الشفيع مضى ذلك، ورجع بائع الشقص على المبتاع بمثل الحنطة. محمد: هذا غلط بل يرجع على المبتاع بقيمة الشقص، وقاله سحنون اللخمي إن كان البيع بطعام فاستحق أورد بعيب بعد الشفعة رجع البائع بقيمة الشقص، وتمت الشفعة على قول ابن القاسم بمثل الطعام، وعلى قول عبد الملك: بقيمة الشقص، وهو أقيس، وإن كانت قيمة الشقص أكثر من قيمة العبد أو الطعام خير الشفيع في التماسك بالشفعة وردها كمن شفع بثمن ثم بأن أنه أكثر، ولا أعرف نص خلاف في أن لا شفعة في استحقاق الطعام الذي هو ثمن الشقص قبل الأخذ بالشفعة. وقال التونسي في قولها فيه: فسخ البيع ولا شفعة فيما ما نصه: هذا الأشهر، وذكر محمد في استحقاق الطعام أنه يؤتى بمثله، وقوله في المدونة: إن أخذ الشفيع ثم استحق الطعام لم يرد وغرم له مثل طعامه، وتأوله بعضهم على أن الشفيع يغرم مثل قيمة الطعام ويرجع بائع الشقص بقيمة شقصه. وقيل: بل يغرم المشتري لبائع الشقص مثل الطعام بخلاف استحقاق الطعام قبل

أخذ الشفيع؛ لأنه لما فات بالأخذ ولزم إتمام البيع كان غرم مثل الطعام أهون، وفيه نظر؛ لأن الطعام إن كان يراد لعينه وجب متى استحق أن لا يؤتى بمثله قبل أخذ الشفيع أو بعده، وإن كان لا يراد لعينه كالعين وجب أن تؤتى بمثله قبل أخذ الشفيع أو بعده. قلت: قوله: ذكر محمد في استحقاق الطعام أنه يؤتى بمثله في ثبوته نظر؛ لأن في النوادر ما نصه: قال محمد: من ابتاع شقصا بحنطة فأخذه الشفيع بمثلها ثم استحقت الحنطة الأولى فقال ابن القاسم: يرجع على بائعها بمثلها. قال محمد: هذا غلط بل يرجع بقيمة شقصه ولو لم يأخذه بالشفعة لأخذه بعينه، وقد قال مالك: من ابتاع حنطة بعينها فاستحقت أنه لا يرجع بمثلها اه، فهذا نص منه على عدم الإتيان بمثلها إن استحقت، فلعله أطلق على لازم الإتيان بمثله بعد الشفعة عنده اسم ملزومه بناء منه على أن لازم المذهب مذهب، وفيه خلاف مذكور في مسألة تكليف ما لا يطاق، والأظهر الأول إن كان اللازم بينا، حسبما نص عليه آخر كلامه ذكرا. وفيها: إن اختلف الشفيع والمبتاع في الثمن صدق المبتاع؛ لأنه مدعى عليه إلا أن يأتي بما لا يشبه مما لا يتغابن الناس بمثله، فلا يصدق إلا أن يكون مثل هؤلاء الملوك الذين يرغب أحدهم في الدار اللاصقة بداره فيثمنه، فالقول قوله إذا أتى بما لا يشبه. اللخمي: القول قول المبتاع مع يمينه إن ادعى الشفيع حضور شرائه بما ادعاه أو إقراره بذلك، وإلا ففي سقوط يمينه ولزومه لتهمته قولان، ولزومها أحسن إلا أن يكون من أهل الثقة والدين. وسمع القرينان: لا يمين عليه إلا أن يدعي من الثمن ما يستنكر ولا يعرف. ابن رشد: حمل الشيوخ هذا السماع على أنه خلاف المدونة وأن مراده فيها مع يمينه، وليس بصحيح؛ لأن معنى السماع أن الشفيع لم يحقق الدعوى على المشتري وإنما أراد حلفه بالتهمة، ومعنى قولها أنه حقق عليه الدعوى. وإن ادعى المشتري ما لا يشبه وأتى الشفيع بما يشبه ففي المدونة أن القول قوله،

وقيل: القول قول المشتري مع يمينه، ويخير الشفيع في الأخذ بذلك والترك، وهو هذا السماع وقول مطرف، وقيل: يخير في الأخذ بالقيمة إلا أن يكون للمشتري بينة على مشاهدة الصفقة بالنقد فيخير الشفيع في الأخذ بذلك والترك، والبينة على توافق المشتري والبائع على الثمن لغو، قاله ابن حبيب، ولا يمتنع عندي أن يكون شاهدا يحلف معه إن كان عدلا ولم يتهم في شهادته على قول ابن القاسم في سماع أبي زيد في مسألة اللؤلؤة إذ لا تهمة في شهادته له، وإنما يتهم لو شهد الشفيع على المشترى؛ لأنه يقلل العهدة على نفسه فيما يستحق من الشقص إن استحق منه شيء. قلت: ما نقله عن ابن حبيب مثله. نقل الصقلي عن محمد: لا ينظر إلى قول البائع وإن كان عدلا جائز الشهادة؛ لأنه لا يشهد على فعل نفسه. ابن رشد: ومعنى ما في المدونة: إن أتيا بما لا يشبه حلفا جميعا على دعواهما وكانت له الشفعة بالقيمة، وإن حلف أحدهما فقط كان القول قول الحالف وإن لم يشبه قوله؛ لأن صاحبه أمكنه من دعواه بنكوله. قلت: وقاله اللخمي، وزاد قول أشهب: إن أتى المشتري بما لا يشبه ولا علم عند الشفيع من ذلك قبل قول المشتري بيمينه ليس بحسن، وهوكمن غيب الثمن، فإن رجع لما يشبه وإلا خير الشفيع في أخذ الشقص ولا يدفع ثمنا إلا أن يثبت الثمن أو يلزمه بيان الثمن، فإن لم يثبته سجن، ومحمل قوله: أنه أتى بما لا يشبه إن باع به في الغالب، ولو قال فيما ثمنه خمسون: اشتريته بثمانين لم يقبل قوله بحال، وهو كمن غيب الثمن. الصقلي: اختلف إن أتيا بما لا يشبه، وأعدل الأقاويل أن يحلفا ويشفع بالقيمة. اللخمي: إن جهل لطول السنين لغيبة الشفيع أو صغره ففي سقوط الشفعة قول ابن القاسم في الموازية، وقول عبد الملك: يشفع بالقيمة ولم يبين هل هي يوم البيع أو اليوم والأول أحسن. وفيها إن أقاما البينة وتكافتا في العدالة كانا كمن لا بينة لهما وصدق المبتاع.

الصقلي: عن سحنون: البينة بينة المبتاع وليس تهاترا؛ لأنها أزيد كاختلاف المتبايعين في الثمن وأقاما بينة فالبينة بينة البائع؛ لأنها زادت، وقاله أشهب. الصقلي: هذا إن كانت عن مجلس واحد فقيل: تكاذب، وقيل: يقضي بالبينة الزائدة، وفي الموازية: إن كانت عن مجلسين فالبينة بينة الشفيع إن كانوا عدولا وإن كانت بينة الآخر أعدل؛ لأن بينة الشفيع إن كان قبل فقد زاده المبتاع بعد الصفقة، وإن كانت بعد فهو وضيعة من الثمن، وإن كانت عن مجلس واحد قضي بأعدلهما، وإن تكافتا سقطتا وصدق المشتري بيمينه. وفيها إن أنكر المشتري الشراء وادعاه البائع تحالفا وتفاسخا، ولا شفعة بإقرار البائع. الصقلي: عن الشيخ: يعني بقوله: يتحالفان؛ أن المبتاع وحده يحلف فيبرأ. محمد: إن كان المدعى عليه الشراء بعيد الغيبة أخذه الشفعي ودفع الثمن للبائع إن لم يقر بقبضه ولا عهدة له عليه إلا في الاستحقاق، ويحب للغائب العهدة في كل شيء، فإن قدم فأقر كتب عليه عهدته، وإن أنكر حلف ورد الشقص لبائعه. محمد: أحب إلي أن لا يرد إليه إذا رضي أخذه بلا كتب عهدته ولكن يشهد على البائع بقبض الثمن وعهدة الثمن فقط. اللخمي: قول محمد صواب، وأرى الحاضر مثله له الشفعة. قلت: وقول ابن الحاجب واختاره اللخمي يقتضي أنه سبقه به غيره في الحاضر ولا أعرفه لغيره، فالأولى تفسير قول ابن الحاجب واختاره اللخمي بقول اللخمي، وقول محمد صواب. وفيها: من أقر أنه ابتاع هذا الشقص من فلان الغائب فلا شفعة فيه بإقراره؛ لأن الغائب إن أنكر بيعه كان له أخذه وأخذ مدعي الشراء بكراء ما سكن، ولو قضى بالشفعة قاض لم يرجع الغائب بذلك فيبطل حق الغائب في الغلة. الصقلي: لمحمد: عن أشهب: إن كان الشقص بيد مدعي الشراء ففيه الشفعة، ثم إن جاء البائع فأنكر أخذ شقصه ورجع الشفيع بالثمن.

محمد: قول ابن القاسم أحب إليَّ. وفيها: إن قال: اشتريت الشقص بمائة، وقال الشفيع: بخمسين، وقال البائع: إنما بعته بمائتين، فإن لم يفت بطول زمان ولا بهدم ولا تغير مسكن أو بيع أو عطية فالقول قول البائع، وإن تغيرت الدار بذلك في يد المشتري قبل قوله والشفعة فيه بذلك. وصورها اللخمي بدعوى البائع مائة والمشتري خمسين، وقال: إن نكل البائع وحلف المشتري غرم خمسين وشفع الشفيع بها، وإن نكل وحلف البائع أخذ مائة. قال محمد: عن أشهب: ويشفع الشفيع بخمسين فقط؛ لأن الزائد على قول المشتري ظلم. قال: ولو رجع المشتري لقول البائع لم يقبل منه، وقال ابن الماجشون وأصبغ: يشفع بمائة، والأول أصوب، وللشفيع قبل الفسخ أن يشفع بمائة يكتب عهدته بخمسين منها على المشتري وعلى البائع بخمسين على قول ابن القاسم، ولوكره المشتري فليس له ذلك على قول أشهب قياسا على قوليهما: إذا استحق من الأرض ما يوجب الرد ورضي الشفيع الأخذ وأراد المشتري الرد، فقال ابن القاسم: ذلك للشفيع، ولم يره أشهب للعهدة التي تكتب عليه وهو في الاختلاف في الثمن أحسن، وله الشفعة قبل التحالف أو بعد يمين أحدهما، وكذا إن حلف على أن البيع منعقد حتى يحكم بفسخه. وإن اختلفا بعد فوت الشقص فقال ابن القاسم: القول قول المشتري مع يمينه ويأخذ الشفيع بما حلف عليه. وقال أشهب: يتحالفان، وعلى المشتري قيمتها يوم الصفقة إلا أن تكون القيمة أم مما ادعاه البائع أو أقل فأقاله المشتري ثم تكون الشفعة فيما تستقر به القيمة فجعل الشفعة بالقيمة، وإن كانت أكثر من الثمن والمشتري مطلوب بها؛ لأن إيمانها فسخ للعقد الذي كان بينهما والقيمة بدل من العين، وإذا انفسخ العقد كان الثمن للقيمة بخلاف المسألة الأولى، وإذا حلف البائع ونكل المشتري؛ لأن العقد بحاله لم ينفسخ، وكانت الخمسون مظلمة من المشتري، ولا يدخل هنا قول ابن الماجشون إذا فات؛ لأنه

مع القيام كالمتعدي، ولا يعد مع الفوت كالمتعدي، وإن قال المشتري: اشتريت مقسوما، وقال الشفيع: شائعا؛ فالقول قوله. اللخمي: لأن الأصل الشركة، ولأن نصف المشتري أنه اشتراه للشفيع فلا يقبل قول المشتري عليه أنه باعه بالذي اشتراه هو منه. قلت: هو سماع عيسى ابن القاسم، قال ابن رشد: إنما علم أن الأرض كانت مشتركة بين البائع والشفيع بينة أو بإقرار البائع قبل البيع، وإن لم يقر بذلك إلا بعد البيع لم يقبل قوله على المشتري؛ لأنه شاهد للشفيع فيحلف معه إذ كان عدلا ويشفع إلا أن يأتي المشتري ببينة أن البائع قاسم الشفيع قبل البيع. اللخمي: وعكسه لو قال المشتري: اشتريت النصف شائعا، وقد مات البائع أو غاب، وقال الشريك: كنت قاسمت شريكي قبل أن تشتري أنت منه؛ كان القول قول المشتري. وفي أحكام ابن سهل: لو ادعى شريك أن شريكه باع شقصه من آخر وقام بالشفعة فأنكر التبايع، فقال ابن لبابة/ يحلف البائع ما باع، فإن حلف سقطت دعوى الشفيع، وإن نكل حلف المدعي عليه الشراء؛ وإن نكل حلف المدعي عليه الشراء، فإن حلف سقطت دعوى السفيع، وإن نكل حلف مدعيها أنهما تباعيا بكذا وثبتت شفعته، وقال أيوب بن سليمان ومحمد بن وليد، وأحمد بن يحيي وعبيد الله بن يحيي: لا يمين على بائع ولا مبتاع.

كتاب القسمة

[كتاب القسمة] القسمة: تصير مشاع بين مملوك مالكين معينا ولو باختصاص تصرف فيه بقرعة أو تراض، فيدخل قسم ما على مدين ولو كان غائبا، نقله الشيخ عن ابن حبيب،

ورواه ابن سهل في طعام سلم، ويخرج تعيين معتق أحد عبديه أحدهما، وتعيين مشتري أحد ثوبين أحدهما، وتعيين مطلق عدد موصي به من أكثر بموت الزائد عليه قبل تعينه بالقسمة، ولم يعرفها ابن الحاجب ولا شارحوه. وتعريفها: الشيخ أبو العباس بأنها: اختصاص الشريك بما كان له مشاعا، يرد بأن اختصاص الشريك بالمشاع ثابت حال شركته خاصا بها أو عرضا عاما لها ولمقابلها، فهو مباين للقسمة أو أعم منها فيمنع تعريفها به، ودليل ثبوته حال الشركة قولها مع غيرها: إن باعت إحدى الزوجتين الوارثتين دارا حظها منها فالأخرى أحق بالشفعة فيه من سائر الورثة، فلولا اختصاصها بحظها مشاعا كانت أشفع، وإن عني بقوله: اختصاص الشريك؛ أن يتعين له ما كان مشاعا، ففيه عناية بغير لفظ معينها مع يسره، ويبطل طرد باختصاص موصي لها بعدد من أكثر منه المتقدم ذكره، واختصاص من تعدى عليه شريكه بما أتلف من المشترك بينهما المثلي قدر حظه المتعدي، كنقله قفيز حنطة بينهما في مفازة عر وأتلف قدر حظ الناقل منه.

باب قسمة المهانات

[باب قسمة المهانات] وهي أنواع، الأول: قسمة مهاناة بالنون وبالياء، وهي: اختصاص كل شريك بمشترك فيه عن شريكه فيه زمنا معينا من متحد أو متعدد تجوز في نفس منفعته لا في غلته.

وفي مدتها ثلاثة: الشيخ: عن ابن عبدوس: روي ابن القاسم: قول أحد الشريكين في العبد: أختدمه أنا اليوم وأنت غدا، أو شهرا بشهر؛ جائز. ابن القاسم: وأكثر من شهر وشبهه. محمد: إنما يجوز خمسة أيام فأقل. والربع: قال ابن عبدوس: عن ابن القاسم: يجوز في الدور والأرضين، وما هو مأمون التهاني السنين المعلومة والأجل ككرائها، وليس لأحدهما فسخه، وإن تهانوا في دور أو أرضين على أن يسكن كل واحد أو يزرع ناحية جاز، وروي محمد: لا يجوز في الدابة أن يقول: خذ كسبها اليوم وآخذ كسبها غدا، وكذلك العبد، وروي محمد: إلا في يوم واحد. ابن عات: قيل: في غلة الرحا يومان، وقول عياض: هي ضربان: مقاسمة الزمان ومقاسمة الأعيان يوهم عرو الثاني عن الزمان، وليس كذلك، ومحمله إن كان المشترك فيه واحدا فتعلق القسم بالزمان ذاته، وإن كان المشترك فيه متعددا فتعلق القسم بالزمان فيه بالعرض؛ لأن متعلقه بالذات آحاد المشترك فيه ولابد فيه من الزمان إذ به يعلم قدر الانتفاع. الباجي والقاضي عن المذهب: عي بالمراضات لا بالجبر. ابن رشد: منها قسم الحبس للاغتلال في جبر المحبس عليهم، عليه ما لك يزد

عددهم بولادة أو ينقص بموت ومنعه، ثالثهما: يجوز برضاهم لبعضهم محتجا بقيولهم فيمن جنس في مرضه على ولده وولده يقسم الحسن على عددهم، وعلى غير ذلك من القدامى الموجودة في مسائلهم ولفظهم محتجا بقول مالك فييها: لا يقسم الحبس وغيرهم. قلت: عزا الأول ابن سهيل لعبيد الله بن يحيي ولمحمد بن لبابة وابن وليد وأيوب بن سليمان وابن أيمن، والثاني لابن الأعبس. قال: ويفسخ إن نزل، وعزا أخذ القولين من المدونة لابن عتاب. وقال: عن محمد بن يحيي بن لبابة: حملها على الخلاف غلط، إنما معني القسم في مسئله المرض في الانتفاع لا على أنه يلزم من يأبى؛ ومعناه في رواية علي: قسم البنات. قلت: الأقرب حمل القسم على ثمن المنفعة ومنعه على الربع المحبس نفسه. وقول ابن الحاجب: المهأنأة إجارة لازمة كدار أو دارين يأخذها كل واحد أو أحدهما مدة معينة وغير لازمة كدارين يأخذ كل واحد سكني دار يقتضي أن اللزوم في الأول ونفيه في الثاني لذاتهما، كقولنا: الكراء إما على الإجارة ككراء الدواب وإما على البلاغ ككراء السفن، وليس بصحيح؛ لأنه لو كان لذاته لزم التناقض في الجزء الثاني من المثال الأول ونفس المثال الثاني، ولو صرح بكونه لدخول الشريكين على البت في الأول وعدمه في الثاني كان صوابا، ولا أعرف طريقته هذه لغيره. وعبارة ابن شاس: هي ضربان: مهاناة في الأعيان كسكني أحدهما دارا لهما شهرا بشهر والآخر أخرى، ومهاناة في الأزمان كسكناهما دارا لهما شهرا بشهر واضحة، ويدخل عدم اللزوم فيها بمقتضى الكراء مشاهرة.

باب في قسمة التراضي

[باب في قسمة التراضي] الثاني: سماها القاضي قسمة بيع، وهي أخذ بعضهم بعض ما بينهم على أخذ كل واحد منه ما يعدله بتراض ملكا للجميع. وجعله الباجي ضربين: بتقويم ودونه، قال: وهما جائزتان ولو في جنسين، الأول أقرب لكونه تمييزا، والثاني لكونه بيعا يقام بالغبن في الأول لا الثاني. عياض: إلا اليسير فيغتفر؛ لأنه بتراض. وفيها: إن اقتسم رجلان أخذ هذا طائفة وهذا طائفة على أن الطريق لأحدهما وللآخر فيها الممر، أو أخذ أحدهما الغرف والآخر السفل فذلك جائز لازم؛ لأنه بيع. عياض: تأول سحنون مسألة الطريق على المراضاة لا القرعة لوجوب إخراج الطريق في القرعة قبل القسمة، وعممها فيهما أبو عمر ابن المكوي. قال: لأنه قد لا يحتاج لإخراج الطريق في كل قسمة كدار تحيط بها الطريق بحيث يخرج كل ذي نصيب منها بابه الطريق، وإن اضطر إلى خروجهم من النصيبين معاً على

باب في قسمة القرعة

باب الدار نفسها فلا يقسم الباب وتقوم رقبته في أحد النصيبين على أن للآخر فيه الممر. قلت: يؤيده قولها: إن اقتسما أرضا على طريق لأحدهما على الآخر وهو لا يجد طريقا إلا عليه لم يجز، وليس هذا من قسم المسلمين، وفي قوله: في الباب نظر، والصواب إبقاؤه بينهما كالساحة، وقولها: إن قسموا البناء والساحة رفعوا الطريق، وأن قسموا على أن يصرف كل بابه بناحية، ولا يدعوا طريقا جاز ويصرف كل طريقه حيث شاء. [باب في قسمة القرعة] ***** قسمة القرعة هي المذكورة بالذات وهي فعل ما يعين حظ كل شريك مما بينهم بما يمتنع علمه حيث فعله فيجزي المقسوم بالقيمة على عدد مقام أقلهم جزءا. الباجي: صفتها أن تقسم العرصة على أقل سهام الفريضة ما هو متساو قسم بالذراع، وما اختلف قسم بالقيمة. ابن حبيب: هذا قول جميع أصحابنا. القاضي: رب جريب يعدل جريبين من ناحية أخرى، ولابن عبدوس عن سحنون: في الشجر تقوم كل شجرة ويسأل أهل المعرفة بالقيمة، ومن خبر حمل كل

شجرة، ورب شجرة لها منظر بغير فائدة وأخرى بالعكس، فإذا قوم جميع ذلك بكل القيمة جمع القيمة وقسمها على قدر السهام ثم يكتب أسماء الشركاء في رقاع وتجعل في طين أو شمع ثم ترمي كل بندقة في جهة انتهى. وسمع عيسى ابن القاسم كيفية قسم الحائط أو الدار أو الأرض أن تقسم على أدناهم سهما ثم يضرب في الطرفين فأيهم وقع له سهمه في أحد الطرفين ضم له نصيبه إلى حيث وقع له سهمه، ثم يضرب في الطرفين فأيهم وقع له سهمه في أحد الطرفين ضم له نصيبه إلى حيث وقع له سهمه، ثم يضرب لمن بقي فيما بقي كذلك في أحد الطرفين بعد الذي عزل، فإذا وقع سهم أحدهم في شيء ضم إليه نصيبه إلى حيث وقع سهمه حتى يكون نصيب كل واحد مجتمعا، كذا فسر لي مالك ووصف إن كان أدناهم سهما ذا السدس قسمت الأرض على ستة أجزاء بالقيمة، فإن كان بعض الأرض أفضل فضلت بالقيمة على قدر تفاضلها، قد تكثر الأرض في بعض تلك السهام لردئتها، وتقل في بعضها لكرمها، فإذا استوت في القيمة كتب أهل سهم اسم سهمهم، ثم أسهم في الطرفين معا، فمن خرج سهمه في طرف ضم له ما بقي له من حقه. قال عيسى: إن احتملت الكريمة القسمة قسمت على حدتها والدنية على حدتها. ابن رشد: قوله: تقسم على أدناهم سهما؛ معناه: إن كانت فريضتهم تنقسم على أدناهم سهما مثل كمن تركت زوجا وأما وأختا لأم تقسم أسداسا، ثم يضرب لسهامهم على الطرفين، فإن خرج سهم الزوج في أحد الطرفين، وسهم الأم في الطرف الآخ كان للأخت السدس الباقي في الوسط، وإن خرج للطرفين سهما الأخت والأم فالوسط للزوج، وكذا إن خرج سهم الأم وسطا. وقيل: إنما يضرب لسهامهم على الطرف الواحد أبدا، وهو الثابت في كل رواياتها، وإن كانت فريضتهم لا تنقسم على أدناهم سهما قسمت على مذهب ابن القاسم على مبلغ سهام فريضتهم التي تنقسم منها، وإن انتهى سهم أقلهم نصيا إلى عشرة أسهم أو أقل أو أكثر، كزوج وأم وابن وابنة تصح فريضتهم من ستة وثلاثين تضرب سهامهم على الطرفين كما مر من خرج منهم سهمه على طرف أخذ منه كل سهامه ثم يسهم بين الباقين، فمن خرج سهمه على طرف ضم له بقية حقه، وللباقين ما بقي.

وقيل: لا يسهم إلا على بعد طرف، فإن تشاحوا على أي الطرفين يسهم عليه أولا أسهم على ذلك، وهو قوله فيها: ففي كيفية تعيين الخط أربعة أقوال: سماع عيسى: يطرح اسمين على الطرفين يضم لكل ذي اسم كل حظه، فإن بقي واحد أخذ ما بقى، وإن بقي اثنان طرح اسم على كل طرف لمن بقي، وإن بقي أكثر فكما فعل أولا. ابن رشد: كل رواياتها إنما يسهم على طرف واحد. عياض: ولابن أبي زمنين عن رواية ابن وضاح فيها: إذا ضرب على أحد الطرفين أكمل لمن خرج اسمه كل حظه كان زوجة أو أما أو غيرهما، ثم يقسم ما بقي على أقل من بقي سهما، أو يبتدئ القسمة والقرعة على أي الطرفين، وأنكرها سحنون، وقال: يقسم على أقل الأنصباء حتى تنفذ السهام. وقال ابن لبابة: مذهبها أن يبدأ بالضرب لذي الحظ الأقل، وحكاه فضل عن أبن الماجشون/ وقال المغيرة خلافه: يسهم للزوجة حيث خرج سهمها. قلت: إنما عزا الباجي الأول لنقل محمد بن عبد الحكم. قال: وقال أبو محمد: إنما هذا إذا كانت القسمة بين ابن وزوجة، وهذا الذي ذكره أبو محمد قد يكون مع الجماعة أيضا إذا كانوا أهل سهم كالعصبة لقول مالك في المجموعة في قسم الأرض والعصبة يضرب لها في أحد الطرفين. ابن القاسم: ولو كانت العصبة جماهة. قال حبيب: لأنهم أهل سهم واحد. وقال المغيرة: تعطي حقها حيث خرج في طرف أو غيره، وقال ابن الماجشون. قلت: وهذا خلاف ما عزاه عياض لابن الماجشون وعلى الضرب على طرف في الضرب على الطرفين لتعيين الضرب على من خرج اسمه منها، ثالثها: إن تشاحا، للخمي عن ابن عبدوس. ونقل عياض عن ابن لبابة: لحضرة اعتبار التشاح بينهم في قسم الأجزاء من قبلة إلى جوف أو من شرق إلى غرب لاختلاف أغراضهم لجواز قرب ملك أحدهم لما

يصير له بمقتضى الأول لا الثاني أو العكس ولها. وفيها: إن ضرب على أحد الطرفين لخروج اسمه على الضرب على الطرفين ثم تشاحوا ضرب أيضا على الطرفين، فإن بقي اثنان فتشاحا على أي الطرفين يضرب لم ينظر إلى قول واحد منهما، وضرب القاسم على أي الطرفين شاء، وظاهر قول الجلاب إذا اختلف المتقاسمان في القرعة على إحدى الجهتين أقرع بين الجهتين، فأيهما خرجت قرعتها أسهم عليها خلافها، ولك يحك عياض غير الأول. وسمع ابن القاسم: شئل عن الرجل والمرأة يرثان الدار فيقع لأحدهما مواريث بعضها بعد بعض أيجمع له كل حظه في قسم واحد أم يقسم على ما ورثا؟ قال: يجمع له كل حظه في قسم واحد. ابن رشد: هذا بين أن القسمة إلى ما تناهى إليه حظه بالمورث والشراء، وإن كان شيئا بعد شيء، وذلك بين ان انقسمت الدار على ما انتهى إليه حقه، وإن لم تنقسم على ما انتهى إليه حظه فيها، وتنقسم على ما كان له فيها أولا فيشبه أن يكون من حقه أن يقسم له حقه الأول منها إذا كان الزائد بميراث؛ لأنه يقول: وجبت لي القسمة فليس الميراث الذي وجب لي بمسقط حقي في القسمة، وأن لا يكون ذلك من حقه إن كان ذلك بشراء أو هبة بعدها. الشيخ: عن المجموعة: في زوج وأم وابن قاطعا الزوج على شيء من التركة، فإن سلم لهما باقي الميراث فليقسما بقية المال على تسعة منها للأم تسعان. ابن حبيب: وروي مطرف في أحد ورثة الدار أو الأرض يشتري من بعضهم أو يوهب له ثم يقتسمونه أنه يجمع له ما ورث وما صار إليه منهم، وقول ابن الحاجب: أصحاب الفريضة الواحدة يجعلون أولا كواحد ثم يقتسمون ثانيا؛ يريد: كأخوين ورثا دارا، ثم مات أحدهما عن ورثة فهو مع الباقي كواحد، ولم يقيده ابن عبد السلام ولا ابن هارون، ومقتضي ما تقدم من سماع ابن القاسم تقييده بما إذا لم يحتمل القسم بالوراثتين. الشيخ: في المجموعة: قال ابن الماجشون: ما للأخوين وأخت يقسم على خمسة

أجزاء ويضرب بثلاثة أسهم، وقيل: بخمسة، والأول أصوب. قلت: هو مقتضي جمع حظ من خرج اسمه. الشيخ: عن سحنون: يبدأ في قسم الدار برفع الطريق من باب الدار إلى أقصى بيوتها يطرح ذلك لا يحسبه على أحد ثم يقسم ما بقي. قلت: تقدم لأبي عمر المكوي تقييد ذلك. وفيها: إن اقتسما دارا بأن أخذ أحدهما مقدمها والآخر مؤخرها على أن لا طريق لصاحب المؤخر على الخارج جاز إن كان له موضع يصرف إليه بابه وإلا لم يجز، وإذا اقتسموا دارا مذارعة بالسهم فإن كانت كلها سواء جاز، وإن تفاوتت أو كانت سواء وجعلوا في ناحية أكثر من ناحية لم يجز. وسمع ابن القاسم: لا يجمع حظ اثنين في القسم. ابن رشد: هو قوله فيها: ومعناه: إن لم يكونوا أهل سهم واحد. قلت: للخمي من فصل قسم الوصي: يجوز جمع نصيبين في قسم التراضي. **** ومنعه ******* قولا أشهب وابن القاسم. وسمع أيضا: إن قال أحد ورثة الإخوة للأم: أقسموا لي حظي على حدة لا تضموه لإخوتي ليس له ذلك، يقسم لهما جميعا الثلث ثم يقاسمهم، وكذا الزوجات في الربع أو الثمن، وكذا العصبة الإخوة وغيرهم. ابن رشد: لا خلاف في ذلك في أهل السهم الواحد وهم الأخوات والزوجات والبنات والأخوات والجدات والأخوة للأم والموصي لهم بالثلث. ***** العصبة كذلك واستقلال كل منهم بحظه لا يجمع مع مثله، ثالثهما: إن أرادوا لهذا السماع مع ابن حبيب والمغير، ويحتمل مثله لسحنون؛ ولذا طرح سحنون قول ابن القاسم فيها متصلا بقول مالك. قد قال لي مالك ما أخبرتك أنه لا يجمع نصيب رجلين في القسم، وهذا عندي في أهل الميراث كلهم غيرها هؤلاء، وهذا تفسير مني عن مالك، وقول ابن القاسم فيها؛ لأنه فسر قول مالك فيها: من ترك زوجة وعصبة وأرضا أن المرأة يضرب لها

بحقها في أحد الطرفين، كان العصبة واحدا وعدد لا يريدون القسمة. واختلف في قول مالك: يضرب لها مع العصبة في أحد الطرفين فقيل: ذلك مع الورثة من كانوا ثم يقتسمون إن أحبوا، وهو ظاهر قوله فيها، ورواية ابن الماجشون، وقيل: مع العصبة فقط. قلت: مقتضي قول عياض: اختلف في تأويل قول مالك فيها: لا يجمع نصيب اثنين في القسم قال ابن القاسم: معناه عندي في أهل الميراث كلهم غير العصبة، قالوا: وتأويل ابن القاسم هذا خلاف قول مالك وغير مراده أنه لا يجمع فيها سهامهم فيه سواء. فإن اختلف كأصحاب ثلث وأصحاب سدس وأصحاب نصف كل صنف في القرعة عليه خلاف ما ذكر ابن رشد من الاتفاق على الجمع في الإخوة للأم ونحوهم. الجلاب: لا يجمع بين اثنين في القسم إلا أن يتراضى كل الشركاء بذلك. الشيخ: عن ابن حبيب: لا يأمر القاضي إلا المأمون المرضي، وإن كان اثنين فهو أفضل، وإن لم يجد إلا واحدا كفى. وفيها: يضيف القاسم إلى القسم قيمة خشب السطح والغرف مع قيمة البيوت التي تحت ذلك، فظاهره كفاية الواحد، ونحوه يأتي لابن القاسم في سماعه، وفي الزاهي: يقسم اثنان كالشهادة. وسمع ابن القاسم: كره مالك جعائل الذين يحسبون مع القاضي ويقسمون الدور. ابن القاسم: وذلك رأيي، وأرى أن ينظر الوالي رجلا ممن يحتاج إليه في أمر المسلمين ويحسبه عليهم، ويجري عليه عطاؤه كالغزاة وكالقاضي. ابن رشد: مثله فيها وكرهه؛ لأن القاضي هو الحاكم بذلك على اليتيم باجتهاده، فلعله لو كان مالكا أمر لوجد من يقسم له بأقل مما جعله القاضي عليه، وكذا إن قضي بين قوم وأمر القاسم بذلك وجعل له أجرة باجتهاده يكرهله أخذ ذلك، إذ لعلهم لا

يرضون بذلك القدر، وإن رضي به المحكوم له فقد قيل: لا يرضي به المحكوم عليه؛ ولذا قال مالك لمن سأله في هذا من القضاة: ليكن من شأنك أن تأمر الورثة يرتضون رجلا، فإذا ارتضوه وليته أمرهم يحسب بينهم، ومن هذا المعنى جعل الشرط على الناس فيما يبعثون به من أمرهم حسبما سمعه ابن القاسم في كتاب السلطان: وإن استأجر القوم قاسما فلا كراهة في ذلك، وقاله في المدونة، وكذا ما جعله الإمام من بيت المال؛ لأن في مصالح المسلمين. عياض: إن كان ذلك من بيت المال فجائز، وإن كان من أموال اليتامى والناس قسموا أو لم يقسموا فحرام، وبه علل المنع مرة في الكتاب، وإن كان باستئجار الناس مرة لحاجتهم فجائز إلا أنه كرهه في الواضحة. قلت: ما ذكره عن الواضحة خلاف ما تقدم لابن رشد، وعزاه للمدونة، وفي قول ابن عبد السلام: إن جعل له من بيت المال عوض على عمله حرم عليه الأخذ من الناس، وإن جعل له إعانة له كره ولم يحرم نظر، والأظهر الحرمة فيهما لتشبيه ابن القاسم أجراؤه عليه من بيت المال بإجراء أرزاق القضاة. ولنقل الشيخ عن ابن حبيب: إذا جرى القاسم عطاؤه من بيت المال أو من الفيء لم يحل له أن يأخذ ممن يقسم لهم شيئا؛ لأنه كالقاضي المرتزق، وإنما يفترق الوجهان لو طرأ عليه ما يمنعه من القسم من مرض ونحوه، فعلى أنه أجير تسقط مدة مرضه، وعلى أنه إعانة لا تسقط. **** على الرؤوس أو قدر الأنصباء قولها مع ابن رشد عن نوازل سحنون في الأجير على حرز الأعدال ونوازل أصبغ قائلا: لا أقول بقول ابن القاسم مع ابن عبد الحكم، وسماع يحيي ابن القاسم في الأجير على الخصومة لقوم. وصوب احتجاج ابن عبد الحكم بأنها إن جعلت على الرؤوس ربما صار على القليل النصيب أكثر من حظه، ونظرها أصبغ بكنس ساقية ماء لقوم عليها أملاك لبعضهم أكثر من بعض وبالشفعة، وفي نظائر أبي عمران: أن التقويم في العبيد والفطرة والشفعة على قدر الأنصباء، وكذا في نفقة القراض بمالي رجلين، وما

طرحه أهل السفينة خوف الغرق، والصيد يقسم على رؤوس الصيادين، وجناية معتق رجلين على عاقلتيهما بقدر حظيهما، وفي الأقضية منها: لا تجوز شهادة القسام على ما قسموا، وسمع القرينان: إذا اختصم القوم في قسم فقدم القاضي عدلا للقسم بينهم فأخبره بما صار لكل منهم قضي به، وإن لم يعلم ذلك إلا بقوله، وليكن من شأنه أن يأمر الورثة أن يرتضوا رجلا لذلك يوليه أمورهم. ابن رشد: وكذا كل ما لا يباشره القاضي من أمور نفسه قول مأموره فيه مقبول عنده، ولو اختلف الورثة يعد أن أنفذ بينهم ما أخبره به ابن القاسم، ولو يوجد رسم أصل القسمة التي قضي بها فقول ابن القاسم في ذلك وحده مقبول عند القاضي الذي قدمه لا عند غيره، كما لا تجوز شهادة القاضي بعد عزله على ما مضى من حكمه، وهذا معنى قولها لا تجوز شهادة القسام على ما قسموا، وقوله: وليكن من شأنط أن تدعوا الورثة فتأمرهم يرتضون رجلا؛ هو على الاستحباب لا الوجوب، ومن قدمه القاضي جاز وإن لم يرتضوه، وإنما يقدم القاسم بينهم إن طلبها بعضهم وأبى بعضهم أو كان فيهم صغير أو غائب، وإن كانوا حضورا كبارا راضين بالقسم فليس عليه أن يقدم لهم قاسما إن دعوه إليه، وليقدموا لأنفسهم قاسما تطوعا أو بأجر، وإذا قدم قاسما لغيبة بعضهم أو صغره فقسم فلا ينبغي للقاضي أن يشهد على إمضاء فعله حتى يعرضه على الكبار منهم وعلى من قدمه للصغير أو للغائب فيسلموه ويراه هو صوابا في ظاهره، إن لم يقف على صحة باطنه، فغن اعترضه بعضهم نظر في ذلك، وكذا إنما يقدم من يحسب لهم إن كانوا لا يقومون بالحساب أو كان بعضهم لا يقوم به، أو كان فيهم صغير أو غائب، وإن كانوا كبارا يقومون به أمروا أن يجتمعوا على الحساب، ولا يقد ملهم حسابا إلا أن يختلفوا في الحساب مع اتفاقهم على أصل المواريث. قلت: ما قاله ابن رشد وفسربه المدونة مثله نقل الشيخ عن ابن الماجشون. قال ابن حبيب: وكذلك العاقل والمحلف والكاتب والناظر للعيب لا تجوز شهادتهم عند غير من أمرهم لا وحدهم ولا مع غيرهم، كما لا تجوز شهادة المعزول فيما يذكر أنه حكم به، وهو تفسير قول مالك، وفي كتاب ابن سحنون عنه: إذا شهد

شاهدان على ما قسماه بأمر قاض أو بغير أمره أن كل إنسان ممن قسما بينهم قد استوفى نصيبه لم تجز؛ لأنهما شهدا على فعل أنفسهما، ولما ذكر الباجي قول سحنون وما تقدم لابن حبيب قال: في قول ابن حبيب نظر؛ لأن القسمة تصح من غير القاضي، وإنما يستنيب فيما يختص به كالأعذار ونحوه. قلت: هذا يقتضي أن قول ابن حبيب قول سحنون، والأظهر أنه وفاق، وأن معنىقول سحنون إنما هو عند غير القاضي الذي أمرهما؛ لأن نسبة قول سحنون كقولها، وقد جعل ابن رشد معنى قول ابن حبيب تفسيرا للمدونة. **** أنواع: الأول: المكيل والموزون إن كان صبرة واحدة فقال ابن رشد: لا خلاف في وجوب قسمه على الاعتدال بالكيل والوزن وعلى بين الفضل ولو حرم فيه التفاضل، ويجوز بالمكيال والضنجة المجهولين. ابن رزقون: قال ابن الماجشون: يقسم الرطب والتين والعنب على أكثر شأنه في البلد من وزن أو كيل. قال محمد بن عبد الحكم: لا بأس أن يقسم القاضي الزيت كيلا أو وزنا؛ أي: ذلك شاء، وقال أشهب في المدونة: بيع الزيت بالكيل، فأما الوزن فإن عرف ما فيه من الكيل فلا بأس به، وإن اختلف فلا خير فيه، فجعل الأصيل الكيل. قلت: ذكره قول أشهب في البيع يدل على أن ما به يعرف القدر في البيع والقسم سواء، وهو خلاف نص ابن رشد بالتفرقة بينهما وهو الصواب. ابن رشد: ولا يجوز قسمه جزافا دون نحر اتفاقا، وقسمه تحربا في المكيل ويجوز في الموزون ويدخل من الخلاف ما في بيعه تحريا. قلت: منع التحري في المكيل عزاء الشيخ لمحمد وابن حبيب. ابن رشد: وإن لم يكن صبرة واحدة وهو لا يجوز فيه التفاصيل كصبرتي قمح وشعير محمولة وسمراء ونقي ومغلوث لم يجز إلا باعتدال الكيل والوزن بمكيال معلوم وصنجة معلومة؛ لأنه فيما فضل أحدهما الآخر مبادلة بمكيال مجهول. ابن رزقون: ما كان ربوياً.

روى ابن حبيب فيه عن مالك وأصحابه: إنما يجوز قسمه كيلا أو وزنا أو عددا لا تحريا. وروي ابن القاسم: يجوز قسم الخبز واللحم بالتحري، وله شرطان: ابن حبيب: لأن الكيل لا يعدم ولو بالحفنة، وإنما تعدم الموازين، وظاهر قول مالك فيها: يجوز السلم في الخبز بالتحري جوازه مع وجود الموازين. والثاني: سماع عيسى ابن القاسم: أن ذلك في القليل دون الكثير. قلت: هو سماعه في السلم والآجال. قال ابن رشد: وهو تفسير لقول مالك. قال: وفي قسمة ما يجوز فيه التفاضل تحريا، ثالثها: فيما يباع وزنا لا كيلا لأشهب مع ابن حبيب، وهذا السماع وقولها آخر سلمها الثالث مع دليل قولها في القسمة: لا يجوز قسم البقل حتى يجز ويباع، ووقع في بعض الكتب حتى يجز أو يباع، فإن ثبتت الألف في ذلك دل على جواز قسمته تحريا بعد الجز. ونقل ابن عبدوس عن ابن القاسم ولابن زرقون: ما يجوز فيه التفاضل كالحناء والقطن والمسك وشبهه. روي ابن حبيب عن مالك والأخوان: جواز قسمه تحريا وتفاضلا لا على الشك، ولمحمد وابن عبدوس عن ابن القاسم: لا يجوز قسمه إلا كيلا في المكيل ووزنا في الموزون إلا أن يبين الفضل. ابن عبدوس: وقول ابن القاسم أحب إلي، وقول ابن عبدوس في البقول: أخطأ من قال عن ابن القاسم: لا يجوز قسمه بعد الجز تحريا، وهو يجيز التحري في الخبز واللحم فكيف بما يجوز فيه التفاضل خلاف ما استحب هنا. ابن رشد: إن لم يكن صبرة واحدة وهو مما يجوز فيه التفاضل جاز قسمه على التفاضل البين والاعتدال بالمكيال والصنجة المعلومين لا المجهولين؛ لأنه غرر، وواجب الحكم ألا تقسم كل صبرة إلا علة حدة فيجوز حينئذ بهما مجهولين؛ لأن قسم

الصبرة الواحدة تمييز حق. قال هو والباجي: لا تجوز القرعة في قسم شيء مما يكال أو يوزن، وعزاه ابن زرقون لسحنون قال: وكذا عندي ما قسم بالتحري؛ لأن ما تساوي في الجنس والجودة والقدر لا يحتاج إلى سهم كالدنانير والدراهم. قلت: تقدم للباجي لحم الأضحية خلافه فتأمله، الثاني: العقار في جمع الدور في القسم بتقارب مواضعها أو يتساوى نفاقها، ثالثها: بهما للباجي عن أشهب وابن القاسم في المجموعة وسحنون قائلا: إن كانت إحداهما قاعة لم يجمعا، فإن كان بناء أحدهما أجود جمعا إن كانتا في نمط واحد فليست الدور كالأرضيين، وقد تكون الدور في نم ونفاقها مختلف، ومن داري إلى الجامع نمط واحد وهو متباين. الباجي: والنمط قد يستعمل بمعنى التقارب في الصفة، ويحتمل أن يريد به المحلة الواحدة، ولابن رشد في كلامه على سماع أشهب راعي في قسمة الدور في هذا السماع اختلاف مواضعها لاختلاف نفاقها فلم يجز جمعها إن تباعدت مواضعها وإن اتفقت في التفاق عكس المدونة أنها تجمع إن اتفقت في النفاق واختلف في البعد، ولا تجمع إن اختلف مواضعها في النفاق وإن اتفقت في القرب، ويقوم من المدونة قول ثالث أنها لا تجمع إلا أن تتفق في النفاق والقرب. اللخمي: يراعي في قسم الدور مواضعها إن كانت في محلتين متقاربتين جمعت، كانتا في وسط البلد أو طرفه، وإن كانت إحداهما بوسطه والأخرى بطرفه لم تجمعا، وإن كانتا بوسطه واحدهما بمحلة شريفة والأخرى بمحلة مرغوب عنها لم تجمعا، وقد يستخف ذلك في البلد الصغير وصفتها، فغن كان منها الجديد والقديم الرث وهي ذات عدد قسم الجديد بانفراده والقديم بانفراده، وإن كانتا دارين كذلك جمعتا وهذه ضرورة. ***** المعروفة ... كغيرها وقبول قول مريد إفرادها، ثالثها: إن لم يكن شريفا لها به حرمة، ورابعها: إن كانه فلمن أبى المنع مطلقا، وإلا فشرط كونه ولذا سكنها مع أبيه لابن أبي زمنين مع أكثر مختصريها، وفضل وابن حبيب وعياض

عن بعضهم. اللخمي: إن اختلفت قيمة الدراين ككون قيمة أحديهما مائة والأخرى تسعين فلا بأس أن يقترعا على أن من صارت إليه التي قيمتها مائة أعطى صاحبه خمسة دنانير؛ لأن هذا مما لابد منه، ولا يتفق في الغالب أن تكون قيمة الدارين سواء. قلت: ظاهر الروايات منع التعديل في قسم القرعة بالعين وليس من شرط قسم الدور استقلال كل شريك بدار كاملة. اللخمي: وتجمع الحوانيت إن كانت بسوق واحد أو بسوقين تتقارب فيهما الأغراض، وإن تباينت لم تجمع، ولا تجمع الدور لهام ولا الفنادق ولا للحمامات، وأما جمع فندق إلى حمام فيسأل عنه أهل المعرفة بالرباع، فإن قالوا تتقارب فيها الأغراض جمعت وإلا فلا، ولا تجمع الحوانيت إلى الفنادق، ويستحب جمع الحوانيت إلى دور الغلة. وفيها: إن كانت دار بين رجلين فقال أحدهما: اجعلوا نصيبي لجنب دار له أخرى حتى أفتح فيها بابا لم يقبل قوله وقسمت، فحيث وقع سهمه أخذه، وإن اقتسماها فاشترى أحد النصيبين هو ومن اكترى منه أو سكن معه فذلك له إن أراد ارتفاقا، ولا يمنع أن يجعل ذلك كسكة نافذة لممر الناس يدخلون من باب ويخرجون كالزقاق فليس له ذلك؛ وإن قسموا دورا فيها بيوت وساحة ولها غرف وسطوح بين يديها فقسموا البناء بالقيمة وأبقوا الساحة فالسطح يقوم مع البناء تقوم الغرفة بما بين يديها من المرتفق، ولصاحب العلو أن يرتفق بساحة أسفل كارتفاق صاحب الشغل، ولا مرفق لصاحب السفل في سطح العلو إذ ليس من الأفنية، ويضيف القاسم قيمة خشب السطح مع قيمة البيوت التي تحت ذلك، وعلى ربها إصلاح مارث منها. اللخمي: ما فسد من أجل تصرف صاحب العلو فإن إصلاحه عليه لا على ذي السفل وخشب الأجنحة لذي العلو إلا أن تكون ممدودة إلى سقف ذي السفل ينتفع بها.

كأحد خشبه، فما كان منها خارجياً فالذي العلو، وما كان منها داخلاً فالذي السفل، هذا إن كان الملك لواحد فباع أحدهما دون الآخر، وإن كان مشتري العلو أحدث تلك الخشبة فجميعها له، وإن كان لذي العلو خشب يصعد عليها إلي علوه وبنى عليها درجاً أو كانت سطحاً له كان خشبها له، وإن كانت محنية للسفل كان خشبها لذى السفل. قُلتُ: ظاهرها قسم العلو مع السفل بالقرعة. قال المتيطي: حمل المدونة أبو عمران مرة على التراضي، وهو نص ابن الماجشون، ومرة على القرعة، قال: فإن وقع تراضيا ولم يبينا لذي العلو مدخلاً ولا مجرى ماء كان على المدخل والمجرى القديمين حتي ينصا على أن ذا العلو يصرف ذلك لناحية كذا مما له الصرف إليه. وإن اختلفا في خشب سقف السفل وهو سطح الأعلى فهو لذي السفل اتفاقاً لقوله تعالى: *********** ************* فأضاف السقف لها. قال: ويجب في قسم الدار يآخذ كل منهما حداً معيناً بتراضي بيان كون الحد شرقياً أو غربياً أخذاً من منتهى الحد القبلي إلي منتهى الحد الجبلي، وذرعه من الشرق إلي الغرب في كل القطرين كذا، وفيه من البيوت كذا ومن العليات كذا على أن يفتح فلان لقطيعه بابا إلي محجة كذا، ويقيم في نصيبه مرحاضاً يخرج مجراه مع ما ينصب في داره من ماء السماء إلي محجة كذا إلي سرب كذا أو إلي حفره يحفرها فيها وينفرد الآخر بقديمها من ذلك، أو على أن يكون رقبة القديم من ذلك لفلان وللآخر فيه مجرد الانتفاع وعلى أن يقيما جميعاً من أموالهما على السواء من جزأيهما حائطاً موصوفاً بناؤه وقدره ارتفاعاً وعرضاً لسترهما يجعل فيه كا واحد من قاعته كذا أو على أن ذلك كله على أحدهما، فإن سكتا عن حكم المدخل والمخرج والمجرى والسترة ووقع المدخل والمخرج في حظ أحدهما ومنع منه صاحبه، ففي صحة القسمة ووجوب شركتهما في الدخول والخروج وصب المياه للمجرى القديم وتكون رقبة ذلك لمن صار في حظه وفسخ قسمتهما.

ثالثها: إن كان لغير من صار ذلك في حظه محل يفتح فيه بابه ويخرج منه ماؤه، أو يغور في صحنه دون ضرر أمر به وتمت القسمة، وإلا فسخت لابن القاسم وابن حبيب وعيسى. قُلتُ: الأول قولها، قال: وإن سكتا عن الستر لم يجبر عليه من أباه، وإن ذكرا إقامته ولم يبينا هل هو على التساوي في القاعة والنفقة أم لا؟ حملا على التساوي لاستوائهما في السترة به. قُلتُ: يأتي للخمي: الصواب أن يجعل كل واحد تحجيرا؛ لأن في تركه كشف حريمه ودخول بعضهم على بعض. ابن رُشْد" الدار المشتركة بين اثنين فأكثر ولها ساحة إن كان يطير لكل ذي حظ من البيوت وساحتها ما ينتفع به ويستتر به عن صاحبه، ففي وجوب قسمها لمن طلبه ومنعه في ساحتها، ثالثها: إن لم يكن للبيوت حجر لمعروف المذهب وقول مطرف مع تأويله قول مالك عليه وسَحنون، وأخذ عياض الثاني من قولها في القسم إن كانوا قسموا البيوت والساحة قسماً واحداً تراضيا، ولم يذكر قول سحنون. وقال: قال عثمان بن مالك الفاسي: إن كان للبيوت حجر أو لم يكن والساحة ضيقة لم تقسم الساحة إلا باجتماعهما وإن لم يكن لها حجر وهى واسعة فالقول قول من طلب قسمها، وإن لم تحتملها الساحة لم تقسم، وإن احتملها دون البيوت فقال ابن رُشْد: الآتي على قول ابن القاسم منعها إلا تراضياً لخروج بعض السهام في الساحة فقط وبعضها في البيوت فقط وإجازتها. ابن حبيب: بعيد إلا على أصل أشهب وقول ابن القاسم في مسألة الشجرة والزيتونة، وفي شفعتها: إن قسموا البيوت دون الساحة فلا شفعة بينهم. ثيل لمالك: إن كانت الساحة واسة فأرادوا قسمتها لحوز كل إنسان حصته لمنزله، قال: إن لم يكن ضررا قسمت. عياض: حملها سَحنون على قسم القرعة، وتعقبها بأنه ضرر لاحتمال وقوع حظ أحدهم عند باب بيت غيره إلا أن يكون تراضياً.

عياض: قيل: معنى الساحة التي منع مالك قسمها هي أفنية الدور بين بيوت القرى حيث تبرك الإبل وبرتفق جميع أهل القرية، وأما ساحة داخل الدار فتقسم كالبيوت، وكذا قال ابن حبيب، وهذا وفاق قول أشهب: ليس لأحدهم بيع حصته من العرصة فقط إلا ببيع حظه من البيوت، ولو كانت واسعة إلا أن يجتمع ملاؤهم على بيعها فيجوز؛ لأنها أبقيت مرفقا لهم. قُلتُ: يريد: أن قول أشهب يدل على أن المنع إانما هو فيها هو كالأفنية لامتناع بيعه، وذكر الصقلي قول أشهب غير مستشهد به بزيادة، فإن أبى أحدهم فهو مردود؛ لأنها أبقيت مرفقا لهم، وفيه تناف؛ لأن قوله أولاً: إن اجتمع ملؤهم على بيعها فيجوز يقتضي أن امتناع أحدهما لا يضر، وقوله: فإن أبى احدهم فهو مردود خلافه. وفي الجلاب: إن قسمت الدار وتركت الساحة مرفقاً لأهلها، ثم أراد بعضهم قسمها فقيها روايتان: تقسم ولا تقسم وتترك مرفقاً. وفيها: إن اقستسموا البناء والساحة رفعوا الطريق ولا يعرض فيها أحدهم لصاحبه، فإن اختلفوا في سعة الطريق جعلت بقدر دخول الحمولة ودخولهم، ولا أعرف عرفاً عرض باب الدار. قُلتُ: صح في البخاري وغيره عن عكرمه قال: سمعت أبا هريرة قال: "قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا تشاحوا في الطريق بسبعة أذرع" وفيها: إن لم يطر لأحدهم من الساحة ما ينتفع به إلا في مدخله ومخرجه لا في مربط دابة وغيره لم تقسم بينهم وتركت؛ لانتفاعهم، وللأقل نصيباً من النفع بالساحة ما للأكثر نصيباً سكن معهم أو لم يسكن، ولهم منع من يبني في الساحة منهم، وكل منهم واحد أولى بها بين يدي بيته منها، وإن أراد بعضهم أن يطرح بين يدي باب غيره العلف والحط لم يكن له ذلك، إن كان في الدار سعة عن ذلك، وإن احتاج إلى طرح

ذلك في الساحة ووقع بعض ذلك على باب غيره طرحه إلا أن يكون في ذلك ضرر على من يطرحه على بابه. زاد اللخمي: وقال محمد: الانتفاع على عدد البيوت، والصغير كالكبير، وإنما يصح هذا إن كانت القيم في حين القسمة على ذلك يحط القليل النصيب من البناء بقدر ما يزاد من الساحة؛ لأن الشركة في الساحة قبل القسم على مثل الأجزاء في البيوت، فلو كانت دار بين من له نصفها ومن له ثلثها ومن له سدسها، وقيمتها مائة وعشرون لأعطى ذو النصف من البيوت والساحة ما قيمته ستون وللآخر ما قيمته أربعون وللثالث ما قيمته عشرون، ولو أعطى ذو النص نصف المساكن وللآخر ثلثها وللآخر سدسها، وجعلت الساحة بينهم أثلاثاً في ذلك ظلم على ذي النصف، ويصير قيمة النصف دون الستين والسدس فوق العشرين، والأرضون. قال ابن رُشْد: كالحوائط إن تقاربت وتشابه قربها من الحاضرة التي تعمر منها جمعت في القسم، وإن كان بعضها أقرب اليها بيسر تخرجت على الخلاف، وفي جمع الأرضين إذا كان بعضها أكرم من بعض؛ لأن القرب كالكرم تختلف لذلك قيمتها، واليسير ميل ونحوه، وقيل: ميلان ونحن ذلك، وكذا: يختلف في جمعها إن تباعدت وهى على قدر واحد من الحاضرة، فتجمع على قولها في الدارين: تقسم قسماً واحداً إن استوت في النفاق وتباعدت في المواضع، وعلى سماع أشهب في الدور: لا تقسم قسماً واحدا إلا على التراضي، وإن كان بعضها أقرب إلي الحاضرة بكثير لم تقسم قسماً واحداً لكثرة تباينها. وسمع ابن القاسم: من ترك نخلاً بخيبر نحواً من خمسين عذقاً، وحوها بوادي القرى، ونحوها بالفرع، ونحوها وراء المدينة إلي مكه، وقسم ورثته على ثلاثة وعشرين سهماً فقال: اقسموا كل عذق على ناحيته. قال مالك: لا أرى ذلك أيأخذون نخلة نخلة، هذا ضرر، يقسم ما يخيبر ووادى القرى ويعدل بالقيمة وما بناحية الفرع مثل ذلك تضم النواحي بعضها إلي بعض، تضم خيبر إلي وادى القرى والفرع إلي ما بناحيتها.

ابن رُشْد: بعد ذكره ما قدمناه: يريد: مالك: إن دعا إلي ذلك بعض الورثة؛ لأن معنى قوله: فقال: اقسموا كل عزق على حدته؛ أي: قال: ذلك بعضهم، إذ لو اتفقوا عليه لجاز، وقول مالك هذا كقول عيسى في الأرض الكريمة والدنية تقسم كل واحدة على حدة إن حملته، وفي جميعها، ثالثها: إن لم تحمل كل واحدة القسم لسماع عيسى مع ثاني وصاياها وقسمها وعيسى الباجي: أما البعد في الأرضين فقال ابن القاسم: إن تباعدت القرى اليوم واليومين قسمت كل قرية على حدة وإن تساوت رغبة الناس فيها. قال الباجي: وهذا بحسب الاجتهاد. قد قال ابن الماجشون: لا حد للقرب إلا ما يرى نحو يوم وقع، وقال ابن حبيب: يجمع البعل كله إذا تجاوز بالميلين، وسمع ابن القاسم ما بوادى القرى وبخيبر. وروى أشهب: لا تجمع حوائط المدينة مع حوائط خيبر، وبينهما ثمانية وأربعون ميلاً. اللخمي: لأشهب في مدونته: إن تقاربت الأرضون وبعضها أكرم، أو بعض الدور أعمر جمع لمن طلب الجمع حظه في مكان واحد، إلا أن يكثر حظه عن دار أو أرض فيجمع له في دار أو أرض أخرى، ثم يقسم الذين أرادوا التفرقة على ما تراضوا عليه، وإن تباعدت الدور والأرضون قسموا الذين أرادوا التفرقة حظوظهم من كل دار ومن كل أرض، ويقال للذين أرادوا الجمع: اقسموا كيف شئتم، وإنما أرادوا أنه إن كانت متقاربة بدئ بالقسم لمن أراد الجمع؛ لأن ذلك الحكم، ويوقف الآخرون على القسم ويسقط مقالهم في القسم، فإن كان الذين أرادوا الجمع واحدا كان الضرب على الديار تكتب أسماؤهم وتخلط، أيها خرج كان له، ثم يقسم الآخرون كل دار وكل أرض بانفرادها، وإن تباعدت بدئ بالذين أرادوا التفرقة تقسم كل أرض وكل دار بانفرادها منهم بالقرعة، فاذا أخذوا ذلك ففي بقية تلك الدار والأرض السابقة قبل أخذ هؤلاء أنصباءهم، ثم يجمع الباقون بالتراضي على أصله في القرعة في هذا بالتراضي. وفيها: إن ورث قوم أراضي وعيوناً كثيرة، فإن استوت الأرض في الكرم

وتقاربت أماكنها واستوت العيون في سقيها الأرض جمعت، وإن اختلفت الأرض في الكرم والعيون في الغور قسمت كل أرض وعيونها على حدة، وجوز في الموطأ قسم البعل مع ما يسفى بالعين سيحا دون نضج. الباجي: هذا مشهور المذهب، وروى نحوه ابن وَهْب؛ لأنهما يزكيان بالعشر بخلاف النضح المزكى بنصف العشر، وفي الواضحة وسماع أشهب: لا يجمع البعل مع السقي. ابن زرقون: لا يجمع البعل مع النضح ولا مع السيح اتفاقاً؟ إلا على رواية النخلة والزيتونة. قُلتُ: كذا نقل ابن رُشْد دون استثناء. اللخمي: روى ابن وَهْب: يقسم البعل مع العيون إذا كان يشبهها في الفضل خلاف قول ابن القاسم واشهب: لا يجمع بعل مع سقي، وقال ابن مسلمة: يقسم البعل مع العيون لا مع النضح إلا برضى أهله، ولا وجه لهذا بل البعل مع النضح أقرب من البعل مع العين. قُلتُ: قوله: لا وجه لهذا يرد بوضوح وجهه، وهو ما قاله الباجي من تماثلهما في الزكاه؛ لأن مراد ابن مسلمة بالعيون لا ما سقي نضحاً، وقوله: بل البعل مع النضح أقرب، كذا وجدته في غير نسختة، وبعضها مشهور بالصحة، وهو وهم في التصديق إن كان النضح عنده ما رفع بآله والعين ما جرى دون آله وإلا ففي تصور مسماها. وسمع ابن القاسم: لا يجمع النضح مع السقي بالعين. ابن رُشْد: ولم ينص هل يجمع ما يسقى بالعين مع البعل أم لا؟ وظاهرها أنه لا يجمع مثل ما في الواضحة، ونص سماع أشهب خلاف ما في الموطأ من قسم البعل مع العين إذا كان يشبهها واختلاف الثمار بالصنف كصيحاني وجعرور كالتماثل. ابن رُشْد: اتفاقاً. اللخمي: إن كان الجيد ناحية والردئ بناحية وكل واحد يحمل القسم فاستحسن أن يقسم على الانفراد.

الصقلي: عن ابن عبدوس: إن كان بعض الشجر أكرم من بعض بالأمر المتباين جداً لم تجمع في القسم، ومثله لابن حارث عنه، وقول ابن عبد السلام: ظاهر المجموعة أن الطيب والردئ لا يجمع ويقسم كل نوع على حدة خلاف تقييد. الصقلي: الاختلاف بالتباين جدا، والاختلاف بالجنس كالنخل والتين غير مختلطين بمنع الجمع، وإن اختلطا في حائط واحد ففي جمعها، ثالثها: يكره لها وللصقلي عن سَحنون مع قول عياض: أنكرها سَحنون والباجي مع ابن حارث عنه. وفيها: لا تقسم أصناف مختلفة بالسهم كالدور مع الرقيق وإن اتفقت قيم ذلك؛ لأنه خطأ إلا أن يتراضوا بغير سهم، ابن حارث: لا يجمع النوعان المختلفان اتفاقاً إلا قول أشهب: إن اعتدل الورثة فجعلو الدور سهماً والرقيق سهماً والدواب سهماً ثم أسهموا عليها أن ذلك جائز، وهو أصل خالف فيه جميع أصحابه. ابن رُشْد: ومثله لابن القاسم في مسألة الشجرة والزيتونة وهو معترض؛ لأنه إن كان غرراً امتنع الرضا به، وإن لم يكن غرراً لزم الحكم به. عياض: حملها بعضهم على قسمة القرعة لقوله: اعتدلتا، وقد يكون مثل هذا قوله في جميع الثمار المختلفة. وقد أنكر سَحنون المسألة، وقال: المراد أنها قسمة مرضاة، والأول أظهر لقوله: إذا اعتدلتا، وإن كان لا يعتدلان تقاوماهما أو يبيعاهما، ولو كان على التراضي لم يحتج إلي ذلك، وقيل: إنما جاز ذلك للضرورة فيما قل كالأرض الواحدة بعضها رديء وبعضها جيد، وكما قال في الدار البالية مع الجديدة وشبهها بالدار: بعضها رث وبعضها جديد. قُلتُ: الاختلاف بالجودة أخف منها بالجنس. وفيها: لا يقسم مجرى الماء وبعدة لا تقسم الآبار، ولم أسمع من يقول: تقسم الآبار والعيون. عياض: ظاهر المذهب أنه إنما أراد قسم الواحد منها، وإن الجمع منها إذا اعتدل في القسم قسم، وهو قول سَحنون وتأويله على الكتاب، وقاله ابن نافع وابن حبيب، وحمل ابن لبابه منع القسم فيها على العموم، واستدل بمخالفته للجواب في المواجل،

وقوله: أما على قول مالك فيقسم، وأما أنا فلا أرى ذلك للضرر إلا أن يكون لكل واحد ماجل فلا بأس به، ثم قال في العيون والآبار: لا أرى أن تقسم إلا على الشرب، ولم يقل فيها ما قال في المواجل ولم يفرق بين قليلها وكثيرها. عياض: لا حجة بينة في هذا؛ لأنه إنما تكلم على ماجل واحد، ويمكن في كبير أن تصير مواجل، ولا يمك أن تصير العين عيوناً ولا البئر آباراً، وفي جمع الثياب طريقان. ابن حارث: اتفقوا على أن كل صنف من الثياب أو البز إذا احتمل القسم وحده قسم ولم يجمع، وإن لم يحمله فثلاثة. ابن القاسم: يجمع البز والخز والحرير والديباج والقطن والكتان والفراء. ابن حبيب: وأنكره الأخوان وقالا: الخز والحرير صنف، والديباج صنف، والقطن والكتان صنف، والصرف والمرعزي صنف لا يجمع شئ منها للآخر. ابن عبدوس: أنكر سَحنون قول ابن القاسم وصوب مذهب أشهب ما جاز فيهواحد باثنين لأجل لم يجمع، وما جاز من الكتان واحد باثنين لم يجمع. اللخمي: المعروف عدم قصر قسم القرعة على الدور والأرضين. وقال عبد الملك مرة: لا يقسم بالقرعة غيرها ويباع ويقسم ثمنها، قال: يريد؛ لأن الأصل منع القرعة لتضمنها بيع الإنسان ملكه بغير رضاه، والغرر فيما يطير له، وعلى المعروف في الصنف الذي يجمع ثلاثة، فذكر قولي ابن القاسم واشهب، ثالثها: قول ابن القاسم مرة: إن حمل كل نوع من الخز وما ذكر معه القسم لم يجمع وإلا جمع. قال: وقول أشهب احسن، واعتبار ذلك فيما تتقارب الأغراض فيه وتتباين فالسلم صحيح. وقال ابن القاسم: لا تجمع البسط والسائد مع الثياب ويجمع ذلك على أصله أن لم يحمل كل صنف القسم، ويختلف على قوله: إن حمله، وفي جمع أصناف الرقيق من الصغير والكبير والهرم والجارية الفارهه قولا ابن القاسم وقول أشهب، وجمع ابن القاسم الخيل والبراذين ولم يجمع البغال للحمير، ولا تجمع الخيل والبراذين على قول أشهب، وعلى منع ابن القاسم سلم البغال في الحمير جمعها في القسم أولى.

وفيها: قسم الحلي وزناً. اللخمي: يريد: تراضيا، أو بالقرعة إن اتحد الوزن والقيمة. وفيها: إن قال أحدهم: أعطوني حصتكم بوزنة ذهباً يداً بيد فرضوا جاز. اللخمي: ولو اختلاف جاز ما لم يكن الأقل أجود منها إن كان جلياً نحو هي حليمة بوزن والذهب والفضة نمت ذلك فأقل جاز بالقيمة نفذا العرض وإلا لم يجز بالقيمة. اللخمي: وله القول الآخر يجوز، وإن كان أحدهما مضموناً لأجل، وإن كان حلياً من ذهب وفضه واحدهما الثلث فقد مر في الصرف. وفيها: لا تقسم الثمار مع الأصول وإن كان الثمر بلحاً أو طلحاً، وتقسم الأصول وتترك الثمرة حتي يحل بيعها فتقسم كيلاً أو ثمنها. الباجي: منع قسمتها مع الطلع؛ لأنه مأكول يجري فيه الربا، ولا تجوز قسمتها دون الطلع؛ لأنها ثمرة لم تؤبر، وقول ابن القاسم: تقسم الرقاب دون البلح والطلع، أنكر سَحنون ذكر الطعام فيه، وقال: إذا لم تؤبر لم تجز قسمتها. قُلتُ: ذكر الشيخ إنكر سَحنون ولم يجعله كأنه المذهب الباجي، وللشيخ: عن المجموعة قال ابن القاسم وأشهب: لا تقسم الثمر طعاماً أو بلحاً مع النخل إلا أن يجداه. أشهب: أو يقسم معها على الجد ما لم يكن بلحاً قد احلولى لامتناع التفاضل فيه. اللخمي: قيل: قسم الثمار مع أصلها جائز، وهو أحسن إن لم تبلغ إلي حرمة التفاضل كالزهو والبلح الكبير. واختلف في استثناء ما لم يؤبر في البيع، والصحيح في المذهب جوازه؛ لأنه باق على ملك صاحبه لم يبعه، وأجاز محمد بن مسلمة بيع نخل فيها ثمر لم يصلح أبر أو لم يؤبر بالطعام؛ لأن المقصود بالبيع الأصل، وإن بدا صلاحه لم يجز، وأجاز سَحنون في السليمانية بيع نخل مع ثمرها وقد طاب بطعام إلي أجل؛ لأنه تبع للنخل كمال العبد. قال: وقاله بعض أصحابنا، وكذا السيف تكون القبضة فيه تبعاً، والنقد فيه أحب

إلي، وإذا ثبت هذا الخلاف جاز قسم الحائط وفيه ثمر لم يؤبر على أن يبقى لربه، وعلى أن يدخل في القسم، وكذا إن كانت مأبورة أو بلحاً صغيراً جاز أن يدخل في القسم على قول ابن مسلمة، ويجوز على قول سَحنون إن كانت بلحاً كبيراً أو زهواً أن يدخل في القسم كالسيفين وحليتهما، وقول ابن مسلمة أحسن؛ لأن التناجز حصل، وإن كانت غير طعام فإنما تصير طعاماً على ملك المشتري. وفيها: لا يقسم الزرع مع الأرض؛ لأنه طعام وأرض بطعام وأرض. اللخمي: جوازة على قول ابن مسلمة أبين، ويختلف إن لم يدخلا ما فيها في القسم فجعله ابن القاسم كما لم يؤبر إن لم يخرج من الأرض وكالمؤبر إن خرج، وقال محمد: هو كما لم يؤبر وإن برز ما لم يسبل، وقال القاضي: هو كالمؤبر، وإن لم يبرز فعلى قول ابن القاسم: لا يجوز القسم قبل خروجه بحال لامتناع استثنائه وإدخاله في القسم، وإن خرج جاز إن استثنى لا بإدخالة في القسم، وعلى قول القاضي: يجوز أن يستثنى وإن لم يبرز، ولو اقتسما ولم يشترط بذراً ولا زرعاً فعلى هذا القول محمل القسمة الجواز، والبذر باق على الشركة وإن لم يبرز، وعلى قول ابن القاسم: محملها على الفساد قبل بروزه وعلى الصحة بعده وهو باق على الشركة وعلى قول محمد محملها على الفساد وإن برز ولم يسبل. والأول أحسن؛ لأن البذر كسلعة أودعت الأرض فوجب قصر القسم على الأرض دونها، وإن برز زرع إحدى الأرضين دون الاخرى فالقسم على قول ابن القاسم على الجواز وما لم يبرز لمن صارت له أرضه وما برز على الشركة، فإن استثنى من برز ما في أرضه من ذلك الزرع أو استثنى نصيبه مما لم يبرز لم يجز القسم على مذهب ابن القاسم. وفيها: قصر قسم الثمر في أصله بالخرص على الثمر والعنب، وبلغني أن مالكاً أرخص فيه في غيرهما من الفواكه فقال: لا أرى ذلك، ثم سألته عنه غيره مره فأبى أن يرخص فيه، وروى أشهب في المجموعة وسمع لا بأس به في العنب والنخل والتين وغير ذلك إذا طاب.

ابن رشد: إلى هذه الرواية أشار فيها بقوله: بلغني، وهي أظهر وأصح من روايتها، لأنه إذا جاز الخرص والتحري فيما يحرم فيه التفاضل لاختلاف حاجتهم إليه فأحرى أن يجوز فيما يجوز فيه التفاضل، وقوله: إذا طاب خلاف قولها بإجازته في البلح الكبير خلاف قول سحنون بمنعه فيه. وفيها: شرط الخرص اختلاف حاجتهم بأن يريد بعضهم بيعاً، وبعضهم أكله رطباً وبعضهم تيبيسه، فإن أراد أحدهم بيعاً والآخر بيعاً والآخر أكلا، فقال الباجي: ابن القاسم: أجازه في البلح الكبير، ومنعه سحنون ولم يره اختلاف حاجة، لأن الذي يبيع يجد وتركه يبطل القسم فقد اجتمعا على الجد، وفيه نظرن لأن الجد يختلف وقته فيهما ولو كان على الجد ما قسم إلا كيلاً، ولذا منع ابن عبدوس قسمه إن أثمر، وتبعه ابن رشد في تعقبه قول سحنون، وقال: قول ابن القاسم أظهر. وفيها جواز قسم البلح الكبير لاختلاف حاجتهم، وهو كالبسر في حرمة التفاضل، ومن عرف حظه فهو قبض له وإن لم يجده، وإن جده بعد ثلاثة أيام أو أكثر جاز ما لم يتركه حتى يزهى، فإن أزهى بطل قسمه. وفي كراهة الخرص في الكبير رواية الباجي وظاهرها. وللشيخ عن أشهب في المجموعة: إن كان بينهما بسر ورطب لم يجز أخذ أحدهما البسر، والآخر الرطب بالخرص وليقسما كلاً منهما به. الباجي: وشرطه تساوي الكيل، وإن كان بعض ذلك أفضل كالصيحاني والعجوة والعنب الأحمر والأسود يجمع على التساوي، فإن أبي أحدهم قسم كل نوع وحده. قال: مالك إلا أن يجبي المقاواة. الباجي: وعندي أن هذه القسمة لا تجوز إلا بالقرعة، وهو ظاهر قول أصحابنا، لأنها تمييز حق، لأن المراضاة بيع محض لا تجوز في المطعوم إلا بقبض ناجز. اللخمي: أرى إن أحب أحدهما ترك نصيبه ليبسه وغيره البيع لم يقسم، لأن المشتري يبقى حظه لذلك، وإطلاق البيع يقتضي البقاء لليبس، وإن أراد أحدهما إبقاء حظه والآخر الجد للأكل قسم عدل ما أحب جداده، وكذا إن أحب أحدهما الجد

والآخر البيع اقتسما قدر ما أحب جده، وكان من أراد الجد بالخيار بين أن يقاسم شريكه الآن أو يؤخر ليقاسم المشتري، وإن جذ البسر عرا جين فإن لم يفسد إن نثر لم يقسم بالخرص وإلا قسم إن اختلفت الحاجة. وفيها إن قسم الثمر بالخرص فعلى كل واحد سقى نخله، وإن كان ثمرها لغيره إن قسموا الأصل قبل الثمر، لأن على صاحب الأصل سقيه إذا باع ثمره. اللخمي: قال ابن عبدوس: أنكره سحنون، وقال: إنما السقي على من له الثمرة، لأن القسمة ليست ببيع ومن صار له حظه من الثمرة هو ميراثه، ولو كان بيعاً ما كان عليه إلا سقى نصف نخله ونخل صاحبه، وعلى صاحبه كذلك، ولو كان بيعاً كانت فيه الجائحة، وقال عبد الملك: لو اقتسم رجلان تمراً ثم اشترياه ثم أصيب حظ أحدهما رجع على البائع دون شريكه، والصواب أن قسمة القرعة بيع لا تمييز، لأنه لا يختلف أن كل نخلة قبل القسم شركة فالقسم بيع، لأن الذي صار إليه كان له نصفه ونصفه لصاحبه، فعليه سقى نصفه وما صار إليه بالشراء سواء صار لكل واحد ما في نخلة أو ما في نخله صاحبه، وقول ابن القاسم هنا كقول المخزومي فيمن باع نخلاً دون ثمره أن السقي على المشتري. وفيها: إن قسما الرطب فالخرص وتركاه أو أحدهما حتى أتمر لم يبطل قسمه، وإن قسما صغير البلح وتركاه حتى كبر فإن قسماه على تفاضل أو تساو وهو إذا كبر تفاضل انتقض قسمه، وإلا فلا إلا أن يزهى كله أو بعضه فينتقض فيه، فإن أكل أحدهما كل حظه، والآخر نصفه فقط بطل فيما أزهى، ورد آكل كل حظه نصف قيمة ما جذ يقتسمانه مع ما أزهى. اللخمي: والقيمة يوم الجد على أنه مجدود لا على الرجاء والخوف، لأنه جده بإذن شريكه. وفيها: لا بأس بقسم صغير البلح على التحري إن اجتهدا حتى يخرجا من التخاطر. قال مالك: إنما هو علف.

ابن القاسم: هو بقل من البقول. مالك: ولا بأس أن يفضل أحدهما صاحبه. ابن القاسم: لا بأس ببلح نخلة ببلح نخلتين على جده صغيراً مكانهما ويجوز قسمه وحاجتهما سواء، لأنه لا يشبه الرطب بالرطب، إنما هو كالبقل والعلف. اللخمي: اختلف هل له حكم الطعام، فقال مالك: هو علف، وقال ابن القاسم: هو كالبقل، وأرى أن يحمل على عادة أكثر محله أن محله في كونه علفاً أو للأكل، وإن كثر استعماله فيهما فله حكم الطعام وإذا حكم له به لم يجز قسمه إلا بشرط جده إلا أن تختلف الحاجة فلا بأس أن يجد أحدهما دون الآخر. قلت: جعل اللخمي قول مالك: هو علف خلاف قول ابن القاسم: هو بقل وفاق لقولها أولاً عنهما خلاف قولها أخيراً عن ابن القاسم: إنما هو كالبقل والعلف، وعلى هذا اقتصر البراذعي في اختصاره، ولعل مراده كالبقل فكونه طعاماً وكالعلف في جواز ربا الفضل فيه. وفيها: لا يعجبني قسم البقل بالخرص، لأن مالكاً كرهه في الثمار، والبقل أبعد في الخرص منها فأكره قسمه به. اللخمي: وقال أشهب: يقسم به إذا صلاحه، وإذا جد أو حصد لم يقسم إلا وزناً أو كيلاً لا خرصاً لزوال الضرورة بالجذ. ابن حارث: عن محمد: غلط بعض الناس على ابن القاسم في التأويل فظن أنه لا يجيز قسم البقل تحرياً بعد جده، وإنما لم يجزه تحرياً قبل جزه لتأخير قبضه، وقال أشهب: لا بأس بفدان كراث بفداني كراث وإن لم يجداه بخلاف الثمرة. وفيها: لا يقسم الزرع فدادين ولا مزارعة ولا قتاً ولكن كيلاً. ابن رشد: لا يقسم بالخرص اتفاقاً لا تفاق حاجتهما فيه إذ لا يؤكل فريكاً إلا قبل بدو صلاحه، وعلى حصد كل حظه مكانه فيجوز على الخلاف في قسم البقل القائم بالخرص. الشيخ: عن ابن سحنون عنه: لا يعتدل قسم الكتان قتاً وزريعته فيه، أو بعد زوالها

حتى يدق ويقسم. قلت: وفي كون القطن قبل زوال حبه كذلك نظر، والأحوط منعه. وفيها: لا يجوز قسم اللبن في الضروع، لأنه مخاطرة وإن فضل أحدهما الآخر بأمر بين على المعروف، وكان إن هلك ما بيد هذا من الغنم رجع فيما بيد الآخر فجائز، لأن أحدهما ترك للآخر فضلاً بغير معنى القسم. عياض: قوله: وإن فضل ... إلخ سقط لأحمد بن خالد ولم يقراه، وثبت لابن عتاب، وصح عند ابن المرابط لابن باز والدباغ، وقال أشهب وسحنون: هي أحرى بالمنع. قلت: ذكره الشيخ في نوادره، وظاهره من المجموعة بزيادة: ومنعه أشهب، سحنون: لأنه طعام بطعام غير يد بيد، ولو حلباه قبل التفرق جاز، وعلة أشهب أنه لبن بلبن متفاضلاً والتأخير، وهو يجوز قسمته محلوباً تحرياً، فإذا فضله فهو حرام، وأنكر سحنون علته هذه، وقال: قد أجاز في الصبرة أخذ أحدهما أقل من نصفها بأمر بين ويترك باقيها لصاحبه، لأنه معروف. ابن عبدوس: هذا يرد قوله في تفاضل اللبن معروفاً. ابن القاسم: لو تهانوا في نخل أو شجر على أن يأخذ هؤلاء نخلاً يأكلون ثمرها والآخرون مثل ذلك دون قسم لم يجز، وكذلك اللبن، لأنه لبن بغير كيل وثمر قبل بدو صلاحه، وقد قال في الغنم ما ذكرنا. قلت: قوله: وكذا اللبن خلاف ما رأيت في بعض الحواشي الرواية فيمن بينهما بقرة جواز أن يأخذا لبنها يوماً بيوم.

باب المقسوم له

[باب المقسوم له] المقسوم له ذو شرك فيما ينقسم يجبر له من شركه فيه إن طلبه. وفي الجبر فيما يبطل القسم صفته المقصودة كالحمام والماجل. الباجي: والبيت الصغير روايتا اللخمي، ولم يحك الباجي وابن رشد عن مالك غير الأولى، وعزا الشيخ الثانية للأبهري عن عبد الملك عن مالك. ابن حبيب وغيره: لم يقل بقول مالك بقسمه أحد من أصحابه غير ابن كنانة. قلت: عزا اللخمي وعياض لابن القاسم مرة. اللخمي: منعه أحسن، ولو رضوا منعهم الحاكم للنهي عن إضاعة المال، وفي الجبر في الدار والأرض، ولم يطر منتفع به في حظ أو إن طار لكل شريك ما ينتفع به في وجه ما، ثالثها: ولو لواحد، ورابعها: إن طار لكل واحد ما ينفرد به وينتفع بسكناه للشيخ عن ابن حبيب عن مطرف عن مالك قائلاً: ولو لم يطر لكل واحد إلا مدود، وابن الماجشون مع أصبغ عن ابن القاسم والباجي مع الشيخ عن مطرف والمقدمات عن ابن القاسم، وعزا الباجي أيضاً لابن نافع وابن وهب.

ابن رشد: ولا يراعى على قول ابن القاسم نقض الثمن إنما يراعي في العروض، قال الباجي: ومعنى الضرر على المذهب ابن القاسم أن لا تبقى فيه المنفعة الثابتة قبل القسم كالدار تقسم فيصير لكل واحد ما يسكن. ابن رشد: ظاهر قول مطرف دعي للقسم من لا يطر له منتفع أو ن يطير له، وقيل: لا يقسم إلا بدعوى الأول، وقيل: إلا بدعوى الثاني. اللخمي: إن أراد مطرف يعطي من ينتفع بحظه ويبقى الآخرون على الشركة فحسن بجميع حظهم ويصير الآخرون كأهل حظ، وإن أراد القسمة على جميعهم فليس بحسن، وهذا الخلاف إن كانت الدار إرثاً أو قنية، وإن كانت للتجر لم تقسم اتفاقاً، لأن فيه نقصاً للثمن خلاف ما دخلا عليه. ابن سهل: عن أحكام ابن زياد: قال ابن لبابة: تنازع ورثة في حمل دار بينهم القسم، فأرسل القاضي من وثق بوصفه إياها فأخبر أنها ذات بيوت وعلال في دارين داخلية وخارجية بها من نحو سبعين جائزة بأسفلها نحو من أربعين فاختلفا عند المناظرة في قسمها ثم اجتمعا عليها، ثم رجع بعض أصحابنا فأفتى بالبيع، لأن في قسمها ضرراً. فقلت للقاضي: لم يقل هذا مصري ولا مدني ولا أندلسي، هذه كتبهم ناطقة بما يدل على أن البيع ظلم على من كرهه والقسمة هي السنة فيها بإجماع، فذكر ما حاصله ما تقدم من الخلاف، وزاد أن عيسى بن دينار: قال بقول مطرف نفسه. قال: وقول ابن القاسم واصبغ يدل على قسم هذه الدار بينهم، لأنه يطير لأقلهم سهماً من البيوت أكثر من سبع جوائز، ومن الغرف نحو ست جوائز، وابن القاسم يجمع العلو والسفل في القسم، وعدم حمل ساحتها القسم لا يمنع قسمها عند ابن القاسم. ابن سهل: إلى هذا المعنى مال شيخنا ابن عتاب أن تقسم إن طار لكل واحد ما ينتفع به، وإن كان في ذلك ضرر في قيمته المقسوم، وبالقيمة أفتى في دار ابن أشرس بقرطبة وهي دار كبيرة ذات مجالس وساحة وغرف، وأفتى غيره إن قال القسام: لا

يتهيأ قسمها أن لا تقسم، واحتج بمسألة أخرجها بخط أبي إبراهيم إسحاق ابن إبراهيم التجلي الطليطلي وهي: قال أبو إبراهيم: قلت لمحمد بن عمر بن لبابة: ما تختاره من قول مالك وابن القاسم في القسمة؟ فقال: قول ابن القاسم. قلت له: إنه لم يحد فيه حداً، قال: قد حد فيه غيره. كان محمد بن أحمد العتبى يقول: يقسم ذلك وإن صار لكل واحد مقدار حيلة، لأن فيها ما يدخل فيه ويقوم ويقعد ويمتد. قلت له: وما الحيلة؟ قال: ما بين جائزتين. قلت: ذلك مختلف، بعضه أوسع من بعض. قال: الأمر متقارب، وأنا أرى أن يقسم ما صار منه للواحد قدر حيلتين. قال أبو إبراهيم: ورأيته يفتي بذلك. قلت: الأظهر أن الجاري على قول ابن القاسم: لا يقسم البيت الصغير، قول من منع قسم الدار المذكور، لأن مقتضى قول ابن القاسم أن شرط القسم بقاء منفعة المقسوم الناشئة عن صفته الخاصة به لا بقاء مطلق الانتفاع به وإلا لوجب قسم البيت الصغير، لأن الصائر من قسم البيت الصغير أكثر مما ذكر ابن لبابة أنه يصير من قسم الدار المذكورة. وفيها: لا يقسم الجذع ولا الثوب الواحد ولا الملفق من قطعتين من العدني وغيره. الباجي: ما لا يقسم إلا بضرر منه ما لا يمكن ذلك فيه كالعبد والدابة وما يمكن فيه كالشقة والحبل والخشبة. قال أشهب: لا تقسم الخشبة، إنما القسم في غير الرباع والأرضين فيها لا يحول بالقسم عن حاله ولا يحدث فيه قطع ولا زيادة، وقال ابن حبيب: لا تقسم الخشبة ولا الثوب الواحد. قلت: هما نصها. عياض: قسم التراضي فيما يفسده كاللؤلؤة والشجرة المثمرة والدابة غير مباحة

اللحم: ممنوع، وفيما يبخس بعض ثمنه الثوب وكالجذع جائز، وفيما يبخس كثير ثمنه كالياقوتة الكبيرة أو الجمل النجيب مختلف فيه. وفيها: يقسم الجدار إن لم يكن فيه ضرر. المتيطي: عن الأخوين: لا يقسم إلا بتراض، مجرداً كان أو حاملاً، وقاله أصبغ، فضل والمخزومي وابن نافع وسحنون: وعلى قسمه العمل. ابن العطار: في صفة قسمه خلاف قول ابن القاسم: يمد حبل بطوله أعلاه من أوله إلى آخره ويرشم نصفه ويقرع بينهما. وقال عيسى بن دينار: يقسم عرضاً يأخذ كل منهما ما يليه. قلت: يريد: تراضياً والقرعة فيه كذلك محال. وقال اللخمي بعد ذكر الصفة الأولى: كأنها المذهب، ولا يقسم بأخذ كل منهما ما يليه لأن ما يضعه أحدهما عليه من خشب مضرته على كل الحائط إلا أن يقسما الأعلى مثل أن تكون أرضه شبرين فيبنى كل واحد على أعلى شبر مما يليه، ويكون ذلك قسمة للأعلى، وجملة الحائط على الشركة الأولى أو يقسمان أرضه بعد هدمه. وفيها: لا يقسم الباب والمصراعان ولا الخفان والنعلان والرحا والساعدان والرانان إلا تراضيا، والفص ولا الياقوتة واللؤلؤة والخاتم والغرارتان إن لم يكن في قسمهما فساد قسمتا وإلا فلا، وكذلك الحبل والخرج والمحمل، وذكر الباجي قولها في الغرارتين، قال: وقال ابن حبيب: لا تقسم كالخرج، وجوز أشهب قسمها، فظاهرة أن الأقوال ثلاثة. اللخمي: على قول مالك يقسم الحمام، يقسم كل ما لا يتلفه القسم من ذلك. وفيها: لا يقسم الدين على الغرماء بقسمهم، لأنه دين بدين، وتقدم نقل الشيخ عن ابن حبيب جواز قسم الدين على المدين ولو كان غائباً، وحكاه ابن سهل عن مالك في طعام سلم ولو لم يحل. وفيها مع غيرها: ما احتمل القسم جبراً فيه لمن طلبه. وفي شرط الجبر بكونه فيما ينقسم لا شركة في بعض آحاده، سماع القرينين وقول

ابن حبيب سمعاً إن دعا أحد رجلين اشتريا رقيقاً إلى قسمها قسمت إن كانت تنقسم وإلا باعوها إلا ان يريدوا أن يتقاوموها. ابن رشد: يريد: إن اعتدلت في القسم بالقيمة حتى يصير لكل واحد حظه دون شركة في عبد، وإن لم تنقسم بينهما إلا بجزء في عبد باعوها واقتسموا ثمنها إلا أن يحبوا أن يتقاوموها، وتقدم قول ابن حبيب أول مسألة من سماع ابن القاسم أنها إن لم تنقسم بالقيمة على قدر حظوظهم قوم كل عبد وأسهم عليها، فمن خرج سهمه على عبد منها وقيمته أكثر من حظه فله منه قدر حظه، وباقية لشريكه، وإن خرج سهمه عليه وقيمته أقل من حظه ضرب له ثانية، فإن خرج سهمه على عبد قيمته أكثر من بقية حظه منه فله منه بقدر ما بقى من حظه، وإن خرج سهمه على عبد قيمته أقل من بقية حظه أخذه وضرب له ثالثة حتى يستكمل حظه. الباجي: يقسم العبيد إن تفاوتت أثمانها إذا اعتدلت في القسم، قاله ابن حبيب، قال مالك: وإن لم تعتدل بيعت. قلت: ظاهر نقله هذا عن ابن حبيب خلاف ما ذكره ابن رشد عنه، وللشيخ في المجموعة لابن وهب: من ترك عبيداً فطلبت زوجته أن يقع لها حقها في كل عبد أو وليدة قسم لها حقها في كل عبد أو وليدة، فإن تم لها حقها في العبد أو الوليدة أخذته، وإن نقص منه قومت في العبد أو الوليدة، ولم يجعل حقها في ذلك كله لفساده وضرورته، وظاهره مثل نقل ابن رشد عن ابن حبيب، وهو نص قولها في العتق الأول في موضعين منه في القسم للعتق والإرث وفي القسم للبيع في الدين والعتق، ونحوه في أول وصاياها الأول إلا أن يقال: العتق مانع من بيع ما لا يستقل في القسم بخلافه بين الشركاء. المتيطي: عن ابن حبيب عن أصبغ: لا يأمر القاضي بقسم بين ورثة طلبوه منه حتى يثبت عنده ملك موروثهم ما طلبوا قسمه إلى أن هلك عنه، ولا يحكم إلا بما ثبت عنده، وإن أحبوا قسم ذلك، لأنفسهم لم يعرض لهم، وهو الشأن وعليه العمل. قال بعض الأندلسيين: هذا قول مالك وأصحابه.

قال أبو عمر في كافيه: وإن قسم القاضي بينهم دون أن يثبتوا عنده الملك ذكر في كتاب القسم: أن ذلك بإقرارهم دون بينة. وفيها مع غيرها: يقسم على الصغير أبوه، فإن حابي في قسمه ردت محاباته كعطيته بعض ماله، وكذا وصيه. اللخمي: إن ولي صغيراً واحداً: جاز قسمه عليه دون مطالعة حاكم، وإن ولي صغيرين ففي جواز قسمة عليهما مع رشيد وكراهته خوف ميله لأحدهما على الآخر قولان، إلا أن يكون ما يأخذه لهما شائعاً. قلت: هذا بناءً على جمعهما في حظ واحد، ولو ولى صغاراً لا كبير معهم فقال فيها: إنما يقسم بينهم السلطان، وقال أيضاً: يكره، فإن نزل مضى، وقال سحنون: جائز. اللخمي: هو قول ابن القاسم في الرهون منها: يجوز للأب أن يشتري لابنه الصغير من ابن له صغير، وعزاه عياض للواضحة، فضل: هذا أشبه من قول ابن القاسم، واحتج بمقاسمة الملتقط والحاضر، ومثله ليحيى بن عمر. وحمل ابن شبلون قولها في أنهم إن كانوا كلهم صغاراً لم يقسم إلا بأمر السلطان، فإن كان معهم كباراً استحب إذنه، فإن لم يفعل مضى، وإن كانت مع أجنبي جازت دون إذن. المتيطي: ذكر هذا التفصيل لأبي عمران فوقف فيه. وفي جواز جمعه حظوظ الأيتام في مقاسمتهم لهم رشيداً، ثالثها: الوقف للمتيطي عن أشهب وابن القاسم وأول قولي أبي عمران. قلت: الأولان على قوليهما في جواز جمع الرجلين سلعتيهما في البيع ومنعه المتيطي، هذا في قسم القرعة، وفي المرادات قوي ابن العطار مع ابن أبي زمنين وابن الهندي مع رواية في العتبية ورده الباجي في وثائقه بقولها: في شراء الأب لابنه الصغير. وسمع القرينان: للأم الوصي أن تقسم بين بنيها بأمر عدول دون أمر سلطان. ابن رشد: هو جائز إذا عرف فيه السداد، وهو معنى قولها في كتاب القسمة أن الوصي لا يقسم بين الأيتام إلا بأمر السلطان.

وقيل: فعله ذلك هو على السداد حتى يثبت غيره، وهو الآتي على ما في الرهون منها؛ لأنه أجاز فيه للوصي أن يشتري لبعض أيتامه من بعض فالقسمة أخرى؛ لأنها تمييز حق. فإن قلت: ظاهر استدلال للخمي بما في رهونها في شراء الأب لبعض بنيه من بعض يقتضي أن ذلك إنما وقع في الأب، وابن رشد ذكره في الوصي. قلت: هما معا في المدونة دون قياس أحدهما على الآخر، والصواب استدلال ابن رشد لا اللخمي؛ لأنه لا يلزم من عدم اتهام الأب عدم اتهام الوصي، وبما استدل به ابن رشد استد به الباجي في وثائقه. وفيها: يجوز قسم ملتقط اللقيط عليه؛ ولا يقاسم العم على ابن أخيه؛ ولا الأم إن لم تكن وصيا. عياض: قال سحنون: هذا اختلاف؛ وهذه الأصل؛ ومسألة اللقيط لا شيء؛ وروى أشهب: للأخ أن يبيع على إخوته الأيتام. أشهب: إذا ولي الأخ أو العم مثل ما ولي الملتقط لقيطه يبيع له ويبتاع فعلى هذا المسائل متفقة، وجوابها واحد وهو اعتبار وجود الحضانة وعدمها. قلت: وفي سماع عبد الملك في الوصايا قال سحنون: روى ابن تمام لكل من ولي يتيما قريبا أو أجنبيا مقاسمته له وحيازته. وفيها: لا يقسم لغائب إلا الإمام يوكل بذلك ويجعل حظه بيد أمين ليس لوصي الأصاغر أن يقول: أبقوا حظه بيدي. عياض: أما القسم فيقسم على الغائب؛ وقد فرق في أول الكتاب هنا بين القريب الغيبة وبعيدها، وكذلك جعل الحكم عليه؛ وللشيخ في المجموعة لأشهب: إن قسم الحاضرون ولم يقسموا للغائب على أن حقه مفترق عندهم لم يجز؛ لأن له جمع حقه. المتيطي: قال مالك وابن القاسم وغيرهما: إنما يقسم له القاضي لا صاحب الشرطة، وبه العمل، وقال أشهب: إن كان صاحب الشرطة عدلا وأصاب وجه الحكم جاز قسمه عليه، ونحوه روى ابن القاسم في قسمه على الصغار وهو اختلاف من قوله:

وشرطه كالحاضر مع ثبوت طول غيبته بحيث لا يعلم أو ببلد بعيد يتعذر الإعذار إليه؛ وأجاب ابن عتاب وغيره فيمن أثبت بقرطبة ما يجب قسمه فيها على من بإشبيلية بوجوب الإعذار إليه لقرب محله وأمن طريقه، وقال ابن مالك: الإعذار في هذا وهم لا يحتاج إليه. المتيطي: وما قاله ابن عتاب أبين وأجرى على الأصول. اللخمي: عن محمد: للوصي أن يقسم العين بين الصغار والكبار الغيب، ثم يقسم ما صار للصغار بينهم لا ما صار للكبار بينهم، ولو فعل ما جاز، ورجع من ضاع حظه منهم على من سلم حظه، ومنع ذلك محمد في المكيل والموزون، وأجازه أشهب إن كان الطعام صنفا واحدا. قال: كأخذه النفقة للأصاغر وإقراره حظ الغائب، وكنفقته عليهم من فاضل التركة عن دين الميت ذلك جائز، وتلف مصاب الغائب ودين الغريم منهما، وهو أصوب إن كان قسمه لهم من صبرة واحدة أو من كل صبرة، وإن أخذ لمن يليه صبرة ووقف للغائب أخرى فلا؛ لأنه مما تختلف فيه الأغراض، ولا يجوز ذلك في العروض والعبيد. محمد: إن فعل فهلك حظ الغائب فهو من جميعهم، وإن هلك ما للصغار فهو منه. ذقلت: وكذا ينبغي في تلف حظ الغائب؛ لأن القاسم متعد فيهما إلا أن يقال ما للصغار هو تحت تصرفه بخلاف حظ الكبار. محمد: ليس قسم الدور وغير العين بين الصغار والكبار كقسمة الوصي الثلث بين الموصى لهم إن كانوا ذلك جائز عليهم؛ لأن الذي أوصى ولاه ذلك، وأجاز إذا أوصى بالثلث أن يقسم على الغائب فيأخذ الثلث للموصي لهم ويوقف الثلثين. واختلف هل يبيع جميع التركة ثم يقسم العين أثلاثا أو يبيع الثلث فقط، وإجازنه ذلك خوف اختلاف القيم فيما يأخذه الورثة قد تكون قيمة ذلك عند بعض أهل المعرفة أقل، والقياس ألا يباع ثلثاهم، وأصل المذهب والمعروف منه أن لا يقسم الوصي على الغيب الكبار ولا لدين ولا لغيره.

وقال أشهب: وإن لم يكن على الميت دين ولا وصى بشيء والورثة بعيدو الغيبة فله بيع الحيوان والعروض؛ يريد: بيع الحيوان لما يتكلف من حفظها والإنفاق عليها، وبيع العروض إذا خيف فسادها، وقال ابن القاسم: يرفع ذلك إلى الإمام وهو أحسن. قلت: انظر على من يعود الضمير في قول أشهب فله بيع مع فرض غيبة الورثة وأن الميت لم يوص بشيء إلا أن يريد بقوله: والورثة بعيدو الغيبة؛ أي: أكثرهم. وسمع ابن القاسم: إن كانت امرأة الميت حاملا لم يقسم الميراث حتى تضع، قيل: أتؤخر حتى يستبرأ رحمها بحيضه؟ قال: ما سمعت بهذا، إن كانت حاملا آخر الميراث، قيل: إن أبطأت حيضتها لا يعجل حتى تضع، وإن قال الورثة: يتبين من حملها. ابن رشد: مثله في رسم العتق من هذا السماع من كتاب العتق أنه لا يقسم حتى تضع، وإن قال الورثة: نجعل الحمل ذكراً نعزل له إرثه. أصبغ إن فعلوا فسخ قسمهم ووقف كل المال، فإن تلف حظ الورثة بأيديهم قبل الفسخ وولد المولود أعطى حظه، وإن تلف حظه وسلم حظهم اعطى حظه مما بأيديهم وابتدئت القسمة فيه من الجميع، هذا قول أصبغ إلا ما زدت فيه على وجه التفسير، ولو تلف الجميع لرجع عليهم بحظه مما تلف بأيديهم لتعديهم بأخذه لا بحظ من الجميع؛ لأنهم فعلوا في وقف حظه ما وجب، وكذا إن كان له ولد فقالت زوجته: عجلوا لي ثمني لتحققه لي؛ لم يكن ذلك لها. قال مالك في المبسوطة: فإن فعلوا ذلك ثم تلف المال أو بعضه لم يرجعوا عليها بشيء. ابن القاسم: يريد: لا يتبعها من قاسمها، وأما الحمل فيقاسم من كان من الورثة مليا ما بأيديهم، ويتبع هو وهم المعدمين ليس كطرو ولد على الورثة بعد قسمهم هذا يتبع الملي والمعدم لعدم علمهم به حين قسمهم، وفي الحمل هم عالمون به. ابن القاسم: ومن أعتق من الورثة رأسا قبل وضع الحمل قوم عليه، ومعناه: إن ورث مع الحمل ولم يحجبه، واختلف إن كانت وصية، واختلف إن كانت وصية، فسمع ابن القاسم في رسم البز

من الوصايا: لا تنفذ حتى تلد، ورواه ابن أبي أويس، وقاله محمد بن مسلمة. قال: لأن ما يهلك يهلك من رأس المال، وما يزيد منه يزيد، فيكون الموصى له استوفى وصيته على غير ما ورث الورثة. وروى ابن نافع في المبسوطة: تنفذ الوصية ويؤخر قسم الإرث حتى تلد، وقاله أشهب في بعض روايات العتبية، ويؤدي الدين ولا ينتظر به الوضع، لا أعرف فيه خلافا إلا ما ذكر من غلط بعض الشيوخ الذي لا يعد خلافا. قال الباجي: خكم ابن أيمن في ذلك أنه لا يؤدى الدين حتى تضع امرأة المدين حملها، فأنكرته عليه، فقال: هذا مذهبنا، ولم يأت بحجة، والصحيح عدم انتظاره، ولا يدخله اختلاف قول مالك في تنفيذ الوصية قبل وضع الحمل؛ لأن العلة في تأخيرتنفيذ الوصية عند قائله خوف تلف التركة قبل الوضع فيرجع الورثة على الموصى لهم، وقد يكونون معدمين، وهذا منتف في الدين بل يخشى تلف التركة في التوقيف فيبطل حق رب الدين دون منفعة للوارث، وإذا وجب قبل قضاء دين الغائب من المال مع بقاء ذمة المدين إن تلف المال كان في الميت أحرى؛ لأن الميت انقطعت ذمته، ولأن الحمل لا يجب له حق حتى يستهل صارخا، والغائب حقه ثابت، فإذا لم ينتظر الغائب فأحرى الحمل، وقول ابن القاسم فيها مع غيرها: من أثبت حقا على صغير قضى له به، ولم يجعل للصغير وكيل يخاصم عنه، فإذا قضى على الصغير بعد وضعه من غير أن يقام له وكيل فلا معنى لانتظار وضعه حملا. قلت: على مذهب سحنون في الحكم على الغائب في إقامة وكيل له لا تبقى له بعده حجة حسبما نقله غير واحد عنه، ووجهه قول ابن أيمن نقل غير واحد الإجماع على وقف الحكم على المحكوم عليه بغير إقراره على الإعذار له، والحمل غير محقق كونه وارثا ما دام حملا إجماعا، وكلما كان كذلك كان الحكم بتعجيل قضاء الدين قبل وضعه ملزوما لأحد أمرين: إما الإعذار لنائب عمن لم يثبت حقه بعد، وإما الحكم على غير مقر دون إعذار له، وكلاهما باطل فتأمله، ونقل المتيطي وغيره قول الباجي، وابن رشد وقبلوه.

باب ما يحكم فيه ببيع ما لا ينقسم

قال ابن رشد: فمن مات وترك امرأة وجب أن لا يعجل إرثه حتى تسأل، فإن قالت: إنها حامل؛ وقفت التركة حتى تضع أو يظهر عدم حملها بانضاء عدة الوفاة وليس بها حمل ظاهر، وإن قالت: لست بحامل؛ قبل قولها وقسمت التركة، وإن قالت: لا أدري؛ أخر الإرث حتى يتبين أن لا حمل بها بأن تحيض حيضة او يمضي أمد العدة ولا ريبة حمل بها، وهذا معنى قوله في السماع: لا يتعجل قسم الإرث حتى يتبين من حملها، وكره أن يقول: ختى تستبرئ. [باب ما يحكم فيه ببيع ما لا ينقسم] والمعروف الحكم ببيع ما لا ينقسم بدعوى شريك فيه لم يدخل على الشركة، وفيده غير واحد بنقص ثمن حظه مفرقا عن ثمنه في بيع كله. وقال المتيطي في كتاب الشفعة: من أوصى بثلثه للمساكين فباع الوصي ثلث أرضه فلا شفعة فيه؛ لأن بيع الوصى له كبيع الميت، قال سحنون، وقال غيره: فيه الشفعة للورثة، قال ابن الهندي: وهو الأصح لدخول الضرر على الورثة، ربما آل ذلك لإخراجهم من ملكهم إذا دعا مشتريه إلى مقاسمتهم ولم يحتمل القسم. قلت: تعليله نص في قبول دعوى البيع ممن دخل على الشركة. قال عياض: وعلى قول اللخمي: ما اشترى للتجارة لا يجبر على قسمه من أباه، يجب أن لا يجبر من أبي بيعه عليه؛ لأن على الشركة دخل فيه حتى يباع جملة.

قلت: دخوله على بيعه جملة مؤكد لقبول دعواه بيعة جملة، فكيف يصح قوله: لا يجبر على البيع من أباه، وإنما يصح اعتبار ما دخلا عليه من شرائه للتجر إذا اختلفا في تعجيل بيعه وتأخيره، والصواب في ذلك اعتبار معتاد وقت بيع السلعة حسبما ذكره في القراض منها. قال عياض: ويجب أن يكون الحكم بالبيع فيما ورث أو اشتراه الأشراك جملة في صفقة، ومن دخل على الشركة فلا جبر له إذ لا حجة له في بخس الثمن في حظه مفردا؛ لأنه كذلك اشترى، وذهب شيخنا أبو الوليد لمثل قول الداودي في رباع الغلة وما لا يحتاج إلى السكني والانفراد؛ لأن رباع الغلة إنما تراد للغلة، وقلما يحط ثمن بعضها مفردا عن ثمنه في بيعها جملة، بل ربما كان الراغب في شراء بعضها أكثر من شراء جملتها، بخلاف دور السكنى وما يريد أحد الأشراك الاختصاص به لمنفعة ما. قلت: المعروف عادة أن شراء الجملة أكثر ثمنا في رباع الغلة وغيرها، إلا أن يكون ذلك عندهم بالأندلس، وإن كان فهو نادر، ويلزم على نقتضى قوله: أن لا شفعة فيها. قال عياض: وخرج قول الداودي على قول مالك بوجوب القسم في كل شيء. المتيطي: إن كانت دار شركو بين جماعة سكنها بعضهم، وبعضهم خارج عنها فأراد الخارجون تسويقها وبيعها وطلبوا إخلاءها لذلك، ودعا ساكنوها غرم كرائها على الإباحو للتسويق، وأبى الخارجون فأفتى ابن عتاب وحكى فتوى شيوخه بإخلائها لذلك، إلا أن يوجد من يكتر بها من غير الشركاء بشرط التسويق وأمن ميله لبعض الشركاء وليس من ناحية بعضهم. وقال أبو عمر بن القطان: بقاء الدور دون كراء ضرر فيما يكرى مثلها، والصواب إن ثبت أن تسويقها للبيع خالية أفضل منه مسكونة وأوفر لثمنها أخليت، وإلا قيل لهم: تقاووها ليسكنها بعضهم، فإن أبيتم أخليت وأشهرت للكراء بشرط التسويق، وإذا وقفت على ثمن فلمن أراد سكناها منهم أخذها بذلك إلا أن يزيد عليه بعض من شركه، وحكاية بعضهم قصد الإخلاء على الدور هو مفهوم كلام الأندلسيين. وفيها: إذا دعا أحدهما لقسم ثوب بينهما لم يقسم، وقيل لهما: تقاوياه فيما بينكما أو

بيعاه، فإن استقر على ثمن فلمن أبى البيع أخذه وإلا بيع. وفيها أيضا: إن لم ينقسم ما بينهما من ربع او حيوان أو عرض وشركتهم بمورث او غيره فمن دعا إلى بيعه جبر عليه من أباه، ثم للآبي اخذ الجميع بما يعطي فيه فأخذوا منه أن ليس الطالب البيع أخذه إلا بزيادة على ما وقف عليه من الثمن، ومثله قول الباجي: إن أرادوا المقاواة جاز، ولا يجبر عليها من أبى، وقيل له: خذ حظه بما أعطي وإلا بع معه، ويحتمل أن يكون الشركاء في الأخذ بما بلغه المبيع من الثمن سواء؛ لأن قولها: لمن أبى البيع الأخذ بذلك أعم من كونه أباه، أولا فجبر عليه أو أباه حين بلوغه الثمن المذكور، وهو ظاهر قول أبي عمر في كافيه ما نصه: ما لا ينقسم يجبر فيه الشريكان على المقاواة أو البيع، وصاحبه أولى بما بلغ في النداء إن أراده، وذكر عياض ما حاصله لمن قصد بدعواه البيع إخراج شريكه والانفراد بالمبيع عنه فليس له اخذه بما وقف عليه من الثمن، وإن لم يقصد ذلك فله أخذه بذلك، قال في أول كلامه: أنه ظاهر مسائلهم. وفي آخره: وقاله ابن القاسم، وبه أفتى الشيوخ وعمل القضاة، وفي لفظه إجمال حاصله عندي ما ذكرته، ففي كون الشريك أحق بما بلغ المبيع المشترك مطلقا أو إن لم يكن الطالب بيعه ثالثها: إن لم يكن قصد إخراج شريكه منه لأخذ غير واحد منها ولأبي عمر ونقل عياض. وفيها مع الواضحة: لزوم حكم القسم بعد نفوذه ودعوى الغلط فيه دون بينة ولا تفاحش يوجب حلف المنكر، وبأحدهما يوجب نقصه. ابن حبيب: ولو كان الغلط في حظ واحد فيبتدأ ولا تعدل السهام على أن يبقوا على سهامهم. قلت: ظاهره نقضه بثبوت يسير الغلط، وعزاه عياض لها ولأشهب وابن حبيب، قال: وقال الشيخ: وبعضهم يعفى عن اليسير كالدينارين في العدد الكثير، هذا في قسم القرعة جبرا، ويعفى عنه في التراضي اتفاقا. ابن حبيب: فإن فات ببناء حظ من غلط في حظه بزيادة تبعه ذو النقص بحقه في

قيمة ذلك مالا وفوته ببيع لغو ما لم يفت ببناء مبتاعه، فإن فات به رجع ذو النقص على بائعه، فإن وجد عديما رجع على مبتاعه ويرجع هو على بائعه، فتعقبه الشيخ بقوله: كيف يرجع على المشتري؟ وبماذا يرجع عليه بحصة الثمن أو القيمة؟ الصقلي: يريد ابن حبيب ان يرجع عليه بقيمة ما نقص من سهمه كالبائع. ابن حبيب: فإن بنى الذي لم تقع الزيدة في حظه وبنى من وقعت عنده نقض القسم فيما لم يبن من الحظوظ وفي حظ ذي الزيادة، وما فات بالبناء مما لم يقع فيه غلط مضى لصاحبه، كذا فسر لي الأخوان وأضبغ. اللخمي: دعوى الغلط في قسم التراضي كالغين في البيع. وفيها إن اقتسما عشرة أثواب اخذا أحدهما ستة والآخر أربعة ثم ادعى ثوبا من الستة في قسمه لم يصدق، وحلف حائز الستة إن اشبه قوله، ولا ينتقض القسم بخلاف اختلافهما في زيادة ثوب في البيع، ففرق الشيخ باتفاقهما على دخول الثوب المتنازع فيه في القسم واختلافهما في دخوله في البيع. اللخمي: وقال أشهب: يصدق حائزه دون يمين غن أقر خصمه انه دفعه له غلطا، وإن قال: وديعة قبل قوله أن القسم خمسة خمسة، وخير الحائز في رده له وحلفه فينتقض القسم. ابن عبدوس: يتحالفان ويتفاسخان ذلك الثوب فقط. قلت: الذي نقل الصقلي عن ابن عبدوس عن أشهب انهما يتحالفان ويتفاسخان مطلقا، وهو لفظ الشيخ في النوادر. اللخمي: عن ابن حبيب: إن كان قسم تراض سقطت الدعوى، وإن بان الغلط فيرد القسم، وأرى غن كان قسم قرعة، فإن عدلت قيمة الستة قيمة الأربعة مضت القسمة دون يمين، وإن كان تعديلها خمسة بخمسة قبل قول مدعي السادس لدعواه صحة القسم بتسوية السهام ودعوى الآخر فساده بتفاوتها، وإن كان قسم تراض، فإن قاربت قيمة الستة قيمة الأربعة وإن أضيف السادس للأربعة تباينت القيم سقطت دعوى السادس؛

لأنها لا تشبه، وإن كان الاعتدال خمسة بخمسة سقطت دعوى حائز السادس؛ لأنها لا تشبه، وخير في تسليمه لمدعيه بيمينه وتحالفهما وتفاسخهما، وإن أشكل الأمر في قسمها ستة وأربعة قبل قول حائز الستة غن أقر الآخر أنه سلمه على وجه الملك، وإن قال: إيداعا تحالفا وتفاسخا. وفيها: إن وجد أحد الشريكين بعد القسم في حظه عيبا؛ فإن كان المعيب وجهه أو أكثره رد الجميع وابتدأ القسمة، فإن فات ما بيد صاحبه رد قيمته يوم قبضه يقتسمانها مع المرودود، وإن كان الأقل رده ولم يرجع فيما بيد شريكه، وإن لم يفت فإن كان المعيب سبع ما بيده رجع على صاحبه بقيمة نصف سبع ما أخذ ثمنا، ثم يقتسمان المعيب، كان قسم قرعة أو تراض. اللخمي: اختلف إن كان المعيب النصف هل له رد السالم؟ فلم يره ابن القاسم في مسألة الجاريتين يستحق نصف ما في يد احدهما، وقال أشهب: له رد الجميع. قلت: كذا في غير نسخة، وهو مشكل باعتبار لفظه وعزوه؛ لأن الضمير في أيديهما يجب كونه عائدا على المتابعين، ويجب كون المراد بالنصف إحدى الجاريتين لا نصف كل واحدة منهما وإلا كان له ردهما اتفاقا، ويجب كونهما متكافئتيم، وإشكال عزوه أنه عزا لأشهب رد الجميع، والمعروف له أن ليس له رد الجميع في العبدين المتكافئين حسبما تقدم في كتاب الرد بالعيب، وكذا نقل ابن رشد عنه في أول مسألة في رسم الثمرة من سماع عيسى من كتاب الاستحقاق. قال اللخمي: واختلف إن كان المعيب أيسر ما بيده، فقال ابن القاسم: يرجع بمنابه قيمة عينا، وقال أشهب: يرجع شريكا. وقال محمد: إن استحق شيء مما بيد أحدهما انتقض القسم ولم يفرق بين كثير ولا قليل، ورأى غن كان قسم تراض فهو كما قال ابن القاسم، وغن كان قسم قرعة فالقول قول من طلب النقض وإن كان المعيب يسيرا؛ لأن ظهور العيب والاستحقاق بين أن القرعة وقعت على غير تعديل. قلت: ما ذكره عن محمد وما اختاره من التفرقة بين قسم القرعة والمراضاة مثله في

سماع يحيى. قال: أخبر من أرضى أن عبد العزيز بن أبي سلمة الماجشون. قال: من استحق بعض حظه في قسم القرعة أو وجد به عيبا أعيد القسم، وإن كان قسم مراضاة جرى على ما يوجد معيبا فيما يشتري؛ لأنهم تراضوا، فكأنما اشترى بعضهم من بعض. ابن رشد: هذه التفرقة لعبد العزيز تأتي على القول ان القسمة تمييز حق لا بيع؛ لأنه إذا استحق بعض حظه أو وجد به عيبا فليس ما بقى بيده مع ما يرجع به في الاستحقاق على حكم البيع من مشاركة صاحبه فيما بيده، او الدنانير التي يأخذ منه في ذلك هو حقه الذي كان تميز له بالقسم؛ لأن الذي تميز له به أخذ بالقرعة، فإذا لزم الرجوع على صاحبه بقدر ما استحق من حظه فقد حصلت القرعة على ما لا يجوز القرعة عليه من الصنفين، وقول ابن القاسم وروايته في إيجاب الرجوع على حكم البيع هو قياس القول أن القسمة بيع، وإن كانت القسمة على التراضي فحكمها حكم البيع في كل حكم يطرأ على البيع من استحقاق وعيب وغيرهما، وسمع عيسى ابن القاسم: إن اقتسما عشرة أرؤس خمسة، خمسة فكان حظ أحدهما أجود من حظ صاحبه بدينار ونصف فغرمها له فوجد أحدهما بحظه رأسا معيبا إن لم يفت رقيق صاحبه، وكان المعيب من قيمة الأرؤس سدسها كان بينهما نصفين ورد من الدينار ونصف لصاحبه نصف سدسهما وكان شريكا في رقيق صاحبه بنص سدسها، وإن فاتت تبعه بنصف قيمة سدسهاوقاصه في نصف قيمة سدسها بنصف سدس الدينار ونصف، وكان المعيب بينهما؛ لأن الدينار والنصف قد أصاب كل رأس منها بقدر قيمته، فلما صار المعيب سدس قيمة الخمسة كان ما أصابه من الدينار ونصف سدسه، فكان للذي وجد العيب نصف السدس وللآخر نصف السدس، ولو كان المعيب وجه الخمسة التي معه، ولم تفت رقيق صاحبه انتقض قسم كلها، ولو فاتت ولو باختلاف سوق غرم قيمتها واقتسماها والرقيق. ابن رشد: قوله: فكان حظ أحدهما أجود بدينار ونصف فغرمهما غير صحيح؛

لأنه إنما يجب عليه غرمهما إذا كان حظ صاحبه أجود بثلاثة دنانير، وكذا قوله: إن كان المعيب سدس قيمة الأعبد التي هي حظه، أنه يكون بينهما نصفين ويكون شريكاً في رقيق صاحبه بنصف سدسها، ويرد من الدينار ونصف نصف سدسهما غلط؛ بل الواجب أن يرد إليه جميع سدس الدينار ونصف، أو يحاصه بذلك في سدس قيمة رقيقه إن فاتت، فيكون رد إليه قدر ما رجع به عليه، وبيان ذلك أن تكون الأرؤس خمسة عشر شاة أخذ أحدهما ستة قيمتها ستة دنانير، وأخذ الآخر تسع شياه قيمتها تسعة دنانير وأعطى صاحبه ديناراً ونصفاً نصف ما زاد ما أخذ على ما أخذ شريكه فاعتدلا بذلك، فإن وجده آخذ الدينار ونصف عيباً بشاة مما أخذ قيمتها دينار، وما بيد شريكه لم يفت رد على شريكه المعيبة فكانت بينهما نصفين، ورد عليه سدس الدينار ونصف وكان شريكاً معه في التسع شياه نصف سدسها، فكان إذا فعل ذلك قد قبض كل واحد من صاحبه ما ينوب ما دفع إليه مما بيده؛ لأن الذي وجد المعيب أعطى صاحبه أربعة أسداس مثقال ونصف سدسه نصف الشاة بثلاثة أسداس وسدس الدينار ونصف بسدسين ونصف سدس، وأخذ من صاحبه نصف سدس التسع شياه، وقيمة ذلك أربعة أسداس ونصف سدس كما دفع؛ لأن قيمتها تسعة مثاقيل فنصف سدسها أربعة أسداس ونصف سدس ولو فاتت التسع شياه بيد قابضها وجب إذا رد عليه المعيبة، وكانت بينهما أن يرجع عليه بنصف سدس قيمة التسع وهو أربعة أسداس ونصف سدس بعد أن يدفع إليه سدس الدينار ونصف أو يقاصه به فيأخذ منه نصف دينار فقط كما دفع إليه؛ لأنه إنما دفع إليه نصف الشاة وقيمتها نصف دينار، وقوله: يكون شريكاً في رقيق صاحبه بنصف سدسها إن كان العبد المعيب سدس حظه، وإن كان وجهه انتقض القسم، هو أحد قوليها، والثاني فيها: أنه في اليسير يرجع بما نابه من حظ صاحبه دنانير وإن كان قائماً، وفي الكثير يكون شريكاً وبما نابه ولا ينتقض القسم ففرق في كلا القولين بين الوجهين، وقال: في كل وجه منها قولين بلا خلاف في أنه لا ينتقض القسم في اليسير، ولا في أنه لا يرجع بقدره من الدنانير في الكثير ويرجع بمناب المعيب والمستحق من الدنانير في الفوت.

قُلتُ: نقلها الشَّيخ في النوادر بلفظ: أخذ كل واحد خمسة وأعطى أحدهما للآخر ديناراً ونصفاً فضله به بذلك إلى آخر المسألة، ولم يتعقبها. وقال التونسي: جعلهم شركاء مع يسارة المردود بالعيب، وجعله يرد سدس الدينار ونصف، والواجب أن لا يرد إليه إلا العبد فقط بما يقابله من جملة ما بيد صاحبه، وإنما يرد سدس الدينار ونصف لو جد الآخر عيباً بأحد العبيد الذي بيده وهو سدس؛ لأن ثمنه منها سدس جميع ما بيد صاحبه فيرد حينئذ سدس الدينار ونصف، فتعقبها التونسي بغير ما تعقبها ابن راشد. اللخمي: وإذا وجب الرجوع في عوض المعيب ففوته كالبيع في قسم التراضي، وفي قسم القرعة ثلاثة أقوال، قيل: كالتراضي، ولأشهب: ليست حوالة الأسواق ولا النماء ولا النقص فوتاً، فإن باع أو حبس أو دبر فقد فات وتجب قيمته يوم القسم بخلاف البيع؛ لأن المشتري ضامن والمقاسم غير ضامن لما قاسم. ابن عبدوس: يدخل عليه ما ذكر في الموت، يقال له: فلو ذهبت يده بعد القسم، ثم أعتقه فأغرمته قيمته صحيحاً يوم القسم وهو مائة، وقيمته يوم العتق خمسون فقد ضمنته ما لم يكن في ضمانه، وقد كان التسليط موجوداً والضمان مرتفعاً. قال: فأما سَحنون فضمنه القيمة يوم العتق، وقال: إن باع أحدهما واستحق بيد الآخر فالثمن بينهما، وإن كانت أمة أحبلها ضمن قيمتها يوم حملت، وقال أشهب: يوم قاسم. قُلتُ: وفيها يوم القبض وعليه كلام لبعضهم يأتي. اللخمي: وإن وهب أو حبس فعلى أصل سَحنون تجوز الهبة في حظه ويأخذ شريكه حظه من الموهوب له ويقاسمه إن انقسم، وإن أعتق ضمن حظ أخيه يوم قاسمه. قال: وعلى أصل سَحنون يعتق حظه ويقوم عليه شريكه حظه يوم التقويم إن كان ملياً انتهى. قوله: فاتفق أشهب وسَحنون فيما لم يخرج من اليد أن النماء والنقص غير فوت

وفيما خرج منها ولو بحبس في كونه فوتاً وقيمته يوم القسم أو يوم الفوت، ثالثها: لا يفوت وهو كمستحق، لأشهب: وأحد قولي سَحنون، وثانيهما: وعليه يرجع في عينه إن وهب أو تصدق، والاستكمال في العتق يوم الرجوع؛ لأن التسليط كان بالجبر إن دعا إليه صاحبه ففارق التسليط اختياراً فللراجع أن يعتق أو يقوم على شريكه، بخلاف عتق أحد الشريكين أمة بينهما فإنه يمضي عتق جميعها؛ لأن الشريك عالم بالتزام القيمة، وهذا غير عالم أن معه شريكاً. قُلتُ: هذا التفريق إنما هو راجع إلى حال المعتق، والخيار المذكور إنما هو راجع للمستحق غير المعتق، فإذا كان لا مقال له على المعتق على المشهور وهو غير مسلط بالقسم فأحرى إذا كان مسلطاً به، وإذا لزم عتق المعتق في غير القسم وهو متعد فأحرى في القسم الذي هو فيه غير متعد. قال: فإن مات العبد بعد العتق وقبل رجوع الشريك لم يضمن حظ شريكه على أحد قولي سَحنون. وفيها: إن اقتسما دوراً أو أرضين ورقيقاً أو عروضاً فوجد أحدهما ببعض حظه عيباً، فإن كان وجهه أو أكثر نقض القسم إلا أن يفوت ما بيد صاحبه ببيع أو هبة أو حبس أو صدقة أو عدم أو بنا، فيرد قيمته يوم قبضه يقتسمانها مع المردود وحوالة أسواق في الدور لغو. ابن عبد السلام: إن كان معناه أن يوم قبضه يقتسمانها مع المردود هو يوم بيعهم فصحيح، وإلا فانظر هل يقال: القيمة في البيع الصحيح يوم البيع وهذا بيع صحيح، أو يقال لما انقضت القسمة انتقض البيع فلا يضمن إلا يوم القبض، وتبقى الرواية على ظاهرها. قُلتُ: هذا هو الصحيح، وعليه حمله الأشياخ، ونحوه قول الغير في النكاح الثاني: إذا وهبت المرأة مهرها ثم طلقها قبل البناء أنه يرجع عليها بقيمة ذلك يوم قبضته، ولابن القاسم: يوم وهبته؛ لأنها لا تضمن هلاكه بأمر من الله، وهنا يضمنه بذلك من هو بيده.

ابن حبيب: إن فات بعضه رد قيمة ما فات، وإن فات نصف المعيب رد قيمة نصفه، واختلاف أسواق ذلك عند مالك فوت في كل الأشياء سوى الدور. الشَّيخ: قول ابن حبيب في فوت المعيب بحوالة الأسواق ليس بقول مالك، إنما ذلك في عوضه، والعوض في القسم جعله ابن حبيب كالبيوع، وقد اختلف فيه. وفيها: لو بنى أحدهما في حظه أو هدم بعد القسم ثم وجد عيباً، فذلك فوت يرجع بنصف قيمة المعيب ثمناً على ما فسرنا. سَحنون: لم يحملها ابن القاسم محمل البيع ولا القسم. ابن عبدوس: كأنه يقول: ليس البناء فوتاً ويكون شريكاً به، فتكون الدار بينهما كصبغ المبتاع الثوب يكون به في الثوب لعيبه شريكاً، هذا محمل البيع، والقسم لا فوت فيه رجع فيه بكل حال فقبله الصقلي، وقال اللخمي: قول ابن القاسم أحسن، ليس الهدم والبناء كالصبغ، الهدم فوت كقطع الثوب تبابين وهرم الشباب، والبناء فوت ككبر الصغير، هذا إن كانت قاعة بناها أو كانت مما تعظم نفقته وتنتقل، وإن لم تكن قاعة والهدم أو البناء يسير فهو كالصبغ، واختلف بعد القول أن ليست القيمة يوم القسم، قيل: هي في الأرض يوم بنا كالقول في استكمال العتق يوم أعتق؛ لأنه كان بتسليط من المالك، ولابن عبدوس: عن سَحنون: يشاركه في قاعته بما بنى ثم يعملان في البناء على حديث حميد بن قيس، واحتج بالهدم، وعليه إن أعاد فيها نقضها فهو شريك بالتلفيق وحده، وإن زاد فيه كان شريكاً بالزائد والتلفيق، وإن انهدم ذلك وغصب النقض قبل الأخذ بالعيب لم يتبع أحدهما الآخر بشيء، وكانت الشركة في القاعة كالاستحقاق، وعلى القول الأول بعينه من الثاني وعليه قيمة حظ شريكه من القاعة والأنقاض، وإن هدم الشريك ولم يبن حتى قام شريكه رجع فيه مهدوماً، والهدم بخلاف البناء؛ لأنه إما أن يقال له أن تسليط الشريك فلا شيء عليه، والبناء بتسليط فوت، أو يقال أنه كالمستحق فلا شيء على من هدم ثم استحق كما لا يضمن لو تلف من يده، إنما يضمن بالهدم على القول أن القسمة بيع، وتكون القيمة يوم القسمة. ولو اقتسما قمحاً فظهر عيب بحظ أحدهما بعد طحنه ففي رده قيمته أو مثله،

ثالثها: يكون شريكاً بقيمة الطحن في الدقيق وما بقي، وحصة الآخر بينهما لها ولابن عبدوس عن أشهب وسَحنون. الشَّيخ: في المجموعة: قيل: لو اقتسما خشباً فعمل أحدهما بحظه باباً قال: قال مالك: ليس النسج فوت في التفليس، وقال سَحنون: ليس الطحن بتفويت هكذا في الخشب. واستحقاق شائع من المقسوم بعد قسمه قال ابن شاس: لا بغيره. قُلتُ: لأن تساوي النقض من متعددات لا ينقلها عن تماثلها أو اختلافها، واستحقاق معين منه إن كان جميع حظ نقض قسمه، وفي بعضه اضطراب. قال عياض: فيه وفي عيبه فيها ألفاظ مشكلة وأجوبة مختلفة اضطرب الشُيُوخ في تأويلها وتحقيقها، ردها بعضهم لمعروف قوله، وبعضهم لاختلاف قوله، وقال بعضهم: ما خالف مشهور قوله وهم، حتى قال محمد بن أحمد العُتْبِيّ في كتاب القسم منها أوراق خطأ علم عليها، وعزا بعضهم بعض أجوبتها لعبد الملك، وضعف بعضهم هذا بأن كتاب القسمة لم يدونه سَحنون ولا عمل فيه شيئاً، فهو على أصل أسئلة أسد وتتمة سَحنون، وزيادت إنما هي فيما دون منها. عياض: وجدنا سَحنونا أصلح بعض مسائل المختلطة من الأسدية حسبما ذكرناه في الشفعة وغيرها. قُلتُ: الإصلاح لا يستلزم الزيادة. وفيها: إن اقتسما عبدين فأخذ كل منهما أحدهما فاستحق نصف عبد أحدهما رجع على صاحبه بربع عبده إن كان قائماً، وإن فات رجع عليه بربع قيمته يوم قبضها لقول مالك: إن استحق اليسير من الأرض أو الدار رجع بقيمته من الثمن ولا ينتقض البيع. قُلتُ: لعياض وغيره فيها كلام حاصله مناقضة قولها بعدم نقض قسمها بأصل قوله: استحقاق النصف كثير يوجب النقض، وأصل قوله: استحقاق اليسير من العبد يوجب لمبتاعه رد باقيه، أما الأول فقال عياض: أجاب بعض الشُيُوخ بأن المردود هنا الربع من جملة الصفقة وهو قليل، واستدلوا بقوله في احتجاجه في المسألة، فلما قاسم

صاحبه فأخذ كل واحد منهما إلى نصف عبده نصف عبد صاحبه، فاستحق من نصف عبد صاحبه ربعه لم يكن له أن يرد نصف صاحبه كله، ولكن يرجع بذلك الربع الذي استحق منه في العبد الذي صار لصاحبه إن لم يفت، كذا الرواية في جميع النسخ، فقوله: ربعه؛ يدل على أن الربع من الجملة قليل فلم يفسخ القسم، كما لا يفسخ البيع باستحقاق أحد الثوبين المتكافئين، وأجاب الشَّيخ عن الثاني فيما حكى الصقلي فقال: قسم العبدين بخلاف مبتاع عبد يرده باستحقاق أيسره لضرر الشركة من منع السفر وطء الأمة؛ لأنهما في قسمة العبدين لم يتبع أحدهما من الآخر عبداً كاملاً فيكون ضرر الشركة بالاستحقاق حجة؛ لأنهما على ضرر الشركة كانا، ولو نقض القسم لرجعا إلى ضرر الشركة فصار كمبتاع عبدين متكافئين استحق أحدهما. زاد التونسي: ولو نقض القسم صارت الشركة في المستحق بين ثلاثة فيكثر ضررها. وأشار عياض لرد جواب الأول بقوله: قالوا: فقوله: من نصف صاحبه ربعه وهم، وصوابه من نصف صاحبه نصفه، وكذا ذكرها العُتْبِيّ والشَّيخ ابن لبابة وغيره، وبها تصح. التونسي: ولابن حبيب في المسألة أنه يرجع بربع قيمة ما بيد صاحبه ولم يذكر فات أو لم يفت، وللخمي: قال أشهب: للمستحق ما بيده رد الباقي ليكون مع الآخر بينهما. قُلتُ: زاد عنه ابن حارث: وله أن يتماسك أو يرجع بربع العبد. اللخمي: وأرى له ذلك في قسم التراضي إن قال المستحق من يده: إنما أردت رفع ضرر الشركة. قُلتُ: فالأقوال ثلاثة لها ولابن حبيب وأشهب واختيار اللخمي رابع. الصقلي: عن بعض القرويين: حاصل طرو العيب والاستحقاق بعد القسم إن كان بربع فأقل رجع بحصته ثمناً، وإن كان نحو النصف أو الثلث كان لحصته بحصتهم يكافئها بيد صاحبه، وإن كان فوق النصف انتقض القسم. الصقلي: هذا حسن، ليس في الباب ما يخالفه إلا قولها في الدار: يأخذ أحدهما

ربعها، والآخر باقيها فيستحق نصف حظ أحدهما. قال: يرجع بربع قيمة ذلك فيما بيد صاحبه، ولو قال: بربع ما بيد صاحبه لاتحد قوله في الكتاب، ولعياض نحوه، قال: ذهب المشايخ القرويون: كل أقواله في هذه المسألة تفريق بين البيع والقسمة، فمذهبه المعلوم في البيع أن الثلث يرد منه والقسمة على ثلاث درجات، ثم ذكر ما ذكره الصقلي، وذكر نقض ذلك بمسألة الدار، وقال: وعلى الرواية الأخرى بكونه شريكاً بربع ما بيده يتم كلامهم، ولعلها روايتهم، لكن ينتقض قولهم بقولها إثر مسألة العبدين: لا ينتقض القسم إن كان ما استحق يسيراً تافها لا ضرر فيه، وإن كان جل ما بيده انتقض القسم إلا أن يتأول أن النصف عنده بمعنى الجل. قُلتُ: كونه بمعنى الجل بعيد، واقرب منه أنهم قدموا مفهوم قوله أولاً: يسيراً تافهاً على مفهوم قوله ثانياً: وإن كان جل ما بيده انتقض؛ لتقدم الأول وترجيح حمل الكلام الواحد على عدم التنافي وتقليله إن أمكن. قُلتُ: ولابن حارث: عن أشهب في مسألة الدار: يستحق من يد آخذ الربع نصفه أن ذلك مضراً به ومضيقاً عليه فله نقض القسمة. عياض: وقال ابن لبابة: اختلفت ألفاظه في ذلك لاختلاف أقواله وهي ثلاثة خلطت في المختلطة فأشكل أمرها وظهر أنها قول واحد مرة قال: ينتقض القسم من النصف ومما هو كثير؛ يريد: الثلث ونحوه على أصله في البيع، وقال مرة: يشركه بنصف الجزء المستحق فيما بيده، وإن كان أقل إلا أن يكون المستحق قليلاً، كقوله: إذا استحق نصف حظه رجع بقدر نصفه فيشارك به، وقوله: انظر أبداً لما استحق إن كان كثيراً رجع بقدر نصف ذلك فيما بيد صاحبه إن لم يفت، وإن كان تافهاً رجع بنصف قيمته ثمناً ولا يكون شريكاً، وعلى مسألة العبدين إحدى الروايتين في مسألة الدار، ومرة قال: ينتقض من الجل لا من النصف، ويرجع بما يجب ثمناً، وهذا على قوله في رواية الجماعة في مسألة الدار: أنه يرجع بقيمة ربع ما بيد صاحبه، وكذا تأويل ابن لبابة أن مذهبه في مسألة العشرين داراً استحق منها داراً، فقال: إن كان جل ما بيده ردت

القسمة، وإن كانت ليست كذلك ردها ورجع على شريكه بحصتها ثمناً وتفريقه بينهما وبين الدار المفردة في ردها من النصف. عياض: وهذا عندي محتمل لو لم يكن بعده ما يفسره من قوله: فإن كانت عشراً أو ثمناً أو تسعاً فبين أنه يرجع عليه بالقيمة في اليسير، وإن كان الظاهر أو لا يحتمل ما قاله، وزعم أنه لم يختلف قوله في الدور الكثيرة أنه لا ينتقض إلا من الجل، وإنما يرجع فيما دونه فيما يصيبه من الثمن وإن كان قائماً، وقال آخرون: مذهبه في الكتاب أن القسمة لا تنتقض إلا باستحقاق جل النصيب أو ما فيه الضرر، وإليه نحا ابن أبي زيد وابن أبي زَمَنَيْن بخلافه مذهبه في البيع، وتأولوا ما خالف هذا الأصل أن القسم خلاف البيوع في استحقاق نصف الدار ونصف العبد، إذ إلى ضرر الشركة يرجعان إن فسخ القسم، وأن مسألة الغنم وهي إذا وقع لأحدهما خمسة بالقيمة فاستحقت شاة منها، فإن كانت نصف ما بيده رجع بربع ما بيد أخيه إن لم يتغير، وإن تغير رجع بربع قيمة ذلك، إنما أرجعه في غنم صاحبه؛ لأنها تحتمل القسم بلا ضرر فصارت كمكيل، وهذا على روايته، فإن كانت نصف ما بيده رجع بربع ما بيد أخيه، وعليها اختصر، وكذا في نسخ، وهي رواية وهب بن ميسرة، والذي في روايتنا واصل شُيُوخنا: فإن كانت خمس ما بيده رجع بنصف قيمة خمس ما في يديه، وكذا لابن عتاب وابن المرابط واختصار بن أبي زَمَنَيْن ورواية يحيى بن عمر، وهي على أصل مشهور المذهب، وقوله في مسألة العشرين من الدور: إن استحق أكثرها ثمنا فسخ قسمها، وإن لم تكن كذلك ردها وحدها ورجع على شريكه بحصتها من نصيبه، ثم فرق بينها وبين الدار الواحدة بأن الدار الواحدة كالعبد يستحق نصف له رد جميعه، والدور الكثيرة تحمل محمل البيع إن استحق بعضها، ظاهره أن استحقاق النصف فيها لا ينقض قسمها لقوله هذا ولقوله أولا: أكثرها ثمناً. قال بعضهم: جعل الدار هنا كالعبد، وفي بعض الروايات بأثرها: إلا أن يكون ما استحق من الدار لا مضرة فيه على ما بقي فيكون كالدور، وليست هذه الزيادة في روايتنا عن ابن عتاب ولم تكن فيه كتابه، وثبت في رواية ابن المرابط للدباغ وفي كتاب

ابن سهل لابن لبابة، وسقطت من رواية ابن وضاح وابن باز، فإن رددنا هذا الاستثناء على مسألة النصف روعي فيه في الدار الواحدة الضرر، والأشبه أنها راجعة إلى أصل المسألة كلها في مراعاة ضرر الدار الواحدة على ما في الشفعة وما بعد هذا، وفرق بعضهم بين الدار والدارين في رعي الضرر في النصف، والرد به وبين الدور الكثيرة فلم يراع في الدور الكثيرة إلا الجل، وقال: إنه مذهب الكتاب، وقال ابن لبابة، وسوى بعضهم بين الدار والدور في اختلاف قوله، وهو ظاهر قول ابن أبي زَمَنَيْن. قُلتُ: للمتيطي: عن ابن أبي زَمَنَيْن: ليس استحقاق نصف الدار المقسومة عند ابن القاسم بضرر ينقض القسم بخلاف المبيعة، وقال أبو عمران في استحقاق اليسير: في الكثير قولان أكثر قوليه أنه يرجع بقيمة ما يقابله مما بيد صاحبه، ومرة رآه شريكاً بذلك، وأخذه من مسألة العبدين ومسألة الغنم في رواية يحيى بن عمر، فلا خلاف إن استحق الجل والأكثر أنه يرد بقيمته، إنما اضطربوا فيما استحق من الدار الواحدة أو الدور ما فيه ضرر وليس بالجل، وقوله: فإن كان المستحق كثيراً أخذ قيمة نصف عشر ما بيد صاحبه، وأصل قوله أنه يرجع بقيمة نصف مثل ذلك الجزء المستحق؛ بل المستحق منه مما بيد صاحبه لا بنصف قيمة الجزء من نصيبه، إذا قد تكون مقاسمتهما على مراضاة ومغابنة. قُلتُ: إنما ذكر هذا في المدَوَّنة في قسم القرعة، وأما قسم المراضاة فحكمه كالبيع، وقد تقدم لابن رُشْد: لا خلاف في أن قسم التراضي كالبيع. ابن حارث: إن استحق الأكثر وفات باقيه ببناء ففي نقضه القسم ورد المستحق منه ما بقي بيده، وعدم نقضه فيرجع ما بيد صاحبه شريكاً بنصف ما استحق من يده قولا ابن القاسم وأشهب. قُلتُ: إيجاز تحصيل ذلك إن استحق كل الحظ انتقض قسمه، وفي نقضه باستحقاق جله ورجوعه في حظ شريكه بقدر حظه فيما استحق، ثالثها: إن فات ما بقي بيد المستحق منه ببناء ونحوه، ورابعها: المستحق من يده مخير فيهما لسماع عيسى ابن القاسم مع اللخمي عن محمد، ونصها: ونقل البيان أحد قوليها في العيب مع المتيطي

عن ابن القاسم وابن حارث عن أشهب، وعنه أيضاً. وفي نقضه باستحقاق نصفه ثالثها: إن اتحد الحظ ولم يتعدد كعبد أو دار لا كالدور، ورابعها: هذا إلا أن يضر المستحق بباقي الدار، وخامسها: هذا كالدار والداران، لعياض عن المتأخرين، وعزا ابن أبي زَمَنَيْن الثاني لابن القاسم، وعلى عدم النقض في رجوعه بنصف ما استحق في حظ شريكه إن لم يفت أو بربع قيمتها ولو لم يفت نصها. ونقل التونسي على ابن حبيب: وفي نقضه باستحقاق ثلثه ورجوعه شريكاً. نقل عياض قول ابن لبابة: هو أحد أقوالها قائلاً: لم يختلف قولها أنه لا ينتقض في الدور إلا بالجل، ويرجع فيما دونه فيما بيد صاحبه ثمناً ولو كان قائماً، وتفسيرها: بعض القرويين: وفي نقضه بما دون ذلك سماع يحيى من يثق به عن ابن الماجِشُون أو أبيه، والمعروف وفوت ما بيد غير المستحق منه كما مر في العيب. عياض: عن ابن أبي زَمَنَيْن: جعل ابن القاسم البيع والهدم فوتاً في المقسوم، ومرة لم يجعله فوتاً، والأشبه بأصولهم الأول. الشَّيخ: عن ابن عبدوس: غرم أحدهما بموت ما بيده نصف قيمته لمن استحق عبده. قال سَحنون: هو خلاف أصل مالك وابن القاسم بخلاف البيع؛ لأنه لو طرأ دين لم يضمن من مات عبده قيمته. ابن عبدوس: ولأنه لو طرأ دين بعد غرم من مات عبده نصف قيمته لمن استحق عبد، فإن دفعه في الدين لزم تضمينه الدين، وإلا لزم الإرث قبل ذلك الدين، وإن أسقطت بهذا الدين رجوع الأخ على أخيه فهو أشفع، ولو كان القسم بيعاً لكان لمستحق العبد إجازة البيع في نصفه وأخذ نصفه الآخر، وإن وجد عبده قد مات كان له أخذ نصف الآخر؛ لأنه ثمن نصف عبده، وكله قول أشهب وسَحنون، ثم اختلف فيما أحدث عنهما بفعلهما، فذكر عنهما ما تقدم للخمي عنهما: إذا باع أحدهما عبده أو أعتق أو وهب، ويرجع المستحق من يده في عبد الآخر وغلته. قُلتُ: كالمطلقة قبل البناء تغتل عبدا أصدقها، فسكت ثم قال: قد اختلف فيه ابن

عبدوس، وغلة المستحق إن كان أبرهما غير غاصب للمستحق من يده إن لم يرجع على أخيه في عبده وإلا فبينهما. اللخمي: هذا على أن قسم القرعة تمييز حق، وعلى أنها بيع كقسم التراضي لكل منهما ما اغتله، وسمع القرينان: إن قسم ثلاثة بنين ثلاثة أعبد ورثوها بالسوية فتوفي عبد أحدهم واستحق عبد آخر فلا شيء على من مات عبده، ويكون للمستحق من يده ثلث العبد الباقي، وباقيه لمن هو بيده. قال ابن رشد: في سماعها سحنون من ابن القاسم في الاستحقاق معناها أن القسم بالقرغة؛ لأنه المختلف فيه هل هو تمييز أو بيع؟ وفيها على أنه تمييز ثلاثة أقوال: قول ابن القاسم هذا، وقاله مالك في سماع يحيي من كتاب القسم ضمان لكل حظه إن مات أو تلف بغير سببه ومضى القسم فيه بينه وبين من قاسمه لتمييزه له بالقسم، وينتقض القسم بين المستحق منه وبين من بقى حظه بيده فيرجع عليه بثلثه؛ لأنه باع منه ثلثه بثلث المستحق، فإن أخذ له ثمنا فله ثلثاه، فثلثه لمن بقى عبده بيده إن وجده بيد المعطي، ويقوم حظه منه على المعتق إن كان موسرا ويخير في البيع بين أن يرجع في عينه إن وجد بيد المعطي، ويقوم حظه منه على المعتق إن كان موسرا، ويخير في البيع بين أن يرجع في عينه أو الثمن من البائع، قولا أشهب وسحنون، والقول الثاني: نقض القسم بين المستحق منه وكل واحد من شريكيه لا فيما بينهما فيكون ثلث التالف من المستحق منه وثلثاه ممن تلف بيده ولا شيء له على من بقى عبده؛ لأن القسم بينهما لم ينتقض وللمستحق منه ثلث العبد الباقي؛ لانتقاض القسم بينه وبين من بقي عبده بيده، فإن قبض للعبد المستحق ثمن كان بينهم أثلاثا حكى هذا القول ابن عبدوس ولم يعزه، والقول الثالث نقضه بين جميعهم فيكون التالف بينهم والباقي بينهم، قاله ابن الماجشون أو أبوه عبد العزيز على اختلاف رواية سماع يحيي من كتاب القسمة، وكذا على هذا القول لو استحق يسير من حظ أحدهم أو وجد به عيب انتقض بين جميعهم، وأما على أن القسم بيع فلا خلاف في رجوع المستحق منه على من العبد بيده بثلثه، وعلى من مات عبده بثلث قيمته يوم القسم، وإن قبض للمستحق ثمن

فهو بينهم أثلاثا، وعليه إن استحق أكثر حظ أحدهم ففي نقض القسم فيرد ما بقي بيده، ويرجع فيما بيد أشراكه إن كان قائما وبقيمته إن فات ومضيه فيرجع بقدر ما استحق من يده فيما بأيديهم إن كان قائما وبقيمته إن فات قولان، وإن استحق أيسره لم ينتقض، وفيما يرجع به خلاف في المدونة تقدم، وكذا اختلف في قسم التراضي بالتعديل والتقويم دون قرعة، هل هو بيع أو تمييز؟ وقسم التراضي دون تعديل بيع اتفاقا، والأظهر إن قسم القرعة تمييز وقسم التراضي بيع. قلت: ذكره الخلاف في قسمة التعديل والتقويم هل هو تمييز أو بيع خلاف ظاهر ما تقدم للباجي في قسم الصبحاني والعجوة والخرص، وهو قوله: وعندي أن هذه القسمة لا تجوز إلا بالقرعة؛ لأنها تمييز حق، فلو لم يكن التمييز خاصا بالقرعة لما صح استدلاله به عليها. ابن الحاجب: إن استحق بعض معين فقال ابن القاسم: كالعيب، وقال مالك: إلا أن يكون كثيرا ولم يفت الباقي فله أن يكون شريكا لصاحبه بقدر نصف ذلك مما في يده ففسره ابن عبد السلام بتخييره في نقضه وتمسكه بما في يده، وظاهر قول أشهب أنه لا ينتقض القسم باستحقاق بعض نصيب أحدهما ولو كان كثيرا. قلت: ما فسره به هو نقل ابن شاس عن مالك، ولا أعرفه لغيره، وإنما هو موجود لمالك في البيع لا في القسم في المدونة من كتاب القسم قال مالك: إن استحق وجه الدار والقدر منها خير المشتري إن أحب حبس ما بقي بيده منه، ورجع في الثمن بقدر ما استحق، وإن أحب رد ما بقي بيده وأخذ الثمن كله، وما ذكره عن أشهب لا أعرفه له، إلا ما ذكره ابن حارث عنه: بقيد فوت باقيه ببناء حسبما تقدم مع نقله عنه التخيير في نقضه إن لم يفت، وضد الاستحقاق وجود زيارة مجهولة. سمع غيسى ابن القاسم: إن وجد أحد مقتسمي دار بحظه جبا أو لبنا فللآخر معاودة القسم إن لم يفت، فإن فات فعليه نصف قيمته كبيوت وجدها أسفل بيوت لم تعلم. ابن رشد: هذا خلاف نص سحنون وقول ابن حبيب وابن دينار، واختلف فيه

قول ابن القاسم حسبما ذكرنا في سماعه عيسى من الأقضية، ولابن رشد في نوازل سحنون آخر جامع البيوع: وكذا لو وجد أحد الورثة في حظه صخرا أو عمدا أو رخاما، والخلاف إنما هو فيما لم يعلم صاحبه، وما علم أنه للبائع أو لمن ورثه المقتسمون عنه فهو للبائع أو الموروث اتفاقا، وكذا إن ثبت أن البئر أو الجب أو البيت الموجود تحت الأرض من عمل البائع أو الموروث عنه، وطرو دين على قسم ورثة جهلوه والمقسوم غير مثلي في نقضه لحق الله لزوما أو للدين فينقض ما لم يجتمعوا على أدائه، ثالثهما: ينقض إلا في حق من تلف كل حظه بسماوي فلا يتبع بدين، ولا حق له فيما فضل عنه للبيات عن رواية أشهب ومشهور قول ابن القاسم المنصوص له فيها، واضطرب قوله في ذلك، وابن حبيب وسحنون مع أشهب وغيرهما، وعزا هذا في مقدماته لأشهب، وكذا الشيخ في نوادره في البيان مثال قول ابن حبيب: من هلك عن أربعة بنين وثمان بقرات، قيمة كل واحد عشرة دنانير، فأخذ كل ابن بقرتين وماتت إحدى بقرتي أحدهم، وطرأ دين هو عشرة دنانير فيجب على قوله نقض قسمهم، وبيع بقرة للدين وقسم الستة الباقية بينهم، ولمن شاء منهم دفع منابه من الدين وهو ديناران ونصف، مع حمله نوبه من قيمة البقرة التي ماتت وهو ديناران ونصف فيفغرم خمسة دنانير نصفها للدين ونصفها لبقية الورثة يقتسمونه مع الخمس بقرات. قال: وعلى قول ابن القاسم ينقض القسم إلا أن يتفقوا على أداء الدين من أموالهم. قلت: وفيها إن تطوع أحدهم بأدائه من ماله لاغتباطه بحظه فلا ينتقض، وللخمي عن المذهب: لمن رضي بدفع منابع من الدين بقي قسم حظه إن استغرق الدين التركة وإلا فلا. قلت: لانتفاء حق من سواه في قسم حظه، وعلى الرابع في فض الدين على ما بأيديهم من الحصص إن اعترق نصف التركة قيمة ما بيد كل منهم يوم الحكم، أو يوم الأجزاء التي قسموا عليها نقلا المقدمات عن سحنون واحد قولي أشهب قائلا: ما

كانت قائمة. اللخمي: قال أشهب وسحنون: القسمة جائزة إن كان المقسوم موجودا، ويفض الدين على ما بأيديهم بالحصص إن اغترق نصف التركة ويبد أحدهما ثلثاها، وبيد الآخر ثلثها ببيع حظ نصف كل منهما، إلا أن يضر ذلك الغريم لقلة الرغبة في شراء البعض، أو لكون حظ أحدهم أحظى ثمنا فينقض القسم، وعلى قوله: إن بني أحدهم وقيمة حظه مائة فصارت مائتين بيع من حظه ربعه؛ لأنه نصفه قبل بنائه إلا أن يدفع نصف قيمة ذلك يوم القسم، وقيل: يوم البناء؛ لأنه فوت. قلت: ما نقله عن أشهب وسحنون في كيفية الفض خلاف نقل المقدمات عنهما، وهذا هو الصواب لنقل الشيخ عن سحنون في المجموعة: لا يفض على قدر المواريث؛ بل على قدر قيمة ما بيد وارث يوم البيع للدين، وإن كان في البيع من كل حظ على ذي الدين ضرر لطوله أو لأن ما بيد أحدهم أحظى ثمنا بيع ما هو أنجز له، ويرجع من بيع حظه على إخوته بقدر منابهم من الدين يوم قضاه. وفيها: لا يضمن الورثة ما تلف بسماوي ويضمنون ما ذهب بانتفاعهم. ابن رشد: اتفاقا فيهما، وفي سماع يحيي ابن القاسم: لا ضمان عليهم إلا ما استهلكوه وما اشتروه على حال البيع لا على الاقتسام، لهم نماؤه ومنهم ضمانه يغرمون ثمنه. ابن رشد: اتفاقا، كبيع ذلك من غيرهم وأخذهم ثمنه. وفي ضمانهم بإحداثهم كالبيع والهبة والصدقة والعتق قولا ابن حبيب وسحنون مع أشهب، فعلى الأول: يؤدون ولا يرجعون على المعطي بشيء، وعلى الثاني: يرجع ذو الدين على المعطي ولا يتبع المشتري بشيء، إلا أن تكون فيه محاباة فهي كالهبة. وهي ما يدل على القولين. قلت: فيها ما باعه الوارث فعليه ثمنه لا قيمته. قال: وما ادعوا تلفع مما لا يغاب صدقوا فيه بأيمانهم. قلت: ما لم يقم دليل بكذبهم حسبما مر في الخيار.

قال: بخلاف العروض التي يغاب عليها في البيان إلا أن تقوم على تلفها بينة. وفي ضمانهم العين والكيل والموزون إن قامت بتلفه بينة، ثالثها: في العين فقط لسماع يحيي بن القاسم وسماعه أصبغ في كتاب النكاح، وقوله قلت: عزا اللخمي الأول لأشهب قائلا: هو أصله في العواري، والثاني: لابن القاسم دون اختلاف في قوله، ثم قال: إن اغترق الدين التركة وهلك حظ أحدهم لم يضمنه ولو كان قسم تراض؛ لأن مقال الغريم معه بنقض القسم وهو كاستحقاق فلا يضمنه ولو كان قسم تراض؛ لأن مقال الغريم معه بنقض القسم وهو كاستحقاق فلا يضمن له شيئا، ولا الأخ لأخيه؛ لأنه لا يرث إلا بعد الدين، فلو رجع على أخيه بقيمة نصف ما قبضه إن كان قسم تراض أخذه منه الغريم، وكذا إن اغترق الدين كل الحاضر وبعض الهالك، وإن اغترق بعض الحاضر في قسم القرعة، فقيل: لا يرجع من استحق ذلك منه ولا يرجع عليه؛ لأن القسم تمييز حق كما لو قضي الدين أجنبي وهو أحسن، وقيل: يرجع عليه ولا يرجع، وقيل: هي بيع يرجع ولا يرجع عليه، وإن كان قسم تراض رجع ولم يرجع عليه. التونسي: فيها ما ظاهره إن مات ما بيد أحدهم كان له الدخول على الورثة فيما فضل لهم عن الدين، وقد يقال: لا دخول له عليهم؛ لأن يقولون: نودي الذين دونك، وعليه إن بقي بيده من العبد شيء دخلوا عليه فيه كثلاثة إخوة أخذ كل منهم بالقسم عبدا قيمته مائة فنقص عبد أحدهم لا يضمنه ولا يرجع به إن انتقض القسم فيفض الدين على ما بأيديهم أخماسا يغرم من لم ينقص عبده ثمانين ثمانين، ومن نقص عبده أربعين، وكذا فسره ابن عبدوس: إن جني على عبد أحدهم فأخذ فيه خمسين وعبد كل منهم يساوي مائة. قلت: ما عزاه لظاهرها هو قولها. قال مالك: ما مات بأيديهم أو هلك بأمر من الله تعالى من عرض أو غيره ضمانه من جميعهم لا ممن كان بيده، ابن القاسم: لأن القسم كان بيتهم باطلا، وهذا إنما يتم على رواية أشهب بوجوب النقض لحق الله تعالى، فقول ابن القاسم هذا إن قاله مفسرا به قول مالك غيره أخذ به لم يكن منه اضطرابا، وكان قول مالك هذا كرواية أشهب

عنه، وإن قال ابن القاسم آخذا به وهو ظاهر قوله كان خلاف معروف قوله: فكان اضطرابا، ولعله الذي أشار إليه في البيان والمقدمات بكونه اضطرب فيه قوله وإن كان لم يبينه. وفيها لمالك: إن أقر أحدهم بدين حلف المقر له وأخذ منه. قلت: لعله أقر لنفعه بإبطال القسم. قال: لم أسمع فيه من مالك شيئا، وأرى إن أدوا الدين بعد قسمهم ونفذ قسمهم وإلا نقض، فإن أدوا وأبى المقر إلا النقض بيع عليهم حظه في الدين ولم ينقض. التونسي: في قبول شهادته نظر لتهمته، وهي صحيحة على قول سحنون بعدم نقض القسم، والأخذ من كل وارث على قدر ما بقي بيده كأنه لم يرث غيره، ورجخ الخمي قول أشهب: بياع من كل حظ ولو كان عبدا بمثابه من الدين، ولا ينقض القسم، ولو غاب من سوى المقر بطلت شهادته لتهمته على نقض القسم ببيع حظه في الدين ليرجع على غيره في حظه. وفي المقدمات: في قول ابن القاسم نظر؛ لأنه إذا اتهم وجب أن لا تجوز شهادته، وهو قول أشهب. قلت: ظاهره أن أشهب يبطل شهادته مطلقا لا بقيد غيبته من سوى المقر خلاف ما تقدم للخمي. قال: إن كانت التركة عينا أخذ جميعها من أيديهم، وإن اغترق بعضها وكلهم حاضر موسر غير ملد أخذ من كل منابه، وإن أعسر بعضهم أو غاب أو كان ملذا أخذ جميعه من الحاضر الموسر، ومن غير الملد واتبع المأخوذ منه أصحابه. ابن رشد: إن وجد ما قسموه بأيديهم لم ينتقض قسمه من المكيل والموزون. اللخمي: إن كان المقسوم ديارا وعينا وفيها وفاء الدين قضي منها ومضى قسم الديار، لا قول لمن أراد نقضه. قلت: فيه على رواية أشهب أن النقض لحق الله بالنهي عن الإرث قبل الدين نظر، قال: وإن كان عينا وعروضا وديارا قضي من الأولين ومضى قسم الديار.

وفيها: إن طرأ دين وقد جني على بعض الرقيق تبع جميعه الجاني؛ لانتقاض قسمهم. أشهب: هذا إن أخذ الدين من جميعهم، ولو غرمه أحدهم تبع من صار له ذلك الهبد بحظه فيه والجاني بقدر حظه في الجناية. الصقلي: مثل قسم ثلاثة أعبد، قيمة كل عبد مائة دينار قتل أحدهم ثم طرأ دين هو مائة دينار إن بيع فيه أحد العبدين رجع من كان بيده على الباقي عبده بثلث العبد وعلى الجاني بثلث قيمة المجني عليه، ورجع عليه ذو العبد المجني عليه بثلثي قيمته، ولو أخذ الدين من كل واحد من الأخوين رجعوا كلهم على الجاني أثلاثا. قال ابن عبدوس: هذا القول كأنه جعل الدين كالاستحقاق، وقو سحنون: أخذ الدين مما بيد الورثة، ولا يتبعوا المجني على عبده بشيء؛ ولكن على الجاني بحصة ما يلحق قيمة العبد المجني عليه إذا فض على ما بأيديهم، ويتبع المجني علي عبده الجاني بما بقى مثل أن يكون قيمة العبد المقتول يوم القتل خمسين وقيمة كل عبد للأخوين مائة، والدين مائتان، فبيع العبد للدين؛ فإنه يأخذ الأخوان من الجاني أربعين وأخوهما عشرة، ولو كان كالاستحقاق لرجعوا فيه أثلاثا. وفيها: طرأ وارث والمقسوم مثلي تبع كل وارث بقدر حظه، ولو أعسر بعضهم أو غاب ففي كونه كذلك ورجوعه فيما بيد الموسر الحاضر كأنه كل المتروك ولا وارث غيرهما، ثالثها: هذا إن كانوا عالمين بالطارئ لها مع الصقلي عن أصبغ واللخمي عن ابن عبد الحكم مع أشهب، وعن ظاهر قول عبد الملك قال: وأصل ابن القاسم منع الشريك قم العين دون شريكه، وأمضاه هنا للجهل به، وأصل أشهب الجواز وناقض كل منهما أصله وقال بقول صاحبه في قبض الأصاغر ثمن دار بينهم وبين أكابر، فقول ابن القاسم فيه: لا زكاة في حظ الأصاغر إلا لحول من يوم قسمه بينهم وبين الكبار بناء على منع قسم الشريك في العين على شريكه الغائب، وقول أشهب بإيجابها فيه لحول من يوم قبضه الوصي بناء على صحة قسمه لهم على الكبار. قلت: يحتمل كون قوليهما إنما هما بناء على مضي قسم الظالم في المثلي، ولغوه لا على

جواز القسم على الشريك الغائب ومنعه، فلم يناقضها عليهما في الزكاة بمنع القسم على الشريك الغائب وجوازه فتأمله، وجعله قول عبد الملك بالفرق بين علمهما بالطارئ وجعلهما إياه خلاف قولي ابن القاسم وأشهب مناف لقوله عن ابن القاسم: أمضاه هنا للجهل بالطارئ. قال: وهذا بخلاف طرو غريم على غيره؛ لأن قضاء الورثة وقسمتهم عليهم كالقاضي، وليس كذلك قسم الورثة فيما بينهم، ولو كان المتروك مكيلا أو موزونا ففي صحة قسمهم إياه كالعين قولان. قلت: ما فرق فيه به بين طرو الوارث على آخر، والغريم على آخر يكون قسم الورثة على الغرماء كالقاضي يوجب تسويتهما، لو كان قسم الورثة بينهم بحكم قاض. وذكر التونسي الثاني ولم يعزه، قال: وعليه ما في الموازنة إن طرأت زوجة على أخرى وإن بعد قسمها على انفرادهما بالإرث والزوجة معسرة، فحظ الابن بينه وبين الطارئة على خمسة عشر لها سهم وما بقى للابن؛ لأنها مجموع نصف ثمنها وسبعة أثمان حظ الابن معهما، وعلى الأول لا ترجع على الابن بشيء بل على صاحبتها متى أيسرت؛ لأن الابن ليس بيده إلا حظه فقط. قلت: هذا إن كانا غير عالمين بالطارئة وإلا جرت على قسم الظالم. زاد الصقلي: لو قالت الطارئة: صار إلى ميراثي كان كقولها: تركت لكما حظي؛ ينقض القسم ويقتسمان على خمسة عشر للزوجة سهم وللابن أربعة عشر، فذلك مع حظ الطارئة ستة عشر، وهو قسم العدل لو حضرت. وفيها: إن كان المتروك دورا نقض القسم جمعوا الدور في القسم أو قسموا كل دار على حدة. اللخمي: إن كان دارا واحدة اقتسماها نصفين، خير الطارئ في إمضاء القسم فيكون شريكا لكل أخ بثلث ما بيده أو يرد القسم ليجمع نصيبه، وإن كان دارين أخذ كل منهما دارا فإنما للطارئ الرجوع على كل أخ بثلث الدار التي بيده ولا يرد قسمها؛ لأنه لو أدركهما قبل القسم لم يكن له سوى ثلث كل دار، فإن حملتا القسم قسمتا واحدة

ثلث كل دار وإلا بيعتا إن دعي للبائع وأبى بالشفعة، وإن كانت قسمته بالقرعة فلا شفعة له على أن القرعة تمييز حق وإن كان تزامنا جرت على الروايتين في الشفعة في المناقلة، وإن كان المتروك دارا لأمة أحد كل منهما دارا. وبقيت ثالثة لا تدخل في القسم معهما؛ لأنها أشرف أو أدني فكما تقدم في الدارين فيكون شريكا بثلث كل دار، وإن كانت الثالثة متقاربة للدارين اللتين اقتسماها أقرع على الديار الثلاث، فإن خرجت الدار الثالثة للطارئ مضى قسم الدارين، وإن خرجت له إحدى الدارين المقسومتين انتقض قسمهما، وإن كان الحاضران اقتسما الديار الثلاثة أخذ كل أخ دارا ونصفا، فإن كانت الدار المقسومة نصفين مباينة للباقيتين مضى قسم الدارين، وللطارئ ثلث كل واحدة ونقض قسم الثالثة إن حملت القسم على ثلاث قسمت وإلا بيعت إن طلبه أحدهم، وإن كانت مقاربة لهما ضرب بالسهم على الثلاث، فإن خرجت المقسومة نصفين للطارئ مضى قسم الدارين، وإن خرجت له إحداهما فالآخران بالخيار في الباقيتين إن شاء أمضيا قسم المقسومة وتكون الأخرى التي كانت لأحدهما بينهما نصفين، وإن شاء نقضا القسم الأول واقترعا عليهما، وحكم التركة عروضا على هذا إن كانت تقسم أو لا تقسم. قلت: قوله: والمتروك دار واحدة للطارئ نقض القسم وإمضاؤه بشركته كلا منهما بثلث ما بيده، خلاف متقدم ظاهرها أو نصها. وفي إلزامه شركته كلا من أخويه فيما صار لكل منهما ضرر عليهما. قوله: والمتروك دار إلخ يرد قوله فيه بإمضاء القسم على الطارئ، وهما يحملان القسم بأنه ضرر عليه لتفريق حظه في الدارين، وإذا نقض قسمهما قد يطير له حظه في دار واحدة وما بناه بعد هذا يرد بما رد به هذا فتأمله. وفيها: مع غيرها طرو موصي له بجزء على الورثة كطرو وارث عليهم، إن كانت التركة عينا أو عرضا تبع كل وارث بحقه لا المللي كالمعدم، وإن كانت دورا نقض القسم. التونسي: جعله ابن حببيب كطرو الغريم عليهم في نقض القسم والضمان.

الصقلي: عن أبي عمران عن القابسي: لو قسم ثلاث بنين ثلاث مائة دينار فطرا موصي له بالثلث ووجد ابنين أتلفا ما بأيديهما وما بيد الثالث باق فذو الوصية أحق بالمائة التي بيده منه. قال: وقاله محمد وغيره، انظر كأنه رأى أن التركة إن كانت عينا صار كموصي بتسمية بخلاف الغرض. قلت: حاصله كنقل ابن رشد عن ابن حبيب، وصرح اللخمي بأن قول ابن حبيب مثل قول محمد، وعزا الأول لابن ميسر ومال، قال: وعلى قول أشهب وابن عبد الحكم: يقاسم الموصي جميع ما بيده ثم يرجعان جميعا على الوراث، وجعل قول محمد ثالثا، ووجهه بظاهر قوله تعالى: {مِنْ بَعْدِ وصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا} [النساء: 11] قال عنه: لو أوصي لثلاثة بمائة واحدة لكل واحد، والثلث مائتان وخمسون فأخذ الحاضران مائتين والورثة خمسين ثم طرأ ثالث؛ فالواجب له ثلاثة وثمانون وثلث يتبع كلا من الموصي لهما ستة عشر وثلثين لا يأخذ مليهما عن معدمهما، ويأخذ الوارث الملي بكل ما أخذ من الخمسين ويتبعان معا باقي الورثة. وفيها: طرو موصي له بدنانير أو دراهم يحملها الثلث كطرو الدين. التونسي: إن طرأ موصي له بألف على ورثة فظاهر الموازين أنه كالدين يأخذ من الوارث ما بيده، والأشبه أن يأخذ منه الأقل من ثلث ما بيده أو من الألف. اللخمي: إن طرأ ذو وصية بمعين عبد أو غيره أخذه أو محمل الثلث منه من وارثه، ورجع وارثه على بقية الورثة كاستحقاقه منه، فإن وجد بيع فكبيع مستحق، وإن هلك بيد الوراث بسماوي وصار له بقسم قرعة لم يتبع بشيء، وإن صار له بتراض بوجه مبايعة فله إمضاء بيعه وأخذ ثمنه من البائعين ويسقط منه حظ وارثه لمشتريه. قال: وإن طرأ ذو وصية بعبد أو دار غير معينين شرك الورثة بالخارج من تسمية ذلك من متروك الميت يوم التنفيذ من عذذ ذلك، فإن ترك ثلاثة أعبد أو ثلاثة ديار تعتدل في القسم فله نقض قسم الورثة ويأخذ ما يصير له في قسمتهم ثانيا، وإن لم تعتدل في القسم لم ينقض القسم وشركهم في كل عبد أو دار بقدر حظه، وكذا إن كانت

وصية بجزء عبد أو دار. قُلتُ: قوله: إن لم تعتدل لم ينتقض القسم وشركهم في كل عبدٍ أو دارٍ، يرد بما تقدم من ضرره بتفريق حظه في كل عبد أو دار ونقضه يجمع له حظه في واحدٍ منها أو اثنين. قال: ومن أخذ عبدًا موصى له بعينه ثم طرأ آخر بآخر بعينه، فإن حملهما الثلث أخذ الطارئ عبده ممن هو بيده من وارث كاستحقاقه، وإن لم يحملهما أخذ منه محمل الثلث منه مع الأول، وتبع الورثة الأول بما نقص في عبده عما يحمله الثلث معه، وإن طرأ موصى له بعبدٍ لا بعينه أو بدنانير والثلث يحمل الوصيتين تبع الورثة دون الموصى له، وإن لم يحملها تبع الموصى لهما بما شطر عنده كطروء غريم على آخر والورثة بما شط عندهم من الثلث، ثم يختلف في كونه كوارث على ورثة يتبع الموسر بمنابه لو كانوًا مياسير أو كغريم على ورثة يستحق كل ما بيد الموسر، وإن طرأ وارث على ورثة وموصى له، فإن كان بالثلث والتركة عين أو بتسمية دنانير يحملها الثلث رجع على الورثة فقط، وكذا إن أوصى له بمعين عبد أو دار يحمله الثلث، وإن أوصى له بالثلث والتركة عروض أو عقار فله نقض قسمهم عليه، وغن هلك ما وقفوا له فهو من جميعهم، وكذا إن أوصى له بعبد من عبيده أو دار من دوره دون تعيين، وإن طرأ على موصى له بالعين وترك للورثة ما يتعذر بيعه أو أوصى بالحاضر، وترك لهم الغائب أو بالخدمة، وترك لهم المرجع أو به، وترك لهم الخدمة والرقبة أكثر من الثلث، وأجاز الورثة ذلك؛ فله انتفاع الموصى له بنصيبه في ذلك. قُلتُ: تحصيل أصول الطروء الموجب حقًا للطارئ ثلاثة وثلاثون صورة جملة طرو غريم أو وارث أو موصى له على مثله، وطرو غريم على ورثة أو موصى له أو موصىً له، وغريم وطرو وارث على موصى له وطروء موصى له على ورثة أو موصى له، فهذه تسع صور الموصى له منها مع غيره، أربع مضروبة في كونه موصى له بجزء أو بمعين أو بعين باثنتي عشر صورة، ومع مثله اثنتان مضروبتان في تسع مسطح كون الطارئ موصى له بأحد الثلاثة، والأول كذلك بثماني عشرة صورة، وذكر ابن رشد منها عشرًا ثلاث صور طروء وأحد الثلاثة على صنفه يرجع الطارئ فيها عليهم بحظه ولا

يأخذ مليًا بمعدم، وينقض قسم غير المثلي لا المثلي، وفي ضمان مقبوض كل منهم ما تقدم وطرو الغريم على الورثة أو على الموصى لهم بالثلث، وطرو الموصى له بعدد على الورثة في إيجابه في الثلاث صور نقض القسم ما تقدم لأشهب وسحنون وابن القاسم، وفي ضمان مقبوض كل منهم ما تقدم ونقض القسم ومضيه بناءً على تعلق الدين بعين التركة أو ذمة الميت، وعليهما اختلاف قولي مالك فيمن يبدأ باليمين مع الشاهد في دين الميت الغرماء أو الورثة، وفي الوصي ينفق التركة على الأيتام ثم يطرأ الدين ومسائل شتى. قُلتُ: لو تعلق بعينها لسقط من دينهم منابه من تالفها دون وقف لهم. قال: وسابعها طرو الغريم على غرماء وورثة يوجب تبدئة رجوعه عليهم ثم على الغرماء بما بقي كطروه عليهم، وثامنها: طرو الموصى له بعدد على موصى لهم وورثة إن وفى ما بيد الورثة زائدًا على الثلثين لم يتبع الموصى لهم، وإلا تبعهم بحقه كطروه عليهم، وتاسعها: طرو الموصى له بجزء على الورثة في كونه كطرو غريم عليهم أو وارث، قولا ابن حبيب وابن القاسم، وعاشرها: طرو الموصى له بجزء على آخر وورثة إن وفى ما أخذه الورثة زائدًا على الثلثين بجزء الطارئ رجع عليهم على قولي ابن حبيب وابن القاسم في صفة رجوعه، وإن لم يف به رجع بالباقي على الموصى لهم على ما تقدم، والحادية عشر: طرو الغريم على الموصى لهم بأقل من الثلث، وعلى الورثة إن خرج ما قبضه الموصى له من ثلث ما يبقى بعد الدين لم يتبعه الغريم بشيء إلا في عدم الورثة، وإن لم يخرج رجع على الموصى له بالزائد على ثلث الباقي بعد دينه وعليهم بتمامه، فإن وجد الموصى له عديمًا أخذ كل دينه من الورثة وتبعوا الموصى له بالزائد على ثلث الباقي بعد الدين، وإن وجده مليًا دونهم أخذ ركل ما بيده وتبع الورثة بباقي دينه وتبعهم الموصى له بثلث الباقي بعد الدين.

كتاب القراض

[كتاب القراض] القراض: تمكين مال لمن يتجر به بجزء من ربحه لا بلفظ إجارة؛ فيدخل بعض

الفاسد كالقراض بالدين والوديعة، ويخرج عنه قولها: قال مالك: من أعطى رجلًا مالًا يعمل به على أن الربح للعامل ولا ضمان على العامل؛ لا بأس به. عياض: قال سحنون: هو ضامن كالسلف. فضل: هذا إن لم يشترط أن لا ضمان عليه. محمد: إن قال: خذه قراضًا ولك ربحه؛ فلا ضمان عليه، وإن قال: خذه واعمل به ولك ربحه؛ لم يذكر قراضًا فهو ضامن.

الباجي: يجوز شرط كل الربح لأحدهما في مشهور مذهب مالك، وإن أريد إدخاله على أنه قراض قيل: عقد على التجر بمالٍ لعوض ليس من غير ربحه، وقال ابن الحاجب: هو إجارة على التجر بمال بجزء من ربحه، وأبطل طرده بمدلول لفظ من قال لرجل: أجرتك على التجر لي بهذه المائة سنة بنصف ربحها. قال ابن عبد السلام: وأجيب بأن معنى القراض هو الإجارة على الصفة المذكورة، ولكن هذا المعنى لا ينعقد بكل لفظ؛ بل لفظ القراض وغيره من الألفاظ التي ذكرها الفقهاء وانعقاده بها ليس من تصوره إنما هو من أحكامه فيرجع ذلك إلى التصديق والكلام في التصور، وبهذه الطريقة يندفع كثير من (الأسولة) عن التعريفات فتأمله. قُلتُ: حاصله أنه جعل صورة النقض من حقيقة القراض فيبطل كونها نقضًا ضرورة، وإليه الإشارة بقوله: معنى القراض هي الإجارة المذكورة، وقوله: ولكن هذا المعنى إلخ؛ حاصله أنه جعل اعتبار اللفظ في القراض إنما هو من حيث الحكم عليه التصديقي، والكلام إنما هو في تعريفه، وذلك راجع لتصوره فلا اعتبار باللفظ فيه بحال. قُلتُ: إلغاؤه اعتبار اللفظ في حقيقة القراض يرد بأن الحقائق الشرعية لما كانت جعلية كان اللفظ في بعضها معتبرًا فصار كذاتي لها بالجعل الشرعي أو اصطلاحه، فمعنى قارضت بنصف الربح وأجرت به متماثل من حيث كونه مدلولًا عليه فقط، ومن حيث الدلالة على الأول لا بلفظ الإجارة وعلى الثاني بلفظ الإجارة يختلفان، الأول قراض والثاني إجارة، هذا المقرر في اصطلاح الفقهاء ضرورة، فقوله: بلغو اعتبار اللفظ في حقيقة القراض والإجارة غير صحيح فالحق أن النقض وارد على لفظ ابن الحاجب، وقوله: وانعقاد القراض بلفظ القراض وغيره ليس من تصوره إنما هو من أحكامه فيرجع ذلك إلى التصديق، يرد بأنه لو سلم أنه من أحكامه لم يلزم رجوعه للتصديق؛ لأن الحكم أعم من كونه تقييديًا أو إسناديًا والأعم لا يستلزم الأخص، وهو جائز.

عياض وغيره: إجماعًا. عبد الحق: رخصة مستثنى من الإجارة المجهولة، وقول عياض: ومن السلف ليس بمنفعة، يرد بأنه ليس بمضمون، وكل سلف مضمون. قال: ومعنى قول بعض شيوخنا أنه سنة أن الرخصة فيه بالسنة، ويلزم بالأشغال أو السفر الجائز لا بالعقد، وخرج اللخمي انعقاده به منه في الجعالة ولزوم أول نصه من أحد قولي مالك في لزوم أول شهر في كراء المشاهرة، وسمع أبو زيد ابن القاسم: من دفع لرجل مالا يعمل به فيسير في سفره فيدركه ربه في بعض الطريق فيأخذ ماله نفقة رجوع العامل على رب المال. ابن رشد: هذا خلافها إلا أن يريد أنه برضى العامل. وقال محمد: لو ابتاع ما يسافر به فمات رب المال فليس للورثة، ولا للوصي منعه إلا أن يرى الإمام لذلك وجهًا. قال أحمد: مل لم يكن في سفر يطول أمره جدًّا، وغن أراد الوصي أخذ المال وبعضه عين، فليس له ذلك حتى ينض جميعه، ولا ينبغي للعامل أن يشغله بعد موت ربه. قُلتُ: فيها إن هلك رب المال بعد تجهيزه به، فله النفوذ به للبلد الذي تجهز إليه، ولم يقيده الصقلي بما تقدم لابن رشد. [باب في *******] ************ كونه عينًا معلومًا محوزًا، وأصلها كالنقر حيث التعامل بها جائز.

اللخمي وغيره: اتفاقًا، وإلا فطرق. اللخمي: في جوازه بها ومنعه ثالثها: يكره لابن وهب مع روايته ورواية ابن القاسم، وقوله في العتبية: إن نزل مضى وإن لم يعمل به مع أصبغ في الموازية، وللصقلي عن ابن وهب: اختلف قول مالك في جوازه بالنقر. وفي المقدمات: عن القاضي في كراهته بالتبر وجوازه ثالثها: الفرق بين البلد الذي يدار فيه أولًا. قُلتُ: هذا خلاف نقله في البيان كاللخمي: الاتفاق على جوازه به حيث التعامل به، ونحوه لابن حارث وهو نص سماع يحيى ابن القاسم، وحصل في البيان الثلاثة الأول كاللخمي، وعزا الجواز لسماع أشهب: أيجوز؟ قال: نعم، قد قارض الناس قبل أن تضرب الذهب والفضة، والمنع لسماع ابن القاسم، والكراهة لمن تقدمت له مع ابن حبيب، وقيدها في المقدمات إلا أن يقول له: صرفها واضربها واعمل بها فله أجر تصريفها وضربها، وله قراض مثله، ووجه في البيان الأول بالعمل لقول مالك: قد قارض الناس، والثاني: يشبه النقر والتبر بالعروض في عدم التعامل بها إلا بعد ضربها، وعلله ابن شعبان بعدم انضباط كيفية ذهبهما وهو أظهر، ويلزم عليه كراهته بهما في البلد الذي يداران فيه، وهي طريقة القاضي في متقدم نقله. وفيها ذكر بعض أصحابنا ان مالكًا سهل فيه بنقار الذهب والفضة فسألته عنه فقال: لا يجوز، وفي البيان: على الجواز سمع أشهب: يرد نقرًا مثلها، وعلى المنع إن فات فله أجر مثله في بيعها واستضرابها، ورأس المال الثمن الذي باعها به أو عدد ما خرج منها، وله قراض مثله، وعلى الكراهة رأس المال مثلها طيبًا ووزنًا، فإن جهلا وزنها فالثمن الذي بيعت به أو العدد الذي خرج من ضربها، ولو بيعت بعروض فرأس المال

قيمتها ذهبًا إن كانت نقر فضة أو منها إن كانت نقر ذهب، وقال ابن حبيب: إلا أن يكون قال له يوم قارضه؛ بعها أو استضربها فرأس المال ما بيعت به أو ما خرج من استضرابها ولو عرفا وزنها، وله أجر مثله في ذلك إن كان فيه مئونة وله كراء وله قراض مثله، ففرق بين شرطه ذلك وعدمه، وقد علم أنه لابد منه حيث لا يتبايع بها فيه، ووجهه أنه بشرطه جعل القراض إنما هو بثمنها أو بخارج ضرلابها دونه إنما هو لها نفسها وقد يبيعها بعروض فيكون ذلك تجرًا بها، ومنعه القاضي بالعين مغشوشة. الباجي: إلا حيث يتعامل بها لتقويم المتلف بها كالطيبة، والاتفاق على تعلق حق الزكاة بها، وقول ابن الحاجب: تجوز بالمغشوش على الأصح وقبوله ابن عبد السلام بإطلاقه، يرد باتفاق القاضي والباجي على منعه حيث لا يتعامل به. وفي كراهته بالحلي ومنعه وجوازه ثلاثة للخمي عن رواية محمد وروايتي الجلاب، وقال: وإن كان حيث يتعامل به كأرض المصامدة جاز وإلا كره إن كان يوجد مثله وإلا منع، وفي منعه بالفلوس وكراهته ثالثها: الجواز لروايتها وأشهب، فقيده ابن رشد: باليسير وأطلقه اللخمي واختار الجواز حيث يتعامل بها ولا يتغير سعرها غالبًا ولو على أنها في الصرف كالعرض، وإن كان يتغير غالبًا بالأمر البين منع ولو على أنها فيه كالعين، وعزا الصقلي عن محمد لأشهب المنع أيضًا، وما قيده به ابن رشد عزاه ابن حارث لأبي الفضل المسيبي عن بعض أصحابنا. وفيها: إن قارضه بدين على أن يقتضيه أو بدنانير على أن يصرفها فلا خير فيه، وله أجر مثله فيهما وقبراض مثله. اللخمي: إن كان على أن رأس المال الدنانير وشرط صرفها؛ لأن الشراء بالدراهم حسن النظر جاز، وإن كان على أن رأس المال الدراهم لم يجزه ابن القاسم، وأجازه أشهب؛ يريد: إن كان أمر صرفها يسيرًا وإلا لم يجز إلا أن يكون المقارض لا يتولى بيعها إنما يجلس عند من يتولاه، والمذهب منعه بعرض ولو مثليًا. ابن حارث: لا يجوز بالسلع اتفاقًا. اللخمي: إن كان لا خطب البيع العرض أو علم أنه يبيعه له ولو لم يأخذه قراضًا

أو يقول له: كلف من يبيعه ويأتيك بالثمن اجعله قراضاً جاز، فإن دخلا على رد مثل رأس المال أو قيمته ثم عمل بثمن العرض فله أجر مثله في بيعه. وفي كون الواجب له في عمله أجر مثله ثالثها: أو قراض مثله إن جعلا رأس المال مثل المدفوع أو قيمته وأرى له في بيعه جعل مثله وفي ثمنه قراض مثله؛ لأن الدخول على وجه القراض دخول على وجه الجعالة وفاسدها يرد لصحيحها، ولو باع العرض المقبوض بعرض والثاني بعين فأصل ابن القاسم أنه أجير في بيعهما وفي الثمن قراض مثله، وقال ابن حبيب: رأس المال قيمة الأول وله أجر مثله في بيعه ولا وجه له؛ لأن القيمة قبل بيعه، وبيعه داخل في القراض. قُلتُ: هذا التعقب أشار إليه التونسي بقوله: إذا وجب كون القيمة رأس المال فلماذا جعل له أجره في بيعه؟ وقول اللخمي: لأن القيمة قبل بيعه ... الخ، خلاف تقرير الصقلي قول التونسي: يريد: لأنه متعد في بيعه بعرض فيجب أن لا أجر له في بيعه، وتعليل اللخمي يرد بإبطال قوله: أن القيمة قبل بيعه، ودليله أن القيمة إنما وجبت بدلاً عن الثوب لفوته، وفوته متأخر عن بيعه فالقيمة متأخرة عن بيعه بمرتبتين، وتقرير الصقلي يرد بأن التعدي على بيع مال الغير إن كان مع عدم الدخول على عرض كبيع مال الغير دون إذنه منع ثبوت الأجر على بيعه، وأما إن كان مع الدخول عليه فهذا لا يمنع ثبوت الأجر على بيعه، والمتعدي في القراض دخل على عوض ولا يوجب الفساد حرمانه كما في القراض الفاسد المحكوم فيه بأجر المثل، والعامل هنا أتى بالعمل الموجب للعوض، وهو بيع العرض وتعدى في عوضه، وهو الثمن عيناً وقدره غير محدود فوجب الرجوع فيه بقيمة العرض، إذ هو ثمنه المرجوع إليه عند تعذر ثمنه، وإذا ثبت إتيان العامل بالعمل المدخول فيه على عوض لزم ثبوت العوض؛ لانتفاء المانع له؛ لأن المانع من الأجر إنما هو التعدي العري عن الدخول على أجر، ولأبي عمران ما يفهم منه نحو هذا. وقال الشَّيخ في قول ابن حبيب: رأس المال قيمة العرض الأول، هذا إن باع الثاني

بأكثر من قيمة الأول، وإن باعه بمثل قيمة الأول أو أقل لم يضمن شيئاً، وكان رأس المال ما باع به الثاني، وقبله الصقلي وعبد الحق وغيرهما وهو وهم؛ لأن قول الشَّيخ: لم يضمن شيئاً؛ يدل على أن قول ابن حبيب يقتضي ضمانه، وليس كذلك لاستحالته في بيعه الثاني بمثل قيمة الأول، إذ ليس هناك شيء يضمن، ولانتفائه في بيعه الثاني بأقل من قيمة الأول؛ لأن تصرفه في بيعه الثاني إنما هو بمقتضى عمل القراض، والمقارض لا يضمن دون تعد بحال وإنما ضمنه نقص قيمة الأول فقط لتعديه وفي بيعه بعوض، وقوله: وكان رأس المال ما باع به الثاني، يرد بأنه إن جعل ابتداء العمل للقراض من يوم نض ثمن الثاني لا الأول لزم كون رأس المال ثمن الثاني مطلقاً وإلا لزم كون ثمن الأول مطلقاً. وقال التونسي: انظر إن كانت قيمة الأول يوم باعه مائة، وقيمة العرض الثاني ثمانون فباعه بها وتجر بها فصارت مائة، والناس يتغابنون فيما يسوى مائة أن يباع بعرض يسوى ثمانين، فكيف يصح أخذ رب المال المائة ولا يأخذ العامل شيئاً وهو باع بما يتغابن الناس به، وكيف إن تجر بالثمانين فصارت مائتين إن قسم الربح على أن رأس المال مائة أضررت العامل، وإن قسم على أن رأس المال ثمانين فليس قيمة سلعته التي أخرج. قُلتُ: حاصل ما آل استشكاله إيجاب رأس المال ثمن الثاني؛ لأنه السالم عن ضرر رب المال والعامل، وبقى ضمانه ما نقص عن قيمة الأول؛ لأن تصرفه قبل ثمن الثاني إنما هو بحكم القراض دون محاباة فلا يوجب عليه ضماناً، ونحو هذا تقدم للشيخ. اللخمي: إن كان قال له: بعه بعين؛ فباعه بعرض خير، ربه إن أجاز فعله كان الجواب كالأول، وإن ضمنه قيمة الأول فربح الثاني وخسارته للعامل وعليه وفيما تجر في ثمنه قراض المثل إلا أن يكون ثمن الثاني أكثر من قيمة الأول فربح الزائد، وخسارته للعامل وعليه، وقال ابن حبيب: رأس المال الأكثر من قيمة الأول وثمن الأول وثمن الثاني، وله أجره في بيع الأول لا الثاني.

قال: قوله: إن كانت قيمة الأول أكثر، ولم يجز فعله أن يغرمه قيمته فيجب أن لا أجرة له فيه؛ لأنه أخذه بالتعدي، وإن كان الثمن أكثر وأجاز فعله بالثاني من القراض وكان رأس المال قيمة الأول ولا أجر له؛ لأن البيع داخل في القراض، هذا الجواب على أصله أنه في العرض على قراض مثله قبل أن يصير عيناً، وقول ابن القاسم أحسن؛ لأن العروض لا يصح فيها قراض بحال. الصقلي: عن الشَّيخ: إنما له أجر بيع الأول عندي إن أجاز بيعه واختار ثمن الثاني إذ هو أوفر من القيمة، وإن اختار قيمة الأول إذ هي أوفر فلا أجر له؛ لأنه تعدى. قُلتُ: تقدم الجواب عن هذا فتذكره. وفيها: لا يجوز بدين على غيره يقتضيه، فأطلقه الصقلي، وعبر عنه ذو الكافي بالكراهة. اللخمي: إن كان على حاضر موسر غير ملد جاز. وفيها مع سماع سَحنون: ابن القاسم: منعه بدين على العامل، فإن نزل فالربح والوضيعة للعامل. ابن رُشْد: لأنه أنظره على أن يتجر له بنصف الربح وذلك ربا. قُلتُ: لأنه فيها اغتزا للزيادة بتأخير الدين إلا أن يقبض دينه ثم يرده عليه. ابن رُشْد: على قولها فيمن صرف دنانير بدراهم ثم أراد أن يصرفها منه بدنانير مخالفة لعيونها إن ذلك لا يجوز في المجلس ولا بعد اليوم أو اليومين والثلاثة حتى يبرأ من التهمة لا يجوز رده إليه قراضاً إلا بعد أيام حتى يبرأ من التهمة، وعلى قول ابن حبيب في صاحب المال يعلم ضياع بعضه فيقول للعامل: اعمل بما بقي، يكون ذلك قراضاً مؤتنفاً يصح جعل الدين قراضاً بمجرد إحضاره، وعن أشهب: إن نزل مضى وهو بعيد، وسمع عيسى ابن القاسم في كتاب الكفالة: من جاء بدنانير اقتضاها من دينه فقال: هي رديئة فقال المدين: قبضتها من فلان، اذهب إليه يبدلها فضاعت في ذهابه بها ضمانها من الذاهب، إلا أن يكون الدافع قبضها منه ثم أعادها إليه. ابن رُشْد: سمع ابن القاسم في الوكالات مثله كقولها: من أسلم ثوباً فحرقه رجل

في يده إن تركه المسلم إليه وديعة في يده بعد ما دفعه إليه فهو منه والسلم بحاله، وقولها: إن قال رب المال بعد ضياع بعضه: اعمل بما بقي قراضاً، فهو على القراض الأول ولو أحضر المال وحاسبه ما لم يدفعه، ثم يرده قراضاً خلاف نقل ابن حبيب عن مالك والأخوين وجماعة من أصحاب مالك غير ابن القاسم، وعليه تنتقل الدنانير من ضمان المقتضي بإحضارها، وقول الدافع: اذهب بها إلى فلان، وظاهر قول ابن القاسم بقاء الدنانير في ذمة الذاهب على حالها، والأشبه على قوله في المحبوسة بالثمن أنها في يده كالرهن، فقول ابن حبيب ثالث ابن زرقون لابن حارث عن أشهب أن قراض المدين بدينه مكروه، إن نزل مضى والربح بينهما والخسارة على رب المال. وحكى التونسي أن أشهب يقول: الربح بينهما، وتأول عليه أن الخسارة على العامل ولا يصدق؛ لأن ذمته لا تبرأ إلا ببينة، وهذا جاز على مسألة: كله لي في غرائرك؛ فتحصل في المسألة أربعة أقوال. قُلتُ: يريد: هذه الأقوال الثلاثة وما حكاه قبلها من كلام أبي عمر قال: قال أشهب وأبو يوسف ومحمد: ما اشترى أو باع فلرب المال وعليه، وللعامل أجر مثله. اللخمي: قال أشهب في الموازيَّة: إن عمل فالربح بينهما، فعلى هذا الخسارة من رب المال، ولابن القاسم في العتبيَّة: من أمر من له عليه دين أن يشتري له به سلعة فقال: اشتريتها وضاعت قبل قوله: وهذا حسن؛ لأنه مؤتمن على الشراء فيصدق فيه؛ لأنه قبل إخراج ما في ذمته ولم يحمل على أنه حبس الثمن على بائعه فيصدق فيما حدث بعد ذلك من خسارة أو تلف، والربح إن كان أحدهما من أهل الدين والفضل فهو بينهما على شرطهما وإلا لم يعط رب المال ربحاً لتهمته على فسخ الدين في الدين ولا يترك للعامل؛ لأنه مقر أن لا شيء له فيه ويتصدق به على الفقراء، وإن شهدت به بينة على إخراجه من الذمة فهو فيما بعد ذلك على سنة القراض ما لم يتبين أنه لم يعمل به مثل قوله: كنت أتجر به بموضع كذا أو في نوع كذا فيشهد من يعرفه بخلاف ذلك، فلا يصدق في الخسارة ولا يمكن الآخر من ذلك. قُلتُ: ففي منع قراض المدين بدينه وربحه ونقصه له ومنه أو نقصه فقط وربحه

بينهما، ثالثها: يكره، ورابعها: العامل أجير والربح والنقص لربه، ومنه لها مع المشهور وتأويل التونسي عن أشهب، ونقل ابن حارث عنه مع تأويل اللخمي عنه وأبي عمر عنه، وخامسها: اختيار اللخمي. الباجي: إن أحضره فجعله قراضاً قبل أن يقبضه ربه فالمشهور غير جائز، وقال القاضي: إن رد الغاصب المال فقال ربه: لا أقبضه ولكن أعمل به قراضاً جاز، ويحتمل بأن يفرق بأن الغاصب أحضر المال متبرعاً والغريم لعله واطأه على إحضاره ليرده قراضاً، ولو جاء به متبرعاً فتركه له قراضاً بعد معرفة جودته ووزنه جاز. ابن زرقون: الأظهر أنه اختلاف قول. قُلتُ: ففي صحته بمجرد إحضاره ومعرفة جودته ووزنه أو حتى يقبض ثالثها: وتمضي مدة نفي تهمتهما لتخريج ابن زرقون على الغاصب ولها، ولتخريج ابن رُشْد على الصرف مع تخريج غيره على قولها في رد مقتضى من مدين إليه سلماً، ورد بأنه عاد لنفس الذمة المقتضى منها، وفي القراض إلى أمانة فكأنه إلى أجنبي، ويرد بقول سلمها الأول: من له على رجل مال فقال له: أسلمه لي في طعام لم يجز حتى يقبضه ويبرأ من التهمة، ثم يدفعه إليه بعد ذلك، ويجوز بوديعة بعد إحضارها ودونه، ثالثها: إن كان المودع ثقة مأموناً، ورابعها: يكره لابن رُشْد عن محمد، وعنها قائلاً: كالدين، وعن ابن حبيب وسماع سَحنون ابن القاسم. قُلتُ: وخامسها: قول اللخمي: إن كان المودع ممن لا يتصرف في الوديعة أو كانت عرضاً قال له: كلف من يبيعه وخذ ثمنه قراضاً؛ وإلا لم يجز، فإن نزل صدق في الخسارة كقوله: ضاعت قبل ذلك، والربح بينهما بخلاف الدين إلا أن تكون تهمة أو يعلم ربها أنه تسلفها، وهو ممن يتهم فيتصدق بالربح، وإن كان ممن يتصرف في الوديعة كالصيرفي، وسمسار الطعام الذين يخلطون ما يقبضون ويدفعون ما لإنسان لآخر فحكم ما بأيديهم حكم الدين، ومن ادعى منهم تلفاً أو رد لم يصدق كالدين. ابن حارث: اتفقوا في عمله بوديعة أن الربح والغرم لربها وعليه، وقاله ابن القاسم وأشهب، وشرط ابن شاس كون المال معلوماً.

قال: احترازاً من دفع صرة عيناً قراضاً؛ لأن جهل المال يؤدي إلى جهل الربح واضح من مقتضى الروايات. وفيها مع غيرها: لا يجوز على أن يشتري هو وتنقد أنت، وتقبض ثمن ما باع أو تجعل معه غيرك لذلك، أو تعلم تجراً أو أميناً عليه، إنما القراض أن يسلم إليه المال يتصرف فيه ولا على أن يعمل معه رب المال، فإن نزل فالعامل أجير، وإن عمل دون شرط كرهته إلا اليسير. اللخمي: هذا قبل عمل العامل؛ لأنه كان له أن يأخذه، فيصير كمن أعطاه على ذلك، ولو تطوع بالعمل بعد طول عمل الأول ضعفت التهمة وله المسمى، ولم يقيده غيره، وهو أصح؛ لأنه كهدية للعامل ويأتي منعها، ولسماع ابن القاسم: إن بعث العامل سفنا بطعام قراض مع أجراء، وكتب لربه أن يقوم عليهم ويعينهم دون شرط في أصله، فلا يعجبني ولا خير فيه إلا فيما خف فلا بأس به. ابن رُشْد: إن وقع مضى، وفي الموطأ: من دفع لعبده ورجل قراضاً جاز؛ لأن الربح للعبد لا لسيده حتى ينتزعه، وعزا أبو عمر مثله لابن القاسم وغيره. قال: على أصلهم أن العبد يملك، ومنعه أبو ثور. قُلتُ: إنما عزاه ابن شاس لأشهب ولا أعرفه إلا لتابعه ابن الحاجب، وهو مقتضى أصل المذهب عندي؛ لأن المنصوص في المدَوَّنة وغيرها أن العبد لا يملك خدمة نفسه ولا فاضل خراجه، فمال قراضه مع الأجنبي شرط جزء من العمل على رب المال إلا أن يقال: مقارضة السيد إياه تمليك منه لعمله إياه كإذنه له في اعتكاف أو حج. الباجي: ولو كانت حصته من الربح لسيده جاز؛ لأن القراض يجوز على كل جزء اتفقا عليه، فلا يبطل بإضافة حظ أحد العاملين إلى حفظ رب المال، إنما يبطل إذا كان العامل نائباً عن رب المال، وإذا قلنا إن العبد يملك حصته فإنما ينوب عن نفسه وعمله له. قُلتُ: كون عمله لسيده لا له واضح، ومن منعه كفارته بصومه إذا اضر به ومنعه سيده، ولا يرد بإجازتها مقارضة السيد عبده؛ لأنه لا يستلزم اشتراط العامل على رب

المال عملاً فتأمله. وفيها: لا يجوز شرط ضمانه، وشرط لغو. ابن القاسم: وفيه قراض المثل. اللخمي: روى محمد الأقل منه ومن المسمى، وكذا شرط تأجيله. ابن القاسم: وفيه قراض المثل. اللخمي: أصل قوله أنه أجير؛ لأن فيه غرراً وزيادةً. وفيها: يجوز شرط ألا ينزل وادياً أو لا يسير بليل أو لا يحمله ببحر أو لا يبتاع كذا أو لا يخرجه من مصر أو الفسطاط، والمذهب أنه لا يجوز شرط صنعته، فإن نزل ففي مضيه وصنعته كتجر وكون ربحه وغرمه لربه وللعامل أجر مثله، ثالثها: له أجر عمله وفي غيره قراض مثله، ورابعها: وفي غيره الأقل منه، ومن المسمى للخمي عن ابن وَهْب مع قول محمد في عامل بار متاعه فقطعه وخاطه وأخذ أجرته يردها، وعمله لغو لسفره ومالك وأشهب وابن نافع مع مالك، وخامسها للوقار جوازه إن أخذ أجر عمله ويقسمان الربح بعد ذلك، وسادسها: له يكون شريكاً بقدر صنعته ويفض الثمن عليها وعلى المصنوع منابها له وله في مناب المصنوع الأقل من إقراض المسمى أو قراض المثل. الصقلي: ألزم بعض القرويين على قول الموازيَّة هما على قراضهما جواز إجارة الدابة بنصف كسبها. قال: وعلى المنع في كونه شريكاً بعمله كمستأجر على عمل فضة خلخالا على أن يزيد فيها من عنده قدراً؛ لأنه باع شيئاً فاسداً لم يقبض منه أولا؛ لأنه لا عين قائمة لعمله كمستأجر على تمويه لجام بفضة من عنده قولا بعض القرويين وغيره. قُلتُ: بعض القرويين هو التونسي، وثاني الأقوال الأربعة هو قولها: وعليه إن فلس رب المال فقال يحيى بن عمر: العامل أحق من الغرماء في المال بأجرته، أبو عمران: يعني قدر الصنعة، وما سواها هو فيه أسوة مثل أجر بيعه وابتياعه، ولا يضمن ما يتلف مما بيده؛ لأن بقاءه بيده بعد الصنعة إنما هو بحكم مال القراض، بخلاف

الأجير يحبس ما استؤجر عليه حتى يقبض أجرته. وقال التونسي: هو أحق من الغرماء في الجميع كالإجارة الصحيحة، وأجاب عن الاعتراض عليه بقول محمد أنه فيما رد من قراض الأجل بأجرة المثل؛ لأنه لا يكون أحق بالربح بقوله: الأشبه أنه أحق، وما في المدَوَّنة يحتمل أنه سلم المال إلى ربه. الصقلي: ظاهر المدَوَّنة والموازيَّة أنه أحق بالربح في إجارته في القراض، وعليه حملة الشَّيخ، وهو أبين. التونسي: إن قيل: منافعه مبيعة بيعاً فاسداً وقد سلمها بوضعها في المصنوع فلا يكون أحق بعوضها وهو الربح، كما إذا فاتت السلعة بيد مشتريها شراءً فاسدا لا يكون بائعها أحق بما قبض على قول محمد، قيل: هو لم يرض بتسليمها هنا؛ بل أبقاها بيده لاعتزاء الربح الذي هو ثمنها، وتأويل بعض الناس أنه أحق بما قابل الصنعة، وما قابل عمله هو فيه أسوة الغرماء ليس بشي بل هو أحق فيهما، كما لو استؤجر على خياطة ثوب إجارةً فاسدةً، فإن قيل: من جهة أنه ضامن، قيل: لو استؤجر على حمل متاع كراءً فاسداً كان أحق وإن لم يضمنه. وفيها: مع الواضحة لا يجوز شرط أن يخلط مال القراض بغيره أو يبضع أو يزرع، وفي الواضحة: أو يشارك. وفيها: لا يجوز له أن يشارك به أحداً ولا عاملاً لربه، فإن فعل ضمن ولا سلف أحدهما الآخر؛ لأنه زيادة ولا إخراج العامل من عنده ما لا يخلطه به واحد. زاد الشَّيخ عن محمد عن ابن القاسم: ولا على أنه إن شاء خلطه بغير شرط. قُلتُ: وله بعد ذلك عن الواضحة بعد منع شرط أن يشارك أو يجلس به في حانوت سنة وشبه ذلك، فأما إن قال: إن شئت فافعل أو دع فهو إذن، ولا تأثير بالإذن في العقد ما لم يكن شرطاً يفسده. أَصْبَغ: شرط الخلط أشد من إن شاء خلط بغير عمل شرط ولا يفسخ فيهما، وخفف أشهب، وللشيخ والصقلي عن أَصْبَغ: لا يعجبني ابتداءً إلا فيما لا يغتزى ربحه لقلته كالعشرة دنانير، ولو كثرت أمضيته.

قُلتُ: انظر ما العشرة فيه يسيرة. الشَّيخ: لابن حبيب: عن الأخوين وأَصْبَغ: لا بأس بشرط خلطه بماله، وقاله أشهب ما لم يقصد استغزار الربح لقلة مال القراض في كثرة الآخر، وفي الموازيَّة: روى أشهب: من قضى رجلاً مائة ودفع له مائة أخرى قراضاً على أن يخلطهما فلا بأس به. قُلتُ: ففي كراهة شرط خلطه بماله وجوازه ثالثها: إن قل ما شرط خلطه به في جنبة مال القراض، ورابعها: منعه، وخامسها: جوازه بدياً إن قل للبيان عن أَصْبَغ وأشهب مع روايته في الموازيَّة والصقلي مع غيره عن أَصْبَغ، ولها وللنوادر عن أشهب قائلاً: إن كثر كان كزيادة يرد لقراض المثل بعد قسم الربح على المالين، وللتونسي عن أَصْبَغ: كان أشهب يخفف شرط ضم العامل ماله لمال القراض على أن له نصف ربحهما والنصف لرب المال. التونسي: كيف يصح هذا ورب المال إذا أخذ نصف ربح جميع المال صار عمل العامل باطلاً، وهو لا يجيز أن يخرج أحدهما مائة والآخر مائة على أن العمل على أحدهما، وللعامل أجر مثله في معروف قولهم؛ لأنها شركة على أن العمل على أحدهما إلا أن يريد أن العامل أخرج نصف ما أخرج رب المال فكأنه قارضه على الربع. قُلتُ: لم أجد هذا الفرع في النوادر، وأجاب ابن عبد السلام عن سؤال التونسي بقوله: لعل أشهب أراد بقوله: والنصف لرب المال على شرط القراض لا على أن يختص به فتكون ثلاثة أرباع الربح للعامل. قُلتُ: ويحتمل عود ضمير له على مال القراض لا على رب المال كما زعماه، وقوله بعده: والنصف لرب المال؛ أي: من ربح مال القراض، وفيها: إن خاف العامل إن قدم ماله على مال القراض وقع الرخص أولاً، وإن أخره وقع آخراً خلطهما، ولا بأس بخلطه دون شرطيه والسلع بين مال القراض وماله. قُلتُ: الأظهر تقديم مال القراض كمبتع أخذه قراضاً يشغله عن الأول. وفيها: إن ابتاع مقارض بألف عبدين صفقةً واحدةً بألفين كان شريكاً. عياض: قالوا: معناه أنه إن اشترى بالألف الزائد لنفسه، ولو كان للقراض خير

ربه في قبول ذلك ورده، وقاله ابن لبابة، وقال فضل: إنما اشتراها للقراض، ومعنى كونه شريكاً إن أبى ربه دفع ما زاد العامل. قُلتُ: لابن رُشْد في أول مسألة من رسم القبلة: إن اشترى العامل بالنقد بأكثر من مال القراض كان شريكاً للقراض بالزائد، وفيه تفصيل فسره ابن القاسم في الدمياطية، قال: فيه وجهان لا يأبه كثير من الناس إليهما إن خلط مائة بمائة القراض، ثم اشترى سلعة فهما شريكان ولا خيار لذي المال، وإن أخذ مائة قراضاً فاشترى سلعة فتسلف فيها مائة فذو المائة بالخيار إن شاء أدى ما تسلف عليه، وإن شاء كان شريكاً. ابن رُشْد: والقياس أن لا فرق بين خلطهما قبل الشراء ولا إن قال فيهما: إنما زدت المائة على الشركة في السلعة بها صدق ولا خيار لذي المال، وإن قال: زدتها سلفاً فذو المال بالخيار. وفيها لابن القاسم: إن اشترى من أخذ مائة قراضاً سلعة بمائتين إحداهما دين عليه قومت المؤجلة بالنقد، فإن سوت خمسين فهو شريك بالثلث. عياض: كذا في كتاب ابن عتاب ونحوه في كتاب ابن سهل وكثير من الأصول، ابن وضاح: وكذلك أصلحها سُحنون عن قولها: تقوم السلعة نقداً؛ وهو خطأ، ومثله في العتبيَّة وكتاب عبد الرحيم، وكذا ألفيت في بعض الأصول من المدَوّنة وهي رواية القابسي عن الدباغ والأبياني وخطأوا هذه الرواية، وقاله محمد، والوجهان رويا عن مالك. قال فضل: قرأ لنا عبد الجبار: تقوم السلعة بالنقد، فإن كانت قيمتها خمسين وقرأ لنا غيره فإن كانت خمسين ومائة. قال سَحنون: تقوم السلعة في كتاب ابن القاسم أصلحت المائة وتقويم السلعة محال. قال يحيى: قرأ علينا السلعة وقال: هي خطأ. قال فضل: على إصلاح سَحنون لا معنى لذكر المائة وإصلاحه هو على رواية أشهب.

عياض: لا يصح ذكر مائة بعد خمسين مع قوله: تقوم المائة، كما قال فضل: إنما يتجه على تقويم السلعة، وسقطت لفظة مائة من كتاب ابن عتاب وابن سهل وأكثر الأصول وثبتت في بعضها ولابن المرابط. قُلتُ: الصواب رواية عدم إصلاح سَحنون؛ لأن تغيير المروي لظن الراوي خطأه بنظره لا يحل له، إنما اختلف المحدثون، وأهل الضبط في الخطأ المجمع عليه كذكر بعض الآي مغيراً، ونحو ذلك هل يقدم على إصلاحه ويغير عن خطئه أو ينبه عليه فقط حسبما ذكره ابن الصلاح وغيره، وسمع ابن القاسم: إن اشترى من بيده مائة دينار قراضاً سلعة بألف على أن ينقده مائة القراض فهو وذو القراض شريكان تقوم السلعة بالنقد إن كان قيمتها تسع مائة فللقراض التسع. ابن رُشْد: قوله: على أن ينقد مائة القراض؛ يريد: والتسع مائة في ذمته لأجل معلوم والشراء له وللقراض، ولو كان للقراض فقط على أن يؤدي ذو القراض التسع مائة عند الأجل كان ذو القراض مخيراً في قبول ذلك أو رده، فتكون شركة للقراض بقدر المائة من قيمة السلعة يوم الشراء، وللعامل ما زادت قيمتها على المائة، هذا قوله في هذا السماع أن السلعة تقوم بالنقد، ومثله في المجموعة والموازيَّة والمدَوَّنة، وقال محمد: ليس هذا بشيء؛ لأن القراض لا ينتفع برخصها ولا يتضرر بغلائها، والصواب ما روي عن مالك وابن القاسم وأشهب أن يقوم الدين بعرض، ثم ينظر إلى قيمة العرض فإن ساوى ست مائة فللقراض سبع السلعة فيما يقع لها من ربح ووضيعة، وهو القياس؛ لأن الدين كعرض فكأنه اشترى السلعة بمائة القراض وعرض، والواجب فيه اتفاقاً أن ينظر إلى قيمة العرض فإن كانت ستمائة كان للقراض السبع، وإن كانت سبع مائة فله الثمن، وعليها أصلح سَحنون مسألة المدَوَّنة ووجه تقويم السلعة أن الديون لما لم تجر عادة بتقويمها كانت قيمتها مجهولة وغالب بيع السلع بقيمتها دون غبن. قُلتُ: هذان التوجيهان سبقه اللخمي بهما. ابن رُشْد: الأحسن في هذا الأجل أن الديون لا تقوم عادة وأن السلع قد يتغابن في

شرائها، وإن كان الأغلب شراؤها دون تغابن أن تقوم السلعة بالنقد ألف دينار وعلى أن يتأخر من الثمن تسعمائة إلى ذلك الأجل، فإن كانت قيمتها بالنقد ألف دينار وعلى أن يتأخر من الثمن تسع ماسة إلى ذلك الأجل ألفا ومائتان علمنا أنه زاد على قيمة السلعة بالنقد لأجل التأخير سدس الثمن؛ لأن المائتين التي بين القيمتين سدس الألف والمائتين فيحط من الألف التي اشترى بها السلعة سدسها، وهو مائة وستة وستون وثلثان، والباقي هو ثمن السلعة، وذلك ثمان مائة وثلاثة وثلاثون وثلث للقراض منها مائة وذلك عشرها وخمسة أسباع عشر شعرها، وكذا ما زاد أو نقص على هذا الحساب. قُلتُ: قوله: وذلك عشرها الخ، كذا وجدته في نسخ عدة وهو وهم، وصوابه: وذلك ثلاثة أخماس خمسها ففي كون العامل يشتري سلعة بمال القراض مع دين عليه لأجل شريكاً فيها بقيمة الدين نقداً أو عرضاً يقوم بعين نقداً أو بفضل قيمة السلعة يوم شرائها على مال القراض، ثالثها: يفضل ثمنها مقسطاً منه الجزء المسمى منها للخارج من تسمية فضل قيمتها مؤجلاً منها قدر ما في ثمنها من مؤجل لثمن أجله على قيمتها نقداً من قيمتها مؤجلاً منها ذلك على مال القراض من ثمنها لمحمد مع روايته وابن القاسم، وأشهب، وسماع ابن القاسم مع المجموعة والموازيَّة، والمدَوَّنة واختيار ابن رُشْد، وسمع القرينان: إن أراد من بيده مالاً قراض خلطهما فأحب إلي أن يستأذنهما، فإن لم يستأذنهما فلا سبيل عليه، فإن أذن أحدهما وأبى الآخر فخلطهما استغفر الله تعالى. ابن رُشْد: لا ضمان عليه. اللخمي: ولا تخلط البضائع إن كانت من ذوات القيم، ولا بأس بخلطها إن كانت من ذوات الأمثال، أو جعل له أربابها البيع بعد الشراء فيجوز، وإن كان المشترى عروضاً كقراضين، ولابن كنانة وابن القاسم مع أمر بشراء ثوب فاشترك مع بزازين في ثياب وطار له في مقاسمتهم ثوب على الصفة المأمور بها لزم آمره فأجاز خلط البضائع فيما يخرجه القسم وإن لم يجعل للمأمور البيع. قُلتُ: إنما يتصور خلط البضاعة من ذوات القيم بعد تعيينها وشرائها شائعة فيما

يقسم بعد ذلك ليس خلطا لها بل قسمها كابتداء شرائها، ولذا لو هلكت قبل قسمها جاز ما لم تكن من الأمر. وفيها: يجوز له أن يشارك بإذن رب المال كما جاز له أن يقارض بإذنه، وإن شارك بغير إذنه ضمن وإن عملا معا. اللخمي: شركته غيره في شيء بعينه إن انفرد بشرائه وحوزه أو شركه فيهما شريكه جازت، وإن انفرد بأحدهما منعت، وكذا في غير معين وحيث تمنع إن انفرد شريكه بالشراء والدفع ضمن العامل الخسارة والتلف ولو اختص بحوزها، ولو اختص بالشراء وشريكه بالحوز ضمن التلف فقط، فإن كان العامل فقيراً وجهل شريكه أن ما بيده قراض لم يضمن شيئاً كمبتاع جهل غصب بائعه ما اشتراه منه وفيه خلاف، ولو علمه ضمن. قُلتُ: في شركتها يجوز لأحد المتفاوضين أن يشارك غير مفاوضه دون إذنه في سلعة معينة؛ لأن ذلك تجر، وسمع ابن القاسم: إن شارك العامل رجلاً فهو ضامن نقصه وربحه على قسم قراضه. ابن رُشْد: هذا تفسير لما في المدَوَّنة إذ لم ينص فيها على حكم الربح، وزاد فيها: منع شركة عاملين بمال رجل واحد، ومن شارك عامله بعد تجهزه لسفر بمال ففي تخفيفه إن لم يكن منه رأي ولا عادة وكونه لا خير فيها، ثالثها: هو الربا بعينه لابن القاسم مع سماعه والعُتْبِيّ عن أَصْبَغ وسَحنون. ابن رُشْد: إن نزل فعلى الثاني يفسخ ما لم يعمل، فإن عمل مضى على قراضه، وعلى الثالث يفسخ متى عثر عليه، وللعامل أجر مثله، وقوله: إنه ربا مجاز، إنما هو إجازة فاسدة؛ لأنها بجزء من الربح. الباجي: في شركتهما بعد عقد القراض أقوال مجملة في كونها قبل العمل أو بعده في المدَوَّنة، خففه مالك، ابن القاسم: إن لم يكن بوعد ولا وأي جاز، أَصْبَغ في العتبيَّة: لا خير فيه. سَحنون: هو الربا بعينه، فيحتمل أنه اختلاف وأن قول مالك وابن القاسم بعد

العمل، وقول أَصْبَغ وسَحنون قبله، والصرف فيه عمل يجوز بعده. وفيها: إن أبضع العامل ضمن ولو أذن له رب المال فلا بأس به إن لم يأخذه على ذلك. سَحنون: من أذن لمقارضه أن يبضع ثم سافر فأبضع معه مقارضه فلما وصل رب المال عرف خريطته وماله فاشترى به فكل الربح له. ابن رُشْد: لأنه إنما أذن له أن يبضع مع غيره. قُلتُ: إن اشترى به لنفسه فواضح، وإن كان للعامل فالأظهر كون الربح للقراض. اللخمي: إن ربح وأبضع بأجر فللمبضع معه أجرته في ذمة العامل وإن كانت أكثر من حظ العامل من الربح، وإن فضلها ففضله لرب المال لا للعامل؛ لأنه لم يعمل شيئاً، وإن أبضع مكارمةً دون أجر فللعامل الأقل من حظه في الربح أو إجارته مثل الذي عمل؛ لأنه لم يتطوع إلا للعامل وذو المال رضي أن يعمل له فيه بعوض. وفيها: إن زرع دون شرط بأرض اشتراها أو اكتراها من مال القراض جاز إن كان بموضع أمن وعدل، وإن كان بموضع يرى أنه خطر ضمن، وسمع عيسى ابن القاسم: من اشترى بمال قراضه ظهراً أكراه فهو ضامن. ابن رُشْد: هذا خلاف إجازتها شراء أرض أو اكتراها ليزرع إذا لم يخاطر بذلك في موضع ظلم، إذا لا فرق بين المسألتين بل شراء الظهر للكراء أقرب للتجر بحمل القراض في هذا السماع على التجر المعروف للعامة. وفيها: على كل تجر وإن لم يكن من عام التجر ففي جواز زراعته به وكراء الظهر، ثالثها: إن شرط ذلك لم يجز، وإن فعلهما دون شرط جاز لأحد قولي كتاب ابن شعبان وهذا السماع ولها. وفيها: أخذه نخلاً مساقاة ينفق عليها من القراض كزرعه به، وسمع يحيى ابن القاسم: إن أجاز ذو المال كتابة العامل عبدا اشتراه فله من ولائه بقدر حظه في ربح المال منه، وإن لم يكن ربح فكله لربه.

ابن رُشْد: لا يجوز للعامل أن يكاتب؛ لأن الكتابة ليست من التجر لقولها: لا يجوز للعبد المأذون كتابة عبده، وفي الموازيَّة: لرب المال رد كتابة العامل ولو بعد الأداء والمأخوذ منه غلة، ابن ميسر إلا أن يكون أداها عنه أجنبي فأعتقه العامل فينفذ إن لم يحاب، ولو علم رب المال بذلك فسكت ولم ينكر لزمه، وإن أخذه على أن يخرج به لبلد يشتري منه تجارة فلا خير فيه. قال مالك: يعطيه المال ويقوده كالبعير، وسمع أَصْبَغ ابن القاسم: من قارض رجلاً على أن يخرج إلى البحيرة أو الفيوم يشتري به طعاماً لا بأس به، قيل: فلو كان لمكان بعيد برقة أو إفريقيَّة قال: لا بأس به. ابن رُشْد: هو قول ابن حبيب إن لم يشترطا جلب ما يشتريه إلى هنا أو يسمى سلعاً يشتريها هناك يأتي بها أو يحمل من هنا لهناك سلعاً يبيعها هناك فيكون أجيراً، وكله خلاف قولها: لا يجوز على أن يخرج بالمال لبلد يشتري فيه تجارة؛ لأنه حجر عليه، إلا أن يشتري حتى يبلغه، وروى ابن وَهْب: من قال لرجل: اخرج إلى مالي بموضع كذا فاعمل به قراضاً لا خير فيه لقوله: اخرج وكأنه رآه من وجه المنفعة. قال: وسئل مالك عن مصري بالمدينة سأل رجلاً أن يعطيه مالاً قراضاً يبتاع به متعاً بالمدية يخرج به لمصر بيعه، ويدفع رأس ماله وحظه من الربح إلى وكيله بالفسطاط فقال: لا بأس بذلك، فروجع في ذلك وقيل له: إنما أعطاه المال على أن يبتاع به ويخرج لمصر ألا تراه شرطاً؟ قال: لا بأس به هي بلده إليها يخرج، وروى ابن أبي أويس مثله، وهذا ليس بخلاف لقولها: وحجة جواز فعل عمر رضي الله عنه المال الذي دفعه أبو موسى لعبد الله وعبيد الله ليبتاعا به متاعاً بالعراق يبيعانه بالمدينة قراضاً بإشارة من أشار إليه بذلك، ومن أعجزه ثمن ما ابتاعه في كراهة أخذه قراضاً ينوي دفعه فيه مطلقاً وإجازته إن لم يشغل قولاً، سَحنون مع ابن القاسم في سماعه وسماعه مع ابن رُشْد عن مالك فيها وابن القاسم في الأسدية: ولو أعلم رب المال ذلك حين أخذه ففيها: لا يجوز؛ لأنه سلف بزيادة جزء الربح.

ابن رشد: اتفاقاً، قائلًا في بعض رواياتها لسحنون: هذه جيدة أصح من الأولى، قال: فإن نزل فعلى قول مالك: الوضعية على العامل إلا أن يبين أنه فعله على الصحة، وإن عجز وحقق على رب المال ا، هـ علم صحته حلفه اتفاقًا، وإن شك فعلى اختلاف، وإن ربح وقال: كنت استغليت ليختص بالربح لم يصدق إلا ببينة وعلى قول ابن القاسم الربح للعامل والوضعية عليه كما لو أعلمه وأخذه القراض بقوله: وجدت سلعة رخيصة ابتاعها به قبل شرائها جائز إن لم يسم السلعة ولا بائعها لفعله عثمان، فإن سمى أحدهما لم يجز وكان أجيرًا. قُلتُ: عن الشيخ: لأصبغ ومحمد مثل قول مالك معبرًا عن أصبغ بقوله: يجوز وعن محمد بقوله: جائز. قال: وفي الواضحة مثل ما تقدم إلا أنه قال: أخذ قراضًا على أن ينقد منه تمام ثمنها. قال مالك: إن لم يكن لغلاء فجائز إذا وقع وأكرهه ابتداءً. ابن حبيب: إن ظهر أنه استغلاها، ولم تكن تساوي ذلك رجع عليه بالزائد على قيمتها يومئذ، ولا ينظر إلى ما يبعث به من ربح، وإن علم أنه لم يستغلها ثم نقص ثمنها لم يرجع عليه بشيء، وإن خسر فيها كأن مبتاعها نقد الثمن من عنده أو لم ينقد منه شيئًل. قُلتُ: ظاهر نقل ابن رشد عن مالك أنه إن لم يستغلها جاز ابتداءً، ونص الواضحة الكراهة ابتداءً، والإمضاء إن نزل ففي جوازه إن لم يستغلها وكراهته وبطلانه ثلاثة لابن رشد عن مالك والشيخ عنه وابن القاسم لتخريج ابن رشد عليه أن الربح والوضيعة للعامل، وظاهر تفريعه على قول مالك إن ثبت أنه استغلى وفيها ربح اختص به العامل، وظاهر قول ابن حبيب أنه يغرم وما زاد على قيمتها ولا يختص بالربح لقوله: ولا ينظر إلى ما بيعت به من ربح، وهذا هو مقتضى المذهب في تعدي العامل أنه لا يختص بالربح، وما ذكره مستدلًا عليه بفعل عثمان عزاه الشيخ لمحمد، وزاد عنه عن ابن وهب: إن قال: ادفع لي قراضًا أشتري به سلعة فلان، فإن لم يطلب ذلك ربه جاز، وإن طلبه لم يجز.

محمد: إن سمى السلعة أو البائع لم يجز، وإن نزل فللعامل أجر مثله، وسمع ابن القاسم: من قال لمن أخذ منه مائة قراضًا: إن احتجت زدتك تشتري سلعة بمائة دينار وعشرة دنانير؛ فيعطيه العشرة بعد شرائه لا بأس به. ابن رشد: لأنه اشترى السلعة بالزيادة على ما دفع له صفقة واحدة، ولو اشترى بها في صفقة ثانية على أخذها من رب المال لم يجز، إلا أن يكون قراضًا ثانيًا لا يخلط بالأول. ابن حبيب: يكره أخذه على أن يشتري من رفقة نزلت بهم معها تجر ويمضي إن نزل. وفيها: لا ينبغي على أن لا يشتري إلا البز إلا أن يكون موجودًا في الشتاء والصيف، ثم لا يعدوه إلى غيره ولا يبيعه بعرض سواه فيصير مبتاعًا لغيره وشرطه ذلك بعد أخذ المال وقبل إشغاله كذلك. قُلتُ: المعتبر غلبة وجود ما شرط قصر التجر عليه لا دوام وجوده في الشتاء والصبيف لقولها مع الموازية: لا يجوز على أن لا يتجر إلا في سلعة كذا ليس وجودها بمأمون، ومنه ما يفعل بتونس من إعطائه على التجر في التمر فقط حين جلبه الأعراب إن كانت القافلة كبيرة جاز كإعطائه على التجر به في غلة الزيتون والتين والعنب حين إبانها، وللشيخ عن الموازية: يجوز على أن لا يتجر إلا في النجل أو في الحيوان إن كان موجودًا.

باب في عمل القراض

[باب في عمل القراض] العمل: التجر بالابتياع والبيع، ومئونتهما عادة فيها للعامل أن يؤاجر أجيرًا للأعمال التي لابد من ذلك فيها، ويكري البيوت والدور والدواب، وإن أمر من يقتضي دينه بغير إذن رب المال ضمن ما تلف بيد الوكيل مما قبض. ابن فتوح: للعامل أن يستأجر من المال إذا كان كثيرًا لا يقوى عليه من يكفيه بعض مئونته، ومن الأعمال أعمال لا يعملها العامل، وليس مثله يعملها ويطلب كونه بفعل العامل لا من غيره، وشرط كونه من غيره في عقده يفسده وإباحته له بعده خفيف، وسمع ابن القاسم: من أخذ قراضًا على دفعه لغيره يعمل به كره، ثم قال: إن قال: أبعث به لمن يعمل به فخفيف وما هو من عمل الناس. ابن رشد: معنى الأول أنه دفعه له على شرط ذلك فلا يجوز؛ لأنه إجارة بما فيه غرر لاحتمال دفعه بأكثر من جزءه فيربح أو بأقل فيخسر فله إجارة دفعه إن نزل والعامل على قراضه، ومعنى الثاني أنه على غير شرطه واذن له فيه بعد العقد، فإن كان قارض به بأكثر من جزئه الذي شرط فالزائد لرب المال، رواه محمد بخلاف المساقات؛ لأنها تلزم بالعقد فكان له الزائد والقراض لا يلزم به فلم يكن له، وإن قارض فيه بأقل

منه كأخذه على أن له النصف وإعطائه على أن له الثلث فرب المال أحق بنصفه ويتبع العامل الثاني الأول بمثل سدس ربحه، هذا إن لم يكن يعلم رب المال بقراض الأول الثاني على أن له الثلثين، ولو علم ورضي فليس له إلا ما رضي به، واختلف إن علم وحضر وسكت هل هو كالإذن أو كغير العالم؟ وفرق في الموازية فقال: إن قال: أبعثه مع مولاي لبلد آخر لمن يكفني أمره؛ لم يصلح. إن قال: إلى قوم يشترون ويبيعون فأرجو خفته، ووجه تفرقته أن الأول معناه: ابعثه لمن يأخذه عل الجزء الذي أخذته فقد لا يجده؛ فلذا كرهه وقال: إنه لا يصلح، والثاني معناه: ابعثه لقوم يشترون ويبيعون على ما أعاملهم عليه من الربح على وجه القراض أو من الأجرة على وجه الإجارة الصحيحة، وهذا لا يبعد وجوده فأجازه، وإن كان ذلك شرطًا فقد مضى فساده. الربح: يستحق بما شرطاه ويجب كون حظ العامل جزءًا من الربح معلوم النسبة منه. وفي كونه علمًا لا يفتقر لكبير حساب نظر كنسبة الربح في المرابحة كدفعه على عشر سبع الثمن، أو ما ليس على جزءين مختلفين بشرط الخلط كمائة على الثلث وخمسين على السبع. وفيها: إن شرط لربه درهمًا من الربح وما بقي بينهما فسد القراض، والربح والوضعية لربه وللعامل أجر مثله، ومثله في الموطأ. الباجي: لا يجوز شرط أحدهما شيئًا من الربح إلا على الأجزاء، فلو شرط عددًا دون جزء أو عددًا مع جزء ولو درهمًا لم يجز إذ لعل ذلك العدد يستغرق الربح وتدخل الجهالة في الأجزاء المشترطة، فإن نزل ففي الموازية عن مالك وأصحابه: إن أسقطا الشرط قبل العمل جاز، وبعده روى يحيى عن ابن القاسم كذلك، وأنكره يحيى. اللخمي: ما فسد لزيادة في كون حظ عامله أجر مثله أو قراض مثله، ثالثها: إن كانت الزيادة لذي المال فللعامل الأقل من المسمى أو قراض المثل، وإن كانت له فله

الأكثر منهما، وإن قال: خذه قراضًا ولم يزد أو على جزء من الربح لم يسمه فسد، وتقدم قول الباجي: يجوز شرط كل الربح للعامل أو لرب المال في المشهور. وفيها: إن شرطا في معاملتهما ثلث الربح للمساكين جاز، ولا أحب لهما أن يرجعا فيه ولا يقضى بذلك عليهما. ابن رشد: في آخر مسألة من رسم الشجرة من سماع ابن القاسم في كتاب الحبس إن كانت الصدقة أو الهبة لغير معين ففي لزومها والحكم عليه بها اختلاف، والقولان في المدونة على اختلاف الرواية فيها. قُلتُ: استيفاؤه في الهبة، والمشهور عدم الحكم به وانتقالهما عن جزء أحدهما لأكبر منه قبل إشغاله أو بعد نضه دون ربح ولا وضع جائز. اللخمي: اتفاقًا، وبعده والمال سلع في جوازه قولان لها ولابن حبيب بناءً على لغو التهمة على أن الزيادة لإبقائه عند التمكن من رده واعتبارها، وعلى الجواز إن كانت للعامل صحت لحوزه وإلا ففي بطلانها لعدم حوزه. نقل اللخمي: وتخريجه على الهبة لا تبطل إن لم تكن تهمة؛ لأن التراخي لتأخر وقت المفاصلة وهو أحسن. قُلتُ: هو نحو قولها: من اشترى لأهله هدية في سفره ثم مات قبل وصوله؛ فإن كان أشهد على ذلك تمت لهم، وكذلك لأجنبي ولم يحك الصقلي غير الأول معزوًا لبعض القرويين وهو التونسي، ورجح قول ابن حبيب قائلًا: لا تجوز هبة أحدهما الآخر. قال: وأجاز محمد ترك العامل النفقة بعد الإشغال وهي هبة منه لا قبله. قُلتُ: قولها هو مقتضى قول مالك في الموطأ: إن أبضع رجل المال مع العامل لبيع أو شراء أو استسلف العامل منه، فإن كان ذلك لإخاء بينهما ويعلم أنه لو لم يقارضه فعلا ذلك فلا بأس به، وإن كان ذلك بشرط وخيف أنه إنما فعل ذلك لإبقاء المال قراضًا لم يجز، أبو عمر: هذا صحيح. الباجي: في العتبية لعيسى عن ابن القاسم في العامل يسافر: فيقول لذي المال: لا

أنفق من مالك إن كان عينًا لم يجز، وإن كان بعد الشراء والشخوص جاز. قُلتُ: هو في العتبية تفسير من قول عيسى لقول ابن القاسم، قال ابن رشد: هو صحيح مبين لقول مالك، ويلزم العامل على ذلك على القول بلزوم العدة؛ لأنها عدة، وإن قال ذلك عند خروجه والمال بحاله فهو مكروه لا يلزم، ولا يفسخ به إلا أن يكون كالشرط. وفي جواز شرط العامل عون غلام رب المال نقل الشيخ روايتي محمد مصوبًا الأول، وهي روايتها فيه وفي دابته. وفيها قلت: إن أخذه على أن له شركًا في المال أيرد لقراض مثله؟ قال: نعم كما لو أخذه ولم يسم ماله من الربح. قال غيره: إن قال: شركًا في المال فهو النصف. الباجي: إن قال: على أن لك في الربح شركًا أو شركة جاز، فإذا قلنا بجوازه فقول ابن القاسم: إن عمل فله قراض مثله، وقال غيره: له النصف. ابن زرقون: انظر كيف قال: إنه جائز وفيه قراض المثل هذا لا يلتئم، والصواب أن ابن القاسم يراه فاسدًا وغيره يراه جائزًا وهو ابن الماجشون، ونوقض قولها بقولها في السلم الثالث من قال لرجلين اشتريا عبدًا: أشركاني، فأشركاه العبد بينهم اثلاثًا؛ لأنهما أرادا أن يكونا فيه كأحدهما؛ لأن مدلول أشرك مطلق المصدر فهو كلفظ الشرك، وفرق بأن لفظ: أشركاني يقتضي التسوية، والشرط كلفظ النصيب، وظاهر لفظ ابن رشد في رسم سن من سماع ابن القاسم من كتاب الشركة مثل قول الغير في القراض حسبما تقدم، ودفع مالين معًا لعامل بجزء واحد بشرط خلطهما أو مطلقًا جائز، وظاهر قول اللخمي أنه على الخلط حتى يشترط نفيه، فإن اشترط ففي جوازه ومنعه نقلًا التونسي مع الشيخ عن محمد، ورواية أبي زيد مع ابن حبيب قائلًا: إن نزل ففيه أجر مثله. الصقلي: مقتضى أصله قراض مثله إذ ليس فيه اختصاص بزيادة، وقال: روى أبو زيد عن ابن القاسم وكذا لابن رشد عن محمد كالصقلي. التونسي: ظاهر قولها: إن نض المال دون ربح ونقص جاز إعطاؤه آخر إن كان

بمثل جزء الأول كقول محمد؛ لأن شرطه مماثلة الجزء دليل على عدم الخلط، وقاله ابن رشد وعلى جزأين بشرط الخلط جائز وشرط نفيه لا يجوز، وخرجه اللخمي على الأول قائلًا: لأن المنع خوف أن يخسر في أحدهما ولا يجبر من الآخر، وهذا تماثل الجزء فيه واختلافه سواء. قلت: في المختلف احتمال إيثاره الأكثر حظًا له باربح السلع. قال: ويحمل المختلف في السكة عدم الخلط. قُلتُ: ولا يتخرج من قول ابن حبيب بحمل العقد المحتمل للفساد على الصحة حمله على الخلط؛ لأن ذلك في عقد غير الرخصة ولأن ذكر اختلاف الجزء قرينة في عدم الخلط ودفع ثان قبل شغل الأول. قال اللخمي: كأخذهما معًا وهو ظاهرها وبعد نض الأول بحاله فيها يجوز بمثل جزء الأول. الصقلي: يريد: بشرط عدم خلطهما وشرط خلطهما جائز ولو بجزء مخالف للأول، وله مع الشيخ عن الموازية إن نض الأول بحاله جاز أخذه، الثاني: على قراض مختلف أو متفق إن كان على الخلط وإلا لم يجز. قُلتُ: ظاهره وإن كان بمثل جزء الأول. وقال الصقلي: يريد: على عدم الخلط ولو كان عليه جاز على كل حال وبعد نضه بربح أو وضيعة في منع ثان مطلقًا أو ما لم ينض بربح، والثاني مثل جزءه على عدم خلطه، ثالثها: هذا ما لم يعلم قصد العامل رده ليستعجل ربحه فيمنع أو تماديه فيجوز مطلقًا لابن القاسم وغيره فيها، واللخمي قائلًا: إن عمل على الفساد بشرط الخلط فض الربح على الحالين يوم خلطًا يجبر لمناب الأول، وله في الثاني قراض مثله ما لم يجاوز المسمى؛ لأنه رضيه على جبر خسارة الأول من ربحها. قُلتُ: هذا إن كان في الأول يوم الخلط وضيعة وصور فساده أعم. الصقلي: عن سحنون: إن دفعه وفي الأول ربح فربح فيهما قسم هذا الربح عليهما بحظ الأول على قراضه، وحظ الثاني لربه وللعامل أجر مثله، ولو خسر فضت الخسارة

عليهما، فمناب الأوليجبر بربحه، ومناب الثاني على رب المال وللعامل أجره، ولابن حبيب: هما في مناب الثاني على قراض المثل فيه دون شرط الخلط. الصقلي: قد قال في شرط عدم خلط المالين إنه أجبر وفي هذه قراض مثله ولو عكس كان أولى على أصله، ولم يفسد القراض الأول ورواه باقيًا على شرطه حتى يقبض؛ لأنه يجبر بما ربح فيه آخر ما خسر في الأول، والقياس أنه أجير فيهما؛ لأنه كزيادة مشترطة للعامل إن كان في الأول وضيعة ولرب المال إن كان فيه ربح، ورده ابن عبد السلام بأنه باق على أصل صحة هقده حتى يقع الفصل فيه بالفعل هي على غير نقل المازري وغيره: من ملك أن يملك عدد مالكًا، ومن خير بين شيئين عد منتقلًا فيما يوجب فسادًا، وذكر ابن رشد قول ابن حبيب قال: وقال فضل: هو قول ابن القاسم في العتبية؛ لأنها زيادة داخلة في المال، ولا أعرف هذا في العتبية في روايتها، ورأيت لفضل أنه يرد في المال الثاني لإجارة مثله على قول ابن القاسم في المدونة؛ لأنه جعل شرط الخلط مثل شرط: إن وضعت في المال الثاني جبرته بالأول فصارت زيادة خارجة مع الغرر إذ قد يخسر أو لا يخسر. قُلتُ: فما أخذ على خلطه بالأول بعد نضه غير باق على قدره إن نزل في كونه في الثاني على قراض مثله مطلقًا، أو ما لم يزد على المسمى إن كان في الأول نقص أو أجيرًا والأول على قراضه في الثلاثة، رابعها: أجير فيهما لابن حبيب مع فضل عن ابن القاسم في العتبية واللخمي عن المذهب، ونوازل سحنون مع فضل عن الجاري على قول ابن القاسم فيها، والصقلي: وبعد شغل الأول على خلطهما لا يجوز فيها ولو كانت قيم سلعه كرأس مالها؛ لأن الأسواق تحول ودون شرطه جائز مطلقًا. محمد: روى أشهب: إن اختلف كره، ونقل اللخمي: لا يعجبني. وفيها: لا يجوز شرط زكاة المال على العامل. ابن رشد: اتفاقًا، وفي جواز شرط زكاة الربح على أحدهما، ثالثها: على العامل، ورابعها: عكسه لابن رشد عنها وعن الأسدية مع سماع أشهب وله عن سماع أشهب في المساقاة قائلًا: المساقاة والقراض سواء، ولتخريجه قال على ما بيناه من سقوط الغرر في

شرطها العامل على رب الحائط على أن الحائط إن لم تجب فيه زكاة لرجع جزء الزكاة لمن شرط عليه، وذكرها ابن زرقون كأنها من عند نفسه، وعزا عياض ما في الأسدية لرواية في المدونة بلفظ لا خير في شرط زكاة الربح لواحد منهما على صاحبه، وعزاها الصقلي ليزيد بن أيوب. عبد الحق: ذكر ابن حبيب عن ابن القاسم: يكره شرط العامل على رب المال زكاة ربح المال، وما ذكره عن ابن القاسم هو في الأسدية. قُلتُ: إنما نقل غير واحد عن الأسدية منع شرطه مطلقًا لا للعامل فقط، وظاهر نقلهم عنها منع الحرمة لا الكراهة فنقل عبد الحق الكراهة، خامس: الباجي: انظر إن شرط زكاة العامل من الربح في الربح. قُلتُ: هذا يرجع لعمله على جزء معلوم إلا أنه لا يدرك إلا بإعمال نظر زائد على إعماله في شرط زكاة كل الربح؛ ولذا جعله محل نظر، وقد تقدم إجزاء ما لا يدرك إلا بنظر حسابي على ما في إدراك قدر الربح والضيعة في المرابحة على ذلك، وقول ابن الحاجب: وتعقب إطلاقه؛ يعني: قولها: لأنه يرجع بجزء معلوم، والتعقب هو ما في رواية يزيد في المدونة من قوله؛ لأن المال قد لا تجب فيه زكاة، وقد تجب فيصير العمل على غير جزء مسمى، وقوله: وقيد بأن المراد نسبته وإلم تجب. قُلتُ: هو مدلول قولها: لأن ذلك يصير جزء مسمى كأنه أخذه على أن له خمسة أجزاء من عشرة ولرب المال أربعة أجزاء والجزء الباقي للزكاة. عبد الحق: هذا تقريب، وحقيقته أنه أخذه على أن له ربع عشر الربح كله ونصف ما بقي بعد ربع عشره وجواب بعضهم بأن الأمر محمول على أن المفاضلة لا تقع إلا بعد حول ويرجو أن فيما دون النصاب بلوغه إياه بأنه احتمال غير راجح فلا ينفي الغرر؛ ولذا قال ابن رشد في المساقاة: إن كان الحائط كبيرًا يعلم أنه تجب فيه الزكاة فقول المدونة أصح، وإلا فما في الأسدية أصح، وقول ابن عبد السلام: هذا الجواب وإن ضعف خير من الذي قبله لما يؤدي إليه الذي قبله من النزاع في قسمة الربح إن سقطت الزكاة عنه، يرد بأن النزاع عارض لهما على ال سوية فتأمله، وعلى الجواز لو

تفاصلا قبل وجوبها ففي كون جزءها لمشترطه على غيره أو له أو بينهما أنصافا، ثالثها: الربح بينهما على تسعة أجزاء خمسة لرب المال وأربعة للعامل. الصقلي: عن رواية ابن وهب والمقدمات، وله عن سحنون وغيره قال: وهو أعدل، وقاله التونسي في شرط زكاة المساقات، وعزا الأخير لابن عبدوس، وعزو المقدمات للواضحة أنه لمشترطه قائلًا: إن شرط على العامل أخذ أربعة أعشار الربح وثلاثة أرباع عشره خلاف نقل الصقلي في الزكاة قبل ذكره الأقوال الثلاثة عن الواضحة يختص المشترط بربع عشر الربح، ويقسمان ما بقي وهو راجع للثلاث، وتوجيهه قول سحنون بهذا عنهما حظ الزكاة يقتضي كونه كذلك لو كان حظهما في الربح مختلفًا، ونعني بالثالث قسم الربح على ما يجب لكل منهما منه بعد طرح حظ الزكاة من حظ من شرطت عليه، ففي قراضها بالنصف على تسعة وثلاثين للمشترط منها عشرون، وعلى الثلث للعامل على مائة وسبعة عشر له منها سبعة وثلاثون. وفيها: وجوب جبر نقص المال بخسارة أو عداء أو تلف، ولو قبل انتقاله بربحه قبله أو بعده، ولو شرط العامل بعد نقصه عدم جبره. ابن حبيب: لو لقي العامل رب المال فأخبره بنقصه فقال: اعمل بما بقي فقد أسقطت عنك ما ذهب فهو قراض مؤتنف ولو لم يحضر المال، وفي الموازية: لو أخبر العامل بمائة رب المال بأخذ لص منها خمسين فدفع إليه خمسين فرأس المال مائة وخمسون إن فضل بعد الخمسين ومائة شيء اقتسماه على شرطهما. التونسي: إنما يتم هذا إن صار المال مائتين لوجوب فض الربح على الخمسين الباقية من المائة والخمسين الثانية، فمناب الأولى لا قسم فيه لوجوب جبر نقص المائة، ومناب الثانية منه ربح يقسم. قُلتُ: قوله: إنما يصح هذا إذا صار المال مائتين نص في مخالفة حكم ربح هذه المائة قبل بلوغها مائتين لحكمه حين بلوغها مائتين وليس كذلك؛ لأن حكم ربحها دائمًا وجوب جبر مناب الخمسين الباقية منه لما سرق، والزائد عليه ربح يقسم كمناب الخمسين الثانية، وبلوغ المال في ذلك مائتين وعدمه سواء، فإن قيل: مراده أنه لا يقسم

لربح الخمسين الباقية بحال قبل بلوغ المال مائتين. قُلتُ: إن كان مراده هذا فالعبارة عنه إنما هي لفظ: إذا زاد المال على مائتين؛ فتأمله، وقوله: إنما يجري على متقدم قول ابن حبيب في رفع حكم القراض الأول بعد نضه بمجرد قولهما ذلك، والرواية على معروف المذهب مستقيمة فتعقبه تعقب عليه، ولو قسما ربح المال وقال: اعمل بما بقي قراضًا ففي كونه مؤتنفًا وبقائه على حكم الأول حتى يقبضه ربه قول ابن حبيب مع روايته عن مالك وأصحابه غير ابن القاسم وقولها مع محمد عن أصبغ بشرط قبضه على الصحة والبراءة ورواية أصحاب مالك. الباجي: عن ابن مزين: إن أحضر المال وقبضه ربه على غير صحة، ثم رده في المجلس والفور قراضًا فهما على قراضهما يجبر الآخر بالأول إن كانت فيه وضيعة. قال ابن عبد السلام: اختار غير واحد من المتقدمين والمتأخرين قول ابن حبيب وهو ظاهر الموطأ. قُلتُ: انظر ما ذكره عن غير واحد: لا أعرفه، ومشاهير مؤلفي المذهب كالصقلي واللخمي والتونسي وابن رشد ونحوهم ليس لهم في ذلك شيء، وكذا نقله عن الموطأ؛ لأن لفظه ما نصه: قال مالك: لا يجوز للمتقارضين أن يتحاسبا ويتفاصلا والمال غائب عنهما حتى يحضر المال فيستوفي صاحب المال رأس ماله، ثم يقتسمان الربح على شرطهما. ابن رشد: في رسم شك في طوافه: قال مالك في موطئه: لا أحب أخذ رب المال ربحه حتى يحضر المال كله ويحاسبه ويصير إليه، ثم إن شاء رده أو أمسكه، وظاهر الواضحة إن قسما الربح على غير محاسبة ولا اعتماد مفاصلة جاز؛ لأنه قال: إن فعلا ذلك وجاء في المال نقص جبر من الربح الذي قسماه. قُلتُ: دلالة هذا اللفظ على المنع أقرب من دلالته على الجواز. ابن حارث: اختلف إن دفع العامل لرب المال حظه ربحه من مال نفسه، ثم يستوفيه من مال القراض فسمع ابن القاسم: لا بأس به، وقال سحنون: لا يجوز إلا يدًا بيد وزنًا بوزن.

ابن رشد: عن بعض أهل النظر: قول سحنون جيد؛ لأن ربحه ليس في ذمة العامل إنما هو في المال بعينه فلا يجوز أن يعطيه من غيره إلا كما قال سحنون: وإلا كان ذهبًا بذهب غائبة، وهو تعليل حسن إن أعطاه الربح من ماله على وجه الاشتراء منه للربح الذي في يده، وقول مالك جيد إذا كان إنما أعطاه الربح من ماله على وجه السلف حتى يقبضه من الربح، فلو نص على أنه سلف جاز، والخلاف إنما هو فيما يحمل عليه الأمر عند الإطلاق، فحمله مالك على السلف فأجازه وسحنون على البيع فمنعه. قُلتُ: قوله هو الجاري على المشهور في العقد المحتمل للصحة والفساد، وفي صرفها ولو ادعته مائتي درهم، ثم لقيته والدراهم في بيته فهضمت عنه مائة على أن أعطاك مائة من غير المائتين لم يجز، إنما يجوز أن تأخذ منه مائة وتدع له مائة، قال بعض الفاسيين قصد بيان الوجه المشكل: ولو أخذ منه مائتين كان أقوى في المنع؛ لأنها مناقلة فاسدة. قُلتُ: الأظهر في أخذه منه مائتين أنه يجري على قول مالك، وسحنون في مسألة القراض، وسمع ابن القاسم: إن أذن رب المال للعامل في أخذ ربحه فلا يأخذ شيئًا حتى يقتسما. ابن رشد: كرهه؛ لأنه راجع إلى إعطائه حظه قراضًا على خلطه بالأول، وقد يكون المال لم ينض فصار كإعطاء مال ثان بعد شغل الأول على خلطه به، أو نض بوضيعة فصار كإعطاء مال ثان بعد نضوض الأول بخسارة على خلطه به. قال فضل: إن وقع فالأول على حاله وفي الثاني أجر مثله، ولو تحقق نضوض الأول دون نقص لجاز كدفع مال بعد مال، ولهذه العلة منع مالك في الموطأ قسم الربح دون حضور رأس المال ونضوضه، وسمع عيسى ابن القاسم: إن باع عامل بعشرة دنانير تنقص خروبة سلعة اشتراها بها بعشرة دنانير قائمة فأراد من له الدنانير أخذها، ويعطيه قدر منابه دنانير لم يصلح؛ لأنه ذهب بذهبٍ متفاضلًا. ابن رشد: لأن ربحه لم يتعين في الدنانير القائمة ولا شرك له فيها مع رب المال إذ لا ربح له إلا بعد نضوض رأس المال دنانير ناقصة خروبة، ولا يحصل إلا بعد بيع

الدنانير القائمة بدراهم وبيعها بدنانير ناقصة خروبة ولا يدري إن فعل ذلك هل يكون ربح أم لا؟ ولا قدره؟ فدخله الغرر مع ما ذكره من الربا، ويظهر من تعليله أن ذلك يجوز في الورق ولا يجوز على ما بيناه من الغرر، ولو باع السلعة بدنانير من صفة رأس المال وصار له في ربحها بعض دينار جاز أن يعطيه في حظه منه تبراً مراطلةً بأن يزن جميع المثقال فيعطيه قدر الجزء الذي له فيه تبراً ذهباً أو مثقالاً بوزنه إذ لا يقسم المثقال على ما قالوا في الحلي بين الشريكين ولا خلاف في هذا، بخلاف النقرة بين الشريكين أجازه ابن القاسم، ورواه لما في قسمها من المدونة ومنعه في رواية أشهب، وناقض فضل قول ابن القاسم في هذه المسألة بمتقدم قول مالك: لا بأس أن يأخذ المقارض من شريكه ربحاً ذهباً من غير الذهب التي بينهما وليست بمناقضة صحيحة؛ لأن الربح في هذه لم يتعين بعد للعامل في الدنانير القائمة، وسمع ابن القاسم: من أخذ قراضاً فاشترى متاعاً وداين ثم دعا ربه لحسابه، فقال: عندي كذا فقال رب المال: أعطيك ربحك من النقد وأبرئك من الدين، وهو رأس مالي والعرض إن دخله نقص فهو علي، والعامل يعمل فيه كما هو لا خير فيه حتى يصل المال. ابن رشد: قوله: إلا أن العامل يعمل فيه كما هو أي حتى ينض المال بقبض الدين وبيع العروض، وقبض أثمانها وكونه لا خير فيه؛ لأن السنة ألا يقسم الربح إلا بعد نض المال أو رضى رب المال أن يخرج في رأس ماله إلى دين أو يأخذ فيه عرضاً، وروى ابن حبيب إذا تفاصلا وقسما الربح فلا بأس أن يأخذ رب المال رأس ماله عيناً، ويقسمان ما بقي من السلع أو غيرها أو يأخذ رب المال رأس ماله سلعاً ويقسمان ما بقي من عين أو عرض، فإذا لم يكن للعامل أن يأخذ حظه من الربح حتى ينض رأس المال إلا برضى رب المال بالمفاضلة قبل النضوض؛ لأن رب المال إنما فاصله قبل نضوضه، وعجل له حظه من الربح قبل النض على أن يعمل في المال حتى ينض باطلاً بغير شيء يكون له فيدخله سلف جر نفعاً. قلت: قال ابن حارث: اختلف إن تفاصلا فبقيت لهما سلع فأخذها العامل بكذا إلى أجل، فقال ابن حبيب: كان ابن القاسم يغمزه وأصحاب مالك يجيزونه؛ لأن

القراض انقطع، ولو ضاع المال بعد الشراء به قبل نقده ففي لزوم ربه خلفه وتخييره فيه نقل اللخمي عن المغيرة وقولها: بزيادة إن أخلفه لم يجبر بربحه الأول، وإن أبى فربح السلعة ونقصها للعامل، وعليه وعلى الأول قال اببن عبد السلام في جبر الأول بربح الثاني نظر. قلت: الأظهر جبره به؛ لأن لزوم خلفه إنما هو بالعقد الأول فيجب إضافته له. وفيها: إن ضاعت السلعة والمال قبل النقد فلا شيء على رب المال ويغرم العامل الثمن. قلت: مقتضى قول المغيرة غرم رب المال الثمن وجبر ربح الأول.

باب في عاقد القراض دافعا

[باب في عاقد القراض دافعًا] عاقده: دافعًا من له تنمية المال غير مقصورة على فعله أو وكيله، فيشمل الوصي في رهونها للوصي دفع مال اليتيم مضاربة، ولا يعجبني أن يعمل به الوصي بنفسه ونحوه في رسم البز من سماع ابن القاسم في رسم البر في الوصايا بزيادة، ولا ضمان عليه إن دفعه الأمين. ابن رشد: في كتاب ابن مزين: إن عمل به الوصي بقراض مثله جاز ولم يضمن،

باب عاقد القراض أخذا

وإن عمل به بأكثر من قراض مثله رد لقراض مثله وضمن المال إن تلف. قال يحيى بن إبراهيم: قوله: ضمن المال ضعيف. وفيها: للمأذون دفع القراض وأخذه وللمكاتب. اللخمي: منع أشهب أخذه المأذون والمكاتب وإعطاؤهما إياه، وصوب الأخذ لا الإعطاء، ويخرج عامل القراض والأجير على التجر. [باب عاقد القراض أخذًا] وعاقده آخذًا من له بيع عمله مطلقًا فيخرج المأذون له في بيع صنعته. وفيها: من أقعد عبده ذا صنعة لم يكن إذنًا في تجر ولا مداينة. وفيها: أكره للمسلم دفع قراض من ذمي، ولا أحب مقارضة من يستحل الحرام، أو من لا يعرف الحلال من الحرام وإن كان مسلمًا. قُلتُ: يريد بالمستحل فاعل الحرام عالمًا أنه حرام.

اللخمي: من كان يجهل وتجر فيما يعرض له الربا كالصرف وبيع الطعام فينبغي أن يتصدق بالفضل دون جبر، وإن علم عمله بذلك جبر، وإن كان تجره في البز ونحوه نقدًا ساغ له، وإن خشي كونه فيما لا يجوز بيعه وأخذ عرضا عنه استحببت صدقته برأس المال وربحه، وإن علم أن تجره كان فيه ربًا أجبر على الصدقة بجميع ماله. قُلتُ: ظاهره أنه يحكم عليه بذلك، والصواب أن ذلك فيما زاد على رأس ماله وأنه يؤمر بذلك ويعلم أنه واجب عليه ولا يقضى عليه به كقولها فيمن قال: داري صدقة على المساكين في كتاب الهبات والعقوبة عندنا بالأدب لا بالمال إلا أن يكون قليلا ولا ينهض قياسه على بيع المسلم الخمر؛ لأنه مباشر ورب المال ليس كذلك إلا أن يكون بامره، وقوله: إن علم أن تجره كان فيه ربًا أجبر، كذا وقع في بعض النسخ الصحيحة بإثبات ربا وفي بعضها بإسقاطه وهو الصواب باعتبار المعنى والسلامة من التكرار. التونسي: لا يجوز لمسلم إعطاء نصراني قراضًا، وقاله اللخمي وغيره، وفي ثاني سلمها: لا يجوز لمسلم أن يستأجر نصرانيًا إلا للخدمة، فأما لبيع أو شراء أو تقاض أو ليبضع معه فلا يجوز، ونحوه في شركتها، وفي ثاني سلمها: لا أحب لمسلم أن يدفع مالا قراضًا لذمي فظاهره الكراهة ويجب حمله على الحرمة. الشيخ: عن محمد: لا خير في دفعه له بشرط ألا يشتري إلا سلعة كذا وهي موجودة كل زمان؛ لأن من استحل الربا استحل أن يخالف شرطك، فإن قارضه فسخ ورد للمسلم رأس ماله، ولما ذكر ابن حارث قول محمد قال: وقال ابن ميسر: لا بأس بأكل ما تجر فيه النصراني؛ لأنه صلى الله عليه وسلم ساقى يهود خيبر وكانوا ينفقون من أموالهم. قُلتُ: لا يوجب هذا مخالفته قول محمد كما زعمه؛ لأن مال القراض على ملك المسلم. التونسي: إن لم يتحقق أنه اشترى به خمرًا أو خنزيرًا تصدق بالربح احتياطًا، ولو

تحقق أنه اشترى به خمرًا أو خنزيرًا، لا نبغى أن يتصدق بكل المال، انظر هل يضمنه؛ لأنه دخل على أحكام المسلمين، وأن لا يتجر إلا فيما يجوز لهم ملكه فهو متعد على إحدى الروايتين في منعه امرأته النصرانية من شرب الخمر وإتيان الكنيسة في غير الفرض؛ لأنها دخلت على هذا القول على حكمه. وفيها: لا يمنعها من ذلك؛ لأنه من دينهم فيكون أباح له التجر فيما يجوز له التجر فيه في دينهم. وفي نوازل سحنون قيل له: إن دفع نصراني الآخر قراضًا فاشترى العامل بالمال خمرًا فأسلم رب المال والخمر قائمة بيد العامل وفيها ربح أو لا فقال العامل: خذ خمرك، وقال رب المال: إنما آخذ ما قارضتك به وهو مال لا خمر، أو قال: ادفع لي الخمر أكسرها إذ لا يحل لي ملكها فقال الآخر: لا أدفع لك؛ لأنه يذهب ربحي، أو قال: انتظر بها الأسواق، قال: هي مصيبة نزلت برب المال فيعطى النصراني قدر فضله فيها منها ويهراق ما صار للمسلم. ابن رشد: قول سحنون في نوازله الثانية من كتاب المديان والتفليس في مركب الروم يرسى بساحل المسلمين ومعهم الخمر للبيع وغير ذلك لا يجبرهم السلطان على بيعها للعشر ويوكل من يتحفظ بها حتى إذا بيعت أخذ من ثمنها العشر معارض لقوله في هذه المسألة. قُلتُ: قرر المعارضة في كتاب المديان بقوله: إذا قال هذا في مال القراض مع حجة صاحبه بأن يقول: إنما قارضته بمال لا بخمر فانتظر حتى ينض المال بأخذ رأس مالي وحظي من الربح، فأحرى أن يقوله في مال الحربي القادم للتجر بأمان فإنما يصح قول سحنون في هذه المسألة على قول ابن وهب في سماع أصبغ في التجارة بأرض الحرب، وما لأشهب في الموازية من أن الحربي إذا قدم لتجارة لا يؤخذ منه ما صولحوا عليه من عشر أو غيره حتى يبيعوه كأهل الذمة. وفيها: أيقارض عبده؟ قال مالك: جائز. قُلتُ: أيقارض أجيره للخدمة؟ قال: هو كالعبد، ونقلها أبو سعيد بلفظ لا بأس

أن يقارض عبده أو أجيره للخدمة إن كان مثل العبد، قال سحنون: ليس الأجير كالعبد وهو في الأجير فسخ دين في دين. عياض: قوله: جائز أن يقارض عبده وأجيره، وقول غيره: ليس الأجير مثل العبد ثبت في الأصول، ولابن المرابط عن ابن وضاح: ولم يكن في كتاب ابن عتاب وكتب عليه. قال سحنون: ليس هو مثل العبد يكره أن يقارض أجيره. فضل: يريد لأن الخدمة غير التجارة فهو فسخ دين في دين. ابن أبي زمنين: لأنه إذا اشتغل الأجير بالقراض خفف عنه من عمل التجارة، فالتخفيف زيادة اشترطها على رب المال. قال غيرهما: معنى قول ابن القاسم أن الأجير باق على خدمته لم ينحرف عنها ويتجر في خلافها، وقال يحيى بن عمر: إن كان أجيرًا في التجر جازت له مقارضته وإن كان للخدمة لم يجز كاستئجاره أن يدفع له القراض، وقال غيره: معنى قول ابن القاسم في أجير ملك جميع خدمته فصار كعبده، ويكون ما استأجره فيه يشبه عمل القراض وهو نحو قول يحيى. قُلتُ: ففي مقارضته أجيره مطلقًا ومنعه، ثالثها: يكره، ورابعها بشرط بقائه على عمله وتجره في غير وقته، وخامسها: إن كان أجيرًا تجر وإلا لم يجز لابن القاسم في فهم سحنون عنه، ونقل عياض عن الغير فيها مع أبي سعيد عن سحنون وابن عتاب عنه وعياض عن بعضهم وعن يحيى بن عمر، والصواب إن كان على أن يفسخا عقد الإجارة ففاسد؛ لأن العامل ترك أجرًا معلومًا إن كان مناب باقي عمله بينًا أو مجهولًا إن افتقر لتقويم إلى عوض مجهول وهو حظه من ربح إن كان مع كون ربه فسخ عملًا في مخالفه، وإن كان مع بقاء الإجارة جاز كأخذه قراضًا ثانيًا من آخر، وتقدير غير هذين العوضين يفهم فساده من دليل فساد الأول. وفيها: أكره أخذ المسلم قراضًا من ذمي للمذلة وليس بحرام، وتعدد العامل مع اتحاد العمل وجزء الربح لكل عامل الروايات بجوازه واضحة.

اللخمي: إعطاء مالين لرجلين في عقدين جائز ولو كان على الثلث لأحدهما والسدس للآخر لا بشرطه خلطهما، ولو خلطاه ولكل واحد منهما حظه، وإن كان بشرط رب المال والعمل بينهما بالسواء ففيها لا يجوز؛ لأن العاملين لو اشتركا على هذا لم يجز؛ لأن أحدهما يأخذ بعض ربح الآخر بغير شيء. قُلتُ: لرب المال دفعه على النصف وأقل وأكثر فلم لا يجوز هذا بين العاملين وكأن رب المال جعل لأحدهما السدس وللآخر السدس وزاد أحدهما السدس؟ قال: ليس كذلك، ولكن كأن رب المال قال للعامل الذي عمل بالثلث: أعمل مع هذا على أن لك ربح بعض عمله اللخمي: القياس جوازه ومعارضته سحنون صحيحة؛ لأن لرب المال مكارمة أحدهما ومكايسة الآخر. قُلتُ: لا يلزم من جواز ذلك في انف رادهما جوازه مع شرط اجتماعهما لاحتمال أن ذا الجزء الأقل إنما رضيه لشرط عمل الآخر معه؛ لأنه اتجر معه. عياض: قال فضل: ظاهرها أنه لو كان عملهما على قدر أجزائهما من الربح جاز، ونحوه لحمديس، وفي سماع لأصبغ: لا خير فيه، فإن عملا مضى. قُلتُ: ظاهره أن قوله: إن عملا مضى؛ من المسموع، ولفظ السماع: لا خير فيه، قال أصبغ: إن وقع فسخ ما لم يقع العمل، فإن فات كان على شرطهما في الإجزاء وللعامل فضل زيادة العمل الذي اشترط عليه بأجر مثله. ابن رشد: كراهية ابن القاسم ذلك ضعيفة على أصله، في المدونة إذ لم يراع فيها اختلاف العاملين في التبصر بالتجر لقوله فيها؛ لأنه كأنه قال لأحدهما: اعمل مع هذا على أن لك ربح بعض عمله فالآتي على تعليلها جواز ما في السماع؛ لأن الشركة بين العاملين على هذا جائز لو دفع إليهما المال على النصف من غير شرط فاشتركا على العمل فيه على الثلث والثلثين والعمل بينهما كذلك لجاز، وإنما تصح الكراهة في ذلك على مراعاة اختلاف العاملين في البصر، وعليه يأتي اعتراض سحنون على ابن القاسم فيها وهو اعتراض بين؛ لأنه لو قارض كلا منهما بمائة على ذلك الجزء بانفراده فاشتركا في العمل بإذن رب المال دون شرط لوجب أن لا يكون لكل واحد منهما من الربح إلا

ما شرط لرب المال نصف إلخ المائتين ولمن قورض في المائة على الثلثين الثلث ولمن قورض في الأخرى على الثلث السدس، ووجه الكراهة على هذا أن العامل الأبصر لم يرض أن يكون له من الربح بقدر عمله إلا بما شرط عليه رب المال كأنه قال للمقصر: اعمل مع هذا على أن يكون لك من الربح ما له، وهذا القول أظهر؛ لأنه لو دفع إليهما المال قراضًا على غير شرط عملهما معا ثم اختلفا في قسم الربح لوجب قسمه على قدر ما كان يقارض به كلا منهما بحسب تبصره في التجر وقصوره. قُلتُ: حمله قول ابن القاسم على الكراهة كعياض، فأما إن قارضهما معًا على أن حظيهما من الربح بينهما بالسواء سواء والعمل كذلك أو على أن يكون لأحدهما من الربح الثلث وللآخر السدس والعمل عليهما بقدر ذلك جاز على أصل قول ابن القاسم فيها، وكرهه في هذه الرواية إن فات بربح أو وضيعة مضى على شرطهما، وإن قارضهما على أن لأحدهما الثلث وللآخر السدس والعمل بينهما نصفين جاز على ما يدل عليه مذهب سحنون في اعتراضه على قول ابن القاسم، وهو أظهر، ولم يجز على قول ابن القاسم، قال فضل: القياس على مذهبهما ردهما لقراض المثل؛ لأنها زيادة داخلة في القراض، وقياس مذهبه ألا يرد لإجارة المثل؛ لأنه قال فيها: كأنه قال لأحدهما: اعمل مع هذا على أن لك ربح بعض عمل هذا بما اشترط رب المال من المنفعة لأحدهما، فكأنه شرطها لنفسه قرضه في جر النفع إليه، يبين ذلك قوله بعد هذا، وفي المدونة: إذا شرط على العامل أن يجعل معه من يبصره التجر، وقوله: إن كان كذلك يريد إن كان الشرط، وقوله: وللعامل فضل زيادة العمل الذي اشترط عليه بأجر مثله خلاف قوله فيها؛ لأنه لم يراع الشرط ولا أفسد به القراض إذ جعل الربح بينهما على شرطهما وأرجع من عمل بأكثر من جزئه من الربح بأجر مثله في الزائد وقصر الكلام فيه بين العاملين كالمتزارعين على الثلث والثلثين يستويان في العمل ويسلمان من كراء الأرض بما يخرج منها على مذهب ابن حبيب أنهما لا يحولان عن شرطهما. وذكر التونسي سماع أصبغ عن الموازية وقال: ينبغي أن يكون هذا القراض فاسدًا؛ لأن ظاهر السؤال أن رب المال عاملهما على الفساد فيجب أن يكونا أجيرين

على قول ابن القاسم، وسلم له النصف في جوابه ولم يقسم الربح بين العاملين على قدر عملهم نصفين وجعل ما شرط لهما رب المال من أجزاء الربح، كأنه مال أخرجاه يقسم الربح وأرجع صاحب السدس بأجر مثله على صاحب الثلث وكان يجب أن يقسم الربح بينهما نصفين؛ لأنهما ليس لهما رأس مال إلا عملهما. قُلتُ: ففي منع قراض عاملين بجزأين مختلفين على عملهما بالسواء قولها وقول اللخمي مع ابن رشد، وأخذه من اعتراض سحنون قول ابن القاسم، وعلى الأول إن نزل ففي كونهما على قراض المثل أو الإجارة ثالثها: يقسمانه على شرطهما ويتبع الأقل حظا الآخر بفضل عمله لابن رشد عن فضل واختياره مع التونسي وقول أصبغ، ونقل ابن عبد السلام: يتبع الأقل حظصا بفضل عمله رب المال لا أعرفه، والقياس يبعده؛ لأنه إن صح بينه وبين ربه فلا اتباع وإلا فقراض المثل أو أجرته، وسمع عيسى ابن القاسم: إن قسم العاملان ما أخذاه معًا فتلف ما بيد أحدهما وأدى الآخر لزمه ما تلف من صاحبه. ابن رشد: هو قول ابن الماجشون في الوصيين يضمن كل منهما ما بيده لرضاه برفع يد صاحبه وما بيده بتسليمه له، وكذلك المودعان والمستبضعان، ووجهه أنه حمل الأمر على أن رب المال أراد كونه بيد أحدهما برضى الآخر لامتناع كون جميعه عند كل منهما، فإن قسماه ضمناه، وإن سلماه إلى أحدهما لم يضمناه، وفي نوازل سحنون: لا يضمنانه في قراض أو وديعة، وكذا البضاعة إذ لا فرق بينها وبينهما، وقاله أشه 9 ب وابن عبد الحكم في الوصيين، ووجهه أنه لما رضي كونه عند كل منهما برضى الآخر فقد رضي كون نصفه كذلك، وقول ابن القاسم أظهر؛ لأنهما إذا قسماه بتشاحهما اتهما على أنهما أنما فعلاه؛ لأنفسهما لا نظرًا لربه. قُلتُ: نص ما في نوازل سحنون: لا يجوز للعاملين ولا للمودعين قسم المال، فإن فعلا لم يضمنا. ابن رشد: فإن تشاحا فطلب كل منهما كون المال بيده أو بيد صاحبه ففي سماع

أصبغ ابن القاسم: إن اختلفا عند من يكون منهما اتبع في ذلك قول ربه إذا حضر الاشتراء أحضراه، فإن اختلفا فيه أو في البيع فلا بد أن يجتمعا ويتسالما وإلا رد المال لربه لا نظر للسلطان فيه، وهذا ما لم يقبض المال، فإن قبض فهو لمن دفعه ربه عمقارضتهما إن دفعه إليهما فجميعًا، وإن كان لأحدهما فلأحدهما لا مقال للآخر معه. ابن رشد: دفعه لهما معًا مثل وضعه لهما معًا وليسا في منزل أحدهما ويقول: هذا وديعة عندكما أو قراض بأيديكما أو بضاعة عندكما ويذهب عنهما فيختلفان، وليس في قوله: إن دفع إليهما جميعًا فجميعًا؛ بيان، فيحتمل أن يريد أن لا مزية لأحدهما فيجعله الإمام عند من يراه منهما، ويحتمل أن يريد وهو الأظهر أن الإمام يقسمه بينهما على رواية علي في الوصيين يتشاحان، وليس قول ابن القاسم هذا على هذا التأويل ولا رواية علي بمخالفة لما اتفقت عليه الروايات من منع قسمهما المال، فالحاصل منعه اتفاقًا، فإن قسماه ففي ضمانهما اختلاف، وإن تشاحوا عند من يكون منهما وربه غائب أو ميت ولم يدفعه لأحدهما ولا قبضه واحد منهما بعد أو قبضه دون إذن صاحبه أو دفعه إليهما معًا ولم يبن به واحد منهما أو بان به دون صاحبه أو دفعه إليهما معا فقيل: يقسم بينهما وهي رواية علي وظاهر سماع أصبغ على الأظهر من التأويل، وقيل: يرفع للأعدل منهما وهي رواية الوديعة من المدونة في الوصيين، ويحتمل إلا يكون اختلافًا بأن الإمام يقسمه بينهما على رواية علي إن كان ذلك عنده نظرًا ويجعله عند أعدلهما على ما في المدونة إن كان هو وجه النظر، وذهب من أدركناه من الشيوخ إلى أن لهما أن يقسماه ابتداءً على رواية علي، وذلك لا يصح؛ لأن الإمام يفعل من ذلك ما يراه نظرًا ولا تهمة عليه فيه، وهما في اقتسامهما يتهمان وإن حضر ربه اتبع قوله فيمن يكون عنده منهما، وإن دفعه لأحدهما فهو أحق، وكذا إن كان قبضه أحدهما دون صاحبه فهو أحق، ويشبه في المدونة المودعين والمستبضعين والوصيين في جعل المال عند أعدلهما، وهو صحيح على ما بيناه أن المودعين إن اختلفا فيمن يكون المال عنده منهما وصاحبه غائب ولم يدفعه إلى أحدهما أنهما كالوصيين في جعله عند أحدهما أو يقسم بينهما على رواية علي، وقال

سحنون: ليس المودعان كالوصيين؛ لأن المال لا ينزع من المودع ويجعل عند الأعدل كما ينزع من الوصي ويجعل عند الأعدل، ولا يصح قوله؛ لأن المال إذا صار عند أحد المودعين بغير إذن رب المال، ولا إذن شريكه فدعا شريكه إلى أن يكون عنده المال وصاحبه غائب وجب نظر الإمام في ذلك، فإن كان شريكه أعدل منه وضع عنده كالوصيين. وفيها: مع غيرها نفقة العامل في سفره ذاهبًا وراجعًا ولو قرب في مال القراض غير اليسير. الباجي: وروى محمد في الأربعين دينارًا النفقة ولو قرب السفر، ابن زرقون: في الموازية أيضًا نفي التحديد، ولمالك في مختصر ما ليس في المختصر: السبعون يسير لا ينفق منها. اللخمي: وعن مالك: ينفق منها إن كانت خمسين. ابن رشد: في وجوبها في اليسير إن قرب السفر سماع عيسى ابن القاسم، وظاهر الواضحة ولم يحد في السماع ولا في الواضحة قدر اليسير ولا قريب السفر، وقليل المال يختلف بعضه أقل من بعض، وكذا قريب السفر إنما فيه الاجتهاد كما في الرواية، وروى أشهب لمن شخص بخمسين دينارًا النفقة، وما أقل ما تحمل هذه من النفقة إلى أن شخص إلى مكان قريب. قُلتُ: ففي نفي تحديد أقل ما ينفق منه روايتان، وعلى الثانية في كونه أربعين أو خمسين أو ما زاد على السبعين ثلاث روايات: محمد واللخمي وابن شعبان. وفيها: للعامل القريب بالفسطاط يقيم به نفقة، قال: لم أسمعه من مالك، وأرى إن احتبس العمل به أن ينفق، ونفقته طعامه وما يصلحه بالمعروف بقدر المال، وسمع القرينان: أيشرب الدواء ويدخل الحمام من مال القراض؟ قال: ما كانت هذه الأشياء يوم كان القراض إن قلم ظفره أو أخذ من شعره كان من القراض، أما الحجامة والحمام فخفيف. ابن رشد: قوله: ما كانت هذه الأشياء يوم كان القراض؛ يريد: ما كان يؤخذ

عليها في الزمن الأول أعواض، والواجب الرجوع في كل ذلك للعرف في كل زمان وبلد ما العادة إلا يؤخذ عليه عوض لم يعط عليه من القراض، وما العادة أخذ العوض عليه وقدره يسير يتكرر جاز أن يعطى منه لدخول رب المال عليه لتكرره بخلاف الدواء. وفيها أيستأجر أجيرًا بيخدمه في سفره من مال القراض؟ قال: نعم، إن كان ينبغي له أن يستأجر والمال يحمل ذلك. أبو عمر: قال الشافعي: لا ينفق في حضر ولبا سفر إلا بإذن رب المال، ولأصحاب ثلاثة أقوال: هذا وقول مالك، والثالث: ينفق في السفر بقدر ما بين نفقة الحضر والسفر. أبو عمر: والقياس الأول؛ لأنه لا يجوز القراض على جزء مجهول وإطلاق النفقة له يصير الحصة مجهولة، وربما اغترقت النفقة كثير المال ولم يكن ربح. ابن عبد السلام: لا يبعد القول الثالث على أصول المذهب، وقد قيل في الوصي يخرج المحجور في سفر الحج دون ضرورة إن زيادة نفقة السفر على الحضر على الوصي. قُلتُ: لا يخفى ضعف هذا التخريج؛ لأن السفر بالمحجور المذكور عداء، وسفر العامل جائز، ومماثلة المحجور الذي سفر وصية به جائز، وجملة نفقة هذا على المحجور، ولا حاجة لهذا التخريج لقول اللخمي: قال القاضي: من سافر لأجل المال له النفقة والكسوة التي لولا الخروج بالمال لم يحتج إليها في الحضر، ومحمل هذا فيمن كانت مئونته في المقام من غلات أو متاجر يرجو حوالة سوقها، وأما المدير أو ذو صحة عطلها للسفر فله جميع النفقة والكسوة كقول مالك. قُلتُ: ففي وجوب نفقته في سفره وإقامته بغير وطنه لتجر القراض ثالثها: القدر الزائد على نفقة إقامته، ورابعها: هذا إن كان في تجر احتكار، والأول إن كان في تجر إدارة للمشهور وأبي عمر والقاضي وتأويلب اللخمي. قوله: ونقل الصقلي عن القاضي رد قول الشافعي: لا تفقة له بالإجماع على ثبوتها قبله، ولا أعرفه في كتب الإجماع، إنما قال ابن القطان في إجماعه: أجمعوا على أن له نفقته

بالمعروف إذا سافر إلا الشافعي في أحد قوليه. وفيها لابن القاسم: إنما يأكل من المال إذا شخص من بلده لا حين يشتري ويتجهز، ابن القطان: عن نوادر الإجماع: أجمعوا أنه لا يأكل من مال القراض إن لم يسافر به إلا الليث. قال: له أن يتغذى منه إذا اشتغل به عن الانقلاب إلى أهله، ومثله قوله أبي عمر: أجمع الجمهور أنه لا ينفق في الحضر وهو يتعب في الشراء والبيع. قُلتُ: وفي المدونة: قول الليث معزوله، وذكره ابن فتوح كأنه المذهب غير معزو لليث فقال: من تجهز في الحضر فليس له أن يأكل من مال القراض إلا أن يتغذى بالأفلس أو نحوها، وأسقط قوله: إذا اشتغل به عن الانقلاب إلى أهله، وفي النوادر إثر ذكر محمد قول الليث ما نصه: وأباه مالك. التونسي: لا فرق بين اشتغاله في سفره وإقامته بالمال، ولعل الفرق بينهما إن أمره كذا جرى فيما مضى. اللخمي: محمل قول مالك بسقوطها ف 6 ي الإقامة على أن عمل القراض لم يعطله عما كانت تقوم نفقته منه، ولو كانت له صنعة أو تجارة منها نفقته فعطلت لأجل عمل القراض كانت له نفقته كسفره، ومن عقد نكاحًا وهو بغير بلده ثم أخذ قراضًا فإن علم أن نيته البناء في غير البلد أو يبني ثم يخرج بها فأقام لأجل المال فله النفقة كالمسافر، وإن كانت نيته البناء بعد أن يخرج لأمر ثم يقيم إذا أتى لم تكن له نفقة، ومن تزوج بعد أخذه القراض وتزويجه لأجل مقامه للقراض لولاه لم يقم ولم يتزوج لم تسقط نفقته وإن كان ذلك؛ لأنه نوى المقام، وإن أخذ المال منه سقطت نفقته. قُلتُ: الأظهر أن مطلق ابتنائه يرفع حكم سفره إن نازعه رب المال، وهو ظاهر لفظ التونسي إن تزوج في بلد لم تسقط نفقته حتى يدخل فحينئذ تصير بلده، وفي لفظ المدونة احتمال. وفيها: أرأيت من ظعن للمدينة بقراض ليتجر به فيتزوج وأوطن بها بها أتكون نفقته على نفسه حين أوطنها؟ قال: نعم.

قُلتُ: فظاهر قوله: أوطن بها، بعد قوله: تزوج بها؛ أن مطلق تزويجه ليس استيطانًا. وفيها: لا نفقة له في رجوعه من غير بلده إليه محتجًا بها على سقوطها في خروجه من بلد له بها أهل إلى أخرى كذلك. التونسي: للبرقي: عن أشهب: له النفقة في ذهابه ورجوعه دون مقامه في أهله. اللخمي: محمله أن له عادة في خروجه لأهله، ثم خرج الآن قبل ذلك الوقت للمال فقط، وقول اللخمي: إن خرج لغير سبب المال كانت له في الرجوع دون الخروج خلاف متقدم نصها. وفيها: من تجهز لسفر بقراض لرجل واكترى وتزود ثم أخذ قراضًا مكن آخر فله أن يفض النفقة على المالين كما لو أخذه قبل تجهزه أو كان المال له، وخرج اللخمي أخذه بعد تجهزه لقراض رجل على أحد قوليه إن خرج لحاجة أن النفقة تفض. قال: وعلى قوله: لا شيء على الثاني إن خرج إلى أهله أو إلأى حج أو غزو ولا يكون على القراض الثاني شيء، ولعياض فيها كلام لا زيادة فيه، وروي اللخمي: إن حمل المالان باجتماعهما النفقة ولا يحملانها بانفرادهما فله النفقة، والقياس سقوطها لحجة كل منهما بأنه إنما دفع ما لا تجب فيه نفقة وليس أخذه غيره معه بالذي يوجب عليه ما لم يكن واجبًا عليه وبقوله: لو علمت ذلك لم أعطه لك أو كأن أو أوافقك بجزء أقل من الأول، وكذا لو كان الأقل أحدهما لم أر فيه شيئًا أخذهما مجتمعين أو متفرقين. قُلتُ: لا أعرف هذه الرواية لغيره ولم أجدها في النوادر وهي خلاف أصل المذهب فيمن جنى على رجلين ما لا تبلغ جنايته على كل منهما ثلث الدية وفي مجموعهما ما يبلغه أن ذلك في ماله لا على العاقلة، قال: وكون النفقة على قدر المالين هو قولها، ويتخرج كونها بالشراء على كونها بالسوية على الأولاد المختلفي اليسر، وأرى أن يكون كلفة الطريق من كراء الركوب ونفقته وكسوته بالسواء، وكذا نفقته بعد وصوله حين اشتغاله بالمالين، فإن انقضى شغله بأقلهما دون الآخر كان الزائد عليه وحده إلا أن يكون سفره ورجوعه في رفقة ولا يقدر على الرجوع عند انفضاء أقلهما فلا يزاد على

الآخر، ورد ابن عبد السلام تخريجه على نفقة الأولاد بأن موجبها البنوة واليسر شرط والبنوة لا تختلف. قُلتُ: يتخرج من كون الشفعة على الرؤوس ولا سبب إلا المال. وفيها: قيل لمالك: عندنا تجار يأخذون المال قراضًا يشترون به متاعًا يشهدون به الموسم ولولا ذلك ما خرجوا ألهم نفقة؟ قال: لا نفقة لحاج ولا لغاز في مال القراض في ذهاب ولا رجوع. اللخمي: لم يصدقهم أن خروجهم للمال، ورأى أن الغالب كون السفر للحج وغيره من باب الظن، ولو قام دليل صحة ذلك كالفقيلا العاجز عن السفر أو غير ذلك من الأدلة لكانت النفقة على قدر نفقته وقدر مال القراض. الباجي: جمهور أصحابنا: لا نفقة في سفر الحج والعزو، وقال محمد: له النفقة ذاهبًا وراجعًا. قُلتُ: فاختيار اللخمي ثالث. الصقلي: فيها لمالك: إن خرج لحاجة لنفسه فأعطاه رجل قراضًا فله أن يفض النفقة على مبلغ قيمة نفقته ومبلغ القراض. قال محمد: هذا استحسان ونحن نقف عنه، وأخبرنا ابن عبد الحكم أن لا نفقة له وهو أحب إلينا. اللخمي: من أخذ قراضًا وكان خارجًا لحاجته فمعروف المذهب: لا شيء له كمن خرج إلى أهله، وقال أيضًا: ينظر قدر نفقته في سفره، كأنه رأس مال وتفض النفقة على قدره من قدر القراض ويلزم مثله فيمن خرج لحج أو غزو. قُلتُ: جعل معروف المذهب خلاف نصها، ومثله سمع ابن القاسم. ابن رشد: ومعناها أنه خرج لحاجة نفسه لا لتجر بماله، ومثله فيها: فض النفقة على نفقة مثله ومال القراض، وفي الموازية: يجعل قضاء حاجته رأس مال تفض النفقة عليه وعلى القراض، ولسحنون مثل قول ابن عبد الحكم. قال التونسي: لعل ابن القاسم أراد أنه خرج لإصلاح ضيعته، ولو خرج الزيادة أو

لغير إصلاح ماله لم يكن على مال القراض شيء. وفيها: له أن يكتسي منه في بعيد السفر إن حمل المال ذلك لا في قريبه إلا أن يقيم بموضع يحتاج فيه إلى الكسوة. الصقلي: عن محمد: ليس في كثرة المال حد، والأربعون عندي كثير. الباجي: روى محمد: له في الأربعين قراضًا أو بضاعةً النفقة والكسوة في بعيد السفر وسمع عيسى ابن القاسم: إن كثر المال وقرب السفر كدمياط فله الطعام لا الكسوة إلا أن يريد المقام للشراء الشهرين والثلاثة، وفي الموازية: إن سلب فله أن يكتسي من مال القراض، وفي كون البضاعة كالقراض في النفقة والكسوة وسقوطهما فيها ثالثها: الكراهة لسماع ابن القاسم مع رواية محمد وابن رشد عن سماع القرينين ورواية أشهب، وصوب هو واللخمي والصقلي الثاني قائلا: إن كان خروجه لها فله أجرة ونفقة، وإن خرج لتجر نفسه فبعث معه بضاعة أو مالا لشراء سلعة فعرفنا أن لا شيء له فيجب الحمل عليه. اللخمي: العادة اليوم لا نفقة ولا كسوة منها، إما أن يعمل مكارمةً فلا نفقة له أو بإجارة معلومة لا شيء له غيرها. وفيها: إن قال: أنفقت في سفري من مالي مائة درهم لأرجع بها في مال القراض؛ صدق ولو خسر ورجع بها في المال إن أشبه نفقة مثله، ولو ادعى ذلك بعد المقاسمة لم يصدق، وفي سماع ابن القاسم: يحلف ويقبل قوله. الصقلي: الأول أشبه كمدعي الغلط بعد الدفع. ابن رشد: لأن دفع ماله إليه كالإقرار ألا حظ له فيه. وفيها: له أن يرد ما بقي بعد النفقة لصاحبه. قُلتُ: الصواب عليه لا له، وسمع ابن القاسم: ما يفضل عند المقارض إذا قدم من سفره كالجبة لا يؤخذ منه. ابن رشد: كقول سحنون في نوازله: لا تؤخذ منه الثياب التي اشترى لسفره إلا أن يكون لها قدر وبال، وقال: ومثله لمالك في الموطأ، وهو استحسان لا قياس ليسارة

ذلك مع العرف الجاري على قوله في القذف منها في كسوة السنة للمرأة، ثم يموت أحد الزوجين قبل السنة استحسن ألا تتبع المرأة بشيء من ذلك لباقي السنة بخلاف النفقة. قُلتُ: وقول جهادها مات فضل معه بعد أن رجع إلى بلده من طعام أخذه من الغنيمة بغير إذن الإمام يأكل القليل ويتصدق بالكثير ليس بخلاف قولها في نفقة العامل؛ لأن طالبها معين وفي الجهاد مبهم، وفي الموطأ: إن بقي بيد العامل من المتاع الذي يعمل فيه خلق القربة والثوب وشبه ذلك. قال مالك: كل شيء من ذلك تافه لا خطب له للعامل، لم أسمع أحدًا أفتى برد ذلك إنما يرد ما له ثمن كالدابة والجمل والشاذكونة وشبهه. أبو عمر: عن سحنون إنما يترك له مثل الحبل والقربة. الباجي: عن محمد: وكالغرارة والإداوة. الباجي: ومثل هذه المطلقة والحامل المطلقة تضع وعليها بقية كسوة. الباجي: روى محمد: شرط إسقاطها بما تجب فيه لا يجوز. ابن القاسم: إن وقع فهو أجير، وسمع ابن القاسم: من خرج بماله وقراض فقال لربه: أنفق من مالي لا من مالك لا يعجبني كقوله ذلك عند دفعه، وليعمل والنفقة عليهما، وفيه تفسير عيسى، وهو إن كان قبل تجهزه وشرائه فلا خير فيه، وإن كان بعد ذلك فلا بأس به. ابن رشد: تفسيره صحيح، فإن قاله عند دفعه المال أو عند خروجه والمال بحاله كره له ولم يفسخ إلا أن يكون كالشرط، وإن قاله بعد شرائه وتجهزه جاز ولزم على القول بلزوم العدة. قُلتُ: ظاهر قول عيسى: لا خير فيه فسخه وإسقاطها حيث يجوز كعطية من العامل وتقدم حكمها، وفساده بفوت شرط صحته أو قيام مانعها تقدم من ذلك جملة. وفيها: إن أخذه على أن لربه درهمًا من الربح وما بقي بينهما فسد وللعامل أجر مثله، ابن حبيب: ما خف من الزيادة يكره بدءًا، فإن نزل مضى على شرطهما. الصقلي: ظاهره سواء شرطها أحدهما لنفسه فقط أو للمال وهو غير معتدل عند

مالك؛ لأنه لا يجيز زيادة أحدهما شرط درهم على جزء، فهو خلاف قول مالك، وفي المقدمات: يجب فسخ فاسده ويرد المال لربه، واختلف إن فات بالعمل فيما يجب للعامل، ثم قال: بفسخ فاسده قبل العمل وبعده لقراض مثله أو أجرته بخلاف المساقاة ما يرد منها لمساقاة المثل لا يفسخ، قاله ابن حبيب، ومثله في الموازية، وفسخ ما يرد لإجارة مثله بعد العمل يرد السلع لرب المال وللعامل أجر شرائها وفسخ ما يرد لقراض مثله لا يكون برد العروض لرب المال، وحكى عبد الحق عن بعض شيوخ ضقلية أنه لا يفسخ بعد العمل كالمساقاة؛ يريد: أنه إذا عثر عليه وهو في سلع أنها لا ترد، ولا يجبر على بيعها إلا على ما يرجو من أسواقها التي ابتاعها عليها لا أنه يتمادى على العمل بعد نض المال، فليس قوله على هذا بخلاف لما في الواضحة والموازية، والمساقاة التي ترد إلى مساقاة المثل إن عثر عليها بعد العمل لا تفسخ إلا بانقضاء مدتها ولو كانت أعوامًا، وإنما فارقت القراض؛ لأن لها أجلًا زمانيًا والقراض لا أجل له زماني بعد نضوضه فهو مستويان في وقف فسخهما على انتهاء أمدهما. قُلتُ: نحوه للباجي، وزاد فيه: ما يرد إلى مثله إن ابتاع بيسير المال الذي لا خطر له فهو كمن لم يشتر شيئًا، وإن اشترى باليسير وبقي الكثير فهو على قراض مثله فيما عمل ويترك الباقي. وفيها: إن أخذ قراضًا على أن يسلفه رب المال سلفًا كان أجيرًا، وكل الربح لرب المال؛ لأن السلف زيادة للعامل، وما لم يشترط فيه زيادة لأحدهما من فاسده ففيه إن نزل قراض مثله كالقراض على ضمانٍ أو لأجلٍ فلا ضمان فيه، وفيه قراض مثله، وإن شرط على العامل إخراج مال مثل مال القراض فعمل به مع مال القراض، وله ثلاثة أرباع الربح لم يجز؛ لأنه نفع اشترطه رب المال. ابن رشد: في رد كل فاسده لقراض مثله، أو أجر مثله ثالثها: ما لم يكن أكثر من الجزء المسمى إن كان ذو اشترط ربه، وما لم يكن أقل منه إن كان العامل ورابعها: في كل منفعة اشترطها أحدهما داخلة في المال غير خالصة لمشترطها وأجر مثله في كل منفعة اشترطها أحدهما خارجة عن المال خاصة لمشترطها لأشهب مع ابن الماجشون

وروايته وعبد العزيز بن أبي سلمة، وللآتي على رواية محمد في القراض بالضمان أن له الأقل منهما، وابن حبيب مع أصبغ، وابن عبد الحكم، وابن نافع ومطرف وابن القاسم وروايته، وكان يمضي لنا عند الشيخ أبي جعفر ابن رزق أن الآتي على قول ابن القاسم فيها رده لإجارة مثله إلا في سلع قراض العرض والضمان وإلى أجل والمبهم أو على شرك، وحلفهما لعدم شبه قول أحدهما في اختلافهما ودفعه على أن لا يشتري إلا بالدين فاشترى بالنقد أو على أن لا يشتري إلا سلعة كذا وهي غير موجودة فاشترى غيرها فهذا خامس، والصحيح حملها على التفصيل الذي حكاه ابن حبيب عن ابن القاسم وروايته واختاره، وهذا التفصيل استحسان على غير قياس، ومقتضى النظر رده لقراض مثله أو إجارته دون تفصيل، وما قاله ابن زرقون لا حظ له في قياس ولا استحسان. قُلتُ: قوله: تفصيل ابن القاسم استحسان غير قياس؛ قاله القاضي قبله، وحكاه الصقلي. عياض: مذهبها رده لأجر مثله إلا في تسع فأسقط مسألة اختلافهما وزاد مسألتي القراض بدين يقتضيه والقراض على أن يشتري عبد فلان، وعد مسألة المبهم وعلى شرك مسألتين. قال: ومسألة اختلافهما ليست من فاسده، وذكر الأربعة الأقوال غير قول ابن رزق، وقال: والخامس قول ابن نافع في كونه إلى أجل أنهما يمضيان على قراضهما ويسقط شرط الأجل وهو جار على بيع وشرط واستبعد، والسادس له في شرح ابن مزين لمشترط الزيادة طرحها ويمضيان في قراضهما، فإن أبى بطلت ورد لإجارة مثله. ابن شاس: في رد فائت فاسده لقراض المثل أو إجارة المثل، ثالث الروايات منه ما يرد للأول ومنه ما يرد للثاني، وتبعه ابن الحاجب في عزو الثاني لمالك وهما تابعان. الباجي والصقلي في عزوه لرواية القاضي: وإنما عزاه الأكثر لابن حبيب وابن رشد لعبد العزيز حسب ما تقدم. ابن رشد: ما رد لإجارة المثل المشهور تعلقها بذمة رب المال، وقال ابن حبيب: بربح المال إن لم يكن لا أجرة له بعيد وعلى الأول في كونه أحق بالربح من الغرماء أو لا

قولان لها عند بعضهم متأولًا قولها على أنه دفع المال، وخرج من يده، وللموازية مع ظاهرها على قولي أشهب وابن القاسم في عدم افتقار الرهن إلى التصريح به وافتقاره إليه، وقراض المثل إنما يتعلق بالربح، هذا معروف المذهب، وللقاضي عن ابن القصار: يحتمل على قول مالك أن يكون له ما يساوي قراض مثله وإن كان في المال وضيعة، قال القاضي: فالفرق بينهما على هذا أن إجارة المثل متعلقة بالإطلاق وقراض المثل متعلق بالشرط الذي شرطاه، وتفسيره أن يقال في الإجارة: لو استأجر رب المال من عمل له هذا العمل كم تكون أجرته فيكون ذلك للعامل، ويكون في القراض: إن كان العامل رضي بجزء كذا على هذا الشرط الفاسد كم ينبغي أن يكون له فما قيل هو قراض المثل؟ فقراض المثل على تأويل أبي الحسن راجع إلى إجارة المثل إنما يختلف ذلك على تأويله في صفة التقويم وهو بعيد. قُلتُ: الفرق بينهما على قول غير ابن القصار واضح؛ لأن الإجارة العوض فيها محقق للعامل ويفرض له بقدر عمله لأجل معلوم وهو ما آل الأمر إليه، والقراض العوض فيه يحتمل الثبوت لتعلقه بالربح المحتمل الثبوت والنفي فلذلك يكون العوض في القراض أكثر منه في الإجارة وكذا على رأي ابن القصار؛ لأن ظاهر قوله أن العوض عنده إنما هو في المال لا في ذمة ربه والنافي لحصوله على رأيه أقل منه على رأي الجمهور؛ لأنه لا يبطل عقد بالوضيعة فضلًا عن عدم الربح ويبطل بتلف كل المال، وعند الجمهور يبطل ولو بعدم الربح، ففضل حظ العامل في قراض المثل على حظه في إجارة المثل على رأي الجمهور أعظم منه على رأي ابن القصار بحسب عادة أهل العمل في التجر فتأمله، وقول ابن رشد: قراض المثل على تأويل ابن القصار راجع إلى إجارة المثل إلخ غير صحيح؛ لأن مقتضى ما فرق به القاضي على رأي ابن القصار أن الواجب في الإجارة قيمة العمل الحاصل من العامل لا بقيد اعتبار ما قارن من الأمر الموجب للفساد، وفي قراض المثل قيمة عمله بقيد اعتبار ما قارن العقد من الأمر المذكور وقدر العوض فيهما يختلف بحسب كون الأمر المذكور للعامل أو عليه، وقال ابن شاس: قال القاضي من أصحابنا: من يجعل قراض المثل مع الربح وعدمه ويفرق

بينهما بأن يجعل حظ العامل بقدر ما يساوي عمله مما رضيه عوضًا لو صح العقد فيكون له بقيمة ذلك. قُلتُ: اللفظ الذي حكاه ابن رشد عن القاضي في تفسير كلام ابن القصار أبين من اللفظ الذي حكاه ابن شاس، فواجب تفسيره به لبيانه واتحاد قائله، ومن في مما رضيه في لفظ ابن شاس الأقرب أنها سببية، وقوله: رضيه عوضًا؛ أي: شرطًا، وقوله: بقيمة ذلك، أي: بقيمة عمله راضيًا بما شرط، وعبر عنه ابن الحاجب بقوله: قيل كلاهما في الذمة فيقدر تقويم جزء الربح لو صح العقد، وهذا أيضًا يجب تفسيره بذلك لاتحاد المنقول عنه وتقريره مصرحا أي بما أضمر فيه، أي فالواجب للعامل كائن بقدر تقويم عمل جزء الربح معتبر فيه ما دخلا عليه لو صح ذلك فيه، وإضافته العمل لجزء الربح إضافة السبب للمسبب. وقال ابن عبد السلام: معناه أن الفرق بينهما من حيث الكثرة والقلة؛ لأن الشروط في القراض توجب فساده وصعوبة العمل على العامل ولا سيما إن كانت على العامل، فإذا أوجبنا إجارة المثل قدرنا عوض العمل مجردًا عن تلك الشروط، إذ لو عثر على القراض قبل تمامه لفسخت الإجارة على ظاهر المذهب لأجل تلك الشروط فلا يكون لها عوض، وفي قراض المثل يعتبر عمل العامل بقيد تلك الشروط إذ لو عثر عليه بعد شغله وقبل تمامه لحكمنا فيه بالتمادي فينتج ذلك كثرة العوض وقلته، وهذا نحو ما قررناه إلا أنه بناه على وجوب فسخ الإجارة إذا اطلع عليها قبل التمام وعدم فسخ القراض إذا اطلع عليه قبل التمام، وفيه نظر؛ لأن الفرض أنه إنما طلع عليهما بعد التمام، وتقدم جواز خلطه بما بيده وله أو لغيره ومنع شركته به، وينبغي تقييد خلطه بما لم يخالطه حرام أو شبهة والمال الذي تحفظ في كسبه، وسمع عيسى رواية ابن القاسم: إن زعم عامل بمالين أنه ربح خمسين دينارا لا يدري لأيهما هي فلا شيء له، ولكل من صاحب المالين خمسة وعشرون. ابن رشد: هذا خلاف سماع عيسى في رسم يوصي من كتاب الدعوى والوديعة يقر بها لرجلين لا يدري لمن هي منهما أنهما يحلفان ويقتسمانها بعد أيمانهما بخلاف إقراره

بدين كذالك يحلفان ويغرم لكل منهما دينه، وعلى قوله في الدعوى يكون للعامل خمسة وعشرون ويحلف الرجلان ويقسمان الخمسة والعشرين الباقية إن ادعى كل منهما أن الربح من ماله وبغير يمين إن قال كل منهما: لا أدري؛ ولم يدع على صاحبه أنه يدري، ولو ادعى كل منهما على صاحبه أنه يعلم أنها ليست من ماله حلف كل منهما أنه لا يعلم أنها من مال صاحبه واقتسماها إلا أن يسلمها أحدهما لصاحبه، ولو قال أحدهما: هي من مالي، وقال الآخر: لا أدري، ولم أحلف على صاحبه أنه يد\رى ولو ادعى منهما على صاحبه قيل لمن قال: لا أدري؛ احلف أنك ما تدري، فإن حلف حلف الآخر أنها من ماله وأخذها، وإن نكل من قال: لا أدري؛ أخذها الآخر دون يمين، فإن نكلا معا اقتسماها، وسمع عيسى ابن القاسم في كتاب المديان أنه ليس عليه أكثر من المائة التي أقر بها يقتسمها الرجلان بعد أيمانهما أو نكولهما، فإن نكل أحدهما اختص بها الحالف ففي غرمه ما أقر به لكل منهما في الوديعة والدين أو لمجموعهما ويقتسمانه بعد أيمانهما، ثالثها: الفرق بين الذمة والأمانة للآتي على قوله في القراض؛ لأنه إذا أوجب عليه ذلك فيما ليس في ذمته فأحرى فيما في ذمته وللآتي على سماع عيسى في كتاب المديان على وجه أخروي ولسماع عيسى ابن القاسم في كتاب الدعوى، وفي نوازل سحنون: من أخذ قراضًا على النصف من رجل ومن آخر قراضًا على الثلث فاشترى سلعتين بثمنين مختلفين بكل مال على حاله فلم يدر أيتهما الرفيعة الثمن وفي إحداهما ربح وفي الأخرى وضيعة، فقال كل منهما: المشترى بمالي الرفيعة؛ لا ضمان عليه كمودع مائة لرجل وخمسين لآخر فنسي رب المائة، وادعاها كل منهما فإنهما يحلفان عليها ويقتسمانها وتبقى الخمسون بيده ليس لها مدع، ومن قال: يضمن المودع لكل منهما مائة إن ادعى أن وديعته مائة؛ فمسألة القراض كذلك. ابن رشد: قوله: فلم يدر أيهما الرفيعة الثمن؛ يريد أنه التبس عليه الأمر فلم يدر السلعة الرفيعة التي فيها الربح من أي مال هي، إذ لو التبس عليه الأمر فلم يدر أيتهما الرفيعة التي فيها الربح من الوضيعة التي لا ربح فيها وعلم من أي مال اشترى كل سلعة لما صح تداعي صاحبي المال الرفيعة ولوجب كونها من المال الذي قال العامل

إنها منه دون اختلاف، وقوله: كمودع - إلى قوله: ليس لها مدع - يقتضي أن لا ضمان على العامل بنسيانه، وتبقى السلعة الأخرى بيده إلى أن يكذب أحدهما نفسه في دعواه السلعة الأولى ويقول: هي التي اشترى من مالي؛ فتكون من ماله وتخلص الأخرى لمال صاحبه، وقيل: لا يقبل قول واحد منهما فيما بعد إنكارهما، وقيل: تكون لهما بإقرار المقارض أنها لأحدهما، وإن كانا متماديين على إنكارهما وقول سحنون: لا شيء على المقارض بنسيانه جارٍ على سماع عيسى فيمن أقر بوديعة لأحد رجلين لا يدري لمن هي منهما لا شيء عليه وهي بينهما بعد أيمانهما، وكقول ابن كنانة فيمن أخذ من رجلين ثوبين على أنه بالخيار في كل ثوب منهما فيردهما ويجهل ثوب هذا من ثوب الآخر ويدعيان جميعا أحدهما وينكران الآخران ما ادعياه بينهما بعد أيمانهما ويبقى الآخر بيد المشتري حتى يأتي له طالب ويأتي على ما تقدم في سماع عيسى في المقارض بمالي رجلين يربح خمسين لا يدري من أي المالين هي أنها لصاحبي المالين، ولا شيء له أن يضمن لكل منهما الثمن الذي اشترى به السلعة من ماله، وفي رسم سماع أبي زيد ابن القاسم أنهما مخيران بين أن يضمناه السلعتين ويأخذا أموالهما وبين أن يأخذا السلعتين فتباع لهما فيأخذ كل واحد منهما رأس ماله والعامل ربحه إن كان فيهما ربح، وقال عن ابن كنانة كقول ابن القاسم خلاف ما تقدم عنه في مسألة اختلاط الثوبين في الخيار، وقال عن ابن القاسم: إلا أن تكون قيمة السلعة الأدنى أكثر من الثمن الذي اشترى به السلعة الأعلى كذا فلا خيار لهما في تضمينه وتكون السلعتان على القراض على قدر أموالهما، وقال محمد: إن اتفقت قيمتهما فلا حجة لصاحب الأكثر على صاحب الأقل ولا على العامل، وإن اختلفت غرم العامل فضل قيمة الرفيعة على الدنية لا دعاء كل منهما الرفيعة وهو يرجو ذلك والعامل لا يدفعها وإنما يعتبر قيمتها اليوم، وهو نحو سماع أبي زيد، وزاد التونسي عن ابن القاسم: إن كان مال أحدهما عشرة ومال الآخر عشرين فلا ضمان على العامل ويباعان فيأخذ كل واحد رأس ماله ويقسمان الفضل على قدر رؤوس أموالهما وللعامل من كل ربح جزؤه، وذكر ما تقدم لمحمد وقال: وقوله: يقسمان الربح على رؤوس أموالهما؛ ليس هذا حكم التداعي؛ لأنه لما دفع أحدهما عشرة والآخر عشرين

وأمكن أن تكون التي بأربعين مشتراة بالعشرة أو بالعشرين وجب إذا بيعت بأربعين أن يقول ذو العشرة: هي لي ربحنا فيها ثلاثين نصفها لي وللعامل نصفها، ويقول ذو العشرين مثل ذلك فيدعي من ربحها عشرة فيقال له: قد سلمت خمسة لذي العشرة فيأخذها وتقسم بينهما العشرة الباقية لا دعاء كل منهما أنها له فيجب لذي العشرة عشرة، وعلى مذهب مالك يجب أن تقسم الخمسة عشر على خمسة أجزاء لذي العشرة ثلاثة؛ لأنه يدعي خمسة عشر ولذي العشرين اثنان؛ لأنه يدعي عشرة. قُلتُ: فيما قاله نظر؛ لأن قسم التداعي إنما هو فيما يدعيه كل منهما دون ثبوت موجب شركتهما في المدعى فيه، فإن ثبت وجب قسمه بينهما على مقتضى الشركة، قاله اللخمي في مسألة اختلاط دينار بمائة في كتاب تضمين الصناع إذا ثبت هذا فقول ابن القاسم هو الصواب؛ لأنه قسم فيما ثبت فيه موجب الشركة وتقرير ثبوته أن الغالب عدم حضور رب المال لابتياع العامل بعين ما دفعه له، ولو حضره فدعواه أن الشراء كان بعين ماله باطلة؛ لأن العين بعد الغيبة لا تعرف بعينها، وكون شرائه كان بنفس دفعه له بعيد، والرواية يجب حملها على الغالب فكل منهما لا يدعي تحقيق كون الشراء بعين ماله فصار ذلك كاختلاك ماليهما وذلك يوجب شركتهما في المالين بقدر ما لكل منهما، وقبل الصقلي إجراءه على قول ابن القاسم قال: وعلى قول مالك في اختلاط دينار بمائة أن الضائع منهما بينهما على قدر أموالهما يجب كون الربح هنا على قدر أموالهما لاحتمال كونه في مال كل منهما بدلا عن الآخر كما قال في تلف الدينار لاحتمال كونه من مال كل واحد منهما بدلا عن الآخر، فإن قيل: قد ثبت أنه إن تلف الدينار قبل طلب تعين ما لكل منهما فهو محل التداعي وكل ما تلف بعد طلب التمييز وتعذره فهو محل وجوب الشركة، وكلما كان كذلك اتضح قول التونسي وبطل تعقبه. بيان الملازمة أن ظاهر الأسمعة والروايات أن الربح المتنازع فيه حصل قبل طرو الالتباس على العامل مع قاعدة معروف المذهب أن الربح يعد حاصلا يوم الشراء، وهو مثل التالف المتنازع فيه فوجب كونه كالتلف قبل التمييز وهو محل التداعي والملزوم حق فاللازم مثله، أجيب برد الملازمة بأن الموجب لتقرر التداعي في التلف

ليس مجرد تعديه على طلب التمييز لذاته بل لكونه لنفي الشركة، ودليلها ومسألة القراض ليست كذلك ضرورة ثبوت الشركة بين المتداعيين وقيام دليلها وهو قسم أصل الربح بينهما والقسم ملزوم للشركة قطعًا فالتعقب وارد وهو مصح لما في الرواية. الصقلي: عن بعض القرويين على قول ابن القاسم: إن تعمد البيع لأجل بيع الدين وضمن الخسارة، وفي الموازية: إن أسلم في طعام أو غيره غرم رأس المال، فإذا حل أجل السلم بيع والربح للقراض والخسارة على العامل، وتقدم جواز خلط العامل مال القراض بماله أو مال غيره ومنع شركته وينبغي منع خلطه بما فيه حرام أو شبهته بمال ذي تحفظ في كسبه. اللخمي: له خلطه بماله إن قدر على التجر بهما، وإن عجز عن التجر بالزائد عليه منع من خلطه، فإن تجر في الثاني وعطل الأول فلا شيء عليه على المشهور، وعلى القول الآخر يغرم قدر ما حرمه من الربح، وإن تجر في الأول واشتغل بالثاني عن بيع الأول حتى نزل سوقه أو فسد ففي ضمانه نقصه أو كله إن فسد القولان، وأخذه قراضًا بعد قراض جائز إن قدر على التجر بهما وإلا منع من التجر بالثاني، فإن فعل ففي ضمانه لترك الأول أو نزول سوقه أو فساده ما تقدم، وإن اشتغل بالأول ضمن ذلك في الثاني إن لم يعلم ذلك الثاني أن بيده قراضًا لغيره أو أعلمه ولم يعلمه عجزه عن القيام بالمالين. وفيها: لا يبيع بالنسيئة إلا بإذن ربه، فإن فعل دونه ضمن، قال ابن القاسم: إن نهيته عن شراء سلعة في عقد القراض الصحيح أو بعده وقبل أن يعمل فاشتراها فهو متعد ويضمن، ولك تركها على القراض أو تضمينه المال ولو باعها فالربح بينكما على شرطكما، والوضيعة عليه فقط، وكذلك إن تسلف من المال ما ابتاع به لنفسه. الصقلي: عن الشيخ المقارض إنما أذن له في حركة المال لتنميته إن تعدى فيه ضمن نقصه ولم يختص بنماه كالوكيل والمبضع معه، وقول ابن عبد السلام: ذهب بعضهم إلى أن العامل يختص بكل الربح في مسائل الضمان بسبب مخالفته؛ لأنها توجب انتقال مال القراض إلى ذمته، وذلك موجب لكونه مالكًا للربح؛ لا أعرفه، وما أبعده لكونه ذريعة

لأكل مال الغير وتهييجًا على التعدي إنما قاله اللخمي بتفصيل مناسب، قال: إن تعدى في الوقت الذي أذن في حركة المال فيه فالربح للقراض، وإن كان في وقت لم يؤذن في حركته فالربح للعامل ويضمن الخسارة والتلف مطلقا، فإن أخذه ليعمل به في البلد في صنف معين فتجر في غيره مع تيسره فالربح للقراض، والقياس أن له الأقل من المسمى أو قراض المثل وإن تجر لنفسه في عين لا يمكنه التجر في الصنف المعين اختص بالربح، وكذا إن تجر في الصنف المأذون فيه ثم اشترى غيره وربح فيه وكان أخذه على نضة واحدة فالربح الثاني له إلا أن يحبسه عن ربه فيكون كالغاصب يتجر بمال الغصب، وإن أخذه للتجر به في بلد آخر ويبتداء الشراء من موضعه فالربح للقراض، وإن كان الشراء به في البلد الخارج إليه فاشترى قبل خروجه ما باعه هناك فالربح له، وإن تجر بعد وصوله وتيسر التجر له فيما سمى له فالربح للقراض على ما سيما، ولو عدم الصنف المأذون فيه في ذلك البلد أو تغير سوقه لما لا فائدة فيه وما يعلم أن رب المال لا يشتريه بذلك السعر لاختص العامل بربحه، ولو كتب لرب المال بغلاء ذلك الصنف فكتب له بأن لا يشتريه فاشتراه لنفسه فالربح له والوضيعة عليه، وإن اشتراه لربه فالربح للقراض والخسارة على رب العمل؛ لأنه لم يكن له عزله بعد سفره ووصوله، ابن حارث: اتفقوا أن ربح الغاصب فيما غصبه من مال أو سرقة له وخسارته عليه الصقلي عن بعض القرويين على قول ابن القاسم إن تعدى بيع الأجل بيع الدين وضمن خسارته. وفي الموازية: لو أسلم في طعام أو غيره غرم رأس المال، فإذا حل أجل السلم بيع وألزم القراض والخسارة على العامل ولو جحد عامل القراض بعض الربح وتجر به فربح ففي كون ربحه له أو للقراض، ثالثها: إن كان عند مفاصلتهما، فإن كان في أثناء عمله فللقراض لابن الماجشون ومحمد وابن ميسر وهو الصواب، وتعديه في الفاسد كالصحيح في ضمانه به. اللخمي: إن قارضه على أن يشتري عبد فلان ففاسد، فإن اشترى غيره لنفسه لامتناع سيد العبد من بيعه فالربح له، وإن تجر لنفسه قبل طلبه وعلم أنه كان يبيعه منه

أو بعد إمكان شرائه فالربح للقراض. وفيها: أن أخذ على أن لا يبيع إلا بالنسيئة فباع بالنقد لم يجز القراض. قال غيرة: أن باع بالنقد تعدى كما لو أخذه على أن لا يشترى إلا صنف كذا غير موجود لم يجز، فإن اشترى غير ما أمر به تعدى أن ربح فله قراض مثله، وإن خسر وضمن ولا اجر له في الوضيعة ولا أعطية أن ربح إجارته إذ قد تغترف الربح وتزيد فيصل بتعديه لم يزيد. التونسي: لم يذكر ابن القاسم ماذا يكون عليه أن نزل، واصلة أن من أمر ببيع سلعة بدين فباعها نقداً وفاتت ضمن قيمتها نقداً، فإن باعها بمثل قيمتها فأكثر فلا شيء عليه، واصلة أن التحجير في القراض يرده لإجارة المثل فلما أمره ألا ببيع إلا بالنسيئة، فإن باع بالنسيئة فلا ضمان عليه وله أجره في بيعه وشرائه ويفسخ القراض ويقتضي رب المال ثمن ما باع، فإن باع ينقد تعدى وفسخ أن كانت قائمة وإن فاتت وكان باعها بقيمتها لم يضمن شيئاً ولا اجر له في بيعها؛ لأنه يقول: إنما أغرمتك قيمتها يوم تعديت عليها فلا شيء على من إجارة البيع وعلى إجارة الشراء. قال: هذا أن كان باعها بقيمتها فقط، وإن كان باعها بأكثر؛ لانبغى أن يكون للعامل في بيعها الأقل من اجر مثله عليه أو فضل ثمنها على قيمتها. التونسي: ظاهر قول غيره أنه لو لم يتعد لرده إلي اجر مثله، وتأول بعض أصحابنا أن له الأقل من قراض المثل أو اجر المثل، وينبغي على هذا أن يكون الأقل من المسمى أو اجر المثل على قول من علق أجرة المثل بها شرطت ولم يعلقها بالذمة. قُلتُ: الأظهر الأول؛ لأن الفساد يمنع اعتبار المسمى ولا حجة لاعتبار قيد كون الأجرة متعلقة بالربح دون الذمة؛ لأن قصر العوض على الأقل منها يمنع ثبوتها. اللخمي: إن باع أخذه على أن لا يبيع إلا بالنسيئة ما اشتراه نقدا فعلى الحكم فيه بقراض مثله يمضي بيعه ولو لم يفت، ولا ضمان عليه إن ضاع؛ لأن برده إلي قراض مثله يباع بالنقد ويبطل الشرط، فإن ربح فله فيه قراض مثله وإلا فلا شيء له. قال: وعلى الحكم فيه بإجازة المثل يكون ببيعه متعدياً فلرب المال إجارة بيعه،

وأخذ الثمن ويغرم له اجر مثله على الشراء والبيع وتضمينه وغرم اجر الشراء فقط، ولا وجه لقول غيره فيها؛ لأنه لو حكم في شرائه قبل بيعه بقراض مثله لم يكن في بيعه متعدياً، وإن حكم فيه بالإجازة وجب اجر مثله في شرائه وتخيير رب المال حسبما تقدم ولا يوجب تعديه فيما أصله الإجارة رد لقرض المثل، وإما أن أخذه لشراء شيء غير موجود فاشترى غيره لنفسه لفقد ذلك الصنف فالربح له، وإن اشتراه للقراض فلربه إجارة شرائه فيكون فيه قراض مثله أو تضمينه فتكون السلع للعامل. وفيها: أن لم يشغل المال العامل حني نهاه ربه عن العمل فتعدى فتجر فيه ضمنه والربح له. الصقلي: عن ابن حبيب: لو اقر أنه اشترى للقراض فالربح للقراض، ولا يرفع ذلك عنه حكم الضمان. قُلتُ: انظر لو قال له ذلك بعد نضه من سلع هل يكون كذلك أو يستصحب فيه حكم القراض؟ ولتقرر حكمه بالفعل كالراهن يهلك بيد مرتهنه بعد قضائه ما كان فيه رهناً ورؤيته بعد ذلك ثم يدعي تلفه، فإن حكم ضمانه باق. وفيها: أن خسر فيما تعدى فيه وبيده ما لا وفاء به، فإن كان ما معه عيناً فرب القراض أحق بها من غرمائه، وإن كان سلعاً فله أن يشركه فيها، وإن تركها له فهو برأس ماله إسوة الغرماء فقبلها الصقلي، وقال ابن العطار: هذا أن كانت هذه السلع هي التي تعدى فيها، وإن كانت غيرها مثل أن يبيع التي تعدى فيها بما أمر أن يشتري فرب المال أحق بها ويضرب له بما تعدى فيه، ونحوه للتونسي قال: ولو باع سلع القراض بدين بيع الدين وضمن الخسارة، وفي الموازية: لو اسلم في طعام غرم رأس ماله، فإذا حل بيع وقسما ربحه أن كان. وفيها: أن ربح في مائة مائه فأكل منهما مائة وتجر في الباقية فربح مالاً فما أكل في ذمته وما ربح أولا وثانياً على ما شرطاه، ولو تلف ولم يبق غير ما أكل ضمنها لربه ولا ربح إلا بعد كمال رأس المال. الصقلي: عن بعض الفقهاء: لو فلس من أخذ مائة قراضاً بعد أكله خمسين منها،

ثم تجر فيما بقي فصار مائة فرب المال أحق بها ويحاصص غرماء العامل في غيرها بخمسة وعشرين؛ لأن جبر المال بالربح أولى من كونه للعامل كما لو كان نقص الخمسين بتلف كقول ابن القاسم في عامل بثمانين ضاع نصفها فدفع باقيها لعامل غيره فصارت مائة رب المال أحق بثمانين من العامل الثاني وهو اقوي من الغرماء؛ لأنه هو نمى المال، وقال غيره: إنما يأخذ من المائة نصفها رأس ماله وخمسة وعشرون حصة ربحه ويحاصص في الخمسة والعشرين بقيمة الربح بالخمسين التي له عليه، وذلك بخلاف ضياع الخمسين؛ لأن رب المال لا مرجع له في الضياع وله على الذي أكلها الرجوع بها، وكذا العامل الثاني بالأربعين له الرجوع على العامل الأول لذا كان رب المال أولى منه. الصقلي: الأول أصوب. قُلتُ: الأول هو التونسي ولم يذكر غير قوله، وأورد على نفسه سؤال الفرق بين ما أكل وما تلف حسبما تقدم، وأجاب بقوله: قد لا يوجد عند المقارض شيء ولا يرجى له شيء ولا يخفي ضعف هذا الجواب على منصف. الصقلي: وإما من أخذ مائة فتجر بها فصارت مائتين فأكل مائة وتاجر بالباقية فصارت مائتين فعلى قول ابن القاسم قرب المال أحق بمائة رأس ماله ويأخذ من المائة الثانية خمسين حظه من الربح ويضرب بخمسين حظه من الربح في المائة التي أكل العامل في غرمائه، وعلى التأويل الثاني يكون ما أكله نصفه من رأس المال ونصفه من الربح، فالباقي من رأس المال خمسون يأخذها ويأخذ نصف ما بقي وهو خمسة وسبعون حظه من الربح ويضرب في الخمسة والسبعون الباقية ببقية رأس المال الذي أكل العامل وبنصف الخمسين الباقية فيما أكل؛ لأنها حصته من الربح المأكول فيضرب في هذه الخمسة والسبعين المستحقة قبل العامل، ولما ذكر اللخمي القول الثاني معبراً عنه بقوله: وقال بعض أهل العلم فيما إذا أكل العامل خمسين وتجر في خمسين فصارت مائة وخمسين لرب المال ورأس المال خمسون وحظ العامل منها خمسون يضرب فيها غرماؤه ويضرب رب المال فيها بالخمسين التي في ذمة العامل مثل قول غير ابن القاسم: إذا

أكل العامل بعض رأس مال ودفع باقية لأخر رأس المال على الثاني ما قبض فقط ويتبع رب المال الأول بما أكل وليس مثله، إذ لا خلاف أنه لو غصب من المال خمسون وتجر في خمسين فصارت مائة أن لرب المال أخذها، ولا ربح للعامل إذ لا ربح إلا بعد كمال رأس المال فلا يكون لغرمائه حق فيما لو لم يكن عليه دين لم يكن فيه ربح وليس كذلك إذا دفع المال لغيره لا يحسب على الثاني رأس المال إلا ما قبض؛ لأن الثاني لو غصب ذلك المال مع علمه أنه بيد الأول قراض وتجر فيه لنفسه كان له ربحه دون ربه وعامله؛ لأن العامل أخذه على التجر لربه فوجب جريه على حكم القراض، قال ابن القاسم: ولا ربح للخمسين التي أكل، وقيل في مثل هذا لها ربح تقدم ذكره في كتاب الغصب فعليه أن ربح في الخمسين الباقية كان عليه الخمسين التي أكل مثل هذه. قُلتُ: ما لم تكن السلعة التي ربح فيها بالخمسين غير موجود منها زائد على ذلك، قال: ولو لم يربح في الخمسين الباقية لم يكن عليه في التي أكل شيء ولو لم يكن أكل الخمسين بل تجر فيها فعلى قول ابن القاسم ربحها للقراض قل أو أكثر وعلى القول الآخر عليه الأكثر مما ربح في التي عمل فيها لرب المال أو ما ربح فيها؛ لأنه أن كان ربحها أكثر فهو لرب المال؛ لأنه ربح مال أخذه بتنميته لربه، وإن كان اقل فلربه أخذه بمثل ربح التي عمل للقراض؛ لأنه احرمه ذلك. قُلتُ: هذا واضح على القول بضمان الغاصب ما فوت على المغصوب منه من ربح لا على قصر ضمانه ما ربحه بالفعل. وفيها: إن اشترى على القراض وهو مائة عبداً قيمته مائتان فجنى عليه رب المال ما نقصه مائة وخمسين وباعه العامل بخمسين اشترى بها ما ربح فيه أو وضع لم يكن ذلك قبضاً لرأس ماله وربحه حني يحاسبه ويفاصل، فإن لم يفعل فهو دين عليه مضاف لهذا المال. اللخمي: أن كان عليه غرماً حمل رأس المال على ما هو موجود وعلى ما في ذمته يكون للعامل ما ينوبه من ربح الحاضر، ويضرب مع الغرماء بما ينوبه من ربح ما في الذمة في الباقي من الحاضر وغيره.

وتعديه بزيادة كقولها: أن أنفق في سفره من ماله رجع به في مال القراض أن تلف فلا شيء له كقول مالك: أن اكترى لحمل سلع القراض من ماله دواب فاغترف الكراه السلع وزاد لا شيء على رب المال من الزيادة. قُلتُ: فإن قصر ثياب القراض أو صبغها من ماله أيرجع في ثمنها؟ قال: قال مالك: أن زاد في ثمن سعر القراض فلربه دفع ما زاده فيها فتكون كلها للقراض أو تركه شريكاً فيها بما زاد، فكذلك في الصبغ أن دفع له ما صبغ به كانت كلها للقراض وإلا كان شريكاً بالصبغ، والفرق بينه وبين الكراء أن الصبغ له عين قائمة وليس للكراء عين قائمة ولذا لم يكن له في بيع المرابحة ربح وللصبغ فيها الربح. قُلتُ: يعارض هذا بقولها: المكتري أحق بالسلع المنقولة من الغرماء ولو في الموت فهو كعين قائمة، ويجاب بأن الأحقية ليست نفس الشركة ولا ملزومة لها ولذا كان أحق بالحمل من غرماء رب مال القراض ولا يكون شريكاً به كالرهن. وفيها: وقال غيره: أن دفع إليه قيمة الصبغ لم يكن على القراض؛ لأنه كقراض ثان بعد شغل الأول على خلطة به بخلاف زيادة العامل على رأس المال في ثمن السلعة عند الشراء على السلف؛ لأنه كقراض ثان قبل شغل الأول، وله أن يعطيه ذلك وإن يضمنه قيمة الثياب، فإن أبى ذلك كان العامل شريكاً في الثياب بقيمة الصبغ من قيمتها، ابن حارث: اتفقوا أن لرب المال إعطاء ما يجب له في الصبغ أو تركه شريكاً، وفي كون الواجب في صبغه ما دفع فيه أو قيمته قولا ابن القاسم وغيره وعليها ما يكون به شريكاً. اللخمي: أن اشتراها ليعمل فيها ذلك شريكاً به فهو شريكا بما أنفق ويفض الربح والوضيعة على مثل ذلك، وإن اشتراها بنية كونه للقراض ليدفعه رب المال من عنده جاز ولرب المال دفعه على حكم القراض الأول أو تركه فيكون العامل شريكاً. قُلتُ: وقال التونسي. قال اللخمي: وإن كانت نيته إلا يبيعه دون قصارة فبار عليه فقصره كان متعدياً ولرب المال عند ابن القاسم أن يدفع للعامل الأقل من قيمة عمله أو ثمنه فيصير رب

المال شريكاً بذلك غير مضاف للقراض الأول؛ لأنه بعد انتقاله ويلي رب المال من البيع والاقتضاء بقدر ما يشارك به، فإذا نض أخذ ذلك وكف عن العامل ويتمادى العامل وحده برأس المال الأول، وإن أبى رب المال دفع ذلك فله تضمين الصانع قيه القراض يوم عمله، وقال غيره: يخير في دفع ذلك للعامل فيكون شريكاً به وفي تضمين العامل فيكون شريكاً في المال بقدر ذلك وهو أقيس؛ لأنه يقول: لا اشتري تلك الصنعة ولا أبيع إنما لك شيء تكون به شريكاً. قُلتُ: قوله: ويلي رب المال إلي قوله: وكف عن العمل؛ يقتضي أن يختص بأن يبيع من السلع بقدر ما شارك به وما بقى للقراض وهو خلاف المذهب والقواعد؛ لأن الشركة إذا ثبتت وجب قسم المشترك فيه نفسه أو ثمنه، وإما اختصاص احد الشريكين بما باعه بمقتضى الشركة لا سلف شريكه إياه حظه من ذلك فكاد كونه خلاف الإجماع بل الواجب أن يكون بيع هذه السلع وقبض ثمنها مؤنته بين رب المال والعامل على قدر شركتهما، وكذا قسم ما قبض من أثمانها، وما عزاه لابن القاسم من قصر حكم رب المال على غرم الصنعة أو التضمين خلاف نصها: أن له إبقاء العامل شريكاً بالزيادة لوم يذكر أيضا تضمينه بحال إلا في قول الغير، والضمير في قوله: يقول؛ عائد على رب المال. والقراض المطلق في اقتضائه جواز سفر العامل به في غير خوف ومنعه، ثالثها: إن كان شأن العامل السفر ولم يشترط إقامته، وإن كان شأنه الا قامه فلا إلا أن يشترطه للخمي عن رواية ابن القاسم وابن حبيب واختياره، وعلى الأول في جواز شرط عدم سفره روايتا ابن القاسم ومحمد. أبو جعفر: له منعه من بعيد السفر جداً. اللخمي: من عادته السفر لا التجر مقيماً فاشترى ما يجلس لتجره كان متعدياً، وكذا أن كان برازا صاحب دكان فاشترى غير صنعته وما يدار ولا يخزن ولا يدخر فهو متعد. وفيها: للعامل أن يتجر بالمال في الحضر والسفر إلا أن يقول له رب المال حين

دفعه بالفسطاط: لا تخرج؛ فلا يخرج، وإن لم يشترطه فليس له نهيه عن السفر إذا اشغل المال، ولو هلك رب المال بعد تجهزه به فله النفوذ به إلي حيث تجهز. التونسي: في الموازية: أن قام غرماء رب المال بعد خروج العامل به وأمكن بيع السلع بيعت واخذ ذلك الغرماء، وإن كانت عيناً أخذها الغرماء، وإما غرماء العامل فلا شيء لهم. التونسي: الاشبة ألا شيء لغرماء رب المال؛ لأنه لو كان حياً لم يكن له أخذه في غير البلد، وكذلك لو نض في غير البلد ينبغي إلا يأخذه؛ لأن على العامل ضرراً في رجوعه بغير المال وتقدم حكم زراعته ومسافاته به. وفيها: قُلتُ: إن أخذت مائة قراضاً ابتعت بها سلعة ولم تنقدها حني ابتعت أخرى بمائة على القراض. قال: سألته عن العامل يجلس بالحانوت يشتري بأكثر من مال القراض ويضمن ذلك ويجعل ربحه للقراض، فقال: لا خير فيه؛ فمسألتك تشبهه، وليس من سنة القراض فيما سمعت منه أن يشتري على القراض بدين يضمنه العامل والربح للقراض لا يجوز هذا. الصقلي: عن محمد: وربح الثانية وخسارتها للعامل وعليه؛ لأن شراءه بالدين على القراض أو يسلفه عليه ولو بإذن ربه لا يجوز. اللخمي: إن كان غير مدين واشترى بالقراض ثم استدان واشترى متاعاً أخر على ذلك القراض لم يجز بإذن رب المال وربحه له وعليه خسارته إلا أن يقول رب المال: أن ضاع القراض غرمت الثمن؛ فالربح له والعامل أجير. الصقلي: عن محمد: عن ابن القاسم لو اشترى سلعة بمال القراض وهى في بيته وتسلف ما نقد فيه من ربه أو غيره، ثم باعها واشترى بمال القراض أخرى فالسلعتان على القراض، قال في العتبية: ويجبر بما ربح ما خسر في الأخرى. زاد اللخمي: لو اشترى الثانية قبل بيع الأولى لم تكن الثانية على القراض ولو باع الأولى ولم يقض ثمنها في السلف حني اشترى الثانية كانت على القراض؛ لأن بيده

مائتين إحداهما للقراض. قال: وإن كان مديراً واشترى بما ليس معه على النقد ليدفع من القراض جاز لضرورته إليه يشتري أول النهار ويقضي أخره أو للغد مما يبيعه أو يقتضيه، وسمع أبو زيد ابن القاسم: لا خير في شراء العامل المتاع بنظرة أيام؛ لأنه يضمن الدين أن تلف، وإن ربح فيه أعطاه نصف الربح. ابن رُشْد: أن نزل فالربح والوضيعة للعامل وعليه، وهو قوله في الموازية، وهو ظاهر المدونة، ولو إذن له رب المال في ذلك إلا أن يأذن له في أن يشتري على القراض على أن ضاع مال القراض ضمن ذلك في ذمته فيجوز، وتكون السلعة للقراض خلاف ما تقدم للخمي من كون العامل في ذلك أجيرا وهو الصواب؛ لأنها زيادة على القراض الأول بعد انتقاله. ابن رُشْد: وهذا في المدين، وإما المدين فله الشراء على القراض بالعين حسبما مضى في سماع ابن القاسم. قُلتُ: لأن عروض المدير كالعين في الزكاة ويجب أن يقيد ذلك يكون ثمن ما يشتريه بالدين يفي به مال القراض وإلا لم يجز، ومقتضى قولها مع غيرها جواز كون العامل مديراً، وقولها بجواز زراعته حيث الأمر جواز بيعه بالعرض بخلاف الوكيل، ولا اذكره نصا إلا قول ابن شاس: له أن يبيع بالعرض كما يبتاعها. قُلتُ: وهذا ما لم يشترط رب المال على العامل كون عمله لنضة واحدة فقط حسبما قاله اللخمي في أواخر ترجمة الاختلاف في القراض ما نصه: إن اشتراط نضة واحدة لزم ذلك رب المال. وفيها: إن اشترى بكل مال القراض عبداً فرده بعيب ورضيه رب المال فليس له ذلك لضرر العامل يجبر خسارته بربح ما يعمل إلا أن يقول له ربه: إن أبيت فاترك القراض وأنا اقبله؛ فذلك له، أبو عمران: هذا أن كان ثمنه كل المال عيناً، ولو كان بعضه في سلع أو كان ثمنه عرضاً فليس ذلك لرب المال، إذ ليس له أخذ المال حينئذ لحق العامل في السلع.

وفيها: أن رضي العامل بالعيب نظراً جاز وإن كان حابى لم تجز محاباته ولا في البيع إلا في ربحه في تلك السلعة، ولا يبيع احد عامليه من الآخر بمحاباة ولو كان في المال فضل، وإن فعل لم يجز. سحنون: هذه جيدة إذ لم يذكر فيها إجازة حظ العامل؛ لأنه أن وضع فيما يستقبل جبر رأس المال بذلك الذي حاباه به، وفي رواية ابن وضاح زيادة هذه اصح من التي فوقها، وترد ما في كتاب الشركة، وكلما وجدته خلاف هذا فرده إليه. قُلتُ: ولأن إمضاء محاباته في نصيبه إعطاؤه من الربح قبل المفاصلة. وفيها: لا يعطي من مال القراض أحدا ولا يكافئه منه، وإما أن يأتي بطعام لقوم ويأتون بمثله فأرجو أنه واسع أن لم يتعمد أن يتفضل عليهم، فإن تعمد دون إذن ربه تحلل منه، فإن أبى كافأه بمثله أن كان شيئاً له مكافأة. قُلتُ: مثله في الموطأ، وقرره الباجي بقوله: إن اجتمع مع رفقائه فجاءوا بطعام فذلك واسع، فإن كان بعضه أكثر من بعض ما لم يتعمد الفضل عليهم وذلك جائز بين الرفقاء، وإن كان منهم من يأكل في بعض الأوقات أكثر من صاحبه ومن يصوم دون رفقائه. قُلتُ: وكذا غير المسافرين، قاله بعض من لقيت وهو واضح، وسمع بأن القاسم: لا بأس على العامل في إعطائه السائل الكسرة، وكذا الثمرات والماء. ابن رُشْد: لأنه من اليسير الذي لا يتشاح في مثله واصله قوله تعالى: ****************** إلي قوله تعالى: ************************************* فإذا لم يكن على الوكيل حرج في الأكل من مال موكله الذي اؤتمن عليه دون علم موكله بنص القرآن ما جرت به العادة من اليسير الذي لا يتشاح في مثله جاز ذلك للمقارض؛ ولذا قال الليث: له أن يتغذى بالا فلس حسبما مر، فإذا جاز له ذلك وهو لا نفقة له في المال فأحرى أن يجوز له التصدق به وكذا الوصي يعطي السائل من مال يتيمه يرجو بركة ذلك ليتيمه، وليس قول مالك هذا بخلاف لقوله في الموطأ: لا يهب منه شيئاً ولا يعطي منه سائلاً ولا غيره؛ لأن معناه فيما كثر

وزاد على ما لا يتشاح فيه. قُلتُ: كذا قال الباجي. وفيها: لمالك: لا يعجبني أن يشتري العامل من رب المال سلعة؛ لأنها إن صحت من هذين أخاف أن لا تصح من غيرهما ممن يقارض، ابن القاسم: ووجد ما كرهه مالك وإن صح ذلك بينهما خوف أن يرد إليه رأس ماله ويصير إنما قارضه بهذا العرض. عياض: في أصل الأسدية: أن صح فلا باس به، ومثله في كتاب عبد الرحيم، واختلف قول مالك فيه في الموازية. اللخمي: عن ابن القاسم في الموازية: وجدت في كتاب عبد الرحيم عن مالك: لا بأس به إن صح بينهما، وارى أن كان المشترى يسيراً أن يمضي، وإن اشترى بجميع المال فسخ لقيام تهمتهما على القراض بالعروض إلا أن يقوم دليل على براءتهما، وسمع ابن القاسم: لا ينبغي أن يصطرف رب المال مع العامل قبل عمله، ولا بأس أن يشتري منه الثوبين أو يوليه إذا صح. ابن رُشْد: يدخله في الصرف تأخيره لمال أمره إلي أنه أعطاه ذهباً على أن يعطيه ورقاً يتهمان عليه، فإن وقع في يسير المال صدقاً في إنهما لم يعملا على ذلك، وإن وقع في جله فسخ القراض إلا أن يفوت بالعمل فيرد لإجارة المثل على أصل ابن القاسم وروايته في هذا النوع من الفاسد، وسواء صارفه قبل الغيبة على رأس المال أو بعدها وقبل الغيبة أشد، وقوله: لا بأس أن يشتري منه الثوبين؛ معناه أن العامل اشتراها لنفسه لا للقراض، وفي الموازية بيان هذا، وإن كان ذلك للقراض فهذا الذي قال فيه في المدونة فذكر ما تقدم، وقال: هذا الخلاف عندي إنما هو إذا وقع في المال قبل أن يصرفه غاب عليه أم لا، ولو كان مما نض له مما باعه من السلع التي اشترى للقراض فيصدقان قولاً واحداً، والذي أرى أن يصدقا أن اشترى بيسير مال القراض ولا يصدقا أن اشترى بجله، وهذا الذي أراه قول ثالث. قُلتُ: حمله ما وقع في السماع من قوله: لا بأس أن يشتري منه الثوبين على أنه

للعامل لا للتجر، وفي الموازيَّة: بيان هذا، يدل على أنه في الموازيَّة أوضح منه في العتبيَّة، وليس كذلك بل لفظه فيهما واحد إلا أنه زاد في الموازيَّة مانصه: إن اشترى العامل منه سلعة لا للتجارة فذلك جائز ويتولاها منه أحسن، ولم يذكرا لمنعه علة ولا وجه لمنعه إلا تهمتهما على قراض وبيع لاحتمال دفع العامل الثمن من مال القراض فيكون باقيه قراضًا منضمًا لأخذه السلعة ويعطى ثمنها بعد ذلك، وقوله: هذا الذي أراه قول ثالث نص في أنه عد نفسه مجتهدًا في المذهب أو مطلقًا، وفي جواز شراء العامل كل سلع القراض أو باقيها بعد مفاصلتهما بقمن لأجل وفسخه ولو فات برد القيمة ثالثها: إن كانت حاضرة لم يفسخ البيع إن فات، وإن كانت غائبة فسخ وإن فات، لابن رُشْد عن رواية ابن وَهْب مع ابن حبيب عن أصحاب مالك غير ابن القاسم في شراء الباقي بعد المفاصلة: ولا فرق بينه وبين شرائها كلها، ومحمد عن ابن القاسم قائلاً: معناه اشتراها بأكثر من رأس المال أو باقيها بأكثر من منابه منه، ولو اشتراها بجل رأس المال أو بقيمتها بمثل ما بقي من رأس المال فأقل جاز اتفاقًا، وهو بين في رسم تأخير صلاة العشاء من سماع ابن القاسم، وفي القطعان من سماعه عيسى: ولم يغز الثالث، وهو في النوادر لمحمد قال: وكذا لو اشترى بعض سلع القراض بأكثر من قيمتها لأجل دخله الأقوال الثلاثة، كمن اشترى بمائة قراض سلعًا عرض للبيع أحدها أعطى فيها ثمانية وثمنها عشرة لم يجزأ أخذها العامل بعشرة لأجل؛ لأنه يؤخره خوف الخسارة، وجه القول بإجازته كأنه التزم السلع برأس ماله فتفاصلا ثم باعها منه، ووجه القول بالمنع أنه لو طلبه برأس ماله لم ينض له منه إلا ثمانون فأخره بها على أن يأخذ منه على أن يعطيه مائة، ووجه الثالث هو أنه إن حضرت ارتفعت التهمة؛ لأنه باع ما رأى بعد أن رضيه والتزمه، وإن غاب احتمل أن ليس عنده سلع والمال خسر فيه وهو ثمانون فأخره على أن يعطيه مائة فشراؤه من رب المال سلعة من غير سلع القراض قبل العمل لا يجوز بالنقد ويجوز لأجل ومن سلع القراض لا يجوز ويجوز نقدًا وشراؤه رب المال من العامل سلعة من القراض أو من غيره جائز نقدًا وإلى أجل. قُلتُ: زاد في الموطأ: إذا كان صحيحًا على غير شرط.

الباجي: ما لم يتوصل بذلك لأخذ شيء من الربح قبل المفاصلة اشتراه نقدًا أو إلى أجل، قاله ابن القاسم. قال: فإن اشتراها ليأخذها من القراض فلا خير فيه، وقول اللخمي: إن لم تحضر السلع لم يجز شراؤها العامل قولاً واحدًا ويفسخ إن كانت قائمةً، وفي فوتها تمضي بالقيمة؛ لأن أكثر ما يعمل ذلك عند خسارة العامل في المال خلاف نقل ابن رُشْد القول الأول. الباجي: شراء العامل من رب المال بعض سلع القراض إن كان مع استدامة القراض جاز نقدًا لا لأجل، وأجازه الليث ويحيى بن سعيد إلى أجل، وإن كان عند المفاصلة جاز نقدًا. قال مالك في العتبيَّة: لا خير فيه، ونحابه ناحية الربا، وروى عيسى عن ابن القاسم: إن كان بمثل رأس المال فأقل جاز ولا يجوز بأكثر منه، وقال ابن حبيب: قال أصحاب مالك: لا باس به، وغمزه ابن القاسم. ابن زرقون: فذلك ثلاثة أقوال: المنع والجواز، والفرق بأن يكون بمثل رأس المال فأقل أو يكون بأكثر. قُلتُ: هذا خلاف ما تقدم لابن رُشْد أنه إن اشتراها بمثل رأس المال فأقل جاز اتفاقًا، وصحت طريقة ابن زرقون تصير الأقوال أربعة: ثلاثة لابن رُشْد وثالث نقل ابن زرقون رابعها، وتعقب ابن عبد السلام قول ابن الحاجب: ولا يشتري من رب المال ولا بأكثر من المال، فإن ظاهر لفظه أنه منع تحريم، وظاهر المدَوَّنة ونص الموازيَّة الكراهة. قال: والمنع محمول على أنه اشتراه للقراض لالنفسه. قُلتُ: ظاهره أن شراءه منه لنفسه جائز مطلقًا وأنه المذهب، وتقدم نقل ابن رُشْد عن المذهب أنه يجوز قبل الإشغال في الثوب والثوبين، وقول الباجي: شراء العامل من رب المال سلعة لنفسه جائز، قاله ابن القاسم، ليس بخلاف لنقل ابن رُشْد؛ لأنه إنما نقله في الثوب لا مطلقًا، وعلل ابن القاسم وغيره قولها بالكراهة في شراء العامل

للقراض من ربه بماله للقراض بالعروض. قال ابن عبد السلام: لا يطرد في كراهته الصرف منه لماله لقراض بذهب أو ورق. قُلتُ: عدم اطراد العلة إنما يقدح إذا ثبت في تماثيل الصورة التي وقع فيها التعليل، ومسألة الصرف غير مماثلة لصورة الشراء منه؛ ولذا علل ابن رُشْد كراهة الصرف منه بماله لتأخير الصرف، وعلل الباجي الكراهة فيهما بقوله: ربما أثر ذلك نقصًا في المال يحتاج للعامل لجبره بعمله، وفيه نظر لاقتضائه منع ذلك ولو كان بما نض له من السلع التي اشترى للقراض، وقد قدم لابن رُشْد في ذلك الجواز قولاً واحدًا، وهو مقتضى تعليل ابن القاسم المتقدم. وفيها: إن اشترى العامل أب رب المال أو ابنه، وهو لا يعلم عتقوا على رب المال. ابن رُشْد: يريد يوم الشراء، وقولها: فإن كان فيه ربح دفع للعامل من مال القراض قدر حظه من الربح؛ يريد: إن كان في المال ربح يوم الشراء مثل أن يكون رأس المال مائة ربح فيها مائة فاشترى بالمائتين فحظ العامل الربع فيغرم رب المال للعامل قيمة ربع العبد يوم الحكم إن كان مليًا وعتق عليه، وإن كان معدمًا بقي حق العامل رقًا له. قُلتُ: قوله: قيمة ربع العبد؛ صوابه: ربع قيمة العبد. فيها: إن أوصى سيد الابن للأب بنصف ابنه فقبله عتق عليه جميعه إن كان حرًا موسرًا وكان عليه نصف قيمته. وفيها: إن كان العامل قد علم وله مال عتقًا عليه وأخذ منه ثمنهم لرب المال والولاء لرب المال؛ لأنه علم حين اشتراهم أنهم يعتقون على رب المال فهو ضامن إذا ابتاعهم بمعرفة، وإن كان عديمًا بيعوا فيعطى رب المال رأس ماله وربحه وأعتق حظ العامل فقط، هذا أحسن ما سمعت فيها من الخلاف. ابن رُشْد: قوله: أخذ منه ثمنهم؛ يريد: الذي اشتراهم به وإن كانت قيمتهم أكثر منه؛ لأنه لا يجوز لرب المال ربح فيمن يعتق عليه، وعلله اللخمي بأن قال: لو أخذ ربحه من القيمة لكان ذلك رضىً منه بالشراء فيعتق عليه.

ابن رُشْد: بخلاف شراء العامل من يعتق عليه عالمًا وقيمته أكثر مما ابتاعه به يغرم هنا رأس ماله وحصته من الربح؛ لأنه فيمن لا يعتق عليه، ولو كان في المال ربح قبل الشراء لغرم لرب المال حظه منه، وقوله: إن لم يكن له مال بيعوا فيعطى رب المال رأس ماله وربحه؛ يريد: أن الربح كان فيه يوم الشراء مثل أن يكون رأس المال مائة وربح فيها مائة أخرى، ثم ابتاعهما بالمائتين وهو عالم ومال له فإنه يباع منهما بمائة وخمسين رأس ماله وحظه من الربح ويعتق ما بقي كان أقل من ربع العبد أو أكثر؛ لأنه إن سوى العبد أكثر من مائتين لم يصح أن يباع لرب المال منه بأكثر من مائة وخمسين؛ لأنه القدر الذي يعدى عليه العامل ولا يأخذ رب المال شيئًا مما زادت قيمته بعد الشراء؛ لأنه لا يصح له فيه ملك فلا يصح له فيه ربح، وإن سوى العبد أقل من مائتين فمن حق رب المال أن يباع له منه بمائة وخمسين وإن اغترق ذلك جميع العبد؛ لأنه تعدى على ذلك القدر، ولو لم يسو إلا أقل من مائة وخمسين لوجب بيع كله واتبع العامل بما نقص من مائة وخمسين، وقوله فيها: بعضه في المدَوَّنة وبعضه خارج عنها، فإن اشتراهم عالمًا ففي عتقهم عليه إن كان مليا وإلا بيعوا وعتقهم على رب المال، ثالثها: لا يجوز شراؤه، ورابعها: لا يعتق بحال، وخامسها: يضمن الثمن فيكون له المشترى، وسادسها: يخير رب المال في أخذه فيعتق عليه وللعامل فضله إن كان، وفي تضمين العامل لتعديه لها وللآتي على ما في بعض روايات رهونها ولللآتي على ما في ثاني عتقها في شراء الأب من يعتق على ابنه الصغير، وقول ابن القاسم في أصل سماعه ورواية ابن أبي أويس، ولم يعز السادس. قال: وإن اشتراهم وهو لا يعلم ففي عتقهم على رب المال وعدم عتقهم مطلقًا قولان لها ولابن القاسم في سماعه. اللخمي: إن اشتراه عالمًا قال ابن القاسم: يعتق عليه وحمله على أنه رضي بعتقه من ماله عن رب المال، وقال سَحنون: لا يعتق عليه، وقال أشهب: إن كان فيه ربح أعتق منه قدر ذلك الربح وبيع ما بقي وهو أحسن لا يعتق عليه؛ لأنه وكيل غيره ويعتق الفضل؛ لأن العامل مقر أنه لم يشتره لنفسه فيعتق ذلك القدر من باب: لا ضرر ولا

ضرار، ونقل ابن عبد السلام قول اللخمي إلى قوله: لم يشتره لنفسه، وهذا احتجاج صحيح إلا أنه ينتج قول سَحنون. قُلتُ: يرد بدلالة باقي كلامه: فيعتق من باب لا ضرر ولا ضرار، وتقريره أنه بعلمه قصد عتق جميعه عنه فبطل إعمال قصده في حظ رب المال لمانعية تعدية على ملك الغير بالشراء الممنوع منه وأعمل فيما يملك لسلامته عن هذه المانعية. قال ابن عبد السلام: وقتضى النظر على قول أشهب إن كان فيه ربح أن يقوم على العامل. قُلتُ: يجاب بأن إعمال عتقه في حظه إنما حصل بالتبعية لا بقصده عتقه ذلك الجزء فصار كأحد شركاء في عبد أعتق أحدهما حظه منه، ثم الثاني ثبت كون الأول عديمًا فإنه لا يقوم على الثاني على المشهور، وأجاب هو بأن قال: يحتمل أن يقال: إنما التزم إعتاق قدر حظه عن رب المال لا عن نفسه. قُلتُ: هذا يقتضي أن المذهب عنده فيمن أعتق حظه من عبد عن غيره أنه لا يقوم عليه ولا أعرفه نصا، وفي الموارث يشهد أن أباه أعتق هذا العبد فلا تتم شهادته في عتق حظه عليه، ثالثها: ويقوم عليه لابن رُشْد عن أبي سلمة مع المغيرة وابن القاسم والآتي على قول أَصْبَغ فيمن اشترى عبدًا ثم شهد أن بائعه كان أعتقه لتهمته على أنه أراد عتق حظه دون تقويم، وتمامه إن شاء الله تعالى في العتق. اللخمي: وعلى القول بعتقه على العامل في عتقه عليه إن كان معسرًا ويتبعه رب المال في ذمته قولا ابن القاسم وغيره، والأول أحسن، ولا يمكن رب المال من رق والده أو ولده لدينه، وهو في والده أبين؛ لأنه من العقوق. قُلتُ: الثاني هو نصها. الصقلي: عن محمد: لو ادعى رب المال أن العامل اشتراه عالمًا وأنكر العامل فالقول قوله، وإن اشترى من يعتق علي وهو عالم موسر وفيه ربح عتق عليه وغرم لرب المال رأس ماله والأكثر من حظ ربحه يوم الشراء أو يوم الحكم؛ لأنه بشرائه عالما أنه يعتق عليه رضي أن يغرم لرب المال ما يجب له من الثمن ورأس ماله وحظه

من الربح. قُلتُ: ونحوه للخمي، وزاد: وإن كان عالمًا أنه ولده جاهلا بالحكم يظن أنه يجوز له ملكه عتق بالقيمة وهلاكه قبل النظر فيه من رب المال إلا قدر مناب العامل من الربح. ابن رُشْد: ولو لم يكن فيه ربح عتق عليه وغرم لرب المال الأكثر من قيمته يوم الحكم ومن ثمنه؛ لأنه اشتراه عالمًا أنه يعتق عليه رضي غرم ما شتراه به، وقال المغيرة: لا يعتق منه شيء ويدفع ثمنه لرب المال. قُلتُ: الأول قولها. اللخمي: أن لا شيء عليه إن لم يكن فضل أحسن؛ لأنه وكيل في المال لغيره، وفعله محتمل لقصد العتق وعدمه فأرى أن يحلف ما أراد عتقه وكان رقيقًا. ابن رُشْد: وإن كان عالمًا معسًرا وفيه ربح ففيها يباع منه بقدر رأس المال لربه، يريد يوم الحكم ويعتق ما بقي إن كان ما اشتراه بمائتين ورأس المال منهما مائة وقيمته يوم الحكم مائة وخمسون فيباع منه لرب المال برأس ماله وحظه من الربح يوم الحكم، وذلك مائة وخمسة وعشرون ويعتق باقيه ويتبعه بخمسة وعشرين. قُلتُ: قال اللخمي: يباع منه لذلك على أن باقيه حر. ابن رُشْد: وإن أراد رب المال أن ياخذ من العبد قدر رأس ماله وحظه من الربح يوم الحكم على ما يسوى جملة فله ذلك؛ لأنه أوفر لحظ العامل الذي يعتق منه؛ لأن البيع منه لذلك وكسر لثمنه لضرر الشركة، ولو أراد أن يأخذ منه بذلك من العبد ما كان يباع له منه لو بيع لم يكن له ذلك على ما في سماع أَصْبَغ ابن القاسم من كتاب الوصايا، وإن أراد ابتاعه برأس ماله وحظه من الربح دينًا ويعتق عليه فله ذلك على قياس قوله. اللخمي: من حق رب المال أن يباع منه بقدر رأس ماله وحظه من الربح على أن الباقي عتيق.

عبد الحق: عن بعض القرويين: إن اشترى أبا نفسه وهو يعلم أو لا يعلم وفيه فضل ولا مال له اشتراه بمائة وهو يسوى مائة وخمسين ينبغي أن يباع منه لرب المال بمائة رأس ماله، ويكون نصف ما بقي مملوكًا لرب المال والنصف الآخر هو على العامل فيصير كشقص عبد بين رجلين أعتق أحدهما حظه ولا مال له سواه. التونسي: إن كان رأس المال مائة وفي العبد ربح يسوى يوم اشتراه مائة وعشرين إن بيع منه بمائة وعشرة لم يجد من يشتري ذلك منه وإن بعناه كله وجدنا من يشتريه بمائة وعشرين فقد يقال: يباع كله ويجعل المقارض ما نابه في رقبته أو يعين به، وانظر على هذا لو اشتراه بمائة وقيمته مائه وخمسون فإن بيعت خمسة أسداسه ساوت أقل من مائة وخمسة وعشرين هل يباع منه أكثر ن خمسة أسداسه حتى يتم ثمن المبيع منه مائة وخمسة وعشرون ويعتق منه مابقي وإن كان نصف السدس او أقل كما يباع كله إذا لم يوجد من يشتري بعضه بمائة وعشرة؟ أو هل يباع منه بمائة رأس المال على أن الباقي يعتق نصفه ويباع لرب المال نصفه؟ قُلتُ: هذا أظهر؛ لأن الربح إنما يعتبر بعد نضوض رأس المال لا قيمة قبله، وهو مقتضى ما نقله عبد الحق عن بعض القرويين حسبما تقدم. ابن رُشْد: وإن اشتراه عالمًا معسرًا ولا ربح فيه لم يعتق ولا يتبع بقيمته دينًا إلا أن يرضى ذلك رب المال ويباع ليدفع ثمنه لرب المال إلا أن يكون ثمنه الذي اشتراه به أكثر فلرب المال اتباعه بالزائد؛ لأن رضى بذلك حين اشتراه عالمًا. قُلتُ: وعلى ما تقدم للخمي إن كان جاهلاً حكم عتقه عليه لم يتبعه بالزائد؛ لأن نفس شرائه ليس بتعد إنما هو كمن اشترى سلعة للقراض ثم أفاتها بعطية ناسيًا يغرم قيمتها لا ثمنها، وتقدم في كلام ابن رُشْد التصريح بأن العلم في هذه المسائل العلم بأنه يعتق عليه، وفي كلام اللخمي أن علمه بأنه ولده مع جهله بحكم وجوب عتقه يوجب عتقه بالقيمة، وقال ابن عبد السلام: العلم المشروط في هذا الفضل علمه بالأبوة أو البنوة أو الأخوة لا علمه بوجوب عتقه، فإن العلم بالحكم أو الجهل به لا أثر له هنا، إنما يعتبر العلم والجهل في أسباب الأحكام.

قُلتُ: هذا هو أصل المذهب، وتقدم منه علم الأمة بعتقها تحت العبد وتمكينها نفسها مع جهلها بثبوت الخيار لها، ويأتي منه في الرجم إن شاء الله في قولها: لمرغوس بدرهمين. ابن رُشْد: وإن اشتراه غير عالم به وهو موسر وفيه ربح عتق حظه وقوم عليه باقيه يوم الحكم كعتق أحد الشريكين حظه وهو معنى قولها: يعتق عليه ويرد لرب المال رأس ماله وربحه، ولا خلاف في هذا بين ابن القاسم والمغيرة، إنما اختلفا إن علم؛ فابن القاسم يعتبر علمه فيغرمه الأكثر، والمغيرة يلغيه ولا يغرمه إلا رأس المال، وفي حظ ربه من الربح يوم الحكم وإن لم يكن فيه ربح بيع ودفع لرب المال ماله، وكذا إن كان معسرًا لا فرق في هذا الوجه بين الموسر والمعسر. قُلتُ: ذكر اللخمي فيما إذا كان غير عالم ولا فضل فيه، وهو موسر عن أشهب: أنه يعتق عليه. ابن رُشْد: وإن كان غير عالم وهو معسر وفيه فضل بيع منه بقدر رأس المال وربح ربه يوم الحكم وعتق الباقي، وإن أراد رب المال أن يأخذ منه قدر ذلك على ما يساوي جملة فله ذلك؛ لأنه أوفر للعتق، وليس له أخذ ما كان يباع حسبما تقدم، ولو وطئ العامل أمة من مال القراض ولم تحمل فالصقلي عن محمد: يغرم قيمتها، وإن كان عديمًا بيعت فيها، ابن شاس: لرب المال تضمينه قيمتها يوم الوطء أو ثمنها، وذكره ابن عبد السلام عن بعضهم، وقال: إلزامه الثمن بعيد؛ لأن العداء لم يكن عليه إذا سلم رب المال أنه اشتراها للقراض أو قامت به بينة. قُلتُ: ظاهره إن لم يسلم ولم تقم بينة أن له إلزامه الثمن، والصواب أنه إنما يلزمه الثمن إذا نكل العامل عن حلفه أن شراءها كان للقراض أما إن حلف فلا، وما نقله ابن شاس هو مقتضى ما يأتي لمحمد إذا حملت. قال: وظاهر قول هذا القائل أنه لا يمكن ربها من ردها للقراض وهو بعيد. قُلتُ: في تبعيده نظر لقولها في وطء أحد الشريكين أمة بينهما إلا أن الذي وطء الأمة من المتفاوضين بعد ابتياعه إياها إن لم يسلمها له الشريك بالثمن، وقال: أردها

للشركة؛ فليس له ذلك، وقال غيره: له ذلك، وهو في المقارض أحرى لا ختصاصه بحوز مال القراض، وهذه الأحروية تمنع تخريج قول الغير في العامل في القراض. وفيها: إن حملت من وطئه وله مال ضمن قيمتها فيجبر به رأس المال. الصقلي: عن محمد: عليه الأكثر من قيمتها يوم وطئها أو يوم حملت أو الثمن؛ لأنه إن كان الثمن أكثر فقد رضي به وعليه وطئ، وإن كانت قيمتها أكثر فليس له أن يذهب ربح المال من ثمنها، وسمع ابن القاسم: إن أحبل العامل أمة من مال القراض غرم قيمتها من ماله يجبر بها مال القراض، ابن القاسم: إن لم يكن له مال اتبع بها دينا ولم تبع، سَحنون: هذا غير معتدل، وأرى أن تباع إلا أن يكون فيها فضل فيباع منها بقدر رأس المال وربح ربه والباقي بحال أم الولد. ابن رُشْد: مثل هذا السماع في الموطأ، وزاد: إن لم يكن له مال بيعت فيجبر المال بثمنها وهو الحكم إذا اشتراها للقراض ثم أحبلها وقيمتها في يسره يوم حملت فلم يفرق مالك بين شرائه إياها ليطأها وبين أن يطأها بعد شرائه إياها للقراض، وفرق ابن القاسم فقال في الأولى: لا تباع في عدمه وكانت له أم ولد ولا يتبع بقيمة الولد على ما قاله عيسى في رسم جاع من سماعه؛ لأنه لم يقل يتبع بقيمة الولد إلا في شرائها للقراض وتباع على ما اختاره سَحنون في قيمتها يوم حملت، فإن لم يف ثمنها بها اتبع بما نقص عنها وإذا أخذت منه قيمتها أو بيعت في عسره يتخرج اتباعه معها بقيمة الولد على قولين تقدما في نوازل سَحنون من كتاب الاستبراء. قُلتُ: ذكره في وطء أحد الشريكين أمة الشركة وهو قوله: إذا وجبت القيمة يوم الحمل فقد وجب الحمل ووجوب القيمة عليه معًا، فإن حكم للقيمة بالتقدم لم يكن عليه في الولد شيء وهو المنصوص، وإن حكم للإيلاد بالتقدم عليها وجب غرمه نصف قيمة الولد، ثم قال في مسألة القراض: هذا إن لم يكن فيها فضل، فإن كان فقيل: يباع منها في عدمه بقدر رأس المال وربح دينار في رسم جاع: حكمة حكم الأمة تحمل من أحد الشريكين وهو عديم، على هذا حمل المسألة بعض أهل النظر باتباع ظاهر

الروايات، والذي أقول فيها إن الخلاف في بيعها إذا حملت وهو عديم إنما هو إن لم يعلم هل اشتراها للقراض أو لنفسه بما استسلفه من القراض إلا بقوله: فحمله مالك على أنه للقراض ولم يصدقه؛ ولذا قال: يباع إن لم يكن له مال، وحمله ابن القاسم على أنه لنفسه سلفًا من مال القراض بل لم يصدقه أنه اشتراها للقراض إن زعم ذلك على ما في سماعه. أبو زيد: ولذا قال: لا تباع؛ لأنه يتهم على إرادته بيع أم ولده، وأما إن علم أنه اشتراها لنفسه بمال تسلفه من القراض لم تبع واتبع بالثمن الذي اشتراها به قولاً واحدًا كما لم يختلف، وإن اشتراها للقراض ببينة تقوم على ذلك يوم وطئها فحملت ولا مال له في أنها تباع فيما لزمه من قيمتها. قُلتُ: في قوله: إن علم أنه اشتراها لنفسه لم تبع اتفاقا نظر؛ لأن مال القراض إنما أخذه للتنمية فشراؤه به لنفسه لغو كما لو اشترى به لنفسه شيئًا نهى عن شرائه، فإنه لا يختص بربحه ولا يسقط تعلق حق رب المال عليه فيه وإيلاده إياها كعتق مديان لا كإيلاده؛ لأن إيلاده مأذون له فيه بخلاف إعتاقه؛ ولذا قال الباجي: لو اشترى المودع بالوديعة جارية أحبلها لم تبع في عسره؛ لأنه لم يأخذ المال للتنمية فيكون في ذلك مبطلاً قصد ربها والبضاعة والقراض دفعا للتنمية، فالحاصل إن كان مليًا ففي غرمه قيمتها يوم الوطء أو الأكثر منها يوم الوطء أو يوم الحمل أو الثمن، ثالثها: الأكثر من قيمتها يوم الوطء أو الثمن، ورابعها: الأكثر من قيمتها يوم الوطء أو يوم الحمل، وخامسها: قيمتها يوم وفي رأس المال، وسادسها: الوقف للباجي عن الموازيَّة ومحمد وابن حبيب، ونقل ابن الحاجب: ولا أعرفه لغيره وأبي عمر عن ابن وَهْب عن مالك، ثم وقفه وإن كان عديمًا ففي بيعها لجبر رأس المال أو له ولحظ ربه من الربح مطلقًا أو إن اشتراها للقراض، وإن اشتراها لوطء اتبع بالثمن، ثالثها: إن علم ببينة شراؤها للقراض بيعت لغرم قيمتها يوم الوطء، وإن علم بها شراؤها لنفسه اتبع بالثمن اتفاقًا فيهما وإلا جاء القولان لحمل بعض أهل النظر الرواية على الأولين، وحملها ابن رُشْد، ورابعها: للباجي عن ابن القاسم: إن اشتراها لنفسه غرم ثمنها، وقال مرة: قيمتها، وخامسها: له

عن ابن حبيب: إن أحبل أمةً من القراض فلزمه اتباعه بقيمتها يوم الوطء دون قيمة ولدها ونقصها الوطء أو يبيعها فيما يجب له في قيمتها يوم وطئها إن نقص ثمنها عنه تبعه بباقيه، وسادسها: عن عيسى: له التمسك بحظه منها وفي اتباعه بقيمة الولد قولان له مع ابن القاسم واختيار أشهب من ضمن قيمة أمة بالوطء من شريك أو مقارض لا شيء عليه من قيمة ولدها بناءً على اعتبار يوم التقويم أو يوم الوطء، وسابعها: إن أعتق للصقلي: عن ابن حبيب: يباع منها بقدر الثمن وحظ رب المال من الربح إن كان، ويبقى حظ العامل منها لعله يبتاع باقيها فتصير له أم ولد وإن لم تكن بيعت كلها في الثمن إن لم تف به اتبع بباقيه ولا غرم عليه للولد؛ لأنه ضمنها بوطئه، وضعفها الصقلي بثلاثة اوجه: تسويته بين شرائها لنفسه أو القراض، وجعلها أم ولد بالوطء الأول إنما تصير له أم ولد بإيلاد آخر، وقوله: ليس عليه في الولد شيء خلاف. ابن الحاجب: إن أحبل من اشتراها للوطء لا للقراض وهو معسر فقال ابن القاسم: يتبع بالثمن وعنه بالقيمة، وقال مالك: تباع كأمة القراض، وقال الباجي: لو قامت بينة لم تبع وفاقًا. قال ابن عبد السلام: مانسبه للباجي غير صحيح، إنما هو مقتضب من كلام ابن رُشْد حسبما قدمناه، ذكره ابن شاس عن ابن رُشْد لا عن الباجي لكن ابن شاس إذا ذكر الباجي في غالب الأحوال يقول: قال القاضي أو الوليد، وإذا ذكر ابن رُشْد يقول: قال الشَّيخ أبو الوليد، وكذا ذكرهما في هذا الفصل فلم يفرق المؤلف بينهما وظنهما شخصا واحدا وأن ذلك الشخص هو الباجي. قال ابن هارون: ووقع له مثل هذا في مواضع. قال ابن عبد السلام: على أن ابن شاس لو عكس ما وصف به الشخصين كان أولى؛ لأن ابن رُشْد ولي قضاء الجماعة بقرطبة كمكره ولم يزل يسعى في عزله حتى عزل، والباجي إنما ولي قضاء أربولة ولا قدر لها بالنسبة إلى قرطبة. قُلتُ: إنما يلزم ابن شاس ما ذكره من الأولوية أن لو جمعهما وقت واحد او متقارب أما إذا تقدم أحدهما على الآخر وسبقت شهرة احدهما بوصف القاضي فلا

يتأتى تحلية الثاني بذلك الوصف دفعا للاشتراك، والباجي لتقدمه وشهرته مظنة لتحليته بوصف القاضي فلدفع الاشتراك حلى ابن رُشْد بالشَّيخ لا تفاقهما في الاسم وافتراقهما في الزمن واضح، ذكر غير واحد أن الباجي ولد ببطليوس يوم الثلاثاء الخامس عشر من ذي القعدة سنة ثلاث وأربع مائة، وتوفي بألمرية ليلة الخميس التاسع عشر لرجب سنة أربع وسبعين وأربعمائة، رأيت لبعض من هو في طبقة شُيُوخنا التونسيين الموثوق به في بعض تواليفه قال: كان يشهد مجلسه أربعون ألف فقيه شهدوا جنازته دون العامة، ولد ابن رُشْد بقرطبة في شوال سنة خمسين وأربعمائة، وتوفي بها يوم الأحد الحادي عشر من ذي القعدة سنة عشرين وخمسمائة. وفيها: إن أعتق العامل عبدا اشتراه بمال القراض قيمته مثله أو أقل أو أكثر وهو موسر أو معسر قال: لا أحفظه عن مالك إلا حمل جارية القراض منه، وأما العتق فأرى إن كان موسرًا غرم لرب المال رأس ماله وحظه من الربح إن كان، وإن لم يكن له مال بيع بقدر ذلك وعتق حظه. اللخمي: يمضي عتقه في يسره بالقيمة إن اشتراه للقراض، وإن اشتراه لنفسه فالأكثر منها يوم العتق ومن ثمنه، وقال غيره: لرب المال إمضاء عتقه أو رده وإن كان موشرًا، إلا أن يكون في العبد فضل فينفذ عتقه للشرك الذي له فيه، وهذا كمن وكل على بيع فباعه من نفسه وأعتق هل يمضي عتقه أو برد. ابن رُشْد: إن كان موسرًا غرم لرب المال رأس ماله إن اشتراه للعتق وقيمته يوم العتق إن اشتراه للقراض إلا قدر حظه من الربح إن كان، وعلى قول غير ابن القاسم فيها وهو مذهب المغيرة: إن كان فيه فضل عتق عليه حظه وقوم عليه حظ رب المال، وإن لم يكن فيه فضل لم يعتق منه شيء، وهذا إن اشتراه بكل مال القراض، وإن اشتراه من عرض مال القراض عتق عليه عند ابن القاسم وجبر القراض من ماله بقيمته يوم العتق إن اشتراه للقراض أو بالثمن إن اشتراه للعتق خلافًا للمغيرة وغير ابن القاسم المتقدم، وإن كان معسرًا لم يعتق منه شيء إلا أن يكون فيه فضل فيباع منه لرب المال بقدر رأس ماله وربحه ويعتق الباقي على العامل.

وفيها: إن أعتقه رب المال جاز عتقه وضمن ربح العامل إن كان فيه ربح. الصقلي عن الشَّيخ: إن كان عديما اتبع بذلك، قال يحيى: لا يعجبني هذا؛ يريد: بل يباع بقدر ربح العامل ويعتق ما بقي. عياض: قول غيره في آخر الباب (كل من جاز له أن يبيع شيئًا أطلقت يده عليه ... إلخ المسألة) صحيح لابن باز عند ابن عتاب، وقال ابن وضاح: أمر سَحنون بطرحه وسقط من كتاب ابن المرابط. قُلتُ: لفظ قول الغير في نسختي: كل من جاز له أن يبيع أطلقت له فيه يده فباعه من نفسه وأعتقه فالأمر بالخيار؛ إن أجاز فعله نفذ عتقه، وإن رد فعله لم يجز عتقه إلا المقارض فإنه إن كان في المال فضل نفذ عتقه للشرك الذي له فيه وإلا الأب في ابنه الصغير إن فات العبد بعتق لزمته القيمة إن كان له مال، وإن اشتراه لنفسه ثم أعتقه نفذ عتقه ولزمه الثمن. قُلتُ: ومقتضى هذه الزيادة خلاف ما ذكرناه للخمي من قوله: وهذا كمن وكل على بيع؛ فتأمله. الصقلي: عن ابن القاسم في العتبيَّة والموازيَّة: إن كان العامل عبدًا من القراض فودى وعتق فلرب المال رد عتقه وما قبض منه غلة لابن ميسر إلا أن يكون إنما وداه عنه أجنبي ليعتق فينفذ إن لم يحاب. ابن القاسم: وإن أجاز رب المال عتقه فلا شيء للعامل من ولائه إلا أن يكون فيه فضل فيكون له قدر حظه منه. وفيها: لو تعدى فدفعه العامل قراضًا لغيره بأكثر من جزءه ضمنه، وإن ربح الثاني فرب المال أحق بحظه من الثاني ويتبع الأول بتمامه، ولو دفعه بعد خسارة نصفه لغيره بقدر حظه جاهلاً خسارته ففي كون ربه أحق برأس ماله وحظ ربحه فيتبع الثاني الأول بباقي حظه في ربح ما عمل به، وكونه أحق بذلك فيتبع ربه الأول بتمام ما يجب له من رأس المال وحظه من ربحه بعد جبر خسارته. قولا ابن القاسم وأشهب قائلاً: لو كان نقص نصفه بتعدي الأول تبعه بتمام

مجموع نصفه المتعدى عليه، ورأس مال الثاني ونصف ربحه، وحكى اللخمي قول أشهب في دفعه بأكثر من حظه دون خسارة ولا تعد، وعبر عنه بالغير، وكذا هو في المدَوَّنة وتسميته أشهب هو لفظ البراذعي والصقلي. اللخمي: ولو دفعه لغيره بأقل من جزءه فالفضل لربه لا له؛ لأنه لم يعمل، وعلله الصقلي مع التونسي بأن القراض جعل لا يصح إلا بالعمل. ابن عبد السلام: لا يبعد جريان الخلاف فيه؛ لأن العامل الأول كان ضامنًا للمال لو تلف بيد الثاني فينبغي أن يوفى له بشرطه في الربح لضمانه، وإنما يخالف القراض الوديعة إذا تعدى فيها من غير هذا الوجه. قُلتُ: ما تقدم للتونسي من كونه جعلاً يرد استحقاقه جزءا من الربح مع عدم عمله، ولذا قال اللخمي: لا يبضع العامل؛ لأن عمل القراض معلق بعمله بخلاف المساقات، فإن أبضع ضمن الخسارة وإن ربح والبضاعة بأجر كانت في ذمة العامل إن كانت أكثر من حظه من الربح غرم الوائد، وإن كانت أقل منه كان فضله لرب المال لا له، وإن كانت البضاعة مكارمة دون أجر فللعامل الأقل من جزء الربح أو إجارته مثل الذي عمل؛ لأنه لم يتطوع بعمله إلا لعامل القراض لا لربه، وتقدم في فضل تعدي العامل حكم جناية رب المال على مال القراض وحكم محاصته غرماء العامل، وتقدم حكم انحلال عقده وبما يلزم، ابن الحاجب: ولكل منهما فسخه قبل العمل ويلزم بعده حتى ينض وبعد الظعن، ومثل الزاد والسفرة لا يمنع، ابن عبد السلام: ظاهره أن عدم المنع من الجانبين وأن شراء العامل الزاد والسفرة للسفر بالمال لا يمنع حله إن أراد رب المال أو العامل، وإنما ذكر محمد أن ذلك لربه ولم يذكره للعامل ودعوى التسوية بينهما مردودة بالفرق؛ لأن طلب ربه الحل لا يضر بالعامل إذا رضي ربه بأخذ السفرة والزاد وطلبه العامل دون ربه يضر به لذهاب بعض رأس ماله في الزاد والسفرة. قُلتُ: لفظ محمد: لو اشترى مثل الزاد والسفرة، فإن رضي رب المال بأخذ ذلك بما اشتراه فذلك له إذا ثبت هذا، فإن زعم أن كلام ابن الحاجب يدل على أن للعامل حله بإلزامه ربه أخذ الزاد والسفرة بثمنهما من رأس ماله فليس كذلك، وما ذكره من

ضرر رب المال إنما يلزم محمل كلام ابن الحاجب على ذلك، ومعنى كلام ابن الحاجب أن للعامل حله بدفعه لربه ثمنهما، وإن كان هذا لربه كان للعامل أحرى، بيان الأحروية أن ثبوت ذلك لربه يدخل على العامل الضرر الناشئ عن تصيير تكلفه شراء الزاد، والسفرة مجانًا وثبوته للعامل بغرمه ثمنه لا يدخل على رب المال ضررًا بحال، وسمع ابن القاسم: من أخذ قراضًا فتجهز منه بطعام وكسوة، ثم هلك ربه فللوصي أخذ ذلك المال ويأخذ معه الطعام والكسوة التي اشترى من مال الميت، سَحنون: ليس له ذلك؛ لأن ربه لو كان حيًا لم يكن له أخذ ذلك منه إلا أن يكون لم يحرك من المال إلا في كسوة نفسه وطعامه فهو كما ذكر ابن رُشْد معنى ما تكلم عليه مالك هو ما استثناه سَحنون، وذلك بين من قوله: ويأخذ معه الطعام والكسوة التي اشترى من مال الميت، يريد ولا تترك له؛ لأنه اشتراها لنفسه ولو قل قدرها إذ لم يعمل بعد بالمال، فقول سَحنون صحيح في أنه لا فرق في ذلك بين الوضي وبين ربه لو كان حيا، وتأويله على مالك أنه فرق بين الوجهين غير صحيح، وينبغي إذا أخذت منه الكسوة التي اشترى لنفسه والطعام وأخرج من القراض أن يعطى أجر مثله في ابتياعه الكسوة والطعام. قُلتُ: لو ثبت له في ذلك حق لما كان لرب القراض أو وصيه حله عليه والحكم بنفوذ حله عليه ملزوم للغو مؤنة شرائه ذلك، ولابن رُشْد في أول نوازل أَصْبَغ القراض لا يلزم بالعقد يشبه في بعض حالاته الجعل ويفارقه في أكثرها له حكم يخصه شبه المساقات إلا أنه لا يلزم بالعقد. وفيها: لمالك ليس لرب المال جبر العامل على بيع سلع قراضه لأخذ رأس ماله، وينظر الإمام فيها إن رأى وجه بيعها عجله وإلا أخره إلى إبان سوقها كالحبوب تشترى في الحصاد ترفع لإبان نفاقها والضأن تشترى قبل أيام النحر ترفع ليومه. اللخمي: وكذا العامل إن أراد تعجيل بيعها وأبى ربها فإن عجله أحدهما قبل أسواقه رد بيعه، فإن فات بها مشتريها مضت بما بيعت به إن كان قيمتها يوم بيعها، والقياس أن يكون للمتعدى عليه مقال على البائع فيغرمه الجوء الذي كان يرجو أن

يربحه فيها، وسمع عيسى ابن القاسم: إن ابتاع العامل سلعًا وسافر بها إلى اطرابلس فقام عليه بها غرماء رب المال بيع فأعطى العامل حظه وما بقي لغرماء رب المال، ولو قام على العامل غرماؤه وطلبوا بيعه ليأخذوا حظه من الربح لم يبع لهم حتى يحضر رب المال. ابن رُشْد: معنى بيعه لغرماء رب المال إن كان لبيعه وجه لا ضرر فيه على العامل، ولو كان عليه ضرر لربح يرجوه في أسواقه لم يبع عليه حتى يأتي سوقه، وكذا في تفسير ابن مزين رواية محمد، وهو معنى ما في المدَوَّنة: وعدم بيعه لغرماء العامل حتى يحضر ربه لا إشكال فيه؛ لأنه لا ربح له في المال حتى يرجع لرب المال رأس ماله، وتقدم في رسم البيوع من سماع أَصْبَغ من كتاب المديان زيادة ل أَصْبَغ مشكلة. قُلتُ: لفظ الزيادة بعد ذكر ما ذكر ما تقدم قال أَصْبَغ مثله؛ لأنه ليس للعامل في المال بعينه شيء، ولا يجبر العامل على البيع ولا يمنع منه، فإن باع ونض قضى لهم بحق صاحب المال في دينهم. ابن رُشْد: لا وجه لقوله إلا أن يكون معناه أنه لا يجبر على البيع ولا يمنع منه إن شاءه إذا قام عليه غرماء رب المال ولا وجه لبيعه في ذلك الوقت. قُلتُ: ذكر التونسي المسألة عن الموازيَّة وقال: الأشبه أيضًا ألا يكون لغرماء رب المال ذلك؛ لأنه لو كان حاضرًا لم يكن له أخذ المال في غير البلد، وينبغي لو نض في غير البلد ألا يأخذه؛ لأن على العامل ضررًا في رجوعه بغير المال. قُلتُ: في قوله: ينبغي نظر؛ لأن نضوض المال يجب لكل منهما حل القراض، ولو خرج به ولم يشتر به شيئًا حتى قام غرماء رب المال لم يكن لهم شيء؛ لأنهم إنما يتسببون به وهو غير قادر على أخذه فكذا غرماؤه، كما لو عقد أكرية لم يكن لهم نقض عقوده، وسمع ابن القاسم: أخذ رب المال نصف سلع القراض لحاجة نزلت به على أن ربح نصفها الباقي للعامل لا خير فيه، ابن القاسم: إذ لعله لا يسوى إلا رأس ماله أو لا يربح أو يربح درهمًا فهو مخاطرة. ابن رُشْد: عن ابن حبيب: إلا ان يكون باعه ذلك النصف بنصف رأس ماله

الباقي فيكون ضمانه من العامل فلا بأس به، وسمع إن باع العامل بدين أو أسلف في طعام ثم كره التقاضي فأسلم ذلك فرضي رب المال لا بأس به كما لو أسلمه وراثه أنكرها سَحنون. ابن رُشْد: هذا كقوله في رسم الشجرة، وإنكار سَحنون صحيح؛ لأن الوارث لا يلزمه تقاضي دين القراض إنما هو حق له إن طلبه فمن حقه أن يسلمه فيكون بإسلامه واهبًا لرب المال ماعمله مورثه فلا مغمز فيه وتقاضي العامل واجب عليه يلزمه الاستئجار عليه من ماله إن أبى أن يليه بنفسه، فكما لا يجوز له أن يستأجر على ذلك بجظه من الربج فلا يجوز أن يسلمه لربه؛ لأنه استئجار له بحظه من الربح، والأظهر أنه لا يجوز، ووجه إجازته جعل إسلامه له هبة منه متقدم عليه لا إجارة، إذ لا يلزم ربه بذلك تقاضي الدين ونض المال؛ لأن المال ماله يفعل فيه ما شاء من بيع وهبة وغير ذلك. قُلتُ: فيكون بإسلامه واهبًا لرب المال ما عمله مورثه مشكل بأنه لو كان هبة لافتقر للقبول؛ بل هو بإسلامه ممتنع من إرثه ويقوم منه أن إرث المال غير الملزوم لإرث لا يدخل ملك وراثه كدخول الهبة في ملك المحجور يفتقر للقبول إلا في هبة من يعتق عليه. وفيها: إن مات العامل، فإن كان وارثه أمينًا أتم عمله وله حظه، وإن لم يكن أمينًا أتى بأمين ثقة بدله وإلا أسلم المال لربه ولا شيء للوارث، وصرح اللخمي وغيره بدليل قولها، وهو قدرة الوارث على العمل وإلا أتى بقادر عليه أمين بدله. قال: ولم يلزم الوارث أن يستأجر من مال العامل من يتم عمله؛ لأن عمل القراض متعلق بعين العامل لا في ذمته، وإن كان فيه ربح حين إسلامه لقول مالك وابن القاسم لا شيء للوارث فيه كالمساقي يعجز فيسلم الحائط لربه لا شيء له، وقال في أجير على حفر بئر حفر بعضها وترك باقيها اختيارًا فاستأجر رب المال من أتمها له عليه للأول قدر ما انتفع بعمله فعليه يكون لورئة العامل في المساقات والقراض كذلك، وهو فيهما أبين؛ لأن الكل جعالة، ومن حيل بينه وبين التمام أعذر في أن لا

يبطل عمله، وذكر ابن عبد السلام هذا مقررًا به التناقض بين قولها في القراض والمساقات وبين قاعدة المذهب في الجعل كأنه من عند نفسه، ثم قال: ولما قوى هذا الإشكال عند بعضهم خرج منه خلافا في المسألة، ويرد ما ذكره من التناقض، وتخريج اللخمي أن الأجير في الجعل ألزم منه في المساقات والقراض للزومية تمام العمل في الجعل الأجر قطعًا وعدم ملزوميته له في الأخرين ضرورة خيبة العامل في المساقات والقراض إن لم تكن ثمرة ولا ربح فالعامل في الجعل إنما دخل على البت بالعوض فوجب الوفاء له بما عليه دخل والعامل في الأخيرين لم يدخل على البت بحصوله ضرورة احتمال السقوط، ولا يلزم من الحكم بالعوض لمن دخل على البت بحصوله الحكم به لمن دخل على احتمال حصوله، وما ذكره اللخمي من الأحروية يرد بأن التارك في المساقات والقراض إنما هو الوارث لا الميت، وترك الوارث العمل اختياري كالأجير في الجعل، وذكر ابن رُشْد تخريج اللخمي وقال: إنه غير صحيح، قال: والفرق بينهما أن القراض يلزم العامل بالعمل، فإذا عمل كان من حق ربه أن يقول له: إما أن تتم القراض أو تذهب ولا شيء لك فيما عملت، والمجعول له لا يلزمه بشروعه تمام العمل فمن حقه تركه تمام العمل ويكون على حقه فيما عمل إن انتفع بذلك الجاعل، ولو مات المجعول له فلوارثه ما كان له من التمادي أو الترك حسبما كان لمورثه. اللخمي: أجاز في القراض مع أن العمل فيه معلق بعين الأول أن يعمل غيره مكانه وارثه أو غيره بخلاف الأجير يموت قبل تمام عمله؛ لأن للأجير من الأجر بقدر ما عمل والقراض جعل لا يستحق فيه الأجر إلا بتمام العمل فلو لم يكن وارثه من إتمام العامل بطل ما مضى من عمل مورثه، قال ابن رُشْد في رسم سلعة سماها من سماع ابن القاسم من كتاب المسافات: ورثة العامل إذا مات محمولون على الأمانة حتى يثبت أنهم غير أمناء بخلاف القراض هم محمولون على عدم الأمانة حتى يثبت أنهم أمناء، هذا ظاهر قولها في القراض والمسافات، والفرق أن القراض يغاب عليه والحائط في المسافات لا يغاب عليه. اللخمي: إن كان الوارث في القراض مولى عليه نظر وصيه، فإن لم يكن في المال

فضل أو كانت الإجارة عليه أكثر من الربح أو مثله أسلم المال لربه، وإن كان فيه فضل استأجر عليه. قال: ولابن القاسم في العتبيَّة في رجلين أخذا معًا قراضًا صفقة واحدة فمات أحدهما واشترى الآخر بكل المال فلرب المال إبقاؤه على قراضه أو تضمينه؛ لأنه ليس له أن يشتري إلا بإذن رب المال حين مات شريكه في العمل، وإن كان اشترى قبل موته ببعض المال فورثة الميت شركاء فيما اشترى قبل موته يقومون فيه معه، وما اشترى بعد موت صاحبه فرب المال فيه بالخيار حسبما تقدم، ولم يزد فيها ابن رُشْد شيئًا غير ما تقدم أن ورثة العامل محمولون على عدم الأمانة وغير ذلك مما قدمناه من كلام اللخمي. وفيها: لمالك: إن علم العامل بموت رب المال والمال بيده عين فلا يعمل به. الصقلي: يريد: وهو في بلد رب المال لم يخرج به لتجر، وفيها: وإن لم يعلم بموته حتى ابتاع به سلعًا مضى ذلك على القراض. الصقلي: يريد وكذلك إن ظعن به فليمض على قراضه وإن لم يشغل المال، وقول ابن الحاجب: ولو مات رب المال وهو عين فالأولى أن لا يحركه، فإن حركه فعلى قراضه خلاف ظاهر قولها فلا يعمل به، ونقلها ابن شاس على الصواب مثل ظاهر قولها، وفي القراض منها والوديعة: من مات وقبله قراض وودائع لم توجد ولم يوص بشيء فذلك في ماله ويحاص بذلك غرماؤه. اللخمي: على القول في المودع أنه إذا لم توجد الوديعة بعد موته أنها لا تكون في ذمته فالقراض أبين في هذا الوجه من الوديعة؛ لأن الوديعة إذا لم توجد حمل على أنه تسلفها؛ لأن الغالب بخلاف القراض؛ لأنه مأذون له في التجر فمحمله على أنه كان يتجر فيه لرب المال حتى يثبت عداؤه، ولا يحسن أن يمضي رجل بقراض فيموت بالعراق ولا يدري ما حدث عليه فيه فيباع عقاره بالمغرب مع أنه الغالب أن الغريب يفرق أمواله لمن يوصلها خوف أخذها أصحاب المواريث والموضع الذي هو به لا يقدر على الإشهاد به عليهم خوف الظهور عليهم ولا يقبله حينئذ ببينة خوف أن يطلب

بأكثر منه، وأمره حين موته متردد بين أن يكون هلك أو أعطاه لمن يوصله فلم يفعل أو هلك من قبضه، فإذا كان كذلك لم يغرم بالشك، فإن خلف مالاً ولم يكن معه مال لنفسه حمل على أنه للقراض قليلاً كان أو كثيرًا، إلا أن تكون كثرة لا تشبه أن تكون للقراض فيكون للقراض ما يشبه أن يكون لربه والزائد عنه ميراث، وإن كان للعامل مال وعلم قدره ووجد المالان مختلطين وكان ربح فض على قدر المالين على قدر ما يقول من سافر معه أنه يربح في كل صنف كان معه، وإن جهل معرفة البيع فض على قدر المالين، وكذا الخسارة إن لم يكن في المال الموجود وفاء بالتجارتين، فإن علم أنه خسر في أحدهما حملت الخسارة عليه، وإن لم يعلم فضت على قدر المالين، وإن لم يعلم حقيقة المال الذي لصاحبه وعلم قدره ونحوه كان شريكًا في الربح والخسارة بما لا شك أنه كان له، وإن لم يعلم قدره وفي سلع القراض ربح بدئ بمال القراض وبما يرى أنه ربح فيه والباقي ميراث على العامل. وفيها: إن أقر بوديعة أو قراض بعينه في مرضه وعليه دين ببينة في صحته أو بإقراره في مرضه هذا قبل إقراره بذلك أو بعد فلرب الوديعة أو القراض أخذ ذلك بعينه دون غرمائه، وإن لم يعينها وجب الحصاص بهما مع غرمائه، وسمع ابن القاسم: من هلك وقبله قراض أو ودائع وقراض وعليه ديون ولم يوجد عنده شيء من ذلك يعرف ولم يوص فإنهم يتحاصون فيما ترك إلا أن يوصي في مال بعينه فيجوز لمن أوصى به من قراض أو وديعة لمن لا يتهم عليه. ابن القاسم: ولا يصدق في الفلس؛ لأنه لو أقر عند الموت بدين لأجنبي جاز إقراره، ولو أقر به في الفلس لم يجز إقراره. ابن رُشْد: قوله: يتحاصون فيما ترك إلا أن يوصي في مال فيجوز لمن أوصى له به من قراض أو وديعة لمن لا يتهم عليه صحيح لا اختلاف في شئ منه أعلمه، وقوله: لا يصدق في التفليس فيما أقر به من قراض أو وديعة فيه اختلاف أحد قولي مالك في رسم العرية من سماع عيسى أن ذلك جائز، يريد: مع يمين المقر لهم، وقال ابن القاسم هنا وفي آخر الوصايا الثاني منها، وفي رسم البيع والصرف من سماع أَصْبَغ وفي رسم

الأقضية من سماع أشهب أنه لا يجوز، وقال ابن القاسم فى سماع أبي زيد: إنه يجوز إن كان على الأصل بينة، ولا يجوز إن لم يكن على الأًصل ببينة، وقيل: رواية أبي زيد مفسرة لأحد القولين. الصقلي: عن ابن حبيب: ما عينه في الفلس فربه أحق به، وإن لم يعين شيئا فلا يحاص بذلك ربه الغرماء كما لا يصدق في الدين، وكذا فسره أصبغ وفيه خلاف وهذا أحسن، وكذا في العتبية والموازية، وقولها شرط ضمان العامل يفسده دليل أنه لأمانته. الباجي: اتفاقاً. وفي كون نفيها بشرط ضمانه يفسده أو بنقله لكونه سلفا على العامل المشهور، ونقل المتيطي عن فضل عن مطرف: إن شرطه فتلف ضمنه، فلو ربح فيه فله ربحه، وفي صحة الطوع به بعد عقدة قبل إشغاله قولا أبي المطرف وتلميذه ابن عتاب منكر عليه قوله، ورجحه ابن سهل محتجا بسماع ابن القاسم جواز سلف أحد الشريكين في الحرث حظ صاحبه من الزريعة. قلت: ولظاهر قولها: كل ما بيع على خيار وسلم عقده من شرط النقد جاز التطوع بالنقد في ذلك، فإن ادعى سرقته أو ضياعة صدق. اللخمي: إن قال سقط منى أو لقينى لصوص انتزعوه منى أو غرق أو ما أشبه ذلك فالقول فوله، لأنه أمين، مأمونا كان أو غير مأمون، لأن رب المال رضيه أمينا، واختلف في يمينه، وأرى أن يحلف إن كان غير مأمون، وإن كان ثقة لم يحلف إلا أن يقوم دليل تهمة، وإن قام دليل كذبة أغرم وإن كان عدلا، وفي أحكام ابن سهل: من قرئ عليه عقد بمال قراض، فقال له القاضي: أعندنا هذا المال؟ قال: عندي. قال: فقال له: فأعطه إياه. قال: بعضه بموضع كذا وهو غنم، وهذا الذي عندك فقال: ثم أشياء، قيل: ما هى؟ قال: مات كثير من الغنم، فأفتى ابن عتاب: عليه حميل يوجهه حتى يثبت موتها،

وإن لم يقم حميلا قليلا زمه الغلام حتى يثبت ذلك، فدعا رب المال إلى اعتقال فرس المطلوب خوف تغييبه ويدعى العدم، فأفتى ابن عتاب باعتقاله واعتقال كل ما في منزله مما هو للرجل، وأفتى ابن عبدالصمد: لا ضمان عليه ولا يلازمه غلام، لأن القراض أمانة في ذمة، ابن سهل: الصواب لزوم هذا المال ذمته لقوله أولا: جميع المال عندي، وهذا إقرار به، فلا تقبل دعواه أنه ذهب بموت أو غيره. اللخمي: إن ادعى خسارة لأجل نزول الأسواق سئل أهل تلك الصنعة هل أي بما يشبه أنه خسره في مثل تلك المدة في ذلك المال، وكذا إن سافر سئل أهل الثقة ممن سافر معه عن السفر الذى كانت عليه البياعات في مثل ما مضي به، فإن أتى بما يشبه وإلا لم يصدق ورد لما يشبه، وإن اختلفا في ثمن ما قدم به سئل عن أثمانه بذلك الموضع الذي أشتري به، فإن عدمت البينة وأشكل الأمر قبل قول العامل دون يمين إن كان ثقة إلا أن يقوم دليل تهمة، وإن شهدت بينة مستورة لم تبلغ العدالة بخلاف قوله: حلف. الباحي: إن ادعى خسارة عرف وجهها صدق، وإن ادعى من ذلك ما لا يعرف فروى ابن أيمن أنه ضامن. قلت: إنما نقل اللخمي غرمه إذا قام دليل على كذبه في دعواه التلف وهو أخص من نقل الباجي هذا أنه إن ادعى ما لا يعرف ضمن، وقول ابن عبدالسلام دعوى الخسارة لا يحلف فيها المتهم ولا غيره إلا أن تشهد بينه من أهل الستر لم يبلغوا العدالة على خلاف قوله خلاف مفهوم قول اللخمي، إن أشكل الأمر قبل قول العامل دون يمين إن كان ثقة ومفهوم قول الباجي: أنه إن ادعى خسارة عرف وجهها صدق، وفي الوديعة منها من بيده لرجل قراض أو وديعة، فقال: رددت ذلك إليك، صدق إلا أن يكون قبض ذلك بينه فلا يبدأ إلا بينة، ومثله في غيرها وفي كلام غير واحد من الشيوخ تقييد المبينة، لأنها للتوثق، وفسرها اللخمي حسبما تقدم في الوديعة. قال: ولابن القاسم في الموازية: من اكتري ما يغاب عليه فادعى رده فالقول قوله ولو أخذه بينة. قال محمد: وهو الصواب، وعليه يكون القول قوله في القراض ولو أخد ببينة

وهو أحرى، لأنه أخده على الأمانة. قلت: ما ذكره عن ابن القاسم عزاه له ابن رشد من رواية أصبغ. قال: وتأول أصبغ عليه أنه فرق بين القراض والوديعة وبين المفرض المستأجر في دعوى الرد إذا قبضه بينة، وفي النوادر لابن القاسم ما ظاهره مثل ما تأول عليه أصبغ، والصحيح أن لا فرق بين ذلك. قلت: وهذا النقل المخرج ذكره ابن شاس وابن الحاجب نصا، قال ابن عبدالسلام: ولا يبعد صحته على أصول المذهب. قلت: عدم بعده عن أصول المذهب لا يناسب تعليل ثبوته نصا عليه، بل تعليل ثبوته مخرجا، وافتقار اللخمي وابن رشد لتخريجه وعدم ذكره نصاً يدل على عدمه، ومعلوم نسبة حفظهما إلى حفظهما. وفيها: إن قال العامل: رددت إليك رأس المال وما بيدي ربح، وقال ربه: لم تدفع لي شيئا صدق ربه ما دام في المال ربح وعلى العامل البينة. الصقلي: عن ابن القاسم: معناه إن قال: ما بيدى ربح بيني وبينك، لأنه أقر ببقاء حق رب المال بيده، ولو قال: رددت إليك المال وحظك من الربح ما بيدي هو حطي منه لقبل قوله إن كان قبضه بغير بينة كما لو لم يكن ربح فادعى أنه رده لربه لقبل قوله مع يمينه. اللخمي: ينبغى قبول قول العامل، وكذا إن قال: هذا ربحي، كما لو قال: رددت إلأيك بعض رأس المال، لا فرق بين قوله: رددت بعض رأس المال أو جميعه دون الربح أو لم أربح شيئاً أو ربحت وسلمت إليك رأس المال أو حظك منه، وروي محمد في المساقي يقول بعد جذ الثمرة لرب الحائط: دفعت إليك حظي، القول قوله فكذا القراض. قلت: ففي قبوله دعوى العامل رد المال دون إبقاء الربح بيده، ثالثها: إن ادعى رد حظ رب المال منه للخمي ولها وللقابسي، ومن أنكر قراضا ثم أقر به مدعيا تلفه أو رده ففي قبوله قول بيمين ثالثها في التلف لا لرد السماع ابن القاسم في رسم طلق ابن حبيب

ورواية عيسى بلاغا وسماعه ابن القاسم. ابن رشد: من هذا الأصل من أنكر دعوى فقامت بها بينة فجاء بما يخرجه منها بينة ببراءته أو دعوى لو جاء بها قبل إنكاره قبلت منه وشبه ذلك ففي قبول ذلك منه ثالثها: في اللعان إذا ادعى رؤية بعد إنكاره القذف وأراد اللعان وشبهه من الحدود، ورابعها: في الحدود والأصول إلا في الحقوق لابن نافع في رواية حسين بن عاصم وغير ابن القاسم في لعانها فأحري في غير الحدود ومحمد وابن كنانة. قلت: وعزاه في القراض لابن القاسم في المدونة. ابن حارث: من قال لمن أدعى عليه قراضا: ليس لك عندى مال فقامت عليه البينة فقال: ضاع مني، قبل قوله اتفاقا، ولو قال: لم تعطني شيئا، فلما قامت عليه البينة قال: ضاع مني، فذكر نحو ما تقدم. وفي الموطأ: إن سأل رب المال عامله عن المال فقال: هو عندي وافر، فلما أخذه به قال: هلك منه كذا، وإنما قلت ذلك لتقره عندي لأخذه بإقراره إلا أن يأتي بأمر يعرف به قوله، وكذا لو قال: ربحت فيه كذا، ثم قال: ما ربحت فيه شيئا ما قلت ذلك إلا لتقره بيدي، أخذ بإقراره إلا أن يأتي بأمر يعرف به صدقه، وإن اختلف عامل القراض وربه في قدر الربح قبل العمل ففيها رد المال إلا أن يرضى بقول ربه. التونسي: دون حلف، لأن له ارتجاعه، وبعد العمل فيها القول قول العامل إن أشبه. اللخمي: إن كان المال بيده أو أسلمه لربه موقوفا حتى يسلم رأس المال، ثم يقسمان ربحه، ولو أسلمه له ليستوفي رأس المال وحظه من الربح فالقول قول ربه، وفيها: إن لم يشبه قول العامل رد القراض المثل. الصقلي: عن ابن حبيب: القول قول ربه إن أشبه وإلا رد لقراض المثل، وقاله أشهب. قال: وقال الليث: إن لم يكن لهما بينة رد لقراض المسلمين وهو النصف، زاد ابن حارث: قال عبدالملك: قول مالك أحب إلي، ولو أخذ بقول الليث ما أخطأ.

قلت: يحتمل كون قول الليث وفاقا، لأن قوله: قراض المسلمين النصف، يقتضي كونه عرفا تقرر، فدعوى كل منهما خلافه غير مشبهة، وما ذكره عن ابن حبيب من أن القول قول ربه إن أشبه ولم يشبه قول العامل به فسر الباجي المذهب غير معزو لابن حبيب، وإن دفع المال على الثلثين ولم يدع أحدهما أنه بين الثلثين لمن هما له، ففي الموزاية: من أشبه منهما أن له الثلثين فهما له، فإن أشبهها معا كانا للعامل. التونسي: إن ادعى كل منهما على صاحبه أنه فهم عنه أن له الثلثين فكتصريح الدعاوي القول قول العامل إن أِبه، وإن قال كل منهما: لم أفهم عن صاحبي شيئا وظننت أني المعني بالثلثين فكل منهما سلم الثلث لصاحبه، وبقى ثلث يقسم بينهما نصفين كشئ يشكان فيه لا مزية لأحدهما فيه، وعلى تأويل محمد لما تكافت دعواهما جعله لحائزه وهو العامل، كقول أِهب في مال بين رجلين أدعى أحدهما نصفه والآخر ثلثيه أنه يقسم بينهما نصفين، لأن أيديهما معًا على المال وكان السدس الذي ادعاه مدعي الثلثين لا يد له عليه ويد مدعي النصف يده عليه. قلت: مسألة القراض لا تشبه مسألة أِهب لاختصاص العامل بالحوز حسًا، بخلاف المبتداعيين في مسألة أشهب. الباجي: إن قالا: الربح على الثلث والثلثين ولم يسميا في العقد لمن الثلث، ثم أراد كل منهما عند المقاسمة أن له الثلثين فإن أشبه أن يكون للعامل أو لكل منهما، فقال محمد: للعامل الثلث، وقال بعض متأخري المغاربة: القول قول العامل مع يمينه إن ادعى أنه نوى ذلك، وإن أِبه قول رب المال وحده فعلى القول الأول له الثلثان دون يمين، وعلى القول الثاني القول قوله بيمين إن ادعى النية، وإن لم يشبه قول واحد منهما قعلى القول الأول يردان لقراض المثلي دون يمين، وعلى الثاني يردان إليه بعد أيمانهما، والنية عندي غير مؤثرة فى هذه المسألة، والأظهر عندى أن يردا في كل وجوهها لقراض المثل، وعلى القول الثاني يردان إليه كالقراض المبهم، ولا معنى لاستحلاف أحدهما، لأن الثاني لا ينكر ما يدعيه ولا يستحق بما يدعيه من النية شيئا، ولو صدقه صاحبه فيما يدعيه من ذلك لم ينفعه.

قلت: ظاهر نقل الباجي عن محمد: القول قول العامل إن أِبه قوله أو قولهما دون يمين، وقبله ابن مرزوق. وفي النوادر ما نصه من كتاب محمد: قال ابن القاسم: إن أخذ قراضا على الثلث والثلثين ولم يسميا من له الثلثان، ثم اختلفا فالعامل مصدق ويحلف إن ادعاه. محمد: وإن قال العامل: لي ربح عشرة دنانير وثلث ما بقى، وقال ربه: بل ثلثا كل الربح لي، فالعامل مصدق، لأنه ادعى أمرا جائزا. وفيها: إن ادعى أحدهما ما لا يجوز كدعوى أن له من الربح مائة درهم ونصف ما بقى صدقة مدعى الحال منهما إن أتي بما يشبه، وسمع ابن القاسم: إن حاسب العامل رب المال، وقال: هضمت لك وحملت على نفسى، ثم يدعى بعد ذلك، ولو قال بعد دفعه لرب المال رأس ماله وربحه: أنفقت من مالي ونسيت حين دفعت إليك حلف وقبل قوله. ابن رشد: لا اختلاف أنه لا يصدق فيما ادعى أنه نسيه عند المحاسبة لقوله: هضمت وحملت، لاحتمال أن يكون هذا الذي ادعى أنه نسيه هو الذي تهضم فيه إلا بدليل صحة دعواه، والمسألة الثانية في المدونة خلافها أنه لا يقبل قوله بعد ما قاسمه صاحبه ودفع إليه، وهو الأظهر، لأن دفع ماله إليه كإقرار أنه لا حق له، والقول الثاني وجهه أن الغلط والنسيان لا يعصم منه أحد فوجب أن يصدق بعد كما يصدق قبل، وهذا الخلاف فيمن باع مساومة ثم ادعى الغلط، وفي نوازل سحنون: إن قال العامل في مائتين أتى بهما إحداهما رأس المال والأخري ربح وقال رب المال: رأس المال المائتان، فالقول قول العامل بيمينه إلا أن يقيم ربه بينة. ابن رشد: ل أصبغ مثله عن ابن القاسم وأشهب، وهو ظاهر قولها: إن قال رب المال: رأس ماله ألفان، وقال العامل: ألف، القول قول العامل إذ لم يفرق فيها بين أن

يكون في المال ربح أم لا لو افترق ذلك لبينه، وفي نوازله: إن أتى عاملان بمائتين قال أحدهما: إحدهما ربح، كذبه ربه والآخر حلف ربه معه إن كان عدلا وإلا أخذ مائة وخمسة وسبعين، ويبقى لمدعى الربح خمسة وعشرون بعد يمينه، لأنه حظه بمقتضي دعواه. التونسي: ل أصبغ عنه أشهب: إن أتى عاملان بمائتين فقال أحدهما: إحداهما ربح، وقال الآخر وربه: بل نصفها لمدعي الأكثر في الربح دعواه، وللآخر ما قال أصبغ: يصير لذي الأكثر خمسة وعشرون وللآخر نصفها. محمد: هذا غلط، وأخبرني أصبغ بخلافه، والصواب أن للآخر ثمانية وثلثا، لأن مدعى الأكثر يقول: ليس لرب المال إلا مائة وربحه خمسون، وما بقى له نصفه خمسة وعشرون يصدق بيمينه لحوزه نصف المال لو ادعاه لنفسه جاز له ذلك، ثم يقال للثاني: الباقي بينك وبين رب المال أثلاثاً، لأن المال كان بينكم أرباعاً لربه سهمان، ولكل منكما سهم، فما ذهب من الربح بقيته بينك وبين رب المال له ثلثاه ولك ثلثه. قلت: قال محمد: ولا تقبل شهادة أحد العاملين على صاحبه. التونسي: يريد على هذا القول الذي قسم الباقي أثلاثا، لأنتفاعه بشهادته إن جازت فيأخذ اثني عشر ونصفاً، وإذا بطلت شهادته أخذ ثمانية وثلثا، وعلى قول أشهب أنه يأخذ اثني عش ونصفا فشهادته جائزة، إذ لا نفع له. وفي العتبية خلاف الأول جعل كل الضرر بالعامل الثاني، قال: إن جاء عاملان بثلاثمائة، قال أحدهما: رأس مالنا مائة، وقال الآخر: مائتان وصدقة رب المال أخذ من كل منهما خمسين وبقى بيد كل منهما مائة فيأخذ المائة التي بيد الذي أقر أن رأس المال مائتان ومن الآخر خمسين، لأنه يقول للمقر: رأس المال مائتان لا يكون ربح حتى أستوفي رأس المال، ويقول له العامل الآخر: بيدي مائة ربح لي نصفها ولك نصفهما، فجعل الخسارة كلها على المقر، وفي قول أشهب: الخسارة كلها على رب المال، ومحمد جعل ما أخده مدعى الأكثر كجائحة على الباقيين بقدر جزء كل منهما، ـ وهو الأشبه.

قلت: ما نقله عن العتبية هو في نوازل سحنون، وفيه زيادة: وليس للمقر أن رأس المال مائتان فيما في يد ربه من الخمسين التي صارت فضلا حجة أن يقول أن يقول: بلغنك رأس المال وبيدك فضل فلا تختص به عني، لأنه يقال له: أنت مقر أن لرب المال نصف الربح وأنت لا تدخل عليه فيه إنما دخولك على صاحبك وهو جحدك، كالزوج يقر بأخ مع إخوة رورثوا معه معروفين فإنه لا يدخل عليه في شئ. سحنون: وقيل في العامل إنه يرجع عليه في النصف الذي بيده فيقاسمه على ثلاثة أسهم للعامل سهم وسهمان لرب المال، وإن كان المقر عدلا لم يحلف معه رب المال، لأنه جاز لنفسه، لأني لو أجزت شهادته لأخذ رب المال المائة منهما وبقى بيده كل واحد خمسون. ابن رشد: قوله: لا تجوز شهادته، صحيح، ووجه القول الثاني: يقسمه أثلاثاً أنه كمال ادعى مدع جميعه وآخر نصفه على مشهور مذهب مالك في هذا التداعي، ويتخرج على هذا التوجيه في المسألة قول ثالث وهو قسمه أرباعا، لأن العامل سلم لرب المال نصف الخمسين، ونازعه في النصف الآخر فيقسم بينهما نصفين، وهو مشهور قول ابن القاسم في هذا النوع وقول سحنون، وقيل: هو قول محمد، وعن أشهب: خلافه أن لكل من العاملين ما يدعيه من الربح يأخذ المقر خمسة وعشرين، لأنه هو الذي يجب له من الربح المائتين وهو قول رابع في المسألة له حظ من النظر، لأن المقر أن رأس المال مائتان أحق بحظه من المائة الربح إذ لم يقر به لأحد، والخمسون التي تجب منها لرب المال استحق العامل الثاني عليه نصفها بيمينه أن رأس المال مائة. التونسي: إن أتيا بمائتين قال أحدهما ربح، وقال الآخر: بل هي لي، فقال أِهب: القول قوله، لأن يده عليها، وقال ابن القاسم: للقائل أن له المائة ربح أربعة وسدس ولرب المال مائة وثمانية وثلث. التونسي: أراد أشهب أن أيديهما لما كانت على المال صار كأن مدعي المائة لنفسه يده عليها كقوله فى مال بيد رجلين ادعى أحدهما نصفه والآخر ثلثه.

قال أشهب القول قول مدعي النصف؛ لأن يده عليه. قلت: في كتاب محمد متصلاً بقول ابن القاسم، لأنهما مقران بالمائة لرب المال فيأخذها تبقي مائة يدعيها أحدهما، والآخر يقول: ليس له فيها إلا ربعها ونصفها لرب المال فدعواه لرب المال ساقطة، فسلم لمدعيها ثلاثة أرباعها وربعها الباقي تداعياه فيقسم بينهما يصير لها منها اثنا عشر ونصف يقول له رب المال: ما حصل من ربح حظي فيه مثل حظك فيقسم بينهما أثلاثاً للعامل ثلثها ولرب المال ثلثاها. ووجه التونسي قول ابن القاسم بهذا بلفظ فيه بعض إجمال وأتي به كأنه من عند نفسه، وقال آخره: وبقي في المسأله ما فيه ايهام استوعبت جوابة فى شرح ما أشكل من كتاب محمد. وفى النوادر عن الموازية: ان كانوا ثلاثة معهم ثلاثمائة قال أحدهم رأس المال خمسون، وقال الآخر: مائة، وقال الثالث: مائتان؛ فلمدعي كثرة الربح ثلث نصفه اثنان وأربعون إلا ثلثا وللثانى خمس الباقى على ما ادعى انة الربح لانة زال سهم للأول من ستة فيأخذ اثنين وثلاثين إلا ثلثا لقوله: الربح مائتان لرب المال مائه ولكل واحد منا ثلاثة وثلاثون ثلث أخذ الأول زائداً علي حقه ثمانية وثلثا هي عليهما أخماس ثلاثة أخماسها علي رب المال، وعلي كل منا خمس الباقي له من ثلاثة وثلاثين، وثلت أحد وثلاثون وثلثان، ثم ما بقي من الربح ثلاثة أرباعه لرب المال وربعه للثالث، لأنه يقول الربح مائة علي ستة أسهم ذهب اثنان بسهمين ظلماً والباقي له ربعه، ولرب المال ثلاثة أرباعه والباقي سبعة وعشرون، وللأول أحد وأربعون وثلثان، وللثاني أحد وثلاثون وثلثان، وللثالث سبعة إلا ثلثا، فذلك ثمانون ديناراً. وفي كتاب ابن سحنون: إن أتي العاملان بثلاثة آلاف قال: رأس المال ألف؛ قال احدهما: ورب المال والألفان ربح، وقال الأخر: الربح ألف وخمسمائة لفلان شريك بها في المال، فإن كان حاضراً والمقر عدل حلف معه واستحقها، وقال المغيرة وابن دينار: وإن لم يكن عدلاً فبيد كل منهما ألف وخمسمائة، منها خمسة رأس المال وألف ربح.

يقسمه المنكر بينه وبين رب المال نصفين والمقر بيده من الخمسمائة التي أقر بها مائتان وخمسون فيأخذها المقر له والباقي بينه وبين رب المال. وفيها: إن قال العامل هو قراض، وقال ربه، أبضعتكه لعمل لي به، صدق بيمينه وعليه للعامل أجر مثله إلا أن يزيد على نصف الربح فيسقط الزائد، فإن نكل صدق العامل بيمينه إن كان يستعمل مثله في القراض، كذا وجدته في المدونة وفي التهذيب، ونقل الصقلي: قال سحنون: إلا أن يزيد على نصف الربح. التونسي: الأشبه إن كانت البضاعة بأجر قبل قول العامل بيمينه إن كان الأجر أقل من الجزء الذي ادعاه العامل كاختلافهما في جزء الربح، وإن كان أجر مثله مثل ما ادعى العامل من الجزء أو أكثر فلا أيمان. قلت: ما قال التونسي أنه الأشبه ساقه اللخمي كأنه المذهب، ولم يذكر ما في المدونة بحال، ومثل هذا لا ينبغي لمؤتمن على نقل المذهب فعله، وما ذكراه يرد بأن دعوى العامل إنما قبلت على رب المال في جزء الربح، لأن رب المال مقر بأن المال بيد العامل على وجه القراض الملزوم لحوز العامل الربح، فترجح قوله لحوزه وأجر البضاعة ليس في حوز العامل إنما هو في ذمة رب المال، وهو غير مقر له بالقراض والأصل عدمه، فإن قيل: إقراره له بالبضاعة يصيره كالصانع، فيجب على أصل المذهب إن كان المال بيد العامل أن يقبل قوله في قدر الأجر. قلت: إنما كان القول قول الصانع لضمانه فصار المصنوع بيده كرهن، ولذا لا يقبل قوله إن أسلمه، والمبضع معه غير ضامن فهو كأجير. التونسي: وإن كانت البضاعة لا أجر لها أشبه قوله عملته باطلاً، وقال العامل: بأجر، فالقول قول العامل، وعلى قول غير ابن القاسم: يتحالفان ويكون له أجر المثل ما لم يكن أكثر مما أقر به العامل، يحلف رب المال لإسقاط كل الأجر والعامل لإيجابه ما ادعى فيرجع بعد حلفهما بقيمة عمله إلا أن يكون أكثر مما ادعاه العامل. قلت: يريد والعامل ممن يستعمل مثله في القراض، وكذا صرح اللخمي بمفهوم هذا الوصف فقال: إن كان مثل المبضع معه لا يستعمل نفسه في القراض أو كان مثل

البضاعة لا تدفع قراضاً ليسارتها، ثم قال: واختلف إن أشبه أن يستعمل في القراض والإجارة أقل من نصف الربح فقال ابن القاسم: القول قول رب المال بيمينه، وقال محمد: يحلفان وللعامل أجر مثله. قُلتُ: هذا منه تناقض في النقل، لأنه حكى أولاً ما نصه: إن قال ربه: بضاعة بأجر كذا والأجرة أقل من نصف الربح حلف العامل وأخذ النصف إن أشبه أن يقارض به، فإذا كان القول قول العامل ورب المال مقر بأجر فأحرى إن لم يقر بأجر. ونقل ابن رُ شد لفظ المدونة كما ذكرته أولاً لا كلفظ التهذيب قال: ومعنى ذلك بعد حلف العامل؛ لأن كل واحد منهما مدع رب المالي يدعي أن العامل عمله باطلاً والعامل يدعي أنه عمل على نصف الربح، فإن حلفا أو نكلا كان له الأقل من أجر مثله أو نصف الربح، وإن نكل أحدهما فالقول قول الحالف، على هذا ينبغي حمل الرواية لا على مافي لفظها مما يدل على أنه إن نكل رب المال كان القول قول العامل على حكم المدعي والمدعى عليه، وعليه حمل التونسي وغيره المسألة، وتعقب قوله: إن كان ممن يستعمل في القراض، وقال: ينبغي إن نكل رب المال أن يكون القول قول العامل، وإن كان قوله إن كان ممن يستعمل في القراض ليس من تمام قوله: إن كان عن اليمين كان القول قول العامل، بل المعنى تم بقوله: كان القول قول العامل، وقوله: إن كان العامل يستعمل مثله في القراض إنما هو راجع لحلف العامل ليستحق الأقل من الأجر أو جزء الربح، أنه بكون يستعمل في القراض يكون كل واحد ادعى على صاحبه ما يشبه فوجبت له عليه اليمين على ما قدمناه إن حلفا أو نكلا كان للعامل الأقل 'ن نكل العامل فقط فلا شيء له، وإن نكل رب المال فقط فللعامل نصف الربح، وإن كان العامل لا يستعمل مثله في القراض فلا يمكن من اليمين لإتيانه بما لا يشبه والقول قول رب المال إن حلف استحق ما ادعاه ولا أجر عليه للعامل، وإن نكل كان القول قول العامل، و'ن كان مثله لا يستعمل في القراض؛ أن رب المال مكنه من دعواه ولو كان

المدفوع إليه المال يعلم أنه يعمل للناس بالقراض لكان القول قوله على قول ابن القاسم أنه أخذه على مايدعيه من القراض إن أشبه ما أدعاه من الجزء قراض مثله قياسا على ما في كتاب الجعل والإجارة إذا قال رب الثوب المصانع: عملته باطلاً، وقال الصانع، بل بأجر كذا، وع لى قوله فيها يكون القول قول العامل إن كان الجزء الذي ادعاه قراض مثله فأل، وإن كان أكثر حلفاً معاً وكان له قراض مثله، فقف على افتراق هذه الوجوه الثلاثة وهي كون المدفوع إليه المال لا يشبه استعمال مثله في القراض وكونه يشبه ذلك وكونه يعلم أنه يعمل للناس بالقراض، وكذا الثلاثة في الصانع وهي كونه لا يشبه أن يعمل بأجر وكونه يشبه ذلك وكونه من الصناع الذين يعملون للناس بأجر، لا فرق بين المسألتين في الوجه الأول، القول قول رب الثوب أنه عمله باطلاً، وفي الثاني يحلفان معاً وله أجر مثله، وفي الثالث قول ابن القاسم والغير. قُلتُ: قول الغير نحو ما عزاه اللخمي لمحمد. اللخمي: عن ابن حبيب، إن قال رب المال: قراض؛ وقال العامل: بضاعة بأجر، فالقول قول بيمينه؛ لأنه يقول: عملت على الإجارة والآخر على الجعالة. وفيها: 'ن قال ربه: وديعة؛ والعامل: قراض؛ صدق ربه، والعامل مدع لطرح الضمان ع ن نفسه. محمد: هذا إن تلف المال. ابن شاس: وتلف بعد تجره فيه. اللخمي: كمن قال: أودعتك هذه السلعة، وقال الآخر: أذنت لي في بيعها، وقول ابن عبد السلام: أشار بعض الشيوخ إلى وجود نص خلاف في ضمانه إن ضاع قبل التحريك، وهو بعيد في الفقه لا أعرفه وغير منصور لا بعيد، لانحصار الدعوتين في أمرين كل منهما ينفي ضمانه، وعادة العلماء والمحدثين في نقل العرائب والشواذ تعيين قائلها، قال: ولا يبعد تخريج الخلاف في تلفه بعد العمل به، فقد اختلف إذا كان العامل غائباً وتنازعا على هذا الوجه فروى ابن القاسم، وقال: القول قول الدافع، وقال أشهب: وروى ابن عبد الحكم، أن القول قول قابض المال، إذ لا يؤخذ أحد بأكثر

مما أقر به. قُلتُ:: قوله: اختلف إن كان المال غائباً وتنازعا على هذا الوجه إلخ، يقتضي أن هذا الخلاف في قول ربه وديعة، وقال القابض: قراض، وليس الأمر كذلك، إنما ذكر ابن رُشد هذا الخلاف في قول ربه: قرض، وقال الآخر، وديعه، ولا يلزم من قبول قول العامل أنه وديعة قبول قوله أنه قراض، محمد: عن ابن القاسم: إن كان المال في سلعة وبيعت بفضل قيل للعامل: اتق الله إن علمت أنه قراض فادفع إليه ربحه، ولا يحكم عليه بذلك وعلى رب المال بأخذه، ابن القاسم: وإن قال المال وديعة والمال في سلعة، وقال ربه: قراض العامل، لأن ربه مدع في الربح، ويقال له: اتق الله إن جاء في السلعة نقص لا تضمنه إن علمت أنه قراض 'ن أبى فالحق حقه؛ لأنه حكم نفذ بإقرار العامل إن رجع لقول رب المال بعد البيع لم يقبل قوله. ابن رشد: إن قال ربه: قرض، وقال القابض: وديعة؛ فإن كان المال حاضراً أخذ رب المال ماله، وإن كان غالباً فذكر ما تقدم لابن القاسم وأشهب وابن عبد الحكم، قال: وإن تلف قبل أن يحركهأو بعد أن حركه وصرفه في موضعه ببينة على القول أن المودع أن تجر في الوديعة لا يصدق في صرفها لموضعها إلا بينة على ذلك أو بغير بينة على القول أنه يصدق في ذلك ففي كون القول قول رب المال أو القابض ثالثهما: إن تلف بعد حركته لابن القاسم مع روايته وربيعة مع من تبعه وأشهب، وأما على أن المودع إن حرك الوديعة لا يبرأ من ضمانها إلا بردها لربها فهو ضامن لها دون يمين على الدفع، ومن تأمل قول ابن رُشد هذا وتصور ما تقدم من قول ابن عبد السلام فيما إذا قال رب المال، وديعة، وقال القابض: قراض؛ أشار بعض الشيوخ إلى وجود نص خلاف في ضمانة إذا ضاع قبل التحريك، وقوله: اختلف إ ذا كان المال غالباً .. الخ، علم أنه وهم نشأ عن اعتقاده أن ماذكر ابن رُشد في قول رب المال أنه قرض، وقال القابض: إنه وديعة؛ أنه ذكر في قول رب المال أنه وديعة، وقول القابض أنه قراض فتأمله. ابن رُشد: وإن قال ربه: قرض؛ وقال القابض: قراض؛ فإن كان تلف كله أو

بعضه قبل أن يحركه فلفي كون القول قول رب المال أو القابض ثالثها: إن كان بعد أن حكه لابن القاسم مع روايته ورواية ابن عبد الحكم مع ربيعة وأشهب، فوافق ابن القاسم على قبول قول ربه إ ن تلف بعد أن حركه؛ ألأن القابض يدعى فيما حركه نفي الضمان، وقياس أصله أن يكون القول قوله، وإن كان قد حركه، لأنه لم يحرك إلا ما اذن له رب المال في تحريكه، فإن كان في المال ربح فقيل: يوقف من رجع منهما لقول صاحبه أخذه، وإن رجع الثاني إلى قول الأول بعد أن كان يعد أن رجع الأول إلى قول الثاني لم يوجب رجوعه على الذي رجع أولاً يميناً، وقيل: يأخذه رب المال، وهو الآتي على قول ابن القاسم في كتاب الرهون، وعلى ما لأشهب في كتاب إرخاء المستور، وإن كان مقيماً على إنكاره، وقيل: ليس له أخذه، وإن رجع لقول من أقر له به. قُلتُ: للصقلي: إن طال بعد وقفه يصدق به، وقول ابن الحاجب: إن قال العامل: قراضي أو وديعة؛ وقال ربه: قرض؛ فالقول قول رب المال خلافاً لأشهب يقتضي أن قول أشهب مطلق، والذي تقدم لابن رشد الفرق بين كون ضياع قبل تحريكه أو بعد، وكذا ذكره الصقلي عنه، وذكر في رواية ابن عبد الحكيم عن ربيعة ومالك من كتاب محمد قال: وأراها رواية ابن وَهب، وذكر مثل ابن حبيب. قال: ورجع مالك لمثل قول ابن القاسم، وقاله أصبغ، وأخذ الأخوان، وابن وهب وأشهب يقول مالك الأول، وبه أقول، وسمع عيسى ابن القاسم: من ادعى مائة دينار وديعة بيد رجلن فقال: إنما دفعتها إلى قراضاً} وربحت فيها مائة لك منها خمسون فيأبى أخذها استؤتي بها لعله أن يأخذه، فإن أبى تصدق بها، فإن مات فطلبها وارثه أخذها إن شاء المقر ذلك. ابن رشد: في أخذه الخمسين ولو بقي على إنكاره أو شرط رجوعه لقول العامل، ثالثها: به ويرضى العامل لأحد قولي سَحنون في نوازله في الاستحقاق، ولقوله مرة مع الآتي على ما لابن القاسم في كتاب الرهن منها ولأشهب في إرخاء الستور منها، وظاهر هذا السماع فيه، وفي وارث مع نص لم يدرك من سماع عيسى من كتاب النكاح، وإنما يكون له على القول بأخذها إن أكذب نفسه ورجع لتصديق صاحبه مالم يسبقه

صاحبه بالرجوع لقوله، فتحصيل هذا القول أن من سبق بالرجوع لقول صاحبه استحق الخمسين دون يمين. قُلتُ: مقتضى قول ابن رشد أن وارث رب المال بمنزلته فيما يجب في الخمسين. وقال الصقلي: إنما لم يقض على العالم يدفعها له، لأن الميت مات على أن لاحق له فيها فلا تورث عنه ولا يقضي منها دينه وصار كواهب شيء في صحته أخرجه من يده. قُلتُ: هذا نص في التفرقة بين الوارث ومؤرثه خلاف قول ابن رشد، والصواب قول ابن رشد لما ذكر عن سماع عيسى، وهو قوله فيمن تزوجت ولها ولده، ثم ولدت من هذا الزوج ولذا فمات ولدها الأول فطلب زوجها إرث ولده منه فقالت: لم يكن ولدي إنما هو ولد كان لسدها ترضعه، فأقام زوجها بينه أنه ولدها فثبت إرث ولد زوجها منه، ثم رجعت فقالت: هو ولدي؛ فإنه لا يقبل قولها ولا وارث لها منه بعد إنكارها، ابن الحاجب في قول العامل: قراض أو وديعه، وقال ربه، قراض فالقول قول رب المال خلافا لأشهب فلو قال: بل عصيتنيه؛ لم يصدق، وقيل: إلا أن يشبه. قُلتُ: قُلتُ: لا أعرف نص هذا الفرع في هذا الباب، ويقرب منه قولها في الجعل والإجارة إن قال الصانع، استعملتي هذا المتاع، وقال ربه: سرقته مني؛ فالقول قول الصانع، فإن كان ممن لا يشار إليه بذلك عوقب رب الثوب وإلا لم يعاقب وقولها في كتاب الوديعة من ادعى عليه سرقة مال أو غصبه فقال وديعة صدق ولا يضمنه. قال: ابن عبد السلام: القول الثاني بعيد لاعتماده على مجرد الأشبه، ولا يحتج له يقول مالك في التي تأتي متعلقة تدمى وتدعي على رجل أنه اغتصبها/ فإن تعلقها به في تلك الحال أمر زائد على مجرد دعواها. قُلتُ: ظاهر لفظه هذا تسليم وجود هذا القول إلا أنه بعيد ورده الاحتجاج له بقوله: تعلقها به أمر زائد على مجد دعواها فيه نظر؛ أن وصفه الشبه أيضاً في قول رب المال إنما يكون بأمر زائد على مجرد دعواه، وقد يؤخذ هذا القول مما وقع في ثاني مسألة من سماع يحيى ابن القاسم من كتاب الغصب وهو قوله، من عرف بالغصب لأموال

الناس لا ينتفع بحيازة مال غيره في وجه، ـ فلا يصدق من أجلها على ما يدعيه من شراء أو عطية وإن طال بيده أعوامّا إذا أقر بأصل الملك لمدعيه أو قامت له بين بينة. فال ابن رُشد. وهذا صحيح لا خلاف فيه، لأن الحيازة لا توجب الملك، إنما هي دليل عليه توجب تصديق غير الغاصب فيما ادعاه من تصيره إليه، لأن الظاهر أنه لا يجوز أخذ مال أحد وهو حاضر لا يطلبه، ولا يدعيه إلا وقد صار إلى حائزه إذا حاز العشرة أعوام ونحوها. قُلتُ: ووجه أخذه أن يد العامل دليل صدقه كالحيازة، فإذا وجب إبقاء دلالتها لكون الحائز معروفا بالغصب فكذا يد العامل إن كان معروفا بذلك، ولكن ابن الحاجب أجمل موجب الشبه، وذكر القول نصّا ولا اعرفه إلا قول اللخمي أثر مسألة الوديعة ما نصه، إلا أن يكون مثله لا يودع ويشبه الغصب فيقبل قول المدعي ويغرمه المال.

كتاب المساقاة

[كتاب المساقاة] المساقاة: عقد على عمل مؤمنة النبات بقدر لا من غير غلته لا بلفظ بيع أو إجارة أو جعل فيدخل قوله لا بأس بالمساقاة على أن كل الثمرة المعامل ومساقاة البعل.

ابن عبد السلام: لم يعرفها ابن الحاجب، لأن رسمه القراض بأنه إجارة على التجر

في المال بجزء من ربحه، جال على رسم المساقاة بأنها إجارة على عمل الحائط بجزء من غلته وهي كالمعلومة ضرورة عند الفقهاء. قُلتُ: جعله رسم القراض دالاً على رسم المساقاة يرد بأنه لو كان كذلك لدل عليه مطابقة أو تضمناً أو التزاماً، ولا خفاء بنفي الأولين؛ لأن رسم المساقاة ليس نفس القراض ولا جزءاً منه، وكذلك الثالث ضرورة إلى رسم المساقاة بما قال: ليس من لوازم القراض لا ذهناً ولا خارجاً إلا أن يريد الدلالة اللغوية لا العرفية كدلالة الفعل على الفاعل فقيه نظر؛ لأنه غير معتبر في التعريفات، ورسمها بما ذكر يبطل عكسه بقولها: لا بأس بالمساقاة على أن كل الثمرة للعامل، وقول ابن رُشد هي عبارة عن العمل في الحائط بجزء من ثمرته، يبطل عكسه بصورها قبل العمل؛ لأنها تلزم بالعقد، وطرده بالعمل كذلك بالعقد عليها بلفظ الإجارة، لأنه حينئذ ليس بمساقاة، إذ لها يحكم فيه بحكم المساقاة الفاسدة بل الإجارة الفاسدة. وفي لزوجها بالعقد أو الشروع نقل الأكثر عن المذهب، مع أخذه الباجي من قولها: من ساقيته حائطك لم يجز أن يقيلك على شيء تعطيه إياه، كأن شرع في العمل أم لا؛ لأنه غرر إن أثمرت النخل فهو بيع للتمر قبل بدو صلاحه وإلا فهو أكل مال بالباطل. وأخذ اللخمي من قول أشهب: إن خرج العامل من الحائط قبل العمر بربح سدس الثمرة فلا بأس به على القول بلزوم المساقاة بالعقد مع قول المنيطي مع الصقيلي، قيل: لا يلزم إلا بالعمل كالقراض. وقول اللخمي إثر نقله قول أشهب ن وقال سَحنون: أولها لازم كالإجارة وآخرهاغذا عجز كالجعل إن ترك قبل تمامه فلا شيء له يقتضي أنه ثالث عنده، وليس كذلك، أن الحكم العجز كذلك على القول الأول. قُلتُ: وعزو الأول لها من قولها؛ أن المساقاة تلزم بالعقد أبين، ولما عزا الباجي الأول للجلاب والموازية والواضحة والمدونة من مسألة الإقالة. قال: ولبعض القرويين قال: لو مات قبل الحوز بطلت المساقاة وليس كالعقود

اللازمة، وإن لم تقبض ولعله تعلق بما روى في عين السقي تغور إن كان قبل العمل فلا شيء على رب الحائط، وإن كان بعده لزمه أن ينفق بقدر حظه، وهو خلاف قولها في أكرية الدور: من أخذ نخلاً مساقاة فغار ماؤها بعد أن سقي فله أن ينفق فيها بقدر حظ رب النخل من ثمرته لتلك السنة، وهذا إنما هو بالعمل لا بالحوز، فإن صح ففي لزوجها بالعقد أو الشروع، ثالثها: تحوز المساقاة فيه، ورابعها: أولها لازم وآخرها كالجعل إلى عجز وعزوها واضح. [الصيغة] الصيغة: ابن رشد: لا تنعقد إلا بلفظ المساقاة على قول ابن القاسم، ولا تنعقد بلفظ الاجارة كما لا تجوز الإجارة بلفظ المساقات وذلك إن ساقاه في ثمره طاب بعضها لم يحجز. وفي سماع سَحنون: لا بأس بمساقاة النخل بعد بدو صلاحها، وهو خلاف قول ابن القاسم وروايته فيها، لأن فيه منفعة لرب الحائط، وهي سقوط الجائحة؛ لأنها لا تثبت في المساقاة. وللعامل التمادي على المساقاة أو تركها بخلاف الإجارة للعامل بها الرجوع إذا أجيحت الثمرة بأجر مثله فيما عمل، وأجازها سَحنون؛ لأنه رآها إجارة أخطأ في تسميتها مساقا وهي على قول ابن القاسم إجارة فاسدة تفسخ مالم تفت بالعمل، فإن فاتت به فله أجر مثله على حكم الإجارة الفاسدة. قُلتُ: هذا نصه في البيان، وله في المقدمات: قال ابن القاسم في المدونة: إ، ساقاه في حائط وفيه ثمر أطعم فله مساقاة مثله، المذهب جوازها، القاضي: هي مستثناة من أصول ممنوعة للضرورة. اللخمي: هي بيع الثم قبل بدو صلاحه، وعزو عمل العامل على أنه إن أصيبت الثمة كان عمله باطلاً مع انتفاع رب الأصول بعمله، وجعل قدر حظه، وربا الطعام بالطعام نسيئة إن كان في الحائط حيوان يطعمهم ويأخذ العوض طعاما.

قُلتُ: والدين بالدين، لأن عمله في المذمة وعوضه متأخر. [المعقود عليه] المعقود عليه: فيها مع غيرها: كل ذي أصل من الشجر جائز مالم يحل بيعه. اللخمي: أو لم يبلغ الإطعام. قال: واختلف قول مالك في إجازتها في المرسين وهو الرحان، فأجازه ابن وهب واختلف فيه قول ابن القاسم، ومنعه أصبَغ. قال: أن المأخوذ منه ورقه فهو كما يجوز، ويخلف موجوداً أبداً يجوز في وقت مساقاته بيعه وبيع خلفته. زاد الباجي: لجوازها رجع ابن القاسم، وأختار محمد منعه: لأنه كالموز يجز إلا أن تكون أشجاره ثابتة إنما يقطع منها أغصانها كل عام كالسدر. وسمع أصبغ رواية ابن القاسم: أن كان يجز الشتاء والصيف ليس لجزء إبان معلوم، فهذا يحل بيعه كل حين كالموز لا تحل مساقاته. ابن رُشد: تقدم في سماع سَحنون أنه كالبقل لا تجوز مساقاته، واختلف فيه، فحكى ما تقدم لابن وهب ولابن القاسم، ورجوعه لإ جازته، وعليها ثبت. قال: وقول محمد: ينبغي أن يحمل على التفسير للقولين فيقول تجوز مساقاته قبل أن يحل بيعه، وتمنع بعد حل بيعه كالبقل. وفي غير ذي أصل كالزرع والقثاء والباذنجان والكمون والبصل طريقان. ابن رُشد: شرطها فيه بعجز ربها قولا مالك وابن نافع. اللخمي: في الزرع وشبه القطاني ثالثها بشرط العجز، ورابعها: يكره لابن نافع وابن عبدوس والمدونة ورواية محمد، وفي قصب السكر، ثالثهما: دون خلفته، ورابعها: بشرط العجز، للخمي عن ابن نافع، وعنها وعن محمد. ابن رُشد: يجوز فيه. قيل: بعد أن يغيب قبل أن يحل بيعه، وقيل: بعد أن يثبت ويستقل قبل حل بيعه أن

عجز عنه، واختلف في شرط خلقته في المساقاة، وهو جار على الخلاف في جواز اشتراطها في البيع. الباجي: علل ابن حبيب جوازها في اللقائي بتقارب طيبها كالتين، يريد: لأن بطونها لا تنفصل وليست شيئاً بعد شيء كالقصب، يريد: لأنها تتميز بطونه كالموز، وفي جوازها في البقل طريقان. ابن رُشد: في جوازها فيه بعد نباته والعجز عنه قولا عبد الرحمن بن دينار وابن القاسم، وظاهر قول ابن دينا جواز شرط خلقته فيها، ومنعه ابن القاسم وهو على الخلاف في جواز شرطها في البيع، ومعنى سماع سَحنون جوازها في الفجل والإسفنارية أنه قبل حل البيع. ابن زرقون: ما كان منه ظاهراً كالقصب والكزبر والكرنب لم تجر مساقاته، وأجازها ابن دينار أن نبت وعجز عنه ربه، وما غاب منه كالجزر واللفت والبصل في جوازها فيه ثالثها: إن ظهر وعجز ربه ولم يحل بيعه لمحمد وابن نافع وابن القاسم وسمع سَحنون إجازتها، ابن القاسم في العصفر. الباجي: يجب كونه كالزرع إذ ليس بشجرة باقية والمقصود نواره. وفيها: لابأس بمساقاة الورد والياسمين والقطن ابن رُشد: كان أبو عم القطان يحمل المدونة على الجواز في الورد والياسمين والقطن، وإن لم يعجز عنه ربه بخلاف المقائي والزرع، وهو بعيد إذ لا فرق بين القطن والزرع والمقائي، ولا يختلف في الورد والياسمين أنه لا يعتبر فيهما العجز. الصقلي والباجي: إن زرع كل سنة، فالعجز وإلا فلا. الباجي: لا يجوز في الورد والأجبان. وفيها: لا بأس بمساقاة الورد والياسمين منعها في القصب والقرط والموز، أبو عمر: أجازه ابن القاسم في مجالس أبي زيد، وليس بشيء، وشرط الشجر كونه مطعما، وفي شرط ظهور غيره من الأرض قولان للمشهور، ونقل اللخمي عن ظاهر قول ابن نافع، وأختاره إن عجز ربه.

قال: وهو أعذر؛ لأنه ينتفع بما برز، برعي أو غيره، ولا ينتفع بما لم يبرز. الباجي: معنى العجز عجزه عن عمله الذي به يتم أو يبقى، وإن كان له ماء، وما بدا صلاح بعضه المبيح بيعه. فيها مع غيرها: لا تجوز مساقاته اللخمي: روى محمد: من سافي حائطا بنصف ثمرة طابت، آخر فلا بأس به إن كان السقاء معروفا كالإجارة، وأجازها أيضاً سَحنون، وفي الموطأ: لا تجوز مساقاة ما طاب بعضه وحل بيعه، إنما مساقاة ما حل بيعه من الثمار إجارة. الباجي: يحتمل أن يريد أنه إنما يصلح فيه لفظ الإجارة لا لفظ المساقاة، ويحتمل أن يريد له حكم الإجارة وإن انعقد بلفظ المساقاة والأول أظهر. الصقلي عن الشيخ: قول سَحنون مساقاة ما حل بيعه جائزة لجواز بيع نصفه ينبغي عليه منعه في الزرع كمن قال: احصده وهذبه ولك نصفه. قُلتُ: إنما منعه سَحنون بنصفه مصفى لا بنصفه زرعا، وهو نص آخر كتاب الجعل منها، ومساقاته بعد حل بيعه كالإجارة بنصفه، وذلك جائز؟ اللخمي: وعلى الجواز تجب فيه الجائحة، وألا يكون بالحائط رقيق إلا بشرط طعاكها على ربها، قال: وإن كان ما طاب باكورا بعيد اللحوق بما بقي، وكلاهما كثير، فإن كان المساقاة على عمل الجميع وحظ العامل مما طاب جاز كإعطاء الحائطين طاب أحدهما بجزء منه، وهي إجارة. قُلتُ: هذا على غير قول ابن القاسم بمنعه الإجارة بلفظ المساقاة قال: وإن كانت على عمل ما طاب فقط بجزء منه جاز على أحد القولين، وإن كانت على عمل مالم يطب بجزء منه جاز اتفاقاً ولم يجز على عملها بجزء منهما، لأن مساقاة وبيع، وجعل وبيع ويدخله مساقاة مالم يطب من غيره، أن أجر ما طاب أقل، وخدمة مالم يطب أكثر. قُلتُ: يريد أنه يدخله مساقاة مالم يطب بجزء منه وجزء من غيره ولو كان بجزء من غيره فقط جاز على ما ذكر من رواية محمد، قال: وإن كان ما طاب يسيراً مختلطاً والمساقاة على عمل الجميع بجزء مما لم يطب جاز.

وروى محمد: من ساقي نخلا بها رمان طاب وهو لصيق للنخل معها بشرب جاز لا يصلح أن يشترط العال منه شيئاً، ومحمل إجازة مالك مساقاة ما طاب ن لم يكن في الحائط حيوان أو كان وشرط إطعامهم على رب الحائط وإلا فسد؛ لأنه طعام بطعام ليس يداً بيد. الباجي عن الموازية: إن كان بالحائط أصناف مختلفة حل بيع بعضها وهو الأقل جازت مساقاة جميعها، وأن كثر لم يجز فيه ولا في غيره. قُلتُ: هذا خلاف نقل اللخمي؛ لأن الباجي لم يشترط اختلاط ذلك اليسير ولا كون الحظ من غيره، ولما وجه الصقلي منع مساقاة ما بدا صلاحه باختصاص حكم المساقاة بسقوط الجانحة واختصاص لفظ الاجارة باعتبارها تعقبة بأن حم المساقاة حينئذ كشرط سقوط الجانحة، وشرط سقوطها يوجب فساداً للغوه ووجوب ثبوته وأجاب بأن هذا أحد الأقوال والقول الآخر فساد البيع بذلك. قُلتُ: هذا يوجب الناقض قولها، لأن الأول هو نصها، ويجاب عن تعقبه بأن انقضاء العقد سقوط الجانحة القوة من اقتضاء شرط سقوطها أن ما بالسنة أوقى من بالافتراق وهو أن كتاب أمهات الأولاد منها. الباجي عن بعض القرويين، إنما لم يجعل ابن لقاسم مساقاة ما أزهى إجارة لأن عرف المساقاة ألا يأخذ أحدهما شيئاً لا إلى الجذاذ كأن شرط فيها، وشرط هذا في الاجارة باجارته في كتاب الشفعة بيع أحد المساقين سهمه مع أن المشتري لايقدر على الجد أن المساقاة وقعت على التبفية، فلما احتاج للبيع واستضر بمنعه سومح فيه، والأظهر عندي ما تقدم. قُلتُ: ما ذكره عزاه عب الحق لغير واحد من القرويين، وقاله التونسي، وفي اعتراضهم بمسألة الشفقة نظرا؛ لأن البقاء للجذاذ الذي جعلوه موجبا للفساد إنما أثبته لفظ المساقاة، ومثله كتاب الشفعة بيع بعض الشركاء في المساقاة إنما وقع بلفظ البيع المقتضي تعجيل التمكن من التصرف، فلا موجب لفساده.

فإن قيل: يجب منع المشتري من تعجيل التصرف قبل الجذ، كالبائع منه. قيل: لما كان للشريك الشفعة في الخضار بتركه إياها راضياً بما جعله البائع للمشتري من تعجيل الصرف بعقده له بلفظ البيع. وفيها: من طابت ثمرة نخلة فساقاه هذه السنة وسنتين بعدها فسخ، وإن جد العامل المثمرة فله أجه، وما أنفق فيها، فإن عمل بعد جذها لم يفسخ في العامين، وله فيهما مساقاة مثله، ولا يفسخ بعد العام الثاني؛ إذ قد تقل ثمرته فيه وتكثر في الثالث فيظلم. الباجي/ قُلتُ: لأن المساقاة الفاسدة التي يرجع لها لمساقاة المثل تنفسخ مالم يعملن فإن عمل لم تفسخ، ومايرد لأجر المثل يفسخ ولو عمل، قاله ابن حبيب وجعل الفوت بابتداء العمل. وفي الموازية: أن أدرك قبل ثمرة قابل فسخ، وله أجر مثله، وإلا لم يفسخ، فجعل فوته ظهور ثمرة عام من أعوام المساقاة ولا يلزم هذا على قول سَحنون، لأنه عقد جميع إجارة ومساقاة. وفيها: لايجوز مساقاة مالم يطعم خمس سنين، وهي تبلغه إلى حولين. الصقلى عن ابن حبيب: 'إن نزل رد العامل لأجر مثله، وقال محمد: له في السنين الأولى أجر مثله حتى تأتي الثمرة ويعمل فيها فله فيها مساقاة مثله كأخذ عرض قراضا. عبد الحق 'ن غير واحد من القرويين: إن استوقن لذلك قبل بلوغها الإطعام فسخ، وللعامل نفقته واجرر مثله، وإ لم يستيقن لذلك حتى بلغت الإطعام لم تفسخ المساقاة بقية المدة، وللعامل فليها مساقاة مثله. عبد الحق: وهذا كقولها في من طابت ثمرته فدفعها مساقاة ثلاث سنين ن فذكر المسألة. قُلتُ: فيجب إذا طلع على ذلك بعد أن بلغت الإطعام أن تفسخ إذا لم يكن عمل خلال نصه إن بلغت الإطعام لم تفسخ. وفيها: لابأس بمساقاة حائط ببلد بعيد إذا وصف كالبيع ونفقة العامل في

خروجه على نفسه بخلاف القراض. عبد الحق عن الشيخ يريد: وهو يصل إليه قبل طبيبه. قال بعض القرويين: إن تشاغل في طريقه فوصل بعد طيبة لم تفسد، وليس كالزرع يشتري قبل طيبة على القطع فيتأخر إلى طيبة لأن القبض في المساقات مؤخر إلى الطيب بخلاف بيع الزرع والتمر قبل بدو صلاح على القطع فيتأخر إلى طيبة؛ لأن المساقاة القبض فيها والتناجز عند الطياب بخلاف بيع التمر والزرع قبل بدو الصلاح. وفيها: من أعطى أرضه لمن يغرشها شجرا كذا، ويقوم بها لبلوغها، فتكون مساقاة لعدة سنين لم يجز؟. الصقلي: إن نزل فسخت المغارسة مالم تثمر الشجر ويعمل بعد ذلك فله اجر مثله فيما عمل، وفي سنين المساقاة مساقاة مثله. اللخمي: إن كان يغرس ربها فللعامل أجر مثله وفسخ مالم تبلغ الإطعام فتبقى له على مساقاة مثله بقية الأجل، وقيل: في مثل هذا أنه الأقل من المسمى أو مساقاة المثل، وإن كان يغرس العامل وفات بالعمل ففي فوت الغرس بجعله في الأرض قولان بنا على جعل حصوله بها كقبض رب الأرض إياه ولغوه لبقاء يد العامل عليه ينتفع بثمرته بعد الطيب، وعلى الأول له قيمة غرسه يوم غرسه مع قيمة عمله، وفسخ مالم يبلغ الإطعام فيمضي بمساقاة مثله، وعلى الثاني فالغرس لغارسه، ويغرم كراء الأرض بقدر ما صلح فيها الغرس ونما، وله قيمته يوم الفسخ قائما وقيل مقلوعاً. وفيها: مع غيرها منع سقاء البياض إلا أن يكون تبعا للسواد ثلثا فأقل، وخرج الباجي من رواية نفي تبعية النخل البياض في كرائه ببلوغه الثلث، نفي تبعية البياض السواد ببلوغه الثلث قائلاً: اختلفت الرواية في كون الثلث يسيرا أكثيران قال: وحكم ما تمنع مساقاته مع ما تجوز فيه حكم البياض مع النخل، روى محمد: لا بأس بمساقاة الحائط فيه من الموز قدر الثلث فأقل. قُلتُ: ونحوه قول عبد الحق عن بعض القرويين: إن كان زرع الحائط تبعاً لنخله جازت مساقاته، وإن لم يعجز عنه ربه.

الشيخ عن محمد: وسواء كان البياض بين أضعاف اسوادج أو منفردا عنه في ذلك الحائط وقبله الصقلي والباجي. وفيها: لمالك كان بياض خيبر يسيرا بين إضعاف السواد، والأظهر إن كان ناحية لا ينال نباته سقي السواد عدم اغتفاره. وفيها: لمالك: أحب إلي أن يلغى البياض للعامل وهو أحله، واعترض بأنه - صلى الله عليه وسلم - لم بلغه وفعله الراجح. وأجاب عبد الحق بأنه جاء في حديث آخر أنه - صلى الله عليه وسلم - تركه لهم. الباجي: ظاهر أقوال أصحاب مالك أن المعتبر تبعيته لجميع ثمرة الحائط في لغوه وفي إدخاله وفي المساقاة، وقال ابن عبدوس: إنما ذلك في إدخاله فيها، والمعتبر في لغوه للعامل تبعيته لحظة فأقل، وتبعيته كون قيمة كرائه من مجموعها مع قيمة معتاد الثمرة مسقطاً منها مؤنثها ثلثا فأقل، حكاه الباجي غيرمعزو كأنه المذهب، وعزاه اللخمي في اول أكريه الدور لابن القاسم وغلطه، قال: لأن السقي والعلاج ثمن الثمرة فكيف يصح أن يحط أحدهما من الآخر، وإنما باع العالم عمله بالجزء الذي يأخذه بعد الطيب وإنما يطيب على ملك رب الحائط ولذا قيل: يزكى إن كان في جملته خمسة أو ست، وإن كان العامل عبداً أو نصرانياً، فإذا كانت قيمتها سالمة ثلاثمائة وقيمة البياض مائة وخمسون جازت المساقاة، ولا يصح حط العامل. قُلتُ: تغليظه غلط، أن كراء البياض لما كان في محض فائدة وجب ألا ينسب إلا لما هو فائدة والذي هو فائدة من الثمرة إنما هو الباقي بعد قيمة مؤنتها، وتوجيه الأبهري قول مالك، وهو أصل بحديث " " من كانت له أرض فليزرعها أو ليمنحها أخاه"، والعامل كالأجنبي يقتضي إلغاءه لا بقيد تبعية. وفي الموطأ: لا يصلح شرط رب الأرض البياض لنفسه، لأن العامل يسقيه له،

فذلك زيادة. الصقلي عن ابن حبيب: إن كان بعلا أو لا يشرب من ماء الحائط جاز. الباجي: لو سكتا عن البياض ففي كونه لربه غير مساقي أو للعامل، قول الجلاب مع مقتضى رواية ابن نافع وابن حبيب مع محمد، ولو سكتا حتى زرعه العامل لنفسه فقال محمد وابن حبيب: ذلك له، وروى ابن نافع عنه كراؤه. ابن الحاجب: إن شرط رب البياض أن يعمله لنفسه ففي الموطأ: لا يصلح لنيله سقي العامل، وقيل: يجوز. قُلتُ: لا اعرف من نقل القول الثاني في هذه المسألة وقبله ابن عبد السلام، وجعله خلافاً في حال هل في ذلك زيادة أم لا، ووقعت المسألة في آخر سماه سَحنون، فلم يذكر ابن رُد فيها خلافاً، وجعل قول ابن حبيب المتقدم هو مقتضى قول مالك في الموطأ، والحق أن القول الثاني هو مقتضى ما نقلوه عن مالك فيما إذا سكتا عنه أنه لربه غير مساقي. الباجي: لو كان تبعا فشرط العامل ثلاثة أرباعه، وسقاؤه على النصف، ففي منعه وكراهته ثالثها: يجوز لابن القاسم، وأول قولي اصبغ وما رجع إليه. وفي سماع سَحنون: روى ابن أشرس في العامل: يستثنى البياض لنفسه وهو تبع للنخل فتذهب ثمرتها بجائحة وقد زرع البياض عليه كراء أرضه. سَحنون: لأنه لم يعطه البياض إلا لعمل السواد. ابن رشد: وروى في كتاب ابنه: وكذا لو عجز العامل عن الأصل فعليه كراء مثلهن ورواه علي ومعنى ماقاله سَحنون أن العامل لما أجيحت الثمرة أبى أن يتمادى عن العمل .. الخ مايلزمه؛ فلذا كان لرب الحائط أن يتبعه بالكراء ويبين ذلك تشبيه مالك ذلك بعجزه عن العمل. قُلتُ: لم يقيد الصقلي بما ذكره ابن رشد من إباية العامل التمام. ولبعضهم: أن بقي من الثمرة ما لا يكون البياض تبعا له غرم من كرائه قدر المجاح.

وفيها: بياض الزرع كبياض النخل بين أثناء النخل. قُلتُ: يرد بنص محمد أن كونه في ناحية ككونه بين أثناء النخل، والأقرب أنه لأجل أن دخول بياض النخل في المساقاة بالنص ودخوله في الزرع بالقياس على الرخص مع استحباب مالك الإلغاء في الأصل المقيس عليه وقدر البياض ملغى على من الغي له وداخلا في المساقاة على العامل وغير ذلك فاسد. اللخمي: إن فسد لذلك فالزرع عند ابن حبيب لمخرج البذر مطلقاً، فإن كان العامل فالزرع لهن وعليه كراء الأرض وزرعه لرب الحائط أو ليكون بينهما وإن أخرجه رب الحائط فالزرع له، وعليه للعامل أج مثله بناء على أحد القولين في فاسد الشركة، وارى أنه لمن زرع له على أن لا شركة له فيهن فإن كان من عند العامل زرعه لرب الحائط فهو له، وعليه للعامل مثل بذره، وأجر عمله، أنه اشترى منه البذر شراء فاسداً قُلتُ: وأمره بجعله في أرضه، كمن اشترى من رجل عصفرا شراء فاسداً على أن يصبغ له به ثوبا ففعل فذلك فوت يوجب رجوعه عليه بمثل عصفره واجر مثله، وإن كان من عند رب الحائط ليزرعه العامل فالزرع له وعليه مثله لرب الأرض مع كرائها. ولا خلاف فيمن اشترى بذرا شراء فاسداً أو اكترى أرضاً صفقة واحدة أن الزرع للمشتري وعليه مقل البذر وكراء الأرض، وإن شرط أنه بينهما فنصفه لرب الحائط، أنه زرعه على مالكه، ويختلف في النصف الآخر هل يكون للعامل، لأنه اشتراه شراءً فاسداً وفاته بالزراعة أو لبائعه لتحجيره وعدم تمكينه كمن باع نصف هذا القمح على أن يزرعه بينهما، وإن شرط كونه لرب الحائط فهو له دون العامل، وإن كان البذر من عندهما بالسواء على أن الزرع بينهما كذلك فهو على ماشرطاه، وللعامل إجارة مثله في عمله وللآخر كراء نصف أرضه. قُلتُ: كذا قال إجارة عمل المثل في عمله، والصواب في نصف إجارة عمله. قال: وإن شرطا أنه لأحدهما فهو بينهما على ماقاله ابن حبيب وينبغي كون جميعه للعامل إن شرطه لنفسه وعليه مثل بذر صاحبه وكراء جميع الأرض، وإن شرطاه لرب الحائط فهو له، وللعامل مثل بذره وأجر مثله.

باب العاقد

وفيها: إن كان في الزرع شجر مفترقة تبع له وجب دخولهما في مساقاته على شرطها لا تجوز على ن ثمرتها لأحدهما دون الآخر، وإن قلت بخلاف البياض وعزاه الباجي والصقلي أيضاً لابن القاسم في الموازية قالا: وروى ابن وهب جواز إلغائه للعامل إن كان تبعا كمكتري الدار والأرض فيها نخل تبع يشترط ثمرتها. محمد: لا اعرف من استحسنه ولا اخذ به. زاد الباجي: وعلة رواية ابن وهب يجوز أن بلغى الموز للعامل إن كان تبعا للحائط وسمع ابن القاسم في سقاء النخل فيها موز الثلث أو دونه أراه خفيفا. سَحنون: إن كان الموز مساقي مع النخل فاشترطه العامل لا يحل ابن رُشد قول سَحنون تفسير ولا يجوز لغوه لرب الحائط، لأنه زيادة على العامل. والفرق بينه وبين الأرض البيضاء ورود السنة في الأرض، ثم ذكر رواية ابن وهب في الزرع، قالك ومثله لمالك في الثاني من التفسير ليحي عن الحارث عن ابن القاسم عنه، فعليه أن كان الموز يسيرا جاز لكل منهما شرطه على صاحبه. الصقلي عن محمد: إن كان الزرع تبعا للنخل جازت مساقاته تبعا معها وإن لم يعجز عنه، وإن كان النخل تبعا للزرع لم تجز مساقاته حتى يعجز عنه. [باب العاقد] العاقد: من صح تصرفه في المساقي فيه أصلا أو نيابة.

فيها: للمديان دفع المساقاة وأخذها قبل قيام غرمائه، وبعده لهم فسخه، وقبله التونسي. الصقلي: هذا على قول من يجيز بيعه وهو في المساقاة في التفليس، وعلى منعه قبل الإبار يفسخه الغرماء إن شاءوا، وإن كان دينهم يحل قبل إباره؛ لأنه يمنعهم من بيعه بعد المساقاة. اللخمي: إن عقده قبل قيام الغرماء عقدًا يمنع بيع الرقاب فلهم نقضه في الكراء والمساقاة لتهمته انه فعله لتعجيل ديونهم. وإن ساقي قبل الدين أو بعده وبيده ما يفي بدينه، ثم طرأ ما أتلف ذلك المال لم ترد مساقاته ولو بعد أمرها وقاموا قبل العمل. وفيها: للمريض مساقاة نخله كبيعه إلا أن يحابي فيه فيكون في ثلثه. اللخمي: اختلف في مساقاته فذكر قولها. قال: وقال ابن عبدوس أنكرها سحنون ولا أحفظ له فيها تفسيرًا، والذي أعرف له إن زاد على مساقاة مثله بأمر بين فكهبته يوقف السقاء لما لا يطول ولا يضر صاحب الحائط، فإن صح أو مات قبل فسخه وحمل ثلثه الحائط لزم عقده، وإن لم يحمله وحمل المحاباة خير الورثة في إمضاء السقاء وإمضاء العامل ثلث الميت وفسخ السقاء، ويمنع العامل حال الوقف من السقاء، فإن طال الوقف وخيف ضياع الحائط فسخ السقاء لا يؤخر لصحة ولا موت. اللخمي: إن كان السقاء لسنة فقول ابن القاسم أحسن، يمكن العامل من العمل عاجلا، إن صح المريض تمت المحاباة، وإن مات كانت في الثلث أو حمل منها، ولا

يجعل الحائط في الثلث؛ لأن الورثة ممكنون منه، والمحاباة حق للعامل لا عليه إن رضي بالعمل. واختلف في كتاب العتق قول ابن القاسم في المريض: يشتري عبدا لمحاباة، فقال مدة المحاباة كهبة مفرده عن البيع تكون في ثلثه لا مقال للبائع في البيع إن لم يتم، وقال مرة: لا يتم البيع إلا بتمامها، فعلى الأول يجبر العامل الآن على العمل، وعلى الثاني لا يجبر حتى يموت رب الحائط فتتم المحاباة، هذا إن كان العامل يجهل أو يظن أن المحاباة تصح من رأس المال، وإن كانت المساقاة سنتين صح قول ابن عبدوس؛ لأن مقال الورثة في حبس الرقاب، وإن لم تكن محاباة، فإن حمل الثلث الرقاب صحت المساقاة، وإلا ردت وقطع له بثلث الميت. التونسي: لا يجوز له أن يعقل عن الورثة أكثر من الثلث، فإن لم يحمل الثلث الحائط، فإن ساقاه سنة وشبهها مما يجوز بيع الحائط على أن يقبض إليه جاز، على قوله بجواز بيع الحائط المساقاة لفلس ربه قبل إبار الثمرة؛ لأن حظ العامل منها غير مستثنى، إنما أوجبه الحكم فالوارث قادر على بيع الحائط إن لم يكن في المساقاة محاباة، فإن كانت وحملها الثلث كجعله له ثلاثة أرباع الثمرة وسقاء مثله الربع، فالنصف موصى له به يخير الورثة في إمضائه له أو القطع له بثلث الميت، وإن ساقاه الحائط خمس سنين مما يتغير النخل إذا بيعت إليه وهي لا يحملها الثلث، فإن أجاز الوارث وإلا قطع له بالثلث كما لو أوصى بخدمة عبده سنين، والثلث لا يحمل رقبته وهو يحمل الخدمة، وكما لو أكرى عبده في مرضه ولا مال له غيره بما يساوي كراء سنة؛ لأن الوارث غير قادر على بيعه والتصرف فيه. وفيها: للوصي مساقاة حائط يتيمه وللمأذون دفعها وأخذها، وكره مالك أخذها من نصراني ولم يحرمه، ولا بأس أن تساقيه نخلك أو كرمك إن أمنت أن يعمله خمرًا. قلت: ظاهره عدم الأمن حتى يعلم. وفيها: ويجوز أخذ رجلين حائطًا مساقاة من رجل، وكذا حائط لقوم يجوز أن يساقوه جماعة أيضًا.

باب في شرط حظ العامل

[باب في شرط حظ العامل] حظ العامل: شرطه كونه معلوم القدر بنسبته لكل غلة الحائط المساقي أو بكونه كلها متحدًا في سقيها. فيها: يجوز على النصف والربع وأقل من ذلك وأكثر، وعلى أن للعامل كل الثمرة، وسمعه أشهب. اللخمي: قال أبن القاسم؛ لأنه إذا جاز أن يترك بعض الثمرة بالعمل جاز أن يتركها كلها، وروى ابن حبيب من الحوائط ما لو اشترط ربه شيئًا من ثمرته لم يجد من يساقيه عليه. اللخمي: فعلى هذا التعليل تكون مساقاته حقيقة، ويجبر العامل على العمل أو

يستأجر من يعمل إلا أن يقوم دليل على أنه أراد الهبة لقلة المئونة وكثرة الخراج، فلا يجبر ويجري على أحكام الهبة، ومتى أشكل الأمر حملًا على المعاوضة لقوله: أساقيك. قلت: هذا خلاف قول التونسي، وهذا كله كالهبة، وإن انتفع ربما بسقي أصوله كالعبد المخدم نفقته على المخدم؛ لأن جل النفع للمخدم والمساقى، ولو مات قبل الحوز بطلت، ليس كالعقد اللازم وإن لم يقبض. ومن كتاب أبي إبراهيم قال سحنون: هذه منحة لا مساقاة، وذكره ابن رشد في مقدماته غير معزو، وقال: فتفتقر للحوز وتبطل بالموت وهو بعيد. والحائط مختلفًا نوع شجره مختلطًا كمتحد. اللخمي: روى محمد على العامل سقاء كله حتى يفرغ منه ومن كل الثمرة. قال: وكذا إن لم تختلط، والمخالف منها يسير لا يساقى بانفراده، واختلاف ثمرته بالجودة والرداءة كتساويها. تعدد الحوائط وثمرها سواء في الجودة والرداءة والعمل أو تقاربها كواحد. وسمع عيسى ابن القاسم: لا بأس بمساقاة الحائطين سقاء واحدًا على النصف أو الثلث إن استويا، وإلا فلا خير فيه إن كان لا يأخذ أحدهما إلا لمكان الآخر. وسمع القرينان عن من له الحائط فيه البعل وغيره أيساقيهما سقاء واحدا؟ قال: لا باس به. ابن رشد: هذا مثل قولها: تجوز مساقاة الحائطين على سقاء واحد، وإن لم يكونا مستويين خلال سماع عيسى واختلف في هذا أو لم يختلف في منع مساقاة حائطين على جزأين مختلفين كانا متفقين أو مختلفين، ولا فرق بينهما إذ الخطر فيهما سواء؛ لأنه إن اختلف الحائطان أو الجزءان فقد حمل أحدهما صاحبه، إنما فرقت بينهما السنة؛ لأنه صلى الله عليه وسلم ساقى خيبر كلها على النصف، وفيها الجيد والردئ، فإن وقعت المساقاة في الحائطين المتفقين أو المختلفين على جزءين أو في المختلفين على جزء واحد على القول بمنعه، وفات بالعمل رد العامل لمساقاة مثله. قلت: وعزاه الصقلي لابن حبيب، وقرر اللخمي اختلافهما بالجودة والرداءة، أو

بأن أحدهما سيح أو بعل والآخر يسقى بالغرب، وذكر تعليل المدونة قولها بفعله صلى الله عليه وسلم. قال: إن أراد أن يخالفا بين الإجزاء على قدر ما يتكلف لهما ويجعلا لكل واحد قسطه من الجزء جاز، ليس في الحديث ما يمنعه إذا وردت الرخصة على صفة فيها غرر وفساد، فأراد قوم إسقاط بعض ما يوجب الفساد لم يمنعوا؛ لأن مساقاتهما على جزء واحد يؤدي إلى مساقاة حائط بجزء من آخر؛ لأنه إذا كان أحدهما كثير الثمرة قليل المؤنة والآخر بالعكس أو أحدهما سيحًا والآخر يسقى بالغرب، فمعلوم أنه يأخذ العوض عن ما يكثر عمله مما تقل مؤنته، وقول ابن القاسم: قدم فيه القياس على خبر الواحد، ولو جعلا في الجيد وهو أقل عملا الثلثين، وفي الكثير المؤنة القليل الثمرة الثلث لم يجز اتفاقًا. وفيها: من ساقى نخلًا على النصف وزرعًا على الثلث لم يجز حتى يكونا على جزء واحد ويعجز عن الزرع ربه. الصقلي عن ابن حبيب: إن وقع وقد عجز عن الزرع رد إلى مساقاة مثله وإلا رد في الزرع إلى الأجرة. وفيها: من ساقى حائطين على النصف على أن يرد أحدهما في العام الثاني ويعمل في الآخر لم يجز؛ لأنه خطر. الصقلي: كان المردود معينًا أو لا، ابن حبيب: إن نزل ففي الحائطين أو سنة مساقاة المثل، وكذا في الباقي بيده في السنة الثانية. [زكاة المساقاة] وزكاة المساقاة: في البيان: الواجب إخراجها من جملة الثمرة إن بلغت نصابًا، أو كان لرب الحائط ما إن ضمه إليها بغلته، ثم بعده يقسمان ما بقي. اللخمي: قول مالك أنها مزكاة على ملك رب الحائط يجب ضمها لماله من ثمر غيرها، ويزكى جميعها ولو كان العامل ممن لا تجب عليه، وتسقط إن كان رب الحائط ممن لا تجب عليه، والعامل ممن تجب عليه، وروى أشهب لا جائحة في ثمرة المساقاة،

وعلى العامل العمل إن أجيحت، وهذا يقتضي أن يكون حظ العامل يطيب على ملكه وأن سقيه من الآت لنفسه وهو فيها كالشريك، ولا تجب الزكاة إلا على من في حظه نصاب إن اختلفت أجزاؤهما، وإن اصابا أربعة أو سق ولكل واحد منهما نخل فيها من الثمرة ما إن اضافه لحظه كان نصابًا وجبت الزكاة عليه. ابن رشد: وفي جواز شرطها احدهما على الآخر، ثالثها تجوز على العامل، ورابعها عكسه لها والأسدية، وسماع أشهب والتخريج على ما بيناه من سقوط الغرر في شرطها على رب الحائط على أنها إذا لم تجب الجزء المشترط في الزكاة على من اشترط عليه، وقولها أظهر إن كان الحائط لا تسقط منه الزكاة غالبًا، ويحتمل حملها على هذا؛ لأن النادر لا يعتبر في إحالة الحكم على وجهه. وقول الأسدية: على الحائط الصغير المحتمل سقوطها وثبوتها فلا يكون اختلافًا، ووجه قول الأسدية بان الزكاة قد لا تجب فلا يدري في العامل على ما عمل؛ لأنها إن لم تجب أخذ نصف الثمرة، وإن وجبت أخذ أربعة أعشارها إن كان المشترط عليه، وإن اشترطت على رب الحائط فلا غرر؛ لأنه يأخذ النصف على كل حال، والغرر الذي في جهة رب الحائط بأخذه نصف الثمرة إن لم تجب الزكاة، وأربعة أعشارها إن وجبت لا عبرة به، وهذا على أن الجزء المشترط يرجع لمن اشترطت الزكاة عليه إن لم تجب، وعلى أنه إن لم تجب يكون لمشترطه، فإنما الغرر إذا اشترطت على رب المال لا إذا اشترطت على العامل. وعلى هذا يأتي في قوله في سماع أشهب، وإن كان لم يعلله إلا بالإتباع فقال {قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ سُنَنٌ} [آل عمران: 137]، وعلى القول أنه بينهما أو يلغى ويقسمان الثمرة اتساعا، فالغرر حاصل اشترطت على رب الحائط أو العامل؛ لأنه يأخذ أربعة أجزاء من عشرة إن وجبت، وكان المشترط عليه وأربعة أجزاء ونصف جزء من عشرة، أو أربعة أجزاء من تسعة إن لم تجب، وخمسة أجزاء من عشرة إن وجبت، وكان المشترط عليه رب الحائط، وخمسة أجزاء ونصف جزء من عشرة، أو خمسة أجزاء من تسعة إن لم تجب.

باب في العمل في المساقاة

قلت: قسم جزء الزكاة على تسعة عزاه التونسي لابن عبدوس، وصوبه الصقلي ولم يعزه، وعزا رد جزء الزكاة إن لم تجب لمن شرطها لرواية ابن وهب وقسمه بينهما لسحنون. [باب في العمل في المساقاة] العمل فيها: وجه العمل في المساقاة أن النفقة، وكل المؤنة على العامل وإن لم يشترط ذلك عليه، وعليه نفقة نفسه ودواب الحائط وإن لم تكن له. اللخمي: عمل المساقاة ما تحتاج إليه الغلة وهي قائمة، فإن زايلت الأصول سقطت. قلت: عمل المساقاة كل في الذمة كمسلم فيه، فيجب ذكره في العقد مبينًا كوصف المسلم فيه، وقال ابن الحاجب: ولا يشترط تفصيل العمل ويحمل على العرف. قال ابن عبد السلام: لعل مراده إذا كان العرف منضبطًا وإلا فلا بد من البيان، وقد يقال إنه لا بد من تفصيله؛ لأنه اختلف في أمور هل هي على العامل أو رب الحائط؟ فالسكوت عنها جهالة. قلت: إن كان بموضع لها به عرف منضبط فواضح عدم وجوب بيانه من مسائل المدونة الدالة على أن العرف كالشرط وإلا فالظاهر وجوب بيانه. وفي أكريه الدور منها: لا باس بكراء حانوت لا يسمى ما يعمل فيه، وله أن يعمل ما لا يضر بالبناء لا ما يضر به. قال غيره: إن تفاوت ضرر الإعمال لم يجز الكراء إلا على أمر معروف.

الباجي: إن كان للعمل عرف قام مقام الوصف وإلا فلا بد من وصفه. وفي المقدمات: عمل الحائط إن لم يتعلق بالثمرة لم يلزم العامل، ولا يجوز شرطة عليه إلا اليسير. قلت: سيأتي تعيينه. قال: وإن تعلق بها وينقطع بانقطاعها ويبقى بعدها يسيرًا، لزم العامل وبه يجب العوض كالحفر والسقي وزبر الكروم وتقليم الشجر وإصلاح مواضع السقي والتشريب. قلت: في الصحاح: الشذبة بالتحريك ما يقطع مما تفرق من أغصان الشجر ولم تكن في لبه. وفيها: الجذاذ والحصاد والدراس على العامل والزيتون إن شرطا قسمه حبًا جاز، وإن شرط عصره على العامل جاز، ومثله سمع ابن القاسم بزيادة. قال ابن القاسم: عليه عصر الزيتون إن كان عصره غالبًا بالبلد. وفي السماع المذكور قال سحنون: منتهى مساقاة الزيتون جناه. قيل: بعد ما حل بيعه أو بعد الإثمار، قال: بعد الإثمار، قيل: فالتين والكرم. قال: عليه القطاف والتيبيس هو جل مساقاته لا تنقض مساقاته، وعلاجها بالجناء حتى ييبسه ويصير زبيبًا. ابن رشد: قوله لا بأس بشرط عصر الزيتون على العامل، يدل على أنه دون شرطه على رب الحائط، ومثله في الموازية مثل قول سحنون: منتهاه في الزيتون جناه، ومعناه: إن لم يكن عرف البلد أن عصره أن على العامل فيلزمه إلا أن يشترط سقوطه ببينة. قول ابن القاسم: أجيز أو قول سحنون في التين والكرم عليه القطاف إلخ، إنما هو إذا كان غالبًا على أهل البلد، وإن لم يكن غالبًا لم يلزمه إلا بشرط، والمراعى فيه عرف البلد إن لم يكن في المساقاة عرف، وإن كان فيها عرف فهو المعتبر وإن خالف عرف البلد. قلت: هذا خلاف قول اللخمي، واختلف في عصر الزيتون فلابن القاسم فيها هو

على من شرطاه عليه منها، ولم يذكر حكمه في عدم الشرط، وقال محمد وسحنون: هو عليهما. قال سحنون: منتهى المساقاة جناه، وقال ابن حبيب: هو على العامل إن شرطه على رب الحائط وله قدر لم يجز، ورد العامل لأجر مثله، والأول أصوب، إنما تقتضي المساقاة عمل ما تحتاج إليه الغلة وهي قائمة، وإن زايلت أصولها عملها، وأرى الدرس عليهما. قلت: نقله عن المدونة هو على من شرطاه عليه منهما يقتضي جواز شرطه على رب الحائط، وإن شرطه على رب الحائط وليس ذلك فيها، إنما فيها شرطاه على العامل فلا بأس، وإن شرطا قسمه حبًا فلا بأس. ولأبي عمر عن مالك وأصحابه: إن لم يشترط فهو على العامل، ففي كون عمل ما يتم به المقصود من الثمرة بعد فصلها من أصلها، ولا عرف ولا شرط عليهما إلا أن يشترطه على العامل أو مطلقًا، ثالثها: على العامل ويفسدها شرطها على رب الحائط إن كان له قدر، ورابعها: على العامل وله شرطه على رب الحائط لها مع ابن رشد عن فهمه المذهب، واللخمي عن ظاهر قول محمد مع سحنون، وعن ابن حبيب وأبي عمر عن مالك، ورابعها: على العامل فله شرطه على رب الحائط. ومقتضى قوله: إن شرطا قسم الزيتون حبًا جاز إن لقطه وقطفه حبًا، وعلى العامل وعرف بلدنا أنه ليس عليه وثمن مؤنته له. قال: وفيها: إن شرط العامل على رب النخل صرامها لم يجز؛ لأن مالكًا جعل الجذاد مما يشترط على العامل. اللخمي: اختلف قول مالك في الإبار جعله مرة على رب الحائط، ومرة على العامل وتأول بعضهم كونه على رب الحائط أنه الشيء الذي يلقح به، وقوله على العامل عمله وتعليقه ليس ببين، وآله العمل من حيوان وغيره إن لم تكن في الحائط ففيها: هي على العامل إلا أن يكون في الحائط دواب أو غلمان كانوا يعملون فيه فلا بأس بذلك.

قلت: إن لم يشترطهم العامل وأراد رب الحائط إخراجهم. قال: قال مالك: إما عند معاملته واشتراطه فلا ينبغي إخراجهم، وإن كان إخراجهم قبل ذلك فلا بأس. قلت: يجب حمل قوله في الجواب واشتراطه أنه اشتراط غير الرقيق والدواب، ى يجوز اشتراطه لقوله في السؤال إن لم يشترطهم العامل. وفي التنبيهات: قوله إن كان في الحائط دواب أو غلمان يعملون فيه ويشترطهم فلا بأس بذلك، أوقف في كتاب ابن عتاب، ويشترطهم وكتب عليه ليس هذا الحرف من المدونة، وصح في الأسدية. عياض: هو لفظ مستغنى عنه، لذا طرحه سحنون إذ ذلك للعامل دون شرطهم، وما في الأسدية قول ثان مثل ما في كتاب ابن مزين ليحيي وابن نافع أنهم لا يدخلون إلا بشرط، واعترض المسألة حمديس وفهم منها صحة لفظ الاشتراط على ما في الأسدية؛ لأنه قال: ينبغي على أصله أن لا تفسد المساقاة بشرط رب الحائط إخراجهم؛ لأنه لو سكت عن الاشتراط لم يدخلوا. قلت: في سماع عيسى ابن القاسم مثل ما في السدية، وفيه إن جهل العامل استثناء الرقيق والدواب وظن أن ذلك له، وإن لم يستثنهم فقال رب الحائط: إنما ساقيتك الحائط دون دوابه ورقيقه تحالفًا وتفاسخًا. ابن رشد: قوله هذا خلاف قولها أن الحكم دخولهم ولا يجوز لرب الحائط أن يستثنيهم، وعلى هذا السماع إن اتفقا على أن أحدهما استثناهم جاز ما اتفقا عليه، وإن اتفقا على عدم استثنائهم أحد منهما ولا كانت له بينة بقوا لرب الحائط، وإن اختلفا فيما نوياه أو فيما ادعياه لتحالفا وتفاسخا، وكذلك إن ادعى احدهما الاستثناء وكذبه إليه الآخر، ولم يدع استثناء إلا أنه قال: نويته، وعلى قولها: لو ادعى كل واحد منهما أنه استثنى كان القول قول العامل؛ لأنه مدعي الصحة على القول بمراعاة الأشبه مع القيام خلاف سماع أبي زيد في المغارسة. قلت: انظر قولها وإن كان أخرجهم قبل ذلك فلا بأس هل هو مطلقًا؛ لأنه مختلف

فيه أو ما لم يكن ذلك لقصد إخراجهم من المساقاة، كمن أراد طلاق زوجته فأخرجها من مسكنها لكي تعتد بغيره. وقال أبو حفص العطار: إن أراد أن يساقي حائطه فأخرجهم، ثم أقبل يسوم به فلا باس، إنما لا يجوز أن يخرجهم عند إرادة عقدها مع من يتكلم معه فيه. ولما الباجي سماع عيسى تحالفًا وتفاسخًا. قال: قال أبو محمد انظر، وهو لا يجوز عنده إخراجهم فصار مدعيًا لما لا يجوز، ومعناه: على أصل ابن القاسم أن اختلافهم يقول: رب الحائط إن لم يكونوا بالحائط يوم المساقاة، وقال العامل: كانوا به. وذكر ابن مزين رواية عيسى عن ابن القاسم فقال: يتحالفان ويتفاسخان إلا أن يمضي رب الحائط الرقيق فتلزم المساقاة، وهذا يدل على صحتها كما قلناه، ثم عزا لعيسى مثل قول ابن نافع. المقتضي: أن لرب الحائط شرط إخراجهم. قال: وإذا قلنا إن ذلك لا يجوز وشرطه. ففي الموازية: إن عمل عليه فله أجر مثله، ولابن القاسم في المدينة: له مساقاة مثله. قال محمد: ثم رجع إلى أجر مثله، ولو قال رب الحائط: لم أشترط شيئًا لكني اعتقدت إخراجهم لم يفده وكانوا للعامل. وفيها: لا يجوز شرط العامل على رب الحائط دواب، أو رقيقًا ليسوا في الحائط، ولا خلف ما أدخل العامل فيه. اللخمي: قال ابن نافع: لا باس أن يشترط من الرقيق ما ليس فيه، وهذا أقيس إذا جاز أن يساقي ما فيه كفاية، على أن على العامل ما سواه، جاز أن يعمر الخالي؛ ولأنها إجارة يتغير العوض عنها بقدر ما يتكلف فيه. الباجي: إن كان بالحائط أجراء فأجرهم على ربه، لا يجوز إخراج شيء منهم. اللخمي: إن كان كراؤهم غير وجيبة فهو كما لا رقيق فيه، وإن كان وجيبة لمدة

تنقضي فيها المساقاة فهم كرقيق الحائط يجري فيهم قولا مالك وابن نافع، وإن انقضت مدة الإجارة في نصف مدة المساقاة كان ما بعد أمد الإجارة على العامل. وفيها: ما كان في الحائط يوم العقد من دواب أو رقيق فخلف ما مات منهم على رب الحائط، وإن لم يشترط العامل ذلك ولو شرط خلفهم على العامل لم يجز. اللخمي: والإباق والتلف في أول العمل كالموت. الباجي: إن مات الرقيق والأجراء والدواب أو أبقوا أو مرضوا أو منعهم من العمل مانع ممن هو لرب الحائط، ففي المدونة لمالك: عليه خلفه. زاد في غيرها: وإن لم يشترط العامل ذلك؛ لأن العقد كان على عمل في ذمة رب الحائط، وتعين في هؤلاء بالتسليم، هذا إن كان مستأجرًا جميع العام، وإن كان مستأجرًا لبعضه فلم أر فيه نصًا، وعندي أن عليه ما يتم به العام كخلف ما مات. قلت: هذا خلاف ما تقدم للخمي. الصقلي عن ابن حبيب: إن شرط العامل على رب الحائط خلف ما أدخل العامل أو شرط رب الحائط على العامل خلف ما هلك مما كان لرب الحائط، رد العامل فيهما إلى أجر مثله. وفيها: نفقة رقيق الحائط ودوابه على العامل، وإن كانوا لرب الحائط. اللخمي: لمالك في مختصر ما ليس في المختصر: نفقة رقيق رب الحائط ودوابه عليه، وهذا مقتضى القياس؛ ولأنها على العامل طعام بطعام إلى أجل، وما في المدونة لتقديم خبر الواحد على القياس؛ لأنه صلى الله عليه وسلم لم يرو عنه أنه تكلف شيئًا من ذلك لأهل خيبر. وله عن ابن حبيب: نفقة أجراء الحائط وكسوتهم على العامل، وإن كانت أجرتهم على ربه؛ لأنهم كانوا فيه قبل السقاء كرقيقه. يريد: إذا كانت الإجارة على أن نفقتهم على رب الحائط، وعلى احد قولي مالك تبقى نفقتهم على رب الحائط، وعزاه الباجي أيضًا للموازية. اللخمي: وإن كانت إجارتهم غير وجيبة فتركهم العامل يعملون، ولم يعملوا بعقد

السقاء؛ فلهم أجر المثل كان أقل من المسمى أو أكثر، إن كانت أكثر. قال الأجراء: إنما عملنا بالمسمى بعقد مع غيرك، وإن كانت أقل قال العامل: إنما عاقدتم غيري فما علي إلا قيمة منافعكم. الباجي: سنة المساقاة أن الدلاء والحبال والأداة من حديد وغيره على العامل غلا ما كان في الحائط يوم المساقاة فيستعين به العامل وإن يشترطه، قاله في الواضحة ونحوه للخمي، وهو بعض مدلول قولها جميع المؤنة على العامل. اللخمي: إن كانت فيه فعلى العامل ما بعد فنائهما فإن سرقت فخلفها على رب الحائط إن أخلفه جديدًا استعمل إلى حد ما يرى أن يبلغه الأول، ثم يأخذه ربه ويأتي العامل ببدله؛ لأن مدة الآلة معلوم بخلاف العبد والدابة حياتهما مجهولة لو دخلا على حياتهما غررًا. الباجي: لو استعمل ما في الحائط من الحبال والآلة حتى خلق العامل خلفه، فإن سرق فعلى رب الحائط خلفه. قال بعض شيوخنا: وقيل على رب الحائط خلفه في الوجهين، والأول أظهر، وعلى نقل الباجي لزوم رب الحائط الخلف مطلقًا إن أخلف ما سرق قال ابن الحاجب: إن مضى قدر الانتفاع به جاءت القولان، أي على القول بعدم لزوم الخلف إذا فني يأخذ رب الحائط ما أخلفه، وعلى القول بلزومه لا يأخذه. وفيها: إن شرط رب الحائط بناء العامل حول النخل حائطًا أو تزريبها أو حفر بئر لسقيها أو لسقي الزرع أو إخراق مجرى العين إلينا لم يجز، ويكون أجيرًا إن كان ما ازداد ربه من ذلك يكفيه مؤنة ليست يسيرة. زاد الموطأ: أو عين يرفع في رأسها أو غرس يغرسه فيها يأتي بأصل ذلك من عنده أو ظفيرة بينهما لعظم نفقتها. الباجي: عن محمد إن كان الغرس يسيرًا أجزت المساقاة وأبطلت الشرط، وإن كان له قدر لم تجز. قال مالك: ولو كان الغرس من عند رب الحائط، فإن كان يسيرًا جاز وإلا لم يجز.

قال مالك: وله أجر مثله. قال عيسى: إن كان العمل كثيرًا من العامل دون الأصل رد لمساقاة مثله، ولو أتي العامل بالرديء رد لأجر مثله وأخذ قيمة غرسه مقلوعًا. وفيها: من أعطى أرضه رجلًا يغرسها شجر كذا، يقوم عليها فإذا بلغت كانت بيده مساقاة سنين سماها لم يجز؛ لأنه خطر. الصقلي: إن نزل فسخت المغارسة ما لم تثمر الشجر ويعمل بعد ذلك فله أجر مثله فيما عمل، وفي سني المساقاة مساقاة مثله. اللخمي: إن نزل والغرس من عند رب الأرض فالعامل أجير بعمله قبل أن تطعم ويخرج متى عثر عليه، ما لم تطعم فتبقى بيده على مساقاة مثله بقية الأجل، وقيل في مثل هذا: له الأقل من المسمى أو سقاء المثل. واختلف إن كان الغرس من عند العامل، وفات بالعمل، فقيل: هو فوت وله قيمته وقت وضعه بالأرض وقيمة خدمته لوقت خروجه ما لم تطعم فيمضي على مساقاة المثل، وقيل: ليس بقوت؛ لأنه باعه بيعًا فاسدًا على بقاء يده ينتفع بثمرته بعد الطيب، وذلك تحجير عليه من بائعه والغرس له وعليه قيمة ما أصلحت الأرض ونمت فيه، وله قيمته يوم يخرج عن الأرض قائمًا؛ لأنه غرسه بوجه شبهة وإذن مالك الأرض وليبقى بها للأبد، وقيل: قيمته مقلوعًا والأول أبين. وفيها: إنما يجوز شرط رب الحائط على العامل ما تقل مئونته كجم العين، وهو كنسها وقطع الجريد وسد الحظار واليسير من إصلاح الظفيرة ونحوه، وسرو الشرب وهو تنقية ما حول النخل من منافع الماء، لم يذكر ابن رشد خلافًا أن سرو الشرب على رب الحائط. وقال الباجي: قال ابن حبيب: هو على العامل وإن لم يشترط عليه. زاد اللخمي: وهو أصوب. عياض: هو بفتح السين المهملة وسكون الراء في الكلمة الأولى في فتح الشين المعجمة، وفتح الراء في الكلمة الثانية الشربة الحفرة حول النخلة يجتمع فيها الماء

لسقيها جمعها شربات وشرب، وسروها كنسها مما يقع فيها ويمنع سوق الماء إليها من تراب وغيره، وتوسعتها ليكثر ماؤها، لا ما قاله بعضهم: أنه نزع ما يجعل فيها من جريد وليف لحبس رطوبة الماء؛ إذ لا منفعة في هذا. الباجي: روى في سرو الشراب أنه سوق الماء وجلبه الذي يسقى به. عياض: وسد الحظار وشده يروى بالمعجمة والمهملة بها رواه ابن وضاح، والحظار كالحوائط أو الزروب حول الماء تمنع المواشي. ابن مزين: المعجمة أصوب هنا. وقال ابن يحيي: ما حظر بزرب فبالمعجمة، وما بجدار فبالمهلة. قلت: عزا الروايتين بالمعجمة والمهملة أبو عمر لمالك. عياض: والظفيرة عيدان تنسج وتظفر وتطين يجتمع فيها الماء كالصهريج، وإلى هذا أشار ابن حبيب، وقال غيره: هي مثل الساقية الطويلة في الأرض تجعل لمجرى الماء فيها تبنى بخشب وحجارة يظفر بعضها ببعض. الباجي عن ابن حبيب: رم القف وهو الحوض الذي يفرع فيه الدلو ويجري منه إلى الظفيرة على رب الحائط، ويجوز شرطه على العامل. قال أشهب: استخف مالك شرط على العامل. قال في العتبية: حرف القف وإصلاح كنس الزرنوق، وقيمة الدريهمات أو الدينار على رب الحائط إن لم يشترطه، وروى أشهب أيضا: لا يشترط على العامل ما اشترط إصلاح كسر الزرنوق. الصقلي: لا يجوز اشتراط كنس الزرنوق. قلت: عزاه التونسي للموازية، وما في العتبية هو سماع أشهب. ابن رشد: الزرنوق الخضارة، وقال أبو صالح: حرف الجذ الذي في القفة التي يسقى بها الماء، الأظهر أنها المعجمة التي يقع فيها الماء وكل ذاك يسير. وفيها: أجاز مالك لمن هارت بئره دفع حائطه مساقاة إلى جار يسوق إليها ماءه للضرورة.

ابن القاسم: لولا أنه أجازه لكرهته الصقلى عن سحنون: قول مالك أحسن عبدالحق: عن بعض القرويين ليس يعنى أن يسوق فضل مائه. مالك: لأن فضل الماء يأخذه عند ابن القاسم بلا ثمن، لو كان عنى فضله لم يقل لولا إجازة مالك لكرهته. قلت: هذا خلاف ما نقل ابن حارث. قال: اختلف فى هذه المسألة فذكر قول مالك: ابن القاسم حسبما تقدم، وقال: قال سحنون: قول مالك أحسن، ألا ترى أن من انهارت بئره يقضى له بفضل ماء صاحبه ليحيى له به حائطه، فإذا كان لم يضقى له به فكأن بئره لم تنهر. وقال ابن عبدوس: معناه أنه فضل بئر، وقال فى مكان آخر: ما يعجبنى قول مالك؛ لأن الماء يأخذه ويشرع فى عمل البئر ولا يتوانى فى ذلك، وهذا لا يأخذ فى عمل يده بل يدعه فقد استزاد على العامل. قلت: ففى جواز سقاء من انهارت بئر جاره على سوق مائه مطلقاً، أو إن كان فضله وكراهته مطلقاً، رابعها: يكره فى غير فضله لفهم بعض شيوخ عبد الحق قول مالك فيها وابن عبدوس فى كتاب الشرح، وله فى غيره: وفهم بعض شيوخ عبد الحق قول ابن القاسم فيها. الصقلى عن محمد: وعلى العامل رم قصبة البئر وأشطينه، وقواديسه وحباله ومؤنة الماء والحديد لعمله، فإذا تم سقاؤه كان ذلك له. قلت: فى الصحاح الشطن الحبل. الخليل: الحبل الطويل. وفيها: لا يجوز شرط العامل أن يعمل معه فى الحائط ربه بنفسه، فإن نزل فله مساقاة مثله لإجازة مالك أن يشترط عليه دابة أو غلاما إن كان لا يزول، وإن ماتا خلفه رب الحائط. قال قبله: وذلك فى حائط كبير لا فى صغير رب حائط تكفيه دابة واحدة لصغره

فيصير هذا جميع العمل على ربه، وسمع القرينان: من قال لرجل: اسق أنت وأنا حائطى، ولك نصف ثمره لم يصلح، إنما السقاء أن يسلم الحائط إليه. ابن رشد: إن وقع وفات فالعامل أجير؛ لأنه ربه شرط أن يعمل معه فكأنه لم يسلمه إليه، إنما أعطاه جزءا من الثمرة على أن يعمل معه بخلاف، فإن اشترط العامل أن يعمل معه رب الحائط هذا. قال مالك فيها وفى غيرها: أنه يرد إلى مساقاة مثله، وقال أشهب: إلى إجازة مثله، وقال سحنون: يجوز ولا يرد لمساقاة مثله كما لو شرط عليه غلاما يعمل معه أو دابة. عبد الحق: للعامل فى شرطه مؤنة رب الحائط سقاء المثل، وفى القراض إجازة المثل؛ لأن الفساد فى القراض أشد؛ لأن رب الحائط يتصرف مع العامل ويبيع ويغيب على ذلك، فكان المال بيده ولم يسلمه له ولا رضى أمانته والثمر فى المساقاة فى رؤوس الشجر لا يغاب عليه أيديهما عليه بالسواء. وقياس قول سحنون اشتراطه العامل معونة رب الحائط على شرط معونة غلامه لا يصح؛ لأنه فى اشتراط رب الحائط كأنه لم يسلم الحائط إليه، ولا رضى أمانته وفى الغلام قد سلم الحائط إليه. قلت: مافرق به بين المساقاة والقراض فى سقاء المثل، وأجر المثل فى القراض فيناقض ما أبطل ب قياس سحنون فتأمله، ويجاب بأن التحجير الناشاء عن بقاء يد رب الحائط ورب المال فى القراض مقول فيهما بالتشكيك، هو فى القراض أشد وفى المساقاة أخف خفة لا يبطل تأثيره الفساد، وسمع ابن القاسم: جواز شرط العامل على رب الحائط الغلام والدابة كقولها. ابن رشد: قوله: (لا بأس بذلك إذا كان ثابتا لا يزول) يدل على أنه لا يجوز إلا بشرط الخلف، وقاله سحنون نصا، وقيل: الحكم يوجبه وإن لم يشترط وو ظاهر الواضحة والمدونة تحتمل الوجهين وتفسير الروايات جميعا عندى أنه إن عين الغلام والدابة فى اشتراطه إياهما بإشارة أو تسمية فلا يجوز بشرط الخلف، وإن لم يعنيها فالحكم يوجب خلفهما، واعتراض بعض أهل النظر جواز اشتراط خلفهما معينين،

وقال: لا يجوز كما لا يجوز شرط خلف الدابة المعنية فى الكراء وليس بصحيح؛ لأن شرط خلف المعينة فى الكراء لا يجوز إذا نقد الكراء لا يجوز؛ لأنه يصير فسخ دين فى دين، وإن لم ينتقد فهو جائز، والمشترطة فى المساقاة كما لو اكترى ولم ينفذ كراءه؛ إذ ليس فى المساقاة كراء معلوم؛ لأن العوض فيها مجهول. قال: فإن لم يشترط الخلف حيث يجب اشتراطه أو اشتراط، ألا خلف حيث يوجب الحكم الخلف رد لسقاء مثله. قلت: ويأتى تعليله فى وصف الفساد. وفيها: شأن المساقاة إلى الجذاذ الأول حتى يشترط إلى الثانى، وتجوز إلى سنين ما لم تكثر جدا. قيل: فعشرة. قال: لا أدرى تحديد عشرة ولا ثلاثين ولا خمسين، ونحوه فى سماع أشهب. ابن رشد: اتفاقا أنها للأجدة لا للأهلية بخلاف القيالات هى بالأهلية لا بالأجدة، فإن وقعت إلى سنين وشرط أحدهما على صاحبه الخروج قبل الجذاذ أو بعده، ففيها: مساقاة مثله على أصل ابن القاسم. الصقلى عن محمد: لو ساقاة من صفر إحدى وسبعين إلى صفر سنة ثلاث وسبعين، وتم الأجل قبل جداد الثمرة؛ لزم بقاؤها حتى يتم جدادها أحب رب الحائط أو كره، فإن شرطا أجلا يتم سقيه فيه ويجده فلا بأس، وإن شرط أجلا بعد الجداد يسقيه فيه لم يجز؛ لأنها زيادة. اللخمى: معنى قوله: لزم بقاؤها حتى يتم جدادها، على أن الجداد قريب من انقضاء ذلك الأمد، وأنهما ظنا أن الثمرة تطيب فى تلك المدة فيكونان قصدا إلى بيعها، ولو كان الطيب يتأخر عن تلك المدة بالشاء البين لم يصح ذلك؛ لأنه استعمله على بيع منافعه فى تلك المدة ليأخد ثمرة عامين. وتعقبه ابن عبد السلام بقوله: إنما يتم هذا إذا لم يكن للعامل شاء فى الثمرة الثالثة، وإن كان له منها حظه على نسبة ما تقدم، وهو ظاهر الروايات فلا فساد.

قلت: قوله: (إنه ظاهر المدونة): إن أراد باعتبار الحكم فمسلم، وذلك لا يمنع التعقب المذكور بل هو متعلقه، وإن أراد باعتبار ما دخلا عليه فلا فتأمله. اللخمى: روى محمد إن جذ الحائط وبقى منه نخلات فعلى العامل سقى كل ما جذ وما بقى ولو كانت نخلات يسيرة هى العدائم المتأخرة الطيب حتى تجد، وكذا لو كانت فيه ألوان مختلفة نخل ورمان وزيتون، فسوى بين الثمرة من جنس أو أجناس ولو كانت متباينة. وقال الأخوان: إن بقى من العدائم النخلة والنخلات فسقى كل الحائط على ربه حتى عدائمه، ويعطى العامل حظه منها، وإن كانت العزدائم الأكثر فعلى العامل سقى كل الحائط، وإن متصانفا أو متشابها فعلى العامل سقى العزائم وعلى رب الحائط سقى غيرها. وإن اختلفت أصناف الحائط فجنى بعضها فقال ابن الماجشون هو كالعدائم، وقال مطرف: كلها قطعت ثمرة وتقضى جنسها من البستان سقطت مؤنته قل أو كثر. اللخمى: هذا القياس جنسا واحدا كان أو أجناسا، ونقله الصقلى من الواضحة، وعزا الأول أيضا ل أصبغ، وصوب ابن حبيب الثانى، وسمع ابن القاسم مثل رواية محمد. ابن رشد: العدائم صغار النخل المتأخر طبيعها، قاله بعض القرويين، وقال النخعى: هى صنف من الرطب بالمدينة تأتى فى آخر السنة وهو الأظهر. قلت: هذا الذى حكاه الجوهرى وهو بالدال المعجمة. ابن رشد: على أن العدائم صنف من أصناف التمر يتأخر طيبه يدخله الخلاف الذى فى الحائط يكون فيه أصناف من تين وعنب وتمر ورمان يتعجل طيب ذلك قبل بعض، فيها ثلاثة أقوال، لزوم سقى كل الحائط وما يجذ من العزائم، ولو قل هو قوله فى هذا السماع. وفى المختصر لمالك وابن القاسم: وسقى العدائم فقط كانت أقل الحائط أو أكثر، وهو قياس قول مطرف فى الحائط فيه أصناف من التمر، إلا أن يشترط عليه سقي

الحائط كله حتى تفرغ كل ثمرة فيجوز ذلك، رواه ابن وهب، وثالثها: أن القليل يتبع الكثير إن قلت العدائم فسقيها على رب الحائط، وإن كانت أكثر الحائط فسقى كل الحائط على العامل، وإن تناصف ذلك أو تشابه فسقى العدائم على العامل وحدها، وعلى رب الحائط سقى ماعداها مما جذ، ولا خلاف فى الصنف الواحد يتعجل جذاذ بعضه وباقيه متتابع أنه يلزمه سقى جميع الحائط حتى يجذ جميعه. العتبى سحنون: إن ترك العامل بعض العمل من عمل ما شرط عليه من عمل قوم جميعه وقوم ما ترك فيقدر قيمته من قيمة كل عمله ينقص من حظه، فلم يحك ابن رشد فيه خلافا. وقال ابن حارث: اتفقوا فى المساقى يترك من سقى الحائط أقلادا أنه لا يؤخذ منه لذلك دنانير ولا دراهم، واختلفوا فيما يجب عليه، فقال ابن عبدوس: روى أشهب أنه لا شاء عليه. وقال ابن نافع: يحط من حظه بقدر ذلك، فأنكر سحنون رواية أشهب، وصوب قول ابن نافع، وقال: كنت أقوله قبل سماعه. فيها: لا بأس بمساقاة الشجر البعل؛ لأنها تحتاج لمؤنة وعمل كشجر إفريقية والشام، قيل: فزرع البعل. قال: إن احتاج إلى ما يحتاجه البعل من المؤنة وبخلاف هلاكه إن ترك جازت مساقاته، وإن لم تكن فيه مؤنة إلا حفظه وحصاده ودراسه لم تجز مساقاته، وصارت إجازة فاسدة، ومثله سماع أصبغ ابن القاسم. وسمع ابن القاسم: من ساقى حائطه فجاءه الله بماء أقام به حينا لم يحاسب العامل بشاء من ذلك. ابن رشد: اتفاقا؛ لأنه سنة من مساقاته - صلى الله عليه وسلم - أهل خيبر بخلاف الإجازة، لو استأجره على سقاء حائطه زمن السقى وهو معلوم عند أهل المعرفة فجأة ماء السماء الحائط أقام به حينا لحط من إجازته بقدر مقام الماء فيه. وفيها: لمن سوقى فى زرع أو أصل مساقاة غيره فى مثل أمانته، فإن ساقى غير

أمين ضمن. اللخمى: للعامل أن يساقى غيره وإن لم يعجز؛ لأن عمله فى الذمة يجوز دفعه لأمين، وإن لم يكن مثله فى الأمانة. وسمع ابن القاسم: له أن يساقى من شاء على النصف أو الثلث. ابن رشد: إن ساقى أمينا مثله فى الأمانة جاز اتفاقا، وإن كان أمينا دونه فى الأمانة أو غير مأمون إلا أنه مثله فى غيره الأمانة، فيتخرج على ماتقدم فى سماع عيسى من كتاب الشفعة. قلت: قال فيه من اشترى شقصا بثمن لأجل، لشفيعه فيه الشفعة إن كان مليا دون المشترى فى الملاء بغير حميل يلزمه، قاله محمد، وقال أشهب: ليس له ذلك إلا بحميل مثل المشترى فى الملاء. وقال ابن عبد السلام: فى قول ابن الحاجب له أن يساقى أمينا غيره، ظاهره أنه لا يحتاج إلى تساويها فى الأمانة، فإن أراد هذا فهو خلاف المدونة، ومقتضى النظر؛ لأن المطلوب كون الثانى مساويا للأول فى الأمانة والقوة على العمل. فإن قلت: قوله فى المدونة: إن ساقى غير أمين ضمن، يدل على أنه لا يلزم مساواته فى الأمانة كما اختار اللخمى. قلت: لا دلالة فى ذلك إنما جرى لفظه على عادته وعادة المتقدمين فى التمثيل بالجلى، ومثل قوله هنا قوله فى الرواحل: من اكترى دابة ليركبها فحمل مكانه مثله فى الخفة والأمانة لم يضمن، وإن أكراها ممن هو أثقل منه أو من غير مأمون ضمن، وله فى الإجازة مثل ما قلناه: من اكترى دابة لركوبه كره كراؤها من غيره كام مثله أو أخف، فإن أكراها لم أفسحه وإن تلفت لم يضمن، وإن أكراها فى مثل ما اكتراها فيه من مثله فى حاله وأمانته وخفته. قلت: أول لفظها فى المساقاة يدل على شرط المساواة، وآخره يدل على الانتفاء بمطلق الأمانة، فكان بعض من لقيناه يحمل لفظها فى مثل هذا على أحد القولين منه إذا كانا منصوصين خارجها، وكان بعضهم يجعل آخر الكلام مفسرا لأوله وقاضيا عليه

وأخذه من مسألة كتاب الإجازة، قد يرد بأن الركوب الأصل تعيينه فى الراكب، ولذا كره له كراؤها لغيره، والعمل فى المساقى غير متعين ضرورة أنه فى الذمة. وفيها: لا يجوز أن يربح فى المساقاة إلا ثمرا كأخذه على النصف ويعطى على الثلثين فيربح على السدس، أو يربح عليه. عياض: هذا خلاف مذهب مالك، ومالك لا يجيز هذا. قال بعض شيوخنا: لأنه إن كان زاده السدس من الحائط فقد باع ذلك على ربه بغير إذنه، وإن شرط ذلك فى ذمته كانت مساقاته على جزأين؛ جزء من الحائط وجزء فى ذمته وذلك فاسد، وقال غيره: معنى المسألة أن المساقى الثانى لم يعلم أن الأول أخذه على النصف ولو علمه لم يجز، وكان للعامل الثانى أجر عمله. قلت: يجاب عن اعتراضه بلزوم أحد الأمرين إما بيع ثمر الغير دون إذنه أو المساقاه بثمن من غير ثمر الحائط بعدم لزومه فى كل صورة، وإذا تبين عدم لزومه فى صورة صح لفظ لصدقة فى تلك الصورة، وبيان عدم لزوم أحد الأمرين فى بعض الصور هى صورة من أخذ حائطا مساقاة من أبيه على النصف، ثم مات أبوه وورثه مع أخ له، ثم ساقى فيه غيره على الثلثين، فإن هذه الصورة ليس فيها بيع ثمن غيره بغير إذنه؛ لأ السدس الذى ربح عليه العامل يعطيه من الربع الذى ورثه من الثمرة عن أبيه، وليس فيها أيضا المساقاة على جزء فى ذمته من غير الحائط. الصقلى: روى محمد إن أخذه على النصف ودفعه على الثلثين إلى غيره، وربه عالم بذلك كله فربه أولى بنصف الثمرة، ويرجع الثانى على الأول بما بقى، وكذا فى العتبية لمالك. قلت: هو سماع ابن القاسم. ابن رشد: قوله: (وعلم رب الحائط) معناه: علم ولم ينكر فلم ير عليه حجة فى سكوته، ومثله فى الموازية وهو عندى على أن السكوت ليس إذنا، وهو أحد قولى ابن القاسم، وعلى أنه كالإذن، فالثانى أحق بثلثى الثمرة ويرجع رب الحائط على من ساقاه بمثل سدس الثمرة.

وقوله فى المدونة: وهذا السماع إذا كان الأول أحق بنصف الثمرة يرجع المساقى الثانى على الأول بما بقى له كلام وقع على غير تحصيل؛ لأن الواجب أن يرجع عليه بقدر ما أخذ رب الحائط من الثمرة فى قيمة غلته؛ لأن الثمرة إجازة له فى عمله فلما استحق بعضها وجب أن يرجع بذلك الجزء من قيمة عمله، ويلزم على القياس هذا إن علم المساقى الثانى أن الأول على النصب أن تفسد مساقاته؛ لأنه دخل على أن له بعمله نصف الثمرة وقيمة ربع عمله، وذلك لا يجوز، وحمل بعض أهل النظر قوله على ظاهره أنه يرجع عليه بمثل سدس الثمرة وأن المساقاة لا تجوز؛ لأنه ساقاه على نصف ثمرة الحائط، وعلى مثل سدس يدفعها له من حائط آخر. قلت: ما أشار إليه من التعقب فى قوله كلام على غير تحصيل سبقه به التونسى هنا. وقال اللخمى فى ترجمة العامل: يشارك بالقراض لو أخذ حائطا مساقاة على النصف ثم دفعه لغيره على الثلث فالسدس للعامل الأول، وإن أخذه الثانى على الثلثين له لم يجز، فإن فات بالعمل فاختلف بماذا يرجع العامل الثانى، فظاهر المدونة أنه يرجع على من دفعه إليه بسدس الثمرة لما فى المساقاة من التوسعة من الغرر وغيره بخلاف البيع، فأشبه كونها صداقا وكتابة، وقياس البيع رجوعه بربع الإجارة كمن اشترى ثمرة فعمل فاستحق بعضها يرجع بقيمة ما ينوبها وهو ربع الإجارة، ولو كانت المساقاة على غير العامل وأخذه على النصف ودفعه على الثلث كان لرب الحائط الثلثان، ولا شاء للعامل كالقراض. قلت: كذا وجدته فى غير نسخة وهو مشكل؛ لأن حكم المساقاة أن العمل فى ذمة العامل، فشرط كونه فى ذمته يوجب الفساد، فإن جعل تصرفه فى الحائط بإعطائه مساقاة لغيره فوتا وجب له مساقاة مثله أو أجر مثله، فكان ذلك كالجزء الواجب له بالحكم، وإن جعل تصرفه لغوا كان عقده مساقاة غيره كعقد فضولى، فيخير ربه فى إمضائه ورده، فيكون للعامل الثانى أجر مثله. وفيها: إن عجز العامل وقد حل بيع الثمرة لو يجز أن يساقى غيره، واستأجر من يعمل ولو ببيع حظه، وما فضل من ثمنه له، وما نقص فعليه إلا أن يرضى رب الحائط

أخذه، ويعفيه من العمل فذلك له. اللخمى: قال سحنون: إن عجز رد إلى كعجزه قبل صلاحه، والمساقاة أولها لازم وآخرها إن عجز كالجعل يرد لربه ولا شاء له، والأول أبين؛ لأن عقد المساقاة لازم قبل العمل فيباع فيه ماله فمن حق رب الحائط بيع حظه من الثمرة لذلك، وأرى أن رب الحائط بالخيار بين بيع حظ العامل بالنقد، ويستأجر بثمنه كما قال ابن القاسم، أو يباع بثمن مؤجل إلى اليبس أو الجداد، ويستأجر أجيرا بأجرة مؤجلة إلى ذلك أو تباع ممن يعمل بذلك الجذ على وجه الإجارة، فإن كان التمر لا يوفى ولم يرض رب الحائط بالسلف رد الحائط إليه، ويختلف هلى يكون له عن ذلك العمل عوض أو لا؟ وفيها إن عجز عن السقى قيل له: ساق من شئت أمينا، فإن لم يجد أسلم الحائط لربه ولا شاء له ولا عليه. الصقلى: إن قال ربه استأجر من يتم عمله، وأعطيه حظه من الثمرة فما فضل فهو له، ومانقص أتبعته به إن بغى أن يكون له ذلك كقول ابن القاسم فى المتزارعين: يعجز أحدهما بعد العمل وقبل طيب الزرع. التونسى: لم يعد هذا سلفا جر نفعا للضرورة التى دعت لذلك. اللخمى: إن أخذه على النصف وعجز ولم يجد من يساقيه إلا بالثلثين، أو لم يجد من يأخذه إلا بوجه الإجارة فربه بالخيار بين أن يساقيه بذلك، ويخسر السدس أو يسلفه للإجارة عليه. وفيها: للعامل مساقاة رب الحائط حائطه كالأجنبى. اللخمى: إن كان على مثل الجزء الأول جاز ولو بعد العمل، ولو أخذه على النصف ورده على الثلث وربح سدسا جاز قبل العمل، وفى جوازه بعد العمل قولان لها، ولسماع أشهب قائلا ولتهمتهما أنهما عملا على أن يسقى شهرا، ثم يعيده قبل طيبه ويأخذ جزءا بعد الطيب. ابن رشد: خروج العامل من الحائط لربه أو لمبتاع الحائط منه على شاء يعطاه لا

يجوز اتفاقاَ، فإن وقع وفات العمل رد فيها عمل لأجر مثله، وخروجه بعد عمله على جزء مسمى، وعلل أشهب منعه بالتهمة حماية الذريعة فلا حرج عليهما إذا فعلاه لأمر بدالهما دون دولسته، وعلى تعليل أشهب إن وقع رد لإجارة مثله، وأجازه في سماع أَصبَغ. ابن القاسم: وخروجه قبل العمل على جزء مسمى جائز اتفاقاَ على قول مالك أن عقد المساقاة لازم، وعلى قول من يراه غير لازم. اللخمي: إن انقضى العام الأول جازت الإقامة إن لم يعمل من الثاني، ويختلف إن عمل من الثاني، ثم أقاله بجزء موافق أو مخالف على سماع أشهب لا يجوز إلا قبل العمل من العام الثاني، وجزء موافق للأول؛ لأنهما بعد العمل يتهمان أن يكونا عملا من الأول علي أن يعمل عاما وبعض اخر بثمرة عام وذلك زيادة من العمل، ويتهمان فى الجزء المخالف على أنهما عملا على أن يسقى عاما وبعض آخر ليأخذ من ثمرة الأول النصف ومن ثمرة الثانى الثلث، وقال محمد: إن أخذه على النصف ورده على الثلثين لرب الحائط فلا بأس إذا كانت الزيادة من الحائط بعينه، وهذا وهم لا يصح أن تكون الزيادة من الحائط؛ لأن لرب الحائط نصف الثمرة فكيف يزيده من نصيبه. الصقلى عن ابن حبيب: إن تتاركا بجعل أخذه رب الحائط من العامل من غير الثمرة فعثر عليه قبل الجذ، رد الجعل ورجع العامل لمساقاته وغرم لرب الحائط أجر ما عمل بعد رده، وكذا إن عثر عليه بعد الجذاذ للعامل بنصف الثمرة، ويؤدى قيمة ما عمل بعد رده ويأخذ ما كان أداه. قال بعض القرويين: رد الثمرة للعامل ورب الحائط ابتاعها منه بما يأتى به من العمل بدل ما لزم العامل من العمل، وما أخذ منه من الجعل، وهو شراء فاسد قد تغيرت الثمرة فيه، وهى فى أصول البائع فلم يجعل رب الحائط قابضا لما لذلك. وفى الموازية: إن اشترى الثمرة على البقاء قبل زهوها، ثم اشترى الأصول فأزهت الثمرة بعد شراء الأصول فعليه قيمة الثمرة يوم شراء الأصول؛ لأنها كالقابض لها يوم شراء الأصول فصارت في ضمانه.

الصقلي: هذا هو الصواب ليس كمبتاع ثمر قبل زهوه على البقاء في أصول بائعه، محمد: إن أخذ رجلان حائطاً مساقاة فسلمه أحدهما لصاحبة بجزء من الثمرة جاز، وكذا لو كان ملكاً لهما، ولو أخذ حائطين مساقاة أو كانا ملكاً لهما فأخرج أحدهما الآخر على جزء من ثمرة أحدهما لم يجز، وكذا من أخذ حائطين لم يجز بجزء من أحدهما وبجز منهما جائز. وروى أشهب وابن وهَبْ: إن أخذا ثلاث حوائط فأخرج أحدهما الآخر من حائطين بالسقاء نفسه، ومن الثالث بربح عشر ثمرته لم يجز. وفيها: إن فلس رب الحائط لم تنفسخ المساقاة ولو لم يكن عمل، ويباع الحائط على أنه مساقى فيه، فقيل: لم أجزته ولو باع رجل حائطه واستثنى ثمرته لم يجز؟ قال: هذا وجه الشأن فيه، وقد قال غيره: لا يجوز البيع ويكون موقوفاً إلا أن يرضى العامل بتركها. وسمع أشهب في كتاب الهبات: لا يصلح إن وهب ثمر حائطه بيع حائطه قبل أن تؤبر ثمرته. ابن رُشد: مثله سمع يحيى ابن القاسم لا في فلس رب الحائط كقولها في المساقاة: لا فرق بين كل ثمر الحائط وبعضه، وروى أشهب إجازة بعضه بيعه في المساقاة ولم يذكر تفليساً ولا غير ففي منعه مطلقاً أو إجازته، ثالثها: في غير الفلس لغير ابن القاسم فيها ورواية أشهب؛ لأن ما استثنى إنما هو لغير البائع، ولابن القاسم في مساقاتها مع سماعه يحيى في الهبة، ولابن عبدوس رجع سَحنون عن اختياره قول غير ابن القاسم إلى قوله قائلاً: أصحابنا يجيزون في البيع للضرورة ما يمنع في غيرها، والذي أقوله الجواز مطلقاً؛ لأن استثناء ثمرته قبل الإبار إنما لم يجز على قياس أن المستثنى مشترى؛ لأنه يصير رب الحائط باعه بالثمن والثمرة المستثناة، وهذا لا يتصور في وجوب الثمرة قبل بيع الحائط لغير ربه. اللخمي: إن كان السقاء لعام واحد والثمرة مزهية جاز بيع الأصل اتفاقاً، ثم إن كان بيع حظ رب الحائط منفرداً أثمن بيع وإلا بيع مع الأصل، وإن أبرت الثمرة جاز

بيع الأصل اتفاقاً. وفي إدخال حظ رب الحائط مع الأصل قولا ابن القاسم وغيره، وقول ابن القاسم أحسن؛ لأن حظ العامل منها ليس بمستثنى لتقدم بيعه بوجه جائز، وإنما الاستثناء فيما بقي على ملك البائع قادراً على بيعه، ويجوز على قول أشهب؛ لأنه مخير أن يستثني نصف الثمرة دون مساقاة، ولو أحب المفلس تأخير بيع الثمرة لطيبها وطلب الغرماء تعجيله فالقول قولهم، وإن كانت الثمرة غير مأبورة فالخلاف في بيع الرقاب على قولي ابن القاسم وغيره، وكذا إن كانت المساقاة سنتين أو أربعاً. الصقلي: وتقدم لمحمد إنما يجوز بيعه إن أبرت الثمرة وإلا لم يجز إلا أن يشترط أن لا يقبضها إلا بعد الطيب وأخذ العامل حظه. وفي أكرية الدور والأرضين منها لمن اتخذ نخلاً مساقاة فغار ماؤها بعد أن ساقى أن ينفق فيما بقدر حز رب الأرض من الثمرة لسنته تلك لا أكثر، ومنه سمع ابن القاسم. ابن رُشد: ظاهره أن ما زادت النفقة على رب الحائظ لا يلزمه، ومثله في رهونها خلاف سماع سَحنون لزوم الراهن إصلاحها ويلزم ذلك في المساقاة، فإن لم يكن لرب الحائط غيره بيع منه بما يصلحها لئلا يذهب عمل العامل. وفيها: إن ساقيت رجلاً فإذا هو سارق مبرح أخاف أن يذهب بثمرة الحائط أو يقطع جذوعه. قال: لم أسمع منه فيه شيئاً، ومساقاته لازمة ويتحفظ منه، كقول مالك فيمن باع سلعة إلى أجل من رجل جهل البائع أنه مفلس أن بيعه لازم. اللخمي: في هذا نظر؛ لأنه عيب ولا يقدر على التحفظ على السارق ويخفي ما يسرق منه، ولرب الحائط أن يساقي عليه أو يستأجر عليه بالعين يعمل بما هو أحسن له، وللعامل ولمن باع من مفلس وهو لا يعلم رد بيعه، ولو كان المشتري مشكوكاً في يساره بما يشتريه لم يجز البيع إلا بعد معرفته بذمته؛ لأن الثمن إذا بيع من الموسر بخلافه من المعسر، وقد قال مالك: ومن وكل من يأخذ له سلماً فقال المسلم: إن أقر لي وإلا

فأنت ضامن لم يجز؛ لأنه لا يدري على أي الذمتين دخل والصنعة تقدمت. وفيها: المساقاة تلزم بالعقد ولم لم يعمل إلا أن يتشاركا معاً دون شيء يأخذه أحدهما من الآخر، فيجوز وليس ببيع ثمر لم يبد صلاحه إذ للعامل أن يساقي غيره فرب الحائظ كأجنبي إذا تركه يأخذ منه المساقاة بغير لفظها، وقول ابن القاسم منعه. فأجاب بعض الفاسيين بأن ابن القاسم إنما منعها بلفظ مضاد لها كالإجارة ونحوه، وأشار إليه أبو الشيخ الحسن. وفيها: إن اختلفا في المساقاة فالقول قول العامل. الصقلي: يريد بعد إن عمل فهو على المدعى عليه، وإن لم يعمل تحالفا وتفاسخا على القول أن المساقاة تلزم العقد. اللخمي: إن اختلفا قبل العمل وأتى أحدهما بما يشبه فيختلف هل يكون القول قوله مع يمينه، وتثبت المساقاة أو يتحالفان ويتفاسخان، فعلى ما ذكره أشهب يكون كالقراض إن رضي أحدهما بما قال الآخر، وإلا رد بغير يمين. قلت: كذا هو في غير نسخة وهو مشكل؛ لأن قوله فعلى ما ذكره أشهب ظاهره أنه أتى به مفسراً للقولين الذي ذكرهما وهو لزوم قول ذي الشبه أو التحالف، وما ذكره إنما هو عدم لزوم عقد المساقاة ولا دلالة فيه لأحد القولين، ويحتمل أنه إنما أتى بما ذكره أشهب ليثبت به قولاً ثالثاً للقولين المذكورين، ففي كون إتيان أحدهما بما يشبه قبل العمل موجباً لقبول قول ذي الشبه ولزوم الفسخ بتحالفها، ثالثها دونهما ما لم يتفقا بناء على الترجيح بالشبه مع القيام ولغوه، وكون العقد على العمل. إن ادعى أحدهما فساداً فالقول قول مدعي الصحة، وسمع عيسى ابن القاسم إن تعاقدا فقال رب الحائط: إنما ساقيتك الحائط دون دوابه ولا رقيقه تحالفا وتفاسخا. التونسي: الذي ينبغي أن يحلف مدعي الفساد فقط إن حلف فسخت المساقاة؛ إذ لا فائدة في يمين الآخر للزوم الفسخ حلف أم لا، وإن نكل ذو الفساد حلف مدعي الصحة وقبل قوله. وانظر لو عمل بعض العمل، ثم قال صاحب الحائط: شرطت إخراج الرقيق هل

يحلف ويخرجهم؛ لأنه لم يقر بأنهم دخلوا قط كمن قيل له: أكريت مني أو بعت مني، وقال الآخر: لم أكر منك ولم أبع منك فالقول قوله. قلت: الأليق بحال الشيخ عدم جعل هذه الصورة محل نظر، بهذا القياس الذي ذكره؛ لأن صورة النزاع القائل فيها لم أفعل هو رب الحائط دعواه فيها فاسدة والقائل في الصورة المقيس عليها لم أفعل دعواه فيها غير فاسدة. قال: وبعد فوات العمل القول قول مدعي الصحة وفيه نظر؛ لأنه يقول لم أكر منك الدواب فقط، وقد قال فيمن قال: اشتريت منك عشرة أثواب، وقال البائع: بل تسعة فقط أنه يغرم قيمة العاشر، ولا يصدق أنه اشتراه ولو فات لما لم يقر البائع أنه باعه. قلت: يرد بما تقدم من دعوى الفساد، وسمع ابن القاسم: من ساقى حائطه سنة أو ثلاثاً، فقال: لما فرغ العامل لم تدفع إلى الثمرة إن كان جذ فلا شيء له. ابن رُشد: يريد أن العامل مصدق مع يمينه في دفعه حظ رب الحائط؛ لأنه في أمانته لا في ذمته كالمودع، وهو نص ما الموازيَّة أنه يحلف كان بقرب الجذاذ أو بعده. قال: وكذا لو جذ بعضاً رطباً والباقي تمراً، فقال: قبل الجذاذ لم تدفع إلى الرطب ولا ثمنه، هذا المنصوص في المسألة، ولا يبعد دخول الخلاف من مسألة الوكيل على القبض يدعي الدفع لمن وكله، قيل: يقبل قوله قرب أو بعد مع يمينه، وقيل: إن قرب قبل قول موكله مع يمينه أنه ما قبض، وإن بعد كالشهر أو نحوه قبل قول الوكيل مع يمينه، وإن بعد الأمر جداً قبل قوله دون يمين، وقيل: إن كان بحضرة ذلك وقربه بالأيام اليسيرة صدق الوكيل مع يمينه، وإن طال صدق دون يمين، وإن مات العامل وقال رب الحائط" إنه لم يقبض حظه من الثمرة، فإن كان بقرب الجذاذ فذلك في ماله له وإن بعد الأمر لم يكن في ماله اتفاقاً. وفاسدها يفسخ إن لم تفت بالعمل رد الحائط لربه فإن ماتت ففي رده لإجارة مثله أو مساقاة مثله مطلقاً أو في بعضها للأول وبعضها الثاني، رابعها: لمساقاة مثله ما لم تكن أكثر من الجزء الذي شرط عليه إن كان الشرط للمساقي أو أقل إن كان للعامل

لابن رُشد قائلاً هو الآتي على قول ابن أبي سلمة في القراض، والآتي على قول أصبغ في شرط أحدهما على صاحبه حمل حظه لمنزله مع رواية ابن الماجِشُون وأصله، وقول أشهب في القراض، وقول ابن القاسم وغيره. قال: وقول ابن القاسم استحسان لا قياس، وأصلها أنها إن خرجت عن حكمها لإجارة فاسدة أو بيع ثمن قبل بدو زهوه بما شرطاه من زيادة خارجة عنها ردت لإجارة المثل، كشرط أحدهما زيادة دنانير أو دراهم أو عرض وما لم يخرجا به عن حكمهما، فله فيه مساقاة المثل كحائط على الثلث وآخر على النصف، وهو أصل يأتي عليه مسائل كثيرة لابن حبيب، وغيره والموجود له بسقاء المثل أربع قولها في مساقاة حائط فيه ثمر أطعم، وقولها في شرط العامل عمل رب الحائط، وسماع عيسى في كتاب النكاح عقدها مع البيع صفقة واحدة، وسماعه مساقاته سنة على النصف وسنة أخرى على الثلث، وكذا يلزم مع حائطين أحدهما على الثلث والآخر على النصف، ومثله مساقاة حائط على أن يكفيه مؤنة آخر. قال: في الذي شرط عليه كفايته أجر مثله، وفي الآخر مساقاة مثله، ومضى لنا عند من أدركنا من الشيوخ أن الذي يرد لمساقاة مثله على مذهبه. هذه المسائل الأربع المنصوصة وما في سواها أجر المثل فتأويلهم هذا عليه قول خامس، والصواب أن ما ذهب إليه ابن حبيب على الأصل الذي ذكرناه مفسراً لمذهب ابن القاسم: لا خلاف له. عياض: كل الخلاف في القراض الفاسد جاء في المساقاة الفاسدة، والحق ما ذكره ابن رُشد أنه يلزم إذا شرط العامل دابة أو غلاماً ليس في الحائط وهو يكفيه لصغره. اللخمي: إن قال ثمر هذا الحائط بيننا وثمر هذا الحائط لي أو لك لم يجز، وللعامل أجر مثله فيما شرطا ثمرته لأحدهما، فإن شرطاها لرب الحائط فله أجره وإن جاوز الثمرة، وإن شرطاها للعامل فله أجره ما لم يجاوزا الثمرة، ويختلف في الذي شرطا ثمرته بينهما هل يكون فيه أجيراً أو على مساقاة مثله، وأرى للعامل الأقل في المسمى أو مساقاة المثل إن شرط المنفرد لصاحب الحائط وإن شرطاه للعامل فله الأكثر، ولابن

حبيب إن ساقاه على أن البرني بينهما وما سواه لرب الحائط فهو في البرني على مساقاة المثل، وفي الآخر أجير وإن كان ما سواه للعامل فهو أجير في الجميع؛ لأن الزيادة إن كانت لرب الحاشط أخف؛ لأنه يعود لتقليل جزء الثاني، وإن كانت الزيادة للعامل كان أجيراً؛ لأنه يشرط أن تكون الزيادة من غير الحائط. قلت: في قوله: لأنه شرط أن تكون الزيادة من غير الحائط نظراً لوضوح كونها منه إلا أن يقصر مسمى الحائط على ما لرب الحائط حظ منه فتأمله. قال: وأرت فيما يرد في لمساقاة المثل إن كان المثل فيه أكثر من المسمى أن يرد في كل عمله لأجر مثله؛ لأنه إن أعطى ما زاد على المسمى كان قد بيع على رب الحائط من الثمرة ما لم يبعه، وإن قصر العامل على المسمى ظلم إلى أن يرضى بالمسمى، وإسقاط ما زاد عليه أو يرضى رب الحائط بدفع الزائد ثمره أو يكن الزائد يسيراً. ثم قال عبد الحق: عن غير واحد من شيوخ صقلية ما يرجع فيه لمساقاة المثل أو قراض المثل يفسخ ما لم يعمل، فإن عمل ترك وما يرجع فيه إلى أجر يفسخ ولو عمل، وقاله ابن حبيب. قلت: ذكره ابن رُشْد غير معزو كأنه المذهب، وكذا عياض مقيداً الفوت بعمل له. قال: وعلله اللخمي بأن مساقاة المثل العوض فيها من الثمرة، فلو فسخت ذهب عمله باطلاً، وفي الإجارة العوض في الذمة لا يذهب بالفسخ عمله باطلاً. عبد الحق عن بعض شيوخ صقلية: ما فيه مساقاة المثل، فالعامل أحق بالثمرة من الغرماء في الموت والفلس، وكذا ما يرجع فيه لقراض المثل في القراض؛ يريد: وما يرجع فيه لأجر المثل لا يكون فيه أحق في موت ولا فلس، وفي المساقاة يكون أحق في الفلس لا في الموت.

كتاب المزارعة

[كتاب المزارعة] المزارعة: شركة في الحرث، وبالثاني عبر اللخمي وغيره، وعبر بالأول كثير، وسمع عيسى سئل ابن القاسم عن رجلين اشتركا على مزارعة.

وروى البزار عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يقولن أحدكم زرعت وليقل حرثت"، وروى مسلم عن جابر بن عبد الله أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا يغرس مسلم غرساً، ولا يزرع زرعاً، فيأكل منه إنسان، ولا دابة، ولا شيء إلا كانت له صدقة". وفي لزومها بالعقد أو الشروع، ثالثها: بالإبذار لابن رُشْد عن سَحنون مع ابن الماجِشُون وابن كنانة وابن القاسم في كتاب ابن سَحنون وابن كنانة في المبسوطة، وبه جرت الفتوى بقرطبة، وهو على قياس رواية علي في لزوم الجعل بالشروع، وقول ابن القاسم فيها مع سماعه أصبع، ولم يحك ابن حارث عن ابن القاسم غير الأول، وقال: اتفقوا على انعقادها بابتداء العمل. وفيها: اختلف عن مالك في الشركة في الحرث فروى بعض الرواة لا تجوز حتى يشتركا في رقاب الدواب والآلة، ليضمنا ما هلك، وروى غيرهم إن ساوى كراء ما يخرج هذا كراء ما يخرج الآخر جاز بعد اعتدالهما في الزريعة. قال ابن الحاجب: والمشهور جوازها وإن لم يشتركا في الدواب والآلة. قال ابن عبد السلام: قوله ولئن لم يشتركا كذا هو في النسخ بالواو، والصواب حذفها؛ لأن إثباتها يوجب كون الخلاف مع كون الشركة في الآلة وليس كذلك. قلت: إثباتها يوجب كون الخلاف مع كون الشركة في الآلة. يرد بأنه إنما يلزم ما ذكره إن جعلنا الواو عاطفة، وذلك غير متعين لجواز كونها واو الحال، وإذا كانت للحال فما ذكر غير لازم، وهذا؛ لأن خبر المبتدأ وهو قوله المشهور هو قوله جوازها، فإذا كانت الواو للحال كان جوازها خبراً من حيث كونه مقيداً بما جعل حالاً له لا مطلقاً؛ لأن الحال تفيد تقييد ذي الحال عن مطلق أحواله بها،

كما أن الشرط يفيد تقييد مشروطه به ضرورة أن مدلول قولنا زيد ساكن، وقولنا: زيد ساكن قائماً متغايران الثاني في قوة قولنا زيد ساكن إن كان قائماً فمدلول الخبر مقروناً بواو الحال كمدلوله دونها مقروناً بالشرط فتأمله. واحتمال كون الواو للعطف أو للحال في لفظه أو قريب من احتماله في الواو في قوله تعالى: {يَغْشَى طَائِفَةً مِنْكُمْ وَطَائِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنْفُسُهُمْ} [آل عمران:154] وجوابنا قريب من جواب سيبويه عن السؤال الوارد في الآية الكريمة، وهو كونها للعطف يوجب ترجيح نصب طائفة على الاشتغال؛ لأنها حينئذ معطوفة على جملة فعلية، فأجاب سيبويه بمنع كون الواو للعطف وجعلها للحال، وجعل ابن الحاجب الرواية الثانية هي المشهور، وما وقفت على ذلك لغيره وجلهم يذكر الروايتين فقط؛ بل ظاهر قول المتيطي: سنتها التساوي في الأرض والبذر والبقر والأداة، وكل العمل حتى يصير ما هلك من ذلك في ضمانهما، أن المعتبر من الروايتين أولاهما خلاف جعلها شاذة، والصواب قول ابن الحاجب أن الأول هي رواية ابن غانم، والثانية رواية ابن القاسم، ومعلوم أنها هي المشهور. عياض: وجوهها ثلاث إن اشتركا في الأرض والآلة والعمل والزريعة جاز اتفاقاً، وإن اختص أحدهما بالبذر من عنده والآخر بأرض لها قيمة واشتركا في غيرهما تساويا أو تفاوتا فسدت اتفاقاً لاشتمالها على كراء الأرض بها يخرج منها إلى على قول الداودي والأصيلي ويحيى بن يحيى في جواز كرائها بالجزء على مذهب الليث في الوجهين، وكلاهما خلاف مذهب مالك وأصحابه، وما عدا هذين الوجهين مختلف فيه. قلت: فقول ابن حارث اتفقوا إن كانت الأرض من عند أحدهما، والبذر من عند الآخر أن الشركة فاسدة بكل حال خلاف نقل عياض. وفيها: إن خرج أحدهما البذر والآخر الأرض وتكافئا فيهما وفيما سواهما من العمل فلا خير فيه عند مالك؛ لأنه كراء الأرض بطعام، ولو اكتريا الأرض جميعاً من

رجل وأخرج أحدهما البذر والآخر البقر والعمل وقيمة البذر وما يقابله سواء جاز؛ لأنهما سلما من كراء الأرض بالطعام، وكون الطعام في مقابلة شيء من الأرض مانع ولو قل. الصقلي عن سَحنون وابن حبيب: إن أخرج أحدهما الأرض وثلثي البذر والآخر ثلثه والعمل والزرع بينهما بالسوية جاز، ولو كان على العامل ثلثا الزريعة، وعلى رب الأرض ثلثها، والزرع بالسوية لم يجز، ولو أخرج أحدهما ثلثي الأرض وثلث البذر والآخر ثلث الأرض وثلثي البذر والعمل والزرع بالسوية لم يجز. سَحنون: لأنه أكرى سدس أرضه بسدس بذر صاحبه. وفي لغو أرض لا خطب لها قابلها شيء من البذر خلاف الصقلي لابن سَحنون في باب آخر إن أخرج أحدهما الأرض والآخر البذر لم يجز إلى أن تكون أرضاً لا كراء لها وتساويا فيما سواها أخرج أحدهما الأرض والآخر البذر وهما سواء فيجوز، وأنكره ابن عبدون قائلاً إنما ألقاها مالك حيث كونها زائدة غير مقابلة لبذر، وهذا الصواب وعزا اللخمي الأول لمالك وابن القاسم وسَحنون قال: وقول ابن عبدوس أقيس إن كانت تكرى بقليل، وإن كانت تمنح عادة جاز. وفي شرطها باعتدالهما فيما يخرجانه فيها إلا ما قدر لكرائه ولغوه ولو تفاحش في قيمة كراء ما يخرجانه لا بخارج عنه، ثالثها: ما لم يتفاحش مما لا يتغابن بمثله في البيوع لنصها مع تخريج ابن رُشْد على لزومها بالعقد، ولسَحنون وابن حبيب، ورابعها: قول ابن رُشْد: القياس على القول بتغليب الإجارة عليها ولزومها بالعقد جواز التفاض بكل حال، وعزا ابن حارث لعيسى بن دينار مثل قول سَحنون. ابن الحاجب، ويشترط أن يكون ما يقابل الأرض معادلاً لكرائها على المنصوص، وقيل: إلا ما لا خطب له. ابن عبد السلام: لفظة وقيل بإثر قوله المنصوص لم تثبت في كل النسخ وإثباتها يوجب مقابلة المنصوص بالمنصوص، وتقدم العذر عنه. قلت: ثبوتها هو الذي رأيت فيما وقفت عليه من نسخة، ومن جملتها ما هو مقابل

مصحح بنسخة قاضي الدين الإبياري. وقوله: يوجب مقابلة المنصوص بالمنصوص فيه نظر؛ لإنه إنما يلزم ذلك إذا حمل قوله على أنه إنما ذكر قولين فقط، ويحتمل عندي أن الأقوال عنده ثلاث، ثالثها مقابل المنصوص وهو عدم اعتبار المعادلة مطلقاً، وقد تقدم ذكره. ابن رُشْد: مخرجا على القول بتغليب الإجارة ولزوم العقد. ولفظ ابن الحاجب هذا يقتضي أن الخلاف في التعادل إنما هو في مقابل كراء الأرض لا في غيره مما يخرجه المتزارعان، ونصوص المذهب عامة في ذلك، وهو ظاهر قوله بعد هذا. الصقلي عن ابن سَحنون عنه: إن اعتدلا في البذر والأرض وتفاضلا في العمل تفاضلاً يسيراً جازت كقول مالك بلغو الأرض التي لا كراء لها، وقال أيضاً: قول مالك وغيره من أصحابنا لا تجوز إلا باعتدال ذلك صواب؛ لأن سنتها التساوي أن خرجت عن حد ما أرخص فيه صارت إجارة فاسدة، إنما التفاضل الذي يرجع فيه بعضهم على بعض بكرائه الفضل بشيء منفرد لا عرض للآخر فيه، أما في الأعراض فلا؛ لأن رب العوض الأقل ما أكرى نصفه إلا بنصف الآخر. ابن حبيب: إن تفاضلا فيما أخرجاه فإن كانا عقداً على الاعتدال جاز ما فضل به أحدهما الآخر طوعاً قل أو كثر إن اعتدلاً في الزريعة. سَحنون: إن صح العقد جاز أن يتفاضلا، ولم يفرق بين زريعة وغيرها، وكذا لو أسلف أحدهما الآخر بعد صحة العقد من غير وأيٍ ولا عادة. الشَّيخ: يريد: سَحنون: لأن الشركة لا تلزم بالعقد. وفيها: لا تصح شركة الزرع إلا أن يخرجا البذر نصفين، ويتساويا في قيمة كراء ما يخرجانه في إخراج أحدهما الأرض، والآخر البقل والعمل عليهما أو على أحدهما إن تساويا فيها سوى ذلك، ولو اكتريا أرضاً جاز أن يخرج أحدهما البذر كله والآخر البقر، والعمل عليها أو على أحدهما إن تساويا وكراء ذلك، وقيمة البذر سواء. سَحنون: منعه بن دينار وخالف مالكاً، وجعله كذهب وعرض بذهب.

سَحنون: وهذا جائز بخلاف المراطلة، وهي في النوادر من كتاب ابن سَحنون، اكتريا الأرض أو كانت لهما. زاد اللخمي في تقرير كلام ابن دينار: وبناه على قول مالك في منع كراء الأرض ممن يزرعها بعسل أو سمن وجعله طعاماً بطعام؛ إذ جعل ما أخرجت الأرض كأن ربما باعه، وإن كانت الزريعة من المكتري، فهكذا تصير الشركة بما أخرجته الأرض يكون طعاماً بطعام، وعرض أخرج أحدهما بذراً، وما أخرجته أرض، والآخر العمل وما أخرجته أرضه، والآخر العمل، وعليه لا تجوز الشركة إن كان البذر بينهما والأرض لأحدهما؛ لأنه طعام وأرض بطعام وعمل. قُلتُ: يريد قول ابن دينار بأن كون الشركة رخصة توجب أن يغتفر فيها ما لا يغتفر في العزيمة، ألا ترى أنه أجاز في المدَوَّنة أن يشتركا بإخراج كل منهما مد قمح ومد شعير، ومنع ذلك عل وجه البيع. ابن الحاجب: لو كانت الأرض منهما والبذر منهما وتساويا في العمل أو البذر من عند أحدهما، ومقابله عمل يساويه جاز خلافاً لابن دينار، وقيل: يغتفر اليسير فيهما، وقيل: والكثير في الثانية. ابن عبد السلام: ظاهره أن خلاف ابن دينار في الصورتين وإنما حكاه سَحنون في الثانية، ولا نعلم في الأولى خلافاً منصوصاً. ثم قال: إن قلت قوله: وقيل: (يغتفر اليسير فيهما) يدل على أن خلاف ابن دينار ليس فيهما وإلا لما صرح بضمير التثنية، وأجاب بأنه إنما صرح به ليتم المقابلة بين هذا القول والذي بعده. قلت: يرد بأنه إذا كان مقتضى كلامه أن خلاف ابن دينار فيهما كان ذلك كالتصريح بلفظ فيهما فتتم المقابلة بين هذا القول والذي بعده، وهذا القدر كاف في نفي كون كلامه ظاهراً في أن الخلاف فيهما. وحاصل نقله في اغتفار التفاوت جوازه في اليسير ونفيه فيه في الصورتين، وثالثها: جوازه في الكثير في الثانية لا أعرفه، بل ما تقدم للصقلي وهو في جوازه في اليسير لا بقيد

ومنعه إلا في قيمة ما أخرج فيها، ثالثها: إن عقداً على الاعتدال والتفاوت في غير الزريعة لسَحنون، ونقله عن مالك وأصحابه وقول ابن حبيب. وسمع عيسى ابن القاسم: تفسد بمسامحة أحدهما الآخر بعد العقد فيها يخرجه صاحبه من قمح رديء. ابن رُشْد: هذا على أنها لا تلزم بالعقد خلاف قوله في رسم الجواب، إن اشتركا على غير سلف ثم سأله السلف فلا بأس بذلك، والشركة حلال إذا كان قيمة العمل مكافئة لقيمة كراء الأرض، فإن كان في ذلك فضل رجع من كان له فضل على صاحبه. ابن رُشْد: قوله: إن كانت على غير سلف، ثم سأله السلف فلا بأس به خلاف، أصله أن المزارعة لا تلزم بالعقد؛ لأنها إذا كانت لا تلزم بالعقد لم يجز السلف بعد العقد كما لا يجوز في العقد فهو خلاف أصله في أول مسالة. وقال بعض أهل النظر: قوله هذا يدل على أنها تلزم بالعقد خلاف رواية أَصْبَغ؛ إذ لو تلزم بالعقد علما جاز السلف قبل العقد ولا بعده ما لم يهما كالقراض، ولا دليل في قوله في هذه الرواية على ذلك؛ لأنه ذكر فيها ما يدل عل أنها لا تلتزم بالعقد، وهو قوله: والشركة حلال إن كان قيمة العمل مكافئة لقيمة كراء الأرض؛ لأن من يراها لازمة بالعقد يجيز التفاضل فيهما، ولا يشترط في جوازها التكافؤ فيما يخرجانه، وإنما لم تفسد المزارعة إذا كان السلف بعد العقد، وإن كانت عنده غير لازمة بالعقد مراعاة لقول من يراها لازمة بالعقد، ولعلهما ظنا لزومها بالعقد فبعدت التهمة عنده عنهما، ولو علما عدم لزومها بالعقد؛ لا ينبغي أن تفسد بالسلف بعد العقد، وقول ابن الحاجب في لغو الأرض التي لا خطب لها أنه جائز عل المنصوص. قال ابن عبد السلام: إن أراد بمقابل المنصوص قول سَحنون لا يعجبني لغو الأرض، ولو لم يكن لها كراء لولا ما قاله مالك لكان غيره أحب إلي فليس بتخريج، ولا صريح في الخلاف. قلت: لا يلزم من كونه ليس مخرجاً عدم مقابلته المنصوص؛ لاحتمال انه أراد على المنصوص فيها بخصوصها وهو قولها، ومقابله ملا ليس كذلك وهو أعم من المخرج

بمعنى المقيس ومن المذكور باندراجه في عموم كمتقدم عموم نقل سَحنون عن مالك وأصحابه لا تجوز إلا بالاعتدال، وابن القاسم: لا يجعل هذا المندرج منصوصاً عليه حسبما تقدم نقل سَحنون عن مالك واضحاً فيما من البول قدر رؤوس الإبر. اللخمى: إن كان البذر من عند صاحب الأرض، والبقر والعمل لآخر فأجازه سَحنون ومنعه محمد وابن حبيب. قال سَحنون: إن اشركا عل ذلك على أن ثلث ما يحصل لرب البذر ولذي العمل ثلثه وللبقر الثلث، والقيم كذلك جاز، ومثله إن كان من عند أحدهما العمل فقط، وقال محمد: فعل هذا هو فاسد، وقول محمد خلاف أصله لقوله: إن سلم المتزارعان من مقابلة الأرض البذر جازت الشركة إذا تساويا. قُلتُ: ترد مناقضة محمد بأنه إنما قاله فى المتزارعين، ولا يصدق هذا اللفظ حقيقة إلا بإتيان كل منها بزريعة. قال اللخمى: وقال ابن حبيب: إن نزل فالزرع لرب الأرض والبذر، وللآخر أجر مثله إلا أن يقول تعال نتزارع على أن نصف أرضي، ونصف بذري ونصف بقري كراء نصف عملك، فالزرع بينهما كأنه قبض نصف البذر في أجرته وضمنه. والصواب قول سَحنون: إذا دخلا على وجه الشركة وأن يعملا البذر على أملاكهما، وإن كان على أن يعمل ملك صاحب البذر، وللآخر ثلث ما يخرج فسدت قولاً واحداً؛ لأنه أجر نفسه لمجهول. قلت: قوله: (فسدت قولاً واحداً) نصاً في أن المعنى إجازة سَحنون، إنما هي إذا كان على أن يعملا البذر على أملاكهما. ابن عبد السلام: هذه مسألة الخماس ببلدنا، وقال فبها ابن رُشْد: إن عقداها بلفظ الشركة جاز اتفاقاً وإن كان بلفظ الإجارة لم يجز اتفاقاً، وإن عرا العقد من اللفظين فأجاز ذلك ابن القاسم، ومنعه سَحنون ورأى أنه تحقيق المذهب. قُلتُ: جواب ابن رُشْد في أسئلته ما نصه: ما تقول في رجلين اشتراكاً في الزراعة على أن جعل أحدهما الأرض والبذر والبقر والثاني العمل ويكون الربح للعامل.

فأجاب بما تقدم من التفصيل: وعبر عن صورة السكت بقوله قال له: أدفع إليك أرضي وبذري وبقري وتتولى أنت العمل، وما نقله ابن عبد السلام عنه من أن ابن القاسم أجازها ومنعها سَحنون وهم؛ لأن لفظ ابن رُشْد ما نصه: حمله ابن القاسم على الإجارة فلم يجزه وإليه ذهب ابن حبيب، وحمله سَحنون على الشركة فأجازه، هذا تحصيل المسألة، وكان من أدركنا من الشُيُوخ لا يحصلونها هذا التحصيل، وزعمه أن مسألة عرفنا هي مسألة سَحنون ومحمد فيه نظر من وجوه: الأول: أن مسألتهما ليس فيها اختصاص رب الأرض والبذر بشيء من غلة الحرث، ومسألة عرفنا بإفريقيَّة في زمنه، وقبله وبعده إنما هي على أن كل التبن لرب الأرض والبذر. والثاني: أن مسألة سَحنون ومحمد أن المنفرد بالعمل أخرج معه البقر، ومسألة عرفنا لا يأتي العامل فيها إلا بعمل يده فقط، وكونه كذلك يصيره أجيراً ويمنع كونه شريكاً، ودلالة جواب ابن رُشْد من المسألة التي سئل عنها على خلاف ما قلناه، ونحوه قول اللخمي، ومثله إن كان من عند أحدهما العمل فقط، يرد بما يأتي من أقوال أهل المذهب حسبما يأتي في كلام الصقلي إن شاء الله تعالى. الثالث: أن ظاهر أقوال أهل المذهب أن شرط الشركة كون العمل فيها مضموناً لا في عامل معين، ومسألة عرفنا إنها يدخلون فيها على أن العمل معين بنفس العامل. والحامل على هذا خوف الاغترار بقوله فيعتقد في مسألة عرفنا قول بالصحة، وليس الأمر كذلك فتأمله منصفا. ولقد أجاد ونصح شيخ شُيوخنا الشَّيخ الفقيه المحصل أبو عبد الله بن شعيب بن عمر الهنتاتي الهسكوري حيث سئل عن مسألة الخماس في الزرع بجزء مسمى من الزرع، هل يجوز أم لا، وهل ينتهض عذراً في إباحته بعذر من يدخل على غير هذا. فأجاب بأنها: إجازة فاسدة وليست شركة؛ لأن الشركة تستدعي الاشتراك في الأصول التي هي مستندة الأرباع، وعدم المساعدة على مل يجوز من ذلك لا ينهض

عذرا؛ لأن غلبة الفساد في ذلك وأمثاله هو من إهمال حملة الشريعة ولو تعرضوا لفسخ عقود ذوي الفساد للما استمروا على فسادهم، فإن حاجة الضعيف للقوي أشد، قال الله تعالى: (فَلَنَقُصَّنَّ عَلَيْهِم بِعِلْمٍ ومَا كُنَّا غَائِبِينَ (7) والْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الحَقُّ) [الأعراف: 6 - 8] الشيخ: لابن سحنون عنه: إن دفع الأرض أحد الشريكين فيها للآخر يزرعها ببذرة وبقرة وعمله، والزرع بينهما نصفين لم يجز كأنه أعطاه حظه من الأرض بجزء مما تنبت، وأجازه ابن عبدوس؛ لأنه معين بالعمل متطوع بالبذر. ابن سحنون عنه: وغن كان على أن يزرعها ببذر الدافع، والعمل على الآخر وثلث الزرع له والثلثان للدافع، فإن كانت قيمة البذر الثلثين وقيمة العمل الثلث جاز. الصقلي: يريد قيمة البذر مثلي قيمة العمل. ابن عبدوس: هذا خطأ؛ لأنه كراء الأرض بالطعام؛ لأن العامل له ثلث الزرع بثلث الأرض، وأكرى سدس الأرض وثلثي العمل بثلث البذر الذي من عند شريكه. الصقلي: صواب ابن سحنون عنه، ولو أخرجا البذر بالسوية على زرعه أحدهما ببقره وعمله على أن له الثلثين أو النصف وللآخر ما بقي فسدت؛ لأن الذي ولى العمل وله الثلثان أكرى بقره وعمله بثلث ما أخرجت أرض شريكه، وإن كان ما خرج بينهما نصفين لم يجز إذ لم يعتدلا. ابن عبدوس: وإن شرط العامل الثلثين جاز، وكان الذي لم يعمل أعطى سدس البذر وسدس الأرض بثلث عمل العامل وذلك جائز، ولو دخل ما قال لكان أن أخرج أحدهما أرضا وبذرا والآخر عملا لم يجز وهو إجازة. الصقلي عن بعض القرويين: لابن حبيب في هذه المسألة كسحنون إن قصد أنه أجير بنصف ما يخرج لم يجز، وإن قصد أنه قبض ما استؤجر به من البذر ومنافع الأرض جاز. ابن سحنون عنه: من دفع بذرا لمن قال له: ازرعه لي في أرضك وما خرج لك لم يجز، وما خرج لرب البذر وعليه كراء الأرض، وأجازه ابن عبدوس قال: لأنه معروف

صنفه له، ومالك إنما يراعي ما صح في العاقب وإن أخطأ في اللفظ. الصقلي: صواب ابن سحنون عنه لو قال: ابذره في أرضك لك، وما خرج فهو لي فسد، والزرع لرب الأرض كأنه وهبه البذر، ثم استثنى ما خرج منه. الصقلي: إن بقي التبن للعامل، والحب فقط لرب الأرض فسد، وإن كان التبن وجميع ما خرج لدافع البذر جاز على قول ابن عبدوس؛ لأن مآل أمرهما أن العامل تطوع له بزرعه في أرضه وحصده ودرسه، وقوله: ابذره في أرضك لنفسك لغو. ابن سحنون: لو قال رب البذر لم أرد هبته له حلف ورجع عليه بمثله كهبته رمكة على أن ما نتجت للواهب فقبضها على ذلك النتاج للموهوب له، واستثناء الواهب باطل. قلت: في هذا التشبيه نظر؛ لأن الرمكة إن كانت للموهوب له، وهي نظير البذر لزم ألا يرجع عليه بمثله، وإن كانت للواهب لزم كون النتاج له؛ لأن الرمكة له مع شرطه ذلك. قال: وإن أعطيته أرضك وبذرك وبقرك على أن يزرع والزرع بينكما نصفان لم يجز، وهو أجير والزرع لرب البذر، ولو قال: جعلت نصف أرضي وبذري وبقري كراء نصف عملن لم يجز، فإن نزل فالزرع بينهما نصفين، ويترادان الفضل في الأكرية؛ لأن هذا قبض نصف البذر خاصة في إجارته. الصقلي: انظر ما الفرق بين هذه والتي قبلها، وهل هو إذا أعطاه أرضه وبقره وبذره على أن يتولى الآخر العمل والزرع بينهما نصفين إلا أعطاه أرضه وبقره وبذره بنصف عمله، ولو لم تكن المسألتان جائزتين إذا ساوى عمله كراء الأرض والبقر والبذر، ومالك إنما ينظر للفعل لا للقول، وما الفرق بين ذلك وبين من أخرج الأرض وثلث الزريعة، وأخرج الآخر ثلثي الزريعة والعمل فقد أجازوه إن ساوى عمله كراء الأرض والبقر. قال بعد هذا: إن أخرج أحدهما الأرض والبذر وأخرج الآخر البقر، والعمل أنه جائز إذا تساوى وهذا مثله.

الصقلي: أراهم أنهم جعلوا إذا لم يخرج العامل إلا عمل يده أنه أجير، وإن كافأ عمله ما أخرج صاحبه، وإن أخرج العامل شيئا من المال بقرا أو شيئا من الزريعة، ولو قل وكافأ ذلك وعمل يده ما أخرج الآخر فإنهما شريكان، والقياس أنهما سواء ولكنهم أهدى إلى الصواب. قلت: تقرير كون ما قالوه هو الصواب أن حقيقة الشركة مباينة لحقيقة الإجارة؛ لأن حقيقة الشركة عدم انفراد أحدهما بإخراج المال، والآخر بإخراج العمل والإجارة على عكس ذلك، وحكم الشركة أن فائدتها يجب أن تكون معلومة لمستحقها بطريق نسبة بعض الشيء إليه كالنصف لا بمعرفة القدر وزنا أو عددا كعشرة دنانير ونحوها، وحكم الإجارة أن فائدتها يجب أن تكون معلومة لمستحقها بعكس ذلك. والمزارعة قال ابن رشد: هي شركة وإجارة من غلب عليها الشركة لم يجعلها لازمة بالعقد، ومن غلب عليها الإجارة جعلها لازمة به. إذا تقرر هذا فكلما لم ينفرد أحدهما في المزارعة بإخراج مال كان شبهها بالشركة ثابتا ضرورة لاشتمالها على خاصية الشركة، وكلما انفرد أحدهما بإخراج المال والآخر بالعمل بطل كونها مزارعة؛ لانتفاء لازمها حينئذ، وهو اشتمالها على خاصية الشركة وصارت محض إجارة لمماثلتها حينئذ إياها فيجب كونها فاسدة؛ لأن حكم الإجارة وجوب كون فائدتها معلومة القدر وزنا أو عددا، وسمع عيسى ابن القاسم: إن اشتركا على غير سلف، ثم سأله سلف الزريعة فأسلفه فلا بأس، والشركة حلال إن كافأ قيمة العمل كراء الأرض. ابن رشد: هذا على أنها تلزم بالعقد وتقدم ما فيه. وعملها مؤولة الزرع قبل تمام يبسه. وفي كون الحصاد والدرس منه وعدمه فلا يجوز شرطه نقلا الصقلي عن ابن القاسم وسحنون قائلا: إذ لا يدري كيف يتم ولا كيف يكون وصوبه. قال: لأنه يقل ويكثر، وكذا شرط النقاء والبذر إن كان منهما ففي شرطها بخلطه قولا سحنون وعيسى عن ابن القاسم.

سحنون: جمعه في بيت أول حمله جميعا للفدان زريعة كل واحد في طرفه زرعا واحدة ثم الأخرى كخلطهما. ابن سحنون: لو لم يحملا بذرهما معا للفدان بل زرع كل بذره في ناحية على الشركة، فلا شركة بينهما ولكل ما نبت بذره ويتراجعان في فضل الأكرية. وقال بعض القرويين: هي عند ابن القاسم صحيحة، فلو عطل بذر أحدهما فالنابت بينهما، ولو كان ذو العاطل غارا وعليه نصف النابت والعاطل منهما إن لم يغر به مخرجه، إلا فهو منه ويأتي بقدره إن بقي الإبان يزرعه في ذلك القليب، وإن لم يغر والإبان باق أخلفاه إن أحب. ابن عبد السلام: سكت في الرواية عن رجوع المغرور على الغار بقيمة نصف العمل فيما لم ينبت إن كان العمل على المغرور، وينبغي أن يكون له الرجوع عليه بذلك؛ لأنه غرور بالفعل. قلت: قوله: (سكت في الرواية ... إلخ) وهو كما قال في الرواية هنا، لكن ذكر الصقلي في كتاب الرد بالعيب ما يدل على الخلاف في ذلك. قال ما نصه: قال ابن حبيب: لو زارع بما لا ينبت فنبت شعير صاحبه دون شعيره، فغن دلس رجع عليه صاحبه بنصف مكيلته من شعير صحيح وبنصف كراء الأرض الذي أبطل عليه، وقاله أصبغ، وقال ابن سحنون مثله إلا الكراء لم يذكره. قلت: ظاهر قول ابن سحنون سقوط الكراء، وهو مقتضى قول ابن القاسم فيها فيمن غر في نكاح غيره أمة أنه يغرم للزوج الصداق، ولا يغرم له ما يغرمه الزوج من قيمة الولد، ونحوه قوله في كتاب الجنايات: من باع عبدا سارقا دلس فيه فسرق من المبتاع فرده على سيده بالعيب فذلك في ذمته إن عتق يوما ما، وأظن ذلك في نوازل الشعبي: من باع مطمورة دلس فيها بعيب التسويس، فخزن فيها المبتاع فاستاس ما فيها؛ أنه لا رجوع له على البائع بما استاس فيها. قال: ولو أكراها منه لرجع عليه. الصقلي عن ابن سحنون عنه: لا يجوز أن يخرج أحدهما قمحا والآخر شعيرا أو

سلتا، ولو اعتدلا فيما بعد ذلك فإن نزل فلكل ما أنبت بذره ويتراجعان في الأكرية، وقال بعد ذلك: أنه جائز. قال بعض القرويين: من لم يجز الشركة بالدنانير والدراهم لم يجز المزارعة بطعامين مختلفين، ولو اعتدلت فيمتهما لعدم حصول المناجزة لبقاء يد كل واحد على طعامه، ولكل واحد ما أنبت طعامه، ولا يكون التمكين فيها كالشركة الفاسدة بالعروض لا يضمن كل واحد سلعة صاحبه، وإنما يشتركان بأثمان السلع التي وقعت الشركة بها فاسدة. الصقلي: سمع عيسى ابن القاسم: إن اشترى أحدهما قمحا طيبا فرضيه صاحبه، ثم اشترى الآخر رديا فتجاوزه صاحبه، فزرع الأول ثلاثة فدادين، وزرع الآخر كذلك ثم تشاحا. قال: فيؤدي كل واحد لصاحبه نصف ثمن بذره فيستويان. قال بعض القرويين: إن تفاوت ما بينهما لم يجز السمح به، ويجب أن يكون لكل واحد ما أنبت بذره كشعير وقمح، إلا أن التبذير إذا كان بإذن صاحبه فهو كالقبض، فيجب على ذلك في القمح والشعير أن يضمن كل واحد منها نصف ما لصاحبه. الصقلي: فينبغي أن تجوز الشركة؛ لانعقادها على الصحة، فإذا رضي الرديء جاز على قول ابن القاسم بعدم شرط الخلط، وعلى قول سحنون لكل واحد ما أنبت بذره. قلت: قال ابن رشد: معناها أنهما اشتركا على أن يعمل كل واحد منهما بزوجه ويده، ونصف البذر والأرض لهما أو بأيديهما لا باكتراء أو مزارعة أو منحة، والشركة على هذا إنما تصح إن كانا يحتاجان فيها إلى التعاون في إبراز البقر للحرث، وحلها والقيام بمؤنتها وجوابه. هذا على أن المزارعة لا تلزم بالعقد؛ لأنه أفسد شركتهما بمسامحة أحدهما الآخر بعد العقد، وعلى القول أنها تلزم بالعقد فيجوز أن يسمح أحدهما للآخر بعد العقد بالقليل والكثير اتفاقا. فقوله: على القول بفسادها أنه يؤدي كل لصاحبه نصف صمن زريعته فيستويان،

صحيح على القول أن الزرع في المزارعة الفاسدة بينهما على ما اشتراكا عليه، ومن كان له فضل رجع به على صاحبه هو قول ابن حبيب إذا سلما من كراء الأرض بما يخرج منها، ويأتي على أن الزرع في الفاسد لصاحب العمل؛ لأنهما عملا معا، وعلى القول أن الزرع لصاحب البذر فيجب أن يكون لكل واحد ما أنبت قمحه، وإليه ذهب التونسي في هذه المسألة. وقال ابن دحون: هذه المسألة مشكلة؛ لأن أبطل ما تراضيا به؛ لأنهما لما اشتريا القمح من السوق كأنهما اشتركا بالأثمان فردهما إلى تساوي الأثمان، إذ لو ضاع ما اشتراه أحدهما قبل شراء الآخر كان منهما؛ لأنه اشتراه للشركة التي عقداها فدل ذلك على أنهما إنما اشتركا بأثمان ما اشتريا فردهما للتساوي، ولو كان ثمن الرديء مثل ثمن الجيد لم يتراجعا إذا تراضيا، ولو كان ثمن الرديء أكثر من ثمن الطيب لرجع على صاحب الطيب بما فضله به إذا تراضيا أولا، ولو أخرج كل واحد القمح من داره لم يشتره وتراضيا بجيده ورديئه لم يكن لأحدهما رجوع في ذلك، إنما كان له الرجوع لما اشتريا من السوق، وهذا كلام محتمل لا وجه له؛ لأن لفظ الشركة يقتضي التكافؤ فيما يخرجانه، فإذا رضي أحدهما بعد عقد الشركة بأن يخرج صاحبه أدنى من الذي يخرجه فقد تفضل عليه بنصف ما زادت قيمة طعامه، وكان ذلك على القول بعدم لزوم العقد، كما لو شاركه على ذلك ابتداء فيجب فسخ شركتهما إلا أن تفوت بالبذر، فيكون لكل واحد ما أنبت قمحه على القول، بأن الزرع في الفاسد لرب البذر، ويكون الزرع بينهما على القول الآخر، ويتعادلان في قيمة ما أخرج كل منهما من الطعام اشتراه أو جاء به من عنده. واستدلاله على الفرق بين الوجهين بما ذكره من الضمان لا يصح، إذ لا فرق بينهما في الضمان أيضا، ولو تلف بعد أن عرضه على صاحبه فرضيه وأجازه كان منهما على القول بأن الزرع بينهما ومن ربه الذي جاء به على القول بأن له ما أنبت دون شريكه لا فرق في كل ذلك بين أن يشتريه أو يأتي به. وللصقلي عن ابن سحنون عنه: إن أخرج أحدهما الأرض واشترى من صاحبه

نصف البذر لم يجز؛ لتهمة أن يتجاوز عنه في ثمنه فيدخله كراء الأرض بما يخرج منها، ولو كان البذر بينهما والأرض من عند الآخر فأعطى شريكه نصف كراء الأرض عينا أو عرضا جاز، وإن كان بيعا وشركة؛ لأن البيع معها إنما يمنع إن كان خارجا عنها، وقاله ابن حبيب. وسمع سحنون ابن القاسم: إن دفع أحد الشريكين في الأرض لصاحبه عينا يشتري بها حظه من البذر فزرع الوكيل، ثم قال: ما اشتريت، إنما زرعت من عندي فلموكله تكذيبه؛ لأنه يتهم في دعواه عليه سلف الطعام، وقد أقر بالشراء ولو صدقه موكله خير في إعطائه المكيلة فيكون الزرع بينهما وتركه وأخذ عينه. ابن رشد: قوله لموكله تكذيبه فيه، يريد لا يلزمه تصديقه لا أن له تكذيبه ولو علم صدقه، ومعناه أن القول قوله فيما يدعي من كذبه أو الجهل بصدقه إن حقق دعوى كذبه حلف، وكان له نصف الزرع وبطل ما ادعاه عليه الوكيل من الطعام، وكذا إن لم يحقق الدعوى عليه بذلك إلا أنه يحلف أنه لا يعلم صدقه من كذبه، فإن نكل حلف الوكيل ورد عينه وأخذ منه الطعام الذي زعم أنه زرعه له من عنده. وقوله: (في الرواية إن صدقه فهو بالخيار ... إلخ) كلام وقع غير محصل؛ لأنه إنما يخير في ترك الزرع أو أخذه ويؤدي الطعام والدنانير يأخذها بكل مال إذا صدقه أنه لم يشتر له بها شيئا، وفي تخييره اختلاف. سمع أصبغ ابن القاسم: نظيرها لا ينبغي تخيير رب البذر في إعطاء بذر ليأخذ زرعا وفي أن يسلم الزرع، وقاله يحيى بن عمر أنه إن صدقه أو قامت بينة أنه زرع من عنده لم يجز له الرضى بأخذ نصفه ويؤدي الزريعة بل يأخذ عينه وكراء أرضه وبقره وعبيده، وقاله غير ابن القاسم في كتاب ابن سحنون إن صدقه وتم الزرع، يريد بالبذر فهو لمن زرعه، وللآخر كراء أرضه بعد أن حكى عن ابن القاسم مثل قوله في هذه الرواية، وإنما يكون مخيرا على القول بالتخيير إن قال الوكيل: زرعت له ولنفسي على أن له عليه نصف البذر سلفا، ولو علم صدق الوكيل في أنه زرع لنفسه أو للشريك لم يكن في ذلك خيار، إنما الخلاف إذا جهل صدقه فيخشى إن صدقه أن يكون كاذبا، وإن كذبه

أن يكون صادقاً فيدخل في كل وجه بيع الزرع بطعام؛ لأنه إن زرع لنفسه فالزرع له لا يجوز أن يأخذ فيه طعاما من الشريك، وإن زرع للشريك فالزرع للشريك لا يجوز أن يسلفه بما له عليه من الطعام، ولذا المعنى: قال العامل في سماع أصبغ: ينتظر بالزرع حتى يدرس فيستوفى الوكيل بذره، والباقي لرب الأرض؛ لأنه له زرعه، هذا ما يجب به الحكم والقضاء، وأما الاستفتاء فيقال للشريك إن أيقنت صدقه أنه زرع لك من عنده فادفع له الطعام وخذ زرعك، وإن أيقنت كذبه في ذلك فلا يجوز لك ذلك، وإن جهلت ذلك فالخلاص ما قاله في سماع أصبغ، وسمعه سحنون أيضا في الأرض بين الرجلين يحرثانها معا أيام البذر فيغيب أحدهما فيبذرها الآخر، إن جاء صاحبه قبل فوت الزرع فله أن يزرع حظه من الأرض، لا يجوز أخذه فيها طعاما ولا ذهبا ولا أرضا يحرثها ولا متربة، فإن فات البذر فله على الذي بذرها كراء عمله الذي كان عمل. ابن رشد: لم يبين كونه زرعها في مغيب شريكه لنفسه أو بينهما، والمعنى أنه زرع لنفسه؛ ولذا قال: من حق الغائب إن لم يفت إبان الزرع أن يزرع حظه من الأرض؛ يريد: بعد قسمها، ومثله في الموازية لابن القاسم قال: ولو اكترياها ليزرعاها بينهما فزرع أحدهما نصفها في غيبة الآخر، وطاب الزرع فهو له خاصة وعليهما كراء ما تعطل منها. قال أصبغ: وعلى الزارع نصف قيمة كراء المزروع منها إن كان أكثر من الثمن، وما تعطل فهو عليهما وكراؤها كلها عليهما. وقول ابن القاسم في هذا السماع: للغائب حرث حظه إن لم يفت إبان الحرث، مثل قوله في سماعه من كتاب الاستحقاق، أن له فيما بنى في أرض شريكه قيمته منقوضا إن صار في حظ شريكه خلاف قوله في سماع أبي زيد بعد هذا، وسماع عيسى من كتاب الشركة: أن الزرع لزارعه وعليه نصف كراء الأرض لشريكه؛ يريد: وإن لم يفت إبان الحرث مرة رأى الشركة شبهة، ومرة لم يرها شبهة، ومضى ذكر ذلك في سماع ابن القاسم في الاستحقاق.

وفاسدها بفسخ فإن فات بالعمل ففيه اضطراب. فيها: إن أخرج أحد ثلاثة الأرض وجميع العمل والباقيان لبذر قضى بالزرع لذي الأرض، وغرم للباقيين مثل بذرهما، وروى ابن غانم: الزرع لصاحبي البذر وللآخر كراء أرضه وعمله، ففي كونه لذي البذر أو العمل أو اثنين من البذر والأرض والعمل، رابعها: من الأرض والعمل والبقر، وخامسها: لذي اثنين من الأربعة، وسادسها: إن سلم من كراء الأرض بما يخرج منها فهو بينهم على ما شرطوه، وتعادلوا فيما أخرجوه وإلا فالأول لرواية ابن غانم، وتأويل الشيخ قول ابن القاسم في الموازية، وتأويل التونسي على ابن القاسم مع اختيار محمد ونقلي ابن رشد وابن حبيب وقول ابن الحاجب. قال الباجي: لي ستة فذكرها وهم نشأ عن تقليده ابن شاس، وظنه بقوله أبو الوليد أنه الباجي، وعبر عن الرابع بأنه لمن له الأرض والبذر والعمل، وعن الخامس بأنه لمن له الأربعة وإنما هما في نقل ابن رشد على ما ذكرناهما، ومثل هذا وهو نقل خلاف ما هو منصوص للمنقول عنه لا يعتبر بحال. وقول الصقلي: روى محمد عن مالك وابن القاسم، الزرع في فاسد الشركة لمن ولى القيام به كان مخرج البذر أو صاحب الأرض أو غيره، وعليه إن كان مخرج البذر كراء الأرض لصاحبه، وإن أخرج صاحبه البذر فعليه له مثل بذره، وإن وليا العمل معا غرم هذا لهذا مثل نصف بذره، وهذا لهذا مثل نصف أرضه يدل على أن من ولي القيام به إنما وليه بعمل يده مع شيء آخر بقر أو بذر. ثم قال عن ابن حبيب: إن أخرج أحدهما البذر والعمل، والآخر الأرض والبقر لم يجز وإن تكافئا، فإن فات فالزرع لصاحب البذر، وهذا على مذهب ابن غانم واختيار ابن سحنون وعلى مذهب ابن القاسم واختيار محمد الزرع بينهما؛ لأنهما تساويا في العمل. وأخرج أحدهما البقر والآخر البذر إن كان قيمة عمل يده مثل قيمة كراء بقر الآخر، وإن اختلفا فكان قيمة عمل يده عشرين وقيمة البقر عشرة كان للعامل بيده ثلثا

الزرع؛ لأن معه ثلثا العمل وأرض أو بذرا فما يقابل أرضه أو بذره يضاف إلى عمله قدره، ويبقى له بذر بلا عمل لا يستحق به عند ابن القاسم شيئا ولصاحبه ثلث الزرع؛ لأنه إن كان صاحب الأرض أخذ من أرضه ثلثها فأضافه إلى عمله استوجب بذلك ثلث الزرع، ثم يبقى له ثلثا عمل بلا أرض ولا بذر فلا يستوجب به شيئا. هذا قياس قول ابن القاسم؛ لأنه لا يجعل للمنفرد بالعمل وحده شيئا، إذ لو أخرج رجل البذر والأرض، والآخر العمل لم يكن لمتولي العمل إلا أجر مثله، وإن كان مع عمله أرض أو بذر استوجب به الزرع، ثم قال في باب بقية القول في المزارعة عن ابن سحنون: إن أخرج أحد ثلاثة الأرض ونصف البذر والآخر نصف البذر، والثالث البقر والعمل على أن الزرع بينهم أثلاثا لم يجز، فإن فات فالزرع على قول ابن القاسم بين العامل ورب الأرض ويغرمان لمخرج نصف البذر بذره، وقال سحنون: لصاحبي الزريعة وعليهما كراء الأرض والعمل وقال ابن حبيب: الزرع بينهم أثلاثا. الشيخ: الذي ذكر محمد على أصل ابن القاسم أن الزرع لذي العمل إذا أسلمت الأرض إليه، ويغرم مثل البذر ولمخرجه وكراء الأرض لربها. قال بعض القرويين فيما ذكر ابن سحنون: أن الزرع بين العامل ورب الأرض اعتراض؛ لأن ابن القاسم لم يجعل للمنفرد بالعمل وحده شيئا، إذ لو أخرج رجل الأرض والبذر والآخر العمل لم يكن لذي العمل إلا أجر مثله، وهاهنا لأحدهم أرض ونصف بذر يجب له بمجموعها نصف الزرع ويبقى له نصف أرض وللآخر نصف بذر وللآخر نصف عمل فلو قيل النصف الباقي بينهم أثلاثا لكان أشبه، وقول الشيخ: أنه لذي العمل على مذهب ابن القاسم فيه نظر؛ لأنه لم يوجد لابن القاسم أن من انفرد بالعمل وحده دون شيء آخر معه أن له الزرع، إنما جعل له الزرع إذا انضاف أرض أو بذر، وقول ابن حبيب على أصله؛ لأنهم سلموا من كراء الأرض بالطعام. الصقلي عن ابن حبيب: لو اخرج أحدهما الأرض وعلى الآخر العمل وجميع البذر على أن له نصفه على رب الأرض لم يجز لشرط السلف، فإن فات فالزرع بينهما نصفين؛ لأنهما صمنا الزريعة وتكافئا في العمل وكراء الأرض، ويرجع مخرج البذر بنصفه

معجلا على الآخر ونحوه سمع عيسى ابن القاسم، ولابن سحنون عنه: لزرع لمسلف البذر وعليه كراء الأرض، قبض رب الأرض حظه من البذر أم لا، إذا وقعت الشركة على شرط السلف إلا أن يكون أسلفه على غير شرط بعد صحة العقد. وسمع أبو زيد ابن القاسم: لو غاب أحد الشريكين في أرض بعد أن حرثاها حين إبان الزراعة، فخشي الحاضر فوت الزرع فزرعهما ببذر من عنده، ثم قدم الغائب فالزرع لزارعه، وللآخر عليه كراء أرضه محروثة، ولو قسم الحاضر الأرض بمحضر رجال فزرع حظه وترك ما بقي لم ينفعه ذلك، وللغائب كراء نصف ما زرع إلا أن يكون ذلك بقسم السلطان. ابن رشد: هذا مثل قوله في رسم إن أمكنني من سماع عيسى من كتابة الشركة خلاف قوله في سماع سحنون من هذا الكتاب. الصقلي عن كتاب ابن سحنون: إن تزارعا على أن الأرض والبذر من عند أحدهما ومن عند الآخر البقر، فطلب حرثها حرثة واحدة، وقال الآخر: بل حرثتين حملا على سنة البلد، فإن لم تكن لهم سنة؛ لأنهم يفعلون هذا وهذا، فقياس قول سحنون حرثة واحدة إلا أن يشترط حرثتين. قال بعض القرويين: إن كانوا يفعلون الأمرين فالشركة فاسدة. قلت: قول (بعض القرويين) مثل قول الغير في أكرية الدور. فيها: لا بأس بكراء حانوت لا يسمى ما يعمل فيه وله أن يعمل فيه حدادا أو قصارا أو طحانا إن لم يضر ذلك بالبنيان. قال غيره: إن تفاوت ضرر الأعمال لم يجز الكراء إلا على شيء معروف. الصقلي عن سحنون وعيسى: إن شرطا البذر بينهما ومن عند أحدهما الأرض، وعلى الآخر العمل على أن يحرثها ثلاث حرثات. قال عيسى: وذلك متكافئ فلم يحرثها إلا حرثتين نظر إلى قيمة ما حرث وما ترك، إن كان ما ترك الثلث رجع عليه رب الأرض بثلث كراء نصف أرضه، ولحسين بن عاصم عن القاسم: من أعطى أرضه ذات القليب من يقلبها ويثنيها ويزرعها في الإبان

ببذرهما والزرع بينهما نصفين وبين القليب والإبان شهر لم يجز إن كانت غير مأمونة، فإن قبلها ولم يزرع فله نصف قيمة الحرث عن حظ رب الأرض ويستأني بحظ الحارث إن رويت أرضه أرضه لزمه كراء ذلك عن نفسه نقدا، وإن عطشت فلا كراء عليه، وله نصف قيمة الحرث على رب الأرض عطشت أم لا، ولم يعلم ذلك حتى زرعها فالزرع بينهما وباقي العمل عليهما، وعلى العامل نصف كراء الأرض نقدا، وله قيمة نصف كراء الحرث والقليب والزراعة فإن فعلا هذا بعد ري الأرض جاز إن ساوت قيمة الحرث والزراعة والحصاد والدراس كراء الأرض وإلا فالزرع بينهما، ويرجع من له فضل على الآخر. ابن حبيب: لا بأس أن يزارع الرجل بأرضه قبل ريها ولو لم تكن مأمونة ككرائها بغير نقد، فإن تزارعا على أن دفع إليه أرضه يقلبها، فإن جاز إبان القليب فرويت تخارجا الزريعة نصفين، فإن جاء إبان الزرع ولم ترو فهي مصيبة عليهما؛ لأنهما شريكان لا متكاريان، كما لو زرعا ثم عطشت لا يرجع العامل على رب الأرض بشيء. الصقلي: الصواب قول سحنون لا تجوز الشركة إلا أن تكون مأمونة كما قال ابن القاسم؛ لأن القليب نقد فيها. قلت: قول ابن القاسم هو قوله فيها: إن تساويا في الزريعة والأرض لأحدهما والعمل على الآخر على أن يكريه الأرض العام ويزرع قابلا لم يجز إلا في أرض مأمونة الري. قلت: ولا فرق بين التأخير شهرا أو عاما في توقع الري إلا إن حجر الأرض على ربها في الشهر أخف منه عاما. الصقلي عن كتاب ابن سحنون: إن أخرج أحدهما أرضا وبذرا، والآخر العمل والبقر، فاستحقت الأرض بعد الزراعة في إبانها رجع المستحق على مخرج الأرض بنصف كراها وشريكه حرث له، هذا النصف بالنصف الآخر وبنصف البذر، فإن اعتدل نصف الأرض ونصف البذر رجع المستحق عليه بربع قيمة العمل، وهو عوض كراء نصف الأرض، وإن اختلفا كان ذلك على هذا الحساب، وإن كان المستحق منه

عديما اتبعه بنصف قيمة كراء الأرض، وشريكه بربع قيمة العمل في قياس قول سحنون، ولو استحقها بعد فوت الزراعة فلا كراء له على واحد منهما، ولو كان بعد أن حرث ولم يزرع فله أخذها ولا شيء للشريك في حرثها. الصقلي: قوله: (في فوت الزراعة) صواب، وقوله: (إن قام وقد حرث ولم يزرع) غير صواب، والصواب أن يكون عليه قيمة الحرث؛ لأن المشتري والمكتري منه حارث بوجه شبهة فلا يبطل عمله، وقاله بعض القرويين. قلت: هو مقتضى المدونة لقولها في الغصب: من أحيا أرضا يظنها مواتا ليست لأحد فاستحقها رجل، قيل له ادفع قيمة العمارة مع ثولها في حريم البئر الحرث إحياء. الصقلي عن سحنون: إن أخرج أحدهما الأرض والبذر والآخر البقر والعمل فحرث كريم الأرض وترك غيره منها، فإن علم في الإبان جبر على تمامها، وإن فات الإبان فإن حرث نصف الأرض كان على العامل لرب الأرض ريع جميع كراء الأرض؛ يريد: ما لم يحرث قال: وإن حرث الثلثين فعليه السدس ويكونان شريكين في الزرع، ولو واجبته يحرث نصف أرض لي بزريعتي على أن يحرث لنفسه النصف الآخر، فأقلب العامل كريم الأرض وترك غيره وفات إبان القليب، فليقسم القليب بينهما ويغرم العامل كراء القليب، وله على رب الأرض أجر مثله في النصف الذي أخذ المتداعي في المزارعة. وسمع عيسى ابن القاسم وابن كنانة: من أعطى أرضه وبذره وبقره رجلا يزرعها على أن يأخذ من الزرع زريعته، ثم يقسمان ما بقي، فادعى العامل أن نصف الزريعة له فالقول قوله والزرع بينهما بالسوية. الصقلي: يريد ويتراجعان في الفضل في غيره ويحلف الزارع. ابن رشد: هذا على قول مالك؛ لأن رب الأرض يدعي على الزارع أنه أسلفه نصف الزريعة على ذلك شاركه، وهو يوجب فسادها والزارع ينكر ويدعي الصحة، فوجب قبول قوله، وقال عبد الملك عن ابن وهب: إن أخرج أحدهما الأرض والآخر العمل والبذر بينهما، فادعى العامل أنه أسلف صاحبه نصف البذر صدق مع يمينه

وفسدت الشركة. قال أشهب: من قامت له البينة أن البذر كان بيده يزرعه صدق مع يمينه. وقال حسين بن عاصم عن ابن القاسم: من دفع أرضه لرجل حين القليب مناصفة فحرثها، فلما رويت قال ربها: عليك حرثها فخذ نصف البذر، وقال الحارث: إنما حرثت على أن نصف الأرض لي أحرثه لنفسي وحرث نصفها لك عليك وأقاسمك إياها، أو قال اكتريها كلها هذه السنة فالقول قوله ويقسمان القليب إن قال مقاسمة وتكون له إن قال بكراء ويحلف. سحنون: لأنه عمل وحاز بعمله ولو كانت هذه دعوى رب الأرض وادعا العامل المعاملة صدق رب الأرض بيمينه، وقاله كله ابن حبيب. قلت: مقتضى تعليل سحنون قبول قول العامل وحوزه وعمله أن يقبل قوله في دعوى المعاملة عملا بحيازته المذكورة. ويجاب بأن علة قبول قوله هو تقرر حوزه ما هو مدعيه، وهو الأرض ودعواه في المزارعة متعلقة بالبذر وهو ليس في حوزه فبطل قوله فيه، وسلم قول رب الأرض في أرضه عن ترجيح قول العامل بحوزه ما يدعيه. سحنون: إن قال العامل: بعد طيب الزرع هو بيننا وقد تساوينا في بذره، وقال رب الأرض: إنما أنت أجير له، فالقول قول من عرف أن البذر من عنده، فإن جهل فالقول قول العامل؛ لأنه مخرج البذر في غالب الشركة ولو كان لا يعرف يملك بقر ولا بذر إلا أن يكون معروفا بالإجارة لرب الأرض. قال سحنون وابن حبيب: لو قال للعامل بعد القليب: تعاملنا على أن القليب علي وحدي، والبذر والعمل علينا بالسوية، والأرض من عندك، وقال رب الأرض بل علي وحدي، والبذر والعمل علينا بالسوية، والأرض من عندك، وقال رب الأرض بل على أن كل العمل عليك والأرض بيننا، فالقول قول من ادعى الاعتدال. ابن حبيب: فإن لم يدعه أحدهما رد إليه ثم يترادان الفضل. سحنون: وغن لم يكونا زرعا صحت الشركة باعتدالهما، وإن فات الزرع فهو بينهما بقدر البذر ويترادان في الأكرية.

قال بعض فقهائنا: إن اختلفا قبل أن يعملا شيئا تحالفا وتفاسخا. ابن حبيب: فإن لم يتحاكما ولم يعمل رب الأرض معه كما قال فزرع العامل نصفها لنفسه ببذره وأبقى نصفها لرب الأرض ثم تحاكما وتفاسخا، فالزرع بينهما ويترادان الفضل، وما تعطل إن كان رب الأرض مدعي الاعتدال فله على العامل نصف كرائه، كما لو أبطل ذلك بمزارعة جائزة لم يختلفا فيها، وإن كان العامل مدعي الاعتدال فلا كراء عليه، وهو على صاحبه الذي أبى العمل. وقال سحنون: إن أبى رب الأرض من العامل كذا، قال العامل: فزرع العامل لنفسه نصف الأرض، فالزرع لزارعه ولا شيء عليه من الكراء بعد حلفه ما عمله إلا على ما ادعاه؛ لأنه إذا قال: عاملتك على أن العمل عند البذر بيننا، وقال رب الأرض: بل على أن كل العمل عليك، فكان العامل قال: أكريت نصفها منك بنصف القليب، وقال الآخر: بل على أن تقلب لي نصفها وتزرعه لي فالعامل مدعي عليه. الشيخ عن سحنون: إن اشتركا على اعتدال فدفع رب الأرض للعامل نصف البذر، وقال: ما بذر العامل إلا نصف مدي، وقال العامل: بل مديا فهو مصدق مع يمينه فيما يشبه، وإلا فرب الأرض فيما يشبه، فإن أتيا بما لا يشبه نظر إلى محمل تلك الأرض فيكون عليه نصفه. الصقلي: قال محمد: إن وكلت من يزرع لك في أرضك قمحا فزرع شعيرا، لو أمرته بسمراء فزرع بيضاء، فالزرع له وعليه كراء الأرض، وإن زرع قمحا من عنده شبه قمحك فالزرع لك، ومثله أصبغ ابن القاسم هـ. قلت: هو سماعه من وكل من يزرع له فأخطأ فزرع أرضه ببر لابنه أو لامرأته، غرم الوكيل لابن الرجل أو امرأته بذرهما والزرع له وعليه كراء الأرض، ولا ينبغي أن يخير رب البذر في أن يعطي بذرا أو يأخذ زرعا، وفي إسلام الزرع قال: وفيه قول آخر لو قال قائل: يؤخر حتى يحصد الزرع فيأخذ الوكيل منه بذره وما بقي لرب الأرض، ثم أفكر فأقول حصاده ودرسه على من يكون فيتفاحش ذلك، فالقول ما قلته لك أولا إن بذر بذرا مخالفا لما أمره به؛ كأمره بقمح فيبذر شعيرا أو قطاني فإن كان ما أخطأ به

قمحا مثل ما أمره به فالزرع له ويغرم مكان البذر لأصحابه. ابن رشد: قوله: (الزرع للوكيل ولا يكون الأمر مخيراً) خلاف ما مضى له في نظير هذه المسألة في سماع سحنون، وتفرقته بين أن يكون البذر الذي بذر مخالفا لما أمره به أولا استحسان، وجهه أنه في المخالف يغلب على الظن أنه زرعه لنفسه، فلا يصدق أنه زرعه له على وجه الغلط. وإن كان غير مخالف أشبه قوله أنه زرعه له فوجب آخذه عند، وغرم مثله لأصحابه، ومضى في سماع سحنون في نظير هذه المسألة بيان هذا. فيتحصل في هذه المسألة ثلاثة أقوال: تصديقه فيأخذ الزرع ويغرم البذر لأربابه، ومنع تصديقه فيسلم له الزرع ويغرم كراء أرضه، والفرق بين كون البذر مخالفا أو غير مخالف. قلت: للصقلي عن محمد القول الذي قال ابن القاسم: يستأني فيأخذ منه مثل بذره هو الصواب ويخرج منه درسه وحصاده وكراء الأرض وما بقى فلرب الأرض وما عجز فعل باذره. الشيخ والصقلي: لسحنون في العتبية، وكتاب ابنه عن ابن القاسم: من واجر من رجل بقره بمدي شعير على أن يحرث مديا آخر من شعير بأرض رب الشعير في موضع منها أراه إياه ودفع إليه المديين فتعدى فحرثهما في أرض نفسه غرم المديين، فإن بطل ما زرع فقد أخذ حقه ولم يف بالإجارة، وإن تم زرعه فإن خرج أكثر من المديين وإجارة مثله مدي أو أقل إليه يعني الأقل من المدي المعطى له في أجره، أو أجر مثله مع المدي الذي أغرم ودفع ما بقي لرب الزريعة، وإن كان أجر مثله أكثر من مدي لم يزد على مدي، ورد إليه أحد المديين الذي أخذ منه أولا وما بقى لرب الزريعة، فإن لم يصب إلا مديا قوصص به فيما أخذ منه ولا شيء له غير ذلك. الصقلي: كل المسألة جار على أصلهم في تعدي المقارض إلا قوله يأخذ الأقل من أجر المثل أو المسمى، هذا مذهب سحنون في هذا الأصل، وأصل ابن القاسم في تعدي الأجير: أنه إن أصاب أكثر من مديين أن يأخذ في أجره المدي المسمى له ومدي

الزريعة، ويدفع الفضل لرب الزريعة. وفي نوازل أصبغ: إن حرث رب أرض أو مكتريها أرضا ظنها إياها أو بنى عرصة كذلك وحلف أنه ظنها إياها مصدق في الزرع مع يمينه، وهو على الخطأ حتى يعلم عمده فيقر زرعه حتى يتم كمكتر. سحنون: هو كغاصب، أصبغ: وهو في العرصة كغاصب. ابن رشد: لا يعذر في العرصة اتفاقا لمعرفة حدودها، بخلاف الفدادين. قلت: ونقله ابن عات عنه في طرره، وفيه نظر لقولها في الشفعة: من بنا أو غرس في أرض يظنها له ثم استحقت فعلى مستحقيها قيمة ذلك قائما للشبهة إلا أن يتأول ما في الشفعة على أنه بناء في مضمون عليه بثمنه لقوله ثم استحقت. وفي أصل الطرر عن وثائق: في أصل الطرر عن وثائق فعله ابن فتحون ومن خرج ليلا فزرع أرض جاره غلطا فلا شيء له من الزرع. الصقلي: وقال سحنون في موضع آخر إلا أن يكونا لم يتحاكما أو لم يعلم ذلك حتى تحبب الزرع وفات إبان الزراعة، فيكون الزرع لزارعه وعليه كراء المثل. وفي الطرر عن وثائق: ومن خرج ليلا فزرع أرض جاره غلطا؛ فلا شيء له من الزرع. الصقلي: قال في كتاب ابنه: وكذا من زرع أرض غائب أو حاضر على الدابة فهو كغاصب. قال: ولو غصب الزرع وتقارب طيبه، ولو قلع انتفع رب الأرض بزرعها كتانا أو غيره، لم يقلع إن تقارب طيبه، وليس لرب الأرض إلا الكراء. ابن حبيب: إن اختلطت زروع فدادين بعد حصادها لأقوام قسم طعامها على ما بذر منها في كل فدان منها. سحنون: ما طار من بذر جار في أرض جاره فهو لمن نبت في أرضه ولو اختلف بذراهما، ولو كان بين الأرضين جسر فما نبت فيه مما تطاير اتفق بذراهما أو لا؛ لأن ذلك الموضع من أرضيهما.

سحنون: إن قوي أحد الشريكين في الأرض على الحرث وباقيهم لا يقوى فدعوه للقسم وأبى وحرث لنفسه فلشركائه كراء حظهم فيما حرثه، وكذا لو حرث قدر حظه منها فقط فلشركائه كراء حظهم فيما حرث، وكذا لو كانت أرض بعل فجاد زرع الحراث فيها لتوالي المطر، وكذا لو طولب في القسم فلد وتغيب حتى حرثت فإنما عليه الكراء؛ يريد: وقد فات الإبان فعليه بالكراء، ويحلف الشريك أنه ما أذن له أن يزرع ولا رضي به. وفي أكرية الدور منها: من أكرى أرضه لرجل يزرعها قمحا أو شعيرا أو غيره على أن ما أنبت بينهما أو هو مع الأرض بينهما لم يجز. الصقلي: عن بعض القرويين: إن زرع فالزرع له وعليه كراء الأرض؛ لأن الزرع من عنده فصار شركة فاسدة، ولا يبعد أن يقال نصف الزرع أفاته العامل في نصف الأرض لربها بإذنه فعليه مثله وأجر العامل فيه، ولو لم يتم وينتظر بنصف العامل الذي زرعه لنفسه إن تم غرم كراءه وإن بطل فلا شيء عليه. وأما قوله: على أن الأرض بيننا نصفين فعلى أحد التأويلين يكون نصف البذر زرعه لرب الأرض فعليه مثله؛ لأن أرضه قبضته له وللعامل أجره فيه، وينتظر بنصف العامل إن تم فعليه كراء المثل إن حكم بالفسخ في إبان الحرث، وإن لم يتم فلا كراء عليه، وإن لم يحكم بالفسخ حتى تم الزرع فلا كراء عليه ولا يفيته الزرع ويرده ويمكن أن يقال ما زرعه لرب الأرض لا يفوت وهو لزراعة؛ لأنه لم يدفعه فهو لزراعة وعليه لرب الأرض كراؤها. ابن عات: عن ابن لبابة: من مات في إبان الزراعة فزرع بعض ورثته أرضه بزوجته وزريعته فلما تم قال: من لم يعمل الزرع بيننا ولكم أجركم، وقال العامل: هو لي ولكم كراء الزوج الزرع بينهم وللعامل أجره، ولو عطب الزوج أو قحطت الأرض غرم العامل قيمة الزوج وكيل الطعام لتعديه. وحكى عيسى في كتاب الجداد: إن حرثت المرأة أرض زوجها ببذره وبقره، وقالت: زرعته لنفسي فالزرع لها، وعليها كراء الأرض والبقر وغرم البذر إن كان من طعامه، وما عطب في عملها من بقره ضمنته المشاور، وبه العمل، وقول ابن لبابة خطأ.

كتاب المغارسة

[كتاب المغارسة] المغارسة: جعل وإجارة وذات شركة في الأصل، وسمع ابن القاسم: من قاضى رجلا على غرس نخل بأرضه على أن له في كل نخلة تثبت جعلا مسمى، وإن لم تثبت فلا شيء له وله الترك متى شاء، فلا باس به إن شرط للنخل قدرا يعرف أربع سعفات أو خمسا. ابن رشد: المغارسة على الجعل جائزة، وكذا على الإجارة وعلى جزء من الأصل. وفيها: إن قلت له اغرس لي أرضي هذه نخلا أو شجرا بطائفة أخرى من أرضك جاز ككراء الأرض بالخشب. وإن قلت له: اغرسها شجرا أو نخلا، فإذا بلغت كذا وكذا سعفة والشجر قدر كذا فالأرض والشجر بينهما نصفين، فذلك جائز، وإن قال: والأصول بيننا فقط، فإن

كان مع مواضعها من الأرض جاز، وإن لم يشترط وشرط ترك الأصول في أرضه حتى تبلى لم يجز ذلك. ابن رشد: للمغارسة سنة تخصها ليست محض إجارة، ولا جعل تشبه الإجارة بلزوم عقدها، والجعل موقف عوضها على ثبوت الغرس. وسمع عيسى ابن القاسم: لو قال أستأجرك على غرس أرضي هذه كذا وكذا نخلة إن ثبتت فهي بيننا جاز، وهو جعل لا إجارة له الترك متى شاء، ولو ماتت لم يكن له شيء، ولو لم يكن جعلا ما جاز إذ لعله أن يعمل فيبطل ولا يقدر أن يخرج فيذهب عمله بغير شيء، ولو استأجره على أن يغرس في حائطه هذا كذا وكذا نخلة بنصف أرضه هذه لجاز، وكانت إجارة ولا ترك له حتى يفرغ من غرسه، فإن غرسها وغيبها في أرضه ثبت أجره ولو عطبت. ابن رشد: قوله: (إن ثبتت فهي بيننا)، يريد: وما ثبت منها فهو أيضا بيننا بأرضه؛ لأنا لو حملناه على ظاهره فإن العامل لا يجب له شيء إلا بثبوت كل النخل، للزم إن ثبت بعضها فقط ألا يكون للعامل فيه شيء، وذلك باطل اتفاقا، ولم يلتفت إلى لفظ الإجارة في قوله أستأجرك لما شرط فيها العمل على حكم الجعل، وهو قوله فيها إنما ينظر مالك إلى الفعل لا القول. وقوله: إن المغارسة في الأرض على جزء منها لا يجوز إلا على وجه الجعل بأن لا يلزم العامل التمادي وله الترك متى شاء بخلاف المشهور من أنها في الأرض على جزء منها جائز على لزوم عقدها لهما، وإن كان لا يحمله القياس قياسا على المساقاة، وإن كان فيه اعتراض؛ لأن شرط المجاعلة كون الجعل فيها معلوما، والجعل في هذه المغارسة غير معلوم؛ لأنه الجزء الذي شرط له من الأرض بعد غرسها ولا يدري كيف يكون الغرس. وشرط صحتها: كون الأرض والشجر بينهما وأن تؤقت بشباب قبل الإطعام، في سماع حسين بن عاصم، قلت لابن القاسم: ما حد الشباب الذي وصف مالك. قال: حد الشجر في ارتفاعها؛ يريد: قدرا معلوما كالقامة ونصفها، وما أشبه ذلك

في سعفات يلقيها الشجر معروفة السعفة بالتحريك غصن النخل، قاله الجوهري، وسمع ابن القاسم جواز أخذها بالإثمار. ابن رشد: أجازه في هذا السماع وفي رسم الجواب. وفي الموازية: وله في موضع آخر منها منعه؛ لأنه لا يدري متى تثمر، وإن حدها بأجل دون الإطعام ففي صحتها ومنعها أول سماع حسين بن عاصم ابن القاسم وما في أثنائه مع رواية الواضحة، ولو سكتا على التحديد ففي جوازها ومنعها سماع عيسى ابن القاسم، ابن حبيب وجعله الإثمار. ومن شرطها كونها في أصل لا في زرع ولا بقل، وفي جوازها في فصل الزعفران الذي يقيم أعواما، ثم ينقطع قول سحنون وسماع ابن القاسم. سحنون: وتجوز في القطن الذي يبقى السنين العدة لا فيما يزرع كل سنة. ابن حبيب: قال مالك: لا تجوز المغارسة إلى أجل. قال لي مطرف: إنما يجوز الأجل في هذا أن يقول اغرس لي شجر كذا، فإن بلغت الإثمار أو شباب كذا فلي نصفها ولك نصفها على أن تقوم بنصفي كذا وكذا سنة فيجوز كأنه واجره على غرس نصف أرضه، ويأتي بالغرس من عنده ويقوم له به تلك المدة بنصف الأرض، فإن بطل الغرس قيل لرب الأرض أعطه غرسا مثله يغرسه لك ويقوم به. قلت: فهذه مغارسة إلى أجل ومالك ينظر إلى الفعل لا ينفع عنده حسن اللفظ إذا قبح العمل، فقال: هذا لا يعتدل في كل شيء؛ لأنه لو قال: أؤاجرك سنة تقوم بجناني هذا بنصف ثمرته لم يجز، ولو قال أساقيك بذلك جاز، فما فرق بينهما غير اللفظ، وقاله أصبغ. الصقلي: الأصل أن لا فرق بين أساقيك بنصف الثمرة أو أستأجرك ولا يضر قبح اللفظ إذا حسن العمل، ولم يفرق ابن القاسم بينهما وهو أصوب، وقاله حسين بن عاصم عن ابن القاسم: إن غارسه على أنه إذا تمت المغارسة وأخذ نصفه قام بنصف رب الأرض سنين معلومة، والعمل معلوم مضمون على العامل، ولو مات جاز وإن

شرط عمل يده بعينه فلا خير فيه؛ لأنه خطر لا يدري أيعيش العامل للأجل أم لا؟ سحنون: هذا خطأ ولا يجوز على حال؛ لأنه جعل وبيع. ابن رشد: مثل سماع حسين لمطرف وأصبغ في الواضحة، وزاد عن مطرف إن بطل الغرس بعد أن غرسه، قيل: لرب الأرض أعطه غرسا مثله يغرسه ويقوم به إلى أجله، وهو نحو قول سحنون وقول أشهب في رسم البيع من سماع أصبغ من كتاب الجعل، وإليه ذهب ابن حبيب خلاف قول ابن القاسم، وروايته في المدونة وغيرها أن الإجارة لا تجوز في ذلك إلا بشرط الحلف، وزاد عن أصبغ: إنما جاز ذلك؛ لأن المغارسة تمت بينهما واعتراضه صحيح، إذ لا فرق في القياس بين أن يشترط عليه عملا يعمله قبل الغرس أو بعده، فقول ابن القاسم في هذا السماع وقول مطرف وأصبغ في الواضحة معارض أصبغ في نوازله. ويتحصل فيها ثلاثة أقوال: أحدها: أنها على هذا الشرط لا تجوز كان العمل مضمونا أم لا، وهو الآتي على قياس قول نوازل أصبغ. والثاني: جوازه إن كان مضمونا أو في عينه، وشرط خلفه إن بطل الغرس. والثالث: جوازه مطلقا والحكم الخلف، ولو شرط العمل في بدنه، فإن مات بطل عقد الشرط لم يجز اتفاقا. الصقلي عن ابن القاسم: إن غارسه إلى الإثمار فأثمر جلها وبقي التافه فهو تبع لما أثمر ويسقط عن العامل العمل في كله، وقاله ابن حبيب، وإن أثمر ما له بال أو كان متناصفا أو متماثلا سقط عنه عمله فيه إن كان متباينا، وإن كان مختلطا لزمه عمل الجميع حتى يثمر جله، وثمر ما أثمر بينهما قل أو كثر مختلطا كان أو متباينا. قال: وإن نبت بعض غرسه ومات بعضه بعد بلوغه القدر الذي شرطا سقط شرط العامل فيما مات قل أو كثر، وله أن يعيد غراسته إن شاء وقوي عليه، وقال نحوه أصبغ عن أشهب في العتبية. قال أصبغ: وقاله ابن القاسم فيما أعلم، ولحسين بن عاصم عن ابن القاسم في العتبية: إن مات أقلها وثبت جلها فالأرض وما فيها بينهما، وغن ثبت مات جلها فلا

شيء له فيما ثبت، وقاله سحنون. قلت: لفظ سماع أشهب هو إن ماتت كلها إلا ثلاث نخلات. قال: ما نبت بينهما وبقيت الأرض لربها. ابن رشد: لا فرق على هذا القول بين ثبات الأقل أو القليل أو الأكثر أو الكثير للغارس حقه فيما ثبت على كل حال ويثبت فيما بطل على كل حال، وفي سماع حسين: القليل تبع للكثير إلا أن يكون ما ثبت أو بطل له قدر وبال، وإن كان الأقل فلا يكون تبعا ويعطى حكم نفسه وهو قول سحنون، ويأتي على المشهور أن المغارسة على جزء من الأجزاء جائزة على أنها لهما لازمة، والقول الأول يأتي على أنها كذلك لا تجوز إلا على وجه الجعل الذي لا يلزم المجعول له فيها العمل. وسمع عيسى ابن القاسم: من أعطى أرضه من يغرسها شجرا على أن الثمر بينهما بالسوية فقسما تمره أزمانا ثم علما فساده، رد ذو الأرض للعامل ما أخذ من ثمر مثله إن وجده وإلا فقيمته، وله على العامل كراء أرضه من حين أخذها منه لا من حين أثمرت، ولذي الأرض أخذ الغرس بقيمته مقلوعا أو أمر غارسه بقلعه. ابن رشد: في كون المغارسة الفاسدة إن لم يجعل للعامل فيها جزء من الأرض كراء فاسدا أو إجارة فاسدة قولان لهذا السماع وغيره، فعلى الأول الغلة للغارس يرد عليه ذو الأرض ما أخذ منها المكيلة إن عرفت والقيمة إن جهلت، ويقلع غرسه إلا أن يعطيه ذو الأرض قيمته مقلوعا وقيل قائما، فاله يحيى في سماعه في السداد والأنهار في المعاملة الفاسدة في بناء الأنهار ولا فرق وعلى الغارس قيمة كراء الأرض. قال: في هذا السماع من يوم أخذها، ومعناه عندي: إن أخذها في وقت يمكنه وضع الغرس فيه؛ لأنه إن أخذها قبل إمكان وضع الغرس فيه، فإنما ينعقد الكراء بينهما من يوم يمكنه وضعه فيه إذ لا منفعة له في الأرض قبل ذلك، وقيل: من يوم وضع الغرس فيها، وهو سماع يحيى؛ ومعناه: عندي من يوم يمكنه وضعه فيه فالروايتان وفاق، وكان الشيوخ يحملون ذلك على الخلاف فلا يوجبون عليه الكراء في رواية يحيى إلا من يوم وضع الغرس، وإن كان أخذها وقد أمكنه وضع الغرس فيها وهو محتمل،

وإن كان أخذها قبل إمكان وضع الغرس فيها فلا يصلح أن يكون عليه الكراء من يومئذ. وفي سماع أبي زيد وحسين بن عاصم: أنه من يوم أثمرت النخل، وعلى كونها إجارة فاسدة يكون للغارس على رب الأرض قيمة غرسه من يوم وضعه بالأرض مقلوعا وأجر مثله في غرسه وقيامه عليه وكل الغلة لرب الأرض، يريد: الغارس ما أخذ منها المكيلة إن عرفت أو خرصها إن جهلت، وهذا الخلاف بناء على أن الغرس بعد غرسه باق على ملك غارسه فيكون كراء فاسدا أو على ملك رب الأرض فتكون إجارة فاسدة. وسمع عيسى ابن القاسم: إن غارسه أرضه على أنها إن بلغت قدر كذا وكذا، فالأصل والشجر بينهما فتطعم قبل بلوغ ذلك لم يصلح هذا، ولا يصلح إلى على قدر يكون قبل الإطعام أو إليه، فإن نزل فالثمرة لرب الأرض، وللعامل أجر مثله ولا شيء له في الأرض. ابن رشد: في فاسد المغارسة التي جعل للعامل فيها جزء من الأرض لابن القاسم أحوال. أحدها: هذا السماع فيعطي قيمة غرسه يوم وضعه بالأرض أو أجر مثله في غرسه وقيامه عليه إلى يوم الحكم، ويرد لرب الأرض ما أخذ من ثمرها وهو قول سحنون، وهو على أن الغرس في فاسدها مطلقا على ملك رب الأرض. والثاني: أنه بيع فاسد في نصف الأرض فات بالغرس، فعلى الغارس فيه لرب الأرض قيمته يوم غرسه، وإجارة فاسدة في النصف الثاني لرب الأرض فيه على الغارس قيمته مقلوعا يوم غرسه، وأجرة مثله في غرسه وقيامه به إلى يوم الحكم، وقيل: عليه للغارس نصف قيمته قائما يوم الحكم من أجل سقيه وعلاجه، وهو سماع عيسى ابن القاسم في رسم الجواب، وقال ابن حبيب: عليه للغارس قيمة نصف غرسه يوم بلغ، وتم وأجره من يومئذ في قيامه به إلى يوم الحكم، ويتحاسبان من له فضل على صاحبه رجع به والغلة بينهما على ما شرطاه.

والثالث: أنه بيع فاسد أيضا؛ أي: نصف الأرض فات بالغرس على الغارس قيمته يوم فوته بالغرس، والنصف الثاني كراء فاسد على الغارس فيه لرب الأرض كراء مثله يوم أخذها أو يوم وضع الغرس فيها أو يوم أثمرت على ما تقدم، ويقلع الغارس غرسه من النصف الذي لرب الأرض بعد قسمه إلا أن يشاء رب الأرض أن يأخذه بقيمته مقلوعا أو قائما، على قول يحيى في رسم استأذن وهي رواية المدنيين، وعلى هذا القول كل الغلة للعامل يرد عليه رب الأرض ما أخذ منها مكيلتها إن عرفت أو خرصها إن جهلت، وهو سماع حسين ابن عاصم ابن القاسم، وهو على أن الغرس على ملك الغراس، وهو أظهر من القول الثاني؛ لاجتماع البيع والكراء في هذه المسألة أولى من اجتماع البيع والإجارة؛ لأنهما يصيران كأنهما تمما الفساد. وسمع حسين ابن القاسم: لو اغتلاها ثم بطل الغرس وعادت الأرض براحا فنصفها للعامل بقيمته يوم أخذها براحا؛ لأنه لما فوتها بالغرس ضمنها بقيمتها وكل الغلة له، وعليه كراء نصف رب الأرض من يوم اغتلها، وعلى رب الأرض للغارس في نصفه الذي ذهب أجر مثله إلى بلوغ الشباب الذي سماه هلك بعد ملك أو بقي، وإن مات الغارس قبل بلوغه ذلك الشباب فلا أجر له، كقول مالك في أجير حفر القبر إن هلك قبل تمامه فلا شيء عليه وإن انهدم قبل فراغه فله الأجر كاملا. وقال سحنون: كل الغلة لرب الأرض وللعامل أجر مثله، ويرد ما اغتل؛ لأن الغرس لو ثبت لم يكن له فيه ولا في الأرض شيء، فأحرى أن لا يكون له شيء إذا لم يثبته. ابن رشد: قوله: (كان الغلة له)؛ يريد: إلى يوم بلوغ النخل ما شرطا تمام المغارسة إليه وما بعده إلى يوم الحكم بينهما، لا شيء في ذلك على واحد منهما لصاحبه العامل اغتل النصف الذي عمل، ورب الأرض اغتل النصف الذي صار بانقضاء أمد المغارسة إليه وتولى القيام لنفسه عليه. وقوله: عليه كراء نصف رب الأرض من يوم اغتلها؛ يريد: إلى يوم بلوغ النخل الحد المشترط.

وقوله: وعلى رب الأرض للغارس إلى آخر قوله هو كلام لا يستقيم رده على ما تقدم من أن كل الغلة للعامل وعليه كراء نصف رب الأرض، إنما يصح على القول أنه يرد في نصف رب الأرض إلى أجر مثله وغلة ذلك له لا للعامل، ويرد إليه مع ذلك قيمة الغرس يوم وضعه بالأرض فهو خروج من قول إلى قول دون واسطة، وأراه سقط من الكلام شيء. وقوله: إن مات الغرس قبل ذلك الشباب فلا أجر للغارس في نصف رب الأرض، وهو قول سحنون خلاف معلوم مذهب ابن القاسم في المدونة، وغيرها أن له من الأجر بقدر ما مضى من العمل، إنما اختلف قوله في ذلك في المدونة إن كانت الإجارة فيما لا يملك من الأرض كالقبر في المقبرة، فإن صح هذا الكلام والاحتجاج لابن القاسم تحصل له ثلاثة أقوال على تمام عمله وأخذه له بقدره، ثالثها: إن كان فيما لا يملك من الأرض. قلت: ذكر الصقلي قول سحنون بزيادة قال: لأن مالكا قال في المتزارعين على ما لا يحل الزرع لرب الحب إذا تولى عمله، ولرب الأرض كراء أرضه والشجر الذي غرسها، وقام بها كما أن الزرع للذي زرعه وتولى عمله. الصقلي: يجب على ما علل أن تكون الغلة للذي زرعه للعامل؛ لأنها ثمرة شجره كما أن له ثمرة زرعه ولرب الأرض كراء أرضه. قلت: وقع في الكلام ابن رشد في غرم الثمرة حيث يجب. قال فيه: في الأول من سماع عيسى أخذت المكيلة إن عرفت وخرصها إن جهلت، قال في أول كلامه وفي آخره، وقال: في كلامه في رسم يوصي مكيلتها إن علمت وخرصها إن جهلت، كذا صححته في غير نسخة واحدة. والصواب قيمة خرص ذلك؛ لأنه المعروف من الروايات ونص عليه ابن رشد في أواخر أول رسم من سماع ابن القاسم من جامع البيوع قال فيه: فيمن اشترى ثمرا قبل بدو صلاحه وجذه وفات غرم مكيلته: إن عملت قيمة خرصه إن جهلت. قال ابن عاصم: قلت لابن القاسم: لم جعلت للعامل قيمة الشجر مقلوعا، وهو

غرسها بوجه شبهة. قال: لأن رب الأرض أكراها بما يخرج منها وإلى أمد مجهول فترد إليه أرضه بحال ما خرجت من يده، ولو جعلت عليه قيمتها قائمة أدخلت عليه ما يحجبه عن أرضه؛ لأنه لو ألزم القيمة فعجز عنها بيع عليه شيء من أرضه للعامل في أجرته، ولابن حبيب: إن تعاملا على أن الثمرة بينهما فقط ما دامت الشجر فإذا هلكت فلا شيء للعامل في الأرض أو على أن الشجر دون الأرض بينهما فسخ، وردت الأرض بالشجر والغلة لرب الأرض وعليه للعامل الأقل من قيمة عمله يوم فرغ منه وتم، أو ما أنفق وثمن الغرس الذي غرس وله مع ذلك أجر يده على قيامه بالشجر إذا رجعت الغلة لرب الأرض وإن بطلت الشجر بعد تمامها قبل أن ينظر فيها، فقال الأخوان: ليس للعامل فيها قيمة ما عملا ولا رد ما أنفق؛ لأنه لم يخرج من يده شيئا فيعوض منه إنما غرس على أن يكون ثمن غرسه في ثمرة ذلك الغرس بعينه، فإن كان غررا فلا شيء له إذا ذهب، ولو حمل محمل الإجارة على شيء نقد من غيره لأعطى قيمته ذهبا أو بقي، ويرد ما أخذ من الغرر إن أخذ منه شيئا، وتمضي الغلة لمن اغتلها قبل ذهاب الشجر اغتلاها معا أو الغارس وحده، ولا ينظر بينهما في شيء إذا ذهب الغرس، وفات موضع تصحيحه بالقيمة كما نظر في الذي فوق هذا. وقال أصبغ: إن ذهب قبل الحكم بتصحيحه، وقد تم وفرغ فللعامل قيمة عمله يوم تم قائما غير ذاهب كشرائه بثمن فاسد، ثم فات وفواته الفراغ منه فلربه القيمة يومئذ وكمل الغلة لرب الأرض. ابن حبيب: بالأول أقول وإنما تصح حجة أصبغ في الأول؛ لأنه أعطاه فيها نصف الأرض ثمن غرسه النصف الآخر، فإذا غرسه وجب له ما أعطى وصار ما فرغ لرب الأرض صحيحة كانت معا معاملتهما أو فاسدة. وسمع حسين ابن القاسم: إن غارسه على النصف ولم يذكر الأرض ولا الثمر فقال العامل: عاملتك على أن لي نصف الأرض بغرسها، وقال رب الأرض: بل على نصف الثمرة فقط أو نصف الشجر فقط حملا على سنة البلد، فإن كان التعامل في البلد

بالوجهين فالقول قول العامل مدعي الحلال مع يمينه. وسمعه أبو زيد: إن ادعى أحدهما الحلال والآخر الحرام، فإن كان غالب البلد الحرام سلك بهما سبيله، إن لم تثمر النخل أخذها العامل مقلوعة إلا أن يعطيه رب الأرض قيمتها مقلوعة ولا شيء له في عمل ولا سقي، وإن أثمرت فالثمرة له ولرب الأرض كراء أرضه يوم أثمرت النخل وإن كان عمل البلد الحلال حملا عليه، وإن كان عملهما بالوجهين حلفا وفسخ ما بينهما. ابن رشد: تكلم أول المسألة على الفوات، وفي آخرها على القيام، وبنا قوله على أن لا مزية لمدعي الحلال على مدعي الحرام. وقوله: سلك بهما سبيله، يريد بعد حلف مدعي الحلال ولا كراء عليه في الأرض إذا لم تثمر النخل إذ لم ينتفع بها، وإن أثمرت فعليه الكراء من يوم أثمرت، وتقدم الخلاف فيه، ولو لم يشهد العرف لأحدهما أو شهد لهما فقياس هذه الرواية أن القول قول من ادعي عليه أكثر مما يجب عليه بمقتضى دعواه. وقال في آخرها في القيام: إن كان عمل البلد بالوجهين فسخ ما بينهما، وتحصيله إن اختلفا قبل الفوت فعلى لغو الأشبه في القيام تحالفا وتفاسخا هذا نص قولهم، ومقتضى النظر أن يحلف مدعي الحرام فيفسخ البيع، فإن نكل حلف مدعي الحلال وثبت البيع، وعلى رعي الأشبه في القيام فعلى قوله هذا الذي لم ير فيه لمدعي الحلال مزية القول قول مدعي العرف منهما، فإن شهد العرف لهما أو لم يشهد لواحد منهما حلفا وفسخ ما بينهما، وعلى مشهور المذهب القول قول مدعي الحلال إلا أن يشهد العرف لمدعي الحرام دونه، وإن اختلفا بعد الفوت فلا خلاف في رعي الأشبه، فعلى المشهور القول قول مدعي الحلال إلا أن يشهد العرف بالفساد، وعلى سماع أبي زيد القول قول من شهد له العرف، فإن لم يشهد لأحدهما فقط فالقول قول من ادعى عليه أكثر مما يلزمه بمقتضى دعواه. وفي نوازل أصبغ: إن شرط رب الأرض على الغارس بناء جدار على الأرض أو زربا لضرورة حفظها على أن له نصفه مع نصف الأرض جاز إن قلت مئونته.

قال: ولو عمل بعض الغرس أو جله، ثم عجز أو غاب فأدخل رب الأرض من أتم عمله أو أتمه هو فقدم الأول فطلب حقه فيما كان غرس، فإن كان غائبا أو حاضرا حضورا لم يقطع عليه برؤية التسليم، فهو على حقه ويعطى من كفاه فيما لم يسرف فيه ما لو كان هو العامل لزمه مثله. ابن رشد: قوله هذا خلاف قول ابن القاسم في سماع يحيى في البضائع والوكالات في الخصام، ولقول ابن القاسم وسحنون في كتاب الجعل في الأجيرين في حفر بئر يمرض أحدهما، ويحفر الآخر أنه متطوع: قال ابن القاسم: لصاحبه، وقال سحنون: لرب البئر حمل ابن القاسم الإجارة على أنها مضمونة على كل واحد منهما، وحملها سحنون على أنها معينة فانفسخت بالمرض، ولم يفرق واحد منهم بين أن يكون لرب الأرض أو البئر أو الشريك عبيد أو أجراء لا يحتاج من أجلهم إلى الاستئجار على ما عمل له، كما فرق في ذلك في سماع أبي زيد من كتاب الجعل والإجارة فقيل: هي مفسرة للقولين، وقيل: هي قول ثالث وهو الأظهر، ولو لم يطلب الأول حقه وقال: لا حاجة لي به، وطلب الذي كفاه ما كفاه به وأتمه لتخرج على الخلاف في لزوم المغارسة قياسا على المساقاة وعدم لزومها قياسا على الجعل، ولو عجز قبل أن تفوت المغارسة في الأرض فغارس رب الأرض فيها غيره لكان الأول على حقه وغرم قيمة عمل الثاني له أو لرب الأرض إن لم يرد الثاني الرجوع إلا على رب الأرض.

كتاب الإجارة

[كتاب الإجارة] الإجارة: بيع منفعة ما أمكن نقله غير سفينة، ولا حيوان لا يعقل بعوض غير ناشئ عنها بعضه يتبعض كتبعيضها، فيخرج كراء الدور والسفن والرواحل

باب في أركان الإجارة

والقراض والمساقاة والمغارسة والجعل، وقول القاضي: هي معاوضة على منافع الأعيان لا يخفى بطلان طرده، ونحوه قول عياض بيع منافع معلومة بعوض معلوم مع خروج فاسدها، وقولها: يجوز أن يستأجر طريقا في دار رجل أو مسيل مصب مرحاض مجاز؛ لأنه أحق من الاشتراك محمد وهي جائزة إجماعا. الصقلي: خلاف الأصم فيها لغو؛ لأنه مبتدع. [باب في أركان الإجارة] وفيها: مع غيرها عقدها لازم كالبيع. ابن شاس: أركانها ثلاثة الأول العاقدان، ولا يخفى أمرهما ابن الحاجب كالمتعاقدين كالمتبايعين. قلت: هذا ظاهر المذهب فلا تمضي ممن حكم بحجره، وفيها: من واجر ابنه

ليخدمه فإن كان الابن محتلما جاز، ولابن فتوح عن ابن حبيب عن الأخوين: لا بأس بإجارة اليتيم نفسه إن عقل، وفهم ما ينظر فيه لنفسه وكان نظرا له ويكون قبضته تلك الأجرة براءة لمستأجره ما لم يكن لها بال وقدر، فإن غبن في إجارته فعلى المستأجر تمامها كان معه وليه أم لا، وكذا إن عقد عليه أخوه أو أمه لزمه إن كان نظرا وبرئ المستأجر بدفع الأجرة إليهم ولا يجوز لليتيم أن يؤاجر نفسه دون إذن وصيه، فإن فعل وحمل فله الأكثر من المسمى أو أجر المثل وفسخ ما بقي. قلت: أول كلامه وآخره متنافيان لاقتضاء أوله الجواز، واقتضاء آخره المنع ولفظ النوادر. قال مطرف وابن الماجشون: لا بأس أن يستأجر الرجل الغلام لم يبلغ والجارية لم تحض من أنفسهما إن عقلا - إلى قوله -: وما كان في إجارتهما من محاباة فعلى المستأجر تمامها كان معهما ولي أم لا، وكذا لو عقد ذلك عليهما أخ أو عم ودفع الأجرة عليهما يبرئه إن كان الولي مأمونا، ولو كان من الإمام كان أحب إلينا، وقال: مثله ابن عبد الحكم وأصبغ ولا ينبغي أن يؤاجر إلا المأمون. قلت: والأظهر أن هذا خلاف المعروف في تصرف اليتيم حسبما تقدم في فصل بيعه وفيها من واجر صغيرا فيعمل بغير إذن وليه لم يجز، فإن فعل فعليه الأكثر مما سمى أو أجر مثله، وكذا العبد بغير إذن سيده وحكم عطبهما. تقدم في الغضب: ابن فتوح: لا يجوز للأب أن يؤاجر ابنه الصغير لعمل آو خدمة إلا أن يكون الأب فقيرا أو مقلا، أو يريد بعمله العمل فيجوز، وشفق عليه من أجرة عمله وما فضل حبس للصبي، وليس للأب أكل ما فضل من عمله لشهر أو لعام وإن كان فقيرا خوف أن لا يمكن للصبي عمل فيما يستقبل أو يمرض فإن كان الأب غنيا فليس له أن يؤاجر ابنه ويقضى عليه بنفقته ويصرفه فيما يصلح لمثله من تعليم وتأديب أو يعرضه لصناعة أو تجر. قال أحمد بن سعيد: وقول بعضهم لا يجوز له مؤاجرته إن كان له مال، أو للابن وهم؛ لأن المال يذهب فتعليم الآباء الأبناء الصناعات من الحزم والنظر، وقد علم الله

تعالى كثيرا من أنبيائه عليهم الصلاة والسلام الأعمال ورضيها لهم، كان نوح نجارا وآدم أول من حرث بيده، وإدريس كان خياطا، وإبراهيم كان بزازا، وداود كان يصنع الدروع، وفي طرر ابن عات عن ابن مغيث: للأب مؤاجرة ابنه الصغير، ولو كان الأب غنيا إن أراد تعليمه لما يتقي من العواقب. وقال يحيى بن أيوب لوتد، وابن الهندي وغيرهم: ابن مغيث، وقول بعض الفقهاء: لا يجوز أن يؤاجره إن كان الأب غنيا وهم؛ لأن المال قد يذهب فيجد صنعته. قلت: كذا نقل هذا الكلام غير واحد من الموثقين وفيه تعسف على من نسب له الوهم أو وهم من وهمه؛ لأنه إنما منع من إجارته لا من تعليمه الصنعة، وربما كانت مؤاجرة الأولاد نقما عليهم باعتبار بيتهم، ومنصب إسلامهم في مال أمرهم. المتيطي في سابع الثمانية ل أصبغ: يجوز للأب مؤاجرة ابنته البكر إن كان فقيرا، وكان نظرا لها وله الانتفاع بأجرتها إن افتقر إليه، ولا يؤاجرها السنين الكثيرة جدا ولا بأس به في ثلاث سنين. قال المتيطي وابن فتوح: ويجوز عقد الحاضنة على محضونها أما كانت أو غيرها، ولا ينفسخ إلا أن يزداد الصبي في أجرته فتقبل الزيادة، ويفسخ عقد الأم وينظر له في أحسن المواضع ولو كان بأقل من موضع أخر، ولا تقبل الزيادة في عقد الوصي إلا أن يثبت أن فيه غبنا على اليتيم. قلت: الأظهر أن عقد الحاضنة كالوصي. المتيطي: إن استؤجر ابن من أبيه فاحتلم قبل تمام المدة أو اليتيم من وصيه فرشد قبل ذلك لم يلزمه باقي المدة، إلا أن يكون كالشهر ولا يؤاجره وصي ولا أب بعد احتلامه. قال يحيى: ورشده. قلت: هو نص قولها إلا زيادة يحيى وفيها من واجر عبده ثم باعه فالإجارة أولى به، فإن كانت الأجرة كاليومين جاز البيع وإن بعد الأجل فسخ وليس للمبتاع أخذه بعد الإجارة.

باب الأجر

الصقلي: اختلف أصحابنا إن كانت لشهر ولم يعلم بها المبتاع حتى انقضت الإجارة، فقال بعضهم: يلزم البيع كعيب ذهب وأجرة الشهر للمبتاع ولو كره البائع ولا يدخله ذهب وعبد بذهب؛ لأن الحكم أوجبه ولم يتعاملا عليه، وقال الآخرون: الأجرة لبائعه يخير المبتاع في قبوله بغير أجر ورده ولا يجوز أن يتراضيا على أخذه المبتاع مع الإجارة؛ لأنه عبد وذهب بذهب، وقيل: يقوم العبد على أن يقبض يوم عقد بيعه ويقوم على أن يقبض بعد شهر فما نقص رجع بحصته من الثمن وهذا أحسنها. قلت: يرد بأن ما اطلع عليه إن لم يكن عيبا فلا مقال لمبتاعه وإلا خير؛ لأن العبد قائم لم يفت ولا حدث به عيب، والثاني أظهرها وفي نقل هذه الأقوال في التنبيهات تكرار فتأمله عبد الحق معنى قوله: إن كانت الإجارة يومين أنه إن لم يرض المشتري فله رد البيع إن لم يكن علم أنه في الإجارة، وليس كالأمة المحرمة بقرب إحلالها والمعتدة بقرب تمام عدتها مدى يلزم فيه البيع؛ لأن منافع الأمة من خدمة وغيرها قائمة للمبتاع، وزاد عياض في الأولى: أنه كعيب ذهب ويلزم المبتاع. قال: واختلف في تأويل قوله في الكتاب إن كان أمد الإجارة بعيدا فسخ البيع، وليس له أخذه بعد الإجارة فظاهر مساق أبي محمد وابن أبي زمنين وأكثرهم أن ذلك قبل انقضاء أمد الإجارة لا بعد انقضائها. [باب الأجر] وظاهره عندي وهو مفهوم مساق أبي إسحاق أنه بعد انقضائه الأجر كالثمن يطلب كونه معروفا قدرا أو صفة، سمع ابن القاسم لا بأس باستعمال الخياط

باب فيما يجب تعجيله من الأجر في الإجارة

المخالط الذي لا يكاد يخالف مستعمله دون تسمية أجر إذا فرغ راضاه بشيء يعطيه ابن رُشْد؛ لأن الناس استجازوه كما يعطي الحجام وفي الحمام وفي المنع منه حرج في الدين، وغلو فيه وكره النخعي أن يستعمل الصانع إلا بشيء معلوم وقاله ابن حبيب. [باب فيما يجب تعجيله من الأجر في الإجارة] وفيها: إن واجرته علي إن خاطه اليوم فله درهم، وإن خاطه غداً فنصف درهم، وإن خاطه خياطة رومية فبدرهم وإن خاطه خياطة عربية فنصف درهم لم يجز، وهو من وجه بيعتين في بيعة إن خاطه فله أجر مثله مطلقاً كالقيمة في البيع الفاسد. قال غيره في الأولي: إلا أن يزيد علي درهم أو ينقص عن نصف درهم وقدروه ما حاصله تقدير الخياطة بحال ما فعلت من تعجيل وتأخير.

قُلتُ: وينبغي إن خاطه لأبعدمن طول الأجلين أن تكون فيه القيمة ولو كانت أقل من نصف درهم وسمع ابن القاسم: من واجر غلماناً للخياطة شهراً بأجر سمي فطرح علي غلام منهم بعض ثياب يحكيها في يوم تمامه في يوم لايحسبه من الشهر إن كان ذلك شيئاً يسيراً يوماً وشبهه، ويعرف أنه إن اجتهد فيه فرغ منه من يومه فلا بأس به وإن كثر كرهته. ابن رُشْد: إن فرغ منها في بعضه فله بقية يومه، إن لم يفرغ منه كان عليه؛ لأنه في الكثير كعشرة أيام غرر إن خاطها في خمسة استوجب أجرة في خمسة وعشرين يوماً، وإن خاطها في خمسة عشر استوجبه في خمسة وثلاثين يوماً فصار أجره مجهولاً فإن نزل وخاطها في أقل من عشرة لم يلزمه عمل بقيتها؛ لأنه يقول أجهدت نفسي بما لا يلزمني وإن خاطها في أكثر منها لم يلزم المستأجر أن يحسب له الزائد علي العشرة؛ لأنه يقول فرطت، ولو اجتهدت الاجتهاد الذي يلزمك لفرغت منها في اقل عشرة. وفيها: وإذا أراد الصناع والأجراء تعجيل الأجر قبل الفراغ وامتنع رب العمل. قُلتُ: وينبغي إن خاطه لأبعد من أطول الأجلين أن يكون فيه القيم، ولو كانت أقل من نصف درهم حملوا علي المتعارف بين الناس فيه، فإن لم يكن لهم سنة لم يقض لهم إلا بعد الفراغ. وله في كراء الدار والراحلة وبيع السلع ونحوه بقدر ما مضي ابن القُصَّار كل ما مضي يوم استحق أجره. زاد اللخمي: وقال مالك في العتبيَّة: كل شيء اشترط عمله بيده فطلب تقديم أجره فليس له ذلك حتي يبدأ في عمله فيقدم له أجره. قُلتُ: ظاهره أن معني قول مالك أنه يجب له تقديم أجره ببدايته في العمل، وليس

الأمر كذلك؛ لأن لفظ السماع من استأجر صانعاً علي عمل عرف أنه يعمله بيده أو شرطه عليه فسأله تقديم أجره، وهو يقول لا أعمله إلي شهر لا يصلح تقديم أجره له حتي يبدأ في عمله فإن بدأه قدمه إليه إن شاء، فإن مات قبل تمامه كان له بحساب ماعمل ولم يكن له في مال العامل تمام العمل. ابن رُشْد: الإجارة علي عمل معين كنسج الغزل إن كان مضموناً في الذمة لم يجز إلا بتعجيل الأجر والشروع، وإن تأخرا كان الدين بالدين فلا يجوز إلا بتعجيل الطرفين أو أحدهما. قُلتُ: قال في المقدمات: الإجارة الثانية حكمها حكم السلم في تقديم الأجر وضرب الأجل ووصف العمل، وقال القاضي: يجب تعجيل الأجرة أو الشروع في الاستيفاء؛ يريد: إن كان العمل يسير ليخرج عن الدين بالدين. قال في السماع: وإن كان متعيناً في عينه جاز تعجيل الأجر وتأخيره علي أن يشرع في العمل، فإن لم يشرع فيه إلا إلي أجل لم يجز النقد إلا عند الشروع، فإن صرح بأن العمل مضمون كقوله أستأجرك علي كذا في ذمتك إن شئت عملته بيدك أو بغيرك أو بتعيينه كأستأجرك علي عمل كذا بنفسك أعطي كل منهما حكمه وإن لم يقع تصريح، وظاهر اللفظ أنه مضمون كقوله: أعطيك كذا علي خياطة هذا الثوب حمل علي المضمون اتفاقاً، إلا أن يعرف أنه يعمله بيده، أو كان مقصوداً عمله لرفقه وإحكامه وأن ظاهره التعيين كأستأجرك علي خياطة هذا الثوب، أو علي أن تخيطه ولا يقول أنت ففي حمله علي المضمون أوالمعين قولان لظاهرهذا السماع مع ابن حبيب عن أَصْبَغ ومالك، وإلا في علي ربهم لم يدرك من سماع عيسي من الأيمان بالطلاق. قُلتُ: وله في مسائل الرواحل والدواب، زيادة وتفسخ الإجارة في المعين يموت الأجير لا في المضمون، ويكون العمل في ماله أو ما بقي منه، وفي فسخها في الوجهين بهلاك المتاع المتاجر، عليه قولان المشهور علي ما يأتي في رسم المحرم في هذا السماع وسماع يحي ابن رُشْد، وقوله: (إن بدأ في عمله قدم أجره أن شاء) يدل علي أنه لا يجب عليه إلا بشرط أو عرف، فإن لم يكن أحدهما لم يجب إلا بتمام العمل بخلاف الأكرية

وهو نصها في كتاب الجعل، وقوله في: (لا أعمله إلي شهر) لا يصلح تقديم أجره حتي يبدأ يدل علي جواز الإجارة إن لم يقدم الأجر، وهو نحو قولها في الرواحل يجوز كراء الراحلة بعينها علي أن يركبها إلي شهر إن لمينقد. وقال ابن حبيب: من استأجر أجيراً علي أن يشرعفي عمل إلي أيام لم يجز إلا إلي الأيام القليلة كالجمعة فيحتمل أن معناه: مع النقد فتتفق الأقوال. ابن فتوح: إن قام من واجر عبده بطلب أجره بعد تمام عمله فأجرته تجري مجري الحقوق في الفسحة ضرب الأجل إذا وجب ذلك، وأجر العبد الذي يواجر نفسه أو الحر إذا طلب ذلك بعد الخدمة. قال ابن حبيب: لا ينبغي أن يحملا كالحقوق عند وجوبها، ويجب تعجيل أجرها لا تؤجل لقوله - صلى الله عليه وسلم -: ((أعطوا الأجير حقه قبل أن يجف عرقه)) إلا أن يؤجر الأجير من أستأجره بأجرة سنة، ثم طلبها بعد ذلك فيحمل محمل الحقوق في الفسحة وضرب الأجل. ابن الحاجب: ولايعجل الأجر إلا بشرط أو عادة إلا أن يكون عرضاً معيناً، أو علي إجارة مضمونة. قًلتُ: ظاهره وجوب تعجيله في الإجارة المضمونة مطلقاً، ولو قدمته وهو خلاف ظاهر المذهب حسبما تقدم في كلام ابن رُشْد، وقاله الشَّيخ أيضاً، والعرض المعين أجراً كشرائه يجب تعجيله في أول الرواحل، منها من اكتري دابة أو استأجر أجيراً بمعين من عرض أو صوان أو طعام فتشاحا في نقده ولم يشترطا شيئا، فإن كانت سنة البلدً في الكراء النقد جاز وقضي بقبضه، وإلا لم يجز الكراء ولو عجلت هذه الأشياء كبيعها علي أن لا يقبض إلا إلي شهر. الصقلي: قول ابن حبيب: وفيما يفسد الكراء بتأخيره والجواز حتي ينصا على

التأخير ولو كان العرف التأخير، وكذا نقله اللخمي. الصقلي: وقول ابن القاسم أحسن؛ لأن عقد الكراء لا يوجب نقد ثمنه بخلاف شراء السلع؛ لأنها تقبض بنفس دفع عوضها والمنافع لا يمكن ذلك فيها، ورجح اللخمي قول ابن حبيب. قال: لأنه لو باع سلعته بثمن إلي أجل حملا علي تعجيل قبضها. قال: وكون الكراء بما لا يصلح تأخيره والرطب واللحم والمقتات محمول علي النقد؛ لأنه لا يقصد تأخيره. قُلتُ: الأولي أن يقول بقصد تعجيله، وقبل ابن شاس إجراء الطرطوشي قولي ابن القاسم، وابن حبيب في اعتبار العرف الفاسد ولغوه، قال: وهو قول ابن الماجِشُون، وغيره من المدعيين وتبعه ابن الحاجب، ويرد باقتضائه قصر قول ابن القاسم بالفساد علي كون العرف التأخير، وظاهر قوله أو نصه فيها: أنه إن لم يكن العرف بالتعجيل، ولا شرطاه فالعقد فاسد كان العرف التأخير، وظاهر قوله أم لا بل هما بناء علي تغليب اقتضاء تعذر تعجيل قبض المنفعة تأخير عوضها، أو تغليب اقتضاء العقد التعجيل كالبيع ولو كان مؤجلاً ثمنه حسبما تقدم من كلام الصقلي واللخمي. قال ابن الحاجب: ومنافع المعين كالمعين ولذلك جاز سكني بسكني دارسته وأولهما متفق أو مختلف ابن هارون يعني: أنه لا يجب نقد الأجر في منافع المعين بل يجوز بدء من غير أنه لا يجوز أخذ منافعه عن دين بخلاف المعين، ولكونها كالمعين جاز سكني دار سنة بسكني دار ولو اختلفت السنة. وقال ابن عبد السلام: يعني: أن حكم منافع المعين في كونها عوضًا في الإجارة حكم المعين، وقوله: وأولهما متفق أو مختلف؛ أي: سواء كان أول سكني الدارين متفقاً من يوم العقد أو بعده بشهر أو مختلفاً لكون إحداهما من يوم العقد، والأخري بعد ذلك بشهر. قُلتُ: تفسير قوله: (أو مختلف) بقوله: (يجوز علي أن سكني إحدهما من يوم العقد والأخري بعده بشهر مع كونها عنده كالمعين) غير صحيح؛ لأنه يصير ككراء دار

بعرض معين علي أن يقبضه بعد شهر وهذا غير جائز حسبما تقدم هنا، وفي البيوع والأقرب تفسير ابن هارون وواضح من المذهب أن منافع المعين كالمعين في بيعها بدين لا في تأخير قبضها علي العقد؛ لأنه لا يجوز تأخير قبض المعين عن عقد بيعه شهراً بشرط، ويجوز ذلك في منافع المعين من دار أو أرض بخلاف الحيوان حسبما يأتي إن شاء الله تعالي؛ لأن المعين من غير المنافع لا يجوز تأخيره لوجهين للغرر في بنائه غير متغير، واحتمال الضمان بالجعل بالزيادة في ثمنه لضمانه بائعه مدة التأخير حسبما قاله أشهب في السلم الأول منها، ومنافع المعين لا يتصور فيها الضمان بالجعل؛ لأنها علي ملك بائعها تقتضي والغرر فيها لمثل ذلك التأخير منتف لأمن الرباع، وفي أكرية الدور منها لا بأس بكراء دار أو أرض بأرض وكراء تزرعها العام بأرضك يزرعها قابلاً إن كانت أرضك مأمونة، وسمع القرينان لا بأس أن يقول الرجل العامل لمثله أعني خمسة أيام، وأعينك خمسة أيام في حصاد زرعه ودرسه وعمله ابن رُشْد؛ لأنه من الرفق ومنعه ضرر بالناس؛ لأن الكثير منهم لا يقدر علي الا ستئجار، وإن قدر ربما استغرقته الإجارة فكان ذلك ضرورة تبيح ذلك، إنما يجوز ذلك فيما قل وقرب من الأيام، وإن اختلفت الأعمال في رسم البيع من سماع أَصْبَغ لأشهب لا بأس أن يأخذ الرجل عبد الآخر النجار يعمل له اليوم علي أن يعطيه عبده الخياط يخيط له غداً، وإن قال له: احرث لي في الصيف وأحرث لك في الشتاء فلا ضير فيه، والمرأة كقوله للمرأة انسج لي اليوم وأنسج لك غدا لا بأس به، وكذا انسج لي اليوم وأغزل لك غداً إذا وصفت الغزل. قًلتً: وعلي هذا الأصل تجري مسألة دولة النساء الواقعة في عصرنا في اجتماعهن في الغزل حتي يستوفين، فإن قربت مدة استيفائهن الغزل لجميعهن كالعشرة الأيام ونحوها وعينت المبتدأه لها، ومن تليها إلي آخرهن وصفة الغزل جاز، وإلا فسدت وفيها لو كان الأجير عيناً بعينه، فإن لم يكن كراء البلد بالنقد لم يجز، إلا أن يعجلها كقول مالك: فيمن ابتاع سلعة بدنانير ببلد آخر فإن شرط ضمانها إن تلفت جاز، وإلا فلا، وكذا الكراء إن لم ينقد في مثله لم يجز إلا بشرط ضمانها، ولا يجوز شرطه في عرض

أو طعام وأجازه غيره في الدنانير، وإن تلفت ضمنها ابن القاسم، ولو قال المكتري: أعجل الدنانير والعروض فلا بد من فسخه لفساد العقد. الصقلي وعبد الحق عن بعض القرويين: إنما يجب شرط ضمان الدنانير في الشراء بها إذا اشترط قبل البيع بها؛ لأنه يصير كنقد في غائب وكذا وقع لمحمد وهو تفسير. قُلتُ: فيفرق بين قرب غيبتها وبعدها قال غيره: ولابد من الخروج إليها كالغائب، ولذا لم يشترط ضرب الأجل؛ لأنها لو كانت متعلقة بالذمة فقط علي أن تقبض ببلد آخر لم يجز لعدم ضرب الأجل. وفي الموازيَّة: إن لم يشترط خلفها صح البيع، ووقفت السلعة كمن اشتري سلعة حاضرة بغائبة، ويخرج فإن وجد الدنانير تم البيع، وإلا بطل إلا أن يرضي المشتري بدفع غيرها. قُلتُ: مثله في رسم الجواب من سماع عيسي من السلم والآجال، وفي رسم القبلة من سماع ابن القاسم: قال ابن رُشْد: الآخر قول الغير بناء علي أن العين لاتتعين، وقول ابن القاسم علي أنها تتعين وقوله استحسان؛ لأن قياس تعينها أن لا يجوز شرط ضمانها كالعروض. عياض: قوله: (أو لا لم يجز إلا لمن لم يعجلها)؛ يريد: باشتراط في العقد، وكذا قوله بعد هذا. وفيها: لابن القاسم: لا يعجبني تأخير الدنانير المعينة اليوم واليومين إلا بشرط ضمانها أو وضعها رهناً بيد غير المشتري، ولم يكرهه غيره إذا لو استحقت لقضي بمثلها. الصقلي: لو إن تلفت في اشتراط تأخيرها اليوم واليومين دون عذر ولا ضمان علي قول ابن القاسم: ففي مضي العقد كالعرض، وفساده قولا شُيُوخنا، والأول أبين وفيها لا تجوز الإجارة علي سلخ شاة بشيء من لحمها. ابن شاس: لو استأجر السلاخ بالجلد والطحان بالنخالة لم يجز. قُلتُ: الجلد جار علي ما تقدم في بيعه والنخالة تجري علي حكم الدقيق، وفيها تجوز الإجارة علي طحن إردب حنطة بدرهم، وقفيز من دقيقه لقول مالك ماجاز بيعه

جاز الإجارة فيه. محمد: لا يجوز اطحن لي هذا الإردب بقفيز من دقيقه، وكذا الزيت في الزيتون بخلاف بيع ذلك؛ لأن فيه إن هلك رجع المبتاع بثمنه وفي الجعل تقدم له فيه عمل، ثم يهلك فلا يرجع بشيء؛ لأنه غير مضمون فيذهب عمله باطلا ولو ضمنه ربه فسد. الصقلي: لأنه معين فشرط ضمانه يفسده. وأجازه ابن حبيب، قال: ولم يجزه ابن القاسم؛ لأن الدقيق إن ذهب ذهب عمله محمد باطلًا ونحن نري إن ذهب بعد طحنه قبل أخذ الأجير القفيز فله أجر طحنه. الصقلي: كما لو استأجره بمد دقيق معين علي عمل يعمله، وهلك الدقيق قبل قبضه أو استحق ولو بعد قبضه. التونسي: إن كان الأجير غير صانع بطل قول محمد؛ لأنه باع عمله بدقيق معين فإذا تلف قبل كيله رجع بقدره من الإجارة كما لو أجره بثوب فاستحق، وإن كان صانعاً وضاع الدقيق ببيته بعد طحنه فعلي القول قولها لا أجر له ويرد الدرهم، وعلي قول محمد: المصنوع قابض للصنعة ينظر في قيمة الدقيق هل هي مساوية للدرهم أو أقل أو أكثر، فيكون كأخذ سلعة من سلعتين استحقت بعد فوات عوضها إن كانت قيم الدقيق درهمين علي قول ابن القاسم فيها، يرد الدرهم ويأخذ قيمة جميع طحنه، وقيل يرجع بثلثي قيمة طحنه ويمضي الدرهم بثلثها. قُلتُ: عزا أبو عمران الأول لفضل، وذكر الثاني قبله كأنه المذهب عنده. اللخمي: إن ضاع قبل طحنه ببينة وكان الدرهم مساويًا للثمن أو أكثر انفسخت الإجارة في مناب الثمن لا فيما ينوب الدرهم علي المستأجر أن يأتي بقدره يطحنه له، وإن لم تقم بضياعه بينة، فرأي ابن القاسم في هذا الأصل مرة أنه غيبه فيغرم جميعه ويطحنه ويأخذ الثمن منه، ومرة لم يبلغ به أنه غيبه حقيقة فيحلف لقد ضاع، ولا يغرمه ولا يطحن إلا بما قابل الدرهم، وإن طحنه وادعي ضياعه غرمه مطحونًا ولم يصدق، وأخذ الثمن منه، وإن قامت بضياعه بينة فقال ابن القاسم: لا ضمان عليه ولا أجر له

فعلى هذا يأتي ربه بطعام ويطحن الأجير مناب الدرهم كما لو لم يطحنه، وقيل: له الأجر فيأخذ الدرهم، وأجر المثل فيما ينوب الثمرة. ابن حبيب: بطحنه بنصفه دقيقاً لا يجوز؛ لأنه حصل بغرر والأول إجارة بشيء معلوم. الصقلي: رأي أن نصف ما يخرج من الدقيق مجهول لاختلاف الريع. قُلتُ: هو خلاف قولها خفف مالك بيع الحنطة علي أن علي البائع طحنها، إذا لا يكاد الدقيق يختلف لو اختلف خروجه ماجاز. سمع ابن القاسم: لا خير في شراء ثوب من حائك نسج جله، ونقد ثمنه علي أنه يتم نسجه؛ لأن الثوب يختلف لو اختلف وجه نسجه. سَحنون: هذه جيدة فقس عليها غيرها. ابن رُشْد: لم يجز؛ لأنه بيع وإجارة في المبيع إنما تجوز في قول ابن القاسم وروايته فيما يعرف وجه خروجه كالقمح علي أن البائع يطحنه، والثوب علي أن عليه خياطته استحساناً لا قياساً، وفيها: لا يعرف وجه خروجه مما يمكن إعادته ليأتي علي الصفة كالفضة علي أن عليه صوغها، وشبه ذلك ما ليس كذلك كالزيتون عل أن عليه عصره لا يجوز بحال، وسَحنون لا يجيز ذلك بحال مطلقًا، وفيها: لا يجوز علي دبغ جلود بنصفها، أو نسج ثوب بنصفه. محمد ابن أَصْبَغ: إن نزل فله أجر عمله، والجلد والثوب لربهما. الصقلي: إن فات الجلد بيد الصانع بعد الدبغ فله نصفها بقيمتها يوم خرجت من الدبغ، ولربها النصف الآخر وعليه أجر مثله في دبغها، ولو دفع له نصفها قبل الدبغ علي دبغها مجتمعة لما فاتها بالدبغ فله نصفها بالقيمة يوم قبضها، وأجر عمله في نصفها ونحوه للقابسي. اللخمي: إن قال له ادبغ نصف هذه المائة بنصفها، وشرط نقده جاز إن اعتدلت في القسم والعدد أو تقاربت، وإلا فلا لجهل عدد والمستأجر عليه منها فإن لربه فسخ حتي قاسمه، ودبغ جميعها فله النصف الذي أخذه أجرة بقيمته يوم قبضه، وأجر المثل

في النصف الآخر، ولو قال: ادبغ ديغها بنصفها لم يجز قولاً واحداً إلا؛ لأن أجرتهنصفها بعد الدبغ، فإن دبغها فله أجر مثله في كلها، فإن ضاعت قبل ذلك ببينة فهي من بائعها، وإن لم يعلم ضياعها إلا من قوله ضمنها علي حكم الضياع، وإن شرع في العمل مكن حتي يتم، وكذلك النسج في الغزل بنصفه إن أخذ في النسج مكن من التمادي؛ لأن في نزعها مضرة، فإن بقيت في بيده بعد الدفع علي انه شريك فيها ففاتت بحوالة سوق ضمن نصف قيمتها يوم الفراغ، ويختلف إن قال: لك نصفها من اليوم علي دبغ جميعها فشرع في الدباغ هل هو فوت فيضمن نصف قيمتها أو ليس بفوت؛ لأنه غير ممكن من ذلك النصف لما حجر عليه أن يدبغه ولا يبين والأول أبين. قُلتُ: قوله: (إن شرع في العمل مكن) خلاف قول أهل المذهب في المساقاة الفاسدة أن ما يرد منها لإجارة المثل يفسخ ولو بعد العمل بخلاف ما يرد منها لمساقاةالمثل فتأمله، وفيها: لا يجوز تعليم العبد صنعة سنة بنصفه إذ لا يقدر علي قبض ماله فيه قبل سنة، وقد يموت العبد فيها فيذهب عمله باطلاً. الشَّيخ: إن نزل وكان علي قبض نصفه بعد السنة فإن فات وعثر عليه عند تمامها قبل فوته بيد معلمه فله قيمة تعليمه والعبد لربه، وإن فات بيد المعلم بعد السنة فالعبد بينهما وعلي معلمه نصف قيمته يوم تمام السنة معلمًا، وعلي ربه قيمة تعليمه. قال: ولو كان علي قبض نصفه الآن لم يجز، فإن فات بيد معلمه ببلد بعد تمام السنة فله نصف قيمة تعليمه، وعليه نصف قيمته يوم قبضه، ويكون بينهما ابن الحاجب، ولو أرضعت بجزء من الرضيع الرقيق بعد الطعام لم يجز. قُلتُ: هذه مثل مسألتنا في تعليم العبد بنصفه، ولا أعرفها بفرضها في الرضاع لأهل المذهب بل للغزالي في الوجيز، وفيها إن دفعت غلامك إلي خياط أو قصار ليعلمه ذلك العمل بعمله سنة جاز، وقال: غيره بأجر معلوم أجوز. الصقلي عن يحيي: والسنة من يوم أخذه. بعض شُيُوخ عبد الحق: ما حاصله إن مات العبد في نصف السنة، فإن كان قيمة تعليمه في النصف الأول مثلي قيمة تعليمه في النصف الثاني، وقيمة عمله في النصف

الأول نصف قيمة عمله في النصف الثاني رجع علي ربه بثلث قيمة تعليمه. قُلتُ: الأظهر منع إجارته بعمله؛ لأنه يختلف عمله بحسب سرعة تعلمه وبعده فيها إن قال احصدزرعي هذا، ولك نصفه أو جد نخلي هذه، ولك نصفها جاز، ولا ترك له وهي إجارة. عبد الحق: إذا حصده جبراً علي درسه وقسمه حباً ولا يجوز قسمه قتا؛ لأنه حظر ويدخله التفاضل. قال يحيي عن ابن القاسم: إن حصده أو بعضه، ثم احترق هو منها وعليه أن يستعمله في مثله، أو في مثل مابقي عليه. قال سَحنون: عليه نصف قيمة الزرع لا حصاد مثل نصفه يحيي بن عمر؛ لأن الزرع يختلف. عياض: ظاهر قوله هنا: فهو حين حصده وجب له نصفه أنه إنما يجب له نصفه بحصاده، والذي يأتي علي أصولهم أنه يجب له بالعقد؛ لأنهم جعلوا ماهلك قبل حصاده وبعده من الأجير، وفيها: إن قال له إذا حصدت أو لقطت فلك نصفه جاز وله التزامه متي شاء؛ لأنه جعل، وقال غيره: لا يجوز. الصقلي: هما في الموازيَّة روايتان قُلتُ: هما بناء علي الاكتفاء في علم قدر الجعل بالنسبة للجاعل بمجرد معرفة نسبته لما يجعل له، وللمجعول له بعلمه له حين فعله أو اشترط علم قدره في العقد كالبيع، وفيها: إن قال مع ذلك اليوم فلا خير فيه إذ لا يجوز بيع ما يحصد اليوم ولا يجوز في الجعل أجل، إلا أن يشترط تركه متي شاء. وسمع عيسي ابن القاسم: لا خير في قوله: جد نخلي اليوم ولك نصف ماتجد ومتي شئت فاخرج؛ لأنه وقع علي يوم بعينه فلا يحل إلا بشيء ثابت كقوله: تقاض ما لي علي فلان إلي شهر ولك نصفه فلا خير فيه، وإن لم يضرب أجلًا فهو جعل فجاز؛ لأنه ليس لربه منعه العمل وللعامل الترك متي شاء. ابن رُشْد: إنما لم يجز مؤجلا؛ لأنها إجارة بمجهول ففسدت فلا يصلحها شرط

الخيار، ولو قال: إن جددت في هذا اليوم من نحلي هذه شيئاً فلك نصفه جاز الفرق أن هذا جعل والأول إجارة. فإن قيل: إن هذه الإجارة إذا اشترط فيها الخيار علي هذا الوجه عادت جعلاً؛ لأنه في الوجهين معاً لا يلزمه العمل، وإن عمل فله نصف ما عمل قيل: إن استويا في هذا افترقا في وجه آخر هو أن الإجارة لا تنفسخ بتلف المستأجر عليه إلا علي اختلاف، والجعل تنفسخ بتلف المجعول فيه اتفاقًا فوجب أن لا تعود الإجارة بسرط الخيار فيها جعلاً، فإذا بقيت وكانت فاسدة لم يصلحها الخيار، وكان الشُيُوخ من أدركناه ومن لم ندركه يجعلون قول ابن القاسم فيها خلاف قوله في المدَوَّنة: في بع لي هذا الثوب اليوم ولك درهم أنه مايراه شرطًا أن يترك متي شاء وليس بصحيح؛ لأن استئجار الرجل يومًا بدرهم علي أن يبيع فيه ثوبا جائز؛ لأن الأجر فيه معلوم فإذا جازت الإجارة فيه جاز شرط الخيار فيها بأن يترك متي شاء، وله من الدراهم بحسب ما مضي من اليوم، إن لم ينقده، ونص علي هذا في أول كتاب الجعل والإجارة، ومسألة التقاضي لا يجوز فيها مع تسمية الأجل إجارة ولا جعل، ول قال: إن قبضت لي في هذا الشهر شيئًا من ديني علي فلان فلك نصفه لم يجز؛ لأنه قد يتقاضاه ويشقي عليه فيه فيمضي الأجل قبل أن يقبض فيذهب باطلًا فيجوز أن يستأجر الرجل الرجل علي حصد زرعه بنصفه، وأن يشترط أن يترك متي شاء ويكون له نصف ما حصد ولا يجوز أن يستأجره علي حصد يوم بنصف ما يحصد فيه، وإن اشترط أن يترك متي شاء، ويكون له نصف ما حصده، وكذلك لا يجوز أن يجاعله علي حصاد يوم بنصف ما يحصد فيه إلا بشرط أن له أن يترك متي شاء وله نصف ما حصد. والمواجرة والمجاعلة علي بيع الثوب بدرهم خلاف ذلك لا يجوز أن يواجرهعلي بيع الثوب بدرهم، إلا أن يضرب لذلك أجلًا، والجعالة بعكسه لا تجوز بدرهم علي بيعه إن لم يضرب لذلك إجلًا فحمل ابن القاسم قوله: بع لي هذا الثوب، ولك درهم علي الجعل فأجازه إن لم يضرب أجلًا، ولم يجزه إن ضربه إلا بشرطه متي شاء ترك؛

يريد: وله من الدرهم بحساب مامضي،؛ لأنه إذا شرطه أفصحا بأنها إجارة صحيحة بخيار وقد أجازه وإن لم يشترط أن يترك متي شاء، وقال سَحنون فيها: هو جل قوله الذي يعتمد عليه ووجهه أنه حمل قوله: بع لي هذا الثوب اليوم ولك درهم علي الإجارة، وقيل: في تأويل ذلك غير ما قول ذكرته في غير هذا الكتاب. قُلتُ: في المقدمات اختلف في تأويل قول سَحنون هذا فاختصره الشَّيخ: علي أنه أجاز توقيت الجعل يومًا أو يومين دون شرط. وقال ابن القطان: يريد سَحنون أنه قال: مثل قوله في الثوب في مثل مسألة الثوب وهو أن يجيز الجعل، ويضرب له يومًا أو يومين ويشترط أنه متي شاء أن يرد، وقال سَحنون: له مثل هذا القول وهو جل الذي يعتمد عليه؛ يريد: قول الكتاب ومايشبهه ولفظ جل يقتضي الخلاف، والخلاف موجود في سماع عيسي فذكر سماع عيسي المتقدم وتأويل ابن لبابة أنه أراد أن ابن القاسم، إنما اختلف قوله علي أنها إجارة مرة رآها إجارة جائزة ومرة رآها إجارة فاسدة وكله مدخول. أما قول الشَّيخ فخطأ صراح؛ لأن الجعل المسمي فيه الأجل إن لم يشترط فيه الترك متي شاء لم يجز اتفاقًا فكيف يقال هو جل قوله. وقول ابن القحطان: بعيد عن ظاهر لفظ المدَوَّنة، إلا أن معناه: صحيح تصح به المسألة وتأويل ابن لبابة بعيد عن ظاهر اللفظ غير صحيح؛ لأنها إن كانت إجارة فهي جائزة لا وجه لفسادها؛ وإنما معني المسألة عندي أن قول ابن القاسم اختلف في قوله: بع لي هذا الثوب اليوم ولك نصف درهم فقال في الثوب: أنه جعل ولا يجوز إلا بشرط أن يترك متي شاء وله قول آخر: أنه جائز وهي إجارة لازمة لا جعل إن باع في بعض اليوم فله من الأجر بحسابه فقال سَحنون: هذا المعتمد عليه من قوله وهذا لابن القاسم يقوم من قوله في الكتاب. قال: فيمن يبيع من الرجل نصف الثوب علي أن يبيع النصف الآخر: أنه جائز ضرب له أجلا؛ لأن بضرب الأجل يكون إجارة، فاختار سَحنون هذا القول؛ لأنه إذا قال: بع لي هذا الثوب اليوم ولك درهم احتمل أن يريد: معني الجعل فيكون فاسدًا

واحتمل أن يريد معني الإجارة فكان جائزًا وإذا احتمل اللفظ الصحة والفساد فهو علي مذهبه في مسائل كثيرة علي الصحة حتي يتبين الفساد من ذلك من اكتري راعيًا علي غنم بأعيانها أن الإجاره عنده جائزة، وإن لم يشترط الخلف خلاف مذهب ابن القاسم في هذه المسألة مثل قوله في مسألة بع لي نصف الثوب، ومثل قول من قال: بع لي هذا الثوب ولك درهم أنه جائز فحمله علي الجعل فأجازه مع احتمال إرادة الإجارة فتكون فاسدة لعدم ضرب الأجل، فلما كان هذا القول جاريًا علي مذهب سَحنون استحسنه وفيها: إن قال انفض زيتوني هذا أو حركه فما نفضت أو سقط منه فلك نصفه لم يجز؛ لأنها إجارة مجهولة. الصقلي: عن ابن حبيب: إن قال: انفضه ولك نصفه جاز، وحمل ابن القاسم النفض علي التحريك وليس كذلك، وفيها: إن قال: اعصر زيتوني أو جلجلاني ولك نصف ما عصرت لم يجز؛ إذ لا يدري كيف يخرج ولا كم يخرج وكمن باع زرعًا يبس علي أن عليه حصده ودرسه وذروه؛ لأنه اشتري حبًا جزافًا لم يعاين جملته. الصقلي عن ابن حبيب: إن قال: احصده أو اعصره أو اطحنه ولك نصفه جاز حتي يقول فما خرج فلك نصفه فلا يجوز، ومحمل الأولي علي ملك نصفه الآن وسمع القرينان إن قال: من حل بيع زرعه لرجل احصده لي ادرسه علي النصف فلا بأس به. الصقلي: هذا نحو قول ابن حبيب. ابن رُشْد: هذا خلاف قولها في الجعل والإجارة، وسماع يحيي بن القاسم وعلي سماع أشهب، ثاني قول أَصْبَغ في رسم البيع والصرف من سماعه في البيوع، وتقدم الكلام عليه وقال ابن لبابة: إنما الخلاف إذا قال: احصده وادرسه ولك نصفه، وإن زادوا ذره لم يجز اتفاقًا، كما لو قال: احصده ولك نصفه جاز اتفاقًا، وليس ذلك بصحيح زيادة الذرو، ونقصه سواء وجواز ذلك أظهر؛ لأن نصف الزرع يجب له بالعقد علي عمل النصف الآخر سواء كان عمله حصده فقط أو حصده ودرسه وذروه؛ كما لو استأجره علي ذلك بعين، وكذا إذا استأجره عليه بنصف الزرع، فإن قيل: إذا شرط الدرس والذرو كانت الإجارة بما خرج منه، وذلك غررن وقيل: لا يلزم هذا

ولو لزم لما جاز، وإن لم يشترط إلا حصاده إذ قد علم أنه لا يأخذ أجره إلا حبًا إذ لا تصح قسمة الزرع محصودًا حتي يدرس ويذري ويصفي، ولو روعي هذا ما جاز بيع نصف الزرع بالعين، أو قد علم أنه لا يأخذه إلا حبًا مصفي لكنه جاز؛ لأنه بنفس الشراء يحصلان فيه شريكين كما لو زرعاه. وفيها: إن دفعت دابتك أو دارك أو سفينتك لمن يكري ذلك ولك نصف كرائه لم يجز، فإن نزل فالكراء لك ولك كراء مثله، ولو دفعت ذلك ليعمل عليه علي أن ما أصاب بينكما لم يجز، فإن نزل فالكسب له وعليه كراء مثل مابلغ كأنه اكتراه كراء فاسدًا، والأول آجر نفسه إجارة فاسدة. اللخمي: إن قال اعمل لي عليها ففيها: لابن القاسم من روايه الدباغ: كسبها للعامل وعليه كراؤها، وفي الجلاب لربها لقوله اعمل لي، وللعامل أجر مثله، وإن قال أكرها فعمل عليها فالكسب له ولربها كراء المثل، وإن قال: اعمل عليها فأكراها فقال ابن القاسم: ما أكريت به للأجير ولربها إجارة المثل، وقال في كتاب الشفعة: ما أكريت به لربها؛ لأن ضمان منافعها منه بخلاف البيع الفاسد، وفيها أثر الأولي كما لو قلت: بع سلعتي ولك نصف مابعتها به أو نصف مازاد علي مائة لم يجز، والثمن لك وله أجر مثله. الصقلي عن بعض القرويين: إن وقف وسام فلم يأته أحد فالأشبه له أجر مثله إلا أن يتأول أنه جعل فاسد والأشبه الأول. اللخمي إن قال: أكر دابتي ولك نصف ماتكريها به فمضي بها، ثم ردها وتعثر عليه كراؤها لم يكن له شيء؛ لأنه فاسد والحكم أن يردها لا يتم ذلك الفاسد. الصقلي: وفي الواضحة: إن قال في الدور والأرحاء والحوانيت قم لي بها ولك نصف غلتها لم يجز، والخراج إن نزل ذلك لربها وله أجر مثله والدواب والسفن كسبها للعامل، وعليه أجر ذلك وهو قول مالك. الصقلي: وساوي بين الدواب والسفن إن قال: اكرها ولك نصف الكراء أن كراءها لربها، وعليه أجر المثل للرجل، وهو أصوب، ولو أعطاه الدابة أو السفينة

ليعمل عليها وما أصاب بينهما لم يجز، فإن عمل فالكسب للعامل وعليه كراء المثل فهو كراء فاسد، والأول إجارة فاسدة. اللخمي: قوله في السفينة اكرها واعمل عليها سواء إن كان فيها قومه ربها؛ لأنه إنما يتولى العقد فغلتها لربها وله أجر مثله، ولو كان يسافر فيها بمتاعه فالربح له ولربها الإجارة والحمام والفرن إن لم يكن بهما دواب ولا آلة الطحن كان ما يواجر به للعامل وعليه أجر المثل، وإن كان بدراهم ويشتري الحطب من عند صاحبها أو من غلتهما فما أصابه لربهما وللعامل أجر المثل وإنما هو قيم فيهما وكذا الفندق ومساكنه ما أكري به لربه والقيم إجارته. الصقلي: ولو عمل فلم يجد شيئاً فعليه الكراء؛ لأنه في ذمته ولابن حبيب إن عرف أنه عاقه عائق فلا شيء عليه إن لم يكرها بشيء مضمون عليه. قُلتُ: وهذا نحو اختلافهم في القرض على الأداء من شيء بعينه يتعذر هو مذكور في القرض. اللخمي: إن قال اكرها ولك نصف كرائها فأكراها لمسافر على أن يسوق به، ويقوم بها نظر فإن كان كراؤها على أن لا أجد معها ديناراً وعلى أن معها سائقاً ديناراً وربعا فالكراء بينهم أخماس، ثم ينظر فإن كان أجر مثله في تولي العقد ثمن دينار تبع رب الدابة بأربعة أخماس ثمن دينار، فإن كان يتولى حفظها بعد انقضاء الكراء فله عليه أجرة أخرى، وما تقدم من الكسب هو مثل الماء والكلأ والحطب إن قال اعمل عليها ولك نصف ما تكسب عليها فثمنه للعامل وللآخر أجر دابته؛ لأن هذه الأشياء ملك للعامل بنفس أخذه لها. قُلتُ: هذا يوهم قصر هذا الحكم على كسبه عليها ما يملكه العامل من هذه المباحات، وليس كذلك؛ بل الحكم عام فيه وفيما لا يملكه من كسبه عليها بنقل الأشياء المملوكة من طعام أو غيره فتأمله ابن الحاجب، واعمل على دابتي وما حصل لك نصف ثمنه وأجرته لا يجوز، بخلاف نصف الحطب أو الماء فإن نزل فاسداً فثالثها أن من قال: ولك النصف عليه أجر المثل.

قُلتُ: ظاهر قوله: (فاسداً) أنه مال من غير ضمير نزل ويجب عوده لأقرب مذكور وهو العقد بقوله: أعمل عليها ولك نصف الحطب أو نصف الماء، وهذا وإن كان جائزاً باعتبار ذاته فقد يعرض له ما يفسده كقوله ذلك بزيادة، ولا يأخذ نصفك في ذلك إلا بعد بيعه مجتمعاً أو بعد حمله كذلك أو لموضع كذا وقرر ابن هارون الأقوال بأن الأول كون الكسب لرب الدابة وعليه أجر العامل، والثاني عكسه وعلى العامل كراء الدابة، والثالث إن كان القائل ولك نصف الحاصل هو رب الدابة فالكسب للعامل وعليه كراء المثل من الدابة، وإن كان العامل قال: لرب الدابة أعطني دابتك أعمل عليها ولك نصف الحاصل فالكسب لربها وللعامل أجر مثله. قُلتُ: هذا الخلاف لم أره لغير المؤلف، وهذا بناء منه على أن محل الأقوال إنما هو الصورة الأولى الفاسدة باعتبار ذاتها، وقررها ابن عبد السلام: بأن الأول هو كون الكسب للعامل وعليه كراء الدابة لربها سواء كان هو القائل ولك أو رب الدابة والثاني عكسه، والثالث إن كان ذلك من المسألة الأول، وهي الفاسدة بذاتها فالكسب للعامل وعليه كراء الدابة وإن كان في غيرها من وجوه الفساد فالكسب لرب الدابة وعليه للعامل أجر مثله، ومحل الأقوال مجموع الصورتين الأولى بذاتها؛ لأنها فاسدة والثانية باعتبار عروض ما يفسدها قال: وهذا أقرب إلى كلام المؤلف من الذي حمله عليه من تعرض لتفسيره فقصر الأقوال على الصورة الأولى، وجعل التفصيل باعتبار القائل وعليه يكون قوله فاسداً محض زيادة. قُلتُ: الأظهر كون محل الأقوال الصورتين لظهور عود الضمير في نزل للأقرب فيهما مع ما أشار إليه الشَّيخ من فائدة قوله: فاسداً، ويتصور فساده بما قررناه أولا والأظهر تفسير القول الأول بما فسره به ابن هارون؛ ولأنه المذكور في لفظ المؤلف حيث قال: واعمل على دابتي وما حصل لك ثمنه. فإن قلت: إذا كانت أقوال ابن الحاجب غير ثابتة حسبما صرح به شراحه وهو الحق فما مقتضى المذهب. قُلتُ: ومقتضاه في الأولى أن الكسب لربها؛ لأنه إنما جعل عوض عمله ما هو

عوض من كسبها فلم يجعل له في كسبها حظاً، وفي الثانية الكسب بينهما نصفين ويرجع العامل على ربها بنصف إجارة مثله يغرم له نصف كراء الدابة في ذلك العمل، والصورة الجائزة في لفظ ابن الحاجب ذكرها الصقلي واللخمي عن محمد قالا: وكذلك على نقلات معروفات، أو قال: لي نقله ولك نقله. الصقلي عنه: لا يجوز على أن ما كسب عليها اليوم لك وما كسب غداً فله وللخمي عنه ما نصه كمن قال: ما انتقل عليها اليوم لي وغدا لك جاز، وإن قال: تعمل عليها اليوم وتبيعه لي وما تعمل غداً لك إن شئت بعته لنفسك جائز إنما يفسد إن قال: تعمله على ملكك والثمن لي؛ لأنه مجهول وإن أصيب قبل البيع كان من العامل، فإن نزل فالكسب للعامل وعليه كراء الدابة، وإن قال: ربها اعمل عليها اليوم لي وغدا لك فعمل عليها اليوم ثم تلفت فللعامل على ربها أجر مثله وليس له أن يكلفه أن يأتي بدابة أخرى؛ لأنه إنما باعه منافع دابة معينة والمعين لا يخلف، واختلف إن قال: اعمل لك اليوم وغدا لي فعمل اليوم ثم تلفت هل لربها كراؤها أو يأتيه بدابة أخرى يعمل عليها؛ لأن المعمول عليه لا يتعين والأول أبين؛ لأن خلف ذلك يتعذر كثوب اللابس يستأجر على خياطته فيضيع ببينة ليس عليه خلفه. قُلتُ: القول الأول هو قول ابن القاسم في العتبيَّة، ولما ذكره الصقلي قال: قال الشَّيخ: أعرف فيها: أن على رب الدابة أن يأتيه بدابة أخرى يعمل عليها وهو أصلهم. محمد: لو قال: اعمل عليها لنفسك شهراً واعمل لي شهراً لم يجز إلا في مثل خمسة أيام وشبهها لقول مالك وابن القاسم: لا يصلح أن يواجر الرجل العبد وينقد أجره على أن يأخذه إلى عشرة أيام. ابن القاسم: وجائز إلى خمسة أيام. محمد: ولا يدخله الدين بالدين؛ لإجازة مالك سكنى دار سنة بسكنى دار له السنة المقبلة ولم يجزه في الحيوان، وفيها: لا بأس باجتماع بيع وإجارة اللخمي هذا المشهور، وحكى القاضي قولاً بمنعه ووجهه أن كثيراً من الإجارات لا تنفك من الغرر وفي سماع سَحنون: له البيع والإجارة جائزة في غير البيع ولا يجوز فيه.

ابن رُشْد: هذا مشهور من قوله: وهو جائز على قول مالك، وابن القاسم فيما يعرف وجه خروجه كالثوب على أن البائع خياطته، وفيما لا يعرف وجه خروجه إذا أمكنت إعادته كالصفر على أن يعمله البائع قدحاً وغيره لا يجوز اتفاقاً، وعلى المعروف قولها: من باع سلعة بثمن على أن يتجر له به المبتاع سنة جاز كمن واجره على التجر بمائة دينار سنة، أو يرعى له غنماً بعينها سنة جاز إن شرط خلف ما هلك منها أو تلف وإلا لم يجز، فإن شرط خلف المائة فتلفت، وأبى البائع خلفها فلا شيء على المشتري. عياض: ضرب على ذكر الاشتراط في كتاب ابن وضاح عند ابن عتاب حيث وقع ولم يقرأه سَحنون، وقال: لا بأس في الغنم والدنانير دون شرطه والحكم يوجبه وقاله: ابن الماجِشُون وأَصْبَغ والصقلي وهو أصوب؛ لأن المستأجر عليه لا يتعين والحكم يوجب خلفه، وكذا في المدَوَّنة والموازيَّة وقال بعض أصحابنا: وإنما يتم هذا البيع إن أحضر المشتري الثمن لينتقل من ذمته لأمانته، وحكي عن القابسي فإن لم يحضره فسدت الإجارة فقط لتهمته على أن يؤخره ويزيده كقول ابن القاسم فيه: قوله: لمن له عليه دين اعمل به قراضاً وخففه أشهب. قُلتُ: وكقول سلمها الأول من له على رجل مال فقال: أسلمه لي لم يجز حتى يقبضه، ويبرأ من التهمة ثم يدفعه له. الصقلي: إن عمل ولم يحضره فالربح منتصف والخسارة للأجير ويرجع البائع بقدر قيمة الإجارة منها مع الثمن في قيمة سلعته، ولو كانت قائمة لضرر الشركة وعلى قول أشهب ويحيى ابن عمر يرجع في عينها وإن كانت قائمة وإن فاتت ففي قيمتها. وقال عبد الحق: يرجع في قيمة السلعة أو في عينها إن كانت قائمة على الخلاف فيمن باع نصف ثوب على أن يبيع له النصف الثاني في شهر، فباع في بعض الشهر المسألتان سواء، والأجود أن لا يرجع في عينها لزيادة ضرر الشركة؛ لأنها تعيين بين ثلاثة بعد أن كانت بين رجلين. قال هو والصقلي: ولابد أن يسمي له في أي نوع يتجر له الصقلي، ولا يلزمه

التجر بالربح وشرطه يفسدها بخلاف شرط رعي أولاد الغنم؛ لأنها معروفة ولو شرط التجر بالربح وعمل فالربح والخسارة للبائع وللعامل أجر مثله، وترد السلعة إن كانت قائمة، وإن فاتت مضت بالقيمة ولو تمت السنة والإجارة صحيحة والثمن في عروض لم يلزمه بيعها بخلاف المقارض؛ لأن أجله النض والإجارة مؤجلة، ولو مات بعد تجره بها نصف السنة رجع البائع بمناب النصف الباقي منها في قيمة السلعة أو عينها على القولين مع اعتبار تماثل أيام السنة أو اختلافها في قيمتها. قال: ولو استحقت السلعة بعد تجره نصف سنة تبع البائع بأجر مثله في تجره والثمن والربح والخسارة للبائع، وعليه ولو اطلع على عيب بها بعد فوتها وتجره نصف سنة والمعيب الربع تبع البائع بربع الثمن وربع قيمة تجره في نصف السنة، ويتجر له في النصف الثاني بثلاثة أرباع الثمن، ولو اطلع عليه قبل تجره وفاتت والعيب الربع تبعه بربع الثمن وتجر له بباقيه، قال: أكثر هذه الوجوه وحفظتها عن القرويين. الصقلي: قوله في اطلاعه على العيب بعد تجره نصف السنة إلى آخره فيه تناقض وقياس قولهم يرجع بربع قيمه تجره في النصف الماضي أن يسقط عنه ربع السنة الباقي لعمل نفسه يوماً وللبائع ثلاثة أيام أو يرجع في النصف الماضي بقيمة تجره بربع الثمن؛ لأنه لو اطلع على العيب قبل العمل لم يعمل إلا بثلاثة أرباع الثمن والأول هو الجاري على أصولهم، وكذا لو اطلع على العيب قبل العمل لم يعمل إلا بثلاثة أرباع الثمن والأول هو الجاري على أصولهم، وكذا لو اطلع على العيب قل العمل وفاتت السلعة لرجع بربع الثمن وسقط عمله في ربع السنة لا عمله في ربع الثمن، إذ قد يكون عمله في ثلاثة أرباع الثمن وعمله في جميعه مؤنتهما واحدة، ولأن عمله هو بعض ثمن السلعة فيجب أن يرجع فيه كما لو اكترى داراً بعبد سنة فأعتق العبد، ثم اطلع على عيب نقص له ربعه لكان له ربع السكنى وللمكتري ما بقي. قال بعض فقهائنا: لو كان قيمة تجره ضعف الثمن فمات قبل العمل لرد الثمن ويأخذ سلعته إن كانت قائمة؛ لأن جل ما اشترى وهو التجر ذهب ولو تحمله قليلاً ثم مات لرد قيمة ذلك مع الثمن كمن اشترى ثوبين بعيد فوجد بأرفعهما عيباً، وفات

الأدنى لرد قيمة الأدنى مع الأرفع وأخذ عبده، ولما ذكر اللخمي شرط خلف الدنانير قال: إن ضاعت والبائع لا يقدر على الخلف لزمت المحاسبة كثوب اللابس يضيع في الخياطة والصبغ، وإن شرط عدم الخلف والمحاسبة جاز إن كان ممن يتعذر عليه الخلف وإن كان ممن لا يتعذر عليه الإجارة النصف فأكثر لم يجز، وإن كانت يسيرة جاز على قول ابن القاسم فيمن باع نصف ثوب على أن يبيع له الآخر وإن لم يشهد المشتري على حضور الثمن، فإن جلس في دكان للتجر فيه الصنف الذي استؤجر عليه كان كالإشهاد، وإن جهل كون تجره لرب المال؛ لأن تلك كانت تجارته كان ذلك أشكل وهو يقبل قوله أيضاً، وقد قال ابن القاسم في العتبيَّة: من أمر مدينه أن يشتري له بدينه سلعة فقال: اشتريتها وضاعت قبل قوله: يريد؛ لأنه مؤتمن على الشراء وهو في هذا أبين لطول الأمد وجلوسه للتجر إلا أن يقول أخرجته، وضاع قبل أن أتجر فلا يقبل قوله. قُلتُ: يرد قياسه على قول ابن القاسم: بأن المعارض لقبول قوله: حق آدمي وفي مسألة التجر حق الله في التأخير بزيادة، وحق الله آكد قال: وإذا أتى بربح فللبائع أخذه بخلاف دين تقرر في ذمته على أن لا يتجر به، ثم تجر به؛ لأن التجر هنا شرط في أصل البيع قبل تقرر الدين في ذمته فلا تهمة؛ لأن لهما عقدة على ما جاء به من ربح. قُلتُ: قوله: (لا تهمة) يرد التهمة الموجبة لشرط إحضاره فعم التهمة في المواجرة على التجر بدين في ذمته أقوى، وزاد على شرط تعيين صنف ما يتجر فيه شرط دوامه في الشتاء والصيف، وأن يكون ممن يريد متصل التجر فإن شرط ما يحتكر لأسواقه لم يجز؛ إذ لا يدري هل يتغير سوقه مرة في السنة أو أكثر أو تخرج السنة دون تغير سوق ولو شرط تجره في تلك السنة مرتين لم يجز؛ لأنه نقد بعض السلعة في منافع رجل بعينه يقبضها لأجل بخلاف كون عمله متصلاً والربح إن كان قدره في مدة الإجارة متقارباً جاز شرط التجر به وإلا لم يجز وكذا شرطه عدم الخسارة، وإن ظهر على عيب بالسلعة وقد فاتت رجع بقيمة العيب إن كانت العشر رجع بعشر الثمن وعشر قيمة منافعه على ماضي الشهور ويسقط عنه في المستقبل التجر في عشر الثمن، وله التجر لنفسه في قدره، وإن لم يقدر أن يتجر منها ناحية فله التجر في كل المائة وبغرم البائع قيمة عشر المنافع في

المستقبل كما لا ينقسم، وإن فاتت بعيب فإن تماسك رجع بقيمة العيب كما لو هلكت، وإن ردها رد مناب العيب من الثمن إن نقصها لعشر من أصل الثمن، وهو التسع بعد طرح العيب رجع المشتري بتسعين ديناراً، وقيمة تسع أعشار المنافع عن الماضي وسقط العمل في المستقبل؛ لأنه أول المنافع فإن كانت قيمة الإجارة مائة فالباقي عند المشتري قيمة ربع العيب وهو الذي يغرم للبائع وإن مات قبل عمله فإن كانت قيمة الإجارة مائة فأكثر والسلعة قائمة رجع شريكاً فيها بقدر الإجارة فإن رضي المشتري بعيب الشركة وإلا رد وإن كانت قيمتها الثلث فأقل رجع بذلك قيمة عند ابن القاسم وشريكا عند أشهب، وقاله ابن القاسم أيضاً، ويخير الورثة لعيب الشركة. قُلتُ: كذا هو في غير نسخة وفيه نظر؛ لأن ظاهره لزوم البيع في السلعة، وإن كانت الإجارة أكثر من النصف، ومقتضى المذهب إن كانت أكثر من النصف لزوم الفسخ، وعلى قول ابن حبيب يكون مخيراً حسبما تقدم في العيوب. قال: فإن مات بعد عمله نصف السنة، فقد قبض البائع جل الثمن المائة ونصف العمل ورجوعه في الباقي شريكاً أو قيمة على ما تقدم ويختلف قيمة المشهور؛ لأنها أكريت بالنقد الذي ينوب الأول أرخص وما ينوب الآخر أغلى؛ لأنه كسلعة أسلم فيها وعليه الجواب إن مرض قبل السنة أو بعد عمله بعضها إن قال البائع خذ مالي إن مضى بعد السنة فله ذلك إن كان لا يرجى برؤه إلا بعد طول، وما يضر مثله فإن برئ بعد رجوع المال عن قرب والبائع موسر أتى بمائة أخرى، وإن لم يقدر على خلفها فسخت الإجارة. اللخمي: إن بلغت السلعة المواجر على بيعها ما يباع به مثلها فالقول قول من دعي لترك النداء عليها، وفيها الإجارة على بيع سلع كثيرة على أنه بالخيار شهراً جائز، ولا ينقد الصقلي ولا تطوعاً. سَحنون: إنما يجوز خيار يومين أو ثلاثة. حمديس: إن كان شهراً فسدت؛ ومعناها: بعها على حساب الشهر بكذا. القابسي: معناها: أنه بالخيار ما لم يعمل.

قُلتُ: وأخذ منها الكراء على قبول الزيادة والجعل والبيع في عقد واحد. قال اللخمي: اختلف فيه وهو راجع إلى بيع سلعتين إحداهما على بت والأخرى على خيار. وفي المقدمات: لا يجتمع الجعل والإجارة؛ لأن الإجارة لا تعقد إلا معلوماً في معلوم، والجعل يجوز فيه المجهول فهما مختلفاً الأحكام متى جمعا فسدا. وعن سَحنون: إجازة المغارسة مع البيع وهو من هذا المعنى، وفي جواز بيع نصف ثوب أو دابة على أن يبيع مشتريه باقيه لبائعه، ثالثها: إن ضرب لبيعه أجلاً، ورابعها: إن ضربه وإلا جاز لعياض عن ابن لبابة مع الموطأ، والصقلي عن محمد مع إحدى روايتيها والمشهورة منهما، واللخمي عن رواية مختصر ما ليس في المختصر مع قول ابن زرقون نحوه روى أشهب فيما ذكر فضل، ولعياض عن محمد لو كان فيما ينقسم مما يعرف بعينه، ويأخذ نصيبه متى شاء جاز إن ضرب الأجل، وهو قول بعض الرواة عن مالك. فيها: قال ابن لبابة: كان على وجه الجعل أو الإجارة. قُلتُ: كذا نقل عنه عياض، ونقله الصقلي عنه لا يقيد مما يعرف يعينه، وتعقبه بأنه يدخل في المكيل، والموزون وكل ما لا يعرف بعينه. وفي الموطأ: ما نصه من ابتاع سلعة فقال له رجل: أشركني بنصفها وأنا أبيعها لك جميعاً أنه لا يجوز، وقبل عياض قول ابن لبابة في قول مالك في الموطأ: بيع نصف سلعة على أن يبيع له النصف الآخر حلال أحسبه؛ يريد: ضرب أجلاً أم لا في بلد أو غيره، وله من الأجل إن لم يضرب قدر ما ابتاع إليه، وسمع القرينان في كتاب الشركة من أشرك في لؤلؤ اشتراه قوماً على أن لا يقاسمهم إياه؛ بل على أن يبيعه لهم فعليه أن يبيعه لهم، ولو بار اللؤلؤ وذهب الوقت الذي كان يراد بيعه إليه لم أر ذلك عليه، ودفع لهم الذي لهم بمقاسمته إياهم. ابن رُشْد: ظاهره جواز ذلك، وإن لم يضرب لبيعه أجلا وذلك فاسد؛ لأنه جعل وبيع وذلك غير جائز، ووجه هذه الرواية أنه رأى أن ما يباع إليه اللؤلؤ معروف بالعادة كالأجل المضروب، وهو بين من قوله: لو باع اللؤلؤ وذهب الوقت الذي كان يرجى

بيعه إليه؛ يريد: ويستوجب البائع كل الثمن، ولو باعه فى نصف الأجل لرجع المبتاعون بمناب ذلك من الثمن. قلت: مقتضى كلام ابن رشد: عدم وجود القول الأول، وقال ابن الحاجب: لو باعه نصف سلعة على أن يبيع له نصفها، أو بأن يبيع له نصفها، فثلثها: إن عين أجلا جاز، ورابعها: عكسه فلم يعز ابن هارون القول الرابع واستبعده. وكذلك ابن عبد السلام وزاد: ويقرب منه ما فى مختصر ما ليس فى المختصر. قلت: الأظهر أنه هو؛ ولذا لم يذكره ابن الحاجب، واشتهر عن مالك وغيره إطلاق لفظ المكروه على المحرم قاله فى جامع العتيبة وغيره، وقبولها نقله الأقوال بالفساد فى بيعه نصف سلعة بأن يبيع له نصفها غير صواب؛ لأنه دون أجل مجرد جعل وبالأجل إجارة وكلاهما جائز، وظاهر كلام ابن الحاجب أن لا فرق بين كون بيعه بالبلد أو بغيره، والجواز فى المدونة مقيد بكونه فى البلد، وتقدم لابن لبابة غير البلد كالبلد، وفيها: تجوز الإجارة على بيع قليل السلعة وكثيرها إن ضرب للبيع أجلا وإلا لم يجز إن باع لتمام الأجل فله كل الأجر، وإن باع فى ثلثه فله حصته من الأجر ولا يجوز نقده؛ لأنه إن باع فى نصفه رد نصف ما قبض فيدخله بيع وسلف، وإن لم ينقده فللأجير قبض حصته ما مضى من يوم. الصقلى عن الموازية: من واجر من يبيع له متاعا شهرا فباعه قبل الشهر فليأته بمتاع آخر يبيعه لتهام الشهر. محمد: هذا إن لم يكن متاعا بعينه، وكذا القمح وغيره، ويجوز فيه النقد والمعين لا يجوز فيه النقد، فإن باع فى نصف الأجل فله بحسابه. ابن الحاجب: وعلى الصحة فى التعيين: ضرب الأجل وتعيينه ثم ذكر ما تقدم عن الموازية، وقال: ظاهر الخلاف ما قاله ابن الحاجب، ولعله على القول الثانى من الأقوال الأربعه فتأمله.

قلت: قوله: (خلافا لنقل ابن الحاجب) يقتضى أنه على نقل ابن الحاجب تجب المحاسبة إن باعه فى أثناء الشهر، ولو كان متاعا بغير عينه ولا يخفى فساد هذا على منصف وإنما جاء هذا من تفسيره التعيين بضرب الأجل، والصواب تفسيره بتعيين المستأجر على بيعه. فإن قلت: موجب حمله على الأصل قول المؤلف قبله إن عين أجلا. قلت: لا يوجب حمله عليه قصره عليه بل الواجب حمله عليه وعلى ما قلناه السلامة من مخالفة المذهب. وسمع عيسى ابن القاسم: لا خير فى مؤاجرته أن يبيع له ما جاءه شهرا على أن لم يجئه بشاء فله أجره إلا أن يقول إن لم يجئه شاء فله أن يؤاجره فى مثل ذلك. ابن رشد: إن لم يقع شرط ولا تسمية لما جاءه جازت الإجارة؛ لأن الحكم يوجب استعماله فى مثل ما استأجره فيه اتفاقا، فإن لم يستأجره لشاء ومعين ولو قال: ما يأتى من بلد كذا أو من عند فلان لم يجز على غير شرط على أصله فى الاستئجار على رعاية غنم بأعينها لا يجوز إلا بشرط الخلف، وسنحون: يجوز ذلك، ويرى الحكم عليه الخلف، ولو شرط أن لا يبيع له إلا ما جاءه فلم يجئه أو قل فله من الأجر بحساب ما جاءه، ولو شرط أن لا يبيع له إلا ما جاءه فلم يجئه أو قل فله من الأجر بحساب ما جاءه، فإن نقد لم يجز اتفاقا، وإن لم ينقد جاز على قول ابن القاسم فى الذى يكترى من الجمال على أن يسوق له برا من بلد كذا، فإن وجده بالطريق رجع وله الأجر بحسابه أنه جائز، ولم يجز على قول سحنون أنه لا يجوز. وفيها: إن باعه نصف طعامه على أن يبيع له النصف الآخر بالبلد، وضرب له أجلا لم يجز الباجى عنها إن كان مكيلا أو موزونا لم يجز سحنون؛ لأنه يغيب عليه، وقد يبيع فى نصف الأجل فيرد ما غاب عليه فيدخله سلف، وإجارة اللخمى أجازه ابن القاسم فى الموازية فى كل مكيل وموزون، وينقد الجميع لما كان مناب الإجازة يسيرا لم يتهما فيه على بيع وسلف، وفى التنبيهات، وكانت رواية سحنون عن ابن القاسم: أنه لا بأس به فى الطعام وغيره. قال فضل: أصلحت فى المدونة ولما خلط ابن الحاجب مسائل كتاب الجعل والإجارة بمسائل كراء الدور والأرضين والرواحل كابن شاس التابع للغزالي رأيت

باب منفعة الإجارة

إفراد الكلام على مسائل كل كتاب أنسب للناظر فى مسائل المدونة [باب منفعة الإجارة] المنفعة: ما لا يمكن الإشارة إليه حسا دون إضافة يمكن استيفاؤه غير جزء مما أضيفت إليه، فيخرج الأعيان والعلم والقدرة ونحو نصف العبد ونصف الدابة

باب شرط المنفعة فى الإجارة

مشاعا وهي ركن؛ لأنها المشتراة. [باب شرط المنفعة فى الإجارة] وشرطها إمكان استيفائها دون إذهاب عين يقدر على تسليمها معلومة غير واجب تركها ولا فعلها.

وتبع ابن شاس وابن الحاجب الغزالى فقالا: هى متقومة غير متضمنة باستيفاء عين مقدورا على تسليمها غير حرام، ولا واجبة معلومة ففسروا متقومة بها لها قيمة وهو قول الغزالى عنينا بالمتقوم أن استئجار تفاحة للشم والطعام لتزين الحانوت لا يصح، فإنه لا قيمة له، وتبع ابن الحاجب ابن شاس فى قوله: فى إجارة الأشجار لتجفيف الثياب قولان وقبله شارحاه، ولا أعرف القول بالمنع ومقتضى المذهب الجواز كإجارة مصب مرحاض، وحائط لحمل خشب، وفى الخيار منها لا تجوز إجارة ما لا يعرف بعينه من طعام، أو إدام، أو نحوه. الجلاب: لا يجوز إجارة الدنانير والدراهم، والأجرة عن مستأجرهما ساقطة. ابن شاس: منع ابن القاسم استئجار الدنانير والدراهم لتزيين الحوانيت، وأجاز جميع ذلك الشيخ أبو بكر وغيره إن كان المالك حاضرا معه. قلت: كذا عزاه فى المعونة للأبهرى، وفى عيون المسائل لابن القصار إن كان فى الدنانير والدراهم عرض ينتفع به دون إتلاف عينها جازت إجارتها مثل أن يعير بها مكاييل أو موازين أو أن يتجمل بها صيرفى. قلت: وتعقب هذا بأنه غرور وخديعة يرد بأنه كذلك فى لبس الثياب يعرض فيه إرادة الغرور بالثياب الرفيعة، ومعنى ذلك حيث لا غرور كالبلاد المعروف فيها ذلك والمجاورة لأهل الحرب التى يدخلها بعضهم كالأندلس حيث يكون ذلك إرهابا للعدو وعليه يحمل قول اللخمى فى عاريتها لذلك وفى الجعل منها تجوز إجارة الآنية والقدور والصحاف، وفى وثائق ابن العطار: لا يجوز كراء ما لا يعرف بعينه مثل قدور الفخار وصحاف الحنتم وشبه ذلك. قال ابن الفخار: أما قدر الفخار فالدخان يغيرها حتى لا تعرف بعينها إلا أن يتبين

بنقش فيها وأما صحاف الحنتم فتعرف بأعيانها فلا معنى لقوله فيها: يمنع كراؤها. قلت: مقتضى كلامهما عدم ذكرهما ما ذكرناه عنها، وهو قصور، وارتضى ابن فتوح قول ابن الفخار، وعارض بعض الفاسيين قولها فى الجعل بقولها أول أكرية الدور والطعام، وما يكال ويوزن ويعد مما لا يعرف بعينه يجوز الكراء به، ولا يجوز أن يكرى، ومن أنصف وقرأ يسيرا من أصول الفقه تيقن أن لا مناقضة بين قولها القدور والصحاف تعرف بعينها، وبين مقتضى قولها فى الدور بعض ما يعد لا يعرف بعينه؛ لأنه يصدق بالدنانير والدراهم الجائزة عددا، وفى جواز إجارة المصحف ومنعه نقلا اللخمى عن ابن القاسم فيها، ومحمد مع ابن حبيب. الصقلى: عنه بعد نقله عنه لفظ لا يجوز، وكره إجارته من لقيت من أصحاب مالك، واختلف فيه قول ابن القاسم ففى كون الكراهة، ثالثا: نظر ابن شاس الشرط الثانى أن لا يتضمن استيفاء عين فلا يصح استئجار الأشجار لثمرها والشاة لنتاجها ولبنها وصوفها؛ لأنه بيع عين قبل الوجود وتبعه ابن الحاجب، ولا أذكر هذا الفرع لأهل المذهب فى الإجارات لوضوح حكمه من البياعات؛ وإنما ذكره الغزالى وتبعه ولو رسموا المنفعة بما قلناه ما احتاجوا لذكره، واستثنى ابن شاس مسألة إدخال الشجرة فى الدار، وفى اكترائها فى أكرية الدور منها من اكترى دارا أو أرضا بها أو دالية أو بالأرض سندس نخل لا ثمر فيها أو بها ثمر لم يزه فالثمرة للمكرى إلا أن يشترطها المكترى، فإن كانت مثل الثلث فأقل جاز ويلغى الثلث عن مالك ولم يبلغه فى سؤالى إيال تقوم الأرض أو الدار دون الثمرة إن قيل: عشرة، قيل: ما قيمة الثمرة فما عرف مما تطعم كل عام بعد طرح قيمة المؤنة، والعمل إن قيل: خمسة فأقل جاز كالمساقاة. قلت: للخمى فى هذا التقويم بحث تقدم فى المساقاة. الصقلى: عن محمد عن أصبغ هذا إن علم طيب الثمرة قبل معنى مدة الكراء وإلا لم يجز، وذكر ابن فتوح غير معزو كأنه المذهب. التونسى: ينبغى إن أكرى سنين أن ينتظر لثمرة كل سنة إن كان تبعا لتلك السنة جاز، ولو كانت فى بعضها غير تبع، وإن أضيفت إلى جملتها كانت تبعا لا شبه أن لا

يجوز كما لو اكترى دورا فى صفقة فى بعضها ثمرة أكثر من ثلثها، ولا شاء فى بقية الدور أو فيها أقل من الثلث إن جمع الجميع كان أقل من الثلث لم يجز، وفيها: لو اكترى أرضا بها زرع أو بقل لم يطب فاشترطه جاز إن كان تافها ولا أبلغ بهذا الثلث ولو كانت الثمرة فى الدار الثلث فشرط المكترى نصفها لم يجز، إنما جاز إذ هى تبع بالسنة فإن شرط نصفها صار بيع قبل زهوه، وكذا حلية السيف والخاتم ومال العبد. الصقلى: وأجازه كله أشهب محمد عن ابن القاسم إن كانت الثمرة بالدار أكثر من الثلث فاشترط منها الثلث فأقل لم يجز. الصقلى: ويجوز على قول أشهب، وقال يحيى بن عمر: لو شرط ثمرة النخلة وهى دون الثلث فانهدمت الدار فى نصف السنة والثمرة طابت نسبت قيمة الثمرة على المتعارف كل عام لمجموع قيمتها وقيمة ما سكن فقط، فإن كان ثلث ذلك فالثمرة للمكترى وإلا فلرب الدار وفسد فيها البيع إن جدها المكترى رطبا رد قيمتها وإن جدها ثمر فمكيلها ولو انهدمت والثمرة لم تطلب ردت لرب الدار ولو كانت تبعا لما سكن محمد إن كانت قدر ثلث الصفقة أو لا، وانهدمت الدتر نصف السنة ردت الثمرة بحصتها من الثمن طابت الآن أو لا، وعلى المكترى نصف ما وقع على الدار من الكراء دون ثمرة. الصقلى: هذا كقول يحيى، وللعتبى عن أبى زيد عن ابن القاسم إن كانت قدر الثلث الصفقة يوم العقد والهدم فى نصف المدة، فإن طابت الثمرة فهى للمكترى وعليه ثلثا الكراء، وإن لم تطلب فهى لرب الدار وله ثلث الكراء؛ يريد: إن استوت قيمة الشهور، وقال بعض فقهائنا القرويين: يجب كونها للمكترى وإن لم تطلب؛ لأنها فى العقد ثلث ولا تهمة لطريان الهدم، وقاله فى الواضحة ابن القاسم: لو استقاله المكترى فأقاله، وقد نقد أولا ولم تطب الثمرة، فإن كانت تبعا لباقى المدة جاز كابتداء كراء من المكترى للمكرى، وإن طابت الثمرة جاز، ولو نقدا ثم رجع ابن القاسم، فقال: إن نقد كان بيعا وسلفا. الصقلى: ولو أبقى المكترى الثمرة لنفسه، وقد طابت فإن كانت تبعا لما مضى جاز

على القولين، وإن لم يكن تبعاً لم يجز على رواية يحيى واحتمل الجواز على رواية أبى زيد فى الهدم؛ إذ هي تبع في العقد ويحتمل الفرق بأن الهدم طار والإقالة برضاهما فيتهمان على بيع الثمر قبل بدو صلاحه كما اتهما في النقد على بيع وسلف، وإن لم تطب الثمرة لم يجز بقاؤها للمكتري، ولو كانت تبعًا لما مضى ولابن حبيب مثل رواية أبي زيد. قلت: ما ذكره عن ابن القاسم -إلى قوله-: كان بيعًا وسلفًا هو سماعه عيسى ابن رشد: تحصيلها إن كانت الإقالة والثمرة طابت فتركها لرب الدار جائز بكل حال، وإن أبقاها لنفسه جاز إن كان تبعًا للأشهر التي سكن ككونها السدس من كراء السنة، وإن لم تطب لم يجز إبقاؤها لنفسه بحال، وتركها لرب الدار جائز إن كان تبعًا لما بقي، وإن لم تكن تبعًا له ولك يزد في رواية أبي زيد شيئا، وفيها: لا بأس بإجارة الظئر بكذا، ومع شرطها عليهم طعامها وكسوتها. اللخمي: يجوز بالطعام كالعين، وليس من بيع الطعام بالطعام ويجب حضور الصبي ليرى وإن غاب لم يجز إلا بذكر سنه ويجزئه رضاعه أحسن ولا يجوز على قول سحنون إلا بتجربته لقوله: إن مات أحد الصبيين المستأجر على رضاعهما انفسخت الإجارة لاختلاف الرضاع. قال: لأنها إن أجرت نفسها ليرضع آخر بدل الميت لم يدر هل رضاعه مثل الميت أم لا. ابن فتوح: قال مالك: يجوز بشرط نفقتها وكسوتها دون صفة؛ لأن ذلك معلوم، وقول ابن الحاجب: استئجار المرضع، وإن كان اللبن عيناً للضرورة تبع فيه قول ابن شاس يصح استئجارها للإرضاع مع الحضانة فيندرج اللبن تحتها، وإن كان عيناً للضرورة بل يجوز استئجارها للبنها فقط للضرورة، وكلاهما تبع. الغزالى: قال ما نصه: استئجارها للإرضاع مع الحضانة جائز، وفيه دون حضانة خلاف الأولى الجواز للحاجة، وقول ابن الحاجب: وإن كان اللبن عينا للضرورة يرد بأنه ليس لمجرد اللبن، وإن جرد عن الحضانة؛ لأن الإرضاع ملزوم لمؤنته وهى تناول الصبى وضعه فى حجرها وإلقامه الثدى وتسويته لذلك، وذلك عمل زائد على نفس

اللبن، وفيها: ليس لزوجها وطؤها إن أجرت نفسها بإذنه وله فسخ إجارتها بغير إذنه. الصقلى: قال ابن حبيب عن أصبغ: لا يمنع من وطئها إلا أن يشرط عليه أو يتبين إضراره ذلك بالصبى وقول ابن القاسم أحب إلى؛ لأن الزوج لا يكون موليا بيمينه على تركه وطأها مدة الرضاع، وإن اختلف فيه ابن فتوح عن ابن الماجشون لا يمنع الزوج من وطئها؛ لأنه - صلى الله عليه وسلم - قال: «لقد هممت أن أنهى عن الغلية»، ولم ينه عنها. ثن قال عن ابن حبيب: بقول ابن القاسم أقول لا بقول أصبغ؛ لأنى سمعت ابن الماجشون يقول: العرب تقول لو لم يبق من عمر المغيل إلا يوم واحد لأدركه ضرر ذلك، وأخذ الشيوخ من قولها: أن من اختلعت من زوجها على رضاعتها ولده أن ليس لما أن تتزوج حتى تتم الرضاعة. قال أبو إبراهيم: انظر لو تزوج رجل من بان أنها استأجرت نفسها ظئرا ترضع فى بيت الصبى، هل هو عيب يوجب له فسخ نكاحه؟ قلت: الأظهر أنه عيب تقدمت مسألة الخلع فى فصله وفيها ترضع حيث اشترطوا، فإن لم يشترطوا موضعا فشأنه عند الأبوين إلا من لا يرضع مثلها عند الناس، ومن الناس من هو دنى الشأن فإن طلبه عنده لم يكن ذلك له؛ لأنه لا خطب له. قلت: أتحفظه عن مالك. قال: لا. عبد الحق عن بعض شيوخه: إن شرطتا إرضاعه فى بيت الصبى فمات زوجها رجعت لبيته للعدة؛ إذ لا مبيت لمها بغيره، قيل: قد لزمتها شرط المقام قبل العدة. قال: طرأ ما هو أقوى منه وهى العدة لحفظ النسب. قيل: قد قال: إن سبق الاعتكاف الطلاق لم يخرج منه. قال: مقام المعتكف بالمسجد، وهو موضع أمن عليها.

قلت: ولأنه حق لله فهو آكد من حق الآدمى، وفيها: ويحملون فى مؤنة غسل خرق الصبى جسمه ودهنه، ودق ريحانه وطيبه على عرف الناس. اللخمى: ما يحتاج إليه الولد من ريحان أو زيت أو غسل غير داخل فى الأجرة إلا أن تكون العادة أنها فى مالها. الشيخ عن ابن عبد الحكم: على الظئر غسل خرق الصبى وما يحتاج إليه والقيام بها تقوم به الأم ويرضيه وتدق ريحانه، وفيها: إن حملت المرضع فخافوا على الصبى ألهم فسخ الإجارة. قال: نعم ولا أحفظه عن مالك، ونقل اللخمى: فسخها بمجرد الحمل لا بقيد الخوف على الولد. قال: لأن رضاع الحامل يضر الولد، وفيها: فسخها بموضع الرضيع، وليس لها ولا لأبويه الإتيان بصبى ترضعه. اللخمى: فى كتاب ابن سحنون: ولا ينفسخ وعلى الأب الإتيان بمثله. قلت: يأتى بيان هذا الأصل، ولا تنفسخ بسفر الأبوين، وليس لها أخذه إلا بدفع كل الأجرة، وإن اجرت شريفة نفسها لزمها، وإن لم يلزمها إرضاع ولدها. اللخمى: أرى إن كان لها من تدركه معرتها من أب أو ولد أو ولد ولد أن تفسخ الإجارة. قلت: إلا أن تنزل بها حاجة، وفيها: إن مرضت بحيث لا تقدر على رضاعه فسخت الإجارة، فإن صحت فى بقية منها جبرت على رضاعه بقيتها، ولها من الأجر بقدر ما أرضعت ولا عليها إرضاع ما مرضت. قال غيره: إلا أن يكونا تفاسخا. اللخمى: إن لم يرج برؤها عن قرب فسخ، فإن فسخ لذلك، ثم برأ عن قرب ففى كونه حكما مضى، ورده ليتبين الخطأ خلاف منه أخذ دية العين لنزول ما ثم يذهب، وخطأ الخارص وإن لم تفسخ لقرب زوال المرض ولم يوجد من يرضعه إلا بقية كل المدة أجبرت على رضاعه القدر المضطر إليه.

الصقلي عن ابن عبد الحكم: لو تكفلت الظئر بوجه رجل فقام عليها المتكفل عليه له لغيبة الغريم لم تحبس له؛ لأن حمالتها تطوع بعد عقد الرضاع، وليس لها أن تتطوع بها يفسخه ونقله اللخمى غير معزو كأنه المذهب. قال: ولو كانت كفالتها قبل عقد إجارتها سجنت له، ونظر فى مدة سجنها كمرض. وفيها: إن واجرها على صبيين حولين فمات أحدهما بعد حول سقط عنه منابه من الأجرة باعتبار رخص الكراء وغلائه، واختلاف الأزمنة من شتاء وصيف وكبر الصبى وصغره، ولها إرضاع غيره بأجر مع الباقى. الصقلى: عن سحنون تفسخ الإجارة، إذا لا يحاط بذلك، وتقدم أخذ اللخمى منه لزوم. اللخمى: منه أخذ تجربة رضاع الصبى، وفيها: إن واجرها على إرضاع صبى لم يكن لها إرضاع غيره معه. قلت: لما تفريع يذكر فى رعاية الغنم، وفيها: إن واجر ظئرين فماتت إحداهما فللباقية أن لا ترضع وحدها كأجيرين على رعاية مات أحدهما. اللخمى: من حق الباقية أن يأتى الأب بمن يرضع معها، وإن لم يجدها فللباقية فسخ الإجارة إلا أن تقول أرضعه النوبة التى كنت أرضعه مع الأخرى. قلت: ولا يجب إن رضى الأب ذلك وأبت؛ لأنه يرضع أكثر، وإن واجر واحدة ثم أخرى تطوعا فماتت؛ لزم الأولى كل الرضاع، وإن ماتت الأولى فعليه أن يأتى بمن يرضع مع الثانية. عبد الحق: هذا إن علمت الثانية حين العقد أن معها غيرها، وإلا فلا كلام لها، وقاله حمديس. وفيها: إن مات الأب فى أثناء المدة فمناب ماضيها عليه، وإن مات عديما ومناب باقيها على الولد فإن لم يكن له مال ولا تطوع به أحد فلها فسخ الإجارة، ولو قالت: أرضعه لاتبعه فلا اتباع لها كنفقة على يتيم كذلك، ولو كان الأب قدم مناب باقيها ففي

كونه لوارثه أو للولد ثالثها مناب الزائد على عامين للولد لابن القاسم مع روايته فيها مستدلاً بأنه لو مات الصبي والأب حي كان ما دفعه الأب للمرضع له دون أب، ولأشهب واللخمي قالا: لأنه هبة له وعلى كونه للإرث ففي أخذه لينا أو أجرة، نقلا اللخمي مصوباً بالثاني: كموت الصبي والأب حي، وفيها: وما بقي مما لم ترضعه الظئرين ورثة الميت، ونقله اللخمي: بلفظ ما بفي من الرضاع ميراث. قال: فيحتمل أن الوصي يأخذه له بالثمن، أو كقول سحنون: يخلف الصبي فيكون من حق الظئر أن الإجازة منعقدة، والوصي يأخذ ذلك من حظه بالثمن أو يبيعونه بما شاءوا، وعلى إرث الأجرة فعقدها منفسخ وعلى أن الخلف في موت الصبي من حق الأب، فللوصي إلزامها العقد. عبد الخالق: إن قدم الأب أجر تعليم ولده فمات لم يكن ما قدمه ميراثاً بخلاف أجر الظئر؛ لأنه على الأب واجب بخلاف أجر التعليم، إلا أن يعلم أن الأب بتله للولد خوف الموت في صحته، وأعرف نحو هذا لمحمد. اللخمي: عن أشهب إن مات الأب، وقد قدم أجر التعليم فهو للولد لا يورث، وإن مات الصبي رجع للأب إن كان حياً ولوارثه إن كان ميتاً كمن أخدم عبده رجلا حياته. قال محمد: وأبى ذلك ابن القاسم في الظئر والمعلم، وقد قال: ذلك كالنفقة يقدمها الأب والروايتان في الموازية، وفيها: لا بأس أن يؤجر الرجل أمه أو أخته أو ذات محرم منه على رضاع ولده ولا ينافيه نقل بعضهم منع استخدام الولد والده؛ لأن الإرضاع خفيف. واستئجار أجير معين على شروعه لما قرب كاليومين جائز اتفاقاً ولما بعد كالشهر. قال ابن رشد: أول مسألة من سماع ابن القاسم دليل هذا السماع جوازه، وهو نحو قولها في الرواحل يجوز كراء الراحلة بعينها على أن تركب إلى شهر إن لم ينقد، ولابن حبيب: من استأجر أجيراً على أن يشرع إلى أيام لم يجز إلا إلى أيام قلائل كالجمعة، وما لا يطول فيحتمل أن يريد مع النقد فتتفق الأقوال.

قلت: ظاهره أن لا خلاف في ذلك، إلا ما ذكره عن ابن حبيب. وفيها: من اكترى دابة على أن يركبها بعد شهر. قال مالك: لا بأس به إن لم ينقد، وقال غيره: لا يجوز وتقدم هذا، وحكم النقد في مسألة الدولة، وقول ابن الحاجب: يصح إجارة الرقبة، وهي مستأجرة أو مستثني منفعتها مدة تبقى فيها غالباً. ابن عبد السلام: قوله: الرقبة تشمل الحيوان وغيره واضح، وحكم غير الحيوان في محله، وتبع ابن شاس الغزالي في شرط المنفعة بالقدرة على تسليمها فيمتنع استئجار الأخرس للتعليم والأعمى للحفظ ونحوه. والعجز الشرعي كالحسي لا يجوز على إزالة عضو محترم أو حائض على كنس مسجد. قلت: تقدم نحو هذا في أحكام المساجد في الصلاة، وتبع ابن شاس الغزالي في قوله العجز الشرعي كالحسي في الإبطال لو استأجر على قلع سن صحيحة أو قطع يد صحيحة لم يجز، ولو كانت متآكلة والسن متوجعة جازت وإتباعه الغزالي في مسألة اليد وإضافته ذلك للمذهب خير أن يقال فيه لا يحل؛ لأن كل مؤلف في مذهب هو مؤتمن على نقل أقوال أهل ذلك المذهب، فإن لم يجد المسألة لهم ووجدها في غير المذهب وزعم أن مقتضى مذهبنا هو مذهب المخالف ذكر ذلك، كما فعل ابن بشير وغيره في مسألة فاقد مطلق القدرة على الحركة في الصلاة، وعقله ثابت؛ ولذا والله أعلم لم يتبعه ابن الحاجب والمسألة منصوصة عندنا في سماع عبد الملك في كتاب الديات قال: أخبرني من أثق به عن ابن وهب وأشهب من ذهب بعض كفه فخاف على باقي يده لا بأس أن يقطع يده من المفصل إن لم يخف عليه الموت. ابن رشد: إن كان خوف الموت من بقاء يده كذلك أشد من خوف موته بقطعة فله القطع وفيها لا يعجبني الإجازة على تعليم الفقه والفرائض لكراهة مالك بيع كتبها. اللخمي: وعليه تكره على كتابته، وروي محمد منع بيعها في الدين، وقال في غير

الموازية: الوارث فيها كغيره إن كان أهلاً لها، وقاله سحنون، وعليه لا يجوز على تعليمه أو كتابته، وقيل: ذلك جائز، وتباع في الدين وغيره لمحمد بن عبد الحكم بيعت كتب ابن وهب بثلاثمائة دينار وأصحابنا متوافرون فلم ينكروه، وكان أبي وصيه فعلى هذا تجوز الإجارة على تعليمه وكتابته وهو أحسن، ولا أرى أن يختلف اليوم فيه؛ لنقص حفظ الناس وفهمهم عن من تقدم. قال مالك: لم يكن للقاسم ولا لسعيد كتب، وما كنت أكتب في هذه الألواح. وقلت لابن شهاب: أكنت تكتب العلم. قال: لا. قلت: أكنت تطلب أن يعاد عليك الحديث. قال: لا، فلو فعل الناس هذا ضاع العلم وتلف رسمه والناس اليوم مع كتبهم في قصور والقول في الفروع بالاجتهاد، والقياس واجب، ومعرفة أقوال المتقدمين والترجيح بينها معين في مواضع الاجتهاد يجوز للمفتي أن يكون له أجر من بيت المال. قلت: في الأجر على الشهادة لاف، وكذلك في الرواية، ومن شغله ذلك عن جل تكسبه فأخذه الأجرة من غير بيت المال لتعذرها عندي خفيف، وهو محمل ما سمعته من غير واحد عن بعض شيوخ شيوخنا، وهو الشيخ الفقيه أبو علي بن علوان أنه كان يأخذ الأجر الخفيف في بعض فتاويه. وفيها: لا يعجبني على تعليم النوح والشعر أو كتبه. اللخمي والصقلي عن ابن حبيب: لا باس بها على تعليم الشعر والرسائل وأيام العرب، ويكره شعر الخمر والخنا والهجاء، وعلى قوله: (يجوز على كتبه وبيع كتبه) قلت: كراهة شعر الخمر وما بعده على الحرمة، وانظر هذا مع ترويه كثير من الأشياخ كتاب مقامات الحريري مع فحش بعض ألفاظها ولقد أخبرني بعض ثقات أصحابي أنه رواها على إمام الجامع الأعظم ببلدنا، وهو الشيخ الإمام الخطيب أبو محمد بن البراء قال: فلما انتهيت إلى الموضع الذي يتلو قوله عفا الله عنا وعنه فانظر على أيهما امتنعت من التصريح باللفظ وكنيت عنه فقال لي: لا تكن وانطق بكذا فإني كذا رويته على جدي

أبي أبي الفقيه الشهير أبي القاسم ابن البراء، وكان هذا بدويرة جامع الزيتونة، وعكس هذا أخبرني بعض أشياخي أن بعض الفضلاء نسخ بيده بعض كتب الأدب فوجد فيه مواضع غير مكتتبة فبحث عنها فوجدت أنها ألفاظ فاحشة، وفيها: أكان مالك يعرف الدفاف في الأعراس ويجيز الإجازة فيه. قال: كرهها والمعازف. عياض: ظاهره أنه راجع للإجارة وهو أشبه؛ لأنه عين عمل الصالحين والإجارة في هذا مكروهة، وعلى الإجارة اختصرها أكثرهم وإن كان ضرب الدف جائز مما جاء في العرس، فليست الإجارة مثله إذ ليس كل مباح تجوز الإجارة عليه، والإجارة على الأذان والصلاة والقسم تقدمت في مواضعها، وفيها: من قتل رجلاً ظلماً بأجر فلا أجر له وحكم القصاص والأدب في الجراح، وفيها: لا يصلح أن يبني مسجداً ليكريه ممن يصلي فيه ولا بيته وإجارتهما لذلك غير جائزة، وأجازة غيره في البيت. عياض: لأنه يسبب من مكارم الأخلاق. اللخمي: من بني مسجداً ليكريه؛ جاز. قلت: اقتصاره على هذا دون ذكر قولها أنه لا يجوز غير صواب وإن وافق مفهوم نقل الصقلي عن سحنون إنما لم يجز كراء المسجد؛ لأنه حبس لا يباع ولا يكرى والبيت ليس مثله كراؤه جائز. اللخمي: إن أكرى بيته أو داره ممن يصلي فيهما في أوقات الصلوات فقط كره؛ لأنه ليس من مكارم الأخلاق، فإن نزل مضى وإن أخلا البيت وسلمه جاز. قلت: هذا خلاف قوله: (من بني مسجداً ليكريه جاز) إلا أن يريد: ليكريه لغير الصلاة وهو بعيد، ولما ذكر عياض معنى كلام اللخمي قال: فعلى هذا يحتمل كون قول الغير وفاقاً بأن تكلم على وجه وتكلم ابن القاسم على آخر أو تكلم على الفعل ابتداء والغير عليه بعد الوقوع، وسقط قوله في رواية يحيي فيها اكتراء الدار؛ لأن يتخذها مسجداً عشر سنين جائز، ولم أسمعه من مالك ونقضها لمن بناها مسجداً عياض أشار حمديس إلى أن قوله في الدور خلاف قوله: في البيت ولا فرق بينهما.

اللخمي: من اكترى أرضاً يتخذها مسجداً أجلاً مسمى جاز، وله بعد الأجل نقض ما لا يصح بناؤه للسكني أو لا يوافق بناء الدور، وما يصح بناؤه للسكني إن لم يجعله حبساً فلرب الأرض أخذه بقيمته منقوضاً واختلف إن كان حبساً، وأن ذلك له أحسن. قات: قوله: (وله نقض ما لا يصح للسكنى) اتبع فيه التونسي. قال: لأن رب الأرض لا يقدر أن ينتفع به؛ لأنه على صورة مسجد. زاد الصقلي عن بعض القرويين: إلا أن يلتزم إبقاءه مسجداً فيأخذه بقيمته منقوضاً، ويلزمه إبقاؤه مسجداً، ولما ذكر الصقلي قولها كان النقض لمن بناه. قال: وقال سحنون في غير المدونة: فيجعله في غيره. قال ابن أبي زيد: وقول ابن القاسم أبين، وليس مثل الأرض مستحق، وقد بنيت مسجداً؛ يريد: هذا يجعله في غيره؛ لأنه أخرجه من يده لله تعالى على التأبيد، والآخر إنما جعله في مدة فيرجع إليه بعد تمامها. الصقلي: كمن دفع فرسه لمن يغزو به غزوة، ثم يرجع إليه. قلت: فما ذكره الصقلي من قول سحنون، وابن القاسم يفسر قول اللخمي: اختلف إن كان حبساً وفيها لا يعجبني لمن في قرية لأهل الذمة كراء داره أو بيعها ممن يتخذها كنيسة أو بيت نار ولا دابته لركوبها في أعيادهم ولا بيع شاة لذبحها في أعيادهم، فإن نزل بيع الدار أو كراؤها ففي لزوم صدقته بكل الثمن والكراء، أو بجزء الثمن المسمى الخارج من تسميته فضل قيمتها مبيعه لما فرض على قيمتها مبيعه لما يجوز من القيمة الأولى، وكذا في الكراء، ثالثها: هذا في البيع والأول في الكراء للصقلي قائلاً عن شيوخه. قلت: لم يذكر عبد الحق غير الثالث وجعل كراء الارض؛ لأن تبني كنيسة كبيع الدار لا لكرائها، وفيها: لا يحل إجارة الرجل نفسه في بناء كنيسة لقول مالك: لا يواجر نفسه في محرم ابن القاسم، وأرى إن واجر نفسه أو شيئاً مما يملكه في شيء من الخمر أن لا أجر له، ويفعل بالأجر إن قبض ولم يقبض ما يفعل في ثمن الخمر.

قلت: سنذكره في كتاب الأشربة إن شاء الله تعالى. عبد الخالق: إن أجر على رعاية خنازير أو عمل خمر وشبهه فسخ متى عثر عليه، فإن فات وقبض الأجر تصدق به عليه، وإن واجر نفسه فيما يمتهنه النصراني فيه تحت يده من خدمة ونحوها فكذلك، ولا يتصدق عليه بالثمن، وإن واجر نفسه فيما لا يكون فيه تحت يده وامتهانه كحراسة وقراض كره، فإن نزل مضى وسمع القرينان جوابه عن المسلمة ترضع ولد النصرانية بأنه إن أعطته ثديها فلا باس به، فإن ذهبت عندهم في بيوتهم فلا يعجبني. ابن رشد: وهذا كما قال أنه مكروه، فإن وقع فسخ فإن فات مضى ولم تحرم الأجرة، وإجارة المسلم نفسه من الكافر أربعة أقسام جائزة، وهو أن يعمل له في محله كالصانع في حانوته، ولم يستبد به بعمل الكافر ومكروهة، وهو أن يستبد بجميع عمله من غير كونه تحت يده ككونه مقارضاً أو مساقياً له ومحظورة، وهو أن يكون في عمل تحت يده كالخدمة في بيته والإرضاع له فيه تفسخ فإن فاتت مضت وكانت له الأجرة، وحرام كحمل الخمر ورعي الخنازير إن فات يتصدق بالأجر. قلت: والإجارة على بناء دورهم إن كانت لمجرد سكناهم دون بيع الخمر فيها، فهي كالمساقاة وإلا فهي كبناء الكنيسة. اللخمي: إن واجره على حمل زق زيت معين بعشرة فظهر أنه خمر تصدق بفضل قيمة حمله خمراً على المسمى، وإن كان على عين معين فأحضر زقاً فحمله، ثم ظهر أنه خمر فله أجر مثله فيه على أنه زيت، وما زاد اللخمي: تصدق به والعقد الأول باق ولو آجره على معين على أنه خمر، ثم ظهر أنه زيت فله أجر مثله والعقد الأول منفسخ، وفيها: أيجوز للعزب إجارة امرأة ولو أمة تخدمه. قال: كره مالك أن يعادل الرجل المرأة في محل ليس بينهما محرم، فإجارته للخدمة وللأهل له وهو يخلو بها أشد كراهة. اللخمي: إجارة الرجل المرأة إن كان عازباً لم يجز، وإن كان مأموناً، وإن كان له أهل، وهو مأمون جاز وإلا لم يجز، وإن كانت متجالة لا أرب فيها لرجل جاز، وكذا

الشابة مع شيخ فان ولا تعادل امرأة رجلاً في محمل وإن كان مأموناً لقوله صلى الله عليه وسلم: "باعدوا بين أنفاس الرجال والنساء" وسواء كان معها زوجها أم لا وسمع عيسى ابن القاسم في النكاح: لا بأس أن يقوم الرجل بحوائج المرأة الغريبة الكبيرة تلجأ إليه ويناولها الحاجة وليدخل معه غيره أحب إلي؛ إذ لو تركها الناس لضاعت. ابن رشد: وهذا إذا غض بصره عن ما لا يحل نظره إليه، وروى ابن القاسم فيها: لا بأس بإجارة العبد الصانع على أن يأتيه بالغلة ما لم يشترط عليه في العقد خراجاً معلوماً/ ولو وصفته عليه بعد إياه ولم تضمنه إياه جاز. اللخمي: روى الشيخ في مختصره لا ضير في استئجاره على أن يجيبه بالغلة، وهو أصل مالك في كل من اشترى شيئاً على أن يعمله بائعه والمشتري يصير إلى أمر مجهول كالزرع على أن بائعه حصده ودرسه، وقد قالوا من اشترى سلعة على أن يبيعها بائعها أنه فاسد. ويجوز على تعليم القرآن في حديث البخاري عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن أحق ما أخذتم عليه أجرا كتاب الله". وفيها: لا بأس بالإجارة على تعليم القرآن كل سنة أو كل شهر بكذا أو على الحذاق للقرآن أو على أن يعلمه كله أو سدسه بكذا ونحوه سمع القرينان ابن رشد: إجارة ذلك هو المذهب، وأجمع عليه أهل المدينة وهم الحجة على من سواهم، واحتج ابن رشد بحديث جواز الجعل على الرقية بالقرآن حسبما هو مذكور في الجعل والإجارة عليه جائزة مشاهرة، ومقاطعة على جميعه أو على جزء منه معلوم نظراً أو ظاهراً ووجيبة لمدة معلومة من الشهور، أو الأعوام فالمشاهرة غير لازمة لأحدهما والوجيبة والمقاطعة لازمة لهما، وأجاز ابن حبيب أن يسمي المقاطعة أجلاً ورواه وهو

خلاف المشهور في توقيت ما أجله فراغه، وقال: يقضي بالحذقة في النظر والظاهر بقدر حال الأب ويسره وقوة حفظ الولد تجويده؛ لأنه مكارمة جرى الناس عليها إلا أن يشترط الأب تركها، فإن أخرج الأب ابنه قرب الحذقة لزمته، وإن بقى له ما له بال كالسدس ونحوه سقطت، وليس عليه حساب ما مضى منها، وإن شرط المعلم عليه الحذقة لم يجز دون تسميتها، وإن أخرج الأب ابنه قبل بلوغها لزمه بحساب ما مضى ولو قل. قال ابن حبيب: ولا يقضي بالأخطار في الأعياد، وإن كان فعله مستحباً في أعياد المسلمين، ويكره في أعياد النصارى كالنيروز والمهرجان، ولا يجوز لمن فعله ولا يحل لمن قبله؛ لأنه من تعظيم الشرك. قلت: فلا يحل على قوله قبول هدايا النصارى من أعيادهم للمسلمين، وكذا اليهود وكثير من جهلة المسلمين من يقبل منهم ذلك في عيد الفطيرة عندهم وغيره. ابن رشد: وجه تفرقة ابن حبيب بين الأخطار والحدقات، وإن كان القياس أن لا فرق بينهما إذا جرى بهما العرف هو أن الحدقة إنما بلغها الصبي بتعليم المعلم، واجتهاده وبلوغه عنده العيد لا عمل له فيه، وفي نوازل سحنون سئل عن المعلم لا يشترط شيئاً فيجري له في الشهر الدرهم والدرهمان أيقضي له بالحذقة. قال: يحملون على حال البلد وسنتهم إلا أن يشترط شيئاً فله شرطه، وأما بالحذقة فليس فيها شيء معروف إلا على قدر الرجل برجاله. ابن رشد: إيجابه بالحذقة بالعرف، وإن لم يشترط هو على أحد قولي مالك في القضاء بهدية العرس، وإن لم يشترط إن كانت جارية بالبلد ولم يحكم بها في قوله: يقضي بها بحكم المهر كالمشترطة ولا بحكم الهبة إنما حكم لها بحكم الصلة المقصود بها عين الموصول، فأبطلها بموت أحدهما، وكذا يجب في بالحذقة لا يقضي بها لوارثه إن مات على الأب ولا على ورثة الأب إن مات للمعلم، وعليه يأتي قول ابن حبيب؛ لأنه لا فرق بين بالحذقة المشترطة والواجبة بالعرف في موت الصبي، أو إخراجه قبل بلوغه بالحذقة.

قلت: للصقلي عن محمد: أجاز مالك التعليم مشاهرة ومقاطعة، وكل شهر وكل سنة، فكذا ولكل واحد منهما الترك متى شاء، وظاهره عدم اللزوم في المقاطعة خلاف ما تقدم لابن رشد. قلت: فاللفظ الذي ذكرته وجدته في غير نسخة وفي لفظ بعض النسخ احتمال، ونصها في النوادر وفي الموازية: أجاز مالك التعليم مشاهرة ومقاطعة وكل شهر وكل سنة بكذا ما لم يقل مثله في سنة أو في سنتين، فإن سميا فلا ترك لأحدهما، وإن قال: كل سنة وكل شهر فلكل منهما الترك. قلت: مفهوم لفظ الأول يؤيد لفظ الصقلي، ومفهوم لفظ الأخير يؤيد نقل ابن رشد وهو الصواب. اللخمي: الجائزة على وجهين مشاهرة ومساناة إن لم يذكر قدراً يعمله في تلك المدة، وعلى حدقه شيء معلوم ربع أو نصف أو جميعه كذلك، فإن جمع بين الأجل والقدر الذي يعمله فيه فإن فعل ولا يدري هل يتعلم ذلك القدر في المدة فسدت الإجارة، واختلف إن كان الغالب أنه يتعلمه فيها فأجيز ومنع فإن انقضى الأجل ولم يتعلم فيه ذلك القدر فله أجر مثله ما لم يزد على المسمى، وقال ابن الجلاب: قيل: لا يجوز على التعليم إلا مدة معلومة مشاهرة وغيرها؛ يريد: اختلاف أفهام الصبيان فالمشاهدة أخف غرراً. الصقلي عن ابن حبيب: إن شارطه المعلم على أن يحذقه، وله كذا فليس لأبيه إخراجه حتى يتم. قال: ولا يضره في حذقة النظر خطأ الصبي في السورة إلا حرف وليس كمن لا يخطئ، وإن لم يستمر القراءة فلا حذقة له، ورأيت أن أكمل هذا الفصل بالضروري من كلام الشيخ أبي الحسن القابسي في كتابه المشتمل على بيان أحكام المعلمين والمتعلمين على وجه الإيجاز قال: قوله صلى الله عليه وسلم: "خيركم من تعلم القرآن وعلمه" فيشمل الوالد

لتعليمه ولده إياه ولو بأجرة تعليمه العلم، ولقد أجاب ابن سحنون أبا ولد كان يطلب العلم عليه عن قوله له: إني أتولى العمل بنفسي ولا أشغله عما هو فيه، أجرك في ذلك أعظم من الحج والرباط والجهاد القابسي إن ترك الأب تعليم ولده القرآن لشح قبح فعله ولقلة عذر، فإن كان للولد مال فلا يدعه دون تعليم وليه، أو قاضي بلده أو جماعته إن لم يكن قاض، وإن لم يكن له مال توجه حكم الندب على وليه وأمه الأقرب فالأقرب وتعليم من أسلم ما يصلي به فرض كفاية يتعين على من انفرد به دون عوض، وتعليم الأنثى ما تصلي به كالذكر ويتعين على الولي والزائد على ذلك للأنثى حسن، وكذا العلم لا الرسائل والشعر وترك تعليمها الخط أصون ويكون المعلم معهم مهيباً لا في عنف لا يكون عبوساً مغضباً ولا منبسطاً مرفقاً بالصبيان دون لين. قلت: ويكتفى في إباحة انتصابه بستر الحال للمتزوج ويسأل عن غيره، فإن لم يسمع منع إلا العفاف أبيح له، ويمنع من يتحدث عنه بسوء مطلقاً وبهذا جرى العمل وهو الحق. قال: وعليه أن يزجر المتخاذل في حفظه أو صفة كتبه بالوعيد والتقريع لا بالشتم كقول بعض المعلمين للصبي يا قرد، فإن لم يفد القول انتقل للضرب والضرب بالسوط من واحد إلى ثلاثة ضرب إيلام فقط دون تأثير في العضو فإن لم يفد زاد إلى عشر. قلت: ضرب معلم صبياً بالسوط في رجله لتكرر قلة حفظه فحدث برجله من ضربه قرحة صارت فاصولاً أشك في موته به. قال: ومن ناهز الحلم وغلظ خلقه ولم ترعه العشر فلا باس بالزيادة عليها. قلت: الصواب اعتبار حال الصبيان شاهدت غير واحد من معلمينا الصلحاء يضرب الصبي نحو العشرين وأزيد، وكان معلمنا يضرب من عظم جرمه بالعصى في

سطح أسفل رجليه العشرين وأكثر، ومنعه الزجر بقول يا قرد الصواب فعل بعضهم ذلك، وقد أجازوه للقاضي لمن يستحقه مع قدرته على ضربه، وكذا كان بعض شيوخنا يزجر به في مجلس إقرائه من يستحق الزجر لتعذر الضرب ونقلوه عن بعض شيوخهم وسمعنا منهم في ذلك عن شيوخهم مقالات ممن نقل لنا عنه شائعًا الشيخ الفقيه العدل الخطيب أبو محمد البرجيني، والشيخ النحوي المشهور بالزلدوي، وكان يصدر كثيرًا من شيخنا أبي عبد الله بن الحباب وقليلا من شيخنا أبي عبد الله بن عبد السلام - رحمهما الله - وفائدة ذلك واضحة لمن أنصف؛ لأنها تكسب تثبت الطالب فيما يريد أن يقوله من بحث أو نقل، وقد والله سمعت شيخنا ابن عبد السلام زجر بعض أهل مجلسنا في مدرسة الشماعين في قول قاله ما يقول هذا مسلم، وكان هذا المقول له حينئذ متصفًا بعدالة الشهود المنتصبين للشهادة، وخطة القضاء بالبلاد المعتبرة ولم يترك لذلك مجلسه إلى أن توفي رحمهما الله تعالى، والأعمال في ذلك بالنيات. قال: ومن اتصف من الصبيان بأذى أو لعب أو هروب من المكتب استشار وليه في قدر ما يرى من الزيادة في ضربه قدر ما يطيق. قُلتُ: أما في الإذاية فلا يستشيره؛ لأنه حق عليه ويتعذر طلبه عند غير المعلم لتعسر إثبات موجبه، واستحب سحنون أن لا يولي أحدًا من الصبيان ضرب غيره منهم سحنون ولا يضرب وجهًا ولا رأسًا، ومن حسن النظر التفريق بين الذكور والإناث. قال سحنون: أكره خلطهم؛ لأنه فساد. قُلتُ: أما من بلغ حد التفرقة في المضجع فواجب تفريقه منهم. قال: ويحترز من يخاف فساده على الصبيان ممن قارب الحلم إذا كان ذا جرأة. قُلتُ: الصواب في هذا منع تعليمه معهم. قال: ولا تقبل شهادة بعضهم إلا من عرف بالصدق فيقبل قوله وينهاهم عن الربا في تبايعهم طعامًا بطعام وبفسخه، وما فات فهو في مال مفوته أو ذمته. سحنون: وشراء الفلقة والدرة وكراء موضع التعليم على المعلم فإن استؤجر على صبيان معلومين سنة معلومة فعلى أوليائهم كراء الموضع، وأما تعليمهم في المسجد

فروى ابن القاسم: إن بلغ الصبي مبلغ الأدب فلا بأس أن يؤتى به المسجد، وإن كان صغيرًا لا يقر فيه ويعبث فلا أحب ذلك، وروى سحنون: لا يجوز تعليمهم فيه؛ لأنهم لا يتحفظون من النجاسة، وهذا هو الصحيح، ى وأجاب سحنون عن معلم أراد أن ينتقل من موضع لآخر: بأنه إن لم يضر ببعض الصبيان لبعده من داره فله ذلك، وإلا فإن كان عقد إجارته مع من يتضرر بذلك على اللزوم فليس له ذلك إلا بإذن وليه وإلا جاز دون إذنه، وذكر القابسي هنا: حكم جنايته على الصبي، وهو مذكور في الجراح ومتعلق تعليمه بالذات قراءة القرآن حفظًا أو نظرًا. ابن سحنون: ينبغي أن يعلمهم إعراب القرآن، ويلزمه ذلك والشكل والهجاء والخط الحسن وحسن القراءة بالترتيل، وأحكام الوضوء والصلاة وفرائضها وسننها وصلاة الجنائز ودعائها وصلاة الاستسقاء والخسوف. قُلتُ: حمل قوله: عندي إعراب القرآن هو بتعليمه معربًا احترازًا من اللحن والإعراب النحوي متعذر وحسن القراءة إن أراد به التجويد فهو غير لازم في عرفنا إلا على من شهر بتعليمه، وأما أحكام الوضوء وما بعده فواضح عدم لزومه وكثير من المعلمين لا يقومون بذلك. قال: ويجب عدله بينهم في التعليم لا يفضل فيه بعضهم على بعض، ولو تفاضلوا في الجعل إلا أن يبين ذلك لوليه في عقده أو يكون تفضيله في وقت غير وقت تعليمه، ولا يعلمهم قراءته بالألحان لنهي مالك عنها ابن سحنون عنه ولا يعلمهم أباجاد ونهى عن ذلك؛ لأني سمعت حفص بن غياث يحدث أن أباجاد أسماء الشياطين ألقوها على ألسنة العرب في الجاهلية فكتبوها. قال محمد: وسمعت بعض أهل العلم يقول هي أسماء ولد سابور ملك فارس أمر من في طاعته من العرب بكتبها فكتبوها. قال محمد: فكتبها حرام وأخبرني سحنون عن ابن وهب عن يحيى بن أيوب عن عبد الله بن طاوس عن أبيه عن ابن عباس قال: قوم ينظرون في النجوم ويكتبون أباجاد لا خلاق لهم.

قُلتُ: لعل الأستاذ الشاطبي لم يصح هذا عنده، أو لم يبلغه أو رأى النهي إنما هو باعتبار استعمالها على أصل ما وضعت له لا مع تغيرها بالنقل لمعنى صحيح، وعلى هذا يسوغ استعمالها عددًا كسراج الدين في التحصيل، واختصار الأربعين وغيره. عقدها: يجوز مؤجلًا لمدة معلومة فيلزم، ومشاهرة فلا يلزم أحدهما. ابن حبيب: قال مالك: يجوز أن يشارط المعلم على الحذقة ظاهرًا أو نظرًا ولو سميا أجلًا أصبغ إن تم الأجل ولم يحذقه فله أجر مثله. القابسي: ففرق أصبغ بين ضرب الأجل للمعلم والخياط إذا كان الفعل يمكن الفراغ منه فيه. قُلتُ: قد سوى اللخمي وابن رشد بينهما. قال القابسي: والحذقة كل ظاهرا حفظ كل القرآن ونظرا قراءته في المصحف. وقدر عوضها ما شرطاه، فإن لم يشترط فهي على حال الأب في كسبه وحفظ الصبي وقراءته مع اعتبار حسن خطه، فإن نقص تعلم الصبي في أحدهما فلمعلمه من الحذقة بقدر ما تعلم، فإن لم يستمر الصبي في الحفظ أو في القراءة في المصحف فلا شيء لمعلمه ويؤنب المعلم علي تفريطه إن كان يحسن التعليم وعلى تغريره إن لم يحسنه، فإن اعتذر بدله الصبي اختبر، فإن بان صدقه فله من الأجر بقدر حرزه وتأديبه إلا أن يكون عرف أباه ببلهه. قُلتُ: أو يكون الأب عرف ذلك. قال: ومحل الحذقة من السور ما غررت فيه عرفًا مثل لم يكن وعم وتبارك والفتح والصافات. قُلتُ: فلم يذكر الفاتحة وهي حذقة في عرفنا. قال: وكذا عطية العيد تثبت بالعرف، وقول سحنون: لا يلزم الحذقة إلا في ختم القرآن وغيرها تفضل معناه: إن لم تكن عادة بغيرها، وكذا قول ابن حبيب لا يجب الإخطار ولا يجوز إعطاء في عيد العجم حدث أسد بن موسى عن الحسن بن دينار عن الحسن البصري: أنه كان يكره إعطاء المعلم في النيروز والمهرجان إنما كان المسلمون

يعرفون حق المعلم في العيدين ورمضان، وقدوم غائب القابسي إنما المعروف العيدان، وأما غيرهما وعاشوراء ففعل الخاصة، وأجاب القابسي عمن علمه معلم بعض القرآن ثم أكمله له غيره بأن: لكل منهما من الحذقة بقدر ما علم أنصافًا أو أثلاثًا، ونحوه وربما استحقها الأول فقط إن بلغ من تعليمه مقاربة الختم بحيث بلغ ما يستغنى به عن المعلم وربما استحقها الثاني فقط إن قل لبثه عند الأول ولم ينل من تعليمه ما له بال، وقال ابن حبيب: إن شورط المعلم على أجر معلوم في كل شهر أو شهرين، وعلى قدر معلوم في الحدقة فلوليه إخراجه، وعليه من الحذقة بقدر ما قرأ منها، ولو لم يقرأ منها إلا الثلث أو الربع فعليه بحسابه لاشتراطه ما سمى مع إخراجه، ولو شارطه على أن يحدقه بكذا أو كذا لم يكن لوليه أن يخرجه حتى يتم حذقته. القابسي: فرق هذا التفريق ولم يذكر حجة عليه، وقال: ما حاصله أنهما سواء لاشتراكهما في التزام الولي الحدقة، واختصاص أحد الصورتين بزيادة قدر في كل شهر لا يوجب حل ما لزم بالتزام الحذقية، وأن لوليه إخراجه وعليه بقدر ما بلغ منها. قُلتُ: يمكن تقرير وجه تفرقته أنه إذا شارطه على الحدقة فقط كان أمدها العرفي كمدة معينة عاقدة عليها غير مقرونة بما يدل على انحلال عقدها، فإذا ضما عليها شرطقدر في كل شهر كان دليلًا على عدم لزوم عقدها، وصرفه لحكم عقد المشاهرة. قال: وإنما حصلت له بقدر ما بلغ إذا أخرجه في المشارطة على الحدقة لا في رأيته من تجويز الإجارة التي لم يشترط لها غاية فما حصل منها كان عليه من الأجر بقدره. وأما حكم بطالة الصبيان فقال سحنون: تسريحهم يوم الجمعة سنة المعلمين. ابن عبد الحكم: لمن استؤجر شهرًا بطالة يوم الجمعة وتركهم من عشي يوم الخميس؛ لأنه أمر معروف وبطالته لهم كل يومه بعيد؛ لأن عرضهم أجزائهم فيه من عشي يوم الأربعاء وبطالتهم في الأهياد هي على العرف هي في الفطر ثلاثة أيام، وكذا في الأضحى ولا بأس بالخمسة. سحنون: من عمل الناس بطالة الصبيان في الختمة اليوم وبعضه، ولا يجوز أكثر من ذلك إلا بإذن أولياء الصبيان، فقيل له: ربما أهدى الصبي للمعلم ليزيده في البطالة.

قال: هذا لا يجوز. القابسي: ومن هنا سقطت شهادة أكثر المعلمين؛ لأنهم غير مؤدين ما يجب عليهم إلا من عصمه الله، وبعثهم لمن تزوج أو ولد له ولد ليعطوا شيئًا ليأتون به مؤدبهم لا يجوز، وكذا ما يأتون به من بيوت آبائهم إلا بإذنهم. قُلتُ: بعثهم لدار بعض الأولاد لختمة أو لنفاس أو ختان أمر معروف في بلدنا، والغالب أنه لا يكون مسير الولد لذلك إلا بعلم من وليه؛ لأنهم لا يمشون لذلك بمعهود ثيابهم بل بثياب التجمل والتزين في الأعياد. قال: واتخاذه بعضهم يملي على بعض حسن، ولا يجوز بعثهم في حوائجه، ولا ينبغي أن يتشاغل عن تعليمهم بشيء، وإن نزلت به ضرورة استناب مثله فيما قرب. قال سحنون: ولمن استؤجر على تعليم صبيان تعليمه غيرهم إن لم يضر بهم ولم يشترط عليه عدم الزيادة عليهم. وشركة المعلمين جائزة إن كانوا بمكان واحد وإن كان بعضهم أجود تعليما من بعض؛ لأن فيه رفقاء يمرض بعضهم فيقوم الصحيح مقامه، وإن كان بعضهم عربي القراءة والآخر ليس كذلك؛ لكنه لا يلحن فلا بأس بذلك، قاله مالك وابن القاسم، وعن مالك: لا يصح حتى يستويا في العلم، فإن كان أحدهما أعلم لم يصلح إلا أن يكون لأهلهما فضل من الكسب بقدر عمله على صاحبه القابسي إن لم يكن لأحدهما من الزيادة إلا أنه يعرب قراءته والآخر لا يعربها ولا يلحن أو أحدهما رفيع الخط والآخر ليس كذلك إلا أنه يكتب ويتهجا فهذا قريب مغتفر في الشركة في الصنائع والتجارات، ولو كان أحدهما يقوم بالشكل والهجاء وعلم العربية والشعر والنحو والحساب، وما لو انفرد معلم القراءة بجميعه لجاز شرط تعليمه إياه مع تعليم القرآن؛ لأنه يعين عل ضبطه وحسن معرفته هذا إن شارك من لا يحسن إلا قراءة القرآن والكتب كانت الإجارة بينهما متفاضلة على هذه الرواية على قدر علم كل منهما، ولو استؤجر أحدهما لتعليم النحو والشعر وشبهه والآخر على تعليم القرآن والحساب ما صحت شركتهما، وقيل: لأنس كيف كان المؤدبون على عهد أبي بكر وعمر وعثمان

وعلي رضي الله عنهم قال: كان للمؤدب إجانة يجيء كل صبي يوم نوبته بماء طاهر يصبه فيها، يمحون به ألواحهم، ثم يصبون ذلك الماء في حفرة من الأرض فينشف. قُلتُ: قال الجوهري: الإجان واحدة الأجاجين، ولا يقال: إنجانة، وقال في باب آخر: المركن بالكسر الإجانة التي تغسل فيها الثياب ابن سيدة. يقال: إجانة وإنجانة وينبغي أن يصب ذلك الماء بالمواضع البعيدة عن النجاسة، وكان معلمنا يأمر بصبه في حفرة بين القبور وينبغي أن يحفظ منه؛ لأن غالب الصبيان لا يتحفظون في أيديهم من نجاسة أبوالهم. قال محمد بن سحنون: حدثنا موسى عن جرير عن منصور قال: كان إبراهيم النخعي يقول من المروءة أن يرى في ثوب الرجل وشفتيه مداد. وتجوز الإجارة على عمل في جزء من معين شائع إن لم يشترط عدم قسمة فيها تجوز إجارة شريك في طعام شريكه على عمله لبيعه ببلد آخر إن ضرب له أجلًا، وعلى أنه متى شاء قسمه فإن شرط عدمه لم يجز، فإن نزل ففيه كراء المثل، وكذا في طحنه. الصقلي: يريد ضرب الأجل بعد الوصول للبلد ولا ينقده إجارة البيع، وفيها: وكذا في رعاية غنم بينهما إن شرط خلف ما هلك من حظه. قال غيره: واعتدلت في القسم. الصقلي: قال بعض أصحابنا: محلها عند ابن القاسم على الاعتدال فيه، وأن الإجارة على نصف عددها، فإن قسما وصار له أكثر من نصف عددها لم يلزم الأجير ما زاد على نصفها، وإن صار له أقل منه فله إتمامه. قُلتُ: وتقدم في مساقاة نخل بينهما بحث فيها فتذكره، وفيها: لا تجوز عتلى حمل طعام إلى بلد كذا بنصفه إلا أن ينقده نصفه مكانه؛ لأنه بيع معين تعلى تأخير قبضه لأجل. الصقلي: إن وقع بينهما جاز على قول أشهب وابن حبيب. اللخمي: إن لم يشترط قسمه ولا بقاءه جاز وحمله وطحنه إذ لا غرض في بقائه. الصقلي: قال ابن أخي هشام: إن حمله إلى البلد فللحمال نصفه، ويغرم مثله إلى

المحل الذي حمله منه وله كراؤه في النصف الآخر ما بلغ، وعابه بعض شيوخنا وقال: يلزمه إن هلك الطعام ضمان نصفه؛ لأنه على قوله بالقبض لزم ذمته وهو بعيد؛ لأن علة الفساد منع الحامل من قبض حظه إلى أن يصل إلى البلد المحمول إليها فكيف يضمن هلاكه قبل البلد وقبله. الصقلي: ويرد بمنع ملزومية قول ابن أخي هشام ضمانه قبل وصوله الذي جعل بطلانه يوجب بطلان قول ابن أخي هشام، وسند المنع ما هو بين به الراد عليه بطلان تضمينه، ولا يلزم من عدم ضمانه وصول بطلان قول ابن أخي هشام؛ لأنه بوصوله للبلد زال حجر منعه قبضه لتوقيته بعدم وصوله فكونه تحت يده بمحل وصوله هو قبض له وهو حينئذ بحالة مخالفة لحالته يوم بيعه وهي صيرورته منقولًا، فصدق أنه مبيع بيعًا فاسدًا فات بالنقل فتأمله. وعلم المنفعة بصنفها وقدرها شرط حصوله بالنص واضح كخياطة رومية أو عربية فيها إن واجرته على إن خاطه اليوم فبدرهم وإن خاطه غدا فنصف درهم، وإن خاطه خياطة رومية فبدرهم وإن خاطه خياطة عربية فنصف درهم لم يجز، وهو من وجه بيعتين في بيعة إن خاطه له أجر مثله ما بلغ. قال غيره: في الأولى إلا أن يزيد على الدرهم أو ينقص عن نصفه فلا يزاد ولا ينقص. الصقلي: عن الشيخ: قال بعض الأندلسيين في قول غير ابن القاسم: يعني إن خاطه اليوم قيل: ما قيمة خياطته على تعجيلها اليوم فلا يزاد على درهم ولا ينقص من نصفه، وإن خاطه غدًا قيل: ما قيمتها إلى غد على ما ذكرنا ولابن أبي زمنين عن بعض الأندلسيين تفسير غير هذا وهو أصوب. قُلتُ: لم أقف على تفسير ابن أبي زمنين وقول ابن القاسم مثل نص قولها في الرواحل: إن اكتريت من رجل على أنه إن أدخلك مكة في عشرة أيام فله عشرة دنانير، وإن أدخلك في أكثر فله خمسة فسخ، فإن نزل فله كراء مثله في سرعته وإبطائه، وقال بعض الفاسيين في تأويل قول الغير: ثلاثة أقوال: الأول أن له أجر مثله ما لم يزد على

الدرهم، أو ينقص عن نصف درهم خاطه في اليوم الأول أو الثاني القول الثاني ما لم يزد على الدرهم في اليوم الأول أو ينقص عنه أو يزيد على نصف درهم في اليوم الثاني أو ينقص عنه القول الثالث ما لم يزد على الدرهم في اليوم الثاني، ويأخذ أقل منه مطلقًا أو ينقص عن نصف درهم في اليوم الأول، ويأخذ ما زاد عليه مطلقًا، وذكر ابن رشد قولها في الرواحل: على أنه متفق على منعه للشك في سعة الأجل للوصول فيه. قال: فإن فات بالسير فعلى قول غيره في كتاب الجعل له أجر مثله ما لم ينقص عن الأقل، وما لم يزد على الأكثر، وللشيوخ في تأويل قوله: أوجه الول هذا سواء بلغ الأجل أو لا الثاني إن بلغ فيه المثل ما لم ينقص عن الأقل، وإلا فله الأقل من اكتراء الكراءين أو المثل ولو فضله الأقل الثالث إن بلغ فيه فأكثر الكراءين وإلا فأقلهما، وعزا الثاني لابن أبي زمنين. ويطب في أجل المنفعة كونه يسعها: قال ابن رشد: في أول مسألة من سماع ابن القاسم الإجارة عشيء بعينه كخياطة ثوب أو نسخ غزل أو طحن قمح وشبهه مما الفراغ منه معلوم لا يجوز تأجيله بوقت يشك في سعته له اتفاقًا، وإن كان لا إشكال في سعته إياه ففي جوازه قولان لظاهر هذا السماع من سماع عيسى ابن القاسم، ودليل قولها فيمن استأجر ثورًا على أن يطحن له كل يوم إردبين فوجده لا يطحن إلا إردبا له رده؛ لأنه جعل في الإردب الذي طحن ما ينوبه ولم يفسخ الإجارة، وقول ابن حبيب بإجازة مشارطة المعلم على إحذاق الولد في أجل مسمى، ونقله عن أصبغ والمشهور مع سماعه بعد هذا في رسم سلف ورسم المحرم وسمع القرينين. قُلتُ: ذكر اللخمي القولين غير معزوين وقال: أرى أن يمضى؛ لأن الغرض أن يشرع في تلك المدة فإن خاطه بعد الأجل حط من المسمى بقدر ما بين قيمتي عمله في الوقت المشترط ووقت عمله، ولابن حبيب عن ابن الماجشون: إنما له أجر المثل، وسمع ابن القاسم من قال: لمن استخاطه ثوبًا بدرهم بعد عقده عجله اليوم وأزيدك نصف درهم أرجو خفته، ولا بأس به ولم يره كالرسول يزاد لسرعة السير، ولا أحب

إن يتكاراه على تبليغ كتاب لبلد بدينار، ويقول له إن بلغته يوم كذا فلك زيادة نصف دينار، وأكرهه سحنون: لا بأس به بعد وجوب الكراء. ابن رشد: أجازه في تعجيل الثوب؛ لأنه ممكن ولا ينبغي له مطله؛ لأنه إضرار به لغير سبب، وله أن يتسع في عمله، ويؤخره لعمله غيره أو لبعض حوائجه على عرف تراخي الصناع فزيادته على تفرغه لعمله جائز، وكرهه في تعجيل توصيل الكتاب معناه: إن لم يكن على يقين من إدراك إأيصاله ذلك اليوم إن أسرع، ولو كان على يقين جاز كالثوب، ولو شك في تعجيل الثوب في ذلك اليوم كان كالرسول يبين ذلك قوله في التفسير ليحيى إن كثرت الثياب كره ذلك فيها، ولا فرق بين الثياب الكثيرة والثوب إلا الشك في الثياب الكثيرة هل يفرغ منها في ذلك الوقت، ومعنى إجازة سحنون ذلك في الرسول أنه على يقين من وصوله ذلك اليوم فالأقوال كلها متفقة. الصقلي: عن ابن ميسر مسألة الرسول والثوب سواء، وقال ابن عبد الحكم: خفف ذلك فيهما وكره، وإجازته أحب إلي وبه أخذ سحنون. قُلتُك ظاهره أنه حمله على الخلاف. وعلم صفة العمل بوصفه المنضبط أو عرف، كذلك إن تماثل وإن اختلف لزم بيان قدرتهما كخياطة وحرز شهرًا أو خدمة حضر وسفر فيها يستعمل أجيرًا لخدمة على عرف الناس من خدمة الليل والنهار كمناولة الثوب والماء لا فيما يمنعه النوم إلا أن يعرض له الحاجة المرة بعد المرة، ولا بأس أن يستعمله فيها في بعض الليل على وجه ما يعرف الناس، ولم أسمعه إنما سمعته في العبد يستعمل في النهار استطحنه بالليل. قال: لا بأس به في العبد الخفيف العمل لا في الثقيل العمل الزرنوق يطلع وينزل والأخير في اشتراطه على أجير الخدمة ما يريده من سفر أو حرث لتباعد هذه الأعمال، ولا بأس بما تقارب ككنس البيت والعجن وشبهه. اللخمي: إن استأجره على خدمة شهر إن شاء في الحضر، وإن شاء في السفر لم يجز، وإن شرطهما معا جاز إن لم ينقده شيئًا؛ لأن الشهر الثاني لا يجوز نقد أجره لمخالفته الأول وما ينقده واجب فضه ولو استأجره شهرًا في السفر بعد عقده شهرًا في الحضر

دون نقد جاز، بخلاف منع غير ابن القاسم كراء راحلة يركبها بعد شهر للتحجير، ولا يدرى في هل يسلم أم لا ولا حجر فيما تقدم كراؤه واستخدام الأجير فيما خف ليلًا، إنما هو فيمن انقطع إليه ومبيته عنده لا فيمن ينصرف عنه ليلًا، وفي سماع أصبغ عن أشهب: إن اشترط على أجير الخدمة سفر شهر أو شهرين في السنة فلا بأس بذلك. ابن رشد: إنما جاز؛ لأن الشرط إنما هو شهران ولا يضر كون المستأجر بالخيار في شهر؛ لأنه حق له تركه بعد العقد على شيء معلوم، ودليله قوله تعالى على أن تأجرني ثمان حجج فإن أتممت عشرا فمن عندك واشترالطه الشهرين دون تسميتهما يجوز على قول ابن القاسم: يجوز شرط السفر في أول السنة، وبعد مضى بعضها لا على قول ابن الماجشون: لا يجوز شرطه إلا في أول السنة أو قربه لا بعد مضي شهر منها. قُلتُ: فاستئجار أجير معين على عملين متباعدين صفقة واحدة امداد لهما ما لا يجوز شرط النقد مع تأخير الشروع لمثل أمده بشرط نقد شيء من الأجر لا يجوز حسبما تقدم. اللخمي: ودون شرطه إن لم يعين زمن كل من العملين لم يجز اتفاقًا فيهما، فإن عينه ففي جوازه قولان لمحمد، وابن حبيب عن ابن الماجشون. الشيخ عن ابن القاسم في الموازية: لا ينبغي أن يشترط عليه في عملين متباعدين أنه بالخيار؛ لأنه خطر. محمد: ولا يشترط عليه في الخدمة سفر أيام يسميها في وسط السنة، ولا على عملين متباعدين كقوله: يحرس لي كرمي ويبني لي هذا البيت. محمد: يجوز إن شرط في شهر بعينه في السنة عملًا آخر سماه. قد قال مالك: يجوز أن يكري داره على إن احتاج إليها في شهر من السنة سماه سكنها، وكذا السفينة ابن حبيب من واجر رجلًا شهرين يعمل فيهما عملين سماهما أو واجره على الثاني بعد مواجرته على الأول فإن تقارب العملان جاز في الصورتين، وإن تباعدا لم يجز فيهما؛ لأنه كمن واجره على عمل لا يسرع فيه إلى شهر، وقاله ابن الماجشون.

قُلتُ: ظاهر منعه في المتباعدين ولو لم ينقد، وقول محمد قبله: الصقلي: وفيه نظر؛ لأن ظاهر قوله: أولا لا يشترط سفر أيام يسميها يقتضي منعه في المختلفين، ولو عين وقتيهما خلاف قوله بعده يجوز في شهر بعينه إلا أن يجعل قوله: يسميها؛ أي: عددها لا أعيان أزمنتها، وقال ابن رشد: في رسم البيع والصرف لو استأجره شهرين يعمل في أولهما عملًا سماه وفي الآخر عملًا آخر بعيد\ًا من الأول، ففي جوازه قولا ابن القاسم وابن الماجشون، وهما قائمان من قولها من اكترى راحلة يركبها بعد شهر، وروى محمد: إن اشترط مكتري أرض بها غلمان إن احتاج إلى عملهم في أرض له أخرى استعملهم فلا ضير فيه، وشرط النقد فيما يتأخر الشروع فيه لتمام عمل مماثل له والعاقد واحد جائز لنقل الشيخ عن ابن حبيب: إن واجره تمام سنة كأن واجره على أقلها ونقد أجرته جاز في مثل العمل الأول، ولا يجوز لغيره، وسمع عيسى ابن القاسم لمن استأجر أجيرًا لعمل من الأعمال أن يرسله يعمل للناس، ويأتيه بما عمل أو يكريه في مثله ابن رشد؛ لأنه استأجره في عمل غير معين فمن حقه أن يواجره ممن شاء، ولا يلزم الأجير أن يواجر نفسه له ويأتيه بالأجرة، ولو رضي بذلك جاز ونقله بخلاف عمله. قال الصقلي: وظاهره عن الموازية: أن نقله إلى ما هو من نوع الأول فله ذلك لما شاء منه، فإن قال الأجير فيما يحوله إليه لا أحسنه كالحصاد والحرث والقصل، فللمستأجر فسخ إجارته إلا فيما قل ولا خطب له فلا فسخ له وفيها لا يجوز فسخ إجارة على خياطة في قصارة أو غيرها؛ لأنه دين بدين إلا فيما هو يوم ونحوه؛ لأنه لا يكون فسخ دين في دين. قُلتُ: ظاهره ولا لما يقاربه. الشيخ عن محمند عن ابن القاسم: لا يجوز نقله إلى عمل لا يقارب الأول إلا في مثل اليوم مما لا يكون دينًا بدين، وروى محمد: وقال ابن القاسم: إن واجره يوما لنقل تراب فله نقله لخياطه لقربه. ابن حبيب: برضاهما. اللخمي: في جواز نقل خديم الحضر للسفر برضاه، ثالثها: فيما قل لابن حبيب

والآتي على قول سحنون وابن القاسم، وفي سماع أصبغ عن أشهب: إن ماتت دواب استؤجر على علوفتها فرضي الأجير التحول إلى عمل غيره فلا بأس. ابن رشد: معناه: فيما يشبه العلوفة: قاله الشيخ، وهو صحيح على قولها من اكترى دابة لموضع ليس له ركوبها لغيره، ولو كان مثله في السهولة والوعورة إلا برضى الكراء خلاف قول مالك في أول رسم من سماع ابن القاسم، وخلاف ما لابن حبيب من اكترى أجيرًا لعمل سماه نقله لما يشبهه إلا أن يشترط الأخير عدم نقله عن المسمى وما لا يشبه العلوفة غلا يجوز وإن رضيا؛ لأنه فسخ دين في دين سواء انتقد أو لا في هذه المسألة؛ لأن الحلف فيها واجب والكراء قائم. قُلتُ: ظاهر نقله عن ابن حبيب أنه لا يجوز نقله إلى ما يباعد الأول ولو رضي الأجير، خلاف نقل اللخمي عنه مع المتيطي: وما أحال عليه من سماع ابن القاسم هو سماعه من استؤجر على أن يأني برقيق فلم يجدهم أو وجدهم ببعض الطريق فلمن استأجره مؤاجرته في مثله. ابن رشد: قوله: مؤاجرته في مثله خلاف قولها ليس لمن اكترى دابة لموضع ركوبها لغيره إلا برضى الكراء، فعليه لا يؤاجره إلا برضاه. قُلتُ: ففي نقله لمماثله بقيد رضاه أو دونه، ثالثها: إن تعذر الأول بفقده محله للتخريج على قوله في الدابة، ولابن حبيب وسماع ابن القاسم مع سماع أصبغ أشهب. المتيطي: إن جاء الأجير يمن يعمل مكانه، فقال ابن القاسم: لا يجوز. سحنون: ولو رضي المستأجر، وأجازه ابن حبيب إن رضي فيها مكررًا. قال مالك: لا بأس بإجارة العبد عشر سنين وخمس عشرة، وهو في الدور أبين وسمع القرينان إجارة الأجير خمسة عشر عامًا كثير لا يصلح، ولا بأس أن يستأجره سنة ونقده إجارته. ابن رشد: قوله: لا بأس به سنة وينقده دليل أنه إنما كرهه في الخمسة عشر مع النقد، وظاهر قولها إجازة النقد في الخمسة عشر عامًا خلاف قول غيره فيها. اللخمي: أمد الإجارة مختلف باختلاف أمن المستأحر أوسعها الأرضون يجوز

لأربعين سنة دون نقد، ويجوز في المأمونة السرب به ومثلها الدور جديدة لأمنها والقديمة دونه بقدر أمن سلامته غالبًا، واختلف في العبيد في الموازية جوازه لعشرين سنة بالنقد، وفيها خمسة عشر ومنعه غير ابن القاسم في العشر. قُلتُك عزاه المتيطي لأشهب. اللخمي: وأرى اعتبار السن يجوز في ابن عشرين وما قاربها عشرون على استثقال فيه والصغير والكهل لا يجوز فيهما إلا ما قارب، ويمنع ما لا يقارب في الصغير لتغيره عند البلوغ في نشاط أو قوة أو غير ذلك في الكبير لعدم أمن تغيره، وخمس سنين ونحوها في ذلك حسن. والحيوان مختلف أوسع أنواعه أجلًا البغال لطول أعمارها والحمير دونها والإبل دونها ويفترق الأجل في الثياب الحرير والكتان والصوف والجديد والقديم، وأجل ربعا لحبس في كتابه. وفي تعيين ما تستوفى به المنفعة تفصيل: ابن رشد في رسم العتق من سماع عيسى: هو على أربعة أوجه أولها في معين لا غاية له إلا بتأجيله كرعاية غنم بأعيانها أو تجر في مال بعينه في شرط جواز الإجارة عليه بشرط خلفه أو لا والحكم خلفه قولان لابن القاسم مع روايته فيها، وفي غيرها ولسحنون مع ابن حبيب وسماع أصبغ أشهب: إلا في أربع مسائل يفسخ فيها بموت المستأجر له الصبي المستأجر على إرضاعه، والصبي المستأجر على تعليمه والدابة المستأجر على رياضتها والرمكة المستأجر على أكوام عليها معدودة تعق قبل تمامها. المتيطي: إن مات الصبي المستأجر على إرضاعه، ففي كتاب ابن سحنون على الأب خلفه. ابن رشد: الثاني الاستئجار على عمل في معين لا غاية له إلا بتسمية الموضع كحمل شيء بعينه يجوز إلا بشرط الخلف اتفاقًا والثالث كذلك، إلا أنه لا غاية له إلا بضرب الأجل كالإجارة على بيع هذا الثوب أو العبد في هذا الشهر في البلد أو بلد آخر بثمن سماه أو بما رآه في هذا السماع إن شرط أنه إن تلف العبد أو الثوب انفسخت

الإجارة لم يجز، وإن شرط خلفه جاز وسكت عن حكم السكت عن الأمرين وظاهر المدونة: الجواز ووجوب الخلف والجاري على قوله في رعاية غنم بأعيانها أن الإجارة لا تجوز إلا بشرط الخلف، فإن باع قبل تمام الأجل انفسخت الإجارة في باقي الأجل، وله من الأجر بقدر ما مضى منه. قال فيها: والآتي على قول سحنون في هذه المسألة أن الإجارة لا تنفسخ في باقي الأجل، ويستعمله بقيته فيما يشبه، وإن شرط فسخ الإجارة في باقيه إن باع قبل تمامه لم يجز عنده، ولو لم ينتقد على قوله فيمن اكترى دابة في حاجة إلى بلد، وشرط إن وجدها في الطريق رجع وكان عليه بقدر ما مضى من الكراء، ولو واجره على بيع الدابة أو الثوب بذلك البلد أو ببلد آخر على أنه له أجره ولو لم يبع جاز، ولو لم يسم للتسويق والبيع أجلًا؛ لأن قدر ذلك معروف، قاله أشهب في أول سماع أصبغ، ومضى هذا في أول رسم من سماع ابن القاسم، ونحوه في سماع ابن خالد الرابع الاستئجار على عمل في معين له غاية معلومة كخياطة ثوب بعينه، أو طحن قمح بعينه ونحوه لا يجب شرط خلفه اتفاقًا، فإن تلف قبل العمل أو قبل تمامه فالمشهور فسخ الإجارة فيها، أو فيما بقي منه، وهو قول مالك في رسم المحرم من سماع ابن القاسم، وفي سماع يحيى ابن القاسم في مسألة الزرع أم الإجارة لا تفسخ، ويستعمله في مثله، وهو شذوذ والنقد في هذه الإجارة جائز؛ لأن التلف نادر. والإجارة على رعاية غنم: قال اللخمي: أقسام: إن قال: علي رعاية غنم ولم يسم عددًا جاز، وحمل على منافعه ويأتيه المستأجر بما يقدر الأجير على رعيه من الغنم بشرط علم المستأجر بما يقدر على رعيه قبل استئجاره، وليس للراعي رعي غيرها معها فإن فعل فأجر ذلك لمن واجره أولا. قُلتُ: نحوه قول عبد الحق عن بعض شيوخه: إن ضم الراعي لنفسه تحت يده فليس عليه تسمية عدد الغنم، ورأيت لابن حبيب ونحوه. اللخمي: وإن واجره على رعاية مائة معينة أو غير معينة فله رعي غيرها معها إن لم يضشر بالأولى، وإن شرط عليه الأول أن لا يرعى معها غيرها لزمه الوفاء بشرطه، فإن

رعى غيرها ففي كون أجر الثانية للشارط، أو للراعي إن لم يضر بالأول قول ابن القاسم وغيره وفيه نظر؛ لأن الأجير يحط للأول من الأجر لراحته بعدم رعي ما زاد على عدده، ولزيادة الشارط احتياطًا لغنمه فلا يبطل حق أحدهما، وأرى تخيير الشارط في فسخ ما زاد لمكان الشرط وأخذ قيمة تلك الزيادة، وأخذ ما باعها به إن قيل أجر مثله على الأولى وحدها عشرة، وعلى أن يرعى معها الثانية ثمانية، والمسمى اثنا عشر فسخ عن نفسه خمس المسمى؛ لأنه أكثر، وإن كان المسمى أقل من عشرة أخذه بدينارين؛ لأنه أكثر من خمس المسمى، فإن أحب أخذ ما باعها به قيل ما أجر مثله في الثانية إن قيل: أربعة دنانير كان أجر الثانية نصفين؛ لأن للأول فيها ما قيمته ديناران فإن أجر على الثانية بأكثر من أربعة أخذ نصفه، فإن نقصت الأةلى برعي الثانية معها، وأحب أخذ نصف ما أجر به على الثانية لم يأخذ مع ذلك نقصها؛ لأنه بأخذه ما أجر به نفسه أجاز فعله فسقط حكم تعديه، وإن أحب فسخ مناب الشرط عنه، أو أخذ قيمة تلك الزيادة فله ذلك مع قيمة النقص هذا ظاهر المذهب وليس بقياس؛ لأنه إذا أخذ معها قيمة النقص صار كأنه أخذها سليمة، وهو لم يكن يقدر أن يأخذها بعد الأجل سليمة إلا بأن لا يرعى فلا يصح أن يأخذها سليمة من العيب بغير أجر. قُلتُ: تعقبه صحيح وهو يمنع كونه ظاهر المذهب؛ لأن كونه ظاهر المذهب إنما هو بمقتضي قواعده لا بنصوص تعين ما زعم أنه ظاهر المذهب، والصواب أن ينظر فإن كان ما نزل بها من النقص هو المعتاد في رعي ما رعى معها فليس له أخذه مع اختياره أحد الأمرين، وهما فسخه عن نفسه مناب الشرط، وأخذ قيمة الزيادة، وإن كان نقصها أكثر من النقص المعتاد فله أخذه بالزائد على المعتاد مع اختياره أحد الأمرين المذكورين. اللخمي: وإن كان النقص كثيرًا ضمن قيمتها يوم أخذ الثانية، ويصح هنا أن يسترجع الأجرة ويأخذ قيمتها، وإن كان النقص يسيرًا لم يضمن قيمتها، ولو ترك الأولى فلم يرعها، ورعى الثانية فلربها فسخ الإجارة عن نفسه أو أخذ قيمتها أو ما أجر به نفسه، فإن أخذ ما أجر به نفسه، وقد نقصت الأولى لم يضمنه؛ لأنه بأخذه ما أجر به

نفسه مجيز لفله، وإن قال أستأجرك على رعي هذه الغنم، فقيل: جائز وقوله هذه كالصفة، ويخلف غيرها إن أصيبت ولا يتعين، وقيل: يتعين والإجارة فاسدة؛ لأن فيه تحجيرًا على ربها لا يقدر على بيعها، وقيل: جائزة ويتعين؛ لأن ربها يشترط ذلك خوف تكلفه الخلف، وقيل: إن قرب أمد الإجارة جاز، وإن بعد لم يجز، وكذا قوله تحمل هذه الأحمال لبلد كذا في كتاب الرواحل منها لا يتعين، وعلى قوله في الغنم: يتعين وتجري فيها الأقوال الثلاثة، وأرى الجواز فيما قرب وفيما بعد إن كان الشرط من رب الغنم، وفيها: إن كان العرف رعاية ولد الغنم معها لزمت وإلا فلا، وفي الرواحل منها إن ولدت المرأة حمل ولدها معها، ففي كونها كالغنم مقيدة بالعرف أو مطلقة ويفرق بأن ولد المرأة كان محمولًا معها أو لا فرق، وهو تناقض أقوال المتأخرين. شيوخ الفاسيين: في الأظهر التفريق بما ذكر مع زيادة اعتبار منع التفرقة في الآدمية. المتيطي عن بعض الموثقين: مقتضى المدونة: لزوم رعي أولادها كولد المرأة المخدومة. قُلتُ: عزاه ابن عات لابن مغيث. الصقلي: إن لم يكن عرف برعي ولد الغنم ولا شرط، فقال ابن اللباد: على ربها أن يأتي براع معه للأولاد للتفرقة. قُلتُ: معناه: أن التفرقة تعذيب لها فهو من النهي عن تعذيب الحيوان. المتيطي: إن شرط رعي أولادها معها، فقيل: جائز للعرف، وعقده ابن العطار بقوله، وعليه رعاية ولدها وخدمتها على المعروف عند الناس حتى تبلغ شيئًا باستقلالها عند الناس، وقيل: لا يجوز شرطه؛ لأنها مجهولة وليس ما وقع به الحكم عند النزول كالشرط، وقيل: يرفع الخلاف شرط رعي يخال عددها كعدة الأمهات مع تسمية المدة من وقت ولادتها إلى وقت فطامها. ابن عات: عن المشاور وغيره إن كان بقرية نعم ليس لكل واحد من مالكها ما يرعاه له راع فأخذ بعضهم من يرعى نعمهم إلا رجلين كرهو إدخالهما معهم فلهم

ذلك، وكذا إن كره ذلك الراعي لم يجبر لهما، وكذا أهل الأفران والأرحى والحمامات لا يجبرون على الاستئجار، وإن لم يكن بالموضع غيرهم، وكذا الصناع كلهم ولغيرهم نحوه إلا ما كان من المباحات للناس كالفرن والرحى والحمام إن لم يكن بالموضع غيره جبر على الطبخ بما يطبخه به مثله لا يزاد عليه؛ لأنه ضرر على جاره والقياس الأول، وهذا استحسان والقضاء بطليطلة جبر الفران على طبخ خبز جاره بأجر مثله، وفيها: لا ضمان على الراعي، ولا فيما سرق إلا ببنية أنه فرط أو تعدى، ولو خاف موت الشاة فأتى بها مذبوحة صدق ولم يضمن، وقال غيره: يضمن ما ذبح ويصدق فيما هلك أو سرق، ولو قال: ذبحتها ثم سرقت صدق، وقال غيره: بالذبح ضمن، وفي النوادر: عزو قول الغير ل أصبغ وابن كنانة. المتيطي: يصدق في ذبح المريضصة، واختلف في الصحيحة. الصقلي عن سحنون: إن هربت شاة من الذود فطلبها قليلًا، ثم رجع للذود، وقال: خفت ضياعه لم يضمنها وليس هذا بتفريط. قُلتُ: ما لم يكن الذود بمحل أمن مع بعد الراعي عنه. قال عن ابن حبيب: ولا يضمن إن نام فضاعت ولو نام نهارًا في أيام النوم، إلا أن يأتي من ذلك ما يستنكر أو بموضع خوف فيضمن. اللخمي: إن خرج عن المعتاد في نومه ضمن، وإن نام بالشتاء أو في الشصيف أول النهار أو آخره ضمن، وفي القائلة: لم يضمن إلا أن يطول، ولما ذكر اللخمي قولي ابن القاسم والغير في الذبح قال: ولابن حبيب: من أتى بثور مذبوح استعاره للحرث، وقال: خفت موته ضمن إلا أن يأتي بسبب لذلك أو لطخ ظاهر. قال: بخلاف الراعي؛ لأنه مؤتمن مفوض إليه فيما استرعي، وإن ذبح الشاة الراعي شاة مريضة صدق قولًا واحدًا، وأرى في اتلصحيحة أن يصدق إذ لا فائدة له إلا أن يكون وقع بينه وبين رب الغنم شنآن، ولو كانت عادتهم فيما سقط وذبح أن الراعي يأخذ سواقطه، ففي كونه تعديًا إشكال. قُلتُ: ومقتضى قولي ابن القاسم وغيره: لا ضمان عليه فيما أتى به منها ميتًا، فإن

كان مع عدم إمكان ذكاته فواضح، وإن ثبت تفريطه في ذكاته ضمن، وهل يجب عليه أن يجمل معه سكينًا لذكاة ما يخشى موته اعتبر في ذلك عرف موضعه فإن لم يكن عرف فالأظهر سقوطه. قال بعضهم: إلا أن يكثر فيها الموت. وفيها: إن شرط رعيه بموضع فرعى في غيره ضمن يوم التعدي، وله أجره إلى يومه، وروى ابن وهب: لا ضمان على العبد الراعي كالحر. ابن فتوح: من استدعى صبيًا فخالفه في أمره فعطبت الغنم لم يضمن شيئًا إلا أن يستهلكا استهلاكًا فيضمن. قُلتُ: الأظهر أنه لا شيء عليه فيما استهلكه منها لوضعها ربها تحت يده كالوديعة حسبما ذكره اللخمي آخر كتاب الوديعة وغيره. وسمع القرينان في البضائع والوكالات: إن بعث مع عبد لا يزال يبعث معه بعيرين فأتى فقال: تهشم في صحراء الطريق فخفت موته فنحرته، وأكلت منه ضمنه كحر نعير بعير رجل، وقال: خفت موته قيل: إن العبد مؤتمن على تبليغه. قال: ليس على مثل هذا أو ثمن ولو تركه حتى مات لم يضمنه، وغرم ما ضمنه على سيده. ابن رشد: لأنه ليس له نحره، ولو خاف موته فهو متعد ولعله لو لم ينحره لم يمت، وهو كمن ذبح بعير رجل، وقال: وجدته يموت وسواء كانت للعبد بينة بأنه خشي عليه الموت، وأنه لذلك نحره، أو لم تكن وضمانه إن لم تكن له بينة ولا أحد يعلم ذلك أبين، ومعنى: قوله: غرم ذلك على سيده أنها جناية في رقبته لا أن غرم قيمة البعير على سيده، وإنما جعله في رقبة العبد؛ لأنه لم يصدقه أنه خشي موته، ولو صدقه في ذلك لأشبه كونه أيضًا في رقبته على قول أشهب، ورواية ابن وهب في الراعي: يخشى موت الغنم فيذبحها أنه ضامن إن لم يؤذن له في ذلك، وما في هذا السماع شبه ما لابن القاسم وأشهب في سماع سحنون من العارية في العبد: يقول للرجل أرسلني إليك سيدي في

كذا فيعطاه فيتلف عنده أو يزعه أنه دفعه لسيده، وينكر سيده أن ذلك في رقبته، واحتج ابن القاسم في سماع سحنون في الجنايات بقول مالك: لهذا أنه في رقبته وأشبه المسائل بهذه المسألة استهلاك العبد ما أودع في غير منفعة في كونها في ذمته أو في رقبته. قولا ابن القاسم وابن الماجشون: فقول مالك في هذه كقول ابن الماجشون وابن فتوح إن وكل الراعي من ليس مثله على الغنم ضمن، وإن كان مثله ففي ضمانه قولا أبي صالح وابن لبابة. قُلتُ: للمتيطي عن ابن حبيب كأبي صالح. وفيها: إن أنزى الراعي على الغنم بغير إذن أهلها ضمن. أشهب: لا يضمن. قُلتُ: إن تقرر عرف بالإذن أو المنع فلا اختلاف، وإلا فالقولان، وينبغي إن كان الفحل لغير رب الأنثى أن يضمنه اتفاقًا. وفي الرواحل منها: كل ما صنعه الراعي مما لا يجوز فعله فعاب الغنم ضمنه، وما يجوز فعله فلا ضمان عليه. اللخمي: يريد: بما لا يجوز له أن يفعله أن يرمي الشاة نفسها، ويختلف إن رمى قدامها أو جانبها لترجع بموضع فوقعت عليها؛ لأنه خطأ فيما أذن فيه ولو تقربت للضربة فوقعت عليها لم يضمن، ولابن حبيب: إن رمى كرمي الراعي فأصابها خطأ ولم تكن؛ يريد: الشاة حادث إليها ضمن، وقد أجاز الله ضرب النساء للنشوز ولو شجها ضمن، ولو كان خطأ. اللخمي: ليس مثله فعل الزوج لحق نفسه وهي مجبورة على ذلك، والراعي وكيل لرب الغنم، ففعل ما يراه حسن نظر لربها كفعل ربها. زاد الشيخ عن ابن حبيب: ولا يضمن ما حدث عن رميه مثل أن تنزو الشاة لرميه أو تحيد فتقع في مهواة فتنكسر، أو تغرق في نهر أو تنطح صخرة هذا إن رمى كرمي الرعاة، ولو رماها عبثًا ضمن مطلقًا كأجنبي، ويدل على ضمانه ما أصابت رميته أنه لو رمى صيدًا فأصاب شاة ضمنها.

الصقلي: قوله خلاف قول مالك والفرقبين رمية الغنم والصيد أن الراعي لا يستقيم رعيه إلا بذلك لو ذهب لرد كل شاة تعذر فكان ذلك من عادتهم فصار بالعرف كمأذون فيه، ورميه الصيد ليس من مصالحها ويضعف تفرقته بين ما أصابت رميته وما تولد عنها استواؤها في رمي المحرم الصيد. قال: فإن قيل: الراعي مأذون له والمحرم منهي عنه. قُلتُ: هذا لا يشبه كما لو رمى ظبيًا يظنه سبعًا فوقع بمهواة فعليه جزاؤه؛ فإن قيل: الخطأ في الصيد كالعمد، قيل: وكذا في أموال الناس أبو إبراهيم لفظها في الأم كل شيء صنعه الراعي أخذه من الوجه الذي لا يجوز له فعله كذا. لإبراهيم: ابن قاسم: قال لنا أحمد: هو غلط إنما هو أن يقول من غير الوجه الذي يجوز له أن يفعله أو من الوجه الذي لا يجوز له أن يفعله هو من كتاب أبي عمر الإشبيلي فعلى الرواية بإثباته لا يقتضي قوله: أنه ضامن إن ادعى أنه فعل ما يجوز له، ولا يصدق في ذلك، وفي نوازل سحنون في الجنايات فيمن ضرب بطن امرأته أو شجها وقال: فعلته أدبًا، وقالت: تعديًا، اختلف فيها قول سحنون وفيها في الراعي: يذبح الشاة ويدعي أنها تموت، القولان كذا في مدونة الشيخ أبي محمد فينكره. قُلتُ: ما ذكره من قول أحمد في إثبات لا غلط كذا هو في حاشية المدونة عندي، وليس هو بحيث يقتصر فيه بالغلط لاحتمال كونها تأكيدًا أو زائدة كقوله تعالى ما منعك ألا تسجد، وقوله وفيها في الراعي يذبح الشاة ويدعي أنها تموت. القولان يقتضي أن القولين في تصديقه أنها تموت فيدل أن لو قامت له بذلك بينة أنه لا يضمن، وقد تقدم لابن رشد ضمانه، وقال في طرة مدونة الشيخ أبي محمد: قال ابن زرب: الراعي على التعدي حتى يثبت غيره وهو معنى ما في المدونة، وفي كتاب ابن وضاح للراعي رعيها، ولا ضمان عليه، وكذا راكب الدابة يضربها فتعطب لا ضمان عليه، وظاهره خلاف قول ابن زرب. قُلتُ: قبول قول ابن زرب الراعي على التعدي إلى آخره، يرد بقولها في كتاب الجعل والإجارة، ولا ضمان على الرعاة إلا فيما تعد\وا فيه أو فرطوا إن كان الراعي

خاصًا برجل أو عامًا للناس. قُلتُ: والمستثنى منه أكثر من المستثني، وفيها شرط ضمانه أو عدم تصديقه في التلف أو فيما لا يأتي تسميته لغو وتفسد الإجارة. ابن القاسم: وله أجر مثله بغير ضمان ولو فضل المسمى غيره لا شيء له من فضله، ومحال أن يفضله، وكذا نقله الصقلي. وفي غير نسخة للخمي قال ابن القاسم: له الأكثر إن عمل من المسمى أو أجر المثل، وقيل: له أجر المثل قل أو كثر ويجري فيها القول بجواز الشرط، ويضمن إن لم يأت بالقيمة لقدرته على ذلك كقول المستأجر انكسرت الجفنة، ولم يات بفلفتها بخلاف قوله ذهبت وهي حية أو ضاعت الجفنة، وفيها لمالك: لا يعجبني أن يستسقي مار براع من لبن ما يرعى. اللخمي: يريد: إن كان الغالب إباحته كره لاحتمال منع ربها ذلك ولم يحرم لغلبة الإباحة، وإن كانوا يمنعونه أو أكثرهم لم يجز، وإن كانوا يبيحونه ولا يمنعونه لم يكره، وفيها: لا يضمن أجير الخدمة ما كسر من آنية أو أفسد من طحن أو أهراق من ماء أو لبن أو ما وطاء عليه فكسره أو أحرقه إلا أن يتعدى. قال غيره: ما وطاء عليه أو عثر عليه ضمنه، وسمع عيسى في كتاب الرواحل: منع ابن وهب من اكترى دابة لحمل خشبه فانقلبت من يده فسقطت من ظهر الدابة فكسرت رجلها فهو ضامن لها. ابن رشد: لأن الخطأ والعمد في أموال الناس سواء، ولو ضرب الدابة ضربًا يجوز له فعطبت لم يضمن، ولو أخطأ في ضربه ضمن. قُلتُ: فالواجب إن وضع الخشبة على الدابة وضع مثلها لم يضمن، فتأمله وفيها إجارة الأطباء على العلاج إنما هو على البرء إن براء فله حقه، وإلا فلا شيء له إلا ان يشترط شرطًا حلالًا فينفذ كشرطه أن يكحله شهرًا بكذا فيجوز إن لم ينفذه، وهذه إجارة أن براء قبل الأجل أخذ بحسابه، إلا أن يواجره وهو صحيح العينين بكحله شهرا بكذا فيجوز فيه النقد، ويلزم تمام الشهر.

اللخمي: لا يشترط النقد لإمكان البرء في بعض الأجل، ولا بأس أن يشترط من النقد ما الغالب أن لا يبرأ فيه، وفي منعه على الجعالة قولا الجلاب لا بأس بالمجاعلة على البرء، وقيل: لا يجوز إلا إلى مدة معلومة مشاهرة أو غيرها. اللخمي: المعروف في المسألة الجواز وفي أصلها المنع من ثلاثة أوجه كونه مما يطول أو يشغل، وكونه فيما لا يملكه الجاعل كأرضهح ولأنه قد يترك في نصف البرء فينتفع العليل بلا غرم، وعلى الجواز إن ترك قبل تمام البرء فبراء بمجاعلة آخر فمختلف هل يكون للأول بقدر ما انتفع بعمله كعامل المساقاة يعجز قبل تمام العمل. قال مالك: لا شيء له فأحرى مع الترك اختيارًا. قُلتُ: تمامها في الجعل. قال: ولا يجوز شرط نقد عوضه، ويختلف في الطوع به. قال أشهب: لا خير فيه لما كان العامل بالخيار فيصير كابتداء أخذ منافع عن دين. قيل: لا يكون كذلك إلا بعدده بعد تركه. قُلتُ: ما نقله عن أشهب هو المعروف من المذهب حسبما تقدم في الخيار منع الطوع بالنقد في أربع مسائل منها الكراء على خيار، وما نقله عن غيره هو أصل أشهب لإجارته أخذ منافع عن دين. قال: ويجوز كون الدواء من عند الطبيب. قال مالك في شرح ابن مزين: مؤاجرة الطبيب على إن براء فله كذا، وإلا فله أجر دوابه هذا من شرطين في بيع، إنما يجوز مجاعلته على إن براء فله، وإن لم يبرأ فلا شيء له، وأجاز جعله والدواء من عند الطبيب، وكذا الجعل على الآبق إن وجد العبد اتفق عليه، وكان له الجعل دون النفقة إذ قد تكثر النفقة أو يأبق العبد قرب المدينة فلا يكون له شيء. قُلتُ: في سماع عيسى: قال ابن وهب وابن القاسم: مشارطة الطبيب العليل على إن براء فله كذا وإلا فله ثمن الدواء من بيعتين في بيعة، وأجاز مالك مشارطته على شيء معلوم إن صح أخذه، وإلا لم يكن له شيء.

ابن القاسم: لا خير فيه. ابن رشد: كونه من بيعتين في بيعة يدخله الغرر، لا يدري الطبيب هل يحصل له الأجر المسمى أو ثمن أدويته، فإن نزل فسخ متى عثر عليه وله ثمن ما عالج به من أدويته، وقيمة عمله في علاجه، ولم يتعرض لقول ابن القاسم لا خير فيه كأنه ساقط. فيها: لا بأس بإجارة الفحل للإنزاء فرسًا أو تيس أو حمارًا أو بعيرًا على نزو أكوام معروفة، أو شهر بكذا وإن شرطه حتى تعق الأنثى لم يجز. اللخمي: قول ابن حبيب: إن سمى زمنًا لم يجز تسمية النزوات فاسد، ولا يجوز إلا تسميتها لاختلاف الإجارة بقلتها وكثرتها. قُلتُ: إن كانت حركة الفحل لذلك مأمونة، فقول ابن حبيب صواب كأحد القولين في منع خياطة ثوبين في وقت يمكن أن يسع خياطتهما، وإن لم تكن مأمونة منع اتفاقًا كما مر في التوقيت في خياطتهما. قال: وروى ابن حبيب: يكره بيع عسيب الفحل، وثبت النهي عن بيعه، وقد يحمل على الندب، وليس من مكارم الأخلاق أخذ عوض عنه، فإن فعل لم تفسخ الإجارة، وإن أخذها لم ترد، ولسحنون: إن استأجره لنزوين فعقت بعد نزو لم يلزمه الثاني وانفسخ فيه العقد كالصبي في الرضاع. قُلتُ: تقدم فيه الخلاف من نقل المتيطي: عياض: وتعق الرمكة بكسر العين تحمل، وسمع ابن القاسم: جواز نزو البغل على البغلة، وفي كراهة الإجارة عليه، ثالثها: الوقف لأول قولي ابن القاسم وعيسى، وثانيهما: وصوب ابن رشد الثاني. والإجارة على البناء إن كانت على العمل فقط والآلة على ربه وجب معرفتهما صفته بشرط أو عرف، والأجل في مطلقه بالزمان كخدمة حرث غير مقيد بمحل معين وفي مقيده بشكل معين كبيت أو دار بتمامه. المتيطي: وما انهدم من هذه الدار قبل تمامها فللأجير بحسب ما عمل، ولا يلزمه إعادة بنائه وتفسخ الإجارة فيما بقي إن تعذر على صاحب العمل ما بنى فيه مثل ذلك، وإن أمكن مثله أتمه فيه وغن رضي رب العمل أن يبني له أسفل مثل ما بنى فوقه لزمه؛

لأنه أهون والدلو والفأس والقفاف على رب الدار إلا أن يكون عرف فيقضى به. قُلتُ: وقاله اللخمي، وفرضه في بناء حائط لا دار. قُلتُ: ومعناه: أن انهدامه لا بسبب سوء صنعته، فإن ثبت كونه به فلا أجر له وغرم قيمة ما أتلف من آلة كقولها في الصانع يفسد نسج الغزل ونحوه لابن فتوح وعياض واللخمي، وإن كان مقاطعة فقال: إن بنيته كاملًا فلك الأجر، وإلا فلا شيء لك جاز كالمقاطعة على الخياطة لا تستحق شيئًا إلا بتمام بنائه، وإن انهدم لزم بناؤه من أوله. قُلتُ: مقتضى هذا أنه جعالة، وصرح به ابن فتوح فقال: معنى ذلك: أنه على معنى الجعل، وهو مشكل كما قرره. اللخمي: في جعل الطبيب؛ لأنه فيما يملكه الجاعل، وفيها من استأجر رجلًا على بناء وصفه له فلما بنى نصفه انهدم فله من الأجر بقدر ما عمل، وليس عليه بناؤه ثانية كان الأجر والطين من عندك أو من عنده. قال غيره: لا يكون هذا إلا في عمل رجل بعينه لا يكون مضمونًا. عياضك كذا عندنا سحنون، وعليه فيه مضمونًا تمام العمل كذا في روايتنا من كتاب ابن عتاب وابن المرابط، وسقط اسم سحنون لابن المرابط والدباغ والأبياني، وبهذا اللفظ نقلها ابن لبابة، وعلى معناه اختصرها الشيخ، وفي بعض الأمهات، وقال غيره: لا يكون هذا في عمل رجل بعينه لا يكون إلا مضمونًا، وعليه فيه تمام العمل، وجاء الكلام في المضمون كله لابن القاسم، وفي كتاب ابن عتاب: أمر سحنون بطرح قول الغير. ابن وضاح: قرأناه عليه مرة فأمر بطرحهن وقال: لا أعرفه، وفي كتاب ابن سهل: ثبت قول غيره لابن باز، ولابن المرابط كان موقوفًا في كتاب ابن وضاح، وفيه قال ابن وضاح: قال سحنون: مسألة الغير أصح مسائلها، وهو أصل جيد، وذهب بعض المتأخرين إلى أن قول الغير وفاق، إلا على اختصار الشيخ فهو خلاف عياض، إنما قول الغير على مقتضى أول المسألة في أن ما يبنى به العامل فأجازه مالك وابن القاسم،

وقال غيره: إن كان على وجه القبالة يعني الضمان لا على عمل رجل بعينه فلا بأس به إن قدم نقده فحملها أنها كالسلم تجب فيه شروطه، ولم يذكر فيها ضرب الأجل؛ لأنه رأى المعجل منها تبعًا لما بقي، وأمد فراغها وما يدخل فيها من جص وأجر معلوم وعادة وابن القاسم لم يراع هذا، ورآه إجارة وبيعًا كانت بعمل رجل بعينه، أو بغير عينه وشبهه بيع السلعة للحاجة إلى ذلك؛ لأن أمد فراغها، وما يدخلها معلوم وهو يسرع في العمل، وقال ابن أبي زمنين: هذه مسألة لا يحملها القياس، وهي استحسان. وقال سحنون: لا تحملها الأصول، ومنعها عبد الملك في الثانية، وكذلك معنى قول الغير عندي أو أن أصل هذه المسألة لا تجوز هذه الإجارة في عمل رجل بعينه إن لم يكن مضمونًا، وإنما تجوز الإجارة في المضمون، وهذا بين على روايات الأمهات، ويكون خلافًا وعلى ما عندنا، واختصار الشيخ لا يكون خلافًا وعلى الخلاف حملها سحنون، وقال: اردد مسألة الحائط لمسألة الغير هي أصح مسائلنا، وفي الأسدية زيادة حسنة، وهي إن تشاحا فعليه بناء ما بقي من العمل فيما يشبه، وله أجره كله إلا أن يكون سقوطه من سوء البناء فعليه أن يعيده ثانية. قُلتُ: فإن لم يكن من سوء البناء فعليه أن يبني له ما بقي من ذلك العمل فيما يشبه وله أجره إذا تشاحا. قال: نعم. قُلتُ: سمع أصبغ ابن القاسم لا بأس أن يواجر البناء على البناء مقاطعة هو من عمل الناس، فإن طال ذلك ضرب له أجل أيام. ابن رشد: كونه مقاطعة صحيح، ولا يصح فيما قل ويفرغ منه في بعض اليوم لا مقاطعة، وما كثر يجوز مقاطعة إذا وصف العمل أو عجل النقد، وشرع في العمل ويجوز فيه بالأيام فمعنى قوله: إن طال ذلك ضرب له أجل أيام أبي إن طال جازت مؤاجرته فيه بالأيام لا أنه يجوز أن يؤاجره فيه إلى تمامه مع تأجيله بالأيام لمنعه ذلك بعد هذا وتقدم ما فيه. قُلتُ: مقتضى السماع وتفسير ابن رشد أن معنى المقاطعة: تأجيل البناء بفراغ بناء

المبنى الموصوف ومقابلة تأجيله بالأيام، وهو مقتضى ما تقدم للمتيطي ما انهدم من الدار قبل تمامها فللأجير بحساب ما عمل خلاف ما تقدم للخمي من تفسير المقاطعة من أنه لا يستحق فيها شيئاً من الأجر، إلا بتمام البناء وأنه إن انهدم شيء لزمه بناؤه إلا أن يحمل كلام اللخمي على المقاطعة المقيدة بما ذكر من قوله أن يبنيه كاملاً فلك الأجر وإلا فلا شيء لك لا على مطلق المقاطعة، وأيا ما كان فقوله مشكل إن حمل على مطلق المقاطعة كان خلاف السماع المذكور، وإن حمل على المقاطعة المقيدة بما ذكر فهي فاسدة؛ لأنها آئلة إلى الجعالة فيما يملكه الجاعل حسبما ذكره هو في مجاعلة الطبيب، وهذا كله ومادة البناء من رب العرصة، وإن كان على أنه على العامل فحكمه ما تقرر في فصل السلم في المصنوع وباستحضار حكمه، وحكم أجير العمل يتضح لك الحق في مسألة قول الغير، وسمع عيسى ابن القاسم أخذ عرصة على أن يبنيها ليسكنها مما ينفق فيها جائز إن سماه، وما لكل سنة منه وإلا فلا خير فيه ابن رُشْد؛ لأنه إن لم يسمها كان كراء مجهولاً، وجاز دون وصف البناء؛ لأنه وكيل عليه أن يبني بما يليق بالعرصة صح كوكالته على شراء جارية دون صفة ولو وصف البناء مدة السكنى جاز، ولو لم يسم ما يبني به ولا ما لكل سنة مدة بل لا يجوز مع ذلك تسميته ما يبني به؛ لأنه يصير من بيعتين في بيعة وفيها لا بأس بالإجارة على حفر بئر عمقها كذا إن خبر أرضها، وإلا فلا خير فيه كقول مالك في الإجارة على حفرها لبلوغ الماء إن عرفا أرضها فلا بأس وإلا لواجبة. الصقلي: ليحيى عن ابن القاسم إن عرفا الأرض بلين أو شدة أو جهلاها معا جاز وإن جهلها أحدهما لم يجز الجعل فيه. الشَّيخ في الموازيَّة عن ابن القاسم: إن كانت الأرض للمستأجر لم يجز له فيها جعل على بناء أو حفر، وتجوز له الإجارة والمقاطعة، فإن عامله على أنه إن نض الماء وتم البناء فالبئر بينهما ببنائها ومائها، فإن عرفا قرب الماء وبعده وشدة الأرض وسميا للماء قدراً معلوماً جاز، وإلا فلا خير فيه، وقد أجازه مالك إن أشكل الأمر على الأذرع. ابن حبيب: الإجارة على الحفر أن يقول أو أجرك على حفر هذه البئر مع طيها أو

دونه، أو على عمل عشرة أيام وما يحتاج إليه من حبل وقفاف وأجره على رب البئر وكذا البناء، ولو مات الأجير أو منعته صخرة من التمادي فله بقدر ما عمل. اللخمي: حفر الآبار على ثلاثة أوجه جعل، وإجارة ومقاطعة هذان يلزمان بالعقد إن علما بعد الماء، وصفة الأرض جازت مطلقاً دون شرط، إن قال أستأجرك على حفر بئر بهذه الأرض، ولم يزد جاز إلا أن تختلف عادتهم في سعتها فتذكر. قُلتُ: ويعين محل الحفر منها، وإن علما صفة الأرض دون بعد الماء لم يجز إلا مذراعة. قُلتُ: أو بالزمان قال: وفي العكس جائز إن سموا للشديدة أجرة وللرخوة أجرة فما حفر من كل صنف فله حسابه. قُلتُ: في جواز هذا نظر؛ لأنه كصبرتين مختلفتي الصفة والسوم في كل قفيز منهما، ولا ضرورة لذلك لقدرتهما على الإجارة مذراعة. المتيطي: إن أغفل في العقد ذكر معرفة صفة الأرض، فقال: الأجير ظننتها رخوة وألفاها صلبة أو قريبة الماء وألفاها بعيدته، فإن اتفقا على تعيين المكان لزمه ما لم تختلف الآبار حوله، فإن اختلفت ولم يكن الأجير ممن يعرف تلك الجهة أو ادعى الجهل فسخ، ولنرجع إلى مقصدنا الأول في محاذات كلام ابن الحاجب فلا يجوز كراء الأرض لحرث بطعام أو ما تنبته لغير طول فيها لا يجوز كراؤها بشيء مما تنبته، ولو كان من غير الطعام من قطن أو كتاب أقضب أو قرط أو تبن أو علف ولا بزعفران؛ لأنه مما تنبته ولا بطيب يشبهه ولا بعض ولا بطعام ولو لم تنبته لا يجوز بلبن أو سمن أو عسل أو تمر أو صبر أو ملح أو بشيء من الأنبذة أو فلفل أو زريعة كتان أو ريت الفجل أو طير الماء الذي للذبح أو شاة لحم. ابن رُشْد: هذا قول جمهور أصحابه. الصقلي: عن ابن حبيب: هو قول مالك وابن القاسم وأشهب وابن وَهْب وأَصْبَغ وابن عبد الحَكم والآخرون. ابن رَشْد: وقيل: تجوز بكل شيء معلوم إلا بالجزء مما يخرج منها، وهو ظاهر قول

مالك في "الموطأ" في كتاب المساقاة قال فيه: لا ينبغي أن يساقي الأرض البيضاء؛ لأنه لا يحل لصاحبها كراؤها بالعين وشبهها من الأثمان المعلومة إلا أن ذلك غير معلوم من مذهبه. قُلتُ: تبع في هذا أبا عمر؛ لأنه قال إثر قول مالك: ظاهره أنه يجيز كراءها بكل شيء معلوم وإن كان طعاماً. قُلتُ: وفي قولهما نظر؛ لأن الطعام لا يشبه الدنانير والدراهم. أبو عمر: قال ابن نافع: تجوز بالطعام والإدام وغيره إلا الحنطة وأخواتها يعني البر والشعير والسلت ونقله ابن رُشْد عنه. الصقلي: بزيادة على أن يزرع فيها بخلاف ما اكتريت به. أبو عمر: قال ابن كنانة: تجوز بكل ما لو أعيد إليها لم ينبت من طعام أو غيره. ابن رُشْد: واختاره عيسى ابن دينار. المتيطي: وحكاه سَحنون عن الغير. ابن مزين: وقاله يحيى بن يحيى، ورواه عن مالك ابن مزين وبه أقول. الباجي: قال ابن حبيب: كره مالك كراؤها بالطعام؛ لأنه طعام بطعام لأجل، وقال ابن الماجِشُون: إنما كرهه؛ لأنه من المحاقلة إلا في أرض لا تنبت ذلك الشيء كالقطن والزعفران في أرض لا تنبتهما. الباحي: ولا تكرى بشيء من الحشيش، وقال محمد: لا بأس أن تكرى بالخضر. الشَّيخ: يريد من الكلأ؛ لأنه ليس بطعام ولا مما يزرع وعلى منع كرائها بالكتان. قال محمد: يجوز بثيابه. الباجي: لأنه استحال عن أصله. اللخمي: يجوز بما تنبته الأرض ولا ينبته الناس كالذهب والفضة والرصاص والنحاس والكبريت والحشيش والحلفاء. قُلتُ: قوله: (يجوز بالحشيش) خلاف نقل الباجي، إلا أن يريد الحشيش الذي هو طعام.

وفيها: لا بأس بكرائها بالعود والصندل والحطب والخشب والجذوع. الصقلي: قال ابن سَحنون لأبيه: لم أجازها بهذه وهي مما تنبتها الأرض. قال: لطول مكثها. قال غيره: ويجوز كراؤها شهرين بشيء لا يمكن إلا في سنة من غير الطعام، وشدد سَحنون في كرائها بالجزء مما يخرج منها وخرج فاعله. الشَّيخ: يريد إن كان عالماً أنه لا يجوز، وهو مذهبه أو قول من قلده. قال ابن سَحنون: ولا يؤكل طعامه ولا يشترى منه الطعام الذي أخذ في كرائها، وإن نزل فإنما له كراؤها بالعين. الشَّيخ: ذكر غير واحد عن عيسى بن مسكين وغيره من قضاة أصحابنا بإفريقيَّة أنهم حكموا بأن يعطاه قيمة ما يقع له من ذلك بجزء ثلث أو ربع دراهم. قالوا: لأنها لا يعرف لها بالمغرب قيمة كراء بالعين ولم يعتبروا كراءها يوم العقد؛ لأنه لا كراء على المكتري في العقد إن لم يصب فيها شيئاً، ولا بأس بكرائها بالماء قلت ولا يتخرج منعها به على أنه طعام؛ لأنه قول ابن نافع وهو يجيزها بالطعام غير الحنطة وجنسها، ولما ذكر المتيطي قضاء ابن مسكين قال: قال بعض الموثقين أرض الأندلس عندي بخلاف ذلك الكراء فيها معروف فيجب أن يقضى فيها بكراء المثل. قُلتُ: وكذا الأمر عندنا في أراضي تونس، وفي قولهم ينظر إلى ما يقع له من ذلك الجزء ثلث أو ربع دراهم نظر؛ لأن ظاهره البناء على ما دخلا عليه من الجزء هو عقد فاسد فيجب لغو ما دخلا عليه فيه، وينظر إلى قيمتها بالجزء أن لو جاز فيها، ثم ينظر إلى قيمة ذلك الجزء ففي قصر جواز كرائها على غير مطلق طعام، وما يستنبت فيها لا عن طول أو على غير الجزء مما يخرج منها أو على غير القمح والشعير والسلت، رابعها: هذا بقيد أن يزرع فيها غير ما أكريت به، وخامسها: على ما لو أعيد فيها لم ينبت ولو كان طعاماً، وسادسها: يجوز بالجزء مما يخرج منها المشهور مع أكثر الرواة، وابن رُشْد مع أبي عمر عن ظاهر الموطأ، وله عن ابن نافع، ولابن رُشْد مع الأكثر عنه، ولابن كنانة مع عيسى، والمغيرة ويحيى بن يحيى، وعياض عن الداودي مع الأصيلي ويحيى بن يحيى،

وجعل ابن الحاجب وابن شاس القصب كالجذوع، وقبوله ابن هارون لا أعرفه بل قولها لا يجوز كراؤها، وقول اللخمي يجوز كراؤها بالمصطكى مضى في أنه غير طعام وفضل حكم المنفعة تقدم منه مسائل. واستئجار الأرض للحرث: فيها: لا بأس لكراء أرض المطر عشر سنين إن لم ينقد، فإن شرط النقد فسد الكراء. قال غيره: لا تكرى أرض المطر التي تروي مرة وتعطش أخرى إلا قرب توقع الغيث إن لم ينقد. الباجي: المأمونة يجوز عقد كرائها قبل إبان الحرث لعشر سنين وأكثر ما لم تكثر جداً، وغير المأمونة كأرض المطر ذكر فيها قول ابن القاسم معزواً لأكثر الرواة. ابن رُشْد: لا يفرق ابن القاسم بين الأرضين في جواز العقد لعام أو لأعوام كثيرة، ولو كانت غير مأمونة، وهي في جواز النقد قسمان فالمأمونة كأرض النيل، والمطر المأمون والسقي بالأنهار، والعيون الثابتة والآبار المعينة النقد فيها للأعوام الكثيرة جائز، وغير المأمونة لا يجوز النقد فيها إلا نقداً بعد ريها، وإمكان حرثها كانت من أرض النيل أو المطر أو العيون والآبار، وهي في وجوبه قسمان أرض النيل يجب فيها إذا رويت؛ لأنها لا تفتقر لسقي بربها يكون للمكتري قابضاً إن اكترى وأرض السقي والمطر لا يجب فيها حتى يتم الزرع، ويستغنى عن الماء، وكذا ما يزرع بطوناً لا يلزمه في البطن حتى يستغني عن الماء ووافقه ابن الماجِشُون في أرض النيل وفي أرض المطر والسقي غير المأمون، وخالفه في أرض السقي المأمون جعلها ابن القاسم كأرض المطر والسقي غير المأمون، وجعلها ابن الماجِشُون كأرض النيل والأرض على قول ابن الماجِشُون أربع أرض النيل المأمونة يجوز كراؤها للأعوام الكثيرة، ولو بالنقد قرب إبان شربها أو بعد، قاله في المدَوَّنة، وأرض السقي بالآبار والأنهار يجوز كراؤها لعشرة أعوام لا أكثر والنقد فيها على مذهبه جائز قاله الفضل، وأرض السقي بالعيون لا يجوز كراؤها لثلاثة أعوام أو أربعة ولا ينتقد إلا سنة بسنة؛ يريد: ينقد للسنة الثانية قيل تمام

الأولى بيسير، وإن لم تروا الأرض هذا قوله في الواضحة، وأرض المطر لا يجوز كراؤها إلا لعام واحد قرب إبان ربها، ولا يجوز النقد فيها حتى تروى رياً مبلغاً لزرعها أو لأكثره مع رجاء وقوع غيره، قاله في المدَوَّنة. قُلتُ: فتفسير الغير فيها بابن الماجِشُون، وفسره المتيطي بأشهب، ولابن فتوح قيل: في الأرض المأمونة كأرض النيل لا تجوز قبالتها إلا لعام واحد، ولا يجوز النقد فيها إلا لعام واحد، وقال سَحنون: هذا تضييق بل يجوز كراؤها سنة، والنقد فيها وفيها الأرض الغرقة إن كانت لا يشك في انكشاف الماء عنها جاز نقد كرائها. اللخمي: إن كان انكشافه مأموناً كالنيل جاز شرط النقد إن كان فيما حصل غنى عن سواه وكذا إن كان لا يكفيها والغالب أن مكيل المطر بعده بكفي، ومعنى قول ابن القاسم يلزم النقد في أرض النيل إن رويت إذا انكشف الماء عنها وأمكن قبض المنافع، والقياس أن لا يلزم النقد فيها بربها؛ لأن المكتري اشترى شيئين الماء ومنافع الأرض فلا يلزمه النقد بقبض أحدهما، وقد يجعل القول بلزوم النقد بها؛ لأن المكتري على قول مالك ليس للصانع تقديم أجره حتى يبدأ في العمل. قُلتُ: ما ذكره من موجب القياس سبقه به التونسي بما يتقى جواباً عنه. قال: إن قيل منافع الأرض إنما يقبضها المكتري شيئاً فشيئاً فأشبهت الدار للسكنى إذا لم يشترط نقد كرائها فلا يجب من نقده إلا بقدر ما سكن. قُلتُ: السكنى إنما يأخذها المكتري شيئاً بعد شيء فصارت كسلع يدفع من ثمنها بقدر ما دفع منها، والماء هنا مكرى مع الأرض، وقد سلمها المكري للمكتري والمكتري هو الذي يقبضه لزرعه شيئاَ بعد شيء، فإن قيل: لم يفعل هذا ابن القاسم في البئر مع الأرض المكراة بها قيل؛ لأن البئر تشبه السكنى التي تأتي شيئاً بعد شيء ما لم يصل ماؤها للأرض، وفيها: لا أحب كراء أرض قل ماء بئرها يخاف أن لا يكفي زرعها. ابن القاسم: كرهه لمخاطرة إذ لو علم ربها كفايته لم يكرها إلا بضعف كرائها، والتي ماؤها مأمون إن قل ماؤها فللمكتري إصلاحها بكرائها، ولو كره مكريها وليس

له ذلك في التي ماؤها غير مأمون ولا تهمة في تعجيل كراء المأمونة، وفي غير المأمونة يتهمان لما انتفع به من تعجيل نقده في تخفيف الكراء عنه، فإن تم له الماء نال بتعجيله ما طلب وكان ما نقده بيعاً، وإن لم يتم له الماء رد ما نقد فصار تارة بيعاً وتارة سلفاً. عياض: مفهومه فساد العقد وهو ما في الموازيَّة وظاهر قوله أن صاحب الكراء الصحيح على الماء الكثير أن هذا عنده ليس صحيح، وظاهر قوله صار تارة بيعاً وتارة سلفاً؛ لأنه إنما كره النقد لا العقد وعليه حملها بعضهم والأولى أولى والكلام الآخر إنما أتى به زيادة لتقليل الفساد، وأنه في النقدين يدخله علة أخرى كما علل بعلة ثالثة وهي التمكن من الإصلاح ومنعه منه حسبما ذكره. قُلتُ: إنما يتصور دخول علة أخرى في مسألة النقد. الصقلي في الموازيَّة: كراء أرض لا يكفي ماء بئرها فاسد وإن لم ينقد؛ لأنه مخاطرة إذ لا يدري يتم الزرع أم لا، وظاهر المدَوَّنة إنما كره النقد والأشبه أنه لا يجوز، والفرق بينها وبين أرض المطر أنه لا يقدر على رفع غرر المطر، وغرر البئر يقدران على رفعه بإصلاحها أو بكراء ما يكفيه ماؤها، وفرق الباجي بأنه في ذات البئر إنما دخل على القدر الذي رأى، وإن لم يكف زرعه لم يرجع بشيْ، وفي ذات المطر إن لم يأته ما يكفي زرعه سقط عنه الكراء. أبو عمران: إنما منع مالك كراءها بشرط النقد لا مطلقاً، وقال القابسي: منعه مطلقاً، ولو لم يشترط النقد وفيها من أكرى أرضه الغرقة بكذا إن انكشف ماؤها، وإلا فلا كراء بينهما، وهي يُخاف أن لا ينكشف عنها جاز إن لم ينقد، ولا يجوز النقد إلا أن يوقن بانكشافه، وقال غيره: إن خيف أن لا ينكشف لم يجز وإن لم ينقد، وفي الموازيَّة لابن القاسم: كقوله فيها: ولم يحك محمد قول الغير بحال، وقال ابن شاس: إن علم عدم انكشافه لم يجز العقد، وإن كان الغالب انكشافه صح العقد، وإن استوى الاحتمالان فكذلك عند ابن القاسم، وقال غيره: إن خيف عدم انكشافه لم يجز العقد. قُلتُ: مفهوم أول كلامه إن رجي انكشافه نادراً جاز كراؤها، ومفهوم ثانيه وثالثه منع كرائها، وعليه بنى ابن الحاجب كلامه في نقله على المذهب فقال: لا يجوز استئجار

أرض المزارعة وماؤها غائر، وانكشافه نادر، وظاهر المدَوَّنة ولموازيَّة: جوازه، وإنما منعه فيها غير ابن القاسم. وشرط منفعة في الأرض كشرط نقد بعض كرائها: فيها: من اكترى أرضاً على أن يكريها ثلاث مرات، ويزرعها في الكراب الرابع جاز، وكذا على أن يزيلها بشيء معروف. الصقلي وغيره: يريد: إن كانت مأمونة؛ لأن زيادة الكراب والتزبيل منفعة تبقى في الأرض إن لم يتم زرعه، فإن نزل في غير المأمونة، ولم يتم زرعه نظر كم زيد كراؤها؛ لزيادة ما اشترط على معتاد حرثها، وهو عندنا حرثه على كرائها دون ما اشترطت زيادته على المعتاد فيرجع بالزائد؛ لأنه كنقد اشترط فيها ولو تم زرعه فيها كان عليه كراء مثلها بشرط تلك الزيادة؛ لأنه كراء فاسد، وقاله التونسي. قال ابن فتوح: انظر كيف تجوز مسألة الزبل، وقد قال: من باع صبغاً على أن يصبغ المبتاع البائع فيه ثوباً أو ثوبين لم يجز بيعه؛ لجهل المبتاع قدر ما يبقى له بعد صبغه الثوب من الصبغ، وكذا الزبل لا يدري ما بقي منه بعد قلع زرعه من الأرض. قُلتُ: يفرق بأن الغرر في مسألة الصبغ هو في كل المشترى، وفي مسألة الزبل إنما هو في بعض عوض الأرض، وإنما نظير مسألة الصبغ كراء الأرض بتزبيلها فقط، وعزا غيره هذه المناقضة لفضل، وقال: طرح سَحنون اسمه على إحدى هاتين المسألتين وناقض بها قول مالك في منع بيع الزبل في البيوع الفاسدة. الصقلي: ولو قيل: لو حرثها حرثه فلم يتم زرعه أن ذلك يزيد في كرائها في المقبلة لوجب أن يرجع عليه به إذا لم يتم زرعه، ونحوه لبعض القرويين. قُلتُ: ونحوه للتونسي. ابن شاس: يحتاج فيما استؤجر لسكنى دار أو حانوت أو حمام لمعرفة ما تختلف من منفعته، وتعلق الغرض به. قُلتُ: فيها: من اكترى مائة ذراع من أرض معينة جاز إن تساوت، وإلا لم يجز حتى يعين موضعها.

قال غيره: لا يجوز حتى يعين ولو تساوت. الصقلي: إنما منعه في المختلفة؛ لأنه لم يذكر قدر الأرض ولو ذكر قدرها لجاز وكان شريكاً بالعشر. إن قال: هي ألف ذراع، قال ابن أبي زَمَنَيْن: وإنما منعه غيره؛ لأن من قول أصحاب مالك أن بيع ثوب من ثوبين متحدي الصفة، والقيمة يضرب عليهما بالقرعة أيهما خرج أخذه المشتري لا يجوز. والكراء كالبيع رأيت هذا لبعض العلماء وهو صحيح. الصقلي: ويلزم عليه منع كراء جزء شائع من الأرض لتأديته لاكتراء ما يخرجه السهم، وكذا الجزء جائز اتفاقاً، ولا ينظر إلى مآل القسمة لعدم لزومها لجواز بقائهما على الشركة فهي كطرو الاستحقاق فوجب لغو مآلها، وإنما العلة عند الغير أن الأرض لا تكاد تتساوى. اللخمي وابن رًشْد وابن شاس: والمعتبر في أجر منفعة الربع ما لم تتغير فيه غالباً فيجوز فيه العقد والنقد، وما لا يؤمن تغيره لطول مدته أو ضعف بنائه جاز فيه العقد لا النقد، وما غلب الظن بعدم بقائه لمدة لم يجز العقد عليه، له كراؤها عدة سنين غير معين لكل سنة قدراً من الكراء جائز كالأشهر في السنة. قُلتُ: فيها: إن أكريت أرضاً ثلاث سنين بثلاثين ديناراً لكل سنة عشرة قال لا بل تحسب على قدر نفاقها كل سنة ليس ما ينقد فيه كالذي يتأخر نقده. التونسي في الموازيَّة: ينقده إذا وجب النقد ثلث الكراء بخلاف اعتبار السنين إذا عطشت الأرض في بعضها؛ لأنه في النقد خفيف ليسارة الغرر فيه، وكذلك أجيز عقد الكراء إذا اختلف الأمر مع أن ما يتعجله غير معلوم ليسارته وبعد التخاطر؛ لأن حمله الثمن معلوم، وإنما المجهول ما ينوب هذه السنة. قُلتُ: حاصله أنه جعل الحكم بتماثل السنين في نقد مناب كل سنة من الثمن منافياً للحكم بعدم تماثلها فيه إن وقع عطش في بعضها، وأجاب بيسارة الغرر وقلته حسبما قرره وفيه نظر؛ لأن الغرر إنما هو معتبر في إيجابه الفاسد وفيه يعفى عن يسيره لا في

اختلاف مناب آحاد المبيع من ثمنه، والجواب عن السؤال أن تقول باختلاف مناب آحاد المبيع من ثمنه حال حصوله كله لمشتريه لا يوجب فائدة؛ لأن جيده ورديئه قد حصل له بكل الثمن فكونه موزعاً على آحاده بالسوية أو التفاوة طردي غير مفيد شيئاً، واختلاف مناب آحادها منه حال حصول بعضها له، وتعذر بعضها مفيد لمشتريها قطعاً إذا تقرر هذا فاعتبار نسبة الثمن إلى آحاد المثمون عند النقد إنما هو باعتبار حصول كل آحاد المثمون لمبتاعه؛ لأن الأصل السلامة واعتباره بهذه الحال موجب كونه على التساوي لما قررناه واعتبار نسبته إليها في عطش بعض السنين إنما هو باعتبار حصول بعضها دون كلها موجب اعتبار نسبته إليها بحسب حالها واختلافها لما قررناه، ووجوب علم صفة المكتري يمنع كونه في الربع والأرض مضموناً؛ لأن من صفاته المعتبرة موضعه فوجب كونه معيناً وتعين للمتكاريين بالكل سنة من الكراء كالمتبايعين في السلع المعروف لغوه خلاف ما تقدم في الرد بالعيب عن المتيطي. ومدة الكراء إن عينت لزمت العاقدين: فيها: إن أكرى سنة بعينها أو شهراً بعينه لم يكن لأحدهما فسخه. عياض: إن نص على تعيين الشهر أو السنة، أو جاء بما يقوم مقام التعيين لزمهما اتفاقاً وصوره خمس هذه السنة أو هذا الشهر أو إلى سنة كذا أو سمى عدداً غير الواحد، كقوله سنتين أو ذكر أجلاً كأكريك إلى شهر كذا أو إلى سنة كذا أو نقده كراء شهر أو سنة أو أكثر كل ذلك لازم إن لم يقارنه ما يفسده أو يحله. قُلتُ: وقاله اللخمي وابن رُشْد. عياض: واختلف في ثلاث صور إن قال أكتري منك سنة بدرهم أو شهراً بدرهم قال أكثرهم: ظاهرها لزومه كالمعين وهو بين من قولها إن استأجر داراً سنة أو سنتين جاز وله أن يسكن لو سكن متى شاء فلو كان لربه الخيار لم يتركه ليسكن متى شاء، ومن قولها إن استأجرت داراً سنة بعد عشرة أيام من الشهر حسب هذه الأيام، ثم أحد عشر شهراً ثم تكمل مع الأيام التي ضمت من الشهر ثلاثين يوماً، وفي كتاب المدبر إن قال لعبده: أخذ مني سنة وأنت حر أو هذه السنة لسنة سماها فمرض حتى مضت

السنة؛ فهو حر. قُلتُ: إنما تدل هذه على وجوب ابتداء مدة الكراء من يوم عقد ومثله لابن رُشْد فجعلا تعيين المدة لزوماً للزوم بعقد كرائها، وجعل ابن رُشْد الألفاظ الدالة على التعيين أربعة فقط التسمية كشهر كذا، والإشارة كهذا الشهر. قال: فإن قال: هذا الشهر وهما في أول الهلال لزم بعدده كان تسعاً وعشرين أو ثلاثين، وإن كان في بعض الشهر لزمهما ثلاثون يوما من يوم العقد. قُلتُ: زاده اللخمي، وقال ابن عبد الحكم في نذر صوم شهر يجزئه تسعة وعشرون يوماً، وتقدم قول ابن الماجِشُون في الصوم، وأرى إن تشاحا أن تزاد على تسعة وعشرين يوماً ليلة إن ابتدأ السكنى ليلاً ونهاراً إن ابتدأها نهاراً، ولو ابتدأ بعد مضي يومين من الشهر وكان ناقصاً أن لا يكون له غير ما مضي فقط؛ لأنه كمن ابتدأ من أوله. ابن رُشْد: وكذا في هذه السنة وهما في أول الشهر لزمهما اثني عشر شهراً متصلة بالأهلة، ولو كانا في أول شهر غير المحرم، ولا يقع الكراء على باقي السنة إن قال أكري هذه السنة كل شهر بكذا، وقد مضى بعضها إلا ببيان لسماع عيسى ابن القاسم فيمن قال: لله على صوم هذه السنة، وقد مضى بعضها عليه صوم اثني عشر شهراً ومثله في سماع كتاب الأيمان بالطلاق، ثم ذكر الخلاف في تلفيق بعض اليوم والغاية، وقد تقدم في فصل العدة استيفاؤه، وعليه الخلاف في الكراء، وجعل اللفظ الثالث التنكير دون إضافة للمنكر. قال: كقولك أكريك الدار شهراً أو سنة فيتعينان من يوم العقد كهذا الشهر أو هذه السنة سواء، كما تقدم مما يعد بالأيام والأهلة إلا في وجه واحد فرق في الموازيَّة فيه بينهما. قال: إن قال أكريك شهراً بكذا فسكن شهراً، ودخل في الثاني وخرج قبل تمامه عليه بحساب ما أكري، ولو كان بعينه كان في الثاني كراء المثل، وقيل: إن كان أقل لم ينقص، وإن كان كراء المثل أكثر حلف وأخذه على اختلاف في اليمين؛ لأنها يمين تهمة

والرابع: قوله: أكري لوقت كذا وكذا. قال: ويسميان الكراء دون تعيين مدته كقوله الشهر بكذا أو كل شهر بكذا أو في كل شهر بكذا أو في لفظ السنة، كذلك فالكراء غير لازم للمكتري الخروج متى شاء، ولو في أثناء الشهر ويؤدي من الكراء بقدر ما سكن، وللمكري إخراجه كذلك إلا أن يشترطا لزومه، وتعجيل الكراء كشرط التزامه. قال ابن حبيب: وهو قول ابن القاسم، وألزمهما ابن الماجِشُون الكراء في الشهر الأول إذا قال: الشهر بكذا أو في كل شهر بكذا وكذا على قول السنة الأولى في قوله السنة بكذا، أو في كل سنة بكذا، وروى ابن أبي أويس في البيوت التي تكرى شهراً بشهر إن خرج في شهر لزمه كراؤه، وإنما يكون عليه بحساب ما سكن إن تكارى كل يوم بدرهم، ففي كون كراء الدور مشاهرة مخلاً مطلقاً فيما لم يسكن لزومه في أول شهر فقط، ثالثها لزوم الشهر بسكنى بعضه أولا كان أو غيره لابن القاسم، وابن الماجِشُون ورواية ابن أبي أويس، والثلاثة جارية في كرائها مساقاة. قُلتُ: ما عزاه لابن الماجِشُون عزاه اللخمي لرواية الأخوين وصوبه بأنهما أوجبا بينهما عقداً لا خيار فيه، فوجب حمله على أقل المسمى، وما عزاه لابن القاسم هو سماعه عيسى وفرضه في كراء الدور والإبل والغلمان فذكر ابن رُشْد الثلاثة الأقوال، وعبر عن الثالث بقوله يلزمه الشهر الأول وكراء ما بعده من كل شهر بسكنى بعضه وهو محتمل للزم الشهر الأول وإن لم يسكن منه شيئاً، وفي السماع المذكور قال ابن القاسم: وأنا أرى في قوله أكريك السنة بكذا، وكذا كقول مالك في كل ابن رُشْد هذا صحيح ومعناه: أن السنة لا تتعين عنده بقوله ذلك كما لا تتعين عند مالك بقوله أكريك في السنة بكذا وكذا أو أكريك في كل سنة بكذا وكذا، وإنما لم يتعين في أكريك السنة بكذا وكذا؛ لأن أل لم تدخل لتخصيص السنة من غيرها في لزوم كرائها؛ بل لتخصيصها من غيرها في قدر مالها من الكراء، هذا هو المعنى الذي لا يصح فيه خلاف بوجه. وحكى ابن سهل أنه رأى في حاشية كتاب بعض شُيُوخه إن قال: أكريك السنة بكذا بنصب السنة لزمت سنة، وإن قالها بالرفع كان كقوله كل سنة بكذا على رواية ابن

القاسم واستحسنه ولا وجه عندي لاستحسانه؛ لأنه بالنصب يحتمل أن يريد أكريك هذه السنة بكذا، وأن يريد أكريك ما سكنت بحساب السنة بكذا، وإذا احتملهما وأحدهما لا يلزم به الكراء وجب أن يحمل على الوجه الذي لا يلزم به الكراء؛ لأن الأصل براءة الذمة من لزوم الكراء فلا يلزم إلا بيقين، وأما إن قال: أكريك السنة بكذا بالرفع فليست بمسألة يتكلم عليها إذ لا إشكال في عدم لزوم السنة بذلك ولم يتكلم ابن القاسم إلا على مسألة النصب، ولما لزم الكراء في أكريك سنة بكذا ولم يلزم في أكريك السنة بكذا للمعنى الذي قلناه. قال: من أراد أن يغرب الكراء إذا عرف تنكر وإذا نكر تعرف وفيه نظر؛ لأنه لو قال: أكري السنة كل شهر بكذا لزم كراء السنة لتعريفها، وإنما لزم كراء السنة في أكريك سنة بكذا وإن كانت منكرة؛ لأن الكراء لا يجوز عقده على سنة غير معينة فيحمل أمرهما على أنهما سنة كاملة من يوم العقد. قُلتُ: تقرير رده على المعرب أن قوله أكريك السنة كل شهر بكذا لازم، واللفظ معرف فبطل كونه إذا تعرف تنكر؛ لأنه هنا تعرف وتعين ويرد بمنع لزومه من هذا اللفظ؛ لنص ابن القاسم: بعدم لزومه في لفظ السنة معرفاً، ونص سماعه: بعدم لزومه في كل شهر، والمجموع مما لا يلزم به الكراء لا يلزم به، وقوله: وإنما لزم الكراء في أكريك سنة إلى آخره تقريره أن لزوم السنة فيه ليس من ناحية تنكيره؛ بل للمعنى الذي زعمه فتنكيره لغو، ويرد من وجهين الأول لا يلزم من عدم كون التنكير علة في التعيين عدم مساواته له في الثبوت والنفي، وهذا هو مدعي المعرب لا العلية الثاني ما زعمه موجباً لتعيينه وهو منع عقد الكراء على سنة غير معينة توجب تعيينه، وفي لفظ كراء أو فساد عقده فتأمله. وفي آخر كتاب المدبر فيها: من أكرى داره أو دابته أو غلامه سنة حسبت من يوم قوله كقوله هذه السنة بعينها ومثله قولها من اكترى داراً سنة بعد مضي عشرة أيام من الشهر حسب أحد عشرا بالأهلة وشهرا على تمام هذه الأيام في تلاشي يوماً كالعدد. وقبل هذه قال ابن القاسم: من اكترى داراً سنة ولم يسم متى يسكن جاز وسكن

أو يسكن غيره متى شاء ما لم يأت من ذلك ضرر على الدار. الصقلي: يريد: ضرراً في السكنى، ثم ذكر أخذ تعيينها من مسألة كتاب المدبر، ولم يتعرض لكونها خلافاً لظاهر قولها هنا وسكن أو يسكن غيره متى شاء. وقال اللخمي: إن أكريك شهراً أو سنة جاز ولزمهما وحملا في ابتداء السكنى على الفور، هذا قول مالك وابن القاسم. وإن تراخى عن السكنى إثر العقد مدة يسيرة سكن جملة المدة المسماة، ولم يحط منها قدر ما مضى بعد العقد إلى وقت العقد، وهو في هذا الوجه بخلاف من عين المدة. قُلتُ: مفهوم قوله: مدة يسيرة أنها إن كانت غير يسيرة حط قدرها وفيه نظر؛ لأنها إن كانت كالمعينة كما هو ظاهر كلام ابن رُشْد استوى الكثير واليسير في الحط وإلا استوتا في عدمه، ثم قال: وقد يلزم المكري الصبر إلى مدة وإن لم يسمياها في العقد للعادة كالمطمر فيه طعاماً كل شهر أو كل سنة بكذا ليس له إخراجه ولا يجبره الآخر على الإخراج إلا أن يتعين سوس الطعام إلى ما العادة أنه يباع في مثله، فإن لم يبع وللآخر إخراجه وهذه عادة المطامير عندنا في الكراء، وإن أراد المكتري الإخراج قبل غلائه لم يكن للآخر للآخر منعه؛ لأن البقاء من حق المكتري ويعفى عن ما في ذلك من غرر في المدة؛ لأنه مما تدعو الضرورة إليه وينظر للعادة في خزن الزيت فيحملان عليها والعادة في خزن الطعام في الصيف أنه يشترى عليه فليس له إخراجه قبل ذلك. قُلتُ: حاصله قوله: أنه جعل خزن الطعام مؤجلاً بغلائه في حق المكتري على المكري دون العكس والتساوي وواضح كونه أجلاً مجهولاً، وقوله: يعفى عن غرر المدة للضرورة فاسد؛ لأن هذه الضرورة مما شهد الشرع بإلغائها حسبما تقرر في بيع الغرر وأحاديث النهي عنه، وفيها: إن اكتريت بيتاً شهراً بعشرة دراهم على إن سكنت يوماً منه لزمك الشهر جاز ما لم يشترط عليك إن خرجت فليس لك أن تكري البيت فهذه الإجارة لا خير فيها، ونقلها اللخمي بزيادة: لا خير فيه والكراء لازم. قال: يريد: والشرط باطل وإن كان على أنه إن خرج رجع من البيت لربه ولا يحط من الكراء شيء فهو فاسد، وعليه قيمة ما سكن وفسخ متى ما أدرك، ونقله عنه أبو

إبراهيم وقبله وفيه نظر؛ لأن ظاهر قوله لا خير فيه أنه فاسد وهو مقتضى أصل المذهب في الشرط المنافي لمقتضى العقد. وقال الصقلي: قال بعض فقهاء القرويين: ظاهر العقد أنه جائز وأنه بالخيار ما لم يسكن إن سكن لزم كراء الشهر، فإن أراد هذا وليس له أن يكري من غيره فهو كمن باع على أن لا يبيع ولا يهب، فإن أسقطوا الشرط تم الكراء على أحد القولين، وإن شرط أنه إن خرج عاد المسكن لربه وعليه جملة الكراء فهو فاسد واجب فسخه. قُلتُ: هذا كلام التونسي وهو جار على الأصول، وفيها: من اكترى داراً سنة فلم يشترط النقد غرم بحساب ما سكن إلا أن يكون كراء الناس على النقد فيقضى به وكذلك في الدواب. وما تقضى به منفعة المكتري إن تبين بنص أو عرف صح عقده، وإن اختلف ولا مبين فسد فيها لا بأس بكراء حانوت لا يسمي ما يعمل فيه ويعمل فيه وهو حداد أو قصار أو طحان إن لم يكن فيه ضرر على البناء ولا حجة للمكري؛ لأنه أكرى له وقد سمى له المكتري ما يعمل. قُلتُ: فإن أكرى حانوته لرجل فإذا هو جزار أو قصار فنظرنا فإذا هو لا يضر بالبناء إلا أنه يقذر الحانوت. قال: له منعه إن كان يقذر جدرانه؛ لأنه ضرر. قال غيره: إن كانت الأعمال بعضها أضر من بعض وأكثر كراء لم يجز إلا على شيء معروف، وإن لم يختلف فلا بأس به. قُلتُ: ظاهر قوله؛ لأنه أكرى له وقد سمى المكتري ما يعمل أن الكراء وقع على تسمية العمل ولفظ التهذيب، والصقلي نص: في أنه لم يسمه لفظهما لا بأس بكراء حانوت لا يسمي ما يعمل فيه، وله أن يعمل فيه حداداً أو قصاراً أو طحاناً إن لم يضر بالبناء، وفي الرواحل منها: من اكترى دابة ولم يسم ما يحمل عليها لم يجز إلا من قوم عرف حملهم فذلك لازم على ما عرفوا من الحمل. قال غريه: لو سمى حمل طعام أو بز أو عطر جاز وحملها قدر حمل مثلها.

قال أبو إبراهيم وغيره من شُيُوخنا: خالف كل منهما قوله في الكتابين، ولم يجب أبو إبراهيم، وأجاب غيره عن ابن القاسم: بأن الحيوان أسرع تأثراً للتغير من البناء وأجاب بأن السؤال على الغير إنما يلزم إن لو ثبت اتحاده في الكتابين قال: وإثباته متعسر. قُلتُ: وهذا التزام لتنافي في القولين من حيث ذاتيهما ويجاب بأن قول الغير بالمنع في الحانوت قيده بتفاوت الأعمال، وفي الدابة أشار إلى تقييده بالتقارب بقوله: سمى حمل طعام أو بز أو عطر وأصل المذهب أن متعين ما تنقضي به منفعة المكتري بنص أو عرف جاز عقده كذلك وإلا فسد. اللخمي: إن لم يسم ما يعمل في الأرض ولا عادة أو كانت مختلفة بما يختلف كراؤه فهو فاسد عند غير ابن القاسم، وإن كانت العادة فيما يعمل فيها مختلفة كان فاسداً مثل كراء الدابة، ولا يسمى الصنف الذي يحمل عليها أجازه ابن القاسم، ويحمل عليها ما لا يضر بها ومنعه غيره حتى يسمى ذلك الصنف. وما يعمل في الأرض تختلف مضرته: فيها: الشعير أضر من القمح. المتيطي: وقولها يزرعها ما شاء إذن من ربها لا كلام له بعد، وإن قال: يزرعها وسكت عن ما يزرعه. قال محمد: جاز ولا يزرع إلا ما يشبه أن يزرع في مثلها. قُلتُ: قال ابن فتوح: اختار بعض الموثقين أن يسمى ما يزرع من الحبوب في كل عام من أعوام الوجيبة وبعضهم يسقط ذلك، والأحسن ذكره لإزالة الإشكال بالاختلاف في ذلك. قال ابن القاسم: لا بأس بكراء الأرض، وإن لم يسم ما يزرع فيها، وله أن يزرع فيها ما شاء من الحبوب إلا ما كان مضراً بالأرض أكثر من ضرر غيره فيمنع من الضرر، وغيره لا يجيز الكراء حتى يسمي ما يزرع فيها. قُلتُ: لا أعرف نقله هذا عن ابن القاسم في الأرض وإنما وقع له نحو هذا في الحانوت حسبما تقدم، وفي الدواب: وتأمل نقله ففيه تناف نقل أو لا يجوز كراؤها، وإن

لم يسم ما يزرع ثم قال: لا يزرع ما شاء إلا ما ضرره أكثر من غيره والمختلفة بعضها أضر من بعض فيلزم ألا يزرع إلا أقلها ضرر، وهذا مناف لقوله يزرع ما شاء، ومقتضى المذهب عندي أن ينظر فإن كان اختلاف حرثات ما يزرع فيها من الأنواع كاختلاف تلك الأنواع لم يجز على أنه يزرع ما شاء؛ لأنه حينئذ من بيعتين في بيعة وإن لم يكن كاختلافهما فيما بل كاختلاف أفراد نوع واحد جاز كشراء ثوب من أثواب يختاره. وفيها: إن اكتراها لحرث شعير فأراد حرثها قمحاً فإن كان أضر بالأرض منع وله زرع ما ضرره كالشعير فأدنى. الباجي: إن زرع ما هو أضر من الشعير فلربها كراء الشعير وقيمة زيادة الضرر، وقال الشافعي: كراء المثل، وعزا المتيطي الأول للقاضي. وقال الصقلي: قال بعض القرويين: انظر لو رضي رب الأرض بذلك هل يجوز إذا كان الأمران مختلفين أو لا يجوز كمن اكترى إلى طريق فأراد أن ينتقل إلى ما يخالفها. قُلتُ: مقتضى قبول الباجي، وللمتيطي ما قاله القاضي فيمن حرث أضر إن زيادة الأضر على غيره كزيادة الكل على بعضه، ومقتضاه أن اختلاف آحاد حرثات الأنواع المختلفة لغو وأنها متماثلة فيؤيد جواز كراء الأرض على أن يزرع ما شاء، ومقتضى نظر التونسي احتمال ذلك فيكون في كرائها لذلك نظر فتأمله. ابن شاس: ولو شرط عليه أن لا يزرع فيها إلا صنفا عينه لم يجز. قال في الموازيَّة: فإن نزل فعليه قيمة الكراء، ولو قال: إن شئت فازرعها وإن شئت فأغريتها جاز. قُلتُ: كذا نصه ونصها في النوادر عن الموازيَّة: من أكرى أرضاً على أن لا يزرع فيها إلا قرطاً لم يجز، فإن نزل فعليه قيمة الكراء، وقال محمد وذلك عندي جائز. قُلتُ: عدم ذكر ابن شاس قول محمد مخل بفائدة علمه، وقول محمد هو مقتضى قولها من أكرى بيتاً من رجل، وشرط عليه أن لا يسكن معه أحد فله أن يسكن معه زوجة يتزوجها أو رقيقاً يبتاعها إن لم يضر ذلك برب البيت كغرفة ضعيفة الخشب. قال اللخمي في ترجمة ما يصح من الكراء من كتاب الرواحل: على قول غير ابن

القاسم: لا يجوز كراء الدور إلا بعد معرفة ما يسكنها من العيال؛ لأنه سوى فيها بينها وبين الطرق في السهولة والشدة، وأرى إن كانت الحانوت في سوق قصره على صنعة أهل السوق حتى يذكر غيرها، وإن لم يكن في سوق معروفة بصناعة وأمكن كراؤها لما يغير حيطانه ويفسده لم يجز حتى يبين لما يكتريه، والديار أحق محمل الناس على الوسط من العيال إن ظهر أن المكتري كثير العيال والغاشية فللمكري متكلم، وقال في أكرية الدور: يستحب تسمية المكتري عياله وما يعمل بالدار، فإن لم يسم جاز ويسكن بما أحب من عيال ما لم يتفاحش ويرى أنه يلوث الدار فيمنع عن ما يضر إن قدر على رفعه وإلا أكراها، ولا يفسخ الكراء وذكر قولها فيمن شرط أن لا يسكن معه أحد، وقال: اختلف في شرط ما لا يفسد هل يوفي به والقياس في هذه التوفية؛ لأنه لخوف دخول ضرر فأشبه شرط أن لا يرعى مع غنمه غيرها، وقد ألزمه ابن القاسم الوفاء به، فإن لم يف المكتري وأسكن معه غيره قوم كراؤها على أن لا يسكن معه أحد، وعلى من أسكن معه غيره فيكون له المسمى، وفضل ما بين الكراءين. وفيها: لمن اكترى داراً إدخاله فيها ما شاء من الدواب والأمتعة ونصب الأرحية والحدادين والقصارين ما لم يضر بها أو تكون داراً لا ينصب ذلك في مثلها لحسنها، فإن كان ضرراً منع منه وغيره جائز. قُلتُ: هذا قول مالك، قال: هذا رأيي. اللخمي: هذا ضرر عند أهل الرباع إلا بالبادية فلا تمنع الماشية، والدابة الواحدة للركوب إن علم أن المكتري ممن يركبها، والعادة أنها تكون في داره لم يمنع وإلا منع، ويمنع من أن يعمل فيها ظروفاً للخل أو اللبن أو الدباغ أو تبيع بها الزيت وشبهه. وفيها: إن ربط المكتري بباب الدار دابة فرمحت فكسرته أو قتلت ولد رب الدار فذلك جبار، كقول مالك فيمن نزل عن دابته وأوقفها بالطريق لشرائه حاجة أو أوقفها بباب المسجد أو بباب الأمير. قال أبو حفص: إن كان يعلم أنها تضرب برجلها فهو ضامن كمتخذ الكلب العقور حيث لا يجوز له فيضمن، وإن لم يتقدم إليه إنما يحتاج للتقدم إذا كان في داره فأما

في الطرق فهو ضامن. وفيها: إن اتخذ مكري الدار فيها تنوراً يجوز له فاحترقت منه الدار وبيوت جيرانه لم يضمن. اللخمي: يريد: وأوقد على الوجه المعتاد، وإن جهل هل زاد على الوجه المعتاد ففي ضمانه قولان بناء على اعتبار براءة الذمة، واعتبار الغالب بأن ذلك لا يكون إلا عن زيادة على المعتاد أو إهمال في التحفظ قياساً على الصانع والمرتهن يحترق بيته، وقد اختلف فيهما. قُلتُ: يرد قياسه بأن الأصل في الصانع الضمان، وفي مكتري الدار عدمه. وفيها: إن شرط عليه المكري أن لا يوقد بها ناراً فأوقدها فيه لخبزه فاحترقت الدار ضمن. اللخمي: إن كان وقيده على ما يجوز له لو أذن له رب الدار لم يضمن غير داره، ولم يكن لمن يليه في ذلك مقال؛ لأن التعدي عليه هو من حقه وإن كان على وجه لجاره منعه ضمن. وقال الصقلي عن بعض القرويين: يضمن دور جيرانه؛ لأنه متعد لمخالفته وما شرط عليه، وإن كان مما يجوز له لولا ما شرط عليه كمن حفر بداره بئراً للسارق فإنه يضمن ما سقط فيه من سارق وغيره، وإن كان حفره للسارق بداره جائز. ابن شاس: ولا يشترط في كراء الأرض للبناء تعريف قدره أو وصفه أو ارتفاعه بخلاف كراء جدار لبناء عليه. قُلتُ: ظاهره لا يشترط في كراء الأرض للبناء معرفة ما يبنى به والصواب تعيينه؛ لأن منه ما لا قيمة له بعد تهدمه فيفتقر في إخراجه من الأرض إلى أجرة، وقد يكون الباني حينئذ عديماً أو غائباً. وفيها: كراء الدواب على وجهين دابة بعينها أو مضمونة، وفي المعونة المركوب المعين لابد أن يعرف بتعيين بإشارة إليه كهذه الدابة أو الناقة. قُلتُ: يريد: ليحط بها المكتري معرفة كالمشتري.

قال: والمضمونة يذكر جنسها ونوعها والذكورية والأنوثة، وتبعه ابن شاس وابن الحاجب واقتصرا عليه، وكذا المتيطي إلا أنه قال: قبل نقله يصف ذلك بأبلغ صفاته فيدخل فيه وجوب ذكر سن الدابة، وفي المعونة لا يحتاج لتعيين الراكب لتقارب الناس عادة ولا لوصفه وتبعه ابن شاس وابن الحاجب وقبله ابن عبد السلام، وظاهر عدم لزوم ذكر كونه رجلاً أو امرأة والأظهر لزوم تعيين أحدهما؛ لأن ركوب النساء أشق وهو ظاهر قولها من اكترى على حمل رجلين أو امرأتين لم يرهما جاز لتساوي الأجسام إلا الخاص، فإن أتاه برجلين فادحين أو امرأتين فادحتين لم يلزمه ابن شاس ويصف المحل بالسعة أو الضيق. قُلتُ: السعة والضيق مختلفان في مسماهما فلابد من تعين ذلك بالقدر. قال: ويعرف تفاصيل المعاليق، فإن أطلق في شيء من ذلك وهو معلوم بالعادة صح العقد، ولو اختلف اختلافاً متفاوتاً لم يصح إلا بالتفصيل. وفيها: إن أكرى محملاً لمكة ولم يذكر وطأه أو زاملة لم يذكر ما يحمل عليها من أرطال جاز وحملا على فعل الناس فيهما؛ لأن الزوامل عرفت عندهم وعليه أن يحمل له المعاليق، وكلما عرفه الناس في الكراء لازم للمكري، ومقتضى المذهب في عدم وجوب تعيين الراكب جواز كراء مكتري دابة لركوبه من غيرها. اللخمي: لمكتري منافع بيعها كالرقاب إلا ما يتعذر كونه كالأول أو يشك فيه ويخالف ذلك في الدواب والثياب والديار، ففي جوازه في الدواب وكراهته ورايتان. وفيها: من اكترى دابة ليركبها فحمل مثله في الخفة والأمانة لم يضمن، وإن كان أثقل أو غير أمين ضمن فإن ادعى غير المأمون تلفها لم يضمنها إلا بسبب أو يتبين كذبه، وضمنها الأول بتعديه وأكره أن يكري من غيره، وأما في موته فلوارثه حمل مثله وأكثر قول مالك أن له ذلك في الحياة. اللخمي: إن أكريت لحمل في سفر على مصاحبتها ربها فلا قوله له، وإن لم يكن على أن يصحبها أو كان لركوب فإن وافق أن الثاني كالأول فلا قول له وإن خالف نظر الحاكم، فلو سافر دون علمه فلا قول له فيه ماض وغيره على حكم التعدي إن سلمت

أخذه بفضل كراء الثاني على الأول، وإن حدث عيب لركوب الثاني ضمنه فإن ضاعت ضمنها الأول لتعديه في كرائها من غير مأمون فإن كان عديماً والثاني جاهل كونها في يد الأول بعقد كراء لم يضمن لريها شيئاً؛ لأنه معه كمستحق وإن كان عالماً ضمن، ولو عيبت بغير سبب للثاني ففي ضمانها الأول خلاف بناء على اعتبار تعديه بخروجها من يده واعتبار كونه لا بسبب منه. قُلتُ: الأول ظاهر قولها إن أكرى من هو أثقل منه لو من غير مأمون ضمن، فإن أراد بالأثقل الفادح قيد به وإلا ناقض ما تقدم من لزوم أي راكب كان إلا الفادح. اللخمي: ولو كان الثاني كالأول في الأمانة وأضر في ركوبه فيختلف إن ضاعت أو علم ضياعها هل يكون كمن لم يتعد؛ لأن التعدي ليس من هذا الوجه فصدق الثاني ولا شيء على الأول أو يضمن لتعديه في تسليمها وركوب الثاني، وأرى أن لا ضمان عليه إلا بما يحدث بسبب ما تعدى به وكراء الدار من غيره خفيف. قُلتُ: إن كانت الدور معروضة للغصب المسمى بالنزول كما كان بتونس قبل اليوم لا أعاده الله لم يكن للمكتري المحترم أن يكريهما ممن دونه في الاحترام؛ لأن ربها ينقص من كرائها لتسلم باحترام مكتريها، وفيها: لمكتري الدابة المحمولة أو السفينة والدار كراؤها من مثله في مثل ما اكتراها له، وكذلك الفسطاط له كراؤه من مثله في حاله وأمانته وصنعه فيه، ومن استأجر ثوباً يلبسه يوماً إلى الليل لم يعطه غيره يلبسه لاختلاف اللبس والأمانة، فإن دفعه لغيره ضمنه إن تلف، ولو بدا له عن السفر بالدابة أو مات أكريت من مثله، وكذا في الحياة والممات. اللخمي: المنع في الثياب أحسن لاختلاف اللبس واليسير فيه يؤثر والأمر في الخباء والفسطاط أخف. ابن شاس: وكيفية السير وتفصيله وقدر المنازل ومحل النزول في معمور أو صحراء معتبر بالعرف واستئجارها لحمل بتعيين المحمول إن حضر، ووصفه إن غاب وقدر الكيل والوزن أو العدد فيما لا تتفاوت آحاده بكبر أو صغر، وحيث كون الكراء في الذمة لا يفتقر لوصف الدابة، إلا إن اختلف الغرض في المحمول باختلاف الدابة

كزجاج ونحوه. قُلتُ: ويجب تعيين انتهاء غاية الركوب إلى موضع كالحمل إليه. وفيها: من اكترى على حمولة لبلد فليس له صرفها لغيره وإن ساواه في المسافة والصعوبة والسهولة إلا بإذن المكري ولم يجزه غيره وإن رضيا؛ لأنه فسخ دين في دين إلا بعد صحة الإقالة. اللخمي: اختلف فيمن اكترى دابة لبلد فأحب الذهاب بها لغيره مما لا يضر بها هل يجوز، وإن كره ربها ثم ذكر قولي ابن القاسم وغيره، قال: ويصح الجبر إن تساويا في البعد والسهولة والأمن، والمكتري يمضي بها وحده ويردها أو كان ربها يمضي معها إلا لحاجة في البلد الأول، وإن اختلف الطريقان أو كان ليترك الدابة بمحل الوصول أو لتعاد وخروج ربها معه لأهل له بذلك البلد أو لتجزئه لم يجبر، وإن اكتراها لركوبها بالحضر ففي جاوز نقلها لحمل عليها أو لسفر، ثالثها: فيما قل كاليومين لأشهب وابن القاسم وسَحنون، وإن اكتراها لطحن الحنطة جاز أن يطحن غير الحنطة مما لا يضر بها، وإن شرط أن لا يطحن إلا الحنطة جاز، لأنه لا يتعذر وجوده ويختلف في طحنه غيرها على شرط ما لا يفيد، وإن شرط أنه لا يطحن إلا هذه الحنطة ففي جوازه قولان. قُلتُ: هما على القول بلزوم الوفاء لما لا يفيد فيلزم التحجير ولغوه فينتفي، قال: وكذا في كرائها لحمل صنف فأراد غيره. قُلتُ: وتقدم نحوه في حرث الأرض. ابن شاس: والسقي يعرف فيه قدر الدلاء والعدد وموضع البئر وبعد الرشاء إلا أن يكون كل ذلك معروفاً عادة، والحرث يعرف فيه القدر بالمدة أو تعيين الأرض وصلابتها ورخوها، وقاله ابن الحاجب وابن شاس والغزالي قبلهما. ابن شاس: على مكري الدابة تسليم ما العادة تسليمه معها من إكاف وبردعة وحزام وسرج في الفرس وغير ذلك من معتاد؛ لأن العرف كالشرط. قُلتُ: هذا كالنص في أنه لم يكن بذلك عرف لم يلزمه. قال: وكذا الحكم في إعانة الراكب في النزول والركوب في المهمات المتكررة، وكذا

رفع الحمل والمحمل. قُلتُ: وهو ظاهر قول التونسي في قولها: إن اكتريت إبلاً فهرب الجمال وتركها في يدك فأنفقت عليها فلك الرجوع عليه بذلك، وكذا إن أكريت من يرحلها رجعت بكرائه، فقال التونسي: يريد: أن العادة أن المكري يرحلها. ابن عبد السلام: أشار يعضهم إلى أن البردعة والأحبل وإعانة الجمال في الركوب والنزول ورفع الأحمال وحطها لا يلزم الجمال إلا بعرف، وأشار إلى أن فيها خلاف هذا وهو قولها لا بأس أن تكتري إبلاً من رجل على أن عليك رحلتها فظاهره لولا الشرط كان على رب البعير وهذا الاستدلال ضعيف؛ لأن الشرط قد يكون لرفع النزاع لا لنفي ما علق عليه؛ لأنتفائه والأول هو غالب الشروط عند الموثقين. قُلت: لو لم يكن فيه غير هذا اللفظ أمكن رده بما قال، أما مع قولها الأول في مسألة هروب الجمال المتقدمة فلا يصح رده بكون الشرط قد يكون لرفع النزاع والأولى بمقتضى أن يلزم المكري البردعة والسرج ونحوهما، لا مؤنة الحط والحمل لسماع عيسى ابن القاسم: من اكترى منازل فيها علو لا سلم له فقال ربها: اجعل لي سلماً فتوانى ولم ينتفع به المكتري حتى مضت السنة طرح عنه مناب العلو من الكراء. ابن رُشْد: لأنه باع منه منافع الدار فعليه أن يسلمها له وإسلامه للعلو هو بجعل السلم له والكراء في هذا بخلاف الشراء. قُلتُ: فالسلم في العلو كالبردعة والسرج ونحوهما، وفيها: إن انتقضت زاملة الحاج أو نفدت فأراد تمامها وأبى الحمال حملاً على عرف الناس. قال غيره: فإن لم تكن لهم سنة فلهم حمل الوزن المشترط. الصقلي عن سَحنون: من اكترى دابة على حمل فيه خمسمائة رطل فأصابه في بعض الطريق مطر وزنه فامتنع الجمال من حمل الزيادة، وقال ربه: هو المتاع بعينه لم يكن على الجمال حمل الزيادة. قُلتُ: مقتضى قولها بلزوم حمل ولد المرأة معها حمل زيادة البلل، وظاهر قول

سَحنون سواء كان عرف أم لا ومقتضى قولها في زاملة الحاج اعتبار العرف. ابن عات عن بعض شُيُوخ الفتوى: من أكري على حمل متاع لموضع بطريقة نهر لإيجاز الأعلى المركب، وقد عرف ذلك كالنيل جواز المتاع على ربه وجواز الجواب على ربها، وإن كان يخاض من المخائض فاعترضه حملان لم يعلموا به فجعل المتاع على رب الدابة وهي جائحة نزلت به، وكذا إن كان النهر شتوياً يحمل بالأمطار إلا أن يعلموا وقت الكراء جريه، وعليه دخلوا فيكون كالنهر الدائر من الاستغناء. قُلتُ: انظر هذا الأصل مع زيادة وزن حمل الدابة بالمطر، وفيها: إن اكتريت دابة بعينها فليس لربها أن يحمل تحتك متعاً ولا أن يردف رديفاً وكأنك ملكت ظهرها، وكذا السفينة وإن حمل عليها في متاعك متاعاً بكراء أو غيره فلك كراؤه إلا أن تكون اكتريت منه على حمل أرطال مسماة فالزيادة له. أشهب: إن أكراه لحمله وحده أو مع متاعه فكراء الزيادة لربها، وقد كان للمكتري منعه منها. التونسي: إن أكراها لحمل طعام لم يسم قدره ملك حمل مثلها منه، فإن زاد ربها فكراء الزيادة للمكتري؛ لأنه قد يخفف عنها لرغبته في سرعة سيرها وإن أكراها لوزن معلوم فلربها زيادة ما لا يضر بحمل المكتري، وكذا في الركوب اتفاقاً فيهما ولو اكترى حملها لحمل قدر معلوم فذكر قولي ابن القاسم وأشهب قال: وفيه لعمري إشكال؛ لأن بقية منفعة الدابة اشترط المكتري تركها لحسن سيرها بقدر حمله وعليه اكتراؤها بالمسمي واشترط المكري تركها تخفيفاً عن دابته وعليه رضى بكرائها بالمسمى في كرائها فلو قيل: برجوع المكتري بقدر ما يرى أنه زاده لذلك من المسمى لأمكن. قُلتُ: وظاهر كلامه أن قول أشهب خلاف. وقال الصقلي: قال غير واحد من أصحابنا: قول أشهب وفاق وتقدم فيمن استأجر أجيراً على رعاية غنم على أن لا يرعى معها غيرها وهو قادر على أن يرعاها مع غيرها فرعى معها غيرها فأجرها لرب الأولى. قال غيره: وإن لم يدخل بالثانية على الأول تقصياً فأجر الثانية للراعي.

قال الصقلي: قول ابن القاسم أحسن فحمل على الخلاف والمكتري ورب الغنم سواء. اللخمي: إن اكترى حملة الدابة لم يسم ما يحمل عليها جاز. قُلتُ: يريد: في القدر لا الصنف. قال: فإن كان حمل مثلها أربعة قناطير فحمل عليها ثلاثة، وحمل ربها قنطاراً من عنده ولم يعلم مكتريها أو علم ولم يقدر على منعه خير المكتري في فسخ ما ينوب ذلك، أو أخذ كراء المثل فيه، وإن قدر على منعه وتركه كانت إقالة في ذلك القدر، وكذا إن كان القنطار بكذا ولم يكر على أن يحمله على عين هذه الدابة، وإن كان على أن يحمله عليها فحمله ولم يعلم المكتري أو علم ولم يقدر على منعه خير المكتري في ذلك القنطار فيما ذكره في أخذ ما أكراه به، وإن قدر على منعه وتركه فليس له إلا ما أكراه له وإن حمل عليها المكتري أربعة قناطير وزاد الكري نصف قنطار، فإن لم ينقص من سيرها بالأربعة شيئاً ولم يخش أن تقف بحملهما فلا مقال للمكتري، وإن أضر بالمكتري ببطء سيرها أو خشي أن تقف بحملها كان لكل منهما مقال مقال المكتري ما كان عليه متاعه من الغرب لو وقفت في قفر فهو كعيب حدث بالمكتري، ومقال المكتري تعب دابته يقسم كراء الزيادة بينهما على قدر شركتهما إن حمل بغير رضاه خير في حط ما ينويه من المسمى وأخذ قيمة ذلك العيب أو ما أكراه به، فإن كانت قيمة كرائها لحمل أربعة قناطير فقط عشرة وقيمته على زيادة نصف قنطار تسعة حط عشر المسمى إلا أن تكون القيمة أكثر من المسمى فيحاسبه بدينار وإن أحب أخذ منابه من الكراء الثاني قيل: بكم يكري للنصف على دابة عليها أربعة قناطير فإن قيل: ديناران؛ لأن الدابة يخشى عليها فلا يكون إلا بأكثر من غيره كان ما أكرى به بينهما نصفين؛ لأن قيمته ديناران للأول فيه ما قيمته دينار وإن أكرى حملتها ليحمل عليها ثلاثة قناطير وحمل مثلها أربعة فحمل عليها ثلاثة وحمل ربها قنطاراً فالقنطار بينهما، وتقدم ذكر هذا في مسألة رعي الغنم قول ابن شاس: إذا استأجر ثوباً للبس نزعه في أوقات نزعه كعادة كالليل والقائلة صواب كقولها من استأجر أجيراً للخدمة استعمله على عرف الناس من خدمة

الليل والنهار. قُلتُ: فإن اختلف العرف في اللبس لزم بيان وقت نزعه أو دوام لبسه. ابن شاس: استئجار الخياط لا يوجب عليه الخيط، إلا أن يكون العرف خلافه. قُلتُ: كقولها في آلة البناء، وعرفنا في الأجير والصانع أن لا خيط عليه، وفي الصانع الخيط عليه. ابن شاس: والأجرة على الاسترضاع لا توجب الحضانة ولا العكس. قُلتُ: لعدم استلزام الدلالة على أحدهما الدلالة على الأجر كالخياطة والطرز. وطرو عيب المكتري وتلفه من ربه دائما؛ لأن منفعته في ضمانه بخلاف شرا المعين بعد عقده أو إمكان قبضه، وفيها: تهدم ما لا يضر مكترى الدار منها كعدمه كتهدم الشرافات وما أنفق فيها المكترى لغو، وما يضره له الخروج لا إصلاحه من كرائها إلا بإذن ربه ولا يلزمه إصلاحها فإن أصلحها قبل خروج المكترى فكعيب ذهب وبعده لا يلزم رجوعه. اللخمي: وقال غير ابن القاسم: يجبر ربها على إصلاحها، وأرى أن يجبر إن كان الإصلاح يسيراً أو كثيراً ويعلم أن ربها لا يدع إصلاحها في تلك المدة أو يعلم أنه لا يستغنى في تلك المدة وإلا لم يجبر، وهدم شرافات الدار لا يفسخ الكراء ولا يحط له شيء من الكراء إلا أن يكون ربد في الكراء لأجله، وإن ذهب زوال الحجر من داخلها جمالها حط من كرائها ما لم يصلحها ولم يكن له أن يخرج. قُلتُ: قوله: (حط من كرائها) جعله التونسي محَل نظر. اللخمي: وإن انهدم حائط من داخلها لا منفعة فيه ولا جمال لم يحط شيء، وإن كان على غير ذلك حط، وإن كان من خارجها وانكشفت لأجله. فإن قلت: نفقته أجبر على إصلاحه وإلا فلا، وللمكترى الخروج إلا أن يتطوع المكري ولا ضرر على المكتري في مدة الإصلاح فلا يخرج، ومحمد أَصْبَغ إن خرج ثم أصلح فإن طال البناء لم يجبر على الرجوع والأيام اليسيرة وفوقها قليلاً لا كبير ضرر عليه لزمه الباقي؛ ويرد: إن لم يجبر بينهما فيهما قول بعد خروجه، وإن كان خروجه على

وجه الفسخ لم يلزمه رجوع، وإن كان ليرجع إن أصلح جبر عليه، وإن انهدم بيت من داخلها لم ينكشف من خارجها وهو أقل المكتري حط ما ينوبه، وإن كان الجل فله الخروج. ابن حبيب: إن طاع المكتري بالإصلاح من ماله جبر ربها على ذلك، لأنه في منعه مضار، فإن انقضت الوجيبة أخذه بقيمته منقوضاً إلا أن يكون بإذنه فيأخذه بقيمته قائماً. قُلتُ: وللصقلي قال الشَّيخ: يريد في قوله: (لا في قول ابن القاسم وسمع عيسي ابن القاسم: من اكترى دارًا سنة فتهدمت بعد شهرين فبنائها بما عليه من كرائها وربما غائب فقدم وطلب كرائها فله مناب ما سكنها) صحيحة من الكراء، وله كراء العرصة فيما بعد الهدم، وليس للمكتري إلا نقص بنائه إلا أن يعطيه قيمته، فإن كان لا منفعة فيه كالجص والتزويق والتراب فلا شيء. ابن رُشْد: الآتي على أصولهم إن انهدم ما يذهب أكثر منافعها أو منفعة البيت الذي هو وجهها أو حائط يكشفها، وشبه ذلك خير مكتريها بين سكناها بكل الكراء أو يخرج وليس له سكناها بحطه مناب ما انهدم، ولو رضي به ربها تخرج ذلك على جمع الرجلين سلعتيهما في البيع، فإن بناها ربها قبل خروج المكتري لم يكن له أن يخرج، وإن بناها بعد خروجه لم يلزمه رجوعه لها إلا برضاه، وإن سكت وسكنها مهدومة لزمه كل الكراء هذا الآتي على قول ابن القاسم وروايته فيها، فقوله في هذا السماع: لرب الدار كراء العرصة فيما بعد الهدم خلاف قوله فيها. الصقلي عن محمد: إن خرج المكتري لهدم ما منعه السكانى لم يصلح رجوعه ولو رضيا بتركه الدابة بالطريق لمرضها ووجوب المحاسبة لا يصلح رجوعه لها إن صحت. الصقلي: يريد؛ لأن بقية الكراء دين ولو لم يكن نقد للكراء جاز بتراضيهما وعلم ما يخص باقي الكراء، وقال بعض القرويين: إن انهدم ما يبيح خروجه فله المقام بكل الكراء لا بما ينوب ما بقي ولو رضيا؛ لأنه مجهول. الصقلي: هذا خلاف قول سَحنون وابن حبيب أنه له ذلك ووفاق لأصل ابن

القاسم في استحقاق بعض أعيان السلع. ابن الحاجب: إن كان بالدار وشبهها ما يضر كالهطل لم يجبر المالك وخير المكتري وقيل: يجبر، وقيل: إن كانت لا تصلح للسكنى إلا بإزالته أجبر. قُلتُ: الثالث لا أعرفه ولم يحكه ابن شاس، ولابن رُشْد ما ينفيه قال في المقدمات: هدم الدار إن قل فإن لم يضر ولم ينقص من الكراء كالشرافات فكعدمه، فإن نقص من الكراء لزمه السكنى وحط قدره من قيمة الكراء إن لم يصلحه رب الدار ولا يلزمه إصلاحه، فإن سكن ساكتاً فلا حط له، وإن أضر بالساكن ولم يبطل من منافع الدار شيئاً كالهطل وشبهه هذا فيه قولان: قال ابن القاسم: لرب الدار الإصلاح ولا يلزمه، فإن لم يصلح فللمكتري السكنى بكل الكراء أو الخروج، فإن سكن ساكتاً لزمه كل الكراء. وقال غيره: يلزم رب الدار الإصلاح، فإن سكت لزمه كل الكراء وإن كثر لم يلزمه إصلاح بإجماع فإن عاب السكنى ونقص من الكراء ولم يبطل من المنفعة شيئًا ككون الدار مبلطة مجصصة فيذهب بتبليطها وتجصيصها خير المكترى في سكناه بكل الكراء وخروجه ما لم يصلح الدار بها، فإن سكن ساكتًا لزمه كل الكراء على قول ابن القاسم فيها خلاف سماعة عيسى وقيل: حكم هذا الوجه كالبيت ينعدم من دار ذات بيوت وهو بعيد فإن أبطل اليسير من منافع الدار كالبيت ينهدم من دار ذات بيوت لزمه السكنى وحط عنه مناب المنهدم ومناب المنهدم من الكراء، وإن أبطل أكثر منافعها ومنفعة البيت الذي هو وجهها وهو بعيد، وإن أبطل اليسير من صانع الدار كالبيت الذي هو وجهها أو يكشفها بانهدام حائطها وما أشبه ذلك خير المكتري في سكناه بجميع الكراء وخروجه، فإن أراد سكنى ما بقي بمنابة من الكراء لم يكن له ذلك إلا برضي رب الدار، فإن رضيا جرى على جمع الرجلين سلعتين في البيع، وإن بني المكتري الدار قبل خروجه لزمه الكراء ولا خروج له، وإن بناها بعد خروجه لم يلزمه الرجوع، وإن سكنها مهدومة ساكتا فعلى قولي ابن القاسم فيها وفي سماع عيسي. قُلتُ: فقول ابن رُشْد لا يلزمه إصلاح بإجماع رد لثالث أقوال ابن الحاجب.

وفي أخذ الثالث من ظاهر نقل اللخمي المتقدم نظر، ونقل ابن رُشْد أحق وأجرى على الأصول. المتيطي: إن انهدمت الدار أو جلها فله الخروج فإن بناها ربها في بقية المدة لم يلزمه الرجوع. قيل: لأن هذا البناء المحدث غير ما انعقد عليه الكراء فكان ذلك كعطب دابة معينه في بعض سفره فلا يلزمه غيرها إن أتاه به، ول أَصْبَغ: إن عاد بناء الدار لأيام قلائل لزمه الرجوع فلم يراع البناء وجعله تبعا للقاعة. قُلتُ: إن قيل: قول أَصْبَغ جار على قولها: من حلف لا دخل هذه الدار فانهدمت حتى صارت طريقًا فمر بها الحالف لم يحنث، فإن بنيت حنث بدخولها. قُلتُ: ليس كذلك؛ لأن الحنث يقع بالبعض ومضى الكلام عليها في موضعها. المتيطي عن بعض الموثقين: يراعى على قول أَصْبَغ حفه مؤنه النقلة والعودة، فإن شقت لكثرة عياله وأثقاله لم يلزمه العود. قال: وإن بني المكتري من ماله مما ينتفع به بغير إذن رب الدار فعليه عند خروجه قلعه إلا أن يأخذه ربها بغير شيء إن لم يكن له قيمه كالجص والنقش، وإن كانت له قيمه فبقيمته مقلوعًا، وإن بنا بإذنه ففي كونه قيمته كذلك أو قائمًا. قولا ابن القاسم والأخويين مع روايتهما، وفيها: لا بأس بكراء الحمامات، وفي العتبيِّة: والله ما دخول الحمام بصواب. قُلتُ: لأن المكتري متعد في فعله ما ينفي صواب دخوله ومكرية برسء منه، ولابن عات في مختصر الثمانية: قال عبد الملك: يمنع السلطان النساء الحمامات أشد منع ويؤيدهن على ذلك، ويؤدب رب الحمام وحتى لا تدخل امرأة إنما الحمام للرجال بشرط السترة، وقاله أَصْبَغ. قُلتُ: وأخبرنا شيخنا ابن عبد السلام: أن من له النظر الشرعي كان أمر الحمامين باتخاذ أزر النساء كما هو اليوم للرجال فصار النساء يتضاربن بالأزر على وجع اللعب فعادت المصلحة زيادة في المفسدة، ولا يشك منصف اليوم في حرمته للفساد ولا في أن

عدم قطعه لمن له عليه قدره ترك تغيير منكر مجمع عليه، وفيها: من اكترى حمامين أو حانوتين فانهدم الوجه منها رد الجميع، وإن انهدم ما ليس وجههما لزمه الباقي بحصته. الصقلي: في ترجمة ما ينهدم قال ابن حبيب: قليل تهدم الحمام ككثيرة في منعه التحميم لا ينفسخ به الكراء إن قال لربه: أبنيه وأمكنه في مثل الأيام والشهر والوجيبة سنة، وكذا تهدم بيت الرفا أو حرق سدها أو كسر بعض أداتها وهما أوسع من الدار التي يسكنها المرء بعياله، ولو فسخ الكراء فيهما بسء من ذلك ما تم فيه كراء فمتى دعى ربها للإصلاح لزم المكتري الوجيبة ما لم يطل حتى يذهب أكثر الوجيبة فيفسخ في هذا، ولا يفسخ لقلة الماء أو كثرته ومتى زال مانع ذلك في بقية الوجيبة لزم كراء بقية المدة كقول مالك في الأجير يمرض ثم يفيق، والقول فيما تعطل في الحمام والرحا قول المكتري مع يمينه، لأنه كالمرتهن. قُلتُ: ظاهر نقله أن الحمام كالرحا في اعتلالها. وقال المتيطي: الرحا في ذلك أشد من الحمام والدار؛ لأنها كثيرة الاعتلال. ابن فتوح: إن تعطلت الرحا لهدم بيتها أو تعذر بعض آلتها لم يجبر ربها على إصلاح ذلك، وانفسخت القبالة وليس للمتقبل التمسك بها كما له ذلك في الماء إن نقص؛ لأن البناء الذي نزلت عليه القبالة ذهب فإن بني رب الرحا في بقية المدة لم يلزم المتقبل الرجوع بخلاف الماء متى رجع من نقصه أو نقص عن زيادته لزم المتقبل الرجوع للرحا؛ لأن الماء لم يكن بعينه وليس لمتقبل الرحا بناء السد بقبالة عام واحد كمكتري أرض ذات بئر تهدم بعد زراعته. ابن عات: في المجالس إن تخربت الرحا يسيل تحمل جميعها فأراد المتقبل بنائها من ماله لتتم قبالته، وأبى ربها إلا الفسخ فله ذلك، وحكم له بفتيا أهل الشورى بطليطلة، وقال المشاور: للمتقبل ذلك ويغرم كل القبالة وله قيمة بنائه مقلوعًا حين خروجه. قُلتُ: الأول جار على قول الأكثر إن بني الدار بها بعد تهدمها وخروج المكتري لم يلزمه الرجوع، وقول المشاور جار على قول أَصْبَغ برجوعه، وهو الجاري على قول عبد الحق لو تهدمت الدار وبقيت قاعه، فقال المكتري: أؤدي جميع الكراء وأقيم بها

ليس لربها منعه. ابن فتوح: قال ابن حبيب: ما أحدث أهل الأندلس فى كراء الأرحاء أن يقول للمكرى إنها إكريك البيت وقناة الرحا لا ساقية ولا مطاحن ولا آلة لها هو احتيال لما لايجوز شرطه اعتروا به أن لا يكون على المكرى شئ من تعطيل الرحا باعتلال ما يعتل من ذلك، وقد عرفنا أن الرحا كانت يوم عقد الكراء طاحنة بجميع اَلتها فإن وقع كذا فسخ وكان فيما مضى كراء المثل على حال ما أخذها طاحنة تامة الآلة، وإنما يجوز على هذا الوجه لو كانت يومئذ عطلَا من جميع ذلك. زاد المتيطى عن فضل: أن أبا زيد علد الرحمن ابن إبراهيم صاحب الثمانية كان يكرى أكريته بقرطبة على الوجه الذى ذكر ابن حبيب: أنه لا يجوز. وما (....) بسبب دلسه المكرى ضمنه فيها: من اكترى دابة أو ثوراً للطحن فربطه فى المطحنة فكسرها أو أفسدها آلتها لم يضمن ذلك مكريها إلا أن يغر وهو يعلم ذلك منها كقول مالك من أكرى دابته وهو عالم أنها عثور من رجل ولم يعلمه ذلك فعثرت فانكسر ما عليها فهو ضامن، ولو أكراها ممكن يحمل عليها دهنًا من مصر إلى فلسطين فحمله على دابة عثور قعثرت فانكسر الدهن بالعريش، وقال غيره: بمصر. الصقلى: إلا أن يعرف كيله. عياض: أو وزنه أبو حفص إنما ضمنه بالعريش؛ لأ قيمته به أكثر منها بمصر ولو كانت به أقل كان تضمينه بمصر. الصقلى: عن ابن حبيب: إن ضمنه بالعريش فعليه من الكراء بحسابه إليه. قلت: وأخذ بعضهم من مسألة كراء الثور التضمين بالغرور القول؛ لأن عقد الكراء إنما هو باللفظ، يرد بأن إيجاب لزوم العقد يصيره كالفعل. وفى نوازل الشعبى: قال محمد بن عبد الملك الخولانى: من باع خابية دلس فيها بكسر وعلم أن المشترى يجعل فيها زيتًا فجعله المشترى فيها فانهرق من كسرها لا ضمان عليه كما لو دلس فى بيع عبد بسرقته فسرق من المشترى شيئًا لم يضمنه بائعه ولو

أكره الخابية، كذلك ضمن الزيت لغروره. قُلتُ: قوله: فى كراء الخابية يقوم من مسألة كسر الثور المطحنة بربطه المكترى. وفيعل: إن مرض العبد المستأجر مرضًا بينًا أو أبق أو هرب إلى بلد الحرب فسخنت إجارته، فإن رجع وأفاق فى بقية المدة لزم تمامها. قال غيره: إلا أن يكون فسخ ذلك، وقال فى باب آخر: بعد هذا إلا أن يتفاسخا. وسمع عيسى ابن القاسم: من واجر أجبرًا مدة معينة شهرًا أو يومَا لعمل خياطة أو بناء أو غيره فراغ عنه حتى جاز الأجل انفسخت الإجازة فيما بطل، وإن عمل شيئَا فبسحابه، وإنما يلزمه عمله بعد ذلك ويبة، هذا يلزمه العمل بعد ذلك إذ ليس بواقع على وقت؛ بل على عمل مسمى كقوله للسقاء اسكب لى فى هذا الشهر ثلاثين قله فيروغ فيه، فذلك باق عليه. قُلتُ: ما تعقبها الشيًخ ولا الصقلى. وقال ابن رُشد: قوله: (تنفسخ الإجارة فى الأيام التى راغ فيها، ويرد من الإجارة منابها) صحيح لا خلاف فيه. قُلتُ: بهذا أجبت فى الفتيا فى نازلة تكثر فى أجر الحرث والرعاة لأشهر معينة يروغ الأجير فى بعضها فيأتى بعد انقضاء المدة بطلب مناب ما عمله فى المدة فى الأجر أن له ذلك بالتقويم، وما بلغنى عن فتوى بعض من سئل عنها لا أجر له فيما عمل خلاف قول ابن رُشْد: لاخلاف فيه فتأمله ابن رُشْد، وقوله: إنما يلزمه عمله بعد ذلك فى مثل قوله: إلى آخر المسأله خلاف مشهور المذهب أنه لايجوز مدتان فى مدة؛ لأن اليوم أو الشهر أو السنة التى سمى مدة وما شرط طحنه فى ذلك الأجل من عدد الويبات أو يسبكه من عدد القلال مدة. قُلتُ: فى تعقب ابن رُشْد نظر يتضح بتقرير قاعدة هى ماكان يمضى لنا من الفرق بين اعتبار الأخص لقصد تحصيل أعمه لا لقصد تحصيل عنيه وبين اعتباره لقصد تحصيل عنيه يبينه قولها فى الرواحل.

قال ابن القاسم: إن أكرى دابة بعينها إلى ليركبها فى غده فأخلفه الكرى فليس له إلا ركوبه، وإن أكراها أيامًا معينة انتقض الكراء فيما غاب منها كالعبد المستأجر شهرًا بعينه يمرض فيه أو يأبق تنفسخ إجارته فيه. قُلتُ: فقوله فى المسألة الأولى: ليركبها فى غده هى من اعتبار الأخص لقصد تحصيل أعمه، وحكم هذا إن نوت فقوله الأخص لايبطل العقد؛ لأن المقصود الأعم وهو باق فلم يبطل العقد متعلقه بالقصد، وهو مطلق الركوب إلى الأعم من كونه فى غد يوم عقد أو بعده وقوله فى المسألة الثانية أكراها أيامًا معينه إلى آخر من اعتبار الأخص لقصد عينه وحكم هذا انفساخ عقده بفوت الأخص حسبما ذكره فيها؛ الأنه بفوت الأخص لايبقى للقعد متعلق ضرورة انحصار القصد فى الأخص، وقد فات فإذا تقرر هذا فقول ابن القاسم: فى الأولى من سماع عيسى هو من اعتبار الأخص لعينه، كقوله فى الثانية من مسألتى الرواحل: فانفسخ العقد فيهما بفوته، والثانيه من السماع من اعتباره لتحصيل أعمه كقوله فى الأولى من مسألتى الرواحل: لم ينفسخ العقد فيهما؛ لأن الأخص فيهما معتبر لقصد تحصيل أعمه ونحو هذا مذكور فى السلم إذا أخر المسلم إليه قضاء السلم عن وقته المقصود بع عرفًا، وفى الكراء للحج وماذكره ابن رُشْد من أن المشهور منع مدتين فى مدة انما هو فيها اعتبر فيه الزمان الأخص لعينه لافيها اعتبر فيه الأعمه ولذا والله أعلم لم يتعقبه الشًيخ ولا الصقلى. وحفى الرحا يوجب نقشها: ابن العطار: وهو على من هو عليه عرفًا، فإن عدم العرف فعلى ربها. ابن حبيب وابن أبى زَمَنَين: عرفنا على المكترى. قُلتُ: هو بناء على أن وقته معروف عادة وإلا امتنع كمنعها شرط تطيين البيوت كلما احتاجت. المتيطى: أنكر ابن الهندى منع بعضهم كراء منصب الرحا فارغه من آلتها على أن يجعلها المكترى مستدلآ بإجازة المانع كراءه على أن يبنى فيه رحى يبقيها أعوامًا. قال: وهذا أعظم من كراء المنصب.

قُلتُ: قد يفرق المانع بأن معنى صورة المنع عنده أن مقصود الكترى بكرائه مجرد منفعه الماء، وفيها: ما ظاهره منع ذلك فى التجارة لأرض الحرث منها من بنى فى أرضك على نهر لك رحى فلك عليه كراء الأرض، فأما الماء فلا كراء له وفى الجعل والإجارة منها لا بأس أن تواجر حافتى نهرك ممن يبنى عليهما بيتًا أو ينصب رحا فما منعه هو مقتضى الأولى وما أجازه هو نص الثانية، فقال الصقليفى مسألة كتاب التدارة: يريد: على انفراده وتقوم الأرض كم يسوى كراؤها على أن فيها هذا الماء حسبما كانت عليه، قال الشًيخ. الصقلى: لأنه لو كان ماؤك يجرى فى أرضه لأرض لك تحت أرضه لكان له أن ينصب عليه رحى فى أرضة إن لم يضر بك فبان أن الماء ليس له كراء فى مثل هذا. المتيطى: وشروط نقد كراء الرحى فى العقد جائز فى المأمون جرى مائها وثبوت سدها فاسد فى غيرها. فى أحكام ابن سهل: عقد ابن دحون قبالة رحى على نهر قرطبة لمدة عينها على أن تطوع المتقبل ينقد الكراء آخر العقد، وعلم أن الرحا يتعذر طحنها فى الشتاء، وإنما يستقيم بالصيف فأرد استغلالها بالشتاء، وطلبه عند صاحب السوق أبى على بن ذكوان فشاور فى ذلك فأفتى القرشى بأن القبالة لاتجوز؛ لأ ن الرحة غير مأمونة، وأفتى ابن حرج بصحتها وأنها مأمونة وله استغلالها فى الشتاء، وقال ابن عتاب: ذكر طوعه بالكراء فى آخر العقد يوجب كونه فيه فخرج عن كونه طوعًا إلى كونه شرطًا فى العقد، فإن أثبت القائم أنها غير مأمونة فسخت. ابن سهل: هذه أجوية مختلفة ليس لها تفسير. قُلتُ: الأظهر الجواب الأول؛ لأن قوله: يتعذر طحنها فى الشتاء؛ نص فى نقصه مه إبهام قدره، وهذا غرر فقد دخلا على عدم الأمن فلا تفتقر لإثباته فتأمله، وفيها: لمن اكترى أرضًا ثلاث سنين فزرعها ثم غارت عينها أو انهدم بئرها، وأبى ربها إصلاحها أن ينفق عليها حصة تلك السنة فقط من الكراء، وما زاد عليه فهو به متطوع. الصقلى: عن محمد إن كان قبضه ربها غرمه فإن كان عديمًا فللمكترى إنفاق قدره

ويتبعه به، وإن كان ذلك فى السنة الثانية قله إنفاق حصتها، ولا ينفق عليها شيئًا من حصته الأولى، فإن كان ذلك قبل أن يزرعها، فقال أشهب: لا شئ على ربها وللمكترى الفسخ فإن أنفق من عنده فلرب الأرض كراؤه كاملآ ولا شئ للمكترى فيما أنفق إلا فى نقض قائم من حجر ونحوه ويطيه فيمته منقوضًا أو يأمره بقلعه. قُلتُ: يجرى الحكم بأن له ذلك، ولو كره رب الأرض أو يأمره على ما تقدم فى ذهاب الرحا يسيل، وفى قيمه النقض على ما تقدم فى بناء المكترى بإذن رب الدار أو بغير إذنه. اللخمى: هلاك الزرع إن كان لقحط المطر أو لتعذر ماء البئر أو العين أو لكثرة تشوع ماء المطر أو لدود أو فأر سقط كراء أرضيه كان هلاكه فى الإبان أو بعده، وإن هلك لطير أو جراد أو جليد أو برد أو جيش أو؛ لأن الزريعه لم تنبت لزم الكراء هلك فى الإبان أو بعده، وإن غرقت الأرض فى وقت لو انكشف أعاد زراعتها سقط الكراء والإ فلا؛ لأن مقام الماء عليها فى الإبان كغاصب حال بين المكترى وبين منافع الأرض، وبعد الإبان كغاصب أفسد الزرع، وإن كان يقدر على إعادة بعضها أو زال سقط مناب ما كان يقدر على حرثه، وأرى إن غرقت بعد لإبان ثم ذهب عن قرب بعدما أفسد الزرع، ثم لم تمطر بقيه السنة وعلم أنه لو لم يفسد بم يتم سقط كراؤها، واختلف إن أذهبه السيل، فروى محمد عليه الكراء، وقال يزيد: إن أذهبه بعد الإبان وأرى إن أذهب السيل وجه الأرض قبل الإبان أو بعده أن لا كراء عليه؛ لأن منفعة الأرض فى وجهها وهو المكترى وهو المقصود. قُلتُ: قوله: اختلف يدل على قولين ولا ثانى لما ذكر إلا اختياره. نقل ابن رُشْد: اهتياره قولا. قال: واختلف إن نبت فى أرض من جره إليها ففيها: هو للثانى ولابن سَحنون عنه: إن جره قبل نباته وبعده لزراعه، وقال: ايضًا للثانى وعليه للأول فيمته مقلوعًا وقيل: للأول مطلقًا وعليه كراء الأرض وهو أحسن؛ لأنه ملكه نبت فى أرض غيره بشبه، إن انتثر للمكترى فى حصاده حب فى الأرض فنبت قابلًا فهو لرب

الأرض كزرع سيل لأرض غير زارعه. اللخمى: هذه بخلاف الأولى؛ لأن هذا هو الشأن أن ينتثر منه، ويذهب عنه أنه لا حق له فيه ولو لم يحصده وأتى عليه برد بعد تمامه فأنتثر، ونبت قابلًا كان على الخلاف المتقدم هل يكون للأول أو للثانى. قُلتُ: مسألة جر السيل الزرع فى سماع عيسى ابن القاسم فى كتاب السداد والأنهار من تفتقيت أرض جنانه عن عرق من أصل شجرة جنان جاره، فإن كان لربها فيه منفعه إن قلعه لغرسه فله قلعه، وإن لم يكن له فيه نفع ولا عليه فيه مضرة فهو لرب الأرض إلا أن يكون قد بلغ بحيث يكون له ثمن كخشبة أوحطب فيكون له على رب الأرض ثمنه مقلوعًا. عيسى: إلا أن يكون بقاءه بحاله يضر الشجرة التى هو منها فلا يكون له ذلك إلا برضى ربها. ابن رُشْد: قول عيسى: تفسير، ولابن القاسم فى المجموعة: إلا أن يشاء الذى ظهرت فى أرضه قطع بحروقها المتصله بشجر الأول حتى لا يضرها، ويعطيعه قيمتها مقلوعة فذلك له، وهو تفسير لقول عيسى، ومن حقه قطع عروقها المتصلة بشجر الأول بها، وأن أضر بالشجرة التى هى منها؛ لأن له قطع ما ظهر من أرضه من عروض شجرة غيره كما له قطع ما دخل فى هواه من أغصان شجرة غيره. قُلتُ: قإن قيل: كون الثابت بأرض الجار لرب الشجرة، خلاف قولها الحب لمن جره السيل لأرضه بجامع ملك المحل فيهما فرق بان الثابت من الشجرة متصل بها فهو كغصن منها مسأله البذر هى سماع عيسى ابن القاسم قال: الزرع لرب الأرض؛ لأنسنته قد انقضت لقول مالك فى حمل السيل بذر أرض رجل إلى أرض غيره فصار بها زرعًا فهو له دون الأول. ابن رُشْد: قول ابن القاسم: فيمن انتثر زرعه كقوله فيها وقياسه على قول مالك صحيح؛ لأن البذر مستهلك فى المسألتين لايقدر ربه على أخذه من أرض صاحب الأرض مثل فى المدَوًنه سواء؛ لأن معنى قوله فيها: حمل السيل زراعه إلى أرض رجل

آخر فنبت فيه أنه حمل بذره إلى أرض رجل آخر فنبت فيه؛ إذ لا ينبت الزرع إنما ينبت البذر، ودليل هذا سماع أيضا لنصه: على سبيل إنما ذهب بالبذر لا الزرع ولو ذهب بالزرع بعد ظهوره ففى كونه لرب الأرض وعليه قيمته مقلوعا إن كانت له قيمة أو لربه وعليه كراء الأرض ما لم يجاوز الزرع فيكون له تركه لرب الأرض ثالثها، إن لم تكت فيه منفعة فهو لمن جره السيل إليه، وإن كانت له قيمة فهو لربه وعليه كراء الأرض لروايته عن سحنون، ولابنه عنه فى كتاب المزارعة مع قوله فى كتاب ابنه، ولا يكون كالمخطاء والمخطاء كعامد ولا يكون أسوأ حالا من المكترى للأرض مدة تتم وله فيها زرع أخضر علم حين زرعه أنه لا يطيب فى المدة. قال مالك: له زرعه وعليه كراء زيادة المدة، ولابن وضاح عن سحنون: وقيل: إن جره السيل وهو بذر، وهو لربه وعليه كراء الأرض وهو بعيد، وفيها: من اكترى أرضا سنة فحصدت زرعه قبل تمام السنة فالسنة فى أرض المطر الحصاد، وذات السقى التى تكرى على المشهور أو السنين فللمكترى العمل لتمام السنة، فإن تمت وله فيها زرع أخضر وبقل فليس لرب الأرض قلعه، وعليه تركه لتمامه، وله فيها بقى كراء مثلها على حساب ما أكراها منه. قال غيره: أن بقى من السنة بعد حصاده ما لا يتم فيه زرع فلا ينبفى أن يزرع، فإن فعل فعليه فى زيادة المدة الأكثر من الكراء الأول أو كراء المثل. عياض: قيل قوله: له كراء مثله على حساب ما أكرى تناقض، وطرح سحنون فى رواية يحيى قوله: على حساب ما أكرى، واختصرها الشيخ وغيره: لا على حساب ما أكرى، وكذا وقعت فى سماع أبى زيد فى زيادة مدة كراء الدار له كراء المثل لا بحساب الكراء الأول. وفى المدونة من كراء الرواحل: فى التعدى فى المسافة له كراء مثلها لا على الأول. وفى اختصار ابن أبى زمنين: له فى كراء أرضه على حساب ما أكرى منه، والقولان فيهما وفى نظائرها معروفا، وفى سماع عيسى القولان، وقال ابن لبابة: لفظها إشارة إلى القولين معا.

قال: ويحتمل أن السامع ظنهما قولا واحدا ولم يحصل فوضعها بهذا اللفظ، وما فى العتبية يدل أن جواب الكتاب جمع فيه القولين، ولم يفصل بينهما فالتبس الجواب وصحح بعضهم لفظ الكتاب بأن ينظر لقيمة الزيادة من قيمة كراء السنة فيعطيه على حسابه مما أكرى به لدخولها على الانتفاع بالأرض، وعلما أن بعض البطون تتقدم وتتأخر لطرو العاهات. قلت: هو قول الصقلى قال: ومعناه أن تقوم الزيادة إن قيل: قيمتها دينار وقيمة كراء السنة خمسة دنانير كان عليه فى الزيادة مثل خمس كراء السنة. اللخمى: فيما بقى من زرع بعد مدة الوجيبة ثلاثة ابن القاسم وتترك لتمامه ولرب الأرص كراء المثل، وفى رواية كراء المثل بحساب ما أكرى وقال غيره: إن بقى من المدة ما لا يتم فيه الزرع فلا يزرع، فإن تعدى وزرع فعليه فى الزائد الأكثر من كراء المثل، أو بحساب ما أكراه ابن حبيب: إن زرع عالما أنه لا يتم فى بقية مدته فهو متعد لرب الأرض حرثها وإفساده وإقداره بالأكثر من المسمى أو كراء المثل، وإن زرع طانا تمامه لتمام أمد الوجيبة فجاز بالأيام، والمشهور لزوم إقراره بمثل الوجيبة، وقول ابن القاسم أحسن؛ لأن الشهر الباقى داخل فى الكراء من حق المكترى إذا كان لا يتم فيه البطن أن يحط ما ينوبه من المسمى إلا أن يتراضيا أن يكريا ذلك البطن، ويقسما الكراء على ما لكل منهما فيجوز بعد معرفة ما ينوب كل واحد منهما قبل العقد، فإن بادر لزراعته لم يحكم عليه بحكم التعدى؛ لأن له فيه شركا وهو الشهر الأول وعليه الثانى كراء المثل لعدم إقراره بالرضى فيه بالمسمى، ويختلف إن رضى فيه بالمسمى هل يلزمه ذلك؟ أو يرد فيه لأجر المثل؛ لأنه حين التزامه لم يعلم ما ينوبه من جملة السنة فهو كجمع الرجلين سلعتيهما فى البيع. الصقلى: عن ابن حبيب: إن بقى من المدة شهران وما لا ينتفع فيه بالزرع وهى أرض زرع فليس للمكترى أن يحرث فيها زرعا إلا باكتراء مؤتنف، ولا يحط عنه شاء ولربها حرثها ولو كره المكترى؛ لأنه مضار فى منعه فإن زرعها المكترى علم انقضاء الوجيبة فذكر مثل ما تقدم.

قال: وإن كانت من أرض البقل فله الانتفاع لتمام الوجيبة، فإن انقضت ولم يبلغ بقله فذكر مثل ما تقدم فى الزرع. ابن الحاجب: إن زرع أضر مما له فللمالك قلعه، أو أخذ ما بين القيمتين مع الكراء الأول. قلت: تقدم القول فيه فى فصل ما تقتضى به منفعة المكترى ونقل الباجى والمتيطى فيه ابن عبد السلام قوله له قلعه هذا إن عثر عليه قبل طيبه ولو كان بعده لم يكن له قلعه. قلت: قوله: قبل طيبه نص، أو ظاهر فى أنه إن كان بعد الإبان، وقبل طيبه أنه قلعه ولا أعرفه، وحال المكترى فى حرثه الأرض كبعض أقسام مسألة: من حرث أرض غيره وحاصل تحصيلها فى المقدمات فى بيان قولى ابن القاسم وغيره فيها: إن قام ربها فى الإبان، وأقر الحارث بالعداء فلربها أمره بقلعه إن كان ينتفع به، ولا يجوز له أخذه بقيمته مقلوعا؛ لأنه بيع له قبل بدو صلاحه، وأجازه التونسى لدخوله فى ضمانه بالعقد؛ لأنه فى أرضه فلا غرر. قلت: هو خلاف نصها: إن انقضت السنون ولمكترى الأرض بها زرع لم يبد صلاحه لم يجز لرب الأرض شراؤه. ابن رشد: وأن لم يكن ينتفع ب فلربها أخذه مجانا، وإن ادعى حرثها بعلمه لا باكتراء فإن حلف ربها ما علم بحرثه فكما مر، وإن نكل يحلف الحارث وبقى له زرعه ولزمه كراء المثل، وإن ادعى حرثها باكتراء منه فإن حلف ربها على نفيه فكما مر فإن نكل حلف الحارث، ولو كان ما أقر به من الكراء أكثر من كراء المثل ليثبت بحلفه بقاء زرعه، وفى حلفه مطلقا أو ما لم يدع ما لا يشبه قولان للمشهور، وقولها فيحلف قال: وقعت المال بضاعة ونكل حلف مدعى قبضه قراضا إن كان مثله يقارض. قلت: هما بناء على ترجيح تمكين المدعى بنكو له عموم قبول حلفه على تكذيبه العرف فى دعواه، وعكسه كبيبة بتكذيبه. ابن رشد: وإن ادعى كراءها وحرثها بعلم حلف ربها على نفيها، وخير فى أخذه بما

أقر به من الكراء أو أخذ أرضه إن كان فيه منتفع، وفى جواز أخذه بقيمته ما تقدم للتونسى والمشهور، وإن لم يكن فيه منفعة وجب لرب الأرض ولم يجز تركه للمكترى بما أقر به ولا بكراء المثل؛ لأنه بيع له بما يأخذه من الكراء وإن نكل حلف الحالف وقبل قوله، وإن لم يشبه على ما مر فإن نكل أخذ رب الأرض أرضه، ولو قال: احلف ما علمت حرثه لا على ما أكريت منه لم يكن لحلفه معنى، إلا أن ينكل الحارث عن اليمين فإن نكل قيل لرب الأرض: احلف ما علمت بحرثه إياها وخذها واقلع الزرع إن شئت، وإن قال رب الأرض احلف ما أكريت إلا على ما علمت بحرثه إياها لم يمكن من حلفه على ذلك عن ابن القاسم؛ لأنه إن نكل عن حلفه ما علمت بحرثه إياها وجب أن يحلف الحارث لقد علم بحرثه وإذا حلف عليه كان كقيام بينة بذلك أو إقرار به، وكلما ثبت أحدهما كان شبهة توجب قبول قول الحارث أنه اكتراها بكذا إن أشبه ذلك كراء المثل فيحلف الحارث إن نكل رب الأرض عن الحلف ما علم بحرثه على علمه به وعلى اكترائه إياها منه بكذا إن أشبه ما ادعى كراؤها، وإن لم يشبه لم يصدق فى ذلك وحلف ربها ما أكرها منه واستحق كراء مثلها ولم يكن له قله زرعه إن حلف الحالف أنه حرثها بعلمه، فإن نكل فيه كان لرب الأرض أخذها وقله الزرع، وإن قامت للحارث بينة بحرثه الأرض بعلم ربها فالقول قوله مع يمينه فى الكراء إن أشبه وإلا حلف ربها واستحق كراء المثل، فإن نكل فالقول قول الحارث وإن لم يشبه وإن كان ما أقر به الحارث من الكراء ككراؤ المثل فأكثر فلا يمين عليه، هذا قول ابن القاسم فى المدونة وتسويته فيها بين قيام البينة للحارث على علم رب الأرض بحرثه أو نكوله فى قبول قول الحارث بيمينه فى الكراء إن أشبه إنما يريد: أن نكل عن اليمين ما حرثها بعلمه ومعرفته أما لو نكل عن الحلف على أنه لم يكرها منه فالقول قول الحارث ولو لم يشبه اتفاقا بينهم إلا ما تقدم من مسألة القراض، وغير ابن القاسم فى المدونة لم يرى حرثه الأرض بعلمه شبهة توجب قبول قوله فى الكراء وجعل القول قول رب الأرض مع يمينه أنه ما أكراها، فإذا حلف استحق كراء المثل وإن كان ما أقر به المكترى أكثر من كراء المثل فلا يمين على واحد منهما، وسواء على قول الغير علم أو لم يعلم لا يحلف على

مذهبه ما علم بحرثه، إنما يحلف ما أكراها منه ويستحق كراء المثل فإن نكل حلف الحارث، ولو أتى بما لا يشبه ولو قام بعد الإبان فإن صدقه ما أكرى منه فله كراء المثل دون حلف ادعى حرثه بعلمه أم لا، وإن ادعى أنه أكراها منه لا أنه حرثها بعلمه حلف ربها وأغرمه كراء مثله، فإن نكل حلف الحارث على ما ادعى من الكراء، وإن ادعى الأمرين حلف ربها على نفيها معا وأخذ كراء المثل، وأن نكل عنهما أو عن أنه لم يكن منه حلف الحارث على ما ادعى من الكراء ولو كام ما أقر به أكثر من كراء المثل فلا يمين على واحد منهما، فإن نكل ربها عن الحلف ما حرثه بعلمه حلف الحارث على قول ابن القاسم: لقد حرثتها بعلمه واكتريتها بكذا إن أشبه ذلك وإلا حلف رب الأرض ما أكراها منه وأخذ كراء المثل، وعلى قول غيره: يحلف رب الأرض ما أكراها منه ويأخذ كراء المثل. اللخمى: إن حرثها بعلم ربها فلا يحكم فيه بحكم التعدى اتفاقا فإن ادعى الكراء بقدر كراء المثل أخذ به دون يمين، وإن ادعاه بأقل ففى قبول قوله: إن أشبه بيمينه أو قول ربها فيأخذه بكراء المثل. قولا ابن القاسم وغيره: وإن حرثها بغير علمه ففى كون اختلافهما شبهة تنفى حكم التعدى أو لا. قولان لغير ابن القاسم: وله قائلا: والقول قول ربها إن حلف وهو فى الإبان ولا منفعة فى الزرع فله أخذه مجانا، وإن كان فيه منفعة فلربه قلعه ولربها أمره به وفى جواز أخذه بقيمته مقلوعا قولان والأول أحسن، لا يدخله النهى عن بيع الزرع قبل بدو صلاحه؛ لأنه فى بيعه على البقاء مزيد فى الثمن لمكان البقاء مع جهل سلامته وهذا يأخذه بقيمت مقلوعا لم يزد للبقاء شيئا، وإن أحب إقراره بالكراء قبل أن يكون فى قلعه منفعة دخله بيع الزرع قبل بدو صلاحه على البقاء؛ لأنه صار لرب الأرض إلا أن يقصد إثبات التعدى، ويرى رأيه هلى يأخذه بالتعدى أو يمضيه له ويطلب بالكراء فيجرى على القولين فيمن خير بين شيئين، وإن كان فى قلعه منفعة فأقره لربه بكراء جاز على منع أخذه بقيمته مقلوعا ويخالف على إجازته، فإن قدر أنه لم يختر الأخذ جاز وإن

قدر أنه لما ملك أخذه كأنه أخذه ثم انتقل لتسليمه لم يجز، والأول أحسن وعلى قول غير ابن القاسم: إنما مقاله فى الكراء حسبما تقدم، وفيها: إن جاء مكترى الأرض لزرعها من الماء ما كفى بعضه وهلك بعضه فإن حصد ما له بال وله فيه نفع فعليه من الكراء بقدره ولا شاء عليه إن حصد ما لا بال له ولا نفع له فيه. اللخمى: لمحمد عن ابن القاسم إن سلم مثل الخمسة فدادين والسته من المائة وشبهها فلا كراء عليه؛ إن كان ذلك مفرقا فى الفدادين؛ لأنه كالهالك وكثير من الناس لا يتكلف جمع مثله ولو سلمت الخمسة على المعتاد من سلامتها لزم كراؤها، ولو قحط المطر عن بعض الأرض قبل الزراعة لزمه ما سلم إلا أن يقل فيكون له رده، وذكر الصقلى ما فى الموازية ولم يقيده، وقال: ولعله قدر زريعته فكأنه لم ينتفع بشاء. ابن العطار: إن وجد مثل البذر فلا كراء عليه. ثم قال: ولو وجد أكثر منه بقدر نفقة حرثه فى كراء عليه والأول أبين؛ ومعنى قولها جاءه ما كفى بعضه يشبه أن يكون ماء البئر يلحق ما بقى من مائها بعض الفدادين دون باقيها زاد، وأما المطر فكأنه لا يصح هذا فيه. قال: ولو أتى الجراد فى إبان الحرث وعلم الناس إن زرعوا أكله الجراد فامتنعوا فلا شاء عليهم فى المدة التى تركوا فيها الزراعة خوف الجراد. قال: ومن اكترى أرضا تزرع بطونا فلما زرع أكل زرعه الجراد وكثر حتى خاف فلم يزررع ثم لما خف فأكل الجراد ما زرعه أيضا. قال: إنما عليه من الكراء بقدر ما أقام الزرع الأول فلا شاء عليه فى باقى المدة؛ لأنه جاء ما منعه الزرع. ابن فتوح: إن رفع من الأرض فى قحط المطر ما لا بال له سقط عنه الكراء، وإن رفع ما له بال لزمه الكراء بحسابه، وتفسيره أن ينظر إلى ما يقوم من تلك الأرض على التوسط والتوسط حمل السنين بعضها على بعض، فإن قبل يقوم للحبة ست حبات على التوسط فما رفع من الست حبات لزمه ذلك، وإن رفع الحبات الست لزمه كل الكراء، وإن رفع الحبة حبتين لزمه ثلث الكراء.

وزاد المتيطي: وقال غيره: إن رفع ما بذر دون زيادة لم يلزمه شاء. قال بعض الموثقين: لو قال قائل لا يلزمه فى الحبتين شاء كان صوابا؛ لأن فى تكلفة الحرث والزراعة والحصد والدرس أكثر من ذلك. وانتقاء مدة كراء الأرض لغرس شجر أو بناء وهو بها مقتضى قولها، ونص اللخمى غيره: لربها أمره بقلعها وأخذها بقيمتها مقلوعا، وهو نص منفعتها فى اكترائها لغرس شجر. زاد ابن شاس: بعد طرح أجر الإخلاء إن كان المستأجر يحتاج للاستئجار عليه. قلت: انظر فى العارية تمامه. عبد الحق عن غير واحد من القرويين: إن كان بالشجر حين انقضاء مدة الكراء ثمر غير مأبور لم يجبر رب الأرض على بقاء الغرس وله أمره بقلعه، وإن كان مأبورا جبر على بقائه بقيمة كرائه لفساد الثمن بقلعه، وفيها: إن انقضت المدة وفيها شجر فلمكتريها إكراؤها، ولو كان مكتريها اكتراها لغيره فانقضت المدة وفيها شجر فلمكتريها أولا اكتراؤها، فإن أرضاه الغارس وإلا قلع غرسه. قال غيره: لا ينبغى ذلك حتى يتعامل الغارس وربها على ما لا يجوز إلا أن يكريك أرضه على أن يقلع عنك الشجر. التونسى: إن علل قول الغير بأن تمكن المكرى من أخذ الشجر بقيمته عاجلا مع ثبوته له عند انقضاء مدة الكراء الثانى منضما لتمكن المكترى الأول من اخذه بقيمته يوجب تهمة رب الأرض على أنه إنما أكراها منه ليسلفه قيمة الشجر على أن يدفعها لربها حتى ينقضى أمد كراء الثانى لزم مثله فى إكرائها ممن له الشجر بها والسلف هنا تأخير اقتضاء قيمتها، فإن قيل: إنما أخذ الشجر بقيمتها لرب الأرض لا للمكترى منه فائدة جهل المكترى قدر الأرض إن أخذ ربها الشجر كان المكترى منها ما سوى محل الشجر، وإن لم يأخذها كان بيعها قبل لو كانت العلة هذه كان المنع متفقا عليه، فإن قيل رب الأرض: أسقط حقه فى الشجر فلا قول لمكترى الأةل فى أخذه قيل: لا ضرر على الغارس فى ذلك، والمكترى حل محل رب الأرض، وهو نص ابن القاسم

بمراضاته، فابن القاسم ألغى التهمة على السلف لبقاء الغرس على ملك غارسه، وإنما يؤخذ ربها حين انقضاء المدة الثانية بقيمته يومئذ. قلت: مال قول تعقب قول الغير ببطلان لازم عليه المنحصر تعليله فيها وزعمه الانحصار فيما ذكر يرد بجواز تعليله بأنه كراء مشتمل على بيع محض فى مالى فوجب منعه، كبيع الشفعة وبيع مبتاع سلعة بخيار من مبتاع آخر على أن له الخيار فيها على بائعه الأول؛ لأن المكترى أجيرا يدفع الكراء على أمرين انتفاعه بالأرض المدة المعلومة وتمكنه من أخذ الشجر بقيمته كما كان ذلك لرب الأرض، وهذا لا يجوز لكنه تبع، فابن القاسم ألغاه لتبعيته والغير اعتبره؛ لأنه مما يقصد، وعلل اللخمى قول الغير بما زعم التونسى أنه يوجب الاتفاق على المنع، ثم قال: وحمل ابن القاسم الكراء على كل الأرض، وأنه أسقط حقه فى الغرس، ويختلف إن أسقط حقه فى الغرس وأراد المكترى الثانى أخذه بقيمته مقلوعا هل له ذلك وبيانه فى الشفعة، وفيها: لو صالح المكترى رب الأرض حين انقضاء المدة على بقاء الغرس عشر سنين بنصف الشجر لم يجز؛ لأنه أكراها ينصفها يقبضها لعشر سنين، وقد لا تسلم ولو قبله له الآن جاز. قال غيره: لا يجوز؛ لأنه فسخ دين فى دين. التونسى: قول الغير هنا أبين؛ لأنه أخذ نصف الشجر فوجب عليه فيه بمن اعطى عنع بقاء نصف الأرض بيد المكترى، وقرره اللخمى: بأنه بنى على أن من خير بين شيئين يعد منتقلا. قال: وأرى أن يوكل لأمانته ويعلم أنه متى اختار أخذها بالقيمة لم يجز أن يدفع عن ذلك منافع ويجوز على قول أشهب، وعلى القول بفساده يفسخ البيع فى المبيع إن كان معينا ما لم يتغير فيمضى بالقيمة يوم العقد الثانى؛ لأنه مقبوض فى أرضه، ولو قال: على أن له نصفه من الآخر شائعا ولا قسم حتى تنقضى الإجارة فتغير لذلك لم يكن فوتا؛ لأنه غير ممكن منه، وقيل هو فوت والنصف الآخر باق على ملك ربه، وفيها لو تمت المدة وفى الأرض لمكتريها زرع لم يبد صلاحه لم تجز لرب الأرض شراؤه. قلت: تقدم قول التونسى ونقل اللخمي.

وفيها: وإنما يجوز بيع زرع أخضر بشرطه مع الأرض فى منفعته، وكذا الأصول بثمرها تقدم حكم الثمر فى البيوع. اللخمى: فى جواز شراء الزرع بعد شراء الأرض، ثالثها إن قرب ولم يعزها قال: والمنع أصوب ولو وهب الأرض لم يجز لمن وهبت له شراء زرعها، ولو اشترى رب الأرض زرعها ولم يعثر عليه حتى تغير بنماء أو عامة لكان من زراعه، وإن كان سقيه على مشتريه، وكذا قال ابن القاسم: جائحة العرية من المعرى، وإن كان سقيها على رب النخل، وفيها: إن عطبت الدابة بزيادة مكتريها على ما شرط ما تهلك بمثله فلربها أخذه بكراء الزيادة مع ما بلغ مع الكراء الأول أو قيمة الدابة يوم التعدى ولا كراء له. الصقلى: يريد: أن زاد بعد سير بعض الطريق فله منابه من الكراء الأول مع قيمة الدابة يوم التعدى، وفيها: إن زاد ما لا تعطب فى مثله فله كراء الزيادة مع الكراء الأول. الصقلى: بخلاف تجاوزه المسافة؛ لأنها تعد كلها فيضمن فى قليلها وكثيرها والزيادة فى الحمل مختلطة بالمأذون فيه وصفة كراء الزيادة فى الحمل إن وجبت هو قيمة كراء الزيادة على الدابة على حال ما تعدى عليها، وقال بعض أصحابنا: يكون له الكراء الأول وفضل الضرر كمن اكترى لحمل شاء فحمل أضر منه فإنه يكون له فضل الضرر. الصقلى: ليس كذلك؛ لأن من زاد فى الحمل حمل مل أذن له فيه، وزاد: وإن حمل غير ما أكراها له كمن ركبها فى غير الطريق التى أذن له فيها وكل محتمل؛ لأن الذى أردف حمل أكثر مما اكتراها له فكان كمن حمل رصاصا مكان بز فيكون له فضل الضرر إن كان كراء المسمى حمله عشرة وكراء ما حمله خمسة عشر فله المسمى وزيادة خمسة. قال بعض القرويين: الأشبه إن عطبت فيما لا يعطب فى مثله أن يضمن؛ لأنه سيرها على غير ما أذن له فيه فأشبه الزيادة فى المسافة وما ذكرنا من الفرق يرده. وفيها: وأما زيادة الحاج فى الزاملة ما تعطب فى مثله، فقال مالك: ليس الحاج كغيره عرفت له زيادات من السفر والأطعمة لا ينظر فيها المكرى، ولا يعرف ما حمل

لا ضمان في ذلك إن كان المكرى رآه. وحمله الصقلى: يريد: ولو لم يره الجمال لضمن؛ لأنه زاد ما تعطب فى مثله. اللخمى: أجاب مالك إن كان هو الذى حمل ولم يجب إن لم يحمله وهو مشكل يصح أن يضمن بزيادته وأن لا يضمن؛ لأن الكرى فرط بعدم اختباره. وقوله: فى هلاكها بزيادة ما لا تعطب بمثله؛ يريد: إن حملها بالبلد لم يخرج عنه ولو هلكت فى حال حملها، وإن شك هلى هلكت بالزيادة وهلكت حال حملها أو بقرب زواله ضمن على قول ابن مسلمة بخلاف العبد؛ لأنه يشكو ما نزل به فسكوته دليل السلامة والدابة ينزل بها ما يهلكها فلا يعلم حتى تهلك. وقد قيل: لا ضمان عليه وأرى أن يغرم نصف قيمتها -كذا وجدته فى نسختين إحداهما عتيقة مصححة، وفى بعض النسخ قيل: بدل ففقل-: وإن علم أن هلاكها بالتعجى وحمل الحادى عشر على العشرة ففضه فى كل نقله فلربها أن يغرمه قيمتها أول نقلة ولا كراء له أو يأخذ المسمى وكراء الزيادة ولا قيمة له، ولو قيل: له قيمتها من الوقت الذى خشى فيه عليها من التمادى وله فيها تقدم من النقلات ما ينوبه من المسمى وكراء الزيادة لكان وجها. قلت: هذا هو الأظهر لا الأول وتشبه مسألة العريش. وفيها: وكذلك الرديف فيما ذكرنا. اللخمى: إن سلمت فلربها المسمى وكراء المثل فى الرديف، وإن حدث بها عيب يسير فالمسمى، وفى الرديف الأكثر من كراء المثل أو قيمة العيب إن لم يعب ركوبها. قلت: لم يجب عن مفهوم أن لم يعب ركوبها، وجوابه: إن اختار قيمة الركوب أن تكون قيمته على أنها معيبة من حين حدوث عيبها، وإن اختار قيمة العيب سقط منابه من المسمى. قال: وإن كان العيب كثيرت خير فى أخذ قيمة الرقبة ولا شاء له من الكراء أو المسمى والأكثر من كراء الرديف وقيمة العيب، وكذا إن هلكت إذا عيبت عن تمادى الثقل، وإن كان عثارا عرض لشدة الثقل فى آخر يوم فله المسمى وكراء المثل للأيام

الفارطة وقيمتها لآخر يوم، فإن وجبت القيمة والمكترى عديم والرديف مو سر فإن علم أنها بيده باكتراء، وإن ارتد أنه يخشى عليها منه ضمن قيمتها، وإن جهل أنها باكتراء غرم نصف قيمتها؛ لأن هلاكها منهما، ويختلف إن كان الغالب السلامة فهلكت بركوبهما هل يضمن؛ لأن هلاكها من باب الخطأ كمن اشترى عبدا فقتله خطأ ثم استحق اختلف فى ضمانه، والجواب فى زيادة الحمل كالرديف فى سلامتها وعيبها، وفيها: إن زاد المكترى على غايته ميلا ونحوه فعطبت فلربها كراؤها الأول، وخير فى قيمة كراء الزائد وقيمة الدابة يوم التعدى، ولو ردها بحالها بعد ميل أو أميال أو حبسها يوما ونحوه لم يضمن إلا كراء زيادة الأمد. الصقلى: عن محمد قيل: أنه ضامن ولو زاد خطوة، وروى ابن القاسم: يضمن بزيادة الميل ونحوه لا فيها يعدل الناس إليه فى الرحلة. قلت: قوله: (قيل: منهم وسمع عيسى ابن القاسم: إن زاد فى حملها ما تعطب به ضمنها كمن اكترى دابة لموضع ثم تعدى بها لغيره) ضمنها ولو خطوة واحدة. ابن رشد: هذا كقولها إن تعدى الزيادة لا يضمن به إلا أن يكون مما يعطب بها ويضمن فى زيادة المسافة، ولو قلت: لأنه صرف عداء لم يأذن فيه. وفى زيادة الحمل مأذون له فى تسييرها وسوى التونسى بينهما؛ لأنه لم يأذن له فى تسييرها على غير الصفة المأذون له فيجب أن يضمنها إذا سيرها على غير ما أذن له فيه. قلت: ظاهره أنه رد زيادة الحمل إلى الزيادة فى المسافة، وللتونسى فى كتاب العضب: ينبغى أن لا يضمن فى المسافة إلا أن يكون مما يعطب فى مثلها كقولها فى العبد الرهن: إن أعاره لمن استعمله لا يضمن إلا أن يكون عملا يعطب فى مثله، وقال سحنون: ولو زاد على ما أذن له من المسافة فهلكت الدابة بعد رجوعها لها ففى ضمانه ثالثها إن كثرت الزيادة. الصقلى: فى كتاب العضب وعن سحنون قائلا: كمن رد ما تلف من وديعة، ثم هكلت وكمكتر زاد ما تعطب به ثم أزاله ثم هلكت وابن حبيب عن ابن الماجشون وأصبغ.

الصقلي: هذا أحسنها، وفيها: إن حمل على الدابة أضر مما شرط ضمن، ولربها إن شاء كراء الفضل أو قيمة الدابة، وكذا إن طحن ما هو أضر. اللخمى: فى القيمة طريقان إحداهما فضل قيمة كراء الأضر على قيمة كراء ما أكريت له مع المسمى الثانية قيمة كراء الزائد من الأضر على قدر ما تكرى لحمله منه بقيمة كراء ما اكتريت له على أنها محمله بهذا القدر. قال الصقلى: صفة كراء الفضل فذكر الأول قال: وقال بعض شيوخنا: له قيمة كراء الثانى ما بلغ ويسقط الأول وليس شاء، إذ قد تكون قيمة كراء الأضر أقل من الكراء الأول لتغابن فيه وأظنه رأى. قول محمد فيمن أكرى الدابة فى أيام معينة واستعملها فى غير ما اكتراها له بغير إذن ربها أو وقفها حتى ذهب الوقت: قال ابن القاسم: عليه فى وقفها المسمى وفى استعمالها فى غير ما أكريت له وقيمة ذلك أكثر من قيمة ما اكتراها به فالفضل لرب الدابة، وإن كان أقل لم يكن له غيره. قال محمد: تفسيره سقوط الكراء الأول ويكون له قيمة الثانى كان أكثر أو أقل ولم يعجبنى بل له الأكثر منهما. الصقلى: معنى قول ابن القاسم إن كان أقل لم يكن له غيره؛ يريد: غير الكراء الأول؛ لأنه يقول لو أوقفها كان له الكراء الأول فكيف إن استعملها، ومقتضى الأصول أن له فى الأضر الفضل مع الكراء الأول، وفيما هو أخف المسمى؛ لأنه إن رضى به ولا فرق بين يوم معين وغيره، وفرق محمد بينهما، وقال فى غير المعين: عليه فيما حمل كراء المثل، ويلزمه حمل ما شرط بالمسمى وإن كره رب الدابة؛ لأن حمله غير ما أذن له فيه تعديا لا يفسخ الكراء الأول، وليس له أن يغرمه كراء فضل الضرر بخلاف المعين، وهو خلاف المدونة، وله عندى أن يأخذ منه كراء فضل الضرر أو يغرمه قيمة ما حمل، ويحمل الأول بالمسمى خير فى ذلك رب الدابة، ودليلنا أنه لو زاد على قدر ما شرط لوجب عليه كراء الزيادة فى المعين وغيره فكذا فى الأضر؛ لأنه فيه كأنه حمل ما أذن له فيه وزيادة عليه؛ لأن له حمل غير ما أذن له فيه مساويا له فى الضرر، ورب الدابة

باب (.....) يوجب فسخ الإجارة

يقول إنما اكريتها لحمل مرة واحدة وتحميلها ثانية يضرها، والظالم أحق أن يحمل عليه، وقال ابن مسير: إن كانت أيام كرائها معينة فقبضها، ولم يستعملها أو استعملها فيما هو أخف فعليه المسمى كاملا، وإن استعملها فى أكثر انفسخ الكراء الأول بمضى الأيام المعينة وعليه كراء المثل فيما استعملها فيه. الصقلى: يريد: ما لم يكن أقل من المسمى. قلت: هذا مثل قول محمد لا مثل قول الصقلى، وتقدم نحو هذا فى زراعة ما هو أضر بالأرض، وسمع أبو زيد ابن القاسم من اكترى بعيرا لحمل قدر فحمل عليه أكثر منه فقدم به، وقد عجف ثم علم بعداه بعد نحره فلربه كراء ما زاد أو ما بين القيمتين؛ يريد: ما بين قيمته يوم العداء أو يوم قدم به أعجف. ابن رشد: قول بعض الشيوخ: فى الموضع الذى تعدى فيه غير صحيح، لا يصح أن يكون تعدى، ولا فى موضع العداء إذ قد تكون قيمته يومئذ مثل قيمته يوم قدم به أعجف، فيذهب عداه باطلا والواجب أن يكون عليه ما بين قيمته يوم قدم به غير أعجف على حاله يوم العداء ويوم قدم به أعجف. [باب (.....) يوجب فسخ الإجارة] وفيها: مع غيرها فسخ الإجارة بموت المستأجر معينا أو تلفه، وفيها: وبذهاب مبتاع الدابة بعد إجارتها بها وتهدم الدار، وغرق الأرض كالتلف وله فيما مضى بحسابه

فيها من اكترى أرضًا ثلاث سنين فزرعها سنة، ثم تهور بئرها أو انقطعت عينها قوم العام الأول على قدر نفاقه وليس كراء الأرض فى الصيف والشتاء واحدًا وكذا بحسب كراء الدور في الهدم لا على عدد الشهور، وقد تكرى السنة لأشهر منها كدور مصر أو بمكة لكثرة عمارتها فى الموسم. ابن شاس: وتنفسخ بمنع استيفاء المنفعة شرعًا كسكون ألم السن المستأجر على قلعها، أو عفي عن القصاص المستأجر على استيفائه. قلت: هذا إن كان العفو من غير المستأجر وانظر هل يقبل قول المستأجر في ذهاب ألمه والأظهر أنه لا يصدق إلا أن يقوم على ذلك دليل، وفي يمينه مع ذلك نظر والأظهر أنها كأيمان التهم، وسمع أبو زيد ابن القاسم: من استأجر من يبني له دارًا بالريف بموضع معروف على صفة معروفة فذهب البناء إلى الريف فوجد البقعة استحقت فرجع له إجارته ذاهبًا لا راجعًا. ابن رشد: وكذا من استأجر أيامًا على عمل معين بغير موضع الإجارة له أجرته في ذهابه لا في انصرافه، قاله ابن حبيب عن ابن الماجشون وعن أصبغ، لا شيء له إلا من حين بلوغه موضع العمل. قال فضل: لو انصرف لمحاسبة بينه وبين المستأجر كانت له الأجرة في منصرفه هذا إن لم يكن في ذلك عرف ولو كان وجب الحكم به. قلت: فاتفقوا على فسخ الإجارة على البناء باستحقاق العرصة؛ ومعناه: إن لم يكن ربها عالماً بموجب استحقاقها كالغاصب أو المشتري منه عالماً غصبه كما تقدم فى جعل الدلاء له إذا ردت السلعة بعيب والبائع مدلس، وزاد في الطرر على ما سمعه أبو زيد قال: وفي المجالس إن قاطعه على بنائها لم يكن له شاء فى ذهابه ولا رجوعه؛ لأن ذلك فيما يلزمه من العمل قليل من الاستغناء. قلت: فى نوازل الشعبى عن ابن لبابة: له الأجرة من يوم خروجه، وقال أبو صالح: بل حين شروعه، وقاله مطرف بن عمر، وعن الباجى: لو استؤجر على حصد زرع معين فهلك، ففى الموازية عن أشهب: تنفسخ الإجارة، وقال ابن

القاسم لا تنفسخ. قلت: هذا خلاف سماعه سحنون إن تعذر حرث الأجير بكسر المحراث أو موت الدابة لم يسقط أجره سقط وبنزول المطر تسقط. ابن رشد: لقدرته على إعداد محراث آخر ودابة أخرى وعجزه عن حبس المطر. وفي الطرر قال سحنون في وثائقه: إم منع أجير البناء أو الحصد أو عمل ما مطر لم يكن له إلا بحساب ما عمل من النهار ولغيره له كل الأجر؛ لأن المنع لم يكن منه. قلت: ولا يدخل هذا الخلاف في نوازل وفتيا في بلدنا تونس؛ لأن العرف تقرر عندهم بفسخ الإجارة بكثرة المطر ونزول الخوف. ابن شاس: تنفسخ الإجارة بموت الصبي المرضع أو المتعلم لا بهلاك الثوب المستأجر على خياطته على ظاهر المذهب. قال القاضي أبو محمد: ظاهر مذهب أصحابنا أن محل استيفاء المنافع لا يتعين ولا ينفسخ العقد بتلفه بخلاف العين المستأجرة وتقدم لابن رشد انفساخها في أربع مسائل: الصبي المستأجر على رضاعه أو على تعليمه، والدابة المستأجر على رياضتها، والاستئجار على نزو أكوام معلومة تعق الدابة قبل تمامها، وتقدم من هذا في فصل الرضاع. وتخريج ابن عبد السلام: في اقتضاء يسير المنفعة دون جلها لموت الدابة ونحوها معينة بقيمة لا بمنابة من المسمى من القول به في استحقاق أكثر الثياب، وفوت أقلها عند المبتاع مضية يرد بأن الاستحقاق يوجب لغو عقد البيع؛ لصدوره من غير أهله في نفس الأمر فاوجب لغو اعتبار موجبه وهو الثمن فلزم اعتبار القيمة في الفائت، وموت الدابة ونحوها لا يوجب لغو عقد الكرام فلزم اعتبار موجبه وهو المسمى، فإن قيل: إن عنيت بلغو العقد في الباطن كونه لو علم البائع ملك المستحق كان يبعه غير تام؛ لأنه بيع ملك الغير. قيل: لهذا لو علم مكري الدابة موتها قبل المسافة؛ لأنه بيع معجوز عن تسليمه قيل المعتذر في الاستحقاق ممكن عادة وتعذر الدابة مستحيل عادة ولا يلزم من اعتبار

الممكن اعتبار المستحيل، وإن سلم هذا فرق بأن إيجاب العقد نفوه في عوضيه في موت الدابة أقوى من إيجابه ذلك في الاستحقاق؛ لأن مانع نفوذه في تمام العوض في مسألة الدابة أمر سماوي وهو في الاستحقاق أمر كسبي، ولا يلزم من لغوه فيه بترك موجبه وهو الثمن فيما سلم عن الاستحقاق لإمضائه بقيمته دون مثل ذلك في موت الدابة وإلا كان للوصف الأشد تأثيرًا كالأضعف، ودليل أن إيجاب العقد تعدده في عوضيه في مسألة الدابة أقوى منه في الاستحقاق لما ذكرناه اتفاق المذهب على لزوم العقد فيما سلم عن الجائحة، وإن قل وعدمه في الاستحقاق إن قل بأسلم عنه وقولنا وهو في الاستحقاق أمر كسبي أحسن من قولنا أمر اختياري؛ لأنه ينتقض بكون الاستحقاق بحديه؛ لأنها آيلة لأمر كسبي لا اختياري. وسمع أبو زيد ابن القاسم: من عثر بجرة استحملها فانكسرت وهو قوي على حملها لا ضمان عليه ولا أجر له، وإن لم يكن معه ربها فهو مصدق أنه عثر بها وإن كان كسرها غير معروف فله الأجرة إذا ضمن. ابن رشد: هذا مثل قول ابن القاسم فيها وروايته أن: ما تلف من قبل حامله ولم يغر به فلا ضمان ولا كراء؛ لأنه على البلاغ، وقيل إذا سقط ضمانه لزم رب المحمول الإتيان بمثله بحمله وله كراؤه. قال غيره فيها: وهو أشهب وقيل: له بحساب ما بلغ ولا يلزم رب المحمول أن يأتي بمثله وهو الآتي على قول ابن نافع فيها: في السفن إذا ظهر الكسر صدق في العثار، وإن لم يظهر وكان غير معروف فقوله له الأجر إذا ضمن؛ معناه: لا يصدق فيما ادعاه من العثار والتلف ويضمن مثله في أقصى الغاية وتكون له أجرته كاملة في هذا الطعام والمتاع القول قوله في تلفه: وإن لم يعلم ذلك إلا بقوله: وابن الماجشون لا يصدقه في أن عثر به وإن ظهر كسره. وسمع ابن القاسم: من اكترى دابة لطلب حاجة بموضع سماه على إن وجد حاجته دونه رجع وغرم بحساب ما بلغ من الكراء فلا بأس به ما لم ينقد، ولو قال: إن وجدت حاجتي بموضع كذا فلك كذا، وإن لم أجدها بمكان كذا فلك كذا، وذلك

يختلف كراهته. ابن رشد: قوله: أولا لا بأس به إن لم ينقد على قوله بلغو اعتبار الأطماع كقوله في رسم نذر سنة من سماع ابن القاسم من الدور والأرضين في اكتراء الدار سنة على أنه: إن خرج قبلها حاسبة بما سكن، وكقوله بعد هذا في رسم الشجرة: ورسم باع غلامًا، ومثل قول ابن القاسم: وروايته فيها في إجارة الرجل شهرًا على أن يبيع له ثوبًا على أن المستأجر متى شاء ترك أنه جائز إن لم ينقد؛ لأنها إجارة بخيار، وسحنون لا يجيز هذه المسألة على ما قاله في رسم الشجرة بعد ذا ولا مسألة المدونة بخلاف مكتري الدار سنة على أنه متى شاء خرج هذا جائز عنده، وعند الجميع إن لم ينقد، وإنما لم يجز سحنون هذه المسألة ولا مسألة الموضوع؛ لأنه رآه مجهلة في الكراء والإجارة وقال فضل في مسألة المدونة: إنما منعها سحنون؛ لأنه خيار إلى أمد بعيد وليس كما قال: لأنه إنما هو بالخيار في الجميع الآن وكلما مضى من الشهر شيء كان بالخيار فيما بقي فليس كالسلعة التي يشتريها على أنه بالخيار فيها الأمد الطويل؛ لأنه يحتاج إلى توقيفها؛ لانقضاء أمد الخيار فلذلك لا يجوز وليس ذلك في الإجارة والكراء إلا أن يكتري الدابة على أن يركبها بعد شهر أو يستأجر الأجير على أن يخدمه بعد شهر على أنه بالخيار في الإجارة والكراء إلى انقضاء الشهر وإنما لم يجزه سحنون؛ لأنه غرر؛ لانفساخ الإجارة فيما بقي من الشهر ببيع الثوب ولانفساخ الكراء في الدابة في بقية المسافة بوجوده حاجته دون انتهائها، فهذه علة قوله في المسألتين، لا ما قاله الفضل من أنه: الخيار في الأمد بعيد أنه إذا جاز أن يكتري الرجل الدار سنة بكذا على أن كلا منهما بالخيار جاز على أن أحدهما بالخيار كالبيع يجوز على أن أحدهما بالخيار كما يجوز على أنهما معا بالخيار. قلت: رد هذا القياس واضح؛ لأنه لا يلزم من جوازه بخيارهما جوازه على خيار أحدهما لتقرر الغرر في الثاني دون الأول؛ لأن من ليس له الخيار منهما لا يدري مال العقد بحال أو لزوم والمبيع قابل للتغيير لطول المدة وإن كان الخيار لهما فلا غرر؛ لأن كلا منهما على حكم اختياره ولاسيما على مذهب ابن رشد فيما هو على خيار المتعاقدين قال فيه: هذا العقد لغو كأنه عدم صرف قاله فيما ظن في النكاح على خيار العاقدين،

فإذا كان كالعدم فلا متعلق للغرر بحيث يوجب فيه فسادًا. قلت: وهذا الذي اختلف فيه هو الواقع ببلدنا تونس في أكرية ربع الأحباس على قبول الزيادة؛ لأنه لازم عقده للمكتري غير لازم للمكري؛ لأنه إذا زاده أحد في الربع شيئًا أخرج مكتريه منه إن لم يزد على من زاد عليه ومضى عمل القضاة على العمل به. قال ابن رشد: ولو شرط في كراء الدابة إلى موضع معين أنه إن لم يجد حاجته تقدم بها إلى موضع آخر ففي جوازه لشرط قيمته الموضع الذي يتقدم إليه أو كونه معروفًا، إن لم يكن بحساب الكراء الأول ولا تبعًا له أو بشرط كونه بحسابه، ثالثها: مع كونه تبعا لابن القاسم على أصله في لغو اعتبار الأطماع سماع أشهب مع سماع عيسى: لاعتبار الأطماع مع اختلاف الكراء ولغوه مع اتفاقه، وابن الماجشون: لإتباع الأطماع مطلقًا. وفي فسخ العقد بغضب المكتري من يد مكتريه فيسقط عنه الكراء من حينئذ وعدمه فلا يسقط، ثالثها: إن قصد الغاضب غصب الرقبة لا نفس الانتفاع لسماع ابن القاسم مع قوله: به قضى الجرمي بين أظهرنا حين قدم المسودة، وابن رشد عن قول ابن حارث: أنه رأى في بعض الكتب عن سحنون: المصيبة من المكتري، واختيار ابن حارث ابن رشد في المجموعة لابن القاسم وعبد الملك: من اكترى دارًا أو أرضًا فاغتصبها منه رجل فسكن أو زرع الكراء على المكتري إلا أن يكون سلطان ليس فوقه سلطان لا يمنع منه إلا الله تعالى، وهو تفسير لما في السماع؛ لأنه إن أخرجه من يقدر على الامتناع منه برفعه لن يمنعه منه فلم يفعل فكأنه سلم ذلك إليه. وتعرفه ابن حارث لا وجه لها في هذا المعنى إنما يفترق فيما يضمنه الغاضب على ما ل أصبع عن ابن القاسم فيمن يغصب السكني فقط فتنهدم الدار في سكناه مثل المسودة الذين ينزلون على الناس، وأنه لا ضمان عليه للهدم، وإنما عليه قيمة الكراء وقاله أصبغ؛ لأنهم لم يغصبوا رقاب الدور إلا أن تنهدم بطول سكناهم. الصقلي عن ابن حبيب: وكذا الحوانيت يأمر السلطان بغلقها، ولو اكترى رحى سنة فأصاب أهل سكانها فتنة خلوا بها من منازلهم فلم يأته الطعام لذلك فهو كبطلان

الرحى بكثرة الماء، أو نقصه يوضع عنه قدر مدة الخلاء، وكذا الفنادق تكترى لأيام الموسم إن أخطأها ذلك لفتنة أو غيرها، ولو كان المكتري مقيمًا آمنا بخلاف الدور تكترى، ثم تخلو الفتنة والمكتري مقيم آمن أو رحل لوحشه، وهو آمن فإنه يلزمه الكراء، ولو رحل لخوف سقط عنه مدة الخلاء في نوازل ابن رشد: إن قل الواردون من البلاد سكنى الفنادق المكتراة للنزول بها من فتنة أو خوف طرق وشبه ذلك، أو قل الواردون للطحن بالأرحاء المكتراة لجهد أصاب أهل ذلك المكان فهو عيب يخير لأجله المكترى في تماسكه أو فسخ الكراء عنه، فإن سكت ولم يقم حتى مضت المدة أو بعضها لزمه جميع الكراء، ولا يسقط عنه الكراء إلا بخلاء أهل ذلك الموضع حتى تبقى الرحى معطلة لا تطحن، والفنادق خالية لا تسكن ولا يلزم المكري إن قل الواردون أن يحط للمكتري من كرائه بقدر نقص الواردين بغير رضاه، وقول ابن الحاجب وابن شاس: لا تنفسخ الإجارة بإقرار المكري بغصب المكري واضح كقولها في لغو إقرار الراهن بجناية العبد الرهن بعد رهنه لا يقبل على المرتهن، ويخير المقر له بغضب العبد المكري في إمضاء الكراء فيستحق ما أكرى به، وفي تضمينه قيمة العبد إن طالت مدة إجارته لا مطلقًا خلافًا لبعضهم. وفيها: إن أمكن رب الدار مكتريها منها فتركها سنة، فإن لم يكن ربها فيها أو ساكن له أو شاغل فجميع كرائها على مكتريها كمن اكترى دابة ليركبها فأتاه بها ربها فأبى أن يركبها فعليه كل الكراء، ولو بقي مكري الدار في طائفة منها وسكن مكتريها باقيها لم يجب عليه إلا حصة ما سكن. اللخمي: إن ترك المكتري سكني الدار بعد أن مكن منها فأبقاها ربها خالية لزم مكتريها كراؤها، فإن أكرها ربها بأقل من المسمى حلف أنه لم يفعله رضي بالإقالة وأنه نظر ليكون أخف فيما يغرمه له، وإن أكراها بأكثر وأنه قال: اكتريتها لنفسي كان له الزائد. قلت: كذا هو في غير نسخة، وفيه نظر والصواب أن الزائد للمكتري بعد حلفه أن تركه السكني ليس إقالة.

قال اللخمي: وإن قال اكتريتها للمكتري كان الزائد للمكتري، وإن أشهد عندما أمكنه منها ولم يسكنها إن ترك خصومته ليس إقالة فله ذلك اتفاقًا، وإن سكن مكري الدار بعضها ومنع المكتري منه خير المكتري في فسخ الكراء في ذلك البعض وأخذه بقيمته إن كانت أكثر من منابه من المسمى، وإن كان بمعنى الإقالة سقط منابه من المسمى، وإن قال المكتري ما تركته إلا ليطلبه بقيمته حلف وأخذ فضل كرائه على المسمى، وفيها: من اكترى دارًا ثلاث سنين منعه منها ربها سنة فخاصمه قضي للمكتري بسكناها عامين وعليه كراؤها فقط كالعبد يمرض أو يأبق في الإجارة ليس عليه قضاء ذلك. اللخمي: هذا إن كان الكراء لا تغابن فيه أو غبن فيه المكتري، ولو غبن فيه المكري فللمكتري أخذ تلك الزيادة، ولو أكراها المكري خير المكتري في فسخ كراء تلك السنة، وأخذ قيمة كرائها إن كانت أكثر من المسمى أو أخذ ما أكراها به ويحاسبه من ذلك بالمسمى. قلت: ونحوه للصقلي عن بعض الفقهاء، وفي الجعل والإجارة منها من استأجر ثوبًا شهرًا فحسبه بعد المدة أيامًا لزمه أجر حبسه بغير لباس كأجر اللابس، وقاله ابن نافع، وقال غيره: بل بحساب ما استأجر إن كان ربه حاضرًا. الصقلي: عن بعض القرويين معرفة كرائه غير ملبوس بإسقاط قيمة ما ينقصه اللبس في تلك المدة من قيمة كرائه فيها على أن يلبس، وكذا الجواب في الدابة يحسبها بعد المدة شهرًا. الصقلي: فيه نظر إذ قد ينقصه اللبس والركوب في مدة حبسه قدر كرائه فلا يغرم له شيئًا، والمكري قد كان ينتفع بلباس ثوبه وركوب دابته وكرائهما مدة حبسهما فمنعه من ذلك فيجب أن يغرم في ذلك قيمة كراء ذلك على أنه لا يستعمل ويجب على قياس قوله: أنه لم ينقصه اللبس في مدة حبسه أن يقوم ملبوسًا، وهذا خلاف قوله: وذكر ابن العطار لنفسه ما عزاه. الصقلي: لبعض القرويين، وزاده إن قيل: قيمة كرائه على أن يلبس خمسة دراهم

وقيمة نقص لبسه درهم نقص من الخمسة وبقيت أربعة دراهم، ثم يقال يمكن أن يكريه ربه لو رجع إليه بهذا أو لا يجد كراءه فيعطي من الأربعة ما يقوم به على الاجتهاد فيما يقوم به على الاجتهاد فيما يقوم به على الغرر مما يمكن أن يكريه أو لا يجد كما ينظر في صداق المثل إلى حال الرجل والمرأة وكذا في الدابة يقال: ما ينقصها الركوب وإن كان لا ينقصها قيل: ما يمكن أن يزيد فيها الوقوف والراحة، وكذا الأرض ينظر على ما ينتفع به ربها إن بقيت بورا والدار لا يتصور فيها مثل هذا. وفي أكرية الرواحل منها: إن اكترى الدابة يومًا فحسبها أيامًا أو شهرًا وردها بحالها فلربها كراء اليوم ويخير في أخذ قيمتها يوم اللتعدي أو كرائها فيما حبسها فيه من عمل أو حبسه إياها بغير عمل ما بلغ، وإن لم يتغير. قال غيره: إن كان ربها حاضرًا معه بالمصر فإنما له في حبسها بحساب الكراء الأول؛ لأنه كان قادرًا على أخذها وإن كان غائبًا عنه، وردها بحالها فله في الزيادة الكثر من قيمة كراء ذلك أو من حساب الكراء الأول عمل عليها الأول شاء أم لا، وإن شاء فقيمة الدابة. عياض: قوله في مكري الدابة ليوم فحبسها أكثر إن كان كراء ما حبسها على حساب الكراء الأول أو أقل فلرب الدابة على حساب الكراء الأول كذا روايتنا ورواية الكافة، وكان عند يحيي بن عمر أكثر فأصلحه. قلت: إنما كان إصلاحه بلفظ الأقل؛ لأنه في قول الغير. الصقلي: روى ابن حبيب الأيام اليسيرة والأيام الكثيرة مثل الشهر ونحوه. قلت: ظاهره أن الخمسة عشر يومًا يسيرة. وقال أبو حفص العطار: مدة ما يضمنها فيه منا لحبس ما تتغير السواق إليه وهو قد أجاز السلم إلى خمسة عشر يومًا؛ لأن الأسواق تتغير إليه ولا يختلف ابن القاسم والغير أنه إن كان معه بالبلد أنه لا يضمن. الصقلي: عن بعض القرويين إن حبسها أيامًا بعد المدة وربها حاضر لم ينكر هلكت لم يضمنها على قول ابن القاسم: وإن أوجب عليه كراء المثل لقدرة ربها على أخذها،

وأما على قول الغير فأبين، ولا يختلفون في الغائب أنه له أن يضمنه القيمة. اللخمي: إن حبسها وهو في سفر، ولا عذر يمنعه ردها؛ فذكر قولي ابن القاسم وغيره، وصوب الأول بأنها مدة متعدى فيها لم يكن فيها عقد غلا أن يعترف بالرضي بالمسمى، وإن كان كراؤها لعملها بالمدينة، والعرف إتيان ربها بقبضها فلم يفعل فعليه الكراء، وإن لم يكن عرف، وكان ربها أتى بها للمكتري فعليه إتيانه لقبضها، وإن كان المكتري أتى لقبضها فعليه ردها، فإن لم يفعل فعليه كراء مدة الحبس، وذكر في قدره قولي ابن القاسم وغيره وصوب الأول قال: إلا أن يشهد على أحدهما بالرضي، فإن كان على المكتري فللأخر الأكثر، وإن كان على المكري فله الأقل أو تكون العادة أن التمادي بحساب الأول، فإن حدث عيب أو تلف لم يضمن على قول الغير أن لربها المسمى؛ لأنه يرى ذلك رضي منهما، وعلى قول ابن القاسم: يضمن ما عيب به قرب العقد وخرج عن المعتاد من التراخي بالرد؛ لأنه متعد، وإن طالت الأيام لم يضمن لشبهة الرضي إذا لم يطلبها، وفيما قرب يقول: كنت أنتظر ردها. الصقلي: عن ابن القاسم في العتبية من اكترى دارًا سنة فسكنها وتمادى ساكنا ستة أشهر قيل: عليه بحساب الأول، وقيل: كراء المثل؛ وهو أحب إلي. ابن حبيب عن ابن الماجشون: ما يجاز بغلق من دار وحانوت وربه ساكت عالم فله بحساب الكراء الأول، وما كان من مزرعة لا جدار عليه ففيه الأكثر من القيمة أو الوجيبة. قلت: مسألة العتبية هي سماع عيسى ابن القاسم. قال ابن رشد: هذا الاختلاف جار على الخلاف في كون السكوت كالإقرار أو لا فعلى أنه كالإقرار إن علم رب الدار بسكناه؛ فعليه بحساب الكراء الأول؛ لأنه يحمل على أن كلا منهما رضي به، وإن لم يعلم رب الدار سكناه ككونه غائبًا فعلى الساكن الزائد الأكثر من كراء المثل أو على حساب الكراء الأول، ويحمل على الساكن الرضي بحساب الكراء الأول إن كان أكثر من كراء المثل، وهو أحد قولي ابن القاسم وقول غيره فيها، ثم ذكر قول ابن الماجشون قال: واختاره ابن حبيب قال: وعلى أن

السكوت ليس إقرارا فعليه في ذلك كراء المثل ما بلغ حضر رب الدار أو غاب، وهو أحد قولي ابن القاسم، واختياره في هذا السماع. قلت: فحاصل ما تقدم أن حبسها غير مستعملة ففي غرمة قيمة كرائها غير مستعملة أو بحساب الكراء الأول إن حضر ربها، وإن غاب فالأكثر من ذلك، ومن كراء مثلها مستعملة قولا ابن القاسم والغري فيها، وإن حبسها مستعملة فثلاثة أقوال القولان اللذان ذكرهما ابن القاسم في السماع، وقول ابن الماجشون مع قول ابن القاسم وابن حبيب، وقال ابن الحاجب: لو حبس الدابة أو الثوب المدة المعينة ثبتت الأجرة إذ التمكين كالاستيفاء فلو زاد فثالثها إن كان المالك حاضرًا فنسبة المسمى، وإلا فالأكثر. وفي إسقاط بعضه بتقدير الاستعمال قولان فقرر ابن هارون الثلاثة بقولي ابن القاسم والغير فيها قال: وقيل: عليه الأكثر مطلقًا حضر ربها أو غاب، وقرر ابن عبد السلام الثالث بلزوم القيمة مطلقًا. قلت: وهذا أقرب، والقول بالأكثر مطلقًا لا أعرفه، ولا القول بنسبة المسمى مطلقًا إلا مما ذكره ابن القاسم نقلا في السماع المذكور، وهو فيما إذا استعملها في المدة الزائدة لا فيما حبسها غير مستعملة. وقال ابن عبد السلام: الضمير المضاف إليه بعض عائد على العوض الأعم من القيمة أو النسبة أو الأكثر اختلف في إسقاط بعض ذلك بسبب عدم استعمال المكتري مدة الحبس على قولين، والأقرب النقص، ثم ذكر ما تقدم في كيفية النقض. وقال ابن هارون: ظاهرة أنه اختلف في إسقاط بعض الكراء على تقدير استعمال الشيء المستأجر، وهذا لا يصح، ولعل مراده الخلاف في إسقاط بعض الكراء على تقدير ترك الاستعمال فاسقط الناسخ ترك، وهي ثابتة على أن هذا الفرع لا أعلم خلافًا في الإسقاط فيه لترك الاستعمال، وإنما اختلف في كيفيته. قلت: الصواب قول ابن هارون في عدم قبوله نقل ابن الحاجب القول بعدم الإسقاط لا قبوله كما فعل ابن عبد السلام، والصواب قول ابن عبد السلام في حمله

لفظ ابن الحاجب على ظاهره؛ لأن الوصف إنما يكون مقدرا في مسألة إذا لم تكن مصورة على حصوله فيها، والمسألة المذكورة في كلام ابن الحاجب إنما هي مصورة على عدم استعمال المكتري مدة الحبس. قال ابن الحاجب: ولو كانت المدة غير معينة فحبسها فكذلك والكراء الأول باق، وذكرها ابن شاس وقال: عليه كراء المثل لمدة حبسها، والكراء الأول باق، ولو استعملها في غير ما استأجرها له فعليه كراء المثل فيما استعملها فيه والكراء الأول باق. ابن عبد السلام: يعني لو اكتراها لسفر معين، ولم يبين أول زمان خروجه فحبسها لزمه في مدة حبسها ما ذكره فوق هذا من القولين، وقد يقال يفسخ الكراء الأول؛ لأن المدة وإن لم يعيناها فهي تتعين بمقتضى الحال؛ لأنهما لو تنازعا الحكم لمن أراد الاستعمال أثر العقد على مقتضى العرف. قلت: ما ذكره ابن شاس وابن الحاجب من بقاء العقد هو مقتضى الأصول كمن أسلم إلى رجل في قميص فأخذ المسلم إليه عمامة تعديا وأتلفها، فإنه يلزمه عزم قيمة العمامة والسلم بينهما باق، وقول ابن عبد السلام: وقد يقال يفسخ الكراء إلى آخره، يرد بأن تعيين زمن اقتضاء المنفعة إذا ذكر تابعا للمنفعة لم يوجب فوته فسخ العقد بحال، وما ذكره من التعيين بمقتضى الحال إن سلم إنما هو من التعيين التابع للمنفعة لا من التعيين المساوي لتعيين المنفعة. وإنما قلت: هذا التفصيل لنص قول ابن القاسم إن اكترى دابة بعينها لبلد ليركبها في غده فأخلفه المكتري فليس له إلا ركوبه أو يكريها من مثله إلى البلد، وإن أكراها أياما معينة انتقض الكراء فيما غاب منها، وقد تقدم نحو هذا حيث قلنا فرق بين اعتبار الخص لتحصيل أعمه وبين اعتباره لتحصيل عينه فوته في الأول لا يبطل العقد على أعمه، وفوته في الثاني يبطله، ووجه التفرقة واضح. وفيها: إن تغيب الحمال يوم خروجك فالكراء باق في كل سفر في كراء مضمون إلا الحاج، فإنه يفسخ ويرد ما انتقد لزوال إبانه، وقاله مالك في كراء دابة معينة ليركبها إلى موضع كذا في عيد فيغيب ربها، ويأتي بها بعد يومين أو ثلاثة ليس له إلا ركوبه قال

غيره: ولو رفع إلى الإمام فسخ ما آل للضرر. اللخمي: إن كانت المدة المعلومة غير معينة لم ينفسخ بذهابها إلا بحكم ينظر الإمام إن لم يضر الصبر لم يفسخ، وإن كان فيه مضرة فسخ ككون الكراء للحج أو البلد إن فاته الخروج مع هذه الرفقة فاته ما اكترى أو غير ذلك من العلة كان فيها قولان: هل يفسخ بفوت ذلك أو بالحكم؟ فإن أتى بالإبل بعد فوت الحج أو فوت الرفقة ففيها لمالك: يفسخ في الحج وحده. وفي الموازيَّة: لا يفسخ، وقال غيره في غير الحج: ينفسخ والفسخ فيهما أحسن؛ لانه لو رفع للحاكم فسخ اتفاقاً، ولو غاب كري مضمون ووجد له مثله لم يستحقه مكتريه إلا بالحكم، وإن لم يوجد وله ما يكرى به عليه أكرى عليه الحاكم منه، وإن لم يكن شيء وطاع المكتري بسلفه جاز إن علم له مال، وإن لم يعلم ففي صحة سلفه لذلك قولا ابن القاسم ومحمد، ورجح اللخمي الأول بالقياس الأحروي على منع غرماء مفلس طاع برد ما ابتاعه لبائعه لعجزه عن ثمنه بسلفهم إياه الثمن لربحه فيه. وفيها: إن هرب مكتر ورفع مكريه أمره للإمام بكري الإبل الهارب، فإن تعذر كراؤها فلربها إكراؤه؛ كقول مالك فيمن اكترى على حمل شيء عند وكيله ببلد آخر فلم يجده المكري تلوم له الإمام بغير ضرر، فإن لم يأت الوكيل أكراها الإمام للمكتري، فإن تعذر كراؤها فلربها كراؤه؛ ولو رجع المكري دون رفع الإمام هو بالبلد رجع ثانية، وإن لم يكن بها سلطان، فإن فعل ما يفعله وأشهد كان كفعل السلطان، وروى ابن وَهْب: إن أتى الجمال حيث أوعده مكتريه فلم يجده رفع لإمام الموضع إلا أن يجد الكراء، فإن رجع دون رفع الكراء لما أكرى إليه، فإن تعذر وجهل إعلام الإمام لم يبطل عمله، ونحوها سمع ابن القاسم. ابن رُشْد: حاصلها إن ترك الرفع للحاكم أو التلوم والإشهاد لفقد الحاكم، فإن ردها مكراه لنفسه فكراؤه له، والعقد باق اتفاقاً، وإن أكراها للمكتري ففي فسخ الأول ويأخذ المكتري ما أكراها به مسقطاً منه فضله على الأول إن كان نقد وتخييره في

هذا، وفي التماسك بالعقد الأول قولان لظاهر رواية ابن وَهْب فيها مع هذا السماع وسَحنون في هذا السماع مع ابن القاسم وروايته فيها. وقول التونسي: معنى رواية ابن وَهْب: إن رضي بفعله، إلا فالكراء الأول قائم صحيح معنى بعيد من لفظه، وإن ردها فارغة مع إمكان كرائها ففي بقاء العقد الأول وانفساخه قولان للآتي على قول ابن القاسم مع روايته، وظاهر رواية ابن وَهْب: وإن ردها فارغة لتعذر الكراء ففي لزوم رجوعه وعدمه مع استحقاقه كل الكراء قولان على روايتي ابن القاسم وابن وَهْب، والتلوم والإشهاد حيث لا حاكم كالرفع إليه إن أكرى المكترى في تركه له فيرده لحمل طعامه، وأخذ كرائه، فإن شاء أخذه، فإن كان فيه فضل فهو للمكري، وإن كان فيه نقص فعلى المتكاري، وهو صحيح على أصولهم والتلوم والإشهاد حيث السلطان لغو، وإن رجع فارغاً، وقال: ألم أجد كراء لزمة إقامة البينة. اللخمي: إن غاب المكترى والمدة معينة فلرب الإبل الرفع للحاكم ليكريها فيما اكتريت له أو دونه إن تعذر، فإن لم يجد، وانقضت المدة لزمة الكراء مجاناً، وإن لم تعين المدة أكريت كذلك، فإن تعذر تربص فإن لم يوجد تربص المدة التي يستعمل فيها لو وجد، فإن لم يكن خلا عنه، وقضى له بالكراء، وإن لم تنقض تلك المدو حتى أمكن كراؤها، فإن كانت معقولة لم يكن له إلا بقية المدة، وإن لم تعقل، وكان ربها ينتفع بها استؤنفت مدة إجازتها، وهذا استحسان لتغييب أحد الضررين، ولو كان الكراء لسفر أكريت في مثله أو فيهما هو دونه إن تعذر، فإن تعذر ورمى في بعض الطريق الآخر أخرجت له، فإن لم يرج ففي الحضر، فإن تعذر خلى عنه، وأخذ المكري الكراء مجاناً. ابن الحاجب: ولو أجر مستحق الوقف، ومات قبل مدتها ففي انفساخها قولان. قُلتُ: هو معنى قول ابن شاش: إن مات البطن الأول من ذوي الوقف بعد الإجازة قبل تمام مدتها انفسخت الإجازة في باقي المدة لتناولها ما لا حق للمستأجر فيه. وقيل: إن أكرى مدة يجوز الكراء إليها لزم باقيها، ولا أعرف الثاني لقول ابن شاس، ولم يعزه ابن هارون، ولا ابن عبد السلام، وظاهر قول الشيوخ نفيه في أواخر

ثاني وصاياها إن أعمرك رجل حياتك خدمك عبداً لم تؤاجره إلا لمدة قريبة كسنة أو سنتين وأمد مأمون، ولو أوصى لك بخدمته عشر سنين فأكثريته فيها جاز كمن أجر عبده عشر سنين، ولم أر من فعله، وإن فعل جاز، وهو خلاف المخدم حياته؛ لأنه إن مات المخدم سقطت الخدمة، والمؤجر يلزم باقيها لورثة الميت. قال ابن رُشْد: في ثاني مسألة من رسم العتق من سماع عيسى من كتاب المخدم تجوز إجازته المدة القريبة السنة والسنتين والأمد المأمون بالنقد لم يجزه في المدونة، وأجازه في سماع أشهب في كتاب الصدقات والهبات، فإن نزل فعلى الأول إن عثر عليه، وما بقى من المدة يسير لم يفسخ، وإن كان كثيراً فسخ قاله في الموازيَّة، وقال في سماع أشهب أجاز في هذا السماع اكتراء الدار عشرين سنة من الذي صارت إليه بالتحبيس، والكراء ينتقض بموته ومعنى ذلك ما لم ينقد؛ لأنه إن نقد، فإن فات انتقص الكراء فيرد للمكترى مناب باقي المدة، وكان سلفاً، وقيل: لا يجوز لهذه المدة الطويلة، وإن لم ينقد ففي القريب يجوز، وإن نقد على ظاهر المدَوَّنة، ومثله لمحمد، ويحتمل أن تحمل المدَوَّنة على عدم النقد؛ فالكراء في القريب دون جائز اتفاقاً، وفي البعيد معه لا يجوز اتفاقا، ويختلف في جوازه بغير نقد في البعيد وبالنقد في القريب على قولين، ونص على ذلك في الموازيَّة: روى محمد يكريها قليلاً قليلاً. وقال عبد الملك: السنة والسنتين، ولم ير في السماع حجة للقائم من الورثة على المكتري فيما ذكره من طول الحيازة؛ لأنها علة ترفع بالإشهاد كما ذكر، وهو خلاف ما في أول رسم من سماع أشهب من كتاب الأقضية فيمن له ممر بحائط رجل ليس له أن يحضره، وإن لم يجعل عليه بابا لئلا يطول الأمر فينسى حقه. المتيطي وابن فتوح واللفظ له: روى ابن القاسم وقال: لا يجوز القبالة في الأحباس على معنيين إلا لعامين أو نحوهما، وبه القضاء خوف موت بعض الأعيان فتنتقض القبالة لذلك، والغرر داخل فيما حاداه، ولكن بسير مضطر إليه، وروى أشهب: تجوز لخمس وعشرين سنة ونحوها.

قُلتُ: فظاهر أقوالهم عدم خلاف في نقضه بالموت، وقد يتخرج عدم فسخه من فتوى أهل طيطلة في نسألة الشقص يكريه مشتريه، ثم يقوم الشفيع قبا انقضاء المدة حسبما يأتي في بلوغ اليتيم قبل تمام مدة إجازته قلا: وقباله أحباس المساجد والمساكين غير المعينين جائزة لمدة طويلة، واستحسن قضاة قرطبة أربعة أعوام خزف دروسها بطول مكثها بيد متقبلها، ورأى أهل البصر أن هذه المدة أقصى ما يبقى الزبل في الأرض؛ لأن المتقبل يزبل ويعمر واستحسن قوم من أهل الاحتياط أن لا تقبل ممن يجاورها خوف أن يخيف منها، ولا من ذوي قدرة بغير ما وجد ابن عات إنما المدة أربعة أعوام في الأرض والدور والحوانيت وشبهها عدم فقط. وفيها: من واجر يتيما في حجرة ثلاث سنين فاحتلم بعد سنة ولم يظن ذلك به لم يلزمه باقي المدة إلا إن بقى كالشهر. قيل لأبي حفص العطار: أيصدق في احتلامه. قال: يظهر بالإثبات وكلامه ودلائل حاله، فإن ادعى ما يظهر عليه صدق. قيل: ايحلف. قال: لا، لأنه إن لم يكن احتلم لم تصبح يمينه، وإن كان احتلم فلا يمين عليه. قُلتُ: الأظهر طلبه باليمين رجاء أن يقر، وأخذ منها ابن عتاب: أن للشفيع فسخ كراءالمشتري للشقص إن أكرى المشتري عالماً أن له شفيعاً إلا أنتقل المدة كالأشهر أو تكون أرضا زرعت، وإن لم يعلم المشتري بالشفيع إنما اشترى أرضا استحق بعضها فلا يفسخ إلا في الوجيبة الطويلة، وتمامها في الشفعة. وفيها: إن أكرى ربعه ودوابه ورقيقة، واحتلم بعد سنة، وظن أنه لا يحتلم في تلك المدة لم يفسخ، وإن آنس رشده، وقال غيره: إنما يلزمه فيما قل. قال ابن القاسم: وإن عقد عليه بلوغه قبله لم يلزم في نفسه، ولا في ملك، وكذا الأب، وما عقده ولي أو سلطان على سفيه بالغ في ربعه أو رقيقة سنتين أو ثلاثا، ثم رشد فذلك يلزمه؛ لأن العاقد عليه يريد عقد ما يجوز له قال غيره: إنما يجوز أن يعقد عليه السنة ونحوها؛ لأنه جل كراء الناس، ولرجاء إقامته كل شهر، وما أكثر له فسخه.

قُلتُ: قول الغير وفاق لتعليله بالعرف، وفي عتقها الثاني من واجر عبده سنة أو أخدمه، ثم أعتقه قبل السنة لم يعتق حتى تتم، ولو مات قبل السنة لم تنتقض الإجازة، ولا الخدمة ويعتق العتق لتمام السنة من رأس ماله إلا أن يترك المستأجر أو المخدوم بقية الخدمة في رسم إن خرجت الثاني من سماع عيسى من الجنايات من أعتق عبده بعد أن أجره سنة قبل سنة قبل تمامها كراؤه لسيده، وإن لم يستثن ماله، وإن كانت أمه لم يطأها أصْبَغ لا شيء لسيده من أجرته إلا لما مضى قبل عتقه قبضه أم لا. ابن رُشْد: قول أَصْبَغ خلاف قول ابن القاسم. ابن حبيب: الإجازة أملك به وأحكامه أحكام عبد، واختلف في إجازته قال مالك: يسأل السيد إن أراد أنه حر بتمام الأجر صدق والأجرة له، ولو لم يقبضها، وإن أراد تعجيل عبده فهي للعبد قبضها أم لا، وروى داود بن جعفر في المدينة مثل ما روى ابن حبيب، وزاد يحلف إن أراد أنه حر بتمام الإجارة، وما حكى ابن حبيب أنه يسألتفسير لقول ابن القاسم: فإن مات قبل أن يسأل أو قال ما لم أنو شيئاً تخرج على قولين: أحدهما: حمله على حريته بتمام الإجارة إذا لم يقبل باستحلافه على ذلك فرأى أن الإجارة له إلا أن يقول أردت تعجيل عتقه. والثاني: أنه محمول على إرادة تعجيل عتقه، وهو مقتضى رواية داود ففي الحكم عليه بمقتضى تعجيل العتق، وتأخيره إن حلف ثالثها: بمجرد قوله لابن نافع مع أَصْبَغ، ورواية داود بن جعفر، وهذا السماع مع رواية ابن حبيب، وسمع يحيى ابن القاسم في المسألة إن جرح العبد رجلاً خير سيده في فدائه، ولا غرم عليه فيما أخذ من أجرته للسنة، فإن أبي خير المستأجر، فإن فداه أخذ منه بقية الإجارة، وإن شاء فسخ الإجارة، وحاسب سيده بما مضى منها، وقبض منه ما بقى عليه، وعتق العبد ساعة نقض الإجارة؛ لأن للمستأجر لو لم يسجن العبد فسخ الإجارة، وإغرام السيد باقي استكمال أجرته فيعتق العبد، ويتبع بأرش الجناية. قُلتُ: فإن فداه سيده اتبعه بما فداه به. قال: ولو كان ذلك في أمة وولدت ولداً.

ابن رُشْد: في هذه المسألة نظر؛ لأن قوله: يخير المستأجر في فسخ الإجارة إن لم يفده سيده ... إلى آخر قوله: وعتق العبد وأتبع بالجناية لا يستقيم، ووجه العمل أن يبدأ بتخيير المستأجر في فسخ الإجارة، فإن فسخها عتق وأتبع بالجناية، وإن تماسك بالأجرة خير سيده في فدائه؛ فيكون له الأجرة، وفي إسلامها للمجني عليه، فإن انقضت عتق العبد واتبع بقيمة الأرش، ولا تفسخ الإجارة لتقدمها على الجناية، وقوله في السماع: أن المستأجر يخير، فإن شاء افتداه واختدمه بقية الأجرة، وإن شاء فسخ الإجارة يدل على أنه رأى أنه من حق المجني عليه إن أبى سيده فداءه أن يفسخ الإجارة فيواجر له من غيره إذ قد يجد من يواجره بأكثر من ذلك؛ فيكون من حق المستأجر حينئذ أن يفتكه بالجناية ليبقى العبد في إجارته. قُلتُ: حاصله أن جعل تمكين المستأجر من إتمام الإجارة بفدائه وفسخها ملزوماً لتمكين المجني عليه في عدم فدائه ربه من فسخها، وإجارته من آخر، ولا خفاء عند من تأمل وأنصف في عدم هذه الملازمة لوضوح نفي العلاقة بين ما ادعى الملازمة بينهما. والفرق بين تمكين المستأجر من إتمام الإجارة بفدائه إن لم يفده ربه، وتمكين المجني عليه من إنسائها واضح؛ لأن تمكين المستأجر من إتمامها له إنما كان لتقدم عقدها له قبل العتق والجناية وإنشاء المجني عليه متأخر عن ثبوت عتقه، وتمامه بترك المستأجر الإجارة؛ لأنها إجارة حر بغير اختياره. ابن رُشْد: وسكت عن جواب سؤاله هل يتبعه السيد بما فداه به إن فداه وجوابه أن ليس له اتباعه؛ لأنه إنما فداه ليستحق به الأجرة، ولم يجب أيضاً عن حكم الولد للأمة هل يدخلون في الجناية أم لا؟ ولا إشكال في عدم دخولهم؛ لأنهم ولدوا قبلها، وكذا أو ولدوا بعدها على المشهور، وإنما الكلام هل يعجل عتقهم أو يؤخر لعتق أمهم ومقتضى النظر تعجيله؛ لأن مانعه في الأم عقد الإجارة السابق والولد لا أجرة فيهم. قُلتُ: مقتضى المشهور أنها بهذا العتق اللاحق لعتق الإجارة كمعتقة لأجل؛ فيجب أن يحكم لولدها بحكم ولد المعتقة لأجل، فتكون خدمتهم إن كانت لهم خدمة

لسيدها. وفيها: إن ظهرت من مكترى دار دعارة أو فسق أو شرب خمر لم ينتقض الكراء، ويمنعه الإمام ذلك، ويكف أذاه عن رب الدار والجار، وأكراها عليه. اللخمي: أرى أن يخرجه إن تعذر كراؤها من يومه وما قاربه وتخلى لإكرائها، فإن تعذر ذلك حتى خرج الشهر لم يسقط عنه كراؤه، وكذا إن ببان أنه سارق يخشى منه على أبوابها، وروى ابن حبيب في فاسق ذي دار بين دور الناس يعاقبه السلطان ويمنعه، فإن لم ينته يبعت عليه. اللخمي: وأرى أن يبدأ بعقوبته لجرمه، فإن لم ينته أكريت عليه، فإن لم ينته بإذايته لإتيانه إليها يبعت عليه، وسمع أبو زيد ابن القاسم آخر مسألة من كتاب السلطان: قال مالك في سابق يأوي إليه أهل الفسق يخرج من منزله وتكرى عليه الدار والبيوت، ولا تباع عليه لعله يتوب فيرجع لمنزله. ابن القاسم: يتقدم إليه مرة أو مرتين أو ثلاثا، وقوله فيها أصح لما ذكر من أنه قد يتوب، ولو لم تكن الدار له إلا بكراء أكريت عليه، ولم يفسخ كراؤه قاله فيها. قُلتُ: لأن فسخ الكراء مضرة على رب الدار، ويحتمل جمل رواية ابن حبيب على من لا ترتفع مضرة فسقه إلا برفع ملكه عنها، وحمل رواية ابن القاسم على من ترتفع بمجرد كرائها عليه. ابن رُشد: وروى يحيى بن يحيى أنه قال: أرى أن يحرق بيت الخمار قال: وأخبرني بعض أصحابنا أن مالكاً كان يستحب حرق بيت المسلم الذي يبيع الخمر. قيل له: فالنصراني يبيعها من المسلمين. قال: إن تقدم إليه فلم ينته أحرقت بيته. قال: وحدثني الليث أن عمر بن الخطاب أحرق بيت رويشد الثقفي؛ لأنه كان يبيع الخمر وقال له: أنت فويسق لا رويشد.

والإقالة من الكراء كالكراء: لقولها: الإقالة بيع من البيوع فموانعها كموانعه وتحصيلها. ابن رُشْد في المقدمات: حسن. اللخمي: دون زيادة من أحدهما جائزة بعد النقد وقبله على أنها حل بيع أو بيع على أن الذمم تبرأ، وعلى عدمه تمنع في المضمون؛ لأنه فسخ دين في دين، وإن كان معينا جاز، لأن المكري يتصرف فيها الآن بالبيع وغيه ففارق أخذ الأجنبي منافع عن دين. وتجوز بزيادة من المكري قبل غيبته على النقد عيناً كانت أو نقداً، وهي لأجل فسخ دين في دين، وبعد غيبته عليه لتهمه سلف بزيادة، فإن كانت بعد سيرهما ماله قدر في جوازها قولا ابن القاسم مع مالك وغيرهما والأول أحسن. وقد قال ابن مسلمة: من ابتاع ثوباً بأقل مما باعه لأجل إن فات مضى، واختلف في منع الزيادة في الراحلة بعينها كمضمون والجواز أبين والزيادة من الجمال لاستخلاص راحلته لتصرفه فيها جائز، وإن كان لركوبها كغيرها على التراجع إن هلكت قبل مدة الإجازة فأصل ابن القاسم المنع، وعلى قول أشهب يجوز. زيادة المكترى قبل النقد والكراء معين أو مضمون جائزة كانت عيناً أو عرضاً فإن كان الأول دنانير جازت زيادة دراهم دون صرف دينار أو صرف دينار على أحد قولي مالك نقداً إلا لأجل، وتدخل زيادة دينار لأجل في فسخ في دين وصرف المستأجر، وإن كانت بعد النقد على رد بعضه جاز، وإن أقاله على دفع المكترى عرضاً نقداً أو لأجل جاز؛ فيكون المكرى اشترى ديناً في ذمته، وديناً يكون له في ذمته المكترى بعشرة نقداً وذلك جائز. وفي حكم كراء السفن اضطراب: قال ابن رشد في أول مسألة من نوازل أصبغ من كتاب الرواحل: قول ابن القاسم وروايته: أنه على البلاغ كالعجل الذي لا يجب إلا بتمام عمله كان على قطع الواسطة أو الريف وهو معلوم من مذهبة قال: من أكرى سفينة من الإسكندرية للفسطاط؛ فغرقت في بعض الطريق؛ فخرج نصف القمح، وحمل في

غيرها لربها من كراء ما خرج من القمح بقدر ما انتفع ربه ببلوغه حيث غرق؛ لأن الكراء من الإسكندرية للفسطاط إنما هو في النبل فلن ير لرب السعينة كراء فيما ذهب من القمح، ورأى أنه فيما سلم منه بقدر ما انتفع ربه ببلوغه إليه؛ كقوله في الجعل على حمل خشبة تصل الي بعض الطريق، ثم يحملها ربها فينتفع بها حملها الأول؛ فعلى قول ابن القاسم: إن غرقت أو ردها الريح من حيث خرجت أو لخوف لصوص أو عدو، وذلك مطلب الركاب من أجل الحزن فلا كراء لربها كانوا ملجلجين أو غير ملجلجين محاذين لقرية أو غير محاذين على النزول أو غير قادرين. وقال ابن نافع في المدونة: له بحساب ما بلغت، ورواه ابن أبي جعفر عن ابي القاسم: فعليه إن غرقت في لجة البحر أوردها الريح أو خوف العدو أو اللصوص إلى حيث أقلعت يكون له من الكراء بحساب ما بلغت كان الكراء على قطع البحر أو الريف الريف. وقال يحيى بن عمر: إن أكريت على قطع البحر فهي على البلاغ، وإن أكريت الريف الريف فبحساب ما بلغت، وتفريق أَصبغ في نوازله بين كونهم ملجلجين أو غير ملجلجين محاذين القرية قادرين على النزول فيها أو غير قادرين قول رابع وسواء على ظاهر قوله: كان كراؤهم على قطع البحر أو على الريف الريف، وهو استحسان على غير قياس، وكذا تفرقة يحيى، وقول ابن نافع أظهر من قول ابن القاسم في المدونة؛ لأن رد الكراء إلى الأجازة أولى من رده للجعل. قُلتُ: تلخيص طول نازلة أَصْبَغ أنه إن ردت الريح المركب لمحل إقلاعه دون بلوغهم حيث يمكنهم النول آمنين من الريح فلا شيء عليهم، وإن كان بعد بلوغهم حيث يمكنهم ذلك فعليهم بقدر بلوغهم ذلك المحل كانكسار المركب بهم حيث سلم لهم شيء فعليهم بقدر ذلك فيما سلم. قال أَصبغ: إن ردهم أصحاب المركب لمحل إقلاعهم باختيارهم لربهم كل الكراء، وإن كان بإكراههم سقط عنهم، وإن طلبه الركاب لعذر عدو لصوص أو بحر أو ورم سقط عنهم إن لم يكن محل أمن قبل إقلاعهم، فإن كان ردوا إليه

ولزمهم من الكراء منابة، فإن لم ينزلوا هم باختيارهم فكذلك، وإن منعوهم النزول به سقط عنهم ابن رُشد في جواز النقد فيه على أنه على البلاغ قولان. قُلتُ: قال الصقلي: كره مالك وابن القاسم النقد فيها؛ لأن كراءها على البلاغ، وأجازه ابن نافع. المتيطي: وقاله أَصْبَغ وأشهب: ورأوا لرب السفينة بقدر ما جرى، وقضى به سَحنون إلا أن أَصبغ قال: إن بلغ الغاية، ثم ردته إلى الريح فلا شيء له ووافقهم إذا مشى الريف الريف أو أرسى، ثم ردته الريح وقاله يحيى بن عمر: وكذا لو أمكنهم التحاق بالبر، ولم يمنعهم مانع ثم ردتهم إلى الريح. وسمع عيسى ابن القاسم: من أكرى بقدر ما سار سَحنون، وكذا مكترى الدابة في نصف الطريق فتنة حيث يريد الوصول بحيث لا يستطيع دخوله. ابن رُشْد: لا خلاف إذا منعه من الوصول إلى حيث اكترى خوف لصوص وشبهه أو قلة ماء منع سير المركب أن له بحساب ما مضى، وتنفسخ فيما بقى، وسمعه أبو زيد: من تكاري على متاع للإسكندرية من نوتي؛ فوقف المركب ببعض الطريق من قلة الماء فظن النوتي أن يلزمه حمله للإسكندرية فاكترى عليه من ذلك الموضع حتى بلغه الإسكندرية فلا شيء للنوتي، ولو شاء لم يفعل إذ ليس ذلك عليه، وله أن يرفع للسلطان ليفسخ عنه، ولو وقف حيث لا سلطان، وخشي تلف المتاع لم يشبه الأول لأنه بموضع تلف. ابن رُشْد: لأن النوتي في كرائه لحمله مخطيء على رب المتاع، فإن كان لا بد من الكراء عليه من حيث وقف المركب إلى حيث أكرى على حمل فأخطأ الحمال فحمل غيره أنه إن، أراد أخذ الحمل لم يأخذه إلا بغرم الكراء، وفيمن استأجر حصادين على حصد الزرع له فحصدوا زرعاً لغيره أو استأجره من يحرث أرضاً له فحرثوا أرضا لغيره أن على من حصد زرعه أو حرثت أرضه غرم قيمة العمل إن كان لا بد له من الكراء على ذلك،

كقول أشهب في نوازل أَصْبَغ في الكرى: فيخطيء فيحمل غير الحمل الذي اكتري عليه، وقوله في كرائه عليه من حيث لا يخشى هلاكه، ولا سلطان فيه: بوجوب الكراء على رب المتاع بين كقولها مع غيرها فيمن التقط متاعا فحمله إلى موضع. اللخمي: كراء السفن جعل وإجارة؛ فالجعل قوله: إن بلغتني محل كذا فلك كذا وإلا فلا شيء لك، وهو جائز كما شرط والإجارة أن يجعل له شيئاً معلوماً على إن بلغه دون المحل فله بحساب سيره، فإن سمى للغاية دون توقيت؛ كقوله: استأجر مركبك هذا البلد كذا بكذا جاز، وإن استأجرتها مدة معلومة لسفر ناحية بعينها دون تعيين بلد أو وسيره بالقذف جاز، وإن كان بسير الريح؛ فقال مالك مرة: هو جائز. قيل له: ربما أبطأت السفينة، وربما أسرعت. قال: وكذا الدابة. وقال مرة: إن كان يختلف فلا خير فيه، وإن لم يختلف فلا بأس، وهذا أصوب؛ لأن سير الدابة متقارب بخلاف سير السفن، وإذا بالقذف فهو متقارب، وإن حبسه نوء لم يكن عليه فيما منع من السفر بشيء. المتيطي: ولا بد من تعيين وقت الركوب إن لم يكن معروفاً. اللخمي: فإن استأجرها شهراً فانقضى، وهو بمستتعب يسلمها ربها، وإن كان غير مستعتب فاه التمادي لمستعتب لا يضر اكتروا به وغرم للزيادة أجر مثلها، ولو بقى من المدة يومان، وهو مستعتب، وإن انفصل عنه لم يصل المستعتب إلا بعد انقضاء مدته نزل حيث هو وحط عنه من الكراء بقدر باقي المدة إلا أن يكون تماديه بها بعد انقضاء المدة يسيراً فله ذلك، ويغرم للزيادة كراء مثلها، وإن اكتراها مدة ليردها لربها، وإن امتراها ليصيد عليها عليها معيناً سقط منابه، وإن كان غير معين لم يسقط، وكمل أيام الشهر.

الصقلي: قال مالك: من اكترى مركباً لحمل طعام بجزء منه على تعجيل قبضة جاز، وعلى تأخيره لمحل بلوغه لم يجز. الصقلي: ولو وقع على السكت ففي منعه وجوازه قولا ابن القاسم وغيره، فلو ذهب الطعام بغرق، وقال ربه كان الكراء على قبضه، وأكذبه المكري صدق المكتري بيمينه وأغرمه مثل المكيل حيث قبضها؛ لأنه يدعى الحلال. الصقلي: لو كانت سنتهم التأخير قبل قول مدعيه. قاله كثير من شُيُوخنا: ولو عطب المركب قبل إقلاعه فادعى الركاب دفع الكراء؛ فالقول قول رب السفينة. وفي جواز شهادة بعضهم لبعض قولا العنبيَّة وابن عبدوس. قُلتُ: ما عزاه للعتبية هو قول سَحنون في نوازله من الشهادات. ابن رُشد: أجاز شهادة بعضهم لبعض، وكل منهم شهد لمن شهد له. وفي قبولها: ولو كانت لمجلس واحد ولغوها، ولو كانت لمجالس شتى حيث وجد أنهم من يشهدوه غيرهم ثالثها: إن كانت بمحالس شتى لسَحنون هنا، ولمحمد عن ما رجع اليه سَحنون، والأخوين، سواء اكتروا جملة السفينة بينهم شياعاً أو على أن لكل واحد محلا معيناً أما لو شرط عليهم حماة بعضهم عن بعض بالكراء لم تجز شهادة بعضهم لبعض؛ لأنه يشهد لنفسه اتفاقاً. الصقلي: قال بعض أصحابنا: لا يصلح كاؤها لوقت لا يصلح فيه ركوب البحر كالشتاء، ويفسخ إن نزل، ولو شرط في العقد تأخير الركوب لو قلت يصلح فيه والسفينة معينة جاز ما لم ينقد فإن نقد وصلاح الركوب قريب كنصف شهر ونحوه جاز وإن بعد كشهرين لم يجز، وإن كان مضموناً جاز النقد، ولو بعده ولو عقد الكراء في وقت صلاح الركوب فتعذر الركوب حتى دخل وقت لا يصلح فيه الركوب فمن طلب منهما فسخ الكراء فسخ له، وكذا لو أمكن الركوب، وعرض خوف قطع لصوص أو ورم وثبت ذلك وروى محمد لو أكروا سفينة فبحسبهم الريح عشرين يوما فأراد الركاب الفسخ فلا فسخ لهم، وكذا لو أراده النوتي. قال يحيى بن عمر: هلاك المركب بعد بلوغه الغاية وقبل إمكان تفريغ وسقة

كهلاكه قبل وصوله، ولو هلك في أثناء تفريغه فما فزع منه فيه كراؤه، وما هلك لاشيء فيه، ولو قدروا على تفريغه، وتوانوا فيه فعطب المركب فلربه كراؤه؛ لأن التفريظ من قلبهم. ولأبي زيد عن ابن القاسم: إن ابتل بعض الطعام أو المتاع قوم سليماً ومبلولاً، وسقط من الكراء مناب البلل قل أو كثر، وقال ابن أخي هشام: إن كان ذلك من أمواج عليا أو من خلل في المركب لم يغرر به ربه من سوء عمل أو قلفطة، فإن صار المتاع لا قيمة له سقط كل كرائه، وإلا فمناب العيب فقط، وإن كان من تغرير رب المركب، وسوء عمله، وقلفطفته ضمنه، وماله من رش خفيف، ونداوة ليست بفساد فلا نقص له من الكراء. اللخمي: إن هال البحر، ووقع الخوف وجب الرمي عاجلاً، ويرمي الأثقل الأقل ثمناً، فإن تقارب الأثمان رمي الأثقل، وإن جاوز رب المركب في الزيادة على المتعارف رجع عليه؛ لأنه غر، وإن لم يعلم حين الرمي المتاع المزيد، ورمى غيره خيروا في الرجوع على رب المتابع بذلك أو على رب المركب إن رجعوا على رب المركب رجعوا بقيمة ما رمى، ولو كثرت قيمته، وإن رجعوا على رب المتاع، فإن رفع متاعه جورا عليهم غرم قيمة ما رمى، وإن كان غير عالم، وقيمة مارمى أكثر من قيمة متاعه لم يلزمة غير تسليم نتابعه، زإن لم يعلم أخرهم عقداً تعين الرجوع على رب المركب، وإن مروا بأعدال في البحر فرفعوها، ثم هال البحر، فإن كانت، فإن كانت زائدة على عرف وسقهم رميت ولا شيء فيها، وإن كانت من تمام وسق المركب كانت كسائر وسقه، وإن كان شحن المركب رجالاً دون متاع، وخشوا الهلاك إن لم يخفف المركب اقترعوا على من يررمى الرجال والنساء والهبيدوأهل الذمة في ذلك سواء، وإن مروا بغرقى المركب فحملوهم، ثم هال البحر، واحتاجوا للرمي، فإن كان حملهم من تمام وسق المركب كانوا كغيرهم، فإن كان في المركب متاع رمى منه، وإلا كانت القرعة على جميعهم، وإن كان حملهم زيادة على جمل المركب، وحملهم جور على وسقه رمى المتاع واتبع الغرماء لقيمته، وإن لم يكن فيه سوى الناس رمي الغرقاء فقط.

قُلتُ: قال غير واحد قول اللخمي بطرح الآدمي لنجاة غيره بالقرعة غريب، وربما نسبه بعضهم لخرق الإجماع. قال بعضهم: لا يرمى آدمي لنجاة الباقين، ولو كان ذمياً، وتقدم البحث في هذا الأصل في مسألة التتريس في كتاب الجهاد، وما قاله اللخمي قاعدة الإجماع على وجوب ارتكاب أخف الضررين لدرء أشهدهما شاهده لقوله، وهي هنا، وإن كانت في إتلاف النفس، وهي فيه لحفظها. قال القرافي عن الطرطوشي: ويبدأ بطرح الأمتعة، ثم البهائم لشرف النفوس. قُلتُ: الشرف إنما هو النفوس الآدمية، وظاهر الروايات اعتبار الثقل، وقلة الثمن. قال الطرطوشي: وهذا الطرح عند الحاجة واجب لا يدخله الخلاف في دفع الداخل على الإنسان لطلب نفسه أو ماله، ولا في المضطر لأكل الميتة قيل الدفع والأكل واجبان وقيل: لا لقصة ابني آدم وقوله صلى الله عليه وسلم ((كن عبد الله المقتول، ولا تكن عبد الله القاتل)) والفرق أن الترك في هاتين الصورتين لترك محرم، وهنا لبقاء المال. قلت: قوله: (في هذه الصورة لبقاء المال) وهمٌ؛ لأن الطرح أو طرح النفوس دون الأموال موجبة لهلاك المال، والفرق جلي بغير ما ذكر، وهو أن ترك الرمي ملزوم للرمي، وترك قتل الغير ليس ملزوما له، وكذا ترك أكل الميتة ليس ملزوما لأكلها. القرافي وقال أبو حنيفة والشافعي: لا يضمن أحد من أهل السفينة إلا من طرح مال غيره، ومن طرح مال نفسه فهو منه، ولو استدعى منه ذلك غيره، ووافقونا فيمن قال: اقض عني ديني فقضاه، فقضاه، وفي رجوع الزوجة على زوجها بنفقتها في غيبته على ولده، والرد عليهم بالقياس على هذه الصورة لجامع السعي في القيام على الغير بواجب؛ لأنهم أجمعين يجب عليهم حفاظ نفوسهم وأموالهم. وسمع ابن القاسم: لا شيء في المركب، ولا خدمة مما طرح لخوف غرقه.

ابن القاسم: ولو كان خدمته عبيداً. قال مالك: لو خاصموا رب المركب كان جل الغرم عليهم إذ قد تكون قيمة الشيء الكثير فلا أرى عليه شيئاً. قُلتُ: لم يتكلم عليه ابن رُشْد شيئاً، وتكررت في رسم أخذ يشرب خمراً قال فيه: ليس في جرم السفينة شيء لو كان جرمة فارغاً نجا إنما كان طرحهم لنجاة أمتعتهم. ابن رُشْد: قد بين علة قوله: لا شيء فيه، وكذا ليس في قلوعه والأطراف التي تتخلص بها السفينة شيء، وما في جوفه من قارب وحبال فهو مقوم على ربها قاله بعض أهل العلم وهو صحيح على أهل المذهب. قُلتُ: فلم يذكر خلافاً في جرم السفينة، وفي الغرم عليه، ثالثها: إن قام دليل على هلاكه لولا الطرح لكافي أبي عمر عن سَحنون مع رواية اسماعيل القاضي، والصقلي عن ابن عبد الحكم، وسماع ابن القاسم مع قوله، والمتيطي مع الصقلي عن الشَّيخ. الصقلي: والقياس قول ابن عبد الحكم؛ لأن بالطرح سلم الجميع. وقول ابن عبد السلام: قال محمد بن عبد الحَكم: أجمع أصحابنا أن المركب لا يدخل في شيء من حكم الطرح لا أعرفه إنما حكاه. الصقلي: وفي عدم دخول متاع الفتنة في الغرم قولان لرواية اللخمي، ونقله عن ابن ميسر، وعبر المتيطي عن الأول بالمشهور وعزاه أبو عمر لمالك وأصحابه قال: وخالفهم ابن عبد الحَكم. المتيطي: مال إليه جماعة من المتأخرين، وهو أصح. اللخمي: لا وجه لعدم دخول ما كان للقنية قال وفي الغرم على العبيد، ثالثها: إن كانوا للتجر لا للقنية للجاري على قول ابن ميسر. وقول ابن الجهنم: والمعروف ولا شيء على الأحرار اتفاقاً، والعين القنية لغو. وفيها: للتجر قولا مالك وابن حبيب، والصواب أنها للتجر والقنية سواء إن كانوا قرب البر أو بحيث لو عطب المركب نجا بها ربها لعومة، وقلتلها لم تحسب، وإلا حسبت ورميها لا يرجع به؛ لأنها لا تثقل المركب إن بقيت، ولا يخف بها إن ألقيت إلا أن يكون

فى ثقل عدل، والصواب اعتبار عبيد القنية، ولحوق ربها الشركة فيها يمنعه وطء الأمة، واستخدام العبد والأمة والقياس فى الأحرار قول المخالف بالرجوع عليهم، وفى جرم المركب إشكال يصح إغرامه لنجاته بالطرح، ولغوه كمن اكترى بغير الحمل شاء فعجز عن حمله بفلاة يهلك بها المحمول إن طرح لرب البعير طرحه، ولو هلك المتاع. قلت: فيما قاله نظر؛ لأن مسألة البعير إن كانت نجاته بطرح بعض حمله فهو كالمنصوص فى السفينة إلا أن يثبت إجماع لمخالفته إياها وهو عسير، وإن كانت بطرح جمعيه فهو كالسفينة كذلك. الصقلى: قال بعض أصحابنا من ادعى فيما طرح له كثرة، وقال رب المركب: لم يبق عندى إلا أقل رجع إلى ما فى التنزيل؛ لأنه العرف، وما فى داخل المتاع مما يخفى ذكره فى التنزيل يقبل فيه قول ربه إن أتى بما يشبه ملكه. الصقلى: هو مدع يجب أن لا يصدق. وقد قال الشيخ: إن ادعى فى متاعه صفة، وأكذبه الباقون فادعوا أن صفته كذا صدقوا مع أيمانهم، فإن جهلوا ذلك صدق هو مع يمينه. وقال ابن أخى هشام: يصدق رب السفينة فى رميها بعض شحنها لهول أصابه إن كذبه أربابه وليسوا معه فى قول ابن القاسم: إلا فى الطعام. ابم رشد فى سماع ابن القاسم: من طرح متاعه رجوعه على من سلم متاعه اتفاقا؛ فيشاركه بقدر منابهم، ولمالك فى صفة التقويم للاشتراك أقوال. قال مرة: بقيمة المتاع المطروح، والباقى حيث حمل منه، ومرة حيث يحمل إليه، ومرة حيث طرح، وفى هذا السماع بالثمن الذى اشتروه به إن اشتروه فى وقف واحد بموضع واحد على صفة واحدة من نقد أو دين وعلى غير محاباة، فإن اختلف شراؤهم فبالقيمة من حيث حملوه يوم حملوه على مافسر به ابن القاسم قوله: والقول قولهم فيما ادعوا أنه الثمن دون يمين إن بان صدقهم، ومن اتهم حلف قاله سحنون فى رسم أخذ يشرب خمرا. وقوله: لا يمين على من بان صدقه صحيح كما أن من بان كذبه فى إتيانه بما لا يشبه

لا يمكن من اليمين، ويشرك بقيمته يوم الشراء، وإن لم يتبين صدق ولا كذب تخرج يمينه على قولين فى لحوق يمين التهمة، وإذا وجبت الشركة رجع من طرح ماله فيما سلم، وأوله بالجزء المسمى للخارج من تسمية المطروح منه مع السالم وعليه. قال اللخمى: إن كان كل ما بالمركب ألف دينار، والمطروح مائتان شركهم ربه بالخمس؛ فيأخذ خمس السالم، وهو ثمان مائة خمسها مائة وستين ومنابه فى الرمى الخمس، وهو أربعون، وذلك تمام المائتين، وإن رمى نصف متاعه، وهو مائة رجع بعشر ما سلم لاصحابه، وهو ثمان مائة عشرها ثمانون ومنابه فى المائة التى سلمت له عشرة وذلك تسعون، ومنابه من التى رميت عشرة، وهو تمام المائة، وإن رمى جميع ماله، وهو مائتان ونصف مال الآخر؛ فذلك ثلاثة أعشار الجميع يرجع من رمى كل ماله على من لم يرم له بالخمس يأخذ من الستمائة خمسها مائة وعشرون، وعلى من رمى نصف متاعه بخمس السالمة، وهو عشرون فجميع ما صار له مائة وأربعون وتبقى عليه ستون هى التى جملة الرمى؛ لأنها ثلاثة أعشار الجميع، ويرجع من رمى نصف متاعه فى الستمائة التى سلمت بعشرها وهو ستون؛ لأن الذى رمى له العشر فى يده بعدما رجع عليه صاحبه ثمانون؛ فذلك أربعون ومائة تبقى عليه ستون، وهى ثلاثة أعشار ماتبين هى التى تنوبه من جميع الرمى. الصقلى عن الشيخ: من طرح بعض ماله سقط عدل ما سلم له من مال من بقى كل ماله فى الشركة، وشرك من طرح بعض ماله من لم يطرح له شاء فى عدل ما طرح له من مال من لم يطرح له شاء. قال: فإن كان قيمة ما رمى مثل ما سلم كان لمن رمى ماله نصف ما سلم، وإن كان قيمة ما رمى مثل قيمة ما سلم كان لرب ما رمى ثلث السالم، وإن كان إنما رمى نصف متاعه اختص من لم يرم له شاء بنصف متاعه، ويكون شريكا لهم فى النصف الآخر بقدر قيمة متاعه متاعهم، وما خرج بعد رميه كان قدر نقصه كرمى وإخراجه على ربه. قلت: ويجب إضافة قيمة إخراجه لنقصه كجزء منه.

قال: ولو رمي بعض المتاع، ثم عيب باقيه ببلل شرك من رمى متاعه بقيمته لمن عيب متاعه بقيمته سليما بموضع وسقهم؛ لأن حدوث عيب بلله من جميعهم إن كان حين الرمى سليما أو ما عيب قبل الرمى حسبت قيمته معيبا فى موضع وسقهم. وصلح ذى السالم ذا المرمى بدنانير على ترك الشركة جائز بعد معرفتهما ما وجب لكل منهما، ولو خرج المرمى بعد الصلح انتقض منه مناب قيمة ما خرج لوجوب اختصاص ربه به ونوقض رجوعه لربه بعدم رجوع الدابة بعد غرم قيمتها من تلف بتعديه وأجاب بأن الدابة ضمنها المتعدى بتعديه والمرمى لم يضمنه أحد بحال. وسمع القرينان فى كتاب الشركة: إن اختلط طعام بسفينة فليس لبعضهم بيع طعامه بطريقتهم إلا برضى أصحابة خوف أن يكون بأسفله عيب أو يمطروا، فإن أذنوا له فلا تباعة عليه فيما يجدون من فساد. ابن رشد: مناقضته بعضهم بسماع ابن القاسم فى أكرية الرواحل: إن حمل قوما طعاما بسفينة اكتروها، فأخذ أولهم من وراء بمنزلة خطة، ثم غرقت فلا تباعة لأصحابه، ولو لم يأذنوا إلا أن ينقص الكيل فيغرم منابه فيه يرد بأن معنى الأول أن كراءهم كان لموضع واحد والثانى على أنه لمنازلهم، وفساد الطعام ببلل كنقص كليه إلا أن يعلم أنه بعد أخذه طعامه، وسواء كان الخلط اختيارا أو عارضا. وسمع ابن القاسم: إن مروا بسفينة بها طعام على قرية أكرى منها على حمل طعام ووضعه فوق بابها فابتل أسفله دون أعلاه فهو على جميعهم للزوم شركتهم بالخلط. اللخمى عن سحنون: ليس لأحد الشريكين منع شريكه فى سفينة أن يحمل فى نصيبه منها إنما له أن يحمل مثله أو يدعوهم للبيع. اللخمى: إن وسق أحدهما فلك يجد الآخر ما يسق كان لمن وسق السير بها؛ لأن وسقه بحضرته رضى بسفره، ولو كان غائبا كان له دعاؤه للبيه، فإن صارت كغير من وسق أمر بحطه. وعزا الصقلى قول سحنون للعتيبة قال عن الشيخ: لو أصلح أحد الشريكين خرق سفينة بينهما بغير إذن شريكه خير فى إعطائه نصف ما أنفق، وأخذ نصف قيمتها مخروقة

إن شاء ذلك الشريك المصلح، وإلا شركه بزيادة صلاحه إن كانت قيمتها مخروقة مائة ومصلحة مائتين كانت بينهما أربعا. اللخمى: ومثله إن كانت دارا لا تنقسم، ولو كانت تنقسم كانت على قول عبد الملك فى أرض بين شريكين بنى أحدهما أنها تقسم، فإن وقع البناء لبانيه كان له، وإلا أخذ قيمته منقوضا. وفيها: مع غيرها من استأجر فسطاطا أو غرائر أو آنية صدق ضياعها، وروى أشهب فيمن اكترى جفنة فادعى ضياعها ضمنها إلا أن يقيم بينة به. ابن حارث: اختلف فى ضمان ما يغاب عليه؛ فذكر روايتى ابن القاسم وأشهب فى الجفنة. اللخمى: يصدق المستأجر فى الضمان، وذكر ابن سحنون قولا آخر لا يصدق. وقال أشهب: فذكر ما تقدم. الصقلى عن محمد: إنما الرواية فى دعوى كسرها لقدرته على تصديق نفسه بإحضاره؛ فلقيتها ويصدق فى الضياع، وفى رواية فأين فلقتاها محمد إلا أن يقول سرقتا أو تلفت، فإن كانت بموضع يمكنه إظهارها لم يصدق، وإلا صدق. اللخمى: إن لم يأت بفلقتيها لم يصدق دعوى كسرها إلا أن يكون فى سفر؛ فيقول لم أتكلف فى حملها. وسمع القرينان فى تضمين الصناع: من اكترى جفنتين بالضمان ما أرى ذلك، فإن وضع من كرائها شيئا للضمان أبلغ له كراؤهما. قيل: فإن قال: سرقتا. قال: لا أرى هذا يجوز له إن انكسرتا فأين فلقتاهما أراه ضامنا لهما لا للشرط لكن لعدم علم ما ذكر. ابن رشد: كذا وقعت هذه المسألة فى الأمهات ناقصة سأله عن دعوى سرقتهما، فأجابه عن دعوى كسرهما، ومدلول مذهبه أنه مصدوق فى دعوى السرقة، وأنه لما سأله عن ذلك قال: هو مصدق، فقال له: فإن زعم أنهما انكسرتا، فذكر جوابه المتقدم فسقط

ذلك من الأصل الذى نقل منه العتبى فاتفقت الأمهات على ذلك، وحكم كراء العروض بشرط الضمان على هذا السماع حكم بيع الثنيا يفسخ إلا أن يسقط الشرط، فإن لم يعثر على ذلك حتى فات الكراء ففيه الأكثر من المسمى أو كراء المثل دون شرط لقوله إن كان وضع من الكراء شيئا من الكراء أبلغ كراؤها إذ لو وجب فسخه فى القيام بكل حال لقال له فى الفوات كراء المثل بالجمع، وقوله فى الكسر ليس بخلاف لقول ابن القاسم فى الضياع، وما وقع فى المدونة من رواية أشهب: ليس بنقل صحيح إنما رواية تضمينه فى الكسر، ولا أعلم خلافا أن المكترى مصدق فى دعوى ضياع ما اكترى من العروض إلا ما فى الدمياطية لابن القاسم. قال: وسئل عمن يكترى الدابة بالضمان. قال: لا خير فيه، ويرد إلى كراء من لا ضمان عليه. قيل: وكذا كل الأشياء. قال: ما أدرى ما كل الأشياء. قيل: المناجل والحديد قال: أما الحديد فهو له ضامن. ابن رشد: يريد: بالحديد متاع الحديد الذى يعرف بعينه كالمساحى، والسكك إذ لا يجوز كراء ما لا يعرف بعينه إذا غيب عليه، وقوله: بضمانه شذوذ فى المذهب، وقوله: فيمن أكرى دابة بالضمان لا خير فيه، ويرد إلى كراء مثله ممن لا ضمان عليه ظاهره كان أكثر من المسمى أو أقل، ومعناه إن فات فى الكراء، ويفسخ قبل فوته، ولو ترك المكرى شرطه، وهو القياس خلاف سماع أشهب، وعلى المعروف فى تصديقه فى ملزومية التلف سقوط الكراء قولا لغير ابن القاسم فيها. الصقلى: وبالأول أخذ سحنون قائلا فى قول ابن القاسم هذه عراقية يصدقه فى الضياع يغرمه فى الكراء. اللخمى: اختلف إن قال بعد الأجل ضاع قبل ذلك، فقال ابن القاسم: لا يصدق ويغرم الأجرة إلا ببينة أو يسلم أنه ذكر ذلك قبل فيحلف، ويكون عليه من الأجر

للوقت الذي سمع منه، وقال أشهب: القول قوله، والأول أحسن إن كان فى حضر، وفى السفر يقبل قوله مع يمينه. وفى العارية منها لمالك: من استعار دابة فركبها لموضع فلما رجع زعم ربها أنه إنما أعارها لموضع دون ما ركبها إليه أو لبد آخر؛ فالقول قول المستعير إن ادعى ما يشبه عبد الحق. قال سحنون: يعنى فى دفع ضمانها لا فى الكراء. وقال بعض شيوخنا: القول قوله فى الضمان والكراء. الصقلى: قال بعض فقهائنا: ناقض كل من ابن القاسم وسحنون قوله فى دعوى المكترى الضياع بقوله فى مسألة العارية. الصقلى: لا تناقض والفرق لابن القاسم بينهما؛ لأن المكترى مقر بالكراء مدع إسقاطه فعليه البيان. وفى العارية: المعير مقر بالعارية مدع عداء المستعير فوجب قبول قوله؛ لأنه مدعى عليه. والفرق لسحنون أن الأصل براءة الذمة من غرم العداء؛ لأن وضع يد المستعير على الدابة بإذن فكان القول قوله فى عدم عدائه، والأصل فى تناول مال الغير غرم عوضه لا عطيته فكان القول قول المعير أن المنفعة التى أقر المستعير بقبضها ليست عطية فوجب غرم عوضها، وهذا إن أقر المستعير بركوبه المسافة المتنازع فيها، وإنما يشبه ضمان الرقبة ضمان الكراء لو تعجى على دابة رجل فركبها فهلكت تحته، وادعى أن ربها وهبها له كان القول قول ربها، وعلى هذا الضمان حتى يثبت ما ادعى. قال ابن عبد السلام عقب ذكره: وفى هذا الجواب نظر. قلت: والإنصاف بعد التأمل تمامه، وبيانه أن حاصل قول ابن القاسم أنه قبل قول المستأجر فى التلف، وثبوته ملزوم لعدم انتفاعه بالمستأجر، وعدم انتفاعه ملزوم لسقوط الأجرة فلم يجعل تصديقه فى الملزوم تصديقا في لازمه.

وفي العارية: لما قبل قوله فى عدم تعديه فى ركوب المسافة المتنازع فيها قبل قوله فى لازمه، وهو سقوط عوضه، وعكس سحنون فجعل قبول قوله فى الملزوم موجبا لقبول قوله فى ثبوت لازمه فى مسألة الإجارة لا فى مسألة العارية فالتفريق لابن القاسم بأن اللازم فى الإجارة المستأجر مقر بثبوت موجب نقيضه، وهو عقد الكراء الموجب للكراء الذى هو نقيض اللازم المذكور الذى هو سقوط الكراء فى مسألة العارية هو غير مقر به، وهذا فرق واضح. وحاصل قول سحنون أنه جعل فى مسألة الإجارة تصديقه فى الملزوم، وهو الضيع موجبا لتصديقه فى لازمه، وهو سقوط الكراء وإلغاء ثبوت موجب نقيضه فيها، وفى مسألة العارية جعل تصديقه فى الملزوم، وهو عدم عدائه فى ركوب المسافة المتنازع فيها غير موجب لتصديقه فى لازمه، وهو سقوط كرائه فتفريق الصقلى له بأنه إنما لم يصدقه فيه لثبوت موجب نقيضه، وهو كون الأصل فى تناول مال الغير غرم عوضه يرد بأنه كذلك فى مسألة الإجارة موجب ثبوت نقيضه قائم، وهو إقرار المستأجر بعقد الكراء فحينئذ سؤال الفرق قائم، وهو أن يقال لم اعتبر ثيوت موجبه نقيض اللازم فى مسألة العارية، وألغاه فى مسألة الكراء. وحاصل نوع هذا الإبطال القول بالموجب، وهو الذى يعبر عنه الفروعى بقوله: هذا الفرق يفتقر لفرق، ودفع التناقض عن الشيخين أنه يقول الموجب لثبوت نقيض اللازم المذكور فى مسألة الإجارة هو إقرار المستأجر بعقد الكراء، وهذا الموجب قوى الدلالة من حيث كون دلالته على مدلوله، وهو لزوم الكراء خاصة به لا عامة فيه، وفى غيره ودلالة الخاص أقوى من دلالة العام وضعيفها من حيث عدم استقلالها بإيجابيه لتوقف وجوبه على انقضاء المنفعة، والموجب لثبوت نقيض اللازم فى مسألة العارية قوى، وهذا أن تناول مال الغير يوجب عوضه من حيث استغلاله؛ لأنه كلما أثبت موجبه ليس كالعقد الذى يفتقر معه إلى استيفاء المنفعة وضعيف من حيث كون دلالته على هذا العوض من حيث عمومه لا من حيث خصوصه به والدلالة من حيث العموم

أضعف من الدلالة من حيث الخصوص إذا تقرر هذا فابن القاسم اعتبر الموجب لنقيض اللازم فى مسألة الإجازة لرجحانه بما ذكر، وإلغاء اعتبار المال على النقيض فى مسألة الهارية لمرجوحيته بما ذكر وسحنون اعتبر الموجب للنقيض فى مسألة العارية لرجحانه بما ذكر وألغاه فى مسألة الإجارة لمرجوحيته بما ذكر ابن الحاجب، وفى ضمانه ما أجره لغيره، ثالثها: المشهور إن كان فى مثل أمانته لم يضمن. ابن عبد السلام: إطلاق هذا الكلام فى كل مستأجر من دار وعبد وغيرهما لا يصح، ويقتضى كلامه أن مكترى الدابة إن أكراها ممن ليس مثله فى حفظه إياها، وخفت أنه لا ضمان عليه فى قول، وهذا لا يوجد ونحوه قول ابن هارون: لا يوجد هذا الخلاف، ثم حكى حكم إكراء المكترى ما اكترى، وقد تقدم. قلت: تعقبهما عليه بالدار والعبد فيه نظر؛ لأنه إنما ذكر هذا كالفرع على ما ذكر فيه الخلاف فى قوله المستأجر أمين على الأصح، وهذا الخلاف إنما هو فيما يغاب عليه، والقول الثانى هو الذى لم يوجد بحال ودعوى المستأجر رد ما استأجر ذكر في القراض.

كتاب ضمان الصناع

[كتاب ضمان الصناع] الصانع المنتصب لبيع صنعته بمحله ضامن ماقبضه كذلك. [باب الصانع المنتصب للصنعة] اللخمى: المنتصب من أقام نفسه لعمل الصنعة التى استعمل فيها كان بسوقها أو داره، وغير المنتصب من لم يقم نفسه لها، ولا منها معاشه.

قلت: ظاهره، ولو كان انتصابه لجماعة خاصة. ونص عياض: أن الخاص بها بجماعة دون غيرهم لا ضمان عليه، ونحوه لابن رشد فى المقدمات، ونحو لفظ اللخمى سماع عيسى لا ضمان على الصانع حتى يكون نصب نفسه للعمل. الصقلى إثر سماع عيسى: قال بعض شيوخنا: معناه أنه عمله بغير أجر، ولو أخذ عليه أجرا صار صانعا فيضمن، وحكى أنه منصوص للمتقدمين. قلت: ففى ضمانه بمجرد نصبه نفسه أو بقيد عمومه للناس قولان لظاهر سماع عيسى مع بعض شيوخ الصقلى، وطريق عياض مع ابن رشد. الباجى: ضمان الصانع مما أجمع عليه العلماء. القاضى: أجمع عليه الصحابة. وحكى ابن رشد أن الشافعى قال فى أحد قوليه: لا ضمان على الصناع ولو عملو بأجر. وفيها: قضى الخلفاء بتضمين الصناع، وهو صلاح للعامة، وما قبضوه بغير بينة أو عملوه بعير أجر كغيره، وما عمله الصناع فى بيتك لم يضمنوه، وإن ضاع وكذا كل ما لم يسلمه إليهم إلا أن يتعدوا.

اللخمي: لا يصدق المنتصب فى دعواه التلف، وفى تصديقه فى الرد خلاف. قلن: يأتى بيانه. اللخمى: يختلف إذا عمله الصانع فى حانوت نفسه بحضرة ربه. قال محمد: يصدق الصانع فى تلفه، وفى الواضحة فى مثل هذا أنه يضمن، وليس بحسن. وسمع ابن القاسم: من أتى بثوب لصانع فى حانوته يكمده له فلم يزل عنده حتى قطعه من غير تعد، ولا تفريط ضمنه، ولو لم يغر من نفسه. ابن رشد: ضمانه صحيح لا اختلاف فيه؛ لأن الأصل فيما أخذه لذلك ضمانه إلا أن يكون فساده بأمر غالب كالنار فلا يضمن إلا أن يثبت. ابن رشد: تفريطه أو تضييعه حسبما مر فى رسم سن من سماع ابن القاسم أو ما فيه غرر من الأعمال على ما فى نوازل أصبغ، وقول ابن القاسم بضمانه ما قطعه من غير تعد، ولا تفريط وصاحبه معه صحيح على أصولهم إذ لا أثر فيما يلزمه من حكم الضمان لكون ربه معه. وقد قال أصبغ: إن كمد معه ربه فأصابه حرق إن كان من كمد فلا شاء على الكماد، وإن كان من كمد الكماد ضمنه، وإن جهل فهو بينهما؛ قاله فى بعض روايات العتبية. وقال ابن لبابة فيه: أنه جيد صحيح، وأدخله الشيخ فى النوادر من العتبية وقال إنه فى الواضح والموازية، وقوله: إن جهل فهو بينهما معناه أنهما قالا معا لا ندرى ممن هو، ولو قال: كل منهما أنه من صاحبه حلفا معا، فإن نكلا معا غرم الصانع نصفه، ومن حلف منهما، ونكل صاحبه سقط غرمه، وكان كله على الناكل. وقال ابن دحون: تضمين ابن القاسم الكماد بقطعه، وصاحبه معه غير مستقيم كل من حضر عمل متاعه، ولو فى دار الصانع وحانوته فاحتج فيه بخط أو قطع دون تعمد فلا ضمان على الصانع إنما يضمن إذا لم يحضر رب المتاع، وإنما قال ابن دحون: هذا قياسا على قولهم فى الكراء على الطعام أنه لا يضمن إن كان ربه معه، وما أصاب فى

قياسه؛ لأن قطع الثوب علم أنه من عمل الكماد، ولا أثر لحضور رب الثواب بخلاف الطعام الذى إنما يتهم فيه بالغيبة عليه. قلت: فى قصره احتجاج ابن دحون على القياس على الطعام نظر لاحتمال أن يكون احتجاجه بما نقله غير واحد منهم. الباجى: قال: قال مالك فى الموازية: لا يضمن من دفعت إليه لؤلؤة ليثقبها فكسرها. قال: أصبغ فى العتبية: أو خرم موضع الثقب، ولو تعدى الثقب ضمن. قال مالك وابن القاسم وأشهب: وكذا القوس تدفع لمن يعمرها، والرمح لمن يقومه، والفص لمن ينقشه. قال ابن الحبيب: والدابة يصر عها البيطار، والسيف يقومه الصيقل؛ فيكسر ذلك والطبيب يكوى العليل فيموت والخاتن يختن الصبى فيموت من ختانه، والحجام يقلع الضرس فيموت صاحبه أنه لا يضمن أحد من هؤلاء؛ لأن الغالب فى هذه الغرر، فإذا أذن فيه صاحبه وعمل فيه المعتاد لم يضمنه الصانع، وإنما يضمن بالتعدى أو بتلف بغير بينة، فإن قلت: لو كان لهذا ما شرط حضور ربه. قلت: أما شرطه لثبوت عدم عداه كالبينة على التلف. وفيها: إن دعاك الصانع لأخذ الثوب، وقد فرغ منه فلم تأخذه فهو له ضامن حتى يصير إلى يدك. قلت: نحوها قولها فى الرهن: لو قبض المرتهن دينه أو وهبه للراهن، ثم ضاع الرهن ضمنه المرتهن، وخلافه فى الاستبراء، وهو قولها لو أمكنه البائع من الرابعة فتركها عنده حتى حاضت فيحضتها استبراء للمشترى؛ لأن ضمانها كان منه؛ لأنه استودعه إياها كما لو وضعها عند غيره، ومعنى مسألة الصانع: إن لم يقبض أجره ونحو هذا تقدم فى معنى المحبوسة بالثمن. وقال اللخمى: فى مسألة الصانع يريد: أنه لم يحضره، ولو أحضره مصنوعا على ما شورط عليه، وقد دفع الأجرة، ثم تركه عنده لصار بيده وديعة.

اللخمي: إن أقر الصانع بتلف المصنوع يوم قبضه غرم قيمته يومئذ، وإن ادعاه بعده، وقيمته أقل منها يوم قبضه، ولو قامت بينة برؤيته عنده أمس، وقال: ضاع اليوم ففى كونه كالأول، وغرم قيمته لآخر يوم رئى عنده. وفى المقدمات: قيمته يوم قبض إلا أن يقر أن قيمته بمدة غرم قيمته يوم ظهر عنده، وإن كانت قيمته يومئذ أقل منها يوم قبض، وكذا الرهن والعارية، وفى موضع من سماع عيسى من الرهن: يضمن قيمته يوم ضاع وتأويله عندى أنه ظهر عنده فى الوقت الذى ادعى تلفه فيه؛ لأن قيمته يوم ضاع قد تكون أقل منها يوم الرهن، فإن لم يظهر عنده من حين رهنه لم يصدق فى وقت تلفه كما لا يصد فى تلفه. وتأول بعض الشيوخ قوله فى الرواية: يغرم قيمة الرهن يوم ضاع على أنه لم تعرف له قيمة يوم الرهن؛ فيغرمها يوم ضاع على ما يقر به من الصفة مع يمينه، وهذا بعيد، وما تأولناه هو الصحيح، ويؤيده ما فى سماع أصبغ من كتاب الوديعة لابن القاسم وأصبغ. قلت: فجعل ابن رشد القول هو الذى أثبته اللخمى تخريجا. اللخمى: اختلف لو قطع الثوب، ثم غاب عليه بعد قطعه، ففى الموازية عليه قيمته صحيحا، ولو قطع منه ثوبين ادعى تلف أحدهما غرم قيمة نصف الشقة صحيحة لا قيمة نصف غير صحيح. ولابن القاسم فى مختصر ما ليس فى المختصر: يغرم قيمته مقطوعا؛ وهو أحسن؛ لأنه إنما غاب عليه مقطوعا، ولو أفسده بخياطة أو قطع فعلى قولها يغرم قيمته صحيحا. وقال ابن شعبان: إن أفسده بالقطع غرم قيمته مقطوعا، وهذا فقه حسن، وهو على قول ابن القاسم: إن غاب عليه غرم قيمته مقطوعا، فإذا كان الفساد فى القطع غرم قيمته صحيحا على حال ما غاب عليه. قلت: وقال أبو حفص: إن قطع الخياط الثوب، ولو بحضرة ربه فى حانوته غرم

قيمته صحيحًا، وإن أفسده بالقطع ضمن الذى يذهب به. قلت: والصواب العكس أو يكون عليه الأكثر من قيمته يوم قبضه برفع العداء عنه فى القطع إن كانت قيمته يوم القبض أكثر، ويوم تعديه بالقطع. وفى سقوط ضمانه ببينة بتلفه قولها، وتخريج اللخمى من قول أشهب فى الرهن والعارية. وقوله فى الورثة: يقسمون العين فيطرأ دين بعد هلاك العين بأيديهم ببينة مع نقل الصقلى عن أشهب. وقول الباجى: المشهور عن أشهب أنه ضامن مع البينة، وصوب اللخمى القول الأول لبقاء ملك ربه عليه، وإنما ضمن للتهمة. وفيها: ما قامت بينة أنه ضاع أو سرق أو احتراق بمعاينة بينة بغير سبب الصانع لم يضمنه، ويضمن قرض الفأر إذ لا يعرف، ولو علم أنه قرضه من غير تضييع، وقامت به بينة لم يضمن. الصقلى عن محمد: لا يضمن إن قامت بينة أنه قرض فأر، ولم يكن ضيع. وقال ابن حبيب فيه وفى المرتهن إذا قامت بينة: إنه قرض فأر أو لحس سوس، وادعى رب الثوب تضييعهما أو أنكرا صدقا، وعلى رب الثوب البينة بتضييعهما؛ لأن قرض الفأر ولحس السوس غالب، والتعدى لا يثبت بالدعوى. الصقلى: ظاهر المدونة أن عليه البينة ما ضيع؛ لأن الثوب بيده على الضمان؛ لأن البينة لو رأت الثوب فى النار لم يسقط ضمانه حتى يعلم أن النار من غير سببه. وقال ابن حبيب فى لحس السوس فى الرهن: أنه يحلف ما ضيع فكذا فى قرض الفأر، وللخمى فى ذلك كلام ذكر فى الرهن: وإن تلف المصنوع بعد صنعه قبل قبضه ربه فلا أمر لصانعه، ولو لم يضمنه فى تضمن الصناع منها إن احترق الثوب عند القصار أو أفسده أو ضاع عنده بعد القصارة ضمن قيمته يوم قبضه أبيض، وليس لربه أن يغرم الصانع قيمته مصبوغا، ويعطيه أجره. وفى الرواحل منها: إن قامت بينة بفراغه وهلاكه لم يضمن الصانع، ولا أجر له.

الصقلي عن محمد: إن قامت بينة بفراغه وهلاكه وجب لصانعه أجره، وسقط ضمانه بناء على أن تسليم الصنعة كمبيع معين أو مضمون. وسمع أصبع أشهب: إن أفسد الطحان القمح بطحنه على أثر نقش الحجارة ضمن مثل قمحه، وقاله أصبغ إلا أن يكون علم بالعيب بالأثر ورضى، وسأله عنه ابن القاسم إن نقص الدقيق فقال: يضمن الطحان ما يخرج مثل قمحه من الدقيق. ابن رشد: إن أغرمه مثل قمحه على قول أشهب كان عليه طحنه، وليس له أن يغرمه مثل الدقيق سالما، ولو رضى الطحان به لم يجز؛ لأنه شراء دقيق بقمح وأجره فيدخله التفاضل، ويجوز على قول ابن أبى مسلمة أن الطحن صنعة، وقول ابن القاسم فى نقص القمح: يضمن ما يخرج مثله قمحه من الدقيق خلاف قوله فيها: لا يضمن الثوب مصنوعا، والآتى على قوله وروايته: غرم الطحان من القمح ما يخرج منه قدر نقص الدقيق، فإن كان القمح ثمانية أقفزة، ويخرج دقيقا تسعة أقفزة، ولم يوجد فيها إلا ثمانية غرم ثمانية أتساع قفيز من قمح يطحنه له، ويستحق جميع أجره، وإن لم يطحنه سقط ما ينوبه، وهو تسع الأجرة، ولا يجوز أخذ النقص دقيقا؛ لأنه تفاضل بين القمح والدقيق. وقال ابن دحنون: كان الأصل أن يغرم قمحا ويطحنه؛ فاستخف ابن القاسم فضمنه دقيقا، وهذا غير صحيح؛ لأنه لو وجب له قمح ما جاز له أخذ دقيق أكثر منه وبالأجرة، وإنما قال: يأخذه بالدقيق؛ لأنه رآه الواجب له على قياس ضمان القصار الثوب مصنوعا. وفى الموازية: يلزمه ذلك إذا ضاع بعد القصارة، ففى غرم الصانع قيمة المصنوع يوم قبضه، ولا أجر له أو قيمته معمولا، وله أجره، ثالثها: إن ضاع قبل العمل لها، ولابن القاسم فى هذا السماع ولمحمد. ولما ذكر اللخمى قول ابن القاسم: يغرم الطحان نقص القمح دقيقا، وقول محمد: يغرمه قمحا. قال: قولى ابن القاسم: لأن شأنهم بمصر دفعه للطحان وزنا، ويأخذه

دقيقا وزنا. ابن رشد: وقال التونسى: قول ابن القاسم هذا على قوله فى سماع يحيى فى الرواحل فى الكرى يبيع الطعام الذى استكرى على حمله ببعض الطريق، ولو قال قوله فى الكرى على قوله فى هذه كان أشبه؛ لأن هذه جارية على أصل فهى أشبه أن تكون أصلا لا فرعا، ولا يدخل شاء من هذا الخلاف فى مسألة أشهب؛ لأنها مسألة أخرى. فقول العتبى: وسئل عنه ابن القاسم إذا نقص الدقيق غلط والصواب: سئل ابن القاسم إذا نقص الدقيق بإسقاط عنه. اللخمى: ويضمن الفران ما يأخذه من قمح لطحنه وعجين لخبزه كالصناع، ويختلف فى القمح هل يضمنه قمحا أو دقيقا، وفى العجين هل يضمن مثله أو قيمته، وحامل ذلك إلى الفران ضامن إن ادعى التلف، وإن لم يكن صانعا؛ لأنه حامل طعام، ولو قال الحامل: سلمته للفران، وكذبه الفران حلف، وضمن الحامل، ولو اختلفنا بعد تسليمه فى رده إلى حامله حلف الحامل ما أخذه منه، وغرم الفران، فإن قال أحدهما: صدق وصلل إلى وضاع عندى برئ من ادعى تسليمه؛ لأن الشأن تسليم ذلك دون بينة وضمن الآخر. وفى **** شرط الصانع طرح ضمانه ولزومه؛ نقل الشيخ مع اللخمى عن ابن القاسم مع مالك، ونقل الشيخ مع ابن رشد عن سماع أشهب، ونقلهم مع الباجى عن أشهب، ونقله ابن الحاجب رواية، وقبوله ابن عبد السلام وعزوها ابن شاس لأشهب؛ لا أعرفه. ابن رشد: فعلى الأول له أجر المثل، وعلى الثانى المسمى، وقيد اللخمى قول أشهب ما لم يكثر منه، وعلى لغوه ففى صحة العقد، وسقوط الشرط، ويخير الصانع فى إسقاطه ليتم العقد، ويمسكه به فيفسخ، ثالثها: لزوم فسخه لنقلى اللخمى، وتخريجه على قول مالك: بفساد إجارة الراعى شرط عدم تصديقه فيما يهلك، وله أجر مثله. قال: وعلى الثانى إن عمل فله الأكثر من المسمى. الباجى لابن حبيب عن أصبغ: من أعطى لصانع ثوبا، وقال له: يكون عندك

حتى آتي فأعاملك فيه فضاع ضمنه؛ لأنه تركه عنده على العمل لا على الأمانة. ابن الحاجب: لو باعه دقيق حنطة على الكيل، وعليه طحنها؛ فالضمان على البائع. ابن عبد السلام: إذا كان المبيع الذي فيه حق توفيه من دقيق، وشبهة ضمانه من بائعه حتى يقبضه مبتاعه بعد كيله لو وزنه فكيف إذا كان قبل طحنه، وإنما ينبغي أن يذكر هذا إذا باع حنطة على أن على البائع طحنها هنا إن قلنا بالجواز يمكن أن يقال أنه بيع، وإجارة فهل يضمنه مطلقاً أو ما لم تقم بينة بتلفه، والمنصوص وجوب الضمان من البائع فهذا هو محل الإشكال. قلت: قوله المنصوص وجوب ضمانه البائع لا أعرفه فيما ذكره بحال بل نقل الشيخ فى نوادره عن سماع عيسى ابن القاسم جواز بيع الثوب على أن بائعه أن يخيطه له، والقمح على أن على بائعه طحنه. قال سحنون: وإن ضاع هذا كله الذي أجازه مالك لم يضمن، ويحط عن المبتاع قدر الخياطة، وطحن القمح من الثمن إلا أن يكون بائعه ممن يعمل تلك الصنعة؛ فيضمن كالصناع. ابن رشد: قول سَحنون هذا إنما هو تفسير للحكم على قول مالك بإجازة هذا البيع على هذا الشرط، والحكم فيه على قول سحنون أن يكون ضمانه من بائعه على كل حال، ولو قامت البينة بتلفه، ولو كان ممن لم ينصب نفسه لتلك الصنعة؛ لأنه بيع فاسد تلفت فيه السلعة بيد بائعها، وعلى قول مالك: إن تلف الثوب بيد البائع، وهو صانع منتصب للعمل ضمن قيمته يوم البيع غير معمول، وفض الثمن الذى بيع به على الثوب والعمل؛ فكان للبائع منه مناب الثوب، فإن كان له فضل أخذه، وإن كان عليه أداه، وإن قامت بينة بتلفه لم يضمنه وفض الثمن على الثوب والعمل، ولم يكن لبائعه منه إلا مناب الثوب. ولابن نافع فى المدنية: أن القيمة فيه يوم ذهب، ولعيسى عن ابن القاسم يوم البيع، وهو الصحيح.

***** المصنوع دفعه للصانع: ابن رشد: إن كان فيه عمل مثله فى ضمانه، وإلا فإن احتيج إلى دفعه فعلى طرح ضمانه سواء احتيج إليه فى العمل أو احتاج إليه المعمول، ولزومه فيها، ثالثها: الأول فيها احتاج إليه المعمول، والثانى فيما احتاج إليه فى عمله لسحنون لنصه فى المثال، والأم التى ينسخ منها الوراق، وتخريج الأعدال فى الطحان، والقصاع فى الفران على قوله فى الأولين. وابن حبيب لنصفه بضمان القصاع تأتى بالخبز فيها، إن تلفت قبل زواله منها، ونصه على سقوطه فى المنديل يتلف فيه الثوب المصنوع، ولو كان رفيعا معللا بأنه لا يضطر إليه فيه. والتخريج على قوله بضمان جفن السيف يصقل معللا له بعدم استغناء به عنه، ومحمد لنصه على طرح ضمان المنديل، معللا بأنه لا عمل فيه، والتخريج على تعليله طرح ضمان القطاع مع نصه بطرحه بجفن السيف، وعلى قولها يضمن المثال يعمل عليه، والأم ينسخ منها لحاجة الصانع إليها. ونص ابن حبيب على ضمان الطحان فى الأعدال، وفى القصاع تأتى بالعجين فيها ليقرصه منها ضاعت بالعجين أو دونه إذ لا يستغنى فى عمله عنها، وقاله مالك فى سماع ابن خالد فى المثال، ولأشهب فى المنديل: يتلف به الثوب إن كان شريفا يغتفر مثله لوقاية ضمنه خلاف قول ابن حبيب. ابن رشد: وما لا عمل فيه، ولا يحتاج إليه المعمول، ولا فى العمل غير مضمون اتفاقا؛ كالآتى لصانع بزوجى خف ليعمل له فى إحداهما عملا فيتركهما عنده فتضيعان فلا يضمن إلا ذات العمل، والأخرى وديعة عنده. وفى غرمه قيمة المصنوع وحده أو قيمتهما معا مسقطا منها قيمة المصنوع وحده قولان الشيوخ، وهذا أصح كما لو استهلك له رجل أحدهما ضمن ما نقصه منها. وفيها: يضمن القصار ما أفسده أجيره، ولا شاء على الأجير إلا أن يتعدى أو يفرط.

الصقلي عن محمد: قال أشهب: إن كثر على الغسال الثياب فآجر أجراء يبعث لهم إلى البحر بالثياب فهم ضامنون. ابن ميسر: هذا إذا آجرهم على عمل أثواب مقاطعة. الصقلى: كأنه صانع دفع له صانع ما استعمل عليه. قال بعض القرويين: إن ثبت دفع رب الثوب إلى الأول أجرته فله أجره، وله قد قبضه من الثانى دون أجرة، ويتبع الأول بأجره، والأشبه أن لا يأخذه إلا بدفع أجرته إذ ليس مستحقا لنفس الصنعة. قلت: قوله له قبضه من الثانى دون أجره هو سماع ابن القاسم. قال ابن رشد: زاد فيها فى الموازية تفسيرا وهو: دفع أجرة الأول له ببينة، وإن لم تقم بينة حلف الثانى ما قبض أجره، ثم دفع رب الثوب له، فإن كانت الأجرة الأولى خمسة، وهذه عشرة فلم يدفع إلى هذا إلا خمسة، ويتبع بباقى أجرته الأولى، وإن كانتا بالعكس دفع لهذا خمسة، وبقيت عنده خمسة للأول، فإن قدم الأول فأقر بقبض أجرته رجع الغارم على الثانى بما أخذ منه. الشيخ: هذا غير مستقيم، ولا تقبل دعوى القادم على الثانى إن كان القادم عديما. ابن رشد: قوله: لا يقبل قوله إن كان عديمت صحيح، ولم ينص محمد على أنه يرجع على الثانى بإقرار القادم إن كان عديما فينبغى جمل قوله على كون القادم مليا، ولا يقال فيه غير مستقيم. وقول محمد: إن لم تقم بينة بدفع الأجرة للأول حلف الثانى، وأخذ الأقل من الأجرتين صحيح، وكذا لو أقر رب الثوب أنه لم يدفع للأول شيئا، وأجرة الثانى أكثر لم يلزمه أن يدفع للثانى إلا أجرة الأول إن علم أن ما ايتأجر به الأول أو أقر به الثانى، وإلا فلا يأخذه إلا بعد أن يدفع جميع أجرته إن عملت، وإن جهلت تخرج ذلك على قولين: أحدهما: قبول قوله فى قدرها مع يمينه إن أتى بما يشبه، وإلا لم يصدق، وكان له أجر مثله.

والثاني: لا يكون أكثر من أجر مثله، وإن أشبه ما ادعاه، وهو الآتى على قول ابن القاسم: وإنما لم يكن للثانى أن يأخذ من رب المتاع إلا أقل الأجرتين إن لم يكن دفع للأول أجرته؛ لأنه غريم غريمه بذلك لا من أجل أن السلعة بيده إذ ليست عنده برهن فلا يكون له حبسها حتى يقبض أجرته، ولا يكون أحق بها من غرماء رب المتاع إن فلس عند ابن القاسم، ولذلك لا يكون القول قوله فى الإجارة على مذهبه إن ادعى أكثر من أجر مثله، وإنما وجب أخذ رب المتاع متاعه معمولا دون غرم الثانى إذا كان دفع الأجرة للأول؛ لأن العمل وجب له باستئجار الأول عليه استئجارا مضمونا فى ذمته، ولو لم يكن له الأجرة مضمونة، وكان استأجره على أن يعمل بنفسه فاستأجر عليه غيره لما وجب لصاحبه أخذه، وإن دفع الأجرة للأول حتى يغرم للثانى أجر مثله إلا أن يعلم الثانى بتعدى الأول فى استئجاره إياه على ما وجب عليه أن يعمله بيده هذا الآتى على أصولهم، ولا أعرف فيه نصا. وفيها: قال ابن القاسم: لا يضمن الأكرياء سائر العروض، ولا شيئا غير الطعام. قال السبعة من فقهاء التابعين: لا يكون كراء بضمان إلا أن يشترط على الحمال ألا ينزل بلد كذا أو وادى كذا أو لا يسير بليل فيتعدى ما شرط فيتلف شاء بتعديه فيضمن. ومن استأجرته ليحمل لك على دابته دهنا أو طعاما؛ فعثرت فانكسرت القوارير أو انقطعت الأحبل فسقط المتاع ففسد لم يضمن إلا أن يغر من عثار أو ضعف الأحبل فسقط المتاع ففسد لم يضمن، وإلا ففعل العجماء جبار ما لم يفعل بها رجل شيئا عثرت به فيضمن الفاعل. ومن ***** منه دابة للطحن فكير المطحنة لما ربطته فيها لم يضمن إلا أن يغرك، وهو يعلم ذلك منها فيضمن لقول مالك: من أكرى دابته، وهى عثور أو ربوض قد علم ذلك، ولم يعلم بذلك مكتريها فربضت أو عثرت فانكسر ما عليها فهو ضامن، ولو كان ليحمل عليها دهنا من مصر إلى فلسطين فغزه منها فعثرت بالعريش ضمن قيمة الدهن بالعريش، وقال غيره: بمصر إن أراد؛ لأنه منها تعدى.

الصقلي: عن ابن حبيب: إن غرم قيمته بالعريش فله من الكراء بحسابه لذلك الموضع. اللخمى: قول غيره ابن القاسم يرجعان إلى أنه بالخيار. فقول الغير إن أراد تخيير منه، وقول ابن القاسم بالعريش؛ لأنه قال، قيمته هناك ضعف قيمته بالفسطاط، وإنما يختار الإنسان الأكثر ليس أنه يمنع من قيمته بالفسطاط، ثم إن كان كراؤه على البلاغ فله تغريمه بالفسطاط؛ لأنه لا يستحق شيئًا إلا ببلوغه الفسطاط؛ فكأنه لم يسلم له شيئًا مما أكرى عليه، وله أن يغرمه قيمته بالعريش بخلاف من نقل ما غصبه؛ لأنه نقله لنفسه، وهذا نقله لصاحبه فهو يسقط العداء إلى آخر وقت هلك فيه، وأن كان على الإجارة فله أن يغرمه بالعريش؛ لأنه يقول: أرضى أن يكون كل يوم مضى كتسليم الصحيح فيدفع فيه الأجرة، ويأخذه بالتعدى، وله أن يقول لا يستحق عن تلك الأيام أجرة؛ لأنه بتسليم صحيح؛ لأن كل يوم مضت بيدك باقية بالتعدى لتتمادى به لمنهل آخر فله إغرامه بالفسطاط، وإن استوت فيمته بالموضعين أغرمه قيمته بالفسطاط ليسقط عنه الكراء. قُلتُ: صرح ابن الحارث بأن قولى ابن القاسم وغيره اختلاف، وكذا التونسى ورجح كون الضمان يوم العداء كغاصب قال: فإن قيل: الغاصب هو كل يوم ضامن، والحامل كل مكان جاز عنه سالًما لا ضمان عليه فيه. قيل: فيلزم غرم قيمته بموضع هلاكه، فأن قيل: إذا هلك قبل بلوغه فكأنه لم يزل متعديا من يوم حمله. قيل: فلا يضمنه إلا يوم حمله. وانظر على قول الغير: لو غصبه لصوص ببعض الطريق هل يضمنه الحامل لتعديه فى ابتداء حمله على دابه عثور فقد يقول ذلك؛ لأنه إذا ضمنه قيمته يوم حمله بعد أن سلم جل الطريق جاز أن يضمنه إن هلك بأمر من الله أو غصب؛ لأنه كأنه لم يؤذن له فى حمله على هذه الدابة. قُلتُ: قوله هذا يرد بأن الغير إنما ضمنه بتعديه بأمر دل الواقع على تأثيره العادى،

وهذا إنما يحصل إذا هلك بسبب فعله أما بغيره فلا، ولا اتفق المذهب فى المبيع بتدليس إن هلك بسبب التدليس ضمنه بائعه، وإلا فلا قال وقوله: إن استأجر ثورًا فلما ربطه فى المطحنه كسرها لم يضمن ربه إلا يكون علم ذلك وكتمه فظاهره أنه ضمنه بالقول؛ لأنه المكترى هو متولى ربطه. وقال أبو إبراهيم: قوله: فكسر المطحنه هكذا فى أكثر الروايات، وفى بعضها ربطته، ويقوم منه بالضمان بالغرور بالقول، ومثله فى التدليس بالعيب، وخلاف فى كتاب الاستحقاق، وانظر فى النكاح الأول، وفى باب الأمه الغاره، وفى الثانى مسأله الأختين. قُلتُ: القول إن تضمن عتقداً كان غروراً بالفعل لا بالقول، ومن تأمل وأنصف فهمه من قولها: ومن قال لرجل فلانة حرة، ثم زوجها منه غيره فلا رجوع للزوج على المخبر، ولو علم أنها أمة، وإن وليه عالًما رجع عليه بالصداق، وهذا يرد قول التونسى فى مكرى الدابة العثور: إن أسلمها مكريها وهو عالم بعثارها لمكتريها فحمل عليها، فهو غرور بالقول يختلف فيه، وإن أسلم المتاع ربه لرب الدابة فحمله عليها ضمن الحمال لتعديه. وفيها: وإن سألت خياطًا قيس ثوب فزعم أنه يقطع قميصًا؛ فاتبعته بقوله: فلم يقطعه فلا شئ عليه، ولا على بائعه، وكذا الصبر فى يقول فى درهم تريه إياه جيد فيلفى رديئًا فإن غرا من أنفسهما عوقبا. الصقلى: فى العتبيًة لابن القاسم: من غر من نفسه عوقب، ولا أجر له، وإن غر من جهل، فقال مالك مرة: لا يضمن، ولا أجر له، وقال مرة: يضمن، وله أجره. قال سَحنون: وهى أصح من قوله إن غر أدب ولاشئ. ابن دينا: من استؤجر؛ لأنتقاد مال، فإن كان بصيرًا فلا شئ عليه فى خطأ به فيما يختلف فى مثله، وإن أخطأ فيما لايختلف فى مثله لبيان فساده ضمنه لتقصيره، ولو كان جاهلًا، ومن استأجر يعلم جهله فلا شئ عليه، ولو جهل جهله وغره بأنه عارف ضمن ما لا يختلف فى فساده، ولم يضمن ما يختلف فيه، ولكل منها أجره.

قال غيره: هذا إن تصادقا أنها منه أو ببينة لم تفارقه. قُلتُ: سمع ابن القاسم: من قال لخياط: أيخرج لى من هذا الثوب قميص؟ قال: نعم؛ فأعطاه على ذلك أجرًا فقطعه فلم يأت ذلك فيه لا غرام عليه. ابن رُشْد: فيها إخلاق كثير تحصيله إن لم يغر لم يضمن، وإن غر فلا أجر له اتفاقًا. فيهما إن قال له: انظره هل فيه قميص؟ فقال: نعم. قال: اقطعه، ولك كذا، ولو أتاه بثوب فقال له: انظره إن كان فيه قميص فاقطعه ولك كذا فلم يجد فيه قميصًا لضمنه قولًا واحدًا، ومضى القول فى هذا فى سماع ابن القاسم فى الصرف. قُلتُ: هو قوله من استأجر صرافًا ينتقد له دنانير، فوجد فيها قبيح لا ضمان عليه إلا أن يغر من نفسه، وأما إن كان عارفًا مثله يبصر فلا شئ عليه، وقد يختلف الناس فى البصر. سَحنون: هذا أصح من التى تحتها حيث قال: إن غر فلا شئ عليه، وإن لم يغر فله الأجر. ابن رُشْد: تحصيل اختلافهم إنلم يغر لم يضمن اتفاقًا. وفى ثبوت أجرته مطلقا وسقوطها إلا أن يكون الردئ أقل منها فيكون له تمام أجره سماع أشهب فى دليل الطريق يخطئ، وسماع ابن القاسم فى الصراف، وأن غر فقيل لا يضمنه، ولا اجر له إلا أن يكون الردئ أقل من أجرته فله تمام أجره، وقيل: يضمنه ويحاسب بأجره فمن له فضل على صاحبه أخذه. الباجى: روى محمد: لايضمن من دفعت له لؤلؤة ليثقبها فكسرها. أَصْبَغ فى العتبيًة: أو خرم ثقبها، ولو تعداه ضمن. قال مالك وابن القاسم وأشهب: وكذا القوس تدفع لمن يغمزها، والرمح لمن يقومه، والفص لمن ينقشه وابن حبيب، والدابة لمن يصرعها البيطار والسيف يقومه الصيقل، والمريض يسقى الدواء أو يكوى فيموت، والصبى يختن فيموت، والضرس

يقلع فيموت صاحبها لا يضمن الحجام؛ لأن غالب كل هذا الغرور إذا فعل فى ذلك معتاده. ولمالك فى الموازيًه معها: لا يضمن الفران ما احترق من الخبر لغلبة النار إلا أن يفرط أو يغر من نفسه، وليس كالخياط وشبه هـ مما يمكن فيه الاحتراز من الفساد غالبًا، وإن ادعى الفران احتراق الخبر غلبة؛ فروى ابن حبيب: لا يضمن أن يبقى من الخبز أو الغزل ما يعلم أنه خبز الرجل أو غزله، ولو ادعى احترق جمعيه ضمن. ول أَصْبَغ: فى العتبيًة إن ادعى رب اللؤلؤة تعدى الصانع فى ثقبها فهو مدع، وكذا كل صاحب صنعة، ورواه ابن حبيب فى قرض الفأر ولحس السوس إن ادعى رب الثوب تضييع القصار؛ فهو مدع. قال سَحنون وغيره: لو تلف الخبز عند الفران ضمن. وسمع ابن وَهْب: يضمن مثل خبزته، وله أخذ أصغر منها لا أكبر. ابن عبد الحكم: لا يأخذ غير خبزته فى قول مالك. الشًيخ: يريد: أن الفران ضامن للرجلين. ابن رُشْد: ما فيه تغرير كثقب اللؤلؤة، ونقش الفص، وتقويم الرمح، واحتراق الخبر، والثوب فى قدر الصباغ، وطرح البيطار الدابة فتموت لا ضمان فيه اتفاقًا، إن لم يخطئ فى فعله، وإن أخطأ وكسقى الطبيب مالا يوافق المراض أو تزايد الخاتن أو القاطع فيتجاوز فى القطع فيتجاوز أو الكلى أو يد الحجام؛ فيقلع غير الضرس التى أمر بها فهى من جناية الخطأ إن كان من أهل المعرفة، وإن غر من نفسه عوقب. وفى كون الدية فى ماله مطلقًا أو على العاقلة إن بلغت الثلث قولان لظاهر سماعى ابن القاسم وأشهب من كتاب السلطان، وقول ابن دينا مع سماع أَصْبَغ ابن القاسم فى الديات: وفيها مع غيرها: لزوم ضمان الأكرياء الطعام والإدام إلا أن تقوم بينة بهلاكه أو يكون معه ربه، والسفينة كالدابة. وفى الموازيًه: ووكيل رب الطعام، وقول ابن الحاجب، وقال به الفقهاء السبعه: لا أعرفه إنما فيها أمر ضمنه أهل العلم، ولم يجدوا من ذلك بدا.

وفيها: بعد ذلك سَحنون عن ابن نافع عن ابن أبى الزناد عن أبيه عن السبعة: لا يكون كراء بضمان إلا أن يشترط على الحمال أن لا ينزل بلد كذا أو وادى كذا أو لا يسير بليل فيعتدى ما شرط. ابن حبيب: إنما يضمنون القمح والدقيق والشعير والسلت والذرة والدخن والكراسنه لا الأرز؛ لأنه يتفكه به. الشًيخ: لعل هذا فى بلد غير بلد الأرز، وفى بعض البلاد هو جل قوتهم، ويضمنون الفول والحمص والعدس واللوبيا والجلبان، ولا يضمنون الترمس؛ لأنه يتفكه به، ولا يضمنون من الإردام إلا الزيت العسل السمن والخل والبيضوالابزار لا المرى والرب والأشربة الحلال والجبن والشيراز واللبن والزبد وسائر اللحم والبصل والأبزار، ولا يضمنون من خضر الفواكه ورطبها ويابسها إلا التمر والزبيب والزيتون والملح، ولا يضمنون شيئًا من الأدهان. الصقلى: ما ذكره استحسان، وظاهر المدَوًتة: ضمان سائر الطعام والإدام والترمس واللبن والزبد واللحم قوت وإدام. وروى محمد: شرط الجمال طرح ضمان الطعام أو لزوم ضمان العروض ساقط والعقد فاسد فإن فات سقط الشرط، وله كراء المثل. اللخمى: لمحمد عن أصبع لو كان بيعه ربه، ثم فارقه ببعض الطريق لم يضمن. محمد: لأن أصل حمله على غير التسليم لحامله، ومعروف المذهب أنه ضامن فيما حمله فى المدينة، ولم يصحبه ربه، ولابن كنانة: لا ضمان عليه؛ يريد: لأنه قادر على أن يصحبه دون ضرر فتركه قصد لائتمانه. قال ابن عبد السلام: عن بعضهم إن ذهب لربه على ألا يعود ضمنه الحمال، وإلا فلا كحامل العرض يجوزه بعد الغاية كالرهن فى أجره فى انتقاله لضمانه فينتقل حامل الطعام من عدم ضمانه، ورده ابن عبد السلام بأن حامل الطعام لم يتغير حاله بفعل ولايته إنما تغير حال ربه فلا يوجب على الحامل حكما بغير اختياره، وحامل العرض تسبب بحبسه.

قُلتُ: يرد بتباين القياس الدال بذاته على سقوط القياس الفرق المذكور، وهو أن تقول علة ضمان الطعام انفراد حامله به عن ربه، فإن فارقه ربه على عدم عوده ثبت انفراد حامله به فوجب انتقاله على عدم ضمانه أليه عملا بعلية الحادثة قياسًا على حامل العرض الحادثة عله ضمانه على عدمه، ومن أنصف، وتذكر قواعد الأسئلة الواردة على الأقيسه علم أن كون حامل الطعام غير متسبب، وحامل العرض متسببًا لا أثر له فى القدح فى القياس المذكور لخروجه عن علة القياس المذكور، وعن مانع حكمه، ولذا قبله الصقلى. والأظهر عندى جرى الضمان فى هذا الفرع على قولى محمد وابن كنانة فى ضمان حامل الطعام بالبلد بناء على اعتبار مطلق غبية ربه، ودلالة مفارقته بغير صحبته على ائتمانه كدلاله ترك صحبته بالبلد على ذلك. قال اللخمى: وأرى أن يضمن القمح والشعير والقطانى وشبه ذلك، وإن صحبه ربه إذا نقص؛ لأنه علم منهم السرقة، ولو كان معه ربه، وإن ادعى ذهاب جمعيه، وربه معه صدق وليس العاده جحود جمعيه ولا الهروب إن كان الحمال واحدًا، وإن كانوا عددًا فتأخر بعضهم لم يصدق أنه غصب منه، وعهد من الجماعة تأخر أحدهم تعمدًا ليذهب به، وإن صحبه ربه فى البحر فنقص بعضه صدق عند مالك. وفى كتاب أكرية السفن: لا يصدق قال: لأنه حازه، وإنما يدخل التاجر وقت إقلاعه وهو أحسن؛ لأن الطعام والزيت وشبهه يوسق، ويغيب عنه ربه إلى ليلة المبيت، وعهد منهم الخيانة فيه، وكذا لو لم يفارقه ربه من حين وسقه؛ فإنهم يخونون فيه بالليل وبعد الوصول وقبل التفريغ. وضمانه فى دعوى تلفه بعد وصوله لغزمه فى موضع وصوله، واختلف إن ادعى ضياعه ببعض الطريق، وعلم كليه هل يغرم المثل الآن أو بعد وصوله كان تلفه مجهولا أو معلوما بعثار أو ضعف أحبل أو باستهلاكه، وأرى إن تنازعا فى موضع هلاكه غرم مثله فيه، وإن تحاكما فى موضع وصوله غرمه فيه؛ لأنه دخل على توصيله، ولأن فى الصبر حتى يعود إلى الموضع غررا، والظالم أحق أن يحمل عليه، وهذا إن هلك من عثار

الدابة والكراء مضمون، وهو فى مستعتبه يعذر على خلف دابة، وإن كانت معينة لم يغرمه فى الموضع الذى اكرى إليه؛ لأنه بظهور أنها عثور ينفسخ الكراء، وكذا إن كان الكراء مضمونا، والهلاك فى غير مستعتب. الصقلى: عن ابن حبيب: يغرم المكرى ما ضمنه من الطعام بالبلد الذى اكرى إليه جهل هلاكه أو علم بسبب عثار الدابة أو ضعف الأحبل، وقول بعض القرويين: يضمن مثله حيث ضاع خلافه. وسمع أو زيد ابن القاسم: أن أعطى حامل الطعام ربه عن نقص طعامه ذهبا لم يجز إن كان انتقد كراه. ابن رشد: لتهمتهما على إن ما دفع إليه من الكراء بعضه ثمن لحمل الطعام، وبعضه سلف فيدخله البيع والسلف، ولا شاء على فاعل ذلك فيما بينه وبين الله إن لم يقصد ذلك، وله أن يأخذ عن النقصان عرضا نعجلا أو صنفا آخر من الطعام. ابن الحاجب: وأما أجير الحراسة فلا يضمن شيئا، وفى الإجارة منها لا ضمان على من جلس يحفظ ثياب من دخل الحمام؛ لأنه أجير. وسمع ابن القاسم: لا ضمان على حارس الحمام. ابن رشد: إن أكراه رب الحمام لحفظ ثياب داخله بأجر فى ذمته فى ضمان عليه اتفاقا، إلا أن يتعدى أو يفرط، وإن كان يحرس بجعل يأخذه من كل من يدخل الحمام لحرس ثيابه، فقال مالك: لا ضمان عليها. بن لبابة: وغيره خطأ. وقال ابن حبيب: يضمن كالراعى المشترك على قول ابن المسيب، والحسن ومكحول والأوزاعى؛ لأنه بنصبه نفسه لذلك كالصانع المشترك. الصقلى: يروى محمد: إن نام حارس بيت فسرق ما فيه لم يضمنه، وله أجره، وكذا حارس النخل وغيره، وكذلك من أعطى متاعا ليبيعه أو يضيع ثمنه لا أجر له ولا ضمان عليه. محمد: لا يضمن جميع الحراس إلا بتعد كان ما يحرسونه طعاما أو غيره.

قلت: قوله لا ضمان عليه فى نومه يجب تقييده بكونه فى وقت نومه المعتاد له لا فى نومه فى وقت حاجة العسس والحرس، وتقدم نحو هذا للخمى فى نوم الراعى نهارا، وعلى قول اللخمى فى طعام أنه يضمن، ولو كان معه ربه لما عرف من خيانتهم يجب تضمين حارس الطعام إن علم منه ذلك، ولذا قال هنا: إن ألجأ قوما ضرورة لمن يخاف على الطعام منه أن يؤجر تقية لشره، وليدفع شر قوم لآخرين ضمن وكذا أن عملت خيانته. وقول فيمن أعطى متاعا ليبيعه واضح إن كان لم ينصب نفسه لذلك، وإن نصب نفسه فالأظهر أنه كالصانع، وأظن إنى وقفت على ذلك لبعضهم فى الجليس، وهو من نصب نفسه فى حانوت لشراء الأمتعة. قال عياض فى المرابحة: وهم كثير فى البلاد ينتصبون لذلك، وأما مسمى السمسار ففى ضمانه ما دفع له ليبيعه، وما طلبه من ربه لمشترى مزه بشرائه، ثالثها: ما لم يكن مأمونا، واربعها: فيما دفع لهم لا فيما طلبوه لنوازل ابن رشد عن سحنون مع ابن عات عن حمديس عن بعض أقواله، وله عن العتبية. وفتوى ابن رشد ونقله: وعلى عدم ضمانه فى كون ما أرسلوا لطلبه من مرسله أو دافعه، ثالثهما، بينهما لنقليه، وقوله: لو قيل لكان له وجه. ابن الحاجب: والحمامى أمين على الثياب، وقيل: يضمن. ابن عبد السلام: ظاهره أن الحمامى هو مكترى الحمار لا حارس الثياب، فإن كان هذا مراده فالمشهور عدم تضمينه مطلقا إلا أن يفرط، وليس القول بتضمينه مطلقا بموجود فى المذهب، وخلاف فى عدم تضمينه إلا أن يفرط. قلت: قوله: لا خلاف خلاف نقل عياض لما عرف فى مداركه بأبى على الحسن بن نصر السوسى قال: سمع من العامى، ويحيى ابن عمر وعيرهما كان فقيها عدلا ورعا زاهدا ولى أحكام سوسة؛ فكان لا يضمن صاحب الحمام ما تلف عنده فكثر شاكوه؛ فحكم بتضمينه لما حدث به يحيى بن عمر عن الحارث عن ابن وهب عن مالك بتضمين صاحب الحمام.

قلت: فهذه الرواية ترد قوله: لا خلاف فى عدم تضمينه، ورواية ابن وهب هذه مثل سماع ابن القاسم: أمرت صاحب السوق أن يضمن أصحاب الحمامات ثياب الناس أو يأتى يمزعها. الصقلى: فى بعض الحواشى مثله لابن عبد الحكم وزاد: ولا ضمان على من يحرسها. قلت: فى استظهاره بما فى بعض الحواشى على سماع ابن القاسم نظر إذ لا يؤكد القوى بالضعيف إنما يؤكد الضعيف بالقوى، وكذا قوله: وزاد لا ضمان على من يحرسها لوجوده نصا فى سماع ابن القاسم حسبما قدمناه. وقال ابن رشد: إنما ضمن صاحب الحمام إذا لم يأت بحارس لتضييعه ثياب الناس؛ لأنه لم يكن حارس عليها فلا يقطع سارقها إلا أن يحتال فى السرقة من خارج الحمام من لم يدخل الحمام على ما قاله فى المدونة، وسماع عيسى. ابن الحاجب: كل من أوصل نفعا من عمل أو مال بأمر المنتفع أو بغير أمره لا بد له منه بغرم فعليه أجرة العمل، ومثل المال بخلاف عمل يليه بنفسه أو بعبده أو مال يسقط مثله عنه. قلت: قوله فى النفع يتقرر. سماع أبى زيد فى آخر الجعل والإجارة منه عن ابن القاسم: من استأجر حصادين لزراعه فحصدوا زرع جاره خطأ، فإن كان له عبيد أو أجزاء لا يحتاج معهم إلى أجر فلا شاء عليه، وإن كان لا يجد بدا من الإجارة لحصاد زرعه فعليه قيمة ما حصدوا، وإن كان الخطأ ممن استأجرهم أمرهم بحصده ظنا منه أنه زرعه غرم لهم أجرهم، وأخذ ممن حصد زرعه قيمة عمل الأجزاء إن كان لا يجد بدا من الأجارة على حصاده. ابن رشد: مثله حكى ابن حبيب: وقيل: لا شاء عليه مطلقا، وإن لم يكن له عبيد ولا أجراء، وهو ظاهر سماع يحيى بن القاسم من كتاب البضائع فى الحصاد فى الخصام. وقال ابن ميسر: إن كان له عبيد أو أجزاء لهم أن يستعملوهم فى مثل ما عملوا له وفى أثر (المسألة) فى السماع المذكور من استأجر من يحرث أرضه فأخطأ الأجير فحرث

أرض جاره إن زرعها، وانتفع بحرثها فعليه أجرة حرثه وإن قال: لو أرد زرعها إنما أردت أن أكريها فلا شاء عليه. ابن رشد: معناه إن لم يكن له بقر وعبيد أو أجزاء، كقوله فى المسألة الأولى، وحمل بعضهم هذه على ظاهرها، وقال فى إيجاب غرمه الأجر، ثالثها: الفرق بين أن يكون له عبيد وأجزاء أو لا. الصقلى: فى آخر ترجمة من كتاب الجعل فى الواضحة: من حفر لرجل بئرا أو حرث أرضه أو حصد زرعه اليابس أو قطع ثوبه، وخاطه بغير إذن، وطلب الأجر، فإن كان رب هذه الأشياء لا بد له من الاستئجار عليها لا يليها بنفسه، ولا غلمانه، ولا دوابه فعليه الأجر، وإلا فلا. الصقلى: ظاهره، ولو فعل ذلك عمدا، وقيل: لا شاء للعامد؛ لأنه كغاصب، وقول من مال كقولها فى تضمين الصناع: من أنفق على ولد رجل غائب، وهم ضغار بغير أمره أو أنفقت الزوجة على نفسها فى غيبته، ثم قدم فلهما الرجوع عليه بما أنفقا إن كان موسرا، وفى رهونها إن دفع مرتهن الأرض عنها خراجا حقا رجع به على ربها، وقوله: أو مال يسقط مثله عنه، كقولها فيمن انفق على ولد الغائب الصغار والمرأة على نفسها فى عسر الزوج، وفى إطلاق قوله: من أوصل نقدا نظر لقولها فى اللقطة. قال مالك: من أتى بآبق لرجل وطلب منه الجعل على إتيانه به إن كان شأنه يطلب الضوال لذلك فله الجعل بقدر بعد الموضوع الذى أخذه فيه وقربه، وإن لم يكن ذلك شأنه، وإنما وجده فأخذه فلا جعل له. قلت: فلم يجعل له الجعل إلا إن كان مما ممن شأنه ذلك، ولفظ ابن الحاجب مطلق فى حالتيه معا، وفى الجعل والإجارة منها: وإن قال الصانع: استعملتنى فى هذا المتاع، وقال ربه: سرق منى تحالفا، ثم قيل لربه: ادفع له قيمة عمله، وخذه فإن أبى. قيل للعامل: ادفع له قيمة ثوبه غير معمول، فإن أبيا كانا شريكين هذا بقيمة ثوبه غير معمول، وهذا بقيمة عمله؛ لأن كلا منهما مدع على صاحبه، وقال غيره: العامل مدع، ولا يكونان شريكين.

الصقلي عن الشيخ: يبدأ بالحلف رب الثوب ما استعمله، ويقال للصانع ادفع له ثوبه، وإلا فاحلف أنه استعملك، فإن حلف قيل لرب الثوب: ادفع له أجر عمله وخذه، فإن أبى قيل للصانع: ادفع له قيمة ثوبه، فإن أبى كانا شريكين. وقال بعض القرويين: لا يتحالفان حتى يقال لرب الثوب ما تريد، فإن قال: أريد تضمينه. قيل له: احلف ما استعملته، فإن حلف. قيل للأجير: احلف لقد استعملك لتبرأ من الضمان، ثم قيل لرب الثوب: ادفع له قيمة الصبغ؛ لأنه برأ من المسمى بيمينه أولًا، فإن أبى قيل للآخر: ادفع له قيمة ثوبه، فإن أبى كانا شريكين، وإن قال رب الثوب أولًا: أريد أخذ ثوبي نظر لقيمة الصبغ، فإن كانت مثل دعوى الصانع فأكثر فلا أيمان بينهما؛ لأنه يقال له إن كان الأمر ككما قلت أنه سرق لك، وأردت أخذه لم تقدر على أخذه إلا بدفع الأجرة الذي قال الصانع إذا كانت مثل قيمة الإجارة أو أقل ولا يمين هاهنا، وإن كان ما ادعاه الصانع أكثر حلف المستحق وحده ليحط عن نفسه الزائد على قيمة الإجارة من التسمية التي ادعاها الصانع. قُلتُ: ومثله لعبد الحق قال: إن أراد تضمينه، فإن طاع الصانع بدفع قيمته أبيض فلا حلف على واحد منهما، وإن أبى تحالفا وكانا شريكين هذا على قول ابن القاسم، وعلى قول غيره: فيحلف رب الثوب، ويغرم للصانع قيمة الثوب جبرا. وفيها: قال ابن القاسم: وكذا إن ادعى أن الصانع سرقه منهم إلا أنه هنا إن كان ممن لا يشار إليه بذلك عوقب رب الثوب، وإلا لم يعاقب. الصقلي: عن بعض القرويين: واليمين عليهما معًا ببينة ليوجب أحدهما الضمان ويبرأ منه الآخر. اللخمي: إن كان يشبه أن يسرق، وهو منتصب للصنعة فالجواب كالأول؛ لن الشبهة قائمة، وإن كان مثله لا يشبه أن يسرق صدق الصانع، وعوقب رب المتاع، ولو قال ربه: أودعتكه، وقال الصانع: استعملتنيه، ففي قبول قوله أو قول ربه قولا ابن القاسم مع مالك وغيره فيها.

عبد الحق: وعلى الأول إن ادعى ما يشبه من الأجر حلف عليه وحده، وإلا حلف هو لدفع العداء عنه، وربه ليسقط فضل ما ادعى عليه من الأجر على أجر المثل، وعلى قول غيره: يحلف ربه إن كان ما ادعاه الصانع من الأجر أكثر من أجر مثله، وغرمه، ولا يضمنه؛ لأنه أقر أنه وضعه تحت يده بخلاف قوله سرق مني. الصقلي وقال ابن حبيب: كالغير: وكذا قوله: سرق مني، ويحلف، ويأخذ ثوبه مصبوغًا أو مغسولًا دون غرم إلا أن ينقصه الصبغ أو يفسده فيخير في أخذه أو تركه، وأخذ قيمته، وإن زاده الصبغ أخذه بغير غرم. اللخمي: قول الغير العامل مدع؛ يريد: أنه على حكم المتعدي؛ لأنه لم يقر له. قُلتُ: كذا هو في جل ما رأيت لم يقر له فقط فلعله؛ يريد: لم يقر له بإذنه في صبغه فيه، وفي بعضها لم يفرط. قال: وأصل سحنون: أن القول قول الصانع في طرح العداء، وقول الآخر في طرح بعضها لم يفرط. قال: وأصل سحنون أن القول قول الصانع في طرح العداء، وقول الآخر في طرح التسمية، ويكونان شريكين. قُلتُ: هذا نص في ثبوت حق الصانع في صنعته، وعدم إسقاطها خلاف ما تقدم للصقلي عن ابن حبيب، ومثله لابن رشد في سماع ابن القاسم في كتاب تضمين الصناع سمع فيه مثل قوله، وروايته في المدونة. فقال ابن رشد: قبل ذكره مثل ما تقدم لعبد الحق قيل: معنى قول الغير أن العامل مدع في الأجرة إن ادعى أكثر من أجر المثل، وحلف على دعواه لم يستحق ما عليه، وحلف رب الثوب، وسقط عنه ما زاد على أجر المثل، وإن نكل العامل، وحلف رب الثوب أخذ ثوبه مصبوغًا، ولم يكن عليه شيء من الأجر، وقيل معناه: أنه مدع في أنه استعمله إياه فلا يصدق، ويحلف رب الثوب؛ فيأخذه مصبوغًا دون غرم إلا أن ينقصه الصبغ أو يفسده، فذكر مثل ما تقدم لابن حبيب. قُلتُ: والأظهر نقل اللخمي لنصها في الغاصب والسارق: يصبغان الثوب أن

حقهما في الصبغ ثابت، ولما يأتي عن قرب للصقلي. وإن اختلفا في صفة الصنعة صدق الصانع فيما يشبه: فيها: إن صبغه أحمر أو أسود، وقال: بذلك أمرني ربه، وقال ربه: بأخضر صدق الصباغ إلا أن يصبغه صبغا لا يشبه مثله، وإن صاغ الصائغ سوارين، وقال ربه: أمرتك بخلخالين صدق الصائغ. الصقلي عن ابن حبيب: إن ادعى الصانع ما لا يشبه صدق رب الثوب مع يمينه، وخير في أخذه مصبوغًا، ويدفع أجرته أو يسلمه، ويأخذ قيمة ثوبه أبيض. الصقلي: هذا وفاق لمالك قال: إلا أن يشاء الصباغ أن يسلم صنعته بلا ثمن، فإن أبى كان شركة بينهما هذا بقيمة ثوبه أبيض، وهذا بقيمة صنعته، واختلف فيه؛ وهذا أحسن. الصقلي: هو أصلنا؛ لأنه إن أتى الصباغ بما لا يشبه، وصدق رب الثوب مع يمينه صار حكم الصباغ حكم المتعدي فيخير ربه في أن يغرمه قيمة ثوبه أو يأخذه، ويدفع قيمة الصبغ. قُلتُ: هذا خلاف ما تقدم له عن ابن حبيب: إن قال رب: الثوب وديعة على قول الغير أن لربه أخذه دون غرم، وقال: من أجر حجاما على قلع سن بعد القلع قلعت غير التي أمرتك، وأكذبه الحجام، ففي قبول قوله أو قول ذي السن قولان فيها لابن القاسم قائلا: لأنه علم به حين قلعه وغيره. اللخمي: محل الخلاف أن المقلوعة والباقية مهتلتين؛ لأن كلا منهما أتى بما يشبه، ولو كانت الباقية سالمة قبل قول الحجام؛ لأنفراده بالشبه ودعوى الآخر سقوط الأجر، ولو كانت المقلوعة سليمة، وتبين ذلك فيها، وفي موضعها، والباقية معتلة قبل قول ذي السن لإتيان الآخر بما لا يشبه فيحلف ذو السن لاحتمال غلطه فيما أراه لمقارنة الألم، ويستحق دية سنه، ويقلع الأخرى إلا أن يكون دليل لذي السن لفساد الباقية، وسوادها وصفاء المقلوعة؛ فيسقط عنه اليمين. قُلتُ: تعليله أولًا حلفه بإمكان غلطه لألمه يلغي دلالة فساد الثانية على إسقاط يمينه، ولأن فرض المسألة عنده كون الباقية فاسدة؛ لأنه الموجب عنده لقبول قوله:

فإن قيل: دليل قبول قوله عنده مجرد اعتلال الباقية المسقط ليمينه عنده هو أخص من ذلك، وهو فسادها واسودادها. قُلتُ: تعليله ثبوت يمينه باحتمال غلطه فيما أراه لألمه حاصل بالسوية في مطلق المعتلة، والأخص منها بما ذكره من فسادها وسوادها. الصقلي عن سحنون: معنى قول غيره الحجام مدع أنه في الأجر، وكل منهما مدع على صاحبه يتحالفان، ويكون للحجام أجر مثله ما لم يجاوز المسمى يمينه ترفع عداءه، وتوجب له التسمية، ويمين الآخر تسقط عنه ما زاد على أجر المثل من التسمية، فإن لم تزد عليه فلا يمين عليه إلا أن ينكل الحجام عن اليمين فيحلف الآخر، ويسقط عنه الأجر، وقاله بعض شيوخنا. ابن شاس: إن اختلف الصانع ورب الثوب في قدر الأجر؛ فالقول قول الصانع بخلاف البناء يقول هذا البناء بدينار، ويقول ربه بأقل فالقول قول بيمينه؛ لأنه حائز لذلك إلا أن يدعي ما لا يشبه والصانع حائز لعمله، وتبعه ابن الحاجب، وقبله ابن عبد السلام، وابن هارون، ولم يعزوه لأصل مشهور كالموازية ونحوها، وعادة المحققين عدم الاكتفاء بنقل المتأخر إذا لم يعزه لأصل مشهور معروف. وما ذكره ابن شاس يقوم من قولها، وكذا الصباغ إذا صبغ الثوب بعشرة دراهم عصفرا، وقال: بذلك أمرني ربه، وقال ربه: ما أمرتك إلا بخمسة دراهم؛ فالصباغ مصدق بيمينه إن أشبه قوله، فإن أتى بما لا يشبه فله أجر المثل، ولو قال ربه: كان لي فيه صبغ متقدم لم يصدق؛ لأنه ائتمنه حين أسلمه إليه، وهذا إذا أسلم إليه الثوب، وإن لم يسلمه، ولا تغيب عليه صدق رب الثوب. قُلتُ: فتفرقتها بين إسلام الثوب وعدمه مثل تفرقة ابن شاس بين الصانع والبناء. ولابن عات في الاستغناء: روى ابن نافع: إن قال البناء: بنيته بثلاثة دراهم، وقال ربه: بنصف دينار فالقول قوله؛ لأنه حائز للبناء كقبول قول الحائك لحوزه لما استعمل إلا أن يدعي ما لا يشبه. قال ابن هارون: لو أسلم الصانع المصنوع لربه كان القول قوله، وصار كالبناء.

قُلتُ: هو مقتضى قول اللخمي في كلامه على قولها إن ادعى رب المتاع أن الصانع عمله له باطلًا، وقال الصانع بأجر صدق بيمينه فيما يشبه من الأجر، وإلا رد لأجر مثله، وقال غيره: يحلف الصانع، وله الأقل مما ادعى أو من أجر مثله. اللخمي: إن كان المسمى أقل حلف الصانع وحده، وأخذه، وإن كان أكثر حلف ما عمله باطلًا وحلف الآخر ما استأجره بتلك التسمية، وغرم أجر المثل، وهذا إن كان بينهما مات يشبه أن يعمل له باطلًا، وإلا أخذ المسمى إن كان أقل بغير يمين. قُلتُ: هذا خلاف نصوص المدونة في توجه يمين المعروف مطلقًا. قال: وإن كانت إجارة المثل أقل حلف رب الثوب وحده، ودفع أجر المثل، فإن نكل حلف الصانع، وأخذ المسمى، وهذا إن اختلفا بعد أن أسلمه، وإن لم يسلمه حلف الصانع وحده، وأخذ المسمى قولًا واحدًا إن أتى بما يشبه؛ لأنه لو أقر أنه استأجره بثمانية، وقال الآخر بعشرة قبل قول الصانع. قُلتُ: فجعل قبول قول الصانع مقيدًا بعد إسلامه الثوب. الصقلي: في آخر ترجمة الجعل ابن المواز: من دفع ثوبًا لخياط فقال: لا أخيط إلا بدرهمين، وقال ربه: لا إلا بدرهم وجعله عنده فخاطه فليس له إلا درهم، ولو سكن منزلا، فقال ربه: بدينارين في هذه السنة، وقال الساكن: لا إلا بدينار، وإلا خرجت إن لم ترض سكن، ولم يجب بشيء حتى تمت السنة لم يلزمه إلا دينار. وإن اختلف الأجير، ومن آجره في مرضه أو عطلته في مدة الإجارة، ففي قبول قول من آجره إن أواه إليه ليله ونهاره، وإلا فالأجير وعكسه، ثالثها: الأول في العبد، وفي الحر القول قول الأجير مطلقًا، ورابعها: القول قوله مطلقًا، وخامسها: عكسه لابن عات عن ابن مغيث عن ابن القاسم مع أصبغ، وفتوى الشيوخ، وعن اللخمي مع محمد مع أشهب، وعن ابن حبيب مع ابن الماجشون، وعن التونسي عن أصلي ابن القاسم، وغيره. ابن عات: يريد: في ثبوت الأجر وسقوطه في دعوى تلف الشيء المستأجر.

ولو اختلفا في رد المصنوع، ففي قبول قول ربه مطلقًا أو إن دفعه ببينة قولها مع عزوه. ابن رشد: في نوازله لكل أصحاب مالك غير ابن الماجشون وعنه ناقلًا عنه إنكار عزو الأول لمالك، وفي المقدمات عزو الأول لابن الماجشون في موضع آخر.

كتاب الجعل

[كتاب الجعل] الجعل: عقد معاوضة على عمل آدمي بعوض غير ناشاء عن محله به لا يجب إلا بتمامه به، فيخرج كراء السفن والمساقاة والقراض، وقولنا به خوف نقض عكسه

بقوله إن أتيتني بعبدي الآبق فلك عمله كذا أو خذ منه شهرًا؛ لأنه جعل فاسد لجهل عوضه والمعروف حقيقته المعروضة للصحة والفساد وأوجز منه معاوضة على عمل آدمي يجب عوضه بتمامه لا بعضه ببعضه فتخرج المساقاة والإجارة لاستحقاق بعضه ببعض فيهما، والقراض لعدم وجوب عوضه لجواز تجره، ولا ربح. وقول ابن رشد: هو جعل الرجل جعلا على عمل رجل إن لم يكمله لم يكن له شيء، وينتقض بالقراض. روى البخاري عن أبي سعيد الخدري رضى الله عنه قال: انطلق نفر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفرة سافروها حتى نزلوا على حي من أحياء العرب فاستضافوهم فأبوا أن يضيفوهم فلدغ سيد ذلك الحي فسعوا بكل شيء لا ينفعه شيء، فقال بعضهم: لو أتيتم هؤلاء الرهط الذين نزلوا لعل أن يكون عند بعضهم شيء فأتوهم فقالوا: يا أيها الرهط إن سيدنا لدغ، وسعينا له بكل شيء لا ينفعه شيء فهل عند أحد منكم من شيء. فقال بعضهم: والله إني لراقي، ولكن والله لقد استضفناكم فلم تضيفونا فما أنا براق لكم حتى تجعلوا لنا جعلا فصالحوهم على قطيع من الغنم، فانطلق يتفل عليه، ويقرأ الحمد لله رب العالمين فكأنما نشط من عقال فانطلق يمشي، وما به قلبة. قال: فأوفوهم جعلهم الذي صالحوهم عليه، فقال بعضهم: اقسموا، فقال الذي رقى لا تفعلوا حتى نأتي النبي صلى الله عليه وسلم فنذكر الذي كان فننظر ما يأمر، فقدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكروا له ذلك، فقال: وما يدريك أنها رقية، ثم قال: لقد أصبتم اقسموا لي واضربوا لي

باب في شرط الجاعل

معكم سهما فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم. قُلتُ: تمسك به غير واحد من أشياخ المذهب في جواز الجعل، وفيه نظر لجواز كون إقراره صلى الله عليه وسلم إياهم على ذلك لاستحقاقهم إياه بالضيافة فأجاز لهم استخلاص ذلك بالرقية، وهو رخصة اتفاقًا. [باب في شرط الجاعل] وشرطه أهلية المعاوضة فيهما. ابن شاس وابن الحاجب: شرطهما أهلية الاستئجار والعمل. ابن عبد السلام معنى قوله: والعمل أن عمل الجعالة قد يمتنع من بعض الناس كما لو جوعل ذمي على طلب مصحف ضاع لربه، وكذا الحائض مدة الحيض. قُلتُ: هذا الامتناع إنما هو شرعي، ولا يتم بعض الجعالة على الجائز منها،

والأظهر اعتبارها من حيث ذاتها، ويفسر الامتناع بالامتناع العادي كمجاعلة من لا يحسن العوم على رفع متاع من قعر بئر كثيرة الماء طويلة. ابن شاس: ولا يشترط في المجعول له التعيين لمصلحة العقد لو قال: من رد عبدي الآبق فله كذا فمن أحضره بعد قوله: ذلك فله الجعل علم ما جعل فيه أو لم يعلم، وعبر عنه ابن الحاجب بقوله: ولا يشترط في المجعول له التعيين، ولا العلم بالجعالة لو قال: من رد عبدي الآبق فله دينار فمن أحضره استحقه علم بالجعل أو لم يعلم، وقبله ابن عبد السلام وابن هارون وفيه تعقب؛ لأنه يقتضي أن هذا هو كل المذهب أو مشهوره، وليس كذلك لما تعقب عليه. سمع عيسى ابن القاسم: من جعل في عبد له عشرة دنانير لمن جاء به فجاء به من لم يسمع بالجعل، فإن كان يأتي بالإباق فله جعل مثله، وإلا فليس له إلا نفقته، وإن جاء به من سمعه فله العشرة، ولو كان ممن لا يأخذ الإباق. ابن رشد: حكى ابن حبيب: أن له الجعل المسمى، وإن لم يعلم به إن أخذه بعد أن جعل فيه، وإن لم يتكلف طلبه عن ابن الكاجشون وأصبغ وغيرهما من أصحاب مالك وأنه قول مالك، وقول ابن القاسم: أظهر؛ لأن الجاعل إنما أراد بقوله تحريض من سمع قوله على طلبه فوجب أن لا يجب ما سمى من الجعل إلا لمن سمعه، فطلبه بعد ذلك فلا حق في الجعل لمن وجد العبد قبل أن يجعل فيه اتفاقًا إذ قد وجب عليه رده لربه قبل أن يجعل فيه الجعل، واختلف إن وجده بعد أن جعل فيه الجعل، فقال ابن القاسم: لا شيء له إلا إن سمع الجعل، ويطلب العبد، وقال ابن الماجشون: ومن ذكر معه له الجعل، ولو لم يسمعه ولا طلب العبد. قُلتُ: فجعل ابن شاس وابن الحاجب قول ابن الماجشون هو المذهب وليس كذلك. وسمع ابن القاسم: من جاء بعبد آبق جعل له فيه جعل، وقد أنفق عليه نفقة فنفقته عليه والجعل له فقط، وإن أرسله بعد أخذه عمدًا ضمنه. ابن رشد: هذا أبين؛ لأن الجعل إنما جعل له على أن يوصله لربه، فإن وجده في

مكان بعيد من سيده تستغرق نفقته إلى وصول لربه الجعل رفعه لقاضي موضعه ينظر فيه لربه بما يراه من سجنه أو بيعه، فإن أرسله آخذه ضمنه. وتعقب ابن عبد السلام: كون النفقة على المجعول له بأن النفقة حينئذ جزء من العوض، وذلك بيع مقترن بالجعل إلا أن يقال إنه من ضروريات هذا العقد، ولا انفكاك عنه إلا بجعله سلفًا من المجعول له يؤديه على الجاعل صار سلفًا وجعلًا، وهو أشد فسادًا من بيع وجعل. قُلتُ: يجاب بأن كل العوض من العامل إنما هو نفس الإتيان بالآبق لا مؤنته، ومؤنته أمر يتوقف الإتيان به عليه لا مدخل له في العوضية كأصل المذهب في استئجار العبد على أن يأتيه بالغلة العوض فيها من العدد منافعه لا عوضها. وكذا قال ابن رشد: إن ساوت مؤنته الجعل رفعه للإمام، ويحكم له بالجعل، وهذا إنما هو مؤنة توصيله لا في نفقة قوته وكسوته التي يقضى بهما على ربه لو كان حاضرًا هذا على ربه مطلقًا فاعلمه. ولعل الشيخ توهم أن المراد بالنفقة هذا، وليس كذلك فتأمله، فإن لفظ النفقة في هذه المسألة وقعت في كلامهم مشتركة بين نفقة الإيصال ونفقة القوت، وقد علمت أن نفقة القوت واجبة على السيد، وأن من قام عن غيره بنفقة من تجب عليه نفقته تبعه بها. وفي اللقطة منها: قيل: هل لمن وجد بقاٍ خارج المصر أو في المصر جعل إن طلبه؟ قال: قال مالك: فيه ولم يذكر خارج المصر، ولا داخله إن كان شأنه يطلب الضوال لذلك، ويردها فله الجعل بقدر بعد الموضع الذي أخذه فيه أو قربه، وإن لم يكن ذلك شأنه إنما وجده فأخذه فلا جعل له، وله نفقته. قُلتُ: يريد\: إلا أن يدعه ربه فلا نفقة عليه، وهي مؤنة إيصاله لقوله فيها: ما أنفق على ما التقط من عبد أو أمة أو غيرهما ليس لربه أخذه حتى يدفع ما أنفق عليه أو يسلمه لمن أنفق عليه، ولابن رشد في رسم محض القضاء مع الصقلي عن محمد: لا نفقة له، وعزوه ابن عبد السلام لابن الماجشون لا أعرفه، واختصرها أبو سعيد سؤالًا وجوابًا؛ لأنه أوجب الجعل بمجرد كون الآتي به شأنه ذلك، ولم يعتبر هل ربه ممن يلي

طلبه بنفسه أو بأعوانه أو لا؟ كما تقدم اعتبار ذلك فيمن حرث أرض رجل، واعتبر ذلك اللخمي قاله في مسألة من جوعل على آبق فاستحق من يده حسبما يأتي إن شاء الله. وفي كتاب اللقطة: سمع عيسى ابن القاسم: من جعل جعلا لرجل على آبق فانقلب به، ثم أفلت فأخذه آخر فأتى به إن أفلت بعيدًا من مكان سيده فكل الجعل للثاني، ولا شيء فيه للأول، وإن أفلت قريبًا منه فالجعل بينهما على قدر شخوص كل منهما. ابن رشد: هذا بين؛ لأن المجعول له الثاني هو المنتفع بعمل الأول إذا أفلت بالقرب بخلاف المجاعلة على حفر الآبار كما مر في رسم أخذ يشرب خمرًا من سماع ابن القاسم في كتاب الجعل. قُلتُ: ونقل ابن شاس سماع عيسى فأجاد. وقال ابن الحاجب: لو أفلت فأخذه آخر فجاء به، فقال مالك: الجعل بينهما بقدر شخوص كل واحد. ابن عبد السلام: هذا صحيح إن كان العبد لم يبعد عن الموضع الذي أفلت فيه، ولو رجع إلى حيث وجده الأول لابتغى أن لا يكون للأول شيء. وأشار بعض الشيوخ لرعي هذا المعنى ذكره في مسألة أخرى. وسمع عيسى ابن القاسم: من جوعل على حفر بئر حتى يدرك ماءها فعمل، وترك ثم جوعل غيره عليها فللأول بقدر ما انتفع الثاني بعمله بالاجتهاد، ولا حد له رب أرض صلبة، وأخرى رخوة. قال العتبي: وسمع عيسى رواية ابن االقاسم: يكون للآخر جعله كاملا، والجعل من الأول بقدر ما نتفع بحفره، وكنت أقول له قيمة ما عمل يوم عمل، وقال ابن كنانة: بل قيمة ما عمل اليوم فدخلنا على مالك فقال له على قدر ما انتفع بحفره يأخذه الآخر كل جعله، وينظر لقيمة ما انتفع به من عمل الأول فيعطاه لا يلتفت للجعل الأول لو كان الجعل الأول عشرة، وقيمه ما انتفع به من قيمة عمله خمسة عشر فله ذلك

لا يلتفت للجعل الأول. ابن رشد: معنى قول مالك: ينظر إلى قيمة ما نتفع به من عمل الأول أن ينظر على ما جعل من تمامها للثاني، وعلى ما كان بجعل على حفر كلها لو لم يتقدم فيها حفر يومه ذلك فيكون للأول ما زاد على ذلك على تمامها للثاني؛ لأنه الذي انحط عنه لعمل الأول، وكذا لو أتمها باستئجار فللأول فضل ما يستأجر به على حفر جميعها على ما استأجر به على حفر تمامها، ولو كان أكثر من الجعل الأول، وهو أظهر من قول ابن القاسم وابن كنانة؛ لأنه لما كان لا يجب عليه شيء إن لم ينتفع وجب أن لا يكون عليه إن انتفع إلا قدر ما انتفع به، وإنما يشبه أن يكون عليه قيمة عمله يوم انتفع به أو يوم عمله، إذا انتفع به كما هو دون أن يتمه بإجارة أو جعل في وجه من وجوه المنافع من كنيف يحدثه وشبه ذلك. والقياس أن يكون له في هذا بحساب ما عمل من جعله الذي جاعل عليه، وشبه هذا الدلال يجعل له الجعل على شيء فيسوقه، ثم يبيعه ربه بغير حضرته، ولو باعه له دلال آخر بجعل أخذه منه كان الجعل بين الدلالين بقدر عنائهما؛ لأن الدلال الثاني هو المنتفع بتسويق الأول دون رب السلعة إذ أدى للثاني جعلًا كاملًا لم ينقص منه بسبب الأول شيئًا، وهو قياس سماع عيسى في كتاب اللقطة فيمن جعل لرجل جعلًا في طلب آبق فيجده فيأتي فينفلت منه، ويذهب ويجعل ربه عليه جعلًا آخر لرجل آخر فيأتي به أنه إن أفلت بعيدًا نمن مكان ربه فالجعل كله للثاني، ولا شيء فيه للأول، وإن أفلت قريبًا من مكانه فالجعل بينهما على ق 4 در شخوص كل واحد منهما بقدر ما يرى. اللخمي: إن أتى المجعول له بالعبد فأبق منه في بعض الطريق فلا شيء له من الجعل، ولا من نفقته عليه، فإن ترك العمل فجعل ربه فيه لآخر بعد أن رجع للموضع الذي أخذ منه أو قربه، وجعله للثاني في طلبه من مثل الموضع الذي هرب منه كان للأول بقدر ما انتفع به سيده، وإن جاعل الثاني على طلبه حيث يجده قرب أو بعد والجعل الآن مثل الأول فلا شيء للأول، وإن كان الثاني أقل؛ لأنه لا يطلبه إلا في المواضع القريبة فللأول بقدر ما انتفع به في طلبه.

قُلتُ: ويأتي تمام الكلام فيه. وسمع أصبغ ابن القاسم: من جوعل على آبق فاستحق منه بعد أخذه إياه، وقبل أخذ جعله، وقبضه من جاعله رجع بجعله على من جاعله، ولا شيء على مستحقه. ابن رشد في الموازية: إثر هذا ويكون على مستحقه الأقل من جعل مثله، والمسمى وناظرت فيها من أرضى فقال مثله. محمد: لأن كل آت بآبق تكلف طلبه له جعل مثله، ولا نفقة له، وإن جاء به من لم يطلبه فلا جعل له ولا نفقة. ابن رشد: قوله فيمن لم يطلبه لا نفقة له خلاف قولها، والأظهر قول ابن القاسم؛ لأن المنفعة فيه إنما هي للجاعل دون مستحقه؛ لأن ضمانه منه لو لم يوجد خسر الثمن الذي أدى فيه، فإذا وجد فأخذه مستحقه رجع على بائعه بثمنه، والمستحق إن لم يوجد لم تكن مصيبته منه؛ لأن له إجازة البيع، وأخذ الثمن من بائعه، وهذا الخلاف إنما هو إن أخذه مستحقه، ولو أجاز البيع، وأخذ الثمن كان الجعل على الجاعل اتفاقًا. ولابن أبي جعفر الدمياطي عن ابن القاسم: من جوعل على بيع ثوب فباعه، ثم استحق فلا جعل له، وهذا بين؛ لأن المستحق إن أخذ ثوبه انتقض البيع، فإن أجاز البيع، وأخذ الثمن ثبت الجعل على الجاعل، ويرجع به على المستحق. قُلتُ: ذكر اللخمي قول محمد وقال: هذا أبين إلا أن يكون المستحق ممن يطلبه بنفسه أو بغير ذلك بغير أجر، وفي السماع المذكور استحقاقه بحرية كاستحقاقه بملك. الشيخ عن أصبغ: إن استحق بحرية من الأصل فلا جعل له على أحد. قُلتُ: ولم يتكلم ابن رشد على استحقاقه بحرية بوجه. وفي النوادر: قال عبد الملك: من جعل في آبق جعلًا، ثم أعتقه فلا شيء لمن وجده بعد ذلك، وإن لم يعلم بعتقه، ولو أعتقه بعد أن وجده فله جعله، فإن كان عديما فذلك في رقبة العبد؛ لأنه بالقبض وجب له الجعل. قال أحمد: إن أعتقه بعد قدومه فكما قال: وإن أعتقه بعد علمه أنه وجده لزمه جعله، فإن لم يجد عنده لم يصح عتقه حتى يقبض هذا جعله مبديا على الغرماء.

باب في شرط الجعل

أحمد: كالرهن. قُلتُ: وقبله الشيخ، ولم يتكلم عليه بشيء، وكذا الباجي، وذكر قيل: قول عبد الملك عن أصبغ: من جعل على آبق وأعتقه بعد أن عمل وشخص فله جميع الجعل، وإن لم يعمل شيئًا، ولا شخص فلا شيء له وفيه نظر؛ لأن قول أحمد: إن أعتقه بعد قدومه فكما قال: وإن أعتقه بعد علمه إلى آخره نص في قصده مخالفته قول عبد الملك في هذا القسم، وإذا تأملتهما لم تجد بين قول عبد الملك، وما قاله أحمد فرقًا إلا أن الجعل على ظاهر قول عبد الملك في ؤغير العبد: فإن هلك فلا شيء على ربه من جعله كالعبد الجاني في أرش جنايته، وعلى ظاهر قوله أحمد الجعل في ذمة ربه لا يسقط عنه بموت العبد كدين العبد به رهن، ولذا قال أحمد آخر كلامه: كالرهن. وهذه التفرقة ينبغي كونها على العكس؛ لأنه إذا أعتقه بعد قدومه به كان عتقه إياه بعد تقرر الجعل في ذمته؛ لأنه بنفس رإتيان المجعول له به، ثم عمله فوجب جعله على من جاعله، وتعلق العبد بذمته، وصار العبد بيد المجعول له رهنا لجعل فكان عتق ربه إياه بمنزلة عتق رب العبد عبده الرهن، وإن أعتقه قبل قدومه كان ربه أخرجه من ملكه قبل تمام عمل المجعول له فناسب عدم تعلق الجعل بذمته ضرورة تأخر تقرره عن خروج العبد من ملك ربه فانحصر تعلق الجعل برقبة العبد. [باب في شرط الجعل] وشرط الجعل أن لا غرر فيه. فيها: ما لا يجوز بيعه لا يجوز أن يكون ثمنًا لإجارة أو جعل. وذكر ابن رشد لفظ المدونة هذا في أول رسم من سماع ابن القاسم من كتاب الجعل من مسائل منتخبة لابن لبابة قال: رأيت فيها: قال قال ابن القاسم: كل ما جاز

بيعه جاز الاستئجار به، وأن يجعل جعلا، وما لم يجز بيعه لم يجر الاستئجار به، ولا جعله جعلا إلا خصلتان فيمن يجعل لرجل على أن يغرس له أصولا حتى يبلغ حد كذا، ثم هي والأصل بينهما، فإن نصف هذا لا يجوز بيعه، وفيمن يقول القط زيتوني فما لقطت من شيء فلك نصفه فهذا يجوز؛ يريد: وبيعه لا يجوز. قال: وعن مالك: لا يجوز واتفق. قوله على جواز: اقتض مائة ولي على فلان، وما اقتضيت لك نصفه، وهما سواء. ابن رشد: الفرق في لفظ الزيتون غرر، إلا أن أوله أهون من آخره، ولا يدري الجاعل هل يتم العامل العمل أولًا، والأظهر منع الجعل فيه، وهو على الاقتضاء بجزء من المقتضى جائز، ومنعه أشهب لما قررناه؛ لأن اقتضاء أوله أهون من باقية لا لقول أصبغ؛ لأنه رآه من الجعل على الخصومة. قُلتُ: عزا في غير موضع لأشهب أنه لا يجيزه. وفي رسم البيوع من سماع أصبغ ما نصه: قال أشهب: لا يعجبني على حال. قال أصبغ: كرهه من باب الجعل على الخصومة، وعلى الجواز لو قال: اقتض مائة من فلان ولك نصفها، وما اقتضيت، ولك نصفه جاز، ولو لم يزد فلك نصفه، ففي جوازه قولان لابن القاسم كابن وهب. ابن رشد: بناء على حمله على الإجارة والجعل. وسمع عيسى ابن القاسم: من قال لرجل: صح على هذه السلعة، فإن بعتها بعشرة دنانير فلك من كل دينار سدسه لا بأس به كأنه قال: بعها ولك دينار وثلثان، فإن باعها بأكثر فليس له إلا ذلك، ولو قال: بعها فما بعتها به من دينار فلك من كل دينار سدسه، ولم يؤقت له ثمنا كان حرامًا لا خير فيه. ابن رشد: لأن شرط الجعل أن يكون معلومًا. وفيها: قبل ما تقدم من قال من جاءني بعبدي الآبق فله نصفه لم يجز؛ لأنه لا يدري ما دخله، فإن جاء به فله أجر مثله، وإلا فلا شيء له. عبد الحق: من قدم به فهلك بيده فله قيمة عنائه في طلبه ونصف قيمة عنائه في

رجوعه لوقت هلاكه، ولربه عليه قيمة نصف عبده يوم قبضه، وهو جعل فاسد على سمع ابن القاسم من جاعل في آبق له فقال: إن وجدته فلك كذا وكذا، وإن لم تجده فلك نفقتك وطعامك وكسوتك لا خير فيه. ابن القاسم: إن وقع فله جعل مثله إن وجده، وإن لم يجده فله أجر مثله. أصبغ عن ابن القاسم: لا أجر له. ابن رشد: في رد فاسد الجعل لحكم نفسه إن أتى به فله جعل مثله، وإلا فلا شيء له أو الحكم الإجارة له أجر مثله، وإن لم يأت به، ثالثها: هذا إن التزم له عوض، وإن لم يأت به كهذه المسألة، وإلا فالأول وجه الأول بناء على جعل دليل الجعل أصلا في نفسه، والثاني على جعله إياه نوعا من الإجارة إجارة ذات غرر بشروط، والثالث على أن لزوم العوض في حالتيه قوي شبهه بالإجارة، وهذا أظهرها، واختاره ابن حبيب، وحكاه عن مالك والأخوين. والأقوال الثلاثة راجعة لأصل جارية على قياس، وقول ابن القاسم في هذا السماع: له جعل مثله إن وجده، وأجر مثله إن لم يجده لا يرجع لأصل، ولا يجري على قياس، وكذا قوله في المدونة: في إن جئت بعبدي الآبق فلك نصفه له أجر مثله إن أتى به، وإن لم يأت به فلا جعل له، ولا إجارة لا حظ له في نظر ولا قياس. ابن عبد السلام: معنى قوله فيها: إن جاء به فله أجر مثله أنه إن أتى به، وإن لم يأت به فلا جعل، ولا إجارة عند المحققين جعل مثله؛ لأن أجر المثل يجب، ولو لم يزظهر لعمله فائدة، وجعل مثله لا يجب حتى يظهر له فائدة، وهي الإتيان بالآبق، ولما علق وجوب العوض منه على إتيانه به دل على أنه أطلق لفظ الأجر على الجعل مجازًا. قُلتُ: ما عزاه للمحققين هوما تقدم لعبد الحق، وهو خلاف ما تقدم لابن رشد، ودليل ابن رشد قوله في المدونة: لا جعل له، ولا إجارة فعطفه الإجارة على الجعل ظاهر في عدم إرادته بالإجارة الجعل. اللخمي في الموازية: من جعل في آبق أو في اقتضاء دين جعلا، فإن لم يجده أو لم يقبض الدين فله نفقته فسد، وإن وجده أو اقتضاه فله جعل مثله، وإلا فلا شيء له.

وقال في العتبية: إن لم يجده فله أجر مثله فرده فللإجارة الفاسدة لما جعل له جعلًا ثانيًا على كل حال، ورده في القول الآخر إلى الجعل الفاسد، وأن لا شيء له إن لم يجده؛ يريد: إن كانت النفقة يسيرة في قدر الجعل. ابن زرقون: في الحكم له بحكم الجعل أو الإجارة مطلقًا، ثالثها: إن جاء به فالأول، وإلا فالثاني، ورابعها: عكسه لرواية الواضحة والأخوين وابن القاسم ولها. قُلتُ: وخامسها: ثالث نقل ابن رشد، وسادسها: إن كان ما التزم على إن لم يأت به يسيرا فالأول، وإلا فالثاني لتفسير اللخمي ما تقدم. وسمع عيسى ابن القاسم جعل الرجل على آبقين له عشرة دنانير لا أحبه حتى يجعل في كل واحد جعلًا معروفًا، فإن نزل الأول وأتى بأحدهما فله من الجعل بقدر قيمة الذي أتى به من مجموع قيمتها. ابن رشد: هذا خلاف قول ابن القاسم فيها له قيمة عمله على قدر عنائه، وطلبه. وقول ابن نافع فيها: له نصف العشرة. قال: والجعل عليهما لا يخلو من أربعة أوجه، فإن جعل فيهما جعلًا واحدًا على أن لا شيء له إلا أن يأتي بهما معًا فسد اتفاقًا. وفيه: إن وقع ما تقدم في الفاسد، فإن كان على إن أتى بأحدهما فله نصف الجعل أو على إن أتى بفلان منهما فله منه كذا، وإن أتى بالآخر فله منه كذا جائز. قُلتُ: زاد التونسي: إن عين كل منهما بعينه قدرًا من الجعل متفاوتًا جاز إن عرفهما المجعول له، فإن جهلهما ففي جوازه قولان الأظهر الثاني. اللخمي: إن اختلف الجعل فيهما فأجازه في الموازية، ولو جهلهما، ومنعه أحرى، وهو أشبه، ولو استوى واختلف قيمتهما فأجازه في الموازية، ومنعه في غيرها. ابن رشد: وإن كان على أن له فيما أتى به منهما من الجعل بقدر قيمته من قيمة صاحبه ففي فساده وجوازه. قال ابن الحاجب تابعًا لابن شاس: وحريم الدار المحفوفة بالموات ما يرتفق به من مطرح أو مصب ميزاب.

قُلتُ: هذا الحكم في هذه الصورة لا أعرفه لأحد من أهل المذهب بحال لكن مسائل المذهب تدل على صحته منها قولها: لمن حفر بئرًا منع من أراد أن يبني أو يحفر بئرًا في حريمها، ولو لم يكن على البئر من حفر بئر أخرى ضرر لصلابة الأرض لما يضر بهم في مناخ الإبل، ومرابض المواشي عند ورودها، ونحو هذا في الأمهات كثير، وتبعا في نص لفظها. الغزالي: قال في وجيزه: وأما الدار فإن كانت في موات فحريمها مطرح التراب والثلج ومصب الميزاب، والممر في صوب الماء. ابن الحاجب تابعًا لابن شاس: والمحفوفة بألملاك لا تختص، ولكل الانتفاع بملكه وحريمه. قُلتُ: في تسويته الانتفاع بحريمه، وملكه بمجرد عطفه عليه نظر؛ لأن مسمى حريمه المغاير لمسمى ملكه لعطفه عليه إنما يصدق على الفناء، وليس انتفاعه كانتفاعه بملك يجوز كراؤه مطلقًا، وأما فناؤه فسمع ابن القاسم لأرباب الأفنية التي انتفاعهم بها لا يضيق على المارة أن يكروها. ابن رشد: لأن كل ما للرجل أن ينتفع به كان له أن يكريه. قُلتُ: وهذه الكلية غير صادقة؛ لأن بعض ما للرجل أن ينتفع به لا يجوز له أن يكريه كجلد الأضحية، وبيت المدرسة للطالب ونحوه، وفناء الدار، وهو ما بين يدي بنائها فاضلًا عن ممر الطريق المعد للمرور غالبًا كان بين بابها أو غيره، وكان بعض شيوخنا يشير؛ لأنه الكائن بين يدي بابها، وليس كذلك لقولها في كتاب القسم، وإن قسما دارًا أن يأخذ كل واحد طائفة فمن صارت الأجنحة في حظه فهي له، ولا تعد من الفناء، وإن كانت في هواء الأفنية، وفناء الدار لهم أجمعون الانتفاع به. ابن رشد: إثر كلامه السابق، وهذا لا أعلم فيه خلافًا، ولا يباح لذى الفناء أن يدخله في داره، فإن فعل وهو يضر بالطريق هدم عليه، ورد كما كان، وإن كان لا يضر ففي تهدمه كذلك قولان لسماع زونان ابن وهب مع أشهب، وأصبغ مع سماعه أشهب: والقائلون بالأول أكثر، والثاني أظهر، ونزلت بقرطبة فأفتى ابن لبابة وأيوب

ابن سليمان، ومحمد بن وليد: بعدم الهدم. وأفتى عبد الله بن يحيى، وأبيه يحيى، ويحيى بن عبد العزيز، وسعد بن معاذ، وأحمد بن نصر: بالهدم. وسمع ابن القاسم: في كتاب ابن القاسم: ليس لمن له دار في رحبة لأهل الطريق ارتفاق بها حين ضيق الطريق بالأحمال، وشبهها أن يجعل عليها بابًا حتى تكون الرحبة له فناء، ولم يزد فيها ابن رشد، ونزلت عندنا بتونس في موضعين؛ فحكم بالهدم الباب وإزالته. وسمع أصبغ: ابن القاسم: في الأقضية لمن له داران بينهما طريق أن يبني على جداريهما غرفة أو مجلسًا فوق الطريق، وإنما يمنع من الإضرار بتضييق الطريق. ابن رشد: هذا إن رفع بناءه رفعًا يجاوز رأس المار راكبًا، ونحوه في الزاهي، وكذا الأجنحة. وفيها: كل ما أحدثه ذو عرضة فيها من فرن أو حمام أو أرحية ماء أو غيرها أو كير للحديد أو أفرانا لتسييل الذهب والفضة أو آبارًا أو كنفًا فكل ما أضر بجاره من ذلك منع، واستخف اتخاذ التنور. وسمع يحيى ابن القاسم في الأقضية: من له دار لاصقة بأندر قوم انتفاع ربه به، ودراسته يمنع من بنائه بأرضه ما يضر الأندر في قطع منفعة ربه به كالريح ونحوه، وقاله ابن نافع وسحنون في آخر قوليه وقال: أولًا له ذلك قائلا: وإحداث الأندر على رب الأندر أو الجنان ضرر يمنع ابن رشد إحداث أندار بإزاء دار أو جنان يضر ما يقع بأحدهما من تبن عند المذر، وبه ضرر وكذا دخان حمام أو فرن أو رائحة دبغ أو إلصاق كنيف بجدار جاره أو رحى تضر بجداره وشبهه اتفاقًا في الجميع، ومنه ضرر الاطلاع كإحداث كوة أو باب يطلع من إحداهما على دار جاره أو يتخد عليه قصبة يشرف منها على عياله، وشذ قول أشهب وابن الماجشون ومحمد بن سلمة ومحمد بن صدقة من أصحاب مالك: أنه لا يمنع، ويقال لجاره استر ععلى نفسك إن شئت. قُلتُ: في لفظ إن شئت نظر، أشار إليه الصقلي في نحو هذا وقال: الجواب أن يستر

على نفسه، وظاهر قول ابن رشد: على دار جاره قصره على الدور دون البساتين، ونزلت بتونس أوائل هذا القرن على ما أخبرني به بعض شيوخنا أحدث من كان له بعض معرفة بأهل الأمر من التجار في مرج جنانه طاقة يطلع منها على سطح جابية بجنان قاضي الأنكحة حينئذ، وتحاكما لقاضي وقتيهما الفقيه أبي إسحاق بن عبد الرفيع فأبصرت من إثر حكمه ما تربنا بجانب الطاقة المذكورة يمنع الاطلاع على السطح المذكور فما أدري هل كان بالحكم بينهما أو بتراضيهما، وفي الحكم فيه اختلاف حسبما يأتي إن شاء الله تعالى، وأشار لي بعض من لقيت بأن المسألة في نوازل ابن الحاج فيها ما نصه لا خلاف في منع الاطلاع على الدور والفدادين والمزارع لا خلاف في إباحة البناء الذي يطلع منه عليها والجنات مختلف فيها أخبرت به عن ابن الطلاع والكروم والقريبة كالجنات لا سيما عندنا لكثرة تكرار أهلها بعيالهم إليها. الباجي: عن الأخوين من بنى على شرف يطل منه على موردة القرية على علوة أو علوتين، فإن كان لإشراف مكانه لم يمنع، ولو وجد عنه مندوحة، وكذا لو اطلع من ذلك الشرف على دور جيرانه إن كان ذلك حال الوضع قبل البناء، وغن كان اطلاعه على الموردة بعلية فتح بابها للموردة أو كوى منع ابن عات عن المشاور إنما يمنع الاطلاع إذا تبينت الأشخاص، وإلا فلا. قُلتُ: انظر هل مراده الأشخاص باعتبار الصنف كالرجل من المرأة أو النوع كالإنسان من غيره، وأما بالجزئية كزيد من عمرو فلا، وانظر مع تحديد الأخوين بالعلوة والعلوة قدرها مائتا ذراع قاله ابن رشد في قصر المسافر. وسمع عبد الملك بن وهب: من شكا بشجرة بدار جارة لإشراف من يطلعها لاحنائها على داره، وخوف أن يتطرق إليه منها لم يكن له قطعها، وله قطع ما دخل من أغصانها في أرضه. ابن رشد: له قطع ما طال من الحادثة فأضر حائطه أو دخل هواء حقه، وقلعها إن أضرت حائطه، وإن كانت الشجرة قديمة قبل دار الجار فليس للجار قطعها، ولو أضرت بجدار، وفي قطعه ما أضر به مما طال من أغصانها قولا أصبغ مع مطرف، وابن

الماجشون؛ لأنه علم أن هذا يكون من حال الشجرة فقد جاز ذلك من حريمها، والأول أظهر، واختاره ابن حبيب، ولمن له أرض بجانب شجره في أرض جاره قطع ما دخل في ؤأرضه، وامتد من فروعها على أرضه، ومن كانت في أرضه شجرة لغيره فليس له قطع ما طال، وانبسط منها قاله ابن القاسم وغيره. وسئل ابن رشد: عن صومعة أحدثت يطلع منها على بعض الدور هل هي كالشجرة يطلع منها حين اجتنائها على دار الجار فأفتى بسد كل ما يطلع منه على دار، وفرق بينهما وبين الشجرة بكثرة صعود الصومعة، وقلة طلوع الشجرة، وفي حريم البئر منها من رفع بناءه ففتح كوى يشرف منها على جاره منع، وكتب عمر في هذا أن يوقف على سرير، فإن نظر منه إلى ما في دار جاره منع، وإلا لم يمنع. قال مالك: يمنع من ذلك ما فيه ضرر، ونحوه في سماع عتبد الملك ابن وهب من كتاب السلطان. ابن رشد: مثله لأشهب، وفي حريم البئر منها فذكر له نصها، وقال: لأن الأسرة مما تتخذ في البيوت، فإذا كان ما قام عليها اطلع على دار جاره منع، والمعنى في هذا كله أن ما لا يوصل إليه من الاطلاع إلا بكافة ومؤنة، وقصد إلى الاطلاع بتكليف صعود لا وجه إلا ذلك لم يمنع منه، وقيل: للذي يشكو الاطلاع بتكليف صعود لا وجه إلا ذلك لفم يمنع منه استر على نفسك، فإن أثبت أنه اطلع عليه بقصد إلى ذلك وجب على الإماغم تأديبه حتى لا يعود إليه. وأفتى الشيوخ عندنا فيمن فتح في قصبته بابًا لا يطلع منه على دار جاره إلا بأن يخرج رأسه من الباب ليطلع أو يخرج إلى السقف أو إخراج أحد منه رأسه ليطلع، وهو أحسن من الفتوى، وإن ثبت ضرر الاطلاع ففي وجوب الحكم بسده، وإزالة أثره خوف دعوى قدمه وعدم وجوب سده، والاكتفاء بجعل أمام ذلك ما يستره قولان لسماع أشهب من الأقضية، وابن الماجشون في الواضحة. وذكر المتيطي قبل ذكره ما تقدم من كلام ابن رشد ما نصه: من أراد أن يحدث على جاره كوة أو بابًا أو غرفة يشرف منها على ما في دار جاره أو أسطوانة أو غرفته منع من

ذلك، فإن أحدثها قضي بغلق الكوة، والباب بالبناء وقلع عتبة الباب؛ لأنها إن تركت وطال الزمان ونسى الأمر كانت حجة للمحدث، وقال: إنما أغلفته لتعيده متى شئت، وكذا عتبة باب الدار. قُلتُ: كذا ذكره غير معزو وكأنه المذهب، وذكره الصقلي جوابًا لسحنون عن سؤال حبيب إياه. وقال ابن رشد في أول رسم من سماع القرينين في الأقضية: هو دليل هذا السماع. وقال ابن وهب: كتب عمر بن الخطاب؛ فذكر ما تقدم. وقال عقبة: والعمل على قول مالك. قُلتُ: فظاهره أن قول مالك خالاف المروي عن عمر، وقال ابن أبي زمنين: قال بعض مشايخنا: السرير في هذا الحديث فرش الغرفة. قاله بعض المتأخرين: وقيل: السرير السلم وأبواب الغرف أضر من أبواب الدور والضرر الذي يوجب إغلاق أبواب الغرف المحدثة هو أن يقف واقف في الباب المحدث، ويستبين له في دار المحدث عليه الوجوه، فإن لم يظهر الوجوه لم يكن الإحداث ضررًا، وبقي بحاله. وفي تضمين الصناع منها: من كان له على جاره باب قديم أو كوة قديمة لا منفعة له فيهما، وعلى جاره مضرة بهما لم يمنع منهما؛ لأنه أمر لم يحدثه عليه، ولم أسمعه من مالك. ابن رشد: ومثله لابن الماجشون قال: الأبواب والكوى القديمة قبل بناء الدار المطلع عليها لا يمنع. الصقلي في حريم البئر: رأيت بعض فقهائنا يعني ويستحسن أن له منعه من التكشف، وإن كانت قديمة، وإن رضيًا بذلك لم يتركا؛ لأنه رضى بما لا يحل، وهو خلاف المنصوص. ابن رشد عن ابن الماجشون: لو أراد رب عرصة منع جاره من فتح باب على عرصته قبل بنائها لضرر ذلك عليه إذا بنى لم يكن له ذلك.

وقال مطرف: له منعه قبل البناء وبعده، ولو ترك منعه قبل البناء كان له منعه بعده إلا أن يكون رب العرصة اشتراها على ذلك، وقاله أصبغ وابن حبيب. ابن زرقون: في منعه قبل بناء القاعة وبعدها وعدمه فيهما، ثالثهما: بعده لا قبله لمطرف وابن الماجشون وابن القاسم. قُلتُ: نقلها الباجي قائلا: في الثالث أظن أني رأيته لابن القاسم وابن رشد، واختلف على ما في المدونة إن أشكل قدمه وحدوثه، ففي حمله على القدم أو الحدوث قولان لكتاب ابن سحنون وأحكام ابن زياد. قُلتُ: زاد ابن زرقون: وبه الحكم لحديث "لا ضرر ولا ضرار". قُلتُ: ويتخرجان على قولي ابن القاسم وأشهب فيهاك فيمن ابتاع سلعة بروبة متقدمة ادعى مبتاعها عند رؤيتها تغيرها. المتيطي: إن لم تقطع البينة بمعرفة الأحداث، وقالت: رأيت أشياء يدل على الأحداث، وفيه ضرر على فلان وجب قطعه مع يمين القائم على أنه محدث كذا ما يمنع به دار جاره الضوء والشمس، والريح جائز. ابن رشد: شذ قول ابن نافع بمنعه. قُلتُ: كذا نكره لا بقيد وللصقلي عن ابن كنانة في المجموعة: إن رفعه ليضر بجاره في ذلك، ولا يقع له في بنائه منع، ومن له حائط به رف خرجت أكلبه لدار جاره في جواز بنائه عليه غرفة أو غيرها، ومنعه نقلا ابن سهل عن ابن العطار، وابن عتاب مع ابن مالك بناء على قصر يملك الهواء على ملك قاعة الأرض إضافة ملك كل هو الملك بنائه. ابن سهل: الأول أشبه.

قُلتُ: هو دليل قول قسمها في مسألة الأجنحة، وتقدمت. الصقلي: وسئلت عن من بنى دارًا أو سطحًا على أن يبني فوق السطح فعجز عن البناء، والسطح يكشف جيرانه فلم يقوموا عليه حتى باعها بعد سنة من وقت بنائها فقام على المشتري منهم من يكشف عليه طالبًا له بالستر، فقال: كذا اشتريت، ولم أحدثه عليكم فظهر لي أنه عيب إن لم يبين البائع قرب بنائه، فيخير المشتري في تماسكه، والستر على الجار، وفي رده فيستر البائع إلا أن يمضي لذلك كثير السنين كالعشر سنين ونحوها، ولم يقوموا، وقاله جماعة من أصحابنا. قُلتُ: لابن رشد في نوازل أصبغ من جامع البيوع في لغو استحقاق ملك الضرر المحدث بالجواز مطلقًا، وملكه بحوزه مما يجاز به الأملاك عشرة أعوام ونحوها أو بالعشرين ونحوها، رابعها: بخمسة عشر، وخامسها: بأربع سنين، وسادسها: قصر استحقاقه بالحوز على ما ضرره على عقد واحد، وما يتزايد أبدًا، كالمطمر إلى جانب الحائط وشببهه هو لغو فيه لابن حبيب، وأحد قولي أصبغ، وثانيهما، وابن الماجشون مع استحسانه. ابن زرب وابن سحنون عنه وعن غيرهم. قُلتُ: هذا عزاه ابن سهل لنقل ابن أبي زمنين عن فتوى يحيى بن إبراهيم بن مزين ومثل ما لا يزيد بفتح الأبواب، والكوى، وما لا يزيد كالكنيف ومحل الدبغ. وفي سماع القرينين من كتاب الأقضية لمن أحدث على أرضه مرور ما سكت عنه أربعين سنة القيام بقطعه. ابن رشد: هذا على القول أن الضرر لا يجاز. قُلتُ: وسابعها: مطلق ما زاد على عشر، وثامنها: مطلق ما زاد على عشرين لمفهومي. نقل ابن سهل عن ابن لبابة قوله: العشر سنين قليل، ونقله عنه سمعت رواية المبسوط وغيرها بناء على القولين في جميع الرجلين سلعتيهما في البيع؛ لأن جملة الجعل معلوم، وما يقع لكل عبد لا يعلم إلا بعد التقويم.

باب في العمل في الجعل

قُلتُ: سبقه التونسي بهذا الأجر أو تقدم رده بأن الجهل إنما يرجع فيؤ السلعتين للبائعين فقط لا للمشتري والجهل هنا راجع لكل من العاقدين. قال: وإن كان على إطلاق الجعل دون بيان ما يكون إن أتى بأحدهما فاختلف على ما يحمل من الأوجه الثلاثة علمه ابن القاسم فيها على ظاهره من أنه لا شيء له إلا بإتيانه بهما، فجعله فاسد أو حمله في هذا السماع إن وقع ما كراهته ابتداء على قصد أن له في الذي يأتي به منهما من الجعل بقدر قيمته من قيمة الآخر، وحمله ابن نافع على قصدهما ما يجوز، وهو إن له أن أتى بأحدهما نصف الجعل، فأوجب له ذلك. ومن جعل في آبق له لرجل عشرة، ولآخر خمسة فأتيا به ففي كون الواجب له العشرة بينهما أثلاثا أو لكل واحد نصف جعله قولا ابن القاسم وابن نافع فيها، ورجحه التونسي واللخمي ومحمد وروي: لو عيب العبد بعد أخذه المجعول له أو قبله ونقصت قيمته عن الجعل فله جعله كاملًا. [باب في العمل في الجعل] والعمل فيه لا يشترط فيه علم متعسره بخلاف متيسره كل المذهب جوازه على الآبق مع جهلهما ناحيته بخلافه على استخراج الماء من الأرض.

في "المعونة": يجوز بعد معرفة بعد ماء الأرض وقربه وشدتها ولينها، فإن لم يعرف ذلك لم يجز؛ لأنه جعل لا تدعو ضرورة إليه، وهو نص نقل ابن فتوح عن المذهب، وقول المقدمات: ليس من شرطه كون العمل معلومًا بل يجوز فيه المجهول ظاهره عدم شرط خبرة الأرض، وهو ظاهر ثاني مسألة في رسم أخذ يشرب خمرًا من سماع ابن القاسم، وقوله في المسألة الرابعة من أول رسم من سماع أصبغ. ابن الحاجب: العمل كعمل الإجارة إلا أنه لا يشترط كونه معلومًا، فإن مسافة الآبق والضالة غير معلومة. ابن عبد السلام: كلامه يوهم العموم في كل أنواع عمل الجعالة، وليس كذلك مذهب المدونة، ولا يجوز الجعل في حفر البئر لا بعد خبرتها الأرض معًا، وشرط في العتبية استواء حال الجاعل والمجعول له في العلم بحال الأرض. قُلتُ: عزوه للمدونة شرط الخبرة لا أعرفه في الجعل نصًا ولا ظاهرًا بل بلزوم يأتي محله إنما ذكره في الإجارة، وله اعتد في ذلك على ظاهر لفظ الصقلي قال ما نصه: قال مالك: لا بأس بالإجارة على حفر بئر بموضع كذا، وقد خبر الأرض، وإن لم يخبراها لم يجز. قال يحيى بن يحيى عن ابن القاسم: إن عرفا الأرض بلين أو شدة إن جهلاها معًا جاز، وإن علم ذلك أحدهما وجهله الآخر لم يجز الجعل فيه انتهى. وهذا كالنص في حمل مسألة المدونة على الجعل لذكره عليها نقل يحيى عن ابن القاسم في الجعل. قُلتُ: لفظها في ألم قلت: إن استأجرت من يحفر لي بئرًا بموضع من المواضع.

قال: إن خبروا الأرض فلا بأس، وإن لم يخبروها فلا خير فيه كذا سمعت مالكًا، وسمعته في الإجارة على حفر قفر النخل بحفرها إلى أن يبلغ الماء إن عرف الأرض فلا بأس، وإن لم يعرفها فلا أحبه. قُلتُ: فلفظ الإجارة مع ذكر قفر النخل كالنص في عدم الجعل؛ لأن حفر قفر النخل إنما يكون في الأرض المملوكة دائمًا أو غالبًا، والجعل على الحفر على المشهور لا يكون فليما يملكه الجاعل. وتقدم نقل الشيخ عن محمد عن ابن القاسم: إن كانت الأرض للمستأجر لم يجز فيها جعل على بناء أو حفر، وما نسبه لابن الحاجب من إيهام العموم مثله لفظ المقدمات والتلقين. وسمع عيسى ابن القاسم: من علم موضع دابة ضلت لم ينبغ أن يجاعل على إتيانه بها إنما ذلك في المجهول، ولا ينبغي له كتمه موضعها، وله قيمة عنائه لموضعها إن جاء بها. اللخمي: هذا أحسن من كلام ابن حبيب لا شيء إن كان ممن لا يخرج ليأتي به، وغن كان ممن يخرج له بنفسه لو علم موضعه، فقول ابن حبيب أحسن. ولم يحكه ابن رشد بل قال: إن طلب الآبق مجهول لا يجوز الجعل فيه إلا باستوائهما في الجهل بمحله، ومن علمه منهما دون صاحبه، فهو غار له كبيع الصبرة جزافا لا يجوز الجعل فيه إلا باستوائهما في جهل قدرها، فإن كان المجعول له في الآبق أو الضالة ذلك دون الجاعل فله إمضاء الجعل ورده، فإن لم يعلم ذلك حتى جاء بالآبق فله الأقل من قيمة عنائه لذلك الموضع أو المسمى، هذا معنى قوله: لا أنه يكون له قيمة عنائه لذلك الموضع أو المسمى. هذا معنى قوله: لا أنه يكون له قيمة عنائه إلى ذلك الموضع كان أقل من المسمى أو أكثر إذ ليس بجعل فاسد يرد فيه لأجر مثله أو جعل مثله ما بلغ إنما هو جعل عين المجعول له الجاعل بما كتمه من علمه بمحل العبد، ولو كان الجاعل هو الكاتم موضع العبد أو الضالة كان له الأكثر من قيمة عنائه أو المسمى.

قُلتُ: ظاهر كلام اللخمي الجعل على الآبق جائز علم المجعول له موضعه أو جهله خلاف نقل ابن رُشْد إلا أن يحمل على الموضع الشخصي كتونس، ويحمل الموضع في قول اللخمي على الكلى كأحواز تونس، وظاهر كلام اللخمي جوازه فيما علماه معاً، وظاهر كلام ابن رُشد في غير موضع إن علمها موضعه معاً لم يجز فيه مجاعلة إنما تجوز فيه الإجارة، وأظن اني وقفت عليه رواية، وقولا لبعض الرواة. وظاهر قول ابن الحاجب جواز الجعل فيه. وفيها مع غيرها: الجعل لا يكون مؤجلاً؛ لأنه إن مضلا الأجل، ولم يتم عمله ذهب عناؤه باطلاً، وإن عمله في نصفه أخذ الجعل كاملاً، وسقط عن بقية عمل الأجل فهذا خطر إلا أن يكون إن شاء الله أن يرده رده وتقدم الكلام فيها في الإجارة على بيع نصف الثوب، وفي منعه فيما كثر نقلا القاضي مع غيره. وقول ابن رُشد عن المذهب قائلا: قول القاضي مع غيره. وقل ابن رُشْد عن المذهب قائلا: قول القاضي مع غيره غير صحيح وبين فيما يتوهم منه صحة نقل القاضي أن المنع فيه؛ لأنه فيما ينتفع فيه الجاعل إن لم يتم العمل. اللخمي: اختلف فيه كثر أجاز مالك إعطاء الأرض لمن يغرسها مغارسة، وهو أمد يطول، وأجاز الجعل على الآبق، وهو مما يطول ويلزم من قصره على ما قل منع المغارسة والجعل على الآبق. وقال محمد: لا بأس عند مالك وأصحابه بالشراء على الجعل حاضراً أو على السفر قل أو كثر، وليس كالبيع. ابن حبيب: من قال لخارج البلد في تجر خذ هذه المائة إن ابتعت لي فيها ثياباً وصفها فلك عشرة دنانير، وإلا فلا خير فيه، وهذا أحسن. زاد عنه الصقلي: ولو قال له خذ ثوبي فسر به إن بعته بكذا فلك كذا، ولا شيء لك إن لم تبعه لم يجز، وإن لم يخرج لذلك، ولما ذكر في قوله في المائة قال: ونحوه لابن ميسر، وهو خلاف نقل محمد عن مالك وأصحابه جواز الجعل على الشراء فيما كثر في حضر أو سفر.

وفيها لا يجوز الجعل على بيع كثير السلع والدواب والرقيق كالعشرة ونحوها، ولا على ما فيه مشقة سفر ما قليلها، ويجوز في قليلها بالبلد، وإن لم يسم لها ثمنا كالدابة والعبد أو الثوبين إذ لا يقطعه لذلك عن شغلع. الصقلي عن بعض القرويين: معنى قوله في الجعل على بيع كثير السلع أنه لا يأخذ شيئأً إلا ببيع جميعها، وهو عرفهم، ولو كان على أن ما باع به فله قدره من الجعل، وعلى أنه إن شاء ترك؛ يريد: ولم يتسلم الثياب جاز، وهو عرفهم، ولو كان لا يأخذ شيئاً إلا بشراء الجميع لم يجز فلا فرق بينهما. الصقلي: ونحوه في لموازيَّة. قُلتُ: والروايات ناصة بأن شرط الجعل على البيع تسمية الثمن أو تفويضه للمجعول له، وهو نقل ابن رُشْد والصقلي عن المذهب؛ فيجب تقييد قولها: يجوز الجعل في بيع قليل السلع بالسلعة سموا لها ثمناً أم بالتفويض أو فيه. وفيها: كل ما جاز فيه الجعل جازت فيه الإجارة وليس كل ما جازت فيه الإجارة جاز فيه الجعل. قلتُ: صدق هذه الكلية على ظاهر ابن الحاجب وابن رُشْد والتقين القائلين بصحة الجعل في العمل المجهول لا يصح، وعلى منعه فيه صدقها واضح ويلزم منه منع الجعل على حفر الأرض لاستخراج ماء ونحوه مع جهل حال الأرض لتقدم نصها بمنع الإجارة على حفرها لذلك مع جهل حالها، فلو جاز الجعل فيه مع الجهل كذبت الكلية لصدق نقيضها أو منافيها، وهو قولنا: بعض ما يجوز فيه الجعل ليس بجائز فيه الإجارة أو غير جائز فيه الإجارة الأول سلب، والثاني عدول وذلك البعض هو الأرض المجهول حالها لهما، ولما شاع زمن قراءتنا صحة قول ابن التلمساني في شرح المعلم الفقهية مهما صدقت القضية صدق عكسها إن كان لها عكس، وعكس نقيضها كان يمشي لنا قراءة، وإقراء اعتبار ذلك في كليات الكتاب فعكس القضية هذه بالمستوى واضح صدقه، وهو قولنا: بعض ما يجوز فيه الجعل،

وعكس نقيضها بالمستوى، وهو قولنا: كل ما لا تجوز فيه الإجارة لا يجوز فيه الجعل وبالمخالف، وهو قولنا: لا شيء مما تجوز فيه الإجارة بغير جائز فيه الجعل صادقاً أيضا في جوازه على الخصومة في شفعة أو غيرها على إدراك حق الجاعل قولا مالك فيها. ابن رُشْد: وهما قولا ابن القاسم في سماعه يحيى في البضائع والوكالات، وفي الجعل والإجارة مع الهبات، والأظهر جوازه. وفي لزوم عقده طريقان. ابن رُشْد: لا يلزم المجعول له بحال، وفي لزومه الجاعل بعقده أو بالشروع في العمل أحد قولي ابن حبيب مع ظاهر سماع عيسى ابن القاسم، ورواية علي مع رواية أشهب وقول سَحنون. اللخمي: ثالثها: يلزم بالقول كالإجلرة والعقد فيه منحلا كالخيار، ولازما مالإجارة. ابن الحاجب: ويسقط بالترك إلا أن يستأجر الجاعل على الإتمام فيكون له ما بقى. وقيل مالم تزد عن نسبة عمله ابن عبد السلام: قيل إذا هرب الصانع لم يكن له شيء، والمشهور خلافه ففي الجعل أحرى أن يكون له شيء. قُلتُ: تقدم الاتفاق في الأجير قبل تمام معاملته لم يكن شيء مما عمل؛ لأنه ترك مل كان يجب له بتركه ما عومل عليه، وقاله أبو ميمونة فقيه فاس وغيره والقضاء والاستحسان أن كل من عمل له ما ينتفع به أن يدفع للأجير أجرته، ونحوه من القولين في مؤلفة ابن لبابه، وتقدم حكم إتمام الجعل بعاملين. وسمع أَصبغ ابن القاسم: من جوعل على حفر بئئئر فحفر بعضها، ثم اعتل لا شيء له إلا أن ينتفع بها صاحبها؛ فيعطيه بقدر ما انتفع به، ولو قال: من جاء بخشبة من ربها، فينتفع بها فله أجره على قدر ما حملها من الطريق.

ابن رُشْد: لم يبين وجه العمل فيه، وتفصيله تقدم في سماع عيسى المذكور في سماع عيسى ابن القاسم، وكذا في الخشبة كالبئر. ابن عبد السلام: إن كان جعل الأول في الخشبة خمسة، وجعل الثاني عشرة فظاهر العتبيَّة أن للأول عشرة؛ لأنه جعل للثاني على نصف الطريق عشرة، وعلم قطعاً أن للأول مثلها، وهو مراد المؤلف بقوله له ما بقي؛ أي: على نسبته، ويحتمل أن يريد أن للأول ما بقي من جعله بعد طرح الأجرة الثانية منه إن كانت أقل، وإن كانت مساوية أو أكثر لم يكن للأول شيء والتأويل الأول أولى لمساعدته النقل دون الثاني. قُلتُ: ما عزاه لظاهرة «العتبَّية» هو نص فيها حسبما مر في السماع المتقدم، وقوله له ما بقي؛ أي: على نسبة ما بقي، ولو قال على تسمية ما بقي لكان أبين في تفسير قول ابن الحاجب بما في سماع ابن القاسم، وفسر قول ابن الحاجب، وقيل: ما لم يزد على نسبة عمله بقوله أنه لا يكون للأول ما بقي على الوجه الذي قدمناه إلا بشرط أن لا يزيد على نسبة عمله يعني فلا يكون له على المثال المتقدم إلا درهمان ونصف. قُلتُ: حاصل القول الثاني على تقسيره أنه لا يكون للأول على حساب تسمية الجعل الثاني مالم يزد على تسمية جعله، وهذا لا ينتج أن يكون له في المثال المفروض درهمان ونصف بل الجاري عليه أن يكون له خمسة، وهي جعله، وتسقط الزيادة عليه من جعل الثاني؛ لأن الغرض أن البناء فيما يأخذه على نسبة ما بقي لا على نسبة ما تقدم، وهذا القول لا أعرفه. وقال الصقلي: إثر ما في «العتبَّة»: انظر الأول قد رضي بجعله عن كل العمل، فيجب أن يعطى نصفه بعمله نصف العمل، وهو حمله الخشبة لنصف الطريق ولآن المغابنة جائزة في الجعل وغيره، وقد تغلو الإجارة يوم عقد الثاني فكيف يعطى الأول على حساب عمل الثاني. قُلتُ: ومقتضى هذا البحث أن يكون للأول من جعله بقدر عمله من جهة العمل، فيكون الصقلي: لا على الأصل الذي ذكره الشَّيخ فتأمله.

قُلتُ: تمام عمل مجاعل بفعل من جاعله كبيعة ثوبه بعد نداء مجاعل على بيعه، وبلوغه ثمنا لم يرض ربه ربه، ثم باعه في استحقاقه الجعل وسقوطه، ثالثها: إن باعه بقرب نداء الآول لابن حارث عن قولي أصحاب لقمان بن يوسف، وعنه مع المعاصي له هي الرواية ابن حارث: وإنما هذا الخلاف إن باعه بمثل ما بلغ أو قريب منه أو كان البائع جاهلاً بقيمتها، فإن كان جاهلاً فقد انتفع بما أخرج له من ثمنها، ولو كان عالماً أو باع بأزيد بكثير فلا شيء للمنادي إلا أن يبيع ممن دله المنادي عليهت، فلذلك يوجب حق الدلال، وتقدم قول ابن رُشْد آنفا أن القياس أن للدلال بحساب ما عمل من جعله، وأما تمام عمله فيما يرى بالإجتهاد أو على الجاعل بقدر انتفاعه به، ثالثها: عليه بقيمة عمله يومه، ورابعها: بقيمة اليوم لسماع عيسى ابن القاسم في انفلات الآبق، وسماعه في حفر البئر ومتقدم قوله في هذا السماع ولابن كنانة، وخامسها: اللخمي إن جاعل الثاني محتسباً بعمل الأول فالتاني، وإلا فالأول، وسادسها: الثاني ما لم يزد على الجعل الأول وسابعها: له من جعلهبقدر عمله من العمل لتفسير ابن عبد السلام ثاني نقلي ابن الحاجب. ومقتضى بحث الصقلي: ولو مات المجعول له على اقتضاء دين قبل اقتضائه ففي كون وراثة مقامه إن كان أمنياً وأتى بأمين مطلقاً أو شرع الميت في عمله تخريج ابن رُشْد على لزوم الجعل الجاعل بالعقد، وسماع أَصبَغ ابن القاسم، وفيه موت المدين المجعول على اقتضاء دينه كحياته، ولو مات الجاعل لم يكن للعامل إتمام ما بقى إنما يلزم الجاعل ما دام حياً. أَصبَغ: هذا استحسان، وفيه مغمز. ابن رُشد: لأن الجعل لزم الجاعل باقتضاء البعض، ولو مات قبله، وبعد شخوصه فيه ثبت حقه خوف ذهاب عنائه باطلاً، ولوراثه اقتضاء ما أشرف على اقتضائه، وكذا في طلب الآبق، وحفر البئر له، ولوراثه إتمامه في موت الجاعل لا في حصاد زرع، ولقط زيتون اتفاقاً في الجميع.

قُلتُ: فيلزم عدم لزوم الجعل الجاعل بالشروع، وفي لقط الزيتون ونحوه، وفوت المجعول عليه بفعل الجاعل بعد لزوم عقده يوجب عليه جعله. سمع القرينان: من جاعل على اقتضاء دين له بثلث ما يقتضيه عم آخر مدينة بعد اقتضاء ثلثي دينه بباقيه للعامل تمام جعله. ابن رُشد: قول بعضهم ويتقاضى الثلث الباقي عاجلاً؛ لأن تأخيره يضر به غير صحيح؛ لأن التأخير لزم رب الدين، فيقتضي العامل ثلث الباقي، ويسقط تقاضي باقيه. قُلتُ: يتخرجان على قوليهما في عتق سيد الجاني، الجاني، وموت الآبق قبل إيصاله يسقط جعله لعدم إتمام عمله. ابن عبد السلام: لو فرضنا أن العقد عليه كان إجارة استأجره على طلبه شهراً فمات العبد في نصف الشهر انفسخت الإجارة هذا الجاري على المذهب لتعذر الحلف غالباً، ويلحق هذا الفرع بالمسائل التي استثنوها. قُلتُ: ظاهر قوله فرضنا إلى آخره يقتضي أن ما وقع عليه عقد الجعل وقع عليه عقد الإجارة، ولا يصح ذلك؛ لآن العمل في الجعل لا يشترط العلم بقدره، ولا بصفته، وفي الإجازة لا بد منه فلا يصح فرض الإجارة إلا مع العلم بجملة الطلب وصفته، وقوله: انفسخت الإجارة اللا آخره خلاف المنصوص. سمع عيسى: ابن القاسم: من علم محل آبقه فاستأجر رجلاً بكراء معلوم في طلبه، وقال له: إن جئتني به أو غيره فلك الأجرة؛ فبلغ الأجير قبل بلوغه بعد خروجه إن العبد خالفه، ورجع لربه فرجع الأجير أن للأجير الكراء بتمامه، ويرسله إن شاء في مثل ما قصر من الطريق، قد قيل: ليس له أن يرسل فيها قصر فيه من الطريق إلا برضاه، وقيل: لايجوز وإن رضي لأنه عسخ دين في دين إنما له أن يبعثه في بقية الطريق بعينها أو يعطيه أجره كاملاً، فعلى القول بمنع بعثه في مثل الطريق أو على القول بجوازه برضاه فلم يرض يكون له من الأجر بقدر ما سار من الطريق إلى المحل الذي رجع منه؛ لأنه فات برجوعه سيره ما بقى له من الطريق بعينه، ولو عثر على ذلك قبل رجوعه لم يكن

للمستأجر على هذين القولين إلا سيرة بقية الطريق بعينها أو دفع كل أجرته. قُلتُ: فنص السماع وما ذكره ابن رُشد من الأقوال خلاف قوله: انفسخت الإجارة، ولا فرق بين موت العبد وإتيانه. ولابن رُشْد: في سماع أصبغ: لو استأجر رجلاً على تبليغ عبد موضع كذا فمات في بعض الطريق أو أبق، ففي لزوم الإجارة، ويستعمله في مثل ما بقى، وانفساخها، وله من الأجر بقدر ما بلغ، ثالثها: الفرق بين الموت والإباق، ورابعها: تنفسخ في الإباق، ولا يكون له بقدر ما مضى، ولا تنفسخ في الموت لابن القاسم، وابن وَهْب من سماع أَصبغ ابن القاسم ولمالك، وللتخريج على قول مالك في تلف المستأجر على حمله من قبل ما عليه ابن الحاجب إن تنازعا في قدر الجعل تحالفا، ووجب جعل المثل. قلتُ: تبع فيه ابن شاس قال: إن أنكر المالك سعى العامل في الرد: فالقول قول المالك، وإن تنتزعا في قدر الجعل تحالفا، ورجعاً لجعل المثل. ابن هارون: القياس قبول الجاعل؛ لأنه غارم، ولأنه كمبتاع سلعة سلعة قبضها، وفاتت بيده؛ فالقول قوله إن ادعى ما يشبه، وإلا فقول خصمه إن ادعى ما يشبه، وإلا كمبتاع سلعة قبضها، وفاتت بيده؛ فالقول قوله إن ادعى ما يشبه، وإلا فقول خصمه إن ادعى ما يشبه، وإلا تحالفا، ورد الجعل المثل. ابن عبد السلام: إنما يصح ما قاله إن أتيا بما لا يشبه وإلا فإن كان العبد باقياً بيد المجعول له، وأتى بما يشبه يشبه قبل قوله، فإن ادعى ما لا يشبه حكم بما قاله المؤلف هذا الجاري على حكم الإجارة. قُلتُ: هذا أصوب من قول ابن هارون، والأظهر تخريج المسألة على قولها في القراض: القول قول العامل إن أتى بما يشبه، وفي رد فاسده لحكم نفسه؛ فيجب جعل مثله إن تم عمله، وإلا فلا شيء له أو للإجارة، فيجب أجر مثله فيما عمل، ثالثها: للأول في بعض المسائل، وللثاني في بعض لابن رُشْد في المقدمات قائلا: كالثلاثة في القراض.

قال: وتأتي في فاسد الجعل أقوال خارجة عما أصلناه، وهذا هو الصحيح فيها، وتقدم نقل قوله في البيان. ابن شاس: مشارطة الطبيب على البرء، والمعلم على تعليم القرآن، والحافر على اسستخراج الماء في أرض معلومة الشدة، واللين وقرب مائها، وبعدها والمغارسة في أرض الجاعل وكراء السفن مختلف في كون جميعها جعلا أو إجارة. الباجي: في مجاعلة الطبيب على البرء روايتان لها ولسَحنون. المتيطي: إنما المجاعلة على أنه إن برأ فله كذا، وإن لم يبرأ فلا شيء له، وللعبيدي عن القابسي أن الدواء يكون من عند العليل، ولو كان من عند الطبيب كان غررا، ولا يصلح في حفر بئر أو عين إلا في عين ملك الجاعل، وقاله الجم الغفير. قال بعض الموثقين: وهو أحسن، وأجاز مالك الجعل في الغرس في ملك الجاعل، وعقد ابن العطار وثيقة جعل في حفر بئر وطيها بالصخر في ملك الجاعل، واشترط الصخر على المعجول له. قُلتُ: فيدخله أمران الجعل في أرض الجاعل، واجتماع الجعل والبيع. ابن عات: الجعل على الحفر في أرض يملكها الجاعل خطأ، وما عقده ابن العطار جوزه مالك في المغارسة، وهي في أرض الجاعل. قُلتُ: إنما جوزها مالك في ملك الجاعل؛ لأن عدم تمام العمل فيها لا يبقي نفعا للجاعل في أرضه بخلاف الحفر فيها، فتأمله فاعتراضهم بها لغو.

كتاب إحياء الموات

[كتاب إحياء الموات] إحياء الموات: لقب لتعمير أثر الأرض بما يقتضي عدم انصراف المعمر عن انتفاعه بها.

باب موات الأرض

[باب موات الأرض] وموات الأرض: قال ابن رُشْد: في رسم الدور من سماع يحيى ابن القاسم من كتاب السداد والأنهار: روى ابن غانم: موات الأرض هي التي لا نبات بها، لقوله تعالى {وَاللَّهُ أَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَحْيَا بِهِ الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا} [النحل: 65] فلا يصح الإحياء إلا في البور. البخاري عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ((من أعمر أرضاً ليست لأحد فهو أحق)) قال عروة: قضى به عمر في خلافته. النسائي عنها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من أحيا أرضا ميتة ليست لأحد فهو أحق بها)، وفي رواية: ((وليس لعرق ظالم حق))، وخرجه أبو داود، وصححه عبد الحق بقبوله إياه، ولم يتعقبه ابن القطان. ابن الحاجب: الموات الأرض المنفكة عن الأختصاص، فتبع ابن شاس الغزالي، وتركا رواية ابن غانم، وهي أجلى لعدم توقف تصور مجلولها على الاختصاص وموجبه.

باب في معروض الإحياء

[باب في معروض الإحياء] ومعروض الإحياء ما لم يتعلق به حق ذي حق، ويمتنع فيما يتعلق به ملك بغير إحياء، ولا يصح بتبوره بالتراك. الباجي: من اشترى أرضاً لم يرتفع ملكه لها باندارسها اتفاقاً. ابن رُشْد: غيها: ما استحق أصله بخطه أو شراء لم يزل ملكه عه بتركه حتى عاد لحالته الأولى ولا أعلم فيه نص خلاف، ويدخله بالمعنى من الصيد يند من يديه فيتوحش ويصيد غيره. قال محمد: هو للثاني، ولم يفرق بين ملك الأول وإياه بصيد أو ابتياع فيلزم مثله في موات الأرض، ففي كون الأول أحق به أو الثاني، ثالثها: إن كان الأول اختطه أو اشتراه. ومحمد بن عبد الحكم: يرى الأول أحق به في الصيد على كل حال، ففي الصيد، ثالثها الفرق بين كون الأول ابتاعه أو صاده، وقد يفرق على قول ابن عبد الحَكم بأن الصيد غلب ربه على بقائه بيده والموات ربه تركه فيتحصل فيهما بالثلاثة، ورابعها: الفرق بين الصيد والموات، الثاني أحق بالصيد والأول أحق بالموات، وهو الآتي على حكاية ابن عبدوس حيث قال عن سَحنون: من أحيا مواتاً لم يخرج عن ملكه بتعطيله.

ولو عمره غيره. ابن عبدوس: قلت له: أولاً يشبه الصيد إن ند من يد صاحبه؟ قال: لا، وخامسها: الثاني أحق بالموت، والأول أحق بالصيد، وإنما يكون الثاني أحق بالموات، والأول أحق بالصيد، وإنما يكون الثاني أحق بالموات، عند قائله إن طالت مدة عودة عوده لحالته الأولى، ولو أحياه الثاني بحدثان عوده لحالته الأولى، فإن كان عن جهل منه بلأول فله قيمة عمارته قائماً؛ لأن له شبهة، وإن كان عن علم منه بذلك فقيمته منقوضاً بعد حلف الأول ما تركه إسلاماً منه لحقه فيه، وأنه كان على إعادة عمارته، ولا يصدق إن طالت المدة في ذلك. قُلتُ: لما ذكر الصقلي قولها: إنها لمحييها ثانياً بعد عودتها لحالتها الأولى. وقل سَحنون: إنها للأول قال: وقال الأخوان: إن كان إحياء الثاني بحدثان ترك الأول فهي له، وللثاني قيمة عمارته قائماً إن كان جاهلاً ومنقوضاً إن كان عالماً، وإن عمر بعد طول من ترك الأول، وكان تركه كالإسلام لها فهي للآخر. قُلتُ: فظاهره أنه قول ثالث، وذكر ابن رزقون قولي ابن القاسم وسَحنون، وقال: وحكى ابن رُشْد قولاً ثالثاً الفرق بين القريب والبعيد. قال ابن عبدوس: قلت لسَحنون: أولا يشبه الصيد إن ند من ربه؟ قال: لا قُلتٌ: ونقل هذا الثالث على نحو ما ذكره ابن رزقون بكلام ابن عبدوس. ابن عبد السلام عن ابن رشد: لا بواسطة. ابن رزقون: ولم أجد لابن رشد ما ذكراه عنه؛ بل قال: إثر سماع يحيى ابن القاسم: من استحق مواتاً بعمله فتركه حتى صار خراباً ليس يكون لمن أحب أن يعمره. قال: يلي ما نصه هذا مثل ما في المدَوِّنة وقال سَحنون: معناه فيما بعد من العمران، وما قرب لا يبطل استحقاقه له بتركه حتى عاد لحاله الأولى، وقوله صحيح على معنى ما في المدَّونة، وقال سحنون: معناه فيما بعد العمران، وما قرب لا يبطل استحقاقه له بتركه حتى عاد لحاله الأولى، وقوله صحيح على معنى ما في المدَوَّنة فيما قرب من العمران ليس لأحد أن يحييه إلا بقطيعة من

الإمام؛ لأن الإمام إذا أقطعه إياه صار بمنزلة ما اختلط أو اشترى، ونص في المدونة على أن ما استحق اصله بخطط أو اشتراه لا يزول ملكه بتركه حتى يعود لحالته الأولى، ولو أحيا القريب من العمران بغير إذن الإمام على قول من يرى له ذلك لبطل حقه فيه بتركه إياه، ولا فرق بين القريب والبعيد على قول من لا يرى استئذان الإمام، وأحيانا فيما قرب انتهى. قُلتُ: فهذا نص في عدم التفرقة بين القريب والبعيد، ويمتنع في حريم المعمور. قال ابن رُشْد: في ثاني مسأله من سماع يحيى: قال ابن حبيب: الشعراء المجاورة للقرى أو المتوسطة بينها لا يقطع الإمام م نها شيئاً؛ لأنها ليست كالعفا من الأرض الذي هو لعامة المسلمين إنما هي حق من حقوقهم كالساحة للدور أنما العفا من بعد. وتعقب الفضل قوله: ليس للإمام أن يقطع شيئاً من الشعر القريبة جداً؛ لأن إقطاعها ضرر في قطع مرافقهم التي يختصون بعا لقربهم على ما نذكره في أول مسألة من رسم الدور. قُلتُ: قال فيه: القريب من العمران قسمان، فذكر في الثاني ما نصه: القريب الذي في إحيائه ضرر كالأفنية التي أخذ شيء منها ضرر بالطريق وشبهه لا يجوز إحياؤه بحال ولا يبيحه الإمام، ونحوه نقل الباجي عن ابن القاسم: ينظر فيما قرب، فإن كان فيه على أهل القرى ضرر في مسرح أو محتطب منع. زقال ابن الحاجب في وجوه الاختصاص المانعة من الإحياء الثاني حريم عمارة، وحريم البلد ما يرتفق به لرعي مواشيهم ومحتطبهم مما تلحقه غدَّوا ورواحاً، ومثله لابن شاس. قال ابن عبد السلام عن سَحنون: ما كان من العمارة على يوم، ولا تدركه الماشية في غدوها ورواحها فهو بعيد، وما تدركه الماشية في غدوها ورواحها فهو بعيد، وما تدركه فيهما وأبعد من ذلك قليلاً مما فيه المرفق لأهل العمارة فهو قريب، ونحوه لابن القاسم. وقال أبو يوسف: الحد في ذلك أن يصبح الصائح من طرف العكران فلا يسمع

من بالموضع الآخر صوته. قُلتُ: هذا الذي نقله من كلام سَحنون إلى آخره، إنما هو في القسم الأول من مسمى القريب حيث قسمه ابن رُشْد: في أول نسألة من رسم الدور، وهو خلاف في صحة الإحياء بإذن الإمام، واختلفت فيه دونه، وفي ساقه الصقلي. وكذا ابن رُشْدحيث جعله مقابل البعيد فقال: حد البعيد من العمران ما لم ينته إليه سرح ماشية العمران، واحتطاب المحتطبين إذا رجعوا لمبيتهم من العمران. وقال أبو حنيفة: هو أن يصيح صائح إلى آخر ما تقدم عن أبي يوسف ونحوه للباجي قال: من أحيا أرضا في الفيافي فليس لغيره أن يحيى بقربه إلا بإذن الإمام قاله سَحنون في المجموعة، وله في كتاب ابنه ما رأيت من وقت حد القرب والبعد من أصحابنا، وما كان من العمارة عن يوم، وما لا تدركه الماشية في غدوها ورواحها فهو بعيد وما تدركه فيها، وأبعد من ذلك قليلاً مما فيه مرفق أهل العمارة فهو القريب ونحوه لابن القاسم، وقال أبو يوسف فذكر ما تقدم والإنصاف أن في كلام الباجي إجمالاً فيه ما يجب حمله على القريب المتوسط، وما يجب حمله على القريب الأقرب والأصوب تقسيم ابن رُشْد القريب إليهما، وبه يفهم كلام ابن الحاجب هذا مع ذكره بعد هذا جواز الإحياء في القريب بعض شُيُوخنا المفتييت يقول: لا يستحق الصرر بالعشرين إلا بما زاد، وذكر ابن سهل الفتوى بالثاني لعبيد الله بن يحيى، وابن لبابة، وأيوب بن سليمان، وابن الوليد قال: والقول الآخر ل أَصبغ في آخر كتاب الاستحقاق فيمن أحدث كوةً أو باباً على دار غيره أو أندراً على جنانه أو ميازيب على حائطه، وهو ينظر ولا ينكر لا يستحق هذا بعشرين سنة بعد أن يحلف انه ما كان عن رضى، ولا تسليم إلا أن يطول بالدهور الكثيرة جدّاً فيستحقه. قُلتُ: والأظهر عده تاسعلً. المتيطي: من كانت له كوة قديمة يشرف منها على جاره فلا قيام له عليه فيها، ولا له جارة، إن بنى داره وعلاها مقابل تلك الكوة حتى ينقطع دخول الضوء عليه قيام، ونحو لمالك في العتبيَّة.

وقال أبو عمر في كافيه: إلا أن تكون الكوة للضوء، وهو يحتاج إليها فيمنع جاره من إلصاق بنائه إليها، فإن عمل في جداره كوة في قدرها، وإزائه يتأدى إليه ما كان ينال من الكوة من الضوء وغيره فله ذلك. قُلتُ: قوله: ونحوه لمالك في العتبيَّة هو سماه يخيى رواية ابن القاسم في كتاب السلطان: من فتح في جداره موة إلى الدار أو الزقاق للضوء والشمس لم يمنع غيره من بناء جدار له يظلم به تلك الكوة. ابن رُشْد: هذا صحيح على معنى ما في المدوَّنة، وفيه اختلاف تحصيله في رسم المكاتب من سماع يحيى من كتاب الأقضية، وفي ضرر صوت الحركات طرق. الباجي: روى ابن القاسم في المجموعة: من احدث رحى تضر بجاره منع. الباجي: إن أضرت بالجدار منع، وأما صوتها؛ فلا. ابن حبيب عن الأخوين في الغسال: والضراب يؤذي جاره رفع صوتها لا يمنعان، وتحتمل رواية ابن القاسم خلاف؛ لأنه لم يبين وج الضرر الذي يمنع منه ووجه الأول أن ذلك في الصوت الضعيف ليس له كبير مضرو، أو نا لا يستدام، وما كان صوتاً شديديً مستداماً، كالكمادين والصفارين والرحى ذات الصوت الشديد، فهو ضر يمنع كالرائحة، ولم يحك الصقلي غير نقل ابن حبيب عن الأخوين، ولم يقيده بشيء. حكى أب حبيب انه لا يمنع، ورواه مُطرِّف، وذهب بعض الفقهاء المتأخرين إلى منع ضرر الصوت، واحتج بقول سعيد بن المسيب لبرد: اطرد هذا القاريء عني فقد آذاني. قُلتٌ: سمع أشهب في كتاب الصلاة: كان عمر بن عبد العزيز يخرج في الليل في آخره، وكان حسن الصوت يصلي جهراً، فقال سعيد بن المسيب لبرد: اطرد هذا القاريء عني فقد

آذاني، فقال له برد: إن المسجد ليس لنا إنما هو للناس، فسمع ذلك عمر فأخذ نعليه وتنحى. ابن رشد: أمر سعيد بطرد القارئ عنه، يريد: من جواره لا من المسجد جملة، ولم ينتبه لمكانه من الخلافة لجزالته وقوته في الحق، وقلة مبالاته بالأئمة، ولا أنف عمر بن عبد العزيز من قوله وفضله وانقياده للحق. قلت: انظر هذا مع قول مالك: كان الناس في الزمن الأول يتواعدون لقيامهم لأسفارهم بقيام القراء بالمسجد بالأسحار تسمع أصواتهم من كل منزل استدل به ابن عتاب على رفع الصوت بالذكر في المساجد، وقاله ابن رشد. واستدل بعض الشيوخ بهذه الحكاية على أن الأصوات من الضرر الذي يجب الحكم على الجار بقطعه عن جاره كالحدادين والكمادين والندافين وشبه ذلك، وليس بدليل بين؛ لأن ما يفعله الرجل في داره مما يتأذى به جاره بخلاف ما يفعله في المسجد من رفع صوته لتساوي الناس في المسجد، ولو رفع رجل في داره صوته بالقراءة لما وجب لجاره منعه، والرواية منصوصة في أنه ليس للرجل منع جاره الحداد من ضرب الحديد في داره، وإن أضر به. قلت: وما في رسم المكاتب من سماع عيسى من الأقضية: رأيت لابن دحون قال: لم يختلف في الكماد والطحان أنهما لا يمنعان، وإن كان محدثا يضر بأسماع الجيران، فإن أضر بالبناء منع. المتيطي في ثمانية: أبي زيد عن مطرف: سألت مالكا عن الحداد جار الرجل فيعمل في بيته، وليس بينهما إلا حائط يضرب الحديد الليل والنهار فيؤذي جاره فيقول: لا أقدر أن أنام فهل يمنع من ذلك؟ قال: لا، هذا رجل يعمل لمعاشه لا يريد بذلك الضرر لا يمنع. وقال ابن عتاب: تنازع الشيوخ ببلدنا قديما وحديثا فيمن يجعل بداره رحى، وشبهها مما له دوي أو صوت يضر به جاره كالحداد وشبهه. فقال بعضهم: يمنع إذا عمل به بالليل والنهار، وقال طائفة: لا يمنع، وقال

أصبغ بن سعيد: اتفق شيوخنا على منعه بالليل إن أضر جاره، ولا يمنع بالنهار، وقاله ابن عبد ربه. وقال أبو بكر بن عبد الرحمن أحد الفقهاء السبعة: إذا اجتمع ضرران أسقط الأكبر، ومنع الرجل من الانتفاع بماله، وصنعته أكثر ضررا من التأذي بدوي ما يصنع. ابن عتاب: الذي أقوله: وأتقلده من مذهب مالك أن جميع الضرر يجب قطعه إلا رفع البناء المانع من الريح وضوء الشمس، وما في معناهما فلا يقطع على مذهب ابن القاسم إلا أن يثبت قصد محدثه ضرر جاره، وكذا كل ضرر يؤول للفساد كالكماد والنداف. ابن عات في كتاب كراء الدور من المدونة: للرجل أن يصنع في الدار المكتراة ما شاء من الأمتعة والدواب والحيوان والحدادين والقصارين ما لم يكن ضررا بالدار فلا. ابن عبد الغفور: على هذا يكون لرب الدار أن ينصب فيها ما شاء من الصنائع ما لم يضر بحيطان جاره، ولا يمنع من رفع صوت أو دوي رحى أو كمد لصوته، وكذا ما أشبهه. قال المشاور: مثله كله. وفي المجالس: قضى شيوخ الفتيا بطليطلة: يمنع الكماد إذا استضرت بهم الجيران والأول أولى. قلت: ما حكاه من لفظ المدونة أخذه منه حسن، وترك من لفظها عطفها على القصارين والأرحية، وذكر مثله في مكترى الحانوت. قلت: ففي لغو إحداث ضرر صوت الحركة، ومنعه مطلقا، ثالثها: إن عمل ليلا لا نهارا، ورابعها: إن حق ولم يكن فيه كبير مضرة للمتيطي مع ابن رشد عن رواية مطرف مع ابن عتاب عن بعض الشيوخ، وابن رشد عن ابن دحون قائلا: اتفاقا، وابن عات عن أخذه ابن عبد الغفور منها كالمشاور، والمتيطي عما تقلده ابن عتاب من مذهب مالك مع ابن عات عن فتوى شيوخ طليطلة في الكمادين، والمتيطي عن أصبغ بن سعيد قائلا: اتفق عليه شيوخنا، واختيار الباجي: ورفع الصوت بالدعاء والذكر في

المسجد آخر الليل مع حسن النية قربة، وفي جوازه بعسعسة الليل بعد مضي نصفه. ومنعه نقلا ابن سهل عن ابن عتاب محتجا بقول مالك بعدم منع صوت ضرب الحداد مع الصقلي وابن دحون مع ابن فرج محتجين بوجوب الاقتصار على فعل السلف الصالح، وفي قسمها: ليس لك في سكة غير نافذة فتح باب يقابل باب جارك أو يقاربه، ولا تحويل بابك هنالك، وذلك في النافذة جائز. ابن رشد: في منع فتح باب في غير النافذة مطلقا إلا بإذن جميع أهل الزقاق، وجوازه ما لم يقارب باب جاره بحيث يقطع به مرفقا له، ثالثها: له تحويل بابه كذا إن سد الأول لا فتح باب لم يكن لابن زرب مستدلا بقولها في الدارين إحداهما في جوف الأخرى فيقسم الداخلة أهلها؛ فيريد كل منهم أن يفتح لداره بابا في الدار الخارجة ليس لهم ذلك إنما لهم الممر الذي كانوا يمرون عليه، وبه جرى عمل أهل قرطبة، ولابن القاسم فيها مع سماع عبد الملك ابن وهب في كتاب السلطان، وظاهر قول أشهب في هذا السماع. قلت: لم يحك المتيطي إلا منع إحداثه أو تحويل القديم لقرب باب جاره بحيث يضره ذلك، ثم قال: ولو حوله عن بعد من باب جاره لم يكن عليه قيام؛ لأنه لم يزده شيئا على ما كان عليه. قال: وقال أبو عمر في كافيه: ولا يحدث في غير النافذة عسكر، وهو الذي يدعى التابوت والجناح والأسقفية، فإن أذن بعضهم في ذلك، وأبى البعض، فإن كان الآذنون آخر الزقاق، وممرهم لمنازلهم على الموضع المحدث قبل إذنهم. ابن رشد: وفي فتحه بابا أو حانوتا قبالة باب جاره في الزقاق النافد، ومنعه إلا أن ينكب عن ذلك، ثالثها: إن كانت السكة واسعة لابن القاسم فيها مع أشهب في السماع المتقدم، وسحنون وابن وهب في السماع المذكور. ابن سهل عن يحيى بن إبراهيم: من فتح بابا في زقاق، ولو كان غير نافد يطل منه على جاره، وجدار داره مضير نحو الحائطين، وهو إن بنى ثالثا لم يطل عليه جبر جاره على بناء ثالث، ولا يمنع فاتح الباب من فتحه.

وأجاب ابن رشد فيمن أحدث بداره بابا وحانوتين قبالة باب جار له بينهما زقاق نافد، ولا يخرج احد من دار الجار، ولا يدخلها إلا على نظر الحائطين الحالين بالحانوتين لعمل صنعتهم، وهو ضرر بين برب الدار بأن يؤمر أن ينكب بابه وحانوتيه عن مقابلة باب جاره، فإن لم يقدر على ذلك لم يحكم عليه بغلقها، وترك بينهما زقاق نافد، ولا يخرج أحد من دار الجار. ابن رشد: والسكة الواسعة سبعة أذرع لحديث ابن عباس في مسند ابن أبي شيبة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (الطريق الميتاء سبع أذرع)، ولما ذكر المتيطي الحديث قال: الميتاء: الواسعة. قال ابن الهندي: حضرت الفتيا بذلك. الباجي: للشيخ في نوادره: اختلف في ذلك قيل: الواسعة ثمانية أشبار، وقيل: سبعة أشبار. قلت: حديث سبع أذرع إنما ذكره عبد الحق عن مصنف عبد الرزاق، وقال في سنده جابر الجعفي، ولم يزد، وقال المزني في كتاب (رجال الكتب الستة): هو أكبر علماء الشيعة، وثقة شعبة وتركه جماعة وروى عنه شعبة والسفيانان، وفي كون إحداث حمام أو فرن قرب دار تجاوره لا يضرها بحال إلا أنه يحط من ثمنها ضررا يمنع أو لا نقلا المتيطي مع ابن سهل عن أبي المطرف مع بعض شيوخ ابن عتاب، وله مع بعض شيوخه. الباجي: من باع داره، وقد أحدث عليه مطلع أو مجرى ماء أو غيره من الضرر، فقال الأخوان وأصبغ: إن لم يقم حتى باع فلا قيام للمشتري، ولو كان خاصم فيه فلم يتم له الحكم، فباع فللمشتري القيام، ويحل محله. ابن زرقون في أحكام ابن بطال: معناه: أن الحكم قضي به، وأعذر وبقي التسجيل والإشهاد، ولو بقي شيء من المدافع والحجج لم يجز البيع؛ لأنه بيع ما فيه خصومة،

وهذا أصل فيه تنازع. فيها: من أقام بينة غير قاطعة في أرض فلمن هي بيده بيعها. وقال سحنون: بيعها حينئذ غرر هذا إن كان البائع في المسألة الأولى قام على محدث الضرر، وإن باع قبل أن يعلم ذلك، ففي صحة قيام المبتاع على المحدث، ومنزلته منزلة البائع، ولغو قيامه عليه، ثالثها: إنما له الرد على البائع لحبيب عن سحنون، ومتقدم قول الأخوين، وقولها في العبد يتزوج بغير إذن سيده، ثم يبيعه قبل أن يعلم أن لمشتريه رده بالعيب، فإن رده فلبائعه القيام به كذا أخذته عمن أرضى من شيوخنا أنها ثلاثة أقوال، وتأملت قول الأخوين، وظاهره أن البائع باع بعد عمله بإحداث الضرر، ولم يقم فيه، وهذا لا يختلف في سقوط القيام فيه فتأمله. ابن سهل: نزل أن رجلا فتح بابا في زقاق غير نافد، وسكت عنه أهل دوره نحو ثلاثة أعوام، وباعوا دورهم فأراد مبتاعوها سد الباب المحدث. فأجاب ابن عتاب: لا كلام فيه للمبتاع إنما الكلام للبائعين، فإن لم يفعلوا حتى باعوا فهو رضى منهم. وقال أحمد بن رشيق فقيه المرية مثله. وقال ابن مالك: روى ابن حبيب عن مطرف وابن الماجشون وأصبغ: لا قيام في ذلك إلا أن يكون البائعون باعوا، وقد خاصموا في ذلك، وعلى أن ليس لهم ذلك يدل ما في النكاح الأول من المدونة. ابن سهل: يريد مسألة العبد يتزوج بغير إذن سيده، وفي سماع القرينين من الأقضية ما يدل على خلافه، وكذا في وثائق المعروف بالملون للمبتاع القيام على محدث الضرر كوكيل البائع على ذلك. قلت: وما أشار إليه من سماع القرينين فيه سكوت ذي أرض على إحداث مرور ماء على أرضه أربعين عاما، ثم باع أرضه تلك لا يمنع القيام عليه، فقال ابن رشد: لم يلزمه ذلك وجعل للمشتري أن يمنع منه، ولم يجعل بيعه الأرض رضى بترك القيام على المار بالماء في أرضه خلاف قول الأخوين وأصبغ في أن من أحدث عليه ضرر فلم

يتكلم فيه حتى باع لزم المشتري، ولم يكن له فيه قيام، ثم ذكر الثلاثة الأقوال لسماع القرينين والأخوين من أصبغ، ولها في نكاحها الأول. قلت: وزعم ابن زرقون أن يبيعه بعد علمه بالإحداث مع عدم قيامه به يسقط القيام اتفاقا، يرد بأنه إنما يصح هذا أن لو كان ضرر الإحداث يجاز بالعلم به مع السكوت عنه اتفاقا، وليس الأمر كذلك لما قاله ابن رشد هنا، وفي نوازل أصبغ حسبما تقدم، والعجب من قول ابن زرقون هذا مع كثرة اعتماده على كلام ابن رشد. قال ابن زرقون في زاهي ابن شعبان: إن كان لإحدى الدارين باب في دار أخرى لما يستحق أرباب الدار التطرق إلا ببينة، فإن قامت بينة بالتطرق منه، ولم يقولوا بحق، فقيل: هي لغو إذ قد يتطرق بإذن رب الدار، وبغير إذنه، وقيل: يترك له على ما يثبت له بحق، ولا يمنع إلا بحق، وهذا كقول ابن سحنون فيما أشكل قدمه، وحدوثه أنه على القدم. وفي منع المالك إحداث بئر يملكه في غير الفلاة تضر ببئر سابقه لجاره وجوازه، ثالثها: إن استفرغ ماء بئر جاره، ورابعها: إن وجد بدا من احتفاره، ولم يضطر إليه، لابن رشد عنها، وعن ابن كنانة وسماع القرينين في السداد، والأنهار وأشهب. واللخمي: قال مالك: من أمر الناس اتخاذ أبراج الحمام، وإن عمرت من حمام الناس فلا بأس به. اللخمي: يريد: أن كل من بنى برجا بعد تقدمه غيره فلا ينفك أن يصير إليه من برج من تقدمه، ولا يقدر على الامتناع منه، وهذا إذا لم يحدث الثاني بقرب الأول، فإن فعل منع؛ لأن فيه ضررا عليه. ابن حدير: سئل أصبغ بن محمد من شيوخ الأندلسيين عن المسألة، وقول اللخمي فيها؛ فأجاب بأن للثاني أن يبني بقرب الأول، وقال: إن أراد اللخمي أن المنع لضرر الاطلاع أو إذاية الزرع أو الثمرة فله وجه، وإلا فلا. قلت: الأظهر أن إحداث برج قرب برج أقدم منه يجري على ما تقدم في إحداث بئر قرب بئر سابقة.

اللخمي: ونصب الأجباح يجري على ما تقدم في الأبراج. ولابن كنانة: لا ينصبها قرب أجباح الناس بل بعيدا من العمران. وقال أشهب: إن فعل وليس هناك إلا نحل مربوب فهو فيما دخل إليه أسوة غيره، وإن كان فيه نحل كثير غير مربوب، ونحل مربوب فلينصب، وما دخل إليه هو له؛ يريد: لأن الذي يدخل إليه غير المربوب؛ لأن الشأن في المربوب أن أصحابه يرصدونه، وإن دخل حمام برج في برج آخر، فإن عرف وقدر على رده رد قولا واحدا، وإن عرف وعجز عن رده ففي كونه ملكا لمن صار إليه ووجوب رد أفراخه قولا ابن القاسم وابن حبيب: وإن جهل أو جهل عشه فهو لمن ثبت عنده. وقول مالك: إن عرف وقدر على رده رد للأول، كقول ابن عبد الحكم في الصيد أنه للأول وإن لم يتأنس عنده لا يزول ملكه عنه؛ لأنه في حال كونه في برج الأول على حال التوحش؛ فينبغي على قول مالك أن يكون لمن صار إليه بل هو في هذا أضعف؛ لأن ما في البرج ليس بملك محقق ورد ما تقرر ملكه أولى. وقول ابن حبيب برد الفراخ حسن على قول ابن عبد الحكم، وأحسن ذلك أن لا يرد للأول شيء، وإن قدر على رده؛ لأنها غير مملوكة للأول إنما هي عنده على وجه الإيواء، وتأوي اليوم بموضع وغدا بآخر، وإن أوى حمام برج لدار رجل آخر إن علم أنه بري أو جهل صاحبه جاز له ملكه، وإن عرف برجه على قول مالك. وقال ابن القاسم وأشهب: يرده إن عرف برجه، وإلا تصدق بقيمته، ومحمل قوليهما على أنه طالت إقامته، وإن كان بحدثان أخذه، ولم يقصه أرسله فالشأن عوده لو كره، وإن كان من حمام البيوت تأوي إليه، ولم يتعرض لحبسه فحكمه حكم اللقطة يخير في بيعه والصدقة بثمنه أو حبسه والصدقة بقيمته وحبسه دون الصدقة بشيء واسع، واستخف مالك حبسه كيسير اللقطة. وقال صلى الله عليه وسلم في الثمرة: لولا أن تكون من الصدقة لأكلتها، وإن دخل فرخ جبح لبيت آخر، فقال سحنون: هو لمن دخل إليه. ابن حبيب: يرده إن عرف موضعه، وإن لم يقدر رد فراخه ويلزمه رد قدر ما يكون

من عسله، وأرى إن رضي من صار إليه أن يعطي صاحبه قيمته كان ذلك له، والحكم للأول في النحل أقوى من الأبراج؛ لأن تلك إنما تأوي إليها، وهذه تصاد وتملك، ثم تجعل هناك؛ فينبغي أن تجري على حكم المربوب. قلت: وتقدم شيء من هذا في كتاب الصيد حيث ذكره اللخمي. الباجي: والحيوان الذي لا تستطاع حراسته كالنحل يضر شجر القوم، وفرخ الحمام والعصافير تضر بالزرع والدجاج الطائرة والأوز وشبهها. قال مطرف: يمنع من اتخاذها؛ لأن هذا طائر لا يستطاع الاحتراز منه كما يستطاع في الماشية. وقد قال مالك في الدابة الضارية: تعرب وتباع، وهذا أشد، واختاره ابن حبيب. وقال أصبغ وابن القاسم: النحل والحمام والدجاج كالماشية لا يمنع من اتخاذها، وإن أضرت وعلى أهل القرية حفظ زروعهم وشجرهم، ومثله لابن كنانة، وقال: وما أحب أن يؤذي أحد. قلت: كثيرا ما تقع هذه النازلة، والصواب أن يحكم فيها بقول مطرف وابن حبيب: وإن كان خلاف قول ابن القاسم؛ لأن منع أرباب الحيوان أخف ضررا من ضرر أرباب الزرع والثمار؛ لأنهم لا يتأتى لهم حفظها، ولا نقل زروعهم ولا أشجارهم، وأرباب الحيوان يمكنهم قص دجاجهم وإوزهم والاستغناء عن عصافيرهم، ونقل أجباحهم، وإذا عرض ضرران ارتكب أخفهما، وبعضهم يذكره أثرا، وبعضهم يذكره حديثا، وبعضهم يذكره حكما مجمعا عليه. عبد الحق: ذكر الزهري عن سعيد بن المسيب عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: حريم البئر المحدثة خمس وعشرون ذراعا، وحريم البئر العادية خمسون ذراعا، وحريم الزرع ثلثمائة ذراع، وحريم العين السيح ستمائة ذراع هذا الحديث يروي مسندا عن الزهري عن سعيد عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم، ويروي مرسلا كما تقدم والمرسل أشبه ذكر

الحديث والتعليل الدارقطني، وذكره أبو داود في المراسيل عن الزهري. وحريم البئر: ما يستحقه مستحقها من أرض هي محل انتفاعه بها. فيها: لأهل البئر منع من أراد أن يبني أو يحفر بئرا في ذلك الحريم؛ لأنه حق للبئر وضرر بهم، ولو لم يكن على البئر من حفر بئر أخرى ضرر لصلابة الأرض كان له منعهم لما يضر بهم في مناخ الإبل، ومرابض المواشي عند ورودها. وفي حده بما يضر إحداث غير مستحقها فيه مستحقها في انتفاعه بها أو بالقيس قولان لها ولغيرها. وفيها: ليس للآبار في المدونة عند مالك حريم محدود، ولا للعيون إلا ما لا يضر بها. قال مالك: لأن منها ما هو في أرض رخوة، وما في أرض صلبة أو في صفاء. عياض: الذي في أصل ابن عتاب وغيره من الأصول، وعليه كثير من المختصرين ورواية يحيى: إلا ما لا يضر بها قال: كذا روى سحنون والصواب إلا ما يضر بها. قال فضل: كذا قرأناه على غير يحيى. عياض: كلاهما صواب معناه لا يضر أنه من حريمها، ومعنى ألا يضر حد حريمها، وعلى القياس في كونه في العادية، وهي القديمة خمسون ذراعا، وفي البادية وهي التي ابتدئ حفرها نصفها أو العكس، نقلاه عن ابن نافع وأبي مصعب قائلا في بئر الزرع خمسمائة ذراع. وقاله ابن المسيب. وعنه أيضا: ثلاثمائة ذراع. قلت: زاد اللخمي من كل نواحيها. قال ابن شهاب: وكان يقال: حريم الأنهار ألف ذراع، وقول مالك أحسن

لاختلاف حال الآبار فمن ماء في أرض لا غياض فيها، ولا شعراء، ولم يعمل أكثر من الحفر ترك له سقي ذلك الماء أو ما يستطيع عمارته، وحمى شجر ما ابتدئ غرسه بموات. روى اللخمي: ما يرى فيه مصلحتها، ولا يضرها. وسئل فيه أهل المعرفة، وقد قالوا: اثني عشر ذراعا من نواحيها إلى عشرة، ويسأل عن الكرم، وعن كل شجرة أهل العلم بذلك؛ فيكون لها بقدر مصلحتها، فإن كان عشرة أمر محدث غيرها قربها أن يبعد عنها بقدر حريمها، فإن لم يفعل قطع على الثاني ما دخل من شجره في حريم الأول بباطنه أو هواه، ولو باع نخلة وشرط حقوقها وفناءها جعل لها على هذا القول عشرة أذرع من جميع نواحيها. وفي نوازل الشعبي جوابا لسحنون: حريم شجرة رجل في أرض آخر هو ما أخذ ظلها حين استواء الشمس عليها قبل فيئها. قلت: ذكر عبد الحق للطحاوي عن أبي سعيد الخدري قال: اختصم رجلان إلى النبي صلى الله عليه وسلم في نخيلة فقطع منها جريدة، ثم ذرع بها النخيلة، فإذا فيها خمسة أذرع فجعلها حريما، وقال أبو داود: خمس أذرع أو سبع، وصححه بسكوته عنه، ولم يتعقبه ابن القطان. قلت: وفيه متمسك لجواب سحنون، ومستند ما ذكره اللخمي حديث ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا ضرر ولا ضرار) خرجه الدارقطني. قال عبد الحق: في إسناده إبراهيم بن إسماعيل هو ابن أبي حبيبة، وثقه أحمد بن حنبل وضعفه أبو حاتم، وقال: هو منكر الحديث لا يحتج به. ورواه عبد الملك بن معاذ النصيبي عن الداوودي عن عمرو بن يحيى عن أبيه

عن أبي سعيد عن النبي صلى الله عليه وسلم قال (لا ضرر ولا ضرار)، وذكره أبو عمر، ورواه مالك عن عمرو بن يحيى بن يحيى عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (لا ضرر ولا ضرار) كذا رواه مرسلا. قلت: تعقبه ابن القطان بأن عبد الملك هذا لا تعرف حاله، ولا أعرف من ذكره. اللخمي: من أحيا للسكنى، فقال لمن أراد أن يحيى بعده: ابعد عني فإنك تكشفني إن قربت مني كان له ذلك قضى عمر بن عبد العزيز فيه أن ينزل عنه نحو مائة ذراع قال: حيث لا تتبين امرأة، ولا يسمع كلام الحي، وإن شكى أنه ضيق عليه في المرعى أبعد عنه، وأرى أن يبعد إذا خاف الكشف أكثر من مائة ذراع، ولا يضيق على النساء في تصرفهن هناك. قلت: هذا الذي ذكره اللخمي كأنه المذهب عنده خلاف ما تبع فيه ابن شاس وابن الحاجب الغزالي، وجعلاه المذهب، وهو قولهما: حريم المحفوفة بالموات ما يرتفق به من مطرح تراب ومصب ميزاب والحق عندي أن الإحياء إن كان أذن الإمام فيه أو مقتضى حال الموضع المحيا فيه جعل ذلك الموضع مدينة أو قرية لا تتقرر غالبا إلا باجتماع الساكنين، واتصال مساكنهم فالحق ما قاله ابن شاس وابن الحاجب، وإن لم يكن الأمر كذلك كما ذكر لي عن مساكن أهل الجبال، كجبال زواوة ونحوها فالحق ما قاله اللخمي.

باب التحجير

[باب التحجير] التحجير: هو ضرب حدود حول ما يريد إحياءه، وهو ممن لا يقوى على الإحياء لغو اتفاقا، وما يقوى عليه وتأخيره بيسير الأيام لتليين الأرض أو لرخص الأجير معتبر لسماع يحيى ابن القاسم، ونقل اللخمي والباجي عن أشهب. وفي السماع مع اللخمي: إن حجر كثيرا وعمر منه يسيرا فالزائد عليه كمنفرد عنه، والتحجير لأكثر من ذلك في لغوه مطلقا أو إن زاد على ثلاثة أعوام سماع يحيى ابن القاسم، مع قولها، ونقل ابن رشد عن الواضحة مع اللخمي عن الأخوين. الباجي: لأشهب في المجموعة عن عمر فيمن حجر أرضا ينتظر به ثلاث سنين ورآه حسنا. زاد ابن رشد: وأنكر ابن القاسم في المدونة أن يكون سمع من مالك في ذلك شيئا. قلت: فلأشهب القولان صرح بهما عياض عنه. [باب الإقطاع] والإقطاع: تمليك الإمام جزءا من الأرض، لا يصح فيما هو موقوف لمصالح

المسلمين في التجارة لأرض الحرب لا يجوز شراء أرض مصر، ولا تقطع لأحد. قال غير واحد: لأنها فتحت عنوة. وسمع يحيى ابن القاسم في كتاب السداد والأنهار: ما قارب الأمصار والمدن من الموات التي لا يجوز إحياؤه إلا بإذن الإمام إن أقطعه رجلا فله بيعه، ويورث عنه، ويكون أحق به، وإن لم يعمره، وليس حاله كحال المعادن. ابن رشد: الإقطاع يكون في البراري والمعمور إلا معمور أرض العنوة التي حكمها أن تكون موقوفة. قلت: يريد: إقطاع التمليك، وأما إقطاعها للانتفاع بها مدة فجائز. قاله الطرطوشي وغيره وابن رشد: فإذا أقطع أحدا شيئا من الأرض المعمورة فلا كلام في أن المقطع يستحقه بنفس الإقطاع، وإن أقطعه شيئا من الموات ليحييه استحقه بنفس الإقطاع، وإرث يورث عنه، وله بيعه وإعطاؤه إلا أن للإمام أخذه بإحيائه، فإن لم يفعل أو عجز أقطعه لغيره لما روي انه صلى الله عليه وسلم أقطع بلال بن الحارث من العقيق ما يصلح للعمل فلم يعمله فقال له عمر: إن قويت على عمله فاعمله وإلا أقتطعه للناس، فقال له: أقطعينه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال له عمر: إنه صلى الله عليه وسلم اشترط عليك فيه شرطا فأقطعه عمر للناس، فإن باعها أو وهبها بعد عجزه قبل نظر الإمام في ذلك مضى ذلك وحل

المبتاع والموهوب له فيه محل البائع أو الواهب، فقوله في السماع: يكون أحق به، وإن لم يعمره معناه إن قال: أعمرها، ولو قال: لا أعمرها أو عجز عنها فللإمام أن يقطعها غيره. ولو أحياها غيره بعد عجزه دون قطيعة من الإمام جرى على الخلاف فيمن أحيا ما قرب من العمران دون إذن الإمام. قلت: وللخمي عن الأخوين: من أقطعه الإمام أرضا على عمارتها فله بيعها وهبتها والصدقة بها ما لم ينظر في عجزه فيقطعها غيره. قال: وظاهر المذهب أن من أقطع أرضا ليملكها لا بشرط العمارة كانت له، وإن عجز عن عمارتها، وذكر قصة بلال وعمر عن ابن وهب. قلت: كذا ذكر اللخمي في غير نسخة قول الأخوين أن الإقطاع مقيد بأنه على العمارة. وقال الباجي ما نصه: ما افتتح ملكه على قسمين إقطاع، وإحياء فما يملك بإقطاع من الإمام. سمع يحيى ابن القاسم: أنها للمقطع، وإن لم يعمرها، ويبيع ذلك، ويورث عنه. وقال ابن حبيب عن الأخوين: من أقطعه الإمام فلم يقدر على عمارته فله أن يبيع ويهب ويتصدق ما لم ينظر في عجزه عنها فيقطع غيره، فرأى ابن القاسم الإقطاع تمليكا تاما، ورآه الأخوان إذنا في الإحياء، ومن شرطه العمل. ابن زرقون: ورآه غير واحد من الشيوخ وفاقا، وجعلوا قول الأخوين تفسيرا. قلت: فذكر الباجي قول الأخوين في الإقطاع العري عن شرط العمارة، وجعله خلاف قول ابن القاسم، ونقله اللخمي مقيدا به كما مر. وفسر ابن رشد سماع يحيى بمعنى قول الأخوين. وذكر ابن شاس عن الأستاذ أبي بكر أنه حمل سماع يحيى على ملك المقطع ما أقطعه.

قال: كانت الأرض المقطعة من فيافي الأرض أو مما قرب من العمران، ولا يطالبه الإمام بعمارتها بخلاف الإحياء فالحاصل إن شرط في الإقطاع العمارة اعتبرت، وإن نص على لغوها سقطت اتفاقا فيهما. وإن لم يذكر شرطها ولا لغوها، ففي لزوم اعتبارها طريقان لابن رشد مع ابن زرقون عن غير واحد من الشيوخ وابن شاس عن الأستاذ أبي بكر مع الباجي، وهو ظاهر السماع، ونقل اللخمي عن المذهب. وذكر ابن عبد السلام لفظ الأخوين على ما ذكره اللخمي، وقول ابن زرقون: وفيه نظر؛ لأن ابن زرقون ما ذكر كونه تفسيرا إلا على ما حكى الباجي في لفظ الأخوين عريا من الشرط، وهو الذي يحتمل الخلاف، ويفتقر إلى بيان كونه تفسيرا، وأما على ما ذكره اللخمي فهو غني عن البيان؛ لأن مفهوم كلامهما هو نفس سماع يحيى فتأمله. قال ابن الحاجب: لا يقطع غير الموات تمليكا لكن امتناعا. ابن هارون: لأن غير الموات عنوة أو صلح والعنوة موقوفة. قلت: معناه: أرض العنوة التي كانت بيد أهل الحرب يعتملونها لا مواتا. وقال ابن عبد السلام: هذا جار على المشهور إن كانت أرض عنوة، وإن كانت غيرها فلا مانع من إقطاعه تمليكا. قلت: قوله: على المشهور يقتضي وجود نص القول بمقابله. ابن رشد: لا يكون إقطاع في معمور أرض العنوة، وقاله الداودي، وذكره ابن حبيب رواية لابن القاسم، وإنما لم يجز ذلك؛ لأن عمر رضي الله عنه أوقفها للمسلمين، ورأيت للخمي جواز إقطاعها، وليس بصحيح على مذهب مالك. الباجي: ما أحاطت به العمارة. قال أصبغ وداود بن سعيد والأخوان: يقسم. ابن حبيب: لأنها أفنيتهم ومحتطبهم ومراعيهم، ولذا لم يكن للإمام أن يقطع شيئا منها؛ لأنه حق لهم كأفنية الدور.

باب الحمى

ابن زرقون: قال أبو محمد قوله: لا يقطعه الإمام غير صحيح. قُلتُ: وفي النوادر ما نصه: قال سَحنون: إنما الإقطاع فيما فضل عن منافع أهل تلك الأرض من المسارح والمراعي، وقد أقطع النبي صلى الله عليه وسلم الزبير أرضاً فيها نخل من أموال بني النضير، وأقطع عمر للناس العقيق أجمع. الباجي في المدنيَّة: لا بأس أن يقطع الإمام الأغنياء إن كان أقطع الفقراء ما يكفيهم، ولعل هذا في الإقطاع دون الإحياء؛ لأن الإحياء لا تملك به الأرض إلا بإنفاق وعمل، فالغني أقدر عليه، والإقطاع تملك به الأرض دون نفقة. قُلتُ: الإقطاع لا يكون إلا لمصلحة المسلمين، فإن تعدد ذوو المصلحة، وتقاربوا في تحصيلها بدئ بفقيرهم قبل غنيهم، ولو انفرد الغني بتحصيل تلك المصلحة دون الفقير صح تبدئته عليه كمصلحة الجهاد، وفي ذوي الفروسية وقتال عدو الدين، ومصلحة خدمة العلم تعلماً وتعليماً، وتقدم شيء من هذا المعنى في قسم الفيء في الجهاد. [باب الحمى] الحمى: الباجي هو أن يحمي موضعاً لا يقع به التضييق على الناس للحاجة العامة لذلك لماشية الصدقة والخيل التي يحمل عليها.

قُلتُ: قوله: (لماشية الصدقة) يقوم منه دون تأخير صرف الزكاة إذا كان لترجي مصرفها. أبو داود عن الصعب بن جثامة أن النبي صلى الله عليه وسلم حمى البقيع، وقال: لا حمى إلا الله ولرسوله. وقال علي بن عبد العزيز في المنتخب: حمى البقيع لخيل المسلمين ترعى فيه. قال عبد الحق: هذا أصح أحاديث الحمى، وهو الذي يعول عليه. قُلتُ: لفظ النقيع وجدته في نسخة صحيحة من الباجي، ومن أحكام عبد الحق بالنون قبل القاف، وذكره البكري بالباء قبل القاف، وكذا وجدته في نسخة صحيحة عتيقة من النوادر، وهو مقتضى نقل اللغويين. قال الجوهري: في حرف الباء: والبقيع موضع فيه أروم الشجر من ضروب شتى، وبه سمي بقيع الغرقد، وهي مقبرة بالمدينة، ونحوه في مختصر العين، ومثله لابن سيدة، وزاد: والغرقد: شجر له شوك كان ينبت هنالك فذهب، وبقي الاسم لازمًا للموضع. ولم يذكر أحد منهم النقيع بالنون قبل القاف أنه اسم لموضع مع كثرة ما جلب فيه ابن سيده في المحكم. وقال الباجي: في آخر الموطأ في ترجمة ما يتقى من دعوة المظلوم، وفيه ذكر الحمى، فقال الباجي، وهذا الحمى هو النقيع بالنون، ولم يتكلم عياض في مشارقه على هذه الكلمة لعدم وقوعها في الموطأ والصحيحين. الشَّيخ: روى ابن وَهْب أنه صلى الله عليه وسلم حما البقيع، وهو قدر ثمانية أميال، ثم زاد فيها الولاة، وحمى أبو بكر الربذة لما يحمل عليه في سبيل الله نحو خمسة أميال في مثلها، وحماه عمر لإبل الصدقة وحمى أيضاً السرف، ثم ذكر ما في آخر الموطأ في ترجمة ما يتقى

من دعوة المظلوم فيه عن زيد بن أسلم عن أبيه أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه استعمل مولىً له يدعى هبيًا على الحمى فقال: يا هبي اضمم جناحك عن الناس واتق دعوة المظلوم، فإن دعوة المظلوم مجابة، وأدخل رب الصريمة والغنيمة وإياي ونعم ابن عوف وابن عفان، فإنها إن تهلك ماشيتهما يرجعان إلى المدينة إلى زرع ونخل، وإن رب الصريمة والغنيمة إن تهلك ماشيته يأتيني ببينة فيقول: يا أمير المؤمنين يا أمير المؤمنين أفأتركهم أنا لا أبا لك فالماء والكلأ أيسر علي من الذهب والورق وايم الله إنهم ليرون أني قد ظلمتهم، إنها لبلادهم ومياههم قاتلوا عليها في الجاهلية، وأسلموا عليها في الإسلام، والذي نفسي بيده لولا المال الذي أحمل عليه في سبيل الله ما حميت عليهم من بلادهم شبراً. أبو عمر: فيه ما كان عليه عمر من التقى، وأنه لا يخاف في الله لومة لائم؛ لأنه لم يداهن عثمان ولا عبد الرحمن وآثر المساكين والضعفاء وبين وجه ذلك، وامتثل قوله صلى الله عليه وسلم: لا حمى إلا لله ولرسوله يعني إبل الصدقة، وقوله: اضمم جناحك يقول لا تستطل على أحد لمكانك مني، والإحياء في بعيد الموات: في افتقاره لإذن الإمام طريقان: اللخمي وابن رُشْد: لا يفتقر. ابن حبيب عن الأخوين: يستحب. الباجي: لا يفتقر. وليحيى عن ابن القاسم: لا يحيا إلا بإذن الإمام، فإن عمرها بغير إذن، فروى ابن سَحنون ما علمت اختلافا في أن ذلك له. ولابن مزين عن ابن نافع مثله، وقال في الذي يقتطع الموات البعيد فيحييه بغير إذن الإمام ينظر فيه الإمام إن رأى إخراجه أخرجه. قُلتُ: فيكون فيه بعد الوقوع لابن نافع قولان، وفي قريبه طريقان. الباجي: لابن سَحنون عن مالك، وابن القاسم وأشهب لا يحيا إلا بإذن الإمام. ابن عبدوس عن أشهب: يحييها من شاء بغير إذنه.

سَحنون: وقاله كثير من العلماء من أصحابنا وغيرهم. ابن رُشْد: المشهور في القريب الذي لا ضرر في إحيائه على أحد لا يجوز إلا بإذن الإمام، وقيل: استئذانه مستحب لا واجب. قُلتُ: عزاه اللخمي لأشهب وأَصْبَغ، وتقدم حد القرب. وقال اللخمي: هو ما كان في المحتطب والمرعى. الباجي: لابن سَحنون عن ابن القاسم ما قرب من العمران لا يدخل في الحديث، وأنكره سَحنون وقال: المعروف أنه لا يجوز إحياؤه إلا بإذن الإمام. وقد قال مالك: معنى الحديث في فيافي الأرض، وما بعد عن العمران الذي أنكر سَحنون حمل قول ابن القاسم على أنه لا يجوز الإحياء فيما قرب، وإن أذن فيه الإمام. قُلتُ: في قبول الباجي إنكار سَحنون قول ابن القاسم مع احتجاجه على ذلك بقول مالك: "معنى الحديث فيما بعد عن العمران" نظر؛ لأن قول ابن القاسم: ما قرب لا يدخل في الحديث، هو نفس رواية سَحنون معنى الحديث فيما بعد عن العمران. قُلتُ: في النوادر من كتاب ابن سَحنون: ما قرب من العمران لا يحيا إلا بإذن من الإمام ما أضر بأهل القرى في مسرح ومرعى ومحتطب، ونحوه منع منه. قال سَحنون في المجموعة: كانت أرض صلح أو عنوة أو أرض أسلم عليها أهلها. قال اللخمي: لأن البعيد خارج عن ما انعقد عليه الصلح أو أسلم عليه؛ لأنه لم يكن فيه منتفع ولا حمىً ولا دب، وعلى المشهور إن وقع دون إذن ففي إمضائه، ولزوم إخراجه، ثالثهما: للإمام إمضاؤه وإزالته وإعطاؤه غيره أو بيعه للمسلمين للباجي عن ابن حبيب عن أَصْبَغ، ولابن سَحنون عن ابن القاسم ولابن حبيب عن الأخوين مع مالك. ابن زرقون: للمغيرة وأشهب ك أَصْبَغ. قُلتُ: هو نقل ابن رُشْد اللخمي عن الأخوين يخير الإمام في أربعة في إبقائه أو جعله للمسلمين مع إعطائه قيمة بنائه منقوضاً أو أمره قلع نقضه أو إعطائه غيره، وله

قيمته منقوضاً. قال: وأرى إن كان في إبقائه ضرر؛ لأنه ضيق المرعى أو المسكن لمن كان يسكن بأهله وماشيته أو لما يعلم من شره وحاله أو لأنه غني عنه وغيره فقير أخرج، وإن كان فقيراً لا تخشى ناحيته، ولا يضيق على الناس أو كان الإحياء للحرث لا للسكنى الشيء اليسير لم ينتزع. قُلتُ: ليس هذا بخلاف لقول الأخوين بل هو تقرير لتعلق التخيير؛ لأنه للمصلحة لا للتشهي إلا أنه فيه خلافاً لنقل الباجي عن الأخوين يعطى قيمة عمله منقوضاً يعطيه ذلك الإمام أو غيره ولا آمره بقلعه. ابن رُشْد: على إخراجه يكون له قيمته منقوضاً، وهو القياس، ولو قيل قائماً للشبهة لكان له وجه. قُلتُ: قاله اللخمي أيضاً. فيها: إحياء الأرض شق العيون، وحفر الآبار، وغرس الشجر، والبناء، والحرث. عياض: اتفق على سبعة تفجير الماء، وإخراجه عن غائرها، والبناء، والغرس، والحرث مثله تحريك الأرض بالحفر، وقطع شجرها، وسابعها: كسر حجرها وتسوية حروفها، وتعديل أراضيها. وفي رعي كلائها وحفر بئر ماشية: قولا أشهب وابن القاسم. الباجي: لابن سَحنون عن أشهب وابن القاسم وجميع أصحابنا: ليس الرعي إحياء. ولأشهب: من نزل أرضاً فرعى ما حولها فرعيهم إحياء؛ لأنهم ينتظرون أن يزرعوا. قال في المجموعة: ألا ترى المعدن إن عمل فيه كان له ما قام عليه، ولم يعجب سَحنونا قول أشهب. قال ابن القاسم وأشهب: وليس حفر بئر الماشية إحياء. قُلتُ: هذا خلاف متقدم نقل عياض عن أشهب.

وإحياء الذمي في جزيرة العرب لغو: روى اللخمي: هي الحجاز والمدينة واليمن، وزاد الشَّيخ ولابن حبيب. قال الأخوان: جزيرة العرب مكة والمدينة والحجاز كله، والنجود واليمن إن عمر فيه أعطى قيمة عمارته وأخرج. ولابن القاسم في المجموعة: له ما أحيا في موات أرض الإسلام غيرها. ولابن حبيب عن الأخوين: له ما أحيا في بعيد العمران، ويخرج مما عمر في قريبه ويعطى قيمته منقوضاً؛ لأن الذمي لا يقطعه الإمام؛ لأن ما قرب كالفيء ولا حق له في الفيء فقبله الشَّيخ. وقال الباجي: فيه نظر؛ لأنه لو كان كفيء الأرض لم يجز تملكه، ولا قسمه، ولا بيعه عند مالك، ويلزم أن لا يحييه عبد ولا امرأة؛ لأنهما ليسا من أهله، ولو قيل: حكم الذمي كالمسلم في القريب لم يبعد، ثم قال: وفي إحياء غير المسلم ما قرب مضرة فلا يأذن فيه الإمام. قُلتُ: هذا خلاف قوله: لم يبعد. اللخمي: يخرج إن عمر فيما قرب. ولابن القُصَّار: لا يجوز للإمام الإذن لأهل الذمة في الإحياء غير مفرق بين قريب، ولا بعيد. قُلتُ: ففي جوازه له مطلقاً، ومنعه مطلقاً، ثالثهما: فيما بعد لقول الباجي: لو قيل: حكم الذمي فيما قرب كالمسلم لم يبعد، وقول ابن القُصَّار والمشهور. وعزا ابن شاس الأول لابن القاسم لقوله: قال ابن القاسم: الذمي كالمسلم لعموم الخبر إلا في جزيرة العرب. وقال بعد نقله قول ابن القُصَّار: قال ابن حبيب عن الأخوين: إن عمر فيما بعد فذلك له، وفيما قرب يخرج، ولو كان بإذن الإمام؛ لأنه فيء، وتبع ابن الحاجب ابن شاس. والطرق: الشَّيخ في المجموعة والواضحة: روى ابن وَهْب أنه صلى الله عليه وسلم قال: "من

اقتطع من طريق المسلمين أو أفنيتهم شبرًا من الأرض طوقه الله يوم القيامة من سبع أرضين"، وقضى عمر رضي الله عنه بالأفنية لأرباب الدور. ابن حبيب: تفسيره يعني بالانتفاع في المجالس والمرابط والمساطب وجلوس الباعة للبيع الخفيف. ومر عمر بكير حداد في السوق فأمر به فهدم، وقال: يضيقون على الناس السوق. اللخمي: ما بين الدور من الرحبات، والشوارع من أخذ منه شيئاً لداره، وهو يضر بالمارة أو بأهل الموضع منع وهدم عليه، وإن لم يضر، ففي جوازه وكراهته، ثالثها: يمنع ويهدم لقولي مالك، وظاهر قول أَصْبَغ مع ابن القاسم وسَحنون مع الأخوين. وقال أشهب مرة بالثاني، وآخرًا بالثالث. وصوّب اللخمي الكراهة. قُلتُ: واستمر عمل قضاة العدل على المنع والهدم وجرحة فاعله إن لم يعذر بجهل، والمستحق فيما أبيح للباعة بالسبقية إليه كما لا يخرج أحد لأحد من مستنجى حبس يسكن، وكالطعام للحاجة في الغنيمة قبل قسمه والصيد. وفي استمرار حقية الموضع بالسبقية إليه بغية الدوام دون تخلل تركه نقلا بعض من لقيناه عن المتأخرين. قُلتُ: ولعياض ومن حديث أبي واقد الليثي في الثلاثة من كتاب الأدب، قال مالك في حديث: "إذا قام أحدكم من مجلسه فهو أحق به"هو على الندب، وخصه ابن مسلمة بالقائم إن قام لحاجة لا تاركًا له. ولمالك: من ارتسم بموضع من المسجد لإقراء القرآن أو تدريس أو فتوى هو أحق به، والجمهور على أنه استحسان، لا واجب، ولعله مراد مالك. ومن قعد من الباعة بأفنية الطرق، وأصحاب المرافق هو أحق به، فإن قام ونيته

الرجوع، فحكى الماوردي عن مالك: هو أحق به حتى يتم غرضه قطعا للنزاع، وقيل: هو وغيره سواء، وهو قول الجمهور. قُلتُ: ويؤخذ الاستحقاق بالنية من قولها: من خرج لمكة، ونوى أن يسير يومًا ويقيم يومًا قضى في سائر سفره فكما لم يمنع يوم الإقامة اتصال ما بعده بما قبله كذا سبقية الثاني لا تمنع اتصال أحقية إتيان الأول بعد الثاني بإتيانه الأول، وكلما اتصل به كان أحق به، وربما يتخرج على مسألة من أحيا أرضا بعد مواتها بعد إحياء لغوه فتأمله. وتقدم كثير من أحكام ما يباح فعله في المسجد، وما لا في كتاب الصلاة. وسمع ابن القاسم: كتب ذكر الحق في المسجد ما خف منه لا بأس به، وما طال لا أحبه، وقضاء الرجل فيه ذهبًا لا بأس به، وما كان على وجه التجر، والصرف لا أحبه. وسمع أشهب: في كتاب الصلاة في استحباب كون النصارى الذين يبنون في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يجازوا إلى موضع منه، ويدخلوا مما يليه، ولا يختلفوا ما لا عمل لهم فيه. ابن رُشْد: إنما لم ينكر مالك دخولهم مسجده صلى الله عليه وسلم، ووسع فيه وإن كان مذهبهم منعهم من دخول المساجد مراعاة لاختلاف أهل العلم في ذلك منهم من أباح دخولهم المساجد إلا المسجد الحرام، ومنهم من لم يستثنه، وفي السماع المذكور، وكراهة كشف سقف قبره صلى الله عليه وسلم، ورأى من صونه أن يكون مغطى، ولم ير أن يكتفى فى ذلك بالخيش، وقال: ينبغي أن ينظر في أمره. ابن رُشْد: كأنه رأى أن يغطى كتغطية البيوت المسكونة، وأخبرني من أثق به أنه اليوم لا سقف له تحت سقف المسجد، وفي الزكاة منها ما ظهر من المعادن بأرض العرب أو البربر فالإمام يليها، ويقطعها لمن يرى ظهرت في الجاهلية أو بعد الإسلام، وما ظهر منها في أرض الصلح فهو لأهل الصلح دون الإمام، ولهم أن يمنعوها من الناس، وما ظهر منها بأرض العنوة فهو للإمام. وسمع يحيى ابن القاسم في الزكاة: الأمر كله لله في كل المعادن كانت بأرض رجل خاصة أو بأرض أهل ذمة من عنوة أو في أرض موات ليست لأحد إلا بقطيعة من

الإمام، وليست لمن أقطعها إلا بحال ما وصفت لك من الانتفاع بنيلها ما عمل، ثم إن ترك العمل أو مات عنها أقطعها الإمام من شاء. قال سَحنون: إنما ذلك في المعادن التي بالأرض التي لا تملك كالموات، وأما الرجل له الأرض يملكها يظهر فيها معدن فهو له يمنعه، ويعمل فيه، ولا يجوز له بيعه؛ لأنه غرر لا يدري ما فيه، ولا كم يدوم له. ابن القاسم: وأهل الصلح ما كانوا على دينهم فلهم صلحهم والوفاء بعهدهم، فإن أسلم من المعدن في أرضه رجع أمره للإمام. ابن رُشْد: مذهب ابن القاسم أن أمر المعادن للإمام كانت بأرض مملوكة أو غير مملوكة يقطعها من يعمل فيها لا على وجه التمليك إلا أن تكون بأرض صلح فأهل الصلح أملك بأرضهم، فإن أسلموا رجع أمرها للإمام هذا قول ابن القاسم في هذا السماع، ولا يلتئم على أصله أن يرجع إليه منها إلا ما ظهر في أرضهم بعد إسلامهم، وأما ما ظهر قبله فالواجب على أصله أنه لهم؛ لأنهم أسلموا عليه، ومثل ذلك روى محمد، وظن بعض أهل النظر أن قول مالك في الموازيَّة في أهل الصلح إن أسلموا على أرضهم، وفيها معادن أنها لهم. خلاف قول ابن القاسم مثل قول سَحنون، وليس بصحيح؛ بل قول مالك هو الصحيح على أصل ابن القاسم في أن مالك الأرض لا يملك بملكها ما كان فيها من مجهول لم يعلم به كالمعدن، وشبهه خلاف مذهب سَحنون أنه يملكه بملكها، وهو قول ابن حبيب، وفي السماع المذكور هل للإمام أن يزيل منها الذي يقطعه إياها إذا طال عمله فيها، ولم يتركها، ولا مات عنها، ولا يقطعها غيره فلم يجبه عن ذلك. وروى أشهب: أن ذلك له، وهو ظاهر في الوجهين معًا؛ لأنه إن طال عمله فيه فقد انتفع بما أقطع، ولم يستحق ملك المعدن بذلك الإقطاع، ولا العمل فيه حياته إلا أن يقطعه إياه حياته، وأما إن مات ففي كتاب الشركة منها للإمام أن يقطعه لمن يشاء، ولم يبين إن كان أدرك نيلًا أم لا. وقال سَحنون: إن كان أدرك نيلًا لم يكن للإمام أن يقطعه لمن يشاء، ولم يبين

إلا لورثته. وقال أشهب: وورثته أحق، وإن مات قبل أن يدرك النيل وهو القياس؛ لأنه إذا أقطعه غير ورثته، وقد عمل فيه ذهب عمله باطلًا إلا أن يكون قد أدرك النيل، ومضى له مدة أو شاء الإمام أن يقطعه غيره قبل أن يموت كان له ذلك؛ فيكون له أن يقطعه لغير ورثته. الباجي: ما كان منها بأرض جميع المسلمين كالبراري والموات، وأرض العنوة فالإمام يقطعه من شاء للانتفاع مدة محدودة، ولا يملكه رقبتها؛ لأنها كأرض المسلمين يحبسها الإمام لمنافعهم لا يبيعها عليهم، ولا يملكها بعضهم، وما كان منها بأرض الصلح، فقال ابن حبيب: يقطعها الإمام من شاء، وذكره عمن لقي من أصحاب مالك. وقال ابن القاسم: لا حق للإمام فيها، وهي لأهل الصلح. ابن زرقون: انظر ما حكاه عن ابن حبيب إنما ذكر ابن حبيب هذا في فيافي أرض الصلح لا في أرضهم المتملكة، ولا خلاف أعلمه في معادن فيافي أرض أهل الصلح أنها للإمام، ولا خلاف في معادن أرض الصلح المتملكة أنها لأهل الصلح. الباجي: قال ابن القاسم: ومن أسلم منهم وبيده معدن أخرج عنه، وأقطعه الإمام من شاء. ابن زرقون: وروى محمد: يبقى للصلحي الذي أسلم. الباجي: ما كان منها بأرض رجل من المسلمين، فقال ابن القاسم: لا يملكه، وقال مالك: هو له، وله منعه. ابن زرقون: هو قول سَحنون، وشُيُوخ ابن حبيب. الباجي: ومن أقطع منها شيئًا لم يكن له بيعه؛ لأنه لا يملكه. قال ابن القاسم: ولا يورث عنه. وقال أشهب: يورث عنه، ولعله يريد: أن يتركه الإمام بيد وارثه بمنزلة إقطاع لهم لا حقيقة الإرث؛ لأن مورثهم لم يملكه.

ابن زرقون: هذا هو ظاهر قول أشهب؛ لأنه قال: ورثته أحق به بعد موته، ولم يقل يورث عنه، ولعله يريد: هم أحق أن يقطعهم الإمام إياها، وإنما اختلفا في إرث النيل ولو مات، ولم يدرك نيلا فلا خلاف أنه لا شيء لوارثه، وللشيخ بعد ذكره مسائل من المجموعة وغيرها. قال ابن القاسم: في معادن الزرنيخ والكحل والنحاس والرصاص والجواهر أنها كمعادن الذهب والفضة السلطان يقطعها لمن يعمل فيها. قال سَحنون: إنما كان السلطان يلي معادن الذهب والفضة لينظر في زكاتها ويحوطها، وكذا قال ابن نافع: فأما هذه الأشياء فليس فيها زكاة، ولو كان يلي هذا كان له أن ينظر فيما يخرج من البحر من العنبر واللؤلؤ. قُلتُ: في عطفه اللؤلؤ على الرصاص نظر؛ لأن اللؤلؤ لا معدن له إلا أن يريد محله من البحر، ويبعد فيه الملك. ابن الحاجب: وأما المعادن؛ فثالثها: إن كان ذهبًا أو فضة فإلى الإمام، وإن كان غيره فلصاحب الأرض أو لأهل الصلح؛ فقبل ابن عبد السلام فقوله، وقال ابن هارون بعد ذكره قولي ابن القاسم وسَحنون مع ابن نافع في معادن غير الذهب والفضة: لا أعلم هذا الخلاف الذي ذكره على هذا التفصيل، وإنما صوابه ما قدمناه. قُلتُ: لا إشكال في وجود القولين في المعادن غير الذهب والفضة ولابن بشير: حكم المعدن بالأرض الغير مملوكة للإمام اتفاقًا، وإن كانت مملوكة لغير معين، فثالثها: إن كان معدن ذهب أو فضة كأرض العنوة، ففي كونه كالأول أو لمن فتح تلك الأرض قولان. وإن كان بمملوكة لمالك معين، فثالثها: إن كان معدن ذهب أو فضة فللإمام، وإلا لمالك تلك الأرض، فنقل ابن الحاجب الثلاثة مطلقًا لا يصح ابن الحاجب لا ينظر الإمام فيما يخرج من البحر من عنبر ولؤلؤ. قُلتُ: ما تقدم من احتجاج ابن نافع على عدم نظر الإمام في معادن غير الذهب والفضة بقوله: لو كان له ذلك لكان له النظر فيما يخرج من البحر من عنبر ولؤلؤ يقتضي

الاتفاق على عدم نظره فيهما. ابن هارون: وروى أشهب ما لفظه البحر من أموال أهل الكفر لواجده يخمس منه الذهب والفضة لا غيرهما إلا أن يكون بقرب قرية لهم إلا أن يكون يسيرًا. قُلتُ: عزاه الصقلي للموازية، واقتصار ابن هارون على نقله يوهم أنه المذهب أو مشهوره وليس كذلك؛ لأن في لقطتها ما نصه من أخذ متاعًا مما عطب بساحل البحر فهو لربه، وإن كان لأهل الشرك نظر فيه الإمام، ولم يكن لمن وجده والماء في آنية لربه يختص به، ويتعلق به حكم المواساة، وما بأرض مملوكة إن كان باستخراج منها كحفر أصله فالمعروف كما الآنية، ولم يحك الباجي، وغير واحد فيه خلافًا، وهو نصها في حريم البئر والتجارة بأرض الحرب. وفي المقدمات حمل جماعة من أهل العلم قوله ?: ((لا يمنع نقع بئر ولا رهو ماء)) على عمومه. فقالوا: لا يحل بيع الماء، ولا منعه بحال كان من بئر أو غدير أو عين كان في أرض متملكه أو غيرها إلا أنه في المتملكة أحق بقدر حاجته منه، وهو قول يحيى بن يحيى في العتبيَّة: أربع لا يمنعن الماء والنار والحطب والكلأ. قُلتُ: الأظهر أن لا خلاف في أن رب الماء المستخرج بحفر في أرضه أحق به كالماء في الآنية، وهو ظاهر قول عياض في الإكمال، ونقل الباجي واللخمي وإياهم. تبع ابن شاس وابن هارون: يرد باحتمال حمله على الماء في الأرض المملوكة بنزول مطر أو تفجر فيها دون تسبب فيه بحفر ونحوه، ولذا قرنه بالنار والحطب والكلأ، وهو معنى قول اللخمي، وأما الماء في الأرض المملوكة فهو عند أشهب

كالكلأ لا يمنع فضله، ونحوه قول الباجي. أشهب: لا يبيح بيع الكلأ بحال، وإن كان بأرضه وحماه كالماء الذي يخرجه الله على وجه الأرض وعلى المعروف. قال ابن رُشْد: يستحب له أن يمنع الشرب من العين والغدير تكون في أرضه لأحد من الناس، ولا يقضى عليه بذلك، وله في واجب الحكم منعه. قُلتُ: انظر قوله هذا، وله في واجب الحكم منعه مع ظاهر قولها في التجارة بأرض الحرب من في أرضه بركة أو غديرة لا يمنع من شرب منها ولا صيد ما فيها، فإن وجبت في فضله مواساة لزمت فيها من حفر بأرضه بئرًا فله منع المارة ماءها إلا بثمن، إلا قومًا لا ثمن معهم، وإن تركوا إلى أن يردوا ماء غيره يهلكوا فلا يمنعوا، ولهم جهاد من منعهم، فإن لم يقو المسافرون على دفعتهم حتى ماتوا عطاشًا فدياتهم على عواقل المانعين، والكفارة عن كل نفس منهم على كل واحد منهم من أهل الماء مع وجيه الأدب. الصقلي: واجب على من خاف على مسلم موته إحياؤه بما قدر عليه، فإن كان الماء يجوز بيعه وجب عليهم بيعه للمسافرين بما يسوى، ولا يشتطوا في ثمنه، وأوجب عليهم الثمن إن كان معهم. وقال فيمن انهارت بئره، وخاف على زرعه أن له السقي بماء جاره الجائز بيعه دون ثمن، وإحياء النفس آكد، والأولي فيهما الثمن كموت جمله بالصحراء واجب على أهل الرفقة أن يكروا منه، وإن لم يكن مع المسافرين ثمن لم يتبعوا بثمنه، ولو كان لهم أموال ببلدهم؛ لأنهم اليوم أبناء سبيل يجوز أخذ الزكاة. وقال بعض الفقهاء القرويين: إنما لزمت الديات عواقل المانعين؛ لأنهم لم يقصدوا قتل المسافرين بل تأولوا أن لهم منعهم؛ لأنه أمر يخفى على الناس، ولو علموا أنه لا يحل لهم منعهم وموتهم عطشًا إن منعوا أمكن أن يقتلوا بهم، وإن لم يلوا القتل بأيديهم. واختلف فيمن تعمد الزور بشهادة حتى قتل المشهود عليه بها قيل يقتل، وفي المدَوَّنة لا يقتل.

وقال اللخمي: في فضل ماء بئر الماشية والزرع إن خيف على المسافرين إن صرفوا لغيره فلهم أخذه بثمن إن كان شأنهم البيع، ومع المسافرين الثمن، وإلا أتبعوا به إن كانوا أملياء ببلدهم، وإن كانوا فقراء، ففي اتباعهم به قولان قياسًا على من وجبت مواساته لفقره، وإن لم يقدروا على أخذ الماء إلا بقتال أربابه، ففي إجازته وكراهته قولا ابن القاسم وأشهب فيمن قتل من المسافرين القصاص إلا أن يظن قاتله أنه له منعه، وإن ماتوا عطسًا، وعلم المانعون مبلغه منهم، وأنهم لا يجوز منعهم، ففي لزوم القصاص والداية في أموالهم قولان من شاهدي الزور بزنا محصن. وفيها: إن حرث جارك على غير أصل ماء فلك منه سقيه بفضل مائك إلا بثمن إن شئت، ولو حرث ولأرضه بئر فانهارت فخاف على زرعه قضي له عليك بفضل ماء بئرك بغير ثمن، وإن لم يكن في مائك فضل فلا شيء عليك. في المقدمات في كون القضاء بثمن روايتان، وفي البيان في سماع عيسى لابن رُشْد: يقضى له به إلى أن يصلح بئره، وفي كونه بثمن قولان في المدَوَّنة، ومعنى ذلك عندي إن كان يجد له ثمنًا عند سواه، وإلا فلا ثمن له قولًا واحدًا، وقيل: أن ذلك ليس باختلاف، ومعنى القول بالقضاء إن وجد له ثمن عند سواه، والقول بسقوطه إن لم يوجد. والأظهر: أنه اختلاف قول كما ذكرناه، وهو بناء على اختلافهم في قوله ?: ((لا يمنع نقع بئر، ولا رهو ماء)) فمن حمله على هذا الموضوع أسقط الثمن، ومن حمله على البئر بين الشريكين يسقي أحدهما بمائه يومه، فيروي أحدهما حائطه ف بعض يومه ويستغني عن الماء بقية يومه أن ليس له منع شريكه بقية يومه. قال: يقضى له بالثمن. قُلتُ: عزا هذا القول الباجي لابن حبيب عن رواية مُطَرِّف الباجي: والسقي لغير الشريك بشروط أربعة الأول أن يكون زرع أو غرس على أصل ماء فتعذر، ولو أو زرع أو غرس على غير أصل ماء لم يكن له ذلك، قاله ابن الماجِشُون، وابن عبد الحَكم، وأَصْبَغ، وابن القاسم، وأشهب ورووه.

الثاني: خوفه على زرعه أو نخله من عدم الماء، فإن لم يكن يخف لم يكن له شيء في فضل ماء جاره رواه أشهب. الثالث: كون ماء جاره فاضلًا عن حاجته مستغنى عنه، فإن لم يفضل عنه فلا شيء لجاره رواه ابن القاسم وابن وَهْب وابن نافع وأشهب. الرابع: أن يشرع من انهارت بئره أو غارت عينه في إصلاحها على المعروف والإمكان، فإن لم يفعل واعتمد على السقي بفضل ماء جاره، فروى أشهب ليس له أن يسقيها إن كانت وديا حتى تبلغ، وإنما ينظر في هذا إلى قدر ما ينزل. وقال مُطَرِّف: يسقى بذلك إلى أن يبني بئره، وقاله مالك. قُلتُ: وعلى الأول في القصالة بقدر مدة مؤنة الإخراج إن كانت فيه فائدة نظر وبحث. قال: وفي القضاء به على جاره بذلك، وأمره به دون قضاء رواية أَصْبَغ عن ابن القاسم عن مالك، وقول عيسى في المدنيه مع روايته عن ابن نافع، وعليه قال عيسى في المدنيَّة: إن باعه كان جاره الذي انقطع ماؤه أولى به بالثمن. قُلتُ: وسمع عيسى ابن القاسم من كتاب السداد من غرس بماء قوم قريب من أرضه فنبت به شرجه، وهم لا يعلمون فأرادوا حبس مائهم؛ فقال: لهم تركتموني حتى غرست ليس لهم حبس ماء فضل عنهم إلى أجل يحتفر فيه بئرًا أو عينًا، وما لا فضل فيه عنهم هو أولى به، ولو لم يعلموا بذلك، فإن لم يكن لهم في فضل مائهم منفعة فهو أولى به، وإن كان لهم فيه منفعة فهم أحق به، ولا قول لهم فيه، وإن باعوه إلا أن يبيعوه منه. قال عيسى: أرى أهل الغرس أولى بالماء، بالثمن الذي بيبعه به أهله. ابن رُشْد: قوله غرس بمائهم؛ يريد: بفضل مائهم، وقوله أرادوا حبس مائهم معناه: حبس فضل مائهم إذ لا خلاف في أن الرجل أحق بجميع مائه إن لم يكن فيه فضل عن حاجته، وما فضل عنه إن لم لكن لغيره إليه حاجة إلا ما يريده من ابتداء الانتفاع به منزرع يزرعه أو نخل يغرسها عليه فلربه منعه إلا بثمن بواجبه عليه وجد فيه ثمنًا عند غيره أو لم يجد، وإن كان لغير حاجة إليه لسقي نخل كان غرسها عليه

فنبتت به، فإن كان يعلم صاحب الماء فهو أحق به دون ثمن إلا أن يستخرج ماء وجد ربه به ثمنًا عند سواه أو لم يجد، وإن لم يكن يعلمه كان أحق به دون ثمن إلى أن يستخرج ماء إن لم يجد ربه فيه ثمنًا عند سواه، وإن وجده عند سواه كان أحق بفضل مائه ببيعه ممن شاء، وما لم ينفذ فيه البيع فهو أحق به بالثمن الذي يعطي فيه غيره على ما قاله عيسى هذا معنى قوله عندي لا أنه يكون له أخذه بعد نفوذ بيعه كالشفعة. قُلتُ: ما حمل عليه قول عيسى خلاف ما تقدم للباجي عن عيسى باعتبار متعلقه وحقيقته متعلقه عند الباجي من انهارت بئره، ومتعلقه عند ابن رُشْد من غرس على ماء غيره، وحقيقته عن الباجي: أنه أحق كالشفيع، وعند ابن رُشْد: أنه أحق قبل نفوذ البيع لا بعده، وليس كالشفيع. المتيطي: قال ابن حبيب: سألت أَصْبَغ عن عين بجنان رجل، وهي في سفح جبل ولرجل تحته دار أو جنان؛ فأسال ساقية العين إلى داره أو جنانه يسقى بها زمانًا هل لرب العين قطعها عنه بلا حاجة إليها؟ قال: ذلك له، ولو غرس الثاني عليها غرسًا ما لم يأذن له في ذلك، وليس علمه بذلك إذنًا له بعد حلفه ما سكت إذنًا له في ذلك، وقاله ابن القاسم وابن نافع: وله قطع مائه عنه ما لم يكن في الشجر ثمر يخاف هلاكه، فيترك له الماء إلى جداده، وفي الزرع إلى حصاده. قال فضل: ورواه أَصْبَغ عن ابن القاسم، وروي عنه في سماعه ليس له قطعه إن رآه يغرس عليه، وقاله ابن كنانة وسمع محمد بن خالد: من غرس على فضل ماء رجل بعطية منه فيطعم الغرس، فيريد رب الماء قطعه عنه ليس له ذلك إلا أن يحتاج إليه. ابن رُشْد: القياس أن لا يكون له قطع فضلته عنه، وإن احتاج إليها؛ لأنه أعطاه إياها، ومعنى ذلك عندي إن لم يصرح له بعطية الفضلة إنما قال له اغرس على فضل مائي أو خذ فضل مائي أو اغرس عليه فمن حقه أن يقول إنما أردت أخذه على وجه العارية إلى أن أحتاج إليها أو طول ما استغنى عنه؛ فيحلف على ذلك، ويأخذه إن

احتاج إليه، ولو صرح بالعطية أو الهبة، فقال وهبتك فضل مائي أو أعطيتك إياه لم يكن له أخذه منه، ولو احتاج إليه، ولو صرح بالعارية كان له أخذه إن انقضت مدة عاريته أو ما يعار إليه إن لم يضرب لها أجلًا. وقد قال ابن أبي زيد قوله: يعطيته؛ يريد: العارية لا التمليك والعارية في هذا على التأبيد إلا أن يحتاج إليه إلا أن هؤلاء اتفقوا وغرسوا، وهو يعلم، ولا ماء لهم غيرهم فهذا كأنه تسليم، والله أعلم. قاله ابن أبي زيد، وقال: أعرف نحوه لسَحنون، والماء غير مستخرج، ولا مستنبت في جريه. روى مالك فيه عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم أنه بلغه أن رسول الله ? قال: ((في سيل مهزوز ومزيليب يمسك حتى الكعبين ثم يرسل الأعلى على الأسفل)). أبو عمر: هما واديان بالمدينة مستويان يسيلان بالمطر يتنافس أهل المدينة في سيلهما، وروى عبد الرازق عن أبي حازم القرطبي عن أبيه عن جده أن رسول الله ?: قضى في سيل مهزوز أن يحبس في كل حائط حتى يبلغ الكعبين، ثم يرسل وغيره من السيول كذبك، وصححه عبد الحق بسكوته عنه. وقال ابن القطان: ما من رواته الذين أبرز من يعرف له، وله طريق أحسن من ذلك، وروى مسلم عن عبد الله بن الزبير أن رجلًا خاصم الزبير في شراج الجره التي يسقون بها النخل، فقال الأنصاري: سرح الماء يمر فأبى عليه فاختصموا عند رسول الله ?، فقال رسول الله ? للزبير: اسق يازبير، ثم أرسل الماء إلى جارك، فغضب الأنصاري، فقال يا رسول الله: أن كان ابن عمتك؟ فتلوَّن وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم

قال: يازبير اسق، ثم احبس الماء حتى يرجع إلى الجدر، فقال الزبير: والله إني لأحسب. هذه الآية نزلت في ذلك {فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ}] النساء: 65 [. فقال غير واحد: واللفظ للمقدمات: حكم كل ماء غير متملك يجري على قوم إلى قوم أن من دخل أرضه أولًا أحق به حتى يبلغ في أرضه الكعبين، ثم في وجوب إرساله جميعه إلى الأسفل منه وقصر وجوب إرساله على ما زاد على الكعبين قولا ابن القاسم والأخوين مع ابن وَهْب. ابن رُشْد: وهو اظهر، وروي زياد أن معنى الحديث أن يجري الأقرب إلى الماء منه في ساقيته إلى حائطه بقدر ما يكون الماء في الساقية إلى حد كعبيه حتى يروي حائطه، ثم يفعل الذي يليه كذلك ما بقي من الماء شيء، ويحتمل أن يكون معنى هذه الرواية إن كان ماء الوادي كثيرًا فوق ما يتأتى به السقي لواحد فلا تكون مخالفة لما تقدم. والأظهر: أنه اختلاف قول، وزدنا هذا بينًا في سماع عيسى من كتاب السداد. قُلتُ: لم يذكر فيه زيادة على هذا بوجه بل نقض منه قوله. والأظهر: أنه اختلاف قول الباجي اختلف أصحابنا في قوله ?: "حتى الكعبين"، فلابن حبيب عن ابن وَهْب والأخوين: أنه إذا بلغ الماء في الحائط الأعلى إلى الكعبين أغلق مدخل الماء، ولعيسى في المدنيَّة عن ابن وَهْب: يسقي الأول حتى يروي حائطه، ويمسك بعد ريه ما كان من الكعبين إلى أسفل، ثم يرسل. وروى زياد: يجرى الأول من الماء في ساقيته إلى حائطه قدر ما يكون الماء في الساقية إلى الكعبين حتى يروي حائطه، أو يفنى الماء، فإذا روى أرسله كله. قال ابن مزين: هذا أحسن.

وقال ابن كنانة: بلغنا أنه إذا سقى بالسيل الزرع أمسك حتى يبلغ الماء شراك النعل، وإن سقى المخل والشجر، وما له أصل فحتى يبلغ الكعبين، وأحب إلينا أنه في الزرع كذلك. وللباجي واللخمي واللفظ للخمي: قال ابن سَحنون: إن كانت السيول من ماء المطر تأتي من الأرض المملوكة فلكل واحد أن يمسك ماءه في أرضه وإن كثر، ولا يرسله إلى من تحته إلا أن يتطوع، فإن أرسله كان للمرسل إليه حبسه كالأول، وجعل المعنى في مهزور ومزينبب أن يكون يجري بين البساتين فيردوا إلى حوائطهم بخلاف أن يدخل إليهم من غير رد. قُلتُ: وعزاه الباجي لسَحنون لا لابنه. اللخمي: وفي المجموعة في قوم لهم سرج له واد إن أتت السيول يسقى مرجهم، وانصرف عنه ليس سد مصرفه عن مرج الآخرين إن انصرف عنهم قبل أن يدخل إلى أرضهم، وإن دخل إليهم كانوا أحق به، ولا يصرف عن قوم ما صرفه الله إليهم، ولا ينقلوه من مكان بعيد فيصرفوه إليهم دون من هو أقرب إليه منهم. قُلتُ: ففي كون الماء الداخل بنفسه من أرض لأرض رجل أحق به، ولو كثر لا يجب عليه إرسال شيء منه، ووجوب إرسال جميعه بعد بلوغه الكعبين أو ما زاد عليهما، رابعها: هذا في الشجر وفي الزرع حتى يبلغ شراك النعل، وخامسها: ما زاد على الكعبين بعد الري لا قبله، وسادسها: يرسل ما زاد على الري مطلقًا اللخمي: عن ابن سَحنون، وابن رُشْد عن ابن القاسم وعن الأخوين مع ابن وَهْب والباجي مع اللخمي عن ابن كنانة عن عيسى في المدنيَّة، وله عن رواية زياد قال سَحنون: فإن كان بعض الحائط أعلى من بعض أمر ربه أن يعدل أرضه، ولا يحبس على كل أرضه إلى الكعبين. الباجي: إن تعذرت عليه التسوية سقى كل مكان مستو على حدة. قال: وتقديم الأعلى فالأعلى إنما هو إن كان إحياؤهم معًا أو إحياء الأعلى قبل، قاله مالك وأصحابه.

قال ابن نافع: وهذا حكم النيل، فإن أحيا رجل بماء سيل، ثم أحيا فوقه غيره، وإن أراد أن ينفرد بالماء، ويسقي قبل الأسفل الذي أحيا قبله، وذلك يبطل عمل الثاني، ويتلف زرعه، فقال سَحنون: القديم أولى بالماء، ولابن سَحنون عنه أن الجنان متقابلين في ماء حكمه أن يكون للأعلى فالأعلى قسم الماء بينهما، وإن كان الأسفل مقابلًا لبعض الأعلى حكم لما كان أعلى بحكم الأعلى، ولما كان متقابلًا بحكم المتقابلين. وسمع يحيى ابن القاسم: من لع رحى قديمة ليس لغيره أن يحدث فوقها أو تحتها رحى إن غير القديمة عن حالها في بعض طحن أو يكثر بذلك مؤنة عملها أو يضر بصاحبها ضررًا يتبين عند أهل المعرفة بالأرحى. ابن رُشْد: هذا مشهور المذهب، ومثله لابن حبيب عن ابن الماجِشُون، وحكي عن أَصْبَغ أنه لا يمنع إلا أن يبطل عليه بذلك عليه رحاه أو يمنعه جل منفعته. قال: لأن حوزها مع الأنهار، وليس بحث ثابت كحق ذي الخطة إذا بني عليه في قناة ما يضر به إنما هو كالموات واحتج بقوله ?: ((يمسك الأعلى حتى يبلغ الكعبين ثم يرسل على الأسفل)) ألا ترى لو أراد رجل أن ينشء في حقه حائطًا فوق حائط صاحبه لم يكن لصاحب الأسفل حجة بقوله: لا تنشئ في حقك حائطًا فوق حائطي؛ لأنك تستأثر بالماء علي حتى تسقي به حائطك، ولا يلزم ابن القاسم ما احتج به أَصْبَغ من الحديث؛ لأنه يخالفه في تأويله، ومعناه عنده إذا أنشأ الأعلى حائطه قبل الأسفل إن أنشآ معًا، وإن أنشأ الأسفل قبل الأعلى لم يمد عنده الأعلى بالسقي عليه إلا أن يكون فيما يفضل عنه ما يكفي الأسفل، وذلك ظاهر قوله في أول سماع أَصْبَغ بعد هذا. قُلتُ: بل هو نص فيه. قال ابن رُشْد: فيه وهو أظهر من قول أَصْبَغ ماء ذلك الوادي سيقي به غرسه فجاء رجل يغرس في ذلك الوادي قال: ليس له أن يحدث على الأول ما يقطع ماءه إلا أن يكون فيه ما يكفيهما معًا. قال أَصْبَغ: وذلك إذا انفرد الأول بالإحياء والغرس والانتفاع بالماء. ابن رُشْد: قول أَصْبَغ مبين لقول ابن القاسم أن الثاني إنما يمنع إذا كان غرس

الأول قد انتفع بالماء ونبت به وحى من أجله، ول أَصْبَغ في الواضحة خلاف قول ابن القاسم، هذا وقول ابن القاسم اظهر؛ لأن في إحداث الثاني فوق الأول ما يقطع عنه الماء ضررًا به، وقد نهى (ص)) عن الضرر والضرار فوجب أن يخص بنهيه ههذا عموم قوله (ص) يمسك الأعلى حتى يبلغ الكعبين. قُلتُ: في جعل ابن رُشْد قول أََصْبَغ، وذلك إذا انفرد الأول إلى آخره تفسيراً لقول ابن القاسم نظر، بل ظاهر قول ابن القاسم الإطلاق، وهو مقتضى ما تقدم من نقل الباجي فتأمله. وفي أجوبة ابن رُشْد: إن أنشاء قوم جنان على ما سبقهم إليه ذو رحى بإنشائها قبل إنشائهم قدموا في السقي على أصحاب الرحى، فإذا استغنوا عن السقى ضربو الماء لأرباب الأرحى لقضائه (ص) أن يمسك الماء الأعلى للكعبين، ثم يرسله للأسفل فلم يخص الأعلى بقوله بكل الماء دون الأسفل فكذا أصحاب الأرحى لا يختصوا بجميع الماء لأرحائهم: قال ابن الحاجب: فإذا حدث إحياء الأعلى فالأقدم أحق؛ فتعقبه ابن عبد السلام بتركه ما قيده به سَحنون من خوف هلاك زرع الأول حسبما تقدم لسَحنون. قُلتُ: يرد التعقيب باحتمال كون ابن الحاجب اتبع ظاهر قول ابن القاسم في سماع أَصْبَغ المتقدم، ففي شرط تقدم الأسفل على الأعلى بمجرد تقدم إحيائه على الأعلى أو مع خوف هلاك زرعه، ثالثها: مع انفراده بالانتفاع بالماء لنقل ابن الحاجب مع ظاهر سماع أَصْبَغ ابن القاسم، وقول سَحنون وتفسير أَصْبَغ قول ابن القاسم. وسئل ابن رُشْد عن قوم ابتاعو ملكًا من بائع واحد صفقة واحدة، وهو على نهر فاقتسموا الملك فصار بعضهم فوق بعض، وفي حظ كل منهم ثمر وأرحى ونضب بعض ماء النهر، وليس يفوت الكل أيقسمون الماء على حصصهم إذ رب الملك واحد أم لا يبدأ الأعلى فالأعلى فأجاب يبدأ الأعلى إن لم يقسموا على أن السقي على الحصص. قال ابن الحاجب. فإن كان مسيله من مملوكه فلله حبسه متى شاء، وإرساله، ومثله لابن شاس، وتقدم عزوه الباجي لسَحنون، وفيه؛ لأنه صار احق بدخوله في أرضه.

قُلتُ: وهذه العلة موجودة فيما كان مسيلة من غير مملوكة. والأظهر: أنه خلاف المشهور حسبما تقدم في تحصيل الخلاف، وهو ظاهر قول اللخمي، وجعل ابن سَحنون الجواب في السيل يدخل ارض رجل مثل ذلك إذا كان يصل من أرض قوم آخرين. الباجي: ما مسيله بأرض قوم معينين كقوم أخرجوا ماء من بثر حملوه في أرضهم أو أرض مبورة ملكوها بسبق ساقية فيها هم أحق بمائهم لا يقدم الاعلى على الأسفل يقسمونه كما يقسم ما يملك أصله من العيون والآبار. قال سَحنون: يقتسمونه على قدر ملكهم بالقلد لايقدم أحد على أحد يصنع كل منهم بمائه ماشاء. قالل ابن القاسم وأشه ب: في أرض مقسومه بين قوم، ولهم شرب أراد أحدهم صرف مائه لأرض له أخرى، فذلك له، وإن عطل حصته من هذه. الشيخ: لأن له بيعه فكذا يصرفه حيث شاء ما لم يمر به حصة غيره، وإن كانت الأرض مشاعة بينهم لم يكن لأحدهم صرف حصته من ذلك الماء؛ لأنه يضر بحضتهم منها، والقلد ضبطه عياض في كتاب الشفعة بكسر القاف وسكون اللام قال غير واحد: هي القدر التي يقسم بها الماء، وهو أكثر المراد هنا، وكذا جاء مفسراً في بعض نسخ الكتاب. وقال ابن دريد: هو الحظ من الماء، وقال ابن قتيبة: هو سقي الزرع وقت حاجته. قُلتُ: هو في استعمال الفقهاء عبارة عن الآلة التي يتوصل بها للإعطاء لكل ذي حظ ن الماء قدر حظه من غير نقص ولا زيادة وللمتقدمين، والمتأخرين في حقيقته أقوال، وتعقبات باختلاف جري الماء الذي القسم بمدته لقلته وكثرته وسرعة حركته بالليل وبطئها بالنهار حسبما ذكره عياض وغيره. والتحقيق عندي أن فيه إن كان الماء غير متنافس فيه جيدا فالتقارب فيه كاف بأحد الوجوه المذكورة فيه، وإن عو ثمنه ابتغى تحقيقه، واقرب ما يحقق به إن يقسم ماء الليل وحده وماء النهار وحده بالساعات الرملية المحققة، ولما نقل ابن عبد السلام قولهم أن

من وقع منهم نصيبه في الليل حصل له أكثر ممن وقع نصيبه في النهار ولا بد من ذلك. قال بعضهم: ولا يمنع ذلك من القسمة كما لابمنع من قسمة الدار الواحدة مع أنه يعلم أن لبعضهم أفضل مما لبعض إذ قد يكون بعض بيوت الدار احسن من بقيتها، وقال: وهذا لا يلزم؛ لأن من يأخذ أحسن البيوت إنما يأخذه بقيمته فهو بالضرورة يأخذ أقل في القدر من غيره، ولاكذلك من يأخذ نصيبه من الماء في الليل مع من يأخذ نصيبه في النهار. قُلتُ: إنما عرف هذا الكلام الذي أشار إلى تعقبه لعياض؛ ولفظه إذا جعل قسم الليل على حدة، وقسم النهار على حدة سلم من الاعتراض؛ إلا أن يقول الضرورة دعت إلى هذا، وهو غاية المقدور كقسم الدار الواحدة، وبعضها جيد البناء، وبعضها واهٍ، والأرض الواحدة بعضها كريم، وبعضها دنيء مع اختلاف الاغراض في ذلك. قُثلتُ: تشبيه اغتفار اختلاف معنى الليل والنهار باعتبار اختلاف الأغراض في قسم الدار المذكورة لا يكون من بعض بيوت الدار أحسن ليتجه رده بأن القيمة اعتبر فيها الحسن فلا اغتفار فيه؛ بل شهه باختلاف الأغراض، واختلاف الأغراض لا يرتفع بالقيمة بحال فتأمله. عياض: وابتداء زمن الحظ من الماء من حين ابتداء جرية لأرض ذي الحظ، ولو بعدت إن كان أصل أراضيهم شركة، ثم قسمت بعد شركتهم في الماء؛ لأن على ذلك قومت الأرض حين قسمها، وإلا فمن حين وصوله لأرضه. ابن الماجِشُون: لو قسموا الأرض وماؤها يكفي بعيدها فصار لا يكفيه لم ينقص قسمهم الأرض بل قسم الماء فيقسم بحيث يستوي فيه القريب والبعيد فيكون حظ البعيد أكثر. عياض: وعليه لا يقسم الماء، ولا جميع ما يخرج من القلد، حتى يصل الماء للبعيد بإعلام أمينة ذلك بصوت، وفي التجارة بأرض الحرب ما حفر في الفيافي والطرق من المواجل، كمواجل طريق المغرب، كره مالك بيع مائها، ولم يره حرامًا بيناً، وهي مثل آبار الماشية في المهامة، وكره بيع أصل بئر الماشية اومائها او فضلها، حفرت في

جاهلية أو إسلام قربت من العمران أو بعدت وأهلها أحق بمائها حتى يرووا، وما فضل بين الناس بالسواء إلا من شربهم لسقيهم ودوابهم فلا يمنعون؛ ولما ذكر الباجي قولها في المواجل قال: وروى ابن نافع في حباب البادية االتي للماشية نحوه قيل له: فالجباب التي تجعل لماء السماء؛ قال: بعد ذلك أبعد. وقال المغيرة: له منع ذلك، وليس كالبئر، وروى ابن القاسم في المجموعة: لا تورث بئر الماشية ولا توهب، ولا تباع، وإن احتاج؛ يريد: لا تورث على معنى الملك ولا حظ فيها لزوجه، ولا زوج إن لم يكن من ذلك البطن. قاله ابن الماجِشُون. ابن حبيب: قال جميع أصحابنا ورووا: حافرها او ورثته أحق بحاجتهم من مائها. وقال ابن الماجِشُون: لا إرث في بثر الماشية بمعنى الملك، ومن استغنى منهم عن حظه فليس له أن يعطيه أحداً، وساثر أهل البثر أولى منه، وممن غاب. وسئل أشهب عن الوصية، فقال: قال مالك: لا تباع، ولا تورث بمعنى لا تنفد فيها الوصية، وظاهر المدَونة: أن المنع من بيعها على الكراهة، وقال في الجعل والإجارة: لا أرى بيعها حراماً، وظاهر المجموعة خلاف ذلك لقول مالك فيها: لايجوز بيع بئر الماشية، وهو قول القاضي، وعلله اشهب بأن ما يشتريه مجهول؛ لانه إنما اشترى من مائها ما يرويه، وهومجهول، ولو كان كذلك لجاز أن تورث وتوهب؛ لأن الجهالة لا تمنع ذلك، وقاله ابن القاسم: لا تباع لأن للناس فيها منافع. الباجي: وعندي أن الكراهة إذا حفر على معنى الانفراد به، إن حكم بحكم الإباحة لفضله وجب حملة على التحريم وحكم لتبدية فيه. قال ابن الماجِشون: إن كانت لهم سنة من تقديم ذي المال الكثير أو قوم على قوم اوكبير على صغير حملوا عليها وإلا استهموا. وروى ابن وَهْب: لا يمنع ابن السبيل من ماء بثر الماشية، وكان يكتب على من احتفر أن أول من يشرب منها أبناء السبيل. ققال ابن القاسم: لايمنع من مائها ابن السبيل بعد ري أهلها، فإن منعوه بعده لم

يكن عليهم دية جراحهم؛ لحديث: " لا يمنع نقع بئر"، ولو منعوا المسافرين حتى ماتوا عطشاً فدياتهم على عواقل المانعين، وعلى كل رجل كفارة عن كل نفس مع وجيع الأدب. ولأشهب في المجموعة: لابن السبيل أن يشرب ويسقي دوابه من فضل الآبار والمواجل إلا أن يكون فضل، واضطرب دوابهم إليه، ومسافة ماء آخر بعيدة؛ فيكون ذلك أسوة بينهم إلا ان لايكون لأهل تلك المياه غوث أقرب من غوث السفر، فيكون السفر أولى به في أنفسهم ودوابهم. وكتب عمر بن عبد العزيز في الآبار بين مكة والمدينة ابن السبيل أولى من شرب بها، وهو حسن لاضطراره إليه، ويتزود منه، وليس لأهل القرية مثل تلك الضرورة لقرب غوثهم وحمام بثرهم. وسمع القرينان: لا تباع مياه المواشي إنما يشرب بها، ويشرب بها ابناء السبيل، ولاتمنع من أحد، ولا يصلح فيها عطاء. ابن رُشْد: مياه المواشي: هي الآبار والمواجر والجياب يضعها الرجل في البوادي للماشية هو احق بما يحتاج للماشية، ويدع الفضل للناس، وليس مراده في السماع تساوي أهل الماء وغيرهم فيه إنما يريد أنه يشرب أهلها، ثم يشرب ابن السبيل. قالوا: وفي لفظه للترتيب لا للتشريك، فإن تشاح أهل البثر في التبدية بذي الأقرب فالأقرب إلى حافرها. قلت: ماشيتُه أو كثرت، فإن استووا في القرب استهموا. وفي المقدمات: إثر قول ابن الماجِشُون استهموا قال: هذا عندي إن استوى فعددهم من حافرها، وإلا قدم الأقرب فالأقرب. وقال اللخمي: إثر قول ابن الماجِشُون استهموا أرى أن يقسم بينهم، فإن كانت غنم أحدهما مائة وغنم الآخر مائتان والماء إنما يكفي مائة قسم بينهما أنصافاً،

وكذا في الزرع. قال: وإن كان كفاية لمائتى شاة، أولجميع زرع أحدهما، ونصف الآخر اقتسماه أثلاثاً. قُلتُ: يريد: أن غنم أحدهما ضعف غنم الآخر، والماء يكفي غنم أكثرهما فقط كذي مائتين مع ذي مائة، والماء يكفي مائتين فقط، ولا يتوهم قسمه بينهما أرباعاً على قاعدة اعتبار التسليم في التداعي بتسليم ذي المائة نصف الماء؛ لأن ذلك إنما كان في التداعي لدعوى أحدهما تحقيق ملكه كل المدعى فيه، واستحالته هنا بل هذه كمن أوصى لولد أخيه بعشرة، ولكل من ولدي أخيه الآخر بعشرة عشرة، ولم يترك إلا ما ثلثه عشرون، فهي بينهم أثلاثاً اتفاقاً لا أرباعاً. قال ابن رُشْد في البيان: إن اجتمع أهل الماء والمارة والماء يكفيهم بدئ أنفس أهل الماء، ثم أنفس المارة، ثم دوابهما، كذلك، ثم مواشي الناس، وبدأ أشهب دواب المسافرين قبل دواب أهل الماء، وإن لم يكف جميعهم وتبدئة أحدهم بجهد الآخرين بدئ من الجهد عليه أكثر بتبدئة صاحبه، فإن استووا في الجهد، فقيل: يتواسون في ذلك، وقيل: يبدأ أهل الماء لأنفسهم، ودوابهم، وعزا في المقدمات الأول لأشهب، والثاني لابن لبابة قال: ولو خيف على البعض بتبدئة البعض أخذ أهل الماء؛ لأنفسهم قدر ما يذهب الخوف عنهم، فإن فضل فضل أخذ أهل الماء لدوابهم بقدر ما يذهب الخوف عنهم، فإن فضل فضل أخذ المسافرون لدوابهم بقدر ما يذهب الخوف عنهم، ولا خلاف في هذا الوجه والبئر والماجل والجب عند مالك سواء. وقال المغيرة: لرب الماشية منع فضل صاحب الماشية. قال في المقدمات: لأن نفقة الجب كثيرة، وليس بمعنى كالبثر إذا ترف منه شيء عاد مثله فلا يحمل على أنه أراد الصدقة إلا ببيان، بخلاف البئر، ولو أشهد عند حفرها أنه يحفرها لنفسه لم يمنع من بيع مائها، واستحقها ملك بالإحياء، وقولها: أكره بيع ماء بئر الماشية، وقوله في المجموعة: لا يجوز ذلك قبل اختلاف قول والصحيح عوده لنهيه حفره للصدقة أو غيرها.

قُلتُ: وللخمي: إن لم يجعل فضل ماء بئر الماشية صدقة فاختلف فيه. ققال مالك مرة: له حبسه، وروى ابن حبيب: ليس له حبسه. قُلتُ: فقولها يكره ثالث: وفي ردها للوفاق بعد، وقال ابن الحاجب: مال لبئر التى حفرت في الفيافي لا تباع وصاحبها أو ورثته أحق بكفايتهم. قال ابن عبد السلام: قيل: إن ورثة حافرها لا يختصون بما كان لحافرها. قُلتُ: لا أعرف هذا القول إلا ما تقدم لابن القاسم في المجموعة من قوله: لا تورث، وقيده الباجي بقوله: يريد على وجه الملك، وكذا نقله الصقلي، وغيره عن ابن الماجِشُون. وفي النوادر: روى ابن وَهْب: أن النبي (ص) قال: " لاتقطع طريق، ولا يمنع فضل ماء"، ولابن السبيل عارية الدلو والرشاء والحوض إن لم يكن له أداة تعينة، وتخلي بينه وبين الركية فيسقي (1). قال ابن عبد السلام: ظاهر إطلاقات أهل المذهب وجوب عارية هذ الآلة للملى والفقير، ولعل هذا لأن مالكها لم يتخذها للكراء بل لتحصيل منفعتها فقط، وإلا فالاصل عدم خروج منفعة ملك الإنسان إلا بعوض. قُلتُ: مقتضاه لو أتخدها مالكها للكراء لم تجب عليه عاريتها للمسافر، ومقتضي الرواية خلافه؛ لأن ظاهرها تعليل وجوب عاريتها باضطرار المسافر لها بمحل هو مظنة لعدم اتخاذ الآلة للكراء فلا ينتقض ذلك بنذور اتخاذه الآلة للكراء في ذلك المحل حسبما تقررفي التعليل بالمظنة. س الباجي: ما حفره الرجل في أرضه فهو على ملكه له بيعه حتى يتبين انه للصدقة، وما حفره بغير أرضه لماشيته او للشرب فقط لالإحياء زرع أو غرس، فالظاهر أنه حفرها ليكون فضلها عن حاجته للناس فلا تصرف عن معتادها هذا إلا بشرط، ولو أشهد أنه يريد بها التمليك فلم أر فيه نصاً، وعندي أنه على شرطه كمن أحيا أرضاً، فإن

كان بالبعد لم يعترض، وإن كان بالقرب نظر فيه الإمام. قُلتُ: ما اختاره هو ما تقدم من نقل ابن رُشْد عن المذهب، وقواعد المذهب واضحة به. فإن قلت: ظاهر لفظ التهذيب في التجارة بأرض الحرب خلاف هذا؛ لان فيه ما نصه، وأما من حفرها في ارضه، فإن أراد بها الصدقة فهي كذا، وإن أراد أن ينتفع هو بها فله منعها وبيع مائها بخلاف ما حفر في الفيافي فلو كان ما قصد به الملك مما حفر في الفيافي ملكاً له لم يكن بخلافها. قُلتُ: لفظ أبي سعيد هذا يجب تعقبه لإيهامه بما ذكر، ولفظ المدونة بخلافه، ونصه سمعت مالكاً يقول: لا تباع بئر الماشية، وإن حفرت من قرب؛ يريد بقوله: من قرب قرب المنازل، ولا تباع إن كان إنما حفرها للصدقة، فأما من احتفر لغير الصدقة إنما احتفرها لمنفعة في أرضه يبيع ماءها، ويسقي بها ماشيته فلا أرى ببيعها بأسًا، ولو منعته بيع هذه لمنعته أن يبيع بئره التي احتفرها في داره لنفسه. قُلتُ: فتقسيمه احتفارها للصدقة، ولغير الصدقة كالنص فيما زعم الباجي أنه لم ير فيه نصا ونحوه نقل اللخمي: إن كانت بئر الماشية فيما لا يملك من الأرضين لم يكن له حبس الفضل. قال ابن القاسم في المجموعة: هذا إن جعلها للصدقة؛ يريد أن له حبسها إن لم ينو به الصدقة كبئر الزرع؛ لأن حفر تلك البقعة إحياء لها، فإن لم ينو الصدقة كانت كغيرها من الأملاك، وكذا بئر الزرع له الفضل إلا أن ينوي به الصدقة. قُلتُ: هو قولها في التجارة لأرض الحرب، ويجوز بيع فضل ماء بئر الزرع وعينه، وبيع رقابهما وفي حريم البئر لا بأس ببيع بئر الزرع. وفيها: الشفعة إن لم تقسم الأرض. وقول اللخمي: صاحب بئر الماشية، والزرع والشفة أحق بمائها يروي ماشيته أو زرعه أو ما جعلها له، ويفترق الجواب في الفضلة، فإن جعلها صدقة أنفذت فيا جعلها فيه، وإن لم يجعله في وجه من الوجوه كان في حبسه عن من احتاج إليه لماشية أو

زرع قولان. قال مالك مرة: له حبسه، وقال الواضحة: ليس ذلك له. قُلتُ: فظاهر أن في فضل بئر الزرع روايتان، والحيتان بالأنهار غير المملوكة لا يمنع صيدها من أراده، ومن سبق إليه أحق به. عزاه الشيخ لابن حبيب، والاخوين، وأصْبَغ، وابن القاسم وهو المذهب، وفي التجارة لأرض في الحرب منها: إن كان في أرضك دير أو بحيرة أو بركة فيها سمك، لم يعجبنى بيع سمكها، ولا منع من يصيده، ولا الشرب منها. الباجي: في منعه من يصيد منها، ثالثهما: إن كان طرح فيها ما توالد منها ما فيها، وإلا فلا؛ إلا أن يضر به الصائد لسَحنون، وابن القاسم، وأشهب، وعزا اللخمي الأول للأخوين أيضاً، وأخذ به، وفي الدور والأرضين منها: للرجل يبيع مراعي أرضه وفدادينه؛ إن بلغ خصبها أن يرعى لا قبل ذلك ببيعه سنة لا أزيد. وسمع ابن القاسم في كتاب السداد: أترى للرجل حبس عشب ارضه. قال: نعم إن كان له بها حاجة، وإلا فلا. ابن رُُشْد: الكلأ بأرض غير مملوكة كالبراري الناس فيها سواء اتفاقاً ليس لأحد بيعه، فإن جاء رجلان لرعي كلا موضع كانا فيه أسوة، فلو سبقه أحدهما فنزله، وجعل يرعى ما حوله أو حفر به بئراً، ففى كونه أحق بقدر حاجته منها، ثالثهما: إن حفر به بئراً لأشهب، وقول ابن القاسم مع روايته في حريم البئر منها، والمغيرة: ومعنى قول أشهب إن قصد ذلك الموضع من بعد لا إن مر به فنزله، وقد تأول قوله أنه ليس معناه أنه بمجرد سقيه لنزوله أحق بل معناه أن رعيه إحياء، فيكون أحق بما يحدث في ذلك الموضع من كلا مرة أخرى بقدر حاجته، وأعدلها الثالث؛ لأنه لا يقدر على المقام على الماء إن لم يكن له بذلك الموضع مرعى فتدهب نفقته في البئر باطلاً، وكذا لوسبق بالنزول به وبنى به بناء وأنفق فيه نفقة لوجب كونه أحق بحاجته من كلا ذلك الموضع والله أعلم، وما بالأرض المملوكة أقسام فالمحظرة بحيطان كالحوائط الجنات فربها أحق بما فيها من الكلا له بيعه ومنعه ممن يريده لرعي أو احتشاش، وإن لم يحتج إليه ربه،

وأما العفاء والمسرح من أرض قريبة، فليس له بيع مائها من كلا، ولا منع أحد من فضل حاجته اتفاقاً إلا من يضره بدابة أو ماشية في زرع في شيء يكون له حواليه بالمرور عليه، وأما الأرض التي بورها للرعي، وترك زراعتها لذلك، ففي منع غيره إن احتاج إليه أو وجد من يشتريه والأجير على تركه للناس أو إن احتاج إليه أو وجد من يشتريه والأجير على تركه لللناس أو إن احتاج اليه فقط لا إن وجد من يشتريه قولا ابن القاسم مع ابن الماجِشُون وأشهب، وأما فحوض أرضه وفدادينه التي لم يبورها للرعي ففي شرط بيعه إياه بحاجته وجوازه مطلقاًً قولا أشهب مع ابن القاسم وابن الماجِشُون فأشهب يمنع فيه كلا مراعي ارضه بورها للكلا أو لم يبورها له وابن الماجِِشُون يحيزه فيهما، وابن القاسم يفرق في إجازه البيع له إذا استغنى عنه بين الأرض التي بورها للرعي وبين التي لم يبورها له ففي مجموع الطرفين ثلاثة أقوال، وقول مالك في حريم البئر منهاك لا بأس أيبيع الرجل كلا أرضه إن احتاج إليها، وإلا فليخل بينها وبين الناس مع قوله فيه: لا بأس أن يبيع الرجل خصب أرضه ممن يرعاه ذلك العام لا عامين قيل: هما اختلاف أجاز بيعه مرة وقف أرضه للرعي أو لا لابن الماجِشُون ومرة منعه فيهما كأشهب، وقيل: وفاق فرق بين وقفها وعدمه كابن القاسم، وهو تاويل عيسي بن دينار. قُلتُ: حمله اللخمي على الخلاف، وقال: إن ضاق الكلا عن أهل القرية فلهم منع الطارئ منه؛ لأنهم إن تركوا أضر أهل الموضع الانتجاع لمواشيهم.

كتاب الحبس

[كتاب الحُبُس] الحُبُس: الوقف مصدرًا إعطاء منفعة شيء مدة وجوده لازمًا بقاؤه في ملك معطيه، ولو تقديرًا، فتخرج عطية الذوات والعارية والعمرى والعبد المخدم حياته

يموت قبل موت ربه لعدم لزوم بقائه في ملكه معطية لجواز بيعه برضاه مع معطاه. وقول ابن عبد السلام: إعطاء منافع على سبيل التأبيد يبطل طرده بالمخدم حياته، ولا يرد بأن جواز بيعه يمنع اندراجه تحت التأبيد؛ لأن التأبيد إنما هو في الإعطاء، وهو صادق على المخدم المذكور لا في لزوم بقائه في ملك معطيه، وهو أسمى ما أعطيت منفعته مدة إلى آخره. وصرح الباجي: ببقاء ملك المحبس على حبسه، وهو لازم تزكية حوائط الأحباس على ملك محبسها، وقول اللخمي آخر الشفعة: الحُبُس يسقط ملك المحبس غلط، وهو مندوب إليه؛ لأنه من الصدقة، ويتعذر عروض وجوبه بخلاف الصدقة. روى مسلم عن أبي هريرة أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال: (إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث إلا من صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له)، وروى مع البخاري، واللفظ له عن ابن عمر قال: أصاب عمر بخيبر أرضًا فأتى إلى النبي (صلى الله عليه وسلم) فقال: أصبت أرضًا لم أصب مالاً قط أنفس منه فكيف تأمرني به. قال: (إن شئت حبست أصلها وتصدقت بها)، فتصدق عمر على أنه لا يباع أصلها، ولا يوهب، ولا يورث في الفقراء والقربى، والرقاب، وفي سبيل الله، والضيف وابن السبيل لا جناح على من وليها أن يأكل منها بالمعروف أو يعطهم صديقًا غير متمول فيه. وللخمي والمتيطي: استدلال وهمي يذكر إن شاء الله، وهو مندوب إليه بحبسه

باب في المحبس

الصدقة، ويتعذر عروض وجوبه بخلافها. [باب في المحبس] المحبس: اللخمي: الأرض وما يتعلق بها كالدور، والحوانيت، والحوائط، والآبار، والمقابر، والطرق. قُلتُ: كذا فيها رأيت من نسخ اللخمي، وزاد المتيطى عنه، ولا خلاف فيه بين أصحاب مالك. قُلتُ: ويريد بالمقابر المتخذة حيث يجوز اتخاذها. سمع ابن القاسم في كتاب الأقضية: إن أحدثت قبور بفناء قوم كانوا يرمون به في غيبتهم، ثم قدموا فلهم تسوية قديمها للرمي عليها، ولا أحب تسوية جديدها. ابن رُشْد: إنما كرهه في الجديد؛ لأنها في الأفنية، ولو كانت في الأملاك الحوزة لم يكرهه. وقد قال على ابن أبي طالب - رضي الله عنه -: واروا في بطنها وانتفعوا بظهرها. ابن رُشْد: ولو كان دفن في الأملاك المحوزة بغير إذن ربها لكان عليه تحويلهم إلى مقابر المسلمين، وفعل ذلك بقتلى أحد لما أراد معاوية إجراء العين التي بجانب أحد أمر من ينادي بالمدينة من كان له قتيل فليخرجه، وليحوله. قال جابر: فأخرجناهم من قبورهم رطابًا ينثنون يعني شهداء أحد. قُلتُ: في استدلاله بفعل معاوية نظر؛ لأن قتلى أحد ما أقبروا إلا حيث جاز إقبارهم، واستدلاله بإخراجهم يوهم كون القبر غير حبس. والأقرب: أنه فعله لتحصيل منفعة عامة حاجية حسبما يأتي في بيعا لحُبُس لتوسعة جامع الخطبة.

ولابن عات: سئل بعضهم أيجوز حرث البقيع بعد أربعين سنة دون دفن فيه وأخذ ترابه للبناء. قال الحسن: لا يجوز أن يتملك. وفي أحكام ابن سهل: أفتى الفقهاء بالمشي على أسنة القبور، وقال: كان (صلى الله عليه وسلم) يشق المقابر على أسنمتها لا بينها. وقال غيره: المشي على المقابر لمن كان له قبر ضرورة، ويؤمر بالتحفظ من المشي عليها لئلا يهدمها، وللضرورة أحكام، ولم يتعقب ابن سهل ذلك. قُلتُ: وأفتى بعض شُيُوخنا: بعض أهل الخير بنى دارًا له فوجد في بقعة منها عظام آدمي يكون محله حبسًا لا ينتفع به، ولا بهواه فتركه، وهواءه براجًا. الباجي: تحبيس الرباع جائز اتفاقًا، وقول ابن الحاجب: يصح في العقار المملوك لا المستأجر. اختصار لقول بان شاس: لا يجوز وقف الدار المستأجر، وفي كون مراد ابن شاس نفي وقف مالك منفعتها أو بائعها نظر، وفسره ابن عبد السلام في لفظ ابن الحاجب بالأول، وهو بعيد لخروجه بالمملوك. والأظهر: الثاني، وفي نقله الحكم بإبطاله نظر؛ لأن الحُبُس إعطاء منفعته دائمًا وأمر الإجارة خاص، فالزائد عليه يتعلق به الحُبُس لسلامته عن المعارض، ثم في لغو حوزه المستأجر للحبس فيفتقر لحوزه بعد أمد الإجارة وصحته له، فيتم من حين عقده قولان مخرجان على قولي ابن القاسم وأشهب في لغو حوز المستأجر ما في إجارته لمن وهب له بعد إجارته وصحته له. وإطلاق ابن شاس وابن الحاجب إجازته في الشائع كقولها في آخر الشفعة قال مال: إن حبس أحد الشريكين في دار حظه منها على رجل وولده، وولد ولده فباع شريكه حظه منها فليس له، ولا للمحبس عليهم أخذه بالشفعة إلا أن يأخذه المحبس فيجعله في مثل ما جعل حظه فيه. اللخمي: إن كانت الدار تحمل القسم جاز الحُبُس إذ لا ضرر على شريكه بذلك

إن كره البقاء على الشركة قاسم. قُلتُ: هذا على أن القسم تمييز حق بين، وعلى أنه بيع يؤدي إلى بيع الحُبُس إلا أن يقال الممنوع منه بيعه ما كان معينًا لا المعروض للقسم؛ لأنه كالمأذون في بيعه من محبسه حسبما يذكر في بيع الحُبُس قال: وإن كان لا ينقسم فللشريك رد الحُبُس للضرر؛ لأنه لا يقدر على بيع الجميع، وإن فسد فيه شيء لم يجد من يصلح معه. قُلتُ: ومثله في نوازل الشعبي قال: وإن كان علو وسفل لرجلين فلرب العلو رد تحبيس ذي السفل سفله؛ لأنه إن فسد منه شيء لم يجد من يصلح له، ومن حقه أن يحمل له علوه ولرب السفل رد تحبيس ذي العلو علوه للضرر متى، وهي سقط منه ما يفسد سفله، والحائط كالدار فيما ينقسم وما لا. قُلتُ: ومثل إطلاقها في تحبيس الشريك في الدار وقع في رسم كتب عليه ذكر حق في سماع ابن القاسم من الشفعة، فتكلم فيه ابن رُشْد بحكم الشفعة وأعرض عن حكم تحبيس المشاع. ولابن سهل عن ابن زَرْب: اختلف أهل العلم فيمن له حصة في دار لا تنقسم فحبسها، فقال بعضهم: لا ينفد تحبيسه، وأجازه بعضهم، وبإجازته أقول. ولابن حبيب: قال لي ابن الماجِشُون: من حبس شركا له مشاعًا في نخل، ودور مع قوم بعضهم غائب، فإن كان من الشركاء من يريد القسم قسم بينهم، وقسم السلطان للغائب إن تعذر حضوره وتوكيله فما أصاب المحبس كان حبسًا، وما لا ينقسم يباع فما أصاب المحبس اشترى به ما يجعل حبسًا كما سبله. قُلتُ: ففي جواز تحبيس مشاع ربع مشترك فيه مطلقًا، ووقفه على إذن شريكه فيما لا ينقسم في مثل ما حبسه فيه، وإلا بطل، ثالثها: يجوز مطلقًا، ويجعل ثمن الحظ المحبس مما لا ينقسم في مثل ما حبسه فيه لظاهر هما مع ظاهر سماع ابن القاسم. ونص ابن زَرْب واللخمي عن المذهب، وابن حبيب مع ابن الماجِشُون: ويتخرج القول بالجواز في العلو والسفل. المتيطي: إن أقر بعض الورثة بتحبيس ربع ورثوه نفذ إقراره في حظه فقط.

قُلتُ: مثله في النوادر لعبد الملك، وظاهره نفوذه مطلقًا، ولو كان فيما لا ينقسم، وهذا على القول بجوازه مطلقًا في تحبيس المشاع واضح وعلى وقفه على إذن شريكه فيه نظر. قال: وأشد ما على المنكر الحلف أنه لا يعرف أن الحُبُس حبس عليهم. قُلتُ: يريد: إن كان ممن يظن به العلم. قال: وليس له رد اليمين؛ لأن المحبس لا يملك ملك المبيع؛ لأن تصييره للأعقاب والمرجع، ولا يحلف أحد عن أحد، ولو نكل إذا ردت اليمين عليه لم يبطل الحُبُس بنكوله فهذه وجوه تمنع رد اليمين في الحبس، وللباجي اختلف هل على المنكر يمين، فقال بعضهم عليه اليمين، وقال بعضهم: لا يمين عليه. ابن زَرْب: نزلت في رجل حبس مالاً وثبت حوزه فادعى بعض ورثته أن الحُبُس رجع عليه وسكنه حتى مات، وأراد تحليف المحبس عليهم، فقلت: لا يمين عليه، وقال بعض فقهاء: عصرنا عليه اليمين، وهو عندي خطأ، وفي الثياب طريقان. اللخمي: في جوازه فيها ومنعه قولان لها، ولنقل ابن القُصَّار مع الصقلي. الباجي لابن القاسم في العتبيَّة: لم أسمع من مالك في الثياب شيئًا، ولا بأس به، وأجازه أشهب، فقيل: يجوازه يلزم لموافقته الشرع، وكونه من العقود اللازمة، وعلى كراهته، ففي جوازه ولزومه روايتان. قُلتُ: يريد بالجواز عدم اللزوم، لا أحد أقسام الحكم الخمسة، وإلا لزم كون قسيم الشيء قسمًا منه، وهو محال، وتبعه ابن شاس في ذلك، وفرضه في الحيوان. ابن زرقون: في جوازه فيه وكراهته، ثالثها: في الخيل ويكره في غيرها، ورابعها: يكره في الرقيق فقط لأشهب مع ظاهرها ورواية محمد. ونقل القاضي: قال بعض أصحابنا: يجوز في الخيل اتفاقًا، إنما الخلاف في غيره، ولمالك أيضًا، ولما ذكر ابن رُشْد هذا الخلاف أول مسألة في الحُبُس قال: إنما الخلاف في الحُبُس المعقب، أو على نفر بأعيانهم، وأما تحبيس كل ذلك لينتفع بعينه في السبيل، أو تصرف غلته في إصلاح الطرق، ومنافع المساجد، أو ليفرق على المساكين وشبه

ذلك، فجائز اتفاقًا إلا في الرقيق، ويكره لرجاء العتق فيه، فإن وقع وفات ومضى، وإن لم يفت استحب لمحبسه صرفه لما هو أفضل. قُلتُ: يريد بفوته بالحوز لا بالموت. وقول اللخمي والمتيطي: الأصل في تحبيس ما سوى الأرض قوله (صلى الله عليه وسلم): (من حبس فرسًا في سبيل الله إيمانًا بالله وتصديقًا بوعده فإن سبعه وروثه في ميراثه يوم القيامة) أخرجه البخاري. وهم شنيع في فهمه إن ضبط باء حبس بالتخفيف، وفي روايته إن ضبطها بالتشديد، وفي مثل هذا كان بعض من لقيناه يحكي عن بعض شُيُوخه أنه كان يقول بعض استدلالات بعض شُيُوخ مذهبنا، لا ينبغي ذكرها خوف اعتقاد سامعها، ولا سما من هو من غير أهل المذهب؛ لأن حال أهل المذهب أو جلهم مثل هذا المستدل. قال: ولقد رأيت لبعض متقدمي المتكلمين ردًا على المنجمين، وودت أنه لم يقله لسخافته، ورأيت للآدمي ردا عليهم ليس منصفًا وقف عليه. ابن شاس وابن الحاجب: لا يصح وقف الطعام قال: لأن منفعته باستهلاكه. قُلتُ: نقصها، وهي كسلف، وذلك جائز إن شاء قبلها على ذلك أو ردها. قُلتُ: ومثله في رسم استأذن من سماع عيسى ولا بن رُشْد في أول مسألة من سماع ابن القاسم: وأما الدنانير والدراهم، وما لا يعرف بعينه فتحبيسه مكروه وإن وقع كان لآخر العقب ملكًا إن كان معقبًا، وإن لم يكن معقبًا، وكان على معينين رجع إليه بعد انقراض المحبس عليهم. قُلتُ: رجوعه ملكًا ظاهر في جواز بيعه اختيارًا بعد رجوعه، وذلك يمنع كونه حبسًا حقيقة؛ لأن خاصته تمنع مبيعه اختيارًا.

باب في المحبس عليه

[باب في المحبس عليه] المحبس عليه ما جاز صرف منفعة الحُبُس له أو فيه، وإن كان معينًا يصح رده اعتبر قبوله. ابن شاس: لا يشترط في صحة الوقف عليه قبوله إلا أن يكون معينًا أهلاً للرد والقبول، وفي كون قبوله شرطًا في اختصايه به أو في أصل الوقف خلاف في الموازيَّة من قال: أعطوا فرسي فلانًا فلم يقبله. قال مال: إن كان حبسًا أعطي لغيره، ولمُطَرَّف في الواضحة من حبس حجرًا فلم يقبلها المحبس عليه لنفقتها رجعت ميراثًا. قُلتُ: ما ذكره عن الموازيَّة لفظه في النوادر هنا من أوصى بفرسه في السبيل فقال: أعطوه فلانًا فلم يقبله، فإن كان حبسًا أعطى لغيره، وإن لم يكن حبسًا رد إلى ورثته، وما ذكره عن مُطَرَّف لفظه من حبس على رجل حجرًا عرض عليه أن يكون عليه علفها، فإن أبي كانت ميراثًا، وقاله أَصْبَغ، ورواه عن ابن القاسم. اللخمي: إن حبس فرسًا أو عبدًا على رجل بعينه فلم يقبله، فإنه يختلف هل يصرف لغيره أو يرجع لربه أو وراثه إن أوصى به فذكر ما تقدم لمُطَرَّف، ولم يعزه لغيره، وما تقدم لمحمد قال: وأرى إن أعطاه له ليركبه لا ليغزو عليه رجع ميراثًا، وإن كان ليغزو عليه فهو محل الخلاف؛ لأن الحُبُس يتضمن نفع المحبس عليه كمن أوصى أن يحج عنه فلان بكذا، والموصي غير ضرورة. قال ابن القاسم: يرجع المال ميراثًا، وقال غيره: يدفع لآخر يحج به عنه،

وهو أحسن. قُلتُ: لابن رُشْد عن الشَّيخ: من أمر بشيء لسائلٍ فلم يقبله دفع لغيره. المتيطي: المشهور المعمول عليه صحته على الحمل. ابن الهندي: زعم بعضهم أنه لا يجوز على الحمل، والروايات واضحة بصحته على من سيولد وبها احتج الجمهور على الحمل، وفي لزومه يعقده على من يولد قبل ولادته قولا ابن القاسم ومالك لنقل الشَّيخ. روى محمد بن المواز، وابن عبدوس: لمن حبس على ولده، ولا ولد له بيع ما حبسه ما لم يولد له، ومنعه ابن القاسم قائلاً: لو جاز لجاز بعد وجود الولد وموته. قُلتُ: يرد بأنه لما لزم بوجوده واستمر ثبوته لوجود متعلقه، وقبله لا وجود لمتعلقه فلم يلزم والأولى: احتجاج غيره، فإنه حبس قد صار على مجهول من يأتي فصار موقوفًا أبدًا ومرجعه لأولى الناس بالمحبس، ولهم فيه متكلم. وتبع ابن الحاجب: ابن شاس في قوله: يجوز الوقف على الذمي، وقبله ابن عبد السلام، ولا أعرف فيه نصًّا للمتقدمين. والأظهر: جريها على حكم الوصية. سمع ابن القاسم: كراهة الوصية لليهودي والنصراني. قال سَحنون: قال ابن القاسم: وكان قبل ذلك يجيزه، ولا أرى به بأسًا إن كان على وجه الصلة للرحم كأبيه وأخيه وأراه حسنًا، وأما لغير هذا فلا. وقال عنه عيسى: لا بأس به لأحد أبويه وأخيه وشبه ذلك من قرابته، ولا يعجبني في الأباعد، وليتعطف به على أهل الإسلام. ابن رُشْد: قوله الأول بالجواز دون كراهة هي رواية ابن وَهْب، واحتج بالحلة التي كساها عمر أخًا له مشركًا بمكة، وهي رواية عيسى عن ابن القاسم، قوله قبل ذلك، وأراه حسنًا. قول ثالث: رأى أجر وصيته لصلة رحمه، وإن كانوا ذميين أكثر من الأجر في المسلم الأجنبي.

وأما الوصية للأباعد من الذميين فلا خلاف في كراهة ذلك باعتبار أنها إيثار للذمي على المسلم إلا في نفس الوصية؛ لأن فيها الأجر بكل حال في موطأ ابن وَهْب عن مالك: من نذر صدقةً على كافر لزمه. وقال أيضًا: من قال: مالي صدقة على فقراء اليهود لزمته الصدقة عليهم بثلث ماله قال الله سبحانه وتعالى: (وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا) [الإنسان: 8]، والأسير الكافر، وأجاز أشهب الوصية للذميين، ولو كانوا أجانب إجازة مطلقة دون كراهة، ومعناه في الأجانب إن كان لهم حق من جوار أو يد سلفت وشبه ذلك، وإن لم يكن لذلك سبب فالوصية لهم محظورة إذ لا يؤثر الكافر على المسلم دون سبب إلا مسلم سوء مريض الإيمان لقوله تعالى: (لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ) الآية [المجادلة: 22]. الباجي: لو حبس مسلم على كنيسة، فالأظهر عندي رده؛ لأنه معصية كما لو صرفها إلى أهل الفسق. قُلتُ: عادة الأشياخ أنهم لا يقولون الأظهر عندي إلا فيما فيه نظر ما لا في الأمر الضروري، ورد هذا الحُبُس ضروري من القواعد الأصولية؛ لأنه تسبب في معصية أو إعانة عليها خالية عن مصلحة شرعية، وما هذا شأنه حرام إجماعًا. وكذا من القواعد الفروعية سمع عيسى ابن القاسم: من أوصى أن يقام بلهو عرس رجل أو مناحة ميت لا تنفذ وصيته، وقوله باطل. ابن رُشْد: لا خلاف في ردها بمناحة الميت؛ لأنها محرمة. وفي الموازيَّة: من أوصى لرجل بمال على أن يصوم عنه لم يجز ذلك.

باب في المحبس

[باب في المحبس] المحبس: من صح تبرعه، وقبوله منه، فيصبح من الإمام لسماع محمد بن خالد

من ابن القاسم صحة تحبيسه الخيل في الجهاد. وأنكره بعض مفتي بلدنا حين إشهاد إمامها بتحبيسه بعض ريعها على بناء سورها فوقفته على السماع فرجع، وشهد فيه معنا، فلا يصح من محجور عليه، ولا من مدين أحاط عليه دينه بماله، ولا كافر في قربة دينية ولو كانت في منفعة عامة دنيوية كبناء القناطر، ففي ردها نظر. والأظهر: إن لم يحتج إليها ردت. الباجي: سمع ابن القاسم: إن حبس ذمي دارًا على مسجد ردت، ورواه معن بن موسي في نصرانية بعثت بدينار للكعبة رد إليها، وهو على وارث وحده في المرض مردود كهبته فيه فلو كان على غيره فهو معه فهو كالمشهورة بمسألة ولد الأعيان، وهي ذو دار حبسها في مرض موته على ولده، وولد ولده، وحملها ثلاثة، وترك معهم أمًا وزوجة فصورها الشَّيخ والصقلي على أن الولد ثلاثة، وكذلك ولد الولد فتقسم غلتها على عدد المحبس عليهم. سمع عيسى ابن القاسم: والذكر كالأنثى، وفي قسمه بالسوية مطلقًا أو إن استوت حالتهم نقلاً. ابن رُشْد: عن ظاهر سماع عيسى ابن القاسم مع قول ابن الماجِشُون، ومشهور

قول ابن القاسم: ودخلت الأم والزوجة على ولد الاعيان فيما صار لهم بحظيهما إرثًا، فإن مات أحد الأعيان تعلق بحظه حق ولد الولد لوجوب صرف كل حبس على عدد عند موت بعضه على من بقي، وفي صرفه لهم بنقص القسم الأول، وقسمه على من بقي من الأعيان، وولد ليقسم حظهم بمقتضى إرثهم والميت معهم مقدرة حياته يستحق وارثه حظه من ذلك، وتدخل الأم والزوجة عليهم فيه بحظيهما كما مر، أو ببقائه، ويقسم حظ الميت مردود إليه سدسه وثمنه. كذلك نقلا الصقلي عن سَحنون مع محمد، ويحيى عن ابن القاسم، وظاهر سماع عيسى ابن القاسم، وبه فسره الشَّيخ الصقلي، وقول سَحنون في المجموعة: يضم ولد الأعيان لما صار لهما من قسم سهم الميت عليهما مع ولد الولد للسدسين اللذين بأيديهما مردودًا إليهما ما أخذه منهما الأم والزوجة يخرج من كل ذلك لها سدسهما وثمنهما، ويقسم الباقي عليهما مع الميت مقدرة حياته حظه لوراثه عائد إلى نقض القسم. قال الشَّيخ: ولا يختلف معنى نقص القسم من بقائه بالنسبة إلى الأم والزوجة وولد الولد إنما يختلفان بالنسبة إلى ولد الاعيان وولد الميت، وبيانه يقسم الحُبُس بموت الجد على أنه فريضة صحت من ألفين ومائة وستين لكل من الأعيان، وولد الولد سدسها ثلاثمائة، وستون للزوجة ثمن ما بيد كل واحد من الولد جميعه مائة وخمسة وثلاثون وللأم سدس ما بيد كل من الولد جميعه مائة وثمانون، فإن مات أحد الأولاد ردت إليه الزوجة ما أخذت منه، وذلك خمسة وأربعون، وترد الأم إليه ستين فيعود السدس كما كان ينقسم على خمسة اثنان وسبعون لكل واحد من ولد الولد وولد الأعيان فتأخذ الأم سدس ما بيد كل واحد من ولدي الاعيان، وذلك اثنى عشر والزوجة ثمنها تسعة يبقى لكل واحد عشرون جميع ذلك مائة وسهمان يأخذ كل واحد ثلثه أربعة وثلاثين، ولوارث الميت مثل ذلك، فيصير لكل واحد منهما مائتان وسبعة وثمانين للزوجة مائة وثمانية، وللأم مائة وأربعة وأربعون، ولكل واحد من ولد الولد أربعمائة واثنان وثلاثون هذا على بقاء القسم، وعلى نقضه تقسم ذلك على خمسة خمسه أربعمائة واثنان وثلاثون، وكذا كان لكل واحد من ولد الولد في القسم الأول، ثم تأخذ

الزوجة من كل واحد من ولد الأعيان ثمن مابيده، وهو أربعة وخمسون يجتمع لها مائة وثمانية، وهو ما كان لها في القسم الأول، وتأخذ الأم منهما سدس ما بأيديهما مائة وأربعة وأربعين، وهو ما كان لها في القسم الأول، ثم الباقي بيد ولد الأعيان ستمائة واثنا عشر ثلثها لورثة الميت منهما مائتان وأربعة فرادهما نقض القسم على بقائه مائة وسبعين؛ لأنه إنما كان لهم أربعة وثلاثون هذه الزيادة كانت عند عميهما ونقص كل واحد منهما خمسة وثمانون عما كان بيده في القسم الأول فالذي نقصهما هو ما زاد ورثة أخيهما، وهذا أشبه لوجوب مساواة حق الميت لحقيهما فيما يستحقانه بالإرث. قُلتُ: هذا الكلام بطولة إنما المطلوب منه بيان اختلاف قدر ما يجب لورثة الميت من ولد الأعيان والباقي منهم على نقض القسم وبقائه وإدراكه باخصر من ذلك واضح؛ لأن الواجب لورثة الميت منهم على نقض القسم ثلث خمسي المال، وعلى بقائه ثلث خمسي سدسه، والمال أكثر من سدسه ضرورة أن الكل أعظم من الجزء، وأن جزء الاصغر من قدر المسمى لجزء الأكبر أصغر من جزء الأكبر، واختلاف حال الوارث ملزوم لاختلاف حال ولد الأعيان؛ لاتحاد حال من سواهم فيهما ضرورة مساواة الجزء المأخوذ من كل لمجموع الأجزاء السمية له مأخوذة له من كل أجزائه كثمانية وأربعين ثمنها وسدسها كثمن أربعة وعشرين مرتين وسدسهما. ولابن رُشْد في رسم سماع القطعان من سماع عيسى: أن ولد الأعيان ثلاثة، وولد الولد أربعة. قال ابن دحون: قوله إن مات أحد ولد الأعيان قسم حظه فذكر ما تقدم من قسمه على القول بنقض القسم الأول هذا غلط والواجب رد الورثه كل ما بأيديهم، وذكر ما تقدم في معنى نقض القسم. ابن رُشْد: إنما قال ابن دحون هذا؛ لأنه تأول قول ابن القاسم على رد جميع ما بيد الميت من ولد الأعيان، ويضاف له ثلث سدس الأم، وثلث ثمن الزوجة فيصير سبعًا تامًا، ويقسم على ما ذكر في السماع؛ ولذا قال قوله يقسم الجزآن غلط؛ بل يرد الورثة كل ما بيديهم إلى الجزءين، ويقسم ذلك على فرائض الله.

كما تأول التونسي: المدَوَّنة: وهو تأويل غلط، تفسد به المسألة، والذي يصح حمل كلام المدَوَّنة عليه أنه لا يؤخذ من الميت من ولد الأعيان كل مابيده إنما يؤخذ سهمه الذي صار من السبعة الأجزاء حين قسم الحُبُس على ولد الأعيان، وعلى ولد الولد مما بيده ومما بيد الباقين من ولد الأعيان، ومما بيد الأم والزوجة؛ لأنه قد قسم ذلك عليهم أجمعين مع السبعين الأخرين اللذين كانا صارا لولدي الأعيان؛ فيؤخذ مما بيد كل واحد ثلثه؛ لأن ولد الأعيان ثلاثة فيكمل السبع على هذا فيقسم على الباقين من ولد الأعيان وولد الولد ومناب ولد الأعيان منه يقسم عليهما مع الميت من ولد الأعيان وعلى الأم والزوجة كما تقدم، فيتساووا على هذا في قدر مواريثهم كتساويهم في بعض القسم. قُلتُ: قوله وإنما يؤخذ سهمه الصائر له من السبعة الأجزاء إلى آخره كذا وجدته في غير نسخة واحدة، وظاهره أخذ كل ما بيده؛ لأنه الصائر له من قسم السبعة الأخرى، وهو مناف للمعنى الذي صوبه، ولنص قوله بعده فيؤخذ مما بيد كل واحد ثلثه إلى آخره، ولو قال: إنما يؤخذ منه تسمية الصائر له من السهم السابع من السبعة الأجزاء إلى آخره كان واضحًا؛ فتأمله. وحاصله: أنه يؤخذ مما بيد كل واحد من ولد الاعيان ميتهم وحيهم من الأم والزوجة الجزء المسمى لعدد ولد الأعيان؛ لأن الجزء الصائر لكل منهم من السهم الذي بان بموت أحد ولد الأعيان استحقاق ولد الولد فيه حقًا مع الباقين من ولد الأعيان بمقتضى التحبيس على عددهم. الصقلي عن سَحنون في المجموعة: إنما هو في الثمار وشبهها من الغلل يقسم عند كل غلة على من وجد حينئذ حيًا من ولد الأعيان، وولد الولد، ثم يقسم حظ ولد الأعيان على الفرائض، فأما ما يسكن من دار أو يزرع من أرض فلا بد من نقض قسمه. الصقلي: وهذا إنما يصح على قول من لا يرى نقض القسم. الصقلي: وقول سَحنون في المجموعة؛ كنقض القسم سواء فانظره.

قُلتُ: قوله إنما يصح على قول من لا يرى نقض القسم وهم؛ لأن حاصل قول سَحنون الذي قرره في الثمار هو نفس نقض القسم؛ فكيف يتصور صحته على عدمه، ويمكن تقرير قول سَحنون على الصواب، أن معنى قوله: وهذا إنما يصح؛ يريد: بقاء الربع المحبس بينهم بعد موت أحد ولد الأعيان على ما كان عليه قبل موته إذا كان نفس المقسوم بينهم غلة الربع كدار السكنى وشبهه؛ يريد: ككراء الدور ونحوها أما إن كان المقسوم بينهم نفس الربع كدار السكنى لهم، وأرض الزرع لهم فلا بد من نقض قسمه؛ يريد: فلا بد من تحويله عن حالته في قسمه بينهم بموت أحد ولد الأعيان فلا يبقى على ما كان عليه بينهم؛ لأن الصائر لكل منهم حيث المقسوم بالغلة لا تختلف الأغراض فيه لتعدد قسمه فوجب بقاء الربع المحبس على حاله والصائر لكل منهم حيث المقسوم بينهم الربع نفسه تختلف الأغراض فيه في تعدد قسمه فوجب نقضه عن بقاء حاله قبل موت أحد ولد الأعيان؛ فتأمله. ابن رُشْد: وقوله في هذا السماع أن هذا القسم لا ينتقض بموت من مات، وإنما يقسم حظه معناه إن كان ينقسم خلاف ظاهر سماع عيسى يحيى أن القسم ينتقض كله كما إذا زاد ولد الولد، وإن لم ينقسم حظ من مات من الولد أو ولد الولد انتقض كل القسم من أصله اتفاقًا كما ينتقض، كذلك إذا زاد ولد الولد، وسماع يحيى ليس مخالف لسماع عيسى فما يخرجه القسم لكل واحد في قتله وكثرته إنما اختلفا في صفة العمل، وسماع يحيى أولى لما في ترك القسم من التشعب والعناء بما لا فائدة فيه، وفي سماع عيسى المذكور ما صار لورثة الميت من ولد الأعيان يستمتعون به ما عاش واحد من ولد الأعيان. ابن رُشْد: فيه نظر، إذ لا يستمتعون بجميعه ما عاش واحد من ولد الأعيان، كما قال: لأنه إن مات واحد من أعيان الولد بعد ذلك وجب أن يردوا مما صار لهم ما يجب من ذلك لولد الولد، وإنما يستمتع كل من صار بيده من الورثة شيء من الحُبُس بجميع ما صار له ما بقي واحد من أعيان الولد إن مات جميع ولد الولد يرجع جميع الحُبُس للولد، وفي السماع المذكور سئل عنها سَحنون فقال: هذه من حسان المسائل قل من

يعرفها، وهي لابن القاسم في غير موضع فهي في بعض كتبه خطأ، وفي بعضها صواب، الصواب فيها: إن كان ولده ثلاثة وولد ولده ثلاثة وحالهم واحدة قسم الحُبُس على ستة إلى آخره. ابن رُشْد: قيل: قوله هذا تفسير لقول ابن القاسم، وقيل: خلافه إذ قال يقسم على عددهم، ولم يشترط تساوي حالهم، وقيل: ابن القاسم فرق بين الحُبُس في المرض؛ لأنه فيه بمعنى الوصية فسوى فيه بين فقيرهم وعنيهم بخلاف حبس الصحة، واتفقا على أن لا يفضل الولد على ولد الولد في هذه المسألة، وهو خلاف قول ابن القاسم في المدَوَّنة وروايته فيها مثل قول المخزومي وغيره في قوله، وكان المغيرة وغيره يسوي بينهم فلو مات ثان من البنين فعلى النقض يقسم كل الحُبُس على أربعة، ثلاثة الحفدة والابن الوارث كما مر وبموته يخلص كل الربع للحفدة، وعلى بقائه فعلى تفسيره. ابن رُشْد: يؤخذ من حظ الميت وسائر من بيده حظ غير الحفدة الجزء المسمى للخارج من تسوية الواحد من عدد البنين حيهم وميتهم يقسم كما مر، وعلى قول الأخوين يقسم كل حظ الميت مع الجزء المذكور ممن ذكر حيهم وميتهم غير ابن حي يقسم كذلك فلو مات أحد ولد الولد والبنون أحياء ففي نقض القسم فيقسم الحُبُس على خمسة كما مر، وبقائه ويقسم حظ الميت كذلك نقلاً الصقلي عن محمد مع غيره، وسماع عيسى ابن القاسم وعليه في دخول الأم والزوجة على ولد الأعيان فيما صار لهم نقلاه عنه مع سَحنون في المجموعة، وعنه في العتبيَّة قائلاً: لأن الوصية نفدت أولاً وارتفعت التهمة. الصقلي: يريد: إنما رجع عليهم بالولاية. قال غيره: وعليه يؤثر ذو الحاجة من ولد الموصي؛ لأنه سنة مرجع الأحباس. الصقلي: قوله في المجموعة: أحسن، وهو ما قاله محمد: من نقض القسم سواء فيما يصير للأم والزوجة إذ لا فرق بين أخذ سدس وثمن من كل مجموعًا، ومن كل أجزائه مفرقة فالقول بنقض القسم أخصر. قُلتُ: لم يبين وجه كون ما في المجموعة: أحسن، ووجهه إن أخذ ولد الأعيان في

موت أحد ولد الولد لو كان بمعنى استحقاق مراجع الأحباس لا ختصوا بكل ما ترك الميت دون بقية ولد الولد، وفي عزوه الثاني لسَحنون في العتبيَّة نظر؛ لأنه إنما قاله فيها: إن مات جميعهم، ولو مات ثان منهم فذكلك، والقسم على أربعة، ولو انقرض جميعهم رجع كل الحُبُس لولد الأعيان، وفي دخول الأم والزوجة عليهم. الصقلي: قولا سَحنون في المجموعة مع سماع عيسى ابن القاسم، وقول سَحنون في العتبيَّة، ولما ذكره ابن رُشْد قال: يريد: وكذا لو مات واحد منهم على ما قاله في غير هذا الكتاب، وقوله: لأن وصية الميت نفذت لهم وسقطت المحاباة غلط بين؛ لأنه إنما يرجع الحُبُس إلى أقرب الناس بالمحبس إن انقرض كل المحبس عليهم، وأما ما بقي منهم أحد فهو راجع على جهة الوصية. وقال الشَّيخ في المختصر: إنما قال سَحنون بعدم دخول الأم والزوجة فيما يصيب ولد الأعيان من قبل ولد الولد إن ماتو كلهم لا في موت أحدهم، فإنهما يدخلان فيه في قول جميعهم؛ لأن أسباب المواريث قائمة بينهم، وكذا تأول عليه ابن دحنون، وهو تأويل لا يعضده نظر وترده الرواية الموجودة عن سَحنون بعدم دخول الأم والزوجة في موت أحدهم. قال ابن رُشْد: وقول سَحنون إن مات واحد من ولد الأعيان؛ يريد: بعد انقراض ولد الولد أخذ ما في يديه؛ يريد: جميع السدس الصائر له حين قسم الحُبُس على الولد وولد الولد فيقسم على فرائض الله، للأم سدسه، وللزوجة ثمنه؛ يريد: وقد أخذتا ذلك فلا يسترد منهما، ولولد الأعيان ما بقي؛ يريد: ما صار له بالإرث دون ما صار له من رجوع الحُبُس من قبل ولد الولد، وقوله: إن هلك الثاني أخذت الأم مما بيده سدسه غلط بل تأخذ الثلث إلا أن يموت هذا الثاني عن ولد، وقوله: إنما تتقاسم الأم والزوجة ولد الأعيان إن هلك الأول، وبقي اثنان، وإذا هلك الثاني، وبقي واحد صحيح، وفي السماع لسَحنون: إن هلك الثاني، وبقي واحد أخذ ما في أيديهم من النصف الأول الذي صار لهم، وأما ما صار لهم من حق ولد الولد فلا تدخل فيه الأم ولا الزوجة؛ لأنه رجع إليهم من وصية أنفذت لم يكن فيها محاباه لوارث.

قال ابن رُشْد ما نصه: قوله: إن هلك الثاني، وبقي واحد أخذ ما في أيديهم من النصف الأول؛ يريد: فإذا هلك ذلك الواجد فلا تدخل فيه الأم والزوجة الذي بقي أخذ ما في أيديهم من النصف؛ يريد: الذي صار لهم؛ يريد: أنه يؤخذ منهم فيكون ميراثًا عن الحُبُس لورثته وورثة من مات من ورثته. قُلتُ: كذا وجدته في غير نسخة وفيه نظر؛ لأنه لا يؤخذ شيء من الحُبُس بالإرث عن المحبس إلا إذا صار لوارث له وبموت كل ولد الأعيان بطل تعلق الحُبُس بوارث له، وإذا بطل كونه على وراثه وجب صرفه بمعنى مراجع الأحباس؛ فتأمله. قال ووقع في النوادر: قال سَحنون في العتبيَّة: إن انقرض ولد الولد وصار ما بأيديهم لولد الأعيان، ثم مات واحد منهم أخذت الأم والزوجة ميراثهما مما بيده من السدس الذي أخذ أولاً لا مما صار إليه عن ولد الولد فما بقي قسم بين ولد الأعيان. قال أبو محمد: ينبغي أن يكون إنما أخذ أولاً هذا السدس بالإرث فعند الأم سدسه، وعند الزوجة ثمنه، فلا يرد منهما؛ لأنقراض ولد الولد الذي لهم في ذلك حجة فيقسم ما بيده من بقية ذلك السدس على ورثته لأمه سدسه، ولزوجته ربعه، ولبقية ورثته ما بقي، فإن كان إخوته هذين فهو لها، وما بيده عن ولد الولد، وهو سدس ثان فهو كسبيل الأحباس عنده في رواية العُتْبِيّ لا شيء لورثته فيه، ويرد إلى أولى الناس بالمحبس، وهما أخو هذا الميت ورثته بينهما نصفين، كذا وقع قول سَحنون في النوادر، وهو يبين قوله في الكتاب ففيه لبس، وقول ابن أبي زيد مفسر لقول سَحنون لا خلاف له. قال الصقلي: قالوا: وينتقض القسم لحدوث ولد لبعض ولد الأعيان أو لبعض ولد الولد اتفاقًا، ويقسم على عدد الولد وولد الولد الأولين والذين حدثوا، ولو شرط أن لا حق لمتزوجة إلا أن تتأيم بموت أو طلاق فتزوجت ابنة له انتقض القسم، ولم يقسم لها في قسم الحُبُس شيء، وما صار للأعيان دخلت عليهم بحق إرثها؛ لأنها أخت لهم فلو تأيمت انتقض القسم، وقسم لها فلو كان في المرض على وارثين فقط، ففي وقفه يقسمون غلته بمقتضى الإرث حتى ينقرضوا فيرجع مرجع الأحباس، وبطلانه فيورث

ملكاً، ثالثها: إن قال حبساً لا يباع ولا يورث لتخريج اللخمي على أنه على معين يرجع مرجع الأحباس لا يورث والمعروف. والشيخ عن ابن كنانه قائلاً: من مات منهم فحظه لورثته على إرثهم حبساً. قلت: يريد: ما بقى منهم أحد، وإلا رجع مرجع الأحباس، ويرد تخريج اللخمي بأنه لا يلزم من رجوعه مرجع الأحباس، وهو على معين كونه كذلك، وهو على وارث لصحته على المعين وفساده على الوارث، ولا يلزم من ثبوت لازم العقد صحيحاً ثبوت لازمه كذلك فاسداً لجواز كون الصحة هي علاقة اللزوم أو جزؤها ولجواز استلزام المحال المحلل في العقليات فأحرى الظنيات فيستلزم الفاسد نقيض لازم الصحيح، وهو على نفس المحبس وحده باطل اتفاقاً، وفيه مع غيره، ثالثها: إن نص على نفسه صح للمعروف. ونقل ابن شعبان: دخول من حبس على بني أبيه معهم واختياره. الباجي: لا يصح وقف الرجل ملكه على نفسه. وقال ابن شعبان: من حبس على نفسه، وغيره صح حبسهن ودخل معه. قلت: ظاهر المذهب بطلان كل حبس من حبس على نفسه، وغيره إن لم يحز عنه، فإن حيز صح ما على غيره فقط. وفي الزاهي لابن شعبان: من حبس على نفسه، وعلى الفقراء، فإن كان فقيراً وشرط خروجه عنه بغناه، ويعود إلى من معه عاد إليهم إن استغنى أو مات، لأن الموت الغني عنه، وهذا استحسان لا قياس، وإن جعل نفسه معهم على الغنى والفقر بطل جزؤه بموته إن علم قدره، كقوله على فقراء بني فلان أو ولد فيعرفون، وإن جعله على الفقراء مطلقاً، فجزؤه لا يعرف، وفي بطلان كل الحبس وإمضاء جميعه إذ لا يرد كثير بقليل قولان بأولهما أقول. وسمع ابن لقاسم: من حبس شيئاً في السبيل، وأنفذ فيه زماناً فله الانتفاع به مع الناس إن كان محتاجاً. ابن رشد: ينتفع به فيما سبله فيه لا فيما سواه من منافعه إن كان من حاجة، لأن

الاختيار فيما جعل في السبيل أن لا شيء فيه إلا لأهل الحاجة، فإن استعمله لحاجته لم يكن رجوعاً فيما حبس، ولا عود له في صدقته وللشيخ في المجموعة من رواية ابن وهب وابن القاسم والمتيطي وغيره عن المذهب: ويجوز للمحبس استثناؤه من حبسه ما يسكنه أو ينتفع به حياته على لحوقه بالحبس بعد موته بعقده الأول إن كان ثلث قيمته فأقل وعاينت البينة ما لم يستثنه خالياً من متاعه، فإن كان أكثر بطل جميعه إن كان باقية لصغير ولده، وإن كان لغيره صح إن حيز عنه، وإن لم يلحقه به بعقده الأول وأبقاه على أن يلحقه به بعد وفاته فهو وصية بتحبيسه. وفيها: يكره لمن حبس إخراج البنات من تحبيسه. وسمع ابن القاسم: من حبس حبساً على ذكور ولده، وأخرج منه من يتزوج من بناته لا يجوز هو من أمر الجاهلية. قلت له: فيبطل ويسجن. قال: نعم. ابن القاسم: وذلك إن فات فهو على ماحبس. ابن القاسم: إن كان المحبس حياً، ولم يجز الحبس فسخ، ودخل فيه البنات، وإن حيز أو فات فهو فوت، وهو على ما جعله عليه. ابن رشد: ظاهر قول مالك إبطاله على كل حال خلاف قول ابن القاسم أنه يمضي إن فات وفوته عنده حوزه عن المحبس على ما قاله في هذه الرواية إذ رأى أن الحبس يبطل ما لم يحز عن المحبس، ويدخل الإناث فيه ظاهره، ولو كره المحبس عليهم لرعي القول بأن الهبة والصدقة والحبس لا يجب الحكم به حتى يقبض، وعن مالك أنه مكروه فعليه لا يفسخ إلا أن يرضى المحبس عليه بفسخه، وهم كبار. وقال محمد: ليس ذلك باختلاف من قوله، ومعنى قوله: بفسخه ما لم يأب عليه من حبس عليهم، فإن أبو أبقى حبساً، ولم يفسخ، وإن كان حياً إلا أن يرضوا، وهم كبار. قال مالك: إن لم يخاصم رد حبسه حتى يجعله على صواب ظاهره، ولو لم يحز عنه،

وهو على قياس قوله أنه مكروه. قلت: في قوله: هو على قياس. قوله: أنه مكروه، نظر، لأن المكروه إذا وقع أمضى، ولم يفسخ. قال: وقال ابن القاسم: إن خوصم أقر على حاله، ومعناه على مذهبه إن حيز عنه وتأويلي على ابن القاسم أنه في فسخه فرق بين أن تحاز عنه أو لا تحاز هو ظاهر قوله: إن كان المحبس حياً، ولم يحز الحبس فسخ، ودخل فيه الإناث، وإن كان حيزا وفات، يريد: أو مات بعد أن حيز فقد فات، وهو على ما جعل عليه، وقد تأول على ما حكاه محمد عن مالك وابن القاسم أنه ليس له فسخه، وإن كان لم يحز عنه إلا برضى المحبس عليهم، وقد تأول أن له فسخه، وإن حيز عنه، وأبى المحبس عليهم رعياً لمن لا يرى إعمال الحبس جملة، وهو ظاهر قول ابن القاسم في رسم شك بعد هذا، وفي رسم نذر، وتأول على ظاهر قول مالك في هذه الرواية: أنه يفسخ على كل حال، وإن مات المحبس بعد أن حيز عنه الحبس، فيتحصل في المسألة أربعة أقوال هذا، ويفسخه ويدخل فيه الإناث، وإن حيز عنه، وهذا ما لم يحز عنه، فإن حيز عنه لم يفعل ذلك إلا برضى المحبس عليهم، ورابعها: لا يفسخه ويدخل فيه الإناث، وإن لم يحز عنه إلا برضى المحبس عليهم، وذكرها ابن زرقون وقال: الأولان تأولا على قول مالك في سماع ابن القاسم، والثالث ظاهر قول ابن القاسم في سماعه، والرابع قول محمد، وللباجي قبل ذكرها. ابن زرقون قال: قال ابن القاسم: إن فات ذلك مضى على شرطه، وإن كان حيا، ولم يجز عنه فأرى أن يرده، ويدخل فيه البنات، ونحوه لعيسى عن ابن القاسم، وأنكره سحنون. قلت: انظر هل هذا زائد على الأربعة أو هو تقييد لما سوى الأول منها، وأن الثلاثة إنما هي ما لم يمت فإن مات مضى، وهو أبين. الباجي: وهذا مبني على ما تقدم من الخلاف فيمن وهب بعض بنيه دون بعض. قلت: هذا خلاف قول ابن رشد إخراج البنات من الحبس عند مالك أشد كراهة

باب في الحوز المطلق

من هبة الرجل بعض ولده دون بعض إذ لم يختلف قوله أن هبة الشيء من ماله لبعض ولده دون بعض جائزة، وإن كرهت. اللخمي: في إخراج البنات من الحبس اختلاف. روى ابن عبدوس كراهته، وروى العتبي: إن أخرجهن إن تزوجن بطل الحبس، وقاله ابن شعبان ابن القاسم. إن حيز أو مات فات، وكان كما شرط، وإلا فأرى أن يفسخه، ويدخل فيه البنات، وقال أيضاً: إن كان المحبس حياً فليفسخه ويجعله مسجلاً، وإن مات لم يفسخ فجعل له رده بعد الحوز وجعله مسجلاً ما لم يمت، وعلى هذا تجري الصدقة على الذكور فقط أو على بعضهم فعلى الأول تكره، وعلى الثاني تبطل وعلى أحد قولي ابن القاسم تفسخ ما لم تحز وعلى القول الأخر يفسخ ولو حيز. وروى محمد: لا بأس أن ينجل بعض ماله إنما يكره أن ينحل جل ماله، وفي كون العدل بين الذكر والأنثى بالسوية في القدر أو كالميراث قولا ابن القصار وابن شعبان، وهو أحسن. ابن شاس: في مختصر الوقار جائز أن يحبس على الذكر دون الإناث، وعكسه. قلت: ففي الحبس على البنين دون البنات مطلقاً أو إن تزوجن أربعة. ابن رشد: وخامسها: جوازه، وسادسها: كراهته، وسابعها: فوته بحوزه، وإلا فسخه، ودخل فيه البنات للوقار، ورواية ابن عبدوس واللخمي عن أول قولي ابن القاسم. [باب في الحوز المطلق] وشرطه كجنسه العطية حوزه: وحقيقته رفع خاصية تصرف الملك فيه عنه بصرف التمكن فيه للمعطي أو نائبه.

باب في وقت الحوز

[باب في وقت الحوز] ووقته قبل فلسه وموته ومرضه. [باب في الحوز الفعلي الحسي] وهو حسي وحكمي فالأول في الصلاة منها: لا يورث المسجد إن كان صاحبه أباحه للناس. اللخمي في كتاب الجعل والإجارة: يريد: إن لم يبحه ورث، وهو أصل كل ما أوجبه الإنسان لله، ولم يعنيه لا يجبر على إنفاذه. ولابن القاسم مرة ما جعله للمساكين في غير عين جبر على إنفاذه فعليه يجبر باني المسجد على إنفاذه، وإن مات قبل اختياره أو كان على إنفاذه فمات قبل حوزه، ففي

إمضائه حبساً وجعله ميراثاً قولان من الصدقة إن مات قبل تفريط في حوزها. وله في كتاب الحبس: حوز المساجد والقناطير والمواجل والآبار رفع يد المحبس عنها وتخليته بين الناس وبينها، وحوز غيرها على معين يرفع يده بتسليمه لغيره، وعدم عوده إليه لنفعه به نحوه ما كان قبل تحبيسه. وفيها: إن حبس في صحته ما لا غلة له كالسلاح والخيل، ولم يخرجها من يده حتى مات فهي ميراث، وإن كان يخرجه في وجوهه ويرجع إليه فهو نافذ، وإن أخرج بعضه دون بعض صح ما أخرج، وما لم يخرجه فهو ميراث. اللخمي: يصح ما أخرج، ولو قل. قال: وهو على غير معين كالخيل يغزى عليها، والسلاح يقاتل بها، والكتب يقرأ فيها يصح أن تعود ليد محبسه بعد قبضه، ويختلف إن لم يأت وقت إنفاذه للجهاد أو لم يطلب ما للغزاة لها حتى مات المحبس هل تبطل، ولو كان يركب الدابة في عودها إليه لرياضتها لم تبطل، وإن كان يركبها حسبما كان يفعل المالك بطل، وقراءة الكتب إن صارت إليه خفيف. قلت: ويكون فيها لحفظها من السوس فيصير كرياضته الدابة. الصقلي: لأشهب في الموازية والمجموعة: ما كان يرد إليه بعد القفول فيعلف الخيل من عنده، ويرم السلاح، وينتفع بذلك في حوائجه، ويعير ذلك لإخوانه فيموت فهو ميراث. اللخمي: ما حبس على غير معين لتفرق في آحاده كغلة الحوانيت والثمار وخراج العبيد إن أبانه عنه لمن يقدم عليه، ويفرق غلته صح، وإن أبقاه بيده وجهل إنفاذه غلته بطل، ولو علم صرفه غلته في مصرفها أو جعله على يدي غيره يده وباشر هو صرف غلته مصرفها ففي بطلانها، ثالثها: إن بقى بيده لا إن أسلمه لأشهب مع ابن القاسم وأحد قولي مالك في المبسوط، وثانيهما مع المغيرة ومحمد بن مسلمة ورواية محمد، وعن الصقلي رواية محمد لرواية ابن عبد الحكم.

باب في الحوز الحكمي

ابن الحاجب: وإن كان يصرف منفعته في مصرفها، فثالثها فيها: إن كان غلة يصرفها فليس بحوز، وإن كان كفرس أو سلاح فحوز. قلت: وذكرها ابن شاس روايات، وقبلها ابن عبد السلام وابن هارون، ولا أعرف بطلانها في الفرس، والسلاح إن أخرجها، وعادت غليه لذلك بحال. [باب في الحوز الحكمي] والحكمي: حوز ذي ولاية لمن هي عليه. في الهبة منها: والأب يجوز لصغار ولده، ومن بلغ من أبكار بناته ما وهبهم وأشهد عليه، ولا يزول حتى يؤنس رشدهم. والوصي ومن يحوز أمره عليه كأبيه، وفي الهبة تمامه. المتيطي: إن عمر المحبس على ابنه الصغير الحبس لنفسه، وأدخل غلته في مصالحه، فإن موته يبطل الحبس هذا هو المشهور المعمول به. وقال ابن العطار: لولا اجتماع الشيوخ عليه لكان القياس عدم بطلانه بتعديه على غلة وجبت لولده. المتيطي: ولقول ابن العطار ذهب أحد بن يبقي. وفي خامس الثمانية: قال عبد الملك: من صدق على صغار بنيه بحائط أشهد به فكان بيده يتصرف فيه كتصرفه قبل الصدقة بالبيع، والأكل حتى مات فالصدقة ماضية إلا أن يكون جعل حوزها، والنظر فيها لغيره: فإن فعل فيها فعله قبل الصدقة بطلت. وقال أصبغ: إنما ذلك إن علم أنه فعله لنفسه انتزاعاً له منه، وإن لم يعلم ذلك فهو على الحيازة أبداً، ولو طالت حيازتها الأجنبي لهم، ثم رجع الأب لهم فيها يملكها حتى مات لم يبطل ذلك الصدقة أو الحبس.

المتيطي: وفي قول عبد الملك دليل لما ذهب إليه ابن العطار وابن يبقى. قلت: وفي الهبة من هذا زيادة، وفي بطلان قبض السفيه ما حبس عليه لنفسه وصحته نقل المتيطي عن وثائق الباجي، وعن سحنون مع الأخوين. قال: ونزلت أيام القاضي منذر بن سعيد فشاور فيها فأجمع له الجمع من فقهاء بلده بصحته إلا إسحاق بن إبراهيم التجيبي أفتى ببطلانه فحكم بقول الجمع، قاله ابن عاصم. وفيها: حوز الوصي ليتيمه ما وهبه كأبيه، فإن كانا وصيين، ففي صحة حوز أحدهما له ما وهبه وكونه فيه كأجنبي نقلا المتيطي. قلت: قد يتخرجان على ما في وصاياها الأول. قال يحيى بن سعيد: إن كانا وصيين فأوصى أحدهما بماله من تلك الوصية لغير شريكه في الوصية جاز ذلك، وأباه سحنون. المتيطي: إن كان الصغير لا ولي له فقدم المحبس أجنبياً فقبض له جاز ذلك. قلت: مفهوم قوله: لو كان له ولي لم يصح حوز الأجنبي له، وهو خلاف قولها: من وهب لابنه الصغير العبد هبة لم يكن حائزاً له، لأن سيده حازه ماله دون أبيه، فإن جعل الأب هذه الهبة بيد أجنبي يحوزها الصبي كان حوزاً، ولو كره سيده قال: ويصح حوز الحبس بعقد كرائه أو مزارعته إن كان بياضاً أو فيه سواد تبع له، وإن تبع بياضه سواده فبمساقاته، ويغني عن حوزه بالوقوف على معاينة نزول المحبس عليه فيها هذا المشهور المعمول به، وقاله ابن العطار وغيره وحكاه ابن أبي زمنين عن بعض الموثقين، وقال عن بعضهم: أنه لغو، ولا يغني عن الحيازة حتى تشهد البنية بنزول المكتري أو المزارع أو المساقي في الأرض، ومعاينة البنية ذلك، وقاله ابن لبابة وغيره قال: والكراء في الأرض لعامين وأزيد أقوى. ابن العطار: إن عقده لعام واحد ولم يزرع إلا الورقة الواحدة، ومات المحبس قبل أن يعمل الورقة الثانية لم ينفد إلا ما عمل إلا أن يقل ما لم يعمل كالثلث ونحوه فينفد الحبس كله.

باب في صيغة الحبس

ابن العطار: وجرت الفتيا بأن تطوف البنية على الأرض. وتخلي المحبس عنها باللفظ إلى المحبس عليه بمحضر البنية حوز تام، ولو لم تعاين البنية نزوله فيها، وفي الحبس والصدقة منها لمالك: إن لم يتمكن المحبس عليه أو المعطي عمارة الأرض، ومات المحبس قبل أوان الحرث، وإمكانه ولم يمكن المحبس عليه منحها وهبتها يعني هبة الانتفاع بها فالحبس نافد، وإن لم يحز. وقال ابن الهندي: من أعطى ربع كراء أو حرث إن حيز بمعاينة بينة لم يبطل بتركه كراءه أو حرثه إن مات معطيه مطلقاً، وإن لم يحزه بذلك بطل بموته إن ترك كراءه وحرثه بعد إمكان أحدهما لا قبله، وتمام الحوز في الهبة. [باب في صيغة الحبس] الصيغة: ما دل على ماهيته قولاً أو فعلاً، لتسميتهم ما يفهم من حال

الشيء كلاماً. في آخر صلاتها الأول: والمسجد حبس لا يورث إن أباحه صاحبه للناس. الباجي لمُطَرف: من بنى مسجداًّ، ثم صلي فيه تأبد حبساً؛ يريد: أباحه لمن صلى فيه، وفي ظاهر قول مُطَرف معها: لا يلزم وتحبيسه بمجرد بنائه، نظر، وكان يجب أن يلزم بمجرد بنائه، ويتم حوزه بإباحته، وإقام الصلاة فيه، ويحتمل أن لا يلزم به لمن جوز أن يبني مثل هذا البناء مسجداًّ لنفسه بداره، وما في المسجد من بيت للماء أو لزينة وحصره وآلته وسلاسله وقناديله تبعٌ له. قُلتُ: ولتشخص متعلق لفظه، وكونه كلياً أثر في دلالته عليه. الجلاب: مالي حبس في وجه كذا في كونه مؤبداً، ورجوعه لمحبسه أو وارثه إن انقرض ذلك الوجه روايتان. ولو قال: وقف تأبد. ابن رُشْد: معنى لفظ الحُبُس والوقف واحد لا يفترقان في وجه. وقول القاضي: لا يكون الوقف أبداً إلا محرماً غير صحيح لا فرق بين وقفت هذه الدار على فلان، أو حبستها عليه، وفي كون حبسها عليه مؤبداً، أو يرجع إليه أو إلى وارثه، ثالثها: إن لم يقل حياته لروايتين ومحمد. اللخمي: إن قال: حبساً على هؤلاء النفر، وضرب أجلاً أو قال: حياتهم رجع ملكاً اتفاقاً، واختلف إن لم يسم أجلاً ولا حياة. الباجي: من قال: حبست هذه الدار، ولم يقل على شيء ما صح حبساً، قاله أشهب ورواه محمد، وذكر قول القاضي في تأبيد لفظ الوقف، ولم يتعقبه، وتعقبه ابن زرقون كابن رُشْد. وفيهما لربيعة: والصدقة على قوم بأعيانهم، ومعناه ما عاشوا، ولم يذكر تعقيباً فهو تعميم. اللخمي: إن قال: صدقة على فلان وفلان فهو ملك لهما. الباجي: لفظ الصدقة إن أراد به تمليك الرقبة فهو هبة، وأن أراد به معنى الحُبُس

فهو كلفظه. قُلتُ: بقي عليه إن لم يرد أحدهما. ابن رُشْد: إن قال: صدقة على فلان فهي تمليك اتفاقاً، ولو قال: حبساً صدقة أو حبساً لا يباع، ولا يوهب ففيها يتأبد. ابن رُشْد: قول ابن القاسم فيها: لم يختلف فيه قول مالك غير صحيح. وروى ابن عبد الحَكم في حبساً صدقة أنها ترجع ملكاً. ولابن وَهْب في حبساً لا يباع ولا يوهب: يرجع ملكاً لاحتمال قوله لا يباع، ولا يوهب حياة المحبس عليه. قُلتُ: في عزوه لم يختلف فيه قول مالك لابن القاسم نظر؛ لأنه في بعض نسخ المدَوَّنة لسَحنون نصاًّ، وفي بعضها ظاهراً. قُلتُ: ونقل الباجي عن ابن حبيب: قال ابن الماجِشُون في حبساً صدقة: هي عمري إن لم يذكر صدقة تعقيباً، ولا منع البيع، وقاله ابن كنانة ثالث في اللفظين. وفي المقدمات لابن رُشْد: ما حبسه على مجهولين غير محصورين كالمساكين أو في السبيل أو على بني زهرة فهو صدقة محرمة مؤبدة اتفاقاً، وما حبسه على محصورين غير معينين كولد فلان أو عقبه أو بنيه أو نسله أو ذريته فهو كذلك إلا أن يقول: حياتهم. فقال ابن الماجِشُون: ترجع ملكاً بعد العقب والصدقة على غير معينين، ولا محصورين كهذه الدار على المساكين يسكنونها أو يستغلونها حبس لا تباع، وعلى محصورين غير معينين كداري صدقة على فلان، وعقبه في رجوعها بانقراضهم كالحبس أو لآخر العقب ملكاً، ثالثها: هي عمري تورث بذلك على ملك معطيها لراوية ابن عبدوس وغيرها. قُلتُ: عزا الصقلي الثاني لبعض أصحاب ابن عبدوس، وعزاه ابن رُشْد في رسم سلف من سماع ابن القاسم لسماع أشهب، وعزا فيه الأول لبعض رجال مالك فيها، ولابن عبدوس عن أكثر أصحاب مالك، وعزا عياض الثالث لرواية الجلاب. اللخمي: روى محمد: إن قال: "صدقة عليك وعلى ولدك أو عليك وعلى عقبك"

كان ملكاً إلا أن يقال: "لا تباع ولا تورث". محمد: إن عقب الصدقة فهي حبس إلا أن يقول بتلا له ولعقبه، فإن كان بيتاً فله أن ينتفع به. قُلتُ: يريد بالبيع وغيره. قال: ولابن القاسم في الموازيَّة، إن قال: "صدقة على فلان وولده"، فهي حبس والأول أحسن أن يكون ملكاً، ومحملها على الموجود من الطبقة العليا؛ لأن أصل الصدقة التمليك لا التعقيب، وكذا إن أدخل العقب يكون للأول هبة منافع، فإن مات كانت لمن بعده، فإن لم يبق إلا بنت أو من لا يولد لمثله كانت ملكاً يجيء الأولون بالذكر، ويسقم على جميعهم. قُلتُ: ظاهره: إن صارت لبنت أو من لا يولد له قسمت حينئذ، وفيه نظر. والصواب بقاؤها بيده ينتفع بها ما دام حياً كمن كان قبله، فإن انقرض قسمت كما ذكر. قال: وعلى القول الآخر تكون ملكاً لآخرهم، والمعهود من هذا اللفظ التمليك لمن هو موجود من الولد. وسمع ابن القاسم: من تصدق بدار على رجل وولده فهي ميراث لمن تصدق بها عليه. ابن القاسم: تورث عنهم كما لو اشتروها. ابن رُشْد: اتفاقاً إن عرف عدد الولد وأعيانهم، وإن لم يعرفا إلا بعد الإحصاء، والبحث ففي كونهم كذلك، وقسم الصدقة عليهم بقدر الحاجة قولان من ثاني وصاياها. قُلتُ: ما تقدم لابن رُشْد من الاتفاق في ولد فلان خلاف نقل عياض. قال: إن جعل لفظ الحُبُس في محصور غير معين يتوقع انقراضه، كقوله على بني زيد أو بنى عمرو وولده أو عقبه أو على من يطلب العلم بموضع كذا فهو حبس مؤبد هذا قوله فيها وفي غيرها، واختلف فيه قدماء أصحابه، ونقل اللخمي رواية الجلاب أنه

يعود ملكاً. وقيل: هي على من وجد كما لو عين، وهو الذي له في المجموعة. واختلف إن قال: "بنو زيد" هل هو كقوله: ولد زيد فيمن وجد، وفيمن لم يوجد فيكون مؤبداً. قُلتُ: قوله: اختلف فيه قدماء أصحابه خلاف نص ابن رُشْد على اتفاقهم أنه مؤبد. ونقل عياض وهم، إنما ذلك في لفظ الصدقة حسبما تقدم، وما ذكره من نقل اللخمي عن ابن الجلاب صحيح، وفيه على اللخمي تعقب بيانه أنه قال: إن كان الحُبُس على مجهولين فقال: حبس على فلان وعقبه فانقرض ذلك العقب، ففيها لمالك لا يرجع ملكاً، وذكر ابن الجلاب قولاً آخر أنه يعود ملكاً. قُلتُ: لفظ الجلاب من قال: مالي حبس في وجه كذا، ففيها روايتان حسبما قدمناه. وقوله: في وجه كذا يحتمل أن يريد في وجع معين. عياض: لو حبس على معدوم بعد موجود غير محصور كقوله: على أولادي وبعدهم للمساكين، ولم يترك ولداً أو أو أيس له منه، ففي رجوعه ملكاً ونفوذه حبساً قولا ابن القاسم وعبد الملك، ولو قال: بدل هو حبس هو موقوف، فحكى البغداديون نفوذه حبساً، ولو كان على معين، وحكى غيرهم من شُيُوخنا: هما سواء وكل ما لا يتأبد مرجعه لمالكه أو وارثه كعمري. وما يتأبد في الهبات منها: إن قال: حبس عليك، وعلى عقبك. قال: مع ذلك صدقة أو لا، فإنها ترجع بعد انقراضهم لأولى الناس بالمحبس يوم المرجع من ولد أو عصبة ذكورهم وإناثهم سواء يدخلون في ذلك حبساً، ولو لم تكن إلا ابنة واحدة كانت لها حبساً لا ترجع إلى المحبس، وإن كان حياً هي لذوي الحاجة من أهل المرجع دون الأغنياء، فإن كانوا كلهم أغنياء فهي لأقرب الناس بهم من الفقراء. ابن رُشْد: في أول رسم من سماع ابن القاسم في قصر رجوعه على عصبة المحبس

الرجال ودخول من يرثه من ذوي نسبه من الإناث معهم، ثالثها: يدخل من يرثه منهن لو كان ذكراً كبنت المولى المعتق لسماع أَصْبَغ ابن وَهْب، وسماع سَحنون ابن القاسم، وللآتي على قياس قولي ابن القاسم في سماعه. قُلتُ: ظاهرها كسماع ابن سَحنون، وعزا الباجي سماع أَصْبَغ لابن القاسم، وإنما هو لابن وَهْب كنقل ابن رُشْد. قال ابن رُشْد: وإنما يدخل بعد موت الأقرب من الرجال والنساء فيما فضل عنه أو عنها، وإن كان الرجال والنساء في درجة واحدة فالذكر كالأنثى. قُلتُ: عزاه الباجي لرواية محمد. قال ابن رُشْد: وفي دخول الأمهات والجدات، ثالثها: الأم لا الجدة لها لسماع ابن القاسم وعبد الملك مع رواية أشهب، وابن القاسم في الواضحة. ابن زرقون: تأول على سماع عيسى ابن القاسم دخول الأم دون الجدة، ولا يدخل فيه من لا يشارك المحبس في نسب، ولو كان ذكرا كالأخ للأم اتفاقاً. وفي لغة مانعية الغناء من الدخول وشرطه بالفقر، ثالثها: إن كان المستحق سكنى، ولا مسكن للغني لرواية ابن نافع بقيد تبدئة الفقير على الغني. والمشهور مع قول ابن القاسم وروايته فيها وغيرهما. ابن رُشْد: هذا إن لم يخص المحبس حبسه بالفقير منهم، ولو قال: هو على الفقراء من ولدي وولد ولدي أو على محتاجي إلى فلان وشبهه لم يرجع إلا إلى أقرب الناس به من الفقراء. الصقلي: إن لم يكن فيهم فقير ردت إليهم إن استووا في الغنى الأقرب فالأقرب، وللشيخ عن ابن القاسم في الواضحة: كل حبس يرجع حبساً يرجع لأقرب الناس بالمحبس يوم المرجع إن كانوا بناتاً وعصبة فهو بينهم إن كان فيه سعة، وإلا فالبنات أولى، وتدخل معهن الأم لا الجدة للأب، وإن رجع إلى عصبة ذكور دخل معهم أخواتهم، فإن رجع إلى ولد المولى المعتق دخل معهم بناته، فإن كان النساء أقرب من العصبة فقال مالك: يدخلون كلهم إلا أن يكون فيه سعة فيبدأ بإناث ذكور ولده على

العصبة، ثم الأقرب فالأقرب، وإن لم يكن إلا النساء كان كله لهن على قدر الحاجة إلا أن يفضل عنهن. أَصْبَغ: لا يعجبني قوله: إلا أن يفضل عنهن ما فضل عن سد خلتهن رجع إليهن؛ لأن ذوي الأحباس إذا استووا في الغنى، والحاجة لم يصرف إلى غيرهم من السبيل. قُلتُ: ولو لم يكن قريب بوجه فهو لمطلق الفقراء لقول اللخمي: المرجع لا شرط فيه هو فيه كحبس لم يبين مصرفه؛ لأن المحبس مات ظاناً أن العقب لا ينقرض فصرف في الأقربين لحديث أبي طلحة، ولذا قال مالك: الذكر كالأنثى، ولو اشترط فيه أن له ضعف حظها، ولو انقرض المحبس عليهم إلا امرأة واحدة اختصت به، ولو شرط أن للذكر ضعف حظ الأنثى؛ لأن معناه: إن كان معها ذكر. ابن الحاجب: والوقف لازم، ولو قال: ولي الخيار. ابن عبد السلام: ظاهره لو قال في عقده: حبست داري هذه على الجذماء ولي الخيار لزمه، ولا خيار له، وفيه نظر؛ لأنه إلزام له غير ما التزم. قُلتُ: في لفظ المؤلف والشارح إجمال لعدم تعرضهما لمتعلق خياره بالذات، والصواب عبارة ابن شاس: لا يقع الوقت إلا لازماً لو قال: على أني بالخيار في الرجوع عنه وإبطال شرط لزم وبطل الشرط. قُلتُ: فهذا واضح على ضروري قواعد المذهب في لغو الشرط المنافي للعقد فيه إن لم يؤثر فساداً، كقول عتقها الثاني: من أعتق أمته على أن تنكحه أو تنكح فلاناً فهي حرة ولا يلزمها نكاح، ولا أعرف هذا الفرع في المذهب نصاً إنما ذكره الغزالي في وجيزه فلفظ ابن شاس، وتعقب ابن عبد السلام بقوله: إنه إلزام له غير ما التزم، يرد بمنعه بل هو إلزام له ما التزم؛ لأن حبست إن شاء يجب مدلوله به، فشرط فيه خياره لا يفيده،

كقولها: وإن أعطته شيئاً على أن يطلق ويشترط الرجعة أو خالعها، وشرط إن طلبته شيئاً عادت زوجة أو شرط رجعتها، فشرطه باطل، ولو بين قبل لفظه أن خياره إنما هو في إثباته لا في رفعه عكس ظاهر لفظ ابن شاس: لم يلزمه. ويؤيده ما ذكره المتيطي، وغيره من الموثقين قال: من أشهد مسترعياً أنه متى حبس ملكه كذا، ووصفه بما يعينه فهو غير ملتزم له إنما يعقده لتخوفه على نفسه أو عقاره، وليحل عقده عند أمنه لم يلزمه ما يظهر من تحبيسه إياه بعد ذلك، وانفسخ بقيامه بهذا الاسترعاء إن لم يثبت المحبس عليه فيه مدفعاً، ويصدق المسترعي فيما يدعيه من التخوف، وإن لم يعرفه الشهود في الاسترعاء. قُلتُ: كذا قال غير واحد من الموثقين: وكان يمشي لنا في الإقراء أخذ خلاف ذلك من قولها في العتق الأول أنه لا يقبل قوله فيما يتقيه من التخوف إلا بدليل يدل عليه وهو قولها: ولو مر على عاشر بأمة فقال: هي حرة، وهو لا يريد بذلك حريتها لم تعتق عليه فيما بينه وبين الله. قُلتُ: فإن قامت عليه بينة أتعتق عليه؟ قال: إن عرف أنه دفع بقوله مظلمة عن نفسه لم تعتق عليه في رأيي وتقرير أخذه إن تقدم قوله أنه غير ملتزم له قرينة دالة على عدم التزامه عقد التحبيس لدفع ضرر يتوقعه فوجب أن لا يقبل قوله فيه إلا بدليل يدل على صدقه أنه غير ملتزم له قياساً على مسألة العتق بجامع أنه عقد إنشاء ادعى عدم التزامه لقرينة دالة عليه، وهي صدور لفظ إنشائه عند مروره بالجارية على العاشر، وهذه القرينة أقوى من قرينة تقدم قوله: لا أريد به الحبس؛ لأنه هذه يمكن كذبها عادة وقرينة المرور على العاشر لا يمكن كذبها عادة. وسمع ابن القاسم: من لحق عبده بدار الحرب فقال له: اخرج إلي وأنت حر، فلما خرج قال: إنما أردت أن أستخرجك. قال: إن كان شهد أنه أراد أن يستنقذه فلا عتق عليه وإلا فهو حر. ابن رُشْد: هذا أصل مختلف فيه.

قال مالك: فيمن له على رجل حق فجحده فصالحه وشهوده غيب فأشهد في السر أنه إنما يصالحه، لأنه جحده فخاف ذهاب حقه، وأنه على حقه إن حضرت بينته أن الصلح يلزمه، ولا ينتفع بذلك. وقال: أَصْبَغ: ينتفع في الغيبة البعيدة وللتحرز من هذا الخلاف يكتب في الاصطلاحات، وأسقط عنه الاسترعاء والاسترعاء في الاسترعاء، ومن الكتاب من يزيد ما تكرر وتناهى، ولا معنى له؛ لأن الاسترعاء هو أن يشهد قبل الصلح سراً إنما يصالح لوجد كذا، وأنه غير ملتزم للصلح والاسترعاء في الاسترعاء أن يشهد أنه لا يلتزم الصلح، وأنه متى صالح، وأشهد على نفسه في كتاب الصلح أنه أسقط عنه الاسترعاء في السر، فإنه غير ملتزم ذلك، ولا يسقط عنه القيام به، فلا يتصور في ذلك منزلة ثالثة. وهذا الاسترعاء في السر إنما يقع عند من رآه نافعاً فيما خرج على غير عوض، وما خرج على عوض لا ينفع فيه اتفاقاً. قال ابن الحاجب كابن شاس: ولا يشترط التنجيز كقوله: إن جاء رأس الشهر فهو وقف. ابن عبد السلام: كمعتق لأجل في الأمة والعبد لا يضره استحداث سيده ديناً قبل الأجل، وذلك يضر عقده الحبس. قُلتُ: ما قاله ظاهر إن لم يجز الحُبُس عنه، ولو حوزه عنه، فإن بتل منفعته في الأجل لغيره لم يضره حدوث الدين، وإن أبقاها لنفسه بطل بحدوث الدين على المشهور في لغو حوز المستأجر لغيره، وعلى إعماله لا يبطل به. والروايات واردة بإطلاق لفظ الحُبُس على ما حبس مدة يصير بعدها ملكاً لمن حبس عليه أو على غيره، أو راجع لمحبسه، وهو مجاز لكونه على المؤبد حقيقة اتفاقاً دفعاً للاشتراك. الشَّيخ في الموازيَّة والمجموعة عن عبد الملك: من قال: داري حبس على عقبي، وهي لأحدهم ملك فهي لآخرهم كذلك، وقيل: ذلك محبسة إن كان آخرهم امرأة فلها

بيعها وهبتها، وإن كان رجلاً يرجى عقبه وقفت عليه إن مات دونه ورثت عنه. وفي المجموعة: وروى ابن القاسم: من قال لرجلين: عبدي حبس عليكما، وهو للآخر منكما؛ جاز، وكان له ملكاً. وقاله أشهب: قال: إلا أن يقول: حبس عليكما حياتكما، وهو للآخر منكما فلا يكون له إلا حبساً عليه حياته. وفي الموازيَّة: إلا أن يكون قوله: وهو للآخر منكما بعد أن ثبت قوله الأول فلا يكون للآخر إلا حبساً. وسمع عيسى ابن القاسم: من حبس بعض ماله على أن مرجعه إليه يجعله حيث شاء فجعل مرجعه في مرضه لوارث لم يجز شيء منه له إلا برضى الورثة لقول مالك: من أخدم عبده رجلاً حياته فجعل مرجعه في مرضه، ولآخر هو في ثلثه. ابن رُشْد: إن استثنى فيما حبس مرجعه لنفسه ليجعله حيث شاء فهو كقول مالك في المخدم إن صرف لوارث بطل، ولغيره هو من الثلث يقوم قيمة صحيحة إن كان رجع وعلى الرجاء والخوف إن كان لم يرجع، ولو استثنى مرجعه لنفسه ليجعله حيث شاء فجعله في مرضه حيث شاء على غير وارث، ففي كونه في ثلثه أو رأس ماله قولا ابن القاسم وأَصْبَغ، وتقدم قولا مالك وابن القاسم فيمن حبس على ولده ولا ولد له فهي محبسة تخرج من يده، وثالثها: ننقل الشَّيخ عن المجموعة: قال عبد الملك: من قال: صدقتي هذه على ولدي، ولا ولد له فهي محبسة تخرج من يده ليد ثقة، يوقف فضل غلتها عن مصلحتها إن مات، ولم يلد كانت وغلتها لأولى الناس به يوم حبسها، فإن كان أخاً، ومات قبله فصار أولى الناس به ابن أخ أخذ ورثة الأخ منها تعمير الأخ من يوم حبس ليوم موته، وأخذ ورثة ابن الأخ تعميره من يوم موت الأخ ليوم موت ابن الأخ، وأخذ العم من غلته من يوم موت ابن الأخ ليوم موت المحبس؛ لأنا لو علمنا يوم حبس أنه لا ينسل عملنا هذا إن وجد له ولد، وقد اجتمع منها غلة فلم يأخذوها حتى انقرضوا، ولم يعقبوا هم، ولا أبوهم فالغلة لورثتهم لاستحقاقهم إياه، ولا تكون لأولى الناس بالمحبس.

ومصرفه: إن عين فواضح، وإلا اعتبر عرفه إن كان. فيها: من قال: داري حبس، ولم يجعل لها مخرجاً نسياناً أو جهل الشهود أن يذكروه ذلك. قال مالك: هي حبس في الفقراء والمساكين. قيل له: هي بالإسكندرية وجل ما يحبس بها في سبيل الله. قال: يجتهد فيه فيما يرى الوالي، وأرجو له في ذلك سعة. اللخمي: قال مالك في قوله: داري حبس، ولم يجعل لها مخرجا فذكر ما تقدم. وقال: قوله ربيعة في المبسوط: يسكنها الولد والقرابة والرحم أحسن لحديث أبي طلحة قال: إن أحب أموالي إلي بير حاء الحديث فأمره صلى الله عليه وسلم أن يجعلها في الأقربين، ولا يمنع مالك أن يبتدئ بالأقارب والرحم، ولو قال: حبس في سبيل الله، وقال: نويت كذا صرفه فيه، وإلا ففيها لمالك: يجعل في الغزو. اللخمي: وقال أشهب: القياس في أي سبيل الخير وضع جاز، وذكر قولها: إن كانت بالإسكندرية. قال: وقال أشهب: يجعل في سبيل الله. الشَّيخ: في المجموعة لابن كنانة من حبس داراً في سبيل الله ليسكنها المجاهدون والمرابطون، ومن مات منهم لم تخرج امرأته حتى تتم عدتها، ويخرج من ليس بمجاهد، ولا مرابط وصغر ولد الميت. اللخمي: هذا إن كانت للسكنى، وإن كانت للغلة فرق كراؤها على أهل الغزو إن كانت في المواجيز، وإن لم تكن في المواجيز وشأنهم أن يبعثوا إلى أهل الغزو، وكانت دار الغلة والسكنى سواء تبعت غلتها، وإن لم يكن الشأن البعث إليهم سكنها الفقراء إن كانت للسكنى، وفرق كراؤها عليهم إن كانت للغلة، وإن جعلت غلتها في إصلاح المساجد والقناطير أو غير ذلك جاز. ابن الحاجب: ولا يشترط تعيين المصرف لفظاً لو قال: وقفت صرف إلى الفقراء، وقيل: في وجوه الخير. قال ابن عبد السلام: ظاهره أنه لابد من تعيينه قصداً؛ لأنه إنما نفى شرط تعيينه

لفظاً، وهو خلاف ظاهر المدَوَّنة من قال: داري حبس فقط، ولم يجعل لها مخرجاً، ومثله في العتبيَّة. قُلتُ: ظاهر قوله: أن ظاهر لفظ ابن الحاجب أنه لابد من تعيينه قصداً إلى آخره، يرد بأن آخر كلامه يدل على خلاف ذلك، وهو قوله: صرف إلى الفقراء؛ لأنه لو كان لا بد عنده من تعيينه قصداً لما استقام قوله: صرف للفقراء بل الواجب حينئذ أن يقول سئل عن قصده، فإن تعذر صرف للفقراء. قال: وقوله: وقيل في وجوه الخير بعده خلافاً، وليس كذلك إنما المذهب سؤال المحبس عن قصده فيعمل عليه، فإن تعذر حمل على غالب حبس الناس في تلك الجهة، فإن لم يكن غالب صرف على الفقراء. قُلتُ: حاصله رده ما ذكر من الخلاف بزعمه نفي الخلاف، وهو مردود بنقل ابن شاس: من قال: وقفت ولم يعين له مصرفاً صرف للفقراء. قال مالك في المدَوَّنة: وقال القاضي أبو محمد: يصرف في وجوه الخير. قُلتُ: فما نقله عن المدَوَّنة واضح، وما نقله عن القاضي هو نصه في المعونة: من قال: حبساً فقط صرف في وجوه الخير والبر. وشبيه المصرف مثله إن تعذر: في نوازل الشعبي عن ابن المكري: من حبس أرضاً على مسجد فخرب، وذهب أهله وصار ما حوله مزرعة لطول العهد يجتهد القاضي في حبسه بما يره. وقال ابن الهندي: توقف عليه لعله يبني وصرفها لغيره تبديل. الباجي: لو كانت أرض محبسة لدفن الموتى فضاقت بأهلها فلا بأس أن يدفنوا بمسجد بجانبها، وذلك حبس كله، قاله ابن الماجِشُون. ول أَصْبَغ عن ابن القاسم في مقبرة عفت: لا بأس ببنائها مسجداًّ وكل ما كان لله فلا بأس أن يستعان ببعضه على بعض. ابن الحاجب: لو حبس على زيد وعمرو، ثم على الفقراء، ثم مات أحدهما فحصته للفقراء إن كانت غلةً، وإن كانت كركوب دابة وشبهه فروايتان.

قُلتُ: كذا نقلها ابن شاس، ولا أعلم من نقلها قبله غير القاضي في المعونة، ويؤخذان من قولي مالك فيها: من حبس حائطاً على قوم معينين فكانوا يلونه ويسقونه، ومات أحدهم قبل طيب الثمرة، فجميعها لبقية أصحابه، وإن لم يلوا عملها، وإنما تقسم عليهم الغلة فنصيب الميت لرب النخل، ثم رجع مالك إلى رد ذلك لمن بقي وبهذا أخذ ابن القاسم. قُلتُ: ففي نقل حظ معين من طبقة بموته لمن بقي فيها أو لمن بعدها القولان بالأول أفتى ابن الحاج، وبالثاني أفتى ابن رُشْد، وألف كل منهما على صاحبه. قال ابن رُشْد في مسألة من أول رسم من سماع ابن القاسم من كتاب الحُبُس ما نصه: وفيها معنى وينبغي أن يوقف عليه، وهو قوله: إن هلك رجل من الورثة الذين أوصى لهم بحظه لولده، وهو قد حبس عليهم، ثم على أولادهم من بعدهم إذ لا يقتضي قوله: على أولادهم أن لا يدخلوا ولد من مات منهم في الحُبُس حتى يموتوا كلهم؛ لأن قوله ذلك يحتمل أن يريد به، ثم على أعقابهم من بعد انقراض جميعهم وأن يريد، ثم على أعقاب من انقرض منهم إلى أن ينقرض جميعهم؛ لاحتمال اللفظ المعنيين معاً بالسوية، وكذلك في عطف كل جمع على جمع، ويجوز أن يعبر به عن كل واحد من الوجهين، وهو بين من قوله تعالى: {كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنتُمْ أَمْوَاتًا فَأَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} [البقرة: 28]؛ لأنه قد علم أنه تعالى أراد بقوله: {فَأَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ} أنه أمات كل واحد منهم بعد أن أحياه قبل أن يحيي بقيتهم، وأنه تعالى أراد بقوله: {ثُمَّ يُحْيِيكُمْ} أنه لا يحيي منهم حتى يميت جميعهم، والصيغة واحدة فلولا أن كل واحدة فيهما محتملة للوجهين لما صح أن يريد بالواحدة غير مراده بالأخرى، وهذا أبين من أن يخفى، فإذا كان قوله على أولاده محتملاً للوجهين وجب أن يكون حظ من مات منهم لولده لا يرجع على إخوته؛ لأن ما هلك عنه الرجل ولده أحق به من إخوته فترجح بذلك أحد الاحتمالين؛ لأن الأظهر من قصد المحبس أن ذلك بينهم على سبيل الميراث فقال: على أعقابهم فلا يدخل الولد مع والده في الحُبُس حتى يموت، ولو أراد أن لا يدخل في الحُبُس حتى يموت والده، وجميع أعمامه المحبس

عليهم مع أبيه لقال: ثم على أولادهم من بعد انقراضهم جميعهم فلا خاف أعلمه في هذه المسألة نصاًّ، ولابن الماجِشُون في الواضحة ما ظاهره خلاف هذا، وهو محتمل للتأويل، وذهب بعض فقهاء زماننا إلى أن الولد لا يدخل في الحُبُس بهذا اللفظ إلا بموت أبيه وكل أعمامه. قال: لأن ثم تقتضي التعقيب في اللسان العربي دون خلاف وتعلق بظاهر قول ابن الماجِشُون في الواضحة: ولا تعلق به لاحتماله، فقوله خطأ صراح بما بيناه، وإنما يختلف في المذهب إن حبس على جماعة معينين ثم صرف الحُبُس من بعدهم لغير أولادهم من وجه آخر. فجعل مرجع الحُبُس إليهم بعدهم على ثلاثة أقوال قائمة من المدَوَّنة فيمن حبس حائطه على أقوام معينين مات بعضهم، وبالحائط ثمر لم يؤبر: أحدها: رد حظ الميت إلى المحبس. والقاني: رده إلى بقيتهم. والثالث: إن كان الحُبُس تقسم غلته كالثمرة رجع حظ الميت للوجه الذي جعل المرجع إليهم بعدهم، وإن كان لا تنقسم غلته كالعبد يختدمونه، والدار يسكنونها، والحائط يلون عمله رجع حظ الميت إلى بقيتهم. وحكى القاضي في المعونة: أن الخلاف إنما هو فيما يقسم كالغلة والثمرة، ولا خلاف فيما لا ينقسم كالعبد يختدم، والدار تسكن، وليس ذلك بصحيح. قُلتُ: كذا وجدته في غير نسخة واحدة من البيان، والذي في المعونة عكس ما نقل عنها. فيها: إن حبس على جماعة شيئاً، ثم جعله في وجه آخر بعد انقراضهم فمات بعضهم، فإن كان ذلك الشيء يقسم كالغلة فحظ الميت في الذي جعل فيه بعد انقراضهم لا على من بقي، وإن كان مما لا ينقسم كالعبد يستخدم، والدابة تركي ففيها روايتان. ومن حبس على فلان، ثم على عقبه من بعده، وعقب عقبه، ففي دخول عقب

العقب مع العقب لعطفه عليه بالواو، وكونه بعده على الترتيب لأجل تقدم العطف بثم فتوى ابن القاسم أَصْبَغ بن عبد الله، وابن الحاج مع ابن رُشْد. تحقيق لفظ المحبس عليه: ابن رُشْد: ولدي أو أولادي فقط يخص من ولده، ولو بواسطة ليست أنثى هذا قول مالك: وجل أصحابه، وعمه ابن عبد البر، وغيره من المتأخرين في الجميع، وله في آخر مسألة من أول رسم من سماع ابن القاسم. وقيل: لا يدخل في تحبيسه على ولده إلا ولده لصلبه ذكورهم وإناثهم، قاله غير ابن القاسم في سماع سَحنون فيمن حبس على ابنته، وعلى ولدها. وعلى سماع أَصْبَغ ابن القاسم من كتاب الوصايا: من أوصى لولد فلان خصت ذكور ولده دون إناثهم بخلاف قوله: لبني فلان هذا يدخل فيه بنو فلان ذكورهم وإناثهم؛ أي: من حبس على ولده اختص بذكور ولده فقط. قُلتُ: ففي قصر لفظ ولدي وجمعه على ذكور صلبه أو مع إناثهم أو مع ولد ذكورهم ذكراً أو أنثى، رابعها: هذا مع ولد البنات للتخريج على سماع أَصْبَغ ابن القاسم في الوصية، وقول غير ابن القاسم والمشهور وأبي عمر مع غيره، ويرد أخذ ابن رُشْد، واتباعه ابن زرقون من قول الغير سماع سَحنون بأنه إنما قاله في قوله: حبساً على ابنتي، وعلى ولدها، فقال ابن القاسم: يدخل ولدها ذكورهم وإناثهم، فإن ماتوا كان ذلك لأولاد الذكور من ولدها ذكورهم وإناثهم، وكذا قال مالك: يكون على كل من يرجع نسبه للابنة. وقال غيره: إنما يكون على ولد الابنة دنية من الذكور والإناث إن ماتوا لم يكن لأولاد أولادهم شيء. قُلتُ: ولا يلزم من عدم تناول لفظ ولد البنت ولده كونه كذلك في لفظ ولده لجواز كون البعد، وعدم لحوق نسبهم به مانعاً من تناوله إياه. وكون القرب وثبوت النسب إليه مؤثراُ أو جزءاً من المؤثر، وعلى المشهور في دخول الولد مع أبيه في تسوية الأبناء بالآباء وتبدئة الآباء إن استوت حاجتهم، ثالثها:

يبدى من دخل بالنص على من دخل بالمعنى، لا من دخل بالنص على من دخل به، ورابعها: يبدى من دخل بالنص على من دخل بالمعنى، ومن دخل بالنص على من دخل بالنص لا على من دخل بالمعنى على من دخل به، وهذا القول أضعفها؛ لأن نسبة النص للنص كنسبة المعنى للمعنى، وحصلها ابن رُشْد إثر قوله في سماع ابن القاسم قوله في السماع هم مع آبائهم في الحُبُس بالسوية هو نص سماع عيسى ابن القاسم وسماعه يحيي، ونقل سَحنون فيها عن المغيرة خلاف المسألة التالية هذه. ومعلوم مذهب ابن القاسم وروايتها أن الآباء يؤثرون على الأبناء، ولا يكون للأبناء معهم في السكنى إلا ما فضل عنهم وسواء على قوليهما. قال: حبس على ولدي، ولم يزد يدخل معهم الأبناء بالمعنى، أو قال: على ولدي وولد ولدي دخلوا معهم بالنص. وفرق أشهب فقال: إن دخلوا بالمعنى بدي الآباء، وإن دخلوا بالنص لم يبدوا عليهم. والأقوال الثلاثة فيمن سمي من الأبناء على من لم يسم منهم، ومن سفل منهم ممن لم تتناوله تسمية المحبس فلا يفضل الآباء منهم على الأبناء إن استووا في الحاجة هذا نص قول مالك فيها: لا أعرف فيه نص خلاف فيدخله بالمعنى من متقدم قوله في الموالي يبدأ بالأقرب فالأقرب من ذوي الحاجة إلا أن يكون الأبعد أحوج فيبدأ هذا قول مالك، وهو أحب ما فيه إلي، وفي قوله: أحب ما فيه إلى دليل على الخلاف، وهو قوله في رسم الشريكين بعد هذا أن موالي الموالي يدخلون مع الموالي لا يفضلون عليهم في ظاهر قوله إن استوت حاجتهم. قُلتُ: في كون هذه الأربعة تحصيل هذا البيان نظر لعسر أخذ رابعها منه بل تحصيله في تفضيل الآباء على الأبناء إن سمى الآباء، ثالثها: ودخل الأبناء بالمعنى، ورابعها: ولو لم يسموا لسماع ابن القاسم مع سماعه عيسى، ونقل سَحنون فيها عن المغيرة وغيره، ومعلوم قول ابن القاسم مع روايتها يؤثر الآباء على الأبناء، وأشهب والتخريج على سماع ابن القاسم من حبس على مواليه بدئ بالأقرب فالأقرب، وفي

نوازل ابن الحاج إن كان عرف بلد القائل حبس على أولادي أنه على الذكور فقط لم يدخل فيه الإناث كعرف زمن عائشة حيث قال: وتمثلت بقول الله تعالى: {وَقَالُوا مَا فِي بُطُونِ هَذِهِ الْأَنْعَامِ} الآية [الأنعام: 139]، ولو كان العرف كونه على الإناث، لم يدخل الذكور، وإن لم يكن عرف دخل فيه الاختلاف، ولفظ ولدي وولد ولدي أو أولادي وأولاد أولادي رواية ابن وهب في المجموعة لا يدخل فيه ولد البنات. الباجي عن ابن العطار هذا قول مالك، وكانت الفتيا بقرطبة دخولهم، وقضى به القاضي ابن السليم بفتيا أكثر أهل زمانه. وفي المقدمات: من أدخل من متقدمي شيوخنا ولد البنات بهذا اللفظ أو إذا كرر اللفظ ثاله، وعزاه لمذهب مالك أخطأ وجهل الرواية عنه، ويحتمل أنه علمها، وتأولها بحمله قوله: لا يدخل في ذلك ولد البنات فيه على أنه أراد به ولد بنات أبناء المحبس على أصل مذهبه أن ولد البنات ليسوا بولد ولا عقب، وهو تأويل بعيد، ولفظ ولدي وأولادهم أو أولادي وأولادهم في المقدمات. روى ابن أبي زمنين: لا يدخل فيه ولد البنات، وأدخل فيه ولد البنات خاصة دون من تحتهم من ولد بنات البنات من الشيوخ من أدخلهم في ولدي وولد ولدي إلا أن يزيد درجة فيقول: وأولاد أولاد أولادي، فيدخلون في الدرجة الثالثة، وكذا كل ما زاد درجة دخلوا إلى حيث انتهى لفظه. وبإدخالهم هذا اللفظ قضى ابن السليم بفتوى أكثر أهل زمانه، ودخولهم به أبين من دخولهم باللفظ الأول؛ لأن الأول، وهو قوله: ولدي وولد ولدي يخص ولد الذكور من ولده إناثهم بوجهين عوف الشرع وعرف الناس، والتخصيص بعرف الشرع متفق عليه. ولفظ أولادي وأولادهم لا يتخصص إلا بعرف الناس فقط، وهو سماع أصبغ من أوصى لولد عبد الله خص ذكور ولدهم دون إناثهم، والتخصيص بعرف كلام الناس مختلف فيه من قول مالك وغيره فيتخرج دخول ولد البنات في الحبس بهذا اللفظ على قول مالك لا يخصص به، وقول الشيوخ: إن كرر اللفظ فقال: وأولاد أولاد

أولادي أن ولد بنات بنات المحبس يدخلون إلى انتهاء الدرجات لا يجري على مهب مالك بحال إنما يتأتى على اتباع ظاهر اللفظ لغًة. قلت: ظاهر قول الباجي: أن قضاء ابن السليم في اللفظ الذي قبل هذا خلاف نقل ابن رشد ولا سيما بعد ذكره الفرق بينهما معنًى، ولفظ أولادي ويسميهم بأسمائهم ذكورهم وإناثهم، ثم يقول وعلى اولادهم. في المقدمات: ما يدخل فيه ولد البنات على مذهب مالك وأصحابه المتقدمين والمتأخرين إلا ما روي عن ابن زرب، وهو خطأ صراح فلا يعد خلافًا؛ لأنه لم يقله برأيه بل قاله بقياس فاسد على ما ذهب إليه من تقليد غيره؛ لأنه كان يفتي بما عليه الجماعة من دخول ولد البنات إلى أن نزلت، فقال: رأيت لموسى بن طارق قاضي زبيد أنه سأل مالكًا عمن حبس على ولده، وولد ولده فقال: ولد البنات في هذه المسألة ليسوا بعقب لا أعلم فيه خلافًا بين أهل المدينة فرجع عن قوله، وأشهد على رجوعه فكان من قوله في القائل: على ولدي فلان وفلان وفلانة وعلى أعقابهم وأعقاب أعقابهم أنه لا شيء لولد فلانة فقوله على أولادي وأعقابهم وفيهم أنثى. قال: فكذا إذا قال: على ولدي فلان وفلان وفلانة وعلى أعقابهم لاحتمال عود الضمير إلى الذكر من دون البيت، والذي قاله الجماعة من عوده على جميعهم هو الصواب. ورجوع ابن زرب لأجل الرواية التي حكاها غلط بين؛ لأنها إنما هي فيمن حبس على ولده وولد ولده، وهي غير التي رجع عن جوابه فيها؛ لأن وجه الرواية ما بينه من اعتقاد الناس أن الولد خاص بالذكر بل لا يعرف صدق لفظ الولد على الذكر والأنثى إلا الخاص من العلماء، ولا يمكن أن يقال إن أحدًا من الناس يجهل أن ضمير الجمع يرجع إلى جميع المذكورين بل الكثير منهم يعتقد أنه لا يصح رجوعه إلى بعضهم، وذهب إليه كثير من العلماء فقالوا: في عموم آي القرآن المخصصة بغيرها أنها منسوخة، ومعنى آخر: وهو احتمال كون مالك راى أن لفظ ولد الولد لا يقع إلا على من يرجع نسبه إليه، ولا يمكن أن يقول أحد إن ضمير الجمع يعود على بعض المذكورين إلا إذا

قام عليه دليل كقوله تعالى: {يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ أَلَمْ يَاتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آَيَاتِي} [الأنعام: 130] ضرورة العلم بأنه تعالى لم يبعث من الجن رسولًا. وقول ابن عبد السلام وغيره قول ابن الحاجب. قال الباجي: أخطأ ابن زرب خطأ في العزو لجهله اصطلاح ابن شاس في إطلاقه لفظ الشيخ أبي الوليد على ابن رشد، ولفظ القاضي أبي الوليد على الباجي. وتقدم الكلام عليه في المزارعة. ولفظة أولادي ذكورهم وإناثهم، ولم يسمهم بأسمائهم، ثم قال: وعلى أعقابهم. في المقدمات: ظاهر المذهب دخول ولد البنات في ذلك بخلاف لفظ: أولادي، ولم يذكر لفظ ذكورهم وإناثهم لما قلنا من أن لفظ الأولاد لا يوقعه الناس إلا على الذكور دون الإناث. واستدل بعضهم من رواية الموازية: من حبس على ولده الذكر والأنثى، وقال: من مات منهم فولده بمنزلته لا شيء لولد البنات، أن لا شيء لولد البنات واستلاله ضعيف. ووجه هذا القول إن سلمنا استدلاله على ضعفه أن يحمل قوله: وأعقابهم، على أنه إنما أراد أن يبين أنه لم يرد أن يخص بحسبه بينه الذكور والإناث دنية دون من تحتهم من بني البنين لا إدخال من لم يتناوله لفظ الولد الذكران والإناث، وإذا لم يسلم الاستدلال فالفرق بين المسألتين أن تحمل هذه المسألة على ظاهرها، ويحمل قوله في رواية محمد: من مات منهم فولده بمنزلته على التفسير لما تناوله اللفظ الأول. ولفظ البنين في المقدمات حكم قوله: على بني أو على بني وبني بني أو على بني وبينهم، كحكم لفظ الولد على القول إن لفظ جمع المذكر يدخل فيه المؤنث، وعلى عدمه ينفرد الذكور من بنيه وبني بينه دون الإناث. قلت: في الزاهي لابن شعبان لو قال: على بني لم يدخل فيه المؤنث، وعلى عدمه ينفرد المذكور عن بنيه وبني بنيه هو وبناته ودخل فيه بنو بنيه فقط، وقيل: يدخلن لقوله تعالى {يَا بَنِي آَدَمَ لَا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ} [الأعراف: 27] لدخول البنات فيه.

ابن رشد: ولو قال: على بني ذكورهم وإناثهم سماهم أو لا وعلى أعقابهم فهو على ما تقدم في الولد. قلت: قوله: على القول: إن لفظ جمع المذكر يدخل فيه المؤنث، وعلى عدمه ينفرد الذكور دون الإناث خلاف إطلاق الرواية. قال الشيخ: وظاهره من المجموعة: قال مالك: من تصدق على بنيه وبني بنيه دخل فيه بناته وبنات بنيه. وسمع عيسى ابن القاسم: من حبس على بنات له دخل فيه بنات بنيه الذكور. وذكره الباجي ولم يقيده قال: وقوله صلى الله عليه وسلم في الحسن: ((ابن ابني هذا سيد)) مجاز وثناء عليه، ولفظ العقب في المقدمات هو كلفظ الولد اتفاقًا. قلت: وعزاه الشيخ لرواية ابن القاسم في المجموعة. ولابن حبيب عن الأخوين قال: قال ابن الماجشون: فجميع ذلك أن كل ذكر أو أنثى حالت دونه أنثى فليس بعقبه، وقاله مطرف. ولفظ النسل والذرية في عدم دخول ولد البنات فيهما: ثالثها في النسل للمقدمات عن بعض الشيوخ عن الجاري على مذهب مالك، وبعضهم، وابن العطار. الباجي عنه: النسل كالولد والذرية تشمل ولد البنات اتفاقًا لقوله تعالى: {وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ} إلى قوله {وَعِيسَى} [الأنعام: 84 - 85]، وهو ولد بنت. ابن رشد: وهو استدلال صحيح في أن ولد الرجل من ذريته، وكذا يقول في نسله، وعقبه كما أنه من ولده خلاف ما ذهب إليه. قلت: يرد استدلال ابن العطار بأنه لا يلزم من ثبوته في عيسى عليه السلام ثبوته في مسألة النزاع؛ لأنه إنما ثبت في عيسى لعدم أب له يحوز نسبه، ولا يلزم من ثبوته فيمن

لا أب له يحوز نسبه إليه ثبوته فيمن له أب يحوز نسبه، ولاعتبار هذا المعنى من حيث ذاته كان المذهب في ولد الملاعنة المعتقة جرها ولاء ولدها لمعتقها ما دام غير مستلحق، فإن استلحقه أب بطل جرها، وشاع في أوائل هذا القرن على ما بلغني الخلاف فيمن أمه شريفة وأبوه ليس كذلك هل هو شريف أم لا؟ فأفتى الشيخ أبو علي منصور المدعو بناصر الدين من فقهاء بجاية بثبوت شرفه وتبعه جل أهل بلده. وأفتى الشيخ أبو إسحاق بن عبد الرفيع قاضي بلدنا تونس بعدمه. وسمعت شيخنا ابن عبد السلام يصرح بتخطئة مثبته متمسكًا بالإجماع على أن نسب الولد إنما هو لأبيه لا لأمه. وقاله بعض من لقيت من الفاسيين: وقال: يلزم عليه أنه لو تزوج يهودي أو نصراني بعد عتقه وإسلامه شريفًة أن يكون ولده منها شريفًا، وهذا لا يقوله منصف أو مسلم؛ أنا أشك. وألف الفريقان في المسألة وأقوى ما احتج به الأولون تمسكهم بما تمسك به ابن العطار: و [ان أصل الشرف من فاطمة رضى الله عنها، وهو بنسبة الأمومة لا بنسبة الأبوة. قلت: والحق أن ابن الشريفة له شرف ما عن منزلة من أمه ليست بشريفة لا الشرف العرفي، وتمسكهم بما تمسك به ابن العطار يرد بما تقدم. وتمسكهم بالقياس على ثبوته بالنسبة إلى فاطمة بجامع أنه شرف ثبت بولادة الأم يرد بأنه إنما ثبت بهذه النسبة فيمن ثبتت نسبته إليها بنسبة الأبوة، فكان هذا الشرف الثابت في صورة الإجماع ثابتًا بالنسبة إلى فاطمة رضى الله عنها الثابتة النسبة إليها بالنسبة إلى الأب فحينئذ لا يلزم ثبوته في المقيس؛ لأنه إنما يتصور ثبوته فيه بالنسبة إلى فاطمة رضى الله عنها بالنسبة إلى الأم لا إلى الأب، وهذه النسبة الثابتة في المقيس أضعف من النسبة الثابتة في الأصل؛ لأنها فيه بالنسبة إلى الأم، وهي فاطمة رضى الله عنها، وبالنسبة إلى الأب، وهو أبو الولد المتكلم في شرفه الثابت نسب أبيه إلى الحسن أو الحسين رضى الله عنهما بالنسبة إلى الأب، وهي في المقيس ثابتة بالنسبة إلى الأم، وهي فاطمة رضى الله عنها وبالنسبة إلى الأم أيضًا، وهي أم الولد المتكلم في

شرفه فهي في الأصل أقوى، وفي المقيس أضعف، وذلك فرق واضح يقدح في القياس المذكور، ويؤكد صحة هذا الفرق اتفاق العلماء فيما علمت في باب الترجيح على أن نتيجة الدليل الذي هو إحدى مقدمتيه ظنية، والأخرى قطعية أرجح من نتيجة الدليل الذي مقدمتاه معًا ظنيتان. ولفظ إخوتي في الزاهي لابن شعبان يشمل إخوته، ولو لأم فقط ذكورهم وإناثهم لقوله تعالى: {فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ} [النساء: 11]، ولفظ رجال إخوتي ونساؤهم فيه يشمل أطفال ذكورهم وإناثهم، ولفظ بني أبي فيه يشمل إخوته لأبيه وأمه ولأبيه فقط والذكر من أولادهم مع ذكور ولده؛ لأنهم من بني أبيه. زاد ابن شاس: وهذا يشعر بعدم دخول الإناث تحت قوله: بني خلاف ما تقدم في الرواية في لفظ البنين. قلت: ووهم ابن الحاجب في عزوه هذا التعقب للتونسي؛ لأنه نص لابن شاس اتفق له مثل هذا في غير هذا الموضع من كتابه. وأخل ابن الحاجب بالنص على دخول ولده الذكور معهم، وأجاب ابن عبد السلام عن تعقب ابن شاس بأن لفظ بني يطلق بمعنى الحنان والشفقة وذلك قرينة في إدخال البنات. ولفظ بني أبي إنما يستعمل عرفًا عند المفاخرة والتعصب والمحامات، وهذا لا يناسب إرادة المؤنثات. قلت: إن رد بأن إدخال صغار إخوته حال كونهم صغارًا في قوله: رجال إخوتي يبطل إيجاب قرينة إرادة التناصر إخراج من لا نصرة له فيه أجيب بأن المراد النصرة، ولو بالقوة العادية، وهي حاصلة في الصغير لا في الأنثى. والحق إن كان المعتبر عند ابن شعبان الإطلاق لغًة فالتعقب لازم، وإن كان المعتبر الإطلاق عرفًا فجوابه تام، ولكن ظاهر كلام ابن شعبان اعتبار الإطلاق اللغوي أو الشرعي لا العرفي، ولذا لما ذكر الباجي قوله في الأصل قال إثره: وهذه المعاني، وردت

مجازًا، ومقتضى مذهب مالك اعتبار حقائقها أو عرف استعمالها. قلت: فخص مالكًا باعتبار العرف دون ابن شعبان، فحينئٍذ يكون التعقب لازمًا. ولفظ آلي وأهلي: قال الباجي عن ابن القاسم: الآل والأهل سواء هم العصبة والبنات والعمات لا الخالات. الباجي: يريد: العصبة، ومن في تعددهم من النساء. قلت: فتدخل بنات العم، ولو بعدن قال: هذا المشهور. ولابن شعبان: هم من هو في جهة الأبوين، ولو بعد. قلت: لفظ ابن شعبان من كان من جهة أبيه أو أمه، ولو بعد. ولفظ القرابة: قال الباجي: روى ابن المواز وابن عبدوس: من أوصى لأقاربه قسم على الأقرب فالأقرب بالاجتهاد. وفي العتبية: لا يدخل فيه ولد البنت، ولا ولد الخالة. ولابن عبدوس عن ابن كنانة: تدخل فيه العمة والخال والخالة وبنت الأخ وبنت الأخت. وروى علي: يدخل فيه أقاربه من قبل أبيه وأمه. أشهب: يدخل فيه كل ذي رحم محرم، ولو غير رحم من قبل الرجال والنساء، ويلزم من أدخل بني الأخت أن يدخل بني الخالة إلا أن تكون لجهة الأب مزية. قلت: في كتاب الوصايا: سمع عيسى رواية ابن القاسم: من أوصى لأقاربه بثلث ماله فهو لقرابته من قبل الرجال، ولا شيء لقرابته من قبل الأم إلا أن لا يكون له قرابة من قبل الرجال. ابن رشد: إن لم يكن له يوم أوصى قرابة من قبل أبيه فالوصية لقرابته من قبل أمه اتفاقًا، فإن كانا معًا ففي دخول من هو من قبل أمه قولا أشهب وابن القاسم مع روايته. المتيطي: في عدم دخول قرابته من النساء ودخولهم بكل حال، ثالثها: إن لم يبق من قرابته من الرجال أحد دخلوا لابن القاسم، ورواية الأخوين مع قولها، ونقله ابن

حبيب عن كل أصحاب مالك وعيسى بن دينار. ولفظ الموالي في قصره على موالي عتاقته فقط أو مع أولادهم ومواليهم أو مع موالي أبيه وابنه، ولو بعد أو إخوته، رابعها: وموالي عصبته لابن رشد في سماع ابن القاسم من كتاب الحبس عن سماع أصبغ ابن وهب في الوصايا، وسماع ابن القاسم أول قولي مالك، وثانيهما: قول غير ابن القاسم في المجموعة يدخل فيه موالي ولد الولد والأجداد والأم والجدة، ونقله مع تخريجه على الثالث. قال: وقول الغير: وموالي الأم والجدة؛ يريد: أم الأب وأم الجد لا أم الأم ولا أم أم الأب؛ لأن النساء لا يرثن الولاء، وفي دخول المولى الأعلى مع الأسفل إن لم يقم دليل على إرادة أحدهما قولان لأشهب، ونص وصاياها. قال أشهب: فإن كان كل منهما ثلاثة فأكثر أو أقل منها قسم الحبس أو الوصية بينهما نصفين، ولو كان عدد أحدهما أكثر من الآخر، فإن كان عدد أحدهما أقل من ثلاثة اختص به الآخر. ابن رشد: لو قيل: يقسم على عددهم ما كانوا إن استووا في الحاجة كان له وجه، وهو أظهر من قول أشهب وكون أهل أحدهما أغنياء دون أهل الآخر دليل إرادة الفقراء فقط. الباجي: قال مالك: يدخل في مواليه موالي مواليه وابنه وأبيه، وروى ابن وهب وأولاد مواليه. وفي المجموعة: وموالي ولد الولد والأجداد والأم والجدة والإخوة لا موالي بني الإخوة والعمومة. قال ابن الحاجب: وعلى مواليه روي مواليه الذي أعتقهم فقط وأولادهم، وروي موالي أبيه وابنه ورجع إليه، وروي موالي أبيه وابنه ورجه إليه، وروي وموالي مواليه، وروي وموالي الجد والجدة والأم والأخ، فقبلها ابن عبد السلام وجعل تغايرها بما زادته كل رواية على ما قبلها، وهذا يوجب وجود رواية بقصره على معتقيه وأولادهم دون موالي مواليه وجده رواية بقصره على مواليه وأولادهم وموالي أبيه وابنه دون موالي

مواليه، ولا أعرف من نقلها، فإن ثبتتا كانت الأقوال سنة أربعة ابن رشد وهاتان. ابن رشد: ومن دخل منهم على قول قائل بدئ منهم الأقرب على الأبعد إلا أن يكون أحوج كما قال في أول رسم من سماع ابن القاسم، وظاهر سماعه في رسم الشريكين مساواة البعد الأقرب. ولفظ القوم: قبل الباجي قول ابن شعبان هو خاص بالرجال العصبة دون النساء لقوله تعالى: {لَا يَسْخَرْ قَومٌ مِنْ قَوْمٍ}، {وَلَا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ} [الحجرات: 11]. وقول زهير: أقوم آل حصن أم نساء ابن شعبان: ولفظ أطفال أهلي وصبيانهم وصغارهم يخص من لم يبلغ ذكرا أو أنثى، ولفظ شبانهم وأحداثهم يخص من بلغ منهم، ولم يكمل الربعين، ولفظ كهولهم يخص من جاوز الأربعين منهم إلى ان يكمل الستين. ولفظ شيوخهم: يخص من جاوز الستين منهم، ولفظ أراملهم فيه الرجل الأرمل كالمرأة الأرملة. قال الشاعر: هذي الأرامل قد قضيت حاجتها فمن الحاجة هذا الأرمل الذكر وأما الوصايا والأحباس على المتعارف بين الناس. قلت: والبيت لجرير، في الاكتفاء لابن كردبوس جاءت طائفة من الشعراء فأقاموا بباب عمر بن عبد العزيز أياما لم يؤذن لهم حتى قدم عدي بن أرطأة، وكانت له مكانة فتعرض له جرير، فقال: يأيها الرجل المزجي مطيته ... هذا زماتك إني قد خلا زمني أبلغ خليفتنا إن كنت لاقيه أني لدى الباب كالمصفود في قرن وحش المكانة من أهلي ومن ولدي نائي المحلة عن داري وعن وطني

فقال: نعم، أبا حزرة فدخل على عمر فقال: يا أمير المؤمنين إن الشعراء ببابك، وأقوالهم باقية، وسهماهم مسمومة. قال: يا عدى ما لي وللشعراء. قال: يا أمير المؤمنين إن النبي صلى الله عليه وسلم مدح فأعطى، وفيه الأسوة لكل مسلم، مدحه عباس بن مرداس فكساه حلة قطع بها لسانه. قال: وتروى؟ قال: نعم رأيتك يا خير البرية كلها ... نشرت كتابا جاء بالحق معلما سننت لنا فيه الهدى بعد جورنا عن الحق لما أصبح الحق مظلما الأبيات. قال له: فمن بالباب؟ فقال له: ابن عمك عمرو بن أبي ربيعة. قال: لا قرب الله قرابته، ولا حيا وجهته، أليس هو القائل: ألا ليت أني يوم تدونوا منيتي شممت الذي ما بين عينيك والفم وليت طهوري كان ريقك كله وليت حنوطي من مشاشك والدم وليت سليمى في القبور ضجيعتي هناك أو في جنة أو جهنم والله لا دخل علي أبدا فمن بالباب غيره؟ قال: جميل. قال: هو القائل، فذكر من شعره نحو ما تقدم: لا دخل علي أبدا فمن بالباب غيره؟ فقال: كثير عزة، فذكر من شعره نحو ما تقدم، وقال: لا يدخل علي فمن بالباب غيرهم؟

قال: خالك الأحوص الأنصاري، فذكر من شعره نحو ما تقدم، وقال: لا يدخل علي فمن بالباب غيرهم؟ قال: الفرزدق همام بن غالب فذكر من شعره نحو ما تقدم، وقال: لا يدخل علي فمن بالباب غيرهم؟ قال: الأخطل فذكر من شعره ما نسب فيه لنفسه فعل الكبائر، وقال: لا وطئ لي بساطًا أبدًا، فمن بالباب؟ قال: جرير. قال في شعره عفة فأذن له. قال: فخرجت وأذنت له فلما مثل بين يديه. قال له: اتق الله أبا حرزة، ولا تقل إلا حقا. فقال: كم باليمامة من شعثاء أرملة ومن يتيم ضعيف الصوت والنظر ممن يعدلك يكفى بعد والده كالفرخ في العش لم يدرج ولم يطر إنما لنرجو إذا ما الغيث أخلفنا من الخلافة ما نرجو من المطر أتى الخلافة إذ كانت له قدرا كما أني موسى ربه على قدر هذي الأرمل قد قضيت حاجتها فمن الحاجة هذا الأرمل الذكر فقال: يا جرير، والله لقد وليت هذا الأمر، وما أملك إلا ثلاثمائة درهم، مائة أخذها ابني عبد الله، ومائة أخذتها أم عبد الله، يا غلام، أعطه المائة الباقية، فقال: يا أمير المؤمنين، إنها لأحب مال كسبته إلى، وخرج، فقال له الشعراء: ما وراءك؟ فقال: خرجت من عند أمير يعطي الفقراء، ويمنع الشعراء، وإني عنه لراض، وأنشأ يقول: رأيت ولي الشيطان لا يستفزه وقد كان شيطاني من الجن راقيا قلت: قوله: "كما أتى ربه موسى على قدر" كتم بعض أشياخنا الصلحاء يمنع هذا

التشبيه، ويراه خلاف ما يجب من الأدب لمقام الأدب النبوءة. قلت: وفيه دليل على جواز حفظ الشعر المشتمل على نسبة قائله لنفسه ما لا يحل فعله، ولو في الكبائر إذا كان فيه مصلحة من استشهاد به أو تجريح قائله، وعزو ابن هارون بيت هذي الأرامل للخطئية، وهم تبع فيه ابن شاس. قال: وحكم الوقف اللزوم في الحال إن نجزه، ولم يضفه لمستقبل من قوله أو غيره. قلت: حكم ما عقد منه اللزوم مطلقًا نجزه في الحال أو إضافة لمستقبل، وإنما المنقسم فيه إلى الحال والاستقبال التنجيز لا اللزوم فعبارة ابن الحاجب أحسن، وهي وحكم مطلقة التنجيز ما لم يقيد باستقبال. قلت: هذا هو المعروف في لزوم العطية بالعقد، وعلى نقل ابن زرقون والمازري عدم لزومها به عن روايتي ابن خويز منداد والطحاوي لا يلزم الحبس بعقده، وهو خلاف نقل ابن رشد في رسم الشجرة لا خلاف في المذهب أن من حبس أو وهب أو تصدق أنه لا رجوع له في ذلك، ويقضي عليه بذلك إن كان لمعين أتفاقًا ولغير معين باختلاف، والقولان فيها على اختلاف روايتها وتقدم وقف تمامه على حوزه. الباجي: حكى أبو تمام عن المذهب أن الصدقة والحبس يتمان بالقول دون حوز والهبة تفتقر إليه، وهو كالعطية من رأس المال إن حيز في صحته، ومن ثلثه إن أحدثه في مرضه، وفيما تأخر حوزه لمرضه، وأحدثه في صحته خلاف مذكور في الهبة. الشيخ: روى ابن عبدوس من قال: هي حبس عليك حياتي، ثم هي في السبيل فهي من ثلثه، وقاله ابن القاسم وأشهب وعن أشهب: في هذا الأصل أنها من رأس ماله. قلت: وفي نوازل ابن الحاج عقب ذكره القولين، ولو قال: هي لك في حياتي، ثم هي في سبيل الله كانت من راس ماله اتفاقًا. قلت: لأن لفظ الحبس يقتضي بقاء ملك المحبس، وإسقاطه بمفتقر سقوط ملك المعطي.

وأفتى ابن رشد فيمن حبس حبسًا على ابنته، وعقبها على إن ماتت، ولا عقب لها او مات عقبها في حياته رجع إليه، وإلا فهو لأقرب الناس منه أنه من الثلث، ويدخل سائر ورثته على ابنته إن مات قبلها فيه إن حمله الثلث أو ما حماه منه. قلت: لأنه على وارث مرجعه لغير وارث، وكرواية محمد سمع ابن القاسم. ابن رشد: عن ابن لبابة إن مات المحبس عليه قبل المحبس فالأول، وإن مات بعده فالثاني، والأولان بناء على أن الإعطاء المبتل الموقف قبض المعطي العطية على أمر هو قبل وجود ذلك الأمر على ملك المعطي لأجل، وقف تقيده على أمر لم يوجد بعد أو هو على ملك المعطي لجزمه في العقد بتبتيله، وخرج عليه قولي مالك فيمن أخذ من عبده رجلا، ثم هو الآخر فقتل أو جرح أو مات عن مال هل قيمته وأرش جرحه وماله لمعطيه أو لمن مرجع رقبته. واختلف قول ابن القاسم كمالك، ولو حبس حبسًا معقبًا شرط فيه رجوعه إليه بعد انقراض كل العقب، وبقي بيده إلى أن توفى كان في ثلثه لا من راس مال، ونزلت أيام منذر بن سعيد فحكم به بعد فتوى اللؤلؤي به مع كل أهل الفتوى حينئذ، وخالفهم إسحاق بن إبراهيم التجيبي في وجع في ذلك فلج مخالفته عقله. ابن فتوح والمتيطي عن ابن الهندي: وولد الحيوان الحبس مثله. سمع ابن القاسم: ما ولد بقرات حبست قسم لبنها في المساكين من أنثى حبست معها ورد ثمنها في إناث أو في علو فتها. ابن رشد: هذا كقولها: ما ضعف من دواب حبس السبيل أو بلي ثيابه، فذهبت منفعته بيع ورد من ثمن الدواب في خيل، فإن لم يبلغ ثمن فرس أو هجين أو برذون أعين ب÷ في ثمن فرس ورد ثمن الثياب في ثياب، فإن قصر عن ثمن ما ينتفع به فرق في السبيل خلاف رواية منع بيع ذلك، وأنه لو بيع الربع المحبس، وهو قول ابن الماجشون: من حبس غلامًا فكبر أو تخلف فكثرت سرقته وإباقه لم يجز بيعه ليشترى بثمنه مكانه، وكذا البعير والتيس إن انقطع حزابه لكبره لم يبع ليشتري بثمنه غيره مكانه إلا أن يكون المحبس شرط ذلك في حبسه، وهذا الخلاف إنما هو في بيعه ليشتري بثمنه

باب المستحق من الحبس لمن عليه حبس

غيره يكون مكانه، وأما بيعه فيما يلزم من رعيها وعلفها فجائز اتفاقًا فما انقطعت منفعته إن لم يرج عودها وأضر بقاؤه للنفقة عليه جاز بيعه، وما رجي عود منفعته، ولا ضرر في بقائه منع بيعه اتفاقًا فيهما، وما لم يرج عود منفعته، ولا ضرر في بقائه مختلف فيه، ومنه الربع الخرب. [باب المستحق من الحبس لمن عليه حبس] والمستحق لمن عليه حبس منفعته، وهي أخص من الانتفاع به لاختصاص ملك المنفعة جواز بيعها دون ملك الانتفاع إلا أن يشترط المحبس قصر استحقاق المحبس عليه على الانتفاع فقط أو يقتضيه عرف تقرر كحبس مدارس العلم على طلبته وزوايا لفقراء. وفيما تجب به الثمرة لمن حبست عليه اضطراب. سمع ابن القاسم: من تصدق على ثلاثة نفر بثمر حائطه فمات أحدهم بعد أن أبروها فهي بينهم؛ لأنه قد أبر وسقى، ثم نزلت فقضي أن لا شيء لمن مات إن كان حبسًا وإنما يكون لوراثة لو مات بعد طيبها، ولو كانت صدقه غير حبس كانت لوارثه، ولو المتوبر. ابن رشد: معنى قوله: تصدق على ثلاثة نفر؛ أي: حبسها عليهم؛ لأن الصدقة المبتولة، وغير حبس حظ من مات منهم من ما فيها لوراثة اتفاقً، ولو لم توبر. وأما الحبس فمن مات منهم بعد الطيب فحظه لوارثه، ومن مات قبل الآبار لا شيء لوراثة اتفاقًا فيهما، فإن مات أحدهم بعد الآبار قبل الطيب، وففي وجوب حظه لوراثة مطلقًا أو إن كان الميت أبر وسقى، ثالثها: لمن بقي منهم، ورابعها: هذا إن كانوا يلوا عملها أو كان المحبس عبدًا يخدمهم أو دار يسكنونها، وإن كان ثمرًا يقسم رجع

لمحبسه، وخامسها: له مطلقًا لغير واحد من الرواة فيها، ولما رجع إليه مالك مع اختيار ابن القاسم: ولم يعز الباقين وأولهما هو الذي رجع عنه مالك فيها، وثانيهما: مقتضى قول اللخمي عزوه لرواية القاضي في المعونة، وصوبه. قال: إلا ان تكون العادة رجوعه لبقية أصحابه، وقول ابن رشد: من مات بعد الطيب فحظه لوارثه اتفاقًا خلاف نقل اللخمي. قال: إن كانت الغلة تقسم عليهم، ولم يلوا عملها لم تستحق بالإبار، واختلف هل تستحق بالطيب أو تكون لمن أدرك القسم. وقول ابن حارث: اتفقوا في الحبس على قوم على أنهم إن كانوا يلونه بأنفسهم، وهو بينهم على الإشاعة أن حظ من مات منهم لأصحابه خلاف نقل ابن رشد الأقوال الخمسة. قال ابن حارث: وذكر محمد اختلاف قول مالك، والقول الذي رجع إليه بزيادة إلا أن يكون أوصى بعدة لكل رجل أو قال: لهذا يوم، ولهذا يوم فحظ من مات راجع إلى مرجع الحبس كله. زاد الصقلي عنه: وكذلك إن أوصى لكل واحد بمسكين بعينه فحظ من مات لصاحب الأصيل، وعلى كونه لمن بقي منهم لو تقدم للميت في الثمر نفقة، ففي رجوع وارثه بعد طيب الثمرة على من بقي منهم بالأقل من النفقة أو حظ الميت من الثمرة مقسطا منها ما أنفقه غيره فيها، وتعجيل غرم من بقي لصاحبه لوارثه نفقته نقلا الصقلي عن بعض أصحابه، وبعض شيوخه قائلا: كتعجيل غرم من استحق أصلًا فيه ثمر سقيه، وعلاجه. الصقلي: وهذا أبين إلا أن يبقى الوارث على حظ الميت في الثمرة، وعلى الأول قال: لو أجيحت الثمرة فلا شيء للوارث. قلت: يرد القياس على المستحق بأنه باستحقاقه تعجل تمام ملكه الثمرة الجواز بيعه إياها، وإعطائه إياها لمن يتعجل تصرفه فيها: ومن بقي من ا÷ل الحبس لا يتعجل ملك الثمرة لمنعه من بيعها، وإعطائها من يتعجل التصرف فيها.

ابن رُشْد: ولو ماتوا كلهم معًا، ففي كون الثمرة لورثتهم أو للمحبس، ثالثها: إن كانوا أبروا وسقوا وإلا فللمحبس لأشهب ولغيره ولهذا السماع؛ لأن موتهم كلهم كموت المحبس عليه إن مات واحد، وإن مات واحد بعد واحد، ففي مون الآخر ثلاثة أقوال، وإنما ترجع الثمرة للمحبس في الموضع الذي ترجع إليه إذا قال: حبسًا، ولم بقل حبسًا صدقة، ولو قالها رجعت إلى أقرب الناس به حبسًا. قال: فيتحصل فيما تجب به الثمرة للمحبس عليهم بأعيانهم وجوبها بالطيب لا الإبار، وبالإبار مع كونهم سقوها، وأبروها وبمجرد الإبار. الباجي: لو كانت أرضا يحرثها من حبست عليهم، وهم معينون، ثم ماتوا خير ربها في إعطائه الوارث كراء الحرث أو سلبها لهم بكرائها تلك السنة، ولو مات وبها زرع فهو للوارث، ولا كراء عليه، وقاله أًصْبَغ، وإن لم يكونوا معينين كالحبس على رجل وعقبة ففي وجوبها بالطيب أو القسمة قولان. قُلتُ: عزاهما ابن زوقون لابن القاسم مع مالك لابن الماجِشُون. قال: وثالثها لأشهب بالإبار لا تجب إلا بالقسم وأما الحُبُس على بني زهرة فلا يجب إلا بالقسم من مات قبله سقط حظه، ومن ولد قبله ثبت حظه. قُلتُ: والحبس على القراء بموضع معين كقراء جامع الزيتونة بتونس حرسها الله تعالى إن كان بقيد أن الثوب لمعين فهم كالأجراء، وتقدم كلام الشُيُوخ في المستأجر على الأذان والإمامة يمرض بعض الأيام، وإمام المسجد يموت وعليه دار محبسة وأهله بها هل تخرج أو تقيم لتمام العدة، وإن كان الحُبُس لا بقيد كقراءة سبع المحرابي بجامع الزيتونة فهو كالحبس على فلان وعقبه. المتيطي: وفي كراهة اقتسام الحُبُس اقتسام اغتلال وانتفاع قولان، والعمل على جوازه. قُلتُ: عزاه ابن سهل لعبيد الله بن يحيي، ومحمد بن وليد، وابن لبابة، وأيوب بن سليمان، ولظاهر قولها في مسألة أولاد الأعيان، وعزا المنع لظاهر قول أكثر أصحاب مالك، ولفته وابن الأعبس محتجًا على ابن أيمن برواية علها فيها.

وقال محمد بن يحيى: اختلافهما خطأ، ومعنى القسم في مسألة الأعيان إنما هو قسم انتفاع لا قسم يلزم، والنظر في الحُبُس لمن جعله إليه محبسه. المتيطي: يجعله لمن يثق به في دينه وأمانته، فإن غفل المحبس عن ذلك كان النظر فيه للقاضي يقدم له من يرتضيه، ويجعل للقائم به من كرائه ما يراه سداد أعلى حسب اجتهاده. قُلتُ: فلو قدم المحبس من رآه لذلك أهلا فله عزله، واستبداله. سمع يلي حبسهن فاتهمنه في غلتهن، وطلب بعضهن أن يوكل بحقه، فإن كان حسن النظر لم يكن لها ذلك، وإن كان على غير ذلك جعل معه من يوكله بذلك. ابن رُشْد: معناه أن العم قدمه المحبس، ولو كان بتقديمهن لكان لمن شاءت منهن توكيل غيره على حقها، ولم يكن للسلطان في ذلك نظر، وقوله إن كان على غير ذلك؛ يريد: سيئ النظر أو غير مأمون، وإنما رأى أن يوكل بحقها، ولم يعزله؛ لأنه رضيه بعضهن، ولو لم ترضه واحدة منهن عزله، ولو كن غير مالكات أنفسهن لوجب تقديم السلطان غيره، وقال ابن دحون: لو اتهمه جميعهن لكان لهن عزله وإنما بقي؛ لأنهن اختلفن في تهمته، وفي قوله نظر. قُلتُ: قول ابن دحون: هو معنى متقدم قول ابن رُشْد؛ فتأمله، ونزلت في حبس حبسته الحرة أخت أمير بلدنا وجعلته بيد شيخنا ابن عبد السلام على أنه مدرس به، ثم نقلته لشيخنا ابن سلامة فقبله وشهد في العزل والتولية جميع الشهود الذين كانوا حينئذ منتصبين للشهادة، وعللوا ذلك بالتفريط. المتيطي: إن شرط المحبس في حبسه أنه إن نظر قاض أو غيره في حبسه هذا فجميعه راجع إليه إن كان حياً أو لوارثه إن كان ميتًا أو صدقة بتلها على فلان ابن فلان فله شرطه. ابن فتوح: للقاضي تقديم من ينظر في أحباس المسلمين، ولا يرتفع تقديمه بموته، ويرتفع برفعه من ولي بعده.

ولقاضي: أن يجعل لمن قدمه للنظر في الأحباس رزقاً معلومًا في كل شهر باجتهاده في قدر ذلك بحسب عمله، وفعله الأئمة. ابن عات عن المشاور: لا يكون أجره إلا من بيت المال، فإن أخذها من الأحباس أخذت منه، ورجع بأجره في بيت المال، فإن لم يعط منها، وأجره على الله تعالى، وإنما لا يقطع له منها شيء؛ لأنه تغيير للوصايا، ومثل قول المشاور أفتى ابن ورد وقال: لا يجوز أخذ أجرته من الأحباس إلا أن يجهل على من حبست، وخالفه عبد الحق بن عطية، وقال: ذلك جائز، لا أعلم فيه نص خلافٍ، وتقدم جعله على غير يد المحبس، وولاية المحبس تفرق غلته في فصل الحوز. ونفقة الحُبُس من غلته: فلو كانت لا تفي بنفقته فأظنني وقفت على أنه إن ثبت ذلك عند قاضي محله رده لمحبسه يصنع به ما شاء. ونزلت فحكم بنقضه بعض قضاة وقتنا بعد عجز ثبوت عجز غلة الحُبُس عن خراجه واستشارني في ذلك فوافقته لما كنت وقفت عليه من النص في ظني، ثم بعد ذلك ظهرت له غلة فقام المحبس عليه يطلب رده لحبسه فلم يسعف، والأظهر عندي أن ينظر، فإن كان مع ذلك لا ثمن له رد حبسه، وإن كان له ثمن مبلغ ما يشتري به ما فيه نفع، ولو قل بيع واشترى بثمنه ذلك. وفي الزاهي: لو شرط الواقف أن يبدأ من غلته لمنافع أهله، وترك إصلاح ما ينخرم منه بطل شرطه، وجعله اللخمي في النفقة عليه أقساما. قال: دور الغلة والحوانيت والفنادق من غلتها ودور السكني يخير من هي عليه في إصلاحها وإكرائها لما تصلح منه والبساتين إن حبست على من لا تسلم إليه بل تقسم عليه غلتها تساقى أو يستأجر عليها من غلتها، وإن كانت على معينين هم يلونها فالنفقة عليهم والإبل والبقر والغنم كالثمار إن كانت تقسم غلتها استوجر عليها، وقسم ما فضل، وإن كانت على معينين خيروا في ولاية عملها، وفي استئجارهم عليها. والخيل في السبيل لا تؤجر نفقتها في بيت المال، فإن لم يوجد بيعت، واشترى بثمنها سلاح، وإن كانت على معين أنفق عليها إن قبلها على ذلك، وإلا فلا شيء له.

والعبيد إن كانوا على السبيل، ولهم صنعه تراد للسبيل فكالخيل من بيت المال، وإن كانوا للغلة فمنها. وفي كون نفقة المخدم على ربه أو المخدم قولان؛ الثاني: أصوب؛ لانقطاعه إليه ليًلا ونهارًا، وإن كان مأواه ليًلا عند ربه كانت عليه. ولو قيل: نفقته نهارًا على المخدم كان له وجه، وكذا العبد يحبس على معين ليخدمه، والحبس يضرب له أجلٌ يخدم فيه العبد، وينتفع فيه كالمخدم، وكذا ينبغي إن لم يضرب له رجل على القول بعوده بعد موت المحبس عليه ملكًا لربه أنه كالمخدم. والمساجد والقناطير ليست نفقتها على محبسها بل من بيت المال، فإن لم يكن، ولم يتطوع أحد بقيت حتى تهلك. قُلتُ: فالحاصل أن نفقته في فائدته، فإن عجزت بيع وعوض من ثمنه ما من نوعه، فإن عجز صرف في مصرفه كقولها في النذور من نذر هدي مالا يهدي، وعجز ثمنه عن أدنى الهدى في إنفاقه على الكعبة يدفع لخدمتها والصدقة به حيث شاء قولا مالك، واستحباب ابن القاسم، والأولى تخصيص صدقته بمنى أو مكة. قال ابن الحاجب: ولو شرط إصلاحها عليه لم يقبل. قال ابن عبد السلام: في آخر حبسها من أسكن رجلاً دارًا سنين مسماة أو حياته على أن عليه مرمتها لم يجز، وهو كراء مجهول لكن إن وقف مع ظاهر هذا الكلام سلك بالوقف مسلك الكراء الفاسد فيفسخ، وليس هذا مراده إنما مراده أن يمضي الحُبُس، ويسقط الشرط، وهو معنى قول المؤلف لم يقبل. قُلتُ: سوقه مسألة المدَوَّنة هذه على كلام ابن الحاجب يقتضي أنها مسألة حبس، ومن أنصف بعلم بمجرد البديهة أنها ليست من الحُبُس في شيء. المتيطي: إن شرط المحبس أن إصلاحه من مال المحبس عليه فشرطه ساقط، وإصلاحه من غلته. وفي كتاب الحُبُس منها: من حبس دارًا على رجل، وشرط عليه إصلاح ما احتاجت إليه من ماله لم يصلح، وهو كراء ليس بحبس، ولا أحفظه عن مالك إلا أنه

قال: من حبس فرسم على من شرط عليه حبسه سنة، وعلفه فيها لا خير فيه إن هلك الفرس قبل السنة ذهب عليه باطلاً. قُلتُ: أيجعل الفرس والدار حبسًا أم يبطل؟ قال: لا أرى إلا أن مالكًا قال فيمن باع عبده على أنه مدبر على مشتريه لا خير فيه. قال ابن القاسم: وأرى أنه يجوز تدبيره؛ لأنه بيع فات به، ويتبع البائع المشتري بتمام الثمن إن هضم له منه شيء فأرى في الفرس أن يخير صاحبه إن لم يفت الأجل في وضع شرطه ويبتله لصاحبه أو يدفع له ما أنفق ويأخذ فرسه، وإن فات الأجل لم يرد، وكان للذي بتل بغير قيمة، وأرى الدار حبسًا على ما جعل، وتكون مرمتها وغلتها؛ لأنها فاتت في سبيل الله. الصقلي: وقاله يحيى بن عمر في الدار. اللخمي: إن شرط على من حبس عليه دارًا مرمتها لم يصلح ابتداء. قال ابن القاسم: هو كراء لا حبس، وأختلف إن نزل؛ فروى إن القاسم في المدَوَّنة: مرمتها من غلتها، وأسقط الشرط. محمد: يرد ما لم يفت. وفي أثناء أبواب الصدقة منها من وهب لرجل نخلاً وشرط لنفسه ثمرتها عشر سنين على أن يسقيها الموهوب له بمائه لم يصلح؛ لأنه لا يدري أتسلم النخل لذلك الوقت أم لا، ولقد قال مالك: من دفع لرجل فرسه يغزو عليه سيقتين، ونفقته في الأجل على المدفوع إليه، ثم هو له بعد الأجل على أن يبيعه قلبه لا خير فيه إن مات الفرس قبل الأجل ذهبت نفقته باطلة. وقال أشهب في الفرس: لا يبطل شرطه العطية، وهو كمن أعاره لرجل يركبه سنة، ثم هو لفلان فترك المعار عاريته لصاحب البتل أنه يتعجل قبضه، فإذا كان مرجعه إليه من نفسه كان أحرى أن يتعجله، ويزول الخطر. وفي كون الفرس في مسألتي الحُبُس والصدقة ملكا للمعطي بغير قيمة، وكونه في الأولى حبسًا مع رجوع المنفق بنفقته على محبسه طريقاً بعض القرويين مع الشَّيخ

وبعضهم مع القابسي محتجين بنص المحبس في الأول على التحبيس، وبظاهر لفظهما واستدلاله بهما. القابسي: ويغرم المحبس النفقة للمحبس عليه مضى الأجل أم لا، أسقط شرطه أم لا. قال: وفوت الحُبُس بمضي أجله على محبسه، وفي المدبر على مشتريه فاختص بغرمه قيمته. قال: ومعنى المسألة الثانية أن المدفوع إليه الفرس يغزو عليه وثواب غزوه في الأجل لدافعه، وله في الأجل إمضاء العطية بإسقاطه شرطه، وردها بتماسكه به، فإن مضى الأجل فهو بيع فاسد. يرد إن لم يفت، فإن فات مضى بالقيمة يوم حل الأجل وغرم نفقته أسقط شرطه أم لا حل الأجل أم لا، وإن قبضه على أن يغزو به عن الدافع رجع بأجر مثله إن غزا عنه. قُلتُ: قوله: ويغرم المحبس النفقة في إسقاط شرطه في الأجل خلاف ظاهر متقدم قول ابن القاسم يخبر في وضع شرطه وتبتله لصاحبه أو يدفع له ما أنفق ويأخذ فرسه ووجه أنه بتبتيله انكشف أنه ملك له من يوم قبضه. اللخمي: اختلف فيمن أعطى رجلًا فرسًا على أن يحبسه سنه، ولا يركبه، ثم هو له ملك أو ثم هو حبس يغزو عليه أو قال: يحبسه سنه يغزو عليه، ثم هو له ملك. فروى ابن عبد الحكم: من أعطى رجلًا فرسًا ينفق عليه سنه، وهو له بعدها إن نزل مضى. وقال ابن القاسم: إن لم يفت الأجل فله أن يسقط الشرط ويبتله له أو يدفع له ما أنفق ويأخذ فرسه. قُلتُ: فظاهره عدم لزوم النفقة إن ابتله له. قال عنه: وإن فات الأجل كان لمن بتله له دون قيمة، ولم يجعله بيعا؛ لأن ربه لم يشترط شيئًا يأخذه لنفسه بل لما رأى فيه مصلحه للفرس أو لغيره، وكذا إن قال هو بعد السنة حبس تغزو عليه، وإن كان هذا أثقل، واختلف في القسم الثالث، فروى ابن

القاسم كراهته، وعلى رواية ابن عبد الحَكم إن نزل مضى. وقال أشهب: هو جائز ولا بين حبيب عن الأخوين من أخدم عبده رجلًا عشر سنين، ثم هو له بتلا أو أخدمه، ثم قال بعد الإخدام فهو سواء يصنع، وبه من الآن ما شاء. وقال أَصْبَغ: إن جمع ذلك معًا فهو كالحبس إلى أجل وهذا أصوب؛ لأنه هبه فلا تغير عن شرط المالك فيها، وكذا إن كانا عقدين. وقال: لا تتصرف فيها بالملك إلا بعد الأجل، وإن قال بعد الإخدام هو لك صنع به عاجلًا ما شاء. قال ابن الحاجب كابن شاس: من هدم وفقا فعليه رده كما كان لا قيمته، ومن أتلف حيوانًا وقفًا فالقيمة، وتجعل في مثله أو شقصه. زاد ابن شاس: وقيل: إن لم تبلغ ثمن عبد قسمت كالغلة فقبله ابن هارون في العدم والحيوان، وهو مقتضى قول ابن عبد السلام الأصل وجوب القيمة؛ لأنه من ذوات القيم لكن القيمة هنا تستلزم ملك الواقف على ما وقفه، وهو غير جائز في الأحباس إذ لا يمكن أن يؤدى الهادم القيمة، ولا يأخذ النقض، واختلف في هادم غير الحُبُس هل يقضى عليه بالقيمة أو يرده على ما كان عليه وهاهنا أحرى. قُلتُ: قبولهما نقل ابن شاس وابن الحاجب يوهم أنه كل المذهب أو مشهورة، ولا أعرف ذلك بل ظاهر المدَوَّنة أن الواجب في الهدم القيمة مطلقًا حسبما يأتي نصها فيه. قال عياض في حديث جريح أول كتاب البر: من هدم حائطًا فمشهور مذهب مالك وأصحابه أن فيه، وفي سائر المتلفات القيمة. وقال الشافعي: عليه بناء مثله. وفي العتبيَّة عن مالك مثله، وقول ابن عبد السلام: لكن القيمة هنا تستلزم نقل مالك الواقف وقفه إذ لا يمكن أن يوصى الهادم القيمة، ولا يأخذ النقض نص منه أن القول بإغرام الهادم القيمة يوجب له أخذ النقض في المذهب، وهذا لا يليق بتحصيله؛ لأنه خلاف المدَوَّنة وغيرها في كتاب الاستحقاق منها: ومن اكترى دارًا فهدمها تعديًا،

ثم قام مستحق فليأخذ النقض إن وجده، وقيمة الهدم من الهادم. والصواب نقل اللخمي في ترجمه بيع الحُبُس قال: من تعدى على حبس فقطع النخل أو هدم الدار أو قتل العبد أو الفرس أو أحبي الثوب غرم قيمة ما أفسد، فإن كان الحُبُس على غير معين جعل ما أخذ من هدم أو قطع نخل في بناء تلك الدار أو غراسة مثل النخل، وفي مثل ذلك العبد والفرس والثوب. وعلى قول أشهب يصرف فيما يرى أنه أفضل، ويختلف إن كان على معين هل يسقط حقه أو يعود في القيمة. ولمحمد من أوصى له بغله دارًا وسكناها فهدمها إنسان في حياة الموصى، وهي تخرج من الثلث غرم الهادم ما بين القيمتين يورث عن الموصى، وتكون الأرض على حالها في الوصية، وإن هدمها بعد وفاته بني تلك الدار أتى في بنائها على ما كانت عليه أو أقل ويكون ذلك للموصى له، وكذا في قطع نخل الحائط. وفي جناياتها: من أوصى له بعبد فقتل لاشيء له من قيمته، وعلى قول محمد يشتري له بالقيمة مثل الأول. قُلتُ: ما ذكره عن المدَوَّنة لم أجده فيها إنما في جنايتها: إن أوصى بخدمة عبده لرجل سنين، وأوصى مع ذلك برقبته الآخر، والثلث يحمله فقتله رجل كان ما يجب فيه لمن له مرجع الرقبة، وهو إن أراد بما زعمه عن المدّوَّنة أنه قتل بعد موت الموصى فلا خلاف في المذهب أن قيمته للموصى له فيتمنع حمل نقله عنها لا شيء له على ذلك فلم يبق إلا حمله على مثله قبل موت الموصى، وتخريجه في هذا أن يشترى له بالقيمة مثل الأول عن قول محمد الذي قدمه لا يصح؛ لأن محمدًا إنما أثبت للموصى له ما بقى من الموصى به لا ما أخذ على ما أتلف فيه. في الزاهي: لا يباع نقض الحُبُس، وأجاز بعض أصحابنا بيعه، ولا أقوله ولابن سهل عن ابن لبابه، وابن الوليد: جواز بيعه، وأجازه ابن زَرْب لبقاء باقية بهن ما بيع منه، وله في موضع أخر أفتى ابن عتاب بعدم نقل نقض مسجد خرب إلى مسجد آخر، وبعدم بيعه ويترك حتى يعفن لسماع القرينتين من تصدق بنخل بمائها فأصابتها الرمال

حتى بطلت كرانيفها، وغلبت عليها، وفي مائها فضل لا تباع، وتترك حتى تأكلها الرمال. وفي طرر ابن عات عن ابن عبد الغفور: لا يجوز بيع مواضع المساجد الخربة؛ لأنها وقف، ولا بأس ببيع نقضها إن خيف فساده، ووقفه إن رجي عمارتها أمثل. قُلتُ: إن وجبت عمارته وجب وقفه قال: وإن لم يرج بيع وأعين بثمنه في غيره أو صرف لغيره. وقال المشاور: ذكر ابن أبى زَمَنَيْن: أنه ينتفع به في سائر المساجد: ويترك ما يكون علمًا له ليلًا يدرس أمره، ونحوه حكي ابن حبيب وابن القاسم لا يرى ذلك. وفيها: مع العتبيَّة والموازيَّة وغيرها منع بيع ما خرب ربع حبس مطلقًا. الباجي: روى محمد وغيره في نخيل حبس عليها الرمال حتى بطلت كرانيفها، وفي مائها فضل لا يباع فضل مائها، وإن غلبت عليه الرمال. قُلتُ: تقدم عزوها ابن سهل لسماع القرينين، ولم أجدها فيه. وسمع ابن القاسم: لا تباع دار حبس خربت ليبتاع دونها. ابن رُشْد: فيها لربيعة: إن الإمام يبيع الربع إذا ولى ذلك لخرابه، وهو إحدى روايتي أبى الفرج. اللخمي: لا تباع إن كانت بمدينة إذ لا ييأس من صلاحه من محتسب أو بعض عقب، وما بعد عن العمران، ولم يرج صلاحه جرى على القولين، والذي أخذ به المنع خوف كونه دريعة لبيع الحبس. قُلتُ: ففي منعه، ثالثها: إن كانت بمدينة للمعروف، وإحدى روايتي أبى الفرج، ونقل اللخمي. وفي جواز المناقلة به لرفع غير خرب قول ابن زرقون في رسالة الشَّيخ لا بأس أن يعاوض منه بربع غير خرب، ونقل الباجي عن ابن شعبان: لا يناقل وقف، وإن خرب ما حوله، وقد تعود العمارة. قُلتُ: في كون خرابه أشد من خراب ما حوله نظر، ولفظ الرسالة إنما هو اختلف

في المعاوضة به بربع غير خرب، وفي «نوازل ابن رُشْد»: إن كانت هذه القطعة من الأرض المحبسة انقطعت منفعتها جملة، وعجز عن عمارتها، وكرائها فلا بأس بالمعاوضة فيها بمكان يكون حبسًا مكانها، ويكون ذلك بحكم من القاضي بعد ثبوت ذلك السبب، والغبطة في العوض عنه، ويسجل ذلك ويشهد. في ابن عبد السلام: حكى أبو الفرج وابن شعبان قولا بجواز بيع الخرب مثل ما في «الرسالة». قُلتُ: الذي في «الرسالة» إنما هو المعاوضة بالمناقلة لا بيعه بغير ذلك، ورواية أبى الفرج في البيع الذي هو أعم منها، وما عزاه لابن شعبان لا أعرفه. وفي الزاهي: لو خرب فأراد غير الواقف إعادته فمنعه الواقف أو الوارث فله ذلك. وفي «نوازل سَحنون»: لم يجز أصحابنا بيع الحُبُس بحال إلا دارًا جوار مسجد ليوسع بها، وليشتري بثمنها دار مثلها تكون حبسًا، وقد أدخل في مسجده - صلى الله عليه وسلم - دور كانت محبسه. وسمع ابن القاسم: إن باع قوم دارًا كانت لهم حبسًا، وأدخلوها في المسجد اشتروا بثمنها دارًا أخرى يجعلونها في صدقة أبيهم، ولا يقضى عليهم بذلك. ابن رُشْد: ظاهره أنه جائز في كل مسجد، كقول سَحنون، ونقل النوادر عن مالك ولابن حبيب عن الأخوين، وابن عبد الحَكم وأَصْبَغ: أنها يجوز في مساجد الجوامع إن احتيج لذلك لا في مساجد الجماعات إذ ليست الضرورة فيها، كالجوامع، وقول مالك: لا يقضى عليهم بجعل الثمن في دار أخرى هو قول ابن القاسم ولابن الماجِشُون يقضي به عليهم. ولمالك وابن القاسم إن استحق حبس فعل بثمنه ربه ما شاء، وظاهر السماع أنهم باعوها طوعًا، واختلف متأخروا شُيُوخنا إن امتنعوا من البيع للمسجد، فقال أكثرهم: تؤخذ منهم بالقيمة جبرًا، وهو الآتي على سماع قول ابن القاسم أنه لا يحكم عليهم

بجعل الثمن في أخرى لا يقضي عليهم بيعها إن امتنعوا؛ لأنهم إذا باعوها باختيارهم في موضع لا يحكم عليهم به لو امتنعوا منه كان الحكم عليهم بصرف الثمن في دار تكون حبساً واجباُ لما في ذلك من حق غيرهم إن كان الحبس معقباً، وكذا إن كان عليهم بأعيانهم على القول برجوعها بعدهم لأقرب الناس بالمحبس، ولأبي زيد في الثمانية يقضي عليهم ببيعها لتوسيع المسجد، فقوله بالقضاء عليهم يجعل الثمن في دار مكانها ليس على أصله فلعله إنما قال: يقضي عليهم بذلك ما عدى المسجد الجامع. قلت: في قوله نظر؛ لأن المناسبة الناشئة عن اعتبار المصالح تقتضى عكس ما قاله؛ لأنهم إذا لم يجبروا على جعل الثمن في حبس آخر كان جبرهم على بيعه تحصيلاً لمصلحة التوسعة مع مفسدة إبطال حبس، وإذا جبروا على جعله في حبس، فإن قيل: جبرهم على البيع مع جبرهم على جعله في حبس فيه شدة ضرر وجبرهم على البيع مع عدم جبرهم على جعله في حبس أخف ضرراً وارتكاب أخف الضررين راجح أو واجب. قلت: إبطال الحبس راجع لحق الله تعالى، وضررهم راجع لحق آدمي، وحق الله آكد. ابن عات: عن أبي زيد: قال عبد الملك: يجبر أهل الدور المحبسة على بيعها لتوسيع جامع الخطبة والمنبر، وكذا الطريق إليها لا للمساجد التي لا يجمع فيها والطرق التي في القبائل لا يلزم أحد أن يبيع لها صدقة، ولا يوسع بها طريقاً لهم. قال مطرف: إن كان نهر بجنب طريق عظمى للمسلمين يسلكها عامتهم فحفرها حتى قطعها جبراً هل تلك الأرض التي حولها على بيع ما يوسع به الطريق، فإن لم ينظر السلطان فيها لم تسلك تلك الأرض إلا بإذن أربابها. ابن سهل: قال ابن الماجشون في مقبرة ضاقت عن الدفن بجانبها مسجد ضاق بأهله لا بأس أن يوسع المسجد ببعصها؛ لأن المقبرة والمسجد حبس للمسلمين ول أصبغ عن ابن القاسم في مقبرة عفف ليس فيها كبير نفع أتباع ويشتري بثمنها خشباً يرم بها المسجد. قال: لا إلا أن، ثم قولاً ضعيفاً.

قلت: قول سحنون هذا كقول ابن الماشجون، والقول الآخر، كقول ابن القاسم فيما بلد من الثياب المحبسة، وقد تقدما. ابن عات: سئل بعض أهل الشورى بقرطبة عن فاضل غلات أجناس المساجد أيصرف في المساجد التي لا غلات لها. فأجاب قول ابن القاسم: أن لا يصرف إلى غيره من ذلك شيء، ويباع له به أصول تجري غلاتها عليه، ويوسع منها عليه فيها يحتاج من، وقيد وحصر وكل آلاته وقومته. قال: وغيره يجيز صرفه لغيره والمساجد التي لا أحباس لها فمن أخذ بهذا القول لم يضمن ما أنفق في ذلك، وعلى الفول الأول أكثر الرواة، ومن لم يجز صرف بعضها لبعض لم يجز السلف من بعضها لبعض، ومن أجازه أجازه. وقد قال أصبغ وابن الماجشون في العتيبة: الأحباس كلها لله انتفع بعضها ببعض، وقاله بعض أصحابنا، وسأل شجرة سحنونا عن مسجدين أو قصرين متقاربين من الرباطات وضع في كل منها بسلاح وآنية ينتفع بها المرابطون فيحتاج أهل هذا القصر إلى ما في الثاني لينتفعوا به ويردوه من حيث أخذوه، فقال أهل كل قصر أولى بما فيه إلا أن يكون له أمر عرفوه. وبيع الحبس بشرط من المحبس في عقذه راجع إلى شرط تحبيسه بنقيض ما جعله المحبس سبباً في بيعه لا إلى إعمال شرط مناقض للحبس فيه. سمع ابن القاسم من جعل داراً له حبساً صدقة على ولده لا تباع إلا إن احتاجوا لبيعها، فإن احتاجوا لبيعها، واجتمع ملاهم عليه باعوا وقسموا ثمنه سواء ذكورهم وإناثهم، فإن لم يبق منهم إلا رجل واحد فله بيعها إن احتاج، ولا ميراث في ثمنها لورثة المحبس. قوله: إلا إن احتاجوا لبيعها؛ يريد: أو يحتاج أحدهم لبيع حظه منها قل الحبس لكثرة عددهم أو كثر لقلتهم فمن احتاج كان له بيع حظه، واختص بثمنه، وإن لم يبق إلا واحد اختص بثمن جميعه، ومن مات منهم قبل احتياجه سقط حظه، ولم يورث عنه ويرجع بعد انقراض الحبس عليهم إن لم يبيعوه لحاجتهم إلى أقرب الناس بالمحبس،

وهذا كله نص رواية محمد. وأمد كراثه ما سلم عن غرر عدم وعدم تمامه. سمع القرينان في الهبة والصدقة. سئل مالك عمن تصدق بدار على مواليه وأولادهم وأولاد أولادهم ما بقي منهم أحد ومرجعها بعدهم لولده فلم يبق منهم إلا رجل واحد فتكارها منه بعض الذين إن مات الموالي رجعت إليهم من ورثة المتصدق عشرين سنة، فقال: ورثة المتصدق لا يجيز ذلك خوف موت هؤلاء الموالي في هذه المدة فتقدم علينا بحيازتك، فقال مالك: إن مات هذا المولي في السنين انفسخ الكراء، ولكنه شاب يخافون طول حياته وطول حيازة هذه الدار فيكتبوا عليه بذلك كتاباً، ويتوثقوا عليه فيه. ابن رشد: أجاز في هذا السماع اكتراء الدار المحبسة عشرين سنة ممن صارت له بالحبس مع نقض كرائها بموته، ومعناه عندي ما لم ينقده؛ لأنه إن نقده، ومات رجع للمكتري كراء باقي المدة فكان سلفاً، وقيل: لا يجوز كراؤه لهذه المدة، وإن لم ينفذ، وهو ظاهر وصاياها. الثاني: فيمن أوصى بخدمة عبده لرجل حياته أنه لا يجوز أن يكريه إلا لأمد قريب السنة والسنتين، والأمد المأمون الذي ليس ببعيد، ولم يفرق بين نقد، وغيره فظاهر المدونة جوازه في القريب على أن لا ينقد فيجوز في القريب على أن لا ينقذ ويمنع في البعيد على النقد اتفاقا فيهما، ويختلف في البعيد بغير النقد، وفي القريب به على قولين، وقد نص على ذلك في الموازية، وفي الموازية بأثر هذه المسألة. قال مالك: لا يرفع في كرائها وليكرها قليلاً قليلاً، وقاله عبد الملك إلا أنه قال السنة والسنتين، فإن وقع في السنين الكثيرة على لأقول بمنعه، فإن عثر على ذلك والباقي من المدة يسير لم يفسخ، وإن كثر فسخ، قاله في الموازية، ولم ير في السماع حجة للقائم فخوف طول الحيازة لارتفاعها بالإشهاد، وهو معارض لما في أول رسم من سماع أشهب من كتاب الأقضية فيمن له ممر في حائط رجل أنه ليس له أن يحضره، وإن

لم يجعل عليه بابا لئلا يطول الأمر فينسي حظه. المتيطي: يجوز كراء من حبس عليه ربع من الأعيان أو الأعقاب لعامين لا أكثر في رواية ابن القاسم، وفي سماع أشهب إجازته لخمس وعشرين عاماً، وبالرواية الأولى القضاء. قلت: الذي في سماع أشهب عشرون. قال: والحبس على غير معين كالمرضى والمساكين أو مسجد أو قنطرة يجوز لمدة طويلة، واستحسن قضاة قرطبة كونه لأربعة أعوام خوف اندراسه بطول مكثه بيد مكتريه، وقال عبد الملك في المبسوط: المقدم على الأحباس لينقذها في أهلها، وهي معقبة إنما يكريها السنة والسنتين، فإن مات قبل ذلك نفذ الكراء، ولحائزها لنفسه كراؤها لنفسه الخمس والست. وحدثني من أثق به أن ملكاً تكارى على هذه الحال، وهو صدقة عشر سنين واستكثره المغيرة وغيره، ولهذا أن يكتري بالنقد، وغيره، وليس ذلك للمقدم في كراء النقد؛ لأنه يضع من الكراء، ولا يقدر على قسمه قبل ذلك كان قد أعطى من الغلة من قد يموت قبل وجود ذلك له للمقدم في كراء النقد؛ لأنه يضع من الكراء، ولا يقدر على قسمه قبل. وفي مقرب ابن أبي زمنين: من حبست عليه دار، وعلى عقبه أو غيرهم أو جعل لهم فيها سكني حياته لم يجز أن يكريها بالنقد إلا ستة أو سنتين، وجائز أن يكريها سنتين كثيرة بكراء منجم كلما انقضى نجم دفع كراءه، وكلما دخل نجم قدم كراءه إن كان النجم يسيراً هذا مذهب ابن القاسم، وابن وهب وروايتهما، ابن العطار: استحسن بعض أهل العلم الاحتياط في الحبس بأن لا يكبر ممن يجاوره خوف أن ينقض منه، ولا من ذوي قدرة لغير ما وجه. قلت: وأكريت في أواسط القرن السابع بتونس عرصة لا بناء بها من أجناس تونس على الفقراء ممن بني بها شيئاً إضافة لداره كأنه منها لمدة أربعين عاماً بأضعاف

قيمة كرائها بعد مطالعة الناظر في أحباس تونس قاضيها، ومن له شورى، وهذه العرصة هي الآن ببنائها جزء من دار تعرف بمكتري العرصة المذكورة يقال ابن علال كان من مشاهير التجار الأملياء، وهي الآن بيد غيره ببياعات بعده، وهي في رائقة غير نافدة الخارج منها يستقبل القبلة بطرق سوق الأبارين جبلي جامع الزيتونة. ولابن عات عن المشاور: إن أكرى ناظر الحبس على يدي القاضي ربع الحبس بعد النداء عليه، والاستقصاء، ثم جاءت زيادة لم يكن له نقض الكراء، ولا قبول الزيادة إلا أن يثبت بالبينة أن في الكراء الأول غبنا على الحبس، فتقبل الزيادة، ولو ممن كان حاضراً، وكذا الوصي في كرائه ربع يتيمه أو إجارته، ثم يجد زيادة لم تنتقض الإجارة إلا بثبوت غبن إن فات وقت كرائها، فإن كان قبل ذلك نقضت وقبلت الزيادة. قلت: ظاهر أول كلامه إن لم يكن غبن لم تقبل الزيادة، ولو لم يفت الإبان، والأول أقيس والثاني أحوط. وقد يؤخذ من أول عتقها الأول: بيع السلطان بالمدينة على خيار ثلاثة أيام، فإن وجد زيادة وإلا نفذ البيع، واستمر العمل في كراء الناظر في حبس تونس أنه على قبول الزيادة بموافقة قضاتها على ذلك، وتقدم في الأكرياء ذكر الخلاف فيه. وفيها: لمالك: إن بني بعض أهل الحبس فيه أو أدخل فيه خشبة أو أصلح، ثم مات، ولم يذكر لما أدخل فيه ذلك فلا شيء لورثته فيه. ابن القاسم: إن أوصى به، أو قال: هي لورثتي فذلك لهم، وإن لم يذكره فلا شيء لهم قل أو كثر. المغيرة: لا يكون من ذلك صدقة بحرمة إلا فيما لا باب له من الميازب والستر، وما له خطر ورث عنه، وقضي منه دينه. وسمع ابن القاسم: من بني في دار مسكناً أو غرس في أرضه نخلاً، وقد حبستا عليه، ثم مات، فإن أرضي رب الدار، ورثة الرجل فذلك له، وإلا قلعوا نخليهم، وأخذوا نقضهم. ابن رشد: هذا خلاف قول ابن القاسم، وروايته في المدونة مثل قول المخزومي

فيها، ومثل ما في الشفعة منها، وما في التفسير لابن القاسم. وقوله: إن أرضى رب الدار ورثة الرجل، وإلا قلعوا نخلهم، وأخذوا نقضهم معناه: إن مات بحدثان ما بنى وغرس، ولو لم يمت حتى مضى من المدة ما يرى أنه بنى وغرس لمثله فلرب الدار أخذ النقض والنخل بقيمتها مقلوعة إن شاء، وإن أبى قلعوا نخلهم، وأخذوا نقضهم على مذهب ابن القاسم فيمن بني فيما اكترى. وكذا روى ابن القاسم في النوادر: لهم قلع نقضهم إلا أن يعطيهم قيمة ذلك مطروحاً في الأرض، ومعناه إن كان مضى من المدة ما يرى أنه بني لمثلها، وعلى رواية المدنيين أن للمكتري قيمة بنائه قائماً فالحكم في الحبس كما قاله في السماع طالت المدة أو قصرت، وهو ظاهر قول المخزومي فيها: أن البناء الذي له قدر مال من ماله هذا حكم ما بني للسكني إذا مات، وإن لم يمت فهو أحق بسكني ما بني لا يدخل عليه غيره فيه. وسمع عيسى ابن القاسم: في دار حبس على قبيلة بناها رجل منهم حوانيتان وبيوتاً للغلة والسكني. قال: أما السكنى فمن سكن منهم فهو أولى بما سكن مما يكفيه لا يدخل عليه غيره، وما للغلة يقاص نفسه بما يستوفي من الخراج فيما أنفق فما فضل عنه لجميع من حبس عليهم يؤثر بذلك أهل الحاجة، وما فضل قسم بين الأغنياء، فإن أراد أحد الدخول مع من بني فيما بني من الغلة غرم للباني نصف ما بقي له من حقه، ودخل معه فيه، فيكون في يديه نصف ما بقي للغلة يأخذ غلته ويقاص نفسه بها حتى يستوفي حقه، فإذا استوفى حقه كانت الغلة بين من حبست عليه على ما وصفنا. قيل: فإن كانت القاعة لا كراء لها قبل البناء. قال: يقاص بغلة الحوانيت والدور نفسه من يوم أخذ لها غلة، وإن لم يجثه أحد. ابن رشد: قوله يكون في يديه نصف ما بقي للغلة صوابه: يكون في يديه نصف ما بني للغلة، وكذا في بعض الروايات، وهي مسألة بينة. وقال ابن دحون: يدخل فيها كل ما في الرحا تخرب فيبنيها بعض أهلها أو البئر كذلك، وليس كما ذكر إنما يدخلها أكثر يدخلها القول بأن كل الغلة للباني إلا أن يعطيه

مريداً الدخول عليه منابه من النفقة أو من قيمتها على الخلاف في ذلك هذا إن قام بحدثان البناء، ولو قام بعد أن بلي البناء فليس عليه إلا منابه من قيمة البناء بحاله اتفاقاً. وتقدم تفسيره في نوازل عيسى من كتاب السداد: وإن كان للحبس كراء قبل بناء هذا الباني كان عليه لإشراكه ما يجب لهم من الكراء اتفاقاً. وإن لم يكن لهم كراء دخله الخلاف من الرحى الخربة فيبنيها بعض الشركاء هل عليه فيها كراء أم لا، ولا يدخلها قول محمد بن دينار المدني في الرحى الخربة يبنيها بعض الشركاء أن الغلة بينهم للعامل بقدر ما أنفق، وقدر ما كان له فيها قبل النفقة، ولمن لم يعمل بقدر ما كان له من غلتها؛ لأن الحبس ليس بملك للمحبس عليه. قلت: جعله ما في الشفعة مثل قول المخزومي خلاف ما حمله عليه غيره من الشيوخ، وأن قول المخزومي من التفرقة بين الكثير واليسير. وحصلوا في كون ما لم يوص بحبسه أنه حبس أو موروثه حبساً، ثالثها: إن قل لابن القاسم مع روايته فيها، وقولها في الشفعة والمغيرة وجعله ما في الشفعة خلاف ما في الحبس خلاف قول عبد الحق معنى ما في الشفعة أنه بين أنه موروث عنه، وما في كتاب الحبس أنه لم يبينه، ويحتمل أنه حبس عليهم ليسكنوا فقط كالتعمير لا أنه وقف. وقال بعض القرويين: معنى ما في الشفعة أنه بني في الحبس بناء مفرداً لنفسه، وما بني في الحبس بناء شيئاً مخالطاً للحبس. وقال التونسي في كتاب الشفعة: أو يكون على القول الثاني، وهو قول المغيرة: إنه موروث إلا ما لا قدر له. قال ابن الحاجب كابن شاس لابن شعبان: لو خرب الوقف فأراد غير

الواقف إعادته فللواقف أو وارثه منعه، ووجهه ابن عبد السلام بما حاصله أن الحبس مملوك لمحبسه، وكل مملوك لشخص لا يجوز تصرف غيره فيه بغير إذنه بوجه. قلت: والجاري عندي على أصل المذهب في ذلك التفصيل فإن كان خراب الحبس لحادث نزل به دفعة كوابل المطر أو شدة ريح أو صاعقة فالأمر كما قالوه. وإن كان بتوالي عدم إصلاح ما ينزل به من هدم شيئاً بعد شيء، ومن هو عليه يستغل ما بقي منه في أثناء توالي الهدم عليه كحال بعض أهل وقتنا من أئمة المساجد يأخذون غلته ويدعون بناءه حتى يتوالى عليه الخراب المذهب كل منفعته أو جلها فهذا الواجب قبول من تطوع بإصلاحه ولا مقال بمنعه لمحبسه ولا لوارثه؛ لأن مصلحه قام بأداء حق عن ذي حق عليه لعجزه عن أدائه أو لدده. وتقدم لابن رشد في كون قسم الحبس المعقب بين آحاده بقدر حاجتهم أو بالسوية والغني كالفقير مشهور المذهب، وقول ابن الماجشون مع ظاهر سماع عيسى ابن القاسم. الباجي: روى محمد: لا يفضل فيه ذو الحاجة على الغني إلا بشرط؛ لأنه تصدق على ولده، ويعلم أن فيهم الغني والمحتاج وفي المجموعة الحبس المعقب كالصدقة لا يعطى منه غني، ويعطي المسدد بقدر حاله، وإن كان أولاد الأغنياء كباراً فقراء أعطوا بقدر حاجتهم؛ يريد بالمسدد من له كفاية، وربما ضاقت حاله بكثرة عياله، وإن تساووا في فقر أو غنى أوثر الأقرب، وأعطى الفضل من يليه، ويؤثر الفقير الأبعد، ذكره ابن عبدوس، وهذا إن كان عددهم لا ينحصر، ولم يفضل عن فقرائهم شيء، وإن فضل شيء صرف لأغنيائهم، رواه عيسى عن ابن القاسم. ********* معينين هم فيه بالسوا، لابن رشد في رسم البز من سماع ابن القاسم. قال ابن القاسم في النوادر: وما على قوم بأعيانهم فقيرهم وغنيهم وحاضرهم وغائبهم سواء، وزاد في أول سماع عيسى بعد عزوه لمحمد: اتفاقاً، وقول ابن عبد السلام هذا ظاهر على القول بأنه عمري لا ترجع مراجع الأحباس. وعلى القول برجوعه مراجع الأحباس يقال إنه يؤثر به الأحوج؛ لأن المقصود منه

الإرفاق يرد بأن من أنصف، وتأمل علم أن مقتضي الروايات أن موجب التساوي، والتفاوت إنما هو النص أو دليل القصد إلى أحدهما، وأن التعبير ظاهر في قصد التساوي لدورانه معه وجوداً وعدماً وأن الرجوع إلى الأحباس طردي فيما قبل رجوعه. وهو مقتضى نقل الشيخ رواية ابن القاسم في المجموعة: من حبس داراً على أربعة نفر من ولده على أن من مات منهم فولده على مصابته من الحبس فمات اثنان منهم وتركا أولاداً، ثم مات أحد الباقين، ولا ولد له فمصابه راجع على جميع ولد إخوته الميتين، وأخيه الحي، ويؤثر أخل الحاجة منهم. قلت: فقد جعل قسمه على مستحقيه بالتعيين بالسوية وعلى مستحقيه بعد التعيين بالاجتهاد، ولم يجعل كونه آيلا إلى عدم التعيين موجباً لقسمه في التعيين بالاجتهاد. وفيها: لا يخرج من الحبس أحد لأحد، ومن لم يجد مسكناً فلا كراء له، ومن مات أو غاب غيبة انتقال استحق الحاضر مكانه، ومن سافر لا يريد انتقالاً فهو على حقه. وسمع عيسى: من حبس على قوم، وهم متكافئون في الغني والفقر اجتهد في ذلك ليسكن فيها من رأى أو يكريها فيقسم كراؤها عليه، ومن سبق فسكن فهو أولى ولا يخرج منها. ابن رشد: معناه في غير المعين كحبسه على أولاده أو أولاد فلان، ولو كان على معينين مسمين لم يستحق السكني من سبق إليه، وهم فيه بالسوية حاضرهم، وغائبهم قاله ابن القاسم. محمد: وفقيرهم وغنيهم سواء. وسمع ابن القاسم: من حبس داراً لم يجعل له مخرجاً قسمت على ذوي الحاجة. ابن رشد: مثله فيها وفي سماع عيسى أن الحبس الذي لم يجعل له مخرجاً يكون على الفقراء والمساكين، ومن حصل في مسكن منهما لم يخرج منه لغيره إلا أن يستعتين، وسمع ابن القاسم من حبس داراً على ولده وعلى ولد ولده فالأدنون أولى بما لا يفضل

عنهم، فإن خرج بعضهم إلى سفر سكن الذين يلونهم، فإن جاء أحد من الأدنين لم يخرج منه كما لم يدخل عليه، وذلك شأن الحبس. ابن رشد: معناه: إن خرج لسفر بعيد يشبه الانقطاع، أو يريد المقام في الوضع الذي سافر إليه، ولو سافر ليعود فهو على حقه، وهو نص مالك في رسم البز، وتفسير ابن القاسم في المدونة قول المالك، وفي رواية مالك: على إن غاب، ولم يزد ما قاله ابن القاسم، وهو وفاق له، والخلاف في المسألة إنما يمكن فيما تحمل عليه غيبته، فظاهر رواية علي على الانقطاع والمقام حتى يتبين خلافه. قال ابن رشد في رسم البز: وهذا في السكني، وأما فضل الكراء وغلات الثمر، وغيرها فحق من غاب باق لا يسقط. قال ابن الحاجب: ولا يخرج الساكن لغيره، وإن كان غنياً. ابن عبد السلام: لما تكلم على حكم المساواة والترجيح قبل السكني تحدث على ما إذا سكن أحدهم لموجب الفقر، ثم استغنى، فإن ذلك الحكم لا يرتفع بارتفاع سببه، وهو الفقر ولعل ذلك؛ لأن عودته لا تؤمن، وغلا فالأصل أن يخرج، وهذا في الوقف على غير معين. قلت: في لفظه، ولفظ ابن الحاجب إجمال؛ لأن ظاهر لفظهما سواء كان الحبس على عقب وتحوه أو على الفقراء فسكن بعضهم لا تصافه بالفقر، ثم استغنى أنه لا يخرج لغيره، وليس الأمر كذلك. قال ابن رشد في رسم الشجرة من سماع ابن القاسم: من استحق مسكناً من حبس هو على الفقراء لفقره أخرج منه إن استغنى. وفي رسم لم يدرك من سماع عيسى ابن القاسم: من استحق مسكناً من حبس هو على العقب وهو غني؛ لانقطاع غيبة المحتاج، ثم قدم، فإنه لا يخرج له؛ لأنه لم يدخل عليه ولكنه سكن بها حيث لم يكن أحد أولى بها منه، وروى الباجي لو سافر مستحق سكني لبعض ما يعرض للناس كان له كراء مسكنه إلى أن يعود، ولو انتقل إليه أحد من أهل الحبس رد لمنزلته، وأخرج من دخل فيه، وقسم ما على غير منحصر بالاجتهاد

باب العطية

اتفاقاً. الشيخ: روي ابن عبدوس: من حبس على قوم وأعقابهم فهو كالصدقة يوصي أن تفرق على المساكين لمن وليها أن يفضل ذا الحاجة والمسكنة والمؤنة والعيال والزمانة وكذا غلة الحبس، ولا يعطي الغني شيئاً، ويعطي المسدود بقدر حالة، وإن كان للأغنياء أولاد كبار فقراء قد بلغوا أعطوا بقدر حاجتهم. [باب العطية] الهبة: أحد أنواع العطية، وهي تمليك متمول بغير عوض إنشاء، فيخرج

باب العمري

الإنكاح والحكم باستحقاق وارث إرثه وتدخل العارية والحبس والعمري والهبة والصدقة فالعارية والحبس تقدماً. [باب العمري] والعمري تمليك منفعة حياة المعطي بغير عوض إنشاء، فيخرج الحكم باستحقاقها، ويصدق عليها قبل حوزها؛ لأنها قبلة عمري، وكذا بقية الأنواع وحكمها

باب في صيغة العمري

الندب لذاتها، ويتعذر عروض وجوبها لا كراهتها أو تحريمها. في هباتها: من قال: أعمرتك هذه الدار حياتك أو هذا العبد أو هذه الدابة فهو جائز، وترجع بعد موته إلى من أعمرها أو إلى ورثته. زاد في العارية والناس عند شروطهم [باب في صيغة العمري] الصيغة: الباجي ما دل على هبة المنفعة دون الرقبة كأسكنتك هذه الدار عمرك أو وهبتك سكناها عمرك. وفيها: من أعمر رجلاً عمري له ولعقبه رجعت بعده لربها، وكذا: هي لك صدقة سكني. ابن فتوح عن ابن الهندي: إنما ترجع للمعمر أو لورثته إن كانت غير معقبة، وإن كانت معقبة على مجهول من يأتي من ولد وولد ولد خرجت من العمري ولحقت بالأحباس. ابن عات: هذا خلاف قول مالك وأصحابه أن العمري معقبة أو غير معقبة إن كانت بلفظ العمري أو بغيره من الإسكان أو الإمتاع أو وقت أنها لا تلحق بالأحباس بل تكون ملكاً للمعمر أو وارثه. ولعل ابن الهندي أخذ بظاهر قول مالك في الموطأ عقب قول القاسم بن محمد. قال مالك: وعلى ذلك الأمر عندنا أن العمري ترجع للذي أعمرها إن لم يقل: هي لك ولعقبك.

وإنما يريد مالك أنه لم يتلفظ فيها بلفظ العمري، ولا بما في معناها، وإنما قال: هي لك ولعقبك، ولم يحك المتيطي عن المذهب غير ما حكاه ابن فتوح، وابن الهندي خلاف ما ذكر ابن عات فاعرفه. الباجي: في الموازية والمجموعة لابن القاسم وأشهب: من قيل له: هي لك صدقة سكني فليس له إلا سكناها دون رقبتها. محمد: حياته، ومسألة هذه الدار حبس على فلان مذكورة في الحبس. أبو عمر: الإفقار، والأخبار ونحوه من ألفاظ العطايا كلفظ العمري. قلت: في الصحاح أفقرت فاناً ناقتي؛ أي: أعرته فقارها ليركبها، وأخبلته المال إذا أعرته ناقة لينتفع بلبنها ووبرها أو فرساً يغزو عليه. اللخمي: قوله: كسوتك هذا الثوب وحملتك على هذا البعير أو الفرس هبة للرقاب. ابن فتوح والمتيطي: للمعمر جعل مرجعها بعد مدتها بتلاً لمن شاء، ولو لوارث ما لم يشترط المعمر رجوعها له إن كان حياً؛ لأنها وصية لوارث. وقول المتيطي: إلا رقاب جائز، وهو إسكان المالك داره غير مدة حياته واضح ومقتضي قول غيره أنها من صور العارية. وفي عاريتها: تكون في الحيوان كله، ولم أسمع منه في الثياب شيئاً، وهي عندي كذلك، وفي هباتها. قلت: فإن أعمر حلياً أو ثياباً. قال: لم أسمع في الثياب شيئاً، وأما الحلي فأراه كالدور. واختصرها أبو سعيد سؤالاً وجواباً لإشكالها من حيث مناقضة مفهوم تفصيلها منطوق قولها في الثياب في كتاب العارية. ويجاب بأن التفصيل في وضوح كون الحلي كالدور لمساواته إياها في عدم ذهاب عينهما بالانتفاع وذهاب ذوات الثياب به.

باب في الرقبى

[باب في الرقبى] وفي عاريتها: لم يعرف مالك الرقبي ففسرت له فلم يجزها، وهي تحبيس رجلين داراً بينهما على أن من مات منهما أولاً فحظه حبس على الآخر، وسأتله عن تحبيسهما عبداً بينهما على أن من مات منهما فحظه يخدم آخرهما موتاً حياته، ثم يكون العبد حراً، فلم يجزه وألزمهما عتقه بعد موتهما، ومن مات منهما فحظه يخدم ورثته دون صاحبه فإذا مات آخرهما كان حظ كل منهما حراً من ثلثه كمن قال: إن مت فعبدي يخدم فلاناً حياته ثم هو حر. اللخمي: إن نزل في الدار فعلي القول أن الحبس على معين يرجع ملكاً يبطل تحبيسها، وترجع ملكاً لهما. وعلى رجوعه حبساً تبطل السكني فقط، وتكون ملكاً لهما حتى يموت أحدهما فترجع مراجع الأحباس. الصقلي: ألزمهما العتق؛ لأنه كعتق لأجل لوقفه على موت فلان، وجعله من الثلث لقوله: بعد موتي فجمع له الحكمين: ابن عبد السلام: استشكل إلزامه العتق من كونه من الثلث؛ لأنه إن كان معتقاً لأجل خرج من رأس المال، وإن كان موصي بعتقه لم يزلمه العتق. وأجيب بأنه كالمدبر، وفيه نظر؛ لأن أصله في مثل هذا أنه لا يكون مدبراً إلا بقصد التدبير، وإن كان وصية على ما قاله في أول كتاب المدير. قلت: إنما قال ذلك في أول كتاب المدبر في العتق الموقوف على موت المعتق فقط، وفي هذه المسألة الوقوف عليه، وعلى موت الأجنبي، وإليه أشار الصقلي، وتقريره أن مطلق وقفه على موت الأجنبي يوجب لزومه وكونه من رأس المال، ومطلق وقفه على موت مالكه يوجب عدم لزومه، وكونه من الثلث فلما جمع بينهما

صار كدليلين متنافين تعارضا، وأمكن الجمع بينهما فيجب حسبما تقرر في أصول الفقه فجمع بينهما إنما أنتج حقيقة شرعية يمكن القصد إليها، وهي حقيقة التدبير فأعمل الأول في حكم لزومه دون حكم كونه من رأس المال، وأعمل الثاني في حكم كونه من الثلث، لا في حكم جواز الرجوع عنه ويمنع إعمال الأول في لزومه مع إعمال الثاني في جواز الرجوع عنه لتناقضهما، وكذا إعمال الأول في حكم كونه من رأس المال مع إعمال الثاني في حكم كونه من الثلث لتناقضهما، ومع إعمال الثاني في حكم جواز الرجوع عنه لصدق منافيه، وهو كل ما هو من رأس المال لا يجوز الرجوع عنه فانحصر إعمالها فيما ذكرناه. وفي أول المدبر ما يشهد لهذا قال فيه: إن قال: أنت حر بعد موتي وموت فلان، فهو من الثلث وكأنه قال: إن مات فلان فأنت حر بعد موتي، وإن مت أنا فأنت حر بعد موته. سحنون: وقال أشهب. قلت: قول سحنون: وقاله أشهب، يدل على أنه لا رجوع له فيه، وإلا كان مناقضاً لقول أشهب يدل على أنه لا رجوع فيه، وإلا كان مناقضاً لأصل أشهب فتأمله. وكذا قال الصقلي: يريد: ولا رجوع له فيه لذكر الأجنبي كعتق لأجل. وقال التونسي: كأنه جعله كالتدبير لا رجوع له فيه وتقريره بقوله: إن مات فلان فأنت حر بعد موتي يشبه كونه كالتدبير كقوله: إن دخلت الدار فأنت حر بعد موتي بشهير فيكون له الرجوع.

باب الهبة

[باب الهبة] والهبة: لا لثواب تمليك ذي منفعة لوجه المعطي بغير عوض والصدقة كذلك لوجه الله بدل لوجه المعطي. وفي الهبة لكونها كذلك مع إرادة الثواب من الله صدقة، أو لا، قولاً الأكثر ومطرف حسبما يذكر في الاعتصار، وتخرج العارية، والبيع. [باب في صيغة الهبة] الصيغة: ما دل على التمليك ولو فعلاً كالمعاطاة.

سمع ابن القاسم: من مات بعد أن حلي ابنه الصغير حلياً فهو له لا ميراث. ابن رشد: لأنه يجوز لابنه الصغير ما وهب له ما حلاه به مثل ما كساه من ثوب إلا أن يشهد الأب أنه على وجه الإمتاع. وفي شرط صحتها فيما لا يحاز بلفظ ولي فقط، أو بلفظ العطية، أو ما يستلزمهما، قولان لسماع ابن القاسم: من أشهد أنه ولي أبنه الصغير حائطاً بثمن هو أقل من قيمته بكثير، ومات صح للابن إن حازه له مع ابن رشد عن الأخوين، وأصبغ في الواضحة، وقول ابن القاسم في كتاب داود مع أصبغ في سماعه ابن رشد، وعليه وعلى الأول: إن لم يحزه له في كون الواجب للابن مناب ثمنه من الحائط بقيمته أو تخيير وليه في ذلك. وفي إتمام ثمنه وأخذ جميعه قولان ودلالة الالتزام معتبره. المتيطي: من تصدق من دار ببيت فقط لزمه مرفق الدخول والخروج والبئر والمرحاض. قلت: هو سماع عيسي ابن القاسم. ابن رشد: هذا مثل سماع أشهب في البيع المبهم أنه يقضي بهذه المرافق.

وقيل: لا شيء له من ذلك إلا أن لا يكون له حيث يفتح له باباً فيكون له المدخل على دار المتصدق وسائر مرافقه، وهو دليل قول أشهب في رسم باع شاة من سماع عيسي من جامع البيوع، وعلى لزوم المرافق في إبهام لفظها إن قال المتصدق: إنما قصدت البيت دون مرافقه، فقيل: لا يصدق، وهو ظاهر هذا السماع، ومعناه إن لم يقم دليل على صدقه كصدقته ببيت يلاصق دار المتصدق عليه. وقيل: يصدق مع يمينه إلا أن لا يكون له انتفاع بالبيت إلا بالدخول من دار المتصدق. وهذا يأتي على سماع أصبغ. ابن رشد: تحصيلها: من تصدق بأرض بها ماء تبعها اتفاقاً. فإن قال: لم أتصق به، ففي لغو قوله وقبوله بيمينه إن قدر المتصدق عليه على سقيها بغيره، قولان لابن القاسم مع الأخوين وغيرهم. ولو كان الماء بغير المتصدق بها، أو بمشاع منها ولها شرب منه، ففي بقائه واندراجه قولان. الأول يأتي على دليل قول أشهب في البيوع، ومعناه: إن قدر على سقيها من غيره أو استغني بها عنه. وعلى الثاني إن قال: إنما تصدقت بها دونه، ففي قبول قول بيمين سماعاً أصبغ وعيسي ابن القاسم. ومعني الأول: ما لم تكن لا تستغني عنه بحال. ومعني الثاني: ما لم تكن بإزاء أرض للمتصدق عليه لها ماء إعمالاً لدلالة الحال. والبيع إن وقع مبهماً كالصدقة. وإن ادعيا البيان نطقاً أو في نيتهما، فقال أصبغ: يتحالفان ويتفاسخان كان الماء بها أو خارجاً عنها إلا أن يكون المشتري قبض الأرض، وفوتها بإدخال العين فيها أو بغيره من مفوت فيقبل قوله. وقول ابن القاسم في هذا السماع: يتحالفان ويتفاسخان إلا أن يكون الماء

بالأرض أو بغيرها أو ينفرد المشتري بالشبه بأن لا يكون للأرض سقي إلا من ذلك الماء، فيكون القول قوله، فرعي الشبه مع القيام خلاف المشهور. وألغاه أصبغ، وهو المشهور. ابن عات عن ابن مزين: وقول الأب لولده: أجعل هنا كرماً أو داراً ففعل وتكرر قوله: هذا كرم أبني، ودار ابن عارية للعرصة لا تمليك لها. وسمع أصبغ قول ابن القاسم: هذه القرية لابني لغو حتى يصرح بأنها هبة أو صدقة. ابن رشد: لأن اللام لا تدل على التمليك لقوله صلي الله عليه وسلم: {أنت ومالك لأبيك}. وفي صدقتها: الثمر المأبور لا يندرج في عطية تمليك الأصول، وفي عتقها الثاني: لا يندرج مال العبد في عطيته. وقيل: يندرج؛ لأنه بغير عوض كالعتق. ابن شاس: ركنها الأول الصيغة مع القبول ويستشكل كون القبول ركناً بقول عتقها الأول: من وهب لعبد نفسه أو تصدق به عليه عتق، وإن لم يقبل، ولو قال له: أنت حر إن شئت، لا عتق إلا أن يشاء، فلو كان القبول ركناً في الهبة كان كقوله: أنت حر إن شئت، ويجاب بان هبة العبد نفسه عتق له لا هبة، فهو في الأولى غير معلق على شيء وفي الثانية معلق على أمر فاعتبر. ومن دليل كونه ركناً سماع يحيي ابن القاسم: إن امتنع مدين من قبول هبة فلا جبر لغرمائه عليه وقبولهم لغو. ابن عات عن المشاور: من سكت عن قبول صدقة زماناً فله قبولها بعده، فإن طلب غلتها حلف: ما سكت تاركاً لها، وأخذ الغلة.

قلت: فيه مع ركنية القبول نظر إلا على أن بت الخيار موجب بته من يوم عقده. اللخمي وغيره: هي والصدقة مندوب إليها، والأفضل عطية الصحة، ويستحب كون الصدقة من أنفس ماله وكونها في الأقارب ثم الجيران، وما يرفع الشحناء. قلت: هذا مع التقارب في الحاجة، وفي ترجيح الأحوج على المحتاج الأصلح نظر قال: وكون المعطي صحيحاً شحيحاً، وأفضلها ما خلف غني. وفي صحتها بكل ماله رواية محمد وقوله سحنون: إن لم يبق ما يكفيه ردت صدقته، وهو أحسن، وصدقه أبي بكر بكل ماله كانت لاستئلاف الناس للإيمان، وهو حينئذ واجب، والمعروف لزوم العطية بعقدها. ابن زرقون: قال المازري: للواهب الرجوع في هبته قبل حوزها عند جماعة. وفي قوله شاذة عندنا، وحكاها الطحاوي عن مالك، ومحكاه ابن خويز منداد عن مالك. قلت: تقدم في الحبس نقل ابن رشد الاتفاق، وهي لمعين دون يمين، ولا تعليق يقضي بها. ابن رشد: اتفاقاً، وعلى غير معين كذلك فيها لا يقضي بها. ابن رشد: في القضاء بها قولان على اختلاف الرواية فيها وعلى معين في يمين أو تعليق فيها لا يقضي بها ابن رشد هذا المشهور. ولمحمد بن دينار: من تسرر على امرأته، وقد شرط لها إن تسرر عليها فالسرية لها صدقة تامة، وأعتقها بطل عتقه، وكانت لها، وهو خلاف المشهور. وقول ابن نافع: من شرط لمبتاع سلعة إن خاصمة فهي صدقة عليه، فخاصمه لزمته الصدقة أن حمل اللزوم على القضاء بها فهو مثله. ابن زروق: لابن نافع: من قال: إن تزوجت عليك فأمتي صدقة عليك قضي عليه بذلك، وقاله ابن دينار. قلت: هذا خلاف عزو ابن رشد مسألة الأمة لابن دينار ومسألة السلعة لابن نافع وجزمة به خلاف جعله ابن رشد محتملاً.

باب الموهوب

وفي القضاء بالمعلق بيمين لغير معين: نقل ابن زرقون عن أصبغ والمعروف. وفي إيجاب دعوى هبة معين يمين الواهب، قول الجلاب، ونقل الباجي عن ظاهر المذهب قائلاً: دعوى المدين هبته رب الدين دينه يوجب يمينه اتفاقاً. قلت: وكذا من ادعي هبة ما بيده من معين. [باب الموهوب] ابن شاس: الركن الثاني الموهوب: وهو كل مملوك يقبل النقل، وتبعه ابن الحاجب. فقال ابن عبد السلام: كالدار والثوب ومنافعهما إلا ما لا يقبل كالاستماع بالزوجة، وأما الولد قاله ابن هارون وزاد: وكالشفعة، ورقبة المكاتب، وما زاده حسن؛ لأنهما ماليان. وكذا الحبس لا تصح هبته: وهو مندرج تحت كل مملوك، ودخول المنافع فيه تدخر العارية، وهو خلاف العرف. وفيها: ومن وهب مورثه، وهو لا يدري كم هو جاز. والغرر في الهبة لغير الثواب يجوز بخلاف البيع. اللخمي: هبة المجهول والصدقة به ماضية، ويستحب كونهما بعد معرفة قدر العطية خوف الندم. وفيها: هبة ما جهل قدره من إرث ناجز في لزومها، ثالثها: إن عرف قدر الميراث، ولو جهل نصيبه منه، وإن جهل قدر الميراث لم يلزمه، ولو عرف نصيبه منه لها مع ابن

رشد عن أشهب وابن عبد الحكم قائلاً: ولو ظهرت كثرتها. ونقل اللخمي عن ابن القاسم في العتيبة: من تصدق بميراثه، ثم بان أنه خلاف ذلك له رده، وكذا في الواضحة، وابن فتوح عن بعضهم مع ابن رشد عن بعض المتأخرين على معني ما في المدونة. ابن رشد: وهو تفريق غير صحيح لا وجه له إلا إن شك فيما بين الجزاين ككون الزوج لا يدري إرثه النصف أو الربع، فيكون للتفرقة بين ذلك وبين جهل قدر المال وجه، وهو أن من شك فيما بين الجزأين رضي بهبة أكثرهما فوجب أن يلزمه. وقال ابن رشد: قول ابن القاسم إنما هو فيمن وهب إرثه من أبيه في مرضه قبل موته. والصحيح لا فرق بين كونه في مرض موته أو بعد موته. وعلى الثاني قال اللخمي: إن ظن الموروث داراً معينة بأن أنها دار أخرى أو طرأ مال لم يكن يعلمه حاضراً فله رد الدار والطابي، وإن ظن في الحاضر قدراً بأن أنه أكثر كان شريكاً بالزائد. وفي عارضة ابن العربي في باب القطاع في جواز هبة المجهول روايتان. وفيها: من وهب نصيباً من دار لم يسمه. قيل له: قر بما شئت مما يكون نصيباً. اللخمي: هذا على مراعاة اللفظ. وعلى المقصد إن أقر بما يشبه هبه مثله لمثل الموهوب قبل، والإلزام ما يشبه. وعلى الأول في لزوم حلفه نقلاً ابن أبي زمنين عن أشهب، وابن فتوح عن المذهب. وسمع عيسي ابن القاسم: من تصدق بإرثه من أبيه إن مات، والأب باق لم يلزمه لجهله قدره. ابن رشد: أسقط لزومه لجهله قدره لا؛ لأنه وهب ما لم يملك بل ما يملك لتقييده بموته خلاف سماعه أصبغ أنه يلزمه إلا أن يقول: ظننت قلته، ولو علمت هذا القدر

ما وهبته وأشبه قوله فيحلف ولا يلزمه. وحمل بعضهم سماع أصبغ على أنه بعد موت الأب، وسماع عيسي على أنها قبله. قال: وهو قولها آخر الوصايا الثاني أن الوارث لا يملك الإرث في مرض مورثه إنما يملك الحجر عليه فيما زاد على الثلث. ما وهبته وأشبه قوله فيحلف ولا يلزمه. وحمل بعضهم سماع أصبغ على أنه بعد موت الأب، وسماع عيسي على أنها قبله. قال: وهو قولها آخر الوصايا الثاني أن الوارث لا يملك الإرث في مرض مورثه إنما يملك فيه الحجر عليه فيما زاد على الثلث. قال: وفي الموطأ ما يدل على سقوط ما وهبه في مرض مورثه من إرثه منه وكل ذلك غير صحيح، بل في الموطأ أن هبته إرثه في مرض مورثه لأزمة، وليس في المدونة خلافه، ولا في هذا السماع نص على ذلك لاحتمال حمله على أن هبته كانت في صحة مورثه. وفي الحقيقة لا فرق بين الصحة والمرض ففي لزوم ذلك في المرض والصحة، ثالثها في المرض، وفي التنبيه لابن بشير في كتاب العرايا حكي محمد الإجماع على جواز هبة المجهول، وقال: من لا تحقيق عنده من الملقبين بالفقهاء في هبة المجهول قولان، وهو غلط منه لما روي من الخلاف. فيمن وهب مجهولاً، وقال ما ظننت هذا المقدار هل له رده أم لا؟ وقول ابن شاس: تصح هبة الآبق والكلب واضح لتقرر الملك، ولغو الغرر في الهبة. ولو وهبة خمراً فاطلع عليها بعد كونها خلاً فلا نص، ففي اعتبار الهبة يوم عقدها هي للواهب، وعلى اعتبارها يوم الحوز هي للمعطي، والقولان يأتيان. وفي هبتها: من وهب ما رهنه جاز، وقضي عليه بافتكاكه إن كان ملياً، وإن لم يقم عليه حتى فداه فللموهوب أخذه ما لم يمت الواهب. بعض شيوخ عبد الحق: إن كان الدين عرضاً لم يجبر المرتهن على قبضه، ولا أخذ رهن غيره. قلت: يريد: والدين من بيع لا قرض على المشهور. اللخمي: قيل: في هذا الأصل ليس عليه تعجيل الدين إن حلف ما أراده، فإن تمسك المرتهن برهنه بقي لحلول أجله، فإن كان موسراً قضي الدين وأخذه الموهب له،

وإن كان يجهل أن الهبة لا تصح إلا بعد تعجيل الدين حلف على ذلك، ولم يجبر على تعجيله اتفاقاً. محمد: ولو وهبة قبل حوزه المرتهن، وقبضه الموهوب له فهو أحق إن كان الواهب موسراً، ولم يجعل للمرتهن حقه لتفريطه في حوزه، وإن كان معسراً فالمرتهن أحق به. ولو قاما قبل حوزه أحدهما، فإن كان موسراً فالموهوب أحق به، وعجل للمرتهن حقه، فإن أعسر بعد ذلك تبعه بحقه، ورآه كمن وهب، ثم وهب، وحازه الثاني أنه أحق. وقال ابن القاسم في هذا الأصل إن كان الأول أحق، وإن كان الرهن شرطاً في عقد البيع أو القرض كان أبين في حقه في قبضه. وفيها: هبة الدين جائزة إن أشهد بها وجمع بين المدين والموهوب له، ودفع له ذكر الحق، فإن لم يكتب ذكر حق بأن أشهد له، وأحاله عليه فهو قبض، فإن غاب المديان كفي إشهاده، ودفع ذكر الحق وإحالته عليه، وقوبل هبة الدين على غائب بإشهاد به قبض. المتيطي وابن فتوح عن ابن أبي زمنين: إن أشهد له، ولم يدفع له ذكر الحق، فذلك جائز إن قبل. قلت: ظاهره، ولو لم يحضر المديان، فإن كان لغيبته فهو كقولها، وإن كان ولو كان حاضراً فهو خلاف قولها فالحاصل إن أشهد له وأحاله على المدين لحضوره، ودفع ذكر الحق كفي اتفاقاً، وإن تعذر كفي الإشهاد والقول في لزوم دفع الذكر الحق إن كان قولان لظاهرها، وظاهر قول ابن أبي زمنين، والأول هو ظاهر الكلام اللخمي، ونص عبد الحق عن بعض شيوخه: إن لم يدفع ذكر الحق للموهوب حتى مات الواهب، بطلت الهبة كدار مغلقة لم يعطه مفتاحا. ومقتضي قول ابن رشد في سماعي عيسي ابن القاسم فيمن تصدق بدين عليه على غيره فدفعه بعد علمه بالصدقة دون دفع ذكر حقها للمتصدق عليه غرمه للمتصدق عليه؛ لأنه بقبوله إياها دون قبضه ذكر حقها صادر المدين قابضاً له عدم شرطية قبض

باب الواهب

ذكر الحق كابن أبي زمنين. وفيها: قبض هبة المدين ما عليه قبوله. اللخمي والمتيطي: لو لم يقل الموهوب في عقد الهبة: قبلت حتى مات الواهب، ففي بطلانها قولاً ابن القاسم وأشهب قائلاً: كون الدين عليه حوز له. قال: ولابن العطار وغيره، من الموثقين عدم ذكر قبض الزوج رسم الصداق في هبة الزوجة إياها، وذكر قبض المدين رسم الدين في هبة ربه إياه، ولا فرق إلا أن يقال: لم يبق بين رب الدين والمدين بعد هبته علقة بخلاف الزوجين. قلت: بقاء حقها في طلب نفقة الزوجية يوجب تمسكها به. وقول ابن عبد السلام: اختلف الشيوخ هل دفع ذكر الحق من شروط الصحة أو من شروط الكمال يقتضي شهرة القولين، ولا أعرف الثاني إلا ما مر عن أبن أبي زمنين وابن رشد وابن شاس. [باب الواهب] وابن الحاجب: الواهب من له تبرع. قلت: ليس التبرع أعرف من الهبة؛ لأن العامي يعرفها دونه، والأولى هو من لا حجر عليه بوجه، فيخرج من أحاط الدين بماله. في هباتها: من وهب عبداً لثواب فأعتقه أو وهبة أو تصدق به، فإن كان ملياً جاز،

باب الحوز الحكمي في الهبة والصدقة

وإلا منع، وإن كانت بدنة فقلدها وأشعرها فللواهب أخذها، ولو ابتاعها ففعل بها هذا حلت قلائدها، وبيعت للمشتري في الثمن. الباجي عن أصبغ في العتيبة: إن كانت قيمة العطية أكثر من الدين إن بيع جميعها، وإن بيع بقدره قضي عنه للتبعيض بيع جميعها، وكان الفضل للمتصدق ولا للمتصدق عليه كما لو استحقه مستحق. قلت: هذا قوله في رسم الوصايا. ابن رشد: اتفاقاً. وتصح من المريض في ثلثه؛ إذ لا حجر عليه فيه، وتقدم حكم لزوم عقدها. الموهوب له: من صح ملكه للهبة ولو لم يدم. فيها: من وهب له من يعتق عليه عتق إن قبله، ولو كان صغيراً أعتق، ولو لم يقبله وليه. المتيطي: وتجوز الصدقة على الحمل فيملكها إن استهل. الباجي: وقيل: لا تصح، وتقدم في الحبس عليه، والمذهب وقف تماماً على حوزها. ابن زروق: روي أبو تمام: عدم وقف الصدقة والحبس على الحوز، ووقف الهبة عليه. [باب الحوز الحكمي في الهبة والصدقة] والحوز حكمي ومعنوي؛ وحسي فعلي الأول حوز الولي لمن في حجره، فيدخل الكبير السفيه.

فيها: إلا الوالد لولده العبد، ولا الأم لولدها إلا أن تكون عليه وصياً، ومر عمل الموثقين على كتبهم، وتولي الأب قبض هذه الصدقة من نفسه لابنه، واختارها له من نفسه. وفي كتاب المتيطي: حرمها له من ماله، وأبانها عن ملكه، وصيرها من أملاك ابنه، ثم قال: والإشهاد بصدقته يغني عن الحيازة، وإحضار الشهود لها فيما لا يسكنه الأب، ولا يلبسه. وكره ابن القاسم كتب أن الأب احتاز ذلك من نفسه بما يجوز به الآباء لأبنائهم، ورأي السكوت عنه أحسن؛ لأن السنة أحكمت أنه الحاكم لهم. قلت: ونقله ابن عات وفي آخر رهانها مع غيرها، سكني الأب ما أعطاه لصغار بنية يبطل حوزة لهم. المتيطي: شرط صدقة الأب على صغار بنية بدار سكناه إخلاؤها من نفسه وأهله

وثقله ومعانيتها البنية فارغة من ذلك ويكريها لهم. ابن عات عن ابن رشد: من تصدق على ابنه الصغير بدار سكناه، فباعها قبل أن يرحل عنها صح الثمن للابن، ولو مات الأب فيها، لأنه مات وهي للمشتري لا لابنه إلا أن يكون باعها لنفسه استرجاعاً للصدقة، وغفل عن ذلك حتى مات، فإن الصدقة تبطل، ولو علم ذلك في صحته فسخ البيع، وردت لولده. وبيعه بعد خروجه منها محمول على أنه لابنه حتى ينص على استرجاعه فبيعه مردود للولد، ولو كان ميتاً، لأنها كات صدقة ببينونته عنها إلى أن باعها، والثمن للمشتري في مال الأب وحده أم لا، لا شيء في مال الولد، قاله ابن حبيب في الواضحة. ولو كان حبسها، وهو ساكن بها، ثم رهنها لنفسه قبل أن يرحل منها حتى مات بطل الحبس، وكذا لو باعها بعد أن حبسها قبل أن يرحل منها، ولم يعثر عليه حتى مات، أو مرض، ولو لم يعثر عليه في صحته فسخ بيعه، وصحح حبسه بالحيازة. قلت: قول ابن رشد هذا هو في رسم أوصى من سماع عيسي من كتاب الحبس أتي به على أنه المذهب، ولم يعزه لأحد، وهو في النوادر لابن حبيب عن أصبغ، ولم يتعقبه ابن عات، وفيه نظر؛ لأن شرط صدقته بدار سكناه ارتحاله فبيعه إياها قبله بيع لها قبل تمامها لولده فيجب كون ثمنها ميراثاً لقول ابن القاسم أول مسألة من كتاب الصدقة: من باع ما تصدق به قبل حوزه المتصدق عليه ومات، الصدق باطلة. وذكرها الباجي عن الواضحة ل أصبغ، وفي لفظه: لو خرج منها بعد الصدقة، ثم باعها لنفسه، أو استرجاعاً، أو على غير ذلك فالبيع مردود للولد. ابن زرقون: لا أدري ما يريد بقوله: أو غير ذلك، وهو إذا باعها بيعاً مبهماً فهو جائز، والثمن للابن. وفي آخر رهونها: من حبس على صغار ولده داراً، أو وهبها لهم، أو تصدق بها عليهم، فحوزه لهم حوز إلا أن يسكنها أو جلها حتى مات فيبطل جميعها.

وإن سكن من الدار الكبيرة ذات المساكن أقلها، وأكرى لهم باقيها نفد لهم ذلك فيها سكن، ولم يسكن. ولو سكن الجل وأكرى لهم الأقل بطل الجميع، وكذلك في دور يسكن واحدة هي أقلها أو أكثرها. بعض شيوخ عبد الحق: إن سكن الأقل صح جميعها، ولو كان الولد كباراً، وإن سكن الأكثر بطل الجميع إن كان الولد صغاراً، أو ما سكنه فقط إن كانوا كباراً. وقال غيره منهم إن سكن أكثر من النصف بطل الجميع، وفي الأقل يصح الجميع، وإن سكن النصف صح ما لم يسكن وبطل ما سكن. قال غيره منهم: إن سكن القليل وأبقي الكثير خالياً بطل حتى يكريه لهم؛ لأن تركه منع له فكأنه أبقاه لنفسه. قلت: عزاه عياض للصقليين. قال: وهو صحيح في النظر ظاهر من لفظ الكتاب. قال: وقوله: إذا سكن منها المنزل، وهو ذات منازل فحاز الكبار سائر الدار، وكانوا أصاغر. ثم قال آخر: إن سكن أقل الحبس جاز ذلك كله، وإن سكن أكثره لم يجز منه شيء. ظاهرة تسوية الصغار والكبار في حوز الأب الجل وسقط قوله فحاز الكبار سائر الدار من كتاب الرباع، ولم تكن عند ابن عتاب، وصوب سقوطه ابن وضاح. وثبت عند يحيي قال: فضل: إثباته غلط، لأن من قول ابن القاسم: إن حاز الكبار ما تصدق به عليهم، ولو قل جاز إلا أن يكون قوله هنا: إن حاز الجل بطل الكل على الصغار فقط. عياض في الموازية له ولأشهب: يبطل الأقل إن سكن الجل كان هو الحائز للصغار أو حوزه لغيره، فأخذ منه بعضهم بطلان الجميع على ظاهر رواية يحيي ونحوه في صدقة العتيبة. وقال ابنأبي زمنين: لفظ ابنه الكبير ساقط في بعض الروايات يعني في

أول المسألة. قال: وهو الصحيح على قول ابن القاسم وروايته وبين أصحاب مالك في هذا الأصل تنازع. عياض: وهو على الخلاف في مراعاة الأتباع. اللخمي: للأكثر حكم نفسه في حوزه وسكناه، والأقل في الحبس تبع للأكثر عند ابن القاسم وأشهب، وقصر عبد الملك تبعيته للأكثر في الصغار على حوزه بنفسه لحسن نظره، وإن حوزه غيره بطل الأقل بسكناه. وفي الصدقة تبطل مطلقاً جاز الأكثر، أو حوزه غيره. وقال سحنون: إن قبض الكبار الأكثر، وسكن الأقل بطل. ولم خلافاً في صحة محوز الكبار، ولو قل، وعلى قولي ابن القاسم وأشهب: إن حاز للصغار القليل، أو حوزه أجنبي بطل يبطل محوز الكبار إن قل. وقال أصبغ إن سكن داراً من دور بطلت، ولو قلت. وصح ما حازه للصغار أو حوزه غيره، ولو قل كل ذلك كحبس منفرد. والدار الكبيرة إن قل ما سكن منها صح جميعها، وإن كثر صح ما سواه حازه لهم أو حوزه غيره الصغار والكبار فيه سواء، فإن حاز الكبار الأكثر صح الجميع على قول ابن القاسم، ولم يصح على قول عبد يصح حظ الصغار والكبار فيه سواء؛ لأنه يحوز عن الأب، وبطل ما سكنه الأب في جميع هذه الوجوه؛ لأنه الأكثر، وإن سكن الأب بعضاً وحاز بعضاً والكبار بعضاً كل ذلك قريب من السواء صح حظ الصغار من كل الصدقة إلا على قول ابن القاسم؛ لأنه سكن أقل عطيتهم، والأكثر محوز لهم بيده ويد الكبار، ولم يصح للكبار إلا ما حازوه، وبطل ما بيد الأب؛ لأنه الأكثر من صدقتهم، وهو لا يجوز لهم. وفي آخر سماع عبد الملك: ما حد الذي إن سكنه الأب من الدار حتى مات لم يكن للود فيه صدقة؟

قال: إن سكن الثلث فالصدقة ماضية، وإن سكن أكثر منه فهي باطلة. ابن رشد: الثلث عند مالك يسير إلا في معاقلة المرأة الرجل، وما تحمله العاقلة والجوائح. قلت: للشيخ في كتاب الحبس عن أبن حبيب: حد القليل فيما سكنه المتصدق مما تصدق به مما هو أقل من الثلث، وسمعت من يستكثر ذلك. ابن عات: إن تصدق على ابنه صغيراً أو كبيراً وشرط سكني أمه معه، ولم يكن سكنها الأب بخاص جاز، ولو كانت الأم في العصمة قاله بعد هذا في ورقة سابعة. قلت: مقتضي قولها في قصر المسافر أن من مر بقرية فيها أهله أتم خلافه، ونحو ما ذكره ابن عات في سماع عيسي صحة حوزة لصغير ولده الدار مع إسكانه بها أمهات أولاده. ابن رشد: وجعله الأشياخ خلاف ما في سماع يحيي، أن إسكانه بها صغير ولده غير المتصدق عليه يبطل حوزه، ويحتمل أن يفرق بسكني الابن المتصدق عليه مع أمهات أولاده، وسواء كانت أمهات أولاده تحته بملك أو تزويج ما لم يكن ذلك مسكناً له خاصاً يستوطنه. ابن عات: أنظر لو تصدق على من في حجره بدار سكناه، وألحق بالصدقة جميع ما في الدار، ثم سكنها الأب حتى مات هل تصح الصدقة؛ لأن سكناه بها صار كالنظر لابنه، وكما إذا ألحق بالأملاك الزرع النابت بها، وذكر أن في وثائق ابن العطار جواز ذلك. قلت: ظاهر الروايات بطلان الصدقة؛ لأنه قادر على أن يخرج ما في الدار لينظر فيه. وقول الموثقين: استثناؤه سكني بيت معين حياته على أنه ملحق بعد وفاته بصدقة سائرها لا يبطلها. ويلحق بها إن عاينت البينة إخلاء غير المستثني وضمنت أن قيمته الثلث فأقل تقدم عزوه للمتقدمين وتقريره في كتاب الحبس.

الشيخ لابن حبيب عن الأخوين: لو جعل من يجوز لصغير ولجه ما أعطاهم، وحوزه ذلك ببينه، ثم وجه بيده بعد موته، فهو ميراث، لأنه بتحويزه غيره ألغي حيازته لولده. ولو أشهد حين رجوعها له أنه لحيازته لهم ففي صحتها مطلقاً أو إن حدث ممن حاز لهم سفه أو سوء ولاية قولاً مطرف وابن الماجشون مع أصبغ. الباجي: وقولهم وفاق لابن القاسم إلا أنهم شرطوا الإشهاد بأن قبضه للحفظ للابن، وزاد ابن الماجشون: مع ضرورة أخذها. وفي أجوبة ابن رشد: من أشهد بهبة ما في تابوت بيته مغلقاً لابنته الصغيرة ووجد به بعد موته حلي وثياب هبته باطلة إلا أن يدافع مفتاحه للبينة، وتعاينة مقفلاً. وفيها: من حبس على صغار بنية وكبارهم ومات قبل حوزهم بطل الجميع. ابن رشد: اتفاقاً. ولابن حبيب: اتفق المدنيون والمصريون على أنه إن حاز حظ الأصاغر، ولو بقسمة بعد عقد الحبس صح لهم قاله في سماع عيسي. وزاد في رسم المكاتب من سماع عيسي: قال فضل: رأيت لابن حبيب هذا في قسمه في عقد الحبس، وسكت عن قسمه بعده. ابن رشد: وهو القياس؛ لأن قسمه على أبنه الكبير الغائب لغو. ووجه اعتباره رعي القول بعدم لزوم عقد العطية فقسمه بعده كقسمة فيه. ومعني قول ابن القاسم فيها؛ لأن الحبس لا يقسم أنه عقد على أن ليس للصغار منه جزء معلوم، وإن مات منهم صغير وكبير فحظه لمن بقي. ولو كان على ابنين بأعيانهما أحدهما صغير صح حوزه له على قول مالك: من مات منهم رجع حظه للمحبس أو لأقرب الناس منه لا علي أخيه. قلت: لو كان عليهم صدقة فكذلك. وروي ابن نافع: وعلى حظ الصغار جائز لهم. الباجي: القولان بناء على الخلاف في هبة المشاع، ثم قال: من تصدق على ابنه

الصغير أو وهبه نصف غنمه أو عبده أو داره مشاعاً، ففي صحته، وإبطاله نقل القاضي روايتين معناه ترك باقية لنفسه أو جعله في السبيل وحازه حتى مات بالأولى قال ابن القاسم، وهي رواية أشهب، وبالثانية قال أصبغ. ومن تصدق على ابنه بمائة شاة من غنمه، ولم يعينها بما تعرف به، فعن مالك فيه روايتان في الموازية والعتبية لمالك: لا تجوز. وبه قال ابن القاسم ومطرف. قال محمد وابن حبيب: قال أصبغ كان يجيزه، ثم رجع. زاد في العتيبة: هو وأصحابه. قال ابن حبيب: وبهذا ابن زرقون، يريد: بالجواز أخذ ابن وهب وابن عبد الحكم وابن الماجشون والمغيرة وابن دينار، واستثني ابن الماجشون العتق والمسكن والملبوس، فإنه يبطل، يريد: إذا لبسه أو سكنه. قال: ففي صحة حوزه المشاع لابنه الصغير وباقية له أو صدقه على كبير أو في السبيل، ثالثها: إن أبقاه لنفسه أو لنفسه مما صدق على ابنه إلا ليحوز له مقسوماً، فلم يجز مشاعاً، وفي غيره تصدق ليحوز مشاعة. قال: كذا حصلها ابن رشد، ولو تصدق نصف أرضه مشاعاً على رجل فعمرها معه على الإشاعة، ففي صحته له قولاً ابن القاسم في تفسير ابن مزين وأصبغ. وفي صحة حوزه لابنه الصغير جزءاً مشاعاً، أو عدداً غير معين ثالث الروايات في الجزء المشاع لا العدد. قلت: لتحقق قدر المشاع باسمه، وفي العدد إنما هو بتسمية عدد الموهوب من عدد الجملة. وجوز الأب لصغير ولده ما يعرف بعينه صحيح. ابن رشد: اتفاقاً.

قال: في سماع ابن القاسم: والذهب والورق وما لا يعرف بعينه بعد الغيبة عليه من كل مكيل وموزون، ولو كان غير مأكول كالكتان، أو غير مكيل ولا موزون، وهو اللؤلؤ والزبرجد في لغو حوزه إياه مطلقاً، وصحته إن طبع عليه بحضرة البينة قولان لسماع ابن القاسم، ورواية مطرف إن صرفها بحضرة البينة، وختم عليها بخاتمة، ورفعها عنده، ووجدت كذلك بعد موته، ولو لم تختم عليها البينة وختمها أحسن مع قول ابن الماجشون ولابن نافع والمدنيين، وقول الموطأ. وعزا الباجي الأول لابن القاسم، والمصريين وعزا اللخمي الأول لمحمد قال: والتبر ونقار الفضة كالعين يجري على الخلاف. وكذلك اللؤلؤ والزبرجد والكتان. قال مالك: والمطوق والسوار كالعرق. وفي السماع: لو تصدق على ابنه بعبد موصوف في ذمه رجل صح قبضة الأب، أو لم يقبض. ولو تصدق عليه بدنانير دين على رجل ومات الأب، وهي بيده صحت؛ لأنها قد حيزت لكونها على الغريم. وكذا لو تصدق عليه بدنانير ووضعها على يدي غيره، ثم أخذه منه لسفره، أو بعد موته؛ لأنها قد حيزت كالدار يحوزها عن السنتين أو السنة، ثم يسكنها ويموت فيها صدقتها ماضية. وكل صدقة حيزت مدة فهي جائزة. ابن رشد: لا يشترط في الدنانير الدين بقاؤها على الغريم بعد الصدقة حولاً، لأنه لم يزل محوزاً عنه. والدنانير التي حوزها غيره كالدار إن قبضها اختياراً من غير عذر سفر، ولا موت قبل الحول بطل حوزها كالدار. قلت: زاد الباجي أنه إن تسلف الدنانير الدين بعد حوزها لم يبطل لتشبيهها برجوع الدار في لفظ مالك.

وتسلفه ما حازه الأجنبي يبطل حوزه. وقال الشيخ أبو بكر: لو ختم على المكيل والموزون بعد وضعه في شيء وأشهد صح حوزه له؛ لأنه حينئذ يتميز كالعبد. قلت: أنظر هل يؤخذ من قوله: يتميز كالعبد أن ركائب الكتان، ومزاود النيلج ونحو ذلك إذا بيعت كذلك على الوزن أنها مما تعرف بعينه يستحقها بائعها في الفلس بالبينة عليها بعد الغيبة عليها ومفارقتها البينة أولى، لأنها من جملة الموزون. قال: وهذا على قول المدنيين في الدنانير ظاهر. وعلى قول المصريين يحتمل أن يقوله في كل مكيل وموزون ومعدود ويحتمل أن يفرق بأن الدنانير لا تتعين بالعقد، وهذا يتعين بالعقد اتفاقاً. ونقل ابن عبد السلام: أن المكيل والموزون كالعرض في الحوز لا بقيد الطبع عليه لا أعرفه إلا قول ابن عات. قال ابن عتاب: اختلف فيما لا يعرف بعينه إذا وهب الأب واحتازه، ولم يخرجه من يده لغيره. وفي المدونة لابن القاسم ما يدل على جوازه أنظر ذلك في الثاني لابن سهل. قلت: لم أجد ما أشار إليه في أحكام ابن سهل؛ فتأمله. ولو وهب ماله على عبده من كتابه أو دين لابنه الصغير، ففي كونه على العبد حوازاً لا يبطل باقتضائه الأب ثالثها في الدين؛ لأنه يحاص به غرماء عبده، لابن رشد عن بعض المتأخرين وغيره وسماع عبد الملك ابن وهب وأشهب. وسمع عيسي رواية ابن القاسم: كراء الأب ما وهبة لابنه الصغير من ريع حوز، وإن لم يقل أكريت لابني، ولم يخرجه لمن يجوزه له زاد في رسم يدبر من هذا السماع، وفي سماع أصبغ، وإن لم يكتب الكراء باسم ولده. قال: ومن يكري له إلا أبوه وأنكر قول من قال: لا تجوز إن كتب الأب الكراء باسم نفسه، وعابه ورآه خطأ. قال: وهو خلاف سنة المسلمين لا أعلم أحداً، قاله من الناس؛ يريد: من

أهل العلم. ابن رشد: مثله قول مالك في رسم يدبر، ولا أعلم فيه خلافاً في المذهب. ابن زرقون: ذكر أصحاب الوثائق أن الأب إن قامت البينة فيما تصدق به على ابنه الصغير مما له غلة أنه يستغل، ويدخل الغلة في مصالح نفسه إلى أن مات فصدقته باطلة كالسكني إذا لم يخل الدار حتى مات. ومثله في المدنية لابن كنانة، وظاهر المدونة خلافه، وأن الصدقة جائزة؛ لأن الكراء إذا كان محمولاً على أنه لابنه، فإنما استنفق مال ابنه. وهو قول أصبغ في ثمن الدار إذا باعها بعد أن حازها الأب وباعها بيعاً مبهماً أن ثمنها للابن في حياته وموته. وفي حوزه حبسه على ابنه الصغير زيادة مذكورة في الحبس. ولأصبغ في رسم الوصايا: من أشهد في صحته أنه اشتري هذه الدار لابنه من مال ابنه وأنه يكريها له فهو تلويج تورث عن الأب؛ لأنه لم يتصدق عليه إنما زعم أنه مال لابنه، ولم يعرف له مال من وجه. ابن رشد: وجعله بعضهم خلاف سماع ابن القاسم: من أشهد في غلام أنه اشتراه لابنه الصغير، ثم مات الأب أنه للابن غير صحيح؛ لأنه في هذه إنما اشتراه من مال الابن فإن لم يكن له مال كان توليجاً، ولم يقل في سماع ابن القاسم أنه من مال ابنه بل اشتراه بمال وهبه لابنه. وسمع يحيي ابن القاسم: الحوز في صدقة السيد على أم ولده كصدقته على زوجته. ابن رشد: قولها؛ لأن من تصدق بصدقة على غيره أو وهبة هبة لا يكون الواهب جائزاً له إلا أن يكون والداً أو وصياً أو من يجوز أمره عليه في قول مالك يدل على صحة حوز السيد لأم ولده وعبده الأكبر ما أعطاه إياهما كابنه؛ إذ لا أحد أجوز أمراً على أحد من السيد عليهما؛ إذ له انتزاع أموالهما فتحجيره عليهما أقوي من الأب. ووجه ما في السماع أن جواز انتزاع المال يضعف حوزه لهما؛ لأنه منه لهما يشبه الانتزاع.

فسماع يحيى أظهر. واستجب أبو عمر الإشبيلي العمل به، فإن عمل بما في المدونة مضي، ولم يرد. قلت: أخذه الأول من المدونة عزاه الباجي لابن العطار، ولم يتعقبه. وما حكاه عن أبي عمر هو في أحكام ابن سهل. الباجي: حوز المعطي للمعطي الصغير ما أعطاه خاص بالأب ووصيه والسلطان ومقدمه. رواه أشهب وقاله ابن القاسم. ولابن حبيب عن الأخوين: الأم في ولدها اليتيم كالأب، وكذا من ولي صبياً احتساباً من أجنبي أو قريب قبل إعطائه ذلك. وليحيي عن ابن وهب: الحوز له خاص بالأب والوصي والأم. والأجداد كالأب في عدمه والجدات كالأم في عدمها إذا كان في حجر أحد من هؤلاء. ابن رشد: في سماع عبد الملك من كتاب الوصايا: كل من ولي يتيماً من قريب أو بعيد يجوز له ما وهبه له، ومثله من بيده اللقيط رواه ابن غانم. ونحوه قولها: تجوز مقاسمة ملتقط اللقيط عليه. وقول نكاحها الأول: الحاضر والمربي في حياة الأب كوكيلة في تزويج ابنته المحضونة. قلت: إن كان ما ذكره ابن رشد خاصاً دون الأم إذا لم يكن الصغير في حضانتها كان قولاً رابعاً، وهو مقتضي قولها عندي لنصها على لغو حوز الأم، وإجازتها بمقاسمة ملتقط اللقيط، ففي قصر حوز المعطي عطيته لصغير على الأب ووصية والسلطان ومقدمة، وعليهم مع الأم وكل من وليه، ثالثها: هذا بشط كونه جداً في عدم الأب أو جدة في عدم الأم، ورابعها: الأول مع من وليه السلطان مطلقاً للمشهور مع رواية أشهب وابن حبيب عن الأخوين وسماع يحيي ابن وهب وابن رشد عن سماع عيسي مع دليل قولها في القسم والنكاح الأول.

الباجي عن ابن العطار: إن وهب أحد الوصيين يتيماً لم يجز حوزه له. وقيل: يجوز. قلت: الأظهر هذا إن رضي الثاني، وإلا فالأول وفيها: مع غيرها: السفيه كالصغير وحده فيهما الرشد به يبطل حوزه لهما. ابن عات: في الاستغناء عن ابن عيشون: إنما يبطل به إن علم المعطي بالعطية، وإلا فالأول، وقيل: لا يبطل بحال وهو أحسن. ولو حاز السفيه لنفسه، ففي بطلان حوزه وإعماله نقل المتيطي عن وثائق الباجي ومحمد مع سحنون ومطرف وقول ابن الحاجب متبعاً. ابن شاس: شرط استقرارها الحوز كالصدقة إلا في صدقة أب على صغيره، وعلى ذلك علماء المدينة تركه خير من ذكره لاقتضائه العموم في كل عطية من عين، أو مثلي، أو مسكن، وإبهام قصره على الصدقة، والصغير دون السفيه، والأب دون وصية، والقاضي ومقدمة فيوقع الناظر في خطأ فاحش لأجل هذا، ونحوه طرحه كذلك كثير من متقدمي الشيوخ ومتأخريهم.

باب التحويز

[باب التحويز] والمذهب: لغو التحويز في الحوز في هباتها إن قبض الموهوب له الهبة بغير إذن الواهب؛ جاز قبضه؛ إذ يقضى عليه بذلك إن منعه. وقول ابن عبد السلام: يشترط إذن الواهب على القول الشاذ بعدم لزوم الهبة بالعقد هو مفهوم تعليلها. وقوله: ولا يبعد تخريجه على المشهور من افتقاره في الرهن؛ لإذن الراهن يرد بقوة بقاء ملك الراهن. وشرط الحوز كونه في صحة المعطي وعقله، في عتقها الثاني، والحمالة، والهبات منها: ما أقر به المريض أنه فعله في صحته، فلم يقم عليه المقر لهم حتى مات أو مرض؛ فلا شيء لهم. وإن كانت لهم بينة إلا العتق والكفالة إن قامت به بينة. وسمع عيسى ابن القاسم: من تصدقت بعبد أو غيره في صحتها، فذهب عقلها قبل حوزه؛ فحوزه باطل كموتها. ابن رُشْد: هو كالمريض رجوع عقلها كصحتها، ومثله سمعه أَصْبَغ. قُلتُ: لم يحك هو والباجي خلافًا في ذلك. ورأيت لابن حارث ما نصه بعد ذكره هذا السماع: وقال سَحنون وابن عبد الحَكم: يقضى عليه بدفع الصدقة، وهو كالصحيح. ابن حارث: إن كانت حالته بما عرض له حالة مريض؛ لم يقض عليه بالدفع، وإلا قضي عليه.

قُلتُ: هذا هو قول سَحنون، وابن عبد الحَكم. وفي السماع المذكور: لا يحاص بها الورثة أهل الوصايا كما يحاصوا بالوصيَّة لوارث. ابن رُشْد: لأنه لم يرد كونها من الثلث، وفي الوصيَّة: للوارث إرادة. وفي دخول الوصايا فيها سمَاع عيسى ابن القاسم في الوصايا، وهذا السماع مع الموطأ، ورواية ابن وَهْب بناء على ترجيح دلالة عدم تحويزه في صحته على علمه ببقائها على دلالة تحويزه في مرضه على إتمام فعل صحته؛ ليكون من رأس ماله أو العكس، وإحالة الدين بماله قبل العطَّية يبلطها اتفاقاً كما مر. وفي كون إحاطته بعدها قبل حوزها كذلك، وصحة حوزها حينئذ نقلا الباجي عن الأخوين وأصبغ قال: بناء على اعتبار يوم الحوز أو العقد. ولو نازع كبيرًا حاز عطية من له دين على معطيها، وجهل كونه قبلها؛ لم يردها. ابن رشد: اتفاقًا. ولو نازع في عطية صغير حوزها حوز الأب إياها، وجهل كونه قبلها، ففي صحتها وتقديم الدين عليها قولا أصبغ مع الأخوين وابن القاسم فيها، وصوبه ابن رشد وقال: في اعتبار تاريخ أحدها مع خلو الآخر عنه ولغوه قولا مالك مع أصحابه غير المغيرة وابن القاسم معه، فعلى هذا في تقديم العطية على الدين مطلقًا، أو ما لم يؤرخ الدين، فيقدم عليها، ثالثها: الدين مقدم مطلقًا، ورابعها: ما لم تؤرخ الصدقة فتقدم، ويتخرج في الصدقة على الكبير تقديمها مطلقًا، وتقديمها ما لم يؤرخ الدين فيقدم. وفيها: إن تأخر الحوز لموت الواهب؛ لخصومته بإنكاره إياها قضي بها إن عدلت بينة الموهوب له. الباجي: قاله مطرف وأصبغ، وقال ابن الماجشون: تبطل. ولابن القاسم: إن وقف القاضي العطية؛ لينظر في حجتهما؛ قضي بها. أشهب: إن منعها من الواهب، فرفع حكمه عنها؛ قضي بما يثبت عنده كما يقضي

به في حياته، وإن لم يمنعه منها؛ بطلت. قلت: فالأقوال ثلاثة عزوها بين، وعزا عياض الأولين لمالك. وفيها مع غيرها: العارية والقرض كالهبة في الحوز والحبس تقدم، وما حيز في مرض موت معطيه في بلاطنه وصحة ثلثه للمعطى، ثالثها: جميعه من الثلث لها مع سماع عيسى ابن القاسم: في الجنون، والباجي مع اللخمي عن أشهب، وتخريجه من قولها: يقوم على المريض في ثلثه؛ لعتقه حظه في صحته، ويرد بتشوف الشرع للحرية، ولم يحك ابن رشد فيه خلافًا. وتبع ابن عبد السلام الصقلي في قبوله قول محمد إثر نقله قول أشهب يعني: أنه لم يدع غيرها مع أن في كلاه، ولا أرى قول من قال بحوز جميعها من الثلث، ولا قول من قال: يبطل جميعها. محمد: أظن جوابه: أنه لم يدع غيرها؛ فلذا قال: ثلثها. وقول محمد هذا وقبوله وهم لقول أشهب: ولا أرى قول من قال: تجوز كلها من الثلث. الباجي: إذا حجر على المفلس؛ بطل حوز عطيته في ملائه. قال أصبغ في العتبية: إن زادت قيمة العبد الموهوب على الدين إن بيع جميعه، وإن بيع بقدره قصر عنه للتبعيض بيع جميعه، وما فضل عن الدين للواهب لا للموهوب لها، كما لو استحق؛ لأن الغرماء استحقوه. الشيخ: لو ثبت رهن أو هبة في الصحة، ووجد ذلك بيد حائزة بعد موت ربه، ففي قبول قول حائزه إن حازه في صحة ربه قولا أصبح مع مطرف وابن حبيب مع ابن الماجشون. قلت: وقيل بالأول في الهبة، وبالثاني في الرهن. وفي نوازل ابن الحاج قولا مطرف وابن الماجشون قائمان من المدونة، وبقاء تصرف المعطي في العطية لنفسه يمنع حوزها الحكمي كالحسي حصل ابن رشد مسألة أطال أصبغ في نوازله كلامه فيها بقوله: الأب في الأرض يتصدق بها على ابنه الصغير؛

محمول على أن تعميره إياها لولده حتى يثبت أنه لنفسه على ما كان يفعله قبل الصدقة. "وفي الدار يتصدق بها عليه"؛ محمول على أنه كان يسكنها، أو يشغلها بمتاعه وحشمه حتى يثبت إخلاؤه إياها، وأنه لم يكن قبل يسكنها ولا يشغلها. زاد ابن عات في أحاك ابن زياد: لأبي صالح وابن لبابة وابن وليد: من تصدق على ابنته البكر بنصف دار إلى ناحية بعينها على السواء أن على من ادعى أنها كانت معروفة لسكنى الأب البينة على ذلك؛ قال أبو صالح: هذا قول سلفنا، وقاله سعد بن معاذ، وهو خلاف قول ابن رشد. قلت: هو من كلام ابن سهيل: إن لم يأت مدعي سكني الأب إلا بشاهد واحد؛ حلفت مع شاهدها على الصدقة، وقاله يحيى بن عبد العزيز. قلت: في هذا نظر، والصواب: أن يحلف مدعي السكني مع شاهده، وتبطل الصدقة؛ لأنها دعوى في مال قام بها شاهد واحد. فتأمله. وفي صحة حول أحد الزوجين يعطي أحدهما الآخر دار سكناهما بسكناهما معًا، ثالثها: في هبة الزوج لابن زرقون عن رواية ابن القاسم، وابن بطال عن رواية أشهب، وسماع عيسى ابن القاسم. ولم يحك ابن رشد والباجي غيره. ابن سهل: خاض أهل مجلس ابن زرب في صحة حوز الزوجة دارًا تصدق بها عليها زوجها بسكناها إياها معه فقال جلهم: هو حوز، فأنكره عليهم ابن زرب لوجوب السكنى على الزوج قالوا به: فما تقول؟ فقال: هي مشتبهة، ولم يفصل فيها بشيء، وتوقف عن جوابها. قال ابن سهل: كذا وقعت فيما جمع من مسائل ابن زرب، وفيه قوة الدليل على عدم الاجتهاد؛ لعزوب هذه عندهم مع نصها في سماع عيسى، فينبغي أن لا يغفل عن درس المسائل فآفة العلم النسيان. وحكي لنا عن أبي عمر الإشبيلي: أنه كان يقول: لا يبقى مع الحافظ آخر عمره إلا

معرفة مواضع المسائل، وما هي إلا منزلة كبيرة لمن كان بهذه المنزلة في العلم، ولم يكن كما ذكر عن بعض من اتسم بالفتيا أنه طلب باب الحضانة في طلاق السنة، فلم يزل يقلب ورقة حتى لآخره، فلم يجد شيئاً، فرمى بالكتاب في محراب مسجده، وهذا هو الموجود في وقتنا. الباجي: روى ابن القاسم في الموازية والعتبية: من تصدق على زوجته بخادم معهما في البيت تخدمهما بحال ما كانت؛ فهو جائز. قال محمد عن ابن القاسم وابن عبد الحكم: وكذا متاع البيت وبه أقول. وروى أشهب في الكتابين: أن هذا إلى الضعف، وما هو ببين. وكذا هبتها إياه خادمًا أو متاعًا بالبيت أقام بأيديهما؛ هو ضعيف. ابن زرقون: في صحة حوز الزوجة الصدقة والرهن من زوجها على هذا الوجه، ثالثها: في الصدقة لسحنون قائلاً: ذلك في الرهن، فأحرى الصدقة. وسماع ابن القاسم في كتاب الرهن مع سماع أشهب، وسماع أصبغ ابن القاسم في الرهن وكذا في حوز الزوج إياهما منها لرواية أشهب؛ لأن أيديهما معًا على الخادم. والأظهر الفرق بين كونها واهبةً، أو راهنةً، أو وهبها أو رهنها؛ لاتفاقهم أن القول قول الزوج في اختلافهم في متاع البيت مما يكون للرجال والنساء. وقد قيل: القول قوله فيما يعرف للنساء، وأنه لا يد لها معه. قلت: كله كلام ابن رشد في البيان. الباجي: وأما ما يستعمل منفردًا، فسمع أشهب: نحلة الأم ابنها الصغير عبد خراج ماتت قبل حوزه الأب باطلة. ولو كان عبد خدمة يختلف معه، ويقوم في حوائجه كان حوزًا. وكذا نحلة الأب إياه اختلافه معه، وخدمته له حوز، وإن خدم الأب مع الغلام إلى موت الأب. قلت: كذا نقل ابن زرقون بلفظ: وإن خدم الأب مع الغلام، فظاهره: أنه لا يضر خدمته الأب مع خدمته الولد.

ولفظها في العتبية: وكذا الرجل ينحل ولده الغلام يكون معه يخدمه، ويختلف معه للكتاب، وهو في ذلك مع أبيه، فيكون ذلك له حوزًا وله حائزًا. ابن رشد في الموازية بإثر المسألة: قال ابن القاسم وأشهب: إن لم تكن الأم وصيًا؛ فليست حيازتها حيازة بحال، فلم يراع في السماع كون العبد مع الأم في منزل واحد، ورأى الصبي هو الحائز له باختدامه إياه، وراعاه ابن القاسم وأشهب، وغلباه على اختدام الصبي إياه، فجعلاها الحائزة دونه، فلم يجيزا حيازتها له إلا أن تكون وصيًا، وهو الأظهر؛ لأنه إنما يختدمه، ويتصرف له بأمرها ونظرها. ولو كان كبيرًا سفيهًا؛ كان قول مالك في السماع أظهر؛ لأن يدها مع السفيه الكبير أضعف منها مع الصغير، ولو انفرد الصغير بالسكنى عن الأم؛ كان حائزاً له باختدامه قولاً واحدًا، وكذا لو انفرد الكبير. ولو كان الأب ساكنًا مع الأم، كان هو الحائز باتفاق. قلت: هذا على صحة قبض الصغير لنفسه، وتقدم في صحة حوز السفيه نقلا المتيطي عن محمد مع سحنون ومطرف والباجي في وثائقه. وللمتيطي في أثناء فصول الصدقات والهبات في مسائل ابن القاسم: ابن الكاتب: حوز الصغير الذي يعقل أمره ما وهب له؛ جائز. وقاله اللؤلؤي في مسائل الشعبي. ولو حوز الأب صدقته على ابنه الصغير أجنبيًا، ففي صحة حوز له قولا محمد وأشهب مع ابن القاسم. ورجوع العطية لربها بعد حوزها منه عن قريب يبطلها: الباجي عن ابن حبيب: اتفق عليه أصحابنا. ابن سهل: سأل ابن دحون القاضي ابن زرب عمن وهب دارًا ثم أعمر فيها واهبها بعد مدة يسيرة لا تكون حيازة، فأراد رد العمرى خوف بطلان هبته، فأطرق حينًا، ثم قال: إن كان ممن يرى أنه يجهل بطلان هبته بذلك؛ فله ذلك، وإلا فلا. قال: والمسائل إنما هي بتكرار درسها. شاهدت اللؤلؤي أفتى في استبراء امرأة

فاسدة باستبرائها بحيضه؛ فقلت له بعد ذهاب السائل: إنما استبراء الحرائر بثلاث، فرد السائل، ومحى جوابه، وأجاب بالصواب. وقال في وصية بخدمة فتى لزوجته: فإن شاح الورثة في خدمته؛ فهو حر، فقلت له: هذا لا يجوز، فأتيته بالرواية فيه فتذكرها، وأصلح ذلك، فقال له ابن جني: هذا عجيب مثل اللؤلؤي يغلظ في مثل هذا، فقال له القاضي: لو تركت الدرس عامين نسيت ما هو أقرب من هذا، فكيف بشيخ بعد عهده بالدرس. قلت: إبطاله العمرى بجهل الموهوب له بطلان هبته بها، فيه نظر. والأظهر نزعها من يد الواهب، وإكراؤها من غيره تبرع؛ لإتمام الحوز في الهبة كقولها في مدبر الذمي: يسلم أنه ينزع من يده، ويؤاجر عليه، وكذا أم ولده في أحد قولي مالك، ولا يبطل ذلك الحوز للموهوب له كمؤاجرة الرهن لراهنه مع صحة حوزه فتأمله. ويؤخذ من قوله: لو تركت الدرس عامين أنه ينبغي لمن يلي الفتوى أن لا يترك ختم التهذيب مرة في العام، وكذا كنت أفهم ممن ذكر لي عن بعض شيوخنا. وفي بطلانها بموت المعطي وهي في حوزه برجوعها إليه اختيارًا بعد مدة طويلة نقلا الباجي عن الأخوين، ورواية محمد عن أصحاب مالك. زاد الصقلي عن الأخوين: وكذا لو كتب المعطي كتابًا أنه أسكنه إياها أو أكراها منه مدة بعد أن حازها المعطي زمانًا طويلاً، فلم يسكنها المعطي حتى مات؛ فهي باطلة كما لو سكنها. قلت: ظاهرة: ولو كان المعطي ساكنًا بها، والأظهر تقييده بعدم سكناها إياها والمدة الطويلة. قال الباجي: وروى محمد عن مالك وأصحابه: هي سنة. قلت: وفي سماع عيسى في رسم استأذن السنتان أو السنة، وفي رسم أو وصى السنة أو ما أشبهها، وقول ابن عبد السلام: وربما وقع في بعض الروايات: سنتان ظاهره أنه وقع مستقلاً، ولا أعرفه إلا مقرونًا بقوله: أو سنة حسبما تقدم.

الباجي: ولغو الرجوع بعد طول الحيازة؛ إنما هو فيمن يحوز لنفسه، ولو كان صغيرًا؛ حاز عليه الأب أو غيره، ثم رجع الأب إليها قبل حوز الولد لنفسه بكبره سنة؛ لبطلت. محمد: اتفاقًا. الباجي عن محمد: لو اختفى الواهب؛ لخوفه عند من وهبه دارًا، فمان بها أو أضافه، فمات بها؛ لم يبطل حوزها. قال: وزاد ابن حبيب عن الأخوين: ولو كان بعد حوز الموهوب له بيوم. قلت: قال ابن حارث: اتفاقًا. قال: وكذلك الزيارة. ***** (ص 12) ما وهبه قبل حوزه الموهوب له، ففي مضيه، ورده للموهوب له إن لم يمت الواهب، ثالثها: إن علم الموهوب، ولم يحز حتى بيع نفد، والثمن له. وإن لم يعلم والمبيع للموهوب له ما لم يمت الواهب. الباجي عن ابن القاسم مع أشهب، وأبي زيد عن ابن القاسم ومالك فيها. وعلى الأول في كون الثمن للبائع أو للموهوب له قولا ابن عبد الحكم مع أشهب ومطرف: إن كان الواهب حيًا. وعلى الثاني قال ابن القاسم: إنما يرد إن كان المعطى معينًا؛ لأنه يقضي له به، وإلا فلا لعدم القضاء به ككونه للسبيل. الباجي عن مطرف: ولو كان المعطى غائباً فقدم والواهب حي؛ خير في رد البيع وأخذ الثمن، ورواه ابن حبيب والعتبي عن ابن القاسم. ابن رشد: في رسم الوصايا من سماع أصبغ في كون المبتاع أحق من الموهوب له بالمبيع وعكسه: إن لم يفرط الموهوب له في حوزه، فإن فرط؛ فله الثمن. ثالثها: وإن فرط؛ فلا شيء له. واربعها: إن لم يمض وقت يمكن فيه الحوز؛ فهو أحق بالمبيع، وإلا فله الثمن. وخامسها: وإلا فلا شيء له لأشهب فيها، ولها، وهذا السماع والأخيران مخرجان

على قولي المخزومي في العتق. الصقلي: لو علم الموهوب له، فغاضبه الواهب بالبيع؛ فله نقض البيع. ابن فتوح: إن ادعى عليه العلم؛ حلف، فإن نكل؛ حلف المبتاع وتم البيع. ولو ادعى المبتاع فيما ثبت من الصدقة مدفعًا وعجز عنه؛ فلا رجوع له على البائع بشيء من الثمن لإقراره أنه إنما باعه ملكه، والمتصدق عليه ظلمه. قلت: في هذا الأصل اختلاف مذكور في إقرار المستحق من يده ما ابتاعه لصحة ملك بائعه، ولو أعطى ما وهب قبل حوزه الموهوب له، وحازه الثاني، ففي رده للأول ومضيه للثاني، ثالثها: إن فرط في الحوز؛ فالثاني أحق وإلا فالأول أحق به أو بقيمته إن فات للباجي عن ابن القاسم، ومحمد مع الغير فيها، وأصبغ في العتبية. ابن رشد: في كون الأول أحق، ولو فرط حتى قبض الثاني أو الثاني إن قبض، ولو لم يفرط الأول، ثالثها: الفرق بين أن يعلم، فيفرط أو لا يعلم، ورابعها: الفرق بين مضي وقت يمكنه فيه القبض إن علم، أو لا يمضي ما يمكن فيه ذلك لظاهر قولي ابن القاسم وأشهب فيها، ولم يعز الأخيرين لدلالة متقدم كلامه على أنهما لأصبغ والمغيرة. ولو أعتق الأمة أو أولدها معطيها قبل حوزها المعطي، ففي مضي فعله، ورد عتقه وعزمه القيمة في الإيلاد نقلا الباجي عن ابن القاسم وابن وهب. ابن رشد: في سماع محمد بن خالد في كون العتق أحق مطلقًا، ولو لم يعلم المتصدق عليه بالصدقة أو الصدقة مطلقًا، ثالثها: إن مضى وقت يمكن فيه الحوز لو علم بالصدقة لرواية ابن القاسم، وسماع عبد الملك محتملاُ كونه من ابن القاسم أو ابن وهب والمغيرة، ورابعها: ما اخترته من أن الصدقة أحق إلا أن يفرط المتصدق عليه في الحوز. قال: ولو أحبل الأمة من تصدق بها قبل حوزها عنه؛ كان كعتقه إياها على أن الصدقة أحق من العتق يكون للمتصدق عليه أخذها، وقيمة ولدها أو قيمتها يوم أحبلها دون قيمة ولدها على اختلاف قول مالك في ذلك، وعلى أن العتق أحق تكون أن ولد لمن تصدق بها.

وفي غرمه قيمتها سماع عبد الملك ابن وهب مع قوله في هذا السماع: لعل ذلك أن يكون. وسماع أصبغ ابن القاسم مع قوله: أنه كالعتق، والصحيح الأول؛ لأنه أفاتها بما له فيه استمتاع. قال في سماع أصبغ: والتدبير لأجل والكتابة والعتق كالإيلاد، سواء قيل: الصدقة أحق وقيل: العكس، ولا شيء للمتصدق عليه، وقيل: له القيمة، ويدخل فيه القولان بالتفريق بين تفريط المتصدق عليه، وعدم تفريطه، وبين مضي مدة ما يمكن فيه الحوز وعدمه. ولو قتل العبد واهبه غرم قيمته اتفاقًا. ولو قال: نصف عبدي صدقة على فلان ونصفه حر، ففي تقديم الصدقة عليه وعتق جميعه دون تقويم قولا ابن القاسم في سماع يحيى راجعًا للثاني. وعلى الأول في غرمه نصف قيمته، أو قيمة نصفه قولان لسماع عبد الملك ابن القاسم، مع الآتى على أصل المذهب، وسماعه يحيى، مع قولها في الجنايات، والغير في أمهات الأولاد منها: ولو بدأ بالعتق قبل الصدقة؛ فلابن القاسم في سماع يحيى: يعتق دون تقويم. ابن رشد: هذا القول بالسراية، وعلى المشهور يقوم عليه، قال: ففي بطلان الصدقة مطلقًا، وتقويمها، ثالثها: إن تقدم العتق كل هذا على وجوب العتق والصدقة بنفس تمام اللفظ على قولها في: أنت طالق ثلاثًا، وأنت علي ظهر أمي أن الظهار لا يلزمه، وعلى أنهما لا يجبان بنفس تمامه؛ بل بسكوته سكوتًا يستقران به، وهو الصحيح على ما في الأيمان بالطلاق منها في القائل قبل البناء: أنت طالق أنت طالق أنت طالق أنها ثلاث إلا أن يريد التأكيد، فسواء قدم العتق أو أخره يلزمه تقويم الصدقة وهبة المغصوب جائزة بخلاف بيعه. اللخمي: إن قبض الموهوب له في حياة الواهب؛ صح، وإن لم يأخذه حتى فلس أو مات، ففي بطلانها قولا ابن القاسم ومحمد مع أشهب قائلاً: ليس فيها حوز

غير هذا. محمد: لأن الغاصب ضامن؛ فهو كدين. اللخمي: الأول أحسن؛ لأنه إنما وهبه نفس المغصوب لا قيمته. وعزا الصقلي لسحنون مثل قول محمد قال: وأنكره يحيى. وفيها: قول المودع في هبته الوديعة: قبلت، حوز. ولو كانت ببلد آخر، ولو تأخر قبوله لموت واهبها، ففي بطلانها وصحتها قولا ابن القاسم وغيره فيها، وهو في الموازية لأشهب. الباجي والصقلي عنه: إلا أن يقول: لا أقبل. الباجي عن محمد: وهو أحب إلي؛ لأنها بيد المعطى، فتأخر القبول لا يمنع صحتها كمن وهبته هبة، فلم يقل: قبلت، وقبضها لينظر رأيه، فمات المعطي فهي ماضية إن رضيها، وله ردها. وكمن بعض بهبته لرجل وأشهد، فلم يصل حتى مات المعطي؛ فله قبولها، وتكون من رأس ماله وله ردها. ابن الحاجب: وفي هبة المودع: لم يقل: قبلت حتى مت الواهب قولان، وكذا من وهب له، فقبض ليتروى ثم مات الواهب، ونحوه لابن شاس. فظاهره: دخول القولين في مسألة التروي، وظاهره سياقها. الباجي عن محمد: محتجًا بها على ترجيح قول أشهب الاتفاق على صحة قبوله بعد الموت في مسألة التروي. وفيها: من وهب دينًا له عليك؛ فقولك: قبلت قبض، وإذا قبلت سقط، وإن قلت: لا أقبل بقي الدين بحاله. قلت: مفهوم قوله أولاً: قولك: قبلت مناف لمفهوم قوله أخيرًا. إن قلت: لا أقبل؛ بقي الدين بحاله في حالة السكوت. ولما ذكر ابن رشد قولي ابن القاسم وأشهب في رسم الوصية من سماع القرينين. وعزا لسحنون قول أشهب قال: وإن مات المتصدق قبل علم المتصدق عليه،

فقول مالك في هذا السماع: أن ذلك جائز له إن كان أمره على وجه الإنفاذ، وأشهد من يرى أنهم يبلغونه ذلك شذوذ؛ لأنه يقتضي أن هبة المال لا تفتقر لقبول، وتجب بنفس الهبة حتى لو مات الموهوب له قبل علمه ورثت عنه ولم يكن لوارثه ردها إلا على وجه الهبة إن قبل ذلك الواهب، وهو بعيد إنما يصح ذلك في الحرية إذا قال لعبده: وهبت لك نفسك؛ فهو حر، وإن لم يقبل قاله في العتق منها. ولو لم يعلم الموهوب له بالهبة حتى مات الواهب؛ بطلت الهبة اتفاقًا؛ لافتقارها للحوز إلا على هذا السماع الشاذ. ومن وهب شيئًا لغائب، وجعله له على يدس من يحوزه له؛ صح. ولو لم يعلم حتى مات الواهب بخلاف ما إذا كان الموهوب بيد الموهوب له الغائب؛ لأنه إذا كان بيده بإذن الواهب، فكأنه في يد الواهب حتى يعلم بالهبة، فيكون يعلمه بها جائزًا لنفسه. واختلف في الوصية قيل: تجب للموصى له بموت الموصي مع القبول بعد الموت وهو المشهور، وقيل: بموت الموصي دون القبول؛ فعليه إن مات الموصى له بعد موت الموصي قبل علمه، وجبت الوصية لورثته، ولو لم يكن لهم تركها إلا هبة لورثة الموصى. وسمع عيسى ابن القاسم: من تصدقت عليه امرأته بمهرها، وكان لها به كتاب، ثم سخط فرد عليها الكتاب بعد أيام، فقبلت بشهود، ثم مات؛ لا شيء لها في المهر كصدقة لها لم تقبضها. ومن وهب وديعة لغير مودعها، ولم يأمره بحوزها له، ففي صحة حوزها له بمجرد كونها بيده، أو بشرط علمه بالصدقة بها، ثالثها: بعلمه ورضاه بالحيازة لابن رشد في رسم العشور من سماع عيسى عن المدونة، وابن القاسم في نوازل سحنون مع سماعه إياه في كتاب الوديعة، والتخريج على رهن فضله الرهن إلا أن يفرق بقوة حوز الرهن، وإنما يصح حوزه على الأولين إن قبل الموهوب له في حياة الواهب. ولو لم يعلم قبوله حتى مات؛ فلا شيء له، ولا شيء على المودع في ردها لربها قبل قول الموهوب له وعلمه بها إن كان غائبًا.

وإن كان حاضرًا؛ صح حوز المودع له، وإن مات الواهب قبل قوله. وفي سماع سحنون: لو دفعها المودع بعد علمه بالصدقة لربها؛ ضمنها للمتصدق عليه. الباجي: وسمع عيسى ابن القاسم: من تصدق على رجل بمائة دينار، وكتب لوكيله يدفعها إليه، فأعطاه خمسين ومات المعطي؛ أنه لا شيء له غير ما قبض، وقاله مطرف. ابن حبيب وأصبغ: والفرق أن الوكيل نائب عن المعطي. وفي الموازية في الوديعة: إن جمع بينهما وأشهد؛ صحت. وكذا لو قال المعطي: دعها لي بيدك. قلت: مفهوم قوله: وجمع بينهما، كالمخالف لما في سماع سحنون: ولم يأمره بحوزها له. وقول ابن عبد السلام: في فرق الباجي نظر، يرد بأن للوكيل تصرف فيما بيده للواهب زائدًا على مجرد حفظه، فأشبهت يده يد الواهب والمودع إنما له مجرد الحفظ فلا قياس شبه يلحقه بالواهب. ولو وهب نصف الوديعة، ورضي المودع بحوزه له، ففي صحته ككل، وبطلانه لبقاء يده للواهب في النصف الثاني، قولان لنقل اللخمي، وعزوه لابن الماجشون قال: والأول أحسن؛ لأنه أمين لهما، وفي صحة حوز مخدم عبدًا رقبته لمن وهبت بمجرد قبضه مطلقًا، أو بشرط كون الإخدام والهبة في عقد واحد قولها، ونقل غير واحد عن ابن الماجشون. اللخمي: إن وهب الرقبة بعد انقضاء الخدمة؛ لم يكن قبضه حوزًا، ولو قتل؛ فقيمته لربه، وإن بتل الرقبة من الآن ونفقته على ربه؛ فكذلك. وإن كانت على الموهوب له؛ فسدت الهبة. وإن كانت على المخدم صار كالمغصوب لرفع يد الواهب عنه، فإن رضي المخدم بحوزه له؛ صح بخلاف ارتهان فضلة الرهن؛ لأن المرتهن حقه في الرهن، وثمنه

والمخدم حقه في منافعه. وما لا نفقة فيه كالدار والثوب إن رضي معطي المنفعة حوزه له؛ صح، وإلا فلا. قلت: ففي صحة حوز المخدم عطية الرقبة مطلقًا أو بشرط كون الإعطاءين في عقد. ثالثها: بشرط كون النفقة على المخدم، ورضاه بالحوز. وفيما لا نفقة فيه بمجرد رضاه وعزوها واضح. وفي نوازل سحنون: من أعطى رجلاً غلة كرمه سنين معلومة أو سكنى داره كذلك، ثم تصدق بالرقبة على ابن له صغير، فقبض الرجل ذلك حوز للصغير، ولو لم يصرح الأب بجعله جائزًا له، وتصريحه أحسن. ابن رشد: إن كان ذلك في عقد واحد؛ فهو حوز اتفاقًا. وإن تقدم الإسكان والإخدام في العبد؛ ففي كونه كذلك قولان لها، ولغيرها بناء على اقتضاء ذي المنفعة على ملك المتصدق عليه، أو على ملك المتصدق، وعليها لو جنى على العبد جناية في كون أرشها للمتصدق أو للمتصدق عليه. والمستعير كالمخدم وقال التونسي: لم يشترط ابن القاسم علم المخدم والمستعير بالصدقة، كما شرط علم المودع؛ لأنهما إنما حازا الرقاب لمنافعها لو قالا: لا تحوز للموهوب لم يلتفت لقولهما إلا أن يبطلا ما لهما من المنافع، ولا يقدران على ذلك؛ لتقدم قبولهما، فصار علمهما غير مفيد، والمودع لو شاء قال: خذ ما أودعتني لا أحوزه لهذا. وفيها: ليس قبض المرتهن قبضًا للموهوب له؛ لأن للمرتهن حقًا في الرقبة بخلاف المخدم. ولو وهبته عبدًا أجرته من رجل؛ لم يكن حوز المستأجر حوزًا للموهوب إلا أن يسلم إليه الإجارة الصقلي والباجي عن أشهب قبض: المستأجر حوز كالمودع، ولم يقيد الصقلي قولها: إلا أن يسلم إليه الإجارة بين لوضوحه. وقال عياض: قالوا: معناه: أن الإجارة لم تقبض، فاقتضاء الموهوب له الإجارة من المستأجر حيازة.

ولو قبض الواهب الإجارة، فسواء دفعها مع الرقبة، أولا؛ لا تكون حوزًا. ولابن رشد في سماع محمد بن خالد: لو باع المتصدق عليه الصدقة، فمات المتصدق قبل قبضها مبتاعها، فقال الأخوان وعيسى بن دينار وابن حبيب: البيع حوز. وقال أصبغ: ليس بجوز. وفي العيوب منها دليل القولين. قال مطرف: وكذا لو وهبه. وقال ابن الماجشون: لا تكون الهبة حوزًا؛ لأنها تحتاج إلى حوز بخلاف البيع والعتق. وقال أصبغ: لا يكون حوزًا إلا العتق. قلت: عزا الباجي كون البيع حوزًا لرواية ابن وهب. وفي الصدقة منها: من بعث بهدية أو صلة لغائب، فمات المعطي أو المعطى قبل وصولها، فإن كان أشهد حين بعث بها على إنفاذها؛ فهي للمبعوث إليه أو وارثه، وإن لم يشهد عليها حين بعث بها؛ فهي للباعث أو وارثه. قلت: في جعل هذا الإشهاد حوزًا للغائب مطلقًا، وإن كان ممن يحوز له الواهب، ثالثها: على أنه أشهد على إعطاء المال، ثم اشترى به الهدية للصقلي عن ظاهرها مع ابن رشد عنه مع سماع ابن القاسم، والصقلي عن يحيى عن ابن القاسم مع ابن رشد عن رواية على بن زياد، والصقلي عن أصحابنا. وعلل الصقلي الأول بغرر المعطي لغيبته. وقال ابن رشد: لا لإشكال في مسألة الرسول؛ لأنه حائز للمبعوث إليه. الصقلي: قول الموازية: إن لم يشهد بذلك إشهادًا؛ إنما كان بذكره للعدول عند الشراء أو غيره، فمن مات منهما أولاً؛ رجع لوارثه أبين من قولها؛ لأن العطية لا تبطل بموت المعطي. وفي باب آخر منها: إن مات الموهوب له قبل قبض الهبة؛ فلوارثه قبضها، وكذا السيد العبد إن مات قبل قبضه ما وهبه.

عياض: في الموازية لأشهب: كقولها وقالوا: وهذا على غير أصله، ومذهبه المحقق أنه لا يعتبر موت الموهوب له، ووارثه مثله. وفي الواضحة من مات منهما؛ رجعت لوارثه، وهذا هو الجاري على الأصل المتقدم. عياض: لعل معنى قوله هنا: أن الباعث قال: إنما أردت بصلتي المبعوث إليه بعينه إن وجد حيًا فيصدق؛ إذ لا يلزمه من المعروف إلا ما أقر به. وقول ابن الحاجب: المرسل بهدية يموت أحدهما قبل وصولها في المدونة ترجع للمهدي أو ورثته، وعلل بفوت الحوز أو بعدم القبول لا يخفى قصوره وإجماله؛ لأنه إن حمل على حالتي الإشهاد وعدمه؛ لم يصدق، وإن حمل على الثاني فقط؛ صدق، وكان إطلاقًا في محل التقييد وهو مغلطة. وابن شاس: ذكر لفظ المدونة على وجه لا كإجمال ابن الحاجب. وفي كون الإشهاد بإعطاء ما تسلفه المعطي من غيره أمرًا له بدفعه للمعطي حوزًا. ولغوه قولا ابن القاسم وغيره في المديان منها: وصفة الإشهاد الذي جعله حوزًا. روى أشهب: هو أن يكون أشهدهما إشهادًا. الصقلي: وكذا روى ابن القاسم فيما اشترى من هدايا الحج لأهله: لانتفع الشهادة حتى يشهدوا أنه أشهدهم. قال: ولو قالوا: سمعناه يقول: هذا لامرأتي، وهذا لابني؛ لم ينفعه حتى يقولا: أشهدنا على ذلك. وروى محمد: لو أشهد الباعث أنها هدية لفلان، ثم لب استرجاعها من الرسول قبل أن يخرج؛ فليس له ذلك. محمد: لو بعث بها مع رجلين أشهدهما إن قال: اشهدا علي؛ فهو على الإنفاذ. ولابن عبد الحكم عن ابن القاسم: إن قال: ادفعا ذلك إليه، فإني وهبته؛ فهي شهادة، وإن لم يذكر بأي وجه؛ فليس بشيء. قلت: ففي لغو القبول في ملك المعطي العطية؛ كالإرث وشرطه منه أو من وارثه.

باب في الحوز الفعلي في عطية غير الإبن

ثالثها: منه فقط لابن رشد عن سماع ابن القاسم، فظاهر قولها في الصدقة، ونصه في هبتها مع معروف المذهب. وفي كون البعث حوزًا للغائب مشروطًا بالإشهاد عليه، أو بمجرد التصريح للبينة بأنه هبة، قولان لروايتي ابن القاسم وأشهب وابن عبد الحكم عن ابن القاسم. وفيها: ما اشترى الرجل من هدية لأهله في سفره من كسوة ونحوها، فمات قبل وصوله لبلده إن أشهد على ذلك؛ فهو لمن اشتراه له، وإلا فهو ميراث، فذكر الصقلي فيه ما في هبة الباعث. باب في الحوز الفعلي في عطية غير الإبن وحقيقة الحوز في عطية غير الابن رفع تصرف المعطي في العطية تصرف التمكن منه للمعطى أو نائبه كما مر في الحبس.

سمع عيسى ابن القاسم: دفع المتصدق بدار مفتاحها لمن تصدق بها عليه حوز ولو لم يسكنها. ابن رشد: اتفاقًا. وقال في آخر رسم تأخير صلاة العشاء من سماع ابن القاسم: حوز الدار الحاضرة بالقبض أو القفل عليها ووكيله كنفسه. وإن كانت غائبة؛ ففي كونها كذلك تبطل بموت المعطي، ولو لم يفرط في قبضها أم إن فرط. ثالثها: إن لم يخرج هو أو وكيله لحوزها قبل موت المعطي، ولو لم يفرط لها ولأشهب وغيره. قلت: عزا ابن حارث لابن الماجشون. وزاد عن ابن حبيب: إن جهل هل فرط حمل على التفريط. ابن رشد: إن أعطيت وقت إمكان عمارتها بحرث أو كراء أو شبهه؛ فهي كالدار حاضرة وغائبة، وإن كانت في وقت لا يمكن فيها ذلك؛ فقبول المعطي حوز إن مات معطيها قبل وقت حيازتها. وقال مطرف وأصبغ: إن حددها الشهود، وأوقفهم عليها؛ فهو أقوى، وإن لم يوقفهم؛ فهو حوز دون الأول، وإن لم يمت المعطي حتى أتى وقت حوزها، فلم يحزها بالعمل حتى مات معطيها؛ بطلت عطيتها. قلت: عزاه اللخمي لابن القاسم وقال: القياس ألا تبطل إلا أن يعود يد الواهب بحرز لها بحرث أو غيره. والبستان كالدار يكفي غلقه: ابن زرقون مع ابن رشد: تفريق ابن القاسم بين

الأرض والدار الغائبتين بإبطاله عطية الدار بموت المعطي قبل قبضها معطاها، ولو لم يفرط وعدم بطلانها في الأرض بعد قبضها قبل موته إن لم يفرط، واكتفائه بالإشهاد فيها اختلاف قول ابن رشد، ورأيت ذلك لابن زرب. والصدقة بالأرض الغائبة قبل وقت حوزها لا يضر التراخي في الخروج لحوزها إن خرج في وقت يصل فيه قرب إمكان حوزها بالعمل؛ لأنه لو وصل قبل إمكان حوزها؛ لاكتفى في حوزها بالقبول ما لم يأت وقت حوزها. الباجيي عن أصبغ: إن منع المعطي من العمل؛ لم يبطل حوزه، ويبقى على حال طلبه بحيث يعلم أنه غير تارك للعمل، فإن ضعف عن العمل، وأمكنه الكراء أو السكني فترك؛ بطل حوزه. وإن عجز عن جميع ذلك؛ كفاه الإشهاد قاله يحيى عن ابن القاسم. أصبغ: ما لم ينتفع بها معطيها. الباجي عن ابن الماجشون: حوز الابن يعطي بطلبه والإشهاد. ولو قبضه بعد موت معطيه؛ لأنه لم يكن بيده كالدين. وحوز وكيل المعطي على حوزه حوز: ابن حارث: اتفقوا أن حوز الزوج ما وهب لامرأته بتوكيلها إياه على قبضه حوز. ولو حاز ذلك من غير توكيل ولا إذن؛ ففي صحته لها قولا ابن الماجشون وأصبغ مع ابن القاسم: ومن تصدق بدار على رجلين أحدهما غائب؛ ففي كون قبض الحاضر حوزًا قولان لابن القاسم فيها، وابن حارث عن عبد الملك. وتحويز المعطي العطية غير معطاها بحضرته مع منعه دفعها له إلا بإذنه يبطلها وإلا بعد موته وصية. ومع السكت فيها تصح. وفيها: تبطل. عياض: قيل: اختلاف، وإليه نحا اللخمي. وقيل: الأولى: العطية كانت بيد معطيها فأخرجها، والثانية: إنما كانت بيد غاضب.

باب الاعتصار

وفيها: حوز المشاع مما باقيه لغير المعطي بحلول معطاه محل المعطي، ورفع تصرفه فيه، وما باقيه له في شرطه برفع يد المعطي، وصحته بتصرفه مع المعطى كشريكين، ولا يضر استقلال معطيه به في أيام قسمه قولان للخمي عن سحنون، ومحمد مع عياض عن ابن مزين قائلاً: هو قول ابن القاسم وعيسى. والعطية هبة وصدقة: اللخمي: الهبة ما قصد به وجه المعطي في جواز رجوعها للواهب بغير إرث وكراهته، ثالثها: إن كانت برغبة من الموهوب له للخمي عن رواية محمد، ونقل القاضي عن المذهب، واختيار اللخمي. [باب الاعتصار] والاعتصار ارتجاع المعطي عطيته دون عوض لا بطوع المعطي [باب صيغة الاعتصار] ******* ما دل عليه لفظًا

وفي لغو الدلالة عليه التزامًا نقلا ابن عات عن بعض فقهاء الشوري، وابن ورد قال لبعض فقهاء الشوري: من شرط في هبة ابنه الصغير الاعتصار، ثم باعها باسم نفسه ومات، فثمنها للإبن في ماله، وليس ذلك عصرة إلا أن يشهد عند بيعه أو قبله أن بيعه اعتصار، ولا يجوز اعتصارها بعد بيعها، ولا يكون اعتصارًا لا بإشهاد، وفي الاستغناء رأيت لابن ورد ما ظاهره خلاف هذا قال: إن باع الأب مال ابنه ونسبه لنفسه، وأفصح بذلك والمبيع؛ لم يصر للإبن من قبل أبيه بهبة بجوز اعتصارها، فيختلف في ذلك. والأظهر أنه بيع عداء يتعقبه حكم الاستحقاق. قلت: بالأول أفتى ابن الحاج في نوازله، والمذهب صحته للأب في هبته ابنه كبيرًا أو صغيرًا. وفي كون الأم مثله مطلقًا، أو بشرط عدم حوز الأب الهبة قولان لمعروف المذهب، ونقل ابن حارث وغيره عن ابن الماجشون. قال ابن رشد في نوازل ابن الماجشون: حوز الوصي ولابن الكبير؛ كالأب. وفي كون الجد والجدة كالأبوين أو الأجنبي؛ فلا يعتصر. نقل الباجي رواية أشهب مع قول ابن عبد الحكم ورواية ابن وهب، وعزا اللخمي الأول لرواية ابن القاسم. قلت: هو نص روايتها، ويمنعه رفع ملك الموهوب عن الهبة؛ كتلفها أو خروجها عن ملكه، ولو بغير عوض.

وتغير حال ملكه يعارض معتبر: سمع عيسى ابن القاسم: من نحل ابنته نحلة، فتزوجها رجل عليها، ثم طلقها أو مات عنها. وهي بيدها؛ لا اعتصار له فيها. ونقل اللخمي: منع نكاح الابنة الاعتصار بأن النكاح لأجل الهبة كالنزاع. وفي رسم باع من سماع عيسى: ممن نحل ابنه التاجر المالك ألف دينار ما قدره ثلاثون دينارًا، ثم تزوج وهو ممن لا يزوج لتلك النحلة فيما يرى الناس اعتصار تلك النحلة. قلت: وظاهر قوله: للأب اعتصار ما وهبه لوالده الكبار ما لم ينكخوا، ومثله في الجلاب مثله خلاف ذلك. وفي مانعية نكاح الابن مطلقًا ولغوه، ثالثها: لغوه إن لم يتزوج للهبة لقتلها أو كثرتها، وهو بين اليسار إلا أن تكون كثيرة، ولولا هي لم يتزوج لظاهرها مع الجلاب وغيره والصقلي، وللخمي، وابن رشد عن ابن دينار، واختيار اللخمي. ابن رشد: إن نكح بغير سبب الهبة، ككونها يسيرة يعلم أنه لم يتزوج لأجلها، ففي لغو مانعيته قولان لأصبغ مع ابن القاسم، ومطرف، وروايته، وقول ابن الماجشون. ***** لأجلها مانع، وما ليس لأجلها قال فيه ابن رشد ما قال في النكاح عن قائليه فيه اللخمي عن محمد: إنما يمنع إن داينه الناس لأجلها، وأرى لغوه إن استدان، وله وفاء بدينه؛ لأن له هبة الهبة، إنما يمتنع الاعتصار إن تعلق للغريم حق، وكذا إن لم يكن عنده سوى الهبة، ثم اشترى سلعة تجر؛ لأنه موسر بها، ولو كان الدين بطعام يأكله، أو ثياب يلبسها منع الاعتصار. الباجي عن ابن حبيب عن ابن الماجشون: لو وهب ابنته المتزوجة، أو ابنه المريض أو المديان؛ لم يعتصر كما لو تقدمت الهبة هذه الحوادث. وقال أصبغ: له الاعتصار. ابن رشد: اختار ابن حبيب قول ابن الماجشون.

وابن رشد وابن زرقون عن أصبغ: زوال الدين لا يعيد الاعتصار. وعزاه ابن رشد لابن القاسم. وفي مانعيه مرض الوالد أو الولد، ولغو مرض الوالد، والوقف في مرض الولد سماع عيسى ابن القاسم مع قول سحنون، وابن رشد عن المشهور، ونقل محمد رواية أشهب، وثالثها: قول اللخمي: أرى وقف اعتصاره إن مات؛ سقط، وإن صح؛ ثبت. اللخمي وابن رشد على قول ابن نافع: للسيد اعتصار مال مدبره، وأم ولده في مرضه للأب ذلك في مرضه. ورده ابن عبد السلام بقوله: تسلط حق السيد على مال مدبره، وأم ولده أقوى منه على مال ولده، وإن كان وهبه له؛ لأن العبد غير مالك، وإما مالك على توقف. والولد مالك حقيقة، وقدرة الأب على الاعتصار لا توجب ضعفًا في ملكه، ويرد بأن القياس؛ إنما هو في ملك الولد للهبة من قبل أبيه، وموجب قوة تسلط السيد عنده كون ملك العبد على ترقب. وهذا المعنى موجود في ملك الود هذه الهبة، فيجب استواؤها في التسلط ضرورة. ووجوب استواء الحكم في صورتي استواء علته فيهما، بقوله: وقدرة الأب إلى آخره دعوى دليل نقيضها قائم، فسقوطها واجب فتأمله. والاعتصار من العبد أشد ضررًا عليه من الاعتصار على الولد؛ لأنه إن ماك لم يرث العبد شيئًا مما اعتصر منه، والوالد يرث منه. وعلى مانعيه المرض لو زال، ففي عود الاعتصار ثالثها: في زوال مرض المعتصر لابن رشد عن ابن القاسم مع مرطف، والمغيرة، وابن دينار، وأصبغ مع ابن الماجشون وروايته وسحنون. ابن رشد: ولو قيل: توقف الاعتصار في المرض لصحته أو موته؛ لكان وجه القياس والنظر. قلت: تقدم جزم اللخمي به، والفرق بين زوال المرض، وبين زوال النكاح

والدين المتفق على بقاء مانعيتهما: أن زوال المرض يصيره؛ كأنه لم يكن؛ لعدم بقاء أحكامه؛ لأن العطية فيه من الثلث، فإن زال صارت من رأس المال، وزوال النكاح والدين ليس كذلك لبقاء أحكامهما من الحرمة والعهدة وغيرهما. وتقدم عن الباجي حكم الهبة على هذه الأحوال. وتغير الأسواق لغو، وظاهر قول ابن رشد واللخمي وغيرهما الاتفاق عليه، وصرح به عياض، وقال ابن حارث: اتفقوا على أنه إن كانت الهبة قائمة بعينها لم تتغير أن الاعتصار جائز. وقول ابن عبد السلام لا يبعد تخريج الخلاف فيه حقه أن يبين الأصل الذي يتخرج منه الخلاف، وذكره دون تعيينه ساقطه نص متأخروا الأصوليين على أن القياس المنكر، وهو القياس على صورة غير معينة باطل، ومثلوه بقول المستدل: الزكاة واجبة في الحلي بالقياس على صورة من صور الوجوب، فيسقط بيسير معارضته مثله، وهو القياس على صورة من صور عدم الوجوب. وللأصبهاني شارح العميري في ذلك كلام حسن ليس هذا موضعه. وفي قوته بتغير الزيادة والنقص نقلا ابن رشد عن أصبغ مع سماع سحنون ابن القاسم، وظاهر قولها: ما لم يحدثوا دينًا، أو ينكحوا أو تتغير عن حالها والأخوين. وسمع سحنون ابن القاسم: نحل الأب ابنه الدنانير، وجعلها على يدي غيره أو الابنة، ثم يصوغها له حليًا؛ بقيت اعتصارهما. ابن رشد: إن صاغهما بمال للولد؛ فلا اعتصار اتفاقًا. وإن صاغهما بمال نفسه أو منهما؛ تخرجا على الخلاف في تغير الهبة بنقص أو نماء غير ناشيء عن نفقة من مال الابن. فإن نشأ عن ماله ككونه هزيلاً، فينفق عليه من ماله حتى يسمن أو دارًا فيصلحها ببناء؛ فلا اعتصار اتفاقًا. اللخمي: غرس الأرض وبنائها فوت، وإن كانت دارًا، فانهدمت؛ لم يكن فوتًا. ولو هدمها الأب أشبه كونه فوتًا؛ لأنه أخرج فيه ثمنًا إلا أن يعتصر

العرصة وحدها. وفي الجلاب: خلط الولد الدنانير والدراهم، أو ماله مثل بمثله يمنع رجعة الأب فيه، ولا يكون للولد شريكاً بقدره. وعزاه الباجي للقاضي، وأخذ بعضهم خلافه من قولها في المأذون: من اتاباع زيتًا، فصبه بمحضر بينة على زيت، ثم فلس؛ فالبائع أحق بقدر زيته، وهو كعين قائمة، وكذا خلط الدنانير. اللخمي: لمالك في كتب المدنيين: لمن وهب جارية اعتصارها، ولم يبين هل ذلك من زوج أو وزنًا؟ قال: وكذا التزويج على أحد القولين؛ لأنه عيب. ولا يعتصر الولد؛ لأنه نما بمال السيد؛ لأنه المنفق عليه إلا أن يعتصره بفور الولادة. قلت: في البيع الفاسد والإقالة من الطعام الولادة فوت؛ فعليه يمنع الاعتصار. وإيلاد الولد الأمة لغو: القاضي: وكتابته إياها. الباجي: وعليه العتق والتدبير. وفي فوته بوطء الابن: نقل الباجي عن ابن القاسم مع مالك وأكثر أصحابه: ولو كانت ثيبًا، والمغيرة مع ابن الماجشون: وتوقف للاستبراء إن بان بها حمل؛ فاتت. وعزا ابن رشد الأول أيضًا لأصبغ والمدونة، والثاني للأخوين، ولم يفرقا بين بكر وثيب. اللخمي: الأول أحسن إن كانت من العلي؛ لتهمتهما على الإحلال، وهو في الوخش أخف. ابن عبد السلام: الأقرب أنه في البكر متفق عليه. وفيها: إن أحدث في البكر نقصًا؛ كان كالنقص يختلف فيه، وإن لم يحدث نقصًا فواضح فأين الاتفاق. وقد قال في آخر المرابحة: إن وطئ الأمة؛ لم يبين إلا أن يكون افتضها، وهى

ممن ينقصها. وأما الوخش الذي كان ربما أزيد لثمنها؛ فلا يتبين عليه. الصقلي: قول الابن الكبير في غيبته عليها وطئتها: يمنع اعتصارها، ولم أطأها يثبته. قلت: ظاهره لغو الغيبة عليها. ومثله قول استبرائها: إن اعتصرها، وقد غاب عليها ابنه الكبير؛ فعليه استبراؤها، وإن وطأها؛ فلا اعتصار له. وعلى نقل ابن رشد عن أصبغ: فوتها في هبة الثواب بالغيبة عليها مثل الوطء يتخرج فوت اعتصارها بها بقياس التسوية كما مر في عتق الأمة في الصلاة. وهو في الهبة لغير ثواب أحرى؛ لأن الغيبة عليها مظنة للوطء بنفسها غير متوفقة على بت عقد ذي الحلال. وفي هبة الثواب: هي متوقفة عليه، وطروء اليتم وهو موت أبي الطفل. قال الباجي: يمنع اعتصار الأم قال: ولو كبر في حياة أبيه، ثم مات؛ لم يمنعه، والصدقة تقدم تعريفها. فيها: لا يعتصر الأبوان ما تصدقا به على ولد صغير أو كبير، وأما الهبة والعطية والنحل؛ ففيها الاعتصار والحبس إن كان بمعنى الصدقة؛ لم يعتصر، وإن كان بمعنى الهبة يكون سكني أو عمري إلى مدة، ثم مرجعها إليه؛ فإنه يعتصر. أبو عمر: لا أعلم خلافًا أن الصدقة وكل هبة أريد بها وجه الله؛ فالرجوع فيها حرام. ولابن زرقون بعد نقله هذا: قال مطرف: إن قال: هبة لله أو لوجه الله؛ فله الاعتصار. عياض: خرج بعض شيوخنا من إجازة مالك في العتبية أكل ما تصدق به على ابنه الصغير، جواز الاعتصار في الصدقة. قلت: في نوازل سحنون: له هبته لابنه للصلة لا يجوز اعتصارها، وكذا هبته

لضعفه، وخوف الخصاصة عليه. ولابن الماجشون: كل هبة لوجه الله، أو لطلب الأجر أو لصلة رحمن؛ لا يعتصر. ابن رشد: هذا مثل قول عمر في المدونة، ونحوه في مختصر ابن عبد الحكم وهو أظهر من قول مطرف. وزاد في قول مطرف: أنه إذا وهب ولده لوجه الله أو لصلة؛ أن له الاعتصار أبدًا حتى يسميها صدقة، ثم وجه القولين بأنهما بناء على أن الهبة ما قصد به الموهوب له فقط أو ولو كان مع طلب الثواب من الله تعالى. وفيها: لا يشتري الرجل صدقته من المتصدق عليه، ولا من غيره. اللخمي: اختلف هل النهي على الندب أو على الوجوب؟ فقال مالك: لا ينبغي أن يشتريها. وقال: يكره. وقال الداودي: هو حرام. وظاهر الموازية: أنه لا يجوز والأول أحسن؛ لأن المثل ضربه لها بما ليس بحرام. قلت: التعليل يدل على ذم الفاعل بتشبيهه بالكلب العائد في قيئه، والذم على الفعل يدل على منعه، وقاله عز الدين بن عبد السلام، ولبعد اللخمي عن ذكر قواعد أصول الفقه حسبما قاله المازري في صلاة الجنائز قال هذا، والله أعلم. قلت: ظاهر قول اللخمي فيما حكاه عن الموازية: أن معنى لا يجوز الحرمة، وهو لفظ المدونة، وسماع ابن القاسم، وعبر ابن عبد السلام عن المشهور بالكراهة، وفيه نظر. ولم يحك ابن رشد في سماع عيسى غير لفظ: لا يجوز. اللخمي: قال مالك في كتاب الزكاة: لا يشتري الرجل صدقة حائطه، ولا زرعه، ولا ماشيته. وقال ابن القاسم في كتاب النذور: كره مالك: أن يشتري صدقة التطوع؛ فهذا أشد كراهة. ابن رشد: وفي جواز شراء الصدقة من غير الذي تصدق بها عليه. رواية ابن

وهب: لا بأس بذلك، وقولها: لا يجوز. قال: وشراء غلة ما تصدق به من المتصدق عليه؛ قيل: جائز كالعرية بخرصها، وكرهه أشهب، وهو الصواب. قلت: مسألة العرية؛ إنما هي من العود في عين الصدقة لا في غلتها. الصقلي عن محمد: لو تصدق بالغلة فقط عمره أو أجلاً؛ فله شراؤه، قاله مالك وأصحابه إلا عبد الملك. قلت: أخذه بعضهم من قولها: من تصدق على أجنبي بصدقة؛ لم يجز له أن يأكل من ثمرها، ولا يركبها، ولا ينتفع بشيء منها. وفيها: من تصدق على ابنه الصغير بجارية، فتبعتها نفسه فلا بأس أن يقومها على نفسه، ويشهد ويستقضي للابن. الصقلي: لمحمد عن ابن القاسم: إنما أرخص في هذا الولد الصغير، ولو كان كبيرًا ما حل له ذلك. وقال مالك: ونقل قولها في سماع ابن القاسم: والموهوب عبد. ابن رشد: قولها في الجارية: أعذر منه في العبد؛ لتعلق نفسه بها لو تبعتها نفسه والصدقة بها على أجنبي لما بعد شراؤه لها بخلاف العبد، والولد بخلاف الأجنبي؛ للشبهة التي له في مال ابنه؛ ولذا أجاز في رسم نذر سنة: أن يكتسي من صوف ما تصدق به على ابنه من الغنم، ويأكل من لحمها، ويشرب من لبنها، ومثله لمالك في رسم شهد من سماع عيسى. وفي رسم نذر سنة: إن تصدق بالحائط؛ فله الأكل من ثمره إن أطعمه. وفي الموازية: إن رضي ابنه وهو كبير؛ يصح رضاه. اللخمي: لابن نافع في شرح ابن مزين: أكره أن ينتفع بصدقته على ولده كانت أو أجنبي، وهو أحسن لعموم الحديث. ****** في الهبة وكراهته: نقلا اللخمي عن رواية محمد والقاضي قال: وهذا أحسن إلا أن يكون برغبة من الموهوب له في شرائه منه؛ فيجوز؛ لأنه

باب هبة الثواب

معروف ثان. قلت: وتقدم شيء من هذا في النذور: ورجوعهما بالإرث جائز اتفاقًا؛ لأنه جبري. باب هبة الثواب وهبة الثواب: عطية قصد بها عوض مالي وفي شرطها بغير لفظ البيع قولان ذكرا في فضل شرط العوض فيها. اللخمي: إن اقترن بعطية ما يدل عليه؛ فهي للثواب، وإن اقترن بها ما يدل على نفيه؛ سقطت دعواه، وكذا إن أشكل الأمر لقول عمر رضي الله عنه من وهب هبة يرى أنها للثواب؛ فهو على هبته، فلم يجعل له مقالاً إلا بدليل؛ ولأن أصل الهبة عدم العوض. الباجي في الجرب: من وهب هبة مطلقة ادعى أنها للثواب حمل على العرف إن كان مثله لا يطلب ذلك؛ قبل قول الموهوب له مع يمينه، وإن كان مثله يطلبه، أو أشكل أمره؛ قبل قول الواهب مع يمينه. وقسم ابن رشد الهبة أقسامًا منها قوله: إن لم يتبين أن الواهب أراد مجرد التودد فقط، أو التودد والمكافأة كهبة الأغنياء بعضهم بعضًا أجانب أو أقرباء؛ ففيها في هذا القول قول الواهب. وفي حملها على أنه بيمينه أو دونه تأويلان للأشياخ، والأمر عندي إن قال: أردت ذلك، ولم أشترطه جرى على الخلاف في تعلق يمين التهمة دون تحقيق، وإن قال: شرطته، وأنكره الموهوب له؛ فلا حلف عليه على القول بتوجه يمين التهمة إلا بعد حلف الموهوب له أنه ما اشترط عليه ثوابًا، فإن نكل؛ فالحلف على الواهب، وكان له الثواب دون يمين، وإن قال: شرطت الثواب عليك، وقال الموهوب له؛ بل بينت أن لا ثواب لك علي قبل قول الواهب مع يمينه أنه شرطه، فإن نكل قبل قول الموهوب له أنه

بين له؛ أن لا ثواب عليه، فإن نكل؛ فللواهب الثواب دون يمين على حكم المدعي والمدعى عليه. قلت: واختلف في ثبوته في صور الاختلاف في اشتمالها على ما ينفيه. ابن زرقون تابعًا لابن رشد في هبة أحد الزوجين للآخر ثلاثة: قولها لا يصدق إلا أن يظهر ما يدل على صدقه. وقول ربيعة ومالك والليث فيها: لا يصدق إلا بشرطه. ونقل المعونة: يصدق، وإن لم يقم ما يدل على صدقه، وعلى هذا الخلاف خرج الباجي قولها في كتاب الأكرية بسقوط طلب الزوجة الزوج بكراء منزل سكنه بها هي فيه بكراء أو ملك. وقولها في كتاب العدة: إن اعتدت في مسكن بكراء، فطلبته بكرائه؛ لزمه. قال: وقال بعض الأندلسيين: هما مسألتان مختلفتان، ومعنى ذلك عندي أن المعتدة سكنت في وقت لا يظن بها الصلة. قلت: ذكر الباجي مسألتي العدة والأكرية يدل على أن الخلاف في المسألة سواء عبر عن لفظ العطية بلفظ الهبة أو لا، وظاهر استدلال اللخمي بقوله: ولأن أصل الهبة عدم العوض على أن محل الخلاف هو ما عبر فيه بلفظ الهبة. وعلى طريق الباجي يحسن التمسك بقولها في كتاب النكاح الثاني: وإن أنفقت على زوجها في ذاته، وهو ملي أو معدم؛ فلها إتباعه به إلا أن يرى أن ذلك بمعنى الصلة ونحوه في سماع أشهب في كتاب النكاح. قال ابن رشد فيه: اختلف قول ابن القاسم في هذا الأصل في المدونة: وإذا وجب لها الرجوع بعد يمينها، ومن هذا المعنى دعوى أحد الزوجين فيها وهبه للآخر الثواب، فذكر قولي مالك ونقل المعونة. وفيها: لا ثواب بين الزوجين. ابن عات: عن الاستغناء: إن وهبت زوجها صداقها، ثم طلب الثواب؛ لم تصدق كانت عرضًا أو عينًا بخلاف ما وهبته من مالها، أو وهبه إياها من ماله، ففي ذلك ثلاثة

أقوال، واستدلوا في هذا الأصل بحديث الدارقطني عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم: "من وهب هبة؛ فهو أحق بها ما لم يثب منها". قال عبد الحق: رواثه ثقاة؛ لكنه جعله وهماً. قال: والصواب عن ابن عمر عن عمر قوله، ورواه من حديث أبي هريرة، وفي سنده إبراهيم بن إسماعيل بن مجمع، ومن حديث ابن عباس، وفي إسناده محمد بن عبيد الله العوزبي، ورفع الحديث إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وهما ضعيفان جداً، ولم يتعقبه ابن القطان. اللخمي: ويختلف في الثواب بين الوالدين والولد كما في الزوجين، ودعوى الابن الثواب أبين من الأب إلا أن يكون الأب قليل ذات اليد، والأب موسر. وفيها: الهبة في القرابة، وذوي الأرحام إن علم قصد الثواب؛ قضى به، وإن علم نفيه كغني لفقير؛ سقط. اللخمي: لم يذكر حكم فقد دليل القصدين. وفيها: لا ثواب في هبة الدنانير والدراهم، ولو من فقير إلا بشرطه، وللثواب في الهبة لغني، ولو من غني. الباجي لمحمد عن أشهب: لا ثواب فيما وهبه ذو سلطان. وفي كون الهبة له، كذلك قول ابن شعبان، ونقل الباجي عن ظاهر المذهب. ابن شعبان: لا ثواب فيما أهدى لفقيه. اللخمي عن القاضي: وكذا لرجل صالح، وفيما أهداه الثواب. الباجي: الظاهر: أنه أراد الفقير منهم، والغني كسائر الأغنياء. قلت: فيلزم لغو كونه فقيهاً، وظاهر مساقه اعتباره، وهو مقتضي العرف إن كان الواهب له غنياً. زاد المتيطي في كلام ابن شعبان: إلا أن يكون بين فقيهين، وعزاء اللخمي له بلفظ؛ يريد: إلا أن يكون بين فقيهين.

الباجي: لا ثواب فيما أهداه المولى لسيده. قلت: إن كان المولى غنياً، وإلا فلا. قال: وما جرت به العادة من الهدايا عند النكاح. قال ابن العطار: هو على الثواب وبه القضاء؛ يريد: أنه عرف يقضي بقيمة الكبش حين قبضه إن جهل وزنه، وإن علم؛ فبوزنه، وإن كان المهدي إليه بعث للمهدي قدراً من اللحم مطبوخ، أو أكل عنده في العرس؛ حوسب به في قيمة هديته، ولو كان هذا ببلد لا يعرف فيه هذا لم يقض فيه بثواب، وفيما قاله نظر. اللخمي: الشأن في هذه الولائم، الأعراس، الثواب، ويختلفون في القيام إن لم يثب من علم من مثله عدم الطلب؛ فلا قيام له، ولا لوارثه، ومن يعلم من مثله الطلب؛ فله ذلك ولوارثه، وهي في الصحة على وجهين إن كانت العادة أن الثواب قدر الهبة فأقل؛ جازت، وإن كانت أنه أكثر؛ لم يجز. المتيطي عن أبي بكر بن عبد الرحمن لو قال له المعطي: لا أعطيك إلا إن حدث لك عرس؛ فله الرجوع بقيمة هديته معجلاً. وقال ابن عمران: إن كانت المكافأة عرفاً كالشرط؛ فهو فاسد يقضي فيه للقائم بالقيمة فيما يقضي فيه بالقيمة، وبالمثل فيما يقضي فيه بالمثل، وكذا الجفان توجه لأولياء الميت. وقال الشيخ في مسائله: ما يوجه لأولياء الميت؛ لا رجوع فيه، بخلاف هدايا النفاس والعرس، فإن فيها عرفاً، كالشرط؛ وهي في مختصر ابن عبد الحكم. وقال القابسي في مسائله لا رجوع في شيء من ذلك كله. قلت: مقتضي المذهب: أنه إن اقتضى العرف قصد الثواب؛ ثبت، وإلا سقط إن اقتضاه على ما يوجب الفساد في وقته، أو قدره أو نوعه؛ حكم فيه بحكم البيع الفاسد، وإلا حكم بحكم ثواب الهبة، والغالب في صورته ثبوته عرفا الفساد؛ ولذا ينبغي عدم الأكل منه لم حضره، وربما يفرق في ذلك بين حاله قبل فوته، فيتأكد الكف، وبعد فوته؛ فيخف.

وفيها: لا ثواب في هدية فقير لغني الفاكهة والرطب؛ لقدومه من سفر. ابن القاسم: ولا أخذ ذلك، ولو كان قائماً. الصقلي عن الشيخ: لابن اللباد عن بعض أصحابنا: له أخذه إن كان قائماً. قال: وأما القمح والشعير يوهب للثواب؛ فيه الثواب. اللخمي: اختلف في الهبة للقادم من السفر الفاكهة والطعام وشبهه؛ فقال مالك: لا ثواب، ولابن عبد الحكم في مختصر حمديس: له الثواب، وهو أبين. والشأن رجاؤه مما يقدم به المسافر. قلت: مفهومه: إن لم يقدم بشيء؛ فللثواب عليه. ثم قال: فمن لا يرضى الكلام عليه إن وقعت بينهما مقابحة، فتكلم عليه؛ لم يكن له شيء، ومن يتكلم عليه؛ يقضى له إن طلبه. والشأن فيما يهديه القدام لجار، أو صديق عدم الثواب. وفيها: لا ثواب في هبة العين. ابن القاسم: إلا بشرط، فيثاب عرضاً أو طعاماً. الصقلي عن الموازية: إن شرط لها ثواباً؛ ردت، وقاله أشهب. قلت: عزاه الباجي لمحمد عن ابن القاسم، قال: وهو المشهور عن مالك. وقال ابن القاسم أيضاً: إن اشترطه، فيثاب عرضاً أ, طعماً، ومثله في المدونة، وقال محمد: لا يعجبنا، وهو غير جائر. وسمع عيسى ابن القاسم: لا ثواب في هبة الصفائح، والنقر والحلي المكسور. ابن رشد: في الحلي المصوغ على هذا الثواب، وهو نص قولها: والصفائح إن أراد بها المصنوعة من الحديد لشعيل الدواب، فالمعنى أنها كثيرة الوجود لا يتحف بها من أهديت له، ولو أهداها إليه في الغزو عند الحاجة إليها وعدمها؛ لوجب فيها الثواب، وإن أراد صفائح الذهب أي: سبائكه؛ فبين؛ لأنها كنفر الفضة والدنانير والدراهم. قلت: تعليله عدم الثواب في المصنوعات من الحديد بكثرة وجودها خلاف اقتضاء المذهب ثبوت العوض في كثير الوجود وقليله.

وقدم تقدم للشيخ: أن في هبة القمح والشعير الثواب. هبة الحلي: قال المتيطي في ثبوت الثواب فيه قولا ابن القاسم وأشهب. الباجي في الموازية: معها إجازته هبته للثواب. وقال محمد: لا يجوز بحال وقيام الهبة. قال ابن رشد: الموهوب له فيه بخير في إثبايته بقيمتها أو ردها، وعلى قول مطرف وروايته: لا يلزم الواهب أخذ قيمتها دون رضاه إلا بعد موتها. قلت: عزا الباجي الأول لابن القاسم وابن الماجشون قال: وقال مطرف: هو على هبته، ولو أعطى أكثر من القيمة حتى يرضى، ونحوه سمع ابن القاسم. قلت: هو ظاهر قوله في رسم حلف، وحمله ابن رشد على أنه أعطاه أقل من القيمة، ففي كون الفوت الموجب على الموهوب له قيمتها قبضه إياها، أو حوالة سوقها، أو تغيرها بزيادة أو نقص رابعها: بنقصها فقط لرواية ابن الماجشون ومحمد عن ابن القاسم فيها مع أحد سماعيه عيسى وثانيهما. قلت: وقال بعد هذا: لو قيل بلزومها له بالقول؛ كان له وجه في القياس على البيع، ويرد بأنه إن أراد على بيع البت؛ منع وجود علة الأصل في الفرع، وإن أراد على بيع الخيار؛ فحكمه عدم اللزوم. وفي سماع عيسى: إن كانت الهبة الجارية، فوطئها الموهوب له فوت؛ يلزمه قيمتها. ابن رشد: اتفاقاً. وقال أصبغ والأخوان: غيبة الموهوب له عليها فوت يوجب قيمتها، ويمنع الرد، ولو لم تحمل؛ لأنه ذريعة لإحلال الفروج بغير ثمن. وقي المقدمات في لزوم الواهب قبول القيمة: إن بذلها الموهوب له بعقد الهبة أو بقبضها أو بتغيرها بنقص أو زيادة. رابعها: بقوت عينها أو تقويتها بعتق أو غيره، ولو تلف جلها؛ فله أخذ ما بقي للآتي على لزوم الواهب دفع الهبة قبل قبض عوضها، والمشهور من قول ابن القاسم مع روايته في المدونة وغيرها، وقولها في الشفعة، ولم يعز الرابع، وعزاه في سماع عيسى

لمطرف وروايته، وقرر ما في الشفعة بقولها: لأن الناس إنما يهبون للثواب رجاء ما هو أكثر من قيمة ما أعطوا. قال: وفي القضاء للواهب بحبس هبته حتى يثاب، ولزوم تسليمها قبله قولان. قلت: هما للخمي، وعزاهما لأشهب ومحمد. وقال: إن قبضها المعطي بغير إذن الواهب؛ فقال أشهب: يرتجعها، وقال ابن القاسم: لا يرتجعها، ويتلوم له في الثواب، فإن لم يثبه؛ ردها. ابن رشد: وعلى الثاني ضمانها الموهوب له بكل حال، وعليه قيمتها يوم الهبة لا يوم القبض باتفاق، وعليه قيمتها يوم الهبة لا يوم القبض باتفاق، وعلى الأول يختلف في ضمانها كمحبوسة بالثمن. قلت: وقد تقدمت. وفي تخريج ضمانها: المبتاع في المحبوسة يرد في أنه في عقد يرم، وهبة الثواب غير لازمة للموهوب. قال: وعلى هذا في كون قيمتها يوم الهبة، أو يوم القبض قولان لسماع ابن القاسم مع سماعه عيسى وأصبغ، وقول مالك في الموطأ مع قولها في الشفعة، واختار محمد أن القيمة يوم القبض، واعتل بعلة غير صحيحة على قول ابن القاسم وروايته، فقال: إنه مخير في ردها قبل فبضها، فيلزم كون قيمتها يوم الفوت؛ لأنه قبله مخير، وهذا لم يقولوه، ولو قالوا؛ كان له وجه، ويتم تعليله على إلزام الموهوب له القيمة بالقبض. وفيها: إن عرض الموهوب له أقل من الهبة، ثم قام الواهب بطلب تمامها؛ حلف ما سكت إلا انتظاراً، وهو على حقه. وفي قصر الثواب عند التنازع على العين وعمومه في كل معتبر بالقيمة ثالثها: إلا الحطب والتين، ونحوه لابن رشد عن أشهب وسحنون: ولها، وعلى الأول قال الباجي: يختص بسكة العين الجارية في البلد. وفي وقف ردها بعد فوتها على تراضيهما على معرفة قيمتها قولا محمد. ابن رشد: الصواب: وقفه: ولا معنى لغيره، ولا وقف في دفعه عرض غيرها إلا

على قول أشهب. الباجي: يجوز بعد فوتها ثوابها، فكل ما يصح أن يسلم فيه. وفيها: منعه بما لا يصح أن تسلم فيه. وفيها: يثيب عن الحلي عروضًا لا عينًا، وإن كان من غير جنسه. الباجي: يريد: بعد التفرق، ويجوز قبله بحضرة المحلي. قلت: وكذا الطعام عن طعام. الباجي: وفي الموازية: يجوز أن يثيبه عن حلية الذهب ورقًا، وعن حلي الورق ذهبًا. ابن شاس: إذا أثاب؛ فلا رجوع له في الثواب بعد تعيينه. قلت: هذا ضروري كتب عند الخيار: ولو كانت الهبة عبدين، ففي منع الموهوب له من رد أحدهما، وحبس الآخر ثالثها: إن كان المردود أدناهما لها، ولأصبغ ولتخريج ابن رشد على قول ابن القاسم فيها: إن باع وجهها؛ لزمته بثمنها، وإن لم يكن وجههما؛ غرم قيمته يوم قبضه، ورده الباقي. ابن رشد: لأن قوله هذا خلاف قوله: ليس له حبس أحدهما، ورد الآخر مطلقًا؛ ولذا قال سحنون: بيعه أحدهما موجب قيمتهما. وفيها: للموهوب له رد الهبة بالعيب، وأخذ العوض والعيب بالعوض، إن كان فادحًا؛ لا يعاوض به؛ كالجذام والبرص؛ فله رده، وإن لم يكن فادحًا؛ نظر لقيمته. الباجي: إن ظهر عيب الهبة قبل ثوابها وفوتها؛ فقال محمد: إن علمه الواهب؛ اعتبرت قيمتها معيبة، وإن جعله؛ اعتبرت سليمة، ولو حال سوقها أو وطئت، قال أصبغ في العتبية: لأن ذلك لا يفيت الرد بالعيب، والواهب على السلامة وهب، وإن ظهر بعد أن أثابه ولم تفت؛ فكالبيع. محمد: لو فاتت بتغير بدن أو وطء؛ فله قيمتها سليمة؛ إما حبسها بها، وإما ردها؛ لأن ما يوجب قيمتها لا يفيت الرد بالعيب، ولو كانت مما لا يقدر على ردها، وظهر العيب بعد أن أثابه رجع بقدره من الثواب؛ كان أقل من القيمة أو أكثر، ولو ظهر

باب الهبة بشرط عوض عيناه

العيب قبل ثوابها؛ كان عليه قيمتها معيبة، ونحوه لابن رشد في نوازل أصبغ، والله أعلم. [باب الهبة بشرط عوض عيناه] والهبة بشرط عوض عينها: قال ابن رشد وغيره: هي بيع. وفي كون شرطه غير معين يفسدها؛ لأنه بيع على القيمة، وصحتها كالبيع قولان لابن رشد، وغيره عن ابن الماجشون، وأصبغ مع ابن القاسم. الباجي عن الشيخ: قول أصبغ هو قول ابن القاسم فيها. قلت: منه قولها في كتاب الهبة والواهب: إذا شرط الثواب، أو رأى أنه أراده له أخذ هبته إن لم يثبه. قلت: وفي ترجمة بيع الغرر من المنتقى: لو قال: بعتك السلعة بما شئت، ثم سخط ما أعطاه. قال ابن القاسم: إن أعطاه القيمة؛ لزمه. محمد: معناهك إن فاتت، وإلا ردت، فحمله ابن القاسم على المكارمة؛ كهبة الثواب، واعتبر محمد لفظ البيع. عياض: إن وهب وسكت من يعلم منه طلب الثواب؛ جاز اتفاقًا، ولو قال: أهبك لتثيبني، فقال اللخمي: كالأول. وظاهر قول عبد الملك: فساده، ولو قال بشرط الثواب، أو على أن تثيبني؛ فهي مسألة عبد الملك: وإن عين العوض؛ فبيع. وفي كون الإعطاء لتحصيل المعطي مغير مقصود للمعطى هبة تفتقر للحوز، أو معاوضة لا تفتقر قولان لسماع أصبغ ابن القاسم فيمن قال لولده: أصلح نفسك، وتعلم القرآن، ولك كذا؛ ففعل، وقول أصبغ في قوله: من أعطى دار سكناه لامرأته النصرانية على أن تسلم فتسلم؛ لا بد من حوزها. ونقل ابن رشد عن ابن حبيب مع مطرف في مسألة النصرانية: الدار ثمن

باب العدة

والإشهاد يكفيها دون حوز. [باب العدة] العدة: إخبار عن إنشاء المخبر معروفًا في المستقبل، فيدخل الوعد بالحمالة

وغيرها، الوفاء بها مطلوب اتفاقًا. ابن رشد في رسم طلق من سماع ابن القاسم من العارية في لزوم القضاء بها مطلقًا: وإن كانت على سبب، ولو لم يدخل بسببها في السبب، أو بشرط دخولها بسببها في السبب رابعها: لا يقضي بها مطلقًا. لعمر بن عبد العزيز، وأصبغ مع عبد الملك في هذا السماع، ولابن القاسم في هذا السماع قوله: إن اقتعد الغرماء منه على موعد؛ لزمه لأنهم تركوا بوعده إياه التوثق من غريمهم مع قول سحنون، وكسماع القرينين، فعلى قوله ابن القاسم قوله لمدين: أنا أقضي عنك دينك؛ لا يلزمه، وقوله لرب الدين: أقضيك الدين الذي لك؛ يلزمه لإدخاله إياه في ترك التوثق. وفي نوازل ابن الحاج: ذكر الأقوال الأربعة غير معزوة، وصوب منها. وفي نكاحها الأول: مما هو حمل لا حمالة قوله: بع من فلان فرسك، فباعه، ثم هلك الضامن؛ كان ذلك في ماله، فإن لم يدع شيئًا؛ فلا شيء على المبتاع، وكذا من وهب لرجل مالًا، فقال لرجل قبل دفعه له: بع فرسك بالذي وهبته له، وأنا ضامن لك حتى أدفعه لك، فقبض الفرس؛ فالثمن على الواهب، فإن لم يقبض البائع الثمن حتى مات الواهب، ولا مال له؛ فلا رجوع للواهب للبائع على الموهوب له بشيء. عبد الحق: لم يبين إن مات الواهب عديمًا قبل قبض المبتاع الفرس هل له قبضه دون غرم ثمنه أم لا؟، وفيه قولان لغير الشيخ. قلت: وذكرهما أيضًا في كتاب الجعل والإجارة، وفي لفظها: ولا يكون على قابض السلعة شيء إن مات الواهب عديمًا. وسمع القرينان في كتاب العدة: من قال لبيعه بعد البيع: بع، ولا نقصان عليك قولًا غارمًا بينًا، وبصدق المبتاع فيما يدعي من نقص إن أشبه.

ابن رشد: لأن المعروف على مذهب مالك وأصحابه لازم لمن أوجبه على نفسه يقضى به ما لم يمت أو يفلس، وقوله ذلك قبل انتقاده كقوله بعده إلا أن يقول له: انقدني وبع، ولا نقض عليك؛ فلا يجوز؛ لأنه بيع معلق. وفي سماع عيسى: لأنه يكون فيه عيوب، وخصومات، فإن باع فنقص؛ لزمه أن يرد له إن كان انتقد، إن كان لم يغبن في البيع غبنًا بينًا، وباع بالقرب، فإن أخر حتى حالت الأسواق؛ فلا شيء له؛ لأنه فرط، ويقبل قوله بيمينه في النقص فيما يشبه؛ لأنه ائتمنه. وفي سماع عيسى: إن كان عبدًا، فأبق أو مات، فقال أصبغ: فيه اختلاف، والذي أقول أنه موضوع عن المشتري، ولا يقبل قوله في الثوب إلا ببينة أنه ذهب وإلا فهو منه، وإن كانت أمة؛ لم يحل للمشتري وطؤها إن قبل الشرط. قال لي ابن القاسم: فإن وطئها؛ لزمته بجميع الثمن؛ لأن بوطئه ترك ما جعل له. ابن رشد: قوله: أنه موضوع منه هو قول ابن القاسم، وفي السماع المذكور: لو باع منه على أن لا نقص عليه، فقال مالك: ليس بيعًا، فإن باع؛ فله إجازته. ابن رشد: البيع على هذا لا يجوز اتفاقًا. وفي كونه إجارة فاسدة، أو بيعًا فاسدًا قولا مالك في هذا السماع مع الموطأ، وفي غيرهما، والقولان لابن القاسم في الواضحة، وفي هذا السماع، فعلى الأول الضمان من البائع، ولا فوت للمبيع، ولو بعيب مفسد، وللمبتاع أجر مثله، فلو فوتها بعطية أو عتق العبد أو حمل الأمة؛ ففي مضية بالقيمة يوم العطية، والعتق والإجبال لرعي القول بأنه بيع فاسد أو بالثمن؛ لأن ذلك رضًى منه به قولا مالك، وابن القاسم في هذا السماع. وعلى الثاني: عليه القيمة يوم القبض كبيع فاسد اتفاقًا. وسمع أصبغ أشهب: من أجاب من ابتاع منه كرمًا، فخاف الوضيعة بقوله: بع وأنا أرضيك إن باعه برأس ماله فأكثر؛ فلا شيء له، وإلا فعليه أن يرضيه إن زعم أنه أراد شيئًا سماع؛ فهو ما أراد، وإن لم يرد شيئًا أرضاه بما شاء، وحلف ما أراد أكثر من ذلك يوم قال ذلك.

أصبغ: وقال لي ابن وهب: عليه أن يرضيه بما يشبه تلك السلعة والوضيعة فيها. أصبغ: هذا أحب إلي. ابن رشد: قول أشهب: إن زعم أنه أراد شيئًا؛ فهو ما أراد يريد مع يمينه؛ ومعناه: إن لم يسم شيئًا يسيرًا لا يشبه أن يكون أرضى، وعلى قول ابن وهب إن قال: لم أرض بما يقول الناس أنه إرضاء؛ لم يصدق. ولو حلف ليرضيه؛ لم يبرأ إلا بما يقول الناس، وربما يرضيه. قلت: هذا على تقديم ظاهر اللفظ على العرف في الأيمان، والمشهور خلافه.

كتاب اللقطة

[كتاب اللقطة] اللقطة: مال وجد بغير حوز محترمًا ليس حيوانًا ناطقًا ولا نعمًا، فيخرج الركاز

وما بأرض الحرب، وتدخل الدجاجة، وحمام الدور نحو ذلك، لا السمكة تقع في سفينة هي لمن وقعت إليه. قال ابن عات عن الشعبان وابن شعبان: وذكر بعض أهل الخير؛ وهو الحاج طاهر المازري: أنه كان في ناس أتوا من دفينة ميت بجهة رادس بعض سواحل تونس بقارب في بحيرة تونس، وفي الجمع الشيخ الصالح العالم أبو الحسن المنتصر فقلت في نفسي: اللهم إن كان من أوليائك، فاجعل سمكة من هذه البحيرة تسقط بقاربنا، قال: فسقطت سمكة بالقارب، فابتدرها غيري، فقلت: له أنا أحق بها، فإنها بصيدي حصلت، وذكرت لهم ما قلته في نفسي فأخذتها؛ والأظهر في السمكة إن كانت بحيث لو لم يأخذها من سقطت إليه؛ لنجت بنفسها لقوة حركتها، وقرب محل سقوطها من ماء البحر، فهو كما قال ابن شعبان في زاهيه: وإلا فهي لرب السفينة؛ كقولها فيمن طرد صيدًا حتى دخل دار قوم: إن اضطره إليها؛ فهو له، وإن لم يضطره وبعد عنه؛ فهو لرب الدار.

باب الضالة

[باب الضالة] والضالة: نعم وجد بغير حوز محترمًا. [باب الآبق] والآبق: حيوان ناطق وجد كذلك. ومقتضى قول ابن الحاجب وابن شاس: كون الجميع لقطة خلاف ظاهرها مع غيرها، والأحاديث لأمره بحفظه عقاص اللقطة، ووكائها ضالة الإبل؛ حيث لا سباع في رجحان تركها على أخذها، وعكسه سماع القرينين معها. ورواية ابن رشد قال: تقيد عدل الإمام، وعلى الأول إن أخذت؛ عرفت، فإن لم تعرف؛ ردت لمحلها، وعلى الثاني: إن لم تعرف؛ بيعت ووقف ثمنها إن أمن عليه.

ابن رشد: بالأول كان حكم عمر لأمن الناس، وبالثاني كان حكم عثمان لفساد الناس. قال: وعليه أمر الناس اليوم، فإن خيف على ثمنها؛ ردت لمحلها. قلت: وللخمي كابن رشد ابن حارث: إن كان الإمام عدلًا، فإن لم تعرف؛ ففي ردها لمحلها وبيعها، ووقف ثمنها رواية ابن القاسم، وقول أشهب. ابن رشد: في كونها بحيث يخشى عليها السباع؛ كالشاة، وأخذها لتعرف قولان للخمي، تؤخذ لتعرف؛ إذ لا مشقة في بلوغها إلا أن يخاف أخذها السلطان، فتترك، وإذا لزم ردها لمحلها؛ ففي سقوط إشهاده عليه واستحبابه سماع القرينين، وقول ابن نافع ابن رشد معنى السماع في غير المتهم؛ لقوله بعد هذا: أن المتهم يشهد. قلت: نقل ابن حارث الأقوال الثلاثة مطلقة، لم يقيد الأول بكونه غير متهم والبقر. قال الباجي في المدونة: هي بحيث يؤمن عليها من السباع والذئاب كالإبل، وقاله أشهب. ولابن حبيب: روى مطرف: هي بالفلاة؛ كالغنم يأكلها، ولا يضمنها. قال: والخيل والبغال والحمير. قال ابن القاسم: من التقطها عرفها، فإن جاء بها، وإلا تصدق بها. ابن كنانة: لا يأخذها. زاد أشهب: إن أخذهاح عرفها سنة، ثم تصدق بها. اللخمي: البقر والخيل وسائر الدواب بحيث لا يخاف عليها من سبع، ولا ناس في مرعى؛ لم تؤخذ، وإلا أخذت وعرفت عامًا، إن تكلف أخذها، حفظها، ولم يصر ربها؛ لنقضها من أجرتها في مأمون، وإلا بيعت. وقول ابن الحاجب: وفي إلحاق البقر والخيل والبغال ثالثها لابن القاسم: البقر دونها مجمل قاصر؛ لأن عدم إلحاق البقر بالإبل أعم من كونها كالغنم، ومن منع أخذها، ولا أعلم مقابل قولها نصًا إلا قول مطرف أو تخريج قول ابن كنانة، ولفظه في

حكم الخيل والبغال والحمير قاصر عن تمييز قول ابن كنانة من قول أشهب. وفي الزاهي: البقرة كالشاة، وقيل: هي بحيث لا يخاف عليها من ذئب ولا سبع؛ كالإبل، وبحيث يخاف عليها، ولا قرن بها كالشاة، وقيل: كالإبل على أي حال كانت. الشيخ: لابن حبيب عن مطرف لواجد ضالة الدواب: ركوبها إلى موضعه لا في حوائجه، فإن فعل؛ ضمنها، وليس لحبسها هي، والماشية على حد اجتهاده وصبره عليها، وتقدم قول أشهب: يعرفها، ومثله للشيخ عن ابن القاسم. وفيها: لمالك: إن اعترف الإبل ربها، وكان أسلمها؛ فعليه ما أنفق عليها، وإن تركها؛ فلا شيء عليه. وسمع ابن القاسم: من أسلم دابته في سفر آيسا منها، فأخذها من عاشت عنده، وأنفق عليها؛ فلربها أخذها يغرم نفقتها لا أجر قيامه عليها. ابن رشد: إن أسلمها على أن يرجع إليها، وأشهد على ذلك، أو لم يشهد، وتركها في أمن وكلأ؛ فله الرجوع فيها اتفاقًا، وإلا بقي تصديقه قولان لغير ابن وهب، وله وعلى الأول في يمينه قولان؛ وهما على أيمان التهم، وإن أسلمها على أنها لمن أخذها؛ فلا رجوع له فيها اتفاقًا، وإن أسلمها ولا نية له؛ ففي حملة على أنها له، أو لمن أخذها قولان لهذا السماع، وقول ابن وهب، وقوله فيه: لا أجرة له في قيامها؛ لأنه إنما قام عليها لنفسه، ولو أشهد أنه إنما يقوم عليها لربها إن أخذها؛ لكان له ذلك، ولو لم يشهد، وادعى ذلك؛ لصدق على اختلافه، قيل: بيمين، وقيل: دون يمين. وقول ابن شاس وابن الحاجب: ويلتقط الكلب يخص بالمأذون فيه، ويعلم كونه كذلك يعلم الملتقط حال ربه فيه، أو بغلبة صنعة الصيد، وإلا فلا لقولها في الضحايا: من قتل كلبًا من لاب الدور مما لم يؤذن فيه لا شيء عليه؛ لأنه يقتل ولا يترك، وإن كان مأذونًا في اتخاذه؛ فعليه قيمته هذا وجه نقلهما، وفي اختصاصهما به نظر لقولها: من سرق كلبًا صائدًا، أو غير صائد؛ لم يقطع؛ لأنه صلى الله عليه وسلم غرم ثمنه إلا أن يرعى درء الحد بالشبهة. وسمع ابن القاسم: إن ماتت راحلته بفلاة، فأسلم متاعه، فحمله رجل لمنزله؛ أخذه بغرمه أجر عمله.

ابن رشد: هذا إن حمله بنية حفظه ربه، أو على تملكه لإسلامه ربه، ولو كان حمله على وجه الاغتيال والتعدي؛ فلا كراء له، والقول قوله بيمينه في نيته في أخذه. وسمع عيسى كقولها: ما لفظه البحر من متاع المسلمين لقطة ابن رشد: ما ألقوه بأيديهم لنجاة أنفسهم، قيل: هو لواجده كالدابة يسلمها في السفر على وجه الإياس منها على اختلاف تقدم فيه. قلت: سمع ابن القاسم: أن صاحبه أحق به، وعليهم أجر إخراجه لمن غاص عليه وأجر حمله. اللخمي: أرى أن حمل المتاع على ربه وتركه على أن لا يعود إليه؛ فهو لمن أخذه ونقله؛ لأن ربه أباحه للناس مما تركه على أن لا يعود، وإن تركه ليعود إليه؛ فهو لربه ولحامله أجر حمله إلا أن يرجع ربه بدوابه لحمله؛ فلا أجر لحامله، والمتاع يؤخذ من البحر إن غرق بمرسى، ومن ربه ليعود لإخراجه؛ فهو له، وإن تركه على أن لا يعود، فهو لمخرجه وهو أبين مما تركه في البر؛ لأنه في البحر مالك كالشاة الذئب لها كالبحر للمتاع مع مشقة الغطس عليه مع الخوف على نفسه، وإن قذفه البحر فقتله؛ كان لربه؛ لأنه لم يخف فساده إن بقي؛ لم يكن لأحد أخذه، وإن خيف فساده كالمتاع؛ فعلى واجده نشره، ثم رفعه، ولو مر قوم بسفينة بمتاع قوم قد انكسروا وهو على الماء؛ كان عليهم رفعه إن كان سيرهم بريح لا يضرهم الإمساك لأخذه، وإن مروا بناس أحياء؛ فعليهم أن يحطوا لرفعهم، وفي حكم أخذ اللقطة اضطراب. اللخمي: اختلف في أخذها: روى العتبي: استحبابه في العين، وقولها في رد الكساء أحسن؛ كقول ابن شعبان ينبغي تركها. ولمالك: لا أحب أخذها إلا ولها قدر. وفيها: لا يأخذ آبقًا يجهل ربه؛ يريد: والإمام جائر. وروى ابن القاسم: يستحق أخذه؛ يريد: إن عرف ربه. قلت: فيها: (من أخذ آبقًا رفعه للإمام يعرفه سنة وينفق عليه، وهو فيما أنفق عليه

كالأجنبي إن جاء ربه، وإلا باعه، وأخذ من ثمنه ما أنفق، وحبس بقيته لربه في بيت المال، ولا يطلق ليعمل ويأكل؛ لأن يأبق ثانية). قال: وتحصيلها أخذها مأمون كإمامه، ولها قدر بين من لا بأس من بهم مستحب، وبين غي مأمونين واجب، ومع إمام جائز ممنوع، والخوف أن يتملك مأموم بتركها. وذكر ابن رشد الأولين، وقال في الثالث: الاختيار تركها، وأخذها بين قوم غير مأمونين، والإمام جائز مباح للزوم متعلق أحد الخوفين. قلت: هذا خلاف قول اللخمي ممنوع، وكلاهما مرجوح، والراجح أخذها؛ لأن ضرر أخذها غير الإمام أشد من أخذه إياها؛ لأنه معروض لاتباعه بهما شرعًا، ورغبته في ردها شفيع، وهذا منفي في غيره لجهله، ورجاء رجوع ربها لها إن تركت كرجاء رجوعه قبل معرفة الإمام بها. ابن رشد: فما وسع بها ربها، ويطلبها بين مأمونين في أفضلية أخذها أو تركها روايتان، وبين غيرها اتفاقًا، واليسيرة مما لا يطلبها ربها لا يلزم تعريفها، وله أكلها أو الصدقة بها. ابن زرقون: في أفضلية ترك اللقطة أو أخذها ثالثها: هذا فيما له بال. لابن شعبان مع ظاهر في رد الكساء وآخر قولي مالك وثانيهما. قلت: ورابعها: أفضليته في العين فقط لابن القاسم. وفيها: مع سماع ابن القاسم: من التقط ثوبًا يظنه لقوم يراهم فسألهم، فقالوا لنا: فرده حيث وجده لا بأس به. ابن القاسم: إن كانت عينًا، فأخذها أحب إلي. ابن رشد: معناه: لا ضمان عليه إن فعل، والاختيار أن لا يفعل كقوله في العين: إذ لا فرق بينها وبين الثوب. قلت: يرد وبوضوح خفة الحفظ في العين دون الثوب، ولما يلزم من تفقده. قال: ومعناه: في أخذه لا على وجه الالتقاطن ورده بالقرب، ولو أخذها عليه فردها؛ ففي ضمانه إياها، ولو بمحلها بالقرب، ونفيه إن ردها به، ولو بالبعد قولا ابن

القاسم وأشهب قائلًا: يقبل قوله في ردها به بيمينه. قلت: وثالثها: إن ردها إليه بالقرب؛ لم يضمن. لعياض عن فهم بعضهم قول ابن القاسم فيها قائلًا: إليه نحا اللخمي، وهي بيد ملتقطها كوديعة فيها، ولا يتجر باللقطة في السنة ولا بعدها؛ كالوديعة، وإن ضاعت بيده؛ لم يضمنها، وإن قال ربها: أخذتها لتذهب بها، وقال: ملتقطها؛ بل لأعرفها؛ صدق في سماع ابن القاسم: قال سحنون: قلت له: إن دفع ما التقطع إلى مثله في الأمانة فضاع؛ لم يضمنه، فلم يرد عليه ابن رشد شيئًا، ونقلها اللخمي على أنه دفعها لمن يعرفها مأمونًا لا يقيد كون مثله في الأمانة، وكذا التونسي: وفي إلغائهما المثلية نظر إن كان دفعها اختيارًا. وظاهر لفظ الباجي: اعتبار المثلية؛ قال: قال ابن القاسم: لو دفعها لغيره ليعرفها وهو مثله في الأمانة؛ لم يضمنها؛ لأن ربها لم يعينه لأمانتها بخلاف الوديعة. قال ابن كنانة: وكذا لو قال له: اعمل بها ما شئت؛ يريد: وأعلمه أنها لقطة. قال: وفي قبول قوله: ضاعت دون يمين قولا ابن القاسم والقرينين. ولأشهب: لو قال ربها: أخذتها لتذهب بها، وقال: لا أعرفها؛ فلا يمين عليه. قلت: الأظهر كحكم دعوى الغصب ينظر لحال المدعى عليه. قال ابن الحاجب: وهي أمانة ما لم ينو اختزالها، فيصير كالمغصوب. قال ابن عبد السلام: إن حدثت هذه النية بعد التقاطه؛ جرى ذلك على تبدل النية مع بقاء اليد. قلت: يرد بأن القول: بلغوا أثر النية؛ إنما هو مع بقاء اليد، كما كانت لا مع تغير بقائها عما كانت بوصف مناسب؛ لتأثير النية، ويدل الملتقط السابقة عن نية الاغتيال كانت مقرونة بالتعريف، أو الغرم عليه، وهي بعدها مقرونة بنقيض ذلك، فصار ذلك كالفصل، فيجب الضمان اتفاقًا. وفيها: من التقط عينًا أو حليًا أو عرضًا أو شيئًا من متاع أهل الإسلام؛ فليعرفها سنة.

اللخمي: إن ترك تعريفها سنة، وعرفها في الثانية، فهلكت؛ ضمنها، وإن هلكت في الأولى؛ ضمنها إن بان أن ربها من أول الموضع الذي وجدت فيه، وإن كان من غيره، وغاب قرب ضياعها، ولم يقدم في الوقت الذي ضاعت فيه؛ لم يضمن. وفيها: يعرف بها حيث وجدها، وعلى أبواب المسجد، وحيث يظن وجود ربها أو خبره، ولا يتوقف على أمر الإمام. وسمع القرينان أيعرف لها في المساجد؟ قال: لا أحب رفع الصوت في المساجد، ولو مشى إلى الحلق في المساجد يخبرهم بها وجد، ولا يرفع صوته؛ لم أر به بأسًا. الباجي: روى ابن نافع: يعرفها كل يومين أو ثلاثة، وكا ما تفرغ ليس عليه ترك جوائجه لتعريفها. اللخمي: اختلف عن مالك في تسمية جنس اللقطة في تعريفها: وترك أحسن. الباجي: روى ابن نافع: لا يريها أحدًا، ولا يقل من يعرف: دنانير أو دراهم أو حليًا أو عرضًا. اللخمي: وهو مخير في أربع تعريفها بنفسه، ورفعها للإمام لإجازته في المدونة ذلك، وأجاز ابن القاسم في العتبية: دفعه إياها لمأمون يعرفها. وأجاز ابن شعبان: أن يستأجر عليها منها؛ يريد: إن لم يلتزم تعريفها، أو كان مثله لا يلي ذلك. قلت: ظاهر قولها: أو كان مثله لا يلي ذلك؛ أن له ذلك، ولو التزم تعريفها، وليس كذلك لا فيمن التزم شيئًا؛ لزمه مطلقًا. وتبع ابن الحاجب ابن شاس في قوله: (ثم أجرة تعريفها) منها: إن كان ممن لا يعرف مثله. وظاهر لفظ اللخمي: أجاز ابن شعبان أن يستأجر عليها منها أنه، ولو كان ممن يلي ذلك إذا لم يلتزمه. ولفظ ابن شعبان في الزاهي ما نصه: وعلى رب اللقطة ما لزمها من أجرة حمل

ومنزل وعلف ومؤنة، فإن عجز الملتقط عن القيام بها؛ فاستأجر عليها من يقوم بها، فذلك على ربها، وإن ولي القيام بها بنفسه؛ فلا أجر له لو شاء لم يأخذها، وقيل: ذلك كأجر الآبق إن كان ممن يصف نفسه لذلك؛ وجب له حق القيام للجمع على أرباب الأموال، وإن كان من غيرهم؛ فلا شيئ له، وبالأول أقول. اللخمي: إن وجدها في طريق بين مدينتين عرفها فيهما. قلت: ظاهر أقوالهم: عدم أمر الملتقط بإشهاده باللقطة قبل تعريفها. قال ابن العربي: وفي العارضة: لا يلزم الإشهاد بها، وألزمه الشافعي في أحد أقواله. وفي المقدمات: هو مستحب غير واجب. قلت: وظاهر كلام الموثقين: أمره بذلك بعد السنة إن لم يعرف بها، ومقتضى المذهب في الأمر بالوصية ندبة لإشهاده بها قبل التعريف خوف موته، ومال إليه ابن العربي في العارضة، وينبغي في إشهاده بها قبل التعريف أن يقول: اللقطة قيمتها كذا وكذا دينارًا أو دراهم، وفي ذكره جنسها قولا مالك المتقدمان، ولفظ ابن فتوح في إشهاده بها بعد السنة: أنه أشهد في صحته أنه التقط صرة فيها كذا وكذا دينارًا أو دراهم بداخل درب، وبموضع كذا في شهر كذا، وإشهاده بها في صحته؛ يوجب إنفاذها مطلقًا. ابن العربي: روي عن مالك: إن لم توجد في تركته؛ ضمنها، واعترافه بها في مرض موته يوجب إنفاذها إن ورثه ولد، وإلا فهو لغو. الجلاب: إن مضت السنة. ولم يأت طالبها؛ فهو بالخيار إن شاء أنفقها، أو تصدق بها، وضمنها أو حبسها ليأتي ربها. اللخمي: إن كانت عينًا؛ ففي جواز استمتاعه بها مطلقًا؛ ليضمنها لربها، وقصره على إبقائها، أو الصدقة بها على تخيير ربها، ففي فدائها وغرمها لربها ثالثها: إن كان غنيًا، ورابعها: إن قلت: وهو فقير لابن القاسم فيها، وقول مالك فيها: لا أحب أن يأكلها مع قول ابن القصار يكره أكله إياها فقيرًا أو غنيًا، وابن شعبان مع أشهب، وابن وهب

في العتبية. قلت: ذكر ابن رشد هذه الأقوال الأربعة، وعزا الأول للشافعي لا لأحد من أهل المذهب. ابن العربي: لم أجد لأحد من المسلمين خلافًا في ضمانها مستنفقًا لربها. قلت: في معلم المازري: اختلف الناس في غرامة ملتقطها إن أكلها، ثم جاء ربها، فعندنا يغرمها، وقال داود: لا غرامة عليه، وله بيع الحيوان والآبق بعد الحول؛ لكلفته والطعام، ويخشى فساده يباع، ولو قبل السنة، وإن لم يخش فساده بعدها؛ ففي جواز بيعه قولا ابن القاسم وأشهب. قال في أول سماع ابن القاسم: إن وجدها ربها بيد ملتقطها بحالها؛ فلا كراء له في استعماله إياها لقوله صلى الله عليه وسله: "فإن جاء صاحبها وإلا فشأنك بها". قلت: فتصرفه فيها بالصدقة على تخيير ربها جائز اتفاقًا، وينبغي تقييده بعدم فلسه بها غالبًا، ولا بتمليكها ملكًا يرفع غرمها إن قدم ربها اتفاقًا. قال الباجي: في البخاري: أنه صلى الله عليه وسلم قال: "عرفها سنة، ثم عرف وكاءها وعفاصها، ثم استنفق بها، فإن جاء ربها، فأدها إليه"، فمن استنفقها بعد التعريف؛ فلا إثم عليه، ومتى أتى ربها؛ أدى إليه. قلت: انظر قوله: لا إثم عليه هل معناه الإباحة، وهو ظاهر سياق كلامه، أو نفي الحرمة الأعم؟ منها: ومن الكراهة؛ لأن المكروه لا إثم في فعله، فإن حمل على الإباحة؛ فهو ظاهر خلاف قولها: ولا يتجر باللقطة في السنة، ولا بعد السنة كالوديعة.

عياض: له استنفاقها بعد السنة على وجه السلف، وقيل: ليس له ذلك إلا أن يكون له وفاء بها، وهو صحيح. الباجي عن ابن وهب: إن مات مستنفقها، ولا شيء له عنده؛ فهو في سعة، وهذا حكم كل لقطة إلا بمكة لقطتها لا تستباح بعد التعريف سنة، وعلى صاحبها تعريفها أبدًا لقوله صلى الله عليه وسلم: "لا تحل ساقطتها إلا لمنشد". ابن زرقون: كذا قال اللخمي: وتبعهما ابن رشد ولابن القصار عن مالك لقطة مكة كغيرها خلافًا للشافعي قال: وإنما جاء الحديث: "لا تحل لقطتها إلا لمنشد" تأكيدًا للإعلام ببسنة اللقطة؛ لكثرتها بمكة. قلت: قال المازري: حكم لقطة مكة؛ حكم لقطة سائر البلاد. وقال الشافعي: لقطة مكة بخلاف غيرها لا تحل إلا لمن يعرفها تعلقًا بالحديث، ومحمله على أصلنا على المبالغة في التعريف؛ لأن ربها يرجع لبلده، وقد لا يعود إلا بعد أعوام. قلت: ما ذكره موجهًا للمذهب حجة عليه لا له حسبما يأتي اللخمي. عياض: قول مالك وأصحابه: أن لقطة مكة كغيرها. قلت: ظاهر قول ابن زرقون، وكذا قول اللخمي وابن رشد أنهما قالا كقول الباجي، وليس الأمر كما قاله عن اللخمي؛ لأن ظاهر لفظ الباجي أن ما ذكره هو المذهب عنده، ولفظ ابن رشد أقوى منه؛ لأن لفظه لقطة مكة لا يحل استنفاقها بإجماع، وعليه أن يعرفها أبدًا، وأما اللخمي فلم يذكره على أنه المذهب؛ بل على أنه اختاره ولفظه. قال ابن القصار: حكم اللقطة في الحرة وغيره سواء.

قال أبو حنيفة والشافعي، فذكر ما تقدم، وقال: هو أبين للحديث والقياس، فذكر الحديث من الصحيحين قال: فلو كانت لغيرها؛ لم يكن للحديث معنى، وأما القياس؛ فلأن غالب من حج عدم رجوعه لمكة في عامه؛ بل بعد عشر سنين، فلم يكن مرور السنة دليلًا على الإياس من ربها، وتبع ابن عبد السلام ابن زرقون في عزوه ما للباجي واللخمي وابن رشد. وزاد ابن العربي: ويرد عزوه ذلك لابن العربي بما رد العزو للخمي؛ لأن لفظه في القبس: قال مالك: لقطة مكة كسائر اللقط، ويتكلم علماؤنا والاحتجاج له، والانفصال عن الحديث، ولا أرى مخالفة الحديث، ولا تأويل ما لا يقبل. قلت: والانفصال عن التمسك بالحديث على قاعدة مالك في تقديمه العمل على الحديث الصحيح حسبما ذكره الصقلي في كتاب الأقضية، ودل عليه استقراء المذهب واضح ولقطة ما لا يبقى من الطعام يسيرًا فيها أحب إلي أن يتصدق به، فإن تصدق به أو أكله؛ لم يضمنه. ابن رشد: لقوله صلى الله عليه وسلم: وقد مر بتمرة في الطريق لولا أن تكون من الصدقة لأكلتها. قلت: وكذا ذكره اللخمي، ولفظ الحديث خلاف ما ذكراه. روى البخاري عن أنس بن مالك: قال: مر النبي صلى الله عليه وسلم بتمرة في الطريق فقال: "لولا أني أخاف أن تكون من الصدقة لأكلتها". وفي المقدمات: ما قل، وله قدر ومنفعة، وشح ربه، ويطلبه يعرف اتفاقًا، وفي تعريفه سنة أو أيامًا قولان لظاهر روايتهما، وسماع عيسى ابن وهب مع رأي ابن القاسم فيها. وسمع ابن القاسم: لقطة مثل المخلاة والحبل والدل، وشبه ذلك إن وجد بطريق وضع بأقرب موضع إليه، وإن كان بمدينة انتفع، وعرف به، والصدقة به أحب إلي، فإن جاء ربه؛ فهو على حقه، فذكر ابن رشد ما تقدم.

قال: وسماع أصبغ ابن وهب: هو في الدريهمات والدينار أن يعرف أيامًا، وما قل ولا يطلبه ربه عادة. لابن رشد في رسم طلق من سماع ابن القاسم: هو لمن وجده ليس عليه تعريفه، وإن شاء تصدق به. وفي المقدمات: يعرفه، فإن لم يفعل؛ فأرجو كونه خفيفًا. قلت: سمع القرينان: واجد العصا والسوط أيعرف ذلك؟. قال: لا يأخذه قيل قد أخذه، قال: يعرفه فإن لم يعرف؛ فأرجو خفته. ابن رشد: معناه: انتفاعه به على وجه التملك له ما لم يجد ربه خفيفه، وإن أبى الانتفاع عليه، وهذا في اليسير الذي لا قيمة له، وتعريفه غير واجب، فقوله: يعرفه؛ يريد على وجه الاستحباب، وما له قدر من الطعام، لا يبقى ويخشى فساده. اللخمي: إن وجد في غير عمارة ولا رفقة جماعة؛ أكله ولم يضمنه. الباجي عن مطرف: أكله أفضل من طرحه اللخمي إن وجد بعمران أو حاضرة؛ فللمالك يتصدق به أعجب إلي، وإلا يضمنه بأكله، والتافه كغيره مطرف يتصدق به، ولا يضمنه، وإن أكله؛ ضمنه أشهب يبيعه ويعرف به، وما بقرب العمران كالعمران، وأرى فيما لا يطلبه ربه غالبًا أن لا شيء عليه أكله أو تصدق به، وأما الغالب طلبه على واجده حفظه إبقائه على ملك ربه. وفي المقدمات: ما كثر، ويخشى تلفه كشاة الفيفاء، والطعام الذي لا يبقى لواجده أكله، ولا شيء عليه، ولو كان عينًا، ولو وجده بحاضرة، وحيث الناس؛ ففي غرمه، ولو تصدق به ونفيه، ولو أكله ثالثها: إن أكله لظاهرها قول أشهب، وظاهر قولها وابن حبيب. قلت: فعمم اللخمي الأقوال في اليسير والكثير، واختار التفرقة بينهما، وخص ابن رشد الأقوال بالكثير. وفي النوادر: قال مالك: إن التقط طعامًا في الفيافي، فحمله للعمران باعه، ووقف ثمنه لربه، فإن أكله بعد قدومه للعمران؛ ضمنه.

وفيها: من وجد ضالة الغنم قرب العمران عرف فيها في أقرب القرى إليه، وإن وجدها بالفلاة والمهامة؛ أكلها، ولم يعرف بها، ولا يضمنها لربها لقوله صلى الله عليه وسلم: "هي لك أو لأخيك أو للذئب". أبو عمر: وقال الطحاوي: ولم يوافق مالكًا أحد على قوله: أكلها في موضع تخوف لا يضمنها، واحتجاجه بالحديث لا معنى له؛ لأن قوله: هي لك ليس على معنى التمليك كقوله: أو للذيب، والذيب لا يملك، وإنما يأكلها على ملك ربها، فكذا واجدها يأكلها على ملك ربها إن جاء؛ ضمنها له. قال أبو عمر: وقال مالك من اضطر إلى طعام غيره فأكله؛ ضمنه، والشاة الملتقطة أولى بذلك، وأجمعوا أن ربها لو جاء قبل أكلها واجدها أخذها أو ما وجده منها، ولا فرق بين قوله صلى الله عليه وسلم: هي لك، وبين قوله في اللقطة: فشأنك بها، فهذه أشبه للتمليك، والإجماع على أن مستهلكها بعد السنة يضمنها لربها لو جاء بعد السنة يضمنها لربها، فالشاة أولى بذلك. وقال سحنون في العتبية: إن أكلها واجدها بالفلاة، أو تصدق بها؛ ضمنها. قلت: ما ذكره عن سحنون قبله ابن عبد السلام وهو وهم، ليس في العتبية شيء من ذلك، وإنما لسحنون في العتبية ضمانه فيما يجب عليه فيه التعريف حسبما يأتي بعد كلام اللخمي قال: إن وجدها على بعد وحده، أو مع من لا يشتريها؛ فله أكلها وهبتها، ولا يغرمها لربها، وإن نقلها الحضر بعد ذبحه إياها؛ فله أكلها. أصبغ: وإن كان غنيًا، وجلدها مال له؛ ولا غرم عليه إلا أن يأتي ربها وهي بيده؛ فهو أحق بها؛ يريد: ويغرم أجر نقلها. قلت: فيه نظر؛ لأنه إنما نقلها لنفسه، قال: ولو قدم بها حية كانت لقطة، والقياس أن لا شيء لربها فيها؛ لأنه نقلها بعد أن ساغ له ملكها، ولو ذلك لما نقلها.

قلت: المملوك له منها الانتفاع بها لا ملكها. قلت: كله هذا قول أصبغ في العتبية. قال ابن رشد: تعقب التونسي قول أصبغ: إذا قدم بها حية، وقال الأصوب: عدم أكله إياها، وأن يبيعها ويوقف ثمنها؛ لأن الإباحة كانت حيث لا ثمن لها، وهو صحيح. قلت: مثله تقدم عن النوادر في الطعام: يجده في الفلاة، فيأتي به العمران. قلت: ففي ملكه: الشاة يجدها في الفلاة، فيأتي بها العمران، ولو قدم ربها وبقائها على ملكه ثالثها: إن أتى بها مذبوحة. للخمي والتونسي وأصبغ، وفي العتبية لسحنون: من اختلطت بغنمه شاة؛ لم يجد ربها كانت لقطة يتصدق بها، ويضمنها لربها، وشربه لبنها خفيف؛ لأنه يرعاها ويتفقدها. ابن رشد: له من شرب لبنها قبل قيامه بها، وما زاد عليه كلقطة طعام يفرق بين قليله وكثيره. قلت: هذا هو الموجود لسحنون في العتبية، لا ما تقدم من نقل أبي عمر عنه ابن رشد قول سحنون: يضمنها لربها إن تصدق بها كقول مالك في سماع أشهب من رسم الأقضية خلاف قوله في رسم الأقضية الثاني منه قال فيه: لا يضمن ثمنها إذا تصدق به بعدما بلغ ما عليه فيها. ابن رشد: إن كان ملتقطها فاجرًا؛ لم يصدق في صدقته بها، وعليه غرمها، وإنما القولان في غرم غير الفاجر ثمنها إن تصدق لرواية مطرف عن سحنون، وسماع أشهب مع رواية ابن عبد الحكم، وفي أكله جواز إياها؛ ليضمنها رواية ابن عبد الحكم مع رواية مطرف بخلاف لقطة العين، ورواية غيرهما. اللخمي في المبسوط: لمالك: إن كان لملتقطها غنم؛ ضمها إليه سنة أو أكثر، ولا شيء عليه في حلابها إن ذبحها قبل السنة لخوف عليها، ولا ثمن للحمها؛ لم يضمنها وإلا ضمنها، وعلى قوله: إن مضت السنة؛ جاز له أكلها إن لم يجد من، وهذا أحسن في

الشاة والشاتين؛ إذ لا مشقة في ضمها لغنمه، وإن شق حفظها لكثرتها؛ فله أكلها إن لم يجد من يشتريها، وإن وجدت قرب قرية؛ عرف بها فيها فإن أكلها وتبين أنها لأهل تلك القرية؛ ضمنها، وإن بان أنها لغيرهم؛ ففي ضمانه إياها رواية الواضحة، وقول أشهب: وإن وجدها بين قريتين إحداهما أقرب؛ ففي وجوب تعريفها فيهما، وقصرها على القربى قولان للتخريج على رواية الواضحة مع التخريج على اللقطة كذلك، ومفهوم متقدم قولها: إن وجدها بفلاة أكلها، والتخريج على قول أشهب مع مفهوم قولها عرفها في أقرب القرى إليه. وسمع القرينان: نتاج الضالة مثلها ولبنها عسى أن يأكل منه. ابن رشد: لا فرق بينها وبين نتاجها، وخفف أكل لبنها؛ يريد: بقدر قيامه عليها؛ لأنه كالوصي في مال يتيمه، والزائد على ذلك ماله قد ينتج به ربه كلقطة، وما لا ينتج به أكله. قلت: هو ظاهر قول سحنون في نوازل: له من اختلطت بغنمه شاة، فلم يجد ربها شربه لبنها خفيف؛ لأنه يرعاها ويتفقدها. أبو عمر: وروى ابن وهب: لا يأكل واجد ضالة الغنم حتى يعرف بها سنة، وبيع صوفها ولبنها، ويرفع الثمن لربها، ولا يصيب من نسلها ولبنها بنحو قيامه بها، وإن كانت تيسًا؛ فلا بأس بتركه ينزو على غنمه ما لم يفسده ذلك الشيخ. وفي موضع آخر لابن نافع عن مالك: من وجد شاة بفلاة من الأرض أرى أن يحبسها مع غنمه، ولا يأكلها بعد سنة أو أكثر وله حلابها لا يتتبع به إن شاء ربها. قلت: ظاهر قوله: حلابها؛ أن له سمنها. ولابن حبيب عن مطرف: لبنها وزبدها؛ حيث له ثمن بياعات، وثمنهما كثمنها، وإن كان له بها قيام وعلوفة؛ فله قدر ذلك، وإن كان بموضع لا ثمن له بها، وأما الصوف والسمن؛ فليتصدق به أو بثمنه. قلت: فنسل الضالة وصوفها مثلها؛ فليأكله. وفي كون لبنها وزبدها وسمنها؛ حيث له ثمن كذلك، وجواز أكل ملتقطها من

ذلك بقدر قيامه بها ثالثها: هذا في غير سمنها، ورابعها: يأكل الثلاثة مطلقًا لأبي عمر عن رواية ابن وهب، وظاهر نقل ابن رشد مع سماع القرينين، والشيخ عن مطرف، ونقله مع اللخمي، ورواية ابن نافع، وتقدم نقل اللخمي عن المذهب: مؤاجرة الحمل والبقرة، وسائر الدواب في مأمون لنفقتها، وعزاه الشيخ لمطرف في البقر مع قوله: له أن يركب ضالة الدواب لموضعه لا في حوائجه فإن فعل؛ ضمنها: وليس لقدر حبسه إياها، والمواشي حد إلا باجتهاده وصبره. قلت: يريد في السنة حسبما تقدم للخمي، قال: وفي متولي بيعها اختلاف لمالك من المختصر؛ إنما يتولى بيع الضالة الإمام. مطرف: هو أحب إلي أن أمن إلا فيما خف كثلاث شياه وشبهها. ابن القاسم: إن باعها دون أمر الإمام؛ فليس لربها إلا ثمنها، وإن لم تبت. أشهب: له أخذها إن قدر عليها، وإلا فثمنها إن بيعت خوف ضيعتها، وإلا فالأكثر منه أو من قيمتها. قال ابن الحاجب: وله بيع ما يخاف ضيعته بغير إذن الحاكم بخلاف ما لا مؤنة في بقائه. ابن عبد السلام: يعني: أن يلتقط اللقطة كالوكيل على النظر في أمرها إن خشي ضيعتها باعها دون إذن الحاكم، وهو ظاهر المدونة وغيرها. وقال أشهب: إن بيعت بغير إذنه بعد السنة؛ فلربها نقض البيع، وإن لم يقدر عليها؛ فلا شيء له غير الثمن إن باعها خوف الضيعة، وإن باع الثياب ولا مؤونة في بقائه ولا ضرورة لذلك؛ فلربه أخذه إ وجده بيد مبتاعه، وإن لم يجده؛ فلربه إن شاء الثمن من بائعه، أو القيمة يوم بيعها، وإن بيع بأمر السلطان؛ مضى البيع، وليس لربه إلا الثمن، فجعل المؤلف ابن القاسم موافقًا فيما لا مؤونة في بقائه مع أنه من كلام أشهب وحده، ويحتمل أن يخالفه فيه ابن القاسم، وأسقط من كلام أشهب ما لا يشك في مخالفة ابن القاسم فيه: له. قلت: جعله المبيع في كلام ابن الحاجب اللقطة غير صحيح؛ بل هو ضالة البقر،

وما ذكر معها إلا اللقطة لسياق كلامه، وذكره هذا أثناء ذكره حكم الضالة، وذكره حكم بيع اللقطة بعد هذا، وفيه ذكر شهب، ولأن خوف الضيعة إنما يعترض عادة في الضالة لا اللقطة حسبما تقدم للخمي من قوله: إذا أخذت البقر، وسائر الدواب عرفت عامًا إن تكلف أخذها حفظها، ولم يضر ربها؛ لنفقتها من أجرتها في مأمون، وإلا بيعت، ونحوه قول الصقلي. قال بعض الفقهاء: إن كان لا عمل لها، وكانت النفقة عليها سنة يستغرق ثمنها؛ فلتبع قبل السنة بعد اجتهاد الحاكم؛ لأن ذلك أنفع لربها. وقوله: وهو ظاهر المدونة يقتضي أن بيع اللقطة خوف ضياعها مذكور في المدونة، وليس كذلك؛ إنما فيما ذكر ذلك في بيعها بعد السنة. وقوله: يجعل المؤلف قول ابن القاسم موافقًا لما لا مؤونة في بقائه مع أنه من كلام أشهب وحده، ويحتمل أن يخالفه فيه ابن القاسم، وأسقط من كلام أشهب ... إلخ؛ يقتضي أن ابن الحاجب صرح بالعزو لابن القاسم، وأنه ذكر لأشهب شيئًا أسقط منه بعضه، وليس في نسخ ابن الحاجب شيء من ذلك. وقوله: فجعل ابن القاسم موافقًا فيما لا مؤونة في بقائه مع أنه من كلام أشهب وحده. ويحتمل أن يخالفه فيه ابن القاسم يرد بنقل الشيخ في النوادر ما نصه: قال ابن القاسم: إذا باع الدواب بعد السنة؛ فلربها نقض البيع، وإن لم يقدر عليها؛ فلا شيء له غير الثمن إن باعها خوفًا من الضيعة عليها، وإن باع الثياب، ولا مؤونة في بقائه؛ فربه أحق به إن وجده بيد المبتاع، وإن لم يجده؛ فله أخذ الثمن من البائع أو القيمة يوم بيعه إذا لم يبعه بأمر السلطان، ولا لضرورة. فيها: إما أنفق على الدواب، أو ما التقط من رقيق أو إبل؛ كان أسلمها ربها أو بقر أو غنم، أو متاع أحرى على حمله بأمر السلطان أو دونه؛ فلا يأخذه حتى يدفع ما أنفق عليه، فإن أسلمه ربه؛ فلا شيء عليه. وفي رهونها: والمنفق على الضالة أحق بها من الغرماء حتى يستوفي.

الشيخ: في كتاب أشهب: وغيرها لرب الدواب والماشية أخذها وإسلامها، فإن أسلمها، ثم بدا له؛ فليس له كذلك، وكذا في الآبق إن أنفق عليه، فإن كان على ربه غرماء؛ لا وفاء لهم بدينهم، فإن بان فلسه؛ فلا كلام له، والخيار لغرمائه على النظر إن أسلموا نفقته؛ فلا قول لربه، إلا أن يكون في افتدائه زيادة؛ فذلك له إن شاء، وأدوا ذلك من ماله، وإن كان في افتدائه ضرر؛ فله إسلامه، ولا قول لهم، إلا أن يضمنوا ما وضعوا فيه، وله ما ربحوا فيه. القرينان: إذا عرفت الدابة؛ فلم تعرف؛ خليت حيث وجدت، وكذا الآبق إذا عرف، فلم يجد من يعرفه يخليه؛ خير من بيعه، فيهلك ثمنه، ويؤكل أو يطرح في السجن؛ فيقيم، ولا يجد من يطلبه. ابن رشد: توسيته بين الضالة والآبق في الإرسال إن عرفوا، فلم يعرفوا خلاف قوله فيها: يحبس الآبق سنة ثم يباع؛ والظاهر أنه اختلاف قول، وعليه حمله الشيوخ، والأولى حمله على الوفاء، فيحمل على إن خيف شيعته في السجن بغير نفقة، وتلف ثمنه إن بيع أرسل، وإن لم يخف شيء من ذلك؛ كان بيعه بعد السنة، وإمساك ثمنه أولى، والاختلاف فيه عند من حمله عليه؛ إنما هو إذا خشي ضياعه في السجن، وتلف ثمنه إن بيع بناء على أن الخوفين أشد، وإن لم يخش واحد منهما؛ فلا يرسل اتفاقًا، ولو أمن ضياعه في السجن، وخشي على ثمنه إن بيع سجن سنة ليعرف، فإن لم يعرف؛ سرح، ولم يحبس أكثر من سنة، ولو أمن على ثمنه إن بيع وخشي ضياعه في السجن؛ وجب بيعه ووقف ثمنه. ويستحق اللقطة بالبينة على ملكها مدعيها أو تقدم اختصاص في سرقتها إن عاينت البينة إخراج المتاع من البيت، ولا يدرون لمن هو؛ فلا تشهد بملكه لرب البيت، ويؤدون ما عاينوا، ويقضى لرب البيت بالمتاع، وكذا في غصب الثوب، وبيعه ممن عرض تفليسه في القضاء به لهما، وبوصفه إياها بالصفة الدالة على صدقه، فمعرفة العفاص والوكاء والعدد والوزن والسكة دليل اتفاقًا. وفي اعتبار بعضها اضطراب: اللخمي: اختلف فيما يستحق به فيها بمعرفة

العفاص والوكاء لابن القاسم وأشهب بمعرفتهما ومعرفة العدد. ابن شعبان: بمعرفة الأولين، وما شد عليه الوكاء؛ يريد: العدد والسكة في الدنانير، وهي والوزن في الدراهم. قلت: في تفسير العفاص والوكاء اختلاف: ابن عمر: أجمعوا أن العفاص الخرقة المربوط فيها؛ وهي لغة ما يسد به فم القارورة، والوكاء الخيط الذي يربط به. وعزا الباجي هذا التفسير لابن القاسم، قال: وقال أشهب: العفاص الرباط، والوكاء ما فيه اللقطة. والأول أصح؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: "اعرف عددها ووكاءها ووعاءها"، فجعل بدل العفاص الوعاء. وفي اقتصاره في العزو لها على معرفة العفاص والوعاء نظر؛ لأن فيها أيلزم دفعها لمن وصف عفاصها ووكاءها وعددها؟. قال: لم أسمع من مالك فيها شيئًا، ولا شك أنه وجه الشأن، وتدفع إليه، فهذا ظاهره اعتبار العدد خلاف نقل اللخمي عنها، وعلى هذا اللفظ اختصرها البراذعي. وفيها بعد هذا: إن وصف عفاصها ووكاءها وعددها، ثم جاء آخر، فوصف مثل ما وصف الأول، أو أقام بينة أن تلك اللقطة كانت له؛ لم يضمنها له، لأنها دفعها بأمر كان وجه الدفع فيه، كذا جاء في الحديث: اعرف عفاصها ووكاءها، ثم عرفها سنة، فإن طالبها أخذها ألا ترى أنه إنما قيل له: اعرف العفاص والوكاء، ففي اقتصار اللخمي على هذا، والبراذعي على الأول قصور.

قال اللخمي: ولأشهب: إن عرف العفاص والوكاء دون العدد، أو عرفها دون الوكاء، أو عرف الوكاء فقط؛ أجزأه ويخلف، فإن نكل؛ لم تدفع له، ولا يقبل رجوعه للحلف، فاكتفى بالوكاء، وعليه يكتفى بالعفاص أو العدد، وهو خلاف الحديث، وعادة الناس في معرفة ذلك، وتدفع له بمعرفة الباطن السكة والعدد. الباجي: المراعى عند ابن القاسم وأشهب العفاص والعدد، وعند أصبغ الأولان فقط. وفي المقدمات والبيان: لا يضر جهل العدد. الباجي: قال سحنون: لا تستحق بمعرفة سكتها فقط حتى يذكر علامة أخرى. قال يحيى بن عمر: لم يتبين لي قوله، وأرى إن اشترطها سحنون. قلت: اشترط سحنون مطلق زيادة، واشترط سحنون زيادة خاصة متعلقة بجرم المسكوك. صح. والمطلق غير المقيد: فلو ذكر السكة والوكاء فقط استحقها على قول سحنون، لا قول يحيى. ونقل اللخمي قول سحنون بلفظ: إن ذكر سكة الدنانير؛ لم يعطها بذلك حتى يذكر علامة أو شقا. وفي بعض نسخ اللخمي: أو شيئًا بياء وهمزة بعد الشين بدل قاف بعدها، فقوله: أو شيئًا بعد علامة خلاف فرض الباجي الزيادة على علامة. ولفظها في النوادر من كتاب ابن سحنون: إن وصف سكة دنانير اللقطة؛ لم يستحقها بذلك حتى يذكر علامة فيها غير السكة من أثر أو شق غير السكة، ثم ذكر قول يحيى بن عمر كما ذكره الباجي. وقال اللخمي إثر قول سحنون: وقال يحيى بن عمر: يأخذه بذلك؛ يريد: إذا كانت دنانير البلد سككًا، فإن كانت سكة واحدة؛ لم تدفع إليه قولًا واحدًا. وقال الباجي إثر قولهما: وهذا إذا كانت تلك سكة البلد، ولو ذكر سكة شاذة غير

معروفة؛ دفعت إليه. قلت: ففي كون أدنى ما به تستحق معرفة الوكاء مع يمينه، أو أحد الثلاثة هذا والعفاص والعدد ثالثها: السكة مع علامة أخرى، ورابعها: السكة مع علامة في المسكوك، وخامسها: مطلق السكة مع ذكر نقص المسكوك إن كان ينقص، وسادسها: مطلق السكة إن كان بالبلد سكة أخرى، وسابعها: مطلق السكة إن كانت غير سكة البلد، وثامنها: العفاص والوكاء، وتاسعها: هذان والعدد، وعاشرها: العفاص والوكاء وما شد عليه كما فسر، الحادي عشر: العفاص والوكاء وصفة الدنانير دون عددها، والثاني عشر: معرفة عددها وصفتها ووزنها، والثالث عشر: بمعرفة وصفين فقط، والرابع عشر: بمعرفة العفاص مع الاستيناء وعدم مدع، للخمي عن أشهب، ولتخريج عليه، والباجي عن سحنون، واللخمي عنه، والباجي عن يحيى بن عمر، واللخمي عنه، واختيار الباجي كأنه المذهب، وله عن أصبغ، واللخمي عن أشهب مع ابن القاسم، وعن ابن شعبان، ونقل المقدمات، والبيان، وتخريج ابن رشد من قول أصبغ: إن وصف أحد مدعيها عفاصها ووكاءها، والآخر عددها وصفتها ووزنها، والباجي عن المذهب وعن أصبغ، وظاهر نقل الباجي قول الشيخ: رأيت لبعض أصحابنا لا يأخذها إلا بمعرفة العفاص والوكاء أنه لم يحفظه، عن أصبغ، وعنه نقله الباجي أولًا. وفي الغلط في بعض صفاتها اضطراب. ابن رشد: الغلط بالزيادة في عددها لا يضر؛ لإمكان الأخذ منه. وفي الغلط بالنقص ممن عرف عفاصها ووكاءها قولان، وغلطة في صفة الدنانير؛ يمنع أخذها اتفاقًا، ولو غلط في العفاص دون الوكاء أو بالعكس؛ ففي منعه أخذها مطلقًا، وأخذه إياها بعد الاستيناء إن لم يأت أحد قولان، هذا أعدل. الشيخ: قال ابن عبد الحكم: لو أصاب تسعة أعشار الصفة، وأخطأ العشر؛ لم يعط إلا في معنى واحد أن يصف عددًا، فيطلب أقل. الباجي: لا يبعد أن يكون ابن عبد الحكم يوافق أصبغ؛ لأنه إنما منع دفعها إليه إن

أخطأ بأن وصف شيئًا بغير صفته، واختلف في هذا قول أصبغ، فقال: إن قال في خرقة حمراء وخيط أصفر، فوجدت الخرقة حمراء والخيط أسود، فقال: يستبرأ أمره، ثم رجع فقال: هذا أكذب نفسه في ادعائه المعرفة؛ فلا يصدق، إنما يصدق أو أصاب في بعض، وادعى الجهالة في بعض هذا، قال أشهب: يدفع إليه، وقال: لو أخطأ في صفاتها، ثم وصفها مرة أخرى، فأصاب لم يعطها؛ يريد: لأن هذا حزر وتخمين، وفي النوادر في باب لقطة الصبي عن سحنون: إن وصفه مدعي اللقطة بعضها، ولم يصف بعضًا؛ فلا شيء له. ابن رشد: وأما العفاص والوكاء إن وصف أحدهما، وجهل الآخر، أو غلط فيه؛ ففي حرمانه، وأخذه إياها باستبراء أمره، وعدم ادعائها غيره ثالثها: وفي الإكمال: اختلف مذهبنا في الدينار، هل يعطى لمدعيه أنه سقط له؟ فقيل: لا يعطاه حتى يصف شقًا فيه أو علامة. قلت: كذا وقع لفظه دون تصريح بالقول الثاني. وفي وقف أخذها بالصفة الكافية على يمين مدعيها قولا أشهب، والمشهور مع ظاهرها. الشيخ: ولابن حبيب: إن اعترف اللقطة، فعرف العفاص والوكاء؛ حلف مع ذلك، ولم يذكر غير اليمين. ابن رشد: أصوب ما فيه قول ابن حبيب حسبما يأتي. وسمع ابن القاسم: من دخل حانوت رجل، فوجد رب الحانوت دينارًا في حانوته بعد خروج الرجل، فعرضه عليه، وقال: ما دخل إلى اليوم غيرك، فعد الرجل نفقته، فافتقد منها دينارًا، لا أدري إن أيقن أنه ديناره أخذه. ابن رشد: دليل قوله: أنه لا يأخذه إلا أن يستيقن؛ أنه له بزيادة على ما ذكر له تحصل اليقين، وهذا على وجه النهاية في التورع، وأخذه له سائغ؛ لأن غالب ظنه أنه له يفقده من نفقته دينار، ولو لم يعلم عدد نفقته ساغ له عندي أخذه، وإن كان التورع عن أخذه أولى، ولو قال رب الحانوت: وجدته في مكانك، ولا أدري هل هو لك أو لغيرك

ممن دخل الحانوت، فعد نفقته، ففقد منها دينارا؛ كان له أخذه، ولو لم يعلم الرجل نفقته؛ لم يسغ له أخذه. الباجي: إن وصفها رجلان، وتساويا فيها؛ تحالفا وتقاسما، ومن نكل؛ فهي للآخر. زاد اللخمي عن أشهب: إن تكلا؛ لم تدفع إليهما، وأرى أن يقسماها. قلت: هذا الجاري على قول ابن القاسم بعدم وقف أخذها بالصفة على اليمين، قال: فإن أخذها أحدهما بالصفة، ثم أتى الآخر، فوصف مثل الأول قبل أن يبين بها، ويظهر أمرها؛ قسمت بينهما، هذا هو الصحيح من القول. قلت: ظاهره: أن في ذلك خلافا. قال الصقلي: يقسم بينهما على قول ابن القاسم، وعلى قول أشهب تكون للأول، قال هو واللخمي: وإن ظهر أمرها؛ لم يقبل أمرها؛ لم يقبل قول الثاني، فإن أقام بينة انتزعت من الأول، إلا أن يقيم بينة، فيقيم بأحدهما، فإن تكافأتا؛ بقيت للأول بالصفة. قلت: هو في النوادر لأشهب، وزاد: هذا إن لم تأرخ البينتان، وإن أرختا؛ كانت لأولهما ملكا بالتاريخ، وأشار الصقلي إلى جريها على مسألة كتاب الولاء، فقال: كقوله فيمن ورث رجلا بولاء، وأقام عليه بينة، فأقام آخر بينة أنه مولاه وتكافأتا؛ قسم المال بينهما؛ لأنه مال عرف أصله، وقال غيره: هو لمن بيده، وهو مثل قول أشهب هنا. اللخمي: وإن زاد أحد واصفيها؛ قضى له بملكها لو وصفا العفاص والوكلاء، وزاد أحدهما العدد أو العدد والسكة. قلت: كذا في غير نسخة العدد أو العدد والسكة؛ والصواب: أو السكة، ولو وصف أحدهما الباطن العدد والسكة، والآخر الظاهر العفاص والوكاء؛ ففي اختصاص الظاهر بها للحديث وكونها بينهما قولان قسمها أبين؛ لأن بمعرفة الباطن أقوى. قلت: في نوازل سحنون: إن وصف أحدهما العفاص والوكاء والآخر لبعدد والوزن؛ فهي لدى العفاص والوكاء.

ابن رشد: بعد حبسه اتفاقا. وقال ابن حبيب: إن وصفها رجلام، ونكل الآخر؛ فهي لمن حلف، وإن حلفا أو نكلا؛ قسمت بينهما، فقوله: ضمنت إن تكلا؛ رد لقوله: لا تدفع له إن جاء وحده إلا بيمين، واستحسن أصبغ في أحد قوليه: إن وصف أحدهما العقاص والوكاء، والآخر عدد الدنانير والدراهم أن تقسم بينهما بعد أيمانهما، كما لو اجتمعا على معرفة العقاص والوكاء. قلت: ما تعقب به قول ابن حبيب سبقه به فضل فيما ذكره ابن حارث وقال: قول ابن حبيب غلط، وقد يفرق بأن احتمال طروء مدع أقوى من احتمال طروء مدعين فناسبه حلفه في الأقوى دون ما دونه. وفيها: إن دفعها لمن عرف عفاصها ووكاءها وعددها، ثم جاء آخر فوصفه مثل ما وصفه الأول إذا قام بينة أن ملك اللقطة كانت له؛ لم يضمنها. الشيخ عن ابن الماجشون: إن دفعها لمن وصفها، ثم ادعاها آخر، ووصفها أو جاء ببينة، وطلب من ملتقطها أن يجمع بينه وبين من أخذها بالصفة، فقال: لم أشهد عليه، ولا أعرفه؛ ضمنها له قلت أو كثرت، وإن ثبت دفعها للأول؛ كانت الخصومة بينه وبين الثاني، وقول اللخمي إثر قول اين الماجشون: ضمنها له؛ يريد: إن لم يعلم دفعها إلا من قوله: ولو علم دفعها له بالصف؛ لم يكن للثاني عليه شيء خلاف عزو الشيخ ذلك لابن الماجشون من قوله. وفي النوادر من تمام قول ابن الماجشون: لو دفعها على الصفة، ولم يحلفه، واستحقها ثان؛ طلبت من الأول حتى يحكم بينهما فيها، فإن أعدم أو فلس؛ ضمنها دافعها. قلت: إنها يضمنها إن أنتج الحكم كونها للثاني لا قبل الحكم، وهذا إنما يصح على القول بوقف دفعها على يمين واصفها، وقد تقدم أن المشهور خلافه. قال ابن عبد السلام: يحتمل قول ابن الماجشون: تقييدا أو خلاف وهو الأظهر؛ لأن ما يقال: أن كل من دفع لغير له من دفع إليه؛ فلابد من قيام البينة على معاينة الدفع

إلا في الوكيل المفوض إليه؛ وهذا المال لم يدفع إليه، ولم يخرج من يد ربه إلى يد ملتقطه؛ ولذا أجاز له دفع اللقطة لمن يتولى تعريفها، ولا يجوز ذلك للمودع ولا للوكيل. قلت: هذا الذي رجح به كون قول ابن الماجشون: خلافا الأظهر إنتاجه أنه وفاق؛ لأنه هو مقتضي المذهب، فإذا كان قول ابن الماجشون ملزوما لمقتضي المذهب، فيجب كونه تفسيرا للمذهب أو لمشهوره لا خلافا له فإن قلت: قولكم أنه أتى بما يقتضي أن قول ابن الماجشون هو مقتضي المذهب ليس كذلك، وبيانه أنه قرر أن قاعدة المذهب صدق القضية القائلة: من دفع لغير من دفع إليهلغير بينة؛ ضمن، فيصدق مفهومها المخالف؛ وهو من دفع لغيربينة لا لغير من دفع له؛ لم يضمن، وعندنا قضية صادقة؛ وهي الملتقط الدافع دفع لا غير من دفع له، وهذه القضية هي التي احتج عليها بقوله: بأن هذا المال لم تدفع له؛ ولذا جاز للملتقط دفع اللقطة لمن يعرفها، ثم نقول: الملتقط الدافع دفع بغير بينة لا لغير من دفع له، وكل من دفع لغير بينة لا لغيلا من دفع له؛ لم يضمن، وهذا المفهوم المخالف ينتج الملتقط الدافع بغير بينة لا يضمن، وهذا خلاف قول ابن الماجشون وهو مدعي. الشيخ: أجيب بوجهين: الأول: منع صدق القضية للملتقط الدافع بغير بينة لا لغير دفع له، وبيانه بصدق منافيها؛ وهو قولنا: الملتقط المذكور دفع بغير بينة لغير من دفع له لا من دفع له الملتقط المذكور يصدق عليه أنه غير من دفع له، وإلا لصدق عليه نقيضه، وهو من دفع له، وذه كاذبة ضرورة، فلزم أن يصدق عليه أنه غير من دفع إليه، فثبت صدق منافيها؛ لتكون القضية المذكورة، فلا تصدق النتيجة المذكورة، فيثبت نقيضها؛ وهو أنه كلما كان حكم من قبضها من ربها، كان دفعه إياها بعد السنة كمن دفع شيئا قبضه من ربه، والملازمة واضحة، فجعل اللقطة بعد السنة؛ كدفع ما قبض من ربه وهو المدعي. ابن رشد في أول سماع ابن القاسم: إن وجدها ربها بعد ملتقطها، وقد نقصها

باستعمال؛ فله أخذها وما نقصها، وإن أنهكها؛ ففي تخييره في أخذ قيمتها أو أخذها، ولا شيء له في نقصها، أو مع قيمة نقصها ثالثها: ليس له إلا ما نقصها. قلت: الثالث: هو سماع ابن القاسم في مستعير الثوب يلبسه بعد أمد عاريته لبسا أخلقه، وفيه عزا ابن رشد ثاني الأقوال في الملتقط للمعروف من قوله، وأولها لأشهب. اللخمي: لو كانت عرضا، فباعه ملتقطه بعد السنة، فجاء ربه؛ ففي مضي بيعه مطلقا، ويمكن ربه من نقصه، فيأخذه إن كان قائما، والأكثر من قيمته أو الثمن إن كان فائتا، قولا ابن القاسم وأشهب. قلت: الأول: هو قولها وقول أشهب، نقله في النوادر من كتابه: بقيد كون البيع بغير إذن الإمام. وفي النوادر: لابن القاسم: لربها أخذها من مباعها من المساكين، ويرجع على من تصدق بها عليهم، وكذا لو مات قال غيره: يرجع عليه الأقل من الثمن، أو قيمتها يو متصدق بها، ثم إن كانت قيمتها أكثر؛ رجع بالقيمة على المساكين. قلت: يريد بثمامها. التونسي: جعل ابن القاسم لربها أخذها من مبتاعها من المساكين لا من مبتاعها من مبتاعها، ولم يجعل المساكين كالوكلاء على بيعها، فيمضي بيعهم، ويغرم الملتقط القيمة، وفي ذلك نظر. الصقلي: جعل ابن القاسم لربها نقص بيع المساكين، ولم يجعل له نقص بيع الملتقط؛ لأن الملتقط باعها خوف ضياعها؛ لوقف ثمنها، فلم ينقص لقوله (صلى الله عليه وسلم): "فشأنك بها"، وباعها المساكين على أنها ملك لهم؛ فلمستحقها نقض بيعها كالاستحقاق، فإن أكلوه؛ فالأولى أن يرجع على ملتقطها الذي سلط أيديهم عليها، كما لو أهلكوها، فيرجع عليه بالأقل من ثمنها أو قيمتها يوم تصدق بها، ويرجع بتمام الثمن على المساكين؛ لأنهم البائعون منه. اللخمي: لابن القاسم في الدمياطية: من التقط سيفا أو ثوبا، فتصدق به، فباعه

لمساكين، وأكلوا ثمنه؛ لربه أخذه من مبتاعه، ويرجع مشتريه من المساكين على من تصدق به عليهم، ثم قال: إن كان الملتقط عرضا، فتصدق به، فباعه المساكين، ولم يغب به المشتري؛ لم يكن له أخذه على قول ابن القاسم، كما لو باعه ملتقطه لنفسه إلا أن يكون تصدق به عم صاحبه. قلت: ففي نقص ربه بيع المساكين إياه بأخذه مطلقا، أو إن تصدق به عن صاحبه قولان لابن القاسم. قال ابن الحاجب: فإن تلفت بعد تمليكها أو تصدقها؛ فعليه قيمتها يوم ذلك أو مثله، فقبله ابن هارون وابن عبد السلام قائلا: هذا صحيح على القول بتأثير النية ولا أعرفه نصا، وتخريجه على القول بتأثير النية مع بقاء اليد فيه نظر؛ لأن ذلك إنما هو في النية المستندة لعقد؛ لأن القول بتأثيرها لا أعرفه إلا لابن بشير، وإنما ذكره في تخريجه جواز صرف الوديعة، ومنعه على تأثير النية مع بقاء اليد في الحكم ولغوها، والنية في الوديعة بقوله: بناء على وقف انتقال ضمانها على قبضها، وحصوله بالعقد، فلم يعلل ضمانها إلا بالعقد لا بالنية، والعقد أقوى منها، وفي وجودها بيد المساكين غير ناقصة طريقان: اللخمي عن ابن القاسم: له أخذها. أشهب: ليس له إلا أخذها، تصدق بها عن نفسه أو عن ربها، ثم قال: وكذا إن تصدق بها عن ربها أو عن نفسه وهي عرض. ولابن رشد في أول سماع ابن القاسم: إن تصدق بها عن نفسه بيد المساكين، وتصدق بها عن ربها؛ فليس له إلا أخذها، وإن تصدق بها عن نفسه؛ فله تضمينه قيمتها إن شاء، ويدعها للمساكين. قلت: ففي قصر حق ربها، وهي بحالها بيد المساكين، وهي عرض على أخذها مطلقا، وإن تصدق بها عن نفسه؛ فله تضمينه قيمته خير ربها، نقلا اللخمي عن المذهب وابن رشد، وإن وجدها بأيديهم ناقصة، فللخمي عن أشهب: ربها بالخيار بين أخذها، ولا شيئ له على ملتقطها، أو تضمينه قيمتها، فإن

ضمنه، وقد تصدق بها عن ربها؛ فلملتقطها أخذها، وإن تصدق بها عن نفسه؛ لم يرجع بها. قلت: ظاهره: إن أخذها ربها؛ لم يرجع على ملتقطها بنقصها، وإن تصدق بها عن نفسه، وهو نص في النوادر عن أشهب قال ما نصه: وإن تصدق بها عن نفسه؛ فلربما أخذها على ما وجدها، ولا شيء له على ملتقطها، أو يأخذ بقيمتها إن تغيرت، ثم لا شيء لملتقطها على المساكين. ولابن رشد في أول سماع ابن القاسم: إن وجدها بأيدي المساكين ناقصة؛ خير في تضمينه قيمتها يوم تصدق بها، وأخذها ناقصة، ولا شيء له في نقصها هذا إن تصدق بها عن ربها، وإن تصدق بها عن نفسه؛ فله مع أخذها ناقصة الرجوع عليه بما نقصها، قال: وإن أكلها المساكين؛ ففيها: لعين ربها تضمينهم، وقال أشهب: له تضمينهم، وإن شاء أغرم الملتقط قيمتها يوم تصدق بها سواء تصدق بها أو عن ربها. وفيها: إن التقط العبد لقطة، فاستهلكها قبل السنة كانت في رقبته وبعدها، وإن استهلكها بعد السنة؛ لم تكن إلا في ذمته لقوله (صلى الله عليه وسلم): "عرفها سنة عرفها سنة، فإن جاء صاحبها، وإلا فشأنك بها". اللخمي: ليس لربها منعه تعريفها؛ لأنه يصح في تصرفه لسيده، ولا يضره ذلك في تصرفه، ولسيده نزعها لوقتها بيد عدل خوف تلفها، أو تصرف العبد فيها، وإن كان غير مأمون؛ كان أبين. قال الشيخ: من غير كتاب، وكذا المدبر والمكاتب وأم الولد. الصقلي: إن لزمت ذمته؛ لم يكن لربه إسقاطها عنه؛ لأن ربها لم يسلط يده عليها، ولولا السنة كانت في رقبته. قلت: الأظهر إن كان ربه علم بالتقاطه، وسكت عنه؛ فهو كما قال الصقلي: وإن كان موجب ضمانه قبل علمه بالتقاطه؛ كان لربه إسقاطها من ذمته، وما علل به. الصقلي: معارض بعدم إذن ربه له في سبب ضمانه؛ بل إذن التنازع له في التصرف يتنزل منزلة إذن ربه له في وضع يده عليها، ولأنه أولى أن يحمل عليه في التفريط.

باب اللقيط

[باب اللقيط] اللقيط: صغير آدمي، لم يعلم أبوه ولا رقه، فيخرج ولد الزانية معلومة، ومن علم ورقة رقه لقطه، وقول ابن الحاجب تابعا لابن شاس تابعا للغزالي: هو طفل ضائع لا كفل له، قبله ابن هارون وابن عبد السلام: ويبطل طرده بطفل كذلك معلوم أبوه؛ لأنه غير لقيط لانتفاء لازمه، وهو كون إرثه للمسلمين في ولائها، واللقيط حر وولاؤه للمسلمين لا لمن التقطه، وليس له أن يوالي من شاء، والمسلمون يعقلون عنه ما

جنى ويرثونه، وأطلق عليه ابن شعبان لفظ منبوذ، وترجم على أحكامه في الموطأ بالقضاء في المنبوذ، وفي الصحاح للجوهري: المنبوذ اللقيط. اللخمي: القيط المنببوذ؛ كاللفيط في الحرية والدين. واختلف في نسبه؛ فقال ابن حبيب: المنبوذ لزانية لا يجد من قذفه بأبيه وأمه، ويجد قاذف اللقيط بأبيه وأمه، وقيل: المنبوذ من نبذ عندما ولد، وشأن ذلك فيمن ولد لزنا، واللقيط ما طرح في الشدائد والجدب، لا عندما ولد، ولمالك في مثله قال: من قال لرجل: يا منبوذ، قال: ما يعلم منبوذ إلا ولد زنا، وعلى قائله الحد، وهذا خلاف قول ابن القاسم: من استحق لقيطا؛ لم يقبل قوله إلا أن يعلم أنه ممن لا يعيش له ولد، وسمع قول الناس: أنه إن طرح عاش، وهذا إنما يفعل عند الولادة حكم التقاطه عبر عنه ابن شعبان بقوله: ينبغي أن يؤخذ المنبوذ، ولا يترك. وفي المعونة: من التقط لقيطا أنفق عليه أو تركه؛ لأنه فقير من فقراء المسلمين؛ لزم الكافة إعانته، وعبارة ابن الحاجب تابعا لابن شاس تابعا للغزالي التقاطه فرض كفاية لا أعرفها، والظاهر إن كانت بيت مال تعين حفظه على الناظر فيها، وعلى من أبصره رفع علمه إليه، وإن لم تكن وهو الغالب كان فرض كفاية على القادرين على حفظه. وقول ابن شاس: إن خاف عليه الهلاك إن تركه؛ لزمه أخذه هو مقتضى قواعد المذهب وغيره، فإن تركه؛ تخرج على قولها: أول حريم البئر: إن لم يقو المسافرون على دفعهم حتى ماتوا عطشا؛ فديتهم على عواقلهم، وتقدم القول فيها، وتقدم نحوه في كتاب الصيد في حابس آلة الزكاة عمن اضطر إليها. ابن شاس: من أخذ لقيطا؛ فليشهد عليه خوف الاسترقاق. قلت: لا أعرفه نصا إلا للغزالي، وقد تقدم حكم الإشهاد على اللقطة، وهي أقرب للخفاء من اللقيط، وفي لزوم ملتقطه حفظه، وجواز رده اضطراب في النكت: من التقط لقيطا؛ لزمه أن ينفق عليه إن لم يكن بيت مال ينفق عليه منه كمن التقط لقطو؛ لزمه تعريفها، وليس له ردها.

قال مالك في كتاب الإجازة: النفقة على اللقيط من بيت المال، وقال محمد: نفقته على ملتقطه، وقول مالك أصوب؛ لأن نفس أخذه لا يوجب عليه شيئا، والملتقط بالخيار بين أن يمسكه، وينفق عليه، أو يمكسه، ويطلب نفقته من بيت المال إن كانت، أو من الناس، أو يرفعه للسلطان يرى رأيه، ويكون هو المتولي لحفظه، وقد يقول: أخذته لأختبر هل يعرفه أحد، وإلا أرسلته، وقوله في جميع ذلك مقبول. وفي النوادر: قال أشهب: من التقط لقيطا؛ فليس له إن أخذ ليمر به، وإن أخذه ليرفعه للسلطان، فلم يقبله منه؛ فلا ينفق عليه في رده أخذه التونسي في الموازية: من أخذ لقيطا أنفق عليه، ولعله أراد أنه التزم ذلك، ولو قال: لم أرد ذلك قبل قوله، زاد ابن شاس إثر قول أشهب. قال القاضي أبو الوليد: ومعنى ذلك عندي أن يكون موضعا لا يخاف عليه فيه الهلاك؛ لكثرة الناس فيه، ويوقن أنه يسارع الناس إلى أخذه هذا نص الباجي، ولم ينقله ابن زرقون في وجيز الغزالي: لو التقط العبد والمكاتب بغير إذن السيد انتزع من أيديهما؛ فإن الحضانة تبرع، وليس لهما ذلك، فإن أذن السيد؛ فهو الملتقط، ونقله ابن شاس كأنه نص المذهب، وتبعه ابن الحاجب، ولا أعرفه نصا لأهل المذهب؛ لكنه مقتضي أصل المذهب في أن العبد ومن فيه بقية رق؛ ليس له أن يتبرع بشيء من عمله دون إذن ربه، والحق فيها ليس نصا في المذهب، واقتضت أصوله أن لا ينقل على أنه نص فيه؛ بل على أنه مقتضاع، وتقدم قولها: أن ولاءه للمسليمن؛ ومعناه: ميراثه لا الولاء العرفي الذي هو لحمة كلحمة النسب النسب؛ لأن هذا إنما يكون من عتق، وإن كان وقع لسحنون ما ظاهره ثبوته دون عتق في الولاء منها. لابن القاسم: إن قدمت حربية بأمان، فأسلمت؛ فولاؤها للمسلمين، فإن سبي أبوها، فعتق وأسلم؛ جر ولاؤها لمعتقه إذا لم يملك ولاؤها برق تقدم فيها أو في أبيها، قال سحنون: لا يجر الأب ولاؤها؛ لأنه ثبت للمسلمين. الشيخ عن ابن القاسم: من نزع منه رجل لقيطا فخاصمه؛ نظر الإمام كان ملتقطه قويا على مؤنثه؛ رده إليه، وإن كان الذي نازعه أقوى على أمره، وهو مأمون؛

نظر فيه بما يرى؛ قال أشهب: إن كانا متقاربين؛ فالأول أحق، وإن خيف ضياعه عند الأول؛ فالثاني أحق به إلا أن يكون طال مكثه عند الأول، ولم ينل اللقيط ضرر. قلت: معنى استثناء طول مقامه أن مقتضى حاله خوف ضياع اللقيط، وما تقدم من طول مقامه عنده دون ضرر أكذب دلالة مقتضى حاله على ضياعه. قال ابن الحاجب تابعا لابن شاس تابعا للغزالي: إن استويا أقرع بينهما وحضانة اللقيط على ملتقطه اتفاقا؛ لدلالة العرف على التزامه معروفا، أو فرض كفاية، ونفقته من ماله كذب الأب وماله له نصا واضح؛ كالهبة عليه أو على صنفه، وكذا بقرينة. وفي الزاهي: إن وجد على فراش أو ثوب أو دابة، أو معه مال مشدود، أو يرم على مال موضوع مشدود؛ فهو له؛ وما وجد قريبا منه من مال أو دابة؛ فهي لقطة وضالة، وإن لم يكن له مال؛ فطريقان: الباجي: من بيت المال، فإن لم تكن بيت مال ينفق عليه منه، فروى محمد: على ملتقطه حتى يبلغ ويستغني، ولا رجوع له عليه، وإن استأذن الإمام. اللخمي: لمالك في كتاب الإجارز': هي من بيت المال، وقال محمد: على ملتقطه، والأول أصوب. قلت: وفي عتقها الثاني: حر، ونفقته من بيت المال. وفي كتاب الجعل: أجر رضاع اللقيط، ومن لا مال له من اليتامى من بيت المال. وفي تضمين الصناع منها: من أنفق على لقيط التقطه، فأقام رجل بينة أنه ولده؛ تبعه بنفقته في يسيره إن تعمد طرحه. قال مالك: إن ضل صبي عن أبيه، فأنفق عليه رجل؛ لم يتبع أبوه بشيء. ابن الحاجب: فإن تعذر؛ فعلى الملتقط حتى يبلغ ويستغنى. ابن عبد السلام: يعني: يستمر إنفاقه عليه إلى البلوغ، أو يستغنى على أن الباجي وغيره نقل عطف يستغنى على يبلغ بالواو، وذلك يوهم أن يكون حكمه في النفقة عليه كالولد تستمر إلى بلوغ الذكر صحيحا، ودخول زوج الأنثى بها، وما أظنه؛ يريد:

مثل هذا. قُلتُ: قوله أولاً: يوهم، وثانياً ما أظنه؛ يريد: هذا ظاهره أنه تنقطع نفقته بالبلوغ، وإن لم يستغن بأن يستغني، وإن لم يبلغ، وظاهر الرواية خلاف ذلك، ومثل هذا إنما يقوله الأشياخ لنص أو دليل على صرفها عن ظاهرها لا يدعى غيره عن دليل كحاله في هذا غير مستظهر عليه بدليل؛ بل مقتضي قولها مع غيرها بالرجوع على أبيه بالنفقة يقتضى أن نفقته عليه كأبيه، ولما ذكر الباجي قول ابن القاسم بالرجوع إليه إن تعمد طرحه قال: وقال أشهب: لا سيء على الأب بكل حال؛ لأنه أنفق تطوعًا. زاد اللخمي: والأول أبين؛ لأنه يقول: لو علمت أن له من تلزمه نفقته لمن أنفق إلا على الإتباع بها، وأرى أن يرجع على الأب، وإن لم يطرحه؛ لأنه إذا رجع على الأب مع العلم به، فكذا إن لم يعلم به؛ لأنه لو علم به؛ لم ينفق عليه احتسابًا. قُلتُ: ففي رجوعه عليه ثالثها: إن تعمد طرحه للخمي وأشهب وابن القاسم ولابن شاس ما حاصلة: إن أنفق حسية، أو لم يتعمد الأب طرحه؛ لم يتبعه، وإلا فقولان لأشهب وسَحنون، وإن أشكل أمر حسبته قبل قول المنفق مع يمينه أنه ليرجع عليه، ومثله قول ابن الحاجب، فإن يثبت له أب بالبينة طرحه عمدًا؛ لزمه إلا أن يكون أنفق حسبه؛ فلا رجوع، وإن أشكل؛ فالقول قول المنفق، وتبعهما ابن عبد السلام، وابن هارون، ومقتضى المدَوَّنة خلافه، وأن لمن أنفق عليه احتسابًا، ثم ظهر له أن له أبَّا موسرًا تعمد طرحه أن يرجع عليه بالنفقة؛ لأن فيها ما نصه: قال مالك: اللقيط إنما ينفق عليه على وجه الحسبة، ثم قال: من أنفق على لقيط، فأقام رجل البينة على أنه ابنه، تبعه بما أنفق عليه إن كان الأب موسرًا يوم أنفق عليه، وتعمد طرحه، ولو كان ضل عن أبيه؛ لم يتبعه، وهذان النصان ينتجن إتباع من أنفق على لقيط على وجه الحسبة أباه إن تعمد طرحه، ويتقرر بالفعل أن يقول: لقطها الأول يدل على صدق القضيِّة القائلة من أنفق على لقيط؛ فهو منفق عليهم على وجه الحسبة، ولفظها الثاني يدل على صدق القضيِّة القائلة: كل من أنفق على لقيط؛ فله إتباع أبيه المتعمد طرحه الموسر حين

الإنفاق عليه، ينتج بعض المنفق على اللقيط على وجه الحسبة له إتباع أبيه المذكور، وإذا صدقت الجزئيَّة؛ صدقت الكليَّة؛ إذ لا قائل بالفرق أو لقياس لا فارق، فتأمله، وهو ظاهر فهم. اللخمي: المذهب لقوله: اختلف فيمن أنفق على صغير تعمد أبوه طرحه، وهو موسر، فقال ابن القاسم: يتبعه بالنفقة، وقال أشهب: لا شيء له؛ يريد لأنه أنفق على وجه الحسبة والأجر، وذلك محسوب له لا يزول باعتراف أبيه، والأول أبين؛ لأنه يقول: لو علمت أن له من تلزمه نفقته؛ لم أنفق عليه إلا على إتباعه بها. قُلتُ: فقوله: (لو علمت ... إلى آخره)؛ نص في أنه إنما أنفق عليه على وجه الحسبة لا ليتبعه، قال: واختلف فيمن أنفق على صغير على أن يتبعه عندما لم يوجد من ينفق عليه. قال ابن القاسم: لا يتبعه بشيء، وقال أشهب: يتبعه فالأول؛ لأن نفقته كانت واجبة على الناس فكان رجوعهم عليهم ما عليه، والثاني: أنه لو لم يرجعه عليه أدى إلى ضياعه بعدم الإنفاق عليه، وفيها مع غيرها: اللقيط في قرى الإسلام مسلم، ولو التقطه كافر. الشَّيخ عن مُطَرِّف وأَصْبَغ: إن التقطه نصراني نزع منه؛ لئلا ينصره أو يسترقه بطول الزمان. وفي كتاب ابن سَحنون: إن التقطت نصرانيِّة صبيِّة، فربتها حتى بلغت على دينها؛ ردت إلى الإسلام وهى حرة. اللخمي في العتق الثاني: إن التقط كافرا لقيطًا ببلد الإسلام، فرباه على دينه؛ لم يترك على النصرانيِّة إلا أن يبلغ على ذلك، فيختلف فيه هل يقر عليه. قُلتُ: لعله يريد من الخلاف في مسألة النكاح الثالث فيمن أسلم، وله ولد صغير، فأقره حتى بلغ اثني عشر سنة، وشبهها، فأبى الإسلام، لم يجبر، وقال بعض الرواة: يجبر، واللقيط في قرى الشرك في كونه مشركًا مطلقًا أو مسلمًا إن التقطه مسلم قولا ابن القاسم فيها، والصقلي عن محمد عن أشهب قائلاً: ولو كان في كنيسة.

اللخمي قال: وفي الموازيِّة: وإذا جعلته حرًا حين لم أدر أحر هو أملا؟ فكذا يكون مسلمًا، وإن لم أدر أمسلم هو أم لا؟ وقول ابن القاسم أحسن؛ لأنه إنما جعل حرَّا؛ لأنه الغالب، فيجب أن يكون فيه الدين على الغالب في ذلك الموضع، ولو وجد في قرية كلها عبيد؛ لم يحمل على الحريِّة، ولو رباه المسمل على دينه حتى عرف الإسلام؛ لم ينقل عنه. وفيها: قلت: من التقط لقيطًا في مدن الإسلام، أو في قرى الشرك في أرض أو كنيسة أو بيعة، أو عليه زى اليهود أو النصارى، وملتقطه مسلم أو مشرك قال: لم أسمع منه فيه شيئًا، وأراه إن كان في محل الإسلام مسلمًا، وإن كان في مواضع أهل الشرك، فمشرك، واختصرها أبو سعيد سؤالًا وجوابًا؛ لإغفاله في الجواب التعرض لما أشار إليه اعتباره في السؤال عن زى اللقيط مع ما تقدم من اعتبار دلالة حاله فيما وجد معه من مال في الحكم بكونه له. وفيها: إن وجد في قرية النصارى ليس فيها إلا الاثنان والثلاثة من المسلمين؛ فهو للنصارى لا تعرض لهم إلا أن يلتقطه مسلم، فيجعله على دينه، وقول أشهب في هذه أحرى. اللخمي: لم يحمله ابن القاسم على النصرانيِّة إذا كان الغالب النصارى احتياطًا للإسلام، وإلا فأصله الحكم للغالب، ويقبل إستلحاف الملتقط بينه على ثبوته على ثبوته، وفي قبوله دونها ثالثها: إن كان لدعواه وجه فيها كرجل عرف أنه لا يعيش له ولد، فيزعم أنه رماه؛ لأنه يسع إذا طرح الجنين عاش، ونحوه مما يدل على صدقة، فيلحق به. لمحمد عن أشهب: وعبر ابن القاسم: وله فيها، وذكر ابن شعبان الأول، ولم يعزه قال: وهو الاختيار، وربما طرح الناس أولادهم من إملاق أو غيره، ورابعها: للخمي عن محمد: إن إستلحقه ملتقطه؛ لم يقبل، وإن استلحقه غيره قبل، وقد يقال: الأنسب العكس؛ لأنه التقاطه ترحم به، وهو مظنة الأبوة، ودوام نبذه يصدق ذلك. الصقلي: ناقض أشهب وابن القاسم أصليهما في قبول استلحاق من لم يسلم ملكها، والمستلحق بملك أو نكاح، وعدم قبوله له، أجاب للأول بأن اللقيط ثبت

ولاؤه للمسلمين، فصار كنسب حازه، قال: ولا جواب للثاني، ويجاب له بأن طرح اللقيط مظنة البراءة من دعوى نسبة بينة. قال ابن الحاجب: وفي استلحاق الملتقط المسلم بغير بينه قولان، وفي مسلم وغيره ثالثها: إن أتى بوجه محق كمن زعم أنه طرحه؛ لأنه لا يعيش له ولد، وسمع أنه إذا طرحه عاش. قُلتُ: ظاهره: أن القول الثالث لا يجرى في استلحاق ملتقطه، وقبله ابن عبد السلام. وفيها: النص على تسوية الملتقط بغيره في قبوله إن أتى بالوجه المذكور، ولغو قبوله دونه، وفي صحة استلحاق المرأة بنوتها، ثالثها: إن قالت: الولد من زنا، للصقلي عن أشهب: ولها، وله عن محمد. قُلتُ: وقول ابن رُشْد في نوازل سَحنون من الاستلحاق: لا اختلاف على أن المرأة لا يجوز لها استلحاق ولدها بخلاف الأب؛ لأن الولد إنما ينسب لأبيه خلاف نقل الصقلي وغيره. قال ابن الحاجب: وأما الذمي؛ فلا يلحقه إلا ببينة، قبله ابن عبد السلام وقال: لأنه لو قبل تبعه في دينه، وفيه إبطال إسلام اللقيط. قُلتُ: يرد تعليله بقصوره على التقاط الصغير؛ لعدم تناوله استلحاق كبير، وقد أسلم، والأظهر تعليله بأن الاستلحاق خبر، وخبر الكافر لغو، وقبول نقله ابن الحاجب، خلاف قول التونسي في النصراني يدعى اللقيط في بلد الإسلام: أنه ابنه، فإذا كان له دليل مثل ذكرنا أنه سمع قول الناس: أنه إذا طرحه عاش؛ وجب أن يلحق به. قُلتُ: فجعله كالمسلم، وفيه نظر لحرمة الإسلام، وقبول خبر المسلم، وقد تقدم قولها: اللقيط حر، وولاؤه للمسلمين. وفي عتقها الثاني: إن بلغ اللقيط، فأقر بالملك لرجل؛ لم يصدق، وهو جر، وإن قال ملتقطه: إنه عبدي؛ لم يصدق إلا ببينة. اللخمي: أرى قوله بالملك انتزاع ماله واستخدامه، ولا يمكن من بيعه، وإن

قذفه حر، أو جرحه لم يحدّ له، ولم يقض له منه، وأخذ بذلك في إقراره على نفسه. قُلتُ: في قوله في القذف على أنه حق؛ له نظر، ويلزمه المقول: إن صدقه نفقته كعبد له. اللخمي: ويختلف إن أقام شاهدًا خل يسترقه أملا؟ وأن يحلف، ويأخذه أحسن؛ لأن حمله على الحرية إنما كان؛ لأنه الغالب، وهو ذو نسب مجهول الأب من قال له: لا أب لك، أو يا ولد زنا، حد له. أبو عمر في قبول البينة في المندوب: أنه عبد، ولغو قبولها قولا ابن القاسم وأشهب محتجًا بقول عمر: هو حر، ومن قضى بحريِّة، لم يقبل يمينه برقه، انتهى.

كتاب القضاء

[كتاب القضاء] القضاء: صفة حكمية توجب لموصوفها نفوذ حكمه الشرعي، ولو بتعديل أو تجريح لا في عموم مصالح المسلمين، فيخرج التحكيم، وولاية الشرطة

وأخواتها والإمامة. وقول بعضهم: هو الفصل بين الخصمين واضح قصوره. ابن سهل: تلخيص خطط الولاية: القضاء والشرطة والمظالم، والرد والمدينة والسوق، فمتعلق حكم والي الرد ما استرابه القضاة، وردوه على أنفسهم، وصاحب السوق يعرف بصاحب الحسبة؛ لأن أكثر نظره فيها بالأسواق من غش، وتفقد مكيال وميزان. قال بعض من لقينا: لا يجوز له الحكم في عيوب الدور، ولا مخاطبة حكام البلاد بالأحكام، وعلم القضاء أخص من العلم بفقهه؛ لأن متعلق فقهه كلي من حيث هو كلي، ومتعلق علمه كلي من حيث صدق كليه على جزئيات، وكذا فقه الفقيه من حيث كونه فقيهاً هو أعم من فقه الفقيه من حيث كونه مفتياً؛ ولذا أخبرنا بعض شيوخنا في تدريسه عن الشيخ الفقيه المحصل أبي عبد الله بن شعيب أنه كان ولي قضاة القيروان، ومحل تحصيله في الفقه وأصول الفقه شهير ببلدنا، فلما جلس الخصوم إليه، وفصل بينهم؛ دخل منزله مقبوضاً، فقالت له زوجته: ما شأنك؟ فقال لها: عسر علي حكم القضاء، فقالت له: قد شاهدت سهول أمر الفتوى عليك، فاجعل الخصمين كالمستفتين سألاك، قال فاعتبرت ذلك، فسهل علي. قلت: وإذا تأملت ذلك؛ علمت أن حال الفقيه من حيث هو فقيه؛ كحال عالم بكبرى قياس الشكل الأول فقط، وحال القاضي والمفتي؛ كحال عالم بها مع علمه بصغراه، ولا خفاء أن العلم بها أشق، وأخص من العلم بالكبرى فقط، وأيضاً فقهاء

القضاء والفتوى مبينيان على إعمال النظر في الصور الجزئية، وإدراك ما اشتملت عليه من الأوصاف الكائنة فيها، فيلغي طرديها، ويعمل مستعيرها؛ ولذا ذكرها ابن الرقيق أن أمير إفريقية استفتي أسد بن الفرات في دخوله بجواريه الحمام دون ساتر له ولهن، فأجاب بجوازه؛ لأنهن ملكه، فأجابه أبو محرز بمنع ذلك قائلاً له: لأنه إن جاز لك نظرهن كذلك، ونظرهن إليك كذلك؛ لم يجز لهن نظر بعضهن بعضاً كذلك، فأغفل أسد إعمال كمال النظر في هذه الصورة الجزئية، فلم يدرك حالهن فيما بينهن، واعتبره أبو محرز فأصاب. وفيها: قال مالك: ليس علم القضاء كغيره من العلم، ولا أعلم بهذا البلد أحداً أعلم بالقضاء من أبي بكر بن عبد الرحمن، وكان أخذ شيئاً من القضاء من أبان بن عثمان، وأخذ أبان ذلك من أبيه عثمان. قلت: كذا وقع هذا الكلام في المدونة معزواُ لأبي بكر بن عبد الرحمن، وفيه نظر؛ لأنه إنما كان مشهوراً بالعبادة في كتاب الاعتكاف من المدونة: لم يبلغني أن أحداً من السلف اعتكف إلا أبو بكر بن عبد الرحمن، ووقع في رواية ابن وهب عزو هذا الذي في المدونة لأبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم، لما عرف ابن الحداء في كلامه على رجال الموطأ عرف بأبي بكر بن عبد الرحمن. وقال فيه يقال: إنه راهب قريش لفضله، وكثرة صلاحه، ولم يصفه بولاية قضاء، ثم عرف بأبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم، فقال فيه: توفي بالمدينة، وبها كان مسكنه سنة عشرين ومائة، وكان قاضياً بها، وقضى بها ابنه بعده عبد الله. وقال ابن وهب عن مالك: لم يكن عند أحد من أهل المدينة من العلم بالقضاء ما كان عند أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم، وكان فقيهاً، وأمره عمر بن عبد العزيز على المدينة بعد أن كان قاضياً. قال مالك: ولم يكن على المدينة أمير أنصاري غير أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم. وفي رواية عن ابن وهب: وكان أبو بكر تعلم القضاء من أبان بن عثمان بن عفان،

وتعلم أبان من أبيه، والروايات وأقوال الأشياخ واضحة الدلالة على جلالة خطة القضاء، وندور السلامة فيه. ابن سهل: قال بعض الناس: خطط القضاء من أعظم الخطط قدراً، وأجلها خطراً لا سيما إذا اجتمعت إليها الصلاة. قلت: يريد: إمامة الصلاة، ومقتضاه حسن اجتماعهما، والمعروف ببلدنا قديماً وحديثاً منع إمامة قاضي الجماعة بها أو الأنكحة إمامة الجامع الأعظم بها. وسمعت بعض شيوخنا: أ، هم يعللون ذلك بأن القاضي مظنه؛ لعدم طيب نفس المحكوم عليه به مع تكرر ذلك في الآحاد، فيؤدي إلى إمامة الإمام من هو له كاره.، وقد خرج الترمذي عن أبي أمامة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ثلاثة لا تجاوز صلاتهم آذانهم: العبد الآبق حتى يرجع، وامرأة باتت وزوجها ساخط عليها، وإمام قوم وهم له كارهون". ابن رشد وغير واحد: الحكم بين الناس بالعدل من أفضل أعمال البر، وأعلى درجات الأجر، والجور فيه، وإتباع الهوى من أكبر الكبائر، وهو محنة من دخل فيه ابتلي بعظيم؛ لأنه عرض نفسه للهلاك؛ إذ التخليص منه عسير. قال عمر رضي الله عنه: وددت أني أنجو من هذا الأمر كفافاً لا لي ولا على، فالهروب منه واجب لاسيما في هذا الوقت. قال مالك: قال لي عمر بن حسين: ما أدركنا قاضياً استقضي بالمدينة إلا عرفت كآبة القضاء عليه، وكراهية في وجهه إلا قاضيين سماها. قال ابن عبد السلام: هذا حين كان القاضي يعان على ما وليه، وريما كان بعضهم يحكم على من ولاه، ولا يقبل شهادته إن شهد عنده، وأما إذا صار القاضي لا يعان؛ بل من ولاه ربما أعان عليه من مقصوده بلوغ هواه على أي حال كان، فإن ذلك الواجب ينقلب محرماً، نسأل الله السلامة.

وأكثر الخطط الشرعية في زماننا أسماء شريفة على مسميات خسيسة. قلت: وحدثني من أثق به، وبصحة خبره أنه لما مات القاضي بتونس الشيخ الفقيه أبو علي بن قداح تكلم أهل مجلس السلطان أبي يحيي بن أبي بكر في ولاية قاض، فذكر بعض أهل المجلس الشيخ ابن عبد السلام فقال بعض كبار أهل المجلس: إنه شديد الأمر، ولا يطيقونه، فقال بعضهم: نستخبر أمره، فدسوا عليه رجلاً من الموحدين كان جاراً له يعرف بابن إبراهيم فقال له: هؤلاء امتنعوا من توليتك؛ لأنك شديد في الحكم، فقال له: أن أعرف العوائد وأمشيها، فحينئذ ولوه من عام أربعة وثلاثين إلى أ، توفي عام تسعة وأربعين وسبعمائة. وحكم القضاء بالنسبة أسبابه واجب. قال اللخمي وغيره: إقامة حكم للناس واجب لما فيه من رفع الهرج والمظالم، فعلى الوالي على بلد النظر في أحكامهم إن كان أهلاً لذلك، فإن لم يكن أهلاً، واشتغل عن ذلك؛ وجب عليه أن يقدم لهم من هو أهل لذلك، وإن لم يكن بالموضع وال كان ذلك لذوي الرأي والثقة. المتيطي: قال مالك: لم يكن في زمنه صلى الله عليه وسلم، ولا في زمن الخلفاء قاض، هم كانوا يقضون بين الناس، أول من استقضى معاوية، وأنكر أن يكون علي استقضى شريحاً. وحكي ابن شعبان: أن أول قاض استقضي عبد الله بن نوفل ولاه معاوية، العراقيون أول من استقضي عمر وجه شريحاً للكوفة، وكعب بن سوار للبصرة، وقيل: أول من استقضي على لما شغلته الحروب استقضي شريحاً. وقول مالك: لم يستقض أبو بكر ولا عمر ولا عثمان يعني بدار الهجرة، وسائر البلاد بعثوا لها قضاة، وهو صلى الله عليه وسلم استقضي علياً ومعاذاً وغيرهما.

وقبول ولايته من فروض الكفاية، وإن كان بالبلد عدد يصلحون لذلك، فإن لم يكن من يصلح من ذلك إلا واحد تعين عليه، وأجبر على الدخول فيه. وروى أبو عمر: إنما يجبر على القضاء من لم يوجد غيره يجبر بالسجن والضرب. ابن رُشْد: طلبه والحرص عليه حسرة وندامة يوم القيامة، من طلبه وكل إليه، وخيف هلاكه، ومن امتحن به، وهو كاره له أعين عليه؛ فيجب أن لا يولى القضاء من أراده وطلبه، وإن اجتمعت فيه شروط القضاء. قُلتُ: ظاهره مطلقاً، وزعم بعضهم أنه إن خاف من فيه أهليه أن يولى من لا أهليه فيه، أن له طلبه، وقد تحققت بالخبر الصادق أن بعض شُيُوخنا، وكان ممن يشار إليه بالصلاح لما وقع النظر بتونس في ولاية قاضي الأنكحة تسبب في ولايتها تسبباً ظاهراً علمه القريب منه والبعيد، وما أظنه فعل ذلك إلا لما نقل المازري- والأعمال بالنيات- قال المازري: يجب على من هو من أهل الاجتهاد والعدالة السعي في طلبه إن علم أنه إن لم يله ضاعت الحقوق، أو وليه من لايحل أن يولى، وكذا إن كان وليه من لا تحل توليته، ولا سبيل لعزله إلا بطلبه، ويحرم طلبه على فاقد أهليته. وققال بعض العلماء: يستحب طلبه لمجتهد خفي علمه، وأراد إظهاره بولايته القضاء، أو لعاجز على قوته، وقوت عياله إلابرزق القضاء. المازري: ولا يقتصر بالاستحباب على هذين؛ بل يسحب للأولى به من غيره؛ لأنه أعلم منه. وفي كونه في حق المشهور علمه الغني مكروهاً أو مباحاً نظر قال: وأصول الشرع تدل على الإبعاد منه. قُلتُ: هذا كله ما لم تكن توليته ملزومة لما لا يحل من تكليفة تقديم من لا يحل تقديمه للشهادة، ووقد شاهدنا من ذلك ما الله أعلم به، ولا فائدة في كتبه هنا. وللقضاء شروط، ابن رُشْد: له خصال مشترطة في صحة الولاية، وخصال ليست شرطاً فيها إلا أن عدمها يوجب عزل القاضي وخصال ليست كذلك إلا أنها مستحبة

باب في شروط صحة ولاية القضاء

فيه، ويستحب لعدمها عزله. [باب في شروط صحة ولاية القضاء] فالأولى كونه حراً مسلماً بالغاً ذكرا عاقلاً واحداً لا تنقعد ولايته إن انخرم

باب في الشروط في القضاء التي عدمها يوجب عزل القاضي وتنعقد الولاية مع فقدها

بعضها، وإن انخرم بعد ولايته؛ سقطت ولايته. [باب في الشروط في القضاء التي عدمها يوجب عزل القاضي وتنعقد الولاية مع فقدها] والثانية: كونه سميعاً بصيراً متكلما عدلا، إن ولي من لم تجتمع فيه؛ وجب عزله

متى عثر عليه: وماضي أحكامه جائز إلا في غير العدل في إجازة ماضي أحكامه، وردها قول أَصْبَغ والمشهور؛ فعليه العدالة شرط في صحة الوكالة كالإسلام، وتبعه ابن زرقون، وعبر عن القول برد أحكام الفاسق بأنه أشهر من إمضائها. وزاد عن ابن أبي مريم عن ابن القاسم: جواز ولاية المرأة. ابن زرقون: وأظنه فيما يجوز فيه شهادتها. قال ابن عبد السلام: لا حاجة لهذا التأويل؛ لاحتمال أن يكون ابن القاسم قال كقول الحسن والطبري بإجازة ولايتها مطلقاً. قُلتُ: الأظهر قول ابن زرقون؛ لأن ابن عبد السلام قال في الرد على من شذ من المتكلمين، وقال: الفسق لا ينافي القضاء ما نصه: وهذا ضعيف جداً؛ لأن العدالة شرط في قبول الشهادة، والقضاء أعظم حرمة منها. قُلتُ: فجعل ما هو منافياُ للشهادة منافيا للقضاء، فكما أن النكاح والعتق والطلاق والحدود لايقبل فيها شهادتها، فكذا لايصح فيها قضاؤها. قال الباجي: ولا نص في الأصم، وعندي أنه ممنوع لحاجته لسماع الدعاوى والبينات، ولايمكن جميعهم الكتب. قُلتُ: ينبغي على وقفه القضاء على السماع أخذه من قولها، ولايقضي القاضي بين الخصمين حتى يقول لها: أبقيت لكما حجة، فإن قالا: لا، حكم بينهما. المازري: أشار بعض الأشياخ إلى منع ولاية الأصم؛ لأنه لايسمع ألفاظ الخصمين والشهود. الباجي: ولا نص في الأمي، وللشافعية فيه قولان: الجواز والمنع، والأول أظهر اعتبارا به، ووجه المنع أنه معصوم من المنع. وتبع ابن رُشْد الباجي في هذا نقلاً وتعليلاً. قُلتُ: الأظهر جري توليته عللى ولاية الأعمى؛ لأن إبصار الأمي في الأحكام القضويةكالعدم. قال الباجي: لا خلاف في منع ولاية الأعمى.

ابن زرقون: روى المارودي: جوازه. عياض: لا يصح هذا عن مالك. وذكر المتيطي رواية الماوردي ولم يتعقبها، وزاد: وحكى أبوعبيد من رواية ابن أبي مريم عن مالك: منع شهادته. قُلتُ: وللمازري مانصه: ذكر عن محمد أنه قال: لاينبغي أن يولى القضاء أعمى ولامحدود في قذف ولا عبد يسعى في قيمته، ولا مكاتب، وقال: ألا ترى أنه لاتجوز شهادة أحد من هؤلاء، فالحكم أعظم من الشهادة. قُلتُ: نظائر هذا التعليل عدم قبول شهادته، وإن كان المازري ذكر عن الطبري، فظاهر هذا التعليل؛ لأن العبد تجوز شهادته، وكونه واحداً عده. عياض: من الشروط الثانية وهو الأظهر؛ لأن مانع التعداد إنما هو خوف تناقضها، ولا تتصور إضافة الحكم لهما إلا مع اتفاقهما؛ فيجب حينئذ إمضاؤه لانتفاء علة المنع، ولا معنى لكونه من الشروط الثانية إلا هذا. ووجه قول ابن رُشْد: أن معنى تعددهما إنما معلل بأنه مظنة لاختلافهما لابعين اختلافهما، والتعليل بالظنة لا يبطل بانتفاء مظنونها في بعض الصورعلى ما ذكر الأصوليون، ومسائل المذهب تدل عللى اختلاف ذلك؛ كمسألة استثناء جلد الشاة المبيعة في السفر إذا كان له قيمة، وغير ذلك من المسائل. واستدل الباجي على منعه بالإجماع، وبتأديته إلى تعطيل الأحكام لاختلاف المذاهب، وغالباً لا أرى اختلافها. قال: ولا يعترض على هذا بحكمي الصيد والزوجين؛ لأنهما إن اختلفا؛ تيسر الانتقال عنهما لغيرهما، وهذا في القضاة متعذر. المارزي: لامانع من تعددهما في نازلة معينة إن دعت لذلك ضرورة، فإن اختلفا؛ نظر السلطان في ذلك، ويستظهر بغيرهما. وذكر الباجي: أنه ولي في بعض بلاد الأندلس ثلاث قضاة على هذه الصفة، ولم ينكر ذللك فقهاء ذلك البلد.

المازري: وقد يظهر وجه المصلحة في ذلك في قصص خاصة، وأما في قصص عامة فينظر في ذلك. قُلتُ: إنما الكلام في القضاء العام، وأما في نازلة معينة بمعنى وقف نفوذ الحكم فييها على اتفاقهما؛ فلا أظنهم يختلفون فيها، وهذه توضح قضية تحكيم رجلين رجلين، وقد فعله علي ومعاوية في تحكيمهما أبا موسى وعمرو بن العاص، وتعددهما في بلد واحد كل واحد منتقل بالقضاء في جهة معينة، أو نوع خاص يأتي. وأما العلم، فقال الباجي: لا خلاف في اعتبار كونه عالما مع وجوده، والذي يحتاج إليه من العلم أن يكون مجتهداً. وروى ابن القاسم في المجموعة: لا يستقضى من ليس بفقيه. قال أشهب فيها، والأخوان وأَصْبَغ في الواضحة: لا يصلح كونه صاحب حديث لا فقه معه، ولا صاحب فقه لا حديث معه، ولا يفتي إلا من هذه صفته إلا أن يخبر بشيء سمعه، فإن لم يوجد إلا عالم غير مرضي، ومرضي غير عالم، فروى أَصْبَغ: يولى العدل؛ لأنه يستشير أهل العلم. وجعل ابن زرقون كونه عالماً من القسم المستحب، وكذا ابن رُشْد إلا أنه عبر عنه بأن يكون عالماً يسوغ له الاجتهاد. وقال عياض وان العربي والمازري: شرط كونه عالماً مجتهداً أو مقلداً إن فقد المجتهد كشرط كونه حراًً مسلماً. ابن الحاجب: وقال الباجي: العلم من الثالث. قُلتُ: يعني المستحب، وعزوه للباجي وهم؛ إنما هو لابن رُشْد، وغيره في ذلك، عزوه ابن شاس للشيخ أبي الوليد فظنه الباجي، ومراد ابن شاس أنه ابن رُشْد، وقد تقدم هذا، والكلام فيه في المغارسة. المازري: اختلف في انعقاد ولاية المقلد، ونفوذ أحكامه، فمنعه الشافعي، وهو الذي حكاه أئمتنا عن المذهب، وأجازة أبو حنيفة قال: ويستشير المجتهد، قال: وزماننا عار من الاجتهاد، وفي إقليم المغرب فضلاً عن قضائه، فمنع ولاية المقلد تعطيل

الأحكام، وأحوال المقلدين مختلفة قد يولى عامي لغناه وتحليه بتسمية العدالة والوقار، ولا له من حظ من مجالسة العلماء ما يميز به ما يجب قبوله من أحد الخصمين، وما لا يوجب على خصمه حقاً أوجواباً وما لا، وإن كتب له عما سأل عنه؛ لم يفهم موانع الجواب، وما يعرض فيه من احتمال بحيث يعيد السؤال عنه، فمثل هذا لا تجوز ولايته، ومن يفتي في هذا الزمان أقل حاله أن يكون مطلعاً على روايات المذهب، وتأويل الأشياخ لها، وتوجيههم ما اختلف ظواهر بعضها مع بعض، وتشبيههم مسائل بمسائل قد يسبق للفهم تباعدها إلى غير ذلك، مما بسطه الأشياخ، فهذا لعدم المجتهد يقتصر عل نقله. واختلف أصحاب الشافعي في جواز إفتاء المفتي إذا كان مجتهداً في مذهب إمام، وبجوازه أخذ القفال، وهو مبني على جواز تقليد الميت. قُلتُ: في هذا الإجراء نظر، والأقرب فهمه علي أن الجواز تقليد الميت يمنع إفتاء المجتهد الخاص، ومنعه تخبيره خوف التعطيل. ابن العربي: قبول المقلد الولاية مع وجود المجتهد جور وتعد، ومع عدم المجتهد جائز، ويحكم بنص مقلده، فإن قاس عليه، أو قال: يجيء هذا من كذا فتعد. قُلتُ: يرد كلامه بأنه يؤدي إلى تعطيل الأحكام؛ لأن الفرض عدم المجتهد؛ لامتناع تولية المقلد مع وجوده، فإذا كان حكم النازلة غير منصوص عليه، ولم يجز للمقلد المولى القياس على قول مقلده في نازلة أخرى؛ تعطلت الأحكام، وبأنه خلاف عمل متقدمي المذهب كابن القاسم في المدونة في قياسه على أقوال مالك، ومتأخريهم كاللخمي، وابن رُشْد، والتونسي، والباجي، وغير واحد من أهل المذهب؛ بل من تأمل كلام ابن رُشْد وحده يعد اختياراته بتخريحاته في تحصيله الأقوال أقوالاً، ففي صحة قول المقلد مع وجود المجتهد قولان لابن زرقون مع ابن رُشْد، وعياض مع ابن العربي والمازري قائلا: هو محكي أئمتنا عن المذهب، ومع فقده جائز، ومع وجود المجتهد أولى اتفاقاً فيهما 0 وأما شرط الفتوي؛ ففيها: لا ينبغي لطالب العلم أن يفتي حتى يراه الناس

أهلاً للفتوى. قال سَحنون: الناس هنا العلماء. قال ابن هرمز: ويرى هو نفسه أهلاً لذلك. قُلتُ: وقع هذا في رسم الشجرة تطعم بطنين من جامع العتبية لابن هرمز فما ذكره مالك عنه، ولييس فيه، ويرى هو نفسه أهلا لذلك، فقال ابن رُشْد: زاد في هذه الحكاية في كتاب الأقضية من المدونة: ورأيت نفسك أهلاً لذلك، وهي زيادة حسنة؛ لأنه أعرف بنفسه، وذلك أن يعرف من نفسه أنه كملت له آلات الاجتهاد، وذلك علمه بالقرآن، وناسخه ومنسوخه، ومفصله من مجمله، وعامه من خاصه، وبالسنة مميزاً بين صحيحها وسقيمها، عالما بأقوال العلماء، وما اتفقوا عليه، وما اختلفوا فيه، عالما ببوجوه القياس، ووضع الأدلة مواضعها، وعنده من علم اللسان ما يفهم به معاني الكلام. وفي نوازل ابن رُشْد: أنه سئل عمن قرأ الكتب المستعملة مثل المدونة والعتبية دون رواية، أو الكتب المتأخرة التي لا توجد فيها رواية، هل يستفى وإن أفتى، وقد قرأها دون رواية هل تجوز شهادته أم لا؟ فأجاب من قرأ هذا الكتب، وتفقه فيها على الشُيُوخ، وفهم معناها، وأصول مسائلها من الكتاب والسنة والإجماع، وذكر ما نقلناه عنه في البيان قال: فهذا يجوز له أن يفتي فيما ينزل، ولا نص فيه باجتهاده، قال: ومن لم يلحق هذه الدرجة لم يصلح أن يستفتى في المجتهدات التي لا نص فيها، ولا يجوز له أن يفتي برأيه إلا أن يعلم برواية من عالم، فيقلد فيما يخبر به، وإن كان فيه اختلاف أخبر بالذي ترجح عنده إن كان ممن له فهم ومعرفة بالترجيح. قُلتُ: وهذا حال كثير ممن أدركناه، وأخبرنا عنه أنهم كانو يفتون، ولا قراءة لهم في العربية فضلاً عما سواها من أصول الفقه، وقد ولي خطتى قضاء الأنكحة والجماعة بتونس من قال: ما فتحت كتاباً في العربية على أحد، ومثله ولي القضاء في أوائل هذا القرن ببجاية، وقد رأيت بعض هؤلاء يقرءون التفسير، وأخبرت أن بعضهم كان منعه قاضي وقته، فلما مات أقرأه، وأفتى ابن عبد السلام بوجوب منع من لم تكن له مشاركة

في علم العربية من إقراء التفسير، ثم كان في حضرته من يقربه؛ بل ولاه محل إقرائه، وهو ممن لم يقرأ في العربية كتابا، والله أعلم بحال ذلك كله. وفي المقدماتك ينبغي للقاضي أن يكون عالماً بما لا بد منه من العربية، واختلاف معاني العبارات لاختلاف المعاني باختلاف العبارات في الدعاوى والإقرار والشهادات. وقال القرافي: ما حاصله لمن حفظ روايات المذهب، وعلم مطلقها ومقيدها، وعامها وخاصها أن يفتي بمحفوظة منها، وما ليس محفوظاً له منها لايجوز له تخريجه على محفوظه منها إلا إن كمل علم أصول الفقه وكتاب القياس، وأقسامه وترجيحاته، وشرائطه وموانعه، والإ حرم عليه التخريج، قال: وكثير من الناس يتعرضون على الترجيح دون هذه الشرائط؛ بل صار يفتي من لم يحط بالتقييدات ولا التخصيصات من منقول إمامه، وذلك لعب وفسق شرط، التخريج على قول إمامه أن يكون القولل المخرج عليه ليس مخالفاً الإجماع، ولا نص ولا قياس جلي؛ لأن القياس عليه حينئذ معصية، وقول إمامه ذلك غير معصية؛ لآنه باجتهاد إن أخطأ فيه، فلا يأثم. وتحصيل حفظهم القواعد الشرعية إنما هو بالمبالغة في تحصيل مسائل الفقة بأصولها، وأصول الفقه لا تفيد ذلك؛ ولذا ألفت هذا الكتاب المسمى بالقواعد. قُلتُ: قوله: (ليس مخالفاً لإجماع، ولا نص)؛ أما الإجماع؛ فمسلم، وأما النص؛ فليس كذلك؛ لنص مالك في كتاب الجامع من العتبية، وغيره على مخالفته نص الحديث الصحيح إذا كان العمل بخلافه. قال ابن الحاجب: فإن لم يكن مجتهد فقلد؛ فيلزمه المصير إلى قول مقلده، وقيل: لايلزمه. قال ابن عبد السلام: ينبغي أن يختار أعلم المقلدين ممن له فقه نفيس، وقدره على الترجيح بين أقاويل أهل مذهبه، ويعلم منها ما هو أحرى على اصل إمامه مما ليس كذلك، ومن لم يكن بهذه المرتبة يظهر من كلام الشُيُوخ اختلاف ففي جواز توليته، وهذه المسألة مفرعة على جواز تقليد الميت.

قُلتُ: قوله: اختلاف في جواز توليته إن أراد مع وجود ذي الرتبة الأولى؛ فصحيح، وإن أراد مع فقده، فظاهر أقوالهم صحة توليته؛ خوف تعطيل الحكم بين الناس دون خلاف في ذلك، وقول ابن الحاجب، وقيل: لايلزمه، وقيل: لا يجوز له إلا باجتهاد. ابن عبد السلام: يعني: إن ولي المقلد لعدم المجتهد فهل يلزمه الاقتصار على قول إمامه أو لا؟ والأصل عدم اللزوم؛ لأن المتقدمين لم يكونوا يجبرون على العوام اتباع عالم واحد، ولا يأمرون من مال أحدهم عن مسألة أن لا يسأل غيره؛ لكن الأول من حق القاضي لزوم طريقة واحدة، وإنه وإن قلد إماما لا يعدل عنه لغيريه؛ لان ذلك يؤدي لتهمته بالميل، ولما جاء من التخلي عن الحكم في قضية بحكمين مختلفين. قُلتُ: حمله كلام المؤلف على أن في لزوم المقلد اتباع قول إمامه، وجواز انتقاله عنه إلى قول غيره قولين فيه نظر؛ لأن القولين على هذا الوجه ليسا بموجودين في المذهب فيما أدركت، والصواب تفسير القولين بما قدمناه من قول ابن العربي، ويحكم بنص قول مقلده، فإن قاس عليه، أو قال: يجيء من هذا كذا فمتعد، وبقول التونسي، واللخمي، وابن رُشْد، والباجي، وأكثر الشيوخ بالتخريج من قول مالك، وابن القاسم وغيرهما، حسبما قدمناه عنهم، قال ابن عبد السلام: وقوله: وقيل: لايجوز إلا باجتهاده؛ يعني أنه لا يجوز تولية المقلد البتة، ويرى هذا القائل أن مواد الاجتهاد موجودة لزمن انقطاع العلم، كما أخبر به، وإلا كانت الأمة مجتمعة على الخطأ. قُلتُ: حمله على عدم تولية المقلد مطلقاً؛ هو ظاهر لفظه، وقبوله إياه يقتضي وجوده في المذهب، ولا أعرفه إلا ما حكاه المازري عن الباجي في تعليله منع تولية قاضيين لاينفذ حكم أحدهما دون الآخر، فإن ذلك يوجب التعطيل؛ لأن غالب المجتهدين الخلاف، والمقلدان توليتهما ممنوعة، كذا نقل المازري عن الباجي، ولم أجده له في المنتقي، ولا في كتاب ابن زرقون، وما أشار إليه من يسير الاجتهاد هو ما سمعته يحكيه عن بعض الشُيُوخ: أن قراءة مثل هذه الجزولية والمعالم الفقهية، والإطلاع على أحاديث الأحكام الكبرى لعبد الحق، ونحو ذلك يكفي في تحصيل آلة الاجتهاد.

قلت: يريد مع يسر الاطلاع على فهم مشكل اللغة بمختصر العين، والصحاح للجوهري، ونحو ذلك من كتب غريب الحديث، ولاسيما مع نظر كلام ابن القطان، وتحقيقه أحاديث الأحكام، وبلوغ درجة الإمامة، أو ما قاربها في العلوم المذكورة غير مشترطة في الاجتهاد إجماعًا، وقال الفخر ابن الخطيب: في المحصول، وتبعه السراج في تحصيله، والتاج في حاصله في كتاب الإجماع ما نصه: ولو بقي من المجتهدين والعياذ بالله واحد؛ كان قوله حجة، فاستعاذتهم تدل على بقاء الاجتهاد في عصرهما، والفخر بن الخطيب توفي يوم عيد الفطر سنة ست وستمائة، ولكن قالوا في كتاب الاستفتاء ما نصه: انعقد الإجماع في زمننا على تقليد الميت؛ إذ لا مجتهد فيه، والأظهر تفسير كلام ابن الحاجب بجعل الضمير المخفوض في قوله باجتهاد عائد على مقلده بفتح اللام، ومعناه: أنه يجوز للقاضي المقلد لمالك مثلًا في المسألة التي لا نص فيها أن يجتهد فيها باجتهاد إمامه؛ أي: بقواعده المعروفة في طرق الأحكام الكلية؛ كقاعدته في تقديم عمل أهل المدينة على خبر الواحد العدل وعلى القياس، وكقوله بسد الذرائع إلى غير ذلك من قواعده المخصوصة به في أصول الفقه، ولا يجوز له أن يجتهد في القياس على قوله اجتهادًا مطلقًا من غير مراعاة قواعده الخاصة به، فيتحصل من نقل ابن الحاجب في اجتهاد المقلد فيما لا نص فيه لمقلده ثلاثة أقوال المنع مطلقًا، وهو نص ابن العربي، وظاهر ما تقدم من نقل الباجي، ولا يفتي إلا من هذه صفته إلا أن يخبر بشيء سمعه، والثاني جواز القياس له مطلقًا من غير مراعاة قواعده الخاصة به، وهو قول اللخمي وفعله؛ ولذا قال: قال عياض في مداركه: له اختيارات خرج بكثير منها عن المذهب، والثالث جواز اجتهاده بقيد مراعاة قواعد إمامه الخاصة به، وهذا هو مسلك ابن رشد، والمازري، والتونسي، وأكثر الإفريقيين والأندلسيين. وأما الملازمة في قوله: وإلا كانت الأمة مجتمعة على الخطأ، ففي صدقها نظر أن تقريرها إن خلي الزمان عن مجتهد اجتمعت الأمة على الخطأ، وهذه مصادرة؛ لأنه لا يلزم كونها مخطئة إلا إذا ثبت عدم الاكتفاء بالتقليد، وأما إذا كان جائزًا؛ فلا، والمسألة مشهورة في أصول الفقه.

قال ابن الحاجب: يجوز خلو الزمان عن مجتهد خلافًا للحنابلة. زاد الآمدي وغيره، وجوزه آخرون: وهو المختار، وعد ابن الحاجب كونه فطنًا من القسم الأول، وهو ظاهر كلام الطرطوشي لا يكتفى بالعقل التكليفي؛ بل لا بد أن يكون بين الفطنة بعيدًا من الغفلة، وعده ابن رشد، وابن شاس من الصفات المستحبة غير الواجبة، والحق أن مطلق الفطنة المانع من كثرة التغافل من القسم الأول، والفطنة الموجبة للشهرة بها غير النادرة ينبغي كونها من الصفات المستحبة، فعلى هذا طريقة ابن رشد أنسب؛ لأن فطنًا من أبنية المبالغة كحذر والمبالغة فيها مستحبة لا لازمة، والمعروف أن كونه معتقًا غير مانع، ومنعه سحنون استحقاقه بملك. قال سحنون: ولا بأس بولاية ولد الزنا، ولا يحكم في حده. الباجي: الأظهر منعه؛ لأن القضاء موضع رفعة؛ فلا يليها ولد الزنا كالإمامة. الصقلي عن أصبغ: لا بأس أن يستقضى من حد في زنا إن تاب، ورضيت حاله، وكان عالمًا، ويجوز حكمه في الزنا، وإن لم تجز شهادته فيه؛ لأن المسخوط يجوز حكمه ما لم يحكم بجور أو خطأ، ولا تجوز شهادته، وعزاه الباجي لكتاب أصبغ ابن رشد خصاله المستحبة كثيرة منها كونه من أهل البلد. قلت: قيل: ليس علمه بحال من يشهد عنده، فيقبل العدل، ويرد غيره، فقضاة بلدنا يجعلون ذلك في قضاة الكور موجبًا للرغبة عنه لفساد القضاة بالميل إلى قرابتهم ومعارفهم. ابن رشد: ومنها: أن يكون غنيًا ليس بمحتاج، ولا مديان. اللخمي وابن رشد عن سحنون: إن كان فقيرًا أغني. ابن رشد: وقضي عنه دينه قبل أن يجلس قال: ومنها أن يكون معروف ليس بابن لعان غير محدود في زنا ولا قذف ولا سرقة. قال عمر بن عبد العزيز: وأن يكون ذا نزاهة عن الطمع مستخفًا باللائمة؛ يريد: أنه يدير الحق على من دار عليه لا يبالي من لامه على ذلك، وقيل: بالأئمة مستشيرًا لأهل العلم.

اللخمي: روى ابن حبيب: لا أرى خصال القضاء تجتمع اليوم في أحد، فإن اجتمع فيه منها خصلتان؛ رأيت أن يولى العلم والورع. ابن حبيب: فإن لم يكونا فعقل، وورع بالعقل يسأل، وبالورع يقف إذا طلب العلم وجده، وإن طلب العقل؛ لم يجده. ابن رشد: يريد بالعقل: العقيل الحصيف، وأما عقل التكليف، فشرط في صحة الولاية، وقال الطرطوشي وزاد: وليس بحسن الزيادة في عقله المفضية إلى الدهاء والمكر، فإن هذا مذموم، وقد عزل عمر رضي الله عنه زياد بن سمية، وقال له: كرهت أن أحمل الناس على فضل عقلك، وكان من الدهاة، وقال ابن الحاجب في الصفات المستحبة: كونه سليمًا من بطانة السوء. قلت: الذي في المعونة أخص من هذا، وهو أن يستبطن أهل الدين والأمانة، والعدالة والنزاهة، فيستعين بهم، وهذا أخص من كونه سليمًا من بطانة السوء، وأما نفس السلامة من بطانة السوء، فمقتضى قول أصبغ أنها من الشروط الواجبة، قال الشيخ عنه: ينبغي للإمام أن يعزل من قضاته من يخشى عليه الضعف والوهن، وبطانة السوء، وإن أمن عليه الجور، ولما ذكر ابن عبد السلام قول ابن الحاجب الدهاء فقد عزل عمر زيادًا لذلك، قال: أعلم بصحة هذه الحكاية، وما رأيت من ذكر زيادًا من قضاة عمر رضي الله عنه، فقد ولى عمر عمرو بن العاص، وهؤلاء هم دهاة العرب، وكان عمر إذا استضعف عقل رجل قال له: سبحان من خلقك، وخلق عمرو بن العاص. قلت: إنكاره هذه الحكاية، وقوله: ما رأيت من ذكر زيادًا في قضاة عمر إلى آخره لا يليق بما أعلم من مشاركته في علم السير والأخبار، فإن هذه الحكاية موجودة في غير كتاب واحد، قال أبو عمر في الاستيعاب: زياد بن أبي سفيان، ويقال: زياد بن أمية، وزياد بن سمية، ويقال له قبل الاستلحاق: زياد بن عبيد الثقفي؛ أمه سمية جارية الحارث بن كلدة، واختلف في مولده؛ قيل: عام الفتح، وقيل: عام الهجرة، وقيل: يوم بدر، يكنى أبا المغيرة لا صحبة له ولا رواية، كان داهية، خطيبًا له قدر وجلالة عند

أهل الدنيا، اشترى أباه عبدًا فأعتقه، كان عمر بن الخطاب استعمله على بعض صدقات البصرة، أو بعض أعمال البصرة، فلما شهد على المغيرة مع أخيه أبي بكرة وأخيه نافع، وشبل بن معبد، وحدهم ثلاثتهم عمر دونه؛ إذ لم يقطع الشهادة زياد، وقطعوها عزله، فقال له زياد: يا أمير المؤمنين أخبر الناس أنك لم تعزلني لخزية، وقال بعض الأخبار: أنه قال له: ما عزلتك لخزية، ولكني كرهت أن أحمل الناس على فضل عقلك، فالله أعلم إن كان ذلك كذلك، ثم صار زياد مع علي رضي الله عنه، فاستعمله على بعض أعماله، فلم يزل معه إلى أن قتل. قلت: وهذا نص بنقل الحكاية والمقالة المذكورة، فإن قيل: إنما أنكر الشيخ حكاية أنه قدمه قاضيًا، والحكاية المذكورة ليست في القضاء. أهل الدنيا، اشترى أباه عبدًا فأعتقه، كان عمر بن الخطاب استعمله على بعض صدقات البصرة، أو بعض أعمال البصرة، فلما شهد على المغيرة مع أخيه أبي بكرة وأخيه نافع، وشبل بن معبد، وحدهم ثلاثتهم عمر دونه؛ إذ لم يقطع الشهادة زياد، وقطعوها عزله، فقال له زياد: يا أمير المؤمنين أخبر الناس أنك لم تعزلني لخزية، وقال بعض الأخبار: أنه قال له: ما عزلتك لخزية، ولكني كرهت أن أحمل الناس على فضل عقلك، فالله أعلم إن كان ذلك كذلك، ثم صار زياد مع علي رضي الله عنه، فاستعمله على بعض أعماله، فلم يزل معه إلى أن قتل. قلت: وهذا نص بنقل الحكاية والمقالة المذكورة، فإن قيل: إنما أنكر الشيخ حكاية أنه قدمه قاضيًا، والحكاية المذكورة ليست في القضاء. قلت: تولية عمر رضي الله عنه من ولاه مستلزمة توليته القضاء فيما ولاه عليه، يؤيده قول الشيخ، فقد ولى عمر عمرو بن العاص والمغيرة ومعاوية، وما كانت تولية هؤلاء إلا مطلقة، لا مخصوصة بولاية القضاء؛ بل عامة، فيها وفي غيرها، وتولية الإمام قاضيه تثبت بإشهاده بها نصًا، قال المازري: والأصح ثبوتها بالاستفاضة الدالة بتواترها والقرائن على علم ذلك، ومنع بعضهم ثبوتها بكتاب يقرأ على الإمام إن لم ينظر الشهود في الكتاب المقروء بجواز أن يقرأ القارئ ما ليس في الكتاب، ولو قرأه الإمام؛ صحت. قلت: سماع الإمام المقروء عليه سماعه، وسكوته يحصل العلم ضرورة بتوليته إياه، ونقل المتيطي وغيره عن المذهب ثبوت ولايته بشهادة السماع. المازري: ويصح في ولاية القضاء التحجير لو ولاه قضاء بلد إلا في رجل سماه صح ذلك، والقاضي إن أذن في استخلافه؛ جاز استخلافه، ومن نهى عنه؛ منع، وإلا منع لغير عذر، وفي منعه لمرضه أو سفره نقلا الشيخ عن سحنون في المجموعة والأخوين، وأصبغ والمتيطي، وغيره: للقاضي أن يقدم على المناكح من ينظر فيها، ويتولى عقد فضولها، ويستبد المقدم فيما قدم فيه دون مطالعة من ولاه، ونقل ابن شاس: شرط علم المستخلف بأحكام ما استخلف فيه هو مقتضى اتفاق المذهب على وجوب علم الحاكم بما به يحكم، وفي النوادر عن الواضحة: وظاهره لابن الماجشون: ليس

للقاضي أن يستخلف بعد موته. الشيخ عن ابن عبد الحكم: إن كان عمل القاضي متسعًا؛ استأذن الأمير في أن يولي على ما يرى من عمله من يحكم فيما لا ينظم من الأمور في الموضع الذي يشق على أهله الشخوص منه إليه ممن ولاه؛ جاز حكمه، فيكون القاضي مستشرفًا عليه، ويعزل من رأى عزله، وإن لم يأذن له الإمام في ذلك؛ لم يكن له توليته، وخصل من يكاتبه في الكشف ونحوه، ولم يحك الشيخ غير هذا. وقال المتيطي وابن فتحون: إن كان نظر القاضي واسعًا، وأقطار مصره متباينة؛ فلا يرفع الخصم إلى المصر إلا فيما قرب من الأميال القليلة، وليقدم في الجهات البعيدة حكامًا ينظرون بين الناس هذا مشهور المذهب، ومنع منه ابن عبد الحكم إلا بإذن الإمام. المتيطي: ولا ينعزل مقدم القاضي على يتيم بموته، ولا خلاف فيه. ابن العطار: اختلف فيها فقهاؤنا؛ ولذا استحسنوا ذكر إمضاء الثاني تقديمه فيما ينفقد من تصرف ولي التيتيم، وقد وجد ذلك في قديم الوثائق، وإن كان القول بعدم توقفه على إمضاء الثاني هو الصواب. الشيخ عن ابن حبيب عن أصبغ: إن منع الإمام قاضيه الحكم بين خصمين، فإن كان قيل أن يتبين له الحق؛ أطاعه وإلا أنفذه، إلا أن يعزله رأسًا، وشرط المستخلف على مستخلفه الحكم بمذهب معين، وإن خالف معتقد المستخلف اجتهادًا أو تقليدًا؛ يخرج على شرط ذلك الإمام في توليته قاضيه عليه في صحته، وبطلان توليته بذلك ثالثها: يبطل الشرط فقط؛ لظاهر نقلهم عن سحنون أنه ولى رجلًا سمع كلام بعض العراقيين، وشرط عليه الحكم بمذهب أهل المدينة. المازري: مع احتمال كون الرجل مجتهدًا مع نقل الباجي: كان الولاة عندنا بقرطبة يشترطون على من ولوه القضاء في محله إلا أن يخرج عن مذهب ابن القاسم ما وجده، والطرطوشي لقوله فيما حكاه الباجي: هذا جهل عظيم، ونقل المازري عن بعض الناس مع تخريجه عل أحد الأقوال بإبطال فاسد الشرط في عقد البيع مع صحة العقد

قال: وقال بعض الناس: إن كان القاضي على مذهب مشهور عليه عمل أهل بلده؛ نهي عن الخروج عن ذلك المذهب، وإن كان مجتهدًا؛ أداه اجتهاده إلى الخروج عنه؛ لتهمته أن يكون خروجه حيفًا أو هوى، وهذا القول عمل بمقتضى السياسة، ومقتضى الأصول خلافه، والمشروع اتباع المجتهد مقتضى اجتهاده، وتجوز تولية قاضيين ببلد على أن يخص كل واحد منهما بناحية من البلد، أو نوع من المجكوم فيه؛ لأن هذه الولاية يصح فيها التخصيص والتحجير، أو استثنى في ولايته أن لا يحكم على رجل معين مع ذلك. قال ابن فتحون: وقد تفرد القضاة في بعض البلاد بخطة المناكح فيولاه على حدة. قلت: كما في بلدنا تونس قديمًا وحديثًا من تخصيص أحدهما بأحكام النكاح ومتعلقاته، والآخر بما سوى ذلك. قال: وكذا على عدم التخصيص مع استقلال كل منهما بنفوذ حكمه، ومنعه بعض الناس بمقتضى السياسة؛ خوف تنازع الخصوم فيمن يحكم بينهم، ومقتضى أصول الشرع جوازه؛ لأن لذي الحق استنابة من شاء على حقه، ولو تعددوا، والتنازع يرتفع شغبه باعتبار قول الطالب، وإن تطالبا؛ قضى لكل منهما فيما هو فيه طالب بمن يريده. فإن تنازعا في التبدية؛ بدي الأول، فإن اقترعا؛ ففي القرعة، وترجيح من دعا إلى الأقرب خلاف، واستدل على جواز التعدد بالقياس على تولية الواحد؛ لبقاء حكم الإمام معه، وفرق يسير رفع التنازع عند اختلاف حكمهما بعزل الإمام قاضيه، وتعذر عزل أحد القاضيين الآخر، وجواز تعددهما بشرط وقف نفوذ حكمهما على اتفاقهما، منعه ابن شعبان وقال: لا يكون الحاكم نصف حاكم، وغلا فيه الباجي؛ فادعى الإجماع على منعه، وأجاب عن الاعتراض بتعدد حكمي الصيد والزوجين بأنهما: إن اختلفا؛ انتقل لغيرهما، والقاضيان هما بولاية لا يصح التنقل فيها بعد انعقادهما، واختلافهما يؤدي لتضييع الأحكام، والغالب اختلاف المجتهدين، وإن كانا مقلدين؛ فولاية المقلد ممنوعة، وعندي أنه لا يقوم دليل على المنع إن اقتضت ذلك مصلحة، ودعت إليه ضرورة في نازلة؛ ليرى الإمام أنه لا ترتفع التهمة والريبة إلا بقضاء رجلين فيها، فإن

اختلف نظرهما في ذلك؛ استظهر بغيرهما. قلت: منع الباجي وابن شعبان؛ إنما هو في تولية قاضيين ولاية مطلقة لا في مسألة جزئية كما فرضه المازري قال: وذكر أبو الوليد أنه ولي في بعض بلاد الأندلس ثلاث قضاة على هذه الصفة، ولم ينكره من كان بذلك البلد من الفقهاء به. وفيها مع غيرها: لو أن رجلين حكما بينهما رجلًا، فحكم بينهما؛ أمضاه القاضي، ولا يرده إلا أن يكون جوارًا بينًا. قلت: ظاهره: ولو كان مخالفًا لما عند القاضي، وليس بجور؛ ابن حارث لسحنون عن ابن القاسم: ليس له فسخه إن خالف رأيه، سحنون: وأنا أرى أن له رده. اللخمي: إنما يجوز التحكيم لعدل مجتهد، أو عامي يحكم باسترشاد العلماء، وتحكيم غيرهم خطر، والغرر في الحكم أشد منه في البيع. المازري: تحكيم الخصمين غيرهما جائز، كما يجوز أن يستفتيا فقهيًا يعملان بفتواه في قصتهما. قلت: ظاهر قولهما جوازه ابتداء، ولفظ الروايات؛ إنما هو بعد الوقوع، وإنما يجوز فيما يصح لأحدهما ترك حقه فيه. اللخمي وغيره: إنما يصح في الأموال، وما في معناها. سحنون: لا ينبغي في لعان ولا جد؛ إنما هو لقضاة الأمصار العظام، أصبغ: ولا في قصاص ولا طلاق، ولا عتق ولا نسب ولا ولاء؛ لأنها للإمام، ولو قال: اضربني حدك، واستوف قودك؛ لم يصلح في القود، وكذا النفس. وأما الجراح: فإن أقاده في الجرح من نفسه؛ فلا بأس إن كان نائبًا عن السلطان. قلت: كذا اذكره اللخمي، والمازري، والشيخ في النوادر، وفي عطف النفس والجراح: على القود، نظر؛ لاقتضائه أنه غيرهما، وقوله: إن كان نائبًا عن السلطان؛ يخرج المسألة عن كونها تحكيمًا، كذا وجدته في نسخة عتيقة من النوادر، وفي بعض نسخ اللخمي: إن كانا نائبين؛ وظاهره: إنه من تأمى إذا بعد؛ فلا تخرج عن التحكيم، ورجوع أحدهما بعد حكمه لغو، ابن رشد: اتفاقًا وقبله فيه طرق.

الصقلي: في منعه: ولو لم يقاعده وصحته مطلقًا ثالثها: إن أقيمت أبنية، لابن الماجشون، وسحنون، وابن القاسم. ابن رشد في رسم الشجرة من سماع ابن القاسم في الشهادات في صحة نزوعه قبل الحكم قولا مطرف وابن الماجشون. الشيخ: في صحة رجوع أحدهما: ولو لم يقاعده ثالثها: قبل النظر في شيء من أمرهما لا بعده، لسحنون وابن الماجشون ومطرف قال أصبغ: كما ليس له إن تواضعا الخصومة عند القاضي أن يوكل وكيلًا أو يعزله. قلت: فالأقوال أربعة، وعزوها واضح، ولابن الماجشون ولابن حارث: إن نظر المحكم بينهما؛ لم يكن لأحدهما رجوع اتفاقًا. الشيخ لابن سحنون عنه: إن حكم المحكم، ولم يشهد على حكمه؛ لم يصدق على ذلك الحكم، وإذا حكم؛ كتب للمقضي عليه: قضيت لفلان بن فلان على فلان بن فلان، كما يكتب القاضي. الشيخ عن أصبغ: إن حكماه بحكم فيما ذكرنا أنه لا يحكم فيه؛ أنفذ السلطان حكمه لقود أو لحد، ونهاه عن العود، وإن كان أقام هو ذلك؛ فقتل، واقتص، وضرب الحد، ثم رفع للإمام زجره وأدبه، وأمضى صواب حكمه، وكان محدوده بالقذف محدودًا، والتلاعن عنده ماضيًا. المازري: كل من جاز للإمام توليته؛ جاز تحكيمه. اللخمي: اتفقت أقوال من يذكر بعد على أن لا يحكم جاهل بالحكم؛ لأنه تخاطر، ولا يجوز تحكيم كافر ولا مجنون ولا موسوس اتفاقًا، والعبد والمرأة، والمسخوط والصبي في لغو حكمهم ثالثها: في الصبي فقط، ورابعها: والمسخوط، لمطرف، وأصبغ، وأشهب، وابن الماجشون: وشرط الثلاثة علم المحكم بالقضاء، وللشيخ عن أصبغ كأشهب. ابن الحارث: لا يجوز تحكيم صبي ولا معتوه ولا موسوس. اللخمي: إن حكم مالكيان مالكيًا؛ لم يلزمهما حكمه بغير مذهب مالك.

المازري: ولأحد الخصمين تحكيم خصمه في خصومتهما إن كان المحكم عدلًا عارفًا، زاد اللخمي: عارفًا مجتهدًا أو عاميًا، واسترشد العلماء، وهو هنا أشد تخاطرًا إن دخل على الحكم بالجهل، أو على حكم غير عدل منه إن كان المحكم أجنبيًا. الشيخ عن أصبغ: لا أحب لخصم القاضي أن يحكمه فيما بينهما، فإن نزل؛ مضى، وليذكر رضاه بذلك، ثم ذكر عن ابن حبيب للأخوين: لو حكم أحد الخصمين صاحبه، فحكم لنفسه أو عليها؛ مضى ما لم يكن جوارًا أو خطأً بينًا. قلت: ينبغي إن كان جوارًا عليه ماليًا أمضاه؛ لأنه منه معروف لخصمه، قال: أوليس تحكيم الخصم خصمه؛ كتحكيم خصم القاضي للقاضي. قلت: ظاهره: عدم نفوذه حكمه إن حكم لتفرقته بينه وبين من ليس قاضيًا، ففي جواز تحكيم الخصم خصمه مطلقًا، وكراهته إن كان القاضي ثالثها: لا ينفذ حكمه إن كان القاضي كنقل المازري واللخمي عن المذهب، والشيخ عن أصبغ، وظاهر قول الأخوين: قال ابن الحاجب: ولو حكم خصمه؛ فثالثها: يمضي ما لم يكن المحكم القاضي. قلت: القول بعدم مضيه مطلقًا، وإن قبله، ابن هارون وابن عبد السلام: لا أعرفه، ولم يحكه ابن شاس. وقوله ابن عبد السلام: أشار بعض الشيوخ أو صرح أنه لا خلاف أن حكم القاضي بتحكيم خصمه غير ماضٍ لا أعرفه، وقد تقدم نص أصبغ: إن نزل؛ مضى، ويجب تفقد الإمام حال قضاته، فيعزل من في بقائه مفسدة وجوبًا فورًا، أو من يخشى مفسدته استحبابًا، ومن غيره أولى؛ عزله له راجح. الشيخ عن ابن حبيب عن أشهب ومطرف: ينبغي للإمام أن لا يغفل عن تفقد قضاته، كان عمر رضي الله عنه يقدم كل عام أمراءه ومعهم من عملهم رجال، فإن أرادوا بدل عاملهم؛ عزله وأمر غيره. أصبغ: يعزل من يخشى ضعفه، ووهنه، وبطانة السوء، وإن أمن جوره في نفسه، ولا بأس إن عزل لغير دنية أن يخبر الناس ببراءته، كما فعل عمر بشر حبيل بن حسنة،

وإن عزله عن سخطة؛ حق عليه شهرته، وإذاعته، وعزله بالشكاية به إن لم يكن مشهورًا بالعدالة حتى وجوبه بها أو الكتب إلى صالحي بلده؛ ليكشفوا عن حاله، فإن كان على ما يحب وإلا عزل ثالثها: إن وجد بدله، وإلا فالثاني للشيخ عن أصبغ، وغيره ومطرف قائلًا: لا يعزل بها مشهور العدالة، وقال أشهب: يعزل، وإن كان مشهورًا بالرضى معها إذا وجد منه بدلا في حاله، وقد عزل عمر سعدًا بالشكية، وسعد أنفذ حجة، وأظهر براءة ممن بعده إلى يوم القيامة، وإن تظاهرت الشكية؛ وقفه بعد عزله للناس، فيرفع من يرفع، ويحقق من يحقق، فقد وقف عمر سعدًا، فلم يصح عليه مكروه وبرأه الله، وكان عند الله وجيهًا. المازري: إن علم علم القاضي وعدالته، ولم يتقدم فيه قادح؛ لم يعزل بالشكية، وسئل عن حاله بسببها سرًا، فإن ثبت فيه مطعن؛ عزل وإلا أقر، ومن لم يتحقق عدالته في عزله بمجردها قولا أصبغ وغيره، واحتج أصبغ بعزل عمر سعدًا. قلت: تخصيصه الخلاف بمن لم يتحقق عدالته مع قبوله الاحتجاج بقضية سعد متناقضة؛ لأن سعدًا ممن علم علمه وعدالته. ابن عبد السلام: في النفس شيء من احتجاج الفقهاء في مسألة القضاة بقضية سعد وشبهها عن الأمراء؛ لأن نظر الأمراء أوسع؛ لأن له الاعتماد على علمه، وعلى ما سئل عنه خفية، وعلى ما يظنه ويتوهمه، فيتطرق إلى الكلام فيه بسبب ذلك، فللخليفة عزله بمجرد الشكوى، والقاضي نظره مقصور على مسائل الخصام، وهو مستند فيها إلى الإقرار والبينة وشبه ذلك، فيظهر عدله وجوره؛ فلا ينبغي أن يقتصر في عزله على مجرد الشكوى، ولاسيما مشهور العدالة؛ ولذا لم يحفظ أن عمر عزل قاضيًا بمجرد الشكوى، ولاسيما مشور العدالة؛ ولذا لم يحفظ أن عمر عزل قاضيًا بمجرد الشكوى، قلت: حاصله ترجيح القول التالي، ولا ينفق مطلقًا؛ بل الصواب بين مجرد الشكوى بقاضي بلد الخليفة، وغيره ليسر الاطلاع على حال من ببلده، وعسر الاطلاع على حال غيره. المازري: إذا كان في العزل مصلحة للعامة؛ أمر الإمام بالمبادرة إليه، وعن عمر أنه قال: لا يسألني قوم عزل أميرهم إلا عزلته، وإن وجد الإمام أفضل ممن ولي؛ فله

عزله لتولية الأفضل، وإن لم يجد إلا من هو دونه؛ فلا يعزله، فإن عزله؛ لم تنفذ عزلته. قلت: في عدم نفوذ عزلته نظر؛ لأنه يؤدي إلى لغو توليته غيره، فيؤدي ذلك إلى تعطيل أحكام المسلمين. ابن الحاجب: إن عزله عن سخطه؛ فليظهره، وعن غيره؛ فليبرئه، وقد عزل عمر شرحبيل فقال: أعن سخطة يا أمير المؤمنين؟ فقال: لا، ولكن وجدت أقوى منك، قال: إن عزلك عيب، فأخبر الناس بعذري ففعل، وتعقبه ابن عبد السلام احتجاجه بقضية شر حبيل؛ لأن تبرئته كانت بطلب ذلك لا ابتداء من عمر؛ يرد بأن إجابته توجب كونه حقًا له فيجب؛ بل يرد بعموم دعواه في كل واد، وخصوص حجته بالإمام المعلوم؛ كون أفعاله لا عن هوى كعمر، ولا يلزم من لزوم تبرئته المبرأ؛ حيث العزل من مثل عمر لزومه من حيث كونه من غيره؛ لجواز كونه عن هوى، ولا يخفى حال الولاة في ذلك، وقد انتهى الأمر؛ لكون العزل لتولية الغير بالرشا. الشيخ: لابن حبيب عن أصبغ: لا ينعزل القاضي بموت موليه الإمام أو أميره. المازري: ذكر أصحاب الشافعي: إن ولى القاضي رجلًا على أمر معين؛ كسماع بينة؛ انعزل عن ذلك بانعزال القاضي، وإن ولاه حكومة مستقلة؛ ففي انعزاله بانعزاله ثالثها: إن لم يكن بإذن من ولاه؛ قلت: لم يعز المذهب منها شيئًا، ومفهوم ما تقدم لأصبغ انعزال نائب القاضي في حكم بموته أو عزله. وفيها: إذا مات القاضي أو عزل، وفي ديواه شهادة البينات وعدالتها؛ لم ينظر فيه من ولي بعده، ولم يجزه إلا أن تقدم عليه بينة، وإن قال المعزول: ما في ديواني شهدت به البينة عندي؛ لم يقبل قوله، ولا أراه شاهدًا، فإن لم تقم بينة على ذلك؛ أمرهم القاضي المحدث بإعادة البينة، وللطالب أن يحلف المطلوب أن هذه الشهادة التي في ديوان القاضي ما شهد عليه بها أحد، وتمامها يأتي في الشاهد واليمين، وعبر ابن الحاجب عن ذلك بقوله: ولو قال بعد العزل: قضيت بكذا، أو شهد بأنه قضى؛ لم يقبل، ومفهوم قوله: بعد العزل؛ أنه قبل العزل يقبل قوله مطلقًا، وليس كذلك، وسمع أصبغ ابن القاسم: شهادة القاضي بقضاء قضى به وهو معزول أو غير معزول؛ لا يقبل.

ابن رشد: في هذه المسألة معنى خفي؛ وهو أن قول القاضي قبل عزله: قضيت لفلان بكذا؛ لا يقبل إن كان بمعنى الشهادة؛ كتخاصم رجلين عند قاض، فيحتج أحدهما بأن قاضي بلد كذا قضى له بكذا، وثبت عنده كذا، فسأله البينة على ذلك، فيأتيه من عنده بكتابه: أن حكمت لفلان بكذا أو أنه ثبت عندي لفلان كذا؛ فهذا لا يجوز؛ لأنه شاهد، ولو أتى الرجل ابتداء للقاضي، فقال له: خاطب لي قاضي بلد كذا بما ثبت لي عندك على فلان، أو بما حكمت لي به عليه، فخاطبه بذلك قبل ذلك؛ لأنه مخبر لا شاهد، كما يقبل قوله، وينفذ فيما يسجل به عن نفسه، وشهد به من الأحكام ما دام في قضائه، ووقع للأخوين ولأصبغ ما يعارض هذا السماع حسبما تقدم في سماع ابن القاسم. قلت: هو قوله في سماع ابن القاسم بعد ذكره نحو ما تقدم ما نصه: وذكر ابن حبيب أيضًا: أن القاضي إذا كتب بعدالة شاهد من عمله إلى القاضي الذي شهد عنده الشاهد؛ جاز وإن كان المشهود له سأله ذلك، فكتب له ذلك دون أن يكتب إليه القاضي الذي شهد عنده الشاهد؛ جاز، وإن كان المشهود له سأله ذلك، فكتب له ذلك دون أن يكتب إليه القاضي الذي شهد عنده الشاهد يسأله عنه، وحكاه عن الأخوين وأصبغ وهو بعيد. المازري: إذا ولى الإمام قاضيًا على بلد؛ انبغى قبل خروجه بحثه عن عدول البلد الذي يقدم عليه، إن كان بمكانه من يعرف حالهم؛ ليكون على بصيرة بحالهم، وقد يفتقر للاستعانة في حال قدومه بأحد منهم. قلت: ولهذا المعنى كنت أفهم من بعض من لقيت ممن يقتدى به أنه ينبغي لمن هو بحيثية ولاية القضاء أو الشورى فيما يعرض من الولايات الشرعية أن يسمع ما يذكر في أبناء الزمان ممن يعتبر قوله وحده أو مع غيره، نبه البناء عليه أحكام التعديل والتجريح الأبنية التفكه، وليس ذلك من سماع الغيبة، ومنع ذلك يوجب تعطيل الأحكام، أو تولية من لا تحل توليته، ولولا هذا؛ ما صح ثبوت تجريح في راو ولا شاهد ولا غيره.

المازري: قال بعض أهل العلم: ينبغي أن يبدأ القاضي بالنظر في المحبوسين، فيعلم من يجب إخراجه ومن لا يجب؛ لأن ذلك أشد من النظر في الأموال، ثم ينظر في الأوصياء في المقامين؛ لكون من يكون له مطالبة عليهم قد لا يعرف عن نفسه، ثم اللقط والضوال، ثم بين الخصوم. المتيطي وغيره: أول ما يبدأ به القاضي النداء عن إذنه أنه حجر على كل يتيم لا ولي له، وعلى كل سفيه مستوجب للولاية عليه، وأن من علم منكم أحدًا من هذين؛ فليرفعه لنا لسؤلي عليه، ومن باع منهما بعد النداء؛ فهو مردود. وفيها: لا يتخذ القاض كاتبًا من أهل الذمة، ولا قاسمًا، ولا عبدًا، ولا مكاتبًا، ولا يتخذ في شيء من أمور المسلمين إلا المسلمين العدول. اللخمي عن محمد: لا يستكتب القاضي إلا عدلًا حرًا يكتب بين يديه، وينظر فيما كتب، وإذا اضطر لغير عدل؛ كتب بين يديه، ونظر فيما كتب، ولم يجز أن يوكل ذلك إليه، ولا يبعد حمل قول محمد نظر القاضي فيما كتب على الوجوب، وإن كان الكاتب عدلًا؛ ليحمل أمر الخصمين على أمر قطعي، وحمله على أمانة الكتب؛ حكم بغلبة الظن دون ضرورة، وليس كالمكشف؛ لأنه مضطر إليه. المازري: وإن كان عدلًا؛ فالمذهب أنه مأمور بالنظر إلى ما يكتب، وترجيح بعض أشياخي في وجوبه، ولا يبعد وجوبه عليه إلا أن يشق عليه؛ فيسقط، ويثبت الاستحباب، وينبغي أن يكون من يصرفه القاضي في أمور قضائه مأمونًا على ما يصرفه في ثقة عدلًا؛ كالحاجب والعون وغيرهما، وينهى عن اتخاذ من يحمي الناس عنه في وقت حاجتهم إليه، ويسوغ له اتخاذ من يقوم بين يديه لصرف أمره، ونهيه وزجره، وكف أذى الناس عنه وعن بعضهم لبعض، ولا يتخذ لذلك إلا ثقة مأمونًا؛ إذ قد يطلع من أمر الخصوم على ما لا ينبغي أن يطلع عليه الخصمان، وقد يرشى على المنع والأذى، وأمين على النساء إن احتجن إلى خصام. الشيخ عن المجموعة وكتاب ابن سحنون: قال أشهب: ينبغي للقاضي اتخاذ رجل صالح مأمون منبه، أو رجلين بهذه الصفة يسألان عن الشهود في السر في

مساكنهم وأعمالهم. سحنون: يتخذ لذلك من هو منه على يقين من حسن نظره في دينه، وإن كانا رجلين؛ فهو أحسن. اللخمي: وينبغي أن لا يعرف مكشف القاضي؛ لأن فيه فساد. الشيخ عن أشهب: ولا ينبغي للمكشف أن يسأل رجلًا واحدًا أو اثنين، وليسأل ثلاثة فأكثر إن قدر، ومثله لابن حبيب عن الأخوين: ولا ينبغي للمكشف أن يسأل رجلًا إلا أنهما قالا أو يسأل الاثنين والثلاثة، ولا يقتصر على واحد. أشهب في المجموعة: خوف أن يزكيه من أهل وده، أو يجرحه عدو له. وسمع القرينان: إن احتكم للقاضي خصوم يتكلمون بغير العربية، ولا يفقه كلامهم؛ ينبغي أن يترجم عنهم رجل ثقة مأمون مسلم، واثنان أحب إلي، ويجزئ الواحد، ولا تقبل ترجمة كافر، ولا عبد، ولا مسخوط، ولا بأس بترجمة المرأة إن كانت من أهل العفاف والحق مما تقبل فيه شهادة النساء، وامرأتان ورجل أحب إلي؛ لأن هذا موضع شهادات. ابن رشد: هو كما قال؛ لأن كل ما يبتدئ فيه القاضي بالبعث والسؤال؛ كقياس الجراحات، والنظر للعيوب، والاستخلاف، والقسم، واستنكاه من استنكره سكره، وشبه ذلك من الأمور يجوز فيه الواحد. قال في المدونة في الذي يحلف المرأة: أنه يجوز فيه رسول واحد، وسمعه أصبغ من كتاب الحدود في الاستنكاه، ولا اختلاف فيه، والاختيار في ذلك اثنان عدلان، ويجزئ فيه الواحد العدل، وقوله: لا تقبل ترجمة كافر، ولا عبد، ولا مسخوط؛ معناه مع وجود عدول المؤمنين، ولو اضطر لترجمة كافر أو مسخوط؛ لقبل قوله، وحكم به كما يحكم بقول الطبيب النصراني، وغير العدول فيما اضطر فيه لقوله من جهة معرفته بالطب، وقد حكى فضل عن سحنون أنه قال: لا تقبل ترجمة الواحد، واحتج بقول مالك في القاضي: إذا لم يفقه لسانهم؛ كانوا بمنزلة من لم يسمع؛ ومعناه أنه لا ينبغي له أن يكتفي بترجمه الواحد ابتداء؛ لأنه إن فعل؛ لم يجز، ورد هذا لا يصح أن يكون إفادة.

قلت: ظاهر السماع: صحة ترجمة المرأة، ولو وجد من الرجال مترجم، وساق الشيخ معنى هذا الكلام لابن حبيب عن الأخوين بعبارة: لا بأس بترجمة المرأة إذا لم يجد من الرجال من يترجم له، ولابن عبدوس مع ابن سحنون عنه: لا تقبل ترجمة النساء، ولا رجل واحد، ولا من لا تجوز شهادته؛ لأن من لا يفهم كالغائب. الشيخ: لابن كنانة عن مالك في العتبية: إن لم يجد القاضي لجراحات الناس عدلين؛ أجزأه عدل واحد. ابن حبيب عن ابن الماجشون: للقاضي أن يأخذ فيما يبعث إلى النظر فيه؛ لتحقيقه من العيوب فيما لم يفت من عبد أو أمة بمخبر واحد، وإن كان كافرًا أو مسخوطًا، ويكتفى في عيوب النساء بالمرأة الواحدة؛ لأنه خبر، وإن غاب العبد أو مات؛ لم يقبل فيه إلا ما يقبل في الشهادة، وإن غابت الأمة؛ لم يقبل فيها إلا امرأتان، وذلك فيما هو من عيوبهن تحت الثياب من برص وحيض وعذرة وغير ذلك، والمرأتان فيه كرجلين. وفي نوازل سحنون: لا يقضي بقول قائف واحد فإن لم يجد القاضي غيره؛ كتب إلى البلدان حتى يأتيه قائف آخر، فإن لم يجد؛ انتظر أبدًا، ولا يقضي بقائف واحد، وأخبرني ابن نافع عن مالك: لا يجوز م القافة إلا اثنان، ولا يكون القائف إلا عدلًا، وإلا لم يجز، وفي سماع محمد بن خالد: لابن القاسم كان مالك يقول: لا يقبل إلا عدلان، وأرى أن العدل الواحد مقبول. ابن رشد: القياس على أصولهم أن نحكم بقول القائف الواحد، وإن لم يكن عدلًا؛ لأنه علم يؤديه، وليس شهادة، كما يقبل قول النصراني في الطب فيما يحتاج إلى معرفته من ناحية الطب؛ كالعيوب والجراحات، فاشتراط ابن القاسم فيه العدالة استحسان، وروى ابن وهب: إجازة القضاء بقول واحد منهم، ولم يشترط فيه عدالة، وفي سماع أشهب من كتاب الاستلحاق مثل رواية ابن نافع. وفيها: قال مالك: القضاء في المسجد من الحق، وهو من الأمر القديم؛ لأنه يرضى فيه بالمدون من المجلس، وتصل إليه المرأة والضعيفو وإن احتجب؛ لم يصل إليه الناس.

اللخمي: في استحباب جلوسه بالمسجد، أو برحابه خارجة عنه ثالثها: لا بأس به في منزله، وحيث أحب لها. ورواية ابن حبيب قائلًا: كان من مضى يجلس لنا عند موضع الخمائر، أو في رحبة مروان، وما كانت تسمى إلا رحبة القضاء، ولأشهب: والثاني أحسن لقوله صلى الله عليه وسلم: "جنبوا مساجدكم رفع أصواتكم وخصوماتكم"، ولا يعترض باللعان؛ لأنها أيمان يراد بها الترهيب. المازري عن بعض أشياخي: قول أشهب ثالثًا بتساوي الأمكنة في الاستحباب، ويمكن حمله على التساوي في الإباحة لا الاستحباب. اللخمي عن ابن شعبان: من العدل كون منزل القاضي بوسط مصره، ويستحب استقبال القبلة، ولأنه بطرف المصر مضر بالناس هذا في المصر الكبير، وذلك في الصغير أخف، وتبعه المتيطي على أن الأقوال ثلاثة، ونقله المازري غير معزو لابن شعبان كأنه المذهب غير مفرق بين مصر كبير وصغير، وأخبرني بعض من لقيت عن بعض من ولي قضاء توزر أنه تحرى منزلًا بطرق البلد؛ لأنه رآه الوسط بالنسبة إلى الكور التي يتحاكم أهلها إليه، وقول ابن عبد السلام: مال بعض الأندلسيين إلى قول الشافعي بكراهة القضاء في المسجد. قلت: هو قول اللخمي، وهو خلاف اختيار ابن رشد قال في سماع أشهب من كتاب الصلاة: قال عمر بن الخطاب: يقعد بعد الظهر في المسجد يحتمل أنه كان يجلس للحكم بين الناس، والنظر في أمور المسلمين، فقد روي عنه: أنه بلغه عن أبي موسى الأشعري أنه يقضي في العراق بدار سكناه، فبعث إليه رسولًا بأن يضرمها عليه نارًا، فأتى الرسول العراق، فوافى أبا موسى في الدار يقضي، فنزل عن بعيره، وأوقد النار ببابها، فأخبر أبو موسى بذلك، فخرج فزعًا فقال له: ما بالك؟ فقال: أمرني أمير المؤمنين أن أضرمها عليك نارًا لالتزامك القضاء فيها، ثم انصرف الرسول فلم يعد أبو

موسى إلى القضاء في داره؛ فلا ينبغي للقاضي أن يقضي إلا في المسجد، فإن ضمته ضرورة للقضاء في داره؛ فتح بابه، ولم يحتجب عن أحد. وفيها: لا بأس بيسير الأسواط أدبًا في المسجد، وأما الحدود وشبهها؛ فلا. قلت: أكره مالك للقاضي إن دخله هم أو نعاس أو ضجر أن يقضي إلا في المسجد، قال: سمعته يقول: لا ينبغي له أن يكثر جدًا؛ يريد: أن لا يحمل على نفسه لا يقضي، وبه هم يقضي عن الفهم إلا ما خف مما لا يضر به. اللخمي والصقلي عن الأخوين: لا بأس أن يتخذ أوقاتًا يجلس إلى الناس فيها، وينظر في ذلك بما هو أرفق به وبالناس. الصقلي عن الأخوين: ولا يجلس للقضاء بين المغرب والعشاء، ولا بالأسحار ما علمنا من فعله من القضاة إلا لأمر يحدث بتلك الأوقات؛ فلا بأس أن يأمر فيها، وينهى ويسجن، ويرسل الأمين والشرط، أما الحكم؛ فلا، ولأشهب: لا بأس أن يقضي بين المغرب والعشاء إن رضي الخصمان، أما إن تكلف الكاره الخصوم؛ فلا، ولا بأس أن يقضي بعد الأذان بالظهر والعصر، والمغرب والعشاء والصبح، ويرسل إلى الخصم ليحضره في بعض هذه الساعات، فيقضي عليه، ونقله المتيطي بلفظ يقضي عليه شاء أو أبى، وهو مناف لأول قوله. اللخمي: لا يجلب إلى الخصومة بين العشاء ولا بالأسحار، ولا فيما يخاف فواته، والضرر لتأخيره، أو ليمين يخاف حنث حالفها، ولا يجلس أيام العيد. قال محمد بن عبد الحكم: ولا قبلها كيوم التروية وعرفة؛ يريد: وإن لم يكونوا في حج، ولا يوم خروج الحاج بمصر؛ لكثرة من يشتغل يومئذ بمن سافر، وكذا في الطين والوحل، وكل هذا ما لم يكن ضرورة بمن نزل به أمر، فعلى القاضي أن يبعث وراء الخصم وينظر في مسألته. اللخمي: لا بأس أن يحكم، وهو ماش في مسألة نص، وما تحته من مسائل

الاجتهاد، ولا يجوز فيما يحتاج لروية. الصقلي: اختلف هل يقضي في الطريق؟ فقال أشهب: لا بأس بقضائه، وهو ماش إن لم يشغله المسير، وزحمة الناس، والنظر إليهم، وقال سحنون: لا يقضي وهو ماش، ولا يكلم أحدًا من الخصوم، ولا يقف معه. قلت: ففي جوازه ماشيًا ثالثها في مسألة نص أو خفيف اجتهاد لأشهب وسحنون. واللخمي عن المذهب قال: ولا يجلس للقضاء، وهو على صفة يخاف بها أن لا يأتي بالقضية صوابًا، وإن نزل به في قضائه تركه؛ كالغضب والضجر والهم والجوع والعطش والحقن، وإن أخذ من الطعام فوق ما يكفيه؛ لم يجلس. قلت: يريد: إن أدخل عليه تغييرًا قال: وأصل ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: "لا يحكم أحد بين اثنين وهو غضبان"، أخرجه البخاري، قلت: ومسلم من حديث أبي بكرة. قلت: اتفق العلماء على إناطة الحكم بأعم من الغضب، وهو الأمر الشاغل، وإلغاء خصوص الغضب، وسموا هذا الإلغاء، والاعتبار بتحقيق المناط. المتيطي في كتاب القرويين: إن حكم وهو غضبان؛ جاز حكمه خلاف الداودي، وفرق ابن حبيب بين الغضب الكثير واليسير. اللخمي: اختلف إن دخله ضجر، فقال ابن عبد الحكم: لا بأس أن يحدث جلساءه إذا مل يروح قلبه، ثم يعود للحكم، وقال ابن حبيب: يقوم والأول أحسن، وهو أخف من قيامه، وصرف الناس. قلت: هذا إن ناله ذلك في أول مجلسه، ولأن ما مضى له ما له بال؛ فالثاني أصوب، وعن الصقلي: الأول لأشهب، والثاني للأخوين. اللخمي: لا يحكم متكئًا؛ لأن فيه استخفافًا وللعلم حرمة.

المتيطي: ينبغي أن يكون جلوسه في مجلس حكمه متربعًا أو محتبيًا. وروى محمد: لا بأس أن يقضي، وهو متكئ، وعزاه الباجي لأشهب. زاد الشيخ في النوادر: ولسحنون قيل لإسماعيل القاضي: هل ألفت كتابًا في آداب القاضي؟ قال: إذا قضى القاضي بالحق؛ فليقعد في مجلسه كيف شاء ويمد رجليه. اللخمي والجلاب: ينبغي أن لا يحكم إلا بحضرة الشهود؛ ليحكم بشهادتهم لا بعلمه. اللخمي: وإن كان ممن يقضي بعلمه، فأخذه بالمتفق عليه أحسن، قال: واختلف فيه جلوس أهل العلم معه، فقال أشهب ومحمد: لا أحب أن يقضى إلا بحضرتهم ومشورتهم، وكان عثمان رضي الله عنه إذا جلس للقضاء أحضر أربعة من الصحابة، ثم استشارهم، ومنعه الأخوان، وإذا قام من مجلسه استشارهمـ واختار إن لم يدركه الخصمان بحضورهم، فحضورهم أحسن، وإلا لم يحضرهم إلا أن يكون مقلدًا؛ فلا يقضي بغير حضرتهم. محمد: ولا يدع مشاورة أهل الفقه. المازري: ينبغي أن يستشير، ولو كان عالمًا، واختار بعضهم كونه ذوي مذاهب مختلفة؛ لأنه ادعى للعثور على الأوضح، ثم قال: إن كان حضورهم يوجب حصره؛ لم يختلف في عدمه، وإن كان بليدًا ببلادة لا يمكنه بها ضبط قولي الخصمين، وتصور حقيقة دعواهما؛ لم يختلف في حضورهم إياه، وكان عندنا قاض اشتهرت بالأمصار عدالته ونزاهته، ولم يطعن في عدالته ونزاهته عما في أيدي الناس طاعن يحضر إلى محاضر حرثه بين خصمين عنده كلف أحدهما إثبات دعواه، فأثبتها ببينة، فجرحها خصمه، فأتى ببينة اعتذروا عن التجريح، وطال خصامهم، فوجدت المحاضر تتضمن أن الخصمين متفقان في المعنى، مختلفان في العبارة، ولم يفطن القاضي لهما حتى كلفهما ما تقدم ذكره، فنبهته على ذلك، فخجل منه، وارتفع الخصام، فمثل هذا لا بد أن يحضر أهل العلم أو كاتب يؤمن معه مثل هذا. قلت: قبول من هذه صفته القضاء جرحة، وقبل ابن عبد السلام قول ابن

الحاجب: لا يفتي الحاكم في الخصومات، وقال ابن عبد الحكم: لا بأس به كالخلفاء الأربعة، وهو اختصار قول ابن شاس، ولا يجيب من سأله فيما يتعلق بالخصومات، واختار محمد بن عبد الحكم: أنه لا بأس أن يجيب بالفتيا في كل ما سئل عنه بما عنده فيه علم، واحتج بأن الخلفاء الأربعة كانوا يفتون الناس في نوازلهم. قلت: فحملوا قول ابن عبد الحكم على الخلاف، وعزا ابن المناصف القول بعدم جوابه فيما يتعلق بالخصومات إلى مالك، وابن حارث إلى سحنون، ثم ذكر قول ابن عبد الحكم إلى آخره، وقال: الكلام الأول النهي فيه عن فتيا القاضي في نفس الخصومات لأحد الخصمين، وكلام ابن عبد الحكم في فتياه في جملة الأشياء لم يعين الخصومة بعينها. وفي الواضحة للأخوين: لا ينبغي أن يدخل عليه أحد الخصمين دون صاحبه لا وحده، ولا في جماعة. الصقلي عن الأخوين: لا يشتغل في مجلس قضائه ببيع، ولا ابتياع لنسفه. أشهب: ولا لغيره إلا ما خف شأنه، وقل شغله، والكلام فيه، سحنون: وتركه أفضل، قالوا: لا بأس بذلك في غير مجلس قضائه له ولغيره، وما باع أو ابتاع في مجلس قضائه لا يرد إلا أن يكون أكره على ذلك أحدًا أو هضمه؛ فليرد، ولو كان بغير مجلس قضائه. المتيطي عن أشهب: إن اشترى الإمام العدل، أو باع من أحد شيئًا، ثم عزل أو مات؛ فالبائع والمبتاع منه مخير في الأخذ منه والترك، كذا وجدته في نسختين، ولم أجده في النوادر؛ بل فيها عنه إن عزل، والبائع والمبتاع مقيم بالبلد لا يخاصمه ولا يذكر مخاصمته لأحد، فلا حجة عليه والبيع ماض. الشيخ عن ابن حبيب: كتب عمر بن عبد العزيز: تجارة الولاء لهم مفسدة، وللرعية مهلكة، قال عبد الله بن عمرو بن العاص: يقال: من أشراط الساعة تجارة السلطان. ابن شاس: الأدب السابع أن لا يشتري بنفسه، ولا بوكيل معروف حتى لا

يسامح في البيع. قال محمد بن عبد الحكم: لا فرق بين شرائه بنفسه، وبين وكيله بذلك، قال: ولا يوكل إلا من يأمن على دينه؛ لئلا يسترخص له بسبب الحكم وما أشبه ذلك. قلت: ظاهر أقوال أهل المذهب ورواياته جواز شرائه وبيعه في غير مجلس قضائه، وما ذكره ابن شاس لا أعرفه لغيره، وذكره المازري عن الشافعي لا عن ابن عبد الحكم، ولا أحد من أهل المذهب، وما تقدم للمتيطي عن أشهب: أن من بايعه في ولايته له؛ عليه الخيار بعد عزله هو نحو من نقل ابن شاس عن ابن عبد الحكم، وللشيخ عن الأخوين: وليتنزه عن طلب الحوائج والعواري من ماعون ودابة والسلف، وأن يقارض، أو يبضع مع أحد، أو يبايعه إلا ما لا يجد منه بدًا، والأمر الخفيف ما لم يكن ممن يخاصم عنده، أو من تجر إلى من يخاصم عنده، وقاله أصبغ. الشيخ عن الأخوين: لا ينبغي له أن يجيب الدعوة إلا في الوليمة، وتركه الأكل أحب إلينا من غير تحريم ولا تضييق عليه إن أكل، ولأشهب: لا بأس أن يجيب الدعوة العامة كانت لوليمة أو صنيع عام لفرح، فأما لغير فرح؛ فلا، وكأنه دعي خاصة، وغيره وسيلة له. سحنون: يجيب العامة لا الخاصة، والتنزه أحسن. وفي الموازية: كره له أن يجيب أحدًا، وهو في الدعوة الخاصة أشد من دعوة العرس، وكره مالك لأهل الفضل أن يجيبوا كل من دعاهم. الشيخ عن أشهب: لا يقبل هدية من خصم، ولو كان قريبه وغير الخصم. قال سحنون: يجوز من ذي رحم أبويه، وابنه وخالته، وعمته وبنت أخيه، ومن لا يدخل عليه به ظنه، ومثله في الموازية والواضحة للأخوين: لا ينبغي أن يقبل هدية من أحد، ولو ممن كانت تجري بينه وبينه قبل ذلك، ولا من قريب، ولا من صديق، وإن كافأ بأضعافها إلا مثل الوالد والولد، وأشباههم من خاصة القرابة. أشهب في المجموعة: لا ينبغي أن يقبلها من غير خصم إلا أن يكافئه بمثلها، وذو الرحم كغيره لا يقبلها إلا أن يكافئه بمثلها.

وقال ابن عبد الحكم: لا بأس بقبولها ممن عرف قبوله منه قبل ولايته من إخوانه. قلت: ففي جواز قبوله إياها من شبه الوالد والولد فقط، وإلحاق الخالة والعمة وبنت الأخ بهم ثالثها: كمن يكافئه بمثلها قرب أو بعد، ورابعها: ممن عرف قبوله من قبل ولايته. للأخوين وسحنون وأشهب وابن عبد الحكم في طرر ابن عات إثر هذا الفصل: ابن حبيب: للإمام أخذ ما أفاده العمال، ويضمه إلى ما جبوا قال: وكل ما أفاده الوالي من مال سوى رزقه في عمله، أو قاض في قضائه، أو متولي أمرًا للمسلمين؛ فللإمام أخذه للمسلمين، وكان عمر رضي الله عنه إذا ولى أحدًا أحصى ماله؛ لينظر ما يزيد، ولذا شاطر العمال أموالهم حيث كثرت، وعجز عن تمييز ما زادوه بعد الولاية، قاله مالك، وشاطر أبا هريرة وأبا موسى وغيرهما. ابن عبد الغفور: ما أهدي للفقيه من غير حاجة؛ جائز قبوله، وما كان لرجاء العون في مسألة على خلاف المعمول به؛ لم يحل قبولها، وهي رشوة، وكذا ما أهدى له ذو خصومة ليعينه فيها، وقال بعض المتأخرين: ما أهدي للمفتي إن كان ينشط للفتيا أهدي له أم لا؟ فلا بأس به، وإن كان إنما ينشط إذا أهدي له؛ فلا يأخذها، وهذا ما لم تكن خصومة، والأحسن أن لا يقبل من صاحب فتيا؛ وهو قول ابن عيشون، وكان يجعل ذلك رشوة. قلت: قد يخفف قبولها لمن كان محتاجًا، ولاسيما إن كان اشتغاله بأصولها يقطعه عن التسبب، ولا رزق له عليها من بيت المال، وعليه يحمل ما أخبرني به غير واحد عن الشيخ القيه إلى علي بن علوان أنه كان يقبل الهدية، ويطلبها ممن يفتيه. وفي الطرز: وظاهره لابن عيشون، ومن هذا انقطاع الرغبة للعلماء والمتعلقين بالسلطنة؛ لدفع الظلم عنهم فيما يهدونه لهم، ويخدمونهم هو باب من أبواب الرشوة؛ لأن دفع الظلم واجب على كل من قدر على دفعه عن أخيه المسلم وعن الذمي. قال ابن عيشون: أجاز بعضهم إعطاء الرشوة إذا خاف الظلم على نفسه، وكان محقًا.

قلت: يقوم من هذا من قولها: وإن طلب السلابة طعامًا، أو ثوبًا، أو شيئًا خفيفًا رأيت أن يعطوه. ابن عبد الغفور في كتاب الأوائل: أول من رشى في الإسلام. المغيرة بن شعبة قال: إن كان ليفرق الدرهم في يدي أعطيته؛ فلا يستبان لي على عمر، ويروى أول من قبل الرشوة في الإسلام، وفي اختصار الواضحة عن الأخوين: لا ينبغي له أن يكثر الدخال عليه، ولا الركاب معه، ولا المستحقون له في غير ما خاصته كانت منهم به قبل ذلك إلا أن يكونوا أهل أمانة ونصيحة وفضل، فلا بأس بذلك، ويمنع أهل الركوب معه في غير حاجة، ولا رفع مظلمه، ولا خصومة، ويقام من جلس مجلسه مدعيًا أنه يريد التعلم أقضيته؛ لأنه من حيل مستأكلي الناس إلا من كان مأمونًا مرضيًا، وينبغي أن لا يتضاحك مع الناس، وأن يكون فيه عبوسة بغير غضب، ويلزم التواضع في غير وهن ولا ضعف، ويتقدم إلى أعوانه، ولو استغنى عنهم؛ كان أحب إلي، ولم يكن لأبي بكر ولا عمر أعوان، وكان عمر يطوف وحده إلا أن يضطر إلى الأعوان، فليخفف منهم ما استطاع. وفي الزاهي: ينبغي أن يتفقد من يركب خلفه؛ لئلا يدلس بهم على الناس أو يدلسوا، ولا يقبل الإسرار إلا عن الأخيار، ولا يطرق له إذا ركب، ولا يسرع المسير؛ فإنه يذهب بهاء الوجه. ولابن حبيب عن الأخوين: إن شتم أحد الخصمين صاحبه عند القاضي، أو أسرع إليه بغير حجة كقوله: يا ظالم يا فاجر؛ فعليه زجره وضربه إلا إذا مروءة في فلتة منه، فلا يضربه؛ لأنه إن لم ينصف الناس في أعراضهم؛ لم ينصفهم في أموالهم. قلت: ظاهره: انحصار الحق للخصم، والحق أن فيه حقًا لله؛ لأنه إهانة لمجلس الشرع. سمع ابن القاسم: إن ألد أحد الخصمين بصاحبه، وتبين ذلك ونهاه؛ فللقاضي أن يعاقبه. ابن رشد: لأن إلداده إذاية وإضرار توجب على الإمام أن يكفه، ويعاقب عليه بما

يراه، ومثله في سماع أشهب وأصبغ، وفي حفظي عن بعضهم إن قال لخصمه: ظلمتني أو غصبتني ونحوه بالفعل الماضي أو تظلمني؛ فلا شيء عليه، وإن قال: يا ظالم ونحوه باسم الفاعل؛ أدب إن لم يترجم. وسمع أيضًا: أرأيت من يقول للقاضي: ظلمتني، قال مالك: يختلف، ولم يجد فيه تفسيرًا إلا أن وجه ما قال: إن أراد أذاه، والقاضي من أهل الفضل عاقبه، وما ترك ذلك حتى خاصم أهل الشرف في العقوبة في الإلداد. ابن رشد: للقاضي الفاضل العدل أن يحكم لنفسه، والعقوبة على من تناوله بالقول، وأذاه بأن ينسب إليه الظلم والجور مواجهة بحضرة أهل مجلسه بخلاف ما شهدته عليه أنه آذاه وهو غائب؛ لأن مواجهته من قبيل الإقرار، وله الحكم بالإقرار على من انتهك ماله، وإذا كان له الحكم بالإقرار في ماله؛ كالحكم لغيره، كأن جرى أن يحكم بالإقرار في عرضه، كما يحكم به في حكم عرض غيره؛ لما في ذلك من الحق لله؛ لأن الاجتراء على الحكام بمثل هذا توهين لهم، فالمعاقبة فيه أولى من التجافي، وهو دليل قوله: وما ترك ذلك حتى خاصم أهل الشرف في العقوبة في الإلداد؛ ولذا قال ابن حبيب: العقوبة في هذا أولى من العفو. الشيخ: لابن سحنون عنه: إن قال الخصم لمن شهد عليه: شهدت علي بزور، أو بما سألك الله عنه، أو ما أنت من أهل الدين، ولا من أعمل العدالة؛ لم يكن ذلك لأهل الفضل، ويؤدب المعروف بالإذاية بقدر جرمه، وقدر الرجل المنتهك حرمته، وقدر الشاتم في إذاية الناس، وإن كان من أهل الفضل، وذلك منه فلتة تجافى عنه، ولابن كنانة: إن قال له: شهدت علي بزور، فإن عنى أنه شهد عليه بباطل؛ لم يعاقب، وإن قصد أذاه أو الشهرة به؛ نكل بقدر حال الشاهد والمشهود عليه. ابن عبد الحكم: إن قال للقاضي: اتق الله؛ فلا ينبغي أن يضيق لذلك، ولا يكثر عليه، وليثبت ويجيبه جوابًا لينًا يقول رزقني الله تقواه، أو ما أمرت إلا بخير، أو من تقوى الله أن آخذ منك الحق إذا بان لي، ولا يظهر لذلك غضبًا. الشيخ عن ابن عبد الحكم: وأحب إلي أن يجعل القاضي رجالًا من إخوانه يثق بهم

باب ما يقضى فيه بالصفة في الشهادة

وبصدقهم ومعرفتهم يخبرونه بما يقول الناس فيه من خلفه، وما ينكرونه من أموره. [باب ما يقضى فيه بالصفة في الشهادة] وشاهد الزور: الشاهد بغير ما يعلم عمدًا، ولو طابق الواقع كمن شهد بأن زيدًا قتل عمرًا، وهو لا يعلم قتله إياه، وقد كان قتله، ولو كان لشبهة لم يكنه، وقول الباجي: من ثبت عليه أنه شهد بزور، فإن كان بنسيان أو غفلة؛ فلا شيء عليه، ومن كثر ذلك منه؛ ردت شهادته، ولم يحكم بفسقه؛ يقتضي أن غير العامل شاهد زور، ويرد بما في استحقاقها إن شهدوا بموت رجل، ثم قدم حيًا، فإن ذكروا عذرًا كرؤيتهم إياه صريعًا في قتلى، أو قد طعن، فظنوا أنه مات؛ فليست شهادتهم زورًا، وإلا فهم شهداء زور. وفي شهاداتها: إن أخذ شاهد الزور ضرب قدر ما يراه الإمام، ويطاف به في المجالس. ابن القاسم: يريد: في المجلس الأعظم. ابن وهب: كتب عمر إلى عماله بالشام: إن أخذتم شاهد زور؛ فاجلدوه أربعين وسخموا وجهه، وطوفوا به حتى يعرف الناس، ويطال حبسه، ويحلق رأسه. الباجي عن ابن عبد الحكم: يضرب ضربًا موجعًا. ابن كنانة: ويكشف عن ظهره، قال مالك: ويطاف به، ويشهر في الأسواق والمساجد والجماعات ويسجن، وروى مطرف: لا أرى الحلق والتسخيم. قلت: في إتيان سحنون برواية ابن وهب إياه عن عمر ميل منهما إليه. اللخمي: اختلف في عقوبته إن أتى تائبًا، ولم يظهر عليه. قال ابن القاسم: من رجع عن شهادته، ولم يأت بعذر لو أدب كان لذلك أهلًا.

وقال سحنون: لا يعاقب لو عوقب؛ لم يرجع أحد عن شهادته خوف العقوبة كالمرتد؛ يريد أنه لا يعاقب إن رجع للإسلام. ولمالك في المبسوط: من سأل عن إصابة أهله في رمضان؛ لا يعاقب؛ لأنه صلى الله عليه وسلم لم يعاقبه. أبو عمر: أجمعوا أن شاهد الزور إن لم يكن له مخرج بغفلة أو خطأ أو نسيان؛ أنه يؤدب. قلت: ظاهره: ولو جاء تائبًا، وهو خلاف ما تقدم عن سحنون في نقل اللخمي قوله ذلك في العتبية، ونحوه قول المتيطي: إن رجع الشاهد عن شهادته قبل الحكم، وقال: شبه علي إن كان عدلًا مأمونًا؛ قبل رجوعه، وإن كان بغير هذه الصفة؛ قال ابن القاسم وعبد الملك: أدب أدبًا وجيعًا. ولابن القاسم في موضع آخر: لو أدب؛ لكان أهلًا، وقال ابن عبد الحكم وأشهب وسحنون: لا يؤدب؛ لأنه داعية إلى أن لا يرجع أحد عن شهادته، وروى مثله ابن الجلاب، وبه مضى العمل بقبول شهادته إن تاب. عبارات ابن رشد: ظاهر سماع أبي زيد ابن القاسم: إن عرفت منه توبة وإقبال، وتزيد في الخير؛ قبلت شهادته خلاف قولها: لا يجوز أبدًا، وإن تاب وحسنت حاله، وقيل معنى السماع: إن أتى تائبًا مقرًا على نفسه قبل أن يظهر عليه، ومعنى ما فيها إن ظهر عليه. اللخمي: إن أتى تائبًا، ثم انتقل حاله لخير وصلاح؛ قبلت إلا أن يكون عرف قبل ذلك بالخير والصلاح؛ فلا يقبل، ولأصبغ: لا تقبل أبدًا إن أقر بشهادة الزور، واختلف إن ظهر عليه، ثم تاب، وانتقل لخير وصلاح، فقال محمد آخر قولي ابن القاسم: لا يقبل.

الباجي: روى ابن القاسم فيها، وأشهب وابن نافع في الموازية: لا تقبل، وفي الموازية لابن القاسم: له تقبل إن تاب، وأظنه لمالك، وعن ابن عبد الحكم: ويكتب القاضي بذلك كتابًا يجعله على نسخ تكون بأيدي ثقات. المتيطي: لم يصحب سماع أبي زيد عمل. قلت: ففي قبول شهادته بتوبته بتزيده صلاحًا لم يكن له ثالثها: إن أتى تائبًا لا إن ظهر عليه؛ لسماع أبي زيد مع نقل اللخمي غير معزو كأنه معروف المذهب، وله عن أصبغ مع الباجي عنها، وعن رواية الأخوين، ونقل ابن رشد. الباجي: وإذا قلنا: تقبل شهادته إذا تاب، فقال محمد: تعرف توبته بالصلاح والتزيد في الخير، وأشار إليه ابن الماجشون. قلت: في اختصار الواضحة عنه: إن كان من أهل الفضل ظاهر العدالة؛ سقطت شهادته أبدًا، وإن أظهر توبة وازداد صلاحًا وفضلًا؛ لأنه كان كذلك يوم اطلع عليه بالزور، ومن لم يكن بهذه الحال، ولا يعرف بالفضل؛ جازت شهادته إن ظهرت منه التوبة والصلاة والبين، والعدالة الظاهرة. ولابن شاس عن محمد بن عبد الحكم: من صح أنه شهد بالزور، ويأخذ على شهادته الجعل؛ طيف به في جموع الناس، وضرب ضربًا وجيعًا، ولا يحلق شعره، ولا تجوز شهادته أبدًا إن كان ظاهر العدالة حين شهد؛ لأنه لا يكاد تعرف توبته. واختصره ابن الحاجب فقال: ابن عبد السلام: قال بعض الشيوخ: كما أشار إليه المؤلف إن كان ظاهر العدالة؛ لم تقبل توبته فلا خلاف، وإن كان غير ظاهر فقولان. وقال ابن رشد بالعكس: إن كان العدالة فقولان، وإن لم يكن ظاهرها؛ لم يقبل أبدًا قولا واحدًا، والطريق الأول أنسب للفقه، والثانية أقرب لظاهر الروايات؛ لأن محمدًا قال: تعرف توبته بالصلاح والتزيد في الخير، وأشار إليه ابن الماجشون: لأن (تزيد الخير) لا يكون إلا في ظاهر العدالة. قلت: ما ذكره عن ابن رشد لا أعرفه له ولا لغيره. قال في المقدمات ما نصه: وأما شاهد الزور أبدًا، وإن تاب وحسنت حاله، قاله في

المدونة، ولأبي زيد عن ابن القاسم: تجوز شهادته إن تاب، وعرفت توبته بتزيد حاله في الصلاح. قال: ولا أعلمه إلا قول مالك، فقيل ذلك اختلاف من القول، وقيل: رواية أبي زيد: إن أتى تائبًا قبل أن يظهر عليه، وهو الأظهر، ونحو هذا له في أول مسألة من سماع يحيى، وقوله: وطريقة ابن رشد أقرب لظاهر الروايات؛ لأن (تزيد الخير) لا يكون إلا في ظاهر العدالة؛ يرد بأن إدراك (تزيد الخير) في المتصف بمطلق العدالة أبين وأوضح من إدراكه في المتصف بالعدالة الظاهرة؛ لأن زيادة الحركة على المتصف بمطلقها أوضح من زيادة الحركة على المتصف بكثرتها. الشيخ: لأشهب في المجموعة، وكتاب ابن سحنون: لا يجوز أن يقضي القاضي لنفسه. ولابن رشد في رسم تأخير الصلاة من سماع ابن القاسم: له الحكم بالإقرار على من انتهك ماله، فيعاقبه، ويتمول المال بإقراره، ولا يحكم بشيء من ذلك بالبينة. ودليله قطع أبي بكر الصديق يد الأقطع الذي سرق عقد زوجته أسماء لما اعترف بسرقته، هذه الرواية الصحيحة. وفي صحة حكمه لمن لا تجوز شهادته له ومنعه ثالثها: إلا لزوجته وابنه الصغير ويتيمه، ورابعها: المنع إن قال: ثبت عندي، ولا يدري أثبت أم لا؟ وإن حكم ببينة، وجاز في الثلاثة. للخمي مع الشيخ عن قوله: رأيته في كتاب أصبغ قائلًا: ولو لزوجته أو مدبره أو ولده أو مكاتبه، وهو من أهل القيام بالحق لا من أهل التهم. وقد يحكم للخليفة وهو فوقه، فهو اتهم فيه لتوليته إياه، ومطرف وابن الماجشون وأصبغ مرة. اللخمي: المنع أحسن، وهذا في المال وغيره مما تدرك فيه الحمية لم تجز بحال. وما اجتمع فيه حق له ولله في جواز حكمه بما هو لله؛ كمن شهد عنده عدلان بأنه سرق لا يقطع فيه في حكمه بقطعه قولا ابن المواز ومحمد بن عبد الحكم.

قلت: هذا يوهم أن قول محمد إنما هو فيما شهد به عدلان. وفي النوادر ما نصه: قال أشهب في المجموعة: إن أخذ القاضي من سرقه، فله قطعه، ولا يحكم عليه بالمال، وكذا في الموازية. وفي المجموعة: وكذا في محارب قطع عليه الطريق، فليحكم عليه بحكم المحارب، ولو جاء تائبًا؛ سقط عنه حكم الله، ولا يستقيل السلطان منه لا بإقراره، ولا ببينة، ولا يرفعه لمن هو فوقه. قلت: وجدته في نسخة عتيقة من النوادر، ولا يرفعه لمن هو فوقه، والصواب: إن كان ذلك ببينة أن له رفعه لمن هو فوقه، ثم قال: لو كان السلطان أحد الشاهدين عليه بالحرابة، وأخذ قبل أن يتوب، فله أن يقيم عليه الحد، وأحب إليه رفعه لمن فوقه. وقال ابن عبد الحكم: قال ابن القاسم وأشهب: إن سرق من بيت القاضي، وقامت به عنده بينة؛ قطعه. قال محمد بن عبد الحكم: لا يقطعه. ابن حبيب عن الأخوين وأصبغ: إن تخاصم عنده خصمان له قبل أحدهما دين، فلا بأس أن يقضي بينهما إن كان غريمه مليًا، وإن كان عديمًا؛ لم يجز. اللخمي: إن شهد القاضي وآخر على أنه سرق؛ للقاضي رفعه لمن هو فوقه، فقطعه بشهادتهما، وأغرمه بشهادة الأجنبي مع يمين القاضي، وقيل في هذا الأصل: لا يقطع بشهادتهما؛ لأن شهادة القاضي تسقط للتهمة؛ فلا تتبعض الشهادة. وقول ابن شاس: لا يقضي على عدوه، ويحيل على غيره تبع فيه نص الغزالي في الوجيز، والأولى أن يتبع نص النوادر. قال ابن المواز: إذا حكم القاضي، فأقام المحكوم عليه بينة أن القاضي عدو له؛ فلا يجوز قضاؤه عليه، وهذا اللفظ أتم؛ لأنه بعد الوقوع. وفي نوازل ابن الحاج: قال الماوردي في الأحكام السلطانية: لا يشهد العدو على عدوه، ويحكم عليه؛ لأن أسباب الحكم ظاهرة، وأسباب الشهادة دقيقة. قال ابن الحاج: وهذا خلاف مذهب مالك، وخلاف ما في نوازل سحنون من

باب في الخطأ الموجب لرد حكم العالم العدل

أقضية العتبية في حكم القاضي على عدوه. وفي نظر من ولي في أحكام من قبله أسمعة وروايات حصلها ابن رشد في رسم الصبرة من سماع يحيى بأن قال القاضي: العد العالم لا تتصفح أحكامه، ولا ينظر فيها إلا على وجه التوجيه لها إن احتيج إلى النظر إليها لعارض خصومة، أو اختلاف في حد لا على وجه الكشف، والتعقب لها إن سأل ذلك المحكوم عليه، فتنفذ كلها إلا أن يظهر في شيء منها عند النظر إليها على الوجه الجائز أنه خطأ ظاهر لم يختلف فيه، فيرد ذلك، والقاضي الجائر ترد أحكامه دون تصفح، وإن كانت مستقيمة في ظاهرها إلا أن يثبت صحة باطنها. والقاضي العدل الجاهل تتصفح أحكامه، فما هو صواب أو خطأ فيه خلاف أنفذ، وما هو خطأ لا خلاف فيه رد. ويختلف في أحكام القضاة الذين لا ترضى أحوالهم، ولا تجوز شهادتهم إن لم يعلموا بالجور في أحكامهم، وفي أحكام أهل البدع والأهواء، فقال ابن القاسم والأخوان: هي كأحكام الجائر لا يمضي منها إلا ما علم صحة باطنة بالبينة العادلة. وقال أصبغ: كأحكام العدل الجاهل تتصفح، فيمضي منها ما كان صحيحًا في الظاهر. وحكى الفضل عن ابن الماجشون: أن القاضي الجاهل تتصفح أحكامه كالقاضي الجائر، وهو شذوذ. [باب في الخطأ الموجب لرد حكم العالم العدل] والخطأ الموجب لرد حكم العدل العالم: فسره اللخمي بما خالف نص آية أو سنة أو إجماع.

قُلتُ: أو ما ثبت من عمل أهل المدينة؛ لأنه عند مالك مقدم على الحديث الصحيح عنده. وزاد المازري عن الشافعي: أو قياسًا لا يحتمل إلا معنى واحدًا. قال: والظاهر أنه يشير إلى القياس الجلي الذي لا يشك في صحته. وللشيخ عن ابن حبيب عن ابن الماجشون: من الخطأ الذي ينقض فيه حكم العدل العالم الحكم باستسعاء العبد لعتق بعضه، وبالشفعة للجار، وتوريث العمة والخالة والمولى الأسفل، وما يشبه ذلك، ولما ذكرها المازري قال: وابن عبد الحكم لا يرى النقض في شيء من هذه المسائل؛ لأن نقلها غير قطعي. وقول ابن الماجشون بعيد؛ لأن الاستسعاء ورد به حديث ثابت. الصقلي عن ابن عبد الحكم عن ابن القاسم: من طلق امرأته البتة، فرفعها لمن يراها واحدة، فجعلها واحدة، فزوجها البات قبل زوج، فلمن ولي بعده؛ أن يفرق بينهما، وليس هذا من الاختلاف الذي يقر الحكم به. وقال ابن عبد الحكم: لا ينقض ذلك كائنًا ما كان ما لم يكن خطأ محضًا. ابن حبيب: لا يعجبني ما انفرد به ابن عبد الحكم، ولو رفع من قتل رجلًا غيلة لقاض يرى فيه العفو، فأسلمه لأوليائه، فعفوا عنه؛ ففي منع من ولي بعده نقض حكمه قولا ابن القاسم وأشهب.

ولابن رشد في ثالث مسألة من رسم الجواب من سماع عيسى: لا خلاف في نقضه حكم من قبله إن كان خطأ لم يختلف فيه، وغن كان اختلف فيه؛ لم يرده، وقيل: يرده إن كان شاذًا. وقال ابن الماجشون: يرد، وإن كان الخلاف قويًا مشهورًا إن كان خلاف سنة قائمة وتعقب ابن عبد السلام قول أهل المذهب: لا يتعقب حكم العدل العالم، ولا ينقض منه إلا ما خالف القطع بأن التعقب أعم من النقض نفي، فينتفى النقض، فكان ينقض منها ما خالف القطع. وأجاب: بأن مرادهم بالنقض المنفي هو نظر ما جهل من أحكامه، والنقض هذا ما علم بظاهره الخطأ، وهذا حسن افتقار التأويل عنه في نازلة نزلت بتونس في نحو عام ست وثلاثين وسبعمائه، وهي مسألة شيخنا ابن عبد الله بن الحباب كان حكم عليه قبل هذه المرة بنحو عشر سنين الشيخ الفقيه أبو إسحاق بن عبد الرفيع في جنة استحقها منه بنو البسطي في عنفوان كمال تمكنهم من دولة السلطان الأمير أبي يحيى: فحكم عليه في بناء أحدث بها بعد خروجها من يد أبي بني البسطي كان أحدثه القائد ابن يعقوب، وكان بناء رفيعًا، فحكم عليه فيه بقيمته منقوضًا مقلوعًا، فلما انتسخ تمكن بني البسطي طلب ابن الحباب أن يجعل له مجلسًا ينظر فيه في الحكم المذكور، فأمر به السلطان، واجتمعوا بدويرة جامع الزيتونة كل من ينطلق عليه اسم فقيه معتبر حينئذ حقيقة أو مجازًا، فلما اجتمعوا ورئس المجلس حينئذ القاضي ابن عبد السلام، وكان اعتذر للسلطان عن الحكم بينهما بأن شهادته تقدمت في الحكم المذكور، فصرف الحكم بينهما لقاضي الأنكحة حينئذ؛ وهو الشيخ أبو محمد الأجمي فقال لأهل المجلس: ما تشهدون به من حال الفقيه أبي إسحاق بن عبد الرفيع هل كان من قضاة العدل والعلم أم لا؟ فقال جلهم: هو من قضاة العدل والعلم، فقال لهم: أشهدوا علي بأني أمضيت حكمه هذا، وكل ذلك بمحضر الشيخ الفقيه ابن عبد السلام، فلم يتعرض له في ذلك لا بسؤال، ولا إنكار، فكان شيخنا ابن الحباب ينكر هذا الحكم أيضًا، ويحتج بما تقدم أن القاضي العدل العالم ينظر في حكمه المعين البين الخطأ، ولا أبين من خطأ الحكم بقيمة

البناء منقوضًا في مذهب مالك ممن علم منه اتباعه وتقليده، وتقدم في الاستحقاق الجواب عن هذا، فتذكره. قال ابن الحاجب: لا يتعقب أحكام العدل العالم، ولا ينقض منها إلا ما خالف القطع، أو قامت البينة أن له فيه رأيًا، فحكم بغيره سهوًا. قُلتُ: تعليقه النقض على ما خالف القطع لا أعرفه، وعبارة المازري ما نصه: بالجملة إن تعارضت الأحاديث، وقدم بعضها على بعض بالترجيح الذي لا يصل إألى القطع، ولا يقاربه لم تتعرض الأحكام، وكذا إن تعارضت التأويلات، ولم يرجح بعضها على بعض إلا بالنظر الضعيف لم ينقض، وكذا الأقيسة هذا كشف القاضي عن هذا الأصل. وقد حكم شريح في ابني عم أحدهما آخ لأم بأنه أولى بالإرث فقال علي رضى الله عنه: ما دليلك على هذا؟ قال: قوله تعالى: {وأُوْلُوا الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ} [الأنفال: 75]، فرده علي عليه، ونقض حكمه، وهذا قد يحمل على أن عليًا رضى الله عنه حفظ خبرًا عنه صلى الله عليه وسلم بخلاف حكم شريح أو ظاهر خبر كالنص أو قياسًا جليًا، وكذا لما ضاع لعلي رضى الله عنه يوم الجمل درع، فوجدها عند رجل، فترافعا لشريح، فشهد لعلي عبد الله بن جعفر ومولًا لعلي، فرد شريح شهادة مولاه له، فمديده، وأخذ الدرع كالمنكر على شريح وشهادة المولى لمولاه مع جواز شهادة ابن الأخ لعمه، وهو أقرب من المولى فرآه كالمخالف للقياس الجلي. وحكم عمر رضى الله عنه في الفريضة المشتركة؛ وهي زوج وأم، وأخوة لأم، وإخوة أشقاء بمشاركة الأشقاء الإخوة للأم قالوا له: هب أن أبانا كان حمارًا، وقضى أيضًا بأن لا مشاركة، فقيل له في ذلك، فقال: تلك على ما قضينا، وهذه على ما قضينا، ولم ينقض حكمه بحكمه لما كانت أدلة الحكمين متقاربة، وعلى هذا ينبغي أن يجري جميع الآثار. قُلتُ: فلم يقصر المازري النص على القطع، فنص ابن الحاجب عليه غير مستند لنص رواية تابعًا لابن شاس متعقب. وقول ابن الحاجب: أو قامت البينة على أن له فيه رأيًا، فحكم لغيره سهوًا ذكره

ابن محرز وصوره بأن تعلم بينة حضرت حكمه قصده الحكم بشيء، فحكم بغيره وهلًا. قُلتُ: هذا على القول بصحة الشهادة بالفهم؛ واضح، وعلى القول بلغوها؛ فيه نظر. وتصويره بإقراره يوجب فيه إشكالًا؛ لأنه إن أقر بذلك في ولايته؛ وجب عليه إشهادة بنقضه بدل إقراره به، وتركه نقضه بعد إقراره؛ كرجوعه عن إقراره، فيبطل، وإن أقر بذلك بعد عزله؛ لم تقبل شهادته على حكم نفيه، فتأمله. وسمع ابن القاسم قوله في كتابه في قضاء: كان أخاه عاملان، فنظر فيه العامل الثالث، فجاءه رجل يستعين بالكتب إليه، فكتب إليه إن كان من قبلك فالغوه، فأنقذه لصاحبه. ابن رشد: هذا يدل على أن للفقيه المقبول القول الكتب للحاكم بالفتوى، وإعلامه بما يصنع، وإن لم يسأله الحاكم، وهذا في غير القضاة، وأما القضاة؛ فلا ينبغي الكتب إليهم بما يفعلانه إلا أن يسألوا؛ لأنه يؤدي إلى أنفذ تؤذي. وقوله: إن كان أمضاه بحق يدل على أنه أمره بالنظر فيما حكم به من قبله، فإن كان بحق أنقذه؛ فعلى هذا حكم حمل الحكام حمل أحكام العمال على الرد حتى يتبين أنها بحق، فتمضي وهو خلاف قولها: ما قضت به ولاة المياه جائز إلا أن يكون جورًا بينًا؛ لأنه يقتضي أنها على الإجارة؛ فلا ينظر فيها، ولا تتعقب، وهذا الاختلاف لإنما يصح في غير العدل في الولاة، فرآها مرة جائزة ما لم يتبين فيها جور، وهو مذهب أصبغ، ورآها مرة مردودة ما لم يتبين فيها الحق، وهو اختيار ابن حبيب قياسًا على الشهادة. وأما العدل منهم؛ فحكمه محمول على الجواز، ولا يرد منه إلا ما تبين فيه الجور اتفاقًا. قُلتُ: لازم قوله: أن الاختلاف إنما هو في غير العدل مع قوله: أنها على الإجارة، فلا ينظر فيها أن غير العدل ينظر في أحكامه، وهو خلاف ما حمله في رسم الصبرة من سماع يحيى، فتأمله.

قال: ويحتمل أن يحمل ما في المدونة على العدل، وما في هذا السماع على غير العدل؛ فلا يكون اختلافًا. والذي أقول: أن ينظر إلى الأمير الذي ولاه، فإن كان عدلًا؛ فهو محمول على العدالة، وإن كان جائزًا؛ فهو يولي غير العدل، حمل على غير العدالة، وإن كان غير عدل، ولا يعرف بالجور في أحكامه، ولا بتوليته غير العدل؛ جرى على الاختلاف في جواز أحكامه. الشيخ: من خالف على إمام، وتغلب على بعض الكور، وولى قاضيًا فقضى، ثم ظهر عليه؛ فأقضيته ماضية إن كان عدلًا إلا خطأ لا خلاف فيه، وكل قضاء بحق لا يحل فسخه، وقاله أصبغ. قُلتُ: لم يجعل في قبوله الولاية المخالف على الإمام جرحه خوف تعطيل الأحكام. قال ابن رشد في السماع المذكور: واختلف شيوخنا في أحكام ولاية الكور مثل القواد، فأمضاها أبو إبراهيم، ولم يجزها اللؤلؤي حتى يجعل له من القيادة، والنظر في أمور الكورة النظر في الأحكام. واستحسن ابن أبي زمنين إن كان للكورة قاض قد أفرد النظر في الأحكام؛ أن لا يجوز حكم الولاة، وإن لم يكن لها قاض؛ أن يجوز حكمهم؛ لما للناس في ذلك من الرفق، وهو أحسن الأقوال إلا أن تولية القاضي مع القائد دليل على أنه حجر عليه النظر في الأحكام، وإن لم يول معه فيها حكم؛ وجب أن يجوز حكمه؛ كقول مالك في ولاة المياه. وجزم القاضي بحكم شرعبي على وجه مجرد إعلامه به، وهو فتوى لا حكم، وجزمه به على وجه الأمر به حكم. وفي شرطه يكون متعلقة تغيير أمر عن حاله أو لا، قولا ابن الماجشون وابن القاسم. اللخمي: ما هو ترك لما فعل، وإمساك عن الحكم بغير الفاعل؛ كالحنث بالطلاق

قبل النكاح، والعتق قبل الملك، ونكاح المحرم، والحكم بالقسامة، فحكم حاكم بإمضاء النكاح، واستمرار الرق، ثم رفع لمن يرى خلاف ذلك؛ فليحكم به، ولا يمنعه من ذلك ترك الأول، قاله ابن الماجشون، ورأى أن الترك ليس بحكم، وقال ابن القاسم في كتاب النكاح: ذلك حكم، وفسخه الثاني خطأ، وهو أحسن؛ لأن الأول حكم بحلية الزوجة لزوجها، وملك العبد لسيده. قلت: وإجراء قوليهما على قول بقاء الأعراض، وقول جمهور أهل السنة بعدمه تكلف، وإن أشبه ما ذكر المازري من إجراء عد الأرباح حاصلة يوم ملك أصلها أو الشراء، أو يوم حصولها على الكمون، والظهور في مسألة الأعراض، وله نحو هذا في كتاب الوكالات. اللخمي: وقال محمد: إن حكم القاضي بشاهد ويمين، ثم ولي آخر بعده؛ ففسخه كان للثالث فسخ نقض الثاني، قال: وهذا عظيم أن يرد ما حكم به رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: وإن قال الأول: لا أحكم بشاهد ويمين، ثم ولي آخر يرى الحكم بالشاهد واليمين؛ كان له الحكم به؛ يريد: أن الأول من باب الترك، وتقدم قول ابن القاسم أن الترك حكم. ابن شاس: لو رفع إليه نكاح امرأة زوجت نفسها بغير ولي، فقال: أنا لا أجيزه، ولا أحكم بفسخه؛ فهذا ليس بحكم، ولكنه فتوى، فتتبعه ابن الحاجب. قال ابن عبد السلام: هذا متفق عليه، ونحوه لابن برهان. قُلتُ: مقتضى جعله فتوى أن لمن ولي بعده أن ينقضه ضرورة أنه لم يحكم به للأول؛ والظاهر أنه لا يجوز للثاني نقضه؛ لأن قول الأول حين رفع إليه لا أجيزه، ولا أفسخه حكم منه بفسخه بأنه مكروه، والكراهة أحد أقسام الشرع الخمسة يجب رعي كل حكم منها ولازمه، وحكم المكروه عدم نقضه بعد وقوعه، ولا سيما على قول ابن القاسم في حكم الحاكم إذا كان متعلقه تركًا، ولما كان حكم الحاكم إنما يتعلق بجزئي لمن لم يكن حكم حاكم ثان بنقيض حكم الأول في جزئي آخر نقضًا لحكمه، وكذا قال المازري: كان أبو بكر يسوي في العطاء من الفيء بين الشريف والمشرف، فلما ولي عمر فاضل بين الناس، فلما ولي علي سوى بينهم، فلم يكن اختلافهم نقضًا لقضاء

بعضهم بعضًا. قُلتُ: تقدم في الجهاد سؤال ابن رشد في فعلي الشيخين في أهل الردة، فقد كره ابن شاس: إن رفع لقاض رضاع كبير، فحكم بأن رضاع الكبير يحرم، وفسخه نكاحه لذلك، فالقدر الذي ثبت من حكمه هو فسخ النكاح فقط لا تحريمها عليه في المستقبل؛ بل هو باق لتعلق الاجتهاد فيه، وكذا فسخه نكاح، وتحريمها على زوجها الثابت من حكمه فسخه لا تحريمها عليه، وتبعه ابن الحاجب وقبلوه. قُلتُ: وهو صواب في مسألة المعتدة، وأما في نكاح الكبير فغير صحيح، أو فيه نظر، وبيانه أن علة منع حكم الثاني بخلاف حكم هي كون حكم الثاني رافعًا لمتعلق حكم الأول بالذات، وهذا لأنه دار معه وجودًا وعدمًا. أما وجودًا: ففي أمثال حكم الحاكم الثاني يكون المبتاع الأول فيما باعه الآمر، والمأمور أحق بالمبيع، ولو قبضه المبتاع الثاني بعد حكم الحاكم الأول بأن قابضه أحق. وأما عدمًا: ففي جواز حكم عمر وعلي رضى الله عنهما بخلاف ما حكم به من قبلهما في قسم الفيء، وتقرر في أصول الفقه اعتبار الدوران إذا ثبت هذا ونظرنا وجدنا حكم الثاني في حكم الناكح في العدة غير رافع لنفس متعلق حكم الأول؛ لأن متعلق حكمه بالذات الفسخ، والتحريم تابع له؛ فلم توجد علة منع حكم الثاني فيها، ووجدنا حكم الثاني في مسألة رضاع الكبير رافعًا لنفس متعلق حكم الحاكم الأول بالذات، وهو تحريم رضاع الكبير، فسخ نكاحه تابع المتعلق لهذا بالذات لا أنه متعلق حكمه بالذات، فيجب منع حكم الثاني عملًا بالعلة الموجبة لمنعه، فتأمله. وفيها: أكان مالك يرى للقاضي بقضية تبين له أن غير ما قضى به أصوب أن يرد قضيته، ويقضي بما رأى بعد ذلك، ولو كان ما قضى به مما اختلف فيه؛ قال: إنما قال: إن تبين له أن الحق غير ما قضى به؛ رجع فيه، وإنما لا يرجع فيما قضت به القضاة مما اختلف فيه. ابن محرز: قال ابن الماجشون وسحنون وغيرهما: لا يجوز له فسخه، وهذا أحسن، وإلا لم يوثق بحكم.

ابن رشد في رسم الجواب من سماع عيسى: إن أرى خلاف ما قضى به باجتهاده؛ فالمشهور إن أرى ما هو أحسن نقضه، ورجع إلى ما رأى ما دام في ولايته، ولو كان قضاه أولًا مما اختلف فيه، وقال ابن عبد الحكم: لم يختلف أصحابنا في ذلك، وأنا لا أراه وقضاؤه؛ كقضاء غيره لا يرجع عما اختلف فيه إلى ما هو أحسن منه حتى يكون خطًأ صراحًا، ولم يعجب ابن حبيب ما انفرد به ابن عبد الحكم، وحمل فضل المدونة على قول ابن عبد الحكم، وحملها غيره على ما أجمع عليه أصحاب مالك سواه، والأمر محتمل على رواية: لا يَرجع بفتح الياء، وعلى رواية: يُرجع بضم الياء؛ لا يحتمل قول ابن عبد الحكم. وقال ابن سحنون: إنما يرجع في قضائه إذا اختلف فيه إن قضى به وهلًا أو نسيانًا، وهو يرى خلافه، ولو كان رأيه يوم قضى به؛ لم يرجع فيه، وقضى في المستقبل بما رأى، والذي أقوله: أن الخلاف في رجوعه عنه ما دام على قضائه بحاله؛ إنما هو إذا قضى، وهو يراه باجتهاده يوم قضى به، وأنه جار على الخلاف في تصويب المجتهدين، ولو قضى به وهلًا أو نسيانًا؛ فلا يسع الخلاف في أنه لا يصح له الرجوع عنه إلى تقليد آخر، فهي ثلاثة أوجه وجه يرجع فيه، ومقابله اتفاقًا فيهما ومختلف فيه، ولا خلاف في أنه لا يرجع ما دام في ولايته فيما قضى به مما لم يختلف فيه كان اجتهادًا أو وهلًا أو نسيانًا. المتيطي عن ابن زمنين: من المختصرين من تأول المدونة على أنه ينقض ما حكم به، وإن أصاب قول قائل من العلماء، وتأول بعضهم: لأنه لا ينقض ما وافق فيه قول قائل من العلماء، وهذا أقرب للفظها. المتيطي: على هذا اختصرها حمديس، وعلى الأول اختصرها الشيخ، ولفظه: إن بان له أنه أخطأ في قضائه نقصه، وإن أصاب قول قائل ابن أبي زمنين أكثر أصحاب مالك على أنه إن قضى بقضية، ثم رأى ما هو أحسن منه؛ فله أن يرجع إلى أحسن ما رأى، وإن كان الأول مما اختلف فيه. قُلتُ: ظاهر لفظ المدونة: أنه إنما يرجع في حكمه إذا تبين له أن الحق في غير ما قضى به لا فيما تبين له أنه راجح، وظاهر لفظ ابن أبي زمنين وابن رشد: أن له نقض

حكمه الأول إذا تبين له أن ما ظهر له ثانيًا أحسن وأصوب، وهو نص سماع أصبغ قال له: تغيير حكمه الأول إذا رأى أحسن منه، وظاهر لفظ المدونة: أن بقاءه على ولايته ليس شرطًا في نقضه ما حكم به مما فيه اختلاف، وظاهر لفظ ابن رشد: أن بقاءه على ولايته شرط فيه، وهو نص سماع أصبغ. قال ابن رشد: لا أعلم فيه خلافًا، ولما حكى الصقلي قول المدونة قال: وقال الأخوان: ما دام في ولايته؛ فظاهره: أن التقييد بدوام كونه في ولايته خاص بها، وقال المازري: إن غلب على ظنه أنه أخطأ في اعتقاده الأول، ففي نقضه ذلك ثالثها: إن بقي على ولايته لها، ولسحنون والأخوين: بناء على أن تجدد ولايته بعيده كقاض آخر أولًا. قُلتُ: الأقوال أربعة فيها لا ينقض الأول إلا إن شاء هو الصواب إلا الأصوب، ولو تجددت ولايته. الأخوان: هذا بشرط دوام ولايته. ابن رشد: ينقصه، ولو كان الثاني أصوب بشرط دوامها. الشيخ عن ابن زيد عن أشهب: ينقضه في الأموال لا في إثبات نكاح أو فسخه. اللخمي: وعليه لا ينقصه إن كان بإثبات عتق أو ردة أو حد، أو إثبات قتل أو إبطاله؛ ومقتضى جواب سحنون سؤاله شجرة عما سمعه من البينات في ولاية عزل عنها ثم تولي هل يبني على سماعه إياها أم يعيد سماعه إياه ببنائه على ما تحقق منها أن تجدد ولايته كدوامها خلاف قول الأخوين؟ وعلى هذين القولين يتخرج اختلاف الأندلسيين في الحكم الأول؛ كصاحب الشرطة إذا نظر في مسألة، ثم ارتفع لخطة القضاء قبل إكمال نظره فيها في بنائه على ما تقدم نظره واستئنافه فيها فتوى ابن عتاب وغيره. قال ابن سهل: قال ابن عتاب: بهذا أفتيت أبا علي بن ذكوان حين ارتفع من خطة الشرطية والسوق لخطة القضاء. قلت له: أفتاه بعضهم بابتداء النظر، وقال لي: قاله من لم يعمل بقوله، ولا اشتغل بخلافه، ووافقني أبو المطرف بن جرح وغيره، وكان ابن القطان لا يستفتي حينئذ

لمحمول أدركه منها على أن تحدد الصفة الحكمية مقرونة بعارض لها يضره؛ كموصوف بها آخر أولًا، والعارض المقارن لها في مسألة سحنون كونها أثر عزلة، وفي مسألة الأندلسيين أخص وصف الخطة التي ارتفع إليها؛ فالأول بناء على أن الجهل بالصفة مانع من العلم بموصوفها دونه، والثاني على عدم مانعيته، فتأمله. ابن الحاجب: ويجب عليه نقض حكم نفسه فيما ينقض عليه حكم غيره، وفيما له فيه رأي، فحكم بغيره سهوًا. ابن عبد السلام: ظاهر كلامه بالنقض في الصورتين، والذي قاله سحنون فيما له فيه رأي، فحكم بغيره سهوًا أن له نقضه، ولم يقل يجب عليه نقضه، فتأمله. قُلتُ: قوله: (ولم يقل يجب عليه) تبع فيه الصقلي. وفي النوادر في كتاب ابن سحنون عنه: إذا قضى بأمر ليس من رأيه، وهل فيه أو نسي؟ فهذا يرجع فيه، وإن وافق اختلاف الناس، وقد قال عمر بن عبد العزيز: ما من طينة أيسر على فتى من طينة طبيعتها على باطل. قال سحنون: وإن عزل، ثم رد؛ فإنه يغيره أيضًا. قُلتُ: وظاهر هذا وجوب نقضه كما نقل ابن الحاجب لا كما نقل الصقلي، وفي تقرر فسخه حكمه بمجرد إشهاده بفسخه، ووقفه على تبيينه موجبه نقلا الشيخ عن ابن الماجشون، وابن نافع مع مطرف قائلًا: إلا أن يقول: تبين لي أن الشهود شهدوا بزور، واتفقوا على وقفه عليه في فسخه حكم غيره، وحكم الحاكم بموجب في الظاهر، وهو في باطنه حرام لا يحله في المعونة، ولو كان ما يملك الحاكم ابتداء كمن أقام على دعواه نكاح امرأة بينة زور، فحكم له بها لا يحل له وطؤها، وهو به زان، وكمن أقامت على دعواها طلاق زوجها إياها ثلاثًا بينة زور، فحكم الحاكم بطلاقها؛ لا يحل لها أن تنكح غيره، وقال أبو حنيفة: حكم الحاكم يحلهما، قال: ومن أقام بينة زور بدعوى نكاح امرأة هي ذان محرم منه في الباطن؛ لم تحل له بحكم الحاكم، وكذا بما ليس له أنه له، وفرق بأن كل موضع لا ولاية له في ابتداء فعله لم ينفذ حكمه إلا في الظاهر دون الباطن، وما لا ولاية له في ابتداء فعله؛ نفذ حكمه فيه ظاهرًا وباطنًا.

فإن قلت: هل يتخرج مما وقع في بعض التعاليق عن ابن الماجشون، وجماعة من أصحاب مالك، وحكاه المازري: أنه وقع في المذهب أن من ابتاع عبدًا؛ ردت شهادته بعتقه لا يعتق عليه، ولو بقي على إقراره، مثل قول الحنفي والجامع بينهما اعتبار حكم الحاكم الصحيح بظاهره الباطل بباطنه، فعدم إيجاب العتق على الشاهد به مع إقراره إنما هو لاعتبار حكم الحاكم الصحيح بظاهره الباطل بباطنه؛ فيلزم مثله في مسألة بينة الزور في مسألة الحنفي. قُلتُ: يرد بمنع كون الحكم في مسألة العتق باطلًا في الباطن، بل هو صحيح فيه؛ لأنه لا يرد شهادته لفسقه، والحكم برد شهادة الفاسق حق، ولو شهد بحق، وليس القول بعدم وجوب العتق على الشاهد المردودة شهادته بموجب كون الحكم المذكور متعلقًا بباطل في باطن الأمر، وإنما لم يجب عتقه عليه عند قائله؛ لأن متعلق شهادته، وإقراره إنما هو إنشاء ربه عتقه وهو يكذبه لا أنه حر؛ بل كونه حرًا لازم لماهية إعتاقه ربه، فلما لم يثبت ماهية إعتاقه ربه؛ لم يثبت لازمها، وهو حريته، فلم يحكم عليه بها هذا تقرير وجهه، ولما حكى المازري هذا القول قال: قد يسبق للنفس أنه شبه قول الحنفي، ولعلنا أن نبسط المسألة إن شاء الله. ابن شاس: إنما القضاء إظهار لحكم الشرع لا اختراع له، فلا يحل للمالكي شفعة الجوار إن قضى بها الحنفي، وتبعه ابن الحاجب. قال ابن عبد السلام: هكذا قالوا، وليس بالبين؛ لأن ما تقدم الظاهر فيه مخالف للباطن، ولو علم القاضي كذب البينة ما حكم بها إجماعًا، وفي هذه الصورة الباطن؛ كالظاهر، وما قلناه هو ظاهر كلام السيوري في بعض مسائله. قُلتُ: ظاهر قوله: هكذا قالوا مع عزوه ما ظهر له من خلاف ذلك للسيوري؛ أن المذهب ما قاله ابن الحاجب، وليس كذلك؛ بل مقتضى المذهب خلافه. قال المازري في ائتمام الشافعي بالمالكي وعكسه: الإجماع على صحته، واعتذر عن قول أشهب: أن من صلى خلف من لا يرى الوضوء من القبلة؛ يعيد. وفي كتاب الزكاة منها: إن لم يبلغ حظ كل واحد من الخليطين ما فيه الزكاة، وفي

اجتماعهما ما فيه الزكاة؛ فلا زكاة عليهما، فإن تعدى الساعي، فأخذ من غنمهما شاة من غنم أحدهما ترادا فيه على عدد غنمهما. قُلتُ: فتحليله لمن أخذت الشاة من غنمه الرجوع على خليطه بمنابه منها نص في صحة عمل المحكوم عليه بلازم ما حكم به الحاكم المخالف لمذهب المحكوم عليه، فأجرى إذا كان نفس ما حكم به له، ولا سيما على القول بأن كل مجتهد مصيب واتباع. ابن الحاجب: لابن شاس في ذلك قصور، ولا أعلم لابن شاس مستندًا فيما نقله إلا اتباعه الغزالي في وجيزه قال ما نصه: ولا يحل للشافعي شفعة الجوار إن قضى له الحنفي، ولا يمنعه القاضي من الطلب اعتمادًا على اعتقاد قضاء نفسه، وهذا لا يجوز له؛ لأنه انتصب للنقل عن المذهب، فلا ينسب إليه ما ليس منه؛ ولذا يقول المازري في مسائل يذكرها للشافعي أو لغيره، ولا يحفظ فيه لأهل المذهب نصًا الجاري على مذهبنا كذا، أو كفعل ابن بشير في العاقل العاجز عن مطلق الإيماء لا نص فيه عندنا، وذكر قول الشافعي حسبما تقدم في كتاب الصلاة. اللخمي: إن أشكل الحكم على القاضي؛ وقف وحسن أن يدعوهما للصلح. الشيخ: قال سحنون في جوابه لحبيب: إذا كان في أمر الخصمين شبهة وإشكال؛ فلا بأس أن يأمرهما بالصلح. اللخمي: روى محمد: قال مالك في بعض المسائل: لو اصطلحا، واختلف إن كان مجتهدًا في صحة تقليده غيره، وأن يقلده أحسن؛ لأنه فيما أشكل عليه كعامي بعد أن يسأله عن دليله، فإن أشكل عليه قلده، وإن بان له لغوه؛ لم يقلده، ويتقرر الإلأشكال من ثلاثة أوجه: عدم وجدان أصل النازلة في كتاب ولا سنة، والثاني: أن يشك هل هي من أصل كذا أم لا؟ والثالث: أن يجد بها أصلان بالسوية دون ترجيح، ويختلف في هذا القسم هل حكمه الوقف أو التخيير في الحكم بأيهما شاء قياسًا على تعارض الحديثين دون تاريخ؟ قيل: الحكم الوقف، وقيل: المفتي مخير بأيهما شاء، وقيل غير ذلك، والوقف أحسن. قُلتُ: ظاهر قوله: أن الخلاف المذكور؛ إنما هو مذكور في تعارض الحديثين،

وخرج عليهما القياسين، وفي كتب الأصول - المحصول وغيره -: الخلاف مذكور نصًا في القياسين في تحصيل السراج ما نصه حكم تعادل الأمارتين عند القاضي أبي بكر وأبي علي، وأبي هاشم التخيير. وعرف بعض الفقهاء التساقط والأمارة عرفًا: كل ما أنتج الظن، وحكم الحاكم بعلمه في غير التعديل والتجريح. قال اللخمي: لا يحكم بما علمه قبل ولايته، ولا بعدها في غير مجلسه ولا فيه قبل أن يتحاكما ويجلسا للحكومة؛ كسماعه إقرار أحدهما للآخر، فلما تقدما للحكومة؛ أنكر وهو فيه شاهد، وفي حكمه بما علمه من إقرارها في مجلس حكومتهما قولان؛ سحنون مع عبد الملك، وابن القاسم مع مالك، ولما عزا أبو عمر الأول للشافعي وجمهور الفقهاء قال: واستحب مالك أن يحضره شاهدان، ولم يبح في شهادتيهما مدفعًا، وذلك دليل على أن ذلك عنده استحباب. ولابن رشد في سماع عيسى: حكمه بما أقر عنده بعد ولايته؛ لا يجوز الحكم به اتفاقًا من العلماء، فإن فصل فسحه هو من ولي بعده، وما أقر به غيره بعد ولايته في غير مجلس قضائه؛ لا يجوز حكمه به اتفاقًا في المذهب في غير الحدود، ومطلقًا في الحدود، وأجازه أهل العراق في غيرها، وروي عنهم: يقضي في الحدود بعلمه كغيرها، وهو بعيد، فإن قضى بما علمه بعد ولايته في غير مجلس حكمه؛ ففي فسخه غيره بعده، وقصر فسخه عليه قولا أشهب، والمشهور: وما أقر به أحد الخصمين في مجلس قضائه، ثم جحده؛ فالإختلاف فيه موجود في المذهب، وقال محمد: لا اختلاف فيه بين أصحاب مالك. ابن الماجشون: الذي عليه قضاتنا بالمدينة وعلماؤنا، ولا أعلم مالكًا. قال غيره: أنه يقضي عليه بما أقر به عنده، وقاله مطرف، وأصبغ، وسحنون. ابن رشد: وهو دليل قوله صلى الله عليه وسلم، فأقضي له على نحو ما أسمع منه، ولم يقل صلى الله عليه وسلم

على ما ثبت عندي من قوله، ومشهور المذهب أنه لا يقضي عليه إذا جحد، وهو قوله في هذا السماع. الباجي: إن حكم بما علمه في مجلس قضائه؛ فقال ابن القصار: لا ينقض حكمه عند بعض أصحابنا قال: وعندي أنه ينقض. ابن زرقون في الموازية: إن حكم بما علمه قبل ولايته؛ نقضه غيره، ولو حكم بما علمه في مجلس قضائه، ثم ولي غيره؛ لم ينقضه، وينقضه ما دام قاضيًا في الوجهين، وقاله أصبغ. قال ابن الحاجب: لا يحكم بالتخمين؛ لأنه فسق وجور. قُلتُ: في الصحاح: التخمين: الحدس وكثيرًا ما رأيت بعضهم يحكم في النازلة، وهو لا يستند في حكمه لنقل يذكره بحال لما استقرئ من حاله إذا روجع في بعض أحكامه، لم يذكره مستندًا من نص رواية ولا قول لبعض أهل المذهب، ولا قياس عليه. ابن الحاجب: ولا يحكم عليه بعلمه مطلقًا إلا أن يكون بعد الشروع في المحاكمة فقولان، فلو حكم بعلمه في غيره؛ ففي فسخه قولان، وأما ما أقر به في مجلس الخصومة فحكم به؛ فلا ينقض، وقبله ابن عبد السلام وابن هارون، وظاهره: أنه لو حكم بما علمه قبل ولايته؛ ففي نقضه القولان، وظاهر ما تقدم لابن رشد: أنه يفسخه هو ومن بعده دون خلاف في ذلك. قُلتُ: ولا يبعد إعمال ظاهر نقل ابن الحاجب؛ لأن ظاهر نقل ابن رشد؛ إنما هو على قوله: مات علمه قبل ولايته؛ لا يجوز حكمه به اتفاقًا من العلماء، وهو خلاف نقل أبي عمر قال: جاء من طرق أن رجلًا من بني مخزوم استعدى عمر على أبي سفيان بن حرب أنه ظلمه حدًا في موضع كذا، فقال عمر: إني لأعلم الناس بذلك ربما لعبت أنا وأنت فيه، ونحن غلمان، فإذا قدمت مكة، فأتني بأبي سفيان، فلما تقدم مكة أتاه

المخزومي بأبي سفيان فقال له عمر: انهض بنا لموضع كذا، فنهضوا، فنظر عمر، فقال يا أبا سفيان: خذ هذا الحجر من هنا وضعه هنا، فقال: والله لا أفعل، فقال: والله لتفعلن، فقال: لا أفعل، فعلاه عمر بالدرة، وقال: خذه لا أم لك وضعه ههنا، فإنك ما علمت تحريم الظلم، فأخذ أبو سفيان الحجر ووضعه حيث قال عمر، ثم استقبل عمر القبلة، فقال: اللهم لك الحمد إذ لم تمتني حتى غلبت أبا سفيان على رأيه، وأذللته بالإسلام، فاستقبل أبو سفيان القبلة فقال: اللهم لك الحمد إذ لم تمتنى ختى جعلت في قلبي من الإسلام ما ذللت به لعمر، فقضى عمر بما علمه قبل ولايته، وإلى هذا ذهب أبو يوسف، ومحمد، والشافعي، وأبو ثور سواء عنده علمه قبل ولايته أو بعده في مصره أو غير مصره. قال أبو حنيفة: علمه قبل ولايته، أو رآه في غير مصره؛ لا يقضي بعلمه فيه، وهو فيه شاهد، وما علمه بعد ولايته، أو رآه بمصره؛ قضى فيه بعلمه، واتفق أبو حنيفة وأصحابه أنه لا يقضي بعلمه في الحدود. وقال الشافعي وأبو ثور: يقضي في الحدود وغيرها بعلمه، قلت: استدلال أبي عمر على القضاء بما علمه قبل ولايته بفعل عمر يرد بأنه إنما قضى به بعد رؤيته فهو قضاء بعلمه المستصحب إلى وقت الحكم، فهو حكم بما علمه في ولايته، فتأمله. المازري: في حكمه بما علمه مطلقًا ثالثها: بما علمه بعد ولايته غير حد، ورابعها: هذا ولو علمه قبل ولايته، وخامسها: بما علمه غير حد في مجلس قضائه لأحد قولي الشافعي ومالك مع الأوزاعي، والشعبي، وجماعة، وأبي حنيفة، وأبي يوسف، وسحنون مع عبد الملك، وعلى المشهور أنه لا يحكم عليه بما أقر به في مجلس حكومته في صحة شهادته علته أنه عند غيره، سماع عيسى ابن القاسم، ونقل ابن رشد نقل محمد أحد قولي ابن القاسم. اللخمي: إن حكم على الخصم بإقراره، ولم ينكر حتى حكم عليه، ثم أنكر بعد الحكم، وقال: ما كنت أقررت بشيء؛ لم ينظر إلى إنكاره هذا مشهور المذهب. وقال ابن الجلاب: إن ذكر الحاكم أنه حكم بأمر، وأنكر المحكوم عليه؛ لم يقبل

قول الحاكم إلا ببينة، وهو أشبه في قضاة اليوم؛ لضعف عدالتهم. المازري من الحكمة والمصلحة منع القاضي الحكم بعلمه خوف كونه غير عدل، فيقول: علمت فيما لا علم له به، وعتلى هذا التعليل؛ لا يقبل قوله: ثبت عندي كذا إألا أن يسمي البينة، وقد ركب ابن القصار هذا وقال: لا يقبل منه حتى يسمي البينة، وكذا قال ابن الجلاب، فذكر ما نقله اللخمي عنه قال: وقال: أصبغ في الواضحة: إن أنكر المحكوم عليه أنه خاصم عند القاضي، وأعذر إليه، فحكم عليه قبل قول القاضي أنه فعله؛ ابن الجلاب: إن أنكر أنه أقر بعد الحكم؛ لم يفده على المشهور، وفي الجلاب: إن ذكر الحاكم أنه حكم، فأنكر المحكوم عليه؛ لم يقبل إلا ببينة على حكمه. ابن عبد السلام: إنما فسر المؤلف الشاذ بقول ابن الجلاب؛ لأن كلامه ليس نصًا في مخالفته القول المشهور؛ لأن مسألة المشهور ما خالف الخصم في أن القاضي حكم عليه؛ إنما خالف في سببه القاضي بقول: حكمت عليك بعد إقراره، والخصم يدعي جوره أو سهوه، ويقول: حكم علي، ولم أقر. وفي مسألة الجلاب: القاضي يقول: حكمت عليه، والخصم يقول: ما حكم علي، ولو عرضت مسألة المشهور على الجلاب؛ لاحتمل أن يوافق المشهور لإقرار الخصم فيها أن القاضي حكم عليه. قُلتُ: هذا يدل على فهمه مسألة الجلاب على أن قبول قول القاضي إنما يتوقف على البينة بقضائه بذ لك فقط، ودليل قول المازري المتقدم: أنه متوقف على إثباته البينة التي حكم بها تسميتها لا البينة بمجرد حكمه، وهو مقتضى جعل اللخمي قول الجلاب خلاف المشهور؛ لأن المسألة التي جعل حكمها هو المشهور؛ إنما هو فيها قبول قول القاضي في إسناده حكمه الذي أنفذه لموجبه الشرعي، وهو إقرار الخصم المستمر لوقت نفوذ الحكم عليه، وجعل قول الجلاب خلافه، ولا يتقرر كونه خلافه إلا بما فسر به المازري من أنه موقوف على ثبوت ما استند إليه حكمه شرعًا بتسميته وهو البينة، وذلك بخلاف ما فسر به الشيخ فتأمله، ثم قال اللخمي: إن أنكر المحكوم عليه أنه خاصم عند هذا القاضي، وقال القاضي: خاصمت وأعذرت إليك وعجزت،

فحكمت إليك؛ فقال أصبغ: القول قول القاضي، وقال ابن الجلاب: لا يقبل قوله إلا ببينة، وإن كان مضمون الحكم وقفًا على رجل؛ لم يقبل قوله على المحكوم عليه إلا ببينة؛ لأنه في هذا دافع عن نفسه، وقاله أصبغ في الواضحة، وفرق بين هذا وبين كون الحكم بين متنازعين، ولو حكم بغرم رجل مائة دينار لآخر ببينة معينة، فقالت: إنما شهدنا بها للمحكوم عليه على المحكوم له، والقاضي متيقن ما حكم به؛ ففي مضي حكمه ونقضه فيما بين المحكوم عليه، والحاكم يغرمه ذلك قولا ابن تالقاسم وسحنون قائلًا: ولا يرجع على الشهود بشيء، ومحمد قائلًا ويغرم المائة للمحكوم عليه، ولا يرجع على الشهود، وعليه ينبغي إن كان الحاكم فقيرًا؛ نزع المال من المحكوم له للمحكوم عليه إن رقع ذلك لحاكم غير الأول، وظاهر نقل اللخمي: أن القاضي إنما يغرم مائة واحدة، ولما نقل المازري عن محمد ما تقدم قال: ولم يكتف محمد بإغرامه المائة التي حكم بدفعها لمن صارت له فقط؛ بل أغرمه مائة أخرى هي المشهود بها للمحكوم عليه على المحكوم له، ولو قال القاضي: أشك في ىذلك؛ نقض حكمه بين الخصمين، ورجع لما تقوله البينة الآن، وغرم المحكوم له ما يبين. قُلتُ: ذكر الشيخ عن ابن القاسم نحو ما تقدم، وقيده بكونه عدلًا. اللخمي: لو أنكر الحاكم والمحكوم عليه الحكم وقال: ما حكمت بهذا، فشهدت بينة بحكمه له؛ وجب تنفيذه. قُلتُ: وحكاه الشيخ عن ابن القاسم وابن وهب. وفي التلقين: إن بنى الحاكم حكمًا حكم به، فإن شهد عنده عدلان؛ أنفذ شهادتهما. المازري: هذا خلاف مذهب مالك خلاف مذهب أبي حنيفة والشافعي، ولم يذكر عن المذهب خلافًا فيه. وفي جامع العتبية: قال مالك: قدم بالهرمزان، وجهينة على عمر، فأراد قتلهما، فكلمهما، فاستعجما عليه، فقال: لا بأس عليكما، ثم أراد قتلهما، فقالا: ليس لك ذلك قد قلت: لا بأس عليكما. ابن شد: الهرمزان: سيد دستر حصره أبو موسى في قلعة له حتى نزل على حكم

عمر، فقال: انتهيا به لعمر، قال له عمر: تكلم، قال: كلام حي أو ميت؟! قال: تكلم فلا بأس، قال: إنا وإياكم معاشر العرب ما خلا الله بيننا وبينكم كنا ونقتلكم، فلما كان الله معكم؛ لم يكن لنا بكم يدان، قال عمر: ما تقول يا أنس؟ قلت: يا أمير المؤمنين تركت بعده عدده كثيرًا، وشوكة إن قتله أيس القوم من الحياة، ويكون أشد لشوكتهم. فقال: أستحيي قاتل البراء بن مالك، ومجزأة بن ثور، فلما خفت أن يقتله قلت: ليس إلى قتله من سبيل، قد قلت له: تكلم؛ فلا بأس، فقال: لتأتين بمن يشهد له غيرك، فشهد الزبير معي، فأمسك عمر عنه، فأسلم وفرض له. قُلتُ: وهذا حجة لمالك. قال ابن شاس بعد نقله كلام التلقين: وحكى الشيخ أبو محمد رواية: أنه لا يلتفت إلى البينة بذلك، ولا يحكم بها. قُلتُ: لم أجد هذا في النوادر؛ بل نقيضه حسبما تقدم، وعدم ذكرها. المازري واللخمي وابن رشد: وعدم وجدانها في النوادر يوجب منها في النفس شيئًا، ولما ذكر لي أن في بعض نسخ ابن شاس: الشيخ أبو عمر نظرت في كتابه الكافي، فذكر فيه الرواية معزوة لمالك وأصحابه قال: وقول من قال: لا يجيبه إلى ذلك، ولا يسمع من بينته أولًا؛ لأنها تشهد عنده على عقده ما لم يعلمه من نفسه. قُلتُ: ما تقدم عن عمر رضى الله عنه يرده وروايات الأمهات واضحة بوجوب تسوية القاضي بين الخصمين في مجلسهما بين يديه، والنظر إليهما، والسماع منهما، ورفع صوته عليهما. قال الشيخ عن أشهب: إلا من نظر إليه إغلاظًا عليه للردة إذا كان بحيث لو صدر ذلك من الآخر؛ فعل به مثله. المازري: لو كان الخصمان مسلمًا وذميًا، ففي تسويتهما في مجلسهما كمسلمين، وجعل المسلبم أرفع قولان. قُلتُ: لم يذكر الشيخ غير الأول معزوًا لأصبغ، والروايات مطلقة في وجوب التسوية بين مطلق الخصمين، وذكر اللخمي القولين، وقال: أرى أن يتقدم المسلم

الذمي بيسير، وقال: قال أشهب: للقاضي أن يشد على عضد أحدهما إن رأى ضعفه عن صاحبه وخوفه منه؛ ليبسط أمله، ورجاءه في العدل، ويلقنه حجة عمي عنها إنما يمنع تلقين أحدهما الفجور. قُلتُ: زاد الشيخ في المجموعة، وكتاب ابن سحنون: لا ينبغي أن يشد على عضد أحدهما، ولا يلقنه حجة. الشيخ: لأشهب في المجموعة: إن جلس الخصمان بين يديه؛ فلا بأس أن يقول: ما لكما، أو ما خصومتكما، أو يسكت ليبتدآه، فإن تكلم المدعي؛ أسكت الآخر حتى يسمع حجة المدعي، ثم يسكته، ويستنطق الآخر منهم حجة كل واحد منهما، ولا يبتدئ أحدهما فيقول: ما تقول: أو مالك إلا أن يكون علم أنه المدعي، ولا بأس أن يقول: أيكم المدعي؟ فإن قال أحدهما: أنا، وسكت الآخر؛ فلا بأس أن يسأله عن دعواه، وأحب إلي أن لا يسأله حتى يقو خصمه بذلك، وإن قال كل منهما للآخر: هذا المدعي أقامهما عنه حتى يأتيه أحدهما، فيكون هو الطالب، وقاله أصبغ ابن عبد الحكم: إن ادعى كل منهما أنه المدعي، فإن كان أحدهما جلب الآخر؛ فالجالب المدعي، وإن لم يدر الجالب؛ بدأ بأيهما شاء، وإن كان أحدهما ضعيفًا، فأحب إلي أن يبدأ بالآخر. اللخمي: إن صرفهما لدعوى كل منهما أنه الطالب، فأبى أحدهما الانصراف؛ بدأ به، وإن بقي كل منهما متعلقًا بالآخر؛ أقرع بينهما، وإن كان لكل منهما على الآخر طلب وتشاحا في الابتداء؛ أقرع بينهما، وقيل: الحاكم بالخيار، واستحب ابن عبد الحكم أن يبتدئ بالنظر لأضعفهما. الشيخ لابن سحنون عنه: كان إذا سمع الدعوى والإنكار؛ أمر كاتبه بكتبهما؛ ثم عرض ما كتب عليهما؛ فإن وافقا عليه؛ أقره، وإن كان شيئًا غيره، ثم سأل البينة عن شهادتها، فإن خالفت الدعوي؛ لم يأمر بكتبها وأخرجهم، وإن وافقتها؛ كتبها. ولأصبغ: إذا أقر أحدهما بما للآخر فيه نفع؛ فلا بأس أن ينبهه القاضي بقوله: هذا لك فيه نفع، هات قرطاسك أكتب لك فيه، ولا ينبغي له ترك ذلك، ويجب جواب دعوى أحد الشركاء في حق بادئه أو غيره على غريم طلبه، وإن لم يطلبه باقيهم إن لم

يقوموا لطلبه معه، ولو حضر مع شركائه أو بعضهم لمخاصمته؛ فللمدعي عليه ترك مخاصمتهم مفترقين حتى يقدموا لخصومته واحدًا فقط. وقول ابن المناصف: إذا كان لجماعة حق واحد على رجل؛ فإما وكلوا كلهم واحدًا على خصومته، أو خاصموه مجتمعين، ولا يتعاورون عليه واحدًا بعد واحد إطلاقه وهم، أما ألأول؛ فلقولها في الولاء لمن ورث حقًا في دار الخصومة فيه: ولا يقضي له إلا بحظه، ولجواب ابن رشد بقوله في سؤال عياض له لمن قام من أصحاب جنات: لهم حق في ماء الخصومة في حقه، ومكنه الحاكم من ذلك، وإن لم يقم بقية أصحابه معه. وأما الثاني؛ فلجوابه عن ورثة قام بعضهم بقوله: من حق المطلوب اجتماع الورثة في مخاصمته، أو توكيل واحد عنهم لسماع ابن القاسم في الأقضية في ورثة ادعوا منزلًا بيد رجل يوكلون من يخاصمه، لا يتعاورونه هذا يومًا وهذا يومًا، وإذا ذكر المدعي دعواه؛ فمقتضى المذهب أمر القاضي خصمه بجوابه إن استحقت الدعوى جوابًا، وإلا فلا؛ كقول المدعي: هذا أخبرني البارحة أنه رأى هلال الشهر، أو سمع من يعرف للقطة، ولا يتوقف أمره بالجواب على طلب المدعي لذلك بوضوح دلالة حالة التداعي عليه. المازري: إن لم يكن من المدعي أكثر من الدعوى، فإن قال للقاضي: لي عند هذا ألف درهم؛ فللشافعية في هذا وجهان: أحدهما: ليس للقاضي طلب المدعى عليه بجواب؛ لعدم تصريح المدعي بذلك، وذكر أن أخوين بالبصرة كانا يتوكلان على أبواب القضاة، ولهما فقه، فلما ولي عيسى بن أبان قضاء البصرة، وهو ممن عاصر الشافعي، أراد الأخوان أن يعلماه مكانهما من العلم، فأتياه، فقال له أحدهما: لي عند هذا كذا وكذا، فقال عيسى للآخر أجبه، فقال المدعى عليه: ومن أذن لك ان تستدعي جوابي، وقال المدعي: لم آذن لك في ذلك، فوجم عيسى بن أبان فقالا له: إنما أردنا ان نعلمك مكاننا من العلم، وعرفاه بأنفسهما، وعنده مناقشة لا طائل تحتها؛ لأن الحال شاهدة بذلك، وهو ظاهر مذاهب العلماء. قُلتُ: وظاهر قول المازري: ومن نقل عنه توجه دعوى المدعي بإيجاب جوابه

خصمه بمجرد قوله: لي عند هذا ألف درهم، وليس كذلك، بل لا بد من بيانه ما به تقررت له عليه من سلف أو معاوضة، أو بت عطية أو عدة بها؛ لجواز كونها بأمر لا يوجب وجوبها عليه، كعدة أو عطية من مال أجنبي ونحو ذلك، وحق المدعي المقرأن لا بينة له إن أنكر خصمه دعواه الجائز إقراره تحليفه إياه. المازري: الأصل أن القاضي لا يستحلفه إلا بإذن المدعي إلا أن تدل قرينة الحال على أنه أراد من القاضي ذلك، وذكر عن بعض القضاة: أن رجلًا ادعى على رجل ثلاثين دينارًا، فأنكر المدعى عليه، فاستحلفه القاضي، فقال الطالب: لم آذن في هذه اليمين، ولم أرض بها؛ فلا بد أن تعاد اليمين، وامر القاضي غلامه أن يدفع عن المطلوب من ماله ثلاثين دينارًا كراهة أن يكلفه إعادة اليمين قضى عليه بها. وفي الشهادات منها: وإن حلف المطلوب، ثم وجد الطالب بينة، فإن لم يكن علم بها؛ قضى بها، وإن استحلفه بعد علمه بها تاركًا لها، وهي حاضرة أو غائبة؛ فلا حق له، وإن قدمت بينته، وإن قال الطالب للقاضي بينتي غائبة، فأحلفه لي، فإن قدمت؛ قمت بها، فإن كانت بعيدة، وخاف القاضي تطاول الأمر، وذهاب الغريم؛ أحلفه له، وله القيام ببينته إذا قدمت، وإن قربت غيبتها كاليومين والثلاثة لم يحلفه إلا على إسقاطها، وظاهر قوله: إن لم يكن علم بها؛ قضى له بها دون يمينه أنه ما علم بها. وقال الصقلي عن ابن الماجشون: كانت بينته حاضرة أو غائبة بعد حلفه ما علم بها، ولو وجد شاهدًا واحدًا، فقال الأخوان وابن عبد الحكم وأصبغ: لا يحلف معه، ولا يقضى لع إلا بشاهدين. قُلتُ: ما ذكره عن ابن الماجشون من قوله: بعد حلفه ما علم بها ذكره ابن فتوح وغيره غير معزو لابن الماجشون كأنه المذهب. قال ابن عات: تكون يمينه معتبرة القبول للبينة إلا ان يكون في الخصام تطويل ابن فتوح من الحزم للمدعى عليه إذا دعي اليمين؛ أن يلتزم المدعى عليه أنه أسقط بينته علمها أو جهلها، فإن عقد عليه هذا؛ لم تسمع بينته. وسمع القرينان من كتاب الديات: من قضى من له عليه دينار ديناره ببينة، ثم

تقاضاه منه بعد شهر، فقال له: قضيتكه وأشهدت عليك بذلك فلانًا وفلانًا، فأنكره، فقال: أتحلف، قال: نعم، فحلف وقضاه؛ فله القيام عليه بالشاهدين. ابن رشد مثله في الموازية من رواية ابن عبد الحكم، وفي الثمانية للأخوين، وزاد ابن الماجشون: أنه آثم إلجائه إلى يمين باطلة، وبينته حاضرة يعلبمها. وفي الواضحة للأخوين مثل المدونة: لا قيام له، ولا يدخل هذا الخلاف في الصلح، وذكر الصقلي استحسان بعض القرويين ما في المدونة: إن كان أمر البنات يطول عند القضاة؛ فالأقوال به ثلاثة. ابن فتوح: إنما يكون له أن يحلفه، وبينته غائبة على أنه يقوم بها بعد حلفه أنه ببلد بعيد، ويسمي البينة، قلت: ويعين الموضع خوف أنم يعتقد فيما ليس بعيدًا أنه بعيد والخوف في المفاذة يصير القريب بعيدًا. ابن فتوح: من ادعى على رجل بحقوق عددها، وقال بعضها: لا بينة له به، وله على بعضها بينة غائبة، وطلب حلفه على ما لا بينة له عليه به، وبناه على ما له عليه البينة؛ لم يكن له أن يحلفه على ما لا بينة له عليه إلا إن التزم أنه إن عجز عن بينة ما قال أن له عليه بينة؛ لم يحلفه عليه، وإلا أخر تحليفه لوقت إقامته تلك، فإن أقامها، وإلا جمع دعاوزيه، وحلفه على جميعها. وسمع ابن القاسم: من طلب رجلًا بمائة دينار، وقال المدين: إنما علي مائة، وقال الطالب: ضاع ذكر حقي بالمائتين، ونسيت شهوده فصالحه على ما يبين دعواهما، ثم وجد كتابه بشهوده، فإن عرف هذا من قوله؛ فله القيام بذكر حقه، ويغرمه بقيته. ابن رشد: يريد: بقوله عرف أنه كان قبل الصلح له ذكر حق ضاع، ودليله أنه إن لم يعرف ذلك من قوله؛ فلا قيام له؛ كقول مالك في كتاب الجدار: إن صالحه جاهلًا بينته؛ فلا شيء له، خلاف قولها في الصلح: من صالح جاهلًا ببينته؛ فله القيام ببقية حقه إن وجد بينة، ويحتمل أن يكون معنى قوله هنا رجع ببقية حقه دون يمين، وإن لم يعرف قوله ذلك؛ لم يرجع إلا بعد يمينه أنه إنما صالحه وكتابه قد ضاع، ولا يعرف شهوده؛ فلا يكون ما في السماع مخالفًا لما في المدونة، وفرق في كتاب الجدار بين

المسألتين، فيتحصل فيها ثلاثة: عدم رجوعه بوجود ذكر حقه، ولا بعثوره على بينة لم يكن علمها، ورجوعه في الوجهين، ورجوعه بوجوده ذكر الحق لا بعثوره على البينة. أول مسألة من أقضيتها: قال مالك: وجه حكم القضاء إذا أدلى الخصمان بحجتهما، ىوفهم عنهما أن يقول لهما: أبقيت لكما حجة، فإن قالا: لا وقع الحكم، فإن أراد بعد ذلك نقض ذلك؛ لم يقبل منهما إلا أن يأتيا بأمر له وجه. ابن القاسم: مثل أن يأتي شاهد عند من لا يرى الشاهد واليمين، وقال الخصم: لا أعلم لي شاهدًا آخر، فحكم عليه، ثم قدر على شاهد آخر؛ قضى لهذا الآخر. عياض: مراد يفهم عنهما تحققه ما سمعه منهما دون احتمال، لا أنه فهم من معرض كلامهما، ولحن خطابهما، ليس هذا مما تقام الأحكام به. وقد قال أشهب وسحنون وغيرهما: لا يقضي حتى لا يشك أنه قد فهم؛ فإمات أن يظن أن قد فهم، ويخاف ألا يكون فهم؛ فلا يقضي به، قلت: هذا خلاف ظاهر قول ابن محرز. قوله: وفهم القاضي عنهما؛ لعل فهمه عنها يقوم مقام ما سمعه منهما؛ لأنه حمله على أنه يجتزئ بمجرد فهمه، وذلك عندي جار على الاختلاف في صحة الشهادة بأوله. قال ابن رشد في رسم الطلاق من سماع القرينين في التخيير والتمليك في إعمال الشهادة بما يظهر من قصد المشهود عليه وإرادته ثالثها: وبت الشاهد شهادته بذلك بسماع القرينين مع سماع أصبغ ابن القاسم، وسماعه يحيى وأصبغ: وترك الشهادة بها أيام، قضى ابن عبد السلام بتونس في مال معتبر نحو ألف دينار ذهبًا أمكيرية، فحكم بما فيها. عياض: قوله (أبقيت لكما حجة قبل)؛ صوابه أن يقول للمحكوم عليه، وعليه اختصرها الشيخ ومن تبعه: فهو الذي يعذر له لا للمحكوم له، وقيل: صوابه بما فيها أن المطلوب إذا ذكر حجة، سئل الطالب عن جوابها، كأنه أبقي لكما كلام أسمعه منكما.

عياض: وأوجه ما فيه عندي: أن الحكم يتوجه مرة على الطالب، ومرة على المطلوب، فيقول لهما: ذلك على الانفراد، فصح اختصار ذلك في لفظ واحد. اللخمي: اختلف إذا لم يثبت على المدعي عليه بتلك الدعوى شيء هل يكتب له بذلك حكم؟ فقال عبد الملك: من ادعى شسيئًا، وعجز عن تزكية بينة له، فقال المطلوب للقاضي: احكم بعجزه؛ لئلا يقوم بها على ثانية؛ ليس ذلك على الاقاضي، وقال مطرف: عليه ذلك، واختلف إن أتى بعد ذلك من يزكيها، أو بينة عدلة بعد ذلك، فأصل مالك وابن القاسم: أنها تقبل، وقال مطرف: لا تقبل إلا في العتق والطلاق والنسب. وسمع يحيى ابن القاسم في كتاب الشهادات: إذا قضى القاضي لرجل، وسجل له، وأشهد له عليه، ثم قام المحكوم عليه بينة تجريح بعض من حكم به؛ قبل يمينه إن رأى له وجهًا، كقوله: جهلت سوء حالهم حتى ذكر لي، وظهر أنه غير ملد، ومن ولي بعد القاضي في ذلك مثله إن كان ادعاه عند الأول، وإن كان لم يقم به عند الأول. ابن رشد: تمكينه من التجريح بعد التسجيل عليه إن كان له وجه كقولها: وسكت عن جواب إن قام بذلك عند من ولي بعد الأول، ولم يقم به عنده وفيه ثالثها: لا يمكنه منه القاضي المسجل، ويمكنه من ولي بعده هذا في المطلوب، وفي الطالب رابعها: قول ابن الماجشون: الفرق بين أن يعجزه في أول قيامه قبل أن يجب على المطلوب عمل، وبين أن يعجز بعد أن وجب على المطلوب عمل، ثم رجع على الطالب، وهذا الاختلاف؛ إنما هو إن عجزه القاضي بإقراره بالعجز، ولو عجزه بعد التلوم والإعذار، وهو يدعي أن له حجة؛ لم يقبل منه ما أتى به من حجة بعد ذلك؛ لأن ذلك قد رد من قوله قبل نفوذ الحكم عليه. وسمع أصبغ ابن القاسم: من ادعى على نكاح امرأة أنكرته بينة بعيدة؛ لم ينتظر إلا في بينة قريبة، ولا يضر ذلك بالمرأة، ويرى الإمام لما ادعاه وجهًا، فإن عجزه، ثم أتى ببينته، فقد مضى الحكم نكحت المرأة أم لا؟. ابن رشد: لا يقبل منه بينة بعد التعجيز خلاف سماع أصبغ من كتاب الصدقات وظاهر المدونة؛ إذ لم يفرق فيها بين تعجيز الطالب أو المطلوب، ثم ذكر ما تقدم.

المازري: إن سجل القاضي بحكمه لطالبه؛ ففي قبول ما يأتي به المطلوب مما يبطل ذلك الحكم ثالثها: عند ذلك القاضي لا غيره. لها ولسحنون ومحمد: وتجري الثلاثة في عجز الطالب والإعذرًا سؤال الحاكم من توجه عليه موجب حكم هل له ما يسقطه؟ قال غير واحد: واللفظ لابن فتوح: لا ينبغي للقاضي تنفيذ حكم على أحد حتى يعذر إليه، قلت: ظاهره: ولو فيما شهد به على الخصم من إقرار بمحضر الحاكم. ولابن رشد في رسم الجواب من سماع عيسى من الأقضية: يحكم عليه بتلك البينة دون إعذار، قاله ابن العطار، وفي ذلك اختلاف. قُلتُ: قال ابن سهل: لا يعذر فيها لعلمه بها، وقطعه بتحقيقها. قال أبو إبراهيم التجيبي: وسقوط الإعذار في ذلك إجماع من المتقدمين والمتأخرين، وكذا ذكره ابن العطار، وأنكره ابن الفخار وقال: في ذلك اختلاف قد قال معنى لا يحكم بعلمه، ولا بما يقر به عنده، فإذا هذ اكهذا؛ فكيف يقضي بالبينة دون إعذار، فقد تبين الإعذار فيهما أنهما غير عدلين. قال ابن سهل: وهو القياس الصحيح لمن قال: لا يقضي بعلمه، ولا سيما بما سمعه في مجلس حكمه، وبما قاله أبو إبراهيم وابن العطار؛ جرى العمل. وذكر ابن سهل في مسألة أبي الخير الزنديق الملقب لزندقته بأبي الشر: أنه شهد عليه بأنواع كثيرة من الزندقة الواضحة عدد كثير ثبتت عدالة نحو عشرين منهم، وأكثر من ضعفهم استظهار، فأفتى قاضي الجماعة منذر بن سعيد، وإسحاق بن إبراهيم، وصاحب صلاة الجماعة أحمد بن مطرف وغيرهم بقتله دون إعذار له، وأشار بعض من حضر من أهل العلم بأن يعذر إليه، فأخذ الناظر في أمره بالقول بعدم الإعذار، وإذا طلب قاض عزل بجرحة ثبتت عليه، فقال ابن الحاج في نوازله: لا يعذر له؛ لأنه طلب لخطة القضاء، وطلبها جرحة، فقال: إنما طلبتها لدفع معرة سقوط شهادتي، ولدرء الجرحة عني لا لطلب القضاء؛ احتمل أن يجاب بالإعذار له، فيسمى له شهود تجريحه إن جرحهم؛ سقط جرحه، وأن لا يجيب إلى ذلك؛ لأنه حق للمسلمين لا لمعين، وقبول

تجريح السر؛ يمنع تسمية شهود تجريحه، فيسقط الإعذار، كما لو علم القاضي جرحه بغير واسطة، وأفتى الفقيه المشاور أبو الوليد هشام بن أحمد عرف بابن العواد بعدم الإعذار إليه قال: والقول به باطل، وتغيير لسنة الإسلام. قُلتُ: ومقتضى تعليل ابن مغيث منع حكم الحاكم بعلمه يتعذر الإعذار فيه؛ لأنه لا يعذر في نفسه مع الإقرار على حكمه بعلمه في الجرح سقوط الإعذار فيه، فأفتى ابن رشد في نوازله إن عزل وصيًا من ولاه بأمر رآه باجتهاده؛ فليس عليه أن يعلمه به، وإن عزله لجرحة؛ ثبتت عنده، فطلبه أن يعذر إليه في ذلك، ووجد بخط الفقيه أبي القاسم بن البراء أحد قضاة تونس في أواسط القرن السابع: وجدت بخط ابن زيدان أن أهل الجزيرة الخضراء شكوا سوء حال قاضيهم ابن عبد الخالق لأمير المسلمين علي بن يوسف بن تاشفين، فرد أمره لقاضي سبتة ابن منصور فقال: سألت عنه سرًا؛ فصح عنه أنه لا يصلح للقضاء، فقال له المعزول: عرفني بمن صح عندك لعله عدو لي، فأبى تعريفه، فأفتى فقهاء قرطبة بلزوم تعريفه بمن ثبتت جرحته، وقال أبو الوليد بن رشد: لا يلزم تعريفه بمن ثبت تحريحه، واحتج بأن هذا ليس من باب الأحكام التي يعزل فيها بالتعديل والتجريح؛ بل يكفي في العزل للشكوى؛ كفعل عمر في سعد بن أبي وقاص قال: ولهذا المعزول أن يزكي نفسه؛ لتقبل شهادته، ولا يكون عزله جرحة؛ إذ القضاء حق للمسلمين؛ ولذا لا يمكن من الإعذار، فذكر ذلك للقاضي ابن أحمد فقال: لا يصح الاحتجاج بقضية سعد؛ لأن ذلك إنما هو للأمراء العام نظرهم في ذلك وغيرهم، ودليله أن من عزل منهم؛ قوسم بعضهم فيما بأيديهم، والقاضي ليس له ذلك، ومال إلى الإعذار للقاضي من أجل جرحته، وإذا ظن أن من أعذر إليه لجهل؛ ما يسقط عنه خصمه نبهه الحاكم عليه. وفي السرقة منها: إذا زكيت البينة، والمطلوب بجهل التجريح من جهة الرجال، وضعفة النساء؛ أخبره القاضي بما له من ذلك، وبينة له لعل بينه وبينه عداوة، أو شركة مما لا يعلمه المعزولون، فإن كان مثله لا يجهل التجريح؛ لم يدعه إليه، وليس كرد اليمين؛ لأن الحكم لا يتم إلا بردها.

قُلتُ: كذا الواقع في أكثر نسخ المدونة: أو شركة من الشركة، وفي بعضها: أو شر من الشرورة، وفهم هذه الرواية إن ثبتت واضح، وفي الرواية الأولى إشكال؛ لأن شهادة الشريك على شريكه جائزة، فقال بعضهم: معناه: إذا شهد أحد المتفاوضين لصاحبه، ورد بأن ظاهر اللفظ أن الشركة المذكورة هي بين الشاهد والمشهود عليه لا بين الشاهد والطالب، واجاب أبو موسى المومتاني من فقهاء فاس بأن معنى المسألة أن أحد الشركاء شهد على شريكه في ربع بينهما أنه باع حظه منه، فترد شهادته بتهمته على الشفعة، وكذا إن كان عبد بين اثنين أعتق أحدهما حظه منه وهو عديم، وشهد عليه شريكه أنه مديان لفلان بدين يرد عتقه؛ لأنه يتهم رد عتقه؛ لأنه يغيب عليه العبد، وكذا إن شهد عليه أنه ملي؛ لأنه يتهم في أن يقوم عليه. وسمع القرينان: لا يقوم الحاكم لمن شهدت عليه بينة: عدلت دونك فجرح؛ لأنه توهين للبينة. ابن نافع: أرى أن يقوله له. ابن رشد: هذا الواجب عند مالك أن يقول له: إن كان عندك ما تسقط به شهادتهم، فأت به، وفي تمكين المطلوب من فسخه بما شاهد به عليه مطلقًا، أو إن كان فيما يشكل، ويحتاج المطلوب فيه إلى تدبر وتأمل نقلا المازري عن القاضي أبي طالب، والشيخ المازري، وعليه العمل، فإن ادعى المحكوم عليه أنه يأتي ببينته على ما له به نفع؛ أجل لها. سمع القرينان: من أقام بينة على ملكه منزلًا بيد رجل، فسئل من بيده المنزل عن حجته، فيذكر حجة، لو قامت بها بينة؛ كان أولى بالمنزل من مدعيه، وسأل ضرب الأجل لإثباته بالبينة على ذلك، فأجل الأجل الواسع الشهرين والثلاثة، فيمضي الأجل، ولم يذكر شيئًا، ويحضر غيبة شهوده، وتفرقهم أيضرب له أجل آخر أم يقضي عليه؟ قال: أما الرجل المأمون الذي لا يتهم على المدعي بباطل، ولا يتقوله، فيزيده في الأجل، وأما الملد الذي يرى أنه يريد الإضرار بخصمه؛ فلا يمكن من ذلك إلا أن يذكر أمرًا يقارب شأنه، ثم يختبر كذبه في مثله.

ابن رشد: ضرب الأجل للمحكوم عليه فيما يدعيه من بينة مصروف لاجتهاد الحاكم بحسب ما يظهر له من حال المضروب له الأجل، والأصل فيه قول عمر في كتبه لأبي موسى الأشعري من قوله: واجعل لمن ادعى حقًا غائبًا أو بينةً أمرًا ينتهي إليه، فإن أحضر بينة؛ أخذت له بحقه، وإلا استحللت عليه القضية، والذي مضى عليه عمل الحكام في التأجيل في الأصول ثلاثون يومًا تضرب له عشرة أيام، ثم عشرة أيام، ثم يتلوم له بعشرة، أو ثمانية، ثم ثمانية، ثمانية، ثم يتلوم له بستة، أو خمسة عشر يومًا، ثم ثمانية، ثم أربعة، ثم يتلوم له تتمة ثلاثين يومًا، أو يضرب له أجلًا قاطعًا من ثلاثين يومًا يدخل فيه التلوم والآجال كل ذلك مضى من فعل القضاة، وهذا مع حضور بينة في البلد، وإن كانت غائبة عن البلد فأكثر من ذلك على ما تضمنه هذ االسماع من اجتهاد الحاكم، قلت: ذكر ابن فتوح نحو هذا، وقال بتفريق الآجال جرى العمل، وعليه ثبتت السجلات، وليس يضرب لمن ذهب لاستدفاع يمين واجبة عليه مثل الآجال المذكورة، وإنما يؤجل في ذلك إذا زعم أن عنده ما يدفع عنه اليمين الأجل القريب ثلاثة ونحوها؛ لأن قوله هذا محمول على اللدد، والآجال في الديون والحقوق دونها في الخصام في العقار والأصول، وتختلف الآجال في الأصول باختلاف أحوال المضروب لهم. اللخمي: ويقدم القاضي الخصوم الأول فالأول، إلا المسافر أو ما يخشى فوته، وإن تعذر معرفة الأول؛ كتب أسماؤهم في بطائق، وخلطت، فمن يخرج اسمه؛ بدئ به، وذلك كالقرعة بينهم. وزاد المازري: إذا وجب تبدئة الأسبق، فقال أصحاب الشافعي: إنما يقدم الأسبق في خصام واحد لا في سائر مطالبه، وهذا مما ينظر فيه إن سبق بخصمين؛ قدم في خصومته فيهما معًا، وإن كان مما لا يطول، ولا يضر بالجماعة الذين بعده. قُلتُ: ظاهره: أن هذا غير مخصوص لأصحابنا. وفي النوادر عن أصبغ: إذا قضى بين الخصمين في أمر اختصما فيه، ثم أخذا في حجة أخرى في خصومة أخرى، فإن كان بين يديه غيرهما؛ لم يسمع منهما حتى يفرغ ممن بين يديه إلا أن يكون شيء لا ضرر فيه لمن حضره؛ فلا بأس أن يسمع منهما.

الشيخ عن سحنون: الغرباء وأهل المصر سواء إلا أن يقدم الغرباء باجتهاده فيما لا يدخل على أهل المصر ضرر، وقاله أشهب، وزاد: وأرى أن يبدأ بالغرباء كل يوم ما لم يكثروا، فلا يبدأ بهم. ابن حبيب عن الأخوين: من شأن القضاة تقديم الغرباء، وتعجيل سراحهم. قال سحنون: ولا يقدم رجل؛ لفضل منزلته وسلطانه. ولابن سحنون عنه: إن كثروا؛ كتب أسماؤهم في بطائق أو غيرها، ثم ألقوها، ثم يدعو بهم على ذلك. سحنون: ويقدم النساء على حدة، والرجال على حدة. أشهب: إن رأى أن يبدأ بالنساء في كل يوم أو بالرجال؛ فذلك له على اجتهاده؛ إما لكثرة الرجال على النساء، أو لكثرتهن على الرجال، ولا يقدم الرجال والنساء مختلطين، وإن رأى أن يجعل للنساء يومًا معلومًا أو يمين؛ فعل. ابن عبد الحكم: أحب أن يفرد للنساء يومًا، وإن احتاج لكشف وجه امرأة؛ لتعرف، أو ليشهد شهودًا عليها؛ كشفه بين أيدي العدول، ويأمر بتنحية غيرهم، ويفرق بين الرجال والنساء في المجالس، ويجعل للنصارى يومًا أو وقتًا من بعض الأيام بقدر قلتهم وكثرتهم، يجلس لهم في غير المسجد. المازري: إن كان الحكم بين رجل وامرأة؛ أبعد عن المرأة من لا خصام بينها وبينه من الرجال. قُلتُ: وينبغي أن يبعد عنها خصمها، وفي إبعاده عنها أقصى ما يمكن أن يسمع كل منهما حجة صاحبه، وأقصى أو ما يسمع الحاكم منهما، ويذكر لكل منهما قول صاحبه نظر، والأول أقرب؛ لسرعة الحكم بينهما. قال: وإن كانت شابة لها جمال، ويخاف إن تكلمت أدى سماع كلامها إلى شغف بها؛ أمرت أن توكل من ينوب عنها، وإن احتيج إلى أن يبعث إليها بدارها من تؤمن ناحيته لسنه ودينه وورعه من تكلف الحكومة في أمرها فعل، وقد حضرت العامرية فعل النبي صلى الله عليه وسلم حتى أقرت بالزنا فرجمها، وقال في المرأة الأخرى: "واغد يا أنيس على

امرأة هذا، فإن اعترفت فارجمها" فلم يأمر بإحضارها. الشيخ عن أصبغ: إن كان في أعوان القاضي ثقة؛ ولاه تقديم الخصومة إليه على منازلهم، فإن لم يكن؛ فهو نفسه. قال ابن شاس: وكذلك يفعل المفتي والمدرس عند التزاحم. قُلتُ: لا أعرف هذا نصًا لأهل المذهب إنما قاله الغزالي في الوجيز، وتخريجهما على حكم تراجم الخصوم واضح، وكذا على سماع عيسى ابن القاسم: أحب في الصانع الخياط يدفع إليه الناس ثيابهم واحدًا بعد واحد أن يبدءوا بالأول فالأول، ولم أسمع فيه شيئًا، ولعله أن يكون واسعًا إن كان الشيء الخفيف الرقعة وأشباهها. ابن رشد: جعل الاختيار تقديم الأول فالأول دون إيجاب عليه إن لم يجب عليه عمله في يوم بعينه، وكذا قال الأخوان: لا بأس أن يقدم الصانع من أحب ما لم يقصد مطلًا، وكذا يقولان في الرحى. ولسحنون: لا يقدم صاحب الرحى أحدًا على من أتى قبله إن كان سنة البلد الطحن على الدولة، وإن تحاكموا؛ قضى بينهم بسنة بلدهم، وليس قول سحنون بخلاف لقول غيره؛ لأن العرفل كالشرط. قُلتُ: وجرت عادة مدرسي تونس في الأكثر تقديم قراءة التفسير على الحديث، وتقديم الحديث على الفقه. وسمع ابن القاسم وقال: إشهاد الحاكم بحكمه يوجبه حقًا للمحكوم له، ولو مات القاضي، او عزل، او مات المحكوم عليه أو له قبل حوز المحكوم؛ له ما حكم له به. ابن رشد: اتفاقًا. المازري: ويكتب الحاكم لمن حكم له بما حكم به، وبكل حجة له من تعديل

وتجريح، وموجب حكمه؛ ليكون به حجة على المحكوم عليه إن نازعه، ويكتب بما حكم به الحاضر على غائب أبهم المكتوب له أو عينه. وسمع عيسى ابن القاسم: من ثبت حقه عند قاض؛ فله أن يكتب له بذلك كتاباً إلي أي قضاة الآفاق كان لا يسمي فيه قاضياً بعينه، ولا بلداً بعينه. ابن رُشْد: هو كما قال: اتفاقاً. قُلتُ: قال ابن المناصف: ما لم يحجر عليه الإمام ذلك حين توليته إياه. ابن رُشْد: يقول: كتابي لمن ورد عليه من القضاة بأي بلد كان، فيجب على كل من ورد عليه القضاء به، وكذا إن كتب إلي قاضي موضوع، فوجد ذلك القاضي مات أو عزل، وولي غيره؛ وجب عليه العمل به اتفاقاً، ولو كتب إلي قاضي بلد بعينه لظنه غريمه بذلك البلد، فألقاه ببلد آخر، فرفع الكتاب إلي قاضي ذلك البلد، فقال أَصْبَغ عن ابن القاسم: لا يعمل به، وقال أَصْبَغ: معناه: أنه لا يعرف بذلك البلد، ولو ثبت المدعي بينته في ذلك البلد أنه الرجل الذي حكم عليه القاضي الكاتب؛ أنفذه هذا. ابن رُشْد: معنى قول أَصْبَغ: أن من تمام الصفة أن يقول فيه الساكن ببلد كذا، أو الملتزم في صنعة كذا: لا يوجد بذلك البلد، أو في تلك الصنعة بتلك الصفة، والنسبة والتسمية سواه، فيلزمه إذا رفع الكتاب إلي قاضي بغير ذلك البلد، لم يدر احد لعل صاحبه في بلد المكتوب إليه، فوجب أن لا يحكم له على من وافقت صفته من أصل بلده الصفة المذكورة في الكتاب حني يثبت عنده أنه هو بعينه، وهو بين صحيح، وظاهر قول ابن القاسم: أنه لا ينظر له بحال؛ لأن الذي كتب إليه حي. وفيها: أن مات القاضي المكتوب إليه أو عزل، ووصل الكتاب لمن ولي بعده؛ أنقذه من وصل إليه، وإن كان إنما كتب إلي غيره أخذه منه غير واحد تعيين القاضي المكتوب إليه. المازري: اختار بعض الشيوخ عدم تسمية المكتوب إليه؛ للخروج من الخلاف؛ لأن أبا حنيفة يقول: تعيينه يوجب عدم تنفيذ من ولي بعده ما كتب به للأول؛ لأنه جعل الكتب إلي المكتوب إليه؛ كالوكالة من الكاتب للمكتوب إليه، والوكيل إذا مات أو

عزل؛ لم يقم غيره مقامه، وزاد في آخر كتاب الرجم في المدونة: وكذا أن مات القاضي الكاتب أو عزل. وسمع عيسى ابن القاسم: إذا كتب قاض بما ثبت عنده من حق في مال أو نسب أو ارث وشبه ذلك أيقول في كتبه: أتاني فلان ببينه عدلت عندي، وقبلت شهادتهما، أو لا يسميها؟ قال: نعم هو قضاء القضاة. العتبي: قيل: ينبغي أن يسميها في الحكم على الغائب؛ ليتمكن من دفع شهادتهم. ابن رُشْد: عدم تسميتهم في الكتاب صحيح؛ إذ لا نظر للمكتوب إليه في عدالتهم إلا أنه يجب عليه أن يضع أسماءهم في ديوانه؛ إذ من حق المحكوم عليه إذا قضى عليه المكتوب إليه أن يذهب للقاضي الكاتب، فيعذر إليه في البينة التي ثبت عنده بها ذلك الحق الذي خاطب به إن جرحهم، وأبطل شهادتهم رجع فيما حكم به عليه هذا إن لم يثبت عنده ما خاطب به في عقد، فإن ثبت ذلك عنده في عقد؛ فالحكم أن يدرج إليه ذلك العقد في كتابه، وبه جرى العمل، فيأخذ المحكوم عليه أو نسخته يذهب به للقاضي الكاتب؛ ليطلب البينة عن نفسه فيما حكم به عليه. وقول العتبي: قيل: ينبغي أن يسمي إلي أخر قول: وقع في بعض الروايات، وسياقاته في هذه المسألة غلط؛ إذ ليس فيها أن البينة لا تسمى في الحكم على الغائب؛ لأن كتب القاضي إلي قاض بما ثبت عنده على رجل في بلد المكتوب إليه ليس بحكم على غائب، وهى مسالة أخرى، والحكم فيها ما ذكرته بلا خلاف، والحكم على الغائب لابد من تسمية البينة فيه على القول بإرجاء الحجة له؛ ليتمكن من الطعن في البينة، وهو مشهور المذهب المعلوم من قول ابن القاسم وروايته، فإن لم يسم البينة فيه؛ فسخت القضية، قال أَصْبَغ، وهو صحيح على أن الحجة ترجى له، والحكم على الحاضر لا يفتقر لتسمية البينة فيه؛ إذ قد اعذر فيها للمحكوم عليه، وتسميتهم أحسن، قال أَصْبَغ، وبه مضى العمل. قال ابن أبي زمنين: الذي عليه الحكم تسمية البينة هذا في الحاضر، وإما الغائب والصغير؛ فلابد من تسميتها.

ولسحنون في المجموعة: أن تسميتها في الحكم على الغائب لا يلزم، وإن كان أحسن، وقوله هذا إنما يأتي على قول ابن الماجشون: أن الغائب لا ترجى له حجة، ولا مخرج له فيما حكم به عليه بجرحة البينة إلا أن يكون الشهود نصارى أو عبيد أو مولى عليهم. وعن سحنون: ترك تسمية الشهود في الحكم على الغائب أفضل؛ لأنه قد يحكم بشهادتهم، وهو عدول، ثم يحدث فيهم أحوال صحية توجب جرحتهم، فإذا عزل ذلك القاضي، أو مات؛ ادعى المحكوم عليه أن القاضي جار عليه، وقيل: غير عدول، وهذا على أن الغائب لا ترجى له حجة واستحسان. أَصْبَغ: الذي جرى به العمل من تسمية الشهود في الحكم على الحاضر معناه على القول بأنه يعجز، ولا تسمع منه بينة بعد الحكم مراعاة للقول بأنه لا يعجز ولا يسمع منه ما يأتي به من بينة لم يعلم بها نحو قول مالك فيمن عرف خطه في الكتاب، ولم يذكر الشهادة أنه يؤديها ولا تنفع، وعلى القول: كل بينته تسمع بعد الحكم عليه؛ فلابد من تسمية البينة. المازري: إذا كتب القاضي بما ثبت عنده من شهادة البينه اتفاقاً، ثم قال: إن لم يسمهم، وابرم القضية، والحكم على الغائب؛ فالمشهور عدم نفوذ حكمه، ووقع في المذهب رواية بنفوذه، وهى مطرحة عند القضاة المالكية. وسمع عيسى ابن القاسم: لا اعرف من قضاء احد أنه كتب إلي قاض تسميته من يخرج عنده، ولا سمعت به. ابن رُشْد: معناه: أنه ليس للقاضي أن يكتب في حكمة على الغائب إذا خاطب به قاضي موضعه، وقد شهدت له بينة، فجرحت مثل أن يثبت رجل ديناراً على رجل ميت أحد ورثته غائب، فقال الحاضر: قضاه الميت حقه، وإقام على ذلك بينة، فجرحها المدعى، فقضى له القاضي بحقه بعد يمينه أنه ما قضاه، ويكتب له إلي موضع الوارث الغائب بتسمية من يجرح عنده من الشهود إن كانوا جرحوا عنده؛ لأن الشهود إذا جرحوا؛ لا يعمل فيهم التعديل؛ لأن شهادة الجرح اعمل، وإذا عزل الشهود؛ أعمل

فيهم الجرح؛ فلذا يجب كتب أسماء الذين عدلوا، ويجب كتب أسماء المجرحين لهم؛ لأنه بتسميتهم يجد سبيلاً إلى تجريحهم، فيسقط الجرحة عن شهوده. ولابن محرز عن ابن عبدوس: إن رد القاضي شهادة من شهدوا للمدعي بجرحة ثبتت عنده بينة، فليشهد للمدعي عليه بأنه رد شهادتهم، ولو أنما جهلهم، أو علم جرحتهم؛ فلم يحكم بشهادتهم، فلمن جاء بعده النظر في شهادتهم، فإن صحوا؛ حكم بها. وفيها مع سماع ابن القاسم: إن مات القاضي المكتوب له كتاباً من قاض آخر؛ فعلى من ولي بعده إنقاذ الكتاب. ابن رشد: اتفاقاً إذا ثبت الكتاب عنده بشاهدين أنه كتابه، قال ابن القاسم، وابن الماجشون، وقال أشهب: لا تجوز شهادتهما أنه كتابه حتى يشهد أنه أشهدهما عليه، ولا يكفي فيه الشاهد الواحد، ولا الشهادة على أنه بخط القاضي، ولأن الختم ختمه، وهذا في الكتب التي تأتي من كورة لكوره، ومن مثل المدينة لمكة، وما جاء من أعراض المدينة إلى قاضيها من كتاب بغير بينة قبلة بمعرفة الخط، وبمعرفة الخط، وبالشاهد الواحد إذا لم يكن صاحب القضية لقرب المسافة، واستدراك ما يخشى من التعدي، قاله ابن جنيب، وقاله ابن كنانة، وابن نافع في الحقوق اليسيرة خلاف ظاهر قول ابن حبيب، وكان يعمل فيما مضى كتاب القاضي بمعرفة الخط والختم دون بينة حتى حدث اتهام الناس، فأحدثت الشهادة على كتاب الأقضية في رسم الأقضية من سماع أشهب من كتاب الوصايا: أول من أحدثه أمير المؤمنين وأهل بيته قلت: قال في كتاب لوصايا قوله: أمير المؤمنين وأهل بيته؛ يريد: به بني العباس، وقال في البخاري: أول من قال البينة على كتاب القاضي ابن أبي ليلى، وسوار بن عبد الله العنبري، والأصل أن قول القاضي به مقبول فيما أخبر أنه ثبت عنده، أو قضى به ينفذ ما أشهد به من ذلك على نفسه ما لم يعزل فيما كتب به من ذلك إلى قاض غيره؛ وجب على المكتب إليه تنفيذه؛ لأنه في كتبه بمعني المخبر لا بمعني الشاهد. وسمع أصيغ ابن القاسم في القاضي يشهد على قضائه وهو معزول أو غير معزول

ويرفعه إلى إمام غيره شهادته لا تقبل ولا يجوز ذلك القضاء إلا بشهيدين عليه غيره وقال أصبغ ابن رشد في هذه المسألة معني حقي هو أن قول القاضي قبل عزله وهو على قضائه حكمت لفلان بكذا لا يصدق فيه إن كان بمعني الشهادة مثل قول أحد المتخاصمين عند قاض حكم لي قاضي بلد كذا وكذا أو ثبت لي عنده كذا فيسأله البينة على ذلك فيأتيه من عنده بكتاب أني حكمت لفلان على فلان بكذا أو ثبت عندي له عليه كذا فهذا لا يجوز لأنه على هذا الوجه شاهد ولو أتى الرجل ابتداء للقاضي فقال له خاطب لي قاضي بلد كذا بما ثبت لي عندك على فلان أو بما حكمت لي به عليه فخاطبه بذلك لجاز لأنه مخبر لا شاهد كما يجوز قوله وينفذ فيما يسجل به على نفسه ويشهد به من الأحكام ما دام على قضائه وللأخوين وأصبغ في القضية الواضحة ما يعارض هذا السماع وذكرناه في سماع ابن القاسم. قلت: ذكر فيه ما نصه سماع أصبغ هو معني ما ذكر ابن حبيب عن الأخوين وابن وهب وأصبغ من أن القاضي لا يمكن المشهود له من أن يعدل شهوده عند قاضي بلد من البلدان، فيكتب إليه بعدالتهم إلا أن يكتب هو إلى ذلك القاضي إذا كتب بعدالة شاهد من أهل عمله للقاضي الذي شهد عنده الشاهد؛ جاز، وإن كان المشهود له سأله ذلك، فكتب له به ابتداء دون أن يكتب إليه القاضي الذي شهد عنده الشاهد يسأله عنه، وحكاه أيضا عن الأخوين وأصبغ، وهو بعيد، وإذا كتب إليه يسأله عمن شهد عنده؛ اكتفي في جوابه بمعرفة الخط دون البنية على الكتاب، قال ابن حبيب ما لم يكن فيما سأله عنه، فكتب إليه فيه قضيه قاطعة، والقياس أن لا يكتفي في شيء من ذلك بمعرفة الخط إلا فيما قرب من أعراض المدينة، وفي نوازل سحنون: لا يثبت كتاب قاض لقاض في الزنا إلا بأربعة شهداء على أنه كتابه كالشهادة على الزنا. ابن رشد: هذا على رواية مطرف في الشهادة على الشهادة في الزنا: لا تجوز إلا بأربعة على كل واحد من الأربعة اجتمعوا على الشهادة على جميعهم أو افترقوا، وعلى قول ابن القاسم؛ يجوز أن يشهد على شهادته اثنان، وهو قول ابن الماجشون: يجوز في

كتاب القاضي في الزنا شاهدان، وهو القياس والنظر. قال ابن راشد في أول مسألة من رسم جاع، فباع امرأته من سماع عيسى من كتاب الشهادات بعد أن ذكر أن حكم الحاكم يثبت بالشهد واليمين: لا يثبت كتاب القاضي بالشاهد واليمين اتفاقا. قلت: وتحمل الشهادة على كتاب القاضي بقراءته على الشهود، وقراءتهم إياه عليه واضحة، وإلا ففيه خلاف. الباجي: قال القاضي: اختلف قول مالك فيمن دفع إلى شهود كتابا مطويا، وقال: اشهدوا على بما فيه، أو كتب الحكام كتابا إلى حاكم وختمه، وأشهد الشهود به، ولم يقرأه عليهم، فقال الشهادة جائزة، وقال أيضا: لا يشهدوا به إلا أن يقرأه عند تحمل الشهادة، واحتج إسماعيل للقاضي للجواز بأنه ? دفع كتابا إلى عبد الله بن جحش، وأمر بأن يسير ليلتين، ثم يقرأ الكتاب تتبع ما فيه. ابن الحاجب: لو قال: أشهدكما على أن ما في كتابي أو حكمي فروايتان، ومثله لو أقر مثله. ابن عبد السلام: قوله: (ومثله لو أقر بمثله)؛ ظاهره: أن فيه الروايتين المذكورتين، والصحيح قبول هذه البنية، وإنما يحفظ الخلاف في المذهب بالكراهة في شهادة الشاهد، كذلك في الوصايا؛ لاحتمال أن يكون فيها جور، وحكى القاضي روايتين فيمن دفع لشهود كتابا مطويا، وقال: اشهدوا على بما فيه، قلت: قوله: إنما الخلاف في شهادة الشاهد، كذلك في الوصايا يرد بمتقدم نقل القاضي الروايتين مطلقا في الوصايا وغيرها، وما حكاه عن المذهب من الكراهة في الشهادة كذلك في الوصايا لا أعرفه، والمنصوص في أول كتاب الوصايا من المدونة. وفي العتبية: الجواز؛ وإنما أعرف المذهب الكراهة في ذلك لغير أهل المذهب.

قال ابن رشد في ثاني مسألة من رسم الأقضية من سماع القرينين في كتاب الوصايا: وذكر البخاري عن الحسن وأبي قلابة: أنهما كرها أن يشهد على وصية حتى يعلم ما فيها؛ لأنه لا يدري لعل فيها جورا، وكذا يستحب للعالم إذا أشهداه المتعاملان على أنفسهما في كتاب ذكر الحق فيما تعاملا فيه أن لا يكتب شهادته فيه إذا أشهداه على أنفسهما بما تضمنه، وأقرا عنده بمعرفة ما فيه حتى يقرأه؛ لئلا تكون المعاملة بينهما في ذلك فاسدة. قلت: فإنما عزا للمذهب الاستحباب مطلقا لا في الوصايا ولا في غيرها، وإلا أن يؤول بأن نقبض المستحب مكروه، وليس بصواب. وقال المازري في الجواب الثاني عشر في أواخر كتاب الأقضية ما نصه: وأشار المتأخرون من الأشياخ إلى إكرام الشاهد إذا أريد منه اتباع خطه في وثيقة أن يقرأ موضع العقد في الوثيقة، أو يقرأ عليه حتى ما شهد به؛ لئلا تشتمل الوثيقة على ما لا تجوز الشهادة به. قلت: فهذا، وإن خالف ما تقدم لابن رشد، لم يفرق فيه بين الوصايا وغيرها، وتمامه في فصل تحمل الشهادة. وفيها مع غيرها: شرط المحكوم فيه بما في كتاب قاض كتب بموجب الحكم فيه اشتمال الكتاب على صفة خاصة، مميزة موصوفها عن غيره، مطابقة لصفة المحكوم فيه. في اللقطة منها: إذا أتى رجل لقاض بكتاب من قاض يذكر فيه أن شهد عندي أن فلانا صاحب كتابي هذا إليك ذهب منه عبد صفته كذا لحلاه ووصفه في الكتاب، وعند هذا القاضي آبق محبوس على هذه الصفة؛ فليقبل كتاب القاضي، والبنية التي شهدت فيه على الصفة، ويدفع إليه العبد.

وسمع عيسى ابن القاسم في الأقضية: إن كتب قاض لقاض في رجل بصفته واسمه وكسبه في حق عليه، فيجد القاضي رجلين في ذلك البلد متفقين في الاسم والصفة أيأخذ صاحب الكتب من ذكر أنه منهم؟ قال: لا خيار له، ولا شيء حتى يثبت أنه أحدهما، أو لا يكون في ذلك البلد غيره كذلك، فحينئذ يستوجب عليه حقه إلا أن يكون له حجة. ابن رشد: هو كما قال اتفاقا، فإن سأل ممن ادعي عليه منهم أنه هو حميلا حتى يأتي بالبينة. فقال ابن القاسم في المدنية: لا يقضي عليه بحميل. وقال الأخوان وأصبغ: تعدى عليه به إن لم تؤمن غيبته، ولم يكن من أهل الوفاء والملاءة، وإن وجد بالبلد رجل واحد على تلك الصفة؛ كشف القاضي عن الأمر، فإن لم يذكر بالبلد غيره على تلك الصفة، أعداه عليه، وإن وجد به سواه؛ لم يكن له على واحد منهما سبيل إلا أن يثبت على أحدهما أنه هو، وإن ترك القاضي ما يؤمر به من الكشف عن ذلك، فقيل: لا يؤخذ بالحق حتى يثبت الطالب أن ليس بالبلد من هو على تلك الصفة سواه، وهو دليل سماع زونان ابن وهب، والشهادة في هذا لا تكون إلا على العلم، وقيل: يؤخذ به إلا آت يثبت هو أن بالبلد من هو على تلك الصفة، وهو ظاهر قول أشهب في سماع زونان، ورواية عيسى عن ابن القاسم في المدنية، ويأتي هناك بقية الكلام. قلت: الأول بناء: على المتمسك باستصحاب حال ما ثبت حتى يثبت رافعه؛ لأن الأصل عدم توجه الطلب على المدعي عيلة أنه المكتوب فيه، والثاني: بناء على المتمسك بأن الأصل عدم الاشتراك، واستصحاب حال العدم في مماثله؛ لأن الأصل في المحدثات العدم، وما وجد به من بقية الكلام هو قوله في سماع زونان قول ابن وهب: أن القاضي يكتب للطالب بما أثبت عنده من صفة عبده الآبق، كما له يكتب له في الدين له على الغائب باسمه ونسبه وصفته، والشهادة بذلك على الصفة؛ كالشهادة على العين يحكم بها المكتوب إليه هو قول مالك وكل أصحابه إلا ابن كنانة فإنه في المدينة لم يجز في

شيء من ذلك الشهادة على الصفة، وأجازها ابن دينار في الدين دون الآبق، والفرق عنده بينهما أن الآبق لا يعرف موضعه، ومن تمام الصفة ذكر الموضع؛ ليستبحث هل في ذلك الموضع على تلك الصفة سواه أم لا؟ ولا تمم الشهادة حتى يقولوا: أنهم يعرفونه في يديه ملكا له لم يزل ملكه عنه في علمهم حتى أنشده آبقا، ثم يحلفه القاضي أنه ما باع، ولا وهب، ولا تصدق، ثم يكتب له كتابا باستحقاقه البعد صفته كذا وكذا، فإن لم يكن حلقه؛ لم يقض له به المكتوب إليه حتى يكتب لقاضي بلده، فيحلفه ويأتيه بذلك كتابه، فإذا وصل بالكتاب لقاضي الموضع الذي به العبد، فإن وجده قد حبسه بما ثبت عنده أنه آبق أو غير محبوس، إلا أنه يقر بالإباق، وينكر أن مدعيه سيده، ولا يسمي سيدا؛ فلا خلاف أن القاضي يحكم له به، ويدفعه له على قول من يجيز الشهادة على الصفة، وعلى قول من لا يجيزها؛ لأنه لو ادعاه ووصفه دون بينة؛ لأعطاه إياه بعد التلوم واليمين؛ لأنه كلقطة، وعلى ما في الآبق من المدونة في الأمتعة المسروقة. وإن قال العبد: أنا لفلان رجل غير مدعيه حاضر أو غائب، فإن قال الحاضر: لا حق لي فيه؛ دفع لطالبه، وإن ادعاه طلب بالبينة إن أتى بها؛ كان أحق به وإن لم يأت ببينة؛ قضي به للطالب، وإن كان غائبا؛ كتب السلطان لذلك الموضع، فإن كان كما قال، وإلا أسلم إليه العبد، وإن أقر العبد للذي لحقه أنه عبده، وادعى عليه أنه أعتقه، فكما قال في السماع: إن كانت له بينة بحريته؛ أعتقه، وأبطل كتاب المستحق، وإلا دفع إليه عبده، وإن ادعى الحري. فقال في السماع: إن المكتوب إليه الذي هو بين ظهرانيه ينظر له في حجته وبينته، ولا يلجئه لغيره، ووجه العمل في ذلك أن ينظر، فإن كان واقعا بالبلد، ليس من أهله معروفا بالحرية من أصله، وليس في البلد من يشبهه في صفته وجنسه واسمه، سئل المخرج مما كتب عليه من رق هذا، فإن أتى بمخرج بأن يثبت أنه حر من حر من أصله، أو أنه أعتقه من كان له ملكا؛ بطل عنه الكتاب، وإن لم يأت بشيء؛ دفع إلي هذا عبدا إلا أن يكون في البلد من يشبهه في صفته وجنسه واسمه؛ فلا ينتفع بالكتاب حتى تشهد البينة أنه هو بعينه، مثل هذا حكي ابن حبيب عن مطرف وأصبغ خلاف قول ابن

القاسم؛ لأن قوله ما حكاه الفضل أن الشهادة على الصفة لا تتم إلا بذكر الموضع، والآبق لا يعرف له موضع، وقوله: إن المكتوب إليه يكشف هل في ذلك البلد من هو على تلك الصفة، والاسم سواه في الآبق، والدين صحيح لا اختلاف في أمره يفعل هذا كما يؤمر بالسؤال والكشف عن أحوال الشهود عنده، فإن لم يفعل؛ كان على المشهود له عنده أن يعدل عند شهوده الذين شهدوا له، فإن لم يكشف هو عن ذلك، فذكر ما تقدم من قولي أشهب مع ابن القاسم وابن وهب. وقول ابن شاس: إن كان أحد المشتركين في الصفة قد مات؛ لم يستحف عليه الحي منهما ما في الكتاب حتى تشهد البينة أنه الذي استحق عليه إلا أن يطول زمان الميت، ويعلم أنه ليس المراد بالشهادة لبعده، فيلزم الحي صواب، وكذا نقلته من ذلك البلد لآخر قال: ويثبت أنه حكم القاضي بالمشافهة، كما إذا كانا قاضيين لبلدة واحدة، أو يتناديا من طرفي ولا يتهما؛ فهو أقوى من الشهادة. وتبعه ابن الحاجب، وقبله ابن عبد السلام، وابن هارون، ولا أعرف من جزم به من أهل المذهب؛ وإنما تبعا في ذلك الغزالي، قال في الوجيز: ولو شافه القاضي الآخر؛ لم يكشف؛ لأن السامع أو المسمع لا به، وأن يكون في غير محل ولايته؛ فلا يصح سماعه ولا إسماعه إلا إذا جوزنا قاضيين ببلدة واحدة، أو تناديا من طرفي ولايتهما؛ فذلك أقوى من الشهادة، وتقدم تعقب هذا بأنه لا يجوز لفقيه عزو منصوص أقوال مذهب لمذهب آخر إلا ببيان إجرائها على أصول المذهب المعزو إليه، كما يفعله المازري في غير ما مسألة، وقال في هذه المسألة ما نصه: لا شك أن ذكر القاضي ثبوت شهادة عنده على غائب ليس بقضية محضة، ولا نقل محض؛ بل هو مثبت بالأمرين؛ فينظر أولهما به، ولا يتفرع على هذا أن قاضيين لو قضيا بمدينة على أن كل واحد منهما ينفذ ما ثبت عنده، فأخبر أحدهما الآخر أنه ثبت عنده شهادة فلان وفلان لرجلين بالبلد، وقضى ثبوتهما فإن قلنا: إنه كنقل شهادة؛ فلا يكتفي بهذا القاضي المخاطب بأنهم شهدوا عند الآخر؛ لأن المنقول عنهم حضور، وإن قلنا: إنهم كقضية؛ فالقاضي الثاني ينفذ ما قاله الأول، وهذا قد يقال فيه أيضا: إذا جعلنا قول القاضي واحدا، وإن كان كالنقل تكتفي

به لحرمة القضاء، فكذا يصح نقله، وإن كان من نقل عنه حاضرا، وهذا مما ينظر فيه. فإن قلت: مقتضى قول المازري: وإن قلنا: إنه كقضية؛ فالقاضي الثاني ينفذ ما قاله الأول يصحح ما نقله ابن شاس عن المذهب. قلت: لا دلالة فيه على صحة ذلك؛ لأنه إنما ذكره على تقدير تولية قاضيين بموضع واحد، وقد تقرر أن لزومية الشيء الشيء لا تدل على صحة الملزوم، وقد تقدم في شرط وحدة القاضي ما يدل على أن مقتضى المذهب شرط وحدته وجدته، فتذكره وقول ابن الحاجب تابعا لابن شاس لو كان المسمع في غير محل ولايته؛ لم يسمع واضح عزوه للمذهب؛ لأن حلوله بغير محل ولايته؛ يسقط حكم ولايته، فصار قوله ذلك كقوله بعد عزلته. ابن سهل عن ابن عبد الحكم: إن حج قاض، فحل بغير محل ولايته؛ فليس له أن يسمع فيه بينة على من في عمله، ولا ينظر في بينة أحد، ولا أن يكتب بما شهد عنده إلى قاض آخر، ولا أن يشهد على كتابه بذلك بذلك إلى أحد، وله أن يسأل عن حال بينة؛ شهدت عنده. وفي كتاب منهاج القضاة لابن حبيب عن أصبغ: أن يبعث الإمام القاضي لبعض الأمصار في شيء من أمر العامة فحل به؛ فله أن يسمع فيه بينة بحق على غائب في عمله، ويسأل من قام بها تعديلها، وله أن يسأل قاضي ذلك المصر عنهم، ويحتذي بما أخبر به من عدالتهم؛ لأنهم من عمله، ولو اجتمع الخصمان عنده بذلك المصر للمخاطبة عنده، وما يختصمان فيه في بلد القاضي الغائب عن نظره؛ لم ينظر بينهما إلا أن يتراضيا عليه؛ كتراضيهما بمن يحكم بينهما، وبعض جواب أصبغ بخلاف ما تقدم لابن عبد الحكم، وسألت ابن عتاب عن قاض جعل بغير بلده، وقد ثبت عنده ببلده حق لرجل، فطلب منه أن يخاطب به قاضي موضع المطلوب قال: لا يجوز له ذلك، فإن فعل؛ بطل خطابه، ثم قال: ولا يبعد أن ينفذه، قلت له: فإن كان الحق الثابت عنده ببلده على من هو بموضع اختلاله، فأعلم قاضي الموضع بذلك مشافهة بما ثبت عنده؛ أيكون كمخاطبته بذلك؟ قال: ليس مثله، قلت: وما في الفرق؟ قال: هو في إخباره هنا بما كان

ثبت عنده طالب فضول ما ادعاه لذلك، قلت: ما يمنع من إخباره به، ويشهد عنده بذلك، وينفذه كما يشهد بما يجري في مجلسه من إقرار وإنكار ويقضي به، قال: ليس مثله، ولكن إن أشهد هذا القاضي المخبر بذلك شاهدين في منزله، وشهدا بذلك عند قاضي ذلك الموضع؛ نفذ وجاز. قال ابن سهل: رأيت فقهاء طليطلة يجيزون إخبار القاضي المجتاز بذلك البلد قاضي البلد، وينفذ ويرونه كمخاطبته إياه. قلت: ففي لغو مخاطبة قاض حل بغير محل ولايته يكتب لآخر بما ثبت عنده في محله، ولغو سماعه به بينة على من في عمله وصحتهما ثالثهما: إن دفع كتبه؛ لم يبعد أن ينفذ، لابن عبد الحكم مع أول جواب ابن عتاب، ولابن حبيب عن أصبغ، ولثاني جواب ابن عتاب، وفي لغو مشافهته بذلك في غير محل قاضيه وأعماله جواب ابن عتاب قائلا: لو أشهد على نفسه بذلك في غير محله بينة؛ شهدت به عند قاضي ذلك الموضع وجب إنفاذه، وسماع ابن سهل: فتوى أهل طليطلة بجوازه، وإنفاذه كمخاطبته بذلك. المازري: إن طلب من في ولاية قاضي قاضية، وهو بغير محل ولايته أن يكشف له عن عدالة بينة له هي بمحل ولاية قاضيه؛ جاز ذلك، وإن سأله التسجيل له بذلك؛ لم يجز، وإن سأله سماع بينة له فقط، ففي جوازه قولا أصبغ، وابن عبد الحكم قائلا: لو كتب قاضي مكة لقاضي مصر، ثم ورد قاضي مصر مكة؛ لم يكن له أن يسمع البينة على كتاب قاضي مكة الذي كتبه له، وهو بمصر. قال ابن الحاجب: ولو كان السامع؛ فهي شهادة؛ يريد: حل في غير محل ولايته. ابن عبد السلام: ظاهره: لو طلب منه أن يروي ما سمعه من هذا القاضي لقاض ثالث؛ كان له ذلك، فيحكم بقوله مع يمين الطالب أو مع شاهد آخر، وفي هذا الأصل قولان هل يكتفي في الشهادة بذلك، أو لابد من السماع من القاضي؟ قوله: أشهد علي بكذا، ولو قيل: لا يشهد في هذه الصورة من غير خلاف؛ لما كان بعيدا؛ فإنما ذلك الخلاف إنما هو إذا أشهد القاضي شهيدين على نفسه، وحضر مجلسه اثنان غيرهما؛ فهل لهذين أن يشهدا بما أشهد به الأولين؟ في ذلك قولان، وفي هذه

الصورة لم يقصد القاضي المسمع الإشهاد بوجه؛ إنما قصد إعلام قاض آخر مشافهة، ولم يتم الحكم بها، فتأمل. قلت: قوله في هذا الأصل قولان؛ يرده بأن القولين إنما هما في كتاب القاضي حسبما تقدم لابن رشد، والقول أشد من الكتاب؛ لأن من طلق زوجته نطقا؛ لزومه من غير توقفه على شيء، ولو كتب به؛ لم يلزمه بمجرد كتبه حتى يخرجه عازما حسبما تقدم، ولو سلم كونه مثله؛ لا يشهد من غير خلاف إلى آخره؛ يرد بأن الشاهد من السامعين لم يقصد إسماعهما بوجه، والقاضي السامع قصد القاضي الذي أسمعه إسماعا قطعا، وقوله: إن القاضي المسمع؛ إنما قصد إعلام قاض آخر مشافهة، ولم يتم الحكم؛ يرد بأنه إنما لم يتم الحكم بها من حيث استقلال سماعهما، ولا يلزم منه عدم الحكم بها مع انضمام شاهد آخر بها، وثبوت حكم الحاكم بشاهد ويمين، يأتي إن شاء الله تعالى في فصله. وقول ابن الحاجب: لو اقتصر الأول على سماع البينة، وأشهد بذلك وجب على المنتهي إلية الإتمام، هو نقل ابن رشد في سماع ابن القاسم: يجب على المكتوب إليه أو من ولي بعده أن يصل بنظره بما ثبت عند الكاتب، إن كتب بثبوت شهادتهم فقط؛ لم يأمر بإعادة شهادتهم، ونظر في تعديلهم، وإن كتب بتعديلهم أو بقبوله إياهم أعذر للمشهور عليه، وإن كتبه بأنه أعذر له، فعجز عن الدفع؛ أمضى الحكم عليه. قلت: ظاهر قوله: بيني على قبوله إياهم أنه ينبي عليه مطلقا، ولو كان مذهب الكاتب حمل المستور الحال على العدالة، ومذهب المكتوب إليه حمله على غير العدالة، وفي هذا الأصل اختلاف. قال ابن المناصف: لو كتب قاض بحكمه بشيء فيه اختلاف، ورأى المكتوب إليه فيه بخلاف حكم الحاكم الذي كتب به؛ ففي وجوب إنفاذه إياه قول أشهب في المجموعة، وقول سحنون: لا ينبغي له أن يجيزه، ولا أن ينفذه. قلت: فهم الخلاف من هذا اللفظ واضح، وفي فهمه من لفظ النوادر إشكال فيها ما نصه: قال أشهب في المجموعة: إن كتب قاض لقاض بأمر فيه اختلاف، والمكتوب

إليه لا يرى ذلك الرأي، فإن كتب له أنه حكم بما في كتابه وأنفذه؛ جاز وأنفذه هذا، وإن لم يكن؛ قطع بحكم، إنما كتب بما ثبت عنده للخصم، فلا يعمل هذا برأي الذي كتب، وليعمل فيه برأيه. وقال سحنون: إن كتب إليه برأيه، فرأى خلافه؛ فلا ينفذه؛ لأن ذلك لم ينفذ شيئا يقتضي أن عدم إثبات الثاني إنما هو فيما لم ينفذه الأول، وقول أشهب إنما هو فيما أنفذه الأول، فلا يكون خلافا لقول سحنون. قال ابن عبد السلام: ولا يكون قول القاضي ثبت عندي كذا حكما منه بمقتضي ما ثبت عنده، فإن ذلك أعلم منه، وإنما أوجب هذا البيان أن بعض من ينتمي إلى علم الأصول من أهل القير وإن غلط في ذلك، فألف الإمام المازري جزءاً في الرد عليه، وجلب فيه نصوص المذهب، والمسألة جلية لا تحتاج إلى بيان. قلت: نقلت للشيخ حين قراءة هذه المسألة قول المازري: اختلف العلماء في اقتصار القاضي على تسمية بينة ثبتت عدالتها عنده هل ذلك كنقل شهادة عن شهادة، أو كالقضية المنفذة؟ فمن رآه كالقضية المنفذة تناقض في تفريقه بين أن يحكم القاضي، أو يسمع بينة عليه، ويحكم بثبوتها عنده؛ لأن حكمها بثبوتها عنده يمنع القاضي الآخر من الاجتهاد في ثبوتها، وكذا من أجرى ذلك مجرى نقل الشهادة عن الشهادة تناقض؛ لأن القاضي واحد، وإذا كان قوله: ثبت عندي بشهادة فلان وفلان نقلاً، فنقل واحد شهادة شهود لا يعول عليه؛ لكنهم جعلوا حرمة القضاء ومنصبه يصير القاضي، وإن كان هو واحدا، وكذا نقله عن شهود شهدوا عنده بخلاف ناقل عن شهود ليس له أن يقضي بشهادتهم، ولا شك أن ذكر القاضي بثبوت شهادة عنده على غائب ليس بقضية محضة، ولا نقل محض؛ بل هو مشوب بالأمرين، فينظر أولاهما به، فيسد إليه: فقال لي: نقلك عن المازري: أن قول القاضي ثبت عندي أنه كالقضية المنفذة عند بعضهم؛ بعيد، فإنه ألف جزءاً خطأ فيه من زعم أن قول القاضي: ثبت عندي حكم، فوقفته بعد انقضاء مجلس الدرس على قول المازري المتقدم، فدخل منزله، وأخرج إلى الجزء الذي ذكره

المازري، وأنا أذكر لبابه مختصراً، فإنه يتفيهق فيه بخطابات أدبية لا تحتاج لذكرها هنا، قال: حدث سؤال أفتيت فيه أنا وجميع من يستفتى بالمهدية بجواب واحد، وعلى أن ما خالفه باطل فاسد، فطعن بعض من نشأ هنا ممن ينسب للفقه أنه خفي شأنه، وأخمل زمانه، فأراد أن يعلم إخوانه بمخالفته إيانا محله ومكانه، ولا بد من ذكر السؤال بنصه، وإيضاح مكنونة وكشفه، وهو أن بعض القضاة أنفذ كتابا لقاض ذكر فيه: وثبت لدي أن فلاناً وفلاناً اشتريا من فلان في عقد واحد كذا وكذا سهما بثمن سماه، ثم ذكر بعد ذكر هذا: وما يتعلق به، فسألني الحامل لهذا الكتاب إنهاء جميع ذلك للقاضي ليفعل فيه موجبه، فاتفق رأي الجماعة الذي استرشدوا فيه على أنه لا يوجب نقل ملك البائع، فتتعلق به الأحكام التابعة لنقل الملك من الشفعة وغيرها، وعن تعلق الشفعة، وقع الكلام والدليل على أن هذا الكتاب لا يوجب على الشريك أخذ الشفعة أو تركها؛ أنه لا تجب إلا بعد انتقال الملك؛ لأن بيع الخيار لا حب فيه الشفعة ما لم يبيت، والملك قد انتقل فيه على أحد القولين عندنا، والملك لا يثبت انتقاله إلا إذا اعترف به المتعاقدان، أو حكم به عليهما عند الإنكار، وهذا الكتاب لم يذكر فيه اعتراف البائع بالبيع، ولا صرح من بعثه بأنه حكم بالبيع وقضى به؛ بل أورد لفظاُ محتملاً للحكم، ولما سواه، ولا تلزم القضاء والأحكام بلفظ فيه إشكال وإيهام، وهذا مما لا يختلف فيه أحد من ذوي الأفهام، واللفظ الذي أشرنا إليه بالاحتمال هو قول القاضي: وثبت عندي أن فلانا اشتري من فلان، وقوله: ثبت عندي لفظ يتردد بين ثبوت حكم وقضيته، وبين استماع لما أثبته من بينة زكية دون اتباع حكم، وإبرام قضية, فإن تعسف متعسف، ورأى أن الثبوت نص في القضايا والأحكام؛ قيل له: إنما يتحاكم في هذا لأهل اللسان وأرباب البيان، ووجدنا أهل اللسان يقولون: ثبت عندنا موت الخليفة، وخصب أرض كذا، وثبت عندنا ظلم فلان وعداوته إلى غير ذلك مما علموه بالخبر عنه، وتلقوه بالقبول من أفواه العدول مما لا يصح أن ينتصب له الحكام، وتطلب فيه القضايا والأحكام، وعلة الأمر أن المعني بالثبوت لغة حصول الأمر وتحققه، ولهذا حد بعض المتكلمين العلم بأنه إثبات المعلوم على ما هو به، وإن كان هذا الحد مرغوباً عنه عندنا، والروايات

مسطورة بصحة ما قلناه. قال أشهب: إذا كتب قاض إلى قاض بأمر مختلف فيه, والمكتوب إليه لا يرى ذلك الرأي, فإن كتب إليه أنه حكم بما في كتابه وأنفذه؛ جاز ذلك وأنفذه هذا, وإن لم يكن قطع فيه الحكم, وإنما ينبغي له أن يعمل برأي الكاتب, ومثله لابن حبيب عن الأخوين. وفي الموازية: يجب إنقاذ ما في كتاب القاضي إن كان فيه أني قضيت لفلان على فلان, وإن لم يكن في الكتاب الفراغ من الحكم؛ فعلى المكتوب إليه أن يتم الحكم, ولا يستأنفه حكم بما ثبت عنده للحكم؛ فلا. قلت: مسألة النزاع بين المازري ومنازعه مبنية على تحقيق أمرين: أحدهما: أن فاعل ثبت في كتب القاضي لقاض آخر بلفظ ثبت كذا عندي هل هي بمنزلة المقضي به عنده أم لا؟ والحق أنه يختلف فيه على قولين: الأول: أنه ليس كالمقتضي به, وظاهر قول ابن رشد حيث قال فيما قدمناه عنه في مسألة تسمية القاضي في كتابه: من شهد عنده ما نصه؛ لأن كتاب القاضي إلى القاضي بما ثبت عنده على رجل في بلد المكتوب إليه ليس بحكم على غائب, والثاني: أنه كالمقتضي به, وهو ظاهر فهم ابن رشد المذهب حيث قال: إن كتب بثبوت شهادة البينة فقط؛ لم يأمر بإعادة شهادتهم, وإن كتب بتعديلهم أو بقبوله إياهم إلى آخر كلامه المتقدم, ولفظ المازري الذي نقلناه عنه من شرح التلقين نص في أنه مختلف فيه بين العلماء, ولم يصرح فيه عن المذهب بشيء, ونقل الشيخ عن أشهب: يقتضي أنه ليس كالأمر المقتضب به, الأمر الثاني: هو أن مسمى اشترى هل يقتضي ثبوت ملك المشتري مفعول اشترى وهو المشترى أم لا؟ فالمزري ومن ذكر أنه وافقه على فتواه من فقهاء المهدية يقول: إنه لا يقتضي ملكه, وخصمه يقول: يقتضي ملكه, قلت: وهذا هو مقتضى ألفاظ المدونة عندي منها قوله الزكاة الأول: من اشترى بمال حل حوله, ولم يزكه خادماً, فماتت؛ فعليه الزكاة. وفي الجهاد: ومن اشترى من المغنم أم ولد رجل أو ابتاعها من حربي؛ فعلى سيدها أن يعطيه جميع ثمنها.

وفي كتاب الشفعة: من ابتاع شقصاً بثمن إلى أجل؛ فللشفيع أخذه ما أخذه بالثمن إلى ذلك الأجل إلى غير ذلك مما لا يعد كثرة, فعلى هذا منضما للقول أن ثبت كالمقتضي به يكون الصواب فتوى منازع. المازري: وإلا فلا, وبالجملة؛ فليس قول منازع المازري بالذي يحسن أن ينشد في الرد عليه قول المتنبي. وليس يصح في الإفهام شيء ... إذا احتاج النهار إلى دليل فإن المازري في الجزء المذكور أغلظ في الكلام على منازعه, وانشد البيت المذكور ولا تباعة. قال اين عبد السلام: والمسألة جليلة لا تحتاج إلى بيان, ومن أنصف وحقق ما قلناه من لفظ المازري؛ علم أن نقل ابن عبد السلام عن منازع المازري أنه قال قول القاضي الكاتب: ثبت عندي كذا حكم منه بمقتضى ما ثبت عنده أنه ليس كذلك؛ لأن هذا اللفظ يقتضي أن منازع المازري بقول: قول القاضي الكاتب ثبت عندي شراء فلان نصف الديار الفلانية المشتركة بين فلان وفلان, وملكه إياه حكم منه بالشفعة فيها؛ لأنه مقتضى ما ثبت عنده, وليس كذلك إنما زعم الحكم بثبوت الملك فقط حسبما تقدم فتأمله, ولما كانت نصوص الروايات واضحة بلغو ثبوت كتاب القاضي بمجرد الشهادة على خطه. قال ابن المناصف: اتفق أهل عصرنا في البلاد التي ينتهي إليها أمرنا على قبول كتب القضاة في الأحكام والحقوق بمجرد معرفة خط القاضي دون إشهاده على ذلك, ولا حاكم معروف, ولا يستطيع أحد فيما أظن على صرفهم عنه مع أني لا أعلم خلافاً في مذهب مالك أن كتاب القاضي لا يجوز بمجرد معرفة خطه؛ بل قولهم القاضي يجد في ديوانه حكماً بخطه, وهو لا يذكر أنه حكم به أنه لا يجوز له إنقاذه إلا أن يشهد عنده بذلك الحكم شاهدان, وكذا إن وجده من ولي بعده, وثبت أنه خط الأول؛ فإنه لا يعمل به, ولا يتخرج القول بعمله بما يتيقنه من خطه دون ذكر حكمه به من الخلاف في الشاهد بتيقن خطه بالشهادة بالحق, ولا يذكر موطنها لعذر الشاهد إذا ما عمله هو

مقدور كسبه, والقاضي كان قادراً على إشهاده على حكمه, ثم وجه عمل الناس بأن الخط الحاصل بأنه كتاب القاضي الباعث به حصوله بالشهادة على خطه منضماً للشهود, وهو القول بجواز الشهادة على خط الغير حسبما تقدم في المذهب يوجب كون هذا الظن كالظن الناشئ عن ثبوته ببينة على أنه كتابه لضرورة دفع مشقة مجيء البينة مع الكتاب مع انتشار الخطة في بلد. قلت: فإن قيل: تدفع المشقة بإشهاد القاضي على كتابه بينة تشهد على خطها في بلد المكتوب إليه, كما يفعله كثير من أهل الزمان لنكتة تذكر بعد. قلت: ثبوته بالشهادة على خط القاضي أقوى من ثبوته بالشهادة على خط البينة بشهادتها على القاضي؛ لأن ثبوته بالشهادة على خط القاضي ما له توقفه على مجرد الشهادة على الخط, وثبوته بالشهادة على خط البينة ما له توقفه الشهادة على الخط مع شهادة البينة على القاضي, وما توقف على أمر واحد فقط أقوى مما يتوقف عليه مع غيره؛ لتطرق احتمال وهن ذلك الغير كاحتمال فسق البينة, أو رقها في نفس الأمر. قال: وإذا ثبت وجه العمل بذلك, فإن ثبت خط القاضي ببينة عادلة عارفة بالخطوط؛ وجب العمل به, وإن لم تقم ببينة بذلك, والقاضي المكتوب إليه يعرف خط القاضي الكاتب إليه؛ فجائز عندي قبوله بمعرفة خطه, وقبول سحنون كتب أمناء بلا بينة يدل على ذلك, وليس ذلك من باب قضاء القاضي بعلمه الذي لا يجوز القضاء به, لأن ورود كتب القاضي عليه بذلك الحق؛ كقيام بينة عنده بذلك, فقبوله الكتاب بما عرف من خطه كقبوله بينة بما عرف من عدالتها, ويحتمل أن يقال: لابد من الشهادة عنده على خطه. قلت: نحوه قول ابن سهل: إن أتى بخبر على شهيدي كتاب القاضي, وإن لم يكن تعديلاً بيناً, أو زكى أحدهما, أو توسم فيهما صلاح, وخطه وختمه يعرفه المكتوب إليه؛ استحسن إنقاذه لعمل صدر الأمة بإجازة الخاتم, ومنه: أن محمد بن شماخ قاضي غافق خاطب قاضي قرطبة محمد بن الليث بخطاب أدرج فيه كتاب عيسى بن عتبة فقيه مكناسة, وعقد استرعاء بملك بغل بعث فيه ثبت استحقاقه عند ابن عتبة على عين

البغل وعين مستحقه, وفي الكتاب ثبت عندي كتاب ابن عتبة يستحلف قاضي الحوف, ولم يسم من استحلفه, ولا ابن عتبة ولا أن ثبوته عنده كان على عين البغل ومستحقه, فأفتى ابن عتاب, وابن العطار وابن مالك بإعمال خطاب ابن شماخ؛ لفضله وعلمه, وإنما جرى بين يديه محمول على الكمال, ولعافية ابن عتبة, وفي اتفاقهم على هذا الوجوب عجب وفيه من الضعف ما فيه, وكانوا يختلفون فيما هو أوضح من هذا. ابن المناصف: ويجب على القاضي الذي ثبت عنده كتاب قاض إليه في حق تأخر الحكم فيه أن يشهد على نفسه بثبوت ذلك الكتاب عنده الذي قبله بمعرفته خطه؛ لأنه إن لم يفعل ذلك, واتفق أن مات, أو عزل, وقد مات الذي كتب له أو عزل, وخلف مكان المكتوب له قاض آخر ألها صاحب الحق لإثبات ذلك الكتاب عنده بشهود على القاضي الذي كتبه في حين ولايته أنه كتابه؛ إذ لا يكتفي في ذلك بمعرفة سماع نطقه بذلك, والسماع منه ذلك؛ إنما يعتبر مادام في ولايته, وأما بعد عزله؛ فلا لقولها مع غيرها: أن مات القاضي أو عزل, وفي ديوانه شهادة البينات وعدالتها؛ لم ينظر فيها من ولي بعده, ولم يجزه إلا أن تقوم عليه بينة, وإن قال المعزول؛ قد شهدت به البينة عندي؛ لم يقبل قوله, ولا يكون شاهداً بذلك, وغلط في هذا النوع اليوم جماعة من الطلب, وجرى بيننا وبينهم فيه نزاع كثير؛ لأنهم حملوا ما وقع لمالك وغيره في قبول كتب القضاة ماتوا, أو عزلوا على إطلاقه, وتوهموا ذلك في مثل ما عهدوه, ووقع التساهل فيه من ترك إشهاد القضاة على كتبهم, والاجتزاء بمعرفة الخط. قلت: ونزلت هذه المسألة في عام خمسين وسبعمائة من هذا القرن الثامن وقت نزول الطاعون الأعظم أيام أمير المؤمنين أبي الحسن المريني في خطاب ورد من مدينة فاس لتونس, فوصل خطاب قاضي فاس, وقد تقرر علم موته بتونس, فطرح خطابه, فشكي من وصل به إلى أمير المؤمنين, فسأل إمامه ومفتيه شيخنا عبد الله السطي, وكان إماماً حافظاً, فأفتى بإعمال خطابه, واحتج بنحو بما ذكره ابن المناصف عن من نازعه, فوقفه أصحابنا على كلام ابن المناصف هذا, فرجع إليه, وظهر أنه لم يكن له شهود. قال ابن المناصف: وتجوز خطابات الإمام, وقضاة بعضهم لبعض, ولو ولي بعض

قضاة الإمام قضاه في عمله لبعد المحل عنه, صح مخاطبته إياهم, ومخاطبتهم إياه, ومخاطبة بعضهم بعضاً إن أذن لهم في ذلك, وإن قصرهم على مخاطبته؛ لم تج مخاطبه بعضهم بعضاً؛ لأنهم وكلاء, فلا يتعدوا ما حده لهم, ولا ينبغي أن يخاطبهم قاضي إقليم غير الذي ولا هم, ولا يخاطبونه هم إلا أن يكون ذلك بإذن من ولاهم, وإن كان تقديم القاضي قضاته بإذن الإمام الذي ولاه؛ جازت خطاباتهم مطلقاً فيما بينهم وبين غيرهم. قلت: للشيخ عن سحنون في رجل من بعد كور تونس أراد أن يثبت بكورته حقاً له على رجل بمصر؛ ليكتب له به قاضي كورته قال: لا يكتب قضاة الكور إلى قضاة البلدان, وليكتب قاضي تونس إلى قاضي القيروان, فيكون هو الذي يكتب إلى قاضي مصر, ولا يجوز كتب ولاة الكور, وولاة المياه إلى قاضي بلد آخر, وأنكر ما روي عن مالك من ضرب ولاة المياه أجل المفقود؛ لأنه لا يكون إلا بعد الكتب إلى البلدان, وولاة المياه لا يجوز كتبهم إلى البلدان. قلت: فيقوم منه جواز كتبهم إلى البلدان, وشرط قبول خطاب القاضي صحة ولايته ممن تصح توليته وجه احترازاً من مخاطبة قضاة أهل الرجل كقاضي مسلمي بلسانية وطر طوشة وقو صرة عندنا, ونحو ذلك. قال ابن المناصف: وشأن قضاة وقتنا رسم الخطاب أسفل وثيقة ذكر الحق, وقد يكون في ظهر الصحيفة, أو أحد عرضيها إن عجز أسفلها, وربما كان في ورقة ملصقة بالوثيقة إن تعذر الموضع, واستحب أن يبدأ باسم الله الرحمن الرحيم, واستخف قضاة زماننا ترك ذلك في صدور مخاطبات الوثائق, وأراه لاكتفائهم بالاستفتاح الواقع في صدر العقد, وإعادة ذلك أولى؛ لأنه ابتداء فصل غير الأول. قلت: وهذا كما ذكر هو عمل أكثر الناس في ابتداء كتب الوثائق؛ وذكر بعض المؤرخين أن وثيقة وقعت بيد بعض القضاة غير مصدرة ببسملة ولا تصلية, فطرحها وقال: أنى كتبت هذه أكتبت ببلد كذا, فعين بعض بلاد الكفر, فقيل له: إنها بخط ابن مجاهد, فرفعها وقبلها.

قال: وكيفية الكتب: أن يكتب أعلم بصحة الرسم المقيد فوق هذا على ما يحب الشيخ الفقيه الأجل أبا فلان بن فلان أدام الله توفيقه وتسديده وليه في الله تعالى, ومؤثره فلان بن فلان, والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته؛ وذكره تأريخ المخاطبة أحسن وأحوط؛ لاحتمال كون القاضي الكاتب عزل, ولم يبلغه العلم بعزلته, فخاطبه على القول بسقوط فعل الوكيل بنفس عزله ساقط, وعلى القول بعدم سقوطه عامل, ولأن البينة التي خاطب بقبولها, وثبوت الحق ما انتقلت أحوالهم بعد ذلك إلى جرحة لم تكن, فإذا تأخر العمل بذلك الخطاب, ثم أعذر لمن ثبت عليه ذلك الحق, ولم يكن بتاريخ أمكنه إبطاله بإثبات جرحة البينة الآن, ولا يمكنه ذلك مع ذكر التاريخ والسلامة وقت الأداء, والقبول في الجرحة الحادثة؛ وإنما قدموا في التخاطب مفعول أعلم, وهو اسم المكتوب إليه على الفاعل الكاتب يراد بالمكتوب إليه. قلت: الذي استقر عليه عمل القضاة بإفريقية عدم تسمية القاضي المكتوب إليه, وغالب أمرهم إن كان الذي كتب الإعلام هو قاضي الجماعة بتونس؛ فإنه لا يكتب آخر خطابه, والسلام على من يقف عليه, ورحمة الله وبركاته, وإن كان الكاتب غيره كتب في إعلامه لفظ السلام إلى أخره, وذكر لي بعض من يوثق به أنه كان ورد خطاب من قاضي بجاية إلى تونس, والقاضي بها حينئذ أبو إسحاق بن عبد الرفيع, ولم يكن فيه لفظ السلام, فتوقف في قبوله. قال ابن المناصف: وإن شاء جعل فعل الإعلام حالاً, وكتب أعلم بضم الهمزة وكسر اللام, ورفع آخر الفعل؛ ثم يقول بعد ذكر اسم المكتوب إليه: وكتب فلان بن فلان, وإن شاء كتب استقل العقد المقيد فوق، أو صح الرسم أو ثبت الحق, وما أشبهه مما يدل على هذا المعنى, فإن كان في طرته؛ قال المرتسم: هذا في عوضه أو بطرته اليمنى, أو القيد خطابي هذا يمنة منه, ونحوه, فإن كان التقييد بورقة ملصقة بالعقد المخاطب عليه؛ فلابد أن يزيد في الخطاب البينة على ذلك الحق, فيقول بصحة العقد المرتسم في الورقة

العليا المتصلة بهذه المتضمن لفلان قبل فلان كذا, أو المتضمن توكيل فلان فلاناً على كذا, ونحوه مما يعين الحق المكتوب فيه خوف أن يلصق بورقة الخطاب ورقة بحق غير الحق الذي به وقع الخطاب, وإن اشتملت الوثيقة على عقود كثيرة؛ صح جميعها عنده نص على ذلك في خطاب واحد, فيقول: أعلمت الشيخ الفقيه القاضي أبا فلان بصحة الرسوم الثلاثة أو الأربعة المقيدة أو الرسمين المقيدين فوق كتابي هذا أو بمقلوبة, وإن صح بعضها دون جميعها؛ نبه على ما صح منها؛ إما بالمقيد أول هذا الصفح, أو الموالي لكتابي هذا, ويعينه تعييناً يرفع الإشكال, فيذكر الحق بعينه, وإن لم يكن في العقد المخاطب عليه إلا شاهد واحد, أو كان فيه شهود؛ لم يقبل منهم إلا واحداً خاطب فيه من غير أن يذكر صفح الرسم, وإلا استقل, ولا يثبت بمن يقول: أعلم الشيخ الفقيه أبا فلان بقبول شهادة فلان ابن فلان المسمى عقب ذكر الحق المقيد فوق هذا فيما شهد به من ذلك على ما يجب, وشبه هذه العبارة, وهذه إنما هو في الحقوق المالية, فيحلف صاحبها مع الشاهد, ويستحق حقه. وأما الوكالات والحدود: وما لا يثبت بشاهد ويمين؛ فليس للمخاطبة فيه على الشاهد الواحد وجه إلا إن رجا أن يضاف إليه في غير ذلك الموضع شاهد آخر, فإن أحلفه القاضي الكاتب, وثبتت يمينه عنده بشهيدي عدل كما يجب, خاطب القاضي: أعلم الشيخ الفقيه القاضي أبا فلان بصحة الرسم المقيد فوق هذا بشهادة فلان بن فلان, ويمين صاحبه على الحق المشهود له فلان على صحة ما شهد له به من ذلك وثبوته عندي, كما يجب بعد سؤاله الإذن مني في يمينه المذكور, ورأيت إباحة ذلك له, وكتب فلان بن فلان, فإن كان الخطاب بقبوله خطاباً وصل إليه؛ كتب أعلم الشيخ أبا فلان بقول الخطاب الثابت عنده المرتسم فوق هذا, أو يمينه أو يسرته أو بمقلوبة, وإذا لم يكتب القاضي تحت العقد خطاباً يصرح فيه بالإعلام بصحة ذلك العقد عنده, واقتصر على أن كتب صح الرسم عندي, أو ثبت أو استقل, وكتب فلان بن فلان؛ فذلك لغو غير جائز قبوله بمجرد الخط. وقول ابن الحاجب: ويجب قبول ما يراد عليه عن الحاكم في المال والقصاص,

والعفو والعقوبات وغيرها إن كان أعلاه. وقولها في كتاب الأقضية والقذف: يجوز كتب القضاة إلى القضاة في القصاص والحدود وغيرها؛ لجواز الشهادة على ذلك, وقوله: إن كان أهلاً هو نقل الشيخ عن المجموعة: إن ثبت عند المكتوب إليه أن من كتب إليه مستحق القضاء في فهمه, ومعرفته, ودينه وورعه غير مخدوع قبل كتابه. قال ابن سحنون عنه عن أشهب: وإن كان غير عدل؛ لم يقبله, ولو كتب إليه العدل إن أبنى ثبتت له عندي ببينة بكذا؛ لم يقبله, وهو كالشاهد له, فإن أجازه؛ لم يفسخه من ولي بعده. وقال سحنون: يكاتب غير العدل بإنقاذه الأمر, ولا يقبل كتابه. قال أشهب: لا يقبل كتاب غير العدل إلا ما كان في أمر لا يشك في صحته. قلت: هو قولها في كتاب الرجم: هو إن دعاك إمام جائز إلى قطع يد رجل في سرقة أو قتل في حرابة, أو رجم في زنا وأنت لا تعلم صحة ما قضى به إلا بقوله؛ فلا تجب إلا أن تعلم صحة ما أنفذ, وعدالة البينة, فعليك طاعته؛ لئلا تضيع الحدود. الشيخ لابن حبيب عن أصبغ: إن جاءه بكتاب قاض لا يعرفه بعدالة ولا سخطه, فإن كان من قضاة الأمصار الجامعة؛ كالمدينة, ومكة, والعراق, والشام, ومصر, وقيروان, والأندلس؛ فلينفذه, وإن لم يعرفه, ويحمل مثل هؤلاء على الصحة, وأما قضاة الكور الصغار لا ينفذه حتى يسأل عنه. قال: وإن كتب القاضي إلى الأمير الذي ولاه, وهو معه في المصر, وذكر له القصة والشهادة, فإن أنفذه الأمير نفذ, وينبغي له إنقاذه قاله بعض كبار المدنيين. وقال غيره: لا يجوز. قلت: في عدم إجازته نظر. قال ابن عبد السلام في تفسير كلام ابن الحاجب: قيل في المذهب: إن الدماء والحدود لا تثبت إلا بشهادة من يعلم القاضي عدالته من الشهود, ولا يثبت بمن يحتاج إلى تزكيته من الشهود خلاف المشهور.

قلت: لا أعرف هذا القول على الوجه الذي ذكره أنه عام في الدماء والحدود, وإنما ذكره ابن زرقون في الدماء فقط. قال في ترجمة الشهادات ما نصه: ذكر ابن عبد الغفور في وثائقه: أن التعديل يجوز في كل شيء من الدماء وغيرها؛ وهو قول مالك في كتاب الديات من المدونة. وقال أحمد بن عبد الملك: لا تكون عدالة في الدماء, ولم يصحب هذا القول عمل. قلت: فلم يذكر الحدود بوجه, ويدخل في قولها, وغيرها كتبه بما ثبت عنده من مخاطبة غيره غيره. سمع عبد الملك بن الحسن بن وهب: الشأن أن يقبل القاضي ما كتب به له غيره من القضاة, ويحكم به إن كان الحكم عنده, أو يكتب به إلى غيره هكذا, وإن كثر, وهو شأن الإسلام لا يختلف فيه أهل العلم, وقال أشهب. ابن رشد: لا خلاف في وجوب إعمال القاضي ما خاطبه به غيره من القضاة, ويحكم به إن كان الحكم عنده, أو يكتب إلى غيره سواء كتب الكاتب له بما ثبت عنده من حق, أو بما خاطبه به غيره, وإن كثرت المخاطبات في ذلك من قاض لقاض, وليس لمن ثبت عنده الخطاب بثبوت حق لرجل على رجل أن يكلف ذا الحق البينة عنده بمحضر خصمه؛ بل يقضي عليه بحقه إلا أنه يقول له: إن كان لك مدفع فيمن شهد على الكتاب فادفع, فإن أتى بما سقط به شهادتهم؛ لم يحكم عليه, وإن ادعى المدفع في البلد الذي كتب فيه الكتاب بثبوت الحق قيل: له أد هاهنا ما ثبت عليك وأمض, فإن دفعت شهادة من شهد لخصمك؛ رجعت بما حكم به عليك. قلت: في اختصار الواضحة: قال ابن حبيب: قال ابن الماجشون: العمل عندنا أن يسمع القاضي بينة الحاضر, ويدفع شهادتهم, وإن لم يحضر خصمه, فإن حضر علمه بمن شهد عليه بأسمائهم ومساكنهم, فإن كان له مدفع, وإلا لزمه القضاء, وإن سأله أن تعيد البينة شهادتهم بمحضره؛ لم يجبه لذلك, ولو سأله الخصم أن لا يسمع بينة خصمه

في غيبته, فإن خشي عليه القاضي في ذلك دلسة أو استرابة, ورأى اجتماعهم أجمع للفضل, وأبرأ من الدخل؛ فليجيبه, وإن أمن من هذا؛ لم يجبه, فإن أجابه من غير شيء خافه؛ فليضمه لاختلاف الناس فيه. قال بعض العراقيين: لا يكون إيقاع الشهادات إلا بمحضر المشهود عليه, وقال له مطرف وأصبغ مثله, وعلم بلدنا على ما أعلمتك. قال فضل: سحنون: لا يرى إيقاع الشهادة إلا بمحضر الخصم إلا أن تكون غيبة الخصم بعيدة, ونقله ابن سهل دون زيادة فضل عن سحنون, وقال في الموازية: إن كان قريباً أحضر؛ ليشهدوا عليه, أو بمحضر وكيله, فقد يذكرهم أمراً ينفعه, فإن لم يفعل؛ جاز, ولمحمد بن عبد الحكم نحوه. قلت: ففي وقف أداء الشهادة على غائب غير بعيد الغيبة لا دلسة عليه فيها ثالثها: يستحب لسحنون وابن الماجشون والموازية مع ابن عبد الحكم, ورابعها: الثاني إن تبين تعمد المطلوب تغيبه عن الطالب فتوى ابن لبابة وابن غالب وابن وليد مع غيرهم. ابن سهل: وشاهدت العمل دفع القاضي للمشهود عليه نسخ جميع ذلك, ويعلم له على من قبل, أو لا يكتب له في النسخ سواهم, وإن تشاحا في القرطاس الذي يكتب فيه النسخ للإعذار؛ ففيه بين الشيوخ نزاع سألت عنه ابن عتاب, فقال لي اختلف فيه الحكام والفقهاء, وأراه على الطالب, وسمعت ذكره عن ابن دحون, وأفتى ابن القطان أنه على من يعذر عليه, وهو أحب إلى. ابن الحاجب: قال ابن الماجشون: العمل عندنا أن تسمع البينة حضر الخصم, أو لم يحضر, ولم يراها سحنون إلا بمحضره إلا أن تكون غيبة بعيدة. قال ابن عبد السلام: ما ذكر ابن الماجشون هو مذهب المدونة. زاد ابن هارون: هو مذهب المدونة, ولو كان حاضر البلد. قلت: مقتضى عزوه ابن سهل وابن شاس وابن الحاجب لابن الماجشون عدم ظهور دلالة لفظ المدونة عليه ونصها: قلت: إن أقمت بينة على غائب, فقدم بعدما أوقعت البينة عليه أيأمر القاضي بإعادة البينة في قول مالك؟ قال: قال مالك: يقضي

على الغائب, فلما قاله رأيت أن لا يعيد البينة, وهذا رأيي. قلت: فلم يحك ابن القاسم عن مالك نص سماع البينة على الغائب إنما أخذه من قوله بالحكم عليه, والحكم على الغائب؛ إنما هو الغائب عن الحكم البلد حسبما يأتي إن شاء الله تعالى؛ إنما أخذه من قوله بالحكم عليه؛ ولذا صح جمع النقل عن سحنون بأنه لا يسمع البينة على الغائب, ويجيز الحكم عليه. قال ابن رشد في نوازله: سحنون يجيز الحكم على الغائب في العروض والأصول, وذكر الشيخ قول ابن الماجشون من المجموعة بزيادة: إلا أن يكون الشهود لا يعرفون المشهود عليه إلا بشخصه, فلا بد من حضوره, وقاله ابن القاسم وأشهب, ثم ذكر قول سحنون وقيده بكون المشهود عليه حاضراً, أو قريب الغيبة, وإن ثبت بعد غيبته سمع في غيبته ملكه أو استحقاقه إن كان حاضر بلد الخصومة, فشرط البينة حضوره. في النوادر لسحنون: من ادعى دابة وأحضر بينة والحاكم بالمسجد, والدابة على بابه, أيشهدون عليها وهي خارج المسجد؟ قال: يشهدون عليها حيث يراها الحاكم, كما يشهدون على النصراني, وهو لا يدخل المسجد, وسأل حبيب سحنونا عن من اعترف دابة بيد رجل, فأمره الحاكم بإحضارها, فأحضر دابة, فقال المدعي: ليست هذه التي اعترفت, وأتى بشاهد عدل أن الدابة التي اعترفت في يده غير هذه فقال: يغلظ عليه الحاكم بالحبس وغيره حتى يظهر الدابة, فإن لم يذك الشهادة؛ أغلظ عليه بدون ذلك, وإن كان غائباً عنها, وليس معيناً بنفسه؛ بل بالإضافة وهو الدين, فالاعتبار في الإشهاد به مع غيبة تخصيص المدين بما يعينه. تقدم لابن رشد في سماع عبد الملك: يكتب القاضي بما ثبت عنده من صفة الآبق كما يكتب في الدين على الغائب باسمه ونسبه وصفته, فيقوم الشهادة فيه على الصفة مقام الشهادة على العين. هذا قول مالك وجميع أصحابه إلا ابن كنانة؛ لم يجز في شيء من ذلك الشهادة على الصفة, وأجازها ابن دينار في الدين لا في الآبق. قلت: فظاهره: أن ابن كنانة لم يجزه في الدين. المازري يقضي بالبينة المتعلقة بصفة المحكوم به إن كان ربعاً لا من صفته تخليته

بمحله ومكانه, وهو لا ينتقل, وفي الحكم بها في غيره من حيوان وشبهه قولان، على الأول: ينفذ القاضي المكتوب إليه بتلك البينة الحكم على المشهود عليه بها، وعلى الثاني: يحكم له بأخذ المدعى فيه بصفة قيمته؛ ليذهب به لمحل البينة؛ لتشهد على عينه عند القاضي، فيحكم له به، ويسترجع قيمته ابن الحاجب، ويحكم بالدين وغيره مما يتميز غائباً بالصفة كالعبد. ابن عبد السلام: يعني ما يحكم به إن لم يقبل التمييز قبل الحكم به لم يطلب تمييزه؛ إذ لا معنى لطلب ما يتعذر حصوله، وقال ابن هارون، وفي قولهما تعقب؛ لأنه يلزم أحد أمرين؛ أما عدم سماع البينة في الدين الغائب من هو عليه، أو سماعها به مع عدم تعينه؛ لأنه إن كان الواقع أن المذهب عدم سماع البينة؛ لزم الأمر الأول، وإن كان الواقع أن المذهب سماعها به مع قولها: إنه لا يقبل التعيين؛ لزم الأمر الثاني، ومعروف المذهب ثبوت سماع البينة، والحق سماعها به معيناً بتعين من أضيف إليه، وهو المدين ولا يمكن تقرر قولهما إلا على ما نقله ابن رشد عن ابن كنانة من منع سماع البينة بالدين على غائب، ولم يذكراه، ولا ألما به، فتأمله. وقال المازري: إن كان المحكوم به مما لا يتميز أصلاً؛ ذكرت البينة قيمته تقول غصبه حريرًا قيمته كذا، أو طعامًا قيمته كذا. قلت: هذا فيما يتعلق بالذمة، وأما إن لم يتعلق بالذمة؛ فظاهر كلام ابن رشد أن المكيل والموزون لا تصح البينة به بعد غيبته؛ لتعذر معرفته بعد حضوره، فتمتنع الشهادة به غائبًا على الصفة، وتمام هذا المعنى في مسائل الاستحقاق، وإن كان غائبًا معيناً في نفسه كالعبد والفرس، فإن كانت البينة بما لا يستحق لا من يدع مدع ملكه، ولا مدعيا حرية نفسه؛ سمعته في غيبته بكمال صفته الموجبة تعيينه عند شاهدين اتفاقا، فإن لم يكن عبدا آبقا، وإن كان ففي سماعها: ومنعه قولها مع جل أصحاب مالك وابن رشد عن ابن دينار مع ابن كنانة، وإن كانت بما يستحق من يدع مدع ملكه أو مدعيا حرية نفسه؛ ففي سماعها به، ومنعه قولان لاختصار الواضحة لفضل عن سحنون قائلاً: لا أعلم خلافه لأحد من أصحابنا غير ابن كنانة وفضل عن ابن دينار معه.

وللشيخ عن ابن القاسم في المجموعة: لو ادعى عبداً بيد رجل، والعبد غائب، فيقيم فيه البينة، أو كان حيونا أو متاعا بعينه أقام فيه ببينة؛ قبلت إذا وصفوا ذلك وعرفوه وحلوه، ويقضي له به قال: ولو شهدت ببينة على غائب بأنه سرق، فقدم، وغاب الشهود، أو حضروا؛ حكم عليه؛ وليس عليه إعادتها إذا استأصل تمام الشهادة. والخصومة في معين دارا أو غيرها في كونها ببلد المدعي فيه، أو ببلد المدعى عليه، ولو كان بغير بلد المدعي فيه ثالثهما: هذا أو حيث اجتماعهما، ولو بغير بلد المدعي فيه لاختصار الواضحة عن ابن الماجشون مع فضل عن سحنون وابن كنانة، ومطرف وأصبغ قائلاً: كل من تعلق بخصم في حق؛ فله مخاصمته حيث تعلق به إن كان به أمين يحكم أو قاض، ولو كان الحق بغير موضع اجتماعهما. ابن حبيب: أقول به فيما يتعلق بالذمة من دين وحق لا في العقار، وعلى الأول: قال ابن الماجشون: إن ادعى مكي دارا بمكة لمدني، سمع قاضي مكة ببينة مدعيها، وضرب لرب الدار أجلاً، فإن جاء بمخرج، وإلا وكل من يخاصم عنه، وعلى الثاني: قال مطرف: إن شاء المدعي؛ أثبت عند قاضي مكة دعواه؛ ليكتب له بذلك لقاضي المدينة، أو وكل وكيلاً يخاصم له بالمدينة. قلت: وعلى نقل المازري عن المذهب أن من أثبت دينا على غائب أحلفه قاضي بلده يمين الاستبراء ، وحكم له بدينه على الغائب يكون رابعاً: إن الحكم ببلد الطالب، وإن لم يكن المحكوم فيه به. قال فضل: قول ابن القاسم كمطرف بقوله في كتاب القسم في الرجل يرث الدار فيغيب، فيأتي رجل يدعيها: لا يحكم على الغائب إلا أن يكون بعيد الغيبة بحيث لا يقدر المدعي له يمضي إليه. قلت: في أحكام ابن سهل ما نصه في أحكام ابن زياد: وكشف القاضي وفقه الله فقال: إذا تداعى الخصمان مالا غائبا في غير بلدي هل لي أنظر بينهما؟ فقلت: بإجماع إن شاء الله إن ذلك يجب على القاضي، وإنما يتوقف عن النظر فيما يكون في غير بلده الذي لم يتعاقد الخصمان عنده لغيبة أحدهما، ثم ذكر ابن سهل عن

عيسى بن دينار مثل قول مطرف، وإن ابن بشر حكم به، وكتب به إلى قضائه، وذكر بعض ما قدمناه عن فضل، وما ذكره من الإجماع على نظر القاضي بين الخصمين فيما تداعياه غائباً عن بلد القاضي من الأموال خلاف ما تقدم لابن حبيب. قلت: ومثل ما أخذوه من كتاب القسم يقوم من قولها في الشفعة: وإن كان الدار بغير البلد الذي هما فيه؛ فهو كالحاضر مع الدار فيما نقطع إليه الشفعة، ولا حجة للشفيع؛ إذ لا ينفذ حتى يقضيها لجواز النقد في الربع الغائب، ويقول ثاني عتقها: من ادعي بيد رجل عبداً أو عرضاً، وذلك كله غائب، وأتى ببينة تشهد أن ذلك له، فإن وصفته وعرفته وحلفه؛ سمعت البينة، وقضيت له بها. والقضاء على الغائب: سمع ابن القاسم فيه: قال مالك: أما الدين؛ فإنه يقضي عليه فيه، وأما كل شيء فيه حجج؛ فلا يقضي عليه. قال سحنون: والدين يكون فيه الحجج. ابن رشد: مذهب مالك: إن قربت بينته؛ كمن على ثلاثة أميال كتب إليه، وأعذر إليه في كل حق؛ إما وكل أو قدم، فإن لم يفعل حكم عليه في الدين وسع عليه ماله من أصل وغيره، وفي استحقاق العروض والحيوان، والأصول، وكل الأشياء من طلاق وعتق وغيره، ولم ترج له حجة في شيء، وإن بعدت غيبته، وانقطعت كالعدوة من الأندلس، ومكة من إفريقية، والمدينة من الأندلس وخراسان؛ حكم عليه في كل شيء من حيوان، وعرض ودين، والرباع والأصول، ورجيت حجته في ذلك. زاد في أجوبته: هذا التحديد في القرب والبعد؛ إنما هو مع أمن الطريق، وكونها مسلوكة، وإن لم يكن كذلك؛ حكم عليه، وإن قربت غيبته، ومن خلف البحر في الجواز القريب المأمون؛ كاليوم الواحد المتصل إلا في الأمد الذي يمنع فيه ركوبه، فالقريب فيه في حكم البعيد. قال في البيان: والغائب في هذا السماع هو ذو مسيرة عشرة أيام وشبهها؛ لأن هذه

الغيبة هي التي يقضي فيها عليه عنده في الدين والحيوان والعروض دون الرباع والأصول التي تكون فيها الحجج، ومثله سماع أصبغ ابن القاسم، وترجى الحجة عند مالك له، فإن جرح البينة التي حكم عليه بها بإسفاه أو عدوه؛ رجع فيما حكم به عليه من حيوان أو عرض، وفيما قضي عنه من دين، ولا يرد ما بيع عليه فيه. وقال سحنون بقول ابن الماجشون: أنه يقضي عليه في هذه الغيبة في الرباع وغيرها، ولا يرجع في شيء من ذلك عندهما بتجريح البينة التي حكم عليه بها بعداوة أو أسفاه إلا أن يظهر أنهم عبيد، أو غير مسلمين، أو مولى عليهم، فيرجع فيما قضى به عليه، ولا يرد ما بيع عليه لقضاء ذلك الدين؛ لأنه بيع بشبهة، فعلى قولهما؛ يوكل للغائب وكيل يحتج عنه ويعذر إليه، ولا ترجى له حجة. المازري: في الحكم على الغائب في العقار قولان، ثم قال: ومقدار المسافة التي يحكم فيها على الغائب مصروفة إلى الاجتهاد، ووقع لسحنون الإعذار لمن بصقلية، ووقع في رواية أخرى: يحكم على الغائب، ولو قربت غيبته إلا أن يقرب جداً. قلت عن سحنون: الإعذار لمن بصقلية؛ يعني من القيروان، قاله في النوادر، ونقله في رواية أخرى يحكم على الغائب، ولو قربت غيبته يوهم أنها عن مالك أو سحنون لقوله أخرى بعدما نقله عنه، ويوهم أنها مطلقة، وهي في النوادر عن أصبغ في غير العقار. ابن حارث: اتفقوا في إجازة الحكم على الغائب في الديون والعروض، واختلفوا في الرباع؛ فروي ابن القاسم: لا يحكم على غائب في الرباع. قال ابن حبيب: فأعلمت ابن الماجشون برواية ابن القاسم فأنكرها وقال: لا يقول هذا مالك، وما هو مذهبه، ولا مذهب أصحابه، وذكر عن أصبغ: أنه يحكم عليه في الربع في الغيبة البعيدة المنقطعة. قلت: ظاهرة: أنها عنده ثلاثة أقوال، وظاهره: ما تقدم لابن رشد أن الخلاف في الحكم عليه في الربع؛ إنما هو في استحقاقه فقط لا في بيعه عليه في دين في دين ثبت عليه، وهو مقتضى قول غير واحد في بيع أصوله في نفقة زوجته، وتقدم الخلاف بين الشيوخ في

بيعها في نفقة أبويه، وظاهر نقل المازري وابن حارث: أن الخلاف فيه مطلقًا، وعزو ابن عبد السلام: الخلاف في بيع ربعه في الدين للعتبية لا أعرفه، ولا أشار إليه ابن رشد بوجه؛ بل قال في أول مسألة من رسم الجواب من سماع عيسى من كتاب المديان ما نصه: لا خلاف في وجوب بيع مال الغائب لغرمائه، كما لو كان حاضرًا. قلت: ولا خلاف في بيعه في دينه لو كان حاضرًا وفي قسمها. قلت: لو أن دارًا بيد غائب ادعى رجل أنه وارثها مع الغائب، أيقبل القاضي منه البينة أم لا؟ قال: لا أحفظه عن مالك إلا أني سمعت من يذكر عنه في هذا: أن الدور لا يقضى على أهلها فيها، وهو عيب وهو رأيي. قال ابن القاسم: إلا أ، تكون غيبة تطول، فينظر في ذلك السلطان مثل من يغيب إلى الأندلس أو طنجة يقيم في ذلك الزمان الطويل، فأرى أن يقضي له السلطان به، واختصرها أبو سعيد سؤالًا وجوابًا؛ لعدم مطابقة الجواب السؤال، وهذا لأن لفظ السؤال؛ إنما دل على السؤال عن سماع البينة على الغائب حال غيبته فيما ادعي عليه، فأجابه عنه بعدم الحكم عليه، وسماع البينة عليه ليس نفس الحكم عليه، ولا أخص منه بحيث يستلزم نفيه نفيها؛ بل هي أخص منه مطلقًا، ومن وجه باعتبار وجودها لا باعتبار صدق أحدهما على الآخر؛ لأنهما بهذا الاعتبار متباينان. قال ابن الحاجب: إثر ما تقدم من سماع البينة في غيبة الخصم، وخلاف سحنون في ذلك ما نصه: ويحكم بالدين وغيره مما يتميز غالبًا بالصفة؛ كالعبد والفرس، وقيل: ما لم يدع الحرية، أو يدعيه ذو يد، فحمله ابن عبد السلام على سماع البينة بذلك حال غيبة المشهود عليه لا على الحكم عليه بذلك؛ لأنه قال في قول ابن الحاجب: وفي العقار ثالثها: في الغيبة البعيدة ما نصه: هذا يوهم أنه فرع من المسألة التي فوقه، وليس كذلك، فغن المسألة السابقة معروضة في المحكوم به هل يشترط حضور لتشهد البينة على عينه ويشبه ذلك أو لا؟ وهذه المسألة إنما المراد بها هل يشترط حضور المحكوم عليه ليستو في حجته أو لا؟ وقال ابن هارون: معناه: أ، المحكوم به إن كان غائبًا هل يعتمد على الصفة في

القضاء به أم لا؟ في ذلك الدين، والأمر فيه، واضح؛ إذ لا يتأتى إلا أن يكون موصوفًا. ومنها: العبد والأمة والفرس ونحوها مما يتميز بالصفة فهذا قال ابن القاسم وسحنون: يحكم فيه بالصفة إن كان غائبًا. وقال ابن كنانة: إنما ذلك إذا كان العبد لا يدعي حرية، ولا يدعي حائزه ملكه، والأول مذهب المدونة. قال في كتاب اللقطة فيمن استحقت من يده أمه: أن له يذهب بها إن كان أمينًا، أو يستأجر أمنيًا إلى بلد البائع؛ لتشهد البينة على عينها، ويضع قيمتها، ويكتب له إلى قاضي ذلك الموضع؛ ليرجع بالثمن على البائع، قيل: فإن قال البائع: أقم البينة أن هذه الأمة هي التي حكم عليك بها، قال: لا يلزمه ذلك؛ بل بكفيه أن تكون صفتها موافقة لما في كتاب القاضي إن ثبت بالشهادة، فإن قلت: إذا كان الحكم بالصفة عنده جائزًا، فلم أجاز للمستحق منه الذهاب بها إلى بلد البائع؛ لتشهد البينة على عينها، وكان يجب على أصله أن يقضي له على بائعه برد الثمن إذا شهدت له البينة أن الأمة التى باع له موافقة لما في كتاب القاضي من الصفة. قلت: يحتمل إنما جوز له الذهاب بها لبلد البائع؛ لأن قاضيه قد يكون ممن لا يرى الحكم بالصفة. قلت: حمل ابن عبد السلام كلام ابن الحاجب: ويحكم بالدين وغيره إلى قوله: أو يدعيه ذو يد على سماع البينة بذلك حال غيبته خلاف، حمله ابن هارون على القضاء بذلك حال غيبته، فما حمله عليه ابن عبد السلام هو ثابت في نفس الأمر؛ لأن الخلاف في سماع البينة بالشيء حال غيبته باعتبار صفته ثابت حسبما تقدم إلا أنه بعيد من لفظ ابن الحاجب؛ ولهذا اضطر ابن عبد السلام إلى قوله في قول ابن الحاجب: وفي العقر ثالثها: إلى آخر هذا يوهم أنه فرع من فروع المسألة، وليس كذلك، وما ذكره غير لازم؛ بل قول ابن الحاجب؛ إنما هو في الحكم بالشيء المشهود به باعتبار صفته لغيبته إذا ثبتت تلك الشهادة بخطاب قاض بها لصحة سماعها عنده لقاض آخر المشهود به حاضر عنده، وفي حكمه بهذه البينة حال حضور المشهود به، ومطابقته الصفة التي

كتب بها القاضي من شهادة البينة بها، وحضور المشهود عليه مطلقًا، ولو في الربع ومنعه ثالثها: إلا في الآبق؛ لأن من تمام البينة بها بعض صفته محله، وهو فيه متعذر، ورابعها: إلا من يدعي الحرية، أو ما كان بيد حائز يدعي ملكه ريعًا كان أو غيره، لفضل عن ابن القاسم مع أشهب وابن رشد عن جميع أصحاب مالك إلا ابن كنانة وابن دينار، وله عن ابن كنانة، وابن دينار، ولفضل عنه. وإذا ثبت هذا، والمحكوم عليه حاضر؛ استقام حمل كلام ابن الحاجب على الحكم به، والمحكوم عليه غائب؛ لأن كل ما حكم به على الحاضر؛ استأجر ذكر الخلاف في الحكم به، والمحكوم عليه غائب، ولما تقرر في كلامهم في الحكم على الغائب انقسامه إلى حكم عليه في غير الربع، وإلى حكم عليه في الربع، وجب حمل كلام ابن الحاجب على القسمين، وامتنع حماه على غير ذلك؛ لصلاحيته لهما دون غيرهما. وقول ابن هارون معناه: أن المحكوم به إذا كان غائبًا هل يعتمد على الصفة في القضاء به أم لا؟ إلى قوله قال ابن القاسم وسحنون: يحكم فيه بالصفة، وهو مذهب المدونة ظاهره أو نصه: أن قول ابن القاسم وسحنون والمدونة: أن القاضي يقضي بالشهادة المتعلقة بالشيء حال غيبته باعتبار صفة حال غيبة المقضي به عن القاضي الحاكم به، وحال غيبة المقضي عليه مثل أن يدعى رجل بتونس آبقًا بالقيروان، أو عبدًا بيد رجل بها، ويقيم عند قاضي تونس بينة به باعتبار وصفه الآبق، وباعتبار صفة العبد الكائن بيد الرجل، وباعتبار اسمه ونسبه وصفته، فعلى المشهور في هذه المسألة؛ يسمع منه قاضي تونس بينته بذلك، ويكتب له بسماعها وعدالتها لقاضي القيروان، فإن ذهب به، وأثبته عنده، ووجد الآبق، قد قلت: واستقر بالإسكندرية، ووجد الرجل والعبد بيده، انتقلا إلى الإسكندرية؛ فالواجب على ظاهر أكثر الروايات، وأقوال المذهب: أن قاضي القيروان يكتب بما ثبت عنده من كتاب قاضي تونس إلى قاضي الإسكندرية، ولا يحكم لحامل الكتاب بما كتب له به قاضي تونس، وعلى ما فسر به ابن هارون كلام ابن الحاجب يقضي قاضي القيروان لحامل الكتاب، وينفذ الحكم له النص قولة: إن المحكوم به إذا كان غائبًا، فقول ابن القاسم وسحنون: أنه يحكم فيه بالصفة، فإن قلت: إنما

تضمن كلامه الحكم بذلك حال غيبة المحكوم به فقط لا في حال غيبته وغيبة المحكوم عليه، والحكم بالشيء الغائب حضور المحكوم عليه جائز حسب ما تقدم في أن المعتبر في الحكم محل المحكوم عليه والمحكوم له. قلت: بل نص قوله: يقتضي أنه يحكم بالشيء الغائب حال غيبة المحكوم عليه لقوله، فمن ذلك الدين والأمر فيه واضح، قلت: والحكم بالدين إلغاء ملزوم لغيبة المحكوم عليه، فتأمله إلا أنه يأتي للمتيطي ما ظاهره صحة الحكم مع غيبة المحكوم به، وعليه بقيد كونه من أهل بلد الحاكم، ويأتي للمازري النص بالحكم بذلك دون قيد. المتيطي: أول نظر القاضي في الحكم على الغائب تكليفه طالبه بإثبات غيبته ومحله ليعلم قرب غيبته من بعدها، فإن قربت غيبته؛ أعذر إليه حسبما ذكره في المدونة وغيرها. قلت: نحوه نقل النوادر عن أصبغ: إن قال الطالب: غيبة خصم بعيدة يستحق أن يقضي عليه عند القاضي البينة على ذلك. المتيطي: إن بعدت غيبته، وهو من أهل مصره؛ خرج عنه مسافرًا غير منتقل بحل، وأمضى الحكم عليه دون أعذار، وإن كان من غير أهل بلده الذي استقضى عليهم؛ لم يسجل عليه، فإن ذلك ليس إليه؛ إنما له أن يقيد شهادة البينة عليه، ويسميها، ثم يشهد على كتاب ذلك من يشهد بذلك عند قاضي البلد الذي به المدعى عليه. وفي أسئلة الشيخ أبي عمرو وأبي بكر ابن عبد الرحمن: أن الحكم على الغائب الذي يعمل على غير عمل الحاكم عليه؛ جائز إن كان للغائب في موضع الحاكم ما يحكم عليه فيه؛ لأنه يحكم في شيء تحت حكم، وفي بلده الذي ولي النظر فيه؛ وإنما الذي لا يجوز حكمه عليه لو كان المحكوم عليه لا مال له ببلد الحاكم. قلت: ظاهر ما نقله عن الشيخين: أنه خلاف ما ذكره قبل جوابهما، فيحتمل أنه الحكم على الغائب الذي هو من عمل القاضي حال غيبته مع غيبة المحكوم به عن محل القاضي، أو منع الحكم على الغائب الذي ليس من عمل القاضي، وإن كان المحكوم به حاضرًا ببلد القاضي مع المحكوم له، وقول ابن هارون، فإن قلت: إذا كان الحكم

بالصفة جائزًا؛ فلم أجاز للمستحق منه الذهاب بها إلى بلد البائع؛ لتشهد البينة على عينها، ويجب على أصله أن يقضي له على أصله برد الثمن إذا شهدت له البينة أن الأمة التي باع له موافقة لما في كتاب القاضي من الصفة إلى آخره جوابه عن هذا السؤال يرد جوابه بان ظاهر أقوال متقدمي أهل المذهب ومتأخريهم، وجواب نهاية المستحق من إسعافه بخروجه بالمستحق منه إلى بلد بائعه بشروط مقدرة في آخر مسائل الاستحقاق حسبما تقدم ليس لاحتمال كون المكتوب إليه ممن لا يرى الحكم بالصفة بأنهم ذكروا الكتاب والحكم بخروجه به بين قضاة الأندلس وكورها حسبما ذكره ابن سهل وابن رشد وغيرهما، والمعلوم من حال عامتهم الحكم بالصفة والجواب عن توهم السؤال المذكور أن وجوب إسعافه بالخروج به؛ إنما هو لتحصيله موجب رجوعه على بائعه منه بثمنه؛ لأنه يجب له الرجوع عليه لمجرد بينة الاستحقاق؛ لأنها لا تتضمن كون المستحق من يده اشترى المستحق، ولا تعيين من باعه له، فواجب حينئذ على المستحق منه إقامة البينة بأن ما استحق منه أنه ابتاعه من فلان الذي طلبه بثمنه، والبينة بابتياعه منه مع حضور المستحق متيسرة غير متعسرة؛ لأن الإنسان إذا رأى عين المبيع عرفه، وأمكن أن يشهد بأنه نفسه، فلو لم يحكم له منه ممن طلب ثمنه منه، وإن كان غائبًا وافتقر إلى البينة بأنه ابتاعه من الذي طلبه بثمنه لعسر عليه إقامة البينة بذلك؛ لجواز ذهول من حضر معه على شرائه لمن طلبه بثمنه عن صفته الخاصة؛ لغيبته عنه، وعدم ضبطه صفته حين الشيء، أو هو لو حضر علم أنه المشترى والمتصف يجد علم هذا من نفسه، فلو لم يحكم له بخروجه به لبلد بائعه؛ أدى إلى ضرره بذهاب ثمنه، وشرط الحكم على الغائب بقضاء دين عليه مع البينة به يمينه على بقاء دينه عليه إلى حين الحكم له ذلك. قال ابن رشد في نوازله: هذه اليمين لا نص على وجودها؛ لعدم الدعوى بما يوجبها إلا أن أهل العلم رأوها على سبيل الاستحسان احتياطًا للغائب، وحفظاً على ماله للشك في بقاء الدين عليه أو سقوطه عنه. قلت: وسمع عيسى ابن القاسم: من أثبت حقًا على غائب عند قاض، ويريد

الخروج في ذلك، ويوكل أيستحلفه؟ قال: يستحلفه في الوجهين أنه ما أقتضى، ولا أحال ولا قبضه بوجه من الوجه، ثن يكتب له بوكالته: إن وكل، وثبت عنده، وقاله أصبغ عن ابن القاسم. ابن رشد: قيل: ليس على الإمام أن يستحلفه في الوجهين خروج أو وكل، ويكتب له دون يمين؛ لأنه يقول للإمام: لعله لا يدعي علي أنه قضاني منه شيئًا، وهو ظاهر ما في رسم حمل صبيًا من سماع عيسى من كتاب البضائع، ونوازل أصبغ منه، قلت: وصفة لفظ يمينه ما تقدم في السماع. وفي الوثائق المجموعة: يحلف حيث يجب الحلف قائمًا مستقبل القبلة بالله الذي لا إله إلا هو ما اقتضيت من فلان ابن فلان الغائب شيئًا من الدين ثبت لى عينه عند فلان ابن فلان صاحب أحكام كذا، ولا قبضت شيئًا عنه، ولا استحلت به على أحد، ولا أحلت به أحدًا عليه، ولا وهبته له، ولا شيئًا منه، ولا قدمت أحدًا يقبضه منه، وإنه لباق عليه إلى يميني هذا. (؟؟؟؟؟؟؟؟)، ولو كان في وثيقة دين الطالب أنه مصدق في الاقتضاء بخلاف الحاضر على القول بإعماله فيه، وسقوطهما عنه لشرطه ثالثها: يحلف علي على غير الاقتضاء من الهبة، وأنه لم يأخذ عوضًا ولا غيره مما يحلف عليه، لابن عات عن ابن العطار موجهًا قول محمد: الغائب على الحياة إن ثبت موته في ذلك الوقت؛ كان لوراثة الحجة، وإن قدم وادعى أمرًا؛ كان له، ولمحمد بن عمر محتجًا له بأنه لو كان حاضرًا ربما أقام بينة بالدفع، ولعله ميت في ذلك الوقت، ولصاحب الانقضاء من الباجي. المتيطي: في إعمال تصديق رب الدين في اقتضاء دينه دون يمين يلزمه في دعوى القضاء، ولو كان غير مأمون ثالثها: إن كان مأمونًا، ولو كان التصديق بعدم تمام صفقة المعاملة طوعًا لا شرطًا فيها، ففي تقرر الخلاف فيه كما لو كان شرطًا فيها، ولزوم الوفاء به اتفاقً نقلا ابن عات عن أبي عمر أحمد بن عبد الملك، وأحمد بن عبد الله. قلت: الأظهر أن قرب طوعه من العقد؛ فالأول وإن بعد عنه فالثاني.

ابن فتوح عن محمد بن احمد: لا يجوز شرط إسقاط اليمن في السلف؛ لأنه سلف جر نفعًا، فإن شرط، فهو لغو، فإن كان السلف إلى أجل؛ انفسخ وذكر ابن شاس في صفة يمينه: أ، القاضي يحلفه بعد البينة على عدم الإبراء والاستيفاء، والاعتياض، والإحالة والاحتيال، والتوكيل على الاقتضاء من جميع الحق، ولا في بعضه، ولا يجب التعرض في اليمين؛ لصدق الشهود وقال الشيخ أبو إسحاق: يقول في آخر يمينه: وإنه لحق ثابت عليه إلى يومه ذلك واختصره ابن الحاجب معبرًا عن قول ابن شعبان، وإنه عليه إلى الآن، وهو أنص من قوله: إلى يومه، ولفظ ابن شعبان في الزاهي كنقل ابن شاس وقوله: إلى يومه، ولفظ ابن شعبان في الزاهي كنقل ابن شاس وقول ابن فتوح والمتيطي: وإنه الباقي عليه إلى يميني هذه، ففي لغو زيادة إنه باق عليه، ولزومها بيوم حلفه أو إلى الآن ثالثها: لوقت يمينه لسماع عيسى مع نقل ابن شاس عن معروف المذهب، وابن شعبان، ونقل ابن الحاجب، وقبل ابن عبد السلام غمز بعضهم زيادة الموثقين وغيرهم: أنه لم يسقط عنه من الدين شيئًا بضعف توجه دعوى الهبة على أحد القولين، وكذا فضل الإبراء الذي ذكره المؤلف، ويرد الأول بمنع، فنفذ توجه دعوى الهبة على أحد بالقولين، وبكذا فضل بالإبراء قال الباجي في ترجمة ما يجوز من العطية: من ادعى على رجل بعينه، فظاهر المذهب أ، لا يمين على المدعى عليه وقال ابن الجلاب: عليه اليمين، إن نكل؛ حلف المدعي، وأخذ بها، وأما ما كان في الذمة، كمن عليه دين يدعي على ربه أنه وهبه له؛ فالظاهر أن عليه اليمين، ويحتمل أن تقسم قسمة أخرى إن كانت الهبة لغير يد الموهوب؛ فلا يمين على الواهب، وإن كانت بيد الموهوب؛ فعليه اليمين كانت معينة، أو في الذمة، ويصحح هذا التقسيم أن من استحق عرضًا بيد رجل؛ لم يحكم له حتى يحلف أنه ما باع ولا وهب وقوله: وكذا فضل الإبراء الذي ذكره؛ يرد بأن إيجابهم هذه اليمين؛ لكمال الاحتياط للغائب يوجب أن تكون ألفاظها الدالة على نفي ما يتوهم أنه سقط للدين تدل على ذلك نصًا لا تضمنًا ولا التزامًا.

وفي "نوازل ابن رشد": لو حلف الطالب هذه اليمين، وتأخر اقتضاؤه مدة طويلة لجمع مال الغائب، أو بيع عقاره؛ إذ تقرير الدعاوى في هذه المدة ممكن، وفرض حجج المحكوم عليه مانعة؛ كحاله أولى من احتمال سقوط الدين، كما لو كان المدين حاضرًا، وادعى ذلك على الطالب، فأحلفه، ثم تأخر تنفيذ القضاء؛ لطول بيع ربعه، ثم ادعى على الطالب مثل ذلك؛ فإنه يحلف له ثانية، ولو كان الدين نجومًا، فحلف عند أولها أيحلف عند النجم أم لا؟ كمن حلف مع شاهد له بحق، ثم ظهر له أن له في شهادته حقًا آخر ما ينفع فيه الشاهد واليمين، فإنه لا يحلف ثانية، فأجاب بأن الصواب أن لا تعاد عليه اليمين؛ إذ لو أعيدت عليه؛ لاحتمال ما ذكرت؛ لوجب أن تعاد عليه لو حلف، وجاء ليقبض حقه؛ لاحتمال وصوله إلى حقه في رجوعه من محل حلفه لدار القاضي ولا حقًا ببطلانه. قلت: لا يلزم من لغو احتمال وصوله إلى حقه مدة رجوعه من محل حلفه لدار القاضي لغو احتمال وصوله إلى حقه مدة رجوعه من محل حلفه لدار القاضي لغو احتمال وصوله إلى حقه في المدة التي وصفها السائل، وعبر عنها بالطول؛ لأن احتماله مع الطول أقوى منه مع القصر، وقد أشار هو إلى هذا المعنى في الدين المنجم حسبما تذكره. قال ابن رشد: ولا يشبه هذا إذا كان حاضرًا، فادعى عليه أنه قد قضاه بعد ذلك أو وهبه إياه؛ لأن اليمين عليه واجبة هنا بنص قوله صلى الله عليه وسلم: ((البينة على من ادعى، واليمين على من أنكر)) بخلاف اليمين للغائب لا نص على وجوبها، كما تقدم، ولو تأخر القضاء بعد يمينه إلى أن جاء الغائب، فأقام معه مدة، ثم غاب لوجب أن لا يقضى حقه حتى يحلف ثانية؛ لأن اللفظ هنا حاصل كما كان أول مدة، والدين المنجم لا يجب عليه أن يحلف عند كل نجم منه إلا أن يقدم الغائب في خلاله، أو تبعد النجوم بحيث يمكن أنه بعد قبضه النجم الأول مضى، فاقتضى النجم الثاني، أو وكل من اقتضاه، ولا خلاف في عدم حلفه ثانية إذا حلف مع شاهد له بحق وذكرها. ابن عات: وقال السائل له: عياض: قال ابن عات: وهذا يقتضي أن اليمين تكون قبل بيع ربع الغائب.

قال المازري في الجواب الثالث: إذا سمع القاضي البينة على الغائب بحق عليه، والراد إلزام القضية فيه؛ فلا بد أن يستحلف الطالب أنه ما قضاه شيئًا من هذا الحق، ولا أسقطه حسبما مر، واختلف العلماء في كون هذا الاستحلاف احتياطًا للغائب أو واجبًا على القاضي لا يصح الحكم إلا به، فإن لم يستحلفه، فإن الحكم إذا بلغ الغائب؛ مكن من القدح فيه، فإن أدعى أنه قضى هذا الحق؛ فهي مسألة فيها إشكال وقف فيها حذاق العلماء، وعندنا فيها قولان: أحدهما: لا يلزم المحكوم عليه تسليم الحق حتى يستحلف له طالبه، فيعود من قدم بالحكم حتى يتممه باستحلاف القاضي الطالب؛ لأن القاضي يبرم القضية بقول في حكمه: أوجبت على فلان الغائب هذا الحق، وقضيت عليه به، وهذا لفظ يقتضي القطع بأنه ثابت عليه، ومع تجويز دعوى القضاء لا يتأتى القطع به، وقيل: يلزمه دفع الحق به، وينصرف لطلب يمين الطالب، وهذا إذا أثبت الحق منه على الغائب مستحقه، ولو أثبت وكيل المستحق؛ لم يطلب بهذه اليمين، ويرجى أمرها إلى أن يدعيها الغائب إذا ورد الحكم عليه. قلت: كذا وقع هذا اللفظ للمازري، وتلقاه ابن عبد السلام بالقبول، وفيه تناف؛ لأن قوله أو لا؟ لم يطلب بهذه اليمين، ويرجى أمرها يقتضي أنه لا ينفذ الحكم عليه؛ لأن قوله: إذا ورد الحكم عليه يقتضي عدم تقدم نفوذه عليه، فتأمله منصفًا، ثم قال متصلًا بكلامه السابق: وأما الميت والصبي والمجنون؛ فإنهم لا يقضي عليهم بالديون إلا بعد استحلاف الطالب لهم؛ لكون الميت يستحيل منه أن يدعي قضاء الدين، وكذا الصبي والمجنون ما دام كل منهما بصفته. قلت: مقتضى كلام المازري: أن من أقام بينة بدين على غائب عند قاضي بلد الطالب أن القاضي يقضي له بدينه على الغائب، ويحكم له به، ويقوم منه أن المعتبر في القضاء محل الطالب، وإن لم يكن به المحكوم به، ولا المحكوم عليه، وتقدم الخلاف في ذلك، ونحو مقتضى كلام المازري نقل الشيخ في النوادر عن ابن القاسم ما نصه: يسمع البينة على الغائب بالقتل، ويقضي عليه وهو على حجته إذا قدم، ولا تعاد البينة. وعن سحنون: قد يحكم على الغائب بالقتل ويقضي عليه، وهو على حجته إذا

قدم، ولا تعاد البينة. وعن سحنون: قد يحكم على الغائب بأنه قتل ببينة فلانًا خطًأ؛ فإنه يقضي على العاقلة بالدية لأوليائه، والعاقلة غائبة. وظاهر سماع عيسى ابن القاسم: أنه يسمع بينته بدينه على الغائب، ولا يقضي له؛ لأنه سئل عن من ثبت له حق على غائب عند القاضي؛ ويريد الخروج في ذلك، أو يوكل أستحلفه، قال: يستحلفه خرج، أو وكل أنه ما اقتضى، ولا أحاله، ولا قبضه بوجه من الوجوه، ثم يكتب له، وقال أصبغ عن ابن القاسم. ابن رشد: قيل: ليس على الإمام أن يستحلفه خرج أو وكل، ويكتب له دون يمين؛ لأنه يقول للإمام: لا تحلفني، فلعله لا يدعي على أنه قضاني شيئًا منه، وهو ظاهر ما في رسم حمل صبيًا من سماع عيسى من كتاب البضائع، وما في نوازل أصبغ عنه: فإن كتب لوكيله على هذا القول، ولم يستحلفه، فطلب الغريم، فادعى أنه دفع لموكله دينه أو بعضه، فإن قربت غيبته على مسيرة يومين ونحوهما أخر حتى يذهب إليه؛ فيحلف، وإن بعدت غيبته؛ لم يؤخر، وقضي عليه بالدين، وهو نص محمد بن عبد الحكم، ومعنى قول ابن القاسم في سماع عيسى من كتاب البضائع فيمن وكل رجلًا على طلب عبد له في بلد آخر، فيقيم البينة أنه لمن وكله أن الإمام لا يقضي له حتى يحلف الموكل ما باع ولا وهب، فإن قرب أمر أن يأتي به، فيحلف، وإن بعد؛ كتب لإمام بلده الذي ثبت عنده توكيله، فأمره أن يحلفه، فإن أتاه جواب كتابه أنه أحلفه؛ قضى به لوكيله، ولا يقضي لوكيله بالدين حتى يكتب إليه، فيحلفه في موضعه الذي هو فيه، وفرق بعض المتأخرين بين المسألتين بأن اليمين في مسألة العبد من تمام الشهادة، فهى يمين يوجبها الحكم. وفي مسألة الدين: ليس اليمين من تمام الشهادة، ولا مما يوجبه الحكم، وحمل ابن أبي زيد المسألتين بعضهما على بعض، وهو بين من قول أصبغ. لابن حبيب: حكي عنه في مسألة العبد: أنه يقضي به الوكيل في غيبة الموكل إن بعدت، ففي وقف القضاء على حلف ثالثها: في العبد لا في الدين.

لابن كنانة في المجموعة مع ابن القاسم في المدينة: يحلف الوكيل على العلم، وحينئذ يقضي له. قلت: ظاهره: في العبد والدين، وإنما ذكره في النوادر عن ابن كنانة دون ابن القاسم، وذكره في الدين لا اللعبد فقال: يحلف الوكيل أنه ما علم أنه قبض منه شيئًا. ابن رشد: وأما في الغيبة القريبة؛ فلا يقضي له في المسألتين حتى يحلف اتفاقًا. قال ابن الحاجب في الحكم على الغائب ما نصه: وذلك إذا كان غائبًا عن البلد أو متواريًا أو متعذرًا. قلت: ظاهره: أنه يحكم عليه في مجرد الغيبة، وقد تقدم أن قريب الغيبة كالحاضر، وتحديد القرب والبعد. وقوله: أو متواريًا؛ ظاهره: ولو لم يعذر إليه في تواريه، وهو تابع في ذلك لابن شاس. قال ابن شاس: قاله سحنون: لا تسمع البينة دون حضور الخصم إلا أن يتوارى أو يتعذر؛ فيقضي عليه كالغائب. قلت: قوله: فيقضي عليه كالغائب؛ لم أجده في النوادر لسحنون، ولا لغيره، وما ذكره عن سحنون نصه في الواضحة: سحنون: لا يرى إيقاع البينة إلا بمحضر الخصم إلا أن يكون غائبًا غيبة بعيدة، ولم يذكر ما نقله ابن شاس من قوله: إى أن يتوارى، وكذا له في النوادر. وتواري الخصم عن خصمه، وهو معه في بلده كثير نزوله، وما سمعت ولا شاهدت أحدًا من القضاة حكم عليه كالغائب. قال ابن فتوح: من ذكر لقاض أن خصمه غيب وجهه داخل دار؛ ليبطل عليه حقه، وسأل الحاكم أن يسمر عليه باب الدار؛ ليخرج لمحاكمته؛ لزمه أن يثبت أن غريمه يسكن بالدار التي أراد تسميرها، وليس عليه إثبات ملكه لها، فإن أثبت أنه ساكن فيها سمرها؛ سكنها بكراء أو عزو. قلت: فظاهره: أنه لا يحكم على المتواري بالبلد، وفي ترجمه ما يحتمل عليه القاضي

في إنفاذ الحكم إن أراد الأعذار للمطلوب؛ لم يمكنه ذلك، كتغيبه بموضع يمنع فيه من الخروج أنه ثبت عند القاضي أنه بذلك الموضع؛ فعليه أن يستعين بالسلطان بان يبعث إلى الخصم من يخرجه إلى حيث ينتصف منه، وقال بعضهم: إن امتنع بموضع أمر السلطان بتثقيف ذلك الموضع إن لم يوصل إليه، وضيق عليه حتى يخرج، وإذا خرج؛ عوقب على امتناعه، فإن طال أمره، وأضر ذلك برب الحق أمر بالدخول عليه بهدم أو غيره، وإن بلم يمتنع الدخول عليه إلا أنه مختلف بالموضع الذي هو به أمر السلطان من يثق به من أهل السماع بان يعزل النساء إلى ناحية، ويفتش الموضع الذي يطمع أنه فيه، فإن أعيا السلطان أمره، ولم يجده؛ سمع بينة الطالب، وقضى له عليه، وكذا المرأة، وكيف يصح ما نقله ابن شاس عن سحنون من الحكم على من توارى على نقله الشيخ وغيره عنه: أنه لا يحكم قاضي القيروان على من بصقلية حتى يكتب إليه، ويعذر غليه إلا أن يفرق بتعذر الأعذار إليه، وقد يؤخذ ما نقله عن سحنون من نقل الشيخ عن أصبغ ما نصه: يقضي على الغائب، ولو قربت غيبته إلا أن يقرب جدًا بحيث يبلغه الكتاب بغير ضرر على الغرماء، فيكتب إليه يعلمه بما ثبت عنده، ويأمره أن يقدم، فإن لم يقدم؛ باع عليه، وقضى غرماءه، فإن قدم وجاء بما يزيل عنه الحق؛ مضى البيع، وأتبع بالثمن من أخذه. وفي سماع أشهب: كتب مالك إلى ابن غانم: وسألت عمن أوقع عندك البينة على رجل حاضر في أرض بيده، فهرب بعد وقوع البينة عليه، فأرى إن كان خاصمه عندك، ووقعت عليه البينة بما يحق له الأرض، ثم هرب أن يقضي لمدعيها. ابن رشد: إن هرب بعد استيفاء حجته فرارًا من القضاء عليه؛ حكم على وعجزه، ولا قيام له إن قدم بحجة كما لو قضي عليه وهو حاضر، ولو تغيب قبل أن يستوفي حجته؛ فالواجب في ذلك أن يتلوم له، فإن لم يخرج وتمادى على مغيبه وإخفائه؛ قضى عليه. وقول ابن الحاجب: وقال ابن عبد الحكم: إن كان له بالبلد مال أو حميل أو وكيل وإلا نقلت الشهادة هو نقل الشيخ عنه ما نصه قال: لا يجوز للقاضي أن يحكم على

غائب عن البلد الذي ولي الحكم بين أهله، ولا مال له بها إنما يحكم على رجل حاضر البلد، أو على مال له بذلك البلد أو حميل أو وكيل، وغير ذلك ليس له أن يحكم عليه؛ لأنه لم يول الحكم بين جميع الناس؛ إنما ولي على أهل البلد خاصة، ولكن تنقل الشهادات إلى غيره من القضاة. قلت: ظاهره: لو كان غائبًا عن بلد القاضي بموضع للقاضي ولاية عليه أنه يحكم عليه لا بقيد ما ذكره. وقد تقدم ما اشرنا إليه من اختلاف نقل المازري عن المذهب: أن القاضي يحكم على الغائب بالحق عليه، وإن لم يكن له ببلد الحاكم مال ولا غيره، خلاف ظاهر سماع عيسى ابن القاسم، فعلى طريقة المازري؛ يكون قول ابن عبد الحكم خلافًا، وعلى ظاهر سماع عيسى لا يكون خلافًا. ابن عبد السلام: ما شرطه من حضور الوكيل لا يظهر له كبير فائدة؛ لأنه إن كان للمدعي عند الوكيل مال؛ فالمال وحده كاف، وإن لم يكن؛ فلا معنى لنزاعه معه إلا أن يكون الوكيل مفوضًا إليه يلزمه الموكل إقراره. قلت: يرد بأنه قد يكون الوكيل لا مال له تحت يده لموكله المذكور ببلد القاضي، وتحت يده له مال بيد آخر، وقد يكون للطالب بينة بحقه؛ فلا يفتقر؛ لكونه مفوضًا إليه؛ ليلزم إقراره، والفائدة: تنجيز حكم الحاكم له بحقه. وفي سماع أشهب: سألته عن من مات، وترك زوجه بيدها ماله ورباعه، وله أخ غائب، فقام ابنه وأراد أن يثبت أن كل المال الذي بيدها لعمله ليس لها منه شيء قال: وأنا وارث ألبي، ولا وكالة له من قبله، ويقول: أنا اثبته لا تدفعوه لي، ودعوه بيد غيري أو يقوم بذلك أجنبي عن الغائب، فقال: أرى ذلك للابن، ولا يدفع له المال، ويوضع على يد عدل، وأما غير الابن؛ فلا أدري ما هذا. ابن رشد: وكذا الأب فيما ادعاه لابنه وقع ذلك في الجدار. وفي الواضحة ذلك في الأب أوضح منه في الابن: ولم يجز ذلك لمن سواهما من القرابة على ماله قفي الرسم الذي بعد هذا.

وفي رسم الكبش من سماع يحيى غير أنه زاد فيه: أنه يمكن من إيقاع البينة، وإثبات الحق لا أكثر، فليس ما في رسم الكبش بمخالف لما في هذا السماع، وحمله بعض أهل النظر على خلافه غير صحيح، فإذا ثبت ذلك للغائب، وضع له بيد عدل، فإن جاء وادعاه أخذه بغير يمين ربعًا؛ كان أو غيره، كما لو كان حاضرًا، فنازعته زوجته، فأقام بينة عليه بخلاف ما يدعيه، وهو بيد غيره لا يستحقه إلا بعد يمينه أنه ما باع، ولا وهب حاش الأصول على اختلاف فيها، فإن أقر أنه لا حق له في ذلك رد للمرأة إلا أن يكون مدينًا بما يستغرق ماله، وإن كان قبل قدومه، ورث عنه، وإن أقام غرماؤه فيه؛ قبل قدومه أعدوا فيه، وقضى لهم فيه، ففي قصر القيام عنه دون توكيل منه على ابنه وأبيه وعمومته فيهما، وفي الأجانب ثالثها: يمكنون من إقامة البينة لا الخصومة، ورابعها: لا يمكن واحد منهما، وخامسها: يمكن منهما الأب والابن فقط، ويمكن غيرهما، والأجنبي في العبد والدابة والثوب؛ لفوتها، وتغيرها لا فيما سوى من ذلك من دين وغيره لهذا السماع مع سماع يحيى وسحنون قائلًا: يوكل القاضي من يقوم للغائب بحقه، وأول رواية لا يقوم عن غائب أحد بغير وكالة، فإنه فيما طال من الزمان، ودرس فيه العلم مع أحد قولي ابن الماجشون وغيرهما، والأخوين وابن حبيب عن مطرف، وعلى القول بالقيام عنه في كونه في قريب الغيبة وبعيدها، وقصره على قريبها قولان لظاهر هذا السماع مع أبي زيد عن ابن الماجشون وسحنون مع ابن حبيب عن رواية مطرف قال: ولو لم يقم القائم على الغريم بحق الغائب إلا شاهدًا واحدًا؛ حلف الغريم، وبرئ إلى قدوم الغائب إن قدم حلف مع شاهده، وأخذ حقه، وإن نكل؛ فلا شيء به، وإن نكل الغريم عن الحلف؛ نزع منه الحق، ووقف للغائب إن قدم أخذه دون يمين كصغير أو سفيه قام له بحق شاهد واحد، قال: ولو كان المطلوب مقرًا بالدين ترك، ولم يعرض له قريب غيبته الب أو بعدت، وقول مطرف هذا في الدين هو نحو قول سحنون فمن غاب في سفره، وترك ماله أو عقاره بيد أحد لا يعرض له السلطان: ولو لم يتركه بيد أحد، فأخذه رجل انتزعه القاضي منه، ووكل عليه، ولا يمكن أهل العداء من عداهم.

وقال ابن كنانة: ذلك إلى اجتهاد السلطان. ابن رشد: إنما لا يعرض السلطان لمن غاب، وترك ماله بيد رجل أو دينًا له قبله، وإن سافر كما يسافر الناس، وإن طالت غيبته، وانقطع خبره؛ فالسلطان ينظر له، ويحوز عليه ماله على ما وقع في كتاب طلاق السنة من المدونة. وقول سحنون: إذا لم يكن المال بيده بخلافه أن السلطان ينتزعه منه، ويوكل عليه هو على أصله أن الأجنبي يمكن من المخاصمة عن الغائب دون توكل. قلت: في جعله قول سحنون خلافًا لما ذكره ابن رشد نظر؛ لأن سحنونا إنما قال: ينتزعه السلطان ممن علم أنه وضع يده عليه عداء. ابن فتوح: ما ثبت للغائب من عقار بيد من يدعيه لنفسه، لا ينتزعه منه، ولا يقطع ما أحدث عليه من عيب أو اطلاع؛ إنما يشهد على ثبوت ذلك فقط؛ لأنه إذا قدم قد يقر المقدم عليه، أو يرضى بما أحدث عليه، ولو أقر من بيده العقار أنه للغائب؛ أخرجه السلطان من يده، ووقفه بيد غيره، ويقطع الضرر عن ملك الغائب إن أقر عليه من قيم عليه بإحداثه عليه في مغيبه. وفي ثاني نكاحها: يباع على الغائب عروضه في نفقة زوجته، وكذا إن كان للزوج ودائع وديون؛ قرض لها فيها نفقتها، ومن جحد ممن له عليه دين؛ فللمرأة خصومته وإقامة البينة عليه، وكذا من له على الغائب دين؛ له ذلك. المتيطي: إن سأل المحكوم له على الغائب تنفيذ حقه من مال قاض بيد رجل ووديعة للغائب، فإن أقر من ذلك بيده أنه للغائب؛ حكم له به هذا القول المعمول به، وحكمى ابن اللباد عن سحنون: أنه لا يقضي دينه من المال المستودع، ونحوه في كتابه لابنه في أجوبته لشرحبيل، وقال ابن عبد الحكم، وابن المواز، وابن سحنون في هذا الأصل ذكره الشيخ عنهم في نوادره وأبو عمر: إن هذا هو القياس؛ إذ لو حضرها الغائب، وأنكرها لم يكن للغرماء إليها سبيل، ولأنه يقول: ليست لي، ولا للمقر، وهي لغيرنا، فإقراره مقبول ما دام قائم الوجه. قلت: انظر قوله: ما دام قائم الوجه؛ ظاهره: أنه إن أفلس؛ لم يقبل قوله، ومقتضى

الأصول أنه إن ثبت أنه أودع المال؛ فلأمر كما قال، وإن لم يثبت إلا بقول من بيده؛ قبل قوله ولو فلس؛ لأنه لم يثبت له بعد. المتيطي: إن اتسع نظر القاضي، وأقطار مصره متباينة؛ لم يرفع الخصم إلى مصره إلا فيما قرب من الأميال اليسيرة؛ لأن ما بعد يشق على الناس، ويقدم في الجهات البعيدة حكامًا هذا مشهور المذهب، ومنعه ابن عبد الحكم إلا بإذن الإمام. ابن فتوح: إن سأل طالب القاضي أن يرفع مطلوبة لمجلس القاضي، فينبغي للقاضي إن كان قريبًا أن يأمر غلامه الذي له الأجرة من بيت المال بالمسير عنه، فإن لم يكن له في بيت المال أجرة. قال أحمد بن سعيد: يدفع له القاضي طابعًا يرفع به خصمه، فإن لم يرفع؛ جعل القاضي من رزقه للأعوان جعلًا؛ إذ رفع المطلوب ممن يلزمه، فإن لم يفعل القاضي ذلك؛ فأحسن الوجوه أن يستأجر الطالب عونًا يأتيه بالمطلوب إلا أن يتبين أن المطلوب ألد بالطالب، ودعاه للقاضي فأبي، أو منعه حقًا يقر به ويمطله فيه، فيغرم المطلوب أجرة العون لا الطالب. وقال محمد بن عمر: لا نعلم ذنبًا يوجب استباحة مال مؤمن إلا الكفر وحده. قلت: القول الأول: هو قول ابن العطار: فتعقبه عليه ابن النجار؛ وهو محمد بن عمر، وقال: قول ابن العطار خطأ، وترد تخطئته بأن الظلم الذي لا يوجب استباحة مال الظالم هو الظلم الذي لا يؤدي إلى إتلاف مال على المظلوم، وأما إن أدى إليه؛ فلا يبعد إغرامه، كما قالوا فيمن منع آلة تذكية عمن اضطر إليها حتى مات: ما افتقر إلى تذكيته بها. ابن فتوح: قال محمد بن أحمد: فغن ثبت عند القاضي تغيب المطلوب؛ طبع عليه باب مسكنه بعد أن يعين المسكن ثقاة جيرانه عند ثقاة القاضي، وهو خير من التسمير عليه، فإن رأى التسمير لا الطمع؛ فليثبت عنده أنها دار المطلوب، ويخرج ما في المسكن من حيوان، وقيل: إن تبين للقاضي لدى المطلوب؛ حكم عليه. المتيطي: وإن لم يتفق في بعض الجهات البعيدة تقديم حاكم؛ فلا يرفع من فيه إلى

المصر إلا بشبهة قوية كشاهد عدل. قال في مسائل حبيب: لا شخصًا لا شاهد عدل؛ أن له عليه حقًا، ولا يقبل قول المطلوب في ذلك، وإن كان عنده عدلًا، وكان سحنون يؤدب الخصم إذا رفع خصمه إليه بعير طابع يدفعه إليه. وقال في موضع آخر: إن جاء الطالب وبه جرح؛ فهي شبهة توجب الدفع. ابن زمنين: من سير حكام العدل: أن يرفع الطالب طالبًا يرتفع به المطلوب إن كان بمصر الحاكم، وعلى أميال يسيرة، وإن رأى أن يرسل فيه من أعوانه فعل، وإن بعد؛ كتب برفعه. قلت: ظاهرة: وإن لم يأت بشبهة. قال: ولأصبع في الواضحة: إن استعدى الخصم للقاضي على خصمه النائي، وسأله أن يكتب له فيه كتب إلى أهل العدل أن أجمعوهما للتناصف، فإن أبيا، فانظروا في أمرهما، فإن رأيتم للمدعي وجهًا لحقه؛ لم يرد به تعنيته، فارفعوه لنا معه، وإلا فلا ترفعوه، ولهذا إن كان بحيث لا مؤنة في القدوم على المدعى عليه، ولا على الشهود، وإن بعد المكان من موضع القاضي؛ فلا يكتب برفعه، وليكتب لمن يثق بفهمه ودينه من أهل ذلك الموضع أن ينظر في جميع أمرها، ويسمع بينتهما، ثم اكتب لنا بما ثبت عندك، ورأيته لننظر فيه، فإن في ذلك، وخاطبه بما ثبت عنده، فإن رأى أن يكتب له بإنفاذ الحكم؛ فعل، وإن رأى رفعهما إليه لإنفاذ ما ثبت عند المكتوب إليه؛ فعل، ولا يشخص البينات. قال سحنون: فإن عصى المدعي عليه، ولد أمر بعقل ضياعه، وسد بابه ليضطر به بذلك إلى الارتفاع. قلت: انظر هذا مع نقل ابن شاس عنه المتقدم: أنه يحكم عليه بمجرد تواريه. الشيخ عن ابن عبد الحكم: من استعدى الحاكم على من معه بالمصر، أو قريبًا منه؛ أعطاه طابعًا في حملته أو رسولًا، وإن بعد من المصر؛ لم يجلبه إلا أن يشهد عليه شاهد، فإن ثبت عنده، كتب لمن يثق به من أمنائه؛ إما الصفة، وإلا فليرتفع معه، والقريب من

المدينة كمن يأتي، ثم يرجع يبيت في منزله، والطريق آمنة يرفع بالدعوى كمن بالمصر. المازري: يبعد عن المرأة في خصامها من لا خصومة بينه وبينها، وإن كانت شابة لها جمال بخلاف إن تكلمت، فسمع كلامها أن يشغف بها، أمرت أن توكل من ينوب عنها، ولا حق للخصم في إحضارها مجلس القاضي، وإن احتيج إلى أن أبعث إليها بدارها تخاطب من وراء ستر من يبعثه القاضي إليها ممن يؤمن لشيخوخته، ودينه، وورعه، وتكلفه الحكومة في أمرها؛ فعل ذلك، وقد حضرت الغامدية إلى النبي صلى الله عليه وسلم حتى أقرت بالزنا، فأمر برجمها، وقال في امرأة الأخرى: واغد يا أنيس على امرأة هذا، فإن اعترفت؛ فارجمها، فلم يأمر بإحضارها، وسماع ذلك منها شفاها، ويمكن أن يكون فرق بين المرأتين وكما أشرنا إليه من كون التي بعث إليها لا يحسن خطابها بملأ من الناس. وقول ابن الحاجب: ولا يلزم من يزري بها مجلس الحاكم أن تحضر لتحلف، ولو كانت تتصرف، ويبعث الحاكم من يحلفها، فإن كان فيما له بال؛ ففي المسجد ليلاً هو اختصار قول ابن شاس: المخدرة لا تحضر مجلس الحكم في اليسير؛ بل يبعث الحاكم إليها من يحلفها؛ والمخدرة هي: من يزري بمثلها حضور مجالس الحكام، وإن كانت تتصرف، وتخرج إلى غير ذلك، وما له بال فيه إلى المسجد ليلاً. ابن عبد السلام: تحلف فيما لا بال له حيث ذكر المؤلف، ولو كان أزيد مع ربع دينار، وشرطه ذلك لمن يزري بها حضور مجلس القاضي، وهذا يظهر إن كان حلفها بمجلسه، وإن كان بناحية عن مجلسه؛ فربما لم يزر بها. قلت: ظاهر قبول نقله عن المذهب قصر حلف المرأة في بيتها على التي يزري بها حضر مجلس الحاكم، وظاهر نقل المتقدمين خلافه، وأنه عام في مطلق المرأة أبقيد؛ كونها ليست كالرجل، وكونها ليست كالرجل هي أعم من المخدرة المذكورة. قال الشيخ: روى ابن القاسم: تخرج فيما له بال، فمن كانت تخرج نهارًا؛ أخرجت نهارًا وإلا أخرجت بالليل، وقال في كتاب محمد مثله. قلت: محمد أفي ربع دينار؟ قال: لا إلا في الشيء الكثير الذي له بال، من هي

كالرجل تخرج تحلف بالنهار بالمسجد الجامع في ربع دينار. وفي الواضحة: تسوية الرجل بالمرأة مطلقًا في خروجها للحلف بمحله في ربع دينار فصاعدًا، ما قصر عنه يحلف الرجل فيه حيث قضى عليه باليمين إن لم يكن بالمسجد؛ قال: وتحلف المرأة في بيتها، ويجزئ القاضي في ذلك بعث واحد لتحليفها. قال المازري: وقد قال القاضي عبد الوهاب في التي هي من أهل الصون والقدر يبعث القاضي من يستحلفها؛ لأن المدعي إنما حقه في حلفها لا في ابتذالها، وهتك حرمتها، وابن شاس في عبارته تابع للغزالي لا لما ذكرناه من ألفاظ أهل المذهب. قال الغزالي في الوجيز: المخدرة لا تحضر في مجلس الحكم؛ بل يبعث إليها القاضي من يحلفها، وفي وجه آخر: يلزمها الحضور، قيل: المخدرة التي لا تخرج أصلاً إلا لضرورة، وقيل: هي التي لا تخرج للعزاء والزيارة إلا نادرًا، وما وقعت لأحد من أهل المذهب على اعتبار لفظ المخدرة إلا ما وقع للمازري ما نصه: المشهور اعتبارا ربع دينار في المرأة كالرجل، وقيل: لا تستحلف إلا في الكثير مما باله بال، وأشار بعض العلماء إلى تردد في سقوط تحليف المخدرة في المسجد، فانظر هذا مع جزم ابن الحاجب وابن شاس في نسبة سقوطه لمذهب، وإن قيد ذلك بالسيارة. قلت: ففي كون حلف المرأة في بيتها بكن المحلف فيه ليس ذا بال دون اعتبار حالها، أو بكونها من أهل القدر والصون دون اعتبار الأول ثالثها: بالأول، وكونها ممن يزري بها حضور مجلس القاضي. للمازري عن تقابل المشهور مع الشيخ عن ابن القاسم مع محمد قائلاً: من هي كالرجل، والمارزي عن المذهب وابن الحاجب، وابن شاس عنه. قال ابن عبد السلام: إلغاء المؤلف تصرفها لنفسها في جوابها، ولم يره سببًا في حلفها في الجامع، والذي مشى عليه العمل أن تخرج نهارًا في جوابها تحلف في الجامع نهارًا، ومن لا تخرج نهارًا؛ في بيتها، أو في الجامع ليلاً، وقاله بعض الأندلسيين. قلت: قوله: ومن لا تخرج نهارًا في بيتها، أو في الجامع ليلاً؛ ظاهرة: أنها مخيرة فيهما

ولا أعرفه؛ بل قول الشيخ عن ابن سحنون عنه أنه قال في امرأتين ادعى عليهما في أرض، أو دور، ممن لا تخرج، فأمر أن يخرجا بالليل للجامع، فسألناه أن يحلفهما في أقرب المساجد منهما لمشقة خرجهما للجامع، فأجاب كذلك: وتمامها في فصل محل الحلف. قال ابن الحاجب تابعًا لابن شاس: إن مست يتيمًا حاجة، وله رباع في ولاية أخرى كتب بحاجته، وقضي ببيع أقلها؛ ردًا عليه، وتنفيذه لثمنه. قلت: كذا وجدته في غير نسخة بلفظ كتب بحاجته، وقضي ببيع أقلها؛ ظاهرة: أن القاضي يكتب، ويقضي ببيع الربع، وهذا الظاهر واضح البطلان، وعمود ضمير قضي على غير ما يعود عليه ضمير كتب تفكيك، وفي قراءتها على ما لم يسم فاعله إجمال، ولفظ ابن شاس جار على الأصول؛ لأنه عبر بقوله: يكتب إلا الغير؛ لعمله بحال الطفل وحاجته، ويقتضي منه بيع ماله إلى آخره بلفظ يقتضي لا بلفظ قضي، وهذا الفرع بعينه، وشخصه لا أعرفه من غير ابن شاس إلا لابن حبيب عن أصبغ: ولا يجب انحصار الحكم في ذلك؛ بل للقاضي أن يقدم نائبًا من بحجوره ببلده يخرج، أو يركل من يخرج كالوصي على يتيمه مع يبيع من ربع المحجور ما ذكر على الصفة المذكورة، والأول أرجح؛ لأنه لا يتقرر البيع بموت القاضي المكتوب إليه لأن من يلي بعده مثله بخلاف موت الوكيل. وزاد في الواضحة: لو مات ببلد قاض من ترك به مالاً، ذكر أن ارثه ببلد آخر لحق على قاضي بلد الميت إن كان الوارث ببلد بعيد جدًا بعثه المال لقاضي بلد الوارث؛ ليفعل فيه واجب، وإن لم يبعد جدًا حبسه، وكتب له بالقصة ليسأل عن ورائه، فيعلمه بذلك ليفعل واجب إرثه فيأخذه، فإن القاضي، وأرسل المال؛ لم يضمنه إن ضاع. وللشيخ عن أصبغ عن ابن القاسم: إن ادعى على صبي لا وصي له بشيء قلبه أو في يديه؛ لم يوكل له وكيل يدافع عنه. أصبغ: وأرى أن يوكل له وكيلاً يتولى من النظر له ما يتولاه وصية في ماله ونفسه

والذب عنه، وإنما يكره أن يوكل عليه وكيلاً لهذه الخصومة وحدها؛ لم يعزله. قلت: قال فضل في اختصار الواضحة: إثر ذكره ما تقدم عن أصبغ قول ابن الماجشون في ديوانه كقول أصبغ حرفًا بحرف. قلت: قوله: قبله؛ يريد بجناية منه لا بمعاملة؛ لأنها لا تتعلق به.

كتاب الشهادات

[كتاب الشهادات] الشهادات: ابن عبد السلام: لا حاجة لتعريف حقيقتها؛ لأنها معلومة.

قلت: وقال القرافي في قواعده: أقمت نحو ثماني سنين أطلب الفرق بين الشهادة والرواية، وأسأل الفضلاء عنه، وتحقيق ماهية كل واحدة منهما، فيقولان: الشهادة؛ يشترطون فيها العدد والذكورية والحرية بخلاف الرواية، فأقول لهم: اشتراط ذلك فرع تصورها، وتمييزها عن الرواية، فلو عرفت بآثارها وأحكامها التي لا تعرف إلا بعد معرفتها؛ لزم الدور وإذا وقعت حادثة غير منصوصة من أين لنا أنها شهادة، فيشترط فيها شروطها أو رواية؛ فلا يشترط فيها ذلك، وإجراء العلماء الخلاف في قبول خبر الواحد في رؤية هلال رمضان على كونه رواية أو شهادة، وفي خبر الواحد بعدد ما صلى إمامه على ذلك لا يتصور مع جهل حقيقتها؛ وإنما يتصور ذلك مع إدراك حقيقة كل منهما، ولم أزل كذلك في شدة قلق حتى طالعت شرح البرهان للمارزي رضي الله عنه، فوجدته حقق المسألة، وميز بين الأمرين من حيث هما، واتجه تخريج الفروع اتجاهًا حسنًا، وظهر أي سببين أقوى، وأي القولين أرجح، وأمكننا إذا وجدنا خلافًا لم يذكر سببه أن يخرج على وجود السببين فيه إن وجدناهما، ونشترط ما نشترطه، ونسقط ما نسقطه، وكنا على

بصيرة في كل ذلك، فقال: هما خبران غير أن المخبر عنه إذا كان لا يختص بمعين فه الراية كقوله صلى الله عليه وسلم: ((الأعمال بالنيات))، والشفعة فيما لا ينقسم لا يختص بشخص معين؛ بل هو في كل الخلق والأعصار والأمصار بخلاف قول العدل عند الحاكم: لهذا عند هذا دينار؛ إلزام لمعين لا يتعداه، فهذا هو الشهادة، والأول هو الرواية، ثم تجتمع الشوايب بعد ذلك، ووجه مناسبة شرط العدل في الشهادة، وبقية الشروط أن إلزام المعين يتوقع فيه عداوة باطنة؛ لم يطلع عليها الحاكم، فاختلط الشارع لذلك، فاشترط معه آخر، وناسب شرط الذكورية؛ لأن إلزام المعين حكمًا غلبة وقهرًا تأباه النفوس الأبية، فهو من النساء أشد نكاية، فخفف ذلك عن النفوس بشرط الذكورية؛ ولأنهن ناقصات عقل ودين، واستقام تخريج الخلاف في رؤية هلال رمضان؛ لاشتماله على مثالية الخبر وهي العموم؛ لأنه لا يخص واحدًا بعينه وشائبة الشهادة؛ وهي خصوصة هذا العام، وأهل هذا القطر الطرق. ثم قال: إن قلت: ما قررته من أن الشهادة حقيقتها التعلق بجزء، والرواية حقيقتها التعلق بكل منتقض، أما في الشهادة؛ فقد تنقض كالشهادة بالوقف على الفقراء إلى يوم القيامة، وكون الأرض عنوة أو صلحًا، فإنها كذلك إلى يوم القيامة، أما في الرواية؛ فإنها قد تكون في الأمور الجزئية؛ كالإخبار عن النجاسة بالماء المعين والثوب المعين، وأوقات الصلوات، وأوقات الصلوات، وأجاب عن الأول بأن العموم فيما ذكر من الشهادة إنما هو بالعرض، ومقصودها الأول؛ إنما هو جزئ، أما الوقف؛ فالمقصود بالشهادة فيه إنما هو الواقف لينزع منه المال الموقوف، وكون الموقوف عليه غير معين لا يقدح في ذلك. وأما كون الأرض عنوة أو صلحًا؛ فلم أر فيه لأصحابنا نصًا، وأمكن أنه من باب الخبر والرواية؛ لعدم الاختصاص في المحكوم عليه، وأمكن كونه من باب الشهادة

لتعين المعلوم فيه؛ وهو الأرض. وأما النقض على الرواية؛ فجوابه أن الأخبار عن نجاسة الماء المعين؛ إنما هو باعتبار وصفه من حيث كون صفته كلية لا باعتبار ذاته المخصوصة؛ ولذا كان كل ماء مماثل له في الصفة التي حكم عليه بالنجاسة لأجلها مماثل له في الحكم بنجاسته، وكذا الثوب. قلت: هذا حاصل كلامه، وواضح كلامه أولاً: أقمت أطلب الفرق، وأسأل الفضلاء عنه، وعن تحقيق ماهية كل منهما. نص في منافاته ابن عبد السلام: لا حاجة لتعريف حقيقة الشهادة، والحق قول القرافي: إنها لمعرفتها، وكان بعض شيوخ بلدنا يتعقب قول القرافي: أقمت مدة كذا أطلب الفرق بينهما حتى وقف على كلام المازري بأن الفرق المذكور في أيسر الكتب المتداولة بين مبتدئي الطلبة؛ وهو التنبيه لابن بشير. قال في كتاب الصيام: لما كان القياس عند المتأخرين رد ثبوت الهلال لباب الأخبار؛ إذ رأوا أن الفرق بين باب الخبر وبين الشهادة؛ أن كل ما خص المشهود عليه فبابه باب الشهادة، وكل ما عم، فلزم القائل منه ما يلزم المقدار، فبابه باب الأخبار جعلوا في المذهب قوله بقبول خبر الواحد في الهلال، ولا تجده إلا في النقل عن ما يثبت عند الإمام، وكذا كان يتعقب عليه حكايته عن نفسه مثل ذلك في الفرق بين علم الجنس وعلم الشخص؛ فإنه مذكور في الجزولية، وتتميم الكلام في هذا يخرج عن المقصود، وما ارتضاه، وتبع فيه المارزي من أن الشهادة هي الخبر المتعلق بجزئي والرواية الخبر المتعلق بكل؛ يرد بأن الرواية تتعلق بالجزئي كثيرًا لحديثه صلى الله عليه وسلم: ((يخرب الكعبة ذو السويقتين من الحبشة))، وحديث تميم الداري في السفينة التي لعب البحر بهم فيها حتى ألقتهم بجزيرة، ووجدوا فيها الرجل المفسر بالدجال إلى غير ذلك من

الأحاديث المتعلقة بأمور جزئية، ولأجل هذا تجدهم يقولون: اختلف في القضايا العينية تعم أم لا؟، وكآية {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ} [المسد:1]، ونحوها كثير. والصواب: أن الشهادة قول هو بحيث يوجب على الحاكم سماعه الحكم بمقتضاه إن عدل قائله مع تعدده، أو حلف طالبه؛ فتخرج الرواية والخبر القسيم للشهادة، وإخبار القاضي بما ثبت عنده قاضياً آخر يجب عليه الحكم بمقتضي ما كتب به إليه؛ لعدم شرط بالتعدد أو الحلف، وتدخل الشهادة قبل الأداء وغير التامة، لأن الحيثية لا توجب حصول مدلول ما أضيفت إليه بالفعل حسبما ذكروه في تعريف الدلالة، وهي باعتبار تحملها الروايات واضحة بأنها فرض كفاية. في نوازن سحنون: سئل عن قوله تعالي: {وَلا يَابَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا} [البقرة:282] فقال: إذا كان للرجل عندك علم، فأشهدك عليه، وإن لم يكن له عندك علم؛ إنما يريد أن يشهدك ابتداء؛ فأنت في سعة إن وجد في البلد غيرك ممن يشهده، فقرره ابن رشد بأن تحمل الشهادة فرض كفاية يحمله بعض الناس عن بعض كصلاة الجنازة، فمن كان بموضع ليس فيه من يحمله عنه تعين عليه، وأما أن يدعي ليشهد بما علمه أو استحفظه، فإن ذلك واجب عليه، فمن كانت عنده شهادة؛ فلا يحل له كتمها، ولمه إذا دعي إليها أن يقوم بها. الصقلي: اختلف في قوله تعالي: {وَلا يَابَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا} [البقرة:282]؛قال مالك وغيره: إنما ذلك أن يدعي لما كان شهد به قبل ذلك، قال مالك: وأما قبل أن يشهد، فأرجو أن يكون في سعة إن كان ثم من يشهد له. المتيطي: اختلف في قوله تعالي: {وَلا يَابَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا} [البقرة:282]، قيل: حين يكتب الشهادة، وقيل: إذا دعوا لأدائها، وقيل: المراد الأمران، وذكرها المازري، وعزا لمالك الثاني، وظاهر ما ذكرناه عنهم أن الأداء فرض عين لا كفاية. وقال ابن عبد السلام: إن كان الذي تحملها عدد أكثر من النصاب، كان الأداء فرض كفاية، وإن كان مقدار النصاب فأقل؛ فرض عين. قلت: والصواب: إن كان المحتملون أكثر من النصاب أن ينظر في كيفية تحملهم،

باب في شروط الشهادة في الأداء

فإن كان في مجلس واحد؛ فعليهم أن يجيبوا من طلبهم للأداء ما لم يستقل موجب الحكم، فلا يجب على من طلب بالأداء بعده، وإن كان تحملهم في أوقات مختلفة تعين الأول فالأول ما لم يظهر سقوط من يفتقر بعده لتمام النصاب، وهو قائم من قولها في كتاب الجعل والإجارة: ومن واجر على رضاع صبي، ثم واجر أخرى تطوعاً منه، ثم ماتت الأولى؛ فعليه أن يأتي بمن يرضع مع الثانية، فجعل من التزم حكماً بعد آخر؛ لا يلزمه منه إلا الزائد على ما يجب على الأول منه، وظاهر قولهم: إنه فرض عين مطلقاً هو القائم من قولها في كتاب الحمالة: من أخذ من غريمة كفيلاً بعد كفيل؛ فله في عديم الغريم أن يأخذ بجميع حقه، أي: الكفيلين شاء، فجعل من ألتزم حكماً بعد آخر يتعلق به كتعلقة بالأول. ابن رشد: وقول بعض أهل العلم: يجب على كل من دعي لها أن يجيب إليها أداء، أو تحملاً للآية غير صحيح، لأنه قبل التحمل لا يصدق عليه اسم شاهد، وأما أن لم يدع إلى أدائها، فقد قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: (خير الشهداء الذي يأتي بشهادته قبل أن يسألها، أو يخبر بشهادته قبل أن يسألها)، وهذا فيه تفصيل استوفيناه في رسم شهد من سماع عيسي. قلت: يذكر إن شاء الله عند قول ابن الحاجب السادس: الحرص على الشهادة، ولما كانت الشهادة موجبة لحكم الحاكم بمقتضاها؛ اكتسبت من الشرف منزلاً. [باب في شروط الشهادة في الأداء] تشترط فيها شروط منها في أدائها الكافي: الإسلام اتفاقًا، وشهادة المبتدع ساقطة؛ لأنه كافر أو فاسق.

المازري عن ابن القصار: ساقطة لفسقة، ولو كان عن تأويل غلط. فإن قيل: قبول بعضهم كالبخاري رواية بعضهم يوجب قبول شهادته أحروياً؛ لأنها في جزئي، والرواية في كلي؛ ولذا أسقط أبو حنيفة رواية الكافر مطلقاً، وأثبت شهادة بعضهم على بعض؛ يرد بأنها منصب رفيع عندهم بخلاف الرواية. وفيها: الحرية اتفاقاً والعقل. المازري: وشرط العقل واضح؛ لأن المجنون لا يعقل ما يقول ولا يضبطه، ومن هو كذلك لا يلتفت إلى قوله. ابن عبد السلام: لا يختلف في اعتبار العقل في حالتي التحمل والأداء ولا يضر ذهاب العقل في غير هاتين الحالتين، ونص عليه عبد الملك. قلت: ما ذكره هو مقتضي المذهب، ونص عبد الملك عليه لا أعرف؛ بل نقل الشيخ عن المجموعة: قال ابن وهب عن مالك في الكبير يخنق، ثم يفيق إفاقة يعقلها: جازت شهادته، وبيعه وابتياعه، والبلوغ منها اتفاقاً. المازري: لأنه إن لم يبلغ غير مكلف، ولا يأثم فيما يفعله من منهي عنه، وهذا يمنع الثقة بشهادته. وفي سماع أبي زيد لابن القاسم: لا تقبل شهادة ابن خمسة عشر عاماً إلا أن يحتلم حتى يبلغ ثمانية عشر عاماً؛ فتجوز شهادته، وإن لم يحتلم. ابن وهب: تجوز شهادته إن أتي عليه خمسة عشر عاماً، وإن لم يحتلم إن كان عدلاً؛ لأنه صلي الله عليه وسلم أجاز للقتال ابن خمسة عشرة سنة، ولم يجز ابن أربعة عشرة سنة. ابن رشد: روي عن ابن القاسم: أنه لا تجوز شهادته إن لم يحتلم حتى يبلغ سبع عشرة سنة، ففي الحد الذي يحكم فيه لمن لم يحتلم بحكم من احتلم ثلاثة أقوال ترجع لقولين: أحدهما: لا يحكم له للبلوغ إن لم يحتلم حتى يبلغ سبعة عشر عاماً، أو الثمانية عشر عاماً، والثاني: أنه خمسة عشر عاماً، فيحكم له بالبلوغ عند ابن وهب عند بلوغه.

باب العدالة

وفي شرط عدم الولاية في المال خلاف: سمع أشهب: أتجوز شهادة المولى عليه وهو عدل؟ قال: نعم، ابن رشد مثله. روي ابن عبد الحكم في الموازية: وهو قياس المعلوم من قول ابن القاسم في لغو الولاية على اليتيم البالغ في جواز أفعاله وردها، والآتي على مشهور المذهب المعلوم من قول مالك وأصحابه في أن المولى عليه لا تنفذ أفعاله، وإن كان رشيداً في أحواله أن لا تجوز شهادته، ولو كان مثله لو طلب ماله؛ أخذه، وهو نص أشهب في المجموعة، ونحو سماعه أصبغ: لا يجوز أن يكون وليًا في النكاح، ولو كان عدلاً. ولابن حبيب عن مالك وأصحابه: إن حكم قاض بشهادته أو بشهادة العبد، ثم أنكشف ذلك بعد الحكم؛ ردت القضية بخلاف أن لو انكشفت إنه مسخوط أو سفيه، ورواه أبو زيد عن ابن الماجشون. وقال أصبغ: إن قضي بشهادته، ثم تبين أن مولي عليه سارقاً فاسداً بين الفساد، أو مسخوطاً بين الفسق والفساد؛ ردت قضيته كما تريد إن تبين أنه عبد. [باب العدالة] والعدالة لما كانت شرطاً في الشهادة والرواية تكلم عليها الفقهاء والأصوليون، وابن الحاجب في أصلية وفقيه، وأطال المازري فيها الكلام، والأولى صفة مظنة، لمنع موصوفها البدعة، وما يشينه عرفاً، أو معصية غير قليل الصغائر، فالصغائر الخسيسة

مندرجة فيما يشين، ونادر الكذب في غير عظيم مفسدة؛ عفو مندرج في قليل الصغائر؛ لدليل قولها في آخر شهاداتها مما يجرح به: أنه كذاب في غير شيء واحد، وأطول منه قول ابن الحاجب في الفقهي: العدالة، المحافظة، الدينية، على اجتناب الكذب والكبائر، وتوقي الصغائر، وأداء الأمانة، وحسن المعاملة ليس معها بدعة، ويتعقب بحشو لفظ الدينية لاستقلاله دونه، وإجمال قوله: وتوقي الصغائر؛ لاحتمال جميعها أو أكثرها. ابن عبد السلام: الضمير في قوله: ليس معها بدعة؛ راجع إلى العدالة، وظاهره: أن السلامة من البدعة أمر زائد على العدالة؛ لكن تعليله اشتراط هذه المعية بقوله؛ فإنها فسق يوجب كونها مضادة للعدالة، فيستغنى بذكر العدالة عنها، كما استغني بذكر العدالة عن سائر أضدادها، وقد يجاب بأن هذا النوع من أضداد العدالة كثر النزاع فيه. قلت: يرد إعادته الضمير على العدالة، فإن فهم معية الشيء؛ لا تعلم إلا بعد فهم ما نسبت إليه؛ لأن من أمر عبده أن يأتيه بزيد مع عقيلته؛ لا يفهم ما أمر به إلا من يفهم مسمى العقلية، وهي المرأة الشريفة أو المخدرة؛ ولذا تعقب على الشيخ المحدث

الأديب البارع أبي عبد الله محمد بن عبد الله القضاعي، شهر بالأبار في قصيدته الشهيرة التي بعث بها صاحب بلنسية زيان بن مرد نيس إلى ملك إفريقية أبي زكرياء بن أبي حفص يحرضه على قتال الروم، والأخذ بثأر أهل الأندلس التي مطعلها: أدرك بخيلك خيل الله أندلسا ... إن السبيل إلى منجاتها درسا قوله فيها: تقاسم الروم لا نالت مقاسمهم ... إلا عقائلها المحجوبة الأنسا وفي بلنسية منها وقرطبة ... ما ينسف النفس أو ما ينزف النفسا بأنه دعاء للروم بنيل مقاسمهم شريفات النساء ومخدراتها، وجواب بعضهم بأن لا نالت، جواب تقاسم لا دعاء، قال: وتوهم كونه دعاء جهالة؛ يرد بنقل ابن هشام، وابن عصفور، وابن الضايع الآمدي، وغير واحد أن جواب القسم إن كان فعلاً ماضياً؛ لزمته (كما) كقوله تعالي: {مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى} [الضحى:3]، أو (إن) كقوله تعالي: {إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ} [فاطر:41]، والإنصاف أن التعقب غير جهالة لصحة استناده لظاهر نقل الأندلسيين، وأنه غير وارد لقول سيبويه في الكتاب عن الخليل، تقول: والله لا فعلت ذلك أبداً؛ تريد: لا أفعل، وهذا، وإن كان استطراداً؛ فهو مفيد بيان حكم مسألة ذات نظر. وقول ابن عبد السلام: وظاهرة: أن السلامة من البدعة أمر زائد على العدالة؛ ظاهرة: أن ما هو زائد على حقيقة الماهية المعرفة لا يصح الإتيان بها في تعريفها، وإلا لما حسن إتيانه به، ويرد باتفاقهم على صحة التعريف بالخاصة، وهي زائدة على ماهية المعرف، وقوله: لكن؛ تعليله اشتراط هذه المعية بقوله: فإنها فسق يوجب كونها مضادة للعدالة؛ يستغني بذكر العدالة عنها وهم لا يليق بطبقته؛ لأن العدالة هي المعرف، والمعرف يستحيل أن يستغني به في التعريف ضرورة امتناع تعريف الشيء بنفسه، أو ما يتوقف معرفته عليه، والحق الواضح أن الضمير في (معها) عائد على المحافظة. والروايات ورادة بذكر بعض ما هو مناف للعدالة في شهاداتها مما يجرح به الشاهد

ثبوت كونه شارب خمراً، أو آكل ربا، أو صاحب قيان، أو كذاباً عن غير شيء واحد. وفي أولها: لا تجوز شهادة المغني والمغنية إذا عرفا بذلك، ولا النائحة ولا الشاعر الذي يمدح من أعطاه، ويهجوا من منعه، فشرب ما قل من الخمر جرحه، والنبيذ المسكر شرب ما يسكر منه جرحه شرب اليسير منه الذي لا يسكر ممن لا يري إباحته، ولا قلد من رأها؛ كالحنفي، وفي كونه ممن يراها، أو قلد من رآها كذلك أولاً نقل المازري، أن بشربه الحنفي؛ حد عند مالك، وسقطت شهادته مع ظاهر سماع أشهب أن الرجل المرضي في كل حالة لا تعرف له زلة شرب نبيذ التين الذي يسكر؛ ردت شهادته. وقول ابن رشد هذا: إن شرب؛ صح منه قدراً يسكر أو لا يسكر، وهو غير متمذهب بمذهب من يبيحه، ولو شربه متمذهب بمذهب من يبيحه، وهو معلوم بالصلاح والفضل غير متهم باستباحة ما لا يحل؛ لم ترد شهادته إلا أن يسكر منه، وكذا قرأناه إن كان يسكر بضم الياء وكسر الكاف، ويحتمل إن يقرأ إن كان يسكر بفتح الياء والكاف، ولابن رشد في رسم إن خرجت من سماع عيسي: شرب الخمر جرحه، ويعاقب عقوبة موجعة، وهو نص كتاب الرجم منها. وفي الموازية والمجموعة: لمالك: ولو باعها عصي؛ لم ترد شهادته. قلت: زاد الشيخ عن الكتابين: إلا أن يكون تقدم إليه ووعظ، فلم ينته، فترد شهادته، وهذه الرواية مشكلة؛ لأن بائعها إن كان يبيعها ممن يشربها حراماً، وجب رد شهادته، وإن لم يتقدم إليه، وكذا بائع النبيذ، وفي كون مكري بيته ممن يبيع به الخمر كذلك، أو لا ترد شهادته ثالثها: إلا أن يعذر بجهل لسماع عيسي، ومحمد بن إبراهيم بن دينار، وابن القاسم في المدنية والمبسوطة قائلاً: بيع بيته ممن يبيع به الخمر؛ ككرائه منه والربا كل ما حصل لمدعي ملكه بوجه لا يحل كالثمن في المعاملات الفاسدة، ورواتب المكس والظلم، وفي الواقع جزءيات حكمها؛ لزيادة بيان والسعي فيها للغير إعانة عليها. وقبول بعضهم شهادة بعض من تلبس بشيء لا يخفي على منصف حكمه، وتقدم

في المزارعة نقل قول الشيخ الفقيه أبي عبد الله بن شعيب محتجاً بقوله تعالي: {فَلَنَسْأَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْأَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ} [الأعراف:6]. وأما الكذب؛ فنصها: مما يخرج به الشاهد قيام بينة عليه أنه كذاب في غير شيء واحد، ونقلها ابن الحاجب بأنه معروف بالكذب في غير شيء واحد. قال ابن عبد السلام: كلامه يعطي تكرار الكذب ممن ثبت عليه ذلك، وأنه مشهور به من قوله معروف، ولم يشترط هذا القيد الأخير في المدونة، ويكفي تكرار الكذب. قلت: قوله: لا يعطي تكرار الكذب لا وجه لتخصيصه به دون المدونة؛ لأن فيها لفظ كذاب وفعال؛ يدل على التكرار ضرورة، وقوله: إنه مشهور من قوله: معروف؛ يرد بمنعه؛ لأن مدلول مشهور أخص من معروف، ولا يلزم من صدق الأعم؛ صدق الأخص. قوله: لم يشترط هذا في المدونة: إن أراد به كونه مشهوراً؛ فلا يضر لما بينا أن لفظ معروف لا يستلزمه، وأن أراد لفظ معروف؛ لم يشترطه في المدونة إن أراد نصاً، فمسلم وإن أراد ولا ملزوماً منع، وهذا لأن لفظ قولها: قيام البينة العادلة أنه كذاب بصيغة المبالغة؛ يدل على أنه معروف بمطلق الكذب عادة؛ لأن الغالب في العادة أنه لا يثبت بالبينة العادلة على رجل أنه كذاب في غير شيء، إلا وهو معروف، وبمطلق الكذب، فتأمله منصفاً. قال: ولو لم يشترط التكرار؛ لكان له وجه؛ لأن التجريح بهذه المواقع كلها على كثرتها؛ إنما هو على تحصيل الصدق، وأنه لا يغتفر للشاهد من الأوصاف ما يظن ممن شرب خمراً، أو أكل ربا، أو أخل بمروءته. قلت: ظاهر قوله: لو قيل: إن المنصوص أو المعروف؛ أنه لا يجرح بثبوت مطلق الكذب بصدوره مرة، ولا أعلم فيه نصاً، ويحصل من نقل الباجي وابن رشد في هذا الأصل خلاف.

قال الباجي: ما نصه: ترد شهادة من ترك واجباً كالصلاة والصوم حتى يخرج الوقت المشوع لها، وترك الجمعة جرحه في الجملة، واختلف في تركها مرة واحدة، فقال أصبغ: جرحه كالصلاة الفريضة يتركها مرة واحدة. قلت: فاستدلاله هذا نص في أن ترك الصلاة مرة واحدة جرحه، وأنه متفق عليه، وترك الصلاة مرة واحدة؛ كالكذبة الواحدة، وهو خلاف ما يأتي. لابن رشد: أن ترك الصلاة الواحدة من الصلاة المفروضة حتى يخرج وقتها بغير عذر؛ لا يوجب رد الشهادة حتى يكثر ذلك من فعله. والقيان: جمع قينة، وهي المغنية، فجعل في المدونة كسبها جرحه، ولذا نقل عياض عن بعض فقهاء الأندلس: أنه رد شهادة صاحب له، فسأله عن سبب ذلك، فقال له: حضرتك، وقد عرض عليك شراء جارية من جاريتين وقفتا للبيع، وقيل لك: هذا مغنية، فزدت في ثمنها، وتقدمت قضية إبراهيم بن سعيد الذي ذكرها الخطيب عنه في باب الوليمة، وما نقل فيها عن مالك، فتذكره المازري: الغناء لا بآله عندنا مكروه. وذكر محمد بن عبد الحكم: أن من أدمن على سماعه؛ ردت شهادته، فيمكن أن رأه علماً على سقوط المروءة. وقال مالك فيها: ترد شهادة المغني والمغنية والنائحة إن عرفوا بذلك، فشرط اشتهارهم بذلك، والاشتهار بذلك يدل على الخساسة، وكذا الرقص بالطاقتين اللتان تسميان عندنا بالشيزانة. والعناء بآله: فإن كانت ذات أوتار كالعود والطنبور والمعزف والمزمار؛ فالظاهر عند بعض العلماء حرمته، وأطلق محمد بن عبد الحكم أن سماع العود مكروه، وقد يريد به الحرمة، ولما كان ذلك يقارن غالباً شرب الخمر ويبعث عليها؛ انسحب عليه حكم التحريم. قال ابن عبد الحكم: سماع العود جرحه إلا أن يكون في صنيع لا شرب فيه؛ فلا يجرح، وإن كره على كل حال، وذكر ابن شعبان: الخلاف في رد شهادة قارئ القرآن بالألحان، ولعله يريد الألحان التي تفسد نص القرآن، ومخارج حروفه، وأما الترنم به،

وتحسين الصوت به؛ فلا، قد تسمع رسول الله صلي الله عليه وسلم قراءة أبي موسي الأشعري وقال: "لقد أوتيت مزماراً من مزامير آل داوود". قلت: ذكر الشيخ قبل نقل قول ابن شعبان ما نصه: وأكره القراءة بالألحان حتى تشبه الغناء، ولا أرد شهادة من فعله. المازري: وأما الغناء بما لا يطرب كالدف؛ فجائز. وقال مالك: لا بأس بضرب الدف والكبر، قال بعض أصحابه: يريد في العرس. واختلف في المزهر؛ فكرهه بعض أصحابه في غير العرس، ويلحق به ضرب الغربال؛ وهو دف يضرب من جهة واحدة، قلت: وتقدم شيء من هذا في الوليمة. ولبس الحرير الإدمان عليه جرحه، وكذا الجلوس عليه، ووقوعه مرة واحدة من غير عذر؛ الأظهر أنه غير جرحه في مرة تؤذن بأنبس الحرير وتصرفه؛ بحيث يكون علماً على سقوط مروءته، فيكون جرحه، وأغرق بعض الشافعية بقوله: لو جلس شهود عقد النطاح على حرير؛ لم يصح النكاح، ولو بمرة واحدة. وفي سرقتها: إن قامت ببينة على الشهود أنهم مجان؛ فذلك ما تجرح به شهادتهم. الجوهري: المجون أن لا يبالي الإنسان بما صنع. الشطرنج: المازري كره مالك النظر إليها وإن قل، وقال: هي شر من النرد، ولكن لا ترشد شهادة اللاعب إن كان المرة بعد المرة، بل إذا أدمن على اللعب، وربما أطلق لفظ الكراهة على التحريم. الأبهري: علق مالك رد الشهادة به على الإدمان لا المرة بعد المرة، قال الأبهري في تعليل هذا: لأنه للا يسلم الإنسان من يسير لهو. وقد قال بعض الشعراء. أفرد طبعك المجدود بالجد راحة ... يجم وعدله بشيء من المزح

ولكن إذا أعطيته المزج فليكن ... بمقدار ما يعطي الطعام من الملح ولابن رشد في سماع عبد الملك من كتاب الوصايا: ابن وهب: إن وجد الوصي الشطرنج في تركه الميت؛ نحت وجوهها، وباعها خطباً بغير أمر السلطان إن كان ممن سمع الأحاديث والعلم، وإن لم يكن كذلك، والوصي يخافه لجهالته ما ورد في ذلك؛ فلا يفعل إلا بأمره. ابن رشد: لا خلاف بين مالك وأصحابه إن الإدمان جرحه، وقيل: الإدمان اللعب بها في العام أكثر من مرة واحدة. قلت: عزاه عبد الحق لأحمد بن نصر. الصقلي عن محمد بن عبد الحكم: من يكثر اللعب بها حتى يشغله عن الصلاة في جماعة طرحت شهادته وإلا جازت. قلت: ففي كون اللعب بها دون إدمان جرحه بكونه أكثر من مرة واحدة في العام، أو بأكثر من ذلك ثالثها: هذا مع شغلها عن صلاة الجماعة. لابن رشد عن المذهب: وظاهر لفظها المرة بعد المرة، وابن عبد الحكم، وحكاية المازري عن ابن المسيب: لا بأس باللعب بها، وعن أبي هريرة ما ظاهرة الإباحة، وعن الشافعي عن سعيد بن جبير: أنه كان يلعب بها استظهاراً، وهو أن يولي المتلاعبين ظهره، ويقول لأحدهما: ما الذي دفع صاحبك، فيقول: كذا فيقول له: أدفع كذا، خلاف قول الباجي. ما روي عن ابن عبد الله بن مغفل، والشعبي، وعكرمة: أنهم كانوا يلعبون بالنرد، وأن الشعبي كان يلعب بالشطرنج، غير ثابت، وكذا عن ابن المسيب، وابن شهاب؛ وإنما هي أخبار يتعلق بها أهل البطالة. وقال عبد الوهاب: يكره أن يجلس مع اللاعب بها وينظر فيها؛ لأنه يدعو إلى المشاركة فيها. وفي العتيبة: قيل لمالك: أيسلم على اللاعب بها؟ قال: نعم.

والنرد المازري: ظاهر المذهب: أنه كالشطرنج. وفيها: الشطرنج شر من النرد، والصحيح من أحاديث الباب حديث مسلم عن بريده: أن النبي صلي الله عليه وسلم قال: (من لعب بالنرد شير؛ فكأنما صبغ يده في لحم خنزير ودمه). ابن سحنون: روي داوود: من كان يبيع النرد، والزمامير، والعيدان، والطنابير؛ لم تجز شهادته. قلت: وكذا من يشتغل بمطلق الكيمياء. وأفتي الشيخ الصالح الفقيه أبو الحسن المنتصر: بمنع إمامته. واللعب بالحمام في سرقتها: يجرح الشاهد بثبوت لعبة بالحمام. وفي الرجم منها: يجرح الشاهد بلعبه بالحمام إذا كان يقامر عليها. المازري عن محمد: من فعله على قمار، أو أدمن عليه؛ ردت شهادته، فأجراه مجري الشطرنج. قلت: روي أبو داوود بسنده عن أبي هريرة: أن رسول الله صلي الله عليه وسلم رأي رجلاً يتبع حمامة، فقال " شيطان يتبع شيطانة"، وصححه عبد الحق بالسكوت عنه، ولم يتعقبه ابن القطان عليه. وفي سماع سحنون: كتب لسحنون: من يقبل صلة السلطان، ويأكل طعامه، وسلاطين الزمان من قد علمت أتسقط شهادته، وقد قبل جوائز السلطان من قد علمت من أئمة الهدي والعلم؟ أخذ ابن عمر جوائز الحجاج، والحجاج من قد علمت، وابن شهاب: جوائز عبد الملك بن مروان وغيره من الخلفاء، وأخذ مالك جوائز أبي جعفر، وليس ذلك على وجه الخوف منهم؛ لأن منهم من باين السلطان بترك الأخذ

منهم، فلم ير منهم إلا خيراً، وذكر أن أبا جعفر أمر لمالك بثلاث صرر من الذهب دنانير، فأتبعه الرسول بها؛ فسقطت منه صرة في الزحام، فأتاه بصرتين، فسأله عن الثالثة، فأنكرها؛ فألزمه مالك فيها حتى أتاه بها بعض من وجدها، فرفعها إليه، وجميع القضاة من السلطان يرزقون ويأكلون، فكتب إليه سحنون: من قبل الجوائز من العمال المضروب على أيديهم؛ سقطت شهادته، ومن أكل من الزلة والفلتة؛ فغير مردود الشهادة؛ لأن الأمر الخفيف من الزلة والفلتة لا يضر في العدالة والمدمن على الأكل منهم ساقط الشهادة، وما قلته من قبول ابن شهاب ومالك؛ ليس بحجة؛ لأن ذلك من أمير المؤمنين، وجوائر الخلفاء جائزة لا شك فيها على ما شرط مالك؛ لاجتماع الخلق على قبول العطية من الخلفاء ممن يرضي به منهم وممن لا يرضي، وجل ما يدخل بيوت الأموال مستقيم، وما يظلم فيه قليل في كثير، ولم ينكر أحد من أهل العلم أخذ العطاء من زمن معاوية إلى اليوم، والقضاة أجراء للمسلمين لهم أجرهم من بيت مال المسلمين، وما ذكر عن ابن عمر: سمعت على بن زياد ينكر ذلك عن ابن عمر ويدفعه. ابن رشد: وله قبولها من العمال المضروب على أيديهم جرحه صحيح؛ ومعناه عندي: إذا قبلوا ذلك من العمال على الجباية الذين؛ إنما جعل لهم قبض الأموال، وتحصيلها دون وضعها في وجوها بالاجتهاد. وأما الأمراء الذين فوض إليهم الخليفة، أو خليفته قبض الأموال، وصرفها في وجوهها باجتهادهم؛ كالحجاج وشبهه من أمراء البلاد المفوض جميع الأمور فيها إليهم؛ فجوائزهم كجوائز الخلفاء، فإن صح أخذ ابن عمر جوائز الحجاج، فهذا وجهه. وأما القضاة والأجناد والحكام، فهم أخذ أرزاقهم من العمال المضروب على أيديهم الذي فوض إليهم النظر في ذلك، وضرب على أيديهم فيما سواه. وروي عن مالك أنه قال: لا بأس بجوائز الخلفاء، فأما جوائز العمال؛ ففيها شيء يريد الذي ظاهر أمرهم أنهم مفوض إليهم من قبل خلفائهم، ولم يتحقق ذلك، ويريد أن الأخذ منهم مكروه، ولو تحقق التفويض إليهم، لم يكن لكراهة أخذ جوائزهم وجه، كما أنه لو تحقق أنه لم يؤذن لهم في إعطاء المال باجتهادهم لمن لم يعمل عملاً لم يكن

لتسويغ أخذ جوائزهم وجه، فإن كان المجبي حلالاً، وعدل في القسم، فاتفق أهل العلم على جواز أخذ الجائزة منه، وإن لم يعدل في قسمه؛ فالأكثر على جواز أخذها منه، وكرهه بعضهم، وأرشد المجبي حلال وحرام؛ فالأكثر على كراهة الأخذ منه، ومنهم من أجازه، وإن كان المجبي حراماً، فمنهم من حرم أخذ الجائزة، والرزق على عمل الأعمال منه، وروي هذا عن مالك: ومنهم من أجازه، ومنهم من كرهه، وإن كان الغالب عليه الحرام؛ فله حكم الحرام، وإن كان الغالب عليه الحلال؛ فله حكم الحلال، وفيه كراهة ضعيفة، وإن كان الخليفة يجبي الحلال والحرام، فمن أخذ مما يعلم أنه حلال؛ فله حكم المال الحلال، ومن أخذ مما يعلم أنه حرام، فله حكم المجبي الحرام. وسمع عيسي ابن القاسم: الفرار من الزحف من الضعف جرحه، ومن علمت توبته منه وظهرت؛ قبلت شهادته وإلا ردت، والضعف في العدد كما قال تعالي: ابن رشد: هو كبيرة، وقال بعض الناس: ليس بكبيرة. قلت: تحقق تبوته عسير؛ لأنها لا تعرف إلا بتكرار جهاده، وعدم فراره، وأنظر هل الفرار من الضعف جرحه مطلقاً، أو ما لم يكن ممن صار العدو في حقه أكثر من الضعف بفرار من فر من الضعف؟ وهذا هو المظنون اعتقاده في بعض من فر في هزيمة الأمير أبي الحسن المريني في وقعة طريف من الفقهاء الذين كانوا معه كشيخنا أبي عبد الله السطي. وفي كون قطع الدنانير والدراهم جرحه ثالثها: ما لم يعذر بجهل، لابن رشد عن أصبغ عن ابن القاسم. وظاهر قول سحنون وابن القاسم في الموازية، وهذا إذا قطعها وهي وازنة، فردها ناقصة في البلد الذي لا تجوز فيه ناقصة، وهي تجري فيه عدداً بغير وزن على أن ينفقها، وبين نقصها، ولا يغش بها، وقطعها وردها ناقصة يغش بها، جرحه اتفاقاً، وقطعها وهي مقطوعة أو غير مقطوعة، وهي لا تجوز بأعيانها. والتبايع بالميزان لا خلاف أنه ليس بجرحه، وإن قطعها عالماً بمكروه ذلك،

ويحتمل أن يكون كلام سحنون على أن قطع الدنانير والدراهم جرحه ثالثها: ما لم يعذر بجهل، لابن رشد عن أصبغ عن ابن القاسم. وظاهر قول سحنون وابن القاسم في الموازية: وهذا إذا قطعها وهي وازنة، فردها ناقصة في البلد الذي لا تجوز فيه ناقصة، وهي تجزئ فيه المقطوعة التي ليست بمقطوعة، وهي تجري في الميزان، وتكلم ابن القاسم في رواية أصبغ عنه على قطع الدنانير التي تجوز بأعيانها، وردها ناقصة يغش بها، وتكلم في الموازية على أنه فعل ذلك وبين نقصها، فلم يغش بها، فلا يكون ذلك اختلافاً، ومضي القول فيما يجوز من قطع الدنانير والدراهم، وما لا يجوز في سماع ابن القاسم من الصرف. قلت: بسببه سئل مالك عمن قدم بلداً تجوز فيه الدراهم النقص، ومعه دراهم كبار أيقطعها؟ قال: لا، يكره ذلك. ابن رشد: خوف أن يذهب بها لبلد لا تجوزا لنقص فيه، فيغش بها؛ فهو أشد كراهة من قطع الدنانير المقطوعة، وأجاز في سماع أشهب قطع الدنانير المقطوعة عند الحاجة لذلك، وأجاز ابن القاسم في سماع أصبغ قطعها إجازة مطلقاً إذا لم تكن صحاحاً مزورة، وأما قطع الوازنة حيث لا تجوز الناقصة، فلا يحمل. وفي نوازل سحنون: شهادة المنجم المدعي أنه يعرف القضاء لا تجوز، وهذه جرحه بينة. ابن رشد: معناه: أنه يدعي أنه يعرف من ناحية نظره في النجوم ما قضي الله به وقدره قبل أن يكون، والقول بهذا ضلال لا كفر؛ وهو جرحه ببينة. وسمع ابن القاسم في كتاب السلطان: من ينظر في النجوم، فيقول: الشمس تكسف غداً، والرجل يقدم كذا، وشبهه يزجر، فإن لم ينته؛ أدب، وإني أري الذين يعالجون المجانين زاعمين أنهم يعالجون بالقرآن قد كذبوا لو علموا ذلك لعلمتهم الأنبياء، قد صنع لرسول الله صلي الله عليه وسلم سم، فلم يعرفه حتى أخبرته الشاة، وأرى هذا

ينظر في الغيب، وأنها لمن حبائل الشيطان. ابن رشد: ليس قوله: الشمس تكسف غداً، أو القمر ليلة كذا من جهة النظر في النجوم، وعلم الحساب بمنزلة قوله: من هذا الوجه فلان يقدم غداً في جميع الوجوه؛ لأن الشمس والقمر يجريان بأمر الله في أفلاكهما من برج إلى برج على تقدير لا يختلف يبعد فيه القمر عن الشمس، كلما بعد زاد ضوءه إلى إن ينتهي في البعد ليلة أربعة عشر، فتكمل استدارته، وضوءه لمقابلة الشمس، ثم يأخذه في القرب؛ كلما قرب؛ نقص ضوءه إلى أن ينتهي في القرب ليلة أربعة عشر، فإذا قدر الله تعالي على ما أحكمه من أمره، وقدره من منازله في سيره أن يكون بإزاء الشمس في النهار فيما بين الأبصار والشمس ستر جرمه عنا، ضوء الشمس كله إن كان مقابلها أو بعضها، إن كان منحرفاً عنها؛ فكان ذلك كسوف الشمس آية من آيات الله، فليس في معرفته ذلك بما ذكرناه من جهة النجوم، وطريق الحساب ادعاء علم غيب، ولا ضلالة بوجه؛ لكن يكره الاشتغال به؛ لأنه مما لا يعني، وفي الإنذار به ضرر في الدين؛ لأن الجاهل إذا سمعه؛ ظنه من علم الغيب، فيزجر عن ذلك ناقلة، ويؤدب عليه كما قال. قلت في كلامه تناف؛ لأنه صرح أولاً وثانياً بأن الكسوف من الأمور التي نصب الله تعالي على وجودها سبباً حسياً، فيعلم وجود ذلك الدليل بالحساب المستند لمعرفة حركة النيرين، وهذا أمر واضح، ولفظ قوله: فإذا قدر الله تعالي إلى قوله: آية من آيات الله؛ يقتضي أنه كنزول زلزلة أو صاعقة، ونحوها من الأمور التي لم ينصب عليها دليل، قال: واختلف في المنجم يقضي بتنجيمه أنه يعلم وقت قدوم فلان، أو نزول المطر، وما في الأرحام، أو ما يستسر به الناس والأخبار، وحادث الفتن والأهوال، وشبهه من المغيبات، فقيل ذلك: كفر جيب به قتله دون استتابة، وقيل: يستتاب إن تاب، وإلا قتل، قاله أشهب، وقيل: يزجر، وقيل: يؤدب، وهو له في هذا السماع، والذي أقواله إن هذا الخلاف؛ إنما برغم المنجمين النجوم، واختلاف طلوعها وغروبها هي الفاعلة لذلك كله، وكان مستتراً بذلك، فأسترته بيته؛ قتل بل استتابة؛ لأنه كافر زنديق، وإن كلنا معلناً بذلك غير مستتر به يظهره، ويحاج عليه؛ أستتيب، فإن تاب وإلا قتل، وإن

أقر أن النجوم واختلاف طلوعها وغروبها لا تأثير لها، وأن الله هو الفاعل لذلك إلا أنه جعلها أدلة؛ فهذا يزجر ويؤدب أبداً حتى يكف، ويرجع عن اعتقاده ويتوب عنه؛ لأنها بدعة يجرح بها، وتسقط إماماته وشهادته، ولا يحل تصديقه له في شيء من ذلك، وأني يصح في قلب تصديقه مع قوله تعالي: {عَالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا} [الجن:26] قلت: بعضهم: بعضهم يجيب عن هذا بأن الغيب ما لم ينصب عليه دليل، ويزعمون أن ما يقولونه هو مما نصب عليه دليل، وهو النصبة الخاصة، وغير ذلك مما تقرر في كتبهم. وفي نوازل سحنون عن أبن وهب: تارك الجمعة بقرية تجمع فيها دون مرض ولا علة؛ لا تجوز شهادته. سحنون: إن تركها ثلاثاً متوالياً للحديث. أصبغ عن ابن القاسم: ترد شهادته إلا أن يكون ممن لا يتهم على الدين؛ لبروزه في الصلاح وعلمه. اصبغ: ترد شهادته بتركه إياها مرة واحدة دون عذر؛ لأنها فريضة كفريضة الصلاة لوقتها يتركها مرة واحدة لوقتها عمداً، وبلغني عن عمر بن عبد العزيز: أنه كان يأمر إذا فرغ من الجمعة أن من وجد لم يشهدها؛ ربط في عمود وعوقب. ابن رشد: قول سحنون أظهر من قول أصبغ، ومعني قول سحنون: وإن لم يعلم له عذر، وليس معلوماً بالصلاح، والفضل على ما قاله ابن القاسم، وليس قولها بخلاف لابن وهب وإنما كان قول سحنون أظهر؛ لأن المسلم لا يسلم من مواقعه الذنوب، فلا يجرح بها دون الكبائر من الذنوب التي هي صغائر إلا أن تكثر، ولما قال صلي الله عليه وسلم" من ترك الجمعة ثلاثاً من غير عذر ولا علة؛ طبع الله على قلبه بطابع

النفاق"؛ دل على أن ما دون الثلاث بخلافه في عظم الإثم، فوجب أن يلحق بالصغائر، وكذا في ترك صلاة واحدة من الصلوات حتى خرج وقتها لغير عذر؛ لا ترد شهادته حتى يكثر ذلك منه. وفي نوازل سحنون: من قوي على الحج لا عذر له، في تركه إياه جرحه إن جاوز الستين، ولو كان بالأندلس لا قبل ذلك. ابن رشد: الذي أقوله: أنه ليس بجرحه إلا بعد السبعين. قلت: وله في أجوبته: سقوط وجوبه على أهل الأندلس، وفي نوازله: مطل الغني جرحه؛ لأنه إذاية للمسلم في ماله. وفي نوازل: من وطي جارية قبل أن يستبرئها؛ أدب أدباً موجعاً مع طرح شهادته إن كان عالماً بمكروه ذلك، فإن كانت لم تبلغ المحيض ومثلها يوطأ؛ فكذلك. ابن رشد: إن كان الحمل مأموناً عليها؛ لم تسقط به شهادته؛ لرواية على بن زياد، إنه لاستبراء فيها، ومعني قول سحنون؛ إنه لا يؤمن حملها، وفي نوازل: خروج الفقيه الفاضل الصالح إلى الصيد متنزهاً؛ ليس بجرحه. ابن رشد: لأنه مكروه لا حرام، فتركه أحسن. قلت: وتقدم ذكرنا نقل بعض شيوخنا عن بعض القضاة من شيوخه: أنه أسقط شهادة بعض شهود الجزيرة القبلية مع قائدها في الصيد، فلعله، لأن الجمع الذي خرج معه لا يجوز صحبته طوعاً. وفي الواضحة عن الأخوين، وابن عبد الحكم، وأصبغ: من يعرف أنه لا يقيم صلبه في رطوعه دون عذر؛ لم تجز شهادته. الشيخ عن ابن كنانة: من لا يقيم صلبه في الركوع والسجود دون سهو ولا عذر ولو في النفل؛ لم تجز شهادته. قلت: الأظهر أن علم إقامته في الفرض؛ جازت شهادته قال: وكذا من لا يحكم

باب في المروءة

الوضوء، ولابن سحنون عنه، وكذا من هو من أهل الصلاة بالتيمم لسفر أو مرض وهو لا يعرفه، وكذا من لا يعرف قدر نصاب المال، وهو ممن تجب عليه زكاته. قلت: إلا أن يكون ممن ماله كثير لا يفتقر في زكاته لتحقيق قدر النصاب؛ لأنه لا يتوقف إخراجه على معرفة قدره، وهذا في المال العين لا في الماشية والزرع. ابن حبيب عن الأخوين: الأغلف الذي لا عذر له في الاختتان؛ لا تجوز شهادته، ولو جاءه الإسلام وهو كبير، اختتن إبراهيم وهو ابن عشرين ومائة. وفي الزاهي: من أدي زكاته؛ فليس ببخيل، فمن بخل بالزائد على الزكاة، لم ترد بذلك شهادته. وقال بعض أصحابنا: ترد بذلك شهادته، وإن كان مرضي الحال في غير ذلك؛ لأنه ساقط المروءة، ومن ترك المروءة؛ لم تقبل شهادته. والمروءة: ما سمح به من غير أن يجب عليه: وهو مما أمر الله به، قال الله تعالي: {إِنَّ اللَّهَ يَامُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ} [النحل:90]، فالعدل: الحق، والإحسان: ما أضيف إليه، والروايات والأقوال واضحة بأن ترك المروءة جرحه، لأن تركها يدل على عدم المحافظة الدينية، وهي لازم العدالة، وتقرر بأنهها مسببة غالباً عن اتباع الشهوات. المازري: لأن من لا يبالي بسقوط منزلته، ودناءة همته؛ فهو ناقص العقل، ونقصه يوجب عدم الثقة به. [باب في المروءة] وفيها: والمروءة: هي المحافظة على فعل ما تركه من مباح يوجب الذم عرفاً، كشرط المليء الانتعال في بلد يستقبح فيه مشي مثله حافياً، وعلى ترك ما فعله من مباح؛ يوجب ذمة عرفاً؛ كالأكل عندنا في السوق، وفي حانوت الطباخ لغير الغريب.

ابن محرز: لا ترد شهادة ذوي الحرف الدنية؛ كالكناس، والدباغ، والحجام، والحائك إلا من رضيها اختياراً ممن لا تليق به؛ لأنها تدل على خبل في عقله، وشهادة الصبيان الذكور في جراحهم المذهب صحتها. ابن حارث اتفاقاً. المازري: هو معروف مذهب مالك وأصحابه إلا ابن عبد الحكم فإن منعها. ابن زرقون: قال مطرف ومحمد بن صدقة في المبسوطة: لا تجوز شهادة الصبيان بحال، ونحوه لابن عبد الحكم. قلت: لم يعزه ابن رشد إلا لمطرف. اللخمي: وشرط القاضي أن يكون ممن يعقل الشهادة. قلت: كقولها: وتجوز وصية ابن عشر سنين وأقل ممن يقاربها. اللخمي: في إلحاق النساء بهم فيما يقع بينهن من الجراح في المآتم والعرس والحمام، نقل الجلاب في ذلك قولين، ولو لم يكونا عدلين؛ لأنه موضع لا يحضره العدول، وأري أن يقسم معها في القتل، وتحلف إن جرحت وتقتص، وإن عدلتا؛ أقتص لها في القتل دون قسامة، واقتصت في الجرح بغير يمين، وأجاز محمد في المرأة

تدعي على زوجها أنه بني بها، وأرخي الستر، شهادة امرأتين ويمنيها، لأنه مما لا يطلع عليه إلا النساء، وقيل في هذا الأصل: لا يمين عليها. قلت: لفظ الجلاب: لا تجزئ شهادة النساء بعضهن على بعض؛ حيث لا يحضرن الرجال كالحمام والعرس والمآتم. وقال بعض أصحابنا: يجوز في ذلك؛ فظاهرة: أن معروف المذهب سقوطها. وقال المازري في قبول شهادتهن في ذلك روايتان، وظاهر كلام اللخمي والمازري: الاتفاق على شرط حرييهم. ابن رشد: في سماع أشهب: أما الصبيان المماليك؛ فلا أحفظ في المذهب خلافاً أن شهادتهم لا تجوز، وكذا صبيان أهل الذمة. ابن زرقون: حكي القاضي في شرح الرسالة عن بعض متأخري أصحابنا: أن شهادة العبد منهم جائزة، ويشترط تعددهم فيها؛ لا تجوز شهادة واحد منهم. اللخمي: إن شهد واحد على قتل مجهز، فعلى قول مالك؛ لا يقسم معه، ولابن نافع في كتاب ابن مزين: يقسم معه. ولابن رشد في سماع أشهب: لا تجوز شهادة الواحد منهم على قول ابن القاسم وروايته، وقيل: تجوز شهادته مع يمين المشهود له، قيل: إذا بلغ، وقيل: يحلف والده عنه، ويستحق ما شهد له به، قاله ابن الماجشون، وابن نافع في المبسوطة. اللخمي: اختلف إن اختلفت شهادتهم، ولم يخرجوا القتيل عنهم، شهد اثنان أن هذين قتلاه، وقال المشهود عليه: بل أنتما قتلتماه؛ فقيل: تسقطان، وقيل: الدية على عاقلة الأربعة، وفي هذا الأصل في الرجال اختلاف لو اختلف قاتل بآخر، وقال كل منهما لصاحبة: أنت القاتل، قيل: لا شيء عليهما، وقيل: الدية على عاقتلهما، والأول أحسن؛ لأن إحدى العاقلتين مظلومة قطعاً. ولعبد الملك: إن شهد صبيان أن صبياً قتله، وشهد آخران أن دابة أصابته؛ قضي بشهادة القتل، والصحيح سقوطها باختلافهم، وإن اختلفت شهادتهم بعد أن قيدت أخذ بأول قولهم، وإن بلغوا وعدلوا وشكوا؛ أخذ بأول قولهم.

الصقلي: روى ابن وهب في ستة صبيان لعبوا في البحر، فغرق أحدهم، فشهد ثلاثة على اثنين أنهم غرقاه، والاثنان على الثلاثة أنهم غرقوه: أن العقل على خمستهم، محمد: هذا غلط، ولا تجوز، وقاله ابن حبيب عن مطرف قال: ولو كانوا كباراً، فالدية في أموالهم. ولابن الماجشون في العتيبة: لو شهد صبيان بقتل صبي صبياً، وآخران بأن دابة أصابته، قضي بشهادة الصبيين على القتل. بعض فقهائها: تسقط لاختلافهم. أصبغ: إن شهد صبيان بقتل صبي صبياً الساعة، ورجلان بأنهما كانا حاضرين حتى سقط الصبي، فمات؛ قبلت شهادة الصبيين دون الكبيرين. ابن سحنون: أنكر سحنون قول أصبغ، وقال: قول أصحابنا شهادة الكبيرين أحق، بعض فقهائنا هذا أصوب؛ لأن حضور الكبار يسقط شهادة الصبيان أثبتت أو نفت، وشرط ابن الحاجب في قبول شهادتهم كونها قبل تفرقهم. ابن عبد السلام: هذا مراد الفقهاء بقولهم: ما لم يخببوا، فإن افتراقهم مظنة مخالطتهم من يلقنهم ما تبطل به شهادتهم. قلت: مقتضي قولها: تجوز شهادة الصبيان ما لم يفترقوا، أو يخببوا مع اختصارها أبو سعيد كذلك؛ إنهما غير مترادفين، وكذا اللفظ اللخمي: قبل تفرقهم وتخببهم، ولفظ الجلاب: إذا شهدوا قبل أن يفترقوا ويخببوا، فإن افترقوا وأمكن تخبيبهم؛ لم تقبل شهادتهم إلا أن يشهد الكبار على شهادتهم قبل افتراقهم، ونحوه لفظ ابن فتوح، وقال: معني يخببوا؛ أي: يعلموا. الباجي: التخبيب: أن يدخل بينهم كبير على وجه يمكنه أن يلقنهم، وسمع أشهب: لا تجوز شهادة الإناث منهم. ابن رشد: قيل: هي جائزة في الجراح دون القتل وفي القتل؛ وهو قول المخرومي فيها على أحد التأويلين، في قوله: قيل: وحدهن دون صبي؛ كامرأتين دون رجل فيما لا يحضره الرجال؛ وهو قول ابن الماجشون، وقيل: يشرط أن يكون معها صبي؛ وهو

قول مطرف وسحنون في نوازله. قلت: ولابن حارث: روي ابن حبيب: أن مطرفاً يجيز شهادة الإناث الصبيان، كما يجيز شهادة ذكورهم. المازري: منع مالك وأشهب شهادة إناثهم، وأجازها المغيرة مطلقاً في القتل والجراح. وعن مالك، وبعض أصحابه: تقبل مضافة لشهادة صبي ذكر لا دونه. ولابن زروقون عن التونسي: ظاهر قول ابن القاسم، وقول عبد الملك: أن شهادتهن وحدهن جائزة، وهو الواجب إذا كانت العادة أن الصبايا لا يختلطن بالصبيان في لعبهن، ولعل سحنوناً ومطرفاً؛ إنما منع ذلك؛ لأن العادة انفرادهن عن الصبيان، وفي قبول شهادة الصبيان في القتل بينهم قول ابن القاسم مع روايته، وقول أشهب فيها. وفي نوازل سحنون: اختلف أصحابنا والروايات في قبولها في القتل، والذي أخذ به جوازها حيث تجوز منهم كباراً. الباجي: إذا جوزت في القتل، فقال غير واحد من أصحاب مالك: لا تجوز فيه حتى يشهدوا العدول على روية البدن مقتولاً. ابن رشد: رواه ابن القاسم عن مالك، وقاله غير واحد من أصحابه، ولا يدخل في هذا الاختلاف الذي في شهادة المرأتين في الاستهلال، وقتل الخطأ؛ لضعف شهادة الصبيان عندي. الباجي: إذا شهد على شهادتهم قبل افتراقهم؛ فلا عبرة برجوعهم عن الشهادة قاله ابن وهب. وقال سحنون ومحمد: إلا أن يرجعوا قبل الحكم، وبعد أن صاروا رجالاً، فتبطل شهادتهم، كما لو شهد رجلان أن ما شهد به الصبيان باطل، وقاله ابن الماجشون في المجموعة. الباجي عن محمد: لا يختلف أنه لا ينظر إلى عدالتهم أو جرحتهم.

قلت: الأظهر اعتبار منع الكذب قبول شهادة من عرف به منهم. وفي لغو مانعية العداوة والقرابة بينهم: ثالثها: العداوة، وتعتبر القرابة لابن زرقون عن محمد وابن القاسم وعبد الملك. ابن رشد: لا تجوز لكبير على كبير، وفي إجازتهم لكبير على صغير، وعكسه قولاً ابن الماجشون وابن القاسم. الباجي عن محمد: إن كان معهم كبير مشهود عليه أوله؛ لم تجز شهادتهم إلا كبيراً مقتولاً، لم يبق حتى يعلمهم؛ يريد: قتل قعصاً. ابن زرقون في المدونة: لا تجوز شهادتهم لكبير على صغير أو كبير. زاد فيها في الديات: في القتل والجراح، وظاهرة خلاف قول محمد: إلا كبيراً مقتولاً، وعزا قول ابن الماجشون له مع مطرف وروايتهما. أبو عمر عن أبن حبيب: لا نعلم خلافاً أن شهادة الصبيان لغو حيث يحضر الكبار والعدول، وقاله سحنون، وعنه أجازتها. الباجي: ولو كان الكبار نساء؛ لأنهم يجزن في الخطأ وعمد الصبي؛ كالخطأ، قاله سحنون. قلت: هو نصها مع كل المذهب، وهل تراعي عدالة الكبير؟ قال مالك: إن شهد صبيان مع كبير؛ لم تجز شهادتهما. الأخوان: إن كان عدلاً، وإن مسخوطاً، أو عبداً؛ جازت، وقاله أصبغ، ولابن سحنون عنه: إن كان ظاهر السفة والجرحه، جازت، ثم وقف عن إجازتها. وروي ابن سحنون وأشهب: لا يقبل صبي أو صبيان، ورجل على صبي، وليأت برجل آخر. وفي صحة شهادة من لم يكن منهم معهم في لعبهم، نقل ابن زرقون عن ابن مزين: لا أبالي كان الصبيان الشاهدان في جماعة مع الجارح أو المجروح، أو في جماعة ليسوا معهم، وعن مالك: أنها تجوز فيما بينهم. أبو عمر: أجمعوا أن يعدل، ويعلم، ويجرح بعلمه، وأنه إن علم أن ما شهد به

الشهود على غير ما شهدوا إنه ينفذ علمه، ويرد شهادتهم بعلمه، قالوا: لأنه لو لم يحكم بعلمه لتسلسل، وتعقب بقطعة بمشهور العدالة، وبأنه لا يلزم في التجريح لصحته بمشهور العدالة، ويجاب بأن كونه بمشهور العدالة؛ هو بعض صور كونه بعلمه، وجواب ابن عبد السلام بأن مرادهم هنا بالتسلسل؛ التسلسل الظني لا العقلي، والتسلسل الظني لا يترفع بصورة نادرة يرد بأن هذه الصورة النادرة وجودها يرفع ندورها؛ لأنها بها يوجد غيرها، ثم يوجد بهما صور كثيرة يرتفع بها ندورها، وبأن عدولهم عن عبارة التعليل بأن يؤدي إلى عسر إثبات العلم بالعدالة والجرح إلى عبارة التسلسل قرينة في أنه المعهود إطلاقه في أصول الفقه وهي العقلي؛ ولذا قال المازري في تقرير التسلسل: وهذا كما يقول أهل الأصول في استحالة حوادث لا أول لها. وللصقلي في أواخر كتاب الأقضية عن سحنون: لو شهد عندي عدلان مشهوران بالعدالة، وأنا أعلم خلاف ما شهدا به؛ لم يجز أن أحكم بشهادتهما، ولا أن أردهما لعدالتهما، ولكن أرفع ذلك إلى الأمير الذي فوقي، وأشهد بما علمت، وغيري بما علم، ولو شهد شاهدان ليسا بعدلين على ما أعلم أنه حق؛ لم أقض بشهادتهما؛ لأني أقول في كتاب حكمي بعد أن صحت عندي عدالتهما، وإنها صح عندي جرحتهما، وقال نحوه ابن الماجشون وبان كنانة، فقتله لابن عبد السلام نقله هنا، وهو من فصل حكم الحاكم بعلمه في غير التعديل والتجريح. وذكر الأيباري في كتاب الأخبار من شرح البرهان له ما نصه: لو شهد العدول عند الحاكم بأمر يعلم خلافه، هل يحرم عليه الحكم أو يجب؟ ذهب مالك إلى أنه يجب عليه في المشهور عنه إذا لم يعلم تعمدهم للكذب؛ لأنه فسق، وهو يحكم في التجريح بعلمه، وقال غيره: لا يحكم بما علم خلافه، وهو يحكم في التجريح في غيابه. قال بعض محدثي شيوخ بلدنا الرحالين فيمن أدرك من شيوخ المشرق: منهم الأبياري على بن إسماعيل الصنهاجي، ثم التلكاتي من إبيار قرية بين مصر والإسكندرية تفقه على أبي الطاهر السلفي، وهو من أكابر أصحابه، كان فقيهاً مالكياً حافظاً بالمذهب، وانتهت إليه رئاسة الفقه والحديث، ورحل الناس إليه، له تصانيف

حسان منها: شرح التهذيب، ومنها: شرح البرهان كان ديناً فاضلاً مستجب الدعوة. المتيطي: لا يقبل القاضي فيمن يعلم جرحته تعديلاً ممن شهد به وقال أبو عمر في كافيه عن محمد: أن يقبل فيه التعديل، وإن علم خلاف ذلك؛ لأنه إن رد الشهادة بتعديله؛ قضي بعلمه؛ وهو لا يقضي بعلمه. ابن حارث: روي ابن عبدوس: من عرفه القاضي بجرحه، لا يقبل فيه تزكية. أبن القاسم: إن كانت معرفته جرحته حديثة، وإن قدمت قبلها فيه. ابن حارث: قديم معرفته عدالته، وكذا قديم معرفته جرحته، إلا أن يعرف جرحته قديمة بأمر باطن، وزكي بأمر ظاهر، فتزكيته لغو. وفي التهذيب: ومن الناس من لا يسأل عنه، ولا تطلب فيه تزكية؛ لشهرة عدالته عند القاضي والناس. ولفظها في المدونة: قال مالك: من الناس من لا يسأل عنه، ولا تطلب منه التزكية؛ لعدالتهم عند القاضي. وفي النوادر: قال محمد بن عبد الحكم: من الناس من لا يحتاج أن يسأل عنه؛ لاشتهار عدالته؛ ومنهم من لا يسأل عنه؛ لشهرته بغير العدالة؛ إنما يكشف عما أشكال عليه، وقد شهد ابن أبي حازم عند قاض المدينة أو أعمالها، قال: أما الاسم، فاسم عدل، ولكن من يعرف أنك ابن أبي حازم، فأعجب ذلك مشايخنا. قلت: وذكر لي بعض شيوخي عن بعض شيوخه، أن الشيخ الفقيه أبا زكريا البرقي فقيه المهدية شهد في مسيرة للحج عند قاضي الإسكندرية، فلما قرأ أسمه قال: أنت البرقي فقيه المهدية، فقيل له: نعم، فكلف المشهود له البينة على أنه هو، وحكم له بشهادته دون طلب تعديله. المتيطي: للباجي في وثائقه: التعديل يجوز في كل شيء الدماء وغيرها، وقيل: لا تكون عدالة في الدماء، قاله أحمد بن عبد الملك، ولا يقضي به. قلت: تقدم نقله، ووهم من نقله بزيادة الحدود، وسمع يحيي سؤال ابن القاسم عن الشاهد لا يعرفه القاضي بعدالة، ولا بحال فاسدة، وهو يشهد الصلوات في

المساجد جوابه: بأنه لا ينبغي له أن يقبل إلا ثابت العدالة. ابن رشد: قوله: لا يقبل من لا يعرفه بعدالة ولا سخطه، وإن كان ظاهر الصلاح بشهود الصلوات في المساجد، وبأنه لا يعرفه بأمر قبيح هو قول جمهور أهل العلم، ومذهب مالك وجميع أصحابه لا اختلاف بينهم فيه. وأجاز ابن حبيب شهادة من ظاهرة العدالة بالتوسم فيما يقع في الأسفار بين المسافرين من المعاملات، والتجارات، والأكرية بينهم وبين المكارين مراعاة لقول الحسن، والليث بن سعد، لقول عمر رضي الله عنه: المسلمون عدول بعضهم على بعض إلا مجلوداً في حداً، أو مجرباً عليه شهادة زور، أو ظنيناً في ولاء أو قرابة، وحكي ذلك عن مالك وأصحابه، وهو خلاف ظاهر قول ابن القاسم وروايته فيها، إذا لم يجز شهادة الغرباء دون تعرف عدالتهم إلا أنه رخص في تعديلهم، فأجاز فيهم التعديل عل التعديل. وعن يحيي بن عمر: إجازة شهادة من لم تعرف عدالته في الشيء اليسير، وهو استحسان، مراعاة لقول الحسن والليث، والكافر قرب إسلامه في قبول شهادته مطلقاً، وبعد اختيار حاله، ثالثها إن كانت صفاته قبل إسلامه، لم ينقص منها غير إسلامه؛ لظاهر نقل المازري عن المذهب مع مختصر الشيخ عن سحنون، وبعض تعاليق أبي عمران. وفي سرقتها: لو حد نصراني في قذف، ثم أسلم بالقرب؛ قبلت شهادته، قلت: هذا يرد القول باختبار حالة، وقول أبي عمران. وفي الزاهي لابن شعبان: قيل: شهادة الكافر قبل إسلامه مقبولة يجب الإسلام ما قبله، وكذا الصبي قرب احتلامه بخلاف العبد حين يعتق؛ ينظر في حاله قبل عتقه. وقول ابن الحاجب: وإنما يجب عليها لاستزكاء مهماً شك تفسيره. ابن عبد السلام: بالشك الأعم من الظن الصادق عليه، وعلى قسيم الشك الأخص حسن، من حيث حمله على أصل المذهب، كما تقدم في سماع عيسي، وتبع ابن الحاجب فيه ابن شاس، وتبع ابن شاس نص وجيز الغزالي، ولفظهما: وإنما يجب عليه

الاستزكاء مهما شك، وإن سكت الخصم إلا أن يقر بعدالته، وسياق كلامهما يدل على أن إقرارهما بعدالته؛ إنما هو بعد أداء شهادته لا قبلها. وعبر ابن الحاجب عن ذلك بقوله: ولو أقر الخصم بالعدالة؛ حكم عليه خاصة، ولا أعرف هذا الفرع لأحد من أهل المذهب، ونقله ابن شاس، وابن الحاجب عن المذهب؛ يقتضي أنه نص فيه، فالله أعلم هل وقعا عليه في المذهب نصاً، أو إنما وجداه للغزالي، فظناً أنه جار على أصول المذهب؟ وهذا العذر لا يبيح إضافته للمذهب نصاً، ولهما مثل هذا في مواضع كثيرة، وفي جرية على أصل المذهب نظراً؛ لأنه إقرار متناقض، فيجب طرحه؛ لبطلانه بتناقضه، وتقريره أن الخصم إن أقر بحقيه ما شهد به؛ صار موجب الحكم عليه إقراراً، وقد فرضناه بينه، هذا خلف، وإن نفي حقيه ما شهد به؛ كان حاكماً عليه بالكذب عمداً أو تعقلاً، وكلاهما منافي للعدالة المعتبرة في الحكم. فإن قلت: قد نص عليه أو عمر في آداب القضاة من كافية قال ما نصه: إن شهد عند القاضي شهود لم يعرفهم، واعترف المشهود عليه بعدالتهم؛ قضي بهم عليه إذا لم يكذبهم، ولا يقضي بهم على غيره إلا بتعديل. قلت: قول أبي عمر: إذا لم يكذبهم، تصير المسألة إلى باب الإقرار لا الحكم بالبينة. وقال المتيطي: إثر قول أبي عمر قال أصبغ: إذا رضي الخصمان بشهادة من لا يعرفه القاضي، لم يحكم بها. ولابن عات في الاستغناء عن ابن كنانة: إن شهد من عدله رجل على من عدله؛ لم يكلف تعديله، لأنه رضي بشهادته بتعديله، وزيادة أبي عمر لم يكذبهم لم يذكرها ابن الحاجب. وفي رسم الشجرة من سماع ابن القاسم في التزام أحد الخصمين شهادة فلان: أنه إن قاله تبكيتاً لخصمه، وإبراء للشاهد من الكذب؛ لم يلزمه ما يشهد به عليه اتفاقاً، وإلا ففي لزومه له فيما تحققه كدين عليه وما لا تحققه كدين على أبيه، أو حدود أرض ثالثها: في هذا المطرف وابن القاسم، مع ابن الماجشون، وأصبغ، وعيسي بن دينار، وابن كنانة مع ابن دينار، واختيار سحنون، كان الشاهد عدلاً أو مسخوطاً أو نصرانياً،

وقيل: إلا النصراني، وإن لم يبين كونه تبكيتًا؛ فهو فيما نازعه فيه من قول أو فعل على التبكيت، وفيما لا علم له به من حدود أرض، أو دين على أبيه على عدم التبكيت. وفي نوازل سَحنون: ليس كل من تجوز شهادته تجوز تزكيته؛ قد تجوز شهادة الرجل، ولا تجوز عدالته، لا يجوز في التزكية إلا المبرر النافذ الفطن الذي لا يخدع في عقله، ولا يستنزل في رأيه، ولا ينبغي لأحد أن يزكي رجلًا، إلا رجلًا قد خالطه في الأخذ والعطاء، وسافر معه ورافقه. قال مُطَرِّف بن عبد الله: لا يجوز في الجرحة والتعديل إلا العدل المنقطع، وليس كل من جازت شهادته؛ يجوز في الجرحة. ابن رُشْد: هذا مما لا خلاف فيه، ومعنى قول مُطَرِّف؛ إنما هو إذا لم ينص على الجرحة ما هي، وإنما قال: أشهد أنه ليس من أهل الرضا والعدالة، ولو شهد عليه أنه شارب الخمر، أو صاحب قيان، أو عدو للمشهود عليه، وشبه لك؛ جازت شهادته بذلك إذا كان جائز الشهادة، وإن لم يكن مبرزا في العدالة وهو نصه ونص أَصْبَغ في الواضحة، ولما ذكر المتيطي قول سَحنون: إن شهود التعديل لا يكونوا كشهود سائر الحقوق، قال عليه أكثر أصحاب مالك، وبه العمل. قال: وعنه أن شهود التزكية كشهود سائر الحقوق. اللخمي: لا يقبل التعديل بيسير المخالطة؛ لأنه لا يدرك إلا بطولها؛ لأن الإنسان يزين ظاهره، ويكتم عيبه. قال محمد: لا يقبل ذلك حتى تطول المخالطة، فليعلم باطنه كما يعلم ظاهره؛ يريد يعلم باطنه في غالب الأمر لا أنه يقطع بذلك. قُلتُ: هذا مع متقدم قول سَحنون: لا ينبغي أن يزكي إلا من خالطه في الأخذ والإعطاء، وسافر معه ورافقه؛ كالنافي لنقل الشَّيخ عن ابن سَحنون عنه من عدل رجلًا لم يعرف اسمه قبل تعديله، وانظر هذا مع تعقب بعض أهل الزمان تزكية الشاهد بعض العوام مع شاهدته عليه بالتعريف بعد تزكيته إياه قبلها بقريب. اللخمي: إن علم بمخالطته اجتنابه الكذب والكبائر والوفاء بالأمانة؛ جاز تعديله

إياه، ويقبل تعديله من جيرانه، وأهل محلته لا من غيرهم؛ لأن وقفهم على تعديله مع كونهم أقعد به رتبة في تعديله، فإن لم يكن فيهم عدل؛ قبل من سائر بلده. المتيطي: لا يزكي الشاهد إلا أهل مسجده وسوقه وجيرانه، رواه أشهب، وقاله الأخوان. ولما ملك الأمير أو الحسن المريني إفريقيَّة قدم تونس، فوجد الشَّيخ الفقيه القاضي ابن عبد السلام قدم شهودًا بتونس، لم يمض لتقديمهم إلا عدة أشهر، فذكر له بعض من وثق بكلامه ما وجب أن أمر القاضي المذكور بوقفهم إلا إمام الجامع الأعظم منهم، فإنه قدم فيهم لغرض فوقفهم، وطال وقفهم أزيد من عام أو قربه، حتى سعى بعضهم على يدي بعض من كان بتكرر للشيخ أبي عبد الله السطي في أن يكلم السلطان عسى أن يفوض للقاضي في رد من شاء منهم، وكان التناصي وعد الواسطة في أن يقدم معه إذا وقع التفويض، فلما كلم الشَّيخ السطي السلطان، وفوض للشيخ ابن عبد السلام؛ قدم ولده والساعي، ومن شاء منهما، ولم يقدم الواسطة، فبعث الشَّيخ السطي إلى السلطان الساعي، وكلمه في توفيته بما وعد به الواسطة، وأن يكلم عنه الشَّيخ ابن عبد السلام في تقديمه فأتاه عنه، وقال له: يقول لكم: إن ارتهنتم فيه نقدمه، وكانت أسباب الجرح إذا نالت الشَّيخ السطي تصدر عنه شديدة، فأجابه بجواب اللائق من ذكره أنه قال له: قل له: هذا منك غفلة أو استغفال، أم تعلم أن المنصوص أنه لإنما يعدل الرجل أهل محلته وجيرانه، وذكر ما تقدم من نقل اللخمس والمتيطي قال له: وهذا الذي طلبت منه تعديله أنت عالم بأن معرفتي به حديثة لمدة يسيرة، وليس من بلدي، وهو قاطن معك مخالط لك؛ كمخالطة غيره ممن قدمته، فلم يستطع أن يرد إليه جوابًا؛ لأن القول بالعلم نور لا يرده ذو ديانة أنصف. وفي آخر لقطتها: إن شهد قوم على حق، فعدلهم قوم غير معروفين، وعدل المعدولين آخرون، فإن كان الشهود غرباء؛ جاز ذلك، وإن كانوا من أهل البلد؛ لم تجز؛ لأن القاضي لا يقبل عدالة على عدالة. وسمع القرينان: أترى المسألة عن الشهود سرًا؟ قال: نعم، ولا يسأل إلا العدول.

ابن رُشْد: المسألة عنهم سرًا؛ هو تعديل السر ينبغي للقاضي فعله، ولا يكتفي بتعديل العلانية دونه، ويكتفي بتعديل السر دون تعديل العلانية. حكى هذا ابن حبيب عن الأخوين وأَصْبَغ ومعناه: في الاختيار لا اللزوم على ما في المدَوَّنة وغيرها، وتعديل السر يفترق من العلانية في أنه لا إعذار في السر، وفي أنه يجزي فيه الشاهد الواحد، والاختيار اثنان، بخلاف العلانية في الوجهين. وعن سَحنون: لا يقبل في السر إلا اثنان، وهو ظاهرها ومعناه: في الاختيار، فلا خلاف في إجزاء الواحد في السر، وحمل بعضهم ذلك على أنه اختلاف من القول غير صحيح، وإنما كان تعديل السر أقوى من العلانية؛ لأن الشاهد قد يسأل التزكية، فيستحيي من التوقف عنها. قال ابن شبرمة: أنا أول من سأل في السر كان الشاهد إذا أتى القوم ليزكوه استحيوا منه، وتعديل السير هو أن يبتدئ القاضي بالسؤال عن الشاهد من يظن أنه خبير بحاله من جيرانه وأهل خلطته، ومكانه أو يتخذ رجلَا يوليه السؤال عن الشهود، فيقبل ما أخبر به وحده، ولا ينبغي له هو أن يكتفي بسؤال واحد خوف أن يكون بينه وبين الشاهد عداوة. هـ. وتعديل العلانية أن يقول القاضي للمشهود له: لا أعرف شهودك، فعدلهم عندي: لا يجوز فيها إلا اثنان، ويلزم الإعذار بهما للمشهود عليه، هذا معنى ما فيها، والواضحة وغيرهما من الدواوين لا خلاف في شيء منه هـ. اللخمي: تقبل التزكية سرَا، واختلف في قبولها علانية، فأجازه فيها، ومنعه ابن الماجِشُون وهو أحسن؛ لأن الناس يتقون أن يذكروا في العلانية سرًا خوف العداوة. الشَّيخ عن أَصْبَغ: وليكن التعديل سرًا وعلانية، ولا أحب أن يتجزئ بالسر عن العلانية. الباجي: الأفضل الجمع بينهما، ووجه الاكتفاء بالسر عن العلانية، أنه لا يجتزئ بالسر إلا بالخبر الفاشي المتكرر الذي يقع به العلم؛ ولذا لا يعذر فيه، ويعذر في العلانية للمشهود عليه.

وروى ابن القاسم: لا يجوز في تزكية العلانية أقل من اثنين، وهذا في كل شيء إلا في الزنا، ولابن حبيب. روى مُطَرِّف: لا يعدل كل واحد من شهود الزنا إلا أربعة. ولابن الماجِشُون: يجوز فيهم فير غيرهم اثنان على كل واحد منهم، أو أربعة على جميعهم، وعدد المزكين في السر. روى ابن القاسم في المجموعة: يكفي الواحد، وروي عنه في التعبيَّة: لا أحب أقل من اثنين. وقال سَحنون: لا يقبل أقل من اثنين. ابن زرقون: هو ظاهرها. وحمل أو الوليد المسألة على الخلاف، وهو أظهر. وقال غيره: ليس بخلاف، والواحد يجزئ في السر اتفاقًا، وإن كان الاختيار اثنين. قُلتُ: لأن أصل المذهب أن ما يبتدئ القاضي بالسؤال عنه، يكتفى فيه بالواحد كذا عبر بعضهم بأنه أصل المذهب، ونقله ابن المناصف عن ابن الماجِشُون قال: وقيل لابد من اثنين على كل حال، ولو فيما ابتداه، وهو الأولى إن شاء الله. وعزاه ابن رُشْد لابن حبيب، وأَصْبَغ عن ابن القاسم، ولم يحك فيه الأول خلافًا. وقال: هو الصحيح على أصولهم. المتيطي لمُطَرِّف في الواضحة: يجوز تعديل الواحد في الحقوق، وفي موضع آخر منها: لا يكون باثنين إلا أن يكونا من أهل العلم بالعدالة، والشهرة في العدالة. وعن ابن كنانة: لا يكون التعديل بأقل من ثلاثة، حكاه ابن مغيث عنه في وثائق. قُلتُ: ففي ثبوت تعديل العلانية باثنين ولو في الزنا، وشرطها فيه بأربعة لكل شاهد معروف المذهب، ورواية مُطَرِّف. ... ثالثها: وجوبهما، ورابعها: وجوب ثلاثة لوراية ابن القاسم في المجموعة، وسماعه وسَحنون وابن كنانة. وسمع يحيى ابن القاسم: لا ينبغي لقاض شهد عنده من لا يعرفه أن يكتب في

تعديله إلا لقاضي يثق بعلمه ونظره ودينه، وإلا لم يكتب إليه، فإن كان في الكور رجال ترضى حالهم؛ كتب لهم سرًا أن يسألوا عن الشاهد سؤالًا حثيثًا، فإن كان عندهم مشهورًا بالعدالة، معروفًا بالصلاح؛ كتبوا بذلك، فأجاز شهادته، ولإ لاتركه حتى يعدل. ابن رُشْد: لم يبين هل يلزم القاضي أن يكتب في هذا التعديل أم لا؟ وأرى لزومه إن كان المكتوب إليه من عمله على ماله. في رسم الأقضية لابن غانم من سمَاع أشهب من الأقضية، ولا يلزمه إن لم يكن من عمله إلا لأن يكون في حق لله من طلاق أو عتق وشبهه، وما ليس حقًا لله؛ لا يلزمه إلا في موضعه، ويستجب له الكتب لقضاه عمله، وعدول موضع الشاهد؛ لأن الكشف عن البينة على القاضي الذي شهدت عنده، فإن عجز؛ كلف المشهود له تزكيتهم هذا تفسير الروايات بعضها بعضًا، وحمل بعض أهل النظر ما في هذا السماع، وسماع زونان على أنه يلزمه أن يكتب في تعديل من شهد عنده إلى قاضي موضعه: ولو لم يكن من أهل عمله، وهو من التأويل البعيد. المازري: أنكر سَحنون أن يزكى شاهد عند قاتض؛ ليمض القائم بشهادته إلى بلد آخر، فيشهد له، ثم يأخذ بتلك التزكية، ومن له شاهد لا يعرف عدالته إلا رجلان خاف، فقدمهما قبل تيسر طلبه، فأسمع شهيدين شهادتهما بعدالته؛ ففي قبولها عند قيامه بها قلا سَحنون. وفيها: ويزكى الشاهد وهو غائب عن القاضي. الصقلي عن سَحنون: معناه: إن كان مشهورًا، فأما غير المرعوف؛ فلا يزكى إلا بحضرته. عبد الحق: معناه: إن كان غائبًا عن مجلس القاضي، وهو حاضر البلد، أو قريبًا جدًا، ومن بعدت غيبته؛ جازت تزكيته، كما يقضى عليه، ونحوه لأبي محمد. اللخمي: يسمع الجرح في المتوسط العدالة مطلقًا، وفي المبز والمعروف بالصلاح والفضل؛ تجريح العداوة أو العجزة، أو القرابة، وشبه ذلك.

وفي قبولها فيه بالإسفاه قولا سَحنون وأَصْبَغ في التعبيَّة والواضحة. وعلى قبول تجريحه: ففي حال من يقبل منه أربعة: سَحنون: لا تقبل إلا من مبرز في العدالة. ابن الماجِشُون: يجرح الشاهد بمن هو مثله بالأسفاه الأيمن هو دونه. ابن عبد الحَكم: لا يقبل في بين العدالة إلا من هو معروف بالعدالة، وأعدل منه، ويذكر ما جرحه به، فأما ما يلبث بالكشف عنه؛ فلا يقبل تجريحه لأهل العدالة البينة. مُطَرِّف: يجرح الشاهد بمن هو مثله، ودوه بالإسفاه وهذا أحسن؛ لأن الجرح مما يكتم، والاستحسان ألا يقبل في المبرز إلا من مبرز، ولو كان دونه في التبريز. قُلتُ: هذا هو قول سَحنون، وإلا لم تكن الأقوال أربعة إلا باختياره هذا، فتأمله. ولابن رُشْد في رسم الأقضية الثاني من سمَاع أشهب: المبرز في العدالة لا يجرح بالإسفاه، قاله أَصْبَغ في الواضحة؛ وهو تفسير لقول من أجمل القول في ذلك؛ كقول سَحنون في نوازله، وغيره من أصحاب مالك. وعن مالك: لا يباح تجريح المبرز بعداوة ولا غيرها، وهو بعيد، واختلف في التجريح بالإسفاه؛ فقال ابن الماجِشُون: لا يجرحه به إلا من هو فوقه في العدالة، وهذا إذا نصوا الجرحة في التجريح، ولو قالوا هو غير عدل، ولا جائز الشهادة؛ لم يجز في ذلك إلا المبرز العارف بوجوه التعديل والتجريح. المتيطي: منع ابن العطار من إسقاط شهادته بالعداوة ممن هو دونه، وأجازها ابن الهندي. ابن عات: لا أعلم فيه خلافًا. قال ابن رُشْد: في الرسم المذكور أيجرح الشاهد برجل واحد؟ قال: لا. ابن رُشْد: لا يجرح المشهود عليه من شهد عليه إلا بشاهدين اتفاقًا؛ وإنما يجرح بالواحد، ويعدل به إذا ابتدأ الحاكم بالسؤال عن الشاهد من يثق به، قاله ابن حبيب وأَصْبَغ عن ابن القاسم. اللخمي: يستحب كون التجريح سرًا؛ لأن في إعلانه أذى للشاهد، ومن حق

الشاهد والمشهود له أن يعلما بالمجرح، فقد يكون بينه وبين أحدهما عداوة، أو بينه وبين المشهود عليه قرابة، أو غير ذلك مما يمنع التجريح، ويختلف إن كان الشاهد والمشهود له ممن يتقى شره، فقال سَحنون: يعلم بالمجرح، ثم قال: دعني حتى أنظر. وقيل لابن القاسم: أيجرح الشاهد سرَّا؟ وقد يقول المجرح: نكره عدواة الناس. قال: نعم، إن كانوا عدولاً. اللخمي: قول سَحنون أحسن؛ لفساد قضة اليوم، ولو اجتهد ثقات المبرز في العدالة في وجوه الكشف هل بين المجرح والمشهود له عداوة، أو بين المشهود عليه أو المجرح قرابة، والمجرح مبرز في العدل، والآخر ممن يخاف إذا أعلم؟ رأيت أن لا يعلم، وهذا من تغليب أحد الضررين، وإذا علم المجرح أنه يعلم به مثل هذا الذي يخاف لم يجرحه، وقد رأيت من تقبل شهادته، وليس من أهل الشهادة، ولا يجرحون خوفًا منهم. قال ابن رُشْد في السماع المذكور: واختلف إن أراد الشاهد على الجراحة أن يشهدا سرًا لما يجر ذلك من العداوة بينهما وبين المجرح. فقال ابن حبيب: لا تقبل إلا علانية؛ إذا لابد من الإعذار في شهادتهما للمشهود له الأولز ولابن عبدوس عن ابن القاسم: تقبل شهادتهما في السر؛ لعلة العداوة، وهو قول سَحنون قال: التزكية علانية، والتجريح سرًا، ولا آمرهم أن يسبوا الناس. ولابن حبيب عن الأخوين: ويؤجل المشهود عليه في دعوى جرح الشاهد عليه. ابن فتوح: كسائر الدعاوي بحسب اجتهاد القاضي، وتقدم لابن رُشْد وغيره كيفيَّة إعطائه الآجال بعد أن يقيم المطلوب حميلاً بالخصومة، قاله ابن فتوح وغيره.

باب في التعديل

|باب في التعديل| في نوازل سَحنون: تعديل الرجل أن يقول للقاضي: هو عندنا من أهل العدل والرضا جائز الشهادة، ولو قال: هو عدل فقط؛ فهو تعديل، ولا ينبغي للقاضي أن يقول لهم: ترضون بشهادته لكم وعليكم. ابن رُشْد: إنما جازت شهادته؛ لقوله: هو عندي من أهل العدل، ولم يلزمه أن يقول: هو من أهل العدل؛ لأن القطع بذلك لا يصح، وهو نحو قول أَصْبَغ لا يقبل هو عدل، وليقل: أراه عدلاً، ولو قال: هو عدل دون عندي، ولا قال: أراه عدلاً، كما قال أَصْبَغ، جازت شهادته، ولم تكن غموسًا، وإن كان ظاهرها القطع بما لا يصح القطع به؛ لأن معنى ذلك عند الشاهد ما غلب على ظنه من عدالته، ولا يدخل فيه الخلاف ممن شهد لمستحق ملك أنه ما باع ولا وهب، واختار أن يجمع بين قوله: هو عندي من أهل العدل والرضا، لقوله تعالى: {مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ} [البقرة:282] مع قوله تعالى:؟؟؟، فإن اقتصر على أحدهما؛ اكتفى به؛ لأنه تعالى ذكر كل لفظ على حدة. قُلتُ: وهو نقل ابن فتوح عن المذهب، ونقل ابن هشام عن عبد الملك بن الحسن. ابن رُشْد: وقوله: ليس على القاضي أن يسأل المعدلين هل يرضون بشهادته لهم،

وعليهم صحيح؟ بل الأظهر أن ذلك لا ينبغي له لجواز أن يكون بينهما عداوة. اللخمي: إن قال: هو عدل رضا؛ صحت العدالة، واختلف إن اقصتر على إحدى الكلمتين هل هو تعديل أم لا؟ فإن قال: إحدى الكلمتين، وإن سأل عن الأخرى؛ فهو تعديل لورود القرآن بقبول شهادة من وصف بإحداهما، وإن سأل عن الأخرى فوقف؛ فهو ريبة في عدالته، يسأل عن سبب وقفه، فقد يذكر ما لا يقدح في العدالة، أو يذكر ما يريب؛ فيوقف عنه. وفي الموازيَّة قوله: اختبرته وعاملته، فما علمت إلا خيرًا، أو أنه صالح فاضل ثقةح ليس تعديلًا حتى يقول: عدل، أو أراه عدلًا. اللخمي: إن كان المسؤول عالمًا بوجوه التعديل، وعلى أن سؤاله لتمضي شهادته؛ فهو تعديل، وقد أخرج البخاري في ذلك في باب العدالة في قول بريرة: لا أعلم إلا خيرًا غير أن صرف المسئول عن قوله: عدل رضًى إلى هذا اللفظ اليوم ريبة. وفي الجلاب: والتزكية أن يقول الشاهدان: نشهد أن فلانًا عدل رضي، ولا يقتصران على لفظ واحد من العدل والرضا. المارزي: قال مالك: لفظ التعديل أن يقول: هو عدل رضى. الشَّيخ: روى ابن عبدوس يقول: رضى وأراه عدلاً، وتقدم قول سَحنون، ولابن كنانة: التعديل أن يقول: أعرفه أو أعلمه عدلاً رضى جائز الشهادة، ولا يقبل منه أن يقول: لا أعلمه إلا عدلاً رضى، ونحوه في كتاب ابن سَحنون رواية لابن كنانة. ولابن حبيب عن الأخوين يقول: هو عندي عدل رضى، وليس عليه أن يقول في علم الله تعالى، ورواه أشهب، وقاله ابن عبد الحَكم وأَصْبَغ. ابن هشام عن ابن شعبان قوله: نعم العبد تعديل لقوله تعالى: {وَوَهَبْنَا لِدَاوُدَ سُلَيْمَانَ نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ} [ص:30] ذلك بقوله: أواب. قُلتُ: إنما قال: وكذا قوله هو خير لقوله تعالى: {وَاذْكُرْ إِسْمَاعِيلَ وَالْيَسَعَ وَذَا الْكِفْلِ وَكُلٌّ مِنَ الأَخْيَارِ} [ص:48] قُلتُ: ويرد باحتمال كون (ال) في الأختيار للعهد.

ولابن حبيب: روى ابن وَهب قوله: لا أعلم إلا خيرًا؛ لغو. قُلتُ: ومثله لا بأس به، وذكر بعذ من لقيت عن بعض قضاة بلدنا: أنه لغى تعديل بعضهم عنده بقوله: لا بأس به، ولابن هشام عن محمد: التزكية من غير تفسير. المارزي: حكى أبو المعالي عن القاضي: وجوب الكشف عن السبب الذي وقع به التعديل، ولا يجب ذلك في التجريح، والمعروف عن مذهبه المساواة بين التعديل والتجريح، ولكن يعتبر حال الشهود بذلك إن كانوا من أهل العلم بحقيقة الجرح والتعديل، لم يستفسروا، وإن لم يكونوا كذلك؛ وجب استفسارهم، وهذا الذي أشار إليه من اعتبار حال المعدولين والمجرحين لا يخالف فيه إن علم جهلهما بذلك، ولكن يتصور الخلاف فيمن جهل قدر معرفته بذلك. اللخمي: اختلف في قبول التجريح إجمالاً على أربعة أقوال: قيل: يقبل، وقيل: لا، وقال الأخوان: يقبل ممن يعرف وجه التجريح كان المجرح ظاهر العدالة أو لا، أشهب: لا يقبل في مشهور العدالة إلا مفسرًا بخلاف من لم يقبل إلا بمن عدله. ابن كنانة: إن كان المجرحان مشهورين بالعدالة؛ لم يسألا، وإن كانا غير مبرزين؛ سئلا. ابن شعبان: إن قال: إن ذكرت ذلك خفت أن أؤخذ به أو هو ساقط الحال. قبل ابن سَحنون: إن قال: هو رجل سوء غير مقبول الشهادة؛ فهو تجريح. اللخمي: هذا إن فهم عنهما الذي جرحا به، وأنه جرحة اتفاقًا، وإن لم يفهم؛ وجب استفسارهما للخلاف في كثير من الصور، هل هي جرحة أم لا؟ ولاحتمال اعتقاده ما ليس جرحه، ولحق الشاهد في انتهاك عرضه، والمشهود له في سقوط حقه. قُلتُ: وحكم بعض شُيُوخ شُيُوخنا قوله: (رجل سوء) بالتجريح مستدلاً بقوله تعالى: {إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمَ سَوْءٍ فَأَغْرَقْنَاهُمْ أَجْمَعِينَ} [الأنبياء:77] حسن، وقاله بعض المتقدمين. المارزي: أكد الشافعي في وجوب الكشف في الجرح؛ لأن شاهدَا جرح شاهدًا،

فسئل عن جرحته؟ فقال: رأيته يبول قائمًا، فقيل له: وإذا بال قائمًا ماذا يكون؟ قال: يتطاير عليه بوله، فقيل: هل رأيته صلى بعد ذلك؟ قال: لا، فظهر غلطه. قُلتُ: قبول ابن عبد السلام تقرير بعضهم ما ليس جرحة جرحت بمن جرح رجلاً، فسأل عن جرحته؟ فقال: رأيته يغتاب بحضرته، ولا ينظر نظر، والأظهر أن ذلك جرحة إلا أن يكون ذلك نادرًا منه، ولا يستطيع أن ينكر في محل لا يستطيع القيام منه حسبما قرر في باب الغيبة. قال النووي: يحرم استماعها، كما يحرم ذكرها. وفي نوازل سَحنون: إن شهد المجرحون فقالوا: هو عندنا غير عدل ولا رضى، ولم يصفوه بزنى، ولا أنبذه، ولا قيان؛ فهو تجريح إن كانوا من أهل المعرفة بما به التجريح، وذكر قول أشهب المتقدم. ابن رٌشْد: لتفرقة أشهب وجه من النظر، وقول سَحنون أظهر؛ لأنه قد يقولون: زنى، وهم أربعة؛ فيرجم، ويقولون: شرب الخمر؛ فيحد، فستر الحاكم على الشاهد أولى، وفي نوازله: شهادة رجلين بأنهما سمعا رجلين قالا: نشهد أن فلانًا عندنا غير عدل؛ لغو، وكذلك التعديل بذلك، ولا يجوز تجريح، ولا تعديل على السماع. ابن رُشْد: معناه: على السماع الذي ذكره؛ لأنه شهادة على شهادة، وليست بشهادة سمَاع وشهادة السماع في ذلك جائزة وهي أن يسمع من غير أهل العدل وغيرهم أن فلانا عدل رضى، أو أنه غير عدل، ولا رضى، فيشهد على السماع بذلك، ولا يسمى من سمع منهم؛ فالشهادة عاملة اتفاقًا، إلا أنه قيل: لا تجوز بأقل من أربعة. وسمع عيسى ابن القاسم: من قبلت شهادته في أمر، وشهد في أمر آخر إن كان قريبًا من تعديله في الأول بعد الأشهر وشبهها؛ لم يطلب تعديله، وإن طال طلب والسنة طول. قال أَصْبَغ: إلا أن يكون الرجل مشهورًا بالخير لا يحتاج في مثله لابتداء سؤال. ابن رُشْد: المجهول الحال إذا عدل مرة في أمر، ثم شهد ثانية؛ ففي طلب تعديله كلما شهد حتة يكثر تعديله، ويشتهر مطلقًا، والاكتفاء بالتعديل الأول حتى يطول سنة

قولا سًحنون وابن القاسم هذا، فلو طلب تعديله بالقرب على قول سَحنون، أو بالبعد على قول ابن القاسم، فعجز عن ذلك لفقد من عدله أولًا؛ وجب قبول شهادته؛ لان طلب تعديله ثانية؛ إنما هو استحسان، والقياس الاكتفاء بتعديله أولًا ما لم يهتم بأمر حدث، وهو قول الأخوين في الواضحة، وقول أَصْبَغ تفسير لقول ابن القاسم، ورواه ابن سَحنون. قُلتُ: فالأقوال ثلاثة، والعدل قديمًا وحديثًا على قول سَحنون، ولو شهد في يوم تزكيته، واستشكل بيان تعديله، وهي التزكية في عرفنا إن أثبت تعديله؛ لزم قبوله فيما شهد به ثانيًا، وإلا لزم قبول غير العدل وهو باطل، ويجاب بأن من شرط تعديله في النازلة الجزئيَّة؛ علم من عدله ضبطه إياها، ولا يلزم من علمه ضبطه نازلة معينة علمه ضبطه في نازلة أخرى، وعزا اللخمي لابن كنانة مثل قول سَحنون. وللشيخ عن أشهب في المجموعة: إن شهد فعدل، ثم شهد، فإن كان بعد زمن نحو خمس سنين؛ سئل عنه المعدل الأول، فإن كات؛ سئل معدلًا ثانيًا، وإلا لم يقبل. وكذا نقله الصقلي بإثبات نحو قبل خمس سنين، ونقله ابن عبد السلام بحذفها خلافه. ابن الحاجب: ولو شهد مزكى، قد شهد فثالثها: إن لم يغمز فيه بشيء؛ لم يحتج، ورابعها: إن كان المزكي مبرزًا؛ لم يحتج، فقبلها ابن عبد السلام قائلًا: هذا الأقوال منصوص عليها في المذهب. زاد ابن هارون بعزوه الرابع لابن كنانة، ومقضتى لفظ ابن الحاجب إلى لأولى الاكتفاء بتعديله، ولو غمز فيه بشيء، وهذا لا أعرفهن وعزوه لابن كنانة وهمٌ لنقل الشَّيخ عنه ما نصه: قال ابن كنانة: أما الذي ليس بمعروف، فيعدل، ثم يشهد؛ قليؤتنف فيه تعديل ثان، وأما المعروف بالعدالة في بلده؛ يشهد، فيعدل، ثم يشهد في شيء آخر، فالتعديل الأول يجزئ فيه حتى يجرح فيه بأمر بين. قُلتُ: فتفصيل ابن كنانة؛ إنما هو في الشاهد المزكى لا فيمن عدله، وتحقيق ذلك

إن كان الشاهد بتعديله أول مرة مشهورًا بالعدالة؛ لم يطلب تعديله ثانية ما دام بحاله حسبما تقدم لأَصْبَغ وابن رُشْد، وإلا ففي الاكتفاء به ما لم تظهر له نقمة، وافتقاره للتعديل ما لم يوجب تكرره شهرة عدالته، ثالثها: ما لم يطل ما بين شهادته سنة، ورابعها: بنحو خمس سنين، وخامسها: بأزيد من ستة أشهر، للأخوين وسَحنون مع الشَّيخ عن ابن كنانة، وسماع عيسى ابن القاسم ولأشهب. ودليل نقل ابن المناصف عن الأخوين: إن عدل، ثم شهد بعد ستة أشهر؛ لم يطلب تعديله إلا أن يغمز، أو يستريب الحاكم في أمره، وفي اقتصار المازري في النقل عن سَحنون على إعادتها بعد شهرين ونحوهما نظر؛ لاقتصار الشَّيخ على نقله قوله: في نوازله: إن شهد، ثم شهد بعد شهر أو شهرين، أو عام أو عامين؛ طلب تعديله حتى يشتهر تزكيته، ولم يحك ابن رُشْد عنه خلافه بوجه. وللشيخ عن ابن حبيب عن الأخوين وأشهب وأَصْبَغ: من عدله رجل، وعجز عن آخر، ثم عدله ثان بعد سنة؛ لم يقبل الأول، وطلب فيه الآن اثنان كان أحدهما الأول أو لا، وإن اجتمع في شخص تعديل وتجريح، ففرق اللخمي في القضاء بالجرح أو بأعدلهما قولان. وأرى إن اختلفا عن مجلس واحد قضى بالأعدل، وعن مجلسين إن تقاربا؛ فالجرح وإلا فالأخيرة. ابن رُشْد في سمَاع القرينين في تقديم الأعدل أو التجريح ثالثها: التعديل لسماع القرينين، وسَحنون، وابن نافع، ومُطَرِّف مع ابن وَهْب في المبسوطة قائلًا: هذا إن قال المعدلون: عدل، والمجرحون مسخوط، ولو عينوا جرحته؛ قدمت اتفاقًا، والأظهر التجريح. المازري: قال ابن الطيب: إن لم يكن عدد المعدلين أكثر من المجرحين؛ فالتجريح مقدم إجماعًا، وقصر الخلاف على كون عدد المعدلين أكثر؛ لرجحان التعديل بكثرة العدد، ورجحان التجريح باق متعلقه إثبات، وهو ما به الجرحة. هـ. ومتعلق التعديل نفي، وما قاله غير مسلم لنقل ابن شعبان القولين، ومقتضى

باب مانع الشهادة

التحقيق تقديم الجرح، ولو كثر عدد المعدلين لما تقدم من كون متعلق بالتجريح إثباتًا بخلاف التعديل، ولو كان اختلافهما باعتبار متعلق واحد، كقول المجرحين: رأيناه عاكفًا على شرب الخمر ليلة كذا، وقال المعدلون: رأيناه تلك الليلة عاكفًا على الصلاة، فيقدم الأرجح عدالة، أو بكثرة العدد على قول بعض أصحاب مالك: ولو شهد شاهد بأنه زنى، وآخر بأنه سرق؛ ففي ثبوت جرحته بهما قلا سًحنون قائلًا: لو أشهد أحدهما بأنه خائن، وآخر بأنه أكل مال اليتيم، جرح بذلك؛ لتباين متعلقي شهادتي الأولين، وعدمه في شهادتي الأخيرين. |باب مانع الشهادة| ؟؟؟ ما قام دليل على إيجابه، رفع ما ثبت مقتضى ثبوته، وذكروا منه في قبول شهادة عددًا الأول التغفل. الشَّيخ عن محمد بن عبد الحَكم: لا تقبل إلا شهادة العدل المأمون على ما يقول، وقد يكون عدلًا، ولا يؤمن التغفل أو يضرب على خطه، ويشهد على الرجل، ولا يعرفه، يتسمى له بغير اسمه، فمن كانت هذه حاله؛ لا تقبل شهادته. قُلتُ: قوله: أو يضرب على خطه؛ يريد: ثم يؤدي شهادته على أنه حطه؛ لتغفله وهو ليس خطه.

وفي طرر ابن عات" قال إياس بن معاوية: ما بالبصرة أفضل من عطاء السلمى، وما أقبل شهادته على درهم واحد. قُلتُ: ولذا أخبرني بعض من لقيت عن بعض ِشُيُوخنا" أن الشَّيخ الفقيه ابن الخباز: كان ولي القضاء ببلده بالمهديَّة في أوائل أمره، فكان يخرج لزيارة بعض صلحاء ساحل المهدية، ويتبرك به، وإذا شهد عنده شهادة لا يحكم بها؛ لتغفله عنده، وهذا شأن أهل الحق، ونحوه قول ابن شعبان في زاهيه" والعابد الذي لا يميز بين الألفاظ، وشغلته عبادته من معاني أفعال الناس، ينبغي أن يتوقف عن الحكم بشهادته حتة تختبر كيفيتها. قُلتُ: ولهذا يجب لغو ارتهان من هو من هذا النمط فيمن يطلب تقديمه للشهادة، وينبغي إعلامه ذلك، وإنه لا يحل له طلب ذلك؛ لأن فيه تعريضًا بنفسه، وابن الخباز هذا قال: الشَّيخ الفقيه المحدث الرحال أبو العباس؛ عرف بالعشاب هو أبو عبد الله محمد بن علي بن إبراهيم العواتي، تفقه بالمهديَّة على أبي زكرياء البرقي، رحل إلى المشرق سنة أربع وعشرين وستمائة، أخذ بمصر عن عز الدين ابن عبد السلام وغيره، وقرأ الحاصل على مؤلفه تاج الدين الأرموي، ورجع إلى المهديَّة بعلم كثير فدرس وأفتى، ثم نقله الخليفة للحضرة، وقلده قضاء الجماعة بتونس سنة ستين وستمائة، كان موصوفًا بدين وعقل، توفي في جمادى الأخرى سنة ثلاث وثمانين وستمائة، وهو ابن ثلاث وثمانين سنة. قُلتُ: وأخبرني بعض من لقيت عن من أخبره من بعض اهل داره انه سمعه ليلة، وهو يقول مشيرًا إلى نفسه: أي علم هاهنا لم أجد من ألقه إليه، وقول ابن الحاجب إثر قول ابن عبد الحَكم، وقيل: إلا فيما لا يكاد يلبس فيه، وقبوله ابن عبد السلام، وابن هارون لا أعرفه إلا تقييدًا. قال المازري: إطلاق المتقدمين رد الشهادة بالبله والغفلة، قيده بعض المتأخرين بما كثر من الكلام والجمل المتعلق بعضها ببعض لا في نحو قوله: رأيت هذا الشخص أو سمعته قال: هي طالق، وقال الأصوليون: رواية من قل تغفله مقبولة إلا فيما لاح

فيه تغفله، ومن كثر تغفله في كونه كذلك، وردها مطلقًا ثالثها: لابن أمان مع القاضى يصرف ذلك للاجتهاد، وله أيضًا من تقارب حال غفلته ويقظته، أو تساوت قبل فيما لم تلح فيه غفلته، ولم يذكر فيه خلافًا، وفى هذا الحظر لمتقدم تقييد بعض الأشياخ، الثانى: جر شهادة الشاهد له نفعًا؛ لأنه بها متهمًا فى الموطأ عن عمر لا تجوز شهادة خصم ولا ظنين. الباجى: لابن مزين عن يحيى بن سعيد: هو المتهم الذى يظن به غير الصلاح، ونجوه لابن كنانه، فشهادة المتهم مردودة، وإن كان مبرزًا فى العدالة. عبد الحق: ذكر أبو أحمد من حديث عبد الله بن محمد بن عقيل عن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -» لاتجوز سهادة متهم ولا ظنين»، وعبد الله بن محمد بن عقيل: ضعفه الناس إلا أحمد بن حنبل، والحميدى، وإسحاق بن راهويه، فإنهم كانو يحتجون بحديثه، وتعقبه ابن القطان بأن قال: ترك من إسناده قيس بن الربيع، وهو عنده ضعيف، ومحمد بن الحسن: وهو لا تعرف حاله. الصقلى: قال ابن القاسم: لو شهد أربعة على أبيهم بالزنا؛ ردت شهادتهم، ولا يرجم؛ لأنهم يتهمون على إرثه ويحدون. وقال أشهب: إن كان الأب عديمًا؛ جازت شهادتهم إن كانوا عدولاً، ورجم الأب، وكذا إن شهدوا أنه قتل فلانًا عمدًا. وقال ابن اللباد: لا تجوز شهادتهم، وإن كان معدمًا؛ لتهمتهم على سقوط نفقته عنهم برجمه. قلت فى سمَاع سَحنون: قال أشهب: يرجم الأب بشهادتهم إلا أن كان موسرًا؛ فترد شهادتهم؛ لتهمتهم فى الميراث. قال: وكا لو شهدوا عليه أنه قتل فلانًا عمدًا، والمعسر أيضًا ترد شهادتهم عليه؛ لأنهم يريدون والراحة منه لأجل النفقة عليه.

ابن رُشْد: فى تسوية أشهب بين شهادتهم بزناه، وشهادتهم بقتله نظر؛ لأن شهادتهم بقتله واجبة إن دعوا إليها، ومستحبة إن لم يدعوا، فواجب قبول شهادتهم بذلك، ومالم يتهموا على إرثه، أو الراحة من النفقة عليه، وشهادتهم بزناه مكروهة؛ لأنهم مأمورون بالستر على أنفسهم، وعلى الناس؛ فالصواب رد شهادتهم بزناه؛ لأنها عقوق إلا أن يعذورا بجهل، أو لأنهم دعوا إلى الشهاده عليه، مثل أن يقوم بحد على من قذفه بالزنا، فسأل القاذف بنيه أن يشهدوا له بزناه؛ ليسقط عنه حد قذفه، وعليه فينبغى حمل قول أشهب. وقال ابن لبابة: شهادتهم بما يوجب قتله جائزة، ولو كان معدمًا، ولا يتهم العدول بالميراث، ولا بطرح النفقة، وهو قول وجه فى المبرز فى العدالة الفائق فى الفضل حيث تتعين عليه الشهادة، ويأتى على قياس قول ابن القاسم فى الإمام: يشهد عنه فى المرأة المحصنة أربعة بالزنى؛ أحدهم: زوجها فلا يعلم بذلك حتى رجمها أنه يرثها ويحد، إلا أن يلاعن خلاف قول أصْبَغ: لا يرثها. قُلتُ: كذا وقع فى غير نسخه من البيان قول أشهب: أولاً فى شهادته بزناه ترد إن موسرًا، وإجازتها إن كان معدمًا، وقوله ثانيًا فى شهادتهم بقتله عمدًا: أنها ترد، وإن كان معدمًا للراحة منه لأجل النفقة عليه، وهو كلام ظاهر تناقضه، والعجب من ابن رُشْد فى عدم تعرضه إليه، ويمكن رفعه بحمل المعدم فى قوله: أولاً على العدم الذى لا ينتهى لإيجابه نفقته عليهم، أو على أنهم لا فضل مال لهم؛ يجب عليهم فيه نفقته، ويحمل العدم فى قوله ثانيًا على أنه الموجب نفقته عليهم، وأنهم أملياء بها، وظاهر ما نقله الصقلى عن ابن اللباد: أنه لا يحفظه لمتقدم قبله، وهو نص أشهب المتقدم الشهاده بقتله. ونقل الشَّيخ فى نوادره كنقل الصقلى لا تناقض فيه. ابن رُشْد: وإذا سقطت شهادتهم بأى وجه؛ وجب حدهم، وقال سَحنون: إذا سقطت بالظنة، ولا فرق بين سقطها أو بالجرحة. قُلتُ: بل هى بالجرحة أحرى.

قُلتُ: ففي سقوط شهادة البنين بما يوجب؛ قتل أبيهم مطلقًا، وصحتها. ثالثها: صحتها فى قتله عمدًا إن لم يتهموا، وزناه إن عذروا بجهل، أو كانت لإسقاط حد من قذفه، ورابعها: إن كان مليًا لابن القاسم مع ابن اللباد وابن لبابه، واختيار ابن رًشْد وأشهب. وفى ثانى عتقها: إن شهد وارثان أن الميت أعتق هذا العبد، فإن كان معهما نساء، والعبد يرغب فى ولائه؛ لم تجز شهادتها، فإن كان لا يرغب فى ولائه، أو لم يكن معهم نساء؛ جازت شهادتهما. وقال ابن الحاجب فى الموانع: وكمن شهد أنه جرح موروثه، فقبله ابن عبد السلام وابن هارون، وقيداه بأن الجرح مخوفًا. قُلتُ: لا أعرف هذا الفرع بعينه من فروع المذهب، وإنما تبع فيه ابن الحاجب ابن شاس على عادته فى إضافته أعيان فروع الشافعيَّة لنصوص المذهب فى وجيز الغزالى ما نصه: لتهمه أسباب منها كمن يشهد أن فلانًا جرح موروثه؛ فظاهره: كيف كان الجرح، ولا يصح إضافته للمذهب إلا حيث تجر للشاهد نفعًا؛ حيث يوجب قصاصًا أو مالاً حسبما ذكر فى شهادة الأخ لأخيه. وفيها: لا تجوز شهادة الوصى بدين للميت، إلا يكون الوراثه كبارًا عدولاً. الجلاب: لاتجوز شهادة الوصى لمن تلى عليه، وعن مالك فى الشهادة الوصى: على من يلى عليه روايتان. وفى أوئل الثلث الآخر من أجوبة ابن رُشْد: شهادة المشرف لمن يشرف عليه جائزة؛ إذ لا تهمة فى ذلك. وفى أول شهادتها لمالك: لا تجوز شهادة من هو فى عيال الرجل للرجل. للصقلى عن ابن حبيب: إن كان المشهود له فى عيال الشاهد؛ جازت شهادته له؛ إذ لا تهمة. قال بعض المتأخرين: إن كان المشهود له فى عيال الشاهد؛ جازت شهادته له من قرابة الشاهد كالأخ ونحوه؛ انبقى أن لا تجوز شهادته له بمال؛ لأنه وإن كانت نفقته لا

تلزمه، فإنه يلحقه بعد نفقته عليه وصلته معرة، ولو كان المشهود له أجنبيا؛ جازت شهادته له. الصقلى: هذا استحسان، ولا فرق بين القريب والأجنبى فى رواية ابن حبيب، ونقل ابن الحاجب عدم صحتها من المنفق على المنفق عليه مطلقا لا أعرفه. وفى شهادة الشاهد بوصية له فيها نصيب؛ اضطراب. ابن رشد فى أجوبته: تحصيلها إن كانت فى الوصية مكتوبة، وما للشاهد فيها يسير، ففى صحتها له ولغيره ثالثها: لغيره فقط، ورابعها: إن كان معه شاهد آخر، وإلا فالثالث لابن القاسم فيها مع رواية مطرف، ورواية ابن وهب فيها، وابن الماجشون فى الواضحة، ويحيى بن سعيد فيها، فعلى الأول إن كان وحده؛ حلف للموصى لهم مع شهادته أن ما شهد به من الوصية حق، فتثبت الوصية، وأخذ ماله فيها، وإن كان معه غيره ممن أوصى له فيها بيسير، ثبتت الوصية بشهادتهما، وأخذ كل منهما ما له دون يمين، وإن كان الشاهد معه فيها؛ لم يوص له فيها بشئ فأحرى، وعلى الثالث إن كان وحده؛ حلف الموصى لهم مع شهادته، وتثبت وصاياهم، ولا شئ له إن كان معه غيره، فمن أوصى له فيها بيسير؛ ثبتت الوصية بشهادتهما لمن سواهما دون يمين، وحلف كل منهما مع شهادة صاحبه، وأخذ وصيته، وإن كان معه شاهد لم يوص له فيها بشئ؛ ثبتت الوصية لمن سواه، وحلف مع شهادة صاحبه، وأخذ حقه، وعلى الرابع إن شهد معه غيره؛ ثبتت الوصية بشهادتهما، وأخذ حقه بغير يمين، وإن لم يكن معه غيره؛ حلف غيره مع شهادته، وأخذ وصيته ولا شئ له، وإن كان ما للشاهد فيها كثيرا؛ ففى سقوط شهادته له ولغيره وصحتها لغيره المشهور، والمخرج على قول أصبغ فى عبدين شهدا بعد عتقهما أن من أعتقهما غصبهما من رجل مع مائة دينار شهادتهما بغصب المائة صحيحة لا بغصبهما؛ لتهمتهما على إرقاق أنفسهما، فأمضى بعض الشهادة المردود باقيها للتهمة. قلت: كذا قاله فى البيان فى غير موضع منه، ويرد التخريج بمنع كون الإبطال لمجرد التهمة؛ بل هو للسنة، لأنه لأمر شرعى جار على قاعدة عقلية، وهى أن قبول

شهادتها في غصبهما يؤدى تبوته؛ لنفيه ضرورة بطلان شهادتهما برقتهما المسبب عنها. قال: وإن كانت شهادته لا فى وصية مكتوبة؛ بل على إشهاده الموضى لفظا كقول الموصى لفلان كذا ولفلان كذا، والشاهد أحدهم، وما أوصى له به بيسير؛ لم يجز لنفسه اتفاقا، وجازت لغيره، إن كان وحده؛ حلف الموصى له مع شهادته، وإن كان معه غيره ممن شهد لنفسه بيسير؛ حلف كل منهما مع شهادة الآخر، وأخذ حقه، وأخذ من سواهما بشهادتهما حقه بغير يمين، وإن كان معه من لم يشهد لنفسه؛ حلف معه، وأخذ حقه، وأخذ غيره حقه بشهادتهما دون يمين، وقد يقال: لا تجوز شهادته لغيره بتأويل ضعيف، وإن كان ما شهد به لنفسه كثيرا؛ لم تجز له اتفاقا، ولم تجز لغيره على قول الأخوين، ويجوز على ما فى سماع أشهب من كتاب الشهادات، فعلى الأول إن لم يكن معه غيره؛ حلف الموصى له واستحق، وإن كان معه غيره ممكن شهد لنفسه بكثير؛ حلف كل منهما مع شهادة صاحبه، وأخذ وصيته، وإن لم تكن شهادة كل منهما لصاحبه فى مجلس واحد على مذهبهما فى أن شهادة الشهود بعضهم لبعض فى مجلس واحد على شخص واحد؛ لا تجوز، وأخذ من سواهما وصيته بشهادتهما دون يمين. اللخمى: قيل: يبطل جميعها، وقيل: ما يخصه فقط، وقيل: إن قل؛ مضت لغيره، وإن كان له قدر؛ سقطت لهما. ولمالك فى المبسوط: تجوز لغيره، فيحلف معه، ويستحق، وإن شهد معه غيره؛ جازت لأهل الوصايا، وحلف هو مع الشاهد الآخير، ولم يفرق بين يسير وكثير، وذكر ابن الجلاب فى ذلك روايتين. وللأخوين فى الواضحة: إن لم يشهد بالوصية إلا رجلان أوصى لهما فيها بشئ، وفيها عتق وديون، فإن أشهدهما لفظا نسقا، أو مفرقا، فشدا بذلك، أو وضعاها فى كتاب، ولم يعلم الميت؛ سقطت لهما، وصحت لغيرهما، وإن أشهدهما فى كتاب؛ لم تجز إن كان ما أوصى لهما به. قال المازرى: إن كان ما يخص الشاهد أو للشاهدين له بال؛ فالمعروف بطلان شهادتهما ولو لغيرهما، ووقع فى المذهب ما يدل على اختلاف فيه، كذا أشار بعض

الأشياخ أن المذهب على قولين، ومقتضى ظاهره: صحتها لغيره فقط، ثم ذكر ما تقدم للخمى عن الأخوين وقال: وبعض أشياخى يرى أن لا وجه لهذا التفصيل بين كون الوصية نطقا أو مثبتتا فى كتاب. قلت: هو قول اللخمى فى تبصرته، قال: والفرق عندى أن الشهادة على لفظ الميت؛ إنما هى على جمل أوردها الميت، لا ارتباط لبعضها ببعض كل جملة مستقلة بنفسها، أو الخبر بانفرادها؛ صدق بها أشهد لها به لا ارتباط له بما أشهدهما به لغيرهما، وإن أشهدهما على كتاب كتبه بلفظ واحد؛ لم يتبعض، فردت الشهادة فى الجميع، وإن كان ما يخص الشاهد يسيرا، ففى صحتها واو فيما يخصه وسقوطها مطلقا ثالثها: لغيره دونه ثلاث روايات أولاها لها. وفيها: ليحيى بن سعيد: من شهد لرجل بوصية أوصى له فيها بشئ؛ جازت لغيره دونه إن شهد واحده، وإن شهد معه غيره؛ جازت لهما. المازرى: أطلقه فى كون الشاهد قليلا أو كثيرا، فتأول سحنون قوله على أن الشاهد يأخذ ما يختص به إذا شهد معه غيره دون يمين، وهذا خلاف الأصول من أن المدعى يأخذ دعواه؛ لكنه مطابق لقولها بإمضاء شهادته لنفسه ولغيره، وقول يحيى على تأويل سحنون متناف؛ لأنه إذا أخذ حقه مع شهادة غيره دون يمين؛ وجب أخذه وصيته بشهادته وحده، إلا أن يقال شهادة غيره معه نفت تهمته، وانسحب استثقال الشهادة لغيره على وصيته، فإن انفرد؛ لم يصح أن يقضى له بشهادته له مع يمينه هذا أقرب ما يعتذر به. قلت: وعبر اللخمى عن تعقبه تأويل سحنون بقوله: هذا قول مخالف للأصول، وليس يأخذ أحد لنفسه بشهادته. قال المازرى: على أن تأويل سحنون لم يسلمه بعض الأشياخ، فذكر قول ابن محرز إثر ذكره تأويل سحنون قول يحيى بن سعيد، والذى يجرى على ألسنة المذاكرين أن معنى قوله: إن كان وحده؛ جازت شهادته لغيره، أى: مع يمين القائم بشهادته، ولا يأخذ هو شيئا؛ إذ لا يصح أن يأخذ شيئا بدعوى نفسه، وإن كان معه غيره؛ جازت

لغيره بلا يمين؛ لأنه حصل على حقه شاهدان، وجازت له بيمينه؛ لسقوط شهادته لنفسه، فيحلف مع الشاهد الآخر. اللخمى: اختلف إن شهدا بدين لهما فيه يسير، فقال فى كتاب محمد: تمضى. وفيها لمالك: من شهد فى ذكر حق له فيه شئ؛ لم تجز له ولا لغيره. وفى المجموعة: لأن أحدهما لا يأخذ منه شيئا حتى يدخل عليه صاحبه، ولو اقتسماه قبل الشهادة؛ جازت شهادته، فعلى هذا تجوز شهادته فى الوصية لغيره، ولو كثر حظه منها إذا كانت الوصية بشيئين مثل أن يوصى له بعبد ولآخر بثوب؛ لأنه لا يدخل أحدهما على الآخر، وهى كشهادتين؛ فلا ترد شهادته للأجنبى، وإن قال: إنما أقصد بالشهادة للأجنبى لا لنفسى؛ لأنها لا تجوز، وذكرت ما أوصى لى به لأؤدى المجلس حسبما كان أبين أن لا ترد للأجنبى، وإن كان جميع الوصية لعبد أو دار رد جميعها؛ لأنه لا يخلص للأجنبى شئ إلا دخل عليه الشاهد فيه. قلت: فى دخول من سقطت شهادته على من صحت له فى العبد أو الدار فى حظه منه نظر؛ إذ لا موجب لشركتهما؛ إذ لو باع أحدهما حظه منه؛ لم يدخل عليه الآخر بحال بخلاف الدين لشركتهما فيه ضرورة دخول أحدهما على صاحبه فيما أخذه من الغريم عوضا عن حظه من دينه عليه، كما لو ثبت رجوع الموصى عن وصيته لأحدهما دون الآخر؛ لو يرجع من سقطت وصيته على من بقيت له. المازرى: فعلى كون الدين كالوصية لا سواه، وعلى المعروف فى الفرق بينهما طريقان: الأولى: أن الموصى به بالموت ضعف ملك مالكه؛ لأنه للميت بالموت سقط ملكه إياه، ونقله لوارثه يضعفه معارضة الوصية إياه، فقيل فيه: شهادة من ضعفت تهمته، وبراءة الذمة لا موجب لضعفها، فلفوتها سقطت معارضتها بشهادة من ضعفت تهمته. الثانية: أن الوصية يخشى فوتها، فاكتفى فيها بشهادة من ضعفت تهمته كشهادة الصبيان، وهو موجب رعى القول بقبول الكافر فيها.

باب فيما تثبت به الحرابة

وسمع أبو زيد ابن القاسم: إن شهد رجلان كل منهما لصاحبه بعشرة دنانير، على رجل عن مجلس واحد؛ جازت شهادتهما إن كانا عدلين. ابن رشد: فى صحة شهادة الشهود لمن شهدوا له فى مجلس واحد وسقوطها. ثالثها: إن كانت على رجلين، وإن كانت عن مجلسين؛ جازت على رجلين. وفى جوازها على رجل واحد؛ فعلى قولين، ومضى الخلاف فى هذه مسألة فى نوازل سحنون. اللخمى عن الأخوين: إن كانت على رجل واحد فى مجلس واحد؛ لم يجز؛ وإن كانت شيئا بعد شئ؛ جازت، ولو تقاربا ما بين الشهادتين، وإن كانت على رجلين؛ جازت، ولو كانت عن مجلس واحد، وأرى رد جميعها، ولو كانت على رجلين فى مجلسين لفظا، أو بكتاب لتهمتهما إلا أن يطول ما بينهما. المازرى: إن شهد رجلان بدين على رجل لرجلين شهدا لهما بدين عليه عن مجلسين؛ جازت ولو تقاربا، وإن كانت عن مجلس واحد؛ ففى سقوطهما نص قول الأخوين، وظاهر قول أصبغ، ثم اختيار اللخمى، ولم يتعقبه. [باب فيما تثبت به الحرابة] وفيها: وتجوز على المحاربين شهادة من حاربوه إن كانوا عدولا؛ إذ لا سبيل إلى غير ذلك شهدوا بقتل أو أخذ مال أو غيره، ولا تقبل شهادة أحد منهم لنفسه، وتقبل شهادة بعضهم لبعض. وسمع يحيى ابن القاسم: إن شهد مسلوبان على أن هؤلاء سلبونا هذه الثياب والدواب، وهى بأيديهم أقيم عليهم الحد بشهادتهما؛ ولم يستحقوا المتاع، ولا

الدواب إلا بشهيدين سواهما. ابن رشد: قيل: هذه مخالفة لما فيها؛ إذ لم يقل: إنه يحلف كل منهما مع شهادة صاحبه، ويستحق حقه على قياس قوله فى السرقة منها: أنه يقام على المحاربين الح، ويعطون المال بشهادة بعضهم لبعض، وقيل: ليست مخالفة لها. ومعنى السماع: أنهما شريكان فى المتاع والدواب؛ فلذا سقطت شهادة أحدهما للآخر، وقيل: يستحقان الدواب والمتاع، وإن كانا شريكين فيهما، وهو الآتى على رواية مطرف فى أن شهادة شهيدين من المسلوبين على من سلبوهم جائزة فى الحد، والمال لأنفسهما ولأصحابهما؛ لأنها إذا جازت فى الحد؛ جازت فى المال لأنفسهما ولغيرهما؛ إذ لا تجوز بعض الشهادة، ويرد بعضها، وقيل: لا تجوز فى حد، ولا مال لغيرهما إذا لم تجز لأنفسهما؛ لأن من اتهم فى بعض شهادة؛ ردت كلها، وهو قول أصبغ. قلت: كذا هو فى غير نسخة عزو ردها لأصبغ خلاف ما نقل عنه فى أول سماع القرينين: أنه يجوز منها ما لا تهمه فيه. قال: وهو قوله فى نوازله: قال: ففى صحتها فى الحد والمال، ولو لأنفسهما، وردها فيهما، ولو بالمال لغيرهما، ثالثها: فى الحد والمال لغيرهما لا لأنفسهما لرواية مطرف، وقول أصبغ وابن القاسم مع روايته فيها، وعليه إن كانوا أربعة؛ قضى لاثنين منهما بشهادة الباقيين، وللباقيين بشهادة الآخرين، وإن كانا اثنين؛ قضى لكل منهما بشهادة صاحبه مع يمينه، ورابعها: لا يجوز فى ذلك أقل من أربعة تجوز فى الحد، وفى أموال الرفقة لا فى أموال الشهداء، هذا كله إن كان ما شهدوا به لأنفسهم كثيرا، وإن كان يسيرا لا يتهمون عليه؛ جازت لهم ولغيرهم لا يدخل فيه الاختلاف الذى فى الوصية لموضع الضرورة، ولو شهدوا عليهم بالسلب دون المال؛ جازت عليهم فى الحد، وفى بعضهم لبعض بعد ذلك فيما وجد بأيديهم من المال اتفاقا فيهما، وتقدم ما لسحنون فى نوازله فى أكرية السفن. قلت: لم يعز الرابع، وعزاه ابن الحارث لابن الماجشون، والمغيرة، وابن دينار. المازرى: معروف المذهب: أن الشهادة إذا رد بعضها للسنة؛ صحت في غيره

كمن شهد بوصية بعتق ومال لرجل تبطل فى العتق، وتصح للرجل مع يمينه. ابن الحاجب: وما الرفع؛ فكشهادة بعض العاقلة بفسق شهود القتل خطأ. ابن عبد السلام: أطلقوا القول برد هذه الشهادة مع أن الفقير لا يلزمه أداء شئ، والمقدار الذى يلزم الغنى أداؤه يسير جدا على ما يذكر فى موضعه، فتأمل هذا، وقابله بقول ابن المواز قبل هذا. قلت: ظاهر قوله: إن هذا الفرع مقول لغير واحد من أهل المذهب، ولا أعرفه إلا للمازرى، ووجيز الغزالى، وإياه تبع ابن شاس، والله أعلم، وما أشار إليه من مناقضته قول بقبول شهادة الشاهد لنفسه بيسير الدين كالوصية؛ يرد بأن فى الدين ضرورة ليست فى التجريح؛ لأن متعلق الشهادة فى التجريح، وهى الجرحة باق؛ فهو متيسر تحصيله ببينة أخرى، ومتعلق الشهادة بالدين؛ وهى عمارة الذمة متعسر بفوته بفوت وقته. وسمع ابن القاسم: شهادة الرجل لرجل، وللشاهد على المشهود له حق؛ جائزة. ابن القاسم: بلغنى عنه إن كان المشهود له موسرا؛ قبلت، وإلا لم تقبل؛ لأنه إنما شهد لنفسه. قال سحنون: قال ابن القاسم: وكذا لو كان للمشهود له على الشاهد حق، إن كان مليا؛ جازت شهادته، وإن كان معدما؛ لو تجز. ابن رشد: ما بلغ ابن القاسم من تفرقة مالك بين كون المشهود له مليا أو معدما، مفسر لما سمعه منه مجملا، وهذا إن كان الدين حالا أو قريب الحلول، وإن بعد؛ جازت شهادته، كما لو مليا وشهادته له فيما عدا الأموال جائزة، قاله بعض أهل النظر، وهو صحيح، وأما إن كان الدين للمشهود له على الشاهد؛ ففى سماع زونان لأشهب جوازه كان مليا أو معدما خلاف قول ابن القاسم فى هذا السماع؛ يريد: والدين حال أو قريب الحلول؛ لأنه يتهم على أن يوسع له فى الدين ويؤخره به، كانت شهادته له بمال أو غير مال، ولم ير أشهب هذه تهمة فى العدل، وإن كان الدين للشاهد على المشهود له أو بالعكس؛ لم يقدح في الشهادة.

الباجي: إن كان للمشهود له على الشاهد دين، فإن كان غنيا؛ قبلت، وإن كان فقيرا؛ ردت، قاله ابن القاسم وأشهب والأخوان قالا: لأنه كأسير بيده، وهذا إن كان الدين حالا، أو قريب الحلول، وإن بعد أجله؛ جازت على قول سحنون، وردت على قول ابن وهب، ومعنى الغنى عندى فى هذه المسألة: أن لا يستضر بإزالة هذا المال عنه، ولو كان عنده كفافه؛ فالضرر يلحقه بتعجيله منه فترد به شهادته، قال: وشهادة عامل القراض لربه. قال سحنون فى العتبية وغيرها: جائزة إن كان شغل المال فى سلع، وإن كان غنيا؛ ردت. سمع عبد الملك بن الحسن ابن وهب: إن كان غنيا؛ قبلت وإلا ردت. ابن زوقون لابن القاسم وأشهب فى العتبية: جوازها مطلقا، ولو كان معدما، وفى شهادة رب المال له الثلاثة الأقوال. ابن رشد: فى آخر سماع ابن القاسم فى جواز شهادة كا منهما للآخر: ولو كان العامل معدما ثالثها: إن كان شغل المال فى سلع لظاهر قول أشهب وسماع أصبغ. ابن القاسم: والآتى على قول ابن وهب، والآتى على قول سحنون. ****: تهمة الحب لأصل أو عارض: الشيخ: روى ابن نافع: يدخل فى قول عمر: لا تجوز شهادة خصم ولا ظنين، شهادة الأبوين، والولد، وأحد الزوجين للآخر. ابن الماجشون: لا خلاف فى هؤلاء عند أصحابنا، ومنهم الجد، وفى إجماع ابن القطان: النكث، لا تجوز شهادة الوالد لولده، وبه قال فقهاء الأمصار، وعن عمر - رضي الله عنه - جواز ذلك، وقاله داود. المازرى: ولا تجوز شهادة الأب، وإن علا لولده، ولو سفل، كان جدا من قبل الأب أو الأم، ولا شهادة بنى بنيهم لهم، وهو مشهور مذهب الشافعى. وروى عن عمر قبول شهادة الأب لولده والولد لأبيه، وقاله شريح، والمزنى وداود.

وذكر بعض متأخرى الشافعيَّة عن مالك قبول شهادة الولد لأبيه دون الأب لابنه، وهذه حكاية مستنكرة عند المالكية، وربما كانت وهمًا من ناقلها. ابن سَحنون عنه: شهادة الولدين أن فلانًا شج أباهما، وهما مسلمان، والأب عبد أو مكاتب مسلما أو نصرانيَّا؛ ساقطة. وكذا لو شهدا لأبيهما، وقد مات نصرانيَّا بدين على فلان، وترك ولدًا نصرانيَّا، وكذا لو شهدا أن أباهما العبد جنى على رجل جناية، أو أن سيده باعه أو أعطاه أحدًا. ابن عبدوس عن سَحنون: وكذا شهادة ابن الملاعنة لمن نفاه. ولابن رُشْد فى نوازل سَحنون من كتاب الأقضية الخلاف فى شهادة الأب عند ابنه والابن عنده، وشهادة كل منهما على شهادة صاحبه، وشهادة كل منهما على حكم صاحبه، وشهادة كل منهما مع شهادة صاحبه واحد، قيل: كل ذلك جائز، وهو قول سَحنون؛ لأجل إجازته شهادة الأب على قضاء ابنه بعد عزله، وإجازته شهادته عنده إلا أنه شرط كونه مبرزًا، وهو تفسير لقوله فى سائر المسائل الأربعة، وهو قول مُطَرَّف؛ لإجازته شهادة كل منهما مع شهادة صاحبه، وشهادته على قضائه بعد عزله، وشهادته على شهادته بكذا شهادته عنده، وقيل: ذلك غير جائز، وهو قول أَصْبَغ؛ لمنعه شهادة كل منهما على شهادة صاحبه، وهو الآتى على مذهبه فى سائر المسائا المذكورة. وفرق ابن الماجِشُون بين شهادة كل واحد منهما مع صاحبه، وشهادته على شهادته، وبين شهادته على حكمه بعد عزله؛ فأجاز شهادته مع شهادته، ولم يتهم الآخر منهما على إرادته إتمام شهاته ابنه أو أبيه، ولا على إرادة إخفاء شهادته، ولم تجز شهادته على حكمه بعد عزله، وهو تناقض، وتعديل أحدهما الآخر؛ ولم يجزه أحد من أصحاب مالك إلا ابن الماجِشُون قال: إن لم يكن التعديل نزعه، وليس له قام؛ وإنما نزعه، وقام به إحياء شهادته؛ فلا بأس أن يصفه بالذى تتم به شهادته من عدالته، وفيه بعد. قُلتُ: وما أدركت قاضيًا حفظه من تقديم ولده أو قريبه إلا قاضيًا واحدًا جعلنا الله من علم الحق وعمل به. ابن عات لبعض شُيُوخ الشورى بقرطبة: شهادة الأخوين فى حق واحد لرجل

جائزة، وليسا كالابن مع أبيه. وفيها: لا تجوز لأحد الزوجين على صاحبه. زاد فى كتاب سحنون: كان المشهود له حرا أو عبدا أو مكاتبا. المازرى: ومنعها بينهما عام فى المال وغيره. فيها مع غيرها: إن شهد لأمه بالعتق زوجها، ورجل أجنبى؛ لم تجز شهادتهما. المازرى: إذا ردت شهادته؛ ففى جواز وطئه إياها قولان، ولو كان عبدا؛ لكان ولها فراقه لإقراره بحريتها، ولو رضيت بالبقاء؛ فهل يمكن من وطئها قولان، بناء على اعتبار لغو شهادته، وخوف إرقاق ولده، وعلى الأول قال بعض الشيوخ: ينبغى أن يستبرئها؛ ليفرق بين ولده الرقيق والعتيق. ولأصبغ فى نوازله: من ثبتت شهادته عند قاض لامرأة؛ فلم يحكم بها حتى تزوجها الشاهد؛ لو تبطل شهادته، وأخبرنا بعض شيوخنا القضاة فى دراسه عند ذكر هذه المسألة: أن بعض شيوخ المفتيين المحصلين المشهورين كان وقف عن الشهادة بتونس بسبب أنه شهد فى استرعاء لامرأة بحق، ثم تزوجها، وفهمنا عنه بذكره ذلك زجر الطالب عن ترك التحفظ، ولو وافق بتركه قولا منصوصا فى مذهبه. ابن شاس: قال محمد بن عبد الحكم: أصحابنا يجيزون شهادة الأب، والابن، والزوج، والزوجة على أنه وكل فلانا، ولا يجوز على أن فىنا وكله. قلت: وفى اختصار الواضحة لأصبغ عن ابن القاسم: تجوز شهادة الأب لابنه على أنه وكل غيره لا على أن غيره وكله. وفى شفعتها: ومن لا تجوز شهادته من القرابة لقريبه؛ لا يجوز أن يشهد له أن فلانا وكله على شئ، ويجوز أن يشهد عليه أنه وكل غيره. عياض: هذا إن كانت شهادته عليه لا له، مثل أن ينكر التوكيل، أو يكون القائم به غيره لمنفعته لا لحقه هو، ومتى كان هو القائم بذلك لحق له أو لغيره؛ لم تجز. قلت: ونحوه نقل الشيخ عن ابن سحنون عنه: لا تجوز شهادة ابنين على أبيهما أنه باع ثوبا من فلان، وفلان محجوز، ولو جحد الأب وادعاه فلان؛ جازت بذلك.

وشهادة الأخ لأخيه بالمال: قال الباجى: إن كان الشاهد فى إنفاق المشهود أو يتكرر عليه معروفه؛ لم يجز شهادته له، وإلا ففى جوازها مطلقا، وإن كان مبررا، أو إن لم تنله صلته، رابعها: فى اليسير مطلقا. وفى الكثير شرط التبريز: وخامسها: فى غير الربع المتهم يجره إليه أو إلى ابنه، كحبس مرجعه إلى بنيه؛ لرواية الأخوين مع رواية ابن القاسم، فى الموازية والمجموعة، وذكر المازرى خمسة منعها مطلقا، والثلاثة الأول، وخامسها فى اليسير دون الكثير لابن كنانة، وعزا الثالث لها كابن رشد: والثانى عزاه ابن حارث لسماع ابن نافع، وعزا ابن رشد الأول لرواية ابن وهب، قال: ولم يفرقوا بين كون الأب الذى به اخوتهما حيا أو ميتا، والآتى على قول ابن القاسم فى منع شهادة الرجل لزوجة ابنه، أو زوجة أبيه، أو لابن زوجته، أو لأبيها منعها لأخيها إن كن من به أخوتهما حيا أو أحدهما. قلت: فالأقوال ثمانية: خمسة الباجى، وقولا ابن ناف وابن كنانة، ومخرج ابن رشد قائلا: لا خلاف فى جوازها فى الحقوق والأموال، إن لم يكن الشاهد فى عيال المشهود له. اللخمى: لا تجوز له بحال فيما تدرك فيه الحمية والغضب، ولا إن كان إنفاق المشهود له، وفى عكسه خلاف تقدم إلا أن تكون نفقته عليه؛ لئلا تدركه معرة ضعته، ولا بإنكاحه امرأة يتشرف بمثلها، أو تعلقت نفسه بها أو موسرة، والمشهود له فقير، فإن عريت من هذه التهم، جرت على خلاف ابن رشد. أجازها ابن القاسم له فى النكاح، ومنعها سحنون: إن نكح إلى من يتزين بنكاحه إليهم. وفى كونه تفسيرا لقول ابن القاسم، أو خلافا، قولا ابن دحون وغيره، وليس بصحيح. وجراح الخطأ وقتله كالمال: وفى لغوها فى جراح العمد وصحتها نقلا اللخمى عن معروف المذهب، وأشهب مع الموازية، وقول أصبغ هذا أحب إلى، وفيه اختلاف.

ابن رشد على سماع زونان: أشهب: تجوز فى جراح العمد، تجوز فى قتله والحدود. اللخمى: لا تجوز فى أن فلانا قذفه، وفى كل ما تمتنع شهادته فيه له، بمنه تعديله من شهد له بذلك، وتجريحه من جرح شاهده، وتجريح من شهد عليه بما يؤدى إلى عقوبة الأخ. ابن رشد: فى صحة تعديله إياه، ونفى التجريح عنه ومنعها ثالثها: يعدله ولا يجرح ومن جرحه؛ لظاهر قول ابن القاسم مع ظاهر قول الأخوين، وابن نافع مع أصبغ وأحد قولى ابن الماجشون، واختيار ابن حبيب هذا إن جرحه بالإسفاه، وبالعداوة يصح أن يجرح من جرحه، قاله سحنون فى نوازله، وهو صحيح على القول بجوار تعديله. شهادة الصديق الملاطف: الذى تحت إنفاق من شهد له لغو، وإن لم يكن تحت إنفاقه، فطرق الباجى فى صحة شهادة الصديق الملاطف الذى يناله معروف من شهد له روايتان، وجه القبول: أن الغنى ذا المعروف لو لم يقبل له إلا شهادة من لا يناله معروفه؛ لردت له شهادات كثيرة، واقتضى ذلك منعه معروفه. اللخمى: قال مالك: شهادة الصديق جائزة إن كان لا يناله معروفه ولا صلته. وقال ابن كنانة: تجوز فى اليسير، ولا تجوز شهادة الملاطف للملاطف بمال، ولا غيره، وتجوز شهادة الملاطف للملاطف فى المال وغيره. المازرى: مشهور المذهب قبول شهادته لصديقه إن كان ليس فى نفقته، ولا يشتمل عليه بره وصله، ثم ذكر قول ابن كنانة، ولم يتعرض لتفرقة اللخمى بين اسم الفاعل والمفعول فى الملاطف. المتيطى: أجاز مالك شهادة الرجل لصديقه الملاطف، وإن ناله معروفه، ومنع منه فى رواية أخرى، وذكر قول ابن كنانة. ولابن رشد فى أول سماع ابن القاسم: يشترط التبريز فى العدالة على مذهب ابن القاسم فيمن سئل فى مرضه شهادة؛ لتنقل عنه، فقال: لا أعلمها، ثم شهد بها، واعتذر بأنه خشى فى مرضه عدم تثبه فيها، ومن زاد فى شهادته أو نقص بعد أدائها، وشهادة

الأخ لأخيه، والأجير لمن استأجره إن لم يكن فى عياله، أو شهادة المولى لمن أعتقه، وشهادة الصديق الملاطف لصديقه، وشهادة الشريك المفاوض لشريكه فى غير مال المفاوضة. اللخمى لابن القاسم فى العتبية: لا تجوز شهادة الرجل لزوج ابنته، ولا لزوجة ولده. ولابن كنانة: لا تجوز فى امرأته، ولا لزوجة ولده إلا فى اليسير. ولسحنون: تجوز لزوج ابنته، ولأبويه، ولابن امرأته ولأبويها، إلا أن تكون الزوجة؛ ألزم السلطان ولدها النفقة عليها لفقر الزوج، ووقف الشهادة فى جميعها أحسن إلا فى المبرز المنقطع فى الصلاح والخير، فتستحق فى أبوى امرأته، وأبوى زوج ابنته. المازرى: حاصل هذا النوع أن ما تعلقت به الشهادة بالذات، وهو المضاف للمضاف للشاهد لا تهمة فيه على الشاهد من حيث ذاته، وتلحقه المعرة من حيث إضافته للمضاف للشاهد. ففى قبول الشهادة فيه وردها: قولا سحنون وابن القاسم بناء على اعتبار تعلق الشهادة من حيث ذات المشهود له، أو من حيث إضافته للمضاف للشاهد. ولابن رشد فى أول سماع ابن القاسن قوله: لا تجوز لابن زوجته، ولا لأبيها، ولا لزوجة ابنه، ولا لزوجة أبيه خلاف قول سحنون حسبما يأتى من اختلافهما فى سماع عيسى. قلت: قول سحنون فى سماع عيسى هو ما تقدم للخمى عنه. قال ابن رشد فيه: أما شهادته لابن وزج ابنته وأبويه؛ فلا يخالف ابن القاسم سحنون فى جوازهما لهم؛ لبعد التهمة، وإنما يخالفه فيما تقدم. وسمع عيسى ابن القاسم: لا تجوز شهادة الأب لابنه الصغير، أو السفيه على كبير؛ لتهمته بالجر لنفسه لمكان الذى فى حجزه وولايته، وإن شهد لكبير على صغير، أو لكبير على كبير؛ جازت إن كان عدلا، إلا أن يكون المشهود له ممن يتهم عليه؛ لانقطاع

منه إليه، والأثر له على غيره، وليس بمنزلته، أو عرف بفوته للمشهود له دون الآخر؛ فلا يجوز، ولسحنون عن ابن القاسم مثله. وقال سحنون: لا تجوز شهادة الأب لابنه على حال، ولو لكبير على صغير. ابن رشد: منعها لصغير أو سفيه على كبير، أو لمن له إليه انقطاع، أو على من بينه وبينه عداوة من بنيه متفق عليه. وفى وفى **** لكبير على كبير، وعلى من فى حجره من صغير أو سفيه، ولمن فى حجره منهما على من فى حجره منهما: قولا ابن القاسم وسحنون، ولابن عبدوس عنه جوازها، ورجع فى كتاب ابنه لمنعها. اللخمى: منعها سحنون، ولو كانت لعاق على بار قال: لما جاء فى السنة من منع شهادة الأب لابنه، وقول ابن القاسم أحسن، ولا ترد شهادة العدل إلا لتهمة. ابن رشد: ولا تجوز لولده على ولد ولده، وفى العكس جائزة اتفاقا. فيهما: وله فى أول سماع أشهب فى شهادة الولد لأحد أبويه تفصيل. قال فى هذا السماع: لا تجوز إلا فى اليسير إن كان عدلا منقطعا فى الصلاح جدا. ولابن عبدوس عن ابن نافع: شهادته لأحد أبويه على الآخر جائزة، إلا أن يكون فى ولاية الأب، أو يكون الأب تزوج على أمه فأغارها، فيتهم أنه غضب لأمه؛ فلا تجوز. قلت: كذا هو فى النوادر، وهذا على أن الولاية لا تمنع العدالة فى الشهادة قال: ولو شهد لأبيه على ولده أو لولده، وليس فى حجره على أبيه؛ لتخرج على الخلاف فى شهادته لأحد أبويه على الآخر، ولو شهد لأبيه على جده، أو لولده على ولد ولده؛ لانبغى ردها قولا واحدا. وسمع عيسى ابن القاسم: شهادة الابن على أبيه بطلاق أمه، أو غيرها، وأمه ميتة جائزة إلا أن تكون عداوة. سحنون: إن شهد بطلاق أمه، وهى طالبه للفراق؛ لم تجز، وإ كانت منكرة؛

جازت. وقاله أصبغ ابن رشد: قول سحنون وأصبغ تفسير لقول ابن القاسم قال: وتحصيل شهادة الابن على أبيه بطلاقه أن شهادته عليه بطلاق أمه جائزة إلا أن تكون طالبة للطلاق، وبطلاق غير أمه جائزة إن كانت أمه ميتة، وغير جائزة إن كانت حية فى عصمته إلا أن تكون المرأة هى الطالبة للطلاق، والنظر عندى أن لا تجوز بطلاقها، وإن كانت طالبة للفراق، إن كانت أمه فى عصمته، وإن كانت حية فى غير عصمته؛ ففى شرط جوازها بكون المرأة طالبة للطلاق وجوازها مطلقا، وقول ابن القاسم فى هذا السماع مع الأخوين وأصبغ قال بعض أهل النظر على قول ابن القاسم فى هذه المسألة: لو شهد على أبيه بطلاق زوجتيه إحداهما أمه، والأم غير طالبه للطلاق، والأخر طالبة؛ جازت فيهما كانت شهادته مفترقة أو مجتمعة، ومقابله ساقطة فيهما، كانت مجتمعة أو مفترقة؛ لتهمته فى أمه بأن يشهد لها بما ترغب، وفى ضرتها بأن يشهد عليها بما تكره طلبا لرضى أمع، وإن كرهتا معا الطلاق؛ لم تجز إن كانت الشهادة واحدة؛ لسقوطها فى غير أمه؛ لتهمته بسبب أمه، وفى أمه باتهامه. فى بعض الشهادة: وإن كانت الشهادة متفرقة؛ جازت فى أمه لا فى الأخرى، وإن كانتا طالبتين للفراق؛ بطلت إن كانت الشهادة واحدة؛ لسقوطها فى الأم بالتهمة، وفى الأخرى باتهامه فى بعض الشهادة، وإن كانت متفرقة؛ جازت فى غير أمه، فتطلق إن كان معه غيره، ويحلف أبوه إن لم يكن معه غيره، وتسقط لأمه؛ لأنه شاهد لها بما تطلبه. قلت: قوله: والنظر عندى إلخ هـ؛ يقتضى أن ما اختاره لم يعرفه لمتقدم قبله نصا. وقال اللخمى: إن قامت غير الأم بشهادة الولدين؛ والأم فى عصمة الأب، فأجازها أصبغ، ومنعها سحنون بعد أن أجازها، والقياس منعها كانت الأم فى عصمة الأب أو لا، حية أو ميتة؟ كانت الأجنبية منكرة أو قائمة بالشهادة لجرى العادة بالعداوة والبغضاء بين المرأة وربيبها، وإن كانت شابة؛ كان أبين؛ لأنه يخشى ما يكون من ولد يشاركه فى الإرث، أو يميل ماله إليها. الشيخ لابن سحنون عنه: تجوز شهادته لامرأة طلقها، ولو كان له منها ولد، ولا

تجوز تزكيته إياها. ولابن عبدوس عنه: إن كان مليا، ولا حاجة بولده لأمه؛ جازت إن كان عدلا، وإن كان عديما، وولده فى نفقة الأم، لم تجز، ونقلهما المازرى قولين غير معزومين. الشيخ لابن عبدوس عن سحنون: لا تجوز لابن الملاعنة لمن نفاه. قلت: مفهوم بعض ما تقدم من الروايات جوازها، الرابع: عداوة الشاهد للمشهود عليه معتبرة فى المانعية اتفاقا. الشيخ فى المجموعة: وشهادة العدو على عدو أحب إلى طرحها. زاد فى كتاب ابن سحنون: وهو مصارم له، ولو كان عدلا فى جميع الأمور. وفى كافى ابن عبد البر: لا تجوز شهادة عدو على عدوه مصارما كان له أو غير مصارم. وفى نوازل سحنون: إن كانت العداوة بين الشاهد والمشهود عليه فى أمر الدنيا فى الأموال والمواريث والتجارة ونحوها؛ سقطت شهادته عنه، وإن كانت غضبا لله لفسقه، وجرأته على الله لغير ذلك؛ لم تسقط. ابن رشد: قوله مفسر لجميع الروايات؛ ولذلك لم تسقط شهادة القاضى على من أقام عليه حدا، أو ضربه فى أمر يوجب ضربه حسبما مضى فى سماع يحيى. قلت: زاد فيه عن أصبغ: لو شهد المضروب عند وال غير الذى ضربه، فأعلمه ضاربه أنه غير عدل؛ لأنه ضربه حدا من حدود الله؛ سقطت شهادته بقوله وحده، وأما بعد عزله؛ فلا تجوز شهادته بجرحته بذلك؛ لأنه يريد أن ينفذ حكمه عليه بشهادته. وقول أصبغ هذا نحو قول ابن الماجشون فى كتاب القاضى لقاض بعديل الشاهد من أهل عمله، معارض لرواية أصبغ عن ابن القاسم فى الأقضية. المازرى: قال ابن كنانة: إن كانت العداوة خفيفة على أمر خفيف؛ لو تبطل الشهادة. اللخمى لابن سحنون عنه: إن كانت العداوة غضبا لله لجرمه وفسقه؛ فالشهادة جائزة؛ لأنا نشهد على أهل البدع والملل وهذا حسن، إذا لم يعلم من الآخر عند

مهاجرته مقابحة بقول أو فعل، وعبر عنه المازرى بقوله: لكون من عودى أفرط فى إذاية معاديه، والوقيعة فيه، حتى صار المعادى يجب الانتصار لنفسه، ويحمله ذلك على قبول الباطل، فإن هذا يصير العداوة من الجانبين ليست من أسباب الدنيا. ولسحنون: إن شهد رجل آخر، فبعد نحو شهرين، شهد المشهود عليه على الشاهد؛ لم تقبل شهادته عليه، فرأى أن الشهادة الأولى توجب عداوة فى نفس المشهود عليه، والشاهد الأول لم يبد منه ما يدل على العداوة؛ لكنه بدا من الثانى ما يستدل به عليها فى حق نفسه؛ فلذا ردت شهادته، وما قاله على الإطلاق قد يتعقب، ولا بد من اعتبار دين الشاهدين، وبروزهما فى العدالة، وكون الشهادة الأولى لم تقع بما يوجب حقدا؛ لاحتقار ما شهد به الشاهد الأول قال ابن الحاجب إثر نقله رد الشهادة: لعداوة فى أمر دنيوى. قال سحنون: ومثله لو شهد المشهود عليه على الشاهد، وهو فى خصومته. عارض ابن عبد السلام مفهوم قوله: وهو فى خصومته بما تقدم للمازرى عن سحنون فى مسألة الشهرين، وما نقله ابن الحاجب عن سحنون لا أعرفه لغيره، ونقل المازرى كاللخمى. قال ابن رشد فى أول سماع القرينين فى إيجاب مجرد الخصومة: ولو فى قليل سقوط شهادة أحدهما على الآخر، ولو بعد طول ما لم يصطلحا، وصحتها بينهما بعد الخصومة فى غير الأمر الجسيم، الذى يورث حقدا وعداوة وما تخاصما فيه. ثالثها: يجوز بعدها مطلقا، ولو لم يصطلحا ما لم يقع بينهما فيها مشاتمة لهذا السماع وابن كنانة وغيره، وهو قول يحيى بن سعيد فى نوازله. قلت: هو فيها من نقل ابن وهب عنه، وسياقه يدل على أنه قائل به. وسمع أبو زيد ابن القاسم: من شهد على عدوه، وله شهادتين مفترفتين؛ جازت له لا عليه، وإن كانت شهادة واحدة؛ سقطت فيهما. انتهى. ابن رشد: هذا على المشهور فى بطلان كل الشهادة ببطلان بعضها للتهمة، خلاف قول أصبغ فى نوازله: يجوز منها ما لا تهمة فيه.

ابن عات: قال الشعباني: تقبل شهادة القراء فى كل شئ، لا شهادة بعضهم على بعض؛ لأنهم يتحاسدون كالضرائر، والحسود ظالم لا تقبل شهادته على من يحسده. المتيطى فى المبسوطة: لابن وهب: لا تجوز شهادة القارئ على القارئ؛ يعنى العلماء؛ لأنهم أشد الناس تحاسدا، وقاله سفيان الثورى، ومالك بن دينار. قلت: العمل على خلاف ذلك، وشهادة ذوى القبول منهم مقبولة بينهم كغيرهم، ولعل قول ابن وهب فيمن ثبت تحاسد بينهم. وفى نوازل أصبغ: من شهد لرجل على آخر، والمشهود عليه قائم يسمع، فلما فرغ من شهادته تحول للمشهود عليه، فقال له والقاضى يسمع: إنك تشتمنى، وتشبهنى بالمجانين وتهددنى، وشبه ذلك شهادته إلا بعداوة قديمة. ابن رشد له الثمانية: إن قاله على وجه الشكوى والاستنهاء من الأذى لا على وجه طلب خصومة، ولا سيما الشتمة؛ فلا أراه شيئا، وإن سمى الشتمة، وهى مما فى مثلها الخصومة، أو كان ذلك منه على وجه الطلب لخصومته، وإن لم يسم المشاتمة؛ فشهادته ساقطة، وهو مفسر لقوله هنا. ولابن الماجشون فى الثمانية: تبطل شهادته بهذا القول؛ لأنه أخبر أنه عدوه قال: ولو قال ما هو أدنى من هذا؛ سقطت شهادته، وقول ابن الماجشون أصوب. قلت: لم يحك اللخمى غير قول أصبغ فى العتبية، وقال: وطرجها أحسن إلا أن يكون مبرزا فى حاله بعيد التغير عند الأذى؛ فذلك أخف، واختلف فيمن كانت له عنده شهادة، كان يذكرها على رجل، ثم عاداه، واحتيج للقيام بها، وقبولها هنا أخف إذا كانت قيدت، ونحوه قول المازرى اختلف المذهب فى شهادة العدو على عدوه، إن سمعت منه قبل زمن العداوة. وقول اللخمى: قيدت أخص من قول المازرى: سمعت. وسمع ابن القاسم: من شهد على رجل بينه وبينه عداوة، فاحتاج أهل الشهادة إليها؛ فليشهد عليه، ويخبر مع شاهده بعداوته إياه، ولا يكتم ذلك. ابن رشد: مثله فى سماع عيسى خلاف سحنون ونوازله، وأصح القولين: أنه

لا يخبر بعداوته إياه؛ لأنه يبطل بذلك حقا يعلم صحته. وفى نوازل سحنون عنه: قال ابن وهب: بلغنى عن يحيى بن سعيد أنه قال: من كانت بينهما عداوة، ثم اصطلحا بعد ذلك؛ جازت شهادة كل واحد منهما على صاحبة. ابن رشد فى سماع القرينين: وقال الأخوان وابن عبد الحكم وأصبغ: وذلك إذا طال الأمر، واستحق الصلح، وظهرت براءتهما من دخل العداوة؛ لتهمته إذا شهد عليه بقرب صلحه أنه إنما صالحه؛ ليشهد عليه. قلت: لم يحك جوازها بعد الصلح مطلقا إلا عن يحيى بن سعيد، والأولى عزوه للموازية لقول الشيخ فى الموازية: كل من كان بينهما عداوة، وهجرة ومصارمة، ثم اصطلحا؛ فشهادة أحدهما على الآخر جائزة. وسمع القرينان: إن مكث المتخاصمان بعد خصومتهما سنين إن كان أمرهما صار إلى سلامة وصلح؛ فشهادة أحدهما على صاحبة جائزة. ابن رشد: ظاهره: أن مجرد الخصومة، ولو فى قليل؛ يوجب العداوة بين المتخاصمينو ومثله فى سماع سحنون، ونوازل أصبغ: ولو سلم كل واحد منهما على صاحبه، ولم يعودا إلى ما كانا عليه قبل المخاصمة من التكلم؛ لم تجز شهادة أحدهما على صاحبه، ولم يخرجه ذلك من الهجران إذا لم يكن مؤذيا له على ما فى رسم باع شاة من سماع عيسى. وقال الأخوان: إذا لم يكن بينهما خاصا؛ خرج بالسلام عن الهجرة، وجاز عليه شهادته إن ترك كلامه. وسمع عيسى ابن القاسم: إن أخذ صاحب السوق سكرانا فسجنه، وشهد عليه هو وآخر؛ لم تجز شهادته عليه؛ لأنه صار خصما حين سجنه، ولو رفعه لغيره قبل أن يسجنه؛ جازت شهادته. ابن رشد: إنما جازت شهادته عليه، وإن رفعه ما لم يسجنه؛ لأن ما فعل من رفعه، وأخذه لازم له؛ لأنه موكل بالمصلحة؛ لأنه صاحب السوق، ولو لم يكن صاحب السوق يأخذ سكرانا، فرفعه إلى غيره؛ لم تجز شهادته عليه على ما قال في المسألة

التي بعد. قلت: هي قوله في أربعة شهدوا على رجل بالزنا، فتعلقوا به، وأتوا به إلى السلطان، وشهدوا عليه: لا تجوز شهادتهم، وهم قذفة. ابن رشد: إنما لم تجز شهادتهم عليه؛ لأن فعلهم وتعلقهم به ورفعهم إياه لا يجب عليهم؛ بل هو مكروه لهم؛ لأن الإنسان مأمور بالستر على نفسه وعلى غيره، ولو كانوا أصحاب شرطة موكلين بتغيير المنكر ورفعه؛ جازت شهادتهم. وللأخوين وأصبغ: إن شهد أربعة بالزنا على رجل؛ جازت شهادتهم، وإن كانوا هم القائمين به مجتمعين جاءوا أو مفترقين، إن كان افتراقهم قريبًا ببعضه من بعض؛ لأن قيامهم لحق الله، فلم يكونوا خصماء، ولو كانت شهادتهم فيما يستدام فيه التحريم كالطلاق والعتق؛ جازت شهادتهما، ولو كانا هما القائمان بذلك؛ لأن قيامهم متعين. وقال بعض المتأخرين: لا تجوز على قول ابن القاسم في هذه المسألة؛ لأن كل من قام في حق يريد إتمامه، فيتهم أن يزيد في شهادته؛ ليتم ما قام به، وهو بعيد. قلت: فشهادة من رفع من شهد عليه؛ لأنه مولى على ذلك مقبولة، وفي غير المولى عليه، ثالثها: إن كان فيما يستدام تحريمه للأخوين، وبعض المتأخرين على قياس قول ابن القاسم فيما لا يستدام تحريمه. وابن رشد: محتجًا بأن القيام به متعين عليهما. وسمع عيسى ابن القاسم: إن شهد شاهدان على صبي يجرحه إنساناً، وهما عدوان لوصيه، أو شهدا بدين على الميت؛ جازت شهادتهما، وشهادتهما على من هما عدو أبيه ساقطة، ولو كان مثل أبي شريح، وسليمان بن القاسم، ونقل ابن شاس، وابن الحاجب قول ابن القاسم هذا، ولم يتعرض شارحاه، ولا ابن رشد للتعريف بهذين الشيخين، فنظرت في رجال الصفوة، فلم أجدهما فيه، ولم يذكرهما أبو نعيم في «الحلية»، ثم وجدت في اختصار رجال «تهذيب الكمال» للمزي يذكر في طبقة الثورى ومالك. قال عبد الرحمن بن شريح: أبو شريح المعافري أخذ عن أبي قبيل، وأبي الزبير، روى عنه هانئ بن المتوكل، وابن وهب، وابن القاسم من الثقات، وللباجي في كتاب

سنن الصالحين قال: قال ابن القاسم: سمعت سليمان بن القاسم، وغيره ممن أثق به: بلغنى أن الرجل؛ يريد: أن يبلغ وجها من العبادة، فيمنعه الله إياها نظرا له، ولو بلغها كان فيها هلاكه. قلت: فهما شيخان له. ابن رشد: معنى إجازتها على الوصى إن لم يكن بيده مال يؤخذ منه دية الجرح، أو كانت ديته الثلث فصاعدا؛ لأنه ببلوغه الثلث على العاقلة؛ لأن عمد الصبى خطأ، ومعنى قبول شهادتهما بدين: أن المال لم يصل ليد الوصى، ولو كانت بعد وصوله له؛ ردت شهادتها؛ لتهمتهما على إخراج المال من يده، وقاله ابن حبيب عن الأخوين، وأصبغ؛ وهو تفسير لقول ابن القاسم. قلت: قول اللخمى أجازها ابن القاسم ومنعها الأخوان؛ لأنه يخرج ما فى يد الصبى خلاف قول ابن رشد، وهو تفسير لقول ابن القاسم، ولا حارث؛ كاللخمى. قلت: فى تفرقته بين وصوله وعدمه نظر؛ لأنه وإن لم يصل إليه متمكن من أخذه، وهذا إن كان الوصى ممن يمكن منه عادة تجره بمال اليتيم لنفسه لا لليتيم، ولو كان ممن يقتضى حاله التنزه من تجره به لنفسه، أو كان مال اليتيم ربعا ليس فى غلته، فضل يظن تجر الوصى به؛ لا نبغى قبول شهادتهما؛ لأنه حينئذ شهادة تنفع الموصى بالراحة من مؤنة حفظ المال والقيام به. قال: وشهادته على ابن عدوه وأبيه بقتل أو حد؛ ساقطة اتفاقا. وفى المال والجراح: ثالثها: فى الجراح لهذا السماع، ومحمد بن سحنون عن محمد بن رشيد وأبيه. وفى المدارك: قال المالكى: محمد بنرشيد مولى عبد السلام بن الفرج الربعى؛ يكنى أبا زكرياء، كانت رحلته إلى الحجاز، وإلى ابن القاسم بمصر واحدة. قال ابن سحنون: كان فقيها حسن البيان. قال ابن الحارث: إذا تكلم ابن القاسم فى العلم أسرع ابن رشيد إلى فهمه، وكان سحنوه يتباطأ عنه غير أنه فهم رسيخ في قلبه.

قال ابن العرب: كان أهل الأندلس يسمعون منه أكثر مما يسمعون من سحنون، ثم رخص فى المعاملة بالعينة، فتركه كثير من الناس. اللخمى: فى جوازها بمال، وما لا يلحق الأب معرة وردها مطلقا. ثالثها: إن لم يكن فى ولاية أبيه. ورابعها: إن مات الأب لمحمد، وابن القاسم قائلا ولو كان مثل أبى شريح، وسليمان بن القاسم، وأحد قولى ابن الماجشون وثانيهما. الشيخ فى الموازية: تجوز شهادة العدو على ابن عدوه، وإن كان فى ولايته ما لم يكن بما عليه فيه حد أو عيب أوقتل؛ لأن فيه معرة للأب، وكذا الأم والجد، وأما الأخ وسائر القرابة؛ فبخلاف ذلك؛ ابن حارث اختلف فى منعها على أخى عدوه، لابن عبدوس فى منعه عليه قولا سنحون وابن الماجشون. وسمع عيسى ابن القاسم: من هاجر رجلا، ثم بدا له، فسلم عليه، وهو مجتنب لكلامه، وإن كان مؤذيا له؛ فقد برئ من الشحناء. ابن القاسم: فإن كان غير مؤذ له؛ لم يبرأ منها. قلت: فهل تسقط شهادته عليه باعتزاله كلامه، وهو غير مؤذ له؟ قال: نعم. هـ. ابن رشد: معنى قول مالك، وابن القاسم: إن المسلم يخرج من الشحناء إن كان المسلم عليه مؤذيا للذى ابتدأ بالسلام، ولا يضر البادئ بالسلام تركه كلام المؤذى، وإن كان المسلم عليه غير مؤذيا للبادئ بالسلام؛ فلا يخرج البادئ بالسلام بسلامه من الشحناء حتى يكلمه؛ إذ لا عذر له فى ترك كلامه، فإن كان مؤذيا له؛ جازت شهادته عليه إذا سلم عليه، وإن لم يكن مؤذيا؛ لم تجز شهادته عليه حتى يرجع لكلامه. ولابن حبيب عن الأخوين: إن كان ما بينهما خاصا؛ لم يخرج من الهجران، ولم تجز شهادته عليه حتى يرجع إلى كلامه، وإن لم يكن ما بينهما خاصا؛ برئ من الهجران بالسلام، وإن لم يكلمه، وجازت شهادته عليه. الشيخ فى المجموعة عن ابن كنانة: هجرة المتهاجرين إن كانت خفيفة، وقعت عن أمر خفيف؛ جازت شهادة أحدهما على الآخر، وأما المهاجرة الطويلة؛ فلا.

الشيخ عن محمد ابن عبد الحكم: تجريح العدو عدوه مردود، وتعديله إياه مقبول. اللخمى: كل موضع ترد فيه شهادة الأخ لأخيه؛ رد فيه تعديله من شهد له، وتجريحه من جرح من شهد له، أو جرح من شهد عليه بما إذا ثبت أدى إلى عقوبة الأخ، أو حده، أو قتله. وفى صحة تعديله أخاه؛ خلاف، ومنعه أصوب. قلت: تقدم فى فصل شهادة الأخ أن فى تعديله قولا ابن القاسم وأشهب. اللخمى: وهذا إذا شهد بما إن ردت شهادته؛ لم يعاقب، ولو كانت فيما إن ردت؛ حدا أو عوقب كشهادته بزنا أو غيره؛ لم تجز، ولا يجرح من جرح أخاه؛ لأنه يدفع به معرة بخلاف التعديل. محمد: إن جرحه بهجرة أو عداوة؛ جاز؛ يريد: بخلاف الجرحة بالإسفاه. محمد: ولا يجرح من جرح عمه، وأجاز بذلك فى الأخ وابن العم، وأرى أن لا يجوز تجريحه فى أخ، ولا عم ولا ابن عم، وإن كانت الجرحة بعداوة أو هجران؛ لأن رد شهادة الشاهد، وصم عليه، وهو مما تدرك فيه الحمية، ولأن رد شهادة الشاهد لعداوة؛ فهو لتهمته أنه شهد بزور لأجل ما بينهما. ولابن رشد فى نوازل سحنون: قول سحنون: للشاهد أن يجرح من جرح أخاه بعداوة صحيح القول أنه يعدله، وعلى أنه لا يعدل لا يجرح من جرحه بعداوة، ولا بإسفاه، وقيل: يجرح من جرحه بعداوة، وإسفاه على القول أنه يعدله، وهو ينحو لقول من يجيز شهادته له فيما سوى الأموال مما فيه العصبية، والحمية كالقتل والحدود. فقول سحنون هذا فى تفرقته بين أن يجرح من جرحه بعداوة، أو أسفاه قول ثالث؛ فلا يجوز على مذهبه لمن جرح أخوه بفسق، ولا عداوة أن يجرح من جرحه بعداوة، ويجوز لمن جرح أخوه بعداوة أن يجرح من جرحه بفسق وبعداوة، وله أن يجرح من جرح عمه بعداوة اتفاقا، وإنما يختلف فى تجريح من جرحه بإسفاه على قولين، وإنما الثلاثة الأقوال فى تجريح الرجل من جرح أخاه. وقال ابن دحنون مفسرا لقول سحنون: إذا جرح عمك، أو أخوك بفسق؛ لم يجز

لك أن تجرح من جرحه بفسق، ويجوز أن تجرحه بعداوة، وإن جرح عمك أو أخوك بعداوة؛ جاز أن تجرح من جرحه بفسق وعداوة، وهو غير صحيح فى المعنى، فتدبره. قال ابن الحاجب: ومن امتنعت له؛ امتنعت فى تزكية من شهد له، وتجريح من يشهد عليه، ومن امتنعت عليه؛ امتنعت فى العكس. قلت: وأقل من شطر عدد كلماته قولنا: والتزكية فى كل شئ كشهادة به، والتجريح فيه؛ كشهادة بنقيضه، وعلة الجميع جر نفع، أو نفى ضرر. الخامس: التهمة على إزالة نقص عرض، أو تخفيف معرة بمشارك فيها. فيها: إن شهد صبى، أو عبد، أو نصرانى عند قاض، فردها لموانعهم؛ لم تجز بعد زوالها أبدا. المازرى والشيخ لابن سحنون عنه: أجمع أصحابنا على أن الشهادة إذا ردت لظنه، أو تهمة، أو لمانع من قبولها، ثن زالت التهمة، أو الوجه المانع من قبولها أنها إن أعيدت؛ لم تقبل. الصقلى لمحمد عنن أشهب: من قال لفلان: يشهد لى فلان العبد، أو النصرانى، أو الصبى فلان، فقال: لا أقبل شهادتهم، ثم زالت موانعهم؛ قبلت شهادتهم؛ لأن قوله ذلك فتيا لا رد. وعن ابن القاسم: إن جهل القاضى، فأجاز شهادتهم فى شهادتهم الأولى نقض ما قضى به من شهادتهم، وإن أسلم الذمى، وعتق العبد، واحتلم الصبى وحسنت حالتهم؛ جازت شهادتهم. قال بعض القرويين: وينبغى أن يعيدهم؛ ليشهدوا بها بعد العتق والإسلام، وقد قال ابن القاسم فى عبد حكم بشهادته يظن أنه حر، ثم علم بذلك بعد عتقه: أن الحكم الظاول يرد، ثم يقول بها الآن، فيشهدوا له. وفى كتاب ابن سحنون عنه وعن مالك وأصحابه: إن شهد العبد والصبى والنصرانى عدولا على شهادتهم، ثم انتقلوا إلى حالة جواز شهاداتهم؛ أنها لا تقبل؛ لأنهم أشهدوا على شهاداتهم فى وقت لا تقبل فيه شهاداتهم.

الصقلي: ففي هذا دليل على أنهم إذا شهدوا فى الحالة الأولى، فلم ترد شهادتهم حتى زالت موانعهم، وحسنت حالهم؛ أنها لا تجوز حتى يعيدوا الشهادة الآن، وكذا العبد يحكم بشهادته لظن أنه حر، ثم يعتق لا بد من إعادة شهادته. وفى نوازل سحنون: فى حر وعبد شهدا، وحكم الحاكم بشهاتهما، وجهل العبد، ولم يعلم به، حتى عتق العبد، وجازت شهادته؛ أعاد شهادته، ومضى الحكم بها؛ لأنها لم ترد أولا. ابن رشد: هذا خلاف سماع أبى زيد من أن الحق يرد، ولا تقطع وهو أظهر؛ لأن الحكم بشهادة العبد خكم مردود، فإن أعاد شهادته بعد عتقه؛ اتهم فى أن يريد إجازة شهادته، التى قد وجب ردها، ونقض الحكم الذى وقع فيها وكل من حد فى قذف أو غيره وتاب؛ جازت شهادته فى غير ما حد فيه، وقاله ابن حارث فى القاذف اتفاقا. وفى صحتها فيما حد فيه قذف أو غيره نقلا ابن رشد رواية ابن نافع مع رواية ابن عبد الحكم، وقول ابن كنانة وأصبغ فى الثمانية، وظاهر دياتها، وقول سحنون مع رواية الأخوين، وأصبغ فى الواضحة، والمازرى عن الأخوين لا عن روايتهما. قلت: وعبر عنه أبو عمر بالمشهور. الشيخ عن الأخوين المحدود فى الزنا يتوب؛ شهادته جائزة فى كل شئ إلا فى الزنا، والقذف، واللعان، وكذا المنبوذ؛ لا تجوز شهادته فى شئ من وجوه الزنا لا قذف ولا غيره، وإن كان عدلا. وفى نوازل سحنون: من اقتص منه فى جناية؛ لم تجز شهادته فى مثل الجرح الذى اقتص منه. ابن رشد: هذا شذوذ أغرق فيه القياس. قلت للشيخ عن الواضحة: قال الأخوان: من قتل عمدا، فعفى عنه، ثم حسنت حاله؛ جازت شهادته إلا فى القتل. وفى كتاب ابن سحنون: قيل لابن كنانة: من ضربه الإمام نكالا أينتظر فى قبول شهادته توبته؟ قال: ليس ما ينكل فيه سواء نكل ناس بالمدينة لهم حالة حسنة لشيء

أسرعوا فيه إلى ناس، وشهادتهم فى ذلك تقبل ليس لأحدهم فيه مغمز، ومن ليس بحسن الحال إلا أن شهادته تقبل، وليس بمشهور العدالة يأتى بما فيه النكال الشديد، فلينظر فى هذا؛ وإنما يعرف هذا عند نزوله، وأما الشتم ونحوه وهو فى غير ذلك يعرف بالصلاح؛ فلا ترد شهادته. وفى ... الزنا طريقان: المازرى: لم يختلف المذهب فى رد شهادته فى الزنا، وقبولها فيما سوى ذلك مما لا تعلق له بالزنا، وفرق الأبهرى بين عدم قبول شهادته فى الزنا؛ وقبول شهادة من حد فيما حد فيه بأن معرة إتيان الكبيرة ترتفع بالتوبة والورع والعفاف، والتائب من الذنب كمن لا ذنب له، ومعرة ولد الزنا لازمة لا، لا ترفع عنه بشئ، وأشار بعض الأشياخ إلى ضعف هذا الاعتذار، ورأى أن ولد الزنا الذى لم يأت جرما أولى من قبول الشهادة من زان تاب، أو سارق صلح حاله، واختلف عندنا فى صحة ولايته القضاء، وعلى صحتها اختلف على يصح أن يحكم فى الزنا؟ ابن رشد: شهادة ولد الزنا فى الزنا. وفى ... الرجل عن أبيه ... على الخلاف فيمن حد فى شئ هل تجوز شهادته فيه أم لا؟ والمشهور من قول ابن القاسم: أنها مردودة، وهو قوله فى سماع أبى زيد من هذا الكتاب، وسماع عيسى من كتاب الحدود، وظاهر ما فى ديات المدونة؛ أنها جائزة. قلت: الصواب أخذ الجواز من قولها فى الديات، كما قاله ابن رشد لا مما قاله ابن عبد السلام قال: قال مالك فى كتاب الشهادات والمحدود: إذا ظهرت توبته، وحسنت حاله؛ جازت شهادته فى الحقوق والطلاق، والظاهر عموم الخقوق التى لله وللآدمى. قلت: ظاهر عطف الطلاق على الحقوق أنها الآدمية؛ إذا لو كانت عامة فى الحقوق التى لله لما افتقر إلى ذكر الطلاق؛ ولذا لم يأخذه ابن رشد إلا من كتاب الديات مع تأخره عن كتاب الشهادات. السادس: طن عدم استيفاء واجب التحمل، أو ترك القيام بها، الواجب دوام

محرم، أو الحرص على قبول الشهادة. قال ابن رشد فى رسم باع شاة: شهادة المختفى لا خفاء فى ردها، على القول بلغو الشهادة على إقرار المقر دون قوله: اشهد على، وهو أحد قولى مالك فى المدونة، وقول ابن أبى حازم وابن الماجشون وروايته، ورواية محمد إلا أن يكون قذفا. قلت: أو غيره من حقوق الله؛ وإنما اختلف فى شهادة المختفى من يجيز الشهادة على المقر دون قوله، اشهد على منعها سحنون مطلقا، ومنهم من كره له الاختفاء ليتحملها، وقبلها إن شهد بها وهم الأكثر، وهو ظاهر قول عيسى هنا خلاف قول ابن القاسم فى تفرقته بين من يخشى أن يخدع لضعفه وجهله بما يقر به على نفسه، وبين من يؤمن ذلك منه لنباهته ومعرفته بوجوه الإقرار على نفسه، ولو أنكر الضعيف الجاهل الإقرار جملة؛ لزمته الشهادة عليه، وإنما يصدق عنده مع يمينه إذا قال: إنما أقررت لوجه كذا مما يشبه. قلت: للشيخ عن الموازية: قال مالك: من أقعد له شاهدان من وراء حجاب يشهدان عليه، إن كان ضعيفا أو مختدعا أو خائفا؛ لم يلزمهو وحلف ما أقر إلا لما يذكر، وإن كان على غير ذلك؛ لزمه، قيل: فمن لا يقر إلا خاليا، قال: أخاف أن يسمع جوابه بسؤال، ولعله يقول له فى سر: ما الذى لى عندك إن جئتك بكذا وكذا، فيقول: لك عندى كذا، فإن قدرت أن تحيط بسرهم؛ فجائز، ولابن كنانة: شهادة السر بذلك مقبولة، ويسر ما صنعوا حين دخلوا ذلك المدخل، وجعل المازرى، ومن تبعه علة رد شهادة المختفى، الحرص على التحمل بعيد. وسمع عيسى ابن القاسم: من ترك القيام بشهادته فى عقار أو مال يراه بيد غير ربه يبيعه ويهبه ويحوله عن حاله، ثم يقوم بها؛ لم تقبل. ابن رشد: قال الأخوان: إنما تسقط شهادته إذا لم يكن عند رب الحق؛ علم بذلك، ولو علم بعلمهم، ولم يقم بحقهم؛ لم يضرهم، وهذا تفسير لهذا السماع؛ لأنها إنما تبطل بترك إعلام رب ذلك بذلك، وكذا الشاهد الواحد، ففى إبطالها بذلك، وفيها يستدام تحريمه من حقوق الله من حرية وطلاق وشبهه

ثالثها: في حقوق الله لابن وهب مع ابن القاسم، والأكثر وظاهر قول أشهب في المبسوطة وسحنون، وهو أظهرها. الشهادات خمسة أقسام: الأول: علي الحاضر تبطل بترك إعلامه، لا بترك رفعها للسلطان. قلت: إلا أن يكون ربها ممن هو إلي نظر السلطان؛ كاليتيم المهمل. الثاني: ما يستدام تحريمه تبطل بترك رفعه للسلطان؛ إلا علي ظاهر قول أشهب. الثالث: مال الغائب في بطلان الشهادة بعدم الرفع للسلطان، اختلاف بناء علي القول بأن السلطان يوكل من يقوم بحقه، وهو أحد قولي ابن الماجشون، وقول أصبغ خلاف قول مطرف. الرابع: ما لا يلزم القيام بما فيه إذا لم يدع إليها؛ وهي الشهادة علي ما مضي من الحدود التي لا يتعلق بها حق لمخلوق؛ كالزنا، وشرب الخمر؛ لا يلزم القيام فيه، ويستحب ستره إلا في المشتهر، ولا تبطل بترك القيام به، وإن كان مشتهراً اتفاقاً. قلت: في سرقتها: ولا يحل للبينة الكف عن لشهادة علي السرقة إذا رفع السارق إلي الإمام. قال الخامس: ملا يوجوز القيام بها، ولو ادعي إليها، وهي التي يعلم من باطنها خلاف ما يوجب ظاهرها؛ كالرجل يأتي للعالم فيقول: حلفت بالطلاق أن لا أكلم فلانً، فكلمته بعد ذلك بهر؛ لأني كنت نويت أن لا أكلمه شهراً، فإن دعته امرأته؛ ليشهد لها بما أقر به عنده من حلفه بالطلاق أن لا يكلمه، وأ، هـ كلمه بعد شهر؛ لم يجز له أن يشهد عليه بذلك. وفي المجموعة عن أصبغ: لابن القاسم في رجلين شهدا علي جل أنهما رأياه سكراناً، أو يسرق، فجرحاه بذلك في شهادة شهدها: فليقم عليه الحد، ولا يضرهما تأخير ذلك، وهو ستر ستراً عليه. وسأل حبيب سحنوناً عمن أدخل من زقاق المسلمين بيتاً في داره، فلم يرفع ذلك الجيران للحاكم إلا بعد عشرين سنة لا يشهدون به: فهي جرحة.

المازري: ورد الشهادة بتهمة الحرص علي قبولها ما قد قيل، إذا حلف الشاهد على صحة شهادته إن حلفه قادح فيها؛ لأن حلفه كالعلم على التعصب والحمية. قال: واختلف إذا قاموا الشهود، وخاصموا في حقوق الله، فأسقط ابن القاسم شهادتهم؛ لأن خصامهم علم على شدة الحرص على إنفاذ شهادتهم، والحكم بها، وشدة الحرص على إنفاذها قد يحمل على تحريفها أو زيادة فيها. وقال مطرف: شهادتهم تامة؛ لأنه في أمور الآخرة، وقد قدمنا أن العداوة في حق الله لا تؤثر في الشهادة، وذكر الباجي في قول عمر: لا تجوز شهادة خصم، ولا ظنين من قام يطب حقاً لله؛ لم تقبل شهادته فيه، قاله ابن القاسم في العتيبة، وقال مطف: شهادته جائزة. قلت: ونحوه لابن رشد، وتقدم ذكر كلامه في ذكر الخصومة، فجعل المازري المانع حرصه على القبول خلاف كونه الخصومة، وقول ابن الحاجب في مانعية الحرص على الشهادة في القبول، وفي القبول؛ كمخاصمة المشهود عليه في حق الآدمي، إن أراد بتوكيل من المشهود له، فهو نقل الباجي عن ابن وهب: الوكيل على خصومة لا تقبل شهادته فيما يخاصم فيه، وإلا فهو أحرى في عدم القبول. السابع: المازري: تعرض التهمة من جهة الشذوذ في العادة، ومخالفة الشهادة، ومنه نقل ابن حبيب حديث أبي هريرة: ((لا تقبل شهادة البدوي على القروي)). قلت: خرجه أبو داود بلفظ: ((لا تجوز شهادة بدوي على صاحب قرية)) (1)، وصححه عبد الحق بالسكوت عنه، ولم يتعقبه ابن القطان. الشيخ عن ابن عبد الحكم: مالك: فتأويل ذلك في الحقوق إذا شهدوا في الحاضرة؛ لأنها تهمة إن شهد أهل البادية دون من معه من أهل الحاضرة، وأجازها في الدماء والجراح، وحيث تطلب الخلوات، والبعد من العدول، وروى نحوه ابن وهب.

وفي المجموعة: شهادة البدوي على القروي بالبادية؛ جائزة مثل أن يحضره بها الوفاة، فيوصي، أو يبيع فيها، أو يبتاع. قال ابن القاسم في الكتابين: وتجوز شهادتهم في رؤية الهلال إن كانوا عدولاً، ورواه محمد. ولابن رشد في رسم القبلة من سماع ابن القاسم حاصل هذا السماع، وما ذكره ابن حبيب عن مالك وأصحابه: أن شهادة البادية في ما يقصد إلى إشهادهم عليه دون الحاضرة فيما يقع بالحاضرة من عقود معاوضة، ووصية، وعتق، وتدبير، وشبهه؛ لا تجوز، فلا شهادة لبدوي في حضر على حضري، ولا على بدوي لحضري، ولا بدوي إلا في الجراح، والقتل، والزنا، وشب الخمر، والضرب، والشتم، وشبهه مما لا يقصد الإشهاد عليه، ويجوز فيما يقع بالبادية من ذلك كله على حضري أو بدوي، فعلى هذا لو حضر أهل بادية شيئاً مما يقع في الحاضرة بين أهلها، وغيرهم من معاملة، وغيرها دون أن يحضروا ذلك، أو يقصد إلى إشهادهمو فشهدوا بما حضروا؛ جازت شهادتهم إن كانوا عدولاً. وقال ابن وهب: وروى ابن القاسم خلاف هذا: أنه لا تجوز شهادة البدوي على الحضري لما فيه من الظنة؛ يريد إذا شهد على حضرى لبدوي مثله في شئ من الأشياء في حضر أو بادية، ومن هذا المعنى شهادة العالم على العالم في المبسوطة من قول ابن وهب: لا تجوز شهادة القارئ على القارئ؛ يعني العلماء؛ لأنهم أشد الناس تحاسداً وتباغياً، وقاله سفيان الثوري، ومالك بن دينار. وفيها: لا تجوز شهادة السؤال إلا في التافه اليسير إن كانوا عدولاً، ونحوه في سماع يحيي لان وهب، وفي فظه اضطراب. ابن رشد: تبع من أدركناه من الشيوخ تأويل ابن حارث قول ابن وهب، فقالوا: المسألة العامة تبطل الشهادة اتفاقاً، والخاصة كذلك في أحد قولي ابن وهب غير مفرقين بين صريح السؤال والتعريض به، والتلطف فيه مع التستر، وتأويل المسألة عندي أن من عرف بالتصريح بالسؤال في خاص أو عام؛ ردت شهادته إلا أن يكون لسبب يعذر

به فلا ترد. قال في المجموعة: من نزلت به مصيبة الحاجة، فسأل بعض إخوانه غير مشهور بالمسألة؛ لم ترد شهادته، وقاله ابن كنانة في المجموعة، وكتاب ابن سحنون، وكذا إن رزي برزية كدية وقعت عليه، ومن أخذ الصدقات بكل ما يقدر عليه من التعريض والإلطاف مع التستر عن السؤال؛ جازت شهادته، قلت: ذكر قوله. قال في المجموعة إثر كلام لا يصلح معه عود ضمير قال: إلا على قول ابن وهب، وهو في النوادر لابن أبي حازم، لا لابن وهب. اللخمي: اختلف في الفقير المتكفف، قيل: تجوز شهادته في اليسير. وقال ابن وهب في الحسن الحال الظاهر الصلاح: يسأل الصدقة ممن يعطيها لأهل الحاجة، أو يسأل الرجل الشريف الصدقة، وهو معروف بالمسألة، ولا يتكفف الناس؛ ترد شهادته إلا أن يكون ممن يطلب الصدقة عند الإمام، أو إذا فرقت وصية، والمعترض لأخوانه؛ جازت شهادته، وأرى إن كان لا يسأل، وإن أعطى أخذ؛ جازت شهادته، ولا تجوز شهادة أحد من هؤلاء لمن عادته رفقه أو يرجوه منه. قال: والفقير الذي لا يقبل الصدقة شهادته في اليسير جائزة، واختلف في الكثير قيل: يجوز. وقال ابن كنانة: لا تقبل في الكثير كخمسمائة دينار؛ يريد: إن كانت بوثيقة؛ لأن العادة أن يقصد بالوثائق غير هؤلاء، ولو قال: سمعته أقر بذلك؛ رأيت قبولها، ولو كثر، وكذا إن كان منقطعاً في الصلاح، أو ممن اشتهر بالشهادة، ويقصد بالكتب للوثائق. المازري: ظاهر المذهب قبول شهادته مطلقاً، وقول ابن كنانة: لا تقبل في الكثير إن لم يكن ظاهر العدالة قول انفرد به بعيد عن ظاهر الشرع وقاعده. قد قال جماعة من العلماء: إن الفقير الصابر أفضل من الغني الشاكر، قد افتقر أبو بكر رضي الله عنه حتى تخلل بالعباء، وما شبع آل محمد صلى الله عليه وسلم ثلاث ليال متواليات (1).

قلت: ذكره أبو بكر في هذا المقام غير مناسب؛ بل كل من كان فقره بإخراجه ماله طوعاً في الله، الثقة بشهادته أكثر من الثقة بشهادة الغني الباقي ماله بيده، وما محل النزاع مع ابن كنانة إلا الفقير الأصلي. ونقل المارزي قوله: لا تقبل في الكثير إذا لم يكن ظاهر العدالة أصوب من نقله. اللخمي: لا يقبل في الكثير مطلقاً؛ لأنه في النوادر كما نقله المازري. وجرحه الفسق تزول بالتوبة الشرعية: وهي مستوفاة في علم الكلام الذي هو أصل أصل الفقه. المازري: لا تقبل شهادته بمجرد قوله: ثبت إنما تقبل بدلالة حاله، والقرائن على صدقه مع اتصافه بصفات العدالة، ولا توقيت في ذلك، ووقته بعض العلماء بسنة، وبعضهم بشطرها، والصحيح ما قلنا: قلت. الشيخ في المجموعة عن ابن كنانة: من كان يعرف بالصلاح، فمعرفة توبته من قذف يطول ليس كمن كان معلناً السوء؛ لأن من عرف بالخير؛ لا يتبين تزيده فيه إلا بالترداد عليه، وقول ابن الحاجب: وقيل: لابد من مضي سنة، وقيل: ستة أشهر؛ ظاهره أنه في المذهب، وليس كذلك. وفي الرجم منها مع المجموعة عن ابن القاسم وأشهب: لا ترد شهادة القاذف حتى يجلد، وقاله سحنون. وقال عبد الملك: يقذفه سقطت، وثبوت توبته؛ يوجب قبولها، وتقدم فيه قول ابن كنانة. المازري: المعتبر في توبته ما تقدم في غيره، فإن كان قبل قذفه عدلاً صالحاً زكياً؛ فتوبته بزيادة درجة في الصلاح عن ما كان عليه. قلت: هذا إن كان حده بقذفه جرأة، أو سباً، أو غضباً، ولو كان في ذلك بانقلاب شهادته قذفاً؛ لرجوع أحد الثلاثة معه، أو اختلاله في وصف الزاني؛ فالأظهر عدم

اعتبار زيادة صالحه. وفي شرط توبته بإكذابه نفسه في قذفه المازري عن القاضي إسماعيل كالشافعي، وقول مالك. وفي سرقته: ما لو حد نصراني في قذف، ثم أسلم بالقرب؛ قبلت شهادته، فلم يقيدها الصقلي. وقال الشيخ في مختصره عن سحنون: يتوقف في شهادته حتى يعلم صلاحه، وقد تقدم هذا. ابن الحاجب: وزوال العداوة كالفسق. قلت: لا أعرف هذا لغيره، وتقدم سماع أشهب في الرجلين يختصمان، ثم يشهد أحدهما على صاحبه بعد سنين. قال: إن صار أمرهما إلى سلامة وصلح؛ فذلك جائز. ابن رشد: صيرورة أمرهما إلى صلح هو أن يرجعا إلى ما كانا عليه قبل الخصومة، ومثله في سماع سحنون، ونوازل أصبغ، وفي إجزائها. ابن الحاجب: على رفع الفسق نظر؛ لأن ثبوت عدالة الشاهد شرط في قبول شهادته ينظر القاضي في ثبوتها ضرورة، وهو مستلزم لرفع فسقه أو بقائه، وأما العداوة؛ فلا نظر للقاضي في رفعها؛ لأنها مانع يبديه المشهود عليه، فإن أثبتها، ثم شهد عليه بعد ذلك؛ احتمل النظر في تكيفه إثباتها ثانياً؛ لاحتمال ارتفاعها، وعدمه؛ لاحتمال بقائها، والأظهر تخريجها على حكم من عدل في شهادة، ثم شهد شهادة أخرى هل تستصحب عدالته أو يستأنف إثباتها؟ وقد تقدمت. وفي الرجم منها: إن علم بعد الجلد أو الرجم أن أحدهم عبد حد الشهود أجمعون اللخمي: إن ثبت أن أحدهم عبد نقض الحكم، قاله مالك وأصحابه ولو قيل بمضيه؛ كان له وجه؛ بل هو أولى من إمضائه إن ثبتت جرحته؛ لأن شهادة الفاسق مردودة اتفاقاً، والعبد أجاز شهادته علي، وأنس، وشريح، وزرارة بن أبي أوفي، وابن سيرين، وأجازها الحسن، وإبراهيم في اليسير.

وحكى ابن القطان عن أحمد، وإسحاق، وأبي ثور، وداود: أنها تقبل في كل ا?شياء كالحر. وذكر ابن عبد السلام تخريج اللخمي، ورده إدراك الحاكم حرية الشاهد تحصل له بعلم أو ظن قريب منه، والعدالة خفية لا تدركها إلا بظن أضعف من ظن الحرية، فخطؤه في الحرية؛ كخطئه في أمر قطعي أو شبهه، فوجب نقضه وخطؤه في العدالة؛ كخطئه في أمر ظني؛ فلا يجب نقضه. قلت: هذا الذي تعقب به كلام اللخمي أشار إليه المازري فقال ما نصه: ليس الأمر كما تصور؛ لأن الأصول تقتضي أن الحكم الثاني إذا لم يقطع فيه بالإصابة؛ لم ينقض به الأول؛ كالغالط في القبلة في الوقت، والغالط في الوقت يعيد أبداً؛ لأن الغلط في القبلة لا يؤمن من الغلط في الإعادة لأجله، كمالم يؤمن في أدائه، والغلط في الوقت؛ تعاد الصلاة لأجله أبداً؛ لأن الإعادة فيه بتحقق دخول الوقت فيه لأمن الغلط فيه، والتعديل والتجريح أمر يعول فيه القاضي على الظن والاجتهاد غالباً، فلا يأمن من الغلط فيه ثانياً، والعبد مقطوع بكونه عبداً؛ فلذا اتفق المذهب على نقض الحكم، وهو كنص ظهر بخلاف الاجتهاد. قلت: قوله (والعبد مقطوع بكونه عبداً) فيه نظر، والصواب على مأخذه الذي قرره أن تقول، والحر مقطوع بكونه حراً، فصار كدخول الوقت بعد الغلط فيه. والعدل غير مقطوع بكونه عدلاً، فصار كجهة القبلة بعد الغلط فيها. والروايات واضحة بأن ظهور كونهما صبيين أو أحدهما، ككونهما أو أحدهما كافراً. وفي الرجم منها: إن حكم بمال، ثم تبين أن أحدهما عبد، أو ممن لا تجوز شهادته؛ حلف الطالب مع الباقي، فإن نكل؛ حلف المطلوب، واسترجع المال. اللخمي: مختلف إن ثبت أنهما أو أحدهما مولى عليه، ففي كتاب ابن سحنون ينقض الحكم، وهذا أبعد منه في العبد، وقد أجاز مالك وغيره من أصحابه شهادته ابتداء، وهو أحسن، ولو ظهر بعد الحكم بشهادته أنه مسخوط؛ ففي نقض حكمه نقلا

الشيخ عن ابن القاسم، وسحنون في موضع مع أشهب محتجاً بقوله: قال مالك في بعض أقواله: المسخوط لوث يوجب القسامة، والعبد والنصراني ليسا بلوث. اللخمي: إن ثبت تقدم جرحتهما، فقال مالك في كتاب الشهادات: ينقض الحكم. وقال في كتاب الحدود: يمضي، وبه أخذ سحنون، وعلى هذا يجري ثبوت أن بينه وبين المشهود عليه عداوة، أو بينه وبين المشهود له قرابة. وقا المازري إثر كلامه السابق: وهذا الذي أريناك هو التحقيق عندنا، فتجريه في القرابة والعداوة؛ وكون الشاهد مولى عليه، فموضع القطع بالغلط يجب به النقض، وموضع تجويز الغلط لا يجب النقض فيه، وهذا يمنع إجراء شيخنا الخلاف في القرابة من الخلاف في التجريح. اللخمي: إن كانت القضية على غائب، فقدم وطلب تجريح البينة بإسفاه، أو شرب خمر أو غيره؛ فقيل: له ذلك، ومنعه ابن الماجشون، إلا أن يثبت أنهم كفار، أو عبيد، أو مولى عليهم، والأول أحسن. الشيخ: في المجموعة لأشهب: إن شهدت بينة عند قاض، ثم جنت أو جنت خطأ؛ لم ترد شهادتها، وإن أحدثت بعد أدائها قبل الحكم بها بعد تعديها، أو قبل ما يمكن إسراره؛ كشرب خمر، أو زنا، أو سرقة؛ ردت شهادتها. محمد: لأنه مما يظن أنه فعله قديماً، وليس مما يعلنه، وإن كان مما لا يمكن إسراره، قال عبد الملك: كقتل على نائرة، أو قذف، أو قتال من شهد عليه؛ ففي ردها بذلك نقلا الشيخ عن مطرف مع أشهب قائلاً: لو تأكلت المشهود عليه قبل الحكم عليه؛ لم تبطل به شهادتها عليه، وعن ابن الماجشون. قلت: وعن ابن رشد في نوازل أصبغ: الأول له، ولابن القاسم. وسمع سحنون ابن القاسم: من شهد وهو عدل، فلم يحكم الحاكم بشهادته حتى وقع بينه وبين المحكوم عليه خصومة؛ لم ترد بذلك شهادته، فلم يزد فيها ابن رشد شيئاً. وفي نوازل أصبغ: من شهد لامرأة بشهادة عند القاضي فأثبتها، ولم يحكم بها حتى

تزوجها من شهد لها؛ لم ترد شهادته، وحكم لها بها. ابن رشد: التهمة بالعداوة تحدث والظنة تقع، لا تؤثر في إجازة الشهادة إلا أن يعلم لذلك سبب قبل أدائها، كمن شهد لامرأة، ثم تزوجها، فشهد عليه أنه كان يخطبها قبل أن يشهد لها وشبه ذلك؛ فتبطل شهادته لذلك بدليل قول ابن القاسم في سماع حسين حسين ابن عاصم فيمن شهد على رجل أنه حلف بطلاق امرأة البتة إن تزوجها قبل أن يتزوجها، فشهد للمشهود عليه أن الشاهد؛ كان يخطب هذه المرأة قبل أن يتزوجها هو؛ أن شهادته باطلة. ولأصبغ: إن خاصم الشاهد المشهود عليه بعد الشهادة؛ لم تبطل شهادته إلا أن يقر أن ما يطالبه به كان قبل إيقاع الشهادة. وفي أول سرقتها: إن ارتد الشهود، أو فسقوا قبل الحكم؛ لم يحكم بشهادتهم وسقطت، وإن ظهر منهم فسق، أو أخذوا يشربون خمراً، وذلك بعد حكم الإمام بإقامة الحد أو القصاص، إلا أن ذلك لم يقم بعد، فإن ذلك ينفذ، ويقام الحد والقصاص، وكذا في الحقوق؛ لأنه حكم نفذ الأمر به، ومثله للشيخ عن ابن حبيب لابن القاسم، وأشهب، وقاله أصبغ في حقوق العباد. قال: وأما الحدود؛ فلا تنفذ. وقال مطرف وابن حبيب: قال عن ابن الماجشون: من أشهد على شهادته قوماً أو سمعوها منه قبل ذلك، ثم عاداه، فشهد عليه بعد العداوة؛ فشهادته جائزة، كما لو قام بها عند السلطان، فوقعت في ديوانه قبل العداوة، وكذا كل ما أحدث مما لا يستتر به؛ كالقتل والقذف، وقول مطرف أحب إلى، ومن حكم بقول ابن الماجشون: لم يخطئ. وفي المجموعة لابن الماجشون: من شهد على رجل بالبتة، وقبله الحاكم، فأحلف المشهود عليه، ثم فسق الشاهد، ثم شهد آخر مثل ما شهد به؛ لم يقبل الأول عليه؛ لأنه يوم تضم شهادته غير عدل. وفي الرجم منها: إن حكم بشاهدين في المال، ثم تبين أن أحدهما عبد، أو ممن لا تجوز شهادته، حلف الطالب مع شهادة الباقي، ونفذ في الحكم، فإن نكل؛ حلف

المطلوب وأخذ المال، وإن شهد عليه بقطع يد رجل عمداً، فاقتص منه، ثم تبين أن أحدهما عبد، أو ممن لا تجوز شهادته؛ لم يكن على متولي القطع شئ، وهذا من خطأ الإمام. قال اللخمي: فيما يريد: إن لم يعلم الحر أن الذي معه عبد، واستشكل قولها: إنه من خطأ الإمام، ولم يقل: يحلف المقتضى له مع الشاهد الباقي، كما قال في المال؛ لأن قوله فيها: إن جراح العمد تثبت بالشاهد واليمين كالمال، ويجاب بأن المال يمكن رده، فكان المشهود له منتفعاً بيمينه؛ فصح حلفه، والقطع لا يمكن رده؛ فلا نفع للمشهود له بحلفه، فسقط، ويلزم عليه إن كان المشهود له من عاقلة الإمام أن يحلف؛ لأنه ينتفع برفع غرم ما يجب عليه مع العاقلة، فتسقط الدية بحلفه عنه وعنها، وفي المسألة اضطراب. اللخمي عن ابن سحنون: إن كان أحدهم عبداً أو ذمياً، أو مولى عليه، فإن حلف المشهود له بالقطع مع الباقي، أو المقضي له بالقتل مع رجل من عصبته خمسين يميناً، ثم الحكم له، ونفذ، وإن نكل في القطع، ولم يعلم أن شاهده عبد لظهور حريته، وحلف المقتص منه في اليد أن ما شهد به عليه الشاهد باطل، ونكل المحكوم له بالقتل عن القسامة؛ انتقض الحكم كأنه لم يكن. قال أصحابنا: ولا غرم إلا على الشاهد إن جهل شهادة العبد أو الذمي. وقال بعض أصحابنا: ذلك على عاقلة الإمام، وقيل: إنه هدر لا غرم على الحاكم، ولا على البينة، ولا على المحكوم له، ولا خطأ على الإمام؛ إنما خطأه لو أجاز شهادة من لا تجوز شهادته، وهو يرى أن ذلك جائز؛ كإجازته شهادة العبد والذمي لظنه إجازتها. قلت: القول بأنه هدر، عزاه الشيخ في نوادره لأشهب قال: ما أخطأ به من إجازة شهادة من لا تجوز شهادته؛ فهو هدر بعد أن قال: ما أخطأ به من حدود الله حملته عاقلته الثلث فصاعداً، وما لزم عاقلته من ذلك؛ ودي معهم. قال: وقال ابن الماجشون: العقل على الإمام دون من تجوز شهادته، وقال سحنون: عقل اليد على المحكوم له إن لم يحلف مع الآخر.

قلت: فالأقوال خمسة، وتعيين ناقلها وعزوها واضح. وسادسها: نقل الشيخ عن ابن القاسم في أربعة شهدوا بزنا من يرجم في شهادتهم، ثم ظهر أن أحدهم عبد أو نصراني، أو ولد زنى، أو زوج، ولم يلا عن؛ الدية على عاقلة الإمام إلا أن يكون من بقي من الأربعة علموا أن رابعهم عبد، فتكون الدية في أموالهم، قاله في كتاب الرجم، وكتاب الأقضية قال فيه: ولا شئ على العبد. زاد اللخمي: وقال ابن سحنون: قيل: لا شئ على الحاكم، ولا على البينة إن لم يعلموا أن معهم عبداً، أو ذمياً، أو علموا، أو جهلوا رد شهادتهم مع العبد، وإن تعمدوا أن معهم عبداً، وأن شهادتهم معه لا تجوز؛ فالدية عليه، وإن علم العبد وحده أن شهادته لا تجوز، وجهل ذلك البينة؛ فكل الدية جناية في رقبته، وإن علمت البينة معه ذلك؛ فالدية على جميعهم أرباعاً، وهو قول أبي مصعب أن على العبد ربع الدية، وتقدم حكم ظهور خلل الشهادة بعد الحكم بها قبل نفوذه، ومن شهد بحق، وشهد به معه غير عدل؛ ففي وجوب إخبار العدل الحاكم بجرحة من شهد معه؛ رجوع سحنون إليه عن قوله: لا يخبره قائلاً: لا فرق: ألا ترى أنه لو شهد معه عبد أو كافر، والحاكم يجهل ذلك؛ أن على العدل إخباره بذلك، قاله اللخمي. وفي سرقتها: ما بلغ من خطأ الإمام ثلث الدية؛ فعلى عاقلته كالطيب والمعلم والخاتن. ابن القاسم: وأبى مالك أن يجيبنا في خطأ الإمام بشئ. وفي رجمها: وإن أقر القاضي أنه جدل أو رجم أو قطع الأيدي تعمداً للجور؛ أقيد منه، ونحوه في النوادر عن الواضحة لأصبغ قائلاً: هذا قولنا، وقول جماعة العلماء، وإنه إن تعمد حداً بقتل، أو قطع، أو جرح بغير حق، ولا شبهة يخطئ بها إلا تعمداً للظلم؛ أقيد منه، وما أخطأ به في الدم، وما دونه، وما تعمد من إتلاف مال بلا شبهة؛ ففي ماله يأخذ به المظلوم القاضي أو المحكوم له به. ابن شاس: والعدد شرط في كل شهادة؛ فلا يثبت بشهادة واحد حكم أصلاً،

فاختصره ابن الحاجب بقوله: لا يثبت حكم بشهادة واحد منفردة، ونقض قوله بالقول بقبول القائف الواحد، والشاهد الواحد على تجويز بينة استحقاق ربع الربع، والقول بقبول شهادة المرأة الواحدة في الرضاع، وأجيب بأن القائف عند من قبله مخبر؛ ولذا الكشف وشاهد التجويز عن ما استأمنه عليه القاضي، وشهادة المرأة في الرضاع لابد فيها من زيادة عليها وهي الفشو. وشرط بينة الزنا: كونها أربعة بنص التنزيل وحكم عمر. المازري: ولا خلاف فيه. اللخمي: هذا إن كانت بالإصابة طوعاً، وإن كانت على الإكراه؛ فكذلك على حد الرجل في الإكراه، والأصح في ذلك رجلان لما تستحقه المرأة من مهر على الواطئ، أو على مكرهه. وفي شرط الشهادة على إقرار من أنكر إقراره بالزنا، ولا عذر له: يرجع به بأربعة، وصحتها باثنين قولان، وفي شرط حد من ثبت زناه. وفيها: ووجه الشهادة في الزنا أن يأتي الأربعة الشهداء في وقت واحد يشهدون على وطء واحد، في موضع واحد بصفة واحدة بهذا تتم الشهادة، ومثله سمع عيسي، ابن القاسم مع قوله: وبلغني ذلك عن مال. ابن رشد: وقيل: الشهادة تامة، وإن تفرق الشهود، ولم يأتوا معاً، وهو قول ابن الماجشون، وعليه أن يأتي قول ابن القاسم في سماع يحيى. اللخمي: لأشهب في الموازية: تجمع شهادة الأربعة، وإن أتوا مفترقين، ويحد المشهود عليه، ولا ينبغي للإمام تأخير حد من شهد قبل تمام الشهادة، فإن هو أخره حتى تمت الشهادة؛ حد المشهود عليه. وقال أبو الفرج: لو سأل الثلاثة أن ينظرهم حتى يأتوا برابع كان معهم؛ وجب عليه إنظارهم، وجمعت الشهادة، وحد المشهود عليه، وهو أحسن. ولا وجه لمبادرة حدهم، وهو ظلم عليهم. قلت: سماع يحيي هو قوله: سألته عن ثلاثة شهدوا أنهم رأوا رجلاً يزني، فحدوا،

ثم جاء رابع عدل زعم أنه كان معهم؛ إذ راوه يزني، فقال: تقبل شهادتهم بعد الضرب، ويكونون عدولاً، وتشهر عدالتهم، ويعلم الناس أن سقط التجريح عنهم، وتمت شهادتهم بالرابع. ابن رشد: هذا خلاف قوله في سماع عيسى، والذي يأتي على سماع عيسى: أن يحد الرابع، وهو قول محمد، ولو جاء الرابع على هذا السماع قبل حد الثلاثة؛ سقط حدهم، وحد المشهود عليه، ونص عليه ابن القاسم في الموازية. قلت: وقال ابن حارث: اتفقوا على أنه إن شهد ثلاثة بزنا رجل، فحدوا للقذف، ثم أتى ذلك أربعة شهدوا أنهم كانوا مع الثلاثة في ذلك المقام، رأوه يزني؛ أنه يحد المشهود عليه، وتسقط جرحة الثلاثة المحدودين قبل، وتظهر عدالتهم، واختلف إن لم يكن الجائي غير شاهد واحد، فصار رابع الثلاثة المحدودين. فقال ابن القاسم في شهادات المستخرجة: يحد المشهود عليه، وينبغي للحاكم أن يظهر عدالة الشهود، ويسقط جرحتهم. وقال ابن الماجشون: يحد الرابع، ولا يخرجهم من الجرحة إلا أربعة سواهم. قلت: هذا خلاف ظاهر ما حمل عليه ابن رشد سماع يحيى على ظاهره، من أن ضم شهادة الرابع إلى متقدم شهادة الثلاثة؛ إنما هو في رفع جرحتهم فقط دون حد المشهود عليه. قلت: ففي بطلان شهادة الأربعة بتفريقهم مطلقاً، فيحد كل منهم بنفس شهادته، ولا ترتفع جرحتهم بتمامهم، وصحتها مطلقاً، فيجب بسؤال الثلاثة إنظارهم؛ لإتيانهم برابع إنظار الحاكم إياهم لذلك. ثالثها: وجوب تعجيل الحاكم حد من شهد منهم قبل تمامهم، فإن لم يعجله؛ صحت بتمامهم، وحد من شهدوا عليه. ورابعها: إن حدوا قبل تمامهم، ثم تموا؛ صحت في رفع جرحتهم دون حد المشهود عليه. وخامسها: فيهما لمشهور المذهب، واللخمي عن أبي الفرج مع ظاهر لفظ ابن

رشد عن ابن الماجشون، واللخمي عن أشهب، ولابن رشد عن فهمه سماع يحيى، وابن حارث عن ابن القاسم في العتبية. وسادسها: نقل الشيخ رواية ابن حبيب عن الأخوين: إن كان افتراقهم قريباً بعضهم من بعض؛ جازت شهادتهم. وفيها: ينبغي للقاضي أن يكشف بالزنا عن شهادتهم، كيف رأوه، وكيف صنع؟ فإن رأى في شهادتهم ما يبطلها أبطلها. وللشيخ عن المجموعة: قال ابن القاسم: كل الشهود لا يفرقون، ولا يسألون إن كانوا عدولاً إلا في الزنا؛ فإنهم يفرقون ويسألون. قلت: في سرقتها: وإذا شهدت البينة في الحدود؛ لم يفرقهم الإمام، إذا كانوا عدولاً بينة عدالتهم، واختصرها أبو سعيد عدولاً مبرزين. وسمع عيسى ابن القاسم في الشهادات: الشهادة في الزنا لا تجوز حتى يشهد أربعة في موضع واحد، ويوم واحد، وساعة واحدة في موقف واحد على صفة واحدة. ابن رشد: ليس من شرطها تسمية الموضع، ولا اليوم، ولا الساعة؛ إنما شرطها عند ابن القاسم: أن لا تختلف الأربعة في ذلك، فإن قالوا: رأيناه معاً يزني بفلانة عاينا فرجه في فرجها؛ كالمرود في المكحلة؛ تمت شهادتهم، وإن قالوا: لا نذكر اليوم، ولا نحد الموضع. وإن قالوا: في موضع كذا، في ساعة كذا، من يوم كذا كان أتم. وإن اختلفوا في المواضع أو الأيام فقال بعضهم: كان ذلك في موضع كذا، وقال بعضهم: في موضع كذا، وقال بعضهم: بل كان في يوم كذا، وقال بعضهم: بل كان في يوم كذا؛ بطلت شهادتهم عند ابن القاسم، وجازت عند ابن الماجشون. قال: لأنهم اختلفوا فيما لو لم يذكروه؛ تمت شهادتهم، ولم يلزم الحاكم أن يسألهم عنه، فيحتمل أنه يريد لا يلزمهم أن يسألهم عنه إن اتفقوا على أن رؤيتهم إياه؛ إنما كانت معاً بزنى واحد، ويحتمل أن يريد أنه لا يلزمه أن يسألهم عن ذلك بحال إذا شهدوا عنده، فقال كل واحد منهم: إنه رآه يزني كالمرود في المكحلة، ويكون مذهبه أن

الأفعال تلفق في الشهادة؛ كالأقوال والأول أبين. الشيخ: روي محمد: لا تتم شهادتهم حتى يقولوا: كالمرود في المكحلة في البكر والثيب، فإن نفوا هذا؛ فهو النكال. محمد: على المشهود عليه، وذلك إن لم يكن في شهادتهم أنه زنا، ولا ذكروا زنا، وإنما شهدوا على ما وصفوا. ولعيسى عن ابن القاسم: إن شهد شاهدان أنهما رأياه مع امرأة تحت لحاف، أو رأيا رجليها على عنقه، أو ما هو دون الزنا؛ لم يكن عليهما شيء؛ لأنهمالم يقذفا، ويعاقب الرجل والمرأة، ولو قالا: رأيناه يزني بها؛ كالمرود في المكحلة؛ حدا ثمانين. وفي «الموازية»: إن قال أحدهم: زنا بها متكئة، وبعضهم مستلقية؛ بطلت الشهادة وحدوا للقذف. قلت: قول ابن رشد هو لفظ الشَّيخ رواية محمد، ويجب حمله على الاكتفاء بمغيب الحشفة فقط كذلك. وسمع عيسى ابن القاسم: إن شهد أربعة بزنا رجل بامرأة شهد اثنان بأنها طاوعته، واثنان بأنه اغتصبها حد الأربعة، وسمعه أبو زيد إن شهد أربعة أنه زنا بامرأة، فأخذ الرجل، وهربت المرأة، فقال اثنان: رأيناه يزني بفلانة التي هربت، وقال الآخران: رأيناه يزني بامرأة، وشهادتهم معتدلة في موضع واحد، إلا أنهما لا يدريان أهي فلانة أو غيرها ولا يعرفان المرأة؟ حد الشهود؛ لأنهم قذفوا المراة. ابن رشد: يحدون للرجل؛ لسقوط شهادتهم بقذفهم المرأة التي شهدوا أنها زنا بها؛ إذ لم يعينها منهم إلا اثنان، ولو عينوها جميعاً، أو لم يعينها واحد منهم، جازت شهادتهم في الزنا، وحد الرجل، وحدت المرأة إن عينوها جميعاً، وإسقاط شهادتهم في الزنا بقذفهم للمرأة خلاف المشهور أن شهادة القاذف لا تسقط إلا بإقامة الحد، والآتي في المسألة على المشهور في ذلك أن تجوز شهادتهم على الرجل؛ فيحد، فإن كان الاثنان منهم قاذفين للمرأة التي شهدا أنه زنا بها وعرفاها فهربت، فإن أتت، وقامت بحدها عليهما؛ حدا لها، ومضت شهادتهما قبل في الزنا على الرجل، وإسقاط ابن القاسم في هذه

المسألة شهادتهما قبل في الزنا بمجرد قذفهما معاً مثله لأصبغ وسحنون وابن الماجشون. وحمل بعض أهل النظر قوله: (يحد الشهود)؛ لأنهم قدفه للمرأة على ظاهره، وتعقب المسألة فقال: انظر قوله: يحد الشهود، ومن أصله أن لا يحد في القذف لغائب، وهم إذالم يحدوا كيف يستجرحون؟ فتدبر ذلك، والمعنى في المسألة؛ إنما هو ما ذكرته. قلت: ما ذكره لبعض أهل النظر هو نص قول الشيخ في نوادره من عند نفسه، وشهرة الاحتجاج في حكم الشهادة في الزنا بحكم عمر رضي الله عنه في نازلة المغيرة، يقتضي ذكر معرفتها. قال الطبري: ما حاصل المحتاج لذكره أن المغيرة كان على البصرة والياً، وله مشربة تقابل مشربة لأبي بكرة، لكل منهما كوة تقابل كوة الأخرى، فكان مع أبي بكرة في مشربته نافع بن كلدة، وشبل بن معبد، وزياد أخو أبي بكرة لأمه يتحدثون، فصفقت الريح باب كوتة، فقام ليصفقها، فبصر بالمغيرة لفتح الريح باب كوة مشربته بين رجلي امرأة توسطها، فقال للنفر: قوموا انظروا واشهدوا، فنظروا فقالوا: من هذه؟ قال: أم جميل بنت الأفقم كانت تغشى المغيرة، وأشراف الأمراء، فلما تقدم المغيرة للصلاة منعه أبو بكرة، وبلغ الأمر عمر، فأشخصهم، وبعث أبا موسى والياً على البصرة، فلما حضروه قال المغيرة يا أمير المؤمنين سل هؤلاء العبد كيف رأوني، وهل عرفوا المرأة فإن كانوا مستقبلي فكيف لم أستتر؟ وإن كانوا مستدبري، فبأي شئ استحلوا النظر إلي على امرأتي؟ والله ما كانت إلا زوجتي، وهي تشبهها، فبدأ عمر بأبي بكرة، فشهد أنه رآه بين رجلي أم جميل، وهو يدخله ويخرجه كالميل في المكحلة، قال: كيف رأيتهما؟ قال: مستدبر هما، قال: كيف استنبت رأسها؟ قال: تحاملت حتى رأيتها، ثم شهد شبل ونافع كذلك، وشهد زياد بأن قال: رأيته بين رجلي امرأة، وقدماها مخضوبتان تخفقان، وأستين مكشوفتين، وسمعت حفزاناً شديداً. قال: هل رأيت كالميل في المكحلة؟ قال: لا قال: هل تعرف المرأة؟ قال: لا، ولكن أشبهها، قاله له: تنح وأمر بالثلاثة؛ فجلدوا وتلا قوله تعالى: (فإذ لم يأتوا بالشهداء) الآية [النور: 13]، فقال المغيرة: اشفني من الأعبد يا أمير المؤمنين، فقال له:

اسكت أسكت الله نأمتك، والله لو تمت الشهادة؛ لرميتك بأحجارك قال الجوهري: يقال: أسكت الله نأمته؛ أي: صوته. قال الطبري: ورد عمر شهادتهم، ثم استتابهم، فتاب نافع وشبل، فقبل شهادتهما، واستتاب أبا بكرة فأبى، قال غيره: قال له: تب، واقبل شهادتك، فأبى، وكرر شهادته، وإلى هذه الإباية أشار ابن التلمساني في مسألة الإجماع السكوتي في شرح المعالم بقوله كقول علي لعمر رضى الله عنهما لما رأى جلد أبي بكرة: إن جلدته، فارجم صاحبك، فكان شخينا ابن عبد السلام يستشكل صحة الملازمة في قول علي مع قبوله عمر رضى الله عنهما، ويحكي استشكالها عن شيخه أبي الحسن البودري، وكانت له مشاركة حسنة في الأصلين، ولم يجيبا عنه بشئ، وكان يجري لنا جوابه بما اقوله، وهو أن القذف الموجب للحد قسمان: قدف صدر من قائله على وجه التنقص للمقذوف، وقذف طلب على وجه شهادة؛ لم تتم، وهو الواقع في النازلة، فما كرر أبو بكرة شهادته، أراد عمر جلده للقذف بقوله هذا، فقاله له علي: إن جلدته، فارجم صاحبك؛ أي: إن أردت جلده؛ لزم إرادتك ذلك رجم صاحبك؛ لأن إراده جلده؛ إما أن يكون لسابق شهادته من حيث كونه أحد الثلاثة، أو لشهادته لا من حيث كونه أحد الثلاثة، فإن كان الأول لم يحد؛ لأنه قد حد لها، وإن كان لا من حيث كونه أحد الثلاثة؛ لزم كونه من حيث كونه زائداً عليها، وكلما كان زائداً عليها كان رابعاً، وكلما كان رابعاً؛ لزم تمام النصاب، فيجب حد المغيرة، وهذا التقرير يدل عى صحة قول ابن الماجشون بصحة افتراق بينة الزنا في الأداء، وأن عليه، وتقدم ذكر الخلاف فيه. وفي الشهادة بالزنا التزاماً لا نصاً اختلاف في إجرائه بعض المتأخرين على الخلاف في كون دلالة الالتزام مهجورة في العلوم تكلف، وإن كان في بعض أبحاث المازري مثله، حسب ما نبهنا عليه في غير هذا الموضع. اللخمي: في ثبوت زنا من ثبت زناه عند قاض بأربعة شهداء بثبوت كتابه به بأربعة شهداء، أو باثنين فقط قولان لكتاب ابن سحنون، ومحمد مع اختياره.

قلت: واختاره ابن رشد، وجعله الجاري على قول ابن القاسم بثبوت حد من شهد عليه ثلاثة بالزنا مع نقل اثنين عن رابعهم. قال: ومن قذف رجلاً، فأقام شهيدين يحده قاض في الزنا بأربعة شهداء في حده مع شهيديه ثالثها: القاذف فقط لرواية محمد معه، وأبي مصعب، ورواية ابن حبيب معه. قائلاً: وكذا لو أقام القاذف أربعة شهدوا أن سيده إذ باعه تبرأ من زناه. قلت: يريد: كان عبداً وعتق؛ إذ لا يباع حر، ولا يحد قاذف عبد، ولو شهد شاهدان على رجل بطلاقه امرأته معترفاً بوطئها، أو بعتقه أمته معترفاً بوطئها، أو بغصبه أمة معترفاً بوطئها؛ ففي حده قولان على القولين في حده بهما على إقراره بالزنا. قلت: الأصوب قولان على القول بحده بهما في إقراره بالزنا؛ لأنها على إقراره أقوى منها على غيره ملزوماً له ضرورة قوة دلالة المطابقة على دلالة الالتزام. قال: ولأشهب فى الموازية: لا يحد السيد؛ لإمكان نسيانه العتق، ولو شهد أربعة بطلاقه، وهو مقر بالوطء؛ حد. وروى علي بن زياد: من شهد عليه أربعة بطلاقه امرأته البتة، وأنهم رأوه يزني بها بعد ذلك، أو أقر بالمسيس؛ فرق بينهما، ولم يحد. سحنون: أصحابنا يأبون هذه الرواية، ويرون عليه الحد، ومحمل قول مالك على ما في الموازية: أنه يحتمل أنه نسي، والنسيان يحسن إن كان الطلاق والعتق بيمين، ويبعد في غير اليمين، واختلف إن أنكر العتق والطلاق والإصابة، وشهد عليه شاهدان بذلك، فقال عبد الملك: لا تصح شهادتهما؛ لأني أجزتها حددتهما، وشهادة المحدود لا تجوز، وصارت المرأة زوجة لحالها والأمة رقاً، ولأن من قذف رجلاً بامرأته أو أمته؛ لم يكن قاذفاً. محمد: وفيه اختلاف؛ لأن من قول ابن القاسم شهادة القاذف مقبولة حتى يحد؛ يريد؛ أنه يقضي بالطلاق والعتق، ثم ينظر في القذف، فقد يوجب عليهما الحد، أو يسقطه؛ لإقراره الآخرين أن الزوجة والملك باق بحاله.

ولأصبغ في العتيبة: لا تجوز شهادتهما ويحدان. محمد: ولو قال الزوج: طلقت وما أصبت، والسيد: أعتقت وما أصبت؛ حد الشاهدان. وفيها: قيل: فإن شهدوا أربعة على رجل بالزنا، فقالوا: تعمدنا النظر إليهما؛ لنثبت الشهادة. قال: كيف تشهد الشهود إلا هكذا، فناقضها ابن هارون بعدم إجازته في اختلاف الزوجين في عيوب الفرج، نظر النساء إليه ليشهدن بما رأين من ذلك، وكذا إذا اختلفا في الإصابة وهي بكر. قال: تصدق، ولا ينظر النساء إليها، قال: والفرق بين ذلك مشكل. وقال في كتاب الخيار: إن نظر المبتاع إلى فرج الأمة؛ فذلك رضي منه بها؛ إذ لا ينظر إليها النساء، أو من يحل له الوطء، فأجاز نظر النساء إليه، وأورده ابن عبد السلام وأجاب بقوله: إن طرق الحكم هنا منحصرة في الشهادة، ولا تقبل إلا بصفتها الخاصة، وطريق الحكم في تلك الصور غير منحصرة في الشهادة؛ بل لها غير ذلك من الوجوه التي ذكها الفقهاء في محلها، فلا ينبغي أن يرتكب محرم، وهو النظر للفرج من غير ضرورة. قلت: يرد بأن صورة النقض؛ إنما هي إذا لم يمكن إثبات العيب لا بالنظر، وكان يجري لنا الجواب بثلاثة أوجه: الأول: أن الحد حق لله، وثبوت العيب حق لآدمي، وحق الله آكد لقولها فيمن سرق، وقطع يمين رجل عمداً يقطع للسرقة، ويسقط القصاص. الثاني: ما لأجله النظر؛ وهو الزنا محقق الوجود أو راجحه، وثبوت العيب محتمل على السوية. الثالث: المنظور إليه في الزنا؛ إنما هو مغيب الحشفة، ولا يستلزم ذلك من الإحاطة بالنظر إلى الفرج ما يستلزمه النظر للعيب. اللخمي: قوله: وكيف يشهد الشهود إلا هكذا؟ يريد: أن تعمد النظر لا يبطل

الشهادة لما كان المراد إقامة الحد، وهذا حسن فيمن كان معروفاً بالفساد، ومن لم يكن معروفاً به فيه نظر يصح أن يقال: لا يكشفون، ولا تحقق عليهم الشهادة؛ لأنهم لو تبين لهم ذلك؛ استحب لهم أن لا يبلغوا الشهادة، ويصح أن يقال: يكشفون عن تحقيق ذلك، فإن قذفه أحد بعد اليوم بلغوا الشهادة، فم يحد القاذف والستر أولى؛ لأن مراعاة قذفه نادر. قلت: ولقولها: من قذف وهو يعلم أنه زنا حلال له القيام بحد من قذفه. المازري: تعمد نظر البينة لفعل الزاني، ظاهر المذهب أنه غير ممنوع؛ لأنه لا تصح الشهادة إلا به، ونظرة الفجأة لا يكاد يحصل بها ما تتم به الشهادة، ومنع بعض الناس النظر للعورة في ذلك لما نبه الشرع عليه من استحسان الستر. وقال الشيخ عز الدين ابن عبد السلام في قواعده: إنما يجوز للشهود أن يظروا من ذلك ما يحصل وجوب الحد، وهو مغيب الحشفة فقط، والنظر الزائد على ذلك حرام. قلت: وهذا كله إن عجز الشهود عن منع الفاعلين إتمام ما قصداه، أو ابتداءه من الفعل، ولو قدروا على ذلك بفعل أو قول، فلم يفعلا؛ بطلت شهادتهما لعصيانهما بعدم تغيير هذا المنكر، إلا أن يكون فعلهما بحيث لا يمنعه التغيير لسرعتهما. وروى محمد: معها الشهادة في اللواط كالزنا. وفيها: قال مالك في الشهود في الزنا: ينبغي للإمام أن يسألهم عن شهادتهم. قال ابن القاسم: كيف رآه وكيف صنع؟ فإن كان في ذلك ما يدرأ به الحد درأه. وفيها: وينبغي أن يكون سؤاله إياهم سراً لا في جمع من الناس. محمد: إن غابوا قبل أن يسألهم غيبة بعيدة، أو ماتوا أقاموا الحد بشهادتهم. اللخمي: يريد: إن كانوا من أهل العلم بموجب الحد؛ إذ قد يرونه عليها، فيشهدون بالزنا، وهو لا يوجب الحد. قلت: وهو قول التونسي في كتاب السرقة إثر نقله قول محمد، قال: وفيه نظر إلا أن يكونوا من أهل العلم، ولا يخفى عليهم ما يجب به الحد. ابن الحاجب: وينبغي للحاكم أن يسألهم.

وفي السرقة: ما هي وكيف أخذها ومن أين وإلى أني؟ وقال سحنون: إن كان ممن يجهل. قلت: قول سحنون إنما نقله الصقلي وغيره عنه في السرقة. الصقلي: قال بعض فقهائنا: ينبغي أن يكشفوا، وإن كانوا لا يجهلون؛ إذ قد يكون رأي الحاكم فيه نفي القطع أو ثبوته، ورأيه خلاف رأيهم. قلت: سياق كلام سحنون أنه إنما يقوله حيث يكون الحاكم، والشهود أهل مذهب واحد، وقول ابن عبد السلام: رأى بعض الشيوخ أن غيبة أربعة منهم لا تمنع سؤال من حضر؛ لاحتمال أن يذكر الحاضرون إذا سئلوا ما يوجب الوقف عن شهادة الحاضرين والغائبين جميعاً لا أعرف هذا البعض من الشيوخ في كلامه، وسقوط تعليله واضح؛ لنقل الصقلي عن محمد ما نصه: إن كان الشهود أكثر من أربعة، فغاب منهم أربعة بعد أن شهدوا لم يسأل من حضر ولم يكشف، وكان الحد ثابتاً؛ لأن من حضر لو رجع عن شهادته؛ كان الحد ثابتاً بمن غاب، وكذا لو كانوا غابوا كلهم؛ فرجع بعضهم، وبقي أربعة؛ لم يسقط الحد. قلت: فإذا كان تصريح من زاد على الأربعة بالرجوع لا يقدح في شهادة الأربعة، كيف يقبل قوله؛ لاحتمال أن يذكر الحاضرون ما يوجب الوقف عن شهادة الحاضرين والغائبين فتأمله منصفاً، وتقدم الخلاف في شهادة الاثنين في الإقرار. ومتعلق الشهادة بالذات محكوماً به إن لم يكن مالاً، ولا زنا، ولا قرينه، ولا مختصاً باطلاع النساء، فشرط شهادته اثنان رجلان. ابن شاس: المرتبة الثانية ما عدا الزنا مما ليس بمال، ولا يؤول إليه، كالنكاح، والرجعة، والطلاق، والعتق، والإسلام، والردة، والبلوغ، والولاء، واالعدة، والجرح، والتعديل، والعفو عن القصاص، وثبوته في النفس، والأطراف على خلاف فيهما، والنسب، والموت، والكتابة، والتدبير، وشبه ذلك، وكذا الوكالة والوصية عند أشهب وعبد الملك، شرط كل ذلك العدد والذكورية، فاختصره ابن الحاجب، ولم يذكر في القصاص خلافاً، وتمام ذلك في فصل الشاهد واليمين.

قال ابن عبد السلام: عرف هذه المرتبة بقيدين عدميين ما ليس بزنا ولا مال، ولا ينقض تعريفه بدخول بعض ما في المرتبة؛ كالولادة وعيوب النساء؛ لأن المقسوم عنده؛ إنما هو مراتب البينة، ولا ندخل لما نقض به فيها. قلت: يرد بعدم اقتصاره على كونها قسماً من مراتب البينة؛ لقوله إثر تمام عدها وشرطها اثنان ذكران، فإن سلم اندراج ما ذكر به النقض تحت لفظ منه كذب فيه قوله: شرطه اثنان ذكران، والأظهر جعل قوله: كالنكاح إلخ؛ تفسيراً لقوله: ما ليس زنا ولاء آئلاً عليه، وعد المازري في هذا النوع الإحلال، والإحصان، والإيلاء، والظهار، وتقدم عد ابن شاس فيه العدة. قال المازري: يشهد بانقضائها أو ثبوتها، قال: وحد الخمر، والسرقة، والقذف، وعد فيها الرجعة؛ كالمعونة، ولم يذكرا فيها خلافاً. وقال ابن حارث: اختلف في شهادتهن في الارتجاع، فسمع أشهب لا تجوز، وقال ابن نافع في غير المستخرجة: هي جائزة فيه، وما متعلقه مال أو آئل إليه تتم فيه برجل وامرأتين. فيها: لا تجوز شهادة النساء في الحدود، والقصاص، والطلاق، والنكاح، والنسب، والولاء. قال مالك: لا تجوز إلا حيث ذكر الله في الدين، وما لا يطلع عليه إلا هن، ويحلف الطالب مع شهادة امرأتين في الأموال، ويقضى له. وفي شفعتها: وتجوز شهادتهن على أخذ الشفعة أو تسليمها، أو على أنه شفيع، وعلى إقرار المبتاع أن فلاناً شفيع هذه الدار. الشيخ في الموازية: تجوز شهادتهن في المال، ولو كثر، وكذا في الوكالة على المال في رواية ابن القاسم، وقوله وقول ابن وهب، وقال أشهب وعبد الملك: لا تجوز فيها. الشيخ عن ابن وهب: قال ابن الماجشون: لم يقل مالك، ولا أحد من علمائنا بجواز شهادتهن على الوكالة في المال، ولا على إشهاد الوصايا. وروى ابن عبدوس في الموصي برقبة معينة، أو مبهمة لعتق: أن شهادة رجل

وامرأتين في ذلك جائزة، كما لو شهدوا أنه قال: بيعوا عبدي فلاناً رقبة. وفي الموازية: إن شهدن مع رجل أنه أوصى بشراء رقبة بخمسين فتعتق؛ لم يجز؛ لأنه إذا اشترى؛ لم يعتق بشهادتهم، وإن كان عبد فلان؛ جازت على شرائه، وزيادة ثلث ثمنه لربه إن لم يسم ثمناً، ولا يعتق بقولهم. ابن حبيب عن ابن الماجشون: لا تجوز شهادتهن مع رجل على وصية بثلث للمساكين، كما لا تجوز فيه يمين. وسمع سحنون ابن القاسم: لا تجوز شهادتهن في جراح العمد، وتجوز في الخطأ جراحه وقتله. سحنون: هي في جراح العمد جائزة، وأصل قولنا ما جاز فيه اليمين مع الشاهد؛ جازت فيه شهادتهن، وما سقط في اليمين مع الشاهد؛ سقطت فيه، فما جاز الشاهد واليمين في جراح العمد؛ جازت شهادة النساء فيه. وقاله ابن الماجشون: ولو شهدت امرأتان ورجل بوصية للمساكين؛ لم تجز الوصية؛ لأنه ليس فيها يمين مع الشاهد. ابن رشد: هذا الأصل الذي التزمه سحنون وابن الماجشون، لم يقله ابن القاسم؛ لأنه لم تجز في هذه الرواية شهادة امرأتين في جراح العمد؛ ويجيز القصاص فيها بالشاهد واليمين، واختلف قوله في إجازة شهادتهن في ذلك. وقع في المجموعة، وكتاب ابن سحنون اختلاف قوله في ذلك، والذي رجع إليه سقوطها، فيحتمل أن يكون إجازته إياها، ومنعه على القولين إجازة الشاهد واليمين فيها، ومنع ابن الماجشون في الوصية للمساكين إغراق في طرد أصله ويبعد، وليس بثابت في جميع الروايات، والصواب إجازتها على أصله؛ لأن اليمين مع الشاهد إنما سقط؛ لأن رب الحق غير معين، لا لأن الوصية بالمال، لا تستحق باليمين مع الشاهد، فمذهب سحنون وابن الماجشون ملازمة جواز الشاهد واليمين؛ لجواز شهادة النساء، وتلازمهما في السقوط، وعلى مشهور قول ابن القاسم ما جاز فيه الشاهد واليمين؛ جازت فيه شهادة النساء، ولا ينعكس ما يجوز فيه شهادتهن أعم وأكثر مما يجوز فيه

الشهادة واليمين؛ لأن شهادة النساء تجوز عنده على الوكالة في المال، وعلى شهادة الشاهد بالمال، ولا يجوز فيها الشاهد واليمين، وإذا قلنا على مذهبه في هذه الرواية أنه يجيز القصاص باليمين مع الشاهد، ولا يجيز شهادة النساء في ذلك؛ فليس أيضاً كل ما تجوز فيه اليمين مع الشاهد؛ تجوز فيه شهادة النساء، فعلى هذا من الأشياء ما يجوز فيه الأمران، ومنها ما لا يجوز فيه واحد منهما، ومنهما ما يجوز فيه أحدهما دون الآخر وعكسه. الشيخ في المجموعة: لأشهب: تجوز شهادتهن في كل عمد لا قود فيه، وإن انفردن حلف المجروح، ووجبت له ديته. الباجي: إن شهد رجل وامرأتان أن الزوج اشترى زوجته من سيدها؛ ثبت الشراء، ولا يفسخ النكاح، وإن كانت شهادة النساء لا تجوز في الطلاق. سحنون عن عبد الملك: إنما الشهادة في مال جر إلى الفراق. سحنون: وكذا شهادتهن فيمن غر بحرية أنه مملوك لفلان، يحلف معهن، ويرق له، ويبطل حد من قذفه. ابن الماجشون: ولو شهدن على أداء كتابة مكاتب؛ حلف وتم عتقه، ولو شهدن مع رجل فيمن حلف بطلاق، أو عتق على أداء حق إلى أجل بعد انقضائه؛ سقط الحق. وفي سقوط حنثه عنه: روايتا اللخمي. وفي الولاء منها: من مات وترك ابنتين، فادعى رجل أنه مولاه أعتقه، وأقرت البنتان أنه مولاه، وهما عدلتان؛ حلف معهما، وورث الثلث الباقي، إن لم يأت أحد بأقل من ذلك من ولاء، ولا عصبة، ولا نسب معروف، ولا يستحق بذلك الولاء. وقال غيره: لا يحلف مع إقرارهم، او لا يرث الثلث الباقي؛ لأنهما شهدتا على عتق، وشهادتهما فيه لا تجوز. قلت: فحاصله أنها في المال غير آيل إليه جائزة اتفاقاً، فإن آلت إليه؛ ففي إعمالها فيما آلت إليه متقدم قول سحنون في الغار بالحرية مع متقدم قول ابن الماجشون في أداء الكتابة، وإحدى الروايتين.

وفي سر الحالف على الأداء لأجل وآخراهما: وفي غيره: إن لم تؤل إليه؛ لا تجوز اتفاقاً، إلا في الارتجاع عن ابن نافع خلاف قول ابن رشد في رسم الأقضية. الثالث من سماع أشهب: لا يجوز في الارتجاع اتفاقاً، وإن آل إليه؛ ففي قبولها وردها قولا ابن القاسم وسحنون مع أشهب وابن الماجشون، وقولها في مسألة البنتين ثالث؛ لأنه قبلها في المال دون سببه، وهو الولاء، وقبلها في الوكالة على المال، وليست نفسه. الشيخ لأشهب في سماع عبد الملك: إن شهدت امرأتان على امرأة بضربها بطن امرأة، فألقت مضغة؛ حلفت معها، واستحقت الغرة، ولا كفارة على الضاربة. ولم يزد فيها ابن رشد في معنى الشهادة شيئاً. وفي الأيمان بالطلاق منها: إلا في الأموال، وفيها يغيب عليه النساء من الولادة والاستهلال والعيوب، ومثله في كتاب ابن سحنون، وذكر فيه الحيضة والعذرة، والسقط قائلاً: لا يجوز في ذلك أقل من امرأتين. الشيخ عن الأخوين، وابن عبد الحكم، وأصبغ: لو شهدت امرأة ورجل باستهلال صبي؛ لم تجز شهادتهما. ابن حبيب: حضور الرجل أبطل شهادة المرأة، والرجل الواحد لا تجوز. قلت: زاد المازري ما نصه: وذكر ابن حبيب عمن يرضاه من أهل العلم أنه قبل شهادة المرأة مع الرجل، واختار ابن حبيب هذا المذهب. قال: لأن المرأة لو انضاف إليها امرأة؛ قبلت الشهادة اتفاقاً، فانضياف الرجل إليها أقوى لما ثبت في الشرع أن شهادة المرأة كنصف شهادة الرجل. اللخمي: تجوز شهادتهن على الولادة مع وجود الولد أن هذه ولدته، فإن لم يكن موجوداً؛ ففي جوازها قولا ابن القاسم وسحنون، وأرى إن كانت المناكرة بقرب الولادة أن لا تجوز، وإن كانت بعد طول القدوم من أنكرها، أو كانت الأم مقرة، ثم أنكرت أن تجوز. وصحة شهادتهن على أن الولد ذكر ثالثها: إن كان مستحق التعصيب بيت

المال أو البعيد من العشيرة، وتعذر إخراجه من قبره؛ لتغيره بطول إقباره. اللخمي عن ابن القاسم قائلاً: ويحلف المشهود له معهن، وأشهب على أصله في لغوها على غير مال يستحق به مال وأصبغ. قلت: سمعه أصبغ: تجوز شهادتهن باستهلال الولد، قيل: وبأنه غلام، قال: نعم مع يمينه. أصبغ: قال لي ابن القاسم: والقياس ألا تجوز؛ لأنه يصير نسباً قبل ألا يصير مالاً. وفيها: إن مات؛ فبأي شيء يرث ويورث، قال: بأدنى المنزلتين، إلا أن يكون لا يبقى، ويخاف عليه الحوالة إن حبس، إلى أن يوجد رجال يشهدون على رؤيته؛ فتجوز شهادتهن حينئذ. ابن القاسم: وكذا المرأة تلد، ثم تهلك هي وولدها في ساعة؛ يحلف أبو الصبي أو ورثته مع شهادتهم أن الأم ماتت قبله، فيستحقون إرثه من أمه؛ لأنه مال، قال: إنما تجوز شهادتهن على الولادة والاستهلال إن كان البدن قائماً، ورأى الناس أن قد كمل جسده، وكذا شهادتهن في القتل. ابن رشد: إجازة ابن القاسم شهادة امرأتين على استهلال الصبي، وعلى أنه غلام مع اليمين؛ يدل على صحتها على الاستهلال، ولو فات البدن؛ إذ لو كان حاضراً؛ لاستغني عن شهادة النساء فيه أنه غلام بنظر الرجال إليه، وكذا قتل الخطأ لا يشترط في صحة شهادة النساء فيه حضور البدن على مذهبه. قال في المدونة: لأنه مال شهادتهم في المال جائزة، خلاف قول ربيعة وسحنون في المدونة: إنها لا تجوز في الاستهلال والخطأ إلا مع حضور البدن، فعلى قولهما؛ لا تجوز في أنه ذكر أو أنثى، وهي رواية مطرف وأشهب، وقول ابن هرمز: وهو القياس على ما قاله ابن القاسم هنا، فإذا جوز شهادتهن مع مغيب البدن آل ذلك إلى جوازها في غير المال من الموت الذي يقطع العصمة بينه وبين أزواجه، فيكون لهن أن يتزوجن، وقد يكون له أمهات أولاد ومدبرون، فيعتقون، وقد يوصي بعتق وتزويج بناته، قول إجازة شهادتهن في قتل الخطأ إذا لم يعرف الموت بحضور البدن ميتاً إلى أن تجوز شهادتهن في

ذلك كله، وشهادتهن في غير المال لا تجوز، ففي ذلك من قول ابن القاسم نظر، وهو استحسان، والقياس قول سحنون وربيعة: لا تجوز إلا في صفة القتل إن لم يعرف الموت، وكذا الشاهد الواحد في قتل الخطأ. وأما شهادة النساء في المرأة تلد ثم تهلك هي وولدها في ساعة على أيهما مات أولاً، فجائزة اتفاقاً؛ لأنها على ما لا يتعدى إلى غير المال. قلت: قوله: (اتفاقاً) خلاف ما يأتي لابن حاجب. **** شهادتهن في العيوب قال اللخمي: أما عيب فرج الحرة يدعيه الزوج؛ ليرد به؛ فينظرها النساء. سحنون: أصحابنا يصدقونها، وأرى أن ينظرها النساء؛ لأنها تتهم، وإن كان العيب بغير الفرج؛ ففي شق الثوب عن محله؛ ليراه الرجال والاكتفاء فيه بشهادة النساء قولان لغير أصبغ، وله، وعزاهما المازري لغير الموازية ولها. قلت: وهو ظاهر الأيمان بالطلاق من المدونة. اللخمي: وأما الإماء، فإن كان العيب بالفرج، ولا يعلمه إلا النساء، فإن كانت شهادتهم عن فائت؛ لأن الأمة ماتت أو غابت، أو كان القائم بعيبها هو الآتي بهن ليشهدن له؛ لم يقبل فيه أقل من امرأتين، ولا يمين عليه، وإن كان القائم بعيبها هو الآتي بهن ليشهدن له؛ لم يقبل فيه أقل من امرأتين، ولا يمين عليه، وإن كان الحاكم هو الباعث في كشف ذلك؛ كان في قبول امرأة واحدة في ذلك قولان. ولا يقبل اليوم أقل من امرأتين؛ لضعف العدالة. وإن كان العيب مما يعلمه الرجل؛ كالبكارة، يقول: وجدتها ثيباً، وكذبه البائع، ولم يبعث الحاكم في ذلك؛ لم يقبل فيه أقل من امرأتين. واختلف في اليمين، قال: وأجاز محمد في المرأة تدعي أن زوجها بني بها، وأرخى الستر؛ شهادة امرأتين ويميناً لما كان ذلك مما لا يطلع عليه إلا النساء، والزوج يدعي المعرفة، وقيل في هذا الأصل: لا يمين عليها، والمرأتان كالرجلين. قلت: في النوادر: روي محمد: تجوز شهادة امرأتين فيما لا يطلع عليه الرجال بغير يمين من ولادة، وحمل، وعيب فرج، واستهلال، وإن شهدت امرأتان على إرخاء ستر؛

باب فيما تصير به الأمة أم ولد

لم يقض للزوجة إلا بيمينها. قلت: قوله أولاً: تجوز دون يمين فيما لا يطلع عليه النساء مع إيجابه اليمين في إرخاء الستر يدل على أن إرخاء الستر لا يختص به النساء، وهو خلاف قول اللخمي، ونحوه قول المازري إثر نقله اليمين في مسألة الستر: أشار بعض أشياخي إلى أنه اختلف في هذا الأصل في اليمين فيه مع شهادة امرأتين لأجل إرخاء الستر، وزق الزوجة على الزوج، ولا يحضره غالباً إلا النساء، ويندرج تحت شهادتين بذلك أحكام أخرى، والإحصان، والإحلال، وغيرهما مما يتكلم عليه في موضعه. قلت: تقدم في مسائل إرخاء الستور أن سبب الخلاف في لزوم يمين الزوجية مع ثبوت إرخاء الستر؛ إنما هو بناء على أن دلالة الحالة العرفية على ثبوت أمر كدلالة شهيدين أو شاهد واحد سواء؛ كان ثبوت إرخاء الستر بشهادة النساء، أو شهادة رجلين، وكذا دلالة الشواهد في البناء، والوصف في اللقطة، ونحو ذلك. قال ابن الحاجب: الرابعة: ما لا يظهر للرجال؛ كالولادة وعيوب النساء، والاستهلال، والحيض، فيثبت بأمرين، ويثبت الميراث، والنسب له وعليه، فلم يتعرض ابن عبد السلام لشرح قوله: (ويثبت الميراث والنسب له وعليه)، وقرره ابن هارون بقوله: مثل أن تشهد امرأتان بولادة أمة أقر السيد بوطنها، وأنكر الولادة؛ فإن نسب الولد لاحق به، وكذا موارثته إياه له وعليه. [باب فيما تصير به الأمة أم ولد] قلت: نحو ما قرر به كلامه، قولها في أواخر أمهات الأولاد: وإن ادعت الأمة أنها ولدت من سيدها، فأنكر؛ لم أحلفه لها إلا إن يقيم رجلين على إقرار السيد بالوطء، وامرأتين على الولادة؛ فتصير أم ولد، ويثبت نسب الولد إن كان معها وتلد، إلا أ، يدعي السيد استبراء بعد الوطء، فيكون ذلك له، هذا نص في جواز شهادتين فيما لا تجوز فيه شهادتين إذا كان لازماً لما تجوز فيه شهادتهن، وتقدم نحوه، وهو في

الموطأ وغيره. قال ابن الحاجب: (وفي قبولها بأنه ابن فلان قولان). قال ابن هارون: معناه: إذا كان المقصود من الشهادة استحقاق المال فقط، كما لو شهدتا فيمن مات أن هذا ابنه، لا وارث له في علمها غيره، فقول ابن القاسم، يحلف الولد، ويرث كشاهد له بذلك، ولا يثبت له نسب، وعلى قول أشهب لا يرث شيئاً؛ لأنه إنما يثبت بالنسب، والنسب لا يثبت بشهادتهما. قلت: قال اللخمي في أوائل ترجمة شهادة النساء: اختلف في شهادتهن في ما ليس بمال، ويستحق به مال، فإن شهد رجل وامرأتان في ميت بنسبه أن هذا ابنه، أو أخوه ولا وارث له ثابت النسب؛ صحت الشهادة على قول ابن القاسم، وثبت له الميراث، ولم يجز على قول أشهب؛ لأنه قال: لا يستحق الميراث إلا بعد ثبوت الأصل بشهادة رجلين، فإن ثبت ذلك، ثم شهد واحد أنه لا يعلم له وارثاً سوى هذا؛ جازت، واستحق المال. وقال ابن عبد السلام: هذا كلام مشكل، ولعله يرجع إلى الخلاف في الذكورة والأنوثة. قلت: الأظهر تفسيره بما تقدم للخمي، وإن كان ظاهره مخالفاً لظاهر الوارد في الروايات في آخر سماع أشهب من رسم الأقضية الثالث؛ لأنه لا تجوز شهادة النساء في الأنساب، ومثله في النوادر.

زاد الشيخ عن ابن الماجشون: تجوز في الميراث إن ثبت النسب بغيرهن، كما تجوز في قتل الخطأ إن ثبت الموت بغيرهن، وإذا اختصم في تعدد الولاء لمن ورثوه عنه؛ جاز في ذلك شهادتهن، أو شاهد ويمين، وإن لم يثبت الولاء بغيرهن؛ لم تجز. ولابن سحنون عنه: يجوز في الوراثة شاهد ويمين وشهادة النساء؛ لأنها على مال؛ لأن النسب يثبت بغيرهن. ومثله قولها في الشهادات: تجوز شهادتهن في الموارثة إن ثبت النسب بغيرهن؛ لأنها في مال. وفي السرقة منها: إن شهد رجل وامرأتان على رجل بالسرقة؛ لم يقطع، وضمن قيمة ذلك، ولا يمين على صاحب المتاع. قال ابن الحاجب: وكذا قتل عبد عمداً، ويثبت المال دون القصاص. قلت: هذا كنقل الشيخ عن محمد عن ابن القاسم: ويقضى بشاهد ويمين في قتل العبد، ويستحق قيمته من الحر، ورقبة العبد القاتل، إلا أن يفديه سيده بقيمة المقتول، ولا يقتص من العبد بذلك. الشيخ عن سحنون: كل ما جاز فيه شاهد ويمين؛ جازت فيه شهادة النساء. اللخمي: ومن الشهادة ما ليس بمال، ويستحق به مال أن يشهد رجل وامرأتان بنكاح بعد موت الزوج أو الزوجة، أو على ميت أن فلاناً أعتقه، أو على نسب أن هذا ابن الميت أو أخوه، فالشهادة على قول ابن القاسم صحيحة، وعلى قول أشهب؛ لا تجوز، وتقدم الكلام في شهادتهن؛ لتقدم موت أحد الوارثين على الآخر. وقول ابن رشد: تجوز فيه شهادتهن اتفاقاً. وقال ابن الحاجب: في ثبوت الميراث بذلك قولان لابن القاسم وأشهب. وقبله ابن عبد السلام وابن هارون، ولا أعرف من نقله عن أشهب نصاً، ولا يبعد إجراؤه على أصله، وأخذه من قول اللخمي: واختلف في شهادتهن على التاريخ على الاختلاف فيما ليس بمال، ويستحق به مال نظر، ويقرب أخذه من قوله فيما يستحق به مال، ومنعه عبد الملك وسحنون، وقالا: كل ما لا يجوز فيه شاهد ويمين، لا تجوز فيه

شهادة النساء. وفي وصاياها: الأصل: إن شهدت امرأتان مع رجل على موت ميت، فإن لم يكن له زوجة ولا أوصى بعتق ونحوه، وليس إلا قسمة التركة؛ فشهادتهن جائزة، وقال غيره: لا تجوز، وتقدم نحوه في شهادتها، قال غير واحد: إبطاله شهادتهن بالموت إن كان للميت زوجة، أو وصية لفوم؛ ردت في العتق، وجازت في الوصايا لقوم، فإن ضاق الثلث؛ فإنما لهم منه ما فضل عن العتق، وإنما تبطل كلها أن لو شهد لنفسه فيها، وكان بعض من لقيناه يشير إلى ما يفرق به بينهما، وهو أن الوصية بالعتق والمال ارتباطهما في الشهادة بهما ارتباط اتفاقي، كارتباط كون الإنسان ناطقاً بكون الفرس صاهلاً، وكارتباط كون الأخت مع البنت عاصبة بكون الأب مع الولد الذكر غير عاصب، لا لزومي كقولنا: كل ما كان هذا إنساناً كان حيواناً، وكلما كان هذا الحر مالكاً نصاباً من العين لا دين عليه؛ كان مخاطباً بزكاته؛ لصحة تعلق شهادتهن بأحدهما دون الآخر على تقدير وجودهما في الواقع، وارتباط إرث المال، وتنفيذ العتق الموصى به بغير شهادة في الشهادة بالموت؛ ارتباط لزومي؛ إذ لا يصح إيجاب الموت أحدهما دون الآخر على تقدير وجودهما في الواقع بحال، ولا يلزم من صحة التفريق بين مرتبطين ارتباطاً اتفاقياً لعارض صحته في المرتبطين ارتباطاً لزومياً، وإلا لما كان فرق بين اللزومية والاتفاقية؛ ولذا لم يطرد عندهم قياس اقتراني من الاتفاقيات، بخلاف اللزوميات. قال أبو إبراهيم وأبو الحسن الصغير: يقوم من قولها مثل قول ابن الماجشون في الواضحة في عدل شهد أن فلاناً قتل فلاناً، ونحن في سفر، فمات مقعصاً ودفناه أنه لا قسامة فيه بالشاهد العدل، قال: وإنما تكون القسامة إذا كان الموت معروفاً، أريت لو جعلنا القسامة بشهادته على القتل، فأقسم الولاة، وقتلوا أتعتق أم ولده ومدبرته، ويفرق بينه وبين زوجته بالشاهد الواحد؟ هذا لا يكون. قال أصبغ: يستأني السلطان في ذلك، فإن جاء ما هو أثبت من هذا؛ وإلا حكم بالقسامة مع الشاهد وبموته، وتعتد زوجته، وتعتق أم ولده، وينكحن، وقيل: يقسم

ولاته، ويقتل قاتله، ولا يموت في زوجته ورقيقه، وهو ضعيف. قلت: ما أقاماه من قولها؛ يرد بأنه لا يلزم من إلغاء شهادتهن بالموت الموجب إعمالها في عتق، ونحوه إلغاء شهادة العدل بالموت الموجب إعمال شهادته فيما لا تجوز فيه من رفع العصمة والعتق؛ لأن ما أعملت فيه شهادته، وهو الموت هو مما يثبت شهادته؛ فلا يمنع إعماله فيه كونه موجباً لما لا تعمل فيه شهادته؛ لأنه حينئذ كشهادة النساء بما تجوز فيها شهادتهن، وهو يؤدي إلى ما لا يجوز فيه شهادتهن، وهذا كشهادتهن بأداء الكتابة الموجبة للعتق، وبثبوت الدين الموجب لنقض العتق، وإن كان ابن زرقون حكي عن إسماعيل القاضي: أنه لا يرد العتق بما يثبت عليه برجل وامرأتين، ولا شاهد ويمين؛ وإنما يرد بذلك ما يحدث من عتق بعد الحكم بالمال. وشهادتهن بموت: يوجب عتقاً شهادة بما لا تجوز فيه شهادتهن مع كونه موجباً لما لا تجوز فيه شهادتهن؛ كشهادتهن بعتق يوجب طلاقاً، وهذا كشهادة امرأتين مع رجل بعتق عبد من حلف بالطلاق على عدم عتقه، أ، بعتق أمة تحت عبد، وتقدم لابن رشد على قول ابن القاسم في إجازته شهادتهن في قتل الخطأ مع غيبة البدن: أنها آيلة إلى جواز شهادتهن فيما عدا المال من الموت الذي يقطع العصمة بينه وبين نسائه، ويوجب عتق أمهات أولاده ومدبريه إلى غير ذلك مما لا تجوز شهادتهم فيه، وهو نحو ما زعموه من مساواته مسألة اللوث لمسألة كتاب الوصايا؛ فتأمله، وكون شهادتهن لوثا يأتي في اللوث إن شاء الله تعالى. قال ابن الحاجب: (ولو أقام شاهداً، فطولب بالتزكية؛ أجيب إلى الحيلولة في المشهور به). قلت: كذا هو في سائر النسخ شاهداً بالإفراد. وقال ابن شاس: من أقام شاهدين، وطولب التزكية؛ فله أن يطلب الحيلولة، فيوقف الحيوان والعروض التي تطلب بعينها، ويشهد عليها. فأما الحيلولة بإقامة مدعيها بشاهدين عدلين؛ فهو نقل غير واحد عن المذهب، وهذا قبل تعديلها حسبما نقله ابن شاس، وهو قولها: وإن كان أقام شاهدين، فكان

القاضي ينظر في تعديلهما، وخاف على المدعي فيه الفساد أمر أميناً فباعه وقبض ثمنه، ووضعه على يدي عدل، ويأتي لابن رشد خلافه. وفي الحيلولة بإقامته شاهداً واحداً عدلاً: خلاف ابن سهل اختلف في العقلة بشاهد واحد عدل، ففي أحكام ابن زياد قولنا: وجوب العقل بها، وهو في الدور بالإقفال لها، وفي الأرض يمنع حرثها، وقاله عبيد الله بن يحيي، وأيوب بن سليمان، ولابن بطال عن ابن لبابة: لا تجب العقلة إلا بشاهدين، وقال سليمان: هو قول ابن القاسم. وفي وثائق ابن العطار: لا تجب العقلة بشاهد واحد، ولكنه يمنع المطلوب أن يحدث في العقار بناءً أو بيعاً، أو شبه ذلك بالقول، ولا يخرج عن يده. ولابن سحنون عنه: إن أقام المدعي شاهداً عدلاً عقل على المدعي عليه ما شهد به الشهود الذين ثبت بعضهم، قال: وسمع عيسى ابن القاسم: من أدعى أصل زيتون وثمرته، وأثبت شاهداً واحداً، وطلب أن يجعل وكيلاً على الثمرة يحوزها في الجنا والقص، وطلب من هي بيده أن يقوم عليها ليبيعها، قال: إن كان الشاهد عدلاً؛ حلف معه المدعي، وأخذ الثمرة، وإن كان الحاكم لا يقضي بالشاهد واليمين؛ نظر إلى ما فيه النماء والفضل في بيعة أو عصره، فوكل به من يثق به. وفي مسائل ابن زرب: إنما حكم بالعقلة في هذه المسألة خوف فساد الثمرة، وتفويت المطلوب لها، وكذا يوقف كل ما يغاب عليه من عرض، وغيره بشاهد عدل، والأصول لا تعتقل إلا بعدلين وحيازتها إلا أن الشاهد العدل يمنع الحاكم به المطلوب أن يحدث بيعاً أو شيئاً يفوته، فإن أحدث فيه شيئاً بعد تقدمه إليه؛ لم ينفذ. وقال في موضه آخر: اختلف في توقيف العقار بشاهد عدل؛ فقال بعضهم: العقلة فيه واجبة بذلك، واحتجوا بقول ابن القاسم في مسألة الزيتون، وقال بعضهم: لا تكون إلا بشاهدي عدل، وحيازتهما به جرى القضاء ببلدنا، والحجة فيه أن الغلة للمطلوب حتى يقضي عليه، وضمانها منه قبل ذلك، ولا تكون لطالب إلا إذا كان الضمان منه، ولا يكون منه إلا بشاهدي عدل وحيازتهما، ونزلت المسألة في دار بقرطبة،

فأفتيت فيها بالعقلة بشاهد عدل واحد، وخالفني بعض أصحابنا، وقال: لا تجوز العقلة بشاهد واحد، واحتج بما ذكرته من المقرب، وقال: إنه لم يقل أحد بذلك، وجهل جميع ما قدمناه من قول سحنون وابن زرب. ولابن رشد في سماع عيسى المتقدم: اختلف في تأويل هذه المسألة، قيل معناها أن المدعي ادعي الأصول والثمرة معاً، كدعواه أنه اشتراها بثمرتها، وأقام على ذلك شاهداً واحداً، وقيل: بل ادعى الأصول فقط، فرأى توقيف الثمرة بشاهد واحد، وهو الآتي عل ما له في آخر رسم العرية بعد هذا فيمن أدعى دابة، وأقام عليها شاهداً واحداً، فماتت قبل القضاء له باليمين مع الشاهد أنه يحلف، وتكون المصيبة فيها منه؛ لأنه إذا رأى الضمان منه بالشاهد الواحد؛ فالتوقيف والغلة تابعان له. واختلف في الحد يدخل فيه الشيء المستحق في ضمان المستحق، وتكون الغلة له، ويجب التوقيف به على ثلاثة أقوال: أحدهما: أنه لا يدخل في ضمانه، ولا تجب له الغلة حتى يقضي له به، وهو الآتي على قول مالك في الغلة التي هي بيده حتى يقضي بها للطالب؛ فعليه لا يجب توقيف الأصل المستحق توقيفاً يحال بينه وبينه، ولا توقيف غلته، وهو قول ابن القاسم في المدونة: إن الربع الذي لا يحول، ولا يزاول، ولا يوقف مثل ما يحول ويزول، وإنما يوقف وقفاً يمنع فيه من الإحداث. والثاني: أنه يدخل في ضمانه، وتكون له الغلة، ويجب توقيفه، يحال بينه وبينه إذا ثبت له بشاهدين، أو بشاهد وامرأتين، وهو ظاهر قول مالك في الموطأ؛ إذا قال فيه: إن الغلة للمبتاع إلى يوم يثبت الحق، وقول غير ابن القاسم فيها؛ إذ قال: إن التوقيف يجب إذا أثبت المدعي حقه، وكلف المدعي عليه المدفع، وعلى هذا القول جرى عندنا الحكم. والثالث: أنه يدخل في ضمانه، وتجب له الغلة، والتوقيف بشهادة شاهد واحد، وهو الآتي على قول ابن القاسم في رسم العرية في الضمان حسبما ذكرناه. قلت: فمتقضى نقله أن على القول الثاني لا يجب التوقيف بمجرد شهادة شهيدي

عدل، وحكى ابن عبد السلام: الاتفاق على التوقيف بشهادة شاهدين. وأما التوقيف بشهادة شاهد واحد لم تثبت عدالته؛ فنقل ابن الحاجب عن المذهب ثبوته، ولما ذكر ابن عبد السلام الخلاف في التوقيف بشهادة الواحد، قال: وهذا كله في شهادة العدل أو العدلين، وأما من يحتاج إلى تزكية؛ فلا تجب بشهادته حيلولة، وظاهر كلام بعض المتأخرين مثل ظاهر كلام المؤلف في مجهول الحال. قلت: هو ظاهر بعض ألفاظها فيها ما نصه: قال ابن القاسم: ثم يوقف له العبد؛ لأن مالكاً حين قال: يدفع إليه رأيت الوقف له إذا قال الطالب: أنا آتي ببينتي إذا كان قد أثبت بسماع، أو جاء بشاهد، وظاهر ما تقدم من نقل ابن سهل أن لا وقف بالشاهد الواحد إذا لم تثبت عدالته. ابن الحاجب إثر قوله: (أجيب إلى الحيلولة في المشهور به) ما نصه: (ولا يمنع من قبض أجرة العقار). قال ابن عبد السلام: لعله إذا سبق عقد الكراء الخصام، وأما إذا أراد أن يعقد الكراء بعد الشروع في الخصام؛ فلا يبعد ذلك على ظاهر المدونة، وفي كتاب الأحكام خلاف ذلك: أنه يقفل الموضع. قلت: تقدم نقل ابن سهل عن عبيد الله بن يحيي وغيره: العقل بشاهد عدل، وأنه في الدور بالإقفال، وفي الأرض يمنع حرثها، وظاهره: مطلقاً، كانت أكريت قبل ذلك أم لا؟، وما نسبه لظاهر المدونة من إجازة عقد الكراء بعد الشروع في الخصام هو ظاهر ما عزاه ابن رشد لابن القاسم في المدونة. ويجب عندي أن يكون ذلك مقيداً بالمدة التي لا يخشي بقاؤها بعد فصل الخصومة كما تقدم في كراء الوصي ربع يتيمه، وهو ظاهر قول ابن شاس: ولمن هو بيده قبض أجرته إلى حيث ما ينفذ القضاء. اللخمي: روى محمد في العبد أو الجارية يدعيان الحرية، وبينه غائبة، ويريدان أن يمكنا من طلبهما: فليس لهما ذلك إلا أن يأتيا بشبهة بالحق وحميل، وإن أثبتا شاهداً، زادعيا آخر بعيد الغيبة؛ لم يقبل منه، ومكن سيده منه إلا أن يأتي بشاهد آخر، وقال

أيضاً: يحبس ولا يخلي يذهب، ويوكل من يطلب شهوده. وإن كانت جارية وأثبتت شاهداً؛ وقف السيد عنها، وإن كان مأموناً أمر؛ بلكف عنها، وإن كان غير مأمون؛ وقف، ويضرب له أجل الشهرين ونحوهما. وقال أصبغ: إن كانت من الوخش؛ فهي كالعبد يخلي سبيلها، تطلب إذا أتت بحميل، وإن كانت رائعة؛ فلا، وأمرت أن توكل، ويجعل لها السلطان محتسباً. وسمع ابن القاسم في رسم سلف من كتاب الاستحقاق في العبد يدعي الحرية، ويذكر بينة غائبة، والجارية مثل ذلك: لا يقبل قول العبد إلا أن يأتي ببينة، أو أمر يشبه فيه وجه الحق إن أتى بذلك رأيت له ذلك، واستحب في الجارية وقف ربها عنها، وإن كان مأموناً أمر بالكف عنها، وإن كان غير مأمون، وجاءت بأمر قوي في الشهادة؛ رأيت أن توضع في يدي امرأة، ويضرب في ذلك أجل الشهرين والثلاثة مثل الشاهد العدل. ابن رشد: قوله: (لا يقبل قول العبد إلا أ، يأتي ببينة، أو أمر يشبه فيه وجه الحق، فإن أتى بذلك؛ رأيت له ذلك)؛ كلام وقع على غير تحصيل؛ إذ لا يصح أن يقبل قول العبد في دعواه الحرية إلا ببينة عدلة، لا إذا أتى عليه ببينة غير عدلة، أو أمر يشبه فيه وجه الحق، والحكم يفترق في ذلك بين أن يأتي ببينة غير عدلة أو بشاهد عدل، أ، بين أن لا يأتي بمن يشهد له ويشبه قوله، وبين أن لا يأتي بمن يشهد له، ولا يشبه قوله حسبما مصي تحصيله في سماع عبد الملك في الأقضية. قلت: قال فيه ما نصه: إن أدعت الجارية أو العبد الحرية، فإن سميا لذلك سبباً كالشاهد العدل أو الشهود غير العدول؛ وقف السيد عن الجارية، وأمر بالكف عن وطئها إن كان مأموناً، وإن لم يكن مأموناً؛ وضعت على يدي امرأة، وضرب في ذلك أجل الشهرين والثلاثة، قاله مالك. وإن سألت أن ترفع مع سيدها لموضع بينتها؛ فلها ذلك إن قرب الموضع، وإن بعد موضعها؛ فقيل ترفع مع سيدها إليه، قاله أصبغ، وقيل: لا يلزم سيدها رفعه إليه، ويقال له: ضع حميلاً يضمنك، واذهب لموضع بينك، وهو ظاهر قول ابن وهب في

سماع يحيى في رسم الأقضية من كتاب الشهادات: وإن لم يأت بحميل؛ طرح في السجن، ووكل من يقوم بأمره، قاله مالك فيما سأله عنه ابن كنانة لابن غانم، ومعناه: إن أدعى إلى ذلك السيد، وقال: أخشى أن يهرب لادعائه الحرية، وإن لم يسبب لذلك سبباً من بينة، ولم يأتيا بسوي الدعوى، فإن ادعيا لذلك وجهاً يشبه ويعرف؛ كادعائهما أنهما من أهل بلد عرف واليه بالتعسف على أهل ذمة ذلك البلد وبيعه لهم، أو ينتسب إلى قوم معروفين، ويأتي على ذلك بأمارة معروفة، وكان موضع بينتها قريباً؛ أخذ الإمام من ربهما حميلاً ألا يخرج بهما ولا يفربها، ويكتب لهما كتاباً لذلك الموضع، فإن جاء جواب كتابه بما يستوجب به الرفع مع سيده، أو الذهاب بحميل يأخذه منهم بقيمته؛ حكم بذلك، وإن لم يكن لما ادعياه وجه يعرف، والموضع بعيد؛ لم يلزم ربهما شيء. واختلف إن لم يكن لدعواهما وجه، والموضع قريب؛ فقيل: لا يلزم ربهما شيء، وهو دليل قول ابن القاسم في هذه الرواية: إن كان الذي ذكره العبد قريباً على مسيرة اليوم وشبهه؛ فعسى به إن جاء بأمر يعرف، فلعل هذا يكتب له؛ يريد: يؤخذ من سيده حميل، وقول ابن الماجشون: وقيل: يكتب لهما، ويتخذ على سيدهما حميل أن لا يفوتهما، قاله عيسى في كتاب الجدار، وإن كان لما ادعيا وجه، والموضع بعيد؛ فقيل: لا يلزم السيد شيء، وهو دليل هذه الرواية؛ لأنه لم ير أن يكتب له غلا قرب الموضع، وأتى بأمر يعرف، وقال ابن حبيب عن مطرف وأصبغ: يكتب لهما، ويؤخذ من سيدهما حميل بهما. والنظر: إن أخذ من العبد حميل بقيمته، فذهب لمحل بينته، فهرب، أو مات بالطريق، أو قتل، أو حدث به عيب، ولم تصح دعواه من شيء ما الحكم في ذلك؟ والذي أراه على ما يوجبه النظر، والقياس أن يضمن الحميل قيمته إن أبق، أو قتل، وما حدث به من عيوب بسبب سفره، ولا شيء عليه مما حدث بغير سبب سفره، ولا في موته إن مات. قال ابن الحاجب: وتحال الأمة، وإن لم تطلب، إلا أ، يكون مأموناً عليها، وقيل:

تحال الرائعة مطلقاً. ابن عبد السلام: يعني: أن من بيده أمة، فنوزع فيها، وشهد عليه شاهد كما تقدم وينبغي إن كان مكذباً لمن شهد لخصمه؛ أن يحال بينهما. قلت: فظاهره: أنه حمل المسألة على أن الأمة أدعى مدع ملكها، لا أنها أدعت الحرية، ولا أعرف المسألة إلا من الموازية والعتبية، وهي فيهما في دعوى الحرية حسبما ذكرناه، وهو ظاهر قول ابن الحاجب: (وإن لم تطلب). ولو كانت الدعوى لمن يدعى ملكها؛ لم تجب الحيلولة إلا بطلبة، هذا تحقيق النقل، وإن كان لا فرق في ذلك بين العتق وغيره. وفيها: إن كانت الدعوى فيما يفسد من اللحم، ورطب الفواكه، وأقام شاهداً واحداً أو أثبت لطخاً، وقال: لي بينة ما لم يخف الفساد على ذلك الذي أدعى واستؤني، فإن أحضر ما ينتفع به، وإلا خلي بين المدعي عليه، وبين متاعه إن كان هو البائع، ونهي المستري أن يعرض له، وإن كان أقام شاهدين، فكان القاضي ينظر في تعديلهما، وخاف عليه الفساد؛ أمر ببيعه، وأخذ من المشتري الثمن الذي شهدت به البينة؛ قضي للمشتري بالثمن إن كان هو المدعي، وأخذ من المشتري الثمن الذي شهدت به البينة يدفع للبائع، كان أقل أو أكثر، ويقال للبائع: أنت أعلم بما زاد ثمن المشتري الذي جحدته البيع على ثمن سلعتك، وإن لم تزك البينة على الشراء؛ دفع القاضي الثمن للبائع، فإن ضاع الثمن قبل القضاء به لأحدهما؛ كان ممن يقضي به له. عياض: قوله في توقيف ما يسرع إليه الفساد إذا قال المدعي: عندي شاهد واحد، ولا أحلف معه؛ أنه يؤجله ما لم يخف عليه الفساد، وإلا خلي بين المدعي عليه وبين متاعه. معنى قوله: (وبل أحلف معه)؛ أي: البتة، ولو أراد: لا أحلف معه الآن؛ لأني أرجو شاهداً آخر، فإن وجدته، وإلا حلفت مع شاهدي؛ بيه حينئذ، ووقف ثمنه إن خشي فساده، وليس هذا بأضعف من شاهدين يطلب تعديلهما، فقد جعله يبيعه هنا،

ونحن على شك من تعديلهما، وهو إن لم يثبت؛ بطل الحق، وشاهد واحد في الأول ثابت بكل حال، والحلف معه ممكن إن لم يجد آخر، ويثبت الحق؛ فحاصله إن لم يقم المدعي إلا لطخاً قاصراً عن شاهد عدل، وعن شهيدين ممكن تعديلهما؛ وقف المدعي فيه ما لم يخش فساده، فإن خشي فساده؛ خلي بينه وبين المدعي عليه، وكذا إن أقام شاهداً عدلاً، وقال: لا أحلف معه بوجه، وإن قال: أحلف معه أو أتي بشاهدين؛ ينظر في تعديلهما بيع ووقف ثمنه حسبما ذكره في الأم. ومثل ما ذكره عياض عن المذهب ذكر أبو حفص العطار، وزاد: إن كان أتى الطالب بشاهد واحد ولم يزكه، وهو قابل للتزكية؛ فهو كقيام شهيدين؛ ينظر في تزكيتهما، يباع المدعي فيه لخوف فساده، ونقل أبو إبراهيم قول عياض ولم يتعقبه. وقال ابن الحاجب: (وما يفسد من طعام وغيره، قالوا: يباع وبوقف ثمنه إن كان شاهدان، ويستحلف ويخلي إن كان شاهد)، ف 1 كره ابن هارون فقبله، ولم يزد فيها حرفاً. وقال ابن عبد السلام: تبرأ المؤلف من هذا القسم بقوله: (قالوا)؛ لأنهم مكنوا من الطعام بيده بعد قيام شاهد عليه، ولم يمكنوه منه إن قام عليه شاهدان؛ بل قالوا: يباع ويوقف ثمنه، ومن المعلوم أن شاهداً واحداً أضعف من شاهدين، قال: فإن قلت: لأجل أنه أضعف منهما؛ أبقوا الطعام بيد المدعي عليه، وألغوا أثر شهادة الشاهد. قلت: لو كان هذا صحيحاً؛ لزم مثله فيما لا يخشى فساده أن يحلف من هو بيده، ويترك يفعل فيه ما أحب، غير أنه يمكن أن يجاب عن أهل المذهب بأن ما يخشى فساده؛ تعذر القضاء بعينه لمدعيه؛ لما يخشى من فساده قبل ثبوت دعواه، فلم يبق إلا النزاع في ثمنه، فهو إذن كدين على من هو بيده، فيمكن منه بعد أن يحلف؛ ليسقط حق المدعي في تعجيله، ولا يقال: يلزم مثله فيما قام عليه شاهدان؛ لأن حق المدعي فيه أقوى من حق المدعي عليه. قلت: حاصل كلامه: أن المذهب عنده هو ما نصه ابن الحاجب، وأشار إلى التبري منه، وهو أن الشاهد الواحد فيما يخشى فساده يوجب عدم تمامه حين خوف فساد

المدعى فيه بتسليمه للمدعي عليه دون بيعه، وإن عدم تمام شهادة الشاهدين حينئذ لا يوجب ذلك؛ بل يوجب بيعه، ووقف ثمنه. ومن تأمل كلام عياض وأبي حفص العطار مراعياً أصول المذهب؛ علم أن ما فهمه الشيخ عن المذهب، وفسر به كلام ابن الحاجب، وما أشار إليه من التبري غير صحيح، وظاهر كلام الشيخ عموم ذلك في الشاهد العدل، والمنظور في عدالته، وظاهر عطف ابن الحاجب الشاهد على الشاهدين أنه منظور في عدالته، وقول ابن عبد السلام في سؤاله وجوابه. قلت: لو كان هذا صحيحاً؛ لزم فيما لا يخشى فساده واضح رده بأن الحكم المذكور؛ وهو تسليمه للمدعي عليه، أو بيعه ووقف ثمنه؛ معلل في كل الروايات بخوف فساده حين عدم تمام حجة المدعي عدماً لا يوجب تعجيزه، وهذه العلة مفقودة فيما لا يخشى فساده، وقوله: غير أنه يمكن أن يجاب الخ؛ هو بناء على فهمه المذهب بالتفرقة بين الشاهد الواحد والشاهدين، وتقدم رده، وعلى تسليمه يرد جوابه بأن اللازم حينئذ كونه كدين على من هو بيده، وهذا إنما يوجب عدم بيعه عليه لا الزيادة الثابتة في رواية المدونة، وهي قوله: ونهي المشتري أن يتعرض له؛ لأن ظاهرها: أنه لا يعرض له مطلقاً، لا فيعين المدعي فيه، ولا تعلقه بذمته، ولو بقيت دعواه في ثمنه؛ لوقف ثمنه، ولاسيما إن كان المدعي عليه غير ملي ثمنه، وموجب كلام الشيخ بما كتبه عدم وقوفه على كلام عياض، والله أعلم بمن اهتدى. ابن شاس: تقبل شهادة الأصم في الأفعال، وهو نحو قول المازري عن المذهب: تجوز شهادة البصير فيما يصح أن يعلمه البصير. وفي الزاهي لابن شعبان: شهادة الأخرس جائزة إذا عرفت إشارته، يكرر عليه حتى يستيقن، وإن كان يكتب؛ فالاختيار أن يكتب. قلت: وقبول شهادته كصحة عقد نكاحه، وثبوت طلاقه وقذفه وكلاهما فيها. وشهادة الأعمى بما تيقنه بما هو مسموع فيها مع غيرها؛ قبولها، وهو نص سماع ابن القاسم احتجاج مالك بقوله: وكان ابن أن مكتوم أعمى إماماً مؤذناً على عهد

رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال مالك: وكذا رجل يشهد على المرأة من وراء الستر، وعرفها وعرف صوتها، وأثبتها قبل ذلك، وكان الناس يدخلون على أزواجه صلى الله عليه وسلم بعد موته وبينهم وبينهن حجاب يسمعون منهن ويتحدثون عنهن. ابن رشد: مثله في اللعان منها، وهو مما لا اختلاف فيه في المذهب، وما احتج به مالك صحيح لا خروج لأحد عنه. وقال ربيعة: لو لم تجز شهادته ما جاز له وطء أمته، ولا زوجته. قال المغيرة: سواء ولد أعمى أو لا، ونحوه للمازري. وقال المتيطي في فصل صفة من يستحق القضاء ما نصه: واختلف في استقضاء الأعمى، فقال مالك في موضع: لا يجوز أن يستقضي، وفي الأحكام السلطانية جواز قضائه، والمشهور عن مالك جواز قضائه، وحكي أبو عبيد من رواية ابن أبي مريم عن مالك منع شهادته، كذا وقع في غير نسخة منع شهادته التي هي قسيمة الرواية لا منع قضائه المتكلم فيه، وفي النفس من هذا النقل شيء؛ لأن المتيطي لما تعرض لذكر شهادته لم يحك إلا جوازها، واستدلال مالك على ذلك. وفي الأقضية منها: وإذا عرف الشاهد خطه في كتاب فيه شهادته؛ فلا يشهد حتى يذكر الشهادة ويوقن بها، ولكن يؤديها كما علم، ثم لا تنفع الطالب. ابن رشد في رسم الشجرة من سماع ابن القاسم من الشهادات: وأما شهادة الشاهد على خطه إذا لم يذكر الشهادة، فقال مالك: أول زمانه يشهد إن كان الكتاب نقياً، ولا يجد فيه ما يريبه، ثم رجع فقال: لا يشهد، وإن عرف خطه حتى يذكر الشهادة أو بعضها أو ما يدله على حقيقتها، وينفي التهمة عنها؛ فأخذ بالأول عامة أصحابه الأخوان، والمغيرة وابن أبي حازم وابن دينار وابن وهب، واختاره ابن حبيب وسحنون في نوازله. قال مطرف: وعليه جماعة الناس، قال مع ابن الماجشون: وليقم بالشهادة تامة بأن يقول ما فيه حق، وإن لم يحفظ مما في الكتاب عدداً ولا مقعداً، ولا يعلم السلطان بأنه لم يعرف عين خطه، فإن أعلمه بذلك، وأنه لم يسترب في شيء لزم الحاكم ردها.

وروى ابن وهب أنه إن قال: هذا كتابي، ولا أنكر الشهادة أنه يحكم بها، وأخذ ابن القاسم وأصبغ بقول مالك الثاني لا يشهد، وإن عرف خطه حتى يذكر الشهادة، واختلف على هذا الفول، ففيها يؤديها كما علم، ولا تنفع، وهذا يدل على تصويب المجتهدين. وقال محمد: لا يؤديها؛ وهو القياس على القول بأن المجتهد قد يخطئ الحق عند الله، وإن لم يقصر في اجتهاده، واختلف كيف يؤديها؛ فقيل: يقول: هذه شهادتي بخط يدي، ولا أذكرها. وفي رسم الأقضية الثالث من سماع أشهب أنه يقول: أرى كتاباً، وأظنه إياه، ولست أذكر شهادتي، ولا متى كتبتها، وعلى معنى هذا الاختلاف اختلافهم في الشهادة على خط المقر، ثم قال: حاصل المذهب فيها خمسة؛ الأول: جوازها والحكم بها، والثاني: لغوها، فلا يؤديها، والثالث: غير جائزة إلا أ، هـ يؤديها، ولا يحكم بها، والرابع: إن كانت في كاغد؛ لم يجز له أن يشهد، وإن كانت في رق؛ جاز له إن يشهد؛ يريد: إن كانت الشهادة في بطن الرق لا على ظهره؛ لأن البشر في ظهر الرق أخفى منه بخطه إلا لشهادة؛ لم يجز، حكي هذين القولين ابن حارث، ولسحنون في نوازله جميع أصحاب مالك يجيزونها إن كان هو خط الكتاب، وكتب شهادته، وهذه التفرقة استحسان؛ والقياس أ، لا فرق بين كون كل الكتاب بخطه، أو شهادته فقط على المعنى الذي ذكرناه في الخط هل هو رسم يدرك بحاسة البصر أم لا؟ قلت: يرد حكمه بعدم التفرقة بأن يكون الكتاب بخطه من نفي الشكوك في كون شهادته بخطه ما ليس بمجرد كون الشهادة فقط بخطه؛ لأن محاكاة الكاتب خط غيره في القليل تحصل له، ولا تحصل له في الكثير، والعلم بذلك كالضرورة، وأول لفظ المازري يدل على موافقته. ابن رشد: في عدم التفرقة، وآخره يدل على ما قلناه من التفرقة، ووجه آخر: وهو التحيل بإلصاق محل شهادة الشاهد بمكتوب غير ما شهد به، وأخبرنا شيخنا أبو عبد

الله بن سلمة في هذا المعنى عن بعض مشاهير عدول تونس، وهو أبو عبد الله بن الفواد، كانت له دراية بفقه الوثيقة وكتبها، وكان يدرس العربية، ومع ذلك وقفه عن الشهادة القاضي أبو عبد الله بن يعقوب، وارتحل إلى المشرف، ثم قدم، فدخل عليه، واعتذر له عن ما نسب إليه من سبب وقفه، فأجابه القاضي ابن يعقوب على ما أخبرني شيخنا أبو عبد الله بن الحباب بما لا يمكن كتبه، فأيس منه، وارتحل ثانية إلى المشرق، ثم قدم بعد انصراف ابن يعقوب، فأعيد لشهادته، وكان أحد شهود الديوان في أوائل هذا القرن الثامن، وولي مدة يسيرة قضاء الأنكحة بتونس أنه أتاه طالب بوثيقة بمال له بال على رجل أنكره، وأنكر الشهادة عليه، فطلب منه رفع شهادته في الوثيقة، فنظرها، فتحقق أن شهادته بخطه، وتذكر موطنها، وأنه شهد على ذلك الرجل، وكان ممن لا يجهل، فلم يذكر ذلك، وعرضت له حيرة بتعارض حالتي تيقنه خطه، وتيقنه عدم تقدم شهادته على الرجل المذكور، فكانت الوثيقة بيده، وهو يتأمل، ويتذكر في بيته، فعرضت له حاجة أخرجته من بيته، وهي في يده، فأتفق أن نظرها ويده بها مرفوعة أعلا وجهه وهو في ضوء الشمس، فوقع بصره على شبهة في كاغد الوثيقة، فتأمله لضوء الشمس؛ فوجد محل شهادته في الكاغد ألصق إلصاقاً خفياً بكاتب كتب فيه ذكر الحق على المطلوب، فانكشف غمه، وفطن دافع الوثيقة له ففر، وكانت القضاة ببلدنا ينفون من ظهر عليه الضرب على الخطوط بعد تأديبه بحسب اجتهادهم إلى بلاد المشرق، فبعث فقهاء المشرق إليهم بالتعقب ليهم في ذلك، وقالوا: أنتم في فعلكم هذا كمن أراح نفسه من معتد في محله بإرساله على غيره من المسلمين، فأجابوهم بأن النفي لا قدرة له على الضرب على خطوط من وصل إليهم؛ لعدم ممارسته خطوطهم. قلت: وعزو ابن رشد القول الرابع لابن حارث لم أجده بنصه؛ بل نصه: وقول خامس: أنه إن كان كاغداً أو قرطاساً؛ لم تجز، وقال عقب ذكره رواية ابن وهب: إنه إن عرف خطه؛ فليشهد، وجميع هذا على أن الشاهد ممن يعرف المشهود عليه بالعين والاسم قبل تاريخ الكتاب معرفة صحيحة، ويعرف من نفسه التثبت في إيقاع الشهادة، ثم ذكر تلقيه الخمسة الأقوال من بعض من ذاكره من المالكيين، وتفرقة ابن رشد بين

باطن الرق وظاهره بأنها في ظاهره أخفى الأظهر عكسه؛ فتأمله، وحمله ابن زرقون على ظاهره دون تفرقة، قال ما نصه: وحكي ابن حارث قولاً رابعاً: إن كان في كاغد؛ لم يجز أن يشهد بها، وإن كان في رق؛ جاز. وقال الباجي: قال ابن نافع: إن لم يعرف عدد المال، عرف الإمام بذلك، وما أراه ينفعه، وروى ابن وهب في العتيبه: يقضي بشهادته، وإن لم يشهد عنده على عدد المال. وروى ابن القاسم: إن لم يعرف عدد المال؛ ردت شهادته، وإن ذكر أنه أشهد مع معرفة خطه، وهذا الخلاف عندي إنما هو فيمن يقضى بشهادته، وأن ذكر أنه شهد مع معرفة قيد شهادته باسترعاء على معرفته بمال وغيره ثم نسي، ولأبي زيد عن ابن القاسم إن عرف خطه، وأثبت من أشهده إلا أنه لا يذكر أنها التي في هذا الكتاب لا يشهد حتى يذكر ما في الكتاب جرفاً جرفاً، وهذا يدل على أنه عقد استرعاء، وأما ما أشهد فيه من العقود، فقد تقدم أنه لا يلزمه تصفحه ولا قراءته، ولا يتصفح منه إلا موضع التقييد؛ ولذا يشهد على الحكام بالسجلات المطولة، ولا تقرأ، وإذا لم تلزمه قراءته حين تقييد الشهادة؛ لا يلزمه ذلك حين الأداء أولى. قلت في نوازل سحنون: روى ابن وهب: من عرف خط يده في شهادة؛ ذكر حق، ولم يثبت عدد المال إن استيقن أنه خط يده، وكان لا يثبت عدد المال؛ فليشهد عليه، ويقضي به القاضي، وإن لم يشهد عنده على عدة المال. ابن رشد: قوله: يشهد إذا استيقن أنه خط يده، وإن لم يثبت عنده المال خلاف سماع أبي زيد: أنه لا يشهد، وإن استيقن خطه، وذكر أن فلاناً أشهده في أمر دار حتى يذكر شهادته، وتيقنها حفاً بحرف، وهذا الاختلاف إنما هو إن وضع شهادته على معرفته في عقد استرعاء، أو أشهده أحد على نفسه بمال، أو شهادة فيها مال، وحق غير مال، فقيد شهادته بخط يده بما أشهد عليه واستحفظ، فلما دعي لأداء الشهادة عرف خط يده واستيقنه، ولم يذكر الشهادة؛ لنسيانه لها بعد ذكره إياها، فوجه القول بأنه يشهد تيقنه صحة الشهادة؛ لمعرفته خط يده، وأنه لم يضع شهادته وقت وضعه إلا وهو عالم بها، ووجه القول: أنه لا يشهد بها؛ أنه غير ذاكر لها وقت أدائها، وأما ما شهد عليه

الشاهد من عقود البياعات والإقرارات؛ فليس على الشاهد أن يقرأها، ولا يحفظ ما فيها، وحسبه أن يتصفح منها عقد الإشهاد، فيجوز له أن يؤدي شهادته على ما أشهد عليه، وإن لم يعرف ما في الكتاب، ولا عدد المال إذا عرف المشهدين له على أنفسهم. قال ابن دحون: فإن عرف الشاهد عين المشهود عليه، ولم يعرف عين المشهود له؛ فلا يشهد غلا أن يبين، وإن لم يعرفهما معاً؛ فلا يشهد. قال ابن رشد: وكذا إذا عرف المشهود له، ولم يعرف المشهود عليه؛ لا يشهد البتة. قلت: قوله مع الباجي وغيره: إنه لا يلزم الشاهد قراءة كل الوثيقة خلاف عمل محققي شيوخنا على لزوم قراءتها؛ خوف أن يكون في الوثيقة عقد فاسد، أو مشروط فيه ما يفسده، وما ظنه الشاهد صحيحاً، وهو غير تام؛ كهبته لابنه الصغير دار سكناه ونحو ذلك، أو ما فيه تلبيس على حكام المسلمين، قال بعض من لقيناه: إلا أن يعلم الشاهد بقارئن الأحوال أن ما يشهد به قد برمه والتزمه؛ فلا تلزم قراءتها؛ لأنه أمر قد وقع، فيشهد به؛ لينفذ فيه حكم الله سبحانه، وأدب ملبسه، وتقدم من هذا شيء في آخر الأقضية، وتقدم إجراء القولين في رفعها مع عدم الحكم بها على كون كل مجتهد مصيب أو لا. وقال اللخمي: منع مرة رفعها؛ خوف أن يقضي بها؛ فيكون معيناً على ما لا يراه صواباً، وقال مرة: يرفعها؛ للاختلاف فيها، ولأنه لا يجوز أن يحكم بذلك على المشهود له؛ لأنه لم يستفته ولم يحكمه، ومثله من حلف بالطلاق، وكان في حنثه اختلاف فسأل الزوج والحكم عند المفتي أن لا حنث عليه؛ جاز له على القول الأول أن يفتيه بجواز الإصابة، وعلى القول الآخر لا يجوز له ذلك إلا أن يجتمع الزوجان على تقليده، وإلا كان حكماً على الزوجة وهي لم تقلده، وكذا لو استفت الزوجة من يرى حتثه؛ جاز له أن يفتيها على القول الأول بالهروب منه، ولا يجوز ذلك على القول الآخر، إلا أن يكون اختلافاً شاذاً منافياً للأصول؛ فيجوز له دون رضي الآخر. قلت: تخريجه عدم الفتوى بعدم الحنث؛ لتعلقها بآخر لم تستفته على القول بلزوم الرفع؛ لأن عدمه متعلق بمن لم يستفته؛ يرد بجواز كونه لذلك مع رجاء حكم الحاكم

له بالمشهود به لاستلزام الرفع؛ نظر الحاكم في ذلك، وعدم استلزام الفتوى بعدم الحنث نظر مفت آخر، فتأمله، قال: ورواية الأخوين في الشهادة على معرفة خطه أحسن، ومحمل قول مالك على ما كانوا عليه من الحفظ كان كثير منهم لا كتب له، قال مالك: حدثني ابن شهاب بأربعين حديثاً حفظتها إلا ثلاثة أحاديث، فسألته أن يعيدها علي فأبى، قلت له: أما كان يعاد عليك الحديث؟ قال: لا، ولو وكل الناس إلى حفظ الشهادات؛ لم يؤد أحد شهادة، وتعطلت الحقوق، والضرب على الخط نادر. قلت: قوله: (ولو وكل الناس ... الخ)؛ يدل على أن حفظهم الأحاديث المذكور عدها؛ إنما كان بالمعنى لا باللفظ، وإلا لما صح استدلاله به ذكر الشاهد شهادته. وسمع ابن القاسم: الشهادة على خط رجل بحق عليه؛ كالشهادة بإقرار به. ابن رشد: سواء كتب شهادته على نفسه في ذكر الحق، أو كتب ذكر الحق على نفسه بيده، فقال: لفلان على كذا وكذا، ولم يكتب شهادته، والشهادة على خط المقر؛ كالشهادة على إقراره. قلت: قول ابن رشد: (سواء كتب شهادته على نفسه ...) إلى قوله: (ولم يكتب شهادته) خلاف ما حكي ابن عات في طرره. قال في المجالس: إن كتب الوثيقة بخطه وشهادته فيها؛ نفذت؛ لأنه قليل ما يضرب على جميع ذلك، وإن لم يذكر شهادته فيها لم تقبل؛ لأنه ربما كتب، ثم لم يتم الأمر، وإن قال: لفلان عندي، أو قبلي بخط يده؛ قضي عليه، وإن كتب لفلان على فلان إلى آخر الوثيقة وشهادته فيها؛ لم تجز إلا ببينة سواه؛ لأنه أخرجها مخرج الوثائق، وجرت مجرى الحقوق، ولم تجز الشهادة فيها على خطه. قال ابن رشد: وإن شهد على خطه شاهد واحد؛ كانت مع شهادته اليمين، لم يختلف فيها قول مالك، ولا أحد من أصحابه، إلا ما روي عن ابن عبد الحكم: أنه لا تجوز على الخط، مجملاً لم يخص موضعاً دون موضع، ونزلت أيام ابن لبابة، فأفتى فيها كل معاصريه بإعمالها، وقال هو: لا تجوز، وحكاه عن رواية ابن نافع، وفي المبسوطة لابن نافع، وروايته: إنها جائزة؛ كالمعلوم من مذهب مالك خلاف ما حكى ابن لبابة،

فأرى حكايته غلطاً، وإنما اختلف إذا كتب شهادته في ذكر حق على أبيه، ثم مات أبوه، وهو وارثه، فطلبه رب الحق بذكر الحق على أبيه، فأقر بالشهادة، وزعم أنه كتبها على غير حق، وأنكرها، فشهد على خطه، ففي القضاء عليه بذلك الحق قولا ابن حبيب مع أصبغ، ومطرف وابن الماجشون؛ بناء على اعتبار مآلها أو ابتدائها. قلت: في تمسك ابن لبابة برواية ابن نافع غير معزوة لكتاب، وتغليطه ابن رشد نظر؛ لشهرة محل نقل الخلاف في ذلك في الجلاب من أنكر ما ادعى عليه، فشهد على خطه دون لفظه؛ ففي الحكم عليه بالشهادة على خطه روايتان، وعلى الحكم بها، ففي كونه مع يمينه أو دونها روايتان، وإن شهد شاهد واحد على خطه؛ ففي الحكم بشهادته مع يمينه، ولغو الحكم بها روايتان. المازري: تعقب نقل الجلاب بالافتقار في ذلك إلى اليمين؛ لأن مذهب فقهاء الأمصار: أنه لا يستحلف طالب الحق مع إقامته شاهدين به، خلاف قول ابن أبي ليلى، وعلي رضي الله عنه، ثم ذكر جواب بعض أشياخه بما حاصله أن القولين بناء على أن الشهادة على خطه؛ دليل على إقراره؛ فلا يفتقر ليمين، أو كنقل شهادة من شاهد على إقراره؛ لأن خطه دليل على إقراره× فلا يفتقر ليمين، أو كنقل شهادة من شاهد على إقراره؛ لأن خطه دليل إقراره، فصار كشاهد على إقراره، فيفتقر مع ثبوت النقل عنه إلى اليمين، وعليهما يتقرر قبول شاهد واحد على خطه ولغوه للغو نقل واحد عن واحد. المتيطي: روى أشهب: أن الخط يضرب عليه، وقول ابن القاسم في معرفة الخط ومعرفة الشهود له؛ كمعرفة الشهود للثياب والدواب، وسائر الأشياء، قال بعض الشيوخ: وهذا يدل على أن الشهادة على الخط إنما تكون على القطع. وفي كتاب القراوي: إنها في ذلك إنما تكون على العلم. قلت: مغايرته بين القطع والعلم يدل على أن مراده بالعلم الظن، قال: ولم يزل ابن لبابة على منع الشهادة على الخط إلى أن توفي، وحكي بعض الثقات عنه أنه قال: أول شيء أحدث من جهة الخط قتل عثمان، وقول ابن لبابة قاله قبله الأخوان، ذكره عنهما

يحيى بن إسحاق في مبسوطته. قلت: هذا خلاف تغليط ابن رشد ابن لبابة المتقدم، وما نسبه لحكاية بعض الثقات هو نقل ابن سهل عن ابن الماجشون في غير الواضحة: الشهادة على الخط باطلة، وما قتل عثمان بن عفان إلا على الخط، وما رمي به عنه، وكتب عليه. وعلى معروف المذهب في الشهادة على خط المقر قال المازري: نزل سؤال منذ نيف ولخمسين سنة، وشيوخ أهل الفتوى متوافرون، وهو أن رجلين غريبين ادعى أحدهما على صاحبه بمال جليل، فأنكره، فأخرج المدعي كتاباً فيه إقرار المدعى عليه، فأنكر كونه خطه، ولم يوجد من يشهد عليه، فطلب المدعي كتبه، فأفتى شيخنا عبد الحميد بأنه لا يجبر على ذلك. وأفتى شيخنا أبو الحسن اللخمي: أنه يجبر على ذلك، وعلى أن يطول في ذلك تطويلاً لا يمكن فيه أن يستعمل خطا غير خطه، ثم اجتمعت بعد ذلك بالشيخ أبي الحسن، وأخذ معي في إنكار ما أفتى به صاحبه الشيخ أبو محمد عبد الحميد، فقلت له: احتج هذا بأن هذا كإلزام المدعي عليه ببينة بقيمها لخصمه عليه، وهذا لا يلزمه، فأنكر على هذا، وقال: إن البينة لو أتى بها المدعي عليه: شهدت علي بالزور؛ فلا يلزمه أن يسعى فيما يعتقد بطلانه، والذي يكتب خطه؛ ليعلم أن ما ادعى المدعي إلا حقا. قلت: الأظهر ما قاله الشيخ عبد الحميد، ومقتضى قوله وظاهر سياقه. المازري: إنه لو شهدت بينة عدلة على مكتوب بشيء ما لا يحق المدعي أنه بخط المدعي عليه، وهو مماثل لخط الكتاب الذي قام به المدعي أنه يثبت لذلك للمدعي دعواه. وفيه نظر؛ لأنه لا يحصل للشاهد المدرك الممائثلة بين الخطين ظن كون الخط الذي قام به المدعي أنه خط المدعي عليه بمجرد إدراكه المماثلة مرة واحدة، ولا يحصل إدراك كون الخط خط فلان إلا بتكرار رؤية وضعه أو سماع مفيد للعلم بأنه خطه حسبما أذكره في الشهادة على خط الغائب إن شاء الله تعالى.

وسمع أشهب: من كتب لها زوجها بطلاقها مع من لا شهادة له، فوجدت من يشهد أن هذا خط زوجها، فقال: إن وجدت من يشهد لها على ذلك نفعها. ابن رشد: مثله في مختصر ابن عبد الحكم، ولابن حبيب عن الأخوين وأصبغ: أن الشهادة على الخط لا تجوز في طلاق، ولا عتق، ولا نكاح، ولا حد، ولا في كتاب قاض بالحكم، ولا تجوز إلا فيما هو مال خاصة، وما لا تجوز فيه شهادة النساء، ولا الشاهد واليمين لا تجوز فيه الشهادة على الخط، وحيث يجوز هذا يجوز هذا، فكان يمضي لنا عند من أدركنا من الشيوخ أن ما ذكره ابن حبيب عن من ذكر، وهو مذهب مالك لا خلاف فيه، وأن معنى ما في السماع، ومختصر ابن عبد الحكم: نفعها ذلك أنه لا يكون لها شبهة توجب لها اليمين على الزوج أنه ما طلق. والذي أقوله: إن معنى ما حكاه ابن حبيب عن من ذكر؛ إنما هو أن الشهادة لا تجوز على خط الشاهد في طلاق، ولا عتق، ولا نكاح أنه لا تجوز على خط الشاهد أنه طلق، أو أعتق، أو أنكح؛ بل هي جائزة على خطه بذلك، كما تجوز على خطه بالإقرار بالمال، وذلك بين من قوله، ولا تجوز إلا فيما كان مالاً من الأموال إلى آخره. قوله: فالصواب أن يحمل قول مالك: (نفعها ذلك) على ظاهره من الحكم لها بطلاقه إذا شهد على خطه عدلان، وذلك إذا كان الخط بإقراره على نفسه أنه طلق زوجته مثل أن يكتب لرجل يعلمه أنه طلق زوجته، أو لزوجته بذلك على هذا الوجه، وإن كان الكتاب إنما هو بطلاقة إياها ابتداء؛ فلا يحكم عليه به إلا أن يقر أنه كتبه مجمعاً على الطلاق، وفي قبول قوله أنه كتب غيره مجمع على الطلاق بعد أن أنكر أن يكون كتبه اختلاف ابن زرقون. حكي ابن سهل في أحكامه أن ابن الطلاع قال: الأصل من قول مالك وأكثر أصحابه جواز الشهادة على الخط في الحقوق، والطلاق، والأحباس وغيرها، إلا أن الذي جرى به عمل الشيوخ أن تجوز في الأحباس، وما يتعلق بها، ثم ذكر ما ذكره ابن رشد عن ابن حبيب، وما كان يمضي لابن رشد عند من أدرك من الشيوخ، ونقل اختيار ابن رشد بلفظ: وعندي أن كلام ابن حبيب إنما هو في الشهادة على خط الشاهد،

لا خط المقر؛ بل هي جائزة على خطه أنه طلق، أو أ'تق، أو نكح إلى آخر ما تقدم من كلامه. قلت: ظاهر قوله: (وعندي أنه اختص بذلك دون غيره من الشيوخ، وما أضافه لنفسه) هو ظاهر فهم الباجي قبله، قال ما نصه: قال مطرف وابن الماجشون: إنما تجوز الشهادة على خط الشاهد في الأموال خاصة حيث اليمين مع الشاهد، وقاله أصبغ، قال: وأما الشهادة على خط الشاهد الميت أو الغائب؛ فلم يختلف في الأمهات المشهور قول مالك في إجازتها وإعمالها، وروي عنه أنها لا تجوز، وقاله محمد محتجاً بأنها كالشهادة على شهادته إذا سمعها منه، ولم يشهده عليها؛ إذ قد يكتب شهادته بما لا يتقلد شهادته بها، وأما إذا دعي إليها استراب فيها. قلت: ظاهر قوله في الأمهات المشهور: أن المشهور إعمالها. وقال الباجي: مشهور قول مالك: لا تجوز الشهادة على خط الشاهد رواه محمد واختاره. وروى ابن القاسم، وابن وهب في العتيبة والموازية إجازتها، وقاله سحنون. وقال أصبغ: هي قوية في الحكم. زاد المتيطي عنه: ولا يعجل في الحكم بها في غيبته وليثبت. اللخمي: الشهادة على خط الشاهد لغيبته أو موته صحيحة على الصحيح من القولين؛ لأنها ضرورة. وقال الازري: قياس محمد الشهادة على خط الشاهد على سماعه يذكر شهادته، لا شك أن الشهادة على خطه أقوى من شهادة السماع التي أشار إليها؛ لكون الشاهد يسترسل في ذكر شهادته إذا لم يعلم أنه يقضى به، ولم يأذن في النقل عنها فإذا أذن في النقل عنه؛ لم يصح استرساله، وكذا من كتب خطه للتوثق به للمشهود له على المشهود عليه، والقولان في الشهادة على الخط؛ كالقوانين في صحة نقل الشهادة إذا سمعها الناقل من الشاهد، وهو يؤديها إلى القاضي دون إذنه في النقل عنه. قلت: لا يلزم من لغوها في النقل لغوها في الخط للضرورة حسبما أشار

إليه اللخمي. وقول المازري: إذا أضاف الشهود لكتب شهادتهم الإذن في النقل عنهم استقل الحكم بالنقل عنهم تعويلاً على خطوطهم، ولم يذكر خلاف عندنا في هذا. ظاهره: أن نفي الخلاف راجع للنقل لا للشهادة على الخط، وقول ابن عبد السلام عن بعضهم لو كتب مع ذلك الإذن في النقل عنه ما اختلف في قبول الشهادة على الشهادة إن أراد به، المازري: فليس هذا مدلول لفظه، فتأمله. ابن رشد: قول ابن زرب: لا تجوز الشهادة على خط الشاهد حتى يعرف أم المشهور على خطه كان يعرف من أشهده معرفة العين؛ صحيح لا ينبغي أن يختلف فيه؛ لما تساهل الناس فيه من وصع شهاداتهم على من لا يعرفون. قلت: وعزو ابن الحاجب هذا الكلام للباجي وهم؛ لعدم وجدانه له، وثبوته لابن رشد. قال: واختلف في حد الغيبة التي تجوز فيها الشهادة على خط الشاهد عند مجيزها. فقال: ابن الماجشون: حد ذلك ما تقضي فيه الصلاة. ابن سحنون عنه: الغيبة البعيدة، ولم يحد قدرها. ولابن مزين عن أصبغ: هو مثل إفريقية من مصر، ومكة من العراق، ونحو ذلك، والذي جرى به العمل عندنا على ما اختاره الشيوخ إجازتها في الأحباس، وشبهها مما هو حق لله، وليس بحد. ابن رشد: فالشهادة على الخط ثلاثة: شهادة على خط المقر، وهي أقواها، ويليها الشهادة على خط الشاهد، ويليها الشهادة على خط نفسه، وهي أضعفها، من لم يجزها على أقواها؛ لم يجزها على الباقيين، ومن أجازها على أضعفها؛ أجازها على الجميع، ففي صحتها في الجميع، ثالثها: على خط المقر فقط، ورابعها: وعلى خط الشاهد. قال ابن الحاجب: وأما الثالث: فقال: إن لم يكن محو ولا ريبة؛ فليشهد. قال مطرف: ثم رجع فقال: لا يشهد حتى يذكر بعضها. ابن عبد السلام: ظاهره: أنه إن عرف خطه، وذكر بعض ما فيه أنه يشهد ولا

يختلف في ذلك، وظاهر المدونة، وهو المشهور عندهم: أنه يؤديها ولا تنفع. قلت: ما ذكره ابن الحاجب هو نص نقل النوادر عن ابن كنانة. قال في المجموعة: إن ذكرت بعض ما في الكتاب، ولم نذكر بعضاً، وفي الكتاب شهادتك، ولا محو فيه، ولا ما تستريبه، فاشهد بكل ما فيه. وعن ابن حبيب: روى مطرف: إن عرف خطه، ولم يذكر من الشهادة شيئاً، ولا محو في الكتاب، ولا ريبة شهد به، ثم رجع فقال: لا يشهد، وإن عرف خطه حتى يذكر الشهادة أو بعضها. قلت: فظاهره: أنه إن ذكر بعضها لم يختلف قوله في الشهادة به، ولفظ المدونة هو ما نصه. قلت: إن ذكر أنه هو خط الكتاب، ولم يذكر الشهادة قال: قال مالك: فلا يشهد بها حتى يستيقنها ويذكرها، ولكن يؤديها. قلت: أتنفعه إن أداها كذلك؟ قال: لا. قلت: ففي لفظها احتمال لصورة ذكر بعضها دون بعض. وقول ابن عبد السلام: المشهور عندهم أنه يؤديها ولا تنفع خلاف نقل ابن رشد. قال في رسم الشجرة: قال مالك: أول زمانه في شهادة الشاهد على خطه إذا لم يذكر الشهادة أنه يشهد إن كان الكتاب نقياً لا محو فيه ولا ريبة، ثم قال: لا يشهد، وإن عرف خطه حتى يذكر الشهادة أو بعضها، أو ما يدله على حقيقتها، وينفي التهمة عنه فيها. قلت: فظاهره: أن ذكر بعضها كاف في ذكرها. قال ابن عبد السلام بعد ذكره الخلاف في البعد المبيح: الشهادة على الخط، وجرت العادة عندنا أن اختلاف عمل القضاة، وإن قرب ما بينهما كالبعد؛ لأن حال الشاهد تعلم عند قاضيه، ولا تعلم عند غيره، وفيه مع ذلك ضعف، فإن الشاهد على الخط؛ كالناقل عن من خطه، ولا بد أن يعدل الناقل من نقل عنه، أو تكون عدالته معلومة عند القاضي.

قلت: مقتضى تعليله ما زعمه من الضعف بما ذكره أن هذه العادة عندهم كانت الشهادة فيها على الخط، لا يفتقر فيها إلى ثبوت عدالة ذي الخط، وهذا شيء لا أعرفه، ولا سمعت به عن عادة جرت في إفريقية بوجه، فالله أعلم بما أراد. والذي أعرفه وشاهدته أن خط شاهد عمالة إن وقع بعمالة أخرى، فإن كان ذو الخط كائناً فيها؛ لم يرفع على خطه، ورفع هو نفسه وإن كان غائباً بعمالته؛ رفع عليه على ظاهر قول سحنون في اعتبار مشقة الحضور دون تحديد بقدر، ثم القاضي المرفوع عنده إن كان ذو الخط عنده مقبولاً؛ قبله، وإلا طلب تزكيته. وفتوى شيخنا ابن عبد السلام بأن شرط الشهادة على الخط حضوره، ولا يصح عليه غيبته صواب، وهو ظاهر تسجيلات الموثقين. المتيطي وغيره: اشتراط التحويز في الشهادة باستحقاق الدور والأرضين، ولا تقبل الشهادة على الخط إلا من الفطن العارف بالخطوط وممارستها، ولا يشترط فيه أن يكون قد أدرك ذا الخط، وحضرت يوماً بعض من قدمه القاضي ابن قداح للشهادة بتونس، وهو أبو العباس ابن قليلو، وقد ناول القاضي ابن عبد السلام وثيقة؛ ليرفع فيها على خط شاهد فيها مات، فقال له القاضي ابن عبد السلام: إنك لم تدرك هذا الشاهد الذي أردت أن تشهد على خطه، ورد عليه الوثيقة، ومنعه من الرفع على الخط فيها، وأنا جالس عنده، فلما انصرف ابن قليلو قال لي: إنما لم أقبل شهادته على الخط فيها؛ لأنه ليس من أهل المعرفة بالخطوط، وليس عدم إدراك الرافع على الخط كاتبه بمانع من الشهادة على خطه إذا كان الشاهد عارفاً بالخطوط، فإنا نعرف كثيراً من خطوط من لم ندركه؛ كخط الشلوبين، وابن عصفور، وابن السيد ونحوهم؛ لتكرر خطوطهم علينا مع تلقينا من غير واحد من الشيوخ أنها خطوطهم، وذكر المتيطي في كيفية الشهادة على خط الغائب أن الشهود يعرفون أنه كان يرسم العدالة والقبول في تاريخ الشهادة وبعدها إلى أن توفي، قاله مالك خوف أن تكون شهادته قد سقطت لجرحة، أو أن غير مقبول الشهادة، وإن زيد في التقييد ممن يعرف أن الشاهد المذكور كان يعرف المشهود عليه بعينه واسمه إن لم يكن في عقد الإشهاد معرفته بالعين

والاسم؛ كان أكمل، وهذه نكتة حسنة قل من يعرفها أو يهتدي إليها. قلت: قوله: (إلى أن توفي) قيل: إن الصواب إلى حين الشهادة على خطه؛ لجواز ثبوت تجريحه بعد موته ممن أعذر له في شهادة، ورد بأن ثبوت جرحته بعد موته يثبتها عليه قبل موته، فاستمرار عدالته إلى موته تنفي ما ينتفي بقوله إلى حين الشهادة على خطه. وقول ابن الحاج: قول بعض قضاة إفريقية لابد من زيادة، وأنه وضعها في حين عدالته؛ لجواز أن نقول: لو حضر وضعها فاسقاً؛ فلا أقوم بها غير بين؛ لوجوب رد شهادة من لم تعلم عدالته. وظاهر قول المتيطي: أن تضمين الشاهد على الخط أن ذا الخط كان يعرف المشهود عليه شرط كمال لا شرط إجزاء، وظاهر نقل ابن فتوح أنه شرط إجزاء. قال ما نصه: إن نقص من الوثيقة معرفة عين المشهود عليه فيها؛ كان الأمر مشكلاً، فمن أجاز الشهادة على الخط؛ احتاج إلى تضمين الشهود على الخط أن المشهود على خطه كان يعرف المشهد على نفسه، أو يشهد بذلك غير من شهد على خطه، وفي سماع أشهب قيل لمالك: أيشهد الرجل على من لا يعرف؟ قال: أحب إلى أن لا يقعل، والناس يشهدون بكون بعضهم يعرف، وفي ذلك بعض السعة. ابن رشد: إن أشهد الرجل على نفسه جماعة يعرفه بعضهم، فلمن لا يعرفه منهم أن يضع شهادته عليه، وهو من ذلك في سعة لأمنه لمعرفة بعضهم أن يتسمى باسم غيره، وإن لم يعرفه أحد منهم؛ كره لهم أن يضعوا شهادتهم عليه خوف أن يتسمى باسم غيره، فيقر أنه باع داره من فلان، ثم يشهد على خطوطهم بعد موتهم، فتجوز شهادتهم، قاله الأخوان، فإن كتب شهادته على من لا يعرفه بالعين والاسم؛ لم يصح أن يشهد بها إلا على عينه، وكل هذا لا اختلاف فيه، فإن علم أنه لا يقف على عين المشهود له إذا غاب عنه؛ فشهادته لا نفع فيها، وإنما تسامح العلماء والخيار في وضع شهاداتهم على من لا يعرفونه بعين ولا اسم، سياسة في نفع العامة؛ ولئلا ينتبهون على؛ وهي شهادة من أوقع شهادته على من لا يعرف، فيجترئون على جحد الحقوق المنعقدة عليهم إذا علموا

أن الشهادة عليهم لا تصح إذا أنكروا، ففي جهلهم بالحقيقة في ذلك صلاح عظيم وتحصين للحقوق. ولابن القاسم في المجموعة: من دعي ليشهد على امرأة لا يعرفها، ويشهد عنده رجلان أنها فلانة تشهد. قال في سماع حسين بن عاصم في بعض الروايات: لا يشهد إلا على شهادتهما. وقال ابن نافع: يشهد، ورواه ابن رشد الذي أقوله إن كان المشهود له أتاه بالشاهدين؛ ليشهد له عليهما بشهادتهما عنده أنها فلانة؛ فلا يشهد إلا على شهادتهما، وإن كان هو سأل الشاهدين فأخبراه أنها فلانة؛ فليشهد عليها، وكذا لو سأل عن ذلك رجلاً واحداً يثق به أو امرأة؛ جاز له أن يشهد، ولو أتاه المشهود له بجماعة من لفيف النساء يشهدوا عنده أنها فلانة؛ جاز له أن يشهد إذا وقع العلم بشهادتهن. قلت: قوله: (إن أشهد على نفسه جماعة)؛ يعرفه بعضهم، فلمن لم يعرفه منهم أن يضع شهادته عليه؛ ظاهره: أنه يشهد عليه، ولا يذكر معرفة ولا تعريفاً، وجرى العمل عندنا في هذا النوع أنه يذكر في الشهادة عليه ما نصه، وبمعرفته بالموجب وهي زيادة حسنة، وظاهر قول ابن رشد ولفظ السماع؛ أنه لا يشترط فيمن عرفه من الجمع بلوغ عدده ما يحصل العلم به؛ بل ظاهره: إن عرف منه اثنان أو واحد؛ كفى في ذلك، والأظهر تقييده بما يفيد العلم به بكثرة أو قرائن أو الظن القوي. وفي أحكام ابن جدير: قال أصبغ بن سعيد: شهدت محمد بن عمر بن لبابة يكتب شهادته على أقوام مجهولين لا يعرفهم، وفي الوثيقة من يعرفهم بأعيانهم وأسمائهم، فقلت له: كيف تكتب هذا، وأنت لا تعرف القوم؟ فقال: قد يتناصفون بينهم بالحقوق إذا رأوا شهاداتنا في كتابهم، فإن اضطروا إليها؛ لم نشهد إلا فيما نعلم، وقال به سعيد بن أحمد ابن عبد ربه: وهو مذهب أبي عمر الإشبيلي، ويحتج بقول ابن لبابة، ثم ذكر عن الأخوين، وابن عبد الحكم مثل ما تقدم في السماع. قال: وروى ابن القاسم، وابن نافع في المبسوطة فيمن دعي إلى الشهادة على امرأة وهو لا يعرفها: إنه شهد عنده عدلان أنها فلانة؛ فليشهد عليها.

قال ابن القاسم: هذا باطل، ولا يشهد عليه إلا وهو يعرفها بغير تعريفهم. وقال ابن الماجشون: الذي قاله ابن القاسم هو الباطل، وكيف يعف النساء إلا بمثل هذا؟ وسمع ابن القاسم في كتاب النكاح في الرجل عنده المرأة لا يعرفها غيره كابنة أخيه يريد أن يزوجها كيف يشهد عليها؟ قال: يدخل عليها من لا تحتشم منه، فيشهد على رؤيتها. قال عيسى: قال لي ابن القاسم: قال مالك: وإن لم يعرفها الشهيدان. ابن رشد: إن لم يوجد من يعرفها؛ فلا بد أن يشهد على رؤيتها من لا تحتشم منه، فتسفر لهم عن وجهها يثبتوا عليها؛ ليشهدوا علي عينها إن أنكرت أنها التي أشهدتهم، فإن وجد من العدول من يعرفها؛ لم ينبغي لمن لم يعرفها أن يشهد عليها، فإن شهد عليها مع وجود من يعرفها أو دونه؛ لم ينبغي لهم أن يشهدوا على شهادتهم عليها بالرضا بالنكاح؛ لاحتمال أنها لم تكن هي التي أشهدتهم، فيموتوا، ويشهد على شهادتهم، فيلزم نكاحاً لم يرضي به؛ لأن شهادتهم على شهادتهم بذلك، كشهادتهم به عليها عند حاكم، والحقوق بخلاف ذالك. قال مالك: لا يشهد الرجل على من لا يعرف، ومثله لأصبغ في الخمسة قال: وأما الحقوق من البيوع، والوكالات، والهبات، ونحو ذلك؛ فلا يشهد عليه في شيء من ذلك، إلا من يعرفها بعينها واسمها ونسبها، والفرق بين النكاح وغيره من الحقوق؛ أنه يغشى، وإن لم يشهدوا على شهادتهم في الحقوق أن يموتوا، فيشهد على خطوطهم، فتلزم بطلاً لم تشهد به على نفسها، وعلى ما جرى به العمل عندنا من أنه لا يقضى بالشهادة على الخط إلا في الأحباس، وما جرى مجراها، فيستوي النكاح وغيره من الحقوق، ولا يكون على الرجل حرج في وضع شهادته على من لا يعرف في الحقوق، كما يضعها عليه في النكاح إذا لم يشهد على شهادته بذلك، وقد استجاز ذلك العلماء قديماً، وإن قيد في عقد إشهاد الوثيقة معرفة العين والاسم لما في ذلك من تحصين العقود دوماً عند أداء الشهادة؛ فلا يحل للشاهد أن يشهد بإجماع إلا على من يثبت عليه، ويعرف أنه.

هو الذي أشهده دون شك في ذلك لا ارتياب. وفي طرر ابن عات: زمن ومن الاستغناء: عن ابن أيوب: وإذا كتب الرجل ذكر حق على من لا يعرف الشهود؛ فالأحسن أن يكتب نعته وصفته، ويشه الشهود على الصفة حيي أو مات أو غاب. قال: وقد قال بعضهم: يكتب اسمه وقريته ومسكنه، ويجتزئ بذلك. قال: والأول، أحسن: لأنه قد يتسمى الرجل بغير اسمه وغير مسكنه وموضعه. قلت: والذي عليه العمل عندنا أنه إن عين الشاهد من عرفه بالمشهود عليه؛ فإنها شهادة ساقطة، وصارت كالنقل همن عرفه؛ ولذا يحترز بعضهم، فيكتب، وممن عرفه فلان. وفي أول ترجمة من النوادر من الشهادات في المجموعة قال ابن كنانة: من شهد في صبي صغير يبيعه، ثم استحق بملك أو حرية، فقام مبتاعه بعهدته، وكتاب شرائه، فشهدوا أن الكتاب حق، ولم يعرفوا العبد الآن؛ لأنه كبر؛ فلا يقضي له بالثمن حتى يقطعوا أن هذا هو العبد المبيع في الكتاب. وفي ترجمة الشهود في الزنا أو غيره هل يكشفهم الحكم؟ قال ابن القاسم في العتبية والموازية والمجموعة: من اعترف دابة أو رأساً هل تجمع له دواب أو رقيق، وتدخل فيها، ويكلف الشهود إخراجها؟ قال ليس ذلك على احد في شيء، وذلك خطأ، ولاكن إن كاونوا عدولاً؛ قبلت شهادتهم. محمد عن أصبغ: وكذا النساء إن شهد عليهن، ولابن سحنون عنه: لو شهدوا على امرأة بنكاح، أو براءة، وسأل الخصم إدخالها في نساء ليخرجوها، وقالا: شهدنا عليها عن معرفتنا بعينها ونسبها، ولا ندري هل نعرفها اليوم، وقد تغيرت حالها، أو قالوا: لا نتكلف ذلك فلا بد من ان يخرجوا عينها اليوم، وقد تغيرت عن حالها، قيل لهم: إن شككتم، وقد ايقنتم أنها بنت فلان، وليس لفلان إلا بنت واحدة من حين شهد عليها إلى اليوم؛ جازت الشهادة، وإن قالت البينة: أشهدتنا وهي متنقبة، وكذلك نعرفها، ولا نعرفها بغير نقاب، فهم أعلم بما تقلدوا إن كانوا

عدولاً وعينوها، كما ذكر قطع بشهادتهم. وسأل حبيب سحنونا عن امرأة انكرت دعوى رجل عليها، فأقام عليها بينة، قالوا: اشهدتنا على نفسها، وهي متنقبة بكذا وكذا، ولا نعرفها إلا متنقبة، وإن كشفت وحهها؛ لم نعرفها. قال: هم أعلم بما تقلدوا إن كانوا عدولاً، فقالوا: عرفناها، ونشهد عليها، ونقطع بشهادتهم. ومن المجموعة: قال ابن كنانة: من شهد على امرأة بإقرار أو بيع، ثم قاموا بها، وشهدوا إلا انهم لم يعرفوها بعينها، وعرفوا الاسم والنسب الآن، وقالوا: إن كانت فلانة بنت فلان؛ فقد أشهدتنا، قال: إن شهد غيرهم أنها فلانة بنت فلان مع شهادة هؤلاء الذين شهدوا على الحق والنسب والاسم؛ فليحلف رب الحق ويثبت حقه. قال سحنون في كتابه ابنه: أو يعرف أنه ليس لفلان ابنة غيرها. قال ابن عيد السلام: جرت عادة شهود بلدنا أنهم يكتبون المعرفة، أو ما يقوم مقامها عندهو من التعريف، وإذ لم يكتبوا شيئاً من ذلك؛ دل على أن المشهود عليه عندهم معروف؛ ولهذا يعدون كتب المعرفة في الشهادة على الرؤساء من الجفاء. قلت: ليس في عزوه تمام الشهادة العرية عن زكر المعرفة، والتعريف لشهود بلدنا حجة تامة، ويظهر من أقوال من تقدم في ذلك اختلاف تقدم. المتيطي: إن تضمين الشهداء على خط غيرهم أن المشهود على خطه، كان يعرف من يشهد عليه بعينه واسمه شرط كمال لا شرط إجزاء، وهذا يقتضي أن ترك الشاهد ذكر المعرفة والتعريف لا يقدح في شهادته. ومثله نقل ابن سهل في ترجمة من لم يعرف من الشهود إلا واحداً في أول كتابه ما نصه: قال عبيد الله بن يحيى، ومحمد لبابة، ومحمد بن يحيى، ويحيى بن عبد العزيز في شهادة رجلين شهداء على شهادة عبد الرحمن: أن فلانة ابنة فلان أشهدتني، ولم يذكر في شهادته أنه عرفها بالعين والاسم والنسب؛ أن الشهادة تامة. وقوله: (أشهدتني)؛ معرفة لا محالة، وتقدم لابن فتوح: أن التضمين المذكور في

الشهادة على الخط أنه شرط إجزاء؛ وهذا يقتضي أن ترك الشاهد ذكر المعرفة والتعريف، يبطل شهادته ويؤيده قوله: وإذا اشهد الشهداء على شهادتهم في وثيقة، سقط من عقدها معرفة الشهود لعين من أشهدهم، فهو خلاف الشهادة على معرفة الخطوط وذلك تام؛ لأن من أشهد على شهادته يحمل على أنه لم يشهد على شهادته، إلا وقد عرف المشهد، وروى ذلك بعض أهل العلم. فإن قلت: تفرقته بين المشهد على شهادته، وبين الشهادة على الخط ترد ما تقدم من التمسك بمسألة ابن سهل؛ لأنها شهادة مشهد على شهادته. قلت: التمسك بمسألة ابن سهل هو من حيث تعليل قائلها بقوله، وقوله: أشهدتني معرفة لا محالة، فلم يعلل ذلك بما علله ابن فتوح، وهو كونه أشهد على شهادته، والأظهر أن الشاهد إن كان معلوم الضبط والتحفظ؛ قبلت شهادته، وغن لم يذكر معرفة ولا تعريفاً، وإلا ردت إلا أن تكون على مشهور معرفة. قال ابن الحاجب تابعاً لابن شاس: وإذا شهدت بينة على امرأة زعمت أنها بنت زيد؛ فلا يسجل على بنت زيد. قلت: هذا الفرع لا أعرفه نصا في شيء من أمهات مذهبنا؛ وإنما وجدته نصا للغزالي في وجيزة قال: إذا قامت البينة على عين امرأة بدين، وزعمت أنها بنت زيد؛ فليس للقاضي أن يسجل على بنت زيد، وإن أقرت بالنسب، ولا إن أقامت بينة على أنها بنت زيد بغير تقدمٍ ودعوى، لا تسمع على الصحيح ؛ لكن على القاضي أن ينصب من يدعي على بنت زيد، وتنكر هي أنها بنت زيد، فيقام عليها البينة بالنسب، ثم إذا ثبت؛ سجل وتجوز هذه الحيلة للحاجة. قلت: فاقتصر ابن شاس على نقل أول هذا الكلام؛ لجربه على أصل مذهبنا في أنه لا بد من معرفة الشاهد بنسب المشهود عليه أو التعريف. وفي الواضح عن الأخوين: ينبغي إذا سجل الحاكم حكمه إن يسمي الشهود، ولا يضره ترك تسميتهم إن كانا مأمونا، ولابد من تسمية من قضي له، ومن قضي عليه، فإن كانا معروفين؛ اجتزئ بالتسمية، وإن مجهولين؛ زاد التحلية والصفة، وذكر

أنسابهما ومتجرهما ومسكنهما. وقال أصبغ: إن لم يسمع الشهود؛ فأحب إلي أن يبدله حتى يسميهم، فإن لم يفعل حتى مات أو عزل؛ مضى ذلك ونفذ، إلا أن يكون حكماً على غائب. قال: لما قدم وقيم عليه بالقضية لو علمت البينة جرحتها، فهذا ترد عنه القضية، ويؤمر بابتداء الخصومة. وفي شرط شهادة غير السماع بقطع الشاهد بالعلم بالمشهود فيه مطلقاً وصحتها بالظن القوي فيما يعسر العلم به عادة طريقان: الأولى في المقدمات لا تصح شهادة بشيء إلا بعلمه، والقطع بمعرفته لا بما يغلب على الظن معرفته. قال: العلم ما يحصل بمجرد العقل فقط منه ضروري كعلم الإنسان حال نفسه من صحته وسقمه، وإيمانه وكفره، ويصبح بذلك شهادته على نفسه، وبالعقل مع أحد الحواس الخمس: السمع، والبصر، والشم، والذوق، واللمس، والثالث: الخبر المتواتر، ومنه نظري؛ كشهادة خزيمة بن ثابت له صلى الله عليه وسلم أنه اشترى الفرس من الأعرابي، ولم يحضر شراءه مستنداً في ذلك للدليل الظاهر والبرهان الساطع، فإن قلت: حمله شهادة خزيمة على هذا الاعتبار، وجعلها مثالا لأصل عام خلاف قول الأصوليين: إنها خاصة لا يقاس عليها حسبها ذكر الآمدي وابن الحاجب في شروط الأصل في القياس. قلت: جعل الأصوليين كونها خاصة هو من حيث الحكم لها، بحكم شهادة شهيدين لا من حيث الحكم لها بأنها شهادة شرعية. قال: وكذا الشهادة بما علم من الأخبار المتواترة جائزة؛ كالولاء والنسب والموت، وولاية القاضي وعزله، وضرر الزوجين، وشبهه إذا حصل العلم بهذه الأمور والقطع بها. الثانية للمازري، قال في قبول شهادة الشاهد بزوجية رجل امرأة برؤيته: حوزه

باب شهادة السماع

إياها حوز الأزواج زوجاتهم، وإن لم يولد حين التزويج هذا نوع خارج عن شهادة السماع؛ إنما يطلب فيه الظن القوي المزاحم للعلم اليقيني بقرائن الأحوال كالشهادة بالتفقير، بأن الشاهد يشهد به، ولا يقطع على صحة ما شهد به؛ لجواز أن يكون أن يكون له مال أخفاه؛ لكن إذا بدت قرائن الفقر، والأسعار، والصبر على مضض الجوع، وأدرك ذلك بالمخالطة؛ صح التعويل عليه في الشهادة بقرائن الأحوال، وعلى هذه الطريقة. قال ابن الحاجب تابعاً لابن شاس: ويعتمد على القرائن المغلبة للظن في التعديل، وفي الإعسار، وضرر أحد الزوجين. قلت: وهذا الظن الناشيء عن القرائن؛ إنما هو كافٍ في جزم الشاهد بما به يشهد على وجه البت، ولو صرح في أداء شهادته للظن؛ لم تقبل إلا ما تقدم في التعديل من قوله: (أراه عدلا)، فإنه لا يقطع به، بعضهم يقطع به في صيد صيد بمعاينة شهيديه، وما غنم بمعاينتها معترض بجواز كونه يدعي قرب من ربه، وكون الغنيمة مال مسلم. قلت: وصوره بعضهم بملك مشتري لقطة بشهادة الشهيدين على التقاطهما، وتعريفها سنة، وبيعها بإذن الأمام. [باب شهادة السماع] وشهادة السماع، لقب لما يصرح الشاهد فيه بإسناد شهادته من غير معين، فتخرج شهادة البنت والنقل وفيها طرق.

الباجي: قال القاضي: هي مختصة بها لا يتغير حاله، ولا ينتقل الملك فيه؛ كالموت، والنسب، والوقف المحرم، فيشهد على الموت بالسماع فيها بعد من البلاد ما اقرب. قلت: بشرط أن لا يطول زمن تقدم الموت كالعشرين عاماً، ونحوها هذا لا تقبل فيه إلا البت، قاله بعض من لقيت، صواب؛ لأنه مظنة البت كمن ببلد قريب. الباجي: ما اقرب، وكان ببلد الموت؛ إنما الشهادة فيه علي البت؛ لحصول العلم بالسماع به المتواتر، كالشهادة، فإن نافعاً مولى ابن عمر كما قيل: قال لابن القاسم: يشهد أنك ابن القاسم، ولا نعرف أباك، ولا أنك ابنه إلا بالسماع. قال: نعم، ثم حكى عن القاضي في قبول شهادة السماع في النكاح قولين بناء على اعتبار عدم تقيده إذا مات احدهم، واعتبار جواز التنقل فيه، وفي نوازل سحنون: أيشهد على النكاح بالسماع كالموت؟ قال: جل أصحابنا يقولون: إذا انتشر الخبر بالنكاح في الجيران أن فلاناً تزوج فلانة، وسمع الدفاف، وكثر به القول؛ جازت الشهادة به، وكذا في الموت يسمع النائحة، ويكثر القول في الناس شهدنا جنازة فلان؛

جازت الشهادة بالموت. وإن لم يحضره، وكذا النسب يسمع كثرة قول الناس فلان بن فلان، وأن يشهد على نسبه، وكذا ولاية القاضي بما يسمع من الناس، وربما رآه يقضي هذه الأربعة تجوز فيها الشهادة على السماع. ابن رشد: تجوز الشهادة في هذه الأربعة على القطع من وجهة السماع إذا أفاد العلم باستفاضته، وكذا غير الأربعة؛ لأن الأخبار المتوترة تفيد العلم فيها طريقه العلم، وغلبة الظن فيها طريقه غلبة الظن؛ كالتعديل والتشيد. وقوله: (جل أصحابنا)؛ يدل أن منهم ما يقول ذلك، ولا خلاف فيه؛ إنما الخلاف في شهادة السماع دون قطع كقوله: سمعنا سماعاً فاشياً من غير أهل العدل وغيرهم كذا. قيل لا تصح في هذه الأربعة، ولا في غيرها وهو قول ابن القاسم لقوله في المدونة: شهادة السماع لا يثبت بها النسب، ولا الولاء، ويقع له بالمال دون ثوبتهما، ولم يرها عاملة في الحبس إلا مع القطع بمعرفته؛ فإنما تحترم بحرمة الاحباس، ولا في الشراء المتقادم إلا مع الحيازة، والثاني: جوزها في الأربعة وغيرها، وهو دليل حكاية ابن جيب: جواز الشهادة على السماع في الملك دون الحيازة، وهو قول سحنون في غير الجل، لأن معنى قوله: إن الجل يقولون: لأتجوز الشهادة في هذه الأربعة على السماع دون قطع؛ إنما تجوز فيها على القطع؛ لأن شأنها أن تستفيض حتى تصح الشهادة فيها على القطع، وغير الجل يجيزون الشهادة في الأربعة على السماع دون قطع، كما يجيزون ذلك في غيرها، والرابع: أنها تجوز في هذه الأربعة لا في غيرها عكس الثالث، ومضى في آخر رسم الأقضية من سماع يحيى الخلاف فش شهادة السماع في النكاح. قلت: الذي تقدم له فيه هو قوله: إذا كانت المرأة بائنة منقطعة عن من تقارب معه على النكاح، ولا بينه على أصله، وليسا بطارئين فقيل: لا ميراث بينهما، وإن طال ذلك، وفشا ذكره الجيران، وهو ظاهر قول ابن القاسم، وأشهب في هذا السماع، وهو بعيد؛ لأن النكاح مما يصح فيه شهادة السماع إذا مضى من الزمان ما تبيد فيه الشهود على اختلاف في ذلك، وقيل: يتوارثان إذا طال الزمان، وفا ذكره في الجيران، فشهدوا

فيه بالسماع، وهو قول ابن وهب في هذا السماع، يريد مع طول الزمان الذي تبيد فيه الشهود فالخلاف إنما هو إذا طال الأمر، وشهد الشهود العدول فيه على السماع لا على القطع من ناحية السماع، يحتمل أن يكون قول ابن وهب في السماع المفيد القطع، وقول ابن القاسم وأشهب في السماع القاصر عن القطع، فيرجعان إلى الوفاق، ويحتمل رجوع الخلاف بينهما إلى حد الطول الذي تجوز فيه شهادة السماع. وسمع أصبغ ابن القاسم: من افتدت من زوجها، ثم قامت بينة تشهد بالسماع أن زجها كان يضربها، أيجوز في شهادة السماع؟ قال: نعم، من يشهد في مثل هذا إلا بالسماع يسمعه الرجل من أهله، ومن الجيران، وشبه ذلك؛ فيكون فاشياً فيجوز. قلت: يجوز فيه شاهدان على السماع. قال: السماع ليس في مثل هذا، والأمر بالمعروف أحب إلي، وعيسى هذا أن يجوز، فأرى أن يجوز، ولا حلف عليها، ولو شهد لها شاهد واحد على القطع أنه كان يضربها ويضيق عليها؛ حلفت معه، ورد عليها ما أخذ منها. ابن رشد: إجازته شهادة السماع في ضرر الزوج دون يمين خلاف أصله في المدونة، في أنها لا يثبت بها نسب، ولا ولاء؛ إنها يستحق بها المال مع يمينه، واختياره ألا يكتفي في ذلك بشاهدين مراعاة لقول ابن الماجشون: أنه لا يجوز في شهادة السماع أقل من أربعة، وقول أصبغ: إن لم يكن مع الشاهد على البنت غيره حلفت معه، ولو كان معه سماع أو منتشر غير قاطع؛ ردت عليها العطية والوضيعة، يدل على أنه انزل السماع منزلة شاهد آخر على البت، فلو انفردت على مذهبه شهادة السماع؛ لم يستحق بها المال دون يمين. فقوله: على قياس قول ابن القاسم، وروايته في المدونة. الباجي: وقد قال مالك: يقطع بشهادة السماع في الولاء والنسب والصدقات، التي طال زمانها، والصدقات تكون على غيره وجه الوقف. ولابن حبيب عن الأخوين عن مالك: تجوز فيما تقادم عهده، والأشرية، والحيازات، والصدقات، والأحباس، وشبهها.

المتيطي: قال ابن الهندي: إن شهد بالضرر صالحات النساء، والخدم اللواتي يدخلن عليهن؛ جاز ذلك. قلت: الرق مانع من الشهادة في الذكور؛ فأحرى في النساء، وصرف ذلك للخبر يؤدي إلى حكم الحاكم بعلمه. المتيطي: قال ابن الهندي في نسخته الكبرى: غمز بعض أهل عصرنا شهادة السماع على الضرر، واختار الشهادة على معرفة الضرر، وقد غمز ابن القاسم هذا الذي اختاره وكرهه، وعلله من جهة القطع على أمر لا يعرف إلا بالاستفاضة والسماع؛ لأن الشهود لا يسكنون مع الزوجين، وإنما هو عندهم بلاغ، فترك الغامز العمل بها استحسان. ابن القاسم: وأجاز ما كرهه، ويجب إذا ثبتت المسألة رواية، إلا ترفع إلا برواية اثبت منها، وهذه المسألة من الثماني عشر مسألة التي تجوز شهادة السماع فيها؛ منها: الأحباس المتقادمة، والنكاح، والأنساب، والولاء، والميراث، والموت، وولاية القاضي، وعزلته، والعدالة، والتجريح، والإسلام، والكفر بالله، والرضاع، والترشيد، والتسفيه، وفي بعض هذا نزاع، وأما العتق؛ فالأكثر لم ينصوا عليه بعينه فيها، وهو عندي لاكتفائهم بذكر الولاء عنه: لأنه مهما ثبت؛ ثبت العتق، ومهما ثبت العتق؛ ثبت الولاء، ومها انتفى أحدهما؛ انتفى الآخر، وما اثبت أحد المتساويين في اللزوم؛ أثبت الآخر. وقال المازري: ضبط عبد الوهاب ما تجوز فيه شهادة السماع بما لا ينقل ولا ينتقل، وقبله هو والباجي منه، ثم قال المازري: اختلف الناس في العتق؛ منهم من لم يثبته بها، ومنهم من أثبته بها؛ لأنه مما لا يتغير ولا يبقى. قلت: وهذا مع ضابط عبد الوهاب ينتج أنه يثبت بها وهو الحق، قول ابن عبد السلام: منهم من ألحق العتق بما يثبت بالسماع. قلت: وللخمي ما نصه بعد قوله: القسامة تصح بستة أوجه، وبالسماع المستفيض. قال ابن القاسم: مثل ما لو أن رجلاً عدا على رجل في سوق علانية مثل سوق

الأحد، وشبهه من كثرة الناس، فقطع كل من حضر عليه الشهادة، فرأى من أرضى من أرضى من أهل العلم أن ذلك إذا اكثر هكذا، وتظاهر بمنزلة اللوث. قلت: وينسب للقاضي ابن رشد في عددها نظم هو: أيا سائلي عما ينفذ حكمه ... ويثبت سمعا دون علم بأصله ففي العدل والتجريح والكفر بعده ... وفي سفه أو ضده ذاك كله وفي البيع والأحباس والصدقات والر ... ضاع وخلع والنكاح وحله وفي قسمة أو نسبة أو ولاية ... وموت وحمل والمضر بأهله واستدرك فيها ولده، فقال: ومنها الهبات والوصية فاعلمن ... وملك قديم قد يظن بمثله ومنها ولادات ومنها حرابة ... ومنها إباق فليضم لشكله فدونكها عشرين من بعد سبعة ... تدل على حفظ الفقيه ونبله أبي نظم العشرين من بعد واحد ... فأتبعتها ستا تماما لفعله قال ابن هارون: واستدرك عليها الملا، والعدم، والأسر. وقال اللخمي: تجب القسامة في القتل مع شهادة السماع، فقلت: تتميماً لذلك المقال، ونسجاً على ذلك المنوال: وفي اليسر والإعسار سمع مقرر ... وفي الأسر يروى من يقوم بنقله أبو الحسن اللخمي قال مقسم ... ولاة قتيل بالسماع لقتله قلت: وتقدم لي نظم لما ذكر المتيطي في خمسة أبيات هي: شهادة ظن بالسماع مقالتي ... لما عد متطيهم في النهاية فوقف قديم مثله البيع والولا ... وموت وارث والقضا كالعدالة وجرح وإنكاح وكفر وضده ... ورشد وتوسيخه وعزل ولاية

وإصرار زوج والرضاع وفي النسب ... نفاس حكي اللخمي لوث قسامة وقد زادنا الكافي سماع تصرف ... وإنفاق ذي إيصاء أو ذي نيابة ***** إيصاء لعشر وضعفها ... سنين ابن زَرْب زاده في مقاله قلت: وما نسبوه للقاضي، وابن رشد بعيد من لفظه في البيان؛ ولذا قال ابن عبد السلام: لست أدخل تحت عهدة صحة نسبة صحة القطعتين إلى من ذكر، والبيت الثاني لابن هارون وجدته بخطة بخكة كتبين الأول ما تقدم، والثاني: أبو الحسن اللخمي يقسم قائل إلخ. وفي الوثائق المجموعة: وتجوز على السماع في الحمل، والولادة، والرضاع. ابن عات: وكذا في الأنساب إذا نفى من نسبه، ذكره ابن عبد الغفور، وثبتت في الحمل والرضاعة، قال ابن رشد في سماع حسين بن عاصم في الشهادات في بعض الروايات. وفي الكافي جائز: أن يشهد أنه لم يزل يسمع أن فلاناً كان في ولاية فلان، يتولى النظر له بالإنفاق عليه بإيصاء أبيه إليه، أو تقديم قاض عليه، وإن لم يشهد أبوه، ولا القاضي بالاستفاضة من أهل العدل والرضا وغيرهم. وفي مفيد الحكام لابن هشام: أفتى ابن زرب في وصى قامت له بينه بعد ثلاثين سنة على تنفيذ وصية أسندت إليه بالسماع من أهل العدل والثقات: أنها جائزة. الباجي: وشرط شهادة السماع أن يقولوا: سمعنا سماعاً فاشياً من أهل العدل وغيرهم وإلا لم تصح، قاله ابن حبيب عن الآخوين، وقاله محمد قالا: ولا يسموا من سمعوا منه، فإن سموا خرجت عن شهادة السماع إلى الشهادة على الشهادة، وقاله ابن القاسم وأصبغ. وفي اشتراط العدالة في المسموع منهم: ثالثها: إلا في الرضاع للمازري عن نقل محمد، مع قول ابن حبيب قائلاً: سمعوا سماعاً فاشياً من العدول وغيرهم، وظاهر لفظهما مع غيرها، وحسين بن عاصم عن ابن القاسم.

المازري: لعله إنما استثنى الرضاع في النقل عن شهادة امرأتين عدلتين، ويشترط في شهادتهما الفشو، والانتشار، والفشو لا يشترط فيه النقل عن العدول؛ لأن التواتر يفيد العلم، ولو لم يكن المخبرون مسلمين. الباجي: يحتمل أن يشهد عدلان بعلمهما ذلك بالخبر المتواتر الذي لا يراعي فيه عدالة ولا إسلام، أو يريد شهادة النساء على فشو ذلك مع شهادة امرأتين على الرضاع. وأفتى ابن رشد بصحة شهادة السماع من لفيف الرجال والنساء، وإن لم تبن عدالتهم بناء زوج مثله؛ ليثبت إحلاها. ابن فتوح: شهادة السماع لا تكمل إلا بأن يضمن فيها أهل العدل، وغيرهم على هذا مضي الناس، وليس يأتي آخر هذه الأمة بأفضل مما جاء به أولها. قلت: فلو اقتصر على كون السماع من أهل العدل دون تسميتهم؛ ففي صحتها نقل الشيخ عن محمد عن أصبغ مع ظاهر نقل ابو الفتوح عن المذهب، ونقله عن بعضهم: أنها ليست شهادة سماع؛ وإنما هي نقل، فيفتقر فيها لتسمية الشهود، ولو اقتصر على كونه من عموم الناس دون ذكر العدول؛ ففي صحتها فيها لا يخرج به من يد نقلا اللخمي قائلاً: وهي فيما يخرج به مريد لغو اتفاقاً، وأفتى بعض قضاة شيوخ بلدنا بلغو شهادة السماع بالموت في تقدم موت ميت على آخر بينهما إرث، وأظن أنه عزاه لفتوى بعض القرويين في موتى بقتل كان نزل بتونس لفتنة نزلت بأهلها أيام كونها تحت إمرة أمير إفريقية بالقيروان، وهو ظاهر قولها في كتاب الولاء: من ماتت امرأته وابنه فقال: ماتت امرأتي قبل ابنها، وقال أخوها: بل بعده، قال: لا يرث الموتى بعضهم من بعض إلا بيقين. وفي شرطها في الحبس بمعرفة البينة حوزه حوزها واحترامها المذكور في نقل ابن فتوح مع غيره عن المذهب: إن سقط من العقد معرفتها؛ سقطت الشهادة، ولم يقض بها مع قول ابن عات. وقع لابن رشد في مختصر الحريرية: أنه إذا لم يشهدوا أنها تحترم بحرمة الأحباس إلا على السماع؛ فليست بشهادة عاملة، ونقل ابن عات عن أحكام ابن سهل،

وكتاب الاستغناء. قلت في أحكام ابن سهل ما نصه: كيفية شهادة السماع في الأحباس: أن يشهد الشاهد أنه يعرف الدار التي بموضع كذا، وحدها كذا، وأنه لم يزل يسمع منذ ثلاثين سنة أو عشرين سنة سماعاً فاشياً مستفيضاً من أهل العدل وغيرهم أن هذه الدار، وهذا الملك حبس على مسجد كذا، أو على المرضى بحاضرة كذا، أو على فلان، وعقبة أو حبس لا غير، وإن لم يشهدوا بسبيله، وأنها كانت محترمة بحرمة الأحباس، ويحوزوها بالوقوف إليها، والتعيين بها كذا جرى العمل في أداء هذه الشهادة. وقال ابن القاسم في سماع عيسى: إذا شهد رجلان أنهما كانا يسمعان أن هذه الدار حبس؛ جازت شهادتهما، وكانت حبساً على المساكين إن كان لم يسم أحداً. قلت: قال ابن رشد: إجازة ابن القاسم شهادة السامع في هذه المسألة خلاف مذهبه في المدونة قال فيها: لا تجوز شهادة السماع في الحبس إلا مع القطع بأنها تحترم بحرمة الأحباس، وهو على أصله أنه يقضي بشهادة السماع في المال، ولا يثبت بها نسب ولا ولاء. قال ابن عبد السلام: قال بعض الأندلسيين: لو شهدوا على أصل الحبس بعينه؛ لم يكن حبساً حتى يشهدوا بالملك للمحبس يوم حبس، وتجوز شهادتهم على السماع، ولا يسمون المحبس، ولا يحتاج إلى إثبات في ملك. قلت: اقتصاره على هذا النقل يوهم أنه المذهب، أو مشهوره، أو المعمول به، وليس كذلك. قال المتيطي: ما نصه في في عقد الإشهاد: شهد بذلك من يعرف بملك المحبس فلان الملك المحبس، وأن ملكه، وأن ملكه لم يزل عنه بوجه إلى أن عقد فيه التحبيس المذكور في عمله. قال: وإن لم يعرف الشهود الملك؛ أسقطت ذكره من العقد، ولا تغفل أن تبين كيف قسم الحبس على السوية أو التفضيل. وفي ترجمة الشهادة في الحبس على السماع من طرر ابن عات: إذا شهدوا في عبد أنه

حر معتق، فإن كشفوا من أعتقه؛ أعذر إليه أو لوراثه وجوباً، وإن قالوا: هو حر معتق، ولم يزيدوا على هذا؛ تمت الشهادة، ولم يكشفوا عن أكثر، قاله ابن مالك في الأول لابن سهل. وفيها: من أقامت بيده دار خمسين سنة أو ستين، ثم قدم من كان غائباً، فادعاها، وثبت الأصل له أو قام بينة أنها لأبيه أو جده وثبتت المواريث حتى صارت له، فقال من هي في يده: اشتريتها من قوم قد انقرضوا، وانقرضت البينة، وأتى ببينة يشهدون على السماع؛ فالذي نفعه أن يشهد قوم أنهم سمعوا أن يشهد قوم أنهم سمعوا أن الذي بيده الدار، أو أحد من أقاربه ابتاعها من القائم، أو من أحد من أقاربه، أو ممن ورثها القادم عنه، أو ممن ابتاعها من أحد ممك ذكرنا بذلك يقطع حق القائم فيها، وإن أتى الذي بيده الدار ببينة يشهدون أنهم سمعوا أن الذي بيده الدار، أو أحد من آبائه ابتاعها، ولا يدرون ممن لم ينفعه ذلك. عياض: قوله: إن كان المدعى حاضر البلد الذي الدار به، وحيزت عنه السنين؛ فلا حق له، وإن كان إنما قدم من بلد آخر، فأقام البينة أنها دار أبيه أو وجده وثبتت المواريث سئل الغائب؛ ذهب بعض الشيوخ إلى أن الحاضر المذكور لا يلزم من الدار بيده كشفه، ومن أين صارت له؟ واحتج بقول مالك فيها، وفي المسألة التي قبلها، وبقول عيسى بن دينار: من الدار بيده أحق إذا ادعاها لنفسه بأمر لا يريد أن يظهره. وسمع عيسى بن القاسم: الحيازة تبطل دعوى من ترك شيئه؛ يحاز عنه، وهو حاضر، وبهذا أفتى ابن أبي زمنين، وخالفه غيره، وأفتى بتوقيفه للحاضر، كما يوقف للغائب إذا أثبت القائم ملكه، ويكشفه من أن يصير له؟ لعله يقر بما ينتفع به. قلت: فعلى الأول لا تشمع دعوى الغائب بمجرد دعواه غبية، وهو ظاهر قول ابن محرز حيث قال في تعقبه: تقديم البينة بالملك على البينة بالحوز؛ لأنها أرخت، وبينة الملك؛ لم تؤرخ، فإن قيل: إنما كانت أولى؛ لأنه أخبر أن المحوز عليه كان غائباً في تلك المدة، فعلم كم ذلك أن الشهادة بالملك أقوم من الشهادة بالحوز. قيل: إنما يكون كذلك لو كانت الغيبة؛ إنما علمت من الذين شهدوا بالملك، وليس في المسألة ما يدل على ذلك؛ لأنه يحتمل أن تكون الغيبة عرفت بغير شهادتهم.

المازري: إنما قال: الدار من يد حائزها ببينة الملك؛ لأنها تقارب القطع، فهي أقوى في الدلالة على الصدق من دلالة الحيازة، إلا أن يقيم الحائز البينة المذكورة على السماع؛ فإنها تقر بيده؛ لأنه اجتمع له دليلان الحيازة، وبينة السماع، ودليلان أقوى من دليل واحد. ابن رزقون وغيره: لا تجوز شهادة السماع إلا لمن كان الشيء بيده، ولا يستخرج بها من يد حائز. ولابن حبيب عن الأخوين وابن القاسم وأصبغ: ما يقتضي أنه يستخرج بها من اليد. قلت: لم يحك المازري غير الأول ثم قال: لو كانت المتنازع فيه عفواً من الأرض ليس بيد أحد؛ لكان المذهب على قولين في تمكينها لمن قال بشهادة سماع. قلت: زاد اللخمي: يقضي بها لمن شهد له به السماع بعد يمينه على قول ابن القاسم، ودون يمين على قول أشهب؛ كالسماع على الولاء والنسب. وفيها: لو أقام الحائز بينه يشهدون على السماع أن أباه ابتاعها ممن ذكرنا منذ خمس سنين ونحوها؛ لم ينفعه ذلك، وإنما شهده السماع في بعيد الزمان. الباجي: إذا قلنا: تختص بما تقادم؛ فلابن حبيب عن الأخوين وأصبغ: تجوز في خمس عشرة سنة، ونحوها لتقاصر أعمار الناس. وروى ابن القاسم: لا تقبل في خمسة عشرة سنة شهادة على السماع إلا فيما تقادم. ابن رزقون: ظاهر المدونة في الأربعين سنة، ولابن القاسم في العشرين، وقيل: إن كان وباء؛ قبلت في أقل من ذلك. قلت: ففي حد الطول خمس مقالات. الأخوان: خمس عشرة ونحوها. ابن القاسم: لا تقبل فيها؛ بل فيها تقادم. ابن رزقون: عن ظاهررها: أربعون سنة. ابن القاسم: عشرون.

نقل ابن زرقون: إن كان وباء، فأقل من ذلك، ونقل المارزي قول الأخوين خمسة عشر لا بزيادة ونحوها. قال ابن الحاجب: وتجوز شهادة السماع الفاشي عن الثقات في الملك، والوقف والموت للضرورة؛ بشرط طول الزمان وانتفاء الريبة، فحمله ابن عبد السلام على ظاهر إطلاقه إنما هو في الوقف، والملك، والصدقة، والأشرية القديمة، والنكاح، والولاء، والنسب، والحيازة جميع ذلك يشترط فيه طول الزمان، وأما في الموت فيشترط فيه تنائي البلدان، أو تقادم الزمان. قلت: مقتضى الروايات والأقوال أن شهادة السماع القاصرة عن شهادة البت في القطع في المشهود به، ويشترط فيها كون المشهود به حيث لا يدرك به القطع، والبت به عادة، وإن أمكن عادة البت به لم تجز فيه شهادة السماع فيما بعد من البلاد، وأما ما قرب أو ببلد الموت، فإنما هي شهادة البت. وقد شهدت شيخنا القاضي ابن عبد السلام، وقد طلب بتونس منه بعض أهلها إثبات وفاة صهر له مات ببرقة قافلاً من الحج، فأذن له فأتاه بوثيقة بشهادة شهود على سماع لوفاته على ما يجب كتبه في شهادة السماع، وكان ذلك بعد مدة يتقرر فيها بت العلم بوفاته والقطع بها، وأظن أن ذلك كان منه نحو من ثمانية أعوام، فرد ذلك، ولم يقبله. ولحوق الريبة فيها يطالبها: الباجي مع الشيخ عن المجموعة لابن القاسم: إذا شهد رجلان على السماع، وفي القبيل مائة من أسنانهم لا يعرفون شيئاً من ذلك، لم تقبل شهادتهم إلا بأمر يفشو، ويكون عليه أكثر من اثنين، إلا أن يكونا شخصين قد باد جيلهما فتجوز شهادتهما. وفي شرط تمامها بيمين المشهود له بها طرق فيها مسألة الغائب يقدم أن شهادة السماع للحائز يقطع حق القائم عليه، فظاهره دون يمين، وتقدم نقل اللخمي قولي ابن القاسم وأشهب في مسألة العفو من الأرض.

باب تحمل الشهادة

وقال ابن محرز: لا يقضى لأحد ممن يقضي له بشهادة السماع إلا بعد يمينه؛ لأن السماع يحتمل كونه عن شهادة واحد، والشاهد الواحد لا يقضى به إلا مع يمين الطالب. وعزا تبن الحاجب هذا للتونسي، وقبله ابن عبد السلام، ولا أعرفه لابن محرز وعند نقله ابن شاس. باب تحمل الشهادة ... عرفاً: علم ما يشهد به بسبب اختباري، فيخرج علمه دون كمن قرع

أذنه صوت مطلق، ونحوه من قول يوجب على قائله حكماً، فالمعروض للتكليف به الأول لا الثاني، وهو فرض كفاية. الشيخ في المجموعة عن مالك: قوله تعالى: {وَلا يَابَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا} [البقرة:282]

إنما هو من يدعى للشهادة بعد أن شهد، ومثله لابن حبيب عن رواية مطرِّف. قال مالك في المجموعة: وأما قبل أن يشهد فأرجو أن يكون في سعة إن كان، ثم من يشهد، وليس كل الأمر يجب الرجل أن يشهد عليه، وقاله ابن كنانة. وقال: إن لم يجد غيره، وخاف أن يبطل حقه إن لم يشهده، فعليه أن يجيب، وإن وجد غيره مستعتباً فهو بالخيار، وكذا الكاتب يدعى إلى أن يكتب، ودعي مالك، وقد دخل السوق إلى شهادة، فلم يجب واعتذر لمن دعاه فقال: أخاف أن يكون في أمرك ما لا أرى أن أشهد به، فيقتدي بي من حضر فقبل منه، وفي «نوازل سَحنون» إنما الآية فيمن عنده [علم قد أشهد عليه، ومن لم يكن عنده] فهو في سعة إن كان بالبلد غيره ممن يشهد. ابن رشد: الدعاء ليشهد على الشهادة، ويستحفظها فرض كفاية كالجهاد، وصلاة الجنازة فمن كان بموضع ليس فيه من يحمل ذلك عنه تعين عليه، ومن أهل العلم من أوجب الشهادة على كل من دعي إليها لقوله تعالى: {وَلا يَابَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا} [البقرة:282] وليس بصحيح؛ لأن الشاهد لا يصح أن يسمى شاهداً إلا بعد أن يكون عنده علم بالشهادة لا قبل ذلك. قلتُ: ذكر ابن عبد السلام هذا الذي احتج به ابن رشد سؤالاً، وتعقبه عنه بقوله. فإن قلت: الشاهد حقيقة من تحمل الشهادة لا من طلب منه تحملها على ما تقرر في أصول الفقه في مسائل الاشتقاق، فيترجح حمل النهي في الآية على الإباية من أداء الشهادة؛ لأنه حمل الكلمة على حقيقتها، وعلى ما قلتموه يكون حملاً لها على مجازها. قلت: قال بعض حذاق المتأخرين: ذلك للتفصيل في المشتق إنما هو إذا كان الوصف محكوماً به، وإن كان متعلق الحكم كقوله تعالى: {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ} [التوبة:5] فهو حقيقة في الجميع فيما حصل، وفيما يستحصل، فالشاهد في هذا الموضع حقيقة فيمن تحمل الشهادة، وفيمن هو متهيأ لتحملها. قلت: قوله: فالشاهد في هذا الموضع حقيقة فيمن تحمل الشهادة، وفيمن هو متهيئاً لتحملها؛ وهم مشأ عدم تحقيقه فهمه كلام من عبر عنه ببعض حذاف المتأخرين، وهو القرافي، وبيانه بذكر كلامه، وتقرير فهمه بما يجب.

قال: هي مسألة المحصول في إطلاق اللفظ المشتق على مسماه ما نصه: الأقسام ثلاثة اثنان مجمع عليهما إطلاق اللفظ المشتق، ومسمى المشتق منه مقارن حقيقة إجماعاً كتسمية الخمر خمراً، وإطلاقه وهو مستقبل مجاز إجماعا كتسمية العنب خمراً، وإطلاقه وهو متقدم فيه مذهبان: أصحهما المجاز، ثم قال: سؤال هذه الأزمنة الثلاثة إنما هي بالنسبة إلى زمن الإطلاق، فعلى هذا يكون {قوله فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ} [التوبة:5] {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ} [المائدة:38] {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي} [النور:2] ونحوه من نصوص الكتاب والسنة لا يتناول الكائن في زماننا من هذه الطوائف إلا مجازاً؛ لأن زمانهم مستقبل بالنسبة إلى زمن الإطلاق، وهو زمن نطق رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك فيتعلل عليهما الاستدلال؛ لأن الأصل عدم المجازة في كل واحد منها، فيفتقر في كل دليل إلى دليل يدل على التجوز إلى تلك الصورة، وهو خلاف الإجماع، بل أجمع العلماء على أن هذه الألفاظ حقائق في هذه المعاني، ثم قال: الجواب عنه أن المشتق على قسمين: محكوم به ومتعلق الحكم فالمحكوم به نحو: (زيد صائم)، فقد حكمنا عليه بهذا المشتق، ومتعلق الحكم نحو: (أكرم العلماء) فلم يحكم بأن أحداً عالم؛ بل حكمنا بوجوب الإكرام لهم، وهذا متعلق هذا الحكم، ومرادنا في هذه المسألة المشتق إذا كان محكوماً به، إذا كان متعلق الحكم فهو حقيقة مطلقاً من غير تفصيل، والله تعالى لم يحكم في تلك الآيات بأن أحداً أشرك، ولا سرق بل حكم بوجوب القتل والقطع والجلد فقط، وهذه الطوائف متعلق الأحكام؛ فاندفع الإشكال، وكل من تحدث في هذه المسألة يذكرها عموماً، وهذا باطل إجماعاً، وبالضرورة كما ترى. قلت: ففهم الشيخ ابن عبد السلام من قول القرافي فهو حقيقة مطلقاً من غير تفصيل أنه لا يشترك في صدق المشتق على مسماه إذا كان متعلق الحكم حصول المعنى بالفعل في الذات التي أطلق عليها المسمى في وقت الحكم ولا قبله ولا بعده حين تعلق الحكم بالذات التي أطلق عليها المشتق وقبله منه، ولذا قال: فالشاهد في هذا الموضع حقيقة في من تحمل الشهادة، وفيمن هو متهيء لتحملها من غير تفصيل، وهذا إن أراده القرافي فهو؛ وهم منه معه، وظني أن مراد القرافي أنه لا يشترط حصول المعنى في

باب أداء الشهادة

الذات التي أطلق عليها المشتق زمن الحكم، وأنه لابد مع ذلك من شرطية حصوله فيه عند تعلق الحكم به؛ لأنه لو كان الأمر كما فهمت لزم ثبوت الحكم بالقطع في السرقة، والجلد في الزاني بمجرد تهيئته للاتصاف بالسرقة والزنا وأمثالها، كما زعم أن حكم النهي عن الإباية في قوله تعالى: {وَلا يَابَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا} [البقرة:282] هو أنه متعلق لمن هو متهييء لتحملها، وهذا باطل بالإجماع والضرورة، وقول القرافي كل من تحدث في هذه المسألة يذكرها عموماً، وهو باطل. قلت: كل من ذكرها فيها علمت كالفخر والآمدي والسراج وغيرهم ممن له مشاركة في المنطق تدل على القطع بإحاطتهم بتحقيق مسألة صادقية العنوان على ذات المحكوم عليه، وهو المعبر عنه في هذه المسألة بمتعلق الحكم، ومن شرط العنوان عندهم صدقه بالفعل على الذات لا بالقوة خلافاً للقرافي، وهذا نص لشرط حصول المعنى في الذات التي أطلق عليها المشتق من حيث كونه متعلقاً للحكم، فعلمهم إنما لم ينبهوا على هذا الذي زعم القرافي أنه انفرد بذكره؛ اتكالا على ما علم من شرط صدق العنوان على الذات والله أعلم. باب أداء الشهادة والأداء عرفاً: إعلام الشاهد الحاكم بشهادته ما يحصل له العلم بما شهد به.

في النوادر لأشهب: قوله: (هذه شهادتي) أداء لها. وقال القرافي: لفظه أؤدي مع أنه إنشاء لا خبر. قال: فلو قال: (وديت) لم يفد عكس لفظ الإنشاء في: بعت واشتريت وأبيع، وأشتري لغو. قلت: الأظهر أنه يعرف تقرر لا لذات حقيقة الأداء وغيره، والأظهر أن الإشارة المفهمة في ذلك تكفى، وشهدت بعض النفتنين أداها إشارة، فلم يقبلها منه من أداها إليه، وهو واجب عيناً على من لم يزد على عدد من يثبت به المشهود به، وواجب كفاية على من زاد عليه حاضرا كواحد من ثلاثة في الأموال، وما يقبل فيه اثنان، ومن خكسة فصاعداً في الزنا. قلت: يتأكد الأداء ويتعين على واضع شهادته لا ثالثاً غير عالم بعطف غيره عليه، لدخوله على موجبه، ويخف طلبه على واضعها ثالثاً فصاعداً إن حضر ممن قبلها يثبت الحق به. ابن شاس: إن كانوا اثنين قد تعينا إن امتنع أحدهما، وقال: أحلف مع الآخر أثم. قلت: وترك أخذ العوض عن مؤنة تحمل الشاهد شهادته، وأدائها واضح. وفي جواز أخذه عن التحمل خلاف. قال ابن المناصف: قال بعض العلماء: يجوز للشاهد أخذ الأجرة على أداء الشهادة، وإن كانت تعينت عليه إن كان اشتغاله بأدائها يمنعه من اشتغاله بما يقوم به أوده. قلت: وهو أحد الأقوال في جواز أخذ الأجرة في الرواية على الإسماع أو السماع الجواز والمنع والتفصيل. وفي نوازل سَحنون قيل له: أرأيت الشاهدين يأتيهما صاحب الشهادة أن يشهدا له، فيقولان: الهبوط إلى الحاضرة يشق علينا إلا أن تتفق علينا، وتعطينا دواب

نهبط عليها. قال: إن كان مثل الساحل منا كتب القاضي لرجل يشهد عنده الشهود، فيكتب بشهادتهم، ولا يعني المشهود إليه بالقدوم، ولا ترى هذه ولاية للمشهود عنده. قال: لا يستغني القاضي عن مثل هذا. قيل له: كم بعد الساحل من هنا؟ قال ستون ميلاً فإن كان الشهود على بريد أو بريدين ويجدون الدواب والنفقة، لم يعطهم رب الحق دواب ولا نفقة؛ فإن فعلوه بطلت شهادتهم، فإن لم يجدوا نفقة ولا دواب، فلا بأس أن يكري لهم، وينفق عليهم. ابن رشد: أصل هذه المسألة قوله تعالى: {وَلا يَابَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا} [البقرة:282]؛ لأن معناه عند أهل العلم جميعاً فيما قرب دون ما بعد، خصص عموم القرآن بالإجماع، فإن كان الشاهد بحيث يلزمه الإتيان لأداء شهادته؛ وجب علبه ركوب دابته وأكل طعامه، فإن أكل طعام المشهود له، وركب دابته سقطت شهادته؛ لأنه أرشى عليه بذلك، وخفف ذلك ابن حبيب إن كان ذلك قريباً، وكان أمراً خفيفاً، وينبغي أن يحمل على التفسير لقول سَحنون فالقريب الذي يلزمه الإتيان لأداء شهادته قسمان: قريب جداً تقل فيه النفقة ومؤنة الركوب هذا لا يضر الشاهد ركوب دابة المشهود له، وإن كانت له دابة، ولا أكل طعامه. وغير قريب جداً تكثر فيه النفقة، ومؤنة الركوب، هذا تبطل فيه شهادته إن ركب دابة المشهود له وله دابة أو أكل طعامه عند سَحنون. وقيل لا تبطل شهادته بذلك، وهو ظاهر نقل ابن حبيب عن مطرف، وأصبغ في الشاهد يشهد في الأرض النائية فيحتاج إلى تعيينها بالحيازة لها؛ أنه لا بأس أن يركب دابة المشهود له ويأكل طعامه، وهو الأظهر إذ ليس ما يصير إلى الشاهد من هذا ما لا يتمول، وإن كان الشاهد لا يقدر على النفقة، ولا على اكتراء دابة، وهو ممن يشق عليه الإتيان راجلاً لم تبطل شهادته إن أنفق له المشهود له أو اكترى له دابة، وقيل: تبطل شهادته بذلك إن كان مبرزاً في العدالة، قاله ابن كنانة.

وإن كان الشاهد من البعد بحيث لا يلزمه الإتيان لأداء الشهادة، وليس للقاضي من يشهد عنده بموضعه الذي هو به، فلا يضره أكل طعام المشهود له، وإن كان له مال، ولا ركوب دابته، وإن احتجب السلطان عن الشاهد لم يضره إنفاق المشهود له مدة انتظاره إن لم يجد من يشهد على شهادته وينصرف. وقيل: تبطل شهادته بذلك لتوفيرهم به النفقة على أنفسهم، وهو الأظهر، فانظر أبدا إن أنفق المشهود له على الشاهد حيث لا يلزم الشاهد الإتيان إليه ولا المقام؛ جاز وإلا لم يجز ذلك إلا فيما يركبه إن لم تكن له دابة، ولم يقدر على المشي. قلت: ما نقله من إبطال شهادته إن كان مبرزاً كذا وجدته في غير نسخة واحدة، وقبل ابن رزقون قول قول ابن كنانة مطلقاً، قال: وقال ابن كنانة: تبطل شهادته بذلك، ولم يذكر تبريزاً، فإن قلت: شرط التبريز في إسقاط شهادته يدل على أنه إن لم يكن مبرزاً بم تسقط شهادته إذا كانت من غير مبرز، كقولها في شهادة الأخ لأخيه تجوز إن كان مبرزاً فجعل التبريز مبطلاً لقدح الأخوة في قبول الشهادة، وجعل التبريز هنا موجباً؛ لأن يقدح في شهادة المبرز ما لا يقدح في شهادة غيره، ويجاب بأنه رأى هذا الوصف في المبرز خسة؛ لأن تبريزه يأبى ذلك كما يقال حسنات الأبرار سيئات المقربين، ولذا والله أعلم حكى ابن الحاجب هذا القول معكوساً فقال: وقيل: تبطل في غير المبرز، ولم يتعرض ابن عبد السلام ولا ابن هارون لشيء من هذا، واستمر عمل الناس اليوم، وقبله في إفريقية وغيرها على أخذ الأجرة على تحملها بالكتب فيمن انتصب لها، وترك التسبب المعتاد لأجلها، وهو من المصالح العامة، وإلا لم يجد الإنسان من يشهد له بيسر، وأخذها ممن يحسن كتب الوثيقة فقهاً، وعبارة على كتبه وشهادته لا يختلف فيه، ويكون أخذه الأجرة على نحو ما ذكره غير واحد كابن المناصف قال: اختلف في أخذ الأجرة على كتب الوثائق منعه قوم، وأجازه آخرون وهو ظاهر الآية، قال: اختلف في أخذ الأجرة على كتب الوثائق منعه قوم، وأجازه آخرون وهو ظاهر الآية، والأولى لمن قدر، واستغنى ترك الأخذ وعلى الآخذ تكون الأجرة معلومة مسماه، وتجوز بما اتفقا عليه من قليل وكثير ما لم يكن المكتوب له مضطراً للكاتب، إما بقصر القاضي الكتب عليه لاختصاصه

بموجب ذلك، وإما لأنه لم يجد بذلك الموضع غيره فيجب على الكاتب أن لا يطلب فوق ما يستحق، فإن فعل فهي جرحة، وإن لم يوافق الكاتب المكتوب ففيه نظر، وهو عمل الناس اليوم، وهو عندي محمل الهبة على الثواب، فإن أعطاه قدر أجره المثل في ذلك لزمه قبوله، وإلا كان نخيراً في قبول ما أعطاه وتمسكه بما كتب له إلا أن يتعلق بذلك حق للمكتوب له، فيكون فوتا ويجبران على أجر المثل، وما زال الناس يعيبون أخذ الأجرة في أكثر حوانيت الشهود بتونس؛ لأنهم يقسمون ما يحصل لهم من الأجرة آخر عملهم على ثلاثة أجزاء: جزأين للشهيدين، وجزء للموثق، وهو أكثر من واحد، وربما صرح بعضهم بحرمة فعلهم، ولقد أخبرني بعض من يوثق بخبره أن القاضي أبو علي بن قداح لبناً فشربه، ثم اجتمع به بعد ساعة من شربه فتحدثا، فأخبره صهره أن ذلك اللبن أهداه له فلان، فذكر له بعض شهود تونس اللذين يأخذون الأجرة في شهادتهم، فقام فقاء ذلك اللبن، واستغرب هذا المخبر حاله، لأنه لما شهد طلع الحانوت، وكان يأخذ الأجر على شهادته، ثم أخبرني من أثق بخبره أن الشاهد الذي كان يشهد معه والموثقين كانوا يعطونه كل يوم ديناراً ذهباً، ويأخذ كل موثق منهم أكثر من ذلك وكان الموثقون ثلاثة أو أكثر. قلت: فسلمه الله من القسمة الفاسدة المتقدم ذكرها. والمذهب أن اليمين مع الشاهد في الحقوق المالية كشاهدين في الموطأ قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم باليمن مع الشاهد. أبو عمر: هذا مرسل، وأسنده جماعة ثقاة عن جابر يرفعه، وروى مسلم بسنده

عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى بيمين وشاهد، وذكر العقيلي عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى بشاهد ويمين في الحقوق. عبد الحق في سنده: مطرف بن مازن ضعيف، ورماه ابن معين بالكذب. وقال أبو أحمد الجرحاني فيه: لم أر فيما يرويه شيئاً منكراً. أبو عمر: لم يخرج البخاري حديث مسلم، ورواه أبو هريرة من طرق كثيرة وزيد بن ثابت وعبد الله بن عمرو بن شعيب، وكلها من طرق متواترة، وهو قول جمهور العلماء بالمدينة، ولا يعرف المالكيون في كل بلد غيره إلا أن يحيى بن يحيى بالأندلس تركه، وزعم أنه لم ير الليث يفتي به، ولقول مالك: قال جلة من العلماء بالعراق: وهو قول الشافعي وقال أبو حنيفة والأوزعي: لا بقضى به. وقال محمد بن الحسن: يفسخ القضاء به؛ لأنه خالف القرآن، وهذا جهل وعناد، وإنما هو زيادة بيان كنكاح المرأة على عمتها وخالتها مع قوله تعالى: {وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ} [النساء:24] الباجي: إن قالوا يحتمل أن يكون قضى بيمين المطلوب مع شاهد المدعي. قيل: قوله باليمين مع الشاهد ظاهرة أنها من جهة واحدة. ابن رزقون: حديث مسلم أنه صلى الله عليه وسلم قضى بيمين وشاهد بالتنكير يرفع الإشكال. الشيخ: وروى المحمدون إنما يجوز الشاهد واليمين في الأموال دون العتق والطلاق والحدود. زاد بن سحنون: والنكاح والقتل. ابن حبيب: روى مطرف يجوز اليمين مع الشاهد في الحقوق والجراح، عمدها وخطئها، وفي المشامتة ما عدا الحدود.

قلت في رسم القضاء من سماع أشهب: لا أرى أن يحلف مع الشاهد بالشتم. ابن رشد: ما روى عن مطرف أنه يحلف مع شاهده في الفرية، ويحد له شذوذ ويتخرج غي المسألة قول ثالث أنه لا يحلف مع شاهده في الفرية، ويحلف معه فيما دون الفرية من الشتم الذي، وفي القصاص من جراح العمد بالشاهد والمين، ثالثها: فيها صغر من الجراح لا فيما عظم كقطع اليد لمالك في أقضيتها، ولابن القاسم في شهاداتها، ورواية ابن الماشجون مع قوله وقول سحنون. وذكر الباجي عن ابن الماشجون: أن صغير الجراح كالموضحة والأصبغ، وشبهه مما يؤمن معه على النفس. وحكى المارزي أيضاً الثلاثة الأقوال، وفي الموطأ معها إن نكل ذو الشاهد عن الحلف معه، حلف المطلوب وبريء، فإن نكل غرم الحق. وفيها: ويحلف الطالب مع شهادة امرأتين في الأموال فوجهوه بقوله تعالى: {فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ} [البقرة:282]، ولغوه في العتق يوجب يمن الشهود عليه على رد الشهادة، فإن نكل فقال الباجي في عتقه عليه وحبسه أبدا حتى يحلف، ثالثها: إن طال حبسه ترك؛ لرواية ابن القاسم مع أول قولي أشهب، ولمالك مع سحنون وابن نافع وابن القاسم قائلاً: والسنة طول، وعلى الزوج كذلك، فلإن نكل الثلاثة لقائلها، ورابعها: يسجن ويضرب له أجل الإيلاء، فإن انقضى طلق عليه، وخامسها: هذا بعد طول سجنه. الباجي عن النوادر عن ابن نافع: ولابن مزين عن رواية محمد بن خالد عنه قال يحيى: وقال أبو زيد: قاضي المدينة مثله. قلت: في آخر الأيمان بالطلاق منها أقامت امرأة بطلاقها شاهداً أو امرأتين ممن تجوز شهادتهما في الحقوق منع الزواج منها حتى يحلف. قال مالك: فإن نكل طلقت عليه مكانه، وعدتها من يوم الحكم، وروى عنه أنه يحبس أبداً حتى يحلف أو يطلق.

قال ابن القاسم: وبلغني عنه أنه إن طال سجنه دين، وخلى بينه وبينهما، وهو رأيي. عياض: قوله إن كانتا ممن تجوز شهادتهما عليه في الحقوق. زاد في كتاب الشهادات؛ يريد، إلا أن تكون مثل أخواتها وجداتها، ومن هو منها بظنة، وزاد في كتاب العتق: أو عمتها أو خالتها، وليس هذا بمنزلة الحقوق؛ يريد: لأن هذا لو شهدن لها به في الحقوق جازت، ولكن يتهم النساء في هذا الباب لعصبية بعضهن لبعض، ولعياض في كتاب الشهادات: ولحمد يس عن أشهب: أن عليه اليمين في شهادة الأمهات والبنات والقرابات عليه بالطلاق بموجب اليمين عنده بالشهادة اللطخ كاللوث، فلا تعتبر التهمة. وفي الأيمان بالطلاق: ومن ادعى نكاح امرأة، وأنكرت ذلك فلا يمين له عليها، وإن أقام شاهداً لا تحبس، ولا يثبت نكاح إلا بشاهدين هذا لفظ التهذيب، وهي في المدونة مقيسة على دعوى المرأة الطلاق، وفيه نظر لتكرر دعوى الطلاق دون النكاح. ابن رزقون: قال عبد الملك في الثمانية: من أقام شاهداً على رجل أنه زوجه ابنته البكر حلف الأب، فإن نكل سجن حتى يحلف، وله أن يزوجها في السجن من رجل آخر حتى يحلف، ولا مقال للابنة في ذلك، وإن كانت ثيباً فليس عليه يمين. وقال أصبغ: لا يمين على الأب بحال. المارزي: منصوص المذهب من أقام شاهداً واحداً بنكاح امرأة أنكرته أن لا يمين عليها، وفي الموازية: لا يمين في دعوى النكاح على امرأة الرجل، ولا عليه لها ما لم يقم بذلك شاهد واحد بعض الأشياخ وجوب اليمين على المنكر منهما بالشاهد الواحد. المارزي: وليس هذا بنص بل دليل خطاب لكن وقع في المذهب فيمن عقد نكاحاً لرجل على امرأة، أو لامرأة على رجل، فأنكر الزوج أو الزوجة الوكالة أنهما يحلفان. وفي الواضحة: لو تعلق اليمين هنا بدعوى الوكيل على الزوج، أنه وكله لتضمن ذلك إلزامه صداقاً ونفقة، ولا تتعلق اليمين على المرأة إذ لا يباح فرجها بمثل هذا،

فأخذ من هذا بعض أشياخي وجوب الحلف مع الشاهد، وفي هذا التخريج نظر؛ لأن المدعى عليه الوكالة لو صدقها كان النكاح منعقداً؛ لأن النزاع في إذنه في الوكالة، والعقد بين الوكيل والزوجة ثابت بشاهدين. قلت: الذي أشار إليه بالتخريج هو اللخمي ونصه: من أقام شاهداً واحداً على نكاح لم يحلف معه، واختلف في يمين الشهود عليه، فقال ابن القاسم: لا يمين عليه، وقال في الموازية: فذكر ما تقدم إلى قوله: ما لم يقم بذلك شاهد. قال اللخمي: يريد فيحلف المشهود عليه من رجل أو امرأة. وقال فيمن زوج رجلاً أو امرأة وزعم أنه وكيل على ذلك، فأنكر المدعى عليه الوكالة بعد أن قدم: إنه يحلف الرجل والمرأة أنه لم يوكله، فإذا كان حلف بدعوى الوكالة مع كون الوكيل غير عدل، وهو مدفع عن نفسه التعدي كان أحرى أن يحلف المدعى عليه مع الشاهد العدل. وقال ابن حبيب: يحلف الرجل أنه ما وكل، ولا تحلف المرأة أنها ما وكلت؛ لأنها إن نكلت لم تكن زوجة. وأرى أن تطلبه باليمين رجاء أن تقر، ويحلف هو إن ادعت عليه الوكالة؛ لأن المطلوب منه مال، فإن نكل حلفت وغرم بنصف المهر على قول ابن القاسم؛ إلا أن يجب هو البقاء على النكاح، فيحضر الولي ويجدد العقد. وإن شهد شاهد بعد موت الزوج أو الزوجة، فقال ابن القاسم: يحلف المشهود له، وتستحق الإرث والصداق إن كان الشاهد لها. وقال أشهب: لا يستحق ذلك إلا بشاهدين. وقول ابن الحاجب: ويطالب المشهود عليه بالشاهد في النكاح والطلاق والعتاق بأن يقرأ أو يحلف؛ فإن امتنع فالأخيرة أن يحبس لهما، إلا أن يحكم بالشهادة. وقال ابن القاسم: يحبس سنة. وقول سحنون: (أبداً) يقتضي أن المذهب حلفه في النكاح، وليس كذلك، حسبما

تقدم من لفظ المدونة وغيرها، وإنما الحلف قول غير المشهور. وظاهر قوله: (إلا أن يحكم بالشهادة) أن في النكاح على الرواية الثانية تعجيل الحكم بالشهادة، وهذا غير موجود في المذهب. وما ذكرناه أورده ابن عبد السلام على ابن الحاجب سؤالين، ثم قال: ويحتمل أن يرجع الضمير المجرور من قوله: (يحبس لهما) على المرأة ?في الطلاق?وعلى العبد?في العتق?فيسقط السؤالان لخروج مسألة النكاح. قلت: قوله: (يطالب في النكاح والطلاق والعتاق بأن يقر أو يحلف) نص في مطالبته بالحلف في النكاح فامتنع سقوط السؤال فيه، وقوله: (فإن امتنع) ظاهره أو نصه أن الضمير الفاعل المستكن في (امتنع) عائد على ما عاد عليه الضمير في (يحلف) فحينئذ إن جعل الضمير في (لهما) عائداً على (المرأة) في الطلاق، وعلى العبد (العبد) في العتق، ففي الشرط في النكاح، وهو فرض الامتناع فيه، والحلف لا جواب له فتأمله. اللخمي: وإن شهد شاهد بتمليك فهو كشاهد بطلاق يحلف ويبرأ. ويختلف إن نكل واختارت الطلاق هل يطلق عليه؟ وإن شهده بخلع؟ فإن كان القائم به الزوج فهو كشاهد بمال يحلف معه. ويأخذه؛ لأن الطلاق بيده، وهو مقر به، وإن كانت المرأة هي القائمة كان كشاهد على طلاق، وإن شهد على نسب أو ولاء لم يحلف معه إن كانت الشهادة على حي، وإن كانت على ميت ليرث منه?وللميت ولد ثابت النسب أو مولى معروف? فأثبت هذا أنه ولد الميت أو أنه مولى مع الأول؛ حلف من ثبت نسبه أو ولاؤه، وكان أحق بالميراث، واليمين إن ادعى الطلبي المعرفة. واختلف إن لم يكن هناك نسب ثابت سوى الطاريء هل يحلف ويرث؟ أو يكون الإرث لبيت المال؟ وأرى أن من أقام شاهداً أولى. وقال ابن القاسم: من ادعى على رجل أن عبده، فأنكر وقال: أنا حر؛ أنه ليس له أن يحلفه، إلا أن يقيم شاهداً فيحلف ويستحق. قال سحنون: ليس له ذلك إن كان معروفاً بالحرية، وأرى إن لم يكن معروفاً

بحرية ولا عبودية أن يخلف ويستحق، وإن كان مشهوراً بحرية، وأنه ابن فلان الحر لم يستحق بشاهد ويمين، ولا بشاهدين، ولا بشاهدين، إلا أن يثبت استحقاقه أمه، أو شبهه مما يخفى، ويبطل ما كان معروفاً به. قال: وإن شهد بزنا على المعاينة أو الإقرار حد. واختلف إن نقل ذلك عن غيره؛ فقال ابن القاسم: يُحَدّ. محمد: لا يحد إن قال: (أشهدني فلان)، إلا أن يقول: (هو زان)، وهذا أحسن؛ لأن من قال: (أشهدني فلان)، ولم يقل: (هو زان) ليس بقاذف. قلت: إن لمم يكن قذفاً فهو تعريض، ولا سيما إن كان الشاهد يعلم حكم نصاب بينه الزنا. وإن قال: رأيت فلانا مع فلانة أو بين فخذيها؛ فقال ابن القاسم: يعاقب الشاهد. وقال غيره: لا يعاقب. ورابع: إن كان المشهود عليه ممن يظن به ذلك لم يعاقب الشاهد، وإن كلن ممن لا يظن به ذلك عواقب الشاهد. ومن شهد على رجل أنه شرب خمراً ففيها: ينكل الشاهد. وقال فيمن شهد على رجل بالسرقة: إن كان لها من يطلبها لم يعاقب?يريد: وإن كان غير عدل? قال: وإن لم يكن لها من يطلبها، والشاهد عدل لم يعاقب، وإن لم يكن عدلاً عوقب. وعلى قوله في عقوبة الذي قال: (رأيته بين فخذيها) يعاقب الشاهد هنا، وإن كان عدلاً. ولمالك في المبسوطة: من شهد بالسرقة أو شرب الخمر لم يعاقب. ولابن نافع في كتب المدنيين: إن شهد بذلك على من له هيئة نكل، وإن كان ممن يتهم بذلك فلا شيء عليه، فأوجب العقوبة الأول قياساً على شاهد الزنا، وأسقطها في القول الآخر؛ لأن الأصل إذا سقطت البينة عدم العقوبة.

والحد على من شهد بالزنا تسليم لقول عمر. والتفريق بين العدل وغيره لتهمة غير العدل بإذاية المشهود عليه. وأرى أن يعاقب غير العدل إن كان المشهود عليه لا يظن به ذلك، ولا غير العدل إن شهد على من يظن به ذلك. وإن شهد بقذف أحلف المشهود عليه. ويختلف إن نكل هل يحد أو يسجن؟ أبداً حتى يحلف؟ أو يطلق بعد سنة؟ قياساً على الطلاق، والجراح هل يطلق عليه أو يقتص منه. وإذا ثبت اليمين على مشهود عليه لنكول المشهود له، أو لأنه لم يمكن من اليمين على القول الآخر، فنكل المشهود عليه سجن أبداً حتى يقرأ أو يحلف، وعلى القول الآخر يخرج بعد سنة. وقال أشهب: يقطع، وذكر ذلك عن ابن القاسم في كتاب الأقضية في بعض روايات المدونة. وأرى أن يسجن أبداً حتى يقر أو يحلف إلا أن يكون الشاهد مبرزاً، والمشهود عليه ممن يظن به فيقتص منه. قلت: هذا كله إنما هو في الشاهدة إذا أتى يشهد من قبل نفسه، ولو كان القاضي هو الذي استدعاه للشهادة رجاء ضم غيره إليه؛ وغيره مما لا يثبت به. ذكر مالك من هذا النوع ?في الموطأ? مسائل منها ما يؤدي إلى فسخ نكاح، أو ثبوت عتق، أو سقوط حد؛ كشاهد ويمين على زوج أمه أنه ابتاعها يثبت الشراء ويفسخ النكاح؛ لأنه لو لم يكن ذلك ذلك لزم إلغاء بالشاهد واليمين في الأحوال، أو اجتماع الملك والنكاح وكلاهما خلاف حكم الشرع؛ ولأن متعلق الشاهد واليمين إنما هو المال والفسخ بحكم الحاكم بالمال لا بالشاهد واليمين. ومنها شهادة شاهد لمكاتب بأنه قضى النجدم الآخر لسيده، وقبول الشهادة هنا آكد؛ لأن العقد به العتق ثبت على السيد بشاهدين.

ومنها رفع الحد كشاهد ويمين برق من قذف وهو ظاهر الحرية. قال ابن الحاجب: وأما الشاهد بالقضاء بمال فالمشهور لا يمضي، وله إستحلاف المطلوب؛ فإن نكل لزمه بعد يمين. قال ابن عبد السلام: هذا كلام فيه نظر، والذي حكاه الباجي وغيره أن القولين فى قبول كتاب القاضي بشاهد ويمين؛ لأنه حق ليس بمالي يؤول إلى مال، ودعو أحد الخصمين على الآخر أن القاضي حكم عليه بمال هي دعوي بمال حقيقة لا ينبغى أن يختلف فيها، وبتقدير أن يكون الأمر على ماحكاه المؤلف فكيف بمنع قبول الشاهد واليمين! ويقبل فيه النكول واليمين، والثاني أضعف من الأول على أصل المذهب. قال في أقضية المدونه: وللطالب أن يحلف المطلوب أن هذه الشهادة التي في ديوان القاضي ما شهد عليه بها أحد، فإن نكل حلف الطالب، وثبتت الشهادة، ثم ينظر فيها الذي ولي بما كان ينظر المعزل. قلت: إنكاره وجود الخلاف بقوله لا ينبغى أن يختلف فيه، وبما ذكره عن الباجي يرد بأن مافهمه عن الباجي ليس كذلك، وبشهرة ذكر الخلاف فيه من كلام الأشياخ. أما رد فهمه عن الباجي؛ فلقول الباجي ما نصه: فإن تعلقت الشاهدة بالعقود التي لا تختص بالمال، والمقصود منها المال كالشهادة على حكم قاض، فروى ابن حبيب عن الماجشون لايثبت كتاب قاض إلى قاض بشاهد ويمين، وإن كان في مال. وقال مطرف: يحلف مع شاهده، ويثبت له القضاء. قلت: فقوله كالشهاده على حكم قاض نص منه على الخلاف في حكم القاضي، ويبقى محل النظر في أخذ الباقي، ذلك من مسألة كتاب القاضي. وأما شهرة الخلاف فيه من كلام الأشياخ ففيى النكاح الثاني منها: وإذا فرض القاضي للزوجة، ثم مات أو عزل فادعت المرأة قدراً، وادعى الزوج دونه، فالقول قوله إذا أشبهنفقة مثلها، وإلا فقولها فيما يشبه. عياض: قال بعض أصحاب سحنون: مذهب ابن القاسم أنه لا يمين على من أشبه قوله منهما إذ لا يحلف على حكم حاكم مع شهادة شاهد، وذهب بعضهم إلى

معنى قوله في الكتاب مع يمينه، وهو الظاهر وأنه حجة لجواز الحلف مع الشاهد على قضاء القاضي، ونبه على ذلك فى كتاب ابن سهل خلاف ما قال بعض أصحاب سحنون، وما لابن القاسم في العتبية قوله هو سماع عيسى ابن القاسم قيل له فإن أقام شاهداً على أمر القاضي وقضائه هل يحلف مع شاهده؟ قال: لا يحلف مع شاهده على شهادته، ولا يجوز فى ذلك إلا شاهدان؛ لأنه من وجه الشهادة على الشهادة، والشهادة على قضاء القاضي بشهادة على شهادة فلا يجوز في ذلك إلا شاهدان. ابن رشد: قوله: (إن المقضي له لايحلف مع شاهده على أمر القاضي وقضائه) هو على خلاف أصله في المدونة لوقوله فى أقضيتها: إن القاضي إذا عزل، وقد شهد الشهود عنده، وأثبت ذلك في ديوانه، ولم تقم على ذلك بينة أن المشهود عليه يحلف بالله ما هذه الشهادة التي فى ديوان القاضي مما شهدت به الشهود علي؛ فإن نكل حلف المشهود له؛ وثبتت الشهادة، فإذا كان يستحق ذلك باليمين مع النكون فأحرى أن يستحقه باليمين مع الشاهد، ولافرق بين ذلك وبين الحكم، لأنه شعبة من شعب الحكم. ونحوه في نكاحها الثاني في الزوجين إذا إختلفا في فريضة القاضي، فإذا كانت المرأة تستحق القضاء باليمين مع النكول وجب أن تستحقه باليمين مع الشاهد، وتأول بعض الناس أن قول ابن القاسم في هذه المسألة أنه لا يمين على الزوج إن أي بما يشبه، ولا على الزوجة إن أتي الزوج بما لايشبه، وأتت هي بما يشبه على قياس قول ابن القاسم في هذه الرواية. وفي الواضحه: إن حكم الحاكم لا يستحق باليمين مع الشاهد، وهو تأويل بعيد، وظاهر المدونة: أنه يستحق بهما، وهو قول مطرف وأصبغ، ويجوز فيه على قول ابن القاسم: شاخد وامرأتان؛ لأنه إذا أجاز ذلك في الشهادة على الشهادة، وفي الشهادة على الوكالة فأحرى أن يجيزه في حكم القاضي إذا قد أجيز فيه الشاهد واليمين، ولا خلاق أنه لا يجوز شاهد ويمين في الشهادة على الشهادة، ولا في الشهادة على الوكالة. وسحنون وابن الماجشون: لايجزان شاهداً وامرأتين في ذلك كله على أصلهما أنه لا يجوز شاهد وأمرأتان، إلا فيما يجوز فيه شاهد ويمين، وكتاب القاضي إلى القاضي لا

خلاف أنه لايجوز فيه شاهد ويمين؛ لأنه كالشهادة على الشهادة. قلت: وقال المازري: ولذا اختلف فى شهادة شاهد واحد شهد عل قاض أنه حكم بمال لزيد على عمرو هل يحلف زيد مع شهادته؟ ويستحق المال أم لا؟ في ذلك قولان، وقول ابن رشد: لا خلاف أنه لايجوز شاهد ويمين في الشهادة على الواله خلاف نقل اللخمي والمازري. قال اللخمي: اختلف إذا شهد على وكالة من غائب هل يحلف الوكيل؟ والمشهور أنه لا يحلف. وهو أحسن، إن كانت الوكالة لحق الغائب فقط، فإن كانت مما يتعلق فيها حق للوكيل؛ لأن له على الغائب ديناً أو ليكون ذلك المال بيده قراضاً أو تصدق به عليه حلف، واستحق إن أقر الموكل عليه بالمال للغائب. وإن وكل على قضاء دين فقضاه بشاهد فجحده القابض حلف الوكيل وبرئ الغريم؛ فإن نكل حلف الطالب وغرم الوكيل إن كان موسراً، وإن كان معسراً حلف المطلوب وبرئ، وكانت تباعة الطالب على الوكيل متى أيسر. قلت: فظاهر لفظ اللخمي أن الخلاف في الشاهد واليمين في الوكالة نص. وقال المازري: معروف المذهب أن الشاهد واليمين لا يقضى بها في الوكالة؛ بل لأن اليمين فيها مع الشاهد فيها متعذرة؛ لأن اليمين لا يحلفها إلا من له فيها نفع، والوكيل لا نفع له فيها، وغن كان وقع في المذهب أن الوكيل يحلف مع شاهده بالوكالة، ويقبض الحق، فتأول الأشياخ هذه الرواية على أن المراد بها وكالة بأجرة، ويأخذها الوكيل، أو يقبض المال لمنفعة له فيه؛ وأشار إلى إجراء القولين في قبول الشاهد واليمين في الوكالة على المال على قولي ابن القاسم وأشهب في قبول شهادة رجل وإمرأتين على وكالة بقبض مال، ولغوها بناء على الحكم فيما ليس بمال يؤول إلى مال يحكم بماله أو يحكم حاله قاله سحنون. أشهب: لايجوز شاهد ويمين في الوكالة على حق.

ابن رشد: قال ابن دحون: يلزم من أجاز شهدة النساء على الوكالة في المال أن يجيز شاهداً ويميناً على الوكالة في المال؛ لأنها تؤول إلى المال؛ وليس ذلك بصحيح إذ ليس كل ما يجوز فيه شاهد وإمراأتان يجوز فيه شاهد ويمين، وإنما القول الذي يقول سحنون وابن الماجشون ما يجوز فيه شاهد ويمين، يجوز فيه شاهد وامأتان، وهما لا يجيزان شهادة النساء في الوكالة على المال. قلت: في رده على ابن دحون نظر؛ لأن ابن دحون لم يسلك في تخريجه سبيل الاستقراء بصدق كلية لصدق أخرى، وإنما سلك سبيل القياس التمثيلي، وهو أن الشاهد واليمين معمول به في المال، فمن حكم في غيره بأن ما متعلقه غير مال، ومآله قال: إنما يحكم فيه بإعتبار مآله موجب أن يكون الأمر كذلك في الشاهد واليمين يجامع حصر الإعتبار في المال دون متعلق الشهادة الغير المآلي، فإن كان ما شهد به الشاهد حقاً لسفيه فطريقان الشيخ والباجي. وروى أصبغ عن ابن القاسم في العتبية: يحلف مع شاهده بخلاف الصبي، فإن نكل حلف المطلوب وبرئ، فإن نكل غرم. قال أصبغ: كالعبد والذمي. ولابن حبيب عن مطرف: يحلف المطلوب ويؤخر؛ فإذا رشد حلف مع شاهده، فإن أبى لم يكن له على المطلوب يمين؛ فجعله كالصغير. قلت: زاد فى النوادر إثر قول مطرف، وقاله كله إبن كنانه وقال قبل ذلك. ولابن سحنون عن ابن القاسم: إن نكل السفيه، وحلف المطلوب فلا يمين إذا رشد، وكذا البكر المولى عليها. وقال ابن كنانة: لهما الرجوع إلى اليمين بعد رضى حالهما، وإن كان الغريم قد حلف. وقال ابن زرقون إثر كلام الباجي: لم يختلف ابن القاسم ومطرف أن السفيه يحلف مع شاهده، إنما اختلفا إذا نكل، وحلف المطلوب، ثم رشد السفيه، فقال مطرف: يحلف بعد رشده، ويقضي له.

وقال ابن القاسم: نفذ الحكم للمطلوب، ولا تعاد اليمين إلى السفيه، وكذا هو نص في الواضحة قلت: ما قاله ابن زرقون هو نص ابن رشد في سماع أصبغ، وعزا لابن كنانة مثل قول مطرف، قال: وهو أظهر من قول ابن القاسم وقال في تفسيره سماع أصبغ: وهذا مما لا اختلاف فيه أن المولى عليه يحلف مع شاهده، وهذا فيما لم يل وليه المبايعة عليه فيه كبيعه سلعة له؛ فينكر المبتاع، ويجحد الثمن، فإن كان دفع السلعة حلف هو مع الشاهد إتفاقاً، فإن نكل حلف المبتاع وغرم هو إذ لم يشهد قيل: القيمة على القول إن الإشهاد لا يلزمه إلا عند دفع السلعة، وقيل: الأكثر من القيمة أو الثمن على أنه يلزمه الإشهاد على الثمن، وإن لم يدفع السلعة؛ فقيل: لا يمين عليه مع الشاهد، ويحلف المولي عليه معه، وقيل إنه هو الذي يحلف، فإن نكل اليمين غرم بعد يمين المشتري، وهذا على الخلاف في وجوب الإشهاد عليه بالثمن، وإن لم يدفع السلعة الباجي: وإذا قلنا يحلف السفيه مع شاهده، فإن حلف قبض ما يجب بيمينه وليه ابن شعبان: الاختيار أن يقبض ما حلف عليه؛ فإذا صار إليه قبضه وليه؛ لأنه لا يستحق بيمينه شيئاً إلا من إليه قبضه، وإن كان ما شهد به حقاً لعبد، فقال اللخمي: إن كان بمال والعبد مأذون له فهو كالحر إن نكل حلف المدعي عليه وبرئ، ولا مقال للسيد، وإن كان غيرمأذون له، حلف واستحق، فإن نكل حلف سيده واستحق، وإن دفع له سيده مالاً ليقضيه عنه الغريم، فقضاه حلف وبرئ سيده، فغن نكل حلف المشهود عليه، وغرم العبد إن كان مأذوناً له موسراً، فإن كان معسراً أو غير مأذون له حلف السيد وبرئ، فإن وكله غير سيده فقضي بشاهد ونكل عن اليمين؛ حلف الطالب، وغرم العبد إن كان مأذونا له قال محمد: كالحر يوكله الرجل اللخمي: فإن كان فقيرآ حلف الموكل وبرئ؛ وكذا إن كان غير مأذون له، وهو

موسر يحلف الموكل. ونقل ابن رشد في العبد كاللخمي، وتقدم قياس أصبغ السفيه عليه، وعلى الذمي، وهو يدل على الاتفاق عليه. قلت: فشأن قول ابن الحاجب: والعبد كالرشيد لا كالصبي على المشهور لا أعرفه؛ ابن عبد السلام وابن هارون وهما. الباجي: يحلف مع الشاهد الواحد المشهود له كان مؤمناً أو كافراً أو عبداً ذكراً أو أنثى، فإن كان صغيراً، وانفرد بالحق؛ فمشهور مذهب مالك أنه يستحلف له المطلوب، وقاله ابن القاسم ورواه الأخوان. وروى محمد: يوقف له حقه حتى يحتلم فيحلف، ولم يذكر اليمين، وقاله سحنون وأشار المازري لتعقب أخذ الباجي ما عزاه لسحنون فقال: تعلق بعض المتأخرين في سقوط يمين المطلوب بذكر لفظ رواية محمد قال: وأرى هذا المتأخر الصغير كمغمى عليه قام له شاهد، ولا يستحلف له المطلوب، وليس مثله لقرب إفاقته، وطول انتظار الصبي. اللخمي والصقلي والمازري عن محمد: وعلى المشهور يسجل الإمام شهادة الشاهد خوف موته أو طروء جرحته. ابن زرقون: قال ابن رشد: ذكر عن مالك والليث أن الصغير يحلف مع شاهده، وهو غريب. قلت: يريد الصغير الذي يعرف القربة الذي تجوز وصيته لا غيره. ولفظ ابن رشد في آخر مسألة من رسم جاع من سماع عيسى ما نصه: ووقع في كتاب جمعت فيه أقضية مالك والليث أن الصغير يحلف مع شاهده كالسيفه وهو بعيد، لأن القلم عنه مرفوع فلا يتحرج من الحلف على باطل، وليس لولي الصغير أن يحلف مع شاهده، ويحلف وحده، واختلف في الأب؛ فالمشهور المعلوم من قول ابن القاسم، وروايته أن ذلك ليس له. وقال ابن كنانة: له ذلك وهذا فيما لم يل الأب والوصي المعاملة فيه، وإن وليها

أحدهما وجبت عليه اليمين فيها؛ لأنه إن لم يحلف غرم. قلت: تضعيفه حلف الصبي بأنه لا يتحرج من الحلف على الباطل يضعف كونه باطلاً بقيام الشاهد العدل به. الباجي: إذا قلنا يحلف المطلوب، فإن حلف بقي الحق عنده معينا كان أو في الذمة، حتى يبلغ الصغير؛ فيحلف مع شاهده ويستحق حقه؛ فإن فات المعين فقيمته يوم الحكم به، قاله ابن حبيب عن الأخوين. وابن عبد الحكم وأصبغ: فإن نكل الصبي بعد بلوغه؛ ففي العتبية والموازية وغيرهما، وهو المشهور: أن المطلوب لا يحلف؛ لأنه حلف، وهذا بناء على أن يمين المطلوب يمين استحقاق بشرط نكول المدعي، ويحتمل أن يقال يمين المطلوب لتوقيف الحق بيده فقط، لما تعذرت يمين الطالب، فإذا حلف الطالب أخذ، وإن نكل حلف المطلوب يمين الاستحقاق إذ لو كانت يمينه أولاً يمين استحقاق، لوجب إن نكل عنه أن ينفذ القضاء عليه بنكوله، ولا يحلف المدعي يميناً بعدها، وهذا أصل متنازع فيه. قلت: سمع عيسى ابن القاسم إن أبى الصبي أن يحلف لما كبر فليس على المطلوب أن يحلف ثانية. ابن رشد: وقعت هذه المسألة في سماع أصبغ من كتاب المديان. وفيها: قال أصبغ: لأنه قد برئ يوم حلف، وهو بريء أبداً حتى يحلف الصبي، فيكون حلفه كالشهادة الحادثة القاطعة، وعلى قول أصبغ هذا لا يجب توقيف الدين. وقيل: إذا حلف المطلوب أخذ الدين منه، فوقف حتى يكبر الصبي فيحلف ويأخذه، ومعناه لم يكن ملياً، وخيف عليه العدم، وهو في القياس صحيح إذ لو كان المدعى فيه معيناً لوجب وقفه أو بيعه ووقف ثمنه إن خشي عليه، على ما قاله ابن القاسم في سماع محمد بن خالد بعد هذا، وإذا وقف الدين أو العرض فضمانه من الصبي إن حلف، ومن الغريم إن نكل؛ لأنه إنما وقف لمن يجب له منهما، وقيل: إن المطلوب يحلف ثانية إذا بلغ الصبي وأبى أن يحلف، وهو بعيد ووجهه أن يمينه أولاً لما لم تكن واجبة، وإلا سقط عنه الحق بها كانت إنما أفادت تأخير الحكم لبلوغ الصبي،

فإذا بلغ استؤنف الحكم، ولا خلاف إن نكل المطلوب انه يغرم الحق، ولا يجب على الصغير حلف إن بلغ؛ لأن نكوله كالإقرار. وكذا الوكيل الغائب يقيم شاهداً واحداً على حق الغائب، فيقضى على الذي عليه الحق باليمين إلى قدوم الغائب، فيحلف مع الشاهد أنه إن نكل غرم، ولم يكن على الغائب إذا قام يمين. قلت: انظر قوله: (لا خلاف إن نكل المطلوب انه يغرم الحق، ولا يجب على الصغير حلف ... إلخ) مع ظاهر قول الباجي ما نصه: فإن نكل المطلوب أولاً غرم. رواه ابن حبيب عن مطرف وابن كنانة وقاله محمد. قال ابن حبيب عنهما: فإن بلغ الصغير فعليه اليمين، فإن حلف قضي له، وإن نكل هذا، والكبير المولى عليه بعد الرشد، والبلوغ رد إلى المطلوب، فظاهره حلف الصبي بعد بلوغه، وإن كان المطلوب قد غرم لنكوله. قال: ويحلف الصغير إذا كبر مع شاهده على البت. محمد: ولا يحلف حتى يعلم بالخبر الذي يتيقن به. وفي كتاب ابن سحنون متصلاً بقول مالك: إنه يحلف كما يحلف الوارث على ما لم يحضر، وهو لا يدري هل شهد له بحق أم لا؟ فيحلف معه على خبره، ويصدقه كما جاز له أن يأخذ ما شهد له به الشاهدان من مال وغيره، وهو لا يعلم ذلك إلا بقولهما. قلت: ففي شرط حلفه مع شاهده بتيقنه أو ظنه قولا محمد وابن سحنون عن مالك، وهما جاريان على الخلاف في الحالف على ما يظنه ولا يتيقنه، هل حلفه غموس أم لا؟ حسبما تقدم في الأيمان، وعلى القولين في كتاب العتق الأول منها فيه، وإذا كان عبد بين رجلين قال أحدهما: إن كان دخل المسجد أمس فهو حر، وقال الآخر: إن لم يكن دخل المسجد فهو حر، فإن ادعيا علم ما حلفا عليه دينا في ذلك، وإن قالا ما نوقن أدخل أم لا، وإنما حلفنا ظناً فليعتقاه بغير قضاء، وقال غيره: يجبران على عتقه، ونحوه في الأيمان بالطلاق. ورد المازري بصحته أخذ ما شهد به الشاهدان بأن إباحة كل المال، ورد الشرع

بالاكتفاء فيه بالظن إذ التكليف فيه بالتيقن حرج عظيم على النفس والأهل والتكليف باليمين بالله باليقين، وعزا بعض أشياخي القولين في التعديل على الظن في اليمين. قلت: ذكرهما اللخمي روايتين في اليمين مع الشاهد. الباجي: ومن نكل عن الحلف مع شاهده؛ فحلف المطلوب، ثم وجد الطالب شاهداً آخر، ففي الموازية: لا يضم له إلى الأول. ورواه يحيى بن يحيى وابن سحنون عن ابن القاسم، ولابن حبيب عن ابن عبد الحكم وابن الماجشون عن مالك يضم له إلى الأول، ويقضى له به. ابن كنانة: هذا وهم، وكان يقول يضم إلى الأول، وإنما هو فيمن أقامت شاهداً على طلاقها، فحلف الزوج، ثم وجدت شاهداً آخر، فإنه يضم إلى الأول؛ لأنه لم يوجد منه نكول، وقاله ابن الماجشون. وقال أصبغ بقول مالك بالإضافة إلى الأول في الحقوق، كما لو لم يقم شاهداً فحلف المطلوب، ثم وجد الطالب بينة أنه يقوم بها، وذكر ابن محرز القولين في ضمه غير معزوين. ابن زرقون: قال أصبغ: وكذا لو لم يقم بينة، ورد المطلوب اليمين على الطالب فنكل، فلم يقض له نكوله، ثم وجد بينة أخذ حقه ببينة، ولو حلف الطالب إذ ردت اليمين عليه، ثم وجد بينة أخذ حقه ببينة، ولو حلف الطالب إذ ردت اليمين عليه، ثم وجد بينة ببراءته من ذلك قام بها، ورجع بما أخذ منه، لا أعرف غيره من قول أصحابنا. قلت: فقول ابن الحاجب: ولو حلف المطلوب، ثم أتى الطالب بشاهد آخر لم يضم للأول اتفاقاً وهم. الباجي: وعلى عدم ضم الثاني للأول ففي الموازية: يؤتنف له الحكم فيحلف مع شاهده. وقال ابن كنانة: لا يحلف مع الثاني لتركه حقه بنكوله، ونحوه روى يحيى بن يحيى وابن سحنون عن ابن القاسم، وعلى حلفه إن نكل ثانية ففي الموازية: ترد اليمين ثانية على المطلوب؛ لأنه إنما أسقط بالأولى شهادة الأول.

وقال ابن ميسر: لا ترد عليه ثانية؛ لأنه حلف على هذا الحق مرة. ابن زرقون: قول ابن كنانة، ورواية يحيى وابن سحنون إنما هي على أن الثاني لا يضم. قلت: وعلى ما ذكره الباجي فما المحوج لذكره. قال: وفي المسألة أربعة أقوال. الأول: إن أتى بشاهدين قضي له بهما، وإن أتى بشاهد ثان استؤنف له الحكم، قاله ابن القاسم في الموازية، فإن نكل ففي حلف المطلوب قولان تقدما. الثاني: إن أتى بشاهدين قضي بهما وإن أتى بشاهد أضيف إلى الأول، وأخذ حقه دون يمين، رواه ابن الماجشون، وقاله عيسى بن دينار. الثالث: أن نكوله أولاً قطع لحقه فلا يكون له شيء، ولو أتى بشاهدين غير الأول، قاله ابن القاسم وابن كنانة في المبسوط. الرابع: إن جاء بشاهدين غير الأول قضي بهما، وإن أتى بشاهد واحد لم يقض له بشيء حكاه ابن رشد ولم ينسبه، ولوارث الصغير ما كان له بحكم صفة الوارث إن كان صغيرا فكمورثه، وإن كان سفيها فكما مر فيه، وغن كان رشيداً فله تعجيل حلفه. قال ابن الحاجب: فلو كان وارث الصغير معه أولاً، وكان قد نكل لم يحلف على المنصوص؛ لأنه نكل عنها. قلت: لا أعرفها إلا لنقل الصقلي على قولها إن كان الورثة صغاراً، وكباراً لدين بشاهد واحد حلف الكبار، فإن نكلوا وبلغ الصغار فلهم أن يحلفوا، ويستحقوا حقهم ما نصه: قال بعض فقهائنا: لو مات الصغير صغيراً فورثه كبير، نكل عن يمينه في حظه فليس له أن يحلف لتقدم نكوله. الصقلي: الظاهر أن له أن يحلف على حظ الصغير هـ. فيستحقه لحلوله محله في اليمين، ونكوله أولاً إنما كان عن حظه لو حلف أولاً، واخذ حظه، ثم روث الصغير لم يأخذ حظه إلا بيمين ثانية، فهما كحقين بكتابين كل حق بشاهد واحد، فليس نكوله عن الحلف مع أحدهما يسقط حلفه مع الآخر. ابن عبد السلام: في استدلاله نظر لاحتمال أن يقال إنما أعيدت اليمين ثانية؛ لأنها

على الحق الأول فلم تتضمن الثاني وهب أنها تضمنته؛ لكنها قبل وجوبها، ونكوله أولاً الغالب انه من ريبة أو لورع. قلت: يرد بكون نكوله أولاً لعدم تيقنه حقية ما شهد به الشاهد، أو لعدم ظنه ذلك؛ ثم حصل له اليقين أو الظن. وعن المازري قولي بعض الفقهاء والصقلي للمتأخرين، وقال: أظن أني رأيت هذا الخلاف بين أصحاب الشافعي. الشيخ: روى محمد إن قام شاهد لطفل بدين لأمه لم يحلف معه أبوه. قيل: وإن لزمته نفقته، قال: ما أظن ذلك. زاد اللخمي: وفي كتاب المدنيين ذلك له قال: وإن ثبت على ميت دين بشاهدين، وشهد شاهد بالقضاء، والوارث صغير حلف الطالب، وأخذ ذلك، فإن بلغ الصغير حلف؛ واسترد المال، وإن نكل الطالب لم يكن له شيء، وهذا على القول بعدم وقف ما شهد به شاهد واحد لصبي من دين، وعلى القول بوقفه لا يقضى به للطالب هنا، ويوقف على يدي عدل، وإن ثبت لميت دين بشاهدين، وأثبت المطلوب شاهداً لبراءته منه حلف معه وبرئ، فإن نكل غرم إن كان الوارث صغيراً، وإن كان كبيراً يظن به العلم للمواطنة للميت كالولد حلف، ويختلف هل يوقف المال من ذمة المطلوب؟ قلت: قوله: (يختلف) راجع لفرض كون الوارث صغيراً. قال ابن سحنون: من شهد لميت بدين وارثه أخرس لا يفهم، ولا يفهم عنه حلف المدعى عليه وبرئ، فإن نكل غرم، وكذا المعتوه إن نكل المدعى عليه غرم، وإن حلف، ثم عقل المعتوه حلف واستحق، وإن شهد شاهد لغائب بدين لم يطلب الغريم دون وكيل، وإن شهد له شاهد بغصب؛ فللحاكم أن يحلف المشهود عليه، فإن نكل وقف الشيء المغصوب. الشيخ عن أشهب: شهادة واحد بحبس في السبيل أو وصية فيه، أو لليتامى، أو من لا يعرف يعينه ساقطة، ليس لأحد ممن ذكر الحلف معه، وليحيى بن يحيى عن ابن القاسم مثله.

قلت: لما علله المازري بأن الحق لمجموع يتعذر حصوله، والواحد منه لا يتقرر حقه فيه إلا بإحصاء المجموع، وقال: يجب أن يحلف المشهود عليه على إبطال شهادة الشاهد عليه كالشاهد عليه بالطلاق. قلت: وظاهر الروايات عدم حلفه لعدم تعين طالبه. ونقل اللخمي كالمازري قائلا: إن نكل لزمه ما شهد به عليه، ولابن الماجشون إن شهد شاهد بوصية بعشرين للفقراء، وبعشرة لزيد فللوارث الحلف معه ليحاصص ذا العشرة بعشرين في الثلث. ولسحنون عن ابن القاسم: إن شهد شاهد بوصية لعتق ومال لرجل، حلف الموصى له بالمال، ولم يقض له إلا بما فضل عن العتق، وهذا خلاف قول عبد الملك، ووجه قول ابن القاسم أنه يقال للحالف من أهل الوصايا: إن كانت شهادتك جائزة؛ فإنما لك ما ينوبك فيه، ومالك مع العتق إلا ما فضل عنه. الشيخ: قال محمد: إن قام شاهد واحد بحبس مسبل ومعقب، فقال أصحابنا: لا يصلح فيه يمين. وروى ابن الماجشون: إن حلف جلهم نفذ لهم ولغيرهم ولغائبهم، ومن يولد لهم، وللسبيل بعدهم. وروى أيضاً مع مطرف وابن وهب: إن حلف رجل واحد ثبت له، ولجميعهم وإن لم يحلف معه غيره. زاد اللخمي: وإن باد شهوده فلم يثبت إلا بسماع حلف واحد منهم، وثبت لجميعهم. وقال بعض شيوخنا: إن شهد شاهد بحبس على عقب فمن حلف ثبت حظه وحده، ومن نكل سقط حظه، وردت اليمين على المشهود عليه، وهو أقيس كما لو شهد لورثه منهم غائب وحمل، فإن لمن حضر بالغاً أن يحلف، ويستحق حقه. وذكر ابن الحاجب الاكتفاء بحلف الجل لرواية ابن الماجشون كالشيخ، فقال ابن عبد السلام: إنما حكاه المازري قولا لابن الماجشون لا لرواية.

قلت: والذي وجدته للمازري نقله عنه رواية كالشيخ، ووجه الاكتفاء يحلف واحد بأنه إذا اخذ حظه شركه فيه بقية أهل الحبس؛ لاعترافه أن ما أخذ حق أخوته فيه على الشياع، فإذا أخذ منه شيء عاد لليمين لإكمال حظه فلا يزال كذا حتى يؤخذ الحبس كله فاكتفى بيمينه وحده يميناً واحدة. قلت: يرد بمنع مشاركتهم إياه؛ لأن استحقاقه حقه إنما هو بسبب فعله، هم قادرون عليه وتركوه، فوجب أن لا يشركوه فيه كشريكين في دين على رجل ملدٍ، فطلب أحدهما شريكه في طلبه معه اقتضاءه فأبى، فلا دخول له على المقتضي بشيء، وما عزاه اللخمي لبعض شيوخه عزاه المازري لبعض شيوخ القرويين قائلا: ولو انقرض البطن الأول بعد استحقاقهم باليمين فهل يكتفي البطن الثاني بيمين الأول أم لا يكتفون؟ فكان بعض الأشياخ يشير إلى عدم اكتفائهم؛ لأن كل واحد من أهل الحبس له حكم نفسه لا تعلق له بغيره، وقاله بعض الشافعية. وقال بعضهم: يكتفي البطن الثاني بحلف الأول، وقدر الانتقال إليه كانتقال حق بإرث حلف عليه مورثه، والقول الأول عندهم بناء على أن ثبوت الحق لهم إنما هو بعقد تحبيس المحبس لا بالإرث عن آبائهم، وهذا مقتضى النظر. والقياس على ما ذهب إليه بعض الأشياخ، ولو مات واحد من البطن الأول رجع حظه على بقية البطن الأول، وينظر في تجديد يمين عليهم لأجل الذي يرجع، فإن قيل: هذا الرجوع كالوارثة عن من مات على إحدى الطريقتين المذكورتين؛ لم يلزمهم يمين أخرى، وإن قدرنا رجوعه إليهم إنما هو عن المحبس حلفوا يميناً ثانية، ولو عرضت اليمين على البطن الأول فنكل جميعهم، ثم جاء بعدهم البطن الثاني فمن قال: أخذ البطن الثاني كأخذ الوارث عن آبائهم؛ لم يمكنوا من الحلف لبطلان حقهم بنكول آبائهم، وعلى الطريقة الأخرى، وهي الأظهر أن أخذهم إنما هو بعقد التحبيس من الحبس يمكنون من اليمين، ولم يضرهم نكول آبائهم. ولو حلف واحد فاستحق حقه، ونكل الآخر من البطن الأول، ثم مات الحالف وحده، وبقي إخوته الناكلون، فقيل: نكولهم كموتهم فيصير كل البطن قد ماتوا

أحدهم حقيقة، وسائرهم حكما بنكولهم، فينتقل الحق للبطن الثاني، وهذا عندي لا يصح على إحدى الطريقتين اللتين ذكرناهما، وهو أن نكول من نكل لا يبطل حق من يأتي بعده، فلا يرجع حظ الناكل إلى أهل البطن الثاني، والأظهر أن المحبس إن اشترط أن لا يأخذ البطن الثاني شيئاً، إلا بعد انقراض البطن الأول، وموت جميعهم لم يأخذ أحد من البطن الثاني شيئاً مادام أحد من الناكلين حيا، ونقل ابن شاس كلام المازري على نحو ما ذكرناه. قال ابن الحاجب بعد القول الرابع معبراً عنه بقوله: فلو مات بقوله لمن حلف نصيبه فلو مات، ففي تعيين مستحقه من بقية الأولى أو البطن الثاني، أو من حلف أبوه خلاف، ثم في أخذه بغير يمين قولان، فقرر هذه الأقوال ابن هارون بما تقدم للمازري من الإجراء. وقال ابن عبد السلام: هذه الوجوه لم يحكها المازري أقوالاً هكذا، وإنما جعلها على قواعد فتأملها في كتابه فكلامه هناك ليس بصريح فيما ذكره المؤلف. قلت: ظاهر قوله قبوله الأقوال التي ذكر ابن الحاجب، وأن التعقب عليه إنما هو في تصريحه بأنها أقوال، وإنما هي في كلام المازري إجراءات على قواعده ذكرها، والحق أنها غير موجودة في كلام المازري؛ لأن حاصل كلامه لمن تأمله مسألتان: الأولى: انتقال الحبس عن الطبقة الأولى إلى الثانية، أو لبقية طبقة لموت غيرها، ففي وقف هذا الانتقال على حلف المنتقل إليهم قولان بناء على كون استحقاقهم الحق بعقد المحبس الحبس أو بالإرث من المنتقل عنه. الثانية: في صحة انتقاله لذوي الطبقة الثانية تلو ذوي الطبقة الأولى لنكوله، وبطلان انتقاله لذوي الثانية فلا حلف لهم قولان بناء عليهما، ومقتضى كلام ابن الحاجب أنهما مسألة واحدة فيهما ستة أقوال وهي: لو مات بعضهم. قيل: يستحق حقه بقية الأولى، وقيل: البطن الثاني، وقيل: من حلف أبوه، ثم في أخذه بغير يمين قولان، فظاهره أن القولين عامين في الاستحقاق المختلف فيه على الثلاثة أقوال في كل قول منها قولان، ومن أنصف علم أن لفظ المازري لا يدل على

باب النقل

هذا بوجه. ولابن رشد في رسم الصبرة من سماع يحيى لو كانت شهادته لمن يحصره العدد كآل فلان، ومساكين آل فلان وشبهه، ففي استحقاقهم حقهم بحلف جلهم، وسقوط الحلف في هذا قولان قائمان من وصاياها الثاني، وتقدم حكم جراح العمد. [باب النقل] النقل عرفاً: إخبار الشاهد عن سماعه شهرة غيره، أو سماعه إياه لقاض،

فيدخل نقل النقل، ويخرج الإخبار بذلك لغير قاض، وظاهر عموم الروايات، وإطلاقها صحة نقل النقل، ولم أقف على نص فيه. فيها مع غيرها: وتجوز على الشهادة في الحدود، والطلاق، والولاء وكل شيء. قلت: والنقل عن الأصل شيء، فإن قال المنقول عنه للناقل عنه: اشهد على شهادتي أو انقلها عني صح نقله اتفاقاً. الباجي: من سمع شاهداً ينص شهادته لم يجز نقلها عنه حتى يشهده على ذلك. قلت: هي في النوادر عن محمد عن ابن القاسم. فقال أشهب: وليس بضيق رفع ذلك إلى الإمام، وقيل: لا يرفع خوف أن يغلط فيقضي بها. الباجي: ولو سمعه الحاكم ينصها، ولم يؤدها عنده لم يعمل بها، وإن سمع شاهداً يشهد على شهادته غيره، ولم يشهده، فقال محمد: لا يشهد على شهادته بخلاف المقر على نفسه، ويتخرج عندي على من يسمع رجلاً يشهد عند قاض في صحة نقلها قولا مطرف وأشهب مع أصبغ قائلا: لا يجوز نقلها حتى يشهده، أو يشهد على قبولها القاضي. قلت: زاد الشيخ أن ابن حبيب قال كمطرف. وفيها من مدير التصدير: برجلين يتكلمان في أمر فسمع منهما شيئاً، ولم يشهداه، ثم يطلب

أحدهما تلك الشهادة. قال: لا يشهد له. قال ابن القاسم: إلا أن يستوعب كلامهما من أوله فليشهد، وإلا فلا إذ قد يكون قبله ما يبطله أو بعده، ونحوها في سماع أبي زيد. ابن رشد: شهادة الرجل بما سمعه دون إشهاد له من المشهود عليه ثلاثة أقسام: الأول: ما سمعه منه من قذف فوجب حده أو عقوبته، شهادته به مقبولة اتفاقاً. الثاني: ما سمعه منه من إقرار على نفسه لحق لرجل في صحتها به قولان لابن القاسم فيها مع أحد قولي مالك، وابن أبي حازم مع ابن الماجشون، وروايته في المدينة ورواية محمد، وأحد قولي مالك فيها. الثالث: شهادته عليه بأن سمع منه من شهادته على غيره لحق أو قذف أو زنى لا تجوز اتفاقاً، وإن سمعه يؤديها عند الحاكم أو كان هو الحاكم فشهد بها عنده، أو سمعه يشهد غيره على شهادته، ولم يشهده؛ فالمشهور أنها جائزة. وهو قول ابن القاسم في هذا السماع إن شهد رجل عند قاض بحق لرجل، فذهب ليأتي بشاهد آخر فوجده مات، وعزل القاضي، فشهادة القاضي أنه شهد عنده فلان أن له على فلان كذا جائزة، إن شهد معه غيره، وهي رواية حسين بن عاصم عنه في بعض روايات العتبية. والآتي على قيس قوله في المدونة في إجازة شهادة الرجل على الرجل بما سمعه إذا استوعب كلامه، وإن لم يشهده، وقيل: لا تجوز، وهو الآتي على قولي مالك، وروايتي ابن الماجشون ومحمد. وفي نوازل سحنون: أتجوز الشهادة على الشهادة في العدالة، كما تجوز في الأموال مثل أن يكون لي علم عند رجل أخاف أن يطلبني القاضي بتعديله، ولا أحد من يعدله إلا رجلين مرضيين أخاف موتهما أو غيبتهما، فقلت لهما: اشهدا لي أن فلاناً عندكما من أهل العدل والرضا؛ فأشهدا لي على ذلك رجلين، ثم سألني القاضي عدالة شاهدي فشهد الشاهدان أن فلاناً وفلاناً أشهدانا أن فلاناً من أهل العدل والرضا.

قال: يطلب القاضي من الخصم أن يعدله غيرهما، فإن لم يجد جازت الشهادة فيه على الشهادة إذا كان لغيب اللذان زكياه من أهل الحضر لا من أهل البادية؛ لأن البدوي لا يعدل الحضري. قيل: فالتجريح أتجوز فيه الشهادة على الشهادة كما وصفنا في العدالة في غيبة الشهود أو مرضهم. قال: نعم. ابن رشد للأخوين خلاف قول سحنون: هذا لأن العدالة لا تكون في الشهادة إلا عند السلطان بعد أن يشهدوا في الحين الذي يقطع بشهادته، وأما أن يستدعي الرجل تعديله الرجل، ويشهد على ذلك منه كما يفعل في الشهادة تكون عنده إذا أراد أن يشهد عليها، أو يكون الشاهد تحمل لشهادته من بلد، ويكون الذي تحمل شهادته لا يعرفه بالعدالة، ولا بغيرها فيعدله عنده من يثق به فهذا لا يجوز، ولا علمنا من قاله إلا أن يشهد شاهد على شهادة آخر غائب، فيخبر بعلمه بعدالته مع شهادته على شهادته، ولو شهد شاهد عند حاكم فاستعدله فكان رجل مريض يعدله لا يقدر بمرضه البلوغ إلى الحاكم، فأراد أن يبعث للقاضي بتعديله إياه مع رجلين عدلين يشهدهما أنه عدل فذلك جائز؛ لأن الشهادة وقعت عند الحاكم والعدالة هنا إنما هي القطع بالشهادة، وقاله أصبغ، واستحسنه. ولابن سحنون: أن أباه رجع عن الشهادة على الشهادة في العدالة والتجريح إلا في تعديل البدوي فهي جائزة، وهو الصواب؛ لأن التعديل لا يكون إلا بعد الشهادة، ولو جاز قبلها لجازت شهادة غير العدل لتغير أحوال الناس. قلت: ظاهر قولها تجوز الشهادة على الشهادة في كل شيء جوازها في التعديل والتجريح؛ لأنها شيء. ولما كان تمام شهادة النقل بأدائها ناقلها عنه كان ظرف مانع شهادة الأصل قبل أدائها ناقلها كطروه على شاهد قبل أداء شهادته وبعده، وقبل الحكم بها، والأول واضح، والثاني تقدم حكمه.

المازري: تقدمت الرواية بأن حدوث سبب العداوة بعد تقييد شهادة الشاهد لا يمنع القضاء بها؛ لأن أداء شهادته قبل صيرورته عدواً لا توجب تهمته، ومنع بعض العلماء بما نقل عمن صار عدواً للمشهود عليه؛ لأنه رأى ظهور عداوته يشعر بمقدمات وسوابق. قلت: ظاهر كلامه أن المذهب عدم سقوط شهادة المنقول عنه بحدوث عداوته بعد سماع نقلها منه، وقيل: أداء نقله كحدوث ذلك بعد أدائها للحاكم قبل نفوذ حكمه، ولا يخفى أن أداءه للحاكم أدل على ثبوتها من سماعها للنقل عنه، ولذا قال ابن شاس: إذا طرأ فسق أو عداوة أو ردت امتنعت شهادة الفرع. قال المازري: وحدوث فسق الأصل بعد سماع النقل عنه، وقبل أدائه يبطل شهادته، وأشار بعض أصحابنا إلى أن الفسق إن كان مما يخفى ويكتم كالزنا أشعر بسابق مقدمات تمنع العدالة، وإن كان مما يجاهر به كالقتل لم يشعر بأنه كان كذلك فيما سبق. قال: ولو انتقل من طرأ فسقه لعدالة، ففي صحة النقل عنه بالسماع منه أولا، أو سماع منه بعد انتقاله خلاف بين الناس. قلت: قد يتخرج الخلاف المذكور على قولي ابن القاسم وأشهب في فسخ شراء من اشترى سلعة شراء فاسداً، ورجعت إليه بعد أن باعها وفوته بما تقدم من بيعه، والله أعلم. وطروء العمى والجنون: لغو في الأصل، والفرع للغوهما في شهادة غير النقل. وشرط النقل تعذر أداء الأصل أو تعسره كموته أو مرضه أو بعد مكانه عن محل الأداء. الشيخ عن الموازية: إنما ينقل عن مريض أو غائب لغيبة بعيدة، ويغير حداثة غيبتهم. اللخمي: لا ينقل عن حاضر قادر على أداء شهادته لإمكان أن تأخره لريبة، لو حضر ثبتت عليه؛ ولأن تخوف سهو الأصل، وكذبه وغلطه أخف من تخوف ذلك منه،

ومن الناقل. وعبر عنه المازري بأن ظن القاضي حقية المشهود بسماعه من الأصل يقوي من ظنه بسماعه من الناقل. قلت: وعليه يشترط في قبول نقل الناقل ما يشترط في النقل. اللخمي: لابن الماجشون، وفي الواضحة: ينقل عن النساء، وإن حضرن، وهو الشأن. الباجي: رواه ابن حبيب عن مطرف قال: ولم أر قط بالمدينة امرأة قامت بشهادتها عند الحاكم، ولكنها تحمل عنها. قال المازري: ولما أمر النساء به من الستر والبعد من الرجال، ولذا قال بعض العلماء: لا يلزم المخدرة حضور مجلس القضاء للمحاكمة. وقال القفال: لابد من حضورهم للحكم. قال بعضهم: والمخدرة هي التي لا تبتذل بكثرة التصرف، ولا تخرج إلا لزيارة أو حضور ما لابد منه. قلت: تقدم هذا في الأقضية، والأظهر الفرق بين من يخشى من خروجها لمفسدة، ومن لا. وسمع عيسى رواية ابن القاسم لا تجوز شهادة النساء على شهادة رجل، ولو كن ألفاً إلا مع رجل. ابن رشد: هذا معلوم مشهور من مذهب ابن القاسم، وروايته في المدونة وغيرها خلاف قول ابن الماجشون، إن شهادتهن لا تجوز إلا فيما يجوز فيه شاهد ويمين. قلت: فإذا جاز نقلهن فكيف ينقل عنهن على حضورهن على قول ابن القاسم، وظاهر قول المازري أن ما ذكره ابن حبيب هو المذهب لقوله ما نصه: إذا بان عذر المنقول عنهم كالنقل عن النساء جاز النقل عنهن بحضرتهن. اللخمي: واختلف في حد الغيبة، فقال ابن القاسم في الموازية: إن كانت الشهادة في الحدود لم تنقل إلا في الغيبة البعيدة لا في ثلاثة أيام، وتجوز اليومان في غير الحدود.

وقال سحنون: إن كانت المسافة تقصر فيها الصلاة، أو الستين ميلا جاز النقل، ولم يفرق بين مالٍ وحدٍ. ولابن القاسم في المدونة: من أراد أن يحلف خصمه لغيبة بينته، ثم يقوم بها إن كانت قريبة كثلاثة أيام؛ قيل له: قرب بينتك، وإلا فاستحلفه على تركها، والأول أحسن، والاحتياط للحدود أولى، وتبعه المازري في نقله، وقبل تخريجه من مسألة المدونة. قلت: فعليه في كون مسافة الثلاثة أيام قربا، وهو على مسافتها كحاضر أو بعدا، ثالثها: في الحدود لا في الأموال لتخريج اللخمي من متقدم قولها، وسحنون وابن القاسم في الموازية، وقد يرد تخريجه بأن قوله: (قرب بينتك) أعم من كونه بإحضارها أو نقل عنها، وبأنه لا يلزم من عدم الحكم لها بالبعد في تحليف الخصم مع القيام بها إن حضرت عدم الحكم لها بالبعد في النقل لمشقة الحلف في مسألتها، وعدمه في النقل، واختصارها أبو سعيد بقوله: وإن قال الطالب للإمام بينتي غائبة، فأحلفه لي، فإذا قدمت قمت بها نظر الإمام، فإن كانت بينته بعيدة الغيبة، وخاف تطاول الأمر، وذهاب الغريم أحلفه له، وكان له القيام ببينته، إذا قدمت، وإن كانت بينته قريبة الغيبة على مثل اليومين والثلاثة لم يحلفه، إلا على إسقاطها فأسقط لفظ قرب بينتك متعقب لإسقاطه ما منه التجريح، فإن قلت: لا يتعين كون التخريج من قوله: (قرب بينتك) بل مما اقتصر عليه أبو سعيد، ولذا قال المازري ما نصه: أشار في المدونة إلى كون الثلاثة أيام في غير الحدود قريبة، فقال: من أراد أن يستحلف خصمه لكون من له على ثلاثة أيام لا يمكن من ذلك حتى يسقط القيام بالبينة فجعلها في حكم الحاضرة. قلت: لا يتم الأخذ من هذا اللفظ؛ لأن عدم تمكينه من تحليفه دون إسقاطه القيام ببينته يحتمل أنه لقدرته على تسببه في نقلها دون مشقة لا؛ لأنها كالحاضرة. الباجي: وأما الغيبة القريبة كاليومين والثلاثة، ففي الموازية لا تنقل فيها شهادة، ووجهة إن تغيب عن مكانه اليومين والثلاثة، وأما من كان في موضعه على مسيرة يومين أو ثلاثة؛ فيصح نقلها عنه.

قال محمد: إنما ينقل عنهم الشهادة إذا بعدت غيبتهم من يعرف الغيبة بعد مدة لا بإثر غيبتهم؛ يريد: أنه بإثر غيبتهم على مسافة قريبة، ولا يؤمن رجوعهم. الشيخ عن الموازية: ليس النقل عن الشاهد بتعديل له حتى يعدله الناقلون أو يعرفه القاضي بعدالة. أشهب: وإلا طلب منه من يزكيه. ابن حبيب: قال مطرف: وإن قال الناقلون: أشهدنا على كذا قوم كانوا عندنا يومئذ عدولاً، ولا ندري اليوم من هم، لم يجز شهادتهم حتى يسموهم فيعرف أنهم غيب أو أموات، فتجوز شهادتهم، وإلا لم تجز إذ لعلهم حضور نزعوا عن شهادتهم، أو نسوها أو حالت حالتهم بجرحتهم، وقاله أصبغ. وسمع أصبغ أشهب: إن شهد قوم على شهادة رجل لا يعرفونه، ويعرف القاضي عدالته أو يعدله عنده غيرهم جازت شهادته. قال أصبغ: وذلك بعد معرفة أخرى أنه الذي شهد على شهادته بعينه لا يحتمل أنه لغيره. ابن رشد: قوله: وهو لا يعرفونه؛ معناه: لا يعرفونه بالعدالة، ويعرفونه بالعين والاسم مع كونه مشهوراً لا يختلط بغيره، وإلا لم تجز الشهادة لاحتمال أن يكون الذي شهدوا على شهادته غير الذي عرفه القاضي بالعدالة والمعدلون؛ هذا معنى قول أصبغ، وهو تفسير قول ابن القاسم. عياض: قيل: إن لم يعدل الشاهد من شهد على شهادته، فهي ريبة في شهادته والصواب جوازها بتعديل غير الناقل. قلت: لم ينقل المازري عن المذهب غيره، وعزا الأول للشافعي قال: والمذهب أنه لا يجوز النقل عن من يعلم الناقل جرحته؛ لأن فيه على القاضي تلبيساً، وما نقله عياض أولا هو ظاهر نقل ابن عبد البر في كافية بقوله: ولا يجب لرجل أن يشهد على شهادة من لا يعرفه بالعدالة، ورد عياض أخذ بعضهم من قولها بصحة نقل النساء جواز نقل الرجل عمن لا يعدله لامتناع تعديلهن بأن منعه إنما هو بالسنة.

وفيها: قال مالك: تجوز شهادة النساء على الشهادة في الأموال والوكالة عليها، وهن وإن كثرن كرجل، فلا ينقلن إلا مع رجل نقلن عن رجل أو امرأة، وقاله أشهب. وقال غيره: لا تجوز شهادتهن على شهادة، ولا على وكالة في مال. سحنون: وهذا أعدل. عياض: يريد أن أشهب وافقه في نقلهن فقط لا في الشهادة على الوكالة بينه سحنون بعد هذا. وسمع عيسى ابن القاسم إن شهدت امرأتان على شهادة امرأتين بحق، ومعهما رجل شاهد بالحق مع المرأتين الغائبتين لم يجز ذلك إلا أن يكون مع المرأتين رجل، وإنما تجوز شهادة المرأتين بأبدانهما، فإن غابت أبدانهما فلابد أن يكون مع المرأتين رجل، واحتج بأن شهادة الرجل تجوز ببدنه، وتحلف معه، فإن غاب بدنه لم يجز أن يشهد على شهادته رجل واحد بل رجلان، ثم يكون ذلك كرجل يحلف معه. وفي سماع أصبغ من كتاب القضاء المحض قال أشهب: لا يعجبني هذا أرى ما جازت فيه شهادتهن تامة بلا رجل، ولا يمين كالاستهلال، وعيوب النساء تجوز شهادتهن فيه على شهادة مثلهن بلا رجل معهن. ابن رشد: قول ابن القاسم: إن غاب بدنه لم يجز أن يشهد على شهادته رجل واحد بل رجلان. يريد: أو رجل وامرأتان هو نص ما في شهادتها خلاف قول ابن الماجشون وسحنون في أن شهادة النساء لا تجوز إلا فيما يجوز فيه الشاهد واليمين، ولم يتكلم ابن القاسم في شهادة النساء على شهادة النساء فيما يجوز فيه شهادتهن دون رجل، وقول أصبغ: لا يعجبني هذا، وأرى ... إلخ. يدل على أن روايته عن ابن القاسم أنه لابد في شهادتهن على شهادة النساء في ذلك من رجل معين، وأنه لا يجوز في ذلك شهادة النساء وحدهن، وهو القياس؛ لأن شهادتهن وحدهن على الأصل إنما هي للضرورة، ولا ضرورة في انفرادهن في النقل، وظاهر قول أصبغ أنه يجرئ في ذلك امرأتان على امرأتين.

وقال بعض أهل النظر: وأراه ابن لبابة معنى قول أصبغ أنه يجزئ في ذلك امرأتان على امرأتين، لا تقوم امرأتان بشهادة امرأتين حتى يكن أربعا، وهو تأويل بعيد لا وجه له في النظر. قلت: ففي لغو نقلهن مطلقاً، وصحته في مطلق ما تجوز فيه شهادتهن بشرط نقل رجل معهن، ثالثها: تجوز فيما لا يطلع عليه غيرهن، ولو كن اثنتين دون رجل، ورابعها: إن كن فيه دون رجل فلابد من أربع لابن الماجشون مع سحنون، وابن القاسم فيها مع سماعة عيسى، وقول أصبغ، وتأويله ابن لبابة. قال ابن الحاجب: وتنقل المرأتان مع رجل في شهادتهن، ومنعه أشهب. قلت: تبع في غزوه لأشهب ابن شاس، وهو وهم لما تقدم من قولها، وقاله أشهب، وبينه عياض حسب ما قدمناه. والعجب من ابن عبد السلام وابن هارون في قبولهما إياه، والظن بهما عدم جهلها لفظ المدونة، وكلام عياض، وقول اللخمي، أجاز أشهب نقل اثنين في الأموال، ولم يجز نقل النساء فيه؛ يريد: إن انفردن لنقله الشيخ عنه بزيادة غلا أن ينقل معهن رجل نقلن عن رجل أو امرأة. فإن قلت: قال المتيطي، وابن فتوح ما نصه: منع أشهب وعبد الملك نقلهن شهادة رجل وامرأة مع رجل أو دونه. قلت: هو عندي، وهم لنقل النوادر عن الموازية ما نصه: تجوز شهادتهن على الوكالة في المال عند ابن القاسم، وقال أشهب وعبد الملك: لا تجوز، ولا ينقلن شهادة، وإن كانت في مال إلا أن يزكى غيرهن، وينقل معهن رجل عن رجل أو امرأة. اللخمي عن محمد: إن شهد رجلان على شهادة رجل في حق وعدلاً رجلاً شهد به جاز، ولو شهد رجلان بحق لم يجز تعديل احدهما الآخر. وشرط نقل غير الزنا اثنان، ولو اشتركا في أصل آخر. فيها: وشهادة رجلين تجوز على شهادة عدد كثير، ولا يقبل أقل من اثنين في الحقوق عن واحد فأكثر.

اللخمي: قال ابن الماجشون: لا يجزئ في الشهادة على السماع أقل من أربعة؛ لأنه كالشهادة على الشهادة فلا يجري على قوله في المال والحدود غير الزنا أقل من أربعة، وإن نقل عن حكم قاض، فإن كانت الشهادة على القاضي بحكم تضمن مالاً كفى اثنان، وإن كانت على بينة في الحكم لم يجز أقل من أربعة. وشرط نقل الزنا أربعة عن كل واحد اثنان، فتصح الشركة في كل أصل أو بعضه. في الرجم منها: تجوز الشهادة على الشهادة في الزنا مثل أن يشهد أربعة على شهادة أربعة، أو اثنان على شهادة اثنين، واثنين على شهادة اثنين آخرين، ولو شهد اثنان أو ثلاثة على شهادة أربعة لم يجد الرجل وحد الثلاثة إلا أن يقيموا أربعة سواهم على شهادة أربعة أشهدوهم، فلا يحدوا، ويحد الزاني. وسمع أبو زيد ابن القاسم: يجوز ثلاثة على ثلاثة في الزنا، واثنان على واحد. ابن رشد: هو نصها أن الشهادة على الشهادة في الزنا لا تتم بأقل من أربعة، وذكر ما تقدم. وقال: وإن تفرقوا لزم اثنان على كل واحد فيصيرون ثمانية، ويكفي في تعديلهم ما يكفي في غيرهم اثنان على كل واحد وأربعة على جميعهم، وقاله ابن الماجشون، وابن عبد الحكم، وأصبغ، وقول ابن القاسم في السماع يجز ثلاثة على ثلاثة، واثنان على واحد كلام خرج على سؤال سائل لا أنه لا يجوز عنده أقل من ذلك؛ لأنه يجوز على مذهبه اثنان على ثلاثة، واثنان على الواحد. وروى مُطرف أنه لا يجوز في النقل في الزنا إلا ستة عشر، أربعة على كل واحد من الأربعة اجتمعوا أو تفرقوا، وكذا لا يجوز عنده في تعديل الشهود على الشهود إلا أربعة وستون، أربعة على كل واحد من الستة عشر اجتمعوا أو تفرقوا، ويتخرج فيها قول ثالث، وهو جواز أربعة على جميعهم إن اجتمعوا، وأربعة على كل واحد إن افترقوا. المازري: ذكر في عدد ناقلي شهادة الزنا أربعة أقوال: أحدها: يقبل في ذلك رجلان كما يقبل في أحد القولين عندنا شهادة رجلين في الإقرار بالزنا، إذ الشاهدان على رجل أنه أقر عندهما بالزنا كالشهادة على أربعة رجال أنهم أقروا عندهم بأنهم يشهدون في

الزنا، وأذنوا لهم في النقل عنهم، فلا يفتقر في النقل إلى أربع كما افتقر إلى ذلك في الشهادة بالمعاينة بالزنا؛ لأن طلب الأربعة في الشهادة بالمعاينة في الزنا لستر العورات بخلاف نقل الشهادة به أو الإقرار به، فيترجح هذا القول من أحد القولين في الشهادة بالإقرار بالزنا. وفيها: إن أثبت هذا القول بنص فهو في عهدته، وإن أثبته بتخريجه المذكور رد بأنه في إقراره أسقط حقه في طلب ستر الشرع عليه في تغليظ ثبوت زناه بأربعة شهداء بإقراره، وفضيحته نفسه، فصار ذلك عليه كسائر الحقوق، وهو في نقل الشهادة عليه باق على حقه في الستر؛ فوجب بقاء اعتبار العدد وجوباً أحروياً بدليل قول موجب ثمانية أو ستة عشر. قال: وقد يقبل في ذلك نقل أربعة ليطابق عدد الناقلين، عدد المنقول عنهم، وهذا كالقول بأنه لا يقبل في الإقرار بالزنا أقل من أربعة، وهذا إذا سمع من كل واحد من الأصل شاهدان من الأربعة الناقلين، وقيل: لا يقبل في ذلك أقل من ثمانية على أن كل واحد لا ينقل عنه إلا رجلان لا مدخل لهما في النقل عن غيره كذا حكي عن بعض الناس هذا القول مطلقاً. والذي في الرواية عن عبد الملك أنه يفتقر إلى ثمانية إذا نقلوا مفترقين، وقيل: يفتقر إلى ستة عشر، وعند قائل هذا القول لا يعدل المعاينين أقل من ستة عشر رجلاً، وكذا قال من ذهب إلى شرط ثمانية؛ وهو عبد الملك أن التعديل لا يكون بأقل من ثمانية. قلت: فيتحصل في المسألة خمسة أقوال: أول أربعة: المازري مع أربعة. ابن رشد: قال ابن عبد السلام: تقدم أن في المذهب قولاً شاذاً؛ أن شهود الزنا والحدود لابد أن يكونوا معلومي العدالة عند القاضي. قلت: تقدم تعقبه عليه بأن هذا القول إنما هو في الدماء لا في الحدود. قال ابن زرقون: ذكر ابن عبد الغفور أن التعديل يكون في الدماء، وفي كل شيء، وهو قول مالك في كتاب الديات في "المدونة".

وقال أحمد بن عبد الملك: لا تكون عدالة في الدماء، ولم يصحب هذا القول عمل. وتتم الشهادة ببعض الأصل والنقل عن باقيه بشرط عدده عند قائليه. الشيخ: لمحمد عن ابن القاسم: إن شهد واحد على رؤية نفسه، وثلاثة على شهادة ثلاثة فذلك تام، ولا يجب الحد حتى يكون عدد الشهود أربعة عند الحاكم، وكذا لو شهد اثنان على الرؤية، واثنان على شهادة اثنين، وأما واحد على رؤية نفسه، واثنان على شهادة ثلاثة؛ لم تجز، وحد شاهد الرؤية للقذف، وشاهدا النقل إن لم يكن في لفظهم أنه زان، إنما قالا: أشهدونا على شهادتهم أن فلاناً زان رأيناه وفلان معنا لم يحدا، وإن قدم الثلاثة حدوا؛ إلا أن يثبتوا على شهادتهم حين قدموا، ويشهدوا بها فيحد المشهود عليه. محمد: هذا إن تأخر ضرب الشاهد الأول حتى قدم هؤلاء، وكذا لو مات واحد وقدم اثنان؛ لأنه قد ثبت شهادة اثنين على شهادة الميت منهم، وكذا إن لم يقدم منهم غير واحد فشهد، قاله ابن القاسم وأشهب وأصبغ. وروى مُطرف: عن حضر ثلاثة على الرؤية وغاب الرابع أو مات لم تقم شهادته إلا بأربعة ينقلون عنهم. وسمع عيسى ابن القاسم في الشهادة على الشهادة في الزنا: لا تجوز حتى يشهد أربعة على أربعة في موضع واحد، وساعة واحدة في موقف واحد على صفة واحدة. ابن رشد: ليس من شرط بينة الزنا تسمية الموضع، ولا اليوم، ولا الساعة، وإنما شرطها عند ابن القاسم ألا يختلف الشهود في ذلك، فإن شهد الشهود بمعاينة الفرج في الفرج تمت الشهادة، وإن قالوا: لا نذكر اليوم، ولا نحد الموضع، وإن سموهما كان أتم. وذكر بعض ما تقدم في بينة الزنا، ثم قال: لا تجوز شهادة أربعة على أربعة في الزنا؛ إلا أن يشهد الأربعة معاً على شهادة كل واحد من الأربعة أنهم رأوه معاً يزني بفلانة؛ فرجه في فرجها، كالمرود في المكحلة، وإن تفرق إشهادهم لهم مثل أن يشهد اليوم أحدهم، وغداً الثاني، وبعد غد الثالث، والذي يليه الرابع، وأما إن تفرقوا في الإشهاد

مثل أن يشهد أحدهم اليوم على شهادة جميع الأربعة، ثم يشهدهم الثاني غداً، ثم يشهدهم الثالث بعد غد، ثم يشهدهم الرابع في اليوم الذي يليه، فلا يجوز ذلك إلا على القول بجواز أن يفرق الشهود في تأدية الشهادة في الزنا، ومضى ذكر ذلك؛ لأن الإشهاد على الشهادة كتأدية الشهادة فيما يلزم فيها. ومراد ابن القاسم بقوله: (في موضع واحد، ويوم واحد، وساعة واحدة) أن يكون الزنا الذي شهد عليه الأربعة زناً واحداً. ويريد بقوله: (في موقف واحد) أن يشهدوا كلهم معاً على شهادتهم بكل واحد من الشهود الأربعة، وأن يؤدي الشهود الأربعة الشهادة على الشهادة عند الحكم؛ معاً غير مفترقين. وقيل: إن تفرقوا جاز، فإن شهد أربعة على أقل من أربعة، أو أقل من أربعة على أربعة؛ حدوا؛ إلا أن يأتوا بما يوجب الحد على المشهود عليه، وذلك أربعة سواهم يشهدون على شهادة أربعة، أو على معاينة الزنا، على القول بأنه لا يجوز تفرق الشهود في تأدية الشهادة في الزنا، وعلى القول بجواز ذلك يجزئهم إن كانوا ثلاثة أن يأتوا بشاهد يشهد معهم، يشهد على شهادة الأربعة، وعلى شهادة نفسه. قلت: ما حكاه- أولاً- خلاف حكم ما تقدم لمحمد عن ابن القاسم وأشهب وأصبغ فتأمله. الشيخ: سمع يحيى ابن القاسم في شاهدين نقلا شهادة رجل، وحكم بها، ثم قدم فأنكر أنه أشهدهما، أو عنده في ذلك علم، قال مالك: يفسخ ذلك. وفي سماع عيسى إن نقلا عن شاهد، فحكم له مع اليمين، أو عن اثنين فحكم بها، ثم قدم من نقلا عنه فأنكر؛ فالحكم ماض، ولا غرم عليهما، ولا يقبل تكذيبه لهما. وروى نحوه أبو زيد. وعن المازري: الأول؛ لرواية ابن حبيب، وعن الثاني لمُطرف وابن القاسم. ابن رشد: جعل ابن القاسم إنكار الشهود بعد الحكم كرجوع الشاهد عن الشهادة بعد الحكم في أن الحكم لا يرد لاستواء المسألتين في أن الحاكم حكم بما يجوز له

من الشهادة دون تفريط. ووجه تفرقة مالك هو أن إنكار المشهود على شهادته إن كان صادقاً في إنكاره وتكذيبه من نقل عنه؛ بطلت الشهادة لتصديقه في تكذيبه شهادته؛ إذ لم يثبت عليه أنه أشهدهما على شهادته، ثم رجع عنها، فوجب رد الحكم لئلا يتلف على المقضي عليه ماله، والشاهدان إذا رجعا عن شهادتهما مقران بالعداء على المحكوم عليه. ابن الحاجب: وإذا كذب الأصل قبل الحكم بطلت، وبعده تامة. ابن القاسم: يمضي، ولا غرم. ابن حبيب: ينقض، وقيل: يمضي ويغرم الأصل لرجوعهم. قلت: قوله: قبل الحكم بطلت. قال ابن رشد: اتفاقاً، والقول الثالث لم يحكه الشيخ ولا ابن رشد. وقال اللخمي في كتاب الرجم: إن شهد اثنان على شهادة أربعة؛ فلم يحدوا على قول ابن القاسم حتى قدم الأربعة المنقول عنهم، فإن ثبتوا على شهادتهم؛ حد المشهود عليه، واختلف إن أنكروا أنهم أمروهما بالنقل عنهم، فقال محمد: يحد القادمون؛ لأنهما صارا شاهدين عليهم بقذفهم هذا الرجل، وجعلهم كالراجعين عن شهادتهم، وإن نقل اثنان عن ثلاثة، وواحد على المعاينة؛ فلم يحد حتى قدم الثلاثة، فإن ثبتوا على ما نقل عنهم؛ حدوا هم، والرابع الشاهد بالمعاينة على قول ابن القاسم، ولم يحدوا على قول أشهب، وحد المشهود عليه؛ لأنهم يضم الشهادة، وإن أنكروا، وقالوا: ما أشهدناهما بشيء لم يحد المشهود عليه، ويختلف في حد المنقول عنهم فعل قول محمد، وعلى قول مالك في شاهدين على شهادة رجلين بمال، فقضي بشهادتهما، ثم قدم المنقول عنهما فأنكرا الشهادة أنه يرد الحكم لا يحدون. وقال الأخوان، وأصبغ، وابن القاسم: الحكم ماض، ولا شيء على المنقول عنهم، ولا على الناقلين، فرد مالك الحكم، ولم يرهم كالراجعين عن شهادتهم، وعلى قوله هذا لا يحد القادمون، وعلى قول مطرف وابن القاسم أيضاً؛ لا يحد المنقول عنهم، وتسقط دية المرجوم إذا نقل أربعة عن أربعة، ورجم، ثم أنكر المنقول عنهم.

وعلى قول محمد يغرم القادمون الدية والمال إذا كان الحكم بمال. وذكر ابن سحنون القولين إذا أنكر المنقول عنهم بعد الحكم: هل ينقض الحكم أم لا؟ قلت: فلا أعلم ما يثبت نقل ابن الحاجب القول الثالث إلا قول اللخمي. وعلى قول محمد يغرم القادمون الدية والمال إذا كان الحكم بمال. ويرد بأنه إنما قاله محمد في تكذيبهم من نقل عنهم قبل الحكم. وتقدم نقل ابن رشد الاتفاق على بطلان شهادتهم في تكذيبهم من نقل عنهم قبل الحكم، ولا يلزم من جعلهم راجعين قبل الحكم، جعلهم كذلك بعد الحكم لما تقدم من توجيه. ابن رشد: القول بإمضاء الحكم. وتبعه المازري في عزوه لمحمد في المسألة التي ذكر عنه أن المنقول عنهم بإنكارهم كالراجعين، ولم يصرح بإغرامهم. وزاد الشيخ في مسألة تكذيب الأصل من نقل عنهم قبل الحكم- من الموازية- أنه لا يجوز أن ينقل عنه إلا أن يكون صار ذلك إقراراً على نفسه، أو آل إلى أن صار بمجرده منفعة فينفذ ذلك عليه. قلت: صيرورته إقراراً بأن تكون شهادة الأصل بدين على رجل فلم تنقل عنه حتى مات المدين على المال، والأصل وارثه وصيرورة جحوده منفعة له أن تكون شهادة الأصل على المشهود عليه بدين، وهو مدين للأصل فلم ينقل عنه حتى فلس. المازري: ولو لم يعلم تكذيب المنقول عنهم للناقلين إلا من جهة أخرى نقلت عنهم أنهم كذبوا الناقلين عنهم؛ لمنع هذا من إيقاع الحكم لما وقع من الاختلاف في الشهادة على المنقول عنهم، ولم تثبت هذه البينة الأخرى بتكذيب الناقلين إلا بعد الحكم، فقد أشار بعض العلماء إلى أن نقض الحكم فيه آكد من نقضه بظهور فسق من حكم بشهادته لعدالته، ولعلة عنده أن بينة النقل وبينة نقل تكذيبهم للأصل إنما هما عن قطع، وبينتا التعديل والتجريح إنما هما عن ظن.

باب الرجوع عن الشهادة

وبالجملة لا يبعد إجراء المسألة على القولين في الحكم بشهادة من ظنت عدالته، ثم ثبت فسقه. المازري: لو أن الشهود الذين حكم القاضي بشهادتهم أكذبوه بعد أن حكم، ففي المجموعة: ينظر السلطان؛ فإن كان القاضي عدلاً أمضى حكمه، وتقدم عن الموازية فيمن حكم لزيد على عمرو بمائة فنسبه الشهود للغلط، وقالوا: إنما شهدنا بها لزيد على عمرو إن تيقن كذبهم لم ينقذ حكمه، ويغرم لزيد المائة للبينة عليه بأنه أثبت مال من حكم عليه. ومقتضى قوله: لو رفع الحكم لغيره والقاضي فقيراً انتزع المال ممن حكم له به، وقال محمد: لو شك القاضي في صدقهم وحرز أنه غلط نقض حكم نفسه. ولابن رشد في رسم (يوصي) من سماع عيسى: ولو لم يذكر الأصل شهادته، ولا قطع بأنه لم يشهد بنقلها، وإنما قال: لا أذكرها، وأنا شاك فيها تُخرج على الخلاف، في العمل بالحديث إذا رواه الراوي؛ فتوقف فيه المروي عنه، وشك فيه، ولم يقطع على أنه لم يحدث. قلت: ظاهر لفظه أنه لا نص فيها. وقد تقدم عن الموازية: إن شك الأصل في النقل عنه؛ كإنكاره، وكذا ذكره اللخمي. [باب الرجوع عن الشهادة] الرجوع عن الشهادة: هو انتقال الشاهد بعد أداء شهادته بأمر إلى عدم الجزم به دون نقيضه، فيدخل انتقاله إلى شك على القولين بأن الشاك حاكم أو غير حاكم.

والأول قول الأصبهاني شارح المحصول. والثاني قول القرافي. وقيد بعد أداء شهادته، وهو ظاهر الروايات، وظاهر لفظ المازري صدقه على ما قبل الأداء؛ فعليه بحذف لفظ: (بعد أداء شهادته). قال في ثاني جوابه عن فصل الرجوع: إن سئل مريض عن شهادة فأنكرها، وقال: ما أشهد به بينكما باطل، ثم أداها واعتذر عن سابق قوله بخوف الوهم لمرضه ونحوه، فالأصل بطلانها. وقال مالك: تقبل لصدق عذره بقرينة مرضه، وقال أيضاً: من سئل عن شهادة فلم يذكرها، ثم قال: تذكرتها، قيل: إن كان مبرزاً، ولم يمض من الزمان ما ينكر فيه صحة ما اعتذر به. المازري: في الواجب قبولها على الإطلاق؛ لأن الشك يعرض للعالم، ثم يذهب. وقال سحنون: إن قال: أنا تذكرتها، ثم قال: ذكرتها؛ قبلت إن كان مبرزاً. قلت: وقول المازري في هذا أحرى منه في الأولى. قال سحنون: وإن قال: لا أعلمها، ثم رجع، ثم قال: علمتها، فقول مالك في

ذلك اختلف. قلت: قوله: الواجب قبولها على الإطلاق؛ لأن الشك يعرض للعالم كالنص على أن ما سئل عنه مالك فيمن سئل عن شهادة لم يذكرها أنه شاك، وما ذكره عن سحنون في قوله: وإن قال: لا أعلمها ظاهر في صدقه على الشك، فيتحصل منه في قبول شهادة من صرح بشكه فيها، أو ملزمه، ثم رجع إلى الجزم بها، ثالثها: إن كان مبرزاً لإحدى روايتي سحنون مع قول المازري: الواجب قبولها مطلقاً، وثاني روايتي سحنون، ورواية المازري. ومسألة المريض هي سماع ابن القاسم من سئل عن شهادة وهو مريض؛ فأنكرها وقال: كل شهادة أشهدتها بين فلان وفلان باطلة، ثم شهد به، وقال: كنت مريضاً فخفت أن لا أكون أتثبت بها، وشهد هذا القول الذي له وجه يعرف جازت شهادته إن كان عدلاً لا يتهم. ابن رشد: معناه إن كان مبرزاً في العدالة، وهذا إن سألها لتنقل عنه على ما في سماع يحيى، لو لقيه من عليه الحق، فقال له: بلغني أنك تشهد علي بكذا، فقال: لا أشهد عليك بذلك ولا لي منه علم، وإن شهدت عليك به فشهادتي باطلة، ثم شهد لم يقدح ذلك في شهادته، وإن كان على قوله بينة، قاله ابن حبيب، وهو تفسير لقول مالك هذا. ولقول ابن القاسم في سماع يحيى، والفرق بين الموضعين أنه يقول في الوجه الثاني: إنما قلت له معتذراً، ولم أزل عالماً بما شهدت به، والوجه الأول لا عذر له فيها أقر به على نفسه من الجهل الشهادة فوجب أن تبطل؛ إلا أن يأتي بما له وجه من أنه خشي أن لا يقوم بها في مرضه فيصدق إن كان مبرزاً. قلت: سماع يحيى هو قوله من قيل له وهو عند القاضي: إن فلاناً ادعى أنك تشهد في ذكر حق له على فلان، فقال: ما أذكر أنه أشهدني عليه بشيء، وماله عندي علم، ثم انصرف فذكر فعاد إلى القاضي بعد أيام فشهد في ذلك الحق جازت شهادته إن كان مما لا يشك في عدالته، ولا يتهم في شيء من عمله. في أقضيتها: إن استقال الشاهد قبل الحكم، وادعى وهماً، وجاء بشبهة أقيل، ولا

تبطل شهادته إلا أن يعرف كذبه فيما شهد فيه فترد شهادته في هذا، وفي غيره. وقال في كتب السرقة: إن رجعا قبل الحكم، ولهما عذر بين يعرف به صدقهما، وكانا بيني العدالة أقيلا، وجازت شهادتهما بعد ذلك، وإن لم يتبين صدقهما لم يقبلا فيما يستقلان، ولو أدبا لكان لذلك أهلا، ولو شهدا على رجل بالسرقة، ثم قالا قيل القطع: وهمنا؛ بل هو هذا الآخر، لم يقطع واحد منهما. وللشيخ عن الموازية: إن قالا قبل الحكم وهمنا؛ لم يقبلا، وقاله ابن القاسم وأشهب قالا: ولو قالا في آخر على هذا شهدنا، ووهمنا في الأول لم يقبلا على واحد منهما، ورواه ابن القاسم. قال أشهب: كان ذلك في حق أو قتل أو سرقة أو قتل في إخراجهما أنفسهما عن العدالة بإقرارهما أنهما شهدا على الوهم والشك. وفي سماع يحيى قال سحنون: وأنا أقول: إذا استقال الشاهد قبل القضاء أو بعده، وادعى أنه غلط، ثم ذكر أو شبه عليه قبل قوله، وأقيل في شهادته فيما يستقلا إذا كان عدلاً مرضياً. ابن رشد: إن كان ذلك قبل القضاء فلا خلاف في قبول قوله، فتجوز شهادته فيما يستقبل، ولا يؤدب إن كان عدلاً رضى، وإن استقال بعد الحكم؛ فقيل: لا تجوز شهادته فيما يستقبل، وإن شبه عليه، وهو قول مالك في أقضية المدونة خلاف قول سحنون، هذا أنه تجوز شهادته فيما يستقبل إذا شبه عليه، وكذا يختلف في وجوب غرمه إذا شبه عليه، ولا يؤدب. المازري: إن وقع بعد أدائها تشكك فعاد إلى القاضي، فقال: توقف في قبول شهادتي، ثم قال له: ذهب عني التشكك؛ فذهب بعض الناس إلى أن ذلك على قولين، ولا يبعد أن يكون هذا التشكك كما حكيناه عن المذهب إذا جرى ذلك منه قبل أدائه. قال ابن الحاجب: فإن قال: تشككت، ثم قال: زال الشك. فقال المازري: هي مثل التشكك قبل الأداء، ثم يقول: تذكرتها فالواضح قبولها، وثالثها: إن كان مبرزاً قبلت.

قال ابن عبد السلام: قال المازري: فذكر ما نقلناه عنه آنفا، وقال: (وليس في كلام المازري بيان للأقوال الثلاثة) إذا شك قبل الأداء، وذكر ما نقلناه عنه أولاً. وقوله: (وليس في كلام المازري بيان للأقوال الثلاثة) يرد بما بيناه من دلالة لفظ المازري على تحصيل الأقوال الثلاثة. ورجوعهما بعد الحكم، وقبل إنفاذه في المال لا يسع إنفاذه. ابن حارث: إن رجعا بعد الحكم، وقبل قبض المال وجب للمحكوم له قبض المال اتفاقاً. وفي سرقتها إن رجعا بعد الحكم بدين ضمناه ظاهره، ولو قبل تنفيذه، وهو مقتضى نقل الصقلي عن الموازية: إن رجعا بعد الحكم فهرب المقضي عليه قبل أن يؤدي، فطلب المقتضي له الشاهدين بما كانا يغرمان لغريمه لو غرم؛ لم يلزمه غرم حتى يغرم المقضي عليه، ولكن ينفذ القاضي الحكم للمقضي عليه على الراجعين بالغرم؛ هرب أو لم يهرب؛ فإذا غرم أغرمهما، وكما لو شهدا بحق إلى سنة، ثم رجعا؛ فلا غرم عليهما حتى يغرم هو. وقال محمد بن عبد الحكم: للمقضي عليه أن يطلب الشاهدين بالمال، حتى يدفعاه عنه للمقضي له به. الصقلي والشيخ عن الموازية: لو شهدا بقتله عمداً؛ فحكم الإمام بقتله، ودفعه للولي فأقرا بالزور قبل أن يقتل؛ فهذا اضطرب فيه. قال ابن القاسم: مرة ينفذ الحكم بقتله؛ لأنهما الآن لا تقبل شهادتهما، ثم رجع فقال: هذا القياس، ولكن أقف عن قتله لحرمة القتل، وكذا القطع، وشبهه، والعقل فيه أحب إلي، واختلف فيه قول أشهب كابن القاسم. أصبغ القياس: القتل، والقطع، والرجم في زنى المحصن وكل شيء، وأستحسن لحرمة الدم خطر القتل أن لا يقتل؛ ولا دية على شاهد، ولا مشهود عليه، وأراه شبهة كبيرة، وقاله محمد. المازري: قول ابن القاسم: أحب إلي أن يكون فيه العقل، لم يذكر على من يكون

العقل، هل على الشهود؛ لأنهم أبطلوا الدم فيغرموا ديته، وإن أراده فهل عليهم دية من شهدوا عليه أو دية القاتل؛ لأن الدية قد تختلق؛ قد يكون القتيل رجلاً، والقاتل امرأة، والأظهر أن مراده أن العقل على القاتل حتى لا يبطل الدم عنه. ولو كان رجوعهما ذلك في زنا محصن، ففي تنفيذ رجمه، وسقوطه لا لبدل، ثالثهما: يُحد حد البكر، للخمي عن أحد قولي ابن القاسم مع أحد قولي أشهب، وثاني قولي ابن القاسم والمازري عن محمد. قلت: إنما نقله الشيخ عن البرقي عن أشهب: ولو كان رجوعهما في زنا محصن، ففي إنفاذه، وسقوطه لعقوبته فقط قولا ابن القاسم مع اللخمي عن محمد واختياره. وفي القذف منها: وإن قالت البينة بعدما وجب الحد: ما شهدنا إلا بزور درء الحد. قال ابن الحاجب: الثانية بعد القضاء، وقبل الاستيفاء. قال ابن القاسم: يستوفي الدم كالمال، وقال أيضاً، وغيره: لا يستوفى لحرمة الدم، ومثله لو رجع شهود الإحصان لجلد جلد البكر. قال ابن هارون: معناه أنه لا يرجم؛ ويحد حد البكر. وقال ابن عبد السلام: مثل رجوع شهود القتل، رجوع شهود شرطه بإن شهود الزنا أجبوا مطلق الحد على الزاني، وقيد كونه رجماً وجب بشهود الإحصان، فإذا رجع شهود الإحصان قبل استيفاء هذا الحد، فعلى أحد قولي ابن القاسم في المسألة الأولى لا يعتبر رجوعهم، وعلى القول الآخر يعتبر في إسقاط ما أوجبته شهادتهم، وهو الرجم، ويبق مطلق حد الزنا، وهو صادق بحد البكر. قلت: مسألة رجوع شهود الإحصان دون شهود الزنا لا أعرفها لغير ابن الحاجب، وتفسيره ابن هارون خلاف تفسيره ابن عبد السلام، والصواب جريها على اختلافهم إذا شهد اثنان بإحصانه، وأربعة بزناه، ثم رجعوا أجمعون فعلى القول الأول ألا غرم على بينة الإحصان لا ينفذ الحكم برجمه اتفاقاً، وعليه يأتي تفسير ابن هارون على القول بغرمهم يأتي تفسير ابن عبد السلام تقدم قولها: إن رجعا بعد الحكم عن شهادتهما بدين ضمنا، وظاهره، ولو لشك.

الشيخ عن سحنون: اختلف أصحابنا في رجوع البينة بعد الحكم، فقال: إن قالوا: أوهمنا أو شبه علينا؛ فلا غرم عليهم ولا أدب، وإن قالوا: زورنا، غرموا ما أتلفوا وأدبوا. وقال آخرون: يغرمون، ولو في الوهم والشك؛ ويؤدب المعتمد. قلت: إن قيل: الخطأ في أموال الناس كالعمد اتفاقاً في المذهب، ولذا رجح غير واحد القول الثاني بما وجه القول الأول. قلت: إنما وقع الاتفاق على أن الخطأ كالعمد في أموال الناس في فعل غير المأذون له في الفعل، والمأذون له في الفعل ليس كذلك كالراعي يضرب الشاة ضرب مثلها فتهلك لا يضمنها، والوكيل على شراء عبد فيشتري أبا الموكل خطأ لا ضمان عليه، والشاهد مطلوب بالشهادة؛ فالقول بعدم ضمانه بناء على أنه يطلب الشهادة منه كالمأذون له في الفعل منضماً إلى أن الأصل عدم التفريط، وعدم الضمان. وعزا ابن رشد في سماع عيسى القول الأول لسماع عيسى ابن القاسم قال: وهو قول ابن الماجشون حكاه عنه ابن حبيب. وقال: هو قول جميع أصحابنا المغيرة وابن دينار وابن أبي زيد وغيرهم، وعزا الثاني لقول ابن القاسم في السرقة من المدونة، وهو ظاهر ما في أو رسم من سماع ابن القاسم، ونص قول ابن حبيب عن مُطرف، وابن القاسم وأصبغ. الشيخ: قول محمد لم يحفظ عن مالك في غرم الشهود جواباً إذا شهدوا بحق فحكم به، ثم رجعوا، ولكن قال ذلك أصحابه أجمع المدنيون والمصريون. قال ابن القاسم: أخبرني من أثق به عن عبد العزيز بن أبي سلمة في رجوع أحد الشاهدين بعد الحكم قال: يغرم نصف الحق؛ ولا يرد الحكم. قال ابن القاسم: فسألت عنه مالكاً فقال: يمضي الحكم، ولم يتكلم فيما وراء ذلك. وقال ابن القاسم وأشهب وابن وهب وابن عبد الحكم وعبد الملك وأصبغ: إنه يغرم نصف الحق. قال ابن القاسم: ولا شيء عليهما حتى يقرا بتعمد الزور؛ ولو قال ذلك أحدهما،

وقال الآخر: وهمت، أو شبه علي، أو كان قضاه الدين ونسيت، فهذا يغرم، ويغرم الآخر نصف الحق، وكذا قال عبد الملك وابن عبد الحكم وأصبغ وقال أشهب: يضمنان إذا رجعا، وإن لم يتعمدا، واعتذرا بسهو أو غلط. قلت لابن عبد الحكم: لم لا يلزمهما ما أدخلاه فيه مما لم يكن عليه بجنايتهما، وإن كانت خطأ، فقال لي: ما أقر به، وانظر فيه. قلت: قد تقدم جوابه. قال محمد: ولا يمين على المقضي له برجوع أحدهما، ولو كان قبل قبضه حقه. قال ابن رشد في سماع عيسى: وفي الديات أربعة أقوال: الأول: الدية في مالهما إن تعمدا الزور أو شبه عليهما لابن القاسم في هذا السماع، وفي الواضحة ومُطرف وأصبغ فيها، وظاهر كتاب السرقة من المدونة. الثاني: إن تعمدا كان عليهما القصاص، وإن شبه عليهما فالدية في أموالهما، قاله ابن نافع وأشهب، وروي عن علي ابن أبي طالب - رضي الله عنه -. الثالث: إن تعمدا فالدية في أموالهما، وإن شبه عليهما كانت على عواقلهما، قاله أصبغ في سماعه من الديات. الرابع: إن تعمدا فالدية في أموالهما، وإن شبه عليهما كان هدراً، قاله ابن الماجشون والمغيرة وابن دينار، وابن حازم وغيرهم. ففي العمد قولان: القصاص، والدية في أموالهما. وفي التشبيه في كونها في المال أو على العاقلة، ثالثها: هدر. عزا المازري القولين في تعمد الزور بالقصاص، وكون الدية في أموالهما لروايتين قال: والأولى: اختيار بعض حذاق البغداديين. والثانية: أشهر عند أصحاب مالك، والناظر في القولين بغمض وعد هذه المسألة أبو المعالي على استئجار في العلوم الشرعية أصولاً وفروعاً من المعضلات. قلت: الأظهر أنها غير معضلة لوضوح أمرها، فإن القتل إنما وقع بشهادتهما، وإكراههما القاضي على قتله، وصيرورته بشهادتهما كآلة قتل بهما.

المازري: لو قال الشهود لما رجعوا: لم نتعمد بشهادتنا الكاذبة قتله ظناً منا أن القتل لا يلزمه، وأن القاضي لا يقبل شهادتنا، فقد اضرب فيه العلماء، وربما لحق هذا بمسائل شبه العمد، وهو القتل الذي ليس بعمد محض، ولا خطأ محض. قال: ولو أن القاضي علم بكذب الشهود فحكم بالجور وأراق هذا الدم، كان حكمه حكم الشهود إذا لم يباشر القتل بنفسه بل أمر به من تلزمه طاعته، ولو أن ولي الدم علم بكذب الشهود في شهادتهم، وبأن القاضي علم ذلك، فقتل قاتل وليه اقتص منه بلا خلاف عند المالكية والشافعية، وقول أبي حنيفة: لا يقتل كالشهود خيال فاسد، وتبع ابن شاس وابن الحاجب المازري فيما ذكره في علم القاضي بكذب الشهود، فقال ابن الحاجب: لو علم الحاكم بكذبهم، وحكم، ولم يباشر القتل فحكمه حكمهم. فقال ابن عبد السلام: ظاهر كلامه أن الخلاف المتقدم بين ابن القاسم وأشهب جار هنا. وقد قال في آخر الرجم من المدونة: إن أقر القاضي أنه رجم، وقطع الأيدي أو جلد تعمداً للجور أقيد منه، وهو ظاهر في أن القود يلزم القاضي، وإن لم يباشر، وعليه حمله بعض الشارحين، وما أظنه يختلف في ذلك. قلت: ما في المدونة مثله في النوادر لرواية ابن القاسم ولان سحنون عنه فيما أقر به من تعمد جور إن قامت عليه بينة فليقتص منه. قلت: وقد يفرق بين مسألة المازري، وبين مسألة كتاب الرجم، وما وافقهما مما ذكرناه بأن محمل مسألة كتاب الرجم أنه أقر بالعداء، والجور دن استناد منه لسبب ظاهر. وفي مسألة المازري، وهو مستند في الظاهر لسبب، وهو البينة المذكورة، والاستناد إلى السبب الظاهر، وإن كان كاذباً له أثر وشبهة كقولها: إن لمن قذف، وهو يعلم من نفسه صدق قاذفه، فيما رماه به أن يحده خلافاً لابن عبد الحكم. سحنون: إن رجعوا عن شهادتهم بشتم أو حد قذف أو زنا بكر، أو لطمة أو ضرب بسوط يوجب الأدب بعد القضاء في ذلك بالأدب، وأقروا بالزور؛ فإنما فيه عند

أصحابنا إلا الأدب من السلطان لا قود ولا حد، ولا تقع المماثلة في اللطمة، ولا ضرب السوط. قال ابن عبد السلام: وقد يسبق إلى الذهن أن من يرى القود في السوط من أصحابنا يرى للمشهود عليه هنا أن يقتص من الشهد، وهذا إنما يتم لو كان أشهب الذي يوجب للمشهود عليه القصاص من الشهود يقول بالقود من السوط. قلت: يرد تعقبه التخريج بان الحكم على المشهود عليه بالضرب بالسوط إن كان به فهو عند الحاكم مماثل؛ فيجب الحكم به على الشهود برجوعهم. والتخريج إنما يتصور على هذا التقدير، وإن لم يحكم على المشهود عليه بالضرب بالسوط لعدم تماثله غيره، وحكم عليه بمطلق الأدب فواضح؛ لأنه لا يحكم على الشهود إلا بالأدب. وقوله: (وهذا إنما يتم ... إلخ) يرد بأن القول بعدم القود في السوط بناء في تصور التخريج المذكور، وإنما يتصور على القول بالقود في السوط حسبما بيناه فتأمله. الشيخ في الموازية عن ابن القاسم: إن شهد رجلان بان هذا الرجل قتل ابن هذا عمداً فقضي بقتله فقتل، ثم قدم الابن حياً غرم الشاهدان ديته في أموالهما؛ إن تعمدوا ذلك، ولا شيء على الإمام، ولا على عاقته، وعلى الأب، وقاله أصبغ إن كان ذلك من الشاهدين عمداً. ابن القاسم: ولو صالح الأب القاتل بمال لرده؛ فإن كان عديماً لم يتبع الشاهدان بشيء، وقاله ابن سحنون لا بقيد إن تعمدوا ذلك، وزاد عنه: ولا يرجع الشاهدان فيما غرما على القاتل بشيء؛ لأنهما اللذان تعديا، فإن كانا عديمين رجع ولي المقتول على الولي القاتل، فإن أخذ ذلك منه لم يرجع على الشاهدين؛ لأنه الذي أتلف النفس كمن تعدى على مال رجل فأطعمه لآخر لم يعلم بعدائه، فلربه طلب المتعدي، ولا رجوع للمتعدي على الآكل، فإن كان المتعدي عديماً رجع على الآكل، ولا يرجع به الآكل على المتعدي. المازري: هذا تشبيه صحيح لولا أن الآكل انتفع بالطعام، وربما وفر به ماله،

والمقتص لم ينتفع بالقتل، ولا وفر به نفساً. سحنون: وروي أن ولي الدم خير إن شاء اتبع الشاهدين، إن اختار ذلك لم يكن له التحول عنهما إل لعدمهما؛ لأنه إن أخذ ذلك منهما رجعا به على الولي، وإن اختار تضمين القاتل؛ فليس له التحول عنه إلى الشاهدين أعدم أو لم يعدم، وإن ودى القاتل إلى الولي لم يكن له رجوع على الشاهدين، وقد روي أنه لا يرجع على الولي بشيء؛ لأن ظهور المحكوم بقتله حياً أبطل الحم، والولي إنما أخذ ما أعطاه الشاهدان على أنهما صدقا عنده، والذي أخذ قصاص لا ثمن فيه، وعلى الشاهدين غرم الدية؛ لأنهما اللذان أتلفا ذلك. قلت: فحاصله إن قدم من اقتص بقتله ببينة حياً ففي تغيير رجوع ولي من قتل به على الشاهدين عليه بديته في أموالهم إن كانا مليئين؛ وإلا فعلى المقتص، وتخييره في ذلك، وفي رجوعه على المقتص، ثالثها: لا جوع على المقتص بشيء مطلقاً. لمحمد عن ابن القاسم قائلاً: إن تعمدا ذلك، وإن شبه فالدية على عاقلتهما مع أصبغ وابن سحنون عن أبيه غير قائل ذلك، ونقليه بلفظي، وروي على الأول إن غرم المقتص لعدم الشاهدين لم يرجع عليهما بما غرمه، وعلى الثاني إن اختار إتباع الشاهدين فليس له التحول إل المقتص إلا لعدمهما؛ لأنهما إن غرما رجعا عليه لما غرماه، وإن اختار إتباع المقتص فليس له التحول إلى الشاهدين، ولو كان عديما؛ لأنه إن غرم لم يتبع الشاهدين بما غرم. قال ابن عبد السلام: والظاهر تخيير المستحق في أخذ الدية ممن شاء، وأخذ البعض من الشهود والبعض من القاتل. قلت: فيما قاله نظر؛ لأنهما إن تساويا في موجب الغرم لم تجز تعيين أحدهما له دون الآخر؛ فيبطل التخيير، وإن لم يتساويا؛ لانفراد كل منهما بمعنى يناسب الغرم دون صاحبه أمكن التخيير في ترجيح ما اختص به أحدهما على ما اختص به الآخر في إيجاب الغرم؛ لأن البينة اختصت بالعداء، ولم تباشر الإتلاف، والمقتص اختص بالمباشرة دون العداء، وإغرام كل منهما ملزوم لترجيح كل منهما على الآخر، وهو محال وتساويهما

باطل لما مر. قال ابن الحاجب: قال المازري: لا خلاف في تعلق الغرامة بهم إن شهدوا على قتل عمد فاقتص، ثم ثبت أنه حي، وإنما الخلاف في البداية وفي الرجوع، فقال ابن القاسم: يبدأ بالشهود، وإن كانوا فقراء فمن القاتل، وقيل: المستحق مخير، وفي الرجوع؛ قيل: إنما يرجع الشهود بما أدوا على القاتل، وقيل: بالعكس، وقيل: لا رجوع، فقال ابن عبد السلام: نقله عن المازري الثلاثة الأقوال، وقال ابن هارون: وقوله: (وقيل بالعكس) يقتضي أنه يبدأ بالقاتل، فإن كان فقيراً رجع على الشهود، وهذا القول مما انفرد به، وكذا قوله: (وقيل لا رجوع) يوهم نفي الرجوع مطلقاً عن الولي والشهود، وإنما هو منقول عن الولي فقط. قلت: قوله: (وقيل بالعكس) يقتضي أن القاتل إذا أدى إما لعدم الشهود. وإما لاختيار الولي تغريمهم؛ فإنه يرجع على الشهود بما أدى، ولا يرجعون هم عليه إن أدوا مطلقاً سواء أدوا بتبدئتهم في الغرم أو باختيار الولي تبدئتهم، وهذا القول لا أعرفه لا في النوادر، ولا في نقل المازري، إنما نق عن سحنون عدم رجوع الغارم مطلقاً كان الغارم البينة أو القاتل، ونقل على القول بالتخيير رجوع البينة إن غرمت على القاتل. قال: وهو خلاف ما تقدم لسحنون، وذلك من لفظه واضح لا إجمال فيه، ولا احتمال. وتفسير ابن هارون قوله: (وقيل بالعكس) بأنه يبدأ بالقاتل، فإن كان فقيراً رجع على الشهود غير صواب؛ لأن هذا العكس إنما هو في التبدئة لا في الرجوع، والعكس في لفظ ابن الحاجب إنما ذكره في الرجوع لا في التبدئة. الشيخ عن سحنون: ولو كانت الشهادة بقتل خطأ، ثم قدم من شهد بقتله بعدم غرم العاقلة الدية رجعت على البينة بها حالة، فإن أعدمت فعلى الولي، ومن غرمها منهما لم يرجع على آخر بشيء. وروي أن العاقلة مخيرة إن اتبعت البينة فلا تحول لها عنها إلى الولي إلا في عدمها؛

لأنها لو غرمت رجعت على الولي، وإن اتبعت الولي فلا تحول لها عنه إلى البينة، ولو أعدم، لأنه إن غرم لم يكن له رجوع على البينة، وذكر قبل هذا عن ابن القاسم أن الأب يرد على العاقلة ما أخذ منها، فإن وجد عديما غرمت ذلك البينة بخلاف رجوعهما لاحتمال كذبهما في رجوعهما فلم ينقذ الحكم به، وهذا لما قدم حياً علم كذبهما، ولما ذكر المازري قول ابن القاسم قال: وقيل: يبدأ بالشهود في غرم الدية للعاقلة، فإن كانوا فقراء رجعت على الأب بالدية، ولا يرجع الغارم من الشهود على الأب، ولا الأب على الشهد، ثم ذكر القول بالتخيير على نحو ما ذكره الشيخ. المازري: فتلخص من هذا أن المذهب لم يختلف في توجه الطلب على الأب، وعلى البينة لكن إن كان أحد الصنفين فقيراً طلب الأب بغير خلاف، وإن كانا مليئين فاختلف هل تخير العاقلة في طلب الأب أو الشهود أو يقع الطلب على الترتيب، وعليه اختلف فيمن يبدأ به هل الأب أو الشهود، ثم رجوع الغارم على المصنف الآخر فيه ما قدمناه من كون الشهود إذا غرموا فيه قولان: هل يرجعون على الأب أو الأب إذا غرم لا يرجع عليهم. وفيها: وإذا شهد أربعة على رجل بالزنا، فرجمه الإمام، ثم وجدوه مجبوباً لم يحد الشهود، إذ لا يحد من قال لمجبوب: يا زان، وعليهم الدية في أموالهم مع وجيع الأدب، وطول السجن. الصقلي لمحمد عن أشهب: الدية على عاقلة الإمام، وعليهم الأدب، وطول السجن إلا أن يقولوا: رأيناه يزني قبل جبابه؛ فتجوز شهادته، ولا حد عليهم بكل حال. قلت: عزا الشيخ قول أشه له، ولابن عبد الحكم. قال ابن عبد السلام: لا يبعد تخريج كون الدية على عواقل الشهود من قولها في حريم البئر في منع ذوي بئر ماشية فضل مائها مسافرين عجزوا عن قتال أهل البئر حتى ماتوا عطشاً ديتهم على عواقل المانعين. قلت: إن صح التخريج ناقض قولاها في البئر، والمجبوب، ويرد التخريج

بوضوح أن تسبب البينة في قتل المجبوب أوقوى من تسبب المانعين لإحتمال إعتقادهم نجاة المسافرين بماء آخر أو عدم إيجاب عطشهم موتهم. اللخمي: أما السجن والعقوبة فصواب، وأما الدية فلا أراها علي بينة، ولا إمام؛ لأنه قادر على أن يظهر ذلك من نفسه، وذلك كله كالبينة العادلة، يرد بها شهادة من شهد عليه. قلتُ: فيما قاله نظر على أصل المذهب لقولها: إن شهد على إمرأة بالزنا أربعة عدول، فقالت: أنا عذراء أو رتقاء، ونظر إليها النساء فصدقوها لم ينظر إلى قولهن، وأقيم عليها الحد؛ لأنه قد وجب. قلتُ: فهذا يرد قول اللخمي؛ لأنه قادر على أن يظهر ذلك من نفسه، وإنما يتمم ما إختاره فى مسألة المرأة أنه ينظر إليها. الشَّيح عن كتاب محمد بن عبد الحَكم: إن شهد شاهدان أن رجلاً حلف بحريَّة عبده أن فى قيده عشرة أرطال، وقد حلف بحريته أن لاينزع عنه القيد شهراً لفعل فعله العبد يتوجب به ذلك، ثم شهد شاهدان أنه ليس في القيد ثمانية أرطال. قال عبد الله: أراه يريد: فحكم الحاكم بعتق العبد. قال فى الكتاب: ثم إن السيد نزع القيد. قال عبد الله: يريد: بعد الشهر. قال: فوجد فيه عشرة. قال: محمد: فلينقض القاضي حكمه لظهور كذب الشاهدين. قلتُ: مافسر به الشَّيخ قول ابن عبدالحَكم ذكره المازري على أنه من لفظ إبن عبد الحَكم، فقال: مانصه: ذكر إبن الحَكم في رجل قيد عبده بقيد، وحلف أن لاينزع من رجله شهراً، وحلف أيضاً بحريَّة العبد أن في وزن القيد عشرة أرطال؛ فشهد شاهدان أن وزن القيد ثمانية أرطال؛ فحكم الحاكم بحريَّة العبد لأجل شهادتهما بحنث السيد الشاهد فما كمل الشهر وحل الأجل الذي حلف السيد أن لاينزع القيد قبله، وجد فى القيد عشرة أرطال كما حلف عليه السيد؛ فإن الحكم ينقض، ويرد العبد

إلى الرق. قلت: تفسير الشيخ قول ابن عبد الحكم بأن الحاكم حكم بحرية العبد، وتفسيره، ثم إن السيد نزع القيد بأنه نزعه بعد الشهر، وذكر المازري ذلك على أنه من لفظ إبن عبد الحكم كلام متناقض؛ لأن الحكم بحريته قبل مضي الشهر يوجب تعجيل نزع القيد قبل مضي الشهر؛ لأنه حر، وتأخير نزعه لإنقضاء الشهر يقتضي عدم الحكم بحريته قبل مضي الشهر، والصواب حمل المسألة علي أن البينة بوزن القيد ثمانية إن كانت قامت بعد مضي الشهر، وقبل نزع السيد القيد عن العبد، فكم الحاكم بحريته فنزع السيد قيده فوجده عشرة نقض الحكم بحريته، وإستقام حكم المسألة، وإن قامت قبل مضي الشهر حكم الحاكم بحنث السيد، وحرية العبد، وتعجيل نزع القيد، فإن قلنا بأن الإكراه الشرعي معتبر فى درء الحنث لم يلزم السيد بنزع القيد قبل مضي الشهر حنث، وكذا إن قلنا إن الإكراه الشرعي غير معتبر فى درء الحنث به؛ لأن هذا الإكراه تبين أنه غير شرعي لترتبه على حكم غير شرعي لوجوب نقضه، والإكراه غير الشرعي معتبر في درء الحنث به إتفاقاً، فلا حرية للعبد بحنث، وبالبالحكم لوجوب نقضه، وتقدم الحكم بحد شاهد الزنا لرجوعه، وسواء رجع قبل الحكم أو بعد تنفيذه. وفيها: إن رجع أحد أربعة شهود الزنا قبل إقامة الحد حدوا كلهم، وإن رجعوا بعد الحكم فكذلك، وإن رجع أحدهم حد وحده. اللخمي: وإليه رجع أبن القاسم فى الموازية بعد أن قال: يحدون كلهم، ونقل المازري القول الثانى غير معزو، وعقبه بقوله: وأنكر هذا بعض الأشياخ الحذاق، وأشار إلى أنه يقتضي نقض الحكم إذا رجع الشهود بعد إنفاذه، وهذا خلاف مذهب فقهاء الأمصار إلا ماحكيناه عن ابن المسيب، والأوزاعي، ورجحه ابن عبد السلام واحتج عليه بأن حد بعض الشهود عليه ملزوم لعفاف المشهود عليهم، إذ لايحد لا من قذف عير عفيف، وكلما تثبت عفته وجب نقض الحكم بزناه، ويرد بأن حده لإقراره أنه قذف عفيفا، ولا يلزم منه ثبوت عفته شرعاً فلا يرتفع عنه حد وجب عليه. وفيها: إن علم بعد الجلد أو الرجم أن أحدهم عبد حد الشهود أجمعون، فإن لم

يعلم الشهود كانت الدية في الرجم على عاقلة الإمام، وإن علموا بذلك فذلك على الشهود في أموالهم، ولاشئ على العبد فى الوجهين. اللخمي: وقال ابن سحنون: قيل: لاشئ على الحاكم، ولا على البينه إن لم يعلموا أن معهم عبداً او علموا وجهلوا رد شهادتهم مع العبد، وإن علموا أن شهادتهم مع لا تجوز فعليهم الدية، وإن علم العبد وحده أن شهاته لا تجوز وجهل ذلك البينة، فكل الدية جناية فى رقبته، وإن علمت البينة مع ذلك فالدية على جميعهم أرباعاً، وهو قول أبي مصعب، واختلف إن كاننت الشهادة بقطع أو قتل؟ فقال ابن القاسم فيها: إن شهد شاهدان على رجل بقطع يد عمداً فاقتص منه، ثم تبين أن أحدهما عبد أو ممن لا تجوز شهادته فلا شئ على المقتص له؛ يرد: إن لم يعلم الحر أن الذي معه عبد. وقال ابن سحنون: إن تبين أن أحدهما عبد أو ذمي أو مولى عليه حكم المحكوم له بالقصاص فى اليد مع الشاهد الباقي، أو حلف المقضي له بالقتل مع رجل من عصبته خمسين يميناً، وتم ماحكم به ونفذ، وإن نكل عن اليمين فى اليد، ولم يعلم أن شاهده عبد، وكانت الحرية فيه ظاهرة، وحلف المقتص منه فى اليد أن ماشهد عليه به الشاهد باطل، ونكل المحكوم له بالقتل عن القسامة إنتقضت الأحكام حتى كأنها لم تكن. وقال بعض أصحابنا: لاضمان على الحاكم؛ لأنه لم يخطئ، ولا على المحكوم له بالقصاص؛ لأنه أخذ ما أعطته البينة، والحاكم بإجتهاده، ولم يأخذ مالاً فيرده، وغرم ذلك على الشاهد إذا كان جاهلاً برد شهادة العبد أو الذمي. وقال بعض أصحابنا: ذلك على عاقلة الإمام. وقيل: إنه عذر. قلت: كذا وقع فى بعض نسخ اللخمي، وذكره الشيخ فى النوادر. وقولها: (إذا كان جاهلاً برد شهادة العبد حكموا به) صوابه: (وإن كان جاهلاً). قال الشيخ: وقد إختلف في قبول شهادة المولى عليه لسوء نظره في المال دون جرحة.

ولما ذكر الصقلي قولها فى العبد: قال: يريد: أو نصرانياً أو ولد زنا. وفيها: وإن وجد أحدهم مسخوطاً لم يحد واحد منهم؛ لأن شهادتهم تمت باجتهاد الإمام في عدالتهم، وقد يعدل المسخوط، ويسخط العدول، ولم تتم في العمد وشبهه. قلت: يريد أن خطأه في المسخوط؛ كمخالفته دليلاً ظنياً، وخطأه فى العبد؛ كمخالفته دليلاً قطعياً. وفى النوادر من كتاب الشهادات: إن وجد أحدهم مسخوطاً؛ فقال ابن القاسم: ينقض الحكم كما لو كان عبدأ أو ذمياً، ويحد هو ومن معه من حر مسلم حد القذف إن كانت قبل أن يشهد. وقال أشهب: لا يرد الحكم في المسخوط، ولا حد عليه، ولا على من معه. قال محمد: ولا أعلم إلا، وقد قاله إبن عبد الملك. قال أشهب: وكذل لو كان الحكم بمال. قال محمد: وقول أشهب وعبد الملك أحسن إن كان القاضي غير الذي قضي بشهادته، فإن كان هو الذي قضى بشهادته فلينقضه ما لم يفت كالقطع والقتل والرجم، وأخبرنى بقول ابن القاسم أصبغ وأبو زيد. وسمع أبو زيد ابن القاسم: إن شهد أربعة بالزنا، ثم نزع واحد بعدما تمت الشهادة، ونفذت لا يحد إلا الذي نزع قبل، فإن كانوا خمسة فنزع واحد؛ قال: فلا شئ على الذي نزع، وإن نزع آخر من الأربعة بعد ما أقيم الحد؛ قال: يضربان الحد، ولا شئ على الثلاثة الذين ثبتوا. إبن رشد: إن رجع الخامس من الشهود قبل إقامة الحد أو بعده، فلا حد عليه على هذا السماع. وذكر محمد أن قول ابن القاسم اختلف فى وجوب حده، وأن قول أشهب: إختلف فى ذلك، واختار قوله: (لايحد). قلت: وهو نقل الصقلي عبد الملك. أصبغ: وكأن ابن القاسم فى قوله الذي خالف فيه عبد الملك رأى الراجع

مقراً بقذفه عفيفاً، وأنه وبقية الشهود شهدوا عليه بزور، وإنه لقول حسن. إبن رشد: وإن رجع بعد ذلك أحد الأربعة قبل إقامة الحد حدوا كلهم لدليل هذ السماع أنه لايحد إذا تم نزع أحدهم بعدما تمت الشهادة، وأنفذت إلا الذي نزع وحدفه. وقيل: إنه لا يحد إذا نزع أحدهم بعدما تمت الشهادة، وأنفذت إلا الذي نزع وحده كان نزوعه قبل إقامة الحد أو بعده، وهو ظاهر قوله في المسألة التي بعد هذه. قيل له: فإن نزع أحد الأربعة؟ قال: يضرب الذي نزع، وهو الذي يوجبه النظر؛ لأنه يتهم أن ينزع ليوجب الحد على من شهد معه، وإن كان ذلك بعد إقامة الحد حد هو، والخامس الذى رجع قبله إن كان لم يحد، ولاحد على الثلاثه الذين ثبتوا، ولا إختلاف فى هذا. وقال اللخمي: فى رجوع أحد الخمسة بعد الرجم: أرى إن قال: أخطأت أو تعمدت، ولا علم ليى بما شهد به الآخرون؛ لأني لم أكن معهم أن لاشئ عليه من حد ولادية، وإن قال: شهادتنا واحدة، وأخطأنا جميعا أو تعمدنا؛ كان الجواب على ماتقدم لو كانوا أربعة فرجع أحدهم؛ فإنه يحد إذا قال: تعمدنا، ويختلف فى حده، وعقوبته إن قال: أخطأنا. وقول المازري: التحقيق عندى أن يكشف الراجع عن شهادته؛ فإن قال: كذبت، وكذا كل من شهد معي حد، وإن قال: إنفردت بالكذب عن الأربعة، ولا أعتقد كذبهم بل الظاهر صدقهم لعدالتهم لم يحد يقتضي إنفراده بهذا، وهو متفضى كلام اللخمي قبله. المازري عن الموازية: لو شهد ستة بزنا رجل فرجع إثنان، وظهر أن أحد الأربعة الذين لم يرجعوا عبد حد الراجعان، وغرما ربع الدية؛ لأن الحد أقيم بأربعة بطل أحدهم بكونه عبداً، والذي بطلت شهادته لو كان حراً رجع عن شهادته حد؛ وغرم ربع الدية، ولا غرم على العبد؛ لأنه لم يرجع عن شهادته، ويحد لقذفه من لم يثبت زناه بأربعة شهداء، ولا يلزم الثلاثة الأحرار حد ولا غرم، ويعترض هذا بأن العبد لما حد صارت الشهادة غير مستقلة، ولو كانت مستقلة لم يحد العبد؛ ففرق هنا بين شهادة

العبد التي سقطت لكونه عبداً، ولم يرجع عن شهادته فيوهن شهادة الثلاثة، وقد يغمض الفرق بين سقوط شهادة العبد؛ لأنه عبد، وبين سقوطها بالرجوع لاسيما أن المذهب نقض الحكم إذا تبين أن الشاهد عبد، ولاينقض الحكم فى أحد القولين إذا تبين أن الشاهد فاسق. قلت: فوله: (يغمض الفرق ... إلخ) يرد بأن الفرق أمر ظاهر جلي، فصار الحكم بالشهادة؛ كحكم خالف نصاً جلياً، فيجب نقضه، والرجوع يحتمل كونه كاذباً فيه كفسق طرأ، فيكون الحكم بشهادته؛ كحكم خالف دليلاً ظنياً فلا ينقض. قلت: وظاهر كلام المازري إنما هو سؤال الفرق بين ظهور كون أحد الأربعة عبداً، ورجوع أحد الأربعة، وفهم منه ابن هارون ماصرح به ابن عبد السلام من عند نفسه من مناقضة مافي الموازية من عدم حد الثلاثة الباقين من الأربعة الشهداء الباقين من الستة الذين ظهر أن أحدهم عبد لقولها: (إذا شهد أربعة بزنا رجل فظهر أن أحدهم عبد حدوا أجمعون) وأجابا بأن مسألة المدونة إنتفض الحكم فيها بظهور كون الرابع من الشهود عبداً، ونقضه يوجب حد الثلاثة الباقين، ومسألة الموازية لم ينتقض الحكم فيها؛ لأن قصارى الأمر أنه شهد خمسة، وأقيم الحد ورجع منهم إثنان، وذلك غير موجب لنقض الحكم فذا لم يحد الثلاثة الباقون. زاد ابن عبد السلام: فإن قلت: فعلى هذا التقدير ينبقى أن لا يحد العبد. قلت: قذف العبد للمشهود عليه سابق على حد الزنا؛ فلعله لما كان مكالبا به، وظهرت الشبهة فى زنا المشهود عليه برجوع بعض الشهود استصحب حكم القذف، ووجب حد العبد لذلك، والمسألة مع ذلك مشكلة. قلت: لا إشكال في المسألة لما تقدم من جوابها. وقوله: (ينبغي أن لا يحد العبد) لا موجب لتوهم قوله: (ينبغي أن لا يحد) إلا قياس العبد على الثلاثة الباقين، أو عدم نقض الحكم، وكلاهما غير صحيح. أما القياس على الثلاثة فيرد على الفرق بأن الثلاثة شهداء لما يقع موجب لرد شهادتهم في أنفسهم والعبد؛ بطلت شهادته في نفسه فصار قادفاً.

وأما أنه عدم نقض الحكم فمردود بحد الراجع من الأربعة مع عدم نقض الحكم برجوعه. وفى الموازية ما حاصله: إن رجع أحد ستة شهدوا بزنا رجل حده الرجم بعد فقء عينه به وثان بعد موضحة به، وثالث بعد موته فعلى الأول سدس دية عينه لفقئها بشهادته مع خمسة، وكذا على الثاني مع خمس دية الموضحة لكونها بشهادته مع أربعة، وعلى الثاث ربع دية نفسه لموته بشهادته مع ثلاثة. وفى سقوط ما على الثاني عنه، ولزومه إياه قولان. قلت: بناء على أن دخول دية فقء عين رجل، ودية موضحته فى دية قتله خطأ في الجميع بإعتبار استلزام دية النفس دية مادونها كلية فى أجزائها أو كلاهما. قال ابن عبد السلام: هذا الذي قاله محمد بناء على أن الشهود إذا رجعوا بعد الحكم، وقبل إستيفائه أنه لايستوفى. قلت: هذا واضح بين من تعليل قدر ما وجب على كل منهم. قال: وأما إن قلنا: إنهم إذا رجعوا حينئذ أنه يستوفى، ولايمنع رجعوهم من إستيفائه فيصير المرجوم كأنه أقيم عليه الحد بشهادة الستة جميعاً، فيكون كمن قتله بعد أن أوضحه وفقأ عينه فكان ينبغي أن لا يكون على هؤلاء الثلاثة الذين رجعوا عن شهادتهم سوى ربع الدية تكون عليهم بالسواء، ويسقط ماعدا ذلك فتأمله. قلت: قوله: فيكون كمن قتله بعد أن أوضحه وفقأ عينه وهمٌ، بل يكون كمن قتله بعد أن أوضحه وفقأ عينه؛ لأن قتله على هذا التقدير بنفس شهادتهم، ورجوعهم لغو فتأمله. ومن رجم بشهادة أربع بزناه وإثنين بإحصانه، ثم رجعوا أجمعون، ففي عدم غرم شهيدي الإحصان، وغرم كل منهما سدس الدية، وباقيها على بينة الزنا بالسوية، ثالثهما: على كل من شيهدي الإحصان ربعها، وباقيها على بينة الزنا بالسوية، لأصبغ مع سحنون وإبن القاسم وأشهب مع ابن الماجشون ومحمد، وأشار المازري إلى أن ذلك بناء على حصر حكم الرجم إلى إضافته لوصف زناه، ولغو إحصانه فيه؛ لأنه وصف

كمال له لا وصف نقص فيه، وإضافته إلى وصفي إحصانه، وزناه من حيث عدد مثبتهما أو إضافته إلى الوصفين من حيث ذاتيهما. المازري: ولو رجع أحد شهيدي الإحصان؛ فعلى الأول: لا غرم عليه، وعلى الثاني: يغرم سدس الدية، وعلى الثالث: يغرم ربعها، ولو رجع أحد أربعة الزنا، فعلى الأول: يغرم ربع الدية، وعلى الثاني: يغرم سدسها، وعلى الثالث: ربع للإحصان، وثمن للزنا. ولو شهد أربعة بزناه إثنان منهم بإحصانه، ثم رجع أحد شهيدي الإحصان؛ فعلى الأول: لاشئ عليه بالإحصان، ويغرم في الزنا ربع الدية، وعلى الثاني: يغرم سدسها للإحصان، وسدسا للزنا، وعلى الثالث: يغرم ربعا للإحصان، وثمنا للزنا. قال: وعلى أصل سحنون فى لغو الغرم عن شاهدي الإحصان إذا رجعا. قال: ولو حكم الحاكم بشهادة رجلين فى مال بتزكية رجلين إياهما، ثم رجع المزكيان عن تزكيتهما لم يغرما شيئاً، وقاله ابن الماجشون مع قوله: بمشاركة شهيدي الإحصان لشهود الزنا فى الغرم، فيحتمل أن يكون إختلاف قول فيهما فيتخرج قول أحدهما فى الأخرى، ويحتمل أن يكون ذلك لفرق بينهما إليه سبيل. قلت: ولم يذكر فرقاً بوجه، ويفرق بضعف سببية التعديل بالنسبة إلى سببية الإحصان فى الحكم الواقع بهما، وبيانه أن سببية التعديل فى الحكم الواقع به عامة في الحكم الواقع به، وهو الحكم، وهو الحكم بالمال وغيره فدلالتها على الحكم المذكور كدلالة العام على بعض أفراده، وسببية الإحصان فى الحكم الواقع به خاصة بالحكم الواقع به دون غيره، فدلالتها على ثبةت الحكم المذكور كدلالة الخاص على مدلوله. وتقرر فى أصول الفقه أن دلالة الخاص على مدلوله أقوى من دلالة العام على بعض أفراده لإحتما لغو دلالة العام على بعض أفراده، وإمتناع لغو دلالة الخاص على مدلوله.

الشيخ عن كتابي إبن المواز وإبن سحنون: إن إدعى من حكم عليه بشهيدين رجوعهما عما شهدا به عليه، فأنكرا، فإن لم يأت بلطخ فلا يمين عليهما، وأن أتى به حلفا وبرئا؛ فإن نكلا حلف المدعي، وأغرمهما ما أتلفا عليا؛ فإن نكل فلا شئ له عليهما، ولو أقام بينة بإقرارهما برجوعهما بعد الحكم بهما أنهما شهدا بزور غرما ما أشهدا به، ويغرمان الدية فى النفس والرجم مع حد القذف، ويغرمان أرش الجراح، ولا ينظر لرجوعهما بعد الإقرار. وقال محمد بن عبد الحكم: إن إدعى عليهما أنهما رجعا عن الشهادة فلا يمين عليهما إن أنكرا، وإن أقام شاهدين برجوعهما قضي عليهما بالمال، وكذا في قيام البينة برجوع أحدهما. وزعم أو حنيفة وأصحابه أنه لا تقبل عليهما شهادة برجوعهما، وهو خروج من المعقول، لأن من قولهم لو أقر بالرجوع لزمهما الغرم. ونقل إبن الحاجب توجه اليمين عليهما لا يفيد قيام اللطخ وهم، ونقله إبن شاء فى آخر كلامه مقيداً على الصواب. وفى الحريرية: من شهد عند حاكم، ثم رجع إليه فقال له: نالني من أجل شهادتي وبالله الذي لا إله إلا هو ماشهدت إلا بحق لكني راجع عن شهادتي فلا يقضى بها، فقال هاشم بن أحمد بن خزيمة: لاتسقط بهذا شهادته، وقاله أصبغ بن سعيد. وقال ابن زرب: لايقضى يها؛ لأنه إن رجع عن حق علمه سقطت بذلك شهادته. وقد روي عن مالك أنه قال: كان شريح القاضي يقول للشاهدين: بشهادتكما أقضي، أتشهدان أن الحق لهذا؟ فإن قالا: نعم أجاز شهادتهما، فكيف يقضى بشهادة من يقول: لا تقضى بشهادتى؟. قلت: الأظهر إن علم نزول ضرر به لشهادته قضى بها، وإلا فلا. الشيخ عن ابن عبد الحكم: ولو رجعا عن رجوعهما الموجب غرمهما لم يقالا، وقضي عليهما بما يقضي على الراجع. قال ابن الحاجب: إثر هذا الفرع أما لو ثبت كذبهم نقض إذا أمكن.

قال ابن عبد السلام: ثبوت كذبهم عسير؛ لأنه راجع إلى تجريح الشهود، والمشهود عليهم بالكذب فى هذه الصورة يشهدون بكذب من شهد عليهم فيها. قلت: علف المؤلف ثبوت كذبهم على الإمكان، وإليه يعود هذا الشرط، لا إلى نقض الحكم. ومن هذا المعنى إذا شهدوا على رجل بالزنا، ثم تبين أنه محبوب. قلت: قوله بثبوت كذبهم عسير، يرد بما أقر به أخيرا من مسالة المجبوب، وعما تقدم من مسألة من شهد بقتله، ثم قدم حياًّ. وبقولها فى كتاب الاستحقاق فيمن شهدت بينة بموته؛ فقسمت تركته، وتزوجت زوجته، ثم قدم حيّاً، وهو نص ترجمة النوادر بقوله فى الحكم ينفذ، ثم يظهر مايبطل به مثل البينة تقوم بقتل رجل عمداً أو خطأ، فيحكم بذلك، ثم يقدم الشهود بقتله حيّاً، وشبه ذلك مما يظهر فيه الكذب، أو يظهر المرجوم مجبوبا. قلت: ومثل هذا لايقال فيه عسير، واستدلاله على ذلك بقوله إن الشرط فى قول ابن الحاجب إن أمكن راجع إلى ثبوت كذبهم، لا إلى نقض الحكم، وهم نشأ عن إعتقاده عسر كذبهم، والحق الواضح لمن أنصف أنه راجع إلى نقض الحكم، لا إلى ظهور كذبهم؛ لأن نقضه قد لايمكن، ككونه حكما بقتل أو قطع وقع، وقد يمكن ككونه بإستحقاق ربع ونحوه. وكقوله فى مسألة كتاب الإستحقاق المتقدمه، فإن لما تأت البينة بما تعذر من شبهة دخلت عليهم بذلكك كتعمدهم الزور، فيأخذ متاعه حيث وجده، وترد إليه زوجته، وله أخذ ما عتق من عبد، أو كوتب أو دبر أو أمة أتخذت أم ولد، وقيمة ولدها من المبتاع كالمغصوبة يجدها بيد مشتر. ولسحنون من نوازله: من قال لمن شهد عليه: بلغنى أنك شهدت علي بكذا؛ فقال له: إن كنت شهدت عليك بذلك؛ فأنا به مبطل، وكان شهد عليه، فهذا رجوع إن كان على قوله بينة، وتبطل شهادته، ولا يثبت بها شئ، إن كان ذلك قبل القضاء، وإن كانت مقالته هذه بعد القضاء ضمن ما استهلك من المال.

ابن رشد: لابن حبيب فى هذه المسألة عن الأخوين وأصبغ أن قوله هذا لا يضره فى شهادته، وإن قامت عليه بينة إلا أن يرجع عن شهاده رجوعاً، ووجهه أن قوله يحتمل كونه إعتذارا، لا روعا، فلم يبطل الحاكم بشهادته إلا ببينتين. ولو شهدت عليه البينة أنه قال ذلك ابتدأ دون أن يعاتب على شهادته، كان رجوعا عنها اتفاقاً. الشيخ عن كتابي ابن المواز وابن سحنون: إن رجعا عن شهادتهما بطلاق البتة، والنكاح ثبت بغير شهادتهما، فإن كان بعد البناء فلا خلاف في أن لاشئ عليهما، وإن كان قبله؛ فقال ابن القاسم: يغرمان نصف المهر. أصبغ: هذا استحسان، والقياس لا شئ عليهما. ابن المواز: الصواب أن لا شئ عليهما، وقاله، أشهب وعبد الملك وغيرهما ممن أرضي. وفيها: إن رجعا بعد قضاء القاضي بشهادتهما بالطلاق قبل البناء، فعليهم نصف الصداق. عياض: كذا عندنا في الأصل. قال بعض الشيوخ: لم يبين لمن هذا النصف، وحمله أكثر الشيوخ على أن غرمه للزوج، وكذا جاء مفسراً فى كتاب العشور من الأسمعة، وحمله غير واحد على أن غرمه للمرأة، ليكمل لها صداقها الذي أبطلاه عليها بالفراق قبل الدخول. وعليه اختصر المسألة القرويون قالوا: وهذا مقتضى النظر والقياس أن غرمه للزوج لا وجه له، إذا النصف عليه متى حصل الفراق قبل الدخول. وأشهب وسحنون لايريان عليهما المهر شيئاً. الصقلي عن سحنون: إن رجعا عن شهادتهما بعفو ولي الدم عن قاتل وليه، أو مجروح عن جارحه عن جارحه بعد الحكم بإسقاط القود لم يضمنا شيئاً، ولا قصاص على القاتل، وشبهه في الموازية برجوعها فى الطلاق. سحنون: ويحد القاتل مائة، ويحبس سنة، ويؤدب الشاهدان.

وقال محمد بن عبد الحكم: يغرمان الدية؛ لأن له في أحد قولي مالك أن يأخذ الدية. سحنون: ولو شهد بعفوه على أخذ مائة درهم، وهو ينكر، والجاني يدعي ذلك، ثم رجعا بعد الحكم بذلك فلا شئ لولي القصاص، ولا شئ على الشاهدين؛ لأن الجاني يخرج المال مقر بأنه عفي عنه بذلك، وولي القصاص إنما أبطلا عليه القصاص الذي لا ثمن له. ولو كان المنكر الجاني، وولي القصاص يدعي مصلحة بذلك أو بالدية، فقضي بذلك، ثم رجعا فعليهما أن يغرما للجاني ما أخرجا من يده، وقول إبن الحاجب: ولو رجعا في شهادة الدخول فى مطلقة غرما نصف الصداق هو نص الجلاب. ولو شهدا على رجل في زوجته أنه دخل بها؛ فطلقها بعد الدخول، وهو مقر بالنكاح والطلاق، ومنكر للدخول، ثم رجعا عن شهادتهما؛ غرما له نصف الصداق الذي لزمه بشهادتهما. المازري: لو شهد شاهدان بطلاق من ثبت نكاحها بغير شهادتهما، وآخران بأن الزوج دخل بها، وأرخى الستر عليها، ولم يعلم شاهد الطلاق كان قبل البناء أو بعده، ولم يعلم شاهدا الدخول بطلاقه؛ فلا غرم على شاهدي الطلاق على قولي أشهب وعبد الملك. قلت: وابن المواز. قال سحنون هذا مذهب أصحابنا، وأكثر الرواة، وبعض الرواة خالف فيه وإسقاط غرمهما؛ لأنهما إنما أتلفا منافع بضع، وذلك لايتقوم، وما غرمه الزوج من نصف الصداق واجب عليه بعقد النكاح فو رجع شاهدا الدخول غرما نصف الصداق؛ لأن شاهدي الطلاق لو اقتصر على شهادتها لم يلزم الزوج أكثر من نصف الصداق، وغرامة النصف الزائد عليه إنما هو بشهادة من شهد عليه بالبناء، فإذا رجعا عن شهادتهما غرما هذا النصف بينهما بالسواء، وإن رجع أحدهم غرم ربع الصداق. قال ابن الحاجب: وإن شهد إثنان بالطلاق، وإثنان بالدخول، ثم رجعوا؛ فالأكثر

لاغرامة على شاهدي الطلاق. وقيل: كما لو انفردوا. قلت: إن أراد بقوله: كما لو انفردوا مجرد الإشارة إلى قول بعض الرواة فواضح، وإن أراد به ذلك مع تعليله بتقدير إنفرادهم رد بأن تقدير إنفرادهم باطل في نفسه ضرورة ثبوت نقيضه؛ لأن الواقع عدم إنفرادهم. على هذا فهمه إبن عبد السلام؛ لأنه قال مانصه: أكثر أهل المذهب على أنه لا غرامة شاهدي الطلاق. قال ابن سحنون وبعض الرواة على خلافه؛ ولعله يريد أن الصداق يكون على جميعهم، وكان ينبغي أن يقول: كما لو انفردوا. قلت: فقوله: وكان ينبغى أن يقول: (كما لو انفردوا) نص منه على تعليل قول بعض الرواة بالتقدير المذكور. والبحث فيها يشبه قول الجد في المسألة المسماة بشبه المالكية: لو كنتم دوني لم ترثوا شيئاً. المازري مع الشيخ عن كتاب ابن سحنون: لو غرم شاهدا البناء لرجوعهما، ثم ماتت الزوجة رجعا على الزوج بما غرما له؛ لأن إنكاره طلاقها والبناء يوجب أن موتها في عصمته قبل البناء، وذلك موجب عليه كل الصداق. المازري: قال عبد الملك فى كتابه: لو شهدا بطلاقه قبل البناء؛ فغرم الزوج نصف الصداق، ثم مات، ورجع الشاهدان غرما للزوجة ما حرماها من ميراثه، وما أسقطا من صداقها بالطلاق قبل البناء؛ لأن الموت أوجب إكماله. ولو ماتت الزوجة؛ غرما للزوج مايرثه منها فقط لاشئ مما غرم من الصداق، وهذا إن كان الزوجان ينكران ماشهد به الشاهدان من الطلاق، وذكر ابن الحاجب هذا في مسألة شهادة إثنين بالطلاق، واثنين بالدخول، ولا يتم ذلك فيها على قول بعض الرواة بغرم شاهدي الطلاق. وفي النوادر ظاهر من كتاب ابن عبد الحكم: ومن له أمة ذات زوج شهد شاهدان

بطلاقها، والسيد يدعيه يقضى له، ثم شهد شاهدان على الشهدين بما أسقط شهادتهما من أنهما زورا شهادتهما، أو كانا غائبين عن البلد الذي شهدا به، فأثبت القاضي النكاح، وصح حكمه بالفراق، ثم رجع الشاهدان أخيرا فعليهما غر مابين قيمتها ذات زوج، وقيمتها خالية منه. الصقلي عن الموازية: قال أبن عبد الملك: إن رجعا عن شهادتهما بخلع على ثمرة لم يبد صلاحها بعد الحكم؛ غرما قيمتها على الرجاء والخوف. محمد: بل قيمتها يوم جدها الزوج. وكذا لو شهدا أنه خالعها على آبق أو شارد أو جنين في بطن أمه، ثم رجعا لم يلزمهما غرم إلا بعد خروج الجنين وقبضه، وبعد وجدان الآبق والشارد، وقبضهما، وإلى هذا رجع محمد ولعبد الملك قول تركته. قلت: ذكر الشيخ قول عبد الملك، وقول محمد في الثمرة، وفي الجنين حسبما تقدم. قال عنه: ولو كانت شهادتهما بخلعها بعبدها الآبق أو جملها الشارد كان عليهما لها قيمة ذلك على أقرب صفاته؛ فإن ظهر أنه كان ميتاً قبل الخلع لم يكن عليهما شئ، ولو ظهر أنه أصابه عور أو قطع يد قبل الخلغ لم يلزمهما إلا قيمته كذلك، هذا قول عبد الملك، وأحب إلى أن رجي أخذ ذلك قريباً إن رجي أخذ ذلك قريباً لم يعجل بغرمهما حتى يقبض ذلك الزوج، وإن لم يرج تعجيل وجدانه؛ غرما قيمة صفتهما على ماكانا يعرفان به قبل الإباق والشرود، فمتى ظهر نفص بعد ذلك أو موت رجعا بما زيد عليها، ثم رجع محمد عن هذا كله؛ فذكر ما ذكر الصقلي عنه. المازري: من أقام على دعواه نكاح امرأة شاهدين، وهى تنكر فقضي عليها بأن تمكنه من نفسها؛ فإن عملت بطلان دعواه، وشهادة الشاهدين بالزور، وجب عليها أن تمنعه من نفسها إذا قدرت؛ لأنه كزان على إعتقادها؛ فإن جبرت على تمكينه، ثم رجع شاهد النكاح، فقد استحقت الصداق المسمي الذي شهد به الشاهدان، وأقر به الزوج، ولا رجوع لها على الشاهدين إلا أن يثبت أن صداق مثلها أكثر من المسمى؛ فيغرمان لها فضل صداق مثلها على المسمى، ولو طلقها قبل البناء فلا صداق لها عليه على مقتضى

إنكارها، وله أن يرجع إلى تصديقها في إنكارها، ويسقط عنه ما كان أقر لها به من نصف الصداق، وإن رجعت هي عن إنكارها وصدقت الزوج، فلها أخذ نصف الصداق منه إن إعتذرت عن إنكارها لكراهتها فيه وندمها على نكاحه، ويحلف على ذلك؛ كامرأة إدعت طلاق زوجها فأنكر ولم تقبل دعواها، فلما مات زعمت أنها كانت كاذبة في دعواها طلاقه، فإن ذلك يقبل منها إن إعتذرت بكراهتها للزوج وترثه. قال ابن أبي زيد: وتحلف، وكذا على تأويله تحلف المنكرة للنكاح. ولعبد الملك مثل هذا في رجلين شهدا بطلاق امرأة، فقضي به وزوجها منكر، ثم تزوجها أحد الشهيدين؛ فإن رجع عن شهادته طلقت عليه؛ وغرم نصف الصداق، وإن كان لم يبن بها لإقراره أنه تزوج زوجة غيره، ولو كان رجوعه بعد البناء لم يحد، ولو كان قبل تزويجها؛ منعه الإمام من تزويجها إلا أن يرجع عن رجوعه عن الشهادة، ويحلف على أن الحق في شهادته الأولى؛ فقبل عبد الملك رجوعه عن قول إقتضى تحريمها عليه، وهو كأحد قولي المدونة فيمن شهد على رجل بعتقه عبده، فلم يقض بشهادته، ثم إشترى العبد؛ فقال غير ابن القاسم: لا يعتق عليه إلا أن يتمادى على إقراره بعد شرائه أن العبد حر. وقال ابن القاسم: يعتق عليه، وإن لم يتماد على شهادته، وقول ابن القاسم هذا قد يتحرج منه أن لايقبل من هذا الشاهد بالطلاق المتزوج لهذه المرأة رجوعه عن شهادته، وهو ظاهر إطلاق إبن المواز فى هذه المسألة، وكذا في مسألة التى أنكرت النكاح، ثم رجعت عن إنكاره إلا أن يقال: إنما قال ابن القاسم حرمة العتق. قلت: ماذكره ولو كان رجوعه بعد البناء لم يحد هو نقل الشيخ عن ابن الماجشون فى الموازية إذا تزوجها أحدهما، ثم رجع عن شهادته؛ فلها الصداق، ويفرق بينهما بطلاق، ولا حد عليه، والوهم والعمد في ذلك سواء إلا أنه يؤدب فى العمد لا في الوهم. وذكر قبل قوله قول عبد الملك عن محمد ما نصه: لو رجع قبل أن يتزوجها، ثم جهل فتزوجها فلا صداق عليه إلا أن يبنى بها، فيلزمه مهرها، ولا يقر معها، وهو يقر أنها.

ذات زوج. وفيها: وسقوط حد العامد في ذلك لوقوع الحكم بالطلاق مع عدم نقضه برجوعه. قال المازري: ولو كانت الزوجة هي المدعية للنكاح، والمدعى عليه ينكر العقد عليها، ورجع الشاهدان بعد بنائه، وصداق مثلها أقل من المسمى، ففي رجوعه بفضله على صداق مثلها على الشاهدين قولان بناء على تقرر غرمه عوض البضع بنفس وطئه فقط، أو بأن وطأه رضى بما شهد به عليه لقدرته على تركها بطلاقها. وفيها: لا يحل له القدوم على وطئها مادام معتقدأ كذب البينه عليه فى العقد كما قالوا في المرأة المنكرة العقد عليها: لا يحل لها تمكينها نفسها طوعاً لب الواجب حده؛ كمن وطئ أمة إبتاعها، وهو يعلم أنها حرة إلا أن يراعي شبهة حكم الحاكم. وفي سرقتها: وإن رجعا بعد الحكم، وقد شهدا بعتق ضمنا قيمة العتق. الصقلي: وفي كتاب ابن سحنون: وكذا لو كانت أمة غرما قيمتها إلا أنها لا يحل لها أن تبيح فرجها إن علمت أن البينة شهدت بزور، وإن لم تعلمه فذلك لها. قلت: وذكر الشيخ مسألة المدونة من كتاب ابن سحنون بلفظ: فإن كان السيد مقيماً عل الجحد فله قيمة العبد على الشاهدين، ويبقى ولاؤه له؛ لأن من أعتق عبداً عن رجل فالولاء للرجل، وعلله المازري بقوله: لأن الشاهدين معترفان بأن الولاء لسيده لا لهما، والسيد يستحق ماله على مقتضى إنكاره لكونه ملكاً له؛ فإن لم يكن له وارث أخذ السيد ماله على مقتضي قوله وقول الشاهدين. قلت: الصواب كونه على مقتضى ظاهر ما حكم به عليه، ولو كان على مقتضى قوله وقول الشاهدين من حيث رجوعهما لم يكن مشروطاً بعدم الوارث، وعلى ظاهر قول المازري. قال ابن عبد السلام: ينبغي أن يرد لهما من تركة العبد قدر قيمته التي أخذ منهما؛ لأنه إنما أخذها بمقتضى الملك فيما يزعم لا بمقتضى الولاء والجمع بين الملك وأخذ القيمة باطل.

قلت: ما ذكره غير لازم على تعليل المازري لا بنفس حكم المسألة لجواز تمسك السيد بأنه أخذه بمقتضى ظاهر ماحكم به عليه؛ إلا أنه يأتي في الشهادة بالعتق إلى أجل ما يقتضى رجوعهما عليه بما غرما له مطلقاً. الشيخ عن كتاب ابن سحنون: لو رجعا عن شهادتهما بعتق عبد إلى أجل بعد القضاء به؛ غرما قيمته حالة، وأخذاها فى خدمته يؤاجرانه، أو يستخدمانه؛ فإن إستوفياها قبل تمام أجله كانت بقية خدمته إلى الأجل لسيده، وإن تم الأجل قبل إستيفائها؛ فلا شئ لهما، فإن مات العبد بيد سيده عن مال أو قتل، فأخذت قيمته أو مات بعد الحريه عن مال أخذ الشاهدان من ذلك ما بقي لهما. قلت: لم يقيدالشيخ أخذها فى موته حرا بشئ، والصواب تقييده بأن لا وارث له، وهذا يقتضي رجوعهما على سيده في المسألة السابقة حسب مابيناه. قال الشيخ: وذكر ابن الماجشون هذه المسألة وقال: إن أعتقه السيد قبل قبض الشاهدين من خدمته ما غرماه بعد عتقه، ورد لهما ما أخذ منهما أو ما بقي لهما منه. وذكر ابن المواز مثل ما ذكر سحنون، وزاد: لو قال السيد بعد أن أغرمهما قيمته لا آمنهما عليه، وإنما نستخدمه، وندفع لهما ما يحل علي من خدمته، فذلك له، وربما كان ذلك فى الجارية النفسيه، وذات الصنعة فذلك له. وقاله عبد الملك: وقال لي عبد الله بن عبد الحكم: يغرمان قيمته مسقطاً منها قيمة خدمته للأجل فلم يعجبنا، وقد تجاوز قيمة عمله إلى الأجل قيمته. وقال عبد الملك: لو كانا عديمين حكم عليهما بقيمة العبد، ثم إن شاء السيد حبسه، وحسب عليه قيمة خدمته؛ فمتى ما أيسرا رجع عليهما بباقى خدمته معجلاً، ويدفع إليهما فيما يستقبل قيمة خدمته شهراً بشهر أو سنة بسنة على قدر ما يرى، وله دفع العبد لغيره بإجارة يستوفيها السيد فى قيمته إن تمت السنون قبل تمام القيمة تبعهم بما بقي. وتعقب المازري قول محمد قد تجاوز قيمة عمله إلى الأجل قيمته بما نصه: هذا صحيح من جهة الفقه لو أمكن تصوره؛ لكنه ممتنع عادة فى جهة العقلاء؛ لأنه إذا حكم

بقيمة الرقبة على بقاء العبد مملوكا طول حياته علم قطعا أن تلك المنافع المؤجلة دخلت في هذا التقويم فلا يصح أن تكون أكثر منه. وقال ابن عبد السلام: ماقاله المازري صحيح لو كان الناس يلتفتون في تقويم العبد إلى مدة حياته، وأكثرهم يقطعون النظر عن ذلك. قلت: يرد قوله: (أكثرهم يقطعون النظر عن ذلك) بأن قطع النظر عن ذلك إنما هو فى تقويم ما لم يعتبر فيه قيمة خدمته لمدة مؤقتة، أما ما يعتبر فيه قيمة خدمته لمدة كما في مسألتنا هذه، فلا يقطع النظر عن ذلك فتأمله. الشيخ عن الموازية: لو رجعا عن شهادتها بتعجيل معتق إلى أجل بعد القضاء بتعجيل عتقه غرما قيمة خدمته إلى الأجل على غررها، ولو كان إلى موت فلان غرما قيمته على اقصر العمرين عمر العبد، وعمر الذي يعتق إلى موته. المازري: قد يعارض هذا الذي ذكره محمد وغيره بإقتضائه أن من أعتق عبدأ بعد موته أنه يلزمه كما لو كان في هذه المسألة العبد شيخاً، والمعلق عتقه عليه صبي صغير. وأجاب: بإمكان موت الصغير قبله فاعبتر في لزوم العتق، واعتبر في لزوم غرم قيمته العادة؛ لأنها أمر مالي. قلت: ونقل الشيخ في باب المدبر عن أصبغ أن يقول بغرم الراجعين عن شهادتهما بتعجيل المعتق إلى أجل قيمة رقبته لا خدمته. قال محمد: نحا به أصبغ إلى طريقة ابن القاسم في أم الولد. الشيخ لابن سحنون عنه: إن رجعا عن شهادتهما بتدبير عبده بعد الحكم على سيده به تعجل منهما قيمته، وإقتضيا من خدمته ما وديا، ويرجع باقي خدمته لسيده. محمد: يغرمان قيمته يوم الحكم، ويخير السيد فى إسلامه لهما ليأخذا من غلته ما وديا مادام سيده حياً، وإختصاصه بخدمته، ويدفع لهما قيمة تلك الخدمة. ابن عبد الحكم: يتعجل قيمته منهما، ويختدمانه في القيمة، ويرجع بعد إستيفائهما ما غرما لسيده، وإن مات المدبر قبل إستيفائهما لم يتبعا السيد بشئ؛ فإن كانا عديمين ضمنا فضل ما بين قيمته عبدأ، وقيمته مدبراً أن لو جاز بيعه مدبراً أولاً أخرج العبد من

يده بغير شيء، ولا أقول بقول بعض أهل الحجاز يختدمه سيده قي قيمته إن إستوفاها لم يتبع الشاهدان بشئ إن أيسرا، وإن مات قبل أن يختدمه بوفاء القيمة يتبعهما بما بقي منها إذا أيسرا، ولو قال قائل: يقضي عليهما بما نقص التدبير من قيمته كانا موسرين أو معسرين لم أعبه، وهو أقوى من القول الآخر. محمد: فإن مات السيد قبل أن يستوفيا من الخدمة ما وديا، فإن خرج من ثلث سيده عتق، ولا شئ لهما غير ما أخذا، وإن رق بعضه فالشاهدان أحق بما رق منه حتى يستوفيا بقية ما غرما، وما فضل عن ذلك هو لوارثه. وكذا ذكر سحنون فى موت السيد قال: ولو مات المدبر عن مال أخذا منه ما بقي لهما، وكذا من قيمته إن قتل، ولو مات سيده، وعليه دين يرقه بيه لهم قبل الدين، كما لو جنى جناية والدين محيط أهل الجناية أولى برقبته. ولابن سحنون عنه: لو كان المرجوع عن الشهادة بتدبيره جارية لا تخارج كما نهى عثمان عن مخارجة الأمة التي لا صنعة لها خوف كسبها بفرجها غرما قيمتها، وعتقت إذا ليس فيها ما يستوفى منه ما غرما إلا أن يتفقوا عليها إلى أن يدركا شيئاً من رقها بموت السيد عاجزا ثلثه عن عتقها، وقاله ابن الماجشون في كتابه؛ فإن لم يتفقا عليها خرجت حرة، ولم يلزم سيدها نفقتها. الشيخ: لابن سحنون عنه، وفي الموازية: إن رجعا عن شهادتهما بكتابة عبد بعد الحكم على سيده غرما له قيمته ناجزة. محمد: يوم الحكم ويقتضيانها من الكتابة وباقيها إن كان لسيده، فإن وداها عتق وإلا رق لسيده، ولو عجز قبل قبضهما ما غرما بيع لهما منه تمام ما بقي لهما؛ فإن عجز عن تمامه لهما فلا شئ لهما هذا قول عبد الملك. وقال ابن القاسم: توقف قيمته بيد عدل، ويتأدى السيد الكتابة؛ فإن تأداها. وفيها: تمام القيمة ردت القيمة للشاهدين، فإن كانت الكتابة أقل أو مات المكاتب قبل الإستيفاء؛ دفع للسيد من تلك القيمة تمام قيمة عبده. ابن المواز: وهذا غير معتدل، وبقول عبد الملك أقول، وعليه أصحاب مالك.

والسيد في قول ابن القاسم مظلوم منع من التصرف في عبده دون شئ وصل إليه، ولا راحة للشاهدين في وقفهما؛ ولعلها تتلف فيغركتمخت ثانية، ولو استحسنت قول ابن القاسم لقلت: كلما قبض السيد من الكتابة شيئاً دفع مثله للشاهدين من القيمةم الموقوفة خلاف ظاهر جوابه. سحنون: وقال بعض أصحابنا: إذا رجعا بيعت الكتابة بعرض؛ فإن كان فيه وفاء القيمة أو أكثر فهو للسيد، وإن كان أقل رجع عليهما بتمام القيمة، والقول الأول أكثر. وفي كتاب ابن الماجشونك تباع الكتابة بعرض؛ فإن شاء السيد أخذه، وإن شاء بيع العرض؛ فإن وفى ثمنه بالقيمة أو زاد فهو له، وإن كان أقل تبعهما بتمام القيمة. قال عنه ابن مهران: فإن أبى السيد من بيع الكتابة لم يغرم له الشاهدان شيئاً. قلت: فالأقوال أربعة: قول الأكثر، وقول ابن القاسم، وقول بعض أصحاب سحنون، وقول ابن الماجشون، وفي عد قول محمد: لو استحسنت قول ابن القاسم ... إلخ، خامساً: نظر. وقال ابن عبد السلام: أتفق المذهب على إلزام الشاهدين قيمة المكاتب. قلت: في صحة هذا الاتفاق مع القولين الأخيرين نظر. ومن كتاب ابن سحنون والموزاية قال سحنون: إن شهدا أنه أعتق مكاتبه. قال في الكتابين: شهدا أنه أخذ منه ماعليه من الكتابة. قال في الموازية: أو أسقطه عنه، وخرج حراً، وثبتت كتابته بغيرهما، أو بإقرار به؛ فكم القاضي بذلك، ثم رجعا غرما لربه ماكاتبه به عيناً أو عرضاً. قال فى الموازية: يؤديانه على نجومه، وقاله عبد الملك. قال سحنون إن شهدا على رجل أن فلانه كاتبه بمائتي دينار، وقيمته مائة، والمشهود عليه يجحد فقضي عليه وخرج حراً، ثم رجعا غرما له مائتين، ولا ينظهر إلى قيمته. قلت: لأنه حر الأصل. الشيخ: إن رجعا عن شهادتهما على رجل أنه أولد جاريته هذه بعد الحكم عليه

بشهادتهما أن أم ولد له غرما قيمتها لربها، ولم يبق فيها خدمة يرجعان فيها بما غرما إلا أن يؤخد فيها أرش من جراحها أو فيمة من قاتلها؛ فيرجعان في ذلك بما غرما، وما فضل عنه لربها. سحنون: وكذا يرجعان فيما أفادت من مال بعمل أو هبة بما وديا فقط. وقال محمد: لارجوع لهما فيه. المازري: ولا مرجع لهما في سعيها وخدمتها. وقال ابن عبد الحكم: يخفف عنهما فيما يغرمانه من قيمتها لما بقي لربها فيها من استمتاع؛ ولذا لو كانت حاملاً غرما قيمتها على التخفيف، وإن كان لها ولد شهدا أنه أقر أنها ولدته منه، فألحق به، ثم رجعا غرما له قيمته. الشيخ: وروي عن بعض مشايخنا أن لاشئ عليهما إذا شهدا أنه إتخذها أم ولد، وهى رواية ما أدري حقيقتها، ولا أرى ذلك. المازري: والأمر كما ذكر؛ لأن هذا القول يخرم الأصول التي عقدناها في أمثال هذه المسألة، ولو كان ذلك مراعا للقول لجواز بيع أم الولد لكان في المدبر أولى؛ لأن الخلاف فى بيع المدبر أشهر منه فى بيع أم الولد، وإن رجعا عن شهادة بعتق أم ولد بعد الحكم به؛ ففي غرمهما قيمتها وعدمه، ثالثها: قيمة مخففة. للشيخ عن محمد عن ابن القاسم محتجاً بأنه كقتلها، وعن قول محمد مع عبد الملك وأشهب محتجاً بأنه كرجوعهما عن شهادة بطلاق مدخول بها، وصحة عتق السفيه إياها، وإبن عبد الحكم قائلاً: يخفف عنهما بقدر ما أبقيا له من الوطء، ونقل ابن عبد السلام، وقال أصبغ: لاقيمة على قاتل أم الولد، لا أعرفه له بل لسحنون. قال ابن رشد فى أول رسم من سماع عيسى من كتاب الضحايا مانصه: واختلف في أم الولد إن قتلت، فقيل: لاقيمة على قاتلها، وهو قول سحنون. وقال ابن القاسم: وروي أن عليه قيمتها. قلت: وقال ابن حارث فى باب جناية أم الولد مانصه: واتفقوا في أم الولد يجنى

عليها فتقتل أن قيمتها قيمة أمة، وكذلك جراحها، وأن جميع ذلك لسيدها. وقال ابن عبد السلام: وانظر على قول ابن القاسم: لو شهدا باستيلاد أمة فرجعا عن شهادتهما، وغرما القيمة لسيدها، ثم شهد آخران بتبتيل عتقها، ورجعا عن شهادتهما، وغرما القيمة ما الحكم فى ذلك؟ قلت: الحكم فى ذلك واضح مما ذكره الشيخ. قال: لابن سحنون عنه: لو رجعا عن شهادتهما بعتق عبد في محرم عام أول بعد الحكم به فغرما قيمته، ثم شهد آخران أنه أعتقه في صفر عام أول لم ينفع ذلك الراجعين؛ لأنه بشهادتهما عتق. وقيل إن القاضي يقبل الشاهدين بعتقه في صفر على سيده، ويلزمه رد القيمة على الراجعين، وهذا أعم، وأكثر من الأول، وقاله إبن عبد الحكم، وفرض أن شهادة الأولين يعتقه في رمضان، وشهادة الآخرين يعتقه فى ذي الحجة من عام أول، وزاد إن كان السيد يختدمه فيما بين رمضان وذي الحجة، فللعبد طلبه بقيمة ذلك بشهادة الراجعين في قول أشهب لا في قول ابن القاسم، وبقول أشهب أقول: فإذا قضى له الحاكم بذلك رجع به السيد على الراجعين؛ لأن شهادتهما أوجبت ذلك. قلت: فعلى قول ابن عبد الحكم يزول الغرم عن الشاهدين بإيلاد الأمة الراجعين عن شهادتهما لبرائتهما بشهادة الأخيرين بعتقها، ويعود الغرم على الشاهدين بعتقها، ويعود الغرم على الشاهدين بعتقها لرجوعهما؛ لأن بشهادتهما برئ الأولان، وعلى القول الأول من نقلي ابن سحنون، وهو قول سحنون أن الغرم لا يزول عن الأولين بشهادة الأخيرين لا يكون على الأخيرين غرم برجوعهما فتأمله. الشيخ عن كتاب ابن سحنون: من ادعى أنه ابن رجل، والأب ينفيه؛ فأقام بينه أن الأب أقر أنه إبنه فكم بذلك الحاكم، ثم رجعا وأقرا بالزور بقرب ذلك، ولم يمت الأب فلا شئ عليهما في تثبيت النسب قبل أن يؤخذ بشهادتهما المال بالميراث؛ فيرث

المقضي له، ويمنع العصبة؛ فحينئذ يغرمان للعصبة ما أتلفا عليهم، وكذا إن كانت الشهادة على من مات، وترك عصبة فقضي للإبن بالميراث. وفي الموازية: لو رجعا عن شهادتهما على رجل في عبده أنه أقر أنه أبنه بعد القضاء بإلحاقه به، وحريته غرما له قيمته عاجلاً؛ فإن مات الأب وترك ولداً آخر معلوم النسب قسما تركته إلا قدر قيمة المستلحق يختص بها المعلوم النسب؛ لأن المستلحق مقر أن أباه ظلم فيها البينة، وأنه لا إرث له فيهان ويغرم الشاهدان للثابت النسب قدر ما أخذه المستلحق من التركة. محمد: وإنما إختص الثابت النسب بالقيمة؛ لأنا لو قسمناها بينهما رجع الشاهدان على المستلحق فيما أخذ منهما لإقراره أنه لا رجوع لأبيه عليهما لصحة نسبه عنده، فإذا أخذا ذلك منه قام عليهما الابن الأول النسب فأخذ ذلك منهما؛ لأنه يقول: لو بقي بيد المستلحق رجعت بمثله عليكما لوجوب غرمكما كلما أخذ من التركة من ألحقتماه بأبي. الصقلي عن الموازية: ولو طرأ على الميت دين مائة دينا لرجل أخذ من كل من الولدين نصفها؛ فإن عجز عن ذلك أتم قضاء الدين من القيمة التي إنفرد بها المعلوم النسب، ورجع الشاهدان عليه بمثل ما غرمه الملحق؛ لأنهما غرما له مثل ما أخذ الملحق، وما أخذه الملحق قضي به دين الأب، ولا ميراث للمعلوم إلا مافضل عن الدين، وأيضاً فهو كما لم يأخذ الملحق شيئاً، وكان يجب عليهما غرم ذلك للثابت نسبه؛ فلذا وجب أن يرجعا عليه. قال: ولم لم يترك ولداً غير الملحق، وترك مائتي دينار؛ يريد: إحداهما قيمة الولد الملحق فالمائة الواحده له فقط، والأخرى للعصبة أو لبيت المال، ويغرم الشاهدان مائة أخرى للعصبه أو لبيت المال؛ لأنهما لولا شهادتهما أخذ العصبة مائتين فلو طرأ على الميت دين مائة دينا أخذت من الملحق وحده ورجع الشاهدان فأخذ المائة التي وديا للعصبة أو لبيت المال، وإنما غرم الدين الملحق وحده؛ لأنه مقر أن الذي ترك أبوه مائة، والمائة التى هى قيمته أخذت من الشهيدين ظلماً؛ فوجب أن يؤدي المائة التي ورث إذ لا ميراث قبل الدين، وإنما رجع الشاهدان بالمائة على العصبة؛ لأنهما غرما لهم

ما أخذ الملحق، وما أخذه قضي به دين وليهما، ولا إرث إلا بعد الدين. الشيخ عن كتاب ابن سحنون: لو رجعا عن شهادتهما في إمرأة ورجل أنهما لفلان، وهما يجحدان ذلك بعد القضاء بذلك، وأقرا بالزور فلا ضمان في ذلك. قلت: هذا يناقض ما نقله إبن رشد واللخمي. قال ابن رشد فى سماع عبد الملك من جامع البيوع: من باع حراً، وغاب فعليه طلبه حتى يرده، فإن عجز عن رده؛ فقيل: يغرم ديته لورثته؛ وكتب بها للقاضي إبن بشير بقرطبة، فجمع أهل العلم، وكتب لقاضيه الذي سأله أن أغرمه ديته كاملة. قلت: وحكاه اللخمي رواية لإبن حبيب في ترجمة غصب ما لا يجوز بيعه، وكان يجرى الجواب عن المناقضة بأن تسبب الشاهدين في رقة أضعف من تسبب البائع في رقه؛ لإستقلال بائعة برقه، وعدم إستقلال الشاهدين برقه لمشاركة مدعي رقه لهما فى ذلك. ابن عبد الحكم: إن شهدا على رجل أنه عبد فلان، وهو يدعي الحرية؛ فقضي برقه، ثم رجعا فلا قيمة عليهما، ويغرمان للعبد كلما أستعمله سيده وخراج عمله، وما أنتزعه منه، وليس لمن قضي له بملكه أخذ ذلك منه؛ لأنه عوض ما أخذه منه، ولو مات العبد لم يرث ذلك السيد، ولكن يوقف ذلك حتى يستحق ذلك مستحق، ثم يرثه بالحرية، فإن أعتق العبد قبل موته منه عبداً جاز عتقه، وكان ولاؤه بعد لمن كان يرث عنه الولاء لو كان حراً، ولايرثه العبد إن مات، ومعتقه حي. قلت: كذا وجدته في نسخة عتيقة من النوادر أنه لايرثه العبد إن مات، ومعتقه حي، وهو مشكل إن كان المراد بالعبد المرجوع عن الشهادة برقه، وقد عتق إلا أن يريد بقوله: (ومعتقه حي) أن المعتق هو من أعتق العبد المرجوع عن شهادته فتأمل ذلك، وإن أوصى منه العبد كان ذلك فى الثلث، وإن وهب منه أو تصدق جاز ذلك، ويرث باقيه ورثته إن كان له من يرثه إن كان حراً، وليس للعبد أن يتزوج منه؛ لأن النكاح ينقص رقبته. ومن كتاب ابن سحنون: إن شهدا على رجل أنه عبد لمن ادعاه، والمدعى عليه

يجحد، فحكم برقه، ثم قاطعه المحكوم له بما أخذه منه، وأعتقه أو كاتبه عليه؛ فأدى وعتق، ثم أقرا بالزور غرما للمشهود عليه ماودى إلى السيد، والحكم ماض، والولاء قائم. الشيخ عن ابن عبد الحكم إن شهدا على رجل أنه أقر لفلان وفلان بمائة دينار، ثم رجعا بعد القضاء، وقالا إنما شهدنا بها لأحدهما وعيناه، رجع المقضي عليه بمائة بخمسين عليهما، ولا تقبل شهادتهما للآخر بكل المائة لجرحتهما برجوعهما، ولا يغرمان له شيئاً؛ لأنه إن كان له حق فقد بقي على من هو عليه، وليس قول من قال: يغرمان له خمسين بشئ؛ لأنهما إنما أخذا خمسين من المطلوب أعطياها لمن لاشئ له عليه، ولو كان عبداً بعينه شهدا أنه أقر به لفلان وفلان فرجعا بعد القضاء به لهما، وقالا: إنما أقر به لفلان منهما فهاهنا يغرمان لمن أقرا له قيمة نصفه؛ لأنهما أتلفاه عليه هذا إن أقر من كان العبد بيده أنه لمن شهدا له أخيرا، وإن إدعاه لنفسه، وأنكر شهادتهما غرما نصف قيمته للمشهود عليه، وليس للمقر له أخيرا إلا نصفه. قال ابن عبد السلام: لم يضمن أهل المذهب الشاهدين للمشهود له أخيرا، وعذروهما بالنسيان، واختلف في ضمان المودع بالنسيان، وضمنوا من أقر بثوب لزيد، ثم أقر به لعمرو، ولم يعذروه بالنسيان، وقد يفرق بأن الشاهد قد يكثر تحمله للشهادات فلو ضمن بالنسيان كان عليه ضرر عظيم، ولو أقر بتعمد الزر لا نبغى أن يتفق على تضمينه. قلت: قوله: (وعذروهما بالنسيان) يرد بأن النسيان فى هذا الباب عند الفقهاء إنما هو عدم ذكر الإنسان ما كان ذاكراً كودع شيئين لرجلين، ثم لايذكر ما لأحدهما منهما بعينه لا فعل ما يعتقد جوازه، أو قوله، وهو فى الواقع غير جائز؛ لأن هذا إنما يعبر عنه بالخطأ الذي هو في أموال الناس كالعمد، ومن البين أن الصادر من الشاهدين في هذه المسألة إنما هو المعنى الثاني لا الأول، وإنما أوجب عدم تضمينها م قاله ابن عبد الحكم، وهو صواب فتأمله، ويقوم منه أن مافي الذمة لا يتعين بحال مادام في الذمة، وأن التعرض إليه بغير الواجب لايوجب فيه حكماً.

ونزلت في أوائل هذا القرن مسألة هي أن رجلا له دين على رجل فعدا السلطان على رب الدين فأخذه من غريمه، ثم تمكن رب الدين من طلب المدين بدينه، فإحتج المدين بجبر السلطان على أخذه منه من حيث كونه حقا لرب الدين، فأفتى بعض الفقهاء ببراءة المدين، وأفتى غيره بعدم براءته محتجاً بأن ما في الذمة لا يتعين. وقوله: (فلو ضمن بالنسيان كان ضرر عظيم) مقابل بأن عدم تضمينه ضرر بالمشهود عليه، وهو غير مفرط والشاهد هو المفرض فكان أولى بالخسارة. وقوله: (لو أقر متعمداً لزور) لا نبغى أن يتفق على تضمينه فيه نظر؛ لأن مقتضى قول إبن عبد الحكم: (ولا يغرمان له شيئاً؛ لأنه إن كان له حق ... إلخ) أن تعمدهما الزور، وعدمه سواء فتأمله. الشيخ فى الموازيه: إن رجع أحدهما عن شهادتهما بحق بعد الحكم غرم نصفه فقط، وقاله عبد الملك، وابن عبد الحكم، وأصبغ. محمد: ولو رجع أحدهما عن نصف ماشهدا به غرم الربع، وإن رجع عن الثلث غرم السدس، ولو رجع أحدهما عن نصف ما شهدا به غرم الربع، وإن رجع عن الثلث غرم السدس، ولو اختلف رجوعهما غرم كل واحد منهما ما شهد به. الصقلي عن ابن القاسم: لو كانت البينه ثلاثة فرجع أحدهم بعد الحكم فلا شئ عليه لبقاء من يثبت الحق به؛ فإن رجع ثان غرم هو، والأول نصف الحق. وقال ابن عبد الحكم: يغرم الراجع أولاً من الثالثة ثلث الحق، وذكر أن أشهب قاله فى أربعة شهدوا بدرهم فرجع ثلاثة أن عليهم ثلاثة أرباعه. محمد: لو شهد ثلاثة بثلاثين فرجع أحدهم عن الجميع، وآخر عن عشرين وآخر عن عشرة فقد بقيت عشرة إجتمع عليها رجلان، وإجتمعوا في الرجوع عن عشرة فهي عليهم أثلاثا والعشرة الثلاثه رجع عنها إثنان، وأثبتها واحد فعلى الاثنين نصفهما إثنان، ونصف على كل واحد، وهما الراجع عن الجميع، والراجع عن عشرين. قال: ولابن سحنون عنه لو رجع رجل وثلاث نسوة عن شهادة بحق غرم الراجل نصفه، والنسوة نصفه، ولو رجع من النسوة، وهن عشرة واحدة إلى ثمانية فلا غرم

عليهن، فلو رجع منهم تسع فعليهن ربع المال بينهن بالسواء. قلت: لأن التسع كامرأة من إمرأتين. وقد قال الشيخ عن ابن الماجشون: لو شهد رجل وإمرأتان بمال، ثم رجعت المرأتان فعلى كل واحدة ربعه، وغن لم ترجع إلى واحدة فعليها الربع. قال ابن الحاجب فلو كان مما يقبل فيه إمراتان كالرضاع وغيره، ورجعوا فعلى الرجل سدس، وعلى كل إمرأة نصف سدس، فلو رجعوا إلا إمرأتين فلا غرم فلو رجعت أخرى فالنصف على جميع من رجع. قلت: يريد أن الشهود رجل، وعشر نسوة كذا صورها إبن شاس، وذكر فيها من الحكم مثل ما ذكر ابن الحاجب. قال ابن هارون: جعلوا على الرجل ضعف ماعلى المرأة، وفيه نظر، والقياس إستواء الرجل والمرأة في الغرم في هذا الفصل؛ لأن شهادة المرأة فيه كشهادة الرجل، وقاله ابن عبدد السلام، ثم قال: ولعل وجهه أن الشهادة لما آلت إلى المال حكم بالرجوع فيها بحكم الرجوع عن شهادة الأموال. قلت: هذا التوجيه وهمٌ؛ لأن رجوع الرجل مع نسوة في الأموال يوجب عليه غرم نصف الحق لا ضعف ما يجب على المرأى حسبما تقدم؛ وعندي أنه يتوجه على غير المشهور في إضافة الغرم إلى عدد الشهود من حيث عددهم لا على أقل النصاب منهم، وهو قول ابن عبد الحكم وأشهب في أربعة رجع ثلاثة منهم أن عليهم ثلاثة أرباع الحق خلاف المشهور أن عليهم نصفه فتأمله، ثم تعقب توجيهه المذكور بقول ابن شاس وابن الحاجب: لو رجعوا إلا إمرأتين فلا غرم. قال: فهذا مما يقوي ما نقلناه أن الرجل في هذا الباب كالمرأة فلذا استقل الحكم بالمرأتين، ويرد بأن بقاء المرأتين يثبت حكم الرضاع، وكلما ثبت فلا غرم فهذه الصورة التى نقض بها علة الحكم في صورة النزاع مباينة لصورة النزاع، فلا ترد نقضا فتأمله، ولا أعرف هذه المسألة لأحد من أهل المذهب، ولقد أطال الشيخ والصقلي في هذا الباب بذكر مسائل كثيرة، ولم يذكراه.

قلت: ذكره الغزالي في وجيزه بلفظ ما ذكره ابن شاس فأضافه ابن شاس إلى المذهب على عادته في ذلك ظناً منه أنها جارية على أصول المذهب، وعليه في ذلك تعقب عام، وهو إضافته ما يظنه أنه جار على المذهب إلى المذهب؛ كأنه نص فيه، وتعقب خاص، وهو حيث يكون الإجراء غير صحيح كهذه المسألة؛ فتأمل ذلك منصفاً. ولما ذكرها الغزالي قال: وتنزل كل امرأتين منزلة رجل؛ لأن هذا يثبت بشهادة النسوة فلا يتوقف شطره على الرجل. قلت: وهذا التوجيه يعم لقوله في كتاب الرضاع: والشهادة فيه بأربع نسوة، وشهادة الرجل عندنا في الرضاع كالمرأة، قاله في النكاح الثاني منها. وقول ابن الحاجب: وقياس قول أشهب خلافه؛ يريد أن رجوع بعضهم يوجب عليه غرم منابه، ولو بقي من يتم الحكم به حسبما تقدم. الشيخ عن الموازية: إن رجعا بعد الحكم بشهادتهما، وهرب المقضي عليه قبل الغرم فليس للمقضي له تغريم الراجعين بما يغرمانه للمقضي عليه إذا غرم ما شهدا به عليه؛ ولكن ينفذ الحكم عليهما للمقضي عليه؛ فإذا أغرم أغرمهما كما لو شهدا بحق مؤجل، ثم رجعا فلا يرجع عليهما حتى يحل الأجل، ويغرم وله طلب الحكم له عليهما الآن، ولا يغرمان الآن. قال ابن عبد الحكم: للمقضي عليه طلب الشاهدين بينة دفع المال عنه للمقضي له. وقال أصحاب أبي حنيفة: لا يحكم على الراجعين بشئ حتى يغرم المقضي عليه، وفي هذا تعرض لبيع داره فإتلاف ماله، واللذان أوجبا ذلك عليه قيام؛ أرأيت لو حبسه القاضي في ذلك أيترك محبوساً، ولا يغرم الشاهدان؟ بل يؤخذان بذلك، حتى يخلصاه، فإن أبيا حبسا معه، ولو شهدا عليه بمائة دينا فحكم عليه بها، وأجله الإمام فيها عشرة أيام، ثم رجعا قبل تمام الأجل غرما ذلك الآن وبرئ المطلوب، وكذا نقله ابن شاس. وقال ابن الحاجب: وللمقضي عليه مطالبتهما قبل غرمه ليغرمه للمقضي له،

باب تعارض البينتين

وللمقضي له ذلك إذا تعذر من المقضي عليه، وقيل: لا يلزمهما إلا بعد غرم المقضي عليه، وضعفه إبن عبد الحكم. قلت: قوله: (عن المذهب) وللمقضي له ذلك وهم؛ لأنه خلاف المنصوص، ولو ذكره بعد ذكر المنصوص أمكن أن يكون قولا انفرد بمعرفته وقوله. وقيل: لايلزمهما إلا بعد غرم المقضي عليه، وضعفه ابن عبد الحكم ظاهره أن هذا القول في المذهب، وهو وهمٌ، وما نقله من تضعيفه ابن عبد الحكم قد نقله الشيخ حسبما تقدم. ابن عبد السلام: إذا وقف غرمهما على غرم المقضي عليه، فغرمهما مشروط بغرمه، فيلزمه تأخير الشرط عن المشروط، وذلك مناقض لأصل المسألة أن للمقضي عليه أن يطالبهما بالدفع للمقضي له قبل غرمه. ألا ترى أن غرمهما سابق على غرمه، فيكون غرمهما سابقاً لاحقا؛ وهو باطل، فلو صح مانقله المؤلف من تضعيف ابن عبد الحكم لكان وجهه هذا. قلت: وقفه على غرمه إنما هو في غيبته لا مع حضوره، ولا يتوهم تأخر الشرط عن المشروط إلا في مجموع توقف غرمهما على غرمه مع لزوم غرمهما بمجرد طلبه غرمهما قبل غرمه، ويرد بأنه إنما شرط غرمهما بغرمه في حال غيبته لا في حال حضوره؛ لأنه في غيبته يمكن أن لو حضر أقر بالحق المشهود عليه به، وإذا حضر وطلب غرمهما إنتفى هذا الإحتمال فقوله: (يلزم تأخير الشرط عن المشروط)؛ وهم فتأمله. وقوله: (لو صح مانقله المؤلف من تضعيف ابن عبد الحكم) يدل على أنه لم يصح، وقد تقدمت صحته، وقوله: (لكان وجهه هذا) يدل على أن ابن عبد الحكم لم يذكر وجه تضعيفه، وقد تقدم توجيهه لو نصّاً. [باب تعارض البينتين] تعارض البينتين: إشتمال كل منهما على ما ينافي الأخرى. عبد الحق: روى النسائي بسنده عن أبي موسى: ((أن رجلين إختصما إلى النبي صلى الله عليه وسلم

في دابة ليس لواحد منهما بينة فقضى بها بينهما نصفين)) وقال: إسناده جيد، وذكر عبد الرازق بسنده إلى سعيد بن المسيب أن النبي صلى الله عليه وسلم ((قضى أن الشهود إذا استووا أقرع بين الخصمين)) عبد الحق: هذا مرسل، وفي سنده إبراهيم بن محمد بن أبي يحي، وهو متروك. وذكر الدارقطني بسنده عن جابر ((أن رجلين إختصما النبي صلى الله عليه وسلم في ناقة؛ فقال كل واحد منهما: نتجت هذه الناقة عندي، وأقامه بينة فقضر بها رسول الله صلى الله عليه وسلم للذي هي في يده)) فمهما أمكن الجمع بينهما جمع كالدليلين، وتتقرر صورة الجمع مثل قولها: ومن قال لرجل: أسلمت إليك هذا الثوب في مائة أردب حنطة، وقال الآخر: بل هذين الثوبين لثوبين سواه فى مائة أردب حنطة، وأقاما جميعا البينة لزمه أخذ الثلاثة الأثواب في مائتي أردب، ولو قال المسلم إليه: أسلمت لي هذا الثوب الذي ذكرت مع العبد فيما سميت، وأقاما البينة قضي بالبينة الزائدة فيأخذ من الثوب والعبد، وتلزمه المائة لذي الأردب. وفيها مع غيرها: إذا تعارضت البينتان قضي بأعدلها. ولابن رشد في سماع يحيى من الشهادات: إن شهدت إحدى البينتين بخلاف ما شهدت به الأخرى مثل أن تشهد إحداهما بعتق، والثانية بطلاق، أو إحداهما بطلاق إمراة، والثانية بطلاق إمرأة أخرى، وشبه هذا فم يختلف قول ابن القاسم، ورواية المصريين في أنه تهاتر يحكم بأعدل البينتين، فإن تكافأتا سقطتا. وروى المدنيون أنه يقضى بهما معا إذا استوتا في العدالة؛ أو كانت إحداهما أعدل.

وفي نوازل سحنون: إن شهدت بينة بقتل زيد عمراً يوم ذكا، وبينة بأنه كان ذلك اليوم ببلد بعيد عن موضع القتل قضي ببينة القتل. ابن رُشْد: هذا مشهور المذهب، وقاله أَصْبَغ. وقال إسماعيل القاضي: يقضي ببينة البراءة إن كانت أعدل، وإن كانتا في العدالة سواء طرحتا، وقال ابن عبد الحكم. وفي نوازل أصبغ: إن شهدت بينة بزنا رجل بمصر في المحرم يوم عاشوراء، وأخرى أ، هـ كان ذلك اليوم بالعراق حد، ولو شهدت الأخرى بأنه سرق ذلك اليوم بالعراق أو قتل إنساناً بالعراق سقطتا، ولو شهدت الأخرى بأنه زنى ذلك اليوم بالعراق حد، وكذا لو شهدت بينة أنه قتل فلاناً بمصر، وشهدت أخرى أنه قتل فلانًا بالعراق قتل بهما. ابن رُشْد: تفرقة أصبح هذه هي على قياس مشهور قول ابن القاسم أن البينتين إذا اختلفتا بالزيادة أعملت ذات الزيادة، وإن اختلفت في الأنواع سقطتا إلا أن يكون إحداهما أعدل فيقضي بها، وقال أيضًا: إن اختلفتا بالزيادة سقطتا إلا أن تكون إحداهما أعدل فيقضي بها كاختلاف الأنواع، فيلزم على قياس هذا إن شهدت الأخرى بانه زنى ذلك اليوم بالعراق أن تسقطا إلا أن تكون إحداهما أعدل، فيقضى بها كما لو شهدت أنه سرق ذلك اليوم بالعراق، وهو الذي يوجبه القياس لتكذيب كل بينة الأخرى، وتعليل أَصْبَغ لإقامة الحد والقتل بأنه يعلم صدق إحدى البينتين غير صحيح؛ لأنه إذا علم أن إحداهما كاذبة، واحتمل أن تكون كل واحدة هي الكاذبة احتمل كذبهما معا، وإذا احتمل كذبهما معا أو كذب إحداهما لم يصح أن يحكم بأن إحداهما صادقة إلا أن تكون هي أعدل، وإلى هذا نحا ابن عبد الحَكم على ما ذكرناه عنه في نوازن سَحنون، ويأتي على قياس قول الأخوين عن مالك في أن البينتين إذا شهدت إحداهما بخلاف ما شهدت به الأخرى واستويتا في العدالة أنه يقضى بما شهدتا به معا أنه يُحَدّ للزنا، والسرقة إذا شهدتا بهما، وهو بعيد جدًّا. قول ابن الحاجب: ومهما أمكن الجمع جمع يدل على أنه إن شهدت إحداهما بأنه

طلق الكبرى، والأخرى بأنه إنما طلق الصغرى، أنه يجمع بينهما، وتقدم من نقل ابن رُشْد أنه خلاف قول ابن القاسم، ورواية المصريين، وحوز أحد المتداعيين، ولا مرجح. وفيها: من كانت بيده دور أو عبيد أو عروض أو دنانير أو غير ذلك فادعى ذلك رجل وأقام بينة، وأقام ذلك من بيده بينة أنه له قضي بأعدل البينتين، وإن تكافأتا سقطتا، وبقي الشيء بيد ائزه، ويحلف. عياض: ثبت قول ابن القاسم، ويحلف عند ابن وضاح، وسقط لغيره. وفي الموازيَّة: لا يمين عليه. وفي الولاء منها: ومن ورث رجلاً بولاء يدعيه، ثم قام آخر البينة أنه مولاه، وأقام قابض الميراث مثلها، وتكافأتا فالمال بينهما. قيل: ولم، وقد قال مالك: إذا تكافأت البينتان فالمال الذي هو بيده؟ قال: إنما ذلك إذا لم يعرف أصل المال، وهذا مال عرف أصله، وقال غيره: هو للذي بيده كمن بيده ثوب ادعاه رجل، وأقام بينة أن ذلك الثوب كان لزيد يملكه، وأن المدعي اشتراه منه، وأقام حائزه بينة مثلها، ومات البائع، ولم تؤرخ البينتان، وهم في العدالة سواء سقطت البينتان، وبقي الثور لحائزه ويحلف. الصقلي: مسألة الولاء بخلاف هذه؛ لأن الولاء لم يحزه أحدهما، وإنما وقع الحوز في مال عرف أصله. وعبر عنه المارزي بقوله: إن عرف مبدأ حوزه ففي الترجيح به قولان فذكر مسألة الولاء، قال: وكذا لو التقط الرجل لقطة فأخذها منه من أقام بينة أنها له، فقيل: إذا عورضت بينته ببينة مثلها بقيت له. قلتُ: ومنه مسألة من طلبته امرأته بكسوتها؛ فقال لها: الثوب الذي عليك لي، وقالت: بل هو لي، ففي كون القول قولها أو قوله نقل الطرر عن الاستغناء، وفتوى ابن دحون، وابن الفخار قال: حكى قوليهما الفقيه أبو القاسم البوياني، واختار الأول. قلتُ: بناء على اعتبار كونها في حوز الزوج أو حوزها في نفسها.

وإن تكافأت بينتا من ادعى ما بيد ثالث: فقال اللخمي: إن ادعاه لنفسه؛ فقيل: ينتزع منه، ويكون بينهما نصفين لاتفاق البينتين على انتزاعه منه، وقيل: يبقى لحائزه لترجيح كل من البينتين الأخرى. قلتُ: ذكرهما المازري روايتين، والثانية قولها، والأولى هي ظاهر قول الغير فيها. اللخمي: فإن اعترف بها لأحدهما فعلى القول الأول إقراره لغو، ويقتسمانه، وعلى الثاني هو لمن أقر له به. المازري: اختلف القول عندنا في رجلين ادعيا عفوا من الأرض لا يد عليه، وأقاما البينة هل يصرفان عنه ويقسم بينهما بعد الاستيناء؟ اللخمي: اختلف إن تنازعا عفوا من الأرض، فقيل: يقتسمانه بمنزلة ما لا يد عليه. وقال في المدَوَّنة: تبقى كغيرها من عفو بلاد المسلمين. يريد: لأن العبد والدار لابد لهما من مالك، وعفو الأرض يصح أن يكون لا مالك له. وفيها: لابن القاسم بلغني عن مالك: إن تكافأت بينتا المتنازعين في عفو من الأرض سقطتا، وبقيت الأرض كغيرها من عفو بلاد المسلمين حتى تستحق ما ثبت من ذلك. ابن القاسم: مثل أن يأتي أحدهما ببينة هي أعدل من الأولى. وقال ابن القاسم عن مالك في باب بعد هذا: كل ما تكافأت فيه البينات، وليس بيد واحد منهما، ولا يخاف عليه مثل الدور والأرضين يترك حتى يأتي أحدهما بأعدل مما أتي به صاحبه إلا أن يطول الزمان، ولا يأتيا بغير ما أتيا به، فإنه يقسم بينهما. ابن القاسم: لأن وقف ذلك يصير إلى الضرر. قلتُ: ففي ترك العفو مطلقًا، وقسمه بعد الطول رواية ابن القاسم فيها، وقول أبي إبراهيم، وروي ابن نافع أن العفو يوقف أيضاً مثل رواية بان القاسم أولاً. واقتصار ابن عبد السلام على قوله: روي ابن نافع في العفو أنه يوقف أبدًا، ورواية

ابن القاسم أنه يقسم بينهما بعد إيمانهما يدل على أن لا رواية لابن القاسم إلا القسم، وأنه لا يشترط فيه استيناء طول الزمان، وكلاهما غير صحيح لما تقدم من قول الأمهات. وإذا وجب قسم المدعى فيه فقال ابن شاس: إن لم يكن في أيديهما قسم على قدر الدعاوي، زاد ابن الحاجب اتفاقاً. قال ابن هارون، فعليه إن ادعى أحدهما جميع الثوب، والآخر نصفه قسم بينهما أثلاثا. قلتُ: وذكر المسألة ابن حارث وقال فيها عن عبد الملك وسَحنون: لمدعي الكل النصف بإجماعهما على ذلك، والنصف الثاني الذي تداعيا فيه بينهما نصفين. قلتُ: وكذا نقله الشَّيخ عن أشهب في كتاب ابن سحنون، وهو خلاف قول ابن الحاجب اتفاقًا. الشَّيخ في الموازيَّة لابن القاسم: إن قال أحد الشريكين في مال بأيديهما لي ثلثاه، وقال الآخر: لي نصفه، وإنما لك نصفه فلمدعي الثلثين النصف ولمدعي النصف الثلث، والسدس الباقي بينهما نصفين بعد تحالفهما. وقال أشهب: يقسم بينهما نصفين، فعبر غير واحد عن قوليهما: بكون القسم على الدعاوي أو نصفين. وفي تعيين المبدأ منهما باليمين خلاف. قال المازري: ذكرنا الاختلاف في اختلاف المتابعين في الثمن هل يبدأ البائع أو المبتاع؟ وذلك يجري هنا. قلتُ: إنما يتصور الإجراء لو أمكن اختصاص أحدهما بكونه كالبائع، واختصاص الآخر بكونه كالمبتاع، ولا يخفى تعذر ذلك، ثم قال: وكان شيخنا يختار في هذا الأصل القول بالقرعة، وقيل في هذه المسألة الحاكم بالخيار فيمن يبدئه بالحلف. قلتُ: الأظهر تبدئة آخرهما دعوى على صاحبه؛ لأنه الأول منا لمدعي عليه منهما، ثم أجرى حلف كل واحد منهما على نفي دعوى صاحبه فقط، أو عليه مع صحة

دعواه رجاء أن ينكل صاحبه عن اليمين على الحكم في ذلك في اختلاف المتبايعين، وعلى كونه على التداعي في كونه على قدر مدعي كل منهما كعول الفرائض، أو على اختصاص مدعي الأكثر بما سلم له، وقسم المتنازع فيه بالسويَّة نقلاً الشَّيخ عن مطرف مع ابن كنانة وابن وهب وأشهب وابن القاسم مع ابن الماجِشُون. قال ابن الحاجب: ولو زادوا على اثنين فقولان: أحدهما: اختصاص مدعي الأكثر بما زاد على الدعويين جميعا، وهو الصواب. والثاني: اختصاصه بما زاد على أكثرهما؛ فلو كان ثالث يدعي الثلث مع مدعي جميعه، ونصفه جاء القولان؛ فعلى الأول يختص مدعي الكل بالسدس، ثم يأخذ من الباقي نصفه، وهو ربع وسدس، ثم يختص مدعي النصف بما زاد على الثلث، وهو نصف السدس، ويقتسمان الثلث، وعلى الثاني يختص مدعي الكل بالنصف، ثم يأخذ من الثاني نصف ما زاد على الثلث، وهو نصف الثلث، ويأخذ مدعي النصف نصف سدس، ثم يقسم الباقي أثلاثاً. قلتُ: يريد بالأول الاختصاص بما زاد على الدعويين، والثاني الاختصاص بما زاد على أكثرهما، وتقرير كلامه واضح. وعن الشيخ في النوادر: الأول لمحمد بن الموَّاز، وقال ابن حارث: رأيته لبعض المصريين في كتاب أبي إسحاق البرقي، وعزا الشيخ الثاني لأشهب، وقرره بقوله: يقال لمدعي النصف، ولمدعي الثلث: سلمتما النصف لمدعي الكل؛ فيكون له ستة أسهم من اثني عشر، ويقال لمدعي الثلث: سلمت السدس، وهو سهمان يكون بين مدعي الكل، ومدعي النصف نصفين، ويبقى الثلث، وهو أربعة يدعونه كلهم؛ فيقسم بينهم أثلاثا فيصير لمدعي الثلث سهم وثلث من اثني عشر، ولمدعي النصف سهمان وثلث، ولمدعي الكل ثمانية وثلث. قال: هو نحو جواب ابن القاسم، وقرر محمد قوله بقوله: يقال لمدعي النصف، والثلث سلما السدس لمدعي الكل، وبقي خمسة أسداس يدعيها صاحب الكل وصاحباه يدعيانها فيعطيانه نصفها، ثم يقتسمان نصفها، وهي عشرة قراريط من أربعة

وعشرين قيراطًا، يقال لمدعي الثلث: أنت لا تدعي في قيراطين منهما فسلمهما لمدعي النصف، وتقسم الثمانية بينهما نصفين. وقال ابن حارث: وفي هذا الأصل قول ثالث هو أعدل الأقاويل أن القسمة في ذلك على حساب عول الفرائض، وهو من معني قول مالك في الدينار الواقع في مائة دينار، وكثيراً ما كنت أسمعه من شيوخنا، وهو لأصحابنا أيام الدرس لهم، والمناظرة لهم. قلت: حكاه الشيخ في نوادره من نقل أشهب قال: قال أشهب: وقال بعض أصاحبنا: يقسم بينهم على حسب عول الفرائض فيقسم على أحد عشر سهمًا لمدعي الكل ستة، ولمدعي النصف ثلاثة، ولمدعي الثلث اثنان. وما به الترجيح أمور الأعدلية في الترجيح بها معروف المذهب، ونقل ابن حبيب عن بعض علمائنا، ونقله ابن عبد السلام رواية عن مالك لا أعرفه، وابن رشد إنما عزاه لبعض أهل العلم، قال: وقاله المخزومي. قال اللخمي: اختلف في الترجيح بالأكثر، والأعدل على ثلاثة أقوال رجح في المدونة بالأعدل لا بالأكثر. وروى ابن حبيب: يرجح بهما. قال ابن حبيب: وسمعت غير واحد من علمائنا يقول: إذا شهد عدلان، ومن هو أعدل منهما أو أكثر عدداً فهما سواء، وتبعه المازري على ذلك. ابن حارث: اتفقوا في البينتين تتضادان في الأموال، والبياعات أن الأعدل منهما أحق بالقبول، واختلفوا إذا تضادت في النكاح؛ فقال ابن القاسم في المدونة، لا ينظر في هذا إلى الأعدل، ويفسخ النكاح إن كان الشهود كلهم عدولاً، وقال أشهب، ولابن عبدوس عن بعد الملك وسحنون أن يقضى بالأعدل في النكاح. قال: وقال اصبغ في الشهادات من المستخرجة في باب مسائل النوازل أن الجراح والدماء والعتق والقصاص والحدود كلها لا ينظر فيها تكافأت فيه الشهادات إلى الأعدل بعد أن يكون من شهد عدلاً مرضياً؛ فهو أحق ممن يعرض لترك الشهادة.

قلت: لم أجده في العتبية، وليست هذه المسألة من مسائل الترجيح بل من باب الاختلاف في تعارض البينتين في الإثبات، ولانفي هل هو من باب التهاتر؟ فينظر فيه إلى الترجيح أو البينة المثبتة مقدمة، وليس من باب التهاتر، وعليه يتنزل قول أصبغ هذا فتأمله. قلت: لغو الترجيح بالكثرة، واعتباره قولها ورواية ابن حبيب. وفيها لابن القاسم: لو شهد لهذا شاهدان، ولهذا مائة وتكافأوا في العدالة لم يرجح بالكثرة. اللخمي والمازري، ومحمله على الغايات، ولو كثروا حتى يقع العلم بصدقهم لقضي بهم وذكر في تمام رواية ابن حبيب ما نصه: إن كان كلاهما كثيراً يكتفي بهم الحاكم فيما يلتمسه من الاستظهار بالكثرة لم ينظر إلى الأكثر في الترجيح به، وعزاه الشيخ لرواية الأخوين، ووجه المشهور القرافي بأن المقصود من القضاء قطع النزاع، ومزيد العدالة أشد في التعذر من مزيد العدد؛ لأن كلا من الخصمين يمكنه زيادة العدد في الشهود، ولا يمكنه مزيد العدالة، وتعقبه ابن عبد السلام بقوله زيادة العدد إنما هي معتبرة بقيد العدالة نسلم، ولا نسلم أن زيادة العدد بهذا القيد سهلة، وتقرر في علم الأصول أن الوفاء بهما أن الوصف بهما كان أدخل تحت الانضباط، وأبعد عن النقض، والعكس كان أرجح وزيادة العدد منضبط محسوس لا يختلف، والعدالة مركبة من قيود، فضبط الزيادة فيها متعذر أو متعسر فلا ينبغي أن تعتبر في الترجيح. قلت: رده أولاً بقوله: (لا نسلم أن زيادة العدد بهذا القيد سهلة)، يرد بأن القرافي لم يتمسك بأنها سهلة؛ بل بأنها ممكنة غير ممتنعة، وكونها ليست سهلة لا يمنع إمكانها عادة، وقوله: (ضبط زيادة العدالة متعذر أو متعسر) يرد بمنع ذلك فإنا نعلم بالضرورة في شهود شيوخنا، وأمثالنا من هو أعدل من غيره منهم، ووجهه المازري بأن الشارع لما قيد شهادة الزنا بأربع والطلاق باثنين، وقبل في المال الواحد مع اليمين دل على أن لا تأثير في العدد. قلت: الأظهر في الترجيح بالأعدلية دون الكثرة أن ما به الأعدلية دون الكثرة إن

ما به الترجيح في الأعدلية هو وصف حاصل فيما وجب الحكم به، وهو الشاهدان اللذان يجب الإعذار فيهما للمحكوم عليه، والكثرة وصف خارج عما وجب الحكم به. وسمع أبو زيد ابن القاسم: يقدم الشاهد الأعدل مع يمين القائم به على شهادة عدلين. ابن رشد: هذا خلاف قوله في سماع أصبغ من كتاب الدعوى، وما حكاه ابن حبيب عن الأخوين من تقديم العدلين عليه، ولو كان أعدل أهل زمانه، وهو أظهر والأول إغراق في القياس. قلت: تقديم شهادة الأعدل مع امرأتين على رجلين عدلين، ولغو أعدليته بتقدم شهادة الرجلين نقل اللخمي عن ابن القاسم مع المازري عن المذهب، وتخريج اللخمي على أن التقديم تخريج من المقدم لمن قدم عليه، وهو نص محمد، وتبعه المازري، وزاد وحكى هذا الذي خرجناه بعض الأشياخ حكاية مطلقة. وقال ابن الحاجب في الشاهدين: على الشاهد واليمين والشاهد، والمرأتين قولان ورجع عنه ابن القاسم. قلت: يريد مع التساوي في العدالة لما يذكره بعد، وكذا قيده ابن شاس بالتساوي، ولفظ ابن الحاجب يقتضي أن أول قولي ابن القاسم تقديم الشاهدين على الشاهد والمرأتين، وقبله ابن عبد السالم وابن هارون، وتقدم أن اللخمي لم يثبته إلا تخريجاً مع قول المازري حكاه بعض الأشياخ حكاية مطلقة، وهذا يضعف نسبته لابن القاسم لاسيما مع قول ابن شاس. قال أشهب يقدم الشاهدان على الشاهد والمرأتين إذا استووا في العدالة، وقال ابن القاسم: لا يقدمان. قال ابن الحاجب: وعلى التساوي لو كان الشاهد أعدل من كل منهما فقولان. قلت: تقديمه هو سماع أبي زيد، ومقابل هذا القول تقدم الشاهدين عليه، وهو متقدم نقل ابن رشد على الأخوين. قلت: وانظر قول اللخمي: أوقف ابن القاسم شهادة رجلين بشهادة رجل

وامرأتين إذا تكافؤوا. وفي سماع عيسى قال ابن دينار: لا أرى أن يقضي بمن هو أعدل من المعدلين فيقدم على من هو عدل. ابن رشد: هذا قول ابن الماجشون، وروى مطرف أنه يؤخذ بأعدل المعدلين، والأول هو الجاري علىق ول ابن القاسم أن الترجيح لا يكون إلا بالعدالة؛ لأن زيادة عدالة المعدلين لا تفيد زيادة عدالة في المعدلين، وإنما تفيد زيادة غلبة الظن بصحة عدالة المعدلين، ورواية مطرف على القول بالترجيح بكثرة العدد. وفي اعتبار بينة الحائز للمدعى فيه بتعارض بينة المعدي، ولغوها معروف المذهب، ونقل غير واحد عن ابن الماجشون، وهو قول المخالف. قال بان الحاجب: (فلو ترجحت البينة سقط اعتبار اليد، وفي يمين الخارج حينئذ قولان)؛ يريد: إذا ترجحت بينة المدعي على بينة المدعى عليه الحائز للمدعى فيه قضي للمدعي، وفي وجوب اليمين عليه قولان. قلتُ: نقل القولين الصقلي قال: قال بعض القرويين: اختلف إذا كانت إحدى البينتين أعدل هل يحلف صاحب الأعدل؟ ففي المدونة أنه يحلف في مسألة عفو الأرض مع أعدل البينتين. وقال ابن محرز: إن كانت إحدى البينتين أعدل قضي لصاحب الأعدل مع يمينه، وعند محمد: لا يمين عليه. وقال ابن شاس: تقدم بينة الداخل على بينة الخارج عند التكافؤ مع يمينة على الرواية المشهورة. وقال ابن محرز: إذا تكافأتا فالقول الحائز مع يمينه. وقال محمد: لا يمين عليه. وقال عياض في مسألة عفو الأرض: وقد يقال: إن إلزامه اليمين هنا؛ لأنها في غير يد مالك فاستبرأ باليمين لحق بيت مال المسلمين. قلتُ: مفهومه إنما هو في حوز حائزه لا يمين عليه، وانظر ما ذكره ابن شاس في

ذلك من الروايتين من حكاهما من المتقدمين. الشيخ عن ابن عبد الحكم: إذا أُرِّخَت بينتا المتداعيين قضيت لأبعدهما تاريخاً، وإن لم تؤرخا قضيت بأعدلهما. وذكره اللخمي غير معزو، كأنه المذهب قال: وسواء كان المدعى فيه تحت أيديهما أو تحت يد أحدهما أو تحت يد ثالث. قالك واختلفا إن أُرِّخَت إحداهما هل يكون لمن أُرِّخَت أو أو بمنزلة من لم يؤرخ؟ وذكرت الروايات على نحو ما وردت. المازري عن أشهب: إن شهدت بينة بأنه يملك هذا العبد منذ سنة، وشهدت بينة بأنه لآخر يملكه منذ ثلاث سنين قضي به لذي الثلاث، ولو قالت الثانية: بل هو في يد الآخر يملكه منذ ثلاث سنين قضي به لذي الثلاث، ولو قالت الثانية: بل هو في يد الآخر منذ سنتين قدمت شهادة من شهد بالملك منذ سنة حتى يقولوا إنه في يد الآخر يملكه منذ سنتين، فرجح أشهب الشهادة بالملك على الشهادة بالحوز. وكان بعض أشياخي يرى خلاف هذا، وأن الواجب رد السلعة لمن تقدم حوزه لها، حتى يثبت ما يوجب خروجها من يده. قال أشهب: لو شهد لمدعي أمة أنها بنت أمته لم تفده؛ لأنها لم تتضمن إثبات ملكه، وقد تكون ولدتها قبل أن يشتريها. قال المازري: وهذا واضح لكنه لو شهدت له أنها ولدت عنده لم تفده. واعترضه بعض أشياخنا وقال: إنما أسقطها بالجواز أن تكون ولدت عنده؛ وهي وديعة عنده أو رهن، وتعقبه بأن احتمال الوديعة والرهن بعيد. قلت: لما ذكر اللخمي قول أشهب هذا قال: وقول ابن القاسم أنها لمن ولدت عنده أصوب، ومحمل الأمر على أنها له حتى يثبت أنها وديعة أو غصب. وفيها: لو أن أمة ليست بيد أحدهما أتى أحدهما ببينة أنها له ولدت عنده لا يعلمون أنها خرجت من ملكه بشئ، قضي بها لصاحب الولادة. قال غيره: ولو كانت بينة الآخر أعدل، وليس هذا بتهاتر لكن لما زادت قدم

الملك كانت أولى، كما لو شهدت بينة أحدهما أنه يملكها منذ عام، وبينة الآخر أنه يملكها منذ عامين؛ قضي ببينة أبعد التاريخين، وإن كانت الأخرى أعدل. المارزي: إلا أن يؤرخ الشهود بالملك دون الولادة عنده بتاريخ، فيعلم قطعاً أنه سبق تاريخ الولادة؛ فتكون هاهنا الشهادتان، وقد تكافأتا وتعارضتا؛ مثل أن يشهد قوم في فتاة لم تبلغ الحلم أنها ولدت عند زيد على ملكه، وشهد آخرون أنها مملوكة لعمرو منذ ثلاثين عاماً فهذا يعلم قطعاً أن إحداهما كذبت، فيقع التعارض، ويعود الحكم إلى ما قدمناه أولاً. قلت: فرضه أن الأمة لم تبلغ الحلم يوجب سقوط البينة بأنها مملوكة منذ ثلاثين عاماً؛ لأنها مخالفة للضرورة، فيجب سقوطها فلا يقع التعارض الذي زعمه، والعجب منه كيف وقع في هذا. وقد نبه اللخمي على ما قلناه، وقال: إن شهدت بينة كل منهما بنتاجها عنده، أو أرخت بوقتين مختلفين أو متفقين فهو تكاذب؛ إلا أن يتبين كذب إحداهما؛ لأنها مما تتوالد دون ذلك الوقت أو قبله فتكون لمن أشبه. وفيها: النسج كالولادة. اللخمي والمازري: اختلف في ذلك فذكر قولها: قال: وفي كتاب ابن سحنون البينة له بالملك تقدم على البينة بالنسج، ويقضي لمن شهدت له بالنسج بقيمة عمله بعد حلفه ما عمله باطلاً؛ وإنما الخلاف إذا كان الناسج إنما ينسج لنفسه، ومن انتصب لنسج الناس بأجر أو للبيع، فالبينة له بالنسج لغو. وكذا نسج الكتاب. اللخمي: وقيل: إن كان مما ينسج مرتين كالخز، فقالت: كل بينة هذا نسجه، وعرف الأول كان له، وللثاني قيمة عمله، وهذا فاسد لا أعلم أحدًا نقض ثوب خز جديد، ثم أعاده. وأيضاً فلا يعرف لو نقض أن الحرير أو الصوف الذي في هذا هو عين الأول، إنما يعلم ما دام ثوبًا، ويستحيل أن يشهد على حرير أو صوف بعد أن يصنع أنه المتقدم قبل

باب الملك

العمل، وإن كان الأول قديمًا، والثاني جديدًا فهو أبين أن لا يعرف. [باب الملك] الملك: استحقاق التصرف في الشئ بكل أمر جائز فعلًا أو حكمًا لا بنيابة،

فيدخل ملك الصبي ونحوه لاستحقاقهما ذلك حكمًا، ويخرج تصرف الوصي والوكيل وذو الإمرة، وتقدم قول بعضهم بعسر إدراكه، وتعذره فيذكر. اللخمي: قال سحنون: من حضر رجلًا اشترى سلعة من السوق، فلا يشهد أنها ملكه، ولو أقام رجل بينة أنها ملكه، وأقام هذا بينة أنه اشتراها من السوق كانت لذي الملك، وقد يبيعها من لا يملكها، والشهادة بالملك أن تطول الحيازة، وهو يفعل ما يفعل المالك لا منازع له، وسواء حضروا بدء دخولها في يديه أم لا، وإن لم تطل الحيازة لم يثبت الملك إلا أن يشهدوا أنه غنهما من دار الحرب وشبهه. انتهي. قوله: وإلى هذا ذهب أشهب أن لا يثبت الملك بمجرد ولادة الأم إلا أن تطول الحيازة؛ لأنه لو كانت المنازعة في الأم؛ فشهدت بينة أحدهما بملكه إياها، وللآخر بينة أنها كانت في يده يومًا أو يومين ترجح الملك، وهذا يحسن في عدم التاريخ، فإن علم أن يد هذا تقدمت، ثم ملكها الآخر، ردت لمن تقدمت يده. وقال ابن القاسم: من شهد له شاهد في مسكن أنه ملكه، وآخر أنه حيزه فملكه وحيزه سواء؛ يريد: في حيزه إذا طال.

وفي لغو شهادة الشاهد في دار بأنها في ملك فلان حتى يقول: ومال من ماله، وقبولها مطلقًا، ثالثها: إن كان الشهود لهم نباهة ويقظة لابن سهل عن ابن ملك قائلاً: شاهدت القضاء به، وأبي المطرف وابن عتاب، ونقل الصقلي عنها، قال مالك: من ادعى عينًا قائمة من رقيق أو طعام أو عرض أو ناض أو غير ذلك، وأتى ببينة على ملكه ذلك، فمن تمام شهادتهم أن يقولوا: وما علمناه باع، ولا وهب، ولا خرج عن ملكه، ونحوه لأبي سعيد، والذي في «المدونة» ما نصه: سمعت مالكاً غير مرة يقول في الذي يدعي العبد أو الثوب، ويقيم بينة أنه شيئه لا يعلمه باع، ولا وهب، فإذا شهدوا بهذا استوجب ما ادعاه. وسمع ابن القاسم في كتاب الاستحقاق إذا شهدوا في السرقة قال: يشهدون أنهم ما علموه باع، ولا وهب على العلم. ابن رشد: معناه يزيدون ذلك في شهادتهم على معرفة الملك بالبت، وهذه الزيادة هي كمال الشهادة، وينبغي للقاضي أن يسأل الشاهد عن ذلك؛ فإن لم يزده ذلك في شهادته بطلت، ولم يحكم بها، وإن لم يسأله القاضي حتى مات الشهود أو غابوا؛ حكم بشهادتهم مع يمين الطالب؛ إذ لا يصح للشاهد أن يشهد بمعرفة الملك إلا مع غلبة ظنه أنه ما باع، ولا وهب فهي محمولة على الصحة. قلت: ووقعت في نوازل عيسى، ولم يزد فيها زيادة. ولما ذكر الصقلي قولها في كتاب الشهادات قال: وقال أشهب مثله: إن لم يقدر على كشف البينة، وإن وجدوا سئلوا. قال ابن القاسم: فإن أبوا أن يقولوا ما علموه باع ولا وهب ولا تصدق، فشهادتهم باطلة. وفي العارية منها: فإن شهدوا، ولم يقولوا ما علموه باع ولا وهب ولا تصدق حلف على البت كما ذكرنا ويقضي له. قلت: ظاهر قول الصقلي وابن رشد: (أن زيادة البينة لا يعلمون أنه باع ... إلخ)، إنما هي كمال في الشهادة لا شرط، وهو نص قولها في العارية، وكان ابن هارون، وابن

عبد السلام من شيوخنا يحملون المدونة على قولين في كونها شرط إجزاء أو شرط كمال لقولها في الشهادات والعارية، وهو ظاهر نقل ابن عات في الطرر عن ابن سهر، والأظهر عدم حملها على الخلاف، وأن ما في العارية تفسير. قال عياض في كتاب العارية: قوله (إذا شهدوا على البت أنه ما باع ولا وهب على البت) هي غموس، وشهدوا بباطل وزور. قالوا: معناه أنه كذب وباطل إذا شهدوا على ما لم يحققوه من علم الغيب؛ لا أن حكمهم حكم شاهد زور؛ ثم اختلف هل هي عامله أم لا؟ لأن لفظها مشكل في الكتاب. وقال في كتاب الشهادات: قوله: شهادتهم زورن ثم قال: وأرى أ: ن يحلف الإمام الذي شهدوا له أنه ما باع ولا وهب، ولا أخرجه من يده بشئ مما يخرج به من ملكه. قال بعضهم: انظر أطلق عليها باطل وغموس، ثم جعله يحلف معها فلم يبطلها. فتأول بعضهم: أنها عند مالك مع قوله: هذا ماضية، يحكم بها، ونحى إليه ابن لبابة، وقال ابن أبي زَمَنَيْن: هو بعيد، وقال بعضهم: في المسألة تقديم وتأخير، وقوله: (أرى أن يحلفه الإمام) راجع للمسألة الأولى في الشهادة الصحيحة، ونحى إليه ابن أبي زَمَنَيْن. وقال بعضهم: لا يرد القاضي شهادتهم حتى يسألهم أيشهدون على البت أو على العلم؟ فإن أثبتوها سقطت شهادتهم، وإن ماتوا قبل كشفهم حكم بها، وقال بعضهم: إنما زور، فيها شهادة أهل العلم بما يلزم في ذلك، وأما الجهال فلا، ويعذرون في ذلك، ونحوه لأبي محمد وأبي عمران، ولا يختلف أنه لا يلزمهم ما يلزم شاهد الزور من العقوبة. قُلتُ: لما كانت الشهادة أحد أنواع العلم، والعلم ضروري، ونظري استبان لمن تأمل أن حصول العلم للشاهد بالملك إنما هو نظري حسبما تقدم في تفسير سحنون حقيقة الملك، والعلوم النظرية معروضة للتحول عنها، فلزم من ذلك تكليف الشاهد

بتلك الزيادة في شهادته بالملك، وسائر متعلقات الشهادة غير الشهادة بالعدالة، والعدم من المدين هي من لعلوم الضرورية أو القريبة منها فلم يحتج فيها لتلك الزيادة، وشرط الشهادة بالعدالة، والعدالة نص إضافتهما إلى حال أدائها. فقول ابن رشد: لو شهدت بينة بملكة بالأمس، ولم تتعرض للحال لم تسمع حتى يقولوا إنه لم يخرج من ملكه في علمهم، ولو شهدت أنه أقر له بالأمس ثبت الإقرار، ويستصحب موجبه كما لو قال المدعي عليه: هو ملكه بالأمس، وكما لو قال الشاهد: هو ملكه بالأمس، واشتراه من المدعى عليه بالأمس لم يأخذه بذلك، ولو شهدوا أنه انتزعه منه أو غصبه أو غلبه عليه كانت الشهادة جائزة، ويجعل المدعي صاحب اليد. قلت: أعيان هذه المسائل لا أعرفها نصا لغيره من أهل المذهب إلا لمن تبعه كابن الحاجب. وفي الوجيز للغزالي: لهو شهدوا بأنه أقر له بالأمس ثبت الإقرار، وإن لم يتعرض الشاهد للملك في الحال، ولو قال المدعى عليه: كان مالكاً بالأمس فالظاهر أنه ينزع من يده؛ لأنه يخبر عن تحقيق فيستصحب بخلاف الشاهد، فإنه يخبر عن تخمين، ولو قال الشهد: هو ملكه بالأمس اشتراه من المدعى عليه بالأمس، أو أقر له المدعى عليه بالأمس سمعت في الحال؛ لأنه استند إلى تحقيق، ولا خلاف أنه لو شهد على أنه كان في يد المدعي بالأمس قبل، وجعل المدعي صاحب يد. ابن شاس: لو شهدت بينة أحدهما بالملك، وبينة الآخر بالحوز قضي ببينة الملك، ولو كان تاريخ الحوز متقدمًا. قُلتُ: قد تقدم هذا الفرع لأشهب. اللخمي: من أقام بينة في ثوب بيد رجل أنه رهنه عنده، وأقام الآخر بينة أنه اشتراه منه، فقال ابن القاسم: هو لمدعي الشراء إلا أن يقيم الآخر بينة بأن الرهن كان بعد الشراء. سحنون: وقال بعض أصحابنا: يقضى بأعدلهما، وكذا لو لم تقم بينة الراهن مصدق مع يمينه؛ لأن المرتهن أقر له بالملك، وادعى الشراء.

وقوله: (في عدم البينة) صحيح، ومع بينة لكل منهما قول ابن القاسم أحسن؛ لأنا لا نحمل البينتين على التكاذب مع إمكان صدقهما فقد اتفقا على ملك القائم، وكان بيده البيع والرهن، فيمكن أن يكون رهن ثم باع، فتصح الشهادتان إلا أن تكون الشهادتان عن مجلس واحد ولفظ واحد فيقضى بالأعدل، فإن تكافأت في العدالة قضي بالرهن، لأن البينتين تسقطان، ويبقى إقراره. وقال مطرف: إن شهدت للقائم على الحائز أنه غصبه، وشهد للحائز بالشراء منه قضي ببينة الشراء؛ لأنه إن تقدم الغصب بطل حكمه بما وقع بعده ومن شراء، وإن تقدم الشراء كان قد غصب ملكه. قال ابن الحاجب: وتقدم الناقلة على المستصحبة. قلت: هو قولها في الشهادات من المدونة وغيرها. من قدم وادعى دارًا بيد غيره، وثبت الأصل له أو لأبيه. وفي شهاداتها وولائها: قال ابن القاسم، من مات وترك ولدين مسلمًا ونصرانيًا كلاهما يدعي أن الأب مات على دينه، وأقاما بذلك بينة مسلمين، وتكافأت في العدالة أو لم تكن لهما بينة، فالميراث بينهما نصفين، وإن كان المسلم صلى على أبيه، ودفنه في مقابر المسلمين فليس الصلاة بشهادة، ولو لم يأتيا ببينة، وكان يعرف بالنصرانية فالنصراني أحق بإرثه حتى يقيم المسلم بينة على ما ذكر. وقال غيره: إن تكافأت البينتان قضي بالمال للمسلم بعد حلفه؛ لأن بينة المسلم زادت حين زعمت أنه مسلم. قال اللخمي في كتاب الولاء: إن تداعيا ذلك، ولا بينة حلفا، والإرث بينهما نصفين، وإن أر المسلم أنه كان نصرانيا ثم أسلم، حلف النصراني أنه لم يزل على دينه، واختص بالإرث إلا أن يصلي عليه المسلمون، ويدفن عندهم بحضرته ولا ينكر، فيسأل عن عذره في ذلك، وإن أقر النصراني أنه كان مسلما، ثم مات على النصرانية اختص المسلم بإرثه دون يمين؛ لأنه على قوله: مرتد، فهو مدع لغيره فلا يقبل قوله؛ لأنه غير عدل هذا إن قال: أسلم بعد أن كبرت، وإن قال: وأنا صغير كان النظر في

بقائه على الكفر؛ وإن لم يعلم أصله. ففيها لابن القاسم: ليس صلاة المسلمين عليه بشهادة، وقال الأخوان وأصبغ: إن كان ذلك بحضرة النصارى قطع دعوى النصراني؛ وهو أبين، إلا أن يعلم للنصراني عذر، وهو أبين، ولو صلى عليه النصارى ودفنوه عندهم بحضرة المسلم اختص النصراني بإرثه. قلت: للشيخ عن الأخوين في الواضحة: إن دفن في مقابر المسلمين فليس بحجة على الآخر إلا أن يكون حاضرًا لا ينكر، فذلك يقطع حجته. اللخمي: وإن أقام كل وادح بينة على دعواه، فإن كانت بأنه لم يزل على ذلك إلى موته، ولا يعرفونه انتقل عنه كان تكاذباً، وقضي بأعدلهما، فإن تكافأتا كان الإرث بينهما، وكذا إن كانت البينتان على ما مات عليه، ولا علم عندهما بما كان عليه، وإن كان معروفًا بأحد الدينين أو أقر بذلك الولدان، ففي كون ذلك تكاذبا، والقضاء بالبينة التي نقلته عن الحالة الأولى؛ لأنها زادت حكما قولان، وعلى الثانية إن كانت الحالة الأولى كفرًا فالإرث للمسلم، وفي العكس لبيت مال المسلمين، وإن قالت إحدى البينتين: لم يزل يعرف على كذا، ولم ندر ما مات عليه، وشهدت الأخرى بما مات عليه، ولم تدر حاله؛ قيل: يقضى بالأخيرة إن كانت بإسلامه ورث المسلم، وفي عكسه بيت المال. الصقلي: قال بعض فقهائنا: لو شهدت إحداهما بأنا رأيناه يصلي بالمسجد، والأخرى بأنا رأيناه يؤدي الجزية، ولم يؤرخا قضي بالإرث للمسلم؛ لأنه يمكن أن يكون كافرًا فأسلم، ويحتمل أن يكون له نصفه ونصفه للمسلمين؛ لأن الأرث يكون له تارة، وتارة للمسلمين. اللخمي: قال أصبغ: فلو كان معهما أخ صغير فكلاهما مقر له بالنصف فله النصف كاملًا، ويجبر على الإسلام، والنصف لهما بعد إيمانها. سحنون: فإن مات الصبي قبل البلوغ حلفا وقسما ماله. اللخمي: أصل قولهم أن يكون المال بينهم أثلاثا، فإن خلف الميت ستين دينارًا كان لكل من الأولاد عشرون؛ لأن المسلم يقول: المال بيني وبين الصغير نصفين،

والنصراني غاصب لنا، والغصب علي وعليه على قدر أنصبائنا، وذلك يؤدي إلى تساويهم فيه. وفي كتاب ابن سحنون: يحلفان، ويوقف ثلث ما بيد كل منهما حتى يكبر الصبي فيدعي مثل دعواهما؛ فيأخذ ما وقف له من سهمه، ويرد إلى الآخر ما وقف من سهمه، فإن مات قبل أن يبلغ حلفا واقتسما ميراثه، فإن مات أحدهما قبل بلوغه، وله ورثة يعرفون؛ فهم أحق بميراثه ولا يرد، فإذا كبر فادعاه كان له. قلت: قول سحنون: فيأخذ ما وقف له من سهمه، ويدر إلى الآخر ما وقف له من سهمه، فإن مات قبل أن يبلغ حلفا وقسما ميراثه، وإن مات أحدهما قبل بلوغه وله ورثة يعرفون؛ فهم أحق بميراثه ولا ترد، فإن كبر فادعاه كان له؛ خلاف قوله المتمم قول أصبغ؛ فتأمله. ابن شاس: ولو كان عوض الابنين جماعة، واختلفت الدعوى بينهم فعلى القول بالقسم يقسم المال بينهم نصفين، وإن تفاوتت أعدادهم. وفي الموازية: وظاهره عن كتاب ابن ميسر: إن ترك ولدين مسلمين، وولدين نصرانيين كافرين يدعي أن الأب مات على دينه قسم الإرث بينهم أرباعا بعد إيمانهم، فإن نكل فريق اختص الفريق الحالف بالإرث، ولو رجع أحد المسلمين أو أحد النصرانيين قسم الراجع مسلم للطائفة الأخرى، وقول ابن الحاجب: إن كان مع الولدين طفل. فقال سحنون: يحلفان ويوقف ثلث ما بأيديهما، فإذا كبر فمن ادعى دعواه شاركه ورد الآخر ظاهره أنه يأخذ نصف تركته، وهو وهم إنما يأخذ الثلث الذي وقف له كذا نقله المازري، وابن محرز، والشيخ، وغير واحد، وابن شاس.

باب الدعوى

[باب الدعوى] الدعوى: هو بحيث لو سلم أوجب لقائله حقًا.

ابن شاس والمازري: من غصب منه شيء وقدر على استرداده مع الأمن من تحريك فتنه أو سوء عاقبة، بأن يعد سارقًا أو نحو ذلك جاز له أخذه، ولم يلزمه الرفع إلى الحاكم، وأما العقوبة فلا بد من الحاكم، وقولهم: (جاز) يقتضى عدم استحبابه، ويتخرج استحبابه مما يأتي أحرويًا من قول ابن الماجِشُون. وقال اللخمي: قال محمد في الإقرار الأول: من غصب منى شيئًا، ثم خفي له أخذه بعينه فأخذه جائز. قلتُ: فيجب تقييده بما تقدم، ومن قدر على أخذ حقه المالي ممن هو له عليه ففيه طرق. ابن رُشْد في المقدمات: من أودع رجلًا وديعة فجحده إياها، ثم إنه استودعه وديعة أو ائتمنه على شيء. فروى ابن القاسم في المدَوَّنة: لا يجحده، وروى أشهب: لا آمره بذلك، وإن أردت فعله فأنت أعلم. وروى ابن وَهْب: له أخذه إن لم يكن عليه دين، فإن كان بقدر حصاصه منه.

زاد ابن نافع عنه: إن أمن أن يحلف كاذبًا؛ يريد: إن قبل منه أن يحلف ما له عندي حق على سماع أَصْبَغ في النذور، وقال ابن شعبان: تقبل يمينه ما له عنده وديعة، ولا غيرها بخلاف الحقوق الثابتة في الذمة، فما لا يلزم ذمته يحلف على أقل ما يبرئه من فروعه. وقال ابن عبد الحَكم: له أن يأخذ وإن كان عليه دين، وقال ابن الماجِشُون: أرى له استعمال الحيلة بما يقدر عليه حتى يأخذ حقه، ففي المسألة أربعة أقوال: المنع والكراهة والإباحة، والاستحباب كان عليه دين أم لا. وقيل: إنما هذا إن لم يكن عليه دين، فإن كان لم يأخذ إلا قدر الحصاص، وهو قول خامس، والأظهر من الأقوال الإباحة. اللخمي: إن كان عليه غرماء عالمين بفلسه أو شاكين، وتركوه يبيع ويشترى جاز له حبس جميعها، وإن كان ظاهره عندهم اليسر، ولو علموا ضربوا على يديه جاز له أخذ ما لا يشك أنه يصير له في المحاصة، وإن كانت الوديعة عرضًا جاز أن يبيعها، ويحسب الثمن مما له عليه، واختلف إن كان يحلفه إن هل يجحدها؟ فقال مالك: إنما له ذلك إن أمن أن يحلفه كاذبًا، واختلف في صفة اليمين. قيل: يحلف ما أودعتني شيئًا ينوي يلزمني رده، وقيل: ينوى والأولى مثله أو يحرك به لسانه وكل واسع. ابن الحاجب: وأما ما قدر على غيره، فثالثها: إن كان من جنسه جاز، وهذه طريقة ابن شاس، والقول الثالث ذكره رواية. وذكره المازري: قولا غير معزو لمعين وقال: ظاهر المذهب أن لا فرق بين جنس ماله وغيره.

باب المدعي والمدعى عليه

[باب المدعي والمدعى عليه] المدعي: من عريت دعواه عن مرجح غير شهادة. المدعى عليه: من اقترنت دعواه به.

فقول ابن الحاجب: المدعي من تجرد قوله عن مصدق يبطل عكسه بالمدعي، ومعه بينه، ونحوه لابن شاس. وفي كتاب الرواحل من المقدمات عن سعيد بن المسيب المدعي من قال: قد كان والمدعى عليه من قال: لم يكن ومن عرفهما لم يلتبس عليه الحكم. ابن رُشْد: ليس قوله على عمومه في كل موضع إنما يصح إذا تجردت دعوى المدعي في قوله قد كان من سبب يدل على صدق دعواه؛ فإن كان له سبب يدل على تصديق دعواه أقوى من سبب المدعى عليه القائل: لم يكن بدئ عليه باليمين كمن حاز شيئًا عن غيره مدة الحيازة في وجه مدعي الشراء قبل قوله مع يمينه، وهو يقول: قد كان، والمدعى عليه يقول: لم يكن، وكذا المودع يدعى رد الوديعة، القول قوله، وهو يقول: قد كان والمودع يقول: لم يكن، وقول ابن الحاجب: فلذلك كان مدعي رد الوديعة مقبولًا لائتمانه، ومدعي حريَّة الأصل صغيرًا أو كبيرًا ما لم يثبت عليه حوز الملك بخلاف مدعي العتق هو قولها في الوديعة، وفي عتقها الثاني، ومن حاز صغيرًا حيازة الملك، وعرفت حيازته له وخدمته إياه، ثم كبر فادعى الحريَّة فلا قول له، وكذا إن ادعى الحريَّة في صغره، وإن كان إنما هو متعلق به، ولم يعلم فيه حوز فللصبي مصدق، وفي غير موضع منها لغو دعوى العبد على سيده أنه أعتقه. ابن شاس: والدعوى المسموعة هي الصحيحة، وهي أن تكون معلومة

صحيحة؟ قُلتُ: هو نقل الشَّيخ عن المجموعة عن عبد الملك قال: إذا لم يبين المدعي دعواه ما هي وكم هي لم يسأل المدعى عليه عن دعواه حتى يبينه الطالب في طلبه، فيسأل حينئذ المطلوب عن دعواه، ونقله المازري عن المذهب وقال: وعندي لو قال الطالب: أتيقن عمارة ذمة المطلوب بشيء أجهل مبلغه، وأريد جوابه بذكره مفصلًا أو إنكاره جملة لزمه الجواب. ابن شاس: وكذا لو قال: أظن أن له لي عليك فاختصره ابن الحاجب بقوله: وشرط المدعي أن يكون معلومًا محققًا، فقبله ابن عبد السلام، وابن هارون ولم يذكروا فيه خلافًا. وفي رسم الطلاق من سماع القرينين: من دخل بزوجته، ثم مات فطلبت صداقها حلف الورثة ما يعلم بقي عليه صداق. ابن رُشْد: أوجب اليمين عليهم، وإن لم تدع ذلك عليهم خلاف ما في النكاح الثاني من المدَوَّنة، وما في الغرر منها في التداعي في وقت موت الجارية المبيعة على الصفة، فإن نكلوا عن اليمين حلفت المرأة أنها لم تقبض صداقها، وتستوجبه لا على الورثة علموا أنها لم تقبضه، فهذه اليمين ترجع على غير ما نَكَل عليه الورثة، ولها نظائر كثيرة. قُلتُ: ويختلف في توجه هذه اليمين إذا لم تحقق المرأة ذلك على الورثة؛ لأنها يمين تهمه، ولا يختلف في رجوعها على المرأة بمعرفتها بما يحلف عليه كما يختلف في رجوعه يمين التهمة. وقول ابن الحاجب: ولا يحلف مع البينة إلا أن يدعي عليه طرو ما يبرئه من إبراء أو بيع؛ هو قولها في اللقطة وغيرها، ولا يستحلف طالب الحق مع شاهديه؛ يريد: غير يمين الاستحقاق في غير الربع عن المشهور، وأسقطها ابن كنانة مطلقًا؛ قاله في الطرر، وفي الربع قولان.

ولظاهر عموم قولها: قال ابن دحون في سمَاع ابن كنانة: من شهدت له بينة بموت موروثة، وأنهم لا يعلمون له وارثا غيره، فإنه يستحلف مع بينته بذلك. قُلتُ: يستحلف حرف سوء لا خلاف أنه لا يحلف مع بينته. ابن رُشْد: قوله: (لا خلاف أنه لا يحلف) غير بين؛ لأنه لو ادعى أحد أنه وارثه، وادعى عليه علمه ذلك لزمته اليمين اتفاقًا، فصارت يمينه كيمين الاستحقاق. وسمع عيسي ابن القاسم: من طلب غريم موكله بدين له عليه بذكر حق فادعى الغريم أنه دفع نصف الحق لموكله، ولا بينة له لم ينفعه ذلك، وغرم جميع الحق، ولا يؤخر للقائه الغريم، فلو غرم، ثم قدم رب الحق فأقر بالقبض، والوكيل معدم أو موسر لم يرجع إلا على رب الحق. ابن رُشْد: لم يفرق بين أن يكون الموكل قريبًا أو بعيدًا، وفرق ابن عبد الحَكم بين قربه وبعده، وهو عندي تفسير لهذه الرواية، ولقول أَصْبَغ في نوازله في كتاب البضائع: وقيل: لا يقضى للوكيل حتى يكتب الموكل فيحلف، وإن كان بعيدًا على مسألة نوازل عيسى في يمين الاستحقاق. وفرق بعض أهل النظر بين يمين الاستحقاق ويمين دعوى القضاء: وقيل: إن الوكيل يحلف على العلم، وحينئذ يقتضى، ومضى تحصيله في رسم العتق من سمَاع عيسى من الأقضية، وظاهر هذه الرواية، وما في نوازل أَصْبَغ: أنه ليس على الإمام أن يستحلف الموكل على قبض حقوقه الغائبة أنه ما قبض منها شيئًا، ويكتب له دون يمين خرج أو وكل خلاف كا في رسم العتق من سمَاع عيسي من كتاب الأقضية: أنه يستحلف في الوجهين معًا ما اقتضى، ولا أحال ولا قبض، ثم يكتب له، وعلى ظاهر هذه الرواية جرى العمل. وقيل: يستحلفه إذا وكل لا إذا خرج، وهو أولى الأقوال، ومعنى قوله: (لم يرجع إلا على رب الحق) معناه أنه لا يلزمه أن يرجع عليه، ويترك رب الحق بل له أن يرجع على من شاء منهما.

قُلتُ: قوله: (وفرق بعض أهل النظر) هو قوله في رسم العتق من سمَاع عيسى من كتاب الإقضية: وفرق بعض المتأخرين بأن يمين الاستحقاق من تمام الشهادة، وهى يمين يوجبها الحكم واليمين في مسألة الدين لسيت كذلك، وإنما تجب بدعوى الغريم القضاء، وذهب ابن أبى زيد إلى حمل المسألتين بعضهما على بعض، وهو بين من قول أَصْبَغ لحكاية ابن حبيب عنه أنه يقضى للوكيل في مسألة الاستحقاق في غيبة الموكل إن بعدت، فيتحصل ثلاثة أقوال القضاء وعدمه، والثالث: الفرق بين مسألة الدين والاستحقاق، ورابعها: لابن كنانة أنه يحلف الوكيل. وقاله ابن القاسم في المدّنيَّة: وكل هذا في الغيبة البعيدة والقريبة لا يقضى لها في المسألتين إلا بعد يمينه. قال ابن الحاجب تابعًا لابن شاس: فلو قال: أبرأني موكلك الغائب، فقال ابن القاسم: ينظر، وقال ابن كنانة: إن كان قريبًا كاليومين. قلتُ: وقبله ابن عبد السلام وابن هارون، وهو خلاف ما تقدم من سمَاع عيسى، وظاهر ذكره ابن رُشْد مخرجًا على نوازل عيسى أنه غير منصوص مطلقًا. قال ابن عبد السلام: ولقول ابن القاسم: ما استعمله المتأخرون من القضاة في تمكين الموكل من الحلف على عدم الإبراء، وما يزيدون معه من الفصول وتسامحوا فيها، وإن كانت يمينًا قبل توجهها، والأصل أن لا يمكن منها. قلتُ: هذا يقتضى عدم نص المتقدمين هذه اليمين، وقد تقدم ثبوت ذلك في رسم العتق من سمَاع عيسى من كتاب الأقضية. ابن هارون: من له ديون مؤجلة فأراد سفرًا، ووكل وكيلًا على اقتضائها فهل يمكن من حلف يمين الرغبة أم لا؟ مكنه من ذلك بعض القضاة الأندلسيين، ومنعه بعضهم. قلتُ: الأظهر أن المنع لعدم حلولها فهي يمين غير مفيدة. قال ابن رُشْد: ومن ادعى قال: لي بينة قرينة، وطلب منه كفيلًا أخذ منه كفيل لنفسه ما بينه وبين خمسة أيام إلى الجمعة، وكذا إن قامت له البينة فله طلب الكفيل قبل

التعديل. وقال ابن الحاجب: ومن استمهل لإقامة أو لدفعها أمهل جمعة، ويقضي ويبقى على حجته. قلتُ: هو مقتضى نقل الشَّيخ عن محمد: لو قال القاضي: ... للخصم قبل الحكم: أبقيت لك حجة؟ قال: نعم، وقد تبين للقاضي أن حجته نفدت، وأنه ملد فليضرب له أجلًا غير بعيد، فإن تبين لديه أنفذ عليه الحكم، ولو ادعى بينة بعيدة لم يمهل. وفيها: من ادعى قبل رجل غصبًا أو دينًا أو استهلاكًا، فإن عرف بمخالطته في معاملة أو علمت تهمته فيما ادعى قبله من التعدي والغصب نظر فيه الإمام، فإما أحلفه له أو أخذ له كفيلًا حتى يأتي بالبينة، وإن لم تعلم خلطته أو تهمته فيما ذكر لم يعرف له. عياض: قال بعضهم: جعل له أخذ الكفيل، ولم يجعله في كتاب الكفالة ولغيرة هناك كما له هنا، وقال آخرون: ظاهره أخذ الكفيل، بمجرد الدعوى لقوله: (وأما الدين فإن كانت بينهما خلطة، وإلا لم بعرض له) يدل أن الوجه الأول بخلافه. عياض: يحتمل أن يكون الكفيل بمعنى الموكل به، وقول من قال: ألزمه الكفيل بمجرد الدعوى فغير بين، لقوله: إن كان يعرف بينهما خلطة في دين. قال ابن الحاجب: وللمدعي طلب كفيل في الأمرين. ابن عبد السلام: الأمران طلب المدعى إقامة بينه بحقه، وطلب المدعى عليه إقامة بينة يدفع بها بينة الطالب. وقال ابن هارون: يحتمل أن يريد بالأمرين ادعاء المطلوب دفع بينة المدعي أو تجريحها. قلتُ: لا يخفي بعده. وسمع القرينان: من أقام بينه على استحقاقه منزلًا، فيسأل المدعى عليه أن يؤجل ليأتي ببينة له فيها حجة، فأؤجله الشهرين والثلاثة، فلا يأتي بشيء، ويذكر غيبة شهوده أيضرب له أجل آخر؟

قال: أما المأمون الذي لا يتهم على المدعي باطلًا فيزيده، والملد الذي يرى أنه قصد إضرار خصمه فلا يمكنه من ذلك إلا بما تقارب شأنه ثم يقضي عليه. ابن رُشْد: لأن ضرب الآجال مصروف لاجتهاد القضاة بحسب ما يظهر من حال المؤجل، والذي مضى عليه عمل الحكام في التأجيل في الأصول ثلاثون يومًا، عشرة أيام، ثم عشرة، ثم يتلوم له بعشرة أو ثمانية، ثم يتلوم له بأربعة عشر أو خمسة عشر، ثم ثمانية، ثم أربعة، ثم يتلوم له تتمة ثلاثين أو يضرب له أجلًا قاطعا ثلاثين يومًا يدخل فيه التلوم، والآجال كل ذلك مضى من فعل القضاة هذا مع حضور بينته بالبلد، وإن كانت غائبة عن البلد بأكثر من ذلك على ما تضمنته هذه الرواية من اجتهاد الحاكم، وإن امتنع المدعى عليه من أن يقر أو ينكر. فقال اللخمي: روى عن محمد: المدعى فيه أن يجبر على أن يقر أو ينكر. محمد: فإن أبى حكمت عليه للمدعي دون يمين، وقال أَصْبَغ: يقال له: إن لم تخاصم أحلفت المدعي، وحكمت له عليك إن كانت الدعوى يستحق بها مع نُكُول المطلوب عن اليمين إذا أثبتت لطخًا؛ لأن نكوله عن الكلام نُكُول عن اليمين، وإن كان مما لا يثبت إلا بالبينة دعاهم بها، ولا يسجنه حتى يتكلم، ولكن يسمع من صاحبه ويحمل الحكم عليه. اللخمي: المدعى بالخيار بين أخذ ذلك بغير يمين على أنه متى عاد المدعى عليه للإنكار، والخصومة كان ذلك له، وبين أن يحلف الآن وبحكم له به ملكًا بعد إعلام المدعى عليه إن لم يقر أو ينكر حكم عليه كالناكل، ولا ينقض حكم من خاصم بالاحتجاج، وينقض بالبينات وبين أن يسجن فلا أحلف، وهذا كقولهم في الشفيع: يكتمه المشتري الثمن؛ فاختلف هل يسجن له الآن حتى يقرأ أو يقال له: خذ ولا وزن عليك حتى يثبت الثمن، هذا إن كانت الدعوى في معين، دار أو عبد، وإن كانت في شيء في

الذمة وأقام لطخا فكذلك، وإن لم يقم لطخا لم تسمع دعواه. وإن ادعت الزوجة الطلاق فلم يقر الزوج، ولم ينكر يسجن حتى يقر أو ينكر، وحيل بينه وبينها، وتطلق عليه إن طال الأمر لحقها في الوطء، وإن ادعت عليه النكاح سجن حتى يقر أو ينكر، ولو ادعى عليها نكاحاً فلم يقر، ولم تنكر حيل بينها وبين الأزواج حتى تقر أو تنكر، وكذا السيد يدعي عليه البعد العتق، فإنه يسجن حتى يقر أو ينكر. الشيخ في المجموعة عن أشهب: إن سأل المدعى عليه طالبه من أي وجه يدعي عليه هذا المال فقد تقدمت بيني وبينه مخالطة فسئل عن ذلك، ولم يقض القاضي بشيء على المدعى عليه حتى يسمي المدعي السبب الذي كان له به الحق أو يقول: لا أعلم وجهه، ولا أذكره، فلا يكون عليه في ذلك يمين أنه لا يذكره، وسأله البينة على دعواه، ومثله في كتاب ابن سَحنون، وزاد: إن أبى الطالب أن يخبر بالسبب، فإن قال: لأني لا أذكر وجه ذلك قبل منه، وإن لم يقل ذلك فلا يقضى له بشيء حتى يذكر سبب دعواه أو يقول لا أذكر سببه، ولا يمين عليه أنه لا يذكر سببه، ويسأله البينة على دعواه، ونقله الباجي بلفظ: إن أبى الطالب أن بين سبب دعواه، وادعى نسيانه قبل منه بغير يمين، وألزم المطلوب أن يقر أو ينكر. قال الباجي: القيام عندي أن لا يوقف المطلوب حتى يحلف الطالب أنه لا يذكر ما يدعيه، إذ لعله بذكر السبب يجد مخرجاً، وإن امتنع من ذكر السبب من غير نسيان لم يسأل المطلوب عن شيء. قلت: في دلالة الرواية على ما ذكر الباجي من قوله: (وألزم المطلوب أن يقر أو ينكر) نظر فتأمله، ونقل المازري كالباجي. وقول ابن شاس: جواب دعوى القصاص على البعد يطلب من العبد، ودعوى الأرش، يطلب جوابه من السيد واضح؛ لأن الجواب إنما يطلب من المدعى عليه، وهو في الأولى العبد؛ لأن إقراره به عامل دون سيده، وفي الثانية السيد؛ لأن إقراره به عامل دون العبد.

ولفظ اليمين في حقوق اللعان والقسامة فيها: يحلف المدعى عليه أو من يحلف مع شاهده بالله الذي لا إله إلى هو، لا يزيد على هذا، ومثله ذكر الشَّيخ من رواية سَحنون بزيادة: لا أعرف غير هذا، ولابن رُشْد في رسم الأقضية من سماَع ابن القاسم من كتاب الأقضية، وفي صفة اليمين اختلاف كثير المشهور قولها، وقيل: يزيد عالم الغيب والشهادة الرحمن الرحيم، وهو قول ابن كنانة في المدنيَّة. اللخمي: واختلف إن قال: والله لم يزد، أو قال: والذي لا إله إلا هو؛ فمقتضى قول مالك: أنها يمين جازية، وقال أشهب في الموازيَّة: لا يجزيه اليمين في الوجهين. قلت: هو ظاهر المَدونَّة، واختار الأول قال: لأنه لا خلاف فيمن قال: والله، ولم يزد، أو قال: والذي لا إله إلا هو، أنها يمين تكفر. قُلتُ: لا يلزم من أنها يمين تكفر أن يجزئ في الحقوق لاختصاص يمين الخصومة بالتغليظ، ولما ذكر المازري قول أشهب: قال: وحمل بعض أشياخي عن مالك أنه يرى الاكتفاء بقوله: والله فقط، وإنما يتعلق في هذا بقوله في كتاب اللعان يقول: بالله، وليس مقصود مالك في اللعان بيان اللفظ المحلوف به، وذكر المازري في لفظ يمين اللعان خمسة أقوال، فقال في المَدوَّنة: يحلف بالله، وفي الموازيَّة يقول: أشهد بعلم الله. وقال محمد: يحلف بالله الذي لا إله إلا هو، والرابع زيادة: الرحمن الرحيم، وقال ابن الماجِشُون: يحلف بالله الذي لا إله إلا هو عالم الغيب، والشهادة الرحمن الرحيم، ونحوه للخمي. المازري في القسامة ثلاثة أقوال: بالله الذي لا إله إلا هو، والثاني أن يقول: الذي أمات وأحيا، والثالث أن يقول: الذي لا إله إلا هو عالم الغيب، والشهادة الرحمن الرحيم. الباجي عن ابن حبيب عن الأخوين: بالله الذي لا إله إلا هو. محمد: والعبد كالحر، وهو مشهور قول مالك وابن القاسم وروايته ورواية ابن كنانة بزيادة: عالم الغيب والشهادة. وقال ابن رُشْد في رسم القبلة من سمَاع ابن القاسم، وعن مالك وابن القاسم

يقول: (أقسم بالذي أمات وأحيا). وسمع يحيى ابن القاسم في الديات صفة حلف القسامة أن يقولوا: بالله الذي لا إله إلا هو، ليس عليهم أن يقولوا: الرحمن الرحيم، ولا الطالب الغالب المدرك. ابن رُشد: هذا مشهور مذهبه، وعزا لابن كنانة مثل قول ابن الماجِشون قال: وفي كتاب ابن شعبان: من حلف عند المنبر فليقل: ورب هذا المنبر. وروى ابن القاسم وابن وَهْب يقول: بالله أمات وأحيا، والزيادة على بالله الذي لا إله إلا هو، عند من رواها استحسان إذا لم يختلف في أنه إن لم يزد على ذلك أجزأته يمينه. قلتُ: وقاله اللخمي. وفيها: ولا يحلف النصراني أو اليهودي في حق أو لعان أو غيره إلا بالله، ولا يزاد عليه الذي أنزل التوراة والإنجيل. اللخمي: قال ابن شعبان: روى الواقدي: أن اليهودي يحلف بالله الذي أنزل التوراة على موسى، والنصراني بالله الذي أنزل الإنجيل على عيسى، وقول ابن عبد السلام: النصراني يقر بالتوراة والإنجيل فلعله يغلظ عليه بذكرهما معاً، والمؤلف لم يبينه خلاف ظاهر الرواية. ابن محرز: قال في الكتاب في النصراني: لا يحلف إلا بالله، وظاهره أنهم لا يحلفون بالله الذي لا إله إلا هو، وقاله ابن شبلون وغيره: قالوا: لأنهم لا يوحدون، ولا يكلفون ما ليس من دينهم، وليس كذلك بل يحلفون اليمين على هذه الصورة، ولا يكون ذلك منهم إيمانا، ونص عليه متقدمو علمائنا، ويدل عليه استحلاف المجوس بالله، وهم ينفون الصانع تعالى الله عن قولهم. زاد عياض: وفرق ابن شبلون بين اليهود فألزمهم ذلك لقولهم بالتوحد، وبين بغيرهم. المازري: وفى تمكين المسلم من استحلافه اليهودي يوم السبت قولا القابسي وبعض المتأخرين، فخص بعضهم الخلاف باليهودي؛ لأن النصراني لا يعظم يوماً،

وعممه ابن عات فيهما، قال: لأن يوم الأحد له، والسبت لليهودي. اللخمي: اختلف في محل اليمين، فقال ابن القاسم: محله في أقل من ربع دينار، وفى ربعه في المسجد الجامع حيث يعظم منه. الشَّيخ عن محمد: والثلاثة دراهم ربع دينار، وذكره ابن سَحنون رواية، وذكر القاضي عبد الوهاب عن بعض المتأخرين: الاستحلاف في المسجد في القليل والكثير. المازري: والمعتبر في المعيب قدر قيمة العيب إن فات المبيع، وإلا ففي كونه كذلك قولا أَصْبَغ، وحذاق الأشياخ. وقال المازري في بعض الروايات: الإشارة إلا أنه لا يشترط اليمين عند المنبر إلا منبره صلى الله عليه وسلم، ولابن حبيب عن بعض أصحاب مالك: أن الاستحلاف عند المنبر، وتلقاء القبلة يشير إلي أن المحراب هو أعظم ما في المسجد، ومعروف المذهب اختصاصه بالجامع الأعظم، وفي المذهب ما يشير إلى مساواة مساجد الجماعات والقبائل للجامع الأعظم. اللخمي: إن كانت اليمين في مسجده صلى الله عليه وسلم فعند المنبر. وقال محمد: على المنبر. قال مالك: ويحلف بمكة عند الركن. وقال ابن مالك الجلاب: يستحلف الناس في أقل من ربع دينار في سائر المساجد، ولا يحلف عند المنبر إلا منبره صلى الله عليه وسلم في ربع دينار. الباجي: في سائر منابر البلاد عند المحراب، وأعظم ما في المساجد المحاريب، فيحلف عندها قرب المنبر، ولو كان المنبر في وسط المسجد حلف عند المحراب دون المنبر. وفيها: وتخرج المرأة فيها له بال من الحقوق، فتحلف في المسجد، فإن كانت ممن لا تخرج نهاراً فلتخرج ليلاً، وتحلف في اليسير في بيتها إن لم تكن ممن يخرج، ويبعث القاضي إليها من يحلفها، ويجزئه رجل واحد. اللخمي في الموازيَّة: تحلف المرأة في بيتها في أقل من ربع دينار، وفي ربع دينار في

الجامع، فإن كانت ممن تتصرف أحلفت نهاراً، وإلا أحلفت ليلاً، وأجاز سَحنون في امرأتين ليستا ممن تخرج أن تحلفا في أقرب المساجد إليهما. وقال القاضي عبد الوهاب: إن كانت من أهل الشرف والأقدار جاز أن يبعث الحاكم إليها من يحلفها، ولا مقال للخصم. ولماذا ذكر عياض حلف المرأة في بيتها حسبما تقدم قال: وهذا فيما تطلب فيه، ولابن كنانة في المدنيَّة قال: يحلف النساء اللاتي لا يخرجن في بيوتهن فيما ادعي عليهن، وأما إن أردن أن يستحققن حقهن فيخرجن إلى موضع اليمين، وقد حلف سَحنون مثل هؤلاء في أقرب المساجد إليهن، وأما شُيُوخ الأندلسيين فرأوا أنه لابد من خروج هؤلاء، ومن امتنعت حكم عليها بحكم الملد. قال عياض: وليس هذا بصواب. الشَّيخ في نوادره: روى ابن القاسم تخرج فيما له بال، فمن كانت تخرج بالنهار خرجت، وإلا خرجت بالليل، وفي الموازيَّة مثله. قلتُ: لمحمد: تخرج في ربع دينار. قال: لا إلا في الشيء الكثير الذي له بال، ومنهن من هي كالرجل تخرج هذه تحلف بالنهار في المسجد الجامع في ربع دينار، ولابن حبيب عن الأخوين من لا تخرج نهاراً تخرج في الليل في ربع دينار عياض: قوله: وأما ما سألت عنه من المكاتب، والمدرب، وأمهات الأولاد فسنتهم سنة الأحرار، إلا أني أرى أمهات الأولاد كالحرائر منهن من يخرج، ومنهن من لا يخرج حمل بعضهم أول الكلام على الذكور دون الإناث، وعليه اختصره أبو محمد، وحمله آخرون على الذكور والإناث، وأن ما عدا أمهات الأولاد كالرجال في الخروج لليمين؛ لأن حرمة أمهات الأولاد بحرمة ساداتهن وأبنائهن كالحرائر، وإليه ذهب ابن محرز، ووقع في كلام ابن القاسم في هذه المسألة في كتاب الشهادات، وأما ما سألت عنه من المدبرة والمكاتبة وأمهات الأولاد فسنتهن سنة الأحرار، وهو محتمل. قلتُ: وللباجي عن ابن القاسم: والحرة والعبد والمدبرة والمكاتبة سواء.

فإن قلت: قولها: (وتحلف في اليسير في بيتها إن لم تكن ممن تخرج) مفهومه أنها تخرج في الكثير، وهو مناقض لما تقدم من أنها لا تخرج في الكثير. قلتُ: لهذا المفهوم صورتان هذه، وهو غير معمل فيها، والثانية أنها إن كانت ممن تخرج خرجت من بيتها لمحل يقتضي فيه الطالب يمينها، ولا يلزمه الذهاب إلى بيتها لاقتضائه؛ لأن الطالب حقاً في اقتضائه اليمين. قال الباجي: وعندي لو حلف عند المنبر دون أن يقتضيه صاحب اليمين، لم يبر بها حتى يحلف، وصاحب الحق مقتض ليمينه. قلتُ: وذكر لنا شيخنا ابن عبد السلام أنه حكم لرجل بيمين على امرأة، وطلب حضورها معها لحلفها فامتنعت هي، وزوجها خوف اطلاعه عليها. قال: فحكمت بحضوره إياها متباعداً عنها أقصى ما يسمع منها لفظ اليمين. وفيها: في الحالفة في بيتها، ويبعث القاضي إليها من يحلفها لصاحب الحق، ويجزئه رجل واحد. قلتُ: ظاهره أنه لا يقضى له بحضور يمينها في بيتها. عياض: هذا يدل على أحد قوليه في هذا الأصل فيمن يوجهه القاضي للإحلاف، والحيازات، والأعذار، والنظر في العيوب، والترجمان، والقائف أنه يجزئ في ذلك رجل واحد، ولو زعم من وجب حلفه عجزه عن الخروج لمحل الحلف لمرضه، ففي نوازل الشعبي أربعة. ابن بقيّ: إن أثبت ذلك ببينة حلف ببيته، وإلا أخرج. ابن حارث: وإلا حلف لا يقدر على الخروج، ولا راكباً، وخير المدعي في حلفه ببيته، وتأخيره لصحته، فإن نّكَل لزمه الخروج أو رد اليمين. ابن لبابة: إن ثبت مرضه حلف في بيته بالمصحف، وإلا حلف على عجزه، وخير المدعي في الأمرين. ابن زَرْب: يختبر القاضي صدقه ببعثه له شاهدين، وأنكره محمد بن ميسور. وفي كون التغليظ بالمكان شرطاً في اليمين طريقان.

الشَّيخ عن ابن حبيب: من نَكَل في ماله بال له أن يحلف في المسجد عند المنبر، وشبهه من المواضع، فقال: أحلف في مكاني فهو كنكوله يغرم إن ادعي عليه، وبطل حقه إن كان مدعياً، وقضى به مروان على زيد بن ثابت. قاله الأخوان، المازري: في كون التغليظ مستحقاً أو مستحبّاً قولان. اللخمي: ولا يحلف من الأيمان إلى غير موضعه إلا في القسامة. قال مالك: يجلب إلى مكة والمدينة وبيت المقدس وغيرهم يستحلفون في مواضعهم، إلا أن يكون قريباً من المصر العشر الأميال ونحوها، وقال أبو مصعب: يجلب إلى الأمصار من كان على ثلاثة أميال، وهو أحسن، ولا يمكن من كان من البوادي من الدماء فتضيع. اللخمي: اختلف هل يقام الحالف، وهل يستقبل به القبلة؟ فلابن القاسم فيها: ليس عليه أن يستقبل به القبلة، وقال مالك في كتاب ابن سَحنون: يحلف جالساً، وفي كتاب محمد قائماً، وقال الأخوان: يحلف قائماً يستقبل به القبلة إلا أن يكون أقل من ربع دينار، فيحلف في مكانه جالساً، قال مالك في كتاب آخر: ليس على الحالف في غير المسجد أن يقوم؛ يريد: أنه يقوم إذا كانت اليمين في الجامع، وأرى أن يستقبل القبلة في قليل ذلك وكثيره، ولا يقام وإن كانت اليمين في الجامع، وقد يستحسن ذلك في القتل، ولم يقم النبي صلى الله عليه وسلم في اللعان إلا في الخامسة أقام المرأة في موضع الغضب، وقيل: أقام الرجل في الخامسة، وليس في الصحيح. الشَّيخ: في كتاب ابن سَحنون: قيل لمالك: أيحلف قائماً أو قاعداً؟ قال: قائماً أبين. قال مالك: يحلف في القسامة قائماً، كذلك اللعان، وقول ابن شاس: حكى ابن عبدوس عن أشهب أن القيام في الأيمان إنما هو في اللعان، وفي القسامة لم أجده في النوادر، وتقدم نقل اللخمي فيه. وفيها: يحلف اليهودي والنصراني في كنائسهم، وحيث يعظمون، ويحلف المجوس في بيت نارهم، وحيث يعظمون.

الباجي: وهل تغلظ بالزمان؟ وروى ابن كنانة في كتاب ابن سَحنون يتحرى بأيمانهم في المال العظيم، والدماء، واللعان وقتاً يحضر الناس فيه المساجد، ويجتمعون للصلاة، وما سوى ذلك من مال وحق، ففي كل حين، ولابن حبيب عن الأخوين: لا يحلف حين الصلوات إلا في الدماء واللعان، وأما في الحقوق ففي أي وقت حضر الإمام استحلفه، وقاله ابن القاسم وأَصْبَغ، ابن شاس: قال في الكتاب: وشرط اليمين أن تطابق الإنكار. قلتُ: هو قولها في الشهادات: ومن اشترى منك ثوباً، ونقدك ثمنه، وجحدته الاقتضاء، وطلبت يمينه، فأراد أن يحلف أنه لا حق قبله لم يكن له ذلك. قال مالك: ولك أن تحلفه أنه ما اشترى منك سلعة كذا بكذا؛ لأن هذا يريد أن يورك. ابن القاسم: يعني بقوله: يورك الإلغاز. قلتُ: نقلها الباجي عن مالك في الموازيَّة لا من المدَوَّنة، قال: وقاله مُطّرِّف، وقال ابن الماجِشُون: إذا حلف ما له عليه شيء من كل ما يدعيه، فقد برئ، واختاره ابن حبيب، وفي الموازيَّة والعتبيَّة القولان. قلتُ: نقل المازري، واختار ابن حبيب الاستظهار بقرائن الأحوال، فإن كان المدعى عليه من أهل الصلاح والفضل، والمدعي من أهل التهم وممن يظن به ادعاؤه الباطل منع في اليمين بقول ابن الماجِشُون: (وشرط اليمين مع الشاهد) موافقتها شهرته معنى ولفظاً. الباجي: وصفة اليمين مع الشاهد أن يحلف على ما شهد له، فإن شهد بإقرار المطلوب لم يكن له أن يحلف أن له عليه كذا؛ بل يحلف لقد أقر له فلان بكذا. قاله ابن عبد الحَكم: فإن كان المطلوب غائباً زاد، وإن حقه لباق عليه، وما عنده به رهن، ولا وثيقة ويقضى له. قال ابن عبد السلام: هذا على أن اليمين مع الشاهد كشاهد آخر، ومنهم من جعلها تقوية له، وعليه لا يبعد كونها على وفق الدعوى كاكتفاء ابن الماجِشُون في يمين

المدعى عليه بالحلف على نفي دعوى المدعي سواء طابق الإنكار أو لم يطابق. قلتُ: يرد بأن شرط اليمين مع الشاهد موافقتها شهادة الشاهد فيها أثبته في المعنى اتفاقاً أو إجماعاً والحلف مع الشاهد على وفق الدعوى هي أعم من خصوص ما شهد به الشاهد. والأعم لا يستلزم الأخص إثباتاً فلا يستلزم الحلف على الدعوى نفس ما أثبتته شهادة الشاهد، وقول ابن الماجِشُون: إنما هو في الحلف على أمر هو أعم من خصوص الدعوى، وهو في باب النفي، ونفي الأعم يستلزم نفي الأخص، فاستلزم حلفه نفي الدعوى فتأمله. وما ذكره من الخلاف في حال اليمين مع الشاهد لا أعرفه على النحو الذي ذكره؛ بل قول المازري: اضطرب العلماء في القضاء بالشاهد واليمين هل القضيَّة مستندة إلى الشاهد واليمين كالتقوية له، أو مستندة إلى اليمين، والشاهد كالمقوي لها أو مستندة إليهما جميعاً. الشَّيخ: من قول مالك وأصحابه أن من أقام بينة بدين على حاضر أنه لا يحلف على أنه ما قبضه حتى يدعي المطلوب أنه دفعه إليه، أو دفعه عند دافع، ولو كان الحكم بالدين على ميت أو غائب لم يقض للطالب حتى يحلف أنه ما قبضه منه، ولا من أحد بسببه، ولو كان الدين لميت قام به ورثته على ميت أو غائب، فلابد أن يحلف أكابرهم أنهم ما يعلمون أن وليهم قبضه من المقضي عليه، ولا من أحد من مسببه، ولا يحلف الأصاغر، وإن كبروا بعد موته. قلتُ: قوله: (ولا يحلف الأصاغر) يدل باللزوم على نص قولها: لا يمين على صغير، ولا على من يظن به علم ذلك، وفي سلمها الأول، وإذا أصاب المسلم إليه رأس المال رصاصاً أو نحاساً فردها عليه فقال له: ما دفعت لك إلا جياداً، فالقول قوله ويحلف ما أعطاه إلا جياداً في علمه ألا أن يكون إنما أخذها على أن يريها، فالقول قوله مع يمينه، وعليه بدلها. التونسي: إن حقق أنها ليست من دراهمه حلف على البت، فإن نكل حلف قابضها على البت؛ لأنه موقن،

قلتُ: ظاهره: ولو كان حلف الأول على العلم، فتكون يمينه تنقل على خلاف ما تتوجه. قال ابن رُشْد: وهو في مسائل كثيرة. قلتُ: وذكر غير واحد من شُيُوخ الفاسيين في صفة الحلف ثلاثة أقوال، قولها الثاني: يحلف على البت مطلقاً، الثالث: هذا إن كان صيرفياً دون عزو، وعزاها ابن حارث لابن القاسم، وابن كنانة، وابن الماجِشُون، وقال ابن شاس بعد ذكر الأول: ولو قال: ما أعرف الجيد من الرديء، فقال بعض الأصحاب: يحلف ما أعطيته رديئاً في علمي. قلتُ: فالأقوال خمسة. نقل التونسي، والثلاثة، ونقل ابن شاس. المازري: وينظر في حق الله تعالى في إباحة اليمين مع الشاهد للصغير الذي لم يعاين ما شهد به الشاهد، ولا علمه ضرورة، فإن لم يعلم ذلك إلا من قول الشاهد، وغلب على ظنه صدقه بخبره أو غير ذلك، ففي إباحة اليمين له بذلك، ووقفها على يقينه قولان لكتاب ابن سَحنون والموازيَّة. واحتج سَحنون بجواز تصرف الولد الصغير في مال شهد له شاهدان بأنه لأبيه، وظاهر قوله: إسناد هذا الاحتجاج لمالك، وفيه إشكال؛ لأن التصرف في الأموال، ورد من الشرع التعويل فيه على الظن للضرورة إلى ذلك، ولو وقف ذلك على اليقين لأدى إلى ضرر عظيم، وأما تعليق التكليف بتعظيم اسم الله، والقسم به بيقين الصدق، فلا يلحق به ضرر عام وبعض أشياخي يضيف هذين القولين لمالك. قلتُ: وتقدم هذا، وأخذ الأول من ظاهر قولها في الشهادات، وأظهر منه قولها في الوديعة: وإن بعث إليه بمال، فقال: تصدقت به علي، وصدقه الرسول، وأنت منكر للصدقة فالرسول شاهد يحلف معه المبعوث إليه، ويكون المال صدقة عليه. قيل: كيف يحلف، ولم يحضر؟ قال: كما يحلف الصبي إذا كبر مع شاهده في دين أبيه، واختصرها أبو سعيد سؤالاً

وجواباَ لعدم إفادة الجواب نفي الإشكال؛ لأن حاصله أنه أتى بصورة مماثلة للمسؤول عنها فتستشكل كما استشكلت الأولى. قال ابن شاس: اليمين على نيَّة القاضي، وعقيدته فلا تصح تورية الحالف، ولا استثناؤه بحيث لا يسمعه القاضي تقدم الكلام في نيَّة الحالف في الأيمان، وأن الخلاف عام في يمين القاضي وغيره حسب ما نص عليه ابن رُشْد قي سمَاع أَصْبَغ منه قال: إلا أن تتضمن نيَّة المحكوم عليه إبطال حق فهي عليه نيَّة المحلوف له اتفاقاَ، وفي لزوم نفي المدعى به في اليمين بعينه والاكتفاء بعموم يشمله خلاف تقدم عزوه. الباجي عن أشهب: إن بين المدعي السبب فأنكر المطلوب، وقال: أحلف أنه لا شيء له عندي في هذا السبب لم يجزه حتى يقول: ولا أعلم له شيئاً بوجه من الوجوه، قاله أشهب في المجموعة ونحوه في كتاب ابن سَحنون هـ. والظاهر أنه يجزئه؛ لأن الطالب لم يطلبه بغير ذلك، ومن حق المطلوب أن لا يحلف حتى يقول له الطالب: هذا آخر حقوقي عندك. قال ابن الحاجب: فإن ذكر السبب نفاه معه على المشهور. قلت: انظر الضمير في قوله (معه) على من يعود، وفسره ابن هارون بمسألة كتاب الشهادات المتقدمة، قال: يعني قوله: (نفاه معه) أي: نفى السبب مع العدد. قلتُ: لا يخفى بعده، وفسره ابن عبد السلام بمسألة أشهب وسَحنون، وهو أيضاً بعيد. ابن الحاجب: قال الباجي: القياس أن يكتفي بذكر السبب، وعن مالك ماله عندي حق. قلتُ: ظاهر أن قول مالك في نفس الصورة، وفيه نظر؛ لأن الباجي قال بعد ذكر ما تقدم ما نصه: وإن ادعى أنه أسلفه أو باع منه لم يجزه قوله: (لا حق به عندي) حتى يقول: لم تسلفني أو له تبع مني، قاله سَحنون، وهو مقتضى قول مالك قال: وربها قيل منه الجواب ما له على حق، وإلي القول الأول رجع مالك. قال ابن الحاجب: قال ابن دينار: قلت لابن عبدوس: أيضطر إلى يمين كاذبة أو

غرم ما لا يجب؟ فقال: ينوي شيئاً يجب رده الآن، ويبرأ من الإثم. قلت: عزوه السؤال لابن دينار خلاف نقل ابن شاس عن ابن حارث عزوه لأحمد بن زياد، وذكر ابن حارث في كتاب المديان، كلفظ ابن شاس، وعزو ابن الحاجب وهمٌ؛ لأن ابن دينار، إما عيسى وإما عبد الرحمن وإما محمد، وكلهم لا يستقيم أن يَسأل ابن عبدون لعلو طبقتهم عنه؛ أما عيسى فهو أكبر من ابن عبدوس. قال عياض وغيره: أنه أخذ عن مالك ولزم ابن القاسم. وأما عبد الرحمن فقال عياض: لقي ابن القاسم في رحلته الأخرى، وروى عنه سماعه وعرض عليه المدنيَّة، وفيها أشياء من رأيه وكلاهما من أهل الأندلس، وذكرهما في طبقة سَحنون. وأما محمد فقال فيه عياض إنه صحب مالكاً، وابن هرمز، روى عنه ابن وهب. قال ابن عبد البر: كان مفتي أهل المدينة مع مالك وعبد العزيز. وأما ابن عبدوس فقال فيه عياض: هو محمد بن إبراهيم بن عبدوس كان من كبار أصحاب سَحنون، وهو أحد المحمدين الأربعة الذين اجتمعوا في عصر من أئمة مذهب مالك لم يجتمع في زمان مثلهم؛ اثنان مصريان، ابن عبد الحكم وابن المواز واثنان قرويان؛ ابن عبدوس وابن سَحنون. والحق ما ذكره ابن حارث وهو أحمد بن أحمد بن زياد الفارسي. قال عياض: صحب ابن عبدوس وابن سلام والقاضي ابن مسكين، وكان يكتب له السجلات سمع منه ابن حارث وأحمد بن حزم وأبو العرب وغيرهم. قال أبو العرب: كان عالماً بالوثائق، وضع فيها عشرة أجزاء، أجاد فيها. ابن شاس: إن ادعى عليه ملكاً فقال: ليس لي إنما هو وقفٌ على الفقراء، أو على ولدي، أو هو ملك لطفل لم يمنع ذلك إقامة البينة للمدعي إن لم يثبت ما ذكر فتقف المخاصمة على حضور من ثبتت له عليه الولاية. قلت: ما ذكره هو مقتضى أصول المذهب، ومقتضى إقراره بذلك لحاضر أو

غائب، ولا أعلم من ذكر نفس المسألة التي ذكرها إلا الغزالي في الوجيز. المازري: لو قال: هي لفلان، وهو حاضر فصدقه سلم له المدعى فيه، والخصومة بينه وبين المدعي، وللمدعي إحلاف المقر أنه ما أقر به لإتلاف حقه إذا لو اعترف أنه أقر بالباطل، وأن المقر به إنما هو لمدعيه لزم الغرم، فإن حلف أنه لم يقر إلا بالصدق، ولا حق فيه للمدعي، سقط مقال المدعي، فإن نَكَل عن اليمين فهاهنا اختلف الناس ها يستحق بيمينه غرامة المقر لإتلاف بإقراره ما اقر به أم لا؟ لأنه لم يباشر الإتلاف، وإذا توجهت الخصومة بين المدعي، والمقر له وجبت اليمين على المقر له، فإن نَكَل حلف المدعي وثبت حقه، فإن نَكَل فلا شيء له عليه، وهل تحليف المقر أم لا؟ قال ابن عبد السلام: ليس له ذلك؛ لأنها لو وجبت لكان للمقر النُكُول عنها، وإذا نَكَل عنها لم يكن للمدعي أن يحلف؛ لأنه قد توجه عليه هذا الحلف ونكل عنه. قلتُ: ونحوه قول عياض فى الوكالات: إذا اطلع بائع السلعة من وكيل على شرائها على زائف في الثمن فأحلف الآمر فنكل فوجبت اليمين للبائع، وليس له أن يحلف المأمور. عياض: لأن نكوله عن يمين الآمر نٌكٌول عن يمين المأمور. قال المازري: ولو أقر به لغائب لا يعذر إليه لبعد غيبته لم يستحقه المدعي بذلك اتفاقاً، فإن أراد تحليفه سئل، فإن قال: رجاء أن ينكل فأحلفه وأغرمه قيمته جرى على ما قدمناه من الخلاف في توجه الغرم عليه بإقراره به لغيره دون مباشرة إتلاف فمن أغرمه يحلفه ومن لا فلا، وإن قال: رجاء أن ينكل فأحلف، وأستحق نفس الثوب، فذكر ابن سَحنون: من ادعي عليه بدار في يده، فقال: هي لفلان الغائب، فإن حلف بقيت الدار بيده، وإن نَكَل أخذها المدعي دون يمين حتى يقدم الغائب بإقرار المقر، واختار بعض أشياخي إسقاط اليمين عن المدعي عليه إن لم يدع عليه المدعي أنه أودعه السلعة أو رهنه إياها؛ لأنه لا يلزمه أن يحلف لإثبات ملك غيره، ومن الناس من قال: إن نَكَل عن اليمين حلف المدعي، وأخذ المدعى فيه حتى يقدم الغائب فيخاصمه؛

باب النكول

وكأنه رأى أن هذا صيانة لقاعدة الشرع؛ لأنه لو منعنا المدعي من المدعى فيه، ولم يحلف المدعى عليه لم يشأ أحد أن يصرف خصمه عن طلبه من غير أن يمكنه مما ادعى فيه، ولا يحلف له إلا فعل ذلك بأن يضيف المدعى فيه لغائب، ثم ذكر فروعاً لم يضف أقوالها للمذهب فلا ضرورة لذكرها. قال ابن الحاجب: فإن كان غائباً لزمته اليمين أو البينة، وانتقلت الحكومة إليه، فإن نّكَل أخذه بغير يمين. قلتُ: ضمير لزمته اليمين يجب عوده على المقر وضمير (إليه) عوده إلى الغائب، والضمير المستكن في (نكل) عائد على المقر، وفي (أخذ) عائد على المدعي، والضمير المفعول (بأخذه) عائد على المدعى فيه، بهذا يستقيم موافقته لما تقدم عن المازري ونحوه لابن شاس، ولا يخفى على منصف إجمال كلام ابن الحاجب، ولو جاء بهذه الضمائر مظهرة كان أولى به. [(باب النكول] **** امتناع من وجب عليه أو له يمين منها. قال ابن الحاجب: ويجري فيما يجري فيه الشاهد واليمين. قلتُ: فاعل (يجري) ضمير يفسره السياق عائد على حكمه المذكور بعد، وهو إثباته القضاء على الناكل بنكوله مع يمين المدعي، ولا يخفى إجمال دلالة قوله على

هذا المعنى. الشَّيخ لابن سَحنون عنه: قال مالك: ولكنه لا يجب الحق بنكول المدعى عليه حتى يحلف المدعي، ولم يختلف في ذلك أهل المدينة. قال مالك: وإن جهل ذلك الطالب ذكر له القاضي حتى يحلف الطالب. قال أشهب: لم يختلف في ذلك أهل العلم، وقول ابن شاس: ويتم النُكُول بقوله: لا أحلف وأنا ناكل، وبقوله له: أحلف أو يتمادى على الامتناع من اليمين، الروايات والأقوال واضحة بصحته، وقول ابن شاس: إذا تم نكوله، ثم قال: أنا أحلف لم يقبل هو قولها. قال مالك: إذا نَكَل مدعو الدم عن اليمين، وردوا الأيمان على المدعى عليه، ثم أرادوا بعد ذلك أن يحلفوا لم يكن لهم ذلك، وكذلك قال لي مالك فيمن أقام شاهداً على مال وأبى أن يحلف معه ورد اليمين على المطلوب، ثم بدا له أني حلف ليس له ذلك. وسمع عيسى ابن القاسم في رسم الجواب من كتاب المديان: إن قال المدعى عليه للمدعي بعد أن طلب يمينه: احلف أنت وخذ، فإذا هم المدعي بالحلف. قال المدعى عليه: لا أرضى بيمينك، ما ظننتك تحلف لا رجوع للمدعى عليه كان ذلك عند السلطان أو غيره. ابن رُشْد: مثله في كتاب الدعوى والصلح. وفي كتاب الديات: ولا خلاف أعلمه في ذلك بعد أن يردها على المدعي، ولو نكل عنها، ولم يردها عليه، ففي كونه كذلك وصحة رجوعه قولان؛ لظاهر رواية عيسى عن ابن القاسم في المدنيَّة مع ظاهر قولها في الديات، وظاهر قول ابن نافع في المدنيَّة. قلتُ: ومثله في رسم القبلة من سمَاع ابن القاسم في الديات بزيادة إلا أن يكون لهم عذر بين. سَحنون: مثل أن يزعموا أن الميت عليه دين أو يكون أوصى بوصايا.

ابن رشد: تفسير سحنون بين، لأنه إذا أبى أن يحلف مع شاهده على حق يدعيه لميته لأجل أنه قيل له أنه أوصى بوصايا أو عليه دين، ثم علم أنه ليس على الميت دين، ولا أوصى بشيء والعذر في القسامة غير هذا، وقوله: إن لهم أن يرجعوا إلى القسامة إن كان لهم عذر ينبغي أن يحمل على التفسير لما في المدونة من كتاب الديات، وفي تعليقه أبي عمران في المدعي عليه يلتزم اليمين، ثم يريد الرجوع إلى إحلاف المدعي أن له ذلك، لأن التزامه ليس أشد من التزام الشرع له. قال: وخالفني ابن الكاتب، وقال: ليس له رد اليمين، وقول ابن شاس: ونكول المدعي بعد نكول المدعي عليه كحلف المدعي عليه هو نص الروايات فيها، وفي غيرها، ومثله قول ابن الحاجب، وكذلك لو ادعى أنه قضاه، ثم نكل بعد نكوله لزمه. الشيخ عن ابن عبد الحكم: إن قال من وجبت عليه يمين: اضرب لي أجلاً لأنظر في حسابي وأمري أمهل بقدر ما يراه، وفي طرر ابن عات الشعباني: إن طلب من وجبت عليه يمين أن يؤخر بها اليومين والثلاثة، لينظر في محاسبته فله ذلك، ولا يزاد على ذلك، ثم ذكر قول ابن عبد الحكم قال: وقال غيره: ليس له ذلك إلا برضا الطالب وإذنه، لأن على القاضي إنفاذ الحق على الخصم إذا وجد لذلك سبيلاً. قلت: فالأقوال ثلاثة، وتقييد ابن شاس تأخيره بكفيل بوجهه صواب، يريد: ويغرم المال بعد حلف المدعي إن لم يأت به، ولم يحك ابن الحاج في نوازله إلا القول بعدم تأخيره، وأما عكس هذا، وهو أن يطلب المدعي تأخير حلف المدعي عليه، ففي نوازل ابن الحاج: ليس له ذلك إلا برضا المطلوب، وهو مقتضى قول ابن عات في طرره: من وجبت له يمين على رجل فتغيب عن قبضها، وكل القاضي من يتقاضاها إذا ثبت عنده مغيبه، ويشهد على ذلك. ابن زرقون: اختلف في توجه يمين التهمة، فمذهب المدونة في تضمين الصناع والسرقة: أنها تتوجه، وعلى الأول فالمشهور لا تنقلب، وفي سماع عيسى من كتاب الشركة أنها تنقلب. قلت: هو كلام ابن رشد.

باب الخلطة

الباجي: إن ادعى المودع تلف الوديعة، وادعى المودع تعديه عليها صدق المودع إلا أن يتهم فيحلف، قاله أصحاب مالك. قال ابن عبد الحكم: فإن نكل ضمن، ولا ترد اليمين هنا. ابن رزقون: وفي توجيه يمين الاستحقاق على المستحق أنه ما باع، ولا وهب، ولا خرج عن ملكه بوجه من الوجوه على البت كان المستحق ربعا أو غيره، ثالثها: إن كان المستحق غير ربع للمشهور، وابن كنانة، وبعض شيوخ ابن أبي زمنين، وهذا الخلاف على قولي المدونة في استحقاق بعض الورثة داراً من سبب مورثه، فبقول ابن القاسم يقضى لهذا القائم بحصته فقط، وعلى القول أنه لابد من يمين المستحق، وقول مالك وأشهب تنزع الدار من المطلوب لبقية الورثة على أنه لا يحلف على استحقاق الربع، وقول ابن كنانة: إنما يصح والمطلوب حاضر لا يدعي شيئاً، فإن غائباً فما أراه يقول ذلك. [باب الخلطة] الخلطة: حالة ترفع بعد توجه الدعوى على المدعي عليه لا لسوء غرضه،

فتخرج حالة توجه دعوى السرقة والعداء. المازري: قال المتقدمون كابن القاسم: الخلطة أن يبايع إنسان إنساناً بالدين مرة واحدة، أو بالنقد مراراً، وقال البغداديون من أصحابنا: إنما المعتبر كون الدعوى تشبه. قال القاضي عبد الوهاب: من أصحابنا من قال: هي أن تكون الدعوى تشبه أن يدعى بها على مثل المدعي عليه. وقال بعضهم: هي أن يشبه أن يعامل المدعي المدعي عليه في مثل ما ادعى عليه به، وهذان الحدان متقاربان، أحدهما راعى الشبه في جنس المدعي فيه، والآخر راعاه في جنس المدعي والمدعي عليه والمدعي فيه، والتحقيق اعتبار قرائن الأحوال في النوازل ولابن رشد في سماع أصبغ قوله في هذا السماع المبايعة الواحدة ليست بخلطة حتى يبايعه مرة ومرة، وفي سماع يحيى من الشهادات ما ظاهره أن المعاملة الواحدة خلطة، وقيل: معنى رواية يحيى أنها مضافة لمعاملة قبلها، ولا أقوال أنها مخالفة ولا مفسدة، بل معنى هذا السماع أنهما قابضاً وتناجزاً، وسماع يحيى على أن المعاملة بالدين والمبايعة بالنقد مع التناجز ليست خلطة وبالدين خلطة، وبالنقد دون مناجزة في شهادات المدونة أنها ليست بخلطة، وفي الموازية أنها خلطة قال: وثبوتها بما ثبتت الحقوق من شاهدين أو شاهد وامرأتين، وفي ثبوتها بشاهد واحد، ثالثها: مع اليمين، ورابعها: شاهد وامرأة لهذا السماع مع نوازل سحنون، وابن كنانة مع ابن القاسم أيضاً، وابن

نافع، وسماع حسين بن عاصم. الباجي عن المغيرة وسحنون: لا تثبت بين أهل الأسواق حتى يتبايعوا، والاجتماع بالمسجد للصلاة، والأنس، والحديث لا يثبتها، وفي الموطأ أن عمر بن عبد العزيز كان إذا جاءه الرجل يدعي حقاً على رجل آخر، فإن كان بينهما مخالطة أو ملابسة أحلف المدعي عليه. قال مالك: وعليه الأمر عندنا، ومثله في كتاب ابن سحنون. قال سحنون: حدثني ابن نافع عن حسين بن عبد الله عن أبيه عن جده عن علي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "البينة على من ادعى واليمين على من أنكر" إذا كان بينهما خلطة. قال أبو عمر: ليس في شيء من الآثار المسندة اعتبار الخلطة. ابن رشد في سماع أصبغ مذهب مالك، وكافة أصحابه الحكم بالخلطة. قلت: ومثله عمل القضاة عندنا عليه، ونقل لي شيخنا ابن عبد السلام عن بعض القضاة أنه كان لا يحكم بها إلا إن طلبها منه المدعي عليه. الباجي: إن كانت الخلطة بتاريخ قديم، وانقطعت، فقال أصبغ وسحنون: حكمها باق، وقال محمد: لا يحلف إلا بخلطة ثانية مجددة، وإن قضى عليه بمائة اليوم أقام عليها بينة ثم ادعى عليه من الغد بحق آخر، فلا يمين عليه بسبب تلك الخلطة لانقطاعها حتى يثبت خلطة، ثم ينقطع أمرها. عبد الحق عن أصبغ: خمسة يجب عليهم الإيمان دون خلطة: الصائغ والمتهم بالسرقة، ومن قال عند موته: لي على فلان دين، ومن يمرض في الرفقة فيدعي أنه دفع ماله لرجل، ولو كان المدعي عليه عدلاً غير متهم، ومن ادعى عليه رجل غريب نزل بمدينة أنه استودعه مالاً، وكذا نقلها ابن سهل، ونقلها ابن رشد غير معزوة

كأنها المذهب. الباجي: عن يحيى بن عمر: الصناع تتعين عليهم اليمين لمن ادعى عليهم في صناعتهم دون خلطة، لأنهم نصبوا أنفسهم للناس، يلزمه مثله في تجار السوق. قال اللخمي في الصانع: هذا إن ادعى المدعي ما يشبه أن يتجر به أو لباسه أو لباس أهله، وإلا لم يحلفه، ويراعي في الوديعة ثلاثة أوجه: أن يكون المدعي يملك مثل ذلك جنساً وقدراً، وثبوت ما يوجب الإيداع ليس الغالب من المقيم ببلده أن يودع ماله إلا لسبب خوف أو طلب سلطان أو سفر بخلاف الطارئ، وأن يكون المدعي عليه ممن يودع مثل ذلك. عبد الحق: قال بعض شيوخنا: لا تعتبر الخلطة في الأشياء المعينة إلا مثل أن يعرض رجل سلعته في السوق للبيع، فيقول رجل: بعتها مني هذا تجب فيه اليمين، وقيل: تجب وإن لم تكن خلطة، وهذا عندي أبين، وعزاه الصقلي لابن مناس، وبعض القرويين. قال يحيى بن عمر: وعليه تدل مسائلها في الشفعة منها إن أنكر المشتري الشراء، وادعاه البائع تحالفا، وفي سرقتها إن ادعى السارق شراء السرقة حلف له ربه، وفي القذف إذا ادعى شراء الأمة التي شهد عليه بوطئها حلف ربها، ولم يشترط في ذلك خلطة، وقال بعض شيوخنا: الخلطة معتبرة في المعينات، وغيرها إلا مثل أن يعرض الرجل سلعتها في السوق للبيع، فيأتي الرجل، ويقول: بعتها مني فيحلف دون خلطة. وفيها: من أقامت بيده دار سنين ذوات عدد يحوزها، ويمنعها، ويكريها، ويهدم ويبنى فأقام رجل بينة أنها له أو لأبيه أو جده، وثبتت المواريث، فإن كان حاضراً يراه يبني، ويهدم ويكري فلا حجة له، وإن كان غائباً، ثم قدم فقد تقدم الجواب فيها. ابن القاسم: وكذا من حاز على حاضر عروضاً أو حيواناً إذا كانت الثياب تلبس وتمتهن والدواب تركب، والأمة توطأ، ولم يحد لي مالك في الحيازة في الربع عشر سنين ولا غير ذلك. قال ربيعة: حوز الحاضر عشر سنين تقطع دعوى الحاضر إلا يقيم بينة أنه إنما

أكرى أو أسكن أو أعار ونحوه، ولا حيازة على غائب. قال بن رشد في رسم يسلف من سماع ابن القاسم من كتاب الاستحقاق: الحيازة لا تنقل الملك عن المحوز عليه للحائز اتفاقاً لكنها تدل على الملك كإرخاء الستر، ومعرفة العفاص، والوكاء، فيكون القول قول الحائز مع يمينه لقوله صلى الله عليه وسلم: "من حاز شيئاً عشر سنين فهو له" واختلف إن كان الحائز وارثاً. قيل: هو كمورثه في مدة الحيازة، وأنه لا ينتفع بها دون أن يدعي الوجه الذي تصير به إلى موروثه، قاله مطرف وأصبغ، وقيل: مدته في الحيازة أقصر، وليس عليه أن يسأل عن شيء، لأنه يقول: ورثت ذلك، ولا أدري ما يصير ذلك إليه، وهو ظاهر سماع عيسى ابن القاسم، وقول ابن الماجشون: وهو أبين والمدة ينبغي أن يستوفي فيها الوارث والموروث، وتضاف مدة حيازة أحدهما للآخر، واختلف على القول بأن العشرة الأعوام ليست بحوز، ولو مع الهدم، والبنيان إن طالت مدة يبيد فيها الشهود، وهي العشرون عاماً على اختلاف في ذلك، فقيل: القول قوله في البيع والهبة والصدقة، وهو سماع عيسى ابن القاسم في القسمة، وقيل في البيع فقط لا في الهبة، والصدقة والنزول، وهو سماع عيسى ابن القاسم في هذا الكتاب، وأضعف الحيازة حيازة الأب على ابنه وابنه عليه فحيازة أحدهما على الآخر بالسكني، والازدراع لغو وهي أضعف وجوه الحيازة، ومعتبرة بالتفويت بالبيع والهبة والصدقة والعتق والتدبير والكتابة اتفاقاً فيهما، وفي لغوها بالهدم والبناء والغرس، وهي المرتبة الثانية في الحيازة قولان: أحدهما: لا حيازة له بهما، قاله مالك في هذه الرواية، والمشهور، يريد: إلا أن يطول الأمر جداً لما تهلك فيه البينات، وينقطع فيه العلم. والثاني: أنها حيازة قام عليه في حياته أو على سائر ورثته في مماته، وهو قول ابن دينار في كتاب الجدار، والواضحة، وقول مطرف: (وحوز الأقارب الشركاء بإرث وغيره)، وهي الموالية في الضعف لحوز الأب على ابنه، وعكسه لا تكون بالسكنى،

والازدراع اتفاقاً، إلا على ما تأوله بعضهم على قوله في المدونة، وهذا من وجه الحيازة التي أخبرتك من أنه لا فرق في الحيازة بين الأقارب والأجنبيين، وهو بعيد، وتكون بالتفويت بالبيع والهبة والصدقة والعتق والكتابة والتدبير والوطء، وإن لم تطل المدة اتفاقاً على الجملة، وتفصيل ذلك أنه إن فوت الكل بالبيع، والمحوز عليه حاضر للصفقة فسكت حتى انقضى المجلس لزمه بيع حصته وله ثمنها، وإن سكت بعد انقضاء المجلس حتى مضى العام ونحوه، استحق البائع الثمن بالحيازة مع يمينه أنه انفرد به بالوجه الذي يذكر من ابتياع أو مقاسمة أو شبه ذلك، وإن لم يعلم بالبيع إلا بعد وقوعه، فقام حين علم أخذ حقه، وإن لم يقم إلا بعد العام ونحوه لم يكن له إلا الثمن، وإن لم يقم حتى مضت مدة أخذه لم يكن له شيء، واستحقه الحيازة بما ادعاه لحيازته إياه، وإن فوته بالهبة والصدقة أو العتق أو التدبير، فإن كان حاضراً وسكت حتى انقضى المجلس فلا شيء له، فإن لم يكن حاضراً، وقام حين علم فهو على حقه، وإن لم يقم إلا بعد العام ونحوه فلا شيء له، وإن فوته بالكتابة تخرج على الخلاف في الكتابة هل تحمل محمل البيع أو العتق، وكذا إن حاز الكل بالوطء، والاتخاذ بعلم المحوز عليه من الورثة فهي حيازة، وإن لم تطل المدة، فإن حاز بشيء مما ذكرناه الأكثر، فالحكم فيه على ما تقدم، ويختلف في الباقي على قولين: أحدهما: أنه تبع للأكثر يستحقه مع يمينه على ما ادعاه، وهو سماع يحيى ابن القاسم إلا أنه لم يذكر اليمين. والثاني أنه لا يكون تبعاً فيكون للمحوز عليه حقه بعد يمينه على تكذيب صاحبه في دعواه، وهو ظاهر سماع سحنون ابن القاسم إذ لم يفرق فيه بين قليل وكثير بحيازته، فحمله الشيوخ على الخلاف لسماع يحيى، وإن حاز بشيء مما ذكرناه الأقل، فقيل: يستحقه بحيازته ويكون تبعاً لما لم يحز يأخذ المحوز عليه حقه فيه إن كان عبداً فأعتق كان له قيمة حظه على الذي أعتقه، وإن بيع كان له حظه من الثمن الذي بيع به، وإن وهب أو تصدق أخذ حظه منه إلا أن لا يجده، فيكون له قيمة حظه منه على الذي وهب

أو تصدق، وهو سماع يحيى ابن القاسم، وإن فوت بشيء من ذلك النصف أو ما قاربه لم يكن ذلك بعض تبعاً لبعض، فاستحق الحائز ما حاز منه، وما لم يحز بينهما على الإرث، ويحتمل أن يؤول سماع سحنون على أن الذي حازه الوارث بهذه المعاني متناصف أو متقارب فلذلك قال: لا يكون القليل تبعاً للكثير لا فيما حاز، ولا فيما لم يحز، فلا يكون على هذا سماع سحنون مخالفاً لسماع يحيى، ولا يكون خلافاً في أن القليل تبع للكثير لا فيما حاز، ولا فيما لم يحز، فلا يكون على هذا سماع سحنون مخالفاً لسماع يحيى، ولا يكون خلافاً في أن القليل تبع للكثير فيما حيز، وما لم يحز على ما في سماع يحيى، وهو أولى مما حمله عليه الشيوخ من الخلاف، وكذا القول فيما حازه الوارث على وارثه بالهدم والبناء أو الاستغلال العشرة الأعوام على أنها حيازة بين الورثة يختلف هل يكون القليل تبعاً للكثير فيما حيز، وما لم يحز على ما ذكرناه، ولا فرق في حيازة الوارث على وارثه بين الرباع والأصول والثياب والحيوان والعروض إنما يفترق ذلك في حيازة الأجنبي مال الأجنبي بالاعتمار والسكني والازدراع في الأصول والاستخدام والركوب واللباس في الرقيق والدواب والثياب. قال أصبغ: السنة والسنتان في الثياب حيازة إن كانت تلبس وتمتهن، والسنة والسنتان حيازة في الدواب إن كانت تركب، وفي الإيماء إن كن يستخدمن، وفي العبيد والعروض فوق ذلك، ولا يبلغ في شيء من ذلك كله بين الأجانب إلى عشرة أعوام كالأصول. قال: وما أحدثه الحائز الأجنبي فيما عدا الأصول من بيع أو عتق أو تدبير أو كتابة أو صدقة أو إصداق أو وطء بعلم مدعيه أو بغير علمه، ولم ينكر حين بلغه استحقه الحائز بذلك هذا كله معنى قول أصبغ دون نصه، واختلف قول ابن القاسم في حيازة الشركاء بالإرث بعضهم على بعض بالهدم والبناء، فقال مرة: العشر سنين في ذلك حيازة، ومرة قال: لا إلا أن يطول ذلك أزيد من أربعين سنة كالأب على ابنه، وهو عليه وقع اختلاف قوله في سماع يحيى. وحيازة بعض القرابة على بعض فيما يشرك بينهم فيه، جعلهم ابن القاسم مرة كالقرابة الأشراك فرجع عن قوله إن الحيازة بينهم في العشرة الأعوام الهدم والبناء، إلا

أنه لا حيازة بينهم في ذلك إلا مع الطول الكثير، ومرة يراهم بخلاف القرابة الأشراك فلم يرجع عن قوله: الحيازة بينهم في العشرة الأعوام مع الهدم والبناء، وهو دليل قوله في سماع يحيى، ثم رجع ابن القاسم فيما يحوزه الوارث على اشتراكه بالهدم والبناء، لأن فيه دليلاً أنه لم يرجع عن قوله فيما سواهم من الموالي والأصهار والقرابة الذين لا شرك بينهم، فيتحصل فيهما ثلاثة أقوال: أحدهما: العشرة الأعوام مع الهدم والبناء حيازة فيهما. والثاني: ليست حيازة فيهما إلا مع طول المدة. والثالث: الفرق بينهما. وحيازة: الموالي والأصهار والأختان فيما لا شرك بينهم فيه، فمرة جعلهم ابن القاسم كالأجنبيين تكون الحيازة بينهم بالعشرة الأعوام دون هدم وبناء، وهو سماع عيسى ابن القاسم في هذا الكتاب، ومرة جعلهم كالقرابة الذين لا شركة بينهم، فيتحصل فيهم ثلاثة أقوال: أحدهما: كون الحيازة بينهم في العشرة الأعوام، وإن لم يكن هدم ولا بناء. والثاني: لا تكون بينهم في العشرة الأعوام إلا مع الهدم والبناء. والثالث: لا تكون الحيازة بينهم بالهدم والبناء إلا أن يطول الزمان جداً. والأجنبييون الأشراك: لا حيازة بينهم في العشرة الأعوام إن لم يكن هدم ولا بناء، ويكون فيها مع الهدم والبناء، ولا يدخل في ذلك اختلاف قول ابن القاسم المذكور في سماع يحيى بدليل قوله فيه بين الورثة فخص، وقيل: يدخل فيه اختلاف قوله، وهو تأويل عيسى بن دينار في كتاب الجدار: وحيازة بعض الأجنبيين على بعض فيما لا شركة بينهم فيه، فالمشهور أن الحيازة بينهم في العشرة الأعوام، وإن لم يكن هدم ولا بناء. وفي كتاب الجدار لابن القاسم: لا تكون حيازة إلا معها، ورواه حسين بن عاصم عنه، ودليل ما في رسم إن خرجت من سماع عيسى من هذا الكتاب، ويشهد لهذا قول عبد الرحمن بن عوف في الموطأ في الأرض التب مكثت في يد أبيه سنين فما كنت أراها

إلا لنا من طول ما مكث في يده، وصدر الشيخ باب الحيازة بتقريره أن مدلول عوائد الناس كالإقرار. قلت: ومسائل المدونة واضحة به، وتقدم الكلام على اعتبار العادة الفعلية والقولية في كتاب الإيمان والنذور، فلذا قال ابن شاس في أثناء الحيازة مستدلاً على اعتبارها بقوله: لأن كل دعوى ينفيها العرف، وتكذبها العادة مرفوضة، قال الله تعالى: "وامُرْ بِالْعُرْفِ"] الأعراف: 199 [، وأوجب الشرع الرجوع إليه عند الاختلاف في الدعاوي كالنقد الحمولة والسير والأبنية ومعاقد القمط، ووضع الجذوع على الحائط. وفي تحديد مدة الحيازة بعشر أو سبع، ثالثها: لا تحديد بمدة بل باجتهاد الإمام للشيخ عن ابن القاسم مع ابن وهب وابن عبد الحكم واصبغ وابن القاسم قائلاً: وما قارب العشرة مثلها، وسمعه يحيى. قال ابن رشد: يريد بما قرب منها بالشهر والشهرين والثلاثة، وما هو ثلث العام فأكثر، وقيل: بالعام والعامين، ولابن سحنون عنه من أقام بينة أن قناته تجري على جاره مقدار سنة، فليس بحوز، ولو جرت عليه أربع سنين كانت حيازة. قال: ومن لهما داران بينهما زقاق مسلوك بإحداهما كوة يرى منها ما في دار الآخر فبني جاره في داره غرفة، وفتح كوة قبالتها، فطلب صاحب القديمة سدها عليه فطلب الآخر سد القديمة، وهي منذ خمس سنين حلف صاحب الحديثة ما تركها إلا على معنى الجوار، وتسد الكوتان. قلت: جوابه هذا خلاف جوابه في القناة، ولم يتعرض الشيخ، ولا الصقلي بمنافاته إياه، وقد يفرق بينهما بأن في الاطلاع حقاً لله بخلاف القناة. الشيخ عن أصبغ: روى ابن كنانة وأما الدين يقيم عليه الزمان الطويل، فلا حوز فيه، ولا ينقطع بذلك ملكه. قلت: ولابن أبي زمنين في اختلاف المتبايعين عن أصبغ إذا كان القول قول البائع في عدم قبضه الثمن، فالقول قوله ما لم يطل الزمان كثلاثين سنة، وكذا الديون، وإن عرف أصلها، ومن هي له، وعليه حاضر لا يقوم بدينه إلا بعد هذا الزمان، فيقول له:

قضيتك وباد شهودي. قلت: لعل رواية ابن كنانة فيما ذكر حق الدين باق بيد ربه، وقول أَصْبَغ فيما لم يكن باقيًا بيده، وإلا فهو خلاف. الشَّيخ عن أَصْبَغ: الغيبة علي مثل تسعة أيام ونحوها بعد، وما دونها قرب. قلتُ: ووقع في سماَع يحيى تمثيل الغيبة البعيدة بالأندلس من مصر، وانظر ما تقدم في القرب والبعد في الحكم علي الغائب، ومن قرب كمن هو على أربعة أيام أو ثمانية في كونه بعلم الحوز عليه كقريب أو كبعيد الغيبة قولا ابن القاسم في سماعه عيسى أولًا، وثانيا قائلا: للناس أعذار في عدم القيام في مثل بعد الثمانية الأيام، وإن لم تعرف. ابن رُشْد: حكى عيسى في كتاب الجدار قولى ابن القاسم، قال: وأحب إلي أن يكون علي قوله إلا أن يقدم وحقه في يد من حازه في غيبته، فعلم بذلك ثم رجع، ولم يذكر شيئًا حتى قام اليوم، وقد طال الزمان بعد أن علم فهو كالحاضر. ابن رُشْد: وهذا الخلاف في القريب إنما هو إذا علم، وإن لم يعلم فلا حيازة عليه، وإن كان حاضرًا غير أنه في القريب محمول علي غير العلم حتى يثبت عليه، وفي الحاضر محمول على العلم حتى يتبين أنه لم يعلم، والقريب الذي فيه هذا الاختلاف ما كان على مسيرة ثمانية أيام ونحوها، والبعيد مثل الأندلس من مصر أو مصر من المدينة على ما في رسم الأقضية من سمَاع يحيى ابن القاسم. الشيخ لابن سَحنون عنه: من أدخل من زقاق المسلمين شيئًا في داره، ولم يرفع ذلك إلى الحاكم إلا بعد عشرين سنة هدم ورد إلى الزقاق، ولا تملك الأزقة، ولا تحاز. قال: وما أحدث في طريق المسلمين من كنف وحمامات، ولم يرفع ذلك إلى الحاكم إلا بعد عشر سنين فلا حوز فيه إلا أن يأتي من ذلك أمر قديم كستين سنة ونحوها فيترك؛ لأنه لا يعلم بأي وجه وضع، وتقدم الكلام في توجه يمين التهمة، فانظر الشَّيخ في كتاب ابن سَحنون: من ادعى على رجل جرحًا عمدًا أو خطأ، ولم يأت ببينة حلف المدعى عليه؛ يريد: إن كان لطخ، فإن حلف برئ، وإن نَكَل اقتص منه، وقال بعض العلماء: لا يقتص منه.

اللخمي: من ادعى على رجل أنه جرحه، فإن أتى بأثر الجرح، وهو متعلق به كان لطخًا وسجن، وإن ادعى ذلك عن يوم فرط لم يسجن إلا أن يأتي بلطخ. وسمع أشهب: من أتى بشاهد واحد على رجل أنه شتمه لم يحلف في هذا مع الشاهد، فإن كان الشاتم معروفًا بالشتم والسفه عزر. قيل له: أترى على المدعى عليه يمينًا قال: نعم، ولعساني أن أكون أراه، ولكن ليس كل ما رأى المرء أراد أن يجعله سنة يذهب بها إلى الأمصار. ابن رُشْد: تفسير قول مالك أنه إن لم يكن المدعي عليه معروفًا بالشتم استحلف إلا أنه ضعف اليمين بقوله: (ولعساني وأن أكون ... إلخ)، والأظهر على أصولهم إيجاب اليمين فتضعيفها ضعيف، وقيل: يستحلف المدعى عليه إن كان للمدعى شاهد على دعواه عرف بالشتم والسفه أو لم يعرف بذلك، وهو ظاهر ما في رم الشجرة من سمَاع ابن القاسم من كتاب الحدود، وما في رسم الحدود من سمَاع أَصْبَغ منه، فإن حلف برئ، وإن نَكَل ففي سمَاع ابن القاسم المذكور يسجن أبدًا، حتي يحلف، وفي سمَاع أَصْبَغ المذكور إن طال سجنه جدَّا أو لم يحلف خلي سبيله ولم يؤدب، وقال أَصْبَغ: إن كان معروفًا بالأذى والفحش أدب، وإلا فأدبه حبسه الذي حبس، فهذه الرواية موافقة لما في السماعين المذكورين من كتاب الحدود من أن المدعي لا يحلف مع شاهده مخالفة لما فيهما من إيجاب اليمين على المدعى عليه على ضعفه في حال دون حال، وقيل: يحلف مع شاهده، ويحد له، قاله مُطَرِّف، وهو شذوذ، وتخرج فيهما قول ثالث أنه لا يحلف معه في الفرية، ويحلف معه فيما دونها من الشتم الذي يجب فيه الأدب. وكذا اختلف في القصاص من جراح العمد بالشاهد مع اليمين في ثبوته به وعدمه مطلقًا، ثالثها: قصره على ما صغر منها دون ما عظم كقطع اليد لمالك في أقضيتها، وابن القاسم في شهادتها، وابن الماجِشُون مع روايته، واختيار سَحنون، وكذا اختلف إن لم يأت المدعي بشاهد، ولا سبب على دعواه في الشتم أو جراح العمد على ثلاثة أقوال: أحدها: لا حلف علي المدعى عليه، وهو سمَاع ابن القاسم في كتاب الحدود، قاله في الفرية.

والثاني: عليه اليمين، قاله مالك في رسم العقول من كتاب الجنايات. والثالث: لا يمين عليه إلا أن يكون مشهورا بذلك، وهو سمَاع أَصْبَغ ابن القاسم من الجنايات، فإن حلف علي رواية أشهب أو رواية أَصْبَغ إن كان مشهورًا بذلك برئ، وإن نَكَل سجن حتى يحلف ما لم يطل، فإن طال خلى سبيله، ولم يؤدب، وقال أَصْبَغ: إنه يؤدب إن كان معروفًا بالأذى علي أصله قال: وإن كان مبرزًا في ذلك؛ أي مشتهرًا به مبرزًا فيه جلد في السجن. وفيها: إن حلف المطلوب، ثم وجد الطالب بينة، فإن لم يكن علم بها قضى له بها، وإن استحلفه بعد علمه ببينته تاركًا لها، وهي حاضرة أو غائبة فلا حق له، وإن قدمت بينته. عياض: قوله: تاركًا لها هذا الترك عند أكثرهم هو ترك القيام بها مع علمه، ويدل عليه قوله: قيل في الحاضرة، وقال آخرون: لا يكون تركًا إلا بتصريحه بترك القيام بها. قال فضل: ولو حلفه، ولم يذكرها، وعلم بعلمه بها، فقدمت فإن كانت حين حلفه بعيدة الغيبة بحيث لو رفعه للحاكم قضى له باليمين، ولم ينتظرها قضي له الآن بها، ونحوه لابن حبيب، وهذا يدل على صحة التأويل الثاني. قال أبو إبراهيم: سقط تاركًا في بعض المواضع، فقيل: اختلاف. الشَّيخ في كتاب ابن سَحنون: روى ابن وَهْب أن عمرًا رضي الله عنه ادعى عنده يهودي على مسلم فدعاه بالبينة، فقال: ما حضر في اليوم بينة فأحلف المطلوب، ثم جاء المدعي بعد ذلك بالبينة فقضي كمن بينته بعيدة الغيبة. ابن سَحنون: روى ابن نافع إن أحلف وبينته حاضرة، وهو عالم بها فله القيام بها، وقاله أشهب في غير كتاب، وقاله آخر المسألة. قال سَحنون: والقول قول صاحب الدين أنه لم يعلم ببينته صح في كتاب ابن

سهل لأحمد بن خالد، وابن أنس عن ابن وضاح لا عند غيرهم، ولا في كتاب ابن عتاب، وهو صحيح على الأصل. قلتُ: قول أشهب هو سماعه في كتاب المديان. ابن رُشْد: مثله في الموازيَّة لرواية ابن عبد الحَكم، وفي الثمانية للأخوين، وزاد ابن الماجِشُون أنه أثم حين أحلفه على الباطل، وبينته حاضرة يعلمها، وللأخوين في الواضحة خلاف قولهما في الثمانية مثل ما في المدَوَّنة. الشَّيخ لابن حبيب عن الأخوين، وابن عبد الحَكم، وأَصْبَغ في المدعى عليه يحلفه المدعي حين لم يجد بينة، ثم أتى المدعي بشاهد، وأراد أن يحلف معه فليس له ذلك؛ لأنه لا تسقط يمين قد درئ بها حق بشاهد، ويمين، ولكن بشاهدين، وذكرها الصقلي، ولم يذكر فيها خلافًا، وذكرها اللخمي، وقال: قال ابن القاسم وغيره: يحلف مع الشاهد ويستحق، وقال ابن كنانة في الواضحة: ليس ذلك له، وعلله بما تقدم. وسمع ابن القاسم: من اقتضى غريمه حقه فجحده بعضه وقال: إنما لك علي مائة دينار، وقال الطال: بل مائتا دينار وضاع كتابي، ولا أحفظه، وأشهدت عليك فصالحه على أن زاده على المائة وحطه من المائتين، ثم وجد كتابه بأسماء شهوده، فقام به، فإن عرف هذا من قوله فله نقض الصلح، ويغرم له بقيَّة حقه. ابن رُشْد: قوله: إن عرف هذا منه؛ أي: عرف قوله قبل الصلح أن له ذكر حق وضاع، وما يعرف شهوده، ودليله إن لم يعرف ذلك منه لم ينتقض الصلح، وهو خلاف قولها في كتاب الصلح إذا صالحه، ولا يعرف له بينة أن له القيام ببقيَّة حقه إذا وجد بينة مثل قول مالك في كتاب الجدار، ويحتمل أن يكون معني قوله إذا عرف هذا من قوله رجع ببقيَّة حقه دون يمين، وإن لم يعرف ذلك منه فعليه اليمين أنه إنما صالحه، وكتابه قد ضاع، ولا يعرف شهوده فلا يكون هذا السماع خلاف ما في المدَوَّنة؛ بل يكون مفسرًا لها في إيجاب اليمين، وقرن في كتاب الجدار بين المسألتين، فيتحصل في نقض الصلح بالرجوع عليه في مسألتي وجود ذكر الحق والعثور علي البينة وعدم نقضه، ثالثها: في مسألة وجود ذكر الحق، ويحتمل حمل هذا السماع على ظاهره أنه ليس بخلاف

لما في المدَوَّنة، وإنما فرق بين المسألتين فيأتي على هذا التأويل، وهو تأويل ظاهر قول رابع: وهي التفرقة بعكس ما في كتاب الجدار، ولا خلاف أنه إن صالحه، ثم أقر له بحقه أن له الرجوع، ولا في أنه إن صالحه، وله بينة غائبة قريبة الغيبة يعلم بها أنه لا رجوع له عليه إذا قدمت بينته، واختلف إن كانت بعيدة الغيبة فاستحلفه أو صالحه، ثم قدمت بينته في صحة قيامه بها فيهما، ثالثها: في استحلافه لا في صلحه، وهذا قولها، ولم يُحَدّ ابن رُشْد القرب والبعد، وكأنه اكتفى بما تقدم في الحكم على الغائب. وفيها: أولًا إن كانت بينته قريبة الغيبة على مثل اليومين والثلاثة، لم يحلفه إلا على إسقاطها. وقال في باب الذي يدعي العبد في يد رجل أن الخمسة الأيام والسبعة والجمعة قريبة، وتقدم نحو هذا في فصل الحيازة، وفي فصل نقل الشهادة؛ فتذكر ذلك، وما به الترجيح في قياس الشبه.

[حفظ الدماء وموجب جناياتها] روى مسلم عن أبي بكر عن النبي صلي الله عليه وسلم أنه قال: ((إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السماوات والأرض، السنة اثنا عشر شهرًا، منها أربعة حرم، ثلاث متواليات: ذو القعدة وذو الحجة والمحرم ورجب شهر مضر الذي بين جمادى وشعبان))، ثم قال: ((أي شهر هذا؟)) قلنا: الله ورسوله أعلم، قال: ((فأي بلد هذا؟)) قلنا: الله ورسوله أعلم، قال: فسكت حتى ظننا أنه سيسميه بغير اسمه، قال: ((أليس هذا البلدة الحرام؟)) قلنا: بلى، قال: ((فأي يوم هذا؟)) قلنا: الله ورسوله أعلم، قال: فسكت حتى ظننا أنه سيسميه بغير اسمه، قال: ((أليس يوم النحر؟)) قلنا: بلى يا رسول الله، قال: ((فإن دماءكم وأموالكم)) قال: وأحسبه قال: ((وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في بلدكم هذا في شهركم هذا، وستلقون ربكم فيسألكم عن أعمالكم، فلا ترجعوا بعدي كفارًا يضرب بعضكم رقاب بعض، ألا ليبلغ الشاهد الغائب، فلعل بعض من يبلغه يكون له أوعي من بعض من سمعه))، ثم قال: ((ألا هل بلغت؟))، وفي أخرى: (وأعراضكم من غير شك)). ابن رُشْد: عمد قتل المسلم عدوانا كبيرة ليس بعد الشرك أعظم منه، وفي قبول التوبة منه وإنقاذ وعيده مذهب الصحابة، وإليه ذهب مالك لقوله: لا تجوز إمامته. قُلتُ: لا يلزم منه عدم قبول توبته لعدم علم رفع سابق جرئته، وقبول التوبة أمر باطن، وموجب منصب الإمامة أمر منه ظاهر. وقال في سمَاع عيسى: قول مالك ليكثر العمل الصالح والصدقة والحج والجهاد، ويلزم الثغور من تعذر القود منه دليل على الرجاء عنده في قبول توبته خلاف قوله: لا تجوز إمامته.

باب في القتل

قال: والقول بتخليده خلاف السنة، ومن ثوبته عرض نفسه علي ولي القتيل قودًا أو دية. وفي كون القود منه كفارة له أو لا مذهبان وجه الثاني أنه لا نفع فيه للقتيل بل لوليه. قلتُ: ونقل الأصوليون إجماع الملل علي حفظ الأديان والنفوس والعقول والأعراض والأموال، وذكر بعضهم أيضًا الأنساب بمحض عمد قتل المسلم عدوانًا يوجب ملك القود منه لمكافئه أو راجح عليه إن كان بالغًا عاقلًا. [باب في القتل] وقتله له بهدف نفسه بفعله ناجزًا أو بعد غمرته. وفي التلقين: شرط طريانه على من تيقنت حياته، قال: فإن كان بما يقصد به غالبًا دون وسط في نظره فموجب اتفاقًا. قال الباجي في المجموعة: روى ابن وَهْب العمد أن يعمد للقتل فيما يرى الناس. قال في الموازيَّة: أو للضرب الذي به هلاك المضروب فيما يرى الناس. قال في الكتابين: المجتمع عليه عندنا أن العمد إلى ضرب رجل بعصا أو برمي بحجر أو غيره فيموت فذلك يوجب القود، وروى ابن القاسم، وكذا طرح من لا يحسن العوم في نهر على وجه العداوة.

باب العمد في القتل

[باب العمد في القتل] القتل العمد ما قصد به إتلاف النفس بآلة تقتل غالبًا، ولو بمثقل أو بإصابة المقتل كعصر الانثيين، وشده الضغط والخنق. ابن الُصَّار: أو يطبق عليه بيتًا أو يمنعه الغذاء حتي يموت جوعًا. قلتُ: للصقلي عن بعض القرويين منع من فضل مائه مسافرًا عالمًا أنه لا يحل له منعه، وأنه يموت إن لم يسقه قتل به، وإن لم يل قتله بيده. وفيها: من تعمد ضرب رجل بلطمة أو لكزة أو حجر أو بندقة أو قضيب أو عصا أو غير ذلك ففي كله القود إن مات بذلك. ثم قال: فيما قلت: إن شقت بطن رجل فأكل وشرب، وتكلم وعاش يومين أو ثلاثة، ثم مات من ذلك أفيه قسامة؟

قال: لم أوقف مالك على هذا، ولكنه قال: من مات تحت الضرب أو بقى بعده مغمورًا لم يتكلم، ولم يأكل ولم يشرب، ولم يفق حتى مات فلا قسامة فيه، وقال: من أكل وشرب وعاش ثم مات بعد ذلك ففيه القسامة؛ لأنه لا يؤمن أنه مات من أمر عرض له، وأما شق الجوف فلم أسمع منه فيه شيئًا، وأري إن أنفذ مقاتله وعلم أنه لا يعيش من مثل هذا إنما حياته خروج نفسه فليس فيه، وما أشبهه قسامة، وقد قال مالك في الشاة يخرق السبع بطنها فيشق أمعاءها فتنتشر أنها لا تؤكل؛ لأنها لا تحيا على كل حال. وسمع سَحنون ابن القاسم في كتاب العتق: من شقت جوفه أو أمعاؤه أو ذبح فمات ولده حينئذ أيرث منه؟ قال: نعم، إلا المذبوح لا يرث، وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه فيمن شقت جوفه حجة، ومن قتله في تلك الحال لا يقتل. ابن رُشْد: لا يرث المذبوح اتفاقًا، ولا يقتل من أجهز عليه، ومن أنفذت مقاتله فرق في هذا السماع بين توريثه ممن مات، والقصاص ممن قتله، وفي سمَاع أبي زيد ابن القاسم أنه يقتل به من قتله، والقياس لا فرق بين القصاص والميراث فيرث ممن مات على رواية أبي زيد، ولا يرث منه على قوله في هذا السماع لا يقتل به من قتله، وهو قول أشهب لا يقتل به إلا الأول فهي قولان وتفرقة. وفيها: من العمد ما لا قود فيه كالمتصارعين أو يتراميان علي وجه اللعب أو يأخذ برجله على وجه اللعب فيموت منه ففي كل هذا دية الخطأ علي العاقلة، ولو تعمد هذا على وجه القتال فصرعه فمات أو أخذ برجله فسقط فمات كان فيه القود. ابن رُشْد: عمد الضرب دون عمد القتل في نائرة إن كان على وجه اللعب في كونه خطأ، وإيجابه القود، ثالثها: شبه عمد لها، وللأخوين مع روايتهما، وتؤول على أنه لم يلاعبه صاحبه، والأول على أنه لاعبه فيتفقان. ولابن وَهْب: وقيل: التفرقة بين أن يلاعبه أو لا رابع. قال: وعمد الضرب أدبا ممن يجوز له عندي على الخلاف في ضرب اللعب.

باب في السبب الموجب للقود

وقال الباجي: الخلاف في هذا الوجه: إنما هو راجع إلى تغليظ الدية، ولا قود بحال، هذا إن علم أنه على وجه الأدب، وإن لم يعلم إلا بقوله ففي تصديقه قولان. قلتُ: للباجي عن المجموعة: روى ابن القاسم وابن وَهْب إن ضرب الزوج زوجته بحبل أو سوط فذهبت عينها أو غيرها ففيه العقل لا القود، وكذلك المعلم والصانع أو القرابة يؤدبون ما لم يتعمد بسلاح وشبهه. ورواه ابن القاسم وقال: ليس الأخ، والعم، وسائر القرابة كالأبوين والأجداد إلا أن يجري ذلك على وجه الأدب كالمعلم والصانع فهذا يقتضي أن في الأدب بما يؤدب به الدية مغلظة فهو علي أربعة أوجه: ضرب قصد به اللعب بغير آلة القتل لا قود فيه، وفي التغليظ روايتان، وضرب قصد بغير آلة القتل خنقًا وغضبًا ممن لا أدب له في القود فيه، وتغليظ الدية روايتان، وضرب بغير آلة القتل ممن له الأدب من القرابة ممن ليس له عليه ولادة، لا قود فيه. وفي تغليظ الدية روايتان: والرابع حذف ابنه سيأتي. وفيها: من طرح رجلًا في نهر، ولم يدر أنه لا يحسن العوم فمات، فإن كان على العداوة والقتل قتل به، وإن كان على غير ذلك ففيه الدية، ولفظها في الموازيَّة فيما نقل الباجي روي ابن القاسم من طرح من لا يحسن العوم في نهر على وجه العداوة، والقتل قتل به. قلتُ: انظر هل من شرطه أن يعلم الطارح أن المطروح لا يحسن العوم أم لا، وظاهره أنه إن كان يحسن العوم وطرحه على وجه القتل أنه لا يقتل به. [باب في السبب الموجب للقود] والتسبب بفعل؛ إن قصد به قتل معين فمات يوجب القود.

باب في التسبب الموجب للدية في المال

[باب في التسبب الموجب للدية في المال] وإن قصد به غير معين فالدية في ماله أن قتل المقصود. [باب في التسبب الموجب للدية على العاقلة] وغيره على العاقلة.

باب الموجب لحكم الخطأ

[باب الموجب لحكم الخطأ] وإن قصد به حفظ المال لمحل محجوز عنه فخطأ ما بلغ من دم الحر بثلث الدية على عاقلته، وما سواه في ماله، وتفسير يأتي في دياتها من وضع سيفًا بطريق المسلمين أو بموضع لقتل رجل فعطب به الرجل قتل به، وإن عطب به غيره فديته على عاقلته، ونقله الشَّيخ والباجي من المجموعة دونها مرجوح، في ثاني حجها، وهو في التهذيب في ثالثه. قال مالك: من حفر بئرًا في منزله فسارى أو عمل به ما يتلفه فمات ضمن ديته، وكذا وقع فيه غيره، ومثله في دياتها. أبو إبراهيم: إن قصد بمثل هذا قتل إنسان بعينه قتل به، وفي غيره ديته على العاقلة كقولها في مسألة السيف، وهي دليل الباب كله. الباجي والنوادر: روى ابن وَهْب من رش بناء قناة ليزلق من يمر به من آدمي، وغيره ضمنه، وكذا من جعل بالطريق مربطًا لدابة أو كلبًا بداره لغير ضرر أحد أو بغير داره بإذنه أو رش، فإن تبرأ ذا أو تنظيفا أو ربط كلب صيد بداره أو في غنمه للسباع أو نصب حبالات للسباع أو وقف على دابته بطريق أو نزل عنها لحاجة أو وقفها بباب مسجد أو حمام أو بسوق لم يضمن ما هلك بشيء من ذلك، وكذا

إن أخرج روشنا من داره أو عسكرًا. أشهب: من حفر بئر ماشية قرب أخرى فحفره بغير إذنه فعطب بها آدمي لم يضمنه؛ لأنه جائز له إلا أن يعلم أنه يضر بجاره فيؤمر بردمها، وما هلك فيها بعد أمره ضمنه. محمد: وما هلك بذلك من آدمي فعلى عاقلته، وغيره في ماله. ابن القُصَّار: وفي القود بالإكراه بشهادة الزور روايتان، واختار الأولى، وتقدمت في مسائل الرجوع عن الشهادة، وفي تقديم الطعام المسموم القود. وفيها: من قتل بسقي سم قتل به. الشَّيخ عن ابن حبيب عن أَصْبَغ: من طرح على رجل حيَّة مسمومة مثل هؤلاء الخولة العارفين الحيات المسمومة فمات قتل به، ولا يصدق أنه على اللعب، إنما اللعب مثل بعض الشباب يطرح الحيَّة الصغيرة التي لا تعرف بمثل هذا فتقتل فهذا خطأ، وكذا طرحه عليه حيَّة يعرف أنها قاتلة، ولا يقبل قوله: لم أرد قتله. قلتُ: مقتضى قولها إن تعمده بضرب لطمة فمات قتل به عدم شرط معرفة أنها قاتلة ما لم يكن على وجه اللعب، وقول ابن شاس ما لا يقتل من الحيات يقبل فيه قول الملقي لم أرد قتله لتقرر العادة بذلك، صواب، وتجري فيه أقوال اللعب، وروى الباجي إن سحر ذمي أهل ذمته أدب إلا أن يقتل أحدًا فيقتل به. الباجي: من أشار علي رجل بسيف فمات. فقال محمد: إن تمادى بالإشارة، وهو يقر فطلبه حتى مات فعليه القود. ابن القاسم: إن طلبه به حتى سقط فمات فعليه القود بقسامة أنه مات خوفًا منه. الباجي: لاحتمال موته من السقطة، ولم يكن في مسألة محمد شيء يحمل عليه موته. ابن حبيب: عليه القود، ولم يذكر قسامة، وبه قال ابن الماجِشُون في هذه المسألة والمغيرة وابن القاسم وأَصْبَغ. وسمع عيسى ابن القاسم من طلب رجلًا بالسيف فعثر المطلوب قبل أن يضرب فمات قتل به، وقاله المغيرة.

ابن رُشْد: مثله لابن حبيب عن ابن الماجِشُون: ولا أعرف فيه نص خلاف، ويدخله بالمعنى؛ لأنه من شبه العمد المختلف في وجوب القود فيه حسبما مر ابن الحاجب فيمن أشار بالسيف فهرب فطلبه حتى مات، وبينهما عداوة أربعة: القود والدية والقسامة وإلحاقه بشبه العمد. قلتُ: الثاني هو نقل ابن شاس، وقال ابن ميسر: لا قصاص في هذا، واستحسنه طائفة من القرويين لاحتمال موته من الخوف أو الجري أو منهما. الباجي: ولو كانت إشارة فقط فمات، فإنما فيه الدية عند محمد على العاقلة، ونحوه لابن القاسم، وروى الدارقطني عن ابن عمر عن النبي صلي الله عليه وسلم: ((إذا أمسك الرجل الرجل وقتله الآخر يقتل الذي قتل ويحبس الذي أمسك)). عبد الحق: رواه سفيان الثوري عن إسماعيل بن أميَّة عن نافع ابن عمر كذا، ورواه معمر، وابن جريح عن إسماعيل مرسلا، ولم يتعقبه ابن القطان، وهو في الموطأ من أمسك رجلًا لآخر ليضربه فضربه فمات إن أمسكه، وهو يرى مثله؛ يريد قتله قتلا معًا، وإن كان يرى أنه لا يقتله قتل القاتل فقط، وعوقب الممسك أشد العقوبة ويسجن سنة. الباجي عن ابن نافع: دليل حبسه للقتل أن يرى القاتل يطلبه وبيده سيف أو رمح، وإن لم ير معه ذلك لم يقتل الحابس، ويجلد بقدر ما يرى السلطان. وقال عيسى بن دينار: يجلد مائة فقط. ابن مزين: القول ما قال ابن نافع. قلتُ: قال ابن القُصَّار: إنما يقتل الممسك إذا علم أنه يقتله ظلمًا. ابن شاس: وذكر القاضي أبو عبد الله ابن هارون البصري من أصحابنا في وجوب القود من الممسك أن يعلم أنه لولا الممسك لم يقدر على ذلك. قلتُ: يؤيده قولها: إن حمل رجل على ظهر آخر شيئًا في الحرز فخرج به الحامل،

فإن كان لا يقدر على إخراجه إلا بحمل الحامل عليه قطعًا معًا، وإن كان قادرًا على حمله دونه قطع الخارج فقط. قلتُ: فإطلاق ابن الحاجب إيجاب الإمساك على القود متعقب، والمذهب قتل الجماعة بالواحد كالواحد. الباجي عن ابن القاسم وأشهب: إن اجتمع نفر على قتل امرأة أو صبي قتلوا به، وقول ابن الحاجب: لو اشترك المتسببون، والمباشرون قتلوا جميعًا واضح دليله مسألة الإمساك، وقولها في كتاب المحاربين: إن ولي رجل من جماعة قتل رجل، وباقيهم عون له وتابوا قبل أخذهم دفعوا لأولياء القتيل قتلوا من شاؤوا، وعفوا عن من شاؤوا، وأخذوا الدية ممن شاؤوا، ونقل المازري عن المذهب على رواية قود بينة الزور أن القاضي لو حكم عالمًا بتزويرهم، وولي الولي القتل كذلك قتلوا جميعًا. وقال ابن شاس: يغلب السبب على المباشرة التى ليست عدوانًا كمن حفر بئرًا على طريق أعمى ليس فيها غيره، ولا طريق أخرى له فوقع فيها فمات أو طرح رجلًا مع سبع في مكان ضيق أو أمسكه على ثعبان مهلك. ابن الحاجب: لو تمالأ جمع على ضرب رجل، وتم وسوط سوط قتلوا جميعًا. قلتُ: يريد تمالؤوا على قتله. الباجي عن ابن الماجِشُون: إن اجتمع نفر على ضرب رجل، ثم انكشفوا عنه، وقد مات قتلوا به، وروى ابن القاسم: وعلى ضربه هذا بسلاح، وهذا بعصا وتماديا حتى مات قتلا به إلا أن يعلم أن ضرب أحدهم قتله. المازري في مسألة زور بينة الرجم: من أكره رجلًا على قتل رجل ظلمًا قتل المباشر إذ لا خلاف أن الإكراه لا يبيح له قتل مسلم ظلمًا، ويقتل المكره أيضًا؛ لأن القاتل كآلة له، ولو كان أحدهما غير مكلف لم يقتل، وكان نصف الدية على عاقلته كقتل رجل وصبي رجلًا عمدًا وتأتي. ابن شاس: من حفر بئرًا ليقع فيها رجل معين، فوقف الرجل على شفيرها فرداه فيها غير الحافر، فقال القاضي أبو الحسن: يقتلان معًا للاعتدال، وقال القاضي أبو عبد

الله بن هارون: يقتل المردي دون الحافز تغليبا للمباشر. قلتُ: الأظهر أن علم المردي بتقدم فعل الحافر، وقصده قتلا معًا كبينة الزور مع القاضي العالم بزورهما، وإلا قتل وحده على رواية ابن القاسم في بينة الزور. وفي كتاب الجعل والإجارة: من أجر على قتل رجل ظلمًا فقتله فلا أجر له، وعلى الأجير القصاص، وعلى الذي أجره الأدب، ولابن رُشْد في سمَاع عيسى ابن القاسم من كتاب القذف: لو قتل عبد رجلًا بأمر سيده ففي قتلهما معًا مطلقًا، وقتل السيد فقط إن كان العبد أعجميًا، والعبد فقط إن كان فصبي قولان لسماع عيسى ابن القاسم مع سماعه أَصْبَغ، وابن حبيب عن ابن وَهْب قائلًا: ويضرب من لا يقتل منهما مائة، ويسجن عامًا، وإن قتل بعض أعوان الإمام رجلًا ظلمًا بأمر الإمام قتلا معًا اتفاقًا، ولو قتل الابن البالغ كذلك بأمر أبيه أو بالغ متعلمي الصانع كذلك بأمره أو المؤدب كذلك بأمره، ففي قتل القاتل والمبالغة في عقوبة الآمر وقتلهما معًا قولا ابن القاسم في روايتي يحيى عنه وسَحنون: ولو كان مراهقًا لم يبلغ الحلم مثله ينتهي عصى ينهى عنه قتل الآمر وعلى عاقلة الصبي نصف الدية عند ابن القاسم، ولو كانوا صبيانا المأمورون كانت الدية على عواقلهم، وإن لم يطر على عاقلة كل واحد منهم إلا أقل من ثلث الدية، وكان ابن القاسم يقول: كل الدية على عاقلة الصبي. قال أبو محمد: ولا يعجبني. قال: يريد: ولا يؤدب. قال أَصْبَغ في هذه الرواية: لا قتل على واحد منهما، وهو من الخطأ كما لو أمر غير ولده بذلك، وفي الموازيَّة: يضرب الآمر مائه، ويسجن سنة، ويضرب الغلام ضربًا بقدر احتماله إلا أن يكون الأب أو المعلم أو المؤدب مباشرًا ذلك مشددًا عليه فيجب حينئذ قتله، وإن كان دون ذلك في السن فلا خلاف في قتل الآمر، وعلى عاقلة الصغير نصف الدية، وفي سمَاع سَحنون أنه أنكر قول أَصْبَغ من قتل عبد رجل بأمره غرم قيمته، وقال: لا قيمة له؛ لأنه ماله أمر بإتلافه، ويضرب القاتل، ويجن ويؤدب السيد.

ابن رُشْد: لأَصْبَغ في الواضحة يضرب السيد أيضًا، ويسجن، وقال: أغرمته لجزمه، وهذا ليس بجيد؛ لأنها عقوبة بالمال فالسيد أحق أن لا يعطى المال عقوبة له، ولو علله بأن السيد أسقط حقه في القيمة قبل وجوبها كان أصوب. وفيها: إن قتل رجل وصبي رجلًا عمدًا قتل الرجل، وعلى عاقلة الصبي نصف الدية، ولو كانت رمية الصبي خطأ، ورمية الرجل عمدًا، ومات منهما معًا، فأحب إلي أن تكون الدية عليهما معًا؛ لأني لا أدري من أيهما مات. الصقلي: يريد: نصف الدية على الرجل في ماله. الباجي: إن قتل صغير وكبير قتل الكبير، وعلى عاقلة الصغير نصف الدية، وقال ابن حبيب: اختلف فيها قول ابن القاسم، فقال مرة هذا، وقال مرة: إن كانت ضربة الصغير عمدًا قتل الكبير، وإن كانت خطأ لم يقتل، وعليهما الدية، وقال أشهب: يقتل الكبير. محمد: وهو أحب إليَّ. قلتُ: ظاهره دون قسامة، وكذا نقله الصقلي، ونقله اللخمي عنه أنه لا يقتص منه، ولو مات بالحضرة إلا بعد المعرفة بضربته، والقسامة أنه مات منها، وهو أحسن فإن لم يعرف العمد أو عرف، ولم يقسموا لم يقد منه بالشك. الباجي: قال أشهب: من فرق بين عمد الصبي وخطئه فقد أخطأ، وحجته بأنه لا يدري من أيهما مات، وكذا الصبي لا يدري من أيهما مات، وهو يري عمده كالخطأ. قلتُ: قبول الباجي: قول ابن حبيب: اختلف فيها قول ابن القاسم ... إلخ فيه نظر؛ لأنهما صورتان مختلفتان باختلاف قوله فيهما لا يقال فيه اختلاف إلا مع قيام الدليل على قاتلهما، وقد فرق الصقلي بينهما بقوله بأنهما في مسألة عمد الصبي تعاقدا على قتله، وعزا الباجي التعقب على قول ابن القاسم في ترجمة ما جاء في الغيلة، والسحر لأشهب، وعزا الباجي التعقب على قول ابن القاسم في ترجمة ما جاء في الغيلة، والسحر لأشهب، وعزاه قبل ذلك في ترجمة دية العمد إذا قبلت لمحمد، وقال ما قاله محمد: لا يلزم.

ابن القاسم: لأن حجة ابن القاسم أنه لا يدري هل مات من ضرب عمد أو خطأ فهو كما لو كانا كبيرين، وأما إن كان الكبير والصغير عامدين فقد علم أنه مات من ضرب عمد، وسقط القصاص عن الصغير لمعنى فيه لا لمعنى في الضرب كما لو كانا كبيرين ضرباه عمدًا فعفا عن أحدهما لما سقط القود عن الآخر أو قتل حر وعبد عبدًا عمدًا، ولو قتله أحدهما عمدًا والآخر خطأ سقط القود عنهما؛ لأنه سقط لمعنى في الفعل؛ وهو الجهل من أي الفعلين مات. ابن عبد السلام: في قول الباجي نظر؛ لأن ظاهر قول ابن القاسم الذي تعقبه محمد قوي في أن القتل لم يكن من مجموع الضربين بل من أحمدهما، وهو مجهول، وأحد الضاربين لا يقتص منه إما لخطئه أو لصغره، وأيا ما كان فلا قود على الكبير لاحتمال أن لا يكون هو الضارب، وعلى هذا التقرير فلا فرق بين كون الصغير مخطئًا أو متعمدًا. قال: فإن قلت: فعلى هذا لو اجتمع كبيران على قتله عمدًا لم يقتلا؛ لأن القاتل منهما غير متعين بما ذكرتم. قلتُ: لا يلزم من نفى هذا السبب الخاص نفي سبب آخر للقتل، وهو مباشرة أحدهما، وإعانة الثاني. قلتُ: لا يلزم من نفى هذا السبب الخاص نفي سبب آخر للقتل، وهو مباشرة أحدهما، وإعانة الثاني. قلتُ: جوابه عما أورده على نفسه، يرد تعقبه جواب الباجي، وبيانه أنه بنى تعقبه على احتمال كون القتل من غير الكبير، وبنى جوابه عما أورده على نفسه بلزوم كون كل واحد منهما إما مباشرًا، وإما متسببًا بالإعانة، وأن المتسبب كامباشر، وهذا يوجب كون الكبير مع الصغير إما مباشر أو متسبب مع كون المتسبب كالمباشر، وأيا ما كان فهو مناقض لتعقبه قول الباجي باحتمال كون القتل من غير الكبير، وإذا ثبت لزوم إضافة القتل للكبير إما مستقلًا أو معينًا اتضحت تفرقة الباجي بما أشار إليه، وتقريره أن ضرب الصغير عمدًا مقتضٍ للقود ضرورة كونه عمدًا عدوانا، وامتنع فيه القود لقيام مانع، وهو عدم تكليف فاعله، وامتناع القود من بعض الضاربين لمانع لا يقدح في ثبوته على مشاركة السالم عن المانع كالكبيرين يعفى عن أحدهما، وضربه خطأ غير مقتضٍ للقصاص ضرورة لغو الخطأ في القود، وامتناع القود من بعض الضاربين لكون

ضربه خطأ امتناع لعدم قيام المقتضي فكان موجبًا لعدم ثبوته علي مشاركه؛ لأن عدم الحكم لعدم قيام المقتضي أقوى في نفي الحكم من عدمه لمانع مع وجود المقتضي. الصقلي عن مالك: لو قتل حر وعبد عبدًا عمدًا قتل العبد، وعلى الحر نصف قيمته، ولو قتلا حرًا خطأ فعلى عاقلة الحر نصف الدية، والعبد مرتهن بنصف الدية. قال مالك في العتيبَّة: ينجم ذلك عليه. وروى ابن القاسم لو قتل أب ورجلان ابنه عمدًا قتلوا به، وإن كان بالرمي، والضرب لم يقتل الأب. قال عبد الملك: وعليه ثلث الدية مغلظة، ويقتل الرجلان. محمد: إن قتل رجل رجلان جرحه أحدهما عمدًا، والآخر خطأ أقسموا على من شاءوا، وإن أقسموا على المعتمد قتلوه، وعلى المخطئ دية الجناية. محمد: إن عرفت جنايتها من جناية العمد. أشهب: وإن أقسموا على المخطئ تكون الدية على عاقلته، واقتصوا من العامد جرحه إن كان يقتص منه، وإن كان لا يقتص منه أخذ منه أرشه. وقال ابن القاسم: إن مات مكانه قتل المتعمد، وعلى المخطئ نصف الدية. محمد: هذا إن لم يكن جرح الخطأ معروفًا بعينه. ابن القاسم: إن عاش بعد ضربهم ففيه القسامة إن أقسموا على المتعمد قتلوه، ولا شئ على الآخر، وإن أقسموا على المخطئ فالدية بين العاقلة وبين المتعمد. ابن حارث: في شركة الصغير والكبير يقتل الكبير، وعلى عاقلة الصغير نصف الدية مطلقًا. ابن القاسم: إلا أن يكون الصبي مخطئا فعلى الكبير نصف الدية، ولأحمد بن نصر عن ابن القاسم في الكبيرين أحدهما مخطئ يقسمون على أيهم شاؤوا، وقال عبد الملك في مشاركة الصبي والمخطئ والحر والعبد يقتلان عبدًا يقاد ممن يقاد لو انفرد منه، وقاله ابن القاسم في قتلهما ابن احدهما. ابن حبيب عن ابن الماجِشُون: إن شرك عامدًا صبي أو والد أو مخطئ أو غرق أو

هدم قتل العامد إن مات قعصا، وإن عاش أقسموا علي أيهما شاؤوا، ولو ضربه أحدهما بعد الآخر، وعاش بعده، وإن قتله الثاني قعصا، وهو لا يقاد منه فعلى الأول القود، وقاله أَصْبَغ، وقيل في المخطئ والعامد يقسم عليهما، ويقتل العامد فقط، وقيل فيما شاركه الهدم أو الغرق يقسم على العامد، ويقتل، وقيل عليه نصف الدية. قلتُ: ففي العامد بشركة صبي أو أب أو مخطئ أو من لا يقتص منه لحريته ستة. أشهب: يقتل في الأولين. ابن القاسم: في الثالث، وفي الأول نصف الدية، وله في الثالث يقسم علي أيهما شاؤوا. عبد الملك: يقتل في الجميع. ابن القاسم: في ابن أحدهما فقط. ابن الماجِشُون: يقتل مطلقًا إن مات قعصا، وإلا أسموا على أحدهما، ولو قتله الثاني قعصا، وهو لا يقاد منه أقيد من الأول، وقيل في الثالث: يقسم عليهما، ويقتل العامد فقط. قلتُ: قوله في قتله الثاني قعصا، وهو لا يقاد منه يقتل الأول مشكل. وسمع يحيي ابن القاسم إن قامت بينة بأن رجلًا جرحه رجلان أحدهما عمدًا، والآخر خطأ فمات أقسموا على أحدهما إن أقسموا على العامد قتلوه، وعلى الآخر عقل جرحه، وإن أقسموا عليه فكل الدية على عاقلته، واقتصوا من جرح العامد، وكذا لو لم تقم بينة، وادعى الميت ذلك. ابن رُشْد: قوله في قيام البينة صحيح على أصل ابن القاسم، وروايته فيمن تري في قطع يده فمات أن الأولياء مخيرون في قطع يده قسامة، وقتله بها، وعلى قول أشهب: لا يقتصون من قطع يده إلا باختياره؛ لأن الجناية عادت نفسا ما قاله في سمَاع أبي زيد إن قتلوا العامد فلا شيء على الآخر، وإن أخذوا الدية من العاقلة برئ الآخر وقوله: دعوى الميت كقيام البينة خلاف الأصول؛ لأن الجرح لا يستحق بقسامة عمدًا، ولا خطأ، وهو نص قولها، والصحيح استحقاق ما أقسموا عليه من عمد أو خطأ، ولا

شيء على الآخر، قاله محمد، وعاب سمَاع يحيى، وعابه أيضًا يحيى. ولو شهد على الجرحين شاهد واحد خير الأولياء إن أقسموا على الخطأ استحقوا الدية على العاقلة، ولا شيء لهم في جرح العمد إذ لا يقتص باليمين مع الشاهد إلا المجروح لا ورثته، وإن أقسموا على العامد قتلوه، وحلفوا مع شاهدهم على جرح الخطأ، واستحقوا أرشه؛ لأنه مال. ابن الحاجب في شريك المخطئ والصبي والمجنون نصف الدية، والقصاص بقسامة، وبغير قسامة إن كان قريبًا، وعلى الآخر نصف الدية، أما إذا علم قصد القتل بالمشاركة قصاص. قلتُ: جميع ما تقدم من الأقوال مطلقة غير مقيدة بعدم قصد القتل. وقال الصقلي في قولها: في قتل الرجل والصبي رجلًا عمدًا يقتل الرجل ما نصه: يريد: إذا تعمدًا جميعا قتله، وتعاقدا عليه، وتعاونا عليه كما لو لم يباشر قتله إلا الصبي والرجل معين له حتى لو كانا رجلين لقتلا معًا، فحينئذ يجب قتل الرجل، وإلا لم يقتل الرجل عند ابن القاسم كما لو كانت رمية الصبي خطأ، ويأتي للخمي نحوه، ولم يفرق ابن الحارث بين معرفة عين ضربة المتعمد وجهلها، وهو ظاهر لفظ المدَوَّنة. وقال اللخمي: إن افترق ضربهم، وعملت ضربة كل واحد منهم، ولم يقصدوا التعاون فلهم أن يقسموا على بعض الضربات لممات منها، ويثبت القود أو الدية على العاقلة إلا أن يتعمدوا القسامة علي ما هو من دون ما هو أخوف فلذي الضربة أن يمنعهم من ذلك وإن كان الضرب عمدًا، وقصدوا التعاون على قتله فلهم أن يقسموا لمات من كل الضرب، ويقتلوا جميعهم، وليس عليهم تعيين ضربة موته؛ لأن لهم قتل من لم يمت من ضربته لتمالئهم على قتله، وإن لم يقصدوا التعاون، وإحدى الضربات نافذة لا يعلم ضاربها، وقالوا: نشك في أيهما قتله أو لا ندري ضربة هذا من ضربة هذا أقسموا لمات من ذلك الضرب، وفرقت الدية عليهم في أموالهم، وسقط القود، وكذا لو مات قعصا، ولم يعش، وقالوا: نشك في أي ضربة قتلته أو أنفذت إحداهما مقاتله، ولا يدرون من ضربها أو كانت ضربة أحدهما خطأ، ومات قعصا لم يقتل ضارب العمد

بالشك، وعليه نصف الدية، ويختلف في ضارب الخطأ هل تغرم عاقلته نصف الدية أو لا؛ لأنه حمل بالشك لا مكان موته بالعمد، ولا تسقط نصف الدية عن المتعمد؛ لأن الظالم أحق أن يحمل عليه، ويختلف إن كانت الضربتان خطأ وجهل الأولياء أيتهما قتلته هل تفض الدية على عاقلتي الضاربين أو تسقط؛ لأنه حمل بالشك، ولمحمد: من أقر أنه قال: أميت المسلمين رمي فلان بسهمه، وفلان بسهمه فقتل أحد السهمين رجلًا لا يدري راميه منهما أو رمي فلان بسهمه، وفلان بسهمه فقتل أحد السهمين رجلًا لا يدري راميه منهما أو رمي جماعة صيدًا، فقتل سهم منها رجلًا فهو كمن قتل رجلًا، ثم هرب فألقى نفسه في بئر فوجد فيها رجلان كل واحد منهما يقول لصاحبه: أنت طرحت نفسك علي، فقال أشهب: الدم هدر، وقول ابن القاسم في ظني أن الدية عليهما معًا، ولا أظن إلا أن ذلك في العمد، وتكون الدية في أموالهما، وأما الخطأ فهدر؛ لأن العاقلة لا تحمل إلا ما حق عليهما، وثبوت ذلك بالإقرار، وإلا بينة سواء. ابن الحاجب: وأما شريك السبع وجارح نفسه والحربي والمريض بعد الجرح فالأولان. قلتُ: تقدم لابن حارث في شريك الهدم قاتل العامد إن مات فعصا، وإن عاش أقسموا على أيهما شاءوا، والقول بالقسامة عليه مطلقًا، ويقتل والثالث عليه نصف الدية، ولا فرق بين الهدم والسبع، وما ذكر معه الصقلي لعيسي ابن القاسم من جرح، ثم ضربته دابة فمات وجهل من أيهما مات فنصف الدية على عاقلة الجارح قيل: بقسامة. قال: وكيف يقسم علي نصف الدية، وقال: لو جرح ثم سقط من جدار فانجرح فمات وجهل من أي ذلك مات فلهم أن يقسموا لمات من جرح الجارح كمرض المجروح بعد الجرح فيموت. قال فيه مالك: لهم أن يقسموا لمات من ضربه في الخطأ والعمد. محمد: ولو طرحه إنسان من فوق البيت بعد جرح الأول أقسموا على أيهما شاءوا، وقتلوه وضرب الآخر وسجن، فنقله ابن عبد السلام، وقال: فلعل المؤلف خرج القولين في شريك السبع، وما عطف عليه مما حكيناه.

قلتُ: ليس فيما تقدم تصريح بالقود في شركة غير الآدمي. قال ابن رُشْد في سمَاع عيسى في مسألة الدابة معنى المسألة إن جرح الرجل، وضرب الدابة كانا معًا، ومات من حنينه فحمل أمره علي موته من الأمرين لاحتمال موته منهما احتمالًا واحدًا لا يمكن تغليب أحدهما على الآخر، ولابن القاسم في المجموعة أن فيه القسامة كمرض من جرح؛ يريد لهم أن يقسموا لمات من الجرح، ويستحقون الدية أجمع على العاقلة إن كان الجرح خطأ، والقود إن كان عمدًا، فإن لم يقسموا على هذا القول فلا شيء لهم. قال: ومن شج موضحة فتراضى برؤه حتى سقط عليه جدار مات منه أو قتل أن له نصف عقل الموضحة، وذلك عندي؛ لأنه لا يدري لعله مات من الموضحة. قلتُ: في تعليله هذا نظر؛ لأن احتمال موته منها لا يوجب سقوط أرشها، وموته من غيرها كذلك، والصواب أن يقول: لاحتمال برئه منها لو لم يقتل فسقط أرشها على هذا التقدير، ويثبت على تقدير نقيضه شطر لذلك عقلها، ولو جرحه ثم ضربته دابة فلم يدر من أيهما مات ثبتت القسامة، والدية في الخطأ، والقود في العمد اتفاقًا؛ لأن الظاهر أنه مات من الأمر الآخر كما إذا جرح، ثم مرض فمات. قلتُ: كذا وجدته في غير نسخة، وفيه تناقض ظاهر؛ لأنه إذا كان موته من الآخر فكيف يقسم على موته من الأول.

باب الخطأ في الدماء

[باب الخطأ في الدماء] والخطأ في الدماء له حكم يخصه، فينبغي تعريفه؛ وهو ما مسببه غير مقصود لفاعله باعتبار صنفه غير منتهى عنه، فيخرج قتل حر محترم بفعل؛ إنما قصد به حراً غيره

عدوانا؛ لأنه عمد؛ ولذا اقتصوا من قاتل خارجة، ولم يلتفتوا لإثبات. قوله: أردت عمراً، وأراد الله خارجة، فإن ثبت قصده بفعله قتل غير آدمي مات يه غيره، فالظاهر خطأ، وأحرى لو كان إنما قصد اتلاف مال غير حيوان ظلماً، ومقتضى قول الباجي إثر نقله، قول ابن القاسم: من وضع سيفاً بطريق أو غيره، يريد به قتل رجل، فإن عطب به ذلك الرجل؛ قتل به، وان عطب به غيره؛ فالدية على عاقلة الجاعل، كما لو رمى رجلا؛ يريد قتله، فأصاب غيره؛ فحكمه حكم الخطأ.

قلت: هذا يؤيد ماقلناه، وأن من قصد قتل رجل ظلماً فضربه، فاذا هو غيره؛ خطأ، هذا نص قوله في ترجمة جامع العقل. وقال: قبله في ترجمة ما يوجب العقل عل الرجل من قتل رجلاً عمداً يظنه غيره، ممن لو قتله؛ لم يكن فيه قصاص، قال محمد: لا قصاص فيه، ومضى مثله في مسلم قتله المسلمون يظنونه مشركاً؛ فوداه النبي صلي الله عليه وسلم ولم يقد به. قلت: فالمقصود أنه فلان فتبين أنه غيره إن قصده ظلماً فعمد، وإلا فخطأ، فول اصطدم فارسان حران خطأ، فماتا هما وفرسهما، ففي لزوم دية كل من هما على عاقلة الآخر، وقيمة فرس كل واحد من هما في مال الآخر، أو نصفيهما فقط قولان لها. ولعيون مسائل ابن القصار عن أشهب، مع تخريجه اللخمي على قول أشهب، في حافري بئر انهارات عليهما على عاقلة كل منهما نصف دية الآخر، وان مات احدهما فقط فعلى عاقلة الباقي نصف ديته، قال: وهو أحسن لمشاركة كل منهما في قتل نفسه. قلت: وعزان ايو عمران لروايته ولسحنون، وهو ظاهر قبول الطرطوشي احتجاج الشافعي بما روي: ان النبي صلي الله عليه وسلم الي اليمن، فوجد قوماً اطلعوا على أسد سقط في بئر، فسقط رجل فيها، فتعلق بثان فتعلق الثاني بثالث، فتعلق الثالث برابع فسقطوا، وقتل الأسد بعد جرحه إياهم، وماتوا من جراحهم؛ فهم أولياء الآخر والأول بالقتال، فنهاهم علي وقال: اجمعوا من القبائل ربع الدية وثلثها ونصفها، والدية كاملة للأول؛ ربعها لأنه هلك ومن فوقه ثلاثة، وللثاني ثلثها، لأنه هلك ومن فوقه اثنانة، وللثالث نصفها لأنه هلك ومن فوقه واحد، وللرابع دية كاملة، فلم يرضوا فأتوا النبي صلى اله عليه وسلم، فلقوه عند المقام فأخبروه فأجازه.

قلت: كذا ذكره الطرطوشي في تعليقته وسكت عنه، وذكره البزار بنحو هذا اللفظ عن حنش بن المعتمر، قال عبد الحق: حنش هذا هذا ما يقال له حنش بن ربيعة يكني ابا المعتمر، قال ابو حاتم فيه: كان عبداً صالحاً، لا اراهم يحتجون بحديثه، وقال البزار في حديثه: هذا لا نعلمه يروى إلا عن علي ولا طريق له إلا هذا. قلت: وتوجيهه أن من أوجب في المصطدمين على كل عاقلة دية، أرى ان قتل كلاً منهما مضافاً لفعل صاحبه وحده، لا إلى فعل القاتل والمقتول؛ لأن فعل المقتول لا يوجد على عاقلته دية نفسه، فصار كالعدم واختص يالإيجاب فعل صاحبه، ومن اوجب على كل من هما نصف الدية، رأى القتل مضافاًإلى فعل القاتل والمقتول، لاستوائهما في السببية في الخارج. وإذا كان مضافاً إليهما معاً؛ كان كل واحد موجباً نصف ديته على عاقلته، وذلك بالطل، فيسقط نصف ديته، وهو النصف المضاف إلى فعله، ويبقى له نصفها، إذا تقرر هذا اتضح حكم الأربعة؛ لأن سبب قتلهم جرح الأسد المسبب عن استقرارهم في قعر البئر واستقرارهم به مسبب عن تماسكهم إلى جهة قعر ... لأول مشارك في ذلك ثلاثتهم؛ لأنه ممسك بحهة قعرها للثاني مباشرة والباقين بواسطة، فله من سبب السقوط لقعرها ثلاثة اجزاء، ففي امساكه من ثلثه مباشره، والباقين يواسطته، فله من سبب موته ثلاثة أجزاء، فسقط من ديته كسقوط النصف في المصطدمين يبقى له ربعها الثاني مع الباقين كذلك، فلهمن ديته ثلثها الثالث مع الرابع كمصطدمين. وكون الرابع له دية كاملة واضح؛ لأنه غير مشارك في سبب موته، لأن إمساكه إنما كان للغلق.

ووجهه ابن العربي في سورة ص، بعد أن خطب عليه بقوله للرابع دية، وعلية ثلاثة ارباع دية في الثلاثة الذين قتلهم، وللثاني دية، وعليه للاثنين الذين قتلهم بالجاذية ثلثا دية، يبقى له ثلث ديه وعليه للرابع نصف دية؛ لقتله واحداً بالمجاذية، يبقي له نصف دية؛ فوقعت المقاصة، وغرم العواقل ما بقي، ويرد بان شرط المقاصة ان تكون مستحق الطلب هو الغارم، ويستحق الدية الورثة، والغارم العاقلة؛ فبطل شرط المقاصة، وبأنه انما ينتج. قوله: قتل ثلاثة ان عليه ثلاثة أرباع الدية، اذا كان معناه قتل ثلاثة مع ثلاثة، وهذا غير صادق؛ لأن الاعلى لم يقتل أحداً، لأن مجاذاته كانت لفوق، ولو عدت مجاذبته مع فعله سبباً لم تصح له دية كاملة فتأمله. وفي الرواحل منها: ان سلم احدهما بفرسه؛ ففي ماله فرس للآخر، وعلى عاقلته دية راكبه، ابن شاس: وسواء كان المصطدمين راكبين او ماشين او بصيرين او نزيلين، او احدهما ضريراً وبيده عصا، فان تعمد الاصطدام؛ فهو عمد محض، فيه حكم القصاص، ولو كانا صبيين ركبا بأنفسهما بفضل وليهما، فهما كالبالغين، إلا في القود. وفيها: لا شيء في اصطدام السفينتين إن كان لغالب من الريح لا يقدرون على دفعه، ولو قدروا ضمنوا. الصقلي: يريد ي اموالهم، وقيل: الديات على عواقلهم. اللخمي: لابن القاسم في الموازية: إن كانوا إن حبسوها؛ هلكوا أو غرقوا، فلم يحبسوها؛ ضمنوا الأموال في اموالهم، والديات على عواقلهم، وليس لهم طلب نجاتهم بغرق غيرهم. قال ابن عبد السلام: قول ابن الحاجب يوهم أن حكم الفارسين والرجلين مخلف لحكم السفينتين، وليس كذلك، فإن الفارسين إذا جمحا فرساهما بهما، ولم يقدرا على صرفهما؛ فكان عنه تلف لم يضمنا، إلا أن الفرسين إذا جهل امرهما، هل هو لجمح يقدران على رده؟ أو لا حمل على القدرة؟، وفي السفينتين على العجز.

وقول أشهب في السفينتين: إن علم أنه من أمر غالب، لا من أمر أخرقوا فيه، فلا شيء عليهم، وإن لم يعلم؛ فذلك عليهم ظاهره التسوية بين الفرسين والسفينتين. قلت: قوله: إذا جمحت فرساهما بهما ولم يقدرا على صرفهما؛ لم يضمنا يرد بقولها في الديات: إن جمحت دابة براكبها فوطئت إنساناً فعطب؛ فهو ضامن، وبقولها في الرواحل: إن كان في رأس الفرس اعتزام، فحمل بصاحبه فصدم؛ فراكبه ضامن؛ لأن سبب فعله وجمحه من راكبه وفعله به، إلا أن يكون إنما نفر من شيء مر به في الطريق من غير سبب راكبه؛ فلا ضمان عليه، وإن فعل به غيره ما جمح به؛ فذلك على الفاعل وفي الفينة الريح هي الغالبة، فهذا هو الفرق بينهم. قلت: فهذا كالنص على أن ما تلف بسبب الجموح، هو من راكبه مطلقاً إلا أن يعلم أنه من غير خلاف. قوله: ما تلف بالجموح ولم يقدر على صرفه؛ أنه لا ضمان عليه فيه فتأمله، وما ذكره عن أشهب، كذا نقله الشيخ عنه من الموازية، بعد أن نقل عن مالك وابن القاسم مثل ما في المدونة، وقول أشهب خلاف. وفيها: إن اصطدام حر وعبد فماتا؛ فثمن العبد في مال الحر، ودية الحر في رقبة الغلام، إن كان في ثمن الغلام فضل عن الدية؛ كان في مال الحر، وإلا فلا شيء لسيد العبد، وإن كان دية الحر اكثر لم يكن على السيد شيء. الشيخ عن محمد: إلا أن يكون للعبد مال، فيكون بقية الدية فيه، وفي نوازل أصبغ: قيمة العبد في مال الحر ويخير السيد في افتكاك قيمته بدية الحر، أو إسلامهما فيهما، فإن اسلمهما؛ لم يكن لمولاه الحر غيرها. ابن رشد: هذا ياتي على ما مضى في اول رسم من سماع ابن القاسم: ان سيد العبد يخير في جنابته على الحر خطأ، في ان يسلمه بها او يفتديه بها مؤجلة في ثلاث سنين، اذ لولم تكن مؤجلة؛ لوجب ان يكون مقاصة بالقيمة، كما قال في المدونة، ابن شاس: لو جبذا حبلاً فتلفا؛ فكاصطدامهما، فان وقع احدهما على شيء فأتلفه؛ ضمناه. قلت: يؤيده نق الشيخ عن الموازية والمجموعة: ان اصطدام فارسان فوطئ

باب فيما يوجب الضمان من الأسباب التي يقصد بها التلف

أحدهما على صبي فقطع أصبعه ضمناه، ابن الحاجب: لو طرأت مباشرة ثم أخرى عن ممالأة؛ ولا قصاص في الجرح ما لم يتعمد المثلة، قدم الأقوى وعوقبالآخر. قلت: تقدم الكلام من نقل اللخمي: إن قتل الجماعة بتعاونهم على قتل؛ كقتل واحد، فصدور المثلة من احدهم، كصدورها من واحد يفعل مثلما فعل ويقتل مع سائرهم. ابن شاس: إذا طرأت مباشرة على مباشرة قدم الأقوى، لو رح الأول وجز الثاني الرقبة قتل الثاني. قلت: للشيخ عن سحنون: من ضربه رجل ولكزه آخر، قتل الضارب وحده، ولو قطع احدهم يده، والآخر رجله، وضرب الآخر عنقه، قتل القاتل، وقطع القاطعان، ولو أنفذ أحدهما مقاتله، واجهز عليه الآخر؛ ففي قتل الأول وعقوبة الثاني، وعكسه سماع يحيى وأبي زيد ابن القاسم. ابن رشد: الأول اظهر، ولو قيل: يقتلان معاً لاشتراكهما؛ لكان له وجه، ووجه الثانية أنه معدود في جملة الأحياء، يرث ويوصي، كما لو قتل من بلغ به المرض مع الكبر إلى حال، يعلم أنه لا تتمادى حياته معه. وعن سحنون: أن وصية انقذت مقاتله لا تجوز، فعلى قوله؛ لا يرث ولا يورث؛ ولا يقتل به قاتله، وقيلس قول ابن القاسم: يقتل به الأول؛ أن لا يرث ولا يورث، وله في سماع عيسى: أنه يرث ويورث، فيتحصل في المسألة ثلاثة اقوال، ثالثها: التفرقة بين القصاص الموارثة وهي احسن الأقوال. باب فيما يوجب الضمان من الأسباب التي يقصد بها التلف والمذهب: لزوم الضمان بالسبب العري عن قصد التلف، ان كان عمداً فيها هلاك الصبي بسلاح يمسكها من خطأ دافعها فيكفر.

الصقلي عن المجموعة: الا ان يقدر على امساكها، كأمره له يناوله حجراً يقوى عليه، او لا يضمن في الدابة مطلقاً؛ لأنه لايقوى عليه، ولوحمله على دابة فما أتلفته على الصبي او عاقلته ان بلغ الثلث. محمد: ولو كان عبداً فجنابته في رقبته، وفي رجوع العاقلة، والسيد بما غرما على عاقلة الحامل، وعليه قول أشهب مع محمد وأصبغ وابن القاسم مع روايته، وعلى الرجوع يرجع السيد بالأقل من قيمته، والأرش إن أشكله الصقلي: وان فداه؛ فالأقل مما دفع وأرشه. أشهب: وكذا لو سقط عن الدابة على من قتله، فعلى الحامل، وأنكر رواية ابن القاسم، وقال إنما بلغاه عنه. محمد: ومثله قول ابن القاسم من أمر صبياً يجري فرساً فمات بجريه، إن كان بأمر أبيه، فلا شيء عليه، وأمر غير الأب لغو في سماع أبي زيد؛ لأنه بأمره عاف عن ديته. ابن رشد: لو كانت له أم؛ فلها ثلث الدية. محمد: ولو قتل رجلاً ومات مجريه؛ فعلى الآمر، ولولي القتيل اتباع عاقلة الآمر، أو عاقلة الصبي، فترجع على عاقلة الآمر، ولو كان عبدأ؛ فعلى الآمر لربه قيمته مع الأقل منهما، أو من الأرش، فإن قيل على تعليله: انه بإذنه عاف عن ديته وعن قيمته؛ يلزم قول سحنون في هذا الأصل أن عفوه لغو؛ لأنه عن شيء قبل وجوبه. قلت: لاحتمال كون العلة عند سحنون؛ عدم عمد الآمر لإذن الأب. وفيها ما أهلكت الدبة بيدها أو رجلها، وعليها مؤخر ومقدم على عاقلته، إلا أن يحركها المؤخر؛ فعليهما إلا أن يعجز المقدم عن ردها؛ فعلى المؤخر فقط، والصبي الضابط الركوب كالكبير وغيره كمتاع. محمد: والصغير غير ضابط، والنائم عليها ككبير منتبه، إن لم يكن سائق ولا قائد، فإن كان أحدهما؛ فعليه من دونهما ونفحها كذلك جبار إلا بسبب فاعل. الباجي لمحمد عن أشهب: إن كدمت أو نفحت لا بسبب من أحد؛ فالسائق أحق بالضمان من القائد والراكب، إن دعوها سوقها يزجر أو ضرب أو نخس، ولو ضربها

الراكب برجله فكدمت؛ ضمن، وكذا القائد إن انتهرها والراكبان في محمل ولا قائد كراكب أشهب: فقء عين بحصاة طارت من تحت حافر دابة جبار، أشهب: إن دفعها حافرها فعلى راكبها. محمد: ما أتلفت دابة انفلتت من يد رجل على عاقلته، ومن موردها جبار، ولو نادى من يحبسها له فذهب ليحبسها فقتلته فجبار. محمد: إلا أن يكون المأمور عبداً او حراً صغيراً، فعلى عاقلة من انفلتت منه. ابن حبيب عن الأخوين وأصبغ عن ابن القاسم: ما أتلف الفلو يتبع أمه جبار، لا على راكبها ولا قائدها. وفيها: قائد القطا وسائقه، كراكبما فيه ولو اجتمعا مع راكب فعليهما دونه ما لم يتسبب، فعليه فقط إ لم يشاركه احدهما فعليهما، اشهب: عن الثلاثة. الشيخ: يريد أن الراكب شاركهم في سبب فعلها. الصقلي: ظاهر لفظه خلافه. وفيها: إن ساق أجير دابة، فسقط حملها على من قتله؛ فعلى عاقلة الأجير. محمد عن أشهب: إن حمله عليها غيره، فعلى الحامل إلا أن يكون من قوده ما يطرح المتاح من خرقه؛ فذلك عليه. قلت: فسرها ابن رشد بسماع ابن القاسم، إن سقط حمل على جارية بالسوق؛ فالحامل ضامن ضامن، ولم يحك قول أشهب. الشيخ عن الموازية والواضحة: إن قاد بصير أعمى، فوقع في شيء، والأعمى عليه فقتله؛ فديته على عاقلة الأعمى. قلت: في جريه على الاصطدام نظر. الشيخ عن الموازية: لمن سقط على رجل فشجه، وانكسرت سن الساقط فقول أصحابنا: على الساقط دية الموضحة، وسنه هدر ومن مر بجازر يقطع لحماً فزحمه آخر، فوقعت يده تحت فأس الجزار فطرح اصابعه؛ فقيل: ذلك على عاقلة الجازر، وترجع به

على عاقلة الطارح. محمد عن بعض أصحابنا ما هلك بنفور دابة من نائم، ولو على الطريق جبار إلا أن يكون من حركته. وسمع أبو زيد ابن القاسم: من طلب غريقاً فأخذه، ثم خاف الموت فتركه؛ لا شيء عليه، ولو ذهب يعلمه العوم فناله؛ ذلك ضمن ديته. ابن رشد: يريد على العاقلة. قلت: زاد الشيخ عن محمد، وفي بعض مجالس ابن القاسم خلافه فيما يشبهه، قال فيا من ترد في بئر وصاح برجل يدلي له حبلاً فدلاه ورفعه، فلما خاف على نفسه من رفعه خلاه فمات، ضمنه ولم يعجبنا. قلت: يريد خلاف قوله في طالب الغريق، ويفرق بينهما بأن موته في الغريق؛ إنما هو بنفس ما كان عليه دون شركة الطالب بفعل، ورافعه من البئر مشارك بسقوطه من فعل رفعه، ولذا ذكره السقي غير ذاكر فيه تنافيا، وقال: لو انقطع الحبل لم يضمنه. وسمع أبو زيد ابن القاسم: من دلى رجلا في بئر لطلب حمام بحبل، وربط حبلا بخشبة فانقطع حبل الخشبة، فخر الرجل ساقطاً، فخشي الرجل على نفسه، فترك الحبل فعليه ديته، ولا يشبه من طلب ربط السفينة خوف من غرقه، بأخرى مربوطة بصخرة، فأبى ربها خوف الغرق، ثم أجابه، فلما ربطها جرت الثنية الأولى، فخاف ربها الغرق، فقطع ربط الثانية بها فغرقت؛ لا شيء عليه. ابن رشد: والفرق أنه في البئر غير الرابط من دلاه بإمساكه احد الحبلين، فضمن بإطلاقه الحبل، لزعمه أنه خاف على نفسه، والدية في ماله؛ لأن فيه شبهة عمد، وصاحب السفينة لم يغر بفعله من ربطه؛ إنما ربطه رجاء النجاة من الغرق. وسمع في عبد حمل ابنه من حرة دون إذنها، في سفينة مع، فغرقت ومات الولد دونه، فطلبة أمه وأولياؤها بذلك؛ لا شيء عله لهم. ابن رشد: لأنه لم يجني عليها بذلك؛ لا الله أباح ركوبها. قلت: الأظهر أنها جناية؛ لأنه متعمد في أخذه، يؤيده قولها في إرخاء الستور: ليس

العبد في انتقاله بولده كالحر، والأم أحق بهم كانت أو أمة، وسمعه عيسى: من اتقى حجراً رمي به، فرجع على من قتله، إن كان إنما اتقاه دون رده بشيء؛ حتى أوقعه على غيره؛ فديته عليه. ابن رشد: مثله روى على، قال: إن اتقاها بيده، فعلى الراد العقل، وهو من الخطأ وقال أصبغ: بل على الرامي، وان دفع الرمية إذ لانتفى الرمية إلا بدفعها، كما لو طلب رجلاً بسيف فهرب، فوقع على صبي فقتله، أو على شيء فاتلفة؛ فهو من خطأ الطالب، إن يشعر المطلوب فيموت؛ ففيه القود، وكذا دافع الحجر عن نفسه، إن أصاب المرمي فهو عمد، إلا أن يكون الحجر قر مقره، وانكسر حده قبل أن يرده؛ فيكون علي المرمي، هذا قول أصبغ. فان رده بعد أن قر مقره؛ فهو على المرمي، وان قر الحجر ولم يرده؛ فهو على الرامي اتفاقاً فيهما، وإنما الخلاف إن دفعه عن نفسه في اتقائه إياه، وفى المجموعة عن ابن القاسم في صبي عبث بسقاء على عنقه قلة، حتى سقطت على الصبي فمات؛ فلا شيء علي السقاء، ولو سقطت على غير الصبي؛ فعلي عاقلته، ومنن عض رجلا فجبذ المعضوض يده، فنزع أسنانه، في كونها عليه أو هدرا، نقلا الشيخ عن محمد عن مالك وأصحابه، وابن وهب مع يحيي بن عمر قائلا: لم يبلغ مالكاً حديث إهداره. الشيخ في الموازية من نزل بئراً فنزل في إثره آخر، فجبذ الأسفل الأعلى، فخرا فماتا؛ فعلى عاقلة الجابذ دية الأعلى. قلت: ذكره الصقلي، رواية الشيخ: روى ابن وهب: من امسك لرجل حبلاً يتعلق به في بئر، فانقطع؛ فلا شيء عليه، وان انفلت من يده؛ فهو ضامن، ولابن حبيب عن

باب فيما يتقرر على العاقلة من الخطأ

ابن المسيب: فر من أسد خمسة فتعلق من يليه بثان، والثاني بالثالث، والثالث بالرابع، والرابع بالخامس، فقضى عليه رضي الله عنه أن الأول جبار، وعلي كل متعلق دية من تعلق به. ابن حبيب: يريد على عواقلهم، وفى الموازية والمجموعة عن ابن القاسم وأشهب: ما سقط من يده علي وديعة فأتلفها؛ ضمنها، ولو سقطت؛ لم يضمنها. وفيها: ما هلك من محدث، حيث يجوز لمحدثه، كمن حفر شيئاً في داره أو طريق المسلمين، من بئر أو مرحاض إلى جانب حائطه؛ لا غرم عليه فيه. الصقلي عن أشهب: هذا إن لم يضر بالطريق. وسمع محمد بن خالد ابن القاسم: من أوقد تحت قدر له ففار ما فيها، فقتل صبياً حولها لم يعلم به رب القدر؛ لاشيء عليه. ابن رشد: لا جناية فيه عمداً ولا خطأ، ولا شيء على العاقلة، كقولها فيمن أرسل ناراً بأرضه، وأرض جاره بعيده مأمونة من النار، فحملتها الريح إلى ارض جاره؛ فلا شيء عليه فيما أحرقت، ولو كانت غير مأمونة منها؛ كان ما قتلت من الناس على عاثلتة. [باب فيما يتقرر على العاقلة من الخطأ] والخطأ على الأحرار قسمان: خطأ لا شبة عمد فيه على العاقلة اتفاقاً، إلا ما دون الثلث، وما فيه شبهة عمد يفترق بحسب قوه الشبة وضعفها، ما قويت شبهته، فالدية في مال الجاني كبينة الزور، وما ضعفت فيه فالدية على العاقلة كمن أرسل ناراً

بأرضه، وما توسطت فيه مختلف فيه، هل هي على الجاني أو العاقلة كالطبيب المخطئ؟ وفيها: وما أحدث بطريق المسلمين، مما لا يجوز له من حفر أو رباط دابة ضمنه. عياض: معناه جعله لها مربطاً، وان كان إنما نزل عنها أو فوقها وهو راكب عليها أمام حانوت ليشترى منه، أو يحمل منه، أو أمام باب داره، أو نزل للصلاة بالمسجد، أو أوقفها حيث لا يجوز له لضيق الطريق، ولو بعد عن الطريق في فناء أو غيره وشبهه؛ فلا ضمان عليه. الباجي: روى عن المجموعة: من فعل ما يجوز له كحفر بئر بداره، لغير ضرر أحد أو بدار غيره بإذنه، أو رش فناء تبرداً أو تنظيفاً، فزلق به من هلك به، أو ربط كلباً بداره للصيد، أو في غنمه للسباع، أو وقف دابته بالطريق بباب مسجد أو حمام أو سوق، أو أخرج روشناً من داره أو عسكراً؛ فلا ضمان عليه. قلت: وفي الزاهي لابن شعبان: من نضح ماء بالطريق، فأصيب به أحد أو مال ضمن، ومن وضع نعليه أو خفيه بالمسجد، فعثر إنسان؛ ضمن كالطريق. وفيها: ما أهلك الكلب العقور، إن اتخذ حيث لا يجوز؛ ضمنه متخذه مطلقاً، وحيث يجوز إن تقدم له فيه. وسمع يحيى ابن القاسم: من شكي إليه انهدام حائطه؛ ضمن ما هلك به، يحيى: وان لم يكن ذلك لسلطان، إن اشهد عليه .. ابن رشد: قول يحيى تفسير مثل قولها، ولعبد الملك وابن وهب؛ لا ضمان عليه إلا بعد تفريطه، بعد الحكم عليه. ولأشهب وسحنون: ما أهلك بعد بلوغه ما يوجب هدمه؛ ضمنه، ولو لم يشهد عليه، والحمل للصول، والكلب العقور، حيث يمنع اتخاذه، كالحائط يدخلهما ما فيه من الخلاف، وقول أشهب في سماع عبد الملك؛ لا ضمان على رب الدابة الصول، ولو تقد إليه السلطان رابع. قلت: ونقل الصقلي عن بعض القرويين: إن أنكر رب الحائط أخافه إهلاكه، وقف ضمانه علي تقدم الحاكم إليه وإلا كفي الإشهاد خامس.

ولابن رشد في رسم كتب من سماع ابن القاسم: من مات من سقي طبيب أو كيه، أو قطعه منه شيئاً، أو تحتز الحجام، أو قلع ضرساً؛ لم يضمنه إن لم يخطئ في قلعهما، الا أن ينهاهم الحاكم عن القدوم، علي زى غرر الا بإذنه، فمن خالفه ضمن في ماله، هذا ظاهر سماع أشهب. وقال ابن دحون: هو على العاقلة، إلا مادون الثلث، وما كان بخطأ منه في فعله، كسقيه ما لا يوافق المرض، أو تفريده يد الجاني أو القاطع الكاوي، أو ما لا يوافقه الكي، أو يقلع غير الضرس المأمور بها، وان لم يخش وعر من نفسه؛ عوقب بالضرب والسجن. وفى كون أرش جنايته كالخطأ أو في ماله: قولان لعيسى مع ظاهر نقل أصبغ عن ابن القاسم، وظاهر هذا السماع، وكلما ألزمت الدية على العاقلة، أو في ماله لزمت الكفارة، وحيث لا تلزم لم تلزم إلا استحساناً، كسماع ابن القاسم: في الأم تسقي ابنها الدواء، فيشرق فيموت، وإذا قدم السلطان أن لا يداوي فيما فيه غرز إلا بإذنه؛ فالعمل في ذلك أن استؤذن، أن يجمع أهل المعرفة، فان تعدي؛ ضمن في ماله. قلت: ومن الخطأ فعل الشيء المناسب للشكية في غير وقته، وكانت نزلت ببعض متقدم قضاه بلدنا، سأل الأطباء عن فعل كي نشأ عنه هلاك، فأفتوا بأن الكي مناسب للشكية، وفعل في محله من الجسد، فسألهم هل هو في وقته؟ فقالوا: لا فحكم بتضمنه لقصوره عن ثلث الدية. الشيخ: روى علي إن قطع الحجام حشفه كبير أو صغير أو غلط، فقطع غير اليد المقتص منها؛ فحكمه كالخطأ، ولو فعل ذلك بعمد، دون أمر سيده ضمنه، ولو كان ظنه حراً ومعلم الكتاب أو الصنعة، إن ضرب ما يعلم أنه للأدب؛ لم يضمن، وان ضرب لغير أدب أو جاوز ضرب الأدب؛ ضمن كالطيب. وفي الزاهي لأبن شعبان قيل: إن ضربه ضربة خفيفة؛ فديته إن مات منها على

عاقلته، وفي المجموعة روى ابن القاسم وابن وهب: من عمد لامرأته بفقء عين، أو قطع يد متعمداً، أقيد منه، وإن ضربها بحبل أو سوط، فذهبت عينها أو غيرها؛ فلا قود وفيه العقل، ومن ادعى في فقء عين زوجته، أنه ضربها أدباً، وقالت: عمداً، ففي قبول قولها أو قوله، أ, قولي سحنون وثانيهما؛ فلا يكون عليه شيء. ابن رشد الأظهر أن يصدق ولا تصدق عليه؛ فيقتص منه، وتكون كشبه العمد يسقط القصاص، وتكون الدية في ماله، وفي الرجم: منها من أفاض زوجته البكر، ومثلها يوطأ، فماتت من جماعه، فإن علم ذلك؛ فديتها على عاقلته، وإن شانها، ولم تمت فلا بلغ من ذلك ثلث ديتها؛ فعلى العاقلة، وما دونه في ماله. عياض: إفاضتها خلط ما بين المسلكين بالوطء العنيف، وإن زنى بامرأة، فأفاضها؛ فلا شيء عليه إن طاوعته، وغن اغتصبها؛ فلها المهر وما شانها. الشيخ عن الموازية في ماله، وإن جاوز الثلث الصقلي: الفرق بين الزوجة الأجنبية طائعتين: أن طوع الزوجة واجب لا تقدر على منعه، والأجنبية يجب عليها منعه، يوضحها كم لو أزنت له أن يوطئها. الشيخ: روى علي: إن ضرب معلم الكتاب والصنعة صبياً، ضرب الأدب فمات؛ فلا شيء عليه، وغن جاوز الأدب، وضربه لغير أدب؛ ضمن ما أصابه، ومن استأجر عبداً في عمل غير ما أذن له فيه فعطب؛ ففي ضمانه كامل العطب في مثله، وغن كان مخوفاً ذا غرر. قول ابن القاسم مع روايتها، وسماعه مع رواية ابن وهب، وقول ربيعة فيها، ورجحه ابن رشد، قيده بكونه ليس عادته استعمال ذلك العمل، ووجه قول ابن القاسم؛ بأنه اخطأ على سيده في استعماله ما يعطب في مثله، إن لم يكن مخوفا، وفارق من استأجر عبداً من غاصب، فتلف في عمله؛ أن للسيد من يرجع عليه، وهو الغاصب، وليس له من يرجع عليه، أذا أجر العبد نفيه، وقياس هذا ضمانه، وان كان لا يعطب في مثله، إلا أن يقال: هذا القدر من الفعل، يمكن أن يتصرف فيه العبد لو لم يؤاجر، فصار المستأجر له كأنه لم ينقله، وإنما استعمله في موضعه.

وقول ابن القاسم فيها: إن استعانته كإجارته؛ لا يضمنه، إلا فيما يعطب في مثله، خلاف قول ربيعة فيما يضمنه باستعانته فيما يبغي فيه الإجارة، وإن كان أذن له في الإجارة، وهو أظهر؛ لأنه لم يأذن له في هبة منافعه، ولو استأجر من ظنه حرًا، ودفع له أجره، فاستحق برق، وقد أتلف الأجرة، ففي غرم المستأجر الأجرة ثانية لمستحقه ثالثهما، إن لم تطل إقامة العبد بالبلد، ظاهر الحرية لعبد الحق عن بعض شيوخه، وقيد ابن رشد غرم الأجرة بكونها مثل قيمة العمل، ولو كان أقل أو أكثر تعينت القيمة. قال عبد الحق: والغرم أقيس، وعدمه أشبه، بقولها: من أنفذت وصاياه، وبيعت تركته، ثم استحقت رقبته، وكان معروفًا بالحرية، أو غير معروف. ابن رشد: هذا كما قال عبد الحق؛ أن القيام غرم الأجرة ثانية؛ لأن منافع العبد قد استهلكها، فوجب عليه غرم قيمتها، كمن اشترى طعامًا فأكله، أو ثوبًا فاستهلكه، ثم استحق لربه أن يضمن المبتاع قيمة ذلك لاستهلاكه إياه. وفي الغضب منها: من استأجر ثوبًا، فاستعمله؛ أن لمستحقه أن يضمنه ما نقصه استعماله، وله على قياس ما ذكرناه أخذ قيمة استعماله، وسقوط كونه عدوانًا عصمة دم القتيل، واستحقاقه معينًا. وفيها: إن قامت بينة على محارب، فقتله رجل قبل أن تزكى البينة، فإن زكيت؛ أدبه الإمام، وإن لم تزك قتل به، وفي سماع يحيى قال سحنون: لا دية في قتل المرتد ولا قصاص. ابن رشد: في لغو ديته وثبوتها كمجوسي، ثالثها كدية دين ردته لسحنون، مع أحد أقوال اشهب، وللبرقي مع نقله عن أشهب وابن القاسم، ولسحنون عن أشهب مع غيره عن ابن القاسم. اللخمي: وكذا يختلف في قطع عضو له، قال محمد: لا شيء على من قتل زنديقًا. اللخمي: وكذا الزاني المحصن والمحارب، ولا دية لهم إن قتلوا خطأ، وفي الموازية: من قطع يد سارق خطأ فلا دية له. وقال في موضع آخر: له ديتها، فعليه تجب الدية في هذين، إن قتلا خطأ، وإن قطع

لهما عضو يد أو رجل، أو فقئت عين؛ فلهما القصاص في العمد، والدية في الخطأ؛ لأن الحد إنما وجب في النفس لا في العضو. الشيخ: قال عيسى: من اغتاظ ذمي شتم النبي صلى الله عليه وسلم فقتله، فإن كان شتمًا يوجب قتله، وثبت ذلك ببينة؛ فلا شيء عليه، فإن لم يثبت ذلك؛ فعليه ديته وضرب مائة وحبس عامًا. وفيها: من قتل رجلًا عمدًا، فعدا عليه أجنبي، فقتله عمدًا؛ فدمه لأولياء القتيل الأول، ويقال لأولياء الثاني: أرضوا أولياء الأول، وشأنكم بقاتل وليكم، فإن لم يرضوهم؛ فلأولياء الأول قتله، أو العفو عنه، ولهم أن لا يرضوا بما بذلوا لهم من الدية، أو أكثر منها، وعزاه الشيخ لرواية ابن القاسم وابن وهب، وغيره في الموازية والمجموعة. قال: وقال مالك: في قاتل العمد يموت، أو يقتله أحد؛ فإنه لا طلب على الجاني؛ يريد الأول بدية أو غيرها، ولا في ماله، وكذا فاقئ العين، تذهب عينه أو تفقأ، وقاله أشهب. قلت: وهو نص الموطأ، قال مالك: في الرجل يقتل الرجل عمدًا، أو يفقأ عينه عمدًا، فيقتل القاتل أو تفقأ عين الفاقئ قبل أن يقتص منه؛ ليس عليه دية، ولا قصاص. قال مالك: إنما له القصاص على صاحبه الذي قتله، فإذا هلك قاتله فليس له قصاص ولا دية. أبو عمر: هذا على قول ابن القاسم، وروايته أن ولي القتيل ليس له إلا القصاص ليس مخيرًا فيه وفي الدية، وعلى رواية المدنيين أنه مخير بينهما، تكون له الدية إن شاء على القاتل الثاني، وإن شاء قتله، وذكر ابن شاس وتابعه ما في الموطأ عن رواية ابن عبد الحكم دونه قصور، وذكر اللخمي ما في المدونة بزيادة: ولو قتل القاتل خطأ؛ فديته لأولياء القتيل الأول. قال: وروى محمد إن قتل خطأ؛ فلا شيء لأولياء الأول، والأول أبين، ولم يختلف

أن لأولياء الأول أن يقتلوه، دون أولياء الثاني؛ وأن لهم العفو عنه على م ال يكون لهم. اللخمي: واختلف في قول مالك: إلا أن يرضي أولياء الثاني أولياء الأول، فقال ابن القاسم: إن بذلوا الدية لم يلزمههم قبولها، وإن أبوا سلموا القاتل إليها. وقال ابن الماجشون في المبسوط: لولي الثاني أن يدفع الدية لأولياء الأول، ويقتص هو لنفسه، وقول ابن القاسم أحسن؛ لأن أولياء الأول استحقوا دمه. وفيها: إن قطع يد رجل عمدًا، فقطعت يد القاطع خطأ؛ فديتها للمقطوع الأول، وإن كان عمدًا؛ فللأول أن يقتص من قاطع قاطعه. اللخمي: لابن القاسم في الموازية: من قطع يد رجل من المنكب، فقطع رجل كفه، قيد للمقطوع الأول في قطع كف القاطع الثاني، ولا شيء له غير ذلك، وفي قطع قاطعه من المنكب فقط، ويخلى بين قاطعه، وقاطع كفه، وقال محمد: له قطع الشيئين منهما. اللخمي: هذا أحسن؛ لأن الأول استحق جميع ذلك العضو. قال ابن عبد السلام: في هذا بعد لأنه يقطع رجلين في موضعين مختلفين، ولم يتول قاطعه منهما غير واحد. قلت: لا بعد فيه على أصل المذهب، في قطع أيدي جماعة بيد واحدة، والظالم أحق أن يحمل عليه. وفيها: من قتل رجلًا عمدًا، فحبس للقتل، أو حكم بقتله، وسلم لأولياء القتيل ليقتلوه، فقطع رجل يده عمدًا أو خطأ؛ فله القصاص والعقل والعفو في العمد، لا شيء لولاة القتيل في ذلك، إنما لهم سلطان على من أذهب نفسه. اللخمي: من قطع يد رجل عمدًا، أو قتل خطأ أو عمدًا؛ فصالح أولياؤه في العمد على مال، فقيل: لا شيء للمقطوعة يده؛ لأن الدية إنما أخذت عن النفس، وقال محمد: لمن قطعت يده حقه من ذلك الأول أبين. وفيها: من قتل وليك عمدًا، فقطعت يده؛ فله أن يقتص منك، ولو قطعتها خطأ؛ حملت ذلك عاقلتك، ويستقاد له ما لم يقد منه، وتحمل عاقلته ما أصاب من الخطأ.

قلت: ظاهره أنه يقتص له قبل قتله، وانظر إن كان قصاص له من اليد يخاف منه الموت، لمرض الجاني الولي أو للفصل، هل يقتل ويؤخر القصاص لوارثه؟ أو يؤخر قتله لذلك؟ والأظهر الأول. الشيخ في الواضحة لأصبغ عن ابن القاسم: في القاتل يدفع لأولياء القتيل ليقتلوه، يقطع أحدهم يده، وآخر رجله، ثم قتلوه؛ لا يقاد منهم؛ لأن النفس كانت لهم ويعاقبون على ذلك. قلت: ومقتضى تعليله بقوله: لأن النفس كانت لهم؛ أن لا قصاص في ذلك، ونحو ما في الواضحة ما في الموازية أيضًا، وجزم ابن شاس، فقال: روى أصبغ عن ابن القاسم: لا يقاد من أولياء الدم في القطع؛ لن النفس كانت لهم. الشيخ عن محمد: إن أقام الولي شاهدًا على قاتل وليه، فلم يقسم حتى عدا عليه، فقتله قبل القسامة قتل به، وليس له أن يقسم بعد قتله؛ لأنه يدرأ بذلك عن نفسه القتل، إلا أن يأتي بشاهد آخر، فلا يقتل. قلت: في منعه من القسامة نظر؛ لأنها قد وجبت له، وليس قتله القاتل برافع لها، وكما لو ادعى شيئًا بيد رجل، وأقام عليه شاهدًا، ثم عدا عليه فأتلفه قبل الحلف مع شاهده. وفيها: من وجب لهم الدم قبل رجل، فقتلوه قبل أن ينتهوا به إلى الإمام؛ فلا شيء عليهم غير الأدب، وفي الواضحة عن ابن الماجشون: إن قتل ابن القتيل قاتل أبيه، قبل تزكية البينة؛ فإن جرحت قتل الابن به، وإن عدلت؛ أدب بما افتات على الإمام. وتقدم شرط إيجاب القود كون الجاني بالغًا عاقلًا، ولابن رشد في رسم العشور من سماع ابن القاسم: الصبي الذي لا يعقل ابن سنة ونصف ونحوها، لا خلاف أن حكمه في الجناية على الأموال والدماء، حكم المجنون. وفي كونن جنايتهم على الأموال في أموالهم، وعلى الدماء على عواقلهم، إلا ما دون الثلث، ففي أموالهم، أو هدرا فيهما ثالثها، الأموال هدر، والدماء خطأ؛ لسماع القرينين مع قول ابن القاسم في رسم مرض من طلاق السنة، وللموازية وسماع عيسى ابن

القاسم، ولا خلاف أن الصبي الذي يعقل؛ يضمن المال عمدًا أو خطأ، وحكم عمده في الخطأ، وحكم الكبير المولى عليه فيهما كالرشيد. ابن زرقون: هذا في الصبي الذي ينزجر، وأما ابن ستة أشهر ونحوها؛ ففعله جبار، وقاله ابن رشد، ونحوه للباجي معبرًا عنه بالرضيع. وفي الأيمان والطلاق منها قتل السكران إن قتل، فأطلقه الصقلي وغير واحد. وقال ابن رشد والباجي: هذا في المختلط الذي معه بقية من عقله، وأما الذي لا يعرف الأرض من السماء، ولا الرجل من المرأة؛ فلا خلاف أنه كالمجنون في كل أفعاله وأقوالهن وتقدم في هذا الطلاق. وفيها: المجنون الذي يفيق أحيانا، في حال إفاقته كالسليم. الشيخ في المجموعة لابن القاسم: ما جنى المجنون في إفاقته من حد أو قتل، فلم يقم عليه حتى خنق آخر لإفاقته، الحد والقصاص، فإن أيس منه، فالعقل في ماله أو يقده، المغيرة: إن قتل عمدًا؛ أسلم للأولياء حاله، ولو ارتد، ثم خنق، لم أقتله حتى يصح؛ لدرء الحد بالشبهة. وروى اللخمي: يخير الأولياء في تعجيل القتل، أو الدية من ماله، وإلا اتبعوه. وفيها: أيقتل مسلم بكافر، إلا أن يقتله غلية. قلت: هو استثناء منقطع؛ لأنه بالحرابة قتل؛ لأن الغيلة حرابة، ولذا قال فيها: إن قطع يديه ورجليه غيلة، حكم عليه بحكم المحارب، ويقتل الكافر بالمسلم، وذوو الكفر سواء في القصاص بينهم المجوسي، والكتابي فيه. الباجي: روى علي بقتل اليهودي بالمجوسي، ونقص الدية لغو، كالرجل بالمرأة، ولا يقتل حر بذي رق بوجه، وقتل بالحر المسلم. وفي جناياتها: قال مالك: يقتل العبد بالحر إن شاء الولي، فإن استحياه خير سيده في إسلامه، أو فدائه بالدية، وكذا يخير في فدائه بالدية في قتله خطأ، وتقدم في الاصطدام ذكر الخلاف، في كونها مؤجلة، وفي دياتها، إن قتل عبد حرًا، فأتى ولاته عليه بشاهد، حلفوا خمسين يمينًا، ولهم قتل العبد إن شاؤوا، وليس لهم أن يحلفوا يمينًا واحدة

ليستحيوه، إذ لا يستحق دم الحر إلا ببينة، أو حلف خمسين يمينًا، وجعل ابن عبد السلام تخيير ولي قتيل العبد، في قتله واستحيائه، جاريًا على أصل أشهب في جبر الحر على الدية، غير جار على أصل ابن القاسم فيه، وأجاب بأن جبر الحر على الدية يضر به؛ لأن له وارثًا قد ترجح مصلحته على نفسه، والمطلوب في مسألة العبد غير القاتل، وهو السيد، ولا ضرر عليه في واحد من الأمرين اللذين يختارهما الولي. قلت: قوله: المطلوب في مسألة العبد السيد غير صحيح، ضرورة أن لا طلب عليه بحال، وقد يفرق بأن الحر يجبر على أمر يتكلفه، وهو الدية، والعبد لا يكلف بشيء، وبأن للولي حجة في العبد، وهي أنفته، أو يأخذ في دم وليه دم عبده، وهو لا يكافئه، وفي جناياتها القصاص بين المماليك، كما هو في الأحرار، ولو قتل مكاتب عبده؛ فلسيده أن يقتص منه في النفس والجراح. اللخمي: للسيد الحق، إن أحب اقتص، أو أخذ العبد، إلا أن يفديه ربه، والمدبر والمكاتب، وأم الولد، والمعتق إلى أجل في القصاص مع من ليس فيه حرية سواء، واستحسن في المعتق بعضه، أن لا يقتص منه للحديث؛ أنه يرث بقدر ما عتق منه، ويعقل عنه بقدر ذلك، وفي سماع عيسى ابن القاسم في نصراني حر قتل عبدًا مسلمًا: قال فيه اختلاف، أرى قتله به، سحنون: أرى عليه قيمته كسلعة. ابن رشد: قوله: يقتل به معناه؛ إن شاء ذلك سيده، وله أن يضمنه قيمته اتفاقًا وإنما الخلاف في قتله به، وقتله به أظهر، وقاله أشهب في سماع عبد الملك. قلت: وللخمي عن محمد عن ابن القاسم: أنه يضرب ولا يقتل به، زاد الباجي: وقاله أصبغ، قال محمد: قال مالك: ليس بينهما قود في نفس ولا جرح؛ لأن في هذا حرية وفي هذا إسلامًا. الباجي: ليحيى عن ابن القاسم: لا يقتل مسلم، وإن كان عبدًا بكافر، وإن كان حرًا. وفي الموطأ: في العبد يشهد بجرح اليهودي أو النصراني لربه؛ أن يعقل عنه، أو يسلمه، فيباع فيعطى اليهودي أو النصراني من ثمنه، أو ثمنه كله إن أحاط بثمنه، ولا

يعطى الكافر عبدًا مسلمًا. الباجي: قوله: يعطى من ثمنه؛ يريد إن زاد ثمنه على العقل، أعطى منه قدر العقل، ابن مزين: سأل عيسى ابن القاسم عن قوله في هذه المسألة، أخطأ هو في الكتاب، قال ابن القاسم: وهو خطأ، وقد كان يقرأ عن مالك: فلا يغيره وإنما الأمر إذا أسلمه السيد، بيع فقط الكتاب جميع ثمن العبد، وإن زاد على الدية، وهو قول مالك، وما أنكره ابن القاسم، يحتمل أنه رواية عن مالك، ثم رجع إلى ما سمعه ابن القاسم منه وصوبه، وقوله آخر المسألة: ولا يعطى اليهودي ولا النصراني عبدًا مسلمًا، يمنع رواية ابن القاسم؛ لأنه إذا منع الإسلام أن يدفع إليه، فإنما يبيع على ربه ليوفي به الأرش. وفيها مع غيرها: منع الأبوة والأمومة، إيجاب عمد ضرب الولد بما مات منه القصاص من أبيه أو أمه، فيها: إذا قتل الأب ابنه بحديدة، حذفه بها أو بغيرها؛ لا يقاد من يقاد من غير الوالد فيه، درئ عنه القود، والأم كالأب، وأب الأب كالأب، وكذا قطع شيء من أعضائه، وفي سماع ابن القاسم: ليس التغليظ في الجراح إلا في الأب. ابن رشد: يريد: والأم إذ لا يفرق أحد بينهما في هذا، وظاهر قوله: لا تغليظ في جد ولا جدة، خلاف قولها تغلظ في الجد؛ يريد: والجدة من قبل الأم، فلا تغلظ على قولها في الجد للأم، ولا في الجدة أم أبي الأم، ولا أم أبي الأب، وهو قول أشهب. وقول ابن الماجشون: تغلظ في الأجداد والجدات كلهم، لأب أو لأم، وهو قول سحنون في نوازله من كتاب الأقضية، وعن ابن القاسم، مثل قول ابن الماجشون، وروي أنه وقف في الجد للأم، وكلما ثبت التغليظ انتفى القصاص، وكلما انتفى ثبت القصاص، في العمد الذي ليس يشبه العمد، وإن لم يعمد للقتل، لا خلاف أنه لا يقتص من واحد منهم، فيما هو من شبه العمد، كضربه بعصا فيموت بذلك، أو بسوط فيفقأ عينه، وشبه ذلك. وفيها لمالك: لو أضجع ابنه فذبحه، أو شق بطنه، أو صنعت ذلك والدة بولدها؛ ففيه القود، وأكثر الأشياخ لم يذكروا في القصاص هذا خلافًا. وقال الباجي: إن أضجعه فذبحه، أو شق بطنه، وهذا الذي يسميه الفقهاء قتل

غيلة. فقال مالك: يقتل به، وقال أشهب: لا يقتل به بحال، وتبعه ابن الحاجب، ونقله ابن اقصار عنه، كذا وجدته في اختصار عيون المجالس، في المسائل للقاضي عبد الوهاب. وقال ابن حارث: اتفقوا في الرجل يضجع ابنه ويذبحه، ويثبت ذلك عليه ببينة أو بإقراره؛ أنه يقتل به، واختلفوا إذا قال: أضجعني أبي وذبحني ومات، فقال ابن القاسم: يقتل به بعد القسامة، سمعه يحيى، وقال أشهب: لا يقتل به في مثل هذا. قلت: لم يحك ابن رشد قول أشهب بحال، وحكاه الشيخ بلفظ، قال أشهب: لا يقتل في العمد والد ولا والدة بالقسامة، قال: وقال ابن سحنون عنه في قول ابن القاسم: إذا قال: ذبحني أبي؛ أنه يقسم مع قوله ويقتل، وكيف يقبل قول من هو في عداد الموتى، إلا أن يكون ذبحه وبقيت أوداجه، وفي سماع القرينين: من فجرت فولدت ولدًا، فألقته في بئر، إن كانت كثيرة الماء أو في البحر؛ قتلت به. ابن القاسم: إن ألقته في بئر يابسة يقدر على أخذه منها؛ لم تقتل به. وفيها: من تعمد ضرب بطن امرأته؛ ففيه القصاص بقسامة، إذا تعمد ضرب بطنها خاصة. الصقلي: روى ابن القاسم: لو قتل الأب ورجلان ابنه عمدًا؛ قتل هذا الأب والرجلان، وإن كان بالرمية والصدمة؛ لم يقتل به الأب، قال عبد الملك: وعليه ثلث الدية معناه: ويقتل الرجلان، وذكر ابن شاس شركة الأب في قتل ابنه، قال: وسقط القود عن الأب لمعنى فيه، لا في القتل، ألا ترى أن مكره الأب على قتل ابنه يقتل؛ لأن فعله منقول إليه، وعبر عنه ابن الحاجب بقوله: ولذا قتل مكره الأب دونه. قلت: في النوادر قال ابن سحنون عنه: لو أكره المصر رجلًا على قتل ابنه أو أخيه، ولا وارث له غيره بوحيده يقتل؛ ففعل أنه لا يرث من ماله، ولا من ديته شيئًا؛ لأنه غير مباح له قتله، ولا يخرجه ذلك عند بعضهم من القود، ثم قال: لو أن الأب أكره رجلًا على قتل ابنه، وهو يعقل فقتله، فقال أصحابنا: القود على القاتل، ولا يرث الأب من

الابن شيئًا، ولا قود على الأب. قلت: وكذا الأب يجرح ولده، أو يقطع شيئًا من أعضائه، بحال ما صنع المدلجي؛ فإن الدية تغلظ فيه. الشيخ عن المجموعة: تغلظ في الجرح عند مالك، وإن كان ذكر عنه غير ذلك، فالثابت من قوله: وما عليه أصحابه التغليظ، إلا أن يكون عمدًا لا شك فيه، قال ابن القاسم وأشهب: مثل أن يضجعه فيذبحه، أو يدخل أصبعه في عينه تعمدًا لفقئها، ابن شاس: إذا ثبت القصاص؛ فإنما ذلك إن كان ذو الدم، غير ولد الأب، مثل العصبة، قاله في الموازية، ابن الحاجب: شرط القصاص على الأجداد، أن يكون القائم بالدم غير ولد الأب. قلت: عبر عنه في آخر فصل القصاص بقوله: يكره قصاص الابن من أبيه، وهو نص دياتها، إن كان ولي الدم ولد القاتل، فذكره مالك القصاص منه، وقال: يكره أن يحلفه في الحق، فكيف يقتله، وفسر ابن عبد السلام الكراهة بالتحريم، وفيه نظر، لقول قذفها استثقل مالك أن يحد لولده، قال ابن القاسم: إن قام بحقه حد له. وفيها مع غيرها لغو فضيلة الذكورية والعدد والعدالة، ولو بقول فاسق: قتلني فلان، والشرف وسلامة الأعضاء، وصحة الجسم لحديث: "المسلمون تتكافأ دماؤهم"، وفي دياتها إن قتل الصحيح سقيمًا أو أجذم أو أبرص، أو مقطوع اليدين والرجلين عمدًا؛ قتل به، وإن اجتمع نفر على قتل امرأة أو صبية عمدًا؛ قتلوا بذلك. قلت: وقفت في كتاب الاستشفاء لابن العربي، أن إمام الحرمين نقل عن مالك: أنه لا يقتل منهم إلا واحد بالقرعة، قال: وهو وهم. قلت: لولا قوله بالقرعة؛ لحمل قوله على ثبوت القتل بقسامات. و ... التكافؤ في أثر القتل لغو: سمع عيسى ابن القاسم: إن أسلم النصراني بعد قتله نصرانيًا؛ قتل به، وأخبرني يحيى عنه: إن لم يكن للقتيل ولي إلا المسلمون؛ فالعفو عنه أحب إلي من قتله. ابن رشد: ظاهر رواية عيسى قتله، ولو لم يكن للقتيل ولي إلا المسلمون، وهي

رواية ابن نافع، وعليه لا يجوز للإمام أن يعفو عنه، إن كان له مال على غير شيء، ويجوز له صلحه على مال دون الدية، على القول بعدم جبره عليها، وعلى القول بجبره لا يجوز إن كان مليًا بها، وعلى سماع يحيى: يجوز عفوه مجانًا؛ لأنه استحب العفو عنه لحرمة الإسلام، بخلاف المسلم يقتل مسلمًا لا ولي له إلا المسلمون؛ لا يجوز عفو الإمام عنه مجانًا؛ لأنه ناظر للمسلمين فهو كالوصي على الصغير، ولا يجوز عفوه عن دم أبيه مجانًا، ويجوز عفوه نظرًا لليتيم، ابن حارث: إن أسلم كافر بعد قتله كافرًا، فأكثر أصحاب مالك يقتل، وقال محمد بن عبد السلام: لا يقتل؛ لحديث لا يقتل مؤمن بكافر. الشيخ: لابن سحنون: قال ابن القاسم: إن أسلم نصراني بعد أن جرح فمات؛ فيه دية حر مسلم في مال الجاني حالة، أشهب: إنما عليه دية نصراني، إنما أنظر لوقت الضربة لا للموت، ألا ترى لو قطع مسلم يد مسلم، ثم ارتد المقطوعة يده، فمات مرتدًا، أو قتل؛ أن القصاص في قطع اليد ثبت على الجاني، وليس لورثته أن يقسموا على الجاني فيقتلوه؛ لأن الموت كان وهو مرتد، ولو أسلم الحربي في يد سيده المسلم، ومات عبدًا، فلا قصاص على الذمي في النفس؛ لأنه مات عبدًا، ولورثته القصاص في يده. ولو كان جارحه مسلمًا؛ فعليه دية نصراني، ثم تكون الدية على ما ذكرنا من الاختلاف فيها، ولو عتق بعد إسلامه؛ فورثته بالخيار، إن أحبوا قطع يد النصراني، وإن أحبوا القصاص في النفس، أقسموا لمات من جرحه، ثم قتلوه في قول غير ابن القاسم. وإذا جنى مسلم على نصراني، فتمجس النصراني، ثم نزي في جرحه فمات؛ فعليه دية نصراني، في قول أشهب، ودية مجوسي، في قول ابن القاسم: ولو كان مجوسيًا ثم يهوديًا، فعلى قول أشهب: دية مجوسي، وعلى قول ابن القاسم: دية يهودي، وهو قول عبد الملك. ولو جرح مسلم مسلمًا، فارتد المجروح، ثم نزي فيه فمات؛ فاجتمع الناس على أن لا قود؛ لأنه صار إلى ما أحل دمه، والذمة لم يصر بها إلى ما يحل دمه. قلت: وتقدم لأشهب: أن القصاص في الجرح ثابت، ولابن سحنون عنه إن رمى عبد رجلًا بسهم، فعتق قبل وصول السهم؛ فالجناية في رقبته؛ لأنه عبد حين الرمية،

فجعل الحكم لخروج الرمية. قال: وإن رمى مسلم مرتدًا، فأسلم قبل وصول الرمية فقتلته أو جرحته؛ فلا قصاص على الرامي؛ لأنه رمى في وقت لا قود فيه ولا عقل، وعليه في قول ابن القاسم: إن مات؛ الدية حالة في ماله، وإن لم يمت، فدية الجرح في ماله، قالا: لأنه لو جرح وهو مرتد، ثم نزي في جرحه، فمات بعد أن أسلم؛ أن ولاته يقسمون لمات منه، وتكون ديته في ماله، ألا تراه لو رمى صيدًا، وهو حلال، فلم تصل إليه الرمية حتى أحرم، ثم وصلت إليه فقتلته؛ أن عليه جزاؤه، واختلفوا في دية هذا المرتد. فقال بعض أصحابنا: دية الدين الذي ارتد إليه، وقال ابن القاسم وسحنون: دية مسلم، وكذا لو كان المرمي نصرانيًا، فأسلم قبل وصول الرمية لا قصاص، وفيه دية مسلم. في قول ابن القاسم وفي قول أشهب: ديته دية نصراني، وينبغي على قوله: لو كان مرتدًا فأسلم قبل وقوع الرمية، أن لا قود فيه ولا دية، وقال سحنون: في عبد رمى رجلًا، ثم أعتق قبل وصول الرمية، أن جنايته جناية عبد، وقال أصحابنا: أجمع في مسلم قطع يد نصراني، ثم أسلم، ثم مات؛ لا قود فيه على المسلم، إن شاء أولياؤه أخذوا دية نصراني، وإن أحبوا أقسموا، ولهم دية مسلم في مال الجاني حالة في قول ابن القاسم وسحنون. وقال أشهب: دية نصراني، لأني أنظر لوقت الضربة، قال سحنون: وإن قطع يد رجل يد عبد، ثم عتق، ثم ارتد، ثم مات بجرحه؛ لا شيء على القاطع؛ لأنه صار مباح الدم يوم مات، وفي قوله: الأول عليه لسيده ما نقصته الجناية. واختصره ابن الحاجب فقال: لو زال التكافؤ بين حصول الموجب، وصوول الأثر، كعتق أحدهما أو إسلامه بعد الرمي، وقبل الإصابة، أو بعد الجرح، وقبل الموت، فقال ابن القاسم: المعتبر في الضمان حال الإصابة، وحال الموت، كمن رمى صيدًا، ثم أحرم، ثم أصابه؛ فعليه جزاؤه، وقال أشهب وسحنون: حال الرمي، ثم رجع سحنون، وأما القصاص؛ فبالحالين معا.

قلت: ظاهره أن المستدل بمسألة الصيد ابن القاسم، وظاهر ما تقدم من لفظ النوادر، قالا بضمير التثنية أنه من كلام سحنون وابن القاسم. الشيخ: عن ابن سحنون عنه: إن قطع رجل يد عبد خطأ، ثم عتق، ثم قطع آخر رجله خطأ، ثم مات من الجرحين، فقلت مع ابن القاسم: يقسم ورثته لمات من الجرحين، وديته على عاقلتي الجارحين أنصافًا، في ثلاث سنين، وإن لم يقسموا، فعلى الثاني نصف الدية في ثلاث سنين، وعلى الأول ما نقصه الجرح يوم الجناية وهو عبد، إن كان أولياه من أعتقه، وإن كان له ورثة؛ فأرش نقصه لسيده، ولو كانت الجناية الأولى عمدًا، والثانية خطأ، فلورثته أن يقسموا عليهما، فيأخذوا من الأول نصف دية حر في ماله حالة، ومن عاقلة الثاني نصفها في سنتين، وإن شاءوا قسموا لمات من الثاني، وأخذوا الدية من عاقلته، ومن الأول ما نقص الجرح من العبد يوم جرحه. فإن كان له ورثة أخذ قيمة الجرح السيد، قال: وإن كان جرح الأول خطأ، والثاني عمدًا بعد أن عتق، فإن أقسموا على الأول؛ أخذوا دية حر من ماله حالة، واقتصوا من الثاني، وإن لم يقسموا إلا على الثاني؛ فلهم قتله، ولهم على الأول ما نقصه الجرح من ماله، إن كان ولاته من أعتقه، وإن كان له ورثة؛ فأرش الجرح للسيد. قلت: أليس هذا مثل ما أنكرت على الشافعي، من الحكم في نفس بقتل وأرش، قال: لأن هذين جانيان، وذلك جان واحد، قال: ولو كان الجرحان عمدًا؛ فلهم أن يقسموا لمات من الأول، ويأخذوا من ماله دية حر، ويقتصوا من الثاني، ولو أقسموا عليه قتلوه، ولهم ما نقص جرح الأول، إن كان ولاته من أعتقه، وإلا فأرش نقصه لسيده. قال: ولو قطع رجل يد العبد، ثم عتق، فقطع آخر رجله، ثم آخر يده الأخرى، ثم نزي في ذلك فمات؛ فإن كانت دنايتهم خطأ، أقسم ولاته لمات من كلها، وعلى عاقلة كل واحد ثلث الدية في ثلاث سنين، وإن لم يقسموا؛ أخذوا من عاقلة كل من الجانبين بعد الأول نصف الدية، وعلى الأول ما نقصه يوم الجناية للسيد، وإن كانت الجنايتان بعد العتق عمدًا؛ فلهم أن يقسموا على أحدهما، ويقتلوه ويقتصوا من الآخر الذي

جرحه، وعلى الأول ما نقصه جنايته يوم جنى السيد، وإن شاء ولاته من أعتقه أو ورثته، أن يقسموا لمات من جناية الأول، وأخذوا من ماله دية حر حالة، واقتصوا من الثانيو الثالث، وإن كانت الأول والثانية خطأ، والثالثة عمدًا، وأولياؤه عصبة؛ فلهم أن يقسموا على الثالث ويقتلوه، ولهم على عاقلة الثاني نصف دية حر في سنتين، وللسيد على الأول ما نقصه، وإن شاءوا أقسموا لمات من الأول والثاني، وأخذوا من عاقلتيهما الدية، نصفها من كل عاقلة في ثلاث سنين، واقتصوا من الثالث. وإن كانت الجنايات الثلاث عمدًا؛ فلهم أن يقسموا لمات من الأول التي في رقه، وأخذوا من ماله دية حر حالة، واقتصوا من الجنايتين بعد حريته، ولهم أن يقسموا على أحد الجانبيين في حريته، فقتلوه واقتصوا من الآخر، ولمعتقه على الأول ما نقصه، وإن لم يقسموا على أحد، فلهم القصاص من الجانبيين بعد حريته، وللسيد في الأولى ما نقصه. قلت: ضابطه كلما تعددت ضربات، لا من فاعل واحد تعقبها موت، بعد عتق قبل بعضها، فلأوليائه أن يقسموا لمات من كلها أو منبعضها معينًا، ففيما أقسم على الموت منه خطأ، ديته على عاقلة فاعله، إن كان الخطأ بعد عتقه، ولو من غير المقسم عليه، وإلا ففي ماله، لاعتبار كونه ممن تحمل العاقلة، عقله في الجملة أو ليس منه، لاعتبار احتمال الرقبة، فإن تعددت، قسمت على عواقلهم وعمدًا، والضرب قبل عتقه في مال ضاربه حالة، وفيما لم يقسم على الموت منه، والضرب قبل عتقه، أرشه لسيده، وفيما أقسم عليه بعد العتق، كالحر خطأ وعمدًا، أو فيما لم يقسم عليه منه، كالجناية عليه بذلك حرا.

باب في القطع والكسر والجرح وإتلاف منفعة من الجسم

[باب في القطع والكسر والجرح وإتلاف منفعة من الجسم] ومتعلق الجناية غير نفس: إن أبانت بعض الجسم فقطع، وإلا فإن أزالت اتصال عظم لم يبن فكسر، وإلا فإن أثرت في الجسم فجرح، وإلا فإتلاف منفعة فالقصاص في الأطراف، كالنفس إلا في جناية أدنى على أعلى، فلو قطع عبد أو كافر حرًا مسلمًا؛ فطرق الباجي مشهور مذهب مالك؛ لا قصاص، وتلزم الدية، وروى القاضي في قطع الكافر المسلم، يجتهد السلطان، ويتحمل هذه الرواية القود. اللخمي: قال مالك: لا قصاص، وروى ابن القصار القصاص، قال: وهو القياس، وروى العتبي يمنع في العبد، ويجوز في النصراني، وقال ابن نافع: المسلم بالخيار في القصاص والعقل، وهو أحسن، وكذا في العبد. وفي سماع القرينين: هل النصراني كالعبد يجرح المسلم، لا قود بينهما؟، قال: العبد قد يؤخذ أحيانًا في ذلك، والنصراني لا يؤخذ، فهو تسليط على المسلم يفقأ عينه، ويعطيه دراهم لعينه أهل دينه، أرى أن يجتهد السلطان في ذلك، قيل: أيقاد منه؟ قال: ما أدري، سحنون: قال ابن نافع: المسلم بالخيار في القود والأرش. ابن رشد: وقف مالك في ذلك، وصرف ذلك إلى اجتهاد الإمام، إن رأى أن يمكنه من القصاص مكنه، وإن رأى منعه، والحكم بالأرش؛ فعل ذلك، وصرفه إلى اجتهاده، يدل على، أن كل مجتهد مصيب عنده، ولابن عبد الحكم مثل قول ابن نافع وقال: له الدية ولا قود بينهما، فالخلاف إنما هو إن أراد المسلم القصاص، وعلى قول

ابن نافع: للحر أن يقتص من العبد في الجراح كالقتل. قلت: ظاهر قوله: لا أدري الوقف لا بقيد صرفه إلى الإمام. قال ابن شاس: في رواية: يجتهد السلطان، قال أصحابنا: تحتمل هذه الرواية وجوب القود، قالوا: وهو الصحيح، قال الأستاذ أبو بكر: وهذا كما قالوا. قلت: ففي وجوب العقل أو القود، ثالثها: في الكافر يجتهد الإمام، ورابعها الوقف فيه، وخامسها الأول في العبد لا الكافر، وسادسها يخير المسلم، وعزوها واضح، وفي دياتها إن قطع جماعة يد رجل عمدًا؛ فلهم قطع أيديهم كلهم، كالقتل والعين كذلك. قلت: ويتخرج فيها ما حكاه ابن العربي، عن إمام الحرمين في مسألة قتل الجماعة الواحدة. الشيخ في المجموعة، وأراه عن عبد الملك: لو قطعه مسلم ونصراني عمدًا؛ قطع الجماعة الواحد. الشيخ في المجموعة، وأراه عن عبد الملك: لو قطع مسلم ونصراني عمدًا؛ قطع المسلم، ونصف العقل في مال النصراني، مع الأدب، ولو قطعه أربعة مسلمون أحدهم خطأ؛ قطعت أيدي الثلاثة، وعلى المخطئ ربع ديتها في ماله، وذكر ابن القصار مسألة الكتاب، بقيد كونهم قطعوا يده كلهم دفعة فعبر ابن شاس عن ذلك بقوله: تقطع الأيدي بالواحدة، عند تحقق الشركة، بأن يضعوا السكين على اليد، ويتحاملون كلهم عليها حتى تبين، فلو تميزت الجنايات، بأن يقطع أحدهم بعضًا، ويبينها الآخر، أو يضع أحدهما السكين من جانب، ويضع الآخر السكين من الجانب الآخر، حتى يلتقيا، فلا قصاص على كل واحد منهما في جميع اليد، ولكن يقتص من كل واحد بمساحة ما جرح، إذا عرف ذلك، ابن عبد السلام: لو قطع أحدهما نصف اليد، وابتدأ الثاني القطع من حيث انتهى الأول، وقطع باقيها؛ فإن السكين توضع في قصاص الثاني، في غير الموضع الذي ابتدأ هو به فتأمله. قلت: هذ لا ينفي التماثل؛ لأن الجاني إنما ابتدأ القطع في طرف، وكونه كان وسطًا طردي، وفي القصاص منه إنما ابتدئ القطع فيه من طرف، وفيما فسم به ابن شاس قول ابن اقصار نظر؛ بل مقتضى المذهب، أنه منهما ثبت تعاونهما على القطع، وجب قطعهما

فلو حبسه أحدهما لمن يعلم أنه يقطعه فقطعه قطعًا، وقد شبهها في المدونة باجتماعهما على القتل. وقال في كتاب المحاربين: إن ولي بعض الجماعة قتل رجل، وباقيهم عون له قتلوا به قصاصًا، وفي الجراح ما قبل الهاشمة القود. عياض: أولها لغة الحارصة بحاء وصاد مهملتين؛ هي ما حرص الجلد أي: شقه وهي الدامية؛ لأنها تدمي، والدامعة بعين مهملة؛ لأن الدم يدمع منها، وقيل الدامية أولًا؛ لأنها تخدش فتدمي، ولا تشق الجلد، ثم الحارصة؛ لأنها شقت الجلد. وقيل هي السمحاق، كأنها جعلت الجلد كسماحيق السحاب، ثم الدامعة؛ لأن دمها كالدمع، ثم الباضعة، وهي التي أخذت في اللحم وبضعته وهي المتلاحمة، وقيل المتلاحمة بعد الباضعة؛ لأنها أخذت في اللحم في غير موضع، ثم الملطا بالقصر، ويقال ملطاة بالهاء، وهي ما قرب من العظم، وبينهما وبينه قليل من اللحم، وقيل هي السمحاق، ثم الموضحة؛ وهي التي كشفت عن العظم. وفيها حد الموضحة ما أفضى إلى العظم، ولو بقدر إبرة، وعظم الرأس محلها كل ناحية منه سواء، وحد ذلك منهي الجمجمة، لا ما تحتها؛ لأنه من العنق وموضحة الخد كالجمجمة، وليس الأنف، واللحي الأسفل من الرأس في جراحهما؛ لأنهما عظمان منفردان. عياض: ثم الهاشمة ما هشمت العظم، ثم المنقلة ما كسرته، فيفتقر لإخراج بعض عظامها لإصلاحها، وتختص بالرأس المأمومة؛ وهي التي أفضت إل أم الدماغ، وتختص بالجوف الجانفية؛ وهي التي نفذت إليه. الباجي عن أشهب: لو أطار أنفه بضربة، ونفذت إلى دماغه؛ ففي ذلك دية وثلث؛ يريد ما وصل للدماغ، حيث كان، فهي مأمومة، وفي التلقين، ويقال في المأمومة الأمة. وفيها: المنقلة ما أطار فراش العظم، وإن صغر، والمأمومة؛ ما أفضى إلى الدماغ ولو بمدخل إبرة، ولا تكون إلا في الرأس، والجائفة ما أفضى إلى الجوف، ولو بمدخل إبرة.

وفيها لابن القاسم: لا قصاص في هاشمة الرأس؛ لأني لا أجد هاشمة في الرأس إلا كانت منقلة. قال اللخمي: في ترجمة القصاص: من العظم، وقال أشهب: عند محمد في الهاشمة القود، وقال في ترجمة عقل الموضحة والمنقلة: اختلف في الهاشمة، قال ابن القاسم: لا قود فيها، وقال أشهب: يقاد منه، موضحة إن لم ينقل الأول. محمد: هذا صواب، إن كان بدأ جرح الأول موضحة، ثم تهشمت، وإن كانت الضربة هشمتها؛ فلا قود؛ يريد: إذا رضت اللحم، وهشمت ما تحتها من العظم، ولو كان ذلك بسيف أو سكين، شقت اللحم، وبلغت العظم، ثم هشمته؛ فله القود من موضحة؛ لأن الجارح لو وقف لما بلغ العظم، كانت موضحة، وإن نقلت بعد الهشم، كان فيها دية المنقلة، ويختلف إذا أحب أن يستفيد من موضحة، فلذلك له عند أشهب، لا عند ابن القاسم. وفيها: لا قود في المنقلة. اللخمي: وروى القاضي فيها القود. قلت: وحكاها ابن الجلاب. وفيها: مع غيرها، لا قود في المأمومة والجائفة. وفيها: لمالك: في عظام الجسد القود كالهاشمة، وفي كسر الزندين والذراعين والعضدين والساقين والقدمين والكفين والترقوة. محمد: وفي كسر الأنف. وفيها: لا في المخوف، كالفخذ وشبهه، وكسر العظم، كعظام الصدر، إن كان مخوفًا، كالفخذ فلا قود فيه، وإن كان مثل اليد فالقود. الشيخ: عن ابن عبدوس: لا قود في عظام الصدر، وقاله أشهب، وقال مع ابن القاسم: ولا في عظام العين، وفي القود من الظفر روايتان لها ولغيرها، بناء على أنه كالعظم أو كالشعر لها ولغيرها. محمد: القود أحب إلي، ابن عبدوس عن المغيرة: لا قود في كسر الصلب، ابن

زرقون: ربيعة يرى القوم في كل جرح، ولو كان متلفًا، وقال محمد بن عبد الحكم: القود في كل جرح، وإن كان متلفًا، إلا ما خصه الحديث بالمأمومة والجائفة، ويقتص من كل ما ليس بمتلف، تتحقق منه المماثلة اتفاقًا، والمشهور لا يقتص من متلف، وما ليس بمتلف، ولا تتيقن في المماثلة ضربان، ضرب لا تتأتى فيه المماثلة لا قصاص فيه، كبياض العين، وضرب تتأتى فيه المماثلة؛ والغالب نفيها ككسر العظام، حكى القاضي فيه روايتين. قلت: وللباجي عن أشهب: أجمع العلماء أن لا قود في المخوف، قال محمد: وأجمعنا أن لا قود في عظام العنق، والفخذ والصلب، وشبه ذلك من المتالف، وقال عبد الملك: لا قودفي العنق، يصاب بعضها، قل أو كثر، بأنه لا يوقف له على حد، إلا أن تضاف كلها. وفيها: لمالك: وفي الصلب الدية، ابن القاسم: كل كسر خطأ بريء، وعاد لهيئة، لا شيء فيه؛ إلا أن يكون عمدًا يستطاع فيه القود، فإنه يقتص منه، وإن كان عظمًا، إلا في المأمومة والجائفة والمنقلة، وما لا يستطاع القود منه، فليس فيه شيء م القود، إلا الدية في عمد ذلك، مع الأدب. قلت: يريد إن لم يعد لهيئته. الصقلي عن محمد: كل كسر يبرأ ويعود لهيئته؛ فلا شيء فيه؛ لأنه متلف لا قصاص في عمده، فهو كالخطأ، قال فيه. وفي المدونة: كل كسر يبرأ ويعود لهيئته؛ فلا شيء فيه إلا أربع جراحات: الجائفة والمأمومة والمنقلة والموضحة، إلا أن يكون عمدًا، يستطاع القود منه، فإنه يقاد منه، وإن كان عظمًا. وفيها: ما برئ على شين، مما لا شيء فيه إن برئ على غير شين، يأتي حكمه في الصلب يبرأ على شين. وفيها: القود في اليد والرجل والعنق والأنف والأذن والسن والذكر. وفيها: ليس في جفون العين وأشفارها، إلا الاجتهاد.

قلت: والقود منهما مندرج في قولها والباضعة، وشبهها مما يستطاع منه القود فيه القود. الباجي عن أشهب: في أشفار العينين القود، قال: وحجاج العين؛ هو العظم المستدير حول العين، يال: هو الأعلى الذي تحت الحاجب، وفي التهذيب: ليس في جفون العين وأشفارها، إلا الاجتهاد، وفي حلق الرأس، إن لم ينبت الاجتهاد، وكذا اللحية، وليس في عمد ذلك قصاص. قلت: لم أجد هذا اللفظ ولا معناه في المدونة، وفهم بعضهم منه عدم القود في جفون العين، ونص ابن شاس على القود فيهما حسبما قدمنه، وفي الجلاب في الأجفان العين وحواجبهما حكومة. اللخمي: على قول مالك في السن، تسود الدية تكون في الجفون الدية. وفيها: وفي الشفتين واللسان، إن لم يكن متلفًا، ومثله للشيخ عن رواية ابن القاسم في المجموعة وفي الموازية، قال أشهب: لا يقاد منه، وقال مالك. وسمع القرينان: من قطع من لسان رجل، ما منعه بعض الكلام، أحب إلي أن لا يقاد منه، ولم أسمع أنه أقيد منه، ولا أرى أن يقاد منه، أخاف أن تسرى الحديدة، فيذهب كلامه. ابن رشد: قوله: لا يقاد منه، خوف أن تسرع الحديدة، فيذهب كلامه؛ يريد: أو يذهب أكثر مما ذهب من المجني عليه أو أقل، يبين مذهبه في المدونة؛ لأنه قال فيما يقاد منه: إن كان يستطاع ولا يخاف منه؛ فبين هنا أن ذلك لا يستطاع، وقال أشهب: أنه مخوف. قلت: ما ذكره من التعليل في السماع، لعدم القود؛ إنما هو في الجناية على بعضه، ولا يتناول ذلك منع القود من جميعه، ولو استدل على منع القود من جميعه، بقوله في السماع: ولم أسمع أنه أقيد منه؛ لكان أبين، وفي الزاهي: في القود منه، إن لم يكن متلفًا خلاف. وفيها: قيل فإن أخرج الأنثيين، أو رضهما عمدًا، قال: قال مالك: فيهما القصاص

ولا أدري ما قوله في الرض، إلا إني أخاف أنه متلف، فإن كان متلفًا؛ فلا قود، وكذا كل متلف، واختصرها أبو سعيد بلفظها، لعدم جوابه عن إخراجهما. وقال الشيخ: قال أشهب في المجموعة والموازية: إن قطعتا أو أخرجهما؛ ففيهما القود لا في رضهما؛ لأنه متلف، وفي الشفتين القود، لاندراجهما في عموم ما ليس بمخوف، وحكم ديتهما مع الأنثيين في الديات. وفيها: لا قود في اللطمة، ابن القاسم: وفي ضربة السوط القود، سحنون: وعن مالك: لا قود فيه كاللطمة، وإن قطع بضعة من لحمه ففيه القود. قلت: يريد بشرط المماثلة محلًا وقدرًا. الشيخ عن المجموعة: قال أشهب: لا قود في اللطمة، ولا الضربة بالسوط، أو بالعصا، أو بشيء من الأشياء، إن لم يكن جرح؛ لأنه لا يعرف حد تلك الضربة، والضرب من الناس مختلف، وفي دياتها إن أوضحه موضحة عمدًا، فذهب بما سمعه وعقله، أقيد من الموضحة بعد البرء، فإن برئ الجاني ولم يذهب سمعه وعقله بذلك؛ كان في ماله دية سمع الأول وعقله، وقد يجتمع في ضربة واحدة قود وعقل، ولو قطع أصبعه عمدًا، فشلت بذلك يده، أو أصبع أخرى اقتص من الجاني؛ فإن برئ، ولم تشل يده؛ عقل ذلك في ماله. قال مالك: هذا أحب ما في ذلك إلي من الخلاف، ومثله للشيخ عن ابن القاسم وأشهب في المجموعة، قال أشهب في الموازية: دية ذلك على العاقلة، وكذا لو ترامت إلى ذهاب يد أو رجل. قلت لمحمد: قد قلت عنهما فيمن قطع أصبع رجل، فشلت يده، واقتص من الجاني، ولم تشل يده؛ دية بقية اليد في ماله. قال ابن القاسم وعبد الملك وأصبغ: يجعلون غايتنا من إليه العمد، ما بقي منه بعد القصاص في ماله؛ لأن العمد جره. وقال أشهب: إن تناهى إلى مزيد فيه نفسه، مثل أن لو كان خطأ، لم تكن فيه دية جرحين؛ بل دية جرح واحد، وهو الأكثر، فهذا ما تأسى إليه في ماله، وما يتأسى إلى

جارحة أخرى يكون على عاقلته، كالعمد الذي لا يقدر على القصاص منه، وهو في الجاني قائم. محمد: وأحب إلينا أنه في ماله؛ لأن العمد جره، ولو كان على ما قال، لكان إذا ترامى إلى النفس، كان على العاقلة، ولم يقله أحد، ولابد فيه من القصاص؛ يريد بقسامة؛ لأن أصله عمد. وقاله أشهب، وفي المجموعة لأشهب: إن شجه مأمومة، تنامت لذهاب عقله وسمعه وبصره، وغير ذلك، ولو إلى عشر ديات، فله دية كل واحد ما بقيت النفس، فإن ذهبت النفس، فليس فيه إلا دية واحدة. المغيرة: إن ذهب بالمأموم عقله، فله الدية في العقل، وثلثها في المأمومة، وكذا إن سقط شقه منه؛ فله عقل ما أصاب من يده ورجله، سوى عقل المأمومة، ولو صارت الموضحة منقلة، ففي لزوم عقلها، أو القود من الموضحة؛ فإن لم تصر منقلة عقل له ما بينهما، ثالثها: يخير فيهما، لابن رشد عن آخر أقوال مالك، وأولها: مع سحنون عن ابن القاسم، وأحد أقوال مالك، قال: وقول ابن القاسم، هو القياس على ما أجمعوا عليه في ترامي الجرح إلى شيء آخر، كالموضحة تذهب منها عينه. وكذلك لو آلت ملطاة إلى موضحة، يخير في القود من الملطاة، وأخذ عقل الموضحة على أحد قولي مالك، وعلى قوله الآخر؛ ليس له إلا عقل الموضحة، لا القود منها آل إليه الجرح، إنما فيه العقل، وعلى قول مالك الأول، وقول ابن القاسم يقتص من الملطاة، فإن صارت موضحة، وإلا عقل له ما بينهما. قلت: وسمع القرينان، إن صارت الملطاة عمدًا موضحة، ولم تستوضح في الجاني عقلت له الموضحة، قيل لمالك: أتعقل له الموضحة كلها، أو ما بين الموضحة والملطاة؟ قال: لا أدري. سحنون: قال ابن نافع: له عقل الموضحة كلها؛ لأنه ليس دونها عقل. ابن رشد: يدخلها الثلاثة الأقوال، وقوله: له عقل الموضحة، كلها بعيد عن القياس؛ لأنه قد اختص من بعضها، وإن لم يكن للملطاة عقل مسمى عند مالك،

فيجب عليه إلى قدر جرح الملطاة، ما هو من جرح الموضحة، فإن كان ثلثه أو ربعه؛ حط من عقل الموضحة ثلثه أو ربعه؛ لأنه أخذه في القود، وقد روى عن عمر وعثمان رضي الله عنهما أنهما قضيا في الملطاة بنصف دية الموضحة. وقال زيد بن ثابت: في الدامية بعير، وفي الباضعة بعيران، وفي المتلاحمة ثلاثة أبعرة، وفي الملطاة أربعة أبعرة، إن كانت في الرأس، فعلى هذا يكون له إن اقتص من الملطاة، ولم تصر موضحة بعير واحد، إلا أن مالكًا لم يقله. وقال في الموطأ: لم يقض الأئمة في القديم، ولا في الحديث عندنا، فيما دون الموضحة بعقل، فيحمل ما روي عن عمر وعثمان وزيد، أنه حكومة على وجه الاجتهاد. قلت: فالحاصل ما يتنامى إليه أربعة أنفس، فيندرج فيها الأول قودًا في العمد، ودية في الخطأ، إن قام ذو الحق بحقه فيها دونه وغيرها، فإن كان الأول جزءًا منه، وفيه القود، كالأصبع مع اليد؛ فعقل الثاني في ماله، ولا قود فيه اتفاقًا فيهما. وإن كان لا قود فيه، كالمنقلة تصير مأمومة بعقل الثاني فقط، وإن لم يكن جزءًا منه وفيه القود، كالموضحة مع السمع، ولم يتنام في الجاني، ففي كون عقل الثاني في ماله، أو على العاقلة قولان. وإن لم يكن فيه القود، فعقل الأول على حكمه. وفي كون الثاني في ماله، أو على العاقلة قولان، وقول ابن الحاجب بعد ذكه قولي ابن القاسم وأشهب، وكذلك السراية إلى يد أو رجل، يقتضي عموم قول أشهب فيها، هو جزء من المترامي إليه، كالأصبع مع اليد، وتقدم أن قوله فيه كابن القاسم. وفي الموازية قال: الفرق بين تنامت الجرح إلى النفس وإلى غيرها، وأن قصاص النفس يسقط كل جرح قبلها، ولو قطعت يداه ورجلاه، ثم نزى في ذلك ومات؛ لم تجب لهم دية الجراح، حتى يقسموا أنه مات من جراحاته، فيأخذوا ديتين، فإن نكلوا، حلف القاتل خمسين يمينًا، أنه ما مات منها، ولو مات مكانه كانت نفسًا، وسقطت الجراح، وقتل في العمد، ولزمت الدية في الخطأ.

قلت: كذا هو في النوادر، وفي نسخة عتيقة، والصواب أن يحلف ولاة القتيل، أنه ما مات من جراحاته؛ فيكون حلفهم على نفس موته من جراحاته، فإن نكلوا حلف الجاني على العكس فتأمله. ويؤيده قوله في الرواية: لو مات مكانه؛ كانت نفسًا، وذكر الصقلي بعض هذا، وقال: لما كان القتل يسقط كل جرح قبله؛ صار الجرح لغوًا، ولما كان الجرح لا يسقط ما تقدمه من جرح، موضعه في الجارح قائم، وجب بقاء حكم الجرح الأول. ابن رشد: لو ضربه مأمومة، فذهب عقله؛ ففي غرامة ديتها، مع الدية في العقل، أو دية العقل فقط قولان، على قول مالك، مع متكلمي أهل السنة، أن محل العقل القلب، وقول ابن الماجشون مع أبي حنيفة والمعتزلة: أن محله الرأس. قلت: تقدم عزو الأول للمغيرة أيضًا. الباجي: من نتف لحية رجل، أو رأسه أو شاربه، فقال المغيرة: لا قود فيه، وفيه العقوبة والسجن، وقال ابن القاسم: فيه الأدب، قال القاضي: قال أصبغ: فيما أحسب فيه القصاص بالوزن، وعاب ذلك غيره، وقال المغيرة: لا يجوز ذلك، لاختلاف قدر اللحى بالعظمة، ولو أقاد جميع اللحية بجميع اللحية؛ كان صوابًا، وأما البعض ففيه العقوبة. وفيها: إن انخسفت العين أو ابيضت أو ذهب بصرها، وهي قائمة خطأ، ففيها الدية، وإن كان عمدًا فخسفها خسفت عينه، وإن لم تنخسف، وبقيت قائمة، وذهب بصرهاح فإن استطيع القود أقيد منه، وإلا فالعقل، قال: والبياض بمنزلة القائم العين، إن استطيع منه القود أقيد، وإلا فالعقل. أبو عمر: من ضرب عين رجل، فأذهب بصرها، وبقيت قائمة، ففي عمد ذلك القود، وأرفع ما جاء في ذلك، أن عثمان أوتي برجل لطم عين رجل، فذهب بصره، وعينه قائمة، فأراد عثمان أن يقيده، فأعيا ذلك عليه وعلى الناس، حتى أتاهم علي فأمر بالمصيب، فجعل على عينه كرسفًا، ثم استقبل به عين الشمس، وأدنى من عينه مرآة، فالتمع بصراه، وعينه قائمة.

وروي أن عليًا أمر بامرأة فأحميت، ثم أدنيت من عينه، حتى سالت نقطة عينه، وبقيت قائمة مفتوحة. وفيها: من ضرب يد رجل فشلت؛ ضرب الضارب، كما ضرب، فإن شلت يده، وإلا فعقلها في ماله. الصقلي عن أشهب: هذا إن كانت الضربة خرج فيه القود، ولو ضربه على رأسه بعصا، فشلت يده فلا قود، وعليه دية اليد. قلت: في كونه تقييدًا، أو خلافًا نظر، والأظهر الأول، وقال أبو حنيفة: إنما عليه الدية، دون قود مطلقًا. قال ابن عبد السلام: كذا ينبغي أن يكون على المذهب؛ لأن المشهور، أن لا قود في الضرب بالعصا، فالشلل ناشئ عما لا قود فيه، فإذا تعذر القود؛ وجبت الدية. قلت: نفي القود في الضرب مقيد، بكونه لم يؤثر شيئًا، حسبما تقدم للشيخ عن أشهب، وشلل اليد شبيه بالموت، فإن فيها دية مسماة. وتشترط المماثلة في العضو ومحله من الجسد فيها، لا يقتص من اليد أو الرجل اليمنى باليسرى، ولا العكس، وكذا العين ولا سن، إلا بمثلها في صفتها وموضعها الرباعية بالرباعية، والعليا بالعليا، والسفلى بالسفلى، وإلا فالعقل. قلت: وبمقتضاه قال ابن شاس: لا تقاد السبابة بالوسطى، ولا أصبع زائدة بمثلها عند اختلاف المنبت. قلت: وكذا السن، وللشيخ عن محمد عن أصبغ: قال أشهب: إن قطع مقطوع الأنملة من أصبعه أنملتين من أصبع رجل مثلها، فعليه عقل الأنملتين، ولا قصاص له، وقال عنه غير أصبغ: يعقل له الأنملة العليا، ويقتص من الوسطى. وفيها: إن ذهبت يمين من قطع يمين رجل، هل بقطع من الله، أو بقطع من سرقة أو قصاص؛ فلا شيء للمقطوعة يمينه، ولو فقأ أعين جماعة اليمنى، وقتا بعد وقت، ثم قاموا عليه؛ فلتفقأ عينه لجميعهم، وكذا اليد والرجل. قلت: لابن الحارث: إن كان للقاطع وقت القطع يمين، ثم ذهبت بأمر من الله

فروى ابن سحنون: لا شيء للمقطوعة يده، وقال غيره من أصحاب مالك: تجب الدية، سحنون: قول مالك هو الصواب. وفيها: من قتل رجلًا عمدًا، ثم رجلًا آخر عمدًا؛ قتل ولا شيء عليه لهم، قال ابن عبد السلام: إذا تعمد القاضي قتله لواحد منهم، على مذهب من يرى لأولياء الدم الخيار في جبر القاتل على الدية، فقد منع الباقين من أخذ الدية، وفي تضمينه حينئذ ما منعهم منه نظر. قلت: في قوله نظر؛ لأن النظر إنما يكون في الحكم المشكل، غير الواضح جريه على القواعد، ومن البين أن قاتل رجلين، لكل منهما ولي يخصه، لو أراد أحدهما جبر القاتل على الدية، وأراد الآخر قتله؛ أن القول قول من أراد قتله، ولا غرم عليه، ولا على القاتل للولي الذي أراد جبره على الدية. ابن حارث: اتفقوا في جراح العمد في الجسد، أن القصاص فيها، على قدر الجرح في طوله وعمقه، فإن كانت موضحة في الرأس، فقال ابن القاسم: القود على قدر الموضحة. وذكر ابن عبدوس عن أشهب، أنه على قدر جزئها من الرأس، أصبغ: وإليه رجع ابن القاسم، وقال سحنون: ما زعم أصبغ، أنه رجع إليه، هو قوله أولًا، ورجع إلى القود على قدر الموضحة. وسمع القرينان في طبيب استقاد من أصبغ، قاس أصبع المقطوع، وقطع من القاطع قدر ذلك القياس؛ فنقص من المستقاد منه، أكثر مما قطع من المستقاد له، لقصر أصبع المستقاد منه عن أصابع المستقاد له، أخطأ وبيس ما صنع، والصنع في ذلك، أن يقيس الأنملة المقطوع بعضها، فإن كان المقطوع منها ثلثًا أو ربعًا؛ قطع من أنملة القاطع ثلثًا أو ربعًا. ابن رشد: لا اختلاف في هذا، كما تقطع الأنملة بالأنملة، كانت أطول أو أقصر، وإنما اختلف في الجراح في الرأس، أو في عضو كالذراع أو العضد ونحوه، فذكر قولي ابن القاسم، وقول أشهب.

قال: وقال محمد: الأمر كما قال أشهب، وقال ابن القاسم قديمًا: أنه يقاد بقدر الجرح الأول، وإن استوعب رأس المستقاد منه؛ يريد: ولو لم يف بالقياس، فليس عليه غير ذلك، وكذا الجبهة والذراع؛ يريد: ما لم يصن عنه العضو، فلا يزاد من غيره. والصحيح عنده قوله ابن القاسم القديم، لقوله تعالى: {وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ}؛ لأن الألم في الجرح، إنما هو بقدر عظمه، وطوله وقصره لا بقدره من الرأس. قلت: قال الباجي: وعلى قول ابن القاسم في اعتبار طول الشق، إن قصر رأس الجاني على قدر الشق، فليس عليه غير ذلك، لا يتعدى الرأس إلى الجبهة، ولا الذراع إلى العضد، ولا قود في الباقي ولا دية. وقال عبد الملك: يؤخذ الباقي فيما جاوزه في الذراع، من أي ذراعيه شاء من نحو العضد، أو نحو الكف؛ لأن ذلك قد وضع فيه الحديد لا من الآخر، وفي الموازية والمجموعة لابن القاسم: ما زاد الطيب في القود خطأ فعلى عاقلته. قلت: مفهومه إن زاد عمدًا فالقصاص، وهو واضح من إطلاق الروايات في النوادر، ومن الواضحة: إن تعمد الطبيب والخاتم والمعلم قتلًا أو قطعًا أو جرحًا بغير حق، ولا شبهة فعليه القود. ابن عبد السلام: لا يمكن في الغالب؛ لأن زيادة الطبيب إنما هي بعد حصول الواجب، فإذا طلب القود منه في الزيادة، لم يوصل إليهما منه، إلا بعد تقدم جرح، يكون هذا الزائد متصلًا به، فيتعذر القصاص منه في ذلك، فإن برئت تلك الزيادة على غير عثم؛ وجب أدبه فقط، وإلا أدب مع الحكومة في ماله، وإن جاوزت الثلث. قلت: هذا مثل ما قاله في الاجتماع على قطع يد رجل، ويعقبه القصاص من الثاني، وقد تقدم جوابه فتذكره. وسمع أصبغ ابن القاسم: إن قص من اقتص من موضحة عن الحق، وعلم ذلك بالحضرة قبل البرء، ونبات اللحم؛ أتم ذلك، وإلا فلا تمام له، ولا عقل له؛ لأنه قد اجتهد. أصبغ: لا يعجبني قوله جملة، وأرى إن نقص يسيرًا جدًا، فالقول مما قال، وإن كان

كثيرًا متفاحشًا أو متفاحشًا؛ فإن كان في حرارته ودمه، أتم القصاص، وإن برد وأخذه الدواء، لم يتمه؛ لأني أخاف أن يكون متلفًا أو عذابًا، ويكون الباقي عقلًا، ولا يبطل كمن يقتص فيما ترامى، وبين المقتص منه، وإن كان هذا المقتص لنفسه ممن ناله. ابن رشد: قول أصبغ حسن؛ هو تفسير لقول ابن القاسم، فما قصر فيه على ثلاثة أقسام يسير جدًا كالعشر، ولا يتمم ولا يأخذ فيه شيئًا، ولو بالقرب قبل أن يبرد ويأخذه الدواء، كما قال أصبغ في اليسير جدًا، ويسر كالربع، وما دون الثلث، إن كان قبل أن يأخذه الدواء، وينبت اللحم؛ اقتص له تمام حقه، وإن أخذه الدواء؛ لم يقتص له تمام حقه، ولا شيء له فيه. كما قال ابن القاسم، وإن كان كثيرًا كالثلث فما فوقه؛ اقتص له تمام حقه، إن كان قبل أن يبرد، ويأخذه الدواء، وإن كان بعد أن أخذ الجرح الدواء؛ عقل له تمام حقه كما قال أصبغ. قلت: ظاهر قول أصبغ لا يعجبني قوله جملة، إن قوله عنده خلاف لا تفسير، وفي الموازية والمجموعة، قال أصحاب مالك عنه: المجمع عليه عندهم، أن ليس في العين القائمة التي ذهب بصرها إن فقئت، وفي اليد الشلاء تقطع، إلا الاجتهاد، وكذا الأصابع، إذا تم شللها ثم قطعت، وكذا ذكر الخصي، ولسان الأخرس. قال مالك: وذكر الخصي هذا عسيب، قطعت حشفته. وفي كتاب الجراحات منها: في شلل الأصابع ديتها كاملة، ثم إن قطعت بعد ذلك عمدًا أو خطأ؛ ففيها حكومة لا قود في عمده. القاضي عن ابن القصار: في اليد الشلامء حكومة، وبه قال أهل العلم كافة، وحكي عن داود أن فيها دية صحيحة، ولا تقطع الصحيحة بها، وبه قال أهل العلم كافة، وحكي عن قوم: أنه يقاد من الصحيحة بالشلاء، وينبغي أن يكون هذا مذهب داود. الشيخ في المجموعة لابن القاسم وأشهب: في أشل اليد أو الأصابع يقطعها صحيح، لا قود فيها إذ لا يقدر عليه بقدر ما بقي منها، وله من العقل بقدر ما بقي منها، وله من العقل بقدر ما بقي بالاجتهاد.

وروى ابن القاسم في مال الجااني: يريد وإن تم شللها؛ ففيها حكومة وفي دياتها، وإن قطع أشل اليد اليمنى يمين رجل؛ فله العقل ولا قود له. الشيخ: قال يحيى بن يحيى: عن ابن القاسم: إن كان الجاني أشل اليد خير مقطوع اليد السليمة في القود منها أو العقل، وفي الموازية أنها له العقل. ومثله في الأسدية، قال محمد: وقال مالك وابن القاسم وأشهب، وقاله ابن عبدوس، وقال أشهب في الكتابين: إن كان شللًا رأسًا أو كثيرًا؛ أذهب أكثر منافع يده، وأما الخفيف؛ فله أن يقتص. وكذا عين فاقئ عين سليمة، إن كانت ناقصة النظر، وهو ينظر بها وبها بياض أم لا؛ له القود فإن ذهب أكثرها؛ فلا قود. ولابن رشد في سماع القرينين: إن كانت جل منفعة عين الجاني أو يده باقيا؛ فالمجني عليه بالخيار في القود والعقل اتفاقًا، وإن ذهب كل منفعتها أو جلها؛ ففي تخيير مطلقًا، وإن بقيت فيها منفعة. ولو قلت: ثالثها ما لم يذهب جل منفعتها لسماع يحيى ابن القاسم، وهذا السماع وأشهب في الموازية والمجموعة، وفي دياتها إن قطع أقطع الكف اليمنى يمين رجل صحيح من المرفق؛ فللمجني عليه العقل أو قطع الذراع الناقصة من المرفق، ومثله في الموازية. وقال أشهب في الموازية والمجموعة: ليس له إلاى العقل، ونقل ابن الحاجب قولها في مسألة أقطع الكف إثر قوله، وقيل: يخير في قطع الشلاء، فيفهم عنه بعضهم بذلك مناقضته قولها في الشلاء، وقولها في أقطع الكف. وفي تعليقه أبي عمران: الفرق بين من قطع يمين رجل، ويمينه شلاء؛ أنه ليس للمقطوعة يده إلا العقل، وبين من قطع يمين رجل، ويمينه مقطوعة الكف، أو الثلاثة الأصابع منها؛ أنه مخير في القود والعقل، أن اليد الشلاء كالميت، والميت لا يقتص منه، والذي قطعت أصابعه أو كفه بقيت تدعوه هو بعض حقه. وقال ابن الحاجب: الذكر المقطوع الحشفة، كالأقطع الكف، وعين الأعمى

ولسان الأبكم، كاليد الشلاء على المشهور. قلت: لما قدم قوليها في أقطع الكف، وفي اليد الشلاء شبه أقطع الحشفة بأقطع الكف، وشبه عين الأعمى، ولسان الأبكم باليد الشلاء؛ وهو تشبيه واضح جار على تفريق أبي عمران المتقدم. وظاهر قول مالك في المجموعة: أن الجميع سواء، وقول ابن الحاجب: كاليد الشلاء على المشهور بحكومة، وإن كان اقتص لهما أو أخذ العقل مشكل؛ لأنه إن حمل على أنهما جني عليهما؛ لزم أن يكون فيهما قول بأن لا حكومة فيهما، إما الدية وإما لا شيء فيهما، وكلاهما غير موجود في المذهب. وتقدم نقل إجماع أهل المذهب على أن فيهما الاجتهاد، وإن حمل على أنهما استحقا في جناية منهما منه على سليم، لزم أن يكون للمجني عليه به لا منهما حكومة، وهذا غير موجود في المذهب، وعلى هذا حمله ابن عبد السلام، وعبر عن الحكومة بالعقل، والعبار عن العقل بالحكومة خلاف الاصطلاح وتخليك، وهذا الموضع في ابن شاس على الصواب. قال: الذكر المقطوع الحشفة، والحدقة العمياء، ولسان الأبكم كاليد الشلاء، مثل ما تقدم عن المجموعة، وظاهر قول ابن الحاجب، وإن كان اقتص لهما أنه أراد الجناية عليهما، وفي السرقة: منها من سرق، وقد ذهب من يمين يده أصبع؛ قطعت يمينه، كما لو قطع يمين رجل وإبهام يده مقطوعة؛ أن تقطع يده. ولابن رشد في رسم أوصى من سماع عيسى من الجنايات: إن لم ينقطع من أصابع الجاني إلا أصبع واحد؛ فليس للمجني عليه إلا القود، ولا يغرمه عقل أصبعه الناقصة، لم يختلف فيه قول ابن القاسم، ويأتي على مذهب أشهب: أنه بالخيار في القود، أو عقل اليد كاملة وهو القياس، كان نقص الأصابع خلقة، أو بأمر سماوي، أو بجناية عمدًا أو خطأ. قلت: لم يستوف الشيخ نقل أقوال هذه المسألة؛ بل قصر عن نقل ابن الحاجب حيث قال: ولا دية للأصبع على المشهور، وفي النوادر سمع يحيى ابن القاسم: إن كان

الجاني مقطوع أصبع؛ فإنما للمجني عليه القود بلا غرم على الجاني، ابن المواز، وقاله عنه مالك وابن القاسم مرة. وقد قال مالك أيضًا: تقطع يد الجاني، ويغرم دية الأصبع الخامس، وقد قال ابن القاسم: إنه مخير في القود وأخذ عقل يده دون قود. قلت: وذكر الشيخ قبل نقله هذا: قال ابن الماجشون: حد ما لا يترفع القود في اليد والرجل من النقص أصبع واحدة، ابن القاسم كانت الإبهام أو غيره. وقال ابن الماجشون: حد ما لا يرفع القود إن كانت الإبهام، فلا قصاص؛ لأن الإبهام، كأنها أزيد من أصبع، قال ابن سحنون عنه: ما علمت من فرق بين الإبهام وغيرها غيره. قلت: وتفرقته ضعيفة؛ لأن الإبهام إنما فيها أنملتان، فهي أقل من غيرها، فكيف تكون أزيد؟ ففي لزوم القود من ناقص أصبع واحدة دون غرم عقلها أو معه ثالثها؛ يخير في القود دونه، وأخذ كل العقل ورابعها، إن كانت الناقصة الإبهام تعين العقل للمشهور. ورواية محمد ونقله عن ابن القاسم مرة، وقول ابن الماجشون: فإن نقصت يد الجاني أكثر من أصبع، ففي تخيير المجني عليه في العقل والقود، دون غرم لما نقص أو معه ثالثها؛ يتعين القود ورابعها؛ يتعين العقل لسماع يحيى ابن القاسم مع ابن رشد عنها، وسماعه عيسى مع الشيخ عن رواية محمد. ونقل ابن الماجشون عن المغيرة: حد ما لا يرفع القود نقص الأصبع، وما زاد عليها قائلًا: قول مالك أحوط، وللصقلي عن أشهب، وابن الماجشون قائلًا: إلا أن يكون إنما نقصت بعد قطع كف الأولى؛ فتقطع له بما بقي، ويخير في القود من قاطع قاطعه، أو أخذ العقل. ابن رشد: ولو قطع مقطوع أصبعين أصابع يد رجل الخمسة من تلك اليد؛ قطعت أصابعه، وغرم عقل الأصبعين، كما في سماع عيسى، ولا خلاف فيه، ولو كان نقص الأصبع من يد المجني عليه، ففي استحقاقه القود دون غرم عليه، وتعين العقل

نقل ابن رشد عن سماع يحيي ابن القاسم, مع قوله: وروايته فيها عن أشهب مع قوله استحسن إن نقصت يد المجني عليه أنملة أو نحوها, بجناية عمدًا أخطأ؛ أن له القود, وإن أصيبت كفه خطأ؛ قدر الأنملة من ديتها. وقول ابن الحاجب: إن نقصت يد المجني عليه أصبعًا, فثلاثة لابن القاسم وأشهب والمغيرة ثالثها, إن كانت غير الإبهام وقبوله. ابن عبد السلام: يرد بأن الثالث إنما هو لابن الماجشون لا للمغيرة, لنقل النوادر وابن شاس ما نصه: إن نقصت يد المجني عليه أصبعًا واحدة, فقال ابن مالك, وابن القاسم: يقتص كانت الإبهام أو غيرها, أخذ لها عقلًا أو قودًا, واختلف فيه قول أشهب. قال محمد: الثابت من قوله وروايته: ليس له إلا القود, وقال ابن الماجشون: حد ما لا يرفع القود في اليد والرجل من النقض أصبع واحدة, وزاد المغيرة على ذلك, وقول مالك أحوط, قال: إلا أن تكون الإبهام فلا قود, قال سحنون في كتاب ابنه: ما علمت من فرق الإبهام وغيرها غيره. قلت: فانظر حصر سحنون هذا القول لابن الماجشون. ابن رشد: ولو كان نقص المجني عليه أصبعين فأكثر؛ فلا قود له على الجاني, إنما له عليه عقل أهي أصابعه, إلا أن لا يبقى له إلا أصبع واحد, فقيل: يكون له مع عقلها حكومة في الكف, وهو قولها. وقال أشهب: لا حكومة في الكف ما بقي منها أنملة, يكون له عقل واستحسنه سحنون, وهو ظاهر قول ابن القاسم في سماع يحيي, وسواء كان ما نقص من أصابعه خلقة, أو بأمر من السماء, أبجناية عمدًا أو خطأ, وما أصيبت يده الناقصة أصبعًا أو أقل أأكثر خطأ؛ فليس فيها إلا عقل ما بقي اتفاقًا. قلت: هو نصها. قلت: قال ابن حارث: اتفقوا على أنه إن قطعت أصبع واحدة, فأخذ عقلها, ثم قطعت جميع الكف؛ فلا حكومة لما يقابل المقطوعة من الكف, ولو كان ذلك في

أصبعين, ففي كون ذلك كذلك, ولزوم حكومة لما يقابل الأصبعين المقطوعتين, قولا سحنون مع ابن القاسم وأشهب وابن الماجشون. وفي جراحاتها من قطعت إبهامه؛ فأخذ دية الأصبع, ثم قطع العقد الباقي من الإبهام في الكف؛ ففيه حكومة, وإن لم يكن في الكف أصبع, فعلى من قطعها أو بعضها حكومة. ابن الحاجب: ولو قطع من المرفق؛ لم يجز من الكوع ولو رضيا. قلت: هو في النوادر عن الواضحة معزو للأخوين وأصبغ, وقبله الشيخ وغيره, وفيه نظر من وجهين: الأول: الدليل العام؛ وهو الإجماع على وجوب ارتكاب أخف ضرر بدفع ما هو أضر منه من نعه, وضرر القطع من الكوع أخف منه من المرفق ضرورة, وقد قال ابن رشد: إذا لزم أحد ضررين؛ وجب ارتكاب أخفهما قاله في أجوبته. والثاني: دليل ما في سماع عبد الملك, قال: أخبرني من أثق به من أصحابي عن ابن وهب أو عن أشهب: فيمن ذهب بعض كفه بريشة خرجت في يده, يخاف على ما بقي من يده منها, فقيل له: اقطع يدك من المفصل, إن كان لا يخاف عليه الموت من قطعه فلا بأس. ابن رشد: إن لم يخف, إذا لم يقطع يده من المفصل إلا على ما بقي من يده؛ لم يجز قطعها من المفصل إن خيف عليه منه الموت, وإن خشي إن لم يقطع يده من المفصل؛ أن يترامى أمر الريشة إلى موته منها, فله قطعها من المفصل, وإن كان مخوفًا, إن كان الخوف عليه من الريشة أكثر. وقد أجاز مالك فيها لم أحرق العد سفينته, يخرج نفسه في البحر, وإن علم أن فيه هلاكه, ولا خلاف في أنه يجوز له أن يف من أمر يخاف منه الموت إلى أمر يرجو فيه النجاة وإن لم يأمن منه الموت. وفيها: لو أصيبت يد رجل أو عينه خطأ, فضعفت فأخذ لها عقلًا, إلا أن يبطش ويعمل ويبصر بالعين, ثم أصابها رجل عمدًا؛ ففيها القود بخلاف الدية.

الشيخ في المجموعة للمغيرة: في عين الكبير تضعف ثم تصاب عمدًا؛ ففيها القود وما نقصها من جدري أكوكب أو رمية أو غيرها؛ لا قود فيها, ولو لم يأخذ لنقصها شيئًا. قال عبد الملك: تأويله إن كان نقصًا فاحشا كثيرًا, ولابن رشد في رسم القطعان من سماع عيسى: قال بعض أهل النظر: تلخيص قول عيسى في العين الناقصة؛ تصاب إن نقصت بسماوي, ولو كثر, ففي إصابة باقيها عمدًا القود, وإن نقصت بجناية؛ فكذلك إن قل وإن كثر فالعقل. ابن رشد: ليس هذا بصحيح, إن نقصت كثيرًا ولو بسماوي فالعقل, وفي النوارد ومن الموازية ونحوه في المجموعة, روى ابن القاسم وغيره: في عين الأعور تصاب عمدًا. قال في المجموعة: إن أصابها صحيح؛ فالأعور مخير في القود, وأخذ ديته ألف دينار, محمد: هذا قول مالك, وكل أصحابه لم يختلفوا, وكذا ذكر سحنون في كتاب ابنه, ولأبي بكر الأبهري رواية شاذة: أن مالكاً اختلف قوله, فقال هذا وقال: ليس له إلا القود. قال محمد: قال ابن القاسم وأشهب: كان الفاقئ صحيح العينين أو صحيح التي مثلها للأعور. قال ابن الحاجب: لو فقأ صحيح العين عين الأعور, فقال مالك: إن شاء اقتص أو أخذ ديتها ألف دينار من ماله, ذكر ابن عبد السلام وابن هارون, على قول المؤلف كلام عياض وعياض ما ذكر إلا على مسألة المدونة, وهي عكس هذه المسألة وهي التي ذكرها المؤلف بعد هذه المسألة وهي التي ذكرها المؤلف بعد هذه معبرًا بقوله: (فلو فقأ الأعور من ذي عينين ... الخ) , والمسألتان مختلفتان, ولذا ذكر في الثانية أقوالًا لم يذكر بعضها في الأولى, والثانية هي مسألة الكتاب. والأولى إنما هي من حيث نقلتها, ولا يتوهم أنها مراد البرادعي بقوله: وإن كان المفقوءة عينه أعور العين اليسرى؛ فله عينه اليمنى ألف دينار إذ لا قصاص له في

عين الجاني؛ ولأن دية عين الأعور عند مالك ألف دينا؛ لأنها في المدونة إنما صورها في فاقئ هو أعور العين التي فقأها من الأعور المفقوءة عينه. وفيها لمالك أن فقأ الأعور عين الصحيح التي مثلها باقية للأعور؛ فله أن يقتص وإن أحب؛ فله دية عينه, ثم رجع فقال: إن أحب أن يقتص اقتص, وإن أحب فله دية عين الأعور ألف دينار, وهذا أعجب إلي. عياض: خرج بعضهم منها قولًا بالتخيير في أخذ دية الجرح عمدًا, وهو قول ابن عبد الحكم خلاف مشهور, قول مالك وأصحابه بوجوب القود, أو ما اصطلحا عليه, ويخرج منها جبر القاتل على الدية, مثل قول أشهب خلاف معرف روايته, وترجح بعضهم في هذا. وقال أبو عمران: إنما قاله لعدم تساوي عين الأعور, وإحدى عيني الصحيح, فلم يمنعه القصاص إذ هي مثل عينه في الصورة؛ فإن عدل عن القصاص إلى الدية, لم يكن للأعور أن يأبى ذلك؛ لأنه دعي لصواب. عياض: هذا غير بين, ويلزمه في الجبر على الدية, وخرج منها بعض شيوخنا؛ أن للولي إذا كثر القاتلون, أن يلزم كل واحد منهم دية كاملة عن نفسه قدر ديته, أو من أراد استحياءه منهم, ويقتل من شاء, قال: وكذا في قطع جماعة يد رجل. عياض: وهذا لازم لأبي عمان على تعليله في زيادة المثلية؛ لأن جماعة أنفس زيادة على نفس على كل حال, وقيل لأبي عمان: لو تعدى رجل على الجاني في هذه المسألة, ففقأ عينه, فقال المفقوءة عينه للجاني على من جني عليه: أتلفت علي عينًا كنت أستحق بقاءها, أو ألف دينار عنها, فأغرم لي بالقيمة ما أتلف علي؛ لأن لي ديتها كالثمن المتواطأ عليه في سلعة استهلكت. قال: وفي هذا نظر, وأشار إلى تنظيرها برهن في ألف دينار, قيمته مائة دينار استهلك؛ أنه لا يلزمه إلا قيمته دون ما رهن فيه, قيل له: الأعور كان مجبورًا على افتكاك عينه بالألف, وليس كذلك الرهن إذ ليس مجبورًا على افتكاكه, إذ له إسلامه وليس كذلك العين.

قال: أرأيت لو كان عديمًا ليس له مال يؤدي منه الألف فترجح فيها, وقال: انظر لو قال المجني عليه: كان لي أن أتبع الأعور فالألف عليه, ومسألة المدونة هي سماع عيسى ابن القاسم, قول مالك الصحيح, مخير في القود وأخذ دية عينه خمسمائة دينار, ثم رجع فقال: مخير في القود وأخذ دية عين الأعور ألف دينار. ابن القاسم: فقوله الآخر أحب إلي وأحسن ما سمعت أنه ليس له إلا القود من عين الأعور إلا يصطلحا على أمر. قال: فإن اصطلحا على الدية مبهمة, فإنما له عقل التي فقئت خمسمائة دينار, ثم رجع ابن القاسم إلى تخييره في فقء عين الأعور أو ديتها ألف دينار. ابن رشد: قول مالك الأول على القول بأن للولي جبر القاتل على الدية, وهو قول أشهب, وأحد قولي مالك, والقول الأخير الذي قال ابن القاسم, أنه أحسن ما سمع قياس على أصل مذهبه: وروايته أن ليس للولي جبر القاتل. وفيها: إن فقأ أعور العين اليمنى يمنى صحيح خطأ, فعلى عاقلته نصف الدية, وإن فقأها عمدًا؛ فعليه خمسمائة دينار في ماله, ولا تقاد يد أو عين أو سن إلا بمثلها. وفي السماع المذكور, وقال قياسًا على قول مالك الأخير, الذي به أخذ إن فقأ من عيني الصحيح معًا في فور واحد؛ خير الصحيح في فقء عينه مع أخذ دية عينه الأخرى خمسمائة دينار, وترك عين الأعور, وأخذ عقلها ألفًا مع خمسمائة دينار عقل الأخرى, وإن فقأها في مجالس مختلفة, فإن بدأ بفقء عين التي هي باقية له؛ خير في فقء عينه أو أخذ عقلها ألف دينار, وإن بدأ بالتي هي ذاهبة منه, فإنما له عقلها خمسمائة دينار, وعليه في الأخرى القود, ولم يزد ابن شد فيها شيئًا. وللشيخ: روى علي: إن فقأ أعور عيني صحيح عمدًا؛ فله فقء عين الأعور, وأخذ دية عينه خمسمائة دينار. قال أشهب: هذا إن كان في فور واحد, وإن بدأ بالتي مثل عينه العوراء؛ فله فيها نصف الدية, وفي الأخرى القود, وإن بدا بمثل عينه الصحيحة؛ فله فيها القود, وفي الأخرى ألف دينار, محمد: وقاله مالك وأصحابه.

وفيها: من طرحت سنة عمدًا فردها فثبتت؛ فله القود فيها, والأذن كذلك, ولو رد السن في الخطأ فثبتت؛ كان له العقل. وفي سماع أصبغ من الديات: من ضرب فذهب عقله, فأخذ العقل بعد السنة, ثم رجع إليه عقله؛ لم يرده وهو حكم مضى. ابن رشد: مثله في الموازية فيمن ضربت عينه, فنزل فيها الماء وابيضت, فأخذ الدية, ثم برئت بعد ذلك؛ لا يرد شيئًا واختار, محمد: إن قضى به بعد الاستقصاء والأناة. وقال ابن القاسم في المدونة: في بياض العين, ونزول فيها؛ يرد ما أخذ فيهما, فقيل: هو قوله في مسألة العقل ولا فرق, وقيل قوله في العقل كأشهب, الفرق أن العقل ذهب حقيقة ثم عاد والبصر يستره ساتر ذهابه حقيقة؛ فانكشف برجوعه خطأ الحاكم بالدية؛ فيتحصل فيها ثلاثة أقوال, ثالثها يرد في البصر لا العقل, ولو عاد البصر أو العقل قبل الحكم, لم يقض له بشيء اتفاقًا, وحكم السمع حكم البصر, وسن الكبير يقضي له بعقلها, ثم يردها فتثبت فلا يرد عقلها اتفاقًا, أو لا ترجع على قوتها, هذا قول ابن القاسم. وقول أشهب في الموازية وروايته في رسم الأقضية في الجنايات: والأذن كالسن إذا ردها بعد الكم فتثبت واستمسكت, وإنما اختلف فيها إن ردها فثبتتا واستمسكتا, أو فعادتا لهيئتهما قيل الحكم في القضاء بالعقل فيهما, ثالثها في السن لا الأذن لها, ولأشهب وسماع يحيي ابن القاسم في الجنايات, ولا خلاف بينهم في القود فيهما ولو عادا لهيئتهما, فإن اقتص بعد أن عادا لهيئتهما؛ فعادت أذن المقتص منه فذلك, وإن لم تعودا؛ فلا شيء له, وإن عادت سن المستقاد منه أو أذنه, ولم تكن عادت سن الأول ولا أذنه؛ غرم العقل, قاله أشهب في الموازية. اللخمي: إن رد السن أو الأذن فثبتتا, أو نبت في مكان السن أخرى, ففي العمد لهما القود اتفاقًا, والخطأ في السن وشبهه مما فيه دية مسماة. قال ابن القاسم في المدونة في السن: له ديتها.

محمد: ليس السن عنده كغيرها؛ لأنه يرى فيها ديتها, ولو نبتت قبل اخذ عقلها وإن خطأ, وقال أشهب: لا شيء له كالجراح, وكذا لو ردها فنبتت فلا شيء له إلا أن يكون أخذ لذلك عقلًا فلا يرده. واتفقوا في الموضحة والمنقلة والمأمومة والجائفة في الخطأ أن فيها ديتها, ولو عادت لهيئتها وفرق بين العمد والخطأ, أن المعتبر في قصاص الجرح ما هو عليه يوم الجرح, وقيسه يومئذ, وفي الخطأ إنما يعتبر ما يكون بعد الربء إن برء على غير شين لم يكن فيه شيء, ولا خلاف في هذين القسمين, وإذا كان له وجب القصاص في الأذن والسن وإن عادتا؛ لأنه الحكم يوم وقع الجرح, ويختلف في إشراف الأذنين, إذا ردهما في قطع الخطأ؛ فعلى أن فيهما حكومة لا شيء لهذا, وعلى أن فيهما الدية, تكون له الدية كالسن. وذكر عن محمد: إذا عادت سن الجاني وأذنه, ولم يعودا من المجني عليه مثل ما ذكر ابن رشد, قال: ولا يقتص منه ثانية؛ لأن حق الأول في الألم قد أخذه, والقياس أن يقطعه ثانية؛ لأن الألم تبع, والعمد وجود الشين, والمثلة بذهاب ذلك منه كالأول, ومن حق الأول أن يمنعه من إعادة ذلك ليكون في الناس ناقصًا كالأول. وقال مالك: من كسر أنف رجل خطأ, إن برئ على غير شين غلا شيء فيه, وإن برئ على عثل؛ ففيه الاجتهاد, وفي العمد القود برئ المجني عليه على عثل, والجاني على غير عثل أو عثل أقل منه؛ فللأول بقدر ما زاد شينه. قال في الموطأ: ولو مات الثاني؛ لم يكن على المجني عليه شيء. إلا حق بالدم: حصله ابن رشد؛ بأنه بنوة ذو تعصب بنوة أقربه به يحجب أبعده ثم ذو الأبوة أقربه يحجب أبعده, وولد الأقرب, وهم للأخوة في الأب دينه, والأعمام في غيره يحجب البعد من أبيه كالأحقية, في ولاية النكاح والجنائز والولاء عند ابن القاسم, إلا أنه جعل الجد كالأخوة. قلت: قال اللخمي عن محمد عن أشهب: الأخوة أحق من الجد, كالولاء ووافقه ابن القاسم في الولاء.

قلت: في النوادر عن محمد, قال ابن القاسم في بعض مجالسه: الأخ أولى من الجد, محمد: وأظنه غلطًا ممن أخبرني به, وهذا قول أشهب. قلت: عزاه ابن حارث لسحنون فقط. الشيخ في المجموعة عن أشهب, ابن القاسم: لا شيء للأخ في الدم. اللخمي في لغو الترجيح بالشركة في الأم بين الإخوة, قولان لابن القاسم وأشهب. قلت: متقدم قول ابن رشد قول ابن القاسم في استحقاق الدم, كالولاء إلا في الإخوة مع الجد, يقتضي أن الشقيق مقدم على الأخ للأب كالولاء. اللخمي: إن لم يكن ذو نسب؛ فالمولى الأعلى والأسفل لغو. والنساء فيهن طرق: الباجي: قال القاضي في أن لهن في الدم مدخلًا روايتان, وعلى الأولى في كونه في القود, إلا العفو أو العكس روايتان. اللخمي: معروف قول مالك أن لهن حقا في الدم. وروى ابن القصار: لا شيء لمن فيه. ابن رشد: لا حق فيه لمن لا إرث له منهن, كالعمات وبنات الإخوة, ولمن يرث منهن كالبنات والأخوات والأمهات؛ منه حق فيه. اللخمي: اختلف في الأم, فقال مالك وابن القاسم: لها فيه حق, أشهب: لا حق لها فيه ولا مع السلطان, وفي المقدمات: إن كان الأولياء بنات وأخوة أو أخوات وعصبة, ففي كون الأحق بالقود من قام به, ولا عفو إلا باجتماعهم, ولو ثبت الدم بقسامة, أو إن ثبت ببينة, فالنساء أحق بالقود والعفو لقربهن, وإن ثبت بقسامة؛ فالأول لابن القاسم فيهما, وسماعه عيسى ورواية الأخوين. قلت: يريد باجتماعهم اجتماع بعض الصنفين لقولهما: إن عفا بعض البنات وبعض العصبة, أو بعض الأخوات وبعض العصبة؛ فلا سبيل للقتل, ويقضى لمن بقي بالدية. ابن رشد: وإن كان مع البنات والأخوات عصبة, وثبت ببينة فالعصبة لغو, وإن ثبت بقسامة؛ ففي كون من قام بالقود من امرأة أو رجل أحق, وسقوط النساء قولان

لابن القاسم فيها وسماعه عيسى. قلت: في النوادر اختلف في البنات مع الإخوة, قال أشهب: عفو أحد الإخوة يجوز على البنات, وباقي الإخوة وجعلهم كالبنين, ولم يجعل هذا لأحد من العصبة إلا بالاجتماع. وقول محمد: قول ابن القاسم أحب إلي, لا عفو إلا باجتماع الإخوة والبنات, ورواه ابن وهب وغيرهما, وفي الجلاب في أم أو بنت أو أخت مع عصبة في كون الحق لهم لا للنساء, أو لمن طلب القتل ثالث الروايات القول قول من عفا. الشيخ عن محمد: إذا استووا كالبنين والبنات, والإخوة مع الأخوات؛ فلا قول للإناث مع الذكور. اللخمي: اتفق ابن القاسم وأشهب على تقديم الأم على الأخوات, واختلف في الأم مع البنات, فقيل: هن أحق بالقتل والعفو. وروى ابن القاسم: لا تسقط الأم إلا مع الأب, والولد الذكر فقط؛ فعليه لا يصح عفو إلا باجتماعهما معهن, والأول أحسن؛ لأن البنوة مقدمة على الأبوة. وفي استقلال الأب بالقتل, والعفو من البنات, ووقفة على موافقتهن: نقلا الشيخ عن محمد عن أشهب وابن القاسم, ولابن سحنون عنه: البنات أولى من عفو الأب. وفيها: إن كان الأخوات شقائق, والإخوة لأب؛ فلا عفو إلا باجتماعهم؛ لأن الإخوة للأب معهن عصبة. الشيخ عن الموازية: البنات أقرب من الأم, لا عفو لها دونهن, ولهن العفو دونها, وفي المجموعة روى ابن وهب في أم وأخ وابن عم: لا عفو للأم دونهما, وفي الموازية لابن القاسم: عفو الأم مع العصبة جائز على الأخوات. قال في المجموعة: إن عفا العصبة والأخوات, فللأم القتل وفي الموازية: إن اختلفت الأم والعصبة بطل العفو, فإن عفا البنات والعصبة؛ جاز على الأم, وإن عفت مع العصبة؛ لم تجز علي البنات, والأم عند أشهب أضعف ممن سميت. وقال أيضًا: في ولد الملاعنة؛ لا عفو لبناته, ولا للموالي دون أمه, ولا عفو إلا

باجتماعهم. وفيها: إن غاب أحد الوليين, والقتل بغير قسامة؛ فإنما للحاضر العفو, فيكون للغائب حظه من الدية, ولا قتل له حتى يحضر الغائب, ويسجن القاتل يقدم الغائب, ويكتب إليه, ولا يكفل القاتل, إذ لا كفالة في الحدود والقصاص. الصقلي: إلا البعيد الغيبة, فلمن حضر القتل, قال سحنون: فيمن بعد جدًا أو أيس منه, كالأسير بأرض الحرب وشبهه, ومن غاب من إفريقية إلى العراق؛ فليس كالأول. قلت: في النوادر عن المجموعة, قال ابن القاسم: ينتظر الغائب إلا أن يكون بعيد الغيبة, فلمن حضر القتل, قال سحنون ... إلخ, فحذف الصقلي قول ابن القاسم قصور. وفي تعليقة أبي عمران: سألت الشيخ عن قولها, في الغائب ينتظر أرأيت إن كان بعيد الغيبة؟ قال: ظاهر الكتاب ينتظر, وفرق سحنون بين القريب والبعيد. وسمع يحيي ابن القاسم: إن غاب بعض الأولياء الذين وجبت عليهم القسامة ممن يجوز عفوه على من حضر, ولو نكل زدت القسامة على المدعى عليه, انتظر أبدًا حتى يقدم, ولا قتل دون ذلك, ولو أقسم من حضر ممن هو في منزلته؛ وإنما يؤمر من حضر أن يقسم؛ لأنه إن نكل سقطت القسامة مطلقًا, وردت الأيمان على المدعى عليه وإن حلف الحضور, فذلك أم احتيط فيه, خوف أن يقدم الغائب ليقسم, فيوجد هؤلاء قد ماتوا, ولا يوجد من يقسم معه فيبطل الدم. ابن رشد: قوله: ينتظر أبدًا, ظاهره ولو بعدت غيبته, وهو ظاهر المدونة, وهو القياس, ثم ذك قول سحنون, ولم يذكر قول ابن القاسم في المجموعة, وقوله وهو ظاهر المدونة كذلك. قال أبو عمران, قال ابن عبد السلام: ظاهر قول المؤلف أن الغائب إذا أيس منه سقط حقه, والذي تدل عليه أصول المذهب: أن القاضي يقيم له وكيلًا ينظر له بالأصلح.

قلت: إضافته سقوط حق الغائب للمؤلف يوهم انفراده, ومخالفته ما زعم من مقتضى المذهب, وليس كذلك, فإن قول ابن القاسم في المجموعة كالنص على سقوط اعتباره, وهو قوله: فلمن حضر القتل, ومثله لفظ الصقلي. قال ابن الحاجب: يحبس كما لو شهد واحد في العمد حتى تزكى, ولا يكفل بخلاف قتل الخطأ وجراحه؛ فإنه مال على العاقلة أو عليه. قلت: ظاهر قوله بخلاف قتل الخطأ ... إلخ؛ أنه لا يحبس في الخطأ, وقوله في تعليله, أو عليه؛ يريد: أو عليه غير حال, والمنصوص في الشاهد الواحد بقتل العمد, حبس الغريم مقيدًا بالحديد, وقتل الخطأ لا حبس فيه ولا تعزير. قال المتيطي: عن ابن أبي زمنين: إن احتيج إلى الشهادة على عين القاتل؛ حبس حتى يشهد عليه, وقاله سحنون. وفيها: إن شهد واحد على دم عمد أو خطأ؛ كانت القاسمة, ولا يحبس المشهود عليه في الخطأ؛ لأن الدية على العاقلة, ويحبس في العمد حتى يزكى الشاهد. وسمع ابن القاسم: من حبس في قتل خطأ, فمات قبل أن يقسموا؛ لم يبطل, يقسمون ويأخذون الدية, وقيل: لا يحبس أحد في الخطأ. ابن رشد: ليس هذا باختلاف, إن كان مشهورًا لم يحبس للشهادة على عينه, قاله سحنون وهو صحيح, ولا يبرئه إلا جميل مليء بالدية بوجهه, ولو كان في الأولياء صغير لا ولي له, ففي استقلالهم بالقتل دونه, ثالثها: إن لم يقترب بلوغه لها, ولابن عبدوس عن سحنون عبد الملك وسحنون. وفيها: إن كان أحد الوليين مجنونا أو مطبقً؛ فللأخر أن يقتل, وهذا يدل على أن الصغير لا ينتظر, وإن كان في الأولياء مغمى عليه أو مبرسم, انتظرت إفاقته؛ لأن هذا مرض. ابن رشد: القياس قول من قال: ينتظر الصغير, وأفتى فيمن له بنون صغار, وعصبة كبار بانتظار الصغار قائلا: إذ هم أحق بالقيام بالدم, فسئل عن فتواه بخلاف الرواية المأثورة في ذلك فقال: خفي على السائل معنى ذلك, وظن أنه لا يسوغ للمفتي

العدول عن الرواية, وليس كذلك بل لا يسوغ للمفتي تقليد الرواية, إلا بعد معرفته بصحتها لا خلاف فيه بين أحد من أهل العلم, وهذه الرواية مخالفة للأصول, واستدل على مخالفتها, بما حاصله وجوب اعتبار حق الصغير, وتأخيره لبلوغه, كحق له بشاهد واحد وبأن له جبر القاتل على الدية, على قول أشهب, وأحد قولي ابن القاسم, ورواية الأخوين. قلت: لا يخفي ضعف هذا, ولا يغتر في زمننا؛ إنما ساغ ذلك لمثل ابن رشد لعلو طبقت, وقال بعض من عاصره: ليس العمل اليوم على هذا, إذ هو خلاف قول ابن القاسم, وفي طرة بعض نوازله ما نصه: ليس العمل اليوم على هذا, إذ هو خلاف مذهب ابن القاسم, وقال ابن الحاج: إنه بذلك من غير رواية ولا حجة. فإن قلت: ما هي الرواية المأثورة في ذلك؟. قلت: في الموازية والمجموعة, روى ابن وهب وأشهب: في قتيل له بنون صغار وعصبة؛ فللعصبة القتل, ولا ينتظر بلوغ الصغار, قال عنه ابن وهب: ولهم العفو على الدية فتكون بينهم, قال عنه أشهب: وينظر للصغار وليهم في القود, العفو على مال وله أن يقسم إن وجد معه من العصبة من يقسم معه, إن لم يكن في قربة, ثم يكون لهذا الذي هو أولى بالصبي, القتل أو العفو على الدية, وإن كان وليه صبيًا أجنبيًا لم يحلف في القسامة إلا العصبة, ثم للوصي النظر في القود أو العفو؛ يريد على مال. قال: إن ثبت الدم ببينة والولد صغير؛ فللعصبة القتل, والعفو على الدية كاملة, وأحب إلي أن لا يعفوا, وإن أخذوا الدية, ويحبس القاتل حتى يكبر الصغير, وإن كان بالقسامة؛ فكذلك بعد أن يقسموا, فإن نكلوا حبس القاتل حتى يبلغ الصبي, فيقسمون, ثم يقتلون أو يأخذون الدية, وأحب إلي أن أقسموا أن لا يعفوا على الدية, إلا بإذن السلطان, وقاله ابن دينار كنانة وابن أبي حازم. وروى المحمدان: إن كان الابن صغيرًا؛ فالأب يقتل أو يعفوا على الدية, فإن لم يكن إلا الجد؛ فذلك إليه ولا شيء للجد للأم.

قال أشهب في المجموعة: إن كان له بنون صغار وكبار؛ فأقسم الكبار فلا يقتلوا إلا برضى الوصي, فإن عفا الوصي على الدية جاز, ودخل فيها الكبار, قال بان المواز: إن كانوا في درجة واحدة, وطلبوا القتل نظر معهم أولياؤهم الصغار, ومن عفا منهم على الدية دخل فيها الباقون, وأما العصبة عند أشهب. يريد: غير الإخوة فمن قام بالدم منهم, فهو أولى من كبير أو ولي صغير, ولا عفو إلا بجميعهم, ولا يعفوا أولياء الأصاغر مع الأكابر, إلا بنصيبهم من الدية, وإلا فلهم العقل. وفي المجموعة: روى على الوصي أولى بالنظر في القتل, والعفو من الأولياء, وقاله أشهب, هذا كله نقل النوادر, وأطلق اللخمي القول عن اعتبار الوصي فقال: للكبير مع الصغير القتل, والعفو من الأولياء, ولا يؤخر القتل لبلوغ الصبي, ولو كان القتل بقسامة منه, وممن استعان به معه وإن لم يجد من يعينه حلف نصف الخمسين, وسجن الجاني لبلوغ الصغير إن حلف بعد بلوغ استحق القتل والعفو. قلت: تحصيلها إن كان مع الصغير كبير في طبقته, والقتل ببينة أو قسامة ثبتت, ففي استقلال الكبير بالقتل عن وصي الصغير, ووقفه على نظره معه قولان لظاهرها مع نقل الشيخ نص رواية ابن المواز وابن عبدوس. ونقله عن أشهب مع محمد وهما بناء على عدم جبر القاتل على الدية وجبره, وإن كان مع من هو بعده كالعصبة مع الابن, ففي استقلالهم عن وصبة ووقفهم عليه, ثالثها: إن كان القتل ببينة استحب عدم عفوهم قفة لبلوغ الصبي, وإن كان بقسامة استحب وقف عفوهم على إذن السلطان, ورابعها الوصي أوى بالقتل والعفو من الأولياء, لرواية ابن وهب مع أشهب وقوله مع محمد, واختيار ابن حبيب ورواية علي. وسمع أبو زيد ابن القاسم: إن لم يترك القتيل إلا ولدًا صغيرًا, ولا ولي له إلا السلطان أقام له وليًا يكون كالوصي, والولي ينظر له بالقتل أو العفو على الدية لا على أقل منها إن كان مليًا بها, وإن عجز عنها جاز ما يرى على وجه النظر, فإن صالح

بأقل منها والقاتل مليء لم يجز ورجع على القاتل, ولا يرجع القاتل على الولي بشيء. ابن رشد: أجاز أشهب صلحه بأقل من الدية على وجه النظر, ما لم يكن يسيرًا جدًا تتبين فيه المحاباة, وقوله أصح على المعلوم من قول ابن القاسم, بعد جبر القاتل على الدية, وقول ابن القاسم أصح على قول أشهب في جبر القاتل على الدية. قلت: بقه سحنون بهذا, قال في المجموعة: نقض أشهب أصله في هذا؛ لأنه يرى للولي الجبر على الدية. وفيها: من وجب لابنه الصغير دم عمد أو خطأ, لم يجز له العفو إلا على الدية لا أقل منها, وإن عفا في الخطأ وتحمل الدية في ماله؛ جاز إن كان مليًا يعرف ملاؤه, وإلا لم يجز عفوه, وكذا العصبة وإن لم يكونوا أولياء, وإن جرح الصبي عمدًا وله وصي فللوصي أن يقتص له, وإن قتل فولاته أحق من الوصي. الشيخ في المجموعة والموازية لابن القاسم: لو بذل الجارح دية اجرح, فأبى الوصي إلا القود, فإن كان من النظر؛ أخذ المال أكرهه السلطان على ذلك, قال ابن عبد السلام عن بعضهم: للمحجور العف عن قاتله عمدًا وفي الخطأ, كإيصائه به, قال: وأما الجرح والشتم وما نيل من بدنه أو عرضه؛ فأجاز ابن القاسم في الواضحة عفوه كان الجرح عمدًا أو خطأ, وإن كان غير بالغ, ومنعه مطرف, وابن الماجشون وأصبغ. قلت: الذي رأيت في النوادر, قال عبد الملك: المولى عليه لا يجوز عفوه عن الدم وقياسه على إيصائه وهم؛ لأنه بعد موته قال: وفي المجموعة والموازية: ليس للمرأة المولى عليها عفو عن جراحها عمدًا أو خطأ. وفيها: إن قتل للصغير عبد عمدًا, فأحب إلي أن يختار أبوه أوصية أخذ المال, إذ لا نفع له في القود, ومن قطع يد رجل, وفقأ عين آخر, وقتل آخر؛ فالقتل يأتي على ذلك كله, رواه ابن القاسم, وابن وهب في المجموعة. قال اللخمي: القياس أن يقتص لذي اليد, وتبقى النفس لأولياء القتيل, قال أشهب: إن عفا عن دمه أقيد من جراحاته, قال ابن القاسم: وإن قطع أصابع يد رجل, ويد آخر من الكوع, ويد آخر من المرفق؛ قطع لهم من المرفق.

قلت: لابن رشد في سماع أصبغ: من قطع أصابع رجل, ثم كفها قطعت أصابعه ثم كفها؛ فأحرى في رجلين. وسمع ابن القاسم: لو قطع رجلًا من الكوع, وآخر من المرفق, فقطع للأول فليس للثاني, إلا قطع ما بقي, أصبغ: أحب إلي عدم قطعه إلا أن يأبى الجاني العقل. ابن رشد: لو قيل: الخيار للمقطوع كان أحسن, وما استحبه خلاف قوله فيمن قطع أصابع رجل ثم كفها. وفيها: لا يمكن ذو القد في الجراح من القصاص؛ يل يقتص له من يعرف القصاص. الشيخ: روى محمد وابن عبدوس: أحب إلى أن يولي الإمام على الجراح عدلين بصيرين بذلك في المجمعة, وإن كان أحدهما أفضل من الآخر, فإن لم يجد إلا واحدًا أجزأه, قيل لمالك في الموازية: أيجعل الموسي بيد المجروح, ثم يشد الطبيب على يده حتى تبلغ ذلك قال: لا أعرفه, وسمع ابن القاسم: أجر القصاص على المقتص له. ابن رشد. قيل على المقتص منه وهو بعيد. قلت: كذا نقله ابن شعبان وعزاه المتيطي لابن عبد الحكم. وفيها: وأما في القتل فيدفع للولي يقتله, وينهى عن العبث, وفي الموازية مثله, وقال أشهب: فيها وفي المجموعة: لا يمكن من القتل بيده خوف أن يتعدى. قلت: وتقدم ذكر الجناية على القاتل قبل قتله. وفيها: مع سماع ابن القاسم: على الجاني مع القود العقوبة. ابن رشد: الأظهر قول من قال: لا يعاقب؛ لأن حبسه إلى براء الجرح زجر, وما لا قود فيه, كالمنقلة يعاقب مع الغرم, سمعه ابن القاسم في رسم مساجد القبائل من كتاب الحدود. وسمع القرينان: تقام الحدود في الحرم, ويقتل بقتل النفس في الحرم. ابن رشد: سمع ابن القاسم: ولا خلاف فيه بين فقهاء الأمصار. وقال في سماع أبي زيد: روى ابن عباس: من أصاب الحد في الحرم؛ أقيم عليه

وإن أصابه في غيره, ثم لجأ إليه لم يكلم ولم يجالس لم يؤو, حتى يخرج منه؛ فيقام عليه الحد, وقيل: إذا لجأ إليه أخرج منه فأقيم عليه. قلت: ما عزاه لفقهاء الأمصار, خلاف نقل ابن القصار وعبد الوهاب وغيرهما, قال ابن القصار: قال أبو حنيفة: إن قتل في الحرم قتل فيه, وإن قتل في الحل ثم لجأ إلى الحرم, لم يقتل ولم يخرج منه, ولكن يهج ولا يبايع ولا يؤوى, حتى يضطر للخروج فيقتل ووافقنا في الطرف, ويؤخر العقل والقود سنة. وفيها: يؤخر بالمقطوع الحشفة, حتى يبرأ, إلا أن مالكًا قال: ولا يقاد من جرح اعمد, ولا يعقل في الخطأ إلا بعد البرء, وإن طلب المقطوع الحشفة حتى يبرأ, إلا أن مالكًا قال: لا يقاد من جرح العمد تعجيل فرض في الدية, إذ لابد منها, ولو عاش لم يكن له ذلك لعل أنثييه, أو غيرهما تذهب من ذلك, وكذا في الموضحة والمأمومة, وتؤخر العين سنة, فإن مضت ولم تبرأ انتظر برؤها ولا يكون قود ولا دية, إلا بعد البرء, وإن ضربت فسال دمعها, انتظر بها سنة, فإن لم يرقأ دمعها ففيها حكومة, ومثله في الموطأ. الباجي: لأنه قد يؤول إلى النفس فيعود القد ثانيا, وهو خروج عن المماثلة. قلت: عزا هذا التعليل الصقلي لأشهب, وفي سماع أصبغ قال أشهب: يستأنى بذهاب العقل سنة. ابن رشد: الوجه في ذلك أن تمر عليه الفصول الأربع, ولا خلاف في انتظاره سنة, إنما اختلف في الجراح, قيل: ينتظر بها سنة ولو برئت قبلها, فإن مضت ولم تبرأ انتظر برؤها بعدها, هذا مذهب المدونة. وقال ابن حبيب: إن برئت قبل السنة, لم ينتظر تمامها إلا أن تبرأ على عثل, فإن برأت عليه انتظر تمامها, ولا ينتظر بها بعد السنة, ويحكم بالقود عند تمامها, فإن ترامى الجرح لذهاب عضو, نظر فيه, كما لو حكم بالقود بعد البرء, ولم ذكر الباجي رواية ابن القاسم كابن وهب, قال: وقال أشهب: إن مضت السنة والجرح بحاله عقل مكانه, المغيرة: لم أسمع فيه توقيتًا.

قلت: زاد أشهب في الموازية, فإن ترامى إلى أكثر طولب به, والظالم أحق أن يحمل عليه. عياض: اختلف في الاستيناء لتمام السنة إذا ظهر البرء قبلها, فقال ابن شاس: ينتظر تمامها وظاهر كلام غيره خلافه, وهو ظاهر الأصول لا معنى بعد البرء لرعي الفصول. وفي الموازية: إن استقر مقر العين عقل ما ذهب منها, وإن كان قبل السنة وكل جرح تحمله العاقلة كالمأمومة والجائفة والمواضح تبلغ الثلث, ففي تعجيل عقلها وتأخيره لتمام السنة, نقل الشيخ عن محمد قولي ابن القاسم وأشهب, قائلا في قطع الحشفة: لولا ماضي من فعل السلف في التأخير لم يؤخر, ولعل الحشفة تنبت, وقد قيل لمالك: إن اللسان ينبت. عبد الحق: العين الدامعة لا ينتظر بها بعد السنة بخلاف المخسفة؛ لأن انخسافها جرح لابد من برئه, والعين الدامعة تبقى على حالتها تدمع أبدًا, هذا موجود في الناس. وقال عياض: قوله في قطع اللسان ينتظر ما يصيره إليه. قلت: في الدية والقود قال في الدية: ظاهرة تعجيل القود كسائر الأعضاء, ولا ينتظر نباته كما يقاد في الأعضاء, فإن نبت لحمها, فقال بعض شيوخنا: يجب على قوله في سن الصبي وثدى الصغيرة, إذا ثبت أن لا قود فيه أن ينتظر نباته, وفرق عياض بما حاصله عندي أن عود ذلك في الصغير أقرب من عد اللسان, وما حمل عليه المدونة من التعجيل في قود اللسان خلاف ما تقدم, من وجوب الاستيناء في العمد والخطأ. ونحو قو عياض: نقل النوادر عن أشهب: إن قلعت سن الصبي وقد أثغر نبتت أسنانه؛ عجل العقل في الخطأ, والقد في العمد وقولها: إن قطع ثديا الصغيرة, فإن استوقن بطلانها, لا يعودان أبدًا؛ ففيهما الدية, وإن شك في ذلك؛ وضعت الدية واستونى بهما. اللخمي: الجراح في تعجيل الحكم قبل البرء أقسام؛ ما دون الثلث, ويخشى تناميه؛ يؤخر وإن لم يخش كالموضحة في تأخيره للبرء وتعجيله, هي تدمى, قولا ابن

القاسم وابن عبد الحكم قائلا: إلا أن يخاف أن يكون فيه ثلث الدية, وإن بلغت ديته الثلث كالمأمومة والجائفة؛ ففي تعجيل الدية وتأخيرها قولان, والتعجيل أحسن, وتقدم حكم جرح الخطأ, يعود لهيئته وما يترامى إليه الجرح في أثناء ما لا قود فيه, وفي جراحاتها إن برئ خرم الأنف أو كسره, خطأ على غير عثم؛ فلا شيء فيه, إن برئ على عثم ففيه الاجتهاد. سحنون: لا اجتهاد فيه؛ لأن الأنف جاء فيه فرض مسمى, وإن برئ على عثم فيه بحساب ما نقص من ديته. اللخمي: مارن الأنف مالان منه دون عظمه في قصر ديته عى مارنه, أو في قطع جميع أصله, روايتان لها وللمبسوط, وهذه أشبه بقوله صلى الله عليه وسلم: ((إذا أوعب جدعًا)) فإن فرزه, ثم عاد ففيه حكومة, وإن لم يعد أو صار فيه ثقب فبحسابه. الشيخ: رواية الدية في استئصال العظم شاذة, قال: وفي الموازية؛ إن خرم عظمه دون مارنه ففيه حكومة, إن برئ على شين, وإن خرم ما دون أعظم؛ ففيه بحساب ما ذهب من مانه, وما برئ على غير شين؛ فلا شيء فيه في الخطأ, وفيه في العمد القود. وقال عبد الحق إثر قول سحنون: إن خرم العظم وسلم المارن؛ ففيه الاجتهاد, وإن خرم ما دون العظم؛ ففيه بحساب ما نقص من المارن, وكذا في الموازية, وإليه يرجع قول ابن القاسم وسحنون. وفيها: من شرق في شدة البرد فخيف موته من قطعه أخره الإمام, ابن القاسم: والحر إن علم خوفه كالبرد. الشيخ: روى أشهب في الموازية: وأما في شدة الحر فليقطع إذ ليس بمتلف, وإن كان فيه بعض الخوف, ورواه ابن القاسم بلاغًا, وقال: يؤخر إن خيف ما يخاف ما يخاف في شدة البرد, قال: والمرض المخوف لا يقطع فيه, ولا يجلد لحد ولا نكال.

اللخمي: إذا وجب الحد على ضعيف الجسم يخاف عليه الموت؛ سقط الحد ويعاقب, ويسجن, وإن كان القطع عن قصاص رجع للدية. وفي كونها على العاقلة أو في مال الجاني خلاف, وحد في القذف والزنا والشرب, يفرق عليه بقدر طاقته حتى يكمل. قلت: لابن رشد عن سحمون: بيس من خاف على نفسه من الختان تركه, ألا ترى أن من وجب قطع يده لا يترك لذلك, قاله في ترجمة ما جاء من اختتان إبراهيم عليه الصلاة والسلام, من رسم اغتسل من سماع ابن القاسم من أوائل الجامع, وفي سرقتها من اجتمع عليه حد لله حد للعباد برئ بحق الله, إذ لا عفو فيه ويجمع ذلك إلا أن يخاف عليه الموت, فيفرق ولو سرق وقطع شمال رجل؛ قطعت يمينه وشماله للقود, ويجمع ذلك عليه الإمام, أو يفرقه بقدر ما يخاف عليه. اللخمي: إن خيف عليه في إقامة ما هو لله دون ما للآدمي؛ أقيم عليه ما للآدمي وإن كان الحقان للآدمي بقذف وقطع اقترعًا أيهما يبدأ, من غير مراعاة للآخر, وإن حمل أحدهما دون الآخر؛ أقيم أدناهما دون قرعة. الصقلي عن محمد: إن رأى الإمام قطع المحارب في رد شديد, فلا يؤخر بخلاف قطع السرقة؛ لأن الإمام لو قتل هذا المحارب جاز له. ابن عبد السلام: ليس هذا ببين؛ لأن قطع المحارب, إنما هو بالاجتهاد لا التشهي فمن استحق القطع, لا ينبغي أن يزداد عليه للقتل, هكذا ينبغي. قلت: القطع على قسمين قطع مع قيد السلامة من خوف موته, وقطع مع احتماله والمحارب معروض للثاني لعدم عصمة دمه مطلقًا؛ لأنه لو قتله غير الإمام لم يقتل به فإذا رأى الإمام قطعه مع احتمال موته جاز, والرواية إنما وقعت فيمن رأى الإمام قطعه في برد شديد, أما لو رآخ في غير الربد ثم تأخر لا ينبغي أن يستأنف الإمام النظر فيه. وفي الموازنة: تؤخر الحامل في قتل النفس, لوضع الحمل عند ظهور مخايله لا بمجرد دعواها.

قال محمد: وفي القصاص الشيخ: يريد في الجراح المخوفة, ولا تؤخر بعد الوضع إلا أن لا يوجد من يرضعه, وتحبس الحامل في الحد والقصاص, ولو بادر الولي فقتلها فلا غرة للجنين, إلا أن يزايلها قبل موتها؛ ففيه الغرة إلا أن يستهل صارخًا. الشيخ عن الموازية: لمن وجب على امرأته قود وطئها بخلاف أمته؛ لأنها مرتهنة بالأرش حتى يحدها وقاله أشهب. وسمع القرينان لولي القتيل بالعصا قتل قاتله بالعصا أو بالسيف, إذا ضربه ضربة واحدة يجهز عليه فيها, لا يكون شيئًا مختلفًا, فإن كان هكذا فلا. ابن رشد: هذا مثل قولها أنه إن كان ضربه عضوين ضرب القاتل بالعصا حتى يموت؛ يريد: مع قصده الإجهاز عليه في كل ضربة, كما قال في هذا السماع, ولو رمى رجل رجلًا بسهم فقتله؛ لوجب على مذهب مالك أن يقتل طعنًا, بمثل السهم الذي رماه به. وقال سحنون: إن كان العصا والحجر مجهزًا؛ قتل بمثله, إن كان غير مجهز قتل بالسيف لا بغيره. وسمع عبد الملك ابن القاسم: من قتل رجلا بتغريق أو سم؛ قتل بمثل ذلك. ابن رشد: هو نص قولها في السم وتأولها الشيخ فقال: يعني لوجب القود بغير السم, وهو بعيد كتأويل أصبغ قول مالك فيه, وإذا أقيد على قول مالك بالسم؛ فأحرى بالنار خلاف قول أصبغ: لا يقاد بالنار. قلت: قال اللخمي: اختلف إن ضرب بالعصا, مثل العدد الأول, فلم يمت, فقال ابن القاسم: يضرب بها حتى يموت. وروى محمد: إن كانت العصا تجهز في ضربة واحدة قتل بها, وأما ضربات فلا, وليقتله بالسيف. وقال أشهب: إن رأى أنه زيد مثل الضربتين مات زيد ذلك, وإلا فالسيف. وقال عبد الملك: عند محمد إن قتل الأول بالنبل أو برمي الحجارة أو بطرح من جدار أو جبل أو على سيف أو رمح أو غيره فالسيف؛ لأن ذلك قد يخطئ فيصير

تعذيباً. وأصل قول مالك: القود بمثل الأول، وهو مقتضي الحديث، وإن أمكن أن يخطيء، فالظالم أحق أن يحمل عليه، وذكر الباجي قول ابن الماجِشُون بما تقدم، وبأنه لا يقتل بالنار وقال: المشهور قتله بما قتل به من نار أو غيرها. ابن رُشْد: إنما يقتل بمثل ما قتل من ثبت قتله بذلك، وأما من يقتل بالقسامة؛ فلا يقتل الإ بالسيف. وقال ابن العربي: من قتل بشيء قتل به إلا في المعصية كالخمر واللواط والنار والسم، وقيل: يقتل بهما. قُلتُ: مقتضي قوله: أن المشهور عدم القتل بهما، وقد تقدم خلافه. وفيها: إن قطع يديه ورجليه، ثم ضرب عنقه قتل، ولا تقطع يداه، ولا رجلاه، وكل قصاص القتل يأتي عليه. الصقلي: يريد إلا أن يفعله به على وجه العذاب. الباجي: قال عيسى في المدينة.: إن قطع يدي ورجل ورجليه، ثم قتله أقيد منه كذلك، قال القاضي: هذا قول أبي حنيفة والشافعي ومالك يقول: القتل يكفي عن كل ذلك. وقالل أَصْبَغ: إن لم يرد القاتل بقطع يديه العبث والإيلام؛ قتل فقط، وإن كان أراد ذلك فعل به مثله، وقال ابن مزين. اللخمي: إن قطع يديه ورجليه؛ ثم تركه فمات، ولم يكن أراد قتله؛ قتل عند مالك ولم تقطع أطرافه، إن أراد قتله، ففعل ذلك، ثم قتله بالفورقتل عند ابن القاسم، ولم يقطع،. وقال أشهب: يقطع ثم يقتل، وقاله مالك: إن أراد بذلك المثلة وهو أحسن، ولوقطع أصابعه ثم يده، فإن قطع يده بنية حدثت كفى قطع يده عنهما، وإن كانت بنية قطع الجميع على وجه العذاب، جرى على قولي ابن القاسم وأشهب. قُلتُ: ظاهر قوله أولاً في الاكتفاء بالقتل عن القطع، ثالثهما إن لم يرد المثلة لابن القاسم وأشهب، وظاهر قوله في ياليد قصر الخلاف على إرادة المثلةن وقول ابن الحاجب

هنا: ولو قطع يدًا أو رجلاً لآخر إلخ، تكرير لقولله قبل: وإذا اجتمع مستحق النفس ومستحق الأطراف، وفي جناياتها إن عفا ولي القتيل الحر على إلزام القاتل ديته، لم يلزمه إلا أن يشاء، وقال أشهب: تلزمه الدية وإن كره ولا يقتل. الباجي: هما روايتان، وبقول أشهب: قال ابن وَهْب ويحيي بن سعد. قُلتُ: وهو الأظهر ورجحه غير واحد لحديث مسلم، ومن قتل له قتيل فهو بخير النظرين، إما أن يعطى يعني الدية، وإما أن يقاد أهل القتيل. اللخمي: وعلى الجبر تجبر قاتله رجل على ديته، قال: ويختلف في العكس، هل عليه ديتها أو دية نفسه؛ لأن الولي ملكها كأحد قولي مالك في فقء عين أعور صحيح يغرم ديتها ألف دينار، وعليه يختلف فإن قتل جماعة رجلاً، هلل للولي دية قتيله، أو دية كل واحد لملكه قتله، وفي دياتها إن عفوت عن عبد قتل، وليك الحر عمداً، ولم تشترط شيئاً، فكما لو عفوت عن الحر، ولم تشترط شيئاً، ثم تطلب الدية. قال مالك: لا شيء لك إلا أن يتبين أنك أردتها، فتحلف ما عفوت إلا لأخذها، ثم ذلك لها، وكذا في العبد، ثم يخير سيده، ومثله في الموطأ. الباجي: من قال: إنما عفوت على الدية فروى مُطَرف، إن كان بحضرة ذلك قولاً له، وإن طال فلا شيء له، وقاله ابن الماجِشُون وأَصْبَغ. قال مالك: إن قال: ما عفوت إلا على أخد الدية حلف ما أراد تركها، وأخذ حقه منها، ثم رجع مالك، فقال: لاشيء له إلا أن يعلم لما قال وجه، وبه قال ابن القاسم. وقال ابن القاسم في بعض مجالسه: ليس عفوه عن الدم عفواً عن الدية، إلا أن يرى له وجه. قُلتُ: وتقدم قول ابن عبد الحكم في الجبر على العقل في الجراح، وابن وَهْب: لم أسمع تخيير المجني عليه في الجراح، إلا في الصحيح يفقاً عين الأعور، والأعور يفقاً عين الصحيح، أو العبيد يجرح بعضهم بعضاً، أو الكبير يجرح الصغير؛ قوليه بالخيار في القود والعقل، وإن كان ولي القصاص واحداً، فعفا عن بعض الدم؛ فلم أر فيه نصا وإن عفا المجروح عن نصف الجرح، فلسَحنون في المجموعة والعتبية: إن أمكن القود

من نصفه أقيد منه، وإن تعذر فالجارح مخير في إجازة ذلك، ويغرم نصف العقل وإلا قيل للمجروح إما أن تقتص أو تعفو، وقال أشهب: يجير على عقل النصف. وفيها: إن عفا أحد البنين سقط حظه في الدية، وبقيتها بين من بقي يدخل فيه الزوجة وغيرها، ابن شاس: للولي المفلس العفو عن القود إذ ليس بمال إلا عن الدية بعد تقررها، فلو كان الدم لرجلين مفلسين فعفا أحدهما، ثم الثاني صح عفو الأول لا الثاني إلا فيما زاد على ديته. قُلتُ: هو مقتضى قول صلحها للمقتول العفو عن دم العمد وجراحاته، فإن لم يدع مالاً، وكان عليه دين يغترقه لا مقال لغرمائه. الباجي: إن كان الأولياء ذكورأ وإناثا، بنين وبنات أو إخوة وأخوات، فعفا بعض الذكور، فلباقي الورثة حظهم من الدية، وإن عفا كل الذكور، فقال محمد عن ابن القاسم وأشهب يسقط حق البنات. وروى أشهب مرة حق البنات باق، وبالأول قال من أدركنا من أصحاب مالك، وهذان القولان مبنيان على نقل القاضي الخلاف هل للنساء مدخل في العفو أو في المطالبة، هذا إذا عفا الرجلان في فور واحد، فإن عفا أحدهم ثم بلغ الآخر، فعفا فلا يضر ذلك من معهما من أخت وزوج وزوجة، قاله محمد. ابن رُشْد: إن عفا بعض الأولياء بعد ثبوت الدم، ولو بقسامة، وأكذب نفسه بعدها بطل الدم. وفي بطلان الدية مطلقاً: ولو قبضت ردت وبقاء حظ من لم يعف، ولم يكذب نفسه، ثالثهما: إن أكذب نفسه لابن الماجِشُون وغيره، وابن القاسم فيها قال: ففي بطلان الدية بعفو بعض الأولياء الثلاثة لمن ذكر وسوى ابن القاسم بين العفو والنكول قبل القاسمة، وفرق بعدها بين أن يعفو أو يكذب نفسه. وفيها: من أسلم من أهل الذمة أو رجل لا تعرف عصبته، فقتل عمداً ومات مكانه، وترك بنات؛ فلهن أن يقتلن، فإن عفا بعضهن وطلب بعضهن القتل، نظر السلطان بالاجتهاد في ذلك، إن كان عدلاً فإن رأى العفو أو القتل أمضاه، وفي تعليقة

أبي عمران: الإمام هنا بمنزلة العصبة؛ لأنه يرث لبيت المال ما بقي. قيل له: فإن لم يكن إمام عدل كوقتنا، فلا قتل له، فإن كان بالموضع جماعة عدول قاموا مقامه. قُلتُ: انظر هذا مع معروف المذهب في إمضاء أحكام قضاة البغاة، ابن شاس: إن عفا بعض الورثة سقط القود إن ساوى من بقي في الدرجة، أو كان أعلى منه، فإن كان دونه لم يسقط بعفوه، فإن أنضاف إلى الدرجة العليا الأنوثة، كالبنات مع الأب أوالجد، فلا عفو إلا باجتماع الجميع، فإن انفرد الأبوان فلا حق للأم في عفو ولا مثل. وكذا الإخوة والأخوات معه، وأما الأم والإخوة؛ فلا عفو إلا باجتماعهم معهما، فإن اجتمعت الأم والأخوات والعصبة؛ فاتفق العصبة، والأم على العفو مضى على الأخوات، وإن عفا العصبة والأخوات، لم يمض على الأم، ولو كان مكان الأخوات بنات مضى عفو العصبة، والبنات على الأم، ولم يجز عفو العصبة، والأم عل البنات ومتى اجتمع البنات والأخوات؛ فلا قول للعصبة؛ لأنهن يحزن الميراث دونهم، ولا تجري الجدة مجرى الأم في عفو ولا قيام. قُلتُ: ما ذكره هو تحصيل قولها مع غيرها من الأمهات، ومن قتل من طلبه أن يقتله على أن عفا عنه في قتله به وصحة عفوه عنه، ثالثهما: يغرم الدية في ماله للعتبي عن سَحنون قائلا: اختلف فيه بعض أصحابنا، والأحسن قتله؛ لأنه عفا عن شيء لم يجب له وبعض أصحابه، ونقل ابن رُشْد قائلاً: هو الأظهر. قُلتُ: في النوادر عن أبي زيد عن ابن القاسممثل لفظ سَحنون، وقال الصقلي في كتاب الجعل والإجارة: روى ابن سَحنون عنه: ما قال لرجل: اقتلنى ولك ألف درهم، فقتله لا قوة عليه، ويضرب مائة ويحبس عاماً، ولا جعل له. وقال يحيي بن عمر: للأولياء قتله وعلله بما تقدم، قال: ولو قال اقتل عبدي ولك كذا أو بغير شيء، فقتله ضرب مائة وحبس عامًا، وكذا السيد يضرب ويحبس، واختلف هل يكون له على القاتل قيمة العبد أم لا؟ والصواب لا قيمة عليه، كما لو قال: احرق ثوبي ففعل؛ لا غرم عليه.

قلت: ما نقله الصقلي عن سحنون خلاف ما تقدم عنه في العتبية، ولم يحك ابن رشد عنه خلافه. الشيخ: روى ابن عبدوس: من قال لرجل: اقطع يدي، أو يدي، أو يد عبدي عوقب المأمور، إن فعل ولا غرم عليه في الحر، ولا في العبد. ابن حبيب عن أصبغ: يغرم قيمة العبد لحرمة القتل، كما يلزم في دية الحر إذا قتله بإذن وليه، وفي دياتها إن قطع يده عمدًا فعفا عنه، ثم مات؛ فلأوليائه القود في النفس بقسامة، إن كان عفا عن اليد لا النفس، وفي صلحها إن صالحه على مال، ثم ترى فيها فمات فلأوليائه أن يقسموا ويقتلوا، ويردوا المال، وإن أبوا بقى لهم المال الذي أخذوا في قطع اليد، وكذا لو كانت موضحة خطأ؛ فلهم أن يقسموا، ويأخذوا الدية من العاقلة، ويأخذ الجاني ماله، ويكون في العقل كرجل من قومه، وليس للقاطع إن نكلوا عن القسامة أن يقول لهم: قد عادت الجناية نفسًا فاقتلوني، وردا المال، ولو لم يكن صلح، فقال ذلك وشاء الأولياء قطع اليد، فذلك لهم، ولهم أن يقسموا ويقتلوا. وسمع اصبغ ابن القاسم: من صالح عن موضحه، ثم صارت منقلة لا يكون عقل ولا صلح إلا بعد البرء، فإن وقع هذا رجع بفضل المنقلة، فإن مات أقسموا أنه مات منها ورد الصلح، وأخذوا العقل كاملاً. ابن رشد: قوله: رجع بفضل المنقلة صحيح اتفاقاً؛ لأنه إنما صالح عن الموضحة والعمد والخطأ سواء، بخلاف إذا صالح عن قطع يده، ثم تأكلت للعضد، حسبما مضى في رسم العرية من سماع عيسى. قلت: فيه ليس له في تأكلها إلا ما اخذ؛ لأن عقل اليد قد صالح عليه، ولو تأكل الجرح إلى غير ما صالح عليه، كما لو صالح عن قطع أربع أصابع بديتها، ثم ذهبت الأصبع الخامسة بتأكل الجرح لاخذ ديتها، ولو صالح عن قطع أصبعين، ثم ذهبت بقية أصابع يده بتأكل الجرح، ففي الخطأ يرد ما أخذ، وتصير دية لليد على العاقلة، وفي العمد ياد المجروح بقية تمام دية اليد من مال الجارح. قال ابن رشد في سماع أصبغ: ولو مات من ذلك الجرح افترق العمد من الخطأ

على مذهب ابن القاسم في الخطأ يرد الأولياء على الجاني ما أخذوا منه، ويقسمون الدية على العاقلة، وهو معني قوله في هذا السماع: وفي العمد يخير ورثة القتيل بين التمسك بالصلح ورده، وفي رسم أسلم من سماع عيسى من الديات: لا يصح الصلح في الجراحات على الموت ابن رشد: الصلح في الجراحات على تراميها للموت في الخطأ، فيما دون الثلث كالموضحة؛ لا تجو اتفاقًا، ويفسخ، فإن وقع برئ ففيه أرشه، وإن مات؛ فالدية على العاقلة بقسامة. وفيما بلغ الثلث في منعه وجوازه نقلا ابن حبيب وغيره. وفي العمد الذي الذي فيه القود سماع عيسى، وقول ابن حبيب مع قول صلحا. قلت: فيها صلح المريض على أقل من أرش الجراح، أو من الدية جائز. عياض: تأولها الأكثر على أن الصلح عن الجراحة فقط، لا على مال الموت، وتأولها ابن العطار على مآل الموت. ابن رشد: وما لا قود فيه لا تجوز على تراميه للموت، قاله ابن حبيب، وعليه دون ترامية لما أجازة ابن حبيب، فيما فيه عقل مسمى، قال مرة عليه وعلى ما يترامى إليه دون الموت، ومرة عليه فقط، ومن نزي في جرحه فمات بعد صلحه عنه في تخيير الولى في إتمامه ونقضه برجوعه للقسامة على موته، فيقتل في العمد، ويأخذ الدية في الخطأ، ولو كره الجاني، ووقف إمضاء على رضى الجاني، ثالثها: في العمد ويلزم النقض في الخطأ. لاصبغ وأشهب على أصله: فيمن نزر في قطع يده؛ فمات ليس لأوليائه إلا القسمامة للقتل، ولا قود لهم في الجرح إن أبوا القسامة؛ لأن الدم آل للنفس كحجته في الخطأ، أنه آل إلى العاقلة، قول ابن القاسم مع ظاهر قوله فيها، وسماعه يحيي على أصله فيمن نزى في قطع يده، فمات وارثه مخير في قطع اليد، وفي القسامة للقتل. وفيها: من جنى خطأ وهو من أهل الإبل فصالح الأولياء عاقلته على أكثر من ألف دينار، جاز إن عجلوها، فإن تأخرت لم يجز؛ لأنه دين بدين وفي العمد جائز، لأنه

ليس بمال، ومثله في الموازية وازادوا ولو بذهب والجاني من أهل الورق أو الإبل، وإنما يتقى ما يدخل في الدية في الخطأ؛ لأنه دين ثابت. الصقلي: إن قيل كيف صح لغو اعتبار الدية في العمد، على قول أشهب الذي رأي جبر الجاني على الدية، قيل قد قال أشهب له العفو في مرضه. قلت: يرد بأن هذا بعض ما استشكل، والجواب أن الأصل الدم، والمال إنما هو بالجبر، وهو لم يقع وعدم وقوع السبب الخاص ملزوم، لعدم ثبوت مسببه، ولا سيما على القول بأن من ملك أن يملك لا يعد مالكًا. ثم قال الالصقلي: في المدونة لابن القاسم عفو المريض عن قاتله العمد من رأس ماله، وقال أشهب في الثلث، فهو اختلاف قول، وفيها إن صالح أحد ولي القتيل عمداً على عرض أو مرض، فللآخر الدخول، ولو صالح أحد ولي القتيل القاتل على شيء. ففي تخيير الآخر في الآخر في الدخول عليه فيه واختصاصه به, قولا ابن القاسم، وعلم فيها وفي كون قول أشهب فيها كابن القاسم، أو على نقل عياض عن الأشياخ وسحنون. عياض: نوقض قولها ولا سبيل إلى القتل بقولها في الجنايات: إن عفا أحدهما على أخذ القاتل، وهو عبد وابن السيد من دفع نصف الدية للآخر، والعافي من جعل العبد بينهما ورده أن لهما القتل، فقال بعضهم: يمكن أن يكون اختلاف قول، وإن يفرق بأن جناية العبد متعلقة برقبته، إلا أن أن يفدية سيده، وفي الحرمتعلقة بذمته. عياض: هذا غير بين، وما هو إلا اختلاف. قلت: الأظهر تمام الفرق؛ لأن العافي في العبد لم يبق للآخر ما يتعلق به حقه من أمر مالي، لانحصار الأمر المالي في عين العبد، وقد أخذه فبقي حقه متعلقًا بما كان متعلقاً به بالأصالة، وهو الدم؛ فكان فكان له القتل، وكلما كان له كان للآخر تساويهما، والعافي في الحر أبقى للآخر، ما يتعلق به حقه من الأمر المالى، وهو منابه من الدية في ثمة القاتل. وفي النوادر قال محمد: ما وجدت لتفريق ابن القاسم بين الحر والعبد حجة. وفيها: إن أراد من أحاط الدين بما له بماله، أن يصالح على مال يعطيه عن قود عليه بلغه

ما به رده لك. عياض: حمله بعضهم على ظاهره، وأن لهم رده؛ لأنهم لم يدخلوا عليه بخلاف نكاحه وتسريه. وقال أبو عمران وأبو بكر بن عبد الرحمن: إنما هو ما لم يدفع ذلك قبل قيامهم بفلسه، وجعلوه كرهنة وقضائه بعضغرمائه. وفيها: لا يجوز صلح جناية العمد على ثمرة لم يبد صلاحها، إن وقع بطل القود، ولمت الدية، ككناح بذلك، فبات بالبناء غيره يمضى كالخلع؛ لأنه أرسل بقدر ماله إرساله بغير شيء. عياض عن القابسي: هذا على أحد قوليه يجبر القاتل على الدية، خلاف قوله الآخر. وفيها من غيرها: ما صولح به من عمد دخل فيه سائر الورثة، وقضى منه دين القتيل. وسمع يجيي ابن القاسم: إن صالح من قتل رجلين عمداً أولياء أحدهما؛ فلأولياء الآخر القود، فإن قتلوه بطل صلح الآخرين؛ لأنه إنما صالحهم للنجاة، ولم يزد ابن رشد فيها شيئًا، والعفو عن جناية الخطأ، ترك مال فيها من عفا عن قتله خطأ، فإن كانت قيمته قدر ثلثه جاز عفوه، وإلا جاز منه قدر الثلث، وفي أول وصاياها من أوصى لمن ضربه وعلم به ضربًا خطأ؛ جازت وصيته له في المال، والدية وعمدًا تجوز في المال دون الدية؛ لأن قبول الدية كمال لم يعلم به محمد، ولو قال إن قبل أولادي الدية فوصيتي فيها أو أوصى بثلثها، فلا وصية فيها محمد لا يعلم هل يكون أو لا؟ الصقلي: ولو أنفذت مقاتلة فقيل أولاده الدية وعلمها، فأوصى فيها دخلت فيها دخلت فيها وصايا. وفيها لو صالح الجاني على العاقلة فيما عليها، فأبت لم يلمها، وقول ابن الحاجب وكذا العكس واضح؛ لأنها فيما يلزمه دونها كأجنبي. وفيها إن ادعى الجاني عفو الولي استحلفه، فإن نكل حلف القاتل.

الصقلي: إنما يحلف القاتل يمينًا واحدةً؛ لأنها التي كانت على المدعى عليه. عياض: يقوم منه إلزام اليمين في الدعوى المجردة، وفي دعوى المعروف في هبة ثمن المبيع والكراء والإقالة، وهو أصل متنازع فيه، ولهذا لم ير أشهب في دعوى العفو يمينًا، واختلف شيوخنا في التنازع فيه. قيل: هو اختلاف من قوله، وقيل: اختلاف حال، فلا يلزم اليمين بمجرد الدعوى، وتلزم مع وجود التهمة. قلت: تذكر قوله في أكرية الدور قوله: (بل أسكنتني باطلا). وفي كتاب الجعل، يقول رب الثوب للصانع: عملته لي باطلاً، وفي العارية: من ادعى أن رب الدابة أعارها إياه. الشيخ لا شهب في الموازية: لا يمين على الولي؛ لأن الخلف في الدم، إنما هو خمسون يمينًا؛ فهذا يريد أن يوجب عليه مع البينة قسامة، أو مع القسامة قسامة أخرى، ولو رضي بيمين واحدة، لم يكن له ذلك، أرأيت لو استحلفة، فلما قام ليقتل قال: عفا عني؟ قلت: هذا يرد تعليل قوله بعدم توجه دعوى المعروف. وفيها: إن ادعى القاتل بينة غائبة تلوم له الإمام، لم يقيدها الصلي ولا عياض. وفي الرجم منها: إن ادعى القاذف أن المقذوف عبد، وزعم بينة له إن قربت تلوم له الإمام، وإن بعدت له؛ لم يلتفت، لقوله فعلى تقييدها بها يكون وفاقًا على قول ابن الهندي لا يتلوم له إلا بعد حلفه في الحقوق، يحلف هنا وفي صلحها من ثبت له دم عمدًا أو جراحاته، فادعى صلح الجاني، فأنكره فلا قود له، وله عليه اليمين. اللخمي: لاصبغ في الواضحة: من قال: لا تعفوا عن قاتلي، فإن ثبت دمه ببينة؛ فلا عفو، وإن كان بقسامة؛ فلهم العفو لإمكان كونه لشبهة دخلت عليهم. قلت: في النوادر قبل هذا النوادر قبل هذا الفرع عن أشهب: من قال دمي عند فلان فاقتلوه، ولا تقبلوا منه دية فليس لهم أخذ الدية، وإن أقسموا ثم عفا بعضهم، لم يجز عفوه، وإن نكل بعضهم؛ فلا قسامة فيه. وسمع أبو زيد ابن القاسم: لمن صالح قاتل وليه على خروجه من هذا البلد، فإن

وجده فيه قتله. ابن رشد زاد ابن حبيب، فإن شرطوا إن لم يفعل أو فعل؛ فعاد فجاورهم فله الدية فإن ثبت الدم حين الصلح جاز في القود والدية، وإن لم يثبت لم يجز إلا أن يقولوا، فإن لم يفعل أو فعل فعاد، فنحن على حجتنا في الدم، وكذا الجراحات وارث القاتل بعض الدم يسقط قوده به وفيها: إن ورث القاتل أحد ورثة القتيل، بطل قوده؛ لأنه ملك من دمه حصة. الصقلى: قال أشهب: إلا أن يكون من الأولياء الذين من قام بالدم، فهو أولى، فإن للباقي أن يقتلوا، وقول بعض الفاسيين، هو وفاق لابن القاسم، لقوله في البنين والبنات: تموت واحدة منهن. قال ابن شاس في أربعة إخوة: قتل الثاني الكبير، ثم الثالث الصغير، يسقط قتل الثاني لإرثه نصف دمه الواجب للصغير، وله قتل الثالث بالصغير، فإن عفا؛ فله عليه الدية يقاصه بنصفها. ابن عبد السلام: إن قتله دفع لوارثه نصف الدية، إن كان هناك من يحجبه وانظم، وإن لم يكن فأظن في منعه إرثه خلافاً في المذهب. قلت: قال الباجي عن ابن القصار: لو قتل إمام عدل موروثه بقصاص أو زني أو حد ثابت بإقرار أو بينة؛ فإن أصحابنا لم يفصلوا هذا التفصيل، وأرى من لا تلحقه تهمة يرث، كقتل الخطأ. ابن شاس: قال خلف بن زرقون: سألت عنها ابن سَحنون، وابن عبدوس قالا: ترى أن يعفى عنهما جميعاً؛ لأن قتل كل منهما يوجب إرث الباقي وإياه؛ فيرث دم نفسه فلا يقتل، وكل واحد يطلب قتل الآخر قبله، فلا بد أن يعفى عنهما، ويرث أحدهما دية أبيه، والآخر دية أمه.

قُلتُ: لا يبعد إجراء القولين على جواز المقاصة، ولزومها في الديتين والذي في الموازية لا قود بينهما؛ لأن لكل واحد منهما حقاً في أبيه وأمه، ويسجنان عاماً، ويجلدان مائة مائة. قال ابن الحاجب إثر ذكره هذه المسئلة، وتتميمها بقوله: ويجب لأحدهما دية الأب وللآخر دية الأم ما نصه. وفي كون إرثه على نحو المال، أو على نحو الاستيفاء قولان، لابن القاسم وأشهب. قال ابن عبد السلام: معنى الضمير من قوله إرثه، عائد على الدم، ومعنى قول ابن القاسم: إن ولي الدم إن مات تنزل كل ورثته منزلته دون خصوصية لعصبته على زوي فروضه، فترث البنات والزوجات والأمهات، ولهن العفو والقصاص، كما لو كانوا كلهم عصبة؛ لأنهم ورثوه عمن كان ذلك له. ومعنى قول أشهب: إنه لا يرثه من ورثه ولي الدم إلا من يرثه من المقتول نفسه، فلو ترك ولي الدم ابناً وبنتاً وأما وزوجة، لم يكن للبنت والزوجة حظ، كما لم يكن لبنت القتيل وزوجته مع ابنه شيء. قُلتُ: في رجمها من قتل، وله أم وعصبة، فماتت الأم فورثتها مكانها إن أحبوا أن يقتلوا قتلوا، ولا عفو للعصبة دونهم، كما لو كانت الأم باقية، وفي دياتها إن مات وارث المقتول الذي له القيام بالدم فورثه مقامه في العفو والقتل، وإن مات من ولاة الدم رجل وورثته رجال ونساء، فللنساء من القتل والعفو ما للذكر؛ لأنهم ورثوا الدم عمن له ذلك. وذكر الشيخ عن المجموعة مثل ذلك، من رواية ابن القاسم، وابن وَهْب قال: وقال أشهب: يقوم مقام هذا الميت من ورثته من له القيام بدمه، كأنه مقتول، فلو ترك ولي القتل بنين وبنات، فأمر الدم للبنين دون البنات. قُلتُ: ففهم شارحا ابن الحاجب: أن مراد ابن القاسم بالنساء الوارثات ما يشمل الزوجة، وكذا الزوج في الرجال، وليس الأمر كذلك؛ بل لا مدخل للأزواج في الدم

بحال، وفي النوادر ما نصه. ومن كتاب ابن المواز: إن ترك القتيل عمدًا بالبينة أمًا ونتًا وعصبة، فماتت الأم أو البنت أو العصبة؛ فورثته في منابه إلا الوج والزوجة، فإن اختلف ورثة هذا الميت ومن بقي من أولياء القتيل، فلا عفو إلا باجتماعهم انتهى. قلت: وذكر ابن القاسم في المجموعة: من قتل رجلاً عمدًا، فكان ولي الدم ولد القاتل، فقد كره مالك القصاص منه، وقال يكره أن يخلفه في الحق، فكيف يقتله؟، واستثقل في كتاب القذف أن يحده، وكره في كتاب المديان أن يحلف، قيل لأي عمران: هل يجري في مسألة القتل ما جرى في مسألة الإحلاف؟ قال: لا؛ لأن النفس أعظم حرمة؛ لأنه لو حذفه بحديدة، لم يقتص منه، كما يقتص من الأجنبي. قلت: يفرق بأنه لم يرد القتل الموجب للقود في حذفه ابنه، وههنا صدر منه ما يوجب القود. وللشيخ عن أشهب في المجموعة: ليس له قتله وفي ذلك الدية. وفي المواية لأشهب: من قتل زوجته وابنها، ابنه ليس له قتل أبيه، وله الدية على عاقتله. وقال أكثر العلماء: لا يقتل الأب بابنه، وإن عمد قتله، ولم يتعقب الشيخ قوله، وله الدية على عاقلته، وهو مشكل والصواب كونها في ماله.

كتاب الديات

[كتاب الديات] الدية: مال يجب بقتل آدمي حر عن دمه أو بجرحه مقدرًا شرعًا لا باجتهاد،

باب في الدية المخمية

فيخرج ما يجب بقتل غير الآدمي من قيمة فرس ونحوه، وما يجب بقتل ذي رق من قيمته. [باب في الدية المخمية] والحكومة هي للذكر مسلمًا في الخطأ على البدوي مائة من الإبل مخمسة بنت مخاض، وبنت لبون، وابن لبون، وحقه وجذعه. [باب في دية الفضة والذهب] وعلى أهل الذهب فيها كأهل الشام ومصر الجلاب، والمغرب ابن حبيب، والأندلس ومكة والمدينة ألف دينار، وعلى ذوي الورق اثني عشر ألف درهم فيها، كأهل العراق الجلاب، وفارس وخراسان. وفي سماع أصبغ، قال أشهب: أهل مكة والمدينة أهل ذهب أصبغ، هم اليوم كذلك. ابن رشد: لأن أهل الإبل هم البوادي، وأهل العمود، وأما أهل الأمصار والمدن فأهل ذهب أو ورق، وقول أَصْبَغ: هم اليوم أهل ذهب؛ يدل على أن أحوال البلاد تنتقل، وأهل الأندلس اليوم أهل ذهب، وقد كانوا في القديم أهل ورق، على مايوجد في وثائقهم، وقاله المؤرخون. قلت انظر هذا، مع ما تقدم للشيخ عن ابن حبيب.

باب في المربعة في الإبل

[باب في المربعة في الإبل] وفي العمد على أهل الإبل، قال ابن نافع في المجموعة، وغير واحد: إذا قبلت مبهمة مربعة بطرح ابن اللبون. الباجي: هذا المشهور عن مالك، وفي الموازية: إن اصطلحوا على شيء، فهو ذلك وإن اصطلحوا على دية مبهمة، أو عفا بعض الأولياء، رجع الأمر إلي دية الخطأ. [باب في المربعة على أهل الذهب] وقال ابن نافع: المبهمة في العمد مربعة، وعلى أهل الذهب ألف دينار، وعلى أهل الورق اثنى عشر درهم. ابن رُشْد: وروى ابن القاسم، وقال هو وابن نافع: لا تغلظ عليها بفضل ما بين أسنان دية الخطأ، ودية العمد، كما في دية التغليظ المثلثة، وهو ظاهرها، وليحيى عن أشهب تغلظ بفضل ما بينهما. وقول ابن الحاجب، بعد ذكره القولين: وقيل قيمة الإبل المغلظة ما لم تنقص هو أحد القولين في كيفية التغليظ في المثلثة. [باب في المثلثة في أهل الإبل] ودية الخطأ على العاقلة منجمة في ثلاث سنين، والعمد في مال الجاني، وفي كونها كذلك أو حالة، روايتا ابن رُشْد قائلا: الثانية المشهورة، وهي في درء القود بالأبوة والأمومة فيها مع غيرها؛ ثلاثون حقة، وثلاثون جذعة، وأربعون خليفة في بطونها أولادها، لا تبالي من أي سن كانت قُلتُ: وفيها: هي في مال الأب حالة.

باب في الدية المغلظة في أهل الذهب والورق

اللخمي: في كونها على الجاني أو العاقلة ثالثها، إن لم يكن له مال، فعلى العاقلة لأقوال مالك. قلت: إنما عزا ابن رشد الثالث لمطرف وابن حبيب. اللخمي: وقال عبد الملك: هي على العاقلة معجلة، ولابن القاسم في الواضحة عليها منجمة، ثم رجع لقولها وهو أحسن. ابن رزقون: لا خلاف على أنها في مال الجاني، وأنها حالة. [باب في الدية المغلظة في أهل الذهب والورق] وفي تغليظها على أهل الذهب والورق قولان للمشهور، واللخمي عن أول قولي مالك في الموازية، ولم يعزه ابن رشد ألا لنقل القاضي، وعزاه الباجي لروايتي سحنون وابن عبد الحكم، وفيها تغلظ على أهل الذهب والورق، فيحمل على دية الخطأ من الذهب أو الفضة جزؤها المسمى للخارج من تسمية فضل قيمة الإبل، مغلطة على قيمة الإبل في الخطأ. عياض: اختلف القرويون والصقليون هل هذا التقويم على أنها حالة أو منجمة. ابن رشد: في كون التغليظ بقولها أو بحمل الفضل دون تسمية، ثالثها بإيجاب قيمة الإبل مغلظة ما لم تنقص عن دية الخطأ، لسماع ابن القاسم معها وغيره، ونقل القاضي.

قلت: عزاه اللخمي لرواية البغداديين. ابن رشد: الأول أشهر، والثاني أظهر، وفي تغليظ دية العمد قولان، لسماع يحيى أشهب وغيره، وعزاه اللخمي لابن القاسم في الموازية. قلت: فيها: وكذا الأب يجرح ولده أو يقطع شيئاً من أعضائه، كصنع المدجلي؛ فإن الدية تغلظ فيه. وفي سماعه ابن القاسم، قال سحنون: إلا الجائفة والمأمونة والمنقلة، فإن الأجنبي لا يقاد من فيها. ابن رشد: حكم تغليظ الجراح في الديتين المربعة والمثلثة، حكم الدية كاملة في الخلاف في التغليظ وصفته، إلا الجائفة والمأمومة والمنقلة، وشبهها من متالف الجراح أو أكبر، وعن ابن القاسم: إنما التغليظ فيما بلغ الثلث. قلت: ظاهر قول ابن رشد: أن الجائفة والمأمومة والمنقلة لا تغليظ فيها، وظاهر لفظ الباجي وغيره، أنها كغيرها من الجراح، وقال ابن رزقون: روى ابن عبد الحكم: لا تغليظ في الجراح. وقال مالك في المدنية والمبسوطة: تغلظ في الجراح كلها، وفرق عبد الملك وسحنون بين ما يقتص منه في العمد، وما لا يقتص. الشيخ عن كتاب ابن سحنون: إن رضى الكتابيون بحكمنا، حكمنا بينهم بالتغليظ في النفس والجراح والمجوس، لا تغلظ عليهم، قاله مالك والمغيرة وعبد الملك، وأنكر سحنون قول عبد الملك في المجوس. وقال أصحابنا: يرون أن يغلظ عليهم، ولم أر قوله في سماع، وفيها دية اليهودي والنصراني نصف دية المسلم، ودية نسائهم من ثمنمائة درهم، والمرتد إن قتله مسلم قبل استتابته لم يقتل به.

الباجي عن ابن القاسم وأشهب وأصبغ: ديته دية مجوسي في العمد، والخطأ في نفسه وجرحه، رجح للإسلام أو قتل على ردته. ولسحنون عن أشهب: ديته دية الدين الذي ارتد إليه. وفي المقدمات قيل: لا دية على قاتله. وفي البيان قاله سحنون، وروى عن أشهب، وفي تعليقه الطرطوشي: من لم تبلغه الدعوه بحال كمن في جزيرة إن قتل. قال أصحابنا: لا يضمن، ومن قول مالك: إن أقام مسلم بدار الحرب مع القدرة على خروجه لا دية فيه، وفيها مع غيرها دية نساء كل نوع نصف دية رجاله، ودية جراح غير المسلمين من دياتهم كجراح المسلم من ديته، وفيها مع غيرها في كل ذي رق قيمته، ولو زادت على أكبر دية، وفي الجنين غرة يأتي تفسيرها. الشيخ: عن المجموعة والموازية، وروى أصحاب مالك: ليس ما في دون الموضحة من الخطأ عقل مسمى ابن القاسم وأشهب، إلا أن يبرأ على شين، ففيه حكومة. ولمالك في المختصر: لو جرى أهل بلد على عقل مسمى فيما دونه الموضحة، رأيت أن يبطل ذلك الإمام، ولا يحكم به. وروى: على من ضرب رجلاً فوقعت مصارينة في أنثييه، فإنما فيه حكومة. ابن رزقون لابن كنانة في المبسوط: في الملطاة نصف عقل الموضحة، وقضى به عمر وعثمان، وكل المذهب على أن في الموضحة نصف عشر الدية، وفي المنقلة عشرها، وفي المأمومة ثلثها، والجائفة مثلها، وتقدم تفسير جميعها. ابن القصار: لم يذكر مالك ولا أصحابه الهاشمة. ابن رشد: لم يعرفها مالك، وقال ما أرى هاشمة في الرأس، إلا كانت منقلة، وديتها عند من عرفها من العلماء، وهم الجمهور عشرة من الإبل. اللخمي: في كون عقلها كالموضحة أو مع حكومة، ثالثها كالمنقلة لمحمد وابن القصار والأبهري، وتعدد المواضح ببقاء فصل بينهما لم يبلغ غايتها، ولو جرح أو ورم، ولو كانت بضربة واحدة، وتتحد بعدمه ولو عظمت في ضربات في فور واحد، وكذا

المنقلة والمأمومة والجائفة. الشيخ عن ابن القاسم وأشهب في المجموعة: لو انخرق ما بين الجائفتين لم يكن فيهما إلا دية واحدة كالموضحة تكشف من قرنة، ولو كانت بضربات إلا أنها في فور واحد، وكذا المأمومة والمنقلة، ولو لم يتحرق الجلد حتى يتصل ذلك، وأن كانت في ضربة واحدة فهي مواضح، ولو كان ما بينهما جرح لا يبلغ العظم أو ورم، وكذا المناقل والموامم. ابن عبد السلام: جعلهم الضربات في فور واحد كالضربة الواحدة، إن كان متفقاً عليه سلم، وإلا فالقياس خلافه، ولا يبعد تخريج الخلاف فيه. قلت: ما أنكره هو أصل المذهب في تكرير لبس المحرم وتطيبه، والأظهر في المنقلة والمأمومة والجئفة إن قصد بالتكرار في فور واحد التعذيب أن يتعدد العقل فيها، ولا يتصور هذا في المواضح؛ لأن في عمدها القصاص، ولا يتصور قصد العذاب في الخطأ، وفيها إن نفذت الجائحة، فقد اختلف فيها قول مالك، وأحب إلى أن يكون فيها ثلث الدية. وذكره الشيخ من المجموعة قال محمد: وبه أخذ أشهب، وابن عبد الحكم وأصبغ، وقضى به أبو بكر رضي الله عنه. اللخمي: الصواب أنها جائفة واحدة؛ لأنه إنما جعل فيها ثلث الدية لغررها، وأنها تصادف مقتل القلب أو الكبد أو غير ذلك، وهذا إنما خشى حين الضربة من خارج ويقودها، ونفوذها من داخل إلى خارج لا غرر فيه. وفي النوادر عن أشهب: الحكومة أن يقوم ذلك أهل المعرفة بقدر شينة وضرره. وروى غيره: الحكومة أن يقوم المجروح عبداً صحيحاً، ويقوم بذلك الشين فبما نقصه نقص مثله من ديته، ومثله الأبهري، وهو نص الجلاب بزيادة يجعل ما بين القيميتين جزءاً من ديته. وفي تعليقه أبي عمران تفسير الحكومة: أن يقوم عبداً صحيحاً، وعبداً بجراحه فينظر ما نقص، فيكون عليه من الدية بقدر ذلك، هذا قول ابن إدريس، وتبعه عليه

أصحابنا البغداديون، والذي في تفسير ابن مزين: الحكومة أن ينظر الإمام على قدر إجنهاده، ومن يحضره. قال أبو عنران: هذا الذي كنا نقوله قبل أن يظهر على قول ابن إدريس. قلت: وألفاظ المدونة يأتي فيها مرة لفظ الحكومة، ومرة لفظ الاجتهاد، كما مر في نقل النوادر عن أشهب وغيره، فيحتمل أن يكونا مترادفين أو متباينين. وقول ابن شاس: الحكومة تقدر بعد ما انمال الجرح، هو مقتضى رواياتها مع غيرها. وللشيخ في الواضحة، قال مالك: أقول ينتظر بالقتل، ولكن ما استقر به عليه بعد السنة حكم به، وليس العثل كغيره من الجراح ينتظر برؤها. قلت: هذا معنى قولها إن مضت السنة، أواه والعين منخسفة لن تبرأ، انتظر برؤها، وإن ضربت فسال دمعها، انتظر بها سنة، فإن لم يرق دمعها؛ ففيها حكومة، وفيها مع غيرها ما برأ من خطأ على غير شين، فلاشيء فيه. قال: فيها إلا الموضحة، ففيها ديتها؛ لأن فيها دية مسماه. والجائفة؛ ففيها ديتها، وما ليس فيه توفيق من الجراح، إنما فيه قدر شينة إن برأ على شين، وإلا فلا شيء فيه، وكذا كسر اليد والرجل وما بريء على شين من جناية خطأ، وليس فيه عقل مسمى، ففيها مع غيرها فيه حكومة، وما فيه عقل مسمى، إن لم يكن موضحة إندرج في عقله. قال ابن شاس: إن كان أرش الجرح مقدرا اندراج الشين، إلا في الموضحة، وهو مقتضى تعليل أشهب، سقوط شين الموضحة، بقوله: لأن فيه دية مؤقتة، وإن كان موضحة، ففي لغو شينها، ثالثها إلا أن يكون شيناً منكراً. لأبي عمر عن أشهب، مع روايته، ولها مع الباجي عن مالك، وابن القاسم، والشيخ عن رواية ابن وهب، مع ابن رزقون عن رواية ابن نافع: قال والثاني المشهور، وفي اعتبار زرادتها ما بلغت أو ما لم تزد على نصف عقلها، نقل ابن رزقون عن المشهور،

وأحد قولي مالك. قلت: هذا ما ليس فيه دية كاملة، وما هي فيه؛ إنما فيه بقدر شينه. فيها: إن برر الصلب على عثل أو حدب، ففيه الاجتهاد فحمله اللخمي على ظاهرة. وقال الصقلي: يعني قدره من الدية، وفي النوادر عن الموازية ما نصه: قال أشهب: ما نقص من قيامه فبحسابه ابن القاسم إن مشى على شين أو حدب؛ ففيه الاجتهاد يعنى بقدر ذلك من الدية مما ذهب من قيامه. وقال أشهب في الموازية: إن عاد الصلب بعد كسره لهيئته، لاقود فيه؛ لأنه متلف، فهو كالخطأ لا عقل فيه ولا قود إلا الأربع جراح التي ذكرناها في الرأس فيهن ديتهن، وإن برئن وفيها. قلت: الرابعة هي الجائفة، وفي سماع سئل مالك عن من انكسرت فخذه، ثم انجبرت مستوية، أله ما أنفق في علاجه، قال: ما علمته من أمر الناس، أرأيت إن بريء على شين، أيكون له قيمة الشين الشين وما أنفق. ابن رشد: الفقهاء السبعة على وجوب أجر الطبيب، فيما دون الموضحة من جراح الخطأة، وأخذه بعضهم من قول مالك مرة بوجوب رفو الثواب. قلت: وهو أحروي؛ لأن الدماء آكد من الأموال، وذوات الدية في الأعضاء. قال ابن شاس: اثنا عشر، وسمع يحيى ابن القاسم: من أصيب بعض أذنه فذهب منها بعض سمعه له في السمع من عقله بقدر ما ذهب منه، وفي ما أصيب من الأذن زائداً؛ جزأة منها عللا جزء السمع الذاهب منه. ابن رشد: إن ذهب نصف السمع، ونصف الأذن فنصف عقل السمع فقط، وإن ذهبا ثلثا الأذن فحكومة في سدس الأذن مع ذلك، قال: إنما الدية في السمع لا الأذنين مع ذلك، قال: إنما الدية في السمع لا الأذنين إن ذهبتا، والسمع باق؛ فإنما فيهما حكومة، فإن ذهب نصفه أذنه وربع السمع؛ فله ربع الدية في ربع سمعه، وفي ربع أذنه حكومة، هذا قول ابن القاسم، وروايته في المدونة في المدونة وغيرها.

قلت: مثل قولها في المختصر، وفي النوادر، ذكر بعض البغداديين: أن مالكاً رأى مرة في أشرافها الدية كاملة، وفي الجلاب إن ذهب السمع والأذن بضربة واحدة؛ ففيهما دية واحدة، قاله ابن القاسم، والقياس عندي أن يكون فيهما دية وحكومة. قلت: ففي كون فيهما الدية أو حكومة كطلقاً، ثالثهما: إن انفرد ما ذهب منهما عن مساوية من العقل برواية الجلاب مع البغداديين، والمشهور واختيار ابن الجلاب. وقول ابن الحاجب: الأذنان على الأصح يخل بالمشهورة، وفي العينين الدية. الباجي: حجاج: العين العظم المستدير حولها، ويقال هو الأعلى الذي تحت الحاجب. قال محمد: ما أصيب منه دون كونه موضحة؛ فيرئى على عثم إن انفراد عن ذهاب شيء من البصر معه، ففيه حكومة؛ وإن أثر في البصر اندرج في عقله، وإن كان موضحة لم يندرج، وكان فيه أرشها، وتقدم نحوه، وفي عين الأعور بخلاف السمع. وفيها: من أذهب سمع إحدى أذنيه رجل، ثم أذهب رجل سمع الأخرى؛ فعليه نصف الدية بخلاف عين الأعور، وليس الدية الدية في شيء واحد مما هو زوج في الإنسان مثل اليدين والرجلين، إلا في عين الأعور بخلاف السمع. وفيها: من أذهب سمع إحدى أذنيه رجل سمع الأخرى؛ فعليه نصف الدية بخلاف عين الأعور، وليس الدية في شيء واحد مما هو زوج في الإنسان كثل اليدين والرجلين، إلا في عين الأعور فقط، لما جاء فيها من السنة. الشيخ: روى علي: ولو كان أخذ في الأولى ديتها، ففي الباقية دية كاملة. قال أشهب في الموازية: قال العراقيون: فيها نصف الدية كإحدى اليدين، وهذا غير مشتبه؛ لأنه يبصر بالعين ما يبصر بهما، قال وإن أصيب من كل عين نصفها، ثم أصيب بضربة باقيهما؛ فإنما فيهما نصف الدية. وقال عبد الملك: كل الدية. أشهب: وفي باقي إحداهما ربع الدية، وفي باقي الأخرى نصف الدية، ولو ذهب نصف إحدى عينيه، فأخذ نصف ديتها، ثم أصيب بنصف الصحيحة، فله ثلث الدية؛ ولو ضرب ضربة أذهبت باقيها والصحيحة، فله ألف دينار؛ لأنه باقي بصره. قال محمد وسحنون: وهذا متفق عليه بين أصحاب مالك.

أشهب: ولو أصيب الصحيحة فقط؛ ففيها ثلثا الدية، ولو لم يبق غير نصف المصابة فأصيب، ففيه نصف الدية. وقال أشهب: ابن القاسم، وعبد الملك: ليس فيما يصاب من السليمة مع بقاء شين من الأخرى، إلا بحساب نصف الدية، وألزم عبد الملك أشهب في النصف الباقي مع السليمة ثلثا الدية. محمد عن أشهب: في نصف السليمة مع نصف الأخرى باقيا ثلث الدية، ثم في باقي بصره إن أصيب بضربة واحدة نصف الدية، وفي كرتين في الأولى ربعها، وفي الثانية نصفها. وقال عبد الملك: في النصفين الباقيين من كل عين في ضربة الدية كعين واحدة، وفي ضربتين الأولى بحساب نصف الدية، والثانية بحساب الدية، وكذا لو بقى من كل عين أقل من النصف، إن ذهبا بضربة، فكأنه من عين أعور إن كان ربع جميع البصر، فهو منصف عين أعور، وإن ذهب باقي إحداهما قبل باقي الأخرى، ففي الأول بحساب نصف الدية، وفي الثاني بحساب كل الدية. وفي كتاب ابن سحنون لأصبغ، عن ابن القاسم: من أصيب نصف عينه، ثم فقيء باقيها مع السليمة؛ ليس له ثلاثة أرباع الدية. قال عيسى: إلا أن يذهب نصفها بأمر من الله؛ فله فيها ألف دينار. قال أصبغ: ثم رجع ابن القاسم في الغد فقال: فيها ألف دينار؛ لأنه بصره كله، وقال أشهب. سحنون: هذا قول أصحابنا، والأول خطأ ما علمت من يقول منهم، وفيها العين الضعيفة البصر واليد والرجل، كذلك من خلقة الله، أو بأمر من السماء، والعرق يضرب في الرجل، فتعرج إلا أنه يتمشى عليه ويبصر بالعين، ويبطش باليد؛ في كل منها الدية كاملة، زاد مالك في المجموعة: وكذا ما حدث من نقص عن كبر. ولابن رشد في رسم القطعان، من سماع عيسى: قال بعض أهل النظر تلخيص قول عيسى: إن أصيب بعض العين بسماوي، ثم باقيها بجناية خطأ؛ ففيهما كل الدية،

ولو كثر نقصها، وإن نقصت بجناية، وإن أصيب باقيها خطأ، ففيها باقي عقلها، ولو قل نقصها. ابن رشد: إن أصيب بسماوي وأتى النقص على أكثرها، فإنما فيها بحساب ما بقى وإن لم يأت على أكثرها، فإن أصيبت خطأً والنقص فيه بجناية، فثلاثة فيها بقدر ما بقى وقيل العقلاء كاملا، وقيل إن اقتصر للنقص للنقص أو أخذ له عقلاً؛ ففيها بقي بحسابه وإلا فالعقل كاملا. الباجي لأشهب في الموازية: من أصاب رجله أمر من عرق يضرب أو ترمد عينه فينقض بصرها؛ فإنما له بحساب ما بقى، كما لو أصابها بمثل ذلك أحد، ومن سوى بين ما يصيبها من أمر الله، ومن الكبر فقد غلط؛ لأن كل جارحة تضعف من الكبر، والمرض يسلم منه كثير من الناس. قلت: عزو ابن رشد: لها قدر ما بقى فقط خلاف قول ابن القاسم فيها، ثم قال مالك إن كان أخذ لها عقلاً، وإلا فالعقل تام. وتقدم قول مالك في العين القائمة الاجتهاد والأنف، في كون الدية فيع باعتبار مارنة أو مع جميع أصله روايتان لهما، واللخمي عن المبسوط، وصوبها قال: والمارن ما لان منه دون العظم. الشيخ عن أشهب: هو الأربنة، وتقدم الكلام على قولها في خرم أنف رجل فبريء على غير عثم. الشيخ في الموازية: إن خرم، وسلم مارنة ففيه حكومة إن بريء على عثم، وإن خرم ما دون العظم؛ فله من الدية بحاسب ما ذهب من مارنة، وما بريء من ذلك على غير عثم؛ فلا شيء فيه الخطأ، وبيه العمد القود والشم يأتي، والذكر الدية فيه باعتبار الحشفة فقط. فيها: إن قطع بعض الحشقة فمنها يقاس لا من أصل الذكر، فما نقص منها فيه بحسابه من الدية، والشفتان في جميعهما الدية، وفي إحداهما مطلقاً نصفها، وفيها لم يأخذ مالك بقول الن المسيب في القلى ثلثا الدية.

الشيخ: قال في المجموعة: لم يبلغني من فرق بينهما غيره وأراه، وهما عنه الباجي. قال ابن شعبان: الشفة ما زال جلد الذقن والخدين من أعلى وأسفل مستدير بالفم، وهو كل ما ارتفع على الأسنان واللثات. يريد: وما في الجانبين هو من الشدقين، لا من الشفتين واللسان. فيها: إن قطع من أصله؛ ففيه الدية كاملة، إن ذهب الكلام، وإن لم يذهب منه شيء؛ ففيه الاجتهاد بقدر شينه إن شانه، وحكم الكلام يأتي. الشيخ في الموازية والمجموعة، روى أصحاب مالك: في لسان الأخرس الاجتهاد فقط، والأسنان فيها في كل سن خمس من الإبل الأسنان والأضراس سواء. ابن رشد في الموضأ، عن سعيد: قضى عمر في الأضراس ببعير بعير، ومعاوية بخمسة أبعرة خمسة أبعرة، فالدية تنقص في قضاء عمر، وتزيد في قضاء معاوية، فلو كنت أنا لجعلت فيها بعيرين، فتلك الدية سوداء؛ لأن الأسنان اثنا عشر سناً أربع ثنايا، وأربع رباعيات، وأربعة أنياب، لها ستون بعيراً خمسة لكل سن، والأضراس عشرون أربع ضواحك، وهي التي لي الأنياب، واثنا عشر رحى ثلاث في كل شدق، وأربع نواجد، وهي أقصاها فجمبع دياتها على قول مالك مائة وستون بعيراً. زاد اللخمي: والنواجد سن الحلم التي تخرج أقصاها بعد الكبر. وقال ابن شعبان: للرجل الألخى اثنان وثلاثون سناً، وللكوسج ثمانية وعشرون سناً يريد: أنه لا نواجد له. عبد الحق لابن يزين: من يولد إلى سبعة أشهر؛ إنما له ثمانية وعشرون سناً، ومن يولد إلى ستة أشهر أو تسعة؛ فله اثنان وثلاثون سناً. الشيخ في الموازية لأشهب: إن طرحت السن من سخنها؛ ففيها ديتها كاملة، وكذا إن كسرت من أصل ما شرف منها، ولا يحط لما بقي من الكسر من موضع سنخها شيء كبقية الذكر بعد الحشفة. وفيها قيل إن ضربه فاسودت سنة أو احمرت أو اصفرت، قال: إن اسودت؛ تم عقلها والخضرة والحمرة والصفرة، إن كان ذلك كالسوداء؛ تم عقلها، وإلا فعلى حساب

ما نقص. وفي سماع ابن القاسم: إن اصفرت السن؛ ففيها بقدر شينها لا يكمل عقلها حتى تسود لا بتغيرها. ابن رشد: هذا يبين مذهبه في المدونة، إذا لم يجد فيها جواباً بيناً، ومثله قول أصبغ له في إخضرارها أكثر مما في احمرارها، وفي احمرارها أكثر مما في اصفرارها. وعزا اللخميهذا لأشهب في الموازية قال: وقال ابن القاسم: إن كان تغيرها مثل الاسوداد؛ فقد تم عقلها وإلا فعلى حساب ما نقص، والأول أحسن إلا في الخضرة. قلت: محمل كلامها على الخلاف، وبه يتقرر قول ابن الحاجب إثر نقله قولها، والمشهور خلافه، وحمله ابن رشد على الوفاق كابن شاس. وفيها: في السن السواد خمس من الإبل كالصحيحة. وفي الموطأ عن ابن المسيب: إن اسودت تم عقلها، فإن طرحت بعد أن اسودت ففيها عقلها أيضاً، وهو نقل الجلاب والتلقين وغيرهما عن المذهب، وسئل القرويون عمن أطمعته زوجته ما اسود به لونه فوقفوا. وقال أحمد بن نصر: هي في المدونة، وأوجب عليها الدية، وقولها في السن، وقد يفرق بلزوم البياض بسن، وبعض من الآدميين أسود ابن شعبان في السن الزائدة عن الاجتهاد. قلت: فيه نظر؛ لأن أرش الحكومة والاجتهاد، إنما يتصور في النقص، وربما كان قلع الزائدة لا يوجب نقضاَ، أو يوجب زيادة؛ فيكون كخصى العبد تعدياً، يزيد في قيمته، وقد يجري على الأصبع الزائدة. وفيها: إن ضربت فتحركت، فإن كان اضطراباً شديداً؛ تم عقلها، وإن كان خفيفاً؛ عقل بقدر. زاد في الموازية: وينتظر بالشديدة الاضطراب سنة. أشهب: إن اشتد بعد السنة فكعقلها، وفي طرحها بعد ذلك الاجتهاد بقدر ما ذهب من جمالها.

ابن الحاجب: في المضطربة جداً الاجتهاد. ابن عبد السلام: يريد فيها حكومة، فإن أراده كان تكراراً، لقوله قبل هذا، واشتداد اضطر بها كقلعها. قلت: هذا وهم؛ لأن الأول في نزول الاضطراب، وهذا في زوال ذات الاضطراب، ولفظ ابن الحاجب، هو قول أشهب هذا. وقال اللخمي: إن ضربت فتحركت، وبقيت فيها قوة، فعلى الضارب بحساب ما ذهب من قوتها؛ فإن أسقطها آخر، فعليه بحساب ما بقى، فإن اسودت واضطربت شديداً؛ فديتها فقط لا يكون أشد من قلعها، ولو اسود بعضها؛ واضطربت خفيفاً؛ فله مناب أكثر كسواد نصفها، وذهاب قوة ثلث قوتها له نصف عقلها فقط، ولو انكسر نصفها، واسود نصف ما بقى أو ذهب نصف قوته باضطراب، ففيما انكسر نصف عقلها، وفي الاخر ربعها، ولو اسود أو اشتد اضطرابه؛ تم عقلها. اللخمي: إن ذهب نصفها، واصفر باقيها، فأذهب نصف جمالها، فثلاثة أرباع ديتها ولو احمرت فذهب نصف جمالها، فاخذ نصف ديتها، ثم ضربها آخر فتحركت، فأذهب بصف قوتها؛ ففيها ديتها صحيحة، كما لو أسقطها بعد أن اسودت لغرم ديتها كاملة، ولو نقص الكلام لذهاب الأسنان، عقل له الأكثر من دية الأسنان، ونقص الأسنان. وفيها: مع سماع عيسى طرح سن الصغير يوجي وقف عقلها، إن نبتت رد ولا قود في العمد، وإن لم ينبت أو مات قبل نباتها، فالعقل في الخطأ والقود في العمد، وإن نبتت أصغر؛ ففي قدر نقصها قدره من ديتها. الشيخ: زاد سحنون في المجموعة إن مات الرجل، ولم تنبت السن سقط القود. قال: ولا يوقف كل العقل؛ لأن السن يكون فيها النقص، ولا يمنع ذلك من القصاص؛ بل يوقف منه ما إذا نقصت السن إليه، لم يقتص له. قيل: كم ذلك؟ قال: هو معروف كالعين يضعف بصرها، واليد يدخلها النقص اليسير. الشيخ: لمحمد عن أشهب: إن قلعت سن صبي أثعر، ونبتت أسنانه فله تعجيل

العقل في الخطأ، والقود في العمد، ولو أخذ المثغرة الأرش في الخطأ، ثم ردها فتنبت؛ فلا يرد شيئاً، وقاله ابن القاسم. محمد: لأن السن عنده بخلاف غيرها؛ لأنه يرى فيها ديتها، وإن نبتت قبل أن يأخذها، والفرق بين الأذن والسن، أن الأذن تستمسك وتعود لهيئتها، ويجري فيها الدم والسن بخلاف ذلك. وسمع ابن القاسم: كل جراح الخطأ التي يستأنى بصاحبها خوف أن يأتي فيها أكثر من الثلث، كالأصبع من اليد ما منها دون الثلث، وقف عقله إن بريء رد إليه، وإن زاد لأكثر من الثلث، رد إليه وحملته العاقلة لم يوقف عقله؛ لأنها مأمونة، والرجل قد يذهب ماله. سحنون: إن كان الجرح تحمله العاقلة فرض له، ولا يستأنى برؤه، فإن زاد زيد على العاقلة. ابن رشد: هذا صحيح مثل قولها في سن الصبي، وقول سحنون خلاف قولها أنه لا يفرض على العاقلة حتى يعرف ما تصير إليه المأمومة؛ لأنها ربما آلت للنفس فلم تجب الدية على العاقية إلا بقسامة، أو لما سأله فيها عن معنى تأخير فرض دية المأمومة، وهي لازمة للعاقلة أو مات. قال: هذا الذي سمعنا؛ وإنما هو الاتباع، ومع ذلك فله وجوه صحاح، منها أن الجرح ربما آل للنفس فيجب فرض الدية على العاقلة في ثلاث سنين، فإن فرض على العاقلة دية الجرح ومنجماً؛ فقد يحل قبل موته فيئول إلى قبض دية النفس من العاقلة قبل وجوبها: ولأن حكمها أن يفرض بعد الموت في القسامة في ثلاث سنين، فتجب لورثته، فلا يصح أن يفرض له دية الجرح، إذ لا يدري يعيش فيجب له أو يموت؛ فتجب لورثته، وهذه علة صحيحة. وقد أجمع أهل العلم؛ أنه لا يقتص من الجرح إلا بعد البرء، فكذا لا يعقل إلا بعده، فقول سحنون بعيد ولا نص فيها على أمد الوقف، ونقل الشيخ رواية المجموعة: إن أيس من نباتها؛ أخذ الصبي العقل، يقتضي أنه زمن معتاد له نباتها، والأظهر أنه

الأكثر من معتاده أو سنة. الشيخ في الموازية لأشهب: إن كان الصبي حين قلعت سنه أثغر، ونبتت أسنانه ع جل له العقل في الخطأ، والقود في العمد. قلت: انظر هذا مع قاعدة المذهب في وجوب الاستنياء، ونقل ابن رشد الإجماع عليه فيجب حمله على أنه قلع دون جرح، وتقدم حكم رد السن بعد قلعها، ونحوه قبل ذكر الأحق بالدم. الشيخ: في الموازية لأشهب: في المضطربة نصاب من ديتها بقدر ما بقى من قوتها. الشيخ: في المجموعة، روى ابن وهب: في سن الشيخ الكبير تتحرك العقل تاماً ولو أصابها رجل فتحركت شديداً، فله بحساب نقصها، ثم إن أصيبت؛ فله بحساب ما بقى. قال ابن القاسم وأشهب: في السن المأكولة، قد ذهب بعضها دية ما بقى منها، لابن القاسم: أصيبت عمداً أو خطأً. أشهب: إلا أن تتآكل منها ما بال له؛ ففيها دية كاملة، كاليد تنقص أنملة. ابن شاس: إن تآكلت كثيراً؛ ففيها بحسابها؛ وإن كان يسيراً؛ فعقلها تام. ابن الحاجب: في المكسورة تتآكل أو غيره بحسابها. قلت: نقل ابن شاس على مقتضى قول أشهب، ونقل ابن الحاجب على مقتضى قول ابن القاسم، وتقدم حكم المضطربة. وقول ابن شاس: لو قلع جمبع الأسنان من ضربة واحدة؛ ففي كل سن خمس من الإبل واضح، كقولنا إن شجه ثلاث مأمومات في ضربة واحدة؛ ففيها دية كاملة، وكذا المنقلات اليدين فيهما الدية، وفي إحداهما نصفها. فيها: إن قطعت من أصل الأصابع ومن المنكب، فقد تم عقلها، وشلل الأصابع فيه ديتها كاملة، ثم في قطعها عمداً أو خطأً حكومة. الشيخ: روى ابن نافع في المجموعة: إن دخلها نقص؛ ففيه من ديتها بقدر ما نقص منها ومن جمالها.

زاد اللخمي: واعتبار القوة من الأصابع لا من جملة اليد. قال: فإن ضعفت وصغرت، فإن ذهب نصف قوتها؛ ففيه نصف ديتها؛ وله بعد ذلك بقدر ما ذهب من جمالها، وإن أبان بعضها وضعف الباقي؛ ففي كل منابة من ديتها إن أبان نصف الأصابع وما بقى بعدها على قوته لم يحط له من الدية شيء ولا يزاد عليها لعطلته. وفيها: إن لم يكن في الكف إصبغ: ففي قطعها أو بعضها حكومة، وفي الأصبعين بها بما يليها من الكف خمساً دية اليد، ولا حكومة مع ذلك. الشيخ: عن ابن القاسم في المجموعة: إن قطعت كف ذات إصبع واحدة؛ فله دية الأصبع، وأحب إلى في باقي الكف المحكومة، ولم أسمعه. وقال أشهب وسحنون: لا شيء له في بقية الكف المغيرة، من قطعت كفه عمداً وليس فيها إلا ثلاث أصابع، وأخذ في الأصبعين عقلاً وقوداً؛ فله عقل الأصابع دون حكومه. وقال عبد الملك: له مع عقلها حكومة، إلا أن يكون أربع أصابع، فلا يزاد على ديتها. وفيها مع غيرها: في كل إصبع منها عشر من الإبل. الشيخ: في الموازنة عن ابن القاسم وأشهب: في الكف الناقصة أصبعاً دية أربع أصابع، وإن نقصت اليد أنملة، لم يأخذ لها عقلاً، كالذاهبة بمرض وشبهه؛ ففيها ديتها كاملة، وإن أخذ عقلاً؛ حوسب بها في الخطأ. اللخمي: اختلف فيمن له ست أصابع، فلابن القاسم من له ست أصابع، في ذلك من العتبية، إن كانت السادسة قوية؛ ففيها عشر، ولو قطعت عمداً، إذا لا قصاص فيها، وفي كل يدها ستون، وإن كانت ضعيفة؛ ففيها حكومة إن انفردت، ومع اليد لا يزاد لها شيء. ابن سحنون عنه: أن انقطعت يدها خطأ؛ ففيها نصف الدية فقط، وقيل: وحكومة

في الزائد، ولم يفرق بين قوية وضعيفة، وقول ابن القاسم أبين، وإن قطعت عمداً؛ فله أن يقتص، ويأخذ دية السادسة إن كانت قوية. قلت: قول ابن القاسم، هو سماع يحيى ابن رشد، صفة الحكومة. فيها: ينظر كم ينقص ذهابها من قيمته، لو كان عبداً، فيؤخذ ذلك القدر من ديته، فإن لم ينقص من قيمته شيئاً، أو لعله يزيد فيه، فإنلم يكن ذلك، لم فيه شئ، إلا الأدب في العمد، ولا يدخل في ذلك ما في العبد يخصى؛ فتزيد قيمته، لاختلافهما في المعنى، ومضي بيانه. وفيه في المساع: إن كانت قوتها مثل سليم الأصابع، العمد فيها والخطأ سوءا معناه: في إرتفاع القود فقط دون ما يفترق فيه الخطأ من العمد؛ لأن دية العمد مربعة، والخطأ مخمسة، وقد تقطع الزائدة مع غيرها؛ فلا يبلغ ثلث الدية، فيكون العقل في ذلك على العاقلة في الخطأ. قلت: قوله: لاختلافهما في المعنى مجرد دعوى، ومسألة الخصي مذكورة آخر الغصب، وتقدم نحوه في السن الزائدة. وفيها مع غيرها: في كل أنملة ثلث العشرة، وأنامل غير الإبهام ثلاث. وفي كونها ذات أنملتين فقط أو ثلاث، قولها مع الباجي عن رواية محمد. ونقل اللخمي عن محمد: رجع مالك إلى أنها ذات ثلاث، ولم يحكه الباجي إلا عن سحنون عن رواية ابن كنانة. قال: وإليه رجع مالك وأصحابه عن قوله الأول، وثديا المرأة فيها مع غيرها فيهما الدية في كل واحد نصفها. فيها: إن قطع حلمتاهما، فإن أبطل مخرج اللبن؛ ففيه الدية، ونقله الباجي، وقال عن ابن الماجشون: حد وجوب ديتهما ذهاب الحلمتين. أشهب: إن أذهب ما هو سداد لصدرها؛ ففيهما الدية، وإلا فقد شينهما. اللخمي: إن أفسد مخرج اللبن، ولم يقطع منهما شيئاً، ولا ذهب من جمالهما شئ؛ وجبت ديتهما عند مالك، كذهاب النسل، ولو بقي الإستمتاع، وفي إذهاب اللبن

والجمال دية، والصغيرة كالكبيرة بخلاف سن الصغيرة؛ لأنها مرجوة، ولو فسد مخرج اللبن، ثم عاد ردت إليه. قلت: ظاهر أقوالهم: فساد مخرجه من العجوز كغيرها، والأظهر أنه كيد شلاء؛ فيه الحكومة فتأمله، وسن الصغيرة تقدم في فصل الإستيناء، وما قاله عياض فيها كسنها، وفيها ليس في ثدي الرجل إلا الإجتهاد والذكر. فيها مع غيرها: فيه الدية باعتبار الحشفة والأنثيان كذلك؛ فيهما لادية وفي كل منهما نصفها. فيها: اليسرى واليمنى سواء، وإن قطعتا مع الذكر فديتان، وإن قطعتا قبله أو بعده؛ ففيهما الدية، وكذلك الذكر قبلهما أو بعدهما. الشيخ: قال ابن حبيب عن ابن الماجشون: إن قطع الذكر أولاً أو آخراً؛ ففيما قطع بعده حكومة، خلاف رواية ابن القاسم. الباجي: قال عبد الملك، روى الأخوان: إن قطع الذكر أولاً؛ ففي الآخر حكومة. ولأبى الفرج عن عبد الملك: أيهما قطع قبل صاحبه؛ ففي الثاني حكومة. وقال الأبهري: إختلف قول مالك فيه فقال: مرة هذا إن كان في مرة واحدة أو مرتين. اللخمي: قال ابن حبيب: في الذكر الدية، ولو تأخر قطعة، وفي الإنثيين إن تقدم قطعهما، وإن تأخر؛ فلا دية فيهما؛ يريد: وفيهما حكومة. ورى القاضي: في قطعهما معاً دية واحدة. قلت: وقال ابن حارث: اتفقوا أن في قطعهما معا ديتين، فقطعهما معا في وجوب ديتين فيه، أو دية واحدة طريق ابن حارث، ورواية القاضي، وعلى التعاقب في وجوبها لكل منهما مطلقاً، أو في أولهما، وفي الثاني حكومة، ثالثها: في الذكر مطلقاً، وفي الإنثيين إان تقدمتها، وإن تأخرتا، فحكومة للمشهور. لابن حارث عن ابن حبيب، عن ابن الماجشون، مع أبي الفرج عنه، وابن حارث عن ابن حبيب، مع الباجي عن رواية الأخوين، عن ابن حبيب، وخرج اللخمي:

سقوط دية ذكر من لا يولد له بإعترافه بذلك، أو عقمه من سقوطها في ذكر من قطعت أنثياه. قال عن ابن حبيب: في ذكر من لا يأتي النساء الدية، وكذا الشيخ الكبير. وفي مختصر الوقار: في ذكر العنين حكومة، وعلى أحد قولي مالك الدية كاملة، ويختلف في الحصور الذي لم يخلق له ما يصيب به النساء. روى محمد: في ذكر من قطعت أنثياه الدية؛ قيل له: إنه لا يحمل له، قال: لكنه يبول، ومن الناس من لا يحمل له، ولا يصيب النساء؛ فعلة هذا في ذكر الحصور الدية. وفيها: من قطعت حشفته، فأخذ الدية، ثم قطع عسيه؛ ففيه الإجتهاد، وقبله فيما إن قطع بعضها، فمنها يقاس لا من أصل الذكر. وخرج اللخمي من القول: بقصر دية الأنف على قطعه من أصله، لا من مارنه قصر وجوب دية الذكر على قطع جميعه، قال: إن لم يكن في ذلك إجماع، والأليتان فيها فيهما من الرجل والمرأة حكومة. الباجي: وقاله ابن وهب، وقال أشهبك فيهما من الرمأة دية كاملة، وشفرا المرأة. الباجيك قال ابن حبيب عن الأخوين: إن سلتا حتى بدا العظم؛ ففيهما الدية، هما أعظم من ذهاب ثدييها والرجلان. الشيخ: في الموازية والمجموعة، روى غير واحد عن مالك: فيهما الدية، وفي إحداهما نصفها. وروى ابن وهب، وابن القاسم: كأن يقطع من الورك أو أصل الأصابع. وذكر اللخمي: في شللهما مثل ذكر في اليد. قال ابن شاس: ماعبر عنه ابن الحاجب بقوله، والعرج الخفيف مغتفر، إن لم يكن أخذ له أرشاً، وتقدم حكم العضو الضعيف، وما ذكره ابن رشد في ضعف البصر، مثله في ضعف الرجل بالعرج، ويتحصل فيه من قول الأشياخ، ونقلهم ثلاثة أقوال: جميع العقل، وبقدر ما بقي، وما نقله ابن شاس. ابن شاس: قد يفوت بالجناية منافع عشر العقل المذهب فيه الدية.

ابن رشد: إن نقص بعضه؛ ففيه بحساب ذلك. اللخمي: تجب بكونه مطبقاً لا يفيق، وإن ذهب وقتاً؛ فله في ديته بقدره، وإن ذهب يوماً ولية من الشهر؛ فله عشر ثلثها، وإن ذهب ليله دون نهاره أو عكسه؛ فلهنصف عشر ثلثها، وإن ذهب يوماً بعد يوم؛ فله نصفها، وإن كان يذهب من ذلك اليوم ليله دون نهاره أو عكسه فله ربعها، وإن لازم ولم يذهب جملة، ومع شئ من تمييز؛ فله بقدر ما ذهب يقوم عبداً سليم العقل، فإن قوم بمائة فقيده لا تمييز عنده، فإن قوم بعشرين، كان مناب عقله ثمانين، ثم يقوم على هذه الصورة من العقل، فإن قوم بأربعين فعلى الجاني ثلاثة أرباع الدية. قلت: كذا هو في غير نسخة، أنه يقوم ثلاث فيم، فيكون على الجاني ثلاثة أرباع الدية، وابن عبد السلام، وابن هارون من عادتهما نقل كلام اللخمي في شرحيهما، وههنا لم يتعرضا لكلامه بحال، فلعله لصعوبة فهمه، وتقرير توجيه ما قاله، أنه لما كانت قيمة عقله ثمانين، وجب أن يسقط منها عن الجاني ما بقي من عقله، ولما كانت قيمته تنقص عقله، وهو من حيث اتصافه بالتمييز المفروض أربعين. وهذه الأربعون ليست قيمة التمييز فقط؛ بل قيمته مع ذاته دية عرية عنه، وليست من العقل، فوجب إسقاطها مما هو قيمة لها مع التمييز، ليبقي مناب التمييز فقط، وقيمته كذلك عشرون فوجب إسقاطاها من قيمته مع تمييزه التي هي أربعون الباقي عشرون، وهي التمييز الباقي من جملة عقله، فيسقط من قيمة ثمانون الباقي ستون هي من الثمانين ثلاثة أرباعها، فيلزمه ثلاثة أرباع الدية. والجاري على أصل المذهب تقويمه سليما، ثم يقوم بحالته فيقدر ما بينهما، يكون على الجاني من ديته، فإذا كانت قيمته سليماً مائة، وقيمته على ماهو عليه أربعون، كان على الجاني ثلاثة أخماس ديته، فتأمله، وتقدم في مآل أثر الضرب لأكثر من أرشه. لأشهب في المجموعة: إن شجعه مأموة تنامت لذهاب عقله وسمعه وبصره، أن له دية كل ذلك. وكلام ابن رشد في ذهاب العقل بالمأمومة، وقول المغيرة فيه كسمع، وفيه الدية.

الباجي: لم يختلف عنه أن فيه الدية. أبو عمر: لو ذهب السمع وأذن بضربة واحدة، فقال ابن القاسم في ذلك دية واحدة، وقال ابن الجلاب، وعندي أن فيها حكومة، ودية أو ديتين على اختلاف الروايتين، وفيها في ذهاب سمع إحدى الأذنين نصفها. ابن القاسم: ليس الدية عند مالك في شئ واحد مما هو زوج في الإنسان، كاليدين غلا في عين الأعور، لما جاء فه من السنة محمد وأشهب؛ ولأن الناظر بالعين الواحدة يبصر بها ما يبصر بهما معاً. قال أشهب: إن كان يسمع بالأذن، مثل ما يسمع بالأذنين، فهو كالبصر وإلا فكاليد والرجل، وفيها مع غيرها في نقص بعضه بحسابه، ويعرف باختباره بالأمكنة كالبصر حتى يعرف صدقه. الشيخ: عن أشهب في المجموعة: يتباعد عنه، فإن تساوت أو تقاربت ينسب للصحيحة، وأعطي بقدر ما انتقصت المصابة من الصحيحة بعد يمينه، ولم يذكر ابن وهب عنه اليمين. قال أشهب: ويحسب له ذلك على سمع رجل وسط مثله. الصقلي: عن أشهب: فإن إختلف قوله بأمر بين لم يكن له شئ. قال أصبغ: هذا قول مالك وأصحابه. قال عيسى: يعقل له الأقل مع يمينه، قال في الموازية وغيرها: فإن لم يقدر على إختباره على حقيقة، وأشكل أمره صدق المضروب مع يمينه، وقاله مالك، وقال: الظالم أحق أن يحمل عليه. قلت: تعذر اختباره بأن لا يكون له سمع صحيح أو سليم، وفي كون قول أشهب: ويحلف وفاقاً للمدونة أو خلافاً لها احتمال؛ لأنه راجع إلى مدلول العرف، وفي استقلال العرف عن اليمين خلاف، تقدم في إرخاء الستور وغيره. قال ابن الحاجب: ويعرف بأن يصاح من مواضع عدة مختلفة مع سد الصحيحة، فإن لم يختلف قوله؛ حلف ونسب إلى سمعه الآخر، وإلا فسمع وسط، فإن إختلف، فلا

شيء له، وقيل: له الأقل مع يمينه. قال ابن عبد السلام: قوله وإلا فسمع وسط معناه: إن كان المجني عليه لا يسمع بإحدي أذنيه، ونقصت الجناية سمع الأخرى، أو كان يسمع بهما فنقصت الجناية سمعهما معاً، فإنه ينسب سمعه الناقص إلى سمع وسط. وقاله ابن هارون: ولم أجده لمتقدمي أهل المذهب إلا ما تقدم من نقل. الشيخ: عن أشهب: ومثله نقله ابن شاس غير مرتب على تعذر اختباره، فتأمله، وكلام ابن هارون أبين، ولم أجده إلا في وجيز الغزالي، قال فيه مانصه: وإذا شك في السمع جرب بصوت منكر بغته، فإن نقص، فإن نقص السمع جرب بالنسبة إلى من هو في مثل سنة بقرب المسافة وبعدها، وفي بصر العينين الدية. وفيها: إن نقص بصر العين أغلقت الصحيحة، ثم جعل له بيضة أو شئ في مكان يختبر به منتهى بصر السقيمة، فإن رآها حولت له إلى موضع آخر، فإن تساوت الأماكن أو تقاربت؛ قيست الصحيحة، ثم أعطي بقدر ما انتقصت المصابة من الصحيحة. وفيها: لا بن القاسم إن إدعى المضروب أن جميع سمعه أو بصره، قد ذهب اختبر إن قدر على ذلك بما وصفنا. الصقلي: في الموازية يختبر بالإشارة في البصر والصوت في السمع، كما وصفنا ويغتفل مرة بعد مرة. قال في الكتابين: فإن لم يقدر على اختباره على حقيقة، وأشكل أمره صدق المضروب مع يمينه، وقاله مالك، وقال الظالم أحق أن يحمل عليه. قلت: يريد بالظالم ما يصدق على العامد والمفرط، تقدم قولها في الجراحات، وفي الأنف الدية كاملة وأما الشم، فقال ابن زرقون: واختلف فيه. قال أبو الفرج: فيه الدية كاملة، وروى أبو الفرج فيه حكومة، ولما عدد اللخمي ما تجب فيه الدية. قال: وفي العقل والأنف والشم. ثم قال: إن ذهب الأنف والشم معاً، فقال ابن القاسم فيهما معا دية واحدة.

وقال ابن الجلاب: القياس ديتان، والأول أحسن قياساً على اللسان والذكر، وحاصل الروايات في ذهاب منفعة الشم، قبل ذهاب الأنف والسمع، قبل ذهاب أشراف الأذنين والبصر، قبل ذهاب العين أن في الأنف الدية؛ لوضوح الجمال به. وفي الذهاب أشراف الأذنين، قولان الدية والحكومة، وفي العينين حكومة، وكذا لسان الأخرس بعد الكلام. وفيها: إذا قطع اللسان من أصله، ففيه الدية كاملة، وكذا إن قطع منه ما منعه الكلام، وإن لم يمنع من الكلام شيئاً؛ ففيه الاجتهاد بقدر شينه إن شانه، وإنما الدية في الكلام لا في اللسان، كالأذنين إنما الدية في السمع لا فيهما، وإن قطع من لسانه ما ينقص من حروفه؛ فعليه بقدر ذلك، ولا يحسب في نقص الكلام على عدد الحروف رب حرف أثقل من حرف في النطق، ولكن بالاجتهاد في قدر ما نقص من كلامه. وسمع القرينان من قطع من لسان رجل ما منعه الكلام شهرين، ثم تكلم فنقص من كلامه أحب الىّ أن يقاد منه، إذ لا يعرف له قدر في القصاص أخاف أن تسرع الحديدة، فيذهب كلامه، فأحب الىّ أن لا يقاد منه، إذ لا يعرف له قدر في القصاص وأن يعقل. ابن رشد: يريد أو يذهب منه أكثر مما ذهب من المجني عليه أو أقل وهو بيان لماله في المدونة، يقاد منه إن كان يستطاع قوة ذلك، ولا يخاف منه. وقال أشهب: إنه مخوف لا يقاد منه. قلت: في المدونة؛ إنما هو في القود من كل اللسان، لا من بعضه، والسماع إنما هو في بعضه، ودليل تعليله ثبوت القود في كله؛ لبعد كون السماع مفسراً لها فتأمله. قال: وقوله يعقل؛ يريد بقدر ما ذهب من كلامه بعد أن يجرب صدقه فيما يدعي ذهابه، ويحلف على ذلك، قاله بعد هذا، ولا ينظر في ذلك عدد الحروف، وقيل يكون بقدر ما لم ينطق عليه من عدد الحروف، وهو بعيد لاختلافها. وفي سماع يحيى ابن القاسم: إن شكوا هل ذهب من كلامه أو عقله الثلث أو الربع أعطى الثلث، والظلم أحق أن يحمل عليه.

الصقلي عن ابن حبيب: وقال أصْبَغ عدد حروف المعجم ثمانية وعشرون حرفاً، فما نقص من هذه الحروف فبحسابه، وقاله لي جماعة أهل العلم، وحكاه اللخمي أيضاً عن أصْبَغ، ورد بعضهم قول أصْبَغ: بأن بعض الحروف الثمانية والعشرين لا حظ فيها للسان كحروف الشفة، وبأن الحروف أكثر من ثمانية وعشرون، وجيب عن الأول بأن موجب الدية؛ إنما هو ذهاب الكلام، لا ذهاب اللسان، وبأن الزائد عن الثمانية والعشرين في زعم مثبته رده غيره إليها، حسبما هو مذكور في فنه. وفي الصوت الدية، لنقل اللخمي: إن ذهب بعض كلامه، وذهب صوته أخد الدية كاملة، ونحوه قول الجلاب: إن قطع من لسانهما منع الكلام أو لج أو عن ففيه الدية. اللخمي: إن ذهب نصف كلامه، ونصف صوته أخذ ثلاثة أرباع الدية، لأنه يستحق نصف الدية عن ذهاب نصف الكلام، ويسقط ما قابله من الصوت، وهو النصف؛ لأنه لو ذهب جميع الكلام، وجميع الصوت لم يزد الصوت شيئاً، وبقي نصف الكلام ذهب منه نصف الصوت، فيأخذ لما ذهب من صوته ربع الدية. فإن قلت: في كلامه نظر؛ لأنه كما اندرج نصف الصوت في نصف الكلام الذاهب، كذلك يندرج النصف الباقي من الصوت في نصف الكلام الباقي. قُلتُ: النصف الذاهب من الكلام لا يوجب نقصاً في النصف الباقي منه، والنصف الذاهب من الصوت، يوجب في النصف الباقي منه ذهاب نصفه، وهو الربع. والذوق: قال اللخمي فيه الدية قياساً على الشم.،ونقله ابن زرقون عن ابن رًشْد. قُلتُ: هو قوله فينبغي على أصولهم، أن تكون فيه الدية، ولا أعلم فيه لأصحابنا نصاً. ابن زرقون: ونحا أبو الفرج إلى أن فيه حكومة. قُلتُ: وأخذه بعضهم من قولها في لسان الأخرس حكومة. ابن شاس: ويجرب بالأشياء المرة المنفرة.

قُلتُ: هو نص الغزالي في الوجيز، وإذهاب الجماع فيه الدية، قاله ابن زرقون عن المذهب، وابن رُشْد واللخمي معبراً عنه بإفساد الإنعاظ، ولما امتنع فيه الاختبار، وجبت اليمين، كقولها في مدعي ذهاب بصره، وتعذر اختباره، وإذهاب النسل. قال اللخمي: فيه الدية ودليل عد ابن رُشْد، وابن زرقون ما فيه الدية، وعدم ذكرهما إياه، أنه لا دية فيه. وقال ابن شاس: إن رجعت إليه هذه القوة، رد الدية قرب رجوعهما، أو بعد صواب كقولهم في رجوع البصر. والإفضاء: إزالة الحاجز بين مخرج البول، ومحل الجماع فيها مع غيرها، فيه ما شانها بالاجتهاد. الباجي: إن فعل ذلك بأجنبية؛ فعليه حكومة في ماله، وإن جاوزت الثلث مع صداق المثل والحد، ولو فعله بزوجته، فروي محمد عن ابن القاسم إن بلغ الثلث؛ فعلى العاقلة، وإلا ففي ماله، قاله ابن هارون، والقول بلزوم الدية في الأجنبي. حكاه ابن شاس: وهو بعيد إذ ليس مساوياً لما سن الشرع فيه الدية، ولم يتعقبه ابن عبد السلام؛ بل قال أكثر نصوصهم وجوب الحكومة، ووجوب الدية قوي؛ لأن مصيبتها به أقوى من إزالة الشفرين، ومصيبته كمصيبة ذهاب الجماع من الرجل. قُلتُ: ووجدت للخمي في كتاب الرجم، حيث ذكرت في المدًوَّنة ما نصه، وقال ابن القاسم أيضاً، إذا بلغ بها حيث لا ينفع بها؛ فعليه الدية كاملة. وفيها: إن زنى بامرأة فأفاضها؛ فلا شئ عليه، إن أمكنته من نفسها، وإن اغتصبها؛ فلها الصداق مع ما شانها. قُلتُ: ظاهره اندراج البكارة في المهر، بخلاف الشين؛ لأن زوال البكارة من لزوم الوطء، بخلاف الإفضاء. اللخمي: ما كان بطوعها، ينبغي أن تكون فيه كالزوجة تموت من جماعه، حيث تسقط الدية في الزوجة، يسقط ما شانها، وحيث تثبت يثبت. وقال أشهب في مدونته: إذا زنى بها فأفاضها؛ ففيه حكومة، وهو أحسن، ولا فرق

بين التزويج وغيره؛ لأن كل ذلك بطوعها. وفيها: من بنى بزوجته فأفاضها، وماتت من جماعة؛ فديتها على عاقلته، وإن لم تمت؛ فعليه ما شانها، فإن بلغ ثلث الدية، فعلى العاقلة. اللخمي في المجموعة: من بنى ببكر صغيرة، فعنف في وطئها، فأقامت يسيراً، ثم ماتت إن علم أنها ماتت من ذلك؛ فعليه ديتها. وقال عبد الملك: إن قويت على الوطء؛ فلا شئ عليه كالحجام والبيطار. ولابن سَنحون عن ابن وَهْب: إن كان مثلها لا يوطأ؛ قتل بها. وقال ابن القاسم: عليه الدية في، ماله فإن أفسدها أخرق الحاجز فعليه الدية، ورواه ابن القاسم. قال سَنحون: وروى ابن القاسم: إن ماتت من جماعه، ومثلها يوطأ فديتها على العاقلة، وإن بلغ ما شانها الثلث، فقال بعض أصحابنا: على العاقلة، وقيل: في ماله، قال ابن سَنحون: وبه أقول. اللخمي: إن كانت كبيرة، وكان ذلك لضعف تركيبها، فلا شئ على الزوج، وإن كان من قبله، ولم تعلم حاله، فذلك عليه، وإن كان ذلك مما يخاف عليها، فتختلف هل تكون الدية عليه أو علي العاقلة؟ وإلا كان خطأ تحمله العاقلة، إن علم أنها ماتت منه دون قسامة، إن ماتت بفور ذلك، وإن علما معاً، توقع ذلك أو جهلاه؛ سقط عنه نصف الدية، وإن كانت صغيرة، كانت عليه الدية؛ لأن رضاها لغو. وسمع ابن القاسم في كتاب الجنايات: من دفع امرأة فسقطت عذريتها، فعليه ما شانها، وكذلك صنع ذلك بأصبعه فعل ذلك بها غلام أو رجل أو امرأة. ابن رُشْد: يريد مع الأدب ولا خلاف في ذلك والأدب في الأصبع أكثر منه في الدفعة، ومعنى ما شانها ما نقصها من صداقها عند الأزواج، واختلف إن فعله الزوج بامرأته بأصبعه. فقيل: صداقها، وقيل: ما شانها عند غيره، إن طلقها على ما مضى من اختلاف قول ابن القاسم في ذلك بين روايتي سَنحون وأصْبَغ في النكاح، وأما في دفعه إياها،

فليس عليه إلا ما شانها إن فارقها. الشَّيخ: عن أًصْبًغ: إن أمسك صبيان لصبي حتى افتضها؛ فعليه وعليهم قدر ما شأنها. وفيها: لمالك في الصلب الدية ابن القاسم، إن أقعده عن القيام، فإن مشى وبرئ على عثل أو حدب؛ ففيه الاجتهاد، ولم يحك ابن رُشْد في المقدمات غير قول ابن القاسم. اللخمي: اختلف فيما به الدية فيه على ثلاثة أقوال، فذكر قول ابن القاسم المتقدم قال: ولمالك في المجموعة نحوه. وروى ابن وًهْب: إن برئ على انحناء؛ ففيه بقدره، وقال أشهب: فيه الدية إن أقعده عن القيام، وما نقص عن قيامه فبحسابه، وقيل: فيه الدية إن انطوى؛ يريد: صار كراكع فما لم يبلغ ذلك فبحسابه. وقال عبد الملك: فيه الدية إن انكسر، ولم يقدر على الجلوس، فإن نقص عن الجلوس، فبقدر ذلك. اللخمي: ويصبح كون الدية فيه للفصلين معاً إن أبطل جلوسه، وإن قدر على المشي على انحناء، وإن لم يضر كراكع فبحسابه يقاس ما بين قيامه راكعاً، وقيامه معتدلاً، فإن تساوى ما بينهما فله نصف الدية، وإن كان أقل أو أكثر فبقدر ذلك. وقال ابن الماجِشُون: في الصلب ثلاثة وثلاثون فقارة، وفي كل واحدة من الفقار ثلاث من الإبل؛ يريد: إذا أفسد شيئاً من الفقارات فراعى الصلب خاصة، ولم يراع ما فسد من المشي. وقول ابن شاس: لو ضرب صلبه؛ فبطل قيامه، وقوة ذكره حتى ذهب منه أمر النساء لم يندرج، ووجبت ديتان، كقولها في الديات: من شج رجلاً موضحة خطأ، فزال من ذلك سمعه وعقله، فعلى عاقلته ديتان، ودية الموضحة. اللخمي: وتجب الدية إذا أجذمه أو أبرصه أو سقاه ما سود جسمه. وقال ابن الماجِشُون: يجب في الصدر إذا هدمه.

وقال ابن عبدوس: فيه حكومة. والشوى: وهي جلدة الرأس فيها الدية، قاله في المقدمات غير معزو، كأنه المذهب، وذكره ابن زرقون عن ابن الفرج عن ابن الماجِشُون. وفي المقدمات: الديات فيما يجني به على الرجل ثمان عشرة دية إحدى عشرة في رأسه العقل والسمع والبصر، وأشراف الأذنين عند أشهب، والشم خلاف والأنف والذوق والكلام والشفتان والشوى والأضراس والأسنان يجمع فيها على قول مالك أكثر من دية، والتي في الجسد اليدان والرجلان والصلب والذكر والأنثيان وإذهاب الجماع. وفي المرأة ثمان عشرة أيضاً، فيها ثلاث ليست في الرجل: الشفران والحلمتان والأليتان عند أشهب، كما أن في الرجل ثلاث ديات ليست في المرأة إذهاب الجماع والذكر والأنثيان. ومثله لابن زرقون قائلاً: والصدر إذا هدم، ولم يرجع لما كان عليه. وقول ابن الحاجب، وغير ذلك مما فيه جمال؛ فحكومة كأشفار والعينين والحاجبين واللحية والرأس، إذا لم ينبت هو قالها مع غيرها، وذو الرق جراحه معتبرة بقيمته بعد البرء، كإفساد سلعة في غصبها، ودياتها من تعدى على عبد غيره ففقأ عينه، وقطع له جارحة أو جارحتين؛ فما كان من ذلك فساداً فاحشاً لم بق فيه منفعة، فإنه يضمن قيمته ويعتق عليه. وكذا الأمة زاد في دياتها، فإن لم يبطله مثل أن يفقأ عيناً واحدة، أو يجذع أنفه؛ فعليه ما نقصه، ولا يعتق عليه، وقد سمعت أنه يسلم لمن فعل ذلك به ويعتق عليه، وذلك رأي إذا أبطله علي صاحبه، وفي أول دياتها، وعلى قاتل عبيد أهل الذمة قيمتهم ما بلغت كعبيد المسلمين، وإن كانت القيمة أضعاف الدية إلا في أن مأمومة العبد وجائفته في كل واحدة ثلث قيمته، وفي منقلته عشر قيمته، ونصف عشر قيمته، وفي موضحته نصف عشر قيمته، وفيما سوى ذلك من جراحه بعد ما نقصه بعد برءه، وفي جراحها. والمرأة تعاقل الرجل في الجراح إلى ثلث ديته، ولا يستكمله، فإذا بلغت ذلك

رجعت إلى عقل نفسها؛ وتفسير ذلك أن لها في ثلاثة أصابع ونصف أنملة أحداً وثلاثين بعيراً ثلثي بعير، وهي والرجل في هذا سواء، وإن أصيب منها ثلاث أصابع وأنملة؛ رجعت الى عقلها، فكان لها ستة عشر بعيراً وثلثا بعير، ونحوه في الموطأ. أبو عمر: قال ربيعة: قلت لابن المسيب: كم أصبع من أصابع المرأة؟ قال: عشر من الإبل. قلت: كم في أصبعين؟ قال: عشرون. قُلتُ: كم في ثلاث؟ قال: ثلاثون، قلت: كم في أربع؟ قال: عشرون، قلت: حين عظم جرحها واشتدت بليتها نقص عقلها، قال: أعراقي أنت؟!!! قلت: بل عالم متثبت أو جاهل متعلم قال: هي السنة. أبو عمر: هذا مذهب مالك وجمهور أهل المدينة، والليث وعمر بن عبد العزيز وعطاء وغيرهم، وروى عنه ?من مرسل عمرو بن شعيب، وقول ابن المسيب: هي السنة؛ يدل على أنه أرسله عن النبي?. وفيها: وجوب ضم قطع أصابعها بعضها لبعض باتحاد يدها، أو فور ضربها وإلا فلا وحيث يجب فيما بلغ به عقلها ثلث عقل الرجل؛ رجعت لعقلها وما لا يبلغه فلها فيه عقله، وما يضم اعتبر كأنه أول. ابن زرقون: في ضمها بذلك وقصره على فور واحد مع وجوب ضم ما بعده إليه مطلقاً ثلثها، ولا يجب ضمه إليه لها. ولعبد العزيز بن أبي سلمة مع رواية المغيرة، وابنه عبد الملك مع الصقلي عن ابن وَهْب، وعزاه اللخمي لابن نافع بدل ابن وَهْب ورجحه. قال ابن الحاجب: وحيث اتحد الفعل، أو كان في حكمه لم يعتبر اتحاد المحل كضربة واحده تبين أصابع من يدين يده حكمها حكم اليد، فلو قطع لها بعده أصبع لم يضم؛ بل تأخذ له عشراً إن كان ثانياً أو ثالثاً، أو خامساً إن كان رابعاً أو خامساً، كما لو كان في كل يد علي حيالها، فقبله ابن هارون. وقال ابن عبد السلام، بعد أن قرر مدلول مذهب المدَوَّنة: ولكن هذا المعنى لا ينطبق عليه قول المؤلف، فلو قطع لها بعده أصبع لم يضم، فإن عدم الضم مناف

لوجوب خمس في الأصبع الرابعة أو الخامسة، ويرد بأن مراده بقوله: لم يضم أي: إلى ما بان من أصابع اليدين معاً، وقوله أو خمساً إن كان رابعاً أ, خامساً ليس مسبباً عن عدم الضم؛ بل عن اتحاد المحل، ولذا بينه بقوله: كما لو كان في كل يد على حيالها. وقول ابن الحاجب: وقيل لا يضم شئ إلى ما قبله فيهما، قيل: ضمير فيهما عائد علي صنفي الأيدي والأرجل، وقيل: إلى اتحاد الفعل وحكمه، ولا يشترط في ضم الأصابع باتحاد الضربة كون ضمها لمثلها؛ بل لو كان لغير مثلها، فكذلك لنقل الشَّيخ عن الموازيَّة لو ضربت ويدها على رأسها فقطع لها أصبعان، وشجت منقلة؛ رجعت في ذلك لعقل نفسها. قُلتُ: وكذلك رجلاها على ما فسرنا في اليدين. محمد: وتضم الأسنان باتحاد الضربة، وفي ضمها باتحاد محلها قولا ابن القاسم. أَصْبَغ: عدم الضم أحب إليَّ واختاره محمد. الشَّيخ: لابن القاسم في المجموعة: لا تضم المواضح والمناقل إلا بكونها في فور واحد، ولو كانت المنقلة الثانية في موضع الأولى بعد برئها. قُلتُ: هو قولها أيضاً. الشَّيخ: عن أشهب: الفور الواحد يضمها كالسارق ينقل من الحرز قليلاً قليلاً في فور واحد لضعفه أو ليلاً يقطع هي سرقة واحدة. وفيها: لا يضم بعض الخطأ إلى عمد اقتصت أو عفت. ولابن رُشْد في سمَاع سَحنون من الديات: هذا قول ابن القاسم، وروايته لم يختلف في ذلك قوله. وعن أشهب: يحسب عليها من أصابعها ما أصيبت به عمداً، وقاله سَحنون، وأبو إسحاق البرقي. اللخمي: إن صالحت عن كل إصبع بأقل من خمس؛ لم تضم وإن صالحت عن كل أصبع بخمس الى عشر، عاد الخلاف المتقدم من قول مالك، وابن نافع وعبد الملك: ودية الخطأ الثابتة لا باعتراف تحملها العاقلة.

الشَّيخ: ومن كتاب آخر: حمل العاقلة الدية أمر قديم، كان في الجاهلية فأقره النبي?،وشرط الحمل بلوغ المحمول ثلث الدية. وفيها: إن جنى مسلم على مجوسية خطأ ما لم يبلغ ثلث ديتها، أو ثلث ديته؛ جملته عاقلته، وكذا إن جنى على مسلمة ما لم يبلغ ثلث ديتها، حملته عاقلته، مثل أن يقطع لها أصبعين فتحمل عاقلته؛ لأنه أكثر من ديتها، ولو جنت امرأة على رجل ما لم تبلغ ثلث ديتها، حملته عاقلتها، وأصل هذا أن الجناية إن بلغت ثلث دية الجاني أو ثلث دية المجني عليه؛ حملته العاقلة. الباجي: وهل يعتبر ثلث دية الجاني أو دية المجني عليه، فذكر عن رواية أشهب مثل قولها. قال أشهب: قال ابن كنانة لمالك: الذي كان يعرف من قولك أن الاعتبار بدية المجروح، فأنكر ذلك، وبه قال ابن القاسم، ورواه يحيي عن لبن القاسم. ابن زرقون: زاد أبو محمد في نوادره، قيل له، فالمرأة يقطع كفها، وفي ذلك أقل من ثلث دية الرجل، فقال: إنما ذلك بعد أن بلغت دية الرجل، ثم رجعت، فذلك على العاقلة. ولمحمد عن ابن القاسم: لا تحمل العاقلة إلا ثلث دية رجل، يكون الجاني من كان، والمجني عليه من كان، ولفظ العتبيَّة في جواب مالك لابن كنانة: لقد كذب من قال هذا، ولقد حمل قولي على غير وجهه. ابن رُشْد: هذا الذي أنكر، هو رواية ابن القاسم. فيها: ورجح قصر الاعتبار علي ثلث أحدهما بالمجني عليه، ومثله للخمي. قُلتُ: ففي قصر الاعتبار على ثلث دية أحدهما، أو ثلث دية المجني عليه ثلثها المعتبر ثلث دية الرجل، كان الجاني والمجني عليه من كان. وفي التهذيب: إن جنى مسلم على مجوسية خطأ ما يبلغ ثلث ديتها، أو ثلث ديته؛ حملته عاقلته، وتعقب بامتناع تصور بلوغ الجناية عليها ثلث ديته بعدم فائدته، لاستلزامه ثلث ديتها.

وأجيب عن الأول بكونه بتعدد الجنايات عليها، وقد تقدم أن الدية في المرأة في ثمان عشرة، واستبعد ابن حارث: لو قتل مسلم نصرانيًا أو مجوسيًا خطأ، فذكر معروف المذهب في حمل عاقلة المسلم ديته. قال: وسمع يحيى ابن القاسم: لا تحملها، وهم كالعبيد قل ذلك أو كثر. وقال ابن رشد: هذا القول في هذا السماع؛ إنما هو لابن نافع، لا لابن القاسم؛ لأنه في الأصل، وسألت ابن نافع، وهو خلاف قول ابن القاسم. وروايته في المدونة وغيرها: إلا أن يحمل على أهل الذمة من أهل العنوة، دون أهل الصلح؛ فيتخرج على أحد قولي ابن القاسم، أنهم كالعبيد المأذون لهم، ونقل اللخمي كابن حارث. وفيها: مع غيرها والعمد ذو القصاص، وما دون الثلث في مال الجاني. وفيها: وعقل المأمومة والجائفة عمدًا على العاقلة، ولو كان للجاني مال، وعليه ثبت مالك، وبه أقول، وكان يقول إأنها في ماله إلا أن يكون عديمًا؛ فتكون على العاقلة. ابن زرقون: والرواية الثانية: أنها في ماله. قُلتُ: وعزاه ابن هارون لظاهر دياتها. وفيها: على الجاني الأدب، وكذا كل ما لا يستطاع القود منه، إذا بلغت الحكومة فيه ثلث الدية، ومن قطع يمين رجل عمدًا، ولا يمين له؛ فديتها في ماله، لا على العاقلة، وتقدم قولها: من شج رجلًا موضحة خطأ، فذهب من ذلك سمعه وعقله؛ فعلى عاقلته ديتان، ودية الموضحة؛ لأنها ضربة واحدة. وتقدم قول ابن رشد: محل العقل عند مالك القلب، وهو قول المتكلمين من أهل السنة. وقال ابن الماجشون: محله الدماغ، فعلى الأول من أصيب بمأمومة، فذهب منها عقله؛ فله دية المأمومة، ودية العقل العدم الإندراج باختلاف المحل، وعلى الثاني؛ إنما له دية العقل للاندراج باتحاد المحل، وتقدم أن المغلظة في مال الجاني على المشهور. الشيخ: في الموازية روى ابن وهب: أن ابن عباس وغيره من الصحابة والتابعين

قالوا: العاقلة لا تحمل عمدًا ولا عبدًا ولا صلحًا ولا اعترافًا، وبه قال مالك، إلا أنه في الاعتراف ربما جعله كشاهد على العاقلة يوجب القسامة. الشيخ: روى ابن عبدوس: لا تحمل العاقلة ما جنى المرء على نفسه، من عمد أو خطأ؛ لقول الله تعالى: {ومَن قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَئًا} [النساء: 92]، ولم يذكر قتله نفسه، وفي صلحها اختلف. عن مالك في الإقرار بالقتل خطأ، فقيل: على المقر في ماله، وقيل: على العاقلة بقسامة. في رواية ابن القاسم وأشهب: وفي دياتها، ومن أقر بقتيل خطأ؛ فإن اتهم أنه أراد غنى ولد المقتول كالأخ، والصديق لم يصدق، وإن كان من الأباعد صدق، إن كان ثقة مأمونًا، ولم يخف أن يرشى على ذلك. ابن رشد: في رسم العتق من سماع عيسى من قال: قتلت فلانًا خطأ في كونه لوثًا؛ يوجب القسامة، والدية على العاقلة إن لم يتهم على إرادته غنى ولد المقتول، وكون الدية في ماله بغير قسامة، ثالثها: بقسامة. قال: هذا إن كانت للمقتول حياة، وإن لم تكن له حياة؛ فلا قسامة اتفاقًا، هذا الذي يجب أن يحمل عليه قولها في الصلح. عياض: على روايات ألأشياخ: لفظ مالك هنا تتحمل ثلاث روايات: أولاها: الدية في ماله وحده دون قسامة، وقاله المغيرة، وابن الماجشون. الثانية: على العاقلة بقسامة مات بغتًا أو بعد حياة، قاله ابن القاسم وأشهب وروياه، وظاهر ما هنا أنه لا شيء على الجاني منها، وتأوله بعض أصحابنا عن مالك في المسألة، وأن قول مالك في غير المدونة، هو كواحد منهم على الاستحسان، وما هنا وفي الديات فبينه. والثالثة: ظاهر قول مالك هنا لا شيء عليه منها إلا بقسامة، فتأول بعض شيوخنا على أن عليه جميعها، وقاله ابن لبابة، وقيل: معناه أنه كواحد من العاقلة، إن أقسموا لزمه ما لزمهم، وهو رواية ابن المواز وابن عبدوس، وهو تأويل أكثر الشيوخ، فيكون

قولًا رابعًا. والخامس: لا يلزمه إلا ما كان يلزمه مع العاقلة، ولا شيء عليها، ولا قسامة، قاله ابن دينار، وحكاه سحنون عن آخرين من أصحابه لم يسمهم، وذكره الجلاب عن رواية ابن وهب. وسادسها: لغو إقراره رواه عبد الوهاب، وحكاه ابن ميسر عن ابن وهب، وابن القاسم. ونقل قول ابن رشد: إن الخلاف في القسامة؛ إنما هو إن كانت له حياة بينة. الشيخ: عن الموازية: العاقلة عشيرة الرجل وقومه، وفي الموطأ تعاقل الناس في زمن النبي صلى الله عليه وسلم، وفي زمن أبي بكر، قبل أن يكون ديوان؛ وإنما كان الديوان في زمن عمر، فليس لأحد أن يعقل عنه غير قومه ومواليه. أبو عمر: كانوا يتعاقلون بالبصرة، فجرى الأمر على ذلك، حتى جعل عمر الديوان، واتفق القول بذلك. الشيخ: عن الموازية: الكورة العظيمة عندي حضارة وحدها، إن كان فيها من يحمل ذلك، وإذا كانوا أهل ديوان؛ فالعقل على تلك العرافة التي تأخذ معهم، وإن كانوا من غير قبيلته. قال أشهب: إن كان منهم من ليس في الديوان، لم يدخلوا مع من في الديوان، وإن كانوا كلهم من أهل الفسطاط، وإن لم يكن في أهل الديوان أقرب القبائل إليهم، وقاله أصبغ. قال أشهب: وهذا في ديوان عطاؤه قائم، وأما إن انقطع؛ فإنما ذلك على قومه أهل ديوان أو منقطعين، وقاله مالك في الموازية والعتبية، من رواية أشهب: إن كان العطاء قائمًا؛ عقل معه من معه في الديوان من قومه، أو من غير قومه. قُلتُ: وتمامها في سماعه: إن كان رجل من الأنصار في قريش؛ عقل عنهم وعقلوا عنه. قُلتُ: أيعينهم قومهم ممن ليس معهم في الديوان، قال: ما يفعلون؟ قلت: أفتراه،

قال: نعم، وقد انقطع الديوان. وقال ابن رشد: هذا خلاف ظاهر المدونة من قول مالك؛ إنما العقل على القبائل، كانوا أهل ديوان أو لا، فجعل على هذا السماع أهل الديوان الواحد، كقبيلة من القبائل، وإن كانوا من قبلئل شتى، فإن لم يكن فيهم من يحمل العقل؛ ضم إليهم قومهم من غير أهل الديوان الأقرب فالأقرب. الشيخ: روى ابن وهب: ليس في أموال العاقلة حد إذا بلغته لزمتهم، وإن قصروا عنه لم تلزمهم. وروى الباجي: لا حد لعدد من تقسم عليهم الدية من العاقلة؛ وإنما ذلك باجتهاد. وعن سحنون: إن كانت العاقلة ألفًا، فهم قليل فيضم إليهم أقرب القبائل إليهم. قال ابن الحاجب: وألحق بالعصبة أهل الديوان. ابن عبد السلام: يحتمل أن يريد أن أهل الديوان ممن يؤدي الدية من حيث الجملة، لا أنهم يؤدونها مع العصبة، ويحتمل أن يريد أنهم مع العصبة سواء. ثم قال: ظاهر قول مالك وأشهب وأصبغ: أن الديوان مقدم على العصبة، وهو يأتي على الاحتمال الأول. وسمع أصبغ ابن القاسم: ويعقل المولى الأعلى، وفي الموطأ ليس لأحد أن يعقل عنه غير قومه ومواليه؛ لأن الولاء لا ينتقل. وقال صلى الله عليه وسلم: "الولاء لمن أعتق"، قال مالك: فالولاء نسب ثابت. الباجي: إن كان المولى من أهل ديوان آخر، ففي الموازية يعقل عنه أهل ديوانه، وإن لم يكونوا من قبيلته. أشهب وأصبغ: إن كان فيهم من ليس من أهل الديوان، لم يدخلوا مع من في الديوان، وليضم إليهم أقرب القبائل إليهم من أهل ديوانهم.

الشيخ: روى محمد: من أسلم ولا قوم له، فالمسلمون يعقلون عنه. اللخمي: إن كانت له عاقلة قليلة؛ لم يكن فيها ما تحمل لقلتهم حمل عليهم ما يحملونه، وما بقي على بيت المال، وفي ولائها ولد الملاعنة ينسب إلى موالي أمه، فهم يرثونه ويعقلون عنه. وفي دياتها: وإن قال ابن الملاعنة دمي عند فلان، فإن كانت أمه معتقة؛ فلمواليها أن يقسموا ويستحقوا الدم في العمد والدية في الخطأ، وإن كانت من العرب؛ أقسمت في الخطأ أمه وأخوته لأمه، وأخذوا حظهم في الدية، وإن كان عمدًا؛ فلا قسامة فيه، وهو كمن لا عصبة له، فلا يقتل إلا ببينة. قُلتُ: وكذا ولد الزنا. ابن المواز: أجمع العلماء أن الموالي من الأسفل، لا يعقلون مع من أعتقهم. قال: وهو معنى قول ابن القاسم. ابن رشد: وقاله سحنون، وليس قول ابن المواز بصحيح؛ بل يعقلون معهم على سماع أصبغ ابن القاسم هذا، ومثله لابن كنانة في المدنية. وفي كتاب الجنايات من المدونة: وهو قوله في المبتل في المرض، إذا لم يكن لسيده أموال مأمونة، أن جنايته جناية عبد؛ لأن العاقلة لا تحمل له جريرة حتى يحمل، هو مع العاقلة ما لزم العاقلة من الجرائر. قُلتُ: في أخذه من هذا نظر، لاحتمال أن يريد بالعاقلة عاقلة قومه وعشيرته، لا عاقلة معتقه، وهذا الأخذ من المدونة سبقه به ابن حارث قال: واعتلال سحنون في ذلك بأنهم لا يرثونه لا يصح، إذ ليس العقل مرتبطًا بالميراث؛ لأن الرجل يعقل عمن لا يرثه من عشيرته، وكما يعقل عنه من لا يرثه من قبيلة مولاه، فكذا يعقل هو عن من لا يرثه من قبيلة مولاه، وسائر قبيلته، والعقل في هذا بخلاف القيام بالدم، لا حق للمولى الأسفل في القيام به. الباجي: ويؤدي الجاني مع العاقلة، قاله مالك ومن أصحابنا من قال هذا

استحسان، وليس بقياس. قُلتُ: ومقتضى عزوه عدم دخوله لبعض الأصحاب؛ أنه لا يحفظه رواية خلاف قول ابن شاس في دخول الجاني في التحمل روايتان، وتبعه ابن الحاجب، وقبله ابن عبد السلام وابن هارون. ونقله اللخمي معبرًا عنه بقوله: وقيل لا يدخل، وعليه إن لم يكن له عاقلة تسقط الجناية، وعلى الأول إن لم يجد من يعينه فيما عادت عليه. وقيل: على بيت المال، فإن لم تكن أو عسر تناولها، كانت عليه. ابن الحاجب: ويبدأ بأول الديوان، فإن اضطر إلى معونة أعانهم عصبتهم. قُلتُ: كذا وجدته في غير نسخة، بلفظ عصبتهم، يجمع الضمير المضاف إليه عصبة، وكذا هو في نسخة شرح ابن عبد السلام وابن هارون، ثم فسراه: بأن أهل الديوان يستعينون بعصبة الجاني، وهو خلاف مدلول جمع الضمير، لكن ما فسراه به هو المنقول في المذهب. قال ابن عبد السلام: ظاهره أنهم يستعينون بعصبته الذين ليسوا معه في الديوان، وقد قدمنا فوق هذا خلافه. قُلتُ: الذي تقدم له عن مالك ومن معه: أن أهل الديوان مقدمون على عصبة الجاني، حسبما ذكرناه من نقل ابن رشد الاختلاف في ذلك، ومعنى ذلك إذا قوي أهل الديوان على حمل الدية، وهذه المسألة؛ إنما هي إذا عجز أهل الديوان عن حملها، ولا خلاف في استعانتهم بعصبته، فتأمله. الشيخ: عن الموازية من رواية ابن وهب: إن لم يكن ديوانه على فخذ الجاني، إن كان فيهم محمل، وإلا ضم إليهم الأقرب فالأقرب من قبائلهم، إن كانوا أهل بلد واحد مثل مصر أو الشام. الشيخ: والصقلي لابن سحنون عنه: يضم عقل إفريقية بعضهم لبعض من اطرابلس إلى طبنة. قُلتُ: كثيرًا ما تصحف الطلبة، وبعض جهلة المدرسين والكتبة، لفظ طبنة

فيقولون: طنجة بنون بعد الطاء وجيم، والذي قيدناه ووجدناه في النسخ العتيقة طبنة بباء موحدة من أسفل بعد الطاء ونون بعدها، وذكر لي أنها قرب بجاية. قال ابن الحاجب: ويبدأ بالفخذ، ثم البطن، ثم العمارة، ثم العصبات، ثم القبيلة، ثم أقرب القبائل. قُلتُ: ما ذكر من أسماء درجات العصبة، تقدم الكلام عليه في فصل درجات الأولياء في النكاح، ولا فائدة فيه في الموضعين إلا معرفة مدلول هذه الألفاظ باعتبار البعد والقرب، والروايات واضحة في كتاب الولاء والنكاح، بتأخر درجة المولى الأعلى عن العصب، ثم المولى الأسفل، ثم بيت المال، إن كان الجاني مسلمًا، قاله في الولاء منها وغيرها. الشيخ: روى محمد: عاقلة النصراني واليهودي والمجوسي أهل إقليمه الذين يجتمعون معه في أداء الجزية، فإن عجزوا ضم إليهم أقرب القرى منهم، من كورهم كلها. قال سحنون: إذا لزمتهم بمدينة قيروان إفريقية، دخل فيها من بإفريقية من اليهود الذي يحملون معهم الخراج. قُلتُ: هو مقتضى قولها في الولاء، إن كان عبد نصراني بين مسلم ونصراني؛ فأعتقاه ثم جنى جناية، فنصفها على بيت المال لا على المسلم؛ لأنه لا يرثه، ونصفها على أهل خراج الذمي، الذين يؤدون معه. قال ابن عبد السلام، في قول ابن الحاجب: ولا يعقل بيت المال عن أهل الذمة، فيه نظر؛ لأن بيت المال قد يرث الكافر إذا أعتق، ولم تكن له ورثة. قُلتُ: ظاهره أنه إذا أعتق، ولم يكن له ورثة أن بيت المال تعقل عنه مطلقًا، وليس كذلك، لما تقدم من قولها في العبد النصراني بين المسلم والنصراني. الشيخ: عن المجموعة، قال المغيرة: إن كانوا أهل صلح فعليهم، وإن اختلفت قبائلهم. اللخمي: قول الموازية: إن كان من أهل صلح، فالعقل على أهل ذلك الصلح،

ولو قتل حربي دخل بأمان مسلمًا خطأ في كون ديته على أهل كورته، فإن أبوا؛ فعليه ما لزمه معهم، أو عليه في ماله. روايتا البرقي وسحنون عن أشهب، وعزا أبو زيد الأول لابن القاسم، وفي دياتها ويحمل الغني من العقل بقدره، ومن دونه بقدره، وذلك على قدر طاقة الناس. قال ابن القاسم: ولم يحد مالك في ذلك حدًا، وقد كان يحمل الناس في أعطياتهم من كل مائة درهم درهم ونصف. الشيخ: عن ابن حبيب: إنما يوصف على قدر المال والسعة، وذكره الشيخ عن أشهب، وفي النوادر، وظاهره من رواية ابن وهب، وأكره أن يبعث السلطان فيما تحمله العاقلة من يأخذه، فيدخل فيه فساد كبير. الشيخ: روى محمد: المجتمع عليه عندنا، أنها على أحرار الرجال البالغين، وفيها زيادة المسلمين، وفيما يأتي زيادة حضور القسم؛ يريدون في بعيد الغيبة ليحمل حاله. اللخمي: من كان منقطع الغيبة، لا يدخل في العاقلة، ومن خرج لحج أو غزو دخل إذا قدم. الباجي: عن ابن حبيب، وهي على السفيه المولى عليه بقدر حاله. الشيخ: عن محمد ابن القاسم: وليست على المديان. ابن الماجشون: ولا على معدم. ابن حارث: اتفقوا على أنه لا ينظر إلى العاقلة يوم الموت؛ بل يوم الفرض، وأنها إن فرضت، ثم كبر الصبي، وأيسر العديم، وأفاق المجنون؛ أنه لا يرجع على أحد من هؤلاء بشيء. الشيخ: عن عبد الملك: ولا يؤتنف فيها بعد قسمها حكم؛ لعدم يحدث بعد ملاء أو يسار بعد عدم، أو قدوم غائب أو عتق أو احتلام. ابن حارث: إن مات بعض من فرضت عليه الدية أو أفلس، فسمع يحيى ابن القاسم: لا يؤخذ ذلك من تركته، ولا يحاص به الغرماء. ولابن سحنون عنه مع عبد الملك: هي كدين توخذ من تركته، ويحاص

بها غرماؤه. ابن حارث: لو كان بعض العاقلة بالحاضرة، وبعضها بالبادية في ضمها وعدمه، ويضم لتمام عاقلة الجاني بالحاضرة، إن كان حضريًا الأقرب إليهم حضريًا، ثالثها: يضاف الأقل من ذلك للأكثر، لقول أشهب، ولرواية ابن القاسم مع ابن وهب، وقول أشهب وعبد الملك. قُلتُ: عزاه الشيخ له، ولأشهب قائلين: إن كانا متناصفين حمل كل فريق ما هم أهله، ورواه ابن وهب. ولأشهب: أهل القرى، وأهل باديتهم يحملون جميعًا العقل عن الجاني، إن كان شاميًا، وأرى أن لا يكلف البادي الدنانير، وتقبل منه الإبل بقيمتها. وفيها: ومصر والشام أجناد جندت لا يعقلون أهل مصر، مع أهل الشام، ولا أهل الشام مع أهل مصر. اللخمي: أراد بذلك أهل الكور ومصر، من أسوان إلى الأسكندرية، وذكر متقدم قول سحنون في إفريقية. وقال أشهب في الموازية: من وجبت عليه دية، وهو من أهل الفسطاط، لا يدخل في ذلك جميع عمل مصر، وذلك على من هو بالفسطاط، وإن لم يكن في قبيل القائل من يحمل ضم إليهم أقرب القبائل ممن بالفسطاط. وسمع يحيى ابن القاسم: من ارتحل من البلدة التي وجبت فيها الدية على الجاني قبل فرضها؛ فلا شيء عليه منها لا خلاف أحفظه فيه، إلا أن يرتحل فرارًا منها فيلحقه حكمها حيث ما كان، قاله ابن القاسم وغيره. ومن أدركه قسم ببلد انتقل إليه قبل القسم دخل فيه مطلقًا، وأشار بعضهم إلى تخريج شرط، تقدم انتقاله على القسم بأربعة أيام، على مسألة حبس، على جذماء بلد قدم عليه مثلهم قبل قسم الحبس. وفيها: مع قول مالك في الموطأ: إنه سمع أن الدية تقطع في ثلاث سنين أو أربع سنين.

قال مالك: والثلاث أحب إلي الباجي، هذا حكم كل الدية وبعضها في حلوله وتأجيله روايتان. القاضي عبد الوهاب: وعلى التأجيل ثلثها في سنة، وثلثاها في سنتين. الباجي: الجلاب: في النصف والثلاثة الأرباع روايتان: إحداهما في سنتين، والثانية ترد إلى الاجتهاد. محمد: بالأولى أخذ أصحاب مالك إلا أشهب في النصف. قال: يؤخذ منه الثلثان إذا مضت سنة، وباقيه إذا مضت السنة الثانية. وقال محمد: الثلاثة الأرباع في ثلاثة أعوام، وقاله ابن القاسم في المدونة، إلا أنه قال في خمسة أسداسها يجتهد الإمام في السدس الثاني. محمد: إذا جازت الثلثين بأمر بين؛ فهي كالكاملة، وإن جازته باليسير، فهو كلا شيء، وغذا قلنا ما زاد على الثلثين يقطع في ثلاثة أعوام. فقال أشهب: في كل سنة يقطع ثلثه، وإن لم يكن له بال في سنتين، واستحسن أن تكون الزيادة في آخر السنتين. قال: وإن كانت ثلثها وزيادة يسيرة؛ فهي في سنة، وإن كان لها بال؛ ففي السنة الثانية، قاله كله سحنون. وفيها: مع غيرها أجزاء الموزعة لتعدد جناتها بأجزاء لا تحمل في ثلاث سنين، وكذا في اتحاد جاز له عواقل؛ لكونه معتقًا لمن هم منها. الباجي: لابن سحنون عنه: إن لزمته الدية عواقل عشرة؛ لزم كل قبيلة عشرها في ثلاث سنين، وكذا لو كانت دية مجوسي.

باب الغرة

[باب الغرة] الغرة: دية الجنين المسلم الحر حكمًا، يلقى غير مستهل بفعل آدمي، وروى

مسلم بسنده عن المغيرة بن شعبة قال: ضربت امرأة ضرتها بعمود فسطاط، وهي حبلى فقتلتها، وإحداهما لحيانية، قال فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم دية المقتولة على عصبة القاتلة، وغرة لما في بطنها. فقال رجل من عصبة القاتلة: أتغرم دية من لا أكل ولا شرب ولا استهل، فمثل ذلك يطل. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أسجع كسجع الأعراب، وجعل عليهم الدية". وفي حديث أبي هريرة: "فقضى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن دية جنينها غرة عبد أو وليدة، وقضى بدية المرأة على عاقلتها، وورثها ولدها ومن معهم". وقال النسائي: فقضى النبي صلى الله عليه وسلم في جنينها بغرة وأن يقتل بها خرجه من حديث حمل بن مالك. وفيها: الذكر والأنثى، فيه سواء.

الباجي: هذا إن لم يستهل صارخًا. وفيها: سواء ضربت أمه عمدًا أو خطأ. وفي كونها في مال الجاني أو على عاقلته روايتان لها، واللخمي عن أبي الفرج. وفيها: إن ضرب مجوسي أو مجوسية بطن مسلمة خطأ، فألقت جنينًا ميتًا؛ حملته عاقلة الضاربة، وإن كان عبدًا؛ ففي مال الجاني. ابن حارث: إن كان خطأ. فقال ابن القاسم: فذكر قوله، قال: وقال أشهب: إنها تحمل العاقلة ثلث دية المجني عليه، أو يكون الجرح لو أصيب به الجارح؛ كان مثل ثلث الدية، والجنين ليس كذلك. وفيها: في جنين أم الولد من سيدها، ما في جنين الحرة، وكذا جنين النصرانية من زوجها العبد المسلم. اللخمي: ولأشهب في كتبه: أنه فيه عشر دية أمه، ولو كان زوج النصرانية مجوسيًا؛ كان فيه قولان هل فيه أربعون درهمًا على حكم الأب، أو عشر دية أمه والجنين. فيها: هو ما علم أنه حمل، وإن كان مضغة أو علقة أو مصورًا. قُلتُ: ظاهره أن الدم المجتمع لغو، وفي استبرائها أنه حمل، وذكره اللخمي هنا، وتقدم القول فيه. ابن الحاجب: هو ما تلقيه الحرة مما يعرفل أنه ولد، مضغة كان أو غيرها. وتعقبه ابن عبد السلام: بإيهامه قصر الحكم على المضغة فما بعدها، وتقدم خلاف ابن القاسم في الدم المجتمع. قُلتُ: يجاب باتباعه لفظ المدونة، ولا سيما على قول عياض: من اتبع غيره في أمر تعقب؛ فهو بمنجاة منه، والتعقب خاص بألول. وفيها: في جنين الذمية عشر دية أمه، أو نصف عشر دية أبيه، وهما سواء.

وفي الموطأ: في جنين اليهودية والنصرانية عشر دية أمه. وعبر ابن الحاجب بقوله: أو في جنين الذمي نصفها، وتعقب بجنين المجوسي. الباجي: قال في المجموعة: والمجوسية كاليهودية، وذلك إذا كان من زوجها عبدًا أو حرًا كافرًا، ولو كان من سيدها؛ ففيه ما في جنين الحرة المسلمة، وكذا الكتابية حرة تحت مسلم. وفيها: مع الموطأ في جنين الأمة لا من سيدها عشر قيمة أمه. الباجي: روى ابن نافع: زادت على الغرة أو قصرت، كان أبوه حرًا أو عبدًا. وقال ابن وهب: فيه ما نقصها، ومن أعتق ما في بطن أمته من غيره؛ فألقت جنينًا ميتًا، ففيه عشر قيمة أمه، ولو ألقته حيًا ففيه دية حر. قُلتُ: هو نحو ما في ثاني عتقها. وفيها: قال مالك: والحمران من الرقيق أحب إلي من السودان؛ فإن قل الحمران بتلك البلاد، فلتؤخذ من السودان. الباجي: روى ابن عبدوس: الغرة من الحمران أحب إلي من السودان، إلا أن يقلوا، فمن أوسط السودان؛ يريد: ما لم تنقص قيمتها عن خمسين دينارًا، أو ستمائة درهم. وفيها: والقيمة في ذلك خمسون دينارًا، أو ستمائة درهم، وليست القيمة كسنة مجتمع عليها، وإننا لنرى ذلك حسنًا، فإذا بذل الجاني عبدًا أو وليدة؛ أجبروا على أخذها إن ساوت خمسين دينارًا، أو ستمائة درهم، وإن ساوت أقل من ذلك؛ لم يجبروا على أخذه إلا أن يشاءوا. اللخمي: قوله: إن ساوت خمسين دينارًا، أو ستمائة درهم ليس ببين؛ لأنه صلى الله عليه وسلم إنما أوجب الغرة من غير اعتبار قيمة، وأثمان العبيد تختلف في البلدان، وتختلف أثمانها في الأسواق. أبو عمر: قال بعضهم: أقل الغرة بنت سبع سنين؛ لأنه لا يفرق بينها وبين أمها دون هذا السن، وهو أحد قولي الشافعي.

قال ابن رشد: وهذا مما لا يختلف فيه. اللخمي: مقتضى قول مالك، وابن القاسم وأشهب: أن الجاني مخير في غرم الغرة أو عشر دية الأم من كسبه، إن كان من أهل ذهب فخمسون دينارًا، وإن كان من أهل الورق فستمائة درهم، وإن كان من أهل الإبل؛ فخمس فرائض على اختلاف في هذا. قُلتُ: إنما عزا الباجي التخيير لعيسى، قال عقب ذكره قول مالك. فيها: وقال عيسى: القاتل مخير بين أن يعطي غرة قيمتها ما ذكر، وبين أن يعطي الدنانير أو الدراهم. قُلتُ: ففي كون الواجب على الجاني الغرة، لا يشرط قيمتها أو بشرطها. ثالثها: هو مخير فيها، وفي نصف عشر دية الذهب، إن كان من أهله أو الورق إن كان من أهلها. ورابعها: تخييره في الثلاثة مطلقًا لاختيار اللخمي، وظاهر نقل الباجي عن رواية المجموعة، مع ظاهر المدونة، واللخمي عن مقتضى قول مالك، مع من ذكر معه، والباجي عن عيسى. وتعقب ابن عبد السلام نقل ابن الحاجب: التخيير في الثلاثة بأن ظاهر المدونة نفيه. وفي آخر الديات، من تعليقه أبي عمران: إن أتاه بخمسين دينارًا، أو ستمائة درهم في الغرة هل يجبر على أخذها؟ وهل يجوز أن يراضيه عليها، ويؤخره بها، أو يكون ذلك دين في دين كدية الخطأ، إن راضوه على غير رالغين مؤجلًا في ذلك إشكال. وفي كونها إبلًا على أهل الإبل، ومنع الإبل فيها: نقل الشيخ عن أشهب في الموازية قائلًا: لا يؤخذ من أهل البادية إلا إبل، ولا من أهل الذهب غيره، ولا من أهل الورق غيرها. وعن أبي زيد، عن ابن القاسم، وقول ابن شاس عن أشهب: تؤخذ منهم الإبل، وهي خمس فرائض؛ بنت مخاض، وبنت لبون، وابن لبون، وحقة وجذعة صواب؛ لأنها نصف عشر دية الخطأ.

وذكره الشيخ عن الموازية قال: وقاله ربيعة وتعقب ابن عبد السلام عزوه ابن الحاجب لأشهب، وقال: لم أقف عليه لأشهب كما ذكره المؤلف، وذكره محمد عن ربيعة. قُلتُ: يرد بامتناع تفسير نصف عشر الدية في الإبل بغير ذلك، وهي واجبة فيه بانفصاله ميتًا قبل موت أمه اتفاقًا، ولو انفصل ميتًا بعد موتها ففي لغوها معللًا بأنه مات بموتها، فإنما على قاتلها الدية والكفارة. وابن رشد عن أشهب، ولم يعزه اللخمي إلا لمحمد قائلًا: فيه الغرة مع دية الأم كلاهما على العاقلة، وإن كان الضرب عمدًا قتل بالأم والغرة في ماله. قال ابن الحاجب: فإن انفصل بعد موتها أو بعضه في حياتها فقولان. وفي بعض النسخ: فإن انفصل بعضه في حياتها فقولان، وهذه العبارة أحسن، ولا أعرف هذا الفرع إلا لأبي شعبان في زاهيه قال: لو خرج بعض الجنين حيا، ثم مات لا شيء فيه. وقال بعض أصحابنا: فيه الغرة. ولابن شاس قال: لو خرج رأس الجنين، ثم ماتت الأم؛ ففي إيجاب الغرة قولان، وهو تابع فيه للفظ الغزالي في الوجيز، لغير ابن شعبان في زاهيه قال: ولو خرج بعضه ثم ماتت. قُلتُ: ظاهر ألفاظ سماعات العتبية، وأقوال أهل المذهب: أن المعتبر كمال خروجه؛ لأنه مدلول الضمة الواقع في الأسمعة، وهو كنص في الموطأ. قال مالك: لم أسمع أحدًا يخالف في أن الجنين لا تكون فيه الغرة، حتى يزايل بطن أمه، ولو ألقته حيًا، حية أو ميتة، والضرب خطأ، ومات بالحضرة؛ ففي وقف ديته على القسامة قولان لابن القاسم فيها قائلًا: لأنه لا يدري أمات من الضربة، أو لما عرض بعد خروجه مع الشيخ عن رواية محمد، وقول أشهب قائلًا: إن أقام ثم مات فبقسامة، وحكاه اللخمي. ولابن رشد في رسم أو عتبد من سماع يحيى ابن القاسم: إن استهل بعد خروجه

فمات؛ ففيه الدية في الخطأ على العاقلة. ولبعض المدنيين عن مالك: لا قسامة فيه إن مات مكانه؛ وإنما تكون فيه القسامة إذا عاش ثم مات. عبد الحق: قول بعض شيوخ بلدنا: إن استهل الجنين المضروب خطأ، فوجبت الدية بقسامة، فأبي الولاة أن يقسموا؛ فلهم الغرة، كمن قطعت يده، أو جرح ثم نزف فيه، فمات أن ولاته إن أبوا القسامة أخذوا دية الجرح أو اليدان، هذا عندي غير مستقيم ليس لهم أخذ الغرة إن أبوا القسامة؛ لأنه لما استهل صارخًا؛ زالت الغرة وصار من جملة الأحياء، ولو كان الضرب عمدًا على بطنها؛ ففي وجوب القود فيه بقسامة مطلقًا أو دية الخطأ دون قسامة، قولان للخمي مع غايره عن ابن القاسم وأشهب. الشيخ: لابن القاسم في المجموعة: هذا إن تعمد ضرب البطن أو الظهر أو موضعًا يرى أنه اصيب به، أما لو ضرب رأسها أو يدها أو رجلها؛ ففيه الدية. قُلتُ: أو رأسها يرد ما نقله عبد الحق عن ابن مناس من أنه يقول: ضربها في الرأس كضربها في البطن. ولابن رشد في سماع يحيى المتقدم: إن كان الضرب عمدًا؛ ففيه القصاص بقسامة ولا تجب القسامة إلا بشاهدين على الضرب لمات عنه. وقال بعض المدنيين عن مالك: لا قسامة فيه إن استهل فمات مكانه أو بشاهد واحد عتلى الضرب عتلى القول بالقسامة بشاهد واحد على الجرح، هذا إن كان الضرب في البطن، وإن كان في سائر أعضائها؛ فقيل: لا قصاص فيه؛ بل الدية في مال الجاني، وهو قوله في هذه الرواية. ومثله لابن القاسم في المدونة قال: لا يكون بالعمد في المرأة إلا أن يضرب بطنها خاصة عمدًا، فهذا الذي فيه القصاص بقسامة، إلا أن سحنونا علم عليه، فقال: ليس من الأمهات، وهذا ينحو إلى القول بشبه العمد الذي قاله أكثر أهل العلم، ورواه العراقيون. وقيل: فيه القصاص إن علم سقوطه من الضربة، كانت في عضو من أعضائها،

قاله ابن القاسم في النوادر، وهو قياس قول مالك: شبه العمد باطل. وسمع القرينان من ضربت، فطرحت جنينين، لم يستهلا؛ ففيهما غرتان، ولو استهلا؛ كان فيهما ديتان. الباجي: ورواه ابن نافع في المجموعة. والدية خطأ أو مقبولة: فيها مع غيرها: مورثة كمال الميت. وفيها: إن عفا أحد البنين سقط حقه من الدية، وكان بقيتها بين من بقي على فرائض الله، ويدخل في ذلك الزوجة وغيرها، وكذا لو وجب الدم بقسامة، ولو عفا على الدية؛ كانت له، ولسائر الورثة على المواريث، وإن عفا جميع البنين؛ فلا شيء للنساء من الدية، وإنها لهن إذا عفا بعضهم. وفيها: وتورث الغرة على فرائض الله تعالى. الباجي: قال ابن حبيب: به قال أصحاب مالك، وقال ربيعة هي للأم فقط، وقال ابن هرمز: هي للأبوين، فإن انفرد أحدهما اختص بها. وقاله مالك مرة، ثم رجع إلى قول ابن شهاب، وبقول ابن هرمز قال المغيرة. الشيخ: في المجموعة لابن القاسم وأشهب: إن خرج حيًا، ثم مات قبلها أو بعدها؛ فإن استهل فآخرهما موتًا يرث أولهما، وإن لم يستهل؛ فهي ترث إرثها منه، ولو ماتت قبله إذ لا تعد حياته حياة. قُلتُ: ونحوه فيها، وله في المجموعة، ولو ضربت فألقت جنينًا ميتًا، وآخر حيًا مستهلًا، ثم مات؛ ففي الميت غرة، وفي الآخر دية كاملة، وهو يرث في دية أخيه، خرج قبل أخيه أو بعده، وإن ألقته ميتًا بعد موت أبيه عن امرأة أخرى، ولدت بعده؛ فإن ما ولدت يرث في تلك الغرة التي لأخيه. اللخمي: لأشهب في الموازية: في جنين الذمية من العبد المسلم عشر دية أمه، وترثها أمه، وإخوته لأمه. محمد: هذا غلط، لا شيء للأم فيها، ولا شيء لنصراني، ولا عبد من ديات

باب ما تجب فيه الكفارة في القتل

المسلمين، والدية لمن يرثه سواهم من المسلمين؛ فإن لم يكن فبيت المال، وإذا طرح ميتًا ثم ماتت الأم؛ ورثت منه ولم يرثها. الشيخ: في المجموعة عن ابن القاسم وأشهب: إذا كان الأب الضارب، لم يرث في الغرة التي لزمته، ولا يحجب. اللخمي: قال مالك: لو أن رجلًا ضرب بطن امرأته، فألقت جنينًا ميتًا، لم يرث الأب من ديته شيئًا، ولا يغصب. [باب ما تجب فيه الكفارة في القتل] كفارة القتل: الشيخ: في الموازية والمجموعة، روى ابن القاسم، وابن وهب: ذكر الله سبحانه الكفارة في قتل الحر المسلم خطأ، فقال تعالى: {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ} إلى قوله: {فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ} [النساء: 92]، وشرط الرقبة كالظهار، وشرط إيمانها نص. وقول ابن شاس: وتجب في مال الصبي والمجنون واضح، كالزكاة، ولم أجده لغيره من أهل المذهب نصًا؛ بل في وجيز الغزالي. الجلاب: الكفارة في قتل الخطأ واجبة، لا في قتل عمد ولا كافر ولا عبد.

باب في الكفارة في القتل

الشيخ: روى ابن القاسم، وابن وهب في الكتابين: استحسن في العبد الكفارة. قال في كتاب محمد: قتله عمدًا أو خطأ، قال في الكتابين: والذمي كالعبد. أشهب: هي في العبد أوجب. وفيها: استحسانها فيهما. [باب في الكفارة في القتل] الجلاب: هي عتق رقبة مؤمنة، فمن لم يجد؛ فصيام شهرين متتابعين، فمن لم يستطع انتظر القدرة على الصيام، أو وجود الرقبة، ولا يجزئه الإطعام. ابن شاس: ولا تجب في قتل الصائل ولا قاتل نفسه. قُلتُ: هو مقتضى المذهب؛ لأنه غير خطأ، ولم أجده نصًا إلا للغزالي في وجزيه، قال فيه: وفي وجوبها على قاتل نفسه وجهان. قُلتُ: قوله تعالى: {****} [النساء: 92] يخرج قاتل نفسه؛ لامتناع تصور هذا الجزء من الكفارة فيه، وإذا بطل الجزء بطل الكل. قال ابن شاس: ويجب في شبه العمد على الرواية المثبتة له، وظاهر لفظ ابن الحاجب: أن الروايتين منصوصتان، ولم أقف عليهما لغيره، وظاهر المدونة: عدم الكفارة. وفيها مع غيرها: على كل واحد من الشركاء في دية واحدة خطأ كفارة. وفيها: فيمن ضرب امرأة خطأ، فألقت جنينًا ميتًا كفارة. قال: قال مالك: إنما الكفارة في كتاب الله تعالى في قتل الحر خطأ، واستحسن مالك الكفارة في الجنين. الشيخ: روى ابن القاسم في الموازية: أحب إلي أن يكفر.

قال محمد: وروى أشهب: لا كفارة عليه، واختصرها أبو سعيد سؤالًا وجوابًا، لإشكال الجواب، لعدم انحصار طرق الأحكام في نصوص القرآن. وفيها: من دفع لصبي دابة أو سلاحًا يمسكها، فعطب بذلك؛ فعليه عتق رقبة. وللشيخ عن أشهب: لا شيء عليه، والقتل عمدًا يرتفع عنه القصاص أو يمتنع يضرب مائة ويسجن عامًا. روى الدارقطني عن عمرو بن شعيب عتن أبيه عن جده: "أن رجلا قتل عبدًا متعمدًا؛ فجلده النبي صلى الله عليه وسلم مائة جلدة، ونفاه سنة، ومحا اسمه من المسلمين، ولم يقد به، وأمره أن يعتق رقبة". عبد الحق في إسناده اسماعيل بن عياش، وهو ضعيف في غير الشاميين، وهذا الإسناد حجازي، ورواه إسحاق بن عبد الله بن أبي قرة عن إبراهيم بن عبد الله بن حنين عن أبيه عن علي عن النبي صلى الله عليه وسلم ولم يذكر الرقبة، وإسحاق بن قرة متروك، وما ذكر حديثه أيضًا الدارقطني، ولا يصح في هذا شيء، وتعقب ابن القطان قوله: وهذا الإسناد حجازي بأنه شامي؛ لأنه في إسناد الدارقطني حدثنا إسماعيل بن عياش عن الأوزاعي عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده الحديث. قال بعض الشيوخ المتأخرين: على المالكي حفظ هذا الحديث بتصحيح ابن القطان إياه، فإنه حجة للمذهب، ووجهه الباجي بقوله إنه شخص جنى جناية فقتل في جنسها، فسلم من القتل، فيضرب مائة، ويسجن عامًا، أصله الزاني البكر، وقضى به أبو بكر وعمر وعلي. وفيها مع غيرها: من ثبت عليه أنه قتل رجلًا عمدًا، ببينة أو بإقرار أو بقسامة، فعفي عنه، أو سقط قتله؛ لأن الدم لا يتكافأ، فإنه يضرب مائة، ويسجن عامًا - كان القاتل رجلًا أو امرأة مسلمًا أو ذميًا، حرًا أو عبد لمسلم أو ذمي، والمقتول مسلم أو ذمي. الباجي: عن ابن القاسم وأشهب: من اعترف بالقتل، فعفي عنه جلد وحبس.

قال أشهب: كسائر الحدود التي لله تعالى، لا تسقط بالتوبة. ولأصبغ في الموازية: لا حبس على عبد، ولا أمة ويجلدان، وقاله المغيرة. قُلتُ: قول أشهب: كسائر الحدود مقتضاه سقوط الحبس عن المرأة والعبد، كالتغريب في الزنا، ومقتضاه: إن رجع المقر عن إقراره سقط عنه الضرب والسجن، وبه وقع الحكم بتونس في أواخر القرن السابع على ما أخبرني به بعض شيوخنا. وفي قصر ذلك على قتل المسلم، ولو كان عبدًا، وعمومه في كل كافر، ولو كان مجوسيًا نقلا الباجي عن عبد الملك، وغيره من أصحاب مالك. محمد: إن قتلت أم الولد سيدها؛ جلدت وحبست، ولو قتلت غيره؛ جلدت، ولم تحبس، وعلى المرأة إن قتلت حرًا أو عبدًا أو ذميًا أو غيرهم؛ الجلد والحبس، قاله مالك وابن القاسم وأشهب. الباجي: روى ابن عبدوس ومحمد: لو تعلقت القسامة بجماعة، فقتل أحدهم ضرب كل واحد منهم مائة ويسجن عامًا، ولو وقع العفو قبل القسامة، وقبل أن يحقق الولي الدم كشف عن ذلك، فما كان يحق عليه الدم بالقسامة أو بالبينة ضرب وسجن، وما لا فلا، ولو نكل الأولياء عن القسامة، فحلف المدعى عليهم وبرئوا. قال محمد: فعلى المدعى عليه الضرب والسجن، وقاله أصحاب مالك، إلا ابن عبد الحكم: لا ضرب عليه ولا سجن إن حلف خمسين يمينًا، وإن لم يحلف حبس أبدًا حتى يحلف. وقال أشهب: في اللطخ ضرب مائة وسجن عام، وروى مطرف: إن وقعت عليه تهمة، ولم تحقق ما يوجب قسامة، ولا قتلًا، لم يضرب ولم يسجن، ويطال سجنه السنين الكثيرة. وفي تقديم الضرب على السجن، والتخيير في ذلك قولان، لسماع عيسى ابن القاسم، ونقل الباجي عن أشهب، ولم يحك ابن رشد غير ما في السماع.

كتاب القسامة

[كتاب القسامة] القسامة: حلف خمسين يمينًا أو جزئها على إثبات الدم، روى مسلم بسنده عن

سهل ابن أبي حتمة، عن رجال من كبراء قومه: أن عبد الله بن سهل ومحيصة خرجا إلى خيبر من جهد أصابهم، فأتى محيصة فأخبر أن عبد الله بن سهل قد قتل، وطرح في عين أو فقير فأتى يهود فقال: أنتم والله قتلنموه، قالوا: والله ما قتلناه، ثم أقبل حتى قدم على قومه فذكر لهم ذلك، ثم أقبل هو وأخوه حويصة - وهو أكبر منه - وعبد الرحمن بن سهل، فذهب محيصة ليتكلم، وهو الذي كان بخبير، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لمحيصة: "كبر كبر" يريد السن، فتكلم حويصة. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إما أن يدوا صاحبكم وإما أن يؤذنوا بحرب" فكتب إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك، فكتبوا: إنا والله ما قتلناه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لحويصة ومحيصة وعبد الرحمن: "تحلفون وتستحقون دم صاحبكم؟ " قالوا: لا قال: "فتحلف لكم يهود؟ " قالوا: ليسوا بمسلمين، فوداه رسول الله صلى الله عليه وسلم من عنده، فبعث إليهم رسول الله مائة ناقة حتى أدخلت عليهم الدار. فقال سهل: فلقد ركضتني منها ناقة حمراء، وفي بعض طرقه، فقال رسول

باب في سبب القسامة

الله صلى الله عليه وسلم: "يقسم خمسون منكم على رجل منهم فيدفع برمته" فقالوا: أمر لم نشهده كيف نحلف؟ قال: "فتبرئكم يهود بأيمان خمسين منهم". وروى أبو داوود عن الزهري عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، وسليمان بن يسار عن رجال من الأنصار أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ليهود وبدأ بهم: "أيحلف منكم خمسون رجلًا؟ " فأبوا، فقال: للأنصار استحقوا، فقالوا: أنحلف على الغيب يا رسول الله؟ فجعلها رسول الله صلى الله عليه وسلم دية على يهود؛ لأنه وجد بين أظهرهم. وخرج مالك في موطئه الحديث، وقال أبو عمر: لم يحكم فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم بشيء، إلا بآية المدعي المدعين من الأيمان، ومن قبول أيمان اليهود، وتبرع بأن جعل الدية من مال الله تعالى، لئلا يبطل دم مسلم، وما أعلم في شيء من الأحكام المروية عنه صلى الله عليه وسلم من الاضطراب والتضاد والترافع ما في هذه القصة، وهي قصة واحدة، واختلاف العلماء كثير في القسامة وما يوجبها والأيمان. فيها: ومن يبدأ. فيها: وهل يجب بها القود، أو لا يستحق بها غير الدية؟ [باب في سبب القسامة] سببها: ثبوت ما هو مظنة، لإضافة قتل الحر المسلم لآدمي، وقول ابن الحاجب

وابن شاس، هو قتل الحر المسلم في محل اللوث، يخرج عنه قسامة من ثبت ضربه ببينة تامة، وتراخى موته بذلك. وفيها: قال ابن القاسم ليس في شيء من الجراح قسامة ولكن من أقام شاهدًا عدلًا

على جرح عمد أو خطأ، فليحلف معه يمينًا واحدة، ويقتص في العمد، ويأخذ الدية في الخطأ، وإنما خمسون يمينًا في النفس. قُلتُ: وفي الجلاب لا قسامة في عبد ولا أمة ولا ذمي ولا ذمية. وفيها: من أقام شاهدًا، أن فلانا قتل عبده عمدًا أو خطأ حلف يمينًا واحدة مع شاهده؛ لأنه مال، وغرم له القاتل قيمته، فإن كان القاتل عبدصا خير سيده بين أن يغرم قيمة المقتول أو يسلم عبده، فإن أسلمه لم يقتل؛ لأنه لا يقتل بشهادة واحد، ولأنه لا قسامة في العبيد في عمد ولا خطأ. وفيها: أيضًا لأن مالكًا قال: في نصراني يقوم على قتله شاهد واحد عدل مسلم، أن ولاته يحلفون يمينًا واحدة، ويستحقون الدية على من قتله مسلمًا كان أو نصرانيًا، ومثله في الموطأ. الباجي: قوله: ليس في العبيد قسامة، هو المشهور عن مالك. وروى محمد: إن قال العبد دمي عند فلان حلف المدعى عليه خمسين يمينًا وبرئ. أشهب: ويضرب مائة، ويسجن سنة، فإن نكل حلف سيده يمينًا واحدة، ولا قيمة عليه، ولا ضرب ولا سجن، فإن نكل غرم القيمة، وضرب وسجن. ابن الماجشون: إنما السجن استبراء، وكشف عن أمره ويضرب أدبًا. ابن زرقون: اختلف قول ابن الماجشون، مرة قال هذا، ومرة يضرب مائة ويسجن عامًا في قتل المسلم، ولو كان عبدًا. ويتحصل في قول العبد: دمى عند فلان أربعة أقوال؛ قول أشهب، وقول ابن القاسم، وروى أشهب مثل قوله، إلا أن مالكًا قال: إذا حلف المدعى عليه الأيمان لم يضرب ولم يسجن. وقال أصبغ: يحلف المدعى عليه خمسين يمينًا، فإن حلف برئ، وإن نكل لم يلزمه شيء لا قيمة ولا ضرب ولا سجن. قال: ويتحصل في قول الذمى: دمي عند فلان المسلم، أو قام شاهد لولاته بالقتل أربعة أقوال:

باب في اللوث

أحدها لابن حبيب عن ابن القاسم: يحلفون يمينًا واحدة، ويستحقون الدية. وقال مالك: وأشهب وابن عبد الحكم: يحلف المدعى عليه خمسين يمينًا، ويبرأ. وفرق ابن القاسم في الموازية، فقال: إن لم يكن إلا قوله: دمي عند فلان، فلا قسامة فيه، وإن قام لولاته شاهد بالقتل حلف ولاته يمينًا واحدة، وأخذوا الدية، وضرب مائة، ويسجن سنة. وحكى ابن رشد عن المغيرة: أن ولاته يقسمون يمينًا ويستحقون ديته الدية. وقال مالك وأشهب، وابن عبد الحكم: يحلف المدعى عليه خمسين يمينًا ويبرأ. وفرق ابن القاسم في الموازية لو أن نصرانيًا جرح فأقام أيامًا، ثم مات حلف ورثته يمينًا واجبة. في الموازية فقال: إن لم يكن إلا قوله: دمي عند فلان، فلا قسامة فيه، وهذا مع الشاهد الواحد، وهو غريب. الشيخ: لابن القاسم في الموازية: لو أن نصرانيًا جرح فأقام أيامًا ثم مات؛ حلف ورثته يمينًا واحدة لمات من جرحه أو من ضربه، إن كان ضربه، واستحق ديته وكذلك العبد. اللخمي: إن ثبت جرحه بشاهدين فنزي فيه فمات بعد أيام، فقال ابن عبد الحكم: يحلف ولاته يمينًا واحدة، ويستحقون ديته. قُلتُ: وهو نص النوادر. قُلتُ: زاد في الواضحة: فإن نكل وليه، لم يكن له إلا عقل الجرح، إن كان فيه عقل، رواه أصبغ عن ابن القاسم، وقال: قاله مالك. [باب في اللوث] اللوث: سمع القرينان، هو الأمر الذي ليس بالقوي.

وفيها مع غيرها: قول الميت بالغًا عاقلًا مسلمًا حرًا، ولو كان مسخوطًا أو امرأة: قتلني فلان، ولو كان صبيًا أو عبدًا أو ذميًا أو امرأة عمدًا لورث.

وفيها: إن قال المقتول: دمي عند فلان، فذكر رجلًا أورع أهل زمانه؛ أقسم مع قوله. ابن حارث: إن رمى بدمه متهمًا مسترابًا، أقسم بقوله اتفاقًا، وقتل المرمي، وإن رمى بذلك أصلح أهل بلده ممن لا يتهم، فأكثر أصحاب مالك على قبول قوله، ويقسم ورثته ويقتلونه. وقال ابن عبد الحكم: لا أقول في ذلك بقول ابن القاسم، ولا أرى قبول قوله. قال ابن سهل: ترك يحيى بن عبيد الله العمل بقول ابن القاسم وغيره، في هذا وصار إلى قول ابن عبد الحكم، وكثير من مسائله على غير مذهب مالك وأصحابه؛ لأن تتمته على محمد ابن إدريسي الشافعي في كثير من مسائله. وقال اللخمي: قول ابن عبد الحكم صواب. قال: واختلف إن قال ذلك على عدوه، وفيه شبهة، فيصح أن يقبل؛ لأن عدو الإنسان يفعل ذلك بعدوه، ويصح أن يقال: لا يقسم لتهمته إذا نزل ذلك به أن يستشفي من عدوه. وفي اختصار الحريرية، وقال عبد الرحمن بن أحمد بن بقي بن مخلد: أنه متوقف عن القول في التدميات. قُلتُ: ففي إعمال قول الميت: دمي عند فلان مطلقًا ولغوه، ثالثها: ما لم يدعه على من لا يليق به لفضله، وصلاحه لمالك وأصحابه، وعبد الرحمن بن بقي، وابن عبد الحكم مع يحيى بن عبيد الله. وظاهر المذهب أن الزوجة في تدميتها على زوجها كالأجنبية. ولابن هشام وابن عات، عن ابن أبي زمنين عن المغامر عن ابن مزين: إن دمت المرأة على زوجها، لم يكن عليه قود؛ لإذن الله له في ضربها. وقال صلى الله عليه وسلم: "ادرأوا الحدود بالشبهات". قال ابن مزين: هذا الذي تعلمناه من

شيوخنا. قلت: وفي شرط إعمال قوله: قتلني بظهور اثر الضرب به إضطراب. اللخمي: اختلف إن قال قتلني عمداً، ولا جراح به وأبين ذلك، أن لايقسم مع قوله إلا أن يعلم أنه كان بينهما قتال، ويلزم الفراش عقب ذلك أو يتصرف تصرف متشك عليه دليل المرض، وتمادى به ذلك حتى مات. قلت: في آخر سماع عيس، سئل ابن كنانة عمن قال لرجال: اشهدوا أن فلاناً سقاه سماً، وهو في جوفي إن مت فدمي عنده. قال: لا قسامة في مثل هذا إلا في الضرب المشهود عليه، أو الآثار البينة من الجراح والضرب. ابن رشد: هذا خلاق نص سماع أبي زيد. ابن القاسم: ودليل على قوله في رسم أول عبد ابتاعه من سماع يحيى. وقول ابن كنانة: إلا في الضرب المشهود عليه بذلك؛ يريد: الضرب الذي يثبت بالشهادة، فلو شهد على قوله شاهد واحد أنه ضربه فمات من ضربه، ولم يظهر به أثر منه، أو أنه سقاه سماً فمات منه، ولم يظهر لذلك أثر فيمن أصابه؛ لم تجب به قسامة كما لا تجب بذلك مع قول المقتول. وقال أصبغ: تجب القسامة في ذلك مع قول المقتول، كما تجب فيه مع الشاهد الواحد. فإحتجاج أصبغ لا يلزم أبن كنانة؛ وإنما يلزم ذلك من يفرق بين الوجهين؛ فيتحصل ثلاثة أقوال: أحدها: لاتجب إن لم يكن بالمقتول أثر لا بشاهد واحد، ولا بقول المقتول، وهو قول ابن كنانة.

والثاني: ثبوتها فيهما معاً، وهو قول أصبغ. والثالث: تجب مع الشاهد الواحد لا مع قول المقتول، وإذا أعملت التدمية دون أثر؛ فإنما تعمل بعد موته في إيجاب قتل المدعى عليه بالقسامة، وأما في حياته؛ فلا يسجن المدعى عليه؛ لأنه يتهم على أنه أراد سجنه بدعواه. وقول ابن كنانة أظهر من قول ابن القاسم؛ للإختلاف في أصل المذهب، إذ لم يتابع مالكاً على قوله بإيجاب القود إلا أصحابه. قلت: في قوله هذا خلاف نص سماع أبي زيد نظر وهذا؛ لأن الخلاف إنما هو في التدمية التي لا يعلم فيها سبب حسي يستند إليه قول المدمي، ولذا قيل فيها التدمية البيضاء. وسماع أبي زيد هو قوله، وعن رجل ركض رجلاً برجله فى البطن، فمكث أياماً، فزعم أنه يجد من الركضة على فؤاده أمراً شديداً-قال" يخوف ويذكر الله، فإن أصر وقال: والله مازلت من يوم ركضنى بشر، وما قتلني إلا ركضه-أقسموا معه واستحقوا دمه، إن كان مضطجعاً من يوم ركضه حتى مات، وإن لم يضطجع إذا رأي به ضرر ذلك، وشبهه كان بمنزلة الاضطجاع. قلت: وهذا كالنص في أن صورة المسألة أنه ثبت ركض الرجل إياه، وهذا سبب حسي يصح استناد قول المدمي له. قلت: ففي إعمال التدمية البيضاء ولغوها قولان لابن رشد عن أصبغ، مع دليل سماع يحيى، ونقل ابن سهل عن عيسىبن دينا في تفسير ابن مزين، وأخذه ذلك من إطلاق الروايات. وعن أصبغ لقوله من قال: سقاني فلان سماً ومنه أموت. وقول ابن كنانة، مع إختيار اللخمي وابن رشد، وبه العمل، وتقدمت حكاية اللؤلؤي في مسألة الإيمان اللازمة. وفي إعمال قوله: دمي عند فلان خطئاً روايتان لها، وللخمي عن محمد قائلاً لتهمته أنه أراد إغناء وارثه، وإلى قبوله رجع مالك، كذا نقله الباجي والمشهور الأولى.

قال اللخمي: وهي أحسن، إن كان جرحاً إلا أن يقوم دليل على كذبه. قلت: هذا يختلف فيه. وفيها: إن قال: دمي عند فلان عمداً أو خطأ، فلأوليائه أن يقسموا ويقتلوا في العمد، ويأخذ الدية في الخطأ، وليس لهم أن يقسموا على خلاف ما قال الشيخ عن. فى الموازية: إن إدعى الورثة خلاف قول الميت؛ فلا قسامة لهم، ولا دية ولا دم ولا لهم أن يرجعوا أن يرجعوا إلى قول الميت، هذا قول أشهب في المجموعة، وقال: قال ابن القاسم. فيها: إن إدعوا خلافه، فليس لهم أن يقسموا إلا على قوله، ولم أسمعه من مالك. وفيها: وإن قال: قتلني ولم يقل عمداً ولا خطأ، فما إدعاه ولاة الدم من عمد أو خطأ، أقسموا عليه واستحقوه. ابن حارث: قال ابن عبد الحكم: روي عن ابن القاسم في المجالس أحسن هذا أن قوله باطل. اللخمي: اختلف في ذلك، فذكر قول ابن القاسم هذا. قال: ولمحمد عنه في كتاب القسمة، قيل لابن القاسم: إن إجتمع ملؤهم على العمد فوقف. وقال: أحب إلي أن لا يقسموا إلا على الخطأ. وقال: في الإقرار يكشف عن حال المقتول وجراحه وموضعه، وحالة القتل، وهل كان بينهما عداوة، فيستدل بذلك حتى يظهر أمره، فيقسموا عليه، فإن عليه، فإن لم يظهر عمد ولا خطأ، لم يلتفت إليه. اللخمي: وهذا أحسن. وتعداد الضربات يدل على العمد: وفيها: إن قال بعضهم: عمداً وبعضهم: خطأ. فإن حلفو كلهم استحقوا دية الخطا بينهم بطل القتل، وإن نكل مدعو الخطأ فليس لمدعي العمد أن يقسموا ولا دم لهم ولا دية. اللخمي: لأشهب في الموازية: إن حلف جميعهم، فلمن أقسم على الخطأ حظه على

العاقلة، ولمن أقسم على العمد حظه من مال القاتل. اللخمي: وهو أحسن وينبغي أن يكون حظهم من الأقل من الأرباع خمساً وعشرين من كل صنف. ولمالك في كتاب الإقرار يقسم مدعو: الخطأ خمسين يميناً، ويكون لهم حظهم من الدية، كما لو قال بعضهم خطأ، ونكل بعضهم، فإن رجع الذين قالوا عمداً إلى دية الخطأ، فذلك لهم، وأباه أشهب وهو أحسن، وكل هذا إن استوت منازلهم، واختلف إن إختلفت. ففي الموازية: إن ترك ابنة وعصبة، فقال: العصبة عمداً والابنة خطأ سقط دمه، ولا قسامة فيه؛ لأنه إن كان عمدا، ً فإنما ذلك للعصبة، ولم يثبت لهم ذلك الميت، وإن كان خطأ؛ فإنما فيه الديه، ولم يثبت أنه كان خطأ، ويقسم المدعي عليه ما قتله عمداً ويجوز دمه. محمد: إن ادعى العصبة كلهم العمد، لم ينظر إلى قول ورثته من النساء؛ إذا لا عفو لهن مع الرجال. وإن قال: العصبة كلهم خطأ، وقال: النساء عمداً-أقسم العصبة خمسين يميناً وثبت حظهم من الدية. مالك: إن قال قتلني فلان خطأ أو عمداً، لأوليائه أن يقسموا على قوله، ويأخذوا الدية في الخطأ، ويقتصوا في العمد. وفيها: إن قال بعضهم عمداً، وقال بعضهم: لا علم لنا بمن قتله ولا نحلف، فإن دمه يطل. اللخمي عن ابن القاسم في العتبية: لو قال إثنان قتل عمداً، وقال بعضهم لا علم لنا، أو قال جميعهم عمداً، ونكل بعضهم أن لمن قال عمداً أن يحلفوا ويستحقوا حظهم من الدية. قال: وإنما نكولهم عن القسامة قبل أن يجب الدم كعفوهم عنه بعد أن وجب فيصير لمن بقي حظه من الدية ويسقط القتل، وهو أحسن ولا يسقط قول مدعي العمد

بخلاف من قال: لا علم لنا، ومتى سقط إستحقاق الدم بنكول إختلاف، فإن الأيمان ترد، ويحلف المدعي عليه القتل. وفيها: إن قال بعضهم خطأ، وقال الباقون لا علم لنا، أو نكلوا عن اليمين-حلف مدعو الخطأ وأخذوا حظهم من الدية، ولا شئ للآخرين، ثم إن أراد الآخرون أن يحلفوا بعد نكولهم، ويأخذوا حظهم من الدية، لم يكن لهم ذلك. ولفظها في الجلاب: حلف مدعو الخطأ خمسين يميناً، واستحقوا حظهم من الدية. إبن شاس: وقال الشيخ أبو بكر: القياس أن لايقسموا وسمع يحيى ابن القاسم: من قال دمي عند أبي أقسم على قوله، ولم يقد منه وغلظت الدية في مال الأب. قال: ولوقال: أضجعني أبي فذبحني أو بقر بطني، أقسم بقوله، وقتل الأب إن شاء الأولياء. قال أشهب: لايقتل في العمد والد ولا والده بالقسامة، وأرى ذلك مالاً، وقد رأى أهل العلم -قتل عشرة بواحد، ولم يروا أن يقتلوا في القسامة عشراً. ابن حارث: اتفقوا على أنه إن شهد شاهدان أن فلاناً جرح فلاناً، أو ضربه فعاش المجروح أو المضروب، وأكل وشرب، ثم مات؛ أن لورثته أن يقسموا ويستحقوا دمه ما لم ينفذ الجرح مقاتله، فإن أنفذها، فلا قسامة فيه، وهو كالمقتول قعصاً، وإن لم ينفذ مقاتله، وشهد به شاهد واحد فقط. فقال ابن القاسم في كتاب الديات: لورثته القسامة. وقال في العتبية: لا قسامة فيه. وقال سحنون: هذا أصل تنازعه الرواة، قال بعضهم: يقسم به، وقال بعضهم: لا يقسم به، وأن يقسم به أحسن. قلت: ما نقله عن العتبية هو سماع يحيى ابن القاسم، قال فيه ابن رشد: هذا خلاف نص قوله في المدونة، وفي نوازل سحنون، فعلى القول بالقسامة فيه يحلفون لقد جرحه وقلد مات من جرحه، ولا يحلفون مع الشاهدين على الجرح إلا لقد مات من ذلك

الجرح، ومع الشاهد على القتل، فيحلفون لقد قته، فتفترق الثلاثة الأوجه من صفة الإيمان. ولما ذكر ابن عبد السلام القولين في القسامة بشهادة الواحد بالجرح أو الضرب قال: وإذا مكناهم من ذلك، فهل يكتفي بخمسين يميناً، لقرد ضربه ولمات من ضربه أو يحلفون يميناً واحدة لقد ضربه، ثم يحلفون خمسين يميناً لمات من ضربه؟. وقد يجري على الحقوق المالية في الاستحقاق بشاهد واحد، هل يجمع في يمينه بين فصلي تصحيح شهادة الشاهد، وفصل الإستحقاق، أو يحلف لكل واحد من الفصلين يميناً مستقلة؟ في ذلك نظر. قلت: ظاهر كلام ابن رشد أو نصه؛ أنه يحلف على الجرح والموت منه في كل يمين من الخمسين. وقوله: وقد يجري على الحقوق المالية يقتضي أن الحكم فيها عنده واضح، فقوله أخيراً فيه نظر خلاف ذلك. وفي ترجمة جامع الدعاوي من ابن سهل: من قام له شاهد واحد باستحقاق شئ، حلف مع شاهده إن حقي لحق، وحلف ما باع ولا وهب ولا خرج من يده بوجه، فجعل عليه يمينين. قاله ابن حيبي عن مطرف وأصبغ. وفي رسم الرهون من كتاب الرهون من العتبية مثله، والذي جرى به العمل جمع الدعاوي في اليمين الواحدة. وكان شيخنا ابن عتاب يقول: من وجبت عليه يمين في دعوى وردت عليه يمين، فلابد له من يمينين، وحكاه عن شيخة أبي المطرف وغيره من الشيوخ، وخالفه في ذلك أو عمر بن القطان. وقال ابن رشد في السماع المذكور: ويختلف في القسامة مع الشاهد الواحد على إقرار القاتل بالقتل عمداً. قال أشهب: في ذلك القسامة.

ولابن القاسم في الموازية: لاقسامة، ومثله في آخر سماع سحنون، وهو ظاهر المدونة، وأصلح سحنون ما فيها ورده لمثل قول أشهب؛ لأن ابن القاسم قال فيها: وهذا عندي مخالف للدم، زاد سحنون في ذلك دم الخطأ على وجه التفسير، وهو خلاف نصه في الموازية في إقراره بالقتل عمداً، وإذا قاله في العمد فأحرى في الخطأ. واختلف قوله أيضاً في القسامة مع الشاهد الواحد على إقرار القاتل بقتل خطأ في سماع سحنون، وإذا قاله في الخطأ فأحرى أن يقوله في العمد، ففي إيجاب القسامة فيهما، ثالثهما: الفرق بين العمد والخطأ، وإليه ذهب سحنون، وعليه أصلح المدونة، وهو أظهر الأقول. وأما القسامة مع الشاهد على القتل أو الشاهدين على الجرح أو على قول المقتول: دمي عند فلان فثابته في المذهب إتفاقاً، وفي آخر دياتها إن شهد رجل أن فلاناً قتل فلاناً بالسيف، وقال آخر إنه قتله بحجر- فذلك باطل، ولا يقسم بذلك. الصقلي عن سحنون: هذا إن ادعى الولي بشهادتهما معاً وإن إدعى بشهادة أحدهما، ففيه القسامة مع ذلك الشهاد. قلت: ولايبعد تخريج الخلاف في قيامه بهما من الشاذ في ضم الشهادتين المختلفتين في الأفعال، وقد تقدم تحصيلها. ابن حارث: الشاهد الواحد العدل لوث إتفاقاً، والذي ليس بعدل. قال ابن القاسم: ليس بلوث، وسمع أشهب أنه لوث. قال ابن رشد: معناه في الشاهد المجهول الحال الذي لا يتوهم فيه جرحة، ولا عدالة؛ إذ من أخل العلم من يحمل الناس على العدالة حتى تعلم جرحته، وأما الذي يتوهم فيه الجرحة، فليس بلوث على مذهبه في هذا السماع؛ لقوله بعد هذا ليس العبد لوثا. يريد: ولو كان عدلاً، وكذا الصبي على هذا السماع. وقال في المرأة بعد هذا: إنها لوث. وروي مطرف: إن اللوث اللطخ البين مثل اللفيف من النساء والسواد والصبيان.

قال مطرف: وقتل بذلك عندنا بالمدينة. قال مالك: ومثل الرجلين والنفر يشهدون على ذلك، وهم غير عدول، وليست روياة مطرف هذه بخلاف لرواية أشهب. وقد روى ابن وهب: اللوث الشهادة غير القاطعة من شهادة النساء وشبهها قال: ومثل أن يرى المتهم بحذاء المقتول وقربه، وإن لم يكونوا رأوه حين أصابه. قلت: نقله الجلاب بلفظ: غن وجد قتيل، وبقربه رجل مع سيف، أو بيده شئ من آلة القتل، أو عليه شئ من دم المقتول، أو عليه أثر القتل؛ فهو لوث يوجب القسامة. قال: وفي شهادة النساء روايتان. قال ابن الحاجب ما نصه: وفي العدل بالجرح أو الضرب بمعاينة القتل دون ثبوت القتل قولان. ابن هارون: أي دون القتل بشاهدين، وتقدم الخلاف العدل بالضرب أو الجرح. قلت: فألزمه التكرار. قال: وإن كان بمعاينة القتيل والقسامة إتفاقاً. قال: فقوله قولان وهم، وحمله ابن عبد السلام على أنه دون ثبوت موت المجروح، وهو باطل؛ لأنه يؤدي إلا إرثه، وتزويج زوجته دونثبوت موته، وهو باطل. قلت: الأقرب حمله على معنى قول ابن شاس مانصه فرع، إن لم يقم على الضرب والجرح إلا شاهد واحد. فقال ابن القاسم: يقسم معه، وقال غيره: لايقسم على ذلك، حتى يثبت أصل الجرح والضرب. قلت: لأنه يشبه تدمية بيضاء، ويؤيده ما علم من إختصار كلام ابن شاس. اللخمي: وبالسماع المستفيض. قال ابن القاسم: مثل ما لو أن رجلاً عدا على رجل في سوق علانية، مثل سوق

الأحد، وما أشبهه من كثرة الناس والغاشية، فقطع كل من حضر عليه الشاهدة -فرأى من أرضى من أهل العلم، أن ذلك إذا كثر هذا، وتظاهر بمنزلة اللوث يجب معه القسامة. أبو عمر: القول بأن الواحد لوث، وإن لم يكن عدلاً ضعيف لا يعمل به، ولا يعرج عليه، والروايات واضحة، بأن تعدد اللوث من حيث كونه لوثاً لا شهادة، لايثبت موجبه دون قسامة. وفي الموطأ: قال مالك في جماعة إقتتلوا فانكشفوا، وبينهم قتيل أو جريح، لايدرى من فعل ذلك به:- أن أحسن ما سمعت في ذلك؛ أن فيه العقل على القوم الذين نازعوه، وإن كان القتيل والجريح من غير الفريقين، فعقله، على الفريقين معاً. وفيها: ليس فيمن قتل بين الصفين قسامة. الجلاب: إن إقتتلت فئتان، ثم إفترقتا عن قتيل، ففيها روايتان: إحداهما: لاقود فيه وديته على الفئة التي نازعته، إن كان من أهل الفئة الأخرى، وإن كان من غيرهما فديته عليهما معاً. والرواية الأخرى: أن وجوده بينهما لوث يوجب القسامة لولاته، فيقسمون على من إدعوا قتله، ويقتلونه به. ولابن رشد في رسم الشجرة، من سماع ابن القاسم، قيل: في قوله: لا قسامة فيمن قتل بين الصفين؛ إنه لا قسامة فيه بحال لا بقول المقتول، ولا بشاهد على القتل، وهو رواية سحنون عن ابن القاسم، في رسم الجواب من سماع عيسى. وقيل معناه: لا قسامة بينهم بدعوى أولياء القتيل على الطائفة التي نازعت طائفته، ولو دمي القتيل على أحد أو شهد عليه بالقتل شاهد واحد؛ وجبت بذلك القسامة، هو سماع عيسى ابن القاسم في رسم الجواب. وقول الأخوين وأصبغ وقول أشهب: لأن كونه بين الصفين؛ لم تزد دعواه إلا قوة. ابن المواز: وإليه رجع ابن القاسم بعد أن قال: لا قسامة فيمن قتل بين الصفين

بدعوى المقتول ولا بشاهد، ويحتمل أن يريد بقوله: ولا بشاهد إذا كان الشاهد من طائفة الىمدمي؛ لأنه لا يجيز شهادة أحد من إحدى الطائفتين على أحدٍ من الأخرى، أو إذا كان من إحدى الطائفتين على ماحكاه ابن حبيب، إذا جرح أحد منهم، فعقل جرحه على الطائفة التى نازعته، ولا يقتص من أحد بقوله إلا أن يكون له شاهد على ذلك من غير الطائفتين، واما مع شاهد من طائفة القاتل، فيجري ذلك على الخلاف في القسامة مع الشاهد غير العدل، وأما مع شاهد من طائفة المقتول، فلا إشكال في عدم القسامة معه. وقد قال محمد: قال إبن القاسم: لا قسامة فيمن قتل بين الصفين، بقول المقتول ولا بشاهد على القتل إنه خطأ؛ لأنه حمل قوله على ظاهره من أن القسامة لا تكون فيمن قتل بين الصفين بحال، وإن كان الشاهد الذي يشهد على القتل من غير الطائفتين وتأويل قوله أولى من تخطئته. الباجي: إن كان القتيل من غير الطائفتين أو لم يعرف من أيهما هو -فعقله في أموالهما، ورواه محمد، ولو مشت إحدى الطائفتين إلى الأخري بالسلاح، إلا منازلهم فقاتلوهم؛ ضمنت كلفرقة ما أصابت من الأخرى، رواه محمد. وابن عبدوس قال: ولا تطل الزاحفة؛ لأن المزحوف إليهم لو شاءوا لم يقتلوهم واستردوا للسلطان قال غيره في المجموعة: هذا إن أمكن السلطان أن يحجز بينهم؛ فإن عاجلوهم ناشدوهم الله، فإن أبوا فالسيف ونحوه في المدونة. وفي رسم الجواب من سماع عيسى قيل له: فإن كان القتيل الذي وجد بين الصفين؛ إنما كانوا قوماً يقاتلون على تأويل. قال: فليس على الذين قتلوه قتل، وإن عرفوا ولا دية، وليس أهل التأويل كغيرهم. ابن رشد: في الأثر من كتاب الجهاد في المدونة من قول ابن شهاب، ومثله روى

الأخوان: ومن أهل العلم من يرى أنه يقاد منه ويقتص منه، وهو قول أصبغ وعطاء. والخلاف في القصاص منه سواء تاب أو أخذ قبل توبته، ولا يقام عليه حد الحرابة، وإن أخذ قبل أن يتوب، ولا يؤخذ منه ما أخذ من مال، وإن كان موسراً، إلا أن يوجد شئ بعينه بيده، فيرده إلى ربه. أبو عمر: روي عن عمر وعلي رضي الله عنهما: أنهما قضيا في قتيل الزحام بالدية في بيت المال. وقال الزهري: هي على من حضره في جمعة أو غيرها، ولاشئ فيه عند مالك والشافعي. وسمع عيسى ابن القاسم: من قتل إنساناً في وسط الناس، فاتبعوه وهو هارب فإقتحم بيتاً، فدخل البيت بأثره، فإذا فيه ثلاثة نفر لا يدري أيهم هو إن حلف كل واحد منهم خمسين يميناً ما قلته -كان العقل عليهم، وإن نكل أحدهم كان العقل عليه. قيل: الدية عليهم بقسامة أو دونها، وإن نكل أحدهم أيقسم عليه أم لا؟ قال: بل تكون الدية عليهم بغير قسامة. ابن رشد: إن حلفوا كلهم، أو نكلوا كلهم؛ فالدية على جميعهم، وإن نكل بعضهم فهي على من نكل، كان واحداً أو أكثر، ولا يمين في شئ من ذلك على أولياء القتيل، وإيجاب القسامة على كل واحد منهم، هو على ما تقدم في رسم تأخير صلاة العشاء من سماع ابن القاسم، في أن المتهم بالدم يستحلف خمسين يوماً؛ لأن كل واحد منهم متهم بالدم، هذا مذهب ابن القاسم في هذه المسألة. وقال سحنون: لاشئ عليهم، وشهادة البينة أنهم رأوه دخل فيهم، ولا يعرفونه بعينه باطل. وفيها: إن وجد قتيل في قرية قوم، أو في دراهم ولا يدرون من قتله، لم يؤخذ به أحد، وتبطل ديته، ولا تكون في بيت مال ولا غيره. الصقلي: يريد إن لم يوجد معه أحد، ولو وجد في دار ومعه رجل، وعليه أثر قتله قتل به مع القسامة. ابن رشد في المقدمات: لو وقع مثل قضية حويصة ومحيصة في زماننا؛ لوجب

الحكم به، ولم يصح أن يعدى إلى غيره. وفيها: ويمين القسامة على البت، وإن كان أحدهم أعمى أو غائباً حين القتل، ومثله في الموازية وغيرها. قال سحنون في المجموعة: لأن العلم يحصل بالخبر والسماع، كما يحصل بالمعاينة؛ ولأنه **** عرضها على من لم يحضر القتل. قلت: وإنما يحلف ولاة الدم فيى الخطأ على قدر مواريثهم من الميت. اللخمي: ويحلفها الواحد؛ إن كان هو المستحق للدية، كابن أو أخ أو إبن عم والصغير لا يحلف. الشيخ في الموازية: لو حلف أحد الكبيرين، ونكل الآخر، وثم صغير، فبلغ حلف بقدر حظه وأخذه، فإن إنكسرت عليهم يمين بأجزاء مختلفة، ففي جبرها على ذي الأكثر منها، أو من الأيمان، ثالثها: على كل ذي كسر لها. ولنقل ابن رشد غير معزو، ومع غيره عن الموطأ من رواية يحى، خلاف رواية ابن القاسم وابن بكير، ونقل ابن الحاجب مع كافي أبي عمر، وقول ابن حارث: اتفقوا على أنها لا تجبر على كل واحد منهم، فتصير الأيمان أكثر من خمسين يقتضي نفي الثالث، وإن أنكسرت بأجزاء متساوية، ففي وجوب تكميلها على كل ذي كسر، وحلف كل منهم منابه من قسم عددها السالم عن الكسر وباقيه، يقال لهم: عينوا منكم عدداً يحلف الباقي قولان، لابن القاسم، وابن رشد عن أشهب. ابن رشد: يجبر على كل واحد منهم الكسر الذي حلف في حظه، فيحلف في حظه، فيحلف كل منهم سبع عشرة يميناً. وقال أشهب: يحلف كل منهم ست عشرة يميناً، ويقال لهم عينوا اثنين منكم يحلفان يميناً يميناً، فإن تشاحوا، فيمن يحلف ما بقي، فرأيت لا بن كنانة: لا يجبر الإمام أحدا منهم، ويقال له: لا تعطوا شيئاً إلا أن تحلفوا بقية الأيمان، ويشبه أن يقول أشهب

مثل هذا، أو يقرع بينهم فيها. وقاله بعض أهل النظر، وساقه على قول ابن القاسم، ولا يصح إلا على قول أشهب. وفيها: إن لزم واحداً نصف اليمين، وآخر ثلثها، وآخر سدسها؛ حلفها صاحب النصف، فصورت فبنت وزج وأم وعاصب، ولا يستحق الدية إلا بحلف خمسين يميناً، فلو تعذر بعض الورثه، لغيبة أو صغر، لم يستحف من حضر حظه إلا بحلف الخمسين، ومن بعده بقدر حظه. فيها: إن لم يدع الميت إلا ابنة صغيرة بغير عصبة؛ حلفت خمسين يميناً، وأخذت نصف الدية، وإن جاءت مع العصبة حلفت خمسة وعشرين يميناً، والعصبة مثلها، وإن كانت بنت وإبن غائب، لم تأخذ البنت ثلث الدية حتى تحلف خمسين يميناً، فإذا قدم الابن الغائب، حلف ثلثي الأيمان، وأخذ ثلثي الدية. وسمع عيسى: من أقسمت خمسين يميناً، وأخذت حظها من دية الخطأ، ثم نزعت وردت ما أخذت، ثم أتت أخت لها؛ فإنما يحلف بقدر حظها؛ لأن يمين الأولى حكم مضى، وفي المقدمات والبيان: إن نكلوا عن الأيمان أو بعضهم، ففيه خمسة أقوال: الأول: رد الأيمان على العاقلة يحلفون كلهم، ولو كانوا عشرة آلاف، والقاتل كأحدهم فمن حلف، فلا غرم عليه، ومن نكل غرم ما يجب عليه، وهو أحد قولي ابن القاسم، وهو أصحها. الثاني: يحلف من العاقلة خمسون رجلاً يميناً يميناً، فإن حلفوا برئت العاقلة من الدية كلها، وإن حلف بعضهم برئ، ولزم بقية العاقلة الدية كلها حتى يتموا خمسين يميناً، وهو قول ابن القاسم الثاني. والثالث: أنهم إن نكلوا، فلا حق لهم أو نكل بعضهم، فلا حق لمن نكل، ولا يمين على العاقلة؛ لأن الدية لم تجب لهم بعد إنما تجب بالفرض، قاله ابن الماجشون. والرابع: أن اليمين ترجع على المدعى عليه وحده، إن حلف برئ، وإن نكل لم يلزم العاقلة بنكوله شئ؛ لأن العاقلة لا تحمل الإقرار، والنكول كالإقرار، وإنما هو

بنكوله شاهد على العاقلة، رواه ابن وهب. والخامس: أن الأيمان ترد على العاقلة، إن حلفت برئت، وإن نكلت غرمت نصف الدية، قاله ربية على ماروي عن عمر في قضائه على السعديين. وفيها: إن إدعى العمد، لم يقتل المدعى عليه إلا بقسامة رجلين فصاعداً، فإن حلف معه آخر من ولاة الدم، ولم يكن مثله في العدد قتل، وإلا ردت الأيمان على المدعى عليه، فإن حلف خمسين يميناً برئ، وإن نكل حبس حتى يحلف. وفى الموطأ: لا يقسم في قتل العمد من المدعيين إلا إثنانا فصاعداً، تردد الأيمان عليهما حتى يحلفا خمسين يميناً، ثم قد إستحقا الدم، وذلك الأمر عندنا، وفيه في الرجل يقتل عمداً، أنه إذا قام عصبة المقتول أو مواليه، فقالوا: نحن نحلف، ونستحق دم صاحبنا بذلك لهم. ابن رشد: الأصل في أن لايقسم في العمد أقل من رجلين، قوله صلى الله عليه وسلم: ((أتحلفون وتستحقون دم صاحبكم؟)) فجمعهم في الأيمان، ولم يفرد الأخ بها دون بني عمه. قلت: قاله أبو عمر قبلهم، مثله ابن رشد، ومن جهة المعنى، لما كان لا يقتل بأقل من شاهدين، لم يستحق دمه إلا بقسامة رجلين. قال أشهب: قد جعل الله لكل شهادة رجل في الزنا يميناً في الزوج في لعانه. الباجي وغيره: إنما يقسم في العمد الرجال الأولياء، ومن له تعصيب. وسمع يحيى ابن القاسم: إن لم يكن للقتيل عمداً عصبة ولا وارث، أتقسم القبيلة التي هو منها، وهو معروف الإنتماء إليهم يعقل معهم ويعقلون معه؟. قال: لا قسامة لهم به، ولا لأحد إلا بوراثة لنسب ثابت أو لولاء ولا يقسم الموالي الأسفلون. ابن رشد: لا أحفظ في هذا اختلافاً.

وفيها: من لا عصابة له لا قسامة فيه، ولا يقتل فيه إلا ببينة. الصقلي: لمحمد عن ابن القاسم: عدم من يحلف كنكول الأولياء في رد الأيمان على أولياء القاتل. الشيخ: لابن حبيب عن الأخوين: من التقط لقيطاً فقتل بعد أن بلغ فرمىبدمه رجلاً فلا يقسم فيه ملتقطه، وترد الأيمان على المدعى عليه، فيحلف خمسين يميناً، فإن حلف ضرب مائة ويسجن سنة، وإن نكل سجن أبداً حتى يحلف أو يموت، وكذا من قتل من المسلمين أو العرب ولا عصبة له، وقاله ابن القاسم وابن نافع وابن عبد الحكم وأصبغ. وفيها: إن نكل ولاة الدم عن الأيمان، ردت على المدعى عليه، فإن حلف خمسين يميناً، برئ وإن نكل حبس حتى يحلف. اللخمى: وقال أشهب: إن نكل كانت عليه الدية، وأرى أن يخير الأولياء في حبسه أبداً حتى يحلف، أو أخذه بالدية. وفي المقدمات: إن نكل ولاة الدم والقسامة بقول المقتول، أو بشاهد على القتل؛ ففيه ثلاثة أقوال. الأول: ردها على المدعى عليه يحلف خمسين يميناً، أو يحلفها عنه رجلان فأكثر من ولاته إن طاعوا بذلك، ولا يحلف هو معهم، رواية سحنون عن ابن القاسم ومحمد عنه. الثاني: ردها على المدعي عليهم، يحلف منهم رجلان فأكثر خمسين يميناً، ويحلف معهم المتهم، فإن نكلوا أو لم يوجد غير المتهم لم يبرأ حتى يحلف خمسين يميناً وحده، قاله ابن القاسم في العتبيه. والثالث: أن المدعى عليه يحلف وحده، ولا يكون له أن يستعينن بأحد، قاله مطرف في الواضحة. قلت: ذكره ابن حارث رواية له، والشيخ قولاً له. ورواية ابن رشد: وإن وجبت القسامة بشاهدين على الجرح؛ ففي رد الأيمان على القاتل قولان

أحدهما: ردها على المدعى عليه يحلف ما مات من ضربي، إن نكل سجن حتى يحلف، فإن حلف ضرب مائة وسجن سنة، وإن أقر قتل، قاله ابن القاسم وابن الماجشون. وفي الموازية: ويقتص منه في الجرح، إن نكل الأولياء عن القسامة حلف؛ يريد حلف المدعى عليه أو نكل؛ لأن الجرح ثبت بشاهدين، وإن كانت القسامة بشاهد على القتل، فلا يقتص من الجرح حلف القاتل خمسين يميناً أو نكل؛ لأنه لا يقتص في الجراح إلا بيمين وارثه، قاله محمد، وهو صحيح. وقد تأول على ابن القاسم: أنه يقتص منه، والجرح إذا كان جرحاً معروفاً، وهو بعيد، لم يقله ابن القاسم إلا في القساممة بشاهدين على الجرح. قال محمد: وروى ابن القاسم قولاً: لم يصح عند غيره أنه إن ردت الأيمان على المدعى عليهم في العمد فنكلوا، فالعقل عليهم في مال الجاني خاصة، ويقتص منه من الجرح سوء العقل. وروى عنه أيضاً: إن حلف ضرب مائة ويسجن سنة، وإن نكل حبس حتى يحلف ولا دية فيه، وهو الصواب **** أن الأيمان لا ترد عليه ولا يحلف؛ لأن يمينه غموس، فعلى هذا القول إن أقر لم يقتل، وهو قول أشهب وابن عبد الحكم وأصبغ. وفي الموطأ معها: ليس للنساء في قتل العمد قسامة. في المقدمات: إن كان ولاة الدم رجلين حلف كل منهما خمسة وعشرين يميناً، ولو طاع أحدهما أن يحمل منهما أكثر من خمس وعشرين يميناً، لم يجز ذلك. قلت: هو نقل الشيخ عن ابن القاسم في الموازية. ابن رشد: فإن كان الأولياء أكثر من إثنين إلى خمسين رجلاً، وهم في العدد سواء وتشاحوا في حملها قسمت على عددهم، فإن وقع فيها كسر ككونهم عشرين فتبقى من الأيمان عشر، يقال لهم: لا سبيل لكم إلى الدم حتى تأتوا بعشرة منكم يحلفون ما بقي، فإن أبوا بطل الدم كنكولهم، فإن طاع إثنان فحمل الخمسين؛ جاز عند ابن القاسم.

وقال المغيرة وأشهب وابن الماجشون: لا بد أن يحلفوا كلهم، ومن لم يحلف منهم كنكوله، وإن زاد عددهم على خمسين، فاتفقوا على أنه إن حلف منهم خمسون أجزأتهم ورأيت لابن الماجشون أنه لا بد أن يحلف كل واحد منهم يميناً يميناً، وإلا لم يستحقوا الدم. في كتاب مجهول قالاً: فإن كان ولي الدم الذي له العفو رجلاً واحداً، فلا يستحقه بقسامة إلا أن يجد من العصبة والعشيرة من يقسم مع ممن يلقاه إلى أبٍ معروف، فإن وجد رجلاً معروفاً، حلف كل منهما خمساً وعشرين يميناً، وإن وجد أكثر من رجل، قسمت الأيمان على عددهم، فإنرضوا بحمل أكثر مما لم يجب عليهم لم يجز، وإن رضي هو بحمل أكثر مما يجب عليه، فذلك جائز مما بينه وبين خمس وعشرين، ولا يجوز له أن يحلف أكثر من ذلك. فإن كان أولياء الدم رجلين؛ فلهما أن يستعينا بغيرهما من الأولياء الذين دونهم في المرتبة، وتقسم الأيمان بينهم على عددهم، ولا يجوز أن يحمل المستعان بهم أكثر مما يجب عليهم، وإن رضي الوليان أن يحلف كل واحد منهم أكثر مما يجب عليه؛ جاز أن يحلف بعض المستعان بهم أكثر من بعض. وإن حلف أحدهما خمساً وعشرين يميناً، ثم وجد صاحبه معيناً، فالأيمان التي حلف المستعان به لا تكون محسوبة للمستعين؛ بل تقسم بين الوليين، فإن لم تقسم بينهما وحسبت كلها للمستعين، فحلف ما بقي من الخمسين يميناً، يزاد عليه حتى يستكمل نصف ما بقي من الخمسين يميناً بعد الأيمان التي حلف المستعان به، قاله عبد الملك، وزاد. قال: إلا أن يكون الأول حلف على إياس ممن يعينه، ورأي أن يحلف بغير معين، فلا يزاد شئ من الأيمان على المستعين، وتكون الأيمان التي حلف المستعان به محسوبة لا تقسم بينه وبين صاحبه. وفيها: إن كان أولاد المقتول صغاراً أو كباراً، فإن كان الكبار إثنين، فلهم أن

يقسموا ويقتلوا ولا ينتظروا بلوغ الصغير، وإن لم يكن إلا ولد كبير وصغير، فإن وجد الكبير رجلاً من ولاة الدم يحلف معه، وإن لم يكن ممن له العفو حلفا جميعاً خمسين يميناً وكان للكبير أن يقتل. ابن الحاجب: فإن كان واحداً استعان بواحد من عصبته، ولا ينتظر الصغير إلا أن لا يوجد حالف، فيحلف نصفها. قال ابن عبد السلام: يعني إن كان ولي الدم كبيراً، ومعه في درجته صغير حلف الكبير، ويستعين بمن هو أبعد منه، ولا ينتظر بلوغ الصبي، وهذا هو المشهور، وتقدم الكلام على هذا المعنى. قلت: يريد المشهور في عدم إنتظار الصغير، لا في استعانة الولي الواحد. قال ابن حارث: اتفقوا على أن له أن يستعين. وقول ابن شاس: نكول المعين لغو واضح، لعدم استحقاقه ما يحلف عليه. ابن رشد: إن نكل بعض الأولياء عن القسامة، وهم في القعدد سواء، أو عفا عن الدم قبلها؛ ففي سقوط الدم والدية أو الدم، ويحلف من بقي لأخذ حقه، ثالثهما: هذا إن نكل على وجه العفو عن حقه، وإن نكل تحرجاً وتورعاً؛ حلف من بقي لابن القاسم مع ابن المجاشون، وأشهب وابن نافع. اللخمي: إن نكل بعض الأولياء، وأكذب نفسه أو عفا والأولياء بنوناً أو بنو بنين أو إخوة أو أعماماً أو بنو أعمام. فقال مالك وابن القاسم: ترد الأيمان على القاتل، وليس لمن نكل أن يحلف. ولمالك أيضاً: إن بقي إثنان، كان لهما أن يحلفان ويستحقا حقهما من الدية. اللخمي: وينبغى أن يكون ذلك لمن لم ينكل، وإن كان واحداً يحلفه خمسين يميناً؛ لأن الأمر عاد إلى الخطأ. قال: وإختلف عنه إن كان الأولياء أعماماً، أو بني أعمام أو أبعد منهم من العصبة، فنكل بعضهم، فجعل فيهم الجواب مرة كالبنين.

وقال أيضاً: لمن لم ينكل إذا كانوا إثنين فصاعداً أن يحلفوا، ويقتلوا؛ لأنه عنده لا عفو لهم إلا بإجتماع البنين، والأول أبين، ولا فرق بين ذلك، إذا إستووا في القعدد أم لا. قلت: في فهم تعليله إشكال، والروايتان حكاهما ابن الجلاب. قال: وعلى رواية سقوط القود هل للباقين أن يحلفوا ويستحقوا حظهم من الدية يتخرج على روايتين: إحداهما: لهم ذلك، والأخرى: لا قود لهم، ولا دية، وترد الأيمان على المدعى عليهم. وسمع القرينان قيل: من قتل من له أولياء كثيرة، فعفا أحد الذين يجوز لهم العفو، فلا يكون إلى القتل سبيل وتجب الدية، قيل له: بالقسامة؟ قال: بالقسامة وغيرها، وكذا إن نكل أحدهم عن القسامة. قال سحنون: وقال ابن نافع: إن نكل على وجه التورع والتحرج، حلف من بقي وكانت له الدية، وهذا الذي أرى. ابن رشد: في قول مالك: هذا إلباس، والظاهر أن مراده أن عفو الأولياء، وهم في القعدد سواء، يبطل القتل دون الدية، فإن كان العفو بعد القسامة، فلمن بقي حظهم من الدية. وإختلف الشيوخ في قول ابن نافع، فحمله بعضهم على التفسير لقول مالك وقال: لا خلاف في أن نكول الناكل إن لم يكن على وجه العفو والترك؛ بل تورعاً وتحرجاً، فلمن بقي أن يقسم ويقتل، ومنهم من حمله على الخلاف، وهو الأظهر. وفرق ابن القاسم، فقال: إن كان قبل القسامة، بطل القتل والدية، ولم يكن لمن بقي من الأولياء أن يقسم، ويأخذ حظهمن الدية، وإن كان بعدها بطل الفتل، ولمن بقي حظه من الدية. وابن الماجشون يسوي بين أن يكون العفو قبل القسامة أو بعدها، في بطلان الدية بكل حال، ولا يكون لمن بقي شئ من الدية، والنكول على القسامة عند جميعهم

كالعفو سواء كل على مذهبه، فهي ثلاثة أقوال. ومن قول ابن القاسم في المدونة: أن رجوع أحد الأولياء بعد القسامة، وتكذيبه نفسه؛ يبطل حق من بقي من الأولياء، كما إذا عفا أو نكل قبل القسامة. ابن الحاجب: فإن نكل فثلاثة: الحبس حتى يحلف خمسين يميناً وله أن يستعين والدية والحبس حتى يحلف أو يطول. قلت: الأول حكاه ابن حارث عن ابن الماجشون والثاني تقدم عزو ابن رشد إياه، لنقل محمد عن رواية لابن القاسم، لم تصح عند غيره. والثالث: تقدم لابن الجلاب وتقدم لابن حارث، أنه يحلف ولا يستعين عن رواية مطرف. الشيخ: روى محمد: إن اتهم بالدم جماعة حلف كل منهم خمسين يميناً ولو كثروا، قال مع عبد الملك: لأن كل واحد عن نفسه يحلف إذ لعله الذي كان يقسم عليه، ومن حلف برئ إلا من ضرب مائة وسجن سنة، ومن نكل سجن حتى يحلف. قال عبد الملك في المجموعة والموازية والواضحة: ولكل منهم أن يستعين في أيمانه التي يحلف بمن شاء من عصبته. ابن الواز: وقاله ربيعة ومالك. قال عبد الملك: وإن كانوا كلهم من بطن واحد، فذلك لهم ولا ينقص رجل منهم من خمسين يميناً، ولو كانوا من فخذ واحد، استعان بسبعة وأربعين منهم، فحلفوا معه، ولمن يحلف بعده من المتهمين أن يستعين بهم أنفسهم، وبالمتهم نفسه الذي حلف عنه، وكذا مع الثالث، وليس لهم أن يجمعوهم في واحد فيقولون: ما قتله فلان، ولا فلان ولا فلان، وليحلف الثلاثة الثلاثة الأيمان، ولا بد من تكريرهم الأيمان مع كل واحد منهم. وموجبها: العقل في العمد، والدية في الخطأ، فإن إنفرد المرمى عليه، وإن تعدد والموجب قتل.

فقال ابن حارث وغيره: قال مالك في موطئه: لايقسم إلا على رجل واحد، ولا يقتل غيره، ولم تعلم قسامة قط كانت إلا على رجل واحد. ولابن عبدوس: أن المغيرة يقول: يقتل الجماعة بالقسامة، وكذا كان في الدم الأول حتى كانت أيام معاوية وعليً. قال الباجي والصقلي: روى ابن القاسم في المجموعة: لا يقسم إلا على واحد بكل حال. وقال أشهب: إن شاءوا أقسموا على واحد أو على إثنين أو أكثر، ثم لا يقتلون إلا واحداً ممن أدخلوه في قسامتهم. قلت: ولسحنون قول ثالث فيما حكاه ابن حارث. قال: اختلفوا في ثلاثة احتملوا صخرة رموها على رجل قتلوه بها، وقام بذلك شاهد واحد. فقال ابن القاسم: لا يقسم إلا على رجل واحد، وقال: سحنون: على جميعهم، وليس هذا من العمد الذي لايقتل فيه بالقسامة إلا رجل واحد؛ إنما ذلك إن ضربوه واحد على الرأس، وآخر على البطن، وآخر على الظهر، هذا لايقسم فيه إلا على واحد. الباجي: وعلى الأول يقسمون لمات من ضربه لا من ضربهم، قاله محمد وابن عبدوس، وابن حبيب عن ابن القاسم. وسمع عيسى ابن القاسم: من قدم للقتل بقسامة، فقال رجل: أنا قتلته، فقال ربيعة: يقتل هذا بالقسامة، والآخر بإقراره، ولا أخذ به لم يقتله إثنان؛ بل واحد فيقتلون أحدهما، ويتركون الآخر. ابن رشد عن مالك، وابن عبد الحكم وأصبغ، مثل قول ربيعة حكاه محمد عنهم، وعن ابن القاسم، مثل قوله في السماع. محمد: وإذا قتل المقر، فقال ابن القاسم: مرة بقسامة، ومرة بغير قسامة، وأنكر الأول. أصبغ: وقيل ليس باختلاف، والأول على أنه كانت للمقتول حياة، والثاني على

أنها لم تكن؛ وإنما وجبت القسامة على غير المقر بشاهدين على الجرح أو بقول المقتول: دمي عند فلان، لقوله في رسم العتق بعد هذا: يقسمون على ذلك إن كانت حياة. وفي رسم الصبرة من سماع يحيى: في نفر جرحوا رجلاً، فحمل مجروحاً فيموت، فتجب القسامة عليهم، أنهم لو أقروا أجمعون بقتله، لم يقتل واحد منهم حتى يقسموا على أيهم أحبوا فقط، فيقتلونه وليس لهم أن يقتلوا واحداً بالقسامة، وسائرهم بالإقرار، قال: وكذا إن لم يقر منهم إلا واحد، لم يقتلوه حتى يقسموا عليه، ولا يقسموا على غيره ويقتلوا المقر بإقراره، ليس لهم أن يقسموا إلا على واحد منهم، فيقتلونه كما لو لم يقروا، فسواء على قول ابن القاسم: كان المقر بالقتل ممن وجبت عليهم القسامة، أو من غيرهم. وكذلك قول ربيعة ومالك، ومن ذكر معه، وقاله المغيرة في المجموعة، وفرق سحنون، فإختار قول المغيرة، ومن قال بقوله: إن كان المقر بالقتل ممن وجبت عليه القسامة. وقال: ليس قول ابن القاسم هنا بشئ، فإذا أقروا جميعاً بالقتل قتلوا كلهم، كما قال المغيرة وكذا إن أقروا إلا واحداً قتلوا جميعاً بالإقرار، وأقسموا على المنكر، وقتلوه إن شاءوا، ولو لم يكن للمقتول حياة، فأقر القاتل أنه قتله قتلاً مجهزاً، قتل بغير قسامة اتفاقاً -كان المقر بالقتل ممن وجبت عليه القسامة بشاهد على القتل، أو من غيرهم، والفرق بين الموضعين بين. ألا ترى أن من أقر أنه فتل رجلاً قتلاً مجهزاً، لا يقبل رجوعه، ومن أقر أنه جرح فلاناً، ومات من جرحه، ثم رجع عن إقراره يقبل رجوعه؛ لأنه يقول: كنت ظننت أنه مات من جرحي، ثم تحققت أنه لم يمت منه، وقبول رجوعه في هذا الموضع رواه محمد. الشيخ: لابن حبيب عن أصبغك من رمى بدمه نفراً، فأخذ أحدهم، فسجن وتغيب الباقون، وطلب الأولياء بقاءه حتى يجدوا من غاب فتختاروا من يقسمون عليه. وقال المسجون: إما أقسمتم علي، وإما أطلقتموني، فذلك لهم ويستأنى به قدر ما

يطلبون، ويرجى الظفر بهم، ويتلوم لهم في ذلك، فإن تم التلوم، ولم يجدوا قيل للولاة: أقسموا على هذا واقتلوه، ثم ليس لكم على من وجدتم من الباقين إلا ضرب مائة وسجن سنة، وأن يحلف خمسين يميناً، فإن نكل سجن حتى يحلف. قال: ولهم صلح المسجون على مال، ثم لهم القسامة على من شاءوا من الباقين، ويسجن المصالح سنة بعد ضربه مائة. قال عن ابن القاسم وأشهب في الموازية والمجموعة: في ثلاثة حملوا صخرة أو خشبة ضربوا بها رأس رجل. قال في الموازية: أو ألقوها عليه فمات بعد أن عاش أياماً، ليس لأوليائه أن يقسموا ويقتلوا إلا على واحد. قال أشهب: كما لو أجافه كل واحد جائفة. قلت: قول أشهب هذا خلاف ماتقدم له من تخيير الأولياء في الحلف على أكثر من واحد إلا أن يقال: إنما حصر هنا في الواحد المجموع من الحلف مع القتل فتأمله. ومن المجموعة والموازية، قال مالك: إن قال: ضربني فلان وفلان وفلان وفلان منهم أنفذ مقاتلي لم يقسموا إلا عليه. قال فيى الموازية: وليس على الباقين ضرب ولاسجن، قاله مالك وعبد المبلك، وابن عبد الحكم وأصبغ، ومثله في سماع يحيى ابن القاسم، فيمن قال: فلان طعننى بالرمح، وفلان ضربني بالسيف، وأوضحني فلان، وخنقني فلان، من فعلهم أموت، قال: إن لم يرم بدمه واحداً دون أصحابه، نظر لما جرحه به كل واحد فيمن أنفذ مقاتله منهم أقسموا عليه، فإن أنفذها أكثر من واحد أقسموا على من أحبوا منهم. الشيخ: قال ابن القاسم في المجموعة: إن قال لهم: أقسموا على فلان، فليس لهم أن يقسموا على غيره لعلمهم بأشد ذلك عليه. قلت: ومثله سماع يحيى، ولم يزد فيه ابن رشد شيئاً. الشيخ: عن ابن القاسم في المجموعة: إن قال ذلك في الخطأ، فالذي يقع في القلب أن لايقبل منه، وليقسموا على جميعهم، ثم إن حمل ثلثه حظ من عافاه سقط عنه.

الشيخ: قال ابن القاسم في المجموعة، وفي سماع يحيى هو وأشهب: إن أقسموا على واحد من الجماعة، ثم أرادوا تركه، وأن يقسموا على غيره منهم، وزعموا أن جرحه كان على وليهم أشهد، وأنه شبه لهم أولاً، فليس ذلك لهم في الثانى والأول، إن تركوه على أن الآخر صاحبهم، وإبراء للأولن فليس لهم قتل الأول، وإن إنتقلوا للثاني غضباً عليه، وندماً في تركهم له، ولم يبرئوا الأول، فلهم قتل الأول بقاسمتهم. وفرق ابن القاسم فيها بين العمد والخطأ، قال: لأنهم في العمد لو أقسموا على جميعهم، لم يجب الدم على جميعهم، فهذا الذي قصدوه بالقسم عليه لاحجة له أن يقول: لاتقسموا علي دون أصحابي؛ لأنه يقال له: لا منفعة لك هنا هم إن أقسموا على جماعتكم وجه لهم دمك وفي الخطأ إن قصدوا واحداً بالقسم عليه كانت له الحجة أن يمنعهم؛ لأنه يقول: الضرب منا جميعاً، والدية على قبائلنا. قلت: إنما يتقرر هذا على القول أن لايقتل بالقسامة إلا واحد، وأن السؤال؛ إنما هو على تخصيص لفظ الحلف بواحد في العمد، وتعميمه في الخطأ، وإن كان السؤال عن تخصيص موجب القسامة، وهو القتل بواحد في العمد، وتعميم في الخطأ، وهو الغرم لم يتم الجواب، إلا بزيادة إمكان التوزيع على الجميع في موجب الخطأ، وهو الدية وإستحالته في القتل. فإن قيل: يلزم على قول المغيرة يقتل أزيد من واحد بالقسامة، وجوب دية على عاقلة كل واحد، رد بأن قتل الجماعة بالواحد مشروع، وعقل الواد بأزيد من الدية لم يرد. وقول ابن عبد السلام في فرق ابن القاسم بين، ولكنه لا يعم جميع الصور غير بين، وحقه أن يبين مايبطل عمومه، وذكر ابن الحاجب هنا مسألة من أقر بقتل خطأ، وقد تقدمت. قال في الجلاب: فيها أربع روايات: الأولى: لاشئ عليه ولا على عاقلته. والثانيه: يقسم ولاة الدم ويستحقون الدية على عاقلته.

والثالثة: أن كل الدية في ماله. والرابعة: فضمها عليه وعلى عاقلته، فما أصابه غرمه وما أصابها سقط. وفيها: إن شهد شاهد على إقرار القاتل أنه قتله خطأ؛ فلا يثبت ذلك من إقراره إلا بشاهدين، فيقسموا حينئذ معهما بخلاف شاهد على إقراره، أخذت الدية من ماله، فهو عند الجهود كمن اعترف بدين، ثم رجع، وعلى القول إنها على العاقلة بقسامة يصير كشاهد رجع عن شهادته، قبل أدائها تسقط، ولو شهد واحد على قول المقتول أن فلاناً قتله. فقال محمد عن عبد الملك: يقسم معه، وقال ابن عبد الحكم وغيره: لا يجوز على قول المقتول إلا شاهدان، وقاله ابن القاسم في العتبية، قال: لأن الميت كشاهد فلا يثبت قوله إلا بشاهدين. الصقلي: وبه قال محمد. قلت: مانقله عن العتبية هو سماعه سحنون، قال فيه ابن رشد: لا إشكال فيه ولا خلاف. فلت: في عدم إطلاعه على قول عبد الملك بعد عن مقاماه في الحفظ. وفيها: لو شهد رجل على رجل أنه قتل فلاناً خطأ، وشهد آخر على إقرار القاتل بذلك؛ فلا يجب على العاقلة بذلك شئ إلا بالقسامة. اللخمي: لا تضم الشهادتان وللأولياء أن يقسموا مع شهادة من عاين القتل. عياض: قال ابن أبي زمنين: إنما يقسمون مع شهادة من شهد بمعاينة القتل. وقال غيره: لهم أن يقسموا مع شهادة الإقرار، ويأخذوا الدية من ماله، وفي جوابه إشكال عن السؤال؛ لأنه سأله عن شاهد واحد على الإقرار مع آخر على المعاينة، فأجابه على إنفراد بشاهد المعاينة، وتمام شهادة الإقرار منفردة. قال ابن أبي زمنين: لم يعطنا فيها جواباً بيناً، وبين المختصرين فيها خلاف، قال

بعضهم: لا يجب على العاقله بذلك شئ إلا بالقسامة، وقال بعضهم: الشهادة جائزة. عياض: ظاهر هذا تلفيقها دون قسامة، وهو خطأ لأنها في الإقرار بالخطأ شهادة على شهادة واحد في النقل لا يجوز: ولأن المقر في الخطأ شاهد على العقالة، وهذا على أن الدية في إقرار الخطأ على العاقلة بقسامة، وهو أحد أقواله في كتاب الصلح من المدونة، وتقدم الكلام على ذلك، فعلى أنها على غير العاقلة يصلح تلفيق الشهادتين. وفيها: لا قسامة في الجراح، ولكن من أقام شاهداً عدلاً على جرح عمداً أو خطاً، فليحلف معه يميناً واحدة، ويقتص في العمد، ويأخذ العقل في الخطأ. قيل لابن القاسم: لم قال مالك ذلك في جراح العمد، وليست بمال؟ قال: كلمت مالكاً في ذلك، فقال: إنه لشئ استحسناه وما سمعت فيه شيئاً، ومن لفظ ابن الحاجب في المسألة. وقال مالك حين استشكل العمد: إنه لشئ استحسناه، فجوز ابن عبد السلام ضبط استشكل على أنه مبني للفاعل، والمستشكل مالك. قلت: وهو بعيد لا موجب لارتكابه، والأظهر أنه مبني لما لم يسم فاعله والمستشكل، هو سائل ابن القاسم، وهو أسد بن الفرات، وتقدم ذكر الخلاف في الشاهد الواحد في ذلك، وعلى الحلف معه إن نكل من قام به حلف الجارح، فإن نكل؛ قال ابن القاسم: حبس حتى يحلف .. الشيخ عن محمد: وقيل ينقطع وتقدم نقل الجلاب: إن طال الحبس أطلق وعزه ابن عبد السلام لابن القاسم لا أعرفه. وفيها: قال مالك في نصراني قام على قتله شاهد واحد عدل مسلم يحلف، ولاته يميناً واحدة، ويستحقون الدية على قاتله مسلماً كان أو نصرانياً، ومثله في رسم أوصى من سماع عيسى من الجنايات، ومن سماع أشهب في الديات. ابن سحنون: رشد وقيل: دم النصراني لا يستحق بالشاهد واليمين، وهو قول أشهب، وظاهر سماع يحيى في الديات، وفيه قول ثالث: هو أن يحلف أولياؤه مع شاهدهم خمسين يميناً، ويستحقون ديته، وهو قول المغيرة.

ولمالك في المدنية، من رواية محمد بن يحيى السبائي: أنه يستحقه بغير يمين، وتقدم نقل كلام ابن زرقون في هذا وفي العبد. وفيها: إن ضربت امرأة، فألفت جنيناً ميتاً، وقالت: دمى عند فلان، ففي المرأة القسامة، ولا شئ في الجنين إل ببينة تثبت؛ لأنه كجرح من جراحها، ولا قسامة في الجرح ولا يثبت إلا ببينة أو شاهد عدل، فيحلف ولاته مع يميناً واحدة ويستحقون ديته. الصقلي: يريد يحلف كل واحد ممن يرث الغرة يميناً أنه قتله. وفيها: إن قالت: دمي عند فلان فخرج جنينها حياً فاستهل صارخاً، ثم مات ففي الأم القسامة، ولا قسامة في الولد؛ لأنها لو قالت: قتلنى وقتل فلاناً معى لم يكن في فلان قسامة. الصقلي: قال في الموازية: إذ لا يجوز شهادتها لنفسها، ولا لزوجها إن كان أباه، ولا لإخوته 'ن كانوا ولدها. وفي القسامة في فلان بقولها: وقتل فلاناً معي: قولا أشهب وابن القاسم، بناء على أن قول المرأة لوث أو لا، ولابن رشد في رسم أول عبد من سماع يحيى: من قال: دمي عند فلان أو فلان على وجه الشك تدميته ساقطة اتفاقاً، ولو رمي رجلاً، ثم دمى على غيره، وأبرأ الأخير أولاً، أو برأ بعض من دمى عليهم أو دمى على رجل، ثم دمى عليه مع غيره. أو قيل له: من بك؟ فقال: لا أدري لأني كنت سكراناً، ثم دمي على رجل ثم ففي بطلان تدميته في الجميع وصحتها، ثالثها: هذا في تدميته على رجل عليه مع غيره لسماع يحيى ابن القاسم مع أشهب، وابن الماجشون وأصبغ، وأظهرها الأول.

كتاب الجنايات باب البغي

[كتاب الجنايات باب البغى] الجنايات: منها البغي، وهو الإمتناع من طاعة من ثبتت إمامته في غير معصية بمبايعته ولو تأولا

وقول ابن الحاجب: هو الخروج عن طاعة الإمام مغالبة تعقب باختصاصه بمن دخل في طاعته دون من إمتنع منها وهم بغاة، ولذا قاتل عليٌ أهل الشام، وبإطلاق طاعته في المعصية وغيرها، وليس هو في المعصية بقياس، ويجاب بأن مراده بالخروج عدم التلبس كقوله تعالى: (إن عدنا في ملتكم بعد إذ نجنا الله منها) [الأعراف: 89]، وبأنه من حيث أمره بالمعصية غير إمام، وحكم ثبوت الإمامة في علم الكلام والحديث، فالمتأول من كان فعله ذلك؛ لإعتقاده حقيقة قتاله الإمام واجب كأبي بكر في مانعي الزكاة، وعلي في أهل الشام. الشيخ: لابن حبيب عن مالك وأصحابه: إذا إمتنع أهل البغي، ولو كانوا ذوي بصائر، وتأويل لم ينبغ للإمام والمسلمين أن يدعوا الخروج عليهم حتى يردوهم إلى

الحق وحكم الإسلام، ولو قام على إمام من أراد إزالة مابيده فقال الصقلي: روى عيسى عن ابن القاسم عن مالك: إن كان مثل عمر بن عبد العزيز، وجب على الناس الذب عنه، والقيام معه، وأما غيره فلا ودعه، ومايراد منه، ينتقم الله من ظالم بظالم، ثم ينتقم من كليهما وفي طرر ابن عات، قال يحيى بن يحيى: الصواب عدم الدخول في الفتنة، ونحوه حكي عن أصحاب مالك، لم يخرج مالك يوم خرج ابن هرمز، ومحمد بن عجلان قال: (قلت لمالك: أنا رسول من ملكي بالأندلس إليك، عندنا رجال من أهل الفضل يكرههم الإمام علي من أخل الإسلام يرون بقرى قوي أهلها من السلطان، وقد نفذت أزوادهم ويجدون فيها طعاماً) تبين لما يرى في تزويدهم علي وما لهم. قال: ما أتكلم في هذا بشئ، فأعاد الكلام فقال: كف عني، وإني لك ناصح. وفي النوادر: وظاهر من الواضحة إذا إمتنع أهل البغي، ولو كانوا متأولين من الإمام العدل، فله فيهم من رمي المجانيق، وقطع المير والماء عنهم، وإرسال الماء عليهم، فيغرقهم ما له في الكفار، ولو كان فيهم النساء والذرية، ولا يرميهم بالنار إلا أن يكون فيهم نساء ولا ذرية. قال عبد الملك: إن أسر من الخوارج أسير، وقد إنقطعت الحرب فلا يقتل، وإن كانت الحرب قائمة، فللإمام قتله، ولو كانوا جماعة إذا خاف أن يكون منهم ضرر، وعلى هذا يجري حكم التذفيف على الجريح، وابتاع المنهزم، وقاله سحنون. قال ابن حبيب: نادى منادي علي بن أبي طالب في بعض من حاربه: أن لا يتبع مدبر ولا يجهز على جريح، ولا يقتل أسير، ثم كان موطن آخر في غيرهم، فأمر باتباع المدبر، وقتل الأسير، والإجهاز على الجريح فعوتب في ذلك. فقال: هؤلاء لهم فئة ينحازون إليها، والأولون لم تكن لهم فئة. قلت: ونحوه ما ذكره بعض أرباب سير علي بن أبي طالب رضى الله عنه: أنه لم يتبع المنهزمين يوم الجمل، ولا ذفف على الجرحى؛ لأنهم لم تكن لهم فئة، ولا إمام يرجعون إليه، وإتبع المنهزمين يوم صفين؛ لأن لهم إماماً وفئة.

الشَّيخ: عن كتاب ابن سَحنون: لا بأس أن يقتل الرجل في قتالهم أخاه، وقرابته مبارزة، وغير مبارزة، فأما الأب وحده، فال أحب قتله تعمدًا، وكذا الأب الكافر، مثل الخارجي، وقال أَصْبَغ: يقتل فيها أباه وأخاه. الشَّيخ: عن ابن حبيب: قال عبد الملك: ما أصاب الإمام من عسكر أهل البغي من كراع وسلاح، فإن كانت لهم فئة قائمة، فلا بأس أن يستعين به الإمام ومن معه على قتالهم، إن احتاجوا إليه، فإذا زالت الحرب رد لأهله، وغير السلاح والكراع توقف حتى ترد إليهم، وإن لم تكن لهم فئة قائمة، رد كل واحد من سلاح وغيرها، وكذا فعل علي رضي الله عنه. الشَّيخ: عن ابن حبيب، عن ابن الماجِشُون وأَصْبَغ: إذا وضعت الحرب أوزارها، فإن كان أهل البغي ممن خرج على تأويل القرآن، كالخوارج وضعت عنهم الدماء، وكل ما أصابوه إلا ما وجد من مال يعرف بعينه يأخذه ربه. وقال ابن الحارث: كذا قال مالك وأصحابه جميعًا، فيما علمت إلا أَصْبَغ، فإن ابن حبيب ذكر عنه: أنه إنما يطرح عنهم عقوبة الإمام فقط، وحق الولي في القصاص قائم عليه، يقتل بمن قتل، ولم يقله غيره من أصحاب مالك. قال الشَّيخ: عمن ذكر أولًا: وأما أهل العصبية أو أهل خلاف بلا تأويل، فالحكم فيهم القصاص، ورد المال قائمًا كان أو فائتًا، وفي آخر جهادها، والخوارج إذا خرجوا فأصابوا الدماء والأموال، ثم تابوا ورجعوا، وضعت الدماء عنهم، ويؤخذ منهم ما وجد بأيديهم من مال بعينه، وما استهلكوه لم يتبعوا به، وإن كانوا أملياء؛ لأنهم متأولون بخلاف المحاربين، لا يوضع عنهم من حقوق الناس شيء. ابن شاس: إن ولى البغاة قاضيًا، أو أخذوا زكاة، أو أقاموا حقًا. فقال الأخوان: ينفذ ذلك كله. وقال ابن القاسم: لا يجوز بحال. وعن أَصْبَغ القولان، ونحوه لابن الحاجب. قال ابن عبد السلام: ظاهر المذهب إمضاء ذلك، ونص في المدَوَّنة على أن ما

أخذوه من الزكاة يجزئ عن أربابها. قُلتُ: للشيخ في ترجمة نصها في عزل القضاة، والنظر في أحكامهم. قال ابن حبيب: قال مطَرِّف في أحكام الخوارج: لا ينفذ حتى يثبت أصل الحق ببينة فيحكم به، فأما أحكام مجهولة، ويذكروا شهادة أهل العدل منهم، ذكروا أسمائهم أو لم يذكروا؛ فهي مردودة، وقال أَصْبَغ عن ابن القاسم مثله. قال أَصْبَغ: أرى أقضيتهم كقضاة السوء فيما ذكرنا. قال ابن حبيب: وقول ابن القاسم ومُطَرِّف أحل إلي. وقال الأخوان: في الرجل يخالف على الإمام، ويغلب على بعض الكور، ويولي قاضيًا فيقضي، ثم يظهر على أقضية ماضية: إن كان عدلًا إلا خطئًا لا اختلاف فيه، وله في فصل قتال العصبة، وظاهره عن الواضحة: إن قاتل مع المتأولين أهل الذمة، وضع عنهم ما وضع عنهم، وردوا إلى ذمتهم. وإن قاتلوا مع أهل العصبية المخالفين؛ للإمام العدل، فهو نقض لعهدهم يوجب استحلالهم، وإن كان السلطان غير عدل، وخافوا جوره واستعانوا بأهل العصبية؛ لم يكن ذلك منهم نقضًا. قُلتُ: هذا إن خرجوا مع أهل العصبية طوعًا، وإن أكرهوهم، لم يكن لهم نفس خروجهم نقضًا لصحة تعلق الإكراه بقتال ما لا يحل قتاله، ونزلت هذه المسألة بتونس أيام حصر الأمير أبي الحسن المريني بالقيروان، وقامت بغاة عليه بتونس وحصروا أقبضتها واستعانوا بأجناد النصارى، ثم قدر عليهم ورد إلى ذمتهم.

باب الردة

[باب الردة] الردة: كفر بعد إسلام تقرر، ويتقرر بالنطق بالشهادتين مع التزام أحكامها. المتيطي: إن نطق الكافر بالشهادتين، ووقف على شرائع الإسلام وحدوده فالتزمها، تم إسلامه، وإن أبى من التزامها لم يقبل منه إسلامه، ولم يكره على التزامه وترك على دينه، ولا يعد مرتدًا، إذ لم يوقف هذا الإسلامي على شرائع الإسلام، فالمشهور أنه يؤدب ويشدد عليه، فإن تمادى على إبايته ترك في لعنة الله، وقاله مالك وابن القاسم وغيرهما، وابن الحكم وبه العمل والقضاء. وقال أَصْبَغ: إذا شهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ثم رجع قتل بعد استتابته، وإن لم يصل ولا صام. [باب فيما تظهر به الردة] ابن شاس: ظهور الردة، إما بالتصريح بالكفر، أو بلفظ يقتضيه أو بفعل يتضمنه.

قُلتُ: قوله: بلفظ يقتضيه، كإنكار غير حديث الإسلام وجوب ما علم وجوبه من الدين بالضرورة. وقوله: أو فعل يتضمنه كلبس الزنار، وإلقاء المصحف في صريح النجاسة، والسجود للصنم، ونحو ذلك. وقوله: ولا ينبغي أن تقبل الشهادة على الردة مطلقًا دون تفصيل لاختلاف المذاهب في التكفير حسن، وهو مقتضى قولها في الشهادة في السرقة: ينبغي للإمام إذا شهدت عنده بينه، أن فلانًا سرق ما يقطع في مثله، أن يسألهم عن السرقة، ما هي؟ وكيف هي؟ ومن أين أخذها؟ وإلى أين أخرجها؟ كما يسألهم عن شهادتهم على رجل بالزنا، وفي نكاحها الثالث وفي غير منها. والأسير يعلم تنصره، فلا يدرى طوعًا أو كرهًا، فتعتد زوجته، ويوقف ماله وحكم فيه بحكم المرتد، وإن ثبت إكراهه ببينة، كان بحال المسلم في نسائه وماله. ابن الحارث: اتفقوا على أن من أكره على الردة؛ أنه لا يجب عليه حكم المرتد، واختلفوا فيمن أسلم كرهًا، بأن يكره على الإسلام أو يضطره إليه جزية أو ضيق أو ظلم أو جور أو شبه ذلك. فقال ابن حبيب عن ابن القاسم وابن وَهْب: لا يقتل ولكن يؤمن ويحبس ويضرب.

قال ابن حبيب: وهذا غلط، أكثر من أسلم من الأعراب وغيرهم كرهًا، وكفى بالأسير الذي يقرب عنقه فيسلم، أيقال من إسلامه هذا، وكذا قال الأخوان. الشَّيخ عن محمد: روى ابن القاسم في نصراني أسلم، ثم ارتد عن قرب، وقال: إنما أسلمت من ضيق علي؛ فإن عرف أنه من ضيق ناله أو خوف أو شبهه فعسى أن يعذر، وقاله ابن القاسم. قال أشهب: لا عذر له ويقتل، وإن علم أن ذلك من ضيق، كما قال أَصْبغ: قول مالك أحب إلي، إلا أن يقيم على الإسلام بعد ذهاب الخوف، وهذا يقتل، وقاله ابن وَهْب وابن القاسم. وسمع يحي ابن القاسم: في إمام صحب قومًا يصلي بهم أيامًا، ثم تبين أنه نصراني أعادوا ما صلوا خلفه أبدًا، ولا قتل عليه. وقال سَحنون: إن كان بموضع يخاف فيه على نفسه، وماله فتستر بذلك، فلا سبيل إليه، ويعيدون صلاتهم، وإن كان بموضع أمن عرض عليه الإسلام، فإن أسلم لم يعد القوم لاتهم، وإن لم يسلم قتل وأعادوا. ابن رُشْد: قول مالك: لا يقتل، ظاهره، وإن كان بموضع أمن؛ لأنه رأى صلاته مجونًا وعبثًا، فعليه بذلك الأدب المؤلم. وللأخوين مثل قول ابن القاسم في الإعادة أبدًا، وقالا: ذلك منه إسلام، وسواء على قولهما كان بموضع أمن له أم لا، مثل قول أشهب في رسم الأقضية بعد هذا أو تفرقه سَحنون بين كونه في موضع أمن أو لا أظهر الأقوال، وتفرقته في الإعادة استحسان، والقياس إذا عدت صلاته بهم إسلامًا يستتاب عليه أن لا إعادة عليهم أجال إلى الإسلام، أم لم يجب. المتيطي: إن اغتسل إلى الإسلام، ولم يصل إلا أنه حسن إسلامه، ثم رجع عن إسلامه أمر بالصلاة، فإن صلى وإلا قتل. وقال ابن القاسم: لا يصلي ولو ركعة، فإذا صلى ثم ترك أدب، فإن لم يصل قتل. ابن حارث: اتفقوا في المرتد في أرض الإسلام، أنه يستتاب، فإن تاب وإلا قتل.

باب الزنديق

في "الموطأ": قدم على عمر رجل من قبل أبي موسى، فسأله عن الناس، فأخبره، ثم قال له عمر: هل كان فيكم من مغربة خبر؟ فقال: نعم، رجل كفر بعد إسلامه، قال: فما فعلتم به؟ قال: قدمناه فضربنا عنقه. قال عمر: أفلا حبستموه ثلاثاً، وأطعمتموه في كل يوم رغيفاً، واستتبتموه لعله يتوب ويراجع أمر الله؟ ثم قال عمر: اللهم إني لم أحضر، ولم آمر، ولم أرض إذ بلغني. الباجي: احتج أصحابنا على وجوب الاستتابة بقول عمر، وأنه لا مخالف له، وهذا لا يصح إلا أن يثبت رجوع أبي موسى، أو من وافقه إلى قول عمر. [باب الزنديق] والزنديق: من يظهر الإسلام ويسر الكفر (1)، إن ظهرت زندقته بإقراره، وقال: أتوب، ففي قبول توبته طريقان: الأولى قبولها اتفاقاً. قال المتيطي: إن أتى تائباً قبلت توبته، وإن أخذ على دين أخفاه؛ قتل ولم يستتب. قلت: وهو مقتضى ما تقدم لسحنون في شاهد الزور: أنه إن جاء تائباً لم يعاقبه، الثانية: لا تقبل توبته، كما لو اطلع عليه، عزاه ابن شاس لبعض أصحابنا، قال: وهو شاذ بعيد. قلت: وهو دليل ما حكى الباجي عن محمد من قوله: وإن أظهر كفره من زندقة أو كفر برسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم تاب قبلت توبته، وهو ظاهر لفظ الجلاب: لا يستتاب الزنديق. ابن زرقون: وفي المبسوطة قال المخزومي، وابن أبي حازم، ومحمد بن مسلمة: لا يقتل من أسر ديناً حتى يستتاب، والإسرار في ذلك، والإظهار سواء.

باب السحر

قلت: وبه أفتى ابن لبابة. الباجي: ويستتاب المرتد ثلاثة أيام، وروى ابن القصار: ويستتاب في الحال، إن لم يتب قتل. وروى أشهب: لا عقوبة عليه إن تاب، وليس في استتابته تخويف ولا تعطيش في قول مالك. وقال أصبغ: يخوف في الثلاثة الأيام بالقتل، ويذكر الإسلام، والعبد في ذلك كالحر والمرأة كالرجل، قاله مالك. [باب السحر] السحر: أمر خارق للعادة مسبب عن سبب معتاد كونه عنه، وتخرج المعجزة والكرامة (1). الشيخ: قال محمد من قول مالك وأصحابه: إن الساحر كافر بالله، فإذا سحر هو بنفسه؛ قتل ولم يستتب، والسحر كفر. قال مالك: هو كالزنديق إذا عمل السحر بنفسه قتل ولم يستتب، وقد أمرت حفصة في جارية لها سحرتها أن تقتل فقتلت. ابن عبد الحكم وأصبغ: هو كالزنقة مظهراً استتيب، ميراثه لورثته المسلمين، وإن كان للسحر والزندقة مظهراً استتيب، فإن لم يتب قتل، وماله في بيت المال، ولم يصل عليه. ولما ذكر الباجي رواية محمد أن السحر كفر، قال: إن عمله مسلم فهو مرتد، ويحتمل أن معنى قوله أنه كافر، أن فعله دليل على الكفر، ولا يقتل الساحر إلا الإمام.

قال أصبغ: وليس لسيده قتله، ولا يقتل حتى يثبت أن ما فعله من السحر الذي وصفه الله به بأنه كفر. قال أصبغ: يكشف عن ذلك من يعلم حقيقة السحر، ويثبت ذلك عند الإمام. وفي الموازية في الذي يقطع أذن الرجل، أو يدخل السكاكين في جوف نفسه إن كان سحراً قتل، وإن كان خلابة عوقب. قال أبو عمر: روى ابن نافع في المبسوط في امرأة أقرت أنها عقدت زوجها عن نفسها، أو غيرها أنها تنكل لا تقتل، قال: ولو سحر نفسه لم يقتل بذلك. قلت: الأظهر أن فعل المرأة سحر، وأن كل فعل ينشأ عنه حادث في أمر منفصل عن محل الفعل أنه سحر. الباجي عن ابن عبد الحكم وأصبغ: هو كالزنديق، من كان للسحر والزندقة مظهراً استتيب، وحكى عبد الوهاب، أنه لا يستتاب، ولا تقبل توبته، وحمل عليه قول مالك، قال: لأنه عنده كفر، فتقرر من هذا أن قول ابن عبد الحكم وأصبغ ومحمد مخالف لقول مالك، وإن تأولوا عليه خلاف ما تأول عليه عبد الوهاب. فإن كان الساحر ذمياً، فقال مالك: لا يقتل إلا أن يدخل بسحره ضرراً على المسلمين، فيكون نقضاً لعهده لا تقبل منه توبة غير إسلامه، وإن سحر أهل ذمته أدب إلا أن يقتل أحداً فيقتل به. وقال سحنون في العتيبة: يقتل إلا أن يسلم. الباجي: ظاهر قول سحنون، أنه يقتل بكل حال، إلا أن يسلم خلاف قول مالك: لا يقتل إلا أن يؤذي مسلماً أو يقتل ذمياً، ومن لم يباشر عمل السحر، وجعل من يعلمه له. ففي الموازية: يؤدب أدباً شديداً. وسمع عبد الملك ابن القاسم: صغير ولد المرتد، إن كان ولده قبل ردته؛ جبر على الإسلام، وضيق عليه، ولا يبلغ به الموت إن ولده بعد ردته جبروا على الإسلام وردوا إليه، وإن لم يدركوا حتى بلغوا تركوا، وأقروا على دينهم؛ لأنهم ولدوا على ذلك، وليس

ارتداد أبيهم ارتداداً لهم. وقال ابن كنانة: يستتاب، فإن تاب وإلا قتل، وإن غفل عنه حتى يشيخ ويتزوج لم يستتب ولم يقتل. ابن رشد: قول ابن كنانة فيما ولده بعد ردته أنهم يستتابون، فإن تابوا وإلا قتلوا مالم يشيخوا على الكفر ويتزوجوا عليه، خلاف قول ابن القاسم. قلت: هذا فيمن أبوه مرتد، وأما إن ارتد صغير مميز أبوه مسلم، ففي الجنائز منها: من ارتد قبل البلوغ؛ لم تؤكل ذبيحته، ولا يصلى عليه. الشيخ عن محمد: قال ابن القاسم: في ابن لمسلم ولد على الفطرة، ثم ارتد وعقل الإسلام ولم يحتلم؛ جبر على الإسلام بالضرب والعذاب، فإن احتلم على ذلك ولم يرجع؛ قتل بخلاف من يسلم، ثم يرتد ثم يحتلم على ذلك، وفرق بينهما وليس بمنزلة ولد المرتد. وجعلهم أشهب سواء، وقال: من ولد على الفطرة، ثم ارتد بعد أن عقل وقارب الحلم، ثم احتلم على ذلك: أنه يرد إلى الإسلام بالسوط والسجن، وقاله ابن عبد الحكم. وقال ابن القاسم: يقتل، وقال ابن القاسم: من ترك ولده الصغير مع مطلقته النصرانية؛ لأنه ابنها فغفل عنه حتى احتلم على النصرانية، إن لم يرجع للإسلام لم يقتل وترك. الشيخ عن كتاب ابن سحنون: قال ابن القاسم: ويوقف الإمام ماله قبل أن يقتل، والمعروف إن تاب المرتد رجع إليه ماله. وروى ابن شعبان: أنه لا يرجع إليه، وهو فئ لبيت مال المسلمين. ابن شاس: وقاله ابن نافع. قلت: وعزاه اللخمي في كتاب الولاء لرواية المبسوط، وفي رجوع أمهات أولاده إليه بإسلامه، ولزوم عتقهن عليه، نقل الشيخ عن محمد، قولي ابن القاسم وأشهب، مع ابن حبيب عن أصبغ: ومال العبد لسيده أو لأرباب ديون عليه، وحكم الزوجة تقدم.

وسمع عيسى ابن القاسم: في المرتد يقتل في ارتداده نصرانياً، أو يجرحه إن أسلم لم يقتل به، ولم يستقد منه في الجرح؛ لأنه ليس على دين يقر عليه، وحاله في ارتداده في القتل والجرح إن أسلم كحال المسلم، إن جرح مسلماً اقتص منه، وإن قتل نصرانياً لم يقتل به، وإن جرحه لم يستقد منه. قال عيسى: وإن قتل على ردته؛ فالقتل يأتي على ذلك كله. ابن رشد: اختلف قول ابن القاسم فيه، مرة نظر إلى حاله يوم الحكم في القود والدية، ومرة نظر إلى حاله فيهما يوم الجناية، ومرة فرق بين الدية والقود؛ فنظر إلى القود يوم الفعل، وإلى الدية يوم الحكم، فعلى اعتباره يوم الحكم فيهما. قال: إن قتل مسلماً قتل به، وإن جرحه اقتص منه، وإن قتل نصرانياً أو جرحه لم يقد منه في قتل ولا اقتص منه في جرح، وكانت الدية في ذلك في ماله، وإن كان القتل خطأ كانت الدية على العاقلة؛ لأنه مسلم يوم الحكم له عاقلة تعقل عنه، وهو قوله في هذه الرواية. وفي رسم العتق بعد هذا من هذا السماع، وعلى قوله الذي نظر فيه لحاله يوم الفعل فيهما: يقاد منه إن قتل نصرانياً؛ لأنه كان كافراً يوم الفعل، وإن جرح نصرانياً عمداً اقتص منه، وإن جرح مسلماً عبداً؛ أجري على الخلاف في النصراني يجرح العبد المسلم، وإن قتل مسلماً أو نصرانياً خطأ كانت الدية على المسلمين؛ لأنهم هم ورثته يوم الجناية ولا عاقلة له يومئذ. وهو قول ابن القاسم في رسم الصلاة من سماع يحيى، وعلى هذا القياس يجري حكم جناياته على القول الثالث الذي فرق فيه بين القود والدية، وفي نكاحها الثالث، ونحوه في القذف إن قتل على ردته، فالقتل يأتي على كل حد أو قصاص وجب عليه للناس إلا القذف؛ فإنه يحد ثم يقتل. وكان يجري لنا في التدريس مناقضة قولها في الكتابين بقولها في كتاب القذف: وإذا قذف حربي في بلد الحرب مسلماً، ثم أسلم الحربي بعد ذلك أو أسر فصار عبداً؛ لم يحد للقذف، ألا ترى أن القتل موضوع عنه؟.

قلت: فإسقاط حد القذف بسقوط القتل؛ دليل على دخول حد القذف في القتل، والمنصوص له خلافه فتأمله. الشيخ عن الموازية: لو قتل عمداً في ردته، وفر لبلد الحرب؛ لم يكن لولاه القتيل في ماله شئ، وإن كان القتيل عبداً أو ذمياً؛ أخذ ذلك من ماله. وأشهب يرى لولاة المسلم أخذ الدية من ماله إن شاءوا أو عفوا، وإن شاءوا صبروا حتى يقتلوه. قال: وروى أبو زيد عن ابن القاسم: أنه إن قتل مسلماً خطأ؛ فديته في بيت المال؛ لأن ميراثه للمسلمين. قلت: وتقدم هذا في كلام ابن رشد. اللخمي عن أصبغ: ليس على من قتل مرتداً من مسلم أو ذمي عمداً قصاص للشبهة، ولا يطل دمه، والعمد فيه كالخطأ وديته للمسلمين، ولو جرحه مسلم أو ذمي قبل ردته، ثم قتل على ردته فلا قود فيه، وعقله للمسلمين، وتقدم الخلاف في حكم قاتله. وفي ثالث نكاحها: إن راجع الإسلام وضع عنه ما كان لله قد تركه من صلاة أو صوم أو زكاة أو حد، وما كان عليه من نذر أو يمين بعتق أو بائنة أو بظهار، ويؤخذ بما كان للناس من قذف أو سرقة أو قتل أو قصاص أو غيره مما لو فعله في كفره أخذ به. عياض: كذا روايتنا أو عليه ظهار، وهو محتمل لمجرد الظهار أو يمين بالله، وعليه اختصرها الشيخ بقوله: وتسقط أيمانه بالعتق والظهار وغيرهما، ونقلها غيره، وعليه أيمان بعتق أو ظهار. ونقلها ابن أبي زمنين وغيره على لفظ الكتاب لاحتمال الوجهين، ولا شك أن حكم اليمين بالظهار، كاليمين بالطلاق، ولم ينص ابن القاسم على يمين الطلاق، ونص عليه غيره، فهو خلاف قول ابن القاسم، واختلف قول ابن القاسم في يمين الظهار عند محمد. قال بعض شيوخنا: وكذا على لفظ الكتاب: لو كان الظهار حنث فيه؛ فوجبت فيه

الكفارة لأسقطها ارتداده، وتأول على ذلك مسألة الكتاب بخلاف لو كان لزمه مجرد ظهار؛ لم يحنث فيه لم يسقطه ارتداده، كمبتوتة الطلاق، ومثله في الموازية. وقال غيره: لا فرق بين مجرد الظهار واليمين به، والردة تسقط ذلك، وأكثرهم يحملون قول ابن القاسم أن الردة لا تسقط طلاق البتات، وبعضهم يقول: إن ما ألزم الغير من ذلك واحتج به لا يلزم. ابن القاسم: إذ لا يقوله. وقال ابن زرب: مذهب ابن القاسم: أن الردة تسقط الطلاق، ويجوز للمطلق ثلاثاً قبل ارتداده نكاحها دون زوج، وحكاه إسماعيل القاضي عن ابن القاسم. وقال أبو عمران: هذا الأشهر عنه، وحكى الدمياطي عنه خلافه، وأنها لا تحل له قبل زوج، وقول غيره: إذا ارتد المحلل إن ردته لا تبطل الإحلال لا يلزم. ابن القاسم: لأن المنصوص في الدمياطية أنه يبطل ولا تحل لمطلقها، ولو ارتدا جميعاً، ثم أسلما جاز أن يتناكحا عندهم، على قول ابن القاسم، واختلفوا في أيمانه بالعتق التي أسقطها، هل هي في غير المعين، وأما المعين فيلزم كالمدبر، وقيل: المعين وغيره سواء. عياض: والأصل في ذلك كله هل حكمه حكم الكافر الأصلي، قوله تعالى: (لَئِنْ أَشْرَكْت لَيَحْبَطَنَّ عَمَلك) [الزمر: 65]، فتبطل طاعته المتقدمة، ويسقط عنه ما يسقط عن الكافر الأصلي إذا أسلم، وإليه ذهب ابن القاسم. أو يقال: حكمه إذا رجع للإسلام حكمه الأول، وكأنه لم يرتد، وعليه قول أشهب، ولذا ورث من مات ممن يرثه أيام ردته، وأبقى زوجته على عصمته، فعلى هذا الخلاف في ردته هل تنقض الطهارة، ويلزمه إعادة الحج، ولا خلاف أن ما يلزمه في حال الكفر الأصلي أو الردة؛ أنه يلزمه في حال رجوعه إلى الإسلام كحقوق الآدميين، وأن ما لا يلزمه من الطاعات حال كفره الأصلي، لا يلزمه بعد كسائر العبادات؛ وإنما لزمه الحج؛ لأنه ليس له وقت محصور يفوت بفواته كالصلاة والصوم، ووقت الحج موسع إلى بقية العمر.

ورجح القابسي قول الغير، وقال: قول ابن القاسم استحسان، والنظر خلافه. وفيها: والردة تزيل إحصان المرتد من رجل أو امرأة ويأتنفان الإحصان إذا أسلما. وقال غيره: لا تطرح ردته إحصانه، ولا أيمانه بالطلاق. وفي أمهات الأولاد منها: إن قتل على ردته؛ عتقت أم ولده من رأس ماله ومدبروه في الثلث وتسقط وصاياه. الباجي: من تزندق من أهل الذمة، فروى ابن حبيب عن مالك، ومطرف وابن عبد الحكم وأصبغ: لا يقتل؛ لأنه خرج من كفر إلى كفر. وقال ابن الماجشون: يقتل؛ لأنه دين لا يقر عليه أحد، ولا تؤخذ عليه جزية. قال ابن حبيب: لا أعلم من قاله غيره، ويحتمل أن يريد هنا بالزندقة التعطيل، ومذاهب الدهرية، مما ليس بشريعة، أو يريد الإسرار بما خرج إليه، وإظهار ما خرج عنه، والأول أظهر. وإذا أسلم اليهودي الذي تزندق، فروى أبو زيد الأندلسي عن ابن الماجشون: يقتل كالمسلم يتزندق ثم يتوب. وفي التجارة لأرض الحرب منها: وإذا أسلم عبده الكافر أو أمته بيعا عليه، وكذا عبده الصغير، يسلم إن عقل الإسلام؛ لأن مالكاً قال: في الصبي الحر إذا عقل الإسلام فأسلم، ثم بلغ فرجع عن الإسلام جبر على الإسلام. وفي نكاحها الثالث: وإذا أسلم الصبي الذمي، وقد زوجه ابوه مجوسية؛ لم يفسخ نكاحه، إلا أن يثبت على إسلامه حتى يحتلم، فتقع الفرقة بينهما إلا أن تسلم هي عند ذلك. قال ابن الحاجب: ويحكم بإسلام المميز على الأصح، ويجبر إن رجع. قلت: عزا ابن هارون القولين لابن القاسم، وذكر مسألة كتاب النكاح الثالث فقط. قلت: ويقوم له القول الآخر مما حكيناه عنه في التجارة بأرض الحرب. وعزا الصقلي الأصح إلى ابن وهب، قاله في النكاح الثالث، ولم يعزهما ابن عبد

السلام بحال. وكذلك اللخمي ذكرهما في النكاح الثالث، غير معزوين. وفي نكاحها الثالث وغيره منها: تبعية الولد الصغير لأبيه في الدين، وأن إسلامه إسلام لصغير ولده مطلقاً. ومن لفظها: والنصراني يسلم وولده صغارهم مسلمون. قال سحنون: وأكثر الرواة أنهم مسلمون بإسلام أبيهم. قال عياض: قال فضل: هذا يدل على أن من الرواة من يقول: ليس إسلام أبيهم إسلاما لهم، وإن كانوا صغاراً. قلت: وقال ابن بشير في النكاح الثالث: إسلام الأبوين إسلام لأولادهما الصغار، وأما من ميز، فهل يكون إسلامهما إسلاماً له قولان. قلت: وقال اللخيمي: إن كان الصغير في سن من لا يميز، فهو مسلم بإسلام أبيه وإن عقل دينه، لم يكن بإسلام أبيه مسلماً. قلت: ففي تبعية الصغير غير المراهق لأبيه في إسلامه وكفره دون أمه، وتبعيته لأولهما إسلاماً، معروف المذهب. ونقل الصقلي عن ابن وهب: ونقل بعضهم قصر تبعيته لأمه، كالحرية لا أعرفه في المذهب. وفي نكاحها الثالث: من أسلم، وله ولد صغار فأقرهم حتى بلغوا اثني عشرة سنة، وشبه ذلك، فأبوا الإسلام؛ فلا يجبروا. وقال بعض الرواة: يجبرون وهم مسلمون، وهو أكثر مذاهب المدنيين، وله ولد مراهق من أبناء ثلاث عشرة سنة، وشبه ذلك، ثم مات الأب وقف ماله إلى بلوغ الولد، فإن أسلم ورث الأب، وإلالم يرثه؛ وكان المال للمسلمين، ولو أسلم الولد قبل احتلامه، لم يعجل بأخذ ذلك؛ لأن ذلك ليس إسلام. ألا ترى أنه لو أسلم، ثم رجع إلى النصرانية، أكره على الإسلام، ولم يقتل. الصقلي: وقيل إسلامه إسلام ولد الميراث؛ لأنه لو رجع إلى النصرانية جبر على

باب الزنا

الإسلام بالضرب حتى يسلم أو يموت. والصغير المسبي: لا أب معه حكم إسلامه بمجرد ملكه المسلم، أو بنيته إسلامه. قال ابن رشد في رسم الشجرة، من سماع ابن القاسم، من كتاب الجنائز: اختلف في الصغير المسبي، وليس معه أبوه. فقيل: يحكم بإسلامه لملك سيده أباه، قاله ابن دينار، ورواه معن عن مالك. وقيل: حتى ينويه به سيده، قاله ابن وهب. وقيل: حتى يرتفع عن حداثة الملك شيئاً، ويزيه سيده بزي الإسلام، ويشرعه بشرائعه، قاله ابن حبيب. وقيل: حتى ترتفع عن حداثة الملك، ويجيب إليه، ويعقل الإجابة ببلوغه حد الإثغار. وقيل: حتى يجيب إليه بعد بلوغه، وهو مذهب سحنون. [باب الزنا] الزنا: الشامل للواط: مغيب حشفة آدمي في فرج آخر دون شبهة حله عمداً (1)

فتخرج المحللة، ووطء الأب ابنه لا زوجته. ابن الحاجب: هو أن يطأ فرج آدمي لا ملك له فيه باتفاق متعمداً، فيتناول اللواط، وأورد عليه أسئلة واهية لا فائدة في ذكرها، أشبهها خروج زنى امرأة؛ لأنها موطوءة لا واطئة. ابن عبد السلام: وأجيب بأن الوطء لا يمكن إلا من اثنين، فأحدهما يستلزم الآخر والواطئ كالعلة، وهى أقوى في الدلالة على المعلول من العكس، ويرد بأن التلازم في الوجود لا يوجب التلازم في العلم، وهو المعتبر في التعريف. الشيخ في الموازية: من وطأ أجنبية في دبرها حدا جميعاً، من أحصن منهما رجم، ومن كان بكراً جلد وغرب الرجل، وإن اغتصبها فلها المهر، ولا حد عليه، ومثله لابن

حبيب عن ابن الماجشون. قلت: وقال ابن القصار: حكم ذلك حكم اللواط، حكاه عنه الباجي، وربما أجرى القولان على إباحة ذلك في الزوجة لزوجها وحرمة ذلك. قال ابن الحاجب: فيتناول اللواط، وإتيان الأجنبية في دبرها. وفي كونه زناً أو لواطاً قولان. ابن عبد السلام: عائد هنا بين الزنا واللواط، وتقدم له دخول اللواط تحت الزنا، فيكون اللواط قسماً من الزنا وقسيما له، وكثيراً ما يقع هذا في كلامه، لكن هذا السؤال إنما يرد في مانعة الجمع والخلو. قلت: هذا كلام ضعيف جداً لا يليق بمثله، لوضوح امتناعه في مانعة الجمع والخلو؛ لآنها مركبة من الشئ، والأخص من نقيضه، فكيف يجوز أن يكون أحد جزئيها أخص من الآخر، فيؤدي إلى جواز امتناع النقيضين، فتأمله منصفاً. وفي كون عقوبة المتساحقين أدباً بحسب اجتهاد الإمام على ما يرى من شنعة ذلك، وخبثهما، أو بخمسين خمسين، ونحوها سماع عيسى ابن القاسم، مع الشيخ عن أصبغ، عن ابن القاسم وعنه، ونقله الباجي وغيره دون ونحوها، وفي رضاعها من زنى بميتة حد. وقال ابن شعبان: لا يحد. وفيها: من زنى بصغيرة لم تحض طائعة، ومثلها يوطأ حد، وإن زنت امرأة بصبي مثله يجامع إلا أنه لم يحتلم، فلا حد عليها. قلت: فهو أحرى. وقال الصقلي: إن كان الصبي مراهقاً ممن تتلذذ المرأة بوطئه، أو تنزل بجماعه إياها؛ فينبغي أن تحد، وفي قذفها لا يحد الصبي والصبية في زنا، أو غيره من الحدود حتى يبلغ الغلام، وتحيض الجارية، فإن تأخر ذلك فحتى يبلغا ثماني عشرة سنة. اللخمي: اختلف في حد من شارف البلوغ ولم يبلغ. قال مالك في المدونة: من لم يحتلم يحد إذا أنبت، واستحب ابن القاسم أن لا يحد.

الشيخ عن الموازية: من زنى بميتة أو نائمة أو مجنونة في حال جنونها حد، وعليه في النائمة والمجنونة صداق المثل، وإن زنت المجنونة في إفاقتها حدت. وفيها: من زنت بمجنون فعليها الحد. اللخمي: إن زنى مجنون بعاقلة، أو عاقل بمجنونة؛ حد العاقل منهما، وعوقب المجنون؛ إن لم يكن مطبقاً، وكان بحالة يرده الزجر والأدب. قال: وقال مالك في المدونة: من زنا بصغيرة يحد إن كان مثلها يوطأ. يقول: إذا عنف على صغيرة لا يوطأ مثلها لم يحد. وفي مدونة أشهب مثله: أنه لا يحد إذا زنى بصغيرة، لا يجامع مثلها. ولابن عبد الحكم: لا يكون محصناً حتى يتزوج من تطيق الوطء. وقال ابن القاسم: يحد وإن كانت بنت خمس سنين. قلت: وهو الأظهر. وفيها: مع غيرها: لا يحد من أتى بهيمة ويعاقب. اللخمي في كتاب ابن شعبان: يحد، والأول أحسن. قال الطرطوشي: ولا يختلف مذهب مالك، أن البهيمة لا تقتل، وإن كانت مما يؤكل أكلت. وسمع: عيسى ابن القاسم: كل من وطئ امرأة بملك يمين ممن تحرم عليه بالرضاعة من أم أو غيرها، وكل من وطئ امرأة بملك يمين ممن تحرم عليه بالنسب، ولا تعتق عليه من عمة أو خالة أو بنت أخت؛ فلا حد عليه في شئ من ذلك، وإن علم أنهن محرمات عليه؛ لأنه يجوز له بيعهن، واستخدامهن إلا أن يحملن، فيلحق به الولد ويعجل عتقهن، ومن وطئ شيئاً منهم عامداً عالماً بحرمه ذلك؛ عوقب نكالاً ويبعن عليه. وكل من وطئ امرأة بالملك ممن تحرم عليه بالنسب، وتعتق عليه بالملك، كالبنت والأم والأخت، عامداً عالماً؛ حد ولا يلحق به الولد. قال ابن القاسم: إلا أن يعذر بالجهالة، فلا يحد ويلحق به الولد.

ابن رشد: هذه مسألة صحيحة على ما في المدونة وغيرها، لا خلاف في شئ منها إلا في تعجيل عتق من حملت منه منهن، ومن الناس من قال: يستخدمهن ولا يعتقن عليه، وقع ذلك في رسم الفصاحة من سماع عيسى من كتاب الاستبراء. وفي قذفها: من تزوج امرأة في عدتها، أو على عمتها أو خالتها، عامداً لم يحد وعوقب. اللخمي: قال مالك في متزوج الخامسة، والمبتوتة عالماً بتحريم ذلك يحد، وقال في متزوج المعتدة كذلك: لا يحد، ولا فرق بينهن، وقيل في المعتدة أنه يحد. الصقلي: قال أبو محمد: روى علي بن زياد عن مالك: فيمن نكح في العدة ووطئ فيها، ولم يعذر بجهل؛ أنه يحد. التونسي: إن كان التحريم من القرآن بسبب، ولم يحرم عينها وتحل يوماً ما كالخامسة؛ فإنها تحل لو طلق إحدى الأربع، ففي الحد قولان، وفي قذفها كل من أحلت له جارية أحلها له أجنبي أو قريب أو امرأة، ردت إلى سيدها، إلا أن يطأها من أحلت له؛ فلا يحد، ولو كان عالماً ولزمته قيمتها، وإن لم تحمل، وليس لربها التماسك بها بخلاف وطء الشريك، فإن كان عديماً، وقد حملت كانت القيمة في ذمته، وإن لم تحمل بيعت عليه، فكان له الفضل عن القيمة، وعليه النقصان. الصقلي: قال الأبهري: إن كان عالماً بجرمة وطئها؛ حد، ولا يلحق به الولد؛ لأنه زان، وهذا خلاف ما في المدونة وغيرها. وروى ابن حبيب: أن النعمان بن بشير رفع إليه رجل وطئ جارية امرأتة، فقال: لأقضين فيها بقضاء رسول الله صلى الله عليه وسلم، إن أحلتها له جلدته- يرد: نكالاً- وإن لم تحلها له رجمته، فوجدها أحلتها له، فجلده مائة (1).

قال أبو عمران: يريد أن الغيبة عليها كالوطء، ولا يصدق في أنه لم يطأ، وإن فلس قبل دفع القيمة فربها أحق بها، وإن مات فهو أسوة الغرماء. قال: وإذا كان أحق بها في الفلس، فلابد أن تباع عليه، كقول عيسى عن ابن القاسم: فيمن وطئ أخته من الرضاعة، ولم تحمل منه؛ فإنها تباع عليه. الباجي في الموازية، وكتاب ابن سحنون: من زوج أمته من رجل، وقال: هي ابنتي فلا حد على الزوج، وعليه قيمة الولد يوم الحكم، والولد حر، وللزوج البقاء على النكاح، وعليه جميع المهر، وما ولدته بعد معرفته، فهو رقيق له ويفارق، وما عليه من المهر إلا ربع دينار، ولو زوجه ابنته، وأدخل عليه أمته على أنها ابنته، كانت أم ولد، إن حملت وعليه قيمتها يوم الوطء، وإن لم تحمل ولا قيمة عليه في الولد كمن أحل أمته لرجل وابنته زوجة له، ولو علم الواطئ أن التي وطئ غير زوجته، فلا حد عليه، هذا إن كان بعقد نكاح، وإن أباحها بغير عقد كقوله: أعيركها تطؤها ورقبتها لي، فهذا غير إحلال، لكنه إذن في الوطء. في كتاب ابن سحنون: أن الواطئ تلزمه قيمتها يوم الوطء، ولا ترجع إلى ربها، وإن لم يكن للواطئ مال. زاد محمد: ولو بيعت في القيمة، إذ لم تحمل، لم يجز للمبيح أن يأخذها بقيمته، ولابن سحنون عنه: من وطئ أمة أخدمها سنين كثيرة يدرأ عنه الحد، وتكون له أم ولد، وأما ما في المدة اليسيرة كالشهر ونحوه فيه، فإنه يحد، ولا تكون أم ولد، ولا يلحق به الولد. اللخمي: اختلف في المحرمة بالسنة. فقال ابن القاسم في المدونة: يعاقب ولا يحد. وقال ابن نافع وغيره، في شرح ابن مزين: في نكاح المتعة يحد العالم بحرمة ذلك، وإن تزوج ابنه زوجته، ودخل بها، ولم يكن دخل بأمها، لم يحد؛ لأنها تحل له لو طلق الأم، وإن كان دخل بالأم حد، وكذا إن تزوج أم امرأته، فإن دخل بالابنة حد، وإن لم

باب في الإكراه على الزنا

يدخل بها لم يحد؛ لاختلاف الناس في عقد البنت، هل يحرم الأم أم لا؟ وإن تزوج زوجة أبيه، أو زوجة ولده إن كان عالماً بتحريم ذلك. وقال ابن الحاجب: بخلاف تزويجها على أمها بعد الدخول، والبنت مطلقاً. قال ابن عبد السلام وابن هارون: قوله: (والبنت مطلقاً) يعني: لو تزوج امرأة على ابنتها من غير تفصيل بين أن يكون دخل بالبنت، أو لم يدخل بها؛ لأن العقد على البنت يحرم الأم. قلت: وهذا خلاف ما نقله اللخمي فتأمله. وفيها: آخر قذفها: ومن وطئ جارية عنده رهناً أو عارية أو وديعة أو بإجارة؛ فعليه الحد. وفي عتقها الثاني: من أعتق عبداً من الغنيمة، وله فيها نصيب؛ لم يجز عتقه، وإن وطئ منها أمة حد. وقال غيره: لا يحد للزنا؛ لآن حقه فيها واجب موروث. قال أبو عمر: اختلف في حده قول مالك وأصحابه، واختلفت الرواية فيه عن علي. وفي قذفها: وإن دخل مسلم دار الحرب بأمان، فزنى بحربية، فقامت عليه بينة من المسلمين أو أقر بذلك؛ فعليه الحد. الصقلي: وقال محمد عن أشهب: لا حد عليه. وقال ابن رشد في المقدمات: قال أشهب: من زنى بحربية في بلاد الحرب لم يحد. قلت: وعزاه اللخمي لابن الماجشون. [باب في الإكراه على الزنا] والمكره على الزنا: قال ابن العربي: لا حد عليه، وقال بعض أصحابنا: يحد، وقال ابن القصار: إن انتشر قضيبه حين أولج؛ حد أكرهه سلطان أو غيره، وإن لم ينتشر، فلا حد عليه، والمكرهة على التمكين لا تحد.

اللخمي: اختلف في حد الرجل المكه على الزنا والاحتجاج على حده، بان الإكراه لا يصح مع الإنعاظ غير صحيح، قد يريد الرجل شرب الخمر، ويكف عنها خوفاً من الله تعالى، فإن أكرهته المرأة على الزنا بها، فلا مهر لها، وإن أكرهه غيرها سقط حده، وغرم لها مهرها. قلت: ويرجع هو على الذي أكرهه. أبو عمر في الكافي: لا يحد المكره. وقيل: يحد، والأول قول مالك، وهو الصحيح إذا صح الإكراه. قال ابن الحاجب: أما لو وطئ بالملك من يعتق عليه أو نكح المحرمة بنسب أو رضاع أو صهر مؤبد، ووطئها أو طلق امرأته ثلاثاً، ووطئها في العدة، أو تزوجها قبل زوج، ووطئها أو طلقها قبل البناء واحدة، ثم وطئها بغير تزويج أو أعتق أمة، ثم وطئها؛ فإنه يحد. قلت: ظاهرة ولا يعذر بدعوى الجهالة خلاف ما يأتي من قولها، إلا أن يقيده بقوله بعد هذا، أو يجهل الحكم في مثل ما ذكر، وتقدم سماع عيسى في العتق. اللخمي عن محمد: من اشترى من يعتق عليه، فلم يعتق عليه حتى وطئها؛ رجم إن أحصن، وأتى ذلك، وهو عالم أنها محرمة. يريد: وهو من أهل الاجتهاد، ورأيه أنها حرة بنفس الشراء، وإن كان رأيه ان لا عتق أو كان مقلداً لمن لا يرى العتق؛ لم يحد، ولو وطئ المرأة من تملكه حدت. قال: واختلف فيمن أعتق أم ولده، ثم أصابها في الاستبراء. وقال: ظننت أنها تحل لي. فقال ابن القاسم: لاحد عليه. وقال أشهب في الموازية: يحد. وفي القذف منها: من طلق امرأته قبل البناء طلقة، ثم وطئها، وقال: ظننت أنه لا يبرئها مني إلا الثلاث، فلها صداق واحد، ولا حد عليه إن عذر بالجهالة، ولو طلقها بعد البناء ثلاثاً، ثم وطئها في العدة، لم يحد إن عذر بالجهالة.

قلت: ظاهره أوقع الثلاث مرة أو مفترقات. وقال الشيخ عن الواضحة: قال أصبغ: من نكح امرأته المبتوتة؛ لم يحد كان عالماً أو جاهلاً للاختلاف. فيها: وأما إن كانت مطلقة ثلاثاً، فإن كان عالماً حد؛ لأنه لم يختلف فيه، وإن كان جاهلا لم يحد، وهذا استحسان، والقياس حده ولا يعذر. قلت: الخلاف في البتة أشهر منه في لفظ الثلاث دفعة، وتقدم نحو هذا للخمي في نكاح أم امرأته عليها، وتقدم الخلاف في الواطئ بنكاح المتعة، دون بينة عليه فتذكره. ولابن رشد في كتاب الاستبراء، في آخر مسألة من نوازل سحنون، تحصيل هذه المسألة: أن الأمة المبيعة إن بقيت بيد بائعها فوطئها قبل الاستبراء، أو كان مبتاعها ائتمنه على استبرائها، وهي ممن يتواضع لرفعتها؛ أو لأن بائعها كان وطئها، فإنها تكون أم ولد له، ويبطل البيع، وإن وطئها بعد استبرائها بائتمان المبتاع له على استبرائها، أو كانت من الوخش الذي لا مواضعة فيه، وقد انتقد حد، ولم يلحق به الولد ولأمة وولدها للمبتاع، واختلف إن كان لم ينتقد وهي عنده محبوسة في الثمن. فقال ابن القاسم: لا يحد ويأخذ المشتري جاريته وعلى البائع قيمة الولد. وقال سحنون: تكون أم ولد له، ويبطل البيع. وفيها: ولا يعذر العجم، إذا ادعوا الجهالة، ولم يأخذ مالك بالحديث الذي قالت زينب بمرغوس بدر همين، ورأى أن يقام الحد في هذا. عياض: هو بفتح الميم وسكون الراء وضم الغين المعجمة وآخره سين مهملة، قال في بعض النسخ: يعني أسود. وفي كتاب ابن عتاب: بمرغوس يعني بدرهمين. وقال بعضهم: هو عبد أسود مقعد، كانت هذه الجارية تختلف إليه، فأعطاها درهمين وفجر بها. وقوله: بدرهمين تفسير بمرغوس أى: بدرهمين من كتب بعض شيوخنا وتعليقه، وهو نحو ما في كتاب ابن عتاب، وهذا الوجه ضعيف؛ لأنه جاء في أصل الخبر حين

استفهمها عمر، وكانت نوبية معتقة لحاطب بن أبي بلتعة، فقالت: بدرهمين من مرقوس، كذا في رواية أحمد بن خالد في غير المدونة بقاف الشيخ عن ابن حبيب: وقال أصبغ في حديث مرغوس: أنه يدرأ الحد عمن جهل الزنا ممن يرى أن مثله يجهله. اللخمي: قول مالك أشهر، وقول أصبغ أقيس. وقد قال سحنون فيمن أسلم بدار الحرب، ثم خرج لا قضاء عليه فيما ترك من الصلوات قبل خروجه، إن كان غير عالم بفرضها. قلت: الأظهر أن اختلاف قولي مالك وأصبغ؛ إنما هو في تحقيق مناط، وهو هل يتصور اليوم جهل حكم الزنا أم لا؟ وقول سحنون بناء على أن من شرط إسلام الكافر صلاته حسبما تقدم للمتيطي. وسمع عيسى ابن القاسم: من جاع فباع امرأته من رجل، فأقرت له بذلك فوطئها مشتريها، ثم عثر على ذلك، وجدت في مسائل بعض أصحابنا عن مالك، وهو رأيي أنهما يعذران، وتكون طلقتها بائنة، ويرجع عليه المشتري بالثمن. قلت: فلو لم يكن بها جوع؟ قال: فخير أن تحد وينكل زوجها، ولكن درء الحد أحب إلي، وقد قال مالك في الرجل يسرق من جوع يصيبه أنه لا يقطع. ابن رشد: لا شبهة أقوى من الجوع. وقوله: تكون طلقة بائنة، هو ظاهر قول مالك في سماع يحيى من تاب العتق. وقيل: تبين منه بالبتة، قاله ابن هب ورواه ابن عبد الحكم. وقوله: إن لم يكن بهما جوع أحب إلي، درء الحد بالشبهة، وجه الشبهة أن المشتري يملكها بشرائه ملك الأمة، فيكون في وطئه إياها كالمكره، وإن كانت طائعة، إذ لو امتنعت لقدر على إكراهها. قلت: كون أصل فعلها في البيع الطوع ينفي كونها مكرهة. قال ابن رشد: وعلى قول ابن الماجشون: فيمن زوج ابنته رجلاً، فحبسها وأرسل إليه أمته فوطئها، فإنها تحد إلا أن تدعي أنها ظنت أنها زوجت منه، تحد كمن طاعت

لزوجها ببيعها فوطئها المشتري، إلا أن تدعي أنه أكرهها على الوطء. وهو قول ابن وهب في سماع عبد الملك من طلاق السنة: أنها ترجم إن طاوعته على البيع، وأقرت أن المشتري أصابها طائعة، وإن زعمت أنه استكرهها لم تحد، ونصوص المدونة وغيرها واضحة بحد المقر بالزنا طوعاً، ولو مرة واحدة. اللخمي في الموازية: قيل لمالك: أللإمام إذا اعترف رجل عنده بالزنا أن يعرض عنه أربع مرات قبل أن يقيم عليه الحد؟ قال: ما أعرفه إذا اعترف مرة واحدة، وأقام على ذلك حد. وفي القذف منها: إن ظهر بامرأة حمل وقالت: تزوجني فلان والحمل منه، فإن لم يقم بينه بالنكاح حدت، وحد الزوج إن صدقها، ومثله في الموازية وغيرها. اللخمي: تحد إن لم يكن زوج ولا سيد ولا شبهة، ولم تكن طارئة. قلت: وكذا نقله الباجي عن محمد، ولم تكن طارئة. اللخمي: فإن كانت طارئة وقالت: هو من زوج طلقني، او غاب عني لم تحد، وإن لم تكن طارئة وادعت أنه من غصب، وتقدم لها ذكر ذلك، أو اتت متعلقة برجل، أو كام سماعاً واشتكت، ولم تأت متعلقة به لم تحد إن ادعت على من يشبهه، وإن ادعته على رجل صالح حدت، هذا إن تقدمت الشكوى قبل ظهور الحمل، وإن لم تذكره إلا بعد ظهور حدت، إلا أن تكون معروفة بالخير، وقالت: كتمت ذلك رجاء أن لا حمل، أو أن يسقط، فتعذر. ومثله لو لم تسم من استكرهها، وهى معروفة بالخير، هذا الذي أخذ به، ومثله عن عمر رضى الله عنه في امرأة ظهر بها حمل، وقالت: كنت نائمة فما أيقظني إلا وقد ركبني رجل، فأمر أن ترفع إلى الموسم هي وناس من قومها، فسألهم عنها، فأثنوا عليها خيراً، فلم يحدها، وكساها وأوصى بها أهلها. الشيخ عن الموازية: إن رجع عن إقراره لوجه وسبب لم يختلف أصحاب مالك في قبول رجوعه. قال مع ابن حبيب عن ابن الماجشون: مثل أن يقول: إنما أردت أني أصبت امرأتي

حائضاً أو جاريتي وهي أختي من الرضاعة، فظننت ذلك زناً. أبو عمر: اتفق مالك والشافعي وأبو حنيفة على قبول رجوع المقر بالزنا والسرقة وشرب الخمر، إذالم يدع المسروق منه ما أقر به السارق. وقال ابن أبي ليلى وعثمان: لا يقبل رجوعهم في شئ من ذلك. ابن زرقون: وحكاه الخطابي في شرح لسنن عن مالك، وهو غريب. قلت: لعله فيما لم يذكر له وجهاً. الباجي: إن رجع لغير شبهة فروى ابن وهب، ومطرف في الموازية: أنه يقال، وقاله ابن القاسم، وابن وهب، وابن عبد الجكم، وعن مالك: لا يقبل منه، وقاله أشهب وعبد الملك. أبوعمر: اختلف قول مالك في المقر بالزنا أو بشرب الخمر يقام عليه بعض الحد، فيرجع تحت الجلد قبل تمام الحد. فقال مرة: إن أقيم عليه أكثره أتم، ومرة قال: يقبل ولا يضرب بعد رجوعه، وهو قول ابن القاسم، وجماعة العلماء. قلت: للشيخ عن الموازية، قال أشهب وعبد الملك: لا يقال إلا أن يورك، فيقال ما لم يضرب أكثر الحد، فليتم عليه ولا يقال وإن ورك. وفي ثبوت الإقرار بشاهدين قولان تقدما، في الشهادة في الزنا، وفي أول قذفها من شهد عليه أربعة أنه وطئ هذه المرأة، ولا يدرون ما هي منه؛ فعليه الحد إلا أن يقيم بينه أنها زوجته أو أمته، أو يكونا طارئين، فلا شئ عليه إذا قال: هي أمتي أو امرأتي، وأقرت له بذلك إلا أن تقوم بينة، بخلاف ما قال الشيخ عن ابن حبيب. قال ابن الماجشون: من قال: وطئت فلانة بنكاح البارحة، أو اشتريت أمة فلان فوطئتها لم يكلف بينه بنكاح ولا شراء ولا يحد؛ لأنه لو وجد مع امرأة يطؤها. قال: هي زوجتي، هذا يكلف البينة إن لم يكن طارئاً، ولا أقر بزنا صيح، وقاله علماؤنا، وغلط فيه بعض من يشار إليه، وقاله مطرف وأصبغ. ابن الماجشون: ولو شهدت بينه أنهم رأوا فرجه في فرج امرأة غائبة عنا لا ندري

من هي. قال: كانت زوجتي وطلقتها، أو أمتي وقد بعتها، وهو معروف أنه غير ذي زوجة ولا جارية صدق، ولم يكلف بينة، ولو أخذته معها كلفته البينة، إن لم يكن طارئاً، ولو لم يدع ذلك، وقال: كذب الشهود حد، وقاله مطرف وأصبغ. الصقلي: روى محمد: سواء وجد مع امرأة يطؤها، أو أقر بذلك، وادعى الزوجية فليحدا. قال ابن القاسم: وجدا في بيت أو طريق إلا أن يقيما بينه بالنكاح، ولا تقبل شهادة أبيها أو أخيها، إلا أن يكون أمراً قد عرف وسمع، فلا يحدان، ولكن لا يبقيان على ذلك حتى يأتنفا نكاحاً جديداً بعد الاستبراء. وفيها: إن شهد عليها بالزنا أربعة عدول، فقالت: أنا عذراء أو رتقاء، ونظر النساء إليها فصدقتها لم ينظر إلى قولهن وحدت، ألا ترى أن البكر إن أنكر زوجها الوطء بعد إرخاء الستر، وادعته وشهد النساء أنها بكر أن قولهن لا يقبل، ولا تكشف الحرائر على مثل هذا. اللخمي: لا أرى أن تحد لوجهين: أحدهما: ان شهادة النساء بذلك، شبهة لا شك فيها. والثاني: أنه يصح أن توقف شهادة الرجال بشهادة النساء؛ لأنه من باب الاختلاف لا من باب التجريح، ولا وجه لإقامة الحد عليها مع القدرة على معرفة ما تقوله، فينبغي أن ينظر إليها جماعة من النساء يقع بقولهن العلم. ولو قالت: أنا أنكشف إلى أربعة رجال ينظرون إلي، ولا أجلد ولا أرجم؛ لأني قائمة البكارة، ولم يصل إلي زوجي؛ لكان ذلك لها؛ لأن هذه ضرورة، وإذا جاز نظر الرجال أولاً لإقامة الحد، كان جوازه لدرئه أولى. قلت: ويؤيد دليل قولها فيمن رجمه الإمام، فظهر أنه مجبوب أنه من خطأ الإمام.

باب في شرط إيجاب الزنا الحد

[باب في شرط إيجاب الزنا الحد] وشرط إيجاب الزنا حده تكليف الزاني إجماعاً (1). وقول اللخمي في النكاح الثالث، إذا شارف البلوغ ولم يحتلم. فقال مالك مرة: يحد إذا زني بناء على ثبوت البلوغ، بالإنبات وإسلامه على المعروف. اللخمي: وقال المغيرة في المبسوط: يحد حد البكر بكراً كان أو ثيباً، وقول مالك: لا يحد، ويرد إلى أهل دينه، ويعاقب إذا أعلنه أحسن. قلت: لعل قول المغيرة: لأن شرط الإحصان الإسلام، وفي كلام أبي عمر ميل إلى أحد قولي الشافعي. وقول الطحاوي: أنه يحد كما يقطع في السرقة. [باب في شرط الإحصان الموجب للرجم] فحد المحصن رجمه بالوطء المباح بنكاح صحيح، لا خيار فيه من بالغ مسلم من إحصان اتفاقاً (2).

أبو عمر في الكافي: الفاسد الذي لا يحصن ما يفسخ بعد البناء كالشغار، والذي لا يفسخ بعد البناء الوطء فيه إحصان. اللخمي عن المغيرة وابن دينار: الوطء الفاسد كوطء الحائض والمحرمة والمعتكفة والصائمة كالصحيح. وفي كونه في نكاح ذي خيار أمضي بعد الوطء إحصانًا نقلا اللخمي عن ابن القاسم وأشهب. وفيها: والمجنونة تحصن واطئها ولا يحصنها، وقال بعض الرواة يحصنها. ابن بشير: لو كان الزوجان أو أحدهما مجنونًا، ففي وقوع الإحصان مطلقًا، أو في حق العاقل فقط، ثالثها: إن كان الزوج عاقلًا ثبت الإحصان فيهما، وإلا فلا، فعزاها

باب في الحد والتغريب

ابن عبد السلام لعبد الملك، وابن القاسم ومالك وأشهب ناقلًا عن اللخمي. قُلتُ: وما نقلها اللخمي إلا في الإحلال. وفيها: والعبد لا يحصنه ذلك حتى يطأ بعد عنقه، والوطء بعد عتق احدهما يحصن المعتوق منهما، والأمة المسلمة والحرة الكتابيةـ لا تكونان محصنتين حتى توطا هذه بعد إسلامها، وهذا بعد العتق. وفي نكاحها الثالث: كل وطء أحصن الزوجين أو أحدهما، فغنه يحل المبتوتة، وليس كل ما يحل يحصن، وكان يجري لنا إبطال صدق هذه الكلية، بنقل عبد الحق عن محمد عن ابن القاسم: وطء المجنونة يحصن واطئها ولا يحلها، والكلام على مسألتي النكاح الثالث، وكتاب الرجم وتنافيهما تقدم في النكاح. واللائطان كالمحصنين وإن لم يحصنا، أبو عمر: قال ابن عباس: حد اللوطي أن يرمى من أعلى بناء في القرية منكسًا، ثم يتبع بالحجارة. الباجي عن ابن حبيب: كتب أو بكر أن يحرق بالنار ففعل، وفعله ابن الزبير في زمانه، وهشام ابن عبد الملك في زمانه، والقسري العراقي، ومن أخذ بهذا لم يخطئ. قال مالك: الرجم هي العقوبة التي أنزل الله بقوم لوط، وإن كانا عبدين، فقيل يرجمان؟ وقال أشهب: يحد العبدان خمسين خمسين، ويؤدب الكافران. قُلتُ: قول أشهب ميل لاعتبار الإحصان. [باب في الحد والتغريب] وحد زنا البكر الحر جلد مائة. فيها: البكر حده الجلد بغير رجم، بذلك مضت السنة. ولا نفي على النساء، ولا على العبيد ولا تغريب، ولا يُنفى الرجل الحر إلا في الزنا أو في حرابة فيسجنان جميعًا في الموضع الذي ينفيان إليه، يسجن الزاني سنة والمحارب حتى تعرف توبته. وفيها في كتاب المحاربين: وقد نفى عمر بن عبد العزيز محاربًا أخذ بمصر

إلى شعب. قال مالك: وكان ينفى عندنا إلى فدك وخيبر. وفيها: حد العبد في الزنا خمسون، وفي الخمر والفرية أربعون. اللخمي: وكذا الأمة وكل من فيه عقد حربة لم تتم، كالمدبر والمكاتب، وأم الولد والمعتق بعضه والمعتق إلى اجل. ثم قال في الموازيَّة: إن عمر غرب امرأة إلى مصر، وفي الموطأ أنه غرب عبدًا. وروى مسلم أنه ? قال: ((البكر بالبكر جلد مائة، وتغريب عام))، ولا وجه للاعتذار بالولي، وعلى اعتباره تنفى إن كان لها ولي أو تسافر مع جماعة رجال ونساء كخروج الحج، فإن عدم جميع ذلك، سجنت بموضعها عامًا؛ لأنه إذا تعذر التغريب لم يسقط السجن. الشَّيخ عن الموازيَّة: قال ابن القاسم: ويكتب إلى والي الموضع أن يسجنه سنة من يوم يصير في السجن. قال ابن حبيب عن مُطَرِّف: ويؤرخ يوم سجنه. قال في الموازيَّز: وكراؤه في سيره عليه في ماله في الزاني والمحارب، فإن لم يكن له مال ففي مال المسلمين، وقاله أَصْبَغ. ابن شاس: فلو عاد أخرج ثانية. اللخمي: ولا تكون صغارًا مما يؤدي إلى عذابه ولا يجهز. قُلتُ: وقال الشَّيخ أبو إسحاق: يرجم بأكبر حجر يقدر الرامي على حمله.

فحمله ابن عبد السلام على أنه خلاف المشهور، وليس كذلك؛ لأن مراد الشَّيخ سرعه الإجهاز عليه. ولذا قال اللخمي: ويخص به المواضع التي هي مقاتل الظهر، وغيره من السرة إلى ما فوق، ويجتنب الوجه، ويجتنب ما ليس مقتلًا كالساقين، ويجرد أعلى الرجل، ولا تجرد المرأة. قال مالك في المدَوَّنة: لا يحفر له. قال في الموازيَّة: ولا للمرأة. أشهب: إن حفر له، فأحب إليَّ أن تخلى له يداه، والأحسن أن لا يحفر له فرأى ذلك واسعًا واستحب عدم الحفر. وقال ابن وَهْب: يفعل الإمام من ذلك كا أحب. واستحب أَصْبَغ الحفر مع إرسال يديه. وقال ابن شعبان: قال بعد أصحابنا: لا يحفر للمقر، ويحفر للمشهود عليه. الباجي: وحكى ابن مزين عن ابن القاسم: أن كل حد يكون منه القتل، فإنه يستعجل بالمريض، ولا تنتظر إفاقته، وحكاه الصقلي أيضًا عن ابن القاسم. اللخمي: لا يقام على حامل حد؛ لأن الرجم قتل لولدها، والجلد يخشى منه عليه وعليها، فإن وضعت وكانت بكرًا أخرت حتى تتعافى من نفاسها؛ لأنها مريضة، وإن شهد على امرأة بالزنا منذ أربعين يومًا أخرت، ولم تضرب ولم ترجم حتى تتم لها ثلاثة أشهر من حين زنت، فينظر أحامل هي أم لا؟ ولا يستعجل الآن لإمكان ان تكون حملت، وإن لم يمض لها أربعون يومًا جاز تعجيل حدها جلدًا أو رجمًا، إلا أن تكون ذات زوج فيسأل. فإن قال: كنت استبرأتها فيها حدت ورجمت. وإن قال: لم أستبرئ خير بين أن يوم لحقه في الماء الذي له فيها، فتؤخر لتنظر هل تحمل منه أم لا، او يسقط حقه فتحد.

وأجاز ابن القاسم في المدَوَّنة: إذا زنت منذ شهرين أن ترجم إذا نظرها النساء، وقلن لا حمل بها، وليس بالبين؛ لأنه ? أخبر أنه يكون نطفة أربعون يومًا، وأربعين يومًا علقة، وأربعين مضغة، ثم ينفخ فيه الروح. وإذا كان كذلك أمكن ان يكون في الشهرين علقة، ولا يجوز جينئذ أن يعمل عملًا يؤدي إلى إسقاطه، كما لا يجوز للمرأة أن تشرب ما تطرحه به، وفي الرجم منها إن اجتمع على الرجل مع حد الزنا حد قذف أو شرب خمر، أقيما عليه إلا أن يخاف عليه، فذلك إلى اجتهاد الإمام في تفريق الحدين. اللخمي: إن لم يحمل إلا إقامة أحدهما، فإن كانا لله قدم آكدهما كالزنا وشرب الخمر، فيحد للزنا إلا أن يخاف عليه في المائة لا في الثمانين، وإن كان الحقان لآدمي كقصاص، وقذف اقترعًا أيهما يبدأ، وإن حمل أدناهما عجل دون قرعه. قُلتُ: الأظهر تقديم القذف لعدم اندراجه في القتل بخلاف القصاص. قال: وإن كان أحد الحقين لله، والآخر لآدمي قدم حق الله، إلا أن يكون فيه محل لحق الآدمي، دون حق الله. قُلتُ: وكذا المريض إن خيف عليه من إقامة الحد أخر. قال مالك: إن خيف على السارق إن يقطع في البرد أخر. ابن القاسم: والذي يضرب الجد في البرد مثله، إذا خيف عليه أخر، والحر بمنزلة البرد. اللخمي: إن كان ضعيف الجسم يخاف عليه الموت، سقط الحد وسجن، وإن كان قصاص رجع إلى الدية. وفي كونها في ماله أو على العاقلة؛ قولان، وإن كان حد قذف فمن حق المقذوف تفريق ذلك عليه، وكذا حد الزنا والشرب.

عياض: قوله: والحر عندي بمنزلة البرد خلاف قوله في السرقة، إن كان الحر كالبرد، فهو مثله، وكلاهما خلاف ما في «الموازيَّة» أنه بخلاف البرد. ابن شاس: أما مستوفي الحدود، فهو الإمام في حق الاحرار. قُلتُ: هو مقتضى قولها: ومن زنت جاريته، ولها زوج فلا يقيم عليها الحد، وإن شهد عليها أربعة سواه، والتمسك بهذا اللفظ منها في قصر إقامة الحد على الإمام أبين من أخذه بعضهم من قولها، ولا ينبغي أن يقيم الحدود في القتل ولاة المياه، وليجلب إلى الأمصار، ومصر كلها لا يقام القتل فيها إلا بالفسطاط، أو يأمر واليه لمن يكتب إليه به. وفيها: مع غيرها ولا بأس أن يقيم السيد على مملوكه حد الزنا والقذف والخمر لا السرقة، ولو شهد بها عنده عدلان سواه، ولا يقيمها على العبد إلا الوالي فإن قطعه السيد والبينة عادلة وأصاب وجه القطع؛ عوقب ولا يحد عبده في الزنا إلا بأربعة سواه، فإن كان أحدهم رفعه إلى الإمام. الباجي: إن لم يثبت ذلك عليه إلا بعلم السيد فهل يقيم عليه الحد؟. قال ابن الجلاب: فيه روايتان: جواز ذلك ومنعه. قُلتُ: عزا الأولى اللخمي لرواية «المبسوط». قال: وقال عبد الملك: إن رأى أمته تزني، لم يجلدها إذ ليس للسلطان أن يجلد برؤيته، وإن كان حمل أو ولد؛ فله أن يجد فيه ويحضر للحد أربعة فصاعدًا. قال مالك: قد يعتق فيعتبر عليها، فلا يسقط حد قاذفها إلا أربعة شهداء. وقال مالك: من وجد عبده سكرانًا، لم يجلده حتى يشهد على سكره ويحضر جدله رجلان؛ لأن عسى أن يعتق فيشهد، فيحلف المشهود عليه، ما ترد به شهادته. وفيها: من زنت جاريته، ولها زوج لم يقم عليها الحد، وإن شهد عليها أربعة سواه حتى يرفع ذلك إلى السلطان. اللخمي: إن كان زوجها عبده، فله إقامته عليها، وإن كان لغيره لم يقمه، قاله في مختصر ابن عبد الحَكم؛ لأنه مما يغر الزوج، ويفسد جسمها، إلا أن يعترف الزوج يصحة الشهادة، فيقيمه دون الإمام.

باب القذف

قال أبو إسحاق التونسي: وكذا العبد إن كانت له زوجة حرة أو أمة لغير سيده، فلا يقيم الحد عليها إلا الإمام. الشَّيخ: إكراه الذمي مسلمة على وطئه إياها يوجب قتله لأنه نقض، رواه محمد. وفي شرط ثبوته بأربعة بزناه والاكتفاء بشاهدين فقط، سَماع سَحنون ما رجع إليه ابن القاسم، وما رجع عنه. ابن رُشْد: اختلف إن زنى بها طائعة، فقال ربيعة: هو نقض. وسمع عبد الملك ابن وَهْب: تضرب المرأة الحد ويضرب النصراني ضربًا يموت منه، وإن كان اغتصبها نفسها طلب. وقال أشهب: يضرب ضربًا موجعًا لما لم يوفِّ لهم بالعهد، ولو وفَى لهم بالعهد كان نقضًا. وقال ابن عبد الحَكم: لا يكون نقضًا، وإن وفَّى لهم بالعهد، وأما جرح النصراني للمسلم وقذفه إياه، فلم يروه نقضًا. الشَّيخ عن محمد: وإن استكره أمة مسلمة لم يقتل، كما لو قتلها، وفيه اختلاف وهذا أحب إليَّ لما جاء: لا يقتل حر بعبد. قال مالك: وعليه في الأمة ما نقضها في البكر والثيب. [باب القذف] القذف الأعم: نسبة آدمي غيره لزنا، أو قطع نسب مسلم، والأخص بإيجاب الحد نسبة آدمي مكلف غيره حرًّا عفيفًا مسلمًا بالغًا، أو صغيرة تطيق الوطء، لزنا أو قطع نسب مسلم، فيخرج قذف الرجل نفسه.

وقول ابن الحاجب هو ما يدل على الزنا أو اللواط، والنفي عن الأب أو الجد لغير المحمول، فيه تكرار الثاني والأخير؛ إذ المحمول لا نسب له يعرف، فلا يتصور نفيه وهو كبيرة. وفيها: من قال لرجل: لست ابن فلانة لأمه لم يحد.

باب الصيغة الصريحة للقذف

الشَّيخ عن ابن حبيب: روى مُطَرِّف: من قال لرجل: ليست أمك فلانة لم يحد. [باب الصيغة الصريحة للقذف] الصيغة: صريحة وهي ما دل عليه بذاته، فلا تقبل دعوى إرادة غيره. الباجي: من قال لرجل: يا زان. وقال: أردت أنه زان في الجبل. يقال: زنأت في الجبل إذا صعدت. قال أَصْبَغ: يحد ولا يقبل قوله إلا أن يكونا في ذلك الحال، وتبين أنه الذي أراده ولم يقله في مسابة. قال ابن حبيب: يريد: ويحلف. [باب في التعريض بالقذف] وتعريض وهي ما دل عليه بقرينة بينة.

قال ابن شاس: كقوله: أما أنا لست بزان. قُلتُ: إن قال رجل لرجل في مشاتمة: إني لعفيف الفرج، وما أنا بزان ففي الموازيَّة يحد. قُلتُ: فقيد الحد في قوله: ما أنا بزان بكونه في مشاتمة. وقيده ابن شاس بقوله: أما أنا. وفي المدَوَّنة: من قال لرجل: ما أنا بزان، أو أخبرت أنك زان، ولم يقيدها الصقلي بشيء، وفي الموطأ تقييده بالمسابة. الباجي عن ابن الماجِشُون: من قال لامرأة في مشاتمة: إني لعفيف، حد، ولو قاله لرجل حد إلا أن يدعي أنه أراد عفيف في المكسب والمطعم، فيحلف ولا يحد وينكل، ومن قال في مشاتمة: إنك لعفيف الفرج؛ حد. الشَّيخ: روى ابن وَهْب: من قال لرجل: يا ابن العفيفة حلف ما أراد قذفًا، وعوقب أَصْبَغ إن كان على وجه المشاتمة حد. وسمع أشهب في الذي يشهر بالمرأة في الشعر، فيوقف على ذلك، فيقول: قول قلته ليس له عندي أصل ما رأيت أحدًا حد في مثل هذا، ولم يزل الشعراء يقولون، فما رأيت من حد فيه إلا أن يكون الشيء البين جدًّا؛ لأن للشعراء استعارات لطيفة، ومجازات بعيدة. وقال ابن حرز في كتاب اللعان: من عرض لولده في القذف، لم يحد لبعده من التهمة في ولده، ولذا لم يقتل به إلا أن يتبين عمده. وعزاه الشَّيخ في القذف لابن الماجِشُون، ومرة لمالك. وفيها: من قال لعربي: يا مولى أو يا عبد حد. وفيها: من قال لعربي: لست من العرب، أو قال له: يا حبشي أو يا فارسي أو يا

رومي حد، وإن قال لفارسي أو لبربري: يا عربي لم يحد. واختلف قول مالك: فيمن قال لبربري أو لرومي: ياحبشي، هل يحد أو لا؟ وأرى أن لا حد عليه. اللخمي: من قال لرجل: يا ابن اليهودي، أو يا ابن النصراني. فقال ابن القاسم: يحد. وقال أشهب: لا يحد. قُلتُ: وربما أجريا على القولين في التكفير بنفي الصفات وعدمه. قال: وكذا قوله: يا ابن الأقطع أو يا ابن الأعور، ويا ابن الأحمق أو يا ابن الأقرن أو يا ابن الآدم، وليس أحد من آبائه كذلك حد عند ابن القاسم، وعلى قول أشهب لا يحد. وإن قال: يا ابن الحجام أو يا ابن الخياط، وليس في آبائه من عمل ذلك. فقال ابن القاسم: إن كان المقول له ذلك من العرب حد، وإن كان من الموالي لم يحد. وروى ابن وَهْب: يحد فيهما، إلا أن يكون من آبائه من عمل ذلك. وقال أشهب: لا حد عليه فيهما، إن حلف أنه لم يرد نفيه من آبائه. وفيها: من قال لرجل: زنى فرجك أو يدك أو رجلك حد. الصقلي عن محمد: قال أشهب: لا يحد في قوله: زنت يداك أو رجلاك وينكل. الباجي: من قال لرجل: ليس لك أصل ولا فصل، ففي الموازيَّة والعتبيَّة لا حد عليه. وقال أشهب: يحد. وقيل: إن كان من العرب، ففيه الحد، ولابن حبيب عن ابن الماجِشُون إن قاله في مشاتمة، فإن لم يكن من العرب؛ ففيه الأدب في الخفيف مع السجن، وإن قاله لعربي حد إلا أن يعذر بجهل، فيحلف ما أراد قطع نبسه، وعليه ما على من قاله لغير عربي، وإن لم يحلف حد.

وفي زاهي ابن شعبان: لو قال مولى لعربي: أنا خير منك حد، وقاله الزهري وكذا لو كانا ابني عم، قاله أحدهما لصاحبه، وفي هاتين المسألتين اختلاف، وبهذا أقول. وروى اللخمي وغيره: من قال لرجل: لا أبى لك لا شيء عليه إلا أن يريد النفي، وهذا مما يقوله الناس في الرضا، ومن قاله في مشاتمة أو غضب، فهو شديد، ويحلف ما أراد نفيًا. وفيها: إن قال له: أنت ابن فلان نبسة إلى جده، ولو في مشاتمة لم يحد، وكذا لو نبسه إلى جده لأمه، ولو نسبه إلى عمه أو خاله أو زوج أمه حد، وكذا إن نسبه إلى غير أبيه على غير سباب. ولما ذكر الباجي قول ابن القاسم: لا يحد. وقال أشهب: يحد، قال محمد: قول ابن القاسم أحب إلي إلا أن يعرف أنه أراد القذف، مثل أن يتهم الجد بأمه ونحوه، وإلا لم يحد قد ينسب إليه لشبهه في طبع أو خلق. ثم ذكر قول ابن القاسم في نسبته إياه إلى عم أو خال أو زوج أم، قال: وقال أشهب: لا حد عليه إلا أن يقوله في مشاتمة. وقال أَصْبَغ ومحمد، قال أَصْبَغ: قد سمى الله تعالى العم أبًا، فقال تعالى: {إِلَهَكَ وَإِلَهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ} [البقرة:133] ونحوه. ونقل اللخمي وابن شاس: وطاهره أو نصه أن قول أَصْبَغ كأشهب. وقال ابن الحاجب: لو نسبه إلى جده في مشاتمة، لم يحد إلا ببيان القذف بخلاف عمه. وقال أشهب: يحد فيهما. وقال أَصْبَغ: لا يحد فيهما بخلاف خاله، وزوج أمه وما نقله عن أَصْبَغ خلاف نقل ما تقدم عنه، ولعله نص قول أَصْبَغ بالجد والعم من مفهوم استدلاله. اللخمي: من قال لامرأة يا زانية، فقالت: بك زنيت. فقال مالك: تحد للرجل وللزنا إلا أن تنزع عن قولها؛ فتحد للرجل فقط، ولا يحد

لها؛ لأنها صدقته. وقال أشهب: إن نزعت، وقالت: ما قلت ذلك إلا على وجه المجاوبة، ولم أرد قذفًا، ولا إقررارًا؛ فلا تحد ويحد الرجل. وقال أَصْبَغ: يحد كل منهما لصاحبه، وإن نزعت عن قولها، ولو قال ذلك لامرأته فأجابته بذلك. فقال الشَّيخ عن عيسى عن ابن القاسم: لا حد عليها للقذف، وعليه الحد لها إلا أن يلاعن. قال عيسى: لا حد عليه ولا لعان. قال: وقال محمد عن ابن شهاب: من قال لرجل: يازان، فأجابه: أنت أزنى مني أنه قذف منه، وإقرار بالزنا. وهذا يؤيد قول ابن القاسم: وأبى ذلك مالك، وقال: يحدان جميعًا، ـ وإليه نزع أَصْبَغ. اللخمي: من قال لرجل: يا ابن الزانية، فأجابه بقوله: أخزى الله ابن الزانية. فقال ابن القاسم: يحلف المجيب أنه ما أراد قذفًا، فإن لم يحلف سجن حتى يحلف. وقال أَصْبَغ: هو معرض، ويحد ثمانين، وقول ابن القاسم أبين. وسمع أَصْبَغ ابن القاسم، في مسلم قال لنصراني: يا ابن الفاعلة، فقال له أخزى الله ابن الفاعلة، يحلف النصراني بالله ما أراد قذفًا، فإن لم يحلف سجن حتى يحلف، وقال أَصْبَغ: يحد؛ لأنه جواب في مشاتمة، فهو تعريض. ابن رُشْد: إن طال أمره ولم يحلف تخرج على قولين: أحدهما: أنه يطلف ولا يكون عليه شيء،؟؟؟: أنه يحد. وفيها: من قال لزوجته: زنيت وأنت مستكرهة، أو قال ذلك لأجنبيه لاعن للزوجة وحد للأجنبية، ولو جاء في هذا ببينة لم يحد. الصقلي في الموازيَّة: يحد وإن أقام البينة؛ لأنها ليست بذلك زانية. وعزاه اللخمي لمحمد وسَحنون، وحملاه على إرادة التعريض بما كان طوعًا؛ لأن

المستكرهة لا ينسب الفعل إليها. فيقال لها: زنيت، وإنا يقال: زني بها، والأول أبين؛ لأن ذلك مما لا تميزه العامة. قُلتُ: فينتج الفرق بين العامي وغيره. اللخمي: قال ابن القاسم: من قال لزوجته: زنيت وأنت صبية أو أنت نصرانيَّة أو مستكرهة لاعن؛ لأنه قاذف أو معرض. وعلى قول أشهب وعبد الملك: لا لعان عليه، إذا أثبت ما رماها به، وهو أحسن، ولم يذكر ابن القاسم صفة لعانه، ويشبه أنه إن شهد أربع شهادات بالله أنه لم يرد تعريضًا؛ وإنما أراد ما أثبت أنه كان في الصبا أو الكفر، ولا لعان عليها. وفيها: من قال لعبد أو أمة قد عتقا: زنيتما في حال رقكما، أو قال لهما: يا زانيا، ثم أقام بي نة أنهما زنيا في الرق، لم يحد؛ لأن اسم الزنا لازم لهما في حال الرق، وإن لم تقم البينة حد. ولو قال: زنيتما في حال الصبا أو الكفر، وأقام بذلك بينة، لم ينفعه ذلك، وحد؛ لأن هذا لا يقع عليه اسم زنا. اللخمي: ولو قال: لمن يعرض له جنون، ثم يفيق: يا زان، أو زنيت وأنت مجنون. فعلى قول ابن القاسم: يحد ولو أثبت ذلك. وعلى قول عبد الملك: لا يحد إن أثبت ذلك. وعلى قول أشهب: يحد إن قاله في مشاتمة، وإن قاله في غير مشاتمة لم يحد، وإن لم يثبت ذلك. قُلتُ: دليل قول ابن القاسم، أنه غير منصوص له. وفيها: في أوائل الرجم: ويحد قاذف المجنون، وكان يجري لنا مناقضتها بقولها في القذف: كل ما لا يقام فيه الحد ليس على من رمى به رجلًا حد الفرية، ويجاب بحمل قولها في الرجم على المجنون الذي يفيق أحيانًا. الشَّيخ في الموازيَّة: من قال لجماعة: أحدكم زان أو ابن زانية لم يحد، إذ لا يعرف من

أراد، وإن قام به جماعتهم. فقد قيل: لا يحد، ولو أدعي أحدهم أنه أراده، لم يقبل منه إلا بالبيان أنه أراده. وقال ابن رشد في رسم العرية، من سماع عيسي ما حكاه ابن المواز: أنه قد قيل لا يجد، وقد قام به جماعتهم بعيد؛ لأنه يعلم أنه قال: أحدهم، فلا حجة له إذا قام به جميعهم، ووجه على بعد أنه لما جهل المقذوف منهم لم يحد؛ لأن الحد؛ إنما هو لإسقاط المعرة عن المقذوف، والمعرة لم تلحق بواحد منهم بعينه، فيحد له ولا لجميعهم، إذ لم يقذف إلا واحداً منهم. وسمع عيسي ابن القاسم: من قال لرجل يا زوج الزانية، وتحته امرأتان، فعفت واحدة، وطلبت الأخرى حدها، إن حلف أنه ما أراد بالقذف إلا التي عفت بريء، فإن نكل حد. ابن رشد: وكذا لو كانت إحداهما قد ماتت، وقامت الحية بحدها؛ لكان القول قوله مع يمينه، أنه إنما أراد الميتة. وذكر الباجي مسألة عيسي لابن القاسم في العتيبة والواضحة، قال: وهذا خلاف ما ذكر محمد في القائل لجماعة: أحدكم زان ويحتمل أن الجماعة في مسألة محمد خرجوا بكثرتهم عن حد التعيين، وأن الاثنين وما قرب في حد التعيين. الشيخ عند محمد: من قال لرجل: يا قرنان حد، إن قامت به امرأته؛ لأنه عند الناس زوج الفاعلة، وقال ابن القاسم. وقال يحيي بن عمر: لا يحد ويضرب عشرين سوطاً. قال ابن شاس: قال القاضي أبو عبد الله بن هارون المالكي البصري: من قال لرجل: يا نغل حد؛ لأنه قذف، ولو قال الرجل لنفسه: أنا نغل حد؛ لأنه قذف أمه، وكذا لو نسب نفسه لبطن أو نسب أو عشيرة غير بطنه أو نسبة وعشيرته حد؛ لأنه قذف أمه. قلت: واللفظة بالنون والغين المعجمة. قال الجوهري: نغل الأديم بالكسر أي: فسد، فهو نغل، ومنه قولهم: فلان نغل إذا

كان فاسد النسب. قلت: فينبغي ضبط الغين بالكسر على وزن حذر. قال ابن عبد السلام: وطرد هذا أن من قال لرجل: يا ولد زني، ثم عفا المقول له ذلك عن القاذف أن للأم القيام بحقها في الحد. قلت: وهذا اللازم حق، وهو مقتضي قولها: ومن قال لعبده وأبواه حران مسلمان، لست لأبيك، ضرب سيده الحد. وقال اللخمي: وذكر سحنون عن أشهب: لا حد على من قطع نسب عبد، وإن كان أبواه حرين؛ لأنه يصح أنها أتت به، وزعمت أنها ولدته؛ فلا يكون قذفاً لواحد منهما. وفيها: من قذف ولده أو ولد ابنه، أو ولد ابنته، فقد استثقل مالك، أن يجد: لولده وقال: ليس ذلك من البر. ابن القاسم: إن قام بحقه حد له، ويجوز عفوه عنه عند الإمام، وكذا ولد الولد. زاد الشيخ عنه في الموازية:: يحد له، ثم لا تقبل شهادة الولد في شيء، لقوله تعالي: {فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ}} [الإسراء:23] وهذا يضرب بظهره. ولابن حبيب عن أصبغ: لا يحد له أصلاً. واستشكل الشيخ عز الدين الحكم له بحده مع تجريحه؛ لأن الحاكم لا يحكم بمعصية. وذكر ابن عبد السلام الخلاف في حده لابنه بصريح القذف وتعريضه. وتقدم لابن محرز عن المذهب. وللشيخ عن ابن الماجشون: أنه لا يحد في تعريضه بابنه. وفيها: من قال بنيه: ليسوا بولدي، فقام عليه إخوتهم لأمهم نم رجل غيره بحده وقد ماتت، إن حلف أنه لم يرد قذفاً، وإنما اراد في قلة طاعتهم لم يحد، وإن نكل حد. وسمع ابن القاسم: من شتمه خاله أو عمه أو جده لا أرى له عليهم شيئاً، إن كان على وجه الأدب له، وكأني رأيت مالكاً لا يري الأخ مثلهم إذا شتمه.

باب في شرط وجود حد القذف

ابن القاسم: ولو قذفه عمه أو جده أو خاله؛ حد له. ابن رشد: قوله في الأخ يريد: إن قاربه في السن والحال، وإن كان له عليه فضل في السن والسداد والعقل والفضل ما يشبه أن يكون شتمه إياه أدباً كان كالجد والعم. وقول ابن شاس: والملاعنة وابنها كغيرها واضح في نسبها إلى الزنا، لعدم نفي عفتهما بما أتصفا به. وفيها: من قال لابن الملاعنة: لا أب لك حد، إن كان على وجه المشاتمة، وإلا فلا حد عليه. ....... على الحر ثمانون ذكراً أو أنثي، وشطرها على ذي رق منهما. [باب في شرط وجود حد القذف] ... وجوبه تكليف القاذف ... نصوص المذهب واضحة بذلك. [باب في شرط الحد ... يفعل الزنا] .. شرط المقذوف يفعله بلوغه وإسلامه وعفافه وحريته وعقله حين رميه بالفاحشة؛ لما تقدم من قولها: كل ما لا يقام فيه الحد ليس على من رمي به رجلاً حد

باب في شرط الحد في المقذوف المنفي

الفرية، وهو خلاف ما وقفت عليه في زاهي ابن شعبان: من رمي امرأته ببينه فعليه الحد، وقاله الزهري وكذا من رمي به من يأمن الرجال. وقال ربيعه: فيه النكال، ومطيقه الوطء كالبالغة لقولها: من قذف صبيه لم تبلغ المحيض، ومثها يوطأ فعليه الحد. اللخمي: اختلف إذا كانت في سن من تجامع. فقال مالك وغيره من أصحابه يحد لها. وقال ابن الجهم وابن عبد الحكم: لا حد عليه، والأول أحسن للحوق المعرة لها بذلك. [باب في شرط الحد في المقذوف المنفي] وشرطه في النفي: إسلامه؛ لقولها: من قال لرجل مسلم: لست لأبيك وأبواه

نصرانيان جلد الحد، وإن كان أبوه عبداً مسلماً فإنه يحد؛ لأنه نفاه، وكذا إن قال له: لست ابن فلان لجده وجده كافر. وإسلام أبويه أو حريتهما، لقولها: ومن قال لعبده وأبواه حران مسلمان: لست لأبيك، ضرب سيده الحد، فإن كان أبو العبد قد مات، ولا وارث لهما أو لهما وارث؛

فللعبد أن يحد لسيده في ذلك، وفي الاكتفاء بإسلامه أبيه وحريته دون أمه اختلاف. وقول ابن الحاجب: ويختص البلوغ والعفاف بغير المنفي صواب لوضوح النصوص فيها، وفي غيرها يحد من قطع نسب مسلم مطلقاً لا بقيد بلوغه ولا عفافه كقولها: وإن قال له: ليس أبوك الكاف ابن أبيه، لم يحد، حتى يقول للمسلم: لست من ولد فلان، ونحوه في غيرها. قال ابن الحاجب: ويشترط في المنفي شرط من يحد قاذفه لا في أبويه؛ لأن الحد له، فقبله ابن عبد السلام، وهو مردود لما تقدم من قولها: ومن قال لعبده وأبواه حران مسلمان ... إلخ فتأمله، وبه يتبين بطلان تعليله بقوله: لأن الحد له. وقوله: ولذا فرق بين يا ابن الزاني أو الزانية، وبين يا ابن زنية. قلت: الفرق المذكور راجع للفرق بين القذف بفعل الزنا، وبين القذف بقطع النسب، لأنه إذا كان زنية، فلا نسب له، ولا يرفع هذا الذي ذكره في التفريق التعقب عليه بمسألة المدونة المذكورة فتأمله. اللخمي: أقسام المسألة ثمانية: الأول: إن كان جميعهم عبيداً؛ فلا حد. الثاني: عكسه يحد لقطع نسب الولد، وقذف الأم كمن قذف جماعة، أو واحداً وقطع نسب آخر. الثالث: كون الابن وحده حراً؛ يحد لقطع نسبه، وينكل لأبوية. الرابع: كون الأم وحدها حرة، يحد لقذفها فقط. الخامس: كون الأب حراً فقط؛ لا حد فيه؛ لأنه قطع نسب عبد، وقذف أمه. قلت: هذا خلاف ما تقدم من قولها. إن قال لعبده: لست لأبيك، وأبوه مسلم وأمه كافرة أو أمة. قال السادس: كون الأب والأم حرين، يحد لهما. السابع: كون الأ [والأم حرين؛ يحد لقطع النسب فقط. الثامن: كون الأبوين حرين فقط؛ يحد لقذف الأم خاصة.

باب العفاف الموجب حد قاذفه

وفي حمل قصد قاطع النسب على تزنيته الأب أو الأم، ثالثها: نفيها لاحتمال أنها أتت به ولم تلده. لمالك فيها، وأشهب في الموازية، ولسحنون عنه، وأحسن الأقوال قول من قال: إن انقطاعه من قبل الأم، لأنه مقصد الناس لأمهم يرون أن الفساد من قبول الأم، ولو سمع أن أمه كانت تعذرت عليها الولادة، وأنها جاءت به، وقال: ذلك أردت؛ لم يحد إن كان الولد عبداً، وإن كان الأبوان حرين. وقال ابن القاسم: من قال لميت: ليس فلان لأبيه، فقام أبوه بحده، وقال: قطع نسب ولدي مني حد، فجعل قيامه لقطع نسب ولده؛ لأنه زناه، وإنما هو قاذف للأم فإن عفا قامت الأم أو وارثها، وعلى القول الآخر يكون القيام للأب لقذفه. [باب العفاف الموجب حد قاذفه] وعفاف المقذوف الموجب حد قاذفه: مسائل المدونة وغيرها واضحة، بأنه السلامة من فعل الزنا قبل قذفه وبعده، ومن ثبوت حده لاستلزامه إياه، كقوله:

رأيتكما تزنينان في صباكما أو كفركما، وأقام بذلك بينه حد؛ لأن هذا لا يقع عليه اسم زني إلى غير ذلك في مسائل المذهب. ابن حارث: اتفقوا فيمن قذف رجلاً، وأتي بشاهدين أنهما حضرا سلطاناً يقيم عليه حد الزنا، أن ذلك لا يجزئ القاذف إلا أربعة شهداء بذلك، وهل على الشاهدين بذلك حد القذف، رواية محمد، وقول ابن الماجشون. وفيها: ومن قذف رجلاً بالزنا، فعليه الحد، وليس له أن يحلف المقذوف أنه ليس بزان، وإن علم المقذوف من نفسه أنه كان زني، فحلال له أن يحده، ولما ذكر اللخمي قول مالك هذا، قال: وقال محمد بن عبد الحكم: لا يحل له أن يقوم بحده. وقال ابن القاسم في سماع أبي زيد: إذا كان المقذوف يعلم أن القاذف رآه، وهو يعلم ذلك منه، لم يحل له أن يقوم به، وقول ابن عبد الحكم أحسن؛ لقوله تعالي: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ}} [النور:4] وهذا ليس بمحصن. قال ابن شاس: قال الأستاذ أبو بكر: العفاف أن لا يكون معروفاً بالقيان ومواضع الفساد والزنا. قلت: وظاهر نصوص المذهب خلافه. وفيها: من قذف رجلاً، ثم ارتد المقذوف، لم يحد قاذفه، ولو رجع إلى الإسلام لم يحد له، كمن قذف رجلاً بالزنا، فلم يحد له حتى زني المقذوف؛ فلا يحد قاذفه. وفيها: من قذف ميتاً فلولده، وإن سفل ولأبيه، وإن علا القيام بذلك، والأبعد كالأقرب وليس للإخوة وسائر العصبة مع هؤلاء قيام، فإن لم يكن من هؤلاء أحد فللعصبة القيام، وللأخوات والجدات القيام، إلا أن يكون له ولد، وإن مات ولا وارث له؛ فأوصي بالقيام بقذفه، فلوصية القيام به.

اللخمي: إن مات المقذوف وقد عفا، فلا قيام لوارثه، وإن أوصى بالقيام به، لم يكن لوارثه عفو، فإن لم يعف ولم يوص، فالحق لوارثه العاصب من أنفرد به من عاصب فله القيام به. ثم ذكر ما تقدم من لفظها، قال: فأدخل النساء والعصبة في القيام. وفي كتاب محمد: أما الإخوة والبنات والجدات، وغير أب أو أبن، فلا قيام له إلا أن يوصيه، فأسقط الإخوة والعصبة وسائر النساء. وقال أشهب: ذلك للأقرب فالأقرب، وأما بنت البنت والزوجة فلا. وفيه: وأما الغائب، فليس لولده ولا لغيره القيام بقذفه. اللخمي: من قربت غيبته لم يقم بحده غيره، وكتب له في ذلك، فإن بعدت غيبته. فقال ابن القاسم في الموازية: لا يقدم بحده ولد ولا غيره. محمد: وقيل ذلك لولده زاد في الواضحة لأبيه وأمه وعلى عدم حده. قال ابن الماجشون: يسجن حتى يقدم من له عفو أو قيام، وظاهر المدونة أنه لا لا يعرض له بشيء. قال: وإن لم يحلف من سبه يقوم بذلك، ولا أوصي به لم يقم به، وهذا على أنه حق للمقذوف، وعلى أنه حق لله يقوم به الإمام. قلت: وفي سرقتها، ولو سمع الإمام رجلاً يقذف رجلاً، ومعه من ثبتت شهادته عليه أقام عليه الإمام الحد. فيها لمالك: من قذف ناساً شتي في مجالس، فحده لأحدهم حد لجميعهم، وإن لم يعلم بهم حين حده. اللخمي: وقال المغيرة وابن دينار: إن اجتمعوا وقاموا به؛ حد لهم حداً واحداً، وإن افترقوا، فلكل واحد حده. وذكر ابن شعبان قولاً ثالثاً: أنه يحد بعدد من رمي كان القذف مفترقاً أو في كلمة واحدة. وقال ابن رشد في رسم العرية، من سماع عيسي: خالف المغيرة جميع أصحاب

مالك، وقوله هو القياس؛ لأنهم قالوا: القتل يأتي على كل الحدود، إلا الفرية؛ فإنه يحد ثم يقتل. وفيها: مع سماع عيسي: من قذف قوماً، فلم يقوموا عليه حتى حد في شرب خمر. فقد سقط عنه في كل فرية كانت قبله. ابن رشد: لأنهما من جنس. قلت: وقال اللخمي: هذا أبعد من الأول؛ لأن حد الخمر لا يرفع معرة القذف. ابن حارث: روي ابن القاسم: وقال أشهب: لا يدخل حد القذف في حد الزنا، ويقام عليه الحدان. وقال ابن الماجشون: يدخل حد الفرية في حد الزنا. قال ابن الحاجب: ولو قذف قذفات لواحد أو جماعة؛ فحد واحد على الأصح، وثالثها: إن كان بكلمة واحدة، فتعقبوه بأن ظاهرة ثبوت الأقوال في الواحد والجماعة؛ وإنما هي في الجماعة حسبما تقدم. قال اللخمي: إن كان يشرب الخمر مراراً، أو زني مراراً، أو افترى على رجل مراراً؛ أجزأ في ذلك حد واحد، واختلف إن قذف جماعة. وفي رجمها: من قذف رجلاً، فحد له، ثم قذف ثانية؛ حد له ثانية. وفي الكافي لابن عمر: من قذف إنساناً واحداً مراراً؛ حد له حداً واحداً، فإذا حد له ثم عاد فقذفه؛ لم يكن عليه شيء، ويزجر عن ذلك. قلت: وفي اختصاره على هذا النقل دون ما في المدونة وغيرها نظر. وقال اللخمي: إن قال له بعد الضرب: صدقت عليك أو ما كذبت، جلد ثمانين؛ لأنه قذف موثوق. وقيل: لا شيء عليه إلا العقوبة في تماديه على ذلك، وقد كان أبو بكر متمادياً على قوله: كما تقدم في الشهادات. وفيها: من قذف رجلاً، فلما ضرب أسواطاً قذفه ثانياً أو أخر، ابتدئ الحد عليه ثمانين من حين يقذفه، ولا يعتد بما مضي من السياط.

الباجي لابن الماجشون: إن مضي مثل الأسواط اليسيرة. قال أشهب: والعشرة الأسواط يسيرة؛ تمادي وأجزأ لهما. ولابن القاسم في الموازية: إن جلد للأول شيئاً، ثم قذف آخر استأنف الحد، وإن بقي مثل أسواط أو سوطاً تم، ثم حد للثاني. محمد: وكذا إن بقي مثل العشرة والخمسة عشر، فليتم الحد ويأتنف. قال أشهب: وإن ضرب نصف الحد، وأكثر أو أقل قليلاً، وليؤتنف من حينئذ الحد. وقال ابن الماجشون: يبتدأ لهما، فهو على قول أشهب ثلاثة أقسام: قسم إن ذهب اليسير تمادي وأجزأ الحد لهما. وقسم: إن مضي نصف الحد أو نحوه استأنف لهما؛ فكان ما بقي من الحد الأول لهما، ثم يتمم للمقذوف الثاني بقية حده. وقسم ثالث: إن لم يبق إلا اليسير، فإنه يتم للأول ويستأنف للثاني. وعلى مذهب ابن القاسم: قسمان: أحدهما: يستأنف من حيث القذف الثاني لهما، ولا يحتسب بما مضي من الأول. الثاني: أن يبقي اليسير، فيتم الأول، ويستأنف للثاني، فيتم حد الأول، ثم يستأنف الحد الثاني، فلا يتداخل الحدان. ابن رشد في المقدمات: لا خلاف أن القذف حق للمقذوف، واختلف هل يتعلق به حق لله أم لا على ثلاثة أقوال: أحدها: أن فيه حقاً لله، فلا يجوز فيه العفو، بلغ الإمام أم لا، وهو دليل سماع أشهب، وعليه يقيمه الإمام إن انتهي إليه رفعه صاحبه أو أجنبي. والثاني: لا حق فيه لله، ولصاحبه العفو بلغ بلغ الإمام أم لا، وهو أحد قولى مالك في السرقة والرجم من المدونة. والثالث: حق لصاحبه ما لم يبلغ الإمام، فإذا بلغه صار حقاً لله، ولم يجز لصاحبه العفو عنه؛ إلا أن يريد ستراً، وهو أحد قولي مالك.

ووقع في المدونة: فيمن قذف رجلاً عند الإمام، وهو غائب أنه يقيم عليه الحد إذا كان معه شهود. فقال محمد: معناه إذا جاء المقذوف، وقام بحقه على أحد قولي مالك. ولابن حبيب عن ابن القاسم وغيره: يقيمه عليه، وإن كان المقذوف غائباً، وهذا على قول مالك الآخر. اللخمي: اختلف قول مالك في حد القذف، هل هو حق له أو للقذف؟ فجعله مرة للمقذوف، فأجاز عفوه عنه، وإن بلغ الإمام، ومرة جعله لله، فلم يجز عفوه، ولو قبل الإمام؛ إلا أن يريد ستراً، ولم يختلف أن عفوه جائز، إذا أراد ستراً، وهذا يحسن فيمن لم يعرف بذلك، وكان ذلك منه فلتة. قال ابن الحاجب: وحد القذف من حقوق الآدميين على الأصح. ثم قال: وعليهما تحليفه عليه. قال ابن عبد السلام: أما عدم توجه هذه الدعوى على أنه حق لله فصحيح، وأما توجهها على كونه حقاً لآدمي، ففيه نظر إلا لو كان حقاً مالياً، وأما إذا كان حقاً بدنياً فلا يلزم. وقد قال أشهب - وقدمناه -: إن القاتل إذا ادعي على ولي الدم أنه عفا عنه لم تتوجه عليه هذه الدعوى أي: لم يحلف لها. قلت: في كلامه هذا وهم من وجهين: الأول: أن القاعدة أنه لا يستشكل التخريج المطلق على أصل المذهب، إلا لمخالفته المشهور، لا لمخالفته غير المشهور، مع موافقته المشهور، واستشكاله هذا؛ إنما يتقرر على قول أشهب، وليس بمشهور المذهب، ولا سالم عن مخالفته المشهور، وبيانه أنه بناه على قول أشهب، بعدم توجه دعوى العفو عن الدم. والمشهور صحة توجهها في كتاب الديات منها ما نصه: وإن أدعي القاتل أن ولي الدم عفا عنه، فله أن يستحلفه، فإن نكل ردت اليمين على القاتل، وإن أدعي القاتل بينه بعيده على العفو تلوم له الإمام.

الصقلي: يحلف يمينًا واحدة لا خمسين يميناً، لأن المدعي عليه، إنما كان يحلف يميناً واحدة أنه ما عفا عنه، فهي اليمين المردودة ولم يذكر في المسألة خلافاً. وقال عياض في المسألة: قالوا: يخرج منه إلزام اليمين في الدعوى المجردة، وفي دعوى المعروف من هبة وكراء المسكن وهبته، ودعوى الإقالة وشبهه، وهو أصل متنازع فيه، ولهذا لم ير أشهب في مسألة العفو يميناً، واختلف شيوخنا في التنازع فيه. فقيل: هو اختلاف من قوله في الباب كله. وقيل: بل هو اختلاف حال، فلا يلزم اليمين بمجرد الدعوى، وتلزمه مع وجود التهمة. الثاني: أن من طالع كلامه هذا يعتقد أن المذهب أو المعروف منه عدم توجه دعوى العفو عن الدم، وذلك مغلطة فتأمله منصفاً. وفي الأقضية منها: وإذا سمع السلطان قذفاً، فإن كان معه شهود، لم يجز فيه عفو الطالب؛ إلا أن يريد ستراً، مثل أن يخاف أن يثبت ذلك عليه إن لم يعف. قيل لمالك: وكيف نعرف ذلك؟ قال: سئل الإمام عن ذلك سراً، فإن أخبر أن ذلك أمر قد سمع، أجاز عفوه. الشيخ عن الموازية: معني إذا أراد ستراً. قال مالك: مثل أن يكون ضرب الحد قديماً؛ فيخاف أن يظهر ذلك عليه الآن. وقال ابن الماجشون: قول مالك: إذا أراد ستراً يعني إذا كان مثله يفعل ذلك، ولا يكلف أن يقول: أردت ستراً، لأن قول ذلك عار، فأما العفيف الفاضل، فلا يجوز عفوه. الصقلي عن محمد: وهذا إذا قذفه في نفسيه، وإن قذف أبويه أو أحدهما، وقد مات المقذوف، لم يجز العفو فيه بعد بلوغ الإمام، وقاله ابن القاسم وأشهب. قلت: وفي النوادر قال: قال محمد: ويجوز عفو الولد عن الأب عند الإمام، قاله مالك، قال: ويجوز عفوه عن جده لأبيه عند الإمام كأبيه، وأما عن جده لأمه فلا. قلت: مقتضي قولها في نسبه إلى جده لأمه أنه كنسبه إلى جده لأبيه أنهما سواء.

الشيخ: في الموازية وسماع ابن القاسم: من ادعي على رجل أنه قذفه ولا بينه له؛ فلا يمين في ذلك إلا أن يقيم شاهداً فيحلف، وإن نكل سجن أبداً حتى يحلف، وقاله ابن القاسم. قال محمد: لم يختلف أصحاب مالك، أنه يحبس أبداً حتى يحلف. قال أصبغ عن ابن القاسم: إن طال سجنه خلي، والطول فيه سنة. قلت: مسألة العتيبة هي في رسم الشجرة، وفي لفظها لم يختلفوا أنه قال: يسجن حتى يحلف. ابن رشد: اختلف إن لم تكن له بينه على دعواه على ثلاثة أقوال: أحدها قول: في هذا السماع. والثاني قوله في رسم العقول والجنائز من كتاب الجنايات، أن عليه اليمين. والثالث سماع أصبغ في الجنايات: لا يمين عليه إلا أن يكون مشهوراً بذلك، فإن حلف - على القول بحلفه - بريء وإن نكل سجن حتى يحلف ما لم يطل ذلك، فإن طال خلي ولم يؤدب. وقال أصبغ: يؤدب إن كان معروفاً بالأذى واختلف إن كان له شاهد واحد على دعواه على ثلاثة أقوال: أحدها: قوله في هذا السماع. والثاني: إن عرف بالشتم والسفه عزز ولم يحلف، وإن لم يكن معروفاً بذلك أحلف، قاله مالك في سماع أشهب في الشهادات إلا أنه ضعف اليمين. الثالث: أنه يحلف مع شاهده ويحد له، قاله مطرف، وهو شذوذ. ويتخرج فيها قول رابع: أنه لا يحلف معه في الفرية، ويحلف معه فيما دون الفرية من الشتم. قلت: وتقدم هذا.

كتاب السرقة

[كتاب السرقة] السرقة: أخذ مكلف حراً لا يعقل لصغره، أو مالاً محترماً لغيره نصاباً، أخرجه من حرزه بقصد واحد خفيه لا شبهة له فيه، فيخرج أخذ غير الأسير مال حربي، وما

باب النصاب

اجتمع بتعدد إخراج وقصد والأب مال ولده، والمضطر في المجاعة. [باب النصاب] والنصاب من الذهب ربع دينار: ابن حارث وغيره اتفاقاً. وفي كونه من الفضة ثلاثة دراهم، أو ما يساوي ربع دينار قولان لابن حارث عن كل أصحاب مالك، غير ابن عبد الحكم وله ومن غيرهما المعتبر قيمته. ابن رشد: لا يقوم إلا بالدراهم كان البلد تجري فيه الدنانير أو لا يجري فيه أحدهما، وإنما التعامل فيه بالعرض، هذا مذهب مالك، وهو ظاهر المدونة، ونص الموازية. وقال الأبهري وعبد الوهاب بأغلبها في البلد. وقول عبد الحق عن بعض شيوخ صقلية: إن كانت السرقة ببلد؛ إنما التعامل فيه بالعروض قوم في أقرب البلدان إليه، التي يتعامل فيها بالدرام خطأ صراح، إذا قد تكون ببلد السرقة كاسدة، لا قيمة لها به في بلد الدراهم قيمتها كثيرة، فيؤدي إلى قطع اليد في أقل من نصاب.

اللخمي: إن كانت تقوم بها جميعاً، فالمعتبر قيمتها بأحدهما إلا أن يقل بيعا بأحدهما، والقياس الرجوع إلى نصاب الذهب. الباجي عن محمد: ما اعتبر به النصاب من ذهب إلى فضة، إنما ينظر إلى وزنه دنياً أو جيداً نقدياً كان أو تبراً. قال عيسي عن ابن القاسم: وإن لم يجز بجواز العين. قال عيسي: أو حلياً، ولا ينظر إلى قيمته؛ يريد: إلى ما يزيد لصناعته. ابن رشد: إن كان مغشوشين بالنحاس، لم يقطع في النصاب منهما، إلا أن يكون النحاس الذي فيهما يسيراً جداً لا قدر له. الباجي: إن كانت الدراهم تجوز عدداً، فإن نقص كل درهم خروبة، أو ثلاث حبات، وهي تجوز، فلا قطع فيها حتى تكون قائمة الوزن. قال محمد عن أصبغ: فأما مثل حبتين من كل درهم، فإنه يقطع. وحكاه اللخمي: قال: درء الحد أحسن، ولم ذكر ابن رشد في رسم أخذ يشرب خمراً، من سماع ابن القاسم، قول أصبغ قال: ومعناه إن جازت بجواز الوازنة؛ لأن الحبتين مما يمكن أن يختلف فيه الموازين، فإن قل النقصان وجازت بجواز الوازنة؛ قطع بلا إشكال وإن كثر، ولم تجز بجواز الوازنة، فالصواب عدم القطع على قياس قولهم في الزكاة. الباجي: وقال أشهب: إن كانت الدراهم مقطوعة، لم يقطع في ثلاثة دراهم منها. قال محمد: إذا لم يكن معها نقصها، وأما الذهب فلا يقطع في أقل من ربع دينار منها. الشيخ عن الموازية: ويقطع في البقل، إن لم يكن قائماً، وحصد وأحرز، ويقطع في كل شيء حتى الماء، إذا كان أحرز لوضوء أو شرب أو غيره، وحتى الحطب والعلف والتبن والورد والياسمين والرمل والرماد إذا ساوي ثلاثة دراهم، وسرق من حرز ونقله الباجي وغيره.

باب في المعتبر في المقوم

[باب في المعتبر في المقوم] والمعتبر في المقوم منفعته المباحة: الشيخ في الموازية: من سرق حماماً عرف بالسبق أو طائراً، عرف بالإجابة، إذا دعي، فأحب إلى أن لا يراعي إلا قيمته على أنه ليس فيه ذلك، لأن ذلك من اللعب والباطل. اللخمي: إن كان القصد في الحمام ليأتي بالأخبار لا اللعب قوم على ما علم منه من الموضع الذي يبلغه، وتبلغ المكاتبة إليه، ومثله للتونسي، وهو دليل تعليل محمد. اللخمي: إنه كان بازياً أو طيراً معلماً؛ ففي الموازية يقوم على ما هو عليه من التعليم، لأنه ليس من الباطل. وقال أشهب: يقوم على أنه غير معلم، والأول أحسن؛ إلا أن يكون في قوم يريدونه للهو. زاد الشيخ في روايته: وهو نحو قول مالك، وأداء المحرم إياه إذا قتله. قلت: والأظهر في الطيور المتخذة، لسماع أصواتها لغو حسن أصواتها في تقويمها. وفي الجلاب مع غيره: المعتبر قيمتها يوم السرقة، لا يوم الحد. [باب فيمن يقوم السرقة] وفيها: ويقوم السرقة أهل العدل والنظر، قيل: فإن اختلف المقومون، قال: إن

اجتمع عدلان بصيران أن قيمتها ثلاثة دراهم قطع، ولا يقطع بتقويم رجل واحد، ومثله سمع عيسي ابن رشد، معناه في الاختيار إلا أنه لا يجوز إلا ذلك، لأنه كل ما يبتدئ فيه القاضي السؤال فالواحد يجزئ، لأنه من باب الخبر لا الشهادة. وقال اللخمي في مختصر الوقار لمالك: إن قومت بثلاثة دراهم، وقومت بدونها لم يقطع، وهو أبين، ولم يحكه ابن رشد. وفيها: من سرق ثوباً لا يساوي ثلاثة دراهم، وفيه دنانير أو دراهم مصرورة، ولم يعلم أن ذلك فيه. قال مالك: أما الثوب وشبهه مما يعلم الناس، أن ذلك يرفع في مثله، فإن يقطع، ولو سرق شيئاً لا يرفع ذلك فيه كالحجر والخشبة والعصا، لم يقطع إلا في قيمة ذلك دون ما رفع فيه من ذهب أو فضة. اللخمي: قوله في الثوب بما يعلم أن ذلك يرفع في مثله، يريد: مثل المصر وشبهه، ولو كان قميصاً خلقاً. وقال: لم أعلم بما فيه حلف، ولم يقطع ليلاً أخذه أو نهاراً، ويصدق في العصا إن أخذها ليلاً أو لا نهاراً؛ لأنه لا يخفي إلا أن يكون أخرجها من مكان مظلم، ولو كان الذهب قد نقر له في خشبة؛ صدق أخذه ليلاً أو نهاراً. الصقلي: قال بعض فقهائنا: من سرق ثوباً يعلم أنه لا يصر ذلك فيها، لدناءتها لم يقطع بما فيها، إذا لم يعلم به. ابن حبيب عن أصبغ: من سرق ليلاً عصا مفضضة، وفضتها ظاهرة. وقال: لم أر الفضة بالليل، فإن يري أنه لم يرها، لم يقطع. وأخذ ابن رشد من مسألة المدونة، مثل قول ابن كنانة بعدم حنث من حلف: لا أخذ من فلان درهماً، فأخذ منه ثوباً فيه درهم مصرور، لم يعلم به فرده لا حنث عليه، إن كان لا يسترفع في مثله، يرد بأن الحد يدرأ بالشبهة، والحنث يقع بأدني سبب. وسمع أشهب: في السارق يجد القمح في البيت، فينقل منه قليلاً قليلاً، لا يقطع فيه، ويجتمع منه ما يجب فيه القطع يقطع.

ابن رشد: لأنه لما رأي جميعه؛ قصد أخذ جميعه بقصد واحد، وليس بخلاف لسماع أبي زيد. ابن القاسم: إن دخل السارق البيت في ليلة واحدة عشرين مرة، يخرج كل مرة ما لا قطع فيه، وفي جميعه ما يجب القطع فيه، لا يقطع لاحتمال أن ما أخذه ثانياً لم يقصد أخذه عندما أخذ ما قبله. وقال سحنون فيه: إنه يقطع، إن كان في فور واحد، فلم يصدقه في تعدده قصده وصدقه. ابن القاسم، قال سحنون فيه: أنه يقطع، أراد أن يحتال، فاحتيل عليه. قلت: فالخلاف في هذا خلاف في حال. اللخمي: إن أخرج جميعهم سرقة حملوها لا يستطاع إخراجها، إلا بجماع 7 تهم قطع ببلوغها ربع دينار شفقط، وإن كانت خفيفة؛ خرج بها جميعهم، مع القدرة على أن يخرج بها أحدهم. فقال مالك وابن القاسم: لا يقطعون إن كانت قيمتها ثلاثة دراهم فقط. وحكي ابن القصار: أن الخفيفة بمنزلة الثقيلة. اللخمي: ولو كان شيئاً لا يقدر على إخراجه اثنان؛ فخرج به أربعة جرت على الخلاف في الخفيفة، والقياس في الثقيلة التي لا يحملها إلا جميعهم اعتبار النصاب في حق كل واحد منهم؛ لأنه الذي ينوبه مما حمل، ولأن القطع فرع عن ما يغرمه. وقول مالك: أن على كل واحد ربع قيمة ذلك قياساً على شهود الزنا على محصن، يرجع أحدهم لا يغرم إلا ربع الدية، وهو لم يقدر على قتله إلا بشهادة أصحابه، فإن حملوها على أحدهم، ولا يقدر أن يحملها إلا بتحملهم قطع الخارج بها. وقال ابن القاسم: يقطع الذين حملوها عليه، كما لو حملوها على دابة وقال أبو مصعب: يقطع الخارج بما وحده، ووافق إذا حملوها على دابة؛ إنهم يقطعون، واختلف في هذا الأصل، إذا قربوا المتاع إلى النقب، فأدخل الخارج يده، وأخذ المتاع أو ربطوه فجره الآخر.

قيل: يقطعون جميعاً وقيل لا يقطعون، لأن معونتهم كان داخل الحرز. قال ابن الحاجب: ولو اشترك اثنان في حمل نصاب، فثالثها: إن كان لا يستقل آخذها قطعاً. قلت: الثاني لا أعرفه، إلا لاختيار اللخمي. وفيها: إن سرق رجل مع صبي أو مجنون ما قيمته ثلاثة دراهم؛ لم يقطع واحد منهما. قلت: لأن الصبي والمجنون كالعدم، فشرط السرقة موجود، وهو الحقيقة، والأب لكونه كابنه بتبع الخفية، وكذا سرقته مع من لا قطع عليه وفاقاً وخلافاً، قاله اللخمي. وفيها: إن سرق منك أجنبي مع عبدك، أو أجيرك الذي ائتمنته على دخول بيتك، لم يقطع واحد منهما، وإن تعاونا في السرقة، ومثله سمع أبو زيد. قال ابن رشد: يريد في البيت غير محجوب عن العبد. قلت: ومثله للخمي عن محمد. قال ابن الحاجب: ولو سرق ملكه من المرتهن أو المستأجر أو ملكه بإرث، قبل فصله من الحرز؛ فلا قطع، ولا أعرفه بنصه، إلا لابن شاس، وهو نص الغزالي في الوجيز، ومقتضي مسائل المذهب تدل على صحته: منها عدم قطع الوالد في سرقته من مال ولده. ومنها قولها: لا قطع في سرقة السيد من مال مكاتبه، أو مكاتب ابنه؛ لم يقطع. ومنها قولها: وإن سرق متاعاً، كان أودعه رجلاً فجحده إياه، فإن أقام بينه أنه استودعه هذا المتاع نفسه؛ لم يقطع. وفي العافي لأبي عمر: روي ابن القاسم: القطع على من سرق من مال غريمه مثل دينه، وخالفه أصحاب مالك وغيرهم، بتحويزهم لذي الحق، أخذ ماله من غريمه كيفما أمكنه. ورواه زياد وابن وهب عن مالك، ونقله ابن شاس: بقيد غريمه المماليك غير مقر،

وكأنه المذهب تابعاً للفظ الغزالي في الوجيز. اللخمي: في ترجمة الجماعة يدخلون البيت للسرقة: في لو دخل رجل على السارق فباعه ثوباً فخرج به مشتريه، ولم يعلم أنه سارق لم يقطع واحد منهما. وللشيخ في ترجمة الجماعة: يشتركون في السرقة، عن الموازية: إذا دخل رجلان الحرز فسرق أحدهما ديناراً فقضاه للآخر، أو أودعه إياه، قبل أن يخرجا؛ فإنما القطع على من خرج به، وكذا إن كان ثوباً، فباعه منه في الحرز. وفيها: من أقر أنه سرق من فلان شيئاً، وكذبه فلان، فإنه يقطع بإقراره، ويبقي المتاع له إلا أن يدعيه ربه، فيأخذه. وفيها: ومن شهدت عليه بينة أنه سرق هذا المتاع من يد هذا، فقال السارق: حلفوه أنه ليس لي، فإنه يقطع، ويحلف له الطالب ويأخذه، فإن نكل حلف السارق وأخذه. وذكرها عياض بزيادة: ولم تقطع يده، وقال: كذا ثبتت المسألة في بعض الأصول. وفي كتاب ابن المرابط، واختصار ابن أبي زمنين، ولم يذكر ابن أبي زيد قوله: ولم تقطع، وهو في كتاب ابن عتاب على قوله: ولم تقطع، ولم تكن في أصله، وكانت عنده مخرجة. وقال: أوقفها سحنون، وسقطت في كثير من الأصول، وقرأها ابن لبابة، وأنكرها العتبي. وحكي اللخمي: أن في بعض روايات المدونة: وتقطع يده، وفي بعضها: ولم تقطع يده، واختصرها كثير، ولا بد من قطعه، ويحلف له الطالب ويأخذه، فإن نكل حلف السارق وأخذه. واختلف في غير المدونة: إن صدقة رب المتاع هل يقطع؟ وهو قول ابن القاسم أو لا؟، وهو قول عيسي. وعن ابن القاسم: لا يمين على رب المتاع. ابن أبي زمنين: هو الأشبه بأصولهم. الصقلي عن محمد: لو أقام المشهود عليه شاهداً عدلاً أن المتاع له؛ قضي له به مع

يمينه وقطع. قلت: على قول عيسي: لا يقطع، هو أحرى لنفي تهمة الشاهد. وفيها: إن أخذ في جوف الليل، فقال: فلان أرسلني إلى منزله فأخذت له هذا المتاع، فإن عرف منه انقطاع إليه، وأشبه ما قال لم يقطع، وإلا قطع ولم يصدق. الباجي: فسر أصبغ قوله، وأشبه ما قال في الواضحة: بأن يدخله في مدخله غير مستتر، وفي وقت يجوز أني رسله فيه، ولو أخذه مستتراً، ودخل من غير مدخله، أو في حين لا يعرف قطع. وقول ابن الحاجب بعد نقله بقيد أصبغ، وقيل: متي صدقه لم يقطع. الشيخ: روي محمد: لا قطع في الميتة، ولا في الخمر، ولا في الخنزير، وإن سرقه من ذمي، إلا أنه يغرمه في ملائه وعدمه، مع وجيع الأدب. الشيخ: عن أصبغ، عن ابن القاسم: من سرق شيئاً من الملاهي مزماراً أو عوداً أو مثل الدف والكبر؛ لم يقطع إلا أن يكون في قيمته بعد إفساده ربع دينار. ثم قال: وقال ابن القاسم في الكتابين: يعني الواضحة والعتيبة، وأما الدف والكبر؛ فإن كان في قيمتهما صحيحين ربع دينار قطع. قال ابن رشد: لا خلاف في ترخيص اللعب بالدف، وهو الغربال. واختلف قول ابن القاسم في الكبر. الباجي وغيره، لا قطع في جلد ميته، لم يدبغ والمدبوغ. قال أشهب: يقطع. وقيل: إن كان قيمة ما فيه من الصنعة ثلاثة دراهم؛ قطع. وقال مالك: لا قطع في الميتة. قلت: ألقول الثاني هو قولنا. وذكر ابن شاس القولين الأولين: قال: وروري أنه لا يقطع في جلد ميتة أصلاً. وسمع عيسي ابن القاسم: من سرق جلد ميتة مدبوغاً، قطع إن بلغ ما يقطع فيه.

وقال ابن القاسم في غير هذا الكتاب: إن كان فيه من الصنعة، ما يكون قيمته ثلاثة دراهم قطع، وإلا لم يقطع. ابن رشد: قوله: إن بلغ ما يقطع فيه قطع؛ يدل على جواز بيعه. والقول الثاني: هو قوله في المدونة، وفيه نظر؛ لأن الصنعة مستهلكة لا يمكن أن تفصل منه فتملك. ألا تري أنه على قوله وروايته: أنه لا يطهر إلا بالدباغ، إلا للانتفاع به؛ فلا يجوز بيعه أصلاً، ولا بقيمة ما فيه من الصنعة. فالقياس على عدم بيعه: أن لا قطع فيه بحال. ولو قيل: أنه لا يقطع على مذهب من يجيز بيعه، مراعاة لقول من لا يجيز بيعه؛ لكان لذلك وجه، ويتحصل فيه على هذا ثلاثة أقوال. وفي تعليقه أبي عمران في قيمة الدبغ، قال: يقال: ما قيمته أن لو جاز بيعه للانتفاع، وما قيمته مدبوغاً، فما زاد فهو قيمة الدبغ. قلت: ظاهر لفظ المدونة: أني قال: ما قيمة دبغه فتأمله. الباجي: لا قطع في الكلب المنهي عنه، وفي كلب الصيد والماشية قولاً ابن القاسم وأشهب، قائلاً: وإن كنت أنهي عن بيعه. الشيخ: لأشهب في الموازية: من سرق زيتاً ماتت فيه فأرة، قطع إن كان يساوي، لو بيعه ثلاثة دراهم. قلت: وعلى قول ابن القاسم في الكلب المأذون لا يقطع. الباجي: من سرق لحم أضحية أو جلدها، فقال أشهب: يقطع فيه. أصبغ: إن سرقها قبل الذبح قطع، وبعده لا يقطع؛ لأنها لا تباع في فلس، ولا تورث إلا للأكل، وإن سرقها ممن تصدق بها عليه قطع؛ لأن المعطي ملكها. قلت: تقدم في جواز بيعه إياها خلاف، والهدي بعد تقليده وإشعاره، كالأضحية بعد الذبح، ولم يعز اللخمي الثاني إلا لابن حبيب. وفيها: من سرق شيئاً من سباع الطير بازياً أو غيره قطع، وأما سباع الوحش التي

لا تؤكل لحومها إذا سرقها، فإن كان في قيمة جلودها إذا ذكيت دون أن تدبغ ثلاثة دراهم قطع؛ لأن لربها بيع جلود ما ذكي منها، والصلاة عليها، وإن لم تدبع. اللخمي: قال ابن حبيب: بيع جلود السباع العادية، والصلاة عليها حرام، وعليه لا يقطع سارقها، وعلى الأول في اعتبار قيمة الجلد بعد الذبح أو قبله، قولان لابن القاسم. فيها: والصقلي عن محمد عن أشهب؛ والمراد ببعد الذبح، بعد السلخ. وفيها: إن سرق الشريك من متاع الشركة مما قد أغلقا عليه لم يقطع، وإن كان بعد أن أودعاه رجلاً قطع، إن كان فيما سرق من حظ شريكه، ما قيمته ربع دينار فضلاً عن حصته. اللخمي: إن أغلقا على مال شركتهما، وأودعا مفتاحة رجلاً كان كإبداعها إياه، وإن جعلا مفتاحه عند أحدهما؛ فلا قطع في سرقة من المفتاح عنده منه، وإن سرق منه الآخر، فإن كان ذلك احترازاً منه قطع، وإن كان لأنه لا بد أن يبين به أحدهما؛ لم يقطع، ومثله لو كان المفتاح في دار أحدهما. وفي اعتبار النصاب من حظ شريكه في كل المال، أو في المسروق فقط، قولاً مالك وأصبغ، مع أشهب وعبد الملك. اللخمي: هذا إن كان المسروق مكيلاً أو موزوناً، وإن كان من ذوات القيم، فمن حظه في المسروق فقط. وفي عتقها الثاني: من وطئ أمة من الغنيمة، أو سرق منها بعد أن تحرز قطع. وقال غيره: لا يحد للزنا، ويقطع إن سرق فوق حقه بثلاثة دراهم؛ لأن حقه فيها واجب موروث، بخلاف حقه في بيت المال؛ لأنه لا يورث عنه. الصقلي: هذا في الجيش العظيم، الذي لا يعرف عدده؛ لأن حظه منه غير معلوم، وأما في السرية الصغيرة التي حصته منها معلومة، فلا يحد للزنا اتفاقاً، ويقطع إن سرق فوق حقه من الغنيمة كلها بثلاثة دراهم. واختلف قول سحنون قال مرة: فوق حقه من كل الغنيمة، وقال مرة: فوق حقه

من المسروق. وكذا اختلفوا في الشريك يسرق من متاع أودعاه. قلت: ظاهرة سواء كان المال من ذوات الأمثال أو القيم، خلاف ما تقدم للخمي، ولا قطع على أحد الأبوين في سرتقه من مال ولده. والمعروف فيها مع غيرها: غيره بخلاف العكس. اللخمي: اختلف إن سرق الابن من مال أبيه، أو زني بجاريته، فذكر معروف المذهب. قال: وذكر ابن خويز منداد عن أشهب، وابن وهب أنهما قالا: لا يحد ولا يقطع. وقال ابن القصار: يقطع إن سقطت نفقته عن أبيه، يريد: إن كان ممن لا تسقط نفقته كالبكر، ومن بلغ زمناً لم يقطع، وهذا صحيح؛ لأن الإنفاق شبهة فيه قياساً على سرقة الأب من مال ولده، وإن سرق من مال أمه، أو زني بجاريتها حد، إذ لا شبهة له، وإذا سرق من مال جده أو جدته؛ قطع. وسمع ابن القاسم: إن سرق العبد من مال ابن سيده؛ قطع. ابن رشد: رأيت لأحمد بن خالد قال: أخبرني إبراهيم بن محمد بن باز، قال: سئل يحيي بن يحيي عن عبد سرق من مال ابن سيده؟ قال: إن كان في حضانة أبيه؛ لم يقطع، وإن كان بان عن قطع، فأخبرت سعيد بن حسان بقوله فما أعجبه. قال إبراهيم: فلما رحلت سألت عنها سحنوناً فقيه القيروان، فقال: روي ابن القاسم: يقطع، وروي ابن وهب: لا يقطع. وسمع محمد بن خالد ابن القاسم: لا يقطع العبد في سرقته من مال ابنه الحر أو العبد. قلت: وفي تعقب إسماعيل القاضي، سماع ابن القاسم بقوله صلي الله عليه وسلم (أنت ومالك لأبيك) نظر للاتفاق على حمل الحديث على ظاهره، وأن معناه إثبات الشبهة للأب

باب الحرز

في ملك ابنه، ولا يلزم من عدم حد العبد في سرقته من مال سيده عدم حده. فيها: ليس ملك سيده، وإنما له فيه شبهه فقط. وقال ابن رشد: وجه القول أنه لا يقطع في سرقته من مال ابن سيده، قوله في الحديث (أنت ومالك لأبيك)، وهو ضعيف؛ لأنه إنما لم يقطع العبد في سرقته من مال سيده، إذا لا يجتمع على السيد عقوبتان: ذهاب ماله، وقطع يد غلامه؛ ووجه تفرقة يحيي: أنه إذا كان في حضانته؛ فهو الحائز لماله. وقد قال في الموازية: إن سرق العبد من وديعة، كانت عند سيده لأجنبي، فأحري لما حازه لابنه. في الكافي لأبي عمر: رأي ابن القاسم القطع على من سرق من مال غريمه، مثل دينه، وخالفه أكثر الفقهاء من أصحاب مالك وغيرهم؛ لتجويزهم لذي الحق أخذ ماله من غريمة كيف ما أمكنه. ورواه زياد بن وهب عن مالك، ونقله ابن شاس: بقيد غريمة المماطل غير معزو، كأنه المذهب تابعاً للفظ الغزالي في الوجيز. الشيخ: لعيسي عن ابن القاسم: من سرق من جوع أصابه؛ لا قطع عليه. ابن حبيب عن عمر: لا قطع في سنة. [باب الحرز] الحرز: ما قصد بما وضع فيه حفظه إن استقل بحفظه، أو يحافظه غيره، إن لم يستقل. وفيها: من سرق متاعاً من الحمام؛ فإن كان معه من يحرزه قطع، وإلا لم يقطع، إلا أن يسرقه من لم يدخل الحمام من مدخل الناس من بابه، مثل أن يتسور أو ينقب ونحوه ذلك، فإن يقطع، وإن لم يكن مع المتاع حارس، ونحوه سمع ابن القاسم. ابن رشد: إن كان مع الثياب من يحرسها، فلا قطع على من سرقها حتى يخرج بها من الحمام، على قياس قوله في السرقة من بيت في الدار المشتركة، إذا دخل للتحمم، لأنه

قد أذن له في ذلك بخلاف من سرق من المسجد، يقطع إذا أزال ما سرقه من موضعه، وإن لم يخرج به من المسجد. وأما من دخل للسرقة، فأخذ بها قبل أن يخرج من الحمام، فيجري على الخلاف في الأجنبي يسرق من بعض بيوت الدار المشتركة بين الساكنين، فيدخل في الدار قبل أن يخرج. عبد الحق: ذكر النسائي عن سفيان بن عيينة، عن يحيي بن سعيد، عن محمد بن يحيي بن حبان، عن عمه واسع بن حبان، عن رافع بن خديج، قال: سمعت رسول الله صلي الله عليه وسلم يقول: (لا قطع في كثر) - والكثر: الجمار - كذا رواه سفيان، ورواه غيره، فلم يذكر واسع بن حبان، ولم يتابع سفيان على روايته إلا حماد من دليل، فإنه رواه عن شعبه عن يحي بن سعيد، مثل رواية سفيان ومحمد بن يحيي بن حبان لم يسمع من رافع. وفي حديث عمرو بن شعيب عن أبية عن جده: (من سرق شيئاً من الثمر المعلق بعد أن يؤويه الجرين، فيبلغ ثمن المجن فعليه القطع). وفي اللقطة منها: ولو خرجت امرأة من بيتها، وأغلقت على متاعها الباب، فسرق من سارق، وترك الباب مفتوحاً، فسرق ما بقي بعده ضمنه، وكذلك الحوانيت. وفي سرقتها: ويقطع من سرق من الحوانيت والمنازل والبيوت والدور، حرز لما فيها، غاب أهلها أو حضروا، ويقطع من سرق ما وضع في أفنية الحوانيت. اللخمي: يريد إذا كان معه صاحبه، وسرق منه من لم يؤذن له في تقليبه، واختلف

إن غاب عنه أو باب فيه، ففي المدونة: يقطع. وفي الموازية: مثل القطاني يبيعونها في القفاف، ولهم حصر يغطونها بأفنية حوانيتهم، فقام صاحبه لحاجة، وتركها على حالها، لا قطع على من سرق منها، وفرق بين من خف في نقله وثقل، كقوله في التابوت بقاعة الدار ليس صغيرة ككبيرة، وما بالقفاف يثقل نقله في قيام ربه، ولم يقله في تابوت الصيرفي، ولو كان مبنياً لخفه ما فيه، ولو كان غير مبني فنسيه؛ لم يقطع لعدم قصد كون محله حرزاً. الشيخ عن الموازية: وكذا الأمتعة توضع للبيع والطعام في القفاف، ولهم حصر يغطونها بالليل وهم بأفنية حوانيتهم، وربما ذهب وتركه فمنم سرق منه قطع. قال ابن القاسم وأشهب: وكذا ما وضع في الموقف للبيع من متاعه في فناء حانوته وله حصر من قصب، وربما أغلق الباب وذهب. قال: وتابوت الصيرفي يقوم ويتركه بموضوعه؛ فيسرق ليلاً أو نهاراً مبنياً كان أو غير مبني، ولو كان شأنه أنه ينصرف به كل ليلة فنسيه فسرق؛ فلا قطع فيه. قلت: وهذا خلاف ما نقله اللخمي عن الموازية. الشيخ: وروي محمد: ما وضع في السوق للبيع من متاع أوشاة؛ قطع سارقه، ولو كان على قارعة الطريق من غير تحصير ولا حصير، كان ربه عنده أو قام لحاجة وتركه ليلاً أو نهاراً. وفيها: والدار المشتركة المأذون فيها، إذا سرق رجل منها دواباً من مرابطها، قطع. الصقلي عن محمد: وإن أخذ في الدار، إذا جاوز بها مرابطها، وكذا الأعكام من الثياب والأعدال، والشيء الثقيل قد جعل ذلك موضعه، هو كالدابة على مدودها يقطع إذا برز به من موضعه، وما جعل في قاعتها من متاع ليرفع؛ لا قطع فيه حتى يخرجه من الدار، إلا أن يكون مأذوناً فيه لكل أحد كالقياصير، فلا قطع في هذا المتاع. الصقلي: تلخيص قولها في الدور ثلاثة أقسام: الأول: المشتركة المأذون فيها لساكنها فقط، من سرق من سكانها من بيت محجور

عنه؛ قطع بإخراجه المتاع إلى الساحة، وإن سرق من الساحة لم يقطع، ولو خرج به من جميع الدار، ومن سرق من غير سكانها لم يقطع، إلا بإخراجه من جميع الدار سرقة من البيت أو الساحة، قال سحنون. وقال محمد: يقطع إذا أخرجه من البيت إلى الساحة، وإن سرقة من الساحة لم يقطع حتى يخرجه من جميع الدار. الثاني: المشتركة المباحة لكل الناس بيوتها كبيوت السكة النافذة، وساحتها كالسكة النافذة من سرق من بيوتها، قطع بإخراج السرقة من البيت، كان من سكانها أو غيرهم. الثالث: المأذون فيها الغير مشتركة، إن سرق منها من أذن له فيها من بيت حجر عليه، فأخذ في الدار أو بعد أن خرج منها لم يقطع، وقيل يقطع إذا أخرجه من البيت. وفيها: من سرق ما وضع في الموقف للبيع قطع، وإن لم يكن هناك حانوت كان معه ربه أو لا سرقة في ليل أو نهار. الشيخ عن الموازية: والشاة توقف في السوق للبيع من سرقها قطع، وإن لم تكن مربوطة. اللخمي: وإذا وقفت غنم للبيع فسرق منها من أذن له في تقليبها؛ لم يقطع، وإن لم يؤذن له قطع، وإن تعامل عليه رجلان؛ فكان أحدهما يسوم ويقلب، والآخر يسرق قطع الذي سرق وحده. وقال مالك: في الشاة تسرق من سوق الغنم يوقفها ربها للبيع، فيها القطع، وإن لم تكن مربوطة. وقال أبو مصعب: من سرق شاة مربوطة من السوق قطع، والأول أحسن إن لم يذهب ربها عنها، فإن لم يكن معها لم يقطع في الشاة الواحدة؛ لأن الغالب أنها لا تثبت بموضعها، ولأنها مما يخف نقلها، ولو كانت غنماً كثيرة قطع؛ لأن الغالب ثبوتها ولا يخف نقلها. وفيها: وكذا لو كان للدوماب مرابط معروفة في السكة من سرقها من مرابطها

قطع؛ لأن ذلك حرزها. قلت: وعليه يجب حمل كلام ابن الحاجب، ومواقف الدواب المتخذة لذلك كذلك أي: المتخذة لوقفها، وقوله: كذلك إشارة لقوله: ومواقف البيع حرز للمبيع وإن غاب أهله. وفي قول ابن عبد السلام: قوله: المتخذة لذلك أي: للبيع بعد فتأمله. وفيها: والدابة بباب المسجد أو في السوق، إن كان معها من يمسكها قطع وإلا فلا لابن الحاجب، وظهور الدواب حرز فحمله ابن هارون على ظاهره من غير تقييد. وقال ابن عبد السلام: كذا قال في المدونة، وظاهر سياق الكلام هناك أن ذلك مشروط بما إذا كان معه ربه ما لم يخرج إلى الخلسة. قلت: فيما قاله نظر لأن لفظ المدونة: والدور حرز لما فيها غاب أهلها أو حضروا وكذلك ظهور الدواب. وبهذا اللفظ نقلها الصقلي ولم يقيدها. وفي المدونة بعد ذلك ما نصه: من سرق عن محل شيئاً مستتراً أو أخذ من على البعير غرائر أو شقها فأخذ منها متاعاً أو أخذ ثوباً من على ظهر البعير مستتراً قطع في ذلك كله إن بلغ ثمنه ما فيه القطع. قلت: وليس في قولها مستتراً ما يدل على شرط كون ربه معه فتأمله. وسمع أشهب: من سرق من المحمل وليس صاحبه فيه، فعليه القطع إلا أن يكون مخلي هكذا فلا قطع. ابن رشد: المحمل على البعير كسرج الدابة، فمن سرقه من عليه أو سرق شيئاً منه قطع إلا أن يكون مخلي في غير حوز ولا حارز؛ فلا قطع فيه كما لو سرقه بمحمله. وفيها: إذا وضع المسافر متاعه في خبائه أو خارجاً منه، وذهب لحاجته فسرقه رجل أو سرق لمسافر فسطاطاً مضروباً بالأرض قطع، والرفقة في اللسفر ينزل كل واحد على حدته إن سرق أحدهم من الآخر قطع كأهل الدار ذات المقاصير سرق أحدهم من بعضها ومن الغير ثوبه بالصحراء، وذهب لحاجته؛ وهو يريد الرجعة لأخذه فسرقه رجل سراً، فإن كان منزلاً له قطع سارقه، وإلا لم يقطع.

الصقلي: لمحمد عن أشهب: إن طرحه بموضع مضيعة فلا قطع فيه، وإن طرحه بقرب منه أو من خبائه أو خباء أصحابه، فإن كان سارقه من غير أهل الخباء قطع، وقاله يحيي بن سعيد. اللخمي: وقال محمد بن عبد الحكم: ليس في هذا كله قطع. وفيها: من احتل بعيراً من القطار في سيره وبان به قطع. اللخمي: وإن سبقت الإبل غير مقطورة لمن سرق منها قطع والمقطورة أبين، وكذا الزوامل. وكذا إن سيقت الإبل والدواب للرعي غير مقطورة من سرق منها قطع ما لم تنته للرعي والمقطورة أبين. وكذا إن رجعت من الرعي وهي تساق غير مقطورة قد خرجت من حد الرعي ولم تصل إلى مراحلها؛ فإنه يقطع سارقها. اللخمي: اختلف إن سرق منها وهي سائرة إلى الرعي أو راجعة منه ومعها من يسوقها، فقيل: يقطع وقيل: لا. وفيها: من سرق من سفينة قطع وإن سرق السفينة، فهي كالدابة تحبس وإلا ذهبت إن كان معها من يمسكها قطع سارقها وإلا فلا. وسمع عيسى ابن القاسم: إن سرق بعض أهل السفينة، وكل إنسان أحرز متاعه تحته، قال: زعم مالك إن سرق منه وهو عليه قطع، وإن سرق منه وقد قام عنه لم يقطع. ابن رشد: حكم السرقة منها بين أهلها كحكم السرقة من صحن الدار المشتركة بين السكان. فيها: إن سرق بعض الركاب فيها من متاع بعض، وهو على متاعه قطع، وإن لم يخرج بما سرق عن السفينة، وإن سرقه بعد أن قام عن متاعه لم يقطع، ولو خرج به عن السفينة. وإن سرق أجنبي متاعاً وصاحبه عليه قطع، ولو أخذ قبل خروجه من السفينة عن اختلاف، وإن سرقه صاحب المتاع ليس على متاعه لم يقطع اتفاقاً، وإن خرج بما سرق من السفينة قطع، وإن لم يكن صاحب المتاع على متاعه.

اللخمي: إن أرسيت في غير قرية. فقال ابن القاسم: إن نزلوا فربطوا وذهبوا لحاجتهم ولم يبق بينهم أحد؛ قطع سارقها. وقال أشهب في الموازية: لا قطع عليه كالدابة. يريد: إذا ربطت لموضع لم تعرف به ولو كان معها من يحرسها في البحر؛ قطع سارقها إن كانت في مرسى معروف، وإن كان فيها أحد قطع سارقها إن كانت في مرسى معروف، ولا يقطع إن لم تكن في مرسى معروف، كمن سرق دابة عليها ربها نائم؛ لأن صاحبها حرزها. وسمع ابن القاسم: من سرق من مطامير في الفلاة أسلمها ربها وأخفاها؛ فلا قطع عليه، وما كان بحضرة أهله معروفاً بيناً قطع سارقه. ابن رشد: لأن الأول لم يحرز طعامه بحال. قلت: فقول ابن شاس وابن الحاجب: والمطامير في الجبال وغيرها حرز إطلاقه خلاف المنصوص. وفيها: من سرق كفناً من الغير قطع، ومن نيش قبراً وسرق منه كفناً يساوى ربع دينار؛ قطع إذا أخرجه من القبر. الشيخ: روى محمد: يقطع السارق من القبر، ولا يقطع حتى يخرج من القبر، فيقطع والقبر حرز لما فيه كالبيت، وقاله ابن المسيب وعطاء وعمر بن عبد العزيز وربيعة. قلت: المسألة مشهورة في علم الخلاف. ابن شاس: ولو مات في البحر فكفن، وطرح في البحر؛ قطع من أخذ كفنه سواء شد في خشبة أم لا. قلت: لأنه قبره. وفيها: إن حل الطرار من داخل الكم أو من خارجه أو أخرج من الخف ثلاثة دراهم قطع.

عياض: الطرار هو الذي يطر ثياب الناس أي: يقطعها ويشفها عن أموالهم ليأخذها. الشيخ: قال في الموازية: من سرق رداؤه من المسجد، ولم يكن تحت رأسه، وهو قريب منه قطع سارقه إن كان منتبهاً، وكالنعلين بين يديه وحيث يكونان من المنتبه. قلت: قد قطع في ردائه صفوان وهو نائم، قال: كان تحت رأسه. ومسألة الحمام تقدمت عند رسم الحرز. وسمع عيسى: من سرق أبواب المسجد قطع. ولابن رشد في أول مسألة سماع ابن القاسم: من سرق شيئاً من سائر المساجد التي تغلق ليلاً أو نهاراً شيئاً مما هو متشبث به كجائزة من جوائزه أو باباً من أبوابه قطع. قلت: للشيخ عن الموازية: قال أشهب: لا قطع في بلاط المسجد. وقال أصبغ: فيه القطع. محمد: كما لو سرق بابه أو خشبه من سقفه أو من جوائزه. وفي القطع في قناديل المسجد. ثالثها: إن كان مسجداً تغلق عليه، للشيخ عن أصبغ مع ابن رشد عن أحد قولي ابن القاسم. والشيخ عن أشهب مع ابن رشد عن أحد قولي ابن القاسم: ونقل العتبي: من سرق من المسجد الحرام أو مسجد لا يغلق عليه لا قطع عليه. وفي حصره، ثالثها: إن كان تسور عليها ليلاً، ورابعها: إن خيط بعضها ببعض، وخامسها: إن كان عليها غلق. للشيخ عن أصبع مع أول سماع عيسى ابن القاسم ولأشهب، وثاني سماع عيسى ابن القاسم وسحنون، ونقل العتبي عن ابن القاسم المتقدم. الشيخ: لابن حبيب عن ابن الماجشون: والطنفسة يبسطها الرجل في المسجد لجلوسه إن جعلها كحصير من حصره، سارقها كسارق الحصير، وأما طنفسة يذهب بها، وبها يرجع وربما نسيها ربها بالمسجد؛ فلا قطع في ذلك، ولو كان على المسجد غلق؛ لأن الغلق لم يكن لأجلها، ولم يكلها ربها إلى غلق، وهو قول مالك. وسمع عيسى ابن القاسم: من سرق بساطاً من بساط المسجد التي تطرح في

رمضان إن كان عنده صاحبه حين سرقه قطع، وإلا لم يقطع. الشيخ: روى محمد في البيت يكون فيه قناديل المسجد أو حصره أو زكاة الفطر أو غير ذلك، من دخله بإذن لم يقطع فيما سرقه منه، ومن دخله بغير إذن قطع فيما سرقه منه، إذا خرج به من البيت إلى المسجد. ولابن رشد في أول سماع ابن القاسم: اختلف في الفطرة توضع في المسجد، قيل: حكمها حكم حصر المسجد، يدخل في ذلك من الخلاف ما في حصره إذا سرقت نهاراً، قاله أصبغ، وهو ظاهر قول ابن القاسم وروايته في سماع عيسى لقوله فيه: من سرقها قطع، وإن لم يخرج بها من المسجد. ولم يشترط أن يكون عليها حارس. وروى ابن حبيب: لا قطع على من سرقها نهاراً، إلا أن يكون عليها حارس. واختاره ابن حبيب؛ لأن المسجد ليس بموضع للفطرة يختص بها كالحصير. وسمع محمد بن خالد: من جعل ثوبه قريباً منه في المسجد وهو يصلي، فسرقه رجل قطع إذا هو قبضه، وإن لم يتوجه به ولو لم يقطع حتى توجه به أذن لم يقطع حتى يخرج به من المسجد. ابن رشد: لا أعلم فيه خلافاً. وسمع ابن القاسم: لا قطع على من سرق من حلي الكعبة؛ لأنهم يؤذن لهم في دخولها. ابن رشد: كان الحلي متثبتاً بما هو فيه أو موضوعاً بالبيت، ومن لم يؤذن له في دخوله قطع فيما سرقه منه ليلاً أو نهاراً إذا خرج به من البيت إلى موضع الطواف. الشيخ عن ابن الماجشون: من سرق من ذهب باب الكعبة قطع. وفيها: تقطع الزوجة إذا سرقت من مال زوجها من غير بيتها الذي تسكنه. اللخمي: إن سرق أحدهما من مال الآخر من موضع لم يحجر عليه لم يقطع، وإن كان من موضع محجور بائن عن محجور معهما في الدار والدار غير مشتركة، فقال ابن القاسم: يقطع. وفي الموازية: لا يقطع. وعدم القطع أحسن إن كان القصد بالغلق التحفظ من

أجنبي يطرقهما، وإن كان لتحفظ كل منهما من الآخر قطع، وإن سرق الزوج من شيء شورها به، ولم يبن بها؛ قطع على القول أنه وجب جميعه لها، وعلى القول أنه مترقب لا يحد، كما لو كانت أمة فأصابها. وفي لغو سرقة ذي رق من مال سيده مطلقاً وقطعه فيما حجره عنه، قولها مع المشهور. واللخمي عن أبي مصعب، مع مختصر الوقار، وربما أخذ من قولها: وإذا أقر عبد أو مدبر أو مكاتب أو أم ولد بسرقة قطعوا إذا عينوها، فإن ادعى السيد أنها له صدق مع يمينه، ومن مفهوم قولها في الجنايات. قال مالك: من باع عبداً سارقاً دلس فيه فسرق من المتاع فرده بالعيب، فذلك في ذمته إن عتق. ولو سرق من أجنبي مالاً قطع فيه فرده المبتاع؛ فهي جناية بخلاف سرقته من المبتاع؛ إذ لا يقطع فيها للإذن في الدخول ورد الأخذ من الأولى بأن قبول قول سيده كإقرار المسروق منه بالسرقة للسارق، ومن الثانية بأن هذا إنما هو لفظ البراذعي ولفظها في المدونة، لا يدل على ذلك؛ لأنه ما نصه قلت: من باع عبداً دلس فيه بسرقته فسرق من المشتري يكون ذلك في ذمته أو رقبته إن رده لسيده، قال: في ذمته إن عتق لأنه مأذون له في دخول بيت المشتري. فإن قلت: إنما الأخذ من مفهوم تعليل القطع بالإذن له في الدخول. قلت: لفظ البراذعي يقتضي التعليل بمطلق الإذن في الدخول فيتناول مسألة المشتري الراد بالعيب من مسألة مالك لا رد له فيه، ولفظ المدونة قاصر على مشتريه الراد له بالعيب، وهذا لا يدل على تناوله من ملك ولا راد له فيه؛ لأن على القول بأن الرد بالعيب نقض بيع فيصير المشتري كأجنبي سرق منه من أذن له في دخول بيته، ومفهوم هذا لا يدل على صحة أخذ المدعي أخذه بوجه فتأمله. وفيها: من جد ثوباً منشوراً على حائط بعضه بالدار وبعضه خارج عنها إلى الطريق أو سرق متاعاً من الضيع؛ لم يقطع.

وقال محمد: إن سرق بعضهم من كم بعض لم يقطع. اللخمي: القطع أحسن. وفيها: ومن أذنت له في دخول بيتك أو دعوته إلى طعام فسرقك؛ فلا قطع فيه وهذه خيانة. اللخمي: فيها لمالك: من أضاف رجلاً وأدخله داره وبيته وسرق، فلا يقطع. وقال سحنون: يقطع إذا أخرجه إلى قاعة الدار؛ لأن الدار عنده مشتركة. محمد: معنى قوله صلى الله عليه وسلم: "لا قطع في ثمر ولا كثر" الحرز لا غير. ومن سرق من ثمر دار معلق في رؤوس النخل قطع. اللخمي: فعليه إن كان النخل أو الكرم أو غيره من الثمار عليه غلق، ويعلم أنه من السارق أو لا غلق عليه، وعليه حارس قطع سارقه، قال: ولا قطع في الزرع إن كان قائماً. وعلى قول عبد الملك: لا قطع فيه، وإن كان في جرين أو إغلاق. قال محمد في زرع حصد وربط قتا، وترك في الحائط ليرفع إلى الجرين. قال مالك فيه مرة: يقطع سارقه وإن لم يكن عليه حارس. وقال أيضاً في زرع يحصد وبوضع بموضعه أياماً لييسبس لا قطع فيه. قال محمد: ولو حمل فسرق في الطريق قبل بلوغه الجرين قطع سارقه. الشيخ عن الموازية: من سرق قرط صبي أو شيئاً مما عليه، فإن كان صغيراً لا يعقل ولا حافظ له، وليس في حرز لم يقطع وإلا قطع، وإن كان ممن يعقل قطع سارق ذلك منه مطلقاً، وقاله أصبغ عن ابن القاسم. وروى ابن وهب: في السارق مما على الصبي إن كان من دار أهله قطع. ابن الجلاب: من سرق خلخالاً من رجل صبي أو قرطاً أو شيئاً من حليه؛ ففيها روايتان: إحداهما قطعه كان في دار أهله أو فنائهم، والأخرى أنه لا قطع عليه. قال الباجي: فأورد الروايتين على الإطلاق. ابن حارث: اتفقوا في السارق يؤخذ في الحرز قبل أن يخرج المتاع أنه لا قطع عليه.

وسمع عيسى ابن القاسم: إن دخل سارق بيت رجل فاتزر بإزار فأخذ في البيت ففر منهم والإزار عليه، وقد علم به أهل البيت أو لم يعلموا؛ لا قطع عليه. ابن رشد: لأنه لم يخرج به إلا مختلساً. قال ابن الحاجب: تبعاً لابن شاس: فلو نقب وأخرج غيره، فإن كانا متفقين قطعاً، وإلا فلا قطع على واحد منهما. قلت: لا أعرف هذا الفرع لأحد من أهل المذهب؛ وإنما ذكره الغزالي في وجيزة على أصلهم أن النقب يبطل حقيقة الحرز، ومسائل المدونة وغيرها تدل على أن النقب لا يبطل حقيقة الحرز، وقوله: إن تعاونا قطعا، مقتضى المدونة أنه لا يقطع إلا من أخرجه لقولها: لو قربه أحدهما لباب الحرز أو النقب فتناوله الآخر، قطع الخارج وحده إذ هو أخرجه، ولا يقطع الداخل. وهذه المسألة رد عليه في زعمه أن النقب يبطل حقيقة الحرز لقولها: لباب الحرز أو النقب وفي قوله: قطعاً، وقد تقدم لهما مسائل من هذا النوع، وفي إذافتها للمذهب مسائل الغزالي مع مخالفتها أصول المذهب، ولهذا كان كثير من متحققي شيوخ شيوخنا لا ينظر كتاب ابن الحاجب، ويرى قراءة الجلاب دونه. ولما ذكر اللخمي قولها في الذي قربه لباب الحرز أو النقب قال: وقال أشهب: يقطعان، ثم قال في الفصل بعينه، وقال مالك في المختصر: إذا قرب الداخل المتاع وأدخل الخارج يده فأخرجه لا يقطع الخارج، وأرى أنه لا يقطع حتى يجتمع الدخول وإخراج المتاع كما إذا رمى بالمتاع وأخذ قبل أن يخرج. قلت: يتحصل فيها ثلاثة أقوال. وفيها: وإن دخل الحرز فأخذ متاعاً فناوله رجلاً من الحرز قطع الداخل وحده أخذ في الحرز أو بعد أن خرج. ابن حارث: اتفقوا في السارقين يكون أحدهما من داخل الحرز والآخر من خارجه، فيخرج الداخل يده إلى خارج بالمتاع فيتناوله الخارج أنه لا قطع على الخارج، قال: فلو أدخل الخارج يده إلى داخل الحرز فأعطاه الداخل المال.

فقال ابن القاسم: يقطع الخارج. وقال أشهب: يقطعان معاً. وفيها: ولو ربطه الداخل بحبل وجره الخارج قطعاً. اللخمي: اختلف قول مالك: إذا ربطه الداخل وحده وجره الخارج إلى الطريق. وفيها: إن التقت أيديهما في المناولة في وسط النقب قطعاً معاً. اللخمي: هذا راجع لقول أشهب فيمن قرب المتاع إلى النقب، وأخرجه الخارج وكان الأصل على قول ابن القاسم إلا يقطع الداخل؛ لأن معونته في الحرز والنقب من الحرز إلا أن تتمادى معونته مع الخارج حتى أخرجاه من الحرز ونحوه للتونسي. وفيها: لو أخذ في الحرز بعد أن ألقى المتاع خارجاً منه فقد شك فيها مالك بعد أن قال لي: يقطع وأنا أرى أن يقطع. ونقلها اللخمي بلفظه. قال مالك يقطع، وقال أيضاً: لا يقطع. ونقلها الشيخ في النوادر بلفظ وقف فيها لا بلفظ شك. اللخمي: ولو رمى بالسرقة من حرز فوقعت في نار أو كانت زجاجاً فانكسرت فاختلف هل تقطع أو لا، والقطع أحسن. الشيخ عن عبد الملك: ما رمى به السارق فأتلفه قبل أن يخرج هو من الحرز إن قصد إتلافه، وكان كالأيسر من أخذه كرميه في نار عامداً، وهو مما لا تبقيه النار لم يقطع وما كان على غير هذا قطع. قال ابن الحاجب تابعاً لابن شاس: لو ابتلع درة وخرج قطع ولا أعرفها بنصها إلا للغزالي في الوجهين لكنه مقتضى قولها: إن دهن رأسه ولحيته في الحرز بدهن، ثم خرج فإن كان في الدهن إذا سلت ما يبلغ ربع دينار قطع وإلا فلا. وسمع أشهب: من أشار إلى شاة في حرز لم يدخله بالعلف فخرجت لا قطع عليه. قال أشهب وابن القاسم: يقطع. ابن رشد: سمع أبو زيد ابن القاسم مثل قوله هنا، وقول أشهب هو قول ابن الماجشون، وأنكر ذلك ابن المواز واختار قول مالك في إيجاب القطع عليه، وهو

الأظهر. قلت: كذا وجدته في نسختين من البيان، وهو مشكل لأن قول مالك؛ إنما هو عدم القطع للإيحاء به، وإنما يستقيم على نقل اللخمي. قال: قال في الموازية: وذكر المسألة أنه لا يقطع كمن أتى بإنسان فأرسله فأخرجها له لم يقطع المرسل، وكذا في إشارته إلى بازي أو صبي أو أعجمي. قال أشهب: في هذا كله يقطع وهو أحسن. قلت: وذكر الباجي عن أشهب في الموازية: أنه لا يقطع. قال: وقال عبد الملك: يقطع في ذلك كله. قال محمد: ولا يعجبنا. قاله في كلامه على قول مالك في الصبي الصغير والأعجمي. قال اللخمي: وقال يحيي بن يحيي عن ابن نافع في الأعجمي: إذا راطنه بلسانه حتى خرج إليه طوعاً لم يقطع. اللخمي: يريد إن دعاه ليخرج إليه ويذهب به فأصاعه، ولو غره فقال: بعثني سيدك لآتيه بك قطع. والمذهب: لا قطع في اختلاس وتقدم فرع العتيبة فيمن ائترز بثوب فأخذ في الحرز ففر به. الشيخ في الموازية: من ترك السارق يسرق متاعه وأتى بشاهدين ليعايناه ولو أراد أن يمنعه لمنعه؛ فلا قطع وقاله مالك. وقال أصبغ: يقطع زاد ابن شاس، وثالثها: التفرقة لبعض المتأخرين بين أن يشعر برؤيتهم له فيفروا؛ فلا يقطع لأنه مختلس وبين أن لا يشعر بذلك؛ فيقطع لأنه سارق، ولم يعزه ابن هارون إلا لمالك ولا أعرفه، وعزاه الأول لمحمد فقط وتقدم الخلاف في الصغير الذي لا يعقل يسرق من حرز. وفيها: من سرق صبياً حراً أو عبداً من حرزه قطع. الشيخ عن محمد: وقاله مالك وأصحابه.

باب في شرط قطع السارق

أشهب: إن كان الصبي يعقل والعبد يفضح؛ فلا قطع فيهما. وقال ابن الماجشون: لا قطع على من شرق حرا. ابن عمر: ويقول مالك قال الثوري، وأبو حنيفة، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبو ثور، والحسن، والشعبي، والزهري، وقول ابن الحاجب، وقاله الفقهاء السبعة واختار اللخمي قول ابن الماجشون إلا أن يكون ذلك ببلد يخشى فيه سرقة أولادهم. [باب في شرط قطع السارق] ونصوص المذهب واضحة بأن شرط قطع السارق تكليفه حين سرقته. وفيها: إن دخل حربي بأمان فسرق قطع. اللخمي: وقال أشهب: لا قطع عليه إن سرق ولا على من سرق منه، وأن لا يقطع أبين إلا أن يبين له ذلك حين تأمينه، والقطع إن سرق منه أحسن. وفيها: ولا يقطع الصبي إذا سرق ولا المجنون المطبق، والذي يجن ويفيق إن سرق حال إفاقته قطع، وإن أخذ في حال جنونه استؤنى به حتى يفيق ثم يقطع، وإن سرق في حال جنونه لم يقطع. قال ابن الحاجب: فيقطع الحروالعبد والذمي والمعاهد، وإن كان المسروق لمثلها وإن لم يترافعوا. قلت: لأن حد القطع لله فقط، لا حق فيه للمسروق منه. [***** تثبت بالبينة كالإقرار بها طوعا

وفيها: وينبغي للإمام إذا شهدت بينة عنده على سارق أن يسألهم عن السرقة ما هي، وكيف هي، ومن أين أخذها، وإلى أين أخرجها، كما يسألهم في الزنا. قلت: وإتباع القرافي نظائر أبي عمران في اشتراط معية إتيان بينة السرقة للشهادة بها وهم وحكم رجوع المقر طوعا تقدم في الاقرار بالزنا. اللخمي: فيمن أقر بعد التجديد خمسة أقوال: مالك: لا يؤخذ به. ابن القاسم: إن خرج المتاع والقتيل؛ فإنه يقال إلا أن يقر بعد أمن من عقوبة أو يخبر بأمر يعرف به وجه ما أقر به؛ كأنه يريد إن أخرج المتاع أو القتيل بانفراده لا يؤخذ به إلا أن ينضاف إلى ذلك ما يدل على صحته كقوله: اجترأت أو فعلت فيذكر ما يدل على صدق اقراره. وقال مالك في الموازية: إن عين السرقة قطع إلا أن يقول دفعتها إلى فلان؛ وإنما أقررت لما أصابني ولو أخرج دنانير لم يقطع؛ لأنها لا تعرف. أشهب: لا يقطع ولو ثبت على إقراره إلا أن يعين السرقة، ويعرف أنها للمسروق منه. وقال سحنون: إن أقر في حبس سلطان بعد أن ألزمه إقراره وكيف ينبغي إذا حبس أهل الظنة ومن يستوجب الحبس إذا قر في حبسه أن لا يلزمه. قال: وإنما يعرف

باب موجب السرقة

هذا من ابتلي بالقضاء. وقول ابن شاس: ولو رد السارق اليمين فحلف الطالب ثبت الغرم دون القطع واضح؛ لأن النكول واليمين دون القطع؛ لأنه لا يثبت إلا ببينة أو إقرار. وفيها: إن أقر عبد، أو مكاتب، أو أم ولد بسرقة قطعوا إذا عينوا السرقة وأظهروها؛ فإن ادعى السيد أنها له صدق مع يمينه. قلت: في قبول قوله في المكاتب نظر. وفيها: إن شهد رجل وامرأتان على رجل بالسرقة؛ لم يقطع وضمن قيمة ذلك، ولا يمين على رب المتاع وإن شهد بذلك رجل واحد حلف الطالب مع شهادته، وأخذ المتاع فصعد إن كان قائما، ولا يقطع السارق وإن استهلك المتاع ضمن السارق قيمته وإن كان عديما. [باب موجب السرقة] وموجب السرقة: قطع السارق وضمانه السرقة إن لم يقطع لازم له اتفاقا، فإن قطع وهي قائمة بعينها استحقها ربها، وإن استهلكها ففي ضمانه إياها مطلقا ونفيه. ثالثهما: إن اتصل يسره بها من يوم السرقة إلى يوم القطع. ورابعها: إلى يوم القيامة للخمي عن حكاية ابن شعبان قائلا: وقال غير واحد من أهل المدينة. وقول عبد الوهاب: قال بعض شيوخنا: غرمه استحسان والقياس عدمه ولها مع المشهور وأشهب. ابن الحارث: اتفق أصحاب مالك أن السارق المعسر يوم القطع لم يضمن السرقة إلا محمد بن عبد الحكم قال: يضمنها ولو كان معسرا. وفيها: من قطعت يده لسرقة ولا مال له إلا قدر قيمتها فغرمها، ثم قام قوم سرق منهم قبل ذلك، فإن كان من وقت سرق منهم لم يزل مليئا بمثل هذا الذي غرم الآن تحاصوا فيه كلهم، وإن أعدم في خلال ذلك ثم أيسر فكل سرقة سرق من يوم يسره

المتصل إلى الآن فأهلها يتحاصون في ذلك دون من قبلهم، وإن لم يحضروا يوم القطع كلهم فلمن غاب الدخول عليهم فيما أخذوا كغرماء المفلس. وفيها: إن باع السارق السرقة فقطع ولا مال له فوجدت عند مبتاعها قائمة، فلربها أخذها ويتبع المبتاع السارق بالثمن. اللخمي: إن استهلكها مشتريها، فإن أجاز ربها البيع تبع السارق بشرط يسره كما مر، وإن رد البيع وأغرم مبتاعها قيمتها وتبع مبتاعها السارق بالثمن مطلقا، فإن كان المشتري عديما فلربها أخذ السارق مطلقا بالأقل من ثمنها وقيمتها، فإن كان الأقل ثمنها تبع مبتاعها بتمام القيمة، وإن كان قيمتها تبع المبتاع السارق بتمام الثمن. اللخمي: لو لم تثبت السرقة إلا بشاهد واحد أو لا بينة، وقال: سرقت من غير حرز أو سقطت يمينه بأمر من الله تعالى، ففي غرمه مطلقا أو بشرط ملائه قولا ابن القاسم وأشهب. قلت: بناء على اعتبار الحكم الواقع وقول ربها، قال: وكذا لو اعترف بسرقة من حرز ثم رجع لعذر فسقط قطعه جاءت القولان، ولو كانت لا قطع فيها غرمها مطلفا اتفاقا. الشيخ: قال مالك في المختصر الكبير: تقطع يد السارق ثم يحسم موضع القطع بالنار، وكذا في الرجل وحده في اليد من مفصل الكوع، وفي الرجل من مفصل العقبين. وفيها مع غيرها: من سرق مرة بعد مرة قطعت يده اليمنى، ثم رجله اليسرى، ثم يده اليسرى، ثم رجله. وفيها: إن سرق ولا يدين له ولا رجلين لم يقطع منه شيء، ولكن يضرب ويجبس ويضمن السرقة وإن كان عديما. الشيخ: روي محمد: من قطعت يداه ورجلاه في سرقات، ثم سرق جلد وحبس. وذكر ابن حبيب حديثا في السارق: إذا قطع أربع مرات، ثم سرق؛ قتل وليس بثابت. ومالك أصحابه على أنه يعاقب، إلا أبا مصعب فإنه قال: يقتل.

وفيها: إن سرق ولا يمين له، أو له يمين شلاء قطعت رجله اليسرى، قاله مالك، ثم عرضتها عليه فمحاها، وقال: تقطع يده اليسرى، فقوله في الرجل اليسرى أحب إلى وبه أقول. ابن زرقون: وقال ابن وهب، وأبو مصعب: تقطع اليد الشلاء. قلت: وثالثها لابن الحارث عن أشهب إن كان شللا خفيفا قطعت، وإن ان كثيرا قطعت اليسرى. الباجي: إن كانت يمناه شلاء، ففي الموازية إن كان الشلل بينا لا يقتص منه لم تقطع. اللخمي: وقال ابن وهب في مختصر ما ليس في المختصر: يقطع إن كان ينتفع بها، ومن سرق ولا يد له، ففي قطع رجله اليسرى أو اليمنى سماع ابن القاسم، وتخريج ابن رشد على قول مالك في أشل اليمنى تقطع رجله اليسرى. وفيها: من سرق وقد ذهب من يمناه أصبح قطعت، وإن لم يبق إلا أصبعان قطعت يده اليسرى. اللخمي: ولمالك في كتاب المدنيين: إن بقى أكثرها قطعت، فعليه إن بقيت ثلاثة قطع؛ لأنه أكثرها. وقول ابن الحاجب تابعا لابن شاس: ولو قطع الجلاد أو الإمام اليسري عمدا؛ فله القصاص والحد باق، هو دليل قولها مع غيرها: إن أمر الإمام بقطع يد السارق فقطع يساره غلطا أجزأه، ولا شيء على القاطع. اللخمي: وقال ابن الماجشون: لا يجزئه وتقطع يمينه وعقل شماله في ماله السلطان إن كان المخطئ أو في مال القاطع إن كان هو المخطئ، وإليه رجع مالك. قلت: وكذا نقله الشيخ عنه، وهو يبين قصور قول ابن الحارث: اتفقوا في السارق يخطأ به تقطع يسراه؛ أن القطع ماض ولا تقطع يمينه. قال اللخمي: وإن قطعت اليسرى في سرقة، ثم سرق ثانية، فعلى قول ابن القاسم: تقطع رجله اليمنى.

وقال ابن نافع: رجله اليسرى، قال: ولو كان قطع اليد اليسرى خطأ؛ فلا تترك الرجل اليسرى على العمد. قلت: ما حكاه اللخمي إجراء على قول ابن القاسم، ذكره ابن حارث عنه من رواية يحيي بن يحيي عنه. اللخمي: وفي الموازية: لو دلس السارق باليسرى حتى قطعت أجزأه، وعلى ما عند ابن حبيب: لا يجزئه. وقال ابن حبيب وغيره: إن ذهبت اليمنى بعد السرقة بأمر من الله، أو تعمد أجنبي لا يقطع منه شيء؛ لأن القطع كان وجب فيها، وقياد قوله إن الشمال تجزئه تقطع شماله. قلت: لا يلزم من كونها محلا للقطع أو لا بعد وقوعه كونه قبله. وفيها: إن قطعت يد السارق؛ كان ذلك لكل سرقة تقدمت أو قصاص وجب في تلك اليد. وإن ضرب في شرب الخمر أو جلد في الزنا؛ أجزأ لهذا ولكل ما كان فعله قبل ذلك. وفي الرجم منها: ومن قذف وشرب خمرا جلد حدا واحدا، وإذا اجتمع على الرجل مع حد الزنا حد القذف أو شرب خمر أقيما عليه، ويجمع الإمام ذلك عليه إلا أن يخاف عليه فيفرق الحدين. اللخمي: هذا على أن القذف حق لله وعلى أن فيه حقا للآدمي فلا؛ لأن ذلك لا يرفع معرة القذف، وتقدم كلامه في هذا في مسألة من قذف بجماعة. وفي قذفها: وكل حد أو قصاص اجتمع مع القتل فالقتل يأتي على ذلك كله إلا حد القذف؛ فإنه يقام عليه قبل القتل لحجة المقذوف في العار. وفيها: إن شهد عليه أنه زني وهو بكر، ثم زني بعد أن أحصن رجم ولم يجلد. اللخمي: القياس أن يجلد ثم يرجم؛ لأن الضرب غير جنس القتل. وفي سرقتها: وإذا لم يقم بالسرقة حتى طال الزمان وحسنت حال السارق، ثم

اعترف أو قامت بذلك بينة؛ فإنه يقطع، وكذا حد الخمر والزنا. قال ابن الحاجب: ولا تسقط الحدود بالتوبة. نقضه ابن عبد السلام بحد الحرابة، فإنه يسقط بالتوبة ويجاب بمنع تقرر حده قبل الحد واعتبار توبته؛ إنما هو قبل الأخذ وهي بعده لغو.

كتاب الحرابة

[كتاب الحرابة] الحرابة: الخروج لإخافة سبيل لأخذ مال محترم بمكابرة قتله، أو خوفه، أو إذهاب عقل، أو قتل خفية، أو لمجرد قطع السبيل لا لإمرة ولا عداوة، فيدخل قوله

أو الخناقون الذين يسقون الناس السيكران ليأخذوا أموالهم محاربون. الباجي عن ابن القاسم: قتل الغيلة حرابة؛ وهو قتل الرجل خفية لأخذ ماله، قال: وفي العتبية والموازية: من خرج لقطع السبيل لغير مال، فهو محارب لقوله: لا أدع هؤلاء يخرجون إلى الشام، أو إلى مصر، أو إلى مكة، وكذلك من حمل السلاح على الناس وأخافهم من غير عداوة ولا نائرة. الشيخ عن محمد: من دخل على رجل فقتله لعداوة أو نائرة ليس لأخذ مال فليس بحرابة. قال ابن الحاجب: الحرابة كل فعل يقصد به أخذ المال على وجه تتعذر الاستغاثة عادة من رجل، أو امرأة، أو حر، أو عبد، أو مسلم، أو ذمي، أو مستأمن ومخيفها، وإن لم يقتل ولم يأخذ مالا، فحمله ابن عبد السلام على أنه ذكر كلية شاملة لصور، وليس برسم، وحمله ابن هارون على أنه رسم وتعقبه بامور. وفيها: وليس كل المحاربين سواء، منهم من يخرج بعصا، أو خشبة، أو شبه ذلك فيؤخذ على تلك الحال بحضرة الخروج، ولم يخف السبيل، ولم يأخذ المال هذا لو أخذ

فيه بأيسر الحكم لم أر بأساً وذلك الضب والنفي ويسجن في الموضع الذي ينفي إليه، وليس للإمام أن يعفو عنه. اللخمي: من أخذ بحضة خروجه ولم يخف سبيلاً عوقب، ولم يجر عليه شيء من أحكام المحاربين كمن خرج ليسرق أو يقتل أو شرب خمراً فأخذ قبل فعله ذلك، وكذا لو حصل منه خوف وأخذ بالحضرة قبل أن ينقطع أحد عن تلك الطريق بسببه، ولو قعد جماعة لصوص لقوم فعلم بهم الإمام، فأخذهم قبل أن يعلم بهم من قعدوا له؛ لم يحكم عليهم بحكم الحرابة، ولو علم بهم المسافرون، فامتنعوا من تلك الطريق جرى عليهم حكم المحاربين. وفيها: وإن قطعوا على المسلمين أو على أهل الذمة، فهو سواء، وقد قتل عثمان رضي الله عنه مسلماً قتل ذمياًّ على وجه الحرابة على مال كان معه. الشَّيخ عن الموازيَّة: وقد يكون الواحد محارباً. عياض: فيها ساقي السيكران محارب، وظاهر الموازيَّة: إنما تكون محاربة، إذا كان ما سقاه يموت به. اللخمي: قوله في ساقي السيكران محارب ليس ببين. وروى محمد: من أطعم قوماً سويقاً؛ فمات بعضهم، ونام بعضهم فلم يفق إلى الغد وأخذ أموالهم، فقال: ما أردت قتلهم إنما أعطانيه رجل، وقال: يسكر، فأردت إخدارهم لأخذ أموالهم، لم يقبل قوله ويقتل، ولو قال: ما أردت إخدارهم ولا أخذ أموالهم؛ إنما هو بسويق لا شيء فيه، إلا أنه أخذ أموالهم حين ماتوا؛ فلا شيء عليه إلا الغرم. الشَّيخ عن سَحنون، في السارق ليلاً يأخذ المتاع، فيطلب رب الدار نزعه منه فيكابره بسيف أو عصا حتى خرج به أو لم يخرج، وكثر عليه الناس، ولم يسلمه محارب. اللخمي: وإن أخذ مال رجل بالقهر، ثم قتله خوف أن يطلبه بما أخذ لم يكن محارباً؛ إنما هو مغتال. قُلتُ: هذا إن فعل ذلك خفية وإلا فليس بغيلة، قال: ولمالك في الموازيَّة: من لقي

رجلاً فسأله طعاماً فأبى فكتفه ونزع منه الطعام وثوبه؛ إنما يشبه المحارب ويضرب وينفي، وكذا الذي تؤخذ منه الدابة فيقر أنه وجد عليها رجلاً فأنزله وأخذها؛ فإنه يطرب وينفى، وقال: في الذي يجد الرجل في السحر وعند العتمة، فينتزع ثوبه في الخلوة؛ لا قطع عليه إلا أن يكون لصاًّ أو محارباً، وأما من كابر رجلاً في ليل حتى نزع ثوبه عن ظهره؛ فلا قطع عليه. وقال: المحارب من حمل السلاح على الناس على غير نائرة أو عداوة، أو قطع طريقاً أو أخاف المسلمين، قال: واختلف في المحارب في المدينة فقال ابن القاسم: هو محارب، ولعبد الملك في كتاب ابن سَحنون لا يكونون محاربين في القرية، إذا كانوا مختفين لا يفسدون إلا الواحد والمستضعف، إلا أن يكونوا جماعة يريدون القرية كلها مكابرين معلنين أنهم كلا اللصوص الذين يفتتحون القرى. زاد الشَّيخ: وخالفه سَحنون وقال: ذلك سواء ومن علم به بعد أن أخذ المتاع وخرج به، فقال حين مجيئه: سارق لأن قتاله حينئذ ليدفع عن نفسه، وإن علم به قبل أخذ المتاع، وخرج به فقاتل حتى أخذه؛ فهو محارب عند مالك، وعند عبد الملك ليس بمحارب. الشَّيخ عن الموازيَّة: وقتل الغيلة من المحاربة أن يغتال رجلاً أو صبياً يخدعه حتى يدخل موضعاً فيأخذ ما معه؛ فهو محارب. وفيها: وجهاد المحاربين جهاد. ابن شعبان: جهادهم أفضل من جهاد الكفار. ولابن رُشْد في رسم يدير ماله من نوازل أَصْبَغ: جهاد المحاربين عند مالك وأصحابه جهاد. قال أشهب عنه: من أفضل الجهاد وأعظمه أجراً. وقال مالك: في أعراب قطعوا الطريق جهادهم أحب إليَّ من جهاد الروم. قُلتُ: ذكره الشَّيخ من كتاب ابن سَحنون، وفي دعوى اللص إلى التقوى قبل قتاله إن أمكن قولان لجهادها مع الشَّيخ عن رواية كتاب ابن سَحنون وابن الماجِشُون معه.

باب في موجب الحرابة وحدها

وفي جهادها مع الشَّيخ عن رواية ابن سَحنون: إن طلب إسلافه طعاماً أو أمراً خفيفاً؛ رأيت أن يعطوه ولا يقاتلوا. الشَّيخ عن سَحنون: لا أرى أن يعطوا شيئاً ولو قل. [باب في موجب الحرابة وحدها] وحدها أحد الأربعة القتل أو الصلب أو القطع من خلاف أو النفي. الشَّيخ عن الموازيَّة: وكتاب ابن سَحنون: قول مالك وأحابه أن هذا التخيير؛ إنما هو على الاجتهاد من الإمام، ومشهورة الفقهاء بما يراه أتم مصلحة، وليس على هو الإمام اللخمي في كونه على الترتيب أو التخيير رواية الأكثر، وابن وَهْب فعلى الترتيب، قال: إن لم يخف ولم يأخذ مالاً ولا قتل أخذ فيه بأيسر الحكم. ابن القاسم: هو أن يجلد وينفى ويسجن في الموضع الذي نفي إليه، وإن أخاف أو أخذ مالاً أو جمعها خير في قتله وقطعه، وكذا إن طال أمره ونصب ولم يأخذ مالاً وإن طال زمانه علا أمره وأخذ المال ولم يقتل؛ قتل، ولا تخيير فيه. وعلى رواية ابن وَهْب: قال مالك: إن نفى الناس في كل موضع وعظم فساده وأخذ أموال الناس، فالسلطان يرى فيه رأيه في أحد الأربعة، قال: ويستشير في ذلك. ولأشهب: فيمن أخذ بحضرة خروجه ولم يخف؛ للإمام نفيه أو قطعه أو قتله، وهو نحو رواية ابن وَهْب أن القليل الجرم وكثيره سواء، وهذا ما لم يقتل فإن قتل تعين قتله، لم يختلف فيه قول مالك. وقال أبو مصعب: يخير في قتله ولو قتل. اللخمي: يقتل المحارب بالسيف أو الرمح لا بصفة تعذيب ولا بحجارة، ولا برميه من مكان مرتفع، وإن صلبه صلبه قائماً لا منكوساً وتطلق يداه، وظاهر القرآن أن

الصلب حد قائم بنفسه كالنفي، والمذهب إضافته للقتل ولمالك في بعض المواضع قال: يقتل أو يصلب أو يقطع أو ينفى كظاهر القرآن. ابن القاسم: يصلب ثم يقتل مصلوباً بطعن. وقال أشهب: يقتل ثم يصلب، ولو صلبه ثم قتله، فله ذلك إذا بلغ ذلك جرمه. محمد: لو حبسه ليصلبه، فمات في الحبس لم يصلبه، ولو قتله إنسان في الحبس؛ فللإمام صلبه. ابن الماجِشُون: لا يمكن أهله من إنزاله، ويبقى حتى يفنى على الخشبة أو تأكله الكلاب. وقال أَصْبَغ: لا بأس أن يخلى أهله ينزلونه، ويصلى عليه ويدفن. وقال سَحنون: إذا قتل وصلب أنزل من ساعته، ودفع لأهله للصلاة عليه ودفنه. وقال أيضاً: إن رأى الإمام أن يبقيه اليومين والثلاثة لما رأى من تشديد أهل الفساد؛ فذلك له، ولكن ينزله فيغسله أهله ويكفن ويصلى عليه، ثم إن رأى إعادته إلى الخشبة أعاده. ابن رُشْد: اختلف في النفي، روى مُطَرف: أنه السجن، وروى ابن القاسم قال: هو أن ينفى من بلده إلى آخر أقله ما تقصر فيه الصلاة؛ يسجن فيه إلى أن تظهر توبته. ابن الماجِشُون: هو أن يطلبهم الإمام لإقامة الحد عليهم، فهروبهم هو النفي لا أن ينفى بعد أن يقدر عليه، زاد اللخمي: ذكر عن مالك وابنه والمغيرة وابن دينار. قُلتُ: والذي نقل اللخمي أن ابن حبيب روى أنه يضر ويطال سجنه. قُلتُ: وذكر الشَّيخ لرواية مُطَرف، فالأقوال إذاً أربعة، قال: ويسجن وإن طالت سنوه حتى تقرر توبته بما يعرف من غالب أمره، ولا يقبل ذلك بمجرد الظاهر؛ لأنه كالمكره بكونه في السجن، فيظهر النسك ليخلص نفسه، فلا يجعل بإخراجه، ولو علمت توبته حقيقة قبل طول أمده لم يخرج؛ لأن طوله أحد الحدود الأربعة. وفي الزاهي قيل: هو أن ينفى من قراره، ثم يطلب فيختفي، ثم يطلب أبداً ولا ينفى لبلد الشرك، وبه أقول وهو عمل أهل المدينة.

قُلتُ: فيكون خامساً. قال اللخمي: وعلى أحد قولي مالك أن النفي بالموضع الذي هو به؛ تسجن المرأة، أو تضرب ثم تسجن، وعلى قوله أنه يخرج عن بلده يسقط عنهن، قال: وأرى إن وجدت ولياًّ أو جماعة لا بأس بحالهم، وقالت: أخرج إلى بلد آخر وأسجن فيه حتى تظهر توبتي أن لها ذلك؛ لأنه أهون من القطع والقتل، قال: ويختلف في نفي العبد حسب ما تقدم في المرأة، وأرى إن قال سيده: أرضى أن ينفى ولا يقطع؛ أن يكون ذلك له والصبي إن حارب ولم يحتلم ولا أنبت عوقب، ولم يقم عليه حد الحرابة. قال: والمجنون يعاقب لينزجر إلا أن يكون الذي به الأمر الخفيف، فيقام عليه الحد والقطع. ابن رُشْد: هو قطع يده اليمنى، ورجله اليسرى، ثم إن عاد قطع ما بقي، وإن كان أشل اليد اليمنى أو مقطوعها في قصاص أو جناية وشبهه. فقال ابن القاسم: تقطع يده اليسرى، ورجله اليمنى. وقال أشهب: تقطع يده اليسرى، ورجله اليسرى. والأول أظهر. اللخمي: عن محمد: إن لم يكن له إلا يد واحدة، أو رجل واحدة قطعت، وإن لم يكن له إلا يدان؛ قطعت اليمنى فقط. وعليه إن لم يكن له إلا رجلان- قطعت اليسرى فقط، والتعيين للإمام لا لمن قطعت يداه أو فقئت عينه. قُلتُ: ومقتضى المذهب في هذا أن الإمام لا يحكم بمجرد نفيه؛ بل بقطعه أو قتله، وتقدم كون التخيير في أحد الأربعة؛ إنما هو بمصلحة درء مفسدة ما صدر منه. قال ابن الحاجب: ولغيرهما ولمن وقعت منه فلتة النفي، ويضربهما إن شاء. قُلتُ: تقدم ذكر الخلاف في لزوم الضرب في النفي. اللخمي: ضربه قبل النفي استحسان، كما قال أشهب. ابن عبد السلام: قوله: إن شاء موافق لكلام أشهب، خلاف قول ابن القاسم في المدَوَّنة: أنه لابد من ضرب من ينفى.

قُلتُ: في الرجم منها: ولا ينفى الرجل الحر إلا في الزنا أو حرابة، فيسجنان جميعاً في الموضع الذي ينفيان إليه، يسجن الزاني سنة، والمحارب حتى تعرف توبته. قُلتُ: فظاهره عدم الضرب. وفي كتاب المحاربين منها: وليس للإمام أن يعفو عن أحد من المحاربين، ولكن يجتهد في ضربه ونفيه، فظاهره أو نصه ثبوت الضرب. وفي الجلاب: ولو قتله وإن لم يقتل أحداً في حرابته إذا أداه اجتهاده إلى قتله إذا حارب أو أفسد في الأرض. الشَّيخ في الواضحة: وله أن يقتل أو يصلب من لم يقتل، وقاله مالك، وابن دينار، وابن الماجِشُون، وتقدم نقل اللخمي: إن قتل تعيين قتله لم يختلف فيه قول مالك. وقال أبو مصعب: يخير في قتله ولو قتل. وفيها: إن كانوا جماعة فقتلوا رجلاً، ولو ولي أحدهم قتله والباقون عون له فأخذوا؛ قتلوا كلهم، وإن تابوا قيل أن يؤخذوا دفعوا إلى أولياء القتيل، فقتلوا من شاءوا، وعفوا عن من شاءوا، وأخذوا الدية ممن شاءوا، وقد قتل عمر رضي الله عنه ربيئة كان ناظورا للباقين، زاد الباجي عن ابن القاسم: يقتلون ولو كانوا مائة ألف، وعزاه الشَّيخ له في العتبيَّة. الباجي: لمحمد عن مالك، وابن القاسم، وأشهب إن ولي أحد المحاربين قتل رجل ممن قطعوا عليه، ولم يعاونه أحد من أصحابه؛ قتلوا أجمعون، ولا عفو فيهم لإمام ولا لولي. قال ابن القاسم: ولو تابوا كلهم قبل القدرة عليهم؛ فللولي قتل جميعهم، وقتل من شاء، والعفو عن من شاء. وقال اشهب: لا يقتل منهم إلا من ولي القتل، أو أعان عليه وأمسكه لمن يعلم أنه يريد قتله، ولا يقتل الآخرون، ويجلد كل واحد منهم مائة، ويسجن عاماً. وتوبة المحارب قبل القدرة عليه: فيها مع غيرها: تسقط عنه حكم الحرابة في المقدمات، اختلف في صفة توبته على ثلاثة أقوال:

(أحدهما: أنها بأحد وجهين: أحدهما: أن يترك ما هو عليه، وإن لم يأت الإمام. والثاني: أن يلقي السلاح ويأتي الإمام طائعاً، هذا قول ابن القاسم. (القول الثاني: أن توبته؛ إنما تكون بأن يترك ما هو عليه، ويجلس في موضعه حتى لو علم الإمام حاله، لم يقم عليه حد الحرابة، هذا قول ابن الماجِشُون. (القول الثالث: أن توبته؛ إنما تكون بالمجيء إلى الأمام، وإن ترك ما هو عليه لم يسقط ذلك عنه حكمها من الإمام إن أخذ قبل أن يأتي الإمام. الباجي: إذا أقر اللص، فروى أَصْبَغ عن ابن القاسم: إن قتل أحداً اتبع، وإن لم يكن قتل أحد فما أحب أن يتبع ولا يقتل. وقال سَحنون: يتبعون ولو بلغوا برك الغماد، وعنه: يتبع منهزمهم ويقتلون مدبرين ومقبلين ومنهزمين، وليست هزيمتهم توبة، وأما التذفيف عن جريحهم فإن لم تستحق هزيمتهم، وخيف كرتهم ذفف على جريحهم، وإلا فهو أسير الحكم فيه للإمام. وفي الموازيَّة قال ابن القاسم: لا يجهز على جريحهم، ولم يره سَحنون، قال: ولا يجوز أن يؤمن المحارب إن سأل الأمان بخلاف المشرك؛ لأن المشرك يقر إذا أمن على حاله وبيده أموال المسلمين، ولا يجوز تأمين المحارب على ذلك، ولا أمان له. محمد: وإن امتنع المحارب بنفسه حتى أعطي الأمان، فاختلف فيه، قيل: يتم له ذلك، وقيل: لا، قاله أَصْبَغ امتنع في حصن أو مركب أو فر من أمنه السلطان أو غيره؛ لأنه حق لله تعالى. وفي المقدمات: اختلف فيما تسقط عنه التوبة على أربعة أقوال: الأول: لا تسقط عنه إلا حد الحرابة، ويؤخذ بما سوى ذلك من حقوق الله تعالى وحقوق الناس. الثاني: يسقط عنه حد الحرابة، وحقوق الله من سائر الحدود، ويتبع بحقوق الناس من مال أو قتل والحق لولي القتيل. الثالث: يسقط عنه حق الحرابة، وكل حقوق الناس، وما أخذ من الأموال إلا أن

يوجد شيء من ذلك قائم بنفسه لم يتلفه، أو يكون قد قتل؛ فيكون للولي أن يستقيد، وهذه رواية الوليد بن مسلم عن مالك. والرابع: أن التوبة تسقط عنه جميع حق الله وحق الناس في دم أو مال، إلا أن يوجد شيء من ذلك قائم بيده بعينه. وفيها: وإن أخذوا مالاً ثم تابوا، وهم عدماء؛ فذلك عليهم دين، وإن أخذوا قبل أن يتوبوا فأقيم عليهم الحد؛ قطعوا أو قتلوا، ولهم أموال أخذت أموال الناس من أموالهم، وإن لم يكن يومئذ أموال ولم يتبعوا بشيء مما أخذوا كالسرقة. اللخمي في ترجمة صفة القطع: قال محمد: إذا قطع أو نفي لم يتبع، وليس بالبين إذا نفي ولم يقطع، فأرى أن يتبع كالزاني إذا اغتصب امرأة؛ ضرب وغرم الصداق، وإن جرحوا لم يقتص منهم. وقول ابن الحاجب: وأما الغرم فكالسارق. وقال سَحنون: إن أقيم عليه حد الحرابة، وإلا ففي ذمته يوهم؛ ظاهره أن قول سَحنون خلاف، ومع التأمل يظهر كونه وفاقاً، وإلا كيف باختصار هذه العبارة. الشَّيخ: روى محمد: إن تاب أحد المحاربين، وقد أخذ كل واحد منهم حظه من المال؛ ضمن هذا التائب جميع المال. الباجي: وقال محمد بن عبد الحَكم: لا نرى على كل واحد إلا ما أخذ. اللخمي: إن اعترف المحاربون بما في أيديهم لأهل رفقة اختصوا به، وأخذ كل منهم ما لم ينازع فيه، فإن تنازع اثنان شيئاً قسم بينهما على حكم التراضي فيه، فإن فضل فيه شيء وقفه الإمام، فإن تنازعه رجلان أحدهما من أهل الرفقة اختص به بعد حلفه، وإن ادعاه رجل من غيرهم. قال مالك: يدفع له بعد الاستيناء وحلفه وضمنه إياه؛ يريد: بعد أن يصفه كاللقطة. وفي دفعه له بحميل أو دونه قولا سَحنون ومالك: وإن ادعاه أجنبيان حلفا وقسم بينهما، ومن نكل منهما اختص به الحالف.

قال محمد: فإن نكلا لم يكن لهما فيه شيء. وفيها: إذا أخذ المحاربون ومعهم أموال، فادعاها قوم لا بينة لهم دفعت إليهم بعد الاستيناء في استبراء ذلك من غير طول، فإن لم يأت من يدعيها بشيء، دفعت إليهم بعد أيمانهم بغير جميل، ويضمنهم الإمام إياها إن جاء لذلك طالب، ويشهد عليهم. وفيها: وتجوز على المحاربين شهادة من حاربوه، إن كانوا عدولاً شهدوا بقتل أو مال، ولا تقبل شهادة أحدهم في نفسه، وتقبل شهادة بعضهم لبعض. اللخمي لابن سَحنون عنه: لو قال أهل الرفقة كلهم عند الحاكم: قتل منا كذا وكذا، وسلب منا كذا وكذا حملاً، ومن الجوار كذا وكذا، فأما الأحمال فلفلان، والثياب لفلان، والجواري لفلان، فذلك جائز، ويوجب ذلك المحاربة والقتل، وذكره عن مالك وابن القاسم وأشهب. الشَّيخ: لأشهب في الموازيَّة: إن قال اللصوص فيما في أيديهم هو من أموالنا؛ كان لهم، ولو كان كثيراً لا يملكون مثله حتى يقيم مدعوه البينة. محمد: إن شهد عليهم من قطعوا عليه، وهم عبيد أو نصارى أو أحرار غير عدول لم يقبلوا، ولكن إن استفاض ذلك من الذكر وكثرة القول؛ أدبهم الإمام وحبسهم، ونقله الباجي عن سَحنون: وقال: أدبهم ونفاهم، قال عن ابن سَحنون عنه: إن تواتر شهادة المحارب باسمه فأتى من يشهد أن هذا فلان، وقالوا: لم نشهد قطعه على الناس، وقد استفاض عندنا قطعه وما شهر به من القتل، وأخذ الأموال؛ قتل بهذه الشهادة، وهذا أكثر من شاهدين على العيان أن رأيت ويوطأ أيحتاج لمن شهد أنه عاينه ليقطع ويقتل. قُلتُ: وتقدم مثله في المشهود بالعدالة باسمه، وشهد عند من يجهل عينه أن الشهادة على عينه توجب قبول قوله. اللخمي: إذا حبس الإمام المحاربين بشهادة واحد، وشهد عليهم قوم غير عدول، ولم يأت غيرهم، ومنهم من اشتهر اسمه بالفساد، ولا يعرف إلا بعينه إذا رآه من كان رآه عرفه، فليخرجه ويوقفه ويشهره حيث يعلم أن الغرباء ينظرون إليه والمسافرين إذا

باب الشرب الموجب للحد

بلغ من شهرة المحارب تواتره باسمه مما لا يكاد يخفى، مثل أبي الوليد وسليمان، فأتى من يشهد أن هذا أبو الوليد وسليمان، وقالوا: لم نشهد قطعه للطريق؛ قتله الإمام بهذه الشهادة. وقال محمد: إن استفاض ذلك من الذكر فيهم وكثرته؛ أدبهم السلطان وحبسهم. [باب الشرب الموجب للحد] الشرب الموجب الحد: شرب مسلم مكلف ما يسكر كثره مختاراً لا لضرورة ولا عذر، فلا حد على مكروه ولا ذي غصة، وإن حرمت ولا غالط، روى النسائي بسنده

عن سعد عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «أنهاكم عن قليل ما أسكر كثيره»، ذكره الشَّيخ تقي الدين في إلمامه، وقال: وزاد ما أسكر كثيره؛ فقليله حرام، من حديث جماعة منهم جابر وعائشة، وأخرجهما أبو داود، وفي الأول داود بن بكير بن أبي الفرات، وقال أبو حاتم: ليس بالمتين، وأخرج الثاني ابن حبان في صحيحه من حديث أبي عثمان، وزعم ابن القطان أنه لا يعرف حاله. والمكره لا يجد؛ لوضوح الشبهة أو عدم تكليفه، وهو الأظهر لعدم اعتباره في الطلاق ونحوه، ولا المضطر للإساغة لوضوح الشبهة. قال الشَّيخ: قال مالك في المختصر: لا يشرب المضطر الخمر. الباجي في النوادر عن ابن حبيب: من غص بطعام، وخاف على نفسه أنه له أن يجوزه بالخمر، وقاله أبو الفرج، ولأَصْبَغ عن ابن القاسم: يشرب المضطر الدم ولا يشرب الخمر. وسمع ابن القاسم: في كتاب الصلاة: من اضطر إلى شرب الخمر لا يشربها لا

تزيده إلا شراًّ. ابن رُشْد: تعليله بهذا يدل على أنه لو كان له في شربها منفعة جاز له شربها، واستدل محمد بن عبد الحَكم في كتاب المولدات على أن هذا مذهب مالك بهذا التعليل، واحتج بأن من غص بلقمة فخشي الموت، ولم يجد ما يستسيغها به إلا بالخمر؛ أن ذلك جائز له، وظاهر قول أَصْبَغ: أن ذلك لا يجوز له. وسمع أشهب في كتاب الجامع التداوي في القرحة بالبول، أخف من التداوي فيها بالخمر. ابن رُشْد: لما جاء في الخمر أنها رجس من عمل الشيطان، ولم يأت في البول إلا أنه نجس، وتقدم الخلاف في ذلك في كتاب الطهارة، وفي زاهي ابن شعبان: لا يتعالج بالمسكر وإن غسل الماء، ولا يداوى به دبر الدواب، وأما الدواء الذي فيه الخمر، فقال ابن العربي: تردد فيه علماؤنا، والصحيح أنه لا يجوز لقوله صلى الله عليه وسلم: «إنها ليست بدواء ولكنها داء». وللشيخ في ترجمة صفة ضرب الحدود: قال محمد: ومن شربه ممن لا يعلم تحريمه، كالأعمى الذي دخل الإسلام ولا يعرف؛ فلا عذر لأحد بهذا في سقوط الحد، وكذا من تأول في المسكر من غير العنب؛ أنه حلال، وهذا قول مالك وأصحابه، إلا ابن وَهْب، أخبرني أبو زيد عنه: أنه إن كان مثل البدوي لم يقرأ الكتاب ولا يعلمه، فشربه وهو يجهل ذلك؛ فلا يحد ويعذر، وفعله عمر. قال مالك: قد ظهر الإسلام وفشا، فلا يعذر جاهل في شيء من الحدود. قال محمد: يعني ابن وَهْب في النوبية التي أعتقها حاطب، وقد تقدم هذا في الزنا. الباجي: من تأول في المسكر من غير الخمر أنه حلال؛ حد ولم يعذر، رواه محمد

باب فيما يثبت به الحد في الشرب

عن مالك وأصحابه، ولعل هذا فيمن ليس من أهل الاجتهاد، وأما من كان من أهل الاجتهاد والعلم فالصواب عدم حده إلا أن يسكر منه، وقد جالس مالك سفيان الثوري، وغيره من الأئمة ممكن كان يبيح شرب النبيذ؛ فما أقام على أحد منهم حداًّ، ولا دعا إليه مع تظاهرهم بشربه ومناظرتهم فيه. وقد قال مالك: ما ورد علينا مشرقي مثل سفيان الثوري أما إنه آخر ما فارقني على أن لا شرب النبيذ، وهذا يقتضي أنه لم يفارقه قبل ذلك عليه. قُلتُ: ومقلد مبيحه مثله، واختاره اللخمي في غير موضع، وهو الجار على أن كل مجتهد مصيب، وعلى أن المصيب واحد؛ لأن شهرة الخلاف شبهة، وقد أسقط مالك الحد عمن خللت له أمة، وحكاه عياض في الإكمال عن بعض المتأخرين، وتقدم أن مالكاً يحده، ويقبل شهادته، وتعقبه بعضهم بأنه متناف وأجيب بمنعه؛ لأن موجب الحد الشرب، وقد وجد والقدوم على مباح عند فاعله لا يوجب فسقه وسقوط حد من شرب مسكراً غلطاً واضح، كقولها مع غيرها: في وطء أجنبية كذلك. وفي كافي أبي عمر، من ظن النبيذ حلاوة ولم يشعر بسكره فسكر منه؛ فلا حد عليه إن كان مأموناً لا يتهم، ومثله من شرب مباحاً ظاناًّ أنه خمر؛ لا يحد وتسقط عدالته، قاله عز الدين ابن عبد السلام. [باب فيما يثبت به الحد في الشرب] ويثبت بالبينة والإقرار كسائر الحقوق ورجوع المقر تقدم في الزنا والسرقة. الشَّيخ: عن الواضحة: اعترف أبو محجن الثقفي في شعره بشرب الخمر فأراد عمر جدله فقال: صدق الله وكذبت، قال الله تعالى في الشعراء: {وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لا يَفْعَلُونَ} [الشعراء: 226] فلم يحده، وعزله عن العمل.

باب صفة الشاهد بالرائحة

[باب صفة الشاهد بالرائحة] وبثبوت رائحته، أبو عمر: الحد بالرائحة، قول عمر وعثمان وابن مسعود، وهو قول مالك، وجمهور أهل الحجاز. وذكر ابن قتيبة في كتاب الأشربة، وطائفة من أصحاب أبي حنيفة: أن مالكاً انفرد بالحد بالرائحة، وأنه ليس له في ذلك سلف، وهذا جهل أو تجاهل ومكابرة. قال ابن القُصَّار: صفة الشاهدين بالرائحة أن يكونا ممن خبرا شربها، إما في حال كفرهما أو شرباها في إسلامهما، وحدا ثم تابا حتى يكونا ممن يعرف الخمر بريحها. قال الباجي: هذا معدوم. وقيل: ولو لم تثبت إلا بشهادة من هذا صفته لبطلت الشهادة في الأغلب، وقد يكون ممن لم يشربها قط يعرف رائحتها بأن يخبر عنها المرة بعد المرة حتى يعرفها. قُلتُ: في ثبوت العلم بالرائحة بالخير بعد والحق إداركها لمن لم يكن قط شربها برؤيته من شربها، ومن يسرقها من مكان إلى مكان وبرؤيته إياها مراقة على من اطلع عليه بها، وإدارك هذا عادة ضروري. الباجي: وعدد من يشهد به إن كان الحاكم أمر بالاستنكاه، فقال ابن حبيب عن أَصْبَغ: يستحب أن يأمر شاهدين، فإن لم يكن إلا واحد وجب الحد، وإن لم يأمرهم الإمام لم يجز أقل من اثنين. وروى ابن وَهْب: إن لم يكن مع الحكم إلا واحد رفعه إلى من هو فوقه، وقول أَصْبَغ عندي بناء على أن الحاكم يحكم بعلمه، فإذا أمر فكأنه مستنابه، وإن اختلف فيه الشهود فقال بعضهم: هي رائحة مسكر، وقال بعضهم هي رائحة غير مسكر، فقال ابن حبيب: إن اجتمع منهم اثنان على أنها رائحة مسكر حد، وإن شك الشهود في الرائحة، فإن كان من أهل السفه نكل، وإن كان من أهل العدل خلي سبيله، سمع ابن

القاسم في العتبيةَّ والموازيَّة. قُلتُ: وللشيخ عن عبد الحق: ويختبر بقراءة السور التي لا شك في معرفته بها من السور القصار، فذلك مستحسن عند الإشكال، وإن لم يقرأ واختلط فقد شرب مسكرا ويحد. وسمع أَصْبَغ ابن القاسم: إن شهد أحدهما أنه شرب خمراً، وآخر أنه شرب مسكراً حد، ولو شهد أنه قاء خمراً حد، وقاله عمر، والحد متعلق بما يقع به الفطر من جواز الشرب الفم إلى الحلق. وقد حده ثمانون: في الموطأ استشار عمر بن الخطاب في الخمر يشربها الرجل فقال علي: نرى أن نجلده ثمانين، فإنه إذا شرب سكر، وإذا سكر هذى، وإذا هذى افترى. وفي كتاب السرقة منها: ولا يحد السكران حتى يصحو، زاد في سمَاع أبي زيد ابن القاسم: ولو خاف أن يأتيه شفاعة تبطل حده. اللخمي: وكذا في الزنا والفرية، فإن أخطأ الإمام فحده في حال سكره، وهو طافح لم يجزه، وإن كان سكراً خفيفاً أجزأه، وإن كان طافحاً فأذهب ذلك عنه بعض الضرب حسب ما ضرب من وقت ذهب عنه، إلا أن يكون ضربه في الفرية برضى المفتري عليه فيجزئه. قُلتُ: وقال عبد الحق عن بعض شُيُوخ القرويين: إن جهل الإمام وأقام الحد على السكران قبل صحوه مضى ذلك ولا يعاد؛ يريد: لأنه يجد ألم ذلك بعد صحوه. وفيها: مع غيرها: ويتشطر بالرق مطلقاً ولو في بعضه. وفي الرجم منها: وصفة الضرب في الزنا والشرب والفرية والتعزير ضرب واحد ضرب بين ضربين ليس بالمبرح ولا بالخفيف، ولم يحد مالك ضم الضارب يده إلى جنبه، ولا يجزئ الضرب في الحدود بقضيب، ولا شراك ولا درة ولكن السوط؛ وإنما كانت درة عمر للأدب، فإذا وقعت الحدود قرب السوط. الباجي عن محمد: لا يتولى ضرب الحد قوي ولا ضعيف، ولكن وسط من

الرجال. قال مالك: وكنت أسمع أنه يختار له العدل ويضرب على الظهر والكتفين دون سائر الأعضاء، والمحدود قاعد لا يربط ولا يمد، وتخلى له يداه، ولأبي زيد عن ابن القاسم: إن ضرب على ظهره بالدرة أجزأه وما هو بالمبين، قال في العتبيَّة: ويجرد الرجل للضرب ويترك المرأة ما يستر جسدها ولا يقيها الضرب. قُلتُ: زاد في المدَوَّنة: وبلغ مالكاً أن بعض الأئمة أقعد امرأة في قفة، فأعجبه ذلك. وسمع أبو زيد ابن القاسم: في المرأة يكون عليها ثوبان في الحد قال: لا بأس بهما وتنزع ما سوى ذلك. الشَّيخ عن ابن عبد الحَكم: أحب إليَّ أن يكون ضرب الحدود بين يدي القاضي لئلا يتعدى فيها، وتقدم تأخير الحد حيث يخاف على المحدود. الشَّيخ عن ابن حبيب: ليس عليه مع الضرب سواه من خلاف ولا طواف إلا المدمن المعتاد المشهور بالفسق، فلا بأس أن يطاف به ويشهر، واستحب مالك أن يلزم السجن. وفيها: وعصير العنب، ونقيع الزبيب، وجميع الأنبذة حلال ما لم يسكر، ولا أحد في قيام الأنبذة قدراً من توقيت وقت أو غليان، وكنت أسمع أن المطبوخ إذا ذهب ثلثاه لم يكره، ولا أرى ذلك ولكن إن طبخ حتى لا يسكر كثيره خل. الباجي عن ابن حبيب: أنهى عن شرب العصير الذي عصر ف المعاصر التي تردد العصير فيها، وإن كان ساعة عصر لما يبقى في أسفلها وخوف أن يكون بقايا تفلها اختمر فيفسد العصير والخل؛ لأن قليل الخمر يخالط كثير العصير أو الخل، فيحرم كله. قال الباجي: هذا في العصير؛ لأن الخمر لا يعود عصيراً فتنجسه الخمر، ولو خالط يسير الخمر الخل لم ينجسه؛ لأنه يستحيل خلاً طاهراً. وقد قال: لا يستعمل ذلك الخل حتى يمضي مدة يقدر فيها أن أجزاء تلك الخمر تخللت.

أبو عمر: لا أعلم خلافاً بين الفقهاء في جواز شرب العصير إذا طبخ وذهب ثلثاه وهو قول عمر في الموطأ. الباجي عن محمد: ليس ذهاب الثلثين من كل بلد ولا في كل عصير، فأما الموضع المعروف فلا بأس به، ولا أحد في طبخه ثلثين؛ وإنما أنظر إلى السكر. قال أشهب: ولو نقص تسعة أعشاره. وفيها: لا يجوز أن ينبذ تمر مع زبيب ولا بسر، أو زهو مع رطب، ولا حنطة مع شعير، أو شيء من ذلك مع تين أو عسل؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم: «نهى أن ينبذ البسر والتمر جميعاً أو الزهو والتمر جميعاً». الباجي: ظاهر النهي التحريم عبد الوهاب إذا لم يسكر، اختلف أصحابنا في تأويل منع مالك منه، فقال: قوم هو على التحرير، وقال: قوم على الكراهة. اللخمي: اختلف في ترك الجمع في الانتباذ فيما نهى عنه، هل هو واجب يعاقب فاعله، وهو قول محمد: إن تعمد ذلك أدب أدباً موجعاً. وقال عبد الوهاب وغيره: من فعله أساء، فإن لم يسكر جاز شربه، ولابن رُشْد في سمَاع الحدود من سمَاع أشهب. وقيل: النهي في ذلك للتعبد لا لعلة، وهو ظاهر قول مالك في الموطأ. وفيها: لا يعجبني أن ينبذ البسر المذنب الذي قد أرطب بعضه. الباجي: المذنب كالبسر مع التمر. قُلتُ: فظاهره التحريم لا الكراهة. وفي جواز خلط الزبيب والتمر للخل وكراهته: سمَاع أشهب، ونقل ابن رُشْد رواية ابن عبد الحَكم، وفي كراهة النضوج من الخليطين لرأس المرأة روايتا ابن عبد الحَكم.

قال ابن رُشْد: في سمَاع أشهب وهما قائمان من هذا السمَاع لمن تأمله، ولا خلاف في كراهته من حيث كونه طعاماً إن نبذ كل واحد مما ذكرنا على حدة لم ينبغ أن يخلطا عند الشرب لما ورد من النهي عن ذلك. الباجي: قال ابن حبيب: لا يجوز شرب الخليطين ينبذان ويخلطان عند الشرب كانا من جنس واحد مثل عنب وزبيب، أو من جنسين، نهى عنه مالك إلا الفقاع. لابن حبيب عن أَصْبَغ: أنه استخف تحليته بالعسل، وشربه باللبن، وهذا يجب منعه؛ لأن كل واحد منهما مما ينبذ منفرداً؛ لأن الفقاع من القمح أو الشعير وكلاهما ينبذ منفرداً، والعسل ينبذ منفرداً، واختلف قول مالك في العسل يطرح فيه عجين أو جذبذة، فروى ابن القاسم كراهته وقال: وقد قال: لا بأس به وهو أحب إليَّ. وفيها: جواز خلط النبيذ بالماء؛ لأنه لا نبيذ. الباجي: ولابن القاسم في العتبيَّة: لا بأس بخلط اللبن بالعسل فلم يره انتباذاً؛ بل خلط مشروبين كشراب الورد والنيلوفر. ابن زرقون: حكى اللخمي عن بعض الشُيُوخ: منع خلط الشرابين للمريض، وحكى ابن يونس عن بعضهم إجازته، ومنع مالك في المبسوط من شراب الفقاع، وأجازه ابن وَهْب وأشهب وسَحنون. وفيها: إن خلط العسل بالنبيذ لم يصلح. الصقلي: يريد نبيذ غير العسل. وحمله اللخمي على نبيذ العسل قال: وعليه لا يلقى التمر في نبيذه، ولابن رُشْد في رسم الحدود من سمَاع أشهب: دردي النبيذ الذي لا يسكر جائز جعله في نبيذ غيره ليشتد به إذا كان أصلهما واحداً، وإذا كان النبيذ من تمر لم يجز أن يجعل فيه دردي نبيذ زبيب. وفيها: لا ينتبذ في الدباء والمزفت، وفي ولا يكره غير ذلك من الفخار وغيره من الظروف، وأكره كل ظرف مزفت كان فخاراً أو زقاًّ أو غيره. الباجي عن ابن حبيب: كره مالك الانتباذ في الدباء والمزفت، والتحليل أحب إلي

وبه أقول وعلى المنع، فمن فعله جاز شرب نبيذه ما لم يسكر، وهذا في المزفت غير الزقاق وأما الزقاق فروى أشهب إباحته فيها. الباجي: الأظهر المنع في المزفت كله للنهي عنه، وروى أشهب إجازة نبيذ الجر ويحتمل أن يريد به العاري من الزفت والحنتم، روى ابن حبيب أنه رخص فيه، وروى عبد الوهاب تحريمه. ابن حبيب: الحنتم الجر؛ وهو كل ما كان من فخار أبيض أو أخضر. الباجي: إنما الحنتم ما طلي من الفخار المطلي بالزجاج، وهو يعجل الشدة، وأما الفخار الذي لم يطل فلا حكمه حكم الجر والنقير، روى ابن حبيب أنه أرخص فيه وروى غيره أنه كرهه. الصقلي عن ابن حبيب: والنقير ما كان من عود. ابن زرقون: في تخليل الخمر أربعة أقوال: روى ابن القاسم وابن وَهْب تحريمه جملة، وروى أشهب إباحته جملة، وكرهه ابن القاسم. وقال سَحنون: إن كانت صنعت خمراً لم يجز، وإن تخمرت من غير قصد جاز تخليلها. فعلى الأول في أكلها إن خللت ثلاثة أقوال لمالك؛ منها قولان مبنيان على القول في فساد المنهي عنه، وفرق سَحنون على أصله. وموجب المعصية غير الموجبة حدا عقوبة فاعلها إن رفع للإمام في قذفها، وأما النكال والتعزيز فيه العفو والشفاعة، وإن بلغ الإمام. وقد قال مالك: فيمن يجب عليه التعزير والنكال، وانتهى إلى الإمام إن كان من أهل العفاف والمروءة؛ وإنما هي طامرة منه تجافى عنه السلطان، وإن عرف بالأذى ضرب النكال. الشَّيخ عن محمد: إنما ينبغي أن يشفع ويستر من تكون منه الزلة، وأما المعلن فأهل لأن يرفع ويزجر. قيل لمالك: من له جار سوء يظهر ما لا ينبغي في الإسلام هل أدل عليه، قال: قدم

إليه وانهه، فإن لم ينته فدل عليه، وله عن ابن حبيب: مشى عمر رضي الله عنه بالليل فرأى ناراً في بيت فأتى إليها، فإذا بقوم يشربون وشيخ، فاقتحم عليهم، وقال: يا أعداء الله أمكن الله منكم، فقال الشَّيخ: ما نحن بأعظم منك ذنباً، تعديت ودخلت بغير إذن، والله يقول: {لا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ} الآية [النور: 27]، فاحتشم عمر وقال: ذروا هذه بهذه. وسمع أشهب: من قال لرجل: يا كلب، فذلك يختلف أن يقال لذي الفضل والهيئة والشرف في الإسلام أو قاله لدنيء. ابن رُشْد: إن كان معاً من ذوي الهيئة، عوقب القائل عقوبة خفيفة يهان به ولا يبلغ به السجن، وإن كانا من غير ذوي الهيئة عوقب القائل أشد من عقوبة الأول يبلغ به فيها السجن، وإن كان القائل من ذوي الهيئة والمقول له من غير ذوي الهيئة، عوقب بالتوبيخ ولا يبلغ به الإهانة ولا السجن، وإن كان القائل من غير ذوي الهيئة والمقول له من ذوي الهيئة، عوقب بالضرب. وسمع عيسى: من قال لرجل: يا سارق ضرب خمسة عشر سوطاً ونحوها. ابن رُشْد: تحديده بهذا ليس له أصل من الكتاب والسنة؛ وإنما هو اجتهاد، ويختلف باختلاف حال المقول والقائل حسبما تقدم. ابن شاس: قال الأستاذ أبو بكر في أخبار الخلفاء: أنهم كانوا يعاقبون الرجل على قدره وقدر جنايته، منهم من يضرب، ومنهم من يحبس، ومنهم من يقام واقفاً على قدميه في تلك المحافل، ومهم من تنزع عمامته، ومنهم من يحل إزاره. قُلتُ: ومما جرى بع عمل القضاة من أنواع التعزير؛ ضرب القفا مجرداً عن ساتره بالأكف. وفي صحة الزيادة على الحد باجتهاد الإمام لعظم جرم الجاني ومنعها قولان للمشهور، وغيره لنقل الشَّيخ في ترجمة ضرب الحدود، ورواية مُطَرف: من أخذ سكراناً في الأسواق، وقد آذى الناس برمي أو سيف؛ أرى أن يزاد في عقوبته فيبلغ ضربه مع الحد نحو الخمسين والمائة والمائتين، ونقل غيره: لا يزاد على الحد، وروى

مسلم بسنده: لا يجلد أحد فوق عشرة أسواط إلا في حد من حدود الله. المازري: هذا خلاف مذهب مالك؛ لأنه يجيز في العقوبات فوق الحدود؛ لأن عمر ضرب من نقش على خاتمه مائة، وضرب صبيعاً أكثر من الحد، وتأول أصحابنا الحديث على قصره على زمنه صلى الله عليه وسلم؛ لأنه كان يكفي الجاني منهم هذا القدر. قال عياض: بظاهر هذا الحديث أخذ أشهب في بعض الروايات عنه، واختلف مذهب مالك وأصحابه في ذلك، فالمشهور عنه وعنهم ما تقدم، وعن مالك في التهمة والخمر والفاحشة خمسة وسبعون سوطاً لا يبلغ به الحد، ومال إليه أَصْبَغ، ونحوه لمحمد بن سلمة، قال: لا يبلغ ضرب السلطان في الأدب في الحد أبداً. وقال أشهب: في مؤدب الصبيان لا يضرب أكثر من ثلاثة أسواط، فإن زاد اقتص منه. وفي آخر سرقتها: من ادعى على رجل أنه سرقه، لم أحلفه له إلا أن يكون متهماً يوصف بذلك، فإنه يحلف ويهدد ويسجن، وإلا لم يعرض له، فإن كان من أهل الفضل وممن لا يشار إليه بهذا؛ أدب الذي ادعى ذلك. قُلتُ: ظاهره أنه يؤدب مطلقاً، وإن لم يكن على وجه المشاتمة، وفي النوادر؛ إنما يؤدب المدعى عليه غير المتهم بالسرقة، إذا كان على وجه المشاتمة أما دعوى الظلامة فلا. ابن شاس: والأب يؤدب ابنه الصغير دون الكبير ومعلمه بإذنه. قُلتُ: لأن ترك تأديبه يكسبه فساداً، وفي حجها ليس لأبي الصبي، أو من هو في حجره أن يحجه وينفق عليه من ماله إلا أن يخاف من ضيعته بعده، وللسيد تأديب رقيقه؛ لأنه صلاح له. في عتقها الأول قال مالك: ومن حلف بحرية أمة ليضربنها ضرباً، يجوز له منع من البيع والوطء حتى يفعل، وللحالف بالعتق ليضربن عبده أن يضربه إلا ضرباً لا يباح مثله، وللزوج تأديب زوجته في منعها حقه، ولذا قيل: تدميتها عليه لغو. ابن شاس: لو كانت المرأة لا تترك النشوز إلا بضرب مخوف؛ لم يجز تعزيرها.

الشَّيخ في المجموعة: قال مالك: ومعلم الكتاب أو الصنعة إن ضرب صبياًّ ما يعلم أنه من الأدب فمات؛ فلا يضمن وإن جاوز به الأدب ضمن ما أصابه. قُلتُ: في السرقة منها: وما بلغ من خطأ الإمام ثلث الدية، فعلى عاقلته مثل خطأ الطبيب والمعلم والخاتن، وأبي مالك أن يجبينا في خطأ الإمام بشيء. ولابن رًشْد في رسم المجالس من سمَاع أَصْبَغ في كتاب الديات: دية من هلك عن فعل الطبيب خطأ على عاقلته اتفاقاً، وإن غر من نفسه، فقيل: في ماله، وهو ظاهر قول مالك في رسم كتب عليه ذكر حق من سمَاع ابن القاسم من كتاب السلطان، وقيل: على العاقلة، وهو قول عيسى بن دينار هناك، وظاهر قول أَصْبَغ هنا. وفي آخر سمَاع سَحنون من الجنايات، وكتب لسَحنون: فيمن فقأ عين عبده أو عين امرأته فيقولان: فعل ذلك بنا عمداً، وقال السيد والزوج: بل أدبتهما فأخطأت، قال: القول قول العبد والمرأة؛ لأن العداء قد ظهر. قُلتُ: ولم وقد أذن له في الأدب لعبده وامرأته، أرأيت الطبيب إذا قطع فجاوز وادعى عليه العمد، والطبيب قد ظهر فعله أنه ابتدأه بما يجوز له، والزوج والسيد لم يظهر لنا منهما غير العداء. ثم قال: اكتب إليه أنه لا شيء على السيد، ولا على الزوج حتى يظهر العداء، والقول قولهما. ابن رُشْد: ما تجاوز فيه الطبيب محمول على الخطأ حتى يعلم خلاف ذلك اتفاقاً، والأظهر في السيد حمل أمره في عبده على الخطأ، فلا يعتق عليه بذلك إلا أن يعلم أنه قصد التمثيل، ويباع عليه إن دعا إلى ذلك العبد، وأرى في الزوج أن لا يحمل أمره على الخطأ، فيلزم ذلك العاقلة، ولا على العمد فيقتص منه لها، ويجعل في ذلك كشبه العمد الذي يسقط فيه القصاص، وتكون فيه الدية على الجاني في ماله، وإن طلبت المرأة أن يفرق بينه وبينها وزعمت أنها تخافه على نفسها، طلقت عليه طلقة بائنة، ومضى هذا في رسم يشترى الدور من سمَاع يحيى من كتاب العتق. قُلتُ: وقال عياض في أول كتاب الجراحات: واختلف متأخرو شُيُوخنا

الأندلسيين فيما كان على وجه الأدب أو فعل ما يباح له ممن يجوز له ذلك على الوجه الذي أبيح، وحيث أبيح كالحاكم، وضارب الحد، والمؤدب، والأب، والزوج، والخاتن، والطبيب هل يدخلها الاختلاف؟ هل هو على حكم الخطأ؟ أو على شبه العمد؟ وإلى هذا التخريج ذهب الباجي. وقيل: إن كان إنما فعل من ذلك ما يجوز له، ولم يتعمد غلطاً، فهي كمسألة اللعب يدخلها ما فيها من الخلاف، وإليه ذهب شيخنا القاضي أبو الوليد. الشَّيخ: قال مالك في المجموعة: وإن أمره عبد أن يختنه، أو يحجمه، أو يقطع عرقه ففعل؛ فهو ضامن ما أصاب العبد في ذلك إن فعله بغير إذن سيده، علم أنه عبد أو لم يعلم. وفي حريم البئر منها: ومن أرسل في أرضه ناراً أو ماء، فوصل إلى أرض جاره فأفسد زرعته، فإن كانت أرض جاره بعيدة يؤمن أن يصل ذلك إليها، فتحاملت النار بريح أو غيره فأحرقت؛ فلا شيء عليه، وإن لم يؤمن وصول ذلك لقربها؛ فهو ضامن وكذا الماء، وما قتلت النار من نفس فعلى عاقلة مرسلها. وشبه بها ابن رُشْد سمَاع محمد بن خالد ابن القاسم: في رجل طبخ سكراً في قدر سترها عن الناس بقصب، وكان صبي خلف القصب نائماً لا علم للطابخ به ففارت القدر بما فيها، فأصاب الصبي ما خرج منها؛ لا شيء عليه. الصقلي عن سَحنون: وما قتلت النار ينظر فيه على من يجوز له، ومن لا يجوز له. قُلتُ: يريد سقوط الدية عن العاقلة الأول، وثبوتها على عاقلة الثاني. قال: وقال أشهب: ولو كانوا لما خافوا على زروعهم قاموا لردها، فأحرقتهم فديتهم هدر لا على عاقلة، ولا على غيرها. قال ابن عبد السلام: سئل ابن كنانة عمن أشعل ناراً في حائط رجل، فتعدوا النار غير ذلك الحائط فتحرقه من زرع أو حائط أو مسكن أو غيره، فقال: عليه غرم ما أشعل فيه من ذلك، فأما ما عدت النار فيه فأحرقته؛ فلا غرم عليه فيه. قال: فقد يؤخذ من هذا الجواب خلاف في هذا الأصل، ويرد بأن عدم ضمانه في

مسألة ابن كنانة؛ إنما هو فيما لم يقصده المتعدي بالعداء، والضمان في مسألة الكتاب؛ إنما هو فيمن قصده بالتعدي حيث أوقد النار حين هبت الريح، ولا يلزم من عدم ضمان المتعدي فيما لم يقصده بالتعدي عدم ضمانه فيما قصد به، وجواب ابن كنانة هو مقتضى نقل اللخمي عن المذهب، خلاف مقتضى نقل أبي حفص عن المذهب. وذلك أن في كتاب الدور من «المدَوَّنة»: وإن اشترط رب الدار على مكتريها أن لا يوقد فيها ناراً فأوقد المكتري فيها ناراً لخبزه فاحترقت الدار؛ ضمن. قال اللخمي: إن احترقت هي وغيرها، ضمن الدار المكتراة فقط، إذا كان الوقيد على صفة، لو أذن رب الدار فيه لم يكن لمن يليه في ذلك مقال؛ لأن المتعدى عليه هو من حقه، وإن كان على صفة يكون لجاره منعه ضمن جميع ما أحرق. وقال عبد الحق: قال بعض شُيُوخنا القرويين: إن احترقت دور جيرانه فهو ضامن؛ لأن سبب هذا فعل لا يجوز له، وإن كان مما يجوز له لولا الشرط الذي شرط عليه، كقوله: فيمن يحفر بئرا ًفي داره للسارق أنه يضمن ما سقط فيها من سارق وغيره؛ لأن فعله مما لا يجوز له. ومثله نقل أبو حفص العطَّار، وهذا الأصل مباين لأصل مسألة حريم البئر فتأمله. ابن شاس: ومن سقط ميزابه على رأس إنسان لم يضمنه، وكذا الظلة والعسكر. قُلتُ: هو قولها مع غيرها، وما أشرع الرجل في طريق المسلمين من ميزاب أو ظلة أو حفر بئر أو سرباً للماء أو للريح في داره أو أرضه، أو حفر شيئاً مما يجوز له في داره أو في طريق المسلمين بئراً للمطر، أو مرحاضاً يحفره إلى جانب حائطه؛ فلا غرم عليه ما عطب في ذلك كله. وفيها: والحائط المخوف إذا شهد على ربه، ثم عطب به أحد فربه ضامن. وفيها: وإن لم يشهدوا عليه لم يضمن. قُلتُ: فإذا لم يضمن في المائل لعدم الإشهاد، فأحرى في غير المائل. الصقلي لمحمد عن أشهب: إن بلغ ما يجوز لربه تركه لشدة ميله والتغرير به،

فهو متعد ضامن لما أصيب به، وإن لم يشهد عليه، وكذا لو تقدم إليه السلطان في هدم حائط على حسن النظر للرعية، فهو ضامن، وأما نهي الناس وإشهادهم، فليس بلازم له، وحكي عن بعض فقهائنا القرويين: أنه ينظر إلى رب الحائط، فإن أنكر ما قيل من غرر الحائط فهاهنا يحتاج إلى التقدم إليه، وإن أقر بأن حائطه مخيف فهاهنا ينفع الإشهاد عليه دون الحكم. ابن شاس: وأما إن مال فإن لم يتداركه مع الإمكان والإنذار والإشهاد، وجب الضمان فجعل الإمكان شرطاً، وهو صواب جار على القواعد، وقله: وإن بناه مائلاً ضمن مطلقاً وواضح لقولها، وما صنعه في طريق المسلمين مما لا يجوز له من حفر بئر أو رباط دابة ونحوه؛ ضمن ما أصيب. وسمع عيسى ابن القاسم: في الثور العقور، والجمل الصؤول، والكلب العقور، أو شيء من العجماء إذا عرف بالعداء على الناس أمر ربه بذبحه، وتقدم إليه، وما عقر بعد التقدم إليه ضمنه في ماله، ولو بلغ الدية، ولو قتل رجلاً بعد التقدم إليه، ولم يشهد على قتله إلا شاهد واحد؛ حلف ورثة الميت مع شاهدهم واستحقوا الدية. ابن رُشْد: قوله: إن عدا بعد التقدم إليه ضمن؛ يريد: ولو كان التقدم إليه بالجيران دون السلطان، وهو مثل ما في المدَوَّنة خلاف سماَع عبد الملك في كتاب السلطان: أنه لا يضمن إلا أن يتقدم إليه السلطان، وقيل يضمن وإن لم يتقدم إليه، ولم يشهد عليه. قاله أشهب وسَحنون: في الحائط إذا بلغ مبلغاً يجب عليه هدمه فتركه، وهذا الاختلاف؛ إنما هو إذا اتخذه في موضع يجوز له اتخاذه فيه، وإن اتخذه حيث لا يجوز له اتخاذه؛ فلا اختلاف في ضمانه لما أصاب، وإن لم يتقدم إليه. ومذهب أشهب في الكلب العقور، والجمل الصؤول؛ أنه لا ضمان على ربها بحال، وإن تقدم إليه، فهو قول رابع. وقوله: لا يكون على العاقلة من ذلك شيء، خلاف سمَاع زونان: أن ذلك على العاقلة إن بلغ الثلث. وقوله: يستحق ذلك باليمين مع الشاهد صحيح، على أنه لا يكون على العاقلة من

ذلك شيء، ولا يحلف على قياس قوله مع قول المعقور. قُلتُ: كذا وجدته في نسختين من البيان، وفي فهمه نظر. قال: وحكى ابن مزين عن أَصْبَغ: لا يثبت إلا بشاهدين، وأنكر رواية عيسى هذه، وعلى قياس قول ابن وَهْب: يستحق ذك بما يستحق به دم الخطأ من القسامة وغير ذلك. ولعيسى عن ابن القاسم: أنه إن قتل رجل الجمل الصؤول بعد التقدم إلى ربه وذكر أنه أراده وصال عليه؛ فلا غرم عليه، ويقبل قوله في ذلك؛ يريد: مع يمينه بغير بينة إذا كان بموضع ليس يحضره الناس. الصقلي في كتاب محمد وغيره: في الجمل إذا صال على الرجل فخافه على نفسه فقتله؛ فلا شيء عليه إن قامت له بينة أنه صال عليه، وإن لم تقم له بينة ضمن. قُلتُ: مسألة عيسى بعد التقدم، وظاهر هذه أنه دون تقدم، قال ابن العربي: لا يقصد المصول عليه القتل؛ وإنما ينبغي أن يقصد الدفع، فإن أدى إلى القتل فذلك إلا أن يعلم أنه لا يندفع إلا بالقتل؛ فجائز قصد قتله ابتداء، ولو قدر المصول عليه على الهروب من غير ضرر يلحقه؛ لم يجز له الدفع بالجراح، فإن لم يقدر فله دفعه بما يقدر. قلت كقول ابن رُشْد وغيره: إذا تعارض ضرران ارتكب أخفهما. قال ابن الحاجب: ولو عض يده فسل يده ضمن أسنانه على الأصح. قُلتُ: عبر غير واحد على الضمان أنه المشهور. وقال ابن بشير: في ضمانه قولان، وهذا أصل مختلف فيه في المذهب، وهو كل من أذن له إذن خاص في فعل ففعله فأدى إلى إتلاف، ففي رفع الإذن الضمان قولان، وفي صحيح مسلم أن يعلى بن منية قاتل رجلاً، فعض أحدهما صاحبه فانتزع يده من فيه فنزع ثنيته، فاختصما إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: أيعض أحدكم كما يعض الفحل، لا دية له. قال المازري: اختلف في المعضوض، إذا جبذ يده فسقطت أسنان العاض،

فالمشهور عندنا أنه ضامن. وقال بعض أصحابنا: لا ضمان عليه. قال بعض المحققين من شُيُوخنا: إنما ضمنه من ضمنه من أصحابنا؛ لأنه يمكن النزع بالرفق حتى لا تنقلع أسنان العاض، وحملوا الحديث على ذلك. قُلتُ: وذكر ابن بشير قولين لا بقيد المشهور، قال: ومن هذا المعنى لو رمى إنسان من ينظر إليه في بيته فأصاب عينه، فاختلف فيه أصحابنا فأكثرهم على إثبات الضمان وأقلهم على نفيه لقوله صلى الله عليه وسلم: «لو أن امرأ اطلع عليك بغير إذن، فحذفته بحصاة ففقأت عينه، لم يكن عليك جناح». في الموطأ: دخلت ناقة للبراء بن عازب حائط رجل، فأفسدت فيه؛ فقضى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن على أهل الحوائط حفظها بالنهار، وأن ما أفسدت المواشي بالليل ضمانه على أهلها. أبو عمر: هو من مراسيل الثقات، وتلقاه أهل الحجاز وطائف من أهل العراق بالقبول. الباجي: قال مالك والشافعي: ما أصابت الماشية بالنهار، فلا ضمان على أربابها، وما أصابته بالليل ضمنوه. أبو عمر: وقال يحيى بن يحيى: من أصحابنا بقول الليث وعطاء يضمنون ما أفسدت بالليل والنهار. الباجي: وسمع أشهب سواء كان محظراً عليه أو غير محظر. قال عيسى عن ابن القاسم في المدنيَّة: وجميع الأشياء في ذلك سواء.

أبو عمر: إنما يسقط الضمان نهاراً عن أرباب الماشية إذا أطلقت دون راع، وإن كان معها راع فلم يمنعها ويقدر على دفعها؛ فهو كالقائد والراكب. الباجي: المواضع عندي على ثلاثة أضرب: ضرب: تتداخل فيه المزارع والمراعي، فهو الذي تقدم ذكره. وضرب: تنفرد المزارع والحوائط ليس بمكان مسرح، هذا لا يجوز إرسال المواشي فيه وما أفسدت فيه ليلاً أو نهاراً، فعلى أربابها. وقد قال أَصْبَغ في المدنيَّة: ليس لأهل المواشي أن يخرجوها إلى قرى الزرع بغير ذائد، وعليهم أن يذودوها عن الزرع، فإذا بلغوا المراعي سرحوها، فما ند منها إلى الزرع والجنات، فعلى أصحاب الزرع والجنات دفعه. وضرب: جرت عادة الناس بإرسال مواشيهم فيه ليلاً ونهاراً، فأحدث فيه رجل زرعاً من غير إذن الإمام في الإحياء؛ فلا ضمان على أهل المواشي فيه ليلاً أو نهاراً، وإن كانت الدواب تكثر في الزرع فتفسده، فحفر رب الزرع حوله حفيراً لمكان الدواب، فوقع بعضها فيه فمات. فروى أَصْبَغ عن مالك وابن القاسم: لا شيء عليهم، ولو لم ينذرهم، وانظر ما الفرق بينه وبين من يحفر للسارق زبية فيقع فيها. قُلتُ: هو سمَاع أَصْبَغ ف يكتب الأقضية. ابن رُشْد: وهذا كما قال؛ لأنه إنما فعل ما يجوز له أن يفعله في أرضه تحصيناً على زرعه لا لإتلاف دواب الناس، ولو فعل ذلك لإتلافها ضمنها، على قوله في المدَوَّنة: فيمن يصنع بداره شيئاً ليتلف فيه السارق، ووقعت المسألة الأولى في رسم الأقضية لابن غانم في سمَاع أشهب. قال ابن رُشْد: وإنما يسقط الضمان على رب المواشي إذا أخرجها عن جملة الزرع والحوائط بذائد إلى مرعاها، فشرد منها شيء ورجع إلى الزرع والحوائط، فأفسد دون تضييع ولا تفريط، ولو أهملها بين الزرع والحوائط دون راعٍ أو براع فضيع أو فرط، فهو ضامن أعني الراعي؛ لأنه المضيع لا رب الماشية إذ ليس عليه أكثر مما ضيع.

الباجي وغيره: والواجب في ضمانه قيمته، وإن كانت أكثر من قيمة الماشية رواه ابن القاسم. قُلتُ: ومثله سمع ابن رُشْد؛ يريد: وليس له أن يسلم الماشية في قيمة ما أفسدت بخلاف العبد الجاني؛ لأن العبد هو الجاني، لأنه مكلف والماشية ليست هي الجانية إذ ليست بمخاطبة، وإنما الجاني ربها. قُلتُ: وقال أبو عمر: قال يحيى بن يحيى: إنما على ربها الأقل من قيمتها أو قيمة ما أفسدت، وأظنه قاسه على العبد الجاني. ابن رُشْد: وإن أفسدت الزرع وهو صغير، ففيه قيمته لو كان يحل بيعه على الرجاء والخوف، قاله في سمَاع عيسى، ولا اختلاف فيه إن كان لا يرجى عوده لهيئته، وإن رجي عوده إليها، فحكى ابن حبيب عن مُطَرف: أن القيمة تكون فيه، ولا يستأنى به أن ينبت كما صنع في الصغير. وعلى قول سَحنون يستأنى لقوله: فيمن قطع شجرة رجل من فوق أصلها لا يقضى عليه الساعة وتنتظر الشجرة، فإن عادت لهيئتها أو لا؛ فلا شيء على القاطع، وإن عادت ولم تتم على حالها الأول؛ غرم ما نقص ولا يرجع عليه بأجر سقي ولا علاج. قال مُطَرف: فإن عاد الزرع لهيئته بعد الحكم إن مضت القيمة لرب الزرع, وإن لم ترد, وهو الآتي على قول أشهب: فيمن ذهب عقله يقضى له به بعد الاستيناء، ثم عاد إليه عقله؛ أنه حكم مضى. وقيل: ترد القيمة وهو الآتي على قولها في الذي يعود إليه بصره بعد أن قضي له بالدية أنه يردها. قال مُطَرف: لو تأخر الحكم حتى عاد الزرع لهيئته؛ سقطت قيمته، ولم يكن على المفسد إلا الأدب إلا أن يكون ما افسد من ذلك يرعى وينتفع به؛ فتكون عليه قيمته ناجزاً على ما ينتفع به لا على الرجاء الخوف نبت أو لم ينبت، كان ذلك بعد الحكم أو بعده. الباجي وابن رُشْد: ولو خرجت فوطئت رجلاً نائماً فقطعت رجله؛ فهو هدر قاله

عيسى عن ابن القاسم. قُلتُ: وهو في سمَاع أشهب. قال ابن الحاجب: وما أتلفته البهائم من الزرع نهاراً فلا ضمان؛ وفسر: إن استهمل بغير حافظ. قُلتُ: كذا هو في غير نسخة إن استهمل بالإثبات. قال ابن عبد السلام: أي وفسر قول مال: بما إذا كان الزرع مهملاً لا حافظ له كالحائط وشبهه، وليس هذا التفسير بالمتفق عليه. قُلتُ: هو معنى قول أبي عمر المتقدم: إنما يسقط الضمان إذا أطلقت دون راع إلى آخر كلامه، وقول ابن الحاجب: إن استهمل محمول على المعنى في تذكير الضمير أي: استهمل المفسد. ونقل ابن هارون لفظ ابن الحاجب على نفي الاستهمال فقال: وفسر إن لم يستهمل بغير حافظ. ونقل ابن شاس: قال محمد بن حارث: هذا محمول على أن أهل الماشية لا يهملون مواشيهم بالنهار، وعلى أنهم يجعلون معها حافظاً وراعياً، وإن أهملوها فهم ضامنون. قُلتُ: وهذا عكس ما تقدم لأبي عمر، وكلاهما لم يجعل راجعاً إلا للماشية لا للحوائط فاعلمه.

كتاب العتق

[كتاب العتق] العتق: رفع ملك حقيقي لا بسباء عن آدمي حي فداء لمسلم من حربي حقيقي سباه أو ممن صار له منه، وبقوله عن آدمي حي رفعه عنه بموته.

وقول ابن عبد السلام: واستغنى المؤلف عن تعريف حقيقته لشهرتها عند العامة والخاصة. يرد بأن ذلك من حيث وجودها، لا من حيث إدراك حقيقتها؛ بل كثير من المدرسين لو قيل له: ما حقيقة العتق؟ لم يجب بشيء، ومن تأمل وأنصف أدرك ما قلناه، والله أعلم بمن اهتدى. وحكمه من حيث ذاته: الندب؛ روى مسلم عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من أعتق رقبة مؤمنة؛ أعتق الله بكل إرب إربًا منه من النار» زاد البخاري: «حتى الفرج بالفرج». ورويا عن أبي ذر قال: «قلت: يا رسول الله أى الأعمال أفضل؟ قال: الإيمان بالله والجهاد في سبيله. قلتُ: أي الرقاب أفضل؟ قال: أنفسها عند أهلها، وأكثرها ثمنًا». وفي كون الأكثر ثمنًا كافرًا أفضل أو الأقل ثمنًا مؤمنًا نقلا اللخمي رواية ابن حبيب وقول أَصْبَغ وصوبه.

باب المعتق

وقول ابن شاس، وابن الحاجب وقبوله شارحاه: (وله أركان، الأول: المعتق) يقتضي أن المعتق جزء من العتق، وليس كذلك إلا أن يريدوا أركانه الحسية المتوقف وجوده حسًا عليها، كاللحم والعظم والدم للإنسان، لا أركانه المحمولة عليه كالحيوان والناطق للإنسان. [باب المعتق] وعليه فهو كل من لا حجر عليه في متعلق أعتقه طائعًا، فيخرج من أحاط دينه بما أعتق أو ببعضه، وذات الزوج فيها حجره فيه عليها، إلا السفيه ف] أم ولده في المديان منها: عتقه أم ولده جائز؛ لأنها مما ليس له فيه إلا المتعة، وقول ابن الحاجب: (المعتق: كل من لا حجر عليه) مفهومه: رد عتق السفيه أم ولده. وفي الولاء منها: لا يجوز عتق المكاتب والعبد بغير إذن سيده، وللسيد رد عتقها، فإن رده بطل، ولم يلزمهما إن أعتقا، وإن لم يعلم حتى عتقا مضى ذلك. وفي عتقها الأول: ومن بتل عتق عبيده في صحته وعليه دين يغترقهم ولا مال له سواهم- لم يجز عتقه، وإن كان دينه لا يغترقهم-بيع من جميعهم مقدار الدين بالحصص لا بالقرعة، وعتق ما بقي. وفيها: ومن رد غرماؤه عتقه؛ فليس له ولا لغرمائه بينهم دون الإمام، فإن فعل أو فعلوا، ثم رفع إلى الإمام بعد أن أيسر-رد البيع، ونفذ العتق، ولو أعتق في عسره فلم يقم عليه حتى أيسر-نفذ عتقه، ثم إن أعسر بعد ذلك قبل يوم القيام عليه-لم يرد عتقه. اللخمي: إن كان البيع منهم بالحصص لا يفضل للعتق شيء لعيب العتق؛ فيرجع

للقرعة فيما يباع للدين، وإن أمسك الغرماء عن القيام بعد العتق، ثم قاموا، فقال الباجي: عن ابن عبد الحَكم: إن قاموا بعد الثلاث السنين والأربع، وهو بالبلد، وقالوا: لم نعلم؛ فذلك لهم، ولو كانوا رجالاً حتى تقوم بينة أنهم علموا، وفي أكثر من أربع سنين لا يقبل منهم. وروى محمد: أستحسن إن طال حتى وارث الأحرار، وجازت شهادته. قال ابن القاسم: يريد إن اشتهر بالحرية، وتثبت له أحكامها بالموارثة، وقبول الشهادة، ولم يمنع ذلك الغرماء؛ فهو محمول على الرضا بعتقه. وقال أَصْبَغ: إنما ذلك في التطاول الذي لعل السيد أيسر فيه، ولو تيقن ببينة قاطعة اتصال عدمه مع غيبة الغرماء، وعدم علمهم رد عتقه، ولو ولد له سبعون ولدًا، ولو قال الغريم في ثلاث سنين أو أربع علمت بعتقه ولم أنكره لما اعتقدت؛ أن الدين لا يحيط بماله، فقال ابن عبد الحَكم: ينفذ عتقه. ولأَصْبَغ عن ابن وَهْب: لا يرد لدين هذا الغريم ويرد لغيره ويدخل معه هذا. وقال أَصْبَغ: يرد لهذا الغريم، ولو كان وحده. قلتُ: قول ابن وَهْب بعيد أو مستحيل، ولو رد الإمام عتقه ثم أيسر قبل بيعه عتق، رواه سَحنون عن ابن القاسم. وأشهب عن ملك قال: وليس رد السلطان برد حتى يباع ما لم يقسم المال بين الغرماء أو لم يفت ذلك وكان قريبًا. وقال ابن نافع: لا أعرف هذه الرواية والذي عندي أن رد السلطان رد للعتق، وإن لم يبع في الدين فلا يعتق بعد ذلك وإن أفاد مالًا. ابن زرقون: وفي مختصر الوقار: إن أيسر بقرب رد الحاكم أعتقوا وإن طال الزمان كانوا رقيقًا. وفي الموازيَّة: إن أيسر بعد بيع الإمام قبل قسم الثمن رد البيع، وإن قسم الثمن وطال لم يرد.

قال سَحنون: سواء قسم الثمن أو لم يقسم إذا نفذ البيع، وتمت أيام الخيار-لم يرد البيع. الباجي: وعلى رواية ابن القاسم يرد السلطان عتق الرقيق؛ فليس للسيد الوطء، وله استخدامهم، فإن أفاد مثل دينه عتقوا، وإن أفاد أقل من ذلك؛ فإن العتق في كلمة بيع منهم لما بقي بالحصص، وإن أعتقهم واحدًا بعد واحد-بيع الآخر، وأعتق من بقي كمن أعتق وله وفاء لبعض دينه، قاله القاسم. وفيها: الوصيَّة بالعتق عدةُ إن شاء رجع فيها، ومن بت عتق عبده أو حنث بذلك في يمين-عتق عليه بالقضاء، ولو وعده بالعتق أو نذر عتقه لم يقض عليه بذلك وأمر بعتقه. اللخمي: من قال علي عتق عبد؛ لزمه، فإن لم يكن معينًا لم يجبر، وإن كان معينًا فقال مالك: لا يجبر. ولأشهب عند محمد: إن قال: لا أفي-قضي عليه، وإن قال: أفعل؛ ترك، وإن مات قبل أن يفعل-لم يعتق في ثلث ولا غيره. ولابن القاسم في الوازيَّة: من جعل شيئًا للمساكين ولم يعينهم؛ أنه يجبر، فعلى هذا يجبر في العتق وإن لم يعينه. قلتُ: ففي القضاء على ناذر عتق به، ثالثهما: إن كان معينًا؛ لتخريج اللخمي على قول ابن القاسم في النذر للمساكين، وقول مالك، وقول أشهب المتقدم. وقول ابن الحاجب: (ويجب بالنذر، ولايقضى إلا بالبينة والحنث) مشكل؛ فوجب على الناظر في كلامه جبره مع يسر العبارة عن حقيقة المذهب في ذلك كما تقدم.

باب المعتق

[باب المعتق] المعتق: كل ذي رق مملوك لمعتقه حين تعلق بمكان ملكه، محصلًا أو مقدرًا، لم يزاحم ملكه إياه حق لغيره قبل عتقه لا معه.

فقولنا: (مملوك لمعتقه) لقولها مع غيرها: من قال لعبد غيره: أنت حر من مالي-لم يعتق عليه، وإن قال سيده: أنا أبيعه منك، ومن قال لأمة غيره: إن وطئتك فأنت حرة، فابتاعها فوطئها-لم تعتق عليه إلا أن يريد: إن اشتريتك، وقولنا (مقدرًا) لقولها مع

باب صيغة العتق

غيرها: من قال لعبد إن اشتريتك أو ملكتك فأنت حرر، فاشتراه أو بعضه-عتق عليه جميعه، وقوم عليه حظ شريكه. وقولنا: (لم يزاحم ملكه إياه حق لغيره قبل عتقه) لقولها مع غيرها: ومن أعتق عبده بعد علمه أنه قتل قتيلًا خطأً، وقال: لم أرد حمل جنايته، وظننت أنها تلزم ذمته، ويكون حرًا-حلف على ذلك، ورد عتقه. وقولنا: (لامعه) لقولها: ومن قال لعبده: إن بعتك فأنت حر، ثم باعه-عتق على البائع، ورد الثمن. [باب صيغة العتق] الصيغة: اللفظ الدال على ماهية العتق. [باب صريح صيغة العتق] صريحها: ما لا يقبل صرفه عنه لغير إكراه بحال، محكومًا به عليه كأعتقتك، وأنت حر، وإن قال له: أنت حر اليوم؛ عتق للأبد.

ومن قال لعبده: لا سبيل لي عليك ولا ملك لي عليك؛ عتق عليه، وإن علم أن هذا الأمر جواب لكلام قبله صدق فيه أنه لم يرد عتقه. فقولنا: (لغيره إكراه) لقولها: ولو مر على عاشر، فقال: هو حر، ولم يرد بذلك الخبر بع لم يعتق أيضًا إذا علم أن السيد دفع بذلك عن نفسه ظلمًا. وقولنا: (محكومًا به عليه) احترازًا من كونه وصفًا، كقولها: لو قال له: تعال يا حر، ولم يرد به الحرية، إنما أراد: أنت في معصيتك إياي كالحر فلا شيء عليه ولا في القضاء. وفيها: إن قال لعبده: أنت حر، وقال: نويت بذلك الكذب لزمه العتق ولا ينوى إنما ينوى فيما له وجه، كمسألة العاشر. اللخمي: لأشهب في الموازيَّة ينوى في الكذب، وهو أحسن؛ لأنه لفظ بغير بينة إذا صدقتها لأمة. قلتُ: العتق حق لله، فتصديقها لغو. وفيها: إن قال له: أنت حر اليوم من هذا العمل، وقال: أردت عتقه من العمل، لا الحرية-صدق في ذلك مع يمينه. وسمع عيسى في رسم لم يدرك: من قيل له في عبده: من ربه، فقال: ما له رب إلا الله، أو قيل له: أمملوك هو؟ قيل: ما هو مملوك، وقيل له: ألك هذا العبد؟ قال: ما هو لي، لا شيء عليه في جميع ذلك. قال عيسى: وعليه اليمين في العتق والطلاق. ابن رُشْد: ظاهر قول ابن القاسم لا يمين عليه، ولا يمين عليه في قوله: ما هو

لي اتفاقًا. ولابن القاسم في رسم الرهون كقول عيسى، ومثله في المدّوَّنة فيمن قال لعبده: أنت حر اليوم من هذا العمل، والخلاف في هذا كأيمان التهم، ولو ادعى العبد أنه كان اعتقه قبل ذلك واحتج بقوله ما هو مملوك لي لزمته اليمين اتفاقًا، كمن قام له شاهد واحد بعتقه. وقولها: من قال لرجل اعتق جاريتي، فقال لها الرجل: اذهبي، وقال: أردت به العتق عتقت؛ لأنه من حروف العتق، وإن قال لم أرد به العتق صدق واستشكل بأنه إن كان من حروف العتق لم يكن عدم إرادة العتق به مانعًا من العتق إلا أن يريد بعدم إرادة العتق إرادة غيره فتأمله. وفيها: من قال لعبد وهبت لك نفسك أو أعتقتك أو تصدقت عليك برقبتك؛ فهو حر وإن لم يقبل ذلك العبد. اللخمي عن سَحنون: إن قال تصدقت عليك بعملك أو خراجك أو خدمتك حياتك كان حرًّا. اللخمي: لو قال ما أردت تبتيل العتق؛ أنما أرادت أن يبقى رقيقًا لما يكون من جناية أو إرث بالرق قبل قوله على أحد القولين في أمر الولد إذا بطل عنك وطؤها؛ لا تعتق. قلتُ: ويفرق بأن في اللفظ احتمال دلالة على بت العتق بخلاف وصفه بطلان الوطء. قال عن سَحنون لو قال: تصدقت عليك بخراجك وأنت حر بعد موتي كان كأم الولد. اللخمي: يريد أنه حر من رأس المال واختلف في هذا الأصل في الموازيَّة هل يكون من الثلث أو من رأس المال. وفي رسم المكاتب من سماع يحيى من كتاب الهبات: إن قال أحد الشريكين في العبد حظي من خدمتك عليك صدقة قوم عليه حظ صاحبه كمن أعتق شركًا له في

عبد، ولو قال لعبده: خدمتك عليك صدقة ما عشت أنت فهو حر، ولو قال: حياتي لم يكن له من خدمته إلا حياة السيد، وكذا قوله لخراجك أو عملك. ابن رُشْد: فرق مالك في كتاب الخدمة من سمَاع ابن القاسم: بين الخراج والعمل فقال: في تصدقت عليك بخراجك له أن يستخدمه ولا يضر به؛ يريد: فيما تستخدم فيه أم الولد، وفي تصدقت عليك بعملك، هو حر مكانه. وقال سَحنون: الخراج والعمل والخدمة واحد إن أراد بالصدقة، بذلك ما عاش العبد، فهو حر الساعة، وإن أراد ما عاش السيد، فليس له منه إلا حياة السيد، فقول سَحنون كقول ابن القاسم في هذا السماع، خلاف قول ملك، ولا فرق عند جميعهم بين الخدمة والعمل، ولم يتكلم ابن القاسم إذا قال: تصدقت عليك بخدمتك أو عملك، ولم يقل ما عشت أنت، ولا ما عشت أنا على ما يحمل ومقتضى النظر تصديقه في ذلك بغير يمين، وهو دليل قول سَحنون، فإن لم تكن له نيَّة حمل على حياة العبد، وكان حرًا مكانه. قلتُ: نحو هذه المسألة قولها في الوصايا الأول من قال: وهبت خدمة عبدي لفلان، ثم مات فلان؛ فإن لورثته خدمة العبد إلا أن يستدل من قوله على أنه؛ إنما أراد حياة المخدم. قال أشهب: يحمل على أنه حياة فلان، ولو قال كان حياة العبد كانت هبة لرقبته. قلتُ: وفي صدق ملازمة قول أشهب نظر على ما قاله اللخمي في قول سَحنون لو قال: ما أردت تبتيل العتق؛ إنما أردت أن يبقى رقيقًا لما يكون من جناية أو إرث قالها ابن الحاجب وابن شاس.

باب الكناية في العتق

[باب الكناية في العتق] والكناية وهبت لك نفسك واذهب واعزب ونحوه. وشرط الكناية النية. قلتُ: مقتضاه شرط النيَّة في وهبت لك نفسك، وفي المدَوَّنة خلافه. قال ابن القاسم: سمعت مالكًا يقول: في الرجل يقول لعبده: قد وهبت لك نفسك أنه حر. وسألت مالكًا عن رجل وهب لعبده نصفه قال: هو حر كله. وفيها: إن أراد أن يقول لزوجته: أنت طالق أو لأمته أنت حرة، فقال لها: ادخلي الدار ونحو ذلك؛ لم يلزمه شيء حتى ينوى أن الأمة حرة، والزوجة طالق بما يلفظ به

من القول، وكذا إن قال لجاريته: أن برية أو خلية أو بائن أو بانت، أو قال لها: كلي أو اشربي أو تقنعي؛ يريد بذلك: اللفظ الحرية، فهي حرة. اللخمي: ولأشهب في الموازيَّة: إن أراد به العتق أو الطلاق، لم يلزمه عتق ولا طلاق، وإن أراد: إذا قلتِ هذا؛ فأنت حر أو طالق، لزمه. قلتُ: خرجه بعض المتأخرين على أن اللغات توقيفية، وتحصيل الصيغة أن ما لا ينصرف عن العتق بالنيَّة ولا غيرها صريح، وما يدل على العتق بذاته وينصرف عنه بالنيَّة ونحوها كناية ظاهرة، وما لا يدل عليه إلا بالنيَّة كناية خفية فالأول كأعتقت، وأنت حر، ولا قرينة لفظية قارنته. والثاني: كقولها: أنت حر اليوم من هذا العمل، وكقوله: لا سبيل لي عليك، ولا ملك لي عليك، والثالث واضح. وفي كونه عتقًا باللفظ أو بالنيَّة قولان؛ لظاهر نصوص المذهب، وزعم اللخمي، قاله في الطلاق ابن شاس، لو قال في حال المساومة وهو عبد جيد حر، لم يلزمه شيء لصرف القرينة إلى المدح دون العتق. قلتُ كقولها: ومن عجب من عمل عبده أو من شيء رآه، فقال له: ما أنت إلا حر لا شيء عليه، ولو قامت بذلك بينة. وفي فتاوى ابن زَرْب: من عقد عليها وثيقة عبر فيها عن مملوكها بمولاتها فزعمت المملوكة أنها حرة، واحتجت بهذه اللفظة، وقالت المرأة المولاة: عندي والمملوكة سواء فقال: نزلت هذه المسألة، وأفتى فيها أبو إبراهيم واللؤلؤي بأنها حرة، وبه أقول، وكان أهل المجلس اختلفوا فيها. وفيها: من قال لعبده: إن بعتك فأنت حر، فباعه عتق على البائع ورد الثمن. اللخمي: وقال ربيعة وعبد العزيز ابن أبي سلمه: لا حرية للعبد، وهو رق لمشتريه. قلتُ: وعزاه الصقلي أيضًا لعبد الملك ابن الماجِشُون، خلاف ما يأتي للخمي عنه. قال اللخمي: واختلف إن قال: بعتك فأنت حر إلى سنة، ففي الموازيَّة يفسخ بيع

العبد، ويكون حرًا إلى سنة. وقال ابن الماجِشُون: لا حرية له، وهو رق لمشتريه؛ لأن إنما يقع الحنث بعد بيعه، وإنما اعتق ملك غيره، ووافق مالكًا إذا قال: فأنت حر، ولم يقل إلى سنة. قلتُ: تعليله في مسألة إلى سنة يوجب استواء المسألتين. وقال ابن رُشْد في أول مسألة من رسم القطعان من سمَاع عيسى من الأيمان بالطلاق ما نصه: قول مالك فيمن قال لعبده: أنت حر إن بعتك فباعه، أنه حر على البائع استحسان على غير قياس. والقياس فيها: قول من قال: إنه لا شيء على البائع؛ لأن العتق إنما وقع من البائع بعد حصول العبد لمشتريه، ومثله اختار اللخمي. وفي توجيه المشهور بأن العتق والبيع وقعا معًا، فغلب العتق لقوته كتبديته في الوصايا، أو لأن محمله، فأنت حر قبل بيعي إياك، ثالثهما: لحنثه بمجرد بيعه المنكشف بقبول المشتري على الحنث بالأقل، للخمي عن محمد وإسماعيل القاضي وسَحنون وعلى المشهور. قال اللخمي: في افتقاره إلى حكم قولان، لقول الموازيَّة: إن كانت أمة فأولدها المشتري غرم قيمة الولد يقاص بها من الثمن. وقول محمد: لا شيء على المبتاع في الولد لم يرها في القول الأول حرة بنفس البيع، ورأى محمد أنها حرة به، والأول أحسن لشهرة الخلاف. وفي تبعية العبد ماله وبقائه لبائعه، تخريج اللخمي على تعليل إسماعيل مع محمد، وقول سَحنون. ابن رُشْد: وفيه نظر؛ لأن الذي يتأول على المذهب: أن العتق وقع بأول البيع قبل تمامه إذ لو تم فيه البيع لمل لزم العتق، وإذا وقع العتق قبل تمام البيع، وجب المال للعبد، ووجه قوله: إنه قصد إلى عتقه بالبيع وحكم البيع بقاء المال للبائع، صار كأنه استثناء؛ لأنه قال: المال للبائع؛ لأن البيع أوجب العتق فصار البائع أولى بالمال، هذا نص قوله.

الصقلي قال بعض أصحابنا: ولو كان المشتري استثنى مال العبد كان تبعًا للعبد لانتقاض البيع للعتق، فبطل كونه للمشتري فكان للعبد. الصقلي: ولأن المشتري إنما استثناه للعبد، فإن كان البائع؛ إنما باع نصفه ولم يستثن المشتري ماله، فنصف ماله انتزعه السيد ببيعه إياه، والنصف الثاني باق للعبد، فإذا عتق عليه النصف الذي لم يبعه بالحكم، بيع العبد نصف ماله الذي بقي عليه ملكه، وقاله أبو عمران. وفيها: ولو قال رجل مع ذلك: إن ابتعتك فأنت حر فابتاعه؛ فعلى البائع يعتق لأنه مرتهن بثمنه. قلتُ: وعلى قول عبد الملك: يعتق على المشتري. وفيها: من قال لعبد إن اشتريتك أو ملكتك فأنت حر فابتاعه بيعًا فاسدًا؛ عتق عليه بقيمته ورد الثمن. قال ابن رُشْد: وعلى القول: إن البيع الفاسد لا ينقل الملك لا حنث عليه، قاله في رسم بيع من سمَاع عيسى. الصقلي لابن سَحنون عنه: من حلف بحرية عبده إن باعه بيعًا فاسدًا، فلا حنث عليه. وقال: محمد يحنث ويعتق عليه. الصقلي: صواب وسمع يحيى ابن القاسم، من قال أول عبد ابتاعه فهو حر فابتاع رقيقًا صفقة واحدة؛ حنث في جميعها، كما لو ابتاع شقصًا من عبد؛ فإنه يقوم عليه. ابن رُشْد: مثله لابن حبيب عن ابن الماجِشُون في الميراث، فأحرى أن يقوله في الشراء. وقيل: يعتق أحدهم بالسهم. وقيل: يختار واحدًا فيعتقه، والقولان لابن القاسم في أول سمَاع سَحنون: فيمن قال: من بشرني بكذا فهو حر، فيأتيه ثلاثة من عبيده في مرة واحدة. وفيها: من قال كل مملوك له حر في يمين أو في غير يمين؛ حنث بما عتق عليه عبيده

ومدبروه ومكاتبوه وأمهات الأولاد وكل شقص له في مملوك، وتقوم عليه بقيته إن كان ملياً، ويعتق عليه أولاد عبيده من إمائه، ولدوا قبل يمينه أو بعد، وأما عبيد عبيده وأمهات أولادهم؛ فلا يعتقون ويكونون لهم تبعاً. الصقلي عن محمد: إنما يعتق ما ولد لعبيده بعد يمينه في يمينه لأفعلن لا في يمينه لا فعلت، وإليه رجع ابن القاسم؛ وإنما يدخل في يمينه لا فعلت ما كان حملاً يوم اليمين. قلت: في عتقها الثاني: من قال لأمته أنت حرة إن لم أفعل كذا إلى أجل كذا، فتقلد قبل الأجل؛ فهم بمنزلتها إذا عتقت، وليس له بيعها ولا بيع ولدها. قال ابن رشد: هذا المشهور من قول مالك: وروي عنه: أنهم لا يدخلون وإن كان على حنث، وهو قول المغيرة، وإن كان يمينه على بر، فالقياس أن لا يدخلوا وهو أحد قولي مالك واستحسنه على كره، وقال مرة: تعتق بغير ولدها، وإن ضرب لفعله أجلاً ففيها الخلاف المتقدم. الصقلي عن القابسي: إنما يعتق عليه كل شقص في مملوك إن كان له في كل عبد شريك، ولو كانوا عبيداً بينه وبين رجل قسموا، فما صار للحالف عتق عليه. الصقلي: وهذا إنما يجري على قول محمد، والكتاب يدل على خلافه. وحكي عن ابن الكاتب أنه قال: قول محمد: إنما يجري على قول أشهب في الأرض بين الرجلين يبيع أحدهما طائفة بعينها منها، فإن الأرض تقسم، فإن وقع البيع في حظ البائع مضى البيع، وإن وقع في حظ شريكه نقض، وابن القاسم يأبى ذلك، قال: ولابن سحنون عنه في ممالكي أحرار ولا نية له لا يعتق إناثهم، ثم رجع فقال: تعتق. الصقلي: هذا هو قول المدونة لقولها: كل مملوك لي حر يعتق أمهات أولاده ولا فرق بين كل مملوك ومماليكي. ابن سحنون: يدخل في رقيقي الإناث لا في عبيدي، ولو كانوا له إناث حوامل عتق ما أتين من غلام لأقل من ستة أشهر من يوم قوله، إذا لم يكن الحمل ظاهراً وكان الزوج مرسلاً عليها، وإن لم يكن مرسلاً عليها أو كان الحمل ظاهراً، فإنه يعتق عليه ما أتت به لخمس سنين.

وفيها لابن القاسم: في كل مملوك أملكه حر لا يلزمه العتق إلا فيما ملك يوم حلف، فإن لم يكن له يومئذ مملوك، فلا شيء عليه فيما يملك قبل الحنث أو بعده. أشهب: لو قال: إن دخلت هذه الدار فكل مملوك أمله أبداً حر، فدخلها لم يعتق عليه ما عنده من العبيد؛ إنما أراد المستقبل. عياض: يمينه بما يملكه إن قيد بالحال والاستقبال، اختص بهما وإن أهمله ففي تخصيصه بالحال وعمومه في الاستقبال اختلاف والعموم أشبه، وقاله ابن أبي زمنين وابن لبابة، ومسائل الكتاب مضطربة تدل على القولين. وفيها مع غيرها: من أعتق جزءاً من عبده عتق جميعه. اللخمي: اختلق قول مالك هل عتق بقيته بنفس العتق الأول أو بعد الحكم؟ وفرق مرة فقال: إن كان لها شريك فحتى يحكم، وقال: والأحسن وقفه على الحكم فيها، ثم قال: وهو الصحيح في المذهب. ابن رشد في أول رسم من سماع يحي ابن القاسم: من اعتق نصف عبده وهو صحيح، فلم يرفع ذلك حتى مات العتق، لم يعتق منه إلا ما عتق في صحته، هذا مشهور المذهب، وقيل: يكون حراً كله بسريان العتق فيه جميعه حكاه عبد الوهاب. الصقلي لابن سحنون عنه: قال ببعض أصحابنا: من أعتق نصف عبده فلم يترك عليه حثي باع النصف الأخر فأعتقه مبتاعه، رد بيعه وعتق باقيه على بائعه، وإن استحدث ديناً فلا بد نم فسخه ويباع ما رد لأهل الدين، وإن نقد مشتريه ثمنه كان أولى إذا بيع بمثل ما أخذ منه البائع، وما فضل للغرماء، وإن لم يكن دين غير الثمن الذي نقد، لم يعتق النصف حثي يعطي المشتري ما نقد، ويباع في ذلك النصف إن لم يكن له غيره، وإنما يباع منه بالثمن خاصة، ويباع مناقصة. يقال: كم يشتري منه بعشر؟ فيقول قائل: آخذ نصفه بعشرة، وقول آخر: آخذ ثلثي نصفه بعشرة، هكذا حتى يقف، ثم يعتق ما فضل منه مع النصف الأول، ولا عتق للمشتري كان، المعتق الأول ملياً أو معدماً. أبو محمد: انظر قوله أو معدماً.

قلت: قوله في أول المسألة: قلم يتم عليه حتى باع نص في وقف تكميله عليه على الحكم. الصقلي: لابن حبيب عن الأخوين من أعتق نصف عبده، ثم تصرف بنصفه على آخر- قوم على المعتق ولزمه نصف قيمته للمتصدق عليه، فإن مات المعتق أو فلس قبل أن يستتم عليه عتقه- استرق المتصدق عليه نصفه. وسمع يحيى ابن القاسم من قال في كلام واحد نسق: نصف علامي حر ونصفه صدقة على فلان، أو بعكسه- إن بدأ بالعتق فهو حر كله- وإن بدأ بالعتق فهو حر كله، وإن بدأ بالصدقة فنصفه حر ويقوم عليه النصف المتصدق به، ثم قال: أراد عتيقاً كله لقول مالك: من تصدق بعبد ثم أعتقه قبل حوزه المتصدق عليه به- العتق أولى به. أصبغ: ليس القول الثاني بشيء إنما يكون حجة إذا تصدق به، ثم لم يعتق إلا بعد حين يمكن أن يعلم المتصدق عليه بصدقته، فلا يقوم ولا يجوز حتى يعتق المتصدق فيجوز عتقه، وأما إن تصدق ثم أعتق في مقامه ذلك فهو متلف لصدقته راجع فيها فليس ذلك له. ابن رشد: القول الذي رجع عنه هو القياس، والقول الثاني على القول بأن من أعتق بعض عبده عتق كله بالسراية دون أن يعتق عليه؛ ووجهه إنه لم أعتق بعضه بعد الصدقة بنصفه وقبل جواز المتصدق عليه راعى قول المخالف في أن الصدقة باقية على ملك المتصدق فجعل العتق يسري إليه فبطلت بذلك الصدقة. وأما إن بدأ بالعتق فلم يختلق قوله في أنه يكون حراً كله وتبطل الصدقة، ولا يأتي إلا على القول بالسراية وعلى عدمها، وهو قوله في المدونة يكون عليه نصف قيمته إذا كان حراً؛ ونصفه صدقة، هما مسألتان في كل مسألة قول، والتفرقة بينها قول ثالث، ويتخرج فيها قول رابع: وهو التفرقة بالعكس فيلزمه قيمة النصف الذي تصدق به إن بدأ بالعتق، ولا يلزمه إن بدأ بالصدقة، وهو الأظهر؛ لأن العتق والطلاق لا يقعان في الصحيح من الأقوال بنفس تمام اللفظ به؛ بل بعد مهلة يتقرر فيها. وذلك بين من قولها في الأيمان بالطلاق:- فيمن قال لأمراته قبل البناء: أنت طالق

أنت طالق أنت طالق، وفي نسق واحد:- أنه يلزمه الثلاث، فإذا قال الرجل في نسق واحد: نصف عبدي حر ونصفه صدقة على فلان، أو نصفه صدقة على فلان، ونصفه حر؛ صار المتقدم في اللفظ متأخراً في المعنى، والمتأخر في اللفظ متقدماً في المعنى. وقوله: يقوم النصف إذا بدأ بالصدقة، هو خلاف سماع زونان من كتاب الصدقات أن العبد يقوم كله، ويكون للمتصدق عليه نصف القيمة. قلت: وفي ألفاظ «المدونة» في ذلك اختلاف في الجنايات وغيرها. وفيها: من أعتق شقاً له في عبد بإذن شريكه أو بغير إذنه، وهو ملي قوم عليه حظ شريكه بقيمته يوم القضاء، وعتق عليه، وإن كان عديماً لم يعتق عليه غير حظه وحظ الآخر رق له، إن كان ملياً بقيمة بعض حظ شريكه؛ قوم عليه بقدر ما معه ويباع عليه في ذلك شوار بيته، والكسوة ذات البال، ولا تترك له إلا كسوته التي لا بد له منها وعيشة الأيام، وتقدم في التفليس ما يباع على المفلس وما يترك له. ونقل الباجي هنا عن أشهب: أنما يترك له ما يواريه لصلاته، قال: وقال عبد الملك: إنما يترك له ما لا يباع على الملفس، وما ذكره الباجي عن أشهب لا أعرفه لغيره، قال: وإن كان له مدبرون أو معتقون إلى أجل، فلا قيمة في ذلك وديونه إن كانت على أملياء حضور وأمدها قريب، قوم في ذلك وإن كانت نسيئة أو أهلها غيب، فليس عليه أن يخرج عبده بالدين، قاله ابن الماجشون. وفي «الموازية»: ينظر بدينه ويمنع شريكه من البيع، ويتلوم له تلوماً لا ضرر فيه. قلت: مقتضى المذهب إن ما جاز بيعه من دين له، وجب بيعه كعرض له. وقال ابن عبد السلام: فيما وجدته في نسخة الغالب عليها الصحة. وقال سحنون: إن لم يكن له إلا دار وخادم، لم يجعل ذلك مالاً، والذي في الاستذكار لأبي عمر: إنما هو عزو لأبي إسحاق. قال الباجي: ومما يعلم بع يسره أن لا يكون له مال ظاهر، ويسأل عنه جيرانه ومن يعرفه، فإن لم يعلموا له مالاً حلف ولم يسجن، قاله عبد الملك في كتاب سحنون. قال سنون: قاله أصحابنا إلا اليمين، فلا يستحلف عندهم وذكره اللخمي،

وقال: هذه المسألة أصل في كل ما لم يكن أصله معاوضة أنه لا يضيق الأمر فيه كالمداينة. وفيها: وإذا أعتق المريض شقصاً له في عبد أو نصف عبد يملك جميعه فإن كان ماله مأموناً عتق عليه الآن جميعه، وغرم قيمة حظ شريكه، وإن كان غير مأمون لم يعتق نصيبه، ولا نصيب شريكه إلا بعد موته، فيعتق جميعه في الثلث، ويغرم قيمة حظ شريكه، فإن لم يحمله الثلث عتق منه مبلغه ورق ما بقي، وإن عاش لزمه يعتق بقيمته. قال ابن رشد في ثاني مسألة من رسم المعتق من سماع أشهب: من أعتق شقصاً من عبده أو من عبد بينه وبين شريكه في المرض، فلا خلاف أن ذلك من الثلث ما أعتق منه وما بقي، إن مات من ذلك المرض ولم يصح منه، واختلف في تعجيل التقويم في المرض على قولين: أحدهما: أنه لا يعجل، ولا ينظر فيه إلا بعد الموت، وهو نص المدونة. والثاني: أنه يعجل التقويم في المرض، وهو قائم في المدونة. وإذا عجل على هذا القول لم ينفذ العتق حتى يصح، فيكون من رأس المال أو يموت، فتكون القيمة من الثلث ينفذ فيه ما حمل منها، ورق الباقي للورقة أو الشريك وسواء كان له مال مأمون أو لم يكن. وقيل: إن هذا إنما يكون إن لم يكن له مال مأمون، وإن كان له مال مأمون عتق عليه في المرض جميعه إن كان له مال، وقوم عليه فيه حظ شريكه إن كان له فيه شرك، وهو أحد قولي مالك في المدونة. وقال ابن المجاشون: إن أعتق شقصاً له من عبد في مرضه لم يقوم عليه حظ شريكه في المرض، ولا بعد موته من مرضه ذلك، بخلاف إن كان العبد كله له. وقال عياض: قوله في الذي أعتق شقصه من عبده مثلاً في مرضه ذلك، بخلاف إن كان العبد قوم عليه ما بقي في ثلثه، وكان حراً كله، إن كان له مال مأمون، ولا ينتظر به موته، وإن لم يكن له مال مأموم لم يقوم حظ صاحبه إلا بعد موته ونصيبه أيضاً؛ إنما يكون في ثلثه بعد موته، ولا يقوم عليه في مرضه، ويوقف في يد المريض.

ومن ذلك قوله: لا يقوم عليه فى مرضه, كانت له أموال مأمونة أو لم تكن حتى يموت على ما نبه عليه من اختلاف قوله فى العتق بجميع عبده فى المرض. وقال: إذا أعتق شقصه فى مرضه فبتله قوم عليه نصيب صاحبه منه كانت له أموال مأمونة أو غير مأمونة, وظاهر كلامه أنه يقوم عليه الآن, ولا يعتق إلا بعد الموت, وعليه حمله غير واحد من شيوخنا, وهو نص ما فى الموازية. وفيها قول رابع: أنه لا تقويم فيه فى حظ الشريك فى مرضه, وأنما يعتق عليه فى الثلث شقصه إن مات فقط إلا أن يصح فيقوم عليه, وهو قول عبد الملك, وابن حبيب. وفيه قول خامس حكاه ابن سحنون: أن يخير الشريك بين التقويم وفض الثمن ويبقى كله للمعتق موقوفا, فإن مات عتق عليه, أو ما حمل الثلث منه وما بقى لورثته وإن شاء تماسك بحظه إلى أن يموت شريكه, فيقوم فى ثلثه. وفيها: إن أعتق أحد الشريكين حظه من عبد فى صحته, فلم يقوم عليه حتى مات لم يعتق منه إلا ما كان عتق, ولا يقوم على ميت وكذا لو فلس. قال ابن رشد فى الثانية من رسم العتق, من سماع أشهب: إن لم يعثر على ذلك حتى مات وطال, لم يعتق عليه بعد موته اتفاقا, واختلف إن لم يطل على ثلاثة أقوال: أحدهما: لا يعتق عليه, ولا يقوم عليه حظ شريكه, ولا يعتق بقية عبده إن كان كله له, وهو سماع أشهب, ورواية مطرف, وابن الماجشون فى الواضحة. والثالث: يعتق عليه بعد الموت بقية حظه, ويقوم عليه حظ شريكه إن غافصه الموت, وأما التفليس, فلا خلاف أنه يسقط التقويم والتتميم. قلت: زاد الباجى والصقلى فى رواية مطرف: قال مطرف: وهو كالمتمتع يموت ولم يهد إن لم يفرط أهدى عنه من رأس ماله, وقاله ابن الماجشون وابن عبد الحكم. وفيها: ولو أوصى المريض بعتق حظه بعد الموت, لم يقوم عليه حظ صاحبه كان ماله مأمونا أو غير مأمون. اللخمى: ومثله لمالك فى المبسوط, وحكى ابن الجلاب: أنه يستكمل فى ثلثه, وإن

لم يرض بذلك, وذكرهما الباجى روايتين. وسمع أشهب: إن أوصى بعتق نصيبه, وتقويم حظ شرسكه عليه, فأبى شريكه - أنه يقوم عليه. ابن رشد: يتحمل فيها ثلاثة أقوال: أحدهما: يقوم عليه فى ثلثه حظ شريكه, وإن لم يوص بذلك, وهو القياس على قول مالك: فيمن يعتق حظه من عبده فى مرضه. والثانى: أنه لا يقوم عليه, وإن أوصى بذلك إلا أن يشاء الشريك, وهى رواية ابن وهب. والثالث: لا يقوم عليه إلا أن يوصى بذلك, وهو قول مالك فى هذه الرواية. قلت: وقال ابم رشد فى أول كلامه: وقيل لا تنفذ وصيته بعتق حظ شريكه, ولا يقوم عليه إلا يرضاه, فيكون قولا رابعا, وذكر الباجى رواية ابن وهب قال: قال سحنون: لا أعرفها. قال التونسى: لا أدرى من أين أنكرها سحنون. ابن رشد: هو كما قال أبو إسحاق لما ذكر الصقلى سماع أشهب: أنه يقوم عليه, ولو أبى شريكه, قال: وقاله أصبغ, قال: ولو كان ذلك فى مكاتب, لم يكن له ذلك لنقل الولاء, وإن رضى شريكه حتى فرق بالعجز, فيعتق من ثلث الميت. وسمع أشهب من أوصى فقال: ثلث غلامى هذا حر, لا يعتق منه إلا ثلثه. ابن رشد: لا أعرف فيها نص خلاف, ويدخلها بالمعنى إذا قيل فيمن أعتق شقصا فى عبد له - لا أعرف يعتق عليه بالسرايه, فيجب عليه إذا أوصى بعتق ثلث عبده أنه يعتق جمعيه, إذا حمله الثلث وحمل منه. الصقلى ليحيى عن ابن القاسم: من أوصى بعتق ثلث عبده, ويعطى بقيمة ثلث ماله لا يعتق منه إلا ثلثه, ويأخذ بقية وصيته مالا, ولا يعتق فيه بخلاف لو أوصى له بثلث ماله حتى يعتق فيه. وفيها: إن كان الأول مليا بقيمة بعض النصيب, قوم عليه بقدر ما معه, ورق بقية

النصيب لربه. الصقلى عن ابن المواز: قال أشهب: إن أعتق شركا له فى عبيد بينه, وبين رجل أو رجال, وعنده ألف وقيمة حصصهم ألفان, كان عتقه فى كلمه واحدة عتق من نصيب واحد نصفه, وإن كان عتقه واحدا بعد واحد, فالأول أحق بماله فى التقويم ممن يليه حتى ينفد ما فى يديه, ثم أبطل آخرهم, وأبيعه فى عتق لأول باقى هؤلاء الباقين, فإن حصله وإلا انتقل إلى بيع من يلى البيع من المتأخرين, فإن أتمممت عتق من ذكرنا من بقية الأولين, وقى من ذلك شئ, جعل ذلك فى عتق من يلى هذا المعتق, فلا يزال بيع نصيب من آخر من أعتق فى عتق أولهم حتى لا يبق إلا معتق أو مباع, فإن لم يبق من يباع إلا فى بيع بعضه وفاء بعتق من يليه, بعت منه بقد ذلك وأعتقت ما بقى. قال سحنون فى كتاب ابنه: لا أقول بهذا, وأرى إن لم يكن له مال غير الأشقاص, فى أرد عتقه فى الثانى للتقويم فى الأول؛ لأنه لا يجب فى الأول قيمة إلا بالقيام عليه. ولابن القاسم فى العتيبة: من أعتق شقصا من عبد, فلم يقوم عليه حظ شريكه حتى أعتق عبد آخر لا شرك له فيه ولا مال غيره, لم يرد عتقه لتقويم الشقص؛ لأن القيمة ليست كالدين, ولو كان ذا مال فلم يقوم عليه حتى داين الناس, فقاموا عليه لم يحاصصهم العبد, لو تصدق بعد عتق الشقص, ووهب مضى ولم يقوم لتقويم, ولز كاتب عبدا لم يرد الكتابة, وبيعت لتقويم الشقص, ولو أحدث تدبيرا مع المدبر لتقويم الشقص إلا أن يكون فيه فضل, فيباع منه بقدر القيمة, ويبقى باقيه مدبرا. ابن رشد: لا خلاف أحفظه فى ذلك فى المذهب, ومراد ابن القاسم فى الهبة والصدقة: أن ذلك فيهما بعد حوزهما, وإن كان ذلك قبل الحوز, فالجارى على المذهب عندى أن يتحاصا جميعا؛ لأن الشريك والعبد يطلبان التقويم, والموهوب له والمتصدق عليه يطلبان الهبة والصدقة, وليس أحد الطالبين بأحق من الآخر. وقال ابن دحون: التقويم مقدم عليها, وله وجه, وهو مراعة القول بأن للواهب والمتصدق الرجوع قبل الحوز. قال اللخمى: اختلف إذا رضى الشريك أن يقوم مع المعسر ليستكمل العبد

العتق, فقال محمد: له ذلك وحمل الحديث فى ترك الاستكمال لحق الشريك خاصة, وقال الغير فى كتاب أمهات الأولاد من المدونة: ليس ذلك له, وهو أحسن. الصفلى: وهو ظاهر قول مالك وابن القاسم. الباجى: إن كان المعتق معسرا, فروى محمد: لشريكه أن يقوم عليه ويتبعه, وقال ابن القاسم: ليس له ذلك, والمذهب: لا يلزمه استسعاء العبد. الشيخ: روى الأخوان: لا يستسعى العبد إن كان المعتق معسرا إلا أن يطوع سيده فذلك له. ابن شاش: وكذا لو عرض للعبد أن يعطى ماله ويعتق لم يكن له, وكذا ما استفاد من ذى قبل. قلت: لأنه معتق بعضه. وفيها مع غيرها: ليس للمعتق بعضه التصرف فى ماله, وعبر عنه ابن الحاجب بقوله: ولا يلزم استسعاء العبد, ولا أن يقبل مال الغير ويعتق به. وفيها: وإذا أعتق أحد الشريكين وهو معسر فرفع إلى الإمام, فلم يقوم عليه لعسره, ثم أيسر بعد ذلك فاشترى حظ شريكه لم يعتق عليه, ولو رفع ذلك إلى الإمام فلم يقوم عليه, ولا نظر فى أمره حتى أيسر لقوم عليه. وفيها: وإن أعتق معسر شقصا له فى عبد, فلم يقوم عليه شريكه حتى أيسر, فقال مالك قديما: يقوم عليه, ثم قال: إن كان يوم أعتق يعلم الناس والعبد والمتمسك بالرق أنه إنما تركه القيام؛ لأنه إن خوضم لم يقوم عليه لعدمه, فلا يعتق عليه, وإن أيسر بعد ذلك, ولو كان العبد غائبا, فلم يقوم حتى أيسر المعتق لنصيبه لقوم عليه بخلاف الحاضر, ومثله حكى الصقلى عن ابن حبيب عن الأخوين وابن القاسم وأشهب قال: وبقول مالك الأول قال ابن نافع. وجعل ابن عبد السلام فى لفظ المدونة زيادة على المطلق ثبوت عسره يوم العتق, فتعقب قول ابن الحاجب, ولو لم يحكم فأيسر ففى إثباته روايتان, ولم يتعقبه ابن هارون وهو الأظهر؛ لأن مناط ثبوت الأحكام؛ إنما المعتبر من ثبوته مطلق البينة العادلة, وإنما

شرط ذلك فى المدونة؛ لأن العسر مما يخفى ويشكل وليس الأمر فيه بأشد من عسر المدين. وفيها: إن أعتق فى يسره ثم قيم عليه فى عسره, فلا شك أنه لا يقوم عليه. قال ابن عبد السلام: وفى كتاب القذف ما يفهم منه الخلاف. قلت: هذا شئ لا أعرفه فتأمله, وإنما فى القذف مسألة غيره, وهى قوله: وإن أعتق أحد الشريكين فى الأمة جميعا, وهو ملى فلم يؤخذ بالقيمة حتى أعدم, فإن أعلم الآخر بعتقه فتركه, ولو شاء قام عليه فأخذه بذلك, فالعتق ماض ويلزمه نصف القيمة دينا, وإن كان غائبا أو لم يعلم بالعتق حتى أعسر المعتق, فهو على حقه منها. قلت: وهذا لا يؤخذ منه خلاف بوجه لرضى الشريك بإمضاء عتق شريكه لقوله: (فإن علم) إلى قوله: (دينا). وفيها: من ورث شقصا ممن يعتق عليه فلا يعتق منه إلا ما ورث, ولا يقوم عليه بقيته, وإن كان مليا؛ لأنه لا يقدر على دفع الميراث. الصقلى: روحى محمد: إن اشترى بعض ما بقى منه بعد الذى ورث لم يعتق عليه غير ما اشترى منه. سحنون قال ملك وأصحابه: وكذا لو وهب له منه شقص بعد أن ورث منه شقصا لم يعتق عليه إلا ما ورث وما وهب, إلا ابن نافع قال: إذا قبل منه شيئا مما بقى منه قوم عليه باقيه, ولا أعلم من قال غيره. قلت: وفى الجلاب: إن أعتق أحد الشريكين فى العبد حظه وهو معسر, ثم أعتق الآخر بعض نصيبه, لم يكمل عليه عتق نصيبه. وفيها: من اشترى نصف من يعتق عليه أو قبله من واهب أو متصدق عتق عليه ما ملك منه, وقوم عليه بقيته إن كان مليا. ابن رشد: اتفاقا. وفى الولاء منها: ومن أوصى له بمن يعتق عليه إذا ملكه, والثلث يحمله عتق عليه وإن لم يقبله, وله ولاؤه ويبدى على الوصايا.

أشهب: وهو مضار فى ترك قبول الوصيه إذا حمله الثلث. قال مالك: فإن لم يحمل الثلث إلا بعضه, فإن قبله قوم عليه بقيته وكان الولاء له, وإن لم يقبله, فروى على أن الوصية تسقط, ومثله سمع عيسى ابن القاسم. ابن رشد: تحصيلها إن لم يقبله فى كون الولاء له أو لمعطيه, ثالثها: يرجع ملكا لمعطيه أو وراثه فى الوصية, ورابعها: إن كانت العطية لجميعه وحمله الثلث, فولاؤه له ولو لم يقبله, وإن كانت ببعضه أو عجز ثلث الموصى عنه جميعه, رجع لمعطيه لمالك مع ابن القاسم, وقولها وقول عيسى, ولتخريج الكل على رواية على فى الجزء ونص روايته. الصقلى: فى كتاب الولاء روى محمد: أن ذلك الشقص يعتق ولو لم يقبله وولاؤه لسيده, ثم رجع فقال: بل للموصى له , وكذا الهبة والصدقة فى الصحة به أو ببعضه, وقال أصبغ فى الوصية. وقال فى الصدقة: لا يعتق إلا أن يقبله كله أو بعضه. محمد: الصدقة والوصية واحد والصدقة ببعضه آكد أنه إن قبله عتق عليه كله, وإن لم يقبله فهو حر كله على سيده. ابن حبيب عن ابن الماجشون: الوصية والهبة سواء قبلها أو ردها لا تقوم عليه لبقيته؛ لأن ذلك الشقص يعتق بكل حال وولاؤه للمعطى؛ لأنه عليه عتق. اللخمى: إذا أوصى له بجميعه, والثلث يحمله فلم يقبله, فقيل هو حر ولا خيار فى ذلك للموصى له. وروى محمد: إن قبله, فهو حر. وقال ابن القصار: هو فيه بالخيار. وفيها: من أوصى لصغير بشقص ممن يعتق عليه أو ورثه, فقبل: ذلك أبوه أو وصيه, فإنما يعتق فى ذلك الشقص ولا يقوم على الصبى بقيته وإن كان مليا, ولا على الأب الذى قبله, ولا الوصى. ومن وهب لصغير أخا له فقبله أبوه, جاز ذلك وعتق على الابن. اللخمى: اختلف هل يجوز للأب أن يشترى لولده من يعتق عليه , فمنعه ابن

القاسم, وأجازه أشهب فقال: يمضى ولا ينقض ويباع ولا يؤخر بيعه خوف أن يبلغ الصبى. وشرط التقويم ابتداء المعتق الفساد. فيها: إن كان العبد لثلاثة نفر فأعتق أحدهم نصيبه, ثم أعتق الآخر نصيبه وهما مليان, فليس للباقى أن يضمن إلا الأول, فإن كان عديما فلا يقوم على الثانى, وإن كان موسرا إذ لم يبتدئهما. الصقلى عن سحنون, وقاله, وقال جميع أصحا مالك, إلا ابن نافع فإنه قال: يقوم الثانى إن كان مليا, وقال: أرأيت إن أراد المتمسك ألا يقوم ورضى بالضرر وأبى العبد أليس ذلك له. قلت: وكذا لو رضى العبد, وفى الموازية منها: ولو أن العبد بين ثلاثة فدبر أحدهم حظه ثم أعتق الآخر وتماسك الثالث, فإن كان المعتق مليا, قوم عليه حظ شريكه, وعتق عليه جميعه, وإن كان معسرا فللمتمسك مقاوة الذى دبر إلا أن يكون العتق قبل التدبير والمعتق عديم, فلا يلزم الذى دبر مقاواة التمسك إذ لو أعتق بعد عتق المقدم, لم يقوم عليه, وإن كان مليا. قلت: وهذا بناء على أن التقويم بالتدبير, وفيه خلاف يأتى إن شاء الله تعالى. وفى عتقها: إن أعتقا جميعا وتماسك الثالث - قوم عليهما إن كانا مليين, وإن كان أحدهما مليا والآخر معسرا, قوم باقيه على الموسر. الباجى: إن اختلف قدر حصصهما , فروى محمد: يقوم عليهما بقدر ما لمل منهما. سحنون: وقاله ابن القاسم وأشهب. محمد: وقال المغيرة: يقوم بينهما نصفين, وكان يقول بالأول ثم رجع. سحنون: وبالثانى قال عبد الملك, ورواه ابن نافع. الصقلى: عن سحنون وهى رواية غير معروفة. الباجى: لو كان أحدهما معسرا والآخر موسرا, فقال سحنون: أجمع مالك وأصحابه على أنه يتم عتقه على الموسر,

وروى ابن حبيب عن مالك: أنه لا يقوم عليه إلا قدر ما كان يقوم عليه وصاحبه موسر. ابن حبيب: وهو قول جميع المصريين, ورواه سحنون عن مالك. وفيها: إن أعتق أحد الشريكين وهو موسر, فلم يقوم عليه حتى مات العبد عن مال, فالمال للمتمسك بالرق دون المعتق؛ لأنه يحكم له بحكم الأرقاء حتى يعتق جميعه. الباجى: وقيل فى المبتدئ يعتق نصيبه يعتق عليه بالسراية. قال عبد الوهاب: وأظهر الروايتين أنه لا يعتق إلا بالحكم. الباجى: وفى الجلاب, وقيل: يعتق بالسراية وإنه ضامن لنصيب شريكه. وفى القذف منها: قال مالك: إن أعتق أحد الشريكين فى الأمة جميعها وهو ملى لزم شريكه. ابن القاسم: وليس لشريكه عتق حصته, ولو وطئها الآخر بعد علمه بعتق الملى لجميعها؛ حد إن لم يعذر بجهل, فإن جهل أو أعتق الشريك يلزمه لم يحد. الصقلى عن سحنون: بل له عتقه حصته عند كل الرواة غيره. قال أبو محمد: على قول ابن القاسم عليه القيمة يوم العتق لا يوم الحكم, ويلزم تركته. قال أشهب: لا يحد الشريك بحال. قلت: فى كون القيمة يوم الحكم أو يوم العتق, ثالثها: إن أعتق حظه فقط وإن أعتق جميعه فيوم العتق لأكثر الرواة, ورواية السراية مع نقل الجلاب, وقول ابن القاسم. وفيها: إذا أعتق الملى شقصا له فى عبد , فليس لشريكه أن يتماسك بنصيبه أو بعتقه إلى أجل؛ إنما له أن يعتقه بتلا أو يقوم على شريكه. وفيها: إن أعتق أحد الشريكين حصته, وهو موسر, ثم باع الآخر نصيبه نقض البيع, وقوم على المعتق, وهى فى الجنايات, ثم لفظها فيها: ومن أعتق حصته من عبد ,

ثم وهب المتمسك حظه منه لرجل بعد العتق جاز, وكان التقويم للموهوب له بخلاف البيع؛ لأنه فى البيع باع نصفه بعين أو عرض على أن يأخذ مبتاعه قيمة مجهولة. وفى عتق الأول: إن ابتعت أنت وأجنبى أباك فى صفقة؛ جاز البيع, وعتق عليك وضمنت للأجنبى قيمة نصيبه. ابن العطار: أجاز أن يشترى أباه مع أجنبى , ومنه أن يبيع حصته بعد عتق شريكه حظه إذا كان المشترى؛ إنما يشترى قيمته, والفرق بينهنا أن الذى أعتق حصته ثم باع شريكه قد باع بعد أن وجبت له القيمة, والذى اشترى مع الرجل أباه القيمة أنما تجب بالشراء؛ وإنما تقدر القيمة بعد الشراء. الصقلى عن محمد: قال أشهب: إن لم يرد بيع المتمسك حتى أيسر المعتق لم يرد البيع إذا أعسر؛ لأن المبتاع اشترى نصفا, وجب فيه التقويم, فاشترى قيمة مجهولة. محمد: فإن فات بيع العبد ولو بنقص سوق لزم مشتريه قيمة النصف يوم قبضه, ثم يكون لمشتريه تقويمه على المتعق على ما هو عليه من زيادة أو نقص, وإن لم يكن على المبتاع لعتق نصفه, فالبيع صحيح وهذا عيب له الرد به إلا أن يفوت بعيب مفسد فله رده مع ما نقصه, وقوم لبائعه وأما حسبه ورجع بقيمة العيب, ثم قومه على المعتق وإن فات ذلك بعد المعتق فإن لم يكن اشتراك على أنه يقوم, فلا حجة له إلا أن يقول لم أعلم أن نصفه حر فله الرد. وقال الطرطوشى: مقتضى نفوذ عتق المتمسك جواز بيعه, ويرد بما تقد من ملزومية البيع الغرر, وملزومية المشهور فى كون عتقه موقوفا على الحكم به لكون أحكامه قبل العتق أحكام العبيد ضرورة. وفيها: إن أعتق نصيبه فى يسره, فقال شريكه: أن أقوم عليه نصفى, ثم قال بعد ذلك: أن أعتق لم يكن له إلا التقويم. الصقلى: قال حبيب: إن رجع بعد إبايته قبل التقويم الأول , فذلك له ما لم يقوم, وقاله ابن الماجشون ورواه ابن القاسم وابن وهب. ابن سحنون: قال أشهب: إن أعتق الشريك وهو موسر, فقال شريكه: أنا أقوم

عليه ولا أعتق, فلما قام عليه وجده عديما عتق العبد على الأول , وتبعه هذا بالقيمة فى ذمته؛ لأنه ضمنه فى وقت له تضمينه كمن أعتق وعليه دين وعنده وفاء به. ابن القاسم: له أن يرجع إلى نصف العبد فيأخذه, وعروض قولها: ليس له إلا التقويم بقولها فى كتاب الحج: إن قال أحكموا على بكذا ثم رجع , فله ذلك وأجيب بتعيين ذى الحق فى التق وعدمه فى الحج والطالب المعين أقوى. وقول ابن الحاجب: ولو اشترى الحصة شراء فاسدا, وأعتقها مشتريها قبل فسخه أو شرائها من حلف بحريته شراء فاسدا أو شراء من أعتق حظه حظ شريكه شراء فاسدا وأعتقه احتمال. وفيها: لابن القاسم إن أعتق مسلم حظه من عبد مسلم أو كافر بينه وبين ذمى قوم عليه, وإن أعتق نصرانى حظه من مسلم بينه وبين مسلم قوم عليه. ابن حارث اتفاقا فيهما: وإن أعتق نصرانى حظه بينه وبين مسلم , ففى تقويمه عليه قولان فيهما لغير ابن القاسم وله والغير أشهب. الباجى: إن كان العبد مسلما لنصرانيين فأعتق أحدهما حظه قوم عليه. قال عبد الوهاب: وبه قال ابن الجلاب, وحكى عن المذهب نفى التقويم. قلت: ذكرهما ابن شاش روايتين. اللخمى: إن أعتق نصرانى حظه من عبد بينه وبين مسلم ففى تقويمه عليه ولعوه, ثالثها: إن كان العبد مسلما لغير ابن القاسم, ورواية المختصر وابن القاسم. قلت: قول ابن حارث: والغير أشهب خلاف نقل الباجى: إن أعتق نصرانى حظه من نصرانى بينه وبين مسلم, فقال ابن القاسم: لا يقوم عليه. وقاله أشهب ولسحنون وقال غيره: يقوم عليه ورواه ابن حبيب عن الأخوين. اللخمى: لأشهب فى نصرانى اشترى ابنه المسلم يعتق عليه, ولو كان نصرانيا لم يعتق عليه, وعلى قول مالك لا يعتق , وإن كان مسلما؛ لأنه غير مخاطب بالشرع كالاستكمال. وسمع أصبغ ابن القاسم: عتق العبد جزاء من عبد بينه وبين حر بإذن ربه أو

بإجازته كعتق ربه إياه يقوم عليه فى جميع ماله. الباجى لابن سحنون: عنه يستوعب فيه مال السيد , وإن احتيج إلى رقبه العبد بيعت. وفيها: إن أعتق أحد الشريكين حظه من العبد إلى أجل قوم عليه الآن, ولم يعتق حتى الأجل, وقال غيره إن شاء تعجل القيمة أخرها. ابن القاسم: وإن مات العبد عن مال قبل التقويم أو قتل, فقيمته وما ترك بينهما؛ لأم العتق لم يتم. وذكر الباجى عن كتاب ابن سحنون قال مالك والمغيرة وابن القاسم: يقوم عليه الآن ليعتق إلى أجل. قال سحنون: وقاله آخرون إن شاء المتمسك قوم عليه وإن تماسك وليس له بيعه قبل الأجل إلا من المعتق, فإذا تم الأجل قوم على المعتق بقيمته يوم التقويم, وقاله عبد الملك. الصقلى: رواه أصبغ عن ابن القاسم وأشهب مثل قول ابن القاسم فى المدونة وقال: إلا أن يكون الأجل بعيدا جدا فيؤخر التقويم إلى حلوله, ولو قال قائل: يؤخر إلى الأجل فى الوجهين لم أعبه, وقاله أصبغ. ابن حبيب: وروى الأخوان مثل قول الغير, وقاله المغيرة, وبه أقول , وكذا لابن سحنون عن عبد الملك: ولا يبيعه قبل الأجل إلا من شريكه, فإن تم الأجل قوم عليه إن كان مليا بقيمته يومئذ أو فيما هو ملى به يومئذ أو فيما هو ملى به يومئذ ما لم يكن تافها. قال عبد الملك: ولو شاء التقويم عليه يوم العتف فألفاه عديما, لم يقطع ذلك التقويم عليه عند الأجل, ولا يباح للشريك بيع حصته قبل الأجل. وقال المغيرة وسحنون: عدمه اليوم يقطع التقويم عليه بعد ذلك إن أيسر, ويباح للشريك بيع حصته, وقاله ابن حبيب عن مطرف. وسمع عيسى ابن القاسم فى رسم العشور من كتاب الخدمة: فيمن أعتق حظه من عبد إلى سنة, وأعتق الآخر بتلا؛ أن بعض أهل العلم قال: تقوم خدمته سنة فتؤخذ من

المعتق بتلا فتدفع إلى الآخر, ويكون العبد حرا الساعة قيل: ألا يكون على حاله يعتق نصفه بتلا, ويكون الآخر عتيقا بعد السنة, قال: كنا نقول هذا ثم استحسنا هذا الآخر, ثم رجع ابن القاسم عن هذا فقال: أحسن ما فيه أن يكون على حاله؛ لأنه ظلم أن نأخذ منه قيمة السنة, ويكون ولاؤه لغيره. ابن رشد: القول الذى كان يقوله أولا ثم رجع إليه آخرا, وهو المشهور فى المذهب المنصوص عليه فى المدونة, وفى غير ما موضع من كتاب العتق من العتيبة, وهو الأظهر؛ لأن الأول هو الذى ابتدأ الفساد, فى يقوم على الثانى, وقد بين الحجة فى ذلك. قلت: قال الصقلى عن سحنون: وبه قال جميع أصحابنا, ولما ذكر ابن عبد السلام هذه المسألة قال ما نصه: يعنى أن الأول يدفع للثانى قيمة حظه معجلا, ويدفع الثانى للأول قيمة الخدمة فيتقاصان, فلو جعل ذلك لكان كالمتناقض ولا تناقض فيه فتأمله. نعم قد تكون فيه قيمة الخدمة فى الأجل مساوية لقيمة حظه من الرقبة فأكثر وفى ذلك إتلاف لمال المعجل. قلت: وهذا كلام لا يفهم من الرواية بوجه, وما فى الرواية واضح أجنبى عن هذا الكلام فتأمله. الصقلى عن محمد: قال أشهب: لو أعتقاه معا إلى أجل أو واحد بعد واحد, ثم بتل أحدهما, فلا يقوم عليه؛ لأنه وضع خدمة, وكذا لابن حبيب عن مطرف قال: فإن مات العبد قبل السنة فماله لمن بقيت له فيه الخدمة. قال ابن سحنون عنه: ولو أعتق الأول حظه إلى سنة, ثم أعتق الآخر إلى ستة أشهر , فلا تقوم ويكون كما أعتقاه إذا مضت سته أشهر عتق نصفه, ولا تقويم للمعتق إلى سنة ويكون إليها حرا. ابن حبيب: وهو كما لو أعتق الأول معجلا والثانى إلى سنة. ابن المواز عن ابن القاسم: ومن أعتق عبده إلى سنة فاستخدمه بعضها, ثم قال: نصفه حر الساعة, لم يعتق عليه جميعه.

محمد: إن أعتق أحد الشريكين إلى سنة ثم أعتق الثانى بعج موت فلان, فإن مات قبل السنة عتق حظ الثانى, ولا يقوم عليه حظ صاحبه, وإن حلت السنة قبل موت فلان عتق حظه وقوم عليه حظ الثانى إن كان الأول صحيحا فمن رأس ماله, وإن كان مريضا ففى ثلثه, وأما حظه فمن رأس ماله, فإن مات الأول قبل السنة عتق حظه عند السنة من رأس ماله قاله أصبغ: وإن أعتق أحدهما حظه إلى موت أبيه, ثم أعتق الثانى حظه إلى موت أبى نفسه, فإن مات أبو الأول أولا قوم عليه حظ الثانى؛ يريد: إلا أن يعتق الثانى حظه بتلا فإن مات أبو الثانى أولا لم يقوم عليه شئ. وفيها: إن أعتق الملى شقصا له فى عبد وأعتق شريكه حصته إلى أجل أو دبر أو كاتب, رد إلى التقويم إلا أن يبتليه. قال غيره: إن أعتق الثانى إلى أجل فقد ترك التقويم, ويجعل عليه العتق الذى ألزمه نفسه واستثنى من الرق ما ليس له. وعزا الباجى قول الغير إلى عبد الملك وابن سحنون عن المغيرة: وإن دبر أحد الشريكين فى عبد حظه منه, فقال اللخمى: قال مالك: مرة يدبر أو يقوم كالعتق, ومرة يخير فى الأمرين فى مقاواة شريكه, ومرة يخير فى الثلاثة, وفى إمساك حظه قال: والمقاواة جنوح لجواز بيع المدبر. وفى عتقهما الأول: إن دبر بغير إذن شريكه قوم عليه حظ شريكه, ولا يتقاويانه وكانت المقاواة عند مالك ضعيفة, ولكنها شئ جرت به فى كتبه. الصقلى فى كتاب المدبر لابن حبيب عن الأخوين: من دبر حظه بإذن شريكه أو بغير إذنه ليس لشريكه الرضى بذلك والتماسك بحظه, ولا بد من المقاواة وأخذ به ابن حبيب, وكذا روى محمد عن أشهب عن مالك: وإن كان الذى دبر عديما تقاويا فإن وقع عليه بيع حظ صاحبه, ولا يباع من نصيبه الذى دبر شئ. وقال ابن القاسم: لا مقاواة فيه. الصقلى: فما عجز منه اتبع به. وقال سحنون فى العتبيه: إن دبر أحدهما ولا مال له فاختلف فيه, وقولي: إن

تدبيره باطل إن لم يرضى شريكه وصفة تقويم حظ المتمسك أن يقوم كل العبد, ويأخذ المتمسك من جميع قيمته على الجزء المتمسك من جميع قيمة الجزء الذى له فى العبد, قاله أبو عمران آخر كتاب العتق الأول, زاد ابن شاش عنه, وهو الذى اتفق عليه أصحابنا قال: وقيل: يقوم نصفه على أن نصفه الآخر حر, وليس بالجيد. قلت: وهو ظاهر بعض ما فى المدونة فى ذلك قولها: إن ابتعت أنت وأجنبى أباك فى صفقة جاو البيع, وعتق عليك, وضمنت للأجنبة قيمة نصيبه. وذكر اللخمى الأول عن محمد وعقبه بقوله: وإن أعتق بإذن شريكه, فله قيمته يوم الحكم على أن نصفه حر, ولا شئ له إن كان معسرا, وإن تأخر التكميل حتى نقص سوقه كإن للمتمسك قيمة عبد العتق يوم العتق, وله قيمة النصف معيبا يوم الحكم, وإن مات العبد قبل التكميل وقال الشريك: أقوم ولا أعتق أو كان يعتق معسرا أتبع المعتق بقيمة العبد فى ذمته. الباجى فى الموازية: يقوم بما أفاد بعد عتق جزئه من مال أو ولد من أمته, ولو كانت أمة قومت بمالها وولدها. وسمع ابم القاسم: فى العبد الزارع إن قوم بالفسطاط كانت قيمة له أقل قوم بها ولو ينقل للفسطاط. الباجى: لو ادعى المعتق عيبا بالعبد وأنكره شريكه, ففى وجوب حلفه ثانى قولى ابم القاسم مع أصبغ وابن حبيب وأول قوليه: فإن قام عدلين أو عدلا بعينه فواضح, وإن أقام به غير عدل ففى لغوه وحلف الشريك, قولا محمد وأشهب مع ابن عبد الحكم, روى مسلم بسنده إلى أبى هريره - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - «لا يجزئ ولد والده إلا أن يجد مملوكا يشتريه فيعتقه» , وعن ابن عمر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من ملك ذا رحم محرم عتق عليه» أخرجه النسائى وابن ماجة من حديث

ضمرة. قال الشيخ تقى الدين ابن دقيق العيد: وقد خطأ فيه, ولم يتلفت لذلك لكون ضمرة ثقة لا يضر انفراد به. وفى قصر عتق القرابة على من له على المعتق ولادة من ذكر أو أنثى وعكسه فقط مع الأخ مطلقا, ثالثها: يعتق عليه كل رحم محرم. للخمى عن رواية ابن خويز منداد, وهذا المشهور رواية ابن القطار مع ابن الماجشون وابن وهب, وخرج اللخمى الأول من قوله فى كتاب المكاتب: من اشترى أباه بإذن بسيده دخل معه فى كتابته, وإن اشترى معه أخاه بإذنه لم يدخل, ويرد بأن ملك الحر أقوى من ملك المكاتب, ويجب عتقه بنفس ملكه. قال ابن رشد والجلاب: عن المذهب. اللخمى ورواه محمد وأختار اللخمى وقفه فى الإخوة فمن بعدهم على الحكم قال: وعلى وقفه على الحكم يتخرج جواز انتفاع ماله قبل الحكم عليه, من قول ابن نافع لسيد المعتق إلى أجل انتزاع ماله, وإن شاء رق العتق, ويرد بأن بقية الأجل فى المعتق إلى أجل واجبة, وفى المؤخر عتقه غير واجبة؛ بل الواجب التعجيل, وفى وصاياها الأول: ومن اشترى ابنه فى مرضه جاز إن حمله الثلث, وعتق وورث باقى المال إن أنفرد, وحصته مع غيره, ومثله سمع أشهب ابن رشد, وقاله ابن القاسم: فى كل من يعتق عليه ولو تلف بقيمة ماله لم ينتقض عتقه, قال: لأنه لو لم ينظر فيه إلا بعد الموت ما ورثه, ولو لم يحمله الثلث عتق محمله منه, ولأضبغ لا يرث لأنه لا يعتق إلا بعد الموت ولا شك مثله. ولمحمد: أنه اختلف قوله , وقال: له شراؤه بكل ماله إن لم يكن له وارث غيره, وبالثلث إن كان له.

ولابن وهب: إن كان له وارث يحجبه المشترى؛ فله شراؤه بكل ماله وإن كان لا يحجبه فيه الثلث ولا يرث منه شيئا. ولابن الماجشون: يجوز شراؤه ابنه بكل ماله ويرثه لا غيره, ولو كان أبا إلا بثلثه ولا يرثه كالاستحقاق, وهذا أعدل الأقوال. وقول ابن الحاجب: إن أوصى له بقريب ومابينه تقدم. وفيها: قال مالك: ومن ابتاع أباه وعليه دين يغترقه لم يعتق عليه, وإن اشتراه وليس عنده إلا بعض ثمنه رد البيع. وقال ابن القاسم: يباع منه ببقية الثمن ويعتق ما بقى. قال غيره: لا يجوز أن يملك أباه إلا إلى عتق, فإذا كان عليه دين يرده صار خلاف السنة أن يملكه فيباع عن دينه ويقضى عن ذمته نماه. الصقلى عن محمد: قول ابن القاسم هو القياس على أصل مذهب مالك. وقال ابن إسحاق: وعلى قول الغير لا ينعقد فيه بيع, وإنه لو مات بعد البيع كانت مصيبته من البائع, وفى هذا نظر لإمكان أن يجيز الغرماء عتقه. وقال القابسى: ينقض البيع فى المسألتين على مذهب مالك, وليس بشئ والصواب عدم نقضه فى الأولى لأخذ البائع ثمنه, وفى الثانية لم يقبض جميع ثمنه إذ لو بيع فى بقية الثمن لدخل عليه غرماء إن كانوا. محمد: من ورث أباه أو تصدق به عليه أو وهبه. فقال أشهب: هو حر ولا يباع للدين. وقال ابن القاسم: يباع لهم فى الإرث فقط لأن المعطى يقول إنما أعطيته للعتق. الصقلى: يريد ولو لم يعلم المعطى أنه ممن يعتق عليه لبيع فى الدين. والمذهب: وجوب العتق بتمثيل السيد فى رق له. فيها: من مثل بعبده أو بأم ولده أو بمدبره, أو بعبد لعبده, أو بمدبره أو بأم ولده عتقوا عليه. وفى شرط بمطلق العمد للضرب أو به مع قصد الثلة قولان لظاهرهما مع

غيرها لقولها: إن كوى عبده تداويا أو أصابه على وجه الأدب من كسر أو قطع جارحة فلا يعتق؛ وإنما يعتق بما تعمد به. ونقل اللخمى عن عيسى بن دينار: لا يكون مثلة بضربة أو رمية, وإن تعمد ذلك إلا أن يتعمد المثلة, يضجعه ليمثل به, وهذا صحيح لأن الغالب شفقة الإنسان على ماله. ولابن سحنون عنه: من ضرب رأس عبده فنزل الماء فى عينه لم يعتق عليه. وفيها: من مثل بعبد ابنه الصغير عتق عليه إن كان مليا وغرم قيمته ومفهومه أن الكبير كالأجنبى, وقاله اللخمى عن المذهب: إلا أن يكون سفيها فى ولايته فهو كالصغير وليس قول ابن القاسم فى الصغير بالبين وليس كعتقه عبده؛ لأنه فى عتقه ملتزم لقيمته, وليس تعديه بالمثلة رضى بعتقه. اللخمى: من مثل بمعتقه لأجل أو بأم ولده عتقا عليه, وكذا مدبره إن مثل به فى صحته, ويختلف إن مثل به فى مرضه, فعلى قول أشهب: يعتق من رأس ماله وعتقه بالمثلة آكد من التدبير ولا مقال لغرمائه ولا لورثته, وعلى قول ابن القاسم: لا يعتق إن كان مديانا إلا أن يكون له مال مأمون, وإن مثل بعبد عبده أو بعبد معتقه لأجل قبل قربه أو بعبد مدبره أو أم ولده فى صحته عتق عليه؛ لأن له انتزاع أموالهم, فإن كان قرب أجل المعتق لأجل كان كعبد أجنبى. على قول مالك وابن القاسم, وعلى قول ابن نافع: يعتق كعبد نفسه لإجازته انتزاع ماله ما لم يعتق, وكذا عبد مدبره وأم ولده إن كانت المثلة فى مرضه؛ لأنهما عند مالك وابن القاسم كعبد أجنبى. وعلى قول ابن نافع: كعبد نفسه ويختلف هل يعتقان من رأس المال أو من الثلث. وفيها: من مثل بعبد مكاتبه لم يعتق عليه, وكان عليه ما نقصه إلا أن يكون مثله مفسدة فيضمنه ويعتق عليه, وكذا عبد زوجته ومثله فى غضبها من عبد الأجنبى. ولما ذكر اللخمى قولها فى عبد الأجنبى قال: وقيل: يخير السيد فى تماسكه بعبده مع الرجوع بقيمة العيب وإن اختار تضمينه عتق عليه, وقيل: لا يعتق عليه وإن صار

العبد إليه؛ لأن الحديث إنماء جاء فيمن مثل بعبده وهذا أصوب. قلت: حديث العتق بها لا أعرفه إلا من نقل اللخمى, وأبى عمر قال إثر عزوه للشافعى وأبى حنفية: لا عتق بها, وحجة مالك إن زنباعا أبا روح زنباع وجد غلاما له مع جارية فقطع ذكره وجذع أنفه, فأتى العبد النبى - صلى الله عليه وسلم - فذكر له ذلك, فقال له النبى - صلى الله عليه وسلم -: ما حملك على ما فعلت؟ قال: فعل كذا وكذا, فقال - صلى الله عليه وسلم -: «اعتقه, اذهب فأنت حر» , وذكره اللخمى من حديث عمرو بن العاص, ولم يعزه لكتاب الحديث, وفيه: وجده يقبل جاريته, واسم العبد سندر, فأعتقه النبى - صلى الله عليه وسلم - , وقال: من مثل بعبده أوأحرقه بالنار فهو حر وهو مولى الله ورسوله» وذكر عبد الحق فى كتاب الديات: أبو داود عن سوار أبى حمزة, وكان ثقة عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: جاء رجل يستصرخ إلى النبى - صلى الله عليه وسلم - , فقال: «ويحك مالك؟» قال شر أبصر لسيده جارية له فغار فجب مذاكيره, فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «على بالرجل» فطلب فلم يقدر عليه, فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «اذهب فأنت حر» فقال يا رسول الله على من نصرتى؟ قال: «على كل مؤمن» أو قال: «كل مسلم» أبو داود: الذى عتق, اسمه: روح بن دينار والذى فيه زمباع. قلت: ظاهره أنه لم يحضر النبى - صلى الله عليه وسلم - , خلاف ما تقدم لأبى عمر عبد الحق, وللبزار عن أبى البيلمانى, وهو ضعيف عن ابن عمر عن النبى - صلى الله عليه وسلم - قال: «من مثل بمملوكه فهو حر وهو مولى لله ورسوله» , ونحوه فى حديث ابن عباس من حديث عمرو بن عيسى الأسدى وهو مجهول وذكره العقيلى. وفى اعتبار تمثيل السفيه كالرشيد ولغوه قولان للخمى عن أشهب, وابن حبيب عن ابن القاسم, وفى الموازية لابن القاسم القولان, والذى ثبت عليه: لغوه وفعل

الصبي والمجنون لغو لأنه كالخطأ. اللخمى: وفى تبعة مال المعتق بها له قولان لأصل أشهب: هو حر بنفس المثلة مع قول مالك كالمشرف على العتق. وقال ابن نافع: له انتزاعه قبل عتقه. الصقلى لمحمد: لا شك أن أشهب يقول بتبعيته لرواية فى عتق السفيه لأم ولده, ثم قال: لا يعتق وفى معتق السفيه بالمثلة قول ابن القاسم: لا يتبعه ماله, وقول ابن وهب: يتبعه, وتمثيل الذمى بعبده المسلم بعتقه, وفى النصرانى قولان للصقلى عن أشهب وابن القاسم. وفى كون تمثيل ذات الزوج كابتداء عتقها ولزوم عتقها به ولو كره الزوج نقلا اللخمى عن ابن حبيب, والتخريج على أصل أشهب, وعزا الصقلى الأول لابن القاسم مع أصبغ, والثانى لنص أشهب قال ابن حبيب: وبه أقول. وفى لغو تمثيل الذمى بعبده, والعبد بعبده, واعتباره نقلا اللخمى عن ابن حبيب عن ابن القاسم ومحمد عن أشهب؛ لأنها منهما جناية, وعزا الصقلى الأول لابن حبيب عن ابن القاسم وأصبغ وقال بقول أشهب. والمثلة: فى الجلاب أن يؤثر أثرا فاحشا فى جسده قاصدا لفعله؟ وفيها: قطع الأنملة مثلة. الصقلى: لابن حبيب عن الأخوين: إن قطع ظهره أو ضرسه أو سنه عتق عليه, وقاله ابن القاسم. وقال أصبغ: ليس فى الضرس والسن الواحدة مثلة, إلا فى جل الأسنان أو الأضراس. وقال اللخمى: قول ابن حبيب: إذا ذهب ظفره عتق عليه ليس بحسن. أصبغ: من كتب فى وجه عبده أو جبهته أنه أبق عتق عليه, وقاله ابن وهب وأشهب. أصبغ: لو فعل ذلك فى ذراعيه أو باطن جسده لم يعتق عليه.

وابن وهب: من عرف بالإباق فوسم سيده في وجهه عبد فلان عتق عليه، وكذا لو فعله بمداد وإبرة عتق عليه. وقال أشهب: لا يعتق عليه. ابن رشد في كتاب السلطان: روى ابن الماجشون: حلق رأس العبد النبيل والأمة الرفيعة مثلة لا في غيرهما والحرق بالنار ليس بمثلة إلا أن يتفاحش منظره، قاله في المدونة. ابن الحاجب: وشق الأذن شين. قال ابن عبد السلام: وأما شق الأذن فلم أره لغير المؤلف. وروى محمد: إن قطع طرف أذنه أو بعض جسده عتق عليه. وقال ابن شاس: من شرف أذنه، وهو قريب مما في الرواية، ولعل ما ذكره المؤلف تصحيف من كلام ابن شاس. قلت: للصقلي مثل ما نقل ابن الحاجب قال ما نصه. قال ابن حبيب عن مطرف وابن الماجشون: لو خزم أنف عبده أو شرك أذنه عتق عليه. اللخمي: إن لم تكن المثلة بينة لم يعتق إلا بحكم. وفي كون البينة كذلك قولا مالك مع ابن القاسم قائلا في الدمياطية لو قطع أذنيه ولسانه ويديه ورجليه، ثم مات قبل الحكم بعتقه؛ ورثه سيده بالرق. وأشهب في الموازية لقوله: من مثل بعبده مثلة بينة، فهو حر حين مثل به بغير سلطان، والأول أحسن لاختلاف الناس في ذلك. وذكر الصقلي الأول من رواية محمد قال: وقال أشهب بالمثلة صار حراً، وإن مات سيده قبل العلم به، فهو حر من رأس ماله. وقال ابن عبد الحكم: أما المثلة المشهورة التي لا شك فيها، فهو حر بغير قضية، وأما مثلة شك فيها فلا يعتق إلا بحكم. قلت: إن جعلنا المشهورة اخص من البينة، وما شك فيه يصدق على البينة اتفقاً

باب القرعة فى العتق

نقلا اللخمي والصقلى وإلا اختلفنا فتأمله. وقول ابن الحاجب: لو اختلفنا أنه عمد , فقول السيد على الأصح تقدم الكلام فيه فى فصل تأديب الأب ابنه, لذكرها ابن عبد السلام هناك, وذكرها اللخمى هنا كابن الحاجب. [باب القرعة فى العتق] القرعة: هنا لقب لتعبير مبهم فى العتق لم يخرج اسمه له من مختلط به بإخراج يمتنع فيه قصد عينه.

روى مسلم بسنده عن عمران بن حصين: أن رجلا أعتق ستة مملوكين عند موته لم يكن له غيرهم فدعا بهم فجزأهم , ثم قرع بينهم فأعتق اثنين وأرق أربعة, وقال له قولا شديدا.

قال عبد الحق: هو والله أعلم ما ذكره النسائى فى الحديث أنه قال فيه: «لقد هممت أنس لا أصلى عليه» وفى عتقهما الأول: من أوصى بعتق عبيده أو بتل عتقهم فى مرضه ثم مات عتق جميعهم حملهم الثلث, وإن لم يحملهم عتق منهم مبلغهم بالسهم, وإن قال: ثلث رقيقى أحرار أو نصفهم أو تلثاهم عتق ما سمى بالقرعة إن حمله الثلث, أو ما حمل الثلث مما سمى. أبو عمر: لم يختلف قول مالك وأصحابه فيمن أوصى بعتق عبيده فى مرضه ولا مال له غيرهم, أنه يقرع بينهم فيعتق ثلثهم بالسهم, ولم يختلف أكثرهم أن هذا حكم من أعتق عبيده فى مرضه بتلا ولا مال له غيرهم. وقال أشهب وأصبغ: إنها القرعة فى الوصية لا فى البتل. الباجى: وقاله أبو زيد قال: وإذا قلنا بالقرعة فى العتق , فقال ابن نافع: لا يسهم فى العتق إذا كان لمالك مال غيرهم. قال ابن مزين: وسمعت مطرفا يقول مثله, وقال: وهو الذى لا نعرف غيره ورواه محمد عن ابن القاسم, ولابن حبيب عن الأخوين يسهم بينهم كان له مال أو لم يكن , وقاله مالك وسحنون. الصقلى: وقال المغيرة: إنما القرعة فيمن أعتق عبيده عند موته, ولا مال له غيرهم للحديث, وليس هذا مما يقاس عليه. قال سَحنون: ضارع المغيرة قول العراقيين، ولما حكي الخمي قول أَصْبَغ وأبي زيد قال: قول مالك أحسن؛ لأن عتق المريض تضمن حقاً للعبيد وحقاً للورثة فحق العبيد كون العتق بالحصص؛ لأن الميت سوي بينهم في العتق فوجب أن لا يختص به بعضهم، وحق الوراثة القرعة؛ لأنهم شركاء الميت بالثلثين، ولو أعتق مريض ستة أعبد

له فيهما ثلثهم, وثلثاهم لشريك له فيهم كان لشريكه رد عتقهم, ويقرع عليهم فما صار للمعتق مضى عتقه فيه, فإن أسقط الورثة أو الشريك مقاله فى المقاسمة كان العتق بالحصص لتساوى حق العبيد, كما تقدم إذا كان العتق فى الصحة وعلى المعتق دين. الصقلي: لو سماهم كقوله ميمون مرزوق: حران أو لم يسهم كقوله: عبداي حران، ففي العتق بالقرعة مطلقاً أو بالحصص إن سمى قولان لابن حبيب عن الأخوين، وسَحنون مع محمد عن أشهب. الباجي: لو قال في وصيته: أعتقوا عبدي في ثلثي وما حمل ثلثي منها، فقال ابن كنانة: لا قرعة في هذا، ويعتق منهم بالحصص مبلغ الثلث، ولعيس عن ابن القاسم ذلك سواء، وفيه القرعة. اللخمى: إن أوصي في مرضه بعتق عشرة من عبيده، وهم خمسون ففيها خمسة أقوال. قال مالك في المدَونة: يعتق خمسهم بالسهم خرج فيه خمسة أو خمسة عشر. وقال أيضا في المدونة والواضحة: إن خرج في الخمس أقل من عشرة ضرب بالسهم على الباقي حني يكمل عشرة مل لم يجاوز الثلث. ولأشهب في الموازية: واسع إن يعتق منهم بالسهم أو بالحصص. وقال المغيرة: يعتق خمسهم بالحصص, إن كان العتق من الميت, وإن أوصى ورثته أن يعتقوا عنه فهم بالخيار أن يعتقدوا من شاءوا. وروى ابن حبيب: من قال: رأس من رقيقى حر, وهم ثلاثة؛ عتق ثلثهم بالسهم, ثم قال: ما هذا مراد الميت؛ إنما مراده فيسهم بينهم, فإن خرج واحد وهو أدنى من ثلثه عق ولم يعد السهم فى الباقى, وإن كان أكثر من ثلث قيمتهم عتق كله إن حمله معه الثلث, وقاله مطرف فعليه إن قال: عشرة وهم خمسون عتقت منهمتلك التسمية, كانت قيمتهم أقل من الخمس أو أكثر إن حملهم الثلث. قال الخمى فى كتاب الوصايا: من أعتق عبديه واحدا بعد واحد ابدئ الأول لأنه ليس له أن يحدث ما ينقض عتق الأول , ونحوه قول ابن شاس: ولوأعتق على ترتيب

فالسابق مقدم والترتيب في تبتيل المريض أن لا يكون الأول والثاني في فور واحد، حسبها ذكروه في المدبرين: أن يأتي بلفظ يدل علي تبدئة الأول ككلمة (ثم) أو (قبل) أو (بعد). وفيها: من قال عند موته: أنصاف رقيقي أحرار، أو أثلاثهم أو ثلث كل واحداً أو نصفه؛ عتق من كل واحد منهم ما ذكر إن حمله الثلث أو ما حمل الثلث مما سمى بالحصص من كل واحد بغير سهم. الصقلي: وقال أشهب. وفيها: من قال في صحته إن كلمت فلاناً فرقيقي أحرار فكلهم في مرض موته عتقوا ان حملهم الثلث، أو ما حمله منهم بالسهم ولو كانت بيمينه ان لم يفعل كذا فمات وام يفعله عتق منهم محمل الثلث بالحصص. الصقلي: لو كانت يمينمه هذه في مرض موته، فقلب القرويون: يعتقون بالحصص. وقال الصقليون: بالسهم، وهذا نحو ما أعتق به أبو محمد بقوله؛ لأنه كان على حنث فى يمين فى الصحة, فدل على أن المرض بخلافه, ورجح بعض فقهائنا الأول وفيها: إن انقسم العبيد على الجزء الذى يعتق منهم جزء قيمتهم بالقيمة, وأسهمت بينهم وعتق ما أخرجه السهم, وإن لم ينقسموا على الأجزاء علمت قيمة كل واحد, وكتب اسم كل واحد فى بطاقة, وأسهمت بينهم فمن خرج اسمه للعتق, فإن كانت قيمته مبلغ الجزء الذى يعتق منهم عتق, وإن زادت عليه عتق منه مبلغه فقط, وإن نقص منه أعيد السهم لتمام ما بقى من جزء الوصية, فيعتق ما يقع لذلك عبدا أو بعض عبد. الباجى: تلف كل بطاقة كتب فيها اسم فى طين بحضرة العدول ويجعل فى كم صغير أو كبير , ثم يخرج واحدة فتفض ويعتق من فيها , رواه ابن حبيب عن الأخوين.

كتاب الولاء

[كتاب الولاء] الولاء: عن ابن عمر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «الولاء لحمة كلحمة النسب لا يباع ولا يوهب» أبو يعلى الموصلى ثم ابن حبان فى صحيحه. [باب معنى من له الولاء] وفى الصحيحين قال - صلى الله عليه وسلم -: «لإنما الولاء لمن أعتق» , وهو لمن ثبت العتق عنه ولو بعوض أو بغير إذن ما لم يمنعه مانع.

أبو عمر عن غيره: بإذنه أو بغير إذنه, فمشهور مذهب مالك عند أكثر أصحابه: أن الولاء للمعتق عنه. وقال أشهب: الولاء للمعتق, وقاله الليث والأوزعى, وسواء فى قولهم أمره بذلك أو لم يأمره. وفيها: من أعتق سائبة لله تعالى؛ فولاؤها للمسلمين, ومعنى السائبة كأنه أعتق عن المسلمين. ابن رشد: اختلف فى عتق السائبة كرهه. ابن القاسم: فإن وقع فالولاء للمسلمين, وأجازه أصبغ ابتداء, ومنعه ابن الماجشون وقال: إن وقع فالولاء له لا للمسلمين. قلت: وعزا الباجى لسحنون مثل قول أصبغ, ولم يحك اللخمى فى السائبة إلا الكراهة لمالك وابن القاسم, والجواز لغيرهما, وذكر القولين فى الولاء , وخرج عليهما عتق الرجل عبده عن رجل بعينه. وفيها: مع غيرها إن أعتق كافر مسلما؛ فولاؤه للمسلمين, ولا يرجع لسيده إن أسلم ولا يجره لمسلم غيره. اللخمى: القياس: أن يرجع إليه إن أسلم ويجره لولده المسلم. وقال محمد: فى عبد نصرانى لمسلم أعتق عبده المسلم, ولم يعلم سيده بعتقه حتى عتق, ثم إن المسلم الذى أعتقه العبد النصرانى مات عن مال, فهو للسيد المسلم الأعلى , فإذا صح جره لسيده الأعلى دون المسلمين, صح جره لولده المسلم, ورجع إليه إذا أسلم وما اختاره, حكاه أبوه عمر عن أحمد وإسحاق وغيرهما قال: وبه أقول. والإجماع على صحة عتق الكافر عبده المسلم: وفيها: إن أعتق نصرانى عبده النصرانى, ثم أسلم بعد عتقه ومات عن مال؛ فماله

لعصبة سيده النصرانى المسلمين؛ لأن الولاء كان لسيده حيت كان نصرانيا, فإن اسلم السيد رجع إليه ولاؤه. قال سحنون: معنى رجوع الولاء فى هذا الباب؛ إنما هو الميراث, والولاء قائم لا ينتقل عنه. الصقلى: صواب لأن الولاء كالنسب, لا فكما لا تزول عنه الأبوة إن أسلم ولده فكذا الولاء. وفيها: إن أعتق المكاتب أو لعبد بإذن سيده جاز, والولاء للسيد, فإن عتق المكاتب رجع إليه الولاء, إذ ليس للسيد انتزاع ماله, ولا يرجع للعبد إن عتق وعتق أم الولد عندها كالعبد. اللخمى: والمدبر وأم الولد فى صحة سيدهما, والمعتق إلى أجل قبل قرب أجله كالعبد, قال: ولو علم السيد بعتق عبده عبده, فلم يجزه ولم يرده حتى عتق, ففى الموازية الولاء للعبد, وقال ابن الماجشون: لسيده. الصقلى عن محمد: أصل مالك وابن القاسم فى هذا أن من لسيده انتزاع ماله قولا مالك عتق بإذن سيده لسيده, ولا يرجع إليه إن عتق وما أعتقه المدبر وأم الولد بإذن سيدهما فى مرضه. فقال أصبغ: الولاء لهما ولو صح السيد؛ لأنه يوم أعتق لم يكن لسيده انتزاع ماله وليس كالمكاتب إذا عجز بعد أن أعتق عبده الولاء لسيده, ولا يرجع إلى المكاتب إن عتق. وقال ابن عبد الحكم فى المدبر وأم الولد: أحب إلى أن الولاء للسيد وإن مات من مرضه لا يرجع إليهما إن عتقا؛ لأنه كان له أخذ ما لهما إن صح, وكذا المعتق بعضه يعتق بإذن السيد. محمد: وقاله أشهب فى المعتق بعضه: يعتق بإذن السيد قيل له ولا تراه كالمكاتب؛ لأنه لا ينتزع ماله قال: للمكاتب سنة وللعبد سنة. قال محمد: فلم تكن له حجة أكثر من هذا, وقد قال ابن القاسم: ولا ما أعتق

المعتق بعضه للعبد, وهو الصواب, ولم يعجبنا قول أشهب ولا أصبغ ولا غيره, وما روى عن ابن القاسم غير هذا فغلط عليه؛ إنما هو لأشهب وأصبغ ومحمد: والمدبر وأم الولد لا ينتزع أموالها فى مرض السيد فإن انتزاعها ثن مات ردت, وإن صح مضت فهكذا إعتاقهما فى مرضه بإذنه موقوف إن مات فالولاء لهما, وإن صح فهو للسيد ولا يرجع إليهما إن عتقا, وكذا المكاتب الذى لم يختلف فيه يعتق بإذن السيد لم يعتق ثم يعجز ثم يعتق بكتابة أخرى أو غيرها لا يرجع إليه الولاء. وقال ابن القاسم: فى عبد بين رجلين أعتق عبده بإذن أحدهما ولم يعلم الآخر حتى أعتقاه: أن ولاء ذلك العبد له دون سيديه, وإن أعتق المعتق بعضه عبدا بإذن من له بقيته فولاء ما أعتق بين الذى كان أعتق نصفه , وبين مالك بقيته, فإن عتق العبد الذى نصفه حر رجع إليه ولاء ما كان أعتق, وإن أعتق بغير إذن الذى له بقيته كان له رد عتقه. وروى عن يحيى بن يحيى: أن ولاء من أعتق هذا العبد المعتق بعضه بإذن الذى له فيه الرق خالصا, هو أحف بميراث مواليه من الشريك الذى كان أعتق نصفه, كما أنه أحق بميراثه نفسه. الصقلى: هذا مثل قول أشهب الذى ذكره محمد, وأنكر أن يكون ابن القاسم قاله. وروى محمد: إن أعتق المدبر أو الموصى بعتقه بعد موت السيد قبل أن يقوم فى الثلث فليوقف عتقه, فإن خرج المدبر والموصى بعتقه من الثلث نفذ عليه ما كان أعتق أو حنث فى عتقه, وإن لم يخرج من ثلث سيده إلا بعضه لم يعتق من العبد الذى أعتق قليل ولا كثير, ولو عتق بعد ذلك بقية المدبر أو الموصى بعتقه, وذلك العبد فى يده لم يعتق منه شئ, وقاله أشهب ومحمد. وفيها: ولو لم يعلم السيد بعتق عبدع عبدع حتى عتق فالولاء للعبد. اللخمى: قيل فى هذا الأصل إنه عتيق من يوم عتق, فيكون الولاء للسيد الأعلى قال: ولو قال العبد لعبده: يوم أعتق فأنت حر أو خذ منى عشر سنين وأنت حر؛ فيعتق العبد قبل انقضاء عشر سنين.

فقال ابن القاسم: في الولاء للعبد، وقال: الولاء للسيد. قال ابن نافع: للسيد قال: ولو قال: أنت حر عني وولاءك لفلان، وأنت حر عن فلان وولاؤك لي فالولاء للمعتق عنه. فيها: والأب المعتق يجر ولده لمعتقه ولو سفل. في الموطأ: اشترى الزبير عبدًا فأعتقه وللعبد بنون من امرأة حرة، فقال الزبير: هم موالي، وقال موالي أمهم: هم موالينا، فاختصموا إلى عثمان فقضى بهم للزبير. الباجي: روى محمد يجر الأب ولاء ولده لمعتقه، ولو أعتقه قبل موته بساعة. محمد: يريد أنه لا يفتقر إلى حكم ولا رضى أحد. وفيها: إن تزوجت الحرة عبدًا؛ فولاء ولدها منه لمواليها ما دام الأب عبدًا، فإن عتق جر ولاؤه ولاءهم لمعتقه، كولد الملاعنة ينسب إلى موالي أمه هم يرثونه، فإن اعترف به لحق به وجر لمعتقه، ولو كان لولد الحرة من العبد جد أو جد جد عتق قبل الأب جر ولاؤهم لمعتقه. الصقلي عن محمد: لو أن ولد الحرة من العبد كبر واشترى أبوه؛ فولاء الأب لابنه يجره لموالي أمه. قال سحنون: هذا قول جميع أصحابنا إلا ابن دينار قال: ولاؤه لجميع المسلمين كالسائبة. وفي آخر سماع عيسى من كتاب العتق: من تزوج أمة فولدت له غلامًا فكبر ثم مات أبوه فتزوج ابنة حرة فولدت له ولدًا بعد وفاة الجد والأب المملوك حتى قال: ولاؤه لموالي أمه، ولا يجر الجد المتوفى ولاء ولده الذي ولد بعد موته، أنه يجر ما كان حيًا، ولو توفى الجد وأمه به حامل؛ والأب المملوك هنا لا يحجب كالميت والكافر. ابن رشد: وهذا كما قال: إن ولاءهم لموالي أمهم إن كانت معتقة، ثم لمن يحجب له ذلك يسهم الأقرب فالأقرب من العصبة، فإن كانت حرة لم يعتق فولاءهم لموالي أبيها، وإن كانت ابنة زنا أو منفية بلعبان أو أمة أو كافرة؛ فولاؤهم لموالي أمها، فإن عتق أبوهم

جر الولاء لمواليه عن موالي الأم، ولو مات الجد بعد ولادة الأولاد؛ كان ولاؤهم لمواليه ما دام الأب عبدًا، فإن عتق جر ولاء الولد لمواليه. قلت: وتقدم في اختصارنا فرائض الحق في قوله: وأولاد المعتقة من زنى أو غصب أو لعان أو عبد أو حربي لمولاها هو يرثه ويعقل عنه، فإن لم يكن على الأم فيها ولاء فميراثه للمسلمين وعقله عليهم. وفيها مع غيرها: جر المعتق ولاء ما أعتق ذكر أو أنثى لمن أعتقه كذلك، وشرط الجر عدم مباشرة المجرور ولاءه بعتق، فإن كان اختص به معتقه. اللخمي: ميراث موالي المرأة لعصبتها وعقلهم عل قومها، إن لم يكن لها ولد، فإن كان فقال مالك: ميراثهم لولدها وجد يرثهم على قومنا، وقال ابن بكير: النظر أن لا ميراث لولدها منهم، وهو قول علي. وقال عبد الوهاب: قيل: يحيل ولدها مع العاقلة؛ لأن البنوة عصبة في نفسها. قلت: ولهذا الكلام فائدة تذكر في ذكر الخلاف في كون الابن عاصبًا في الفرائض وحكم الولاء كالعصوبة عند عدمها. فيها من غيرها: اعتباره في ولاية النكاح والميراث والعقل. قال ابن الحاجب: فيفيد عند عدمها الميراث وولاية النكاح وحمل العقل. قال ابن عبد السلام: لا يقتصر بإفادته على هذا الوجوه الثلاثة؛ بل كل موضع فيه للعصبة مدخل، كصلاة الجنازة وغسل الميت، وربما لا يشترط عدم عصبة في بعض مسائل النكاح. قلت: فيكون للمعتق القيام بقذف معتقه إذن، وهو بعيد والحق في ذلك اتباع النصوص. وفيها: إن أعتقت أمة تحت حر، وولدت منه ولدًا قالت: عتقت وأنا به حامل، وقال الزوج؛ بل حملت به بعد العتق؛ فولاؤه لموالي فالقول قوله. قال أشهب: ولو أقر بقولها لم يصدق إلا أن يكون بينة الحمل يوم العتق أو تضعه لأقل من ستة أشهر من يوم العتق.

اللخمي: اختلف هل يوقف الزوج عنها عند عتقها حتى يعرف هل هي حامل أم لا، فروى محمد: لا يوقف؛ يريد: ويعمل على ما يتبين. وقال في المختصر الكبير: يوقف عنها وكذا في التي لها ولد من غير زوجها، فيموت ذلك الولد يوقف عنها الزوج لمكان الميراث، وعلى القول الأول لا يوقف والوقف فيها أحسن، ولا يقطع إذا أتت به لستة أشهر فأكثر أنه محدث، والوضع لهذا القدر نادر، والوضع المستمر لتسعة أشهر فأكثر؛ وإنما تراعى ستة أشهر إذا تقدمت حيضة، وأيضًا فيحتمل أنه أصابها أول النهار وعتقت في آخره؛ فلا يكون مرور الستة الأشهر دليلاً على أنه لم يكن قبل العتق. وفي الشهادات منها: وإن شهد شاهد واحد أن هذا الميت مولى فلان أعتقه استؤني بالمال، فإن لم يستحقه غيره قضي له به مع يمينه، ولا يجر بذلك الولاء. وفي الولاء منها: قال غيره إذا شهد شاهد على البت في الولاء لم يحلف معه ولم يستحق معه المال؛ لأنه لا يستحقه حتى يثبت الولاء، ولا يتم إلا بشاهدين، ونقله الصقلي عنها مع الموازية، وقال الغير هو وأشهب. الصقلي: قال بعض فقهائنا عن ابن عبد الرحمن: من أقام شاهد أنه أعتق هذا الميت فحلف واستحق ماله على قول ابن القاسم، ثم مات لهذا الميت مولى، أن الرواية إن أتى بشاهد هي آخر استأنف له الحكم، وحلف أنه مولاه، وأخذ ماله؛ وإنما يعني أن الشاهد شهد أن الثاني مولى الأولى، ولو شهد بما شهد به الأول لضم إليه وتمت الشهادة ولم يحلف. قال: وفي بعض التعاليق في لموازية لأصبغ: إن شهد له شاهد أنه وارث فلان فحلف واستحق ثم طرأ له مال آخر لا يستحقه إلا بيمين أخرى، وأنكره ابن الكاتب وقال: لا يمين عليه الملك الثاني مثل الأول. وفيها: من أقر أن فلانًا أعتقه، وفلان يصدقه، فإنه يستحق بذلك ولاءه، وإن أكذبه قومه إلا أن تقوم بينة بخلاف ذلك، فيؤخذ بها، وكذا إن أقر بذلك عند الموت؛ صدق وورثه إن لم تقم بينة بخلاف ذلك.

الصقلي عن ابن سحنون: الإقرار بالولاء ثابت بإجماع العلماء. وقال أيوب: لا يثبت الإقرار بالولاء إلا عند المصريين. ولابن رشد في ثالث مسألة من كتاب الولاء: من قال: فلان مولاي أعتقني ثبت له بذلك الولاء كقيام البينة له بذلك، ثم قال: وظاهر قول أصبغ في نوازله من الاستحقاق: أن الولاء لا يثبت بالإقرار، وإن قال: أعتقني فإن لم يرده بالتأويل إلى قول سحنون كان مخالفًا له. وابن الماجشون يرى الإقرار بالولاء ثابتًا، وإن لم يقل أعتقني. وقال سحنون: إن قال مولاي ولم يقل أعتقني؛ ثبت له الميراث لا الولاء، قال فعلى حمل قول أصبغ على ظاهره؛ يتحصل فيمن أقر بولاء لرجل وينسب لآخر ثلاثة أقوال: الأول: أن النسب أولى تقدم الإقرار به أو تأخر، كان في الصحة أو المرض. الثاني: عكسه. الثالث: إن قال أعتقني، كان أولى من النسب، وإن لم يقله فالعكس. وفيها: إن شهد شاهدان أنهما سمعا أن هذا الميت مولى فلان لا يعلمون له وارثًا غيره استؤني بالمال، فإن لم يستحقه غيره؛ قضي له به مع يمينه، ولا يجر بذلك الولاء، زاد في كتاب الولاء. وقال أشهب: يكون له ولاؤه وولاء ولده بشهادة السماع. قال ابن رشد: في سماع أبي زيد من الشهادة مثل قول ابن القاسم في المدونة، بعد ذكره قول أشهب هذا قال: وهو الذي يأتي على قياس قول ابن القاسم في سماع أصبغ بإجازة شهادة السماع في ضرر الزوجين، ويتخرج فيها قول ثالث: أنه لا يثبت بها نسب ولا يستحق بها مال؛ لأنه لا يستحق إلا بعد ثبوت النسب أو الولاء ودرجات مستحق الولاء ذو الأقرب منهما يحجب الأبعد، فالمعتق أقرب من معتق، والأقرب ليس منه أولى من الأبعد، وعصبة الأقرب أولى من عصبة الأبعد، وعصبة المعتق أولى من معتق الجار، لوجوب تقديم مباشرة العتق على جره.

ولذا قال ابن الحاجب: وإذا اجتمع ابن المعتق ومعتق الأب، فلا ولاء لمعتق الأب ودرجات التعصيب في القرب فيه كالتعصب في الإرث إلا أن الأخ وابن الأخ يقدمان على الجد. زاد الحوفي: وابن العم على أبي الجد. قلت: وهو مندرج في الأول بالمعنى فتأمله. اللخمي: اختلف إن كانا ابني عن أخدهما أخ لأم. فقال مالك وابن القاسم في المدونة: لا فضل للأخ لأم. وقال أشهب: عند محمد الأخ للأخ أحق؛ لأنه أقعد بالرحمن كما لو ترك المعتق أخوين أحدهما شقيق والآخر لأب. قلت: في جريان هذا الخلاف في وارث المال نظر، ويرد قياس أشهب بأن زيادة الشركة في الأمر في المقيس عليه هي فيها به التعصيب، وهو الأخوة وهي في المقيس في غير ما به التعصب؛ لأنها في أخوة لا تعصيب لها، إنما التعصب فيه بنوة العمومة والمذهب انتقاله بموت مستحقه إلى أقرب عصبة المعتق حينئذ لا إلى أقرب عصبة المستحق. قال ابن الحاجب: فلو اشترى ابن وابنة أباهما، ثم اشترى الأب عبدًا فأعتقه فمات العبد بعد الأب؛ وورثه الابن دون البنت؛ لأنه عصبة. قلت: هذه مشهورة في كتب الفرائض وغيرها. قال ابن خروف: وتعرف بفريضة القضاء لغلط أربعمائة قاض فيها بتوريثهم البنت فيها بالولاء والميراث بعصوبة النسب مقدم على عصوبة الولاء، ومسائل هذا الفصل في ابن الحاجب ذكرناها في اختصارنا في اختصار الحوفي بوجه أتم فانظره، والله الموفق للصواب.

كتاب المدبر

[كتاب المدبر] المدبر: هو المعتق من ثلث مالكه بعد موته بعقد لازم، فيخرج المعتق لأجل وأم

الولد والموصى بعتقه، والتدبير عقد يوجب عتق مملوكه من ثلث إلخ. وقال ابن الحاجب: هو عتق معلق على الموت على غير الوصية. ورده ابن عبد السلام: بأنه تعرف بالإضافات، وذكروا أنه يجتنب في التعريف لإجماله. قلت: ما ذكره عنهم من اجتناب الإضافيات لا أعرفه حسبما تقرر في موضعه وليست الإضافة ملزومة للإجمال، ولذا وقعت في تعريفاتهم كثيرًا كقول القاضي القياس حمل معلوم بإضافة حمل إلى معلوم، وقولهم في الناقض هو اختلاف قضيتين إلى غير ذلك، ولو تعقبه باشتماله على التركيب، وهو وقف معرفة المعرف على معرفة حقيقة أجنبية عنه ليست أعم ولا أخص كان صوابًا، وتعقبه ابن هارون بعد طرده، فإنه يدخل في ما علق على موت غير مالكه، وهو من العتق إلى أجل. وأجاب ابن عبد السلام: بأن قوله من غير وصية قرينه في إرادته بالموت موت مالكه، ورد بأن قوله من غير وصية؛ إنما يدل على دخول موت مالكه لا على انحصاره

فيه، فهي عناية في التعريف، وينتقض أيضًا بحكم عتق أم الولد، فإنه عتق معلق على موت مالكها، ولا يختلف بعدم تعليقه؛ لأنه إن أريد بأنه مغلق التعليق اللفظي خرج عنه قوله: أنت حر عن دبر مني، فإنه لا تعليق فيه لفظًا، وإن أريد المعلق معنى فعتق أم الولد كذلك. وحكمه السابق قبل إيقاعه الندب؛ لأنه سبب في العتق وبعد اللزوم المعروض لرفعه بأقوى منه. وفي كون لزومه، لأنه كعلم لمعني وصية بعتق ملتزم عدم الرجوع منها بخلاف الوصية المطلقة، أو لأنه كعلم المعنى عتق التزمه مالكه في حياته، ووقف إنفاذه على عتقه كعتق المعتق إلى أجل لا أنه وقف التزامه على موته طريق، التونسي مع ظاهر الموازية حسبما يأتي في الصيغة، وظاهر نقل الصقلي عن ابن القاسم. [بابا في صيغة التدبير] الصيغة: ما دل على حقيقته عرفًا. الباجي: قال عبد الوهاب: لفظ التدبير أن يقول: أنت حر عن دبر مني أو مدبر أو إذا مت فأنت حر بالتدبير، وشبهه مما يعلم به إيجاب عتقه بموته لا على وجه الوصية، زاد في الموازية أن يقول في صحته أو مرضه: أنت حر مني ما مت أو ما إن مت ولا مرجع لي فيك. قال أشهب: وشبه هذا أفرد ذلك بكتاب أو جعله في ذكر وصاياه. وقول ابن الحاجب: أنت حر بعد موتي كقوله أنت حر عن دبر مني، ويرد بقولها. قال مالك: من قال في صحته لعبده: أنت حر بعد موتي، إن أراد به وجه الوصية صدق، وإن أراد وجه التدبير صدق.

ابن القاسم: هي وصية أبدًا حتى يتبين أنه أراد التدبير. وقال أشهب: إن قال هذا في غير إحداث وصية أو لما جاء أنه لا ينبغي لأحد أن يبيت ليلتين إلا ووصيته عنده مكتوبة، فهو تدبير إذا قال ذلك في صحته. وفيها أيضًا لابن القاسم: إن قال: إن كلمت ابن فلانًا فأنت حر بعد موتي فكلمه لزمه ما أوجبه من عتقه بعد موته من الثلث، وصار شبيهًا بالتدبير. قلت: فجعل المعلق أشد من غير المعلق، ونحوه في كتاب النذور فيه: إن قال إن فعلت كذا فعلي هدي فإن يحنث، فإن نوى شيئًا فهو ما نوى، وإلا فعليه بدنة، فإن لم يجد فبقرة، فإن لم يجد وقصرت نفقته رجوت أن تجزئه شاة. وقال في الحج الثاني: ومن نذر هديًا ولا نية له فالشاة تجزئه؛ لأنها هدي، فجعل المطلق أخف من المعلق. قال عبد الحق عن القابسي: لأنه في كتاب الحج متبرع بالهدي، وفي مسألة النذر هو على وجه الحلف، واليمين طريقة التغليظ. ابن رشد: وأما التدبير المقيد كقوله أنت مدبر إن مت في سفري هذا أو مرضي هذا أو في هذا البلد أو أنت مدبر إذا قدم فلان وشبهه، فسمع أصبغ ابن القاسم: أنها وصية لا تدبير إلا أن يرى أنه أراد التدبير، فله على هذا أن يرجع عنه في مرضه ذلك. ولابن القاسم في الموازية، وكتاب ابن سحنون وابن كنانة: أنه تدبير لازم لا رجوع له فيه، ومعناه إن مات من مرضه ذلك، وهذا الاختلاف قائم من اختلاف ابن القاسم ومالك فيمن قال لعبده: أنت حر إذا قدم فلان. قال مالك: ليس له بيعه حتى ينظر هل يقدم فلان أو لا. وقال ابن القاسم: له بيعه، وكذا لو قال لعبده: أنت مدبر إذا قدم فلان يلزمه التدبير على قول مالك من ساعته، بشرط قدوم فلان، ولا يكون له بيعه، ولا يرجع فيه حتى ييأس من قدوم فلان، وعلى قول ابن القاسم: لا يكون تدبيرًا، وهي وصية فيكون له بيعه ويرجع فيه بالقول إن شاء، فيقول: قبل قدوم فلان أو بعد قدومه قد رجعت عن عتق فلان، بخلاف قوله: أنت حر إذا حر إذا قدم فلان، هذا لا يكون له على مذهب ابن

القاسم: أن يرجع فيه بالقول، وأنه له بيعه؛ لأنه يشبه اليمين، فإن بقى في ملكه حتى قدم فلان؛ لزمه العتق. الباجي: رواه ابن نافع: من قال لجاريته أنها مدبرة تعتق بعد موته إن لم يحدث فيها حدثًا، وكتب لها بذلك كتابًا أنها وصيًة لقوله: إن لم أحدث فيها حدثًا. ولابن رشد في رسم أوصى من سماع عيسى: من اعتق عبده لأجل سماه قبل موته ففيه أربعة أقوال: الأول: سماع عيسى هذا ابن القاسم: أنه لا يعجل عتقه، ويترك في خدمته إن كان له مال، فإذا مات نظر فإن كان الأجل الذي سمى حل في مرض موته عتق من ثلثه، وإن حل وهو صحيح عتق من رأس ماله، وأعطى منه قيمة خدمته من حينئذ إلى وقت وفاته، ولم يضره ما استدان بعد حلول الأجل إلى حين وفاته، إلا أن يحاص الغرماء بقيمة خدمته، وإن لم يكن له مال استؤجر في ذلك الأجل ما كان وقف خراجه، فإن كان الأجل سنة استؤجر سنة، ووقف خراجها، فكلما مضى شهر بعد السنة، وقف خراج هذا الشهر وأعطي السيد خراج شهر من أول السنة كذا أبدًا ونفقته وكسوته من خراجه، فإن استؤجر في هذه السنة على أن نفقته وكسوته على سيده أسقط من إجارته نفقته وكسوته، ووقف الباقي، وإن استؤجر على أن نفقته وكسوته على المستأجر وقفت الإجارة كلها، وذلك يخرج إلى شيء واحد، فإن مات العبد في حياة سيده أخذ السيد ما وقف له. حكاه محمد عن ابن القاسم، والذي يأتي على قياس قوله أن يبقى موقوفًا حتى يموت السيد فيعلم بموته، هل وجب للعبد العتق قبل موته من رأس مال سيده أم لا؟ فإن تبين أنه وجب له قبل أن يموت من رأس ماله؛ كان ما وقف لورثته. وقال الموثقون على قياس هذا السماع: من أراد أن يستخدم عبدًا طول حياته ويكون حرًا من رأس ماله بعد وفاته بعتقه إلى قبل السبب الذي يكون منه وفاته بأجل يسميه، وذلك لا يصح إذ ليس للرجل بعد وفاته أكثر من ثلث ماله. والواجب إن فعل ذلك أن يعجل عتقه اتفاقًا لأن العتق قد حصل له فيعتق، إما

باب المدبر

بقوله وإما بموته، فلا يصح أن يمكن من اختدامه بشك إذ لا يدري لعله حر من الآن. الثاني: تعجيل عتقه من الآن لاحتمال أن يكون لم يبق بينه وبين موته إلا مثل الأجل الذي ينتهي أو أقل، فلا يسترقه بالشك، وهو أحد قولي ابن القاسم فيما حكاه محمد. الثالث: أنه كالمدبر يعتق بعد موته من الثلث؛ لأنه عتق لا يكشفه إلا الموت، وهو قول أشهب. الرابع: أنه لا يعتق من ثلث، ولا من رأس مال، وهو قول أشهب أيضًا حكى البرقي عنه القولين، وقول ابن القاسم في هذا السماع أظهرها، ولو قال لعبده: أنت حر قبل موتك بكذا وكذا فيجعل عتقه على قول ابن القاسم، ولا عتق عليه على قول أشهب. وفيهما: من قال: أنت حر يوم أموت كقوله: أنت حر بعد موتي، وناقضوها بقول مالك فيمن قال لزوجته: أنت طالق يوم أموت أنه يعجل عليه. قال الصقلي: فينبغي عليه أن يكون في قوله: أنت حر يوم أموت معتقًا إلى أجل. قلت: وقد يفرق بأن وقفه على الموت، ظاهره كونه بعده فلما كان العتق يصح بعد الموت حمل عليه فلا يرجحان حمل اللفظ على ظاهره، وإنما لم يصح الطلاق بعد الموت حمل على أنه قبله صونًا للفظ من حمله على الإهمال. [باب المدبر] المدبر هو المالك السالم عن حجر التبرع. سمع ابن القاسم: تدبير ذات الزوج عبدًا لا تملك غيره نافذ لا رد لزوجها فيها. ابن القاسم: إنما فرق تدبيرها إياه كله وبين عتقها إياه؛ لأن التدبير لا يخرج من يدها شيئًا هو موقوف معها حتى يخرج من ثلثها، فلا حجة لزوجها؛ إنما هي وصية،

وكرهه سحنون ورآه خطأ لا شك فيه. وقاله الأخوان. ابن رشد: روى عن مالك مثل قول ابن الماجشون وسحنون. وروى محمد بن يحيى السبائي: في امرأة دبرت نصف عبد لا تملك غيره، ولها زوج لا يدبر عليها كله، ولا يكون مدبرًا إلا ما دبرت؛ لأن زوجها يمنعها من ذلك، وفي هذه الرواية نظر، وقياس مذهبه أن لا يكون منه مدبرًا إلا ثلثه. قال ابن الحاجب: المدبر وشرطه التمييز لا البلوغ فينفذ من المميز لا من السفيه. قلت: قوله ينفذ من المميز واضح ترتيبه على الشرط المذكور، وقوله لا السفيه ترتيبه عليه مشكل؛ لأنه مميز إلا أن تريد به معنى الاستثناء. وقال ابن عبد السلام: ظاهر كلامه أنه ينفذ من الصغير، وهو ظاهر كلام ابن شاس، وهو مشكل لأن غير المكلف لا يلزمه شيء من التزاماته، وإنما لزمت الوصية إذا مات استحسانًا. ونحوه لابن هارون: وهو واضح إن حمل قوله فينفذ من المميز على اللزوم، وإن حمل به على صحته دون لزومه فيصير كالوصية فيصح، وقد يؤيده ما تقدم من قول ابن القاسم في ذات الزوج لا حجة لزوجها إنما هي وصية. وقال الباجي في ترجمة وصية الصغير: قال عبد الملك: لا يجوز تدبير من لم يحتلم. وقولها: تدبير السكران لازم كعتقه يبطل قوله وشرطه التمييز. وسمع أصبغ ابن القاسم: لا يجوز تدبير المولى عليه، وإن حسنت حاله ولا يلزمه ولو كان ماله واسعًا، وإنما هو كالعتق، وكذا قال مالك في العتق. ابن رشد: لابن القاسم في المدنية مثل قوله هذا. وقال ابن كنانة فيها: إن لم يكن له غير ذلك العبد لم يجز تدبيره، وإن كان ماله واسعًا ليس العبد بالذي يجحف بماله كان ذلك له وجاز، وإن دبر عبدًا هو وجه رقيقه أو أكثرهم ثمنًا أو جارية مرتفعة هي جل ماله لم يجز. وقول ابن القاسم هو القياس، وقول ابن كنانة استحسان.

وقال الباجي في ترجمة وصية الصغير وتدبير السفيه: يجوز في قليل الثمن لا في كثيره قاله عبد الملك. وقال أشهب: لا يجوز تدبير المولى عليه ويبطل. وقال ابن القاسم: له أن يدبره في المرض، فإن صح بطل. وقال ابن كنانة: يجوز تدبيره وما لا يقع إلا بعد موته، وإنما يمنع من ماله في حياته. وفيها: إن أسلم مدبر النصراني أو ابتاع مسلمًا فدبره أجرناه عليه، وقبض غلته ولا يتعجل رقه بالبيع، وقد يعتق بموت سيده، فإن أسلم رجع إليه عبد وكان له ولاؤه، وقال غيره: لا يجوز للنصراني شراء مسلم، فإن أسلم عبده، ثم دبره أعتق عليه؛ لأنه منعنا من بيعه عليه بالتدبير. اللخمي: إن أسلم بعد التدبير مدبر النصراني، فاختلف هل يبقى على تدبيره أو يؤاجر إلى موت سيده، أو تباع رقبته ويدفع ثمنه إلى النصراني، خرجه عبد الوهاب: من أم ولده إذا أسلمت، لأن أم الولد أقوى من التدبير وهو صواب، وإن أسلم ثم دبره لم يبع قولاً واحدًا، واختلف هل يؤاجر لموت سيده أو يعجل عتقه، وإن اشتراه وهو مسلم ثم دبره كان فيه ثلاثة أقوال: الأول: يمضي تدبيره إلى موت سيده. وقيل: يعجل عتقه. وقيل: الشراء كان غير منعقد وكأنه دبره عبد غيره. الصقلي عن ابن حبيب: يقول الغير قال الأخوان قالا: وكذا لو أعتقه إلى أجل عجل عتقه، ولو كاتبه بيعت عليه كتابته. الصقلي: لو أسلم مدبره فآجرنا عليه وقبض السيد إجارته وأتلفها ثم مات قبل أن يخدم العبد من الإجازة شيئًا، ولم يترك غيره فإن رضي العبد أن يخدم مدة الإجارة لرغبته في عتق كل ثلثه، فذلك له ويعتق كل ثلثه ثم يباع ثلثاه على ورثة سيده النصراني، ولا كلام لمن استأجره، وإن يرض العبد أن يخدم في حصته ما يعتق منه ولم يرض الذي استأجره أن يخدم ما رق منه لاستحقاق بعض ما استأجر بيع من جميعه بقدر

الإجارة، وعتق ما بقي وبيع على الورثة ما بقي بعد ذلك، وإن رضي المشتري أن يخدم ما رق منه للورثة فليبع من ثلثه بقدر ثلث الإجارة، ويعتق ما بقي من ثلثه ويستخدم المستأجر ثلثيه حصة ما رق منه للورثة، فإذا تمت الإجارة بيع على الورثة ما رق لهم منه إلا أن يسلموا قبل ذلك فيبقى لهم. وسمع عيسى ابن القاسم: إن قتل المدبر سيده خطأً عتق في ماله ولم يعتق في ديته، وكانت الدية عليه دينًا ليس على العاقلة منها شيء؛ لأنه إنما صنعه وهو مملوك، وإن قتله عمدًا قتل به، فإن استحياه الورثة بطل تدبيره وكان رقًا لهم. ابن رشد: قوله تكون الدية عليه دينًا صحيح على ما في المدونة وغيرها. قال أصبغ في رسم سلف من سماع من كتاب الديات: وهذا إذا حمله الثلث فإن لم يحتمله عتق منه محمله، وكان عليه من الدية بقدر ما عتق منه يؤخذ من ماله إن كان له مال، أو يبتع به دينًا إن لم يكن له مال، ولا يدخل فيما يؤخذ منه من الدية ولا يعتق فيها منه شيء، وقوله صحيح. وقوله إنه يبطل إن كان قتله عمدًا هو على قياس ما أجمعوا عليه من أن القاتل عمدًا لا إرث له ممن قتله. قلت: وقتل أم الولد سيدها عمدًا. قال الشيخ في الموازية عن ابن القاسم: تعتق لأنه عتق لازم من رأس المال، وتقتل به إلا أن يعفو عنها، ولا تتبع بعقل في الخطأ بخلاف المدبر. وقال عبد الملك: تتبع مثله عتقها؛ لأنه من رأس المال ولما كان عتقه من ثلث سيده بطل باستغراق دين سيده تركة، وما زاد منه على ثلثه يبطل لذلك. اللخمي: إن ضاق الثلث وللسيد دين على حاضر مؤجل بيع بالنقد، وإن كان على غائب قريب الغيبة وهو حالٌ استؤني بالعتق حتى يقبض الدين، وإن كان بعيد الغيبة أو على حاضر معدم وبيع المدبر للغرماء الآن، فإن قدم الغائب أو أيسر المعدم والعبد بيد الورثة عتق في ثلث ذلك بعد قضاء ذلك الدين، واختلف إن خرج عنهم ببيع. فقال ابن القاسم في العتبية: يكون ما يتقاضى للورثة ولا شيء للمدبر فيه. وقال عيسى وأصبغ: يعتق منه حيث كان، وهو ظاهر المدونة، والمعتق بعد موت

سيده كمن أعتق وعليه دين وله مال غائب بعيد الغيبة للغرماء والمعتق، فإن بيع لم ينقض البيع إن أتى ذلك لمال، وإن طرأ للسيد مال لم يعلق به نقض البيع إن كان بالبلد أو قريب الغيبة، ويختلف إن كان بعيد الغيبة في موضع لو علم به لبيع ولم بنتظر ذلك المال حسبما تقدم لو علم به. وفيها مع غيرها: لا يجوز بيع المدبر. الشيخ عن الموازية: ولا هبته ولا الصدقة به. الصقلي: روى محمد إذا فسدت المدبرة بالزنا وكثرة الإباق فلا تباع، وإن رضيت وإن كان يبدل غيرها ولتؤدب على ذنوبها. وفي نوازل ابن الحاج: كان ابن لبابة يجيز بيع المدبر إذا تخلق من مولاه وأحدث أحداثًا قبيحة لا ترضى، ذكره أبو عمر عنه على ما روي عن عائشة، وأول ابن رشد، فعل عائشة: بأنها رأت بطلان تدبيرها بأنها أرادت قتلها بالسحر، وذلك بين من قولها: أرادت تعجيل العتق، فحرمتها منه كحرمة القاتل الميراث. وسمع أصبغ ابن القاسم: من باع مدبرا ففات استرجاعه وجهل ما صار إليه جعل كل ثمنه في مدبر ليس كفواته بالعتق، والموت يكون له قيمته على الرجاء والخوف في الموت ويجعل الفضل في مدبر، أو يعين به في عتق إن لم يبلغ به تدبيرًا، وليس عليه في فوته بالعتق قليل ولا كثير؛ لأنه صار إلى خير مما كان فيه. وقاله أصبغ كله: وذلك من الذي عمي خبره احتياط لا واجب عندي، والقياس: أنه إذا استبرأ أمره وأيس منه كالموت، ولا يكون الموت أحسن حالاً؛ إنما هو بين أمرين عتق أو موت، كامرأة المفقود حين عمي خبره، جعل كموته في عدتها. ابن رشد: قول أصبغ القياس: إذا عمي أمره أنه كالموت غلط بين؛ لأنه يخشى أن يكون حيًا لم يمت ولم يعتق، وكذا قال محمد: قول أصبغ غلط، وتفرقة ابن القاسم بين العتق والموت هو نص المدونة. وقال التونسي: القياس أن يكون كل ثمنه لبائعه في موته كالعتق، قال: وكان القياس أن يشتري بكل الثمن مدبرًا مكان الأول، فيكون له منه خدمته حياته كما كان

له من الأول؛ لأنه إذا أخذ من ثمن الأول قيمته على الرجاء والخوف ناجزًا فقد حصل له أكثر مما كان له في الأول، إذا لم يكن له سوى خدمته، هذا معنى قول أبي محمد إسحاق دون لفظه، وهذا الذي قاله هو قول ابن كنانة في المنية، قال في الذي يبيع المدبر فيفوت بعتق أو غيره دون أن يتمخى من ثمنه. قال عيسى عن ابن القاسم: هو له حلال يصنع به ما شاء، وروية عيسى هذه في المدنية هو الذي قاله التونسي من أنه لا فرق بين الموت والعتق لبطلان التدبير في الوجهين معًا، والذي اخترته أنا وبينت وجهه أنه يجب عليه أن يتمخى من الزائد على قيمته على الرجاء والخوف، فيجعله في مدبر فيتحصل فيها أربعة أقوال. أحدها: لا يجب عليه أن يتمخى من شيء من ثمنه في الوجهين معًا. والثاني: يجب ذلك عليه في جميع ثمنه في الوجهين معًا. والثالث: أنه يجب ذلك عليه فيما زاد على الرجاء والخوف على قيمته في الوجهين معًا. والرابع: الفرق بين الموت والعتق، ورواية عيسى عن ابن القاسم في المدينة تنحو إلى قول ابن نافع، واختار محمد بن خالد في سماعه من كتاب الولاء على ما حمله عليه بعض أهل النظر، وه صحيح. وفيها: وإذا جنى المدبر وله مال، دفع ماله لأهل الجناية، فإن لم يكن له مال، قيل لسيده: أسلك خدمته أو افدها بباقي الجناية، وليس لسيده إسلامه في جنايته لقولها: وإذا جنى المبتل في المرض لم يسلم في جنايته؛ لأنه قد يعتق بعضه إن مات سيده، ولا مال له غيره. ولدليل قولها: وإن جنى مدبر الذمي والمدبر ذمي، فله إسلامه عبدًا إذ لا أمنعه بيعه. وفيها: إن مات سيده والثلث يحمله، عتق وأتبعوه بما بقي لهم، وإن لم يترك غيره عتق ثلثه واتبعوه بثلث ما بقي لهم، وخير الورثة في فداء ما رق منه أو إسلامه. التونسي: ولسيده متى شاء أن يقاص أهل الجناية بما أخذوا من الخدمة، ويدفع لهم

بقية الجناية؛ لأن دفعه الخدمة ليس بإسلام لجملتها؛ لأنه إذا استوفى المجني عليه أرشه رجع باقي الخدمة إلى السيد. وقيل: إن سيده يخير في أن يسلم جملة الخدمة أو يفتديها؛ لأن ذلك القدر الذي يملك منه، وعلى هذا ليس له رجوع بعد أن أسلمها، وأنه مات سيده وخرج من ثلثه لم يتبع بشيء من بقية الجناية؛ لأن المجني عليه لما ملك جملة الخدمة كان زيادتها له ونقصها عليه، وإن لم يترك الميت غيره فعتق ثلثه ورق ثلثاه، فإن المجني عليه لا يتبع الثلث المعتق منه بشيء، وإن الورثة لا يخيرون فيما رق منه؛ لأن سيده لما أسلم الخدمة أسلم ما يكون عنها من رقبة. وفيها: وأما المدبر يجني فتسلم خدمته، ثم يجني على آخر، فإنه يحاص الأول في الخدمة، ولا يجبر سيده ههنا، ولا من أسلم إليه بخلاف العبد. وقال للخمي: قال مالك: في العبد يدني جناية فلم يفتده سيده حتى جنى قال: يخير في افتدائه بالجنايتين، أو يسلمه فيتحاصان فيه بقدر الجنايتين، وعلى القول إنه بالجناية الأولى ملك للمجني عليه حتى يفتديه منه يخير الأول بين أن يفتديه أو يسلمه إلى الثاني. وفيها من غيرها: وولد من أمته يحمل بعد تدبيره مدبرًا لوجوب تبعية الولد أباه من أمته في حريته. وفيها من غيرها: دليل كونه بعد تدبيره ولادته لستة أشهر فأكثر من يوم تدبيره، وتقدم للخمي في هذا الأصل. وفيها مع غيرها: ما ولد للمدبرة بمنزلتها والمحاصة بين الآباء والأبناء في الثلث ويعتق محمل الثلث من جميعهم بغير قرعة.

وفيها مع غيرها: وإذا دبر حاملاً فولدها مدبر لمنزلتها. ابن عبد السلام: هذا مخالف لحمل أم ولد المدبر؛ لأن حمل المدبرة جزء منها بحيث لو استثنى ما نفع، وحمل أم ولد المدبر ليس بجزء منه. قلت: في قوله: (أم ولد المدبر) مسامحة؛ لأنها ليست أم ولد له، وعبارة المدونة هي الصواب. فيها في كتاب المكاتب: وما ولد للمعتق إلى أجل وللمدبر من أمته بعد ما عتق له ذلك بمنزلته، وما ولدته قبل ذلك أو كانت أمته حاملاً به حين العقد فرفيق، فانظر قوله: أو كانت أمته، وقوله: لأن حمل المدبرة جزء منه لم يزل ذوو النباهة يتعقبون هذا الإطلاق ويقولون: لو كان كالجزء لعتقت بعتقه لاتفاق المذهب على أن من اعتق أو دبر جزءًا من أمته لزمه ذلك في جميعها، وإذا اعتق جنينها أو دبره لم يلزمه فيها عتق ولا تدبير. وفي أمهات الأولاد منها: قال ابن القاسم: وكل ما ولد لمكاتب أو مدبر من أمته مما حملت به بعد عقد التدبير أو الكتابة، فهو بمنزلته يعتق مع المكاتب في الأداء ومع المدبر في الثلث، فإذا عتقا كانت الأم أم ولد بذلك لهما كان الولد الآن حيًا أو ميتًا، وقاله مالك. ولمالك قول آخر: إنها لا تكون بذلك أم ولد، وقاله أكثر الرواة في المدبر خاصة إذا كان لسيده انتزاعها، وأما المكاتب فهي أم ولد إذا عتق إذ كان السيد ممنوعًا من ماله وليس للمكاتب بيعها، وإن أذن له سيده إلا أن يخاف العجز، وليس للمدبر أن يبيع أم ولده في حياة سيده إلا بإذنه ولسيده انتزاعها. الصقلي: وقال أشهب وعبد الملك: لا تكون أم ولد في مكاتب ولا مدبر ولا معتق إلى أجل. قال محمد: وهو القياس، وربما غلب الاستحسان في بعض العلم، وقول مالك وابن القاسم أحب إلىَّ. وفي التفليس منها: والمدبر لسيد المدبر الصحيح انتزاعه ماله، ولو فلس وليس

لغرمائه جبره على ذلك، أو على انتزاع أم ولده. وقال اللخمي ما نصه: له في تفليسه انتزاع مال مدبره على المستحسن من القولين. وقال ابن زرقون في ترجمة القضاء في أمهات الأولاد، سمع ابن القاسم: من حبس على رجل وشرطه له أن يباع لغرمائه جبره على بيعه، فعليه يجبرونه على انتزاع مال أم ولده. وفيها: ليس له ذلك في مرضه، ولم أقف على ذكر خلاف في ذلك لمتقدم. وقال ابن هارون: حكى ابن رشد: في المريض أن له انتزاع ماله؛ لأنه ينتزع لنفسه وأظنه لابن نافع، ولو أجده لابن رشد فانظره. وقال ابن حارث في ترجمة باب من المدبر: واتفقوا في سيد المدبر يمرض أنه لا يجوز له أن ينتزع شيئًا من مال مدبره، قال: فإن وطئ في مرضه جارية مدبره فحملت منه؛ فقال ابن عبد الحكم: تكون أم ولد له، وقال بعض أصحابنا: يأخذها المدبر بغير ولع؛ لأنه ليس للسيد انتزاع ماله. وسمع ابن القاسم: من دبر عبده، واشترط ماله بعد موته يعني موت السيد جاز. ابن رشد: وسمعه أصبغ من ابن القاسم وقال به، فإذا مات السيد قوم المدبر ببدنه دون ماله ويصير ماله من أموال المسلمين، ومنعه ابن كنانة، وقال: ليس مما جاءت به السنة ويتبعه ماله. وفيها: إن لم ينتزع السيد مال المدبرة حتى مات، قومت في الثلث بمالها، فإن حمل الثلث بعضها أقر المال كله بيدها. الصقلي لسحنون عن ابن القاسم: إن كانت قيمتها مائة وما لها مائة، وترك سيدها مائة عتق نصفها، وبقى مالها بيدها؛ لأن قيمتها بمالها مائتان، وثلث السيد مائة، وقاله مالك. ابن حبيب: ورواه الأخوان، وروى ابن وهب عن مالك وقاله: إنه يجمع هو وماله لمال السيد، فإن خرج من الثلث بماله عتق، وبقي ماله بيده وإن حمل الثلث رقبته

وبعض ماله، عتقه وكان له من ماله ما حمل الثلث مع رقبته، فإن لم يدع غير المدبر، وماله وقيمة رقبته مائة وماله ثمانمائة؛ عتق وكان له من ماله مائتان. ابن حبيب: انفرد بهذا ابن وهب عن مالك وأصحابه، وبقول مالك أقول.

كتاب الكتابة

كتاب الكتابة الكتابة: عتق على مال مؤجل من العبد موقوف على أدائه، فيخرج ما على مال

معجل ولذا قال فيها: لا تجوز كتابة أم الوالد ويجوز عتقها على مال معجل، ويخرج عتق العبد على مال مؤجل على أجنبي. وقال ابن عبد السلام: لما كانت حقيقتهم العرفية معلومة، وهي إعتاق على مال منجم لم يتعرض المؤلف إلى رسمها. قلت: وهذا الرسم الذي زعم أنه معروف يدخل فيه عتقه على كال منجم على أجنبي، وليس بكتابة ولا حكمه حكمها. ابن رشد: تجوز الكتابة عند مالك حالة ومؤجلة، فإن وقعت مسكوتًا عنها أجلت؛ لأن العرف فيها كونها مؤجلة منجمة، هذا قول متأخري أصحابنا. وقال ابن أبي زيد في رسالته: الكتابة جائزة على ما رضي العبد وسيده من المال منجمًا، فظاهرة أنها لا تكون إلا منجمة، وليس بصحيح على مذهب مالك؛ وإنما منعها حالة أبو حنيفة. قلت: قول الشيخ وغيره لا يدل على منعها حالة؛ بل على عدم صدق لفظ الكتابة عليها فقط فتأمله. وحكمها الندب على المعروف. اللخمي: قال مالك في الموطأ: سمعت بعض أهل العلم إذا سئل عن ذلك يتلو: {وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا} [المائدة: 2]، {فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ} [الجمعة: 1] فجعلها الإباحة. وروى ابن القصار: أنها مستحبة، وقاله مطرف في المبسوط. الباجي: قال ابن شعبان: هي على الندب. وقال إسماعيل القاضي، وعبد الوهاب: هي على الإباحة، ورواه ابن الجلاب. اللخمي: إن كان العبد لا يعرف بسوء وسعايته من مباح، وقدر الكتابة ليس بأكثر من خراجه بكثير، فهي مندوب إليها، وإن كان أكثر منها بكثير فمباحة، وإن عرف بالسوء والإذاية فمكروهة، وإن كانت سعايته من حرام فهي محرمة. ابن رشد: اختلف في جبر السيد عبده على الكتابة، فروى عنه إسماعيل القاضي له جبره، وهو الآتي على قوله في المدونة؛ لأنه إذا كان له أن يعتقه بتلاً على مال عليه بعد

العتق دينًا فأحرى الكتابة. قلت: يرد بتحقق العتق في هذا، والكتابة معروضة للعجز بعد أداء جلها، ثم قال: وهو ظاهر سماع أشهب. واختلف قول ابن القاسم فيه فله: من كاتب عبده على نفسه وعبد السيد غائب أن الكتابة تلزمه. وقال في العتق الثاني: من قال لعبده: أنت حر على أن تدفع لي كذا أو لم يسم الأجل، أنه لا يكون حرًا إن لم يقبل ذلك العبد، واختار ابن بكير وإسماعيل القاضي الجبر. اللخمي: لسيده جبره إن كانت بأزيد من خراجه بيسير. وفي الجلاب: العتق على إلزام العبد مالا اضطراب في مسائل المدونة وطرق الأشياخ، وأقربها طريق عياض في التنبيهات. قال ابن عبد السلام: قوله: أنت حر على ألف من غيره أن يقول تؤدي أو تدفع أو غير ذلك لا يفيد شيئًا. قلت: ظاهره أن هذا اللفظ لغو. وقال عياض: المسألة الأولى: أنت حر، وعليك كذا أو على أن عليك هما سواء يعتق العبد، وإن لم يرض (فأما وعليك) فهو نص عتقها الثاني، وهو ظاهر قوله في على أن عليك من كتاب المكاتب. قلت: فهذه المسألة والتي ذكر ابن عبد السلام سواء فتأمله. عياض: قوله: (أنت حر، وعليك كذا، والعبد غير راض) فيها ثلاثة أقوال: - قال مالك وأشهب: إلزام السيد العتق معجلاً، وإلزام العبد المال معجلاً إن كان موسرًا، ودينًا إن كان معسرًا. - الثاني: مشهور قول ابن القاسم: التزام السيد العتق ولا مال له على العبد. - الثالث: قولي عبد الملك وابن نافع: يخير العبد في التزام الدين إن لم يكن عنده المال وإلا ذلك وبقي رقيقًا. قال: المسألة الثانية: أنت حر على أن عليك فيها أربعة أقوال:

الأول: قول مالك: بإلزام العتق والمال كقوله في الأولى. الثاني: قول ابن القاسم في العتبية: العبد مخير في التزام الدين، ويعتق أو رده. الثالث: قول ابن القاسم على رأي بعضهم: مخير في القبول، ولا يعتق إلا بالأداء أو الرد، ويبقى رقيقًا على جوابه في المدونة: في أن على أن يدفع وتسويتهم بين اللفظين. الرابع: قول أصبغ: لا خيار للعبد ولا عتق حتى يدفع المال، فكأنه عنده من باب الشروط. المسألة الثالثة: أنت حر على أن تدفع إلى فيها ثلاثة أقوال. الأول: تخيير العبد في أن يقبل ويلتزم المال، ولا يعتق إلا بأدائه أو يرد ويبقى رقًا، وهو قول مالك وابن القاسم في المدونة، وقول جميعهم فيما ذكره بعضهم. الثاني: قول ابن القاسم في العتبية: في أن عليك، وقول بعضهم هو سواء، وعلى أن تدفع ويخير العبد في الرضى بالعتق معجلاً، ويلزمه المال دينًا، أو يرد ذلك ويبقى رقًا على ما فسرناه. الثالث: تخريج بعض شيوخنا: أنه متى دفع المال كان حرًا شاء العبد أو أبى ولسيد إجباره على دفعه، قال: وهذا على القول بإجبار السيد عبده على الكتابة. المسألة الرابعة: أنت حر على أن تؤدي إلى الجواب. فيها باتفاق: أن العبد لا يعتق إلا بالأداء، وله أن يرد ولا يقبل، ويتخرج فيها القول المخرج فوق هذا، وفرق بعضهم بينها وبين أن تدفع إلى وبعضهم سوى بينهما، وهو الصريح لتفويض التخيير للعبد لقوله تدفع وتؤدي. المسألة الخامسة: إن أديت إلي أو أعطيتني أو جئتني أو إذا ومتى وشبه ذلك فظاهره في الحكم في العتق، ومآل الأمر إلى أنه لا فرق بين ذلك، وبين قوله على أن تدفع إلى وعلى أن تؤدي إلي، وأنه لا يلزم العتق إلا برضاه ودفعه ما لزمه، وأن له لا يقبل ويبقى رقًا، ويدخله من التخريج الإجبار على الأداء على ما تقدم وعبر بعضهم عن هذه الألفاظ بقوله: على أن تؤدي إلى، إذا اعتقد التسوية بينهما، ولا فرق في مآل الحكم في ذلك.

وإن اختلفت عبارته عن المسألتين في الكتاب وغيره، لكن يختلف هل هو تفويض في أن وإذا ومتى، وللعبد ذلك، وإن طال الزمان، وهو قول مالك في المبسوط قال: له ذلك ما دام في ملكه، وإن طال زمانه، ويلزم ذلك ورثته من بعده، قاله في إذا ومتى. وإن قال ابن القاسم: لا سبيل إلى بيعه في هذه الوجوه ولا هبته حتى يوقف عند الإمام، ويتلوم له أو يعجزه. ومثله في المدونة، على قياس قول مالك وفي العتبية: متى طال الزمان لم يلزم السيد ما جاء به، ونحوه للمخزومي، وفي المدونة والمبسوطة، ومذهب سحنون: أنه متى قاما من المجلس، فلا حرية للعبد وإن جاءه بالمال. قلت: الأظهر التفرقة بين أن وغيرها لا دلالة لأن على التراضي بوجه وتأمل هذا الأصل من مسائل التمليك. الصقلي: قال ابن القاسم: الكتابة بالغرر جائزة، ولا تشبه البيوع ولا النكاح. أبو محمد: بخلاف مراباة السيد عبده. قال مالك في المدونة: لا تجوز. محمد عن أشهب: من كاتب عبده على آبق أو شارد أو جنين في بطن أمه أو دين على غائب لا يعلم حاله، لم أحب ذلك، ولو يفسخ إن نزل، ولا يعتق العبد حتى يقبض السيد ما شرط من مال. ابن القاسم في العتبية: الكتابة بذلك كله جائزة، وإن لم يأت بذلك وأيس منه فقد عجز. اللخمي: إن كان الغرر في ملك العبد فكاتبه على عبد له آبق أو بعير شارد أو جنين أو ثمر لم يبد صلاحه جاز. وكرهه أشهب في الموازية: فإن نزل مضى والأول أحسن. وأجاز ابن القاسم في العتبية: أن يكاتبه على أن يأتيه بعبده الآبق أو بعيره الشارد، وهو أحسن، واختلف في هذا الأصل هل هو كتابة لا تبطل بفلس ولا موت أو عدة فتسقط بإحداهما.

فقال ابن القاسم في الموازية: من كاتب عبده على أن أعطاه عشر بقرات يقوم بهن على إن بلغت خمسين، فهو حر، فقال ذلك جائز ولا يفسخه إن رهقه دين، وعلى هذا لا تسقط بالموت، وفسخه في العتبية بالدين، وقال: إن مات السيد فلا حرية له. وقال ابن ميسر: ليست بكتابة. قلت: وقعت المسألة في سماع يحيى. ابن رشد: لم يرها ابن القاسم في هذا السماع كتابة، ولا في سماع أصبغ، ورآها في سماع عيسى من كتابه العتق كتابة. وقال أصبغ هنا: إنها كتابة، إن لفظ فيها بلفظ الكتابة، ولم يفرق ابن القاسم بين قوله: أكاتب على أن تقوم عليها، فإذا بلغت كذا فأنت حر، وبين قوله: قم عليها فإذا بلغت كذا وكذا فأنت حر. وتفرقة أصبغ قول ثالث: فمن رآها كتابة كانت بالعدد زائد على ما دفع إليه، فإذا دفع إليه مائة على أن بلغت ثلاثمائة، فهو حر، فهو مكاتب بمائتين سواء تلفت الغنم التي دفع إليه أو سلمت، وهو نص أصبغ. ولابن كنانة: إن قال أكاتبك على أن أعطيك عشر بقرات، فإذا صارت خمسين فأنت حر، قال: يفسخ ذلك مت علم به، لكنه إن جاء خمسين قبل أن يعلم بذلك وسيده حتى عتق، فإن مات سيده كان موروثًا هو والبقرات، وليس قول ابن كنانة بخلاف لقول ابن القاسم في هذا السماع بخلاف قوله في سماع عيسى. اللخمي: إن كاتبه على عبد فلان أو داره، فأجازه ابن القاسم، وقال أشهب يفسخ إلا أن يشتريه قبل الفسخ. محمد: إن لم يشتره ودي قيمته. وقال ابن ميسر: لا يعتق إلا بعبد فلان، وقول ابن القاسم أحسن. ابن العطار: وإنما يكون له أن يدفع قيمته، إذا أبى سيده من بيعه إلا بزيادة على قيمته كثيرة، وإن كانت يسيرة مما يتغابن بمثله كعشرين في المائة، فعلى العبد شراؤه بذلك، قال: والغرر في الكتابة أوسع من النكاح، والخلع أوسع من الجميع.

وفيها: إن كاتبه على لؤلؤ غير موصوف لم يجز لتعذر الإحاطة بصفته. عياض: هذا هو الصحيح خلاف قول غيره في تسوية بين الوصفاء واللؤلؤ. وفيها: إن كاتبه على وصفاء حمران أو سودان ولم يصفهم جاز وعليه الوسط من ذلك الجنس. الصقلي: وإن لم يصف الجنس، وفي البلد سودان وحمران، ولا غالب منهما أعطى النصف من كل جنس، وقال نحوه أبو عمران. قال بعض شيوخنا: وإن لم يسم عددًا بطلت الكتابة. وقال غيره: لا تفسخ ويكون عليه كتابة المثل ما لم تنقص عن وصفين. محمد: وأجاز غيره كتابته على لؤلؤ غير موصوف كوصفاء لم يسمهم، واختلف على قول غيره، إذا لم يسم عددًا، فقال بعض الشيوخ: الكتابة باطلة، وقال بعضهم: تمضي بكتابة المثل ما لم تنقص عن لؤلؤتين. قال ابن الحاجب: وإذا لم يصح تملكه كالخمر، رجع بالقيمة، ولا يفسخ لفساد العوض. ابن عبد السلام: يريد إن فاتت الكتابة بالأداء مضت، وإن لم تفت لم يفسخ، وعقد الكتابة فوت، كمن اشترى عبدًا شراء فاسدًا وكاتبه؛ فإنه يحكم بقيمه. قلت: الأقرب تفسيره نص عليها في كتاب العتق الثاني: وإذا اشترى العبد نفسه من سيده شراء فاسدًا، فقد تم عتقه، ولا يتبعه سيده بقيمته ولا بغيرها، إلا أن يبيعه نفسه بخمر أو خنزير، فيكون عليه قيمة رقبته. وقال غيره: هو حر ولا شيء عليه. قال ابن الحاجب: ولو شرط في الكتابة أن يشتري منه شيئًا، مضت ولم يلزمه الشراء. زاد ابن شاس: ولو كاتبه وباعه شيئًا على عوض واحد؛ صح ولزم البيع، والكتابة وقبله شارحاه، ولا أعرف نص هذه المسألة لأحد من أهل المذهب؛ وإنما هو نص الغزالي في الوجيز، فأضافه ابن شاس إلى المذهب، وقد مر الكلام عليه في

أمثاله، والصواب إجراؤها على نصوص أهل المذهب. قال ابن رشد في سماع القرينين: الشروط في الكتابة على مهب ابن القاسم وروايته قسمان: قسم: حرام كشرط وطء المكاتبة، أو ما فيه غرر كشرط أن جنين الأمة عبد، ونحوه. القسم الثاني: أن يكون لا حرام فيه، ولا غرر إلا أنه مخالف لسنة الكتابة كشرط أن لا يخرج من خدمته حتى يؤدي هذا يلزم فيه الشرطـ، وتصح الكتابة. وقال ابن وهب في هذا الشرط: أن الكتابة منفسخة فأحرى أن يقوله في القسم الأول، فيتحصل فيها خمسة أقوال: الأول: أن الشروط التي لا تجوز كلها سواء، تفسخ الكتابة إلا أن يترك السيد الشرط، وهو قول مالك في هذه الرواية. الثاني: يبطل الشرط وتصح الكتابة، قاله أصبغ. الثالث: تبطل الكتابة، وهو الآتي على قول ابن وهب. الرابع: تفرقة ابن القاسم بين القسمين المذكورين بما تقدم بيانه. الخامس: الفرق بين شرط الحرام وغيره، فيبطل شرط الحرام، وتجوز الكتابة وتفسخ الكتابة فيما سواه من الشروط، إلا أن يتركها السيد، وهو تأويل بعض أهل النظر لراوية أشهب: واجل الكتابة من حق العبد لا السيد. وفيها: وللمكاتب تعجيل المؤجل من كتابته، ويلزم السيد أخذه، وتعجيل عتقه، وكون الأجل شرط في حقيقته الكتابة تقدم فيها الكلام. وفيها: وإن كاتبه على عبد موصوف فعتق بأدائه، ثم ألفاه السيد معيبًا، فله رده ويتبعه بمثله إن قدر، وإلا كان عليه دينًا ولا يرد العتق. وفيها: إن أدى كتابته وعليه دين، فأراد غرماؤه أخذ ما دفع للسيد، فإن علم أنه من أموالهم أخذوه. قال ابن القاسم: ويرجع رقًا.

الصقلي: يريد مكاتبًا، وهذا يدل على أنه دفع له شيئًا تقدمت له فيه شبهة ملك أنه يرد عتقه، ويرجع مكاتبًا خلاف ما له بعد هذا. قال مالك: وإن لم يعلم أنه من أموالهم لم يرجعوا على السيد بشيء. الصقلي: قيل: معنى علم أنه من أموالهم، أنه منها بعينها، وقيل معناه: أن الدين استغرق ما كان بيده، وهو أصوب كالحر المستغرق الذمة. قلت: ويؤيد ما في أخذ الصلح منها: ومن جنى جناية عمد، وعليه دين يحيط بماله، فأراد أن يصالح منها على مال يعطيه من عنده ويسقط. الصقلي: معنى قوله: إن لم يعلم أن ما دفعه من أموالهم، هو ما أفاده بعمل يده أو أرش جرحه، فإن أشكل الأمر هل ذلك من أموالهم، أو من عمل يده، وأرش جرحه لم ينقض عتقه، ولو اعترف السيد به لمضى العتق، واتبع الغرماء السيد بها قيض. وقال سحنون: ما اكتسبه من عمل يده الغرماء أحق به، وإنما له دونهم ما وهبه أو تصدق به عليه، أو أوصي له به بشرط أن يؤديه إلى سيده، ولو قامت الغرماء وبيده مال مجهول الأصل، فتنازعه الغرماء والسيد وقد يعجز، وقد أشرف على العجز فالقياس أن يحتاط للغرماء بخلاف ما أداه السيد وعتق؛ لأن للعتق حرمة. وفيها مع الموطأ قال مالك: قوله تعالى: {وَآتُوهُم مِّن مَّالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ} [النور: 33] هو أن يضع عن المكاتب من آخر كتابته شيئًا، ووضع ابن عمر خمسة آلاف درهم من خمسة وثلاثين ألفًا. أبو عمر: هذا قول مالك وغيره، وهو على الندب، ولا يقضي به الباجي، ورواه الجلاب عن مالك. وفيها: إن أراد المكاتب تعجيل ما عليه وسيده غائب، ولا وكيل له على قبض الكتابة فليرتفع ذلك إلى الإمام ويخرج حرًا. قلت: ونحوه في الحالف على القضاء لأجل يخشى حلوله. وفيها: وإن كاتبه على طعام مؤجل، جاز أن يصالحه منه على دراهم معجلة، ولا

بأس أن تفسخ ما على مكاتبك من عين أو عرض، حل أو لم يحل في عرض معجل أو مؤجل مخالف للعرض الذي عليه؛ لأن الكتابة ليست بدين ثابت، لأنه لا يحاص بها في فلس المكاتب ولا موته؛ وإنما هو كمن قال لعبده: إن جئتني بكذا فأنت حر، ثم قال له: إن جئتني بأقل من ذلك، فهذا لا بأس به. قال ابن شهاب: لم يتق أحد من الصحابة المقاطعة على الذهب والورق، إلا ابن عمر. اللخمي: إذا فسخ الدنانير في دراهم إلى مثل الأجل أو أبعد أو أقرب أو فسخ الدنانير في أكثر منها إلى أبعد من الأجل، فأجازه مالك. وابن القاسم: وإن لم يعجل العتق، ومنعه سحنون إلا أن يعجل العتق، وكذا إن كانت عينًا ففسخهما في عروض، وعكسه، فإن أخذ ما انتقل إليه نقدًا جاز، وإن كان إلى مثل الأجل أو أقرب أو أبعد، جاز عند مالك وابن القاسم، لا عند أشهب إلا أن يعجل العتق. قلت: في ثالث سلمها: فإما أن يبيع من المكاتب نجم مما عليه من الطعام، فلا يجوز؛ لأنه بيع الطعام قبل قبضه، وإلا يجوز أن يبيعه جميع ما عليه فيعتق به، كذا قاله البراذعي والصقلي عنهما وزاد وقيل: يجوز وإن لم يتعجل عتقه، ولم أجده في المدونة. اللخمي: وإن أراد السيد حل الكتابة وأبى المكاتب، أو أراده المكاتب وأبى السيد فالقول قول المتمسك، واختلف إن رضيا معًا بالفسخ. فقال مالك: إن كان له مال ظاهر لم يكن له ذلك، وإن لم يكن له مال ظاهر كان ذلك لهما، فإن أظهر بعد ذلك أموالاً كتمها، لم يرجع عما رضي به، وقال أيضًا ذلك له وإن كان ذا مال ظاهر إلا عند السلطان. محمد: إن كان صانعًا ولا مال له، فلع تعجيز نفسه، وعلى أصل سحنون ليس له ذلك إلا عند السلطان، فإن كانت صناعة قائمة، وهو قادر على الوفاء منعه من العجز، واختلف بعد القول بالمنع إن رضي بالفسخ، ولم ينظر فيه حتى فات بالبيع أو بعتق المشتري، فقيل: البيع فوت، وقيل: ليس بفوت إلا أن يفوت بعتق، وقيل: يرد ولو فات

بالعتق، قاله ابن القاسم في الدمياطية: إن باعة برضاه جاز. وفي المدَونَّة: يفسخ إلا أن يفوت بعتق، ومحمل قول الغير في نقض العتق على أنه له مالاً ظاهراً لا يخشى رقه متى رد هذا العتق، وإن بيع بغير رضاه رد البيع، إن قام به العبد إلا أن يفوت بالعتق، فيسقط مقال العبد لصيرورته إلى حرية، ثم يختلف هل ينقض لما تعلق من الحق لغير البعد من الولاء على ما تقدم، إذا كان البيع برضاه. قال ابن الحاجب: وتنفسخ بموت العبد، ولو خلف وفاء. قلتُ: هو قولها: وإن مات المكاتب قبل دفع كتابته أو أمر بدفعها، فلم تصل للسيد حتى مات، فلا وصية له. وفيها: وإن ترك أم ولد لا ولد معها، وترك مالاً فيه وفاء بكتابته، فهي والمال للسيد. وفيها: وإن مات المكاتب بعد موت سيده، وترك مالاً ولم يدع ولداً، فذلك بين ورثة السيد، ويدخل فيه زوجاته؛ لأنه موروث بالرق. وفيها: وإن ترك المكاتب مالاً فيه وفاء بكتابته، وترك أم ولد وولداً منها أو من غيرها؛ عتقت مع الولد فيه، وكذا إن ترك معه في الكتابة أجنبياً، وترك مالاً فيه وفاء بكتابته؛ فإن السيد يتعجلها من ماله، ويعتق بذلك من معه في الكتابة، وليس لمن معه في الكتابة من أجنبي أو ولد أخذ المال، وأداؤه على نجومه إذا كان فيه وفاء يعتقون الآن به لما فيه من الغرر. وفيها: إن ترك المكاتب ولداً أحدث في كتابته، ومالاً فيه وفاء بالكتابة وفضل أخذ السيد كتابته وما بقي أخذه ورثته ولده الذين معه في الكتابة؛ لأنهم ساووه في أحكامه بعقد الكتابة في رقها وحريتها، ولا يرث منه ولده الأحرار ولا زوجته، وإن كوتبت معه، ولا شيء للسيد مما فضل إلا أن يكون الولد الذي معه في الكتابة بنتاً أو بنتين؛ فله الباقي بعد النصف أو الثلثين. قال ابن الحاجب: وتنفسخ بموت العبيد لو خلف وفاء إلا أن يقوم بها ولد دخل بالشرط أو غيره بمقتضى العقد فيؤديها حالة.

قلت: اقتصاره على ذكر الولد؛ يدل على أن الأجنبي ليس كذلك، والمذهب: أنه مثله في عتقه بما خلفه المكاتب حسبما ذكرناه من نص المدَوَّنة. وفيها أيضاً: إنما يرث المكاتب ممن معه في الكتابة الولد، وولد الولد، والأبوان، والجدود، والإخوة لا غيرهم من عم أو ابن عم. الباجي: وروى الجلاب: لا يرثه إلا ولده فقط، وعزا محمد الأول لعبد الملك وابن القاسم مرة، قال: ثم قال وابن عبد الحَكم وأشهب وأَصْبَغ: يرثه من يوارث الحر من عم وغيره من رجال ونساء. الباجي: وظاهر قول ابن عبدوس وأشهب: دخول الزوجة في ذلك. وقال محمد: آخر قول مالك: لا يرثه ويعتق فيما ترك. وقال الأخوان: لا يرثه ولا يرثها، ولا يرجع أحدهما على الآخر فيما أدى عنه في الكتابة. ابن زرقون: وفيها قول رابع: أنه يرثه جميع الورثة إلا الزوجة. وفي المدَونَّة: ما ظاهر هذا، وإن كان ضمنها أنه لا توارث بينهم إلا فيمن يعتق بعضهم على بعض. وفيها: وإن مات مكاتب وترك أم ولد وولداً منها أو من غيرها، ولم يدع مالاً سعت مع الولد أو سعت عليهم إن لم يقووا، وقويت على السعي، وكانت مأمونة عليه. وفيها: إن ترك مالاً يفي ببقية الكتابة، فلولده الذين معه في الكتابة أخذه، إن كانت لهم أمانة وقوة على السعاية، ويؤدونها نجوماً، ولا يدفع لمن معه في الكتابة غير الولد، ويستعجله السيد من الكتابة، ويسعون في بقيتها، فإن أدوا عتقوا وتبع السيد الأجنبي بحصة ما أدى من مال الميت، وحاص به غرماءه بعد عتقه، وإن كانوا صغاراً لأخوة فيهم على السقي؛ فهم رقيق، وذلك المال للسيد. اللخمي والصقلي عن محمد عن أشهب: يدفع المال لمن معه في الكتابة، وإن كان أجنبياً أو كان مأموناً. وفيها: وإن ترك أم ولد، وولداً منها حدث في الكتابة فخشي الولد العجز؛ فلهم

باب المكاتب

بيع من فيها نجاتهم، كانت أمهم أو غيرها. ابن القاسم: وأرى أن لا يبيع أمه، إن كان في بيع من سواها ما يغنيه. الصقلي: قال سَحنون: يقرع بينهن أيهن يباع غير أمه، إلا أن يكون لكل واحدة ولد فيباع بقدرها. وفي جناياتها: إن ترك ولداً لا يقوون على السعي، وترك أم ولد ومالاً وفاء فيه ببقية الكتابة؛ دفع لها إن كان فيها أمانة، وقوة على السعي، فإن لم يكن فيها ذلك وفي ثمنها مع المال كفاف الكتابة؛ بيعت وأديت الكتابة، وعتق الولد أو يكون في ثمنها مع المال ما يؤدي إلى بلوغ الولد السعي، فإن لم يكن ذلك؛ رقوا أجمعون مكانهم. [باب المكاتب] المكاتب: من له التصرف في العبد ولا حجر عليه. وفيها: للوصي أن يكاتب عبد من يليه على النظر، ولا يجوز أن يعتقه على مال يأخذه منه، إذ لو ساء انتزعه منه. وفيها: إن كاتب النصراني عبده النصراني جازت كتابته، فإن أراد فسخها وبيعه لم

يمنع ذلك كما لو أعتقهن ثم رده في الرق. وقال بعض الرواة: ليس ذلك؛ لأنه من التظالم. اللخمي: إن كانت بقدر الخراج، فهي من ناحية العتق، فله الرجوع، وإن كانت أكثر من الخراج بكثير، جاز كالبيع يحكم على السيد بتمامها، ولو أسلم العبد بعد كتابته، ففيها تباع كتابته من مسلم. اللخمي: وقال إسماعيل القاضي يباع عبداً، وهذا نحو الأول إن كاتبه بأكثر من الخراج بيع مكاتباً، وإن كانت على الخراج أو ما يقاربه بيع مكاتباً على نحو ما عقد له إلا أن يقول: أنا أرجع فيما عقدت له. الصقلي: قولها إلا أن يسلم العبد؛ يريد: فتلزمه كتابته وعتقه، وهذا خلاف قوله في العتبيَّة: إن أعتق عبده، ثم أسلم العبد قبل أن يرجع في عتقه، فإن كان بان عن يده وصار كحال الأحرار، فلا رجوع له فيه، وإن كان يستخدمه بحالته التي كان عليها حتى أسلم، فله الرجوع فلم يجعل لإسلامه حكماً إلا بالبينونة، والبينونة تمنع الرجوع فيه، وإن لم يسلم. ومكاتبة المريض عبده بغير محاباة في كونها كبيع، فلا قول لوارثه أو كعتق إن حمله ثلثه مضى، وإلا خير الوارث في إمضائه أو عتق ثلثه، نقلا اللخمي عن أحد قولي ابن القاسم، وثانيهما مع قول الغير، واختار أنها بمثل خراجه عتق، وبما فوقه بكثير بيع يعتبر فيه المحاباة. وفيها: قال غيره: هي من ناحية العتق وتوقف نجومه، فإن مات سيده، وحمله ثلثه مضى، وإلا خير الوارث في إمضائه أو عتق ثلثه بما في يده من الكتابة، وقاله أكثر الرواة. الصقلي عن محمد، وقاله أشهب: ولا يعجل عتقه إلا أن يكون لسيده مال مأمون، قال: وقال بعض القرويين، إذا حابي وقبض المحاباة، جعل في الثلث كل قيمة الرقبة، بخلاف محاباة المريض في بيعه؛ إنما يجعل في الثلث المحاباة؛ لأن كتابة المريض عتاقة، وإن حابي، وحمله الثلث لم يقوم في ذلك النجوم المقبوضة، ولا تضاف لمال العبد، وإن

لم يحمله الثلث، ردت النجوم إلى العبد، وعتق محمل الثلث منه بماله. الصقلي: إنما يفترق الحكم عند ابن القاسم في أن يحابي أم لا؛ لأنه إن لم يحاب وحمله الثلث، عجل عتقه كبيع المريض بغير محاباة، وإن حابى وحمله الثلث، وقف لموت السيد؛ لأن المحاباة وصية، وإن لم يحمله الثلث في الوجهين خير الورثة في إجازة فعله أو يردوا إلى المكاتب ما قبض منه، ويعتقوا محمل الثلث منه بتلاً. ابن الحاجب: ومكاتبة المريض، قيل: كالبيع، وقيل: يخير الورثة في إمضائها أو عتق ما حمل الثلث منه، وقيل: إن كانت محاباة. قلتك ظاهر نقله: أن القول الأول مطلق، سواء كانت محاباة أم لان وهذا لا أعرفه في المذهب. وقال ابن شاس: وقيل: إن كانت محاباة خير الورثة، كالقول الثاني، وإن لم تكن محاباة سعى، فإن أدى وهو في المرض اعتبر في الخروج من الثلث الأقل من قيمة الرقبة أو قدر النجوم، وهذا القول أيضاً لا أعرفه. وفيها: قلت: إن كاتبه وهو صحيح وأقر في مرضه بقبض كل كتابته، فإن كان له ولد؛ جاز ذلك، وإن ورث كلالة، والثلث يحمله قبل قوله: وإن لم يحمله الثلث لم يقبل قوله، وهي كمن قال في مرضه: أعتقت عبدي في صحتي، وقال غيره: يجوز إقراره مطلقاً، إن كانت الوصايا مما يبدأ عليها عتق هذا العبد. وفيها: قال غيره: لا يقبل، وإن حمله الثلث، وقاله عبد الرحمن أيضاً غير مرة. قلت: ونحوه قول الغير لابن القاسم في أول أمهات الأولاد. وفيها: من كاتب بعض عبده، لم يجز ذلك، ولا يكون شيء منه مكاتباً، وإن أدى لم يعتق منه شيء، وتعليل مالك وغيره ذلك بأنه داعية إلى عتق بعض العبد دون تكميل؛ يدل على جواز كتابة شقص ما باقية حر. اللخمي: إذا كان العبد معتقاً نصفه، فلمن له باقية كتابته ويختلف في كتابته نصف نصفه، فعلى انه ليس بزيادة فساد يجوز، قال: وإن كان نصفه مدبراً مكاتب الآخر نصفه جاز إن كان في يوم من لم يدبر يسعى في كتابته.

قلت: أصل المذهب، ونص المدَونَّة: أن من أعتق شقصاً من مدبر قوم عليه باقيه، وهو يمنع كتابة بعضه فتأمله. وفيها: لا باس بكتابة الصغير ومن لا حرفة له، وإن كان يسأل، قال غيره: لا تجوز كتابة الصغير، إلا أن يفوت بالأداء، أو يكون بيده ما يؤدى عنه، فيؤخذ ولا يترك له فيتلفه لسفهه ويرجع رقاً، وكره مالك كتابة الأمة التي لا صنعة لها، مثل نقل الغير هذا نقل الباجي عن محمد عن أشهب: في الصغير والأمة التي لا صنعه لها. وروى الدمياطي عن أشهب: أن ابن عشر سنين لا تجوز كتابته. قال الباجي: فما زاد عليها زيادة بينة يحتمل أن يجيز أشهب كتابته، لقوته على السعاية، ومن لا حرفة له أجاز مالك كتابته، وروي منعه عن عمر قال في النوادر: وبه قال بعض البغداديين من أصحابنا. قلت: تأمل ما نقله الباجي مع قول ابن عبد السلام قالوا: والحد الذي تجوز فيه كتابة الصغير هو عشر سنين فما فوقها، فإن أراد ذلك على قول أشهب؛ فهو خلاف نصه تمنع مكاتبة ابن عشر سنين، وإن أراد على قول ابن القاسم، فظاهر نقل الباجي عنه: جوازه، وإن لم يبلغ عشر سنين. وفيها: إن كاتبا عبدا بينهما معاً كتابة واحدة جاز، وإن كاتبه أحدهما ولو بإذن شريكه؛ لم يجز. الباجي: قال أبو حنيفة والشافعي في أحد قوليه؛ تجوز كتابة أحد الشريكين حصته في العبد بينهما بإذن شريكه، ونسبة أبو حامد الإسفراني لمالك. اللخمي: واختلف إن نزل، فقال تسقط الكتابة، وإن أداها ويكون جميعه رقاً. قلت: ورد ما أخد فيكون بينه وبين شريك بمثل مع رقبة العبد قبض الكتابة كلها أو بعضها، قال غيرها: إنما تكون بينهما إذا اجتمعا على قسمه، ومن دعا إلى رده إلى العبد؛ فذلك له إذ لا ينتزع ماله حتى يجتمعا. قال اللخمي: وقال في المبسوط: يحلف السيد أنه ما كان يعلم أنه يعتق عليه إذا أدى، فإن حلف لم قوم عليه، وإن نكل قوم عليه بقيته، وظاهره: أنه لا يرد عتق ذلك

النصف، ويختلف على هذا إذا لم يكن له فيه شرك. قلت: وعلى الأول نقل الباجي سمَاع ابن القاسم: في عبد بين ثلاثة كاتبه اثنان بإذن الثالث ثم قاطعاه بإذن الثالث فعتق نصيبهما، ثم مات المتمسك، وله ورثه يخدمهم في حظ وليهم سنين، ثم قام العبد يطلب أن يقوم على الذين قاطعاه، إن العبد رقيق كله وليرد اللذان كاتباه ما أخذا منه، فيكون بينهما وبين ورثة الميت. وفيها: إن كاتب أحدهما حظه بغير إذن شريكه، ثم كاتبه الآخر بغير إذن شريكيه؛ لم يجز إذا لم يكاتباه جميعاً كتابة واحدة، وقال غيره إن تساويا في الأجل والمال جاز ذلك. الصقلي: قيل إن كاتبه هذا بمائة إلى سنتين، وهذا بمائتين إلى سنة، فإن حط ذو المائتين مائة وأخره بالباقية إلى سنتين جاز، فإن أبى قيل للمكاتب: ترضى أن تزيد ذلك المائة مئة، وتجعلهما إلى سنة ليتفق الأداء، فإن فعل ذلك جاز، وإلا فسخت الكتابة. قال ابن اللباد: لم يروه يحيى، وهو لابن الماجِشُون. الصقلي: هو عندنا من رواية يزيد ابن أيوب. وفيها: إن شرط على مكاتبته أن ما ولدت في كتابتها، فهو عبد فالشرط باطل، ولا تفسخ الكتابة، كما لا أفسخها في عقد الغرر بما يفسخ به البيع. وفي سمَاع القرينين في هذه المسألة: تفسخ الكتابة إلا أن يسقط السيد شرطه. ابن رُشْد: هو خلاف «المدَونَّة»، وإنما يجبر على هذا السمَاع في إسقاط شرطه ما لم يستوف جميعها، وإن بقي منها درهم واحد، فإن استوفى جميعها بطل الشرط. قلت: هو نقل الصقلي. قال أشهب: تفسخ الكتابة ولو، لم يبق منها إلا درهم واحد، إلا أن يسقط السيد شرطه، فإن لم يعلم بذلك حتى أدت الكتابة، بطل الشرط. وقال محمد: إن أدت ولو نجماً واحداً بطل الشرط، وإن لم تؤد شيئاً، خير السيد في إبطال الشرط أو فسخ الكتابة. محمد: قال ابن القاسم وأشهب: ولو شرط المكاتب أن ما تلد زوجته وهي أمة

لسيده هم معهم في كتابتها جاز ذلك، وما تلده يدخل في كتابته، ولو باعها السيد أو وهبها لم يدخل مات لو بعد ذلك في كتابته. أبو محمد: يريد باعها ولا حمل بها. ابن القاسم: ولو كاتب السيد زوجته على حده سقط شرط المكاتب في ولدها؛ يريد: ما تلد بعد كتابتها، ولا يجوز أن يشترطهم الأب، فإن لم يستفق الإبطال الشرط حتى ولدت فسد شرطه فيما لم يولد بعد، وما ولد قبل إبطال الشرط وبعد كتابة الأم؛ فهو مع كتاب الأب والأم يعتق مع أولهما عتقاً، وسعى منها معهما معونة لهما، ويرث من مات منهما قبل العتق، فإن عتق مع أولهما، لم يبق له مع الباقي سعاية ولا موارثه وما ولدته بعد إسقاط الشرط، فهو في كتابتها فقط، وإذا صحت كتابة أحد الشريكين فالحكم أن كل نجم بينهما على شركتهما. الباجي: إن كاتباه على أن يبدأ أحدهما بالنجم الأول أبداً، ففي الموازيَّة لا يجوز ذلك إلا أن يبدئه ببعضه، وتفسخ الكتابة؛ لأن من شرط ذلك لم يرض بالكتابة، إلا يجعل يزيده لا يدري ما يتم به. وقال أشهب: تفسخ إلا أن يسقط ذو التبدئة شرطه. وقال ابن القاسم: تمضي الكتابة ويسقط الشرط. محمد: إن لم يقبض شيئاً، فكما قال أشهب: وإن اقتضى صدراً منهما فكما قال ابن القاسم. وفيها: وإن حل نجم فقال أحدهما لصاحبه: بدئني به وخذ أنت النجم المستقبل، ففعل ثم عجز العبد عن النجم الثاني، فليرد المقتضي نصف ما قبض إلى شريكه؛ لأن ذلك سلف منه له، وبقي العبد بينهما، ولا خيار للمقتضي بخلاف انقطاعه، وهو كدين لهما على رجل منجماً فبدأ أحدهما صاحبه بنجم على أن يأخذ النجم الثاني، ثم فلس الغريم في النجم الثاني، فليرجع على صاحبه؛ لأنه سلف منه. الصقلي في الموازيَّة: إلا أن يعجز المكاتب أو يموت قبل محل النجم الثاني، فليس له أخذه حتى يحل النجم الثاني.

محمد: ولو حل النجم الثاني قبل عجزه، وتعذر على المكاتب، وانتظر ما يرجى له فعلى الشريك أن يجعل لشريكه سلفه، ثم يتبعان المكاتب بالنجم الثاني. قال ابن القاسم في العتبيَّة: إن قدمه بنجم ثم حل نجم بعده، فقال له تقاض أنت وأقضني ما أسلفتك، فليس ذلك عليه ولا له قبله شيء إلا أن يعجز المكاتب، قال: ولو حل نجم فلم يجده لمكاتب إلا بعضه، فقال لشريكه: آثرني به وخذ حقك من النجم الثاني، ففعل كان ذلك سلفاً منه لشريكه، ويرجع عليه لحصته إن عجز المكاتب، ولو قال له آثرني به، وأنظر أنت المكاتب، فرضي على هذا الشرط، أو كان إنما سأله المكاتب أن يدفع ذلك لشريكه، وينظره هو بحقه؛ كان إنظاراً منه للمكاتب في الوجهين ولا يرجع به على الشريك إن مات المكاتب أو عجز، ويكون العبد بينهما، وهذا إذا لم يكن فيما جاء به زيادة على حق أحدهما، فلو كان فيه زيادة فأخذ ذلك الشريك بإذن شريكه، واشترط فيه إنظار المكاتب، لم يلزم ذلك في الزيادة؛ لأن ذلك من مصابة الذي لم يقبض وقبض هذا كله كقبض صاحبها؛ فإنما قبضها عنه وأحال بها القابض شريكه فيما لم يحمل له. وفيها: لا يجوز لأحدهما مقاطعة المكاتب إلا بإذن شريكه، فإن قاطعه من عشرين مؤجلة على عشرة معجلة، ثم عجز قبل قبض شريكه مثل ما أخذه المقاطع، خير المقاطع في دفعه لشريكه ما فضله به ويبقى العبد بينهما. وفي **** حصته من العبد لشريكه رقاً، ولو مات المكاتب: الصقلي عن محمد: لو قبض غير المقاطع أكثر مما أخذ المقاطع، ثم عجز المكاتب؛ لم يرجع عليه المقاطع بشيء، ويبقى العبد بينهما. قال بعض القرويين: ولو لم يقبض المقاطع شيء، وقبض المتمسك شيئاً ثم عجز المكاتب إن كان الذي لم يقاطع إنما قبض ما حل له أجله، فلا رجوع للمقاطع عليه بشيء؛ لأنه رضي بتأخير المكاتب، وإن كان المكاتب عجل له ما قبضه منه قبل حلوله، فله فيه متكلم. قال بعض أصحابنا: يكون للمقاطع أخذ المتمسك بنصف ما قبض.

الصقلي: أرى إن كان المتمسك قبض نجماً مما حل له، فقام عليه المقاطع تحاصا فيه المقاطع بقد ما قاطع عليه، فإن فضل شيء فهو للمتمسك هذا، إن لم يكن له مال غيره، فإن كان له مال أخذ منه المقاطع حقه، وتم للآخر ما عجل له محمد ولو كان قاطعه من عشرين على عرض أو حيوان، نظر إلى قيمة ذلك يوم قبضهن ثم يرد فضلاً إن كان عنده، ويأخذ حظه من العبد إن شاء. وإن قاطعه على مكيل أو موزون، رد مثله رد الآخر ما قبض، فكان بينهما مع رقبة العبد إلا أن يشاء أن يتماسك بما قاطعه به ويسلم حظه من العبد لشريكه. وفيها: إن مات المكاتب عن مال؛ فللآخر أن يأخذ منه جميع ما بقي له من كتابته دون حطيطة، وإن لم يحل وما بقي من ماله بينهما على قدر حصصهما في المكاتب. الصقلي: عن محمد ولو لم يأخذ المقاطع جميع ما قاطعه عليه حتى مات المكاتب ولم يترك إلا ما بقي عليه من الكتابة تحاصا فيه المقاطع بما بقي من قطاعته، والمتمسك بجميع ماله في الكتابة وقبله الصقلي. وقال اللخمي: إن قاطع أحدهما عن حظه خمسين بعشرين، وتماسك الآخر بحظه خمسين، فلم يأخذ المقاطع العشرين حتى مات المكاتب، كان ما خلفه بينهما أسباعاً، فإن فضل بعد السبعين شيء كان بينهما نصفين. والقياس: إن لم يقبض الذي قاطع العشرين أن يحاص بخمسين؛ لأنه يقول لم أترك الثلاثين إلا لأستبد عن صاحبي بعشرين، فإذا لم يستبد ضربت بأصل مالي، وهو خمسون، فإن صار له في المحاصة عشرون فأقل أخذه، وإن صار له فوق ذلك لم يزد على عشرين؛ لأن الشريك يقول: أنا أبدئك بالعشرين والفاضل لي. الصقلي عن محمد: لو قاطعه بغير إذن شريكه، ثم عجز المكاتب أو مات، وقد أخذ المتمسك مثل ما أخذ المقاطع، أو ترك ما يأخذ الآخر منه ما بقي له، أو مثل ما أخذ المقاطع؛ فلا حجة للمتمسك على المقاطع، لا يختلف فيه ابن القاسم وأشهب، فإن عجز ولم يأخذ المتمسك إلا أقل مما أخذ المقاطع. فقال ابن القاسم: يخير المتمسك في الرجوع على المقاطع بنصف ما فضله به

فيكون العبد بينهما أو يتماسك بالعبد كله، وليس للمقاطع أن يرد نصف الفضل ويرجع بحظه في العبد، بخلاف المقاطع بإذن شريكه. وقال أشهب: إن تماسك هذا العبد، كان للمقاطع رد نصف الفضل، ويكون له نصف العبد. محمد: يصير كأنه قاطعه بإذنه أو علم به فرضيه، ورواه عن مالك. قال محمد: وعليه من أرضى من أصحاب مالك. الصقلي: روى محمد: إن قاطع أحدهما على نصف حظه، وأبقى الربع الآخر مكاتباً بإذن شريكه، فذلك جائز، فإن عجز العبد قبل أن يستوفي المتمسك خير المقاطع في دفعه لشريكه نصف ما فضله به، ويكون العبد بينهما نصفين أو المتماسك بما قبض، ويكون له ربع العبد، وللمتمسك ثلاثة أرباعه. زاد اللخمي: وقال الداودي يكون الربع بينهما أثلاثاً مقسوماً على ما بقي لكل واحد منهما فيه، وهو أقيس ولا فرق بين أن يبقى الربع للذي قاطع أو الأجنبي. اللخمي: إن قاطعه أحدهما على عشرين، والآخر على مائة إلى أبعد من الأجل الأول، وتراضيا على ذلك جاز. الصقلي: لا يجوز على قول سَحنون؛ لأنه لم يعجل عتقه. اللخمي عن محمد: هذا إن كانت زيادة الثاني بعد قبض الأول ما قاطعه عليه؛ لأنه ليس له أن يضعفه حتى يستوفي الأول ما قاطع عليه. قلت: قول اللخمي أولاً تراضيا على ذلك يوجب لغو تقييد محمد فتأمله. اللخمي: فإن عجز قبل أن يقبض الثاني شيئاً، قيل: للمقاطع إن شئت رد لشريك نصف ما عندك من الزيادة، ويكون بينكما، وإن عجز بعد أن قبض الذي زاد مثل ما قبض للذي قاطع كان العبد بينهما نصفين، قال: وإن قبض أكثرهما قبض المقاطع إلا أنه مثل حق جميع حقه الأول، فكذلك بينهما فلا تباعة. قلت: كذا وقعت هذه فلا تباعة، وكذا نقلها ابن عبد السلام، وفي بعض النسخ بدل قوله: فلا تباعة على شياعه، قال: وإن قبض الزيادة التي زادها، كان عليه نصف

الزيادة إلى صاحبه. والقياس: أن تكون الزيادة لمن قاطعه آخراً وحده؛ لأنه ثمن لذلك التأخير، فإن شاركه فيه الأول كان الثاني قد خسر ذلك التأخير، وقوله إن كانت الزيادة بعد أن قبض الأول؛ لأنه ليس له أن يضعفه حتى يستوفي الأول ما قاطعه عليه وهم؛ لأن الثاني أخذه عن الأجل فكيف يقبض الثاني قبل الأول. وفيها: ومن أعتق بعض مكاتبه في صحته في غير وصية، فهو وضع مال إن عتق نصفه وضع عنه نصف كل نجم، ولا يعتق عليه إن عجز، وكذا إن أعتق حصته من مكاتب بينه وبين رجل في غير وصية وضع عنه حصته من كل نجم. فإن عجز رق لهما وإن مات مكاتباً أخذ المتمسك مما ترك ما بقي له وما بقي بينهما، فلو كان عتقاً؛ كان ما ترك للمتمسك خاصة، ويقوم على المعتق ما بقي من الكتابة، ولكان من ترك مكاتباً وورثه بنون وبنات، فأعتق البنات حظهن أن لهن ولاء حظهن، وهن لا يرثن من ولاء المكاتب شيئاً، وإن أعتقن نصيبهن. قلت: هذا المعروف من المذهب. وقال أبو عمر في ترجمة القطاعة في الكتابة، وقال المغيرة والشافعي: إن وضع أحد الشريكين حظه من الكتابة؛ فهو كعتقه ويقوم عليه إن كان موسراً، وكذا لو أبرأه مما عليه والولاء له. وقال ابن القاسم: لا يعتق بذلك؛ لأنه وضع مال. محمد: الفرق بين الوصية والصحة: أنه في الوصية شرك بين المكاتب والورثة فصار شريكاً للورثة بقدر وصيته، والصحيح: يقول لم أعط من الرقبة شيئاً؛ إنما أعطيت دنانيراً ودراهم. الصقلي: هذا فرق حسن. وروى ابن سَحنون: أنه إذا أعتق نصف مكاتبه، فهو وضيعه إلا أن يريد العتق ويتعهده، فهو حر كله. وقال بعض شيوخنا: لو أعتق عضواً من مكاتبه كقوله: يدك حرة أو عينك عتق

عليه جميعه؛ لأنه قاصد للعتق. ابن سَحنون: من قال لعبده: اخدم فلاناً سنة، وأنت حر فوضع عنه المخدم نصف الخدمة، فإن أراد أنه ترك له خدمة ستة أشهر، فهو كذلك، وإن أراد أنها ملك لك تشاركني في الخدمة وتصير لك ملكاً كان حراً مكانه، كمن وهب لعبده نصف خدمته. قلتُ: لسّحنون لم قلت هذا، وهو إن أعتق نصف مكاتبه لم يعتق عليه، وكان وضع مالاً؟ قال - وهو مفترق-: لا أقول شيئاً. ابن سَحنون: الخدمة مقام الرقبة فهبة بعضها كهبة بعض الرقبة، فهو كمن أعتق نصف عبده، والمكاتب إنما يملك منه مال فعتق نصفه، وضع نصف ماله. محمد عن أشهب: من قال لعبده: إن كلمت فلاناً فنصفك حر فكاتبه، ثم كلم فلاناً؛ فليوضع عنه نصف ما بقي من الكتابة يوم حنث، وإن عجز؛ رق كله ولا يلزمه حنث. قلتُ: ينبغي على القول بأن الحانث بالمشي يمشي من حيث حلف، أن يعتق عليه بالحنث. وقال اللخمي: في قول أشهب: هذا لما كانت يمينه على بر، ولو كانت على حنث، فقال: لأفعلن كذا كان عتيقاً. وفيها: لا بأس أن يكاتب الرجل عبيده في كتابة واحدة، والقضاء أن كل واحد منهم ضامن عن بقيتهم، وإن لم يشترط ذلك ولا يعتق واحد منهم إلا بأداء الجميع وله أخذ الملي منهم بالجميع ولا يوضع عنه شيء لموت أحدهم، فإن أخذ أحدهم عن بقية رجع من أدى على بقيتهم بحصتهم من الكتابة بعد أن تقسم الكتابة عليهم بقدر قوة كل واحد منهم على الأداء يوم الكتابة لا على قيمة رقبته. قلتُ: ولابن رُشْد في المسألة التاسعة من نوازل سَحنون ما نصه: قوله يعني المغيرة وبعضهم حملاء على بعض؛ ظاهره أنهم لا يكونون حملاء بعضهم عن بعض إذا كوتبوا كتابة واحدة، إلا أن يشترطوا ذلك، وهو خلاف ما في المدّوَّنة وغيرها. الباجي عن محمد: ليس للسيد أخذ أحدهم بما على جملتهم مع قدرتهم على الأداء.

وفي فض الكتابة عليهم على قدر قوتهم على الأداء يوم الكتابة فقط، أو مع اعتبار رجاء أحوالهم التي يكونون عليها بعد ذلك، ثالثها: على عددهم، ورابعها: على قدر قوتهم مع قيمة رقابهم لها، وللصقلي عن محمد، ومحمد عن عبد الملك، وللخمي عن ابن الماجِشُون. قال اللخمي: وأرى أن تقسم على القوة، وقيمة الرقاب حسبما يرى أنه كان يكاتب به كل واحد بانفراده، فقد يتساوون في القوة على الأداء، وثمن أحدهم عشرة والآخر مائة، ومعلوم أن السيد لو كاتبهم على الانفراد لم يساو بينهم. قلتُ: حاصله أنه قول ابن الماجِشُون، وظاهر قوله: وأرى أنه عنده خلافه فتأمله. اللخمي: إن كان فيهم صغير لا يقوى على السعي حتى مضت الكتابة، لم يتبع بشيء، وإن قوي عليها يوم الكتابة؛ قضي عليه بقدر ما يرى أنه يقوى عليه في كل سنة، ولو قوي بعد مضي بعض النجوم، فقال أشهب في الموازيَّة: يكون عليه بقدر ما يطيق يوم وقعت الكتابة على حاله. وقال محمد: يوم الحكم لو كان هذا يوم الكتابة بالغاً. وقال أَصْبَغ: يؤدي على قدر طاقته يوم بلغ السعي، لو كان بحالته تلك يوم وقعت الكتابة؛ لأنه يومئذ وقعت عليه حمالة الكتابة، ولو لم تنعقد عليه الكتابة، وحدث بعدها للمكاتب من أمته أو للمكاتب وبلغ السعي قبل انقضاء الكتابة، وصار له مال فلا سبيل لهم عليه في سعاية ولا مال إن كان أبواه في كفاية، فإن احتاجا سعي معهما أو أخذ المال. وقيل: يفض باقي الكتابة وعليهم، كمن كان موجوداً يوم عقدها، والأول أحسن. قال: وقول مالك لا يحط عنهم شيء لموت بعضهم القياس حط ما ينوبه، وإن استحق أحدهم بملك أو حرية سقط ما ينوبه. قلتُ: نقله الباجي عن الموازيَّة، قال وابن حبيب عن أَصْبَغ: من أعتقه سيده، وأبى ذلك إشراكه فأدى معهم حتى عتقوا لم يرجع على سيده بما أدى.

قلتُ: وقال أبو حفص العطار في رجوعه عليه قولان، والصواب الرجوع عليه. اللخمي: فإن عجز بعضهم وأدى الآخر كل الكتابة، فاختلف في صفة الرجوع. قال الأخوان: ذلك على قدر قيمتهم يوم عتقوا لا يوم كوتبوا. وقال أشهب: يوم كوتبوا. أَصْبَغ: على قدر قيمتهم يوم كوتبوا وحالهم يوم عتقوا، لو كانت هي حالهم يوم كوتبوا. والقياس: أن يرجع عليهم بها أدى عنهم مما كانوا يؤدونه لو لم يعجزوا على صفة الفض الأول قبل العجز؛ لأنه القدر الذي كانت الحمالة به. وفيها لابن القاسم: إن أدى أحدهم الكتابة حالة رجع على أصحابه بحصصهم منها على النجوم. الصقلي: يريد على ما تقع على كل واحد من الكتابة يوم عقدت على ما بينا، ويدخله الاختلاف. ولابن حبيب عن ابن القاسم: يرجع عليهم على قدر قوتهم على الكتابة، قال: ففي ذلك خمسة أقوال: قول على قدر قوتهم عليها. وقول على قدر عددهم. وقول على قدر قيمتهم يوم كوتبوا. وقول على قدر قيمتهم يوم عتقوا. وقول على قدر قيمتهم يوم كوتبوا، وحالهم يوم عتقوا لو كانت هي حالهم يوم كوتبوا. وفيها: لا يرجع على من يعتق عليه بما أدى عنه، ويرجع على من سواهم إلا الزوجة لا يرجع عليها، وإن كانت لا تعتق عليه. الصقلي عن محمد: اختلف قول مالك فيمن لا يرجع عليه من قرابته بما أدى عنه؛ فروى ابن القاسم: لا يتبع إخوته، ولا كل ذي رحم منه، ثم قال: كل من كانت له

رحم يتوارثون بها، فلا يرجع بعضهم على بعض، قم قال: أما الإخوة والولد، فلا يرجع بعضهم على بعض، وأما الأباعد فنعم. قال ابن القاسم: الذي آخذ به كل من يعتق على الحر إذا ملكه من القرابة ما يرجع عليه، ومن لا يعتق عليه يرجع عليه. وقال أشهب: لا يرجع على كل ذي رحم منه، وإن لم يعتق عليه، ولا بينه وبينه ميراث، لا خالته ولا عمته ولا أحد بينهم وبينه رحم. وفيها: إن أعتق أحد مكاتبيه وهما قويان على السعاية بغير رضى صاحبه، لم يجز فإن أديا عتقا، وإن عجز لزمه عتق من أعتقه، فإن رضي صاحبه لم يجز، فإن أديا عتقا وإن عجزا لزمه عتق من أعتقه، فإن رضي صاحبه وهو يقوى على السعي؛ جاز عتقه ويوضع عن الباقي حصة المعتق من الكتابة، وسعى وحده فيما بقي عليه. ولما ذكره ابن الجلاب قال: وقبل ليس له عتقه، وإن أذنوا له فيه، ونقله الباجي عن الجلاب قال: وقيل: ليس له عتقه، وإن أذنوا له فيه بلفظ أنه رواية ثانية. اللخمي: اختلف إن كان المعتق أقواهما أو مساوياً للآخر، فأجاب ابن القاسم: إن كان لا يخاف على الآخر العجز لعتق صاحبه ومنعه غيره، قال: لأنا لا ندري ما يصير إليه حال الباقي من الضعف، والأول أحسن إلا أن يكون دليل على ضعف هذا وقوة الآخر، وتخريج بعضهم: إمضاء عتقه برضى الباقين مع خوف عجزهم بسبب عتقه على القول بتعجيز المكاتب نفسه، وله مال ظاهر أحروي لحصول مصلحة عتق المعتق. وفيها: من كاتب عبدين له أجنبيين كتابة واحدة، وحدث بأحدهما زمانة فأعتق السيد الزمن قبل الأداء، جاز عتقه وإن كره الصحيح، وتبقى جميع الكتابة على الصحيح، ولا يوضع عنه لمكان الزمن شيء، فإن أدى وعتق لم يرجع على الزمن بشيء، لأنه لم يعتق بالأداء. اللخمي: إن أعتق القوي، ورضي بذلك الزمن، ففي إمضائه ورده قولان. وفيها: إن كان لك عبد ولرجل الآخر عبد، لم يجز لكما جمعهما في كتابة واحدة كل منهما حميل بما على صاحبه لغرر الكتابة، إذ لو مات أحدهما أخذ سيده مال الآخر باطلاً

وهذا يشبه الرقبى. اللخمي: ويختلف إن نزل هل يمضي ونقض الكتابة عليهما، وتسقط حمالة أحدهما عن الآخر. وفيها: وتفسخ ما لم يؤد نجماً أو صدراً من الكتابة على ما تقدم في الشروط الفاسدة. وقال الباجي في ترجمة حمالة الكتابة: إن كاتب رجلان عبدين لهما لم يجزه أشهب إلا أن يسقطا حمالة بعضهما عن بعض، وعقد الكتابة على جماعة عبيد لسيد واحد أو لسادات يفتقر إلى تقدير جملة الكتابة، دون تقدير ما يخص كل واحد؛ لأن المقصود فيها العتق لا الأعواض. وعلى قول ابن القاسم: لا يجوز جمع الرجلين ثوبيهما في البيع، وأما على تجويز ذلك فلا يحتاج لفرق، ثم قال في آخر الترجمة المذكورة: ولو عبدان لرجلين فاختلف في جمعهما في كتابة لم يجزه أشهب؛ لأن كل عبد تحمل لغير سيده فهي كتابة متبعضة إلا أن يسقطوا حمالة بعضهم عن بعض. ابن ميسر: ليس كما احتج لأن لكل واحد نصف كل عبد؛ وإنما يقبض كل واحد عن نصفه نصف الكتابة، فلم يقبض أحدهما عن غير ملكه شيئاً. وقال ابن عبد السلام: إن عقد السيدان المالك كل واحد عبداً لنفسه الكتابة عليهما لا على حمالة. قال الباجي: إنها جائزة، ويجعل على كل واحد من العبدين ما ينوبه من جملة الكتابة، وأشار إلى أنه لا يختلف فيه كما اختلف في جمع الرجلين سلعتيهما في البيع. قلتُ: وفي دلالة لفظ الباجي على هذا الذي نقله عنه نظر فتأمله، لكن تعليل المدّوَّنة وغيرها: المنع بالحمالة يدل على الجواز إن شرط إسقاطها. وفيها مع غيرها: منع بيع سيد المكاتب إياه، وتقدم القول فيه إن وقع في مسألة التعجيز، وقول ابن القاسم فيه في الدمياطية وفي الموطأ: الأمر عندنا أن المكاتب إذا كابته سيده تبعه ماله، ولم يتبعه ولده.

وفيها: مع غيرها منع انتزاع ماله، فلو كتم سيده عند عقد الكتابة مالاً، ففي كونه له أو للسيد رواية اللخمي، ونقله عن يحيى بن سلام قال: وهو أحسن إن كان يرى أنه لو علم به، ثم انتزعه لم يكاتبه، وإن رأي أنه لو علم به أقره له، وزاد في كتابته وذلك قبل أداء كتابته كان له أن يزيد في كتابته قدر ما يرى أنه يزاد لذلك المال، وإن كانت الكتابة برضى العبد خير في الرضى بالزيادة، وإلا فسخت الكتابة إلا أن يراد المال، وإن أشكل الأمر هل ينتزعه أو يزيد في الكتابة، فالقول قول الغير فيما يقوله. وفي الموطأ فيها: جواز بيع الكتابة. اللخمي: قول ربيعة وابن أبي سلمة يمنع بيعها أقيس للغرر؛ لأنه إن أدى كان للمشتري الكتابة فقط، وإن عجز أول نجم كانت له الرقبة، وإن عجز عند آخرهم كانت له الكتابة والرقبة، وأصل سَحنون في مثل هذا: منع البيع مع الاختيار وجوازه عند الضرورية. وفي رسم نذر سنة من سَماع ابن القاسم: سئل عن مكاتب بين رجلين أيبيع أحدهما حظه منه؟ قال: ما أعلم أن المكاتب يباع بعضه، وأكره ذلك. سَحنون: إنما يكره بيع نجم من نجوم المكاتب، فأما ثلث ما عليه أو ربعه؛ فلا بأس به. قال أَصْبَغ وسَحنون: إنما يكره بيع نجم من نجومه إن كان معيناً وإلا فلا بأس به؛ لأنه يرجع إلى كونه جزءاً. ابن رُشْد: منع في هذه الرواية بيع أحد الشريكين في الكتابة حظه منها، وله مثله في سمَاع يحيى، وسَحنون خلاف قوله في الموطأ بإجازة ذلك، ولم يختلف قوله في منع بيع الرجل جزءاً من كتابة مكاتبه، وأجازه ابن القاسم في سمَاع أَصْبَغ كقول أَصْبَغ وسَحنون هنا، ووقع له في العشرة المنع كقول مالك، وإجازتهما بيع نجم غير معين سواء اتفقت النجوم في العدد أو اختلفت، إن عرف عددها وعدد كل نجم، ففي جواز بيع جزء الكتابة ومنعها مطلقاً، ثالثها: لأحد الشريكين لا لمالك كل الكتابة لسَحنون مع أَصْبَغ، وأحد قولي ابن القاسم ومالك، مع قول ابن القاسم في العشرة والموطأ؛ وإنما

يجوز لأحد الشريكين بيع حظه من الكتابة إن باعه من أجنبي، وإن باعه من المكاتب لم يجز؛ لأنه كقطاعة ولا تجوز بغير إذن الشريك، قاله ابن الماجِشُون في الموازيَّة ومحمد، وهو قائم من قول مالك في الموطأ. اللخمي: لا أعلم لمنع مالك بيع أحد الشريكين حظه من الكتابة وجهاً. وفيها: لا بأس ببيع كتابة المكاتب إن كانت عيناً فبعرض نقداً، وإن كانت عرضاً فبعرض مخالف له، أو بعين نقداً وما تأخر كان ديناً بدين، وتقدم في كلام ابن رُشْد شرط علم عدد النجوم وقدرها. الباجي: قال عبد الوهاب: إنما ينظر في بيع الكتابة فيما يجوز، ويمنع في البيوع إن باعها من غير العبد، وإن باعها منه؛ فذلك جائز على كل حال. قلت: ولابد من حضور المكاتب، ولا يكفي قرب غيبته كما في الدين؛ لأن ذاته مبيعة على تقدير عجزه، فلابد من معرفتها. وقال ابن عبد السلام: لا يشترط حضور المكاتب وإقراره؛ لأن الغرر في الكتابة مغتفر. قلت: إنما الاغتفار في عقدها؛ لأنه طريق للعتق بخلاف بيعها فتأمله. وفيها مع غيرها: إن أدى فولاؤه لبائعها، وإن عجز رق لمبتاعها. الصقلي: قال أَصْبَغ: روى ابن القاسم: إن مات المكاتب بعد شراء كتابته؛ ورثه مشتريها كرده له بعجزه. وروى الصمادحي والدمياطي عن ابن القاسم: من وهب كتابة مكاتبه فعجز؛ فهو رق للمعطي، وروى عنه أبو زيد يرجع لواهبه، وقال أشهب ومحمد عنه: أنه للمعطي. ابن عبد الرحمن: من اطلع على عبد اشترى كتابته على عيب به، فإن أدى الكتابة فلا رجوع لمشتريه بشيء، وإن عجز فرق فله رده، ويرد ما أخذ من كتابته، وقال غيره: ليس عليه رد شيء منها. الصقلي: والأول أحسن؛ لأن المبيع الكتابة لا الرقبة. وفيها: قال ابن المسيب: والمكاتب أحق بكتابته إن بيعت بالثمن.

وفي أمهات الأولاد منها: إن شاء المكاتب أن يكون أولى بما بيع من كتابته لتعجيل عتقه؛ فذلك له. وفي الموطأ: هو أحق بكتابته ممن اشتراها. ابن رُشْد: معناه عندي أنه أحق بها يعطي فيها ما لم ينفذ البيع فيها على ما قاله في سمَاع ابن القاسم من كتاب العتق: فيمن زوجته ثلثها حر، وثلثها رقيق، وله منها ولد- أنه أحق بهم بالثمن الذي أعطى سيدهم إذا أراد بيعهم، ومثله لمالك في رسم نقدها من سمَاع عيسى من كتاب النكاح، وفي سمَاع أشهب بعد هذا ما ظاهره: أنه أحق بكتابته، وإن نفذ بيعها مثل ما حكى ابن حبيب عنه من رواية مُطَرِّق، وعن ابن الماجِشُون وأشهب وابن وَهْب وابن عبد الحَكم وأَصْبَغ بخلاف رواية ابن القاسم: أنه يرى ذلك حسناً، ولا يقضى به، وتصرف المكاتب كالحر، إلا في إخراج مال لا عن عوض مالي. في المأذون منها: وللسيد رد ما وهبه المكاتب أو تصدق به. وفي الجلاب: ويمنع المكاتب من العتق والصدقة والهبة؛ إلا بإذن سيده ويحتمل أن لا يجوز ذلك، وإن أذن له. الباجي لابن القاسم في الموازيَّة: إن رد السيد عتق مكاتبه وصدقته، لم يلزمه ذلك وإن بقي بيده. وفيها: ما اشتراه المكاتب بإذن سيده دخل في كتابته، إن كان ممن يعتق عليه إن ملكه، فإن ابتاعهم بغير إذنه لم يدخلوا معه في كتابته، ولا يبيعهم إلا أن يخشى العجز كأم ولد. وروى أشهب: لا يدخل معه بإذن السيد، إلا الولد والوالد. قال ابن نافع وغيره: لا يدخل إلا الولد فقط. قلت: لم يحكه ابن الجلاب إلا عن ابن عبد الحَكم. اللخمي: وقال مالك وابن القاسم: يدخل الأب والجد والأخ وابن الأخ للعمات ولا الخالات، وقياد قول مالك: إن اشترى من يدخل بإذن السيد في شرائه دون إذن؛

فسخ شراؤه. وفيها: وكتابة المكاتب عبده على ابتغاء الفضل جائزة، وإلا لم تجز وكذا قوله لعبده: إن جئتني بكذا فأنت حر. وفي الولاء منها: إن عتق المكاتب من سيده على مال، فإن كان بيد العبد لم يجز؛ لأنه قادر على انتزاعه، وإن لم يكن جاز على وجه النظر. اللخمي: قال ابن القاسم: لا يجوز للمأذون ولمن أحاط الدين بماله كتابة عبد لهما؛ لأن الكتابة عتق إلا أن يجيزه الغرماء أو يكون في الكتابة وفاء بالدين، وأجاز ذلك للأب والوصي والمكاتب، فجعل الكتابة مرة من ناحية العتق، ومرة من ناحية البيع فعلى الأول تمنع في الأب والوصي والمكاتب، وأرى إن كانت بقدر الخراج أو فوقه بيسير أنها كالعتاقة، وإن كانت فوقه بكثير فهي كالبيع. وفيها مع غيرها: ليس للمكاتب أن يتزوج، وإن رآه نظراً أو يسافر إلا بإذن سيده إلا ما قرب من السفر مما لا ضرر فيه بحلول نجم أو غيره؛ فله ذلك. الباجي: إن تزوج بغير إذن سيده، فأجاز جاز، وإن رده فسخ ولها ثلاثة دراهم وإن أذن له ومعه غيره في الكتابة، فقال أشهب: ليس له ذلك إلا بإجازة من معه في الكتابة، وإن كانوا صغاراً؛ فسخ على كل حال. الصقلي: روى محمد: وله تزويج عبيده وإمائه. ابن القاسم: إن كان على وجه نظر ورجاء فضل. اللخمي: اختلف في سفر المكاتب بغير إذن سيده، فمنعه مالك وأجازه ابن القاسم إن كان قريباً. اللخمي: إن كان صانعاً أو تاجراً قبل كتابته، فلسيده منعه، فإن بارت صناعته أو تجارته، واحتاج للسلف؛ لم يكن ذلك له إلا بحميل بالأقل من باقي كتابته أو قيمته، وإن كان شأنه السفر ومنه سعيه قبل كتابته؛ لم يمنع إلا في سفر يحل النجم عليه قبل رجوعه منه، وإن اتهم على ذلك منع إلا بحميل. قلت: الحمالة خلاف المذهب.

وقول ابن شاس: ولا يكفر إلا بالصيام هو مقتضي قولها أنه كالعبد ولا أعرفه نصاً في المذهب؛ بل للغزالي في وجيزه. ابن شاس: لو اشترى المكاتب من يعتق على سيده صح، فإن عجز رجع للسيد وعتق عليه. قلت: هو مقتضي أصل المذهب في إحراز المكاتب ماله، إن كان شراؤه إياه بغير إذن سيده، والأظهر إن كان بإذنه أن يعتق ولا أعرف نص المسألة لأهل المذهب بوجه؛ وإنما نص عليها الغزالي في وجيزه بلفظ ابن شاس. وفيها: من كاتب أمته فليس له وطؤها، فإن فعل لم يحد أكرهها أو طاعته، ويعاقب إلا أن يعذر بجهل، ولا مهر لها، ولا ما نقصها إن صاوعته، وإن أكرهها فعليه ما نقصها، وهي على كتابتها إلا أن تحمل فتخير عند مالك بين أن تكون أم ولد أو تمضي على كتابتها. اللخمي: أجاز لها محمد العجز، وإن قويت على السعي، وليس بالبين، فإن مضت على كتابتها، فروى ابن سحنون: نفقتها على سيدها ما دامت حاملاً. ولابن حبيب عن أصبغ: لا نفقة لها، وقول مالك أحسن. وفيها: إن كان معها في الكتابة غيرها، فهي على كتابتها إلا أن ترضي هي وهم بإسلامها للسيد، ويحط عنهم حصتها من الكتابة، فتصير له أم ولد. سحنون: هذا إن كان من معها في الكتابة من يجوز رضاه، ولا يخشى عجزهم بإسلامها. وفي جناياتها قال مالك: أحسن ما سمعت في جناية المكاتب، إن أدى جميع الأرش حالاً ولو جاوز قيمته؛ فهو على كتابته، وإلا عجز وخير سيده في إسلامه رقا وفدائه بالأرش وعجزه عن الأرش قبل القضاء عليه به وبعده سواء. اللخمي: لا أرى أن يمكن من تعجيزه نفسه إلا بعد كشف السلطان لما عنده؛ لأنه لا يمكن من التعجيز مع القدرة على الوفاء، وإن لم ينظر في قوته من ضعفه حتى أدى الجناية، ثم يتبين أنه غير قادر على الجميع مضى فعله؛ لأن السيد لا يختار إلا بقاءه

من غير غرم، وإن لم يقم المجني عليه حتى أدى الكتابة، ولم يبق بيده ما يفي بالجناية عجز وخير السيد في فدائه وإسلامه. قلت: إن كان الذي أخذ من غير خراجه أسلمه معه، وإن كان من خراجه فمن قال: إنه مملوك للمجني عليه من يوم جني من النجوم أسلم خراجه معه، ومن قال: إنما يملك يوم يسلم أسلم بغير خراج، وإن لم المجني عليه حتى مات المكاتب ولم يخلف شيئاً سقطت الجناية، وإن خلف مالاً كان له الأقل مما خلف أو الجناية، فإن كانت أقل فالباقي لسيده، وهذا إن لم يكن عليه دين، فإن كان بدئ الغرماء بمال ولا محاصة لمجني عليهم معهم، فإن لم يفصل عن الدين شئ، فلا شئ للمجني عليه في الموت، وفي الحياة مقاله في الرقبة. وفي جناياتها: وإن جني على سيده، فلم يعجل له الأرش أعجزه. وفيها: وإن جني عبد المكاتب، فله إسلامه أو فداؤه على وجه النظر. وفيها: من أعتق عبده علمه أنه قتل قتيلاً خطأ سئل، فإن أراد حمل الجناية، فذلك له، وإن قال ظننت أنها تلزم ذمته؛ حلف على ذلك ورد عتقه. الصقلي: وقال المغيرة: هو ضامن كما لو أولد أمته. وفي اختصار ابن شاس وابن الحاجب: على هذا القول في النقل عن المذهب تعقب، وعلى الأول فيها: فإن كان للعبد مال مثل الجناية، أو وجد معيناً على أدائها مضى عتقه، وإلا بيع منه بقدرها، وعتق ما فضل، وإن كان لا فضل فيه أسلم رقاً لأهل الجناية. الصقلي عن محمد: إن لم يجد معيناً وفي قيمته فضل، ولسيده ما يعتق فيه باقيه عتق كله وغرم السيد الأرش. قال بعض أصحابنا: ويجب على هذا أن لا يحلف السيد. محمد قال ابن عبد الحكم: إن حلف سيده رد عتقه، ثم يخير في أن يفديه ويبقى له رقاً، أو يسلمه عبداً فعجبت من قوله، ثم أخبرت بمثله عن أشهب.

وفيها قال مالك: إذا قتل المكاتب قوم على هيئته في الحال التي كان عليها. وفيها لابن القاسم: لو أن مكاتبنا أدى كل كتابته إلا درهما واحداً، وآخر لم يؤد شيئاً قتلهما رجل وقوتهما على الأداء سواء، وقيمة رقابهما سواء لم يتلفت إلى ما أدى من الكتابة، وقيمتها على قاتلهما سواء. اللخمي: إن قبل المكاتب قوم عبداً إلا كتابة فيه؛ لأن عقد العتق سقط حكمه بالقتل، وقاله ابن القاسم في المدونة، فذكر قوله المتقدم ذكره، وزاد ألا أن تكون قيمته مكاتباً أكثر فله قيمته مكاتباً؛ لأنه كان قادراً على بيع كتابته. وسمع أشهب: على قاتل المكاتب قيمته بما عليه من الكتابة. ابن رشد: يريد يقوم على أنه مكاتب عليه من كتابته بقية كذا وكذا على ما يعرف من قدرته من تكسب المال دون اعتبار ماله؛ لأنه يبقى لسيده، وهذا معنى قول مالك في المدونة، ولاحتمال لفظ الحال المال طرح سحنون في المدنة: قوله في الحال التي كان عليها إلا أن قوله من هذه الرواية يغرم قيمته بما عليه من الكتابة، خلاف قوله لا ينظر إلى ما أدى من كتابته، ولا إلى ما بقي منها، فيقال على هذه الرواية كم قيمته على أنه مكاتب، وقوته على أداء الكتابة كذا وكذا، أو عليه من كتابته كذا وكذا ولا مال له. ويقال على ما في المدونة: كم قيمته على أنه مكاتب وقوته على أداء كتابته كذا وكذا، ويسكت عما عليه من الكتابة ولا مال له أيضاً، وإنما يقوم بماله في العتق إذا أوصى بعتقه. قلت: ففي كون الواجب في قيمته عبداً أو مكاتباً معتبراً فيه قوته على الأداء وقدر ما عليه من الكتابة، ثالثها: هذا مع لغو اعتبار ما عليه من الأداء. اللخمي: عن ابن القاسم فيهما، وسماع أشهب وابن رشد عن قول مالك فيهما، ورابعها للخمي الأكثر من قيمته عبداً أو مكاتباً. قال عن ابن القاسم: من أوضحه فعليه نصف عشر قيمته مكاتباً على حاله؛ لأن جرحه لم يخرجه عن كتابته، فإن كان الجرح مما ليس فيه تسمية معلومة قوم ما نقصه لو بيع على أنه مكاتب.

قلت: وفي جناياتها ومن اغتصب أمة نفسها، أو أم ولد أو مكاتبة أو مدبرة فلم ينقصها ذلك؛ فلا شيء عليه إلا الحد، وإن نقصها غرم ما نقصها، وكان ذلك للسيد إلا في المكاتبة، فإن سيدها يأخذه ويقاصها به في آخر نجومها، وإنما يقوم من ذكرنا ممن فيه علقة رق وفي الجناية عليه قيمة عبد. قلت: وهذا خلاف نقل اللخمي عن ابن القاسم فتأمله. قال ابن شاس: إن اختلف السيد والعبد في أصل الكتابة أو الأداء فالقول قول السيد. قلت: ولا يمين عليه في الأولى لعروض تكريرها ويحلف في الثانية، وإن اختلفا في قدرها، ففي كون القول قول العبد أو السيد قولها، ونقل الصقلي عن ابن عبد الحكم عن أشهب: بناء على أن الكتابة شرط أو لا؛ لأنها متنازع في ثبوتها. اللخمي: يتخرج على قول أشهب في شرط وطء مكاتبته أنها تفسخ ما لم يؤد نجماً يتحالفان ويتفاسخان ما لم يؤد نجماً، فإن أداه تحالفا ورجعا لكتابة المثل ما لم تزد على ما ادعاه السيد أو تنقص عما أقر به العبد، وهو أصل أشهب في فوت السلعة في البيع، هذا إن أتيا معاً بما يشبه ومن انفرد منهما بالشبه قبل قوله: مع يمينه اختلفا قبل أداء نجم أو بعده، وكذا إن اختلفا في جنس الكتابة على قول ابن القاسم: الكتابة فوت يتحالفان ويرى أن كتابة مثله عيناً، فإن حلف أحدهما، ونكل الآخر فالقول قول الحالف، وإن قال أحدهما: دنانير والآخر دراهم وقدرها سواء، فلا تحالف، واشترى بما قاله العبد ما قاله السيد، فإن قال أحدهما: عيناً والآخر عروضاً؛ فالقول قول مدعي العين إلا أن يدعي قدراً لا يشبه. وفيها: إن اتفقا في القدر واختلفا في كثرة النجوم صدق العبد. اللخمي: ما لم يأت في قدر النجوم بما لا يشبه، وإن اتفقا في التأجيل واختلفا في حلوله؛ صدق العبد، وإن اختلفا في كون القطاعة حالة أو مؤجلة. فقال أصبغ: صدق السيد هذا إن كانت القطاعة علة أقل من الكتابة، وإن كانت بما يساوي الكتابة أو أكثر صدق العبد في فسخها في قدرها في قدرها لمثل ذلك الأجل ودونه أو

أكثر منه أن أتى بما يشبه أن كان عجل عتقه، وإن لم يعجله تحالفا وتفاسخاً ورجعا للكتابة، وإن اختلفا في جنس ما تقاطعا عليه من عروض أو مكيل أو موزون تحالفا أن لم يكن تعجل عتقه فإن عجله صدق العبد.

كتاب أم الولد

[كتاب أم الولد] أم الولد: هي الحر حملها من وطء مالكها عليه جبراً، فتخرج المستحقة حاملاً

من زوج؛ لأنه غير مالك، وتدخل المستحقة حاملاً من مالك على أخذ قيمتها بولد لها، وتخرج امة العبد يعتق سيده حمله منها عنه؛ لأنه غير جبر. وفي كون المعتق ولدها على واطئها بملكه لها بعد وضعه يعتق وطئها بكتابة أو تدبير قبل وطئها أم ولد له، ثالثها: في المكاتب فقط لقولي مالك وأكثر الرواة. وفيها مع غيرها: تصير الأمة أم ولد بإقرار سيدها بوطئه إياها الناشئ عنه حملها. الباجي: روى ابن سحنون ومطرف: تكون الأمة أم ولد بكل ما أسقطته إذا علم أنه مخلق، وقال ابن القاسم في المدونة وغيرها: وإن لم يتيقن شيء من خلقه إذا اتفق النساء أنه ولد مضغة كان أو علقة أو دماً. اللخمي: إذا ادعت وطأه وأكذبها؛ صدق. محمد: ولا يمين عليه، وإن كانت رائعة كدعوى العتق. اللخمي: أرى أن يحلف أن كانت رائعة لتصديق العادة لها ولو قيل: لا يصدق في العلي إذا طال مقامها لكان له وجه، ولو علم من السيد ميله لمثل ذلك الجنس من الوخش لأحلف. وفيها: إن أقامت شاهدين على اقرارة بالوطء وامرأة على الولادة؛ أحلفت. قُلتُ: مفهومه: أنها لو لم تقم امرأة على الولادة لم يحلف. وقال اللحمي: إن اعترف بالوطء وأنكر الولادة ولا ولد معها؛ احلف إذا ادعت علمه، وإن كان غائباً حين تقول أنها ولدت؛ لم يحلف. قال: واختلف أن شهدت امرأتان بالولادة، فقال ابن القاسم: تكون أم ولد، ومنعه سحنون إذا لم يكن معها ولد، واختلف أن كان معها ولد، فقال مالك في المدونة: يقبل قولها، وقال أيضا: أن أنكر الوطء وأقامت رجلين على إقراره بالوطء وامرأتين على الولادة؛ كانت أم ولد، وثبت نسب ولدها إن كان معها ولد فساوى بين وجود الولد وعدمه، وإنها تقيم امرأتين على الولادة، وقال محمد: تصدق أن صدقها جيرانها ومن حضرها وليس يحضر لمثل هذا

الثقات فصدقها في القول الأول كالحرائر، وكذبها في الثاني لما علم من قلة حفظهن لأنفسهن، وارى أن تراعى أحوال الولادة من اللبن ودم ألنخاسي وتغير الوجه هذا إن اختلفا، فربما تقول أنها ولدت ويرجع لشبه الولد لها أو له. وفيها: قيل: فإن اقر بوطء أمته فاتت بولد فأنكر السيد أن تكون ولدته، قال: سئل مالك في المطلقة تدعي أنها أسقطت وانقضت عدتها ولا يعلم ذلك إلا بقولها، فقال: لا يكاد يخفى على الجيران السقط والولادة، وإنها لوجه تصدق النساء فيها وهو الشأن؛ ولكن لا يكاد هذا يخفي على الجيران، فكذلك مسألتك. قُلتُ: اختصرها أبو سعيد سؤالاً وجواباً لإجمال الجواب. وفي قذفها: من اقر بوطء أمته ثم أتت بولد، فقال لها: لم تلديه ولم تدع استبراء، وقالت: ولدته أمك؛ صدقت والولد لا حق به. وفيها: أن أقامت شاهداً على اقرارة بالوطء وامرأتين على الولادة؛ حلف السيد كما يحلف في العتق. الصقلي: قال بعض شيوخنا القرويين: إن نكل دخله اختلاف قول مالك: إذا أقامت شاهدا بالعتق، ونكل على اليمين. الباجي: وإن شهد بإقراره بالوطء شاهد، ففي الموازية: لزمته اليمين، وفي غيرها: إن أقامت شاهداً على إقراره بالوطء، وامرأة بالولادة؛ فلا يمين، وقيل: يلزمه اليمين، وذكرهما عياض روايتين في المدونة قال: وكذا الخلاف في شاهدين على الإقرار وامرأة على الولادة. وفيها: من اقر بوطء امة وادعى بعده أنه استبرأها بحيضة، ونفى ما أتت به لولد؛ صدق في الاستبراء، ولم يلزمه ما أتت به من ولد لأكثر من ستة أشهر من يوم الاستبراء. قُلتُ: قوله: (لأكثر من ستة أشهر)؛ يريد: أو لستة أشهر، وقد مر الكلام عليه في العدة. اللخمي: فيما ينتفي به ثلاثة أقوال.

قول مالك فيها قال محمد: ولا يمين عليه. ابن الماجشون: إنما ينتفي بثلاث حيض ويمين، وقال المغيرة: مرة لا ينتفي بالحيض إلا أن تأتي به بعد خمس سنين، ثم رجع وقال: ينتفي بثلاث حيض. اللخمي: النفي بالاستبراء ضعيف؛ لأن الحامل عند مالك وأصحابه إلا أن تكون الأمة ممن يظن بها الفساد فيترجح النفي بالاستبراء، وإن عرفت بالعفاف لم ينتف به. وفيها: قال: كنت أفخذ ولكن لم انزل الماء فيها وليس الولد لي؛ لم يلزمه، ولو قال: كنت أطأها ولا انزل فيها؛ لزمه الولد، ولم ينفعه قوله: كنت اعزل عنها. وسمع موسى ابن القاسم: من زعم أنه وطيء جاريته، وانه يعزل عنها؛ لزمه ما أتت به من ولد إلا أن يدعي استبراء، ومن زعم أنه وطيء جاريته، وانه يعزل عنها؛ لزمه ما أتت به من ولد؛ لأنه ليس هنا موضع خوف. ابن رُشْد: إن لم ينزل أصلا لم يلزمه الولد، وقد قال في المدونة: إن قال: كنت أطؤها ولا انزل فيها؛ لحقه الولد، ولا ينفعه قوله: كنت اعزل عنها، فقال بعضهم: هو خلاف هذا السماع في قوله: من قال: كنت ماطاها ولا انزل أن الولد لا يلحقه، ومنهم من قال: سأله عن من قال: لا انزل، فأجابه عمن قال: كنت اعزل وليس شيء؛ لأن قوله: لا انزل فيها دليل على أنه كان ينزل خارجاً عنها، وهذا هو العزل بعينه، فلا خلاف بين المدونة والسماع. الباجي: لو قال: كنت أطأ بين الفخذين فانزل، ففي الموازية: يلحقه الولد في الأمة ولا يلتعن في الحرة وهو بعيد، ولو صح هذا لم يحد من ظهر بها حمل إذا صح أن يكون ولد من غير الأج. قُلتُ: وحيث لا يلزمه الولد. قال عياض: قال بعض شيوخنا: يحلف، قال: وكذلك اختلفوا في لحوقه من الوطء في الدبر. اللخمي: إن قال وطئت ولم انزل قبل قوله: وإن قال كنت اعزل؛ لحق به، إلا أن يكون العزل البين، فقد يكون الإنزال يحركه في الفرج خارجاً، وإن كان الوطء في الدبر.

وبين الفخذين كان فيهما قولان: قيل: يلحق به الولد؛ لأن الماء يصل إلي الفرج، وقال محمد: كل من وطيء في موضع انزل منه وصل للفرج لحق به الولد، وقيل: لا يلحق؛ لأن الماء إذا باشره الهواء فسد، والأول أحسن، وإن كان الإنزال بين شفري الفرج؛ لحق قولاً واحداً. وفيها: من اشترى زوجته لم تكن أم ولد فيما ولدت قبل الشراء إلا أن يبتاعها حاملاً فتكون بذلك أم ولد، ولو كانت لأبيه فابتاعها حاملاً لم تكن له أم ولد بذلك الحمل؛ لأنه عتق على جده فلا يجوز بيعها ويستثنى ما في بطنها. ابن رُشْد: من تزوج امرأ واشتراها وهى حامل منه قال مال: تكون بذلك الحمل أم ولد، وقال ابن القاسم وأكثر أصحاب مالك، وقال مرة: لا تكون به أم ولد لمسه الرق في بطن أمه، وقاله أشهب ورواه ابن عبد الحكم. الصقلي عن محمد: من تزوج امة والده فمات الأب فورثها وهى حامل، فإن كان حملاً ظاهراً أو وضعته لأقل من ستة أشهر؛ لم تكن به أم ولد، وإن وضعته لستة أشهر فأكثر؛ فهي به أم ولد إلا أن يقول لم أطأها بعد موت أبى فلا تكون له أم ولد ويصدق في ذلك بغير يمين، وكذا لو وضعته بعد ستة أشهر من يوم موته، وقال: ما وطأتها إلا منذ خمسة أشهر؛ لم تكن به أم ولد، ونحوه لابن الماجشون في كتاب ابن سحنون. محمد: ومن اشترى زوجته بعد عتق سيدها ما في بطنها جاز شراؤه وتكون بما تضع أم ولد، إذ لا يتم عتقه إلا بوضعه، ولأنها تباع في فلسه ويبيعها ورثته قبل الوضع إن شاءوا، وإن لم يكن عليه دين والثلث يحملها وفي جنينها ما في جنين الأمة أن ضربها رجل فالقته، ولو كان ذلك بعد أن اشتراها الزوج كان فيه ما في جنين الحرة وولاؤه أن استهل لأبيه. وفيها: من قال في مرضه: كانت هذه ولدت مني، فإن لم يرثه ولد؛ لم يصدق، وإن ورثه ولد؛ صدق. سحنون: وقال أيضا: لا يصدق وإن ورثه ولد أو كلالة. اللخمي: وعلى قوله في المريض: (يقر بقبض كتابة مكاتبه وورثه كلالة) أنه

يصدق إن كان الثلث يحمله يقبل قوله فيها: وإن ورثته كلالة إن حملها الثلث ولم يشعله بوصية، ويجرى فيها قول رابع: إن كان اعتراف بوطئها في صحته قبل قوله: الآن، وإن لم يحملها الثلث قاله ابن الماجشون في الواضحة: إذا باعها ثم قال: ولدت مني، وقال محمد: إن اقر بذلك في صحته، وعند قيام الغرباء عليه قبل قوله، وعلى قول عبد الملك يقبل قوله إن كان سمع منه إذا أصابها، وارى أن يصدق في قوله وتكون أم ولد إن كان إقراره في مرضه وورثته كلالة ولا يحملها الثلث، أو في صحته وعليه دين لكتمان كثير من الناس مثل هذا، ثم يعترف به عند الموت لا سيما إن كانت دنية أو سوداء؛ ولذا يصدق في الولد بعد نفيه. وفي عتقها الثاني مع حمالتها: وما اقرب به المريض أنه فعله في صحته فلم يقم عليه المقر لهم حني مات أو مرض فلا شيء لهم، وإن كانت له بينة إلا العتق والكفالة؛ لأنه دين ثبت في الصحة. قال ابن رُشْد في أخر مسالة في أول رسم من سماع يحي من كتاب النكاح: اختلف في قول الرجل في مرضه كنت أعتقت عبدي هذا في صحتي، ومن مات من مرضه على ثلاثة أقوال: الأول: لا يعتق في رأس مال ولا ثلث، إلا أن يقول امضوا عتقه فيعتق في الثلث. الثاني: إن ورثته ولد؛ عتق من رأس ماله، وإن ورثه كلالة؛ لم يعتق ولا من الثلث، وهذا في كتاب أمهات الأولاد من المدونة: فيمن اقر في مرضه بأن أمته ولدت منه ولا ولد معها، ولا فرق بين المسالتين. الثالث: إن ورثه ولد معتق من رأس المال، وإن روثه كلالة؛ عتق من الثلث رواه ابن عبد الحكم عن مالك، وهو في كتاب المكاتب من المدونة. قُلتُ: يرد تخريج قوله: لا فرق بأن العتق مظنة البينونة عند الملزومة لظهوره بخلاف الإيلاء، وقال ابن زرقون في ترجمة الوصية: للوارث فيمن اقر في مرضه أنه كان فعل شيئاً في صحته مثل عتق أو إيلاء ستة أقوال: الأول: في كتاب أمهات الأولاد: لا ينفذ من ثلث ولا رأس المال لو ورث بكلالة لم

ينفذ ولا من الثلث. الرابع: ظاهر قول ابن القاسم في كتاب المكاتب ونص الموازية: إن ورث بولد نفذ من رأس المال، وإن ورث من كلالة نفذ من الثلث. الخامس في الموازية: ينفذ من الثلث ورث بولد له أو كلالة. والسادس حكاه التونسي: إن حملت الثلث جاز، وإن لم يحمله بطل جميعه. وفيها: ليس في أم الولد لسيدها خدمة ولا استسعاء ولا غلة، إنما له فيها المتعة، وله خدمة أولادها من غيره ممن ولدته بعد ولادتها، ويعتقون بعتقها من رأس ماله. الباجي عن ابن القاسم: ليس له أن يعنت أم ولده في الخدمة وإن كانت دنية، وتبتذل الدنية في الجوائح الخفيفة بما لا تبتذل فيه الرفيعة، وقال عبد الوهاب: له استخدامها فيما يقرب ولا يشق، وقال أبو حنيفة: له فيها الخدمة، وهو الأظهر عندي؛ لأنها باقية على حكم الملك، وإنما منع أن يملكها غيره، ولا خلاف أن استخدام ولد أم الولد، وحكاه غير واحدا جماعا، ومنع بعضهم ثبوته، وكذا بيعها حاملاً وحكمهم حكمها؛ لأن كل ذات رحم فولدها بمنزلتها في الرق وفي الحرية. ****** ******* ******* وحكاه غير واحد إجماعا ومنع بعضهم ثبوته، وكذا بيعها حاملاً من سيدها. حكى البراذعي في احتجاجه على بعض الحنفية: الإجماع على منع بيعها، وقدح فيه بعض فقهاء تونس بناء على قول من يجيز بيع الحامل واستثناء جنينها، واخبرني بعض من لقيت من الثقات الحفاظ أنه وقف على حاشية في رسالة ابن أبى زيد بحط من يعتد به إمضاء بيعها عن علي ابن زياد. وفي سماع أشهب: من وَهْب ولده جارية ولدتها أم ولده بتزويجه إياها غلاماً له؛ جاز للولد وطؤها كتزويجه ما ولدته امرأة أبيه من غيره بعده فحمله غير واحد على الوهم من مالك في إغفال النظر في صحة الهبة. وقال ابن رُشْد عن ابن رزق عن أبي عمر بن القطان أنه قال: ليس بوهم منه؛ بل اعمل الهبة في الرقبة مراعاة للخلاف في جواز بيع أم الولد. وفيها: إن بيعت نقض بيعها، فإن اعتقها المبتاع نقض البيع والعتق وعادت أم ولد

له، فإن ماتت ببدع المبتاع فمصيبتها من البائع ويرد الثمن، وإن لم يعلم للمبتاع موضعاً فعلى البائع طلبه حني يرد عليه الثمن إن ماتت أم الولد أو بقيت، مات البائع أو بقى، ويتبع بالثمن في ذمته ملياً كان أو معدماً. اللخمي: إن لم يعلم حيث هو تصدق بالثمن قال: إن أولدها المشتري عالماً أنها أم ولد غرم مع ردها قيمة الولد. اختلف إن غره وكتمه أنها أم ولد، فقال ابن الماجشون: يلزم قيمة الولد، وقال مطرف: لا شيء عليه، وظاهر المذهب: إذا نقض بيعها تحفظ منه عليها لئلا يعود إلي بيعها ولا يمكن من السفر بها، وإن خيف عليها وتعذر التحفظ أعتقت عليه، كقول مالك فيمن باع زوجته: أنه لا يكون بيعها طلاقاً، وتطلق عليه إن خيف عودة لذلك. وفيها: قال مالك: أحسن ما سمعت في جناية أم الولد أن يلزم السيد الأقل من ارش جنايتها أو قيمتها امة يوم الحكم. الباجي عن أشهب: خالقتي ابن القاسم والمغيرة فقالا: عليه قيمتها يوم جنت ورجع ابن القاسم، وتمادى المغيرة، إنما عليه قيمتها يوم الحكم وتقوم بغير مالها، ورواه ابن عبدوس عن ابن القاسم وأسهب عن مالك والبرقي عن أشهب: تقوم بما لها، وقاله المغيرة وعبد الملك. وفيها تقوم بغير ما لها امة، وقيل: بما لها ولا يقوم معها ولدها وإن ولدته بعد الجناية. اللخمي: قال ابن الجهم عن ابن عبد الحكم: لا شيء على سيدها وذلك في ذمتها، وقال ابن الجهم: إن شاء سيدهم سلم الجناية، وإن شاء سلم ما بقي له فيها من الخدمة فيستخدمها أو يؤاجرها، ولا يلحقه من جنايتها أكثر مما يملك منها، فإن وفت رجعت لسيدها، وإن مات عتقت واتبعت بما بقي في ذمتها، وهذا أبينهما. وفيها: إن جنت على رجل أقل من قيمتها، ثم جنت على آخر أكثر من قيمتها؛ فعلى سيدها قيمتها يقتسمانها بقدر جناية كل واحد منهما. اللخمي: وقال بعض شيوخنا: إن كانت قيمتها مثل اقل الجنايتين؛ كانت بينهما

بالسوية؛ لأنه لو انفرد أحدهما كانت له فلا مزية للآخر عليه بخلاف المفلس؛ لأن دينها عن معاملات يكثر ما بيده، ويقل الأجل ما سلمه له كل واحد. الصقلي: قال محمد وسحنون والفظ له: إن جنت على رجلين موضحه موضحة، فقام أحدهما فدفع له سيدها قيمتها، ولم يعلم بالآخر، وكانت قيمتها يومئذ مثل أرش الموضحة، ولم يقم الثاني حتى جرحت ثالثاً موضحة، ثم قام هو والثاني؛ رجع السيد على الأول بخمسة وعشرين؛ لأنه إنما كان له يوم قام خمسة وعشرون، ثم ينظر إلى قيمتها اليوم، فإن كانت ستين ديناراً، قيل: للثالث جنى عليك نصفها المفتك وهو فارغ والنصف الآخر وهو مرتهن بجناية الثاني فنصف موضحتك في النصف الفارغ فيفتكه السيد منك بخمسة وعشرين؛ لأن نصف جنايتك أقل من نصف قيمتها الآن، ونصف الثاني بينك وبين الثاني على ما بقي لك وله الباقي لك نصف جنايتك، وللثاني جميع جنايته فيقتسمان نصف قيمتها على الثلث والثلثين فلك ثلاثة عشر وله عشرون، ولابن سحنون عنه: أن أبا زيد روى عن ابن القاسم في هذه المسألة: إذا قام الثاني والثالث أترجع السيد نصف ما دفع للأول أو يدفع لها دين إن شاء دية جرحهما كاملاً أو قيمتها، إلا أن تكون بينهما نصفين، فأنكر سحنون قوله: نصفين، وقوله: دية جرحهما كاملاً، وقال: هذا خطأ، وأبو زيد لا يقول بهذه المسألة، وذكر ابن عبدوس عن أشهب كرواية أبي زيد، فأنكره سحنون وذكر بشرحها المتقدم وهو الصواب. وحكم سبيها تقدم في الجهاد وعتقها بموت سيدها من رأس ماله: الباجي: ولو كان عليه دين وتقدم حكم ولدها من غيره واختيار الباجي في ذلك. وفيها: أرش ما جنى على أم الولد لسيدها. الصقلي وعن محمد: ولو مات سيدها قبل قبضة الأرش، ففي كونه لورثته أولها أول قولي مالك، وثانيها رواهما ابن قاسم، وقال الأول: القياس، ولكنا استحسنا ما رجع إليه، واتبعناه، وإن اعتقها سيدها قبل أن يأخذ ارشها فقال مالك: هو لها. محمد: وهو استحسان، وقال أشهب: هو للسيد. وفيها: إن جنى ولد أم الولد من غير سيدها جناية أكثر من قيمته خير في فدائه،

فيبقى على حاله أو يسلم خدمته في الأرش، فإن وفي رجع لسيده، وإن مات سيده قبل أن يفي عتق واتبع ببقية الأرش. قُلتُ: ولازمه هو قول ابن شاس: ارش الجناية عليه لسيد أمه، وتقدم حكم إنكاحها جبراً ورضى منها. وفيها: إن وطيء احد الشريكين امة بينهما فلم تحمل خير شريكه في تماسكه بحظه واتباع الوطيء بنصف قيمتها يوم وطئها؛ لأنه كان ضامناً لها لو ماتت بعد وطئه، ولا حد على الوطيء ولا غرم عليه، ويؤدب إن لم يعذر بجهل. قُلتُ: العقد الصداق في الصحاح والعقد مهر المرأة إذا وطئت عن شبهة. عياض: هذا معروف المذهب، وفي باب المتفاوضين من الشركة: يقوم عليه يوم وطئها، ولم يذكر مخيراً، ونحوه في الموازية: إنما يجبر على التقويم، وفي الشركة أيضا: إن وطئها احدهما تقاويها، فإن أبي احدهما المقاواة عرضت للبيع، وأخذها من أحب املكها بما بلغت، وجعل ابن أبي زمنين هذا حكم المتفاوضين دون غيرهما. وفيها: قول رابع: أنها باقية على الشركة يعطي الشريك ما نقضها إن نقصها الوطء، وهو نحو رواية البرقي عن أشهب. اللخمي: إن كانت بكراً وعلم أن سيدها غرضه بكارتها، لولا ذلك لم يشترها كان له أن يغرمها نصف قيمتها، وقد يحمل قوله أنه بالخيار على هذا. وفيها: إن حملت ما قومت على واطئها يوم الوطء إن كان ملياً، ويلحق به الولد، وهى له أم ولد ولا تماسك لشريكه. اللخمي: وقال مالك أيضا: القيمة حملت وذكرهما محمد، وقال: وقيل: يوم الحكم، وعن مالك: إن شاء يوم الوطء، وإن شاء يوم الحمل، وبه أخذ محمد. اللخمي: إن لم يطأها إلا مرة واحدة فالقيمة يوم الوطء، وإن كان مرتين وبينهما طهر كان الخلاف في الوطء الأول، كما تقدم إذا لم تحمل فعلى وجوب القيمة تكون القيمة لليوم الأول، وعلى أنه بالخيار يخير هنا في القيمة لأول يوم، أو القيمة يوم حملت وقاله محمد.

وعلى قوله: (إن تبين أنه لا حمل بها فلا تقويم له، وإنما له فيمه العيب إن كانت بكراً، وإن كان الوطيء معسراً، فقال مالك مرة: هي أم ولد للواطئ، ويتبع بالقيمة ديناً)، ثم رجع إلي تخير الشريك في تماسكه مع اتباعه بنصف قيمة الولد، وفي تقويمه نصفها ونصف قيمة الولد، ويباع له نصفها فقط فيما لزمه. ولابن القاسم في الموازية: إن تماسك بحظه ولم يقوم؛ اتبعه بنصف قيمة الولد، ونصف قيمة ما نقصها الولادة. وروى الإخوان: أنه يخير في التماسك ولا شيء له من نصف قيمة الولد، وفي التقويم عليه، ويتبعه في الذمة، وإن أحب بيع له نصفها، فلم يوجب على الوطيء في الولد شيئاً قوم عليه أو امسك، وحكى سحنون قولاً آخر: أنه إن قوم اتبعه بالقيمة في الذمة، ولم يحكم له أن يبيع ذلك عليه، وقال أشهب: يباع عليه ما يوفي الدين، وإن كان أكثر من النصف؛ لأنه يقول لا يكون لي بعض أم ولد، وإن للواطئ بيع الباقي إن أحب. وفيها: إن كانت امة بين رجلين حرين أو عبدين، أو احدهما عبد أو ذمي والأخر مسلم، فوطئاها فيظهر واحد فاتت بولد فادعياه؛ دعي له القافة فمن ألحقته به نسب إليه. الصقلي: يريد: أتت بولد لستة أشهر فأكثر من يوم وطء الثاني. الصقلي: إن لم توجد القافة بعد الاجتهاد في طلبها، ترك الولد إلي بلوغه، فيوالي من شاء، كما لو قالت القافة: اشتركا فيه، أو ليس هو لواحد منهما، وقاله بعض علمائنا وهو أولى من قول من قال: يبقى موقوفاً حني توجد القافة. يحنون: إن قالت القافة: ليس لواحد منهما؛ دعى له آخرون، ثم آخرون كذا أبدا؛ لأن أن القافة إنما دعيت لتلحق لا لتنفى. وفيها: فإن أشركوهما فيه والى إذا كبر أيهما شاء. اللخمي: اختلف في ذلك على أربعة أقوال: فذكر قولها، وقال: اتبع في ذلك ما روي عن عمر، وقال الإخوان وابن نافع: يلحق بأصحهم شبهاً له، ولا يوالى من أحب، وقال ابن مسلمة: إن عرف الأول لحق به؛ لأنه كان حملاً له قبل أن يصيبها

الآخر، وإن جهل الأول لحق بأكثرهما شبهاً فيما يرى من الرأس والصدر؛ لأنه الغالب وحكى سحنون قولاً رابعاً: أنه يبقى ابناً لهما لا يوالي احدهما، وهو أحسن؛ فإن مات احدهما قبل نظر القافة، فإن عرفت الميت؛ كانا كالحيين، وإن لم تعرفه، فإن قالت: هو ابن للحي؛ لحق به، وإن قالت: لا شيء لهذا الحي فيه؛ فقال أَصْبَغ: لحق بالميت، وإن ماتا قب النظر؛ كان ابناً لهما، وخالفه ابن الماجشون في الوجهين فقال: إن قالت: لا شيء لهذا الحي فيه بقى لا أب له، وكذا إن ماتا قبل النظر فيه بقى لا أب له، وقال ابن يحنون: إن مات احدهما فقالت القافة: للحي فيه شرك؛ كان له منه نصف أبيه، ويرث منه إذا مات نصف ميراثه، ولا يرث من الميت قبل شيئاً، واختلف في عتق الجارية فعجل أَصْبَغ عتقها بموت الأول، ووافقه ابن الماجشون لموت الباقي منهما، وقول أَصْبَغ في موت احدهما أحسن، وقول ابن الماجشون في موتهما أحسن؛ لأنه ميراث بالشك لإمكان أن يكونا لم يشتركا فيه، إلا أن يكون لهما وارث معروف فيكون له نصف ميراث لكل واحد، والباقي لبيت المال. قال: وإن ولدت توأمين دعي لهما القافة، فإن ألحقتهما بأحد السيدين، أو أشركتها فيهما؛ كان الأمر على قولها، وإن قالت هذا ابن لهذا، وهذا ابن لهذا؛ فقال ابن الماجشون: لا يقبل قولها، ولا يلحقها بأحدهما، وقال سحنون: يقبل قولها، فإن كان أولهما وطيء موسراً؛ كانت أم ولد له عليه نصف قيمتها يوم حملت، وله على الثاني قيمة جمع الولد، وإن كان معسراً؛ كان عليه نصف قيمة الولد، وله على الثاني مثل ذلك، وقيل: لا شيء له عليه وأعتقت الأمة عليهما معاً؛ يريد: لأن وطأها حرام عليهما، ولا يصح أن تسقط القيمة في نصف الولد على الثاني إلا أن يقول أنها عتيقة بنفس الحمل من الثاني، وقوله: يرجع أحسن؛ لأن عتق الولد إذا حرم وطؤها مختلف فيه، فلا تكون حرة إلا بحكم.

كتاب الوصية

[كتاب الوصية] الوصية في عرف الفقهاء لا الفراض: عقد يوجب حقاً في ثلث عاقده، يلزم بموته أو نيابة عنه بعده.

باب في الموصي

ومقدمته الضرورية ذكرناها في اختصار الحوفية، فانظرها فيه. [باب في الموصي] الموصي: المالك الإعطاء التام ملكه فيها، وتجوز وصية المحجور عليه والسفيه والمصاب حال إفاقته، لا حال خبله. وفيها: تجوز وصية ابن عشر سنين أو اقل مما يقاربها إذا أصاب وجه الوصية،

وذلك أن لا يون فيه اختلاط. الباجي: وفي المدونة قال عيسى: روى ابن القاسم: تجوز وصية اليافع وهو ابن عشر سنين أو اثنى عشر سنة. محمد عن أَصْبَغ: أجاز مالك وأصحابه وصية من يعقل ما يوصي، ابن سبعه سنسن أو شبهه، وقال أَصْبَغ: تجوز وصية الصغير إذا عقل ما يفعل. اللخمي عن أَصْبَغ: تجوز وصيته إذا عقل الصلاة. ولمالك في العتبية: إذا اثغر وأدب على الصلاة، والصبيان يختلف إدراكهم وتمييزهم، فمن علم تميزه جازت وصيته إذا أوصى فيما هو قربة لله تعالى، أو صلة رحم وإن جعلها لمن يستعين بها في منهى عنه ردت. ولأشهب: إن جعل إنفاذ وصيته بذلك إلي غير الموصي؛ فذلك لوصيه، ولأشهب: من أوصى لبكر بمائة دينار ولا ولي لها فدفعها الورثة بغير أمر الإمام إليها؛ فقد برئوا. وارى أن كان لها وصي دفع ذلك إليه، إلا أن يعلم أن قصد الموصي دفعه إليها لتتسع فيه. الباجي: أرى أن كان المولى عليه ثم مات؛ لم يلزمه ذلك، إلا أن يوصي به فيجوز في ثلثه رواه محمد عن أشهب عن مالك. ابن كنانة: إن سمى ذلك يقضي من رأس ماله؛ لم يجز على وارثه، وإن أوصى به على وجه الوصية بدئ على الوصايا. ابن زرقون لابن القاسم في الواضحة: إن لم يرد بيع المولى عليه حني مات؛ نفذ بيعه، فعليه يلزمه الدين بعد موته فتأمله. وقول ابن شاس: والكافر تنفذ وصيته إلا بنجس أو بخمر أو خنزير لمسلم واضح؛ لأنها عطية من ملك تام ملكه، وفي نكاحها الثالث: إذا قتل المرتد على ردته؛ بطلت وصاياه قبل الردة وبعدها. ويجوز رجوع الموصي عن وصيته إجماعا فيها مع غيرها في صحة أو مرض. قُلتُ: فلو التزم فيها عدم الرجوع في لزومها اختلاف بين متأخري فقهاء تونس. وقال بعضهم وهو الشيخ أبو علي بن علوان: في لزومها بالتزامه عدم الرجوع،

ثالثها: إن كانت بعتق ولم يعزها. قُلتُ: وفي التخيير والتمليك منها: إن قال: أنت طالق تطليقة ينوى بها لا رجعة لي عليك، فيها: من له الرجعة، وقوله: لا رجعة لي عليك ونيته باطل، فيها: فعليه لا يلزمه التزام عدم الرجوع في الوصية، وتقدم في أول المدبر للتونسي ما يفهم منه اللزوم. الباجي: لا خلاف في الرجوع عن الوصية بالقول أو الفعل. ابن حارث: اتفقوا فيمن أوصى لرجل بعبد ثم باعه أو وهبه أو اعتقه أن ذلك رجوع. الشيخ لابن كنانة في المجموعة: من أوصى بجارية؛ فله وطؤها، ولا تنقض وصيته، إلا أن تحمل من سيدها. قُلتُ: ومقتضى سماع أَصْبَغ: من وطيء جارية وأوصى بها لرجل ليس وطء رجوعاً، فإن وقفت حني مات خوف كونها حاملاً. قُلتُ: فجنايتها لسيدها. ابن رُشْد: ولو تيقن أنها غير حامل فالجناية للموصى له، وهو معنى ما في وصاياها الثاني، وحملها ابن القاسم على الحمل على أصله في ذلك، وقيل: هي محموله على عدم الحمل حني يعلم، وهى رواية أشهب: فيمن وطيء امة اشتراها وظهر على عيب بها فردها فمات قبل أن تحيض ضمانها من بائعها. وللصقلي عن ابن عبدوس: قيمتها للموصى له. قال ابن شاس: والكتابة رجوع. قُلتُ: لم أجده لأحد من أهل المذهب، ولم يذكره الشيخ في نوادره، إنما نص عليه الغزالي في الوجيز وأصول المذهب توافقه؛ لأن الكتابة أما بيع وإما عتق وكلاهما رجوع. وفي البيع الفاسد فوت هذا إن لم يعجز، فإن عجز فليست برجوع. الشيخ لابن عبدوس عن ابن القاسم: من أوصى بعبد ثم رهنه أو آجره، أَصْبَغ: فليس برجوع، وقاله مالك. وسمع أَصْبَغ ابن وَهْب: من أوصى بمزود جديدة، ثم لتها بسمن أو عسل؛ ليس برجوع، كما لو أوصى لرجل بعبد ثم علمه الكتابة؛ فليس برجوع، أَصْبَغ: ليس برجوع

ويكون شريكاً بقدر لتها, كالثوب يصبغه والبقعة يبينها. قال ابن شاي: وتزويج الأمة والعبد والوطء مع العزل ليس برجوع. قلت: لم أجد مسألة التزويج في نصوص مسائل مذهبنا, لم يذكره الشيخ في النوادر, وإنما نص عليه الغزالي في الوجيز, ولكن أصول المذهب تقتضيه؛ لأنه نقص في الموصى به, كالدار يهدمها, وشرطه في الوطء العزل خلاف ما تقدم من الإطلاق. ولابن كنانة وسماع أصبغ: قال ابن رشد في رسم الأقضية الثاني من سماع أشهب في غير ما سماع وغير ما موضع: أن من عم في وصيته فقال: ثيابي, أو رقيقي, أو غنمي, لفلان أو للمساكين, فاستبدل بهم أو استفاد غيرهم؛ أ، وصيته تنفذ فيما ملك يوم موته, ولو كانوا غير الذي في ملكه يوم أوصى ولو عينهم, أو واحد منهم اختصت الوصية بهم, فالعبد والعروض والحيوان, إن تعين بالإشارة إليه اتفاقا، فلو قال: هذا العبد أو الزرع لم تنتقل الوصية لغيره, ولو قال: عبدي لفلان ولا عبد له غيره, أو درعي ولا درع له سواه, يخرج قصد الوصية على ذلك, على قولين من اختلافهم فيمن حلف لا يستخدم عبد فلان فاستخدمه بعد خروجه من ملكه بعتق أو غيره, هل يحنث أم لا؟ وفي النوادر روى الأشهب: من أوصى لأخيه بسيفه أو درعه, فهالك ثم أخلفه؛ فهو للموصى له. قال: ولو أوصى له بعبد فمات العبد فأخلفه بعبد بخلاف ذلك. ابن رشد: فيتحصل في ذلك ثلاثة أقوال: الأول: يتعين بذلك العبد والدرع. الثاني: لا يتعين بذلك واحد منهما. الثالث: يتعين العبد لا الدرع والسيف وشبهه. واختلف هل يتعين العبد بالتسمية والصفة. فسمع عيسى ابن القاسم: من قال: عبدي النوبي أو الصقلي فباعه, واشترى غيره نوبياً أو صقلياً؛ أن الوصية تختص بالأول. وقال أشهب: لا تختص, قال: ولو قال: عبدي ميمون حر, ثم باعه واشترى عبداً

أسوداً سماه ميموناً وجب عتقه. قلت: الأظهر في قوله ميمون, قصر الوصية عليه؛ لأن الأعلام مختصة بخلاف الصفات. قال ابن الحاجب: فلو باع العبد الموصى به ثم اشتراه ففي رجوع الوصية قولان. قلت: لا أعرف من نقل القول الثاني, وإنما نق الباجي والصقلي والنوادر القول الأول فقط. الشيخ لابن القاسم في المجموعة: إن أوصى بزرع فحصده أو بثمر فجذه أو بصوف بجزء؛ فليس برجوع إلا أن يدرس الزرع ويكتاله, ويدخل بيته فهذا رجوع. الباجي: بالدرس والتصفية انتقل اسمه الزرع إلى اسم القمح والشعير, فكان رجوعاً, وقوله: أدخله بيته تأكيد وكذا قوله: اكتاله. ومن أوصى بثوب فصبغه أو غسله فقال ابن رشد: قيل: يكون فيه شريكاً للورثة بقيمة الصبغ من قيمة الثوب. قلت: عزاه غير واحد لأصبغ. ابن رشد: وقال ابن القاسم وأشهب: يكون له الثوب مصبوغاً. قال أشهب: وكذا لو غسله أو كانت داراً فجصصها؛ لأنه لم يتغير الاسم عن حاله. قال ابن الحاجب: ولو جصص الدار, وصبغ الثوب, ولت السمن, فللموصى له بزيادته, وقال أصبغ: الورثة شركاء بما زاد. قلت: ظاهره: أن قول أصبغ في الصور المذكورة من التجصيص وغيره, ولا أعرف من ذكره عنه فيه, وظاهره: أنه جعل شركة الورثة بما زاد, وهو خلاف ما تقدم, وما نقله الصقلي والباجي والنوادر. ونص أصبغ في العتبية, ولابن رشد في أول رسم من سماع ابن القاسم: إن أوصى في صحة دون سفر, فسواء قال: متى ما مت, أو إن مت, أو إذا مت, قال: ذلك بغير كتاب, أو بكتاب, أقره عنده أو وضعه عند غيره؛ ينفذ متى مات بكل حال, إلا أن يسترجع الكتاب بعد أن وضعه عند غيره فتبطل

بذلك وصيته. وكذا إن أوصى في مرضه أو سفره, وقال: إن مت ولم يزد, وقال: من مرضي هذا أو سفري هذا, وقال: يخرج عني كذا وكذا, ولم يذكر الموت بحال, فإن أشهد بذلك في غير كتاب؛ لم تنفذ الوصية إلا أن يموت من ذلك المرض أو في ذلك السفر، وإن كتب بذلك كتاباً وضعه عند غيره؛ نفذت على كل حال متى مات, وإن مات من غير ذلك المرض أو من غير ذلك السفر, وإن لم يضع الكتاب عند غيره؛ فقال مالك مرة: تنفذ على كل حال متى مات, وقال مرة: لا تنفذ إلا أن يموت في ذلك المرض أو في ذلك السفر, فالأول, بناء على أن إبقاء الكتاب بيده بعد برئه وقدومه من سفره, دليل على إلغائه التقييد بأحدهما. قال ابن أبي زيد: هذا إن شرط فيها إن مات من مرضه أو سفره, أو نحوه لابن القاسم في الموازية. وقال ابن سلمون: إن قبضها ممن جعلها على يده بطلت, وإن لم يشترط فيها ذلك ولو تركها بيد من دفعها إليه, حتى مات وهي مبهمة؛ أنفذت. وذكرها عياض فقال: وترجع فيها أبو عمران, وفيها: من قال: كتبت وصية ولو في مرضه أو عند سفره, وكتب فيها: متى حدث بي حدث, وأقرها عند نفسه أو أخرجها؛ فهي جائزة, مات قبل ذلك أو بعده, إذا شهدت عليها بينة, وإنما اختلف الناس في السفر والمرض. عياض: إن شهد في المقيدة ولم يخرجها من يده حتى مات من غير مرضه ذلك أو في غير سفره ذلك. ففي المجموع لمالك, وفي العتبية لابن القاسم فيها: قولان: إنقاذها, وإبطالها حتى يجعلها بيد غيره, ويبقيها عنده والقولان في المدونة, والثاني: على اعتبار ظاهر لفظه, وكذا لو قال: في صحته دون سفره, إن مت في هذا العام, يخرج عني كذا أو كذا, هو كقوله إن مت من مرضي بعينه, أو سفر بعينه فمات من مرض آخر أو سفر آخر؛ جازت. وإن مات في غير مرض ولا سفر؛ لم تجز فهو بعيد

قلت: وذكر عياض قولاً ثالثا في المسألة, وقال: رواه أشهب وابن القاسم وعلي وابن نافع وقاله أشهب. قال: والاستحسان غير القياس, وإن تنفذ وإن مات في غير مرض أو سفر. وفيها: من كتب وصيته عند سفره, أو مرضه ووضعها على يدي رجل, ثم قبضها منه بعد برئه من مرضه, وقدومه وأقرها بيده حتى مات فشهدت عليه ببينة أنها هي الوصية؛ بطلت ولم تنفذ, وإنما تنفذ إن لم يقبضها منه حتى مات. وسمع ابن القاسم؛ من هلك, ووجد في بيته وصيته, وشهد رجلان أنها كتابته بيده؛ لا تجوز وصيته' وعسى أن يكون غير عازم. ابن رشد: إنما يتميز عزمه بالإشهاد, أو وضعها على يدي غيره, وكذا الطلاق والصدقة. الصقلي في الموازية: إن أتى إلى الشهود, بوصيته فقرأها عليهم إلى آخرها؛ لم تنفذ إلا أن يقول اشهدوا علي بما فيها, وذكرها الشيخ أبو محمد في نوادره ولم يذكر فيها خلافاً. الشيخ في المجموعة, ونحوه في الموازية لابن القاسم: لو أوصى بغزل فحاكه ثوبا أو برداء فقطعه قميصا؛ فهو رجوع, وقاله أشهب, وزاد: وبقضه فصاغها خاتما, أو بشاة فذبحها؛ فهو كله رجوع؛ لأنه لا يقع عليه الاسم الذي أوصى به. قال: وكذا بقطن ثم حشا به أو عزله. وفي نوازل سحنون: من أوصى بدار فهدمها, أو بعرصة فبناها, فالوصية ثابتة والورثة شركاء مع الموصى له بالبناء. قال سحنون: إن خرجت العرصة من اسمها نظير دار أخرجت من الوصية, وإن خرجت الدار من أن تكون دارا صارت عرصة فقد خرجت من البنيان. ابن رشد: قول سحنون في العرصة يبينها: أن الوصية بها ثابتة, والورثة شركاء مع الموصى له, خلاف قوله في سماع أبي زيد: ففي البقعة يبينها, والدار يهدمها في بطلان الوصية بذلك قولان: بالبناء والهدم.

وعلى عدم بطلانها في بناء العرصة في كونها ببنائها نافذة للموصى له, أو يكون شركاء للورثة بالعرصة, وعلى عدم بطلان الدار بهدمها في كون نقضها للموصى له قولا ابن القاسم في المجموعة وغيره. قلت: عزاه ابن زرقون لأشهب. ابن رشد: وفي الثوب يوصي به ثم يقطعه, ثم يخيطه في بطلان الوصية به, ثالثها: إن قال: شقتي أو ملحقتي, ويصح إن قال ثوبي. قلت: عزاه الباجي لابن القاسم. ابن رشد: وعلى الثاني يختلف هل يكون له الثوب مخيطاً أو يكون مع الورثة شريكا. قلت ثالث: أقول العرصة والدار عزاه الباجي لأشهب, وقال: وهذا رجوع من أشهب في تعلقه بالأسماء. وفيها: من أوصى بشيء معين لرجل, من دار, أو ثوب, أو عبد, ثم أوصى بذلك لرجل آخر؛ فهو بينهما. وفيها: إن قال: العبد الذي أوصيت به لزيد هو وصية لعمرو؛ فذلك رجوع. زاد الشيخ عن الموازية: إن يقبله الثاني فلا شيء للأول. وفيها: إن أوصى بعتق عبد نفسه, ثم أوصى به لرجل ثم أوصى به للعتق, فالأخيرة تنقض الأولى إذ لا يشترك في العتق. زاد الشيخ: وقاله أشهب في الوصايا الثالث, وقال في الثاني: إن أوصى به لرجل بعد أن أوصى بعتقه فالعتق أولى. الصقلي ابن المواز عن أشهب: من أوصى بعبده لفلان, ثم أوصى أن يباع وقال: بيعوه من فلان وسمى ثمنا أو لم يسم ثمنا, لم يحط عنه شيء, فإن لم يقبله عاد ميراث. ولو قال: عبدي لفلان وبيعوه من فلان, فليبع منه بثلثي ثمنه, ويعطى ذلك لفلان, فإن ترك موصى له بابتياعه شرائه والثلث الذي أوصى له به للورثة دون الموصى له به, وللموصى له بالعبد ثلثا ثمنه. ابن القاسم: من أوصى بعبده لفلان, وفي وصية أخرى أن يباع من فلان غيره, ولا

مال له غيره؛ فثلثه بينهما أرباعاً, للموصى له بالعبد ثلاثة أرباعه, وللموصى له بالبيع ربعه. قال ابن عبدوس: وقاله أشهب. قلت: هذا خلاف قول أشهب أولا: أن ذلك رجوع عن الوصية لفلان, ثم أوصى بيعه فتأمله. قال: وقال سحنون: من أوصى أن تباع داره من فلان بمائة, وأوصى بعد ذلك أن تباع تلك الدار من آخر بخمسين, فإن حملها الثلث بيع نصفها من هذا بخمسين, ونصفها من هذا بخمسة وعشرين, وإن لم يحملها الثلث خير الورثة, إما أجازوا أو برؤوا لهم من ثلث الميت في الدار فيكون بينهما نصفين. وفيها: من أوصى لرجل بشيء من صنف ذكر منه كيلا أو وزنا أو عددا من طعام, أو عرض, أو عين أو غيره وبعدد بغير عينه من رقيق, أو غنم, ثم أوصى له هذا ذلك الصنف بأكثر من تلك التسمية, أو أقل, فله أكثر الوصيتين كانت الأولى أو الأخرى. ومثله سمع يحيى ابن القاسم: ابن رشد: هذا نص قول ابن القاسم, وروايته في المدونة وغيرها, وسواء كانت في كتاب واحد أو كتابين. وقال مطرف: إن كانت الأولى أقل فله الثانية, وإلا فله الوصيتان معا كانت في كتاب أو كتابين, وقال ابن الماجشون كابن القاسم: إن كانتا في كتابين, وكقول مطرف: إن كانتا في كتاب واحد قال: وهذا إن كان بين الوصيتين, كقوله: لزيد عشرة, ولزيد عشرون, فتكون له العشرة, والعشرون, وكذا على مذهبه: لو قال لزيد عشرون, ولزيد عشرة, بغير واو لم يكن إلا عشرة؛ قال ذلك تأويلا على مات, رواه عن مالك: من أن له الوصيتين إن كانت الأولى أكثر, والثانية وحدها إن كانت الأولى أقل, إذا لم يسمعا منه تفرقة بين أن تكون الوصيتان في كتابين أو كتاب واحد, ولا مساواة بين ذلك. الباجي: روي عن يحيى عن ابن القاسم: من أوصى لرجل بعشرة دنانير, ثم أوصى له بعشرة دنانير؛ فله العددان.

ولما ذكر الباجي نحو ما تقدم. قال: وعلى هذا تجري الوصيتان في الذهب والفضة, والعروض والحيوان, والدور والثياب وغير ذلك, ما لم يكن في معين, قاله أشهب, ورواه ابن القاسم وروى ابن حبيب عن الأخوين: أن ذلك في المكيل والموزون, وأما العروض فله الوصيتان, تفاضل ذلك, أو تساوى كانا في كتاب أو كتابين. ابن زرقون: ولابن الماجشون في ديوانه: إن أوصى له بعرضين مختلفين, فإن كانا في وصية واحدة؛ كانا له, وإن كانا في وصيتين؛ فله الأكثر من قيمتهما. وما ذكره الباجي وابن زرقون, ذكره ابن رشد, فقال هو والباجي واللفظ للباجي: لا خلاف أن الدراهم من سكة واحدة متماثلة, وكذا الأفراس والإبل والعبيد, وأما الدنانير والدراهم, فقال ابن حبيب: روى ابن الماجشون: أنهما متماثلان صنف واحد؛ يريد: في زكاة يعتبر الأقل والأكثر. وقال ابن القاسم وأصبغ: هما غير متماثلين. ابن رشد: والقولان قائمان من المدونة. محمد: وكذا القمح والشعير, والدراهم والسبائك من الفضة, ولو أوصى له بعددين متساويين كمن أوصى له بعشرة دنانير, ثم أوصى له بعشرة دنانير, فليحيى عن ابن القاسم له العددان معا, وعليه مذهب مالك وأصحابه. وفي معونة عبد الوهاب: له أحدهما, لجواز كون الثانية تكرارا وهذا بنحو القول. أشهب: فيمن أوصى لرجل بثلثه ثم أوصى له بثلثه. ابن زرقون: انظر قوله: هذا قول مالك وأصحابه. ففي الموازية: روى ابن القاسم: أن له أحدهما كقول عبد الوهاب. الباجي: يحاص بالثلث, ثم أوصى له بعبد ودنانير, فقال أشهب: يحاص بالثلث بعدة دنانير أو قيمة العبد. وقال ابن القاسم وسحنون: معناه: أن ماله عين كله. وسمع أصبغ ابن القاسم: يضرب له بأكثر الوصيتين من العدد والثلث, أصبغ:

وفيها شيء, ولها تفسير, وقول سحنون معناه: أن ماله عين كله؛ فيكون الثلث من جنس عدد الدنانير, فعلى قوله: يقضى له بأكثرهما, يحمل على أن الوصية عين كله, ويحمل قوله: أنه يجمع له الوصيتان على أن الوصية عين وعرض. ابن زرقون: وإلى ذلك أشار أصبغ بقوله: ولها تفسير فيتحصل فيها ثلاث أقوال: أحدها: يحاص بالأكثر كان ماله عينا, أو عرضا, أوصى له بعين أو عرض, وهو ظاهر مذهب ابن القاسم. الثاني: يحاص بهما من غير تفضيل, وهو قول أشهب. الثالث, إن كان ماله كله عينا وأوصى له بعين؛ ضرب له بالأكثر, وإن كان ماله عرضا, وأوصى له بعرض, ضرب لهما, وهو قول سحنون وأصبغ. ولو أوصى له بثلث, ثم أوصى له بثلث آخر؛ يحاص بثلث واحد, وعلى مذهب ابن القاسم وأكثر أصحابنا: يحاص بالثلثين. كمن أوصى بعدد, ثم أوصى بثلث, إلا أن يريد: أن كونه ممنوعا من الزيادة على الثلث يقتضي حمل الوصية الثانية على أنها هي الأولى. وفيها: من أوصى بثلث ماله, وبربع ماله, وأوصى بشيء بعينه لقوم نظر إلى قيمة هذه المعينات, وإلى ما أوصى به من الثلث والربع, فيضربون في ثلث الميت بمبلغ وصاياهم, فما صار لأصحاب الأعيان أخذه في ذلك, وما صار للآخرين كانوا به شركاء مع الورثة. فإن هلكت الأعيان؛ بطلت الوصايا فيها, وكان ثلث ما بقي بين أصحاب الثلث والربع يتحاصون فيه. ومن أوصى لرجل بعبده وللآخر بسدس ماله, والعبد هو الثلث؛ فالموصى له بالعبد ثلثا الثلث في العبد, والآخر شريك للورثة بخمس بقية التركة, وقاله عن ابن زياد ورواه عن مالك وعليه قول ابن القاسم. عياض: إنما نبه لهذا سحنون تنبيها لما تقدم من خلاف عن ابن القاسم في ذلك في العتبية والموازية: إن للموصى له سدس ما صار من العبد للموصى له بالعبد؛ لأنه لما قال سدس مالي لفلان, وقد أوجب له سدس العبد.

الشيخ: روى علي في المجموعة, من أوصى لرجل بعبد, ولآخر بثلث ماله فليعاولا, فإن كان الثلث مثل قيمة العبد فالثلث بينهما شطرين, يأخذ هذا في العبد نصفه, والآخر شريكا للورثة بالخمس. أشهب: إذا كان العبد السدس وأوصى لآخر بالسدس, فالعبد كله للموصى له, والآخر شريك للورثة بالخمس, ومن قال: يكون له سدس خمسة أسداس, ويكون سدس العبد بينه وبين الآخر فقد أخطأ, إنما يؤخذ في الوصايا بما يرى أن الميت أراده. قال أبو محمد: يريد: قولا لابن القاسم. قال سحنون: فلا يدخل الموصى له بالثلث على أصل التسمية, ولا يكون رجوعا عن العبد. قال أشهب: فإن كان العبد هو الثلث, وأوصى بالسدس؛ فللموصى له بالعبد ثلثا الثلث في العبد, والآخر شريك للورثة بالسبع فيما بقى من العبد وغيره. ولو كان العبد السدس, وقد أوصى بالثلث؛ فلكل واحد ثلثا وصيته على هذا التفسير. قال سحنون: فإن أجاز الورثة؛ فالعبد للموصى لهبه والثلث كاملا للموصى له. وسمع يحيى ابن القاسم: إن أجازوا فليس عليهم تسليم العبد مع جميع الثلث؛ بل العبد وثلث ما بقى, فيقسم ثلث العبد بينهما, فيأخذ الموصى له بالثلث سدس العبد, وثلث ما بقى سوى العبد, ويأخذ الآخر بقية, العبد وهو الذي أنكر سحنون ومحمد. وفيها: من أوصى لحمل امرأة, فأسقطت بعد موت الموصي؛ فلا شيء له إلا أن يستهل صارخا. وفي عتقها الثاني: من قال: أول بطن تضعينه فهو حر, فوضعت توأمين فهما حران. وفيها أيضاً: من قال: ثلث مالي لولدي فلان, وقد علم أنه لا ولد له؛ جاز وينتظر أيولد له أم لا؟ ويساوى فيه بين الذكر والأنثى. وفيها: من أوصى بمال لعبد أجنبي فلسيده انتزاعه. اللخمي: القياس أن لا ينتزع؛ لأن القصد بالوصية انتفاع العبد, ولو لم يرد ذلك لأوصى به لسيده.

قلت: حكم مالك السيد تسلطه على انتزاع ما ثبت ملك عبده إياه, فليس لأجنبي إبطال حقه في ذلك. وفيها: لا تجوز وصية الرجل عبد وارثه إلا بالتافه, كالثوب ونحوه مما يريد به ناحية العبد, لا نفع سيده, كعبد كان خدمه ونحوه. الشيخ في الموازية عن ابن القاسم وأشهب: كالثوب والدينار. وإن أوصى له بالشيء الكثير, وعلى العبد دين يستغرقه, أو يبقى منه ما لا يتهم فيه؛ فذلك جائز. التونسي: وفيه نظر؛ لأن زوال الدين عن عبده يزيد في ثمنه, فينتفع الوارث بذلك, إلا أن يكون بقاء الدين عليه, وهو مأذون له تاجر لا ينقص من ثمنه كثيرا, وزواله لا يزيد في ثمنه فيصح الجواب. الشيخ: لأشهب في المجموعة: وتجوز لمكاتب وارثه بالتافه لا بالكثير, إلا أن يكون المكاتب مليا يقدر أن يؤدي؛ فذلك جائز. اللخمي عن أشهب: إن لم يقدر على الأداء إلا بالوصية, والأداء أفضل لسيده؛ لم تجز, وإن كان العجز أفضل؛ جازت, وأرى أن تجوز مطلقا؛ لأن القصد بها خروج المكاتب من الرق. واختلف فيمن زوج ابنته في مرضه وضمن مهرها قيل: الضمان جائز وهي وصية للزوج, وإن صارت المنفعة للابنة, وقيل: لا تجوز والأول أحسن. وفيها: إن أوصى لعبد ابنه ولا وارث له غيره؛ جاز, وليس للوارث انتزاعه ويباع بما له, ولمن اشتراه انتزاعه. اللخمي: وقال أشهب: يقر ذلك بيد العبد حتى ينتفع به, ويطول زمانه ولا ينتزعوه, وإن باعوه قبل طول زمانه. واستحسنت في الكثير ما ذكرت لك؛ لأن القياس, إما أن ينتزعوه مكانه أو لا ينتزعوه أبدا, وأن ينتزعوه بحال أحسن, وكذا أرى في المشتري أن لا ينتزعه؛ لأن

بيعه على أن لا ينتزعه كانتزاع الوارث, فقد يكون ثمنه خمسون دينارا, أو في يده خمسون, فإن بيع بماله على أن ينتزعه كان ثمنه مائة أو ما يقاربها, فكان البائع هو المنتزع إذا سلطه على ذلك, وأخذ له ثمنا, ولو بيع على أنه في يده كالحبس لم يزد في ثمنه كبير شيء. وفيها: قال مالك: من أوصى لعبده بثلث ماله, وقيمة الثلث؛ عتق جميعه, وما فضل من الثلث كان للعبد, وإن لم يحمله الثلث عتق منه محمله, ابن القاسم: إن لم يجمله, وللعبد مال استتم منه عتق نفسه. وروى ابن وهب: إن أوصى له بثلث ماله, أو سدسه, جعل ذلك في رقبة العبد, فإن كانت قيمته السدس؛ خرج حرا. قال مالك: وإن لم يترك غير العبد, وأوصى له بثلث ماله وبيد العبد؛ يعتق منه. قلت: وثالثها للصقلي وغيره عن المغيرة: لا يعتق إلا ثلثه فقط؛ لأن ما ملك من ثلث نفسه لا يملك رده, فهو كمن ورث بعض من يعتق عليه, فإنه لا يقوم عليه. قلت: ففي عتقه فيما يجب له من الثلث, فإن قصر عن قيمته؛ استتم بما بيده من مال. وروى ابن وهب فيها: لا يستتم به, وثالثها للمغيرة: لا يعتق منه غير الثلث مطلقاً. قلت: نقله ابن رشد في رسم أسلم آخر شرب خمراً من سماع ابن القاسم عن ابن وهب خلاف روايته عن المغيرة. الصقلي لعيسى عن ابن القاسم: إن أوصى بعتق ربع عبده لم يقوم على العبد باقيه؛ لأن السيد هو المعتق, بخلاف إذا أوصى لعبده بربع نفسه هذا يقوم باقيه على نفسه. قال مالك: لأنه لو كان العبد بين اثنين فأعتق أحدهما حظه قوم عليه ما بقى. قلت: يبطل هذه الأخيرة ما تقدم في وجه قول المغيرة. ومن المجموعة قال عبد الملك: إن قال: ثلث عبدي له, ومائة دينار فليس له أخذ المائة في نفسه عتقاً بعتق ثلثه, ويرث ثلثاه ويطال له بالمال أهل الوصايا.

وإن قال: ثلثي لعبدي؛ عتق جميعه في ثلثه, أو ما حمل منه الثلث, وما فضل له. قال مالك: وأنا أقوله, وقال لي المغيرة: وابن دينار بعتق ثلثه, ويحاص بما بقي أهل الوصايا. ابن أبي زيد: وما وقع له كان بيده, وقال ابن القاسم: من أوصى لعبده بثلث, ولأجنبي بثلث ماله؛ تحاصاً بما صار للعبد عتق فيه, وما صار للأجنبي أخذه, ولم أجد العبد؛ لأنه عتق على نفسه. الصقلي: فصار أوصى لعبده بثلثه ويحاص بما فضل, ولا فرق في التحقيق بين أن يكون أوصى له بثلثه ويثلث نفسه ومائة دينار؛ لأن المعنى في الوجهين يؤول لمعنى واحد, وإذا أوجب أن يعتق في بقية الثلث؛ وجب أن يعتق في المائة الواجب أنه يعتق فيه يجب أن يكون مبدأ. وسمع عيسى ابن القاسم مثل ما تقدم من قولها لابن القاسم, وزاد: لو أوصى بعتق ثلثه وأوصى له ببقية ثلثه أو بدنانير مسماة؛ لم يعتق منه غلا ثلث, وكانت له الوصية دنانير أو غير ذلك. ابن رشد: لا خلاف أنه لا يعتق على العبد بقيته, إلا فيما أوصى به من بقية الثلث, ولا من الدنانير التي أوصى له بها ولا في مال إن كان له سواه. ومثله في سماع يحيى وفيه نظر؛ لأن ثلثي رقبته من بقية ماله, فإذا أوصى له بثلث فقد بقية ماله أوصى له بثلث ثلثي رقبته, فوجب على قياس قوله: أن يعتق على نفسه ثلث ثلثيه؛ لأنه قد ملكه ذلك, وإذا عتق على نفسه شيء منه وجب أن يقوم عليه بقيته في ماله, وبين أن يوصي له بعتق ثلثه وببقية ثلث ماله, وهما يفترقان في وجه القياس على ما بينا. وسمع أيضاً: من أوصى لعبده بثلث ماله, وبعتق عبد آخر فالموصى بعتقه مبدأ؛ لأنه على الميت معتق, والآخر إنما يعتق على نفسه. ابن رشد: هذا بين على مذهبه, وعلى قياس قول ابن وهب: إنما يعتق ثلث العبد

بوصية الميت لا على العبد؛ ولذا لا يقوم بقيته في بقية الثلث, إذ لا تبدأ الوصية بعتق العبد عتق ثلثه, وأن يسهم بينهما وأما على بقية ثلثه فيبدأ على كل حال اتفاقا لأنها وصية بمال. وفي نوازل سحنون من أوصى لعبده بثلث ماله, وللعبد ولد قدم عتق العبد في الثلث, فإن بقي منه شيء دخل فيه الابن بالعتق بالغا ما بلغ. ابن رشد: على قياس قول ابن القاسم في رسم أسلم, قيل: هذا فيمن أوصى لعبده بثلث ماله, وأوصى بوصايا أن العبد مبدأ على الوصايا, وعلى رواية أبي زيد: أنه لا يبدأ على الوصايا ويتاحصان, لا يبدأ الأب على الابن ويعتق من الأب ثلثه؛ لأنه من مال الميت الذي أوصى له بثلثه, ثم يعتق من كل واحد منهما في بقية الثلث ما حمل منه بالسوية, كمن أعتق شقصاً له في عبدين, وليس له من المال ما يقوما فيه معاً فيقوم منهما معاً ما حمله بالحصص لا يبدأ أحدهما على صاحبه. الشيخ عن أشهب في المجموعة: من أوصى لرجل قد مات, وعلم بموته؛ فذلك لورثته ولدين عليه, وذكره اللخمي غير معزو كأنه المذهب. وحكى عن مختصر ابن عبد الحكم: أن الوصية باطلة وليس فيها لوارث أو غريم شيء. ابن عبد السلام: ولم يبعد تخريجه في الوصية لقنطرة أو مسجد. قلت: يرد بوضوح قصد الوصيين لهما بأنهما لمنفعة عموم المسلمين, فهي وصية لهم, بخلاف الوارث والغريم. وقلت: الشيخ عن ابن كنانة: إن علم الموصي بموت الموصى له, فليشهد أنه رجع, فإن لم يشهد فلا شيء لورثة الموصى له. قال ابن الحاجب وابن شاس: تصح الوصية لميت علم الموصي بموته' فتصرف في دينه أو كقاراته وإلا فلو رثته, فقبله ابن هارون. وقال ابن عبد السلام: فيه نظر؛ لأن المذهب في الكفارات والزكاة التي فرط فيها الميت لا تخرج من ثلثه وجوباً, إلا أن يوصى بها. قلت: لما ذكر الشيخ قول أشهب؛ فذلك لورثته ولدين عليه, قال: هذا إن جهل.

أمر الوصية، وإن علم أنها لزكاة فرط فيها؛ فلا شيء لورثة الميت فيها، أو لدين عليه فيتصرف بها في وجه الزكاة. من أوصى بزكاته لمن ظنهم فقراء، وهم أغنياء؛ فوصيته باطلة، وإن علم بموته بعد الوصية نفذت لورثة الموصى له، وقضي بها دينه. وفيها: وكذا وصيته لميت، ولا يعلم بموته فوصيته باطلة، وإن علم بموته بعد الوصية؛ نفذت لورثة الموصى له، وقضي بها دينه. الشيخ: روى ابن وَهْب في المجموعة: وصية المسلم للكافر جائرة، وقاله ابن القاسم، قال أشهب: ولو كان أجنبياً. ابن حبيب عن أَصْبَغ: تجوز للذمي ولا تجوز لحربي؛ لأنها قوة لهم وترجع ميراثاً لا صدقة. وروى ابن وَهْب: من نذر صدقة على كافر لزمه. الباجي: قال عبد الوهاب: تجوز الوصية للمشركين، ولو كانوا أهل حرب. وفي المجموعة: من أوصى لبعض أهل الحرب، وقال: فإن أجيز ذلك، وإلا فهو في السبيل لم تجز هذا في سبيل ولا غيره، ويورث، وهذا يقتضي أن الوصية للحربي لا تجوز. قلت: قيد ابن رُشْد إطلاق قول أشهب فجوازها للذمي لكونه ذا نسب من جوار أو يد سلفت. وفيها: وإن أوصى له بعد ضربه وعلم به، فإن كانت الضربة خطأ؛ جازت الوصية في المال والدية، وأما في العمد؛ فتجوز في ماله دون الدية؛ لأن قول الدية كمن لم يعلم به. اللخمي: قال محمد في الخطأ: هي في المال والدية، علم أو لم يعلم به، قاله إن أوصى له بعد الجناية عمداً، أو لم يعلم أنه قاتله. قال محمد: هي نافذة له علم أو لم يعلم. الصقلي: ولو أنفذ قاتله مقاتلة كقطعه نخاعه، أو مصرانه وبقي حياً يتكلم فقبل

أولاده الدية، فعلمها فأوصى فيها وصاياه؛ لأنه مال طرأ له، وعلم به قبل زهوق نفسه، فوجب أن تجوز وصاياه فيه. وفيها: والموصى له إذا قتل خطأ؛ جازت الوصية في ماله دون الدية، وإن قتله عمداً فلا وصية له في مال، ولا دية كمن قتل مورثه خطأ، فإن يرث من المال دون الدية. وإن قتله عمداً، لم يرث من مال ولا دية، قال محمد: لأن الدية أديت عنه، فهو يؤدي فيها فلا يؤدي عن نفسه. اللخمي: قوله بمنزلة الميراث غير بين؛ لأن منع الميراث من الدية شرع، ولو أوصى بأن يورث منها ما جاز، ولو أوصى لغير الوارث أن يعطي ثلث الدية؛ جاز والاعتراض؛ لأنه لا يأخذ مما يؤدي غير صحيح. فلو أوصى لغريمه بثلث ماله، كان للغريم من الدين الذي عليه ثلثه. ولما ذكر الصقلي تعليل محمد، قال: وسواء مات بالفور أو حيي وعرف ما هو فيه، بخلاف ما لو أوصى لغير القاتل بعد أن حيي وعرف ما هو فيه، أن الوصايا تدخل في المال والدية؛ لأن الموصى له ليست الدية عليه. وساوى بعض أصحابنا بينهما، وهو خطأ، وكذا في العمد إن مات مكانه؛ بطلت الوصية له، وإن حيي ولم يغير وصيته فقيل: تكون وصيته ثابتة؛ لأن سكوته عنها كالمجيز لها فوجب أن تجوز في مال، وقيل: بطلت حتى يبتدئ في إجازتها بلفظ آخر، كما قال في المدونَّة: إذا قتل المدبر سيده فحيي بعد ضربه إياه فمات؛ إن تدبيره يبطل حتى يجدده، وعلى ما تقدم يكون بسكوته كأنه مجيز لما تقدم من التدبير. الشيخ لأشهب في الموازيَّة والمجموعة: من أوصى لمعتق وقتله بعد الوصية؛ نفذت وصيته ولا تهمة عليه، وكذا الصبي والمعتوه أعذرهما وقد يؤاخذ الصبي بفعله. ولو أوصى لمكاتب رجل فقتله سيد المكاتب، فإن كان ضعيفاً عن أداء الكتابة وعجزه أفضل لسيده بطلت الوصية، وإن كان قوياً على الأداء وعجزه أفضل لسيده لكثرة ثمنه، وقلة ما بقي عليه؛ فالوصية جائزة، فلو قتله خطأ جازت له من ماله بكل

حال، واستحسن هاهنا أن يكون من ثلث عقله. وقال في الموازيَّة: ولو أوصى لعبد رجل أو مدبره أو معتقه إلى أجل أو معتق بعضه له، فقتل سيده الموصي؛ بطلت الوصية، إلا أن يكون بالتافه لا يتهم السيد فيه؛ فتنفذ في العمد والخطأ، وإن كان شيء له بال؛ بطلت في العمد، وتجوز في الخطأ في ثلث ماله. واستحسن أن تكون هاهنا في ثلث عقله، ولو قتل الموصي ابن الموصي له، أو أبوه أو عبده، أو أم ولده عمداً، أو خطأ؛ فالوصية ماضية. ولو وهب لرجل في مرضه هبة فقتله الموهوب؛ فالهبة جائزة من الثلث، قتله عمداً أو خطأ، إن كانت بتلاً عاش أو مات؛ لأن قتله أو ضربه، لو عاش كانت من رأس ماله، وهي الآن من ثلثه، ولو أقر له بدين في مرضه فقتله؛ فالدين له ثابت. محمد: ولو كثر الدين؛ لأنه ليس بقتله ثبت الدين. قلت: إن كان الدين مؤجلاً في حلوله بموته نظر. قال: (ولو أقر لوارثه بدين أو وهب له هبة بتلاً فقتله الوارث؛ فلا شيء له وذلك بخلاف الأجنبي). قلت: روى أبو أمامه الباهلي قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في خطبة حجة الوداع: "إن الله أعطى لكل ذي حق حقه، فلا وصية لوارث، الولد للفراش وللعاهر الحجر وحسابهم على الله" الحديث أخرجه الترمذي وصححه. وروى الدارقطني عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تجوز الوصية لوارث إلا أن يشاء الورثة"، رواه ابن جريج عن عطاء الخراساني عن ابن عباس، وعطاء هذا لم يرو ابن عباس ووصله يونس بن راشد عن عطاء عن عكرمة عن ابن عباس، قال عبد الحق: والمقطوع هو المشهور.

قلت: يونس بن راشد الجزري قاضي حران صدوق، قاله الذهبي والمزني، وفي الموطأ: قال مالك: السنة عندنا التي لا خلاف فيه أنه لا تجوز وصية لوارث، إلا أن يجيزها ورثته، وإن أجاز بعضهم؛ جاز له حق من أجاز. قلت: وعلى نقل ابن فتوح عن عبد الملك: ليس لوارث أن يجيز ما زاده الموصي على الثلث؛ لأنه عقد فاسد للنهي عنه يتخرج مثله في الوصية للوارث. اللخمي: إن أوصى بأكثر من ثلثه فأجاز الابن وعليه دين، فقال ابن القاسم: للغرماء رد ذلك. قال ابن القُصَّار: إن أجاز الوارث ما أوصى به الميت من الزيادة، أو الوصية للوارث كان ذلك تنفيذاً لفعل الميت، لا ابتداء عطية من الوارث، والأول أحسن وهو أصل. أشهب في كتاب محمد: وإن أجاز الوارث ولا دين عليه، فلم يقبض ذلك الموصى له حتى استدان الوارث أو مات، كان غرماء الولد وورثته أحق بها؛ لأنها هبة لم تجز عنه. وقال أشهب: يبدأ بوصية الأب قبل دين الابن، والأول أحسن. وفيها: من أوصى بثلثه لوارث، وقال: إن لم يجزه باقي الورثة فهو في السبيل؛ لم يجز ذلكن وهو من الضرر. الشيخ عن أشهب في المجموعة: إلا أن يجيز ذلك الورثة للوارث؛ فيجوز. أبو عمر في الكافي: رواه ابن أبي أويس عن مالك، وروى ابن القاسم عنه: أنها مردودة. الشيخ عن أشهب: إن أوصى لبعض أهل الحرب، وقال: إن أجيز ذلك وإلا فهي في سبيل الله؛ لم تجز في سبيل الله ولا غيره. وفيها: لو قال: داري في السبيل إلا أن ينفذها الورثة لأبني؛ فذلك نافذ على ما أوصى الشيخ، وقاله ابن وَهْب، والمدنيون وابن كنانة، وابن نافع وأَصْبَغ استحساناً قائلاً وفيه مغمز.

وقال أشهب: لا تجوز، وهو من الضرر كالأول، أَصْبَغ: وهو القياس، وفيها وفي الموطأ والعتبيَّة: قال مالك: إن أذن الورثة للصحيح أن يوصي بأكثر من ثلثه، لم يلزمهم ذلك إذا مات؛ لأنهم أذنوا في وقت لا منع لهم. أبو عمر: هذا مشهور مذهبه، وعنه أن يلزمهم. ابن زرقون في الموازيَّة: من قال: ما أرث من فلان صدقة عليك، وفلان صحيح؛ لزمه ذلك إن كان في غير يمين فهذا مثل ذلك. قلت: زاد اللخمي: والأول أشهر، وهذا أقيس، كمن أوجب الصدقة بما يملك إلى أجل، أو في بلد سماه أو بعتق ذلك أو بطلاق من يتزوج فيه. وخرج ابن الحاجب في نوازله على ما في الموطأ: إن رد ما أوصى له به في صحة الموصي، ثم قبله بعد موته، صح قبوله؛ لأنه لم تجب له الوصية إلا بموت الموصي. وسمع ابن القاسم: من استأذن وارثه في وصيته بأكثر من ثلثه، وهو يريد الغزو أو السفر فأذن له فمات الموصي؛ لزم وارثه ما أجازه كالمريض. أَصْبَغ: ورجع عنه ابن وَهْب إلى أنه لا تلزمه إجازته، أَصْبَغ: وهو الصواب. ابن رُشْد: ومثله قول ابن القاسم في سمَاع عبد الملك: من أقر عند خروجه لحج أو غزو أو سفر بدين لزوجته أو لبعض ولده، أو تصدق على ابنه الصغير بصدقة؛ إن ذلك كله جائز، وإن مات من سفره ذلك؛ لأنه حكم له في كل ذلك بحكم الصحيح فلم يتهمه. وفيها: قلت: من أوصى في مرضه بأكثر من ثلثه، فأجاز ورثته ذلك قبل موته من غير أن يطلب الميت ذلك، أو طلبهم فأجازوا، ثم رجعوا بعد موته. قال: قال مالك: إن استأذنهم في مرضه فأذنوا له ثم رجعوا بعد موته، فمن كان بائناً من ولد أخ أو ابن عم؛ فليس ذلك لهم، ومن كان في عياله من ولد قد احتلم وبناته وزوجاته، فذلك لهم، وكذا ابن العم الوارث إن كان ذا حاجة إليه، ويخاف إن منعه، وصح أن يضر به في منعه رفده، إلا أن يجيزوا بعد الموت فلا رجوع لهم بعد ذلك. أبو عمر: وقال الشافعي وأبو حنيفة: لا يلزم الورثة إجازتهم في المرض.

الباجي: وقال عبد الملك في المجموعة: في مريض باع عبداً بأقل من ثمنه بأمر بين، لا إجازة للورثة قبل الموت، إذ لعل غيرهم يرثه. الصقلي ليحيى بن يحيى عن ابن القاسم: إن أذن له ورثته في مرضهن ثم صح وأقر وصيته ثم مرض فمات لم يلزمهم ذلك الإذن؛ لأنه صح، واستغنى عن إذنهم حتى يأذنوا في المرض الثاني. قال ابن كنانة: ويحلفون ما سكتوا عنه تغير ذلك رضي بهز الباجي: يريد: رضى به في المرض الثاني، قال ابن الحاجب: فإن كان في المرض ولم تتخلل صحة فكالموت على الأشهر، إلا أن يتبين عذره من كونه عليه نفقته أو دينه أو سلطانه. ابن عبد السلام: قصاراه توقع إكراه بالمال، وفي اعتبار الإكراه به، وإن كان محققاً قولان. قلتك يرد بأن القول بالغاً الإكراه بالمال، إنما يلزم في الذي إن فعل اختياراً لزم اتفاقاً وهو حق لفاعله، قال: فعله والوارث مختلف في لزوم إجازته، وهي فيما لا يملكه في الحال. عياض: قوله: في الموصي في مرضه، بأكثر من ثلثه فأجاز ذلك ورثته من غير أ، يطلب ذلك منهم، أو طلبه ثم أجاب عن مسألة طلب ذلك منهم، ولم يفسر إذا لم يطلب ذلك وتبرعوا به. فقال بعض الصقليين: جوابه في الوجهين سواء؛ لأنهم يقولون بادرنا بالإجازة لتطيب نفسه، وخوفنا منه أن لم نبادر؛ وقال بعض القرويين: إن أجازوا قبل استئذانهم لم يكن لهم رجوع، كان في عياله أو لم يكن، وإليه نحا التونسي وغيره. وفيها: (ولا يجوز إذن البكر ولا السفيه)، الصقلي: قال ابن كنانة: إلا المعنسة فيلزمها، وإذن الزوجة في مرضه لا يلزمها لخوفه منه إن صح، وليس التي يسلمها زوجها ذلك كالتي تبدأ الإجازة، فينظر الإمام في ذلك. أشهب: ليس كل زوجة لها أن ترجع، رب زوجة لا ترهب منه، ولا تخافه فلا رجوع لهذه، وكذا ابن كبير وغير سفيه، وهو في عيال أبيه لا رجوع له إن كان لا يخدع،

وقال ابن القاسم: لهؤلاء أن يرجعوا إن كانوا في عياله. الباجي: قال عبد الوهاب: لا يلزم الإذن من كان في عياله، ولا من له عليه دين يخاف أن يلزمه به، أو يكون سلطاناً يرهبه. وروى ابن القاسم وابن وَهْب في المجموعة: إن استوهب المريض وارثه ميراثه ففعلن ثم لم يقض فيه شيئاً؛ رد إلى واهبه. قال عنه ابن وَهْب: إلا أن يكون سمى له من وهب له من ورثته، فذلك ماض. زاد الباجي: وهو معنى ما في الموطأ. الباجي: ومن أوصى لوارث، فأنفذ ذلك، ثم قال بعض الورثة: لم أعلم أن الوصية لا تجوز له، فروى محمد: يحلف ما علم، ويكون له نصيب منه. قلت: ومثله سمع عيسى ابن القاسم في كتاب الهبات وفي الشفعة منها، ومن عوض من صدقة، وقال: ظننت أن ذلك يلزمني فليرجع في العوض إن كان قائماً، وإن فات فلا شيء له. وقال ابن رُشْد: في رسم العرية وسمَاع عيسى من كتاب العتق: هذا أصل اختلف فيه، وهو من دفع ما لا يجب عليه جاهلاً، ثم أراد الرجوع فيه. منه مسألة كتاب الشفعة: فذكر المسألة قال: ولها نظائر كثيرة، في المدَونَّة والعتبيَّة، وأشبعنا القول فيها في رسم أوصى من سمَاع عيسى من الصدقات والهبات، ويتحصل فيها ثلاثة أقوال: أحدها: لا رجوع له فيما أنفذ بحال، وإن علم أنه جهل إذ لا عذر له في الجهل. والثاني: له الرجوع إن ادعى الجهل، وأشبه ما ادعاه مع يمينه على ذلك، وقيل: بغير يمين. والثالث: أنه ليس له أن يرجع في ذلك إلا أن يعلم أنه جهل بدليل يقيمه على ذلكن وهو قول سَحنون في نوازله من كتاب الصدقات. قلت: عزا الأول في سمَاع عيسى لظاهر قول ابن القاسم في آخر الوصايا من المدَونَّة، في الابن الذي ليس في عيال الرجل بإذن له في مرضه في الوصية بأكثر من

الثلث، ثم ينفذ ذلك بعد موته أنه ليس له أن يرجع في ذلك. ظاهره: وإن كان جاهلاً يظن أن إذنه له في مرضه جائز عليه، وعزا الثاني لسمَاع عيسى، وقال في قوله في السماع: مع يمينه، بغير يمين تهمة فيحلف فيها إلا أن يحقق عليه الدعوى بأنهم أنفذوها بعد علمهم أن ذلك لا يلزمهم، فيجب عليهم اليمين اتفاقاً. قال: ولسَحنون في نظير هذه المسألة أنهم لا يصدقون في دعوى الجهل، فقال له السائل: أقم البينة أنه قال: هذه الصدقة لا يجوز لك منها إلا الثلث، فقال له: إن أقمت البينة بهذا فلك الرجوع فيما أخذ منك، فلم يصدقه في دعوى الجهالة إلا بدليل يصدق قوله، وهو إقامة البينة على ما زعم أنهم غروه به وقالوه له. وعلى قول أشهب في سمَاع أَصْبَغ في كتاب النكاح فيمن زوج ابنته على أنها بكر فزعم أنه وجدها ثيباً: لا عذرة لها إنها تلزمه، ولا شيء له أن الجاهل في هذا لا يعذر بالجهل. ومثل قول سَحنون في نوازله من كتاب العيوب: فيمن يشتري العبد فيقول للتاجر هل فيه عيب؟ فيقول: هو قائم العينين. فسأل عن قائم العينين، فيقال: هو الذي لا يبصر؛ أن البيع له لازم ولا رد له. وفيها: من أوصى لوارث ثم حدث من يحجبه؛ جازت إن مات، لأن تركه لها بعد علمه بمن يحجبه إجازة لها. وسمع يحيى ابن القاسم: من أوصت لزوجها ثم ماتت، وقد طلقها إن علمت بطلاقها؛ فوصيتها جائزة، وإن لم تعلم لم تجز؛ لأنها أوصت يوم أوصت، وهي تظن أنه يرثها، والوصية للوارث لا تجوز. سَحنون: وقال أشهب: هي جائزة، وإن لم تعلم وأخبرت علي المخزومي وابن أبي حازم وابن كنانة وابن نافع: إن وصيتهما له جائزة. ابن رُشْد: قول ابن القاسم: صحيح واعتلاله ضعيف. ولو قال: لا تجوز وصيتها له إلا أن تعلم بطلاقه إياها؛ لأنها إذا أوصت له لما بينهما من حرمة الزوجية ومودتها، فأرادت أن تزيده على ميراثه، ولعلها لو علمت أنه

طلقها لم توص له بشيء، فالأطهر قول أشهب، والأظهر في التي أوصت لزوجها، ثم طلقها قول ابن القاسم، وروى ابن القاسم مثل قول أشهب. وفيها: من أوصى لامرأة ثم تزوجها بعد صحته، ثم مات؛ بطلت وصيته. اللخمي: وإن تزوجها في مرضه لم تبطل الوصية وكذا إن أوصى لها في المرض وتزوجها في المرض؛ لأنه النكاح فاسد وهي غير وارثة وإن تزوجها في الصحة ثم طلقها في المرض ثم أوصى لها، فالوصية باطلة؛ لأن الطلاق برضاها أو بغير رضاها، إن كان سؤال منها أن لا ميراث لها، ولها الوصية إن كانت مثل ميراثها فأقل. محمد: ولو وهب أخاه هبة بتلها له في مرضهن وقبضها الأخ ثم مات الولد وصار الأخ وارث؛ لبطلت الهبة؛ لأنها إنما تخرج من الثلث. وسمع عيسى بن القاسم: من أوصى لأقاربه بثلث ماله، قال: قال مالك: هي لقرابته من قبل أبيه، ولا شيء لقرابته من قبل أمه، إلا أن لا يكون له قرابة من قبل الرجال، فيكون لقرابته من قبل النساء. قال عيسى وقال أشهب: استحب أن يدخل فيه قرابته من قبل الرجال والنساء لأبيه وأمه. ابن رُشْد: إن لم يكن له يوم أوصى قرابة من قبل أبيه، فالوصية لقرابته من قبل أمه اتفاقاً. فإن كان له يوم أوصى قرابة من قبل أبيه، فقال ابن القاسم وروى: لا يدخل في ذلك قرابة أمه. قال: وإن لم يبق منهم إلا خال أو خالة فلا شيء لهم. وقال أشهب: يدخل في ذلك قرابة أمه وأبيه. ابن زرقون: إن أوصى ولا قرابة له من قبل أبيه، فالوصية لقرابة أمه اتفاقاً. وإن كان له قرابة يوم الوصية من قبل الابن فاختلف على ثلاثة أقوال: قال ابن القاسم: لا يدخل فيه القرابة من قبل الأم بحال.

وروى الأخوان: دخولهم بكل حال، وقال عيسى: لا يدخلون إلا أن لا يبقى من قرابة الأب أحد. الباجي: قال أشهب: لا يدخل في ذلك قرابته الوارثون استحساناً، وليس بقياس، وكأنه أراد غير الوارث كالموصي للفقراء بمال، ولرجل فقير بمال فلا يدخل مع الفقراء في مالهم، رواه أحمد، فأراد أشهب باستحسان التخصيص بعرف الاستعمال، والقياس عنده حمل اللفظ على عمومه، فاعرف مقصده في الاستحسان والقياس. قال ابن الحاجب تابعاً لابن شاس: ولو أوصى لأقارب فلان، دخل الوارث وغيره من الجهتين بخلاف أقاربه للقرينة الشرعية، ويؤثر في الجميع ذو الحاجة وإن كان أبعد. قلت: ظاهر لفظها إطلاق عدم دخوله وارث الموصي من القرابة، خلاف ما يأتي من رواية ابن حبيب: إن من يرثه كمن لا يرثه، فيحمل لفظ ابن الحاجب على الوارث بالفعل، ولفظ الرواية على الوارث بالسبب دون الفعل كابن العم والأخ للأم مع الولد الذكر أو الأنثى، ولا أعرف لفظهما إلا لوجيز الغزالي، وزاد: وقيل: يوزع فيبطل حظ الوارث ويصح الباقي. قلت: وفي حمل نقل ابن شاس، والرواية على القولين اللذين ذكرهما الغزالي احتمال، والأظهر إن علم الموصي أنها لا تجوز لوارثه وزعت وإلا فلا. اللخمي: قال أشهب: ولا يفضل الأقرب وأسعدهم به أحوجهم، وقال ابن كنانة: إن قال صدقة؛ لم يعط إلا الفقراء، وإن لم يقل صدقة؛ فأغنياؤهم وفقراؤهم سواء. قلت: في النوادر روى محمد بن الموَّاز وابن عبدوس: من أوصى لأقاربه قسم الأقرب فالأقرب. ابن رُشْد: قول أشهب في الموازيَّة: يبدأ بالفقراء، ويعطي بعد الأغنياء فرأى قسم ذلك على الاجتهاد. واختلف قول ابن القاسم في ذلك في المدَوَّنة للذي يوصي لأخواله وأولادهم.

الباجي: لو كان بعض أقاربه مسلمين ونصارى، فقال أشهب: يسوي بينهم، ولعيسى عن ابن القاسم: الرجال والنساء في ذلك سواء. ولعل هذا على قول من يرى دخول المؤنث في جمع المذكر، أو لأن ذلك عرف الاستعمال. الباجي عن أشهب في المجموعة: قوله: لذي رحمي كقوله لذي قرابتي. ابن حبيب: قوله: لقرابته أو لرحمه، أو لذي رحمه أو أهله أو لأهل بيته، فقول مالك وأصحابه: إنه لكل قرابته من قبل أبيه وأمه ومن لا يرثه. الشيخ: قوله: لقرابته وذوي رحمه وأهله. قال ابن الماجِشُون: فيه في موضع آخر من الواضحة، يقسم بينهم على الاجتهاد ويؤثر الأقرب فالأقرب والأحوج فالأحوج، إن اتسع المال ولابد من عمومهم كلهم، فإن ضاق المال سوى بينهم؛ لأنهم كلهم قرابة. وسمع أَصْبَغ ابن القاسم: من قال: ثلث مالي للأقرب فالأقرب، وترك أباه وجده وأخاه وعمه؛ قسم ذلك على قدر حاجتهم، ويفضل الأقرب شيء. وإن كان غنياً على وجه ما أوصى به، ولا يكثر له، وغن كان ما أوصى به على هذه الوصية إنما هو حبس، فالأخ أولى وحده لا يدخل معه غيره. ابن رُشْد: قوله: (يقسم ذلك عليهم على قدر حاجتهم)؛ معناه: إن لم يكونوا ورثة، فالأب لا شيء له في هذه الوصية. وكذا في الموازيَّة: يقسم بقدر حاجتهم، ويفضل الأقرب فالأقرب. قال محمد: قال مالك: لم يكونوا ورثة، وولد الأخ وإن سفل أقرب من الجد، وهذا على ترتيب القرب في الولاء، وسكت عن الأخ للأم، وفي دخوله خلاف تقدم. وما ذكره من التفضيل، قيل: سوى بينهم على اختلاف قول مالك في المدَوَّنة، فيمن أوصى لأخواله وأولادهم. وقوله في الحبس: لا يدخل مع الأخ غيره؛ معناه: إن كانت وصية سكنى الأقرب فالأقرب.

ولو كانت بغلة حبس يقسم عليهم الأقرب فالأقرب دخل الأبعد مع الأقرب فالأقرب. ولو كانت بغلة حبس يقسم عليهم الأقرب فالأقرب دخل الأبعد مع الأقرب بالاجتهاد. وفي مسائل التبدئة: ومنها: من قال: ثلث مالي لفلان وللمساكين، أو في السبيل والفقراء واليتامى، قسم بينهم بالاجتهاد لا أثلاثاً ولا أنصافاً. وفي آخر الوصايا الثاني: من قال ثلثي لفلان وفلان، وأحدهما غني والآخر فقير، فالثلث بينهما نصفان، إن مات أحدهما بعد موت الموصي ورث نصيبه ورثته. وفيها: إن كانت الوصية لقوم مجهولين، لا يعرف عددهم لكثرتهم كقوله: على بني تميم، أو للمساكين، فإنما يكون ذلك لمن حضر القسم منهم. وسمع ابن القاسم في كتاب الصدقات: من تصدق بشيء من ماله على بني فلان، كقوله: على بني زهرة، وفيهم الغائب ومن لا يعرف؛ قسم بين من كان منهم معروفاً حاضراً أو غائباً، فإن جاء أحد بعد ذلك لم يكن يعرف مكانه، رد عليه الآخرون قدر حصته. ابن رُشْد: معناه: أن بني الرجل الذي أوصى لهم إن كان يحاط بعددهم لقلتهم، فهم العدد الذين يقسم عليهم بالسوية، حاضرهم وغائبهم على هذه الرواية، وأحد قولي ابن القاسم في المدَوَّنة، ورواية ابن وَهْب فيها: وإن كان بنو فلان الموصى لهم لا يحاط بعددهم، لكثرتهم كبني زهرة فنظر؛ لأن بني زهرة لا يحاط بهم فيقول على ما يصح، فيقال: لم يرد مثل بني زهرة، فلا خلاف أنهم كالمسكين يقسم بينهم بالاجتهاد على من أدرك القسم منهم، ولا شيء لمن غاب إن أتى بعد ذلكن ففي قوله في هذه الرواية: مثل بني زهرة بن كلاب مرة الذي ينتسب إليه الزهريون. كان عددهم لا يحاط بهم، وإنما أراد لبني فلان لامرأة تسمى زهرة، ولو قال: لبني فلان، وسماهم بأسمائهم؛ قسم بينهم بالسوية حاضرهم وغائبهم، ومن قدم من غائب منهم كل واحد، رجع على كل واحد حتى يستوي في حقه. قال ابن الحاجب: إن أوصى بثلثه لزيد، وللفقراء أعطي بالاجتهاد بحسب فقره.

فإن مات قبل أن يقسم له شيء لورثته؛ فلا شيء لورثته، والثلث للمساكين. ابن عبد السلام: وهذا يحسن إن كان زيد فقيراً، وإن كان غنياً فينبغي أن يكون سهمه مملوكاً له بموت الموصي قبله هو، أو وارثه. قلت: ظاهر المدَوَّنة: سواء كان غنياً أو فقيراً، أو لأن ظاهر قول المذهب: أن مناط وجوب الوصية للموصى له بموت، إنما هو لعين الموصى له؛ لغناه، والتعيين هنا لغو لقرينة تسوية الموصي بين المعين وغيره. الشيخ في المجموعة: قال عبد الملك: من أوصى لجيرانه؛ أعطي الجار الذي اسم المنزل له، ولا يعطى أتباعه ولا الصبيان، ولا ابنته البكر، ولا الضعيف ولا خدمه وتعطى زوجته وولده الكبير البائن عنه بالنفقة، والجار المملوك إن كان يسكن بيتاً على حدته، أعطي كان سيده جاراً أو لا. ولابن سَحنون عنه: يعطى ولده الأصاغر، وأبكار بناته. الشيخ في المجموعة: قال عبد الملك: من أوصى لجيرانه فهو من المجهولين، من وجد يوم القسم جاراً دخل في ذلك، وكذا لو انتقل بعضهم أو كلهم، وحدث غيرهم وبلغ صغير، وبلغت البكر فذلك لمن حضر القسم، وكذا إن كان ذا جيران قليلين فكثروا، وكذلك إن كانت غلة تقسم؛ فهي لمن حضر القسم في كل غلة. قال: وفي المجموعة: قال عبد الملك: حد الجوار الذي لا شك فيه ما كان يواجهه، وما وراء ذلك مما لصق بالمنزل من ورائه وجنباته، وتباعد ما بين العدوتين، حتى يكون بينهما السوق المتسع؛ فإنما الجوار فيما دنا من إحدى العدوتين، وقد تكون دار عظمى ذات مساكن كثيرة، كدار معاوية وكثير بن الصلت، فإذا أوصى بعض أهلها لجيرانه اقتصر له على أهلها، وإن سكنها ربها وهو الموصي، فإن شغل أكثرها وسكن منها معه غيره فيها، فالوصية لمن كان خارجها إلا لمن فيها. وإن سكن أقلها؛ فالوصية لمن في الدار فقط، ولو شغلها كلها بالكراء؛ فالوصية للخارجين منها من جيرانهما، وقال: مثله كله سَحنون: قال عبد الملك: وجوار البادية أوسع من هذا، وأشد براحاً إذا لم يكن دونه أقرب منه للموصي، ورب جار على أميال

إذا لم يكن دونه جيران، إذا جمعهم الماء في المورد والمسرح للماشية، ويقدر ما يجتهد فيه، ولابن سَحنون عنه الجوار في القرى: أن كل قرية صغيرة ليس لها اتصال في البناء والكثرة من الأهل والحارثات؛ فهم جيران، وإن كانت كثيرة البناء كقلسانية؛ فهي كالمدينة في الجوار. ولابن سَحنون في رسم أسلم من سمَاع عيسى: لا تدخل الموالي في الوصية للقرابة اتفاقاً. وفي دخولهم في الوصية للقبيلة، ثالثها: إن قال: لتميم ولبني تميم لا يدخلون، لابن القاسم، ولابن الماجِشُون، مع روايته وتفرقة أشهب: وهي ضعيفة، إذ من القبائل ما لا يحسن أن يقال فيه: من بني تميم فلان كجهينة، ومزينة، وربيعة وقيس. وإن أوصى لمساكينه دخل فيهم مواليه، قاله ابن القاسم وابن وَهْب. اللخمي: يدخل في مواليه أمهات أولاده، ومدبره إن خرج من ثلثه، والمعتق لأجل، والمكاتب، إذا انقضى الأجل وأدى المكاتب أخذ ذلكن وإن مات قبل الأجل أو عجز المكاتب رجع حقهما لبقية الموالي، والأول أحسن. قلت: عزاه ابن رُشْد في رسم سلعة سماع من سمَاع عيسى لمحمد: عن ابن القاسم قال: والقولان جاز؛ لأنه على اختلاف عن المدَوَّنة قوله: فيمن أوصى لأخواله وأولادهم مرة، حملهم على التعيين، وهو قوله في هذا السماع، ومرة حملهم محمل المجهولين، وهو قوله في الموازيَّة، وفي السمَاع المذكور: إن ولاء أشقاص العبيد يدخلون مع الموالي بأشقاص ولائهم، فإذا أعطى التام الولاء ديناراً أعطي من له نصف ولاء نصف دينار، ومن له ثلث ولا ثلث دينار. قال ابن حبيب: فإن لم يكن له مع مثله بعض ولاء من هو تام الولاء استثنوا في الوصية، وإن تفاضلوا في قدر الولاء. اللخمي: من قال: لموالي وله موالي من فوق وموال من أسفل، فقال ابن القاسم: الوصية للأسفل. قال أشهب: بينهما نصفين ولو اختلف العدد، وإن كان أحد القسمين ثلاثة فما فوق، والآخر واحداً أو اثنين من فوق أو هل أسفل، وإن كان أحد القسمين واحداً

باب الموصى به

والآخر اثنين، كانت الوصية للجماعة، كانت بينهم، ثلاثاً، وفي قصرها على موالي الموصي، وأولادهم، وعمومها فيهم، وفي موالي أبيه وولده وإخوته وأعمامه روايتا العتبيَّة، وفي المجموعة: يدخل هؤلاء وموالي الموصي وأولادهم، وقال: لا يدخل موالي بني الأخوة والعمومة، والأول أحسن. الباجي: قال ابن الماجِشُون وابن حبيب عن ابن القاسم: إن كان مواليه يحاط بهم فالوصية لمن أعتق فقطن وإن كانوا كثيراً مجهولين، ولم يقل عتاقة؛ دخل فيهم موالي الموالي، وأبنائهم، وموالي أبيه، وابنه، وأخيه ابن زرقون؛ يريد: وقد رجع إليه ولاؤهم. قلتك انظر هل يريد بالرجوع يوم الوصية أو يوم وجوبها، والظاهر الثاني. وقول ابن شاس: إن أوصى لقبيلة لم يجب تعميمهم إن أراد، مع تعذر ذلك للغيبة، فواضح وإلا فالصواب التعميم، وهو مقتضى الرواية لمن تأملها، وقوله: يدخل الفقراء في لفظ المساكين والعكس، ظاهره: ولو على عدم الترادف، وهو صواب إذا كان الموصي غائباً وإلا ففيه نظر. [باب الموصى به] الموصى به: كل ما يملك من حيث الوصية به، فتخرج الوصية بالخمر وبالمال فيما لا يحل صرفه فيه.

سمع عيسى جواب ابن القاسم، عن من أوصى بمناحة ميت أو لهو عرس: أتؤجر النائحة وصاحب اللهو؟ قال: لا، وقوله: باطل، قيل: وأن كان مثل الكبر واللهو، قال: لا ينفذ. ابن راشد: لأن النياحة على الميت محرمة، وكذا ما لم يرخص فيها من اللهو في العرس اتفاقاً، وكذا ما اختلف فيه على قول مانعه مثل الكبر والمزهر؛ لأن ابن حبيب أجازهما. وعلى قول من يجيزه في تنفيذ الوصيَّة به قولان، وكذا الغربال المتفق على إجازته في العرس من تنفيذ الوصيَّة به قولان. محمد: يرجع ما أوصى به لكذلك ميراثاً لا يدخل فيه وصايا. وفي الموازيَّة: من أوصى بمال لمن يصوم عنه ولم يجز ذلك. وفيها مع غيرها: صحة الوصيَّة بالحمل، والثمرة الآتية والمنافع، وقول ابن شاس وابن الحاجب: ويدخل الحمل في الجارية، وهو قولها في أول وصاياها الأول، وعتقها ما ولدت الموصي بعتقها بعد موت الموصي فهو بمنزلتها. زاد الشَّيخ في رواية ابن القاسم في الموازيَّة: والموصي بها لفلان، وقولهما إلا أن يستثنيه، هو مقتضى نقل الشَّيخ. ومن كتاب محمد، وأراه لأشهب: إذا أوصى بحمل أمة لرجل، وبرقبتها لآخر؛ فهي كذلك، لهذا ما تلد ما دام حيًّا، وعليه نفقتها، فإذا مات؛ فرقبتها للموصي له بالرقبة. قال محمد: وهذا إذا لم نكن يوم أوصى حاملاً، فإن كانت يومئذ حاملاً فليس له إلا الحمل فقط.

وفيها مع غيرها: منع استثناء الجنين في عتق أمه، فيجب تقييد إطلاق ابن شاس، وابن الحاجب جواز ذلك. سمع أَصْبَغ ابن وَهْب: من قال: أوصيت لفلان بما ولدت جاريتي هذه أبداً، إن كانت يوم أوصى حاملاً فهو له، وإن لم تكن حاملاً يوم أوصى فلا شيء له، ولا فيها حدث بعد ذلك. ابن رُشْد: معناها: إنه أوصى بما ولدت جاريته ثم مات، ولو لم يمت حتى ولدت أولادها؛ فله كل ما ولدت في حياته، كانت حاملاً يوم أوصى، أو لم تكن إلا أن يرجع عن وصيته فيهم، فإن مات وهي حامل فحملها الثلث، وقفت حتى تضع فيأخذ الموصى له بالجنين الولد، ثم يتقاومون الأم والجنين لا يفرق بينهما، ولم يجز أم يعطي الورثة الموصى له شيئاً على أن يترك وصيته في الجنين، قاله في المدَوَّنة وغيرها. وإن لم يحملها الثلث فللورثة أن يوقفوها حتى تضع، وإن كرهوا لم يجب ذلك عليهم، وسقطت الوصية؛ لأنها وصيَّة فيها ضعف، قاله ابن حبيب، واختلف إن أعتق الورثة الأمة، والثلث يحملها، قيل: له يعتق ما في بطنها بعتقها وتبطل الوصية، وهو الذي في المدَوَّنة. وقيل: لا عتق لهم حتى تضع وهو قول أَصْبَغ في الواضحة، وإن لم يحملها الثلث فعتقهم فيها جائز. وقول ابن الحاجب وابن شاس: إن أوصى بترتيب اتبع هو قولها، وليتقدم الأوكد فالأوكد، إلا أن ينص على تبدئة غير الأوكد، فيقول يبدأ أعتق النسمة النسمة بغير عينها، على التي بعينها. الصقلي: قال ابن الماجِشُون: ما أوصى به بيدأ على ما هو أوجب منه فذلك فيما يجوز له الرجوع عنه، وما ليس له رجوع عنه من عتق بتل أو عطية بتل أو تدبير في مرض، فلا يبدأ بما يقول؛ بل بما هو أولى؛ لأن تبدئته عليه رجوع عنه. وذكر الباجي: ما نقلناه من لفظ المدَوَّنة عنة عن ابن القاسم في المجموعة وغيرها، ثم قال: في قوله: لا ينظر إلى ما قدمه بالذكر نظر. وقد قال ابن الحبيب عن ابن الماجِشُون: إنما ذلك فيما له أن يرجع فيه، وما لا

يرجع عنه من عتق بتل في مرضه، وعطية بتل وتدبير فيه، فلا بيدأ بالأوكد بل الأول. قُلتُ: كذا هو في ابن زرقون، فلا يبدأ بالأوكد بل الأول، وما ذكره الصقلي خلافه حسبما تقدم، فتأمله. قال الباجي: ويلزم ابن الماجِشُون على أن يقدم المدبر في الصحة على صداق المريض؛ إذ ليس له الرجوع عنه، وأن لا يتقدم المدبر في الصحة على وصيته في الصحة؛ يعتق عن قتل خطأ أو ظهار؛ إذ ليس له الرجوع عنه، إلا أن يريد بذلك ما يلزمه، فيتعين المطالبة به؛ فيلزم على ذلك مدبر الصحة على كل وجه. وقال ابن حبيب على إثر ذلك: ولو أوصى بهذه الكفارات والزكاة، وقال: بدئوا على ذلك عشرين ديناراً وصية لفلان؛ لبدئت، وقاله أَصْبَغ، فذهب في اللزوم ومنع التبدئة إلى ما بتل من عتق أو عطية، وقد تقدم له منع ذلك، وإن شرط التبدئة في تدبير المريض، ثم قال: مدبر المريض والموصى بعتقه سواء، ولا يكاد يتحصل له أصل إلا على ضعف. وفيها: من أوصى بشيء يخرج كل يوم إلى غير أمد من وقيد في المسجد، أو سقاء بماء، أو خبز كل يوم بكذا أو كذا أبداً، وأوصى مع ذلك بوصايا، فإنه يحاص لهذه المجهولات بالثلث، ويوقف لذلك حصته، وأكثرهم لم يحك فيه خلافاً. وفي الزاهي لابن شعبان: وقال أشهب: يحاص له بالمال أجمع، ونقله الشَّيخ عن ابن شعبان عنه، وكذا الصقلي، ونحوه قول اللخمي: قيل: محمله أن الوصي أراد جميع المال، فيقال للورثة: أجيزوا وصيته، فإن لم يجيزوا رجع إلى الثلث، وقيل: محملها الثلث، ولا يقال للورثة شيء، وهو أبين. اللخمي: اختلف إن اجتمع في الوصيَّة مجهولان كعمارة مسجد أو طعام مساكين، فقيل هو كمجهول واحد، وقيل لكل وصيَّة منها ثلث. وعزا الشَّيخ الأول لبعد الملك ولم يحك غيره وكذا الباجي، وحكى الصقلي القولين. اللخمي: ويختلف في صفة القسمة، فعلى القول بأنها قسمة وصيَّة واحدة بثلث واحد؛ يفيض الثلث على قيمة ما يخرج منه كل يوم، لكل واحد بانفراده، وعلى أنها

وصايا ولم يجز الورثة؛ يكون الثلث بينهما نصفين. قُلتُ: عزا الصقلي التخريج الأول لبعض الفقهاء، قال: وهو خلاف ما ذكر ابن الماجِشُون؛ لأنه قال: يقسم الثلث على عدد المجهولات. اللخمي: وإن أوصى مع ذلك بمعلوم؛ عاد الخلاف المتقدم فيها يحاص به المجهول إن كان واحداً، هل يحاص بالثلث؟ أو بجميع المال؟ أو من جعلها وصايا ضرب لكل مجهول بجميع المال، أو بالثلث على القول الآخر؟ والقول: أن لجميعها ثلثاً واحداً أحسن. وفيها: من أوصى لرجل بدين لا يحمله الثلث، وله عين حاضرة، فإما أجاز الورثة أو قطعوا له بثلث العين والدين. وكذا لو أوصى بأكثر من ثلث العين، وله عقار وعروض كثيرة، فقال الورثة: لا نسلم العين ونأخذ العروض، فإما أعطوه ذلك من النقد أو قطعوا له بثلث ما ترك الميت من عين أو دين، أو عقار وغيره إلا في خصلة واحدة. اختلف قول مالك فيها: فقال مرة: إذا أوصى له بعبد بعينه أو دابة بعينها، وضاق الثلث، ولم يجز الورثة؛ قطعوا له بالثلث من كل شيء، وقال مرة: بمبلغ جميع التركة في ذلك الشيء بعينه، وهذا أحب إليّ. الباجي: واختاره أيضاً أشهب، ورجع إليه مالك، وبالأول قال عبد الملك وابن كنانة، ورواه علي قال: ويحيي عن ابن القاسم: يقطع لهم بالثلث في ذلك المعين، إلا أن يوصي مع ذلك بدنانير لرجل، فيقطع لهم بثلث جميع التركة؛ لأنه لابد من بيع ذلك أو بعضه بسبب العين، وهذا يقتضي أنه لا عين في التركة. وقيها: قال مالك: من أوصى لرجل بخدمة عبده سنة، وبسكنى داره سنة، وليس له مال غير ما أوصى به فيه أول ما يخرج ما أوصى به من ثلثه، خير الورثة في إجازة ذلك، أو قطع بثلث الميت من كل شيء للموصى له. سَحنون: وهذا قول الرواة كلهم لا أعلم بينهم خلافاً. قُلتُ: ولم يذكر الصقلي، ولا التونسي، ولا اللخمي في ذلك خلافاً، وقال ابن الحارث: اتفقوا عليه أنه بجميع الثلث من كل شيء من التركة للموصى به، إن لم

يجز الورثة الوصية. وفي الموطأ قال مالك: من قال لفلان: كذا وكذا، ولفلان: كذا وكذا، وسمّى مالاً من ماله يزيد على ثلثه، فإن الورثة يجيزون في إعطاء أهل الوصايا وصاياهم، وأخذ جميع مال الميت، وفي إسلام ثلث الميت لهم بالغاً ما بلغ. أبو عمر: هذه المسألة يدعوها أصحاب مالك مسألة خلع الثلث، خالفهم فيها أبو حنيفة والشافعي وغيرهما، وأنكروها على مالك وأجمعوا على أن الوصية تصح بالموت، وقبول الموصى له بعد الموت، فكيف تجوز المعاوضة بثلث لا يبلغ إلى معرفة حقيقة، ولا تجوز المعاوضة في المجهولات، وكيف يؤخذ من الموصى له ما ملكه بغير رضاه. وحجة مالك أن الثلث موضع الوصايا، فكان كما لو جنى عبد جناية فسيده مخير في فدائه بالأرش وإسلامه. والذي أقول: إن ادعى الورثة أن الوصية أكثر من الثلث، كلفوا ببيان ذلك، فإن ثبت؛ أخذ منه الموصى له قدر الثلث، وكان شريكاً للورثة بذلك. قلت: ففي تخيير الورثة في القطع له بمحمل الثلث في كل التركة أو في المعينات، ثالث: وجوب شركة الورثة بمحمله في كل التركة للروايتين، واختيار أبي عمر. وسمع يحيى ابن القاسم: من أوصى بعبد ودار وحائط لثلاثة رجال، وضاق الثلث؛ فلكل واحد منابه في ذلك الشيء بعينه، ولو أوصى معهم لرجل بدنانير؛ قطع لهم بالثلث من كل التركة، ولم توضع وصاياهم في ذلك الشيء المعين؛ لأن الثلث لابد أن يباع أو بعضه لم أوصى له بالعين. ابن رُشْد: لم يفرق في المدَوَّنة هذه التفرقة، فهذه التفرقة قول ثالث، ولو ترك من الناض ما يخرج منه العين الموصى به كما كان، لم يوص بعين؛ لأنه علل ذلك ببيع الثلث أو بعضه. الباجي: إن أوصى بدنانير، وفي التركة دنانير وعروض ولا تخرج الوصية من ثلث العين، فقال أشهب: يأخذ ما وجد من العين وبيع ما بقي له، وقال ابن القاسم: يخير الورثة بين الإجازة والقطع بالثلث، ونحوه لعبد الملك، ونحوه في سمَاع أَصْبَغ.

ابن القاسم فيمن لم يترك إلا ثلاث دور وأرضاً وأوصى لرجل بخمسة دنانير: يلزم الورثة أن يعطوها إياه، أو يقطعوا له بثلث الميت، ولا يبيع له السلطان من تلك الدور بالخمسة، ويترك ما بقي للورثة، وروي ابن القاسم مثله فيه وفي المال الغابر والمتفرق. وسمع يحي ابن القاسم: من أوصى لرجل بعشرة دنانير، ولم يترك إلا مالاً غائباً وديونه، فقال الورثة: إذ تقاضيا أعطيناك، قال: يخير الورثة في تعجيل ذلك، أو القطع له بالثلث. ابن رشد: وليس للورثة تأخير العشرة لرجاء زيادة في المبيع، ولا لرجاء أسواق، وكذا لو كان جميع مال الميت ديناً، لقدرتهم على بيعه بما تباع به الديون، ولو كان ما الميت لا يجوز بيعه كزرع لم يحل بيعه، أو ثمرة قبل بدو صلاحها، انظر هل يبع ذلك. ولابن رشد في رسم المكاتب من سماع يحي في تخيير الورثة في تعجيل الوصية بالعين، أو القطع: للموصى له بها بثلث كل التركة، وقصر حق الموصي له على أخذ ثلث العين وثلث ما يباع من التركة إن كانت العين غير معينة له، ولو عينها فالأول قولان لهذا السماع، وسحنون معها. ونقل أصبغ عن مالك وأصحابه، وابن أبي جعفر عن ابن القاسم مع أصبغ، ابن زرقون اختلف فيه على أربعة أقوال: قول أشهب: تنفذ ولا يخير الورثة. وقول مالك وابن القاسم: يخيرون. وقول ابن الماجشون: إن كان في بيع العروض بعد وبطء، خير الورثة وإلا فلا. قول أصبغ: إن عين الدنانير خير الورثة، وإلا فلا. قلت: ظاهره أن الخلاف ثابت في الدنانير المعينة، خلاف قول ابن رشد: إن كانت معينة لزم الورثة دفعها، أو القطع له بثلث كل التركة اتفاقاً. وفيها: من أوصى بعتق عبد وهو لا يخرج مما حضر، وله مال غائب يخرج فيه؛ فإن العبد يوقف لاجتماع المال.

فإذا اجتمع قوم في ثلثة، وليس له أن يقول أعتقوا مني ثلث الحاضر الساعة. قال سحنون: إلا أن يضر ذلك بالموصي له، وبالورثة فيما بعد جمعه، ويطول عياض: وهذا نجو ما في الموازية إذا طال ذلك كالأشهر، والسنة أنفذ الثلث. وفسر أشهب المسألة: أنه يعتق منه ثلث الحاضر، ثم ما اقتضى منه غائب أعتق على العبد قدر ثلثه. أبو عمران: يشبه أن يكون هذا تفسيراً لقول ابن القاسم. الصقلي: قول سحنون: إلا أن يضر ذلك بالموصي له والورثة فيما يعسر جمعه ويطول مثله. روي أشهب: قال ابن القاسم: وإنما هو فيها يقبض إلى أشهر يسيرة، أو عرض يباع وما يبعد جداً، وتبعد غيبته فليعجل عتقه في ثلث ما حضر. محمد: قال أشهب: يعجب عتق العبد في ثلث الحاضر، ويوقف باقيه كلما حضر شيء زيد فيه: عتق ثلث ذلك، ولا يوقف جميع العبد، وإن قال مالك، ولم يأخذ سحنون بقول أشهب، وقال: لو كان هذا لأخذ الميت أكثر من الثلث؛ لأنه استوفى ثلث الحاضر، وصار باقي العبد موقوفاً على الورثة. روي أشهب: قال ابن القاسم: وإنما هو فيما يقبض إلى أشهر، اللخمي: إن قربت الغيبة انتظر جمع المال، وإن بعد كخراسان من مصر والأندلس؛ عتق؛ لأن محمل الثلث، وإن كان غير ذلك فالقولان لابن القاسم، وأشهب، وقال سحنون. وإن لم يخلف غيره؛ عتق ثلثه، وكلما حضر شيء من الغائب؛ زيد في عتقه بقدر ثلث ما حضر، وإن بعدت الغيبة مثل خراسان؛ جاز للورثة بيع ثلثيه، ويختلف إن قدم الغائب، هل ينقض البيع ليستكمل ما بقي أم لا؛ لأن البيع كان مع العلم بهذا. قلت: نقله عن سحنون مثل قول أشهب، كذا هو في غير نسخة، وهو خلاف نقل

الصقلي عنه. وفيها: إن قال: أعتقوا عبدي بعد موتي بشهر، وقال: هو حر بعد موتي بشهر، فإن لم يحمله الثلث؛ خير الورثة بين أن يجيزوا أو يعتقوا؛ لأن محمل الثلث منه بتلاً إن أجازوا الوصية خدمهم تمام الشهر، ثم خرج جميعه حراً. ولما ذكرها ابن الحاجب قال ابن عبد السلام: وقد يثير ما في المدونة والموازية تشويشاً في المسألة، ولا إشكال فيه إذا تأملته، قال ابن القاسم وأشهب في المدونة والموازية: إن أوصى بعتق عبده ناجراً، أو عتق عبده الآخر إلى شهر؛ تحاصا لقرب الشهر، ولو بعد بدء المعجل، وقال أشهب: الشهر كثير، ويبدأ المعجل إلا أن يكون الثلاثة أيام انتهي. ولم يبين الإشكال، وبين أن محاصته للمعتق لشهر للمعجل يوجب مساواته له، فيكون مماثلاً له، ويكون كلما كان كذلك وجب إن أجازوا الورثة عتقه، حيث لا يحاصص له إلا أن يكون لهم حق في خدمته شهراً ضرورة مماثله، عتق المعجل عتقه، ويجاب بأن محاصته له إنما توجب مماثله له في تعجيل العتق، لا في القدر الذي تستحقه من الثلث، وحق الورثة إنما هو في القدر الذي تستحقه من الثلث. وفيها: إن أوصى أن يشتري عبد فلان ليعتق؛ فإنه يزاد فيه ما بينه وبين ثلث ثمنه، لا ثلث الميت، وإن لم يذكر الميت أن يزاد، فإن أبى ربه من بيعه إلا بأكثر من ذلك، فقال ابن القاسم: يستأني بثمنه، فإن بيع، وإلا رد ثمنه ميراثاً. وروي ابن وهب وغيره: يوقف الثمن ما رجي بيع العبد، إلا أن يفوت بعتق أو موت وعله أكثر الرواة. فحمل الصقلي رواية ابن وهب على الوفاق وحملها اللخمي على الخلاف، وكذا ابن رشد في سماع يحي الصقلي لابن حبيب عن أصبغ: خالف ابن وهب مالكاً. وقال: يزاد ما بينه وبين ثلث الميت. أصبغ: ولو قال: اشتروا عبد فلان بالغاً ما بلغ؛ استحسنت أن يزاد إلى مبلغ ثلث الميت.

الصقلي: وقول ابن القاسم: فإن بيع وإلا رد ثمنه ميراثاً، قال في الوصايا الثاني: بعد الاستيناء والإياس من العبد وقول ابن القاسم وفاق لرواية ابن وهب، وكذا روى عنه محمد مثل رواية ابن وهب، وقال محمد، ورواه أشهب عن مالك، وخالفه وقال: لا يستأني به إذا أبى الورثة البيع. قلت: فجعل قوله في الوصايا الثاني وفاقاً، وجعله ابن رشد في سماع يحي خلافاً للصقلي، وقال بعض الفقهاء: انظر هل يدخل في ذلك الوصايا، أو يدفع للورثة كالذي يرد الوصية وهو أشبه، قلت: هو التونسي. اللخمي: إن أبي سيده من بيعه غبطه به، أو لزيادة؛ سقطت الوصية عند مالك وابن القاسم. وقال ابن كنانة: إذا أيس من سيده؛ جعل ثمنه وثلثه في رقاب تعتق، وأنكر في الموازية قول ابن كنانة. وسمع يحي بن القاسم: فيمن قال: اشتروا أخي بكذا، ولم يقل أعتقوه، كان ما مر به من الشراء يوجب عتقه، فإن لم يجب على الورثة صرف ذلك في عتق غيره، وذكر قول ابن كنانة المتقدم، قال: ولا يدخل في هذه المسألة؛ لأن القرابة قرينة في إرادة القريب بخصوصيته. اللخمي: ولا يعلم بائعه بالوصية؛ لأن القصد بالوصية مصير العبد للعتق. قلت: فقول ابن عبد السلام اختلف هل يعلم ربه بما أوصى به الميت أم لا؟ فقال ابن عبد السلام، وابن القاسم: لا يعلم، وقال أشهب: يعلم وهم. وإنما حكى اللخمي قولهما في قوله: اشتروا عبد فلان فقط ووجهه بين. وفيها: إن قال: اشتروا عبد فلان لفلان، فامتنع ربه من بيعه بمثل ثمنه؛ زيد في ثمنه ما بينه وبين ثلث ثمنه، فإن امتنع ربه من بيعه بذلك ليزداد ثمناً، دفع ثمنه، وثلث ثمنه للموصي له، وإن امتنع من بيعه غبطة به؛ عاد ذلك ميراثاً وبطلب الوصية. وقال غيره: إن امتنع أو غبطة؛ لم يلزم الورثة أكثر من زيادة ثلث الثمن، ويوقف ثمنه حتى يؤيس من العبد، فإن أيس منه؛ رجع المال ميراثاً، ولا شيء

للموصى له. التونسي: انظر لو ضاق الثلث، وصار للوصية بالعبد عشرون قيمته ثلاثون، فالثمن الذي اشترى به أربعون لزيادة ثلث قيمته عليها، ورضي ربه ببيع نصفه بعشرين ليحصل له زيادة ثمن النصف؛ لا نبغي أن يكون له ذلك، ويسلم ذلك للموصي له، فإن امتنع رب العبد من ذلك لتبعيضه عليه لا غبطة به؛ لا تنبغي على قول ابن القاسم أن تدفع العشرون للموصي له، فإن قيل: لم لا يأخذ رب العبد الخمسة الزائدة في نصف العبد، قيل: لأنه امتنع من بيعه، فإن قيل: امتناعه لتبعيض العبد، وليس كمن زيد ثلث ثمنه فامتنع. قيل: لو قيل: هذا ما بعد، ويحتمل أن يكون له ذلك على قوله فيمن أمر أن يباع منه: أن له ثلث العبد إن امتنع، وفي هذه المسألة أجرى أن تكون له الخمسة؛ لأنه إنما امتنع لضرر الشركة. قلت: يرد بأن الموصي ببيع العبد منه إنما قصد الموصي رفقه بالوصية لا غيره، وفي المشتري منه لفلان إنما قصد بها فلاناً وحده، أو تبعية المشتري منه له، فلا يلزم من إعطاء الموصي بأن يباع العبد منه ثلثه إعطاء المشتري منه لفلان؛ لقوة قصد الرفق، للأول وضعفه في الثاني. قال التونسي: وعلى عدم إعطاء العشرين لفلان، يكون كموصي بها، ردها للموصي له بها يحاص بها الورثة أهل الوصايا. فيها: إن قال في وصيته: بيعوا عبدي ممن أحب أو ممن يعتقه، فأبى المشتري أن يشتريه بمثل ثمنه؛ نقص من ثمنه ما بينه وبين ثلثه لا ثلث الميت، فإن طلب المشتري وضيعة أكثر من ثلث ثمنه؛ خير الورثة في الذي يباع ممن أحب، بين بيعه بما سئلوا أو يعتقوا ثلث العبد. وروي غير واحد: إن لم يجدوا من يشتريه إلا بأقل من وضيعة ثلث الثمن؛ فليس عيلهم غير ذلك. قال ابن وهب: قال مالك: وذلك الأمر عندنا، قال ابن القاسم: قال مالك: وأما

الذي يباع ممن يعتقه فيخير الورثة بين بيعه منه بما أعطى، أو يعتقوا ثلث العبد، وهذا مما لم يختلف فيه قول مالك. الصقلي: وكذا في الموازية لابن القاسم: أن مالكاً لم يختلف قوله في المبيع للعتق، وقال محمد: بل اختلف قوله بما هو أصوب، وبه أخذ أكثر أصحابه. وروي أشهب فيه، وفي البيع ممن أحب: إن حمله الثلث، ولم يجدوا من يأخذه بوضيعة ثلث ثمنه، واستؤني به فلم يجدوا؛ فلا شيء عليهم فيه، فإن لم يحمله الثلث؛ خيروا في بيعه بوضيعة ثلث ثمنه، وفي عتق محمل الثلث منه. وفيها: إن قال في وصيته: بيعوا عبدي من فلان، فامتنع من شرائه بمثل ثمنه نقص من ثمنه فليوضع عنه ما بينه، وبين ثلث ثمنه، فإن طلب المشتري وضيعة أكثر من ثلث ثمنه؛ خير الورثة في بيعه بما سئلوا، أو يقطعوا له بثلث العبد. وروي غير واحد عن مالك: فذكر ما تقدم من رواية ابن وهب وغيره. اللخمي: قال ابن القاسم: ليس عليهم أن يعلموا المشتري بالوصية، فإن اشتري بالقيمة، ولم يعلم فلا مقال له. وقال أشهب: عليهم أن يعلموه، فإن لم يعلم رجع بما زاد على ثلثي قيمته، والأول أبين. وليس ذلك بوصية من الميت، والأصل في البياعات القيم. وفي آخر ثاني حجها: وقوله: اشتروا عبد فلان بمائه دينار، وأعتقوه عني فاشتروه بثمانين فالبقية ميراث. الصقلي: عن أشهب في المجموعة: ولو لم يبيعوه منه بثلث ثمنه؛ لأنه لا يخرج من الثلث؛ قطعوا له بثلث الميت، ولو بذلوه بوضيعة الثلث فأبى سقطت الوصية. وفي أول وصاياها الأول: ومن أوصى بعتق نسمة، يشترى ولم يسم ثمناً؛ أخرجت بالاجتهاد بقدر قلة المال وكثرته، وكذا إن قال: عن ظهاري. الصقلي عن محمد: وقال أشهب: لا ينظر إلى قلة، ولا كثرة ويشترى رقبة وسطاً كما قيل: في الغزة، ويحاص به أهل الوصايا هذا الاستحسان، والقياس أن يحاص بأدنى القيم، كما يجزى عن المظاهر وقاتل النفس.

والأول أحب إلي كما قلت في المتزوجة على خادم: إنها تكون وسطاً. اللخمي: الوسط حسن مع عدم الوصايا، فإن كانت وصايا وضاق الثلث رجع إلى أدنى الرقاب وحكم المال القليل؛ لأن الميت إنما يقصد إلى أنفاذ وصايا جملة، فإذا علم أن المال لا يتسع إلى الوسط رجع إلى الأدنى ما خلا الرضيع والمعيب، ثم ننظر إلى ما يصير في المحاصة، فإن وجد به رضيع وهو عن واجب اشتري؛ لأنه يجزئ أو معيباً إن كان تطوعاً. وإن لم يبلغ ذلك العتق عن ظهار أطعم عنه، إن وفى بالإطعام أو ما بلغ منه، وإن كان فوق الإطعام ودون العتق؛ أطعم وكان الفضل لهم هذا القياس، والاستحسان أن يتصدق به، وإن كان العتق عن قتل؛ أشرك بما ينوب العتق في رقبته، وكذا إن كان تطوعاً. قال مالك: أو يعان به في مكاتب. وفيها: إن سمى ثمناً للنسمة يسعه الثلث فاشتراها الوصي وأعتقها عنه، ثم لحق الميت دين يستغرق جميع ماله؛ رد العبد رقاً، وإن لم يستغرق كل ماله؛ أعطي صاحب الدين دينه، وعتق من العبد ثلث ما بقي من مال بعد قضاء الدين، ولا يضمن الوصي إذا لم يعلم بالدين. اللخمي: اختلف في هذا فذكر قولها: قال في الموازية: يمضي العتق ويغرم الوصي. والأول أحسن؛ لأنه وكيل ولم يعتق لنفسه، وكذا من وكل على شراء جارية وأن يعتقها، فأعتقها ثم استحق الثمن، فيختلف في رد العتق. وكذا إن تلف الثمن قبل دفعه للبائع، أرى إن تلف بعد العتق لم يرد، ورجع بالثمن على الآمر، وإن تلف قبل العتق؛ خير الآمر بين أن يغرم المال ويمضي العتق، أو لا يغرم ويكون للوكيل أن يرد العتق. وقال ابن رشد في رسم الأقضية من سماع أشهب: إن تبين تفريطه؛ ضمن اتفاقاً وإلا ففي حمله على التفريط، فيضمن أو على عدمه، فلا يضمن قولان لسماع أشهب مع الغير في المدونة، وهو أشهب في كتاب الحج، وأحد قولي ابن القاسم في سماع أصبغ،

وقوله في المدونة مع سماع يحي. قال ابن عبد السلام: وفي الوصايا الثاني في الموصي أن يحج عنه بعوض: لا يجزئ أن يحج عنه صبي، أو من فيه علقة رق، ويضمن الدافع إلا أن يظن أن العبد حر، وقد اجتهد ولم يعلم؛ فلا يضمن، وقال غيره: لا يزول عنه الضمان بجهله. وقول الغير هو الجاري على ما علم في الحج الثاني والنذور. قلت: لا يلزم من ضمانه في مسألة الحج ضمانه في مسألة العتق، بحصول غرض الموصي بالعتق، فوته في الحج. وفيها: من أوصى بنسمة تشترى فتعتق؛ لم تكن بالشراء حرة حتى تعتق؛ لأنه لو قتله رجل أدى قيمة عبد، وأحكامه في كل أحواله أحكام عبد حتى يعتق، فإن مات بعد الشراء وقبل العتق؛ كان عليهم أن يشتروا رقبة أخرى ما بينهم وبين مبلغ الثمن. وسمع عيسى ابن القاسم: من أوصى بشراء رقبة ذكر أنها واجبة عليه، فابتاعوا رقبة، فمات العبد قبل أن يقسم ماله؛ رجع للمال فأخرج مما بقي ثمن رقبة، تعتق إن حمل ثلث ما بقي ما يكون فيه وقفه، أو ما كان ثلثه، وكذا لو أخرج ثمنه فسقط. ولو جني العبد جنابة تحيط برقبته؛ خير الورثة في إسلامه ليبتاعوا من ثلث ما بقي عبداً ويفتكوه ليعتقوه، وكذا يرجع أبداً في ثلث ما بقي، ما لم ينفذ عتقه أو يقسم المال. فإن قسم وقد اشترى أو أخرج ثمنه فذهب؛ فلا شيء على الورثة إلا أن يكون معه في الثلث أهل الوصايا قد أخذوا وصاياهم، فيأخذ مما أخذوا ما يبتاع به رقبة؛ لأنه لا تجوز وصيته، وثم عتق لم ينفذ إلا أن يكون معه في الوصية ما هو مثله من الواجب، فيكون في الثلث سواء. وإن بقي بأيدي الورثة من الثلث ما يبتاع به رقبة؛ أخذ ذلك من أيديهم بعد القسم وابتيع به رقبة، وأنفذ لأهل الوصايا وصاياهم ابن رشد: تفرقته بين كون المال قسم، أو لم يقسم، استحسان ليس بقياس؛ لأن الحقوق الطارئة على التركة لا يسقطها قسمة المال. ولأصبغ عن ابن القاسم: أنه يرجع إلى ما بقي من المال فيخرج من ثلثه، ويكون ذلك كشيء لم يكن لا يحسب في ثلث، ولم يفرق بين كون المال قسم أو لا، وهو ظاهر

كتاب الوصايا الأول. ومن الناس من فسرها بما في هذا السماع من التفرقة، وهو قول أصبغ، وليس بصحيح، وكذا قوله: إنه يرجع في ثلث ما بقي ما لم ينفذ عتقه؛ يريد: أنه إذا نفذ عتقه، فاستحق بعد العتق؛ لا يرجع في ثلث ما بقي من التركة بعد قيمته وإن لم يقسم المال، وإنما يرجع فيما بقي من الثلث بعد قيمته، هو استحسان على غير قياس، والقياس أن يرجع إذا استحق العبد بعد أن أعتق في ثلث ما بقي من التركة بعد قيمته قسم أو لم يقسم. وفيها: من أوصى بعتق عشرة من عبيده، ولم يعينهم وعبيده خمسون، فمات منهم عشرون قبل التقويم؛ عتق ممن بقي منهم عشرة أجزاء من ثلاثين جزء بالسهم خرج عدد ذلك أقل من عشرة أو أكثر، ولو هلكوا إلا عشرين؛ عتق نصفهم في ثلث الميت، أو هلكوا إلا عشرة؛ عتقوا إن حملهم الثلث. وكذا من أوصى لرجل بعدد من رقيقه أو بعشرة من إبله. الصقلي وقال ابن الماجشون: سواء قال: عشرة من رقيقي أحرار وهم ستون، أو قال: سدسهم فمات بعضهم؛ إنما يعتق سدس ما بقي إن بقي منهم أقل من عشرة لم يعتق إلا سدسهم قلت: بناء على اعتبار حكم الوصية بمقتضى حالهم يوم التنفيذ أو يوم وقوعها. الشيخ في الموازية: وإذا أوصى له بشاة من ماله وله غنم؛ فهو شريك بواحدة في عدد ضأنها ومعزها، ذكورها وإناثها، صغارها وكبارها، فإن هلكت كلها؛ فلا شيء وإن عن لم يكن له غنم؛ فله في ماله قيمة شاة من وسط الغنم، إن حملها الثلث أو ما حمل منها، ولو قال: من غنمي فمات ولا غنم له؛ فلا شيء له، وإن مات ولا غنم له إلا شاة صغيرة أو كبيرة؛ فهي له إن حملها أو ما حمله منها. الشيخ: من أوصى لرجل بعشرة شياه من غنمه ومات وهي ثلاثون فولدت بعده فصارت خمسين؛ له خمسها، وقاله أشهب مرة، وقال مرة: له من الأولاد بقدر ماله من الأمهات إن كانت الأمهات عشرين، أخذ عشرة من الأمهات، ونصف من الأولاد إن

حملها الثلث أو ما حمله منها. وفيها: إن قال: ثلث عبيدي أو إبلي لفلان فهلك بعضهم وأوصي له بثلث غنمه فاستحق ثلثاها؛ فإنما للموصي له ثلث ما بقي من العبيد والغنم، إن حمل ذلك الثلث. قلت: كذا هو في التهذيب والمدونة، وقوله: إن حمل ذلك الثلث مع قوله: إنما له ثلث ما بقي من الغنم، والعبيد تقرير لما هو واقع، كقولة: هذا الحجر إن كان حجراً فهو جماد. أول ما يخرج من كل التركة معيناً أم الولد، والرهن لمحجور، وزكاة حب، أو ثمر مات حين وجوبها، وفي كون وجوب زكاة ماشية في مرضه، كذلك طريقان. اللخمي: كذلك إن لم يكن ساع. ابن رشد: كذلك إن كان فيها سنها، وما ثبت ملكه غيره، وسكنى الزوجة في عدتها مسكنها حين موته بملكه أو نقده كراءه، وأوله كلياً موته وإقباره، ثم دين لآدمي، ثم ما أشهد في صحته بواجب عليه لله تعالى من زكاة، أو كفارة. ابن رشد: أو نذر. قلت: للباجي عن عبد الحق وبعض شيوخه: نذر الصحة في الثلث، فلعل الأول في الملتزم، والثاني في الموصي به، وإلا تناقضا، ويقدم منها في ضيق التركة المقدم منها في ضيق الثلث، وفي كون زكاة عين حلت في مرضه من رأس ماله مطلقاً، وإن أوصى بها وإلا أمر الوارث بها، ولم يجز قولا اللخمي مع أشهب وابن القاسم. ولمحمد فيمن علم منعه زكاة أمر بها في مرضه، فقال: حتى أصبح تخرج من ثلثه، وصوب اللخمي كونها من رأس ماله لقول محمد في متمتع مات إثر سفره، ولم يهد لتمتعه: يهدي من رأس ماله، وخرج عليه عتق ظهاره من مات قبل تفريطه في عتقه كونه من رأس ماله. فقول ابن شاس: إن عرف حلولها، وإنه لم يخرجها فمن رأس ماله ابتاع، للخمي لا للمشهور. وقول ابن الحاجب: إن اعترف بحلولها حينئذ، وأنه لم يخرجها فمن رأس ماله، خلاف اقتضاه ظاهر الورايات، شرط علم حلولها حينئذ من غيره.

ولصحة تعليل الصقلي ما أخرج منها الثلث بكونه لم يعلم إلا من قبله، وفيها: من حلت زكاة عينه في مرضه، أو أتاه مال غائب فأمر بزكاته فمن رأس ماله، وفيها: من اعترف في مرضه، بعتق عبده فلانًا في صحته؛ لم يعتق في ثلث ولا رأس مال، وتقدم ذكر الخلاف فيه. والمخرج من ثلثه، الوصايا وتبرعات مرض موته، فإن ضاق ونص على ما تقدم شيء على شيء له رده؛ قدم عليه وتقدم القول فيه. وما ذكره الباجي فيه: وإلا قدم الأوكد ففي تقديم مدبر الصحة على صداق منكوحة في مرض دخل بها فيه. ثالثها: يتحاصان رواية محمد مع تخريج الباجي لابن الماجِشُون، من قوله: لا يقدم راجح مؤخر عن موجوع مقدم لازم عقده. والعُتْبِيّ مع محمد وابن الماجِشُون وسماعه أشهب وفيه: إن كان صداقها أكثر من صداق مثلها، وابن القاسم، وقال بالأولين. الباجي: ولا خلاف في تقديم هذين في الثلث، إلا ما تقدم لأشهب في المجموعة أن الزكاة والكفارة يقدمان على التدبير. قُلتُ: وفي الأيمان بالطلاق منها: من تزوج في مرض موته ودخل؛ فلها الصداق في ثلثه مبدأ على الوصايا، العتق وغيره: إلا الدين. وفي رسم أسلم من سماع عيسى: يبدأ صداق مثلها على المدبر في الصحة. ابن رُشْد: ظاهره: إن كان أصدقها أكثر من مهر مثلها؛ شقط الزائد على مهر مثلها، وهو ظاهر قولها في الإيمان بالطلاق، وقيل: يحاض به أهل الوصايا ولا يبدأ، قاله أَصْبَغ، وروي عن ابن القاسم. وقال مالك في سماع أشهب من الوصايا: إنه يبدأ، ومثله لابن نافع وعلى بن زياد، وابن عبد الحَكم، وابن الماجِشُون، وسَحنون. وقال ابن القاسم في العشرة: يبدأ بالمدبر في الصحة على صداق المريض، وعنه أنهما يتحاصمان فالأقوال الثلاثة له.

الصقلي: القول بتقديمه على المدبر ليس بشيء. قُلتُ: هو ظاهر قولها يبدأ على الوصايا بالعتق، وغيره إلا الدين فلم يستثن من غيره إلا الدين. وفي المدبر منها: إن دبرهم في صحة أو مرض في كلمة أو لم يحملهم الثلث، لم يبدأ أحدهم على الآخر، وفض الثلث على جميعهم بالقيمة يعتق من كل واحد حصته منه. ابن رُشْد: ولابن نافع في المدنيَّة: يقرع في المدبرين، كما يقرع في الموصى بعتقهم والمبتلين. الباجي: قال محمد: ويلي الصداق، ومدبر الصحة، الوصيَّة بزكاة فرط فيها، قاله ابن القاسم، ومالك: إنها تقدم على كل كفارة وعتق وإبتال في المرض. وللبرقي عن أشهب: أن العتق؛ يريد: المعين يقدم على الزكاة، والزكاة تقدم على الصدقة. ابن زرقون: وحكى ابن يونس عن أشهب: أن الزكاة لا تبدأ على الوصايا فانظره مع قوله هنا: تقدم على الصدقة فيتحصل لأشهب ثلاثة أقوال: قوله في المجموعة: تبدأ الزكاة على المدبر. الثاني أنها بعد العتق المعين وقبل الوصايا. الثالث أنها مع الوصايا. وللصقلي في كتاب الصيام، إثر ذكر الزكاة التي فرط فيها، ثم العتق في الظهار، وقتل النفس معا، وقيل: يبدأ عتق قتل النفس إذ لا بدل عنه، وعتق الظهار منه بدل وهو الإطعام، ثم كفارة الأيمان، ثم الإطعام من قضاء رمضان، ثم المدبر والمبتل في المرض. الباجي عن ابن الماجِشُون: إن أوصى بزكاة لعامه أو لعام فارط، وبركاة فطره وكفارة ظهار، وقتل، وجزاء صيد، وكفارة أيمان، وما بتل في مرضه من عطية، أو صدقة أو حبس أو صداق عن من ليس بولد؛ فذلك مبدأ على ما أوصى به في زكاة فرط فيها: وعلى سائر الوصايا، وكذا المدبر في المرض مقدم على الزكاة وهذه الواجبات

كلها لا يقدم بعضها على بعض. لابن حبيب: المبتل في المرض يقدم على الزكاة، وقاله مالك، وفي الموازيَّة: زكاة المال والحب والماشية سواء يحاص بينهما، وتبدأ على زكاة الفطر؛ لأنها سنة، ونحوه لأشهب، وتقدم لابن الماجِشُون: زكاة المال والفطر سواء. الباجي: قال ابن القاسم في الموازيَّة: ثم بعد الزكاة عتق الظهار، وعتق قتل خطأ لا قتل عمد؛ لعدم وجوبها، فإن ضاق الثلث عنهما، فإن وفي بعتق القتل وإطعام الظهار؛ أنفذ. ابن زرقون: اتفاقًا. الباجي: فإن لم يكن فيه إلا رقبة واحدة؛ أخرجها الورثة عن أيهما شاءوا. وقال أَصْبَغ: أحب إلى عن القتل لعل أن يظهر له مال يطعم منه، فإن أيسر من ذلك فعن أيهما شاءوا، وهذا قول آخر في المساواة بينهما، غير روايتي القرعة والمحاصة، وهي رواية تخيير المنفذ. الباجي عن ابن عبدوس عن ابن القاسم: يقرع بينهما، وبه قال الأبياني. ابن زرقون: فيتحصل فيها أن لم يكن في الثلث إلا رقبة واحدة أربعة أقوال: المحاصة، وتبدئة كفارة القتل، والقرعة، وتخيير الورثة؛ يريد: إن تفقوا. وإن اختلفوا فالقرعة، وقيل: إن لم يكن فيه إلا رقبة، وفضل: لا يبلغ الإطعام بدئ بالظهار، ويشرك بما بقي في كفارة القتل، وهو الخامس. الباجي لابن القاسم: إن لم يبلغ الإطعام الستين، أطعم ما بلغ، وإن زاد على الستين أعتق به في رقبة. قال ابن القاسم: إن لم يوص إلا بكفارة قتل، وضاق الثلث عنها، لم يرجع إلى الورثة، وعسى أن يعان بها في رقبة. قال أصْبَغ: يعان بها، وليس بشيء مما ذكرنا على رواية المحاصلة. قال بعض القرويين: معنى المحاصة: إن ما وقع للظهار أطعم به، وما وقع للقتل أعين به، وعندي أنه يقسم بينهما نصفين.

وقال اللخمي: يقدم عليهما هدي المتعة، ثم فدية الحج، ثم هدي الفساد، وكفارة الإفطار معًا. الباجي: قال ابن القاسم في الموازيَّة: بعد عتق القتل والظهار، ثم عتق القتل في المرض، والتدبير فيه سواء، وقاله مالك. وقال مُطَرَّف: يبدأ المبتل في المرض عليه. قلت لابن رُشْد في رسم شربه من سمَاع ابن القاسم: وقيل: يبدأ بالمدبر على المبتل في المرض، وهو على قول ابن القاسم في رسم أخذ آخر يشرب خمرًا من الحبس: أن للرجل أن يرجع عن ما حبسه فر مرض موته. الباجي: هذا إن كان في لفظ واحد وفي حكم اللفظ الواحد. قال في المدَوَّنة والعتبيَّة والمجموعة: إن كانا في كلام واحد في مرضه، فقال: هذا مدبر وهذا حر بتلاً تحاصًا. قال ابن القاسم: ولو بدأ بأحدهما، ثم ذكر الآخر بدئ بالأول؛ لأنه يثبت له مال يرجع فيه، ولأشهب في المجموعة الكلام المتصل لا صمات فيه كاللفظ الواحد. ولابن القاسم في الواضحة: ما كان في كلمة واحدة، وفور واحد فيهما معًا، وما كان في فور بعد فور، فالأول مبدأ. قال أشهب: إن قال: فلان حر بتلاً ثم سكت سكوتًا يعرف أنه لم يرد غيره، ثم يبدو له، فيبتل غيره بدئ الأول فالأول. ولعبد الملك في المجموعة: لو بتل عتق عبده في مرضه، ثم بتل من آخر عتق نصفه، وبدئ المبتل جيعه؛ لأن الآخر إنما يستتم في ثلثه بعد موته، ولو صح ثم مات؛ لم يستتم عليه. وقال محمد: اختلف قول مالك في تبدئة العتق البتل، والمدبر في المرض على الموصى بعتقه، فقال: بيد أنه على موصى بعتقه؛ لأن المشكل له تعلق برأس المال إن صح، والمدبر إن صح لا رجوع فيه، وقال ابن وَهْب، وقال: يتحاصون، وقاله أشهب. قال ابن دينار: وصدقة البتل مقدمة على الوصيَّة لعتق معين؛ إذ له أن يرجع عنه، وقاله المغيرة، وعبد الملك. قال سَحنون: كانت العطية قبل وصيَّة العتق أو بعده.

وروى ابن القاسم: أن مالكًا توقف في تبدئة صدقة البتل على الوصايا، وكذا في العتبيَّة، وتبدأ التبدية أحب إلي، وأما على العتق بعينه فيبدأ العتق. ابن زرقون: الذي في سمَاع ابن القاسم من الوصايا: أن الوصيَّة يحاص بها مع صدقة المريض. وفي كتاب المرابحة من العتبيَّة: الصدقة مبدأة. وفيها: ثم تبدأ بالزكاة، فيها ذكرنا ثم المبتل والمدبر في المرض معًا، ثم الموصى به للعتق بعينه، والمشتري بعينه معًا. اللخمي: وقال محمد: يبدأ الذي في ملكه وهو أبين؛ لأن الملك مترقب في الذي ليس في ملكه. وقال الصقلي: قال أشهب: وقال لي الليث وابن أبي حازم: لايبدأ بما كان في ملكه. قال أشهب: وقول مالك أحب إليَّ. محمد: وقاله مالك وأصحابه، وفيها: بعد العتق بعينه والمشترى، ثم المكاتب بعينه. الصقلي: إن أوصى بكتابة عبده فلان، وعتق آخر بعد سنة وضاق الثلث أسهم بينهما؛ فمن خرج عتق في الثلث، وإن لم يحمله الثلث؛ خير الورثة في إنفاذ الوصيَّة وعتق محل الثلث منه بتلاً، فإن خرج المعتق إلى سنة سقطت الخدمة. محمد: أحب إلي أن يبدأ المعتق إلى سنة؛ لأنه بتله ولا عجز فيه، قاله عبد الملك. ابن القاسم: إن ولم يحملهما الثلث؛ قيل للورثة: إما أن يجيزوا، ولا عتق محمل الثلث منها بتلاً. الباجي: قال عبد الملك في الواضحة: إن كان أجله بعيدًا كالسنة. وفي المجموعة: إن كان إلى أجل طويل تحاصا، وسقطت الخدمة والكتابة ويبديان

على رقبة غير معينة، كان ذلك في كلمة أو فور بعد فور. الشَّيخ في المجموعة: روى ابن القاسم وأشهب: إن أوصى بعتق عبده وبأن يكاتب الآخر، فالمعتق مبدأ وكذا على أن يؤدي الآخر كذا فلم يعجله، ولو عجله تحاصا. قال سَحنون: ولأشهب يبدأ الذي يعتق على غير مال. اللخمي: إن عجل عتق أحدهما بغير مال، والآخر على مال، أو أوصى أن يكاتب؛ بدئ بالذي لم يعجل عليه مالاً ولا كتابة. واختلف إن عجل المال فقال ابن القاسم: يتحاصان، وقال غيره: التبدئة على حالها. قُلتُ: بناء على اعتبار الحكم بحال يوم التنفيذ أو يوم الوصية وعليهما لو أوصى بكتابة أحدهما، وعتق الآخر على مال يعجله؛ بدئ بالمعجل على قول ابن القاسم وتحاصا على قول الآخر، ولو لم يعجل المعتق على مال المال تحاصا، قاله الصقلي. وفيها: بعد المكاتب بعينه، ثم القسمة بغير عينها، والحج معًا، وقد قال: يبدأ بالرقبة لضعف الحج. الباجي: انفرد ابن وَهْب فقال: تقدم وصيَّة الصورة بالحج على الرقبة المعينة، وفي الموازيَّة يبدأ العتق، وإن كان تطوعًا والموصي ضرورة، وقاله أشهب، وابن القاسم ورواه عن مالك. وأما حج الضرورة مع رقبة معينة ففيه ثلاثة أقوال: قول ابن القاسم في كتابه: يقدم عتق غير المعين. وقول أشهب وابن وَهْب: يقدم حج الضرورة. وقول ابن القاسم الذي وافق فيه أصحابه: يحاص بينهما، وقاله ابن كنانة، وإن كان الحج من غير ضرورة، فعلى أن العتق يقدم على الصرورة فأحرى أن يقدم هنا، وعلى أنه لا يقدم على الصرورة. قال محمد عن مالك وأصحابه: تبدأ كل وصيَّة على حج غير الصرورة، والرقبة

غير المعينة، والوصايا في الثلث شرع سواء، وقاله أشهب، والأول مبني على كراهة الوصيَّة بالحج، قاله مالك. الصقلي: إن اجتمع وصيَّة مال وحج وعتق بغير عينه على القول بتبدئة الرقبة على الحج حوصص بينهما، فما وقع للحج كانت الرقبة أو أولي به كما لو كانا معًا كمعادة الشقيق للجد بالأخ للأب. قال: ولم يختلف قول ابن القاسم: أنه إن أوصى بمال وبعتق بغير عينه؛ أنهما يتحاصان، وإن أوصى بحج ومال؛ أنهما يتحاصان. قُلتُ: هذا الاتفاق بناقض قوله: بتقديم العتق؛ لأن المساوي لأمر مساوي لمساوي ذلك الأمر ضرورة، ويجاب بأن المحاصة تكون بالمفاوتة لا بالمساواة قاله ابن رُشْد في سمَاع موسى. قال ابن شاس: ويقدم الواجب على التطوع، وتبعه ابن الحاجب فقبله ابن هارون قال: ويقدم الواجب بالكتاب على الواجب بالسنة. وقال ابن عبد السلام: هذا إن كانا من جنس واحد كعتق رقبتين إحدهما واجبة، والأخرى تطوع، وكذا الإطعام وشبهه، وإن كانا من جنسين؛ فالذي قاله، وإن ساعده الفقه فالنقل يخالفه في كثير من المسائل بعضها يضعف الاعتذار عنه، فقد قدم الأكثرون مدبر الصحة على الزكاة، وقدم عبد الملك عليها مدبر المرض. قُلتُ: الأظهر حمل لفظهما على ما اتحد جنسهما، ونحوه قول اللخمي الموصى به أربعة: ما جاء به القرآن، وما جاءت به السنة، وما أوجبه الموصى على نفسه فالمقدم، والرابع: ما أوصى به، ولم يوجبه بالمقدم ما جاء به القرآن ثم جاءت به السنة، ثم ما تطوع به، وقد تقدم ما جاءت به السنة على ما جاء به القرآن في بعض المسائل. وفيها: تقديم العتق بعينه على المعتق غير معين. وفيها: إن أوصى بمال وقسمه بغير عينها تحاصا. وسمع موسى بن معاوية: من أوصى بعتق رقبة تشترى، وأوصى بوصايا وضاق الثلث تحاصوا فيه.

ابن رُشْد: مثله في المدَوَّنة من أن الرقبة بغير عينها لا تبدأ على الوصايا. واختلف في ذلك، وفي الوصيَّة بالحج، فقيل: كلها سواء في المحاصة، وقيل: تبدأ الرقبة على الحج، ويحاص المال مع الحج ومع الرقبة، ووجهه أن الرقبة آكد ثم المال ثم الحج، فتتحاص الرقبة مع المال لتقاربهما، والمال مع الحج أيضًا لقرب ما بينهما، وتبدأ الرقبة على الحج لبعد ما بينهما، وقيل: تبدأ الرقية على المال والحج، وقيل: يبدأ الحج على الرقبة والمال. الجلاب: من أوصى بعتق مطلقًا غير معين، ووصايا؛ كان العتق واجبًا من نذر، أو كفارة يمين، أو قتل، فهو مبدأ، وإن كان تطوعًا. ففيها فيما أظن روايتان. أحدهما: أنه مبدأ. والآخر: أنه وسائر الوصايا سواء. قُلتُ: وعن ابن الحارث: التبدئة لعبد الملك. وفي الكافي لأبي عمر: الجزم بالروايتين دون ظن. وفيها: من أوصى بثلث، وبربع ماله، وبشئ بعينه لقوم؛ نظر إلى قيمة هذه المعينات، وإلى ما أوصى به الثلث والربع، فيضربون في الثلث الميت بمبلغ وصاياهم، فما صار لأصحاب الأعيان أخذوه في ذلك، وما صار للآخرين كانوا به شركاء مع الورثة. وسمع ابن القاسم من قال: ثلثي في سبيل الله وفي الرقاب، أو لفلان مائة دينار، قال: يعولون الذي سمى له بالمائة. ابن رُشْد: قال في هذه الرواية: إن الوصيَّة بالجزء، والتسمية يحاص بينهما، كانت التسمية لمعين والجزء لغير معين في وجه واحد أو وجوه شتى. ومثله سمَاع أشهب، وسمَاع يحيى، ورواه على بن زياد، وذلك إذا أبهم التسمية، لم يقل فيها انها من الثلث كقوله: عشرة دنانير وثلثي لفلان، أو في وجه كذا ولفلان، أو في وجه كذا ثلثي ولفلان، أو في وجه كذا منه عشرة دنانير، فإن التسمية تبدأ، قاله في رسم الوصايا من سمَاع أشهب، ولا خلاف في ذلك إن أتى بمن قدمها، أو أخذها والتبدئة مع التأخير أوكد، وعن مالك: تبدئة التسمية على الجزء وعنه العكس.

وقال ابن رُشْد في رسم الوصايا من سماع أشهب: المشهور التحاصص. ابن زرقون: للناس أشعار في ترتيب الوصايا على مشهور مذهب مالك فاخترت قول بعضهم. صداق مريض في الوصايا مقدم ... ويتلوه ذو التدبير في صحة الجسم وقيل هما سبيان حكمهما معا ... وقيل بذي التبذير يبدأ في الحكم وإن ضيع الموصى زكاة فإنها ... تبدى على ما بعدها دين في النظم وكفارتان بعدها لظهاره ... ولقتل وهبا لا بعمد ولا جرم ويتلوه كفارة الحنث ... لكفارة الموصي في الصوم ذي الصوم وندر الفتى قال لما قد نصصتته ... وما بتل الموصي ودبر في السقم هما يتلوان الندر ثم وصاية ... بعتق الذي في ملكه يا أخا الفهم مع المشتري من ملك زيد معنا ... ليعتق عنه النجاة من الإثم وما أعتق الموصي بتوقيت ... حينه كشهر ونحو الشهر من أجل حتم وإن كان عتق بعد مال مؤجل ... فعجله ذو العتق قبل انقضاء القسم يساوي بهم عند الحصاص حقيقة ... كذا حكمهم ياصاح في موجب العلم وبعدهما ما كان عتقا مؤجلا ... ببعد من التأجيل في مقتضى الرسم فذاك مع الموصى به من كتابه ... ومن كان بعد المال لعتق بالعدم يبدون قبل المشتري لعتاقه ... بلا نص تعيين عليه ولا حسم ومن بعده الحج الموصى بفعله ... وقيل هما سببان في مقتضى الحكم وهذه المبادئ نظمها نظم لؤلؤ ... فدونكه نظما صحيحا بلا وهم

قال أبو حفص بن عمر بن الحسن الهوزني وزاد فؤاد: أصح للمبدى في مكاسب من ترى ... فيسهل ذكراه عليك إذا جرى ففي رأس ما أبقى ضرورت دفنه ... وفرض زكاة حل في نابت الثرى ولن يدين الحق فاقض جميعه ... وتتلو زكاة العين والفطر ما مضى لموصى بما قد حل للوقت منهما ... فبدئهما حتما على السخط والرضى وقد قبل في بعض الهدايا بمثله ... ولا سيما عند الوصاة وما التوى وفي ثلثه مهر المريض فبده ... وأقواه مهر المثل منه إذا بنى ويتلوه تدبير الصحيح وبعده ... زكاة مريض ضيع الوقت فانقضى وتدبيره والعتق بتلاتلا معا ... وقيل يلي عتق الظهار أو الخطأ و ... الأيمان بعد وبعدها ... يكفر عن فطر الصيام إذا عصب وإطعام نذر للمساكين بعده ... وتعيين عتق بعد من أوجه ترى فعتق بلا شرط وعتق لغارم ... ومستخدم والعتق في ذين قددنا وتعيين مبتاع يعجل عتقه ... فكلهم في الحكم عدلا قد اشتوى وتابع بموصي أن يكاتب والذي ... تباعد منه العتق للوقت إذ نأى وبعدهما حج الصرورة يده ... ويتلو عتيق لم يعين من الورى ويدركه حج لغير صرورة ... وإن شئت بدء العتق قبل فقد أتى و ... هذا العتق سائر عهده ... وبد لموص من وصايا ما ارتضى و ... وصاياه ديون أيامه ... وفي ثلث الباقي يكون كما قضى و ... في المعلوم كل وصية ... ويدخل تدبيراه في ثلث ما طرا وفي جله خلف وأشهره الذي ... نصصت وتخليط الأقاويل كالعمى

ابن زرقون: المشهور تبدئة زكاة الفطر على الظهار، وقتل النفس؛ لأنه قيل: زكاة الفطر فرض، والظهار وقتل النفس هو أدخله على نفسه. والمشهور في المقدمات: كان أو عمر الإشبيلي يرى: تبدئة الوصيَّة بفك الأسير على كل الوصايا المدبر في الصحة وغيره، ويحتج برواية أشهب في كتاب الجهاد، وحكاه عنه ابن عتاب، وقال: أجمع الشُيُوخ على ذلك وهو صحيح. وفيها: من اشترى ابنه في مرضه، جاز إن حمله الثلث، وعتق وورث باقي المال إن انفرد وحصته مع غيره، وإن عتق مع ذلك عبده بدئ الابن، وورث إن حمله الثلث. الصقلي: قال محمد: إن اشتراه بأكثر من ثلثه عتق منه محمل الثلث، ولم يرثه. وفي سمَاع ابن القاسم: مثله، وفيه: إن لم يحمله الثلث؛ عتق منه محمله، ورق ما بقي للورثة، فإن كان الورثة ممن يعتق عليهم؛ عتق ما بقي عليهم. قُلتُ: إن اشترى بماله كله وورثته من يعتق عليهم؛ جاز شراؤه، وعتق عليهم. وذكر عليه وهو يحجب من يرث المشتري ويرث كل المال، كان ابنه أو غيره؛ جاز شراؤه ولو بجميع ماله، ويعتق ويرث ما بقي، وإن كان لا يحجب وله من يشركه في الإرث؛ لم يجز شراؤه إلا بالثلث ولا يرثه؛ لأنه إنما يعتق بعد موت المشتري. قال: وقال أشهب: لا يجوز شراؤه إلا بالثلث، كان ممن يحجب أو لا يحجب، ولا إرث له، وقال غيره: كل من يجوز استلحاقه جاز سراؤه. فكل ما له شركة في الإرث أخذ أولاً. الصقلي: وكذا لابن حبيب عن ابن الماجِشُون، قصره على الابن. محمد: اختلف قول أشهب، قال مرة: شراء ابنه بماله كله، إن لم يكن معه وإرث يرث في رق الولد ويحجبه الولد لو كان حرًّا جائز، فإن كان معه مشارك في الميراث؛ لم يكن له أن يشتريه إلا بالثلث. وكذا في كل من يعتق عليه، وأنكر قول مالك، لايشتريه إلا بثلثه ولم يفصل، وروى عنه البرقي كقول مالك، ولما ذكر اللخمي قوله الأول، قال: ولست أدري من

أين أخذ مالك قوله الذي قال. الصقلي: قال بعض القرويين: لا يجوز عند ابن القاسم أن يشتريه بأكثر من ثلثه؛ يريد: على قوله في المدَوَّنة. قُلتُ: ومثل قوله سمع أشهب ابن رُشْد، مذهب ابن القاسم: أن العتق يصح له بنفس شرائه بثلث ماله؛ لعدم الحجر عليه في ثلثه دون ترقب، وإن تلف باقي ماله قبل موت لم ينتقص عتقه، كمن بتل عتق عبده في مرضه وله مال مأمون فجعل عتقه، ثم تلف المال المأمون؛ لم يرد العتق. وكذا في الموازيَّة: من اشترى ابنه في مرضه؛ فهو حر مكانه، ويرثه إن اشتراه بثلث ماله، وهو دليل هذا السماع، وما في المدَوَّنة والمدنيَّة لابن القاسم. وقال أَصْبَغ: لا يرث بحال؛ لأنه لا يعتق إلا بعد الموت. قال التونسي: وهو القياس، ووجه قول ابن القاسم: كأنه لم يزل حرًّا من يوم الشراء، ألا ترى أن المبتل في أحد القولين إذا اغتل غلة بعد التبتيل أو أثمرت النخل بعد موت الموصى، أن الأصول وحدها هي التي تقوم، فإذا خرجت من الثلث تبعتها الغلات كأنها لم تزل من يوم بتلت ملكًا لمن بتلت له، وما حملها عليه قول ابن القاسم: إن العتق يعجل له بنفس الشراء دون ترقب، هو الذي ينبغي أن يحمل عليه قوله: به يسلم من الاعتراض. وإن لم ينظر فيه إلا بعد الموت على ما قاله في أول رسم من سمَاع عيسى. ولأشهب في أول رسم من سمَاع عيسى مثل قول أَصْبَغ. الصقلي: واستثقل ابن عبد الحَكم توريثه، وقال: كيف يورثه وهو لو بتل عتق عبده، لم يوارث أحرار ورثته حتى يقوم في الثلث بعد موته، إلا أن يكون له أموال مأمونة؛ ولكنه استسلم لقول مالك ثم أخذ تباعًا، ونقل اللخمي قول أَصْبَغ بزيادة: إلا أن يكون للميت أموال مأمونة من عقار وغيرها، فيرث ويورث. الصقلي: قال أشهب: إن اشترى ابنه وأخاه في مرض واحد بعد واحد بدئ الأول قي ثلثه، وإن كان في صفقة واحدة فقياس قول مالك يتحاصان، وفي قولي: أبدئ الأول

وأعتقه، وإن كان أكثر من الثلث؛ يريد: على قوله: إن له أن يشتريه بجميع المال إن لم يكن معه وارث. محمد: بل إن حمله الثلث بدئ به، وعتق، فإن بقي من الثلث شيئ؛ عتق فيه الأخ وما حمل منه، وإن اشترى أخاه أولاً ولم يحمله الثلث؛ عتق منه محمله، وعتق الابن في بقية ماله، وورثه إن خرج كله، وإن لم يخرج كله؛ لم يعتق منه إلا بقية الثلث بعد الأخ، وقاله أشهب أيضًا، وقال في رواية البرقي: إن كان في صفقة تحاصا. وفيها: إن أوصى أن يشترى أبوه بعد موته؛ اشتري وعتق في ثلثه، وأن لم يقل وأعتقوه. الصقلي: يريد: وكذا كل من يعتق عليه إذا أوصى بشرائه. وفيها: إن قال في وصيته إن مت فكل مملوك لي مسلم حر، وله عبيد مسلمون ونصارى، ثم أسلم بعضهم قبل موته؛ لم يعتق منهم إلا من كان يوم الوصيَّة مسلمًا. الصقلي: قال بعض فقهاء القرويين: لعله فهم منه إرادة عتق هؤلاء بأعيانهم، وإلا فالأشبه دخول من أسلم في وصيته؛ لأن الموصي إنما يوصي فيما يكون له يوم الموت، لا أعيان من كان عنده؛ لأنه لو قال: إذا مت فعبيدي أحرار، وعنده عبيد ثم أوصى فباعهم واشترى عبيدا آخرين، فمات عنهم كانت الوصيَّة فيهم. واختلف لو اشترى بعد الوصيَّة عبيدًا مسلمين، فقال محمد عن ابن القاسم: يدخلون في الوصية، ولابن حبيب عن أَصْبَغ: لا يدخلون. محمد: إن لم يكن في عبيده يوم الوصيَّة مسلمون، فمن أسلم من عبيده واشتراه مسلمًا؛ دخل في الوصية. قُلتُ: ما ذكره عن بعض القرويين يرد بأن صدق اللفظ على مسماه، إما أن يكون في سياق التقسيم، أو الإطلاق. فالأول: ظاهر في تعيين المسمى لقرينة التقسيم الملزوم لاعتبار الخاصة التي تقرر بها التقسيم. والثاني: ظاهر في إطلاق المسمى لأصالته السالمة عن موجب التعيين.

وفيها: من أوصى لرجل بمثل مصاب أحد بنيه، فإن كانوا ثلاثة؛ فله الثلث. اللخمي: من خلف ثلاثة بنين، وقد أوصى لرجل بمثل نصيب أحد بنيه؛ كان له الثلث، وإن كانوا أربعة؛ فالربع، وإن كانوا خمسة؛ فله الخمس، هذا قول مالك. وقال ابن أبي أويس في ثمانية أبي زيد: له السدس إذا كانوا خمسة. الصقلي عن محمد: إن أوصى بمثل نصيب أحد ولده ومعه من يرث من أم وزوجة ذكورًا، أو ذكورًا وإناثًا؛ كان للموصي له ثمن ما يصير للواحد خاصة، وإن كانوا ثلاثة؛ كان له ثلث ذلك، وإن كانوا اثنين؛ كان له نصف ذلك، وإن كان وحدًا؛ كان له مثل ما يصير له إن حمله الثلث، ثم يضم ما بقي إلى ما عزل لمن كان يرث الميت مع الولد، فيقسم ذلك على فرائض الله، وإن كان ولده كلهم إناثًا كان لهن الثلثان، ثم ينظر إلى عددهن فإن كن أربعًا؛ أعطي ربع الثلثين، وإن كن ثلاثًا؛ أعطي ثلث الثلثين، وإن كن اثنين؛ أعطي نصف الثلثين، وإن كانت واحدة؛ أعطي نصف المال إن أجازه الورثة، وإلا فله ثلث المال، ثم يضم ما بقي لسائر مال الميت يقسم على فرائض الله، على البنات وسائر الورثة من عصبة وغيرهم. أَصْبَغ: هذا قول مالك وابن القاسم وأشهب. ابن عبد الحَكم: هو أصح من قول الفراض. الصقلي: يقولون إن أوصى بمثل نصيب أحد ولده وهم ثلاثة؛ أعطي الربع ومع الأربعة الخمس، ويزيدون سهمًا على عددهم. وسمع أبو زيد: لمن ترك بنات وغيرهن وأوصى لبنت ابنه من ثلث ماله، بمثل نصيب أحد بناته؛ عزل الثلث، وقسم الثلثان على فرائض الله، فما صار لإحدى بناته أعطيت بنت الابن مع البنات كأنها منهن مثل ما لو كانت مثله من الثلث، فإن فضل شيء عن اهل الثلث قسم على أهل الفرائض كلهم، وتجعل بنت الابن مع البنات كأنها منهن مثل ما لو كانت بنت من يرث الميت. ابن رُشْد: ظاهره أنه جعل قول الميت دليلاً على أنه إنما أراد أن يعطي الموصي له من ثلث ماله مثل نصيب أحدى بناته من ثلثي ماله، ولو قال: بمثل نصيب إحدى بناته

ولم يقل من ثلثها له لأعطى مثل نصيب إحدى بناته من كل ماله ابتداء، ثم يقسم الباقي على الفرائض كقوله في المدَوَّنة وغيرها؛ فيكون للموصى له أكثر مما يكون لكل واحد منهم. وقال بعضهم: قول ابن القاسم في هذه الرواية خلاف قوله في المدَوَّنة: ولا فرق بين أن يقول من ثلث مالي أو يسكت؛ لأنه علم أن الوصايا إنما هي من ثلث المال فمعناه أعطوا فلانًا من ثلث مالي مثل نصيب إحدى ولدي. واحتمل أن يريد مثل نصيبه من جميع ماله فيكون له أكثر مما يصير لكل وارث. واحتمل أن يريد مما بقي بعد الوصيَّة فيكون له مثل نصيب كل واحد منهم مثل قوله في هذا السماع، فحمله في المدَوَّنة على الوجه الأول، وحمله في هذا السمَاع على الوجه الثاني. والأظهر أن قول ابن القاسم لم يختلف في ذلك، وأن لا فرق بين أن يقول من ثلثي أو يسكت. اللخمي: إن قال: أنزلوه منزلة ولدي أو اجعلوه كأحدهم، وهم خمسة كان له السدس اتفاقًا. وكذا إن قال: له نصيب أحد ولدي ولم يقل مثل. الشَّيخ في الواضحة من قول مالك: إن قال فلان وارث مع ولدي أو من عدد ولدي، أو ألحقوه بولدي، أو ألحقوه بميراثي أو ورثوه من مالي، أو قال: في ابن ابن له ماتا أبوه ورثوه ابنه مكان أبيه، ففي كل هذا إن كان البنورة ثلاثة فهو رابعهم، وإن كانوا ثلاثة ذكور وابنتين فهو كرابع الذكور. وإن كان الموصى له أنثى، فهو ثالث مع الابنتين فيكون وصيَّة بسبع المال، وإن كان ذكر فبخمس المال، وسمع أشهب: المعتبر في عدد ولده الموجود منهم يوم يموت المالك. ابن رُشْد: المعتبر عددهم يوم وجوب الوصية، قل عددهم أو كثر اتفاقًا لا يوم الوصية.

ابن زرقون: إن أوصى بمثل نصيب أحد بنيه، وترك رجالاً ونساء فأربعة أقوال: الأول: أنه كرجل مدلول. والثاني: قول مالك في المدَوَّنة: يقسم على عدد رؤوسهم الذكر والأنثى سواء، ويعطى حظ واحد منهم، ثم يقسم ما بقي على فرائض الله، وقيل: يزاد سهمه على السهام ويكون له. وقال ابن زياد: له نصف نصيب ذكر، ونصف نصيب أنثى، ولم يحك اللخمي فيها إلا الثاني والأخير. وعزاه لابن الماجِشُون قال: وهو أحسن. قال: فأن قال: له مثل نصيب أحد ولدي، وله زوجه وأبوان عزل نصيب الزوجة والأبوين، ثم ينظر إلى ما ينوب كل واحد من الباقي، فيعطي مثل نصيب أحدهم، ثم يجمع مع نصيب الزوجة والأبوين إلى الباقي بعدما أخذه الموصى له، فيقسمونه على فرائض الله، وسمع عيسى ابن القاسم: إن قال: له سهم كسهم ولدي، وله ولد واحد، فإما أعطاه جميع المال، وإلا فالثلث. الشَّيخ: وقاله سَحنون في المجموعة: ولم يزد فيها ابن رُشْد شيئًا. الشَّيخ عن عيسى في العتبيَّة: إن قال: من عدد ولدي، فإن كان للموصى له ولد؛ فله بهم ذكر، وإن كان أنثى؛ فله بهم أنثى، ويحلف مع الولد في العدد، فإن كان معهم أهل فرائض؛ خرجت فرائضهم، ثم يأخذ الموصى له كما وصفنا مما بقي، ثم يقسم كل ما بقي بين جميع الورثة، ولو قال: هو وارث مع ورثتي؛ فلتعد الجماجم، فإن كانوا ثلاثة فهو رابعهم، ثم على هذا الحساب. ابن حبيب عن أَصْبَغ: من ترك زوجة، وأخا وإخوة لعلات، وقال: لفلان سهم مثل سهم أحد ورثتي؛ فانظر إلى عددهم فيعطى نصيبًا منه، ولو قال: مع ورثتي؛ ردته على عددهم، وأخذ نصيبًا من جملة العدد. وسمع عيسى ابن القاسم: من قال: لفلان مثل نصيب أحد ولدي ولا ولد وطلب الولد، ثم مات ولا ولد له؛ فلا شيء للموصى له، واحتج بقول مالك: من قال:

اكتبوا ما بقي من ثلثي لفلان، حتى أنظر لمن أوصى، فمات قبل أن يوصي بشيء غير ذلك؛ لا شيء للموصى له ببقية الثلث. ابن رُشْد: لا خلاف أحفظه في الأول، وما احتج به خالف فيه أشهب، ورأى له الثلث كله. وفي سمَاع محمد بن خالد: قولا لأشهب في بعض الروايات: إن له ثلث الثلث مكان ثلث المال. فقيل: هو غلط وتصحيف، وقيل: هو قول ثالث، وعلى هذا حمله ابن حارث، وهو بعيد لا وجه له، ولو قيل له نصف الثلث كان له وجه؛ لأنه يقول: لي الثلث كله، ويقول الورثة: لا شيء لك منه، فيقسم بينهما. وفيها: قال مالك: إن قال: لفلان مثل نصيب أحد ورثتي، وترك رجالاً ونساء، فقسم المال على عددهم وأعطي جزءًا منه، وقسم ما بقي بين ورثته إن كانوا ولده، للذكر مثل حظ الأثنيين. قُلتُ: تقدم نقل ابن زرقون الأربعة أقوال، معبرًا عن واحد ورثته بأحد بنيه. وسمع عيسى: من مات وقد قال: لفلان جزء من مالي أو سهم منه؛ أعطي من أصل فريضتهم سهمًا، إن كانت من ستة؛ فسهم منها، وإن كانت من أربعة وعشرين فيهم منها، وإن كان ورثته أولادًا رجلاً وابنة؛ أعطي سهمًا من ثلاثة. وإن كان رجل وامرأتان منهم من أربعة فعلى هذا بحسب قلوا أو كثروا ما لم يكن إلا ولد واحد؛ فله ثلث المال، وإن لم يكن له وارث؛ فسهم من ستة؛ لأنه أدنى ما تقوم منه سهم الفرائض. وقال أشهب: له سهم من ثمانية؛ لأن أقل سهم فرضه الله تعالى الثمن، فإن كان أصل المسألة ستة، وهي تربو إلى عشرة، فسهم من عشرة. ابن رُشْد: الأظهر قول أشهب. قُلتُ: وقال الباجي: إن أوصى بجزء من ماله أو نصيب، أو سهم ولم يعينه، فقال أَصْبَغ ومحمد: لهم سهم واحد مما قسمت عليه فريضته، كثر ذلك السهم أو قل.

قال عبد الوهاب: من أصحابنا من قال: يعطى الثمن. قال ابن عبد الحَكم: اختلف في ذلك، قيل: له الثمن، وقيل: يعطى سهمًا مما تنقسم عليه الفريضة، قلّت السهام أو كثرت. محمد: وهذا أحب إلي، وعليه جماعة أصحاب مالك. وقيل: يعطى سهمًا من سهام الفريضة ما لم يزد على الثلث، فيرده الورثة إلى الثلث أو ينقص من السدس، فلا تنقص من السدس. ولم يتعقبه ابن زرقون وأتى بما ذكرناه من سمَاع عيسى، والظاهر من كلام ابن رُشْد أن الخلاف إنما هو إذا لم يكن له وارث. وظاهر كلام الباجي ونقله عن من ذكر أن الخلاف مطلقًا ولو ترك ورثته، والقولان اللذان نقلهما ابن رُشْد المقيدان بأن لا وارث، وثالث نقل ابن الحاجب لأكثر من سهم الفريضة، أو الثمن لو صح كان سدسًا، وما أراه، إلا وهمًا؛ لأن ابن شاس لم يذكره وذكر بدله الأكثر من السدس، أو سهم من الفريضة كما ذكره الباجي. ابن شاس: ومن أوصى بضعف نصيب ولده، فقال ابن القُصَّار: لا أعرف فيها نصًّا، ووجدت لبعض شُيُوخنا أنه يعطى مثل نصيب ولده مرة واحدة، فإن قال: ضعفين أعطي مثل نصيبه مرتين. ثم حكى عن الشافعي وأبي حنيفة: أنهما لا يقولان إن ضعف النصف مثله، قال: وهذا في نفسي أقوى. وفي الوصاياها الثاني: من قال: وهبت خدمة عبدي لفلان ثم مات فلان؛ فلورثته خدمة العبد ما بقي، إلا أن يستدل من قوله: إنما أراد حياة المخدم. وقال أشهب: يحمل على أنه حياة فلان، ولو كان حياة العبد كان هبة لرقبته. الصقلي: قال بعض أصحابنا: قول ابن القاسم جيد وليس كهبة الرقبة؛ لأنه بين قصر هبته على الخدمة فقط دون مال يموت عنه العبد، أو أرش جناية عليه، فقد أبقاها لنفسه فلا يلزمه ما قال أشهب.

محمد: من قال في وصيته: يخدم عبدي فلانًا، ولم يوقت وقتًا فلا اختلاف فيه بين أصحابنا فيما علمت إن ذلك حياة المخدم، وهو إن شاء الله قول ابن القاسم وأشهب في وصاياها الثاني. وإن قال: أخدمت عبدك رجلاً أجلاً مسمى، فمات الرجل قبل الأجل؛ خدم العبد ورثته بقية الأجل، إذا لم يكن من عبيد الحضانة والكفالة، وإنما هو من عبيد الخدمة. وفي وصاياها الأول: من قال في مرضه: يخدم عبدي فلانًا سنة والموصى له غائب ببلد ناء، أجره السلطان إلا أن يكون أريد به ناحية الكفالة والحضانة. وفيها: إن أعمرك رجل حياتك خدمة عبد أو سكنى دار؛ لم يجز لك أن تبيع هذه الخدمة من أجنبي أو تؤاجر العبد، إلا إلى مدة قريبة كسنة أو سنتين وأمر مأمون، ولا تكريه إلى أجل غير مأمون. ولو أوصى لك بخدمة العبد سنين، وأكريته فيها؛ جاز كمن آجر عبده عشر سنين. قال مالك: ولم أر من فعله وإن فعل جاز، وهذا خلاف المخدم حياته؛ لأنه إذا مات المخدم سقطت الخدمة، والمؤجل يلزمه باقيها لورثة الميت وللرجل أو خدمه عبد، إلا أن يعلم أنه أراد به ناحية الحضانة. اللخمي: أجاز ابن القاسم إن كانت الخدمة عشر سنين أن يكريه المخدم بالنقد في العشر سنين لقوله: إن مات قبل انقضاء العشر خدم ورثته بقيتها، ولا يجوز عند ابن نافع لقوله: إن مات بعد سنة أو سنتين رجع العبد إلى سيده، وإن كانت الخدمة حياة العبد جاز على أصل ابن القاسم مؤاجرته عشر سنين كعبد نفسه. وقال في الموصى: له بسكنى دار، ولا يكريها إلا السنتين ونحوها، وأجاز ابن ميسر أن تكرى الثلاثة والأربع. ولو أجر الدار والعبد عشر سنين دون نقد جاز على القولين. والعبد عند ابن القاسم إن اجتمع فيه كونه من عبيد الحضانة، والموصى له محتاج إل ى الحضانة لم يكن له أن يؤجره، وإلا جاز له ذلك، وأجازه أشهب مطلقًا.

قُلتُ: انظر هل هو بناء على أن ملك الانتفاع كملك المنفعة، أو أن الأصل ملك المنفعة. وفي جناياتها: قلت: من أوصى لرجل بخدمة عبده سنين معلومة، فقتل العبد قبل انقضائها كيف يصنع بالقيمة. قال مالك: القيمة لمن له الرقبة وليس للموصى له بالخدمة شيء، وكذا لو قطعت يده فأخذ لها دية، فإنها ذلك لمن له الرقبة. قال سَحنون: أما مالك فهذا قوله لم يزل، واختلف أصحابه فكل ماسمعت خلاف هذا، فرده إلى هذا هو أصل مذهبهم، مع ثبوت مالك عليه. عياض: نبه على الخلاف، وهو قول المخزومي، وغيره أنه يكري من القيمة من يخدمه إلى الأجل. الصقلي: قال ابن المواز: الذي لم يختلف فيه قول مالك وأصحابه، إذا أخدم عبده سنين، ثم مرجعه إلى سيده، أو بتله إلى رجل بعد سنة فقتل في الخدمة، أو في السنة فقيمته لسيده لا رقبته له بعد. قال أشهب: ألا ترى أن سيده لو أحدث دينًا أولى ممن بتله له بعد سنة. محمد: وإنما اختلف قول مالك وأصحابه فيمن أخدمه رجلاً سنة، ثم مرجعه لفلان بتلاً، فقبضه ثم قتله رجل في الخدمة. قال ابن القاسم: اختلف فيه قول مالك، قال مرة: هو لصاحب البتل، وقال مرة: هو للسيد الأول. ابن القاسم: وأحب إلى أن يكون للسيد الأول، كما لو جعله حرًّا بعد خدمة هذا، فقيل في الخدمة: وإن مات فقيمته وميراثه لسيده الذي كانت له رقبته، وطريقة سَحنون أصوب؛ لأنه حفظ ما لم يحفظه محمد، ولوجود الخلاف نصًّا للمغيرة حسبما ذكره عياض وابن رُشْد في كتاب المخدم، ولما أشار إليه أبو إبراهيم من أن المسألة التي ذكر فيها سَحنون الخلاف: هي إذا مات الموصي، والتي نفى محمد فيها الخلاف: مسألة إخدام في حياة الموصي، وهو أصل في الحق من وارثه.

ابن رشد في رسم العتق من سماع عيسى في كتاب الجنايات: اختلف قول مالك في جرح العبد ميراثه إذا مات وقيمته لمن يكون إذا أخدمه سيده رجلًا مدة، ثم جعل مرجع رقبته لغيره، هل يكون لسيده الذي أخدمه؟ أو الذي له مرجع الرقبة اختلاف مشهور، وعليه الاختلاف في مسألة رسم العتق من سماع عيسى من كتاب الخدمة: فيمن يخدم عبده فلانًا سنة، ثم هو لفلان وعليه دين هل يباع عليه في الدين من قبل السنة أم لا؟ وفي المسألة أول رسم من سماع ابن القاسم في كتاب الحبس: في الذي يحبس على الرجل فيقول هو لك حياتي ثم هو في سبيل الله، هل يكون إذا مات في ثلثه أو من رأس المال؟ قال ابن الحاجب: ولو وقت المنافع بزمان محدد؛ كان للوارث في بيعها ما للمستأجر. قلت: هذا التشبيه يقتضي جواز ذلك مطلقًا، ولو كان العبد من عبيد الحضانة، والموصى له محتاج إلى الحضانة، وتقدم أن هذا إنما هو قول أشهب لا قول ابن القاسم. قال ابن رشد في أول سماع يحيى من كتاب المخدم: وسواء قتل العبد في خدمة سيده أو أجنبي عمدًا أو خطأ؛ قيمته لمن جعلت له الرقبة بعد الخدمة، وإن لم يتصدق به سيده بعد الخدمة على أحد، فإن قتله سيده خطأ؛ فلا شيء عليه، وإن قتله عمدًا؛ لزمه قيمته. كما قال في السماع: واستؤجر منها من يخدم المخدم، فإن فنيت القيمة قبل أجل الخدمة؛ لم يلزمه شيء، وإن انقضى الأجل قبل تمام القيمة؛ رجع باقيها لسيده، وقيل: يأتي بعبد يخدم المخدم إن مات قبل الأجل لم يلزمه شيء، وإن بقي بعد، رجع لسيده، والقولان في المدونة، وقيل: يشترى بالقيمة عبد يخدم مكان الأول، وهو قول المخزومي. قلت: ونحوه قول اللخمي في كتاب العارية: ويختلف إذا هلك المعير الثوب الذي أعاره بعد أن قبض منه هل يغرم قيمته؟ ونستأجر منها للمستعير مثل الأول، أو يغرم قيمة تلك المنافع قياسًا على من أخدم أمة، ثم أولدها وغرم قيمة المنافع أحسنها.

قلت: قوله: (أو يغرم قيمة تلك المنافع) خلاف الأقوال الثلاثة لابن رشد فيتحصل فيها أربعة أقوال: اللخمي عن محمد في كتاب العارية: من أوصي له بغلة دار أو سكناها، فهدمها أجنبي بعد موت الموصي؛ فعليه ما بين قيمتها قائمة ومهدومة تبنى بها تلك الدار، أتى من بنائها مثل الأول أو أقل، ثم يكون ذلك للموصى له بحاله. وفي الموازية قول آخر وهو سقوط حق المعطي في البناء، ويكون على حقه في القاعة، قاله في كتاب الصدقة، وفيه إشارة إلى الفرق الذي تقدم وهو الفرق بين الموصي بعد موته والمخدم في حياته. وفي جناياتها: من أخدم عبده رجلًا سنين معلومة، أو حياة الرجل، فجنى العبد خير سيده إن فداه؛ بقي في خدمته، وإن أسلمه؛ خير المخدم، فإن فداه؛ خدمه فإذا تمت خدمته، فإن دفع إليه سيده ما فداه به؛ أخذه، وإلا أسلمه له رقًّا. والموصى بخدمته لرجل سنة، وبرقبته لآخر، والثلث يحمله، إن جنى؛ برئ ذو الخدمة، إن فداه؛ خدمه، ثم أسلمه خير ذو الرقبة، إن فداه؛ أخذه وسقطت الخدمة. سحنون: اختلف قوله في هذا الأصل، وأحسن ما قال هو وغيره: أن من أخدم عبده رجلًا سنين، لو أوصى بذلك، ثم برقبته لآخر والثلث يحمل الموصى به، ثم جنى أن يبدأ ذو الخدمة بالتخيير، فإن فداه خدمه بقية الأجل، ولا يأخذه ذو الرقبة حتى يعطيه ما افتكه به، وإلا بقي ولمن فداه. وقال: وإن أسلمه سقط حقه، وقيل لذي الرقبة: أسلم أو افتك فإن أسلمه استوفه المجني عليه، وإن فداه صار له وبطلت الخدمة. قلت: فحاصلها في تبدية في الرقبة أو ذي الخدمة، ثالثها في المخدم: رجع عن تبدئة ذي الخدمة إلى تبدئة سيده إلا في الموصي. الصقلي عن أصبغ: قال ابن القاسم: اختلف قول مالك في المخدم رجع عن تبدئة ذي الخدمة، إلى تبدئة سيده. وروى أشهب القولين: بأن يكونا فيه كالشريكين يقوم مرجع الرقبة. فإن قيل:

باب فيما تدخل فيه الوصية

عشرة دنانير؛ قدمت خدمته، فإن قبل عشرة دنانير؛ كان بينهما نصفين، إن فدياه؛ بقي العبد بحاله، وإن أسلماه؛ رق للمجني عليه، وإن افتك أحدهما بنصف الأرش، وأسلم الآخر إن أسلم ذو الخدمة؛ لم يكن للمجني عليه غير بقية الخدمة. قال ابن الحاجب: ويجوز بيع ماشية أوصى بنتاجها لبقاء بعض المنافع، وقال ابن شاس قبله وهو وهم شنيع، لا أدري بما استحلا نقل هذا للناس عن المذهب، مع وضوح نصوص المذهب بمنع استثناء الأجنة في المدونة وغيرها. وعن ابن شاس: سوء نظره في إضافته مسائل موجز الغزالي المذهب مالك، ولا سيما مع مخالفة المذهب لهذه المسألة. فتبع الغزالي في قوله في الوجيز ما نصه: والماشية الموصى بنتاجها للغير يجوز بيعها لبقاء بعض المنافع، ولا تباع ابن الحاجب إياه في مثل هذا، كان بعض شيوخ شيوخنا ينبذون كتاب ابن الحاجب، ويأمرون بالعدول عنه، فتأمل ذلك منصفًا واعرف الرجال بالحق، ولا تعرف لحق بهم، ونصوص المدونة وغيرها واضحة، بأن المعتبر في ثلث الميت ثلث ماله يوم تنفيذ الوصية لا يوم موته. فقول ابن الحاجب المعتبر ثلث الموجود يوم الموت خلاف. [باب فيما تدخل فيه الوصية] وفيها كل وصية لا تدخل إلا فيما علم به الميت، والمدبر في الصحة يدخل فيما لم يعلم به، وكل ما يرجع بعد موته من عمري، فالوصايا تدخل فيه وإن بعد عشر سنين. وسمع أصبغ ابن القاسم: من قال: إن قبل ولاتي ديتي ففي وصيتي أو وصيتي فيما لم يدخل فيها وصاياه؛ لأنه مال مجهول له يوم وصيته، ولو عفا قبل موتته على الدية وأوصى أن يعفى عن قاتله عن الدية دخلت فيها الوصايا. ابن رشد: لا تدخل وصيته في ديته إن قبلها أولياؤه اتفاقًا؛ لأنها مال لم يعلم به. وكذا قوله: إن قبل ولاتي الدية؛ لأنه ليس على تعيين من قبولهم، ولو قال: يخرج من ثلثي مما علمت، ولم أعلم من مالي لم تدخل في ذلك الدية التي أخذها الورثة؛ لأنه

مال لم يكن له، وإنما قال: ما لم أعلم من مالي، وديته لم تكن من ماله لكن يؤدي منها دينه ويرثها عنه ورثته؛ لأن السنة أحكمت ذلك. وإن كانت ليست بمال المقتول الموروث قاله ابن دحون وهو صحيح، وقوله: إن عفا على الدية أو أوصى بذلك دخلت فيها الوصايا بين على جبر القاتل على الدية وعلى أنه لا يجبر قياس. قوله: إنها لا تدخل فيها؛ لأنه ليس على تعيين منها. اللخمي: اختلف في دخول الوصايا فيما لم يعلم به الموصي. ولابن رشد في رسم باع من سماع عيسى من كتاب الديات: لا خلاف أن الوصايا لا تدخل فيما لم يعلم به. اللخمي: وأرى إن كانت بالثلث ولم تكن إلا فيما علم به، وإن كانت بغير الثلث لواجبات من زكاة، أو عتق ظهار، أو قتل، أو كفارة، أو هدي، وضاق الثلث تممت مما لم يعلم. وإن كانت بتطوع فذلك أشكل، قيل: إن قصد الميت إتمام خروج كل وصاياه من ثلثي الورثة؛ نفذت مما لم يعلم، وقيل: محمل وصيته على ثلثه فقط فلا يدخل فيما لا يعلم، وسمع عيسى: من تصدق بشيء ولم يحز عنه؛ دخلت الوصايا فيه. ابن رشد: وروى ابن وهب: لا تدخل فيه، وله في رسم باع من سماع عيسى من الديات، ظاهر قوله في هذا السماع: دخول مدبر المرض فيما لم يعلم به، وهو نصه في سماع أصبغ من المدونة، ونصه في المدينة خلاف قوله في المدونة: أنه لا يدخل فيه إلا مدبر الصحة. وفي الجلاب في كون المدبر فيما لم يعلم به من مدبره روايتان. قلت: ظاهره ولو دبره في صحته، وظاهر كلام الحوفي عدم دخول المدبر مطلقًا فيما لم يعلم به. ابن حارث: اتفقوا على دخوله فيما لم يعلم به هذا المعروف من مذاهبهم. وروى سحنون عنه في كتاب المجالس أن ابن القاسم، روى: أن مدبر الصحة لا يدخل إلا فيما

علم به. قلت: ففي دخولها فيما لم يعلم به، ثالثها: مدبر الصحة، وعزوها ظاهر. ابن رشد: واختلف في دخول المبتل في المرض فيما لم يعلم به. وفي سماع أصبغ من ابن القاسم في كتاب المدبر: أنه لا يدخل فيه، وعلى القول أن المبتل يبدأ على المدبر في المرض؛ يدخل فيما لم يعلم به. قلت: قال ابن حارث: لا يدخل إلا فيما علم به اتفاقًا. قلت: انظر هذا مع ما يأتي للشيخ في مسألة الدور. اللخمي: اختلف في دخوله فيه، وقوله أحسن. قال في الموازية في الآبق إذا غاب: يدخل فيه الوصايا، وإن أيس منه واختلف إذا قيل له: غرقت سفينتك وأيس منها، ثم جاءت سالمة فروي لا تدخل فيها وصاياه، وقال محمد: تدخل فيها ولا تشبه ما لم يعلم به. وقول ابن الحاجب: وفي العبد الآبق والبعير الشارد إن اشتهر موتهما، ثم ظهر السلامة قولان، وذكرهما ابن شاس روايتين لأشهب. وقول ابن عيد السلام: الخلاف منصوص في السفينة، والمنصوص في الآبق: دخول الوصايا فيه. قلت: قارب الفقه حمل المؤلف الصور كلها محملًا واحدًا يقتضي أن الخلاف في العبد إنما هو بالتخريج اعتمادًا منه على لفظ اللخمي، وهو خلاف نص ابن شاس المتقدم، وهو الصواب لنقل الشيخ عن الموازية والمجموعة أن أشهب روى القولين في السفينة والآبق. وزاد لعيسى عن ابن القاسم في المجموعة: إن اشتدت عنده بينة؛ لم تدخل فيه الوصايا، وإن كان بلغه بلاغًا، ثم مات بقرب ذلك؛ دخل فيه الوصايا، وذكره ابن حبيب عن أصبغ عن القاسم. قلت: ومثله في سماع القرينين أوله الصقلي في كتاب الهبات. قال: عيسى عن ابن القاسم في مريض وهب لمريض هبة لا يملك غيرها، ثم

وهبها الموهوب لواهبه في مرضه، ولا مال له غيرها قال: يجعل المال من تسعة أسهم، ثلثها للموهوب له أولًا، وهو ثلاثة يرجع منهما سهم للواهب الأول فيصير لورثة الأول سبعة، ولورثة الثاني اثنان. [بابا صيغة الوصية] الصيغة: ما دل على معنى الوصية فيدخل اللفظ والكتب والإشارة. روى مالك بن نافع عن ابن عمر: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (ما حق امرئ مسلم له شيء يوصي فيه يبيت ليلتين إلا ووصيته مكتوبة عنده). ابن شاس: كل لفظ فهم منه قصد الوصية بالوضع، أو بالقرينة؛ حصل الاكتفاء به. ابن الحاجب: كل لفظ أو إشارة يفهم منها قصد الوصية. قلت: فيخرج منهما الكتب. الشيخ في الموازية عن أشهب: لو قرؤوها وقالوا: نشهد بأنها وصيتك، فقال: نعم، أو قال: برأسه نعم ولم يتكلم؛ فذلك جائز. الشيخ: روى ابن القاسم في العتبية، والموازية والمجموعة قال: من أدركت يكتبون التشهد قبل ذكر الوصية، وما زال ذلك من سنن الناس بالمدينة، وإنه ليعجبني وأراه حسنًا، ورواه أشهب.

وقال أشهب في المجموعة: كل ذلك لا بأس به تشهدوا لم يتشهد، قد تشهد من فقهاء صالحون، وترك ذلك بعض الناس وذلك قليل. وفيها: قال ابن القاسم: لم يذكر لنا مالك كيفية التشهد. الباجي عن أنس: كانوا يوصون أنه يتشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا عبده ورسوله، وأوصى من ترك من أهله أن يتقوا الله، وأن يصلحوا ذات بينهم إن كانوا مؤمنين، وأوصى بما أوصى به إبراهيم بنيه يعقوب: {وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} [البقرة:132]، وأوصى إن مات من مرضه هذا. وروى أشهب: أن رجلًا كتب في ذلك: أؤمن بالقدر كله خيره وشره، حلوه ومره، قال: ما أرى إلا كتب الصفرية والإباضية، قد كتب من مضى وصاياهم فلم يكتبوا مثل هذا. قلت: ومثله في سماع ابن القاسم. ابن رشد: هذا أبين؛ لأن الرشد في الاتباع، ويكره في الأمور كلها الابتداع، فلن يأتي آخر هذه الأمة بأهدى مما كانن عليه أولها. الباجي: من كتب وصيته بيده فوجدت في تركته، وعرف أنها خطة بشهادة عدلين لم يثبت شيئًا منها، حتى شهد عليه قد يكتب ولا يعزم، رواه ابن القاسم في المجموعة، والعتبية. محمد عن أشهب: من قرأها ولم يأمرهم بالشهادة، فليس بشيء حتى يقول: أنها وصيتي وأن ما فيها حق، وإن لم يقرأها. كذا نقلها الباجي وتبعه ابن شاس، وابن الحاجب ولم يذكروا لفظ: أنه أتى بها إلى الشهود، وكذا في النوادر. وقال الصقلي في الموازية من الوصايا الأول: وإذا أتى إلى الشهود بوصية، وقرأها عليهم إلى آخرها؛ فلا تنفذ إلا أن يقول: اشهدوا علي بما فيها، ولم يجعل إتيانه إليهم وقراءتها عليهم بنفسه مما ينفذها. وذكرها الشيخ أبو محمد في نوادره من المجموعة، والعتبية، وأنها لا تنفذ حتى يقول: اشهدوا علي بما فيها، ولم يذكر فيها خلافًا.

وفي الطرر لابن عات عن ابن عبد الغفور: أن امرأة أوصت لقوم وأشهدت رجالًا ولم تكتب، وعاشت نحو الخمسين سنة، ثم مرضت فأوصت بثلثها كله لمسجد بعينه فماتت، قيل: وصيتها الأولى لا تجوز ّا لم تكتب بها كتابًا، وقيل: جائزة ويتحاصان، فقيل: لي في النوم كل وصية لم تكتب جائزة كما تجوز الأخرى. وفيما قال مالك: وإن كتبها بغير محضر البينة، ولا قرأها عليهم فدفعها إليهم وأشهدهم على ما فيه، فإن عرفوا لكتاب لعينه وأشهدوا بما فيه. قال عنه ابن وهب: ولو طبع عليها ودفعها إليهم، وأشهدوا أن ما فيها منه، وأمرهم أن لا يفضوا خاتمه حتى يموت؛ جاز أن يشهدوا بما فيها بعد موته. عياض: ظاهره أنه إنما يجيزها في رواية ابن وهب إذا طبع عليها، ويكون معنى الأخرى أنه دفعها إليهم للإشهاد وأمسكها عنده، فيجوز في رواية ابن القاسم إذا عرفها، ولا تجوز في رواية ابن وهب حتى تكون عندهم مطبوعة، كأنه خشي الزيادة والتغيير فيها. وسمع أشهب: من أتاه أخ له بكتاب وصية طبع عليها، فقال: اكتب شهادتك بأسفله على إقراري، أنه كتابي ولا يعلم الشاهد ما فيها، فكتب شهادته في أسفلها عن إقراره أنها وصيته أيشهد بها؟ قال: إن لم يشك في خاتمه فليشهد، وإن شك فلا يشهد إذا كانت الوصية ليست عنده. قلت كيف لا يشك في الخاتم إذا غاب عنه، قال: لا أدري إن شك؛ لم يشهد، وإن تيقن أنه لم يفض؛ شهد، وكان من أمر الناس القديم إجازة الخاتم. كان القاضي يكتب للرجل بالكتاب إلى القاضي، فما يزيد على خاتمه فجاز له، حتى حدث عند الناس الاتهام على خاتم القاضي، وأول من أحدثه أمير المؤمنين وأهل بيته. ابن رشد: ما ذكره من التيقن، ما لا سبيل إلى الشاهد إلى تيقنه إذا لم تكن الوصية عنده، فعلى قوله: لا يجوز أن يشهدوا فيها، إلا أن تكون الوصية عندهم على رواية ابن وهب في المدونة.

وإذا دفعها إليهم فدفعوها هم إلى أحدهم، أو إلى من وثقوا به غيرهم فكانت عنده؛ جاز لهم أن يشهدوا عليها، رواه عبد الرحمن بن دينار عن ابن الماجشون. والذي يتوقع إذا أمسكها ولم يدفعها إليهم أن يكون طبع عليها وهي بيضاء ليكتب ما شاء، ولعل غيره من أهله فض خاتمه، وكتب فيها ما شاء، ثم طبع عليها بذلك الخاتم، فلو طبع الشهود عليها مع طابعه؛ جاز لهم أن يشهدوا عليها إذا عرفوا خواتمهم، قاله ابن الماجشون. والذي مضى عليه العمل أنه: إذا طوى الكتاب من أوله إلى موضع الإشهاد على نفسه، فطبعه وقد أبقى الإشهاد على نفسه خارج الطبع، وكتب الشهود شهادتهم على ذلك وأمسك الموصي الوصية عند نفسه، فوجدت بعد موته خطًّا واحدًا، وعملًا واحدًا على صفة التقييد الذي كان خارج الطبع، ولبم يظهر في الكتاب ريبة، جاز أن يشهدوا عليه، بخلاف أن لم يبق من الكتاب خارج الطبع ما يستدل به على أن الوصية كانت مكتوبة ولم تكن مطبوعة على بياض. ولو أراهم الوصية مكتوبة أو كتبها بمحضرهم فطبع عليها، وأشهدهم على نفسه بما فيها دون أن يقرأها عليهم، ولم يعلمهم بشيء مما فيها، فكتبوا شهادتهم فيها، جاز أن يشهدوا عليها بعد موته. وإن لم يدفعها إليهم، وكانت عنده إلى أن توفي اتفاقًا إذا ذكروا الشهادة وعرفوا الكتاب على ما رواه ابن القاسم في الوصايا الأول من المدونة: وإن لم يذكروا الشهادة ولا عرفوا الكتاب، إلا أنه عرف خطه في شهادته، فيجرى ذلك على الخلاف في شهادة الشاهد على خطه إذا لم يذكر الشهادة. وذكر البخاري عن الحسن وأبي قلابة أنهما كرها أن يشهد على وصيته حتى يعلم ما فيها، إذ لعل فيها جورًا. وكذا يستحب للعالم إذا أشهده المتعاملان على أنفسهما في ذكر حق، ألا يكتب شهادته حتى يقرأه لئلا تكون المعاملة فاسدة، قوله: أول من أحدثه أمير المؤمنين؛ يريد: بني العباس.

وفي البخاري: أول من سأل البينة على كتاب القاضي ابن أبي ليلى، وسوار بن عبد الله المقري. قلت: وتقدم هذا في حكم ثبوت كتاب القاضي. وقول الباجي: إنه لا يلزم الشاهدة قراءة الوثيقة إلا في الاسترعاء. وفي سماع أصبغ: قال ابن وهب في امرأة قالت لشهود: هذه وصيتي وهي مطبوعة اشهدوا علي بما فيها لي وعلي، وأسندتها إلى عمتي وما بقي من ثلثي فلعمتي، وماتت ففتح الكتاب فإذا فيه: ما بقي من ثلثي لليتامى والمساكين والأرامل، فإنه يقسم بقية الثلث بين العمة والأصناف الآخرين نصفين بمنزلة رجلين. وقاله ابن القاسم. ابن رشد: هذا عزلي قول ابن القاسم في المدونة وغيرها: أن من أوصى بشيء لرجل، ثم أوصى به لغيره؛ يقتسمانه بينهما، ولا تكون وصيته الثانية ناسخة للأولى، خلاف سماع زونان لأشهب. وفيها: من قال: كتبت وصيتي وجعلتها عند فلان، فأنفذوها، وصدقوه؛ صدق ونفذ ما فيها. وسمع ابن القاسم: من قال: كتبت وصيتي ووضعتها على يدي فلان، فأنفذوا ما فيها، فتوفي فأخرجت الوصية ولا شهود فيها إلا ما شهد على قوله: إنه وضعها على يدي فلان؛ فأنفذوا ما فيها إن كان الرجل الذي كان الرجل الذي ذكر أنها عنده عدلًا. أنفذ ما فيها ابن القاسم، وذلك رأي العتبي عن سحنون: هي جائزة، وإن لم يكن عدلًا. ابن رشد: اشتراطة العدالة خلاف ظاهر المدونة، والموازية فيمن قال: كتبت وصيتي وجعلتها عند فلان فصدقوه، وأنفذوا ما فيها، أنه يصدق وينفذ ما فيها إذا لم يشترط في ذلك عدالة، كقول سحنون، وقوله هو القياس. الشيخ: في الموازية، والمجموعة روى ابن القاسم: من قال عند موته: وصيتي عند فلان فاشهدوا على ذلك، فأخرجت بعد موته وفيها عتق، وغيره قال: هي جائزة، وأبين من ذلك أن كتب وصيتين، وجعل بيد كل واحد واحدة، فإذا أخرجاها؛ جازتا إن اتفقتا.

وفي رواية ابن وهب في المجموعة: في الوصية الواحدة يبدأ الذي ذكرن قال مالك: تجوز في الوصايا دون العتق، ثم قال: أراها نافذة، وقاله أشهب، قوله في الوصايا: يريد في العدلين. قلت: كذا وجدته؛ يريد: في العدلين وفي فهمه نظر. وجوازها في العتق هو الجاري، على القول بعدم شرطيته عدالة من ذكر أنها عنده، وردها فيه هو الجاري، على قول مالك وابن القاسم شرط عدالته. وفيها: إن قال: أوصيت فلانًا بثلثي فصدقوه؛ جاز ذلك وأنفذها، قال: فإن قال: الوصي إنما أوصي بالثلث لأبي، قال أشهب: يصدق، وقال ابن القاسم: لا يصدق لقول مالك: من قال: اجعل ثلثي حتى تراه، أنه إن أعطاه لنفسه أو قرابته؛ لم يجز إلا أن يظهر لذلك وجه يظهر صوابه. قلت: مثل المسألة التي احتج فيها في رسم الشريكين من سماع ابن القاسم، ولم يزد فيها ابن رشد شيئًا، ورد قياس ابن القاسم بأن مسألة مالك صرف فيها الأمر إلى اجتهاده، فصرفه لقرينة ظاهر في منافاته نتيجة الاجتهاد، ومسألة الخلاف المر فيها مصروف لمجرد إخباره، وإليه أشار أشهب بقوله: لأن الميت أمر بتصديقه. الصقلي في المجموعة والموازية: وليس كمن شهد لابنه ولا من قيل له: اجعل ثلثي حيث ترى، فيجعله لابنه؛ ليس له ذلك؛ لأنه فوض إليه ليجتهد، ولو أعطاه لابنه وأقاربه كما يعطي الناس؛ جاز. وأكره أن يأخذ منه شيئًا لنفسه، فإن فعل بحسب استحقاقه لم آخذه منه، وقاله ابن القاسم، وقال: إن قال: أوصي به لولدي جعلنه كشاهد له، وكقول مالك: إذا قال: فلان يجعل ثلثي حيث يراه. محمد: قال مالك: في هذا لا يأخذ هذا منه، وإن كان محتاجًا، وإن أعطى منه ولده، وكان كذلك موضعًا؛ جاز. وسمع ابن القاسم: من أوصت امرأة تجعل بقية ثلثها حيث أراها الله، فكانت تقسمه ثم احتاجت؛ لم يكن لها أخذ شيء منه.

ابن رشد: إن رأت تفرقته في الفقراء، ثم افتقرت يخرج جواز أخذها منه. على سماع ابن القاسم في رسم البر من كتاب البضائع: من خرج غازيًا، ودفع له ما يفرقه على كل منقطع، فانقطع هو كغيره؛ له أن يأخذ منه بالمعروف مثل ما يعطي من هو مثله، ولو رأت الموصى لها تفرقته في غير الصدقة، أو على من ليس مثلها؛ لم يجز لها أخذ شيء منه. قال: والقولان جاريان على اختلاف الأصوليين، في المأمور بأمر شرعي، هل يدخل تحت الأمر أو لا؟ لابن عبدوس: وروى علي فيمن أوصى أن يجعل ثلثه حيث أراه الله: لا يجوز أن يعطي ذلك أقارب الميت؛ ولكن يعطيهم كما يعطي الناس. قال مالك: وإن علم حيث أوصاه، يجعل ثلثه حيث أراه الله، أنه أراد أن يرده على بعض الورثة؛ لم يجز، ورجع كله ميراثًا. وروى ابن القاسم في العتبية والموازية في قوله: يجعله حيث أراه الله، قال: يجعله في سبيل الخير، وإن قال: اصرف حيث شئت وأحببت وصرف إلى أقارب الموصي، أو إخوته، ولم يجز ذلك الورثة؛ رد ميراثًا، وقال ابن القاسم في العتبية: إن جعلها في بعض ورثة الميت؛ قيل: له اتق الله، واجعلها في غيرهم، فإن أبى؛ رجعت ميراثًا، إن لم يجزها الورثة، وليس للموصي أن يأكل منها شيئًا، ولا يجبره السلطان أن يجعلها في سبيل الله تعالى. قال في الموازية: وينظر فيما فعل، فإن كان فيما يتقرب الناس به، وكان ذلك حاجة؛ نفذ، إن كان في غير ذي حاجة، لم يجز؛ لأن الميت إنما قصد به وجه الصدقات. قلت: قول ابن القاسم في العتبية هو في أول رسم من سماعه. ابن رشد: إن قال له: اجعله حيث أراك الله، لم يجعله لاختياره؛ بل لاجتهاده في سبيل الخير، وليس له جعله في قرابته. قاله في رسم الشريكين والمدونة: ولو قال له: اجعله حيث شئت أو أحببت كان له جعله في ولده، وقرابته وقرابة الموصي الذين لا يرثونه؛ لأنه يتهم أن يكون الميت أمره

بذلك؛ فتكون وصية لوارث، ولا يجعله في ورثة الموصي إلا بإجازة الورثة. وقول ابن القاسم: إن جعلها في بعض ورثة الميت، قيل له: اتق الله واجعلها في غيرهم؛ معناه: ما لم يبتل ذلك لهم، فإن بتله ولم يجزه الورثة كانت ميراثًا. قلت: ظاهر حملها الشيخ على إطلاقه خلافه. وفيها: من قال: اشهدوا أن فلانًا وصيي ولم يزد فهو وصيه في جميع الأشياء، وإنكاح صغار بنيه، ومن بلغ من أبكار بناته، بإذنهن والثيب بإذنها. اللخمي: في الموازية: من قال: فلان وصيي قد استقصى له وبالغ، وإن قال وصيي على مالي، دخل فيه الولد وإن قال: على ولدي دخل فيه المال، ويدخل في قوله ولدي الذكور والإناث، وكذا على بني إلا أن يخص فيقول: الذكور أو بناتي. وفيها: إنقال فلان وصيي على اقتضاء ديني، أو قضائه، وفلان وصيي على مالي وفلان وصيي على بعض بناتي؛ فذلك جائز، وتكون كما قال: فلان وصيي على كذا لشيء عينه، فإنما هو وصيي على ما سمى فقط. ونقل ابن العربي في بعض كتبه الخلافية: أن يكون وصيًا له على العموم، كقول أبي حنيفة، ونقله الطرطوشي في تعليقته رواية، وفيها: إن قال فلان وصيي حتى يقدم فلان؛ فيكون وصيًا، فذلك جائز ويكون كما قال الصقلي: ينبغي إن مات فلان قبل أن يقدم أن يكون هذا وصيًا؛ لأنه إنما خلع هذا بقدوم الغائب. قال بعض الفقهاء: فلو قدم فامتنع، فالظاهر سقوط الأول أيضًا؛ لأنه علق نظره بغيبة فلان إلا أن يكون المفهوم عنه إذا جاء فقيل: يكون الوصي، فإذا قدم ولم يقبل وجب أن يبقى على ما كان عليه. اللخمي: في آخر ترجمته التشهد في الوصية، قال اشهب في المجموعة: إن مات في غيبته فلا وصية للحاضر، وينظر السلطان وكذا على قوله: إن قدم فلم يقبل إلا أن يكون السبب في إقامة الغائب، امتناع الحاضر من قبول الوصية فقيل له: تكلف ذلك حتى يقدم فلان، فإن كان ذلك السبب؛ جاز أن يتمادى في جميع هذه الوجوه، إن أحب وإن كره؛ لم يلزمه؛ لأنه إنما التزم وقتًا.

قال ابن عبد السلام في النوادر: من حلف أن لا يفعل كذا حتى يقدم فلان، فمات فلان قبل قدومه؛ ما يؤخذ منه قولان، هل يحمل على أجل قدومه، وينوى في ذلك؟ أو لا يفعله أصلا؟ فانظر هل يتخرج منه في الفرع الأول شيء أم لا. قلت: المماثل الاعتبار النية في اليمين اعتبار نية الموصي، ونية الموصي إذا ثبتت بما يثبت به نية الحالف، لم يختلف في أعمال نية الموصي فلا يتخرج فيها الخلاف من عدم اعتبار نية الحالف فلا يتم ما ذكره من التخريج، فتأمله. وفيها: إن قال: فلان وصي على قبض ديوني وبيع تركتي، ولم يذكر غير هذا؛ قال مالك: أحب إلي أن لا يزوج بناته حتى يرفع إلى السلطان، فإن لم يرفع رجوت أن يجوز. الصقلي: قال محمد وقال أشهب: له أن يزوج ولا يرفع ذلك إلى السلطان، وقاله ابن القاسم، وروى ابن القاسم فيمن أوصى بميراث ابنة له صغيرة أن يدفع إلى فلان، أترى أن يلي بعضها؟ قال نعم، وحسن أن لو رفع ذلك إلى الإمام فنظر فيه. اللخمي: إن جعل الوصية إلا ثلاثة لأحدهم اقتضاء الدين وقضاء ما عليه، ولآخر النظر في الفاضل والتصرف فيه بالبيع والشراء، وللآخر بضع بناته؛ جاز، وليس لأحدهم أن يلي غير ما جعل له، فإن تعدى من له النظر في الفاضل فاقتضى أو قضى؛ مضى فعله ولم يرد، وإن باع أو اشترى من جعل له النكاح؛ رد فعله، وإن زوج من له النظر في المال؛ رد فعله؛ لأنه معزول عن ذلك، وقد أقيم له غيره، وليس كقوله: فلان وصيي على قضاء ديني وبيع تركتي، وسكت عن بناته، ولم يقم لهن أحدًا. قال مالك: إن زوج من جعل له النظر في التركة أرجو أن يكون جائزًا، واستحب أن يرفع إلى السلطان لينظر هل عليها في ذلك ضررًا، أو بخس في الصداق. وقال أشهب: النكاح جائز وقول مالك أحسن، وفي وصاياها الأول والثاني: وإذا مات الموصى له بعد موت الموصي؛ فالوصية لورثة الموصى له علم بها أو لا، ولهم إلا أن يقبلوها كشفعة له، أو خيار. عياض: هذا بين من مذهبه في الكتاب، فلا يحتاج لقبول الموصى له قبل موته، ولا علمه، وإن قبلوها حتى تورث عنه.

باب في وقت اعتبار الثلث في التركة من الوصية

وذكر الأبهري أنها تحتاج لقبول الموصى له، وإنما يكون لورثته إذا قبلها، ومتى لم يقبل سقط حقهم فيها، ورجعت لورثة الموصي، وقيل: إنها حق ثبت للميت يورث عنه على كل حال وليس لورثته رده، ولا يحتاجون لقبول. قلت: فهي ثلاثة أقوال: في «المدونة» كشفعة أو خيار، يدل على جري المسألة على الخلاف المشهور في الخيار إذا أمضي، هل يعد ممضى من يوم وقع، أو من يوم أمضي الفعل؟ وذكر عبد الوهاب قول الأبهري، واختار مذهب «المدونة»، وقرر ابن عبد السلام كلام ابن الحاجب بكلام يقتضي عدم اطلاعه على القول الثالث الذي حكاه عياض، وأنه لا وجود له في المذهب مطلقًا، ثم ذكر أنه رآه في بعض كتب الحنيفة عن زفر قال: وهو بعيد ولا يخفى أن عدم الاطلاع على نقل التنبيهات قصور نصوص «المدونة»، وغيرها واضحة بأن الوصية لغير معين لا يتوقف ثبوتها على قبول. ولما ذكر ابن شاس القولين الأولين قال: على هذا الخلاف تتخرج أحكام الملك؛ كصدقة الفطر إذا وجبت بعد الموت، وقبل القبول. وكما إذا أوصى له بزوجته الأمة فأولدها، ثم علم فقيل: هل تصير الأمة أم ولد للموصى له بذلك أو لا، وكذا حكم ما أفادته الأمة والعبد بعد الموت من مال، وحكم الولد المستحدث بين الموت والقبول، وحكم ثمرة النخل والبساتين الحادثة بين الزمانين. قلت: وكذا أرش الجناية عليه بين الزمانين. [باب في وقت اعتبار الثلث في التركة من الوصية] وفيها: ما أثمرت النخل بعد موت الموصي وقبل النظر في الثلث؛ فالثمرة للموصى له لا تقوم مع الأصل، إنما يقوم مع الأصل بعد موت الموصي الولادة وشبهها. وكذا المدبر والمبتل في المرض كالموصى به، وإنما يقوم معهم ما مات السيد وهو

بأيديهم، أو ما ربحوا فيه، وليس لهم أن يتجروا فيه. وكذا قال سحنون، وقال غير هذا، وهو قول أكثر الرواة: إن ما اجتمع في الإيقاف في المدبر، والموصى به لرجل أو للعتق من عمل بر أو هبة أو غيرها من الفوائد، فإن ذلك يقوم في الثلث معهم خلا أرش جناية على المدبر فذلك لسيده، كبعض تركته وكذا المبتل في المرض، وثمرة الجنة الموصى بها لرجل، فإن حمل الثلث نصف ما ذكرنا؛ وقف المال بأيدي العبيد، ويكون للموصى له بالجنة نصف النخل، ونصف الثمرة. سحنون: هذا أعدل أقوال أصحابنا. التونسي: اختلف في مال العبد الموصى به لرجل، فالصواب أنه لا يتبعه، وقيل: يتبعه، قال: والأشبه تقويم الأصول بغلاتها، كنماء العبد، وكذا ولد الأمة لم يذكر فيه خلافًا أنه يقوم معها، وانظر على عدم تقويم الغلة مع الأصول، وقد أتفق عليها من مال الميت. هل يرجع بذلك على الموصى له بالأصول وكذا الجنان؟ إذا خرج من الثلث لم يزل ملكًا للموصى له، فيجب عليه نفقته، وعلى هذا إن خرج نصفه من الثلث؛ يرجع عليه بنصف النفقة، ولا يكثر مال الميت بنصف الغلة التي أخذ الورثة؛ لأن الموصى له أخذ مثلها وكانوا كشركاء في الجنان، وعلى تقويم الغلة بالنفقة في مال الميت لانتفاعه بالغلة في تكثير ماله فأشبه أجره الإتيان بالعبد الموصى بعتقه لموضع تقويمه؛ إذ لا قيمة له في الموضع الذي هو به. قال: ولو قتل العبد الموصى به، فلورثة سيده كما لو أوصى بعتقه؛ لكانت قيمته لورثة سيده، والأشبه أن يكون ذلك للموصى له كما لو وهب عبدًا فقيل: بعتقه؛ لكانت قيمته للموهوب له، بخلاف الموصى بعتقه قيمته لورثته إذ لم تتم حريته. وفي أول عتقها الأول: من أوصى بعتق عبده فلم يقبل؛ فلا قول له ويعتق إن حمله الثلث، أو ما حمل منه، وإن أوصى ببيع جاريته ممن يعتقها فأبت، فإن كانت من جواري الوطء؛ فذلك لها، وإلا بيعت ممن يعتقها، وقيل: لا يلتفت إلى قولها وتباع للعتق إلا أن يوجد من يشتريها بوضيعة ثلث الثمن إن كان الثلث يحملها، هذا لفظ المدونة. اللخمي: قال مالك: إن قال: اعتقوها؛ لم يكن ذلك لها، وإن قال: بيعوها ممن

يعتقها؛ كان ذلك لها، وإن قال: اعتقوها كقوله: بيعوها ممن يعتقها وهو أبين؛ لأن العتق لم ينفذ بعد، والضرر في الموضعين سواء. الصقلي عن أشهب: إن أوصى أن تباع للعتق إضرارًا بها؛ لعصيانها إياه، والبقاء أفضل لها؛ لأن تتخذ للولد، وإن عتقت لم يتزوجها إلا الأوباش؛ فلها أن تأبى، وإن كانت من الوخش؛ بيعت للعتق، وإن كرهت. اللخمي: فإن قال: خيروها في العتق والبيع؛ خيرت، فإن اختارت أحد الأمرين، ثم انتقلت إلى الآخر، فقال ابن القاسم: ذلك لها ما لم ينفذ فيها ما اختارته أولا، ويكون ذلك بتوقيت من سلطان أو قاض. وقال أصبغ في الثمانية: إذ أشهد على اختيارها أحد الوجهين، فلا رجوع لها عنه، وهو أبين. قال مالك: وإن أعتقها الورثة، قبل أن تخير؛ لم يكن ذلك لهم، وكذا إن قال: بيعوها ممن أحبت فأعتقوها، وأحبت البيع، رد عتقها. الصقلي لأبي زيد عن ابن القاسم: إن اختارت أحد الوجهين؛ فلها الرجوع، ما لم يوقفها قاض أو سلطان، أو تشهد بينة بما اختارت، وكذا إن سألها الشهود في رأيها في نفسها ولم يوقفوها للاختيار في أمرها، فهو كوقوفهم إياه لقطع ما بيدها. قال عنه عيسى وابن عبدوس: إن اختارت البيع فبيعت، ثم ردت بعيب فأرادت العتق؛ فليس لها ذلك. الموصي إن كان بالنظر لمحجور اختص بالأب الرشيد، والوصي والحاكم فيها مع غيرها: صحت وصية الأب إلى غيره بصغار بنيه وأبكار بناته. وإن مات الوصي فأوصى غيره، جاز ذلك وكان وصي الوصي، مكان الوصي في النكاح وغيره، بخلاف مقدم القاضي، وقيل مثله، وأخذ من قولها في إرخاء الستور: وإن لم يكن لليتيم الطفل وصي، فأقام له القاضي خليفة؛ كان كالموصي في جميع أمره. وفيها: لا تجوز وصية الجد بولد الولد، والأخ بأخ له صغير، وإن لم يكن لهم أب، ولا وصي وإن قل المال بخلاف الأم.

اللخمي: قال ابن القاسم في كتاب القسم: من أوصى لأخيه بمال وهو في حجره، لم يقاسم له ولم يبع. وأجاز ذلك أشهب في مدونته فعلى قوله: تجوز وصيته بما يرث عنه، إن لم يكن له وصي، وكل هذا فيما صار له من مال بميراث وما تطوع به الميت فالوصية به تجوز؛ لأنه متطوع، وأن يكون القابض له من رضية الموت. وإن كان للموصى عليه أب، أو وصي؛ لأنه متطوع، فإذا قال: يكون ذلك موقوفًا على يدي فلان حتى يرشد، أو قال: يدفع إلى الموصى عليه، فيتسع به في ملبس أو مطعم لم يكن لأبيه ولا لوصيه قبض ذلك، ولا يحجر عليه فيه؛ لأنها هبة من الموصي على صفة. وأجاز ابن القاسم لملتقط اللقيط أن يقبض ما أوصي له به، ويقاسم له، ومنعه في الأخ، وإن كان في حجر أخيه والأخ أولى؛ لأنه جمع القيام به والنسب. وفيها: لا يجوز إيصاء الأم بمال ولدها الصغير، إلا أن يكون وصيًا من قبل أبيه، وإلا لم يجز إذا كان المال كثيرًا وينظر فيه الإمام، وإن كان يسيرًا نحو الستين دينارًا؛ جاز إسنادها فيه إلى العدل، فيمن لا أب له ولا وصي فيما تركت له. وقال غيره: لا يجوز لها أن توصي بمال ولدها. قال ابن القاسم في كتاب القسم: وإجازة مالك ذلك استحسان ليس بقياس، وإن كان الإيصاء بغير ذلك من قضاء دين أو تفريق ثلث؛ جاز من كل ماله، فيها للمرأة أن توصي في مالها بإنفاذ وصاياها وقضاء دينها. وفيها: إن أوصى ذمي إلى مسلم فإن لم يكن في تركته خمر أو خنازير ولم يخف أن يلزم الجزية؛ فلا بأس بذلك. الصقلي لمحمد عن أشهب: أنا أكرهه خوف أن يلزم الجزية، وليس ببين في الكراهية، ولو قبل لجاز ولزمته إن كان فيها خمر أو خنازير، فتكون الوصية فيما سوى الخمر والخنازير. ابن حبيب عن ابن الماجشون: والذمي يوصي إلى الذمي وفي التركة خمرًا أو

باب في شروط الوصي

خنازير أو غيره مما مما يستحلونه، فلا أمنعهم قسمته بينهم، قال أشهب: لو أوصى ذمي إلى حربي؛ لم يجز وإن كان مستأمنًا. وإن أوصى الحربي المستأمن إلى ذمي؛ جاز، وتجوز وصية الحربي إلى المسلم. [باب في شروط الوصي] ابن شاس: وشرط الوصي التكليف، والإسلام والعدالة والكفاية والهداية في التصرف. الشيخ: قال ابن المواز وابن عبدوس: قال أشهب وابن القاسم: لا يجوز أن يوصي إلى صبي أو ضعيف أو معتوه، قال: روى محمد: ولا تجوز إلى ذمي ولا إلى حربي؛ يريد: مستأمنًا، وقاله ابن القاسم وأشهب. وقال ابن القاسم في بعض مجالسه: إلا أن يرى الإمام لذلك وجهًا، فإن رآه فلا يلي

عقد نكاح البنات وليوكل بذلك مسلمًا. ولابن حبيب عن أصبغ عن ابن القاسم في وصية المسلم إلى النصراني أو إلى غير عدل: أرى أن تفسخ إلا أن يكون مولاه أو قريبه، أو زوجته أو من رجي منه حسن النظر إلى زوجته من أقاربه أو ولاته، فأرى أن يجعل معه غيره، ويكون المال بيد المجعول معه، ولا يفسخ وصية الآخر، وقال مطرف، وبه قول ابن الحاجب إثر قوله: شرطه التكليف، والإسلام والعدالة، والكفاية، وكان أجاززها قبل للكافر وقال مرة: إن كان كالأخ والأب والخال والزوجة فلا بأس. قال ابن عبد السلام: لما صرح أولًا باعتبار وصف الإسلام في شرط الوصي، كان مجموع ما صرح به أولًا وأخيرًا ثلاثة أقوال، وهي المنقولة في المذهب والمشهور ما صرح به أولًا، وأنه إن أوصى إلى كافر عزل عن النظر. قلت: وكذا الشيخ إنما ذكر المسألة في ترجم الوصية إليه. وفي رسم نذر سنة من سماع ابن القاسم قال: كره مالك الوصية لليهودي والنصراني، قال: وكان قبل ذلك يجيزه. قال ابن القاسم: لا بأس به إن كان على وجه الصلة مثل أن يكون أبوه نصرانيًا، أو يهوديًا، أو أخوه، أو أخته؛ فليصلهم وأراه حسنا، وما غير هؤلاء فلا. وفي رواية عيسى عنه: أما مثل أمه وأبيه وإخوته وشبههم من القرابة، ولا يعجبني في الأباعد، وليعطف به على المسلمين. ابن رشد: رأى الوصية للمسلمين الأجانب أفضل منها لقرابته الذميين، وقوله: وكان قبل ذلك يجيزه؛ معناه: بغير كراهة لأجل صلة الرحم، وهي رواية ابن وهب واحتج بالحلة التي كساها عمر أخا له مشركًا بمكة. وقول ابن القاسم: وأراه حسنًا قول ثالث، وهو أنه رأى الأجر في الوصية لصلة الرحم، وإن كانوا ذميين أكثر من الأجر في المسلمين الأجانب، وأما للأجانب من الذميين؛ فلا خلاف في كراهتها لهم، والكراهة إنما تتعلق بإيثار الذميين على المسلمين، لا بنفس الوصية للذميين؛ لأن في ذلك أجرا على كل حال.

روى ابن وهب: من نذر صدقة على كافر؛ لزمه. وقال تعالى: {وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا} [الإنسان:8]. والأسير: الكافر. قلت: مجمل ابن رشد المسألة على الوصية للكافر بالمال على الإيصاء إليه بالنظر للمحجور، وهو نص الرواية، خلاف ظاهر كلام ابن الحاجب، وسياق كلام الشيخ في نوادره واللخمي في تبصرته ومثله المتيطي. ونص ابن عبد السلام: وحقه أن يبين ما قاله ابن رشد، وفي ترجمته منها، قال مالك: لا تجوز الوصية إلى غير عدل، وفي ترجمة أخرى ولا تجوز إلى مسخوط. قلت: ومرادهم بالعدالة في هذا الفصل، الستر لا الصفة المشترطة في الشهادة فذكره اللفظين في موضعين، يسهل تفسير غير العدل بالمسخوط لا بما هو أعم منه، ومن المستور فيدخل المستور في المنع. واختصار البرادعي ذلك بقوله: لا تجوز إلى ذمي أو مسخوط ومن ليس بعدل خلاف ذلك؛ لأن عطفه غير عدل على المسخوط ظاهر في أنه غيره فيدخل المستور. الشيخ لمحمد عن ابن القاسم، وأشهب: من أوصى إلى محدود في قذف؛ فذلك جائز، إذا كان منه فلتة أو حالة ترضى، وإن لم يتزيد؛ حسن حال إذا كان يوم حد غير مسخوط. وأما من حد في زنا أو سرقة أو خمر، فلا يقع في مثل هذا من له ورع؛ فلا تجوز الوصية إليه. ابن حارث: اتفق مالك والرواة من أصحابه أنه لا تجوز الوصية إلا إلى العدل، واختلفوا في تفسيره. فقال بعض أهل العلم: إن ثبتت جرحته عند الحاكم عزل إن كان الميت لم يعرف أنه بتلك الصفة، وإن علمه بها وقصده لقرابته ولصداقته شرك السلطان معه من ينظر ولا يعزله بالكلية. وفي طرر ابن عات: المشاور إن أوصى بتنفيذ ثلثه إلى سارق أو فاسق؛ فليس

للسلطان عزله لأنه يوصي به حيث شاء، ويلزمه الإشهاد على تنفيذ ذلك لئلا يأخذه لنفسه. وفيها: أرأيت إن كان الوصي خبيثًا أيعزل عن الوصية؟ قال: قال مالك: نعم ليس للميت أن يوصي بما غيره، وهم ورثته إلى من ليس بعدل. المتيطي: قال محمد: وقاله مالك وأصحابه، وقال المخزومي: لا يعزله، ويشرك معه غيره، وحكاه أحمد بن بشير عن مالك قال: وأنا لا أرى للشريك وجهًا، ويعزله السلطان، ويقدم من يراه لذلك أهلًا. أصبغ: إلا أن يكون هذا الوصي الذي ليس بعدل؛ مثل القريب، والمولى، والزوجة، ومن يرى منه حسن النظر لقرابته، أو لولايته وشبه ذلك، فأرى أن يجعل معه غيره يكون المال بيده، ولا يفسخ الآخر، وقال مطرف، وابن الماجشون، وذكر أبو إبراهيم قول المغيرة، وقول سحنون: لا أقول به وأرى أن يعزل، نص عليه ابن الهندي، ومذهب المخزومي يقتضي إذا كان وصيان أحدهما عدل والثاني مسخوط أنه لا يعزل المسخوط، وكذا يظهر من كتاب الوديعة، فتأمله. قلت: هو دليل قولها في الوديعة، وإذا لم يكن في الوصيين عدل خلعهما السلطان، وجعل المال عند غيرهما، وقد يعارض هذا المفهوم بظاهر قوله: خلعهما ولم يقل أشرك معهما ثالثًا. قلت: ففي عزله بسخطته وبقائه مع شريك غيره، ثالثها: هذا إن علم الموصي سخطته، ورابعها: هذا إن كان قريبًا أو مواليًا، وشبهه لمعروف المذهب، والمغيرة. ونقل ابن حارث وأصبغ مع الأخوين، وتقدم قول ابن القاسم وأشهب: لا تجوز إلى ضعيف. اللخمي: عجز الوصي إن كان لبله أو قلة ضبط أو تفريط عزل، وإن كان لكثرة المال قوي بآخر. وفيها: من أسند وصيته إلى عبده أو مكاتبه؛ جاز ذلك، ومثله في رسم الوصايا من سماع أشهب.

ابن رشد: هذا صحيح على قول ابن القاسم، وروايته في المدونة: فإن كان فيهم أكابر نظر الأصاغر في الأيام التي لها إلا أن يدعو الأكابر إلى البيع. وقال سحنون في المجموعة: إنما يكون ناظر الأصاغر إذا كانوا كلهم سواء فيما يتكلف لهم العبد، فيكون على قدر مواريثهم منه، وقوله صحيح؛ إذ قد يكون لأحدهم دون إخوته المال كثير قد ورثته عن أمه. قال سحنون: إن كان فيهم كبير هي وصية لوارث إن لم يجزها الكبار؛ بطلت، وقاله عبد الملك، وقول مالك أصح إذا قلنا: إنه ينظر للأصاغر في الأيام التي لهم. وقال ابن كانة: إن أجاز الكبار أن يلي ولا شغل له عنها؛ جاز ذلك، وإلا اشتري للأصاغر حظ الأكابر. اللخمي: تجوز الوصية للعبد إن كان مأمونًا غير عاجز كان للميت، أو لأجنبي إن رضي سيده، وسيده لا يخاف أن يغاب على ما بيد عبده. قال أشهب: فإن ظعن به سيده أو مشتريه منه جعل السلطان وصيًا غيره، وهذا خلاف المعروف في هذا الأصل، أن للعبد أن يقيم مقامه عند سفره أو غيره من غير حاجة إلى سلطان، ولا فرق في ذلك بين حر ولا عبد. الشيخ في الموازية والمجموعة: قال ابن القاسم وأشهب: إذا أوصى إلى عبد غيره؛ جاز إن أجازه سيده، ثم ليس له رجوع إلا لعذر من بيع أو سفر، ونقله منه أو من البعد إلى غير الموضع الذي الورثة فيه، فيقيم لهم الإمام غيره، وتقدم قولها المكاتب كالعبد. وفي الموازية: قال أشهب: إن أوصى إلى مكاتبه؛ جاز، ولا تقديم فيه على من بلغ ممن تولى إلا أن يعجز. قال في المجموعة: وإن أوصى إلى أم ولده، أو مدبره، أو معتق بعضه، أو معتق إلى أجل؛ فذلك جائز. سحنون: لا يجوز في المعتق إلى أجل إلا أن يرضى الأكابر؛ لأنه يشتغل عن خدمتهم. قال عبد الملك: إن أوصى إلى عبده بولده، ثم هو حر وله ورثة غير الولد، فطلبوا

الخدمة، فإن كان مثله يخدم؛ فخادموه، وإن لم يصلح للخدمة كالتاجر والأمة الفارهة، وفي الورثة كبير مثلها؛ فلا حق في الخدمة لمن ذكرنا؛ لأن هذين لم يرد منهما إلا الأمانة والتدبير والولاية. الشيخ في المجموعة لأشهب: إن أوصى لمسلم أو ذمي أو إلى امرأة أو أعمى؛ فذلك جائز. وفيها: إن كان في الورثة أكابر وأرادوا بيع نصيبهم من العبد، اشترى الأصاغر حظ الأكابر منه، إن كان لهم مال يحمل ذلك، فإن لم يحمله وأضر بهم، باع الأكابر حظهم منه فقط، إلا أن يضر بالأكابر فيأبوا فيقضى على الأصاغر بالبيع معهم. الشيخ في المجموعة والموازية لمالك: إن كان فيهم أكابر قوم حظهم على الأصاغر، ثم من بلغ منهم؛ قوم حظه على من بقي. قلت: مثله في رسم الوصايا من سماع أشهب فيمن كانت معهم زوجة، فأرادت بيع العبد، وقالت: ثمنه ثلاثة آلاف دينار، قال: ليس الأمر على ما قالت، ويخرج به إلى السوق، فيقوم قيمة عدل فتعطى المرأة ثمنها منه كمن أوصى بعتقه. قلت: ظاهر قول مالك وجوب تقديم حظ الكابر، وإن لم يطلبوا ذلك، وظاهر المدونة خلاف. ابن رشد في رسم الوصايا من رسماع أشهب: قال أشهب: وإن استخلص الأصاغر لسعة مالهم، فكل من بلغ؛ يريد: وملك أمره اشتري حظه لمن بقي حتى يكون آخر ذلك لمن بقي مضرة لهم كثرة ثمنه، وقلة ما له من منفعته؛ فلا يقوم عليهم ويبقى بينهم، فإن شاء الأكابر البيع؛ بيع كله وأقام لهم الإمام غيره، وفيها: من أوصى إلى وصيين فليس لأحدهما بيع ولا شراء ولا نكاح ولا غيره دون صاحبه، إلا أن يوكله. قلت: سواء أوصى إليهما على سبيل المعية والشركة في زمان واحد، أو في زمنين، والأمر في هذا جلي، وكذا لو أوصى إلى أحدهما أولًا، ثم أوصى إلى الآخر، كقولها فيمن أوصى بشيء معين لزيد، ثم أوصى به لعمرو وأنه بينهما، وقولها إلا أن يوكله مثله. للشيخ عن ابن القاسم في الموازية، وزاد: إلا ما لابد منه من الشيء التافه مثل الطعام

وما لابد منه مما يضر بهم تأخيره فهو خفيف إذا غاب الآخر وأبطأ. فيها: ولا يخاصم أحد الوصيين خصمًا للميت إلا مع صاحبه، ومن ادعى على الميت دعوى وأحدهما حاضر؛ خاصمه، ويقضى له، ويكون الغائب إذا قدم على حجة الميت. قال: وإن جاء الغائب بعد ما قضي على الحاضر فكانت له حجة؛ حملها الذي خاصم نظر القاضي في ذلك، فإن أرى ما يدفع حجة هذا المستحق؛ دفعها، ورد الحق لورثة الميت، وإن لم ير؛ أنفذه. قال ابن الحاجب تابعًا لابن شاس: فإن مات أحدهما استقل. ابن عبد السلام: ظاهره استقلال الباقي، وهو بعيد في الفقه لا ينبغي أن يستقل، إلا أن يرى القاضي ذلك. قلت: للشيخ عن ابن القاسم في الموازية: لو مات أحدهما، ولم يوص فإن كان الباقي بين العدالة والكفاية، لم يجعل معه القاضي غيره، وإن لم يكن بين العدالة، أو كان مبرزًا ويحتاج إلى معونة جعل معه غيره، وروى علي: إن مات أحدهما جعل القاضي معه غيره. المتيطي: روى محمد: إذا عزل أحد الوصيين بجناية لم يجعل مع الآخر غيره، إلا أن يضعف، وروى علي: يجعل مع الباقي غيره، ومال إليه سحنون، ولو قال الموصي: من مات منهما أو غاب استقل الباقي فعزل لسخطه؛ وجب على القاضي أن يشرك معه غيره، وإن لم يمت المعزول ولم يفت، قاله ابن لبابة وعبيد الله بن يحيى ومحمد بن الوليد وغيرهم. وفيها: قال يحيى بن سعيد: إن كانا وصليين، أو ثلاثة، فأوصى أحدهم عند موته بمال أوصي إليه به من تلك الوصية إلى غير شريكه في الوصية؛ جاز ذلك، وأباه سحنون، وفي نوازل عيسى من الوكالات: وإنما يجوز ذلك للوصي أن يوكل في حياته وعند موته. ابن رشد: وهو قول مالك وكل أصحابه.

ابن رشد: لا خلاف بينهم فيه إنما اختلفوا في الوصيين أو الأوصياء المشترك بينهم في الإيصاء، هل لأحدهم أن يوصي بمال إليه من الوصية أم لا؟ على ثلاثة أقوال: الأول: أن له ذلك ولو أولى من ليس معه في الوصية أتت الرواية به عن مالك، وهو ظاهر قوله في المدونة؛ لأنه أطلق القول بأن له أن يوصي، ولم يخص موضعًا، وهو ظاهر قول عيسى هذا. والثاني: ليس له ذلك وأولى من معه في الوصية، وهو ظاهر قول سحنون في رسم المكاتب من سماع يحيى بعد هذ. الثالث: أنه ليس له ذلك إلا إلى شريكه في الإيصاء، وهو الذي تأوله الشيوخ على سحنون في قوله في المدونة. قلت: وعزا الشيخ في النوادر الأول لأشهب. اللخمي: إن مات أحدهما عن غير إيصاء فلا نظر للباقي، ونظر السلطان في إقراره وحده، أو مع آخر، وإن مات عن إيصاء إلى صاحبه، ورضي بذلك؛ جاز كإيصائه إلى غيره برضى صاحبه، وإقرار القاضي الباقي وحده؛ لا يلزمه إلا برضاه؛ لأنه يقول لم ألتزم النظر وحدي وقول يحيى بن سعيد ليس هو المذهب. وفيها: قال ابن القاسم: إن اختلفا نظر السلطان. اللخمي: إن خالف أحدهما الآخر فيما فعله، نظر السلطان فما رآه صوابًا أثبته وإن كره الآخر. وفيها: ولا يقسم القاضي المال بينهما، وليكن عند أعدلهما، فإن استويا في العدالة؛ جعله عند أكفئهما، ولو اقتسما الصبيان؛ فلا يأخذ كل واحد حصة من عنده من الصبيان. اللخمي: كل هذا استحسان، ولو جعلاه عند أدناهما عدالة؛ لم يضمنا وروى محمد: إن اختلفوا طبعوا عليه وجعل عند غيرهم. وقال علي بن زياد: إن تشاحوا اقتسموه، ولم ينزع منهم. أشهب: لا يقتسمانه، فإن اقتسماه؛ لم يضمناه.

قلت: وعزاه ابن رشد في سماع عيسى من كتاب القراض إليه، وإلى ابن عبد الحكم. اللخمي: يريد: ويبقيان بعد القسمة في النظر على الشياع، ويدير كل واحد ما عنده، وعند صاحبه، ولا ينفرد كل واحد بالنظر، فلا ينظر الآخر معه فيما بيده. الصقلي عن ابن الماجشون: إن اقتسما؛ ضمن كل واحد ما هلك بيد صاحبه بتعديه بإسلامه إليه، ونقل اللخمي عنه خلافه، قال: وقال ابن الماجشون: إن فعلا؛ ضمن كل واحد منهما جميع المال ما عنده؛ لاستبداده بالنظر فيه، وما عند صاحبه؛ يريد: لرفع يده عنه، وكذا الوديعة يقتسمانها. ابن الحاجب: فإن كان في مال وضع عند أولاهما أو غيرهما، ويجتمعان عليه، فتعقب عليه ابن عبد السلام قوله: ويجتمعان، بأن إن وضعاه بيد غيرهما باختيارهما مع وجود الصفات المعتبرة فيهما؛ وجب ضمانهما، وإن كان القاضي أخرجه عنهما؛ لم يلتفت إلى رضاهما. قلت: لعله قصد اختصار رواية محمد المتقدمة، إن اختلفوا؛ طبعوا عليه، وجعل عند غيرهم. وفيها: إذا قبل الوصي الوصية في حياة الموصي فلا رجوع له بعد موته. محمد عن أشهب: وله الرجوع قبل موته؛ لأنه لم يغيره يقدر على الاستبدال. ابن هشام: هو مفهوم قوله في المدونة. محمد عن أشهب: ولو قبلها بعد موت الموصي أو جاء منه ما يدل على القبول من بيع أو اشتراء؛ لهم ما يصلحهم والاقتضاء لهم والقضاء عنهم؛ لزمته الوصية، ولو امتنع منها في حياته، وبعد موته؛ فلا قبول له بعد ذلك. أصبغ: من قدمه السلطان فقيل: فلا رد له ولو عزله من قدمه. الصقلي: هذا خلاف ما تقدم لأشهب إذا قبل في حياته؛ فله الرجوع قبل موته. وفي المعونة: إذا قبل الموصى إليه الوصية، ثم أراد تركها؛ لم يجز له ذلك، إلا أن يعجز أو يظهر له عذر؛ لأنها قربة وفعل خير ألزمه نفسه كالصوم والحج.

قلت: ظاهر لفظه وتعليله سواء كان ذلك في حياة الموصي أو بعد موته. قلت: وهو ظاهر نقل التونسي، وأشهب قال ما نصه: إذا قبل الوصية في حاية الموصي؛ فجعل له الرجوع ما لم يمت الموصي. وفي كتاب محمد عن أشهب: ما ظاهره: إن ذلك ليس له، وكأنه وهب منافعه ونظره الطفل إلى رشده؛ فلا رجوع له عن ذلك، وقال ابن شاس ظاهر إطلاق القاضي أبي محمد، وشيخه الشيخ أبي القاسم: منعه من الرجوع بعد القبول مطلقًا، وقال ابن الحاجب: ولا رجوع بعد الموت والقبول على الأصح، فقال ابن هارون: لا نعلم في هذا خلافًا. وقال ابن عبد السلام: قال بعضهم: لا فرق بين قبوله بعد الموت أو قبله؛ لأن له الرجوع، وهو طرد تعليل أشهب في أن ما قبله في حياته، له الرجوع عنه في حياته بقوله: لأنه لم يقره. قلت: قبوله في الحياة قبول لما يثبت بعد، وبعد موته، قبول لما يثبت بالفعل وما حكاه من قوله بعضهم لا أعرفه، إلا قول الشيخ أبي إبراهيم: لا فرق بين رجوعه قبل ولا بعد؛ لأنه لم يغره. وسمع أصبغ ابن وهب: من أوصى إلى رجل بوصيته وبوصية لرجل كانت إليه، فقال الموصى إليه الثاني: أقبل وصيته، ولا أقبل وصية الأول؛ لأن فيها ديونًا وتخليطًا فله ذلك. قال أصبغ: ليس له ذلك؛ لأن وصية الأول من وصية الثاني، فإن قبل بعضها؛ لزمه كلها. ابن رشد: قول ابن وهب أظهر الصقلي الذي أرى أن يقول له الإمام: إما أن تقبل الجميع أو تدع الجميع، إلا أن يرى الإمام أن يقره على ما قبل، ويقيم من بلى وصية الأول. الشيخ: روى محمد: إنما للوصي في مال اليتيم فعل ما ينميه أو ينفقه. اللخمي: وحسن أن يتجر له وليس ذلك عليه.

وسمع أشهب: ينفق على كل يتيم بقدر مصابه. محمد: قال مالك: قال ربيعة: وله أن يشتري له ما يلهو به، وإن كان له سعة وسع عليه. ابن كنانة: وينفق في عرسه ما يصلحه من صبغ وطيب، بقدر حاله وحال من يتزوج وقدر ماله، فإن خشي أن يتهم رفع إلى الإمام، وسمع ابن القاسم، وروى محمد مثله من غير سرف، وما أنفق على اللعابين لم يلزم اليتيم. اللخمي: وينفق على المولى عليه وفي ختانه، وعرسه، ولا حرج على من دعي فأكل ولا يدعو اللعابين. وفي الموازية: ويزكي ماله ويخرج عنه وعن عبده الفطر، ويضحي عنه من ماله. الشيخ: إن أمر أن يتعقب بأمر من اختلاف الناس، أو كان شيئًا يخفى له، وفي زكاتها: ويؤديها الوصي عن اليتامى وعبيدهم من أموالهم. قلت: ولقول الشيخ المتقدم، قال غير واحد من المتأخرين: لا يزكي الوصي ماله، حتى يرفع إلى السلطان كما قال مالك: إذا وجد في التركة خمرًا لا يريقها إلا بعد مطالعة السلطان؛ لئلا يكون مذهبه جواز التحليل، وكذا يكون مذهب القاضي سقوط الزكاة عن الصغير. وقال بعضهم: إنما يلزم الرفع في البلاد التي يخشى فيها ولاية الحنفي، وأما غيرها فلا، وقاله ابن محرز وابن بشير في آخر ترجمة أحكام نماء المال. الشيخ والصقلي عن المجموعة: قال مالك: وله أن يحجهم قبل أن يبلغوا، وهو أحسن في أدبهم، وله أن يحجهم بعد حجة الإسلام بعد بلوغهم. قلت: إن كان ذلك على أن نفقتهم ليست من أموالهم، فظاهر، وإن كان على أنها من أموالهم، وهو ظاهر لفظ الرواية ففيه نظر، وهو خلاف نص حجها فيه وليس؛ لأنه الوصي أو أمه، أو من هو في حجرة من وصي أو غيره أن يحجه، وينفق عليه من مال الصبي، إلا أن يخالف من ضيعته بعده، إذ لا كافل له فله ذلك وإلا ضمن. الشيخ عن المجموعة والموازية: روى ابن القاسم: له أن يتجر بأموال اليتامى ولا

يضمن، وروى ابن وهب: في البر والبحر. قلت: مع الأمن، قاله غير واحد، وفي الطرر لابن عات: إن كان الوصي أخا الأيتام وتجر في المال، وهو مشترك؛ فالربح له، وحسن أن يواسي منه اليتامى. الشيخ لأشهب في الكتابين: ولا يعمل الوصي بمال اليتيم قراضًا كما لا يبيع لهم من نفسه ولا يشتري لهم، وقال بعض أصحابنا في كتاب آخر: إن أخذه على جزء من الربح يشبه قراض مثله؛ مضى ذلك. اللخمي: لا يسلف ماله؛ لأنه معروف، إلا أن يكون كثير التجر، وسلف اليسير مما يصلح وجهه مع الناس فلا بأس، وله أن يتسلف له. الشيخ عن ابن عبد الحكم: وله أن يبيع لهم بالدين. وفي استبرائها: من وطئ إحدى أختين بملكهما؛ لم يجز له وطء الأخرى، يبيعه التي وطئ من ابنه، أو من في حجرة؛ إذ له انتزاه بالبيع، فيقوم منه صحة قول الصقلي في كتاب الوصايا: الوصي العدل كالأب يجوز له ما جاز له؛ لأنه أقامه مقام نفسه. قلت: وما في استبرائها خلاف قولها في وصاياها، ولا يشتري الوصي لنفسه من تركة الميت، ولا يوكل أو يرسل من يشتري له، فإن فعل تعقب ذلك، فإن كان فيه فضل كان للأيتام. وأرخص مالك لوصي في حمارين من حمر الأعراب في تركة الميت، ثمنها ثلاثة دنانير تسوق بهما الوصي في المدينة والبادية، واجتهد فأراد أحدهما لنفسه بما أعطي فيهما فأجاز ذلك وخففه لقلة الثمن، واختصرها ابن الحاجب بقوله: وفيها سأله وصي في حمارين، إن أراد أخذهما لنفسه بما أعطي، فاستخفه لقلة الثمن، فحذف التسويق، فتعقب عليه. الشيخ في المجموعة والموازية: قال ابن القاسم وأشهب: إذا كان الورثة أصاغر وأكبر، فليس له بيع شيء من التركة حتى يحضر الأكابر. قال ابن القاسم: إن غابوا بأرش نائية والتركة حيوان ورقيق وعروض؛ فله بيع ذلك، ويرفع إلى الإمام حتى يأمر من يبيع على الغائب.

أشهب: إن قرب غيبتهم، ولم يخف تغير شيء من التركة؛ كاتبهم ببيع ما يخاف عليه إن كان بيعه أفضل للجميع، وإن شاء قسمه ومن تلف حقه كان منه. وفي القسم منها: ولا يقسم الوصي في الأصاغر حتى يرفع إلى الإمام ويراه نظرا؛ وإن كان معهم أكابر؛ أحببت له أن يرفع إلى الإمام، فإن قاسم الكبار وصي الأصاغر دون الإمام؛ جاز ذلك إذا اجتهدوا، وإن غاب أحد الأكابر؛ لم تجز قسمة الوصي عليه، ولا يقسم لغائب إلا الإمام، ويوكل بذلك، ويجعل ما صار لهم بيد أمين. وفي رسم الوصايا الأول من سماع أشهب فيمن مات، وأوصى بولده لزوجته، وترك ثلاثة رؤوس: فلها أخذ ثمنها منها، فإن قسمت لنفسها عليهم نقصت قسمتها، إلا أن يجيزها السلطان، ويقسم ما بفي قيل: بأمر السلطان قال: لا بل بأمر العدول. قال ابن رشد: أجاز لها أخذ ثمنها من التركة، وقسم الباقي بين ابنها بأمر العدول دون السلطان، أما أخذها ثمنها، فالمشهور أنه لا يجوز إلا بأمر السلطان، وقبل: يجوز إن علم السداد والنظر فيها لهم، وهو قوله في هذه الرواية، وأما قسمها ما بقي بينهم فجائز إذا عرف السداد والنظر فيها لهم، وهو قوله في هذه الرواية، وأما قسمها ما بقي بينهم فجائز إذا عرف السداد، وهو مذهبه في هذه الرواية، وأما قسمها ما بقي بينهم فجائز إذا عرف السداد، وهو مذهبه في هذه الرواية، ومعنى ما في المدونة من أن الوصي لا يقسم مال الأيتام بينهم إلا بالسلطان، وقيل: فعله ذلك محمول على السداد، حتى يثبت خلافه، وهو الذي يأتي على ما في الرهون منها؛ لأنه أجاز فيه للوصي أن يشتري لبعض أيتامه من بعض، فإذا جاز شراؤه من بعض لبعض، فأحرى القسمة بينهم؛ لأنها قيل: إنما هي تمييز حق. وعلى ما في الرهون، يأتي ما لمالك في رسم الطلاق، ومن هذا السماع بعد هذا الخلاف قوله في هذه الرواية: وفيها: لا يبيع الوصي العبد الذي يحسن القيام على الأيتام، ولا العقار إلا أن يكون لبيع العقار وجه من ملك يجاوره يرغبه في الثمن، أو ما لا كفاية في غلته، وليس لهم ما يتفق عليهم منه؛ فيجوز بيعه. قلت: تقدم الكلام على هذا في الحجر مستوفي، وانظر هل هذا عام في ربع ورثوه، وربع اشتراه الوصي لهم أو خاص بما ورثوه، والأظهر عمومه فيهما، إلا أن يكون الوصي إنما اشترى لهم ذلك طلباً للربح.

المتيطي: فعل الوصي محمول على النظر والجواز والتمام حتى يثبت خلافه؛ فيرد البيع، قاله ابن لبابة، وابن الهندي، وابن العطار، وغير واحد من الموثقين. وقال أبو عمران وغيره من القرويين: محمل بيع الوصي على عدم النظر حتى يثبت خلافه، وهو معنى ما في الموازية؛ لأنه كلما سئل في الكتاب عن بيع الأب أطلق عليه الجواز، غلا أن يكون على غير النظر، وإذا سئل عن الوصي قال: لا يجوز بيعه إلا أ، يكون نظراً. قال عبد الحق: وكذا الوصي لا يهب ربع محجوره لثواب؛ لأن هبة الثواب إنما فيها قيمته وهو لا يبيع عليه بالقيمة؛ إذ ليس في ذلك نظر، ويجوز هبة الأب مال ولده للثواب. وحكى ابن الطلاع عن ابن عات: مثل قول الموثقين، وعن ابن القطان مثل قول القرويين: إن الوصي بخلاف الأب في بيع الربع، واحتج بقولها: لا يبيع الوصي عقار اليتامى إلا للوجوه المذكورة. واستحسن ابن الطلاع من رأيه: إن كان الوصي عدلاً مأموناً قول ابن عات: وإن كان امرأة أو غيره عدل. قول ابن القطان: وفي وثائق الباجي عن إسماعيل القاضي: الفرق بين وصي الأب، فأجاز له بيع عقار اليتيم لوجه النظر، ومنعه لمقدم القاضي غلا بإذنه. وقال الصقلي: يشترط في الأب ما يشترط في الوصي. وفيها: يصدق في الإنفاق عليهم إن كانوا في حجره، ما لم يأت بسرف. عياض: قال مالك: وابن القاسم وأشهب: بعد يمينه، وهذا لا يختلف فيه. قال أبو عمران: ولو أراد الوصي أن يحسب ما لا بد منه، ولا شك فيه وسقط ما زاد؛ فلا يمين عليه. عياض: لا بد من يمينه؛ لاحتمال استغناء اليتيم عن تلك تلنفقة التي لا شك فيها أياماً متفرقة ومتوالية؛ لمرض أو صلة من أحد، وهو ظاهر قول مالك وابن القاسم في الموازية من قوله: ويحلف ما لم يأت بأمر مستنكر.

وفيها: ويصدق في الإنفاق عليهم إن كانوا في حجره. قلت: رادف في المدونة بعد قوله: في حجره لفظ: يليهم؛ ومفهومه: إن كانوا في حجره يليهم، وقوله لم يقبل، ووقع ذلك نصاً في الموازية. الشيخ في كتاب محمد لابن القاسم: إن قال لوصي أنفقت على اليتامى أموالهم وبعضها، فإن كانوا في حجره؛ فالقول قوله في السداد، وإن كانوا عند أمهم أو أخيهم أو غيرهما؛ لم يصدق غلا ببينة؛ يريد: إن أنكروا في رشدهم. ومثله ذكر عن أشهب، وفي ترجمة دفع الوصي النفقة إلى الحاضنة، في الربع الآخر من الطرر ما نصه: قال الأبهري: الوصي مصدق فيما دفع من النفقة؛ لأنه لو كلف البينة على ذلك لشق عليه إذا كان يحتاج إلى أن يشهد على درهم، ودانق وجبة وهذا من الأمر الموضوع عن الناس. ولذا قال مالك: إن اللقطة تدفع لمن جاء بعلامتها. وقوله صلى الله عليه وسلم: "البينة على المدعي"، إنما ذاك ادعى شيئاً في يد غيره، وقال أحمد بن نصر: قوله مقبول فيما دفع من النفقة إذا أشبهت نفقة الأيتام في حضانته كانوا، أو عند حاصنة من غير بينة وعلى الحاضن لهم أو عليهم أنفسهم البينة أنه لم ينفق عليهم، وإلا فالقول قوله من غير يمين تلزمه في دعوى الأيتام وللحاضن اليمين عليه في دعواه. اللخمي: إن كانوا في حضانة الأم أو غيرها، فأنكروا أن النفقة من عند الوصي؛ كان القول قولهم، إلا أن تقوم بينة بأنها من عنده، وإن خفي على البينة تتابع الأخذ، إلا أن تدعي الأم أجر شهر، وما يشبه أن يتأخر قبضه لما يعلم من لدده وظلمه، فتصدق فيما يشبه من ذلك، أو يعلم من فقرها وضعفها ما يدل على أن النفقة ليست من عندها مع ما يرى من همة الصبي والقيام به.

ابن شاس: وإن نازع الصبي الوصي في تاريخ موت الأب، إذ به تكثر النفقة؛ فالقول قول الصبي، إذ الأصل عدم ما ادعاه الوصي. اللخمي: ويدفع إليه من النفقة ما يرى أنه لا يتلفه الشهر ونحوه، فإن خيف أن يتلفه قبل تمام الشهر فنصف الشهر، فإن كان يتلفه قبل ذلك فيوم بيوم. المتيطي: أجاز ابن العطار أن يدفع الوصي لمحجوره نفقة الشهر، ويبرئ الوصي، ومنعه محمد بن عمر وقال: لا يدفع له إلا لمدة يسيرة كالشهر. فروى ابن العطار: لليتيم أن يقبض نفقة نفسه ونفقة بينه الأصاغر، إن كانوا في حضانته، وإن لم يكن بالغاً، ما لم يكن صغيراً جداً ممن لا يحضن نفسه. قلت: انظر قوله: نفقة بينه مع قوله: وإن لم يكن بالغاً، وقال ابن الهندي: لا يقبض إلا نفقة نفسه، فإن قبض نفقة غيره؛ ضمن الوصي، وعقد معاينة البينة لقبض اليتيم نفقته قوة في العقد، وإن سقطت لم يضر ذلك، وقيل: لا تتم الشهادة إلا بالمعاينة وهو قول معلول، فإن دفع إليه نفقة شهر فأنفقها في يوم أو في دون المدة التي أخذها؛ لما لزم الوصي أن ينفق عليه من وقت تلفها، فإن تكرر ذلك منه؛ لم يدفع إليه نفقته ودفعت لمن يجريها عليه، وعلى من تلزمه نفقته من ولد صغير، أو أم ولد أو خادم يوماً بيوم. وقال بعض أهل العلم: متى دفع الوصي بنفقة مدة فأكلها قبل المدة؛ ضمن الوصي، وإن كان للمحجوز زوجة وأولاد. فقال ابن العطار: الأحسن أن يدفع له نفقة نفسه فقط، ويدفع للزوجة نفقتها، ونفقة بنيها، قاله ابن العطار. وقال ابن الهندي: إنما يقبض نفقة نفسه خاصة، وفي تضمين الصناع منها: من كفل يتيماً فأنفق عليه، ولليتيم مال فله أن يرجع بما أنفق عليه في ماله، أشهد أو لم يشهد إذا قال: إنما أنفقت عليه لا لأربجع في ماله. المتيطي: إن أسقط من عقد الإنفاق أنه إنما ينفق عليه، ليرجع عليه لم يكن له أ، يرجع عليه، حتى يحلف أنه إنما فعل ذلك ليرجع عليه، وإن كان إنما أنفق عليه وله

بيده مال ناض؛ لم يرجع عليه، وإنما يرجع عليه إن كانت له سلع كاسدة وأصول في بيعها طول. وفيها: ومن قال: وفي حجرة يتيم عديم أنفق عليه، فإن أفاد مالاً أخذته منه، وإلا فهو في حل؛ فذلك باطل ولا يتبعه بشيء، والأولى إن كان حيث إن لم ينفق عليه هذا الشارط صاع أن يتفق عليه، ويوفي بشرطه، وأظن اللخمي قاله. وفي وصاياها: وتضمين الصناع منها: إن قال: الوصي دفعت إلى الأيتام أموالهم بعد رشدهم، فأنكروا لم يصدق إلا ببينة وإلا غرم. اللخمي: قول عبد الملك في هذا الأصل: إذا أمر أن يدفع إلى غيره من دفع إليه قبل قول المدفوع، فكذا الوصي القول قوله، ومحمل قوله تعالى في الإشهاد: إنه لرفع التنازع، كأمره تعالى في المدينة: بالإشهاد، ومثله في سماع أشهب، وزاد: إلا أن يدعي على وليه أنه لم يدفع ماله بعد زمان طويل، قد خرج فيه في حال الولاية حتى إذا أطال الزمان وهلك الشهود، قال: كان يليني ولم يدفع إلى مالي فليس هذا بالذي أريد. ابن رشد: لم يذكر من حد الطول إلا ما تبيد فيه الشهود، وذلك عشرون سنة على ما سمعه عيسى من ابن القاسم في رسم البراءة من كتاب القسمة، وهو نص أشهب في نفس المسألة من الموازية، فليس عليه في ذلك إلا اليمين لقد دفعها إليهم. وقال القاضي ابن زرب: إن قام على مصيه بعد انطلاقه من الولاية بأعوام كثيرة كالعشرة أو الثمان يدعي أنه لم يدفع إليه ماله؛ فلا شيء له. قيل: يريد: من المال ويحلف لقد دفعه إليه، والذي يوجبه النظر أن يكون القول قول اليتيم حتى يمضي من المدة ما يغلب على الظن معه كذبه؛ فيصدق وليه وذلك يختلف باختلاف أحوالها. قلت: ففي قبول قول اليتيم ما لم تقم عليه بينة مطلقاً، أو ما لم يطل سكوته عشرين عاماً، ثالثها ثمانية أعوام، ما لم يظن كذبه فحسب حالهما، وخامسها: يصدق الوصي عليه مطلق لما هو معروف المذهب.

وسماع أشهب، وقول ابن زَرْب، واختيار ابن رشد، وقول ابن عبد الملك. قلت: هذا آخر ما يناسب ما قصدته من محادات كلام ابن الحاجب، وبعض شراحه، وأما قوله في الفرائض فمختصر الحوفية كاف عن محاذاته، إلا ما تمس الحاجة إلى استحضاره هنا منه، ومحاذاة بعض مسائله.

كتاب الفرائض

[كتاب الفرائض] فأقول: علم الفرائض لقباً: (الفقه المتعلق بالإرث وعلم ما يوصل لمعرفته قدر ما يجب لكل ذي حق في التركة).

وموضوعها: التركات لا العدد خلافاً للصوري. وفائدتها: كالفقه مع مزية التنصيص. روى أبو داود عن عبد الله بن عمرو بن العاص أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "العلم ثلاثة وما سوى ذلك فهو فضل آية محكمة، أو سنة ماضية أو فريضة عادلة". عبد الحق: في إسناده عبد الرحمن بن زياد بن أنعم الفريقي قاضيها ضعف. قلت: قال المزني: قوى البخاري أمره، وقال هو مقارب للحديث، وقال أبو عمر بن عبد البر ضعفه بعضهم، وأما أهل المغرب مصر، وإفريقية فيثنون عليه بالفضل والدين، روى عنه جماعة من الأئمة، الثوري وغيره. قال ابن الحاجب: ولا يكون التعصيب إلا في ذكر يدلي بنفسه، أو بذكر يتعقب بقصوره؛ لأن التعصيب يكون في الإناث كالأخوات مع البنات. فأجاب ابن عبد السلام بأنه: إنما يلزم هذا إن عطف قوله: أو بذكر على نفسه، وهو محتمل؛ لأن يكون معطوفاً على في ذكر فكأنه يقول لا يكون، إلا في ذكر موصوف بكذا أو بسبب ذكر، وهذا الذي يكون بسبب ذكر قد يكون في ذكر كالأخ، وقد تكون أنثى كالأخت مع البنت. قلت: فيما ذكره بعد؛ لأنه قاصد الاختصار كالأم.

ابن شاس: وهو لا يقبل هذا الاحتمال؛ لأن لفظه: ويرث بالتعصيب كل ذكر يدلي بنفسه أو بذكر، ويلزم على قوله: في الاحتمال الذي ذكره أن تكون الباء في نفسه للتعدية، وفي بذكر للسببية، ويلزم عليه أن تكون بنت الأخ عاصبة، للبنت عملًا بالسبية؛ لقولهم حجت الأشقاء على الإخوة للأم في الحمارية، بمشاركتهم أياه في سبب إرثهم. ابن عبد السلام: قال الحوفي: الفروض على ثلاثة أقسام: منها ثلاثة مسماه غير محدودة، وهي المذكورة في قوله تعالى: {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ} [النساء:11] ٍ وفي قوله تعالى: {وَهُوَ يَرِثُهَا إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلَدٌ} [النساء:176]، وفي قوله تعالى: {وَإِنْ كَانُوا إِخْوَةً رِجَالًا وَنِسَاءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ} [النساء:176]، وفرض واحد محدود غير مسمى، قال تعالى: {فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ} [النساء:11]، علم أن لها الثلث علم أن الباقي للأب وهو الثلثان. قال: وستة فروض غير محدودة غير مسماة، فذكر الفروض الستة التي ذكر المؤلف. قال: وما ذكره مع حسنه وغرابته في النوع الأول في النفس منه شيء، وهو أنه عدد الفروض المسماة غير المحدودة؛ لتعدد أصحابها وجعلها ثلاثة، وهي بالحقيقة اثنان؛ لأن الذي للأولاد مثله للإخوة. فإن كان يتعدد بسبب ذلك؛ فينبغي أن يفعل مثل أصحاب الفروض الستة، وكل واحد منهما له أصحاب ما عدا الثمن، والتعدد فيها لتعدد أصحابها باطل. قلت: يرد بأن قوله: وهو بالحقيقة اثنان إلى آخره غير لازم؛ لأنه إنما يكون اثنين فجعل البنين والأخوة نوعًا واحدًا، ولا يجب جعلهما نوعًا واحدًا، إلا إذا جعل موجب التعدد اختلاف ما يستحقه كل نوع منها، وليس كذلك؛ بل موجبه اختصاص كل نوع منها بلفظ القرآن يخصه بالتسمية، والذكر دون إشارة إلى نسبة القدر الذي يستحقه من التركة، فتأمله، قال ابن الحاجب: أما الابن فعصبة.

قال ابن عبد السلام: ذكر ابن ثابت الفرضي خلافًا في الابن هل هو عصبة أو لا، لا أدري ما معنى هذا الخلاف ولعله خلافًا في التسمية. قلت: قوله: لا أدري ما معنى هذا الخلاف، يرد بأن معناه واضح، وهو ما قدمناه في كتاب الولاء من قولنا. قال اللخمي: وميراث موالي المرأة لعصبتها وعقله على قومها، إن لم يكن لها ولد، فإن كان، فقال مالك: ميراثهم لوالدها، وجريرتهم على قومها. وقال ابن بكير: النظر أن لا ميراث لولدها منهم، وهو قول علي رضي الله عنه. وقال عبد الوهاب: قيل: يحمل ولدها مع العاقلة؛ لأن البنوة عصابة في نفسها. قلت: فقول ابن بكير ظاهر؛ لأن ولد المرأة ليس بين العصبة، فالخلاف اذر معتوى لا لفسطين، فتأمله متصفًا، وذكر ابن الحاجب: الأكدرية، وهي زوج وأم وجد، وأخت شقيقة أو لأب. قلت: ولانقسامها من سبعة وعشرين للزوج تسعة، وللأم ستة، وللأخت أربعة، وللجد ثمانية. أجيب بها من قال: ما فريضة أربعة ورثة أخذ أحدهم ثلثها وانصرف، ثم أخذ الثاني ثلث ما بقي وانصرف، ثم أخذ الثالث ثلث ما بقي وانصرف، ثم أخذ الرابع ما بقي. ومن قال: ما فريضة آخر قسمها لحمل حتى يضع إن أتى بأنثى ورثت وإن أتى بذكر لم يرث، وفيها قلت: ولا ييأس المفضول من فضله على ... مزيد عليه فضله بالضرورتي فرب مقام أنتج الأمر عكسه ... كحمل بأنثى جاء في أكدريتي لها إرثها فيها وزادت لجدها ... وللذكر الحرمان دون زيادة قال ابن الحاجب: فلو كان موضعها: أخ للأب ومعها إخوة لأم، فقيل: للأخ السدس، وقيل: يسقط.

قلت: هذه الفريضة هي المسماة بالمالكية، منهم من فرعها على الأكدرية، كالمصنف، وابن شاس، ومنهم من فرعها على المشتركة كالحوفي وابن الفخار. وهي: زوج، وأم، وجدة، وإخوة لأم، وشقائق، يشركون الذين للأم لاتحادهم فيها. قال أبو عمر: اختلف فيها عن جميع الصحابة، إلا عن علي لم يختلف عنه أنه لم يشترك، وحجته أن الأشقاء عصبة، والإخوة للأم فرضهم في كتاب الله مفروض، والعصبة إنما يرثون ما فضل عن الفروض، ولم يفضل لهم بشيء. ومما يبين ذلك قول الجميع في زوج وأم وأخ لأم وعشرة إخوة أشقاء: أن الأخ للأم يختص بالسدس كاملًا، والسدس الباقي بين الأشقاء، ونصيب كل واحد منهم أقل في نصيب الأخ للأم، ولم يستحقوه بمساواتهم الأخ للأم في الأم تساوية في الميراث، فكذا ينبغي في المشتركة. قلت: هذا منه ميل بين؛ لقول من لم يشرك، وشرط كونها مشتركة تعدد الإخوة للأم، وأن لا يكون الشقائق كلهن إناث وفرع عليها أبو النجاء مسألة المالكية. قال الصقلي عنه: إن كان في المشتركة جد أسقط جميع الإخوة للأم، وكان ما بقي يعد فرض الزوج، والأمر للجد وحده؛ لأنه سقط الأخوة للأم، والأشقاء إنما يرثون في هذه المسألة بالأم، والجد يسقط كل من يرث بالأم، وأما الذين للأب فيقول لهم لو كنتم دوني لم ترثوا شيئًا، فليس حضوري بالذي يوجب لكم شيئًا. الصقلي: وهذا القول عندي إنما يجري على قول ابن مسعود في ابنتين وابنة ابن أسفل منها ابن ابن أنها لا ترث معها شيئًا؛ لأنها لو كانت دونه لم ترث شيئًا، وهو خلاف قول الجمهور. والصواب: أن يرثوا مع الجد كانوا أشقاء أو لأب، وحجتهم أن يقولوا: أنت لا تستحق شيئًا من الميراث إلا شاركناك فيه، فلا تحاسبنا بأنك لو لم تكن؛ لأنك كابن بعد، ولو لزم ما قاله؛ للزم في ابنتين، وابنة ابن، وابن ابن لا ترث معه شيئًا، ويختص بالإرث دونها ويحتج بمثل ذلك.

قلت: ومثله قال ابن خروف: وهو ظاهر نقل ابن شعبان عن ابن وهب قال في زاهيه: حدثني عتيق بن عبد الله بن نصر عن ابن وهب عن أبي الزناد عن أبيه عن خارجة بن زيد عن أبيه: إن للجد السدس وللإخوة ما بقي وهو السدس، وذكره ابن العربي عن مالك في آية الوصية من أحكامه، ولا أعرفه لغيره، ولم يذكره في قبسه، ولا عارضته. ولم يعز الباجي لمالك إلا ما عزاه الصقلي عنه. وقول ابن رشد لما ذكر الفريضة معبرًا عنها بالمالكية. قال أشهب بذلك؛ لقوله فيها: (وحجة اعتباره فيها) ظاهر في عدم اختلاف قوله فيها، وقال ابن خروف: سميت مالكية؛ لأن مالك خالف فيها زيد بن ثابت، زاد غيره: مع شدة اتباعه لزيد بن ثابت في الفرائض. قال ابن خروف: فإن كانت الإخوة الأشقاء لم يختلف فيها قول زيد، ولا نص لما له فيها، واختلف فيها أصحابه قال بعضهم كقول زيد في التي قبلها. قال: لأن الإخوة الأشقاء يدلون بقرابتين منهم من جعلها كالمالكية، فليس لهم شيء والثلث الباقي للجد دونهم. واحتج بعضهم لهذا القول بأن الجد لما حجب الإخوة للأم حجب من شرك معهم بسبب الأم؛ ولهذا أحرى من الذين للأب، ولهذا لا يلتفت إليهم؛ لأنهم إنما شركوا معهم حين ورثوا، فإذا سقطوا صار الآخرون عصبة، فجرى عليهم حكم العصبة، فسبيلهم سبيل الإخوة لا لأب، فإن كان في الفريضة ستة إخوة مفترقين، فقال زيد: للجد السدس، وللشقيقين السدس الباقي. وقول من جعل الأشقاء كالإخوة للأب في ترك الميراث الثلث للجد، وليس لجميع الإخوة شيء؛ لأن الأشقاء دخلوا مع الإخوة للأم بسب اجتماعهم في الأم وهذه كالتي قبلها. قلت: وكذا ذكره ابن شعبان في زاهيه، وفي معاده الجد الإخوة الشقائق، أو لأب بالإخوة للأم مطلقًا.

وقصرها على المالكية طريقان للصوري مع السهلي وتابعهما، والقرافي عن المذهب مع شرح الرسالة للقاضي عبد الوهاب، والأول: ظاهر قول مالك في الموطأ حيث قال: وكيف لا يأخذ الجد الثلث مع الإخوة وبنو الأم يأخذون معه الثلث، والجد هو الذي حجب الإخوة للأم ومنعهم مكانه الميراث، فهو أولى بالذي كان؛ لأنهم سقطوا من أجله، ولو أن الجد لم يأخذ ذلك الثلث أخذه بنو الأم. فإنما أخذ ما لم يكن يرجع إلى الإخوة للأب، وكان الإخوة للأم أولى بذلك الثلث من الإخوة للأب. قال ابن عمر: قوله: هذا ليس على مذهب زيد في امرأة هلكت عن زوج، وأم، وجد، وإخوة لأم، وإخوة لأب؛ فإنه قال: للزوج النصف، وللأم السدس، وللجد ما بقي، وهو الثلث؛ لأنه يقول: ولو لم أكن أبا كان للإخوة للأم ما بقي، ولم يأخذ الإخوة للأب شيئًا فلما حجبت الإخوة للأم كنت أحق به منهم. وروى خارجة بن زيد عن أبيه قال: إن للجد فيها السدس وما بقي للإخوة للأب، والقول الأول هو مذهب مالك، ويجيء على قول مالك في جد، وزوج وأخوين لأخ، وأخوين لأب، وأخوين شقيقين؛ يكون للزوج النصف، وللجد الثلث، ويشترك الإخوة للأم والشقائق في السدس، ويسقط الإخوة للأب. وعلى قول زيد: المعروف أن السدس الباقي للشقيقين؛ لأن الجد حجب الأخوين للأم فكأنهما لم يكونا في الفريضة. قلت: ما ذكر أنه الجاري على مذهب مالك مشكل، بل الجاري عليه ما ذكره على مذهب زيد؛ لاتفاق مالك مع زيد على إسقاط الجد الإخوة للأم مطلقًا. قال ابن خروف: لو ترك جدًا أو ثلاثة إخوة مفترقين؛ لكان للجد الثلث وللأخ الشقيق الثلثان؛ لأنه يأخذ ما بيد الأخ للأب وهو الثلث، ولا شيء للأخ للأم؛ لأن الجد يحجبه. قلت: هذا على أن الجد لا يعاد الشقائق، أو لأب بالإخوة للأم إلا في المالكية، وشبه المالكية، وعلى معادته إياهم بالإخوة للأم مطلقًا. تصح فريضتهم من ثمانية

عشر: يجب للجد منها سدس الأخ للأم لمعادة الأخ الشقيق، والأخ للأب به ويأخذ ثلث ما بقي وذلك ثمانية، وللأخ الشقيق ما بقي، وذلك عشرة خمسة له بداية وخمسة بمعادته للجد بأخيه لأبيه، فكما عاد الجد بأخيه لأبيه يعاده لجد وأخاه لأبيه بالأخ للأم فتأمله. قال ابن الحاجب: وأما الخ الشقيق فيحجبه الابن. تقدم في المختصر: أن الحجب عرفًا؛ منع أخص الإرث أو أعمه، الأول نقص، والثاني إسقاط. قال ابن الحاجب: ولو لم يكن وارث فبيت المال على المشهور، وقيل: لذوي الأرحام، وعن ابن القاسم: يتصدق به، قال أبو عمر في كافيه: إن لم يكن عصبة ولا ولاء فبيت مال المسلمين إذا كان موضوعًا في وجهه، ولا يرد إلى ذوي الأرحام، ولا إلى ذوي السهام. قلت: وقال الطرطوشي في تعليقه: إنما يكون لبيت المال في وقت يكون الإمام فيه عادلًا، وإلا فليرد إلى ذوي الأرحام. الباجي في كتاب الوصايا لمحمد عن أبي زيد عن ابن القاسم: من مات ولا وارث له يتصدق بما ترك، إلا أن يكون الوالي يخرجه في مجهه مثل عمر بن عبد العزيز فليدفع إليه. وكذا من أعتق نصرانيًا فمات النصراني ولا وارث له؛ تصدق بما له ولا يجعل في بيت المال وحكاه الصقلي، وقال ابن رشد في سماع ابن رشد في رسم أبي زيد. وقال اللخمي: من أوصى بكل ماله ولا وارث له، قيل: ليس له ذلك، وقيل: وصيته ماضية هذا إن أوصى به للأغنياء، أو فيما لا يصرفه فيه الإمام، ولو وليه، ولو جعله في الفقراء، أو فيها: لو رفع إلى الإمام لقضي فيه بمثل ذلك يغير وصيته؛ لأنه فعل صوابًا ولا اختلاف في ذلك. واختلف إن مات عن غير وصية هل هذا كالفئ يحمل للأغنياء؟ أو يقصر على الفقراء؟

قال ابن نافع وغيره فيمن اشترى أخاه في مرضه ولا يحمله الثلث: لم يعتق منه ما حمله، إلا أن يكون له وارث فيعتق في ماله كله، ويأخذ الفضل، وأباه ابن القاسم، وقال: لا يرث إن لم يحمله الثلث إن لم يكن له وارث، والأول أبين للخلاف في ذلك. وسمع أبو زيد ابن القاسم: إن هلك نصراني، أوصى بجميع ماله في الكنيسة ولا وارث له؛ دفع إلى أساقفهم ثلث ماله يجعله حيث أوصى، ويكون ثلثاه للمسلمين. ابن رشد: قوله: (يجعله حيث أوصى)؛ معناه: يفعل فيه ما يشاء على حكم دينه، وإنما يكون ميراث من مات من أهل الذمة، ولا وارث له من أهل دينه للمسلمين، ولا يجاز له من وصيته أكثر من الثلث إذا كان من أهل العنوة، أو من أهل الصلح والجزية على جماجمهم، وإن كان من أهل الصلح والجزية مجملة عليهم، لا ينقصون منها لموت من كان، ولا لعدم من أعدم؛ جاز له أن يوصي بجميع ماله لمن يشاء؛ لأن ميراثه لأهل دينه على قول ابن القاسم، وهو قول سحنون. خلاف قول ابن حبيب: إن ميراثه للمسلمين إن لم يكن له وارث من أهل دينه على كل حال، وقيل: من أهل العنوة ما لهم للمسلمين، ولا يرثهم ورثتهم ولا تجوز لهم وصية بثلث ولا غيره، وهو الذي يأتي على سماع سحنون في التجارة إلى أرض الحرب، من أنهم في حكم العبد المأذون له في التجارة. قال ابن الحاجب: وأصول مسائل الفرائض سبعة. قلت: هذا قول أكثر الفرضيين، وزاد بعضهم عددين آخرين: أحدهما ثمانية عشر حيث يكون الواجب السدس، وثلث ما بقي، والثاني: ستة وثلاثون حيث يجب السدس والربع، وثلث ما بقي هو قول ابن النجاء، وهما في مسائل الجد. قال ابن خروف: أصول المسائل سبعة، وتتداخل فريضتان منها بسبب فرائض الجد فريضة ثمانية عشر، وفريضة ستة وثلاثين من ثلاثة في اثنى عشر. قلت: من ألغاهما جعل مناط عدد أصول الفرائض مقام الجزء المطلوب وجوده في الفريضة هو مضاف لكل التركة، ومن عدهما جعل مناط ذلك مقام الجزء المذكور مطلقًا، لا من حيث هو مضاف لكل التركة، وكان يجري لنا التردد في كونه خلافًا لفظيًا

أو معنويًا تترتب عليه فائدة، هي لو باع بعض مستحقي غير ثلث ما بقي حظه من ربع. هل يدخل فيه الجد بالشفعة أم لا؟ كجد، وأم، وأخوين، وأخت باعت الأخت حظها من ربع. وفرعنا على قول أشهب: إن العصبة لا يدخل عليهم أهل السهام ففي الأول يدخل الجد مع الأخوين في الشفعة في حظ البنت، وعلى الثاني لا يدخل؛ لأنه ذو سهم خاص. وقول ابن عبد السلام: من ألغاهما رأى أن سبب بلوغهما إلى هذا العدد إنما هو الانكسار، فكما لا يعدلوا بلغت أربعة وعشرين أصلًا، فكذلك الثمانية عشر إنما هو توجيه لأحد القولين فقط لا لكليهما. قال ابن الحاجب: وإذا تحاكم إلينا ورثة الكافر وتراضوا كلهم حكمنا بحكم الإسلام، فإن أبى بعضهم لم نعرض لهم إلا أن يكون فيهم من أسلم. فقال ابن القاسم: يحكم له بحكمهم على مواريثهم إن كانوا كتابيين، وإلا بحكم الإسلام، وقال سحنون: بحكم الإسلام. قلت: قال ابن رشد في نوازل سحنون من الأقضية: إن أبى أحد الكافرين عن حكم الإسلام بينهم؛ لم يحكم بينهم ولو رضي أسقفهم، وإن تظالموا؛ حكم بينهم وإن لم يرضوا، اتفاقًا فيهما، وإن رضيا بحكم الإسلام وأبى أسقفهم؛ ففي الحكم بينهما قولا سحنون، وسماع عيسى ابن القاسم، وهو تفسير للمدونة. وفي الولاء منها: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "كل ميراث قسم في الجاهلية فهو على قسم الجاهلية، وكل ميراث أدركه الإسلام ولم يقسم، فهو على قسم الإسلام". قال مالك: معناه: في غير الكتابيين من مجوس وزنج وغيرهم. أما لو مات النصراني، ثم أسلم وارثه قبل أن يقسم ماله؛ فإنه يقسم بينهم على

قسم النصارى. قلت: أخرجه أبو داود عن ابن عباس، وصححه عبد الحق بسكوته عنه، وقال ابن القطان: سكت عنه وينبغي أن يكون حسنًا؛ لأن في سنده محمد بن مسلم الطائفي وهو مختلف فيه، وهو قد تولى ذكر ذلك إثر حديث ذكره عند يبين أحمد من رواية محمد المذكور عن بن عباس. قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من كان عنده شهادة فلا يقل لا أخبرها إلا عند الإمام؛ ولكن يجهر بها، لعله يرجع أو يرعوي" فأقل ما كان عليه ها أن يبين هذا الحديث من روايته. وسمع سحنون ابن القاسم في كتاب العتق: إن أسلم ولد المجوسي قبل قسم ماله، أو ولد النصراني؛ لم يقسم ماله إلا قسم الشرك؛ وإنما ذلك في المجوس أهل الذين ليسوا باهل ذمة، فإذا أسلم أولاد أولئك قبل أن يقسموا ميراثهم؛ قسم على قسم الإسلام، ثم قال: ألا ترى الحديث: "سنوا بهم سنة أهل الكتاب الذمة". ابن رشد: يقول إنما الحديث الذي جاء أيما دار قسمت في الجاهلية؛ فهي على قسم الجاهلية وأيما دار أدركها الإسلام قبل القسم؛ فهي على قسم الإسلام، فالمجوس الذين لا ذمة لهم هم الذين تقسم مواريثهم، وإن أسلموا قبل قسمتها على دينهم كاليهود والنصارى من أهل الذمة، وهو خلاف قوله في المدونة: أن الحديث إنما جاء في المجوس كانت لهم ذمة أو لم تكن، تقسم مواريثهم إذا أدركها الإسلام قبل القسم على قسم الإسلام. وروى أشهب عن مالك وهو قول ابن نافع وغيره من أهل المدينة: أن الحديث عام في المجوس، وأهل الكتاب كانت لهم ذمة أو لم تكن؛ تقسم مواريثهم إن أدركها الإسلام قبل القسم على قسم الإسلام قبل أن يسلموا كلهم، وإن أسلم بعضهم؛ قسم على قسم دينهم، ووقف مالك في رواية أشهب: إذا أسلم بعضهم، وقال: لا أدري.

وقيل: سواء أسلموا كلهم أو بعضهم يقسم بينهم على قسم الإسلام، وهو قول عمر بن عبد العزيز في المدونة؛ فيتحصل في المسألة ثلاثة أقوال تتفرع إلى ستة أقوال: قال ابن الحاجب كابن شاس: لا يرث ذو رق، ولا يورث، وماله لمن يملك الرق منه. قلت: هي عبارة الباجي كالأكثر. وقال الحوفي: من فيه بقية رق كان كالعبيد؛ لا يرثون، ولا يحجبون، ويورثون بالملك. وفي الولاء منها: من ولاث من عبده النصراني، ثمن خمرًا أو خنزير؛ فلا بأس به. قال ابن الحاجب: ومن الموانع استبهام التقدم أو التأخر. قلت: الأكثر على جعل الاستبهام من موانع الإرث. وقال القرافي: للإرث موجبات وموانع وشروط، فعد من الشروط، على تقدم موت الموروث على الوارث. قال ابن خروف: لو مات رجل وزوجته وثلاثة بنين له منها، وجهل موت السابق منهم، وترك الأب امرأة له أخرى، وتركت الزوجة ابنًا من غير زوجها الميت؛ فللزوجة الربع وما بقي للعصبة، أو الموالي أو لبيت المال، ومال الزوجة لابنها الحي، ومال البنين الثلاثة الهلكى: السدس منه لأخيهم لأمهم، والباقي للعصبة، أو المولى، أو لبيت المال. أبو النجا: موتهم جميعًا، أو مفترقين في بلدات مفترقة، وجهل أيهم مات قبل صاحبه سواء. مذهب زيد في ذلك هو قول مالك: تفسيره ثلاثة إخوة أشقاء ماتوا ولم يعلم أيهم مات قبل صاحبه، وتركوا أما وعصبة؛ فللأم الثلث من كل واحد منهم، وللعصبة ما بقي، فكأن كل واحد منهم مات ولم يترك غير أم عصبة. وفيها: لا يقسم ورثة المفقود ماله، حتى يأتي عليه من الزمان ما لا يحيا إلى مثله؛ فيقسم بين ورثته حينئذ لا يوم فقد، وإن مات له ولد؛ أوقف ميراثه منه إن أتى أخذه، وإن مات بالتعمير؛ رد ذلك إلى ورثة الابن يوم مات، ولا أورث الأب بالشك.

ولو فقد عبد فأعتقه سيده، وله ولد أحرار؛ لم يوقف له ميراث من مات من ولده الأحرار؛ لأنه على أصل منع الإرث بالرق حتى يصح عتقه. وأحسن ذلك: أن يدفع إلى ورثة الابن بحميل يعطونه. قلت: ووجه العمل في ذلك أن ترد فريضة لغو المفقود، وفريضة حضوره لعدد واحد إن لم تتداخلا، فإن تداخلتا اعتبرت كبراهما، ثم تقسم ما دارتا إليه، او كبراهما على الفريضتين، ويعطي الوارثون ومن سقط في إحداهما لم يعط شيئًا، ووقف ما فضل عن ما ذكر أعطاه. فإن تحققت حياة المفقود بعد موت الموروث عنه؛ أمضي قسم الفريضة حضوره، وإن تحقق موته قبل موت الموروث عنه أو موت بالتعمير؛ أمضي قسم لغوه، ودفع الموقوف لمستحقه في الفريضة الممضاة. قال أبو النجاء: لو ترك امرأة، وأبوين، وابنتين إحداهما مفقودة؛ ففريضة كون المفقودة وارثة من سبعة وعشرين، وأن لا تكن من أربعة وعشرين، اضرب ثلث إحداهما في الأخرى تكن مائتين وستة عشر، للمرأة الثمن؛ ثلاثة في ثمانية أربعة وعشرون، وللأبوين السدسان؛ ثمانية في ثمانية أربعة وستون، وللمفقودة كذلك، فإن كانت يوم مات أبوها وارثة؛ كانت لها، وإن علم أنها كانت يومئذ ميتة؛ دفع إلى المرأة تمام الثمن بلا عون ثلاثة أسهم، وإلى الأم تمام السدس أربعة، وإلى البنت الحاضرة تمام نصف جميع المال أربعة وأربعون، وإلى الأب ثلاثة عشر أربعة منها تمام السدس بلا عول، وتسعة تفضل بعد فرض ذوي السهام. وسمع أشهب في رسم العتق من كتاب العتق: من ترك امرأة حاملًا، وأولاد؛ وقف ميراثه، ولم يقسم حتى تضع قيل له: قال الورثة: يجعل الحمل ذكرًا ونعزل ميراثه، قال: ليس لهم ذلك. قلت: قال اللخمي في آخر ترجمته: من أوصى بعتق عبد وله مال غائب: اختلف فيمن مات عن زوجة حامل ولا ولد لها، هل تعطى الآن الثمن؟ فإن أسقطته، أو ولدته ميتًا؛ أتم لها الربع، أو لا تعطى الآن شيئًا، حتى تضع، وقيل: إن كانت حاملًا ولها ولد؛

قيل: لا تعطى، تعطي الثمن والولد نصف الباقي؛ لإمكان أن يكون ذكرًا. وقيل: تثبت؛ لإمكان أن يكون الحمل غلامين وقيل: الربع؛ لإمكان أن يكون الحمل ثلاثة، وقيل: الخمس؛ لإمكان أن يكون أربعة، وأرى أن تعطي الزوجة الآن الثمن كان لها ولدًا ولا أن يعطي الولد إن كان له نصف الباقي؛ لأن الغالب من الحمل واحد، وغيره نادر ولا يراعى النادر. فقال ابن شعبان في أول فرائض كتاب الزاهي: ومن هلك عن زوج حامل؛ لم تنفذ وصاياه، ولا تأخذ زوجته أدنى سهمها حتى تضع. وقال أشهب: تتعجل أدنى السهمين وهو الذي لا شك فيه، وقيل: يوقف من ميراثه تراث أربعة ذكور وحجة قائله: أن أكثر ما تلد المرأة أربعة، وقد ولدت أم ولد إسماعيل أربعة ذكور محمد وعمر وعلي وإسماعيل بلغ محمد وعمر وعلي الثمانين. قلت: قال المزي في الطبقة الخامسة من كتابه المسمى بتهذيب الكمال في أسماء رجال الكتب الستة: محمد بن إسماعيل راشد الكوفي روى عن أنس وسعيد بن يحيى وعدة عنه يحيى القطان وطائفة ثقة، خرج عنه مسلم وأبو داود والنسائي قال شريك: رأيت بني أم إسماعيل أربعة ولدوا في بطن واحد وعاشوا. قلت: سمعت من غير واحد ممن يوثق بهم، ان بني العشرة الذي بنى والدهم مدينة سلا بأرض المغرب، كان سببب بنائه إياها أنه ولد له عشرة ذكور من حمل واحد من امرأة له؛ فجعلهم في مائدة ورفعهم إلى أمير المؤمنين يعقوب المنصور، فأعطى كل واحد منهم ألف دينار ذهبًا، وأقطع أباهم أرضًا بوادي سلا فبنى بها مدينة تعرف الان بني العشرة. وأبو يعقوب المنصور: مدينة تسامتها الوادي يفصل بينهما ثم رأيت في هذا الوقت رجلًا يعرف ببني العشرة فسألته عن نسبه وسببه فذكر لي ما ذكرته. وسمع أشهب: قيل: من مات زوجها، ولم تعلم أنها حامل أيؤخر الميراث حتى تستبرئ بحيضه؟ قال: ما سمعت بهذا إن كانت حاملًا أخر قسمه حتى تضع، قيل: قد أبطأت حيضتها، قال: لا تؤخر حتى تستبرئ لكن حتى ينظر في أمرها.

ابن رشد: قال أصبغ: إن قسموا قبل وضعها؛ فسخ قسمهم ووقف جميع المال، فإن هلك سهم الورثة في أيديهم؛ قبل فسخه، والولد أعطي حظه ومضى الضمان عليهم. وغن تلف سهم المولود أعطي سهمه مما في أيديهم، ولو تلف معه سهامهم بأيديهم رجع عليهم بحظه مما تلف بأيديهم؛ لتعديهم بأخذه لا بحظه من الجميع؛ لأنهم فعلوا في حظه ما يجب من وقفه. قلت: الواجب وقفه غير متميز بقسم، وقسمهم له تعدو وهو قبل وقفه وقال: وكذا لو لم يكن ولد، وقالت الزوجة: عجلوا إلى الثمن، قال مالك في المبسوط: فإن عجلوه لها، ثم تلف المال، أو نقص لم يرجعوا عليها بشيء. قال ابن القاسم مفسرا لقول مالك: أما من قاسمها فلا يرجع عليها بشيء، ويرجع الحمل على من كان من الورثة مليًا؛ فيقاسمهم ما بأيديهم ويتبع هو وهم المعدمين، قيل: ما الفرق بين هذا وبين طرو ولد على الورثة بعد قسمهم، فإنه لا يرجع على الأملياء دون المعدمين؛ بل عليهم. قال: لأن الذي قسموا قبل الوضع تعدوا، والذين طرأ عليهم ولد لم يكونوا عالمين. ابن القاسم: ولو أعتق أحد الورثة رأسًا من التركة قبل الوضع، قوم عليه وعتق كله. ومعناه: إن لم يكن الحمل فيحجبه، واختلف إن كانت وصايا، فسمع ابن القاسم في كتاب الوصايا: تؤخر حتى تضع الحمل، ورواه ابن أبي أويس. وقال ابن مسلمة: لأن ما يهلك أو يزيد هو من رأس المال، فيكون الموصى له استوفى وصيته على غير ما يرث الورثة، وروى ابن نافع في المبسوطة: تنفذ الوصايا ويؤخر قسم الورثة حتى تضع، وقاله أشهب في بعض الروايات. العتبية في رسم البز المذكور: وأما الدين فيؤدى من تركته، ولا يؤخر لوضع الحمل، لا أعرف فيه خلافًا، إلا ما ذكر فيه لبعض الشيوخ من الغلط الذي لا يعد

في الخلاف. قال الباجي: شهدت ابن أيمن حكم في ميت مات وترك امرأة حاملًا أنه لا يقسم ميراثه، ولا يؤدي دينه حتى تضع الحمل، فأنكرت ذلك عليه، فقال: هذا مذهبنا ولم يأت بحجة. والصحيح تعجيله ولا يدخله الخلاف من الوصايا؛ لأنه العلة في تأخير الوصايا هو أن التركة قد تتلف في حال الوقف قبل وضع الحمل، فيجب رجوع الورثة على الموصى لهم بثلثي ما قبضوه ولعلهم معدمون، وهذا في الدين منتف وتعجيله مخافة أن يتلف المال فيبطل حق صاحبه من غير نفع الورثة. فقف على هذه المسائل الثلاث: الدين يؤدى ولا يؤخر لوضع الحمل، والتركة يؤخر قسمها لوضعه اتفاق فيهما، والوصايا مختلف فيها. قلت: في تغليظه ابن أيمن، وقوله: لا حجة له نظر؛ بل هو الأظهر وبه العمل عندنا، ودليله من وجهين: الأول: أن الدين لا يجوز قضاؤه إلا بحكم قاض، وحكمه متوقف على ثبوت موت المدين، وعدد ورثته ولا يتقرر عدد ورثته إلا بوضع الحمل؛ فالحكم متوقف عليه، وقضاء الدين متوقف على الحكم، والمتوقف على متوقف على أمر متوقف على ذلك. الأمر الثاني: أن حكم الحاكم بالدين متوقف على الإعذار لكل الورثة، والحمل من جملتهم، ولا يتعين الإعذار في حقه إلا بوصي عليه، أو مقدم، وكلاهما يستحيل قبل وضعه، فتأمله. قال: فمن مات وترك امرأة؛ وجب أن لا يعجل الميراث حتى تسأل، فإن قالت: أنا حامل؛ وقفت التركة حتى تضع، أو يظهر أنه لا حمل بها بانقضاء عدة الوفاة، وليس بها حمل ظاهر، وإن قالت: ليست بحامل؛ قبل قولها وقسمت التركة، وإن قالت لا أدري؛ أخر الميراث حتى يتبين أنها غير حامل بأن تحيض حيضة، أو يمضى أمد العدة،

ولا ريبة بها، وهذا معنى قوله في الرواية. قلت: ظاهره أنه لا يشترط في عدة الوفاة في ذات الحيض حيضتها في العدة. وقد تقدم ما فيه من الخلاف، وفي بعض التعاليق أن القاضي ابن زرب بعث إليه القاضي ابن السليم بعصبة ميت وزوجة له ادعت أنها حامل وأكذبها العصبة. قال ابن زرب: فقلت لها: اتق الله ولا تدعي الحمل وليس بك حمل ربما كانت علة بالجوف، تسميها الأطباء الرحا تظن المرأة أنها حامل ولا حمل بها، فقالت: إني حامل، وما أرسلنا إليك ابن السليم إلا على أنك فقيه لا على أنك طبيب، فتبسمت ضاحكًا وتعجبت من حدتها، وتمادت على ادعاء الحمل إلى أن توفي القاضي ابن السليم ووليت القضاء بعده، تحاكموا عندي فأمرت أن ينظرها القوابل، فنظرنها فقلن: لا حمل بها فقضيت بقسم الميراث، قيل له: ويجوز أن ينظر إلى حرة؟ قال: نعم إذا بان للرد. قال مؤلفه: هذا آخر ما يسر لي من قصد تتميم نقل ابن الحاجب وابن شاس وتحقيق نقلهما، وكلام بعض شراح ابن الحاجب وعزو ما أغفل عزوه من ذلك جعل الله ذلك خالصًا لوجهه الكريم، وكان إكماله في ضحى يوم الخميس السادس لشهر رجب الفرد عام ستة وثمانين وسبعمائة. الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.

§1/1