المحمدون من الشعراء

القفطي، جمال الدين

حرف الألف

بسم الله الرحمن الرحيم رَبِّ يَسِّرْ وتَمِّمْ، يا كريم حرف الألف 1 - محمد بن أحمد الرَّقي من ولد عبيد الله ابن قيس الرُّقيات، شاعر من شعراء ديار مضر، ومات بعد الثمانين والمائتين، وكان قطعت عليه الأعراب الطريق بحرّان ونواحيها، فدخل على أبي الأغرّ بالرَّبَذَة وقال: كامل

2 - محمد بن أحمد بن سليمان العمراوي

أنا شاكرٌ، أنا ذاكرٌ، أنا حامدٌ ... أنا جائعٌ، أنا راجلٌ، أنا عارِي هي ستّةٌ وأنا الضمين لنصفها ... فكُن الضمين لِنصفها بعيارِ إحْمِلْ وأطعِمْ واكْسُ، ثم لك الوفا ... عند اختيار محاسن الأخيار فالعارُ في مدحي لغيرك فاكفني ... بالجود منك تعرُّضي للعارِ وله أيضاً: طويل أبا الفضل دعْنا من مناقب هاشم ... وما شاده في السالف المتقادمِ أرى ألف بانٍ لا يقومُ لهادِم ... فكيف ببان خلف ألفُ هادمِ؟ 2 - محمد بن أحمد بن سليمان العمراوي أبو عمرو الراوية، وهو القائل لعبيد الله بن يحيى بن خاقان،

3 - محمد بن أحمد المعروف بابن الحاجب

رواهما له محمد بن داود بن الجرّاح، وغيره يرويهما، للزبير بن بكّار وهي: كامل ما أنت بالسبب الضعيف وإنما ... نُجح الأمور بقوّة الأسبابِ فاليوم حاجتُنا إليك، وإنما ... يُدعى الطبيبُ لساعة الأوصابِ 3 - محمد بن أحمد المعروف بابن الحاجب أديب، شاعر، وكان صديقاً لابن الروميّ وخِدْناً له، واتفّق أن دعا ابن الرومي وأصدقاءه في يوم وعدهم إياه وعينه، فحضر ابن الرومي والجماعة في ذلك اليوم، فلم يجدوا ابن الحاجب في منزله، فرجعوا، وقال ابن الرومي قصيدة يعاتبه فيها، أوّلها: سريع نجّاك يا ابنَ الحاجب الحاجبُ ... وليس ينجو منّي الهاربُ فلما مات ابن الرومي، أظهر ابن الحاجب قصيدة ذكر أنه أجاب بها ابن الرومي، أوّلها: سريع يا صاحباً أعضلَ في كيْده ... لَسْتَ خبيراً أيها الصاحبُ فهمتُ أبياتك تلك التي ... أَثقب فيها كيدُك الثاقبُ بيت وبيت عقرب تُتَّقى ... وأَرْيُ نَحلٍ في اللُّها ذائبُ جرحتني فيها وداويتني ... فأنت أنت الصادع الشاعبُ

4 - محمد بن أحمد، أبو عبد الله اليشكري

4 - محمد بن أحمد، أبو عبد الله اليَشْكُريّ قال يمدح عبد الله بن محمد بن نوح، صاحب خراسان لما أوقع بالديلم: كامل قَرَّتْ بِفَتْحِكَ أَعْيُنُ الأمصار ... فنسيمُه كالمسكِ في الأقطارِ وتأزّر الإسلامُ منه شُقَّةً ... شقَّت شِقاقَ الكُفر في الكُفَّارِ لما نزلتَ على الدَّيَالمِ أيْقَنَتْ ... أعمارُها بتقاصر الأعمارِ وتجرّعوا لي أكوساً من وقعةِ ... ممزوجة من لَذْعِها ببَوارِ لمّا ألاحَ بسيفه نادى الهُدَى ... عنه بصوت النافع الضَّرارِ ألحَقُّ أبْلَجُ، والسيوف عوارِي ... فحذارِ من أُسْد العرينِ حذارِ ملك يجلّ عن الشبيه وإنّه ... لهو الفَرِيْد الفذُّ في الأحرارِ 5 - محمد بن أحمد الكناني العَسْقَلاني أبو نصر شاعر مذكور في وقته وقطره، وهو القائل: بسيط تركتْني رحمةً أبكي، ويُبْكَى لي ... تُراك أَفكرتَ يومَ البين في حالِي؟

6 - محمد بن أحمد الإفريقي أبو الحسن المتيم

أذاب فقدُك أوصالي فلو خرجتْ ... نفسي لما علمتْ أوصالي قد جاءَ بعدَك عُذّالي فما برحوا ... حتّى بكى لي مع الباكين عُذّالي وله: خفيف كلُّ شيءٍ يبلَى، وحبُّك باقي ... علم اللهُ عِلْمَ ما أنا لاقِي كنتُ يوم الفراق جَلْداً وإلاَّ ... فلماذا بقيت يوم الفراقِ؟ ليت أنّى وقت العناق أتاني ... أجَلٌ ضمَّني بِضَمّ العناقِ ليس موتُ العُشّاق أمراً بديعاً ... كم مَضَى هكذا من العُشّاقِ 6 - محمد بن أحمد الإفريقي أبو الحسن المُتَيَّم صاحب كتاب " أشعار الندماء "، وكتاب " الانتصار للمتنبي "، شاعر مكثر، وله ديوان شعر كبير، وكان مقيماً ببخارى، وصورته شيخٌ رثّ الهيئة، تلوح عليه سيما الحرفة، وكان يتطيب ويتنجّم

ويرتزق بالشعر، فمن شعره قوله: بسيط وفتية أدباءٍ ما علمتهُم ... شبّهتهم بنجوم الليل إذ نجمُوا فرُّوا إلى الرَّاحِ من خَطْبٍ يلمُّ بهم ... فما درت نُوَب الأيَّام أين همُ وله: طويل تلومُ على ترك الصلاة حَليلتي ... فقلتُ: اغْرُبي عن ناظري أنتِ طالقُ فواللهِ لا صلّيْتُ للهِ مفلساً ... يصلّي له الشيخُ الجليلُ وَفائقُ وتاشٌ وبَكْتاش وكنتاش بَعدَه ... ونصر بن مَلْك، والشيوخ البطارقُ وصاحب جيش المشرقَين الذي له ... سراديبُ مالٍ حَثْوها لي شائقُ ولا عَجَبٌ إنْ كان نوحُ مصلّياً ... لأنَّ له قَسْرا تدين المشارِقُ لماذا أُصلّي أين مالي ومنزلي؟ ... وأين خُيولي والحُلى والمناطِقُ

وأين عَبيدي كالبدور وُجُوههم؟ ... وأي جَوَارِيّ الحِسَانُ العواتقُ؟ أُصلِّي ولا فِترُ من الأرض يَحْتوي ... عليهِ يميني؟ إنني لَمُنافِقُ تركتُ صلاتي للذين ذكرتهم ... فمن عاب فعلي فهو أحمق مائقُ بَلى، إنْ عليَّ وسَّعَ الله لم أزلْ ... أُصلي له ما لاح في الجوِّ بارقُ وإنَّ صلاة السَّيِّئِ الحَالِ كلّها ... مَخارقٌ ليستْ تَحتَحُنَّ حَقائقُ وله: مجزوء الرمل وصديق جاءني يسْ ... ألُني مَاذا لديكْ؟ قلتُ: عندي بَحر خمر ... حَولهُ آجام نيك ومن ملحه في غلام تركي: سريع قلبي أسيرٌ في يديْ مقلة ... تُرْكيّة ضاق بها صدري كأنها مصن ضيقها عُروة ... ليس لها زرٌ سوى السِّحْرِ وله: منسرح قد أكثر الناس في الصفاتِ وقد ... قالوا جميعاً في الأعيُنِ النُّجلِ وعَيْن مولايَ مثل موعدِه ... ضيِّقةً عن مَرَاوِد الكُحلِ

7 - محمد بن أحمد بن العلوي الأصبهاني المعروف بابن طباطبا

7 - محمد بن أحمد بن العلوي الأصبهاني المعروف بابن طَبَاطَبَا شيخ من شيوخ الأدب، وله كتب ألّفها في الآداب والأشعار، وكان نزيل أَصبهان، وعاش بعد الثلاثمائة بكثير، وأكثر شعره في الغزل والآداب، وهو القائل: خفيف لا وأُنسي وفرحتي بكتابٍ ... أنا منه في حُسن أضحى وفِطْر ما دَجَا ليلُ وحشتي قطّ إلاّ ... كنتَ لي فيه طالعاً مِثل بَدْرِ بحديثٍ أهيمُ لِلأنس شوقاً ... ولِئامٍ يَكُفُّ لوعةَ صَدري وله يصف القلم: كامل وله حسامٌ باترٌ في كفِّهِ ... يمضي لنقضِ الأمر أو توكيدِهِ ومترجِم عما يُجنُّ ضميرهُ ... يجري بحِكمتِه لدى تسويدِهِ قلَمٌ يدورُ بكفِّه فكأنه ... فَلَكٌ يدورُ بنحسِه وسُعودِهِ 8 - محمد بن أحمد المعصومي أديب، فقيه، شاعر، يقول في خُوَارَزْم شاه مأمون بن

9 - محمد بن أحمد الوراق الجرجاني، أبو الحسن

مأمون: كامل يا أيُّها المَلِكُ الذي انْقَادَتْ لَهُ ... جَمَحَاتُ هذا الدَّهْرِ بعد شِمَاسِ لك هِمَّةٌ في المجدِ مَأمُونِيّةٌ ... أَعْيَتْ سَمِيَّكَ من بَني العَبَّاسِ ذُو راحَةٍ حَكَمَتْ لحاتِم طيٍّء ... ولخالِدٍ في الجُود بالإفْلاسِ لم يُلْهِهِ عَن ضَبْطِ حَوْزَةِ مُلْكِهِ ... سُكْرُ الشبابِ ولا حُمَيَّا الكاسِ وَلْيَهْنِكَ المُلْكُ الذي أُلْبِسْتَهُ ... يا خَيْرَ لَبَّاسٍ لِخَيْرِ لِبَاسِ فاللهُ لم يَبْعَثْكَ إلاّ رَحْمَةً ... مَبْسُوطةً لِلنّاس بعد النّاسِ وله فيه: متقارب لهُ مَخَّضَ الفَلَكُ المستَديرُ ... فكان هو الزُّبْدُ إذ مُخِّضا هو المَلِكُ الأوحَدُ المُرْتضى ... ومَنْ مِنْ سَنا نُورِهِ يُستَضا فلا زلت تُعنى بتصْحيحِ ما ... منَ المُلْكِ غيرَكَ قد أمْرَضا ولا زلتَ ناصرَ دين الإله ... وسيْفاً على خَصمِهِ مُنتَقى 9 - محمد بن أحمد الورَّاق الجرجاني، أبو الحسن كان يتشيّع، وله أشعار يمدح بهل الطالبيين، وهو القائل لليلى بن نعمان الديلمي، الخارج بنيسابور في سنة ثمان وثلاثمائة، فقتله أصحابُ نصر

ابن أحمد، وأنفذوا رأسه إلى الحفرة، قال المرزباني: " ورأيته في سنة تسع وثلاثمائة "، له قصيدة أوّلها طويل: أَلا خَلِّ عينيك اللَّجوجَين تَدمَعا ... لِمُؤْلِم خَطْبٍ، قد ألمَّ فأوجعا وليس عجيباً أن يدومَ بُكاهُما ... وأن يَمتري وجْدَيهما الوجدُ أجمعا فقال فيهما: ولمّا نعاه الناعيات تبادرتْ ... عليه عيونُ الطالبيين هُمَّعا لقد غال منه الدهرُ ليثَ حفيظة ... وغيثاً إذا ما أَكْدَت الأرض مُمْرِعا بكته سيوفُ الهند لما فقدنَه ... وأضحت جياد الخيل حَسرى وظُلعا وكان قديما يُرتِع البيضَ في الطُّلى ... فأصبح للبيض المباتِير مَرْتعا وما زال فرَّاجاً لكل عَظيمةٍ ... يَظَلُّ لها قلبُ الكَمِيِّ مُرَوَّعَا فلمْ يُرَ إلا في المَعَالي مُشَمِّراً ... ولم يُلْفَ إلا في المَكارِمِ مَوضِعَا أُصِيبَ به آل الرَّسول فأصبحُوا ... خضوعاً وأمسى شعبُهُم مُتصدِّعاً

10 - محمد بن أحمد الحفصوي الإمام

لقد عاش محموداً كريماً فعَالُه ... ومات شهيداً يومَ وَلّى فَوَدَّعَا وقد ثَلَم الدّهُر العلاءَ بموته ... وأَوهَنَ رُكْنَ المجدِ حتى تضعضَعا فلا حَمَلتْ من بَعْد ليلى عقيلةٌ ... ولا أَرْضَعَتْ أُمٌّ بِذا الدهر مُرضَعا 10 - محمد بن أحمد الحفصوي الإمام شاعر خراساتي، ذكره صاحب " الوشاح " وأنشد له قوله يهجو: رجز تَرْخُسُ؟ عن حَلْي المعالي، عُطْلُ ... وعن سِمَات المَكْرُمَاتِ غُفْلُ لم يَبْقَ فيها اليومَ إلاّ ثُفْلُ ... قاضٍ خبيثٌ، ورئيسٌ عَبْلٌ وله في شرف الدين أبي طاهر: طويل سلامٌ على صدر الوَزارة طاهر ... أبي طاهر شمس العُلى والمآثر على مُشتري يُمْنٍ وزُهرَةَ شِيْمَةٍ ... وكَيْوان مقدارٍ وبهرام خاطرِ مبارك آثارٍ، ومحمود خِبرةٍ ... ومَسْعود إنجاح، ومَيْمون طائرِ

11 - محمد بن أحمد الكاتب البصري، أبو عبد الله

11 - محمد بن أحمد الكاتب البصري، أبو عبد الله المنبوز بالمُفَجَّعِ ولُقّب بذلك ببيت قاله وهو شاعر مكثر، عالم، أديب، صاحب كتاب " الترجمان " و " المنقذ " وغيرهما. وتوفي قبل الثلاثين والثلاثمائة، وهو القائل في أبي الحسن محمد بن عبد الوهّاب الزَّينَبي الهاشمي يمدحه كامل: للزَّينَبيِّ على جلالة قدره ... خُلُقٌ كقَطْرِ الماء غيرُ مُزنّدِ وشهامةٌ تُقْصِي اللُّيُوثَ إذ سَطا ... ونَدىً يُغَرِّقُ كلَّ بحرٍ مُزْبِدِ يحتلُّ بيتاً في ذُؤابةِ هاشمٍ ... طالتْ دعائِمُهُ محلَّ الفَرْقَدِ حُرٌّ يَروحُ المستميحُ ويغْتدي ... بمواهِبٍ منه تروح وتغتدي وإذا تحيَّفَ مالَهُ إعْطاؤهُ ... في يومه نهك البقِيَّةَ في غَدِ

بضِياءِ سُنَّتِهِ المكارِمُ تهْتدِي ... وبجودِ راحتِهِ السَّحائِبُ تقتدي مِقدارُ ما بيني وما بينَ الغِنى ... مِقدارُ ما بيني وبين المِرْبَدِ وكان صاحب ابن دُريْد القائم مقامه بالبصرة قي التأليف والإملاء، وفيه قيل: مجزوء الكامل إنَّ المُفَجَّعَ وَيْلهُشَرُّ الأوائِلِ والأواخِرْ ومن النَّوادرِ أنَّهُ ... يُمْلِي على الناس النَّوادرْ وشعره قليل جداً، وديوانه كثير الحلاوة، ويكاد يقطر منه ماء الظّرْفِ، حكى أبو بكر الخوارزمي قال: قال لي اللحام: أنشدني المفجّع لنفه: خفيف لِيَ أَيْرٌ أَراحَني الله منه ... صارَ هَمّي به عَريضاً طَويلا نام لمَّا رأى الحبيب عَياناً ... ولعهدى به ينيك الرَّسولا حُسِبَتْ زَوْرةٌ عليَّ لِحَيْني ... وافترقنا وما شَفَيْتُ غليلا وللمفجَّع في غلام له اسمه أبو سَعْد: خفيف زفراتٌ تَعْتادُني عند ذِكْرَا ... ك وذكراك ما تريمُ فؤادي وسروري قد غاب عني مذ غِبْ ... تَ فهل كنتما على ميعادِ؟

حاربتني الأيامُ فيكَ أبا سَعْ ... دٍ بسيف الهَوى وَسهْمِ البِعادِ ليس لي مَفزَعٌ سوى عَبراتٍ ... من جفونٍ مكحولةٍ بالسُّهادِ في سهادي لِطول أُنسي بذكرا ... كَ اعتياضٌ من الكَرى والرُّقادِ وبحسْبي من المصائب أني ... في بلادٍ وأنتمُ في بلاد! وله: هزج أَلا يا جامع البَصْر ... ة لا خرَّبَك الله وأسقى صحنَك الغَيْثُ ... من المُزْنِ فَروَّاهُ فكم من عاشقٍ فيك ... يرى ما يتمناه وكم ظبيٍ من الإنس ... مَليحٍ فيك مرْعاهُ نصبنا الفخَّ بالعِلم ... له فيك فَصِدْناه بقرآنٍ قرأناهُ ... وتفسير رويْنَاهُ وكم من طالبٍ للشِّع ... رِ بالشعر طلَبْناه فما زالتْ يَدُ الأيَّا ... م حتى لان مَتناهُ وحتى ثُبِّت السَّرْجُ ... عليه فركِبْناهُ أَلا يا طالِب الأمْر ... د كَذِّبْ ما ذكرناهُ فلا يُغْرُرْكَ ما قلنا ... فما بالجِدِّ قلناهُ ولو كان من البُغْض ... يزنِّي حين تلْقاهُ فزُجَّ الدِّرهم الضَّرْب ... إليه يتلاقاه فبالدِّرهم يُستنز ... لُ ما في الجوّ مأواه وبالدرهم يُستخر ... جُ ما في القفر مَثواهُ

وله في غلام مُغَنِّ جُدِّرَ فازداد حُسناً: سريع يا قَمَراً جُدِّر حين استوى ... فزادَهُ حُسناً وزادت همُومْ كأنّما غنّىَ لِشمسِ الضُّحى ... فَنَقَّطَتْهُ طَرَباً بالنُّجُومِ ومن هجوه: سريع فَسَا على قَوْمٍ فقالوا لهُ: ... إن لم تَقُمْ من بَيْننِا قُمنا وقال: لا عُدْتُ! فقالوا له: ... من نَتْنِ فيهِ: ذاك ما كُنّا وله: وافر أداروها ولِلَّيْل اعْتِكارُ ... فخِلْتُ اللّيلَ فاجأهُ النّهارُ فقلتُ لصاحبي والليلُ داجٍ: ... ألاحَ الصُّبح أم بدت العُقَارُ؟ فقال: هي العُقَار تدَاولوهَا ... مُشَعْشَةً يطير لها شرارُ فلولا أنّني أمتاحُ منها ... حلَفْتُ بأنها في الكأس نارُ وذكره أبو محمد عبد الله بن أبي القاسم عبد المجيد بنُ بُشْران بن إبراهيم بن العباس بن محمد بن العباس بن محمد بن جعفر الأهوازي في تاريخه فقال: ففيها - يعني سنة سبع وعشرين وثلاثمائة - توفي أبو عبد الله كل محمد أبن أحمد بن عبد الله المفجّع الكاتب الشاعر، وكان شاعر البصرة وأديبها، وكان يجلس في الجامع بالبصرة، فيُكتَب عنه ويُقرَأ عليه الشعر واللغة والمصنفات، وامتنع من الجلوس مدة لسبب لحِقَهُ من بعض من حضره، فخُوطب في ذلك فقال: " لو استطعت أن أُنسيهم أسماءهم لفعلت " وشعره

مشهور، فمنه وقد دامت الأمطار وقطعت عن الحركة، قوله: مجزوء بسيط: يا خالق الخلق أَجمعينا ... وواهب المال والبنينا ورافعَ السَّبْعِ فوق سَبْع ... لم تستعن فيهما مُعينا ومن إذا قال: كُنْ لشيءٍ ... لم تقع النون أو يكونا لا تسقِنا العام صوب غيثٍ ... أكثر من ذا فقد رَوينا وله في يخاطب أبا عبد الله البريديَّ، وقد أعاد عليه ذكر سبب مجزوء الخفيف. قُل لِمن كان قد عفا ... عن ذنوب المُفَجَّعِ لا تُعِدْ ذِكْر ما مضَى ... مَن عَفا لم في يُقَرِّعِ وله وقد سأال بعض أصدقائه إيصال رُقعةٍ وشعر له بتهنئة في مهرجان إلى بعضهم، فقصَّر حتى مضى المهرجان: كامل. إن الكتاب وإِن تضمَّنَ طيُّه ... كنْهَ الفصَاحة كالفصيح الأخرس وإذا أعانته عناية حاملٍ ... فجوابه يأتي بنجح منفس وإذا الرسول ونى وقصَّر عامداً ... كان الكتاب صحيفة المتلمِّس قد مات يوم المِهرجان فذكره ... في الشعر أبرد من سخاء المفلِس فسئل عن سخاء المفلس فقال: يعِد في إِفلاسه بما لا يفي به عند إمكانه، قال وأنشدني أبو عبد الله الاذوائي قال: دخل يوماً إلى القاضي

أبي القاسم علي بن محمد التَّنُوخي، فوجده يقرأ " معاني الشعر " على العُبَيسي فقال: رجز. قد قُدِّم العُجْب على الرُّويْس ... وشارف الوهْدُ أبا قُبَيْس وطاول البَقْل فروع الميس ... وهَبَّت العنز لقرع التيس وادَّعت الرُّوم أباً في قيس ... واختلط الناس اختلاط الحيس إذْ قرأ القاضي حَليف الكيْس ... " معاني الشعر " على العُبيسي وألقى ذلك إلى التنوخيِّ وانصرف، قال: وكان أبو عبد الله الاكفاني راويته، وكتب لي من مليح شعره شيئاً كثيراً، قال: ومدح أبا القاسم التنوخي فرأى منه جفاءً فكتب إليه: منسرح لو أعْرض الناس كلُّهم وأبوْا ... لم ينقُصوا رزقي الذي قُسما كان ودادٌ فزالَ وانصرما ... وكان عهد فبان وانهدما وقد صحِبنا في عصرنا أُمماً ... وقد فقدنا من قبلهم أمما فما هلكنا هزلا ولا ساخت ال ... أَرض ولم تقطر السماء دما في الله من كل هالكٍ خلفٌ ... لا يرهب الدهر من به اعتصما حرٌّ ظنَّنا به الجميل فما ... حقَّق ظنَّاً ولا رعى الذمما فكان ماذا؟ ما كلُّ معتمد ... عليه يرْعى الوفاء والكرما غلطت، والناس يغلطون وهل ... تعرف خلقاً من غلطة سلما؟ من ذا يخطي السَّداد فيه فلم ... يعرف بذنب ولم يزل قَدَما! شلَّت يدي لِمْ جلست عن تفهٍ ... أكتُب شجوي وأمتطي القَلَما؟ يا ليتني قَبْلَها خرست فلَمْ ... أُعمِل لساناً ولا فتحت فَما

يا زلَّةً ما أُقِلْت عَثْرتَهَا ... أَبْقَتْ على القلْب والحَشا أَلَمَا يا ربّ يا رب لا أَعودُ لَهَا ... إن عدت فاشعر مسامعي صَمَمَا مَنْ راعَهُ بالهَوان صاحبُهُ ... فعاد فيه فَنَفَسه ظلَما وله مجزوء البسيط أَظْهرْتُ للرِّئم بعض وجدي ... وإنما الكوت ما سَترْتُهْ وقلتُ: حُبِّيك قد براني ... فقال: دعه بذا أَمرْتُهْ وله قصيدته " ذات الأشباه " وسميت بذات الأشباه لقصده فما ذكره فيها من الخبر الذي رواه عبد الرزاق عن معمر عن الزُّهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله (وهو في محفل من أصحابه: " إن أحببتم أن تنظروا إلى آدم في عِلْمِه، ونوح في فهمه، وإبراهيم في خُلُقه، وموسى في مناجاته، وعيسى في سِنِّه، ومحمد في هَدْ يه وحِلْمه، فانظروا إلى هذا المُقبِل "، فتطاول الناس، فإذا هو علي بن أبي طالب عليه السلام، فأورد المفجع ذلك في قصيدته، وفيها مناقب كثيرة، وأوّلها: خفيف أيها اللائمي لحُبي علِياً ... قُم ذميماً إلى الجحيم خزياَّ أبخير الأنام عرَّضْت لا زلْ ... ت مذوداً عن الهُدى مَزْويَّا أشبه الأنبياء كهْلاً وزوْلاً ... وفطيماً وراضِعاً وغذيَّا كان في عِلمِه كآدم إذ عُ ... لِّم شرْح الأسماء والمكْنِيَّا وكنوحٍ نجّى من الهُلْك مَنْ سَيّ ... رَ في الفُلْك إذ عَلا الجوديَّا

وجفا في رضا الإله أباهُ ... واجتواه وعدَّه أجنبيَّا كاعْتزال الخليل آزر في ال ... له وهجرانه أباه مَلِيَّا ودعا قومَه فآمن لوطٌ ... أقربُ الناس منه رحْماً وريَّا وعَليّ لمَّا دعاهُ أخُوه ... سَبق الحاضرين والبدويَّا وله من أبيه ذي الأيد إسما ... عيل شِبْهٌ ما كان عنّي خفيَّا إنه عاون الخليل على الكع ... بة إذْ شاد ركنها المبنيَّا ولقد عاون الوصيُّ حبيب ال ... له إذ يغسلان منها الصفيَّا رام حمل النبي كي يقلع الأص ... نام من سطحها المثول الحُبيَّا فحناه ثقل النبوة حتى ... كاد ينآد تحته مثنيَّا فارتقى منكِب النبي عليٌّ ... صِنْوُه ما أجلَّ ذا المرتقيَّا فأماط الأوثان عن ظاهر الكع ... بة ينفي الأرجاس عنها نفيَّا ولو أن الوصيَّ حاول مسَّ الن ... جْم بالكفِّ لم يجدْه قصيَّا أفهل تعرفون غير عليٍّ ... ابنه استرحل النبي مطِيَّا؟ ومن مُلِح المفجع المشهورة قوله لإنسان أهدى إليه طبقاً فيه قصب السكر والأترنج والنارنج، قال الثعالبي: وأراه أبا سعدٍ غلامه: مجزوء الرمل إنَّ شيطانك في الظَّرْ ... فِ لشيطانٌ مريد فلِهاذا أنت فيه ... تبتدي ثم تعيد

قد أتتنا تحفة مِن ... ك على الحسن تزيد طبقٌ فيه قدودٌ ... وخُدودٌ ونُهود وقوله: خفيف سيّدي أنت إن عبدك أمسى ... خافقاً قلبه خفوق الجناح فاغتنم غفل الرّقيب وزُرْه ... في رداء من الدُّجى ووشاح وشعر أبي عبد الله المفجع حسن، وكان يوماً بالأهواز جالساً مع جماعة، فاجتاز به غلام لموسى بن الطيب نديم أبي عبد الله البريدي يقال له طريف وهو أمردٌ مليح، فسأل المفجع عنه، فقيل له: هذا غلام نديم البريدي، فقال: المنسرح اجتاز بي اليوم في الطريق فتى ... يختال في مورق من البان فقلت: من ذا؟ فقال لي خبِرٌ ... بالأمر: هذا غلام صفعان ولأبي عبد الله في جماعة من أهل الأهواز مدائح كثيرة، وأهاج وله قصيدة في أبي عبد الله بن درستويه يرثيه وهو حي ويلقبه بدهن الآجر، قال: وكان أبو عبد الله المفجع يكثر عند والدي رحمه الله ويطيل المقام عنده، وكنت أراه عنده وأنا صبي بالأهواز، وله إليه مراسلات، وله فيه مدائح كثيرة كنت جمعتها فضاعت أيام دخول

12 - محمد بن أحمد الجرور

شبرج ابن أبي ليلى الأهواز، ونُهبت دور الناس بها، وكان فيها قصيدة بخطه عندي يقول فيها: بسيط لو قيل للمجْد من مولاك؟ قال: نعم ... عبد المجيد المغيري بن بشران وأذكر له من قصيدة أخرى: بسيط يا من أَطال يدي إذ هاضني زمني ... وصِرْت في المصر مجفُوّاً ومُطَّرحا أنقذتني من أُناسٍ عند دينهم ... قتْل الأَديب إذا ما علمه اتَّضحا قال: وكانت وفاته قبل وفاة والدي رحمه الله تعالى بأيام يسيرة. 12 - محمد بن أحمد الجرور شاعر مذكور، قال في قصيدة في الوزير سابور بن أَرْدَشير: بسيط: وفي الظعائِن مهضوم الحشا غَنِجٌ ... يخطو بأعطافِ نَشْوَان الخُطا ثمِلِ

13 - محمد بن أحمد بن حمدان، المعروف بالخباز البلدي أبو بكر

ظبيٌ مشى الورد من لحظي بوجنتِهِ ... مشي اللَّواحظ من عينيه في أَجَلي وَمُترَفُ الترب مجاج النَّدى عَطِرٌ ... مُفَوَّف النور موشوم الثَّرى خَضلِ قد شامَ جدولهُ فيه مهندة ... فاهتزَّ مثلَ اهتزاز الخائف الوَجِلِ إذا نسيمُ الصبا فاحَتْ سَرائِرُهُ ... أَصغى إليهنَّ سمع الغُصن بالميَلِ والجو تسحب فيه السحب أردية ... مظاهراتٍ عليها أظهر الحَجَلِ ومنها: يا مُؤْنِسَ الملك والأيام موحشة ... وَرابط الجَأش والآجال في وَجَلِ لو أَنصفَ الدهرُ أو لانت معاطفُه ... أصبحت عندك ذا خيل وذا خَولِ لله لؤلؤ ألفاظ تساقطها ... لو كنَّ للغيد ما استأنس بالعَطَلِ ومن عُيون معانٍ لو كحلتْ بها ... نجلَ العُيون لأغنَاها عن الكُحُلِ سِحْرٌ من الفكر لو دارْت سُلافَتُه ... على الزمانِ تمشَّى مِشية الثَّمِلِ 13 - محمد بن أحمد بن حمدان، المعروف بالخَبَّاز البلدي أبو بكر وهو من بلدة يقال لها " بل " من بلاد الجزيرة الذي منها الموصل، وأبو بكر محمد بن أحمد الخباز هذا من حسناتها. ومن عجيب شأنه أنه كان أميّاً وشعره كلّه ملح وتحف، وغرر، ولا تخلو مقطوعة له من معنى حسن

أو مثل سائر، وهو القائل: سريع بالَغتَ في شتمي وفي ذمِّي ... وما خَشِيتَ الشاعرَ الأُمِّي جرَّبتَ في نفسِك سَمّاً فما ... أحمدتَ تجريبك للسمِّ وكان حافظاً للقرآن مقتبساً منه في شعره، كقوله: طويل ألا إنَّ إخواني الذين عهدتهم ... أفاعي رِمال لا تقصِّر عن لسعي ظننتُ بهم خيراً فلمّا بلَوتُهم ... نزلتُ بوادٍ منهُم غير ذي زَرْعِ وقوله: طويل كأنَّ يميني حين حاولتُ بسطها ... لتوديع إِلفي والهوى يذرف الدمعا يمينُ ابن عمران وقد حاول العصَا ... وقد حُوِّلتْ تلك العصا حيَّةً تسعى وقائلة: هل تملك الصبر بعدم؟ ... فقُلتُ لها: لا والذي أخرَج المَرْعى! وقوله: خفيف أَترى الجيرة الذين تَداعَوا ... بُكْرةً للزيال قبل الزوالِ! علموا أنني مقيمٌ وقلبي ... راحلٌ فيهِمُ أمام الجمالِ مثل صاع العزيز في أرحُلِ القَو ... مِ ولا يعلمون ما في الرحالِ

14 - محمد بن أحمد بن البراء بن المبارك أبو الحسن العبدي

وقوله: كامل سار الحبيبُ وخلَّف القلبا ... يُبدي العزاءَ ويُضمِر الكربا قد قلتُ إذْ سار السفينُ بهم ... والشوق ينهب مُهجتي نَهْبا لو أنَّ لي عزّاً أَصُولُ بهِ ... لأخذتُ كلَ سَفينةٍ غَصْبا وكان يتشيَّع، ويتمثل في شعره بما يدل على مذهبه كقوله: كامل مجزوء وحمائم نَبَّهْنَني ... والليل داجي المشرقينِ شبّهتُهُنَّ وقد بَكَيْ ... نَ وما ذرفن دموع عَيْنِ بنساءِ آل محمّدٍ ... لما بكين على الحُسينِ وكقوله: وافر جحدت ولاءَ مولاي عليّ ... وقَدَّمْتَ الدَّعِيَّ على الوصيِّ متى ما قلت: إن السيف أمضى ... من اللحظات في قلب الشجيِّ؟ لقد فعلتْ جفونك في البرايا ... كفعل يزيد في آل النبيِّ 14 - محمد بن أحمد بن البَرَاء بن المبارك أبو الحسن العبدي القاضي، أحد العلماء ومشائخ الحديث، وله أدب وفيه فضل، روى عن جماعة من مشائخ زمانه، وروى عنه جماعة، كتب إليَّ الكندي

15 - محمد بن أحمد بن القاسم، أبو علي الروذباري

حدثنا القزاز، أنبأنا أحمد بن علي، أنبأنا القاضي أبو العلاء الواسطي، حدثنا محمد بن أحمد بن حمّاد بن سفر الكوفي، حدثنا أحمد بن إسماعيل الكندي، حدثني أبو جعفر بن البراء قال: اتصل بعمّي أبي الحسن عن القاضي إسماعيل بن إسحاق شيء، فعزم إسماعيل على الركوب إليه، فبادره عمي أبو الحسن بالركوب، فلما دخل أنشأ يقول: طويل صَفَحت برغمي عنك صَفْح ضرورة ... إليك وفي قلبي نُدوبٌ من العَتْبِ فأجابه إسماعيل: طويل ولا زالَ بي شوقٌ إليك مبرّحٌ ... يُذلّلُ مني كلّ ممتنع صَعْب وبالإسناد: أنبأنا الخطيب أحمد بن علي، أنبأنا محمد بن عبد الواحد أبو عبد الله، حدثنا محمد أبي العباس الخزاز قال: قُرىء على أبا الحسين ابن المنادي وأنا أسمع، قال: توفي محمد بن أحمد بن البراء سنة إحدى وتسعين ومائتين قال الخطيب: وكذلك قرأت بخط محمد بن مَخْلَد الدُّوري، وزاد في شوّال. 15 - محمد بن أحمد بن القاسم، أبو علي الرُّوْذَباري من كبار الصوفية، سكن مصر وكان من أهل الفضل والفهم،

وله تصانيف حسان في التصوّف نُقلت عنه، وفي الناس من يسميه أحمد وهو وَهْم، وإنما هو محمد ذكره غير واحد، قال: وهو محمد بن أحمد ابن القاسم بن منصور بن شهريار بن مهرفاذار في قُرُعْدُذْ بن كسرى، وكان إماماً ويدعى الفرّار. أنبأنا أحمد بن علي بن مهدي قال: أنشدنا، أبو الفرج الورثاني الصوفي قال: أنشدني محمد بن عبد العزيز الصوفي قال أحمد ابني الحسين - وقد رأيته ولم أسمع منه - قال أنشدني أبو علي الرُّوْذباري: طويل أُنزِّهُ في روضِ المحاسن مُقلتي ... وأَمنعُ نفسي أن تنال المحرَّمَا وأحملُ من ثقل الهَوى ما لو انه ... على جامد الصلت الأصمِّ تهدَّما ويُظهر سِرِّي من مترجم خاطري ... فلولا اختلاسُ الطرف عنه تكلَّمَا رأيتُ الهوى دَعْوَى من الناسِ كلّهم ... فما إن أرى حبّاً صحيحاً مُسَلَّمَا وبالإسناد قال الخطيب أحمد بن علي: أنشدني أبو طالب يحيى بن علي ابن الطيب الدسكري بحُلوان للرُّوْذبارِي: بسيط ولو مضى الكل مني لم يكن عجباً ... وإنما عجَبي للبعض كيف بقِي أَدْرِكْ بقيّةَ روحٍ فيك قد تَلِفَتْ ... قبل الفِراق فهذا آخر الرَّمَقِ وبالإسناد قال الخطيب أحمد بن علي بن ثابت بن مهدي: حدثني محمد بن أبا الحسن، أخبرني أبو الحسن محمد بن العباس بن عبد الملك المعَدَّل بصُور قال حدثنا أبو القاسم عبد السلام بن محمد المخرمي بمكة قال:

16 - محمد بن أحمد بن عبد الله بن أحمد بن الوليد المتكلم أبو علي من أهل

أنشدنا أبو علي محمد بن أحمد الرُّوذباري لنفسه: بسيط إني أُجلُّكَ عن رُوحي وأبذلها ... فداءَ عبدكَ حالٌ أنت واهِبُها وكيف تفديك روحٌ أنت تملكها ... وقد مننتَ على من يفتديك بِها؟ قال: وأنشدنا أبو علي الروذباري لنفسه أيضاً: بسيط لو كل جارحة مني لها لغةٌ ... تثني عليكَ بما أوليت من حَسنِ لكان مازان شكري إذ أشَرت به ... إليك أجمل في الإحسانِ والمِنَنِ وبالإسناد قال الخطيب أحمد بن علي: حدثني محمد بن أبي الحسن، أنبأني محمد بن العباس المعدل قال: أنشدنا أبو القاسم عبد السلام بن محمد قال أنشدني أبو علي الروذباري لنفسه: خفيف كم نَعِمنا بِغُلّة الأشجان ... وجرينا مع الهَوى في عِنان وشربْنا في روضةِ العطفِ صرفا ... من نعيم الوِصالِ في كتمانِ ونسيمٌ للأنس في ظلِّ عيشٍ ... تحتَ سَجْف من لحْظِ طَرْف الزمانِ بك تاجُ الوفاء بالودِّ لاحتْ ... فيه أنوَار بَهْجةِ الإحسانِ وبالإسناد قال الخطيب: أخبرنا اسمإعيل بن أحمد الحيري، أنبأنا محمد ابن الحسين السلمي قال: سمعت الحسين بن أحمد يقول: توفي أبو علي الروذباري سنة اثنتين وعشرين وثلاثمائة. قال محمد: وذكر أبو زرعة الطبري أنه مات سنة ثلاث وعشرين وثلاثمائة. 16 - محمد بن أحمد بن عبد الله بن أحمد بن الوليد المتكلم أبو علي من أهل الكرخ، شيخ المعتزلة، والداعية إلى رأيهم، وكان له شعر،

17 - محمد بن أحمد بن محمد بن سعيد بن إبراهيم بن نبهان أبو الفرج بن أبي

كتب إليَّ أبو المظفر عبد الرحيم أنبأنا والدي تاج الإسلام، حدثنا إسماعيل ابن أحمد بن عمر الحافظ إملاء من أصله، أنبأنا أبو علي بن الوليد إجازة في جملة أشعاره سريع أيا رئيساً بالمعالي ارتدى ... واستخدم العيّوقَ والفرقدَا مالِيَ لا أجري على مُقتضى ... مودّةٍ طال عليها المَدى؟ إنْ غبتُ لم أُطلَب، وهذا سُليمان بن داود نبيُّ الهُدى تفقَّدَ الطيرَ على مُلكه ... فقال: ما لِيْ لا أرى الهدهدا توفي أبو علي الوليد في سنة نيف وثمانين وأربعمائة. 17 - محمد بن أحمد بن محمد بن سعيد بن إبراهيم بن نبهان أبو الفرج بن أبي المظفَّر بن أبي علي. من أهل الكرخ، من بيت الرواية والحديث، حدث هو وأبوه وجده، وأبو الفرج هذا كان شاعراً يقول الشعر ويمدح به، أقول كتب إليّ محمد ابن سعيد بن يحيى الدُّبَيْثيّ، أنشدني أبو بكر عبد الله بن أحمد بن محمد المقريءُ قال: أنشدنا أبو الفرج محمد في أحمد في نبهان لنفسه وقد ترك قول الشعر: متقارب: تركتُ القريضَ لمن قالَه ... وَجُودَ فلانِ وإفضالَهُ

18 - محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد بن محمد بن اسحاق بن الحسن بن منصور

وتُبتُ من الشعر لمّا رَأيْ ... تُ كسادَ القريضِ وإهمالهُ وعُدتُ، إلى منزلي واثقاً ... بربٍّ يرى الخلق سؤَّالَهُ فجد ابنِ نبهانَ يرجو الإلهَ يمحّص عنه الذي قالَهُ من الكذب في نَظمه للقريض فربّي كريمٌ لمن سالَهُ ولد في سنة ست وثمانين وأربعمائة وقيل سنة سبع وثمانين ومات سنة ثمانين وخمسمائة. 18 - محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد بن محمد بن اسحاق بن الحسن بن منصور بن معاوية بن محمد بن عثمان بن عقبة بن عَنْبسة بن أبا سفيان صخر بن حربا الأمويّ، العَبْشَميُّ أبو المظفَّر بن أبي العباس الأبِيوَرْديُّ المعاويّ. أوحد عصره، وفريد دهره في معرفة اللغة والأنساب وغير ذلك، وأورد في شعره ما عجز عنه الأوائل من معان لم يُسبق إليها، وأَليَقُ ما وصف به بيت أبي العلاء المعري طويل وإني وإن كنتُ الأخيرَ زمانُهُ ... لآتٍ بما لم تستطِعْهُ الأوائلُ

وله تصانيف كثيرة منها: " تاريخ أَبيوَرْد وَنَسا "، و " المختلِف والمؤتلِف " و " طبقات العلم في كلِّ فنّ "، و " ما اختلَفَ وائْتَلَفَ في أنساب العرب "، وله في اللغة مصنّفات ما سُبق إليها، وله كتاب " تَعِلِّةِ المقرورِ " وهو كتاب صنفه بهمذان وسببه أن همذان شديدة البرد في غير الشتاء، فكيف فيه، وكان هو وجماعة من الأدباء يجتمعون في الليل وقد عجزوا عن وقود النار لِلعُدْمِ، فأًخذوا في التعلل بذكر نيران العرب والعجم، وما قاله الشعراء والمتذاكرون في ذلك، فصار منه تأليف لطيف في فنه، وكان حَسَن السيرة، جميل الأمر، مَنْظَرانيّاً من الرجال، ذكره أبو زكريا يحيى بن عبد الوهاب بن مَندَه الحافظ الأصبهاني في " تاريخ أصبهان " فقال: " أبو المظفّر الأموي الأبيوردي فخر الرؤساء، أفضل الدولة، حسن الإعتقاد، جميل الطريقة، متصرف في فنون جمة من العلوم، عارف بأنساب العرب، فصيح الكلام، حاذق بتصنيف الكتب، وافر العقل، كامل الفضل، فريد دهره، ووحيد عصره. كتب إليَّ أبو المظفّر عبد الرحيم بن تاج الإسلام المروزي من مرو، وأنبأنا أبي سماعاً عليه من كتابه بقراءة مسعود الطرازي ببخارى قال: سمعت أبا علي أحمد بن سعيد العِجْلي المعروف بالبديع بهمذان يقول: سمعت الأديب الأبيورديّ في دعائه يقول:

" اللَّهُمَّ مَلِّكْني مشارقَ الأرض ومغاربها "! فلُمتُه على ذلك وقلت له: " أيُّ شيءٍ هذا الدعاء؟! " فكتب إليّ بهذه الأبيات: وافر يُعَيِّرُني أَخُو عِجْلٍ إبائي ... على عُدْمي وتِيهي وأختيالي ويَعلم أنني من فَرْط حَيٍّ ... حَمَوْا خُطَطَ المعالي بالغوالي فلست بحاصنٍ إن لم أُزِرْها ... على نَهَلٍ شَبا الأَسَلِ الطِّوالِ وإن بلغ الرِّجالُ مَدَايَ فيهما ... أُحاولُهُ فلستُ من الرِّجالِ وبالإسناد قال أبو المظفّر: قال أبي: سمعت عبد الله بن نصر الخطيب بمرو، يقول: كتب الأبيوردي، قصة إلى الخليفة وكتب على رأسها: " الخادمُ المُعاويّ " فكره الخليفة النسبة إلى معاوية، فأمر بكشط الميم من المعاويّ وردّ القصة فصار: الخادم العاويُّ. وبالإسناد: سمعت أحمد بن سعيد العِجْلي بهمذان يقول: كنتُ يوماً أمضي إلى المعسكر، والسلطان كان نازلاً على باب هَمَذان، فرأيت الأديب الأبيوردي راجعاً من عندهم، فقلت له: من أين؟ فأنشأ يقول أرتجالاً: بسيط ركِبتُ طِرْفي فأذرَى دَمْعَهُ أَسَفاً ... عند انصِرافيَ منهم مُضْمِرَ اليَاسِ وقال: حَتَّامَ تُؤْذيني؟ فإنْ سَنَحَتْ ... حَوائِجٌ لك فاركَبْني إلى الناسِ كتب إليّ عبد الرحيم المروزي: أخبرنا أبي تاج الإسلام في كتابه قال: أنشدنا أبو العلاء أحمد بن محمد بن الفضل الحافظ من لفظه بأصبهان، أنشدنا أبو الفضل محمد بن الطاهر المَقْدِسيُّ الحافظ، أنشدنا الأديب أبو المظفّر

محمد بن أبي العباس الأبيوردي لنفسه يفتخر: بسيط يا مَنْ يُساجلُني وليس بمُدرِكٍ ... شأوي وأين له جلالةُ منصبي؟ لا تَتعَبَنَّ فدُونَ ماحاولتَه ... خَرْطُ القَتادَةِ وامتطاء الكوكب والمجدُ يعلمُ أيُّنا خيْرٌ أباً ... فاسْألهُ تعلمْ أيُّ ذي حسَب أبي جدِّي مُعاوية الأغَرُّ سَمَتْ بِهِ ... جُرثومةٌ من طِينها خُلِق النبي ووَرِثْتُه شرفاً رفعتُ منَارَهُ ... فبَنُو أُمَيَّة يفخرون بِه وبي وبالإسناد قال تاج الإسلام أنشدنا أبو الفتوح محمد بن محمد بن علي الطائي إملاء بهمذان، أنشدنا الأديب أبو المظفر محمد بن أبي العباس الأبيوردي لنفسه: بسيط كُفِّي أُمَيْمَةُ غرْبَ اللَّوْم والعَذَلِ ... فليسَ عِرْضي على حالٍ بِمُبتذَلِ إنْ مَسَّني العُدْمُ فاسْتبْقي الحياءَ ولا ... تُكلِّفيني سؤالَ العُصبة السَفَل فشِعْرُ مثْلي وخيرُ القولِ أصدَقُهُ ... ما كان يفترُّ عن فخرٍ وعن غزَل أمّا الهجاءُ فلا أَرضى به كرَماً ... والمدحُ إنْ قلتهُ فالمجدُ يغضبُ لي وكيفَ أمدحُ أقواماً أوائِلُهُمْ ... كانوا لأسلافيَ الماضينَ كالخَوَلِ قلت: أشعاره كثيرة وآدابه غزيرة وقد فنّن شعره فنوناً، فأفرد منه نوعاً سمّاه " النجديات "، ونوعاً سماه " العراقيات " إلى غير ذلك، وإنما ذكرت هنا بعض ما صحّت به الرواية، وذكر أبو زكريا يحيى بن مَنْدَه الأصبهاني أن الأديب أبا المظفر مات في يوم الخميس عشرين من شهر ربيع الأول بين الظهر والعصر سنة سبع وخسمائة وصلي عليه في الجامع العتيق بأصبهان رحمه الله تعالى.

19 - محمد بن أحمد بن حمزة بن جيا - مقصور - وقيل جيآء ممدود والأول

19 - محمد بن أحمد بن حمزة بن جيَّا - مقصور - وقيل جيآء ممدود والأول أشهر، أبو الفرج من أهل الحلة السيفية من سقي الفرات، أديب، فاضل، له ترسل حسن، وشعر جيد، قدم بغداد وجالس النقيب أبا السعادات هبة الله بن الشجري النحوي، وأخذ عنه ثم بعده أبا محمد عبد الله بن أحمد في الخشاب وغيرها، لم يشتهر بالحديث لإقباله على الأدب واشتغاله به. أنبأنا محمد بن سعيد بن يحيى الواسطي الدُّبيثي، أنشدني أبو الثناء محمد بن عبد الله بن المفرِّح ببغداد قال: أنشدني شرف الكتَاب أبو المفرح بن جَيا ببغداد بمنزلنا لنفسه: كامل: حَتّامَ أَجْري في ميادين الهوى ... لا سابقٌ أبداً ولا مسبوقُ؟ ما هَزّني طرَبٌ إلى رمل الحمى ... إلا تعرَّض أجرَعٌ وعقيق شوقٌ بأطراف البلاد مفرَّقٌ ... نحوي شتيتُ الشمْلِ منه فريق ومدامعٌ كُفِلَتْ بعارض مُزْنةٍ ... لمعتْ لها بين الضلوع بروق فكأنَّ جفنيَ بالدموع مُوَكَّلٌ ... وكأنَّ قلبيَ للجوى مخلوق قدُمَ الزمانُ، وصار شوقي عادةً ... فلْيَرُكُنَّ دلالَهُ المعشوق قد كان في الهجران ما يَزَعُ الهوى ... لو يستفيقُ من الغرام مشوق لكنني آبَى لِعَهديَ أنْ يُرَى ... بَعْدَ الصفاءِ وَوِرْدُهُ مَطروق

20 - محمد بن أحمد بن سعيد بن أحمد بن زيد التكريتي

إنْ عادَتِ الأيام لي ب " طُوَيْلِعٍ " ... أو ضمّني والظاعنينَ طريق لأُنَبِّهَنَّ على الغرام بزَفْرَتي ... ولتطرَبَنَّ بما أَبُثُّ النوق أنبأنا محمد بن سعيد بن يحيى الواسطي، أنشدني أبو الحسن علي بن نصر بن هارون قال أنشدني الأجل أبو الفرج بن جيا لنفسه من قصيدة: طويل أمَا والعيونُ النُّجْلُ تُصْمي نِبَالُهَا ... وَلَمْعُ الثّنَايا كالبُروق تَخَالُها ومُنْعطَفُ الوادي تأرَّجَ نَشْرُهُ ... وقد زارَني جُنْحِ الظلامِ خَيَالُها لقد كان في الهِجران ما يَزَعُ الهَوى ... ولكنْ بعيدٌ في الطباع انتقالها 20 - محمد بن أحمد بن سعيد بن أحمد بن زيد التكريتي الأصل أبو البركات يعرف بالمؤيد كان له معرفة بالأدب وله شعر حسن كثير، كتب إليّ محمد بن يحيى بن سعيد الواسطي، أنشدني أبو يعلى حمزة بن سلامة التاجر مما قاله محمد بن أحمد في الويه أبا بكر النحوي لما انتقل من مذهب أبي حنيفة إلى مذهب الشافعي، وقد كان قبل ذلك حنبلياً: طويل ومَنْ مُبْلِغٌ عَنّي الوجيهَ رسالةً ... وإنْ كان لاتُجْدي إليه الرسائلُ تَمَذْهَبْتَ للنعمان بعدَ ابنِ حنبلٍ ... وذلك لمّا أعوَزَتْكَ المآكِلُ

21 - محمد بن أحمد بن علي بن عبد الغفار

وما اخترت رأيَ الشافعيِّ تَدَيُّناً ... ولكنّما تَهوَى الذي هو حاصل وعمّا قليلٍ أنتَ لا شكّ صائِرٌ ... إلى مالكٍ فافطن لما أنا قائل خرج المؤيد محمد بن أحمد التكريتي في تجارة إلى الشام، فتوفي في إصعاده بالموصل في أحد الربيعين سنة تسع وتسعين وخمسمائة، ودفن بها. 21 - محمد بن أحمد بن علي بن عبد الغفار المكنّى بأبي الغنائم البيع، المعروف بابن الأجوه، سبط أبي علي ابن شبل، الشاعر، من أهل الجهم، الظاهري، كان شيخاً ظريفاً، ديِّناً عفيفاً. 22 - محمد بن أحمد أبو الفضل الهلالي أديب، شاعر مغلق، خوارزمي المنزل، كان مختصاً بملكها مأمون بن مأمون، ومن غُرَر شعره قوله في نَوْرُوز: بسيط: نُورٌ ونَوْرٌ ونَوْرُزٌ ومُنْيَتُها ... لُقْيَا الأميرِ فقي لقياهُ مَهواها كأنما نَغَمُ الأطيار من نغم الْ ... أَوتارِ قد أخذتْ في الطيب أَشباها ومنها: حَدَائق شاقتْ الدنيا شقائقها ... وبالحُلَى خزَمَ الدنيا خُزاماها ومنها في المديح: فُلْكُ المواهبِ تجري من أنامله ... طوعاً فللشكر مَجراها ومَرْساها لو كان للأرضِ جزءٌ من سَماحته ... لأظهرتْ كل كنزٍ من خباياها

23 - محمد بن أحمد الغساني الدمشقي الملقب بالوأواء

لو لامسَ الصخر صارت من قساوتها ... إلى السلاسةِ حتى صِرْنَ أمواها ولوأشارَ إلى الأفلاكِ معترضاً ... لما استمرَّ على الدُّنيا قضاياها أغرُّ أَلحمَ أحوالي وَسدَّاها ... بحسنِ غُرِّ العطايا حين أسداها 23 - محمد بن أحمد الغساني الدمشقي الملقب بالوَأْوَاء من حسنات الشام، وصاغة الكلام. كان في أول أمره منادياً في دار البطيخ بدمشق ينادي على الفاكهة، وما زال يشعر حتى جاد شعره، وسار كلامه، وله ديوان شعر ليس بالكبير، فمن شعره: طويل: سقى اللهُ ليلاً طابَ إذْ زارطيفُه ... فأفنيتُه حتى الصباحَ عناقا بطيبِ نسيمٍ منهُ يستجلبُ الكرى ... ولو رقدَ المخمور فيه أفاقا تملَّكني لما تملك مهجتي ... وفارقني لما أَمِنتُ فراقا وله: وافر أتاني زائراً من كان يبدي ... ليَ الهجرَ الطويلَ، ولا يزورُ فقال الناسُ لما أبصروه: ... ليهنكَ! زاركَ البدرُ المنيرُ فقلتُ لهم ودمع العين يجريعلى خدّي له درٌّ نثيرُ: متى أَرعى رياض الحسن منه ... وعيني قد تضمَّنَها غدير؟ ولو نُصِبت رَحىً بإِزاءِ دمعي ... لكانتْ من تحدُّرِهِ تدورُ

ومن ملح قوله في وصف الدمع: خفيف كلُّ دمعٍ فبالتكلُّفِ يجري ... غير دمع المحبِّ والمهجورِ ورَّدَ البَيْنُ دمعَ عيني فأضحى ... كَعَقيقٍ أُذيب في بَلُّورِ ومن ملحه في الخمر: منسرح عذّبتُها بالمِزاجِ فابتسمتْ ... عن بَردٍ نابتٍ على لهَب كأن أيدي المِزاج قد سكَبت ... في كأسِها فِضَّةً على ذهبِ وله من قصيدة: كامل فامزُجْ بمائِكَ نارَ كأسك واسقني ... فلقد مَزجت مدامعي بدماءِ واشرَب على زهْر الرياض مُدامةً ... تُفني الهمومَ بعاجل السرَّاءِ لطفَتْ فصارتْ من لطيف مِزاجِهاتجري كمجرى الرّوحِ في الأعضاءِ وكأنَّ مِخْنقةً عليها جَوهَرٌما بين نارٍ ركبتْ وهواءِ وكأنها وكأنَّ حاملَ كأسِها ... إذ قام يجلوها على الندماءِ شمسُ الضُّحى رقصَت فنقَّطَ وجهها ... بدرُ الدُّجى بكواكبِ الجوزاءِ وذكره ابن عبد الرحيم في " طبقات الشعراء " وقال: كان في أول أمره أحد العامة ردَّاداً في فندق، كان جابياً فيه وكان يتولى بيع الفاكهة بين يدي البنادرة ويجبي أثمانها. ولم يكن من أهل الأدب ولا ممن يُعرف بقول الشعر، وكان أول شيء عمله قصيدته في أبي القاسم العقيقي العلوي الميمية التي أوّلها: بسيط تظلَّمَ الوردُ من خدَّيه إذ ظُلما فاستحسنها، فأعطاه عشرين ديناراً، وتسامع الناس بها فانتشر بينهم ذكرُهُ، فاستطابوا طريقته في شعره، فتوفر على ذلك وفارق ما كان فيه.

24 - محمد بن أحمد بن محمد بن الحسن بن الحسين

24 - محمد بن أحمد بن محمد بن الحسن بن الحسين ابن علي بن هارون البرَداني له شعر، أنشد له ولد ولده محمد بن أحمد بن محمد بن الحسن: كامل أينَ الشبابُ وأَيةً سَلَكَا؟ ... لا أين تطلبُ ظلَّ بل هَلَكَا لا تعجبي يا سَلْمَ من رجُلٍ ... ضَحِكَ المشيبُ برأسِه فبَكى لا تأخذي بظلامتي أحَداً ... طَرْفي وقلبي في دمي اشتركا 25 - محمد بن أحمد بن الحسين بن محمود بن أبي عبد الله بن علي ابن محمود الفروخيّ، الأوَانيّ المكنّى بأبي نَصْر، من أهل أَوَانا الرئيس الشاعر الكاتب الناثر، شيخ أَوَنا، الفصيح لساناً وبياناً، قد سهل له من الكلام حُزُونُه، ولانت لديه متونه، وطاوعته عيونه، ودانت منه أبكاره وعُونه. فلذلك نظمه

أشرقُ من لؤلؤ العقود، ونثره أنور من ورد الخدود، بألفاظ وضيّة، وعبارة رضيّة، ومعانٍ أرقّ من نسيم السَّحَر على صفحات الزَّهَر، فمن شعره من كلمة مدح بها جمال الدين محمد بن علي الأصبهاني، وزير الموصل: خفيف ما لعينٍ جَنَتْ على القلب ذنبُ ... إنَّما يُرسِل اللّحاظَ القلبُ والهوى قائدُ النفوس فإن سُلِّ ... طَ جيش الغرامِ فالقلب نهبُ أحياةٌ هذا التفرّق يا قل ... بُ فأين الهوى وأين الحبُّ؟! كان دعوى ذاك التأوّهِ للبي ... نِ ولم ينصدع لشمل شعب إنَّ موت العشاق من ألم الفر ... قةِ في الحب منة تستحبُّ وعلاجُ الوى عذابُ المحبي ... نَ ولكنه عذاب عذب زَوِّدِ الطرْفَ نظرة، أو فمُت وج ... داً فهذا الوادي وهذا الشعبُ واسألِ الرَّكْبَ وقفةً فعسي يُنْ ... جِدُكَ اللحظُ إن أجاب الركبُ واستعنْ بالدموعِ فالدمعُ عونٌ ... لك إن ساعد المدامع سكْبُ وتبصَّرْ نحو العراق جُذ ... يَّاتٍ على بُعدها تَهبُّ وتخبُو فبذاك الجوُّ الممَنَّعُ أوطا ... ري والقلبُ والهوى والصُّحْبُ إن عَدَتني عنه الليالي فبالمَوْ ... صِل لي دونه مُناخٌ رَحْبُ لو أُعيد الطائيُ حيّاً لديه ... وابن سُعدى أو الإيادي كعبُ لتولُّوا عنه حَيارَى ونادَو ... هُ: رويداً هذا مُقامٌ صَعْبُ هكذا المجدُ لا مرَاجل تَغلي ... في مُناخ القرى ونارٌ تُشَبُّ

فُتّ شأوَ الأمجاد سبقاً وما ال ... ناظر في العين واحدٌ والهُدْبُ فهُمُ أنجمٌ تغور وتبدو ... في سما العلى وأنتَ القطْبُ حار فيك المديح عُجباً فما يَد ... ري لماذا طغا عليه العجبُ إن يمناك حين تَغمر بالبرِّ ... كما تمطر الرياض السُّحبُ وله فيه: بسيط هذا هو المجد لا ما تخبرالسِّيرُ ... قد أبدت العين ما لم يُبده الأثرُ فلم أُكلف تأميل السُّها بصَري ... وقد تبلَّج لي في الرؤية القمرُ وأحسن القول ما قام الدليل به ... لن يصدق السمع حتى يصدق البصر رقاً تملّكهم قوم وما افتخروا ... إلا بما أوقدوا للضيف أو نحروا ولائمٍ في اعتساف البيد قلتُ له: ... شيئان موتلفان: الرزق والسفرُ لو لم تكن فرقة الأوطان مُكسِبةً ... عزّاً لما فارقَت أصدافها الدرَرُ وإن عذلتَ بأرزاق مقدَّرةٍ ... لن يُسعدَ الكَدُّ حتى يُسعد القدر ومنها: الباذل العرف لا مَنٌّ ولا مَللٌ ... والباسط الأمْن لا خوف ولا ذعرُ يقضي فيحكمُ والأنذار ممكنةٌ ... والحُكم ما لم يكن عن قدرةٍ خوَرٌ ومنها: في كلَّ نظرة عين منك منفعةٌ ... تبدو فيعجزعن تكييفها النظر ضِدَّان عندك مجموعان في خُلقٍ ... فالمال مبتذَلٌ، والحمد مدَّخَرُ فضَّلتَ ما كسَتِ الأنواء قاصرة ... عنه وأَغنيت ما لم يُغنه المطرُ وأصبح الناس في أمنٍ وفي دعةٍحتى لقد عُدِمَت في عصرك الغيرُ فاستأنف الدهرُ أياماً مهذَّبةًلأهله وصَفا ماءٌ به كدَرٌ وله أبيات إلى بعض أخلائه: هزج فكم عوقبتُ بالهجْرِ وما أصلُحُ للهجرِ

وما أقصرتُ في مدحٍ ... ولا أقلعتُ عن شُكرِ ألا يا أيها المُختا ... لُ بين المجد والفخرِ ترفَّق بي فقد عِيلَ ... بما تفعلُ بي صبري ولا يعدِل بك الكاشحُ ... عن نصر أبى نصرِ ودعْ عنك الأقاويل ... فما الإخبار كالخُبرِ فقد يخدعُكَ الخائنُ ... بالنَّصح ولا تدري كما قد يستوي في الكأ ... سِ لَوْنُ الخَلِّ والخمرِ وله في معنى قصده متقارب إذا المرءُ ضاق به ذرعُهُ ... وعزّت عليه وجوهُ الطَّلبْ وعزّ المُساعدُ في دهرِهِ ... فلا ذو إخاءٍ ولا ذو نسبْ وأصبحْ من فرج مولياً ... ولم يبقَ غير حلول العَطبْ أتاه القضاءُ بلطف الإلهِ ... ففرَّجَ من حيث لا يحتسبْ وله: كامل يا ربِّ عفوكَ إنني في معشرٍ ... لا أبتغي منهم سواك مَلاذا هذا ينافق ذا، وذا يغتاب ذا ... ويسبُّ هذا ذا، ويشم ذاذا وله: كامل جسَّ الطبيب يدي وحرّك رأسه ... وبكى عليَّ وقال: مُتَّ فلانا! فأجبتهُ: واللهِ ما بي علَّةٌ ... لكنَّني قد صِرتُ شيخَ أوانا مات في سنة سبع وخمسين وخمسمائة بأوَانا ودفن بمقبرة بُرنداس فيها وكان يتولى للوزير ابن هُبَيرة ... بمعاملة دُجَيْل فمرض

26 - محمد بن أحمد بن رامبن أبو الحسن

فحمل إليّ أوانا فكتب إليه بهذه الأبيات: كامل من ساءهُ مرضٌ أَتيحَ له ... فلقد أفادَ مَسرَّةً مَرَضي جرَّبتُ أبناءَ الزَّمانِ به ... فعرفتُ جَوْهَرَهُم من العرضِ وعلِمْتُ أنَّ مَحَبَّتي لهُمُ ... ذهبتْ بلا ودٍّ ولا عِوَضِ لا تَجزعي يا نفسُ واصطبري ... لجفاهُم، فَبِذا عليك قُضي 26 - محمد بن أحمد بن رامبن أبو الحسن شاعر ذكيّ، له بوادر ونوادر في الشعر، وهو حسن البديهة، جميل الإرتجال، شهد بفضله فضلاء أهل الصنعة، ذكر أبو الفتح الدُّباوَنْدي قال: جمعني وإياه بعض مجالس الأنس وفيه نفر من الفضلاء، فسألوه أن يجيز قول مجنون بني عامر: طويل أقولُ لظبيٍ مرَّ بي وهو راتعٌ ... أَأَنت أخو ليلى؟ فقالُ: يُقالُ فارتجل على النفس فقال: طويل فقلتُ: يقالُ، المستقيل من الهوى ... إذا مسّه ضرٌّ؟ فقال: يقالُ فتعجب القوم من حدة ذهنه وإسراعه في تجنيس القافية، وله أرجوزة أجاب بها سعد الأبيَّ عن أرجوزته الصادرة إليه من وقته: رجز وافتنيَ القصيدة الكريمه ... من كل ما يشينُها سليمهْ وهي لعمري درّة يتيمهْ ... قد أسفرت عنها ظلال ديمهْ 27 - محمد بن أحمد الدُّباوَنديّ أبو الفتح ريحانة الرؤساء، وشمامة الوزراء، استوطن الريَّ، يرجع إلى فضل

أكبير، ودب غزير، وحفظ عجيب، وبلاغة بالغة، ولسان كأنما عناه إبراهيم بن سنان الأصبهاني بقوله في أبي مسلم ابن بحر: وافر لسان محمدٍ أمضى غراراً ... وأذرب من شَبا السيف الحُسامِ إذا ارتجل الخطاب بَدا خليجٌ ... بفيهِ يُمِدُّه بحر الكلامِ كلامٌ بل مُدامٌ بل نظامٌ ... من الياقوت، بل قَطرُ الغمامِ وردّ نيسابور فنشر بها طرر فضله، وملأها من فوائده، وأُدِّرت عليه الجامَكيَّة السلطانية، وأقام مدة بها ثم اجتذبه الشيخ العميد أبو الطيب طاهر بن عبد الله إلى الري، فردَّه في صحبته إلى مستوطنه، فمن شعره قوله في الغزل: كامل كلّفت من أهوى تجشمم قُبلة ... ظرفاً فأولى غاية الإيجابِ ولثمت عارضه فكان كخلقِهِ ... عِطراً يُذيع سرائر الأحبابِ وله في رئيس أمتحن وافر: بأيِّ يدٍ أصولُ على الليالي ... وقد خانت أناملها الذراعُ بودّي لوتبيت على جفوني ... ولكن عَزَّ ما لا يُستطاعُ وله في قوّاد يكنّى أبا الخطّاب يهجوه: وافر أبا الخطاب يا قمرَ الزمانِ ... به برص يشاهد بالعيان وآباطٌ يفوح لها صُنانٌ ... وأبزار العمى شَمُّ الصُّنان وداخلُ ثوبهِ جَرَبٌ عتيقٌ ... توارثهُ على قِدَم الزمان وهي أبيات متعددة فيها فحشٌ تركت إيرادها لذلك.

28 - محمد بن أحمد أبو بكر اليوسفي من أهل زوزن

28 - محمد بن أحمد أبو بكر اليوسفي من أهل زوزَن كان من أفرادهم أدباً وفضلاً، ومفلقيهم نظماً ونثراً، ولفظته زوزن إلى أقطار الأرض وآفاق البلاد، وحرفة الأدب زميله ونزيله، وحليفه وأليفه، وانتجع الصاحب وغيره ثم طالت مدته في الغربة، ثم عاد إلى الوطن على غير قضاء الوطر، ولم يلبث أن انتقل من ضيق العيش إالى ضيق القبر وكان له نظم ونثر لم يغنياه من الفقر، فمن شعره: طويل تبدّلتُ من بَعد الحبيب المُفارق ... سَواد الليالي وابيضاضَ مفارقي سقى البارقُ الغوريُّ عذباً من الحيا ... محلّتنا بين العُذَيب وبارق وأغنى مغانيها وأرضَى رياضها ... وشقَّ بلطم القطر خدَّ الشقائق محلّةُ إيناسٍ، ومغنى أوانسٍ ... ومركزُ راياتٍ ومرعى أيانق فيا يومها كم من مُنافٍ منافقٍ ... ويا ليلها كم من موافٍ موافق وله من قصيدة في الصاحب: خفيف أطلع الله للمعالي سعودا ... وأعاد الزمان غضاً جديدا بعث الدهر جنده وبعثنا ... نحوه دعوة الإله جنودا ومنها: يا عميد الزمان إن الليالي ... كِدْنَ يتركن كلَّ قلب عميدا حادثات أردنَ، إحداثَ هَدْم ... لِعُلاهُ فأحدثت تشييدا

29 - محمد بن أحمد الشيرجي

وقوله من أخرى: طويل وزرت به كافي الكفاة وعنده ... أرى الفضل فذّاً والتفضُّلَ توأَما ينال لديه معتفي الفضل أجرما ... سقى، وينالُ العفوَ من كان أَجرما 29 - محمد بن أحمد الشَّيْرَجيّ أديب، فقيه، شاعر بليغ، يقول: خفيف يا خليليَّ عرِّجا بي إلى القَفْ ... ص وحُطّا الرحال بالبردانِ واتركاني من التفقه في الدِّي ... نِ فحسبي تعلمي ما كفاني واسقياني على وجوه الغواني ... واصطاقِ النايات والعيدانِ وهو القائل: مجزوء الكامل إِلْقَ الدساكر والمعا ... صرَ والسواحرَ والزوامرْ ودَعِ الدفاتر والمحا ... بر والقماطر والمساطر وكتب إلى صديق له يستزيره: مجزوء الرجز اليومَ يومُ انحجار ... ويومُ إيقاد نار ويومُ عزفٍ وقصف ... ويوم شرْب عقار وكل هذا لدينا ... فاحضرْ مع الحضّار وقيل عنه إنه كان كثيراً ما يقول: " أنعم الله صباحك، وأدام لرأسك الخضرة، ولوجهك الحمرة، ولوجه حاسدك الصُّفرة ".

30 - محمد بن أحمد الخواري، أبو نصر

30 - محمد بن أحمد الخُوَاريّ، أبو نصر أبوه من خُوَار وهو نيسابوري، وأبو نصر هذا من أظرف الظرفاء في وقته، وأبوه صاحب أدب وفضل، وله شعر بارع منه في ذكر دماميل أدركته: رجز دَبّ الدماميلُ وحوشيتهافي جسدي مثل دبيب المُدام لكنَّما الراحُ تُريحُ الفَتَى ... وهذه تطرد مني المنامْ وجملة الأمر وتفصيله ... أني ككا تكرهه، والسلام 31 - محمد بن أحمد بن الحسن الشطرنجي الحلبي شاعر مذكور من أهل حلب، مدح نظام الملْك الحسن بن إسحاق عندما حضر إلى باب حلب في صحبة السلطان أَلْب أرسلان في سنة ثلاث وستين وأربعمائة: كامل أما عُلاكَ فدونها الجوزاءُ ... قَدْراً فماذا ينظم الشعراء؟

32 - محمد بن أحمد المعموري البيهقي

يرتدُّ عنها الفكرُ وهو مهندٌ ... ويضيق فيها القولُ وهو فضاءُ شرَفٌ أنافَ على السِّماك وهمَّةٌ ... ضاقت بمسرح عزمها " الدهناء " وفضائل جاءتْ أخيرَ زمانها ... فحثتْ على ما سطر القدماءُ إن كنتَ من شرفٍ بنيت على السها ... بيتاً فوجهك للعفاة ذُكاء يا خير من خفقتْ عليه راية ... وأجلَّ معقود عليه لواءُ لك كل يوم مِنة سيّارةٌ ... في الخافقين وغارة شعواء وكتيبة منصورة وفضيلة ... مشهورة وعجاجة شهباء وغدتْ جيادُك تستلذ كلالها ... حتى كأنّ الراحةَ الإعياءُ إن الشآم وإن تمرّض شاكر ... ولرُبَّ داءٍ عادَ وهو دواءُ أعززتهُ في عاجل وتركتَه ... بالعدل يرتع ذئبه والشاءُ ما زادَك الألقاب معنى ثانياً ... فكأنها من صدقها أسماء قومٌ إذا خطر الغمامُ بدارهم ... ظهرتْ عليه خجلة وحياءُ وكأنما في غمد كلِّ مهنَّدٍ ... سَلُّوهُ من فلق الصباح ضياء أمّا السماء فما أظلَّت مثلهم ... أبداً ولم تتحمَّلِ الغبراء نقلت من خط مؤرخ حلب لمحمد بن أحمد بن الحسن الشطرنجي: قوم إذا خطر الغمام بلادهمْ ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... فكأنما في غِمْدِ كل مُهَنّدٍ ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... 32 - محمد بن أحمد المعموري البَيْهَقي ذكره صاحب " الوشاح " وقال: " هو من عِلْيَة الحكماء " وأنشد

33 - محمد بن أحمد بن عبد الله الإمام المقتفي لأمر الله

له: متقارب دَعاكَ الربيع وأيامُهُ ... ألا فاستمع قول داعٍ نصوحْ يقول: اشربْ الراحَ ورديَّة ... ففي الراح يا صاح رَوْحٌ وروح وغنّى البلابلُ عند الصبا ... حِ لأهل الشراب الصَّبوحَ الصبوح! 33 - محمد بن أحمد بن عبد الله الإمام المقتفي لأمر الله ابن الإمام المستظهر بالله ذكره علي بن الهيصم في كتاب " عقود الجواهر " وأنشد له من قصيدة أوّلها: كامل عمَرَ الإمامُ ودينُه الأديانا ... وأزال عنا الظلم والعدوانا أُنظر إليه فما تراه جالساً ... إلا رأيت العالمين عيانا 34 - محمد بن أحمد بن الخليفة، أبو الحسن المغربي التونسي من تونس وبها تأدّب، وهو شاعر ماجن، ويعرف بالصرائري، أمره بعض القضاة بقص شاربه على لسان كاتبه، فقصّه وجعل في خرقة وكتب فيها وسيّرها إليه: رجز الله يا قاضي على ما أرى ... أراحني منك ومن كاتبكْ

35 - حمد بن حمد الكشي، أبو زيد

كسبت في أيامكم شارباً ... فخُذه والسَّلْحُ على شاربْك وخافه، فهرب إلى مصر وعلق صبياً شريفاً بمصر، وفتن به، فلا كتب إليه: خفيف يا غزالاً مسَّر الأحداق ... وقضيباً منعَّم الأوراقِ ومُبيناً بحسنه صنعة الما ... نع فيه، وقدرة الخلاقِ والذي فيه داعيان فداعي الط ... وْع بادٍ، وآخَر للنفاقِ وكِلا الداعين هُلْكٌ وملك ... لنفوس النُّهى وللعشاقِ إن أقل فيك مادحاً فكأني ... أَصف الشمس ساعةَ الإشراقِ أو أكن صامتاً فوجهُك يغني ... ني عن القول فيه والإطراقِ إنما تُغرقُ الرُّماة إذا كا ... نت بعيدات غاية الإغراقِ يا جليلاًعن أن يكون لدى النا ... ظر قَدْراً من جمل الأعلاقِ بِتُّ من قولك الذي قلت لي أم ... سِ مُعنّىً كأنني في وثاقِ حين أزعجَتني بينك عني ... قبل وصلٍ أنالُه أو عناقِ فصراخ الخطيب والمسجد الجامع ... إذ كان أول الإقلاقِ وعليك السلامُ يا طيّبَ الفَرْ ... عِ فطِيب الفروع بالأعراقِ 35 - حمد بن حمد الكشي، أبو زيد من بلاد الترك، قدم بغداد في سنة نيف وخمسين وخمسمائة للحج، أنشد شعره أبو المعالي الحَظيري وشكر من فضله، قال: أنشدني الكشي لنفسه في التجنيس: بسيط لا يخدعنّك يوماً مادجٌ بعُلىً ... وحُسن سمْتٍ وأنت النازل النازي

36 - محمد بن أحمد بن عبيد الله بن سعيد الأموي المعروف بابن العطار من

فقابلُ المدح زوراً عرضهُ عَرَضٌ ... لِنافذات سِهام الهازل الهازي وله: طويل سماءُ معاليهمْ نقيٌّ من الطَّخا ... وجودُ معانيهم بَرِيءٌ من الخطَا 36 - محمد بن أحمد بن عبيد الله بن سعيد الأموي المعروف بابن العطار من أهل طرطوشة، أبو عبد اله، كان فقيهاً عالماً، حافظاً، متيقظاً، متفنناً في العلوم، أديباً شاعراً، نبيهاً، ذكياً، نحوياً، بصيراً بالفتوى، عارفاً بالفرائض والحساب واللّغة والإعراب، مقدَّماً في ذلك كله، رأساً في معرفة الشروط وعللها، متقناً لها، مستنبطاً لغرائبها، مدققاً لمعانيها، لا يجاريه في ذلك أحد، وجمع فيها كتاباً حسناً مفيداً معوَّل الناس في عقد الشروط عليه؛ مولده في سنة ثلاثين وثلاثمائة وتوفي عقب ذي الحجة سنة تسع وتسعين وثلاثمائة، وكان الجمع في جنازته عظيماً، وختمت عند قبره عدة ختمات، وهذا ما لم يعهد بالغرب مثله، فمن شعره ... " أقول كأن المؤرخ لم يجد له شعراً ". 37 - محمد بن أحمد بن عبد الله الصقلّي التميمي ذكره ابن القطّاع في " الدرة الخطيرة في شعر أهل الجزيرة

38 - محمد بن أحمد بن يحيى

" فقال: واسع الكلام، كثير النظام، فمن شعره يمدح إسماعيل بن علي الخزاعي: بسيط حَنّت إلى الصدِّ تبغي طاعة الملل ... لما دَرَت أنّ قلب الصبِّ في شُغُل إذا بدتْ قلت: غصنٌ فوقه قمر ... من تحت ليل على أعلاه منسدل لما رأته أسيرَ الحب ذا كلفٍ ... سقتْه من لحظها كأساً من الخبَل ترحلتْ بفؤادي يوم رحلتها ... وخلفتني أسيراً في يدي أجلي ويقول في مدحه: بسيط واقصدْ فتى الجود إِسماعيلَ ممتدحاً ... بخير شعرٍ كنظم الدرِّ منتخل تنَلْ فلاحاً وتظفره عند رؤيته ... بكلِّ ما تبتغي من صالح الأمَل أَغرَّ أبلجَ إنْ حالَ الجوادُ على ... ضنْكِ الزمان عن المعروف لم يَحُل حازالتكرّمَ قِدْماً والسماح معاً ... والمجدَ والفخر عن آبائه الأول 38 - محمد بن أحمد بن يحيى الكاتب الصقليّ، له شعر وكتابة، فمن شعره قوله: رمل إن يَغِصْ دمعي ففي القلب كلوم ... وإذا حلّ الأسى ليس يَريمْ أيها المغترّ بالدهر اتَّئِدْ ... هل نعيم فيه أو بؤس يدوم؟ 39 - محمد بن أحمد أبو عبد الله الصقليّ صاحب ديوان الإنشاء بجزيرة صِقليّة، له نظم ونثر، فمن شعره يرثي الأمير ثقة الدولة يوسف من قصيدة أوّلها: حَنانَيْكَ، ما حَيٌّ على الدهر يَسْلَمُ

40 - محمد بن الفقيه أحمد الكلاعي بن عبد الرحمن الصقلي

يقول فيها: طويل تأمّلْ بعين الفكر تدركْ حقائقاً ... من العلم ليست عن ظنون تترجم إذا حان منك الحينُ لم تُغنِ رقية ... ولم يدفع المحتوم عنك مُنَجِّم فخُذ حذراً من فجأة الموت إنما ... تسير على إثر الذين تقدموا فلو كان مخلوق من الموت ناجياً ... نجا في رؤوس الشمَّخِ الصُّمِّ أعصَم يَعِزُّ علينا أن توبَّنَ هالكاً ... وعادتنا فيك المديح المتمّم سقى الله أرضاً حَلَّها قبرُ يوسفٍ ... من المزن وكّافاً يجود ويسجم وصلى عليه اللهُ من مُتَوَسِّدٍ ... يميناً لها في كل فضل تقدُّمُ 40 - محمد بن الفقيه أحمد الكلاعي بن عبد الرحمن الصقلي له ترسل ونظم، فن شعره من قصيدة يمدح بها الأمير عبد الله بن المعزّ ابن باديس عبدون: بسيط اللهُ أكبرُ أودى الجَوْر، وانقشعت ... سُحْبُ النفاق، وزال الحادثُ النُّكُرُ بالأرْيَحيِّ الذي جادت أناملُهُ ... فقصَّرَت عن مَداها البُجَّسُ الغدُرُ جدوى السحاب إذا جادت هواملها ... ماءٌ، وجدواهُ فيما بَيننا بِدَرُ لم يلق جيشاً ولم ينهضْ لمعضلة ... إلا وآزره التوفيق والظفر يا أيها الملك الميمون طائرُهُ ... وكاشف الضُّرِّ عن قوم به انتصروا غادرتَ كلَّ عزيز كان ممتنعاً ... ووجهه بين أيدي الخيل منعفر والبيض تضحك والأعناق قد سفحتدمعاً من الدم في الأجساد ينحدر رميتَهم بخميس لو رميت بهدعائم الدهر كادت منه تنفطر

41 - محمد بن أحمد بن عبد الله بن محمد بن اسماعيل الأوساني

ماطال بغيُ أُناسٍ قطُّ من بَطَر ... إلا وأصبح في أعمارهم قِصَرُ إن غرّهم منك حِلمٌ قد عٌرفت به ... فالمَرْخُ يٌضرِمُ ناراً عودُه النضِر كأنهم حين مالوا عن سروجهمُ ... بالطعن شرْبٌ من الصهباء قد سكروا 41 - محمد بن أحمد بن عبد الله بن محمد بن اسماعيل الأوساني اليمني النسابة والأوسانيون من بطون حمير الكبار وساداتها، وفيهم الكرم والشجاعة وفيهم عمرو بين عامر الأوساني مُبيح ماله بوادي صِبر من مخلاف صنعاء، للناس، وفيه يقول شاعرهم: وافر ومِنَّا نجلُ ذي أوسان عمرو ... مسبِّل ماله قبل السبيلِ ومحمد بن أحمد بن عبد الله هذا المذكور من نسله، ولمحمد هذا شعر، منه قوله: طويل سائل مَعدّاً كلَّ يوم كريهةٍ ... وحاكمهم حُكماً وإن لم يُحكَّموا ألسنا شفَينا يوم بدرٍ صدورَنا ... بأسيافنا إذ قيل: يا فِهرُ أسلِموا فما أَسلموا حتى قضينا لُبانةً ... وغِلاًّ ولم يُطلبْ مع الغل مغنَمُ ونحن جدَعنا أنف قيسٍ ولم ندع ... بمكة مَن ينثُو ومن يتكلمُ فإن يزعموا أن النبي ورهطه ... بنو عمهم أولى ولاءً وأرحمُ فمالَهُم فخر علينا بمجدهم ... ونحن اتَّبعنا ما أحلَّ وحرَّموا

42 - محمد بن أحمد بن يوسف بن أفنويه الصنعاني اليمني

فما الفخر إِلا فخر قومي ومجدهم ... وما العزّ إلاّ حيث ساروا ويَمَّموا وما الأرض إلا أرضنا وسماؤنا ... وإن غضبتْ من ذا نِزار واعظموا 42 - محمد بن أحمد بن يوسف بن أفنَوَيه الصنعاني اليمني أحد الفقهاء بصنعاء، وعلماء الحديث، وكان يرى رأي أهل الكوفة ويروي عنهم وخاصة ابني أبي شيبة، ومن روى عنهما، وكان من أدباء عصره، وله شعر قليل، فمنه قوله: طويل أقول وطرْفي للنجوم مسامرٌ ... أراقب منها طالعاً بعد غائبِ ولاح سهيلٌ في السماء كأنّه ... على مَرْقَبٍ يُزْجي صفوف كتائب: ألا أيها الليل المُهيجُ وساوسي ... أما لكَ صبحٌ أنتَ شرُّ مصاحِب؟ ولما تولى القضاء ببيت ريب من جبل مِسْوَر: بسيط يا ليت شعري! هل الأيامُ محدِثة ... من طول غربتنا يوماً لنا فرَجا؟ أم هل ترى الشمل يضحي وهوملتئمويُبهج اللهُ صَبّاً طالما حَرِجا؟ لاحبذا بيتُ ريبٍ لا ولا نَعِمَتْعَينا غريب يُرى يوماً بها بهجا وحبّذا أنتِ يا صنعاءُ من بلدٍ ... وحبذاعيشُكِ الغضُّ الذي درَجا أرضٌ كأنَّ ثرى الكافور تربتُها ... وماؤها الراحُ بالماذيِّ قد مُزِجا تهدي الى الشمِّ أنفاسُ الرياح بها ما هبَّتِ الريح فيها العنبر الأرجا لولا النوائبُ والمقدور لم ترَنيعنها وعيشِك طول الدهر منزعجا

43 - محمد بن أحمد بن عمران اليمني

43 - محمد بن أحمد بن عمران اليمني المدعو بالقاضي الأجلّ، متميز في بلده، وله أدب وشعر، فمن شعره قوله: بسيط رَبْعٌ عفا لعهاد المزن مَعْهَدُه ... حتى تنكَّر عما كنتُ أعهَدُهُ ومنها: معدَّل القدِّ وافيه مُقوَّمُه ... مُنوَّرُ الخدِّ صافيه مورَّدُهُ نضرُ المحيَّا يكاد الدُّرّ يجرحُه ... رَخْصُ البَنانِ يكاد اللينُ يعقِدُهُ يسمو فينصبُه غصن ينوء به ... حيناً ويجذِبُه حِقفٌ فيقعِدُهُ ووجد ذي الشوق يُبديه تذكُّرهُ ... عند الخُلوِّ، ويخفيه تجلدُهُ 44 - محمد بن أحمد القاضي اليمني غيرالأول، أظنه من مخلاف جعفر، له في المكين صاحب التَّعْكُر: متقارب نظرتُ لصبح المعالي عَمودا يزيد اتضاحاً ويعلو صعودَا سعادة عصر المكين الأجَ ... ِّل يجري على ما يزيد السعودَا أزال من الشم غُلباً وصيداً ... وفتَّح من كل حصن وصيدَا فتوحٌ يَسُرُّ الوليَّ الودودَ ... ويُكبِت شانيَه والحسودَا مكارم لم تلق من سامع ... جحوداً فيبغي عليه شهودَا أتانا البريد بأنبائها ... ففازَ بنشر المعالي بريدَا وجاء الكتاب بتحقيقها ... لنا فحمِدنا الإلهَ المجيدَا

45 - محمد بن أحمد بن الحسن الفياض الأصبهاني

45 - محمد بن أحمد بن الحسن الفياض الأصبهاني أديب نظام الملك الحسن بن إسحاق، فمن شعره فيه: بسيط تنام في عدله للخلق أعينُهم ... وعينه في حفاظ الخَلق لم تنمِ لولا إقامته في الناس رأفتَهُ ... أضحى جميعهم لحماً على وضم يا حائزاً في مضامير العلى قصباً ... تضاءَلتْ عنه في تقريظه كلمي لم أَلق غيرك بعد الله يا وزَراً ... تلقي الجران إليه باركَا نعَمي 46 - محمد بن أحمد المختار الزَّوْزَني له أدب وشعر في مدح نظام الملك الحسن بن إسحاق الطوسي، فمن شعره: طويل سلام على تلك المعاهد بالحِمى ... وإن عجمتْ عن أن تجيب مسلِّما ديار عليها للتقادم ميسم ... وعهدي بها للحسن والطيب موسما أَذلت ذُيول العشق في عرَصاتها ... وُصنتُ الهوَى عن أن ينال محرّما منازل غزلان أطعت بها الصبا ... وكان الهوى فيها عَليَّ محكّما وقفت عليها للأسى غيرَ مالك ... أحاكي بأسبال الدموع متيما ويممتها من بعد عهد فذكَّرت ... عهود غدور غادرتني متيما ولست وإِن أحببت من كان بالحمى ... أعق حبيباً بالعقيق مخيما

47 - محمد بن أحمد بن محمد القايني والد العميد كمال الدولة

بنجدٍ وغور والعقيق وبارق ... هوايَ تجزَّأ والفؤادُ تقسَّما بكل مكانٍ لي هوىً غير أنَّ لي ... وفاءً حَمى قلبي بساكنة الحِمى ومنها: إذا ما شربتُ الكأسَ وارتدتُ قبلة ... تعِزُّ عليها قرَّبتْ لفمي الفما وإنْ تركتْني سَوْرة الكأس عابساً ... أهاب لظاها سوَّغتْها تَبَسُّما وتلقي أحاديثاً كمعسولة المُنى ... فأسرُدُ منها سمطَ درّ منظما لأجعله يوماً عقوداً نضيدة ... ألاقي بها الشيخ الأجل المعظما وزيرٌ به شدّ الممالك أزرها ... وعاد به منْآدُماً متقوِّما وجلَّتْ ظلام الظلم أضواءُ عدله ... أَلا فتأمَّلْ هل ترى متظلما؟! إذا فوَّق التدبير صائبُ رأيه ... على مُشكِلٍ قد رام، أقصد ما رمى فأين " ابنُ وهب " فليقمْ يَرَ عنده ... مصابيح رأي تزهرالليل مظلما وليت " ابن قيس أحنف " الحلم لم يمت ... ليبصرَ حلماً يستخفّ يرمرما ولو طيءٌ رأت سماح يمينه ... طوت ذكر جود في " عدي ابن أخزما 47 - محمد بن أحمد بن محمد القايني والد العميد كمال الدولة أبي الرضى أبو نصر، من أفراد الدهر، وأمجاد العصر، له نثر وشعر، في الرقة كالشَّعر، أديب ابن أديب، كتب إليه والده أحمد بن محمد القايني بهذه الأبيات: طويل

سلامٌ ورَيحان ورَوح وراحة ... على الولد المرضيِّ عندي أبي نصر تذكِّرُني الأيام طَلعة وجهه ... وتمنعني عما أريد سوى الذكرِ فياليتني أُلفي صباحاً طلوعه ... وممْسى ونغدو سالمينِ من الهجر ويا ليتني أحيا إلى وقت عوده ... ويا ليته يحيا إلى آخر الدهرِ فأجابه ابنه الشيخ أبو نصر محمد بن أحمد: طويل لعَمرُ أبي إنّي كتبتُ وأَدمعي ... تسيل فتمحو ما أُنمق من سطري وما كنت أدري قبل ذلك ما النوى ... فأدرَتني الأيام ما كنت لا أدري ولكنني أرجو بيُمنِ دعائه ... من الله صنعاً يستقيم به أمري ومن قوله: طويل سقى الله أياماً لنا ولياليَا ... أُعانق فيها جيد حالي حالِيِا لقد كنَّ في صدر الزمان بحُسنها ... صداراً، وفي سِلك الليالي لآلِيَا وكن لوجه الدهر خالاً فأقبلت ... حوادث رَدَّته عن الخال خاليا تصرمت الأسبابُ إلا تذكراً ... لبَهجة أيامٍ مضينَ خواليا وهذا صنيع الدهر بين أُولي النهى ... إذا لم يكفلفهم قلاً فتَقاليَا عليَّ زمان ليس لي، ليتني أرى ... طلوم زمان لا عليَّ ولا ليَا وله وهو حسن: طويل تركتك لا شكر لدي ولا شكوى ... ولا عتبَ فيما قد فعلت ولا عُتبى إذا لم يكن عندي لمثلك مِنَّةٌ ... فلله فيه عندي المِنة العظمى وله: منسرح من ذهَب ذا المدام أَم عِنبٌ؟ ... مِن عِنب فهو سيد الذهبِ؟ الكَرمُ أصلٌ وفرعُه كَرَمٌ ... أما ترى كيف حكمة العرب؟ عليك بالراح فهي رائحة ... لكل روح براحة عجب

48 - محمد بن أحمد بن عبد الله بن زياد القطان

48 - محمد بن أحمد بن عبد الله بن زياد القطان ويُعرف بالمتُّوثّي أبو سهل، قال الخالع: كان أبو سهل أحد الشيوخ الفضلاء المقدمين، روى الحديث ونقل عنه، وكان ثقة فيه، جيد المعرفة به، وله أيضاً رواية كثيرة في الشعر واللغة والآداب، سمع ذلك كله عن بشر بن موسى الأسدي، ومحمد بن يونس الكَديمي، وأبي العيناء، وثعلب والمبرَّد وغيرهم من أهل العلم والرواية ونقلة الحديث؛ ولقِي السُّكّريَّ أيضاً وسمع منه " أشعار اللصوص " صنعته؛ توفي في سنة تسع وأربعين وثلاثمائة بعد أن فلج، وكان ينزل دار القطن غربي بغداد، وله بقية حال حسنةٍ، وكان في ابتداء أمره يتوكّل لعليّ بن عيسى بن الجراح، وصحبه حين أخرج من بغداد وعاد بعوده، ونزلوا في طريقهم بأحد أُمراء الشام، فحمل على يده إلى علي سمكةَ فِضة وزنها ما يزيد على خمسة آلاف درهم

49 - محمد ابن أحمد بن الخشاب الحلبي، أبو الحسن القاضي

للطيِّب، وعليها جوهر وياقوت قد رصِّعت به فامتنع من قبولها على عادته في ذلك، فردها على صاحبها، فوهبها له فلم يتجاسر على أخذها إلا بع استئذان علي بن عيسى، فأذن له فقبلها فكانت أصل نعمته، وكان يحفظ القرآن ويعرف القراءات ويرويها، ويطَّلع على قطعة من اللغة، ويعرف النحو ويحفظ الشعر ويقوله، ويقصد القصائد، وكان إماميّ المذهب متظاهراً به. وكان في الأصول على رأي المجبِرة ولم يعقب ولداً ذكراً، وكانت له إبنة بقيت إلى سنة أرببعمائة وباعت كتبه بأخرة، فمن شعره وليس بالمختار قوله: بسيط مجزوء قد صح قول النبي عندي ... أنّ علياً هو الإمامُ فإن تواليته بحق ... ليس على مثلِه ملامُ بفضله فاق كلَّ فضل ... يعجز عن مثله الأنامُ ذا مذهبي ليس لي سواه ... انقطع القول والسلام وله أيضاً يعرض بالصُّولي: رمل مجزوء غضِبَ الصُّولي لمَّا ... كسَر الضيفُ وسمَّى ثم عند المضغ منهُ ... كاد أن يَتْلَفَ غمَّا قال للضَّيفِ: ترفَّقْ ... شُمَّ ريحَ الخبزَ شَمَّا واغتنم شكري فقال الضَّ ... يفُ: بل أَكلاً وَذمَّا 49 - محمد ابن أحمد بن الخشاب الحلبي، أبو الحسن القاضي من بيت تقدم في مدينته، وله رئاسة مشهورة بمدرته، وذكر جميل،

50 - محمد بن أحمد بن رحيم، أبو بكر ذو الوزارتين الأندلسي

وفعل أفعالاً صالحة زمن مضايقة حلب بالحصار، وذكر وذلك مشهور بن ذوي الأقدار، وآثاره تدل على نفاسة ورئاسة، وله شعر نقلته من خط بعض الحلبيين قال: نقلت من خط ولد ابن ابنه القاضي أبي طاهر إبراهيم بن سعيد بن يحيى بن محمد بن أحمد بن الخشاب مما قاله: طويل وليلٍ وطئنا منكبيه بضُمَّرٍ ... عليها رجالٌ كالمهنَّدَة البُتْرَ تخال سيوف القوم فيه وقد سَرَوْا ... ليستأصلوا أعداءهم غرَرَ الفجر 50 - محمد بن أحمد بن رُحَيْم، أبو بكر ذو الوزارتين الأندلسي صاحب الديوان بإشبيلية، توفي سنة عشرين وخمسمائة، من بيت رئاسة ونفاسة، وفيه فضل كامل، وأدب بيته غير خامل، سمح اليد، ليِّن الجانب، قليل الكبر؛ فمن شعره قصيدة نظمها في شعبان سنة خمسة عشرة وخمسمائة في الأمير أبي إسحاق إبراهيم بن يوسف بن تاشفين وهي: وافر سقى الله الحمى صوبَ الوليِّ ... وحيَّا بالأراكة كلَّ حيِّ وإن ذُكِرَ العقيقُ فباكرَتهُ ... سحائبُ مُعقباتٌ بالرَّويِّ يروِّض مسقطَ العلمين سكباً ... يلامسه جَني الزهر الجنيِّ ولا بَلِيَتْ بمُرسيةٍ برودٌ ... مطرَّزة بأشتات الحليِّ ذكرتُ معاهداً أقوَتْ وكانت ... أواهِلَ بالقريب وبالقَصيِّ أقول وإن غدَوْتُ حليفَ شجوٍ ... أُعلِّلُ لوعةَ القلب الشجيِّ

لأصرفُ غيَّةً طرْفي وكفِّي ... عن اللحظ العليل النَرجسيِّ وأحرزُ منطقي عن كلّ هُجْرٍ ... وأهجرُ كلّ مِلسانٍ بَذيِّ ولما أن رأيت الدهرَ يُدني ... دَنِيّاً ثم يسطو بالسنيِّ وجدت به على الأيام غيظاً ... كما وجد اليتيم على الوصيِّ طلبت فما سقطت على خبير ... يخبِّرُ عن وداد أو صفيِّ كما أني بحثت على كريم ... فما أَلفيتُ ذا خلق رضيِّ ولولا واحد لسددت عيني ... فلم تُفتح على شخص سريِّ هو الملك المعظم من ملوك ... ينير بهم سَنا الأفق السنيِّ له هِمَمٌ تعالى كل حين ... يفوق بها ذرى النجم العليِّ وحسن خلائق رقَّتْ فجاءت ... كما هبَّ النسيم مع العشيِّ مَصونُ العِرْض مبذول العطايا ... نديُّ التُّرْب مبرور النديِّ جوَادٌ جودُه إن سيلَ سَيْل ... ويأتي عرفُهُ مثل الأتيِّ يمدُّ إلى العفاة يمينَ يُمْنٍ ... تليِّنُ قسوةَ الدهر الأبيِّ تحلّى ملكه بحلى بهاهُ ... كما ازدانَ المقلَّدُ بالحليِّ تدار عليه أكوَابُ المعالي ... فيأخذ من هِزَبْر أرْيَحيِّ وهي طويلة.

51 - محمد بن أحمد أبو سعد

ومن شعره أيضاً: بسيط بيني وبين النوى ذَحْل فإنْ صدعت ... شملي فعندي تفويض وتسليم وإنْ تكن نثرتْ سلكي نوى قذفٌ ... فإنَّ سلْكَ رجائي فيك منظومُ 51 - محمد بن أحمد أبو سَعد شاعر كان بالمعرَّة، يدل شعره على وفور أدبه، فمن شعره ما قاله يرثي القاضي أبا مسلم وادع بن عبد الله بن سليمان المعرّي: طويل أَجدُّكَ ما يصحو لها غمرةٌ سُكْرُ ... تمادت فلا يخلو بها من جوىً صَدْرُ ولا تسترقُّ القلبَ في الدهر سلوةٌ ... فإنْ طال فينا بعد معقوده الدهرُ ولا يشتفي بالدمع باك ولو جرى ... إلى قلبه من فيض أجفانه نهرُ ولا تخمد النارُ المثيرة في الحشاولو مطرت تحت الضلوع لها جمرُ وكيف وقد أصمى أبا مسلم الردىوجنَّبنا حُلوَ الحياة القضا المرُّ وأغدر فينا بعد إشراق نورهزمان لحاه الله شيمته الغدرُ فليت الليالي قاسمتنا صروفها ... وكان لها شطر، وكان لنا شطر أَعاذلتي لو أنصف الموت لم يعشْ ... لموتِ ابن عبد الله عبدٌ ولا حرُّ وما الشعرُ كفْءُ الرُّزءِ فينا ولو غدالهذا المصاب اليوم يستنفد الشعرُ ولكن جرى رسم بذلك أوَّلٌيعزَّى به مجدٌ ويبقى له ذكرُ ولما قضى " مجدُ القضاة " تبينت ... جهالة غاوٍ أنَّ قد أزف الحشرُ بنفسي كريم كان يلفى عُفاتَه ... إذا قابلوه منه قبل النَّدى البشرُ بنفسي كريم كتبه بعد طيِّه ... يُبيّن علمَ المشكلات لما نشرُ مضى عن حميد الفعل فينا جزاؤه ... من الله والناس المثوبة والشكرُ

يخفِّف عنه كل ثقل صنيعه ... ويثقل عطفيه المحامد والأجرُ فتى كان يحذوه على حسن عفوه ... عن المجرم، الأصل الذي طاب والنجرُ فتى مازجت في جسمه نفسه العلى ... كما امتزجت بالماء في كأسها الخمرُ إذا ما خطا في المجدِ باعاً تقاصرت ... خُطى غيره أن يستقل بها فترُ شهاب جلت أنواره كل بُهمة ... إمام هدى للمهتدين به، حَبْرُ ليبكيه في العلياء رتبةُ مجدِهِ ... ويندبُه في الجود نائله الغِمْرُ وما كان دحرى بالمعرة بلدة ... ولو فاخرتها فيه بغدادُ أو مصرُ أمسجده كيف اسستطت تثبتا ... وقد غاض منه تحت تربتك البحرُ؟ يعزّ على أهل الشآم ومَن به ... أبا مسلم إن عزَّ عنهم بك الصبرُ وإلا لَقوا ضرباً وطعناً تقطعتْ ... به فيهم البيض القواطع السمرُ وذاك كميٌّ قد دعا الموتَ باسمه ... وأنحنى إليه دون مصرعك النحرُ إذا ما اقتضى في الحرب عضباً أو اقتَنَىقناة فمن زيدُ القنا ثم أو عمرو؟ يمرِّر حلو العيش في فيه انهيرى الغبنَ ان يحويك من دونه قبرُ ولكن إذا الخلاق أمضى قضاءه ... فما في يد المخلوق نفعٌ ولا ضرُّ ودنياك لم يعصم من الحين والرَّدى ... بها بطلاً فتْك ولا أسداً زأرُ يعزّ علينا أن نزورك ثاوياً ... ودارك منك اليوم موحشة قفْرُ هي الكعبة المفروض في الناس حَجُّهاومسجدك الأقصى، وتربتك الحِجْرُ وأركانُ هذا البيت كالركن حرمةيوفَّى بها دَين، ويقضي لها نذرُ وفي أن يُراق الدمع حول ضريحه ... لأعظمُ أجراً أن يريق الدمَ العترُ

وما ظهرت للقطر بعدك بهجةٌ ... فتشكر إذ لم يكس زينتها النحر هو الدهر لا ينفك بعدك معتماً ... وإن طلعتْ شمسٌ أو اكتمل البدرُ سقى جدثاً أُوْطِنته كلُّ عارضٍ ... يصوبُ بما تَهمي أناملك العشرُ وإلا سقاه من يديك غمامةٌ ... قريبٌ بها عهدي إذا احتبس القطرُ وفيك أبا المجد الذي فيه كلّه ... صفاتك عن أوصافه البيض تفترُّ سليل أبيه والغذي لُبانه ... إليم انتهى من بعده النهي والأمرُ تقوم بمسعاه الذي كان ساعياً ... فما دون ما تبغي حِجاب ولا سَترُ ولو لم يكن هارون أهل خلافةٍ ... على الأمر لم يشدَد لموسى به أَزرُ يرجِّيك عصرٌ أنت فيه وأهله ... ويخشاك دهرٌ عنده لكم وترُ وفي غيل ذاك البيت إذ غاله الرَّدى ... ثلاثة أشبال ضراغمةٌ عفرُ كواكب أفق يُستضاء بنورهم ... فلا أفلت منه كواكبه الزُّهرُ وحسبُكَ من أنجابك الغرُّ أنهم ... أبا المجد للمجد المنيف همُ الصدرُ تعَبَّد " عبد الله " كلاً بفعله ... وأحرز كسب الشكر من قبله " شكرُ " وحولك من أبناء عمِّك أنجُمٌ ... بهم في غياهيب الدجى يهتدي الشعرُ شموسٌ وأقمار إذا ناب نائبٌ ... بدا منهم في كلِّ مظلمة فجرُ أضاءتْ لهم أنسابهم كلَّ مُغْدر ... يُرَقِّي إلى العلياء مسلكه وعرُ فنال بها " مَرضيّ " ما نيله الرضى ... وأدرك منها " مُدركاً " ما انتهى النسرُ وخالت سليماناً " سليمان " قد رقتْ ... إليها به ريحٌ مسافتها شهرُ وألفت " أبا نصر بن زيد " و " أحمدا " ... أناف على من سنّها لهما قدرُ أولائك قومٌ أقومُ الناس بالعلى ... على ذاك منّا أجمع البدو والحضرُ هم الخلَف الباقي من السَّلَف الذي ... على من مضى أو من سيأتي له الفخرُ أصولٌ زكت منها فروعُ غصونها ... لها الثمر المجنيُّ والورقُ النضرُ أُولوا الحسب الباقي توخوا محلة ... من المجد أضحت فيه وهي لهم بكرُ

أرى كل ذي قدر وإن جلَّ قدرُهُ ... به وإن استغنى إلى جاههم فقرُ فمن لا يواليهم ويرضى رضاهم ... ويُسخِط من عادوا فإيمانه كفرُ وقال يرثي الشيخ أبا اليُسْر شاكر بن زيد في محرَّم سنة تسع وثمانين وأربعمائة: وافر نعمْ خطبٌ ألمَّ بنا جسيمُ ... ضئيلٌ عندَهُ الأمرُ العظيمُ مصابٌ يا (ابن زيد) حلَّ فينا ... فهلْ صبرٌ لديك به يقوم؟ وكيف وفي الجوانح منه نارٌ ... غدتْ تصلى بزفرَتها الجحيم؟ إذا لفحتْ حشا المحزون ضلت ... تمزّقها كما يُفرى الأديم أُواصلها بدمع مستهلٍّ ... لكي يخبو به ذاك السموم فتبعثه دُرَاكاً كاللآلي ... جفون لا يَني منها السجوم وتسكبه عقيقاً في أوانٍ ... تفيض به من الكبد الكلوم نثيراً ودَّت العذراءُ لما ... رأته لو أنه عقدٌ نظيم وينظر شخص عينك شخص عيني ... غريقاً في مدامعها يعوم وقد خطَّتْ على خدَّيَّ وَسماً ... وصار بوَجْنَتيَّ لها رسومُ نتوق إلى مصاحبة الليالي ... وأحداث الزمان لنا خصوم ونطمع في البقاء وليسَ خَلقٌ ... على حالٍ تسالمهُ يدوم هي الدُّنياعلى ذاك استمرَّتْ ... وأتقنها كما شاءَ العليم فأجسام تواصلها نفوس ... وأنفاسٌ تفارقها جسوم وليس يدافع الأحكامَ علْمٌ ... يُخَطُّ ولا نطاسيٌّ حكيم فيا لهفي على ندبٍ تولَّى ... وفي الأجسام منه جوى مقيم ويا حرقي على من لا يُرَجّى ... لغيبة شخصه عنّا قدوم

ويا أسفي على بدْر حواه ... ضريحٌ قعرُهُ شعثٌ يَهيم إذا هبّت به الأرواح أهدى ... نسيم المسك منه لنا النسيم ويا عجباً لإقدام المنايا ... عليه كيف جسَّرها الهجوم؟ أما استَحْيَتْه أو هابَتْه لمّا ... أتته تسوم منه ما تسوم؟ فتى ذهلتْ لمصرعه وطاشتْ ... لِدَكَّة ذلك الطودِ الحلوم فتى ما انفكَّ يندى منه وجهٌ ... ويعرف فيه نظرته النعيم فتى أدناه من (رضوان) فعل ... عليه شاهدٌ كرمٌ وخيم فتى لاقته بالأكواب حورٌ ... تُفَضُّ بأمره عنها الختوم لتبكيه المكارم والمعالي ... وتفديه المآثر والعلوم أبا اليُسْر الذي ما كان إلا ... إلى أسداءِ عارفة يهيم يخصّ الرزءُ قوماً دون قوم ... ورُزْؤكَ في الأنام لها عموم ويملَلُ حزنُ كلّ رهين رَيْمٍ ... وحزنك لا يُملُّ ولا يَريم ستُسقي تُرْبَكَ الأجفانُ رَيّاً ... إذا ضَنَّتْ بما فيها الغيوم أَأُسْرَتُهُ الكرام الصبرُ أَولى ... على ما أحدثَ الزمنُ اللئيم لأنَّ الحمدَ فيه بكم جدير ... على علاّته وهو الملوم وفي النَّجل الكريم (أبي عليّ) ... سدَادُ الثَّلم إذ فُقِدَ الكريم ونَيلُ (بني سليمان) المعالي ... على ما أدركوا منها قديم هم الأعلام في الحَضَر الموفَّى ... فخارهُمُ، وفي العرْب الصميم لهم نسبٌ يَبُزُّ الشمس نوراً ... وتحسده على الشرف النجوم همُ رفعوا عماد المجد حتى ... أناف، وليس فيه لهم قسيم فلا زالتْ جدودهمُ صعوداً ... على قُلل السعادة تستقيم ولا انفكَّ البقاء لهم قريناً ... يدوم مع الزمان كما يدوم

52 - محمد بن أحمد العلوي السيد أبو طالب الحسيني الطيلسي

52 - محمد بن أحمد العلوي السيد أبو طالب الحسيني الطيلسي شريف سيد كبير القدر، له تصنيف وشعر ونثر، فمن شعره: كامل إن المكارم أصبحت لهْبانَةً ... حرَّى وأنت بلالُها وبليلُها وإذا المكارم ذللتْ أو ضللتْ ... يوماً فأنت دلالها ودليلها وله: كامل لا تلحقنك ضجرة من سائل ... فدوام عزك أن تُرى مسؤولا واعلم بأنك عن قريبٍ صائرٌ ... خَبراً فكن خبرا يروق جميلا 53 - محمد بن أحمد الدوايي الأديب أبو العلاء الأصبهاني أديب، فاضل، أثنى عليه أهل زمانه، وكان حلو اللفظ، حسن الخط، وأكثر شعره في وصف أصفهان، فمن ذلك قوله: رمل مجزوء من يكن يثوي بأرض ... غير هذي الأرض يُخطي جبذا أرضُ المصلَّى ... رَبْع إخواني ورهطي ونشاطي حول وادٍ ... ماؤه لؤلؤ سمط ريحُه عنبر هندٍ ... والحُصى كافور خرطِ وكأن الماء شعري ... وكأنَّ الرَّوض خطي هذه الأرض وسُعْدى ... والصِّبى والراحُ شرطي

وله أيضاً: رمل مجزوء قَرَّ بالنرجس عيني ... وَقضت علوةُ ديني فاغتنم فرصة دهرٍ ... لم يزل يسعى ببيْنِ هاتها ذَوْبَ نُضارٍ ... في قميص من لجينِ تتلالا في بَنان ... كسنان في ردَيني بين شطَّيْ رنْد وردِ ... فتلالِ الجبلينِ حبَّذا أرض المصلَّى ... حبَّذا جسرُ الحسينِ وله وكتب على قدح: كامل أنا راحة الأرواح فيها بينكم ... ما دام فيَّ سُلاف راحٍ صافيهْ من مدّ نحوي للذواق يمينه ... مدَّ الإله عليه ظلَّ العافيهْ وأنشد له الشيخ أبو محمد الحمداني قال: أنشدني الشريف أبو المكارم المطهر بن علي: كامل يا أهل واسط إن صاحبكم صَبا ... من بعد طول تبتُّل وصلاحِ تبِع الهوى في حبٍّ ظبي شادنٍ ... ذي مُقلة سكرى ولفظ صاحِ في وجهه لذوي البصائر والنُّهى ... نُزَهُ العيون وراحة الأرواحِ ذي غرّة زِينب بأحسن طُرَّة ... كسواد ليل في ضِياء صباحِ كم ليلة قصَّرتها بمُدامة ... وقطعتُها بفكاهة ومزاحِ تقبيله نُقلي، وعذب رضابه ... خمري، وضوء جبينه مصباحي ثم انثنيت وساعديَّ قلادةٌ ... في النحرِ منه، وساعِداه وشاحي نفسي الفداء لمن أطعت له الهوى ... وعصيت فيه ملامة النُّصَّاحِ وأنشد له أيضاً، قال: أنشدني له الرئيس ابن فضلان من قصيدة أخرى: كامل

54 - محمد بن أحمد أبو عبد اللة الهاشمي الصقلي

لولا تعرُّض ذكر من سكن الغضا ما كان جسمي للضنى متعرِّضا لكن جفا جفني الكرى بجفائهم ... وحشا حشاي فراقهم جمر الغَضا ولو أن مالي بالرياح لمَا جَرتْ ... والبدر لو يُمنّى به ما أومضَا ولو أنني أفضي بأسرار الهوى ... يوماً إلى أحدٍ لضاق بها الفضا 54 - محمد بن أحمد أبو عبد اللة الهاشمي الصقليّ المعروف بابن الخالة الفرضيّ كان عالماً بالفرائض وعلم الوثائق، وكان يصنع الشعر رياضة لطبعه للتأدب لا للتكسب، فمن شعره قوله: طويل صددت بوجهيْ عن حبيبي تستراً ... وأبديت نكراً في الهوى وتغيُّرَا وصرت كمن عن حِبه بعد حُبِّه ... تجافاه من فرط الجفاء وأقصرَا وفي كبدي من لاعجِ الشوق جمرةٌ ... غدا لفحها بين الجوانح مُضمَرَا ثوتْ بين أضلاعي فخامرتِ الحشا ... وأذكى جواها جمرَها فتسعَّرَا أحبُّك حب الماء في أرض قفرة ... بهاجرةٍ ظمآن ظل مُهجِّرَا وإن كنت قد أقصرت عنك العلة ... فكا زِلت في عين الضمير مصوّرَا وإني كمن قد غالب الشوق صبره ... وأَورثه الأشجان أن يتصبرَا وكم عذل العذّالُ فيه ولو رأَوْا ... محيَّاهُ كانوا لا محالة أعذرَا وكم من صحيح أَسقمَتْ لحظاته ... وعين امرئٍ نوّامة العين أسهرَا كأن عليه من صفاءِ أديمِه ... إذ اللحظ أدماه عقيقاً وجوهَرَا

55 - محمد بن أحمد الفراتي الأمير الخراساني

55 - محمد بن أحمد الفراتي الأمير الخراساني ذكره البيهقي في " الوشاح " قال بعث إليَّ بخطّه الشريف: بسيط لا تفخرن بغير السيفِ والقلم ... ودعْ حديثك عن ضالٍ وعن نشم لا تبكينّ على رسم ومنْزِلَة ... عَفَى معالِمها هطّالة الدَيم علام تُصبح صَبَّاً بالهوى كلِفاً ... والقلبُ مكتئب والعينُ لم تَنَمِ؟ واترك طِلابَ الغواني إنَّ مطلبها ... سجيَّةٌ خلقت من أَلأم الشِيَم وخُضْ غِمار الرَّدى واركب مهالكها ... قسراً ولا تدمين كفاك بالنَّدَمِ أما ظفِرت بمن تهْوى وتطلبُه ... صرت ذا خَوَلٍ جَمٍّ وذا خدمٍ 56 - محمد بن أحمد بن سهل الحنفيّ العدل النحوي الواسطي أبو غالب المعروف بابن بُشران ويُعرف بابن الخالة أيضاً من أهل واسط، كان أحد أئمة اللغة، وكان فاضلاً بارعاً مكثراً من كتب الأدب. قرأ على جماعة كثيرة من أثمة أهل الأدب، ثم صار شيخ العراق في اللغة في وقته، وكان الناس يرحلون إليه ويسمعون منه، ويقرؤون عليه، وله شعر أجود من شعر العلماء، فمنه: ودّعتهمْ والقلبُ يَصْحَبُني ... ثم انثنيتُ وليس لي قلبُ

57 - محمد بن أحمد بن حمد بن إسماعيل بن عبد الجبار

كيف السَّبيلُ إلى تفهُّم ما ... تأتي به الشُّعراءُ والكتبُ؟ أَم كيف أملكُ بعد بينهمُ ... صبراً وفيهم غُودِرَ اللبُّ؟ نُغِّصتُ طيبَ العيشِ بعدهُم ... فأمرّ من مشروبي العذبُ كتب إليَّ أبو المظفر عبد الرحيم بن تاج الإسلام أبي سعد المروزي - رحمه الله - من مدينة مرو من خراسان، أخبرني أبي سماعاً عليه من كتابه بقراءة مسعود بن محمود بن علي الطرازي ببخارى في شوال سنة ثمان وأربعين وخسمئة، أخبرنا أبو عبد الله بن الجلاّبى بواسط قال: أخبرنا أبو غالب بن بُشران لنفسه اجازة: منسرح يا شائداً للقصور مهلاً ... أَقصِرْ فقصْرُ الفَتَى المماتُ لم يجتمع شَمْل أَهْلِ قصرٍ ... إلاّ وقُصْراهم الشّتَاتُ وإنّما العيشُ مثلُ ظِلٍّ ... منتقلٍ ما له ثباتُ وبالإسناد: توفى أبو غالب بن بُشران النحوي بواسط يوم الخميس الخامس عشر من شهر رجب سنة اثنتين وستين وأربعمئة كذا ذكر عبيد الله التميمي. 57 - محمد بن أحمد بن حمد بن إسماعيل بن عبد الجبار ابن مفلح الأنباري، أبو طاهر بن أبي الحسين بن أبي الصَّقْر من أهل الأنبار، ثقة، فاضل، خيِّرٌ ديِّنٌ، رحل إلى مصر والشام والحجاز وسمع الكثير وحصل الكتب ورجع إلى بلده الأنبار وحدَّث

واشتهرت عنه الرواية، كتب إليَّ أبو الضياء شهاب بن محمد الشذباني من هَرَاة رحمه الله تعالى: أخبرنا تاج الإسلام المروزي السّمعاني من كتابه بالجامع القديم بهَرَاة بقراءة أبى النضر الغسامي في غزة شهر ربيع سنة أربعين وخسمئة، أنشدنا أبو الفوارس خليفة بن محفوظ بن أبي يعلى الأنباري من حفظه وكتب لي بخطه: أنشدنا أبو طاهر بن أبي الصَّقْر لنفسه: كامل يا دهر صافيتَ اللئامَ مُعانِداً ... أبداً وعاديتَ الأكارم عامدَا فغدَوْت كالميزان يرفعُ ناقصاً ... أبدا وَيَخْفضُ لا محالة زائدا هذان البيتان من قطعة لابن الرومي مشهورة ولعل ابن أبي الصقر أنشدهما متمثلاً وظن خليفة الراوي أنهما له، كتب إليّ أبو المظفر عبد الرحيم ابن تاج الإسلام السمعاني من مرو رحمه الله: أخبرنا أبي - رضي الله عنه - من كتابه بقراءة الطرازي ببخارى، أنشدنا أبو الفضل محمد بن ناصر بن محمد بن علي الحافظ من لفظه: أنشدنا أبو طاهر بن أبي الصقر لنفسه: متقارب حمام ينوحُ بوادي سهام ... ويندُب إلفاً له بالشآمِ ويذرف دمعاً له مغرقاً ... فأبكي لتغريده في الظلامِ أقول وقد شفَّني نوحُه ... فشرَّد عني لذيذ المنامِ: كلانا غريبٌ مشُوقٌ إلى ... حبيب له وإلى الالتئامِ ألا يا حمامُ، وُقِيت الحِمامَ ... وسُقيتِ من صوب برد الغمامِ كتب إلي أبو الضياء شهاب بن محمود الشذباني الهروي، أنبأنا السمعاني من كتابه بقراءة أبي النضر الغساني عليه بجامع هراة العتيق، أنشدنا خليفة ابن محفوظ في محمد المؤدب من لفظه في الرحة الثانية إلى الأنبار وكتب لي بخطه: أنشدنا أبو طاهر محمد بن أحمد بن أبي الصقر لنفسه:

58 - محمد بن أحمد بن عمر الفقيه

رمل مجزوء نفسُ كوني ذات خوْفٍ ... واتقاءٍ واجتنابِ لا تظني الناس ناساً ... أيُّ أُسْدٍ في الثيابِ! وبالاسناد: أنشدنا خليفة بالأنبار في الر حلة الثانية، أنشدنا ابن أبي الصقر لنفسه: كامل صدِّق وصلِّ وصُمْ وجاهد مشركاً ... واحجج وطُفْ بين الحطيم وزمزمِ وتجنّبْ السبع الكبائر واجتهدْ ... في الخير ويحك، لا تلمَّ بمحرم إن لم تعِفَّ عن الفواحش كلِّها ... وتخاف خالقَها فلست بمسلمِ وبالاسناد قال تاج الاسلام: سألت أبا الفتح ابن الحلال إمام جامع الأنبار عن وفاة أبي طاهر ابن أبي الصقر فقال: في سنة ست وسبعين وأربعمئة، وزاد في عشرة في جمادى الآخرة ودفن بالأنبار، وذكر شيخنا أبو الفضل محمد بن ناصر السلامي إن وفاة أبي طاهر ابن أبي الصقر كانت في شعبان من سنة ست وسبعين وأربعمئة، ورأيت في كتاب عبيد الله التيمي أنه مات في جمادى الآخرة من السنة المقدم ذكرها. 58 - محمد بن أحمد بن عمر الفقيه له شعر، كتب إليَّ أبو المظفر عبد الرحيم في تاج الإسلام المروزي، أخبرنا والدي: أنبأنا عبد الغافر بن إسماعيل الفارسي إجازة، أنشدنا أبو الفتح بن سمكويه، أنشدني أبو الحسن بن أبي العباس الفارسي، أنشدني أبو سهل المحمودي، أنشدنا أبو عبد الله محمد بن أحمد بن عمر الفقيه لنفسه: بسيط جمعتُ علماً كثيراً ليس يجمعُه ... إلا الموفّق فاجمع بعده المالا كي لا تكونَ غداً كلاًّ على أحدِ ... وتُوسِعَ الناس إنعاماً وأفضالا

59 - محمد بن أحمد بن الحسين بن علي بن أحمد بن سليمان بن

قال وأنشدني أيضاً: بسيط عليكَ بالمال فاجمعه لتعطيَهُ ... لا خيرَ في الفقر ذو الاعدام محتقرُ إحسانه غيره معتدٍّ به أبداً ... وذو الغنى ذنبه في الناس مغتفرُ 59 - محمد بن أحمد بن الحسين بن علي بن أحمد بن سليمان بن فرج البغدادي، أبو الفضل بن أبي سعد من أهل أصبهان، من بيت العلم والحديث، كان واعظاً، حلو المنطق عالماً بالتفسير ومعاني القرآن، حسن الاعتقاد، سمع الكثير، وله شعر، كتب إليّ أبو المظفر عبد الرحيم المروزي: أنشدنا أبي في كتابه، أنشدنا سعد أحمد بن محمد بن أحمد بن الحسن البغدادي إملاء بالمدينة، أنشدنا والدي عند قبر النبي صلّى الله عليه وسلّم: أتيتك راجلاً ووددت أنّي ... جعلتُ سوادَ عيني امتطيه ومالي لا أسير على المآقي ... إلى قبرٍ رسولُ الله فيه وبالاسناد قال تاج الإسلام: قرأت بخطّ شجاع بن فارس الذُّهلي: مات أبو الفضل محمد بن أبي سعد الأصبهاني المعروف بالبغدادي الواعظ عند رجوعه من الحجّ في يوم الثلاثاء، من عشر صفر سنة ثمانين وأربعمئة ودفن في مقبرة باب أبرز. 60 - محمد بن إبراهيم أبو حمزة الصوفي من كبار شيوخهم، كان يتكلم في جامع الرُّصافة، ثم انتقل إلى

جامع المدينة، وكان عالماً بالقراءات وبقراءة أبي عمرو، خصوصاً، جالس أحمد بن حنبل، وبشر بن الحارث، وأبا نصر التمّار، وسَرِيّا السَّقطي، وسافر مع أبي تراب النخشبي، حكى عنه محمد ابن علي الكناني، وخير النساج وغيرهما، قال أبو نعيم: أبو حمزة بغدادي، واسمه محمد بن إبراهيم، وكان مولى عيسى بن أبان القاضي، وكان شديد التوكل على الله، يسافر على التوكل ويغزو على التوكل، فمن عجيب ما جرى له في السعي على التوكل ما أنبأنا به زيد بن الحسن الكندي قال: أنبأنا أبو منصور القزاز قال: حدّثنا ابن ثابت قال: أنبأنا أبو نعيم الحافظ قال: حدثنا أحمد بن محمد بن مقسم قال: حدثني أبو بدر الخياط الصوفي قال: سمعت أبا حمزة يقول: سافرت سفرة على التوكل، فبينما أنا أسير ذات ليلة والنوم في عيني، إذ وقعت في بئر، فرأيتني قد حصلت فيها، فلم أقدر على الخروج لبعد مرتقاها، فجلست فيها، فبينما أنا جالس إذ وقف على رأسها رجلان فقال أحدهما لصاحبه: نجوز ونترك هذه في طريق السابلة والمارة؟! فقال الآخر: وما نصنع؟ قال: نطُمُّها. قال: فبدرتْ نفسي أن تقول: أنا فيها، فنوديت: تتوكل علينا، وتشكو بلاءنا إلى سوانا؟ فسكتُّ ومضيا ثم رجعا ومعهما شيء جعلاه على رأسها غطوها به؛ فقالت لي نفسي: أمنت طَمَّها ولكن حصلت مسجوناً فيها، فمكثت يومي وليلتي. فلما كان الغد ناداني شيء يهتف بي ولا أراه، تمسك بي شديداً، فمددت يدي فوقعت على شيء خشن، فتمسّكت به، فعلاها وطرحني، فتأملت

فوق الأرض فإذا هو سبعٌ؛ فلما رأيته لحق نفسي من ذلك ما يلحق من مثله، فهتف بي هاتف: يا أبا حمزة! استنقذناك من البلاء بالبلاء، وكفيناك ما تخاف بما تخاف. وبالاسناد حدثنا أحمد بن علي الخطيب، أنبأنا أبو القاسم رضوان بن محمد بن الحسن الدِّنيوري قال: سمعت أحمد في محمد بن عبد الله النيسابوري يقول: سمعت أبا بكر محمد بن أحمد بن عبد الوهاب الحمافظ يقول: سمعت أبا عبد الله محمد بن نعيم يحكي عن أبي حمزة الصوفي أنه لما أُخرج من البئر أنشأ يقول: طويل. نهاني حيائي منك أن أكشف الهوىوأغنيتِني بالقرب منك عن الكشف تراءيتَ لي بالغيب حتّى كأنَّماتُبشرني بالغيب أنَّك في الكهفِ أراك وبي من هيبتي لك وحشة ... فتؤنسني بالعطف منك وباللطفِ وتُحيِي مُحِباً أنت في الحب حتفه ... وذا عجب كون الحياة مع الحتْفِ أنبأنا زيد، أخبرنا عبد الرحمن بن محمد، حدثنا ابن ثابت، أخبرني أبو علي عبد الرحمن بن محمد بن أحمد بن فضالة النيسابوريّ بالريّ، قال: سمعت أبا جعفر محمد بن أحمد بن الحسن الأزديّ الخطيب بسمنَان يقول، قال جعفر بن محمد الخلدي: خرج طائفة مشايخ الصوفيّة يستقبلون أبا حمزة الصوفي في قدومه من مكة، فإذا به قد شحب لونه، فقال الجريري: يا سيدي هل تتغير الأسرار إذا تغيرت الصفات؟ قال: معاذ الله لو تغيرت الأسرار بتغير الصفات لهلك العالم، ولكنه ساكن الأسرار فجملها وأعرض عن الصفات فلاشاها، ثم تركنا وولَّى وهو يقول: رجز مجزوء: كما ترى صيَّرني ... قطعُ قةإرالدَّمّنِ شرَّدني عن وطني ... كأانني لم أَكُن

61 - محمد بن إبراهيم أبو عبد الله الباجري

إذا تغيَّبتُ بدا ... وإن بدا غيَّببَني يقول: لا تشهد ما ... تشهد أو تشهدني وذكر محمد بن عبد الملك التاريخي قال: سمعت أبا حمزة الصوفي ينشد: كامل خففْ على أصحابك المؤَنا ... أو لا فلست لهم إذا سكنا لا تغتررْ بدُنوِّ ذي لطَفٍ ... يدنو إِليك وإِنْ دنوْت دَنا واعلمْ جزاكَ الله صالحة ... أنَّ ابنَ آدم لم يَزَل أُذُنا متصرِّفاً شرسَ الطباع له ... عَينٌ تُريه قبْحَهُ حَسَنا توفي - رحمه الله - في أصح الروايات في سنة تسع وستين ومئتين ودفن بباب الكوفة. 61 - محمد بن إبراهيم أبو عبد الله الباجِريُّ وكان وزيراً بخُوَارزم، وله أدب وشعر وهو القائل في أبي سعيد الشبيبي: خفيف حُكم عَيْنيك نافذٌ فيَّ ماضٍ ... كيفما شئت فاقض ما أنت قاضٍ وكأنَّ الصّباحَ لما تبدَّى ... ليَ سيفٌ لهُ الشَّبيبي ناضي الهِزبرُ الذي له الدِّرْعُ كاللبدَةِ ... للَّيث والقنا كالغَياض ومنها في وصف القلم: ناطقٌ صامتٌ، اصمُّ سميعٌ قلقٌ ساكنٌ وقوفٌ ماضي ناحلُ الجسم نابِهُ الإسم مُبقَّي ال ... وسمِ في كلِّ عاندٍ ذي اعتراض هاكها يا أبا سعيد عروساً ... بكرُ فكرٍ، فكُن لها ذا افتضاض

62 - محمد بن إبراهيم المصري المعروف بابن الخراساني

وابسُط العُذْرَ في قصوريَ عن با ... بك في هذه اللَّيالي المواضِي لم يكُن عاقَ عن لقائك مولا ... يَ سوى فرط حشْمة وانقباضِ وكتب إلى صديق له: مجتث وعدتني بالرّجوع ... من قبل وقتِ الهجوع وقد تغافات حتّى ... اضرمتِني بالجوع فبالرجوع تفضّل ... أولا فبالمرجوع 62 - محمد بن إبراهيم المصري المعروف بابن الخراساني شاعر، أديب ظريف، كثير النوادر وحلوها، وله مع الحسين المنبوز بالجمل المصري مداعبات، وهو القائل فيه وقد اعتلَّ وضعف: طويل: بكيتُ وما خِلتُني باكياً ... على رسم دارٍ، ولا في طَلَلْ ولكنْ بكائيَ من حادثٍ ... تورَّط فيه حسين الجمل تمكَّن في جسمه عمره ... وخانته أعضاؤه فانخذل فمَن للقيادة من بعدهِ ... لقد كان ناراً بها يشتعل؟ وَمن للواط ومن للزنا ... وما حرَّم اللهُ لا ما أَحلَّ؟! 63 - محمد بن أحمد النحوي أبو غالب الواسطي شاعر مجيد، وأديب متفنن، يعلم شيئاً من النجوم والعربية ويفيدهما،

64 - محمد بن إبراهيم بن سليمان بن سمرة بن جندب الفزاري الكوفي كان

فمن شعره: بسيط يا طالبَ الحظِّ بالآداب ينشرُها ... في كرَّة الجَهل ما وفّقتَ للطلبِ واظبْ على تُرَّهات الجهل تَحظ بها ... واهجرْ برغمك نشر العلم والأدب إنَّ الزمان أراه حال منقلباً ... فاعمدْ لأمرٍ عن المعروف منقلب 64 - محمد بن إبراهيم بن سليمان بن سَمُرة بن جندب الفزاري الكوفي كان عالماً بأمر النجوم، وهو الذي يقول فيه يحيى بن خالد البرمكي أربعة لم يُدرك مثلهم في فنونهم: الخليل بن أحمد، وابن المقفع، وأبو حنيفة، والفزاري. وقال جعفر بن يحيى: لم نرَ أبدع في وقته من أربعة: الكسائي في النحو، والأصمعي في الشعر، والفزاري في النجوم، وزلزل في ضرب العود. وللفزاري القصيدة التي يقوم مقام زيجات المنجمين، وهي مزدوجة، يكون تقديرها مع تفسيرها عشرة مجلدات، وأولها: رجز الحمد لله العلي الأعظم ... ذي الفضل والمجد الكبير الأكرمِ الواحد الفرد الجواد المنعم الخالق السبْع العلى طباقاً ... والشمس يجلو ضوؤها الإغساقا والبدر يملا نورُه الآفاقا والفلك الدائر في المسير ... لأعظم الخطب من الأمورِ يسيرُ في بحر من البحور

65 - محمد بن أحمد بن الحداد الأديب أبو عبد الله الأندلسي

فيه النجوم كلها عواملُ منها مقيمٌ دهره وزائلُ وطالع منها ومنها آفِلُ 65 - محمد بن أحمد بن الحداد الأديب أبو عبد الله الأندلسي شاعر مُجيد، مذكور في عمره، مشهور في مصره، وكان شريف النفس عزوفها، ولما خرج عن المرية، قال: وافر لزمتُ قناعتي وقعدت عنهم ... فلست أرى الوزير ولا الأميرا وكنت سمير أشعاري سفَاهاً ... فعدت لفلسفيَّاتي سميرا وقوله أيضاً: سريع قلبيَ في ذات الأُثيلات ... رهين روعاتِ ولوعاتِ أهيم فيها والهوى ضلةٌ ... بين صواميع وبيعاتِ فزجّها نحوهم إنهم ... وإن بغوا قبلة بغياتي وعرِّسا من عَقِدات اللِّوى ... بالهضبات الزَّهَرِيَّاتِ وعرِّجا بي يا فَتيْ عامرٍ ... بالفتيات العشريات فإن بي للرُّوم روميّة ... تكنِسُ ما بينَ الكنيساتِ

66 - محمد بن إبراهيم بن دينار، يعرف بابن صندل

وفي ظِباء البدو من يزدري ... بالظَّبَياتِ الحضريَّات أفصح وجدي يوم فِصحٍ لهم ... بين الأُرَيطى والدُّويحاتِ وقد أتوا منه إلى موعدٍ ... واجتمعوا فيه لِميقاتِ بموقف بين يدي أُسقفٍ ... ممسك مصباح ومنساةِ وكلِّ قس مظهر للتقى ... بآي إنصاتٍ وإخباتِ وعينه تسرح في عينهم ... كالذئب يبغي فَرْس نعجاتِ وأيُّ مَرْءٍ سالمٌ من هوىً ... وقد رأى تلك الظُّبيَّاتِ فمِن خدود قمريّات ... على قدود غصنيَّاتِ وقد تَلوْا صحف أناجيلهم ... بحسن ألحان وأصواتِ يزيد في نفر يعافيرهم ... عني وفي ضغظِ صباباتي والشمس شمس الحسن من بينهم ... تحت غماماتِ اللِّثاماتِ وناظري مختلسٌ لمحَها ... ولمحُها يضرم لوعاتي وفي الحشا نور نويريةٍ ... عُلِّقتها منذ سنيَّاتِ لا تنطفي وقتاً وكم رمتها ... بل تلتظي في كل أوقاتي فحيِّ عني رشأ المنحنى ... وإن أبى رَجْعَ تحياتي 66 - محمد بن إبراهيم بن دينار، يُعرف بابن صندل شاعر مذكور، وهو القائل في يوسف في عبد العزيز بن الماجشون: بسيط: إن كنتَ تطلبُ علماً نافعاً وهدى ... فاقصِد ليوسف ثم اقصد لحجاج والرافعيَّ فخذ عنه فإنَّ له ... عقلاً أصيلا لتصحيح وإِنهاجِ

67 - محمد بن إبراهيم الجرجاني

لا تعدِلنَّ بهم ذا فطنة أبداً ... قاضي القضاة ولا ترج ابن درّاج فالقوم كلّهمُ ناهيك في بصر ... فاصبرْ على جدَل منهم وإحراج 67 - محمد بن إبراهيم الجرجاني شاعر أديب، فاضل تلك البقعة، له البديهة الحسنة والشعر العاقل الجميل، فمنه ما كتبه إلى الحسن بن زيد العَلَوي صاحب طَبَرِسْتان وقد افتصد، ووجه مع الشعر هدايا: خفيف قد رأينا البهارُ يضحكُ للوَرْ ... دِ فعِفنا سوانحَ الأيام ورأينا مجالساً عَطِرَاتٍ ... هُيِّئَتْ عندنا لفصد الإمام إنما غيَّبَ الطبيبُ شَبَا المِبْ ... ضَع عندي في مهجة الإسلام سُرَّتِ الأرض حين صُبَّ عليها ... دمُ خير الورى، وأعلى الأنام 68 - محمد بن إبراهيم الباخَرْزي، أبو منصور من أهل خراسان، نزل بغداد، وكان يتشيَّع وكفَّ بصره في آخر عمره، وكان يهاجي مثقالا الواسطيَّ، وهو القائل: كامل صُبَّتْ عليَّ مصائبٌ لو أنها ... صُبَّتْ على الأيّامِ صِرْن لياليا

69 - محمد بن إبراهيم بن عتاب الفقيه

وله: خفيف إنَّ دهرَ السرورِ أقصرُ من يو ... مٍ ويومُ الفراقِ دهرٌ طويلُ وله في مثقال: كامل مجزوء في بيت مثقالٍ يَكو ... نُ ذوو الزّنا، وذوو اللواطِ يَعلونَهُ وعجوزَهُ ... ويُرى بذاك أخا اغتباط 69 - محمد بن إبراهيم بن عتَّابٍ الفقيه مولى المهدي، يكنّى أبا بكر، ويُلقّب مكيكة، وله مع إبراهيم بن المهدي وأبي العيناء خبر يستملح، وقد هجاه أبو نعامة في جملة من ذكره في القصيدة السينية، وهو القائل لعبد الله بن المعتز أيام مقامه بسُرَّ مُنْ رأَى: رجز: لا تَلْهُ عن مُصطنَعي فتُغبَنُ ... واشترِني يأتِكَ عبدٌ مُثمنَ كلُّ امرىءٍ قيمتُه ما يُحْسِنُ وله: رمل مجزوء كنت خِلاًّ لك مأمو ... ناً على دنيا ودينِ بعتني سَمْحاً بقول ... جاء من غير يمين ليت شعري عنك لِمْ حكَّ ... مْت شكّاً في يقين؟ ما ترى ما يكشف الخب ... رة من غيب الظنون وله: كامل وله مواهب كلما نسبت ... يوماً إليه زانها النسب ومن المواهب ما يكدّره ... ويشينه قدرُ الذي يهب

70 - محمد بن إابراهيم الأسدي، أبو عبد الله

70 - محمد بن إابراهيم الأسدي، أبو عبد الله من أهل مكة، نشأ بالحجاز وترعرع بها، وبرع بين أهلها، ولقي أبا الحسن التهامي في صباه، وقد كان نبغ في الشعر، فتصدى لمعارضته وحدث نفسه بمقارضته، ومما قاله من الشعر، وهو لم يفارق بعد مسقط رأسه، قوله: بسيط: قف بالمحصَّب واسأل أيها الرجل ... تلك الرسوم عن الأحباب ما فعلوا همُ أقاموا لعهدي في ديارهمُ ... أم صرفتهم صروف الدهر فاحتملوا؟ فما أُسائلُ عن آثارِهم أحداً ... إلا أجاب غراب البين: قد رَحلوا وخرج الأسدي هذا من مكة، وهو بعد لم تخلق نضارة شبابه، ودخل اليمن وأقام بها برهة من الزمان، يساير رفاق المنى في طرق الهوى، وعلق بها جارية تسمى رشادة، ولم تطل الأيام حتى ابتلى بفراقها وحملها بعض التجار إلى بغداد، فقال من قصيدة: بسيط: لما استقلَّتْ مطايا صاحبيَّ ضحىتخدى من العدوة القصوى لدى اليمن ناديتهم وبنات الشوقِ في خَلديرقصن رقص المطايا الوُفَّد البُدُنِ: بالله ربِّكما إن جئتما عدَنا ... فحيِّيا منزلي بالسيف من عَدَن ثم خرج من اليمن متوجهاً إلى العراق، وغصن شبابه بعد رطيمب، وبُرْدُ آدابه كما عهد قشيب، وأتصل بخدمة الوزير الكامل أبي القاسم المغربي وحظي عنده، وامتدحه بقصائد منها قصيدة مطلعها: طويل:

سلامي وَداعٌ والوَداع سلام ... أما آن أن يقضى لديك ذِمامُ؟ أيا ربَّة البيت المهان نزيله ... إذا عزَّ عند الأكرمين كِرامُ ثم اتفقت له فيئة نحو الحجاز، ولم تطل أيامه بها حتى أخذ في السفر، وصار خدعة الحضر، يُنجد ويُتهم، ويُعرق ويُشئم، ويُصحر ويُبحر، ويُدلج ويُسحر، وذكره يسير أمامه فيوري زناده، وفضله يطلع معه فيبسط له مهادَه، حتى نوّر غصن عمره، وعَلا غُبار وقائع دهره، فورد خراسان، وانحاز إلى الوزير علي بن شاذان، ولم تطب أيامه عنده، فامتد منها إلى غَزْنَة: وذلك في سنة ست وأربعين وأربعمئة، وأقام بها إلى حين وفاته. كتب إليّ أبو الضياء الشذباني، أنبأنا السمعاني في كتابه قال: وذكر صديقنا أبو العلاء محمد بن محمود القاضي الغزنوي - رحمه الله - قال: قرأت بخطّ محمد بن إبراهيم الأسدي المكي أنه لما صار مع رفقائه إلى أبي سهل الجنبُذي، وهو إذ ذاك زمام الملك وإمام الديوان، تحفَّى به وتلطف له، وأخذ يسأله عن أهل البادية، ومن بلغ إلى قرض الشعر منهم، وكان يستنشده ملح أشعارهم، ويتعرفه لمح أخبارهم، حتى ذكر: أنه بلغني ذكر فتى من بني أسد يقال له محمد بن إبراهيم، ثم أنشدت قوله: طويل: تقضَّى الصبى عني وولَّت شبيبتي ... وأنفضتُ والطاوي المراحل ينفضُ وما هذه الأيام إلاّ مراحل ... وما الناس إلا راحلٌ فمقوِّضُ كأنّ الفتى يبني أوان شَبابِه ... ويهدم في حال المشيب وينقُضُ فلا لحمَ إلاّ وهو منه مُرَهَّلُ ... ولا عظم إلا وهو منه مُرَضضُ فتبسم في وجهه وقال: إنه وافدك المسلم ببابك، المنيخ في جنابك، وواجهه بقصيدته الفريدة التي مطلعها: وافر: ديار الحيّ أبن هم قطون؟ ... أنعمانُ الأراك أم الحَجون؟

ثم سأله تعيين قصيدة يساجل قائلها في معارضتها، فقال أبو سهل: أتروي شعر الفرزدق؟ قال: نعم! قال: فأين أنت من قوله: طويل: وماذا عسى الحَجاج يبلغ جهدُه ... إذا نحن جاوزنا حفير زيادِ فاعتزل الأسديُّ القوم واحضر البياض، وأنشأ قصيدة في الحال أخذت بمجاميع قلبه وهي: طويل: أيا ظبية الوعساء من جانب الحمى ... سقى عهدك الماضي سِجال عهادِ وجاد مغانيك الخوالي وأهلَها ... روائحُ من ركب الجياد غوادي ولما أكمل القصيدة وناوله سوادها، أقبل عليه وارتبطه لنفسه واحتضنه بمجلسه، فاختصّه بمجلسه، ومع ذلك كان يستزيده، فلا تبلغ كثرة إحسانه ما يريده، حتى قال فيه: طويل: كفى حَزناً أني خدمتك برهة ... وأنفقتُ في مدحيك شرخ شبابي فلم يُروَ لي شكرٌ بغير شكايةٍ ... ولم ير لي مَدحٌ بغير عتابِ وبلغ من وفورحفظه أنْ عمل " الديوان المنصوري " باسم العميد منصور بن سعيد في تذييل كتاب " الحماسة " لأبي تمام الطائيّ وتكميل تلك القطع، قصائد ساحبة الذيل حتى أَربى أبياتها على مئة ألف بيت، ومن بديع شعره: خفيف:

71 - محمد بن إبراهيم بن الحسين بن محمد دادا

قلتُ: ثقّلتُ إذ أتيت مراراً ... قال: ثقَّلتِ كاهلي بالأيادي قلتُ: طَوَّلتُ. قال: لا بل تطوَّل ... تَ وأبرمُت. قال: حبل الوداد وذكر القاضي أبو العلاء النيسابوري أن أبا عبد الله محمد بن إبراهيم الأسدي ولد بمكة في المحرم سنة إحدى وأربعمئة وتوفي بغزنة مستهل محرم سنة خسمئة. 71 - محمد بن إبراهيم بن الحسين بن محمد دادا، أبو جعفر الجَرْباذْقانيّ وجَرْباذْقان بلدة قريبة من أصبهان، فقيه، فاضل، شافعي المذهب، له معرفة حسنة بالفرائض والحديث، زاهد كثير العبادة، مقبل على الاشتغال بالعلم، ذكره شيخنا عبد العزيز بن محمود بن الأخضر، فأثنى عليه، ووصفه وصفاً جميلاً، وله شعر، أنبأنا عبد العزيز بن محمد بن الأخضر في كتابه إليَّ، أنشدنا أبو جعفر محمد بن إبراهيم الجرْباذقاني لنفسه ببغداد: طويل: أَلا ليتَ زوَّارَ المنايا أَراحَتِ ... فإني أَرى في الموتِ أَرْيَح راحَةِ فمَوتُ الفتى خيرٌ له من حياته ... إذا ظهرتْ أعلامُ سوءٍ ولاحتِ أَلا صانَ هذا الدَّهرعِرْضَ لئامه ... وعرْضَ الكرام أهدرت وأباحتِ تضنُّ بريَّاها إذا شمَّ ذو حجى ... وإنْ شمَّ منها ذو الدناءةِ فاحتِ أَنوحُ بقولي كلما ذرَّ شارقٌ ... كنوح حماماتٍ على الدوح ناحت: إذا كان في بحر المعالي سباحتي ... فأهون شيء شئتم حل ساحتي توفي ببغداد يوم الثلاثاء حادي عشر ذي الحجة سنة تسع وأربعين

وخسمئة، وصلّى عليه برباط أبي النجيب السُّهْرَوْرْدي ودفن بالجانب الغربي بمقبرة الشوْنيزي قريب من التوثة في تربة أصحاب الشيخ أبي النجيب هناك. 72 - محمد بن إبراهيم الباخَرْزيّ، أبو العباس أديب، فاضل، وهو فرد ناحيته في الأدب والشعر والكتابة، كان يكتب للشيخ العميد أبي القاسم منصور بن محمد بن كثير بغزنة، فمن شعره: كامل: قُل للأمير السيّد النحريرِ ... فقتَ الوَرى، وفضلت كل أميرِ إن شئت أن يزداد ملك بسطة ... بوزيرٍ ابنِ وزير ابنِ وزيرِ فعليك بالشيخ العميد المرتجى ... منصور بن محمد بن كثير فيكون في الديوان صدر وسادة ... ويكون في الإيوان صدر سرير وفي والده يقول الأصمعي الشاعر المتأخر لما ولي الوزارة ببخارى: كامل: صدرُ الوزارة أنت غيركثير ... لأبي الحسين محمد بن كثير وله في هجو بعض الرؤساء: بسيط: ما فيه فضلٌ ولا عقلٌ ولا أدبٌ ... ولا حياءٌ ولا دينٌ وإيمانُ لو خطَّ في الخبز حرف من معائبه ... لم يأكل الكلبُ منه وهو غرثانُ أو شِيبَ بالماء شيءٌ من خلائقه ... لم يشرَبِ القردُ منه وهو عطشانُ وله في الشكر والاستعفاء من كثرة البرّ: بسيط: مهلاً فما بعد هذا البرّ إمكانُ ... وليس فوقَ الذي أحسنتَ إحسانُ

73 - محمد بن إبراهيم أبو العباس الكاتب

فالماءُ إن جاوز المقدار مهلكةٌ ... والعدل إن جاوز المرسوم عُدوان إنَّ الأصابع خمسٌ وهي كاملة ... فإن يزدْنَ فذاك الفضل نقصان 73 - محمد بن إبراهيم أبو العباس الكاتب له نثر مذكور وشعر مشهور، من أدباء خراسان، كتب للشيخ أبي الحسن العُقَيْلي، فمن شعره قوله في دار بناها الشيخ أبو القاسم ابن كثير، ببَلْح، مطلعها: منسرح: أهلاً بدارٍ أبانَ بانيها ... دلائلَ المجدِ في مغانيها فأصبحتْ خطبةً مزينةً ... تزينُ ألفاظُها معانيها دار حَكَتْ صدرَ ربها سعة ... تسافرُ العينُ في نواحيها فيْحاءُ ذاتُ العمادِ صورتُها ... حسناءُ كرْخُ العراقِ ثانيها فصرْحُ هامانَ لا يعارضُها ... وقصرُ غُمْدَانَ لا يساويها وبَيْتُ ماءٍ كأنَّ قبَّتَهُ ... تسامرُ النجمَ أو تساميها يفيض في نهره اللُّجَينُ وإن ... خَرَّ خريرَ المياه تمويها تسمع فيه حفيفَ أجنحة ال ... طيرِ إذا رفرفتْ خوافيها لا بل قصيفُ الرياح في خَلل ال ... سحاب منحلَّةً عَزَاليها ومنها: وأمّ نارٍ جحيمها أبداً ... مجاوراً للجحيم يحْميها لها صفاتُ اللَّظى وداخلها ... في جنّةٍ جمّةٍ ملاهيها بخارُها كالنجوم ممتزجاً ... بماءِ وَرْدٍ لمن يوافيها كأنها غادةٌ مقنَّعة ... معتادة نعمة وترفيها ميزابُها بالغناءِ مُطربُها ... دولابُها بالإناءِ ساقيها وروضة تستعير بهجتَها ... من حُسن أخلاقه فتُبديها

74 - محمد بن إبراهيم، أبو جعفر المعدني الزوزني

كأنَّ أشجارها مكارِمُهُ ... تؤتي ثمارَ النُّهى وتجنيها وبركة وسطها مباركة ... يلتطمُ الموجُ في حواشيها كأنَّ أمواجها إذا انفجرتْ ... أراقمُ الرمل تلتوي فيها كأنما فُضِّضَتْ جداولها ... أو مُلِئَتْ زئبَقاً سواقيها كأنها تقتدي بصاحبها ... إذا جرى الماءُ في مجاريها مَلْقى عِصِيِّ العُفاةَ عَرْصَتُها ... مَوسِمُ سوق الكفاةِ ناديها ومنها: فاشرب إذا شئتَ كيف شئت بما ... شئت ومن شئت في مغانيها واغنَ طويلا بها وعشْ أبداً ... لها وكُنْ ربَّها ودُمْ فيها وله في الشيخ أبي القاسم ابن كثير وقد أبلَّ من مرض: كامل: كشف الإله ظلام ذاك العارضِ ... عن مهجة الشيخ العميد العارضِ وأماط عن حَوْبائه برحَاءهِ ... وانجابَ عارضُه انجياب العارضِ حرس الإلهُ بهاءَ شيبته فما ... أَبهى وأَنوَرَ شيبَ ذاك العارض ومن مُلح أهاجيه: رمل مجزوء: أَيُّهَذا الأدَبُ المجْ ... فُوُّ ما أقفَرَ دارَكْ! كنتَ لي عوناً على الأ ... يْام كي أُدرك ثارَك لم تزلْ (زوزنُ) مأاوى ال ... فضلِ والمغنى المبارَك خَرِىءَ الدهرُ عليها ... بالحسين بن عيارَكْ 74 - محمد بن إبراهيم، أبو جعفر المعدني الزَّوْزَني من معدن زَوْزَنْ، شاعر مُقلّ، رأى على جدار بيتاً مكتوباً وهو: منسرح: لكلِّ شيءٍ فقدتهُ عوض ... وما لفقدِ الحبيبِ من عوضِ فأجازه بقوله: منسرح: فليس في الدهر من شدائده ... أَمَرَّ من فاقةٍ على مرَضٍ

75 - محمد بن إبراهيم بن عمران القفصي الكفيف

75 - محمد بن إبراهيم بن عِمْران القَفْصي الكفيف شاعر، ذكره البيهقي في " الوشاح " وأنشد له: طويل: ومن غِيَرِ الأيامِ أنِّيَ شاعرٌ ... أديبٌ بسربال الخمول مُسربَلُ أرومُ على إكداءِ حالي تجَمُّلاً ... وأعسرُ من مضغ الحديد التجمل وله: رمل: لائمي في اللهو دَعْني فالذي ... قدّرَ الله تعالى قد فرَغْ لا تلُمْني إنَّ شيطانَ الهوَى ... والصِّبى أفسدَ قلبي ونزَغْ إنما الدنيا دَدٌ فاشفِ به ... لدغة الحبِّ إذا الحبُّ لدغ لا أزالُ الدهرَ أعدو جَذِلا ... بالذي فيه من العيش رفغ كلّما خِفتُ بأن يدمغني ... ماطَهُ يوسف عنّي ودمغ الأميرُ الباسل القرْم الذي ... دبَغَتْهُ الحربْ عركاً فاندبغ ملكٌ قد صُبغتْ وجْنَتُه ... صبغة اللهِ الذي كان صبغ 76 - محمد بن إبراهيم بن سليمان ويُعرف بابن أَلْمَه مَالَهْ الأندلسي، ومعنى أَلْمَه مالَهْ بالفرنج: النفس الرديَّه لأن " أَلمَهْ " نفس و " ماله " ردية، أديب، شاعر، ذكره أحمد بن فرج الجيَّاني صاحب كتاب " الحدائق ": ومن شعره: طويل: خليليَّ شيما عارضاً لاح برقُه ... إلى أين يُهوى ودْقهُ المتبَعِّقُ

77 - محمد بن إبراهيم بن الخليل

رُكامٌ إذا احمَومَى، وقطَّب وجهَه ... تبسَّم فيه برقُهُ المتألِّقُ حرامٌ على ذي خِلَّةٍ شامَ مثلَهُ ... سَنا بارقٍ أن لا يُرى يَتَشَوَّقْ 77 - محمد بن إبراهيم بن الخليل خازن دار الكتب بالمدرسة الكمالية بإصبهان، وهو أديب أولاد الوزير السُّمَيْرَمي؛ كان حيّاً بإصبهان سنة تسع وأربعين وخمسمئة، وفيه فضل، وقد بلغ سن الشيخوخة؛ قال يرثي صديقاً له: طويل: بموتِ معين الدين مات فؤادي ... وأزعجني هَمِّي وطاب سهادي فكان مرادي أن يطولَ بقاؤهُ ... وكان مرادُ الله غيرَ مُرَادي وله في الصوم: طويل: أرى الصومَ يضني الجسمَ وهو مُكلِّفي ... ثلاثينَ يوماً فيه نَعْنى ونجهَدُ لك الأمرُ فاصنعْ ما تشاء فإنني ... أكافيكَ بعد العيد والعود أحمدُ 78 - محمد بن إبراهيم بن ثابت بن فرج الأنصاري أبو عبد الله الواعظ الشافعي المعروف بابن الكيْزاني المصري فقيه حسن مذكِّر، جميل الوعظ والأمر، عالم بالأصول والفروع إلا أن كلامه في الصفات كلام مهجور، وله بمصر وسواحل الشام فِرَق تنتمي اليه في المعتقد، وأكثرهم يحوف مصر، ولن يضروا الله شيئاً، ونسأل

الله العفو عنّا وعنه وعنهم، وله ديوان شعر مشهور بين أيدي الناس، كان في سنة خمس وخمسين وخمسمئة حيّاً، فمن شعره قوله: بسيط: إذا سمعتَ كثيرَ المدحِ عن رجلٍ ... فانظرْ بأي لسانٍ ظلَّ ممدوحا فإنْ رأى ذاكَ أهلُ الفضل فارضَ لهم ... ما قيل فيه وخذ بالقول تصحيحا أو لا فمدُح أهلِ الجهل رافِعهُ ... وربّما كان ذاك المدحُ تجريحا ورأيت في بعض المجاميع أن الملك الناصر صلاح الدين يوسف بن أيوب لقيه بممر لما طلع في نصرته، وقبل أن يلي مملكتها، واستكتبه جزءاً من شعره وهذا يدل على أنه عاش إلى سنة ستين وخسمئة، فمما كتبه له قوله: رمل مجزوء: إصرفواعني طبيبي ... ودعوني وحبيبي عللوا قلبي بذكرا ... هُ فقد زادَ لهيبي طاب هتكي في هواهُ ... بينَ واشٍ ورقيبِ لا أُبالي بفوات النَّ ... فس ما دام نصيبي ليس من لام وإن أَط ... نَبَ فيه بمصيب جسدي راضٍ بسقمي ... وجُفوني بنحيبي وله: طويل: هنيئاً لعينُ مُكِّنَت منك منظرَا ... وَسقياً لأذُنٍ متعت منك مسمعَا

79 - محمد بن إبراهيم بن إسحاق العوسجي اليمني

ولست أرى حُلوَ الحياة وطيبَها ... إلى أن يعود العيش أو يتجمَّعَا وقوله: كامل مجزوء: إني لأعجب من صدو ... دكِ وانعطافِكِ في خيالكْ يا ليت ذاك مكان ذا ... عندي وذا بمكان ذالكْ لأكون مشتملاً على ... وجهِ الحقيقة من وصالكْ 79 - محمد بن إبراهيم بن إسحاق العوسجي اليمني كان سيداً شجاعاً، جواداً، مذكوراً في وقته وبلده، وله شعر بدوي شهد به فصاحته، فمنه: وإني لأُمضي الهمَّ عند احتضاره ... برأي أصيل في النُّهى والتجاربِ ولست بمجزاعٍ إذا الدهر عضَّني ... ولا مستكين للعدوِّ المشاغبِ سناني رفيقي، والكميتُ مُلاعبي ... وسيفي شقيقي في المكرِّ وصاحبي أَبا لي أن أرضى الظلامة مَعشرٌ ... أنوفٌ علَت من حمير في الذوائبِ وكيف ترى (عنزٌ) خضوعي وذلتي ... و (نهد) و (جنب) جيرتي وأقاربي وهم، عُدَّتي في النائبات وجُنَّتي ... وحصني ودرعي في الوغى ومخالبي 80 - محمد بن إبراهيم بن أبي الأسد الصنعاني اليمني شاعر مذكور في جهته، ومن شعره: طويل: عيونُ المَها بين الرُّوبا والمذانبِ ... أذبنَ قلوبَ العاشقين الذوائبِ شَفينَ سقاماً مَن رمَينَ بأسْهمٍ ... يرشن حِماماً بين صرفٍ وصائبِ جعلن له حتفاً جرى البينُ بينه ... وبين الهوى جري الصدى في المشارب

81 - محمد بن إبراهيم التميمي الكموني الإفريقي

ولما تعاطاه الهوى علِق اللها ... وبُتَّتْ حبالُ الوصل دون المذاهب فأسْبَل من دمع الفراق صَبابةً ... إلى الوجد حتى رقَّ صرف النوائب أَلا لاتلوَ منَّ امرءًا ليس واجداً ... سبيلا إلى وصلٍ وليس بغالبِ وكم من أطاع الهجر واستحقب الصبا ... وحلَّ محلَّ الذُّلِّ تحت المطالبِ َأسا بالأسى حتى استثار من الجوى ... ينابيعَ موتٍ من هوى متراكبِ وقد يقتل المرءَ الجليلَ بسمّه ... ضعيفٌ لهيفٌ ولم يرم ثأر طالبِ ووقد نار الحرب بعد خمودُها ... كما وقدت بالصمد نار الحُباحبِ 81 - محمد بن إبراهيم التميمي الكموني الإفريقي أحد شعراء المعز ابن باديس الصنهاجي، شاعر، جزل الشعر، ظاهر البلاغة، عالم بأسرار الكلام، وله يد في حسن المعاتبات، فمن شعره في المدح: بسيط: أَقام صدر قناة الملك فاعتدلتْ ... وَقوَّم الدهر بعد الميل فاعتدلا بعزمة لو رمى ركنَ الزمان بها ... ما عاث صرْف له فينا ولا عملا إن قال وفَّى وإن أعطى أتمَّ، فما ... أوفاه من مَلِكٍ إن قال أو فعلا! وله من قصيدة يمدحه: طويل: إليكَ ابن باديسٍ على حين قوّستْ ... قناتي وأفشى الدهر غرة أَدهمي قطعتُ نياط الأرض من بعد مظلمٍ ... مضيئاً وما فيه عصى لمخيَّمِ

82 - محمد بن إبراهيم بن عمران القفصي الكفيف

تبسَّم لمَّا حلّه الليثُ باكياً ... ولولا بكاءُ الليثِ لم يتبسَّمِ وشعره جيد بديع كثير في تلك الجهات مدون. 82 - محمد بن إبراهيم بن عمران القفصي الكفيف أصله من مدينة قفصة وتأدّب بها، وهو شاعر، عالم باللغة، قادر على التطويل، وصّاف للديار، مولع بذكر الإبل والقفار، فن شعره: وافر: سقاكَ بلحظِ مقلتهِ مُدَاما ... وهزَّ الغُصنَ مِنْ خَنَثٍ قِواما وظلَّ الصبح يخطر في ذُراهُ ... وقد خطَّ العِذار به ظلاما كأنَّ تموجَ الأصداغ منه ... عقاربُ مسكةٍ تشكو ضِراما ومن شعره: رمل: لائمي في اللهوِ دعني فالذي ... قدّر الله تعالى قد فرغْ لا تلمني إنَّ شيطان الصبى ... والهوى أفسد قلبي ونزع إنما الدنيا ددٌ فاشف به ... لدغة الحب إذا الحب لدغْ واغنم الأيام لذاتٍ فماهُنَّ الا فاغتنمهن بلغْ لا أزال الدهر أغدو جذلاً ... بالذي فيه من العيشِ رفغْ كلما خفت بأن يَدْمَغَني ... ما طه يوسفُ عني فاندمغ

83 - محمد بن إبراهيم بن ورقاء الشيباني الأمير

83 - محمد بن إبراهيم بن ورقاء الشيباني الأمير من بيت الأمراء، كان له شعر، وفيه أدب واستشهاد في مخاطباته ومكاتباته بشعره وشعر غيره. 84 - محمد بن إبراهيم بن أُميّة المغربي الأندلسي الإشبيلي شاب رأيته بحلب يطلب العلم، ويعلم القرآن، ويسكن بظاهرها في المحلة المعروفة بخان مجد الدين، له أنَسَة بهذا الشأن، قال مادحاً لي بقصيدة أولها: كامل: أَزِفَ الرَّحيلُ فآض جسمي دائباً ... من حَرِّ أَنفاسي فغزوا الذاهبَا 85 - محمد بن أحمد بن سعيد بن الفضل أبو بكر ابن البغدادي الكاتب صاحب شعر مستحسن، وهو في الكتابة حسن، قدم دمشق، وكتب عنه أبو محمد عبد الرحمن بن علي بن صابر السلمي، كتب إليَّ محمد بن هبة الله بن جميل الرازي أنبأنا الحافظ أبو القاسم علي بن هبة الله بن عساكر، أنبأنا أبو محمد بن صابر، ونقلته من خطّه، أنشدني الرئيس أبو بكر محمد بن أحمد بن سعيد بن الفضل البغدادي الكاتب له من قصيدة يمدح بها الأفضل أبا القاسم ابن بدر الأرمني المعروف بأمير الجيوش كامل أَعَلى الكثيب عرفت رسم المنزل ... وملاعب الظبي الغرير الأكحلِ؟

86 - محمد بن أحمد بن سهل أبو بكر الرملي، المعروف بابن النابلسي من أهل

ومجال أفراس، ومنزل هجمة، ... ومقيل وِلدان، وموقع مِرْجل يا حبَّذا طَلَلُ الجميع وحبذا ... دارٌ لعمرة باللوى لم تشكل إنَّ الأولى رحلوا شموس محاسن ... وخدتْ بهم خوصُ الركاب الذُّلل يسقي ديارهم سحابٌ صيِّبٌ ... يهتزّ في ريح الصَّبا والشمأل يا صاحبيَّ تبصَّرَا من وائلٍ ... هل بعد (رامة) و (اللوى) من منزل؟ ولقد عهدت بجوِّه من عامرٍ ... هيفاء تهزأ بالغصون المُيَّل نشوانة الألحاظ من خمر الصِّبى ... تفترُّ عن برد الرضاب السلسل حكم الظلامُ لها على بدر الدُّجى ... بأغرَّ مصقول، وجيد مغزل ولقد نعِمت من الزمان بشاشةً ... مما بين أقمار الخدور الأُفَّل فالآن إذ نسخ المشيبُ شبيتي ... وألان عودي للخطوب النَّزل أعرضن عني بالخدود وطالما ... غادرنني غرضاً لمرمى عُذّلي ولقد حلَلْتُ حُبى الظلام بفتية ... مثل الأهلة في ظهور البزل ركبٌ كخيطان الأراك هدَيتُهم ... والليل في غلوائه لم ينجلي لعب الكلال بهم على طول السُّرى ... وطلاهُم ملوية بالأرحل متباريات بالنجاء ودنها ... لقم على مجرى الحَصى والجندل فأتت وقد حدر الصباح لثامه ... مستبشراتٍ بالمليك الأفضل 86 - محمد بن أحمد بن سهل أبو بكر الرملي، المعروف بابن النابلسي من أهل الحديث النبوي والصلاح والخير، وكان يكثر الذّم لمعد بن تميم المستولي على مصر، وبلغه وهو بالرمة أنه يريد حبسه، فهرب من

87 - محمد بن أحمد بن علي أبو عبد الله المجاشعي الهروي

الرملة إلى دمشق، فقبضه وإليها من قبل معد، واسمه أبو محمود الكناني، وحبسه في قفص خشب، وحمله إلى مصر، فلما وصل إليها قيل أنت الذي تقول لو كانت معي عشرة أسهم لرَميت تسعة منها في المغاربة وواحداً في الروم؟ فاعترف، فأامر به المعز معد، فسُلخ وحشي جلده تبناً وصُلب وذلك في سنة ثلاث وستين وثلاثمائة - رحمه الله - كتب إليّ محمد بن هبة الله ابن مميل الرازي ونعمة العسقلاني قالا أخبرنا الحافظ أبو القاسم سمعت أخي الحسين يقول سمعت أبا طاهر أحمد بن محمد الأصبهاني يقول سمعت المبارك بن عبد الجبار يقول سمعت محمد بن علي الصوريَّ قال سمعت أبا بكر محمد بن علي الأنطاكي يقول سمعت ابن الشعشاع المصري يقول رأيت أبا بكر ابن النابلسي بعدما قتل، في المنام، وهو في أحسن هيئة، فقلت له ما فعل الله بك؟ فقال وافر حباني مالِكي بدوام عزٍّ ... وواعَدني بقرب الانتصارِ وقربني وأدناني إليه ... وقال: انعم بعيش في جواري 87 - محمد بن أحمد بن علي أبو عبد الله المُجاشِعي الهروي الأديب، كان كرَّامِيّاً وفيه أدب، فمن شعره: بسيط: أحسن بربّك ظناً إنه أبداً ... يكفي المهمَّ إذا ما عزَّ أو نابا كم قد تكشَّرَ لي عن نابِه زمنٌ ... فَفلَّ بالفضل منه ذلك النابا لا تيأسنَّ لِبابٍ سُدَّ في طلب ... فالله يفتح بعد الباب أبوابا وله أيضاً: كامل: لا تبلسنّ لدى المهِمّ فإنه ... يكفيكَهُ المتفرِّدُ القيُّوم أوَليس ما قد سر لم يك دائماً؟ ... فكذاك ما قد ساء ليس يدومُ

88 - محمد بن أحمد بن العباس المعمري النحوي

88 - محمد بن أحمد بن العباس المَعْمَريّ النحوي ذكره ابن عبد الرحيم البغدادي في كتاب " طبقات الشعراء " فقال: هو أحد شيوخ النحاة ومشهوريهم، صَحِب الزَّجاج، وكان أكثر مقامِه بالبصرة وبها توفيَ، وأظنه من أهلها، وطبقته في الشعر طبقة متوسطة، وما علمت أن ديوانه جُمِع، ولا دُوِّنَ، ولا عرفت السنة التي كانت فيها وفاته إلا أني أظنها بين الخمسين والسبعين والثلاثمئة؛ أنشدني أبو القاسم التَّنُوخيُّ عن أبيه من قصيدة له مدح بها جدّهُ أبا القاسم أولها: خفيف: وجُفونِ المُصابياتِ المِراضِ ... والثنايا يَلُحْنَ بالإيماضِ والعهودِ التي تلوح بها الصُّحْ ... فُ خلال الصدود والإعراضِ لَبَرتْني الخُطوب حتى نضَتني ... حرَضاً بالياً من الأحراضِ وهي متكلِّفة جداً، قال: وأنشدني له: كامل: لو قد وجدتُ إلى شِفائِكَ منهجاً ... جُبْتُ الصباح إليه أو حَلَكَ الدُّجى لكنْ رأيتُكَ لا يَحيك العتْبُ في ... كَ ولا العتابُ ولا المديح ولا الهِجا فاذهبْ سُدىً، ما فيك شرٌّ يُتَّقى ... يوماً، وليس لديك خيرٌ يُرتجى وإذا امرؤٌ كانت خلائق نفسه ... هذي الخلائقَ فالنَّجا منه النَّجا وأنشدوا له في ذكر أيره: رمل مجزوء: ما لإِيْري كسرتْ ع ... ادَيَةُ الدَّهرِ عَمودَهْ

كان حِرباءَ فأضحى ... بشقاءِ البخت دودهْ كان لا يَركعُ للّ ... هـ فقد وإلى سجودهْ وكان ينفرد يوم الأربعاء للذّته، وكان مدمناً لشرب وقال فيه: طويل: إذا كان يومُ الأربعاء ولم أُنِكْ ... ولم أَصطبح فالأربعاءُ مشومُ وإن نِكْتُ فيه واصطبحت ولمته ... فإني لِيوم الأربعاء ظَلومُ

89 - محمد بن إسماعيل بن يسار

من اسم أبيه إسماعيل // 89 - محمد بن إسماعيل بن يسار شاعر مذكور خلِّد إِسمه في الكتب. قال أبو هفَّان: محمد بن إسماعيل بن يسار شاعر وأبوه شاعر، وجدّه يسار شاعر، وابنه عبيد الله ابن محمد بن إسماعيل بن يسار شاعر. وأنشد دِعْبِلُ لمحمد بن إسماعيل في يسار قوله: بسيط: راح الشقيُّ على رَبع يُسائِلُهُ ... ورُحتُ أسال عن خمَّارةِ البلدِ يبكي على طللِ الماضين من أسدٍ ... فنكتُ أمك قُلْ لي من بنو أسد؟ ومَن تميمٌ ومن عُكل ومن يمنٌ ... ليس الأعاريب عند الله من أحدِ! 90 - محمد بن إسماعيل الكاتب المحلي المدعو بالصّفي الأسود كان أبوه خطيباً بالمحلة، وأصله من عجم أصبهان، وأولد هذا المذكور وأخاً له بالمحلة، وطلب هذا الفقه، وانتقل إلى الشام، وقاسى أنواعاً أشد من الفقر والقلة، وأقام بحلب مدة، يتفقه في المدرسة النِّفِّريَّة على مذهب الشافعي، ثم صحب عبد الله بن علي بن مقدام المدعو بالقفى

91 - محمد بن الأردخل الموصلي

قرين الملك العادل أبي بكر في أيوب، فاستكتبه بين يديه في الترسل، وكان جيد الخط، حسن الترسُل، سهله، مات بالرَّقَّة بعد سنة عشرين وستمائة، فمن شعره المنسوب إليه: سريع: فدَيتُه ليس عليه جناحْ ... وإن تعدَّى طورُ المِلاحْ دَمي له حلٌّ، وعِرضي لمن ... يلوم أو يَعْذِلُ فيه مُباحْ أطعت في شرع الهَوَى حُكمه ... كطاعة السُّحبِ لأمر الرِّياحْ مفقَّهُ الألحاظِ لكنها ... لم تقْرَ إلا في كتاب الجراحْ سكران من خمر الصِّبى لم يُفقْ ... وكيف يصحو وجنى فيه راحْ؟ أودعتُ أسرارَ هواهُ الصِّبا ... فاهتزّ منها الروض طيباً وفاحْ هل طال ليلي فيه أم تاه في ... ضلال صدغيه ضياء الصباحْ؟ يا روضةً أجفانُها نرجسٌ ... وخدُّها وردٌ، وفُوها أقاحْ أَوْصلكَ الحُسنُ إلى غايةٍ ... زادتْ على التأميل والاقتراحْ 91 - محمد بن الأردخل الموصلي كان أبوه بنَّاء، والأرْدَخل بلغة أنباط الموصل يسمونه

الأردخل، وكان هذا في زماننا، قرأ في الموصل الأدب على عليّ بن ريَّان وتلميذه المجدّ عمّ الأعمى، وكان في أول أمره أحد الرعاع الطالبين لهذا الشأن وربما كان من الملاكين مرة، ومن المصارعين أخرى، ويخالط أهل الدناءة أخرى، ويولع بقول الشعر، فقال منه المرذول في أوله، ثم حسن قوله، وصارت له به أنسةٌ، وهو من الشعر المصنوع دون المطبوع، ولقد بلغني أنه كان يمتدح المستولي على الموصل المعروف بلؤلؤ عبد الله أَتابك زَنكي والمتغلب على أمرهم، والقالع لآثارهم، فلا يرضى مدحته لعلمه بنقص أوليته؛ وإنه لما خرج من الموصل وامتدح زعماء ديار بكر وأرمينية وصار له ذكر، كان لؤلؤ المذكور يكرم أباه الأردخل لأجله، ويعطيه في الوقت من عطائه النزر الذي عرف منه، اتقاء للسان ولده، ولم يقع إليَّ من شعره إلا القليل لقلة احتفالي به، فمن ذلك، قوله: خفيف: لا وميل القضيب فوقَ الكثيب ... وطلوع الهلالِ أُفقَ الجيوبِ لم أزره إلا بقيت بأنفا ... سِ الدياجي، وبالنحول رقيبي رَشأ مُذ رنا إليَّ أراني ... أنَّ عند العيون ثأر القلوب زائرٌ لي حتى إذا حَجَبوه ... فافتضاحي بذلك المحجوبِ غير أن لم يغب وإن كا ... نَ خفاء البدور عند المغيبِ يا قريب المكان وهو بعيدٌ ... نازحٌ أنتَ ممرِضي وطبيبي لا تَكِلْني إلى الأسي فجديرٌ ... بغريب الجمال بِرُّ الغريب

92 - محمد بن إسماعيل أبو المعافى المزني

توفقي بطريق الطر قريبا من سنة خمس عشرة وستمائة - والله أعلم - وكانت وفاته بديار بكر في أحد معاقِلها. 92 - محمد بن إسماعيل أبو المعافى المزني مدنيّ، شاعر، قال محمد بن داود: وقال عمر بن شبَّة: إسمه يعقوب بن إسماعيل، وله ولد إسمه أبو القدّاح وهو شاعر أيضاً، وكانا في صحابة بني هاشم، ولأبي المعافى فيهم مدائح وهو القائل لابن محمد بن إبراهيم الإمام يمدحه وكان خليفة أبيه على المدينة: وافر: إليك مديحتي يا خير إلاَّرسول الله من وَلَدَ النساءُ ستأتيك المدائحُ من رجال ... وما كفٌّ أَصابعُها سَواءُ ومن قوله: طويل: وان التواني زوّج العجْز بنته ... وساق إليها حين زوّجها مَهرَا فِراشاً وَطِياً ثم قال لها: اتّكي ... فقصرُ كما لا شك أن تلدا الفقرَا 93 - محمد بن إسماعيل المصري، المعروف بالتاريخي قريب العهد، من أهل مصر، له خط حسن، وشعر قريب التوسط،

94 - محمد بن إسماعيل المدائني أبو علي

فمنه قوله: كامل: ما زال يستر وجْده بجحودِه ... فزَعاً من الواشي ومن تفنيدِهِ والدمعُ أجدر مَن ينمُّ لأنه ... عدل الشهادة في سبيل خدودِهِ فعسى مدامعُه تفيض بعبرةٍ ... تُطفي لهيب فؤادِه ووقودِه وقوله: كامل: هذا الرئيس أبو عليّ فالْقهُ ... وانظر فما أخباره كعيانهِ والله ما الأمطارُ مثلَ نواله ... جوداً ولاذا النيل في جريانهِ هذا يزيد إذا دريت تكرُّماً ... أبداً، وذاك يزيد في نقصانِهِ إن كنت ترغب في الحياة ممتَّعاً ... بالسعدِ فالحظ وجهَه أو دانِهِ 94 - محمد بن إسماعيل المدائني أبو علي شاعر مذكور في أيام المعتصم، وكان يصحب غلاماً إسمه باذنجانة، فقال نُصيب بن وهيب المدائني يمازحه: خفيف: كلِفٌ مغرمٌ بباذنجانهْ ... قد ثنى صبوةً إليه عِنانهْ كل يومٍ له هوى مستفادٌ ... هو منه في ذلةٍ واستكانهْ وأرى في المشيب والصلع الفا ... حش شُغلا عن الصِّبى والمجانهْ فأجابه محمد بن إسماعيل: خفيف: لا تلُمني فإن باذنجانهْ ... بَزَّ في الحسن عندنا أقرانهْ

95 - محمد بن إسماعيل أبي العتاهية ابن القاسم، وكنيته محمد

حسنُ الشكلِ ناعمُ القدِّ حلوٌ ... يتثنَّى تثنِّيَ الخيزُرانه لو يراه الذي يفنِّد فيه ... لم يعب مغرباً به وأعانه إن يكن أصلَعٌ علاه مشيبُ ... فأراه الرّشادَ حتى استبانهْ إن تحت الكِسى لظرف فتيُّ ... ذو اختيارٍ وجُمَّةٌ فيْنانه قد سقاه الهوى بكأس التصابي ... فجرى جامحاً يجرُّ عنانهْ ولمحمد بن إسماعيل يعاتب نُصَيب بن وهب: هزج: عذيري من أخ كنتُ ... على الناسِ به أفخرْ زكتْ أغصانُه إذ طا ... ب منه الأصل والعُنصرْ فتى كان كصفو الما ... ء للإخوانِ لا يكدُرْ قليلاً ثم أبدي مَ ... لَّة، من حيث لا أشعرْ جفاني بعد أن كان ... خليلي، والذي أُوثِرْ فأضحى معرضاً يَطوي ... من الحبِّ الذي أنشرْ إذا ما زرت مشتاقاً ... فرَبْعٌ دارس مُقفِرْ وفي الصَّمتِ عن الأخبا ... ر إخبارٌ لِمَنْ فَكَّرْ 95 - محمد بن إسماعيل أبي العَتاهية ابن القاسم، وكنيته محمد أبو عبد الله، ويلقّب عتاهية وكان شاعر أيضاً، حذا طريقة أبيه في القول في الزهد، وحدَّث

عن هشام بن محمد الكلبي، وروى عنه أحمد بن أبي خيثمة وأبو بكر بن أبي الدنيا، وأبو العباس المبرّد وإبراهيم بن إسحاق الحربي. وقد ذكرت شيئاً من شعره ونثره في باب الكُنى في آخر الكتاب. أنبأنا زيد عن عبد الرحمن عن ابن ثابت، أنبأنا أبو بكر أحمد في محمد بن أبي جعفر الأخرم، أنبأنا أبو علي عيسى بن محمد في أحمد بن عمر الطوماري، حدّثنا محمد بن يزيد المبرّد قال: أنشدنا عتاهية ابن أبي العتاهية: منسرح: يا لاهياً مُقبلاً على أمَلِهْ ... وطرفه للغناءِ في عملهْ كم لذّة لامرىءٍ يُسَرُّس بِهَا ... لعلّها منه منتهى أجلهْ وبالإسناد حدثنا الخطيب أحمد بن علي، أنبأنا أحمد في أبي جعفر القطِيعي، حدثنا محمد بن العباس الخزَّاز، أنبأنا أبو أيوب سليمان ابن إسحاق الجلاب قال: أنشدنا إبراهيم الحربيُّ لعتاهية ابن أبي العتاهية: كامل مجزوء: عِلَلُ المريض من المنيَّ ... ةِ لا يُعالِجها الطبيبُ إن الذي ذهب أهله ... وبَقِيْ لها لهو الغريبُ

96 - محمد بن الحافظ إسماعيل بن محمد بن الفضل الأصبهاني

96 - محمد بن الحافظ إسماعيل بن محمد بن الفضل الأصبهاني كان شاباً، وفاق في الفضل شيوخ أهل زمانه، لكنه استوفى أنفاسه وطوى قرطاسه قبل أوانه، وفجع والده بشبابه، وله شعر غزل، فمنه: طويل: أحقاً خليلي أنت أوّل ناكبٍ ... عن العهد تجفوني وتهجر جانبي أترضى خليلي أنَّ قلبي نُهبةً ... تعاورها أيدي النوى والنوائب؟! يدا الدهر لا صحَّت رمتني بأسهمنسيت لها ما فوقت بالحواجبِ وله: طويل: هوى البيض لا يجدي على المرء طائلاً ... وإدمان شرب الراح يجني الغوائلا وكم تبتغي أن تعذِل الدهر دائباً ... ودهرُك أولى أن يُرى لك عاذلا وما العمر والأيام إلا وسائطاً ... جُعِلن إلى نيل المعالي وسائلا 97 - محمد بن إسماعيل بن الحسين الدهان مشير الملك النيسابوري من المتصرفين على الأعمال البيهقة، ذكره البيهقي في كتاب " الوشاح " وقال: كان فاضلاً، وعرَّب " شاهنامه " بألفاظ صحيحة، وذكر له نثراً ونظماً، فمن ملح منظومه ما قاله في التبريزي: بسيط: لله بان بني مجداً فشَيَّدهُ ... وفضله الساق والإفضال إفريزُ مهذب الطبْع والأخلاق عن طبع ... كما صفا بانتقاء السبك ابريزُ له يراع يراعيه الصواب وما ... يألو به عن وشيج الخط تبريزُ حكى بما حاكه الأنواء هاطلةً ... فشأنه الدهر تحبير وتطريزُ

98 - محمد بن إسماعيل بن عمر الصيرفي الإمام أبو عبد الرحمن النيسابوري

طوت على عزّها إن عارضته بها ... (صنعاء) أفوافها غيظاً و (تبريز) إن كان مرتبع الإيمان في يَمَن ... فالفضل ملقى عصاه منه (تبريز) 98 - محمد بن إسماعيل بن عمر الصيرفي الإمام أبو عبد الرحمن النيسابوري ينسب إلى القشيري، ذكره البيهقي في " الوشاح " وأنشد له قوله: طويل: بقيت عماد الدين ما انهلَّت الدِّيم ... وما الروض بعد الوبْل باكِرُه ابتسمْ ولا زلتَ صدراً مستماحاً معظماً ... ومِلكك مخصوص، ومُلكك مقتسم فما في عباد الله مثلك عابدٌ ... وما في بلادِ الله مثلك محتشم وأنشد له أيضاً: كامل: السعد أطلع من وراء حجابه ... والنصرُ أقبل سافراً لنقابه والنحس ولى جانباً بهزيمة ... والتعس تابعه على أعقابِهِ واليمنُ نحو يميننا واليسر تح ... تَ يسارنا كلٌّ أش من بابهِ والصدرُ مولانا الهمام المرتجى ... دامتْ علاه، وعاد نحو جنابهِ كالبدر عند طلوعه مستعلياً ... والليث مقداماً ألمَّ بغابهِ أهلا بمقدمِهِ الشريف ومرحباً ... بغبار موكبه وتُرْب ركابه وذكره عبد الغافر الفارسي، فقال: محمد بن إسماعيل ابن عمر الصيرفي أبو عبد الرحمن، من أحفاد الإمام زين الإسلام أبي القاسم وأحفاد ابن خاله الشيخ أبي عمر بن أبي عقيل السلمي، رجل فاضل صاحب النظم والنثر، مبرز في العربية، حافظ للأصول، ماهر في الشروط

99 - محمد بن إسحاق بن الفضل بن عبد الرحمن بن العباس

والأحكام وما يتعلق بها، يختلف إلى مجلس القضاء ويتحمل الشهادة، ويشتغل بالتأديب والإفادة، وينظم القصائد الرائعة الطويلة، محتوية كل حسب المال، وكان متمكناً من الإنشاء كما يشاء. 99 - محمد بن إسحاق بن الفضل بن عبد الرحمن بن العباس ابن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب بن هاشم هو شاعر، وأبوه شاعر، وجدّه شاعر، وجد أبيه شاعر، وأخوه عبد الله بن إسحاق شاعر، وكان محمد هذا وعبد الله أخوه في زمان المهدي وبعده، ومحمد هو القائل: وافر: أَعاذِل ما على مثلي عتابُ ... وبي عن نُصح عاذلتي اجتناب فكفِّي بعض لومك لي فعندي ... وإن أمسكتُ عن ردِّ جواب وله أشعار يهجو في بعضها بني عمِّه. 100 - محمد بن إبراهيم الفقيه الطوسي أبو الحسن له شعر قليل، فمنه أنه افتتن بغلام من الشطّار، فقال له: طويل: أتوعدني بالقتل والقتلُ راحتي ... فلا تُخلف الإيعاد خُلفك ميعادي وقال في غلام متأادب أعطاه كتاب " العين ": وافر: كتاب " العين " ظلَّ يقرُّ عيني ... ويصلحُ بين أهوائي وبيني كتابُ " العين " قوَّادٌ لطيفٌ ... يُحِلُّ السَّهْل، عُصْمَ القلَّتين

101 - محمد بن إسحاق بن إبراهيم بن أبي العنبس

101 - محمد بن إسحاق بن إبراهيم بن أبي العنبس أبو العنبس الصيمري أحد الأدباء الملحاء، وكان خبيث اللسان، هاجى أكثر شعراء زمانه، وله كتب ملاح، ونادم المتوكل، وله مع البحتري خبر مشهور، قال أبو العباس المبرد: حضرتُ مجلس المتوكل يوماً وقد عمل فيه النبيذ وبين يديه أبو عبادة البحتري، وهو ينشد قصيدة يمدحه فيها وبالقرب من البحتري أبو العنبس الصيمري، فأنشدها وهي أولها: كامل مجزوء: عن أي ثغرٍ تبتسمْ ... وبأي طرف تحتكمْ حسَنٌ يضن بحسنه ... والحسن أولى بالكرمْ حتى بلغ إلى قوله: قُل للخليفة جعفر ال ... متوكل ابْنِ المعتصِمْ أمَّا الرعيَّةُ فهي مِن ... أَمَناتِ عدلك في حرَمْ نِعَم عليها في بقا ... ئكَ فلتَتمَّ لها النعمْ للمرتضى ابن المجتبى ... والمنعم ابن المنتقمْ يا باني المجد الذي ... قد كان قُوِّض فانهدَمْ

إسلم لدينِ محمد ... فإذا سلمْت فقد سلمْ نِلنا الهدى بعد العمى ... بكَ والغِنى بعد العدمْ فلما انتهى إلى إنشاده، رجع القهقرى لينصرف، فوثب أبو العنبس فقال: يا سيدنا يا أمير المؤمنين تأمر بردِّه؟! فردَّه، فقال له أبو العنبس: قد عارضتك في قصيدتك وأنت بحضرة أمير المؤمنين، ثم اندفع ينشد: كامل مجزوء: في أيِّ سلح ترتطِمْ ... وبأي كف تلتقِمْ؟ قد قلت رأس البُحتر ... يِّ أبي عبيدة في الحرمْ ووصل ذلك بما أشبهه، فضحك المتوكل وضرب برجله اليسرى وقال: إدفعوا إلى أبا العنبس عشرة آلاف درهم: فقال له الفتح في خاقان وزيره: يا سيدي! فالبحتري الذي هُجيَ وأُسمع المكروه ينصرف خائباً؟! فقال: ويدفع إليه عشرة آلاف درهم. قال: يا سيدي! وهذا البصري الذي أشخصناه من بلده لا يشركهما فيما حصلاه؟! قال: ويدفع إليه أيضاً عشرة آلاف درهم. قال المبرد: فانصرفنا في ساعة الهزل بثلاثين ألف درهم، ولم ينفع البحتري جدّه ولا اجتهاده وتقدمه؛ وهو القائل يهجو إبراهيم المدَبر: كامل مجزوء: أَسَل الذي عطف الموا ... كب بالأعنَّة نحو بابكْ وأذلَّ موقفيَ العزي ... زَ على وقوفي في رحابكْ وأراك نفسك مالكاً ... ما لم يكن لك في حسابكْ ألا يُطيلَ تجرُّعي ... غصص المنية من حجابكْ

وله يمدح الحسن بن مخلد: رمل مجزوء زارني بدرٌ على غُصنٍ ... قابلاً وصلي، يقبِّلُني خِلته لما أتى حلُماً ... وهو روحي رُدَّ في بدني إنَّ لي عن مثله شغلاً ... بمقال الشعر في الحسنِ وأبيه مَخْلَدٍ فبهِ ... قد لبسنا أَسبغ المِننِ كاتبٌ قلَّ النظيرُ له ... فاضل في العلم واللَّسَنِ كتب إليَّ زيد بن الحسن، أنبأنا أبو منصور عبد الرحمن بن محمد، حدثنا أحمد بن علي في كتابه قال: محمد بن إسحاق بن إبراهيم بن أبي العنبس ابن المغيرة بن ماهان، أبو العنبس الصيمري الشاعر، كان أحد الأدباء الملحاء، وكان خبيث اللسان، هاجى أكثر شعراء زمانه، وقدم بغداد، ونادم جعفر المتوكل، وبالاسناد أنبأنا أحمد بن علي بن مهدي، أنبأنا عبد الله بن علي في حَمُّويه الهمذاني بها، أخبرنا أحمد بن عبد الرحمن الرازي، قال: أنشدنا أبو عمرو لاحق بن الحسين قال: أنشدنا علي في عاذل ابن وهب القطان الحافظ لأبي العنبس: خفيف: كمر مريض قد عاش من بعد يأس ... بعد موت الطبيب والعُوَّادِ قد يصاد القطا فينجو سليماً ... ويَحِلُّ القضاءُ بالصيَّادِ قال الخطيب: وبلغني أن أبا العنبس مات في سنة خمس وسبعين ومائتين وحمل إلى الكوفة فدفن بها.

102 - محمد بن إسحاق الطرسوسي

102 - محمد بن إسحاق الطرسوسي شاعر في أيام المتوكل، ماجن خبيث، يكثر القول في مدح شوَّال وذمّ رمضان، وله فيه: متقارب: نهارُ الصيامِ حلولُ الشقا ... وليلُ التراويح ليلُ البلا تمارضْ تحلّ لكَ الطيِّباتُ ... وبعضُ التمارُض كلُّ الشِّفا وإن كان لا بدَّ من صومه ... فأكثِرْ من الصوم بعدَ العشا وإن كنت لا تستحلُّ المدا ... مَ فغادِ الصيامَ بخبزٍ وما ولا بأسَ بالشُّرْب نصفَ النها ... رِ إذا كنتَ ذا ثقةٍ بالخفا يَظُّنُّ بي الصومَ أهلُ الشقا ... ومن درن صومي بلوغُ السُّها 103 - محمد بن إسحاق بن جعفر البحَّاثى الزَّوْزَني منسوب إلى جدٍّ له، من أهل الفضل والنبل، مذكور، مشهور، يعرف بالبحَّاث، وكان أبو جعفر هذا زينة زوزن، وظرف الظرف وريحان الروح، يقول في هجاء لحيته الطويلة: كامل: يا لحيةً قدعُلِّقَتْ من عارضي ... لا أستطيعُ لقبحها تشبيها طالت فلم تفلِح ولم تكُ لحيةً ... لتطولَ إلا والحماقةُ فيها إني لأظهِرُ للبريَّةِ حُبَّها ... والله يعلمُ أنني أقليها

105 - محمد بن إسحاق بن أسباط النحوي المصري أبو النضر

وله في مرثية شاب: كامل مجزوء: وارَحْمتا لشبابهِ ... إذ لم يُمتَّع بالشبابِ وكأنَّهُ، في قبرهِ ... شمسٌ توارتْ بالحجابِ وله في الغزل: بسيط: لمّا ترحَّلَ من أهوى وودَّعني ... وصرتُ من بَعده حَيرانَ مبهوتا نظمتُ دُرّاً على القرطاس من غزَلي ... ومن دموعي على الخدَّين ياقوتا وله في غلام تركي: طويل: بُليتُ بقنّاص الضراغمِ شادنٍ ... من التركِ لم تحلَلْ تمائمهُ بَعدُ تضيقُ عليَّ الأرضُ من ضيق عينهويُنرِفُ شِعري شَعرُه الفاحم الجعد 104 محمد بن إسحاق أبو جعفر الواعظ الزوزني ذكره صاحب " الوشاح " وأنشد له: وافر: فؤادي في هواكَ حريقُ، شوقٍ ... فهل لي في وصالكَ من رجاءِ؟! إذا ما رحتُ، أبكي طولَ ليلي ... بَكى وَدْقُ السّحاب على بُكائي 105 - محمد بن إسحاق بن أسباط النحوي المصري أبو النَّضر شيخ من أهل الأدب، والتقدم في النحو وعلم المنطق، ممن درس على الزَّجّاج وأخذ عنه، كان حسن الشعر، وكان يحضر مجلس سيف الدولة مع الأدباء والفضلاء والشعراء، وذكر أن الأبيات التي ينسبها قوم إلى ابن المغيرة وآخرون إلى أبي نضلة وغيرهم من قديم شعره، وهي: متقارب: وكأسٍ من الشمس مخلوقة تضمَّنها قدَحٌ من نهارْ

106 - محمد بن أبان بن ميمون بن جرير بن حجر بن زرعة

هواء ولكنه ساكنٌ ... وماء ولكنه غير جارْ فهذا النهاية في الإبيضاضِ ... وهذا النهايةُ في الإحمرارْ وما كان في الحُكم أن يوجَدا ... لفرط التنافي وفرط النِّفارْ ولكن تجاوَر سطحاهما ال ... بسيطان فاجتمعا بالجِوارْ كأنَّ المديرَ لها باليمينِ ... إذا طاف للسَّقي أو باليسارْ تدرَّعَ ثوباً من الياسمين ... له فرُْد كُمٍّ من الجُلَّنارْ وكان أبو النضر عالماً بالهندسة قيِّماً بعلوم الأوائل، وله أيضاً: منسرح: هات اسقني بالكبير وانتخب ... نافيةً للهموم والكُرَب فلو تراني إذا انتشيتُ وقد ... حرّكتُ كفي بها من الطربِ لخلتني لابساً مشهَّرة ... من لازَوَرْدٍ يشِفُّ عن ذهب 106 - محمد بن أبان بن ميمون بن جرير بن حُجْر بن زُرْعة الخَنْفَريّ اليمني وخنفر بطن من حِمْيَرِ صَعْدة، ومحمد بن أبان هذا سيّدهم وابن سيدهم وجدّه، حُجْر بن زُرْعة القَيْل كان على عهد سيف بن ذي يزن، وخرج مع نَوال بن عَتيك ومرَّ في عامر الحميري يوم بعثهم سيف لنصرة خولان ومَذْحِج على قيس عيلان؛ ومحمد بن أبان هذا ممن حارب مَعْن في زائدة وإلي اليمن من قبل المنصور وهزمه، وكان التقاؤهما بالمنضج من نواحي صَعْدَة، ولما هُزِم معن في هذا الموقف لم يستقر له قرار باليمن، وخرج

107 - محمد بن إدريس بن العباس بن علي بن عثمان، بن شافع بن السائب بن

عنه إلى العراق؛ ومن شعر محمد بن أبان - وإن كان كثيراً - ما قاله عند نصرته على بني حَرْب من خولان ونفيهم عن اليمن إلى الحجاز وهو: وافر: سما بي الحارثان من آل زُرْعٍ ... إلى شُمٍّ منفنفة القِلالِ بنا لي العزّ آباءٌ كرام ... وشيَّد ما بنوا عمّي وخالي إذا سارت تعابيهم لجمعٍ ... حَسبْتَ الأرضَ مادت بالجبال فلا تفخرْ عليَّ أبا يزيد ... فإني في الصميم وفي الموالي وإني في الأرومة من ملوكٍ ... مساكننا المحافدُ من (أزال) وفي (صِرواحَ) كان لنا ملوك ... وفي (رَيْمان) في الأمم الخوالي وفي (صَبِرٍ) لنا شادَ المعالي ... أبونا ذو المهابة والجلال معاويةُ بن صّيفي بن زرْع ... رفيع البيت محمود النوال وفوق (التَّعْكَرَيْن) لنا قصور ... تشاييد الشرامخة الطوال بها سُلُحٌ تظِلُّ معلَّقاتٍ ... ورَنّاتِ الصوافنِ في الجِلال وهم سلَكوا بها بَرّاً وبحراً ... تفيءُ لهم مخبِّأةُ الحجال فما حيٌّ كمثل بني أبينا ... إذا هبَّت بصُرَّادِ الشمال 107 - محمد بن إدريس بن العباس بن علي بن عثمان، بن شافع بن السائب بن عبيد بن عبد يزيد بن هاشم بن المطلب ابن عبد مناف الشافعي الفقيه أبو عبد الله ولد بغزَّة، وقيل باليمن، وحمل إلى مكة ونشأ بها، وأخذ عن مالك بن أَنسٍ وطبقته، ثم عاد إلى مكة، واستخدم في أحد الخدم

الديوانية باليمن، فتوجه وأقام متولياً مدة ثم عاد إلى مكة وخرج إلى يثرب، وناظر مالك في أنس، وسأله عن مسائل، وراجعه فيها الجواب، وأكثر من قوله لمالك: فإن قيل كذا، ما الجواب؟! وكان مالك ضجوراً، فقال له مالك: " إذا أردت فإن قيل قلنا، فاقصد هنا "!! وأشار بيده إلى جهة العراق، إشارة إلى أصحاب أبي حنيفة لأنهم أهل نظر وجدال. وكان مالك في أكثر أمره يقف مع ظواهر الأخبار، فخرج الشافعي - رضي الله عنه - مغضباً وقال: لا يحلُّ لمالك أن يفتي!. وقصد العراق ولقي محمد بن الحسن، فأخذ عنه وأكثر، حتى قال: أخذت عنه وسق بعير وعاد إلى مكة ثم عاد إلى العراق مرة ثانية، وخرج إلى مصر وأكرمه أهلها، وأخذوا عنه. وتعرّض له بعض أصحاب مالك في مسألة ردّ فيها الشافعي على مالك، فباشره بيده مباشرة أحدثت له ألماً مات منه في سنة أربع ومئتين. وكان له شعر أجلّ من شعر الفقهاء، فمنه ما رواه علي في سراج عن الربيع بن سليمان المرادي أن الشافعي أعار محمد بن الحسن الفقيه كتاباً فأخّره عنه: رجز مجزوء: قل للذي لم ترعي ... ن من رآه، مثلهُ ومن كأنَّ مَن رآ ... هـ قد رأى من قبله: العلمُ ينهي أهله ... أن يمنعوه أهله لعله يبذله ... لأهله، لعله!! وله - رضي الله عنه -: وافر: شكوت إلى وكيع سوء حفظي ... فأرشدني إلى ترك المعاصي

وقال: اعلم بأن العلم نورٌ ... ونور الله لا يؤتى لعاصي! أنبأنا الكندي، أنبأنا القزاز، حدثنا أحمد بن علي البغدادي في، تاريخه، أنبأنا أبو نعيم الحافظ، حدثنا أبو بكر محمد بن إبراهيم بن علي، قال: سمعت إبراهيم بن علي بن عبد الرحيم بالموصل يحكي عن الربيع قال: سمعت الشافعي يقول في قصة ذكرها: طويل: لقد أصبحَت نفسي تتوق إلى مصرومن دونها أرض المهامة والقفرِ فوالله ما أدري أَللفوز والغنىأُساق إليها أم أُساق إلى قبري؟! قال: فوالله ما كان إلا بعد قليل حتى سيق إليهما جميعاً. كتب إليّ عبد الرحيم بن تاج الإسلام السمعانيّ من مَرْو - رحمه الله - أنبأنا أبي تاج الإسلام ببخارى قال: سمعت أبا محمد الحسن بن محمد بن أحمد الحنفي في داره بالري يقول: سمعت أبا حاجب محمد بن إسماعيل الفقيه إملاء باستراباذ يقول: سمعت أبا الحسن محمد بن المثنى يقول: سمعت أبا بكر أحمد ابن عبد الرحمن يقول: سمعت يونس بن عبد الأعلى يقول: لما أُشخص الشافعي - رضي الله عنه - إلى سُرَّ من رأى ودخلها عليه أَطمارُ رثّة، وطال شعره، فتقدم إلى مزيِّن، فاستقذره لما نظر إلى زيَّه فقال: تمضي إلى غيري! فأشتد على الشافعي أمره، فالتفت إلى غلام معه، فقال: أي شيء معك من النفقة؟! قال له: عشرة دنانير. قال: أدفعها إلى المزين. فدفعها الغلام إليه وولى الشافعي وهو يقول: طويل: عليَّ ثياب لو تباع جميعها ... بفلس لكان الفلس منهن أكثرا وفيهنَّ نفسٌ لو يُقاسُ ببعضِها ... جميع الورى كانت أَجلَّ وأخطرا

فما ضرَّ نصل السيف إخلاق جَفنه ... إذا كان يمضي، حيث أنفذته برَا فإن تكن الأيام أَزرَينَ بِزَّتي ... فكم من حُسامٍ في غلاف تكسرَا كتب إليّ شهاب الدين محمود الهروي، أنبأنا عبد الكريم بن محمد بن منصور من كتابه بالجامع القديم، حدثنا إسماعيل بن أبي الفضل الناصحي أبو القاسم من لفظه بِآمل، أنبأنا أبو جعفر محمد بن خالد بن هارون المخزومي، أنبأنا محمد بن حامد في الحسن الخيام قال: سمعت أبا بكر محمد بن يحيى ابن إبراهيم المزكي، سمعت أبا عبد الرحمن السلمي يقول: سمعت محمد ابن عبد الله الراضي يقول: سمعت قعنب بن أحمد بن عمرو يقول: سمعت محمد في أحمد بن وردان يقول: سمعت الربيع ابن سليمان يقول: قال عبد الله في عبد الحكم للإمام الشافعي - رضي الله عنه -: إن عزمتَ أن تسكن هذا البلد - يعني مصر - فليكن لك مجلس من السلطان فتُعَزّز، وليكن لك قوت سنة! فقال له الشافعي: " يا أبا محمد! من لا تعِزّه التقوى فلا عزَّ له، ولمد ولدتُ بغزَّة، وربيت بالحجاز وما عندنا قوت ليلة، وما بتنا جياعاً قط ". - رحمه الله - ومن شعر الشافعي - رضي الله عنه: وافر: نعيبُ زماننا والعيبُ فينا ... وما لزماننا عيبٌ سوانا ونهجو ذا الزمانَ بغير جرم ... ولو نطق الزمانُ إذاً هجانا قال: أنبأنا عبد الكريم بني محمد تاج الإسلام المروزي قال: أخبرنا الإمام أبو نصر أحمد بن عمر بن محمد الغازي، أنبأنا الشيخ الإمام أبو

الأسعد عبد الرحمن ابن عبد الواحد القشيري عن أبي سعيد مسعود بن ناصر السجزي عن أبي الحسن الليثي عن أبي الحسن محمد بن الحسين بن إبراهيم بن عاصم الآبري - رضي الله عنه - في كتابه سماعاً منه بجامع سِجِسْتان قال: سمعت محمد بن عبد الرحمن الهمذاني بحلب يحكي عن زكريا بن يحيى البصري عن الربيع بن سليمان قال: كنّا عند الشافعي إذ جاءه رجل برُقْعَة، فنظر فيها وتبسم، ثم كتب فيها ودفعها إليه. قال: قلنا سُئِل الشافعي عن مسألة؟ لننظر ما جوابها! فلحقنا الرجل، فأخذنا الرقعة، فقرأناها، فإذا فيها: طويل: سلِ المفتيَ المكِّيَ هل في تزاورٍ ... وضمَّةِ مُشتاقِ الفؤادِ جناحُ؟! قال: وقد أجابه أسفل من ذلك: طويل: أقول: معاذ الله أن يُذهِبَ التُّقى ... تلاصُقُ أكبادٍ بهنَّ جرَاحُ وبالإسناد حدثنا الآبري بجامع سجستان من كتابه، حدثتنا أبو جعفر محمد بن عبد الجبار القراطيسي الدمشقي بدمشق قال: حدثني محمد بن إدريس يعني أبا حاتم عن ابن عم الشافعي قال: كان لأبي عبد الله الشافعي امرأة يحبها، فقال لها: كامل مجزوء: ومن البليَّة أن تُ ... حِبَّ ولا يحبُّك من تحبُّه ويصُدُّ عنك بوجهه ... وتلَجُّ أنتَ فلا تُغِبُّه وبالإسناد أخبرنا الآبُريُّ كل من كتابه بجامع سجستان، حدثنا أبو يعقوب إسحاق بن يعقوب بن إسحاق بن عيسى بن عبد الدمشقي مستملي أهل دمشق

قال: حدثني أبو الحسن محمد بن أحمد بن إبراهيم بن يحيى القرشي الفهري المصري، قدم علينا قال: حدثنا أبو محمد الربيع بن سلمان قال: حدثني محمد بن إدريس الشافعي قال: رحلت إلى اليمن لأسمع من عبد الرزاق، فمررت بباب دار عليه شيخ كبير بين يديه هاوَن يدق فيه خبزاً يابساً فقلت: ما هذا؟ قال: فتوتاً لزوجتي. فقلت: إن حقَّها لواجب عليك! فقال: إي وأبيك! أقم لترى ذلك عياناً، فأقمت، فلم يكن بأسرع من أن أقبل خمسة مشايخ بيض الرؤوس واللحى، كأن صورتهم صورة واحدة، وكأانما مسح على رؤوسهم بكفّ واحدة، فأكبّوا على الشيخ، فقبّلوا رأسه وسلّموا عليه، وقاموا هنيهة، فقال لهم: ادخلوا إلى أمكم فسلموا عليها، فدخلوا إلى الدار، فقلت: يا شيخ! هؤلاء ولدك منها؟ قال: نعم. فقلت: بارك الله لك! فلقد رأيت قرَّة عين ثم هممت بالنهوض، فقال لي: أقم لترى ما هو أعجب من ذلك! قال: فلم يكن بأسرع من أن أقبل خمسة كهول. ففعلوا مثل الأولين. فقلت له كقولي الأول. فقال: أقم لترى ما هو أعجب! فأقمت، فأقبل خمسة رجال سود الرؤوس واللحى في قدر واحد، ففعلوا كالأولين، وقلت له مثل قولي الأول وأردتُ النهوض وقم؛ فقال: أقم لترى أعجب من ذلك. فأقمت، فأقبل خمسة شباب قد اخضرت شواربهم ففعلوا كالأولين فقلت له مثل قولي الأول، وقمت، فقال: أقِمْ لِتَرَ أعجب من ذلك. فأقمتْ. فأقبل خمسة صبية على ثيابهم أثر المداد. ففعلوا مثل فعل من تقدَّمهم. فقلت له مثل قولي الأول، فقال لي: يا فتى هؤلاء الخمسة وعشرون ذكراً ولدي منها في خمسة أبطُن! قال محمد في الحسين: قال لنا إسحاق بن يعقوب: قال لي أبو الحسين القرشي: سمعت الربيع يقول: لو جاء بهذا غير الشافعي ما قبلناه منه.

108 - محمد بن إدريس بن سليمان بن يحيى بن أبي حفصة

108 - محمد بن إدريس بن سليمان بن يحيى بن أبي حفصة، يكنى أبا جعفر شاعر بارد الشعر، ضعيف القول، أنشد له علي بن هارون، عن محمد بن يحيى بن علي قصيدة طويلة مدح فيها المتوكل وهي: 109 - محمد بن إياس بن أبي البكير الليثي حليف بني عُذرة بن كعب، أسلمي، مدني. قال في حرب بني عدي ابن كعب بالمدينة ويرثي زيد بن عمر بن الخطاب: أَلا يا ليت أُمي لم تلدني ... ولم أَك في الغواة لدى البقيعِ ولم أر مصرع ابن الخير زيدٍ ... وهدَّته هنالك من صريعِ هو الرُّزءُ الذي عظمت وجلّت ... مصيبته على الحي الجميعِ كريمٌ في النجار تكنفته ... عروق المجد والحسبِ الرفيعِ وهو القائل في ذلك: إنَّ ليلي طال، والليل قصيرُ ... طال حتى كاد صبحٌ لا ينيرُ ذِكر أيامٍ عرتْنا مُنكرا ... ت حدَثتْ فيها على الناس أمور لقحت حرب عديّ عن حيال ... فَرَحا حربهم اليوم تدورُ

110 - محمد بن آدم بن الكمال الهروي

110 - محمد بن آدم بن الكمال الهروي فاضل ابن فاضل، له أدب ويد طولى في النسب، صنَّف فيه كتاباً مختصراً، وله يد في الكلام على مذهب العدل، وشعره قليل جداً، فمما أنشد له أبو القاسم مهدي بن أحمد الحوافي قوله: وافر: صباحُ الشَّيب أسفر في عِذاري ... فسافرت العذارى عن جواري أقمن على السواد وهنَّ بيضٌ ... ورُحْن من البياض على نِفارِ كذا الأقمار تؤنسها اللَّيالي ... ويُنفرها تباشيرُ النهارِ وأغرب ما تُرينيه اللَّيالي ... غرابٌ في قميص الباز طارِ 111 - محمد بن أيمن الرُّهاوي كان يعارض أبا العتاهية ويجري في طريقه ويقول في مثل قوله: منسرح: قنِعت بالقوت من زماني ... فصُنت نفسي عن الهوان من كنتُ عن مالِه غنيَّاً ... رأيته كالذي يراني ومثل قوله: بسيط: إنا ننافس في دنيا مفارقة ... ونحن قد نكتفي منها بأدناها حذّرتك الكبر لا يعلقك ميسمه ... فإنه ملبَسٌ نازعتَه اللهَ

112 - محمد بن أرسلان بن محمد

وقوله: كامل: إن المكارم كلها لو حُصِّلت ... رجعت بجملتها إلى شيئين: تعظيم أمر الله جل جلاله ... والسعي في إصلاح ذاتِ البينِ 112 - محمد بن أرسلان بن محمد كان شاعراً خراسانياً، له شعر في مدح عَلويٍّ: رمل: هم غداة البين بانوا برقادي ... فمتى أطمع في الطيف المعادي؟ أوحشوا جفناً وربعاً موحشاً ... من فؤاد وحبيب ورقادِ لا أسوم الدهر قرباً منهم ... ليتني كنت قريباً من مرادي أنا لم أسالْ فأما أنتم ... فتُراكم كيف كنتم في الودادِ تستزيدون على ما بي هوًى ... هل على هذا الهوى من مستزادِ؟ يا مقيمين بشرقي الحمى ... بين أعلام سوام ونجادِ وله أيضاً في علوي: بسيط: يا خير منتسِب في خير منتَسَبِ ... وخير نجل لأم بَرَّةٍ وأبِ والجدُّ جدك خير الناس كلّهم ... والوالدان صميما أشرفِ النسبِ 113 - محمد بن إدريس الطائي مشهور في زمانه، وهو القائل لأبي عبد الله الحسن بن طاهر بن الحسين وبلغه أنه وجد علة: بسيط: ما بردُ جسمك إلا غُلَّة العَدم ... ولا اعتلالُكَ إلا علَّة الكرَم بنا ولا بك خطْبُ الدهر إنَّ ندى ... بنانِ كفّك فينا عصمةُ الهمم

114 - محمد بن إدريس الخفاجي

أَبشرْ فلله في جسم الفتى أرَبٌ ... ما أمكن الله منه جمرة الألم يجلوك للعفو من سخط الذنوب كما ... تُجلى لحربٍ شباةُ الصارم الخَذمِ وله أيضاً: كامل: ليثٌ إذا أَبكى شبا أسيافهِ ... أضحكنَ مَفرق رأس كلِّ عنيد وكأنّما آراؤه تحتَ الوغا ... وشبا القنا اشتُقَّتْ من التأييد وإذا دَجَتْ حربٌ أضاء بوجهه ... صُبح من التوفيق والتسديد 114 - محمد بن إدريس الخفاجي شاعر بدوي فصيح، ذكره البيهقي في " الوشاح " وأنشد له: وافر: حدى الحادي بسعدى حين ساروا ... وبالأسحار أيقظهم أنيني وكنت على فراقهم مُعيناً ... لذلك لم أجد صبري معيني 115 - محمد بن إدريس الكُحْلي من مَرْج الكُحْل من جزيرة شُقْر، شاعر مذكور في المغرب، أنشد له أبو المروح بن عبد الله بن محمد بن موسى الحِمْيِري التاكرني، وتاكرْنا من عمل قرطبة، وذكر أنه سمعه منه: وافر: وعندي من مَعاطفها حديثٌ ... يُخَبِّرُ أنَّ ريقتها مُدَامُ وفي أَلحاظِها السَّكرى دليل ... وما ذُقنا ولا زعمَ الهمام تعالى الله ما أجرى دموعي ... وأطربني إذا غنَّى الحمام

116 - محمد بن أبان الكاتب ويكنى أبا جعفر

أخذ هذا من قول النابغة: كامل: زعم الهمامُ بأنَّ فاها باردٌ ... عَذبٌ مُقَبَّلُهُ، شهيُّ المورد 116 - محمد بن أبان الكاتب ويكنى أبا جعفر من أهل دير قُنَّى، أديب، حسن البلاغة، كان يكتب لنصر بن منصور بن بسام ثم اتهم بالزندقة، فحبس في سجن بغداد، ثم أُطلق، فكان يكثر في شعره الافتخار بالعجم، وله قصيدة وصف فيها سُرَّ من رأى، وهو القائل، وقد روي لمحمد بن حازم والصحيح أنه لمحمد بن أبان: طويل: إذا أنا لم أصبرْ على الذنب من أخٍ ... وكنتُ أُجازيه، فأين التفاضُلُ؟ إذا ما دهاني مفصِلٌ فقطعته ... بقيت، ومالي للنهوض مَفاصلُ ولكن أُداويه فإنْ صحَّ سَرَّني ... وإن هو أعيا كان فيه تحامل 117 - محمد بن أسعد بن علي بن معمر شرف الدين أبو عليّ الجوَانيّ النسابة المصري المولد والمنشأ، وأصله من الموصل، واستوطن أبوه أو جدُّه مصر

118 - محمد بن أسلم الأنصاري الساعدي

وحصل له بها تقدم، وولده هذا كان نقيباً في الأيام المصرية، فلما دخلت الغُزُّ البلاد، ولّوا رجلاً أعجمياً النقابة، يعرف بأبي الدّلالات، ثم ولّي هذا الشريف بآخرةٍ نقابة النقباء الأقارب من ولد إسماعيل نسباً، صاحب للقصر كان (؟) وكان أكثر زمانه منقطعاً في داره إلى التصنيف في علم الأنساب، أدركته ورأيته، وكان يكثر، إلى أن يغلب على الظن كذبه - رحمه الله وغفر لنا وله - وكان له شعر ولوالده أيضاً، فمن شعره قوله لبعض الأشراف بدمشق: طويل: أَحنُّ إلى ذكراك يا ابن محسَّنٍ ... وأرجو من الله اللقاءَ على قُرْبِ لما لكَ في قلبي من الموضع الذيترى فيه كل الحب جزءاً من الحب وللمفخر السامي الذي قد حويتَهوسار مسير الشمس في الشرق والغرب فأصبحتَ تاجاً للفخار ومَفرِقاًوقطب المعالي بل أجلَّ من القطبِ فلا عدِمَت روحي الحياة فإنها ... قرينة ما يأتي إليّ من الكتبِ وله أشعارٌ كثيرة في المدح لأجلاّء زمانه. توفي بعد سنة خمس وثمانين وخسمئة. 118 - محمد بن أسلم الأنصاري الساعدي قال يوم الحرَّة: طويل: فإن تقتلونا يوم حرَّة واقم ... فنحن على الإسلام أول من قَتلْ ونحن تركناكم ببدر أذلة ... وأُبنا بأسلاب لنا منكم نَفَلْ فإن ينج منها عائذُ البيت سالماً ... فما نالنا منكم وإن شفَّنا جَللْ 119 - محمد بن أسعد بن محمد بن نصر الحليمى العراقي أبو المظفر، المعروف بأبي حليم الحنفي. أنبأاني أبو المظفر عبد الرحيم

المروزي، قال: أخبرني أبي في كتابه، قال: سكن دمشق معي ابن حليم، ورأيته بها، واجتمعت به نُوَباً عدة في دار صاحب دمشق، أُنَر، وكانت تجري بيننا مفاوضات في الشعر وغيره، وكان يحفظ أشعاراً كثيرة ويتعاطى قول الشعر. أنشدني محمد بن أسعد الحنفي لنفسه، وكتب لي بخطه بدمشق: بسيط: حلفت إن عاد أحبابي وضعت لهم ... خدِّي وطاءً، ودمع العين شافعُهُ فأحرق الدمع جفني من حرارته ... يوم الفراق، وأحشائي تتابعُه فقلت للخدِّ: نُب عنه فقال: قدي ... من النيابة ما خَدَّت مدامعُه قال: وأنشدني محمد بن أسعد العراقي لنفسه، وكتب لي بخطه أيضاً: خفيف: هجَرتني فكان ليلي بلا فجر ... وزارت فلم تكن غير فجر ليس للصيف والشتاء أثرٌ في الليْل ... لكن لوصلها والفجرِ قال: ثم سمعت أن البيتين لأبي علي بن عمار الموصلي. قال: وأنشدني محمد بن أسعد البغدادي لنفسه: كامل: الدهر يخفض عامداً ... فيلاً، ويرفع قدر نملهْ فإذا تنبه لِلِّئا ... مِ وقام للنُّوَّام نَمْ لهْ وقال أنشدني محمد بن أسعد الحنفي لنفسه بدمشق: طويل: تقدَّمتُم بالحظِّ حتى سَبَقتُم ... جيادَ المذاكي بالحمير الأظالِعِ كأنَّكمُ الأعدادُ لا يبتدى بها ... لدَى عَقْدِها إلا بصُغر الأصابع

وبالإسناد قال السمعاني: في الوقت الذي أنشدني محمد بن أسعد الحنفي البيتين، كان مؤيِّد الدولة أُسامة بن مُرشد بن منقذ الشَّيْزَري حاضراً، فاستحسنها وقال: أنشدتني البيتين يوماً، فقد عملت في معناهما بيتين وأنشدهما لنفسه: كامل: ما إن عَدَدْتكَ للمُلِمِّ وقد أرى ... ما فيك من خَوَرٍ عن الإنجادِ إلا كما تعتدُّ يمنى كاتبٍ ... صِغر البنان لأوَّل الأعدادِ توفي سنة سبع وستين وخسمئة ودفن بالباب الصغير وقد جاوز الثمانين كتب إليّ محمد بن هبه الله بن مميل الشيرازي، أنبأنا الحافظ أبو القاسم الدمشقي من كتابه، قال: محمد بن أسعد بن محمد بن نصر أبو المظفر البغدادي المعروف بابن الحليم الفقيه الحنفي الواعظ، سكن دمشق مدة ودرّس بمدرسة طرخان ثم بنى له الأمير أُنَر المعروف بمعين الدين مدرسة ودرّس بالمدرسة القادرية أياماً، وظهر له قبول في الوعظ وصنف تفسيراً، وشرح " المقامات ". سمعت منه شيئاً من شعره؛ وكان فسلا في دينه، خليعه، قليل المروءة، ساقطاً كذاباً. أنشدنا أبو المظفر لنفسه بماردين وكتبه لي بخطه: طويل ذكرت هوى سلمى وليلى بمعزل ... وعدت إلى مصحوب أول منزل

120 - محمد بن اسفهسلار بن محمد الجرباذقاني أبو علي

ونادتْ بيَ الأشواقُ مهلاً فهذه ... منازل من تهواه دونك فانزل وخذ من نعيم قد صفا لك شربُه ... ودع ما سوى الأحباب عنك بمعزل 120 - محمد بن اسْفهسلاَّر بن محمد الجرْباذْقاني أبو علي وجَرْباذقان بلدة بين أصبهان وهَمذان، شاب فاضل، لطيف الطبع رقيقه، حسن الشعر، متودد إلى الناس، ممتزج بهم، له معرفة تامة بالأدب، قدم بغداد مع العسكر ونزل المدرسة النظامية مع أبي الفتح النظيري. أنبأنا أبو المظفر المروزيّ عن أبيه قال: علَّقت عنه بالنظامية ببغداد من شعره بإفادته ثم اجتمعتُ معه بهمذان بعد رجوعي من بغداد، وكتبت عنه أيضاً أبياتاً من شعره، وكان ينظم الشعر على طريقة الأديب الأبيوردي، وكان قرأ عليه الأدب وتلمذ له فيما أظنْ قال: أنشدنا أبو علي الجرباذْقاني إملاء لنفسه ببغداد: طويل: أَلا يا صَبا نجد عليّ تنسمي ... ويا عَبرتي لا يحبسنَّك مانعُ فإنّ الصبا تنفي هموم أخي الهوى ... وتشفي صبابات الفؤادِ المدامعُ قال: وأنشدنا أبو علي الجرباذقاني أيضاً لنفسه ببغداد: رمل: لا أَذاق الله عيناً وسنَا ... أبصرتْ سلمى ولم تعشق مِنى لا ولا عاشت قلوبٌ صبرت ... عند ذكراهما ولا نالت مُنى قال: وأنشدنا أبو علي الجرباذقاني إملاء من حفظه لنفسه بهمذان: طويل: فديتكا يا صاحبيَّ دَعاني ... أَشِمْ لمع برق شاقني وشجاني

121 - محمد بن أرسلان منتجب الملك الخراساني

تعرّض لي وهناً كأن وميضه ... تلألؤ مصقول الفرند يماني يذكرني عهدي بريَّا وقربها ... وما نحن فيه من منى وأمانِ أيا حبَّذا جرباذقان وأهلها ... وأبن النوى والملتقى علمانِ؟ فإن جزتما تلك المعالم بكرةً ... وصاقبتما جَرْباذقان مكاني فقُولا لخلّ ثم خلاَّ حبيبه ... رهين أسى مثل الذي تجدانِ ومن عنده قلبي فلمّا طلبته ... توانى وأجفانا الأخُ المتواني فإن أنت لم تأسى عليه فإن لي ... تأسّف مقصوصٍ على الطيرانِ 121 - محمد بن أرسلان منتجب الملك الخراساني أديب شاعر، ذكره البيهقي في كتاب " الوشاح " ووصفه وسجع له وأنشد له: طويل: أأصداف ياقوت على منبت الدرِّ؟ أم الراح قد صُبت على منفث السحرِ؟ وما هي بل حَبُّ القلوب تناثرتعلى ألِفات الورد من شنب الثغرِ؟ وتلك دنانيرٌ على قسماتِها ... أم الورد منثوراً على مطلع الفجرِ؟ وما ذلك الفتر الذي في جفونَها ... أداءٌ عراها أم تعلّل بالفترِ إذا أوثقت قلباً عميداً بسحرها ... فألفاظها المستعذباتُ، رقى السحرِ تجلّت لنا بيضاء ذات تمائم ... فقلت: أشمس تلك أم ضرّة البدرِ؟ فما غادرت قلباً بغير صبابة ... ولا تركتْ دون التجلد من سترِ أرى الوجدَ مغلوباً به كل سلوة ... فلو طاوعت نفسي فزعت إلى الصبرِ ولا صبر حتى تنزف العين ماءها ... ويبدي به سرَّ الهوى لوعةُ الصدر إلى الحلم دون الجهل فازوَرَّ وارعوى ... فؤادٌ أطالت فكره غِيرُ الدهرِ وما لِفتي أوفت به السّنُّ وارتقى ... إلى مرتقى الخمسين في اللهو من عذر

122 - محمد بن الأشعث الزهري الكوفي

122 - محمد بن الأشعث الزُّهري الكوفي شاعر، روي شعره، وهو القائل: بسيط: أمسى لسلاَّمة الزرقاء في كبدي ... صدعٌ مقيم طوال الدهر والأبدِ 123 - محمد بن الأشعث المروزي أبو الأشعث شاعر مذكور مشهور، كان منقطعاً إلى آل طاهر، وهو القائل يمدح محمد بن إسحاق بن إبراهيم المصعَبي من قصيدة أوّلها: رمل: نُوِّمَ العذَّال عن سَهرِهِ ... وغنُوا بالنفع عن ضررِهْ ورمى الهجرانُ مقلتَه ... بسهام الحب عن وَترِهْ فحشاه يلتظى لهباً ... ليس يُطفى لهَفُ مستعِرِهْ تيَّمتْه مقلتا رشإٍ ... حُلَّ عقدُ السحر في نظرِهْ لو رآه عاذلي سفَهاً ... فرَّ من عذل إلى عَذرِهْ ومنها في المديح: وحياة ابن الأمير وما ... عظَّم الرَّحمنُ من خَطَرهْ لأديمن الوصال له ... ما دَعا طيرٌ على شجرهْ شيد المجد الأمينُ له ... وهو يبنيه على أثرهْ لست أخشى الريب من زمنٍ ... أبداً ما مُدَّ في عُمُرِهْ

124 - محمد بن اسفهسلار بن محمد مؤيد الدين أبو علي الأصبهاني كبير

وله يرثي أخاه: رمل: مات مَن قد كنت آملُه ... ومضى من كنت أدِّخرُ ما أُبالي بعد مصرِعِه ... أي نفس خانها العمرُ ما لعيني فلتجُدْ أبداً ... دون أن تلقى العمى عُذُرُ أو ذوَت من بعد نضرتها ... ومحاها الترب والمدَرُ أم تحاماه بهيبته ... أن يُرى منه به أثر 124 - محمد بن اسْفَهْسلاَّر بن محمد مؤيد الدين أبو علي الأصبهاني كبير القدر، عالي الأمر، له شعر جميل، كان يتولى الاستيفاء للسلطان مسعود بن محمد، ثم عاد إلى رئاسة بلده، توفي بعد سنة ستين وخمسمئة وعمره مُوفٍ على السبعين. فمن شعره ما قاله يمدح به الوزير السُمَرَمي ويصف الحرب بين السلطان مسعود وأخيه محمود طويل الآن أصبح مشدوداً عرى الأملِ ... وقد تقوَّى أساسُ، الدين والدول وأشرق العزُّ ممدوداً سرادقه ... وعاد معتدلاً ما كان من ميل رست أصول العلى تحت الثرى وسمتْ ... فروعهن إلى الجوزاء والحمل ما للطغاة ابتغوا في الأرض مفسدةوهم من الجهل والعصيان في شغل؟ استعجلوا في طلاب الملك من سفهألا وقد (خلق الإنسان من عجل) لما رأوا راية الإقبال مقبلة ... لاذوا هنالك بالأشعاف والقلل

125 - محمد الإحشيكثي

حتى أطاف بهم جيشٌ كأنهم ... أمواج بحرٍ على الآفاق مشتمل أو أنهم أُسد موتٍ لا غياض لها ... غير الصوارم والخطيَّةِ الذُّبُل 125 - محمد الإحشيكثي ذكره البيهقي في كتاب " الوشاح " فقال في وصفه: استوى على كواهل محامد الأوصاف، وسنَّ في الفضل سنة حسنة، تبقى مدى الدهر آثارها، وأطلع من أفق الكمال شمساً انتثرت في الآفاق أنوارها، ومن منظومه قوله: كامل: مالي وللطَّلَلِ المحيل بمَنْعِحِ ... ولذكر مُلتفتِ الغزال الأدعجِ بيني وبين اللهو منذ عرفته ... حَرَجُ العفيف وعفَّة المتحرِّج غيري يشقُّ على الغيور جواره ... ويحول حَول البيت كالمتولِّج جرت القضية بالسوية بيننا ... لا صدرُه حَرِجٌ ولا قلبي شَجي حاشا لمثلي أن يهم بربية ... أو أن يلم بموبق أو محرج عهدي بنفسي والشباب رداؤه ... ضافٍ وبُرْدُ الشيب لمّا ينسج 126 - محمد بن أسامة وله شعر حسن، فمن ذلك ما كتبه إلى والده من حرب جرت وكان يصحب صاحبها من بني أرتق وكان والده أسامة إذ ذاك مقيماً بحصن كَيْفا، يقول له: حدثني فلان رجل من أهل الشام قال: حضرت كمال ابن أبي الشهرزوري - رحمه الله - وهو ينشد نور الدين محمود بن زنكي

- رحمه الله - لنفسه: منسرح: مُلْكُ بَني مُنقذٍ توَلَّى ... وكان فوق السِّماكِ سَمْكُهْ فاعتبروا وانظروا وقولوا: ... سبحان من لا يزول مُلكه فأجزتها بهذه الأبيات: منسرح: وكل ملْك إلى زوال ... لا يعتري ذا اليقين شكُّهْ إن لم يزل بانتقال حال ... أزال ذا المللك عنه هلكُهْ فالله ربّ العباد باقٍ ... وهالِكٌ نِدُّهُ وشِرْكُهْ فقل لمن يظلم البرايا: ... غرَّكَ إمهاله وتركُهْ عسى ذنوباً عليك تحصى ... يحصرها نقده وحكُّهْ كم ناسك نسكه رياءٌ ... أوْبَقَهُ في المعاد نُسْكُهْ وكتب إليه الملك المظفر تقي الدين عمر بن شاهنشاه من نظمه: خفيف: نزل الشيبُ فقلبي يقلاه ... وعيني تَودُّ أَنْ لا تراهُ ثم أصبحتُ خائفاً من فراق ال ... شيبِ أبكي أن لا يحلَّ سواه فكتب إليه هذه الأبيات جواباً: خفيف: يا أعزَّ الملوك جاراً وأندا ... هُمْ سماءً لكلّ وَفْدٍ عَرَاهْ لا تَرُع أول المشيب الثلاثو ... ن وتسعون بعدها منتهاه وسَتبقى العمر الطبيعي في مُل ... كٍ تراهُ يُرْجى ويُخشى سطاه في اعتلاءٍ وطول عمر مديد ... تعثرُ الحادثاتُ دون مَدَاه وقال في مقلمة كمحب (؟) سوداء وفيها أقلام وسكين: كامل: وافتكَ حالكة السواد يخالها ... صبْغَ الشبابِ الناظرُ المتوسمُ فيها رماحُ الخطِّ مرهفة الشبا ... تردى الطعين ولا يضرّجُها دم من كل أهيَف إنْ جرى في طرْسه ... ناجى، فأفهم وهو لا يتكلم

127 - محمد بن إسماعيل بن إسحاق أبو الحسين الكاتب القيرواني

بيضُ الأيادي في سواد لُعَابهِ ... فكأنما الأرزاقُ منه تقسّم أبداً تُؤدِّبُها بقطع رؤوسِهَا ... إنْ قصَّرَتْ في السعي عما ترسم فانعمْ بحسن قبولها متطوّلاً ... فالشكر لا يحويه إلا مُنْعمِ 127 - محمد بن إسماعيل بن إسحاق أبو الحسين الكاتب القيرواني من بيت شعر وكتابة، شاعر منوَّه، فمن شعره في صفة فرس له: سريع: لي فرسٌ قد حسُنت حالُه ... واستكمل الإعجاب إكمالُهُ إذا تولى راعَ إدبارُهُ ... وإن تبدَّى راق إقبالُه تقابلت في العِتق أعمامُه ... إن وُصف العِتقُ وأَخواله أشقرُ كالتبر جلا لونه ... عن محضه بالسَّبك صقّالُه كساه باري الخلق ديباجةً ... قَصَّر فيها عنه أمثاله كأنما البدرُ إذا ما بدا ... غُرَّته، والشمس سِربالهُ كأن في حُلقومه جُلجُلاً ... حرّكه للسّمعِ تصهاله جانبه باءٌ ومن خلفِه ... جيمٌ ومن قدَّامِه دالُهُ يعجب نفسي فإذا فكّرتْ ... في دَينها أعجبها مالُهُ ومن حُلو قوله، قوله: بسيط: تملَّك الحمدَ حتى ما لمفتخرٍ ... في الحمد حاءٌ ولا ميمٌ ولا دالُ وشعره البديع في مصره مدوَّن كثير مشهور.

128 - محمد بن أحمد بن منصور أبو الوزير المؤدب

128 - محمد بن أحمد بن منصور أبو الوزير المؤدب مؤدب، فيه أدب، وله شعر، وكان مؤدب الملك العزيز من بني بويه، وله إليه مكاتبات بالغة، وإجابة من الملك العزيز له، فمن ذلك ما كتبه إلى الملك العزيز: طويل: أبى الدهرُ إلا جوره وهو حاكِمٌ ... فكيف بإنصافي ودهريَ ظالمُ؟ فهل حاكمٌ يعدى كل الدهر حكمُه ... ويأتي زمانٌ تُستردُّ المظالم؟ قضى ببعادي عن ذُرى العزِّ والعُلى ... بلا سبب لكنَّ حظي نائم فإن كنت ممنوعاً نصيبي من العلى ... بمشهدِ مولانا فإني لخادم مقامي على بُعد المزار مواظِباً ... على نشر ما أوليت، والله عالم أُسيّر ما عندي من الدُّرَرِ التي ... لها السيّد المنصور ذو المجد ناظم بقيت على الأيام يا خير من مشىعلى الأرض، ما دامت وناح الحائم أتذكر ما أنشدتَني متمثلاًولي شرفٌ فيها تمثلتَ دائم " يديرونني عن سالم وأديرُهم ... وجِلْدةُ بين العين والأنف سالم " فَلِمْ قد طوى ذكري وغودِرت مُهملاً ... وإني بعهدٍ منك ما دمتَ لازمُ؟ ولي حرمة من دونها كل حرمة ... وكنت وعيشي في معاليك ناعم فلا تنسني واكتبْ إليَّ مشرِّفاً ... لقدري بكفِّ غيثها الدهر ساجم سلِمتَ على الأيام ما ذَرَّ شارقٌ ... وما طلعتْ في أُفقِهنَّ النعائم ثم كتب بعد ذلك: طويل: فليتَك تحلو والحياة مريرةٌ ... وليتَك ترضى والأنامُ غضابُ وليت الذي بيني وبينك عامر ... وبيني وبين العالمين خرابُ

129 - محمد بن أحمد بن سعيد المصري

هذا قول مخلص موحّد لا يشرك مع معبوده أحداً. فكتب إليه الملك في جواب ذلك، على ظهر الرقعة بخطه: كامل: قلبي بذكرك مذ نأيتَ يهيمُ ... والوجدُ يُقعِد تارة ويقيمُ ولديَّ شوقٌ مذ بعُدتَ مبرِّحٌ ... وهواجس حول الفؤاد تَحُومُ لا تحسبنْ أنَّ العهود تُنوسيتْ ... فالعهدُ منك على الزمان مقيمُ ولطال ما أنشدت حين يعِنُّ لي ... عند استماعي ذكرك التسليمُ " إقرأ على الوَشل السلام وقل له: ... كلّ المشارب مذ نأيتَ ذميم " " سقياً لظلِّك بالعشي وبالضحى ... ولبَرْدِ مائكَ والمياهُ حَمِيمُ " اعتمد ذلك واسكن إليه - إن شاء الله تعالى -. 129 - محمد بن أحمد بن سعيد المصري شاعر مجيد من شعراء مصر، أدرك أواخر الدوله الإخشيدية وأوائل الدولة العلوية القصرية، وله يد في جميع فنون الشعر من المديح والملح والتضمينات والتشبيهات، وذكر الأزهار وأوصافها، والخمريات والغزل والمراثي والزهد، وخرج إلى الشام ونزل بيت المقدس، وتنزه في أعماله وأماكن فُرَجه ومُتنزهاته، ودخل الرّملة في أيام عبد الله بن طُغْج، فمن شعره من قصيدة يمدح فيها الوزير أبا الفرج في كِلِّس: وكالأرْقم المُتَّقى بأسُهُ ... إذا جال في كفّه الأرقمُ إذا ما انتضى قلماً مُرْهَفاً ... نحيفاً بحدِّ المُدَى يُقْلَم

أشقَّ يشقُّ شَبَا سِنّهِ ... ليسمحَ بالريق منه الفم أصمّ سميعٌ لنجوى القلو ... بِ فصيحٌ بما اخطته، أعجم وأعلمُ من شَقِهِ ناطقٍ ... كما ينفث الريقةَ الأعلم لسانٌ بغير فم ناطقٍ ... يذيع عن الصدر ما يَكتُم خطيبٌ إذا وصلته البنا ... نُ فإنْ هجرتْ فهو المفحم تطيعُ قَنا الخَطِّ ما اختطَّهُ ... ويخدمُه كلُّ من يخدم ويرسُمُ ما شاء للمرهفات ... فلا تتعدَّى الذي يرسم به يُبتدى في مبادي الأمو ... رِ فإن ختمت فبهِ تختم وتمضي على السيف أحكامة ... ولا يدفعُ السيفُ ما يَحكم يَفُلُّ الجيوشَ شبا حدِّه ... ويهزمُها وهو لا يُهزَم إذا ما الوزير اقتضاه كفى ال ... إِمامَ من الخطبِ ما يدهم مخيفٌ ويؤنسُ في كفِّه ... فيفعلُ ما يفعلُ المِخْذَمُ يروقُ العيون بلألائهِ ... وينهلُّ من شفرتيه الدَّمُ إذا ما الأنامل جالتْ به ... رَقَى رأسه برنسٌ أسحمُ ومن شعره في وصف السوسن الأسما نجوني: وافر: ألم ترَ سوسنَ البستان يحكي ... بحسن الرقش أجنحة الجَرادِ يُفتِّحه النهارُ لنا فيحكي ... جفوناً قد سئمن من الرّقادِ كأنَّ الدَّجنَ أسمعَنا نعِيّاً ... فلاقاه بصبغ من حِدادِ وله في العزيز صاحب القصر المستولى على مصر وقد خرَج للتصيد وعاد إلى المختارة إحدى متنزهاته: سريع: تمِّمَ ذو العرْش سرور الإمام ... نزارٍ الملْك العزيز الهُمامْ

[الباء]

وضاعف الله لذا ذاته ... معمَّراً من مُلكه ألف عامْ ولا خلا ما عاش من نُزهةٍ ... وصيدٍ وحشٍ في صحاب كرام أو من سماع مُطربٍ من فتى ... يحيى بطيب الشدو ميتَ الغرامْ أو من كعابٍ غادةٍ طفلةِ ... تجلو بنور الوجه ثوب الظلامْ توحي بيُمناها إلى عودِها ... فيفصح العُودُ برَجْع الكلام وشرب راحِ من يدي شادنٍ ... أهْيَف كالغصن رشيق القوامْ كأنه البدرُ لدى تَمِّه ... يسعى بشمس بين طاس وجامْ مِن ماء كرْم في سنا كوكبٍ ... يشجها الساقي بماء الغمامْ وُتسكرُ النُّدمان ألحاظه ... من قبل أن يُسكرهم بالمدامْ فاشرب هناك الشرب في دولةٍ ... مستمتعاً منها بطول الدَّوامْ مؤَيّدا النصر ما غرَّدَتْ ... حمامةٌ في الأيك تدعو حَمامْ [الباء] 130 - محمد بن بشير الحِمْيَري البصري أبو جعفر // مولى بني سدُوس، ويقال هو مولى بني هاشم، وقيل هو من جُذام، وهو حكيم الشعر، فصيح المعاني، قد سيَّر أمثالاً قي شعره، وكان أزرق أبرش، وكان يلقب زُريقاً، وله مع أبي نواس أخبار، فمن قوله: بسيط: ماذا يُكلِّفُك الرَّوحاتِ والدَّلجَا ... البَرُّ طوراً وطوراً تركب اللُّججا؟ كم من فتى قصرت في الرزق خطوته ... ألفيته بسهام الرزق قد فلَجَا؟

إن الأمور إذا انسدَّت مسالكها ... فالصَّبرُ يفتح منها كلما ارتتجَا لا تيأسنَّ وإن طالت مطالبةٌ ... إذا استعنت بصبرٍ أن ترى فرجاً أخِلق بذي الصَّبْر أن يحظى بحاجتِه ... ودائم القرع للأبواب أن يَلِجا أبصرْ لرجلِك قبل الخطو موضعها ... فمن علا زلقاً عن غِرَّةٍ زلجَا ولا يغرّنك صفوٌ أنت شاربه ... فربَّما صار بالتكدير ممتزجا وهو القائل: كامل مجزوء: ويلٌ لمن لم يَرحم الله ... ومن تكونُ النارُ مثواه من طلب الدّنيَا ولذَّاتها ... وعاش فالموتُ قُصاراهُ كأنه قد قيل في مجلسقد كنتُ آتيه وأَغشاهُ: صَارَ البشيريُ إلى ربه ... يرحمُنا الله وإيَّاهُ وهو القائل: طويل: مضى أمسُكَ الماضي شهيداً معدلاً ... وأصبحت في يوم عليك شهيدُ فإن تك بالأمس اقترفت إساءة ... فثنِّ بإحسانٍ وأنت حميدُ ولا تُرجِ فعل الصالحات إلى غدٍ ... لعلَّ غداً يأتي وأنت فقيدُ وهو القائل: بسيط لأن أُزَجِّي عند العُري بالخلَقِ ... واجْتزى من كثير الزَّاد بالعلَق

131 - محمد البجلي

خير وأكرم لي من أن أرى منناً ... معقودة لِلئامِ الناس في عُنُقي إني وإن قصُرَت عن هِمَّتي جدتي ... وكان مالي لا يقوى عل خُلُقِي لتارك كل أمر كان يُلزمُني ... عاراً ويُشرعني في المنهل الرنقِ 131 - محمد البجلي لم أعلم له أباً وإنّما ذكر منسوباً إلى بجيل لا غير، كوفي شاعر مذكور، كان في زمان المأمون ومن شعراء دولته وهو القائل: سريع: أيّ فتى هدَّت صروف الرّدَى ... أمضت حسامياً على قتلِهِ فريسة بين يدى حادث ... ما تشبع الأيّام من أكلِهِ وهو القائل: كامل: وله مواهب كلَّما نسِبتْ ... يوماً إليه زانها النَّسَبُ ومن المواهب ما يكدّره ... ويشينه قَدرُ الذي يَهَبُ وكان البجلي هجَّاءاً للحسن بن رجاء بن أبي الضحّاك فمن قوله له: كامل: ما زلتَ تركبُ كل شيء قائم ... حتَّى اجترأتَ على ركوبِ المنبرِ 132 - محمد الباقلاَّني الأديب أبو بكر الأبيوردي شاعر ذكره البيهقي في " الوشاح " وأنشد له ما قاله في نظام الملك: طويل:

133 - محمد بن بشير الخارجي المدني

وهَبْكَ ملكتَ الأرض شرقاً ومغرباً ... أليس قصارى الأمر ما أنت تعلمُ؟ فأسْعِف بحاجاتِ الرعية موقِناً ... بأنَّك يوم الحَشْرِ أحوَجُ منهُمُ وله يهجو رؤساء دامغان: طويل: أساتذةٌ بالدَّامغان تعوَّدوا ... إذا خرجوا للناس لبس الطيالسه أقول لم إذا نفَّرَتْهُمْ مقالتي: ... كأني لا حولَ وأنتم أبالِسَهْ وأنشد له في القاضي الزَّوْزَني البصير: رمل مجزوء: إن كرَّامِيَّكم ذو بَلَهٍ ... يَدَّعي النحوَ ولا يعرفُهُ كتبَ الجهلُ على شاربه: ... رحِم الله امْرءاً يَنتِفه وأنشد له في إمام يعرف بأبي الآس: بسيط: قالوا أبو الآسٍ المشهور في البلدِ ... عليكَ غضبانُ، فليغضبْ مَدى الأبدِ صدَّ ابن دُأيَة عن بعض القرى سنة ... فزادَ من جوْزها ألفان في العَدد 133 - محمد بن بشير الخارجي المدّني وليس من الخوارج وإنما هو من خارجة، بطن من عَدْوان بن عمرو بن قيس بن عيلان فيْ مضر، وهو حليف بني أشجع، ويكنى أبا سليمان وكان يسكن الرَّوحاء بين يثرب والصفراء، وهو القائل: كامل: نعم الفتى فُجَعَتْ به إخوانه ... يومَ النقيع حوادثُ الأيام

134 - محمد بن البعيث بن حلبس الربعي

سهل الفناء إذا حللت ببابه ... طلقُ اليدين مهذب الخدام وإذا رأيت شقيقَه وصديقه ... لم تدر أيهما ذوو الأرحام وهو القائل فيما رواه له إسحاق الموصلي: بسيط: يا أيها المتمني أن تكون فتى ... مثل ابن زيد لقد خلّى لك السبلا اعددْ نظائر أخلاق عُدِدْن له ... هل سُبَّ من أحد أو سَبَّ أو بخلا 134 - محمد بن البُعيث بن حَلْبَس الرَّبعي من ولد هِنْب بن أفصى بن دُعْمي بن جديلة بن أسد بن ربيعة بن نزار. شاعر خارجي، خرج على المتوكل في أول أيامه بنواحي أَذربيجان، فأخذه وحبسه، فهرب من الحبس وعاد إلى ما كان عليه، وجمع جمعاً وقال: بسيط: كم قد قضيتُ أموراً كان أهملها ... غيري، وقد أخذ الإفلاس بالكظم لا تعذليني فما ليس ينفعني ... اليكِ عني، جرى المقدارُ بالقلم سأتلف المال في عُسْر وفي يَسَرٍ ... إنَّ الجواد الذي يعطي على العدم فأنفذ إليه المتوكل بُغا الشرابيَّ ففضّ جمعه وأخذه وجاء به إلى المتوكل، ففُرِش له نِطعٌ، وجاء السيّافون فلوَّحوا، فقال له المتوكل: يا محمد ما دعاك إلى ما صنعت؟ قال: الشقوة يا أمير المؤمنين، وأنت الحبل الممدود بين الله وبين الناس، وإنّ لي بك لظنَّين أسبقهما إلى قلبي أولاهما بك وهو العفو، ثم قال: طويل:

135 - محمد بن بختيار بن عبد الله أبو عبد الله الشاعر المعروف

أبَى الناسُ إلا أنك اليومَ قاتلي ... إمامَ الهدى، والصفح أَولى وأجملُ تضاءلَ ذنبي عند عفوك قلة ... فمُنَّ بعفو منك فالعنو أفضل فإنك خير السابقين إلى العُلا ... وإنك بي خير الفَعالَين تفعل فعفا عنه وحبسه، فمات في محبسه. 135 - محمد بن بَختيار بن عبد الله أبو عبد الله الشاعر المعروف بالآبْلَه كان يسكن درب الشاكرية، ويقول الشعر بغير علم، وله ديوان مجموع وذكر مشهور، أكثر القول في المدح والهجاء والغزل والنسيب وغير ذلك، وكان الجماعة يطلبون منه رواية ديوانه، فيمتنع عليهم. قال الشيخ أبو الفرج ابن الجوزي إنه توفي في جمادى الآخرة من سنة تسع وسبعين وخمسمائة وقال غيره في سنة ثمانين وخمسمائة ودفن بباب ابرز يحاذي التاجية. فمن شعره مديد زار من أحيا بزورته ... والدُّجى في طرَّته قمر يثني معاطفه ... بانةٌ في ثِني بُردتِه بتُّ أستجلي المدام على ... غِرَّةِ الواشي وغُرَّتِه يا لها من زَوْرة قصُرت ... فأماتت طول جفوتِه

136 - محمد بن بركات النحوي المصري

آهِ من خصَرِ له وعلى ... خَصرٍ من بردِ ريقته واعتدال منه حمَّلني ... كلَّ جورٍ من قضيته يا له في الحسن من صنمٍ ... كلُّنا من جماهليتِه وله، وذكر أنه كتبه على باب حبيب له: سريع: دارُك يا بدر الدُّجى جنةٌ ... بغيرها نفسي ما تلهو وقد روي في خَبر أنَّه ... أكثر أهل الجنة البُلهُ وله يهجو ابن الخل الشاعر البغدادي: بسيط مجزوء: أضحى فتى الخلّ مستهاماً ... بشعره وابنُه المُثكَّلْ ومالُه في الجميع كسبٌ ... الإبن نفلٌ والشعر أَنفلْ وله ديوان مدوّن مشهور في أيدي الناس. 136 - محمد بن بركات النحوي المصري نحوي مصر، والمشهور فيها بالرواية. قال ابن الزبير في " الجِنان " كتابه: " كان عالي المحل في النحو واللغة وسائر فنون الأدب، منحطّاً في

137 - محمد بن بختيار بن عبد الله أبو عبد الله

الشعر إلى أدنى الرتب ". وقال القاضي الفاضل عبد الرحيم بن علي البيساني - قدّس الله روحه - لم يكن له أحسن من هذين البيتين: سريع: يا عنُق الإبريق من فِضةٍ ... ويا قوَام الغُصنِ الرَّطْبِ هَبْكِ تجافيت وأقصيتني ... تقدِرُ أن تخْرج من قلبي؟ 137 - محمد بن بختيار بن عبد الله أبو عبد الله أخو أبي الحسن علي بن بختيار الذي تولى أستاذية الدار العزيزة، كان في زي الجند وكان فيه تميز ويقول الشعر. أخبرني محمد بن يحيى الواسطي إجازة، حدثني أحمد بن علي بن بختيار قال: أنشدت عمي محمداً بيتاً قلته وهو: كامل: قسماً بمن سكن الفؤادَ وإنه ... قسمٌ به لو تعلمون عظيمُ! فأجازه ارتجالاً وأنشدني ذلك: كاهل: إِني به صبٌّ كئيبٌ مدنف ... قلقُ الفؤاد مولَّه مهمومُ لا أستطيع مع التنائي سلوة ... حتى الممات، فإنني لسليمُ فتعطفوا بالوصل بعد تهاجرٍ ... فالصبر ينفدُ والرجاء مقيمُ ولقد سلوتُ صبابتي وتتيُّمي ... حتى تجودَ به وأنت رحيم يا مالكين بحبهم زُمَر الحشا ... ظامٍ على تيَّاركنَّ يحوم توفي محمد بن بختيار هذا في سنة خمس وستمائة بالبصرة ودفن بها.

138 - محمد بن البِين الأندلسي لم أرَ أحداً من مؤرخي الأندلس ذكره، وإنما ذكره الرشيد بن الزبير الأسواني في كتاب " جِنان الجِنان " وأنشد له: كامل: جعلوا رضابَك كي يُحرَّم رَاحا ... ورأوا به قتل النفوس مُباحَا نشروا عليك من الذوائب حندساً ... فملأتَه من وجنتيك صباحَا أُمسى أجرأ منك طيفاً طارقاً ... ملأوا أَعنَّتهم إليَّ رياحَا ضربوا عليك من القتام سُرادقاً ... ركزوا شعاع الشمس فيه رماحَا وجلوا ظلام الليل بالصبح الذي ... قسموه بين جيادهم أوضاحَا وأَتوْا بغدران المياه جوامدا ... قد فصَّلوها ملبساً وسلاحا وله أيضاً: وافر: برودٌ قد خَلقن عليَّ حتى ... جلبن الصبر في يوم الوداعِ فجدِّدْهما ليشهد كلُّ راءٍ ... بأني من هباتك في اتِّساعِ وحَمِّلْ عاتقي ثِقلَ المعالي ... فإني بالمحمَّلِ ذو اضطلاعِ ثم نظرت في كتاب " الذخيرة " لابن بسام فرأيته ذكره وأنشد له شعراً.

139 - محمد بن بحر بن محمد الخيري

139 - محمد بن بحر بن محمد الخِيري من خِير فارس، شاعر، أديب، صحب نظام الملك الحسن بن إسحاق، وفاضت عليه نعم أياديه، فمن شعره: طويل: تظلَّم مكروبٌ أَضَرَّ به الدهرُ ... وضاق بما يلقاه من صرفه الصدرُ زمانٌ يعادي الحُرُّ حتى كأنما ... له عند مَن بارى إلى حسَبٍ وْترُ سقى الله خِيراً كلما ذرَّ شارقٌ ... ولا زال في أفنائها يضحكُ الزهرُ 140 - محمد بن بشير العَدْواني وليس من محمد بن بشير العدواني الأول في شيء، فإن هذا كان بالعراق وبينه وبين رؤسائها مفاكهات ومخاطبات، وذاك كان مسكنه الحجاز على ما تقدم. قال محمد بن عامر الحنفي: كان بين أحمد بن يوسف الكاتب وبين محمد بن بشير مودة، فكتب إليه يوماً يستزيره ليأانس كل واحد منهما بصاحبه، ويتمتعا يومهما ذلك، وكتب إليه ابن بشير: طويل: أجيءُ على شرطٍ فإن كنت فاعلاً ... وإلا فإني راجعٌ لا أناظرُ لِيُسْرَجْ ليَ البرذرن في وقت دُلجتي ... وأنت لحاجاتي مع الصبر خابر فأقضي حاجاتي به ثم أنثني ... عليه وحجَّامٌ إذا جئتُ حاضر

يُقَصِّرُ من شَعري ويلحف ما ضفا ... ومن بَعدُ حمَّامٌ مُعَدٌّ وجامِر ودُسْتيجةٌ مملوءة بختامها ... تُزَوِّدُنيها طائعاً لا تُعاسر فكتب إليه أحمد بن يوسف: طويل: تشرَّطَ لمَا جاءَ حتى كأنَّهُ ... مُغَنٍّ مجيدٌ أو غلامٌ مُواجِرُ وفاخر ابن بشير يوماً رجل من الحلة، فقال له ابن بشير: " أتفاخرني يا هذا، وجدّي - رحمه الله - ركب يوماً إلى الصيد في أربعة آلاف جارية على يد كل جارية باز أبيض يصطاد الطواويس في رياض الزعفران؟ " فقال له الرجل: " يا هذا! ما سَمِعْنا بهذا في الملة الآخرة، إنْ هذا إلا اختلاق " ثم حمله الرجل على برذون أشهب، وأمر له بجارية حسناء، وباز أبيض، وكساه ثوب خزّ طاووسي وسلّة زعفران ثم قال: إن كنت ما قلته باطلاً فما فعلتَه حق! قال ابن بشير: ما قلت أيضاً حق. ومن مستحسن شعره قوله: بسيط: وصاحب السوء كالداء العَياء إذاما ارفضَّ في الجلد يجري هاهنا وهنا يُبدى ويخبرُ عن عَورات صاحبهوما يَرى عنده من صالح دَفنا إنْ يَحيَ ذاك فكن منه بمعزلة ... أو مات ذاك فلا تشهد له جبنا وله أشعار كثيرة في الزهد والمواعظ قد استحسنوها جداً، وأمثاله في شعره لطاف يتمثل بها، وفيما أثبتنا دليل على الباقي.

141 - محمد بن بشر بن معاوية عبد الله بن ثور بن معاوية

141 - محمد بن بشر بن معاوية عبد الله بن ثور بن معاوية ابن عبادة بن البَكَّاء بن عامر العامري شاعر إسلامي، وفد جدّه معاوية على النبي (فدعا له ومسح رأسه وأعطاه أعنُزا، فقال محمد: كامل: وأبي الذي مسح النبيُّ برأسه ... ودعا له بالخير والبركات 142 - محمد البيذق الشيباني من أهل نصيبين، لُقِّب بالبيذق لقصره، شاعر له في البرامكة مدائح، وكان أحسن الناس إنشاداً للشعر، وكان الرشيد يُحضره لينشده مدائح الناس فيه بتطريب كإنشاد الشاميّين، فيقوم مقام الغناء، وهو القائل: بسيط: قالوا: أبو الفضل معتل، فقلت لهم: ... نفسي الفِداء له من كل محذورِ يا ليت علَّته بي غير أنَّ له ... أجرَ العليلِ وأني غير مأجورِ

حرف التاء

حرف التاء 143 - محمد بن تركانشاه بن محمد بن تركانشاه المكنّى بأبي عبد الله بن أخي الشيخ منوجهر بن تركانشاه بغدادي من أهل باب المراتب، كان شاباً لبيباً، شاعراً أديباً، أنشد أبو القاسم سعد بن الأيسر قال: أنشدني محمد بن تركانشاه في محمد لنفسه من كلمة مدح بها الوزير أنو شروان بن خالد قوله: طويل: لقد كنتُ أرجو في ضميري بأن أرى ... أمورَ البرايا في يديك زمامُها فلمَّا أتاني ما أردتُ تحقَّقَت ... عداتِي وقلتُ: العام لا شك عامُها وقد كنتُ أُعطي النفس منك ابن خالد ... أمانيَّ أرجو أن يتمَّ تمامُهما 144 - محمد بن تمام أبو سعد المؤدّب كان في عنفوان شبابه متأدباً ثم ترفع عن ذلك وصار مترسِّلاً وتقدم في النثر تقدماً شهد له به الفضلاء، وله شعر جميل فمنه ما كتب به إلى بعض أصدقائه يعزّيه: وافر: عزاءَكَ أيُّها الصّدرُ الخطيرُ ... فأنتَ بدهرِنا طّبٌ خبيرُ وأنتَ سَماؤنا والرُّكنُ فينا ... وأنت شِهابُنَا البَدْرُ المنيرُ وطلاَّعُ المراقِب والثَنايَا ... بثاقِب رأيهِ أبداً يُشيرُ

لقد حلَّت بِساحتنا الرَّزايَا ... وحَوْلَ دِيَارِنَا كانت تدورُ وكانتْ في الكمين لقبض روح ... يموتُ بموتها بَشَرٌ كثيرُ شمائل خُلقِه روضٌ أريضُ ... عقائلُ لفظِه وأرْيٌ مشورُ فقدنا فخرَناَ زين الليالي ... وعمر خِيارِنا أبداً قصيرُ ليالي القوم ليس لها صباحٌ ... صَبَاح القوم ليس لدَيْه نورُ فكيف عزاءُنا والأمرُ هذا ... وغاية شأوِنَا قبرٌ نزورُ فيا لله من خطبٍ عظيم ... ويا لله ما تُخفِ الصُّدُورُ على قدر القوائِم جسم فِيْلٍ ... على قدر المُصَابِ لنا أُجورُ

حرف الجيم

حرف الجيم 145 - محمد بن جعفر بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم كان مع أخيه من أمه محمد بن أبي بكر الصديق بمصر، فلما هُزم ابن أبي بكر اختفى، فلجأ إلى رجل من عَكٍّ، ثم من غافق، فلحق محمد ابن جعفر بفلسطين، فلجأ إلى رجل من أخواله خثعم، فأرسل معاوية إلى الخثعمي في أن يوجه به إليه، فمنعه، فقال محمد بن جعفر بن أبي طالب: طويل: ولو لم تلِدْني الخثعَمِيَّة لم يكن ... لصهري جَدٌّ في قريش ولا ذكرِ لعمري للْحيَّان عكٌّ وغافق ... أذلُّ لِوَطْءِ الناس من خشب الجسر أجرْتم فلمّا أن أجرتم غدرتُم ... ولن تجد العَكِّيَّ إلا على الغَدْر 146 - محمد بن جعفر بن فَطير المذاري متقدم المذار، من الأكابر المعروفين بالفضل والمعروف، والرؤساء الموصوفين بقِرَى الضيوف، ومن شعره ما كتبه من مخِّه "؟ " إلى العزيز الأصفهاني: كامل:

147 - محمد بن جعفر بن محمد بن زيد بن علي بن الحسين بن علي

عرضَ المشيبُ بعارضيَّ فرَاعا ... ومضى الشبابُ مولِّياً فانصاعا ومحا البياضُ سوادَ فوْدٍ خطَّه ... شرخي، وحالَ لمفرقيَّ قناعا وابتزَّ صونَ شبيبتي فابتزَّني ... مرَحاً حفظت فنونه وأضاعا ولقد زجرتُ وساوسي فتشعَّبتْ ... فعصى الهوى وذوي الرشادِ أطاعا وظللتُ أنتخبُ الرجالَ لزجرةٍ ... فوجدتُ أنجدَهم حِمى وقِراعا وأشدَّهم بأساً وأنداهم يداً ... وأجلَّهم نسباً وأطوَلَ باعا الماجد ابن الماجد ابن المرتجى ... للمكرمات الضائرَ النفَّاعا قرمٌ له هن بأسه وسخائه ... درعانِ محصنتان عنه دفاعا وإذا انتضتْ يمناهُ متن صحيفةٍ ... ودَّ الرماحُ بأن تكون يَراعا وتفرَّقتْ شُعباً جموعُ عدُوِّه ... وحوَى صفايا الفلْج والمرْباعا إيهاً عزيزَ الدين كن ذا هَزَّةٍ ... يَضحى الزمانُ لبأسها مرتاعا ولئن نهضتَ مشمِّراً لمطالبي ... أَلفيتُهنَّ إلى النجاح سِرَاعا ومنها في الدعاء له: ويَظلُّ عيشكَ في السرور مخلَّداً ... أبداً، وفي كنف الإلهُ مُرَاعى 147 - محمد بن جعفر بن محمد بن زيد بن علي بن الحسين بن علي ابن أبي طالب يكنى أبا إسماعيل شاعر يكثر الافتخار بآبائه، وكان في أيام المتوكل وبقي بعده دهراً وهو القائل: طويل: وإنّي كريمٌ من أكارم سادة ... أكفُّهم تندى بجزل المواهبِ هم خيرهن يحفى وأفضل ناعلٍ ... وذروة هَضْبِ العز من آل غالبِ

149 - محمد بن جعفر بن محمد بن الحسن الكلبي الصقلي

هم المن والسلوى لدانٍ بودِّه ... وكالسُّمِّ في حلق العدو المُجانبِ وله: طويل: بعثت إليها ناظري بتحية ... فأبدت لي الإعراض بالنظر الشَزْرِ فلما رأيت النفس أوفت على الردى ... فزعت إلى صبري فأسلمني صبري وله: طويل: وجدي وزير المصطفى وابن عمه ... عليٌّ شهاب الحرب في كل ملحم أليس ببدر كان أول ناجم ... يُطيرُ بحد السيف هام المقحِّم وأول معن صلى ووحد ربه ... وأفضل زوار الحطيم وزمزم وصاحب يوم الدوح إذ قام أحمد ... فنادى برفع الصوت لا بِتَهمهم: جعلتك مني يا علي بمنزل ... كهارون من موسى النجيبُ المكلم فصلَّى عليه الله ما ذرَّ شارق ... ووافت حجون البيت أركُبُ محرم 149 - محمد بن جعفر بن محمد بن الحسن الكلبي الصّقِلِّي أحد الأجواد الموصوفين بالكرم، وله شعر جيد، فمنه قوله: وافر: أما والله والبيتِ الحرام ... وتُربةِ جعفر القرم الهُمامِ لقد أورثتني داءً دخيلاً ... أشدَّ عليَّ من وقع الحسام وله: طويل: إذا لم يكن مَنْ قد هويتُ مُواصلي ... فلا خيرَ في عيشٍ لديَّ يكونُ يقولون لي: ما بالُه عنك مُعرضاً؟ ... فقلتُ لهم: دهري عليَّ مُعِينُ!

150 - محمد المنتصر بن جعفر المتوكل بن محمد

150 - محمد المنتصر بن جعفر المتوكل بن محمد المعتصم بن هارون الرشيد بن محمد المهدي بن عبد الله المنصور يكنى أبا جعفر، مات سنة ثمان وأربعين ومائتين، وله شعر منه: طويل: متى ترفعُ الأيامُ مَن قد وضعْنَهُ ... وينقادُ لي دهرٌ عليّ جَموح أُعلِّلُ نفسي بالرجاء وإنني ... لأغدو على ما ساءني وأَروح وله: سريع: الذلُّ يأباه الفتى الحرُّ ... ما لكريم معه صبرُ لم يعلم الناسُ الذي نالني ... فليس لي عندُهُم عذرُ كان إليَّ الأمرُ في ظاهرٍ ... وليس لي في باطن أمرُ 151 - محمد المعتز بالله بن جعفر المتوكل وقيل اسمه الزبير، ويكنى أبا عبد الله، تولى الخلافة وقتل قي سنة خمس وخمسين ومائتين وهو القائل لما بويع بالخلافة: طويل: تفرَّدني الرحمنُ بالعزّ والتُّقى ... فأصبحتُ فوق العالمين أميرا وله في يونس بن بُغا: منسرح:

152 - محمد بن الجهم بن هارون السمري أبو عبد الله

شوّال شهرُ السرور والسكرِ ... والصومُ شهر العناق والنظَرِ قد كنتُ للشرْب عاشقاً سحَراً ... فاليوم يا ويلتي من السَّحَر من كان فيما يحبُّ معتذراً ... فلستُ في يونس بمعتذر كان مولده بسُرَّ من رأى في شهر ربيع الآخر سنة اثنين وثلاثين ومائتين، وقال الدارقُطْني: مولد المعتز يوم الخميس الحادي عشر من شهر ربيع الأول سنة ثلاث وثلاثين ومائتين، والقول الأول أعمْ. قال الزبير بن بكار: صرت إلى أبي عبد الله المعتز بالله وهو أمير المؤمنين، فلما علم بمكاني خرج مستعجلاً، فعثر فأنشأ يقول: طويل: يموت الفتى من عثرة بلسانه ... وليس يموت المرء من عثرة الرِّجل وقال محمد بن خلف بن المرزبان: أنشدت للمعتز بالله: كامل: الله يعلم يا حبيبي أنني ... مذ غبت عني هائم مكروب يدنو السرور إذا دنا بك منزل ... ويغيب صفوُ العيش حين تغيب 152 - محمد بن الجهم بن هارون السِّمَّريُّ أبو عبد الله صاحب الفرَّاء يحيى بن زياد، روى عنه كتابه في " معاني القرآن "،

153 - محمد بن جهور بن عبيد الله بن أبي عبدة أبو الوليد

وهو أحد الثقات من رواة المُسنَد؛ وله شعر مذكور، وهو القائل يمدح الفرّاء ويصف مذهبه في النحو، وهي أبيات يقول فيها: خفيف: أكثر النحو يزعم الفرَّاء ... من وجوه تأويلهنَّ الجزاء نحوه أحسن النحو فما في ... هـ معيب ولا به إزراء ليس من صنعة الضَّعائف لكن ... فيه فقه وحكمة وضياءُ وبيان تصغي القلوب إليه ... يجتبيه الملوك والحكماء حجة توضح الصواب وما قا ... ل بجهل، والجهل داء عياء وكأني أراه يملي علينا ... وله واجباً علينا الدعاء كيف نومي على الفراش ولمَّا ... تشمل الشام غارة شعواء تذهل الشيخ عن بنيه وتبدي ... عن خدام العقيل العذراء قاله أحمد بن علي الحافظ. 153 - محمد بن جهور بن عبيد الله بن أبي عبدة أبو الوليد الوزير الأندلسي، من أهل الأدب والشعر، ومن بيت جلالة ووزارة في قطره، ومن شعره: سريع: أبلغت في حبك أسماعي ... فصرت لا أصغي إلى الداعي من صمم أورثنيه الأسى ... وحرقة تشعل أوجاعي كلفتني الصبر وأنَّى به ... وكيف بالصبر لمرتاع؟ جزعت في الحب على أنني ... في الخطب جلد غير مجزاع

154 - محمد بن جعفر النحوي أبو بكر يعرف ببرمة

154 - محمد بن جعفر النحوي أبو بكر يعرف ببُرمة أنشد عنه أبو بكر أحمد بن كامل القاضي من شعره: بسيط: أما ترى الروض قد لاحت زخارفه ... ونشِّرت في رباه الريط والحُللُ وجاده هاطل سحَّت مدامعه ... في وشيه فزهاه المُسبل الهطلُ واعتمَّ بالأرجوان النبتُ منه فما ... يبدو لنا منه إلا مؤنقٌ خضلُ والنرجس الغضُّ يرنو من محاجره ... إلى الورى مُقَل تحيا بها المقل تبرٌ حواه لجين فوق أعمدة ... من الزبرجد فيها الزهر مكتهل فعج بنا نصطبح يا صاح صافية ... صهباء في كأسها من لمعها شعل قال أحمد بن علي الحافظ: كان محمد بن جعفر هذا يعرف بالصيدلاني صهر أبا العباس المبرّد على ابنته، ويلقب برمة، كان أديباً شاعراً، وروى عن أبي هفَّان الشاعر أخباراً، حدث عنه أبو الفرج الأصبهاني وغيره، أنبأني زيد عن القزاز أخبره عن أحمد بن علي الثابتي قال: أنشدني أبو القاسم الأزهري قال: أنشدني إبراهيم بن أبي علي قال: أنشدني القاضي ابن كامل قال: أنشدني محمد بن جعفر برمة النحوي ختن المبرّد على ابنته لنفسه: بسيط:

155 - محمد بن جعفر بن بكرون الآمدي

أما ترى الروض قد لاحت زخارفه ... ونشرت في رباه الرَّيط والحللُ واعتم بالأرجوان النبت منه فما ... يبدو لنا منه إلا مؤنق خضل فالنرجس الغض يرنو من محاجره ... إلى الورى مقل تحيا بها المقل تبر حواه لجين فوق أعمدة ... من الزُّمرُّد فيها الزهر مكتهل فعج بنا نصطبح يا صاح صافية ... صهباء في كأسها من لمعها شعل فقد تجلَّدت لنا عن حسن بهجتها ... رياض قطربُّل واللهو مشتمل وعندنا شادن شدت قراطقه ... على نقا وقضيب فهو معدل يدور بالكأس بين الشرب آونة ... ما دام للشرب منها العلُّ والنهل وقينة إن تشأ غنَّتك من طرب: ... " ودع هريرة إنَّ الركب مرتحل " وإن أشرت إلى صوت تكرره ... " إنَّا محيُّوك فاسلم أيُّها الطَّلل " ليست بمظهرة تيهاً ولا صلفا ... وليس يغضبها التجميش والقُبل فنحن في تحف منها وفي غزل ... مما يغازلنا طرف لها غزل هذا نعيم ذوي اللذات ما نعموا ... في عيشهم، وإليه ينتهي المثل 155 - محمد بن جعفر بن بكرون الآمِدي أنشد له الشيخ العالم محمد الفارقيّ سنة إحدى وستين وخمسمائة قال: أنشدني محمد بن بكرون لنفسه: بسيط:

156 - الراضي بالله أبو العباس محمد بن جعفر المقتدر بالله بن

يستعذبُ القلبُ منه ما يعذَّبُهُ ... ويستلذُّ هواه وهو يعطِبُهُ مثل الفراشة تدني جسْمَها أبداً ... إلى ذُبالةِ مصباحٍ فتلهبُه 156 - الراضي بالله أبو العباس محمد بن جعفر المقتدر بالله بن أحمد المعتضد بالله بن طلحة الموفق بالله بن جعفر المتوكل على الله ابن محمد المعتصم بن هارون الرشيد بن محمد المهدي بن عبد الله المنصور أكثر الخلفاء شعراً، وأوسعهم افتناناً. ومات في سنة تسع وعشرين وثلاثمائة، وهو القائل يفخر: بسيط: لو أنَّ ذا حسَبٍ نال السماءَ به ... نلنا السماء بلا كدٍّ ولا تعَبِ منّا الرسولُ نبيُّ الله ليس له ... شبْهٌ يقاس به في العُجْم والعرب فإنْ صدقتم فأعلى الخلق نحن وإن ... حُلتم عن الصدق أعنقتم إلى الكذب وله: طويل: ولمّا أَسا دهري وأعتب بعدما ... تجرَّعتُ كأسَ الموتِ من نكباته ودلّ على وُدِّيك كرُّ صروفه ... أقامكَ عذراً لاغتفار أساته ربحتُ ولم أرجع بصفقة خائبٍ ... وحظِّيَ موفور بنُجْح عِدَاته وله: سريع: قد أفصحتْ بالوَترِ الأعْجمِ ... وأفهَمَتْ من كان لم يفهمِ جارية تخلق من نطقها ... مخاطباً ينطق لا من فم

جَسَّتْ من العود مجاري الهوى ... جسَّ الأطباءِ مجاري الدم أنبأني الكندي، أنبأنا القزّاز حدثنا الخطيب، أخبرنا أبو مسلم أحمد بن محمد بن عبد الرحمن بن بُندار القاضي بقاشان حدثنا أبي، أخبرنا أبو الحسن السلامي قال: حدثني الحسن بن محمد القزويني قال: سمعت أبا بكر النحوي يقول: من ألطف رقعة كتبها أمير المؤمنين الراضي إلى أخيه أبي إسحاق المتَّقي، وقد كان جرى بينهما كلام بحضرة المؤدِّب، وكان الأخ تعدَّى على الراضي، فكتب إليه الراضي: " بسم الله الرحمن الرحيم، أنا معترف لك بالعبودية فرضاً، وأنت معترف لي بالأخوة فضلاً، والعبد يذنب، والمولى يعفو، وقد قال الشاعر: سريع: يا ذا الذي يغضب مهن غير شَيءْ ... أَعتِبْ فعُتباكَ حبيبٌ إليْ أنت على أنَّكَ لي ظالم ... أعزُّ خلقِ الله كلٍّ عَلَيْ قال: فجاءه أبو إسحاق، فانكبَّ عليه، فقام إليه الراضي، وكان الأكبر، فتعانقا وتصالحا. وبالإسناد: حدثنا أحمد بن علي، حدثنا أبو طاهر محمد بن علي البيِّع، حدثنا أحمد بن محمد بن موسى القُرَشي قال: قُرِىء على أبي بكر محمد بن يحيى الصولي وأنا أسمع للراضي بالله: خفيف مجزوء: كلُّ صفو إلى كدر ... كلُّ أمر إلى حذر ومصير الشباب لل ... موت فيه أو الكبر

157 - محمد بن جارية القصار، وهو يعرف بها ولا يذكر

درَّ درُّ المشيب من ... واعظ ينذر البشر أيها الآمل الذي ... تاه في لجة الغرر أين من كان قبلنا؟ ... درس الشخص والأثر سيردُّ المعارَ من ... عُمره كلُّهُ خطر ربّ إني دَخَرت عن ... دك أرجوك مدَّخر إنني مؤمن بما ... بيَّن الوحي في السِّيَر واعترافي بترك نف ... عي وإيثاري الضرر رب فاغفر لي الخطي ... ئة يا خير من غفر 157 - محمد بن جارية القصَّار، وهو يعرف بها ولا يذكر أبوه، وهو محمد بن المبارك بن علي بن علي بن القصار وقد أوردت ذكره في باب الميم في ......... 158 - محمد في جعفر التميمي القيرواني أبو عبد الله القزاز النحوي، كان الغالب عليه علم النحو واللغة والافتنان في التأليف الذي فضح المتقدمين، وقطع ألسنة المتأخرين. وكانت مهيياً عند ملوك القطر ورؤسائه، محبباً إلى العامة، قليل الخوض إلا في علم دين أو دنيا، وكان له

159 - محمد بن جحدر

شعر جيد مصنوع مطبوع، يأتي به مفاكهة وممالحة، فمن ذلك قوله في الغزل: وافر: أما ومحلِّ حُبِّك من فؤادي ... وقدر مكانه فيه المكين لو انبسطت لي الآمال حتى ... تُصَيِّر من عنانك في يميني لصنتك في مكان سواد عيني ... وخفت عليك من حذر جفوني فأبغ منك غايات الأماني ... وآمن فيك آفات الظنون ومن شعره: طويل: إذا كان حظي منك لحظة ناظر ... على رقبة لا أستديم لها لحظا رضيت بها في مدة الدهرمرة ... وأعظم بها من حسن وجهك لي حظَّا ومن شعره: خفيف: أضمروا لي وُدّاً ولا تظهروه ... يُهده منكُم إليَّ الضَّميرُ ما أُبالي إذا بلغت رضاكُم ... في هواكُم لأيِّ حال أصيرُ 159 - محمد بن جحدر شاعر شامي، له شعر متوسط، رأيت منه شيئاً في مجموع لمؤرخ حلب عمر بن أحمد يمدح به أبا الرضا الفصيصي، والفصيصيون مقامهم بحلب، وقد كان منهم من يتجند في أيام آل حمدان، وربما تعرض لضمان اللاذقية وما يجري مجراها، ورأيت نسخة من " الألفاظ " لابن السكيت بخط أحدهم، وقد كتبها بحلب وقرأها على ابن خالويه، فمن قول ابن جحدر هذا في أبي الرضا الفصيصي: طويل:

160 - محمد بن جرير بن يزيد بن كثير بن غالب أبو جعفر الطبري

أَسيِّدنا أصبحتَ أعلى الوَرى فخراً ... وأكثرهم فضلا وأبعدهم ذِكرَا ملاذٌ لأهل العلم بحرٌ استقائهم ... وحسبُهمُ أن كنت سيِّدهم فخرَا فصدرُك بحرٌ، والعلوم جواهرٌ ... تنظِّمها شعراً، وتعلمها نثرَا وأنت ابن أهل العلم والجود والوفا ... تعدَّد آباءً غطارفة زهرَا ورثتَ فنونَ الفضلَ منهم نَجابَةً ... وما عَجبٌ للمزن أن يَسكب القطرا تُقايسُ بي من ليسَ مثليَ أصلُهُ ... ولا فعله فعلي فجئت بذا إمرا فلستَ براضٍ منك ما قد أتيته ... ولا مُقصراً عتباً، ولا قابلاً عذرا أعيذك من أمثالها يا من اغتدى ... لسائر أهل العلم في عصرنا ذخرا 160 - محمد بن جَرير بن يزيد بن كثير بن غالب أبو جعفر الطبري الإمام العالم العلامة، أوحد الدهر، وفريد كل عصر، مؤلف " التاريخ " و " التفسير " المشهورين الكبيرين المذكورين، إلى ما انضاف إليهما من تصانيفه العزيزة الوجود، الغريبة بين أمثالها في الجودة والموجود. وأخباره كثيرة قد استوفيتها في تصنيفي الذي سمّيته " التحرير لأخبار ابن جرير " وهو كتاب مقنع في نوعه وقد كان له - رحمه الله - شعر فوق شعر العلماء أنبأنا الكِنْدي، أخبرنا القزّاز، حدثنا الخطيب أحمد بن علي في تاريخه، أنشدنا علي بن عزيز الطاهري ومحمد بن جعفر

ابن عَلاَّن الشُّروطي قالا: أنشدنا مَخلَد بن جعفر الدَّقاق قال: أنشدنا محمد بن جرير: وافر: إذا أَعسرتُ لم يعلم رفيقي ... وأستغني فيستغني صديقي حيائي حافظٌ لي ماءَ وجهي ... ورفقي في مرافقتي رفيقي ولو أني سمحتُ ببذل وجهي ... لكنتُ إلى الغِنى سهلَ الطريق وبالإسناد قال الخطيب: وأنشدنا الطاهري والشروطي قالا: أنشدنا مخلد بن جعفر قال: أنشدنا محمد بن جرير: كامل: خُلُقان لا أرضى طريقهُما ... بَطَرُ الغِنى ومذلَّةُ الفقرِ فإذا غنيتَ فلا تكن بَطِراً ... وإذا افتقرْتَ فتِهْ على الدهر وبالإسناد قال الخطيب: أخبرنا القاضي أبو العلاء محمد بن علي الواسطي، حدثنا سهل بن أحمد الديباجي، قال لنا أبو جعفر محمد في جرير الطبري: كتب إلي أحمد بن عيسى العلوي من البلد: طويل: ألا إنَّ إخوانَ الثقاتِ قليلُ ... وهل لي إلى ذاك القليلِ سبيل؟ سَلِ الناس تعرفْ غثهم من سمينهم ... فكلٌّ عليه شاهدٌ ودليل قال أبو جعفر: فأجبته: طويل: يسيءُ أميري الظنَّ في جاهد ... فهل لي بحسن الظنِّ منه سبيلُ؟ تأمَّلْ أميري ما ظننتَ وقلتَه ... فإنَّ جميلَ القولِ منكَ جميل

161 - محمد بن جميل الكاتب التميمي الكوفي

مات - رحمه الله - يوم السبت بالعشيّ، ودفن يوم الأحد بالغداة في داره لأربع بقين من شوال سنة عشر وثلاثمائة، وذكره أحمد ابن كامل القاضي قال: توفي أبو جعفر محمد بن جرير الطبري في وقت المغرب من عشية الأحد ليومين بقيا مهن شوَّال سنة عشر وثلاثمائة ودفن وقد أضحى النهار من يوم الاثنين غد ذلك اليوم، في داره برحبة يعقوب، ولم يغير شيبه وكان السواد في شعر رأسه ولحيته كثيراً، وأخبرني أن مولده في أخر سنة أربع أو أوّل سنة خمس وعشرين ومئتين. وكان أسمر اللون إلى الأدمة، أعين نحيف الجسم مديد القامة، فصيح اللسان، لم يُؤذن به أحد واجتمع عليه من لا يحصيهم عدداً إلا الله، وصلّي على قبره عدة شهور ليلاً ونهاراً، ورثاه خلق كثير من أهل الدين والأدب. 161 - محمد بن جميل الكاتب التميمي الكوفي مولى بني تميم، شاعر مذكور، معروف الشعر، وهو القائل لحميد ابن عبد الحميد الطوسي: طويل: لئن أنا لم أبلغ بجاهكَ حاجة ... ولم يك لي ممّا وليت نصيبُ وأنت أمير الأرض من حيث أطلعَتْ ... لك الشمس قرنيها وحيث تغيب أبا غانم إِني إذا الروضة ازدهت ... لغيري يصفو رعيها ويطيب

162 - محمد بن جميل

162 - محمد بن جميل وجميل جده، وهو أشهر من أبيه ولا يعرف إلا به، وأبوه أبو العز ابن جميل من أهل جُبَّى قرية عند هيت. دخل إلى بغداد في أول عمره، وقرأ على مشائخها المتأخرين، وتولى عدة خدم ديوانية في أيام الإمام الناصر أحمد بن المستضيء، منها صدرية المخزن وصرف دفعات، وكان فيه فضل وأدب، وله شعر، وكان يظن بنفسه الكثير حتى لا يرى أحداً مثله وقد كان أنشأ مقامة ظهر منها قطعة رأيتها في جملة جرار، وأحضرت من بغداد إلى حلب للبيع وهي بخطه، وكان خطاً متوسطاً، صحيح الوضع، فيه يبس نقطه ثابتة لا تكاد تتغيّر، وشعره جيد مصنوع لا مطبوع. وكان ظالم النفوس، عسوفاً فيما يتولاه، تولى الترك الحشوية في أول أمره، ثم تولى عدالة المخزن ثم توصل حتى تولى صاحب مخزن وقال يوماً لبعض العاملين: " خف عذابي فإنه أليم شديد " فقال له الرجل: " فأنت إذاً الله لا إله إلا هو "! فخجل ولم يمنعه ذلك ولم يردعه عما أراده من ظلمه. وكان ببغداد رجل تاجر يعرف بابن العينبري وكان صديقاً له، فلما حضرته الوفاة، سأله الحضور إليه؛ فلما حضر، قال له: " أنا طيّب النفس بموتي في زمان ولايتك ليكون جاهك على أطفالي وعيالي ". فوعده فيهم جميلاً. فلما مات، حضر إلى تركته وباشرها، فرأى فيها ألف دينار عيناً، فأخذها وحملها إلى الإمام الناصر وأصحبها مطالعة منه يقول فيها: مات ابن العينبري، ورَّث الله الشريعة أعمار الخلائق، وقد حمل المملوك من المال الحلال الصالح للخزن الشريف ستة ألف دينار، وهو في عهدة تبعتها دنيا وأخرى. وسأله بعض التجار الغرباء العناية بشخص في إيصال حقه إليه من المخزن، فوعده ومطله وكان ذلك بعد أن تولى صاحب مخزن، وكانت جامكيَّتُه، وهو

عدل، خمسة دنانير في الشهر، فلما ولي الصدرية قُرر له عشرة دنانير، فقال التاجر الشافع وكان يُدِلّ عليه: قد بِعتَ الله في كل يوم بدانقْ. قال له: وكيف؟ قال: لأنك كنت عدلاً أقرب منك حالاً اليوم، وأشار إلى أنه لما زيد رزقه ورفعت مرتبته بخير نظير زيادة وهي سدس دينار في كل يوم وهو الدانق، أهمل جانب الله وباعه بذلك، وما بعد عهده أو أخجل الله وصرفه عن ذلك وسجن مدة ثم بعد ذلك أنعم عليه بأن جعل كاتباً في باب دار الأمير الكبير عدة الدين أبي نصر ولي العهد، فأقام مدة ومات وهو على ذلك في شهور سنة ست عشرة وستمئة.

حرف الحاء

حرف الحاء 163 - محمد بن حمزة الموصلي أبو سعد من أهل الموصل، ورد بغداد مجتازاً وخرج منها إلى خراسان، وذكره علي بن الحسن الباخرزي في كتابه فقال: لفظته الغربة إلى خراسان، فأقام ببلادها، ورمت به الموصل، وهو من أولاد أكبادها، وهو صديقي الصدوق منذ سنين، وقد وجدته في أنواع الفضل من المحسنين، ولم أرَ من ذوي الفنون مثله، على أن الدَّهر قد بخس حظه وظلمه فضله، وقد أهدى إليَّ من نتائج فكره هذه القصيدة النظامية وألحقتُ منها بهذا الكتاب ما كان من شرطه، وذلك قوله فيها: طويل: وهل تركتْ فيَّ الحوادثُ مُنَّةً ... بها أستميلُ، الخلَّ أو أستزيدُهُ؟ إذاعدمَ المرءُ الكمالَ فإنَّهُ ... سواءً علينا فقدُه ووجودُه إذا المرءُ لم تستأنفِ المجدَ نفسُهُ ... فلا خير فيما أورثَتْهُ جدودُه إذا رنَّقَ العذبُ الفراتُ فإنَّه ... عزيزٌ على نفس الكريم ورودُه بنفسي من الفتيان كلُّ مُصَمِّمٍ ... إذا صافحَ المكروهَ هانَ شديدُه

164 - محمد بن حمزة بن إسماعيل بن الحسين بن علي بن الحسين

164 - محمد بن حمزة بن إسماعيل بن الحسين بن علي بن الحسين ابن علي بن الحسين بن الحسن بن القاسم بن محمد بن القاسم بن الحسن بن زيد بن الحسن بن علي بن أبي طالب أبو المناقب الحسني العلوي من أهل همذان علويٌّ فاضل حسن الشعر، له معرفة بالحديث؛ كتب بخطه الكثير، رحل الى أصبهان ودخل بغداد، كتب إليَّ شهاب الهرويّ: أنبأنا عبد الكريم المروزي، أنشدنا أبو المناقب محمد بن حمزة الحسني لنفسه بهمذان: طويل: عليكم بأصحاب الحديث فإنما ... محبّتهم فرضٌ لذي الدين والعقل رُعاة حديث المصطفى ورواته ... لحفظهم الإسناد بالضبط والنقل وإثباتُهم ذكرَ النبيّ محمد ... عليه سلامُ الله في الكتب بالعقل وكلّ حديث لم يكن فيه مُسندٌ ... إلى مسند كالخلّ ذاك وكالبقل وبالإسناد: قال عبد الكريم المروزي: أنشدنا أبو المناقب محمد بن حمزة العلوي لنفسه إملاءً في داره بهمذان في معنى قول النبي - صلّى الله عليه - وسلم - لابن عمر - رضي الله عنه -: " كن كأنك غريبٌ ": طويل: أيا صاحِ كن في شأن دنياك هذه ... غريباً كئيباً عابراً لسبيل وعُدَّ من اهل القبر نفسك إنّما ... بقاؤك فيها من أقلِّ قليل أنبانا أبو الضياء الشروطي الهروي، حدثنا عبد الكريم بن محمد من كتابه، أنشدنا السيد أبو المناقب محمد بن حمزة العلوي الحسني بهمذان في النبي - صلّى الله عليه وسلّم - وأصحابه - رضي الله عنهم -: وافر

ألا بَلِّغْ رسولَ الله عنّي ... سلاماً لا يبيدُ مَدى الليالي وصلِّ عليه عَوداً بعد بدء ... يقصِّرُ عنه أعدادُ الرمال وقِفْ بحيال روضته وقل: يا ... أبا الأيتام مَرضيَّ الفعال ويا مَن أظهر الإسلامَ يا من ... به هُدِيَ الأنام من الضلال أنا العبدُ المقِرُّ بكل ذنبٍ ... أتيتك عائذاً بك من فعالي لتشفعَ لي لدى الباري تعالى ... وقدِّس عن مشابهة المثال ليغفر زلتي ويقيل دنبي وتسمو بي إلى الرُّتب العوالي سلام الله ما هبَّت شمال على مثواك حالاً بعد حال وبلِّغ روحه عني في صلاةً ... بها يعطي الوسيلة في المآل وصلِّ الوجه حضرته وبلِّغصلاة أبي الشريف أبي المعالي وصلَّ على النبيّ وصاحبيهعلى درجاتهم وعلى الموالي إلى الصديق ثاني اثنين صدقا ... ومن سبق الصحابة في الخلال إلى الفاروق ذي القدح المعلَّى ... ومن فصل الحرام من الحلال وذي النُّورين قرم أريحي ... حَيِيٌّ في الفعال وفي المقال وسلِّم بعد ذاك على عليٍّ ... أمير المؤمنين فتى الرّجال وطلحة والزبير وبعد سعد ... سعيد وابن عوفٍ خير وال وحقُّ أبا عبيدة تم عشر ... وخال المؤمنين أعزُّ خال وقف ببقيع غرقد، ثم سلِّم ... على سبط النبي أخي الكمال شبيه المصطفى وسداه منه ... ولحمته النَّسيجة بالحلال عليك صلام ربِّك ما توالت ... رياحٌ من جنوب أو شمال وصلِّ على جميع الصحب طُرَّاً ... نعم والآل أكرم كلِّ آل

165 - محمد بن حيدر بن عبد الله بن شعيبان

وبالإسناد قال عبد الكريم بن محمد المروزي: وأنشدنا السيد أبو المناقب العلوي لنفسه بهمذان: كامل: الحمد لله العظيم جلاله ... سبحانه من غافر قهَّار ثم الصلاة على النبي محمد ... وعلى ذويه السَّادة الأبرار هذه الأحاديث الصحاح جمعتها ... من بحر علم زاخر التيار قد أخرجاه نوازلاً وقد اقتف ... يت عوالياً كالشمس في الأنوار طلب العلو فضيلة مرويَّةٌ ... وافَى بها الإسلام في الآثار في هذه الأخبار سبعة أنفس ... بيني وبين نبيِّنا المختار مات أبو المناقب العلوي - رحمه الله - بهمذان سنة ثلاث وثلاثين وخمسمئة، توفي يوم الأربعاء ودفن يوم الخميس التاسع والعشرين من شوال سنة ثلاث اوثلاثين وخمسمئة والله أعلم. 165 - محمد بن حيدر بن عبد الله بن شعيبان البغدادي الأديب أبو طاهر كان شاعراً مجيداً حسن الشعر، رقيقه، يسكن سوق الثلاثاء، أعور أنبأنا محمد بن محمد بن حامد في كتابه: سمعت شيخنا عبد الرحيم بن الأخوة البغدادي بأصبهان يقول: إنه كان له شعر حسن، وكان من مادحي سيف الدولة صدقة بن منصور وقال: أنشدني أكثر أشعاره، فما وجدتْ منها أحسن من قوله في الخمر: كامل:

ومدامة كدمِ الذبيح سخا بها ... للشرب من لهواتها الإبريقُ رقَّتْ فراقَ بها السرور ولم تزل ... نُطَفُ السرور ترقُّ حين تروق حتى إذا ضحك الزجاج لقربها ... منه بكى لفراقها الراووق وقد رأيت هذه الأبيات منسوبة الى ابن شبل البغدادي، وله في بني مزيد وهو نوع من العتاب: كامل: مالي إذا أنا لمتُ أسرةَ مَزْيَدٍ ... والغرَّ من سرواتهم لم أعذَرِ أم ما لقلبي كلّما كلَفْتُهُ ... صبراً على فعلاتهم لم يَصبر وإذا هممتُ ببسط عذرهم على ... مَنعي وهم سحبُ الندى لم أقدر وله في رقاصة: منسرح: رقَّاصتي هذه لخفّتها ... تكاد تحت الثياب تنسبكُ خفيفة الجسم ما لها كفلٌ ... يثقلها شحمُه ولا ورك كأنَّما الأرضُ تحتها كرةٌ ... تحملها وهي فوقها فلك وقوله في صفراء: خفيف: أنتَ يا لائمي على شغَفِ الن ... فس بحبَّ الوليدة الصفراءِ لا تلمني على صبابة قلبٍ ... ملكَتْهُ مولَّدات الإماء أيّما في العيون أحسنُ لوناً ... صفرةُ الراح أم بياض الماء؟ وقوله: طويل: فتى من نداه الغمرُ يسترسل الحيا ... ومن وجهه الميمون يَطَّلِع البدْرُ وما سلَّ سيفُ العزم إلا تجعّدت ... سباطُ القنا واحمرّت الأنصلُ الخضر هو البحر يحلو في فم الخلق طعمه ... ويصفو وماء البحر ذو كدرٍ مُرُّ

166 - محمد بن حاتم أبو الطيب المصعبي

أنبأنا محمد بن محمد بن حامد في كتابه، ذكر حصل لصا (؟) عمر بن الواسطي الصفّار ببغداد سنة إحدى وستين قال: دخلت على ابن حيدر الشاعر في أيام المسترشد وأنا صغير، وعنده جماعة يعودونه في مرضه الذي مات فيه، وهو ينشد: طويل: خليليَّ هذا آخرُ العهد منكم ... ومنّي فهلْ من موعدٍ نستمِدُّهُ؟ لانَّ أخاكم حلَّ في دارغربةٍ ... يطول بها عن هذه الدارعهدُهُ؟ فلا تعجبوا إذ خفَّ للبين رحْلُه ... وقد جَدَّ في إثر الأحبَّة جَدُّه على أنَّ في الدارين تلك وهذهِ ... له صاحبٌ يهوى وإلفٌ يودُّه وقد أزمع المسكينُ عنهم ترَحُّلاً ... فهل منكُم من صادقٍ يستردُّه؟ 166 - محمد بن حاتم أبو الطيب المُصْعَبي من شعراء خراسان ووزرائها، وندمائها ورؤسائها، له في كل ذلك كمال، وكان له خاطر وقاد وقلم جار، وغلب على الأمير نصر بن أحمد بكثرة محاسنه ووفور مناقبه، ووزر له مع اختصاصه بمنادمته، ولم تطل به الأيام حتى أصابته عين الكمال، وأدركته آفة الوزراء، فسقى الأرض من دمه، ومن مشهور شعره: مجزوء الرمل: اختلس حظك في دن ... ياك من أيدي الدهورِ

واغتنم يوماً تُزَجِّي ... هـ بلهو وسرور واصنع العرف إلى ك ... ل كفور وشكور لك ما تصنع والكف ... ران يزري بالكفور وقوله في ذم الشباب: خفيف: لم أقل للشباب في كنف ... هـ وفي ستره غداة استقلاَّ زائرٌ لم يزل مقيما إلى أن ... سوَّد الصحف بالذنوب وولَّى وقال في غلال أعجمي: خفيف: بأبي من لسانه أعجميٌّ ... وأرى حسنه فصيح اللسان ويروى له ما كتب به إلى بعض إخوانه: مخلع البسيط غبت فلم يأتني رسول ... ولم يُقَل: علَّه عليل هيهات لو كنت لي خليلاً ... فعلت ما يفعل الخليل وله: المجتث: اليوم يوم بكور ... على نظام السرور ويوم عزف قيان ... مثل التماثيل حور ولا تكاد جيادٌ ... ترْوَى بغير صفير ووقع في كتاب: كامل: قد قلت لما أن قرأت كتابكم ... عض المُمِلّ بِبَظر أم الكاتب

167 - محمد بن الحسن الحرون، أبو عبد الله

167 - محمد بن الحسن الحرون، أبو عبد الله أديب، شاعر مذكور مشهور في عصر المبرَّد وثعلب ومن عاصرهما من الأدباء، وكان ذكياً متوقداً، وهو الذي عمّى له المبرد بيتاً من الشعر بالعلم المعروف بالطير، وسيره إليه وسأله استخراجه، فاستخرجه في مجلس أنسه، وأضاف إليه أبياتاً من قوله تدل عليه وسيّرها إليه وهي: وافر: قل لمن زانه عفافٌ ودينٌ ... وسماحٌ ونجدة وحياءُ والذي ساد في العلوم فما يب ... لغه " ذو الكساء " و " الفرَّاء " قد أتانا البيت المترجم بالطَّي ... رِ وفيه النسور والعنقاء فخلونا به وقد دارت الأص ... وات في مجلس وطاب الطِّلاء فظفرنا به ووقفنا الل ... هـ الذي باسمه تقوم السماء وهو بيت لشاعر من بني مخ ... زوم اضنت فؤاه أسماْ حبذا أنت يا بغوم وأسما ... ء وعيش يضمّنا وخلاء 168 - محمد بن حواريّ المعريّ أبو جعفر من المعرّة، من تُناتِها، مسكنه بحلب، كان حيّاً في سنة سبعين وخسمئة: طويل:

169 - محمد بن الحجاج القرشي

توقَّ زوال الحُسن عند كماله ... ولا تك من صرف النَّوى غير خائفِ ألم تر أن الورد لما تكاملت ... محاسنهُ أَردت به كفُّ قاطِف وأنشدوا له أيضاً: كامل: لاحظته فبدا النَّجيع بخدِّه ... فاقتصَّ، لا متعدِّياً، من ناظري وكلاهما حتّى المعاد مضرَّج ... بدمائه من جائر أو ثائر وله أيضاً: بسيط: خَفِ الزَّمان ولا تأمن غوائله ... فما الزمان على شيء بمأمون غداً ترى الشِّعر قد غطت غياهبُه ... ضياءَ خدِّك فاستسعيت في الهون 169 - محمد بن الحجاج القُرَشي شاعر يقول: سريع: إن لم أكن متُّ بداء الهوى ... فإنني مت على سفرِ وليس للعاشق من حيلة ... يا مالكي من الصَّبْر 170 - محمد بن حبيب الضَّبِّي أبو الحسين شاعر متشيع، كان يظهر القول بالإمامة، وهو القائل في الدَّاعي محمد بن زيد العلوي: رجز: إن ابن زيد كل يوم زائد ... علا عُلوَّا لا يساميه أحدْ لو صال بالطود إذا لَدَكَّهُ ... أو زجر البحر إذاً صار زبد

171 - محمد بن الحسن بن دريد أبو بكر الأزدي

وله من قصيدة طويلة: وافر: وصي محمدٍ حقّاً عليُّ ... وقتَّال الجبابر والقرومِ وخازن علمه وأبو بنيه ... ووارثه على رغم المليم شفاعته لمن والاه حتمٌ ... إذا فرَّ الحميم من الحميم ومن يعلق بحبل الله فيه ... فقد أخذ الأمان من الجحيم 171 - محمد بن الحسن بن دُريد أبو بكر الأزدي الإمام، العلامة، اللغوي، الاخباري، الفاضل، الكامل، الشاعر، شيخ المشايخ، فريد الوقت، نادرة الدّهر، إمام الأمصار، ولد بالبصرة، ونشأ بعُمان، وكان أبوه وأهله من ذوي الشأن بها. ثم تنقل في جزائر البحر وأرض فارس والبصرة، ثم ورد بغداد بعد أن أسنّ، فأقام بها إلى أن توفي بها في سنة إحدى وعشرين وثلاثمائة، وكان رأس أهل العلم، والمتقدم في الحفظ للغة وأشعار العرب، وهو غزير الشعر، كثير الرواية، سمح الأخلاق، وكانت له نجدة في شبابه وشجاعة، وهو القائل في عمّه الحسين بن دُريد: سريع: نجم العُلا بعدك منقضُّ ... وركنه الأوثق منهضُّ

يا واحداً لم يبْق لي واحداً ... يُرجى به الإبرام والنَّقضُ أديل بطن الأرض من ظهرها ... يوم حَوَت جُثمانه الأرض ولَّى الرَّدى يوم تولَّى به ووجهه أزهر مبيض وله: كامل: لو كنت أعلم ان لحظكِ موبقي ... لحذرت عن عينيكِ ما لم أحذر لا تحسبي دمعي تحدَّر إنما ... روحي جرت في دمعي المتحدر خبري خذيه عن الضنى وعن البكا ... ليس اللسان وإن تلفْتُ، بمخبر وله يرثى عبد الله بن عمارة: طويل: بنفسي ثرى صافحت في بيته البلى ... لقد ضم منك الغيث والليث والبدرا فلو أن حيّاً كان قبراً لميِّت ... لصيَّرت أحشائي لأعظمه قبرا ولو أن عمري كان طوع مشيئتي ... وساعدني المقدور قاسمتك العمرا وقال أبو الحسين علي بن أحمد: ولد أبو بكر محمد بن الحسن بن دريد بالبصرة في سنة ثلاث وعشرين ومائتين، ومات عن ثمان وتسعين سنة، وذكر أن ابن دريد قال: سقطتُ من حماري بأرض فارس، فبتّ وجِعاً، فأتاني آتٍ في منامي وقال لي: قلْ في الخمر شيئاً فقلت: وهل ترك أبو نواس لقائل مقالاً؟ قال: أنت أشعر منه حيث تقول: طويل: حكَت وجنةَ المعشوق لوناً فسلطوا ... عليها مِزاجاً فاكتستْ لون عاشق فقلتُ: من أنتَ؟ قال: أنا شيطانك أبو ناجية! قلت: وأين تسكن؟

قال: الموصل. أنبأني زيد بن الحسن الكندى، أخبرنا أبو منصور عبد الرحمن ابن محمد القزاز، حدثنا أحمد بن علي بن ثابت بن مهدي، أنبأنا علي بن أبى علي حدثنا أحمد بن إبراهيم بن الحسن قال: قال لنا ابن دريد: أنا محمد بن الحسن بن دريد بن عتاهية بن حنتم بن الحسن بن حماميّ بن جرو ابن واسع بن سلمة بن حاضر بن أسد بن عديّ بن عمرو بن مالك بن فهم - قبيل - ابن غانم بن دَوس - قبيل - بن عُدثان بن عبد الله بن زهران ابن كعب بن الحارث بن كعب بن عبد الله بن مالك بن نصر بن الأزد - قبيل - ابن الغوث بن نبت بن مالك بن زيد بن كهلان بن سبأ بن يشجُب ابن يعرُب بن قحطان. قال ابن دريد: وحماميُّ هذا أول من أسلم من آبائي من السَّبعين راكباً الذين خرجوا مع عمرو بن العاص من عُمان إلى المدينة لما بلغتهم وفاة رسول الله (حتى أدَّوْه؛ وفي هذا يقول قائلهم: طويل: وفَينا لعمروٍ يوم عمرو كأنه ... طريدٌ نفته مذحجٌ والسكاسك وقال ابن دريد: مولدي بالبصرة بسكة صالح، سنة ثلاث وعشرين ومائتين، وأنشد ابن دريد وقال: هذا أول ما قلته من الشعر: بسيط: ثوبُ الشبابِ عليَّ اليوم بهجتُه ... وسوف تنزِعُه عني يدُ الكبر أنا ابن عشرين ما زادتْ ولا نقصتْإنَّ ابن عشرين من شَيبٍ على خطرِ ومات الجُبَّائيُّ أبو هاشم وابن دريد في يوم واحد. أنبأنا زيد بن الحسن عن أبي منصور القزاز، حدثنا الخطيب، حدثني هبة الله بن الحسن الأديب قال: قرأت بخط المحسِّن بن علي أن ابن دريد لما توفي، حُمِلت جنازته إلى مقبرة الخيزُران ليدفن فيها، وكان قد جاء في ذلك اليوم طشٌّ

172 - محمد بن الحسن الأهوازي أبو الحسن

من مطر، وإذا بجنازة أخرى مع نفر قد أقبلوا بها من ناحية باب الطاق، فنظروا، فإذا هي جنازة أبي هاشم الجبائي، فقال الناس: مات علم اللغة والكلام بموت ابن دريد والجبائي ودفنا جميعاً بالخيزرانية. وبالإسناد: حدثنا الخطيب قال: حدثني محمد بن علي الصوري، أخبرنا الحسن ابن أحمد بن نصر القاضي، حدثنا أبو العلاء أحمد بن عبد العزيز قال: كنت في جنازة أبي بكر بن دريد وفيها جَحْظَة فأنشدنا لنفسه: فقدت بابن دريد كلَّ فائدة ... لما غدا ثالث الأحجار والتُّربِ وكنت أبي لفقد الجود منفردا ... فصرت أبكي لفقد الجود والأدب 172 - محمد بن الحسن الأهوازي أبو الحسن أديب، كاتب، شاعر متقدم القدم في البلاغة، وكان وقع إلى خراسان وقصد الجوزجان ومنها إلى بخارى، فلم ينجح بها مع طول مكثه بها، وحين انجذب إلى الصَّغانيان أكرمه ونعمه صاحبها، ثم استوزره وألقى إليه مقاليد أمره، فلم يزل وزيره حتى أنتقل إلى جوار ربه، وله كتاب " الدر " وكتاب " القلائد والفرائد "؛ وله فصول منثورة تجري مجرى الأمثال، جميلة في بابها، ومن شعره: بسيط مجزوء قلت لمن لام لا تلمني ... كل امرعالم بشأنه ما الذنب فيما علمت انّي ... سجدت للقِرد في زمانه من شدة النفس أن تراها ... تحتمل الذل في أوانه

173 - محمد بن الحسن أبو عبد الله الأديب المدعو بالموفق النظامي

وله: متقارب: لجرع الصديد وبلع الحديد ... وقطع الوريد وقلع الحدق ودفع القضاء وجمع الهباء ... وذرع السماء ومنع الغسق ووقع السِّهام وخلع العظام ... وقرع الحُمام ونزع الرَّمق أخف على المرء من وقفة ... على باب نذل دنيء الخلق بلينا بناس على بابهم ... ثمانون قفلاً وألفا غلق إذا أكلوا خندقوا حولهم ... وسلُّوا السيوف وسدُّوا الطّرُق أجلُّهم من حوت دراهم ... غُسالة دنٍّ وباقي مرق على باب ترى حاجباً ... وفي الدَّار قفل ومِسْح خلق 173 - محمد بن الحسن أبو عبد الله الأديب المدعو بالموفق النظامي كان شاعر نظام الملك وفي عهده، وعاش بعده زماناً ورثاه، وله من قصيدة مدح بها عميد الدولة محمد بن محمد بن محمد بن جهير وزير المستظهر منها: متدارك: لو شاء العيش يدوم لما ... صدَّ الأحباب ولا رحلوا بعدوا ففؤادي بعدهم ... قلق فرق، دنف وجل تتبلبل فيه بلابله ... مذ قيل: سرت بهم الإبل عدلوا عن وصل محبِّهم ... ولقد جاروا لمَّا عدلُوا وله فيه: خفيف: عرِّسا إنَّ راحة التعريسِ ... هي كالرُّوح في جسوم العيس ثم حُلاَّ بجلِّق بين بيعا ... ت النَّصارى وبيت نار المجوس

174 - محمد بن الحسن بن أيوب

في رياض قد ألبستها الغوادي ... وشيَ نور كحلَّة الطاووس واخطبا لي خدر الغواني ففيه ... غادة من سلافة الخندريس عُتِّقتْ في الدنان مذ فرض الله ... ولا آدم على إبليس واسقياني بكفِّ خود خلوب ... كقضيب في روضة مغروس لدنة القدِّ لو رآها سليما ... ن لأزرى عجباً على بلقيس خضِّبت من دم القلوب بناناً ... كلُجَينٍ في عسجد مغموس بسمت عن نقِيِّ ثغر فخلنا ... هـ هلالاً في اللَّون والتقويس ربَّ راحٍ دارت على نغم القسّ ... سحيراً ونقرة الناقوس ونجوم الأيدي تشرِّق فيها ... قبل تغريبها نجوم الكوس وشدا الموبذان أن يتلُوَ المزامير ... على طيب نغمة القسِّيس يتغنَّى حتى إذا طلع الصُّبح ... تلونا التسبيح بالتقديس مثل ما لاح نور وجه عميد الدَّ ... ولة المجتبى بنور الشموس ذي المكان العالي الذي قد تعالى ... في المعالي على علا إدريس والستان الذي يرد المقادي ... ريجري أقلامها في الطروس واللسان الذي له القول الصِّد ... ق إذا القول شيب بالثلبيس 174 - محمد بن الحسن بن أيوب شاعر مذكور، مدّاح، قال في مدح عميد الدولة ابن جهير الوزير: يا مليكاً خَجِلتْ من ... جُود كفَّيْه السيولُ فبلادٌ لم يُصبْها ... صوبُه فهي س مُحُولُ قَصُرتْ عن وصفِكَ الأ ... لسُنُ إذ عزَّ العديلُ وكثيرُ المدحِ في جَنْ ... بِ معاليكَ قليلُ

175 - محمد بن الحسن الزبيدي النحوي أبو بكر الأندلسي

175 - محمد بن الحسن الزُّبيدي النحوي أبو بكر الأندلسي صاحب الشرطة، من الأئمة في اللغة والعربية. ألف كعاباً في النحو سمّاه " الواضح " واختصر كتاب " العين "، وله مصنفات في الأدب والعربية سيأتي ذكرها، وكان شاعراً كثير الشعر. قال يوسف بن عبد البر: كتب أبو بكر محمد بن الحسن الزبيدي النحوي إلى أبي مسلم بن فهد: طويل: أبا مُسلم إنَّ الفتى بجنانِه ... ومِقْوَلِهِ لا بالمراكبِ واللُّبْسِ وليس ثيابُ المرءِ تُغني قُلامةً ... إذا كان مقصوراً على قِصرِ النفسِ وليس يفيدُ العلمَ والحلمَ والحجا ... أبا مسلمٍ طولُ الجلوس على الكرسي وقال أبو محمد علي بن أحمد الأندلسي: كتب الوزير أبو الحسن جعفر بن عثمان المُصحفي إلى صاحب الشرطة أبي بكر محمد بن الحسن الزبيدي اللغوي، كتاباً فيه: " فاضت نفسه "، بالضاد، فأجابه الزُّبيدي بمنظوم بيَّن فيه الخطأ دون تصريح وهو: منسرح: قل للوزير السني مَحْتِدُهُ ... لي ذمةٌ منك أنت حافظُها عنايةٌ بالعلوم مفخرة ... قد بَهظَ الأوَّلين باهظها يُقرّ لي " عَمْرُها " و " ومعْمَرُها " ... فيها " ونظَّامُها " و " جاحظُها " قد كان حقاً قبولُ حُرمتِها ... لكنَّ صرفَ الزَّمان لافظُها

وفي خطوب الزمان لي عِظةٌ ... لو كان يثني النفوس واعظُها إنْ لم تحافظْ عصابةٌ نُسبت ... إليك قِدْماً فمن يحافظُها لا تَدَعَنْ حاجتي مطَّرحةً ... فإن نفسي قد فاظ فائظُها فأجابه المصحفي: منسرح: خفِّض فواقاً فأنت أوحدُها ... علماً ونقَّابُها وحافظُها كيف تضيعُ العلوم في بلدٍ ... أبناؤهُ كلُّهم يُحافظُها؟ ألفاظُهم كلّها معطلةٌ ... ما لم يُعوِّل عليك لافظُها مَن ذا يدانيك إن نطقت وقد ... أقرّ بالعجز عنك " جاحظُها " عِلمٌ ثنى العالمين عنك كما ... ثنى عن الشمس من يلاحظُها وقد أتتني فُديتَ شاغلةٌ للنفْسأن قلت: " فاظ فائظُها " فأوضِحَنْها تفُزْ بنادرةٍ ... قد بَهَظَ الأولين باهظُها فأجابه الزبيدي، وضمّن شعره الشاهد على ذلك: طويل: أتاني كتابٌ من كريم مكرَّم ... فنفَّسَ عن نفسٍ تكاد تَفيظُ فَسَرَّ جمبعَ الأولياء ورودُه ... وسيءَ رجالٌ آخرون وغيظوا لقد حفظ العهد الذي قد أضاعه ... لديَّ سواه والكريم حفيظُ وباحثتَ عن " فاظتْ " وقبليَ قالها ... رجالٌ لديهم في العلومِ حظوظُ روى ذاك عن " كيسان " " سهلٌ " وأنشدوا مقال أبي العيناء وهو مَغيظ " وسُمِّيتَ غيّاظاً ولست بغائظٍ ... عدوّاً ولكن للصديق تغيظُ " فلا حفِظ الرحمنُ روحَك حيةً ... ولا هي بالأرواحِ حين تفيظُ " قلت وقد ذكر يعقوب بن السكِّيت في كتاب " الألفاظ ": " فاضت نفسه " بالضاد، وذكرها ابن جنّي في كتاب " سر الصناعة " له،

وبسط القول هناك، وكان الحكم المستنصر، بن عبد الرحمن الناصر الأموي المستولي على الأندلس، ومقيم سوق العلوم بها مدة، استحضر محمد بن الحسن الزبيدي - رحمه الله - إلى دار ملكه، قرطبة، للاستفادة منه، فأقام بقرطبة مدة واشتاق أهله بإشبيلية، فاستأذن الحكم في العود؛ فلم يأذن له اغتباطاً به. فكتب إلى جارية له تُدعى سلمى بإشبيلية: منسرح: ويحك يا سلْمَ لا تراعي ... لا بُدَّ للبيْن من زماع! لا تحسبيني صبرت إلا ... كصبر ميْت على النزاع ما خلق الله من عذاب ... أشد من وقفة الوداع ما بيننا والحُمام فرقٌ ... لولا المناحات والنواعي إن يفترق شملنا وشيكاً ... من بعد ما كان ذا اجتماع فكلُّ شمل إلى افتراق ... وكل شعب إلى انصداع وكل قرب إلى بعاد ... وكلُّ وصل إلى انقطاع توفى أبو بكر الزُّبيدي بالأندلس قريباً من سنة ثمانين وثلاثمائة. رحمه الله وله من التصانيف كتاب " مختصر العين " وكتاب " الانتصار " على من آخذ عليه في " مختصر العين "، وكتاب في " أبنية سيبويه " وشرحها والزيادة فيها، وكتاب " لحن العامَّة "، وكتاب " الو اضح " في النحو، وكتاب " أخبار النحاة ".

176 - محمد بن الحسن أبو عبد الله المذحجي الأندلسي

176 - محمد بن الحسن أبو عبد الله المذحجيُّ الأندلسي المعروف بابن الكتاني له مشاركة قوية في علم الأدب والشعر، وله تقدُّم في علم الطب والمنطق؛ وكلام في الحكم، ورسائل في كل ذلك، وكتب معروفة. قال أبو محمد علي بن أحمد الأندلسي: سمعته يقول: " إن من العجب من يبقى في العالم دون تعاون على مصلحة، أما يرى الحرَّاث يحرث له، والبنَّاء يبني له، والخرّاز يخرز له، وسائر الناس كانت تتولّى شغلاً له فيه مصلحة، وبه إليه ضرورة، أما يستحي أن يبقى عيالاً على كل من في العالم؟! ألا يُعين هو أيضاً بشيء من المصلحة؟ وله كتاب سماه كتاب " محمد وسُعْدى " مليح في معناه وعاش بعد سنة أربعمئة بمدة، ومن شعره: طويل: ألا قد هجرنا الهجرَ واتصل الوصلُ ... وبانت ليالي البيْن، واشتمل الشَّملُ فسُعدى نديمي، والمُدامة ريقها ... ووجنتها روضي، وقبلتها النُّقل وله أيضاً: بسيط: نأيت عنكم بلا صبر ولا جلَدوصحت وا كبدي!! حتى مضت كبدي أَضحى الفِراق رفيقاً لي يواصلنيبالبُعد والشَّجو والأحزان والكمد وبالوجوه التي تبدو فأنشدهاوقد وضعت على قلبي يدي بيدي إذا رأيت وجوه الطَّير قلت لها: ... لا بارك الله في الغربان والصُّرَد

177 - محمد بن الحسن الجبلي الأندلسي النحوي

177 - محمد بن الحسن الجبلي الأندلسي النحوي أديب، شاعر، كثير القول، كان يُقرأ عليه الأدب بالأندلس، فمن شعره: طويل: فما الأنس بالإنس الذين عهدتُهُم ... بأنسٍ ولكنْ فقدُ أُنسهم أُنس إذا سلمتْ نفسي ودينيَ منهمُ ... فحسبيَ أنَّ العِرض مني لهم لم تُرسُ 178 - محمد بن حبيب الإفريقي شاعر فيه لوثة، لم يكن له نفس في التطويل، وإنما كان بالمقطعات من الشعر فيجيدها. وقال في الطَيرة بالخاتم واعطائِه: سريع: من عادةِ الخاتِم إعطاؤهُ ... للمُرسَل الذاهب والذاهبهْ فمن هنا خِيفت مُهاداتُه ... لفرقةِ الصاحبِ والصاحبهْ ومن ملح شعره: بسيط: يا من أمات لذيذ العتبِ مُذْ زمنٍ ... إليك منك على حالاتِك الهربُ لئن جرى سببٌ أحيا بموقعهِ ... هذا العتابَ لقد أحيانيَ السببُ وقوله يعاتب: وافر: أمِن حقِ المودَّةِ والتصافي ... ومفروض الصداقة والتجاقي؟ أمِنْ وجه إنصرافك انَّ روحي ... على الجسدِ العليل على انصرافِ؟

179 - محمد بن حسان بن خالد أبو جعفر السمتي

179 - محمد بن حسان بن خالد أبو جعفر السَّمْتي سمع يوسف بن يعقوب الماجشون وطبقته؛ أنبأني زيد، أخبرنا القزاز، حدثنا الخطيب، أنبأنا أبو الحسين علي بن محمد بن عبد الله المعدل، أخبرنا عثمان بن أحمد الدقَّاق، حدثنا محمد بن أحمد بن البراء قال: حدثني محمد بن حسَّان السَّمتي قال: كان لي ابن وكنت به معجباً، فتوفي، فرثيته بهذه الأبيات، فأنشدني في ذلك: كامل: طامن حشاك فكلُّنا ميْتُ ... وإذا ظفرت فقصرك الفوتُ هُيِيْ لأحمد في الثَّرَى بيت ... وخلا له من أهله بيت فكأن مولده ويوم وفاته ... صوت دعا فأجابه الصوت حَكَم الإله على البرية كلِّها ... أن الحياة قصارُها الموت وبالإسناد قال الخطيب: أنبأنا محمد بن أحمد بن رزق، أنبأنا محمد بن عمر بن غالب، أنبأنا موسى بن هارون قال: مات محمد بن حسّان السّمتي ببغداد يوم الخميس لسبعة أيام مضت من ذي الحجة سنة ثمان وعشرين وما ئتين. 180 - محمد بن الحسن الإمام أحد أئمة الأعاجم، روى عنه الرئيس أبو بكر محمد بن أحمد بن الحسن الجوهري البروجردي أنبأنا أبو المظفر السمعاني قال: حدثنا أبي قال أنشدني أبو جعفر محمد بن أبي ظاهر الصيرفي بإصبهان املاءً، قال أنشدنا أبو بكرمحمد ابن أحمد بن الحسن الجوهري ببروجرد قال: أنشدني صديقي محمد بن الحسن

181 - الأديب أبو الفرج محمد بن الحسن

الإمام لنفسه في معنى استماع الحديث: بسيط: فما سمعت حديثاً قطُّ من ثقة ... إلاَّ وصرت له عبداً ومأموراً ولو سمعت حديثاً قد فرحت كمن ... يُؤتى له بنعيم الملك منشورا 181 - الأديب أبو الفرج محمد بن الحسن ابن الحسين بن خليل الهيتيّ قال محمد بن محمد بن حامد الكاتب الأصبهاني: لقيتُه بباب دكان أبي المعالي الكتبي سنة خمسين وخسمائة وكان كهلاً، وذكر أنه نظم أكثر من خمسة وعشرين ألف بيت، وأنه صنف مقامات، أنشدني لنفسه من قصيدة: وافر: أَمغرىً بالدلال دع الملالا ... فمن يدم السُّرَى يجد الملالا وان تك غير منَّان بوصل ... فزر بخيالك الدَّنف الخيالا وله: كامل: وحُرمت طيب العيش يوم سرت ... بهم خيل الصدود بنيَّة الهجر ولبست ثوب تجلّدي زمناً ... خوف الوشاة فخانني صبري 182 - محمد بن الحسين بن أبي الفتح القرشي المغربي السوسي القيرواني المعروف بابن ميخائيل من أهل سوسة واستوطن القيروان، وتأدب بها وهو شاعر شديد الانتقاد

183 - محمد بن الحسين بن أحمد بن الحسين بن إسحاق أبو منصور

للشعر، على مذهب قدامة بن جعفر الكاتب، فمن شعره: سريع: صُوِّر عبد الله من مسكة وصوَّر الناسُ من الطّين أبدعه الله وسبحانهكمثل حُور الجنة العِين مُهفهف القدّ هضيم الحشا ... يكاد ينقدّ من اللِين كأن في أجفانه منتضى ... سيف عليٍّ يوم صِفِّين في مثله يوصل حَبْلُ الصِّبَا ... وتوثر الدنيا على الدين وكان من شعراء المُعزّ بن باديس وله يمدحه من قصيدة أولها يذكر كؤوساً ورمّاناً: خفيف: سافرات عن الوجوه تحيّي ... أوجهَ الشَّرب بالذي تختارهْ كالعذارى الحِسان في الحُلل الحُمْ ... رِ والجمر طار عنه شراره في أوانٍ من الربيع أنيق ... زهره مستقلة أطياره حيث تُرْسى القباب في عرض الرو ... ض ويثني على المجاوِرِ جاره زائر نوَّر البقاع فخِلنا ... وشيَ صنعاء أنه نوَّاره واكتسى الأفق بشرُه فحسبِنَا ... مِسك دارين ما حوت أقطاره 183 - محمد بن الحسين بن أحمد بن الحسين بن إسحاق أبو منصور الحِميري الكوفي القاضي، الخطيب، الأمين، ولد بالكوفة في حدود سنه ثمان وأربعمئة، ونشأ بها وقرأ القرآن بروايات، وسمع بها الحديث من خاله أبي طالب بن

184 - محمد بن حسان الضبي أبو عبد الله

النجار الكوفي، ودخل بغداد، فأقام بها وقرأ بها الأدب على أبي الفتح ابن برهان، ثم قدم دمشق في صحبة والده، وسمع بها الحديث من جماعة، وأقام بها مدة يتولى القضاء والخطابة نيابة عن الشريف أحمد الزيدي، ثم خرج بعد ذلك إلى طرابلس فأقام بها، وبلغه أن أهل وابنه أبا القاسم قد توجهوا إلى طرابلس، فخرج لتلقيهم، فأدركه أجله بحصن المنيطرة، فمات آخر سنة ثمان وستين وأربعمئة، ذكر ذلك ابن أخيه أبو محمد عبد الله بن أحمد بن الحسين، وأنشد له: كتب عمي إلى ابن الماشكي الوزير: أَسيّدنا الوزير نسيت نذري ... وقد شبّكتَ خَمسكَ بين خمسي وقولك: إنْ ولِيتَ الأمر يوماً ... لأتخذنَّ نفسك مثل نفسي فلمّا أنْ وليتَ جعلتَ حظي ... من الإنصاف بيعك لي ببَخس 184 - محمد بن حسان الضَّبي أبو عبد الله شاعر أديب، ضمَّه المأمون إلى العباس ولده يؤدبه وهو القائل يرثي قوماً: رمل مجزوء: خلَّ دمع العين ينهمل ... بان من تهواه فاحتَملوا! كل دمع صانه كلفٌ ... فهو يوم البين مبتذل

185 - محمد بن حبيب المهدوي القلانسي

يا أخلاَّئي في الذين نأت ... بهم الطِّيَّات وانتقلوا قد أبى ان تنثني بكُم ... أوبة يحيا بها الأمل ومن قوله: طويل: ففيم أُجنُّ الصَّبر والبين حاضر ... وأمنع مُنْهل الدموع السَّواكبِ وقد فرَّقت جمع الهوى طِيَّةُ النَّوى ... وغُودرْت فرداً شاهداً مثل غائبِ ومن قوله: كامل: طامن حشاك فكلُّنا ميْت ... وإذا ظفِرت فقصرك الفوتِ حكَمَ الإله على البرية كلِّها ... أن الحياة قصارُها الموت 185 - محمد بن حبيب المهدوي القلانسي شاعر مجيد من أهل المهدية، مذكور في زمانه، فمن شعره: قوله: طويل: بدور وجوه في ليالي ذوائب ... لعِبن بلبِّي بين تلك الملاعب ترفَّعن من خوف العيون وإنَّما ... طلعن شموساً تحت غُرِّ السحائب وفوَّقن من تحت البراقع أسهماً ... من اللَّحظ ترمى عن قسِّيّ الحواجب 186 - محمد بن الحارث التميمي البصري من عبد شمس بن زيد مناة بن تميم، شاعر مذكور في زمان المأمون هو

187 - محمد بن حامد القيرواني أبو عبد الله

الذي يقول: منسرح: كأنَّ طرف المُحبِّ حين يرى ... حبيبَه خنجرٌ على كبده قد يُكره الشيء وهو منفعة ... ويَطرف المرءُ عينَه بيده وله: بسيط: كان شهري ربيع يوم ضحكته ... ويوم عبسته أيَّام تشرين 187 - محمد بن حامد القيرواني أبو عبد الله شاعر مجيد، خرج عن القيروان إلى الديار المصرية، وكان نزه النفس عن قصد الأداني، أنبأنا شهاب بن محمود الهرويُّ، أخبرنا عبد الكريم بن محمد السمعاني، أنشدنا أبو الفتوح محمد بن الفضل المهرجاني بدرب زاخي، أنشدنا أبو القاسم نصر بن محمد بن علي بن زيرك الهمذاني بهمذان، أنشدنا والدي أبو بكر عبد الله بن أحمد بن محمد بن أحد بن روزبه الفارسي، أنشدنا أبو عبد الله محمد بن حامد القيرواني بدمياط: خفيف: فاسأل العُرف إن أردت كريماًيَعرفُ العزَّ والغنى واليسارَا فقليلُ الكريم يُورث مجداً ... وكثير اللئيم يُورث عاراً وإذا لم يكن من الذلِّ بُدّفالْقَ بالذلِّ إن لقيت الكبارا ليس إجلالُك الكِبار بذلٍّ ... إنما الذلُّ أن تجلَّ الصغارَا 188 - محمد بن حُمران بن أبي حمران الجعفي، لقبه الشويعر لقبه بذلك بيت شعر قاله فيه امرؤ القيس بن حُجر الكندي

189 - محمد بن حيدرة بن حمدان

وهو: خفيف: أبلغا عني الشويعر أنِّي ... عمد عينٍ قلدتهن حريما وهو أحدٌ من سمي محمداً في الجاهلية، وهو القائل من أبيات: كامل مجزرء: بلِّغ بني حُمْران أن - ني عن عدَاوتِكم غنيّ يكفيكَ نعيُ الأبلح ال ... جبَّار إن نزَل النصيّ في نحْرِهِ متقبِّضاً ... كتقبُّضِ النَّبْعِ الرَّمِيّ 189 - محمد بن حيدرة بن حمدان أبو فراس الشاعر من أهل الكرْخ، كان يذكر أنه من ولد أبي فراس بن حمدان الشاعر التغلبي، وكان فيه فضل وأدب، وله شعر حسن، كتب الناس عنه شيئاً من شعره، فمن شعره ما كتبه في صدر مكاتبة إلى صديق له: طويل: أأحبابنا إن كنتم قد سمحتم ... ببُعدي فإني بالبعاد شحيحُ تغيرتم مما عهِدت من الوفا ... وودِّي على مرَّ الزمان صحيح توفى بنصيبين في سنة اثنتين وستمائة.

190 - حمد بن حماد

190 - حمد بن حماد كاتب راشد، أبو عيسى شاعر أديب، وهو القائل للحسن بن وهب، وكان الحسن يهوى جاريته نبات المغنيّة: بسيط: أبا عليٍّ أضعت الرأي في رجل ... بدأته منعِماً بالطَّول والمننِ حتَّى إذا ما اقتضى بالشكر عادته ... أسلمته لعوادي الدَّهر والمحن وديعة لي عند الدهر خاس بها ... فلست منتصفاً فيها من الزمن 191 - محمد بن حامد بن الحسن بن مكى الخيَّام أبو المحاسن من أهل طوس، سكن الريّ؛ كان مليح الكلام في الوعظ، وله شعر، أنبأنا شهاب الهرويّ، أخبرنا عبد الكريم المروزي، أنشدنا إسماعيل ابن أبي الفضل بن محمد الطبري بآمل، أنشدنا محمد بن خالد بن هارون المخزومي، أنشدنا الشيخ الامام محمد بن حامد الخيّام ومُنشِئاً: طويل: فبادِر إلى الخيرات قبل فواتها ... وخالف مُراد النفس قبل مماتها ستبكي نفوسٌ في القيامة حسرة ... على فوت أوقات زمان حياتِها فلا تغترر بالعزَّ والمال والمُنى ... فكم قد بُلينا بانقلاب صفاتها توفى محمد بن حامد الخيّام سنة تسع وثمانين وأربعمئة، فإن فيها سمع منه بالري الحسن بن المظفّر الحمداني على ما ذكره أبو سعد المروزيّ.

192 - محمد بن الحصين الهباري

192 - محمد بن الحصين الهبَّاري شاعر مذكور، وله شعر مشهور، وهو القائل: خفيف: ثكلتني التي تؤمِّل إدرا ... ك العُلا، بي وعاجلتِني المنونُ إن تولَّى بظلمنا عبد عمرٍو ... ثم لم تلفظ السّيوفَ الجفون 193 - محمد بن حمدون القنوع شاعر شامي، قال في أبن صالح: لما هزم ملك الروم، قصيدة منها: كامل: لبسوا دروعاً من ظباك تقيهم ... كانت عليهم للحتوف شباكاً نالت بك العرب الغِنى من مالهم ... وتقاسمت أتراكك الأتراكا لو لم يفرَّ جعلت صفحة خده ... نعلا وقوْسَيْ حاجِبيه شراكا وله: طويل: وتخترم الأرواح والموت أحمر ... بأبيض يتلوه لدى الطَّعن أزرقُ وتجري عتاق الحيل قبَّاً شوازبا ... تُباري هبوب الريح بل هي أسبق إذا حفرت منها الحوافر في الصَّفا ... محاريب ظلَّت بالنجيع تخلَّق 194 - محمد بن حيَّان الكاتب معرِّي وذكره صاحب " الوشاح " وأنشد له: وافر: رأيت الدَّار موحشة رُباها ... تعاورها البِلى حتى محاها

195 - محمد بن حمزة أبو عاصم الأسلمي

وكدت أشكُّ فيها غير أنِّي شممت المسك ينفح من ثراها فوا أسفي على من بان عنها ... وآهاً ثم آهاً ثم آها!! وله أيضاً: سريع: ما للفتى من حيلة في الذي ... يحب أو يكره من أمر وليس من عجز ولا قدرة ... تجري المقادير بما تجري فاشكرعلى ما سرَّ من نعمة ... وارجع بما ساء إلى الصبر وله: منسرح: كأنما الفحم والرماد وما ... تفعله النار فيهما لهَبَا شيخ من الزنج شاب مفرقه ... عليه درع منسوجةٌ ذهبا 195 - محمد بن حمزة أبو عاصم الأسلمي وبعضهم يسميه عبد الله بن حمزة، شاعر مدني مشهور، من شعراء المنصور، وكان يتحامل على آل علي بن أبي طالب، وهو القائل في الحسن ابن زيد العلوي: وافر: له حقٌ وليس عليه حقٌّ ... ومهما قال فالحسَنُ الجميلُ وقد كان الرسول يرى حقوقاً ... عليه لأهلها وهو الرَّسول وكان قد هجا الحسن بن زيد قبل ولايته المدينة للمنصور، فلما تقلَّدها، طلبه الحسن، فأتاه في يوم قد قعد فيه للأعراب، فأنشده قوله: وافر: ستأتي مدحتي الحسنَ بن زيد ... وتشهد لي بصفِّين القبورُ

196 - محمد بن حمزه

يريد ان جدّه كان مع عليّ بصفّين: قبور لو بأحمد أو عليٍّ ... يلوذ مُجيرها حُفظِ المجيرُ قبور لم تزل مُذ غاب عنها ... أبو حسن تُعاديها الدُّهور هما أبواك من وضَعَا فضَعه ... وأنت برفع من رفَعا جدير فقال له حسن بن زيد: من أنت؟ قال: الأسلمي. قال: ادنُ حيَّاك الله! وبسط له رداءه، فأجلسه عليه وأمر له بعشرة آلاف درهم. 196 - محمد بن حمزه شاعر كان بالشام، أظنه من أهل المعرَّة أو من الواردين عليها. فمن شعره قصيدة قالها يمدح بها القاضي أبا محمد عبد الله بن محمد بن سليمان المعري: وافر: سقى وطناً تحل به نوارُ ... عِهاد مثل أدمُعنا غزارُ فإنّى بعد بينهمُ وبيني ... وإن نأت المنازل والدِّيار لراجٍ أن تعود لنا ليال ... مضَيْن بها وأيَّام قصار وما يئِسَتْ من الأحباب نفسي ... وإن سئمت وشوَّقها انتظار أروم وصال مشغوف بهجري ... فأدنيه ويُبعده النِفار إذا دنت الديار أدام صدّاً ... فأبعد ما يبين به ازورار كأنَّ الدَّهر أمضى الحكم فينا ... بأن لا يستقرَّ لنا قرار سأتِّرك التَّصابي فهو ربح ... يُراد به، وعقباه خسار وأطَّلب العُلى بولاء من لي ... بمحض ولائِهِ أبداً فخار بعبد الله طلت إلى الأماني ... وأعقب قبح إعساري يسار وأوصلني إلى الفخر اتِّصالِي ... بقاض للزَّمان به افتخار

197 - محمد بن حميد بن عبد الحميد الطائي

حليفاه النَّباهة والمعالي ... وإلفاه المهابة والوقار تُعَرِّفه بريب الدَّهر نفسٌ ... لها بتقلُّب الدَّهر اختبار وقلبٌ ثابت يهدي إليه ... سدادَ الرأي بالنَّظر افتكار إذا أَجرى على طرس يراعاً ... تفلَّلت الأسنة والشِّفار وإن كسر الزِّمان صحيح حالي ... ففي رؤياي طلعته انجبار أطال يدي على نوب الليالي ... فليس عليَّ للزمن اقتدار شريف الفِعْلِ يبعثه على ما ... يُقرُّبه إلى الله النَّجار وبحر ندى إذا ما ساح يوماً ... تغيض لفيض مُزبده البحار وبدر عُلا كفانا الله فيه ال ... أفول، وأن يُلِمَّ به السِّرار أَبنَّ على السِّماك له سُمُوٌّ ... ومُدَّ له من الشِّعْرى شِعار إليك أبا محمدٍ استقادت ... بي اللأواء والهمم الحرار أبُثُّ إليك ما عاينت ممن ... بغى والبغي عُقباه تبار فحاوَل خفض عليائي وإنّي ... حُسامٌ ما يُفلُّ له غرار واعمل كيده سفهاً وإنّي ... بسعدك لا أُراع ولا أُضار إذا جاريتُ نحوك صرف دهري ... جرَيْتُ، وقيَّد الغيْرَ العِثارُ 197 - محمد بن حميد بن عبد الحميد الطائيّ الطوسيّ القائد أبو نهشل وله إخوان كلهم اسمه محمد، ويعرف بينهم بالكياسة، وهم أبو نصر محمد بن حُمَيد، وأبو عبد الله محمد بن حميد، وكلّهم شعراء أدباء، فمن شعر أبي نهشل في نوح بن عمرو بن حرى يعاتبه: وافر: عدلتَ عن الرِّحاب إلى المضيق ... وزرتَ البيت من غيرالطَّريق

198 - محمد بن الحسن بن مصعب

تجود بفضل عفوك للأقاصي ... وتمنعُهُ من الخلِّ الشَّقيق تُقدِّم سوء ظنك بي وتنسى ... مُحافظتي على تلك الحقوق أما والراقصات بذات عرق ... وربِّ البيت والرُّكن العتيق لقد أطلعت لي تهماً أراها ... ستحملني على مضض العُقوق وأحسبْها هنا عتباً وسخطاً ... ولستَ لسُخط عبدك بالمطيق ولمحمد بن أخيه وهو المقتول: طويل: فتى يتَّقي أن يخدِش اللَّوم عُرضَه ... ولا يتقي حد السَّيوف البواترِ يكون إلى المعروف أول سابق ... وليس إذا فرَّ الورى بمبادر 198 - محمد بن الحسن بن مُصعَب نسيب إسحاق بن إبراهيم إلمُصعبي، أحد الأدباء العلماء بالألحان، ونشأ بخراسان ثم قدم العراق، فكان إسحاق بن إبراهيم يكرمه من بين أهله ويعظمه. ولإسحاق بن إبراهيم الموصلي معه أخبار في أمر الغناء، ومحمد بن الحسن هو القائل: كامل: أعرَضْتَ عند وداعنا لفراقكم ... وصددْتَ ساعةَ لا يكون صدود يا ليت شعري هل حفظت على النوى ... عهدي،؟ وعهدُ أخي الحِفاظ سديد

199 - محمد بن حيدرة بن عمر العلوي أبى علي بن أبي المناقب

199 - محمد بن حيدرة بن عمر العلوي أبى علي بن أبي المناقب الكوفي أخو أبي المعمّر، واعظ يرتفق بالوعظ، ويتنقل في البلدان، ويتكلم على الناس، وكان له شعر. أنبأنا محمد بن يحيى بن سعيد الدُّبيثي، أنشدنا أبو علي محمد بن حيدرة بن عمر العلوي الزيدي ببغداد بمسجد فخر الدولة ابن المطلب قريباً من الرحبة، في سنة أربع وتسعين وخمسمائة وزعم أنها لنفسه: طويل: أَمُرٌّ سؤالُ الرَّبعِ عندك أم عذبُ؟ ... أمامك فاسأله متى نزل الركبُ؟ على أنَّ وجدي والأسى غير نازحٍ ... قصُرنَ الليالي أم تطاولتِ الحقب نشدتُ الحيا لا يحدث الدمع إنه ... يغادر قلبي مثل ما تفعل السُّحب ففي الدمع إطفاءٌ لنار صبابةٍ ... وزفرة شوقٍ في الضلوع لها لهبُ فدع ذا ولكن ربّ ركب تحملوا ... وسيرهم ما إنْ يفارقه الخّبُّ 200 - محمد بن الحارثان السرخسي فاضل، أديب، شاعر، ذكره البيهقي في " الوشاح " وسجع له، وطوَّل في ذكره وأنشد له: سريع: إلعن إذا أصبحتَ كلَّ الورى ... وطَبَّقِ الجهّال والعالِمينْ

201 - محمد بن حماد بن شبابة

فكلُّهم في شأنه ظالمٌ ... ولعنةُ الله على الظالمين وله أيضاً: كامل: لا تكترثْ من أن يحبَّك خامل ... ويفوزَ منك بنظرةٍ ولقاء فالنّارُ يعشِقُها الظلامُ وهذه ... شمسُ الضحى معشوقة الحَرْباء 201 - محمد بن حماد بن شَبّابة شاعر بغدادي مذكور الشعر، وهو القائل لسهل بن صاعد: أجارتنا بانَ الفراقُ فأبشري ... فما العيشُ إلا أن يبينَ خليطُ أُعاتبهُ في عِرضه ليصونهُ ... ولا عِلمَ لي أن الأميرَ لقيط! 202 - محمد بن حازم البهلي أبو جعفر مولى لباهلة شاعر يقول المقطعات فيحسن، وهو القائل: بسيط: يا راقد الليل مسروراً بأوَّله ... إن الحوادثَ قد يطرُقنَ أسحارا وكان هجاءً لمحمد بن حميد الطوسي، وعاتبه يحيى بن أكثم على اختصاره الشعر، فقال: وافر: أبَي لي أن أطيل الشِّعر قصدي ... إلى المعنى، وعلمِي بالصَّواب وإيجازي بمختصر قريب ... حذفت به الفضول من الجواب وأُلقيهنَّ أربعة وستاً ... مثقَّفة بألفاظٍ عِذَاب

203 - محمد بن حفص بن نمير بن عبد العزيز

خوالد ما حدا ليلٌ نهاراً ... وما حَسُنَ الصِّبا بأخي التصابي وهُنَّ إذا وسمتُ بهنَّ قوماً ... كأطواق الحائمِ في الرِّقاب وهُنَّ وإن أقمت مسافراتٌ ... تهاداها الرُّواة مع الرِّكاب وله: طويل: لئن كنت محتاجاً إلى الحلم إنني ... إلى الجهل في بعض الأحايين أحوج ولي فرس بالحلم للحلم ملجم ... ولي فرسٌ بالجهل للجهل مسرج فمن رام تقويمي فإني مقوَّم ... ومن رام تعويجي فأني معوَّج 203 - محمد بن حفص بن نمير بن عبد العزيز ابن زهم الزهميّ الحنفي العامريّ من بني الأسلع، من أهل اليمامة، كنيته أبو علي، راوية، أديب، بلغ سنّاً عالية، وبقي إلى آخر أيّام المعتمد، ومدح أوتامش لما قام ببيعة المستعين، ثم هجا المستعين عند انحداره إلى بغداد وحجبه عليٌّ ابن يحيى، فكتب إليه: كامل: لا يشبه الحرُّ الكريم نجاره ... ذا اللبِّ غير بشاشة الحجَّاب وبباب دارك من إذا ناجيتُه ... جعل التبرُّم والعبوس جوَابي أوصيته بالإذن لي فكأنما ... أوصيته متعمداً بحجابي

204 - محمد بن حسان بن أحمد بن الحسن بن الخضر الدمشقي

ثم حجبه غلام علي بن يحيى بعد ذلك، فكتب إليه: كامل: صار العتاب يزيدني بُعداً ... ويزيد من عاتبته صدَّا وإذا شكوت إليه حاجبَه ... أغراه ذاك فزادني ردَّا 204 - محمد بن حسَّان بن أحمد بن الحسن بن الخضر الدّمشقي المولد، اليمني الأصل، المهذّب أبو طالب فاضل كامل، قليل التهجم على معرفة الناس وخلطتهم، يعاني الفقه، له أدب وفضل، وشعر رائق، فمنه قوله: كامل: أَظُبىً تُجَرَّدُ من عيونِ ظباءِ ... يوم الأبيرقِ تحت ظلِّ خباءِ؟ أم أسْدُ خيسٍ أبرزت لطعاننا ... ورماحهنَّ لواحظُ الأطلاء؟! عَلِقتْ أسنَّتهنَّ في علق النهى ... منّا فلم تخرج بغير دماء وهززن أعطاف الغصون فشقننا ... بل سُقننا بأزمَّة البُرَحاء والركب بين أُثَيْل منعرج اللوى ... والجزْع مزْوَرٌّ إلى الزوراء تخفي هوادجُه البدورَ وقلَّما ... تخفى البدور التَّمُّ في الظلماء ويلحنَ من خلل البراقع مثلما ... في الدجن لاحت غرَّة ابن ذكاء بين الحواجب للعيون، مصارع ال ... عشاق لا في ملتقى الأعداء وقدود أغصان الحدوج، كأنها ال ... ألِفات فوق صحائف البيداء من كلِّ هيفاءِ القَوام مزيلة ... باللحظِ منها عقلَ قلب الرائي تملي أحاديث الجوى بجفونها ... سرّاً، وتشكو الشوق بالايماء وحديثُ أبناء الغرام بحاجب ... أو ناظر من خشية الرقباء

205 - محمد بن الحسن بن الحسين الوثابي الوركاني أبو جعفر

205 - محمد بن الحسن بن الحسين الوثَّابي الوَرْكاني أبو جعفر الأديب، وقيل أبو الحسين، من أهل أصبهان، كان أحد الأدباء الفضلاء حسن النظم، مليح الشعر، وكان مبارك النفس في التعليم. قهراً جماعة من فضلاء أصبهان عليه، وتخرّجوا به. مولده في سنة تسع وعشرين وأربعمئة بأصبهان، وكان قد أدركه ارتعاش غيّر خطه فقال: سريع: من الثمانين وأطوارها ... غيّرَ من خطّيَ ما استُحسنا كذاك عمر المرء كالكأس في ... آخرها يَرسبُ ما استُخشنا وأنشد له أحمد بن أبي عامرالثقفي: خفيف: قد تختَمتُ في اليمين اقتداءً ... برسول الإله خيرِ الأنامِ أنا مَولى له، وللآل طرّاً ... هم منارُ الهدى ونور الظلام وله في ذكر الأئمة السبعة القراء: طويل: ألا إنَّ قرّاء الأئمة سبعة ... بهم يهتدي في الذكركلُّ كبيرِ عليٌّ، أبوعمروٍ، وحمزةُ، عاصمٌ ... ونافعٌ، عبد الله، وابن كثير وله في البطيخ: أَلا إنَّ في البطيخ عشرَ منافع ... طعامٌ وأدْمٌ بل شرابٌ وفاكههْ ونقلٌ وريحان وحرضٌ، حلاوة ... دواءٌ، وهضم للطعام مشاكهه مات بأصبهان في الثالث عشر من شوال سنة إحدى عشرة وخمسمائة - رحمه الله - وكان قد لقي نظام الملك ومدحه وصنف له كتاباً في الأدب.

206 - محمد بن الحسن بن الحسين أبوعبد الله

206 - محمد بن الحسن بن الحسين أبوعبد الله الدمشقي الأديب المعروف بالنظاميّ شاعر مذكور، كتب إليّ محمد بن هبة الله بن مُميل الشيرازي، أنشدنا الحافظ أبو القاسم علي في كتابه، أنشدنا أبو عبد الله محمد بن عبد الرحمن ابن محمد بن مسعود، أنشدنا أبو عبد الله مروان بن علي بن مروان الطبري الوزير، أنشدنا أبوعبد الله محمد بن الحسن النظامي قصيدة له: طويل: فإن عزم العُذَّال عند لقائنا ... وما لهم عندي وعندك من ثار وشنُّوا على أسماعنا وتكاثروا ... وقلَّ جنودي عند ذاك وأنصاري لقيناهم من ناظريك ومهجتي ... وأدمُعنا بالسَّيف والسَّيْل والنَّار 207 - محمد بن الحسن الحاتميّ الكاتب أبو عليّ حسن التصرف في الشعر، موفٍ على كثير من شعراء العصر، وأبو علي شاعر كاتب، يجمع البلاغة في النثر، والبراعة في النَّظم، وله الرِّسالة المعروفة في وقعة الأدهم، وله كتاب " حلية المحاضرة " من أحسن الكتب وأجملها في فن الشعر، وله كتاب " جبهة الأدب " في أمر المتنبي وما جرى

208 - محمد بن الحسن البكري العدني

له معه، وله الرّسالة المشهورة فيما أخذه المتنبي من كلام أرسطاطاليس ونظمه في شعره، ولم يكن شعره بالكثير، فمنه قوله: خفيف: لي حبيب لو قيل لي ما تمنَّى ... ما تعدَّيته ولو بالمنون أشتهي أن أحُلَّ في كل جسم ... فأراه بلحظِ كل العيون والشِّعر الكثير لولده، وأكثر من يجهله ينسبه إلى أبيه. 208 - محمد بن الحسن البكري العدنيِّ الفقيه، شاعر من شعراء اليمن، وفاضل من قاطني عدن، فقيه، قال يمدح الوزير أبا الفضل زنجي بن مربح: طويل: إذا شئت أن تلقى العُلَى والتكرُّما ... وصرت من الله المهيمن ملهما فسائل عن المُرّي نبراس يَعْرُب ... فإنَّهما في ربعه اليوم خيَّما أتى الفضل زنجي بن مُربح الذي ... سَمَا فاعتَلى أعلى المراتب إذ سما ففي وجهه الإقبال والبشر كلَّما ... نظرت إليه نظرة نلت مغنما هو الرجل الضِّرب الخبعثنة الذي ... له راحة تهمي نُضاراً وعلقما أعزُّ الورى جاراً وأبسطهم يَداً ... وأنداهم كفَّاً وأفصحهم فما 209 - محمد بن حامد الحامدي، أبو عبد الله من حسنات خوارزم وأعيانها، يرجع إلى كل فضل وأدب، وله خطٌّ حسن، وفيه يقول بعض أهل العصر: طويل: وراحٍ كشعر البحتري مَزَجْتُها ... بماءٍ كأخلاق الكرامِ الأجاودِ فلمَّا عَلا وجهُ الحبيب شربتُها ... وجدتُ بها عَيشي كخطِّ ابن حامد

وله نثر حسن ونظم جميل، وكان في عنفوان شبابه يكتب لأبي سعيد أحمد بن شبيب، ويجري منه مجرى الولد، فلما انقضت أيامه، رسخ لديوان رسائل حسام الدولة أبي العباس، تاش الحاجب، وألح عليه أبو المظفر محمد بن إبراهيم البرغشي وكان إذ ذاك وزيره في تقليده إياه، فامتنع ولم يرض غير الاتصال بالصاحب لسابق المعرفة، وما كان عنده من الميل إليه والعناية وحين وافاه أكرم مورده وقلّده بريد قُمّ، فبقي حياة الصاحب، ولمّا مات، استعفى من المقام بقُم، فأعفاه الضبيّ وأبو علي الحسن بن أحمد، القائمان مقام الصاحب، ثم إنه حنَّ إلى القرب من وطنه، فقصد فراوة على أن يستوطنها، فأتاه أمر السلطان من الحضرة بخوارزم بالاستدعاء، فسار وقُدِّم وبُجِّل ورُسِم له التصرف فامتنع، فجعل سفيراً ورسولا وسيّر إلى بَلْخ في رسالة إلى محمود بن سكتيك فأحسن السفارة واجتمع بأبي الفتح البُسْتي، وتذاكرا وتزاورا وتصادقا، فقال فيه أبو الفتح: رجز: محمد بن حامدِ إذا ارتجَلْ ... ومرَّ في كلامه على عَجَلْ

نقّبَ وجهَ كل ندْبٍ سابق ... بنثره ونظمه ثوبَ الخجل أقلامُه يسقينَ كلَّ ناصحٍ ... وكاشح كأسيْ حياةٍ وأجلْ فناصحوهُ مشرقون بالأمل ... وكاشحوه مشرَقون بالوجل أبقاه للدين وللدنيا معاً ... وللمعالي ربُّنا عزّ وجَل ولما استولى مأمون بن مأمون على خوارزم وأبو عبد الله منقبض من الخدمة، سيَّره رسولاً إلى جُرجان إلى أبي المعالي قابوس بن وشمكير، فلما رأى شمس المعالي فصاحته أُعجب به، ورغب في اجتذابه إلى حضرته، وخوطب في ذلك فامتنع من سوء الغدرء، وعاد إلى سلطانه، فأكرمه وحفظ له حفظه للعهد، وقدَّمه وأكرمه، وولاَّه خزانة كتبه والسعي في أخصّ مهامِّه، ومن شعره: طويل: غدا دفتري أُنساً، وخطِّيَ روضةً ... وحبري مُداماً وارتجاليَ ساقيا ولا شدوَ لي إلا التحفّظ قارئاً ... ولا سكْر إلا حين أنشد واعيا ومنها: فلولا امتثالُ الأمر لا زال عاليا ... لكان مكان النظم رجلاى حافيا على أنني إن سرتُ أو كنتُ قاطناً ... فغاية جهدي أن أطوّل داعيا وله: طويل: سلامٌ على نفس هي الأمةّ الكبرىوشخص هو المجد المنيف على الشعرى هو الدين والدنيا فزُرْه ترَ المنىوتحصلْ لك الأولى كما تحصل الأخرى

210 - محمد بن الحسين الفارسي النحوي، أبو الحسين

210 - محمد بن الحسين الفارسي النحوي، أبو الحسين أحد أفراد الدهر، وأعيان العلم وأعلام الفضل. وهو الإمام في النحو بعد خاله أبي علي بن أحمد الفارسي، ومنه أخذ، وعليه درس، حتى استغرق علمه وإستحق مكانه. وتقدم في هذه الصناعة، وله شعر أجل من شعر النحاة، فمنه: طويل: فلا غصن إلا ما حواه قباؤهُ ... ولا دِعْصَ إلا ما خبته مآزِرُهْ وأَمضى من السيفِ المنوط بخصْرهِ ... إذا شيمَ سيفٌ تنتضيه محاجره وله من قصيدة في الأمير خلف: طويل: وما كتبتْ سطراً من الوجد أدمُعي ... على الخدِّ إلا وهو بالدَّم مُعْجَمُ فما لي أَلقى في جنابكَ غُلَّةً ... وحَوْضُكَ للعافين غيريَ مُفْعَم وقد يغتدي الرُّوَّادُ يبغونَ نجعة ... فيُرْزَقُ مُرتادٌ وآخرُ يُحرَم وشعره كثير مرويّ. 211 - محمد بن الحسَن شاعر ظريف، ورد نيسابور واستوطنها إلى أن توفي بها، وله شعر كثير فمنه: وافر:

212 - محمد بن الحسن النميلي القمي، أبو جعفر

عرائسُ تستضيءُ بها الكؤوسُ ... كأنَّ ضياءَ أوجُهها الشموسُ لنا من حُسْنها أبداً نعيم ... لها منه مَدى الأيام بوس بدون الموت ما سلِمَتْ وتحيا ... إذا ما قُطِّعَت منها الرؤوس وله في الغزل: وافر: بمثل هواكَ تنتِهكُ، الستورُ ... ويبدو ما تَضَمَّنهُ الضميرُ يُسَرُّ بما يَسُرُّكَ كلُّ شيءٍ ... يرى حتي يُسَرُّ بك السرور ولستَ البدر لكن فيك حسنٌ ... تلاشى في دقائقه البُدُور وقوله من قصيدة: خفيف: عالمُ الغيبِ شاهدٌ أنَّ غيْبي ... لك كالظاهر الذي ترتضيه ليس فخري ولا اعتذاري لشيء ... غير أني في عالم أنت فيه 212 - محمد بن الحسن النميلي القُمّيُّ، أبو جعفر كاتب شاعر، قدم نيسابور، يكتب للعمال، ويتصرف في الأعمال، وهو القائل: هزج: أرى أعمال نيسابو ... رَ دهرَ الله، في النحس فمن يعملْ بها يوماً ... يقع شهرين في الحبس بها يُضربُ بالقل ... سِ أعزّ الناس في فَلس وقال في مَعقِل البُندار كامل: يا أيها الشيخُ الجليل المفْضِلُ ... اقبضْ يديه فمعقِلٌ لا يعقِلُ ظلموه إذ وضعوا دواةً عنده ... ولديه يوضَع منجل أو مِغْزَل

213 - محمد بن حماد الكاتب

وقال لمحمد بن أبي سلمة: رمل: أيُّها الشيخُ الذي كلُّ الورى ... يتلقَّى وجهَه بالتفدِيَهْ هل يوازي فضلك المشهور أن ... تحضرَ الديوان يوم الترْوِيَهْ 213 - محمد بن حماد الكاتب له نثر ونظم، قال فيمن ينكر على قينةٍ اللحن: رجز مجزوء: يا قاطعَ الصوتِ على ... قومٍ كرامٍ نُجُبِ بأخْذهِ اللحنَ على ال ... قينةِ عند الطَّرَب يريدُ أن يُفهمَها لحنَ كلام العَرَب أحلف بالله وما ... أنزله في الكتُب لَلكلبُ خيرٌ أدباً ... من بعض أهل الأدب 214 - محمد بن حماد البصري، أبو أحمد من أهل البصرة، فيه أدب وله شعر، فمنه: بسيط: إن كان لا بُدَّ من أهلٍ ومن وطنٍ ... فحيثُ آمَنُ مَن أهوى ويأمَنَني يا ليتني مُنكِرٌ مَن كنتُ أعرفُهُ ... فلستُ أخشى أذى من ليسَ يعرفني لا أشتكي زمني هذا فأظلمه ... وإنما أشتكي من أهل ذا الزَّمَن وقد سمعتَ أفانينَ الحديث فهل ... سمعتَ قطُّ بحرّ غير ممتحن 215 - محمد بن الحسن البصري أبو يعلى الصوفي طاف الآفاق، ورافق الرفاق، ولقى الفضلاء، وروى لهم وعنهم،

وله أدب وشعر، شاعر، فمن قوله يمدح: كامل: طربوا إلى نَغَمِ القيانِ فبذَّهم ... طربٌ إلى نغم الوغى مرتاحُ يمحو دُجى الإعدام أوجهُ كفّه ... كرماً كما تمحو الهمومَ الرَّاحُ يا ناصر الملِكِ الذي آراؤُهُ ... في كلِّ خطبٍ مظلمٍ مصباحُ قبَّلتُ ثغراً من مديحِك نشرهُ ... كالمسكِ فاح، وطعمه التفاحُ وقوله من أخرى: خفيف: يا أبا القاسم الذي قسم الرحْ ... مَنُ من راحتيه رزقَ الأنامِ أنا في الشعر مثل مولايَ في الجو ... دِ حليفاً مَكارمٍ ونظامِ وإذا ما وصلتني فأميرُ الج ... ودِ أَعطى المُنى أميرَ الكلامِ وقوله من أخرى: طويل: إذا المجدُ وافاني فليس بضائري ... نفورُ العذارى من بياض عِذاري عفوتُ عن الليل الطويل بذي الغضا ... لمَرِّ ليالٍ بالشآم قصارِ وله في دواة آبنوس: طويل: ومغموسةٍ في مثل لون لُعابها ... يضمُّ حشاها ساكتاً متكلما على مثل قيد الشبر لكنَّ رأسه ... إذا طال طال السمهريَّ المقوَّما قرنتُ به همَّاً بعيداً وهّمة ... شروداً، وفضلاً كاملاً متقدّما وله في عجوزٍ أكول: خفيف مجزوء: لي عجوزٌ كأنَّها ال ... بدر في ليلة المطرْ ناطقٌ عن جميع أع ... ضائِهَا شاهدُ الكِبَرْ غيرَ أضراسَها ففي ... ها لذي اللُّبِّ معتبرْ أعظُمٌ غير أَنّها ... أعْظُمٌ تطحَنُ الحجرْ

216 - محمد بن الحسن الشيخ العميد أبو سهل

216 - محمد بن الحسن الشيخ العميد أبو سهل صدر يملأ الصدور جمالاً وكمالاً، له نثر فائق، ونظم رائق، فمن حسن ترتيبه قوله: طويل: لقد نثرتْ دُرَّينِ لفظاً وعبرةً ... وقد نظمت دُرَّينِ عقداً ومِبسماً وله من قصيدة: طويل: تقولين إني قد سلوتُ، عن الهوى ... لعلكِ قد قايستِ حالي بحالكِ وله من قصيده في شمس المعالي قابوس بن شمكير: طويل: عجبتُ من الأقلام لم تبدِ خُضرةً ... وباشرتُ منه كفَّه والأنامِلا لو أنَّ الورى كانوا كلاماً وأحرفاً ... لكان نعمْ منها وباقي الأنام لا وله في غلام هندي: طويل: ولي أسودٌ في أسودِ القلبِ حاضرٌ ... ولكنه عن أسودِ العينِ غائبُ 217 - محمد بن الحسن البرمكي أبو الحسن كثير الفضائل، جم المحاسن، فصيح اللسان والقلم، وهو من رياحين الحضرة المحمودية، ورسولها إلى الحضرة القادرية وتولّى أوقاف الهند المفتتحة بالأعلام المحمودية وله شعر حسن، منه: كامل: إن شابَ رأسي فالمشيبُ موقرٌ ... وذوو العلوم بشيبهم يُتبرَّكُ والشيبُ تغتفرُ الغواني ذنبَهُ ... ما دام ذاك الشيء فيه تحرُّكُ وله وهو لطيف: وافر:

218 - محمد بن الحسن المروزي

وذي عينين كحلاوين يرمي ... بسهمهما سويداءَ الفؤادِ ألمَّ بعارضيه نصفُ لامٍ ... وهمَّ بشاربيه نصفُ صادِ وله في الهجاء: وافر مجزوء أبو بكر بن حمدانٍ ... بلا أَصلٍ ولا فضلِ كأنَّ اللهَ صوّره ... من الإعجاب والبُخلِ إذا شاهدت طلعته ... دعوتَ عليه بالثكلِ ترى ما شئتَ من حمقٍ ... ترى ما شئت من جهلِ ترى نغلاً على بغلِ ... ترى نذلاً بلا بذلِ 218 - محمد بن الحسن المَرْوَزي من قدماء المراوزة، له شعر وأدب، أنشد له القاضي البحّاثي قوله: بسيط: ضيَّعْتُ فيك إلى ذا اليومِ أيّامي ... وعِفتُ غيرك حتى عفتُ إسلامي شغلا بغيرك إذ أوْرَثتني سقماً ... وقد جعلتَ سقاماً منك أقسامي 219 - محمد بن حماد بن المبارك بن محمد بن حَيَّان، أبو نِزار المخزومي من باب الأزَج ببغداد، أديب، فاضل، من أهل العلم، متطرف من كل فن، وكان مشغوفاً بالجمع والتصنيف، توفي سنة ستين وخمسمائة، فمن شعره ما قاله في جواد الدين الجواد الأصبهاني وزير الموصل وقاله على لسانه يخاطب قاصديه: بسيط: لبَّيْكَ لبَّيك لا تعْجلْ فإنّ لنا ... جوداً ننالُ به قوماً وإن بعُدوا

220 - محمد بن الحسن بن الفضل بن العباس أبو يعلي الصوفي المصري أذهب

فإن أتانا بفضلٍ منهمُ أحدُ ... فقد حَباه بفضل عندنا الأحدُ فطِبْ بذلك نفْساً واغْدُ في دعة ... فقد أتاك بجودٍ عندنا الصَّفَدُ وله: خفيف: فتنتني فتانةُ الألحاظِ ... صعبةُ الطوع، سهلة الألفاظِ خُدْلةٌ عَبْلةٌ كعوبٌ لعوبٌ ... بعقول النسّاكِ والوعّاظ ريقها يَبرِدُ الغليلَ ويشفي ... سَقَمَ القلبِ من لهيب الشواظ غلَّظتْ في عتابها لي وقالت: ... مُتْ بأدواك يا شبيةَ الشِّظَاظ لستُ آسى عليك وصلاً ولكن ... لذّة الحبَّ بعدَ لَوْكِ المظاظ وله في الخمريات: بسيط: قمْ يا نديمي إلى اللذّات ننهَبُها ... ما بين نايٍ وبين البَمِّ والزيرِ ونسْتَبي الخمرَ من حاناتها بَطَراً ... ونجتليها على آسٍ ومنثور من قهْوَة يَتركُ الأذهانَ حائرة ... شعاعُها ويقَوِّي الشمس بالنور 220 - محمد بن الحسن بن الفضل بن العباس أبو يعلي الصوفيّ المصري أذهب عمره في السفر والتغرب. قال الخطيب قدم علينا بغداد وحدث بها عن أبي بكر بن أبي الحديد الدمشقي، وأبي الحسين في جميع العاني؛ كتبت عنه وكان صدوقاً، وسألته عن مولده، فقال لي في سنة ثمان وستين وثلاثمائة. وكان قدومه علينا في اثنتين وثلاثين وأربعمائة، وخرج في ذلك الوقت إلى الشام، وغاب عنا خبره وكان شيخاً مليحاً ظريفاً من أهل الفضل والأدب، حسن الشعر، ومن مليح قوله خفيف يا أبا القاسم الذي قسم الرح ... من من راحتيه رزق الأنام

221 - محمد بن الحسن بن يحيى بن خلف الأموي

أنا في الشعر مثل مولاي في الجو ... د حليفا مكارم ونظام وإذا ما وصلتِني فأمير الج ... ود أعطى المُنَى أمير الكلام وله في عجوز أكول: خفيف مجزوء: لي عجوزٌ كأنَّها ال ... بدر في ليلة المطر ناطقٌ عن جميع أع ... ضائِها شاهدُ الكِبَر غير أضراسها ففي ... ها لذي اللبَّ معتبر أعظُمٌ غير أنها ... أعظم تطحن الحجر 221 - محمد بن الحسن بن يحيى بن خلف الأمويّ أندلسي، من أهل دانية، يكنّى أبا بكر ويعرف بابن بُرْ نَجال؛ رحل إلى الشرق بعد الخمسمائة، وسمع من المشايخ، كان من أهل الدّراية. روى عنه قال: كنتُ أحفظ كتاب سيبويه ظاهر قلب، وغيره من كتب الأدب، وأمْلقت سنة من السنين، فقلتُ: أدركتني حرفة الأدب، فعزمتُ؟ أن أقول شعراً في والي عَيْذَاب امتدحه واسْتَجديه، فأخرت نفسي إلى، السَّحر، وأعددت دَوَاة وقرطاساً، فلم يساعدني القول فيه بشيء، وأجرى الله القلم بأن كتبتُ: بسيط: قالوا تعطَّف قُلُوبَ النَّاس قلت لهم ... أدنى من الناس عطفاً خالق النَّاس ولو علمتُ لسعيي أو لمسألتي ... جَدوى أتيتهم سعياً على الرَّاس لكنَّ مِثْليَ في ساحات مثلهم ... كمزجر الكلب يَرْعَى غَفْلة الخاسي

222 - محمد بن الحسين بن علي بن الحسن بن يحيى بن حسان

وكيف أبسط كفّي للسؤال وَقَدْ ... قبَضتها عن بني الدُّنيا على الياس تسلِيم أمري إلى الرحمن أمثل بي ... من استلاميَ كفَّ البَرِّ والقَاسي قال: فقنعت نفسي، وأقبل أُنسي، وحَمِدت الله - جلَّ وعزّ - وشكرته على ما صرفني عنه من استجداء مخلوق مثلي. فما لبثت إلا ثلاثة أيام حتى جاءني كتاب والي عيذاب يُولّيني فيه في بخطِّه قضاء القضاة بالصعيد ثم وادي إخميم. توفى أبو بكر هذا بدانية، يوم الثالث والعشرين من رجب سنة ست وثلاثين وخسمائة. 222 - محمد بن الحسين بن علي بن الحسن بن يحيى بن حسان ابن الوضاح بن حسان، أبو عبد الله الأنباري، يعرف بالوضاحي الشاعر، انتقل إلى خراسان، فنزلها وسكن نيسابور، روى عنه أبو عبد الله محمد بن عبد الله الحافظ النيسابوري شيئاً من شعره وقال: كان أشعر من ذكر في وقته. أنبأنا الكندي، أنبأنا القزاز، حدثنا الخطيب، أخبرنا القاضي أبو العلاء محمد بن علي الواسطي، أنبأنا محمد بن عبد الله أبو عبد الله الحافظ النيسابوري قال: أنشدنا أبو عبد الله بن الحسين الوضاحي قصيدته التي يعارض بها قصيدة امرىء القيس وذكر فيها قبيلته وعشيرته: طويل: كشفتُ لمن أهوى قناع التجمُّل ... وعاصَيتُ فيما ساءني قولَ عُذَّلي ومن جاهر اللذاتِ أدرك سؤله ... وأصبح عن عذل العذول بمعزل وهي قصيدة طويلة، يقول في آخرها في ذكر وطنه وأهله: طويل: سقى الله بابَ الكرخ رَبعاً ومنزلاًوَمن حَلَّهُ صَوْبَ السحاب المجلجل رلا زالت الأنواءُ تهمي بوَبْلهاعلى منزل من رَبْعه بعدَ منزل

223 - محمد بن الحسين بن موسى بن محمد بن موسى بن إبراهيم

فرَوَّتْ رُبا الوضَّاح صوبُ عُهادها ... وسحَّتْ عزاليها بتركيم زَلزل وشيمت بباب الشام منها لوامعٌ ... لا أَرَجٌ يجري برَيَّا القرنفل ديارٌ بها يَجني السرورَ جُناتُهُ ... وتُرتشَفُ اللذّاتُ في كل مَنْهِل فكائن بباب الكرخ من ذات وقفةٍ ... قتولٍ بعطفيها وحوراءَ عَيْطل ومن مقلةٍ عَبْرى لفقد أنيسها ... ومن كبدٍ حَرَّى وقلبٍ مُعَذَّل فلو أنَّ باكي دمنة الدار باللوى ... وجارتِها أُمُّ الرَّباب بمأسل رأى عرَصات الكرخ أو حلَّ أرضها لأمسكَ عن ذكْر الدَّخول فحَومل قال أبو عبد الله: توفي أبو عبد الله الوضاحي بنيسابور في سنة شهر رمضان سنة خمس وخمسين وثلاثمائة. 223 - محمد بن الحسين بن موسى بن محمد بن موسى بن إبراهيم ابن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، أبو الحسن العلوي نقيب الطالبيين ببغداد، كان يلقب الرَّضيّ ذا الحسَبَين، وهو أخو أبي القاسم المعروف بالمرتضى، وكان من أهل الفضل والأدب والعلم. قال الخطيب أحمد بن علي في تاريخه وسمعناه منه: ذكر لي أحمد بن عمر بن روح عنه - يعني الرضي - أنه تلقن القرآن بعد أن دخل في السن، فجمع حفظه في مدة يسيرة. قال: وصنف كتاباً في " معاني القرآن " يتعذر

224 - محمد بن الحسين بن أحمد بن الطبيب الأديب

وجود مثله؛ وكان شاعراً محسناً. وبالإسناد قال الخطيب: سمعت أبا عبد الله محمد بن عبد الله الكاتب بحضرة أبي الحسين بن محفوظ قال: وكان أحد الرؤساء يقول: سمعت جماعة من أهل العلم والأدب يقولون: إن الرضي أشعر قريش؛ فقال ابن محفوظ: هذا صحيح، وقد كان في قريش من يجيد القول إلا أن شعره قليل، فأما مجيد مكثر فقليل إلأ الرضي. أنبأني زيد عن أبي منصور محمد بن عبد الرحمن عن أحمد بن علي قال: أنشدني القاضي أبو العلاء محمد بن علي قال: أنشدنا الشريف أبو الحسن الرضي لنفسه: رمل مجزوء: إشتَرِ العزَّ بما شئ ... تَ فما العزُّ بغالِ بقصارِ الصُّفرِ إن شئ ... تَ أو السُّمْرِ الطوال ليسَ بالمغبونِ عقلاً ... مَن شرى عزاً بمال إنما يُدَّخَرُ الما ... لُ لحاجاتُ الرجال والفتى مَن جعَلَ الأموا ... لَ أثمانَ المعالي وبالإسناد قال أحمد بن علي: قال لي علي بن علي: وُلِدَ الرضي ببغداد في سنة تسع وخمسين وثلاثمائة، وكانت وفاته في يوم الأحد السادس من المحرم سنة ست، وأربعمائة، ودفن في داره بمسجد الأنباريين. 224 - محمد بن الحسين بن أحمد بن الطبيب الأديب، أبو علي من أهل المحمدية، قرية بالعراق؛ كان أديباً فاضلاً شاعراً مبرزاً. كتب

225 - محمد بن الحسين بن محمد بن عبد الله

عنه هبة الله بن عبد الوارث الشيرازي، أنبأني الشذباني فيما كتبه إليّ قال: أخبرنا محمد بن عبد الكريم بن محمد بن منصور المروزي من كتابه قال: قرأت بخطّ هبة الله بن عبد الوارث الحافظ في معجم شيوخه، أنشدنا محمد بن الحسين الأديب لنفسه بالمحمدية من العراق: طويل: إذا اغتربَ الحرُّ الكريمُ، بَدَتْ لهُ ... ثلاثُ خصالٍ كلُّهنَّ صِعاب تفرُّقُ أحبابٍ، ونذْلٌ يُهينُهُ ... وإنْ مات لم تُشقَقْ عليه ثياب 225 - محمد بن الحسين بن محمد بن عبد الله ابن إبراهيم الوزير أبو شُجاع من أهل روذراور، من ناحية همذان. كان وزير المقتدي وجرت أموره في وزارته على سداد وكان يرجع إلى فضل كامل، وعقل وافر، ورأي صائب، وكان له شعر رقيق مطبوع، أدركاته حرفة الأدب، وصُرف عن الوزارة، وكُلِّف لزوم البيت، فانتقل من بغداد إلى جوار النبي - (- وأقام بالمدينة إلى حين وفاته، ودفن عند قبر إبراهيم ابن النبي - (- بالبقيع، ولما أحسَّ بالوفاة، حمل إلى مسجد النبي - صلى الله عليه وسلم - فوقف عند الحضرة، وبكى، وقال: يا رسول الله قال الله سبحانه وتعالى: (ولو أنَّهُم إذ ظلموا أنفسُهَم جَاءوكَ فاسْتَغْفَروا الله واستَغْفَرَ لَهُم الرَّسولُ لوَجَدوا الله تواباً

رحيماً) ولقد جئتك معترفاً بذنوبي، وجرائمي، أرجو شفاعتك! وبكى، ورجع، وتوفى من يومه. أنبأني أبو الضياء شهاب بن محمود الشذباني الهروي - رحمه الله - أخبرنا عبد الكريم بن محمد بن منصور المرزوي من كتابه بالجامع القديم بهراة قال: سمعت أبا علي أحمد بن علي ابن سعيد العِجْليّ في منزله مذاكرة بهمذان يقول: قلت للوزير أبي شجاع - رحمه الله - أريد أن أقرأ عليك ديوان شعرك. فقال: لا، ولكن أنشدك أبياتاً من شعري، فأنشدني لنفسه: بسيط: ليس المقادير طوعاً لامرىءٍ أبداً ... وإنَّما المرء طوعٌ للمقادير فلا تكن إن أتت باليُسْرِ ذا أشر ... ولا يؤوساً إذا جاءت بتسعير وكن قنوعاً بما يأتي الزمان به ... فيما ينوبك من صفو وتكدير فما اجتهاد الفتى يوماً بنافعِهِ ... وإنَّما هو إبلاء المعاذير كتب إليّ شهاب بن محمود الهروي، أنبأ عبد الكريم المروزي، أنشدنا المُبارك بن مسعود بن عبد الملك الغسّال إملاء من حفظه بلوزة، إحدى منازل البادية في القفول من الحجة الثانية، للوزير أبي شجاع: سريع ما كان بالإحسان أَولاكُم ... لو زرتُم من كان يهواكُم أحباب قلبي! ما لكم والجفا؟ ... ومَنْ بهذا الهجر أَغراكُمْ!؟ ما ضرَّكُم لو عدتم مُدنفاً ... مُمرِّضاً، من بعض قتلاكم

أنكرتمونا مذ عهدناكم ... وخنتمونا مذ حفظناكم لا نظرت عيني سوى شخصِكم ... ولا أطاع القلب إلاَّكم جرتم وخنتم وتحاملتم ... على المُعنىَّ في قضاياكم ما كان أغناني عن المُشتكى ... إلى نجوم الليل لولاكم! سلوا حُداة العيس هل أوردت ... ماءً سوى دمعي مطاياكم؟ أو فاسألوا طيفكم: هل رأى ... طرفي غفا من بَعْد مسراكم؟ أحاول النَّوم عسى أنَّني ... في مستلَذِّ النَّوم ألقاكم يا ظَبَيات الإنس! في ناظري ... ورُودُكم، والقلب مرعاكم جوروا وخونوا وانصفوا واعذلوا ... في كلِّ حال لا عدمناكم يا قوم ما أَخونكم في الهوى ... وما على الهجران أجراكم! ما آن أن تقضواغريماً لكم ... يخشاكم أن يتقاضاكم يستنشق الرِّيح إذا ما جرت ... من نحو نجدٍ شوق رؤياكم أنبأ أبو الضياء شهاب الهرويّ أنبأنا عبد الكريم المررزيّ، أنشدنا أبو الحسن علي بن هبة الله بن عبد السلام الكاتب إملاءً للوزير أبي شجاع - رحمه الله - قال: وقرأت بخطّه هذين البيتين: طويل: فشتَّان من يمسي ويُصبح دائباً ... بمجلس لهو بين عزف قيان ومن يشتكي سُقماً وهجراً ووحدة ... لك الخير قلْ لي كيف يجتمعان؟! قلت: تولى أبو شجاع محمد بن الحسين بن عبد الله لروذْرَاوَري الوزارة للمقتدي، وخلع عليه خلع الوزارة ولقبه ظهير الدين مؤيد الدولة سيد الوزراء، صفي أمير المؤمنين، وكانت الخلعة قميص قصب ملمَّع مذهَّب، وفرجيَّة سقلاطون ملمع مذهب، وفرَجيَّة ممزج منسوجة بالذهب، وعمامة منيه مذهبة،

وذلك في يوم الخميس خامس عشر شعبان سنة ست وسبعين وأربعمئة، وبرز في حقه توقيع شريف من إنشاء أبي سعد بن موصلايا، ومدحه الشعراء، فأمرَ ونهى، وأحكم وأمضى، ولم يزل على ذلك إلى أن عزل في يوم الخميس تاسع عشر شهر ربيع الأول من سنة أربع وثمانين وأربعمئة، وخرج إليه توقيع من الخليفة: " اققتضى الرأي الشريف بأن تنفصل عن الخدمة بالديوان العزيز، فالزم دارك، والعناية تشملك على حالتي القرب والبعد، والله المعزّ ". وكان الحامل للتوقيع أبو سعد بن الحُصين، حاجب المخزن ونجم الدولة ضفر الخادم؛ فلما قرأ التوقيع بعزله، انصرف وهو ينشد في حالة انصرافه: وافر: تولاّها وليس له عدوٌّ ... وفارَقها وليس له صديق وكانت أيامه أنضر الأيام وأوفاها سعادة للدولتين، وأعظمها بركة على الرعية، وأعمّها أمناً وأشملها رخصاً، وأكملها صحة، وقامت للخلافة في نظره من الحشمة والاحترام ما أعادت سالف الأيام؛ ولمّا كان يوم ثاني عزله، خرج من داره إلى المسجد الجامع لصلاة الجمعة متلفعاً برداء من قطن، فانثالت عليه الرعية تصافحه وتصفه، وتتندم على صرفه، وإبعاده عن النظر في مصالحه، ومشى حوله جماعة من أهل الزهد والخير، فبلغ ذلك الخليفة، وقيل له: إنما فعل ذلك شناعة على الدولة! فتقدم إليه بلزوم داره وألا يخرج عنها، وأنكر من مشى معه، فلزم داره وبنى بدهليزاً محراباً، وكان يؤذن بنفسه ويصلي هناك، وبعد مدة خرج إلى روذرَاوَر، بلده وموطنه قديماً، ثم استأذن في الحج، فحجّ وجاور عند قبر النبي - (- إلى أن توفي بالمدينة - يثرب - في جوار رسول الله - (- في جمادى الآخرة سنة ثمان وثمانين وأربعمائة،

226 - محمد بن الحسين بن علي الجفني، أبو الفرج

وكان مولده في سنة سبع وثلاثين وأربعمائة بقلعة كِنْكِوَر وكان يملك حين ولي الوزارة ستمائة ألف دينار، فأنفقها في الخيرات والصدقات، ووقف الوقوف، وبني المساجد، وكان يبيع الخطوط المنسوبة ويتصدق بثمنها ويقول: أحبّ الأشياء إليّ الدينار والخطّ الحسن، فأنا أخرج محبوبي إلى الله عزّ وجلْ. 226 - محمد بن الحسين بن علي الجفني، أبو الفرج يعرف بإبن الدبّاغ من أهل الكرخ، أديب، فاضل، له معرفة باللغة والعربية، وله ترسُّل حسن، وشعر جيّدْ قرأ على الشريف أبي السعادات هِبة الله علي ابن الشجريّ وغيره، وأقرأ الناس مدة، ومن شعره: طويل: خيالٌ سرَى فازداد مني لدى الدُّجى ... خيالاً بعيداً عهدُهُ بالمَراقدِ عجبتُ له أَنَّى رآني وإنني ... من السُّقمِ خافٍ عن عيون العوائدِ ولولا أنيني ما اهتدى لمضاجعي ... ولم يدْرِ ملقى رحلِنا بالفدائدِ توفي أبو الفرج الجفني يوم الجمعة تاسع عشرين رجب سنة أربع وثمانين وخمسمائة.

227 - محمد بن الحسين أبو الفضل، ابن العميد

227 - محمد بن الحسين أبو الفضل، ابن العميد عين المشرق ولسان الجبل وعماد ملك آل بُويْه، واحد العصر في الكتابة، وجميع أدوات الرئاسة وآلات الوزارة والضرب في الآداب بالسهام الفائزة، والأخذ من العلوم بالأطراف القوية، يُدعى الجاحظ الأخير، والأستاذ الرئيس، يضرب به المثل في البلاغة، وحسن الترسُّل، وجزالة الألفاظ وسلاستها. وما أحسن ما قال له ابن عبّاد عند منصرفه من بغداد: " بغداد في البلاد كالأستاذ في العباد "، وكان يقال: " بُدِئت الكتابةُ بعبد الحميد، وخُتِمت بابن العميد ". وكان أبوه أبو عبد الله الحسين بن محمد يلقب بكُلَهْ من أهل قُمٍّ، وكان يكتب لما كان بن كاكي، فلما قتل ما كان في المعركة النُّوحيَّة حمل خواصه في الأصفاد إلى بخارا، وفي جملتهم أبو عبد الله الحسين فشفع فيه فضله ونبله وبلاغته، فأُطلق وأُكرم ورُتِّب في الدار السلطانية متقلداً ديوان الرسائل للملك نوح بن نصر، ولقب بالشيخ العميد كالعادة في من يلي ذلك فحسده أبو

228 - محمد بن الحسين التمار الواسطي

جعفر محمد بن العباس بن العباس بن الحسن الوزير فقال فيه: الطويل: تظلم ديوان الرسائل من كلَهَ ... إلى الملك القرم الهمام وحُقَّ له ولم يزل أبو الفضل في حياة أبيه وبعد وفاته بالريّ وكور الجبل وفارس، يتطلع إلى المعالي ويزداد على الأيام فضلاً وبراعة حتى بلغ ما بلغ، واستقر في الذورة العليا من وزارة ركن الدولة ورئاسة الجبل وخدمه الكبراء، وإنتجعه الشعراء، وورد عليه المتنبي ومدحه بالقصائد المشهورة التي منها: كامل: من مبلغ الأعراب أني بعدهم ... شاهدت رسطاليس والاسكندرا ولقيت كلّ الفاضلين كأنما ... ردّ الإله نفوسهم والأعصرا منها في وصف بلاغته: قطف الرجالُ القول قبل نباته ... وقطفتَ أنت القول لما نوّرا وأخبار ابن العميد مشهورة مذكورة، قد ذكرت في أخبار الوزراء وغيرها وكتب الآداب. وله شعر فمنه ما كتبه إلى أبي العباس العلوي العباسي هذه الأبيات، وهي من مشهور شعره: بسيط: أشكو إليك زماناً ظلَّ يعركنيعَرْك الأديم ومن يُعدي على الزمن؟ وصاحباً كنتُ مغبوطاً بصحبتهدهراً فغادرني فرْداً بلا سكن هبّتْ له ريحُ إقبالٍ فطار بها ... نحو السرور وألجاني إلى الحزنِ نأى بجانبه عَني وصيَّرني ... مع الأسى ودواعي الشوق في قرَن وباع صفوَ ودادٍ كنت أقصره ... عليه، مجتجهداً في السرّ والعلن وكان غالى به حسناً فأرخصهُ ... يا من رأى صَفوَ ودٍّ بيع بالثمن! كأنه كان مطويّاً على إحَن ... ولم يكن في ضروب الشعر أنشدني إن الكرام إذا ما أسهلوا ذكروا ... من كان يألفهم في المنزل الخشن 228 - محمد بن الحسين التمار الواسطي شاعر أنشد له ابن برهان النحوي: طويل: مشيبك سُقْمٌ غير بادٍ مكانه ... له ألم يَعْيَا به الرجلُ الطَّبُّ ورُبَّ سُقام مؤلمٍ غير ظاهر ... إذا الجسم لم يألم به ألم القلب

229 - محمد بن الحسين بن مرزوق الأصبهاني

229 - محمد بن الحسين بن مرزوق الأصبهاني يغرف من بحر غزير من الأدب، فمن قوله: بسيط: لا تعطِ عينك إلا غفوَة الحذرِ ... وصِلْ بعزمك حَدَّ الصارم الذكَر ولا تكنْ في طلاب العزّ معتمداً ... إلا على مَركب صعْبٍ من الخطر فما يَنال العُلى إلا امرؤٌ قرنتْ ... آراؤه بركوب الخوف والغرر والندب مَن لم يَبتْ إلا وهمَّتُه ... في المجد تُسلم عينيه إلى السهر 230 - محمد بن الحسين الكاتب المعروف بالقصاب الملقب بصريع الكأس، نيسابوري، تقاذفت به الغربة إلى خوارزم فأقام بها حتى انتقل من ظهرها إلى بطنها، وله كتابة حسنة، ونظم بارع، فمن قوله من قصيدة: بسيط: حَيّاكَ مِن ذا الربيعِ الطلْق قادِمُه ... وأيُّ عيشٍ هَنّيٍ أنتَ عادِمُهُ أما ترى البَرْدَ قد ولّى بعسكره ... حلَّت عزائمه منها هزائمسه؟! والغَيْمُ أقبل يبكي ملءَ مُقلته ... والروض أقبل مفترّاً مباسمه والأرض تحكي عروساً في معارضها ... والجوُّ قد كثرت فيه مآتمه حتى كأن يد الشيخ الأجلّ سقى ... خضْرَ الرياض فروَّتها غمائمه لاشيءَ أعجبُ من خلق الربيع وقد ... غدا على خلق مولانا يكارمُه فليس تحكي معانيْه معانِيَه ... هيهات أن يحكي المخدومَ خادِمُهُ 231 - محمد بن الحسين بن سليمان البحّاث الزوزني وهو جد البحاثيّين الذي ينسبون إليه، وهو جد القاضي أبي جعفر البحاثي الأخير المعدود من أئمة القضاة. وله الشعر: منسرح: اكتستِ الأرضُ وهي عُريانهْ ... من نَشْر لونِ الربيع أَلوانهْ واكتنزت بالنبات وانتشرتْ ... حتى سقاها السحاب ألبانهْ تضاحكت بعد طول عَبِستِها ... ضِحْكَ عجوزٍ تعودُ بَهْنانهْ

232 - محمد بن الحسين العميد أبو سهل الزوزني

فالروضُ يختالُ في ملابسه ... مرتدياً وردهُ وريحانهْ يعانق الأُقحوانُ توْأَمَهُ ... إن زار رَوْحُ النسيم قضبانهْ ترى الخُزامى المساء مُسْلِمَةً ... ثم تعود الصباح نصرانهْ تضاحكُ الشمسَ من جوانبه ... كواكبٌ بالعبير ملآنهْ كم سائلٍ لجَّ في مساءلتي ... عن حالتي قلت وهي وسنانهْ وله في الخيال ولم يُسمع لأحد مثله: بسيط: يا من يُنبِّهني من رقدةٍ جمعتْ ... بيني: وبين خيالٍ منه مأنوسِ دعني فإنك محروسٌ ومرتقَبٌ ... وخلّني وخيالاً غيرَ محروسِ وله في اختلاس القبلة: منسرح: تورّدت وجنتاه من خجل ... وقال: قبلتني على عجل! فخل عني فان في شفتي ... علامة من تواتر القبل! فلو رآى والدي علامتها ... حُرِمتَ ما عِشتَ عَذب مُقتبلي فقلت: يا سيدي ويا سندي ... ويا رجائي ومنتهى أملي أساتُ فاغفر إساءتي كرَمَا ... واعفُ عن الذنب واغتفر زللي وله في المدح: كامل: إن الخزائنَ للملوك ذخائرٌ ... ولك المودةُ في القلوب ذخائرُ أنت الزمانُ فإن رضيت فخِصبُه ... وإذا غضبت فجدبُه المتقاصرُ فإذا رضيت فكل شيءٍ نافعٌ ... وإذا غضبت فكلُّ شيءٍ ضائرُ 232 - محمد بن الحسين العميد أبو سهل الزوزني الأديب النديم الكامل، كانت له منزلة من سلطانه وفي ديوانه، وله شعر منه: بسيط: يا دهْرنا أَيُّنا أشْجى لِبَيْنِهمُ ... أأنتَ أم أنا أم ريّا أمِ الدارُ؟ يا ليتَ شعريَ ما ألْوى يجدّتها ... هوجُ الرياحِ، وصوبُ الغيث مدرارُ أم صوبُ دمعي وأنفاسي فهَّن لها ... بعد الأحِبَّةِ أرواحٌ وأمطار

ومن قوله: بسيط: لا يشمِتَنَّ بنا قومٌ فقد وَهِموا ... وأخطأ الرأيُ منهم أنهم سلموا إنَّ الرزيَّة بالأموال هيِّنةٌإذا نجا سالمِين العرضُ والحُرَم ولستُ آسى على مال فُجعتُ به ... وهل يمسُّ الحيا في قبضه ألم؟ ولستُ أنزلُ للأيام عن شرف ... ما دام تحت بناني في الورى قلم ومن قوله أيضاً: وافر: بلغتُ جميعَ آمالي فكادت ... تزول الأرضُ أن لو قلت: زولي! وجالستُ الملوكَ على سواءٍ ... ولو زاحمتهم لتحفزوا لي وكنت مع الجِذاع أطير زَهْوَاً ... إلى أن حان بي حين النزول وله: وافر: أقولُ لمن يراوغني بكيْدِ: ... رماك الله مذموماً بمثلكْ! سأذهل عنك لا عجزاً ولكن ... ليجزيك الزمانُ بسوءِ فعلك وله: كامل: لحظاتُ عينٍ ضِمْنُها سِحْرُ ... وقوامُ غصنٍ فوقه بَدْرُ وكأنَّ في صدري، التي وقدَتْ ... في خدِّه، وكلاهما جَمْرُ وضياءُ وجهك أنه قمَرٌ ... وصفاءُ ثغرك أنه درُّ ما نال من قلبي السلوُّ ولم ... يجتَزْ بباب أمانتي غَدْرُ وله يهجو: سريع: أستاذُنا في صَيْدهِ أجدَلُ ... يختطف المال ولا يعقل قد وعظ الناس ولم يتّعظِ ... كأنه من بينهم مُهْمَل يأوي إلى منزله خاشعاً ... يأمر بالبرّ ولا يفعل! وله في أحداث زوزن: بسيط: قالوا بزَوْزَنَ أحداثٌ أتوا عَجَباً ... في الخبث إذ طبعوا من جوهر الخُبثِ فقلتُ: دُرْدِيُّ عَصْرٍ، بل عصارته ... وإنما القومُ أحداث من الحَدَث

233 - محمد بن الحسين بن هلال الدقاق أبو محمد

233 - محمد بن الحسين بن هلال الدقاق أبو محمد من أهل بغداد، قال محمد بن محمد بن حامد في كتابه، وأنبأنا إياه - ذكره السمعاني في الذيل - وذكر أنه لقيه شاباً متودداً كيساً، لقى أسعد الميهنى الفقيه وشدا عليه طرفاً من العلم قال: سألته عن مولده فقال: سنة اثنتين وتسعين وأربعمائة. قال: أنشدني لنفسه قوله: كامل: لولا لطافة عُذرِها لمتيَّمٍ ... بغريب ألفاظٍ وحسن تلطُّفِ لتقطَّعتْ منه علائقُ قلبِهِ ... لولا مزاجُ عتابها بتعطُّفِ 234 - محمد بن الحسين التميمي الحِمَّاني الطُّبْني الزابي المغربي وطُبْنة من بلد الزاب في برّ العدوة، شاعر مكثر، وأديب مفنن، بيت أدب سكنوا الأندلس، لهم جلالة ورئاسة، كان في أيام الحكم المستنصر الأموي، المستولي على الأندلس، وله أولاد نجباء مشهورون في الأدب والفضل. ومن شعره وافر ووغدٍ إن أردتُ، له عقاباً ... عفا عن ذنبه حسبي وديني يُؤنبُني بغيبة مستطيل ... ويلقاني بصفحة مستكينِ ولولا الحلم أنّ له لجاماً ... لداس الفحلُ بطنَ ابنَ اللبون وقالوا: قد هجاك، فقلت: كلبٌ ... عَوَى جهلاً إلى ليثِ العرين 235 - محمد بن الحسين الآمدي، الكامل أبو المكارم فاضل بآمد، له أدب وشعر، وجلالة قدر فمن شعره: وافر: أبا حسنِ كفَفْتُ عن التقاضي ... بوعدك لاعتصامك بالمطالِ ومَن ذمَّ السؤالَ فلي لسانٌ ... فصيح دأبه حَمْدُ السؤال جزى اللهُ السؤال الخيرَ إني ... عرفت به مقادير الرجال

236 - محمد بن الحسن، أبو عبد الله

236 - محمد بن الحسن، أبو عبد الله الكاتب الصقلي المعروف بالرُّجَيْني، فاضل مفيد في العلوم الرياضية، بارع في الأسرار الروحانية، وله نثر وشعر منه: سريع: يا ليلةَ البستانِ والزهْرِ ... ما كنتِ إلا بيضةَ العُقْر أدركتُ ما قد كنتُ أمّلته ... في ساعةٍ تغني عن الدهر نفسي الفداءُ لظبية قذفت ... في القلب نارَ الشوق والفكر لا صبرَ لي عنها وإن ظلمت ... في حكمها والموت في الصبر وأنفذ إليه أمير من أمراء صقلية ثلجاً في يوم شديد الحرّ فكتب إليه: طويل: أتاني أطال الله عمرك للعُلى ... فأنت لها لا زلت كالسمع والبصرْ من الثلج ما داويتُ حرَّ بلابلي ... به، وشفيتُ النفسَ من وحرِ الفكرْ مزجت به راحي العتيقة فاغتدت ... لمبصرها كالشمس مازجَتِ القمرْ درعت به قيظاً وحقك صابراً ... فلاقاه منه الزمهرير فما صبرْ فلا زلت يا بدرَ الملوك وعزَّها ... غياثاً لما يحيى به البدو والحضر 237 - محمد بن الحسن الطّوبي صاحب ديوان الإنشاء، عالم بالرسائل، جامع للفضائل، أربى في النحو على نفطويه، وفي الطب على ابن ماسويه، وكلامه في نهاية الفصاحة، وشعره في غاية الملاحة، وله مقامات صنّفها، وله خط حسن مذكور وشعره مشهور بالجزيرة. فمن ذلك قوله: سريع: شمسُ الضُّحى من فوق إزرارهِ ... والغصنُ في عُقدة زُنَّارهِ سراجُ أهلِ الدينِ من حسنه ... يجلو دجى الليلِ بأنواره كأنما هاروتُ في طرفه ... ينفثُ سحراً بين أشفارهِ أحرقني ظُلماً بنارِ الهوى ... نَجَّاهُ ربُّ العرش مِنْ نارهِ

238 - محمد بن الحسين أبو الفتح ابن القرقوبي الكاتب الصقلي

وقوله: سريع: يا قاسيَ القلب ألا رحمةٌ ... تنالني من قلبكَ القاسي؟ جسمك من ماء فما لي أرى ... قلبك جُلمودٌ على الناس؟ أخاف من لين ومن نغمة ... عليك من ترديد أنفاسي سبحان من صاغك دون الوَرَى ... بدراً على غصن من الآس وقوله: سريع: أخشى عليك الحُسن يا من به ... أصبح كلُّ الناس في كرب ألا ترى يُوسف لما انتهى ... في حُسنه أُلقي في الجُبِّ وقوله: خفيف: أي ورد يلوح في وجنتيه؟ ... طار مني الفؤاد شوقاً إليه فإذا رُمْت أجتنيه ثناني ... عنه وَقْعُ السيوف من مقلتيه 238 - محمد بن الحسين أبو الفتح ابن القُرُقوبي الكاتب الصقلي شاعر صانع، وأديب بارع، من فضلاء العصر، وحسنات الدهر، وشعره كثير غير أنه خرج عن صقلية إلى الأندلس فاستوطنها، وصحب ملوكها ووزر لهم، وسار ذكره، وعظم قدره هناك فلم يوجد له بصقلية إلا ما قاله في صباه وهو: بسيط: حسبُ العواذل ما قدَّمْنَ منْ عذَلي ... شُغِلنَ بي، وأنا عنهُن في شغل أهْدين لي ضَلَّة منهن غير هُدى ... ورُمنَ تقويم مُعوجٍّ أخي مَيل يَسُمْنني النُّسك لا يسأمن معتبتي ... ولا وحقِّ الصِّبا ما النُسك من عملي يأبى التغزُّل بالغزلان من نُسُكي ... والعيش أجمع كلُّ العيش في الغزل هيهات خامرني خمر العُيُون كما ... تُخامر الخمر عقل الشَّارب الثَّمِل هل الظِّباء التي يحبسن في سمر ... مثل الظباء التي يكنِسن في الكِلَل؟ إنَّ العيون نَفَثْن السّحر في عُقَدِي ... سحراً يُوَهِّنُ كيدَ الفاتك البطل في البيض والسود لي يا عاذلي شُغُل ... بيض الوجوه وسود الأعيُن النُّجُل

ولائم لامني فيها فقلت له: ... أقصِر من اللَّوم يا هذا ولا تُطِل! هبكَ الرَّشيد وهبني قد غويت إذاً ... فاسلُك سبيلك إنّي سالك سبُلي وقوله أيضاً: طويل: بِلاَ مِرْيَةٍ إن العَذُول لمُسرفٌ ... غداة اغتدى في مجهل اللوم يعسفُ أطال صحيحاً من ملامة مدنف ... وشتان في أمرٍ صحيحٌ ومُدنف أيُنكر كوني عاشقاً ذا صبابة ... وعيشي فينان وإلفِيَ مُسعف؟ ولي في قلوب الغانيات مودَّة ... تحِلُّ محَلَّ السِّرِّ أو هي ألطف أأصبر عن غزلان صَبْرَة إنَّني ... لأَوهى قُوىً مما يسوم وأضعف مدى الدهر لا أشكو، وفي الأرض منزل ... به قهوة بكْر وساقٍ مهفهف فيا طيبها من كفِّه إذ يُديرُها ... ويُدني ثناياه إليَّ فأرشف رُضَاب أبِنْ لي ما بردت ببردهغليليَ، أم ماء زلالٌ وقَرقف؟ ووجهُك أم صُبح؟ وفرعُك أم دُجى؟ ولحظك أم عضب الغِرارين مرهف؟ فيا زهرة الدُّنيا التي ليس تجتنىمن الصَّون إلا بالعيون وتُقطف تقاسمك الضِّدان شطرٌ مُثقَّل ... يُحَمَّل أعباء، وشطرٌ مخفَّف سقى ورعى الله الليالي التي خلت ... فكم ضمَّني فيها وضمك مِطْرَف ولهفي عليها أو أموت بحسرة ... وإن كان لا يجدي عليَّ التلهُّف أقلبي الذي راع العَذول اضطرابه ... فأقصر عني أم جناحٌ يُرفرف؟ وماذا عليهم أن أجود بتالدي ... وأُفني طريفي قبل يومي وأُتلِف؟ لهم ما اقتنوا فليحرصوا في ادِّخارهم ... ولي كنز شعر لا يبيد ويوسف هو الجبل الراسي الذي ليس ينتهيوبحرالندى الطامي الذي ليس ينزف 239 محمد بن الحسين الفُرْني أبو عبد الله الصقليّ الكاتب كاتب زمانه، وعالم عصره وأوانه، وإليه انتهت الرئاسة في علم النجوم بالجزيرة والهيئة والحساب والخراج وجميع آلات الكتابة. وله شعر جيد، فمن ذلك ما قاله يرثي به أخاه: وافر:

240 - محمد بن الحسن بن محمد القاضي، أبو بكر الكلاعى اليمني

أبا حفص فقدت الصبر لمّا ... رأيتك تحت أطباق الصِّفاح وكنت يدي وسيفي عند بطشِي ... ورُمحي عند مشتجر الرِّماح ولستُ وإن لحاني في بكائي ... عليك بسامع ما قال لاحي ولا أرجو صفاءاً من زمان ... يُغِصُّ المرءَ بالماء القِرَاح وكيف وقد فقدت لذيد عيشي ... لفقد أخي وهِيض له جناحي؟! وقوله يصف العرق وهو من جيده: منسرح: يَنضحُ جسمي على الفراش لما ... بالقلب من لوعةٍ ومن حُرَقِ بعارضٍ يستهلُّ واكفُهُ ... على فراشي بالوابل الغدِق كأنني فوقَهُ على رَمَثٍ ... أَسْبَحُ في لجةٍ من العرَق أو كغريقٍ نجا بمهجته ... يكابد الموجَ خَشيةَ الغرَق 240 - محمد بن الحسن بن محمد القاضي، أبو بكر الكلاعى اليمني له علم بالحديث والأسانيد، ورواية لكتب الأدب عن مصنفيها، والسِّيَر وأيام العرب وتواريخها، والرواية للنظم والنثر، مع العلم بالفقه، فقه الإمامية، فإنه كان عالمهم في مصره، وله كتب مصنفة عند أهل اليمن منها: كتاب " كنز المآثر في مفاخر قحطان " جزءان، وكتاب " الأنوا " في مثل ذلك، ومختصرات في الفقه وله " القصيدة النونية " في الرد على من فاخر قحطان ثلاث مجدات وهي عجيبة ...... وكان القاضي الكلاعي هذا قد وقف على كتاب " الإكليل " لأبي محمد الحسن بن أحمد بن يعقوب الهمداني المعروف بابن الحائك اليمني الصنعاني فريد عصره في أكثر الفنون. وهذا الكتاب من أجمل الكتب في أنساب اليمن وأخبار ملوكها، وأهلها ومآثرها وهو كتاب كبير يشتمل على عشرة كتب، قال فيه وكتب هذه الأبيات على الجزء الأول منه: بسيط: أنظر إِليه تَجِدْ بستانَ ذي فِطنٍ ... فيه طرائفُ من علم ومن أدبِ

241 - أبو القاسم محمد بن الحسين بن أبارين اليمني الصنعاني

فللأعاجمِ في أقطارها تُحفٌ ... تحُفُّها زهرةُ الآداب للعرب يحكي لكلِّ ذكيٍّ أن مُنشئه ... في الناس مثلٌ له في سائر الكتب إن كان حُلِّيَ في منظوره ذهباً ... فما تضمَّنه أبهى من الذهب 241 - أبو القاسم محمد بن الحسين بن أَبارين اليمني الصنعاني شاعر في أيام آل زُريع، فمن شعره ما مدح به زريع بن العباس بن موسى اليامي بعدن، وبنو أبارين هم قوم يسكنون جَبَاً من المعاقر. والقصيدة: كامل: يا أوحدَ الكرماء والأجوادِ ... زينَ البوادي عمدة القصّادِ أهلاً بغرَّتك التي قرَّتْ بها ... جذلاً عيونُ أماكنٍ وبلاد لله درُّكَ يازُرَيع معظّماً ... حُرَّ السجايا طيِّبَ الميلاد جُبلتْ أناملُه على تنويله ... ما يحتوي من طارفٍ وتلاد بطرائقٍ محبورهنَّ مناقب ... وخلائقٍ محصولهنَّ أيادي من قاس حودكَ بالغمام فمبْطِلٌ ... هذاك منقشعٌ وذا متمادي صُنتَ الوجوه عن السؤال وجد ... تَ مبتدئاً ولم تُحْوِج إلى ميعاد وكان قد تعرض له بعض الشعراء بالهجاء فكتب إليه: كامل: نُبِّئتُ أنك يا حسينُ هجوتني ... فعلام ذلك يا أبا عبد الله؟ ومشورتي أنْ لا تحرِّك ساكناً ... وإذا عزمت الأمر فاستخرِ الله 242 - محمد الحسين بنُ عبيد الله بن الحسين بن إبراهيم بن علي بن عبيد الله ابن الحسين الأصغر بن علي بن الحسين بن علي ابن أبي طالب أبو عبد الله العلوي الحسيني النصيبي ولي القضاء والخطابة والنقابة بدمشق، بعد أبي عبد الله بن أبي الدبس في أيام المتلقب بالحاكم، خلافة لقاضيه ابن أخت الفارقي مالك بن سعيد، وكان

243 - محمد بن الحسين الأمير الإمام نصير الدين الروبانجاهي

عفيفاً طاهراً، حافظاً لكتاب الله، أديباً شاعراً. وكان له ديوان شعر، فمما له في الزهد: سريع: في الشيب ما ألهاه عن نومه ... وعن سرور الغد أو يومه يكفيك ما أَبليت من جدَّة ... فاعمل لأمر أنت من سومه عصيت لوَّامك عند الصِّبى ... والشيب ما تعصيه في لومه؟ كتب إلي محمد بن هبة الله بن مميل الشيرازي: أنبأنا أبو القاسم الدمشقي في كتابه قال لنا أبو محمد ابن الأكفاني في يوم الجمعة لثلاث عشرة ليلة خلت من رمضان - يعني سنة ثمان وتسعين وثلاثمائة -: ورد السجلُّ من مصر من قاضي القضاة بمصر ابن أخت الفارقي إلى الشريف النَّصيبي القاضي أبي عبد الله محمد بن الحسين بولاية القضاء بدمشق، وقرأ ابنه أبو عليّ السِّجلَّ على منبر دمشق بذلك بعد صلاة الجمعة، وجلس وحكم. وأنبأ أبو محمد، حدثنا عبد العزيز الكتاني قال: توفي القاضي الشريف أبو عبد الله محمد بن الحسين الحسيني النصيبي في جمادى الآخرة من سنة ثمان وأربعمائة، وقال أبو بكر الحداد: كان عنده حديث الحلبيين، ودفن بباب الصغير. 243 - محمد بن الحسين الأمير الإمام نصير الدين الرُّوبانجاهي شاعر ذكره البيهقي في كتاب " الوشاح "، وسجع له وقال: اجتمعت به في مجلس الأستاذ مخلص الدين أبي الفضل المنشيء، وأنشد له بعد محاورة جرت بينهما في ذمّ رجل يطلق لسانه بذم أهل الفضل: الرجز: جانب أبا نصر ودَعْه واستعذ ... بالله من مكره وشرِّه فهو الحطيئة في هجاء النا ... س خَفَّ لسانه لأحسن شعره وله يمدح معين الدين عبد الصمد بن حمزة بن علي نائب ديوان الوزارة بنيسابور من قصيدة: بسيط: معين دين الهدى بادر إلي فُرَص ... قد أمكنتك وكن لي خير مِعوان وإن تعذَّر إمساكي بمعرفة ... فهل تعذَّر تسريحي بإحسان

244 - محمد بن الحسن الشعري

وله يمدح أحد بني عمران: كامل: الدِّين صار مشيَّدَ البنيان ... والملكُ عاد موطَّد الأركان وتجلَّت البلدان في عمرانها ... بأغرَّ أبيض من بني عمران بجمال دين الله والصدر الذي ... ملأ الصدور بفائض الإحسان ملِكٌ لدى سطواته لكنَّه ... مَلَكٌ بَدَا في صورة الإنسان فكأنَّه القَمَران في إشراقه ... وكأنه في عدله العُمَرَان 244 - محمد بن الحسن الشَّعْري خراساني ذكره صاحب " الوشاح " ووصفه بالفضل والنبل وقال: ومن منظومه ما كتبه إلي جواباً: وافر: أتتني رقعة طالعت فيها ... رياض الأنس بالطَّلع النَّضيد وشعراً دونه الشعْرى وأدنى ... إلى الأرواح من حبل الوريد وخطَّاً خِلته دُرَّاً وأَنَّى ... يُقاس الدر بالحبِّ الحصيد وأمَّا ما حوته يدي ونفسي ... فِداك، فهل لأمرك من مزيد 245 - محمد بن حَمُوَيه الشيخ الزاهد ذكره البيهقي في كتاب " الوشاح " وأنشد له في قوله في الصبر: وافر: فدت نفسي معاشرَ جرَّعُوني ... ثِمادَ النأيِ إذ راموا ودَاعا أَسلِّي القلب بعدهُمُ ولكن ... يزيد إليهمُ أبداً نزاعاً وله: هزج: نسيمٌ كله لطف ... ولطفٌ سِرُّه عطفُ وصمتٌ ما له فِكرٌ ... ونطق ما له حرف ووجه ما له حُجُب ... وعين ما لها طرف وعلمٌ ما له صحف ... ومعنىً ما له وصف

246 - محمد بن الحسن بن المعتز

وله: سريع: العشق لا يخفى على أهله ... عيونهم تُبديه عن خُبره لا سِتْرَ للعاشق في أمره ... ألحاظُه تهتِك عن ستره وله: وافر: كتبت على سرائرهم كلامي ... فناجوني على بُعْدِ المَرام فمَن ذا سائلي عنهم فإنّي ... ضربتُ على قُلوبهم خيامي 246 - محمد بن الحسن بن المعتزّ الشيخ الرئيس الأجلّ العالم، ذكره البيهقي في " الوشاح " وأنشد له: كامل: هل بالطلول لنازلٍ ترحيبُ؟ ... أم هل لسائلها الغداةَ مُجيبُ؟ لعبتْ بها هوجُ الرياح تحثُّها ... وطْفاءُ من غُرَر السحاب تصوب وعفتْ معالمها الخطوبُ فما بها ... بعد الحبائب منزلٌ محبوب 247 - محمد بن حَبُوس - بالحاء المهملة والباء ثانية الحروف المضمومة المخففة، والسين المهملة - المغربي، شاعر عبد المؤمن بن علي الكومي البربري، المستولي على بلد المغرب بعد محمد بن تومَرْت. ذكر لي أبو عبد الله القرموني أن ابن حبوس بربريُّ النسب، أندلسي المولد، والمنشأ، كان له خاطر وقاد، وشعر جيد، فحل، وبديهة حاضرة؛ وتقدم عند عبد المؤمن، وصحبه في سفره وحضره، وله ديوان شعر مدوَّن، وقفت عليه وملكته، واستعاره مني علي بن القاسم بن علي بن عساكر بسفارة الصدر محمد بن محمد البكري ولم يَعُدْ، ولم يعلق بخاطري من شعره إلا ما قاله ارتجالاً بين يدي عبد المؤمن بن علي عند فتحه بجاية، وهروب صاحبها من ولد العزيز بن حماد في زورق أعده لنفسه، وذلك إن عبد المؤمن هجم بِبِجَايَة بعد محاصرتها فانهزم صاحبها إلى قصره، وغلّق

أبوابه من جهة المدينة، وفتح بابه من جهة البحر، ولاذ أهل المدينة بالقصر ينادونه: يا مولانا أخرج إلينا لنقاتل بين يديك! وأدركهم عبد المؤمن بنفسه في بعض جمعه فانهزموا عن القصر، ونظر إلى جهة البحر فرأى صاحب القصر وقد ركب زورقاً له أعده للهزيمة، وقد انفصل عن القصر منهزماً، وكان قبل ذلك قد فرق الزواريق وأعدمها، لئلا يُتَّبع في شيء منها فنزل ابن حبوس هذا عن دابته، ووقف يين يدي عبد المؤمن، وأنشده قصيدة قافيّة حسنة، ذكر المغالون في وصفه إنه إرتجلها في تلك الساعة، منها في وصف أهل بجاية عندما لاذوا بالقصر، ونادوا صاحبهم إلى الخروج: متقارب: فلاذوا بقصر لمولاهُم ... ومولاهم لاذ بالزورقِ وفارقه أحمراً أبيضاً ... ولجَّج في أخضر أزرق وأورثه خوفكم خفَّة ... فلو خاض في اللج لم يغرق ومنها في مدح عبد المؤمن: تخيَّره الله من آدم ... فأقبل منحدراً يرتقي أراد منحدراً في الأصلاب، مرتقياً إلى المعالي، وهذا في غاية الجودة والرشاقة والصنعة في المطابقة. وأخبرني القرموني أبو عبد الله قال: سُرق لابن حبوس في سفره خُرْج فيه ثيابه وقصائد له ونفقة، وكان الشعراء يحسدونه، فعملوا في ذلك زجلاً ألفاظه عامّية على عادتهم في الأزجال مطلعه: زجل: لقد جَرَتْ رَزِيَّا ... على ولَدْ حَبُوسْ سُرِقْ لَوْ ما سَرقْ ... هُو مِنْ شِعرالأندلوس سارقْ سَرقْ لسارق ... يعد في ذا عَجَبْ سُرق لو كلّ ما اقْنى ... وكل ما اكتسب ثيابو والقصايِدْ ... والسلخ بالذهب

248 - محمد بن الحسن بن منصور، أبو عبد الله الموصلي

وكلّما ذكَرنا ... يَسْوَى ثَلَثْ فلوس 248 - محمد بن الحسن بن منصور، أبو عبد الله الموصلي المعروف بإبن الأقفاصي، الشاعر النقّاش الضرير، كتب إليَّ محمد بن هبة الله الشيرازي: أنشدنا الحافظ أبو القاسم علي الدمشقي في كتابه، قال: أنشدنا أبو عبد الله بن الأقفاصي لنفسه: كامل: أحبابنا لا تهجروا ... فتهاجُر الأحباب هُجرُ وصلوا ففي طيِّ الوصا ... ل للوعتي طيٌّ ونَشر أبدَيتُم ما كنتُ من ... وجْدٍ بكم أبداً أُسِرُّ وأعدتم بصدودكم ... بيض المدامع وهي حمر وحياتكم وكفى بهالمتَيَّمٍ قسماً يُبَرُّ: ماعاينَتْ عينايَ بَعْ ... دَ فراقكم شيئاً يَسُر وبالإسناد له أيضاً: كامل: أمْرُ الصبابة لي، ونهيُ العاذلِ ... شغلاً معاً قلبي بشغلٍ شاغلِ فالبحرُ من قطر انسكاب مدامعي ... والجمر من شرر التهاب بلابلي أنا كالكواكب، ذو رقاد هاجر ... حتى التنادِ، وذو سهادٍ واصل متردِّد الأنفاسِ بينَ تأوُّهٍ ... عَبْلَ الزفير، وبين صبرٍ ناحل أرقٌ يحدِّثُ عن غرام نازل ... بين الضلوع وعن سلُوٍّ راحل دبَّتْ على كبدى عقاربُ لوعة ... باشرْتها بتمام وجدٍ قاتل فتوَرَّدت في الخد بيضُ مدامعي ... لفراق بيضٍ كالبدور عقائل ورأيتُ لبَّة مهجتي قد ضُمِّخَت ... بدمٍ على أسل الصبابة سائل 249 - محمد بن حبيب التنوخي الشاعر ذكره البيهقي في " الوشاح " في القسم الأول من كتابه وأنشد له: سريع:

250 - محمد بن الحسن بن الطش اليمني

ولي صديقٌ ليس من عيبه ... رثاثةٌ خُصَّ بها لِبْسُهُ لم ينتقِص قطُّ بها كامل ... إلا امْرَأً فارقه حِسُّه ما كِسْوَةُ الإنسانِ أثوابه ... وإنما كسوَتهُ نفسُهُ 250 - محمد بن الحسن بن الطِّشّ اليمني وبنو الطش أهل بيت يعرفون بهذا اللقب من أهل حَضُور، كان أديباً شاعراً نحوياً، يرى رأي الزيدية، وكان قد رأى رأي الإسماعيلية باليمن ثم رفض ذلك، وكان شاعراً كثير الشعر يميل إلى الهجو والعتاب؛ كتب إلى ابن المدافع: كامل: قد زرتُ بابك مرَّتينِ وهذه ... يا ابن المدافع كرَّة لي ثالثهْ والمالُ ما اكتسب الفتى فيه الثنا ... لا ما اقتناه لوارث أو وارثه وكان قد قصد الحُرَّة الملكة بذي جِبْلة ليمتدحها ووعده بالإيصال إليها الشيخ محمد بن المبارك في رزق الزراحي مولاهم، وكانت الملكة تكرمه، فلما دخل على الملكة نسي أن يذكر محمد بن الطش، فكتب إليه لما استبطأه: طويل: صَحابَتُنا فيما مضى يا محمد ... مصاحبةُ الخُصْيَين للأير فاعلما هما صاحباه الدهر حتى إذا بدت ... له حاجة خلاَّهما وتقدّما 251 - محمد بن الحسن الكفرطابي الأديب أنبأنا ابن مميل الرازي إجازة: حدثنا الحافظ ابن عساكر أبو القاسم من كتابه: قرأت بخط ابن الفرج غيث بن علي: محمد بن الحسن، أبو الحسن الدمشقي المعروف بابن الكفرطابي، من أهل الأدب مليح الشعر، حدثني هو وحدثني عنه جماعة أنه أنفق في المعاشرة على الأصدقاء في الصلات والكسى والركوب أكثر من خمسة آلاف دينار، كان خلَّفها له أبوه، وكان أحد

252 - محمد بن حمد بن فورجه البروجردي أبو علي

الشهود في زمن القاضي الزيدي، ثم ترك ذلك فيما بعد، اجتمعت به بدمشق وذاكرته بشيء من الشعر وأخبار الناس، فرأيته حسن التأتي، جيد الإيراد، وأنشدني من شعره شيئاً لا بأس به، ورأيت رأيه على ما ظهر لي منه رأي الفلاسفة والميل إليهم. أنشدني محمد بن الحسن لنفسه: كامل: أظنَتْنِي من سلوَةٍ أنساكِ ... أعصي الهوى وأُطيعُ فيك عداكِ؟ لا تحسبي قلبي يقلّبه الهوى ... أبداً ولا يصفي هوى لسواك غادرتني حَيرانَ أذرفُ دمعتي ... وأعالِجُ الزفرات من ذكراك قد بثَّ سلطانُ الفراقِ جيوشَه ... في مهجتي، وأظنُّ فيه هلاكي إنْ صحَّ عزمُكِ في الفراق فإنني ... يومَ الفراق أُعَدُّ من قتلاك وله أيضاً: بسيط: قدعَبَّرت عبرتي عن سر أجفاني ... وحاورت حيرتي من قبلِ إعلاني لا تسألوا كيف حالي بعد فرقتكم؟ ... قد خبَّرَتكم شؤون العين عن شاني ذكر أبو محمد بن الاكفاني أن أبا الحسن بن الكفرطابي الشاعر كانت وفاته بدمشق سنة ثمان وتسعين وأربعمائة. 252 - محمد بن حمد بن فُورَجه البُروجِردِي أبو علي إمام في العربية، فاضل كبير القدر، حلو الشعر، له نقد في المعاني على الشعراء، وتواليف حسان في ذلك، وهو من أهل أصبهان وقطن الريّ، وله نثر كثير الدُّرِّ فمن شعره: وافر: ألم يطرب لهذا اليوم صاحِي ... إلى نغم وأوتار فِصاح؟ كأن الأيك توسُعنا نثاراً ... من الوِرق المُكسَّروالصِّحاح تميد كأنما عُلَّت براح ... وما شربت سوى الماء القراح كأن غصونها شَرْبٌ نشاوى ... تصفق كلها راحاً براح

253 - محمد بن الحسين بن محمد بن طلحة أبو الحسن بن أبي علي

وله في الفُستق وهو تشبيه عجيب: كامل: أعجب إليَّ بفستق أعددته ... عوناً على العاديَّة الخرطومِ مثل الزَّبَرجد في حرير أخضر ... في حُقِّ عاج في غشاء أديم وله في الغزل: خفيف: أيُّها القاتلي بعينيه رفقاً ... إنما يستحقُّ ذا من قلاكا أكثر اللاَّئمون فيك عتابي ... أنا واللائمون فيك فداكا! إن بي غيرةً عليك من اسمي ... إنَّه دائماً يُقَبِّل فاكا! وله فى ترمجة بيت بالفارسية للمعروفي: طويل: يظنون ما تذري جفوني أدمعا ... بل الدَّمُ منها يستحيل فيقطرُ تعيد بياضاً حمرةَ الدَّم لوعتي ... كما ابيضَّ ماء الورد والورد أحمر وله: كامل: ماذا عليك غزالَ آل العارض ... من أن أكون فداء ذاك العارض وله: كامل: نومي وعيشي والقرار وصحَّتي ... مما فقدت فليت شعري ما الرَّدى؟! بالله ربّك هل سمعتَ بشادنٍ ... ضحَّى بأنفس عاشقيه معيِّدا؟!! وله: بسيط: أما ترون إلى الأصداغ كيف جرى ... لها نسيمٌ فوافت خدَّه قدَرا؟! كأنَّما مدَّ زنجيٌّ أنامله ... يريد قبضاً على جمر فما قدرا! وله: كامل: أكرم أسيرك أن يكون مُقادا ... وهَب الفتى عبداً لديك مُفادى واخبر مودَّته بقلبك إنَّه ... حجر الصيارف شدة وسوادا 253 - محمد بن الحسين بن محمد بن طلحة أبو الحسن بن أبي علي أديب، فاضل، ذكي، فمن شعره قصيدة جميلة أولها: طويل:

أُعاتب صرف الدَّهر والدَّهر عاتب ... وأطلب منه ردَّ ما هو واهبُ وأرجو من الأيام بالوصل عودة ... وتلك أمانيّ النّفوس الكواذب شكاتي من دهري فمن ذا ألومه ... وعتبي على عيني فماذا أعاتب؟ كفى حزناً أنّي أرى البحر جانباً ... وبي ظمأ عن منهل الرّيِّ جانب وهوَّن وجدي أنني لست واحداً ... من الناس حُرّاً لم تصِبه النوائب وأني على ما بي ليجذب هِمَّتي ... إلى ساكني نجد من الشوق جاذب رعى الله داراً بالحمى هي دارنا ... وقوماً هم أحبابنا والجبائب فكم في الحمى من مرهف القدِّ ناعم ... قد اختلفت للشعر فيه المناسب ومنها: محيَّاه للورد الجنيِّ مُلابس ... وريَّاه للمِسْك الجني مسالب فيا دار بل يا دارة البدر في الدُّجى ... سقتك دموع لا سقتك السَّحائب ومنها في المدح: قطعنا إلى الشيخ الرئيس مجاهلاً ... وجُبْنَا الفيافي وهي قفر سباسب وسار بنا رحل وكور ونمرق ... وساعٍ وِساعٌ خطوهُ متعاقب ليفرح محزون ويُقبل مُدبر ... ويأمن مرتاع ويظفر طالب وتدرك حاجات وتحوي رغائب ... وتبلغ آمال وتقضى مآرب ومنها: بعيد مناط الهمّ أقرب هِمِّهِ ... فدع ذكر أقصاه النُّجوم الثواقب وكم أقرأ الأعداء كُتْباً حروفها ظُبيً ورماح والسطور مقانب وأمطر فاخضرت بقاعٌ بجوده ... فلا حُسنها ناض ولا الماء ناضب وللمجد أعلامٌ سوام سوابق ... إليه وأقدامٌ رواس رواسب وختم القصيدة بقوله: فلا زلت يا شمس المكارم طالعاً ... بأفق المعالي والشُّموس غوارب ولا زلت مُخضرَّ الجناب فإنما ... بجودك تخضرّ السّنون الأشاهب

254 - [[محمد بن الحسين ابن عبد الله بن أحمد بن يوسف بن الشبل بن أسامة، الشاعر أبو علي]]

254 - [[محمد بن الحسين ابن عبد الله بن أحمد بن يوسف بن الشِّبل بن أسامة، الشاعر أبو علي]] بسم الله الرحمن الرحيم كتب إليّ أبو شهاب ابن محمود الشَّذباني، أخبرنا أبو سعد عبد الكريم ابن محمد بن منصور المروزيُّ بالجامع القديم من كتابه قال: محمد بن الحسين ابن عبد الله بن أحمد بن يوسف بن الشِّبل بن أسامة، الشاعر أبو علي. من أهل شارع دار الرقيق ببغداد، أحد الشعراء الموجودين، وكان من ظريف البغداديين، مدح الناس، وكان قيِّماً بصناعة الشعر، انتشر ديوانه وشعره في الأقطار، وسمع غريب الحديث لأبي عبيد القاسم بن سلام عن أحمد ابن علي بن البادا، وروى عن الأمير أبي محمد الحسين بن عيسى بن المقتدر بالله حكايات؛ روى لنا عنه أبو القاسم ابن السَّمرقندي وأبو الحسن ابن عبد السلام الكاتب وأبو السَّعادات ابن العطاري، وأبو سعد إبن الزَّوزنيَ ببغداد، ومحمد بن القاسم بن المظفر القاضي بالموصل. ذكر أبو الحسن علي بن الحسن الباخرزيّ في كتاب " دمية القصر " أبا عليّ شبل البغدادي فقال:

الهمزة

رأيته ببغداد سنة خمس وخمسين وأربعمائة، فوجدته وقد شدَّ على الأدب الجزل أزرار ثيابه، وقع أقسام الفضل ملء إهابه، وذكرته في خطبة هذا الكتاب، عند ذكر السادة الأرباب، وفرغت ثمة مما يليق بهذا الباب، وكان قد أعارني صدراً صالحاً من فوائده، وأهدى إلي قدراً كافياً من فرائده، ولم تمتعني الأيام بها، وزاحمتني الحوادث فيها حتى عدمت من فضل ربيعها زهراً وورداً، وبقيت بعدها كالسيف فرداً. أنبأنا الشذباني، أخبرنا عبد الكريم بن محمد المروزي، أنبأنا أبو الحسن علي بن هبة الله بن عبد السلام الكاتب بقراءتي عليه في داره، أنبأنا أبو علي بن شبل قراءة عليه في المحرّم سنة ثمان وستين وأربعمائة، أنبأنا الأمير أبو محمد بن المقتدر بالله، حدثنا أبو العباس أحمد بن منصور اليشكريّ، حدثنا أبو العباس أحمد بن يحيى، حدثنا عبد الله بن شبيب، حدثني الحسن بن موسى الأنصاريّ، حدثني أبو عزَّة المازني قال: يقال: يُستحسن الصبر عن كلِّ أحد إلا عن الصديق. وبالإسناد أخبرنا علي بن هبة الله، أنبأنا محمد بن الحسين بن شبل، أنبأنا الحسن بن عيسى المقتدي، حدثنا أحمد بن منصور اليشكري، حدثنا محمد ابن يحيى الصوليّ، حدثنا أحمد يحيى، حدثنا عبد الله بن شبيب، حدثني محمد بن عبد الله البكري عن أبيه قال: قال القاسم بن محمد: قد جعل الله في الصديق البارّ المقبل عِوضا عن ذي الرحم العاق المدبر، أنبأنا الشذباني عن المروزي سماعاً قال: الهمزة قال في جارية صفراء: إن كنت يا صفراء شرطي في الهوى ... فالبدرُ حُلُّة حُسنِه صفراء لولا اصفرار التِّبر ساعة سبكه ... فضلت عليه الفضَّة البيضاء

الباء

وله: مثَّلَتْ جسمها العيون فألفت ... هـ شُعاعاً مجسَّماً في هواء أو كماء مموَّج في نسيم ... لونه في الصَّفاء لون الإناء أنبأنا الشذباني، أخبرنا عبد الكريم المروزي، أنشدني أبو الحسن علي ابن هبة الله بن عبد السلام الكاتب من لفظه وكتب لي بخطه، أنشدني أبو علي ابن الشبل لنفسه: كامل: لا تُظهِرَنَّ لعاذل أو عاذر ... حاليْك في السَّرَّاء والضرَّاء فلرحمة المتوجِّعين حرارة ... في القلب مثل شماتةِ الأعداء وله: رمل: نام سُمَّارالدُّجى عن ساهر ... يجد الهمَّ سميراً والبُكا أسعدته أدمع تفضحه ... وإذا ما أحسن الدمع أَسا وله أيضاً: كامل: بيضاء يستُرُها الحياء إذا ارتقت ... فيها العيون، بحُلِّة حمراء كالخمر يعلو الماء حُمرة لونه ... وشعاعُها يعلو بياض الماء الباء أنبأنا الشذباني فيما كتبه إليّ من خراسان، أخبرنا محمد بن عبد الكريم المروزي قراءة علينا من كتابه بالجامع العتيق، أنشدنا أبو الحسن ابن عبد السلام البغدادي من لفظه، أنشدنا أبو علي ابن الشبل لنفسه: كامل مجزوء:

قالوا المشيب فقلت: بل ... صبحٌ تنفَّس في غياهبْ إن كان كافور التَّجا ... رب ذرَّ في مِسك الذوائب فالليل أحسن ما يكو ... ن إذا ترصَّع بالكواكب قال الباخرزي وقد ذكر في كتابه أنه سمع هذه الأبيات الثلاثة من لفظه وكنايته عن الشعر الشائب بكافور التجارب من النوادر في الغرئب، واختها غبار وقائع الدهر، وأنشد له الباخرزي في كتابه وذكر أنه سمع منه: وحتمٌ قسَّم الأرزاق فينا ... وإن ضعف اليقينُ من القلوبِ وكم من طالب رزقاً بعيداً ... أتاه الرّزقُ من أمد قريب وأنشد له الباخرزي في كتابه أيضاً قال: أنشدني لنفسه: طويل: أخطُّ وأقلامي تسابق عبرتي ... لأني من جسمي كتبت إلى قلبي وأشكو الذي ألقاه من خشية النَّوى ... وشخصك وقِّيتَ الرَّدى حاضرٌ لِّبي فدتك أبا يَعلى لعبدك مهجة ... تقلِّبها الأشواقُ جنباً على جنبِ تبسم عن أنباء حضرتك العُلىونَغنى بجدوى راحتيك عن السّحب وأنشدنا له أبو المعالي الخطيري في كتابه وأنبأنا به غير واحد عنه: طويل: وليل تخال الصُّبح في جنباته ... سنا بارق في لُجِّ بحر تغيَّبا تعانق كيوان وبهرام وسطه ... على الحقد في صدريهما وتقرَّبا غريبان عافا الضِّغن في دار غربة ويا رُبَّ ناسٍ ضغنَه إذ تغرَّبا

وأنشدنا له أبو المعالي أيضاً في كتابه: كامل: الشرّ يفتح بابَه أوباشهُ ... فيتمُّ للمصحوب بالأصحاب فإذا أَمِنْتَ من الرؤوس فلا تكن ... متهاوناً بتتبُّع الأذناب إن الأفاعي قاتلاتُ سمومها ... تسري من الأذناب في الأنياب وأنشد له أيضاً: خفيف: سوَّدتْ حمرةَ البنانِ فأبدَت ... روضةً في الخضاب بالمخضوب فأرتْنا دمَ القلوبِ برَخْصٍ ... ثم أخفته في سواد القلوب وأنشد له أيضاً: متقارب: وخضْر الغصونِ إذا ما التوَتْ ... ونيران نارنجها من لهَبْ كقضب الزّبَرْجَدِ قد عَطِّفَتْ ... صوالجُ تحت كُرَاتِ الذهب وأنشد له أيضاً: بسيط: تجرَّد الناسُ من خير فبينهم ... وسائطٌ لاغتراب الخير تغتربُ حتى إذا نَدَّ منهمْ واحدٌ عَرَضتْوسائطُ السوءِ في تكدير ما تَهَب كالجو زهِرّ تراهُ من تضادُدِهِإن أسعد الرأس منه أنحس الذنب وأنشد له أيضاً: طويل: هو الدهرُ إن تَهرم عجائب أمسهِفمولودُه في اليوم منه عجائب فتأكلُهُ أنفاسُنا ولِحاظُنَاوتأكلُنا أيامُه والنوائب كما أنَّ بَرْدَ الماءِ للنار مُطفِىءٌكذا حَرُّ جمرِ النار للماء شارب وأنشد له أيضاً: طويل: صِلي عهدَ ريعانٍ سريع نُصوُ له ... فإنَّ سوادَ العارضَيْنِ خِضَابُ ولا تُنكِري عِزَّ الكريم على الأذىفحين تَجوعُ الضارياتُ تَهاب وتُلقى إلى الطير العَلوفِ مطاعماًوللبيض من ماء الرقابِ شراب فيقرا خطَّ المرهفات على الطلىنواظرُ سقَّتها قنا وحراب

حرف الثاء

وأنشد له أيضاً: طويل: وقد خلتكم عَوْناً لكلِّ مصيبةٍ ... فكنتم على بختي يداً للنوائب وأنسيتموني ظلمَ دهري ومَن يطأ ... نُيوبَ الأفاعي يَنْسَ شوكَ العقارب وأنشد له أيضاً: بسيط: أما ترى آل فضلان به اشتملوا ... وشائعَ الفخرِ بين العُجْم والعرب فإنْ فضَلْتَهُمُ من بعد ما فَضَلوا ... فإنَّك الماءُ في الهندية القُضُب وأنشد له أيضاً: خفيف: يا إلهي أفردْتَ مثليَ بالفض ... لِ وفضلي مُعرَّضٌ للخطوب كيف أنشأتَني وأنت حكيم ... مستقيما في عالم مقلوب؟! وأنشد له أيضاً: متقارب: صَفَفْنا على السمط أتراحنا ... فعن بعضِنا بعضُنا قد حُجبْ كحطِّ الفوارس فوق الرؤو ... سِ عن هامها خُوَذاً من ذهب حرف الثاء وله أيضاً: وافر: متى ما تُمكِنُ اللذاتُ فاحثُثْ ... إليها النفسَ قبل الفَوْتِ حثّا فليسَ يطيبُ عَرْفُ العودِ إلا ... إذا ما قَلَّ فوق النار لَبْثا وله أيضاً: بسيط: لا تُنكِحْنَ سرَّكَ المكنون خاطبَه ... واجعلْ لمَيِّتِهِ بين الحشا جدَثا ولا تقُلْ: نفثةُ المصدور راحتُه ... كم نافثٍ روحَهُ من صدره نفثا

حرف الجيم

حرف الجيم وله أيضاً: بسيط: تَلَقَّ بالصبْر ضيفَ الهمِّ تُرحِله إنَّ الهمومَ ضيوفٌ أكلُها المُهَجُ فالخطبُ ما زاد إلا وهو مُنتقِصٌوالأمرُ ما ضاق إلا وهو منفرج فرَوِّحِ النفسَ بالتعليل تَرْضَ بهواعلَمْ إلى ساعة من ساعة فرَج! وله أيضاً: خفيف: لَطُفَتْ عن مِزاجها الراحُ حتى ... حُليت من شعاعها في سِراجِ فطربْنا فعادها طَرَبُ السّك ... رِ فغطَّتْ عنها قميصَ الزُّجاجِ وله أيضاً: بسيط: لا تأمَنوا فتمَنَّوْا عَودَها دُوَلاً ... يعلو الشَّرار على أخيارِهَا دَرَجا فإنها فِتَنٌ كالريحِ عاصفةٌ ... ما أضرمَ الجمرَ منها أَطفأ السُّرُجَا وله أيضاً: خفيف: أجلُّ الناسِ من في المَحْلِ واسى ... وتَمَّمَ باعتذارٍ في رواجِ قليلُ العذْبِ في اللهَواتِ يجري ... ولا يجري الكثيرُ مع الأجاجِ ورُبَّ نواظرِ في البرقِ تعشى ... ويُرشدُها الهُدَى ضوءُ السِّراجِ ألِينُ على منافسةِ المُصَافي ... وليسَ يروقُني مَلَقُ المُداجي حرف الحاء تلوّنُ هذه الدنيا علينا ... فما منها اللبيبُ بمستريحِ

حرف الدال

شبيهٌ بالعقوقِ البرُّ فيها ... وفيها العدل كالجورِ الصريحِ يحلُّ الداءُ في عضوٍ سقيمٍ ... فيخرُجُ من دمِ العُضو الصحيحِ وله أيضاً: بسيط: ما لي وأهل زمان لا يُنهنِهُهم ... عن السفاهةِ تعريضٌ وتصريحُ؟ كلٌّ يُكافي الوفا مني بغدْرَتِهِ ... لؤماً يُكافي به الطير التماسيح وله أيضاً على قافية الحاء: خفيف مجزوء: وخليلٌ وِدَادُهُ ... كنتُ في الدهرِ أقترحْ كانَ قلبي له وبي ... قلبُه كان منشرح أشتكي إن شكى وأفر ... حُ في الدهر إن فرحْ وكِلانا مُهَنَّأ ... من أخيه بما منحْ وكلانا بخلِّه ... ناصحٌ حين ينتصح وكلانا بما حوى ... فائز القِدْح قد ربحْ بانَ لي غشُّه فبال ... حرد والغش إفتضحْ جرح الوُدَّ بالقبي ... ح الذي ظلَّ يجترحْ طمعاً أن ينال ما ... نال مني ونصطلحْ ورجا أن يعودَ قل ... بي، وقد مات ما ذُبحْ قلما تفسدُ الخيا ... نة أمراً فينصلحْ والبلاويْ نارُ العَدا ... وة في الناس تقتدحْ حرف الدال طويل: فلا تنكرا صدِّي عن الناس إنما ... يضمُّ الأسير الكفَّ من ألم القِدِّ

عسى هبةً للدَّهر تثني صروفه ... فيعدل من فرط الوعيد إلى الوعد فإن لانَ من فرط العتاب فرُبَّما ... تغلغل لطفُ الماءِ في الحجر الصَّلِد وله في المشط: وافر: وعبد يصطفيه الناس طرَّاً ... ولست ترى له ذلَّ العبيد يصان فإن تبذَّل باختدام ... تُلُقِّيُ بالرؤوس وبالخدود وله: كامل: فلوأن قلبَك مثل جسمك رقَّة ... لم يرهق المشتاقَ منك صدود لكن بجسمك زاد قلبك قسوة ... والماء فيه تصلَّب الجلمود وله لغز في الليل والنهار: سريع: ما أَسود في حضنه أبيض ... وأبيض في حضنِه أسود ما افترقا قطُّ ولا اجتمعا ... كلاهما من ضدِّه يولد عمَّهما بالعدل ميزانه ... رجحان ذا من نقص ذا يوجد وله: متقارب: فكلّ إلى طبعه عائد ... وإن صدَّه القصد عن ضدِّه كما الماء من بعد إسخانه ... يعود سريعاً إلى برده وله: كامل: الشكل يألف شكله ولربما ... أبدى التَّنافُس فيها ما يفسد فتعاديا شرَّ العداوة والتظت ... ناراهما حقداً تشب ويوقد فتوقَّ كيد منافس لك رتبة ... ولو أنه الولد الذي لك يولد فالشيء يدهى بالأذى من جنسه ... مثل الحديد جنى عليه المبرد وله: طويل: ولا تحتقر ضعف العدوِّ ولا تقل ... على كيده أسطو بخلٍّ مساعد فلو أنَّ أهل الأرض صافوك ما وفوا ... بفرصة كيد من عدُوٍّ معاند

كما لسجود الكُلِّ لم يَنج آدمٌ ... وقد ضرَّهُ منهم تمنُّعُ واحدِ فبدَّله بُعداً بقُرب ووحشة ... بأنس، وبالجنَّات دار الشدائد ولم يُنجه أن صوَّر الله شخصه ... وعلَّمه الأسماء من كيد حاسد وله أيضاً: متقارب: وما حيلَة في اصطناع الحسود ... ولو حسد الولدَ الوالدُ كما زاهد ضدَّه راغب ... كذا راغبٌ ضده زاهد تطير حَمَامَتُهُ ظاهراً ... وباطنه حيَّةٌ راقد وله أيضاً: كامل: ومتى يقم أود الأمور بناقص ... وبنقصه أودُ الأمور يزيدُ والظِّلُّ تحت العود ليس بممكن ... تقويمه أو يستقيم العود وله أيضاً: طويل: وربَّ أمور بالأقارب تلتوي ... ورُبَّ أمور تستوي بالأباعد وكم ولدٌ أقصاه بالبُعد والد ... فأدركه التَّرفيهُ من غير والد وله أيضاً في بني جهير: بسيط: جرت مكارمُهم فيهم وفضلُهُم ... والفضلُ والمجدُ مجري الماءِ في العودِ من كلِّ أبيض وضاحِ الجبينِ يُرىنشوان من خيلاءِ المجدِ والجودِ فإن هُمُ بعميد الدولة افتخروافالسرُّ في الخمرِ فضلٌ للعناقيد وله أيضاً: طويل: جعلتُكَ في صدرِ القناةِ سنانَها ... ولم أرَ إلا فيك رأيي مُفنَّدا فملتَ مع الأعداءِ في ثلمِ جانبيوشرُّ الأذى مَيْلُ الصديق مع العِدى فلا تُخفِ حقداً بالتودُّد إنهإذا خيَّبَ الله العدوَّ تودَّدا فإنّ لهيبَ النارِ يخبو إذا بدتْ ... وتزدادُ في ستر الرمادِ توقُّدا

حرف الراء

حرف الراء كامل: قالت لو أنك في المحبة صادقٌ ... لأجال خاتمكَ السقامُ وغيَّرا فأجبتُها: فَصّي كلوْنِي إنما ... أعطته وجنتُكِ الشعاعَ الأحمرا فإذا استعدت إليك لونك عادهُ ... لوني فعاد على الحقيقةِ أصفرا وله أيضاً: طويل: وساعٍ سَعَى نحوي بكأس عُقار ... كغُرَّة شمس في ضياء نهار كفى شرَّها السَّاقي النديمُ بمزجها ... فصبَّ لجينا فوق أرض نُضار فجاءت كخود ضرَّج اللَّحظُ خدَّها ... فأخفت حياء وجهَها بخمار وناولنيها والمجرَّة في الدُّجى ... كلُجَّة ماء في رياض بَهَار كأنَّ الثُرَيَّا والهلال يضمُّها ... من الدُّرِّ كفٌّ سُوِّرت بسوار وله أيضاً: مجتث: أما ترى السُّحب أبدت ... غلائل الأرض خُضرا قد أظهر الله فيها ... زُهرَ الكواكب زَهرا مثل اليواقيت راقت ... زُرقاً وحمراً وصفرا وكالخرائد أبدت ... فرعاً وخدّاً وثغرا وله في دجلة: وافر: أبارنها على الأمواج تحكي ... عقاربَ فوق حيَّات تطير تلوح كقِطْع ليل في صباح ... كما لاحت على الطِّرس السُّطور وله أيضاً: كامل مجزوء: الطُف بخصمك فاللَّب ... يب بلُطفه يستلُّ ثارَهْ أمضي الحديد أدقُّه ... والماء ينقبُ في الحجارهْ

حرف الضاد

والهجو بيت منه لا ... يطفي طويلُ المدح نارَه يخفى الكثير من الحلا ... وة في القليل من المراره وله أيضاً: بسيط: أقول للنَّفس كُفِّي عن نوافرهممني وإن ساءني أو سرَّني ظفري هبْني إذا ما اشتكيت السنّ اقلعهافكيف أصنع والشكوى من البصَر؟ حرف السّين طويل: وماش على سنَّيْن في أم رأسه ... إذا حملته عند سجدته خمسُ إذا أمسكته أسمع الصّمَّ نطقه ... وأنطق منه حين تُرسله الخرسُ حرف الضاد تسلَّ عن كلِّ شيء بالحياة فقد ... يهون عند بقاء الجوهر العرضُ كم أخلف الله مالاً أنت متلفه ... وما عن النَّفس إن اتلفتها عوض هذان البيتان أنشدهما ابن الشبل، أبا سعد بن موصلايا، كاتب الإنشاء ببغداد في صبح ليلة أحرقت فيها داره واغتم لذلك، فلما سمعها سُرِّي عنه وانبسط لساعته. حرف العين كامل: رُدُّوا عقائل ما انتحلتم إنَّها ... عنكم ولو شُكِلت إليَّ تَسرَّعُ

حرف الفاء

أو فاضربوا الأوتاد في شمس الضُّحى ... هل نورها إلا إليها يرجع؟ وله من مرثية: طويل: أصابك ظُفُر الدَّهر يا نورَ عينه ... فشُلَّتْ يدْ بالظفر للعين تقلعُ وما كنت إلا الشَّمس عمَّ طلوعُها ... وفاجأها الإمساء من حيث تطلع فما أظلم الأيَّام والصُّبح نيِّرٌ ... وأكثر أهل الأرض والأرض بلقُع وله أيضاً: بسيط: قد كنت آمل ردَّ الدهْر رجعتَها ... لو كان عصر شباب بان يرتجع إن شيَّبتِني من الدُّنيا وقائعها ... فالنُّور بعد دخان النار يرتفع وله أيضاً: بسيط: يُفني البخيلُ بجمع المال مدَّتَه ... وللحوادث والورَّاث ما يدعُ كدودة القزِّ ما تبنيه يهلكها ... وغيرها بالذي تبنيه ينتفع وله أيضاً: بسيط: قالوا: القناعةُ عِزٌّ، والكَفافُ غنىً ... والذُّلُّ والفقر حِرْصُ النَّفْسِ والطَّمَعُ صدقتمُ مَنْ رضاهُ سدَّ جوعته ... إن لم يُصبه بماذا عنه يقتنع؟ حرف الفاء قال: بسيط: يا شاهرَ السيفِ من ألحاظِ مقلتهِ ... يكفيك ما سلَّ من أعطافكَ الهَيَفُ

حرف القاف

ما بالُ ثغرِكَ فيه النورُ محتجباً ... ووردُ خدَّيك بالأبصار يُقتطفُ هلاَّ وقد حلَّ في قلبي تلهُّبُه ... أطفأتَه برضابٍ منك يُرتشفُ فقال: خمرةُ ريقي كيف أبذُلُها ... وأنت في الخمرِ بالتَّحريم تقترفُ؟! فقلتُ: أعظمُ إثماً من مُحَرَّمِها ... ما أنت من قتلتي بالعمدِ تقترفُ كأنَّ أصداغَهُ من فوق عارضِهِ ... نوناتُ سطرٍ على المِياتِ تنعَطِفُ كأنما سَلسَلتْة كفُّ كاتبهِ ... فاستبْهمَ الخطُّ لا لامٌ ولا ألفُ وله أيضاً: كامل: بي فخرُكم وكرامتي من غيركم ... مثل النبيّ بأرضِهِ لا يُعرَفُ كم من زمانٍ ذمَّهُ أبناؤهُ ... وعليه إذْ خبروا سواهُ تلهَّفوا حرف القاف بسيط: بنفسجٌ صُفَّ في وردٍ فقد حكَيا ... دماً تضرَّجَ من أوداجِ مُختنقِ مثل البدورِ بدورِ الرُّوم زيَّنَها ... مع احمرارِ خدودٍ زُرقةُ الحَدَقِ وقال أيضاً وهو حسن في نوعه: كامل: لا صَوْنَ للجيرانِ عندكُم ولا ... من مثلِكم تُتَطلَّبُ الأرزاقُ فاطووا على خرَقِ البِلى أعراقَكُم ... فلقد أبانتْ خُبثَها الأخلاقُ إنّ الغصونَ إذا تآكلَ جذمُها ... أبدتْ فسادَ أَصولِهَ الأوراقُ كم يرقعُ التمزيقَ من إحسانكم ... كَذَبي، وأَنى يُرْفأ الحُرَّاقُ لا تأمنوا كلِمي على أعراضِكُم ... فالسُمُّ للتجريبِ ليسَ يُذاقُ فالصِّلُّ إن عَلَقَتْكُم أنيابُهُ ... قتلتْ ولم يوجد لها تِرياقُ وقال أيضاً: طويل: إذا خِفتَ من قومٍ مَلالاً فخلِّهم ... وفيكَ وفيهم للقاءِ تشوُّقُ

حرف الكاف

ولا تكُ ماءً عندهم في أَداوَةٍ ... إذا أُخذتْ منه الكفايةُ يُهرقُ وقال أيضاً: بسيط: وكالصحيفةِ هذا الدهرُ جامِعةً ... سطورُها الناسُ والأيامُ أوراقُ تجدّ ظاهرَها نشراً وباطنَها ... تتلى الحروفَ به طيٌّ وأطباقُ وقال أيضاً: كامل: يا قلبُ مالكَ لا تفيقُ وقد رأت ... عيناكَ ذُلَّ مصارعِ العشاقِ؟ فتكتْ بك الحدقُ المراضُ ولم تزلْ ... تسبي القلوبَ جنايةُ الأحداقِ لو حلَّ وجدي الماءَ غيَّرَ طعمَهُ ... والنارَ أذهلها عن الإحراق مُرُّوا على أبياتكم بلديغِكُم ... يُشفى، فلاسِعُه هناك الراقي واستوهبوا ليَ نظرةً يحيا بها ... ما مات مني أو يموتُ الباقي وقال أيضاً: خفيف: وما عِظمُ المصابِ فراقُ أهلٍ ... ولا ولدٍ ولا جارٍ شفيقِ ولا موت الغريبِ بعيدَ دارٍ ... عنِ الأوطانِ في البلدِ السحيقِ ولكنَّ المُصيبةَ بذلُ وجهٍ ... لرزقٍ من عدوٍّ أو صديقِ حرف الكاف وافر: أقولُ وما سفكتُ دماً بماذا ... أُحلّ دمي بسفكٍ بعد سفكِ؟ فقالت: حَلَّ ما صِدنا، وقِدْماً ... أَحلُّ الصيدِ يُزكيه المذكِّي وله أيضاً: بسيط: أصِبْ بسهمكَ ذا بُخلٍ وذا كرمٍ ... فقاسمُ الرزقِ فيه ضامنُ الدَّرَكِ والليثُ ليسَ يُبالي نالَ حاجتَهُ ... من جُثةِ العَيرِ أو من مهجةَ الملكِ

حرف اللام

واحفظْ قليلك لا يُغررُك ذا جِدَةٍ ... لمثلِهِ الحظُّ غلطاتٌ من الفلكِ فالبحرُ رزقٌ لقومٍ عينُ جوهرهِ ... ورزقُ قومٍ به من أعينِ السمكِ فلا تُعدَّنَّ رِزقاً ما ظفرتَ به ... إلا إذا دارَ بينَ الحلقِ والحنكِ حرف اللام بسيط: أما ترى الليلَ قد سُدَّتْ مذاهبُه ... مُرخى الذوائبِ في عرضٍ وفي طولِ كأنه من ملوك الزنج ذو شرفٍ ... قد كلّلوهُ بأنواع الأكاليلِ كأنَّ طُرَّةَ غيمٍ في جوانبهِ ... خافي الخطوط سطورٌ في أناجيلِ كأنَّ نرجسَ شَربٍ في كواكبهِ ... والبدرُ أُترُجَةٌ بينَ التماثيلِ والمشتري راهبٌ من حولِ هيكلِهِ ... بيضُ المصابيحِ في زُرقِ القناديلِ ومن خرائدِهِ الجوزاءُ قد خُلِعت ... عنها العقودُ لضمّ أو لتقبيلِ كأنَّ جدول روضٍ من مجرتِهِ ... أو ماءٍ أخضر ذي حدَّينِ مصقولِ وله أيضاً: بسيط مجزوء: وكم ظلومٍ تزولُ دولتُهُ وليسَ ما سنَّ من أذى زائلُ كحيّةٍ خوفَ سُمُّها قِتلتْ ... وسُمُّها بعد موتِها قاتلُ وله أيضاً: طويل: وما أسجد الله الملائكَ كلَّهُمْ ... لآدم إلا أنَّ في نسلهِ مثلي ولو أن إبليساً درى خرَّ ساجداً ... لآدمَ من قبل الملائك من أجلي فيا ربَّ إبراهيم لم أُوتَ فَضلهُ ... ولا فضل موسى والنبي مع الرُّسلِ فلمْ لي وحدي ألف فرعون في الورى ... ولي ألف نمرودٍ وألف أبو جهلِ وله أيضاً: طويل: فواللهِ ما تُعطى المُدامةُ حقّها ... ولو جُلبتْ من أجلِها الخيلُ والرَّجلُ تزيلُ هموماً قد تأهَّلنَ في الفتى ... وتنشي سروراً عنده ماله أَصُلُ

وكانت قديماً أعوزتْها فضيلةٌ ... فمذ نزلَ التحريمُ تمَّ لها الفضلُ كتحريم بيتِ اللهِ والشهرُ حرَّماكما حُرِّمتْ والمِثْل يسمو به المِثْلُ وله أيضاً وهو حسن في معناه: كامل: لا يأمنُ الشريرُ أن يُقضى له ... من غيرِه شرٌّ عليه مُعَجَّلُ فالصِّلُّ أن لم يسْتضرَّ بسمِّهِ ... فلأجلِ كونِ السُّمِ فيه يقتلُ؟ وله في وزير وليَ بعد عزله: رمل: نظموا المُلكَ على أقلامِهم ... مثلَ ما تنظمُ في السلكِ اللآلي واستردُّوا ما أعاروا غيرَهُم ... كارتجاعِ الشمسِ أنوارَ الهلالِ بكمالِ المُلكِ أثرى عزُّها ... ما يعزُّ الشيءُ إلا بالكمالِ صدعَ الظلمةَ عن ناظرهاصدْعَ أنوارِ الضحى حُجبَ الليالي واستقامتْ دولةٌ هذَّبهاهل ثباتُ الأرض إلا بالجبالِ؟ وله أيضاً: بسيط مجزوء: أبيتُ والذخرُ من نوالِك أن ... أطلبَ رفداً من كف ذي بخل أأتركُ البدرَ إذ أَنار على ... حظي وأبغي الشعاعَ من زحلِ؟ وقال أيضاً: كامل: ملكٌ تعينُ المادحين صفاتُهُ ... فيصيبُ قائلهُم بغير تقوُّلِ والسيفُ لوْلا جوهرٌ في حدّهِ ... لم تبدُ فيه فضيلةٌ للصَّيْقلِ وقال أيضاً: متقارب: فلا تأمننَّ العدوَّ الصغيرْ ... وخفْ أن تكون له غائلهْ فقد تُحقرُ العقرب المزدرا ... ةُ، ومن خلفِها حُمَةٌ قاتلهْ وقال أيضاً: طويل: يلومُ على لونِ كسانيه حُبُّه ... وقد شركتني في اصفرارٍ خلاخلهُ

ويُنكرُ سقمي في هواه مُدللاً ... ومن سقمٍ رقَّت عليه غلائلهُ وله أيضاً: كامل: الحمد لله الذي بقضائِهِ ... تركَ الذكيَّ من الرجالِ مُغفَّلا وبلى بما لا أشتهي فإذا انقضى ... وأتى سواه رجعتُ أبغي الأوّلا حرف الميم وقال: طويل: يقولون أهل المرء في اللحم ظُفرهُ ... وصعب عليه قطع ظفر من اللحمِ فقلت: سأُبْقي ما شفى الجلدَ حكُّه ... وأقضي بقصِّي منه ما حكُّهُ يُدمي وقال أيضاً: وافر مجزوء: كأنَّ النَّبق والعُنَّا ... ب في الأوراق منتظما بنادق في اخضرار الرِّ ... يش قد علقت صغير دِما وقال أيضاً: كامل: ما تنفد الأقدار إلا أنَّها ... بين الخلائق وقتها لا يُعلَم فالسرُّ عندك لا ينالك شرُّه ... إن نال غيرك أنت منه مسلَّم والصِّلُّ إن لم يستضر بسُمِّه ... فلسُمِّه من كلِّ فجٍّ يُرجم وقال أيضاً: كامل: أبداً تفهِّمنا الخطوب وكرورَها ... ونعودُ في غيٍّ كمن لا يفهمُ تُلغي مسامُعنا العظاتِ كأنَّما ... في الظلِّ يرقم وعظه من يعلم وصحائف الأيَّام نحن سطورها ... يُقرأ الأخير، ويدرَج المتقدِّم وقال أيضاً: سريع: مدامها تُعصر من خدِّها ... ولحظُها يسكر قبل المُدامْ كأن لاذاً كسرت كفَّها ... فأعطت الشارب منه لثام

وله أيضاً: بسيط: ليل وصبح إذا ما أعطيا سلَبا كلاهما في قُوى أعمارنا جلَمُ بالخير والشرِّ نرضى من عثارهما ... رضى المغيض بما تقضي به الزَّلَم طرفان ما استبقا إلاَّ لكبوتنا ... وخاطفان بنا والموج يلتطم ونحن أسرى يلوِّينا اختلافهما ... إلى الأعنَّة أبلى خرزها اللُّجم تهفو شظايا على الأنفاس أنفسُنا ... كما تشظَّى بحدِّ المدية القلم مما يزهد بالدُّنيا الخبيرَ بها ... أَن اللذاذةَ عنها يحدث الألم فكيف نُمسِك بالأرماق من أجل ... والآكلان له الأنوار والظُّلم لا بالشباب ولا بالشِّيب لي فرح ... هذا غُراب حوى شطري، وذا رخم حرف النون وافر: وليل زرته والزُّهر تجري ... كما يجري على اليمِّ السَّفينُ كأنَّ الجوَّ بحرٌ من زجاج ... فراسب دُرِّه فيه يبين وقال أيضاً: وافر: لئن (1) قُدِّمتَ في همز وغمز ... وأُخِّر كلّ ذي عقل ودين فماء نظافة الإنجاء فيه ... تقدمت الشمال طا اليمين وقال أيضاً: بسيط بتنا ندير كؤوساً من مدامعنا ... ونجعل البثَّ للأسرار ريحاناً يضمُّنا وجدُنا، والصَّون ينشرنالفَّ الشمال على الأغصان أغصانا ونجعل الكِبد الحَرَّى على الكبد الحَرَّى ونبدي من الأشواق ألوانا وللصِّبا عبث بالثوب تجذبه ... عنَّا كموقظة بالرِّفق وسنانا

وقال أيضاً: متقارب: ويشرق لألاؤه في الدُّجى ... كإشراق ألفاظه في المعاني ويصدع بالفِكر خافي الأمو ... ر كصدع الشرارة خافي الدُّخان وقال أيضاً: كامل: ومُبَشِّرٌ بالجاشريَّة معشرا ... صرعى كؤوس الرَّاح والريحان قتل النُّفوسَ غبوقهم فأعادها ... ذكرُ الصَّبوح تدبُّ في الأبدان وكأنَّما أرخى غلائل سُندُس ... أو جرَّ أذيالاً على العقيان متقلد بعقيقتين موشح ... بالدُّرتين مقرَّط الآذان صفق الجناح على الجناح مغرَّداً ... قبل الأذان مندِّداً بآذان وحدا الظلام مع الكواكب سحرة ... بمثالث من صوته ومثاني: يا غافلين دنا الصّبوح فبادروا ال ... لّذات قبل عوائق الأزمان تدنو السُّقاة إلى السُّقاة كأنَّما ... يمشون تحت مقابس النِّيران وقال أيضاً: وافر: عذرتك إذ تقصَّر في حقوقي ... ونفسي لمتُ فيك وحسنَ ظَنِّي فلم أرفع دنيَّاً قطُّ إلا ... بقيمة ما رفعت يحطُّ منِي جُنذت ومن رأى ما لم يؤمِّل ... حقيق فيه يدخل ألفُ جنِّي فما أنبيك عن غيٍّ برُشد ... لأن طلاب ما أعيا تجنِّي وله أيضاً: وافر: وذي بُغض إذا ما ذمَّ فضلي ... تكذِّبه المسامعُ والعيونُ أقابل نطقه بالهجر صمتاً ... أعِزُّ لدى الورى وبه يهون فلا تعجب إذا الخصمان حادا ... وأشهرهم بأرذلهم غبين فأحسن ما تكون الشمس تبلى ... بكسف البدر أقبح ما تكون

حرف الياء

حرف الياء قال: بسيط: كم عبد سوء بكى حرّاً بعلته ... بعد السَّلامة عاد الحر يبكيه كالنَّار تسلب بردُ الماء فورتها ... ومنه تخمد معْ تأثيرها فيه وقال أيضاً: وافر: وأيَّام مفضَّضة ضُحاها ... مع الآصال مذهبة العَشيِّ يحالفني السّرور بعرصتيها ... محالفة اللَّوازم للرَّويِّ وقال أيضاً: سريع: قرب معاش المرء من بيته ... بعد تمام الأمن والعافيه من أكبر النعماء مع زوجة ... يرضى بها وهي به راضيه فمن يصبْ ذا فهو في جنَّة ... قطوفها من كفِّه دانيه وقال أيضاً: وافر: خرجنا من قضاء الله خوفاً ... وكان فرارُنا منه إليهِ وأشقى الناس ذو حزم توالت ... مصائبه عليه من يديه تضيق عليه طُرْقُ العذر فيها ... ويقسو قلبُ راحمه عليه وله أيضاً: وافر: وقالوا مستريح القلب مُثْرٍ ... وغرَّهم السكوتُ عن الشِّكايه وأَيَّة راحة لكريم نفس ... يكدُّ ولا يعود إلى الكفايه وله أيضاً: وافر: فقل ما يشتهيه النَّاس فيهم ... يقولوا فيك حالاً تشتهيها فمرآة هي الدُّنيا سواء ... تُرِي وجهَ المقابل ما يريها نقلت من خط ابن المارستانية وكتابه: مات ابن الشِّبل في يوم السبت العشرين من المحرم، سنة ثلاث وسبعين وأربعمائة، ودفن في يوم الأحد، ثانيه، بمقبرة باب حرب.

255 - محمد بن الحسن بن علي

255 - محمد بن الحسن بن علي العراقي المخِلُّ، الفصيح، أعجوبة الفلك. تربّى بالديار العراقية، وقال شعراً جيداً، وكان خبيث اللسان، زري الحال رقيقه، في عقله لوثة، وكان يمتدح الناس ويقنع منهم بالقليل إذا حصل، وطال مقامه بحلب إلى أن مات بها في حدود سنة اثنتي عشرة وستمائة؛ وكان يقصد أهلها بشعره، فلا تحصل له البلغة، وكان ذلك يحمله على الهجاء، وكانت له خريطة كبيرة في وسطه، فيها عدة أوراق، لا يعلم ما فيها، فإذا سئل عنها، يقول: هذه القضايا التي أعددتها للقاء السلطان الملك الظاهر - خلد الله ملكه -؛ ولم يحضر مجلسه قط، ولا قدّر له ذلك مع طول مقامه بحلب. وكتبت من خطّ عمر بن أحمد الحلبي: أن الفصيح له شعر حسن، وعارض القصيدة اليتيمة بقصيدتين على وزنها وقافيتها، وأنشدنيهما، وكان لا يسمح لأحد بنسخهما، وأول أحدهما: كامل: يا دَعْدُ حسبكِ ما جنى الوجدْ قال: وكان على غاية من الفقر والإقلال، ويقنع من الممدوح بالشيء التافه اليسير، قال: وآخر عهدي به في سنة ثلاث عشرة وستمائة، وكتب إليّ - وقد ولد لي ولدي أحمد - وأنشدنيها: كامل مجزوء: يا ابنَ العديمِ عَديمِ مث ... لٍ لا عديم ندى وجودْ مُلِّيْتَ بالولدِ السعي ... دِ ووُقِيتَ من عين الحسود يا من له البيتُ الصمي ... مُ رقى على سعد السعود يا من يجود بطارفٍ ... يحوي، ويتبع بالتليد إني أعوِّذ نجلك الس ... امي ب قاف والمجيد

وأعيذه وأعيذكم ... من كل شيطان مريد شبلٌ نتيجة مُشبل ... زاكي الأرومة والجدود من حيث أُوحِدَ ذاتهُ ... قرّت به عين الوجود بالسعد والإقبال يُح ... برُ وهو في كنف المهود فابشِرْ كمالَ الدين من ... هـ بألف مولود رشيد حتى تراهم حوله ... فوق الصواهل كالأسود مولاي وعد القيلوى ... فإنه خيرُ الوعود رجل له النظرُ المص ... بُ يناط بالرأي السديد وقصارُ ما أبغيه تش ... ريف لألبس يوم عيد فسروركم عيد الكرا ... م، وعيد محتاج شديد وكتبت من خطه: أنشدني محمد في الحسن بن علي، وكان يلقب نفسه أعجوبة الفلك، يهجو ابن الحَصين: كامل: ابنَ الحُصين، بفضلكم سُبّوهُ ... قد خاب قاصدُه ومن يرجوهً يُعطيكَ من طرَف اللسان حلاوةًويَروغُ عنك كما يروع أبوه 256 محمد بن الحسين بن النحاس الحلبي الوزير فاضل، أديب، شاعر مذكور في مَدَرَتِه بالذكاء وسرعة الإدراك، وكان قد توزَّر لآل مِرْداس. وله نثر ونظم يتذاكر به الحلبيون، وله ديوان شعر ليس بالكبير، ورأيت له رسائل مدونة فيها فضل. أنبأنا

زيد بن الحسن بن زيد الكندي عن أبي الحسن علي بن عبد الله بن أبي جرادة، عالم حلب في وقته قال: أنشدنا الوزير أبو نصر ابن النحاس: كامل مجزوء: وردَ الكتابُ فلا عَدِمْ ... تُ أياديَ المولى المُكاتبْ وفضَضْتُهُ فوجدْتهُ ... جمَّ البدائع والغرائبْ خطٌّ يروقُ ملاحة ... والروضُ تنشيه السحائب وفصاحة تتشنَّفُ ال ... أسماعَ منها بالكواكب سَهُلتْ فإن طلبت فذا ... لك مطلبٌ وعرُ المذاهب أعيا الرجال وفاتهم ... ما فيك من شتى المناقب وعَموا ضلالاً عن طري ... قِك في المكارم وهو لاحب حُوشيتَ يا ابنَ مُقَلَّدٍ ... من أن تكون عليَّ عاتب أو تستريب بقبض نف ... سي أن أراسل أو أكاتب فأتا حلفتُ كما علمت فروقةً أخشى المعاتب وأخاف صولةَ ضيغمٍ ... أظفاره بيضُ القواضب ذي عقربٍ آثارها ... ليست كلسباتِ العقارب والآن إذ عاد الرضى ... وتصرَّمت تلك الشوائب وحَلَلْتَ من تاج الملو ... كِ محلّكَ السامي المراتب وتعطّلت سوق البلا ... غات المنمقة الكواذب فلأملأنَّ بما أوا ... صِلُهُ من الكتب السباسب حتى يقولَ مُعَفِّرٌ ... يهذي، وتضجر أن تحارب هيهات أنسى ودّك ال ... متأكّدُ الصافي المشارب

257 - محمد بن الحسن العلوي الأقساسي الملقب بكمال الشرف شريف، كامل،

وأخونُ عهدا صنته ... ذخراً لعادِيَة النوائب كم نازحٍ، متجعّدٍ ... بودادهِ دانٍ مواظب وملازمٌ لك حاضر ... بالبغض نائي الدار غائب فاعذرْ فإنَّكَ حازمٌ ... والحزمُ أوجبَ أن أجانِب وهذه الأبيات كتبها إلى الأمير أبي الحسن علي بن مقلَّد بن مُنقِذ، وقد عتب عليه في كتاب كتبه إليه من ثغر طرابلس لانقطاع كتبه. 257 - محمد بن الحسن العلوي الأقساسي الملقب بكمال الشرف شريف، كامل، فاضل، أديب، طلق اللسان، عالي المرتبة، سيَّره بهاء الدولة أبو نصر ابن عضد الدولة أبي شجاع - عفا الله عنهم - إلى الصَّاحب بن عباد، فلما قارب الريَّ، كتب إليه طويل ولمّا نضى السَّيْرُ القِلاصَ وأقبلتقلائد ما قُدنا من العيس تقلق ذكرناك فاعتاد الجياد شيَارَهاوكادت مطايانا من النِّيِّ تسنَق فأقسم لو أنَّا سألنا بِكَ الصِّبَى ... لعاد لنا ريعانه يتدفق ولما وصل وأدى الرسالة، وبلّغ من فخر الدولة لابن أخيه بهاء الدولة ما أسرَّه منه، فعل معه كل جميل، وحمل إليه جارية ذكر أنها عنده في محل الولد، وكانت جميلة، فرزق منها - رحمه الله - أولاداً عدة، ومرض عنده، فعاده وأحسن القيام بأمره حتى برأ، فكتب إليه: متقارب:

258 - محمد بن الحسن بن كامل المالقي، أبو عبد الله

تكدَّر دهري فلمَّا دعو ... تك عادت مشاربه صافيه ونازعني ثوب إنعامه ... فسربلتني نعماً ضافيه وأسقمني فنفيت السّقا ... م عنِّي بآلائك الشافيه وصيَّرني أخسر الكفَّتين ... فصيَّرتنِي الكفَّة الوافيه خدمتك لفظاً فاخدمتَنِي ... بلوغ المُنى جملة كافيه تكفَّلتَ لي بضروب الصِّلا ... تِ حتى تكفّلت بالعافيه فوالله لا زلتُ أثني علي ... ك ما أسعدت كلمي قافيه بقيت ومُلِّكت رقَّ الكرا ... مِ ما شدَّ قادِمة خافيه وجازاك عنّي وعن شافعيّ ... يْ من عفوه يدرك يدرك الهافيه 258 - محمد بن الحسن بن كامل المالقيّ، أبو عبد الله ابن الفقيه المشاوَر، المعروف بابن الفخّاري كان محمد هذا فيه أدب وفضل وعلم ورئاسة في بلده، وله خطّ حسن من خطوط أهل الأندلس، وكان في أول المائة السادسة للهجرة، ورأيت بخطه كتاب " عارضة الاحوذي في شرح كتاب الترمذي " لابن العربي وقد قرأه عليه، والخط في غاية الحسن والصحة قال أبو حامد محمد بن محمد بن حامد في كتاب: أنشدني الشيخ الصالح أبو علي الحسن بن علي بن صالح الأندلسي، وقد قدم البصرة في ذي الحجة سنة سبع وخمسين، قال: أنشدني الفقيه المشاور محمد بن الحسن في كامل المالقيّ هذا لنفسه، وذكر أنه عمله ارتجالاً، يخاطب شاعراً: وافر:

259 - محمد بن الحسن بن شبيب العيني الرئيس

روَيدك أيها الرجل المعنَّى ... فإن الرِّفق أجمل باللَّبيب ولا تعجل فربَّ فتىً تأنَّى ... فأدرك غاية القوم النَّجيب فكم عَقْد شديد قد تسنَّى ... بلا تعب ولا طرب مريب فإن الجيش ليس يطيق شيئاً ... يُعارضه بلا قدَر مُصيب ولا يمضى الحُسامُ يُسنُّ سنَّاً ... إذا لم يُمضِ علاَّمُ الغيوب توفى محمد هدا بالمغرب في سنة - تسع وثلاثين وخمسمائة - رحمه الله تعالى -. 259 - محمد بن الحسن بن شبيب العيني الرئيس، أبو الفضل أديب، فاضل، شاعر مذكور في أدباء العراق معدود، وبحر أدبه بين الأدباء عذب مورود. وكان موجوداً في حدود سنة ستمائة، روى عنه علي ابن أحمد بن بيان الكرخي وقال: أنشهدني الرئيس أبو الفضل محمد بن الحسن ابن شبيب العيني لنفسه: سريع: إنْ نَفَّرَ البِيضُ بَيَاضَ العِذَارْ ... ففي سوادِ القلبِ منهنَّ نارْ قالت سُليمى ورأت لمّتي ... يصطحبُ الليلُ بها والنهار: أعجَبُ من ذا يبتغي وصْلَنا ... لَسْنا إلى الكهْل ذوات اضطرار؟ يا سَلْمَ هل يَسلمُ من حبّكم ... قلبٌ لنار الشوق فيها شرار؟ أم هل لسلطان الكرى هيئة ... يخالط المقلة فيها غرار؟ ولا أبالي شعَرٌ ناصعٌ ... أن أقِف اليوم مقام اعتذار كيف أخافُ الظلم من قادرٍ ... بعزمه يُعوِزُهُ الاقتدار؟

حرف الخاء

حرف الخاء 260 - محمد بن خالد بن الوليد بن عقبة بن أبي معيط الأموي شاعر مشهور الذكر، وكان يتهم في عقيدته، وقال يرثي عمر بن عبد العزيز كامل هل في الخلود إلى القيامة مَطمع؟ ... أم للمنون عن ابن آدمَ مَدْفَعُ؟ هيهات ما للنفس من متأخَّرٍ ... عن وقتها لو أن علماً ينفع أين الملوك، وعيشهم فيما مضى ... وزمانهم فيه وما قد جمّعوا؟ ذهبوا ونحن على طريقة من مضى ... منهم فمفجوع به ومفجَّع عثر الزمان بنا فأوهى عظمنا ... إنّ الزمان بما كَرِهْنا مولع 261 - محمد بن خَلَّوف بن مُشرق السُّلمي الباجي الإفريقي المغربي من أهل باجة القمح ورؤسائها، وهو شاعر مطبوع ذَرِبٌ، عذب الألفاظ، واضح المعاني، سهل الطريق. قال في الغزل: خفيف:

262 - محمد بن خالد بن يزيد بن مزيد بن زائدة الشيباني، القائد شاعر

لي حبيب لم أُصْغِ فيه للوْم ... غاب عني فما انتفعتُ بنوْمِ كلُّ يومٍ ودادُه في انتقاص ... وودادي يزيدُ في كلّ يوم كدتُ والله أن أكون غريقاً ... في دموعي لولا احتيالي وعومي وقوله: رمل مجزوء: لي حبيبٌ لستُ أذكرُهُ ... يُخجل الأقمارَ مَنظرُه كيف يَلتذُّ المنامَ فتىً ... ظلَّ مَن يهواه يهجُرُه أنا أطوي حُبَّه حَذِراً ... غيرَ أنَّ الدمعَ يَنشره وقوله: كامل مجزوء: لا عُذرَ في ترك الوقار ... فالعذرُ يَحسُنُ في العِذارْ لمّا جرى حتى انتهى ... للنصف أضحى غيرَ جار وكأنه لما انثنى ... بين البياض والاحمرار 262 - محمد بن خالد بن يزيد بن مزْيد بن زائدة الشيباني، القائد شاعر متوكلي، وهو القائل طويل ألم ترَني والسيفَ خِدْنَين ما لنا ... رضاعٌ سوى دَرِّ المنيَّةِ بالثكل؟ فإني وإياه شقيقانِ لم تَزَل ... لنا وقعةٌ في غيرِ عجْلٍ وفي عجل 263 - محمد بن خرّاج البكري بدوي من شعراء البوادي، قريب العهد؛ أنشد له نسيبه إبراهيم بن محمد ابن شعيب البكري: بسيط:

264 - محمد بن خشنام الهروي

إنّا لنَبْني على ما شيَّدْته لنا ... آباؤنا الغُرُّ من مجدٍ ومن كرمِ لا يَرفعُ الضيفُ عيناً في مَنازلنا ... إلا إلى ماجدٍ منا ومبتسمِ إني وإن كان قومي في الورى علَماً ... فإنني عَلَمٌ في ذلك العَلَم 264 - محمد بن خُشنام الهَرَوِي قال، وهو مما ذكره البيهقي في كتاب " الوشاح ": طويل: لئن رُمتَ تحصيلاً بصادق نيَة ... فأكثر له درساً وفرِّغ له قلباً وصدِّق له قولاً وشمِّر لحفظه ... وجرَّد له وهماً ونقّح له لبَّا وإن شئت أن تحظى بمكنون سرِّه ... فعظِّم له قدراً وأخلص له حُبّاً 265 - محمد بن خالد بن الزّبير بن العوّام، مدَنيّ شاعر مذكور، له شعر؛ فمنه ما قاله يرثي به قومه المقتولين بقُديد: خفيف: ولقد أبقت الحوادث في قل - بك شغلاً على عقابيل شغلِ ببني خالد توالوا كراماً ... من فتىً ناشئ أديب وكهل كافحوا الموت في اللِّقاء وكانوا ... أهل بأس وسابقات وفضل وله فيهم يرثيهم: بسيط: ما أبصر الناظرون من سلف ... مثل البهاليل من بنِي أسد كانوا لمن بات خائفاً عضُداً ... لا يبعدوا من حمى ومن عضد كانوا سِماماً لمن يحاربهم ... قِدْماً ومأوىً لكلِّ مضطهد

266 - محمد خلف بن حيان بن صدقة بن زياد،

266 - محمد خَلَف بن حيان بن صدقة بن زياد، أبو بكر الضبيّ المعروف بوكيع كان عالماً، فاضلاً، عارفاً بالسِّيَر وأيام الناس وأخبارهم. وله مصنفات كثيرة منها: كتاب " الطريق "، وكتاب " الشريف "، وكتاب " عدد آي القرآن والاختلاف فيه ". وسئل أبو بكر ابن مجاهد - رحمه الله - أن يصنّف كتاباً في العدد فقال: قد كفانا ذاك وكيع؟ وكُتُب أُخر سوى ذلك. وكان حسن الأخبار، وروى عن جماعة كثيرة من مشايخ العلم؛ وكان يسكن ببغداد في الجانب الشرقي في درب أمّ حكيم. روى عنه أحمد بن كامل القاضي وطبقته، وكان من أهل القرآن والفقه والنحو؛ وله تصنيف في " أخبار القضاة "، وله كتاب في " الرْمى والنضال " وكتاب في " المكاييل والموازين ". وكان له شعر جيد أميَزُ من شعر العلماء. كتب إليّ عمر بن محمد بن طبرزد الدَّارقزِّيّ، أنبأنا ابن خيرون عن أحمد بن علي ابن مهدي، أخبرنا محمد بن علي بن مخلد الورّاق، أخبرنا أحمد بن محمد بن عمران قال: أنشدنا أبو بكر محمد بن علي كاتب صافي قال: أنشدنا وكيع ابن خلف لنفسه: طويل:

267 - محمد بن خلف بن المزربان بن بسام، أبو بكر الآجري المحولي

إذا ما غدت طَلاَّبة العِلم تبتغي ... من العلم ما يُخلّد في الكتب غدوت بتشمير وجدٍّ عليهم ... ومحبَرتي أذني، ودفترها قلبي أنبأنا عمر بن محمد، أنبأنا ابن خيرون، أخبرنا أحمد بن علي: قرأت على الحسن بن أبي بكر عن أحمد بن كامل قال: مات محمد بن خلف بن حيان ابن صدقة، أبو بكر وكيع، في يوم الأحد لستٍّ بقين من شهر ربيع الأول سنة ست وثلاثمائة، وكان يتقلّد القضاء على كور الأهواز كلها. 267 - محمد بن خلف بن المزربان بن بسام، أبو بكر الآجريّ المُحَوَّليّ كان يسكن باب المحوَّل ببغداد، فنسب إليه؛ وكان أخبارياً مصنفاً، حسن التأليف، وروى عن جماعة من مشايخ وقته، وروي عنه، وكان له شعر، وأدب حسن. أنبأنا زيد الكنديّ وعمر بن محمد الدّارقزي، قال الكندي أنبأنا القزاز وقال عمر أنبأنا ابن خيرون. قالا أخبرنا أحمد بن علي البغدادي قال أخبرنا علي بن أبي عيل المعدّل، حدثنا محمد بن العباس بن الخزّاز قال كتب أبو بكر محمد بن خلف ابن المرزبان إلى جدّي يعاتبه خفيف أَجميل بالمرء يُخلفُ وعدا ... أو يجازي الوصول بالقرب بُعدا؟ ما مللناك إذ مللت ولم تن ... فكَّ تزداد مذ علقناك وُدَّا

فعلام استحقّ هجرك مَن لي ... س يرى منك يا أخي حيوة بُدَّا يحفظ العهد حين نقضك للعهد ويأتي الذي تُحبُّ مجدَّا يا أبا بكر ابن يحيى نداء ... من أخ لم تزل لديه مفدَّى لك مُذ دام صرفُ وجهك أيا ... م طوال أعدُّها لك عدَّا وتناسيتَ ما سألتُ، وقد أس ... لفت فيما سألت مدحاً وحمدا خاطباً منك دعوة واستماعاً ... لفظ من لا نرى له الدهر نِداً فتناهى إليَّ أمس حديث ... كاد يقضى عليَّ حزناً ووجداً زعموا أنَّ أحمد الخير ما زا ... ل لديكم يشدو ثلاثاً ويُشدى فلماذا جفوتنا بعد وصل ... ونقضت العهود عهداً فعهدا؟؟ ألبخلٍ عراكَ فالبخلُ قد كا ... نَ إلى راحتيكَ لا يتهدَّى؟ أو ملالٌ فليسَ مثلكَ مَن م ... لَّ أخاً لا يُحِلُّ في الحبّ عَقدا؟ دائمُ الودِّ لا يصدُّ ولو جا ... رَ عليه خليلهُ وتعدَّى فاعطفِ الوصلَ نحوَ من منعَ الوصلَ وراجع بالعطف، أَولى وأجدى أيُّ شيءٍ أنكى لقلبٍ محبٍحال منه نحسُ المطالع سَعْدا؟ أدرك الحاسد الشمات وقد كا ... نَ قديماً لهجرنا يتصدّى طالما يبتغي القطيعة بالحي ... لةِ بيني وبينكم ليس يَهدا لو تراه لخلته نال ما أمَّ ... لَ يختالُ لاهياً يتقدَّى أنتَ أعطيتَه أمانيه جوراً ... وزماناً قد كان في ذاك أكدى فاستمع ما أقول إني وعه ... د الله أهوى استماع أحمدَ جدّا واقتراحي بعد انبساطي إليه: ... تلك هندٌ تصدٌّ للهجر صدّا وبالإسناد: حدثنا أحمد بن علي البغدادي، حدثني أحمد بن أبي جعفر القطيعي قال: سمعت القاضي أبا الحسن الجرّاحي يذكر، وأخبرنا علي بن أبي

268 - محمد بن خلف البكري القابسي المغربي

علي، حدثنا محمد بن العباس، قالا: مات أبو بكر محمد بن خلف بن المرزُبان سنة تسع وثلاثمائة. 268 - محمد بن خلف البكري القابسي المغربي ويقال له أبو الشامة لشامة بطرف شاربه، شاعر، ذكره البيهقي في " الوشاح " وأنشد له قوله: طويل: فمن كقوام الدين إنَّ يمينه ... بها وسع الإحسان والنَّائل الغمرُ ويهتزُّ عطفاه سماحاً كأنَّه ... من الجود دبَّت في مفاصلة الخمر يُبشِّر راجيه بنيل طلابه ... لديه إذا ما رام نائلَه البشرُ فإن كان يبدو أوَّلاً من سماحة ... فأوّل ما يبدو من الثَّمر الزَّهر ولم يُرَ شخص قبل رؤية شخصه ... تكوَّن فيه الغيث والليث والبدر وأصبحت الأيام وافيةً له ... برغم أعاديه، ومن شأنها الغدر 269 - محمد بن خليفة بن محمد السنبسي، أبو عبد الله الشاعر الأنباري؛ كان شاعراً مشهوراً، بين أهل الفضل والقريض مذكوراً، وله اختصاص بالأمير أبي الحسن صَدَقَة بن دُبَيس بن مزيد الأسدي، أمير العرب، ذكره أبو المعالي سعيد بن علي الكتبي

في " زينة الدَّهر " فقال: " القائد أبو عبد الله محمد بن خليفة السِّنبسي، أنشدني ابن أخته أبو القاسم ببغداد له: بسيط: قامت تنَبِّهُني والنجمُ لم يَغُرِ ... بيضاءُ تخطرُ في مِرْطٍ على خَفَر فقلتُ لما بدَتْ والكأسُ في يدها: ... هل يجمعُ الليلُ بين الشمس والقمَرِ؟ ومن شعره في الغزل: كامل: يا قاتلي عمداً بسحْر كلامِهِ ... ومعذّبي أبداً بطولِ غرامِهِ ألا وصلتَ على الصبابة مُدْنفاً ... وصلَ الغرامُ سقامهُ بسقامه؟ يهوى الرقادَ لعلَّ طيفك يلتقي ... بخياله فيراكَ عند منامه وأنبأنا محمد بن محمد بن حامد الكاتب في كتابه قال: القائد أبو عبد الله محمد بن خليفة السنبسي، سمعت أنه كان من شعراء سيف الدولة صَدَقة بن منصور بن دُبيس، وكان يُحسن إليه؛ فلما قتل صدقة، مدح دُبيساً ولده، فلم يحسن إليه، فوافى بغداد في الأيام المسترشدية ومدح الوزير جلال الدين أبا علي بن صدقة؛ فأحسن إليه وأجزل له العطاء، ومات ببغداد، وكان مسبوك النقد، جيد الشعر، تتفق له أبيات نادرة ما يوجد مثلها، فمنها من قصيدة بيتان وهما: طويل:

فرُحنا وقد روَّى السلامُ قلوبَنا ... ولم يجرِ منا في خروقِ المسامعِ ولم يعلم الواشونَ ما كان بيننا ... من السِّرِّ لولا ضجرةٌ في المدامعِ وهذان البيتان البديعان من كلمة له في سيف الدولة صدقة بن منصور المزيدي الأسدي أولها: لمن طللٌ بين النقا والأجارع؟ ... مُحيل كسحقِ اليمنةِ المتتايعِ ومنها: وعهدي به والحيُّ لم يتحمَّلوا ... أوانس غد كالنجومِ الطوالعِ وقبل البيتين الأولين منها: ومن ينسَ لا أنسى عشيةَ بينِنا ... ونحنُ عِجالٌ بين غادٍ وراجع وقد سلَّمَت بالطرفِ منها فلم يكن ... من النطق إلا رجعُنا بالأصابع ونقلت من خط ابن المارستانية ما مثاله: محمد بن خليفة السنبسي المكنّى بأبي عبد الله، شاعر سيف الدولة صدقة. كان شاعراً مجوداً، مغزلاً، مغرداً، مليح الكلام، حسن النظام، لألفاظه حلاوة، وعليها من جودة النسج طلاوة، وصّاف للدّيار الدّوارس، مولع بذكر الإبل والقفار البسابس، خبير بأخبار العرب وأشعارها، بصير بأيامها ووقائعها وآثارها،

أشهر أهل هذه الصنعة بها، وأفخم شعراء سيف الدولة ذكراً فيها، لولا ما شوَّه خسف التهمة لقمر وجه أدبه التمام، ووضع من محل فضله السامي، بأنه اغتصب شعر شاعر شرف الدولة المعروف بالبُرَغِّيث الشامي، وفي ذلك يقول أبو الفضل أحمد بن محمد بن الخازن قال أنشدنيه عنه ولده أبو الفتح نصر الله أحمد بن الخازن قال: أنشدني والدي في السنبسي الشاعر لنفسه: بسيط: ومُشتكٍ من براغيث دَلفن له ... بعسكرٍ في ضواحي الجلدِ مبثوثِ لم يقتدوا بالبُرَغِّيثِ ابن عمهُم ... وهو أحقُّ وأولى بالمواريثِ أُرْدُدْ على القوم ديوانَ ابن عمهُم ... وأعفِ جلدكَ من قرصِ البراغيثِ على أني قد أثبت من شعره الذي تحقق نسبه إليه حديثاً وقديماً ما يخجل الروض جميعاً والزهر تخاله فيه نجوماً، والدُّرَّ الفريد نظيماً، فمن ذلك قوله: كامل: عُجْ بالمطيِّ على المحلِّ الدارسِ ... ما بين رامة إذ مررت وراكس واقر السلام على البريك وقل لها: ... يا ضرّةَ القمر الفريدِ الآنسِ أمطلتني وِتراً وهذا رابعٌ ... وزعمتِ أن لقاءنا في الخامسِ فتصدَّقي بالوصلِ يا ابنة مالك ... قبل المماتِ على الضعيفِ البائسِ وله أيضاً: بسيط مجزوء: تُشرقُ من وجهه كتائبهُ ... والدمَ فوق الدموعِ أَطمارُ والضربُ جيبٌ على النحور له ... عُرى وطعنُ الكُمأةِ أَزرارُ

وله أيضاً: بسيط: يفديك كلُّ قليلٍ في تكبُّرهِ ... فكلما زادَ كِبراً زادَهُ صغرا ينالُ بالذمّ لا بالمدحِ نائلهُ ... كالزند يُعطي إذا استكرهته شررا وله أيضاً: كامل: وكأنما الباذنجُ سودُ حمائمٍ ... أوكارها خيمُ الربيع المُبكرِ لقطت مناقرُها الزبرجدَ سِمْسماً ... فاستودعته حواصلاً من عنبرِ وله أيضاً: طويل: فيا عجباً ممن يُضيع حياته ... على حفظ مالٍ وهو للغير يُدْخرُ ومن تُتوفَّى نفسه كلَّ ليلةٍ ... وترجعُ فيه، كيف للبعثِ ينكرُ؟ بلى قادرٌ أنشاهُ أولَ مرةٍ ... على ردِّ روحٍ منه في الجسمِ أقدرُ وله أيضاً: طويل: أيا ربِّ إن كنتُ الجدير بجفوةٍ ... فأنتَ بإحسانٍ إليَّ جديرُ وإن تكُ عن شكري غنيّاً وطاعتي ... فإني إلى الغفرانِ منك فقيرُ وله أيضاً: كامل: أرضعت دهري قبل تجربتي ... ورضعتُ خِلفَ الهمِّ من دهري وقريتُ أضيافَ النوائب إذ ... نزلت عليَّ بقيَّة الصبرِ والخطبُ يولعُ في حوادثِهِ ... ولعَ العياءِ بموضع العقرِ وله أيضاً: بسيط مجزوء: أما ترى الأرضَ كيف تُجلى ... والقطرُ يُلقي لها نثارا رقَّتْ فصوصُ العقيقِ فيه ... فالتهبت فيه جُلّنارا وذابَ عقيانُها فأضحى ... ضربُ دنانيرهِ بَهارا

وشَّب فيها الشقيقُ شُهباً ... ريّا الصبا زادها استعارا هذا ومنثورها زنادٌ ... من كلِّ لونٍ يشبُّ نارا وله أيضاً: بسيط: لا تصحبِ الناس لا تيهاً ولا ملقاً ... وابسم لهم بين إحلاءٍ وإمرارِ واجمع ففي جمعكَ الضِّدينِ فائدةٌ ... كالنضجِ يُدرَكُ بين الماءِ والنارِ وله أيضاً: بسيط: حاز السفرجلُ لذاتِ الورى فغدا ... على الفواكه بالتفضيلِ مشهورا الراحُ طعماً ونشرُ المسك رائحةً ... والتبرُ لوناً وشكلُ البدرِ تدويرا وله أيضاً: خفيف: جسمُها لوَّنَ الثياب ففيها ... هي ماءٌ يُمازجُ الماءَ جمرُ فعليها حمرُ الغلائلِ بيضٌ ... وعليها بيضُ الغلائل حُمرُ وله أيضاً في الشمع: وافر: وهِيفٍ كالوصائفِ مُخْطفاتٍ ... يُلاحظها الدّجى من خلفِ سترِ يصوغُ لها التبسمُ من دموعٍ ... على ذهبِ النحورِ عقودَ تبرِ تُريكَ خوافقُ العذباتِ منها ... عقيقاً أثمرته غصونُ درِّ طوينَ ذوائباً لليل سوداً ... بنشرِ ذوائبِ للصبحِ حُمرِ وله أيضاً: كامل: عوّد ركابك كلَّ يومٍ منزلاً ... وتنقُّلاً كي لا تُملَّ وتضجرا فالماءُ يعذبُ ما جرى وتلاطمت ... أمواجُهُ فإذا أقام تغيَّرا وله أيضاً: بسيط: يدعوكَ يا شرفَ الدنيا وساكنها ... والدينُ والدهرُ مُلكٌ خانه الوزرُ هجرتموهُ بذنبِ الناكثينَ له ... وهفوةُ القِدْحِ مأخوذٌ بها اليَسَرُ

270 - محمد بن خلصة الشذواني الأندلسي، أبو عبد الله البصير

قليلُ خوفٍ، كثيرُ الأمنِ يعقبُهُ ... لصحةِ الجسم يوماً يُشربُ الصبرُ ما شرِّدَ الليثُ إلا أنه بطلٌ ... ما جُرِّدَ السيفُ إلا أنه ذكرُ 270 - محمد بن خَلَصَة الشذواني الأندلسي، أبو عبد الله البصير كان من النحويين المتصدرين، والأساتيذ المشهورين، والشعراء المجودين، تصدر بدانية، وكان في حدود سنة أربعين وأربعمائة، وله قصيدة طويلة: طويل: أمدنف نفسٍ ذو هوىً أم جليدها ... غداةَ غدتْ في حلبة البينِ غيدها؟ وقد كنفت منهنَّ أكنافُ مَنعِجٍ ... عباديدَ ساداتُ الرجالِ عبيدُها تبادرنَ أستارَ القبابِ كما بدتْ ... بدورٌ ولكنَّ البروجَ عقودُها تُخدُّ بألحاظِ العيونِ خدودُهما ... وترهَبُ أن تنقد ليناً قدودُها فيا لدماءِ الأُسدِ تسفِكها الدُّما ... وللصِّيد من عُفر الظِباء تصيدها! وفوق الحشايا كلُّ مرهفة الحشا ... حشت كبدي ناراً بطيئاً خمودها تحلُّ لوى خبت وقلبي محلُّها ... وتخلبني غدراً، وخلبِي وحيدها لئن زعموا أني سلوت، لقد بدت ... دلائل من شكواي عدل شهودها نحول كرقراق السَّراب وعبرة ... كما انهملت غرُ السّحاب وسودها تغيض ولوعات الفراق تمدُّها ... وتنقص والشَّجو الأليم يزيدها

271 - محمد بن الخضر بن الحسن بن القاسم، أبو اليمن

لتفدك أكبادٌ ظماء أجفَّها ... هواك، وأجفان جفاها هجودها ومهجة صَبٍ لم تزل صبَّة بها ... يد الوجد حتَّى عاد عدماً وجودها ضنى جسدي، إن كان يرضيكِ، برؤهوإتلاف نفسي في هواك خلودها ولولا الهوى لم ترض نفس نفيسةهواناً ولكن حُبُّ نفس قؤودها وله قصيدة لايخلو بيت منها من تجنيس: بسيط: ألفى عذاب الهوى عذباً فآلفه ... فما يصيخ إلى عذر ولا عذَل يا دمع بث كمينَ البثِّ قد تركت ... كَلاًّ عليك هواها رَبَّةُ الكِلَل لا أُوسع العين عُذراً أو تسيل دماً ... إذا مدامعْها سيلت فلم تسِل 271 - محمد بن الخضَر بن الحسن بن القاسم، أبو اليمن التنوخي المعرّي يعرف بابن أبي المهزول، الشاعر المعروف بالسابق. قدم دمشق، وروى بها شيئاً من شعره؛ وقُرِىء عليه بعض نظمه ونثره؛ سمع منه أبو محمد بن صابر في سنة ثمان وثمانين وأربعمئة. أنبأنا محمد ابن هبة الله قال: حدثنا أبو القاسم من كتابه، أنبأنا أبو محمد بن صابر، أنشدنا أبو اليمن محمد بن الخضر بن الحسن التنوخي لنفسه: وافر: حَلمتُ عن السفيه فزاد بَغياً ... وعاد فكفَّهُ سفَهي عليهِ وفعْلُ الخيرِ من شِيَمي ولكن ... أتيتُ الشرَّ مدفوعاً إليه

قال وأنشدني له أيضاً: كامل: ولقد عَصَيْتُ عواذلي وأطعْتُهُ ... رشأٌ يُقَتِّل عاشقيه ولا يَدِي إنْ تَلقَ شوك اللوم فيه مسامعي ... فَبِما جَنتْ من وَجْنتِهِ مقلته يدي قال وأنشدني له أيضاً: بسيط مجزوء: وشادنٍ بتُّ صارفاً هِمَمِي ... عن المُنَا فِيه، والمنافيهِ كالبدر والشمس أو يفوقهما ... فما تُدانيه كافُ تشبيه قابلَ مرآتَهُ فقلتُ له: ... مولاي عَوِّذْ ما أنتَ رائيه وقلتُ سرّاً لصاحبيَّ: أما ... تراعيانِ الذي أُراعيه؟ إن نظرتْ عينُه محاسنُه ... تاهَ علينا بل زاد في التيه قال وأنشدني له أيضاً: طويل: سأرحلُ عن دارٍ أروحُ وأغتدي ... وسِيّانِ فيها مَشهدي ومغيبي فإنْ قَلَّ مني بالجفاءِ نصيبُها ... فقد قَلّ منها بالوفاء نصيي فإنْ لم أَرُعْها بالفراق فرَاعَني ... ملامُ خليلي أو مَلالُ حبيبي وبالإسناد: قال الحافظ أبو القاسم: قال لنا أبو عبد الله محمد بن الحسين ابن أحمد المِلْحي: السابق أبو اليمن ابن الخضر المعرّي شاعر مجيد، ويضع القلادة في الجيد، كثير المختار في الهجاء والتمجيد، عالم في اللغة والنحو؛ وصل إلى بغداد وعاشر العلماء بها والشعراء، وأسمعهم شعره، كالأبيوردي وطبقته، وعرف كلٌّ منهم إحسانه، وما خُصّ به من هذا الفن زمانه، واستفاد من جميع الأئمة كلَّما يحتاج إليه الشاعر المفلق، والبليغ المحقق، حتى لحق بطبقتهم.

حرف الدال

حرف الدال 272 - محمد بن دُكين المتكلم صاحب أدب وشعر، وله مع أبي هفَّان أخبار، ورثى المعتز لما قتل، وله أشعار يحض فيها على القول بالعدل والتوحيد، وهو القائل: رمل: أيها القادم ما أعددت من ... حجَّة عند الذي يسألكا لك ما قدَّمته من صالح ... والذي خلّفته ليس لكا وله من قصيدة: رجز: من يغن بالله يجد روح الغِنى ... والله يوفي من يشاء ما يشا وخير ما يدَّخر المرء التُّقَى ... وخير أثواب الفتى ثوب الحِجا ما أقبح الصَّبوة من بعد النُّهى ... إن المشيب قد طوى ثوب الصِّبا فبادر الموت ودع عنك الهوى ... فإنه عما قليل قد أتى قد قيل فيما قد مضى قول جرى: ... عند الصَّباح يحمد القوم السُّرى وتلفظ العينُ عُلالات الكرى ... أين ذوو الملك وأرباب القِرَى؟ من عَمَر الدنيا ومن شاد البِنَا ... أضحُوا جميعاً تحت أطباق الثرى لا أثر منهم ولا عين ترى ... إن أخا اللّب تناهى وانتهى ليسا سواء من أطاع واتَّقى ... ومن على الله بجهل افترى سبحان من لا يترك الخلق سُدى

273 - محمد بن داود بن علي بن خلف، أبو بكر الأصبهاني

273 - محمد بن داود بن علي بن خلف، أبو بكر الأصبهاني كان عالماً، أديباً وشاعراً ظريفاً، وله في " الزَّهرة " أحاديث عن عباس بن محمد الدُّوري وطبقته. أنبأنا ابن طبرزد عمر قال: أنبأنا ابن خيرون قال: أنبانا أحمد بن علي، أخبرنا أبو نعيم الأصبهاني، أخبرني جعفر المخلدي في كتابه إلي قال: سمعت رٌوَيم بن رويم بن يزيد يقول: كنا عند داود ابن علي الأصبهاني إذ دخل عليه ابنه محمد يبكي، فضمّه إليه وقال: ما يبكيك؟ قال الصِّبيان يلقِّبوني! - قال: فعلى إيش حتى أنهام؟ قال: يقولون لي شيئاً. قال: قل لي ما هو حتى أنهام عن الذي يقولون؟ قال: يقولون يا " عصفور الشوك! " قال: فضحك داود، قال: فقال له ابنه: أنت أشدّ عليّ من الصبيان! مم تضحك؟ قال: لا إله إلا الله! ما الألقاب إلا من السماء! ما أنت يا بني إلا عصفور الشوك! وبالإسناد أنبأنا أحمد بن علي البغدادي، أنبأنا علي بن أبي علي، حدثنا القاضي أبو الحسن الخرزي الداودي قال: لما جلس محمد بن داود بن علي الأصبهاني بعد وفاة أبيه - يعني في حلقته - يفتي، استصغروه عن ذلك، فدسّوا إليه رجلاً وقالوا له: سَلْه عن حدّ السُّكْر ما هو؟ فأتاه الرجل، فسأله عن حد السكر ما هو؟ ومتى يكون الإنسان سكران؟ فقال محمد - رحمه الله -:

إذا عزبت عنه الهموم، وباح بسرِّه المكتوم. فاستحسن ذلك منه، وعلم موضعه من العلم. وبالإسناد: أنبأنا أحمد بن علي البغدادي، أنبأنا أبو علي محمد بن الحسين الحازري، حدثنا المعافى بن زكريا الجريري، حدثنا محمد بن يحيى الصولي قال: كنت عند ثعلب جالساً، فجاءه محمد بن داود الأصبهاني، فقال له: أهاهُنا شيء من صبوتك؟ فأنشده: طويل: سقى الله أيَّاماً لنا وليالياً ... لهنَّ بأكناف الشباب ملاعب إذ العيش غضّ والزمان بغرة ... وشاهد أنَّات المُحبِّين غائب أنبأنا زيد عن القزّاز حدثنا أحمد بن الخطيب، أخبرنا أبو نعيم الحافظ، حدثنا سليمان بن أحمد الطبراني، أو بعض أصحابنا قال: كتب بعض أهل الأدب إلى أبي بكر بن داود الفقيه الأصبهاني: خفيف: يا ابن داود يا فقيه العراق ... أفتنا في قواتل الأحداق هل عليها القصاص في القتل يوماً ... أم مُباح لها دم العشَّاق؟ فأجابه ابن داود: كامل: عندي جواب مسائل العشَاق ... فاسممه من قلق الحشا مشتاق لما سألت عن الهوى أهلَ الهوى ... أجريت دمعاً لم يكن بالرَّاقي

أخطأت في نفس السؤال وإن تصِب ... ك في الهوى شنقاً من الأشناق لو أن معشوقاً يعذب عاشقاً ... كان المعذَّب أنعم العُشَّاق وبالإسناد: حدثنا الخطيب، حدثني الأزهري قال: أنشدنا محمد بن جعفر الهاشمي قال: أنشدنا عبد الله بن أحمد الأنباري قال: أنشدني محمد بن داود الأصبهاني لنفسه: طويل: وإني لأدري أن في الصبر راحةً ... ولكن إنفاقي على الصَّبر من عمري فلا تُطف نارَ الشوق بالشوق طالباًسُلوّاً فإن الجمر يسعر بالجمر وبالإسناد: حدثنا الخطيب، أخبرنا الحسن بن أبي طالب، أنبأنا أحمد بن محمد ابن عمران قال: أنشدنا القاسم بن وهب بن جامع لمحمد بن داود الأصبهاني: بسيط: قُدِّمْتُ قَبْلَكِ قد والله برَّح بي ... شوق إليك فهل لي فيك من حظِّ؟ قلبي يغار على عيني إذا نظرت ... بُقياً عليك فما أروى من اللحظ قال: وأنشدنا لنفسه أيضاً: وافر: جُعِلْت فداك إن صلحت فداءلنفسك نفس مثلي أو وقاءَ وكيف يجوز أن تفديك نفسي ... وليس محلُّ نفسينا سواءَ وبالإسناد: حدثنا الخطيب أحمد بن علي حدثني الحسن بن أبي طالب قال: أنشدنا يحيى بن علي بن يحيى المعمّري قال: أنشدنا أبو محمد جعفر بن محمد الصوفي قال: أنشدنا بعض إخواننا لأبي بكر محمد بن داود الفقيه: طويل:

حملت جبال الحُبِّ فيك وإنني ... لأعجز عن حمل القميص وأضعُف وما الحُبُّ من حُسن ولا من سماجة ... ولكنَّه شيء به الرُّوح تكلف وبالإسناد أخبرنا أحمد بن علي حدثني مكي بن إبراهيم الفارسي قال: أنشدنا أبو كامل الدمشقي لأبي بكر محمد بن داود بن علي في حبيبه محمد بن زُخْرف: بسيط: يا يوسف الحُسن تمثيلاً وتشبيهاً ... يا طلعة ليس إلا البدر يحكيها من شك في الحور فلينظر إليك فما ... صيغت معانيك إلا من معانيها ما للبدور وللتحذيف يا أملي ... نور البدورعن التحذيف يغنيها إن الدنانير لا تجلى وإن عتقت ... ولا يُزاد على النَّقش الذي فيها وبالإسناد: حدثنا الخطيب علي بن أحمد البغدادي قال: اخبرني علي ابن المحسن التنوخي، أخبرنا أبي حدثني أبو العباس أحمد في عبد الله بن أحمد ابن إبراهيم بن البحتري القاضي الداودي حدثني أبو الحسن عبيد الله بن أحمد أبن محمد بن المغلس الداودي قال: كان أبو بكر محمد بن داود، وأبو العباس ابن سُريج إذا حضرا مجلس القاضي أبي عمر، يعني محمد بن يوسف، لم يجر بين اثنين فيما يتفاوضانه أحسن مما يجري بينهما؛ وكان ابن سريج كثيراً ما يتقدم أبا بكر في الحضور؛ فتقدّمه في الحضور أبو بكر يوماً، فسأله حدَثٌ من الشافعيين عن العَود الموجب للكفّارة في الظِّهار، ما هو؟ فقال: إنه إعادة القول ثانياً، وهو مذهبه ومذهب داود، فطالبه بالدليل؛ فشرع إليه، ودخل ابن سريج، فاستشرحهم ما جرى، فشرحوه؛ فقال

ابن سريج لابن داود: أولاً يا أبا بكر - أعزك الله - هذا قول مَنْ من المسلمين تقدَّمكم فيه؟! فاستشاط أبو بكر من ذلك وقال: أتقدر أن من اعتقدت قولهم، إجماع في هذه المسألة، إجماع عندي؟! أحسن أحوالهم أن أعدّهم خلافاً، وهيهات أن يكونوا كذلك! فغضب ابن سريج وقال له: أنت يا أبا بكر بكتاب " الزهرة " أمهر منك في هذه الطريقة! فقال أبو بكر: وبكتاب " الزهرة " تُعيّرني؟ والله ما تحسن تستتم قراءته قراءة من يفهم! فإنه لمن أحد المناقب إذ كنت أقول فيه: طويل: أُكرِّر في روض المحاسن مقلتي وأمع نفسي أن تنال محرَّما وأَحملُ من ثِقلِ الهوى ما لو أنَّه ... يُصَبُّ على الصخر الأصم تهدُّما وينطقُ سرِّي عن مُترْجم خاطري ... ولولا اختلاسي رَدَّهُ لتكلَّمَا رأيت الهوى دَعوى من الناس كلِّهم ... فما إنْ أرى حُبّاً صحيحاً مسلَّما قال ابن سريج: أوَ عليَّ تفتخر بهذا؟ وأنا الذي أقول: كامل: ومساهرٍ بالغنج من لحظاتهقدْ بتُّ أمنعُه لذيذَ سِناتهِ ضنّاً بحسن حديثهِ وعتابه ... وأُكرِّر اللحظات في وَجَناتِهِ حتى إذا ما الصُّبحُ لاح عمودُه ... ولَّى بخاتم رَبِّهِ وبَراتهِ قال ابن داود لأبي عمر: أيّد الله القاضي: قد أقرّ بالمبيت على الحال التي ذكرها، وادّعى البراءة مما توجبه، فعليه إقامة البينة! فقال له ابن سريج: من مذهبي أنَّ المُقِرَّ إذا أقرّ إقراراً وناطه بصفة، كان إقراره

موكولاً إلى صفته. فقال ابن داود: للشافعي في هذه المسألة قولان. فقال ابن سريج: فهذا القول الذي قلته اختياري الساعة. أنبأنا محمد بن محمد بن طبرزذ الدّارقزيّ قال: أخبرنا أبو منصور محمد بن عبد الملك بن الحسن بن خيرون المقري، قال: حدثنا الخطيب أحمد بن علي ابن ثابت بن مهدي في كتابه، أخبرنا أبو الحسن علي بن أيوب بن الحسين ابن أيوب القُمِّي إملاء من لفظه، حدثنا أبو عبيد الله المرزُباني وأبو عمر ابن حَيَّوَيه وأبو بكر بن شاذان، قالوا: حدثنا أبو عبد الله إبراهيم بن محمد ابن عرفة النحوي نفطويه قال: دخلت على محمد بن داود الأصبهاني في مرضه الذي مات فيه، فقال: كيف تجدك؟ فقال: حبُّ من تعلم أورثني ما ترى! قلت: فما منعك من الاستمتاع به مع القدرة عليه؟ فقال: الاستمتاع في وجهين: أحدهما النظر المباح، والثاني اللذة المحظورة. فأمّا النظر المباح، فأررثني ما ترى، وأما اللذة المحظورة فأنه منعني منها ما حدثني به أبي، حدثنا سُويد بن سعيد حدثنا علي بن مسهر عن أبي يحيى القتّات، عن مجاهد، عن ابن عباس، عن النبي - (- أنه قال: " من عشق وكتم، وعفَّ وصبر، غفر الله له وأدخل الجنة "، ثم أنشدنا لنفسه: بسيط: أنظر إلى السحر يجري في لواحظِهوانظر إلى دَعجِ في طرفه الساجي وانظر إلى شَعَراتٍ فوق عارضهكأنهُنَّ نِمالٌ دَبَّ في عاجِ وأنشدنا لنفسه: خفيف:

274 - محمد بن الدمشقي

ما لهُمْ أَنكروا سواداً بخدّيْ ... هِ ولا يُنكرون وَرْدَ الغصونِ؟ إن يكن عيبُ خدِّهِ بَدَدُ الشع ... رِ فعيبُ العيون شَعرُ الجفونِ فقلت له: نفَيتَ القياس في الفقه وأثبته في الشعر؟! فقال: غَلَبَةُ الهوى، ومَلَكَةُ النفوس دعوا إليه؟ قال: ومات من ليلته أو في اليوم الثاني. وبالإسناد قال: أحمد بن علي قال: قرأت على الحسن ابن أبي بكر عن أحمد بن كامل القاضي، أن يوسف بن يعقوب القاضي مات في يوم الاثنين لتسع خلين من شهر رمضان سنة سبع وتسعين ومائتين، قال: وفي اليوم الذي مات يوسف فيه، مات محمد بن داود بن علي الأصبهاني. 274 - محمد بن الدمشقي مدرّس مدرسة بني يعقوب بسنجار، فقيه شافعي، مناظر؛ خرج عن دمشق هو ورجل مغربي واصطحبا على المصافاة والإخلاص، واتحدا بالمودّة، واشتركا في العلوم اشتراكاً غير مميز لأحدهما عن الآخر، ودوَّخا العراق، وأرمينية، وبلد الروم، وأقاما بحلب مدة ثم توجها إلى سِنجار، فتولى محمد هذا التدريس، ورفيقه الإعادة، وأقاما هناك مدة مديدة، ومات الرفيق المغربي بسنجار في حدود سنة عشرين وستمائة؛ وبقي محمد الدمشقي هذا إلى وقتنا وهو سنة اثنتين وثلاثين وستمائة. وشعره قليل، من ذلك ما أنشدنيه له الفقيه شمس الدين أبو الحسن علي بن الحسين بن دبابا السنجاريّ، وكتب لي خطه به، قال: أنشدني الشمس الدمشقي المدرس بمدرسة ابن يعقوب بسنجار، في القضاة من الأكراد الذين استولى أمرهم في الأحكام على أرض الجزيرة ومدنها: كامل:

275 - محمد بن الدورقي

يا طالباً حقاً يرُوم خلاصَه ... وخلاصُه ميعادُه الميعادُ لا تطلُبنْ في ذي البلاد بأسرها ... حقاً وكلُّ قُضاتِها أكرادُ 275 - محمد بن الدَّوْرَقيّ مولى خُزاعة عتيق أبي عبد الله بن مالك؛ شاعر مذكور. وفد إلى يحيى بن عبد الله وهو والي أصبهان، فلم يحسن إليه، وكان هناك رجل من ولد هَرثمة، فوهب له مالاً، فقال: متقارب: تنقلتُ كي أطلب المرحمهْ ... وأرفعَ عن نفسيَ المَغرمَهْ وقد كنتُ مولى بني مالكٍ ... فأصبحتُ مولى بني هرثمه! ثم هجا يحيى فقال: خفيف مجزوء: قد رأيناك والياً ... فرأينا ابن زانيهْ لك أنفٌ مطاوِلٌ ... مثل زُرنوقِ داليهْ وله يرثى هاشم بن عبد الله بن مالك: وافر: مضى من هاشمٍ ما لا يعودُ ... ووَلَّى، والزَّمانُ به حميدُ قد اخلَقَتِ المعالي المالَ منه ... ولكن عنده كرمٌ جديدُ 276 - محمد الديار بكريّ، أبو عبد الله شاعر متأخر، من شعراء ديار بكر، أنشد له أحمد بن عبد الملك الفارقيّ في الزهد، قال: أنشدني محمد الدّيار بكري لنفسه: بسيط:

277 - محمد بن الدقيقي

تنهلُّ عيني إذا ما نابني فرحٌ ... عكساً وعندَ الشَّجا تفترُّ أسناني إذا الفتى بلغَ العلياءَ غايتَها ... فطبْعُه وطِباع الناسِ ضدَّان من يَبْغِ في المجد ما لم يبغه أحدٌ ... يصبِرْ على مضض من أزْم أزمانِ 277 - محمد بن الدَّقيقي ويقال أحمد أبو نعامة، كوفيّ؛ يكنّى أبا جعفر، شاعر خبيث اللسان، هجّاء، وله قصيدة مزدوجة، ذكر فيها جميع رؤساء الدولة في أيام المتوكل، من أهل سُرَّ من رأى وبغداد، ورماهم بالقبائح. وهو شاعر، وأبوه شاعر، وكان أبو نعامة هذا يتشيّع، فتشاهد عليه قوم من أهل بغداد بالرفض، فضربه مُفلح، غلام موسى ابن بُغا بالسياط حتى مات، وذلك في سنة ستين ومائتين. وهو القائل: طويل: إذا وضع الراعي على الأرض صَدْرَه ... فحُقَّ على المِعْزى بأن تتبدَّدا وله في أبي عبد اللة بن حمدون: متقارب: بِسَرْجِ ابن حمدون والمِيثَرهْ ... يُرقَّعُ بابُ اسْتِه المُقْذِرَهْ فقُدّامه رجلٌ صائم ... ومن خلفه امرأة مُفطِرَهْ فقد خلطا عملا صالحاً ... وسَيَّاً، فنرجو له المغفرهْ وله في بشر بن هارون النصراني: سريع: وكاتب من أهلِ الانجيلِ ... صاحب تبريقٍ وتهويلِ ليسَ له عيبٌ سوى أَنَّهُ ... ينشرُ طومارَ السراويلِ

حرف الذال المعجمة

حرف الذال المعجمة 278 - محمد بن ذؤيب النَّهشَليّ التميمي العُماني الرَّاجز المشهور، يكنَّى أبا العبَّاس وهو من أهل الجزيرة وقيل من ديار مُضَر، وإنَّما خرج إلى عمان، فأقام بها مدة مديدة، ثم عاد منها فنسب إليها، ويقال إنه عاش مائة وثلاثين سنة. وهو أحد شعراء الرشيد المادحين، وأخباره معه كثيرة، وفيه يقول: رجز: يا ناعشَ الجَدِّ إذا الجَدُّ عثَرْ. وجابِرَ العظْم إذا العظمُ انكسر أنت ربيعي والرَّبيع يُنْتَظر وخير أنواع الرَّبيع ما بَكَر وله يحثّه على البيعة لابنه القاسم: رجز: قل للإمام المقتدى بأمِّهِ ... ما قاسم دون مدى ابن أُمِّه وقد رَضَيْناه فقُم فسَمِّه وله أيضاً: رجز: إني لمعروفك غير ناس ... والشّكْرُ قِدْما في خيار النَّاس قلت: ومدح العماني الفضل بن الربيع، وعمَّر عمراً طويلاً، فذكر

الأصمعي أنه مات وهو ابن ثلاثين ومائة سنة. ويقال: إن أشعر الرُّجاز الرشيديين أربعة: العماني أوّلهم. أنبأنا ابن طبرزد عمر قال: أخبرنا محمد ابن عبد الملك بن خيرون المقري قال: حدثنا ابن ثابت قال: قرأت على الحسن بن علي الجوهري عن أبي عبد الله المرزباني قال: أخبرنا محمد بن العباس، حدثنا محمد بن يزيد النحوي قال: دخل محمد بن ذؤيب العماني على الرشيد، فأنشده أرجوزة وصف فيها فرساً شبّه أُذنيه بقلم محرّف فقال: رجز: كأنّ أُذْنَيْه إذا تشوَّقا ... قادِمةً أو قلماً محرَّفاً فقال له الرشيد: دَعْ " كأنَّ " وقُلْ: " تخال " حتى يستوي الإعراب.

حرف الراء

حرف الراء 279 - محمد بن رباح المنبوز بزُنبُور بن أبي حماد مولى المهلهل ابن صفوان، مولى بني العباس شاعر، كاتب، بغدادي كان منقطعاً إلى آل نوبخت، فلمّا هجاهم أبو نواس ردّ عليه زنبور وهاجاه، وزنبور هو القائل: لعن الله معشراً من ذوي المُل ... ك يُضيعون حُرمَة الأدباءِ زهِدُوا في العُلى وفي المجد حَقّاً ... واستخَفُّوا بحُرمة الشُّعَراء وله في أبي نواس: وافر: يعزّى قلبه عن شرب راح ... وكيف عزاءُ قلب مستباح شكا مَا باستِه حسنٌ إلينا ... من الدّاء المبرِّح بالفقاح فأجابه أبو نواس: وافر: أراد محمد بن رباح شتمِي ... فعاد وبالُ ذاك على رباح 280 - محمد بن الربيع بن أحمد الربيعي الكاتب، الشاعر الأديب، أبو بكر، وهو القائل: كامل:

281 - محمد بن رزق القرطبي الأندلسي

يا ذا الضغائنِ لو عطفتَ على الصِّبا ... لشفيتَ غُلَّة حائمٍ حَرَّانِ متخشِّعٍ للبَين إلاَّ أنَّه ... يُخفي الهَوَى وتُبينه العينان أبدَيْنَ يوم نأينَ أقمارَ الدُّجى ... وَهزَزْن أغصاناً على كُثبان لك والِدَيَّ وأسرتي حتَّام لا ... يُوْدَى القتيلُ ولا يُفكَّ العاني وله يقول جَحْظةُ البرمكي: خفيف: يا رَبيعيُّ زارني بعدك البَدْ ... رُ وقد كان خافياً لا يزورُ 281 - محمد بن رزْق القرطبيُّ الأندلسي شاعر أديب، فمن شعره: طويل: إذا قفَلتْ من نحو أرضك رفقةٌ ... تلقَّيتُ من أقصى مَسالِكها الرَّكبا أسائلهمُ عمَّن براني بحُبِّهِ ... وصيَّر قلبي للأسى بعده نَهْبَا فإن بشَّروني من إيابك بالمنَى ... ذعَرتُ لأحزاني بما زعموا سِرْبا وإن أَيأسوني من إيابك عاجلاً ... تضاعَفَ حُزني ثم ناديتُ يا ربَّا! وإني لأستهدي الرياحَ سلامَكُم ... إذا ما نسيمٌ من بلادِكُم هَبَّا وأسألُها حَمْلَ السلامِ إليكم ... لتعلَمَ أني لا أزالُ بكم صَبَّا سأبكي على وَصْلٍ كأنْ لم أفُزْ بِهِ ... وعيشٍ كأني كنت أقطعُهُ وثْبا

282 - محمد بن روزبه، أبو بكر العطار

282 - محمد بن رُوزَبه، أبو بكر العطَّار فيه أدب وشعر؛ قريب العهد. قال الشريف الزيدي - رحمه الله -: أنشدني أبو بكر محمد بن روزبه العطار في جمادى الآخرة من سنة اثنتين وسبعين وخمسمائة لنفسه: طويل: زَعمْتَ إذا جنَّ الظلام تزورُني ... كذبتَ فهلْ للشمس بالليل مَطلِعُ؟ فحتَّام صَبري والتعلُّل بالمُنى ... صددت فما لي في وِصالِك مَطمع ولكنَّني أرجو من اللُّطفِ نفحةً ... أفوزُ بها، قلبي لها يتوقَّع 283 - محمد بن ربيع الأفريقي المغربي من قرية بساحل البحر الغربي، إسمها يَنونَش، من كورَة رَصْفة؛ شاعر مشهور مجود، فمنه قوله: سريع: يا درَّةً تشرق في السَّلك ... لولا بعادي منكِ لم أبكِ كأنَّ ذلي بعْدَ عِزَّ الرِّضى ... ذلّةُ مخلوعٍ من المُلْك وحضر عند جعفر بن عبد الجبّار بن مُهذّب، صاحب بيت مال المعزّ بن باديس في سنة ست وأربعمائة، فدعاه لحضور المائدة وقال له: هلم يا بَنونَشيّ، تحريكاً له، فغضب وصنع على البديهة: وافر:

284 - محمد بن رائق الأمير المشهور المذكور ببغداد أبو بكر

بحرمتِكَ التي عَظُمتْ لديَّا ... ونعمتِك التي صارت إليَّا أجِرْني إن تناديني بلقْبٍ ... أرى الأعضاءَ مني عنه عِيَّا ولا توقع عليَّ اسماً مُعاراً ... بلا مَعنىً فلست يَنونَشِيَّا وإن أكُ قد رضيتُ به مجازاً ... وأوْجبَهُ الرِّضى حُكماً عليَّا فليس تفاضلُ البلدان مما ... يزيد ويُنْقِص الرَّجلَ الذكيَّا فكم من دُرَّةِ حسناءَ راقتْ ... وكان وِعاءُهَا صدَفاً دَنيَّا وذاتِ ملابسٍ زينت بحَلْيٍ ... فقبَّحتِ الملابسَ والحُليَّا فلم يخاطبه أحد بعد ذلك بشيء مما كرهه من التسمية. 284 - محمد بن رائق الأمير المشهور المذكور ببغداد أبو بكر قدم دمشق في ذي الحجة سنة سبع وعشرين وثلاثمئة، وذكر أن المتقي لله ولاّه إمرة دمشق، وأخرج عنها بدْر بن عبد الله الإخشيدي، وأقام بها أشهراً ثم توجه إلى مصر، وأستخلف على دمشق محمد بن يزداد الشَّهرَزوريَّ، فلقي الإخشيد محمد بن طُغج، صاحب مصر، فهزمه الإخشيد، ورجع ابن رائق إلى دمشق، وبقي أميراً عليها باقي سنة ثمان وعشرين وأشهراً من سنة تسع وعشرين، ثم خرج إلى بغداد، واستخلف الشهرزرريّ، وقتِل محمد بن رائق بالموصل سنة ثلاثين وثلاثمئة، فلما بلغ قتله الإخشيد، جاء من الرملة إلى دمشق، فاستأمن إليه محمد بن يزداد، فاستخلفه على دمشق؛ ذكر ذلك كلّه أبو الحسن الرازي. أنبأنا محمد بن هبة الله الرازي، أنبأنا أبو القاسم الحافظ - رحمه الله - من كتابه:

285 - محمد الريمقي

قرأت بخط رشإِ في نظيف وأنبأنيه أبو القاسم النسيب عنه، أنبأنا أبو الفتح إبراهيم بن علي بن سيبخت، حدثنا أبو بكر محمد بن يحيى الصولي، أنشدنا الأمير أبو بكر محمد بن رائق في غلامه مُشرق: بسيط مجزوء: يَصفرُّ لوني إذا بَصرتُ به ... خوفاً ويحمرُّ وجهه خجلا حتى كأنَّ الذي بوَجنتيهِ ... من دَمِ قلبي، إليه قد نُقِلا 285 - محمد الرّيمقي ذكره البيهقي في كتاب " الوشاح " في فصل خراسان وقال: إمام النحو والإعراب، واللغة والآداب. كتب إلى الأمير الإمام محمد بن أبي الوزير قصيدة، منها: كامل: وافى الربيعُ الطّلْقُ ذو الأضواءِ ... فكسا الرياضَ مطارفَ الأنواءِ وأَذاب كافورَ الشتاء بحَرِّهِ ... وغدا يَبُثُّ المِسكَ في الأرجاء والعُودُ عاد إليه ناضبُ مائِهِ ... فالعيشُ رطبُ العود صافي الماء والوردُ ناحَ لدَى المرار هَزارُهُ ... تنشقُّ قلب الرَّيطةِ الحمراءِ ألقَتْ على الأرضِ السماءُ دموعَها ... لمّا بكتْ فتبسَّمتْ ببُكاءِ

حرف الزاي

حرف الزاي 286 - محمد بن زِياد الفُقَيْمي كوفي، شاعر مذكور في أيام أبي جعفر المنصور؛ ولمّا قدم المنصور الكوفة ولم يقسم فيها درهماً قال محمد بن زياد الفقيميّ، يشير إلى المنصور: طويل: نزلتَ بأقوامٍ خماصٍ بطونهم وأنت بَطينٌ والبريَّةُ جُوَّعُ سوى عُصبةٍ كانوا من الفيء مَرَّةً ... فصار لهم ما في البريَّةِ أجمَع تقومُ إذا ما قمت تشفعُ خطبةً ... تشقِّقُ فيها والدموعَ تزيِّع كأنك صيادٌ تسيلُ دموعُه ... من القَرّ والصيَّادُ يفري ويقطع يجُذُّ رِقابَ الطيرِ من غير رحمةٍ ... وعيناه من برد العشية تدمعُ تزهِّدُ في الدُّنيا وأنت بنهبها ... مُلِحٌّ على الدُّنيا تَكُدُّ وتجمع وله يهجو شريكاً القاضي: وافر: وليْت أبا شريك كان حيّاً ... فيُقصِر حين يُبصِرُهُ شريكْ ويقهرُ من تَدرُّ به علينا ... إذا قلنا له: هذا أبوكْ

287 - محمد بن زياد بن عبد الله الحارثي

287 - محمد بن زياد بن عبد الله الحارثيّ شاعر مشهور، خلّد إسمه في المجاميع، فمن قوله: طويل: تخالُهم للحلم صُمّاً عنِ الخَنى ... وخُرُساً عن الفحشاءِ عند التهاجُرِ ومَرضى إذا لوقوا حياءً وعِفَّةً ... وعند الحِفاظ كاللُّيوثِ الخوادر لهم ذُلُّ إنصافٍ، ولينُ تواصلٍ ... بذُلِّهمُ ذلَّتْ رِقابُ المعاشر كأنَّ بهم وصماً يخافون غارةً ... وما وصمُهم إلا اتّقاء المعايِر قال سعيد بن هريم عن يحيى بن، خالد: كان الرشيد يرسل إلى أصحابه، فيسامرونه ويحدثونه، وكان فيهم محمد بن زياد بن عبد الله الحارثي، وكان ذا لسان وبيان؛ وكان الرشيد يحبّه لذلك مع ما كان يرعى له من حقّ الخؤولة، قال: فأتاني يوماً، فخَلا بي وقال: إني قد قلت شعراً في أمير المؤمنين، ولقد عزمت على إنشاده ليلة إذا دخلت إليه، فأُحبُّ أن يرى قدري عنده. قلت: لا تفعل، فإن قدرك عند أمير المؤمنين أعظم من حياك الشعر. فخرج من عندي، فأتى يزيد بن مزيد، وكان بين يزيد ابن مزيد وبين يحيى تباعُد، فخبره ما جرى بيني وبينه وأني نهيته عن الشعر، فقال: بل أرى أن تفعل وقال: ما ليحيى والشعر هذا من بغضه للعرب؟! فحضه على أن دخل على الرشيد، فأنشده الشعر. فدعا به الرشيد يوماً مع من كان يدعو وأنا حاضر، فقال: يا أمير المؤمنين! إني قلت شعراً فيك، فإن رأيت أن تأمرني بإنشاده، فعلت. فقال له

288 - محمد بن زيد الطرطائي، أبو عبد الله الصقلي

الرشيد: ما لك عندنا أكبر من الشعر! فلا حاجة لك. فأبى إلا مسألته الإذن له في ذلك. فلمّا ألحّ، قال له: هاته! ثم أنصت له، فقام مقام الشاعر، وكان إذا مرّ الشيء الحسن والمعنى الجيد قال له: أحسنت كما يقول للشعراء، حتى فرغ؛ فلما نهض، أقبل الرشيد على خالد وقال: قد كنت أثق بهذا الرجل، أرعى له خؤولته، وأحدث نفسي أن أوَليَّه اليمن، ثم أقول اليمن لها قدر، ولكن أُوَليّه اليمامة، فإنه بلد عربي وهي شبيهة باليمن؛ وأمتحنه باليمامة، فإن وجدت عنده ما أُحب، رفعته إلى اليمن؛ فلما أقام نفسه مقام الشعراء، سقط من عيني، فاعطِه ثلاثين ألف درهم لشعره!. 288 - محمد بن زيد الطرطائيّ، أبو عبد الله الصقليّ عالم بالشعر وأوزانه وعلم القوافي، وله شعر صالح، منه: خفيف: يَكْلأُ الله من جفانِيَ وَجداً ... وسباني بغُنجِه ثم صَدَّا إن يَكُنْ غابَ لم يغِب عن ضميري ... عَيْنُ قلبِي تراه قُرباً وبُعدا حلَّ منِّي محلَّ روحيَ منه ... ليتَه أعقب التَّجنُّبَ وُدَّا!! وقال: خفيف: عبرتِي فيك ما لها من نَفاد ... وزفيري ولوعتي في ازدياد يا وَصول الغداة يُغري سقيماً ... باتّصال الأسى وهجر الرّقاد عبدُك المحض ودّه لك، تُقصي ... هـ لتشفِي به قلوب الأعادي! كيف ترضى خلاف حسنِك يا من ... حُسنُه فاق حسنَ كلِّ العباد؟

289 - محمد بن زياد بن أحمد العرياني الشعثمي الصدائي اليمني

289 - محمد بن زياد بن أحمد العرياني الشعثميّ الصُّدَائي اليمني ذكره اللّحجِيُّ في كتاب " الأترُجَّة " فقال: وكان محمد بن زياد رجلاً نحوياً، عروضياً، متكلِّماً، فرضياً، راوية، آخذاً من سائر العلوم بخط لا سيما من علم لسان العرب وما يتعلق به، مشهوراً بذلك، وكان مع هذا يظلم نفسه ويدعي بعد هذا للأخدان الفصاحة له بالطبع. وكان كثير التنقل في البلاد اليمنية لا تُقرُّه بقعة. وكان يحدّث نفسه بالخروج عنها إلى أرض القيروان لينازل عربها أهل البوادي والقباب ويترك عرب اليمن، بحكم أنّهم أهل قرى ومدن، وله شعر منه: وافر: أَلا من مُبِلغ عُلَة ابن جلدٍ ... على ما كان من نأيٍ وبَيِن وأُسرَتِيَ الغَطَارِف من صُدَاء ... بإقبال المزَاد بريديين قبيلِي من بَني العُرْيان عمرو ... وهمَّام بأعلى الواديين وشُمٌّ في لُحَيَة من رجالِي ... بني حسَنٍ وعزّ بني الحصين أما لو شئت ما وَخَدَتْ رِكابي ... وحالَ البعدُ بينكم وبيني ولا قَصَدَت جيادكم جيادي ... عليَّ شديد صوت الصَّارخين ولكن أمطرتْنِي في شَبَام ... مواطرُ للثُّريَّا والبُطين

290 - محمد بن زيد بن حمزة المسترشدي

290 - محمد بن زيد بن حمزة المسترشدي شهاب الدين ابن أبي سعد الحسيني ذكره البيهقي ووصفه بالفضل وأنشد له: متقارب: إمام الأئمة فُقتَ المَدى ... وأدركت حُصْل العُلى فاربع ملكتَ زمامَ الهُدى هادياً ... إلى الدّين والجانب الأمنع فشرّفتَنِى إذ تذكَّرتني ... وقد كان ودُّك لي مُقنِعي فلا زلتَ بدراً لنا كاملاً ... مُضيئاً على أشرف المطلِع 291 - محمد بن زاهر شاعر مذكور في وقته، وهو القائل: كامل: يا مَن هَوايَ لهُ هوىً مستقبلُ ... أبداً، وآخره بدائي أوَّلُ إن طال ليلُ أخِي اكتئاب ساهر ... فهواك من سهري وليلي أطول ولقد ملأتَ بحسن طرفك مُقلتي ... وتركتني، وبصبوتي يُتمثَّل وإذا قصدتُ إلى سواك بنظرة ... ألفيتُ شخصك دونه يتخيَّل وله: كامل: أفنيتُ فيك معاني الأقوال ... وعصيت فيك مَقالة العُذَّال حُلُمي بطيفِكَ حين يغلبني الكَرَىوخيالُ وجهِكَ إن سُتِرتَ خيالي

حرف السين

حرف السين // 292 - محمد بن سعد بن الحريري أبو بكر غلام ابن دريد بصري، شاعر ظريف. قال عبد الله بن شيران الأهوازي في تاريخه: وفيها - يعني سنة اثنتين وعشرين وثلاثمائة - توفي أبو بكر محمد بن سعيد ابن الحريري، غلام ابن دريد؛ وكان شاعراً ظريفاً، ومدحه نصر الخرازيّ فأجابه: طويل: أَقلي ملامي من ملامك تسلمي ... ولا تصرمي حَبلِي وما شئت فاصرمي وحُيِيت يا سلمَى على النأي والنَّوى ... تحيَّة مشهور بحبِّك مُغرم أيُرضيك منّي أنّ دمعي إذا جرى ... أمدَّته أجفاني بضعيفه من دمي؟ فلا تهجريني في هوى جُمْل واجملي ... ولا تصرميني في هوَى نُعم وانعِمي وهي قصيدة طويلة. وأنشد له ولده عبد الوهَّاب في الشقائق: طويل: تُرِيك إذا افترَّ المضيفُ وأزْهرتْ ... زخارفُ نور في عِراص حدائقَ رياضاً من النَّسرين تضحك بينها ... شقائق يتلوها ابتسام شقائق كأنَّ مخطَّ المسكفي جنباتِها ... شوارد نونات بقرطاس ماشِق 293 - محمد بن سلطان شاعر مغربي ذكره البيهقيفي كتاب " الوشاح "، وأنشد له في وصف مِبْضع الجرَّاح: خفيف:

294 - محمد بن سليمان الصعلوكي، الأستاذ أبو سهل

وصغار كأنّها ألسُن الطيّ ... رِ تخوضُ النُّفوسَ والأجساما تُبطلُ الدَّاءَ باللّثَام وتشفِيوهي إن شئت تورث الأسقاما ولها أرجلٌ ثلاثٌ ولكن ... هي بالرجل لا تطيق القيَامَا 294 - محمد بن سليمان الصعلوكيُّ، الأستاذ أبو سهل كان فاضلاً كاملاً، عالماً نبيلاً، وولده الشيخ أبو الطيب سهل بن محمد فرعه في الجلالة والنبل، فمن شعر والده محمد بن سليمان: طويل: سَلَوتُ عن الدُّنياعزيزاً فنِلتُها ... وجُدْتُ بها لما تناهت بآمالي علمتُ مصيرَ الدَّهر كيف سَبِيلُه ... فزَايلتُه قبل الزَّوال بأحوالي له: مجزوء الرمل: دع الدّنيا لعاشِقِها ... ستُصبح من ذبائحِهَا ولا تغرُرْك رائحة ... تصيبُك من روائحها فمادحُها بغفلتِه ... يصيرُ إلى فضائحها أنبأنا شهاب بن محمود الشذبانيُّ الهرويُّ أخبرنا عبد الكريم بن محمد السمعاني أنشدنا محمد بن أبي سعيد الصاعدي، أنشدنا أبو عثمان إسماعيل

295 - محمد بن سليمان الرعيني، أبو عبد الله

ابن عبد الرحمن الصابوني أنشدنا أبو طاهر الرمادي الفقيه، أنشدنا الأستاذ أبو سهل محمد بن سلمان الفقيه لنفسه: سخوتُ عن الدُّنيا عزيزاً فنِلتُها ... وجُدْتُ بها لما تناهت بآمالي عرفتُ مَصِيرَ الدَّهر، كيف سبيلُه ... فزايلته قبل الزَّوال بأجوالي 295 - محمد بن سليمان الرُّعيني، أبو عبد الله البصير الأندلسي يعرف بابن الحنّاط من أهل الأدب، متقدم فيه؛ وكانت بينه وبين أبي عامر أحمد بن عبد الملك ابن شُهَيد مناقضات ومحاورات بالأشعار. ولمّا مات أبو عامر، أنشد محمد بن سليمان قوله: سريع: لمّا نَعَى النَّاعي أبا عامرٍ ... أيقنتُ أنّي لستُ بالصّابرِ أودَى فتَى الظُّرف وتربُ النَّدى ... وسَيِّدُ الأوّل والآخر وله يمدح أبا عامر ابن شهيد من قصيدة طويلة: بسيط: أمّا الفِراقُ فلي من يومِه فَرَقٌ ... وقد أرِقتُ له لو ينفع الأرق أظعانُهم سابقت عينِي التي انهملت ... أم الدُّموع مع الأظعان تستبق؟ عاق " العقيقُ " عن السُّلوان واتَّضحت ... في " توضح " لي من نهج الهوى طرُق

296 - محمد بن سعيد البردشيري، أبو عبد الله

لولا النَّسيم الذي تأتي الرِّياح به ... إذا تضوَّع من عَرف " الحِمى " الأفقُ لم أدرِ أن بيوت الحيِّ نازلة ... " نجداً " ولا اعتادني نحو " الحمى " القلق ما في الهوادج إلاَّ الشَّمس طالعة ... وما بقلبي إلا البَثُّ والأرق وله من أخرى: بسيط: سقياً لمعْهَد لذَّات عهِدتُ به ... غِزلان " وجرة " ترعى روضةً اُنُفا من كلّ بيضاء مثل البدر مُطَّلِعا ... هَيفاء مثل قضِيب البان مُنعطفا إلف ألِفتُ الضَّنا من يوم فُرقتِه ... حتَّى غدَا بدَنِي من دقَّة أَلِفَا مات أبو عبد الله ابن الحنَّاط قريباً من سنة ثلاثين وأربعمائة 296 - محمد بن سعيد البردشيري، أبو عبد الله شاعر خراساني، متعفف، قنوع، له وعظ وزجر، وله شعر الزهاد، فمن ذلك قوله: خفيف: قلت للشيب حين لاح: ألا ابعُدْ ... قال: بُعدِي لحَيْنِ نفسكِ حينُ قلت: عاجَلتَنِي لماذا أجبنِي؟ ... قال: " إنّي أنا النّذِيرُ المُبين " وقوله: منسرح: إن قدَّمُوا الجاهلين بالنَّسَب ... وأخَّروا العالمين بالأدب فقُل " هو الله " وَصْف خالقنَا ... من بَعْد " تَبَّت يدا أبي لهب " وقوله: منسرح: لم تنفع الجاهلين موعظتي ... مَا ضرَّني جَهْلُهم فيعديني لمّا أضاعُوا نصيحتي وأَبَو ... قُلْتُ (لكم دينكم ولي ديني)

297 - محمد بن السراج المالقي الأندلسي

297 - محمد بن السرّاج المالقيّ الأندلسيّ شاعر، أديب مشهور، فمن شعره: طويل: وكم عنَّ يوم النَّحْرِ من نحرِ شادن لعيني بأطواق الجمالِ مُطَوِّق 298 - محمد بن سعيد القائد أبو المجد المعري، المعروف بابن خُرَيبة كان كاتباً، يتولى الدَّواوبن ويخدم السلاطين؛ وله شعر منه طويل وروض أنيق من شقيق كأنه ... خدودُ العذارى ينتقِطنَ بإِثمدِ يُضاحِك من نور الأقاحي أَهلَّة ... من التِّبْرِ في هالات دُرٍّ مُنضَّد وله من قصيدة طويلة مدح بها الملك الناصر صلاح الدين عند انتصاره على المَوَاصِلة: بسيط: وكان قد عَمَّهُم عفواً لو اعترفوا ... لعَمَّهُم فضلُه لكنَّهُم جَحَدُوا والعَفْوُ عند لئيم الطَّبع مفسَدَةٌ ... تُطْغِي ولكنَّه عند الكريم يَد وله يمدح الملك الناصر، وقد اجتازت العساكر بحِمْص، متوجهةً إلى حرب الحلبيين: وافر:

299 - محمد بن سلامة، الكاتب المصري

إذا خَفَقَتْ بُنُودُك في مقام ... رأيت الأرض خاشعة تمِيدُ وإنْ طرقَتْ جِيادُكُ دار قوم ... فشُمُّ الشامخات لَهَا وُهُود وإن بَرَقت سُيوفُكَ في عدوٍّ ... فما مِنْ قائم إلا حَصِيد 299 - محمد بن سلامة، الكاتب المصري قريب العهد، له أدب وشعر، منه: بسيط مجزوء: إنَّ اصطِبار المحِبّ من أدبه ... وإن كتمانه لمِن أَرَبِه أقْلَقَه الوجد فاستراح إلى ال ... دَّمع فأعياه فيض مُنْسَكِبِه 300 - محمد بن سدوس النحويّ الصِّقلِّيُّ، أبو عبد الله برع في النحو على أهل زمانه، وكان النظم والنثر طوع عنانه؛ فمن شعره يعاتب صديقاً له: متقارب: وكنت تراني الرئيس الجليلَ ... وكُنتُ أراك الرئيس الجليلا إلى أنْ قصدتَ هضاب الإخا ... ءِ فصيَّرتْهُنَّ كثيباً مهِيلا تُشِيعُ عليَّ الذي لم أَقُلْه وتُسمِعُه الخلقَ جيلاً فجيلا وهَبْنيَ قد قلته مخطِئاً أما في المروءة ألاَّ تقولا؟! وله: طويل: تطاولَ هذا الليل حتى كأنَّه ... هو الدهر لا صبحٌ يُنير ولا فجر

302 - محمد بن سعيد العشمي اليمني

وضنَّ عليَّ الطّيف بالوصل في الكرى ... فيا عجباً حتى الخيال له هجر! 301 محمد بن سهل، أبو بكر الكاتب الصقلي المعروف بالزُّريق أحد كتاب الحساب بجزيرة صقلية، وله نثر ونظم، منه قوله: وافر: لَهَا عندي وإن مُنِع الوصال ... ونادى الكاشحون بنا وقالوا سرائر لو نطقت بها لقَامت ... بحُجَّتِها وإن كثر الجِدال سأصبر ما استطعت على نواها ... فيوشك أن يكون لها نوال لعلَّ خيَالَهَا وَهْناً طروقُ ... وهل مُجدٍ إذا طرق الخيال وكيف يزورني طيف بليل ... وما للنَّوم في عيني مجال؟ وقوله: سريع: أنتَ المصفَّى جوهَراً حين لا ... يصفُو لنَا من أحد جوهَر عهْدُ الهَوَى عندك لا ينقضِي ... وذِمَّة الإخوان لا تُخفر لا تَمذق الوُدَّ لذي خُلَّة ... ولا يُرَى الدَّهرَ به تغدر ضرَائب الناس وأطباعهم ... شتَّى ضروب عندما تخبُر منها الزُّلال العذب إن ذُقته ... يوماً، ومنها الآجن الأكدر 302 - محمد بن سعيد العشمي اليمنيّ وَعشْم قرية شاميَّ تهامة، مما يلي الجبل بناحية الحَسْبَةِ، وأهلها من الأزد، وهو شاعر مذكور هناك، فمن شعره: خفيف: راح عن جفن مقلتيَّ منامي ... ورماني الهوى بسهمي سقام

ومن امسى له الفِراقُ قريناً ... والهوَى أسقياه كأس غرام كيف عذلِي ولست تعلم ما بي؟ ... جَلَّ ما بي فلا تَعُدْ لكلامي لو تراني إذا تدلَّى سُهَيل ... أودنا للمغيب بَعْض النَّعام أتقلَّى على الفِراش ضجيعاً ... مُدنِفاً تحته وهيج الضرام ليت شعري وللزَّمان صروف ... لم تزل وهي غير ذات انصرام هل أنالنَّ ما أُؤمِّل ممَّن ... يتمنى كدي بغير احترام إذ رمتني بأسهم قاتلات ... أثبتتني حتفاً، وطاشت سهامي دِعص رمل حُرٍّ عَليه قضيب ... سَيسَبَان عليه بدر التَّمام وبخدين واضحين أسيليْ ... ن وثغر يسبي ذوي الأحلام ولها جيد مُغزل أمّ خشف ... ترتعي بين عرفج وبشام ومن شعره أيضاً: طويل: بَكَيت فهل من مُسعد لبكائيا؟ ... وناديت هِنداً لو أجابت ندائيا وهيَّج أشواقَ الفؤاد حمائم ... تداعين بين الرقمتين تداعيا يغنّين أحياناً ويضحكن تارة ... فما رمت حتَّى خلتهنَّ بواكيا فقلت: حمامات بهنَّ من الأسى ... ولوعة تفريق النَّوى مثل ما بيا خليليّ إني مسعد الورق إن بكت ... فهل تريان الحقَّ أن تُسعدانيا؟ فإن تفعلا تستكملا أجر صحبتي ... وإلا فكُفَّا صاحبَيَّ ملاميا والعشميّ هذا كان في الزمان القريب، وكان في أيام الصُّلَيْحي، الدَّاعي باليمن.

303 - محمد بن سلطان الأقلامي، المغربي

303 - محمد بن سلطان الأقلامي، المغربي من جبل ببادية فاس يعرف بالأقلام، وهو إلى مدينة سبتة أقرب؛ تأدّب بالأندلس، وهو شاعر جيد الشعر، فمن شعره ما قاله في غلام عذر، فذمَّه وهو مما لم يسبق إليه: متقارب: ولما رأيت سَنا عارضيك ... تراءت به بذرة الباقل كأنك " إنَّ " التي " لامُهَا " ... حَمَتْها فصرت إلى العامل صرفتْ فؤادي عن حُبِّكم ... كما صُرِفت راحة السَّائل وله يتغزل: رمل: مُقلَة إنسانُها غَرِق ... حشوُها التسهيد والأرق وصبابات مضاعفة ... ودموع ثَرَّة دُفَق وفؤاد لا مقام له ... في ضلوع بينها حُرَق وفتىً أشفى على جُرُف ... من هلاك ما به رمق وحَشاً يسطو به لهب ... عن قليل سوف يحترق وَيْحَ أهلَ الحُب وَيْحَهُم ... ليت أهل الحُبِّ ما خُلِقوا!! يعلم الواشون سرَّهُم ... وهم صُمْت وما نطقوا 304 - محمد بن سعيد العطار شاعر خراساني، ذكره البيهقي في كتاب " الوشاح " وأنشد له

305 - محمد بن سعيد الغزنوي

قوله: طويل: رحلتَ على يُمْنٍ وأُبْتَ على سعدِ ... وأُوليتَ إقبالاً يدومُ على سعدِ وأوفى على الأرزاقِ جُودُك ساحباً ... لديك نعيمَ الدَّهر بالقربِ والبعد تُقلِّدُ أعناقَ الأنامِ عقودَه ... مفصَّلةً بالشكر والذكر والحمد أرى فيكَ: مقرونَينِ غيثاً وبارقاً ... تهلّل في وجهٍ من المزنِ والعُهْد 305 - محمد بن سعيد الغزْنوي شاعر مذكور، مشهور في ناحيته، وذكره البيهقي في " الوشاح "، قال في فتح هناك ويمدح السلطان بهرام شاه: بسيط: حُكْمُ السياسةِ عدْلٌ فيه مزدجَرٌ ... لمن أَصرَّ على سوءٍ وما انتصحَا ظنَّ الظنونَ فغرَّته غباوتُه ... وطرفُهُ لأكاذيب المنى طَمَحَا أُمنيَّةُ كبُرَتْ عن وِزرِه فدعتْ ... إلى المنِيَّةِ منه حالكاً وقحاَ وأين تبدو السُّها والشمس قد طلعتْ ... والكلبُ، كيف يَضُرُّ البدرَ إن نبحا وهي طويلة في المدح. 306 - محمد بن السريّ بن السرَّاج البغداديُّ، النحويُّ، الفاضل الكامل، صاحب المصنفات الجليلة في النحو، واحد زمانه، صحب المبرد وأكثر الأخذ عنه، وتصدر لأمر العلم؛ وكان له شعر أجلّ من شعر النحاة. وكان قد علق

محبَّة قينة، فأنفق عليها ماله، واتفق أن قدم المكتفي من الرَّقَّة إلى بغداد في الوقت الذي وَليَ الخلافة. قال الأوارجي الكاتب: وجلستُ في ذلك اليوم أنا وابن السرَّاج وأبو القاسم عبد الله بن حمدان الوصليُّ الفقيه في رَوْشن نتفرّج لما وافى المكتفي في الماء نظرنا واستحسنّاه. وكانت هذه القينة قد جفتْ ابن السراج لمّا قلّ - ماله، فقال في ذلك الوقت: قد حضرني شيء، فاكتبوه عني، فكتبته وهو قوله: كامل: قايست بين جمالِها وَفعالِها فإذا المَلاحةُ بالخيانةِ لا تَفي حلفتْ لنا ألاّ تخونَ عهودنا ... فكأنّما حلفتْ لنا ألاّ تَفي والله لا كلَّمتُها ولو أنَّها ... كالشمسِ أو كالبدرِ أو كالمكتفي ومرَّ على هذا زمان، وكان زنجي الكاتب يهوى قينة، ويدعوها في أيام الجُمَع، ويحدِّث بأمرها وأمره معها أبا العباس أحمد بن محمد بن الفرات. قال الأوارجي: فحدثني زنجي أنّه غدا يوم سبت على أبي العباس، فسأله عن القينة في أمسه وما غنَّته؛ فقال: كان صوتي عليها: " قايَسْتُ بين جمالها ... " " البيتين " قال: وسألني أبو العباس عنهما ولمن هما؟ فقلت: ما لعبد الله بن المعتز!

فقلت له: إنهما ليسا لعبد الله بن المعتز، وإنما هما لأبي بكر محمد بن السراج، وقصصت له قصتها؛ فعجب من ذلك. واجتمع أبو العباس أحمد بن محمد ابن الفرات بالمكتفي وأنشده البيتين؛ فسأله: من قائلهما؟ فقال: هما لعبيد الله ابن عبد الله بن طاهر، سهواً منه؛ فقال: أحمل إلية ألف دينار! فلما اجتمع زنجي بأبي العباس، أخبره بالقصة. فقال له زنجي: ما قلت إلا أنهما لعبد الله بن المعتز، وقد أخبرني بعدك الأوارجيّ أنهما لأبي بكر بن السرّاج. فقال: غلطت أنت، وغلطت أنا، وقد ساق الله تعالى لابن طاهر رزقاً، وأعطاني الألف دينار وقال: امضِ بها إلى عبيد الله بن عبد الله بن طاهر، وسلّمها له من يدك، وأخبره الخبر! ففعلت، فأخذها، وشكر. فانظرْ ما أعجب هذه القصة! حُرِمها صاحبها وأخذها غيره بالوهم! وبعد هذا كلّه، لم يمت ابن السرّاج حتى ملك القينة وأولدها ولده، وكانت تحبّه حباً شديداً لحبها. قال بعض الرواة: حضرت مجلس ابن السراج وهو يُقريءُ الناس النحو وغيره من أنواع الأدب، وإلى جانبه ابن له صغير، وهو شديد الحنوِّ عليه؛ فقال له بعض الحاضرين: أتحبّه أيّها الشيخ؟ فقال متمثلاً: رجز: أُحبُّه حُبَّ الشحيح مالَهْ ... قد كان ذاقَ الفقر ثم نالَهْ قال الأوارجيُّ: وأنشدني ابن السرّاج لنفسه، وقد جدّر إبن يانس المغني - وكان من أحسن الناس وجهاً - وكان قد علق به وهويه: سريع: يا قمراً جُدِّر لما استوى ... فزادني حُزْناً وزادتْ هُمومي أظنه غنّى لشمسِ الضحى فنقَّطته طرَباً بالنجومِ

307 - محمد بن سليمان بن علي بن عبد الله بن العباس

وصنّف أبو بكر بن السراج كتباً جليلة، منها: كتاب " الأصول في النحو "، وهو أجل كتاب صنف في بابه، وكتاب " الاشتقاق "، وكتاب " علل النحو "، وكتاب " احتجاج القراء " ولم يتمّ، وكتاب " الموجز " في النحو، إلى غير ذلك. ومات - رحمه الله - في يوم الأحد، ليلة تسع من ذي الحجة سنة ست عشرة وثلاثمائة. 307 - محمد بن سليمان بن علي بن عبد الله بن العباس ابن عبد المطلب من رجال بني هاشم وملوكهم وفرسانهم. زوّجه المهدي إبنته العباسة ونقلها إليه إلى البصرة، وكان له خمسون ألف مولى، منم عشرون ألف عتاقة؛ والباقون داخلون في جملته متزوجون إلى عبيده، وعبيده متزوجون فيهم وهم يسمون الخوَل. قلّده المنصور البصرة، فلما ظهر بها إبراهيم بن عبد الله بن حسن، خرج عنها محمد بن سليمان وأخوه جعفر بن سليمان، ثم ولاه المنصور الكوفة، ثم قلده البصرة ثانية في سنة تسع وخمسين ومائة، وأضاف إليها الأهواز والبصرة والبحرين، وعُمان،

308 - محمد بن سعد التميمي

والسند، ثم زاده المهدي إليها كُوَرَ دجلة، وفارس، واليمامة؛ فبقي عليها أيام المهدي وموسى وهارون وتوفي في رجب سنة ثلاث وسبعين ومائة، وهو القائل للمهدي: طويل: بقيتَ أميرَ المؤمنين على الدَّهرِ ... ولُقِّيتَ خيراً من إمامٍ ومن صِهْرِ لقد زيدتِ الأيامُ حُسناً لأنها ... مع اسمكَ تجري في التواريخ والذكر محمد المهديُّ أَمْنٌ ورَحمةٌ ... ويُسرٌ أتى بعد المخافةِ والعسر لبَدْرُ بني العباس مهديُّ هاشمٍ ... أجلُّ من الشمسِ المضيئة والبدر ومن شعره أيضاً: منسرح: قد علِمَ اللهُ أنَّني رجلٌ ... لا يمتطيني الإمساكُ والبَخَلُ أُنفِقُ في الله ما حوتْه يدِي ... لا يعملُ اللومُ فيَّ والعَذَل مُقاطِعٌ مَن دنتْ قطيعتُهُ ... منّي وذُو وُصْلَةٍ لمنْ يَصلُ 308 - محمد بن سعد التميمي الكاتب، شاعر مذكور، عربيُّ النسب، بغدادي الدار، وهو القائل: طويل: سأشكرُ عَمراً إن تراخت منيّتي ... أياديَ لم تُمْنن وإنْ هيَ جلَّتِ فتىً غير محجوب الغِنَى عنْ صديقِهولا مُظهر الشكوى إذا النَّعل زلَّت رأى خَلَّة من حيثُ يَخفى مكانُهافكانت قذَى عينيه حتى تجلَّتِ

209 - محمد بن سلامة ابن أبي زرعة الدمشقي، الكناني

209 - محمد بن سلامة ابن أبي زرعة الدّمشقيّ، الكنانيّ شاعر محسن، وهو ديك الجنّ، شاعر الشام. قال أبن أبي طاهر: إسمه المُعَلَّى، والأول أثبت؛ وهو القائل لأبي الجهم أحمد بن سيف الكاتب: متقارب: ولكن أبو الجهم إن جئته ... لهيفاً حُجِبتَ عن الحاجب وإن جئته داعياً مادحاً ... رجعت بجائزة الخائب وليس بذي موعد صادق ... ويبخل بالموعد الكاذب فيالك من منظر شاحب ... هناك ومن خلق ساحب وله: كامل: إن القوافي عنك أُخِّرإذنها ... وأظنُّها ستعود لا تستأذن وإخالُها تأبى وتأنف أن تُرى ... مستنفراً جأشي وجأشك ساكن لا يؤ نسنَّك أن تراني ضاحكاً ... كم ضحكة فيها عَبوس كامن وله: كامل: أُدنِيت من قبل السؤال، وبعده ... أُقصيت، هل يرض بذا من يفهم؟ وإذا رأيت من الكريم غضاضة ... فإليه من أخلاقه أَتظلَّم

310 - محمد بن سليمان الحرمي

310 - محمد بن سليمان الحرَميّ شاعر كان في خدمة محمد بن طاهر بن عبد الله بن طاهر فلما زال أمره على يد يعقوب الصفّار، قال محمد بن سليمان: كامل: من كان يدري أنَّ مثلَ محمّد ... يغتاله خطب الزَّمان الأنكد وهو الذي لولاه ما افترع النّدى ... عذر المكارم والنُّهى والسُّؤدد قُل للخلافة فلتمُت إن لم يمت ... يعقوب ميتة حائر متلدِّد 311 - محمد بن سعيد العامريُّ الدِّمشقيّ شاعر مذكور في وقته، وهو القائل: كامل: لمّا اعتنقنا للوداع وأعربت ... عبراتنا عنّا بدمع ناطق فرَّقن بين محاجر ومجاجر ... وجمَعن بين بنفسج وشقائق وأنا الفداء لظبيةٍ أحداقنا ... موصولة من وجهها بحدائق 312 - محمد بن سعيد بن خِدَاش بن إبراهيم بن ميسرة، أبو خداش الباخرزيُّ له شعر يعتمد فيه الرِّقة دفعة والإغراب أخرى، فمن شعره: متقارب:

313 - محمد بن سعيد العامري الدمشقي

أطاع النُّهى قلبه المُختلب ... وعاصَى دواعي الهوى والطّرب وشمّر ذيل الصِّبا نازعاً ... عن الواسمات له بالرِّيَب يُراعى النُّجوم بعين الهمو ... م كئيباً، ومن يغترب يكتئب ثَوى بالمدينة عاماً بها ... دراكاً إلى رجب من رجب ومنها: وبيضاء كالشّمس رؤد الشبا ... ب ربيبة بيت عزيز الطُّنُب كأنَّ بفيها بُعيد الرِّقا ... د وقد صعد النجم إذ قد كرب عتيق العُقَار بمسك التِّجا ... رِ بأريٍ يُشاب ولم يؤتشب تمتّعت منها بطيب السِّما ... ع وجانبتُ في الله ما لم يطب وصفراء كالمسك إن ذقتها ... بشمٍّ وفي لونها كالذَّهب إذا هي ريضت بقرع المزا ... جِ ترامى لها شرر كالشُّهب فمنها مصابيح شُرَّابها ... وطيب النَّدامى إذا ما تُصَب شهدتُ مجالسها للحدي ... ث وعاصيت في شربها من شرب ومنها: أجارّة بيتي بعض المَلا ... م فلومك نارٌ وقلبي حطب 313 - محمد بن سعيد العامريّ الدمشقيِّ من شعراء دمشق؛ كان متشيعاً، يُظهر التشيّع، فاغتاله قوم من أهل دمشق، فقتلوه لرفض بلغهم عنه، ولقوله في قصيدة طويلة سبَّ فيها أبا بكر وعمر - رضي الله عنهما - أولها: رجز:

314 - محمد بن سعيد بن ضضم بن الصلت بن المثنى بن المحلق الكلابي، أبو

لقد غنيت أدهراً وأدهراً ... سكران لا آلف إلا المُسكِر ولا أرى المعروف إلا المنكرا ... فان يكن سرِّي قد تسرَّرا عنّى وعاد الصَّفو منّي كدِرا ... وصرت همّاً حنفاً مُكسّرا وخان عيني ناظري وسُكِّرا ... وطال ما كنت غضيضاً أحوَرا وطالما كنت فتىً حَزوَّرا ... مزعفراً معطَّراً معنبرا أسحب بُرداً وأجرُّ مِئزرا ... إذا مشيت للصِّبى التَّبَخترا ثم ضممت الكفَّ إلا الخِنْصرا ... وقد حملت للمجون خنجرا وظلَّت الكاعب تَلحَى المُعْصِرا ... وهي ترى فيَّ كمثل ما ترى سُقياً لذاك ما ألذَّ منظرا ... بُدِّلت بالنَّوم الطويل السَّهرا ومت لا موتاً ولكن كبرا ... ومن وقار المرء أن يُوقَّرا لزاجر من المشيب زَجَرا ... أن يألف العُرف ويأبى المنكرا 314 - محمد بن سعيد بن ضضَم بن الصلت بن المثَنى بن المحلق الكلابي، أبو مَهدي شاعر، وأبوه ضمضم الكلابي شاعر، وهو أعرابي فصيح، مدح محمد

315 - محمد بن سعيد البلخي، أبو بكر الضرير

ابن عبد الله بن طاهر ورثاه بعد مماته، وبقي إلى قبيل الثمانين والمائتين، وهو القائل: بسيط: إنَّ القَطوف إذا ما مَدَّ غايتَهُ ... يومَ الرِّهانِ الجيادُ القُرَّحُ انبَهَرَا ليس الذي حَلَبَ الأيامَ أشطُرَها ... كمثلِ مَن كان من تجريبها غُمُرَا وله من قصيدة: بسيط: حيّا الإلهُ تحياتٍ مضاعفةٍ ... عصرَ الشبابِ وعهد البُدَّن الخُرُد أزمانَ قلتُ لعذَّالي وقد عَذَلوا ... يوم الطريفة بين الرملِ والجَرَدِ: يا عاذليّ، اتركا لوْمي فإنكما ... لا تمْلكانِ هدى غيِّي ولا رشدِيَ 315 - محمد بن سعيد البلخيُّ، أبو بكر الضرير شاعر مشهور، وهو الذي يقول: رمل مجزوء: أَفدي بأمي وأبي ... من لا تُبالي غضي ووجْهُها كان إلى ... كلِّ سَقام سببي لهفي على نائيةٍ ... لم أقضِ منها أرّبي غابتْ ولكنْ ذِكرُها ... عنِّيَ لمَّا يغبِ تلك إذا ما نزحتْ ... عن بَلَدٍ لم يَطبِ وله: وافر: نأى عنِّي لنأيكُم الرُّقادُ ... وحالفني التذكُّر والسهادُ

316 - محمد بن سعيد السلمي الصيرفي، أبو بكر

علامَ صددتِ يا تفديكِ نفسي ... وَلجَّ بكِ التجنُّبُ والبعادُ؟ ولو لم أُحْيِ نفس بالأماني ... وبالتعليل لانْصدَعَ الفؤادُ 316 - محمد بن سعيد السُّلَمِيُّ الصَّيرفُّي، أبو بكر من شعراء مصر، كان يهاجي المريميّ ويقاوله، ومن شعره: هزج: أما آن بأنْ تغدو ... إلى الرّاحِ وأنْ تصبُو؟ وأنْ تجلو صدَى السَّمْعِ ... بما يَسْتعذِبُ القَلْبُ 317 - محمد بن سعيد المصريُّ، يُعرَف بالناجم كان في ناحية وهب بن إسماعيل بن عباس الكاتب، وأكثر مدحه فيه وفي أهله؛ وهو القائل يهنِّىءُ بعضهم بالنبروز: بسيط: اسلم على الدَّهر ماضيه وغابره ... فقد جرى لك فيه يُمنُ طائرهِ يوم جديد يظلُّ الدَّهر يذخره ... لمن يرى الجود من أبقى ذخائره أما ترى الفضل يستدعي برقّته ... حثَّ الكؤوس وينعى عهد تاجره؟ فضل يُسرُّ بنو الدّنيا بطلعته ... وتضحك الأرض حُسناً عن أزاهره كأنَّه واصل بعد القِلى سكناً ... وكان بالأمس أَمسى جدَّ هاجره

318 - محمد بن سعيد الأزدي

وله فيهم: وافر: تُراوحنا وتغدو لابن وهب ... مواهبُ من نَداه كالغوادي ويُشرق حين يدجوا وجهُ خطب ... كأن الأرض منه في حداد خلائق لو حكاها الغيث يوماً ... لعمَّ بقطرْ قُطْرَ البِلاد 318 - محمد بن سعيد الأزدي شاعر من شعراء مصر، مذكور بها، وهو القائل في الحبيشي: مضارع: إذا الحبيشي أنشد ... مديح قوم وجوَّد أتاك قرٌّ شديد ... من دونه الماء يجمُد وله في المُطْرِب، الشاعر المصري: خفيف مجزوء: أيُّها المُطربُ الذي ... شعرُه ينسف الطّربْ لك والله لحية ... ليس تحكِي لِحى العرب 319 - محمد بن سعيد بن إبراهيم بن نبهان الكاتب، أبو علي من أهل الكَرَخ؛ شيخ كبير فاضل، عالم مسنّ، من ذوي الهيئات؛ سمع الكثير؛ وينسب إلى التشيع، كذا ذكره ابن ماجه. ولد في يوم الاثنين الثامن عشر من شهر رمضان سنة خمس عشرة وأربعمئة، وقيل ولد في سنة إحدى عشرة وبلغ مائة سنة، فإنه مات سنة إحدى عشرة وخمسمئة.

كتب إليّ أبو الضياء الهروي، حدثنا عبد الكريم بن محمد بن منصور المررزي، أنشدنا أبو الفضل محمد بن ناصر بن محمد بن عليّ الحافظ أنشدنا الرئيس أبو علي بن نبهان الكاتب لنفسه في داره بالكرخ: سريع: أسعدُنا من وفّق الله لكلِّ فعل منه يرضاه ومن رضي من رزقه بالذي ... قدَّره الله وأعطاه واطَّرَحَ الحِرْصَ وأطماعه ... في نيلِ ما لم يُعطِ مولاهُ طُوبى لمن فكَّرَ في بعثِه ... من تبل أن يدعوْ به الله واستدركَ الفارطَ فيما مضى ... ومما نسي فالله أحصاهُ فالموت حتم في جميعِ الورَى ... طُوبى لمن تُحمَدُ عُقباه وكلُّ من عاش إلى غايةٍ ... في العمرِ فالموتُ قُصاراه يَعلمه حقّاً يقيناً بلا ... شكٍّ ولكن يتناساه كأنما خُصَّ به غيرنا ... أوْ هُوَ خَطْبٌ نتوقَّاه وإن جَرَى ذكرٌ له بينَنا ... قُلنا جميعاً: قد عَلِمناهُ وليسَ فينا واحدٌ عاملٌ ... لغير ما يصلحُ، دنياهُ كم آمِن في سِرْبهِ غافل ... في أعظمِ العزِّ وأوفاهُ أموالُهُ لا تنحصي كثرَةً ... والخلقُ ترجوه وتخشاهُ ومن عظيم الذكر في نعمةٍ ... يُرْجى ويُخشى، وله جاه قد باتَ في خفضٍ وفي غِبطةٍ ... في أطيبِ العيش وأهناهُ أصبحَ قد فارق ذا كُلَّهُ ... قهراً، وصار القبرُ مثواهُ فزالتِ النِّعمةُ في لحظةٍ ... واسترجع الدهرُ عطاياهُ سِيق إلى دار البِلي مُكرَهاً ... لم يُغْنِ عنه المالُ والجاهُ وكلُّ من كان ودُوداً له ... تحت تُرابِ الأرضِ واراهُ حتى إذا ما غاب عن عينِهٍ ... عادَ إلى الدُّنيا وخلاَّهُ

مُقاطعاً مُطَّرَحاً مُهمَلاً ... من غير ذنبٍ يَتجافاهُ كأنه لم يَرَهُ ساعَةً ... ولم يَكنْ في الدّهرِ لاقاهُ لِي أَجلٌ قدَّرهُ خالِقي ... نَعَمْ، ورِزْقٌ أتوقَّاهُ حتى إذا آستوفيتُ منه الذي ... قُدِّرَ لي لا أتعَدَّاهُ قال كِرامٌ كُنتُ ألقاهُمُ ... في مجلسٍ قد كنتُ أغشاهُ: صارَ ابنُ نَبهانَ إلى ربِّه ... يرحمُنا الله وإيَّاهُ!! توفي الرئيس أبو علي محمد بن سعيد بن إبراهيم بن نبهان رحمه الله ليلة الأحد، ودفن يوم الأحد السابع عشر من شوال سنة إحدى عشرة وخمسمئة. 320 - محمد بن سليمان بن قتلمش بن تُركانشاه السمرقندي الأصل، البغدادي المولد والدار، أبو منصور من أولاد الأمراء؛ له معرفة حسنة بالأدب، وشيء من العلوم الرياضية. وشعره جيّد، وتولى حجابة الحُجّاب بالديوان العزيز - مجَّده الله - في ذي الحجة سنة خمس عشرة وستمئة. كتب إليّ محمد بن يحيى الدُّبيثي: أنشدني أبو منصور محمد بن سليمان الأمير لنفسه، وكتب لي بخطه: بسيط: لي في هواكَ وإنْ عذَّبتني أرَبٌ ... ينفي السُّلوَّ قُطِّعتُ آرابَا لا أطلبُ الروحَ من كربِ الغرام ولوصابت عليَّ سماءُ الحبِّ أوصابَا ولست أبغي ثوابَ الصبر عنك، ولوْألبَستَني من سَقام الجسمِ أثوابا وشقوتي بك لا أرضى النعيمَ بها ... وساعةٌ منك تسوى النار أحقابا

وأنشدني أيضاً لنفسه: كامل: ومهفهفٍ غَضِّ الشبابِ أنيقِهِ ... كالبدرِ غصّني القوام وريقِهِ نازعتُه مشمولةً فأدارَها ... من مُقلتيهِ ووجنتيهِ ورِيقِهِ قلت: ورأيت له مصنّفاً في الأدب، سمّاه " التبر المسبوك "، من حسان المجاميع، وانتقل إليَّ - والله المحمود - وهو في ملكي، وفيه فوائد جميلة من فن الأدب؛ صنفه لابن صديقه أبي غالب عبد الواحد بن مسعود بن الحصين المسمّى بالشريف أبي منصور، وسيره إليه إلى حلب مع ولد له متخلف، وكافاه أبو منصور المذكور عن التصنيف بما وصلت همّته إليه على صغرها ونزارتها، وأخذ الولد ذلك القدر، واجتاز في طريقه إلى بغداد بدُنَيْسَر، فوجد فيها المومسات متيسرات، فأنفق عليهن ذلك القدر، على نزارته، ثم مات فيما بلغني. وقد كان أبوه محمد في ذلك الوقت في عسر من أمره، وذلك قبل أن يتولى حجابة الديوان في الأيام الناصرية؛ ثم لطف الله به وتولى، وقد كان له ولد مات شاباً وقد قارب العشرين. وكان الله قد فتح عليه علم الهندسة، فبلغ فيه مبلغاً قصر عنه المشايخ، واستخرج غوامض من المسائل، مرّت الدهور عليها وهي معلّقة؛ وسمعت أنه استخرج ضلع المسبّع في الدائرة، وأقام عليه البرهان، وهو مما عجز عنه بُطلَيْموس ومن قبله ومن بعده. ولقد بلغني أن أحد القائمين بهذا النوع قال في ضلع المسبّع: وقد أعيانا استخراجه بالبرهان، ولعلّ الله أخّر علمَ ذلك إلى أن يأتي من يختص به في أثناء الزمان المستقبل، فكان - والله أعلم - ولد محمد بن قتلمش. قال القيلوي: كتب ابن قتلمش على يدي إلى نظام الدين، وزير حلب: خفيف:

321 - محمد بن سليمان أبو بكر الأندلسي الوزير الكاتب

ذُو عِيالٍ ومقترٍ وعَلى النسْ ... خِ، فوا طول حيلتي لي ولو أني كالكاتب ابنِ هِلالٍ ... لحِقَتْه أخلاقُ هذا الجيلِ توفي محمد بن سليمان - رحمه الله - يوم الاثنين سادس عشرين ربيع الآخر سنة عشرين وستمائة، ودفن يوم الثلاثاء بمقبرة. 321 - محمد بن سليمان أبو بكر الأندلسي الوزير الكاتب المعروف بابن القَصيرة له شعر عذْب، ولسان عضب، ونظم رائق، وفضل فائق. فمن شعره من قصيدة يمدح بها يوسف بن تاشفين المستولي على المغرب يومئذ: وافر: فسارا إلى الطعانِ حليفَ صدقٍ ... تثورُ بهِ الحفيظةُ والذِّمامُ نَمَى في حِمْيرٍ ونَمَتْكَ لخْمُ ... وتلك وشائجٌ فيها التحامُ فيوسُفُ يوسفٌ إذا أنتَ منه ... كَ " يَامِنَ " لا وَهى لكما نظام

322 - محمد بن سوار الأوشبوني الأندلسي

322 - محمد بن سِوَارٍ الأُوشبوني الأندلسي وزير، كاتب، له أدب وشعر، فمن قوله: بسيط: إياك منْ ظبيةٍ في ذلك الكنسِ ... فإنها أختُ ذاك الضَّيغم الهَرِس كم نمَّ بي جَرْسُ قِرطيها وساعدني ... ما في الجلاجل من صوتٍ ومن جرَس ما ظبية الكنَسِ العفراءِ هِمتُ بها ... وإنما تيمَتني ظبية الأَنس ما يُعرف العرف في المسواك من شنبٍ ... إلا من الشَّنبِ المِعطارِ واللَّعَس يا ربَّة الخِدْر حيثُ النجر من " أَسد " والمَوج من زرد والسيف من فرس رسومُ داركِ في " يَبرين " دارِسةٌوفي الحشا لكِ ربْعٌ غيرُ مُندرس 323 - محمد بن سليمان بن الحناط الأديب الكفيف الأندلسي، أبو عبد الله ذكره ابن بسّام وسجع له، فقال وأبو عبد الله هذا زعيم من زعماء العصر كان، ورئيس من رؤساء النَّظم والنثر في هذا الأوان،

وجمرةُ فهم لفحت وجوه الأيام، وغمرة علم سالت بأعلام الأنام، وهو من قرطبة. وقد ذكره ابن حيان في كتابه قال نُعي إلينا في سنة سبع وثلاثين وأربعمئة، هلك بالجزيرة الخضراء في كنف الأمير محمد بن القاسم. وكان من أوسع الناس علماً بعلوم الجاهلية والإسلام، بصيراً بالآثار العلويّة، حاذقاً بالطب والفلسفة والآداب والعلوم الإسلامية، فمن شعره كامل راحتْ تُذكِّر بالنسيم الرَّاحا ... وطفاءُ تكسُرُ للجنوح جَناحَا أخفى مسالِكَها الظلامُ فأوقدْتمن بَرْقها كي تهتدي مصباحا وكأنَّ صوتَ الرَّعد خلف سحابها ... حادٍ إذا ونتِ السحائبُ صاحَا جادَتْ على التَّلَعاتِ فاكتَست الربى ... حُلَلاً أقامَ لها الربيعُ وِشاحَا روض يحاكي الفاطميَّ شمائلاً ... طِيباً؛ ومزنٌ قد حكاهُ سَماحَا وله أيضاً: طويل: سقى القطرُ ما بين العقيق وضارجٍ ... معارفَ فيها للأحبَّةِ عِرفانُ وحيَّا الحيَا عهداً عهِدناْ باللِّوى ... لوَى ديننا فيه صدودٌ وهِجران لياليَ روضُ الوصْل فيهنَّ مْمرعٌ ... وغصْنُ الصِّبا إذ ذاكَ أخضرُ فينان تُديرُ علينا الرَّاحَ فيها جآذِرٌ ... ويُسكِرُنا باللحظِ مِنهُنَّ غِزلان ولم أرَ مثلي كيف صار بقلبهِ ... من الوجدِ نيران وفي الجَفن طوفان ولا مثل هذا العَدْل كيف أعادَهُ ... عَليُّ، وقد مرّتْ من الظلم أزمان

324 - محمد بن سعد بن عبد الله بن الحسن بن محمد

وشعره كثير في آل حمودٍ الشرفاء بالأندلس. وله أيضاً: كامل: لم يخلُ من نُوَبِ الزمانِ أديبُ ... كلاَّ فشأنُ النائباتِ تنوبُ وإذا انتهيتَ إلى العلومِ وجدتَها ... شيئاً يُعدُّ به عليك ذُنوبُ وغضارةُ الأيام تأبى أن يُرى ... فيها لأبناءِ الذكاءِ نصيب ولِذاك من صحِبَ الليالي طالباً ... جَدّاً وَفهْما فاتَه المطلوب 324 - محمد بن سعد بن عبد الله بن الحسن بن محمد ابن علي بن سعد بن نصر بن عصام بن علكوم بن حيدر بن سويد بن عوف بن ناشرة بن نصر بن سواءة بن سعد بن مالك بن ثعلبة بن دُودان بن أسد بن خزيمة بن مدركة ابن الياس بن مضر بن نزار أبو عبد الله البغدادي قدم دمشق مراراً، وكان قارئاً للقرآن بالحروف السبعة، لغوياً، من كتّاب العراق. أنبأنا محمد بن هبة الله الشيرازي، أنبأنا أبو القاسم الدمشقي من كتابه قال: اجتمعت به - يعني محمد بن سعد - وتذاكرنا أشياء، وكان حسن المذاكرة، ولم أكتب عنه شيئاً. أنشدنا أبو اليسر شاكر بن عبد الله التنّوخي قال: أنشدنا أبو عبد الله لنفسه. سريع: أفدي الذي وكلني حبُّه ... بطول إعلالٍ وأمراضِ ولست أدري بعد ذا كلِّه ... أَساخِط مولاي أم راضي؟

وأنشدنا أبو اليسر له أيضاً: سريع: يا ذا الذي وكّل بي حبُّه ... على مدى الأيام أوجاعا وما يُبالي لقساواته ... أن ظمىء المشتاق أو جاعا وأنشد له أيضاً: طويل: سيُطوى على ذي البهجة الجسم حبههوامُ ثرى الرَّمس البعيد ودُودُه ويُضجعه سهمُ المنية مفرداًويجفوه من بعد الوصال ودوده أنشدنا أبو حصين عبد الباقي بن المحسن بن عبد الباقي التنُّوخي، أنشدنا محمد بن سعد البغدادي بجامع حلب في صّبيّ اسمه إبراهيم: خفيف يا شَبيه الصدِّيق يوسف أحيا ... ناً وحيناً ويا سَمِىَّ الخليل سيِّدي إن أردت قتلي بلا جر ... مٍ تجدني في صبر إسماعيل نظرَ الناس فوق خدِّك خالاً ... غير أنْ ما دروا لأي سبيل فهو من وهج نار وجهك ولّى ... مستجيراً بظلِّ طرف كحيل قرأت بخط محمد بن سعد: سريع: رأيتُ ظبياً حسَناً وجهُه ... أبدعه الرحمان إنشاءا فقيل لي: هل تشتهي وصله ... قلت نَعَمْ والله إن شاء الله حدثنا ابن أخيه أبو النَّجم أنه توفى في رابع المحرم من سنة ستين وخمسمائة بحلب.

325 - محمد بن سلطان بن حيوس، أبو الفتيان

325 - محمد بن سلطان بن حَيُّوس، أبو الفتيان الأمير، الشاعر الدمشقي، أحد الشعراء الشاميِّين المحسنين المجيدين؛ له ديوان كبير، ومدح جماعة، وجمع ديوانه جماعة، أجوده ما جمعه ابن البُرين المعرّي نزيل مصر، فإنه أكبرها وأكثرها. أنبأنا محمد بن هبة الله بن مميل الشيرازي، أنبأنا أبو القاسم الدمشقي قال: قرأت بخط أبي الفرج غيث بن علي، ذكر لي الشريف النسيب أن مولد أبي الفتيان في سنة أربع وتسعين وثلاثمئة بدمشق. أنشد أبو القاسم علي بن إبراهيم العلوي من حفظه قال: أخذ الأمير أبو الفتيان محمد بن سلطان ابن محمد الغنوي، بيدي، بحلب، وقال: اروِ عنّي هذا البيت: كامل: أنت الذي نفق الثَّناءُ بسوقه ... وجرى النَّدى بعروقه قبل الدم وأخبرنا العلويُّ قراءة عليه، أنشدنا الأمير أبو الفتيان محمد بن سلطان بن حيُّوس لنفسه، يمدح أمير الجيوش الدِّزبري: بسيط: إن لم أقل فيك ما يردي العدى كمداً ... فلا بلغتُ مدى أَسعى له أبدا وكيف أُصبح في الإحسان مقتصدا ... وما وجدتك فيه قط مقتصدا لأوردنَّك بالنُّعمى التي غمرت ... من المحامد بَحراً قطُّ ما وُرِدَا

326 - محمد بن سلامة بن حباه المعري

عذب المشارب ممنوع المشارع لو ... نحاه غيرك لم يظفر ببلِّ صدى ومُترعاً من معان غير ناضبة ... أنَّى ومجدك قد اضحى لها مددا أنبأنا الشيرازي، أنبأنا أبو القاسم الدمشقي، قال لنا محمد بن الأكفاني: وفيها - يعني سنة ثلاث وسبعين وأربعمئة - توفي أبو الفتيان محمد بن سلطان بن حيوس، وكان شاعراً مجيداً في شعبان بحلب؛ قلت: ودفن بمقبرة بني الموصل على جانب الخندق، خارج باب قِنَّسرين؛ وكانت بتت أخيه أبي المكارم مزوّجة بحلب إلى أحد بني جرادة، وله منها ولد سمّته باسم أبيها، ونشأ ورحل إلى بغداد، وخالط أهل العلم، وسمع كثيراً، ثم عاد إلى حلب، وأولد بها وبها مات. رحمه الله تعالى. 326 - محمد بن سلامة بن حِبَاه المعرّي شاعر، فاضل، واسع القول، قريب العهد، من زماننا. مدح أبا اليسر شاكر بن عبد الله بن سليمان، كاتب الإنشاء النوري بقوله: كامل: أنا واثق بقديم عهدك فاعلم ... ومؤهل أُنساً بقُربك فاسلم ومشاهد بدراً وطيفك نوره ... يجلو دياجي كل ليل مظلم ومفاخر بك من سما، ومنازل ... بك في المكارم كل طود أيهم علماً بأنك مثل قومك ماجد ... في كل ما تأتيه غير مُذَمَّم ومحاول بجميل رأيك وثبة ... نُوريَّة تعلو محلَّ الأنجم

ليكون جمع الشمل منك على يد ... لموفق للمكرمات مُتمِّم مع أن شخصك في سويدا مهجتي ... وسواد عيني حاضر لم يعدم وسِوى هواك وحقِّ من خلَق الهوى ... في القلب طول الدهر غير مخيم يا ابن الأكارم من تنوخ دعوة ... شهدت بصدق مودة المتكلم فأقوا مُنافِسهُمْ فنوَّه صادقاً ... لفظ الفصيح بمدحهم والأعجمي أنت ابن من لم يرض في رتب العلى ... كأبيه إلا بالمحل الأعظم وترى شِرَى الذكر الجميل وإن علا ... منٌّ وتقوى اله أوفر مغنم لولا أبو اليُسر بن عبد الله لم ... نظفر بتيسير لخطب مؤلم قاض يكاد يُحلُّ ثاقب رأيه ... وسداده عقد القضاء المبرم من معشر شهدت لهم آلاؤهم ... في كل حين بالعلاء الأقدم إن بتَّ جار ديارهم لم تهضم ... أو رمت سيب أكفِّهم لم تُحرم وإذا امرءٌ سامته ظلما كف ذي ... جور ولاذ بعدلهم لم يُظلم شرُفت بهم أرض العواصم إذ غدت ... هضباتها حُبَّاً إليهم تنتمي شيَّدت يا مجد القضاة مآثراً ... للمجد شرخ شبابها لم يهرم وعلمت من سر البراعة والنُّهى ... والفضل والإنشاء ما لم يُعلم وأتيت في الزَّمن الأخير فزدت عن ... غايات فضل الأول المتقدّم فكفي بفضلك لا يبيد لأنه ... قد دبَّ في جسدي النَّحيل وأعظمي واستخبر القاضي أبا إسحاق عن ... شغفي بذكرك وهو غير مكتم فهو المُغالي في هواك لأنه ... ما ذيق أحلى منه طعماً في فمي وهو الجدير بفرط حبك بالذي ... قد نال من فضل لديك وأنعم فاسلم وعش وابسط لعبدك عذره ... لمّا التقى الجمعان إذ لم يُقدم ففؤاده بهواك صبَّ هائم ... ولسانه بسواك لم يترنَّم وكتب في ظهرها إليه: وافر: وبِكر من بنات الفكر زفَّت ... مُخدَّرة إلى حِرْف (؟) كريم

327 - محمد بن سعيد بن محمد بن عمر بن الحسين بن الرزاز،

تفوق بذكره نشر الخُزامى ... إذا ما جاده صوب الغيوم وإن جُليَت على الأسماع زادت ... محَاسنُها عن العقد النَّظيم 327 - محمد بن سعيد بن محمد بن عمر بن الحسين بن الرزّاز، البغدادي، العدل المكنى بأبي سعد بن الشيخ أبي منصور، المعروف بابن الرزّاز من أهل درب؛ كان ظريفاً حسن الأخلاق، كيّساً، لطيفاً، كثير البشر، واسع الصدر، تامّ التواضع لأودّائه، جم الإكرام لمعارفه من أهل العلم وأخلائه. كان عدلاً؛ وتولّي النظر في التركات الحشريّة سنة أربعين وخمسمئة، وعزل عنها في سنة ست وستين وخسمئة، وكان مولده في يوم الجمعة ثاني المحرم من سنة إحدى وخمسمئة. وروى الحديث، وروى عنه؛ وله شعر قليل، قريب الحال (؟) قال ابن المارستانية: أنشدني العدل محمد بن سعيد بن محمد بن الرزّاز لنفسه قوله: كامل: شهر الزمان حُسامه في أهله ... وعدت بوائقه على أبنائه أفنى الكرام فلا نبيه يرتجى ... من جاهه أو ماله أو رايه وبقي الذين س تراهم من لؤمهم ... لا يسألون الجار عن أنبائِه مات العدل محمد بن سعيد بن الرزّاز - رحمه الله - في ليلة يوم الخميس الثاني من ذي الحجة سنة - اثنتين وسبعين وخمسمئة، وصلي عليه، ودفن مع والده بتربة أبي إسحاق الشيرازي بباب أبرز.

328 - محمد بن حسول الوزير الصفي، أبو العلاء

328 - محمد بن حَسُول الوزير الصفيُّ، أبو العلاء وصفه الباخرزيّ فقال: من عُليَة الكتّاب، الداخلين على أنواع الفضل من كل باب، فاللفظ أريٌ مَشور، والخطُّ وشي منشور، ولم يزل منذ حُلَّت تمائمه بين البلغاء منظوراً، وكالأغرّ المحجّل بين الدُّهِم المصمتة مشهوراً - اه - منزله الرَّيُّ، ومن شعره: بسيط: يا حاديَ العيرِ رفقاً بالقوارِير ... وقِف، فليس بعار وقفة العِيرْ واحلِبْ مآقي عِزٍّ، طالما قصَرت ... حُمْرَ الدُّموع على بيض الماصِير قال الباخرزيُّ: أنشدني لنفسه، في دار الكتب بالرّيّ، في شوال سنة ثلاث وأربعين وأربعمئة قوله يهجو بعض المتكبرين عليه: متقارب: دخلتُ على الشيخ في من دخل ... فغربل عصعصه، وانتخل وأظهر من نخوة الكبريا ... ء ما لم أقدر، وما لم أخل فقلت له، مؤثراً نُصحَه ... وقد يقبل النصح ممن نحل إذا كنت سيّدنا سُدتنا ... وإن كنت للخال، فاذهب تخل فقال: اغتفر زلَّتِي، منعماً ... فإني نغل، بزيت وخل وكم من وزير كبير عرا ... هـ عند قضاء الحقوق بخيل أخلَّ بحقّ دهاة الرِّجال، فما ... زال يصفع حتى أخل

§1/1