المحاضرات والمحاورات

السيوطي

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ بين يدي الكتاب الحمد لله والصلاة والسلام على محمد رسول الله وعلى آله وصحابته ومن دعا بدعوته إلى يوم الدين، وبعد: فقد حصلت علي نسختين من كتاب المحاضرات والمحاورات للسيوطي قبل اثنتي عشرة سنة، وقد استهواني ما وجدت فيه من مادة أدبية ومن رسائل ومقامات ومختارات شعرية مشرقية وأندلسية ونقول من كتب نفيسة منها المخطوط ومنها المفقود، واخترت الكتاب ليكون مادة تدريس مقرر (علم المخطوطات ومنهج التحقيق) في جامعة قار يونس ببنغازي، ثم باشرت بتحقيقه وإخراجه لجمهرة الأدباء والقارئين من المعنيين بالتراث، سنة 1992 م وقطعت شوطا كبيرا جاوز نصف الكتاب، ثم طوحت بي المقادير من بلد إلى آخر ومن دار إلى دار، أذرع الأرض سعيا للأمن والأمان والرغيف الكريم الحلال، وأرسلت ما أنجز من الكتاب مع جملة من مصادره ضمن مجموعة من الطرود فيها ما استطعت أن أرسله من مكتبتي عن طريق الشحن البحري- يوم كان الحصار الجوي مفروضا على ليبيا:- ووصل قسم قليل من الطرود، وضلت الطريق بقية الطرود، أو لنقل غيّبت، وكان الكتاب ومخطوطاته من جملة ما غاب أو غيّب، ولما استقر بي المقام في البلد الجديد، عاودني الحنين إلى الكتاب، ونفضت عن نفسي هموم الاحباط واليأس، وعاودت البحث عن مخطوطات الكتاب وتوافرت لدي ثلاث نسخ، ثم كلما قاربت من انجاز تحقيق الكتاب، ظهرت أمامي نسخ جديدة، فأعيد دراستها ومقابلتها، حتى أمكن الحصول علي ست نسخ تم بموجبها تحقيق الكتاب بعون من الله وتوفيقه، ولا شك أن هناك نسخا في بطون المكتبات لم أستطع الوصول إليها. كتاب المحاضرات والمحاورات لم ينشر من قبل، وهو موسوعة أدبية، فيه نقول كثرة عن كتب تراثية نفيسة، منها المفقود، ومنها الذي ما زال مخطوطا، وقد حفظ كثيرا من الأخبار الأدبية والدينية والتاريخية والحضارية، وحوى شعرا لشعراء لم تصل دواوينهم، وأشعارا لشعراء خلت منها دواوينهم المطبوعة، وقد بلغ عدد الأبيات المذكورة في الكتاب حوالي الفين ومائتي بيت.

لقد استقى السيوطي مادة كتابه من مجموعة كبيرة من مصادر التراث، واختار فنونا من ثمار الفكر، فيجد فيه الدارس المجاميع الأدبية، والرسائل، والمقامات، والأخبار، والأحاديث النبوية، وتراجم الرجال، وآداب العلم والتعلم، وكتب التهذيب، وتعلم الأخلاق، وما إلى ذلك من نفائس المعرفة، وقد نخل السيوطي عشرات الكتب ونقل منها واختار ما يصلح منها في المحاضرات، وحفظ ما ضاع من كتب التراث، والكتاب بجملته مكتبة رائعة نفيسة يتطلع إليها العالم والمتعلم، وقد بذلت في درسه وتحقيقه واستقصاء ما استطعت الوصول إليه من مصادره سنوات طويلة عزيزة من سني العمر الفاني، ويسرني في هذا المقام أن أزجي أطيب التحيات وخالص الشكر والتقدير لكل من أعانني للحصول على مخطوطات الكتاب، وأخص منهم الأستاذ الدكتور طاهر عمران الطير الأستاد في جامعة قاريونس الذي زودني بنسختين؛ نسخة الأصل، ونسخة مكتبة الأوقاف العراقية، وأشكر أخي الأستاذ الدكتور سمير الدروبي الأستاذ في جامعة مؤتة على تزويدي بنسخة الرباط ونسخة المكتبة الظاهرية، وشكري الجزيل لأخي الأستاذ الدكتور عبد العزيز بن ناصر المانع الأستاذ بجامعة الملك سعود الذي أتاح لي الحصول على نسختي المكتبة الوطنية بباريس، وشكري وامتناني لمركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية، والقائمين عليه، الذين أهدوني هدية كريمة هما نسختا باريس المحفوظة صورتهما في المركز، وأخص بالشكر والتحية الأستاذ الفاضل يحيى محمود بن جنيد الأمين العام لمركز الملك فيصل. وبعد، فالحمد لله على توفيقه وعونه، وما التوفيق إلا من عند الله سبحانه وتعالى، وكم منيت النفس أن تبلغ أعمالي غايتها من الصحة والكمال، وهيهات، فان الوسائل لمثلي قاصرة، مهما بذلت من جهد واجتهاد، ولذلك لا أزكي عملي من النقص والوهم والنسيان، رَبَّنا لا تُؤاخِذْنا إِنْ نَسِينا أَوْ أَخْطَأْنا والحمد لله أولا وآخرا. 17 ربيع الثاني 1423 هـ 28 حزيران 2002 م يحيى بن وهيب الجبوري

بين يدي الكتاب

جلال الدين السيوطي حياته السيوطي عالم جليل، متعدد المواهب، كثير التأليف، بعيد الصيت، طرق مختلف الموضوعات والعلوم، فأجاد فيها وبرز، وكان أحد كبار الموسوعيين في عصره، ونحاول أن نتعرف على السيوطي الإنسان، والسيوطي العالم المؤلف، في شيء من الإيجاز، ذلك لأن الدراسات التي تحدثت عن السيوطي وكتبه كثيرة، لدى القدامى والمحدثين. اسمه عبد الرحمن بن أبي بكر بن محمد بن سابق، جلال الدين الخضيري السيوطي، ولد سنة 849 هـ/ 1445 م، وتوفي سنة 911 هـ/ 1505 م، وقد ترجم السيوطي لنفسه مرتين؛ الأولى في كتابه (التحدث بنعمة الله) سنة 896 هـ[1] ، وهي ترجمة واسعة، تحدث فيها عن والده ومكانته وعلمه، وعن نفسه، ورحلاته، ومسموعاته، ومؤلفاته، وعلمه، وتبحره في العلوم، وبلوغه رتبة الاجتهاد فيها، وخلافاته مع بعض معاصريه، ولهذه الترجمة قيمة كبيرة في التعريف بحياته، والجوانب التي لا يدركها من ترجم له من معاصريه. والترجمة الثانية، في كتابه (حسن المحاضرة في أخبار مصر والقاهرة) ، كتبها سنة 903 هـ، أي قبل وفاته بقليل، وهي ترجمة ليست وافية كالأولى، ولكنها عبرت عن حياته العلمية وثقافته خير تعبير، فقد تحدث فيها عن حياته وأصله ونسبه وعلمه، وحفظه القرآن في صغره، وقراءته على الشيوخ، والكتب التي قرأها، وبدء تأليفه، ومقدار ما ألف في ذلك الوقت، ثم ذكر رحلاته وحجه لبيت الله، والعلوم التي برع فيها، والعلوم التي نهل منها ولم يبلغ فيها شأوا بعيدا، وكذلك العلوم التي عزف عنها كالفلسفة والرياضيات، وذكر مسردا بمؤلفاته موزعة حسب الفروع. وخير من يرسم معالم حياته هو السيوطي نفسه، وقد أعجبتني هذه الترجمة الصريحة المباشرة، ولذلك أدون طرفا منها، وإليك حديثه عن نفسه في كتاب (حسن المحاضرة) ، وفي بدء كلامه يمهد لذلك بتبرير لهذه الترجمة، وبأنه ليس مبتدعا في هذا الأمر، بل هو يقتدي بمن قبله من العلماء الذين ترجموا لأنفسهم، وأشهر هؤلاء: الإمام عبد الغافر الفارسي في تاريخ نيسابور، وياقوت الحموي في معجم الأدباء، ولسان الدين ابن الخطيب في تاريخ غرناطة، والحافظ تقي الدين الفارسي في تاريخ مكة، والحافظ أبو الفضل ابن حجر في قضاة مصر، وأبو شامة في الروضتين، ويقول:

_ [1] كتب اليزابث ماري سارتين رسالتها عن هذه الترجمة، ونالت بها درجة الدكتوراه من جامعة كمبردج.

«أما جدي الأعلى همام الدين، فكان من أهل الحقيقة، ومن مشايخ الطرق، ومن دونه كانوا من أهل الوجاهة والرياسة، منهم من ولي الحكم ببلده، ومنهم من ولي الحسبة بها، ومنهم من كات تاجرا في صحبة الأمير شيخون، وبنى مدرسة بأسيوط ووقف عليها أوقافا، ومنهم من كان متمولا، ولا أعرف منهم من خدم العلم حق الخدمة إلا والدي، وسيأتي ذكره في قسم الفقهاء الشافعية، وأما نسبتنا بالخضيري، فلا أعلم ما تكون إليه هذه النسبة، إلا الخضيرية محلة ببغداد، وقد حدثني من أثق به، أنه سمع والدي رحمه الله تعالى، يذكر أن جده الأعلى كان أعجميا، أو من الشرق، فالظاهر أن النسبة إلى المحلة المذكورة. وكان مولدي بعد المغرب، ليلة الأحد مستهل رجب، سنة تسع وأربعين وثمان مئة، وحملت في حياة أبي إلى الشيخ محمد المجذوب، رجل كان من كبار الأولياء، بجوار المشهد النفيسي فبرك عليّ، ونشأت يتيما، فحفظت القرآن ولي دون ثمان سنين، ثم حفظت العمدة، ومنهاج الفقه والأصول، وألفية ابن مالك، وشرعت في الاشتغال بالعلم من مستهل سنة أربع وستين، فأخذت الفقه والنحو عن جماعة من الشيوخ، وأخذت الفرائض عن العلامة فرضي زمانه، الشيخ شهاب الدين الشارمساحي، الذي كان يقال إنه بلغ السن العالية، وجاوز المائة بكثير، والله أعلم بذلك، قرأت عليه في شرحه على المجموع، وأجزت بتدريس العربية في مستهل سنة ست وستين، وقد ألفت في هذه السنة، فكان أول شيء ألفته شرح الاستعاذة والبسملة، وأوقفت عليه شيخنا شيخ الإسلام علم الدين البلقيني، فكتب عليه تقريظا، ولازمته في الفقه إلى أن مات، فلازمت ولده فقرأت عليه من أول التدريب لوالده، إلى الوكالة، وسمعت عليه من أول الحاوي الصغير إلى العدد، ومن أول المنهاج، إلى الزكاة، ومن أول التنبيه إلى قريب من باب الزكاة، وقطعة من الروضة من باب القضا، وقطعة من تكملة شرح المنهاج للزركشي، ومن أحيا الموات إلى الوصايا، أو نحوها، وأجازني بالتدريس والإفتاء من سنة ست وسبعين، وحضر تصديري، فلما توفي سنة ثمان وسبعين، لزمت شيخ الإسلام شرف الدين المناوي، فقرأت عليه قطعة من المنهاج، وسمعته عليه في التقسيم، إلا مجالس فاتتني، وسمعت دروسا من شرح البهجة، ومن حاشية عليها، ومن تفسير البيضاوي. ولزمت في الحديث والعربية، شيخنا الإمام العلامة تقي الدين الشبلي الحنفي، فواظبته أربع سنين، وكتب لي تقريظا على شرح ألفية ابن مالك، وعلى جمع الجوامع في العربية، تأليفي، وشهد لي غير مرة بالتقدم في العلوم، بلسانه وبنانه، ورجع إلى قولي مجردا في حديث فاته، أورد في حاشيته على الشفا، حديث أبي الجمرا في الإسرا، وعزاه إلى تخريج ابن ماجة، فاحتجت إلى إيراده بسنده، فكشفت ابن ماجة في مظنته، فلم أجده، فمررت على الكتاب كله، فلم أجده، فاتهمت نظري، فمررت مرة ثانية فلم أجده،

فعدت ثالثة، فلم أجده، ورأيته في معجم الصحابة لابن قانع، فجئت إلى الشيخ وأخبرته، فبمجرد ما سمع مني ذلك، أخذ نسخته، وأخذ القلم فضرب على لفظ ابن ماجة، وألحق ابن قانع في الحاشية، فأعظمت ذلك وهبته، لعظم منزلة الشيخ في قلبي، واحتقاري في نفسي، فقلت: ألا تصبرون لعلكم تراجعون، فقال: لا، إنما قلدت في قولي ابن ماجة، البرهان الحلبي. ولم أنفك عن الشيخ، إلى أن مات، ولزمت شيخنا العلّامة أستاذ الوجود محيي الدين الكافيجي، أربع عشرة سنة، فأخذت عنه الفنون، من التفسير والأصول والعربية والمعاني، وغير ذلك، وكتب لي إجازة عظيمة، وحضرت عند الشيخ سيف الدين الحنفي دروسا عديدة في الكشاف والتوضيح وحاشيته عليه، وتلخيص المفتاح والعضد، وشرعت في التصنيف في سنة ست وستين، وبلغت مؤلفاتي إلى الآن ثلاث مئة كتاب، سوى ما غسلته ورجعت عنه، وسافرت بحمد الله تعالى، إلى بلاد الشام، والحجاز، واليمن، والهند، والمغرب، والتكرور، ولما حججت شربت من ماء زمزم، لأمور منها: أن أصل في الفقه إلى رتبة الشيخ سراج الدين البلقيني، وفي الحديث إلى رتبة الحافظ ابن حجر. وأفتيت في مستهل سنة إحدى وسبعين، وعقدت إملاء الحديث من مستهل سنة اثنين وسبعين، ورزقت التبحر في سبعة علوم: التفسير، والحديث، والفقه، والنحو، والمعاني، والبيان، والبديع، على طريقة العرب والبلغاء، لا على طريقة العجم وأهل الفلسفة، والذي أعتقده أن الذي وصلت إليه من هذه العلوم السبعة، سوى الفقه والنقول التي اطلعت عليها فيها، لم يصل إليه ولا وقف عليه أحد من أشياخي، فضلا عمن هو دونهم، وأما الفقه، فلا أقول ذلك فيه، بل شيخي فيه أوسع نظرا، وأطول باعا، ودون هذه السبعة في المعرفة، أصول الفقه، والجدل، والتصريف، ودونها الإنشاء والترسل والفرائض، ودونها القرآات، ولم آخذها عن شيخ، ودونها الطب، وأما علم الحساب، فهو أعسر شيء عليّ، وأبعده من ذهني، وإذا نظرت في مسئلة تتعلق به، فكأنما أحاول جبلا أحمله، وقد كملت عندي الآن آلات الجهاد بحمد الله تعالى. أقول ذلك تحدثا بنعمة الله تعالى، لا فخرا، وأي شيء في الدنيا حتى يطلب تحصيلها في الفخر، وقد أزف الرحيل، وبدا الشيب، وذهب أطيب العمر، ولو شئت أن أكتب في كل مسألة مصنفا، بأقوالها وأدلتها النقلية والقياسية، ومداركها ونقوضها وأجوبتها، والموازنة بين اختلاف المذاهب فيها، لقدرت على ذلك، من فضل الله، لا بحولي، ولا بقوتي، فلا حول ولا قوة إلا بالله، ما شاء الله، لا قوة إلا بالله. وقد كنت في مبادي الطلب قرأت شيئا في علم المنطق، ثم ألقى الله كراهته في قلبي، وسمعت أن ابن الصلاح أفتى بتحريمه، فتركته لذلك، فعوضني الله تعالى عنه علم

الحديث، الذي هو أشرف العلوم، وأما مشايخي في الرواية سماعا وإجازة، فكثيرا ما أوردتهم في المعجم الذي جمعتهم فيه، وعدتهم نحو مئة وخمسين، ولم أكثر من سماع الرواية، لاشتغالي بما هو أهم، وهو قراءة الدراية» . ثم يذكر مصنفاته حسب الموضوعات، وسيرد الكلام عليها [1] . عاش السيوطي حياة حافلة بالنشاط العلمي والاجتماعي، وقد شغل مناصب جليلة، وقامت بينه وبين منافسيه خصومات ودرس على كثرة من شيوخ عصره، كما أخذ الحديث عن نساء فضليات، وقد مر في ترجمته لنفسه أنه نشأ يتيما، وكفله كمال الدين ابن الهمام الذي كان وصيا عليه، فتعهده بالرعاية والتعليم، ومن ذلك أنه حفظ القرآن وهو دون

_ [1] حسن المحاضرة 1/155- 157، ط مطبعة الموسوعات، مصر، و 1/335- 337 تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم، ط دار إحياء الكتب العربية، القاهرة 1967 م. وانظر في ترجمة السيوطي في: الضوء اللامع 4/68، بدائع الزهور 4/83، مفاكهة الخلان 1/301- 302، ترجمة السيوطي، شمس الدين محمد الداوودي، مخطوطة توبنجن رقم 10134، النور السافر ص 54، الكواكب السائرة 1/228، شذرات الذهب 8/53، البدر الطالع 1/333، فهرس الفهارس والأثبات 2/352، تاريخ الأدب الجغرافي، كراتشكوفسكي، 2/488، المؤرخون في مصر القرن التاسع الهجري ص 56، مؤرخو مصر الإسلامية ص 142، وممن ألف عن السيوطي أو عن جانب من علمه: قبر الإمام السيوطي وتحقيق موضعه، أحمد تيمور، القاهرة 1927، أدب السيوطي، دراسة نقدية، قرشي عباس دندراوي، القاهرة 1974، السيوطي النحوي، عدنان سلمان، بغداد 1976، جلال الدين السيوطي، بحوث ألقيت في ندوة المجلس الأعلى لرعاية الفنون والآداب والعلوم الاجتماعية، القاهرة 1976، جلال الدين السوطي مسيرته العلمية ومباحثه اللغوية، مصطفى الشكعة، القاهرة 1981، مكتبة الجلال السيوطي، أحمد الشرقاوي إقبال، الرباط 1977، جلال الدين السيوطي، منهجه وآراؤه الكلامية، محمد جلال شرف، بيروت 1981، دليل مخطوطات السيوطي وأماكن وجودها، أحمد الخازن ومحمد الشيباني، الكويت 1983، جلال الدين السيوطي وفن المقامات، السيد علي حسن، مجلة كلية الآداب، سوهاج 1983، شرح مقامات جلال الدين السيوطي، سمير الدروبي، بيروت 1989، جلال الدين السيوطي، عصره وحياته وآثاره وجهوده في الدرس اللغوي، طاهر سليمان حمودة، القاهرة 1989، جلال الدين السيوطي وأثره في الدراسات اللغوية، عبد العال سالم مكرم، بيروت 1989، السيوطي وجهوده في علوم القرآن، عبد الحليم هاشم الشريف، القاهرة 1991، فن المقامة بين البديع والحريري والسيوطي، أحمد أمين مصطفى، القاهرة 1991، ترجمة الشعراني لشيخه السيوطي، تحقيق سمير الدروبي، مجلة جامعة مؤتة، 1993، حياة جلال الدين السيوطي مع العلم من المهد إلى اللحد، سعدي أبو جيب، دمشق 1993، عناية السيوطي بالتراث الأندلسي، صلاح جرار، مجلة مؤتة 1995، أشعار أندلسية ومغربية مستخرجة من كتاب المحاضرات والمحاورات للسيوطي، فايز القيسي، عمان 1999، السيوطي ورسالته: فهرست مؤلفاتي (العلوم الدبنية) ، سمير الدروبي، مجلة مجمع اللغة العربية الأردني 1999، الرمز في مقامات السيوطي، سمير الدروبي، عمان 2001، وغير هؤلاء ممن فاتنا الاطلاع عليه، هذا فضلا عن الدراسات التي كتبت في مقدمات كتب السيوطي، التي كتبها المحققون، وهي كثيرة.

الثامنة من عمره، وحفظ كثيرا من المتون والكتب، في الفقه والنحو واللغة وغيرها من الفنون، وأتاحت للسيوطي كثرة أسفاره أن يأخذ عن مشايخ من مصر والشام والحجاز، بلغ عددهم كما يذكر السيوطي ست مئة نفس، وقد أجازه أكثرهم، يقول: «وأجاز لي خلق من الديار المصرية والحجاز وحلب، وقد جمعت معجما في أسماء من سمعت عليه أو أجازني، أو أنشدني شعرا فبلغوا نحو ست مئة نفس» [1] ، ومن شيوخه الذين أخذ عنهم ولازمهم مدة طويلة شهاب الدين الشارمساحي، وشرف الدين المناوي، ومحيي الدين الكافيجي، وجلال الدين المحلي، وعلم الدين البلقيني، وتقي الدين الشّمنّي، وعبد القادر ابن أبي القاسم الأنصاري السعدي، وغيرهم، أما النساء اللواني سمع منهن وأخذ عنهم الحديث فيذكر منهن: أم الهنا المصرية بنت القاضي ناصر الدين محمد البدراني، وعائشة بنت عبد الهادي، وزينب بنت الحافظ عبد الرحيم العراقي، وأم الفضل بنت محمد المقدسي، وأم هاني بنت الهوريني، وغيرهن [2] . لقد أجيز السيوطي للتدريس سنة 866 هـ، وبدأ نجمه في الصعود، وصار يفتي من سنة 871 هـ، ثم أملى الحديث بالجامع الطولوني، وكان إملاء الحديث قد توقف بموت ابن حجر العسقلاني، فجدده السيوطي [3] ، ويقول السيوطي إنه في سنة 875 هـ، تنازع الناس في أمر الشاعر الصوفي عمر بن الفارض، واسهم السيوطي في هذا النزاع منحازا لابن الفارض، وعلى أثر ذلك لقيت مؤلفات السيوطي رواجا كبيرا، حتى إنها دخلت بلاد المغرب على يد ابن المجحود المصراتي، ووصلت كذلك إلى بلاد الروم والشام والحجاز وغيرها [4] ، وفي سنة 877 هـ بلغ رتبة الاجتهاد [6] ، ثم عين في مشيخة الخانقاه البيبرسية سنة 891 هـ[7] ، وكثر خصوم السيوطي كلما علت مكانته وذاع صيته، وكان أشد خصومه الشيخ السخاوي وابن الكركي، وكان السيوطي قد كتب مقامته (الكاوي في تاريخ السخاوي) ، وهي مقامة شديدة قاسية نال فيها من السخاوي وكتابه في التاريخ، ولم يبق له علما ولا قدرا، ومما قاله في وصف خصمه: «يا أرباب النّهى والألباب، وأصحاب المعارف والآداب..... ما ترون في رجل ألف تاريخا جمع فيه أكابر وأعيانا، ونصبه

_ [1] التحدث بنعمة الله ص 43. [2] حسن المحاضرة 1/338، وجلال الدين السيوطي لمصطفى الشكعة ص 15- 23، 27- 37. [3] التحدث بنعمة الله ص 88- 89. [4] التحدث بنعمة الله ص 155- 159. [5] السابق ص 90، وبدائع الزهور 3/82، وشرح مقامات جلال الدين السيوطي 1/33. [6] صون المنطق ص 1. [7] بدائع الزهور 3/228.

لأكل لحومهم خوانا؟ ملأه بذكر المساوىء وثلب الأعراض، وفوّق فيه سهاما على قدر أغراضه والأعراض هي الأغراض، جعل لحم المسلمين من جملة طعامه وآدامه، واستغرق في أكلها أوقات فطره وصيامه، ولم بفرّق فيه بين جليل وحقير، ولا بين مأمور وأمير، ولا بين مرؤوس ورئيس، ولا بين رخيص القدر وغال نفيس، وامتد حتى إلى العلماء الأعلام، وقضاة القضاة ومشايخ الإسلام، وأرباب المناصب والحكام، وهو على هذا حقير نقير، لا يباع في سوق العلم بقطمير، لا نسبه في الأنساب عال، ولا حسبه إذا قوّمت الأحساب غال، ولا يزداد إلا جهلا على كر الأيام وممر الليالي» [1] ، وعلى هذا المنوال يمضي السيوطي في هجاء السخاوي والنيل منه، وكان السخاوي شديدا على السيوطي حين ترجم له في كتابه الضوء اللامع، وقد اتهم السيوطي بسرقة بعض مؤلفاته، والإغارة على كتب المكتبة المحمودية، واغتصاب الكتب القديمة التي لا عهد للمعاصرين بها، وكان من خصوم السيوطي الأشداء فضلا عن السخاوي كل من: أحمد بن الحسين بن العليف، والبرهان ابن الكركي، وأحمد بن محمد القسطلاني، والشمس الجوجري، والشمس الباني، وقد أفرد السيوطي لبعض خصومه مقامة أو رسالة في الرد عليه وهجائه أقسى هجاء، فألف عن ابن الكركي مقامة باسم: (الدوران الفلكي على ابن الكركي) [2] ، وفي رسائله ومقاماته نجد ردوده على خصومه وإن لم يذكر في بعضها أسماءهم، من ذلك مقامة باسم: (طرز العمامة في التفرقة بين المقامة والقمامة) ، ورسالة باسم: (القول المجمل في الرد على المهمل) ، وغير ذلك، وكان ممن وقف ينافح عن السيوطي وينصره تلميذه ابن إياس (المتوفى سنة 930 هـ) ، وجاء بعد ثلاثة قرون محمد بن علي الشوكاني (المتوفى سنة 1250 هـ) ليدافع عن السيوطي وينصفه ويرد على مزاعم السخاوي [3] . إن خصوم السيوطي لهم ما يبرر خصومتهم، فالسيوطي قد نال منزلة كبيرة في علمه وجاهه، وزاد حسد حساده وخصومة خصومه، حين عهد إليه الخليفة المتوكل على الله عبد العزيز، بوظيفة قاضي القضاة سنة 902 هـ، يولي من يشاء ويعزل من يشاء، فكبر ذلك على القضاة وقالوا: «ليس للخليفة مع وجود السلطان حلّ ولا ربط، ولا ولاية ولا عزل، ولكن الخليفة استخف بالسلطان لكونه حديث السن.. فلما قامت الدائرة على الخليفة، رجع عن ذلك، وبعث أخذ العهد الذي كتبه للشيخ جلال الدين السيوطي.. وكادت أن تكون فتنة بسبب ذلك» [4] .

_ [1] شرح مقامات السيوطي 2/933. [2] شرح مقامات السيوطي 1/371. [3] البدر الطالع بمحاسن من بعد القرن السابع 1/333. [4] بدائع الزهور 3/339.

وفي سنة 903 هـ ثار عليه صوفية الخانقاه البيبرسية، وكادوا أن يقتلوه، فقد حملوه بأثوابه ورموه في الفسقية [1] ، وفي سنة 906 هـ غضب عليه السلطان العادل طومان باي، وأراد أن يفتك به، فتوارى السيوطي، وبقي متواريا مئة يوم، وهي مدة سلطنة طومان باي [2] . وفي غمرة هذه الأحداث، واشتداد هجمة الخصوم والحساد، قرر السيوطي أن يعتزل التدريس والإفتاء، ويلزم بيته للتأليف والعبادة، وكتب في ذلك المقامة اللؤلؤية التي يبين فيها سبب اعتزاله، والسيوطي يؤرخ لنفسه في كتبه ويسجل كل حدث ينزل به أو يقرره هو، سجل جل هذه الأمور في كتبه ورسائله ومقاماته، نقرأ ذلك في: (المقامة المزهرية المسماة بالنجح إلى الصلح) [3] ، يقول فيها: إنه تصدى للإفتاء سبع عشرة سنة، وبقي في الإفتاء والتدريس إلى أن بلغ من العمر أربعين سنة، وبعد ذلك أعتزل، وكذلك في رسالة (التنفيس في الاعتذار من ترك الإفتاء والتدريس) ، وفي مقامة: (الاستنصار بالواحد القهار) [4] ، يذكر: أنه قاسى كثيرا من تصديه للفتوى، وناله بسبب ذلك ما يكون له عذر في ترك الإفتاء، وكذلك في مقدمة كتابه تنوير الحوالك، أما في: (المقامة اللؤلؤية) [5] ، فيزيد الأمر إيضاحا ويذكر لذلك أسبابا، ويقدم معاذير كثيرة، مبينا اختلال الموازين في ذلك الزمان، وغلبة الجهال والسفهاء على أهل العلم والتقى، يقول بنبرة غاضبة حزينة: «يا معشر الأحباب الصلحاء، وألى الألباب النصحاء، ومن لاح له أمر فلام عليه ولحا، إلى كم تكثرون عليّ الكلام، وتكبرون لديّ الملام ... أليس هذا زمان الصبر، الصابر فيه كقابض على الجمر؟ رأينا فيه ما أنذر به الرسول، وصحت به الأحاديث والنقول لكل سئول، من آيات وعلامات، ما كانت تقع فيما مضى منامات، ويود كل لبيب لو أنه عند المنى مات، وما من آية إلا وقد أمر النبي، عليه الصلاة والسلام، بأن يلزم العالم عندها خاصة نفسه، ويجلس في بيته ويسكت، ويدع العوام من ذلك الشح المطاع، ودنيا مؤثرة، وهوى له ذو اتباع، وإعجاب كل ذي رأي برأيه، وذلك عين الابتداع، قد مرجت الأمانات والعهود، وكثر القائلون بالزور والشهود، وجم الاختلاف، وقل الائتلاف، وكذّب الصادق، وصدّق الكاذب المائق، وخوّن الأمين وأتمن الخائن ومن يمين ... وتعلم المتعلم لغير العمل، وكان التفقه للدنيا وليس

_ [1] بدائع الزهور 3/388. [2] بدائع الزهور 3/471، 4/5- 6. [3] شرح مقامات السيوطي 2/1041. [4] المصدر السابق 1/225. [5] السابق نفسه 2/996.

له في الآخرة أمل، وأهين الكبير، وقدّم عليه الصغير، ورفعت الأشرار، ووضعت الأخيار، فلا يتبع العليم، ولا يستحى من الحليم.. «وهكذا يمضي السيوطي في بيان ما آلت إليه أمور الناس، والسوء الذي عمّ وطمّ، ويجد لكل ذلك مبررا لترك التدريس والعزلة ولزوم البيوت، يقول: «فلنجلس في البيوت، ولنلزم السكوت، ولنتّق الله في خاصة نفسنا، ولندع عامة الأمور إلى أن نحل برمسنا» ، ولم يكن السيوطي في هذا القرار مبتدعا، بل سبقه إلى ذلك جلة من العلماء، وهو يقتدي بالفضلاء من الأوائل، يقول: «وكم من عالم قبلي قد قبل هذه الوصية، إذ رأى ما ليس له به قبل، وترك الإقراء والإفتاء، وأقبل على خاصة نفسه والعمل، وقد اقتديت بهم ونعم القدوة، وائتسيت بالحديث الذي هو لكل مؤمن أسوة، طالما قطعت نهاري في التدريس والإفتاء، واستغرقت أوقاتي في نفع الناس، وقتا فوقتا، ولم أسلم على ذلكم من يوليني أذى ومقتا، ويرميني كذبا وبهتا» [1] ، والمقامة طويلة ونفيسة سجل فيها ما كان يعانيه من أهل زمانه من حسد وجور وأذى، وأمور دعته إلى لزوم العزلة وترك مخالطة الناس. لقد اعتزل السيوطي الناس، واعتزل مجالس السلطان أيضا، وترفع عن قبول هدايا السلاطين، ومما يروى أن السلطان الغوري، وكان ذا ثقافة عالية ومشاركة في الشعر والأدب والتاريخ، وله مجالس مشهورة عرفت بمجالس الغوري، وقد حاول السلطان أن يقرب السيوطي إليه، وأن يسترضيه مما لحق به من أذى في عهد سلفه، ولكن السيوطي آثر العزلة والبعد عن مجالس السلاطين، وكذلك الاعتذار عن قبول هداياهم، فقد أرسل إليه السلطان الغوري هدية هي ألف دينار وخصي، فرد المال، وقال لرسول السلطان: «لا تعد تأتينا قط بهدية، فان الله تعالى أغنانا عن مثل ذلك» ، وأما الخصي فقد أعتقه السيوطي وجعله خادما في الحجرة النبوية الشريفة [2] ، وقد عزز السيوطي موقفه هذا بأن كتب رسالته: (ما رواه الأساطين في عدم التردد على السلاطين) ، وقد رويت باسم آخر هو: (رواية الأساطين في عدم المجيء إلى السلاطين) ، وروى نجم الدين الغزي أنه نظمها في منظومة لطيفة وأضاف إليها بعض الزيادات [3] ، وهكذا تتسم حياة السيوطي بالعلم والعفة والترفع عن موائد الحكام وعطايا السلاطين. وفي سنة 911 هـ ودع السيوطي الدنيا بعد أن عاش فيها حياة عريضة خصبة حافلة بالنشاط والعطاء والعمل، وفارق الدنيا عن اثنين وستين عاما، وهو في أوج اكتماله العلمي

_ [1] شرح مقامات السيوطي 2/996- 1001. [2] بدائع الزهور 2/396، وجلال الدين السيوطي، لمصطفى الشكعة ص 108- 109. [3] الكواكب السائرة 1/228.

مؤلفات السيوطي

وازدهاره الثقافي والاجتماعي، ويقول الغزي في وفاته: «وكان له مشهد عظيم، ودفن في حوش قوصون خارج باب القرافة، وصلى عليه غائبة بدمشق بالجامع الأموي» [1] . مؤلفات السيوطي السيوطي عالم موسوعي كثير التأليف غزير الإنتاج، ألف في كل فن، واختلف من أحصى مؤلفاته في عدد هذه المؤلفات، وهي بطبيعة الحال تتفاوت بين المجلدات الكبيرة والرسائل الصغيرة، في موضوعات الثقافة العربية والإسلامية، فقد ألف في علوم القرآن، والتفسير، والحديث النبوي وعلومه، والفقه، واللغة وعلومها، والبيان والبديع، والتاريخ والتراجم والطبقات، والأدب وتاريخه، والتصوف، وتحريم علم المنطق، والطب، وغيرها. وقد ذكر السيوطي مؤلفاته في كتابين، الأول: (التحدث بنعمة الله) وذكر من كتبه 530 مؤلفا [2] ، ثم في كتابه (حسن المحاضرة) حين ترجم لنفسه، قال: «وبلغت مؤلفاتي إلى الآن ثلاث مئة كتاب سوى ما غسلته ورجعت عنه) [3] ، والمعروف أن السيوطي ألف كتابه التحدث بنعمة الله قبل كتابه حسن المحاضرة، فكيف تكون مؤلفاته في الأول 530 كتابا ثم بعد ذلك في حسن المحاضرة ينزل العدد إلى النصف 300 كتاب، هل هناك خطأ في العدد وهو 600، وكتب الناسخ 300، أم أن ما غسله بلغ نصف مؤلفاته، وهذا ما لا يعقل، وبين تأليف الكتابين مدة طويلة لابد وأنه ألف خلالها كتبا كثيرة، ومما يعزز هذا الفرض أن السيوطي ذكر في (فهرست مؤلفاته) الذي كتبه بعد حسن المحاضرة 538 مؤلفا، وقسم هذه المؤلفات إلى موضوعات هي: في التفسير: 73 كتابا، وفي الحديث: 52 كتابا، وفي المصطلح: 32 كتابا، وفي الفقه: 71 كتابا، وفي أصول الفقه والدين والتصوف 20 كتابا، وفي اللغة والنحو والتصريف 66 كتابا، وفي المعاني والبديع 6 كتب، وفي الكتب الجامعة 8 كتب، وفي الطبقات 30 كتابا [4] . واسترعت كتب السيوطي اهتمام العلماء في عصره وما بعده فأحصوها، فنجد أن كتبه قد نيّفت على الخمس مئة كما يذكر الغزي في الكواكب السائرة [5] ، وابن العماد في

_ [1] الكواكب السائرة 1/231، وينظر: قبر السيوطي وتحقيق موضعه، لأحمد تيمور ص 6- 22. [2] التحدث بنعمة الله 105- 136. [3] حسن المحاضرة 1/338. [4] فهرس الفهارس 2/359. [5] 1/228.

شذرات الذهب [1] ، وأوصل العدد إلى ست مئة مؤلف كل من ابن إياس [2] ، وابن طولون [3] والعيدروسي [4] . واهتم المعاصرون باحصاء مؤلفات السيوطي، فقد أحصى أحمد الشرقاوي إقبال للسيوطي 725 مؤلفا [5] ، ويؤخذ علي الباحث أنه أهمل كتابي السيوطي: (التحدث بنعمة الله) ، و (فهرست مؤلفاته) ، وأحصى أحمد الخازندار، ومحمد إبراهيم الشيباني في دليل مخطوطات السيوطي [6] 981 عنوانا، وآخر من أحصى للسيوطي من المعاصرين هو إياد خالد الطباع في كتابه (الإمام الحافظ جلال الدين السيوطي، معلمة العلوم الإسلامية) [7] ، إذ جاء بأكبر عدد وهو 1194 عنوانا، مقسمة وفق الآتي: الكتب المطبوعة 331 عنوانا. الكتب التي مازالت مخطوطة 431 عنوانا. الكتب المفقودة أو المجهولة المكان: 432 عنوانا. وفي هذه الكتب المؤلفات الكبيرة التي تكون مجلدات، وفيها الرسائل الصغيرة التي قد تكون ورقات، وقد امتاز السيوطي بكثرة التأليف، وتنوع الفنون والموضوعات، وحسن العرض والتبويب، مما استرعى انتباه القدامى والمحدثين، فأشادوا بفضله وجودة مؤلفاته، فقد أشاد به المقّري بقوله: إنه إمام الدنيا [8] ، ووصفه الشوكاني: (بالإمام الكبير صاحب التصانيف) [9] ، وأشاد بفضله وكتبه مجموعة من العلماء، منهم: ابن إياس [10] ، وابن العماد [11] ، وعبد الحي الكتاني [12] ، أما المؤلفون المعاصرون فقد أشاد بمؤلفاته جمهرة كبيرة نذكر منهم: كراتشكوفسكي الذي يقول عنه: (أكثر المؤلفين قربا إلى جمهرة القراء، لأكثر من ثلاثة قرون، لا في البلاد العربية وحدها، بل في العالم الإسلامي عامة) [13] ، ويعبر

_ [1] 8/53. [2] بدائع الزهور 4/83. [3] مفاكهة الخلان 1/301- 302. [4] النور السافر ص 55. [5] مكتبة الجلال السيوطي ص 7. [6] الكويت 1983. [7] طبع دار القلم، دمشق 1996. [8] أزهار الرياض 3/56. [9] البدر الطالع 1/328. [10] بدائع الزهور 4/83. [11] شذرات الذهب 8/53. [12] فهرس الفهارس 2/359. [13] تاريخ الأدب الجغرافي 2/488.

نيكلسون عن إعجابه بالسيوطي ومؤلفاته بقوله: (لو سئلنا أن نختار شخصا واحدا يعكس في ذاته الاتجاهات الأدبية للعصر الاسكندري في الحضارة العربية بشكل تام قدر المستطاع، لوقع اختيارنا على جلال الدين السيوطي) [1] . وهذا التراث الضخم في شتى العلوم والفنون هو جهد رجل فرد، عالم فذ، نذر نفسه للعلم، وأخلص له، فوفقه الله سبحانه، وهداه إلى الطريق القويم. إن عصر السيوطي هو العصر المغولي، الذي شهد تفتت البلاد الإسلامية، وخراب المدن، وسقوط الحضارة، وقد بدأ هذا التفتت والانحدار قبل سقوط بغداد، ثم ازداد ذلك بعد سقوط بغداد على أيدي المغول سنة 656 هـ، حتى دخول العثمانيين مصر سنة 923 هـ، وفي هذه الفترة التي بلغت القرنين ونصف، ساد حكم المغول البلاد الإسلامية من الهند شرقا، إلى بلاد الشام غربا، وقد رافق ذلك محنة أخرى، هي خروج المسلمين من الأندلس سنة 897 هـ، وإحراق الكتب العربية، فقد أمر الكردينال (زيمتس) باحراق مكتبة غرناطة، وذهب في هذا الحريق أكثر من ثمانين ألف مجلد، من كتب التراث الإسلامي، وكان لهذا البلاء صدى في نفوس العلماء، بأن دعاهم حرصهم على تراث الأمة، أن اتجهوا إلى التأليف الموسوعي، والنقل عن الكتب ليحفظوا هذا التراث من الضياع، وليقدموا الفكر الإسلامي في تضاعيف كتبهم، وقد دأبت مجموعة كبيرة من المؤلفين على هذا الضرب من التأليف الموسوعي، الذي يحفظ تراث الأمة في التاريخ، والأدب، والتراجم، والمعجمات، وكان صفوة من هؤلاء العلماء في هذه الفترة، والذين قدموا مؤلفات نفيسة نادرة نذكر أهمها: - ابن عساكر (ت 571 هـ) في: تاريخ دمشق، ويقع في 40 مجلدا كبيرا. - ابن الجوزي (ت 597 هـ) في: المنتظم في تاريخ الأمم، طبع منه ستة أجزاء، وألف ابن الجوزي نحو 300 كتاب. - ابن الأثير، عز الدين الشيباني (ت 630 هـ) في: الكامل في التاريخ، 212 مجلدا، وله أسد الغابة في معرفة الصحابة، في 5 مجلدات. - ياقوت الحموي (ت 626 هـ) في معجم الأدباء، في سبعة مجلدات. ومعجم البلدان في خمسة مجلدات كبار. - ابن أبي أصيبعة (ت 668 هـ) في: طبقات الأطباء. - ابن خلكان (ت 681 هـ) في: وفيات الأعيان، في سبعة مجلدات. - ابن الطقطقي (ت 702 هـ) في: الفخري في الآداب السلطانية والدول الإسلامية.

_ [1] تاريخ الأدب العباسي، الترجمة العربية ص 278.

من ألف في المحاضرات والمحاورات وما أشبهها:

- ابن منظور (ت 711 هـ) في: لسان العرب، (20 مجلدا) ، واختصر الحيوان، وتاريخ دمشق، والذخيرة لابن بسام. - النويري (ت 732 هـ) في: نهاية الأرب، طبع منه ثمانية عشر جزءا. - أبو الفداء (ت 732 هـ) في: المختصر في أخبار البشر. - أبو حيان الغرناطي الأندلسي (ت 745 هـ) ، له كتب كثيرة في اللغة والتفسير والطبقات. - الذهبي (ت 748 هـ) في: تاريخ الإسلام. - ابن فضل الله العمري (ت 748 هـ) في: مسالك الأبصار (27 مجلدا) . - ابن قيم الجوزية (ت 751 هـ) في: أعلام الموقعين، وزاد المعاد، ومفتاح دار السعادة. - ابن شاكر الكتبي (ت 754 هـ) في: فوات الوفيات (40 مجلدا) ، وعيون التواريخ (6 مجلدات) . - صلاح الدين الصفدي (ت 764 هـ) في: الوافي بالوفيات (30 مجلدا) . - ابن خلدون (ت 808 هـ) في: مقدمته، وفي تاريخه. - الفيروز أبادي (ت 817 هـ) في: القاموس المحيط. - ابن جماعة (ت 819 هـ) ، بلغت مؤلفاته الألف كتاب. - القلقشندي (ت 821 هـ) في: صبح الأعشى. - المقريزي (ت 845 هـ) في: المواعظ والاعتبار بذكر الخطط والآثار، والسلوك في معرفة الملوك، وإمتاع الأسماع. - ابن حجر العسقلاني (ت 852 هـ) في: الدرر الكامنة (5 مجلدات) ، وتهذيب التهذيب (12 مجلدا) ، والإصابة في تمييز الصحابة (9 مجلدات) . - ابن تغري بردي (ت 874) في: النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة (16 مجلدا) . - السخاوي (ت 902 هـ) في: الضوء اللامع في أعيان القرن التاسع (12 مجلدا) ، وله نحو مئتي مصنف. - السيوطي (ت 911 هـ) في مؤلفاته الكثيرة. من ألف في المحاضرات والمحاورات وما أشبهها: كتاب المحاضرات من كتب الاختيارات النوادر والطرائف والفوائد النثرية والشعرية، ولقد سبق السيوطي إلى هذا الضرب من التأليف كثرة من المؤلفين، على اختلاف أساليبهم ومناهجهم وتبويبهم، ولكنهم جميعا يلتقون عند فكرة المحاضرات والمحاورات والمسامرات والاختيارات، وتتضمن كتبهم مختارات من الأحاديث والقصص والنوادر والمقامات والطرائف والفوائد اللغوية والأدبية والتاريخية، ونماذج من الشعر على سبيل

الاستشهاد، وما إلى ذلك من فنون التأليف، وهذه الكتب لا تقوم على منهج واحد في التبويب والتصنيف، وإذا ما عرضنا لبعض هذه الكتب فسنجد الطبيعة المشتركة لهذا الجنس من التصنيف الذي يميل كلما مر الزمن إلى التنوع والموسوعية، فمنذ منتصف القرن الثالث بدأ هذا الضرب من التأليف، ويمكن أن نتخذ كتاب عيون الأخبار لابن قتيبة (ت 276 هـ) بداية، فهو وإن كان فيه تبويب وتقسيم إلا أن منهجه كان يقوم على فكرة الاختيار والتنويع والاستطراد ودفع السأم بالفكاهة والطرائف والنوادر، لدفع الوهن والملالة عن القارىء أو السامع بعد الدرس الجاد، ويوجه كتابه لعامة الناس ليس لفريق دون آخر، ويبين ابن قتيبة منهجه في الكتاب فيقول: «ولم أر صوابا أن يكون كتابي هذا وقفا على طالب الدنيا دون طالب الآخرة، ولا على خواص الناس دون عوامهم، ولا على ملوكهم دون سوقتهم، فوفّيت كل فريق قسمه، ووفرت عليه سهمه، وأودعته طرفا من محاسن كلام الزهاد في الدنيا وذكر فجائعها والزوال والانتقال ... ولم أخله مع ذلك من نادرة طريفة وفطنة لطيفة، وكلمة معجبة، وأخرى مضحكة،.... لأروّح بذلك عن القارىء من كد الجد، وإتعاب الحق، فان الأذن مجّاجة، وللنفس حمضة» ، ثم يقول: «وسينتهي بك كتابنا هذا إلى باب المزاح والفكاهة، وما روي عن الأشراف والأئمة فيهما، فإذا مرّ بك أيها المتزمت حديث تستخفه أو تستحسنه، أو تعجب منه، أو تضحك له، فاعرف المذهب فيه وما أردنا به» [1] . ويمكن أن نصنف كتاب البصائر والذخائر لأبي حيان التوحيدي (ت 400 هـ) في جملة كتب المحاضرات هذه، فهو يسير على نمط كتاب ابن قتيبة، عيون الأخبار، فهو يتضمن ألوانا من المعرفة الأدبية واللغوية والتاريخية والفلسفية والإخبارية، والحكمة والفكاهة والنوادر، وينص التوحيدي على أن كتابه كتاب مختارات ومنوعات. فهو يقول: «ولا عليك أن تستقضي النظر في جميع ما حوى هذا الكتاب، لأنه كبستان يجمع ألوان الزهر، وكبحر يضم أصناف الدرر، وكالدهر يأتي بعجائب العبر» . ومن هذه المصنفات كتاب زهر الآداب وثمر الألباب، لأبي إسحاق إبراهيم الحصري القيرواني (ت 453 هـ) واسم الكتاب يدل على مضمونه، فهو كتاب يشتمل على منتقيات من الشعر والنثر، فيها الطرائف والنوادر، والأخبار والآراء البلاغية والنقدية وما إلى ذلك، يقول المؤلف في مقدمة الكتاب: «وبعد؛ فهذا كتاب اخترت فيه قطعة كاملة من البلاغات، في الشعر والخبر، والفصول والفقر، مما حسن لفظه ومعناه، واستدل بفحواه على مغزاه، ولم يكن شاردا حوشيا، ولا ساقطا سوقيا، ... وهو كتاب يتصرف الناظر فيه

_ [1] عيون الأخبار 1/39 ط دار الكتاب العربي بيروت 1997.

من نثره إلى شعره، ومطبوعه إلى مصنوعه، ومحاورته إلى مفاخرته، ومناقلته إلى مساجلته، وخطابه المبهت إلى جوابه المسكت، وتشبيهاته المصيبة إلى اختراعاته الغريبة، وأوصافه الباهرة إلى أمثاله السائرة، وجده المعجب إلى هزله المطرب» ، ويقر المؤلف بأن ليس له في هذا إلا حسن الاختيار: «وليس لي في تأليفه من الافتخار، أكثر من حسن الاختيار، واختيار المرء قطعة من عقله، تدل على تخلفه أو فضله» [1] . ومن هذه الكتب التي يدل اسمها على محتواها، كتاب: (محاضرات الأدباء ومحاورات الشعراء والبلغاء) للراغب حسين بن محمد الأصفهاني (ت 502 هـ) ، وقد جمع فيه من العلوم والمعارف الإنسانية حشدا كبيرا، من ذلك: العلم، والعقل، والجهل، والأخلاق، والأبوة، والبنوة، والمدح، والذم، والهمم، والجهد، والصناعات، والمكاسب، والغنى، والفقر، والاستعطاء، والأطعمة، والشرب، والإخوانيات، والغزل، والزواج، والمجون، وخلق الناس، والملابس، والطيب، والديانات، والموت، والسماء والأزمنة والأمكنة والحيوانات، وغير ذلك، ويتناول هذه الموضوعات بأسلوب أدبي يذكر ما قيل في كل فكرة من آيات وأحاديث وشعر ومثل وحكاية وطرفة ونادرة، مع استطرادات وانتقالات من موضوع إلى آخر. ومن هذا الضرب من التأليف كتاب: (المستطرف من كل فن مستظرف) لشهاب الدين محمد بن أحمد الأبشيهي المحلي (ت 850 هـ) ، واسم الكتاب ينبىء عن مضمونه، فهو يحوي كل ظريف من الفنون والمعارف، فتجد فيه التمثل بالآيات القرآنية والأحاديث النبوية، ويسوق الأخبار التاريخية، مع سرد اللطائف، والحكايات. والنوادر، والطرف، والحكايات، والمختارات الشعرية والنثرية، والأمثال، وما إلى ذلك. والأبشيهي يشير إلى من سبقه من المؤلفين في هذا الضرب، والكتب التي نقل عنها ونسج على منوالها، وأهمها العقد الفريد لابن عبد ربه، وربيع الأبرار للزمخشري، ويبين طريقته ومحتوى كتابه فيقول: «أما بعد فقد رأيت جماعة من ذوي الهمم، جمعوا أشياء كثيرة، من الآداب والمواعظ والحكم، وبسطوا مجلدات في النوادر والأخبار والحكايات، واللطائف، ورقائق الشعر، وألفوا في ذلك كتبا كثيرة، وتفرد كل منها بفرائد وفوائد لم تكن في غيره من الكتب محصورة» . ويبين طبيعة الكتاب ومن أفاد منهم ممن سبقوه: «فاستخرت الله تعالى، وجمعت من مجموعها هذا المجموع اللطيف، وجعلته مشتملا على كل فن ظريف، وسميته (المستطرف في كل فن مستظرف) ، واستدللت فيه بآيات كثيرة من القرآن العظيم،

_ [1] زهر الآداب 1/33- 36 تحقيق زكي مبارك ومحمد محيي الدين عبد الحميد، ط القاهرة 1929.

وأحاديث صحيحة من أحاديث النبي الكريم، وطرزته بحكايات حسنة عن الصالحين الأخيار، ونقلت فيه كثيرا مما أودعه الزمخشري في كتابه (ربيع الأبرار) ، وكثيرا مما نقله ابن عبد ربه في كتابه (العقد الفريد) ، ورجوت أن يجد مطالعه فيه كل ما يقصد ويريد» . أما مادة الكتاب وما اقتبسه من الكتب السابقة، فيوضحها في قوله: «وجمعت فيه لطائف وظرائف عديدة، من منتخبات الكتب النفيسة المفيدة، وأودعته من الأحاديث النبوية، والأمثال الشعرية، والألفاظ اللغوية، والحكايات الجدية، والنوادر الهزلية، ومن الغرائب والدقائق، والأشعار والرقائق، ما تشنف به الأسماع، وتقر برؤيته العيون، وينشرح بمطالعته كل قلب محزون: من كل معنى يكاد الميت يفهمه ... حسنا ويعشقه القرطاس والقلم» [1] ومن الكتب المتأخرة بعد زمن السيوطي، التي نهجت هذا النهج كتابا العاملي محمد بن الحسين الحارثي الهمذاني (ت 1031 هـ) المخلاة والكشكول، وفي اسم الكتابين دلالة على مادتهما، فالمخلاة: الكيس الذي يعلقه المتسول في رقبته، ويضع فيه ما يجود به عليه المحسنون، وكلمة المخلاة عربية فصيحة، فهي تعني ما يجعل فيه (الخلى) ، وهو العشب الرطب، ثم أطلقت على ما يجعل فيه العلف ويعلّق في عنق الدابة، أما الكشكول: فكلمة فارسية يطلق على الحقيبة التي تضم أنواعا من الحاجيات، ويقول في مقدمة الكشكول إنه جمع فيه: «ما تشتهي الأنفس وتلذ الأعين، من جواهر التفسير، وزواهر التأويل، وعيون الأخبار، ومحاسن الآثار، وبدائع حكم، يستضاء بنورها، وجوامع كلم يهتدى ببدورها، ونفحات قدسية تعطر مسام الأرواح، وواردات أنسية تحيي رميم الأشباح، وأبيات تشرب في الكؤوس لسلاستها، وحكايات شائعة تمزج بالنفوس لنفاستها» . ويبدو أن كتاب الكشكول هو تتمة لكتاب المخلاة، وكلاهما على نمط واحد في الاختيار، يقول في مقدمة الكشكول: «ثم عثرت بعد ذلك [2] على نوادر تتحرك لها الطباع، وتهش لها الأسماع، وطرائف تسر المحزون، وتزري بالدر المخزون، ولطائف أصفى من رائق الشراب، وأبهى من أيام الشباب، وأشعار أعذب من الماء الزلال، وألطف من السحر الحلال.... فاستخرت الله تعالى، ولفقت كتابا ثانيا يحذو حذو ذلك الكتاب الفاخر، ويستبين به صدق المثل السائر، فكم ترك الأول للآخر» [3] . هذه الكتب وغيرها، يشبه بعضها بعضا إلى حد ما من حيث الاختيار وحسن

_ [1] المستطرف 1/11 ط إحياء التراث العربي، بيروت 1994. [2] يريد بعد تأليف كتاب المخلاة. [3] الكشكول، مقدمة الكتاب، تحقيق طاهر أحمد الزاوي، ط الحلبي، مصر 1961.

معنى المحاضرة

الانتقاء، والحرص على كل نادر وطريف ومفيد، من جيد الشعر، والنثر، والأخبار، والأمثال، والقصص، والحكايات، والحكم، مرصعة بالآيات الكريمة والأحاديث الشريفة، والآثار المأثورة. وقبل التعرف على كتاب المحاضرات للسيوطي يحسن أن نذكر ما وقفنا عليه من أسماء الكتب التي تحمل اسم المحاضرات، سواء اتفق المضمون أم اختلف، من ذلك: - المحاضرات والمناظرات لأبي حيان التوحيدي (ت 400 هـ) ، من كتبه التي فقدت [1] . - محاضرات الأدباء، للراغب الأصفهاني (ت 502 هـ) . - محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار، لمحيي الدين محمد بن عربي (ت 638 هـ) ، كتاب في الآداب والمواعظ والأمثال والحكم وسير الأولين والأنبياء [2] . - محاضرة الأوائل ومسامرة الأواخر، لعلاء الدين علي دده البوسني الموستاري، المعروف بشيخ التربة (ت 1007 هـ) [3] . - محاضرة الأديب ومسامرة الحبيب، لعلي بن حسين الفرضي الحلي (ت بعد 1328 هـ) . معنى المحاضرة ولم نقف بعد على معنى (المحاضرة) ، المحاضرة في الوضع اللغوي: المجالدة، وهو أن يغالبك على حقك فيغلبك عليه، ويذهب به، قال الليث: «المحاضرة أن يحاضرك إنسان بحقك فيذهب به، مغالبة أو مكابرة، وحاضرته: جاثيته عند السلطان، وهو كالمغالبة والمكاثرة» [4] والمحادثة، تقول حاضر القوم: جالسهم وحادثهم بما يحضره، ومنه: فلان حسن المحاضرة، وألقى عليهم محاضرة [5] . والمحاضرة: صنف من أصناف العلوم الأديبة، وقد قسم الزمخشري العلوم إلى اثني عشر صنفا، المحاضرات أحد أصنافها، والأصناف هي: علم متن اللغة، وعلم الأبنية، وعلم الاشتقاق، وعلم الإعراب، وعلم المعاني، وعلم البيان، وعلم العروض، وعلم القوافي، وإنشاء النثر، وقرض الشعر، وعلم الكتابة، وعلم المحاضرات [6] ، وينقل السيوطي عن بعض المؤلفين قوله: «ومراده بالمحاضرات، ما تحاضر به صاحبك من نظم

_ [1] معجم الأدباء 5/1925، تحقيق إحسان عباس. [2] كشف الظنون 2/1610، معجم المؤلفين 11/41، معجم المطبوعات ص 180. [3] كشف الظنون ص 91، 200، هدية العارفين 1/750- 751، معجم المؤلفين 2/532 ط مؤسسة الرسالة. [4] اللسان: حضر. والقاموس المحيط: حضر. [5] المعجم الوسيط: حضر. [6] المحاضرات للسيوطي الورقة 2، عن القسطاس في علم العروض للزمخشري ص 15- 16.

كتاب المحاضرات والمحاورات

أو نثر، أو حديث أو نادرة، أو مثل سائر» [1] ويوضح طاش كبري زاده (ت 968 هـ) المراد بالمحاضرة فيقول: إن علم المحاضرة، هو استعمال كلام البلغاء في أثناء الكلام في محل مناسب له على طريق الحكاية، وإن ذلك العلم يراد به تكوين ملكة يراد بها الاحتراز من الوقوع في الخطأ عند نقل الكلام عن الآخرين، على ما يقتضيه مقام التخاطب، من جهة معانيه الأصلية، ومن جهة خصوص ذلك التركيب نفسه [2] . يتضح من الأقوال السابقة أن المراد بالمحاضرات والمحاورات هو ما تتضمنه المجاميع الأدبية من مختار المنظوم والمنثور الذي يشتمل على الثقافة العربية والإسلامية، في مفهومها العام الشامل، ويصدق هنا مفهوم الأدب عن القدماء الذي أوضحه ابن خلدون في كلمته السائرة: (الأخذ من كل علم بطرف) [3] ، ويريد بذلك: «الإجادة في فني المنظوم والمنثور، على أساليب العرب ومناحيهم، فيجمعون لذلك من كلام العرب ما عساه تحصل به الكلمة، من شعر عالي الطبقة، وسجع متساو في الإجادة، ومسائل من اللغة والنحو، مبثوثة أثناء ذلك متفرقة، يستقري منها الناظر في الغالب معظم قوانين العربية، مع ذكر بعض من أيام العرب، يفهم به ما يقع في أشعارهم منها، وكذلك ذكر المهم من الأنساب الشهيرة والأخبار العامة، والمقصود بذلك كله أن لا يخفى على الناظر فيه شيء من كلام العرب وأساليبهم ومناحي بلاغتهم إذا تصفحه» [4] . ومما سبق نجد أن مفهوم المحاضرات يعني، ما يختاره المؤلف من ثمار العلوم والمعارف من لدن السابقين، وفق ذوقه واختياره، وكثيرا ما يهدف المصنف إلى الغاية التعليمية والتربية الخلقية، والتماس العبرة من تجارب السابقين، وما إلى ذلك. كتاب المحاضرات والمحاورات ونهج السيوطي في كتاب المحاضرات نهج من سبقه من المؤلفين، ولكن لكتابه نهجه الخاص وتميزه، ولكل كتاب من الكتب السابقة على كتاب المحاضرات أو اللاحقة، سمته ونكهته ومذاقه. للسيوطي منهجه في التأليف بعامة يقوم على الأحاطة بكتب من سبقه من المؤلفين، والاطلاع على كل صغيرة وكبيرة من تلك الكتب، يقول مبينا منهجه في مقدمة كتاب الأشباه والنظائر [5] : «ولم أزل في أيام الطلب أعتني بكتبها قديما وحديثا، وأسعى في

_ [1] المحاضرات الورقة 2. [2] مفتاح السعادة ص 208- 209. [3] مقدمة ابن خلدون ص 476 ط دار الكتب العلمية، بيروت 2000. [4] السابق ص 475- 476. [5] الأشباه والنظائر، مقدمة المؤلف، ط حيدر آباد 1359 هـ.

تحصيل ما دثر منها، سعيا حثيثا، إلى أن وقفت منها على الجم الغفير، وأحطت بغالب الموجود مطالعة وتأملا، بحيث لم يفتني منها سوى النزر اليسير، وألّفت فيها الكتب المطولة والمختصرة، وعلّقت التعاليق، ما بين أصول وتذكرة، واعتنيت بأخبار أهلها وتراجمهم، وإحياء ما دثر من معالمهم، وما رووه أو رأوه، وما تفرد به الواحد منهم من المذاهب والأقوال، ضعّفه الناس أو قوّوه، وما وقع لهم مع نظرائهم، وفي مجالس خلفائهم وأمرائهم، من مناظرات ومحاورات، ومجالسات ومذاكرات، ومدارسات ومسايرات، وفتاوى ومراسلات، ومعاياة ومطارحات، وقواعد ومناظيم، وضوابط وتقاسيم، وفوائد وفرائد، وغرائب وشوارد، حتى اجتمع عندي من ذلك جمل، ودونتها رزما، لا أبالغ وأقول وقر جمل» [1] . وكأن هذا المنهج الذي وصفه السيوطي في التأليف، قد كتبه لهذا الكتاب، فهو متحقق فيه، ولا شك أنه يصف خبرته في التأليف عامة، بعد ممارسته هذا العمل الشاق الطويل في كتبه الكثيرة. يقدم السيوطي لكتابه هذا بمقدمة موجزة يبين فيه طبيعة الكتاب ومنهجه. فيقول: «هذا مجموع حسن، انتخبت فيه ما رقّ وراق من ثمرات الأوراق، والتقطت فيه من درر الكتب الجواهر، ومن شجرة الحدائق الأزاهر، مما يصلح لمحاضرة الجليس، ومسامرة الأنيس» [2] . ويريد السيوطي في هذا الكتاب أن يقدم النافع من ثمار الكتب التي أعجبته، ومن فنون شتى من المنظوم والمنثور، وتتضمن منتقيات أدبية وتاريخية ودينية، فيها طرف وفوائد مقتبسة، من سير الأنبياء، والخلفاء، والصحابة، والكتاب، والشعراء، ومجموعات من الرسائل الأدبية والمقامات، ومنتقيات من الأشعار، ونوادر، وملح أدبية وفوائد ثقافية وعلمية، وما إلى ذلك من ضروب المعرفة. وقد نقل السيوطي من عشرات الكتب في مختلف الموضوعات والفنون، ومن هذه الكتب ما هو معروف لدينا، ومنها ما هو مفقود، وكذلك حفظ جملة صالحة من الأشعار التي لم تحوها الدواوين، أو الأخبار التي فاتت الكتب التي بين أيدينا، وقد نقل من هذه الكتب وفق ذوقه ومذهبه، وإذا نظرنا في هذه النقول والاختيارات، نجدها تتفاوت في طولها، فمنها ما هو قصير شديد القصر، لا يتجاوز بضعة أسطر، ومنها ما هو طويل شديد الطول يستغرق صفحات طوال، من ذلك بعض الرسائل والمقامات الطويلة التي تكاد تكّون كتبا، مثال ذلك (حكاية القاضي واللص) المنتقاة من الطبقات الكبرى

_ [1] السابق نفسه. [2] المحاضرات، الورقة 2.

للسبكي، ومقامة (المفاخرة بين السيف والقلم) للإمام زين الدين عمر بن مظفر الوردي، و (المقامة اللازوردية في موت الأولاد) للسيوطي نفسه. إن بعضا من كتب الاختيارات والمجاميع الأدبية يتخذ التبويب والتقسيم منهجا في مصنفاتها، نجد ذلك في الكتب مثل: بهجة المجالس لابن عبد البر، الذي قسم الكتاب إلى مائة واثنين وثلاثين بابا، والتذكرة الحمدونية، وقد قسم مؤلفها الكتاب إلى خمسين بابا، وكل باب يحتوي على عدة فصول، ومحاضرات الراغب الأصفهاني، الذي قسم كتابه إلي حدود وفصول وأبواب، وكذلك فعل الأبشيهي في المستطرف إذ قسم الكتاب إلى أربعة وثمانين بابا، كل باب فيه فصول، وكذلك فعل بهاء الدين العاملي في كتابه المخلاة إذ قسمه إلى جولات، بلغت أربعين جولة، وهكذا أكثر كتب المختارات. أما السيوطي في كتابه المحاضرات فقد آثر أن يتحرر من هذه التقسيمات، بل جاءت مختاراته مقتبسات من كل كتاب، وبعد أن يتم ما أراده من حسن الاختيار من ذلك الكتاب ينتقل إلى كتاب آخر، وهكذا، فاختياره يقوم على تنوع النصوص من الكتاب الواحد، فنجده يذكر عنوانا مثل: (منتخبات من كتاب ... ) ، أو (مستحسنات من كتاب..) ، أو (منتقى من المصنف ... ) ، أو (ذكر مستحسنات انتقيتها من كتاب الزهد للإمام أحمد بن حنبل رضي الله عنه) ، أو (في تاريخ ابن عساكر) ، وهكذا، وإذا انتهى من النقل ذكر ما يدل على الانتهاء، كأن يقول: (هذا كله في تاريخ ابن عساكر) ، أو (آخر المنتخب من تذكرة اليغموري) ، أو يقول في آخر المنقول: (انتهي) ، وهكذا، وكل ذلك يدل على أمانة السيوطي في النقل وعزو الآراء إلى أصحابها. وهذه الأمانة في نقل النصوص وعزو كل منقول إلى صاحبه، صفة عرف بها السيوطي والتزمها في جميع كتبه، وهو ملتزم بها ويحرص على ذكرها، من ذلك أنه أفرد لها فصلا في كتابه (المزهر) بعنوان: (عزو العلم إلى قائله) [1] ، وينص على حرصه على عزو الآراء إلى أصحابها، وأنها عادة عرف بها، يقول في مقامة (الكاوي في تاريخ السخاوي) : «وقد علم الله والناس من عادتي في التأليف أني لا أنقل حرفا من كتاب أحد، إلا مقرونا بعزوه إلى قائله، ونسبته إلى ناقله، أداء لشكر نعمته، وبراءة من دركه وعهدته» [2] . وبذلك جعل السيوطي من كتابه مكتبة كبيرة ضمت كثيرا من كتب الأدب والتاريخ والتراجم والحديث والرسائل والشعر، ومنهج السيوطي هذا يقترب من منهج الحصري

_ [1] المزهر في علوم اللغة وأنواعها 2/319. [2] شرح مقامات السيوطي 2/949- 950.

القيرواني في زهر الآداب، مع فرق واحد هو أن السيوطي يختار من الكتاب الواحد مجموعة كبيرة من النصوص، وبعد أن يفرغ منها ينتقل إلى كتاب آخر. إن اختيارات السيوطي تدل على ذوقه وحسن اختياره وثقافته، والكتب التي اختار منها متنوعة العلوم والثقافات، ففيها المجاميع الأدبية والإخبارية، والرسائل، والمقامات، والتراجم، وكتب الطبقات، والتفاسير، والمسانيد، والمعجمات، وكتب آداب التعليم ومكارم الأخلاق، والتعازي، والطرف والنوادر وغيرها. ولا شك أن لكتاب السيوطي هذا قيمة أدبية كبيرة، وذلك لما تضمنه من منتقيات بعضها عزيز نادر اقتبسه من كتب ضاعت ولم تصل إلى زماننا، أو من كتب ما زالت مخطوطة أو مجهولة قابعة في بعض المكتبات الخاصة. وقد نال هذا الكتاب مكانة خاصة في المغرب، ولعل ذلك- بالإضافة إلى ما تضمنه من ثقافة عامة عزيزة- لما حواه من أشعار أندلسية كثيرة حفظها وأحسن اختيارها، وكان من أثر هذه المكانة أن عمد أحد علماء العصر السعدي إلى اختصاره في كتاب اسمه: (مختصر المحاضرات) ، والعالم الذي اختصره هو ييبورك بن عبد الله بن يعقوب السملالي المتوفى سنة 1058 هـ[1] .

_ [1] من الكتاب نسخة مخطوطة خاصة في مدينة سوس، ينظر: الحركة الفكرية في المغرب في عهد السعديين، محمد حجي 1/150، وأشعار أندلسية ومغربية مستخرجة من كتاب المحاضرات والمحاورات للسيوطي، لفايز القيسي ص 21.

نسخ الكتاب المخطوطة

نسخ الكتاب المخطوطة 1- نسخة الأصل: وهي نسخة دار الكتب المصرية رقم 761 من كتب الأدب، أوراقها 160 ورقة، والورقة الأخيرة مفقودة وفيها الخاتمة قياس 14 50، 8 سم. في الصفحة 16- 17 سطرا، وبعض الصفحات أقل من ذلك أو أكثر، فالصفحات غير متساوية، وبعض الصفحات فيها فراغات قد تبلغ نصف الصفحة، ولكن دون نقص في الكلام. خطها نسخي غير متقن، ولكنه مقروء، وفي الكتابة اضطراب في التنسيق وشطب بعض العبارات لاستدراك الخطأ. جاءت في صفحة العنوان أختام مطموسة وبعض التمليكات. وجاء فيها أيضا أكثر من رقم: نمرة 761، ونمرة 786، ونمرة 821، ونمرة 509، وشطب علي الأرقام الثلاثة الأخيرة، مما يدل على انتقال النسخة إلى أكثر من مالك وأكثر من مكتبة. 2- نسخة ب: نسخة مكتبة الأوقاف العامة ببغداد، رقمها (297، تقع في 186 ورقة، قياس 16 11 سم، خطها نسخي جيد واضح، في الصفحة 23 سطرا، وفي السطر ثلاث عشرة كلمة، وعلى الرغم من وضوح النسخة فقد سها الناسخ عن بعض الكلمات فأسقطها، وحرّف فيها، وأخطأ في النحو. في صفحة العنوان تمليكات منها: (في ملك الفقير محمد أمين كوش أغا زادة) ، وتمليك آخر: (من ممتلكات الفقير إلى الله محمد أمين المفتي) ، وفيها بعض الكتابات، منها الآية هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ ، كتبه أبو السعود رحمه الله) ثم هذان البيتان: ما ضاع من كان له صاحب ... يقدر أن يصلح من شانه فإنما الدنيا بسكانها ... وإنما المرء باخوانه للنسخة خاتمة واسم الناسخ وتاريخ النسخ، كتبها محمد السنهوري سنة 929 هـ، وهي قريبة من زمن السيوطي المتوفى سنة 911 هـ، ويحتمل أن يكون قد نسخها عن نسخة المؤلف لقرب العهد به، جاء في خاتمة الكتاب: (آخر الكتاب ولله الحمد والمنة على كل حال ونعمة، ووافق الفراغ من كتابته يوم الخميس المبارك ثامن شهر شوال عام تسع وعشرين

3 - نسخة ش:

وتسعمائة، وعلقه بيده الفانية أقل عبيد الله وأحوجهم إلى مغفرة ربه محمد بن محمد بن أحمد السنهوري الشافعي الأزهري، حامدا لله تعالى ومصليا ومحتسبا) . 3- نسخة ش: نسخة دار الكتب الظاهرية بدمشق، رقمها (3307) ، عدد أوراقها 176 ورقة قياس 16 10 سم، في الصفحة 25 سطرا، وفي السطر 13 كلمة، بعض الصفحات فيها بياض، كتبت العناوين بخط كبير متميز، فيها خرجات في الحواشي وتصويبات. النسخة جيدة خطها نسخي جميل، وهي قليلة الخطأ، وتتفق في الرواية مع نسخة الأوقاف، إلا أنها أقل خطأ وتحريفا منها. لم يذكر اسم الناسخ ولا تاريخ النسخ، وجاء في الورقة الأخيرة خاتمة الكتاب وفيها قوله: (وقد تم الكتاب بحمد الله وعونه وحسن توفيقه، غفر الله لكاتبه ومكتبه، والناظر فيه، والمؤلف له، والمسلمين أجمعين آمين، وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه أجمعين، والحمد لله رب العالمين) . 4- نسخة ع: نسخة المكتبة الوطنية بباريس، رقمها (3406) ، عدد أوراقها 196 ورقة، قياس 19 12 سم، في الصفحة 23 سطرا، وفي السطر 12 كلمة، خطها نسخي واضح، وهي نسخة جيدة فيها بعض الإضافات والتصويبات. جاء في صفحة العنوان: (كتاب المحاضرات والمحاورات، تأليف العالم الأوحد، حافظ العصر، جلال الدين السيوطي، نفعنا الله به) . كتبت النسخة سنة 1076 هـ، الناسخ يونس بن حسن التربيني، وجاء في خاتمة الكتاب: (تم كتاب المحاضرات والمحاورات بحمد الله وعونه وحسن توفيقه، يوم العشرين من رجب الفرد سنة ستة وسبعين وألف، على يد الفقير يونس بن حسن التربيني، عفا الله عنه، آمين، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه) . صورة هذه النسخة في مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية، محفوظة تحت تسلسل 11682. 5- نسخة ل: نسخة المكتبة الوطنية بباريس رقم (3407) ، عدد أوراقها 220 ورقة، قياس 17 12 سم، في الصفحة 21 سطرا، وفي السطر 12 كلمة، خطها نسخي

6 - نسخة ط:

واضح، وهي نسخة جيدة. في صفحة العنوان تمليكات، منها: تمليك لعبد الكريم الحسيني، وتمليك لمحمد بن إبراهيم بن محمد، وآخر باسم: فاضل بن ظاهر. ومطالعة باسم: أحمد الغراوي الصالحاني. هذه النسخة تشبه إلى حد كبير نسخة أوقاف بغداد، ولعلها منقولة عنها. ليس فيها اسم الناسخ ولا تاريخ النسخ، وجاء في خاتمة الكتاب قوله: (آخر الكتاب ولله الحمد والمنة، ونسأله التوفيق والعصمة، وهو حسبنا ونعم الوكيل، وصلى الله على سيدنا محمد خاتم الأنبياء وسيد المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، والحمد لله رب العالمين) . صورة هذه النسخة في مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية، محفوظة تحت تسلسل 11684. 6- نسخة ط: نسخة المكتبة الملكية بالرباط، رقمها (3755) ، وهي نسخة ناقصة، المتوافر لدي منها 99 ورقة، وبقية الأوراق مفقودة، قياسها 15 11 سم، في الصفحة 19 سطرا، وفي السطر 12 كلمة، خطها مغربي واضح، بعض كلماتها مشكولة، في بعض الصفحات طمس من أثر الرطوبة أو الحبر.

نص كتاب المحاضرات والمحاورات لجلال الدين السيوطي المتوفى سنة 911 هـ

نص كتاب المحاضرات والمحاورات

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ وهو حسبي وكفي [1] ، وصلى الله على محمد وعلى آله وأصحابه وسلم، الحمد لله وسلام على عباده الذين اصطفى، هذا مجموع حسن انتخبت فيه ما رق وراق من ثمار الأوراق، والتقطت فيه من درر الكتب الجواهر، ومن شجر الحدائق الأزاهر، مما يصلح لمحاضرة الجليس ومشاهدة الأنيس، وسميته المحاضرات والمحاورات، والله المستعان وعليه التكلان. قال الزمخشري [2] في القسطاس: أصناف العلوم الأدبية اثنا عشر صنفا، علم متن اللغة، وعلم الأبنية، وعلم الاشتقاق، وعلم الإعراب، وعلم المعاني، وعلم البيان، وعلم العروض، وعلم القوافي وإنشاء النثر، وقرض الشعر، وعلم الكتابة، وعلم المحاضرات، قال غيره: ومراده بالمحاضرات ما تحاضر به صاحبك من نظم أو نثر، أو حديث أو نادرة، أو مثل سائر، انتهى. وفي الكامل للمبرد: من أمثال العرب، خير العلم ما حوضر به، يقول: ما حفظ فكان للمذاكرة. من إنشاء الشهاب المراغي [3] في ذكر العلم العلم ألهمك الله الهداية إلى سنن الرشد والصواب، وأيدك بمدد الفضائل والآداب، جنّة يتقي بها الجنان وساوس الشيطان، وحلّة يتجمل بها الإنسان بين العوالم والأكوان، والأصحاب والإخوان، وصراط مستقيم على سواء السبيل، وحوض ماؤه تسنيم، يشفي ما بالصدور من أوام وغليل، وسراج وهاج يهتدي بنوره في ظلمات الجهالات، ومنهاج يسلك به مفازات الطاعات، وسواحل العبادات، وسلم يرتقى به من حضيض الأجسام، ومشابهة الأنعام، إلى مقام الملائكة الكرام، وفي ذلك كفاية لمن كان له قلب، والسلام./ ومن إنشائه ما كتب به إلى بعض إخوانه في عتاب الدنيا:

_ [1] نسخة ل: تبدأ بعد البسملة بقوله: (اللهم صلّ على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم الحمد لله ... ) . نسخة ع: تبدأ بعد البسملة بقوله: (الحمد لله وكفى وسلام على عباده ... ) . [2] الزمخشري: محمود بن عمر بن محمد الخوارزمي، من أئمة العلم بالدين والتفسير واللغة والآداب، توفي سنة 538 هـ. (وفيات الأعيان 2/81، معجم الأدباء 7/147، الأعلام 7/178. [3] في ب، ش، ل، ع: البزاعي. الشهاب المراغي: زين الدين أبو بكر بن حسين بن عمر الأموي المراغي المصري الشافعي نزيل المدينة، توفي بالبقيع سنة 816 هـ. (شذرات الذهب 7/120، الضوء اللامع- السخاوي 11/28) .

أما بعد، فان الله [1] مؤيد أهل الآداب بالتعظيم والتبجيل وفصل الخطاب، ومطلع نجوم سعودهم في سماء كل جيل على مر السنين والأحقاب، وقد اخترتك بالحكمة والتفضيل للوقوف على هذا الكتاب، وأخبرتك بما جرى بيني وبين الدنيا من أقاويل ورد الجواب، وذلك اني أجريت في بعض الأيام ذكر زخارفها والأباطيل بين خواص الأصحاب، وتذاكرنا كم لها من قتيل وصريع بسهام شهواتها ومصاب وسليم، بسلاسته سلسبيل، لمى ثناياها العذاب، وجلنا في ميادين مخادعتها بخيل التعجب أبعد مجال وولجنا في أبواب مختلفة من مكرها والاحتيال، وكيف تتزين لخطابها بجلابيب جمال المحال، وتجرر ذيول التذلل والاختيال، تلاعب من بنيها الأطفال، وتلهيهم بخشاخيش [2] الانتقال من حال إلى حال، وتجذب بأزمة عقول الشباب والكهول من الرجال، إلى خواص غمرات الأهوال، لبلوغ الكواذب من الآمال، وتطمع الشيب من فسح الآجال، تمطيهم بعجزهم ركائب الحرص، فتراهم بين شد دائم وترحال./ ولم تزل كذلك حتى آذن النهار بالزوال، وأتى أتيّ الليل من جميع الجهات، وسال ومال بنا ركب السهر إلى معرس الهجوع، وهمّ كلّ منا إلى منزله بالرجوع، فلما أويت إلى مضجعي وطفقت سوام العيون في رياض الغمض ترتعي، هتف بي هاتفها [3] من وراء حجاب، وخاطبتني مخاطبة الكواعب الأتراب، وأفحمتني من البلاغة بما يليق من الجواب، وأدارت عليّ حميّ العتاب، بكؤوس من التلطف وأكواب، ثم قالت: يا هذا أتتعرض لشتمي في الملا، وتتودد إلىّ في الخلا، وتذم من تيمك هواها وتسب من سباك على الوصف حسن مرآها، قلبك بفنون جمالها مفتون، وجنانك بليلى حبها مجنون، ما هذا من الإنصاف، ولا يعدّ من المحبين [4] من اتصف بهذا الاتصاف، أما أنت المعرّض في فريضتك بذكري، أما أنت المعرض خدم جوارحك لخدمة قهري، أما أنت المتألم من صدودي وهجري، أما أنت المكنّي بأسماء مقصودك اسمي، أما أنت المتذلل لأوامري وحكمي، ألست القائل والعاذل بسمعك عن طريق العاذل: [الطويل] أيجمل بي يا جمل طوع العواذل ... وحبك جار في جميع مفاصلي ولو ملت يوما عن هواك تجردت ... سيوف صبابات أصبن مقاتلي

_ [1] من هنا نقص في نسخة ع حوالي 17 صفحة. [2] الخشاخيش: لعله يريد الأمور الملهية، خشخش السلاح وغيره: صوّت إذا حرّك، يقال: خشخش الثوب الجديد وتخشخش إذا صوت. [3] ب: هاتف. [4] في ط: بعد هذا بقعة حبر طمست ثلاثة أسطر.

أذود الهوى عني وقلبي يطيعه ... فما حيلتي يا جمل والقلب خاذلي وأحمل في حبّيك ما لا أطيقه ... وما فزت يوما في رضاك بطائل ومن حكّمت فيه الغواني فانه ... جدير بحكم جائر غير عادل ومن ثأره عند الذوائب والطلى ... فلا يرتجي نصر الظبا والذوابل ومن راح في أسر اللواحظ لم يزل ... طليق جفون بالدموع الهوامل ولا تحسبي يا جمل أنّي عاشق ... يزول غرامي فيكم بالتواصل ولكنني أزداد بالقرب والنوى ... هياما وداء الحبّ ليس بزائل حرام على قلبي السلوّ لأنني ... أراه بعيدا عن يد المتناول وبيت كثير قل من يهتدي به ... وغير عجيب أن يفوه بباطل [1] أيعشق من ملك الهوى رقّ عاشق ... مشاع لأدواء الغرام القواتل لسهد ووجد واكتئاب ولوعة ... وفرط أسى باد وتعنيف عاذل لقد فاز من حاز الغرام فؤاده ... لقد حاز أسمى رتبة للفضائل [2] وما العيش إلا صبوة وصبابة ... ومنزلة العشّاق أسمى المنازل [3] فلما نفثت فيّ من سحر لفظها الحلال، وملكت لبي بحلاوة/ المقال، جاريتها في الكلام، وناضلتها بما فضل في كنانة فكري من السهام. ثم قلت: قد كان ذلك أيام شبابي، ونشأتي في صهباء التصابي، والآن فقد نهاني رقيب المشيب عن مواصلة الحبيب، أما رأت عيناك يقق لمّتي [4] ، وضعف حركاتي وقوتي، وفتور بوادر همّتي، أما سمعت أذناك بديع نسيبي في وصف مشيبي: [الطويل] كبرت ولم أشعر وشابت مفارقي ... وفارقت لذّاتي وهنّ عجائز ولانت قناتي بعد طول صلابة ... وليس لها يوما سوى الدهر غامز فلو قيل لي يا شيخ قلت لعلّه ... سواي الذي يدعى وقلبي قافز وكم رضت خيلا للأماني سوابقا ... لها من تصاريف التصابي مهامز وجلت بميدان الشباب إلى مدى ... له الشيب عن نهج الغواية حاجز

_ [1] ش، ل: يقتدي به. [2] ش، ط: ربقة للفضائل، وصدر هذا البيت والذي يليه مطموسان ببقعة حبر في ط. [3] هذه الصفحة في نسخة ع جاءت متأخرة في غير موضعها وضعت في ص 37 ب من تسلسل الأصل. [4] يقق اللمة: بياض الشعر.

وبارزت أيامي ببطش وإنها ... تشير إليّ الآن أين المبارز وجدّت بي الآمال حتي كأنّها ... ركاب وحرصي تحتهنّ مفاوز وما ذاك من جهل ولا من سفاهة ... ولكنه حكم على الشيب جائز تفرقت الآراء والحرص واحد ... وكلّ امريء عن باحة السر عاجز [1] وما العيش إلا بالحظوظ فكادح ... شقيّ وراض بالزهادة فائز وعزّ جهول كالبهيمة هامل ... وخير خبير للفضائل حائز وفي الشهب آيات فجار إلى مدى ... وللبعض منها في البروج مراكز فقالت: نظمك صحيح، ولسان بيانك فصيح [2] ، ولكن تملقك بالمقال قبيح، أما علمت أن الشّيب والشبان، والكهول والصبيان، ما منهم إلا من ورد ماء مدين [3] محبتي، وقرت عمرة عمره من ميقات محجتي، وهجر أسرته بالمسارعة إلى هجرتي، ولو كشفت التراب عمن درج من الأتراب، لأخبرك لسان حالهم بما يغنيك عن سؤالهم، إن الجميع غدوا إلى جنابي، وراحوا ونصبوا حبائل نصبهم طلبا لمواصلتي وما استراحوا، وأعلنوا بسرّ هواي حين لاح لهم علم زخارفي وباحوا، وقضوا نحبهم، وأعينهم تفيض من الدمع حسرة عليّ، وتلهفا على ما خلفوه لديّ، ولكن الأجل محتوم، والرزق مقسوم، الطفل يتلطف في بكائه على فطام لبانه، واليافع يتأسف على مفارقة معاشريه وأقرانه، والكهل يتلهف على ما خلف لبنيه وعشيرته، والشيخ يندب زمان صبوته وشبيبته، والكل منهم كالنائم وإن كان يقظان، أو كالواقف في الماء وهو عطشان، ومثلي مضروب في القرآن، متلو في كل وقت وأوان: إِنَّ اللَّهَ مُبْتَلِيكُمْ بِنَهَرٍ [4] ،/وتمام الآية معناه: قد اشتهر، والآن فقد حذرتك سطوتي، وخوفتك في غيرك ببطشي، فاجعل نصب عينك وصيتي، وكن من مصائد مصايبي على حذر، وفرّ إلى الله ما أمكن المفرّ، وإذا وردت موارد اللذات، ومناهل الشهوات، فاحسب المصدر، والأمل يطول، والزمان عثور عجول، وعثار الليالي والأيام تدرّ بحليب التبعات، والأنام على التمادي والدوام، والسعيد من الأنام من عوّد نفسه الزهد في هذا الحطام، ولجمها بلجام الصمت والصيام والسلام.

_ [1] ب، ش، ط، ل: عن راحة السر. [2] في ط: أربعة أسطر من يسار الصفحة مطموسة من أثر انتشار الحبر. [3] مدين: مدينة على بحر القلزم محاذية لتبوك على نحو من ست مراحل، وهي أكبر من تبوك، وبها البئر التي استقى منها موسى عليه السلام لسائمة شعيب. (ياقوت: مدين) . [4] سورة البقرة الآية 249.

ذكر مستحسنات انتقيتها من طبقات ابن سعد

ذكر مستحسنات انتقيتها من طبقات ابن سعد أخرج [1] من طريق ابن لهيعة، عن حيي بن عبد الله، قال: بلغني أن إسماعيل النبي صلّى الله عليه وسلم اختتن وهو ابن ثلاث عشرة سنة، وأخرج من طريق ابن وهب عن حرملة بن عمران عن إسحاق بن عبد الله بن أبي فروة، قال: ما يعلم موضع قبر نبي من الأنبياء إلا ثلاثة؛ قبر إسماعيل، فانه تحت الميزاب بين الركن والبيت، وقبر هود فانه في حقف من الرمل تحت جبل من جبال اليمن عليه شجرة تندي [2] ، وموضعه أشد الأرض حرّا، وقبر رسول الله صلّى الله عليه وسلم، فان هذه قبورهم تحقّق. وأخرج من طريق ابن وهب عن ابن لهيعة عن أبي الأسود، قال: سمعت أبا بكر بن سليمان بن أبي حثمة يقول: ما وجدنا في علم عالم ولا شعر شاعر أحدا يعرف ما وراء معد بن عدنان بثبت. وأخرج عن عروة قال: ما وجدنا أحدا يعرف ما وراء معد بن عدنان [3] ، وأخرج من طريق الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس: أن النبي صلّى الله عليه وسلم كان إذا انتسب لم يجاوز في نسبته معد بن عدنان بن أدد، ثم يمسك، ويقول: كذب النسابون، قال تعالى: وَقُرُوناً بَيْنَ ذلِكَ كَثِيراً [4] . قال ابن عباس: لو شاء رسول الله صلّى الله عليه وسلم أن يعلّمه لعلّمه. وأخرج عن ابن الكلبي قال: كتبت للنبي صلّى الله عليه وسلم خمسمائة أمّ، فما وجدت فيهن سفاحا ولا شيئا مما كان من أمر الجاهلية. وأخرج عن سعيد بن محمد بن جبير بن مطعم، أن عبد الملك بن مروان سأل محمد بن جبير: متى سمّيت قريش قريشا؟ قال: حين اجتمعت إلى الحرم من تفرقها، وذلك التجمع التقرّش، فقال عبد الملك: ما سمعت هذا، ولكن سمعت أنّ قصيّا كان يقال له القرشي، ولم تسمّ قريش قبله. وأخرج عن الكلبي قال: ولد عبد المطلب اثني عشر رجلا وست نسوة [5] ، الحارث وهو أكبر ولده، وبه يكنّى مات في حياة أبيه، وعبد الله والد رسول الله [6] صلّى الله عليه وسلم، والزبير، وكان شاعرا شريفا، وإليه أوصى عبد المطلب، وأبو طالب، واسمه عبد مناف،

_ [1] راجع الطبقات الكبري لابن سعد، تحقيق محمد عبد القادر عطا، ط دار الكتب العلمية، بيروت 1990- 1991، وطبعة صادر، بيروت، في مواضع كثيرة. [2] في حاشية الأصل: أي تحصل منها نداة. [3] الطبقات 1/48، ومعد بن عدنان بن أدد بن الهميسع من أحفاد إسماعيل، ومن سلسلة النسب النبوي. [4] الفرقان 38. [5] ينظر في نسب أعمام الرسول وعماته: جمهرة أنساب العرب لابن حزم. [6] ب، ط، ش: والد النبي.

وعبد الكعبة، مات ولم يعقب، وأم حكيم، وهي البيضاء، وعاتكة، والعاتكة في كلام العرب الطاهرة، وبرّة، وأميمة، وأروى، وحمزة، وهو أسد الله وأسد رسوله، والمقوّم، وحجل وهو المغيرة، وصفية، والعباس،/ وضرار، وكان من فتيان قريش جمالا وسخاء، ومات أيام أوحي إلى النبي صلّى الله عليه وسلم، ولا عقب له، وقثم، لا عقب له، وأبو لهب، واسمه عبد العزّى، ويكنى أبا عتبة، كنّاه عبد المطلب أبا لهب لحسنه وجماله، والغيداق، واسمه مصعب. قال الكلبي: فلم يكن في العرب بنو أب مثل بني عبد المطلب أشرف منهم ولا أجسم، شم العرانين، تشرب أنوفهم قبل شفاههم، وقال فيهم قرة بن حجل بن عبد المطلب [1] : [السريع] اعدد ضرارا إن عددت فتى ندى ... والليث حمزة واعدد العبّاسا واعدد زبيرا والمقوّم بعده ... والصتم حجلا والفتى والراسا [2] وأبا عتيبة فاعددنه ثامنا ... والقرم عبد مناف والحسّاسا [3] والقرم غيداقا تعدّ جحاجحا ... سادوا على رغم العدو الناسا والحارث الفيّاض ولّى ماجدا ... أيام نازعه الهمام الكاسا ما في الأنام عمومة كعمومتي ... خيرا ولا كأناسنا أنّاسا قال: فالعقب من بني عبد المطلب للعباس، وأبي طالب، والحارث، وأبي لهب، وقد كان لحمزة، والمقوم، والزبير، وحجل أولاد لأصلابهم فهلكوا، والباقون لم يعقبوا، وكان العد دمن بني هاشم من بني الحارث، ثم تحول إلى بني أبي طالب، ثم صار في بني العباس. وأخرج عن الواقدي قال: ترك عبد الله بن عبد المطلب أم أيمن [4] وخمسة أجمال أوراك، يعني تأكل الأراك [5] ، وقطعة غنم فورث ذلك رسول الله صلّى الله عليه وسلم، فكانت أم أيمن فحضنته، واسمها بركة. وقالت آمنة بنت وهب ترثي زوجها عبد الله/ بن عبد المطلب [6] : [الطويل]

_ [1] الشعر في طبقات ابن سعد 1/75. [2] في حاشية الأصل، ل: الصتم: الغليظ الشديد. [3] في حاشية الأصل، ط، ل: الحساس: القتّال. [4] أم أيمن: اسمها بركة، مولاة رسول الله صلّى الله عليه وسلم وحاضنته، وهي أم الظباء بنت ثعلبة بن عمرو، وأم أسامة بن زيد بن حارثة، زوجة عبيد بن زيد وقتل يوم حنين شهيدا. (الإصابة 1/80، طبقات ابن سعد 8/223) . [5] الأراك: شجر المسواك، نبات شجيري كثير الفروع خوار العود، له ثمار حمر دكناء تؤكل ينبت في البلاد الحارة. [6] الشعر في طبقات ابن سعد 1/49 ط صادر، 1/80 ط العلمية.

عفا جانب البطحاء من ابن هاشم ... وجاور لحدا خارجا في الغماغم دعته المنايا دعوة فأجابها ... وما تركت في الناس مثل ابن هاشم عشيّة راحوا يحملون سريره ... تعاوره أصحابه في التزاحم فان يك غالته المنايا وريبها ... فقد كان معطاء كثير التراحم [1] وأخرج عن عمرو بن سعيد [2] أن أبا طالب قال: كنت بذي المجاز [3] مع ابن أخي، يعني النبي صلّى الله عليه وسلم، فأدركني العطش، فشكوت إليه، فقلت: يا ابن أخي قد عطشت، وما قلت له ذلك إلا وأنا أرى أن عنده شيئا إلا الجزع، قال: فثنى وركه ثم نزل فقال: (يا عمّ أعطشت) [4] ، قلت: نعم، قال: فأهوى بعقبه إلى الأرض فاذا بالماء، فقال: (اشرب يا عم) ، فشربت. وأخرج عن الزهري قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: لو عاش إبراهيم [5] لوضعت الجزية عن كل قبطي [6] . وأخرج عن مكحول، أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم قال في ابنه إبراهيم لما مات: لو عاش ما رقّ له خال [7] . وأخرج بسند صحيح من طريق معمر بن راشد عن الزهري قال: قال نبي الله صلّى الله عليه وسلم وهم يبنون المسجد [8] : [الرجز] هذا الجمال لا جمال خيبر ... هذا أبرّ ربّنا وأطهر قال: وكان الزهري يقول: إنه لم يقل شيئا من الشعر إلا قد قيل قبله إلا هذا. وأخرج عن محمد بن كعب القرظي قال: ما خالف نبيّ نبيا قط في قبلة ولا في سنّة، إلا أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم استقبل بيت المقدس من حيث قدم المدينة ستة عشر شهرا ثم قرأ: شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ ما وَصَّى بِهِ نُوحاً [9] . وأخرج عن أبي سعيد الخدري قال: أقام رسول الله صلّى الله عليه وسلم بالمدينة عشر سنين، يضحي في كل عام. وأخرج عن ابن عمر أنه سئل

_ [1] لم يرد هذا البيت في الأصل، وهو من: ب، ش. [2] عمرو بن سعيد بن العاص بن أمية القرشي، يكنى أبا أمية، من الخطباء البلغاء، توفي سنة 70 هـ. (طبقات ابن سعد 5/246. [3] ذو المجاز: موضع سوق بعرفة على ناحية كبكب عن يمين الإمام على فرسخ من عرفة كانت تقوم في الجاهلية ثمانية أيام. (ياقوت: المجاز) . [4] طبقات ابن سعد 1/121. [5] إبراهيم بن محمد رسول الله صلّى الله عليه وسلم، أمه مارية القبطية، ولد في ذي الحجة سنة 8 هـ وعقّ عنه الرسول بشاة يوم سابعه. (طبقات ابن سعد 1/134) . [6] الحديث في كنز العمال 32206 و 35557، وطبقات ابن سعد 1/115. [7] ابن سعد 1/115. [8] ابن سعد 1/185. [9] الشورى 13.

ذكر مراثي النبي صلى الله عليه وسلم

عن الأضحية فقال: أقام رسول الله صلّى الله عليه وسلم بالمدينة عشر سنين لا يدع الأضحى. وأخرج عن عائشة قالت: كان رسول الله صلّى الله عليه وسلم يعمل عمل البيت، وأكثر ما يعمل الخياطة. وأخرج عن أنس بن مالك قال: إذا كان عندنا دباء [1] آثرنا به [2] رسول الله صلّى الله عليه وسلم. وأخرج عن علي بن الأقمر قال: كان النبي صلّى الله عليه وسلم يأكل تمرا، فاذا مرّ بحشفة أمسكها في يده فقال له قائل: اعطني هذه التي بقيت، قال: (إني لست أرضى لكم ما أسخطه لنفسي) [3] . وأخرج عن محمد بن جعفر: أن النبي صلّى الله عليه وسلم اعتمر من الجعرانة [4] وقال: اعتمر منها سبعون نبيا. وأخرج عن قتادة قال: قلت لأنس بن مالك: كم اعتمر رسول الله صلّى الله عليه وسلم؟ قال: أربعا، عمرته التي صده عنها المشركون عن البيت من الحديبية في ذي القعدة، وعمرته أيضا من العام المقبل حين صالحوه في ذي القعدة، وعمرته حين قسّم غنيمة حنين من الجعرانة في ذي القعدة مع حجته. وأخرج عن الشعبي قال: لم يعتمر رسول الله صلّى الله عليه وسلم/ عمرة إلا في ذي القعدة. وأخرج عن ابن أبي مليكة قال: اعتمر النبي صلّى الله عليه وسلم أربع عمر، كلها في ذي القعدة. ذكر مراثي النبي صلّى الله عليه وسلم قال الواقدي عن رجاله: قال أبو بكر الصديق رضي الله عنه [5] : [المتقارب] يا عين فابكي ولا تسأمي ... وحقّ البكاء على السيّد على خير خندف عند البلا ... ء أمسى يغيّب في الملحد فصلّى المليك وليّ العباد ... وربّ البلاد على أحمد فكيف الحياة لفقد الحبيب ... زين المعاشر في المشهد فليت الممات لنا كلّنا ... وكنّا جميعا مع المهتدي وقال أبو بكر أيضا: [الكامل] لما رأيت نبيّنا متجدلا ... ضاقت عليّ بعرضهنّ الدور وارتعت روعة مستهام واله ... والعظم منّي واهن مكسور أعتيق ويحك إنّ حبّك قد ثوى ... وبقيت منفردا وأنت حسير [6]

_ [1] الدباء: القرع. [2] في: ل، ط: بها. [3] ابن سعد 1/300، وحلية الأولياء 7/256. [4] الجعرانة: ماء بين الطائف ومكة، وهي إلى مكة أقرب، نزلها النبي صلّى الله عليه وسلم لما قسم غنائم هوازن، وله فيها مسجد، وبها بئار متقاربة. (ياقوت: الجعرانة) . [5] رضي الله عنه، ساقطة من: ب [6] في ل: (قد توى) ، وفي الحاشية: التوى بالتاء المثني، هو الهلاك.

يا ليتني من قبل مهلك صاحبي ... غيّبت في جدث عليّ صخور فلتحدثنّ بدائع من بعد ... هـ تعيا بهنّ جوانح وصدور وقال أبو بكر أيضا:/ [البسيط] باتت تأوّبني هموم حشّد ... مثل الصخور فأمست هدّت الجسدا يا ليتني حيث نبّئت الغداة به ... قالوا الرسول قد امسى ميتا فقدا ليت القيامة قامت بعد مهلكه ... ولا نرى بعده مالا ولا ولدا والله آسى على شىء فجعت به ... من البريّة حتى أدخل اللحدا كم لي بعدك من همّ ينصّبني ... إذا تذكرت أنّي لا أراك ابدا كان المصفّى في الأخلاق قد علموا ... وفي العفاف فلم نعدل به أحدا نفسي فداؤك من ميت ومن بدن ... ما أطيب الذكر والأخلاق والجسدا وقال عبد الله بن أنيس [1] : [الطويل] تطاول ليلي واعترتني القوارع ... وخطب جليل للبلية جامع غداة نعى الناعي إلينا محمدا ... وتلك التي تستكّ منها المسامع [2] فلو ردّ ميتا قتل نفس قتلتها ... ولكنه لا يدفع الموت دافع فآليت لا آسى على هلك هالك ... من الناس ما أوفى ثبير وفارع [3] ولكنني باك عليه ومتبع ... مصيبته إنّي إلى الله راجع وقد قبض الله النبيين قبله ... وعاد أصيبت بالرّزى والتبابع فياليت شعري من يقوم بأمرنا ... وهل في قريش من إمام ينازع ثلاثة رهط من قريش هم هم ... أزمّة هذا الأمر والله صانع عليّ أو الصدّيق أو عمر لها ... وليس لها بعد الثلاثة رابع فان قال منّا قائل غير هذه ... أبينا وقلنا الله راء وسامع فيا لقريش قلّدوا الأمر بعضهم ... فانّ صحيح القول للناس نافع

_ [1] عبد الله بن أنيس أبو يحيى من بني وبرة من قضاعة، صحابي من القادة الشجعان، قاد بعض السرايا في العصر النبوي، توفي سنة 54 هـ. (الأعلام 4/73) . [2] في حاشية ب: تستك اصطلام الأذنين أو قطع الأذنين. وفي حاشية ل: تستك: اسطلاب الأذنين، وهو قلع الأذنين. قلت: سك: أصيب بالصمم، وصمّت الأذن، وسكت أذنه: إذا صغرت ولصقت برأسه. [3] في حاشية ل: فارع: جبل بالمدينة، وثبير: جبل بقرب منى.

ولا تبطئوا عنّا فواقا فانّها ... إذا قطعت لم يمن فيها المطامع وقال حسان بن ثابت [1] : [البسيط] والله ما حملت أنثى ولا وضعت ... مثل النبيّ رسول الأمة الهادي أمسى نساؤك عطّلن البيوت فما ... يضربن خلف قفا ستر بأوتاد مثل الرواهب يلبسن المسوح وقد ... أيقنّ بالبؤس بعد النّعمة البادي وقال حسان [2] : [البسيط] آليت حلفة برّ غير ذي دخل ... منّي إليّة برّ غير أفناد تا الله ما حملت أنثى ولا وضعت ... مثل النبيّ نبيّ الرحمة الهادي ولا مشى فوق ظهر الأرض من أحد ... أوفى بذمّة جار أو بميعاد من الذي كان نورا يستضاء به ... مبارك الأمر ذا حزم وإرشاد مصدّقا للنبيين الألى سلفوا ... وأبذل الناس للمعروف والجادي خير البريّة إني كنت في نهر ... جار فأصبحت مثل المفرد الصادي وقال حسان [3] : [الكامل] ما بال عينك لا تنام كأنّما ... كحلت مآقيها بكحل الأرمد جزعا على المهديّ أصبح ثاويا ... يا خير من وطئ الحصى لا تبعد يا ويح أنصار النبيّ ورهطه ... بعد المغيّب في سواء الملحد جنبي يقيك التّرب لهفي ليتني ... كنت المغيّب في الضريح الملحد يا بكر آمنة المبارك ذكره ... ولدته محصنة بسعد الأسعد نورا أضاء على البريّة كلّها ... من يهد للنور المبارك يعتدي أأقيم بعدك بالمدينة بعدهم ... يا لهف نفسي ليتني لم أولد بأبي وأمّي من شهدت وفاته ... يوم الاثنين النبيّ المهتدي فظللت بعد وفاته متلدّدا ... يا ليتني أسقيت سمّ الأسود أو حلّ أمر الله فينا عاجلا ... في روحة من يومنا أو من غد

_ [1] ديوان حسان بن ثابت 1/272 تحقيق وليد عرفات، ط صادر، بيروت 1974. [2] ديوان حسان 1/272. [3] ديوان حسان 1/269- 270.

فتقوم ساعتنا فنلقى سيّدا ... محضا مضاربه كريم المحتد [1] يا ربّ فاجمعنا معا ونبيّنا ... في جنّة تنبي عيون الحسّد في جنّة الفردوس واكتبها لنا ... يا ذا الجلال وذا العلى والسؤدد والله أسمع ما حييت بهالك ... إلا بكيت على النبيّ محمّد ضاقت بالانصار البلاد فأصبحوا ... سودا وجوههم كلون الإثمد ولقد ولدناه وفينا قبره ... وفضول نعمته بنا لم تجحد والله أكرمنا به وهدى به ... أنصاره في كلّ ساعة مشهد صلى إلاله ومن يحفّ بعرشه ... والطيبون على المبارك أحمد وقال حسان [2] : [البسيط] يا عين جودي بدمع منك إسبال ... ولا تملّن من سحّ وإعوال لا تعدماني بعد اليوم دمعكما ... إني مصاب وإني لست بالسال فانّ منعكما من بعد بذلكما ... إياي مثل الذي قد غرّ بالآل لكن أفيضي على صدري بأربعة ... إنّ الجوانح فيها هاجس صال سحّ الشعيب وماء الغرب يمنحه ... ساق يحمله ساق بازلال [3] على رسول لنا عفّ ضريبته ... سمح الخليقة عفّ غير مجهال حامي الحقيقة نسّال الوديقة فكّ ... اك العناة كريم ماجد عال كشّاف مكربة مطعام مسغبة ... وهّاب عانية وجناء شملال عفّ مكاسبه جزل مواهبه ... خير البريّة سمح غير نكّال واري الزناد وقوّاد الجياد إلى ... يوم الطّراد إذا شبّت بأجذال ولا أزكّي على الرحمن ذا بشر ... لكنّ علمك عند الواحد العالي إني أرى الدهر والأيام تفجعنى ... بالصالحين وأبقى ناعم البال يا عين فابكي رسول الله إذ ذكرت ... ذات الإله فنعم القائم الوالي وقال حسان [4] : [البسيط]

_ [1] في حاشية ل: المحتد هو الأصل، أي كريم الأصل. [2] ديوان حسان 1/436. [3] ط: شح الشعيب. [4] ديوان حسان 1/421.

نبّ المساكين أنّ الخير فارقهم ... مع الرسول تولّى عنهم سحرا من ذا الذي عنده رحلي وراحلتي ... ورزق أهلي إذ لم يؤنسوا المطرا [1] ذاك الذي ليس يخشاه مجالسه ... إذا الجليس سطا في القول أو عثرا كان الضياء وكان النور يتبعه ... وكان بعد الإله السمع والبصرا فليتنا يوم واروه بمحنية ... وغيّبوه وألقوا فوقه المدرا لم يترك الله خلقا من بريّته ... لم يعش بعده أنثى ولا ذكرا ذلّت رقاب بني النّجار كلّهم ... وكان أمرا من أمر الله قد قدرا [2] وقال كعب بن مالك [3] : [المتقارب] يا عين فابكي بدمع ذرى ... لخير البرية والمصطفى [4] وبكّي الرسول وحقّ البكاء ... عليه لدى الحرب عند اللقا على خير من حملت ناقة ... وأتقى البرية عند التّقى على السيد الماجد الجحفل ... وخير الأنام وخير الله اللها [5] له حسب فوق كلّ الأنا ... م من هاشم ذلك المرتجى نخصّ بما كان من فضله ... وكان سراجا لنا في الدجى وكان بشيرا لنا منذرا ... ونورا لنا ضوؤه قد أضا فأنقذنا الله في نوره ... ونجّى برحمته من لظى وقالت أروى بنت عبد المطلب [6] : [الوافر] ألا يا عين ويحك أسعديني ... بدمعك ما بقيت وطاوعيني ألا يا عين ويحك واستهلّي ... على نور البلاد وأسعديني فان عذلتك عاذلة فقولي ... علام وفيم ويحك تعذليني

_ [1] ب، ش، ط، ل: يؤنس المطرا. [2] ش: من الرحمن قد قدرا. [3] ابن سعد 2/247. كعب بن مالك بن أبي كعب الأنصاري شاعر الرسول توفي سنة 50 هـ (جمهرة أنساب العرب ص 11، شواهد المغني للسيوطي ص 356. [4] ط، ب، ش، ل: بدمع درر. [5] في حاشية ب، ل: يعني خير من نطق. [6] طبقات ابن سعد 2/248- 249. أروى بنت عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي، تزوجها في الجاهلية عمر بن وهب بن عبد مناف، أسلمت بمكة وهاجرت إلى المدينة (طبقات ابن سعد 8/49) .

على نور البلاد معا جميعا ... رسول الله أحمد فاتركيني فالا تقصري بالعذل عنّي ... فلومي ما بدا لك أو دعيني لأمر هدّني وأذلّ ركني ... وشيّب بعد جدّتها قروني [1] وقالت أروى أيضا [2] : [الطويل] ألا يا رسول الله كنت رجاءنا ... وكنت بنا برّا ولم تك جافيا وكنت بنا برّا رؤوفا نبيّنا ... ليبك عليك اليوم من كان باكيا لعمرك ما أبكي النبيّ لموته ... ولكن لهرج كان بعدك آتيا كأنّ على قلبي لذكر محمد ... وما خفت من بعد النبيّ المكاويا [3] أفاطم صلى الله ربّ محمّد ... على جدث أمسى بيثرب ثاويا [4] أبا حسن فارقته وتركته ... فبكّ بحزن آخر الدهر شاجيا فدا لرسول الله أمّي وخالتي ... وعمّي ونفسي قصرة ثم خاليا صبرت وبلّغت الرسالة صادقا ... وقمت صليب الدين أبلج صافيا [5] فلو أنّ ربّ الناس أبقاك بيننا ... سعدنا ولكن أمره كان ماضيا عليك من الله السلام تحية ... وأدخلت جنات من العدن راضيا قالت عاتكة بنت عبد المطلب [6] : [البسيط] عينيّ جودا طوال الدهر وانهمرا ... سكبا وسحّا بدمع غير تعذير [7] يا عين فاسحنفري بالدمع واحتفلي ... حتى الممات بسجل غير منزور [8] يا عين فانهملي بالدمع واجتهدي ... للمصطفى دون خلق الله بالنور

_ [1] البيت ساقط من: ب. [2] ابن سعد 2/8248. في ش: عفا الله عنها. [3] عجز هذا البيت وصدر البيت التالي ساقطان من: ش. [4] في حاشية ب، ل: الثوى بالمثلثة الإقامة، وبالمثنى الهلاك. قلت: يريد ثوى بالثاء المثلثة، وتوى بالتاء المثناة. [5] في حاشية ب، ل: صافيا: أي مشتدا في أمر الدين. [6] طبقات ابن سعد 2/248. عاتكة بنت عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف، شاعرة وهي من عمّات النبي صلّى الله عليه وسلم، أسلمت بمكة، وهاجرت إلى المدينة. (المحبر 166، 406، الإصابة، النساء ت 695 الدر المنثور ص 319. [7] في حاشية ب، ل: معناه لا تعتذري بعد وفاته، لا يقبل منك ما تعتذرين به. [8] في ب، ش: بسجم غير منزور. وفي حاشية ب، ل: اسحنفري: أي اسرعي الدمع.

بمستهلّ من الشؤبوب ذي سبل ... فقد رزيت نبيّ العدل والخير [1] وكنت من حذر للموت مشفقة ... وللذي خطّ من تلك المقادير من فقد أزهر ضافي الخلق ذي فخر ... صاف من العيب والعاهات والزور فاذهب حميدا جزاك الله مغفرة ... يوم القيامة عند النفخ في الصّور وقالت عاتكة أيضا [2] : [الكامل] يا عين جودي ما بقيت بعبرة ... سحّا على خير البريّة أحمد يا عين فاحتفلي وسحّي واسجمي ... وابكي على نور البلاد محمّد [3] أنّى لك الويلات مثل محمد ... في كلّ نائبة تنوب ومشهد فابكي المبارك والموفّق ذا التّقى ... حامي الحقيقة ذا الرشاد المرشد من ذا يفكّ عن المغلّل غلّه ... بعد المغيّب في الضريح الملحد أم من لكلّ مدفّع ذي حاجة ... ومسلسل يشكو الحديد مقيّد أم من لوحي الله يترك بيننا ... في كلّ ممسى ليلة أو في غد فعليك رحمة ربّنا وسلامه ... يا ذا الفواضل والندى والسؤدد هلّا فداك الموت كلّ ملعّن ... شكس خلائقه لئيم المحتد [4] وقالت عاتكة أيضا [5] : [الطويل] أعينيّ جودا بالدموع السواجم ... على المصطفى بالنور من آل هاشم على المصطفى بالنور والحقّ والهدى ... وبالرشد بعد المندبات العظائم [6] وسحّا عليه وابكيا ما بقيتما ... على المرتضى بالمحكمات العزائم على المرتضى للبرّ والعدل والتّقى ... وللدين والإسلام بعد المظالم على الطاهر الميمون ذي الحلم والندى ... وذي الفضل والداعي لخير التراحم أعينيّ ماذا بعد ما قد فجعتما ... به تبكيان الدهر من ولد آدم فجودا بسجل واندبا كلّ شارق ... ربيع اليتامى في السنين البوازم

_ [1] في حاشية ب، ل: الشؤبوب الدفعة من المطر. [2] ابن سعد 2/248- 249. [3] في ل: يا عين واحتفلي. [4] في حاشية ب، ل: الشكس: السىء الخلق. [5] طبقات ابن سعد 2/249. [6] في ط: بالنور والخلق والهدى.

وقالت صفية بنت عبد المطلب [1] : [الخفيف] لهف نفسي وبتّ كالمسلوب ... آرق الليل فعلة المحروب من هموم وحسرة ردفتني ... ليت أنّي سقيتها بشعوب [2] حين قالوا إن الرسول قد امسى ... وافقته منيّة المكتوب إذ رأينا أنّ النبيّ صريع ... فأشاب القذال أيّ مشيب إذ رأينا بيوته موحشات ... ليس فيهنّ بعد عيش حبيبي أورث القلب ذاك حزنا طويلا ... خالط القلب فهو كالمرعوب ليت شعري وكيف أمسي صحيحا ... بعد أن بين بالرسول القريب أعظم الناس في البرية حقّا ... سيّد الناس حبّه في القلوب فإلى الله ذاك أشكو وحسبي ... يعلم الله حوبتي ونحيبي وقالت صفية أيضا [3] : [المتقارب] أفاطم بكّي ولا تسأمي ... بصبحك ما طلع الكوكب هو المرء يبكى وحقّ البكاء ... هو الماجد السيّد الطيّب فأوحشت الأرض من فقده ... وأيّ البرية لا ينكب فما لي بعدك حتى المما ... ت إلا الجوى الداخل المنصب فبكّي الرسول وحقّت له ... شهود المدينة والغيّب لتبكيك شمطاء مضرورة ... إذا حجب الناس لا تحجب ليبكيك شيخ أبو ولدة ... يطوف بعقوته أشهب [4] ويبكيك ركب إذا أرملوا ... فلم يلف ما طلب الطلّب [5] وتبكي الأباطح من فقده ... وتبكيه مكّة والأخشب

_ [1] ابن سعد 2/429. صفية بنت عبد المطلب بن هاشم، سيدة قرشية، شاعرة، وهي عمة النبي صلّى الله عليه وسلم، أسلمت قبل الهجرة، وهاجرت إلى المدينة، وتوفيت بها سنة 20 هـ. (الإصابة، كتاب النساء ت 651، ذيل المذيل ص 69، التبريزي 4/147، المحبر ص 172) . [2] في حاشية ب، ل: الشعوب اسم من أسماء الموت. [3] طبقات ابن سعد 2/250. [4] في حاشية ب، ل: العقوة المحلة وما حول الدار. [5] في حاشية ل: أرملوا فرغ زادهم.

وتبكي وعيرة من فقده ... بحزن ويسعدها الميثب [1] فعيني ما لك لا تدمعين وحقّ لدمعك يستسكب وقالت صفية أيضا [2] : [الوافر] أرقت فبتّ ليلي كالسليب ... لوجد في الجوانح ذي دبيب فشيّبني وما شابت لداتي ... فأمسى الرأس مني كالعسيب لفقد المصطفى بالنور حقّا ... رسول الله ما لك من ضريب كريم الخيم أروع مضرحيّ ... طويل الباع منتجب نجيب ثمال المعدمين وكلّ جار ... ومأوى كلّ مضطهد غريب فامّا تمس في جدث مقيما ... فقدما عشت ذا كرم وطيب وكنت موفقا في كلّ أمر ... وفيما ناب من حدث الخطوب وقالت صفية أيضا [3] : [المتقارب] أعينيّ جودا بدمع سجم ... يبادر غربا بما منهدم أعينيّ واسحنفرا واسكبا ... بوجد وحزن شديد الألم على صفوة الله ربّ العباد ... وربّ السماء وباري النّسم على المرتضى للهدى والتّقى ... وللرشد والنور بعد الظّلم على الطاهر المرسل المجتبى ... رسول تخيّره ذو الكرم وقالت صفية أيضا [4] : [الخفيف] عين جودي بدمعة تسكاب ... للنبيّ المطهّر الأثواب واندبي المصطفى فعمّي وخصّي ... بدموع غزيرة الأسراب عين من تندبين بعد نبيّ ... خصّه الله ربّنا بالكتاب فاتح خاتم رحيم رؤوف ... صادق القيل طيّب الأثواب [5] مشفق ناصح شفيق علينا ... رحمة من إلهنا الوهّاب

_ [1] في حاشية ب، ل: الميثب اسم مكان وهو جيد كانت فيه صدقاته صلّى الله عليه وسلم. [2] طبقات ابن سعد 2/250. [3] ابن سعد 2/250. [4] ابن سعد 2/250- 251. [5] ب، ش، ط، ل: رؤوف رحيم.

رحمة الله والسلام عليه ... وجزاه المليك حسن الثواب وقالت صفية أيضا [1] : [الخفيف] عين جودي بدمعة وسهود ... واندبي خير هالك مفقود واندبي المصطفى بحزن شديد ... خالط القلب فهو كالمعمود [2] كدت أقضي الحياة لّما أتاه ... قدر خطّ في كتاب مجيد فلقد كان بالعباد رؤوفا ... ولهم رحمة وخير رشيد رضي الله عنه حيّا وميتا ... وجزاه الجنان يوم الخلود وقالت صفية أيضا [3] : [الخفيف] آب ليلي عليّ بالتّسهاد وجفا ... الجنب غير وطء الوساد [4] واعترتني الهموم جدا بوهن ... لأمور نزلن حقا شداد رحمة كان للبرية طرّا ... فهدى من أطاعه للسداد [5] طيّب العود والضريبة والشّيم ... ة محض الأنساب واري الزّناد أبلج صادق السّجيّة عفّ ... صادق الوعد منتهى الرّوّاد [6] عاش ما عاش في البريّة برّا ... ولقد كان نهية المرتاد ثم ولّى عنّا فقيدا حميدا ... فجزاه الجنان ربّ العباد وقالت هند بنت الحارث بن عبد المطلب [7] : [البسيط] يا عين جودي بدمع منك وابتدري ... كما تنزّل ماء الغيث فانثعبا [8] أو فيض غرب على عادية طويت ... في جدول خرق بالماء قد سربا لقد أتتني من الأنباء معضلة ... أنّ ابن آمنة المأمون قد ذهبا

_ [1] ابن سعد 2/251. [2] في حاشية ل: المعمود: الشديد الخوف. [3] طبقات ابن سعد 2/251. [4] ب، ش، ط، ل: عن وطاء الوساد. [5] البيت خرجة من حاشية ب. [6] البيت خرجة من حاشية الأصل. [7] طبقات ابن سعد 2/251. هند بنت الحارث بن عبد المطلب بن هاشم، بنت عم النبي صلّى الله عليه وسلم. (الأصابة 2/423) . [8] في حاشية ب، ل: المنثعب، الميزاب، وقوله فانثعبا، أي سال.

أنّ المبارك والميمون في جدث ... قد ألحفوه تراب الأرض والحدبا أليس أوسطكم بيتا وأكرمكم ... خالا وعمّا ليس مؤتشبا وقالت هند بنت أثاثة أخت مسطح بن أثاثة [1] : [الوافر] أشاب ذؤابتي وأذلّ ركني ... بكاؤك فاطم الميت الفقيدا فأعطيت العطاء فلم تكدّر ... وأخدمت الولائد والعبيدا وكنت ملاذنا في كلّ كرب ... إذا هبّت شآمية برودا وإنّك خير من ركب المطايا ... وأكرمهم إذا نسبوا جدودا [2] رسول الله فارقنا وكنا ... نرجّي أن يكون لنا خلودا أفاطم فاصبري فلقد أصابت ... رزيئتك التهائم والنّجودا وأهل البرّ والإبحار طرّا ... فلم تخطيء مصيبته وحيدا فكان الخير يصبح في ذراه ... سعيد الجدّ قد ولد السعودا وقالت هند أيضا [3] : [الوافر] ألا يا عين بكّي لا تملّي ... فقد بكر النّعيّ بمن هويت وقد بكر النّعيّ بخير شخص ... رسول الله حقا ما حييت ولو عشنا ونحن نراك فينا ... وأمر الله يترك ما بكيت فقد بكر النعيّ بذاك عمدا ... فقد عظمت مصيبة من نعيت وقد عظمت مصيبته وجلّت ... وكلّ الجهد بعدك قد لقيت إلى ربّ البريّة ذاك نشكو ... فانّ الله يعلم ما أتيت أفاطم إنّه قد هدّ ركني ... وقد عظمت مصيبة من رزيت [4] وقالت هند أيضا [5] : [البسيط] قد كان بعدك أنباء وهنبثة ... لو كنت شاهدها لم تكثر الخطب [6]

_ [1] ابن سعد 2/252. هند بنت أثاثة: ابن عباد بن عبد المطلب بن عبد مناف، شاعرة قرشية، اشتهرت في الجاهلية، وقد أسلمت وبايعت النبي صلّى الله عليه وسلم. (طبقات ابن سعد 5/228) . [2] في ب: عجز هذا البيت وصدر البيت الذي يليه، خرجة من الحاشية. [3] طبقات ابن سعد 2/252. [4] في ط: البيت خرجة من الحاشية. [5] ابن سعد 2/252. [6] في حاشية ل: الهنبثة: أمر شديد. الهنبثة: الاختلاط في القول، ويقال: الأمر الشديد. (الصحاح: هنبث) .

إنّا فقدناك فقد الأرض وابلها ... فاحتل لقومك واشهدهم ولا تغب [1] قد كنت بدرا ونورا يستضاء به ... عليك تنزل من ذي العزّة الكتب وكان جبريل بالآيات يحضرنا ... فغاب عنّا وكلّ الغيب محتجب فقد رزئت أبا سهلا خليقته ... محض الضريبة والأعراق والنسب [2] وقالت عاتكة بنت زيد بن عمرو بن نفيل [3] : [المتقارب] أمست مراكبه أوحشت ... وقد كان يركبها زينها وأمست تبكّي على سيّد ... تردّد عبرتها عينها وأمست نساؤك ما تستفيق ... من الحزن يعتادها دينها وأمست شواحب مثل النّصا ... ل قد عطّلت وكبا لونها يعالجن حزنا بعيد الذهاب ... وفي الصدر مكتنع حينها [4] يضربن بالكفّ حرّ الوجوه ... على مثله جادها شؤنها هو الفاضل السيد المصطفى ... على الحقّ مجتمع دينها [5] فكيف حياتي بعد الرسول ... وقد حان من ميتة حينها وقالت أم أيمن [6] : [الخفيف] عين جودي فانّ بذلك للدم ... ع شفاء فأكثري م البكاء حين قالوا الرسول أمسى فقيدا ... ميّتا كان ذاك كلّ البلاء وابكيا خير من رزئناه في الدّن ... يا ومن خصّه بوحي السماء [7] بدموع غزيرة منك حتى ... يقضي الله فيك خير القضاء فلقد كان ما علمت وصولا ... ولقد جاء رحمة بالضياء

_ [1] في البيت إقواء. [2] في البيت إقواء، الضريبة: الطبيعة والسجية. [3] ابن سعد 2/252- 253. عاتكة بنت زيد بن عمرو بن نفيل، من بني عدي، من الصحابيات المبايعات المهاجرات، تزوجها عبد الله بن أبي بكر، ثم عمر بن الخطاب، ثم الزبير بن العوام، وكلهم قتل عنها، توفيت سنة 40 هـ. (جمهرة أنساب العرب ص 151، طبقات ابن سعد 8/265) . [4] في حاشية ب، ل: المكتنع: المنقبض، والحين الهلاك، وقوله: شؤونها أي مجرى الدمع، جاد بالدمع الكثير. [5] في ب، ش، ط، ل: هو السيد الفاضل. [6] طبقات ابن سعد 2/253. [7] إلى هنا ينتهي الساقط من نسخة ع.

ولقد كان بعد ذلك نورا ... وسراجا يضىء في الظلماء [1] طيّب العود والضريبة والمع ... دن والخيم خاتم الأنبياء وأخرج عن محمود بن لبيد قال: سمعت عثمان بن عفان على المنبر يقول: لا يحلّ لأحد يروي حديثا لم يسمع به في عهد أبي بكر، ولا عهد عمر، فانه لم يمنعني أن أحدث عن رسول الله صلّى الله عليه وسلم أن لا أكون من أوعى أصحابه عنه، إلا أني سمعته صلّى الله عليه وسلم يقول: (من قال عليّ ما لم أقل فقد تبوّأ مقعده من النار) [2] . وأخرج عن عبد الله بن دينار قال: كتب عمر بن عبد العزيز ألى أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم: أن انظر ما كان من حديث رسول الله صلّى الله عليه وسلم، أو سنة ماضية أو حديث عمرة بنت عبد الرحمن [3] ، فاكتبه، فاني قد خفت دروس العلم وذهاب أهله [4] . وأخرج عن أيوب قال، قال عكرمة: إني لأخرج السوق فأسمع الرجل يتكلم بالكلمة فينفتح له خمسون بابا من العلم. وأخرج عن هشام بن عروة قال، كان أبي يقول: أي بنيّ تعلموا فانكم اليوم صغار، ويوشك أن تكونوا كبارا، وإنّا تعلمنا صغارا فأصبحنا كبارا، وصرنا اليوم نسأل. وأخرج عن صالح بن كيسان قال: اجتمعت أنا والزهري، ونحن نطلب العلم، فقلنا نكتب السنن، فكتبنا ما جاء عن النبي صلّى الله عليه وسلم ثم قال: نكتب ما جاء عن الصحابة فانه سنّة، قلت أنا: ليس بسنة فلا نكتبه، قال: فكتب ولم أكتب، فأنجح وضيّعت. وأخرج عن خالد بن سمير قال: لما أصيب زيد بن حارثة أتاهم النبي صلّى الله عليه وسلم، فجهشت بنت زيد في وجه رسول الله صلّى الله عليه وسلم، فبكى رسول الله صلّى الله عليه وسلم حتى انتحب [5] ./ فقال سعد بن عبادة [6] : يا رسول الله، ما هذا؟ قال: (هذا شوق الحبيب إلى حبيبه) [7] . وأخرج عن أبي الحويرث أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم لم يشتك شكوى إلا سأل الله العافية،

_ [1] البيت في ش: خرجة من الحاشية. [2] الحديث في: سنن أبي داود الباب السادس من الأقضية، والسنن الكبرى 1/76، ومشكاة المصابيح 3738، والبداية والنهاية 7/360. [3] عمرة بنت عبد الرحمن بن سعد بن زرارة الأنصارية المدنية، تابعية، عالمة وثقة، روت عن عائشة وأم سلمة، توفيت سنة 103 هـ. (تهذيب التهذيب 12/439، طبقات ابن سعد 8/480) . [4] طبقات ابن سعد 2/295. [5] طبقات ابن سعد 3/34. [6] سعد بن عبادة بن ديلم بن حارثة الخزرجي، صحابي من أهل المدينة، كان يلقب في الجاهلية بالكامل لمعرفته الكتابة والرمي والسباحة، ويكنى أبا ثابت، توفي في الشام سنة 14 هـ. (تهذيب التهذيب 3/475، طبقات ابن سعد 3/613، الإصابة ترجمة ت 3175) . [7] طبقات ابن سعد 3/34.

حتى كان في مرضه الذي توفي فيه، فانه لم يكن يدعو بالشفاء، وطفق يقول: (يا نفس مالك تلوذين كل ملاذ) [1] . وأخرج عن عائشة أنها أرسلت إلى امرأة من النساء بمصباحها فقالت: اقطري لنا في مصباحنا من عكّتك السمن، فان رسول الله صلّى الله عليه وسلم أمسى في جديد الموت. وأخرج عن القاسم بن محمد بن أبي بكر [2] أنه لما شك في موت النبي صلّى الله عليه وسلم، قال بعضهم: قد مات، وقال بعضهم: لم يمت، وضعت أسماء بنت عميس [3] يدها بين كتفيه [4] . وأخرج عن أبي جعفر قال: ما رئيت فاطمة ضاحكة بعد رسول الله صلّى الله عليه وسلم، إلا أنه قد تموري في طرف فيها [5] . وأخرج عن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عبد الله بن أبي ربيعة، أن عثمان لما بويع خرج إلى الناس فخطبهم، فحمد الله، وأثنى على هـ، ثم قال: أيها الناس، إن أول مركب صعب، وإن بعد اليوم أياما، وإن أعش تأتكم الخطبة على وجهها، وما كنا خطباء، وسيعلمنا الله [6] . وأخرج عبد الله بن سلام قال: ما قتل نبي قطّ إلا قتل به سبعون ألفا من أمته، ولا قتل خليفة قطّ إلا قتل به خمسة وثلاثون ألفا [7] . وأخرج عن صالح بن كيسان قال: قال محرز بن نضلة: رأيت سماء الدنيا أفرجت/ لي حتى دخلتها، حتى انتهيت إي السماء السابعة، ثم انتهيت إلى سدرة المنتهى، فقيل لي: هذا منزلك، فعرضتها على أبي بكر الصديق، وكان أعبر الناس، فقال: أبشر بالشهادة، فقتل بعد ذلك بيوم من غزوة ذي قرد [8] .

_ [1] طبقات ابن سعد 2/198 ط العلمية و 2/257 ط صادر. [2] القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق، أبو محمد، أحد الفقهاء السبعة في المدينة، قال عنه ابن عيينة: كان أفضل أهل زمانه، عمي آخر أيامه، توفي سنة 107 هـ بقديد. (صفة الصفوة 2/49، حلية الأولياء 2/183، نكت الهميان ص 230 وفيات الأعيان 1/418. [3] أسماء بنت عميس بن سعد بن تميم بن الحارث الخثعمي، صحابية، أسلمت قبل دخول النبي صلّى الله عليه وسلم دار الأرقم بمكة، وتزوجت جعفر بن أبي طالب، ثم قتل عنها شهيدا في وقعة مؤتة، وصفها أبو نعيم الأصفهاني بمهاجرة الهجرتين ومصلية القبلتين، توفيت سنة 40 هـ. (التهذيب 12/398، طبقات ابن سعد 8/205، حلية الأولياء 2/74، صفة الصفوة 2/33، الدر المنثور ص 35) . [4] طبقات ابن سعد 2/272. [5] ابن سعد 2/312، تموري: أي شك، يريد: ربما يشك أنها تبسمت بطرف فيها. [6] الطبقات 3/62. [7] الطبقات 3/83. [8] غزوة ذي قرد: حدثت بعد رجوع النبي صلّى الله عليه وسلم من محاربة بني لحيان، أغار عيينة بن حصن الفزاري على لقاح لرسول الله بالغابة، وفيها رجل من بني غفار فقتلوه وأخذوا امرأته سنة خمس، وقيل سنة ست للهجرة. (تهذيب سيرة ابن هشام ص 208، وانظر الطبقات 3/96) .

وأخرج عن محمد بن قيس قال: اشتكى رسول الله صلّى الله عليه وسلم ثلاثة عشر يوما، فكان إذا وجد خفّة صلّى، وإذا ثقل صلّى أبو بكر [1] . وأخرج عن قتادة قال: بلغني أن أبا بكر قال: وددت أنّي خضرة تأكلني الدواب [2] . وأخرج عن عامر الشعبي قال، قال عمر [بن الخطاب] لعمّار [3] : أساءك عزلنا إياك؟ قال: لئن قلت ذاك، لقد ساءني حين استعملتني، وساءني حين عزلتني [4] . وأخرج عن محمد بن سيرين قال: كان عمر بن الخطاب قد اعتراه نسيان في الصلاة، فجعل رجلا خلفه يلقنه، فإذا أومأ إليه أن يسجد أو يقوم فعل [5] . وأخرج عن سليمان بن أبي حثمة قال: قالت الشفاء بنت عبد الله [6] ، ورأت فتيانا يقصدون في المشي، ويتكلمون رويدا، فقالت: ما هذا؟ فقالوا: نسّاك، فقالت: كان والله عمر إذا تكلم أسمع، وإذا مشى أسرع، وإذا ضرب أوجع، وهو الناسك حقا [7] . وأخرج عن زيد بن أسلم [8] عن أبيه قال: رأيت عمر بن الخطاب يأخذ بأذن الفرس، ويأخذ بيده الأخرى أذنه ثم ينزو على متن الفرس [9] . وأخرج عن سفيان بن أبي العوجاء قال، قال عمر بن الخطاب: والله ما أدري أخليفة أنا أم ملك، فان كنت ملكا فهذا أمر عظيم، قال قائل: يا أمير المؤمنين إن بينهما فرقا، قال:/ ما هو؟ قال: الخليفة لا يأخذ إلا حقا، ولا يضعه إلا في حق، وأنت بحمد الله كذلك، والملك يعسف الناس، فيأخذ من هذا ويعطي هذا،

_ [1] الطبقات 3/181. [2] الطبقات 3/891. [3] عمار بن ياسر: الكناني المذحجي القحطاني صحابي من الولاة الشجعان ذوي الرأي، وهو أحد السابقين إلى الإسلام والجهر به، هاجر الى المدينة وشهد بدرا وبقية المعارك، كان النبي صلّى الله عليه وسلم يلقبه (الطيب المطيّب) ، وهو أول من بنى مسجدا في الإسلام وهو مسجد قباء في المدينة، شهد الجمل وصفين مع علي وقتل في صفين سنة 37 هـ. (الاصابة ت 5706، الطبري 6/21، حلية الأولياء 1/139، صفة الصفوة 1/175) . [4] الطبقات 3/256. [5] الطبقات 3/286. [6] الشفاء بنت عبد الله بن عبد شمس: صحابية متقدمة الإسلام، وأمها فاطمة بنت وهب بن مخزوم، أسلمت قبل الهجرة وتزوجها أبو حثمة فولدت له سليمان، وهاجرت إلى المدينة، توفيت سنة 20 هـ. (التهذيب 12/428، الطبقات 8/268) . [7] الطبقات 3/290. [8] زيد بن أسلم العدوي العمري: فقيه مفسر من أهل المدينة كان مع عمر بن عبد العزيز أيام خلافته، كان ثقة كثير الحديث له حلقة في المسجد النبوي، توفي سنة 136 هـ. (الإصابة ت 2878) . [9] الطبقات 3/293.

فسكت عمر [1] . وأخرج عن ابن المسيب [2] قال، قال عمر: أيما عامل لي ظلم أحدا، فبلغتني مظلمته- فلم أغيرها- فأنا ظلمته [3] . وأخرج عن عبد الرحمن بن حاطب عن أبيه قال: قال عمر [4] : لو مات جمل ضياعا على شط الفرات، لخشيت أن يسألني الله عنه. وأخرج من طريق زادان عن سلمان [5] أن عمر قال له: أملك أنا أم خليفة؟ فقال له سلمان: إن أنت جبت من أهل أرض المسلمين درهما أو أقل أو أكثر، ثم وضعته في غير حقه، فأنت ملك غير خليفة، فاستعبر عمر [6] . وأخرج عن عامر بن عبيدة الباهلي، قال: سألت أنسا عن الخز فقال: ما أحد من أصحاب النبي صلّى الله عليه وسلم إلا وقد لبسه، ما خلا عمر وابن عمر [7] . وأخرج من طريق عبد الله بن جعفر، عن ابن أبي عون قال: قال عمر بن الخطاب لمتمم بن نويرة [8] : لو كنت أقدر على أن أقول الشعر لبكيت أخي زيد بن الخطاب، كما بكيت أخاك، قال ابن جعفر: فقلت لابن أبي عوف: أما كان عمر يقول الشعر؟ فقال: لا، ولا بيتا واحدا [9] . وأخرج عن قتادة أن أبا عبيدة بن الجراح قال: وددت أني كبش فذبحني أهلي، وحسوا مرقي [10] . وأخرج عن أنس بن مالك قال: كان أسنّ أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلم أبو بكر وسهيل بن بيضاء [11] . قال الواقدي:/ مات سهيل بعد رجوع رسول الله صلّى الله عليه وسلم من تبوك سنة تسع، وليس له عقب.

_ [1] الطبقات 3/307. [2] سعيد بن المسيب: بن حزن بن أبي وهب المخزومي، سيد التابعين، وأحد الفقهاء السبعة بالمدينة، جمع بين الحديث والفقه والزهد والورع، سمي راوية عمر، لأنه كان أحفظ الناس لأحكامه، توفي بالمدينة سنة 94 هـ. (تهذيب التهذيب 4/84) . [3] الطبقات 3/305. [4] قال عمر. ساقطة من ب، ع. [5] سلمان: هو سلمان الفارسي الصحابي توفي سنة 36 هـ (الإصابة ت 7723) . [6] الطبقات 3/306. [7] الطبقات 3/330. [8] متمم بن نويرة اليربوعي: شاعر فحل اشتهر في الجاهلية والإسلام، وأكثر شعره في الإسلام في رثاء أخيه مالك بن نويرة الذي قتل في حروب الردة، توفي سنة 30 هـ. (الإصابة ت 7723) . [9] الطبقات 3/378. [10] الطبقات 3/413. [11] سهيل بن وهب بن ربيعة، وأمه البيضاء، هاجر إلى الحبشة الهجرتين وشهد بدرا وأحدا والخندق والمشاهد كلها مع رسول الله صلّى الله عليه وسلم، مات في المدينة سنة 9 هـ. (الإصابة ت 3563، الطبقات 3/410) .

وأخرج عن أبي سعيد الخدري [1] قال: سمعت عباد بن بشر [2] يقول: يا أبا سعيد رأيت الليلة كأن السماء قد فرجت لي ثم أطبقت عليّ، فهي إن شاء الله الشهادة، قال: فقتل يوم اليمامة. وأخرج عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال، قال عمر بن الخطاب لسعد بن عبيد [3] وكان رجلا من أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلم، وكان يسمى القارىء، ولم يكن أحد من أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلم يسمى القارىء غيره، فذكر حديثا، قال ابن سعد: هو الذي يقال له سعد القارىء ويكنى أبا زيد، ويروي الكوفيون أنه فيمن جمع القرآن على عهد رسول الله صلّى الله عليه وسلم. وأخرج عن عروة بن الزبير [4] قال: بلغنا أن الناس بكوا على رسول الله صلّى الله عليه وسلم، حين توفاه الله، وقالوا: والله لوددنا أنّا متنا قبله، نخشى أن نفتن بعده، فقال معن بن عدي [5] ، لكني والله ما أحب أني متّ قبله حتى أصدقه ميتا كما صدقته حيا [6] . وأخرج عن عمير بن سعد قال: صلى عليّ على سهل بن حنيف [7] ، فكبر عليه خمسا، فقالوا: ما هذا التكبير؟ فقال: هذا سهل بن حنيف من أهل بدر، ولأهل بدر فضل على غيرهم.

_ [1] أبو سعيد الخدري: سعد بن مالك بن سنان الخدري الأنصاري، كان من ملازمي رسول الله صلّى الله عليه وسلم، روى عنه أحاديث كثيرة وشهد الغزوات، توفي بالمدينة سنة 74 هـ. (الإصابة ت 3198) . [2] عباد بن بشر بن وقش الأشهلي الخزرجي: صحابي أسلم في المدينة وشهد المشاهد كلها، وكان رسول الله صلّى الله عليه وسلم يبعثه إلى القبائل يصدقها وجعله على مقاسم حنين، واستعمله على حرسه بتبوك، استشهد يوم اليمامة سنة 12 هـ. (الإصابة ت 4458) . [3] سعد بن عبيد بن النعمان الأوسي: الملقب بسعد القاريء، أحد الستة الذين قيل إنهم جمعوا القرآن على عهد رسول الله صلّى الله عليه وسلم وهو صحابي شهد بدرا وأحدا والمشاهد كلها، وقتل يوم القادسية سنة 16 هـ. (الإصابة ت 3178) . [4] عروة بن الزبير بن العوام القرشي، أحد الفقهاء السبعة بالمدينة، كان عالما بالدين صالحا كريما، انتقل إلى البصرة ولم يدخل في شىء من الفتن، ثم رحل إلى مصر، وعاد بعدها إلى المدينة، فتوفي فيها سنة 93 هـ. (التهذيب 7/180) . [5] معن بن عدي بن العجلان، شهد العقبة مع الأنصار، وكان يكتب بالعربية قبل الإسلام، وآخى الرسول بينه وبين زيد بن الخطاب، وقتلا يوم اليمامة سنة 12 هـ. (الإصابة ت 8164، الطبقات 3/463) . [6] الطبقات 3/465، الإصابة 6/191. [7] سهل بن حنيف بن وهب الأنصاري: صحابي من السابقين، شهد بدرا وأحدا والمشاهد كلها، وآخى النبي صلّى الله عليه وسلم بينه وبين علي بن أبي طالب، استخلفه علي على البصرة بعد وقعة الجمل، ثم شهد معه صفين، وتوفي بالكوفة سنة 38 هـ. (الإصابة ت 3529) .

وأخرج عن عمران بن عبد الله قال، قال أبيّ بن كعب [1] لعمر بن الخطاب: ما لك لا تستعملني؟ قال: أكره أن تدنس دينك [2] . وأخرج عن عبد الله بن الصامت قال، قال معاذ بن جبل [3] : ما بزقت عن يميني منذ أسلمت [4] . وأخرج عن محمد بن سيرين قال: إن سعد بن عبادة بال قائما/ فلما رجع قال لأصحابه: إني لأجد دبيبا فمات، فسمعوا الجن تقول [5] : [الهزج] قتلنا سيد الخزرج سعد بن عباده ... رميناه بسهمين فلم تخط فؤاده وأخرج عن حبيب بن أبي ثابت قال: كان العباس بن عبد المطلب أقرب الناس شحمة أذن إلى السماء [6] . وأخرج عن ابن إسحاق أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم قال لعقيل بن أبي طالب [7] : (يا أبا يزيد، إني أحبك حبين، حبا لقرابتك، وحبا لما كنت أعلم من حب عمي إياك) [8] . وأخرج عن جعفر بن برقان قال: بلغني أنه قيل لسلمان الفارسي: ما يكرهك الإمارة؟ قال: حلاوة رضاعها، ومرارة فطامها [9] . وأخرج عن حارثة بن مضرب قال: سمعت سلمانا يقول: إني لأعد العراق على الخادم خشية الظن [10] . وأخرج عن مسروق بن الأجدع قال: قال لي أبو موسى الأشعري [11] أيام الحكمين: يا مسروق،

_ [1] أبي بن كعب بن قيس: من بني النجار، صحابي أنصاري، كان قبل الإسلام حبرا من أحبار اليهود، ولما أسلم كان من كتاب الوحي، شهد المشاهد كلها، وشهد وقعة الجابية مع عمر، وكتب كتاب الصلح لأهل بيت المقدس، توفي بالمدينة سنة 21 هـ. (التهذيب 10/187، الإصابة ت 32) . [2] الطبقات 3/499. [3] معاذبن جبل بن عمرو الأنصاري: صحابي أسلم وهو فتى كان أعلم الأمة بالحلال والحرام، شهد المشاهد كلها، كان قاضي أهل اليمن على عهد رسول الله، من كلام عمر فيه: لولا معاذ لهلك عمر، توفي في الأردن سنة 18 هـ. (التهذيب 1/186) . [4] الطبقات 3/586. [5] الطبقات 3/617. [6] الطبقات 4/23. [7] عقيل بن عبد مناف بن عبد المطلب الهاشمي: صحابي فصيح اللسان شديد الجواب، وهو أخو علي وجعفر لأبيهما، وكان أسن منهما، كان الناس يأخذون عنه الأخبار والأنساب في مسجد المدينة، توفي سنة 60 هـ. (التهذيب 7/254) . [8] الطبقات 4/44. [9] الطبقات 4/88. [10] الطبقات 4/89. العراق: بضم العين العظم أكل لحمه، والعراق: بكسر العين الطبابة وهي الجلدة التي تغطي بها عيون الخرز. [11] أبو موسى الأشعرى: عبد الله بن قيس بن سليم، صحابي من الشجعان الفاتحين، جاء في الحديث: (سيد الفوارس أبو موسى) ، له ثلاث مائة حديث، توفي سنة 44 هـ. (التهذيب 5/362) .

إن الإمرة ما أؤتمر فيها، وإن الملك ما غلب عليه بالسيف [1] . وأخرج عن نافع قال: كان المختار يبعث بالمال إلى ابن عمر فيقبله، ويقول: لا أسأل أحدا شيئا، ولا أرد ما رزقني الله [2] . وأخرج عن نافع قال: ما ردّ ابن عمر على أحد وصية، ولا رد على أحد هدية. وأخرج عن ابن عمر قال: خذوا بحظكم من العزلة [3] . وأخرج عن ابن سيرين أن ابن عمر كان يتمثل بهذا البيت: [الوافر] يحبّ الخمر من مال الندامى ... ويكره أن تفارقه الفلوس وأخرج عن مجاهد قال: ترك الناس أن يقتدوا بابن عمر وهو شاب، فلما كبر اقتدوا به [4] /وأخرج عن ابن عمر قال: ما وضعت لبنة على لبنة، ولا غرست نخلة منذ توفي رسول الله صلّى الله عليه وسلم [5] . وأخرج عن نباتة الحداني قال: أتيت ابن عمر بهدية من البصرة فقبلها، فسألت مولى له: أيطلب الخلافة؟ قال: لا، هو أكرم على الله من ذلك. وأخرج عن أبي ذر [6] قال: ما زال بي الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، حتى ما ترك لي الحق صديقا. وأخرج عن زيد بن أسلم قال، قال جعال بن سراقة [7] وهو يتوجه إلى أحد: يا رسول الله صلّى الله عليك [8] ، إنه قيل لي إنك تقتل غدا، وهو يتنفس مكروبا، فضرب النبي صلّى الله عليه وسلم بيده في صدره وقال: (أليس الدهر كله غدا) [9] . وأخرج عن عامر الشعبي قال: شبّه رسول الله صلّى الله عليه وسلم ثلاثة نفر من أمته، فقال: دحية الكلبي [10] يشبه جبرائيل، وعروة بن مسعود الثقفي [11] يشبه عيسى بن مريم،

_ [1] الطبقات 4/113. [2] الطبقات 5/150، وابن عمر: هو عبد الله بن عمر بن الخطاب، له في كتب الحديث 2630 حديثا، توفي سنة 73 هـ. (التهذيب 5/328) . [3] الطبقات 4/661. [4] الطبقات 4/147. [5] الطبقات 4/170. [6] أبو ذر الغفاري: جندب بن جنادة بن سفيان بن عبيد من بني غفار من كنانة، توفي في الربذة سنة 32 هـ. (التهذيب 12/90) . [7] جعال بن سراقة الفهري أو الغفاري: استعمله النبي صلّى الله عليه وسلم عند ما غزا بني المصطلق في شعبان سنة ست. (الطبقات 4/244، الإصابة ت 1157) . [8] صلى الله عليك، ليست في ب، ع. [9] الطبقات 4/245. [10] دحية بن خليفة بن فروة الكلبي، صحابي بعثه الرسول برسالته إلى قيصر يدعوه للإسلام، حضر كثيرا من الوقائع، وكان يضرب به المثل في حسن الصورة، عاش إلى خلافة معاوية، توفي سنة 45 هـ. (الإصابة ت 2392) . [11] عروة بن مسعود بن معتب الثقفي: صحابي كان كبيرا في قومه بالطائف، لما أسلم استأذن رسول الله صلّى الله عليه وسلم أن يرجع إلى قومه يدعوهم للإسلام، فقال: أخاف أن يقتلوك، قال: لو وجدوني نائما ما أيقظوني، فأذن له، فرجع فدعاهم إلى الإسلام فخالفوه، ورماه أحدهم بسهم فقتله سنة 9 هـ. (الإصابة ت 5528) .

وعبد العزى [1] يشبه الدجال [2] . وأخرج عن أبي وائل قال: كان دحية الكلبي يشبّه بجبريل، وكان عروة بن مسعود مثله كمثل صاحب يس، وكان عبد العزى بن قطن يشبه بالدجال. وأخرج عن عكرمة قال: هو ركوب الأنبياء، يسدل رجليه من جانب. وأخرج عن موسى بن عبد الله ابن بنت حذيفة قال، قال حذيفة [3] : والله لوددت أنّ لي من يصلح لي مالي، ثم أغلقت عليّ بابي، فلم يدخل عليّ أحد، ولم أخرج إليه حتى ألحق بالله. وأخرج عن جابر بن عبد الله قال، قال حذيفة: إنّا قد حملنا هذا العلم، وإنّا نؤديه إليكم وإن كنا لا نعمل به. وأخرج عن النزال بن سبرة قال، قال عثمان لحذيفة: ما شيء بلغني عنك، أنت الذي قلت كذا وكذا، فقال حذيفة: ما قلته، قال: وكنا قد سمعناه منه، فلما خرج قلنا: ألم تكن قلته؟ قال: بلى، ولكني أشتري ديني بعضه ببعض مخافة أن يذهب كله [4] . وأخرج عن بلال بن يحيى قال: بلغني أن حذيفة كان يقول: ما أدرك هذا الأمر أحد من أصحاب النبي صلّى الله عليه وسلم إلا قد اشترى بعض دينه ببعض، قالوا: وأنت؟ قال [5] : والله إني لأدخل على أحدهم وليس أحد إلا فيه محاسن ومساوىء، فأذكر محاسنه، وأعرض عما سوى ذلك، وربما دعاني أحدهم إلى الغداء فأقول: إني صائم، ولست بصائم. وأخرج عن طريق ابن عون قال: حدثني رجل قال: قدمت عائشة رضي الله عنها ذا طوى [6] حين رفعوا أيديهم عن قبر عبد الرحمن بن أبي بكر، قال: ففعلت يومئذ وتركت، فقالت لها امرأة: وإنك لتفعلين مثل هذا يا أم المؤمنين؟ قالت: وما رأيتني فعلت، إنه ليست لنا أكباد كأكباد الإبل. وأخرج عن مطرف قال: خرجت مع عمران بن حصين [7] من الكوفة إلى البصرة،

_ [1] عبد العزى بن عبد المطلب بن هاشم، أبو لهب، عم الرسول صلّى الله عليه وسلم وأحد الأشراف الشجعان في الجاهلية، ومن أشد الناس عداوة للمسلمين، كان أحمر الوجه مشرقا، فلقب في الجاهلية بأبي لهب، مات بعد وقعة بدر بأيام ولم يشهدها سنة 2 هـ. (نسب قريش ص 18، الروض الأنف 1/265، المحبر ص 157) . [2] الطبقات 4/250، والدجال: هو المسيح الكذاب. [3] حذيفة بن حسل بن جابر العبسي: صحابي من الولاة الشجعان الفاتحين، كان صاحب سر النبي صلّى الله عليه وسلم في المنافقين، وكان عمر بن الخطاب لا يصلي على ميت لا يصلي عليه حذيفة، ولاه عمر المدائن، فغزا نهاوند والدينور وماه سندان وهمدان والري، توفي في المدائن سنة 36 هـ. (التهذيب 2/219) . [4] لم أهتد إلى هذه الرواية. [5] في ش: وأنا والله. [6] ذو طوى: واد في مكة. (ياقوت: طوى) . [7] عمران بن حصين بن عبيد الخزاعي: من علماء الصحابة، أسلم عام خيبر سنة 7 هـ وكانت معه راية خزاعة يوم فتح مكة، وبعثه عمر إلى أهل البصرة ليفقههم، وولاه زياد قضاءها، توفي سنة 52 هـ. (التهذيب 8/127) .

فما أتى علينا يوم إلا ينشدنا فيه شعرا [1] . وأخرج عن قتادة قال: بلغني أن عمران بن حصين قال: وددت أني رماد تذروني الريح [2] ./ وأخرج عن أبي رافع أن أبا هريرة [3] قال: ما أحد من الناس يهدي إليّ هدية إلا قبلتها، فأما أن أسأل فلم أكن لأسأل. وأخرج عن أبي هريرة قال: لا خير في فضول الكلام. وأخرج عن عمير بن سعد القارىء [4] رضي الله عنهما قال: ألا إن الإسلام حائط منيع، وباب وثيق، فحائط الإسلام العدل، وبابه الحق، فاذا قوّض الحائط، وحطّم الباب استفتح الإسلام، فلا يزال الإسلام منيعا ما اشتد السلطان، وليس شدة السلطان قتلا بالسيف، ولا ضربا بالسوط، ولكن قضاء بالحق وأخذا بالعدل [5] . وأخرج عن أبي غالب قال: لم أر أحدا كان أضنّ بكلامه من أنس بن مالك [6] . وأخرج من طريق أبان بن أبي عياش، عن أنس قال: علمني رسول الله صلّى الله عليه وسلم كلمات لن يضرني معهن عتوّ جبار، ولا عنوته مع تيسير الحوائج، ولقائي المؤمنين بالمحبة: الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، بسم الله على نفسي وديني، بسم الله على أهلي ومالي، بسم الله على كل شىء أعطاني، بسم الله خير الأسماء، بسم الله رب الأرض ورب السماء، باسم الله الذي لا يضر مع اسمه داء، باسم الله افتتحت، وعلى الله توكلت، الله الله ربي لا أشرك به أحدا، أسألك اللهم بخيرك من خيرك الذي لا يعطيه غيرك، عزّ جارك، وجلّ ثناؤك، ولا إله إلا أنت، اجعلني في عياذك وجوارك من كل سوء، ومن الشيطان الرجيم، اللهم إني أستجيرك من جميع كل شىء خلقت، وأحترس بك/ منهن وأقدم بين يديك بسم الله الرحمن الرحيم قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ اللَّهُ الصَّمَدُ لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ [7] من خلفي، وعن يميني، وعن شمالي، ومن فوقي، ومن تحتي، يقرأ في هذه الست: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ إلى آخر السورة. وأخرج عن يعقوب بن داود الثقفي، ومسلمة بن محارب، وغيرهما، قالوا:

_ [1] الطبقات 4/287. [2] الطبقات 4/287. [3] أبو هريرة: عبد الرحمن بن صخر الدوسي، صحابي، كان أكثر الصحابة حفظا للحديث ورواية له، نشأ يتيما ضعيفا في الجاهلية، وأسلم سنة 7 هـ ولزم صحبة النبي صلّى الله عليه وسلم، توفي سنة 59 هـ. (التهذيب 12/262) . [4] سبقت ترجمته. [5] الطبقات 4/375. [6] الطبقات 7/22. [7] سورة الإخلاص وترتيبها في المصحف الشريف 112.

كانت الكلبية تحت معاوية بن أبي سفيان، فقال لامرأته ميسون أم يزيد [1] ، أو بنت قرظة، اذهبي فانظري إليها، فأتتها فنظرت ثم رجعت، فقالت: ما رأيت مثلها، ولقد رأيت خالا تحت سرتها ليوضعن رأس زوجها في حجرها، فطلقها معاوية، فتزوجها حبيب بن مسلمة [2] ثم طلقها فتزوجها النعمان بن بشير [3] فلما قتل وضعوا رأسه في حجرها. وأخرج عن يحيى بن أبي كثير أن عبد الله بن سلام، صكّ غلاما صكّة، فجعل يبكي ويقول: اقتصّ مني فيقول الغلام: لا أقتص منك يا سيدي، قال ابن سلام: كل ذنب يغفره الله إلا صكة الوجه. وأخرج عن ثابت بن عبيد قال: بعثني أبي إلى كعب بن عجرة، فأتيت رجلا أقطع، فأتيت أبي فقلت: بعثتني إلى رجل أقطع، فقال: إن يده قد دخلت الجنة، وسيتبعها ما بقي من جسده إن شاء الله. وأخرج عن أبي الزناد قال: قيل لحكيم بن حزام: ما المال يا أبا خالد؟ قال: قلة العيال. وأخرج عن عمران بن عبد الله بن طلحة قال: رأى الحسن بن علي كأن بين عينيه مكتوب: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ، فاستبشر/ به وأهل بيته، فقصّوه على سعيد بن المسيب [4] ، فقال: إن صدقت رؤياه فقلّ ما بقي من أجله، فما بقي إلا أياما حتى مات. وأخرج عن محمد بن سيرين قال: لم تكن ترى هذه الحمرة في السماء عند طلوع الشمس وعند غروبها حتى قتل الحسين بن علي رضي الله عنهما [5] . وأخرج عن سليم القاص قال: مطرنا دما يوم قتل الحسين. وأخرج عن نضرة الأزدية قالت: لما قتل الحسين بن علي مطرت السماء دما، فأصبحت خيامنا وكل شىء منا ملاء دم. وأخرج عن الزهري قال: سألني عبد الملك بن مروان: ما كان علامة مقتل الحسين؟ قال: لم يكشف يومئذ حجر إلا وجد تحته دم عبيط [6] .

_ [1] ميسون بنت بحدل الكلبية: أم يزيد بن معاوية، شاعرة كانت بدوية، ثقلت عليها الغربة عن قومها لما تزوجت معاوية بالشام، فسمعها تقول: ولبس عباءة وتقر عيني ... أحبّ إليّ من لبس الشفوف فطلقها وأعادها إلى أهلها، ويقال إن معاوية قال لها: كنت فبنت، فأجابته: ما سررنا إذ كنّا، ولا أسفنا إذ بنّا، توفيت سنة 80 هـ. (أعلام النساء ص 50، مهذب الروضة الفيحاء ص 209. [2] حبيب بن مسلمة الفهري: من كبار القادة الفاتحين توفي بأرمينية سنة 42 هـ. (التهذيب 2/190) . [3] النعمان بن بشير بن سعد الأنصاري: أمير خطيب من أهل المدينة، كان واليا على الكوفة، وتنسب إليه معرة النعمان، قتله خالد الكلاعي من أهل حمص سنة 65 هـ. (التهذيب 1/447 الإصابة ت 8734) . [4] مرت ترجمته. [5] كتاب المحن- أبو العرب التميمي ص 154. [6] كتاب المحن ص 153.

وأخرج عن أبي الأسود محمد بن عبد الرحمن قال: لقيني رأس الجالوت [1] فقال: والله إن بيني وبين داود لسبعين أبا، وإن اليهود لتلقاني فتعظمني، وأنتم ليس بينكم وبين نبيكم إلا أب واحد، قتلتم ولده. وأخرج عن عبد الملك بن كردوس، عن حاجب عبيد الله بن زياد قال: دخلت معه القصر حين قتل الحسين، فاضطرم في وجهه نارا، فقال: هكذا بكمّه على وجهه، وقال: لا تحدثن بهذا أحدا. وأخرج عن أم سلمة [2] قالت: سمعت الجن تنوح على الحسين [3] . وأخرج عن محمد بن كعب القرظي [4] قال: كنا بالأهواز فقيل: مات ابن صائد [5] فأخرج بنوه بنعش لا يدرى ما فيه. وأخرج من طريق عون عن محمد بن سيرين قال: ما علمت أنه أسلم من يهود غير عبد الله بن سلام وعبد الله بن صياد، وغير غلام لم يعرف محمد اسمه، قال/ عوف: إنه البراء أو ابن البراء. وأخرج عن ابن الحنفية [6] قال: من أحب رجلا لله لعدل ظهر منه وهو في علم الله من أهل النار، آجره الله على حبه إياه، كما لو كان أحب رجلا من أهل الجنة، ومن أبغض رجلا لجور ظهر منه، وهو في علم الله من أهل الجنة، آجره الله على بغضه إياه، كما لو كان أبغض رجلا من أهل النار [7] . وأخرج عن سهل بن عبيد بن عمرو الحارثي قال: لما بعث عبد الملك الحجاج إلى مكة والمدينة قال له: إنه ليس لك على محمد بن الحنفية سلطان، فلما قدم أرسل إليه الحجاج يتوعده، ثم قال: إني لأرجو أن يمكّن الله منك يوما من الدهر، ويجعل لي عليك سلطانا، فأفعل وأفعل، قال: كذبت يا عدو نفسه، هل شعرت أن لله في كل يوم ستين وثلاث مائة لحظة أو نفحة؟ فأرجو أن يرزقني الله بعض لحظاته أو نفحاته، فلا يجعل لك عليّ سلطانا، فكتب بها الحجاج إلى عبد الملك، فكتب بها عبد الملك إلى صاحب الروم، فكتب صاحب الروم: أن هذه والله ما هي من كنزك ولا كنز أهل

_ [1] الجالوت: رئيس اليهود، كما أن الأسقف رئيس النصارى، والموبذ رئيس المجوس. (ثمار القلوب- الثعالبي ص 324) . [2] أم سلمة: هند بنت سهيل من أمهات المؤمنين، كانت من أكمل النساء عقلا وخلقا وهي قديمة الإسلام، هاجرت مع زوجها الأول أبي سلمة إلى الحبشة، ثم هاجرت إلى المدينة، توفيت في المدينة سنة 62 هـ. (التهذيب 12/455) . [3] كتاب المحن ص 151، الإصابة 2/81. [4] محمد بن كعب بن سليم القرظي: سكن الكوفة ثم المدينة، كان ثقة عالما روى عن ابن مسعود، توفي سنة 118 هـ. (التهذيب 9/422) . [5] عبد الله بن صائد: كان أبوه من اليهود، ولد على عهد رسول الله صلّى الله عليه وسلم أعور مختونا، روى عنه مالك وغيره. (الإصابة 5/192 ت 6748) . [6] محمد بن علي بن أبي طالب: ويعرف بابن الحنفية توفي سنة 81 هـ. (التهذيب 9/359، الطبقات 5/96) . [7] الطبقات 5/797- 98.

بيتك، ولكنها من كنز أهل بيت نبوة [1] . وأخرج عن عمر بن حبيب بن قليع قال: كنت جالسا عند سعيد بن المسيب [2] يوما فجاء رجل فقال: يا أبا محمد إني رأيت رؤيا، قال: ما هي؟ قال: رأيت كأني أخذت عبد الملك بن مروان فأضجعته إلى الأرض، ثم بطحته، فأوتدت في ظهره أربعة أوتاد، قال: ما أنت رأيتها؟ قال: بلى، أنا رأيتها، قال: لا أخبرك أو تخبرني، قال: ابن الزبير [3] رآها/ وهو بعثني إليك، قال: لئن صدقت رؤياه قتله عبد الملك بن مروان، وخرج من صلب عبد الملك أربعة كلهم يكون خليفة [4] . وأخرج عن إسماعيل بن أبي حكيم، قال، قال رجل: رأيت كأنّ عبد الملك بن مروان يبول في قبلة مسجد النبي صلّى الله عليه وسلم أربع مرار، فذكرت ذلك لسعيد بن المسيب فقال: إن صدقت رؤياك قام فيه من صلبه أربعة خلفاء [5] . قال الواقدي: كان سعيد بن المسيب من أعبر الناس للرؤيا، وكان أخذ ذلك عن أسماء بنت أبي بكر [6] ، وأخذته أسماء عن أبيها أبي بكر. وأخرج عن شريك بن أبي نمر قال: قلت لابن المسيب: رأيت في النوم كأنّ أسناني سقطت في يدي ثم دفنتها، فقال: إن صدقت رؤياك دفنت أسنانك من أهل بيتك [7] . وأخرج عن مسلم الخياط قال، قال رجل لابن المسيب: إني أراني أبول في يدي، فقال: اتق الله، فان تحتك ذات محرم، فنظر فاذا امرأة بينه وبينها رضاع، وجاءه آخر فقال: يا أبا محمد، إني أراني كأني أبول في أصل زيتونة، قال: انظر تحتك، تحتك ذات محرم، فنظر فاذا امرأة لا يحل له نكاحها [8] ، وقال له آخر: إني رأيت حمامة وقعت على منارة المسجد، فقال: تزوج الحجاج ابنة عبد الله بن جعفر بن أبي طالب، وقال له آخر: إني أرى تيسا/ أقبل يشتد من الثنية فقال: اذبح اذبح، قال: ذبحت، قتال: مات ابن أم صلاء، فما برح حتى جاء الخبر أنه قد مات، وكان ابن أم صلاء رجلا من موالي أهل المدينة يسعى بالناس. وقال له آخر: إني رأيت كأني جالس في الظل، فقمت إلى الشمس، فقال: والله لئن صدقت رؤياك لتخرجن من الإسلام، قال: يا أبا محمد، الكفر؟ فأسر فأكره على الكفر.

_ [1] الطبقات 5/110. [2] سبقت ترجمته. [3] عبد الله بن الزبير بن العوام القرشي، قتله وصلبه الحجاج بمكة سنة 73 هـ. (التهذيب 5/213) . [4] الطبقات 5/123. [5] الطبقات 5/123. [6] أسماء بنت أبي بكر الصديق ذات النطاقين، توفيت بمكة سنة 73 هـ. (التهذيب 12/397. [7] الطبقات 5/124. [8] الطبقات 5/124.

وأخرج عن عبيد الله بن عبد الرحمن بن السائب قال، قال رجل لابن المسيب: إنه يري في النوم كأنه يخوض النار، فقال: إن صدقت رؤياك لا تموت حتى تركب البحر، وتموت قتلا، قال: فركب البحر فأشفى على الهلكة، وقتل يوم قديد بالسيف [1] . وأخرج عن الحصين بن عبيد الله بن نوفل، قال: طلبت الولد فلم يولد لي، فقلت لابن المسيب: إني أرى أنه طرح في حجري بيض، فقال ابن المسيب: الدجاج عجمي، فاطلب سببا إلى العجم، فتسريت، فولد لي. وأخرج عن ابن المسيب قال: الكبل في النوم ثبات في الدين، والتمر في النوم رزق على كل حال، والرّطب في زمانه رزق [2] . وأخرج عن عمران بن عبد الله الخزاعي قال: كان سعيد بن المسيب لا يخاصم أحدا، ولو أراد إنسان رداءه رمى به إليه [3] . وأخرج عن سعيد بن المسيب قال: لقد بلغت ثمانين سنة، وما شيء أخوف عندي من النساء. وأخرج عنه قال: ما خفت على نفسي شيئا مخافة النساء [4] . وأخرج عن سعيد بن المسيب قال: قلّة العيال أحد اليسارين. وأخرج من طريق مالك، عن يحيى بن سعيد قال: سئل ابن المسيب عن آية من كتاب الله فقال: لا أقول في القرآن شيئا، قال مالك: وبلغني عن القاسم مثل ذلك [5] . وأخرج عن سليمان بن يسار [6] قال: شهود جنازة أحبّ إليّ من صلاة تطوع [7] . وأخرج عن أبي الزناد قال: كان عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود [8] يقول الشعر، فيقال له في ذلك فيقول: أرأيتم المصدور إذا لم ينفث أليس يموت؟ [9] وأخرج عن خارجة بن زيد بن ثابت [10] قال: رأيت في المنام كأني بنيت سبعين درجة، فلما فرغت منها تهورت، وهذه

_ [1] الطبقات 5/125. قديد: موضع قرب مكة، ينسب إليه حزام بن هشام بن حبيش القديدي من أهل الرقيم (ياقوت: قديد) . [2] الطبقات 5/125. [3] الطبقات 5/134. [4] الطبقات 5/136. [5] الطبقات 5/137. [6] سليمان بن يسار: أبو أيوب، مولى ميمونة أم المؤمنين، أحد الفقهاء السبعة بالمدينة، كان ثقة عالم فقيه توفي سنة 107 هـ. (التهذيب 4/228) . [7] الطبقات 5/222. [8] عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود الهذلي: مفتي المدينة وأحد الفقهاء السبعة فيها، من أعلام التابعين له شعر جيد، روى أبو تمام قطعة منه في الحماسة، وأبو الفرج كثيرا منه، وهو مؤدب عمر بن عبد العزيز، وقد ذهب بصره مؤخرا، توفي بالمدينة سنة 98 هـ. (التهذيب 7/23، الأغاني 9/139. [9] الطبقات 5/250. [10] خارجة بن زيد بن ثابت الأنصاري: أبو زيد من بني النجار، أحد الفقهاء السبعة في المدينة، تابعي أدرك زمن عثمان، توفي بالمدينة سنة 99 هـ. (التهذيب 3/74) .

السنة لي سبعون سنة قد أكملتها، فمات فيها [1] . وأخرج عن عمران بن حدير قال: رأيت عكرمة وعمامته منخرقة، فقلت: ألا أعطيك عمامتي؟ فقال: إنّا لا نقبل إلا من الأمراء [2] . وأخرج عن خالد بن القاسم البياضي، قال: مات عكرمة وكثيّر عزّة في يوم واحد سنة خمس ومائة، فقال الناس: مات اليوم أفقه الناس وأشعر الناس [3] . وأخرج عن محمد بن عائشة التيمي قال: أوصى علي بن عبد الله بن عباس [4] إلى ابنه سليمان [5] ، فقيل له: توصي إلى سليمان وتدع محمدا [6] ، فقال: أكره أن أدنّسه بالوصاية [7] . وأخرج عن عمر بن مجاشع قال: خرج عمر بن عبد العزيز يوما إلى المسجد، فخطر خطرة بيده، ثم أمسك وبكى، قالوا: ما أبكاك يا أمير المؤمنين؟ قال: خطرت بيدي خطرة خفت أن يغلّها الله في الآخرة [8] ./وأخرج عن جعفر بن برقان قال: جاء رجل إلى عمر بن عبد العزيز، فسأله عن شيء من الأهواء، فقال: الزم دين الصبي في الكتّاب والأعرابي، واله عمّا سوى ذلك. وأخرج عن معمر قال: أول ما عرف الزهري أنه كان في مجلس عبد الملك بن مروان فسألهم عبد الملك فقال: من منكم يعلم ما صنعت أحجار بيت المقدس يوم قتل الحسين؟ فلم يكن عند أحد منهم من ذلك علم، فقال الزهري: بلغني أنه لم يقلب منها يومئذ حجر، إلا وجد تحته دم عبيط، فعرف من يومئذ [9] . وأخرج عن يحيى بن سعيد عن الزهري، أن رجلا قال لعمر بن الخطاب: ألا أكون بمنزلة من لا يخاف في

_ [1] التهذيب 5/263. [2] الطبقات 5/291. [3] الطبقات 5/292. [4] علي بن عبد الله بن عباس السجاد: اعتقله هشام بن عبد الملك في البلقاء، وكان من أجمل الناس وأوسمهم، عظيم الهيبة جليل القدر، مات معتقلا سنة 118 هـ. (التهذيب 7/357) . [5] سليمان بن علي بن عبد الله بن عباس: من الأجواد الممدوحين، ولاه ابن أخيه السفاح إمارة البصرة وأعمالها وكور دجلة والبحرين وعمان، توفي سنة 142 هـ. (التهذيب 4/21) . [6] محمد بن علي بن عبد الله بن عباس: أول من قام بالدعوة العباسية، وهو والد السفاح والمنصور، كان مقامه بأرض الشراة، بين الشام والمدينة، توفي بالمدينة سنة 125 هـ. (التهذيب 9/450. [7] الطبقات 5/314. (11) الطبقات 5/374. يغلها: يجعلها غلولا، والغلول: الخيانة في المغنم أو في مال الدولة. [8] معمر: هو معمر بن راشد بن أبي عمرو الأزدي، فقيه حافظ ثقة من أهل البصرة، سكن اليمن وأراد العودة إلى بلده فكره أهل صنعاء أن يفارقهم، فقال لهم رجل: قيدوه، فزوجوه، فأقام، توفي سنة 153 هـ. (التهذيب 5/243) . [9] الرواية مع تغيير بسيط في العبارة في كتاب المحن ص 140.

الله لومة لائم؟ فقال: أما أن تلي من أمر الناس شيئا فلا تخف في الله لومة لائم، وأما أنت خلو من أمرهم فأكب على نفسك وامر بالمعروف، وانه عن المنكر، قال يحيى: حدّث بهذا الحديث الزهري عمر بن عبد العزيز، فخطب الناس فقال: إن الزهري حدثني كذا وكذا. وأخرج عن إبراهيم بن سعد عن أبيه قال: ما أرى أحدا جمع بعد رسول الله صلّى الله عليه وسلم، ما جمع ابن شهاب. وأخرج عن مالك بن أنس قال: ما أدركت بالمدينة فقيها محدثا غير واحد، قيل: من هو؟ قال: ابن شهاب الزهري [1] ./ وأخرج عن أويس القرني [2] أنه قيل له: كيف أنت؟ قال: بخير بحمد الله، قال: وكيف [3] الزمان عليكم؟ قال: إن قيام المؤمن بأمر الله لم يبق له صديقا، والله إنّا لنأمرهم بالمعروف وننهاهم عن المنكر، فيتخذوننا أعداء، ويجدون على ذلك الفسّاق أعوانا، حتى والله لقد رموني بالعظائم، وأيم الله لا يمنعني من ذلك أن أقوم لله بالحق [4] . وأخرج عن هرم بن حيّان قال: أتيت أويسا القرني، قلت: حدثني، قال: إني أكره أن أفتح هذا الباب على نفسي، أن أكون محدثا أو قاصا أو مفتيا، الوحدة أحبّ إليّ. وأخرج عن الوليد بن عتبة الليثي [5] قال: صمنا شهر رمضان على عهد علي بن أبي طالب ثمانية وعشرين يوما، فأمرنا عليّ بقضاء يوم [6] وأخرج عن إبراهيم النخعي [7] قال: كان يكره للرجل إذا رزق في شىء أن يرغب عنه. وأخرج عن أبي خلدة قال: كنت عند أبي العالية إذ جاء غلام بمنديل فيه سكّر مختوم، ففض الخاتم وقال: أمرنا أن نختم على الرسول والخادم لكي لا نظن به ظنا سيئا [8] . وأخرج عن عثمان بن محمد الأحبشي قال: استعمل عمر بن الخطاب سعيد بن عامر بن حذيم

_ [1] الطبقات 2/388. [2] أويس بن عامر بن جزء بن مالك القرني: من بني قرن بن درمان بن ناجية بن مراد، أحد النسّاك العبّاد المقدمين، من سادات التابعين، أصله من اليمن يسكن القفار والرمال، وأدرك حياة النبي صلّى الله عليه وسلم، ولم يره، فوفد على عمر بن الخطاب، ثم سكن الكوفة، وشهد وقعة صفين مع علي، ويرجح أنه قتل فيها سنة 73 هـ. (الإصابة 1/219 ت 500، الطبقات 6/164) . [3] كيف، ساقطة من: ب، ط. [4] الطبقات 6/165. [5] الوليد بن عتبة الليثي الأشجعي: أبو العباس الدمشقي قرأ على أيوب بن تميم، وروى عن الوليد بن مسلم وغيره، توفي سنة 240 هـ. (التهذيب 11/141) . [6] الطبقات 6/235. [7] إبراهيم بن يزيد بن قيس النخعي: من مذحج، من أكابر التابعين صلاحا وصدق رواية، من أهل الكوفة، مات مختفيا من الحجاج سنة 96 هـ. (الطبقات 6/270، التهذيب 1/177) . [8] الطبقات 7/110.

الجمحي [1] على حمص، وكان يصيبه غشية وهو بين ظهري أصحابه، فذكر ذلك لعمر بن الخطاب، فسأله في قدمة قدم عليه من حمص، فقال: يا سعيد ما الذي يصيبك، أبك جنّة؟ قال: لا والله يا أمير المؤمنين/ ولكن كنت فيمن حضر خبيبا [2] حين قتل، وسمعت دعوته، فو الله ما خطرت على قلبي وأنا في مجلس إلا غشي عليّ، قال: فزادته عند عمر خيرا. وأخرج عن عبد الله بن بريدة قال، قال عبيد الله بن زياد: من يخبرنا عن الحوض؟ [3] فقالوا: ها هنا أبو برزة [4] صاحب رسول الله صلّى الله عليه وسلم، وكان أبو برزة رجلا مسمّنا، فلما رآه قال: إن محمديّكم هذا الدحداح، قال: فغضب أبو برزة وقال: الحمد لله الذي لم أمت حتى عيّرت بصحبة رسول الله صلّى الله عليه وسلم [5] . وأخرج عن عمران بن حصين قال: لما قدم أبو قلابة [6] على عمر بن عبد العزيز قال: يا أبا قلابة، حدّث، قال: يا أمير المؤمنين، أني لأكره كثيرا من الحديث، وأكره كثيرا من السكوت [7] . وأخرج عن طريق بشر بن المفضل عن خالد [8] قال: كنا نأتي أبا قلابة، فاذا حدثنا بثلاثة أحاديث قال: قد أكثرت [9] .

_ [1] سعيد بن عامر بن حذيم الجمحي القرشي: صحابي من الولاة، شهد فتح خيبر، وولاه عمر حمص بعد فتح الشام، كان مشهورا بالزهد وله فيه أخبار، توفي بحمص سنة 20 هـ. (التهذيب 4/51، الإصابة ت 3272) . [2] خبيب بن عدي بن مالك بن عامر الأنصاري الأوسي: شهد بدرا واستشهد في عهد النبي صلّى الله عليه وسلم، بعثه رسول الله عينا فأسره المشركون، وابتاعه بنو الحارث وقتلوه بوالدهم الحارث الذي قتله خبيب في بدر. (الإصابة ت 2224) . [3] الحوض: مكان خلف عمان، ويوم الحوض من أيام العرب من معدن البياض. (ياقوت: الحوض) . [4] أبو برزة: نضلة بن عبيد بن الحارث الأسلمي، صحابي غلبت عليه كنيته، من أهل المدينة، وسكن البصرة، وشهد مع عليّ قتال أهل النهروان، ثم شهد قتال الأزارقة مع المهلب بن أبي صفرة، توفي بخراسان سنة 65 هـ. (التهذيب 10/446، الإصابة ت 8722) . [5] الطبقات 4/300. [6] أبو قلابة: عبد الله بن زيد بن عمرو الجرمي، عالم بالقضاء والأحكام، ناسك من أهل البصرة، من رجال الحديث الثقات، أرادوه على القضاء، فهرب إلى الشام فمات فيها سنة 104 هـ. (التهذيب 5/224) . [7] الطبقات 7/184. [8] خالد: هو خالد الحذاء ابن مهران أبو المنازل البصري، مولى قريش، رأى أنس وروى عن عبد الله بن شقيق وأبي قلابة وأبي العالية وغيرهم، كان ثقة، وكان يقول: أحذ على هذا النحو، فلقب الحذاء، كثير الحديث، توفي سنة 141 هـ. (التهذيب 3/120) . [9] الطبقات 7/185.

وقال حدثنا محمد، حدثنا معمر عن الزهري عن هند بنت الحارث الفراسية [1] قالت: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: إن لعائشة مني شعبة ما نزلها مني أحد، فلما تزوج أم سلمة، سئل رسول الله صلّى الله عليه وسلم، فقيل: يا رسول الله، ما فعلت الشعبة؟ فسكت، فعرف أن أم سلمة قد نزلت عنده [2] ./وقال: أخبرنا محمد بن عمر، حدثني خالد بن القاسم قال: استعمل هشام ابن عبد الملك خالد بن عبد الملك بن الحارث بن الحكم على المدينة، فكان يؤذي علي بن أبي طالب على المنبر، فسمعته يوما على منبر رسول الله صلّى الله عليه وسلم وهو يقول: والله لقد استعمل رسول الله صلّى الله عليه وسلم عليّا وهو يعلم أنه كذا وكذا، ولكن فاطمة كلمته فيه. قال محمد بن عمر، فحدثني ابن أبي سبرة عن صالح بن محمد [3] قال: نمت وخالد بن عبد الملك يخطب يومئذ، ففزعت وقد رأيت في المنام كأن القبر انفرج، وكأن رجلا يخرج منه يقول: كذبت، كذبت، فلما قامت الصلاة وصلينا، سألت: ما كان، فأخبرت بالذي تكلم به خالد بن عبد الملك. وأخرج عن أشعث بن سليم قال: اختصمت أمّ وجدّة إلى شريح [4] ، فقالت الجدة: [الهزج] أبا اميّة أتيناك ... وأنت المرء نأتيه أتاك ابن وأمّاه ... وكلتانا نفدّيه غلام هالك الوالد ... رجاء أن نربّيه تزوجت فهاتيه ... ولا يذهب بك التيه فلو كنت تأيّمت ... لما نازعتني فيه [5] ألا يا أيها القاض ... ي هذي قصتي فيه [6] فقالت الأم:

_ [1] هند بنت الحارث الفراسية: أدركت أزواج النبي صلّى الله عليه وسلم، وروت عن أم سلمة، وسمعت من صفية بنت عبد المطلب، وقد روى عنها الزهري، كانت تحت معبد بن المقداد بن الأسود، ذكرها ابن حبان في الثقات، قال ابن سعد: اسمها الزهراء. (التهذيب 12/457، الطبقات 8/483، أعلام النساء 5/228) . [2] الطبقات 8/94. [3] صالح بن محمد بن زائدة المدني الليثي الصغير: روى عن أنس بن مالك والدوسي وابن المسيب وغيرهم، مات بعد خروج محمد بن عبد الله بن الحسين سنة 140 هـ. (التهذيب 9/402) . [4] شريح القاضي: شريح بن الحارث بن قيس الكندي، أبو أمية، من أشهر القضاة الفقهاء في صدر الإسلام، أصله من اليمن ولي قضاء الكوفة زمن عمر بن الخطاب وعلي ومعاوية، واستعفى في زمن الحجاج فأعفاه، كان ثقة في الحديث، مأمونا في القضاء، له باع في الأدب والشعر، وعمر طويلا، مات بالكوفة سنة 78 هـ. (الإصابة ت 3884) . [5] في ع: لما نازعتك. [6] في ع: فهذي قصتي.

ألا يا أيها القاض ... ي لقد قالت لك الجدّه حديثا فاستمع مني ... ولا تنظرني رده أعزّي النفس عن ابني ... وكبدي حملت كبده فلما كان في حجري ... يتيما ضائعا وحده [1] تزوجت رجاء الخي ... ر من يكفيني فقده ومن يظهر لي ودّه ... ومن يكفل لي رفده [2] فقال شريح: [الرمل] قد فهم القاضي ما قد قلتما ... وقضى بينكما ثم فصل بقضاء بيّن بينكما ... وعلى القاضي جهد أن عقل قال للجدّة بيني بالصّبي ... وخذي ابنك من ذات العلل إنها لو صبرت كان لها ... قبل دعواها تبغّيها العلل [3] أخرجه عبد الرزاق في المصنف، أخبرنا ابن جريج، أخبرني أجلح قال: لاول خلق الله بالكوفة نشر هذا الحديث، أنّ جدة وأما اختصمتا إلى شريح فذكره. وأخرج عن محمد بن سيرين قال: كان شريح شاعرا، وكان كوسجا وكان قائفا [4] . وأخرج عن أم داود الراسبية أنها خاصمت إلى شريح، قالت: فلم تكن له لحية [5] . وأخرج عن شريح قال: زعموا كنية الكذب. وأخرج عن الربيع بن خثيم قال: كل ما لا يراد به وجه الله يضمحل [6] . وأخرج عن سفيان [7] عن أبيه قال: سمعت أبا وائل وسأله رجل: أنت أكبر أو ربيع بن خيثم؟ فقال: أنا أكبر منه سنا، وهو أكبر مني عقلا. وأخرج عن الأعمش قال: قيل لفضيل بن بزوان: إن فلانا يشتمك، قال: لأغيظنّ من علّمه، يعني الشيطان، يغفر الله لي وله [8] .

_ [1] في ع: خائفا وحده. [2] الطبقات 6/137. [3] في ع: تبغيه. الطبقات 7/137- 138. [4] الكوسج: من لا شعر على عارضيه، القائف: من يحسن معرفة الأثر وتتّبعه، والقيافة حرفة القائف. [5] الطبقات 6/132. [6] الطبقات 6/186. [7] هو سفيان الثوري: سفيان بن سعيد بن مسروق، كان سيد أهل زمانه في علوم الدين والتقوى، ولد ونشأ في الكوفة، وراوده المنصور على أن يلي الحكم فأبى، وخرج فسكن مكة والمدينة، ثم طلبه المهدي فانتقل إلى البصرة فمات فيها مستخفيا سنة 161 هـ. (التهذيب 4/111) . [8] الطبقات 6/217.

وأخرج عن الشعبي قال: لو كانت الشيعة من الطير كانوا رخما [1] ، ولو كانوا من الدواب كانوا حميرا [2] . وأخرج عن الشعبي قال: ليتني انفلت من علمي كفافا لا عليّ ولا لي/ وأخرج عن إبراهيم النخعي قال: كانوا يقولون إذا بلغ الرجل أربعين سنة على خلق لم يتغير عنه حتى يموت، قال: وكان يقال لصاحب الأربعين: احتفظ بنفسك [3] . وأخرج عن سفيان عن أبيه قال: إنما حمل إبراهيم التيمي [4] على القصص أنه رأى في المنام أنه يقسّم ريحانا، فبلغ ذلك إبراهيم النخعي فقال: الريحان ريحه طيّب، وطعمه مرّ [5] . وأخرج عن إسماعيل بن عبد الله بن زرارة الجرمي، حدثنا حماد بن زيد عن محمد بن الزبير، قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم لعمرو بن الأهتم [6] : اخبرني عن الزبرقان بن بدر [7] ، فقال: مطاع في ناديه، مانع لما وراء ظهره، قال الزبرقان: يا رسول الله، إنه ليعلم أني خير مما قال، ولكنه حسدني، فقال عمرو: أنت ما علمت زمر المروءة ضيق العطن [8] ، أحمق الأب، لئيم الخال، ثم قال: يا رسول الله، ما كذبت في الأولى، ولا في الآخرة، رضيت عنه فقلت أحسن ما أعلم فيه، فأغضبني فقلت ما أعلم فيه، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: (إن من البيان لسحرا) [9] . وأخرج عن يوسف بن خالد السمتي عن أبيه قال، قال لي مولاي سهل بن صخر الليثي، وكانت له صحبة: اشترى العبيد، فإنه ربّ عبد قسم له من الرزق ما لم يقسم لسيده [10] .

_ [1] الرخم طائر غزير الريش أبيض اللون له منقار طويل قليل التقوس، ويعرف أيضا بالأنوق من الفصيلة النسرية. [2] الطبقات 6/248. [3] الطبقات 6/772. [4] إبراهيم بن يزيد بن شريك التيمي: يكني أبا أسماء الكوفي، روى عن أنس وعمرو بن ميمون والحارث بن سويد، وهو صالح الحديث، قتله الحجاج سنة 44 هـ. (التهذيب 1/176، الطبقات 6/285) . [5] الطبقات 6/285. [6] عمرو بن الأهتم بن سنان التميمي: من أهل نجد، كان يدعى المكحل لجماله في شبابه، وفد على النبي صلّى الله عليه وسلم فأسلم، ولقي إكراما وحفاوة، وهو صاحب البيت المشهور: لعمري ما ضاقت بلاد بأهلها ... ولكن أخلاق الرجال تضيق توفي سنة 57 هـ. (الإصابة ت 5772) . [7] الزبرقان بن بدر بن امرىء القيس التميمي: لقب الزبرقان لحسن وجهه، كان شاعرا عالما بأنساب الخيل، من رؤساء قومه، ولاه رسول الله صلّى الله عليه وسلم صدقات قومه فثبت إلى زمن عمر، وكف بصره في آخر عمره توفي سنة 45 هـ. (الإصابة ت 2784، طبقات الشعراء للجمحي 47، خزانة الأدب 1/531) . [8] زمر المروءة: قليل المروءة، ضيق العطن: ضيق الصدر. [9] الطبقات 7/38. [10] الطبقات 7/65.

وأخرج عن حميد [1] قال، قال أبو عثمان النهدي [2] : أتت عليّ ثلاثون ومائة سنة وما من شىء/ إلا وقد أنكرته إلا أملي، فاني أجده كما هو [3] . وأخرج عن مطرف [4] قال: عقول الناس على قدر زمانهم [5] . وأخرج عن الحسن [6] قال: أهينوا هذه الدنيا، فو الله لأهنأ ما تكون إذا أهنتموها [7] . وأخرج عن الحسن قال: إنه ليجالسنا في حلقتنا هذه قوم ما يريدون به إلا الدنيا، وقال: رحم الله عبدا لم يتقوّل علينا ما لم نقل. وأخرج عن عمرو بن عبيد [8] قال: ما كنا نأخذ علم الحسن إلا عند الغضب. وأخرج عن قتادة قال: إذا اجتمع لي أربعة لم ألتفت إلى غيرهم، ولم أبال من خالفهم؛ الحسن، وسعيد بن المسيب، وإبراهيم، وعطاء، هؤلاء الأربعة أئمة الأمصار [9] . وأخرج عن عبد الواحد بن ميمون مولى عروة بن الزبير قال، قال رجل لابن سيرين: رأيت أن طائرا أخذ أحسن حصاة في المسجد، فقال ابن سيرين [10] : إن صدقت رؤياك مات الحسن [11] ، قال: فلم يلبث إلا قليلا حتى مات الحسن [12] . وأخرج عن زريق بن ذريح قال: كان الحسن يقول: يا ابن آدم، لا تكوننّ كنتيّا. وأخرج عن الحسن قال: احترسوا من الناس بسوء الظن [13] . وقال: أخبرنا بكار بن محمد، حدثني أبي أن أم محمد بن سيرين صفية مولاة أبي بكر بن أبي قحافة طيّبها ثلاثة من أزواج النبي صلّى الله عليه وسلم/ ودعوا لها، وحضر إملاكها ثمانية عشر

_ [1] هو حميد بن عبد الرحمن الزهري المتوفى سنة 95 هـ. (التهذيب 3/46) . [2] أبو عثمان النهدي: عبد الرحمن بن مل بن عمرو بن خزيمة بن نهد، أدرك النبي وأسلم على عهده، وهاجر إلى المدينة ثم نزل الكوفة فلما قتل الحسين تحول إلى البصرة، قيل: حج ستين حجة وعمرة، توفي سنة 95 هـ. (التهذيب 6/277، الإصابة 5/109) . [3] الطبقات 7/98. [4] مطرف: مطرف بن عبد الله الحرشي العامري، زاهد من كبار التابعين، توفي بالبصرة سنة 87 هـ. (التهذيب 10/173. [5] الطبقات 7/143. [6] الحسن: هو الحسن البصري المتوفى سنة 110 هـ. مرت ترجمته. [7] الطبقات 7/168. [8] عمرو بن عبيد بن باب التيمي: شيخ المعتزلة، اشتهر بعلمه وزهده، له رسائل وخطب، توفي سنة 144 هـ. (التهذيب 8/70) . [9] الطبقات 7/170. إبراهيم: هو إبراهيم العجلي الزاهد، وعطاء: هو عطاء بن أبي رباح القرشي. [10] ابن سيرين: محمد بن سيرين البصري أبو بكر، إمام في علوم الدين بالبصرة، نشأ بزازا في أذنه صمم، اشتهر بالورع وتعبير الرؤيا، توفي سنة 110 هـ. (التهذيب 9/214، الطبقات 7/193) . [11] في حاشية الأصل: هو الحسن البصري. [12] الطبقات 7/174. [13] الطبقات 7/177.

بدريا، فيهم أبيّ بن كعب يدعو وهم يؤمنون [1] . وأخرج عن أنس بن سيرين قال: دخل علينا زيد بن ثابت ونحن ست أخوة فيهم محمد [2] ، فقال: إن شئتم أخبرتكم من أخو كل واحد لأمه، هذا وهذا لأم، وهذا وهذا لأم، وهذا وهذا لأم، فما أخطأ شيئا [3] . وأخرج عن بكر المزني قال: إياك من الكلام، ما إن أصبت فيه لم تؤجر، وإن أخطأت وزرت، وذلك سوء الظن بأخيك. وأخرج عن مؤرق العجلي قال: أمر أنا في طلبه منذ عشر سنين لم أقدر عليه ولست بتارك طلبه أبدا، قيل: وما هو؟ قال: الصمت عمّا لا يعنيني [4] . وأخرج عن عمير بن إسحاق قال: كان من أدركت من أصحاب النبي صلّى الله عليه وسلم أكثر ممن سبقني، فما رأيت قوما أهون سيرة، ولا أقل تشديدا منهم [5] . وأخرج عن ابن عون قال: رأيت في المنام كأني مع محمد بن سيرين في بستان، فجعل يمشي فيه، فيمر على الجدول فيثبه، وأنا خلفه أفعل ذلك، قال: فأتيته فقصصتها عليه، فرأيت أنه عرفها، فقال: ما شاء الله، ما شاء الله، هذا رجل يتبع رجلا يتعلم منه الخير [6] . وأخرج عن ابن عوف قال: رأيت في المنام كأني كنت جالسا في المسجد فبدرت حصاة، فوقعت في أذني/ فقلت برأسي، فسقطت، فسألت عنها ابن سيرين فقال: هذا رجل سمع كلمة تسوؤه، فلم يكن لها في قلبه قرار. وأخرج عن قيس بن أبي حازم قال: قال بلال لأبي بكر حين توفي رسول الله صلّى الله عليه وسلم: إن كنت إنما اشتريتني لنفسك فامسكني، وإن كنت إنما اشتريتني لله فذرني وعمل الله [7] . وأخرج عن جبير بن نفير قال: استقبلت الإسلام من أوله، ولم أزل أر في الناس صالحا وطالحا [8] . وأخرج عن عائشة قالت: توفيت خديجة [9] قبل أن تعرف الصلوات الخمس، وذلك قبل الهجرة بثلاث سنين. وأخرج عن حكيم بن حزام قال: توفيت خديجة بن خويلد في شهر رمضان سنة عشر من النبوة، وهي يومئذ ابنة خمس وستين سنة، فخرجنا بها من ستر منزلها حتى دفناها بالحجون [10] ، ونزل رسول الله صلّى الله عليه وسلم في حفرتها، ولم يكن يومئذ

_ [1] الطبقات 7/193. [2] أي محمد بن سيرين. [3] الطبقات 7/193. [4] الطبقات 7/213. [5] الطبقات 7/213. [6] الطبقات 7/265. [7] الطبقات 7/238. [8] الطبقات 7/440. [9] خديجة بن خويلد: أم المؤمنين، توفيت سنة 3 ق هـ 620 م. (الطبقات 8/16، أعلام النساء 1/326) . [10] الطبقات 8/19، والحجون: جبل بأعلى بمكة عنده مدافن أهلها. (ياقوت: الحجون) .

سنّة الجنازة الصلاة عليها. وأخرج من طريق الأعمش عن إبراهيم قال: قالت سودة [1] لرسول الله صلّى الله عليه وسلم: صليت خلفك البارحة فركعت بي حتى أمسكت بأنفي مخافة أن يقطر الدم، فضحك، وكانت تضحكه الأحيان بالشىء [2] . وأخرج عن ابن عباس قال: كانت سودة بنت زمعة عند السكران بن عمرو أخي سهيل بن عمرو، فرأت في المنام/ كأن النبي صلّى الله عليه وسلم أقبل يمشي حتى وطىء على عنقها، فأخبرت زوجها بذلك فقال: وأبيك لئن صدقت رؤياك لأموتنّ، وليتزوجك محمد صلّى الله عليه وسلم، ثم رأت في المنام ليلة أخرى أن قمرا انقضّ عليها من السماء وهي مضطجعة، فأخبرت زوجها فقال: وأبيك لئن صدقت رؤياك لم ألبث إلا يسيرا حتى أموت وتتزوجين من بعدي، فاشتكى السكران من يومه ذلك، فلم يلبث إلا قليلا حتى مات، وتزوجها رسول الله صلّى الله عليه وسلم [3] . وأخرج عن عبد الله بن عبيد بن عمير قال: وجد رسول الله صلّى الله عليه وسلم على خديجة حتى خشي عليه [4] ، حتى تزوج عائشة [5] . وأخرج أخبرنا محمد بن عمر [6] حدثنا منصور بن سلمة عن أبيه عن عائشة بنت طلحة [7] عن عائشة زوج النبي صلّى الله عليه وسلم، قالت: خرجنا مع النبي صلّى الله عليه وسلم حتى إذا كنا بالقاحة [8] سال على وجهي من رأسي صفرة مما جعلت في رأسي من الطيب حين خرجت، فقال النبي صلّى الله عليه وسلم: (إن لونك الآن يا شقيراء لحسن) [9] . وأخرج عن عروة قال: ربما روت عائشة القصيدة ستين بيتا والمائة بيت، وقال: أخبرنا محمد بن عمر: حدثتني فاطمة بنت مسلم، عن فاطمة الخزاعية قالت: سمعت عائشة تقول يوما: دخل عليّ يوما رسول الله صلّى الله عليه وسلم، فقلت: أين كنت منذ اليوم؟ قال: يا حميراء كنت عند

_ [1] سودة بنت زمعة بن قيس القرشي: أم المؤمنين، تزوجها رسول الله بعد وفاة خديجة، توفيت في المدينة سنة 54 هـ. (التهذيب 12/426، الطبقات 8/35) . [2] الطبقات 8/54. [3] الطبقات 8/57. [4] نسخة ب: غشي عليه. [5] الطبقات 8/60. [6] في حاشية ب، ل: هو الواقدي. [7] عائشة بنت طلحة بن عبيد الله: من بني تيم بن مرة، أديبة عالمة بأخبار العرب، أمها أم كلثوم بنت الصديق، وخالتها أم المؤمنين عائشة، تزوجت مصعب بن الزبير، فلما قتل تزوجها عمر بن عبيد التيمي، ومات عنها سنة 82 هـ فتأيمت بعده، وخطبها جماعة فردتهم، وكانت تقيم بمكة سنة وبالمدينة سنة، توفيت سنة 101 هـ. (التهذيب 12/437) . [8] القاحة: مدينة على ثلاث مراحل من المدينة قبل السقيا بنحو ميل، وقيل: موضع بين الجحفة وقديد. (ياقوت: القاحة) . [9] الطبقات 8/82.

أم سلمة، فقلت: ما تشبع من أم سلمة؟ / فتبسم، فقلت: رسول الله ألا تخبرني عنك لو أنك نزلت بعدوتين [1] إحداهما عافية لم ترع، والأخرى قد رعيت، أيهما كنت ترعى؟ قال: التي لم ترع، قلت: فأنا ليست كأحد [2] من نسائك، كل امرأة من نسائك قد كانت عند رجل، غيري، قالت: فتبسم رسول الله صلّى الله عليه وسلم [3] . وأخرج عن ثعلبة بن أبي مالك قال: رأيت يوم مات الحكم بن أبي العاص [4] في خلافة عثمان ضرب على قبره فسطاط في يوم صائف، فتكلم الناس فأكثروا في الفسطاط، فقال عثمان: ما أسرع الناس إلى الشر وأشبه بعضهم ببعض، أنشد الله من حضر نشدتي، هل علمتم عمر بن الخطاب ضرب على قبر زينب بنت جحش فسطاطا؟ قالوا: نعم، قال: فهل سمعتم عائبا عابه؟ قالوا: لا [5] . وأخرج عن عروة قال: قلت لعائشة يا خالة، أي نساء رسول الله صلّى الله عليه وسلم آثر عنده؟ فقالت: ما كنت استكثره، ولقد كانت زينب بنت جحش، وأم سلمة لهما عنده مكانة، وكانتا من أحبّ نسائه إليه فيما أحسب بعدي [6] . وقال أحمد بن محمد بن الوليد الأزرقي، حدثنا عبد الرحمن بن أبي الرجال عن عبد الله بن عمر قال: لما اجتلى النبي صلّى الله عليه وسلم صفية، رأى عائشة متنقبة وسط النساء، فعرفها فأدركها فأخذ بثوبها فقال: (يا شقيراء، كيف رأيت، قالت رأيت يهودية بين يهوديات [7] ./ وأخرج عن طارق بن شهاب قال، قال رجل من بني تميم لعمّار بن ياسر: يا أجدع، فقال عمّار: خير أذنيّ سببت، قال شعبة: يعني أنها أصيبت مع رسول الله صلّى الله عليه وسلم [8] . وأخرج عن الحارث بن سويد قال: وشى رجل بعمار إلى عمر، فبلغ ذلك عمّارا، فرفع يديه فقال: اللهم إن كان كذب عليّ فابسط له في الدنيا واجعله موطّأ العقب [9] . وأخرج عن ابن أبي عون قال: قتل عمار وهو ابن إحدى وتسعين سنة، وكان أقدم في الميلاد من رسول الله. وأخرج

_ [1] حاشية ب، ل: العدوة جانب الوادي. [2] كأحد: ساقطة من ب، ط. [3] الطبقات 8/80. [4] الحكم بن أبي العاص بن أمية بن عبد شمس الأموي: أسلم يوم الفتح، وسكن المدينة، فكان كما قيل يفشي سر رسول الله صلّى الله عليه وسلم، فنفاه إلى الطائف، وأعيد إلى المدينة في خلافة عثمان، فمات فيها سنة 32 هـ. (الإصابة ت 1783) . [5] الطبقات 8/113. [6] الطبقات 8/114. [7] الطبقات 8/126. [8] الطبقات 3/254. [9] الطبقات 3/256.

عن بديل بن ميسرة قال: خرج عمر بن الخطاب يوما إلى الجمعة، وعليه قميص سنبلاوي [1] ، وجعل يمد كمّه، فاذا تركه رجع إلى أطراف أصابعه [2] ، وقال، أخبرنا اسماعيل بن عبد الله بن أبي أويس، حدثني إسماعيل بن عبد الله، عن خالد بن سعيد بن أبي مريم مولى ابن جدعان، ومولى بنت محمد بن هلال بن أبي هلال المحدث، عن أبيه، عن جده، أن كتاب رسول الله صلّى الله عليه وسلم لتميم بن أوس الداري [3] : بسم الله الرحمن الرحيم (هذا كتاب من محمد النبي لتميم بن أوس الداري، إن عيوناء قريتها كلها، سهلها وجبلها وماءها، وحرثها وكرومها، وأنباطها وثمرها، له ولعقبه من بعده، لا يحاقّه فيها أحد، ولا يدخل عليه بظلم، فمن أراد ظلمهم أو أخذه منهم، فان عليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، وكتب عليّ [4] . قال الواقدي: وليس لرسول الله صلّى الله عليه وسلم بالشام قطيعة غير حبرى [5] وبيت عينون [6] قطعهما رسول الله صلّى الله عليه وسلم تميما ونعيماء ابني أوس./ وأخرج عن أبان بن صالح قال، قال عمرو بن معديكرب [7] يوم القادسية [8] : الزموا خراطيم الفيلة السيوف، فانه ليس لها مقتل إلا خرطومها، وقال: أخبرنا محمد بن عمر، حدثني عبد الرحمن بن أبي الرجال، عن ريطة، عن عمرة [9] عن عائشة عن رسول الله صلّى الله عليه وسلم:

_ [1] قميص سنبلاوي: مسبل الذيل. [2] الطبقات 3/329. [3] سبقت ترجمته. [4] الطبقات 2/32. [5] في النسخ والطبقات: حبرى، وفي معجم البلدان: حبرون، اسم القرية التي فيه قبر إبراهيم الخليل عليه السلام البيت المقدس، وقد غلب على اسمها الخليل، ويقال لها أيضا حبرى، وهي التي أقطعها الرسول لتميم الداري. (ياقون: حبرون) . [6] بيت عينون: قيل هي من قرى بيت المقدس. (ياقوت: عينون) . [7] عمرو بن معديكر الزبيدي: فارس اليمن، وصاحب الغارات المشهورة، أسلم سنة تسع، ثم ارتد بعد وفاة النبي ثم عاد إلى الإسلام، وبعثه أبو بكر إلى الشام فشهد اليرموك، وذهبت فيها إحدى عينيه، وبعثه عمر إلى العراق فشهد القادسية وأبلى فيها بلاء حسنا، له شعر جيد، توفي سنة 21 هـ. (الإصابة ت 5972، سمط اللآليء 63- 64، الخزانة 1/425- 426 الحور العين ص 110) . [8] القادسية: تبعد عن الكوفة 15 فرسخا، وقعت فيها المعركة بين المسلمين وبين الفرس سنة 19 هـ في زمن عمر بن الخطاب رضي الله عنه. (ياقوت: القادسية) . [9] عمرة: هي عمرة بنت عبد الرحمن بن أسعد بن زرارة التابعية، فقيهة عالمة بالحديث، ثقة، أخذت الحديث عن عائشة رضي الله عنها، كتب عمر بن عبد العزيز إلى ابن محمد: انظر ما كان من حديث رسول الله صلّى الله عليه وسلم، أو سنة ماضية، أو حديث عمرة فاكتبه، فإني خشيت دروس العلم وذهاب أهله، توفيت سنة 30 هـ. (التهذيب 12/438، ابن سعد- الطبقات 8/480) .

نقّب أسعد بن زرارة على النقباء [1] . قال: أخبرنا هشام بن محمد بن السائب الكلبي عن أبيه قال: كان يقال: ما رأينا بني أب وأم قط أبعد قبورا من بني العباس جميعا: الفضل، وكان أكبر ولده، مات بالشام من طاعون عمواس [2] ، وعبد الله، وهو الحبر، مات بالطائف، وعبد الرحمن مات بالشام، وقثم خرج إلى خراسان مجاهدا فمات بسمرقند، ومعبد قتل بأفريقية شهيدا، وأم حبيبة، أمهم جميعا أم الفضل لبابة، وفي ولد أم الفضل هؤلاء من العباس يقول عبد الله بن يزيد الهلالي [3] : [الرجز] ما ولدت نجيبة من فحل ... بجبل نعلمه أو سهل كستة من بطن أم الفضل ... أكرم بها من كهلة وكهل وقال: أخبرنا الفضل بن دكين، حدثنا حنش، سمعت أبي يقول: استعمل النبي صلّى الله عليه وسلم أسامة بن زيد [4] وهو ابن ثمان عشرة سنة/. وأخرج عن أبي سفيان مولى ابن أبي أحمد، قال: سمعت أبا هريرة يقول والناس حوله: اخبروني برجل يدخل الجنة ولم يصل لله سجدة قط؟ فسكت الناس، قال أبو هريرة: هو أصيرم بني عبد الأشهل عمرو بن ثابت بن وقيش، أسلم يوم أحد، وقاتل فقتل، فدخل الجنة، وما صلّى صلاة قط [5] . وأخرج عن عمير بن إسحاق قال: كان مروان أميرا علينا، فكان يسب عليا كل جمعة على المنبر، فقيل: يا حسن، أما تسمع ما يقول هذا؟ فجعل لا يرد شيئا، وكان حسن يجىء يوم الجمعة فيدخل في حجرة النبي صلّى الله عليه وسلم فيقعد، فاذا قضيت الخطبة خرج فصلى، ثم رجع إلى أهله، قال: فلم يرض بذاك حتى أهداه [6] له في بيته، قال: فأنا عنده إذ قيل له: فلان بالباب، قال: إئذن له، فو الله إني لأظنه قد جاء بشر، فأذن له، فدخل فقال: يا حسن، إني قد جئتك من عند سلطان، وجئتك بعزمة، قال: تكلم، قال: قد أرسل مروان بعلي وبعلي وبعلي، وبك وبك وبك، وما وجدت مثلك إلا مثل البغلة يقال لها: من أبوك؟ فتقول: أمي الفرس. قال الحسن: ارجع إليه فقل له: إني والله لا أمحو عنك

_ [1] نقّب: جعله نقيبا. وأسعد بن زرارة من بني النجار من الخزرج، أحد الأشراف الشجعان في الجاهلية والإسلام، وفد على النبي في مكة وكان نقيب بني النجار، توفي قبل بدر سنة 1 هـ ودفن بالبقيع. (الأصابة ت 111، الطبقات 3/608) . [2] عمواس: قرية بالشام بين نابلس والرملة، وكان هذا الطاعون سنة 18 هـ، مات فيه أبو عبيدة بن الجراح وخمسة وعشرون ألف من المسلمين. (ياقوت: عمواس) . [3] الطبقات 8/278، الإصابة 5/82. [4] أسامة بن زيد: الحبيب بن الحبيب توفي في المدينة سنة 54 هـ. (التهذيب 1/57، الطبقات 4/61) . [5] السيرة النبوية- ابن هشام 3/35، الإصابة 4/608. [6] في الأصل: أمداه، وفي بقية النسخ: أهداه. أمدى فلانا: أملى له وأمهله. وأهداه: أي أرسل له، والمهاداة بالشعر المهاجاة.

شيئا مما قلت بأن أسبك يا مروان، ولكن موعدي وموعدك الله، فان كنت صادقا جزاك الله بصدقك، وإن كنت كاذبا فالله أشدّ، وقد أكرم الله جدي أن يكون مثلي مثل البغلة/. وأخرج عن هزّان قال: قيل للحسن بن علي: تركت إمارتك وسلمتها إلى رجل من الطلقاء، وقدمت المدينة، فقال: إني اخترت العار على النار. وأخرج عن عبد الله بن بريدة قال: شتم رجل ابن عباس، فقال له ابن عباس: إنك لتشتمني، وإن فيّ لثلاث خصال، إني لأسمع الحاكم من حكام المسلمين يعدل فأفرح، ولعلّي لا أقاضى إليه أبدا، وإني لأسمع بالغيث يصيب البلاد من بلدان المسلمين فأفرح به، وما لي بها سائمة، وإني لآتي على الآية من كتاب الله فأتمنى أن الناس كلهم يعلمون منها مثل ما أعلم [1] . وأخرج عن الزهري قال، قال أبو سلمة: لو كنت أرفق بابن عباس أصبت منه علما كثيرا. وأخرج عن يعقوب بن زيد قال: كان عمر بن الخطاب يستشير عبد الله بن عباس في الأمر إذا أهمّه، ويقول: غصّ غوّاص [2] . وأخرج عن ثابت بن عبيد قال: كان زيد بن ثابت من أفكه الناس في بيته، وأزمته [3] إلى الرجال. وأخرج عن عمير بن سعد، وهو من الصحابة أنه كان يقول على المنبر وهو أمير على حمص: ألا إن الإسلام حائط منيع، وباب وثيق، فحائط الإسلام العدل، وبابه الحق، فاذا أنقض الحائط وحطم الباب استفتح الإسلام، فلا يزال الإسلام منيعا ما اشتد السلطان، وليس شدة السلطان قتلا بالسيف، ولا ضربا بالسوط، ولكن قضاء بالحق، وأخذ بالعدل [4] /وأخرج عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم قال: كان رسول الله صلّى الله عليه وسلم إذا خطب المرأة قال: (اذكروا لها جفنة سعد بن عبادة) [5] ، وأخرج عن سعيد بن محمد بن أبي زيد قال: سألت عمارة بن غزية، وعمرو بن يحيى عن جفنة سعد بن عبادة، فقالا: كانت مرة بلحم، ومرة بسمن، ومرة بلبن، يبعث بها إلى النبي صلّى الله عليه وسلم، كلما دار دارت معه الجفنة [6] . وأخرج عن عامر الشعبي قال: لم يوص رسول الله صلّى الله عليه وسلم إلا بمساكن أزواجه، وأرض تركها صدقة [7] . وأخرج عن أبي الحويرث، أن أم أيمن [8] قالت يوم

_ [1] الإصابة 4/150. [2] الطبقات 2/369. [3] أزمته: أشده تزمتا، تزمت: توقر وتشدد في دينه أو رأيه. [4] الطبقات 4/375. [5] الطبقات 8/129 ط العلمية. [6] الطبقات 8/129. [7] الطبقات 2/316. [8] أم أيمن: بركة الحبشية، جارية عبد الله والد النبي صلّى الله عليه وسلم، أسلمت قديما، وزوجها النبي زيد بن حارثة، فجاءت منه بأسامة، وهي حاضنة النبي، توفيت بالمدينة سنة 11 هـ. (التهذيب 12/451، مرآة الجنان 1/62) .

حنين [1] : سبّت الله أقدامكم، فقال لها النبي صلّى الله عليه وسلم: (اسكتي يا أم أيمن، فانك عسراء اللسان) [2] . وأخرج عن عكرمة قال: سئلت أسماء بنت أبي بكر الصديق: هل كان أحد من السلف يغشى عليه من الخوف؟ قالت: لا، ولكنهم كانوا يبكون [3] . وأخرج عن عبد الرحمن الأعرج قال: المرأة التي طلق عبد الله بن عمرو وهي حائض على عهد رسول الله صلّى الله عليه وسلم، هي آمنة بنت عفان. وأخرج عن زيد بن علي بن حسين قال: ما وضع رسول الله صلّى الله عليه وسلم رأسه في حجر امرأة لا تحل له بعد النبوة إلا أم الفضل، يعني امرأة عمه العباس [4] فانها كانت تفليه وتكحله، فبينما هي ذات يوم إذ قطرت قطرة من عينها على خده، فرفع رأسه إليها فقال: (ما لك؟) فقالت: إن الله نعاك لنا، فلو أوصيت بنا/ من يكون بعدك، إن كان الأمر فينا أو في غيرنا، قال: (إنكم مقهورون مستضعفون بعدي) [5] . وأخرج عن سماك بن حرب، أن أم الفضل امرأة العباس بن عبد المطلب، قالت: يا رسول الله، رأيت فيما يرى النائم كأن عضوا من أعضائك في بيتي، قال: (خيرا رأيت تلد فاطمة غلاما فترضعينه بلبان ابنك قثم، فولدت الحسين فكفلته أم الفضل) [6] . وأخرج عن جعفر بن عبد الله بن أبي الحكم قال: حدّ نساء رسول الله صلّى الله عليه وسلم أربعة أشهر وعشرا، وكن يزرن بعضهن بعضا ولا يبتن عن بيوتهن، ولقد تعطّلن حتى كأنهن رواهب، وما كان يمر بهن يوم أو اثنان أو ثلاثة، إلا وكل امرأة منهن يسمع نشيجها [7] . انتهى ما اخترته من طبقات ابن سعد مما يصلح في المحاضرات.

_ [1] حنين: واد قبل الطائف، بينه وبين مكة بضعة عشر ميلا، وقد ورد في القرآن الكريم وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ (ياقوت: حنين) . [2] الطبقات 8/225. [3] الطبقات 8/253. [4] الطبقات 8/278. [5] الطبقات 8/278. [6] مسند الإمام أحمد بن حنبل حديث رقم 26753 ج 18/ص 352 برواية: خيرا تلد فاطمة غلاما فتكفلينه بلبن ابنك قثم. المسند تحقيق أحمد شاكر، ط دار الحديث، القاهرة 1416 هـ/ 1995 م، الطبقات 8/218. [7] طبقات ابن سعد 8/177.

ذكر مستحسنات انتقيتها من كتاب الزهد للإمام أحمد بن حنبل رضي الله عنه

ذكر مستحسنات انتقيتها من كتاب الزهد للإمام أحمد بن حنبل رضي الله عنه [1] قال حدثنا يزيد، أخبرنا أبو الأشهب، حدثنا سعيد بن أيمن مولى كعب بن سور قال: بينما رسول الله صلّى الله عليه وسلم يحدث أصحابه، إذ جاء رجل من الفقراء فجلس إلى جنب رجل من الأغنياء، فكأنه قبض من ثيابه عنه، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: (أخشيت يا فلان أن يغدو غناك عليه، وأن يغدو فقره عليك) ، قال: يا رسول الله، وشرّ الغنى؟ قال: (نعم إن غناك يدعوك إلى النار، وإن فقره يدعوه إلى الجنة) ، قال: فما ينجيني منه؟ قال: (تواسيه قال: إذن أفعل، فقال الآخر: لا إرب لي فيه، قال: (فاستغفر وادع لأخيك) [2] . حدثنا وكيع حدثنا الأعمش عن أبي صالح [3] قال: دخل أعرابي [4] على النبي صلّى الله عليه وسلم فلم يجد شيئا يطعمه، فدعا ربه عز وجل، فأتي بلقمة، فذهب الأعرابي ليأخذها، فمنعه، ثم جزّأها له أجزاء، فأكل حتى شبع وفضلت فضلة. ثم أخرجه ابنه من طريق حفص بن غياث عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة./ حدثنا محمد بن يزيد الواسطي، حدثنا عبدة بن أيمن عن عطاء بن أبي رباح قال: دخل رجل على النبي صلّى الله عليه وسلم وهو متكئ على وسادة، وبين يديه طبق عليه رغيف، فوضع الرغيف على الأرض، ونحّى الوسادة فقال: (إنما أنا عبد آكل كما يأكل العبد، وأجلس كما يجلس العبد) [5] . حدثنا عبد الرحمن بن مهدي، عن جرير بن حازم قال: سمعت الحسن يقول: كان رسول الله صلّى الله عليه وسلم إذا أتي بطعام أمر به فألقي على الأرض، وقال: (إنما أنا عبد آكل كما يأكل العبد، وأجلس كما يجلس العبد) [6] .

_ [1] أحمد بن حنبل: الإمام أحمد بن محمد بن حنبل الشيباني، أحد الأئمة الأربعة ولد ببغداد فنشأ منكبا على العلم وسافر في سبيله أسفارا كبيرة، وصنف المسند الذي يحتوي على ثلاثين ألف حديث وله كتب أخرى جليلة الفائدة، وفي أيامه دعا المأمون إلى القول بخلق القرآن فتعرض ابن حنبل للسجن والعذاب فسجن ثمانية وعشرين شهرا لامتناعه عن القول بخلق القرآن، توفي سنة 241 هـ. (صفة الصفوة 2/190، ابن عساكر 2/28 تاريخ بغداد 4/412 البداية والنهاية 10/325- 343) . [2] المصنف: الصنعاني 10/417. [3] أبو صالح: أبو صالح السمان، واسمه ذكوان عبد لجويرية امرأة من قيس، مات سنة إحدى ومائة. (العصفري- الطبقات ص 248) . [4] في ط، ب، ل: دخل رجل أعرابي. [5] البخاري، أنبياء 48. المصنف: الصنعاني 10/417. [6] مصنف ابن أبي شيبة 13/225 مشورات إدارة القرآن والعلوم الإسلامية، كراتشي 1406 هـ/ 1986 م.

حدثنا عبد الله بن يزيد، حدثنا حيوة، أخبرني عمر بن مالك الشرعبي، أن أبا صخر حدثه عن يزيد بن عبد الله بن قسيط [1] قال: أتي رسول الله صلّى الله عليه وسلم بسويق من سويق اللوز قد أخبص [2] قال: ما هذا؟ قالوا: سويق اللوز، قال: (أخرجوه عني هذا شراب المترفين) [3] . كتب إلىّ محمد بن موسى أبو طليق، يذكر أن معاذ بن هشام حدثهم قال: حدثني أبي عن بديل، عن شهر عن أسماء بنت يزيد [4] قالت: كان قميص رسول الله صلّى الله عليه وسلم أسفل من الرصغ. حدثنا أبو كامل، حدثنا حماد بن سلمة عن علي بن زيد أن النبي صلّى الله عليه وسلم رأى على العلاء بن الحضرمي قميصا قطريّا طويل الكمين [5] ، فدعا بشفرة فقطعه من طرف أصابعه [6] . حدثنا هشام بن سعد، حدثنا محمد بن مهاجر، حدثني أخي عمرو بن مهاجر قال: كان لعمر بن عبد العزيز بيت يخلو فيه، في ذلك البيت ما ترك/ رسول الله صلّى الله عليه وسلم، فاذا سرير مرمول [7] بشريط، وقعب يشرب فيه الماء، وجرة مكسورة الرأس يجعل فيها الشىء، ووسادة من أدم محشوة بليف، وقطيفة غبراء [8] ، ثم يقول: يا قريش، هذا تراث من أكرمكم الله به أعزكم، يخرج من الدنيا على ما ترون. حدثنا عبد الصمد، حدثنا حماد بن سلمة، حدثنا سعيد بن جهمان، عن سفينة [9] أن النبي صلّى الله عليه وسلم جاء بيت فاطمة فرأى قراما [10] في ناحية البيت، عليه صورة، فرجع فلحقه عليّ فسأله، فقال: إنه ليس لي ولا لنبي أن يدخل بيتا مزوّقا [11] . حدثنا جرير عن ثعلبة قال: كان أفواه دروع أكمام نساء رسول الله صلّى الله عليه وسلم شبرا أو فترا. حدثنا الوليد بن مسلم، حدثنا ثابت أبو سلمة الدوسي، عن سالم بن عبد الله قال: كان

_ [1] يزيد بن عبد الله بن قسيط المدني: أبو عبد الله الليثي، لم يذكر وفاته. (الذهبي- الميزان 4/430) . [2] السويق: طعام يتخذ من مدقوق الحنطة والشعير، سمي بذلك لانسياقه في الحلق. أخبص: خلط، والخبيص: الحلواء المخبوصة من التمر والسمن. [3] الزهد لابن المبارك 2/55، الزهد لأحمد 6، وفي طبقات ابن سعد 1/320 برواية: أخروه عني هذا شراب المترفين. [4] أسماء بنت يزيد بن السكن الأنصارية: أم سلمة روت عن النبي صلّى الله عليه وسلم، بايعت النبي وشهدت اليرموك. (التهذيب 12/390- 400) . [5] في حاشية ب: ثوب قطري، ضرب من البرود نسبة إلى قرية بالبحرين، يقال لها قطر، فكسروا القاف للنسبة وخففوا. [6] في الطبقات 4/163: قميصا سنبلاويا. [7] مرمول: منسوج، رمل السرير إذا نسجه بشريط من خوص أو ليف. [8] في حاشية ب، ل: أي كثيرة الصوف. [9] سفينة: مولى رسول الله صلّى الله عليه وسلم، اختلف في اسمه، فقيل: مهران، وقيل رومان، سمّاه رسول الله سفينة لكثرة ما حمله في أحد رحلاته. (أسد الغابة 2/324) . [10] القرام: ستر فير رقم ونقوش، وثوب غليظ من صوف ذي ألوان يتخذ سترا، ويتخذ فراشا في الهودج. [11] مسند أحمد رقم 21819، 16/137، أبو داود- السنن 1/1115.

من دعاء رسول الله صلّى الله عليه وسلم: (أللهم ارزقني عينين هطّالتين تبكيان بذروف الدموع وتشفيان من خشيتك قبل أن يكون الدمع دما والأضراس جمرا) [1] . وصله ابنه من طريق آخر من حديث عكرمة عن ابن عباس مرفوعا. حدثنا عبد الرزاق، حدثنا الثوري عن رجل من أهل المدينة، عن سالم عن ابن عمر: أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم كان يقول في عائشة: (اللهم واقية كواقية الوليد) ، يعني المولود [2] . حدثنا الهيثم بن جميل، حدثنا محمد يعني ابن مسلم، عن إبراهيم، يعني ابن ميسرة، عن طاووس قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: (إن الزهد في الدنيا يريح القلب والبدن، وإن الرغبة في الدنيا تطيل الهمّ والحزن) [3] ./ حدثنا الهيثم بن جميل، حدثنا محمد عن إبراهيم بن ميسرة عن عمرو بن شعيب، عن عبد الله بن عمرو قال، قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: (صلاح أول هذه الأمة بالزهد واليقين، ويهلك آخره بالبخل والأمل) [4] . عبد الله: حدثني بيات بن الحكم، حدثنا محمد بن حاتم أبو جعفر بشر بن الحارث، حدثنا أبو بكر بن عيّاش، عن ليث عن الحكم قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: (إذا قصّر العبد في العمل ابتلاه الله عز وجل بالهمّ) . حدثنا زيد بن الحباب، حدثنا سفيان بن سعيد، عن الزبير بن عدي، عن مصعب بن سعد قال، قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: (احذروا الدنيا، فانها خضرة حلوة) [5] . حدثنا أبو معاوية، حدثنا الأعمش عن سالم بن أبي الجعد [6] قال، قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: (إن من أمتي من لو أتى باب أحدكم فسأله دينارا لم يعطه إياه، ولو سأله درهما لم يعطه إياه، ولو سأله فلسا لم يعطه إياه، ولو سأل الله الجنة لأعطاها إياه، ولو سأله الدنيا لم يعطها إياه، وما يمنعها إياه لهوانه عليه ذو طمرين لا يؤبه له، لو أقسم على الله لأبرّه) [7] . حدثنا أبو سعيد، حدثنا أبو زيد، حدثنا عطاء عن أبيه عن علي قال: جهز رسول

_ [1] ابن المبارك- الزهد والرقائق ص 165، حلية الأولياء 2/187، النهاية في غريب الحديث والأثر 5/266. [2] النهاية في غريب الحديث والأثر 5/224 لابن الأثير، تحقيق طاهر الزاوي ومحمود الطناحي، ط المكتبة الإسلامية 1963، في صفة الصفوة 1/20: قال: إن المعنى: أسألك حفظا كحفظ الطفل المولود، والمراد موسى، أي كما وقيت موسى من شر فرعون. [3] المصنف: الصنعاني 10/225. [4] السابق. [5] النهاية لابن الأثير 2/41. [6] سالم بن أبي الجعد الأشجعي: روى عن كثير من الصحابة ولم يرهم، توفي سنة مائة وقيل مائة وواحد، قال ابن سعد: كان ثقة كثير الحديث. (التهذيب 3/432) . [7] مصنف ابن أبي شيبة.

الله صلّى الله عليه وسلم فاطمة رضي الله عنها في خميل [1] وقربة ووسادة من أدم حشوها ليف [2] . حدثنا حجاج عن ابن جريج، أخبرني إسماعيل بن أمية أن عائشة صنعت لرسول الله صلّى الله عليه وسلم فراشين، فأبى أن يضطجع إلا على واحد [3] ./ حدثنا روح عن ابن جريج قال: حدثت أن النبي صلّى الله عليه وسلم كان يكره أن يطلع من نعليه شىء عن قدميه [4] . حدثنا محمد بن أبي بكرة، حدثنا ابن جريج، أخبرنا زياد بن سعد [5] : أن النبي صلّى الله عليه وسلم كان يكره أن يطلع من نعليه شىء عن قدميه. حدثنا وكيع عن مسعر عن عون بن عبد الله: أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم كان لا يضحك إلا تبسما، ولا يلتفت إلا جميعا [6] . حدثنا مؤمل بن إسماعيل، حدثنا سفيان عن موسى بن عقبة، عن عطاء بن يسار قال: كان رسول الله صلّى الله عليه وسلم إذا كان في قوم يصلون كان آخرهم، وإذا كان قوم يذكرون الله عز وجل كان آخرهم [7] . حدثنا هاشم بن القاسم، حدثنا الفرج بن فضالة، حدثنا لقمان بن عامر قال: سمعت أبا أمامة [8] يقول: إن الله عز وجل يقول: إن عبدي الذي هو عبدي الذي لا ينتظر بقيامه صياح الديك [9] . حدثنا أبو عبيدة عبد الواحد بن واصل، عن سلام أبي المنذر عن ثابت عن أنس: أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم قال: (حبّب إليّ النساء والطيب، وجعلت قرة عيني في الصلاة) [10] . عبد الله: حدثنا ابن سالم، حدثنا سيار بن حاتم، حدثنا جعفر بن سليمان، حدثنا ثابت عن أنس به. حدثنا عبد الصمد أبو هلال، حدثنا قتادة عن معقل قال: لم يكن شيء أعجب إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلم من الخيل، ثم قال: اللهم غفرا النساء. عبد الله حدثنا إبراهيم بن حسين الباهلي، حدثنا سلام القارئ أبو المنذر/ عن ثابت عن أنس قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: (حبّب إليّ من الدنيا النساء والطيب، وجعلت قرة عيني في الصلاة) [11] .

_ [1] الخميل: القطيفة. [2] ابن ماجة- السنن 2/1390. [3] طبقات ابن سعد 1/359. [4] مصنف ابن أبي شيبة 13/225. [5] زياد بن سعد بن ضميرة، ويقال: زياد بن ضميرة بن سعد السلمي، روى عن أبيه وجده، وكانا شهدا حنينا، ذكره ابن حبان في الثقات في أتباع التابعين، يروي عن الحجازيين. (التهذيب 3/369) . [6] طبقات ابن سعد 1/182. [7] مصنف ابن أبي شيبة 13/227. [8] أبو أمامة: صدي بن عجلان بن وهب الباهلي الصحابي، روى عن النبي صلّى الله عليه وسلم وعن عمر وعثمان وعلي وأبي عبيدة بن الجراح وغيرهم، مات سنة 86 هـ وهو ابن 91 سنة. (التهذيب 4/420) . [9] مصنف ابن أبي شيبة 13/..؟؟ [10] مسند أحمد بن حنبل 3/128، 285، سنن النسائي 7/61، ابن سعد 1/304. [11] مسند أحمد بن حنبل 3/128، 285، سنن النسائي 7/61، ابن سعد 1/304.

عبد الله: حدثني أبو معمر، حدثنا يوسف بن عطية عن ثابت عن أنس قال: قال النبي صلّى الله عليه وسلم: (جعلت قرة عيني في الصلاة، وحبّب إليّ النساء والطيب، الجائع يشبع والظمآن يروى، وأنا لا أشبع من حب الصلاة والنساء) . عبد الله: حدثنا نصر بن علي حدثنا سليمان بن سليم، عن جابر بن زيد، حدثنا سفيان الزيات عن الربيع بن أنس [1] بن مالك: أن النبي صلّى الله عليه وسلم بعث إلى يهودي يتسلف شيئا إلى ميسرة، فقال اليهودي: وهل لمحمد ميسرة، فأتيت النبي صلّى الله عليه وسلم فأخبرته، فقال: (كذب، ثلاث مرات، أنا خير من بايع، ثلاث مرات، لأن يلبس الرجل ثوبا من رقاع شتى خير له من أن يأخذ في أمانة ما ليس عنده) . حدثنا وكيع عن ابن أبي خالد، عن الشعبي، قال، قال عليّ: ما كان لنا إلا إهاب كبش ننام على ناحيته، وتعجن فاطمة على ناحيته. حدثنا يحيى بن زكريا، حدثنا سعيد بن أبي عروبة، حدثني أبو يزيد المدني، عن عكرمة، قال: لما زوّج النبي صلّى الله عليه وسلم فاطمة رضي الله عنها، كان مما جهزت به سرير مشرّط، ووسادة من أدم حشوها ليف وثور من أقط [2] وجاؤوا ببطحاء [3] فنثروها في البيت. عبد الله: حدثنا محمد بن أبي بكر المقدمي، عن معمر عن أبيه قال، حدثني الحضرمي قال: قرأ عند رسول الله صلّى الله عليه وسلم قارئ لين القراءة، فلم يبق أحد إلا بكى، إلا عبد الرحمن بن عوف [4] ، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: (إن كان عبد الرحمن لم تبك عيناه فقد بكى قلبه) . وأخرج عن شميط قال: إن هذه الدنانير والدراهم أزمّة المنافقين، يقادون بها إلى السوآت. وأخرج من طريق ثابت عن أنس رضي الله عنه قال، قال أبو طلحة: لا أؤم رجلين ولا أتأمر عليهم. وأخرج عن ابن المبارك قال: ما بلغني عن أحد من أصحاب النبي صلّى الله عليه وسلم من العبادة ما بلغني عن تميم الداري [5] ، قرأ القرآن قائما، وقرأ القرآن راكعا، وقرأ القرآن ساجدا، وحجّ خببا. وأخرج عن ابن سيرين قال: اشترى تميم الداري حلّة بألف، فكان يصلي فيها. وأخرج عن أبي واقد الليثي قال: تابعنا الأعمال فلم نجد شيئا أبلغ في طلب الأخرة من

_ [1] ط: الربيع بن أنس عن أنس بن مالك. [2] الثور: قطعة من الأقط، والجمع ثورة، والإقط: لبن محمّض يجمد حتى يستحجر ويطبخ، أو يطبخ به. [3] البطحاء هنا: صغار الحصى والرمل. [4] عبد الرحمن بن عوف بن عبد عوف بن عبد الحارث الزهري القرشي: صحابي وهو أحد العشرة المبشرين بالجنة، وأحد الستة أصحاب الشورى الذين جعل عمر الخلافة فيهم، كان من الأجواد الشجعان، توفي بالمدينة سنة 32 هـ. (حلية الأولياء 1/98، صفة الصفوة 1/135، تاريخ الخم 2/257) . [5] سبقت ترجمته.

زهادة الدنيا. وأخرج عن الحسن قال: قيل لسمرة بن جندب: إن ابنك لم ينم الليلة بشما، قال: لو مات لم أصل عليه. وأخرج عن موسى بن عبد الله بن يزيد قال: كان عبد الله بن يزيد [1] صاحب النبي صلّى الله عليه وسلم من أكثر الناس صلاة، وكان لا يصوم إلا يوم عاشوراء [2] . وأخرج عن عاصم عن أبيه قال: ما رأيت ابن عمر يذكر رسول الله صلّى الله عليه وسلم إلا ابتدرت عيناه يبكي. وأخرج عن جابر قال: ما رأيت أحدا إلا وقد مالت به الدنيا، إلا عبد الله بن عمر. وأخرج عن عاصم الأحول، عمّن ذكره قال: إن ابن عمر إذا رآه إنسان ظن أنّ به شيئا من أتّباعه آثار النبي صلّى الله عليه وسلم. وأخرج عن ابن عمر قال: لا يبلغ عبد حقيقة الإيمان حتى يعدّ الناس حمقى في دينهم. وأخرج عن محمد بن عبّاد أن ابن عمر إذا أراد أن يتصدّق قال: ادخلوا عليّ السودان [3] فانهم ضعفاء الناس. وأخرج عن أبي سلمة قال: مات ابن عمر وهو مثل عمر يوم قتل. وأخرج عن ابن عباس قال: إذا أردت أن تذكر عيوب صاحبك، فاذكر عيوب نفسك. وأخرج عن أبي حمزة قال: رأيت ابن عباس قميصه متقلصا فوق الكعب، والكم يبلغ أصول الأصابع، يغطي ظهر الكف. وأخرج عن أبي الدرداء قال: متهم من أوتي علما ولم يؤت حلما، وإنّ شداد بن إوس ممّن أوتي علما وحلما. وأخرج عن أبي عبيدة بن الجراح قال: وددت أني كبش فذبحني أهلي فأكلوا لحمي وحسوا مرقي. وأخرج عن محمد بن سيرين قال: لم أعلم أحدا استقاء من طعام أكله غير أبي بكر رضي الله عنه، فانه أتي بطعام فأكله، ثم قيل جاء به ابن النعمان، قال: فأطعمتموني كهانة ابن النعمان، ثم استقاء. وأخرج عن يحيى بن سعيد عن القاسم قال: من الناس ناس لا تذكر عيوبهم. وأخرج عن الحسن قال: قال أبو بكر رضي الله عنه: والله لوددت أني كنت ليف الشجرة [4] تؤكل وتعضد. وأخرج عن قتادة قال: بلغني أن أبا بكر قال: وددت أني خضرة تأكلني الدواب [5] . وأخرج عن أبي بكر بن حفص قال: ذكر لي أن أبا بكر رضي

_ [1] عبد الله بن يزيد بن زيد بن حصين الأوسي الأنصاري: شهد الحديبية وهو صغير، وشهد الجمل وصفين مع علي، وكان أميرا على الكوفة زمن ابن الزبير، روى عن النبي صلّى الله عليه وسلم وجماعة من الصحابة. (التهذيب 6/79) . [2] العاشور والعاشوراء: اليوم العاشر من محرم. [3] في ب: السواد. [4] قوله: والله لوددت أني كنت ليف الشجرة تؤكل وتعضد. ليست في: ب، ط، وفي ش: كنت هذه الشجرة. [5] في ب: وأخرج عن الحسن قال قال أبو بكر رضي الله عنه: والله لوددت أني كنت خضرة تأكلني الدواب، مصنف ابن أبي شيبة 13/344.

الله عنه كان يصوم الصيف ويفطر الشتاء./ وأخرج عن معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه: أن الدنيا لم ترد أبا بكر ولم يردها، وأرادت ابن الخطاب ولم يردها. وأخرج عن الحارث بن سويد أن رجلا من أهل الكوفة وشى بعمّار بن ياسر إلى عمر رضي الله عنه، فقال له عمّار: إن كنت كاذبا فأكثر الله مالك وولدك، وجعلك موطّأ العقبين. وأخرج عن عمر بن الخطاب قال: إن في العزلة لراحة من خلاط السوء. وأخرج عن عمر قال: خذوا بحظكم من العزلة [1] . وأخرج عن عمر قال: كونوا أوعية الكتاب، وينابيع العلم، واسألوا الله رزق يوم بيوم، ولا يضركم أن لا يكثر لكم. وأخرج عن أبي سعيد الأسدي فقال: رأيت عليّ بن أبيّ طالب أتى السوق فقال: من عنده قميص صالح بثلاثة دراهم، فقال رجل: عندي، فجاء به، قال: فلعله خير من ذاك، قال: لا ذاك ثمنه، قال فرأيت عليا يفرط رباط الدراهم من ثوبه فأعطاه، فلبسه فاذا هو يفضل على أطراف أصابعه، فأمر فقطع [2] . وأخرج عن أبي الدرداء قال: إني لآمركم [3] بأمر وما أفعله، ولكني أرجو أن أؤجر عليه. وأخرج عن أبي الدرداء قال: لو تعلمون ما أنتم راؤون بعد الموت، ما أكلتم طعاما على شهوة، ولا شربتم شرابا على شهوة، ولا دخلتم بيتا تستظلون فيه، ولخرجتم إلى/ الصعيد تضربون صدوركم، وتبكون على أنفسكم، ولوددت أني شجرة تعضد ثم تؤكل. وأخرج عن أبي بكر الصديق أنه مرّ به طائر فقال: طوباك يا طير، تأكل من الثمر، وتستظل بالشجر، وترجع إلى غير حساب. وأخرج عن أبي عثمان النهدي: أن عمر بن الخطاب رأى على عتبة بن فرقد [4] قميصا طويل الكم، فدعا بشفرة ليقطعه من أطراف أصابعه، فقال له عتبة: يا أمير المؤمنين، إني لأستحي أن تقطع كمّي، أنا أقطعه، قال: فتركه [5] . وأخرج عن عبد الله بن مسعود، قال: كانت الأنبياء يحلبون الشاء، ويركبون الحمير، ويلبسون الصوف. وأخرج عن خيثمة [6] قال: تقول الملائكة: يا رب، عبدك المؤمن تزوي عنه الدنيا وتعرّضه للبلاء، فيقول الله تبارك وتعالى للملائكة: اكشفوا لهم عن ثوابه، فاذا

_ [1] هذه الرواية ساقطة من: ط. مصنف ابن أبي شيبة 13/276. [2] في ط: فقطع ما فضل عن أطراف أصابعه. [3] ط: لآمركم بالمعروف وما أفعله. [4] عتبة بن فرقد بن يربوع السلمي: نزل الكوفة، روى عن النبي صلّى الله عليه وسلم وجماعة من الصحابة، شهد خيبر مع النبي وقسم له منها، وقيل: هو الذي فتح الموصل زمن عمر سنة ثمان عشرة. (التهذيب 7/101) . [5] الطبقات- ابن سعد 6/41. [6] خيثمة بن عبد الرحمن بن أبي سبرة: واسمه يزيد بن مالك بن عبد الله الجعفي، صحب وفد جده إلى النبي صلّى الله عليه وسلم، توفي سنة 80 هـ. (التهذيب 4/179) .

رأوا ثوابه قالوا: يا رب، لا يضره ما أصابه في الدنيا، وتقول الملائكة: يا رب عبدك الكافر تزوي عنه البلاء، وتبسط له في الدنيا، فيقول للملائكة: اكشفوا لهم عن ثوابه [1] ، فاذا رأوا ثوابه قالوا: يا رب، لا ينفعه ما أصاب في الدنيا. وأخرج عن خالد بن ثابت الربعي، قال: بلغني أنه كان في بني إسرائيل رجل قد قرأ الكتاب وأنه قد طلب بعلمه الشرف والمال في الدنيا، وأنه ابتدع بدعا، وأنه لبث كذلك حتى بلغ سنا، وأنه بينما هو نائم على فراشه إذ تفكر في نفسه فقال: هب هؤلاء الناس لا يعلمون ما ابتدعت، أليس الله قد علم ما ابتدعت وقد اقترب الأجل،/ فلو أني تبت، فبلغ من اجتهاده في التوبة أن عمد فخرّق ترقوته [2] ، وجعل فيها سلسلة، ثم أوثقها إلى آسية [3] من أواسي المسجد، قال: لا أبرح مكاني هذا حتى ينزل فيّ توبة أو موت، فأوحى الله في شأنه إلى نبي من أنبيائهم، أنك لو كنت أصبت ذنبا بيني وبينك لتبت عليك بالغا ما بلغ، ولكن كيف بمن أظللت من عبادي فماتوا فأدخلتهم جهنم، فلا أتوب عليك. وأخرج عن وهب بن منبه [4] أن عابدا من بني إسرائيل كان في صومعة يتعبد، فاذا نفر من الغواة قالوا: لو استنزلناه بشىء، فذهبوا إلى امرأة بغي، قالوا لها تعرضي له، فجاء ته في ليلة مظلمة مطيرة، فقالت: يا عبد الله [5] ، آوني إليك، وهو قائم يصلي، فلم يلتفت إليها، فقالت: يا عبد الله، الظلمة والغيث، آوني إليك، فأدخلها إليه، فاضطجعت وهو قائم يصلي، فجعلت تتقلب وتريه محاسن خلقها، حتى دعته نفسه إليها، فقال: لا والله، حتى أنظر كيف صبري على النار فدنا من المصباح، فوضع اصبعا من أصابعه فيه حتى احترقت، ثم رجع إلى مصلاه، فدعته نفسه، فعاد إلى المصباح فوضع إصبعه أيضا حتى احترقت، ثم رجع إلى مصلاه، فدعته نفسه أيضا، فلم تزل تدعوه وهو يعود إلى المصباح حتى احترقت أصابعه، وهي تنظر إليه، فصعقت فماتت، فلما أصبحوا، غدوا لينظروا ماذا صنعت، فاذا هي ميتة، فقالوا: يا عدو الله، يا مرائي، وقعت عليها ثم قتلتها، فذهبوا به إلى ملكهم/ فشهدوا عليه، فأمر بقتله، فقال: دعوني حتى أصلي ركعتين، فصلى، ثم دعا فقال: أي ربّ، إني أعلم أنّك لم تكن لتؤاخذني بما لم أفعل، ولكن أسألك أن

_ [1] في الحلية- الأصبهاني 4/118: عن عقابه. [2] الترقوة: مقدم الحلق في أعلى الصدر حيثما يترقى الإنسان، وقيل خاص بالإنسان، والجمع التراقي. [3] الآسية: الدعامة لتقوية البناء، وقيل السارية. [4] وهب بن منبه الصنعاني الذماري: مؤرخ كثير الأخبار عن الكتب القديمة، عالم بأساطير الأولين وخاصة الإسرائيليات، أصله من الفرس، ولاه عمر بن عبد العزيز قضاء صنعاء، ألف مجموعة من الكتب منها قصص الأنبياء، حبسه يوسف بن عمر في العراق وضربه حتى قتله سنة 114 هـ. (تاريخ الإسلام- الذهبي 5/14- 16، شذرات الذهب 1501، طبقات ابن سعد 5/395، حلية الأولياء 4/33. [5] قوله: يا عبد الله آوني إليك وهو قائم يصلي فلم يلتفت إليها. ساقطة من: ط.

لا أكون عارا على القرّاء [1] بعدي، فرد الله عليها نفسها فبرّأته، ثم عادت ميتة. حدثنا أبو معاوية، حدثنا الأعمش، عن المنهال، عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: تكلم ملك من الملوك بكلمة وهو جالس على سرير، فمسخ، فما يدرون أي شىء مسخ أذباب أم غيره، إلا أنه ذهب فلم ير [2] . قال عبد الله بن أحمد، حدثنا عبيد الله بن عمر، حدثنا الحكم بن سنان، حدثنا سميط [3] قال: كان نبي من الأنبياء ذبح عجلا بين يدي أمه [4] ، فيبست يداه، فوقع الفرخ من وكره، فرده في موضعه، فشكر الله له ذلك، فرد عليه يديه. حدثنا عبيد بن عمر، حدثنا الحكم بن سنان، حدثنا كثير بن فايد، عن حجاج الأسود [5] قال: جاء رجل بفرخ في طرف ثوبه إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلم، وأبواه يرفرفان على رأسه، فقال له رسول الله صلّى الله عليه وسلم: (رده من حيث أخذته) [6] . وأخرج عن ربيع بن خثيم [7] قال: تفقه ثم اعتزل [8] . وأخرج عن أبي الدرداء قال: ما أصبحت من ليلة لم يرمني الناس بداهية، إلا رأيت أنّ عليّ من الله عز وجل نعمة [9] /. وأخرج من وجه آخر عن أبي الدرداء قال: ما بتّ ليلة سلمت فيها لم أرم فيها بداهية، إلا عوفيت عافية عظيمة [10] . وأخرج عن أبي الدرداء قال: إذا جاء أمر لا كفاء لك به، فاصبر وانتظر الفرج من الله عز وجل. وأخرج عن سلمان قال: لا يزال الناس بخير ما بقي الأول حتى يتعلم الآخر، فاذا ذهب الأول قبل أن يتعلم الآخر، فذاك حين هلكوا. وأخرج عن حسان مولى مالك بن عبد الله قال: كان في ساقه عرق مكتوب: لله، فجعلت أنظر إليه وهو يتوضأ، فقال: أي شىء تنظر، أما إنه لم يكتبه كاتب.

_ [1] القرّاء: الناسكون المتعبدون، من قرأ، إذا نسك وتعبّد. [2] الذهبي- الميزان 2/674. [3] سميط بن عمير السدوسي: أبو عبد الله البصري، روى عن أبي موسى الأشعري وعمران بن حصين وأنس بن مالك، قال ابن حبان: في الثقات. (التهذيب 4/241) . [4] في ب، ط: بين يدي الله. [5] الحجاج الأسود القسامل: من الأزد، وله أحاديث. (ابن سعد- الطبقات 7/269، الميزان- الذهبي 1/640. [6] ابن حجر- المطالب العالية 4/29. [7] الربيع بن خثيم بن عائذ بن عبد الله الثوري الكوفي: روى عن النبي صلّى الله عليه وسلم مرسلا وعن ابن مسعود وأبي أيوب وغيرهم، تابعي ثقة توفي سنة 63 هـ وقيل 61 هـ، (التهذيب 3/242) . [8] الأصبهاني- الحلية 9/49. [9] الحلية 1/220. [10] ابن قتيبة- عيون الأخبار 2/12.

في تاريخ ابن عساكر [4]

قال عبد الله، حدثني هارون بن معروف، حدثنا محمد بن القاسم، حدثنا ثور، عن خالد بن معدان، عن أبي أمامة، قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: (إن لله تبارك وتعالى آنية في الأرض، وأحب الآنية إليه ما رقّ منها وصفا، وآنية الله في الأرض قلوب العباد الصالحين [1] . وأخرج أحمد عن سليمان قال: مثل المسلم وأخيه، كمثل الكعبين تتقي أحدهما بالأخرى. وأخرج عن الضحاك بن مزاحم قال: قال عبد الله بن مسعود: وددت أني كنت طيرا في منكبي ريش. وأخرج عن ابن مسعود أنه أهدي له طائر جاءت به الرعاة من مسيرة أربع، قال: وددت أني حيث صيد هذا الطير، لا يكلمني أحد ولا أكلمه [2] . وأخرج عن ابن مسعود قال: أنتم أطول صلاة، وأكثر جهادا من أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلم،/ وهم كانوا أفضل منكم، قيل له: بأي شىء، قال: إنهم كانوا أزهد في الدنيا، وأرغب في الآخرة منكم [3] . وأخرج عن عائشة قالت: وددت أني كنت شجرة أعضد، ووددت أني لم أخلق. في تاريخ ابن عساكر [4] من طريق أبي رجاء، عن شعبة عن أبي إسحاق، عن الحارث عن علي: أن جبريل أتى النبي صلّى الله عليه وسلم فوافقه مغتمّا، فقال: يا محمد، ما هذا الغمّ الذي أراه في وجهك، قال: (الحسن والحسين أصابتهما عين) ، قال: صدّق بالعين، فان العين حق، أفلا عوذتهما بهؤلاء الكلمات، قال: (وما هن يا جبريل) ، قال قل: اللهم ذا السلطان العظيم، ذا المن القديم، ذا الوجه الكريم، وليّ الكلمات التامات، والدعوات المستجابات، عاف الحسن والحسين من أنفس الجن، وأعين الإنس. فقالها النبي صلّى الله عليه وسلم، فقاما يلعبان بين يديه، فقال النبي صلّى الله عليه وسلم: (عوذوا أنفسكم ونساءكم وأولادكم بهذا التعويذ، فانه لم يتعوذ المعوذون بمثله) [5] . قال أبو بكر الخطيب: تفرد بروايته أبو رجاء محمد بن عبيد الله الحبطي من أهل تستر [6] ./

_ [1] مصنف ابن أبي شيبة 13/235. [2] ابن المبارك- الزهد والرقائق ص 4. [3] الحلية 1/136، الزهد والرقائق ص 5. [4] ابن عساكر: علي بن الحسن بن هبة الله، أبو القاسم ثقة الدين الدمشقي، المؤرخ الحافظ الرحالة المتوفى سنة 571 هـ. [5] عن ابن مسعود قال: كنت مع رسول الله صلّى الله عليه وسلم، أذ مر به الحسن والحسين وهما صبيان، فقال: (هاتوا أبنائي أعوذهما بما عوذ إبراهيم ابنه إسماعيل وإسحاق، فضمهما إلى صدره وقال: أعيذ كما بكلمات الله التامة من كل شيطان وهامة، ومن كل عين لامة (صحيح مسام 4/209) . [6] تستر: أعظم مدينة بخوزستان، وهو تعريب شوشتر، وقال الزجاجي: سميت بذلك نسبة لرجل فتحها من بني عجلاني قال له تستر بن نون. (ياقوت: تستر) .

وفيه عن أبي أسامة قال: كان عمر بن الخطاب في زمانه رأس الناس، وهو جامع، وكان بعده ابن عباس في زمانه، وكان بعد ابن عباس في زمانه الشعبي، وكان بعد الشعبي في زمانه سفيان الثوري، وكان بعد الثوري في زمانه يحيى بن آدم [1] . قال ابن عساكر: أخبرنا أبو القاسم علي بن إبراهيم، أخبرنا رشأ بن نظيف، حدثنا الحسن بن إسماعيل، أخبرنا أحمد بن مروان، حدثنا محمد بن موسى بن حماد، حدثنا محمد بن الحارث، حدثنا المدائني عن علي بن عبد الله القرشي عن أبيه قال، قال عمر بن الخطاب: أتمنى رجالا ملء هذا البيت مثل أبي عبيدة بن الجراح، وسالم مولى أبي حذيفة، إن سالما شديد في ذات الله، لو لم يخف الله ما عصاه [2] ./ في تاريخ ابن عساكر، عن عبد الله بن عمرو بن العاص [3] قال: ثلاثة من قريش أحسن قريش أخلاقا وأصبحهما وجوها، وأشدهما حياء، إن حدثوك لم يكذبوك، وإن حدثتهم بحق أو باطل لم يكذبوك، أبو بكر وعثمان بن عفان وأبو عبيدة بن الجراح [4] . عن عثمان بن عطاء عن أبيه قال: قبر معاذ بن جبل بقصير خالد [5] بالغور، وقبر أبي عبيدة بن الجراح ببيسان [6] . عن كريب مولى ابن عباس قال: إن كان رسول الله صلّى الله عليه وسلم ليجل العباس إجلال الولد والده، خاصة خص الله العباس من بين الناس، وما ينبغي للنبي صلّى الله عليه وسلم أن يجل أحدا إلا والدا أو عمّا [7] . عن دحية الكلبي قال: قدمت من الشام فأهديت النبي صلّى الله عليه وسلم فاكهة يابسة من فستق ولوز وكعك، فوضعته بين يديه، فقال: (اللهم آتني بأحب أهلي إليك أو إليّ يأكل معي

_ [1] يحيى بن آدم بن سليمان الأموي: أبو زكريا الكوفي، روى عن عيسى بن طهمان وفطر بن خليفة والثوري وجرير بن حازم وغيرهم، كان ثقة جامعا للعلم ثبتا في الحديث، ذكره ابن حبان في الثقات، توفي سنة 103 هـ. (التهذيب 11/175) . [2] في الأصل: بياض إلى نهاية الصفحة، ولكن دون نقص كما في النسخ الأخرى. [3] عبد الله بن عمرو بن العاص: صحابي من قريش، من النساك، كان يكتب في الجاهلية، ويحسن السريانية، أسلم قبل أخيه، كان كثير العبادة شهد الحروب والغزوات، عمي في آخر حياته، توفي سنة 65 هـ. (الإصابة ت 4838، حلية الأولياء 1/283 صفة الصفوة 1/270) . [4] ابن قتيبة- عيون الأخبار 3/23. [5] قصير: بلفظ تصغير قصر في عدة مواضع، منها قصير معين الدين بالغور من أعمال الأردن، وهو أول منزل لمن يريد حمص من دمشق. (ياقوت: قصير) . [6] بيسان: مدينة بالأردن بالغور الشمالي، ويقال هي لسان الأرض، وهي بين حوران وفلسطين. (ياقوت: بيسان) . [7] الخبر في تاريخ ابن عساكر 7/242. وينظر في فضائل العباس تهذيب تاريخ ابن عساكر 7/238 وما بعدها.

من هذا) ، فطلع العباس [1] ، فقال: (ادن يا عم) ، فجلس فأكل [2] . قلت: في سنده الكلبي متروك، وليس في الأحاديث ذكر الفستق واللوز، إلا في هذا الحديث./ سفيان بن عيينة، عن جعفر بن محمد، عن أبيه عن جده، قال: كان النبي صلّى الله عليه وسلم إذا جلس، جلس أبو بكر عن يمينه، وعمر عن يساره، وعثمان بين يديه، وكان كاتب رسول الله صلّى الله عليه وسلم، فإذا جاء العباس بن عبد المطلب تنحى أبو بكر، وجلس العباس مكانه [3] . عن مجمع بن يعقوب الأنصاري عن أبيه قال: إن كانت حلقة رسول الله صلّى الله عليه وسلم لتشتبك حتى تصير كالإسوار، وإن مجلس أبي بكر منها لفارغ ما يطمع فيه أحد من الناس، فاذا جاء أبو بكر جلس ذلك المجلس، وأقبل عليه النبي صلّى الله عليه وسلم بوجهه، وألقى إليه حديثه، وسمع الناس، فطلع العباس تزحزح له أبو بكر من مجلسه، فعرف السرور في وجه رسول الله صلّى الله عليه وسلم، لتعظيم أبي بكر للعباس [4] . أبو الزناد [5] عن الثقة أن العباس بن عبد المطلب لم يمر قط بعمر بن الخطاب، ولا بعثمان بن عفان، وهما راكبان إلا نزلا حتى يجوز العباس إجلالا له [6] . قال أبو أحمد عبد الله بن بكر الطبراني الزاهد: أبرك العلوم وأفضلها وأكثرها نفعا في الدين والدنيا بعد كتاب الله عز وجل أحاديث رسول الله صلّى الله عليه وسلم،/ لما فيها من كثرة الصلاة عليه، وأنها كالرياض والبساتين، تجد فيها كل خير وبر، وفضل وذكر [7] . عن عبد الملك بن عمير قال، قال أبو مسلم الخولاني: أظهر اليأس مما في أيدي الناس، فان فيه الغنى، وأقلّ طلب الحاجات إلى الناس، فان فيه الفقر إلى الحاضر، وإياك وما يعتذر منه من الكلام، أخرجه ابن أبي الدنيا. عن شهر بن حوشب قال: قال سعد بن عبادة لابنه: يا بني أوصيك بوصية فاحفظها، فان أنت ضيعتها فأنت لغيرها من الأمر أضيع، إذا توضأت فأتم الوضوء، ثم صلّ صلاة امرئ مودع، ترى أنك لا تعود، وأظهر اليأس من الناس، فانه غنى، وإياك وطلب الحوائج إليهم، فانه فقر حاضر، وإياك وكل شىء يعتذر منه [8] .

_ [1] صفحة من نسخة ع جاءت هنا، وموضعها في ص 3 ب من تسلسل الأصل. [2] تهذيب ابن عساكر 7/242. [3] المصدر السابق. [4] المصدر السابق والصفحة. [5] أبو الزناد: عبد الله بن ذكوان الإمام الثبت، قال ابن معن وغيره: ثقة حجة، وروى حرب عن أحمد بن حنبل قال: كان سفيان يسمى أبا الزناد أمير المؤمنين في الحديث، توفي سنة 130 هـ. (الذهبي- ميزان الاعتدال 2/418) . [6] تهذيب ابن عساكر 7/248. [7] تهذيب ابن عساكر 7/314. [8] تهذيب ابن عساكر 6/92.

رئي عبد الله بن جعفر رضي الله عنهما يماكس في درهم، فقيل له: تماكس في درهم وأنت تجود من المال بكذا وكذا، فقال: ذاك مالي جدت به، وهذا عقلي بخلت به [1] . عن صفوان بن سليم [2] قال: يتحدث أهل المدينة أن عبد الله بن حنظلة [3] ابن الغسيل، لقيه الشيطان وهو خارج من المسجد، فقال: تعرفني بابن حنظلة، قال: نعم، قال من أنا، قال: أنت الشيطان، قال: فكيف علمت ذاك، قال: خرجت وأنا أذكر الله، فلما رأيتك نظرت إليك فشغلني النظر اليك عن ذكر الله، فعلمت أنك الشيطان، قال: نعم يا ابن حنظلة فاحفظ عني شيئا: لا تسأل أحدا غير الله سؤال رغبة، وانظر كيف تكون إذا غضبت [4] ./ عن المفضل بن خليفة قال: كنا عند بعض المشايخ نكتب عنه وهو يملي علينا ويمازحنا، فعرض له عارض، فدخل منزله، ثم خرج مكفهرا عبوسا، فقلت له: يا شيخ، ما قصتك، قال: نعم اكتبوا [5] : [الوافر] دخلت البيت أطلب فيه خبزا ... فجاؤوني بسندان الدقيق [6] وقالوا قد فنى ما كان فيه ... فأظلم ناظراي وجفّ ريقي وأنسيت القضايا إذ رواها ... جرير عن مغيرة عن شقيق وناح محابري وبكى كتابي ... ولم أعرف عدوي من صديقي إذا فني الدقيق فقدت عقلي ... فوا حزنا لفقدان الدقيق صفوان بن صالح، حدثنا الوليد بن مسلم، حدثنا عامر بن شبل الجرمي، قال: سمعت رجلا يحدّث أنه سمع أنس بن مالك يقول: في الجنة قصر لا يدخله إلا صوّام. عبد الله بن يوسف، حدثنا عامر بن شبل قال: سمعت أبا قلابة يقول: في الجنة قصر لصوّام رجب [7] .

_ [1] تهذيب ابن عساكر 7/346، والخبر في عيون الأخبار 1/251، البصائر والذحائر 3/680. [2] صفوان بن سليم المديني الفقيه: مولى حميد بن عبد الرحمن بن عوف، توفي سنة 132 هـ. (الإصابة 4/60) . [3] عبد الله بن حنظلة بن أبي عامر الراهب: وأبوه حنظلة غسيل الملائكة، قتل يوم أحد، روى عن النبي صلّى الله عليه وسلم وعن عمر وعبد الله بن سلام وكعب الأحبار، قتل يوم الحرة سنة 63 هـ. (التهذيب 5/193) . [4] تهذيب ابن عساكر 7/374- 375. [5] تهذيب ابن عساكر 7/389- 390. [6] في ع: أطلب منه خبزا. [7] تهذيب ابن عساكر 7/140.

محمد بن زياد اليشكري، حدثنا ميمون بن مهران، عن عبد الله بن عباس قال: من صلّى ليلة تسع وعشرين من رجب ثنتي عشرة ركعة، يقرأ في كل ركعة منها بفاتحة الكتاب وسورة، فاذا فرغ من صلاته قرأ بفاتحة الكتاب سبع مرات وهو جالس، ثم قال: سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، أربع مرات، ثم أصبح صائما، حطّ الله عنه ذنوب ستين سنة، وهي ليلة بعث فيها النبي صلّى الله عليه وسلم [1] . قلت: اليشكري كذاب يضع الحديث. عبد الباقي بن أحمد أبو البركات ابن النّرسي الأزجي البغدادي المعدّل، ولي حسبة بغداد، وكانت فيه غفلة، شهد في بيع عقار غير محدد، فعاب عليه قاضي القضاة ذلك وقال: لا تشهد إلا في ما ذكرت حدوده، فأتاه اثنان قد تبايعا سفينة فنظر في الكتاب، ثم قال: أين الحدود، الزم كتابك. قال أبو محمد سهل بن سوار: الدنيا كلها جهل وموات إلا العلم، والعلم كله حجّة إلا العمل منه، والعمل كله هباء إلا الإخلاص منه، والإخلاص له خطر عظيم لا يدري بم يختم له. عن أبي إدريس عبد الرحمن بن عراك قال: إذا كان رجل بأرض فلاة فتصيبه مجاعة فيقول: اللهم ايتني برزقي الذي قدرته لي، إلا أتاه الله برزقه. عن إسماعيل بن عياش قال: انقلب الناس من غزاة البردة سنة أربعين ومائة، فسمعتهم يقولون: الأوزاعي [2] اليوم عالم الأمة./ عن الأوزاعي قال: خرجت إلى الصحراء، فاذا أنا برجل من جراد [3] في السماء، وإذا أنا برجل راكب على جرادة منها، وهو شاك في الحديد، وكلما مال بيده هكذا مال الجراد مع يده، وهو يقول: الدنيا باطل، ما فيها، ثلاثا. عن الأوزاعي قال: كان عندنا رجل صياد يسافر يوم الجمعة يصطاد، ولا ينتظر الجمعة، فخرج يوما فخسف ببغلته فلم يبق منها إلا أذنها. عن بشر بن بكر قال: أرسل والي الشام إلى الأوزاعي فقال له: يا أبا عمر، هذا كتاب أمير المؤمنين يأمر فيه بالخروج إلى فلان فتقاتله، فقال له الأوزاعي: حدثني يحيى بن أبي كثير [4] : أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم

_ [1] تهذيب ابن عساكر 7/347- 348. [2] الأوزاعي: عبد الرحمن بن عمرو، من قبيلة الأوزاع، إمام الديار الشامية في الفقه والزهد، وأحد الكتاب المترسلين، عرض عليه القضاء فامتنع، كان عظيم الشأن بالشام، وكان أمره فيهم أعز من أمر السلطان، توفي سنة 157 هـ. (حلية الأولياء 6/135، المعارف ص 217، الشذرات 1/241، وفيات الأعيان 1/275) . [3] الرجل: السرب والطائفة العظيمة من الجراد. [4] يحيى بن أبي كثير اليماني: أحد الأعلام الأثبات، يروي عن أنس قال يحيى القطان: مرسلات يحيى بن كثير شبه الريح. (الذهبي- الميزان 4/402) .

منتقى من المصنف لابن أبي شيبة مما يحسن في المحاضرات

قال: (إنما الأعمال بالنيات) [1] ، فذكر الحديث بتمامه، فقال له الوالي: أخبرك عن كتاب أمير المؤمنين، وتعارضني بغيره، فقال له الأوزاعي: اسكت، أخبرك عن رسول الله صلّى الله عليه وسلم وتعارضني بغيره. قال علي بن عثام [2] : كان يقال: ما انتقم الله لقوم إلا بشر منهم. عن أبي عثمان النهدي قال: بلغت نحوا من ثلاثين ومائة سنة، ما من شىء منّي إلا وقد عرفت النقص فيه، إلا أملي فاني أجده كما هو [3] . هذا كله من ابن عساكر. منتقى من المصنف لابن أبي شيبة مما يحسن في المحاضرات [4] أخرج عن إبراهيم التيمي [5] قال: كان الرجل من أصحاب محمد إذا لم يجد رداء يصلي فيه، وضع على عاتقيه عقالا ثم صلّى، وقال: وكانوا يكرهون إعراء المناكب في الصلاة. وأخرج عن نافع بن سرجس، أنه سمع أبا واقد الليثي صاحب رسول الله صلّى الله عليه وسلم، وذكرت الصلاة عنده، فقال: كان رسول الله صلّى الله عليه وسلم أخف الناس على الناس، وأدومه على نفسه. وأخرج عن أبي رجاء قال: رأيت الزبير بن العوام صلّى صلاة خفيفة، فقلت له: أنتم أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلم أخف الناس صلاة، قال: إنّا نبادر هذا الوسواس [6] . وأخرج عن ابن عباس، قال: فضل صلاة الجماعة على صلاة الوحدة خمس وعشرون درجة، فان كانوا أكثر، فعلى عدد من في المسجد، فقال رجل: وإن كانوا عشرة آلاف، قال: نعم، وإن كانوا أربعين ألفا.

_ [1] الحديث وتمامه: (إنما الأعمال بالنيات، ولكل امرئ ما نوى، فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله، فهجرته إلى الله ورسوله، ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها، أو امرأة يتزوجها، فهجرته إلى ما هاجر إليه. (ابن ماجة- السنن 2/1413) . [2] علي بن عثام: من بني كلاب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة، مات سنة خمس وتسعين ومائة. (طبقات العصفري ص 170) . [3] البيان والتبيين 3/116، الاستيعاب 2/853. [4] مصنف في الحديث للإمام الحافظ أبي بكر عبد الله بن محمد بن أبي شيبة العبسي المتوفى سنة 235 هـ، وهو كتاب كبير جدا جمع فيه فتاوى التابعين وأقوال الصحابة، وأحاديث الرسول عليه السلام على طريقة المحدثين بالأسانيد، مرتبا على الكتب والأبواب. (حاجي خليفة- كشف الظنون 2/450) طبع الكتاب في كراتشي 1986. [5] إبراهيم بن يزيد بن شريك التيمي: أبو أسماء الكوفي، من العباد، روى عن أنس وأبيه والحارث بن سويد وغيرهم، قال أبو زرعة: ثقة مرجئ وقال ابن حبان: في الثقات، مات ولم يبلغ أربعين سنة، سنة 92 هـ وقال الواقدي: مات سنة 94 هـ. (التهذيب 1/176- 177) . [6] تهذيب ابن عساكر 3/365.

وأخرج عن مجاهد [1] قال: أفضل الساعات مواقيت الصلاة، فادعوا فيها. وأخرج عن ابن عمر قال: كان يستحب الدعاء عند أذان المغرب، وقال: إنها ساعة يستجاب فيها الدعاء. وأخرج عن سعيد بن عمرو [2] : أن عبد الله بن عمر حدثهم: أن النبي صلّى الله عليه وسلم قال: (إنّا أمة/ أميّة لا نكتب ولا نحسب، الشهر كذا وكذا، وضرب الثالثة وقبض الإبهام) . وقالت عائشة: غفر الله لأبي عبد الرحمن، إنما هجر النبي صلّى الله عليه وسلم نساءه شهرا فنزل لتسع وعشرين، فقال: يا رسول الله: إنك آليت شهرا، فقال: (وإن الشهر يكون تسعا وعشرين) [3] . وأخرج عن علي قال: شهر تسع وعشرون، وشهر ثلاثون. وأخرج عن الوليد بن عتبة [4] قال: صمنا في عهد علي على غير رؤية ثمانية وعشرين يوما، فلما كان يوم الفطر أمرنا أن نقضي يوما. وأخرج عن الشعبي قال: ما صمنا تسعا وعشرين أكثر مما صمنا ثلاثين. وأخرج عن أبي جعفر [5] قال: لا بأس بالصدقة على بني هاشم بعضهم على بعض. وأخرج عن عبدة قال: أتيت إبراهيم النخعي [6] بزكاة فقبلها، وقال: وأخبرني أن بعض أهل بدر كان يقبلها. وأخرج عن إبراهيم قال: كانوا يحبون إذا سألوا عن المريض أن يقولوا: صالح، ثم يذكرون وجعه بعد. وأخرج عن عمرو بن العاص أنه قال لابنه: كن خلف الجنازة، فان مقدمها للملائكة، وخلفها لبني آدم [7] . وأخرج عن عبد خير [8] قال: كان عليّ يكبّر على أهل بدر ستا، وعلى أصحاب رسول

_ [1] مجاهد بن جبر المكي المخزومي: أبو الحجاج المقرئ روى عن سعد بن أبي وقاص والعبادلة الأربعة وغيرهم كان قارئا عالما ثقة، وقال الذهبي: أجمعت الأمة على إمامة مجاهد والاحتجاج به، مات سنة ثلاث ومائة وهو ساجد. (التهذيب 10/42- 44) . [2] سعيد بن عمرو بن أشرع: همداني مات آخر ولاية خالد القسري. (طبقات العصفري ص 272، الذهبي- الميزان 2/153) . [3] ورد الحديث بصيغ مختلفة في: صحيح مسلم 2/467، البخاري- فتح الباري 2/33، مسند أحمد بن حنبل 9/5. [4] الوليد بن عتبة الأشجعي: أبو العباس الدمشقي، قرأ على أيوب بن تميم، وروى عن الوليد بن مسلم وأبي ضمرة، توفي سنة 240 هـ. (التهذيب 11/142) . [5] أبو جعفر القارئ المدني المخزومي بالولاء: واسمه يزيد بن القعقاع، وقيل فيروز وقيل جندب، قال ابن معين والنسائي: ثقة، وقال أبو حاتم: صالح الحديث، وكان إمام أهل المدينة في القراءة فسمي القارئ، توفي سنة سبع وعشرين ومائة، وقال خليفة بن خياط: مات سنة ثلاثين ومائة. (التهذيب 12/58) . [6] إبراهيم النخعي: إبراهيم بن يزيد بن قيس بن الأسود، من مذحج، من أكابر التابعين من أهل الكوفة، كان رواية حافظا صادقا، مات مختفيا من الحجاج سنة 96 هـ. (طبقات ابن سعد 6/188- 199 الحلية 4/219، التهذيب 1/177) . [7] ابن سعد- الطبقات 4/261. [8] عبد خير بن يزيد الخيواني: من همدان، روى عن علي بن أبي طالب، وشهد معه صفين، وبارز وقتل، ويكنى أبا عمارة، وقد روى عنه أحاديث. (طبقات ابن سعد 6/244) .

الله صلّى الله عليه وسلم خمسا، وعلى سائر الناس أربعا./ وأخرج عن بكر بن عبد الله [1] قال: لا تنقص عن ثلاث تكبيرات، ولا يزاد على سبع. وأخرج عن إبراهيم قال: لا يزاد على سبع تكبيرات، ولا تنقص عن أربع. وأخرج عن إبراهيم قال: اختلف أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلم في التكبير على الجنازة، ثم اتفقوا على أربع تكبيرات. وأخرج عن أبي وائل [2] قال: جمع عمر الناس فاستشارهم في التكبير على الجنازة، فقال بعضهم: كبّر رسول الله صلّى الله عليه وسلم خمسا، وقال بعضهم: كبّر سبعا، وقال بعضهم: كبّر أربعا، قال: فجمعهم على أربع تكبيرات كأطول الصلاة [3] . وأخرج عن أسماء أنهم أفطروا على عهد رسول الله صلّى الله عليه وسلم في يوم، ثم طلعت الشمس [4] . وقال: حدثنا أبو عيينة عن زيد بن أسلم، عن أخيه، عن أبيه قال: أفطر عمر في رمضان، فقيل له قد طلعت الشمس، فقال: خطب يسير، قد كنا جاهدين. وأخرج عن سالم بن أبي الجعد [5] قال: قال عيسى بن مريم: للسائل حق وإن جاء على فرس مطوّق بالفضة [6] . وأخرج عن حميد بن عبد الرحمن [7] قال: كان يقال: ردوا السائل ولو بمثل رأس القطاة. وقال: حدثنا [8] حسين بن علي عن زائدة عن عبد الملك بن عمير، عن عبد الله بن عمر، قال: تخرج الدابة من جبل جياد [9] أيام التشريق/ والناس بمنى، قال: فلذلك جاء

_ [1] بكر بن عبد الله بن عمرو بن مسعود: يكنى أبا عبد الله، مات سنة 108 هـ. (طبقات العصفري ص 207) . [2] أبو وائل: شقيق بن سلمة، مشهور بكنيته، مات بعد الجماجم سنة 82 هـ. (طبقات العصفري ص 100) . [3] عبد الرزاق- المصنف 3/40. [4] ابن ماجة- السنن 635. [5] سالم بن أبي الجعد الأشجعي: مولاهم الكوفي، روى عن زياد بن لبيد وعلي بن أبي طالب وأبي برزة وغيرهم، قال أبن معين وأبو زرعة والنسائي: ثقة، مات سنة مائة، وقيل سنة إحدى ومائة. (التهذيب 3/432) . [6] ورد الحديث عن مالك بن زيد بن أسلم عن الرسول قال: (اعطوا السائل وإن جاء على فرس) . (الموطأ- ابن مالك 2/996) . [7] حميد بن عبد الرحمن الرؤاسي: أبو عوف الكوفي، روى عن أبيه وإسماعيل بن أبي خالد والأعمش وهشام بن عروة وغيرهم، قال ابن معين: ثقة، وجعله ابن حبان في الثقات، مات في آخر سنة 192 هـ. (التهذيب 3/44) . [8] في ط: وأخرج قال حدثنا. [9] جياد: جمع جيد، وهي لغة في أجياد، وأجياد أيضا جمع جواد من الخيل، وهو موضع بمكة يلي الصفا. (ياقوت: أجياد) .

سابق الحاج يخبر بسلامة الناس. وقال: حدثنا عبد الرحيم بن سليمان عن عاصم قال: سأل صبيح أبا عثمان النهدي: رأيت رسول الله صلّى الله عليه وسلم؟ فقال: أسلمت على عهد رسول الله صلّى الله عليه وسلم، وأديت إليه ثلاث صدقات ولم ألقه [1] . وقال: حدثنا حفص عن جعفر عن أبيه قال: لم يكن بين الحسن والحسين إلا طهرا. حدثنا عفان عن حماد بن سلمة عن حميد قال: قال أبو عثمان النهدي [2] : أتت عليّ نحو من ثلاثين ومائة سنة [3] . وأخرج عن أبي عثمان النهدي قال: كنا في الجاهلية نعبد حجرا، فسمعنا مناديا ينادي: يا أهل الرحال، إن ربكم قد هلك، فالتمسوا ربا، فخرجنا على كل صعب وذلول، فبينا نحن كذلك نطلب، إذا نحن بمناد ينادي أن قد وجدنا ربكم [4] . وقال: حدثنا أبو أسامة عن مجالد، عن الشعبي قال: لا تقوم الساعة حتى يصير العلم جهلا، والجهل علما. وأخرج عن أبي البختري [5] قال: قال رجل: اللهم اهلك المنافقين، فقال حذيفة: لو هلكوا ما انتصفتم من عدوكم. وأخرج عن علقمة قال: إذا ظهر أهل الحق على الباطل/ فليس بفتنة. وأخرج عن أبي ذر [6] أنه كان يدعو عقب الصلاة فيتعوذ من يوم الثلاثاء، ويوم العورة، فسئل عن ذلك فقال: أما يوم الثلاثاء فيلتقي فتيان من المسلمين فيقتل بعضهم بعضا، ويوم العورة إن النساء من المسلمات يسبين فيكشف عن سوقهن، فأيتهن أعظم ساقا اشتريت على عظم ساقها، فدعوت أن لا يدركني هذا الزمان، ولعلكم تدركونه، قال: فقتل عثمان وأرسل معاوية ابن أبي أرطاة [7] إلى اليمن، فسبى نساء من

_ [1] ابن حجر- الاستيعاب 2/853. [2] عبد الرحمن بن مل بن عمرو النهدي: أدرك الجاهلية وأسلم على عهد رسول الله صلّى الله عليه وسلم، صدق إليه ولم يلقه، روى عن عمر وعلي وسعد وسعيد وطلحة وابن مسعود وغيرهم، مات سنة 100 هـ وهو ابن ثلاثين ومائة. (التهذيب 6/277- 278) . [3] في الأصل: كلام تم كشطه بمقدار سطر نتيجة خطا وليس في الكلام نقص كما يتضح من النسخ الأخرى. [4] طبقات ابن سعد 7/98، و 7/68 ط دار الكتب العلمية. [5] في ع: أبو البخاري، وهو تحريف. أبو البختري: سعيد بن فيروز الطائي بالولاء روى عن أبيه وابن عباس وابن عمر وأبي سعيد وغيرهم، كان من أفاضل أهل الكوفة، كان كثير الحديث، قتل مع ابن الأشعث في الجماجم سنة 83 هـ. (التهذيب 4/72- 73) . [6] أبو ذر الغفاري: جندب بن جنادة بن قيس، روى عن النبي صلّى الله عليه وسلم، وعن أنس بن مالك وابن عباس وخالد بن وهبان وغيرهم، قال النزال بن سبرة عن علي مرفوعا: ما أظلت الخضراء ولا أقلت الغبراء من ذي لهجة أصدق من أبي ذر، وكان يوازي ابن مسعود في العلم، ومناقبه وفضائله كثيرة جدا مات بالربذة سنة اثنتين وثلاثين. (التهذيب 12/90) . [7] ابن أبي أرطاة: بسر بن أرطاة، ويقال ابن أبي أرطاة القرشي العامري الشامي، قال ابن عساكر: سكن دمشق وشهد صفين مع معاوية، ولاه معاوية اليمن، وكانت له بها آثار غير محمودة، وكان معاوية وحهه

المسلمات، فأقمن بالسوق [1] . وأخرج عن مجاهد قال: لا ترون الفرج حتى يملك أربعة كلهم من صلب رجل واحد، فاذا كان ذلك فعسى. وقال: حدثنا أبو أسامة عن هشام عن ابن سيرين قال: المهدي من هذه الأمة، وهو الذي يؤم عيسى بن مريم عليه السلام. وقال: حدثنا أبو أسامة [2] عن عوف عن محمد قال: يكون في هذه الأمة خليفة لا يفضل عليه أبو بكر ولا عمر [3] . وقال: حدثنا ابن علية عن منصور بن عبد الرحمن عن الشعبي قال: لم يشهد الجمل من أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلم من المهاجرين والأنصار إلا عليّ وطلحة والزبير وعمّار، فان جاؤوا بخامس فأنا كذاب./ وأخرج عن سالم بن أبي الجعد قال: إذا لبس الإنسان الثوب الجديد فقال: اللهم اجعلها [4] ثيابا مباركة، نشكر فيها نعمتك، ونحسن فيها عبادتك، ونعمل فيها بطاعتك، لم تجاوز ترقوته حتى يغفر له. حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن ثابت بن عبيد [5] قال: كان زيد بن ثابت من أفكه الناس إذا خلا مع أهله، وأزمته إذا جلس مع القوم [6] . حدثنا وكيع، حدثنا موسى بن علي عن أبيه، قال: جاء أعمى ينشد الناس في زمان عمر، يقول: [الرجز] يا أيها الناس لقيت منكرا ... هل يعقل الأعمى الصحيح المبصرا ضرّا معا كلاهما تكسّرا قال وكيع: كانوا يرون أن رجلا صحيحا كان يقود أعمى فوقعا في بئر، فوقع عليه، فاما قتله وإما جرحه، فضمّن الأعمى. حدثنا وكيع عن سفيان عن النعمان بن المغيرة، عن هاني بن حرام: أن رجلا وجد مع امرأته رجلا فقتلها [7] ، فكتب فيه إلى عمر، فكتب عمر فيه كتابين، كتابا في العلانية: يقتل، وكتابا في السر: تؤخذ منه الدية.

_ إلى اليمن والحجاز سنة أربعين وأمره أن يتقرا من كان في طاعة علي فيوقع بهم، ففعل بمكة والمدينة واليمن أفعالا قبيحة، وكان ممن قتلهم عبد الرحمن وقثم ابني عبيد الله بن عباس، وكان قد وسوس في آخر أيامه، مات سنة 86 هـ. (التهذيب 1/435- 436) . [1] الاستيعاب 1/161. [2] في ط: أبو أسامة عن هشام عن عوف. [3] الذهبي- الميزان 2/229. [4] كلمة (اجعلها) خرجة من حاشية ع. [5] ثابت بن عبيد الأنصاري: شهد بدرا وصفين مع علي بن أبي طالب وقتل بها. (الاستيعاب 1/204) . [6] الاستيعاب 1/549. [7] في ب: فقتلهما.

حدثنا عبد الوهاب الثقفي عن أبي قلابة [1] قال: ما قتل على عهد رسول الله صلّى الله عليه وسلم، ولا أبي بكر، ولا عمر، رجل من المسلمين إلا في زنى أو قتل، أو حارب الله ورسوله. حدثنا وكيع، حدثنا مسعر عن عبد الملك بن ميسرة، عن النزال بن سبرة [2] /قال: كتب عمر إلى أمراء الأجناد أن لا تقتل نفس دوني. حدثنا حفص عن أشعث عن ابن سيرين قال: كان لا يقضى في دم دون أمير المؤمنين. حدثنا عيسى بن يونس، عن أبي بكر عن عبد الله بن أبي مريم، عن حمزة بن حبيب [3] قال: قضى رسول الله صلّى الله عليه وسلم على ابنته فاطمة بخدمة البيت، وقضى على عليّ بما كان خارجا من البيت من الخدمة [4] . حدثنا أبو بكر بن عياش، عن عبد العزيز بن رفيع، عن ابن أبي مليكة [5] قال: قضى رسول الله صلّى الله عليه وسلم بالشفعة في كل شىء في الأرض والدار والجارية والدابة، فقال عطاء: وإنما الشفعة في الأرض والدار، فقال ابن أبي مليكة: تسمعني- لا أمّ لك- أقول: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم، وتقول هذا. وأخرج عن طارق بن شهاب [6] قال: كان بين خالد بن الوليد وبين سعد كلام، فتناول رجل خالدا عند سعد، فقال سعد: مه فان ما بيننا لم يبلغ ديننا. حدثنا عبدة بن سليمان، عن هشام بن عروة قال: قرأت رسائل النبي صلّى الله عليه وسلم، كلما انقضت قصة قال: أما بعد./

_ [1] أبو قلابة: عبد الله بن زيد بن عمرو الجرمي البصري، أحد الأعلام، روى عن ثابت بن الضحاك الأنصاري وسمرة بن جندب وعمرو بن سلمة وغيرهم، ذكره ابن سعد في الطبقة الثانية من أهل البصرة، قال: كان ثقة كثير الحديث، أرادوه على القضاء فهرب إلى الشام ومات بها سنة 104 هـ. (التهذيب 5/225- 226) . [2] النزال بن سبرة الهلالي: من كبار التابعين الذين رأوا رسول الله صلّى الله عليه وسلم. (الاستيعاب 3/1524، ابن سعد 6/84) . [3] حمزة بن حبيب بن عمارة الزيات القارئ: أبو عمارة الكوفي، روى عن أبي إسحاق السبيعي، وأبي إسحاق الشيباني، والأعمش وغيرهم كان من علماء زمانه بالقراءات، وكان من خيار عباد الله عبادة وفضلا وورعا ونسكا، كان يجلب الزيت من الكوفة إلى حلوان، ذكره ابن حبان في الثقات، مات بحلوان سنة 58 هـ (التهذيب 3/27- 28) . [4] ابن حجر- المطالب العالية 2/39. [5] عبد الله بن أبي مليكة التيمي المكي: قاض من رجال الحديث الثقات، ولاه ابن الزبير قضاء الطائف، توفي سنة 17 هـ (تهذيب التهذيب 5/306، المعارف ص 209) . [6] طارق بن شهاب بن عبد شمس البجلي: أبو عبد الله، من الغزاة، أدرك النبي صلّى الله عليه وسلم وغزا في خلافة أبي بكر وعمر ثلاثا وثلاثين غزوة، له أحاديث عن الصحابة، سكن الكوفة وتوفي سنة 83 هـ. (الإصابة ت 4219، الجمع بين رجال الصحيحين ص 234) .

حدثنا عمر بن سعد، عن سفيان، عن جعفر بن برقان [1] عن عمر بن عبد العزيز، أنه كتب في رسالته: أما بعد، ثم قال: كان في رسائل النبي صلّى الله عليه وسلم: أما بعد. وأخرج عن قتادة قال. قال رجل لأبي الأسود [2] يا لوطي، قال: يرحم الله لوطا، ولم يزده شيئا. حدثني حسين بن علي، عن أبي موسى، قال: كتب زياد إلى عائشة أم المؤمنين: من زياد بن أبي سفيان، رجاء أن تكتب إليه ابن أبي سفيان، فكتبت: من عائشة أم المؤمنين إلى زياد ابنها [3] . حدثني أبو أسامة، أخبرنا مجالد، أخبرنا عامر قال: سمعت معاوية يقول: ما تفرقت أمة قط، إلا أظهر الله الباطل على أهل الحق، إلا هذه الأمة. حدثنا أبو أسامة عن أبي جعفر قال: سمع ابن سيرين رجلا يسب الحجاج، فقال ابن سيرين: إن الله حكم عدل، يأخذ للحجاج ممن ظلمه، كما يأخذ لمن ظلم الحجاج [4] . وأخرج عن الشعبي قال: ما علمت أن أحدا انتصف من شريح [5] ، إلا أعرابي قال له شريح: إن لسانك أطول من يدك، فقال له الأعرابي: أسامري أنت فلا تمسّ، قال له شريح: أقبل قبل أمرك، قال: ذلك أهلني إليك، فلما أراد أن يقوم قال له شريح: إني لم أردك بقولي، فقال: ولا اجترمت عليك. وأخرج عن الأعمش قال: كان معاذ شابا آدم وضّاح الثنايا، إذا جلس مع أصحاب النبي صلّى الله عليه وسلم، رأوا له ما يرون للكهل [6] . وأخرج عن أبي سعيد الخدري، أن ناسا كانوا عند فسطاط عائشة بمكة، فمر عثمان، قال أبو سعيد: فما بقي/ أحد منهم إلا لعنه أو سبّه غيري، وكان فيهم رجل من أهل الكوفة، فكان عثمان على الكوفي أجرأ منه على غيره، فقال: يا كوفي، أتشتمني أقدم المدينة، كأنه يتهدده، فقيل: عليك بطلحة [7] ، فانطلق معه طلحة حتى أتى عثمان، قال عثمان: والله لأجلدنّك مائة، فقال طلحة: والله لا تجلده مائة إلا أن يكون زانيا، قال: لأحرمنّك عطاءك، فقال طلحة: إن الله سيرزقه.

_ [1] جعفر بن برقان: صاحب ميمون بن مهران، من علماء أهل الرقة، روى عنه وكيع، ثقة ضابط لحديث ميمون، توفي سنة 154 هـ. (الذهبي- الميزان 1/403) . [2] أبو الأسود: ظالم بن عمرو بن سفيان الدؤلي الكناني، واضع علم النحو، كان معدودا من الفقهاء، توفي في البصرة سنة 69 هـ. (وفيات الأعيان 1/240، الإصابة ت 4322، خزانة الأدب 1/256- 276) . [3] طبقات ابن سعد 7/100. [4] حلية الأولياء 2/271. [5] شريح بن الحارث الكندي من أشهر القضاة الفقهاء في صدر الإسلام توفي سنة 78 هـ، سبقت ترجمته. [6] الرواية مع خلاف في السند في الحلية 5/120. [7] طلحة بن عبيد الله بن عثمان التيمي القرشي صحابي من الأجواد، وهو أحد العشرة المبشرين بالجنة والسابقين إلى الإسلام قتل يوم الجمل سنة 36 هـ. (تهذيب التهذيب 5/20، صفة الصفوة 1/130، حلية الأولياء 1/87) .

وأخرج عن سالم بن أبي الجعد [1] قال: كتب أصحاب محمد صلّى الله عليه وسلم عيب عثمان، فقالوا: من يذهب به إليه، فقال عمّار [2] : أنا، فذهب به إليه، فلما قرأه قال: أرغم الله بأنفك، فقال عمّار: وبأنف فلان وفلان، فقام فوطئه حتى غشي عليه، ثم بعث إليه الزبير [3] وطلحة فقال له: اختر إحدى ثلاث، إما أن تعفو، وإما أن تأخذ الإرش [4] ، وإما أن تقتص، فقال عمّار: لا أقبل منهن شيئا حتى ألقى الله. حدثنا مالك بن إسماعيل عن كامل بن حبيب، قال: كان العباس أقرب شحمة أذن إلى السماء [5] . وأخرج عن النعمان قال: كتب عمر ألى معاوية: الزم الحق يلزمك الحق [6] . وأخرج عن عبد الملك بن عمير [7] قال، قال عمر: نستعين بقوة المنافق وإثمه عليه. وأخرج عن حمزة أبي عمارة قال، قال عمر بن عبد العزيز لعبيد الله بن عبد الله: ما لك وللشعر؟ قال: هل يستطيع المصدور إلا أن ينفث [8] ./ حدثنا مطلب بن زياد عن جابر عن أبي جعفر قال: مرّ رسول الله صلّى الله عليه وسلم بالحسن والحسين وهو حاملهما على مجلس من مجالس الأنصار، فقالوا: يا رسول الله، نعم المطية، قال: (ونعم الراكبان) [9] . وأخرج عن إبراهيم النخعي، قال: كانوا إذا رأى أحدهم في منامه ما يكره قال: أعوذ بما عاذت به ملائكة الله ورسله من شر ما رأيت في منامي، أن يصيبني منه شىء أكرهه في الدنيا والآخرة [10] . حدثنا عبيدة بن حميد عن منصور عن ربعي بن حراش قال: قال عبد الله بن رواحة [11] : اللهم إني أسألك قرة عين لا ترتد، ونعيما لا ينفد، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: (ليس من هاتين

_ [1] سالم بن أبي الجعد: توفي في خلافة عمر بن عبد العزيز. (طبقات العصفري ص 157) . [2] عمار بن ياسر بن عامر بن مالك: أبو اليقظان مولى بني مخزوم، روى عن النبي صلّى الله عليه وسلم، وحذيفة بن اليمان، توفي سنة 37 هـ. (التهذيب 7/408) . [3] الزبير بن العوام بن خويلد بن أسد الأسدي القرشي: حواري رسول الله صلّى الله عليه وسلم توفي سنة 36 هـ. (التهذيب 3/318) . [4] الإرش: الشجّة ونحوها، ودية الجراحة، وما يسترد من ثمن البيع إذا ظهر فيه عيب. [5] طبقات ابن سعد 4/23. [6] الحلية 5/307. [7] عبد الملك بن عمير بن سويد اللخمي: الكوفي المعروف بالقبطي، رأى عليا وأبا موسى وروى عن الأشعث توفي سنة 136 هـ. (التهذيب 6/411- 412، الميزان 2/1160) . [8] البيان والتبيين ص 77. [9] محاضرات الأدباء 4/479. [10] المصنف للصنعاني 11/216. [11] عبد الله بن رواحة بن ثعلبة الخزرجي الأنصاري: صحابي من الأمراء الشعراء وهو أحد النقباء، روى عن النبي صلّى الله عليه وسلم، استشهد في معركة مؤتة وكان أحد الأمراء في تلك الوقعة سنة 8 هـ. (التهذيب 5/212) .

شىء في الدنيا [1] . وأخرج عن مسروق قال: كان ابن مسعود إذا اشترى مملوكا قال: اللهم بارك لنا فيه، واجعله طويل العمر، كثير الرزق. حدثنا جرير، عن بيان، عن الشعبي، قال: كلام الناس يوم القيامة السريانية. وأخرج عن ابن عون، قال: كان مسلم بن يسار [2] أرفع عند أهل البصرة من الحسن [3] ، حتى خفّ مع ابن الأشعث، وكف الآخر، فلم يزل الحسن في علو منها، وسقط الآخر. وأخرج عن القاسم قال: كان عبد الله بن مسعود يلبس النبي صلّى الله عليه وسلم نعليه، ويمشي أمامه [4] . وأخرج عن أبي المليح الهذلي قال: كان عبد الله بن مسعود يستر النبي صلّى الله عليه وسلم إذا اغتسل، ويوقظه إذا نام، ويمشي معه في الأرض وحشا [5] ./ وأخرج عن أسلم قال: خطب عمر بن الخطاب الناس، فقال: إني رأيت في منامي ديكا أحمر ينقرني على معقد إزاري ثلاث نقرات، فاستعبرتها إسماء بنت عميس فقالت: إن صدقت رؤياك قتلك رجل من العجم [6] . وأخرج عن أنس قال: رأيت فيما يرى النائم كان عبد الله بن عمر يأكل تمرا، فكتبت إليه: إني رأيتك تأكل تمرا، وهو حلاوة الإيمان، إن شاء الله. حدثنا عفان، حدثنا جرير بن حازم، قال: قيل لمحمد بن سيرين: إن فلانا يضحك، قال: ولم لا يضحك، فقد ضحك من هو خير منه، حدّثت أن عائشة قالت: ضحك رسول الله صلّى الله عليه وسلم من رؤيا قصها عليه رجل ضحكا، ما رأيته ضحك من شىء قط أشد منه، قال محمد: وقد علمت ما الرؤيا وما تأويلها، رأى كأن رأسه قطع، قال: فذهب يتبعه، فالرأس النبي صلّى الله عليه وسلم، والرجل يريد أن يلحق بعمله عمل الرسول صلّى الله عليه وسلم، وهو لا يدركه [7] . وأخرج عن أنس بن مالك، أن أبا موسى الأشعري [8] قال: رأيت في المنام كأني

_ [1] مسند أحمد بن حنبل 6/129. [2] مسلم بن يسار الأموي بالولاء: فقيه ناسك من رجال الحديث، سكن البصرة فكان مفتيها، توفي سنة 158 هـ. (التهذيب 10/140، الحلية 2/290) . [3] هو الحسن البصرى: الحسن بن يسار، تابعي أحد الفقهاء الفصحاء النساك، كان عظيم المكانة يدخل على الولاة والأمراء فيأمرهم وينهاهم، توفي سنة 110 هـ. (حلية الأولياء 2/131 ميزان الاعتدال 1/254) . [4] طبقات ابن سعد 3/153. [5] في حاشية ب: وحشا أي منفردا. والخبر في طبقات ابن سعد 3/153. [6] الطبقات 3/330. [7] المطالب العالية 3/32. [8] أبو موسى الأشعري: عبد الله بن قيس بن سليم، قيل قدم مكة قبل الهجرة فأسلم ثم هاجر إلى الحبشة، روى عن النبي صلّى الله عليه وسلم، وعن أبي بكر وعمر وعلي وابن عباس، استعمله النبي على زبيد وعدوان، واستعمله عمر على الكوفة، كان حسن الصوت في التلاوة، جيد الحديث، توفي سنة 44 هـ. (التهذيب 5/362) .

أخذت جوادّ كثيرة [1] فسلكتها حتى انتهيت إلى جبل، فاذا رسول الله صلّى الله عليه وسلم فوق الجبل، وأبو بكر إلى جنبه، وجعل يومئ بيده إلى عمر، فقلت: إنّا لله وإنّا إليه راجعون، مات والله عمر، فقلت ألا تكتب به إلى عمر، فقال: ما كنت/ لأنعي إلى عمر نفسه [2] . وأخرج عن أيوب [3] قال: سأل رجل محمد بن سيرين: رأيت كأني آكل خبيصا في الصلاة، فقال: الخبيص حلال، ولا يحل لك الأكل في الصلاة، فقال له: تقبّل امرأتك وأنت صائم؟ قال نعم، قال: فلا تفعل. حدثنا أسود بن عامر، حدثنا بكير بن أبي السمط قال: سمعت محمد بن سيرين وسئل عن رجل رأى في المنام كأن معه سيفا مخترطا، فقال: ولد ذكر، قال: اندق السيف، قال: يموت، قال: وسئل عن الحجارة في النوم، فقال: قسوة، وسئل عن الخشب في النوم، فقال: نفاق. وأخرج عن كعب قال: لكل زمان ملوك، فاذا أراد الله بقوم خيرا بعث فيهم مصلحيهم، وإذا أراد بقوم شرا بعث فيهم مترفيهم [4] . حدثنا أسود بن عامر، حدثنا حماد بن سلمة، عن علي بن زيد، عن سعيد بن المسيب قال: قد بلغت ثمانين سنة، وأنا أخوف ما أخاف عليّ النساء. حدثنا يزيد بن هارون عن عبد الملك، عن عطاء [5] قال: كان يكره أن يدع السراج حتى يصبح. حدثنا ابن إدريس عن إسماعيل عن الشعبي قال: قرأ القرآن في عهد النبي صلّى الله عليه وسلم أبيّ ومعاذ وزيد وأبو زيد وأبو الدرداء وسعيد بن عبيد، ولم يقرأه أحد من الخلفاء من أصحاب النبي صلّى الله عليه وسلم إلا عثمان، وقرأه جارية بن مجمع، إلا سورة أو سورتين [6] . حدثنا معاذ بن معاذ، حدثنا ابن عون، حدثنا رجل/ من بني زريق قال: أقطع أبو بكر طلحة أرضا، وكتب له كتابا، وأشهد به شهودا، منهم عمر، فأتى طلحة عمر بالكتاب، فقال: اختم على هذا، قال: لا أختم عليه، هذا لك دون الناس، فانطلق طلحة وهو مغضب، فأتى أبا بكر فقال: والله ما أدري أنت الخليفة أو عمر، قال: لا بل عمر، ولكنه أبى [7] .

_ [1] جواد: جمع جادة، والجادة وسط الطريق، والطريق الأعظم الذي يجمع الطرق. [2] الرواية باختلاف في طبقات ابن سعد 3/332. [3] أيوب بن كيسان السختياني: روى عن حميد بن هلال وأبي قلابة، وعنه الأعمش وقتادة، توفي سنة 131 هـ. (التهذيب 1/398) . [4] حلية الأولياء 6/30. [5] عطاء: هو عطاء بن أبي رباح، روى عن ابن عباس وابن عمر وابن الزبير وغيرهم، كان فقيها ثقة عالما كثير الحديث، انتهت إليه الفتوى بمكة، توفي سنة 114 هـ. (التهذيب 7/199- 203) . [6] الخبر في طبقات ابن سعد 2/355. [7] رسالة الصداقة والصديق- أبو حيان التوحيد ص 129.

حدثنا وكيع، حدثنا مسعر عن معن بن عبد الرحمن قال: غزا رجل نحو الشام يقال له شيبان، وله أب شيخ كبير، فقال أبوه في ذلك شعرا [1] : [الطويل] أشيبان ما يدريك أن ربّ ليلة ... غبقنك فيها والغبوق حبيب أأمهلتني حتى إذا ما تركتني ... أرى الشخص كالشخصين وهو قريب [2] أشيبان إن تأبى الجيوش بحدّهم ... يقاسون أياما بهنّ خطوب [3] قال: فبلغ ذلك عمر فرده. وأخرج عن عاصم بن عمر، قال: كان عمر يقول: يحفظ الله المؤمن [4] . كان عاصم بن ثابت بن الأقلح نذر أن لا يمسّ مشركا، ولا يمسه مشرك، فمنعه الله بعد وفاته، كما امتنع منهم في حياته [5] . وأخرج عن عمر قال: في العزلة راحة من خلاط السوء. وأخرج عن عمر قال: لو هلك حمل من ولد الضأن بشاطئ الفرات خشيت أن يسألني الله عنه [6] ./ وأخرج عن أبي البختري قال: قال عليّ لأمه فاطمة بنت أسد: اكفي فاطمة بنت رسول الله صلّى الله عليه وسلم الخدمة خارجا، وسقاية الماء والحاجة، وتكفيك العمل في البيت والعجن والخبز والطحن [7] . وأخرج عن عطاء قال: إن كانت فاطمة لتعجن، وإنّ قصّتها [8] لتكاد تضرب بالجفنة [9] . وأخرج عن قتادة قال: قيل لابن عمر: كان أصحاب النبي صلّى الله عليه وسلم يضحك بعضهم إلى بعض؟ قال: نعم، والإيمان أثبت في قلوبهم من الجبال الرواسي [10] . وأخرج عن نافع قال: كان ابن عمر في طريق مكة يقول [11] برأس راحلته يثنيها [12]

_ [1] الشعر للمخبل السعدي في الأغاني 13/190 ط دار الكتب المصرية و 13/211- 212 ط دار الكتب الحديثة من قصيدة في ثلاثة عشر بيتا. [2] البيت في الأغاني برواية: إذا قال صحبي يا ربيع ألا ترى ... أرى الشخص كالشخصين وهو قريب [3] في ع: إن بات الجيوش. [4] حلية الأولياء 1/111. [5] الحلية 1/111. [6] مصنف ابن أبي شيبة 13/277- 278، الحلية 1/53، 6/138. [7] مصنف ابن أبي شيبة 13/283. [8] مصنف ابن أبي شيبة 13/283. [9] مصنف ابن أبي شيبة 13/286 القصة: الخصلة من الشعر، وشعر مقدم الرأس. [10] مصنف ابن أبي شيبة 13/286، الحلية 3/312. [11] مصنف ابن أبي شيبة 13/286 المصنف للصنعاني 11/451، الحلية 1/311. [12] كذا في النسخ (يقول) ولعلها (يقود) ، وفي الحلية 1/310: (يأخذ) .

ويقول: لعل خفّا يقع على خفّ، يعني خف راحلة النبي صلّى الله عليه وسلم. وأخرج عن أنس قال: ما التقى رجلان من أصحاب محمد صلّى الله عليه وسلم فافترقا حتى يدعوان يدعوى، أو يذكران الله. وأخرج عن حذيفة قال: وددت أنّ لي إنسانا يكون في مالي، ثم أغلق عليّ بابا فلا يدخل عليّ أحد حتى ألحق بالله [1] . وأخرج عن الأعمش قال: قال لي خيثمة [2] : تجلس أنت وإبراهيم في المسجد، ويجتمع عليك، قد رأيت الحارث بن قيس [3] إذا اجتمع عنده رجلان قام وتركهما. حدثنا عفان، حدثنا حماد بن سلمة، أخبرنا ثابت: أن مطرفا [4] قال: لو وزن رجاء المؤمن وخوفه، ما رجح أحدهما على صاحبه [5] . حدثنا شاذان عن هدي عن غيلان بن جرير عن مطرف قال: عقول الناس على قدر زمانهم [6] . وأخرج عن إبراهيم قال: كان يقال يكره أن يقول الرجل: لا بحمد الله. وأخرج عن محمد بن سيرين قال: كانوا يقولون: أكرم ولدك وأحسن أدبه. وأخرج عن الزهري، أنه قيل له: أيكنّى الرجل قبل أن يولد له؟ قال: كان رجال من أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلم يكتنون قبل أن يولد لهم. وأخرج عن عاصم قال: كان أبو العالية [7] إذا جلس إليه أكثر من أربعة قام [8] . حدثنا إسماعيل بن علية عن حجاج الصواف، حدثني يحيى بن أبي كثير قال: بلغني أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم كان يقول: (إذا مرّ أحدكم بهدف مائل فليسرع المشي، وليسأل الله المعافاة) . حدثنا وكيع عن مسعر، عن عون قال: كان النبي صلّى الله عليه وسلم لا يضحك إلا تبسما، ولا يلتفت إلا معا [9] . وأخرج عن مكحول أنه كان يكره النوم بعد العصر، وقال: يخاف على صاحبه منه الوسواس.

_ [1] يثنيها. ساقطة من ب، ط. والرواية في مصنف ابن أبي شيبة 13/328. [2] مصنف ابن أبي شيبة 13/279- 280، الحلية 1/287. [3] خيثمة بن عبد الرحمن بن أبي سبرة، روى عن أبيه، وعن علي بن أبي طالب توفي سنة 80 هـ. (التهذيب 3/178) . [4] الحارث بن قيس الجعفي الكوفي: روى عن ابن مسعود وعلي بن أبي طالب، توفي في ولاية معاوية. (التهذيب 2/154) . [5] مطرف بن عبد الله بن الشخير الحرشي العامري، زاهد من كبار التابعين ثقة فيما رواه من الحديث، توفي في البصرة سنة 87 هـ. (التهذيب 10/174) . [6] بهجة المجالس 1/378. (41) الحلية 2/203، بهجة المجالس 1/542. [7] أبو العالية: البراء اسمه زياد روى عن ابن عباس وابن عمر، وله أحاديث صحيحة في البخاري ومسلم والنسائي، توفي سنة 90 هـ (مقدمة في أصول التفسير- ابن تيمية ص 45) . [8] حلية الأولياء 2/218. [9] طبقات ابن سعد 2/182- 183، الزهد والرقائق ص 47.

حدثنا الفضل بن دكين، عن موسى بن أبي علي [1] عن أبيه: أن رجلا اكتنى بأبي عيسى، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: (إن عيسى لا أب له) [2] . وأخرج عن أسلم أن عمر ضرب ابنا له اكتنى بأبي عيسى، وقال: إن عيسى ليس له أب [3] /. وأخرج عن مسروق قال: كان رجل بالبادية له كلب وحمار وديك، فالديك يوقظهم للصلاة، والحمار ينقلون عليه الماء وينتفعون به ويحمل لهم خباء هم، والكلب يحرسهم، فجاء ثعلب فأخذ الديك، فحزنوا لذهاب الديك، وكان الرجل صالحا فقال: عسى أن يكون خيرا، فمكثوا ما شاء الله، ثم جاء ذئب فشق بطن الحمار فقتله، فحزنوا لذهاب الحمار، فقال الرجل: عسى أن يكون خيرا، ثم مكثوا بعد ذلك ما شاء الله، ثم أصيب الكلب، فقال الرجل: عسى أن يكون خيرا، فلما أصبحوا نظروا، فاذا هو قد سبي من حولهم ويقوا هم، قال: فانما أخذ أولئك بما كان عندهم من الصوت، ولم يكن عند أولئك شىء يجلب، قد ذهب كلبهم وحمارهم وديكهم. وأخرج عن عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه: أنه نهى البريد أن يجعل في طرف السوط حديدة ينخس بها الدابة [4] . وأخرج عن مطرف أنه كان يقول: لو كان الخير في كفّ أحدنا ما استطاع أن يفرغه في قلبه. حدثني أبو خالد الأحمر، حدثني من لا أتهم عن ابن منبه، أنه جلس هو وطاووس ونحوهم من أهل ذلك الزمان، فذكروا: أيّ أمر الله أسرع، فقال بعضهم: قول الله كَلَمْحِ الْبَصَرِ أَوْ هُوَ أَقْرَبُ [5] ، وقال بعضهم: السرير حين أتي به سليمان، فقال ابن منبه: أسرع أمر الله أن يونس على حافة السفينة إذ أوحى الله إلى نون من نيل مصر، قال: فما خرّ من حافتها إلا في جوفه [6] . وأخرج عن الحسن قال: اطلب العلم طلبا لا يضر بالعبادة، واطلب العبادة طلبا/ لا يضر بالعلم، فان من عمل بغير علم كان ما يفسد أكثر مما يصلح. وأخرج عن الحسن قال: إذا رأيت الرجل ينافس في الدنيا، فنافسه في الآخرة [7] . حدثني الفضل بن دكين، عن موسى بن قيس، عن سلمة بن كهيل [8] قال: لو كان المؤمن على قصبة في البحر لقيّض الله له من يؤذيه. وأخرج عن كعب قال: والله ما استقر لعبد ثناء في الأرض، حتى يستقر في أهل السماء.

_ [1] موسى بن علي بن رباح توفي سنة 163 هـ. (طبقات العصفري ص 296) . [2] مصنف ابن أبي شيبة 13/284. [3] مختصر سنن أبي داود- سليمان السجستاني 7/259. [4] مصنف ابن أبي شيبة 13/471. [5] سورة النحل الآية 77، وتمام الآية: وَما أَمْرُ السَّاعَةِ إِلَّا كَلَمْحِ الْبَصَرِ أَوْ هُوَ أَقْرَبُ. [6] الحلية 4/50. [7] أمالي المرتضى 1/158. [8] سلمة بن كهيل: حضرمي توفي سنة 122 هـ. (طبقات العصفري ص 163) .

وأخرج عن كلثوم بن جبر [1] قال: كان التميمي بالبصرة يقول: فقه الحسن، وورع محمد بن سيرين، وعبادة طلق بن حبيب، وحلم يسار [2] . وأخرج عن أبي عبيدة قال: إن الحكم العدل ليسكّن الأصوات عند الله، وإن الحكم الجائر يكثر منه الشكاة إلى الله. وأخرج عن إبراهيم التيمي أنه بكى من مرضه، فقالوا له: يا أبا مران ما يبكيك؟ فقال: كيف لا أبكي وأنا أنتظر رسولا من ربي يبشرني إما بهذه، وإما بهذه [3] . وأخرج عن الأعمش قال: كان إبراهيم يقرأ في المصحف، فاذا دخل عليه إنسان غطاه، وقال: لا يراني أقرأ فيه كل ساعة [4] . وأخرج عن إبراهيم قال: من ابتغى شيئا من العلم يبتغي به الله آتاه الله منه ما يكفيه. وأخرج عن قتادة: أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم غزا تسع عشرة، قاتل في ثمان، يوم بدر، ويوم أحد، ويوم الأحزاب، ويوم قديد، ويوم خيبر، ويوم فتح مكة، ويوم ماء لبني المصطلق، ويوم حنين [5] ./وأخرج عن سعيد بن المسيب قال: قتل يوم بدر خمسة رجال من المهاجرين من قريش: مهجع مولى عمر، فجعل يقول: أنا مهجع، وإلى ربي أرجع، وقتل ذو الشمالين، وابن البيضاء، وعبيدة بن الحارث، وعامر بن أبي وقاص [6] . وأخرج عن عائشة، قالت: ما كان أحد أشد فقدا على المسلمين بعد رسول الله صلّى الله عليه وسلم وصاحبيه من سعد بن معاذ. وأخرج عن عبد الرحمن بن الأسود قال: إني أشم الريحان أذكر به الجنة. وأخرج عن عمرو بن قيس قال: إن الله ليأمر في الأرض بالعذاب، فتقول الملائكة: يا رب فيهم الصبيان. وأخرج عن إسماعيل بن أبي خالد قال: أصابت بني إسرائيل مجاعة، فمر رجل على رمل فقال: وددت أن هذا الرمل دقيق لي فأطعمه بني إسرائيل، فأعطي على نيته. وأخرج عن ابن عون قال: كان أهل الخير إذا التقوا يوصي بعضهم بعضا بثلاث وإذا غابوا كتب بعضهم إلى بعض بثلاث: من عمل لآخرته كفاه الله دنياه، ومن أصلح ما بينه وبين الله كفاه الله الناس، ومن أصلح سريرته أصلح الله له علانيته [7] . وأخرج عن محمد بن سيرين قال: كنا عند أبي عبيدة بن حذيفة، فأتاه رجل فجلس معه على فراشه، فسارّه بشىء لم أفهمه، فقال له أبو عبيدة: تبخل بأصبع من أصابعك في

_ [1] كلثوم بن جبر: أبو محمد المصري، روى عن عبد الله بن الزبير توفي سنة 130 هـ. (التهذيب 8/442) . [2] الحلية 3/64. [3] الحلية 4/224. [4] الحلية 4/224. [5] ورد الخبر باسناد مختلف في صحيح البخاري 8/282. [6] طبقات ابن سعد 3/150. [7] حلية الأولياء 4/247.

نار الدنيا/ وتسألني أن أجعل جسدي كله في نار جهنم، قال: فظننا أنه دعاه إلى القضاء [1] . وأخرج عن ابن محيريز قال: أدركت الناس وأذا مات فيهم الميت من المسلمين قالوا: الحمد لله الذي توفاه على الإسلام، ثم انقطع ذلك، فليس أحد اليوم يقول ذلك [2] . حدثنا ابن المبارك عن معمر عن الزهري: أن النبي صلّى الله عليه وسلم مرّ بأعرابي يبيع شيئا فقال: (عليك بأول السوم، فان الربح مع السماح) [3] . في تاريخ ابن عساكر، عن عبد الرحمن بن أبي بكرة قال: أنا أنعم الناس، أنا أبو أربعين، وعم أربعين، وخال أربعين، وأبي أبو بكرة، وعمي زياد، وأنا أول مولود ولد بالبصرة. روى الطبراني في الكبير عن المطلب بن عبد الله قال: لما أحيط بالحسين بن علي رضي الله عنهما قال: ما اسم هذا الموضع، قالوا: كربلاء، قال: صدق رسول الله صلّى الله عليه وسلم، هي كرب وبلاء [4] . في الإصابة عن الزهري قال: تزوج الحكم بن كيسان، وكان صحابيا آمنة بنت عفان أخت عثمان، وكانت ماشطة [5] . روى ابن عساكر من طريق البيهقي عن الحاكم، سمعت عبد الصمد بن محمد البخاري يقول: سمعت أبا بكر بن حرب شيخ أهل الرأي في بلدنا يقول: كنت عند حاتم العتكي، فدخل عليه شيخ من أهل الرأي، فقال: أنت الذي تروي/ أن النبي صلّى الله عليه وسلم أمر بقراءة فاتحة الكتاب خلف الإمام، فقال: قد صح الحديث عن النبي صلّى الله عليه وسلم في ذلك، فقال له: كذبت، إن فاتحة الكتاب لم تكن في عهد النبي صلّى الله عليه وسلم، إنما نزلت في عهد عمر بن الخطاب. عن هشام بن الغاز قال: هذه أول حكمة فارس، أدنى عمل خير من الفراغ، والفراغ خير من عمل السوء، عدو حكيم خير من صديق أحمق، والوحدة خير من جليس السوء، والجليس الصالح خير من الوحدة، ما يفعل الحكيم بعدوه خير ما يفعل الأحمق بنفسه [6] . عن الأوزاعي قال: تجنبت من أقاويل أهل العراق خمسا، ومن أقاويل أهل الحجاز خمسا، نترك من قول أهل العراق [7] شرب النبيذ المسكر، والأكل في الفجر في شهر رمضان، ولا جمعة إلا في سبعة أمصار، وتأخير صلاة العصر حتى يكون ظل

_ [1] عيون الأخبار 1/65. [2] حلية الأولياء 5/142. [3] عيون الأخبار 3/250، بهجة المجالس 1/134. [4] كربلاء: الموضع الذي قتل فيه الحسين رضي الله عنه في طرف البرية عند الكوفة. (معجم البلدان: كربلاء) . [5] الإصابة 1/347. [6] بهجة المجالس 1/48، عيون الأخبار 3/280 مع خلاف يسير. [7] في ب، ش، ل: أقاويل أهل العراق.

في تاريخ الصلاح الصفدي

كل شىء أربعة أمثاله، والفرار يوم الزحف، ومن أقاويل أهل الحجاز: استماع الملاهي، والجمع بين الصلاتين من غير عذر، والمتعة بالنساء، والدرهم بالدرهمين، والدينار بالدينارين يدا بيد، وإتيان النساء في أدبارهن، أخرجه ابن عساكر. في تاريخ الصلاح الصفدي حكى ابن صاحب الصلاة عن بعض الصالحين أنه رأى أبا بكر محمد بن محمد اليعمري الأبّذي في النوم بعد موته، فقال له: كيف حالك وما لقيت من ربك فأنشده بيتين لم يسمعا قبل، وهما [1] : [البسيط] من سره العيش في الدنيا بخلقة من ... يصور الخلق في الأرحام كيف يشا [2] فليحزن اليوم حزنا تحت سطوته ... معلّلا يمتطي جمر الغضا فرشا [3] قال القاضي أبو القاسم محمد بن محمد بن نوح الغافقي قاضي بلنسية [4] مات سنة أربع عشرة وست مائة [5] : [السريع] لا تغبطنّ كلّ موفور الغنى ... مشتمل ملابس العظمه يلمز لا يستنّ إلا بما ... يحويه من أكياسه المفعمه [6] فالله قد أخبر عن مثله ... قال في آياته المحكمه [7] يحسب أنّ ماله أخلده ... كلا لينبذنّ في الحطمه [8] نظم الصاحب تاج الدين حنا يوما [9] : [الطويل] توافي الجمال الفائزيّ وإنه ... لخير صديق كان في زمن العسر وأمر السراج الوراق باجازته فقال: [الطويل] فيا ربّ عامله بألطافك التي ... يكون بها في الفائزين لدى الحشر

_ [1] الصفدي: الوافي بالوفيات 1/214 تحقيق هلموت ريتر، ط فسبادن 1992. [2] العيث: الفساد. [3] في الوافي: حزنا قبل سطوته مغللا. [4] بلنسية: مدينة مشهورة بالأندلس، متصلة بحوزة كورة تدمير وهي شرقي تدمير وشرقي قرطبة، وهي برية بحرية. (ياقوت: بلنسية) . [5] الوافي بالوفيات 1/216. [6] يستن: يمضي على وجهه. (اللسان: سنن) . [7] في النسخ والوافي: أخبر عن أمثاله، ولا يستقيم بها الوزن، ولعل الصواب ما أثبتناه. [8] سورة الهمزة 4. في ط: أن خالدا أخلده. [9] الوافي 1/220.

قال بعضهم في عدم الشماتة بالموت: [الطويل] تشفّى بشيء لا يصيبك مثله ... وإلا فشىء أنت وارده فلا جمع بعض المجالس نفرا من الفضلاء، فقالوا لأبي الحسن محمد بن أحمد بن رامين: أجز قول مجنون بني عامر [1] : [الطويل] أقول لظبي مرّ بي وهو راتع ... أنت أخو ليلى فقال يقال فارتجل على النفس: [الطويل] فقلت يقال المستقيل من الهوى ... إذا مسّه ضرّ فقال يقال فعجب القوم من حدة ذهنه وإسراعه في تجنيس القافية. ووقف على ذلك بعض المتأخرين فقال: فقلت أمن ظلّ الأراكة بالحمى ... يقال ويستشفى فقال يقال [2] بعضهم: [الكامل] لا تطلبنّ معيشة بمذلّة ... فليأتينّك رزقك المقدور واعلم بأنّك نائل كلّ الذي ... لك في الكتاب محبّر مسطور [3] والله ما زاد امرأ في رزقه ... حرص ولا ضرّ امرأ تقصير وقال ابن الرومي واسمه علي بن العباس، وكان شاعر وقته، هو والبحتري [4] : [البسيط] ومستقر على كرسيه تعب ... روحي الفداء له من منصب تعب [5] رأيته سحرا يقلي زلابية ... في رقّة القشر والتجويف كالقصب كأنما زيته المغليّ حين بدا ... كالكيمياء التي قالوا ولم تصب يلقى العجين لجينا من أنامله ... فيستحيل شبابيكا من الذهب قال الصلاح الصفدي: أحسن الحشو ما في قول المتنبي [6] : [الطويل] وتحتقر الدنيا احتقار مجرّب ... يرى كلّ ما فيها وحاشاك فانيا [7]

_ [1] ديوان المجنون ص 215 تحقيق عبد الستار فراج. [2] في ع: يقال ويستسقي. [3] في ع: محكم مسطور. [4] ديوان ابن الرومي 1/246 ط دار الكتب العلمية، بيروت 1994. [5] في الديوان: من منصب نصب. [6] ديوان المتنبي شرح العكبري 4/290 ط دار المعرفة بيروت. [7] في ع: ويحتقر الدنيا.

وقول أبي بكر بن اللبانة [1] : [الطويل] ويرتاح عند الحمد حتى كأنه ... وحاشاه نشوان يلذّ له شرب وقول أبي حسن الجزار: [الطويل] ويهتزّ عند الجود إن جاء طالب ... كما اهتزّ حاشا وصفه شارب الخمر وقال محمد بن غالب الأصبهاني الكاتب: [مجزوء الرمل] ثمن المعروف شكر ... ويد الأنعام ذخر وبقاء الذكر في الأحي ... اء للأموات عمر وقال القاضي أحمد بن كامل: ما جمع أحد من العلم ما جمع محمد بن موسى البربري، وكان لا يحفظ إلا حديثين، حديث الطائر، وحديث أن عمارا تقتله الفئة الباغية، مات البربري سنة 294 هـ. يقال: إن العاضد خليفة مصر رأى في منامه أن جرت إليه عقرب من مسجد في مصر معروف فلدغته، فقال له عامر: ينالك مكروه من شخص مقيم به، فأمر باحضار من به، فأحضر إليه صوفي، فرآه بصفة العجز عن إيصال مكروه إليه، فأطلقه، فلما استولى السلطان صلاح الدين بن أيوب استفتى الفقهاء في خلع العاضد، فكان أكثرهم مبالغة في الحطّ على العاضد، وأشدهم حضا على خلعه ذاك الصوفي، وكان هو الشيخ نجم الدين الخبوشاني الشافعي الزاهد المشهور، مجير الدين محمد بن يعقوب الأسعردي: [الوافر] أطالع كلّ ديوان أراه ... ولم أزجر عن التضمين طيري أضمّن كلّ بيت فيه معنى ... فشعري نصفه من شعر غيري وقال: [البسيط] انظر إلى الروضة الغنّاء حين بدت ... واعجب إذا الغيم فيها أسبل المطرا بينا تراه خيوطا عند ناظره ... حتى تراه على غدرانها إبرا قال محمد بن مناذر الشاعر البصري، يرثي سفيان بن عيينة: [السريع] إنّ الذي غودر بالمنحنى ... هدّ من الإسلام أركانا يا واحد الأمّة في علمه ... لقّيت من ذي العرش غفرانا لا يبعدنك الله من ميّت ... ورّثنا علما وأحزانا

_ [1] الوافي 4/298.

قال الصفدي: محمد بن وهيب البديهي حضر مجلس بعض الفقهاء في عقد نكاح، فقال له الفقيه: لو كتبت هذا العقد لشاركتنا في الحسنة، فقال له: نعم، كيف تريد ذلك، نظما أو نثرا، فاقترحوه نظما، فقال هات كاتبا، فأملى عليه نظما. ذكر الشروط، والتاريخ، وكل ما له علاقة بالصداق، لم يتردد فيه ولا أبطأ، كأنه يتلوه من حفظه، فبهت القوم، وقال له الفقيه: أمرك والله عجب، كاد لولا المشاهدة لا أصدقه، وركب إلى المنصور بن أبي عامر، فأخبره بالمجلس، وأراه الشعر، فعجب من ذلك، وأمر له بصلة، حملت إليه، وكان عدة ما ارتجله ثلاثين بيتا، منها: [الطويل] لأصدق عبد الله نجل محمد ... فتى أمويّ زوّج البكر مريما [1] وأمهرها عشرين عجّل نصفها ... دنانير يحويها أبوها مسلّما وأنكحها منه أبوها محمد ... سلالة إبراهيم من حيّ خثعما وباقي صداق البكر باق إلى مدى ... ثلاثة أعوام زمانا متمّما مؤخّرة عنه يؤدي جميعها ... إذا لم يكن عند التطلّب معدما ومن شرطها أن لا يكون مرحّلا ... لها أبدا عن دارها حيث يمّما وأن لا يرى حتما بشىء يضيرها ... يصرّف فيه الدهر كفا ولا فما وقال البختري [2] : [الطويل] شكرناك للمعروف والشكر واجب ... ومن يشكر المعروف فالله زائده لكل زمان واحد يرتجى له ... وهذا زمان أنت لا شكّ واحده في كتاب نزهة الندماء [3] : زعمت العرب أن أشد الناس حقدا أشدهم شكرا، وله شاهد من القانون الطبي، فاذا كان المزاج حارا يابسا، أو باردا يابسا، قليل الرطوبة والسيالة، ارتسم فيه الحال الذي يتعلق به، فلا يخرج منه. الحظيري [4] : [مجزوء الرمل] أنت في الديوان لا تف ... رغ من شغل الإمام

_ [1] في ب، ش، ل، ع: زوّجه البكر. [2] في ش، ل: البحتري. [3] في ب، ط: نزهة القدماء. [4] الحظيري: سعد بن علي بن القاسم الأنصاري الخزرجي، أديب من أهل بغداد، له شعر، كان وراقا يبيع الكتب، وله تصانيف منها (زينة الدهر جعله ذيلا لدمية القصر للباخرزي، وله ديوان شعر، توفي سنة 568 هـ. (وفيات الأعيان 1/203، الوافي بالوفيات 15/169- 176 معجم الأدباء 3/149- 1350، وليس في مصادره هذه الأبيات.

ذكر مستحسنات انتقيتها من كتاب الغرر من الأخبار

وإذا جئت إلى الدا ... ر فممنوع الكلام فالذي يبغي مناجا تك يأتي في المنام ذكر مستحسنات انتقيتها من كتاب الغرر من الأخبار تأليف أبي بكر محمد بن خلف بن حيان بن صدقة بن زياد المعروف بوكيع [1] ، قال: حدثني أبو اسماعيل العلوي إبراهيم بن أحمد بن إبراهيم بن إسماعيل طباطبا، حدثني عمّي حسن بن إبراهيم، حدثني عبد الله بن إبراهيم بن عبد الله بن حسن، عن يحيى بن عبد الله بن حسن عن أبيه قال: العلم أكثر من أن يحصى، فخذ من كل شىء أحسنه [2] . وأخرج عن الأصمعي قال: سمعت أبا عمرو بن العلاء يقول: الحق نتف. وأخرج عن علي بن ربيعة قال: صارع علي بن أبي طالب رضي الله عنه رجلا فصرعه، فقال: ثبّتك الله يا أمير المؤمنين، قال: على صدرك. وأخرج عن الشعبي قال: كنية الدجال أبو يوسف [3] . وأخرج عن الليث بن سعد قال: قال عمرو بن العاص: ولاية مصر جامعة تعدل الخلافة. وأخرج عن الأصمعي قال: لا يوجد للرجال شعر جيد إلا وللنساء مثله. وأخرج عن الشعبي قال: الكلام مصائد العقول. وأخرج عن أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه قال، كان يقال: من لم يصلحه الخير أصلحه الشر. وأخرج/ عن إبراهيم بن زياد سبلان [4] قال: سمع أعرابي رجلا يقع في الناس فقال: قد استدللت على عيوبك بكثرة ذكرك لعيوب الناس، إن الطالب لها يطلبها بقدر ما فيه منها [5] . وأخرج عن محمد بن مسلم الطائفي [6] قال، كان يقال: إذا أراد الله أن يتحف عبدا قيّض له من يظلمه [7] . وأخرج عن أبي معاوية الغلابي غسان بن المفضل قال: حدثني رجل من أهل الجزيرة قال: مكتوب في الحكمة: اشكر من أنعم عليك، وانعم على من شكرك [8] . وأخرج

_ [1] وكيع: محمد بن خلف الضبي قاض عالم بالتاريخ والبلدان، ولي القضاء بالأهواز، له جملة مؤلفات منها (أخبار القضاة وتواريخهم، (والنواحي في أخبار البلدان ومسالك الطرق وغيرها، توفي ببغداد سنة 306 هـ. (البداية والنهاية 11/130، المنتظم 6/152، الوافي بالوفيات 3/43) . [2] الكامل للمبرد 2/285 تحقيق أبي الفضل إبراهيم ط مصر 1956 م. [3] البصائر والذخائر 3/340. [4] إبراهيم بن زياد البغدادي: المعروف بسبلان، روى عن عباد بن عباد المهلبي، والفرج بن فضالة، توفي سنة 230 هـ. (التهذيب 1/120) . [5] الخبر في بهجة المجالس 1/399. [6] محمد بن مسلم الطائفي: مولى بني مرة، يكنى أبا عبد الله، توفي سنة 177 هـ. (طبقات العصفري ص 275) . [7] في ط: أن يتحف عبدا فيدله من يظلمه. [8] محاضرات الأدباء 148- 149، بهجة المجالس 1/312.

عن معاوية قال: إني لأكره النكارة للسيد، وأحب أن يكون عاملها متغافلا [1] . وأخرج عن محمد بن الحنفية [2] قال: من كرمت عليه نفسه صغرت الدنيا في عينه [3] . وأخرج عن ثعلبة بن سهيل قال: ما تداوى من جاز الأربعين [4] سنة بمثل الحمّام. وأخرج عن سفيان بن عيينة قال: أراد النبي صلّى الله عليه وسلم الكلام فاعتاص [5] عليه، فقال: (إنّا معاشر الأنبياء يعترينا البكاء) يعني قلة الكلام [6] . وأخرج عن الأحنف [7] قال: ثلاث خلال لا ينبغي للعاقل أن يدعهن، ومن أطاعه: علم يحثه على عمل يتزوده، وطب يذب به عن جسده، وصنعة يستعين بها على أمر معاشه./ وأخرج عن خالد بن صفوان [8] قال: استصغر الكبير في طلب المنفعة، واستعظم الصغير في ركوب المضرة. وأخرج عن الأحنف قال: أربع يسود بهن الرجل، العلم، والأدب، والعفة، والأمانة [9] ، وقال: أنا للعاقل المدبر أرجى مني للأحمق المقبل [10] . وقال: ثلاث مجالس لا عيب فيهن على الرجل أن يجلسها، انتظاره الجنازة، وانتظاره إذن السلطان، وطالب العلم، وثلاثة لا عيب فيهن على الرجل: أن يخدم أباه، وضيفه، وفرسه. وأخرج عن الربيع بن برّة قال: الأمثال أقرب إلى العقول من المعاني. وأخرج عن ليث [11] قال، قال لي طاووس: تعلم ما تعلمت لنفسك، فان الناس قد ذهبت منهم الأمانة.

_ [1] في ط، ل: يكون عاقلا مغافلا، والخبر في عيون الأخبار 3/224 وفيه: (لأكره البكارة) ، ومحاضرات الأدباء ص 64 وفيه: (لأكره المكارة) . [2] ابن الحنفية: محمد بن علي بن أبي طالب الهاشمي القرشي، أحد أبطال الإسلام الأشداء، وهو أخو الحسن والحسين، وأمه خولة بنت جعفر الحنفية، كان واسع العلم ورعا أسود اللون، وكان المختار الثقفي يدعو إلى إمامته ويزعم أنه المهدي، خرج إلى الطائف هربا من ابن الزبير، فتوفي فيها سنة 81 هـ. (وفيات الأعيان 1/449، طبقات ابن سعد 5/66، حلية الأولياء 3/174، صفة الصفوة 2/42) . [3] الخبر في حلية الأولياء 3/176. [4] ط: جاوز الأربعين. [5] في ب، ش، ل: أي صعب. [6] البيان والتبيين 3/141. [7] الأحنف بن قيس: بن معاوية بن حصين المري السعدي المنقري التميمي، أبو بحر سيد تميم وأحد العظماء الدهاة الفصحاء، توفي سنة 72 هـ. (ابن خلكان 1/230، تهذيب ابن عساكر 7/10، ابن سعد 7/66، الأعلام 1/276) . [8] خالد بن صفوان: بن عبد الله بن عمرو بن الأهتم التميمي، توفي سنة 133 هـ. (ابن خلكان 1/243، نكت الهميان ص 148. أمالي المرتضى 4/172، الأعلام 2/297) . [9] البيان والتبيين 3/141. [10] بهجة المجالس 1/542 منسوب للحسن. [11] ليث بن أبي سليم بن رنيم الكوفي: روى عن طاووس ومجاهد وعطاء، توفي سنة 143 هـ. (التهذيب 8/465) .

وأخرج عن قرة بن خالد قال: قلت لمحمد بن سيرين: أكانوا يتمازحون، قال: كان أبو هريرة يمازح ابن عمر [1] . وأخرج عن سلم بن قتيبة [2] قال: على اللبيب أن يعرف زمانه، فيعمل على قدر ما يرى منه. وأخرج عن الشعبي قال: تعايش الناس بالدين زمنا طويلا، حتى ذهب الدين، ثم تعايش الناس بالمروءة زمنا طويلا حتى ذهبت المروءة، ثم تعايش الناس بالحياء زمنا طويلا حتى ذهب الحياء، ثم تعايش الناس بالرغبة والرهبة، قال: وأظنه سيأتي بعد هذا ما هو أشد منه [3] . وأخرج/ عن مالك بن أنس [4] قال: إذا لم يكن للرجل في نفسه خير، فليس لأحد فيه خير. وأخرج عن ابن سيرين قال: من كان ذا لحية عظيمة فلم يتخذ لحية بين لحيتين [5] ، فاعرفوا ذلك في عقله. وقال: حدثنا علي بن حرب، حدثنا زيد بن أبي الزرقاء، عن ابن لهيعة، عن عمارة بن غزية، عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة، عن أنس بن مالك، قال: كان رسول الله صلّى الله عليه وسلم من أفكه الناس. وأخرج عن ابن أبي ذئب قال: سمعت سكينة بنت الحسين تقول: الزعفران صبا [6] ، والعصفر طيب، والبياض ملك، والمشق فقر. وأخرج عن الحسن قال: كنا في قوم يخزنون ألسنتهم، وينفقون أوراقهم، وبقينا في قوم يخزنون أوراقهم ويرسلون ألسنتهم. وأخرج عن سفيان الثوري قال: بلغني أن الغلام يثغر [7] في سبع سنين، ويحتلم في أربع عشرة، وينتهي طوله في إحدى وعشرين، وينتهي عقله في ثمان وعشرين، ثم هي التجارب [8] . وأخرج عن طريق أبي عميس، عن القاسم قال: مدّ الفرات فجاء برمانة مثل البعير، فكان الناس يرون أنها من الجنة [9] . وأخرج عن مصعب عن أبيه قال، كان يقال: لا يفهم الملح إلا عقلاء الرجال. وأخرج عن قسامة بن زهير [10] قال: روّحوا

_ [1] حلية الأولياء 6/275. [2] سلم بن قتيبة بن مسلم الباهلي: أبو عبد الله والي البصرة، قال عنه ابن الأثير: كان مشهورا عظيم القدر، توفي سنة 149 هـ. (الكامل لابن الأثير 5/218، النجوم الزاهرة 2/11، الأعلام 3/111) . [3] حلية الأولياء 4/213، رسالة الصداقة والصديق ص 32. [4] في ب، ط، ش، ل: أنس بن مالك. [5] في ب، ط: فلم يتخذ لحيته بين لحيتين. [6] في ب: الزعفران صفا. [7] يثغر: تنبت أسنانه، وفي حديث إبراهيم النخعي: كانوا يحبون أن يعلموا الصبي الصلاة إذا أثغر. (اللسان: ثغر) . [8] البصائر والذخائر 2/59. [9] الرواية مع خلاف يسير في عيون الأخبار 3/280. [10] قسامة بن زهير: من ولد رزام بن مالك بن عمرو بن لقيم، مات بعد الثمانين. (العصفري ص 193) ، ونسب هذا القول في طرائف الحمقى والمغفلين ص 23 لأسامة بن زيد.

القلوب تعي الذّكر [1] . وأخرج عن أبي غزية قال، كان يقال: يستحسن الصبر عن كل شىء إلا عن الصديق [2] . وأخرج عن أبي سعيد الخدري/ قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: (يا فاطمة كوني له أمة يكن لك عبدا، واعلمي أن أطيب الطيب الماء وأحسن الحسن الكحل) [3] . وأخرج عن طاووس قال: قم للقرد في زمانه [4] . وأخرج عن الحسن قال: أصول الشر ثلاثة: العجز، والحسد، والحرص. وأخرج عن عائشة رضي الله عنها قالت: البياض نصف الحسن. وأخرج عن أبي الدرداء رضي الله عنه، قال: إني لأستجم بالشىء من اللهو ليكون أقوى لي على الحق [5] . وأخرج عن عبد الله بن هبيرة: أن سلمان سئل عن السيئة التي لا تنفع [6] معها الحسنة، قال: الكبر. وأخرج عن عدي بن حاتم قال: كان حاتم يقول لنا في الجاهلية: إذا كان الشىء يكفيكه الترك فاتركه [7] . وأخرج عن معاوية قال: لا تستحيي من القليل، فان الحرمان أقل منه، ولا تجبن عن الكثير فانك أكثر منه. وأخرج من طريق منّة البرمكية، قالت: سمعت بنت شهدة تقول، قلت لمعبد [8] : ما أطيب الأصوات، قال: الصوت الأجش وقت السحر [9] . وأخرج عن أبان القارئ قال: سألت معبد المغني عن دواء الأصوات، فقال: حدثتني أم جميل الحدباء، أنها سألت الجن عن ذلك فقالوا: الكدّ. وأخرج عن طريق سفيان عن ليث عن طاووس عن ابن عباس: ويأتيك بالأخبار من لم تزود، كلمة نبي [10] ./

_ [1] الخبر في حلية الأولياء 3/104. [2] الخبر في عيون الأخبار 7/15 بلفظ: عن كل أحد إلا عن الصديق. [3] نسب إلى الزبرقان بن بدر في عيون الأخبار 1/77، ونسب الجزء الثاني منه لعبد الله بن جعفر في البيان والتبيين 2/27، ونسب للدؤلي باختلاف اللفظ في: المعمرون والوصايا ص 147، ونسب كاملا لقيس بن مسعود الشيباني يوصي ابنته في العقد الفريد 4/69. [4] حلية الأولياء 3/270 بلفظ: اسجد للقرد. [5] بهجة المجالس 1/115 بلفظ: إني لأستجم قلبي بشىء من اللهو. [6] في ط: التي لا تنفعها الحسنة. [7] عيون الأخبار 5/178. [8] معبد بن وهب المغني في العصر الأموي، مولى بني مخزوم، توفي سنة 126 هـ. (الأغاني 1/63- 59، تاريخ الإسلام للذهبي 5/165، الأعلام 7/264) . [9] الأجش: أحد الأصوات التي تصاغ منها الألحان. (تاج العروس 4/289) . [10] عيون الأخبار 5/191 والعقد الفريد 5/221، والبيت لطرفة بن العبد وتمامه. ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا ... ويأتيك بالأيام كا كنت تحذره

وأخرج عن أبي الزناد [1] قال: لا يزال في الناس بقية ما تعجّب من العجب [2] . وأخرج من طريق الكلبي، عن أبي صالح، عن ابن عباس، قال: جاء ناس إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلم فكانوا في المسجد في القرآن، فأقبل كعب بن مالك ينشده الشعر، فقيل: يا رسول الله، قرآن وشعر في مجلس، قال: (هذا مرة وهذا مرة) . وأخرج عن سفيان بن حسين قال: قدم الأعمش بعض السواد، فاجتمعوا عليه فلم يحدثهم، فقيل له في ذلك، فقال: ومن يعلق الدرّ على الخنازير [3] . وأخرج عن الحريش بن موسى قال: قيل لرجل: ما بلغ من نسيانك، قال: أؤذن في رقعة. وأخرج عن أبي خالد الوالبي [4] قال: كنت أجلس في الحلقة مع أصحاب محمد، فلعلهم لا يذكرون إلا الشعر حتى يتفرقوا. وأخرج عن عبد الواحد بن زيد قال: قاعدوا أهل الدين، فان لم تقدروا عليهم فقاعدوا أهل المروآت من أهل الدنيا، فانهم لا يرفثون في مجالسهم [5] . وأخرج عن محمد بن الحنفية قال: المروءة الصبر على النوائب. وأخرج عن أبي العالية قال: انبذوا بين الكلام لا إله إلا الله [6] . وأخرج من طريق الشعبي، عن محمد بن الأشعث، قال: إن لكل شىء دولة، حتى ان للحمق على الحلم دولة. وأخرج عن ابن شوذب قال: إن الله من رحمته حرم الإياس على الناس. وأخرج عن أبي عمرو بن العلاء قال:/ لا يزال الرجل في فسحة من عقله ما لم يقل شعرا أو يضع كتابا [7] . وأخرج عن المدائني قال: قيل للأحنف: من السيد؟ قال: الذي إذا أقبل هابوه، وإذا ولّى شتموه [8] . وأخرج عن قتادة قال: في التوراة مكتوب لا تستبدل أخا حديثا بأخ قديم [9] . وأخرج عن محمد بن سلام، قال، كان يقال: لا يلام الرجل على أن لا يعرف الصواب في كل شىء، إنما يلام من سمع الصواب فلم يعرفه. وأخرج عن الحنظلي قال، قال لقمان لابنه: يا بني إذا أردت أن تؤاخي رجلا فاغضبه قبل ذلك،

_ [1] أبو الزناد: عبد الله بن ذكوان القرشي المدني، مولى رملة، روى عن أنس وغيره توفي سنة 130 هـ. (التهذيب 5/203- 204) . [2] عيون الأخبار 4/4. [3] حلية الأولياء 5/52. [4] أبو خالد الوالبي الكوفي: اسمه هرمز، ويقال هرم، روى عن ابن عباس وأبي هريرة، ذكره ابن حبان في الثقات توفي سنة 155 هـ. (التهذيب 12/83) . [5] حلية الأولياء 6/160 بلفظ: جالسوا بدلا من قاعدوا. [6] حلية الأولياء 2/221. [7] محاضرات الأدباء ص 83، ونسب الخبر للجاحظ. [8] محاضرات الأدباء ص 63 بلفظ: إذا حضر، وإذا غاب. [9] عيون الأخبار 7/1 ونسب القول للنبي داود، مع خلاف في اللفظ.

فان أنصفك عند غضبك، وإلا فاحذره [1] . وأخرج عن أبي نعيم الطبري قال: قدم وفد على عمر بن عبد العزيز، فيهم غلام، فذهب الغلام يتكلم، فقال له عمر بن عبد العزيز: الكبر يا غلام، فقال الغلام: لو كان الأمر بالكبر ما جلست هذا المجلس، إن في الناس من هو أكبر منك، قال: فتكلم إذن يا غلام، فقال الغلام: يا عمر، إن الله لم يرض أحدا من خلقه فيجعله فوقك، فاجتهد أن لا يكون لله في أرضه من هو أطوع له منك. وأخرج عن أبي عبيد القاسم بن سلام قال: قيل لابن المقفع: ما البلاغة؟ قال: التي إذا سمعها الجاهل ظن أنه يحسن مثلها [2] . وقال: أنشدني محمد بن سعد الكراني قال، أنشدني أبو خلدة: [السريع] يروى حديث عن نبي الهدى ... يحكيه عن أسلافنا حاملوه إن رسول الله في مجلس ... قال وقد حفّ به آهلوه إذا سألتم أحدا حاجة ... فالتمسوها في حسان الوجوه [3] وأخرج عن الأحنف بن قيس قال: إني لأدع كثيرا من الكلام، مخافة الجواب [4] . وأخرج عن الأعمش قال: أتدرون ما قالت الأذن، قالت: لولا إني أخشى الجواب لطلت كما طال الكساء. وأخرج عن بلال بن أبي بردة قال: رأيت عيش الناس في ثلاثة أشياء، امرأة تسرك إذا نظرت إليها، وتحفظك في غيبك إذا غبت عنها، ومملوك لا تهتم معه قد كفاك جميع ما لزمك، فهو يعمل على ما تهوى، كأنه قد علم ما في نفسك، وصديق قد وضع مؤونة التحفظ عليك فيما بينك وبينه، فهو لا يعمل في صداقتك ما يرصد به عداوتك، ويخبرك بما في نفسه، وتخبره عما في نفسك. وأخرج عن المدائني قال: كان يقال: كفى بالحلم ناصرا. وأخرج عن عمر بن عبد العزيز قال: اطلب العفو من الله، بالعفو عن الناس. وأخرج عن أبي قدامة [5] قال: لا تحتقروا حملة العلم، فان الله لم يحقرهم، حيث وضع علمه عندهم. وأخرج عن أبي وائل [6] قال: إن أهل بيت يوضع على مائدتهم رغيف من حلال لأهل بيت غرباء. وأخرج عن

_ [1] محاضرات الأدباء ص 242، مع خلاف يسير في اللفظ. [2] أمالي المرتضى ص 137. [3] فيه إشارة إلى حديث رسول الله صلّى الله عليه وسلم: (إذا طلبتم المعروف، فاطلبوه عند حسان الوجوه) بهجة المجالس 1/302، أو حديثه عليه السلام: (إن كنت سائلا لابد فسل الصالحين) سنن أبي داود 2/241. [4] حلية الأولياء 5/340، نسب القول لعمر. [5] هناك ثلاثة يعرفون بأبي قدامة، لم نستطع ترجيح أحدهم. [6] أبو وائل: شقيق بن سلمة الأسدي الكوفي، أدرك النبي صلّى الله عليه وسلم ولم يره، روى عن أبي بكر وعمر وعثمان، توفي سنة 82 هـ. (التهذيب 4/361) .

عبد الواحد بن أبي عمرو الأسدي، قال: جاء الزبرقان بن بدر [1] بابن له يقال له عياش، إلى مسيلمة [2] باليمامة [3] /فقال له: يا نبي الله، حنّك هذا، فحنّكه فخرس. وأخرج عن مصعب قال، قال عبد الملك بن مروان ليحيى بن سعيد: زعم عبد الله بن هلال أنك تشبه إبليس، فقال له يحيى: وما تنكر أن شبّه سيد الإنس سيد الجن. وأخرج عن خلف بن حوشب قال، قال لقمان: العالم مصباح، فمن أراد الله به خيرا اقتبس منه. وأخرج عن معمر عن أبيه، قال، ققلت لهلال بن أشقر: ما أكلة بلغتني عنك، قال: جعت مرة وأنا على بعيري فنزلت فأكلته، إلا ما حملت على ظهري. وأخرج عن الهيثم قال: كان هشام بن عروة يقول: أما ما وعيت من الفقه وما أشبهه فاني لا أمنعكموه، وأما ملحي فو الله لا أعطيكموها. وأخرج عن ابن عائشة قال: قدم على عمر بن عبد العزيز رجل من أهل الثغور، له سن وعقل، فقال له عمر: كيف رأيت عمالنا؟ فقال: يا أمير المؤمنين، إذا طابت العين عذبت الأنهار. وأخرج عن الشعبي قال: ما من بني عبد المطلب أحد إلا وقد قال الشعر امرأة ولا رجل، إلا رسول الله صلّى الله عليه وسلم. وأخرج عن مسروق قال: كانت عائشة رضي الله عنها تروي ألف بيت شعر [4] ./ في مشيخة أبي الحسن محمد بن أحمد بن محمد بن حسنون النرسي، قال: حدثنا محمد بن القاسم الأنباري، حدثني أبي، حدثنا حسن بن عبد الرحمن الربعي، حدثنا إبراهيم بن سعدان، حدثنا أبو عبد الله محمد بن سليم قال، قال لي أبن عائشة: خرجت إلى بغداد لأسمع من ابن المبارك، فلما انتهيت إلى واسط [5] قلت: لو عدلت إلى إسحاق الأزرق فسلمت عليه، فدخلت إليه، فقال لي: أعلمت ما لحقني من هذا الفاسق، قلت: أي الفسقة؟ قال: الحسن بن هاني أبو نواس، قلت: ما قصته؟ قال: كذب على أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلم، وروى عني شيئا، والله ما حدثت به قط، قلت: ما هو؟ قال: يا جارية هاتي القرطاس، فجاءت بقرطاس فاذا فيه مكتوب [6] : [المنسرح]

_ [1] الزبرقان بن بدر التميمي: صحابي من رؤساء قومه، قيل اسمه الحصين ولقبه الزبرقان، توفي سنة 45 هـ. (الخزانة 1/531، عيون الأخبار 1/226، الإصابة 1/543، الأعلام 3/41) . [2] مسيلمة الكذاب: بن ثمامة الحنفي، متنبئ من المعمرين، قتل سنة 12 هـ. (الأعلام 8/125- 126) . [3] اليمامة: الاسم مأخوذ من طائر يقال له اليمام، واحدته يمامة، وهي معدودة من نجد، وقاعدتها حجر، وتسمى اليمامة جوّا والعروض. (ياقوت: اليمامة) . [4] ورد الخبر في العقد الفريد برواية: قالت: إني لأروي ألف بيت له، وإنه أقل ما أروي لغيره. [5] واسط: سميت كذلك لأنها توسطت البصرة والكوفة، وكثيرة هي الأماكن التي تحمل اسم واسط. (ياقوت: واسط) . [6] لم ترد الأبيات في ديوان أبي نواس طبعة الغزالي، والبيتان الرابع والخامس في عيون الأخبار 5/140.

ذكر مستحسنات انتقيتها من مصنف عبد الرزاق

يا حسن المقلتين والجيد ... تقتلني منك بالمواعيد تضرب لي الوعد ثم تخلفني ... فيا بلائي من خلف موعود [1] حدثني الأزرق المحدث عن ... ابن شمر عن ابن مسعود لا يخلف الوعد غير كافره ... وكافر في الجحيم مصفود حدثني أبو بكر محمد بن سهل الرازي قال: كنت بالموصل فرأيت رجلا له مائة وثلاث وعشرون سنة، قد لقي السّدي قال: قرأت في الإنجيل، فذكر أشياء إلى أن قال: الليل والنهار أربع وعشرون ساعة، يتنفس فيها ابن آدم ثلاثين ألف نفس، كل ساعة ألف ومائتين وخمسين نفسا/ حدثنا محمد بن حاتم السمرقندي أبو نصر إملاء بمكة، حدثنا محمد بن عبد العزيز بن محمد بن ربيعة الكلابي، حدثنا أحمد بن رشد الهلالي، حدثنا عبيد الله بن موسى، عن السري بن إسماعيل، عن الشعبي قال: كنت عند عبد الله بن عباس، فجاءه رجل فقال: يا أبا عباس، أما تعجب من عائشة تذم دهرها، وتنشد شعر لبيد [2] : [الكامل] ذهب الذين يعاش في أكنافهم ... وبقيت في خلف كجلد الأجرب يتأكلون ملاذة ومشحّة ... ويعاب قائلهم وإن لم يشغب [3] فقال عبد الله بن عباس: لئن ذمت عائشة دهرها، فقد ذمت عاد دهرها [4] ، وجد في خزانة عاد سهم كأطول ما يكون من رماحنا عليه مكتوب، وذكر الشعر، فقال ابن عباس: ما بكينا من دهر، إلا بكينا عليه [5] . ذكر مستحسنات انتقيتها من مصنف عبد الرزاق قال [6] عبد الرزاق في المصنف [7] عن الثوري، عن جعفر بن محمد عن أبيه قال: كان اسم جارية النبي صلّى الله عليه وسلم خضرة، وحماره يعفور، وناقته القصوى، وبغلته الشهباء، وسيفه

_ [1] في ع: فيا بلاي. [2] البيتان من قصيدة للبيد بن ربيعة العامري في ديوانه ص 157 تحقيق إحسان عباس. [3] في حاشية ب، ل: الشغب الصياح من غير تعب. [4] في محاضرات الأدباء ص 254- 255 برواية: فقد شكت قوم عاد في زمانهم. [5] الخبر مع خلاف في الرواية في: بهجة المجالس ص 696، ومحاضرات الأدباء ص 254- 255 وذكر بيتين، وحلية الأولياء 4/323. [6] العنوان في الأصل، خرجة من الحاشية. [7] عبد الرزاق بن همام بن نافع الحميري: أبو بكر الصنعاني، من حفاظ الحديث الثقات من أهل صنعاء، له كتب منها: (الجامع الكبير) في الحديث، وكتاب (تفسير القرآن) و (المصنف في الحديث) ، ويقال له الجامع الكبير، حققه حبيب الرحمن الأعظمي الباكستاني، ونشره المجلس العلمي الباكستاني، ويقع في أحد عشر جزءا، توفي سنة 211 هـ. (وفيات الأعيان 1/303، ميزان الاعتدال 2/126، التهذيب 6/310، نكت الهميان ص 191، الأعلام 3/353) .

ذو الفقار [1] . عن ابن جريج قال: أخبرني محمد بن مرة قال: كان اسم سيف النبي صلّى الله عليه وسلم ذا الفقار، واسم درعه ذات الفضول. عن معمر عن قتادة، عن الحسن وابن المسيب قالا: يغسل الشهيد، فان كل ميت يحدث [2] . عن معمر عن أيوب عن عكرمة عن أسماء بنت عميس، قالت: لما أهديت فاطمة إلى عليّ، جئت تلك الليلة/ فقال لي رسول الله صلّى الله عليه وسلم: (أجئت كرامة لرسول الله مع ابنته) قلت: نعم إن الفتاة ليلة يبنى بها، لابد لها من امرأة تكون قريبا منها، إن عرضت حاجة أفضت بذلك إليها، فدعا لي دعاء إنه لأوثق عملي عندي [3] . عن ابن عيينة، عن عمرو بن دينار قال: سمع عمر بن الخطاب رجلا من اليهود يقول: قال لي رسول الله صلّى الله عليه وسلم: (كأني بك قد وضعت كورك على بعيرك ثم سرت ليلة بعد ليلة) ، فقال عمر: إيه والله لا تمسوا بها، فقال اليهودي: والله ما رأيت كلمة كانت أشد على من قالها، ولا أهون على من قيلت له منها [4] . عن الثوري عن هشام عن عروة: أن عمر بن الخطاب قال: يعمد أحدكم إلى ابنته فيزوجها القبيح الدميم [5] ، إنهن يحببن ما تحبون، يعني إذا زوجها الدميم كرهت من ذلك ما يكره، وعصت الله فيه [6] . عن عبد الرزاق، عن معمر، عن غير واحد: أن شريحا [7] أتاه رجل وامرأته، فقال الرجل: أين أنت؟ قال: دون الحائط، قال: إني امرؤ من أهل الشام، قال: بعيد بغيض، قال: تزوجت هذه المرأة، قال: بالرفاء والبنين، قال: فولدت لي غلاما. قال: يهنئك الفارس، قال: وأردت الخروج بها إلى الشام، قال: مصاحبا، قال: وشرطت لها دارها، قال: الشرط أملك، قال: إقض بيننا- أصلحك الله- قال: [مجزوء الرجز] حدّث حديثين امرأه ... فان أبي فأربعه [8] عن الثوري عن سليمان الشيباني، عن رجل، عن عليّ: أنه أتي له برجل فقال: زعم هذا أنه احتلم بأمي، فقال: اذهب فأقمه/ في الشمس فاضرب ظله [9] . عن ابن جريج قال:

_ [1] المصنف للصنعاني 5/285. [2] المصنف 5/275 برواية: فان كل ميت يجنب. [3] المصنف 5/485 وما بعدها. [4] المصنف 6/571. [5] في ط: الذميم. في الموضعين. [6] المصنف 6/158- 159. [7] شريح القاضي: أبو أمية شريح بن الحارث بن قيس الكندي، من كبار التابعين بالكوفة، توفي سنة 78 هـ. (الطبقات 6/131، الوفيات 2/466، الحلية 4/132) . [8] المصنف 6/226- 227، العقد الفريد 2/275. [9] المصنف 6/411- 412

أخبرني داود بن أبي هند، عن رجل، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن عمر بن الخطاب: أن رجلا من الأنصار، خرج إلى مسجد قومه ليشهد العشاء، فاستطير [1] ، فجاءت امرأته إلى عمر، فذكرت ذلك له، فدعا قومه فسألهم عن ذلك، فصدقوها، فأمرها أن تتربص أربع حجج، ثم أتته بعد انقضائهن، فأمرها فتزوجت، ثم قدم زوجها، فصاح بعمر، فقال: امرأتي لا طلقت، ولا متّ، قال: من ذا، قالوا: الرجل الذي كان من أمره كذا وكذا، فخيّره بين امرأته وبين المهر، وسأله، فقال: ذهب بي حيّ من الجن كفار، فكنت فيهم، قال: فما كان طعامك فيهم، قال: ما لم يذكر اسم الله عليه والفول، حتى غزاهم حيّ مسلمون، فهزموهم فأصابوني في السبي، فقالوا: ما دينك، فقلت: الإسلام، قالوا: أنت على ديننا، إن شئت مكثت عندنا، وإن شئت رددناك إلى قومك، فقلت: ردوني، فبعثوا معي نفرا منهم، أما الليل فيحدثوني وأحدثهم، وأما النهار فاعصار الريح أتبعها، حتى رددت إليكم [2] . قال ابن جريج: وأما أبو قزعة، فسمعته يقول: إن عمر سأله: أين كنت، قال: ذهب بي حيّ كفار، فلم يزالوا يدوّروني في الأرض حتى وقعت على أهل بيت فيهم مسلمين، فأخذوني فردوني، قال: ماذا يشار كونا فيه من طعامنا، قال: فيما لا تذكرون اسم الله عليه منها، وفيما سقط، قال عمر: لئن استطعت لا يسقط مني شىء [3] ./ عن ابن عيينة، عن ابن أبي نجيح، عن رجل من أهل المدينة: أن عمر بن الخطاب، كان يعزل عن جارية له، فحملت، فشقّ ذلك عليه، وقال: اللهم لا تلحق بآل عمر من ليس منهم، فولدت غلاما أسود، فسألها، فقالت: من راعي الإبل، فاستبشر [4] . عن الثوري عن خالد الحذّاء، عن أبي الوليد قال: اختصم عمّ وأمّ إلى ابن ربيعة الجرمي، فقال: خاصمت فيّ أمي عمي، إلى عليّ، فقال: أمك أحبّ إليك أم عمّك؟ قلت: بل أمي، ثلاث مرات، قال: وكانوا يستحبون الثلاث في كل شىء، فقال لي: أنت مع أمك [5] . عن ابن جريج قال: سئل عطاء عمّن نكح من أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلم، في أهل الكتاب، فقال: حذيفة بن اليمان [6] . عن ابن جريج قال: أخبرت عن سعيد بن المسيب: أن عمر بن الخطاب، كتب إلى حذيفة بن اليمان، وهو بالكوفة، ونكح امرأة من أهل

_ [1] استطير: ذهب به بسرعة. (اللسان: طير) . [2] المصنف 7/78. [3] المصنف 7/88. [4] المصنف 6/137. [5] المصدر السابق والصفحة. [6] المصنف للصنعاني 7/177.

الكتاب: أن فارقها، فانك في أرض المجوس، وإني أخشى أن يقول الجاهل: كافر وكافرة، قد تزوج صاحب رسول الله صلّى الله عليه وسلم، ويجهل الرخصة التي كانت من الله، فيزوجوا نساء المجوس، ففارقها [1] . عن الثوري، عن جابر، عن الشعبي، قال، قال عبد الله [2] : ما اجتمع حلال وحرام إلا غلب الحرام الحلال. عن معمر، أخبرني من سمع الحسن: سئل عن جارية سبيت ولها زوج، أتحل لسيدها، فقال الحسن: أما ترون قول الفرزدق [3] : [الطويل] وذات حليل أنكحتها رماحنا عن ابن عيينة، عن عمرو بن دينار، قال: كتب علي بن أبي طالب في وصيته: أما بعد، فان حدث بي حدث في هذا الغزو، فان ولائدي اللاتي أطوف عليهن تسع عشرة وليدة منهن أمهات أولاد، معهن أولادهن، ومنهن حبالى، ومنهن من لا ولد لهنّ، فقضيت إن حدث لي حدث في هذا الغزو، فانّ من كانت منهن ليست بحبلى وليس لها ولد، فهي عتيقة لوجه الله، ليس لأحد عليها سبيل، ومن كانت منهن حبلى أو لها ولد، فانها تحبس على ولدها، وهي من حظّه، فان مات ولدها وهي حيّة، فهي عتيقة لوجه الله، هذا ما قضيت في ولائدي التسع عشرة، والله المستعان، شهد هياج بن أبي سفيان، وعبد الله بن أبي رافع، وكتب في جمادى سنة سبع وثلاثين [4] . عن معمر، عن أيوب، عن ابن سيرين، عن عبيدة السلماني، قال: سمعت عليا يقول: اجتمع رأيي ورأي عمر في أمهات الأولاد أن لا يبعن، قال: ثم رأيت أن يبعن، قال عبيدة: فقلت له فرأيك ورأي عمر في الجماعة أحبّ إليّ من رأيك وحدك في الفرقة، أو قال: في الفتنة، قال: فضحك عليّ [5] . عن معمر عن قتادة عن الحسن، قال: جاءت امرأة إلى النبي صلّى الله عليه وسلم، فقالت: إنها زنت، فقال رجل: إنها غيرى يا رسول الله، فقال النبي صلّى الله عليه وسلم: (إن شئتم لأحلفنّ لكم أن التاجر فاجر، وأن الغيرى ما تدري أين أعلى الوادي من أسفله) [6] . عن ابن عيينة، عن عمرو بن دينار/ عن أبي جعفر قال: أعطى أبو بكر عليا جارية،

_ [1] المصنف 7/178. [2] هو عبد الله بن عمر بن الخطاب: أبو عبد الرحمن الصحابي الجليل الورع، له بلاء حسن في الإسلام، وله في كتب الأحاديث 0362 حديثا، توفي سنة 37 هـ. (الوفيات 3/28، الحلية 4/108) . [3] الخبر في المصنف 7/282، والبيت للفرزدق في ديوانه ص 576 ط الصاوي وتمامه: وذات حليل أنكحتها رماحنا ... حلالا لمن يبني بها لم تطلق [4] المصنف 7/288- 289. [5] المصنف 7/291- 292. [6] المصنف 7/299- 300 باسناده ونصه.

فدخلت أم أيمن [1] على فاطمة، فرأت فيها شيئا كرهته، فقالت: ما لك؟ فلم تخبرها، فقالت: ما لك، فو الله ما كان أبوك يكتمني شيئا، فقالت: جارية أعطيها أبو حسن، فخرجت أم أيمن فنادت على باب البيت الذي فيه عليّ بأعلى صوتها: أما رسول الله الرجل يحفظ في أهله، فقال عليّ: ما هذا الصوت؟ فقالوا: أم أيمن تقول: أما رسول الله الرجل يحفظ في أهله [2] ، فقال علي: وما ذاك؟ قالت: جارية بعث بها إليك أبو بكر، فقال عليّ: الجارية لفاطمة [3] . عن ابن عيينة، عن شيخ منهم، عن أبيه قال: جاء جرير بن عبد الله [4] إلى عمر، يشكو إليه ما يلقى من النساء، فقال عمر: إنّا لنجد ذلك، حتى إني لا أريد الحاجة فتقول لي: ما تذهب إلا إلى فتيات بني فلان تنظر إليهن، فقال له عبد الله بن مسعود: أما بلغك أن إبراهيم عليه السلام شكى إلى الله ردىء خلق سارة، فقيل له: إنها خلقت من الضلع، فالبسها على ما كان منها، ما لم تر عليها خربة [5] في دينها، فقال له عمر: لقد حشا الله بين أضلاعك علما كثيرا [6] . أخبرنا ابن جريج، أخبرني أبو الزبير أنه سمع جابر بن عبد الله يقول: رجم النبي صلّى الله عليه وسلم رجلا من أسلم، زعموا أنه ما عز بن مالك، ورجلا من اليهود وامرأة [7] . عن الثوري عن قيس بن مسلم عن طارق بن شهاب قال: بلغ عمر أن امرأة متعبدة حملت/ فقال عمر: أراها قامت من الليل تصلي، فخشعت، فسجدت، فأتاها غاو من الغواة فتجشمها [8] ، فأتته فحدثته بذلك سواء، فخلى سبيلها [9] . عن الثوري عن عليّ بن الأقمر، عن إبراهيم قال: بلغ عمر عن امرأة أنها حامل، فأمر بها أن تحرس حتى تضع، فوضعت ماء أسود، فقال عمر: لمّة من الشيطان [10] . أخبرنا الأسلمي عن الحجاج بن أرطاة، عن عطاء بن أبي رباح، قال: تسلّف

_ [1] أم أيمن: بركة مولاة رسول الله صلّى الله عليه وسلم، وأم أسامة بن زيد كان الرسول يزورها ويكرمها، وكذلك فعل أبو بكر وعمر. (الطبقات 8/223) . [2] قوله: (فقال علي ما هذا..... يحفظ في أهله) ساقطة من: ب، ط. [3] المصنف 7/203- 303. [4] جرير بن عبد الله البجلي: أسلم في السنة التي قبض فيها رسول الله صلّى الله عليه وسلم، ذكره ابن سعد فيمن نزل الكوفة من الصحابة، توفي سنة 41 هـ. (الطبقات 6/22، الإصابة 1/475) . [5] الخربة: الفساد والعيب، والكلمة القبيحة. [6] المصنف 7/303. [7] المصنف 7/319. [8] تجشمها: أرغمها وكلفها ما لا تطيق. [9] المصنف 7/405. [10] اللمة: مسّ من الشيطان. المصنف 7/409- 410.

النبي صلّى الله عليه وسلم من رجل ورقا [1] ، فلما قضاه وضع الورق في كفة الميزان فرجح، فقيل: قد أرجحت، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: (إنّا كذلك نزن) [2] . عن الثوري عن عيسى بن المغيرة عن الشعبي قال، قال عمر: تركنا تسعة أعشار الحلال مخافة الربا. أخبرنا معمر عن ابن شبرمة قال: قال لي أبو الزناد اليمني مع الشاهد الواحد، فأبيت ذلك عليه، فقال: منّا خرج العلم، قلت: فمتى يؤوب؟ عن معمر عن أيوب عن ابن سيرين قال: اختصم عمر بن الخطاب ومعاذ بن عفراء [3] ، فحكّما أبيّ بن كعب، فأتياه، فقال عمر بن الخطاب: إلى بيته يؤتى الحكم، فقضى على عمر باليمين، فوهبها له معاذ [4] . عن ابن جريج، أخبرني عبد الكريم بن أبي المخارق: أن امرأة جاءت إلى عمر بن الخطاب، فقالت: إني وضعت بعد وفاة زوجي قبل انقضاء العدة، فقال عمر: أنت لآخر الأجلين، فمرت بأبيّ بن كعب، فقال لها: من أين جئت؟ فذكرت له، وأخبرته بما قال عمر، فقال: اذهبي إلى عمر وقولي: إن أبيّ بن كعب يقول: قد حللت فان التمستيني/ فأنا ها هنا، فذهبت إلى عمر فأخبرته، فقال: ادعيه، فجاءته فوجدته يصلي، فلم يعجل عن صلاته حتى فرغ منها، ثم انصرف معها إليه، فقال عمر: ما تقول هذه؟ فقال: إني أنا قلت لرسول الله صلّى الله عليه وسلم، إني أسمع الله يذكر: وَأُولاتُ الْأَحْمالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَ [5] ، فالحامل المتوفى عنها زوجها أن تضع حملها، فقال لي النبي صلّى الله عليه وسلم: نعم، فقال عمر للمرأة: أسمع ما تسمعين [6] . أخبرنا معمر عن عاصم، عن الشعبي وعن قتادة أيضا: أن رجلا أتى ابن مسعود، فسأله عن امرأة توفي عنها زوجها ولم يدخل بها، ولم يفرض [7] ، فقال له ابن مسعود: سل الناس، فان الناس كثير، فقال الرجل: والله لو مكثت حولا ما سألت غيرك، قال: فردده ابن مسعود شهرا، ثم قام فتوضأ، ثم ركع ركعتين، ثم قال: اللهم ما كان من صواب فمنك، وما كان من خطأ فمني، ثم قال: أرى لها صداق إحدى نسائها ولها الميراث مع ذلك، وعليها العدة، فقام رجل من أشجع فقال: أشهد لقضيت فيها بقضاء

_ [1] الورق: الفضة. [2] بسنده ومتنه في المصنف 8/68. [3] معاذ بن عفراء: واسم أبيه الحارث، نسب إلى أمه، من الصحابة الأنصار، شهد بدرا، وقد اختلف في سنة وفاته، فقيل إنه توفي في خلافة عمر. (الطبقات 5/477، الاستيعاب 3/1408) . [4] لم أجد هذه الرواية في المصنف، ولا فيما بين يدي من كتب التراجم. [5] الطلاق 4. [6] باسناده ومتنه في المصنف 6/472. [7] الفرائض: الميراث. (اللسان: فرض) .

رسول الله صلّى الله عليه وسلم في يربوع بنت واشق [1] ، كانت تحت هلال بن أمية [2] ، فقال ابن مسعود: هل سمع هذا معك أحد؟ قال: نعم، فأتى بنفر من قومه، فشهدوا بذلك، فما رأوا ابن مسعود فرح بشىء ما فرح بذلك حين وافق قضاء رسول الله صلّى الله عليه وسلم [3] . عن معمر عن الأعمش، عن أبي ظبيان عن ابن عباس: أن امرأة مجنونة أصابت فاحشة على عهد/ عمر، فأمر عمر برجمها. فمر بها على عليّ والصبيان يقولون: مجنونة بني فلان ترجم، فقال عليّ: ردوها، فردوها، فقام إلى عمر فقال: أما علمت أن القلم مرفوع عن ثلاثة؛ عن النائم حتى يستيقظ، وعن المبتلى حتى يبرأ، وعن الصبي حتى يحتلم، قال: بلى، قال: فما بال هذه، قال: فخلى سبيلها [4] . عن ابن عيينة، عن زكريا، عن الشعبي قال: كانت جويرية ملك رسول الله صلّى الله عليه وسلم، فأعتقها، وجعل صداقها عتق كل أسير من بني المصطلق [5] . عن ابن عيينة عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قال: قالت جويرية للنبي صلّى الله عليه وسلم: إن أزواجك يفخرن عليّ، ويقلن: لم تزوجك رسول الله صلّى الله عليه وسلم؟ قال: أو لم أعظم صداقك، ألم أعتق أربعين من قومك [6] . عن ابن جريج، عن محمد بن المنكدر: أن النبي صلّى الله عليه وسلم رجم امرأة، فقال بعض المسلمين: حبط عمل هذه، فقال النبي صلّى الله عليه وسلم: (بل هذه كفارة لما عملت، وتحاسب أنت بعد بما عملت) [7] . عن معمر عن الزهري، عن عبد الله بن عبد الله بن عتبة، عن أبي واقد الليثي قال: جاء عمر رجل فقال: عبدي زنى بامرأتي، فأرسلني إليها، فاذا جارية حديثة السن [8] ، فسألها عمر فقالت: والله لا أجمع فاحشة وكذبا، صدق، فأمر بها عمر فرجمت [9] . عن الثوري عن جويبر بن الضحاك، عن ابن مسعود، قال: لا يحل في هذه الأمة التجريد، ولا مد، ولا غل، ولا صفد [10] . يعني لا تجرد ثيابه، ولا يمدّ عند إقامة الحدود، بل يضرب قاعدا وعليه ثيابه./

_ [1] يربوع بنت واشق الأشجعية: روت في أحاديث الفرض للزوجة غير المدخول بها، وقد روى حديثها معقل بن سنان وجداح الأشجعيان. (الاستيعاب 4/1795) . [2] في الاستيعاب 4/1542 هلال بن مرة. [3] باسناده ومتنه في المصنف 6/479، وورد أيضا في ص 294- 295. [4] المصنف 7/80. [5] جويرية بنت الحارث بن أبي ضرار: كانت من سبي غزوة بني المصطلق، فأعتقها الرسول صلّى الله عليه وسلم وتزوجها، وأعتق من كان قومها من سبي بني المصطلق. (الطبقات 8/116- 117) . [6] ذكره ابن سعد باسناده ومتنه في الطبقات 5/279. [7] باسناده ومتنه في المصنف للصنعاني 7/329. [8] قوله: فاذا جارية حديثة السن. خرجة من حاشية الأصل. [9] المصنف 7/339. [10] المصنف 7/373.

عن ابن التيمي قال حدثني الربعي، وكان عندنا مثل وهب عندكم، انه قرأ في بعض الكتب: أن ولد الزنا لا يدخل الجنة إلى سبعة آباء، فخفف الله عن هذه الأمة فجعلها إلى خمسة آباء. عن معمر قال: أخبرني ابن طاووس، عن أبيه قال: كان لأزواج النبي صلّى الله عليه وسلم رضعات معلومات، ولسائر النساء رضعات معلومات [1] . عن معمر: أن أزواج النبي صلّى الله عليه وسلم إذا أرضعن الكبير دخل عليهن، فكان ذلك لأزواج النبي صلّى الله عليه وسلم خاصة، ولسائر الناس لا يكون إلا ما كان في الصغر [2] . أخبرنا ابن جريج، سمعت نافعا يحدث، أن سالم بن عبد الله حدثه: أن عائشة أرسلت به إلى اختها أم كلثوم [3] لترضعه عشر مرات، ليلج عليها إذا كبر، فأرضعته خمس رضعات [4] ، ثم مرضت، فلم يكن سالم يلج عليها. أخبرنا ابن جريج، سمعت نافعا مولى ابن عمر يحدث: أن بنت أبي عبيدة امرأة ابن عمر، أخبرته أن حفصة أم المؤمنين أرسلت بغلام [5] إلى اختها فاطمة، فأمرتها أن ترضعه عشر مرات، ففعلت، فكان يلج عليها بعد أن كبر [6] . عن عمر بن حبيب، حدثني شيخي قال: جلست إلى ابن عمر فقال: أمن بني فلان أنت؟ قلت: لا، ولكنهم أرضعوني، قال: أما أني سمعت عمر يقول: إن اللبن يشبّه عليه [7] . قال ابن جريج، قال سليمان بن موسى، سألت: هل كان أزواج النبي صلّى الله عليه وسلم أرخص لهن أن يصلين على ظهور البيوت، فقيل: لم يكن يصلين إلا بالأرض [8] ./ عن معمر، عن عمرو عن الحسن قال: ما حلّت المتعة قط، إلا ثلاثا، في عمرة القضاء، ما أحلت قبلها ولا بعدها [9] . عن معمر، عن ابن طاووس، عن أبيه، قال: إن النبي صلّى الله عليه وسلم أعطي قوة أربعين أو خمسة وأربعين في الجماع [10] . عن ابن عيينة، عن علي بن زيد بن جدعان، قال: سمعت سعيد بن المسيب يقول: أعطي النبيّ صلّى الله عليه وسلم قوة بضع [11] خمسة وأربعين رجلا [12] . أخبرنا ابن جريج، قال، أخبرت عن أنس قال،

_ [1] المصنف 7/467. [2] المصنف 7/467. [3] أم كلثوم بنت أبي بكر الصديق: وأمها حبيبة بنت خارجة بن زيد من الخزرج. (الطبقات 8/462) . [4] في رواية المصنف 7/469، والطبقات 8/462: ثلاث رضعات. [5] قال ابن جريج: إن هذا الغلام هو عاصم بن عبد الله بن سعد، مولى عمر. (المصنف 7/470) . [6] المصنف 7/470. [7] باسناده ومتنه في المصنف 8/476- 477) . [8] المصنف 7/507. [9] المصنف للصنعاني 7/503- 504. [10] باسناده ومتنه في المصنف 7/706، وروى مثله ابن سعد في الطبقات 8/193. [11] البضع: الزواج، والمهر، وباضع المرأة باشرها. (اللسان: بضع) . [12] باسناده ومتنه في المصنف 7/507.

قال النبي صلّى الله عليه وسلم: (أعطيت الكفيت) ، قيل: وما الكفيت، قال: (قوة ثلاثين رجلا في البضاع) [1] . أخبرنا معمر عن قتادة قال: أحدث الناس ثلاثة أشياء، لم يكن يؤخذ عليهن أجر: ضراب الفحل، وقسمة الأموال، وتعليم الغلمان [2] . أخبرنا عثمان بن مطر، عن قتادة، عن ابن المسيب والحسن وابن سيرين: أنهم كرهوا حساب المقاسم بالأجر [3] . أخبرنا الثوري، عن أبي هشام الواسطي، عن زياد، قال: كنت مع ابن عباس بالطائف، فرجع عن الصرف قبل أن يموت بسبعين يوما [4] . أخبرنا عمر بن راشد، عن يحيى بن أبي كثير، عن ابي سلمة عبد الرحمن قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: (لا ترث ملّة ملّة، ولا تجوز شهادة ملة على ملة، إلا أمة محمد صلّى الله عليه وسلم، فان شهادتهم تجوز على من سواهم) [5] . عن الثوري عن أشعث، عن ابن سيرين، عن عبيدة قال: أول ما قضى أنه يرث القاتل في صاحب بني إسرائيل [6] ./ عن معمر عن الزهري، عن عروة: أن سعد بن عبادة كان حامل راية النبي صلّى الله عليه وسلم يوم بدر وغيره [7] . عن معمر عن عثمان الجزري، عن مقسم: أن راية النبي صلّى الله عليه وسلم، كانت تكون مع علي بن أبي طالب، وراية الأنصار مع سعد بن عبادة، وكان إذا استحرّ القتال، كان النبي صلّى الله عليه وسلم مما يكون تحت راية الأنصار [8] . عن ابن جريج، عمن حدثه، عن عامر [9] : أن راية النبي صلّى الله عليه وسلم كانت تكون مع علي بن أبي طالب، وكانت في الأنصار حيث ما تولوا [10] . عن ابن جريج، حدثني سعد بن سعيد أخو يحيى بن سعيد قال: حدثنا أن راية النبي صلّى الله عليه وسلم، كانت مع سعد بن عبادة يوم الفتح، فدفعها سعد إلى ابنه قيس [11] . عن معمر عن الزهري عن ابن المسيب أو غيره، قال: كان عمر يكره أن يحمل

_ [1] السابق والصفحة. [2] المصنف 8/115. [3] السابق والصفحة. [4] المصنف 8/118. [5] باسناده ومتنه في المصنف 8/356. [6] المصنف 9/405. [7] المصنف 5/288. [8] السابق نفسه والصفحة. [9] عامر بن ربيعة بن كعب العنزي: صحابي جليل من الولاة، شهد المعارك كلها، وله في كتب الحديث اثنان وعشرون حديثا. (الحلية 1/178) . [10] باسناده ومتنه في المصنف 5/288. [11] المصنف 5/288- 289.

المسلمين غزاة في البحر [1] . عن إبراهيم بن محمد، عن يونس بن يوسف، عن ابن المسيب، قال: بعث عمر بن الخطاب علقمة بن محرز [2] في أناس إلى الحبش، فأصيبوا في البحر، فحلف عمر بالله لا يحمل فيها أبدا [3] . أخبرنا معمر عن أيوب قال: كان رجل من جهينة يبتاع الرواحل فيغلي بها، فدار عليه دين حتى أفلس، فقام عمر على المنبر، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: ألا لا يغركم صيام رجل، ولا صلاته، ولكن انظروا إلى صدقه إذا حدّث، وإلى أمانته إذا أؤتمن، وإلى ورعه إذا أشفى، ثم قال:/ ألا إن الأسيفع، أسيفع جهينة، رضي من أمانته ودينه بأن يقال: سبق الأسيفع الحاج، فأدان معرضا، فأصبح قد رين به [4] فمن كان له عليه شىء، فليحضرنا بالغداة، نقسم الذي له بينهم [5] ، ثم إياكم والدّين، فان أوله همّ وآخره حرب [6] . أخبرنا معمر عن أيوب عن ابن سيرين: أن رجلا من الأنصار وسّع لرجل من المهاجرين في داره، ثم إن الأنصاري احتاج إلى داره، فجحده المهاجر، فاختصما إلى النبي صلّى الله عليه وسلم، ولم يكن للأنصاري بيّنة، فحلف المهاجر، ثم إن الأنصاري حضره الموت، فقال لبنيه: إنه رضي بها من الله، فاني رضيت بالله منها، وإنه سيندم فيردها عليكم، فلا تقبلوها، فلما توفي الأنصاري، ندم المهاجري، فجاء إلى بني الأنصاري، فقال: اقبلوا داركم، فأبوا، فذكر ذلك للنبي صلّى الله عليه وسلم، فذكروا أن أباهم أمرهم ألا يقبلوها، فقال النبي صلّى الله عليه وسلم: (أيستطيع أن يحملها من سبع أرضين) ، ولم يأمر ولد الأنصاري أن يقبلوها. أخبرنا معمر عن زيد بن أسلم قال: كان للعباس بن عبد المطلب دار إلى جنب مسجد المدينة، فقال له عمر: بعينها، وأراد عمر أن يزيدها في المسجد، وأبى العباس أن يبيعها إياه، فقال عمر: هبها لي، فأبى، فقال عمر: فوسّعها أنت في المسجد، فأبى، فقال عمر: لابد لك من إحداهن، فأبى عليه، فقال: فخذ بيني وبينك رجلا، فأخذ أبيّ بن كعب، فاختصما إليه، فقال أبيّ لعمر: ما أرى أن تخرجه من داره حتى ترضيه، فقال له عمر: أرأيت قضاءك هذا في كتاب الله/ وجدته، أم سنة من رسول الله صلّى الله عليه وسلم، قال أبيّ: بل سنّة من رسول الله صلّى الله عليه وسلم، فقال عمر: وما ذاك؟ فقال: إني سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلم يقول: إن سليمان بن داود، لما بنى بيت المقدس، جعل كلما بنى حائطا، أصبح منهدما، فأوحى

_ [1] المصنف 5/283. [2] علقمة بن محرز بن الأعور الكناني المدلجي: كان قائدا مبرزا، صحب رسول الله صلّى الله عليه وسلم، شهد اليرموك وكان عاملا لعمر على فلسطين، مات غريبا في طريقه إلى الحبشة سنة 20 هـ. (الإصابة 4/559) . [3] المصنف 5/284. [4] رين به: مات، ووقع فيما لا طاقة له به ولا يستطيع الخروج منه. (اللسان: رين) . [5] في ب، ط، ل: الذي له بينهم وبينه. [6] ذكره صاحب القاموس في مادة (سفع) ، والحرب: الويل والهلاك.

الله إليه، أن لا تبني في حق رجل حتى ترضيه، قال: فتركه عمر فوسعها العباس بعد ذلك في المسجد. أخبرنا ابن عيينة عن بشر بن عاصم قال: سمعت ابن المسيب يقول: أراد عمر أن يأخذ دار العباس بن عبد المطلب، فيزيدها في المسجد، فأبى العباس أن يعطيها إياه، فقال عمر: لآخذنّها، قال: فاجعل بيني وبينك أبيّ بن كعب، قال: نعم، فأتيا أبيّا، فذكرا له، فقال أبيّ: أوحي إلى سليمان بن داود أن يبني بيت المقدس، وكانت أرضا لرجل [1] ، فاشترى منه الأرض، فلما أعطاه الثمن قال: الذي أعطيتني خير، أم الذي أخذت مني، قال: بل الذي أخذت منك، قال: فاني لا أجيز، قال: ثم اشتراها منه بشىء أكثر من ذلك، فصنع الرجل مثل ذلك مرتين أو ثلاثة، قال: فاشترط عليه سليمان: إني أبتاعها منك على حكمك، لا تسلني أيهما خير، قال: نعم، فاشتراها منه بحكمه، فاحتكم اثني عشر ألف قنطار ذهبا، فتعاظم ذلك سليمان أن يعطيه، فأوحي إليه: إن كنت تعطيه من شىء هو لك، فأنت أعلم، وإن كنت تعطيه من رزقنا، فاعطه حتى يرضى، قال: ففعل. قال: وإني أرى عباسا أحق بداره حتى يرضى، فقال العباس: فاذا قضيت لي، فاني أجعلها صدقة على المسلمين./ أخبرنا ابن عيينة عن موسى بن أبي عيسى، أو غيره قال: نزع عمر بن الخطاب ميزابا كان للعباس في المسجد، فقال العباس: إن رسول الله صلّى الله عليه وسلم وضعه بيده، فقال عمر: فلا يكون لك سلّم إلا ظهري، قال: فانحنى له عمر، فركب العباس على ظهره حتى أثبته [2] . أخبرنا معمر عن ابن طاووس، عن أبيه قال، قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: (عادي الأرض لله ورسوله، ثم لكم من بعدي، فمن أحيا من موتان الأرض شيئا فهو له) ، قال: فقيل لطاووس: كيف هذا؟ قال: يقطع لهم. وكان معمر يصل بهذا الحديث، فلا أدري أمن حديث طاووس هو، أو من حديث غيره. قال: وقطع النبي صلّى الله عليه وسلم لعيينة بن حصن أرضا، فلما ارتد عن الإسلام بعد النبي صلّى الله عليه وسلم، قبض منه، فلما جاء فأسلم كتب له فيها أبو بكر كتابا، أشهد له فيه عمر، فدفعه عيينة إلى عمر فشقه وألقاه، وقال: إنما كان لك لو أنك لم ترجع عن الإسلام، فأما إذا ارتددت فليس لك شىء، فذهب عيينة إلى أبي بكر فقال: ما أدري أأنت الأمير أم عمر، قال: بل هو إن شاء الله، قال: فانه لما قرأ كتابك شقه وألقاه، فقال أبو بكر: أما إنه لم يألني وإياك خيرا. أخبرنا معمر عن الزهري، قال: ما اتخذ رسول الله صلّى الله عليه وسلم قاضيا حتى مات، ولا أبو

_ [1] في ب، ط، ل: أرض لرجل. [2] باسناده ومتنه في المصنف 8/292، وأخرجه ابن سعد من طريق هشام بن سعد، مع اختلاف في المتن في الطبقات 4/20- 21.

بكر، ولا عمر، إلا أنه قد قال لرجل في آخر خلافته: اكفني بعض أمور الناس، يعني عليا [1] . أخبرنا معمر عن أيوب عن ابن سيرين، قال: اعترف رجل عند شريح بأمر ثم أنكره، فقضى عليه باعترافه، فقال: أتقضي عليّ بغير بيّنة؟ فقال:/ شهد عليك ابن أخت خالتك، أخرجه ابن سعد [2] . عن الثوري عن ابن عون عن إبراهيم [3] قال: قضى شريح على رجل باعترافه، فقال: يا أبا أمية قضيت عليّ بغير بيّنة، فقال: أخبرني ابن أخت خالتك [4] . عن الثوري عن رجل، عن محارب بن دثار، أن عمر بن الخطاب قال: ردوا الخصوم حتى يصطلحوا، فان فصل القضاء يورث الضغائن بين الناس [5] . عن معمر عن أيوب عن ابن سيرين عن عبيدة، قال: كان عليّ إذا رأى ابن ملجم [6] قال [7] : [الوافر] أريد حياته ويريد قتلي ... عذيرك من خليلك من مراد عن معمر عن الزهري، قال: لما بعث أبو بكر الصديق لقتال أهل الردة، قال: تبينوا، فأيّما محلة سمعتم فيها الأذان فكفوا، فان الأذان شعار الإيمان [8] . عن معمر والثوري، عن أيوب، عن ابن سيرين، عن عبيدة السلماني، قال: سألته عن فريضة فيها جد، فقال: لقد حفظت من عمر بن الخطاب فيها مائة قضية مختلفة، قلت: عن عمر؟ قال: عن عمر [9] . عن ابن عيينة، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن الشعبي قال: لم يكن أحد من أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلم يجعل بني الأخ بمنزلة أبيهم الأعلى، ولم يكن أحد من أصحاب محمد صلّى الله عليه وسلم أفقه أصحابا من عبد الله بن مسعود [10] . عن الثوري، عن عيسى، عن الشعبي، قال: كان عمر يكره الكلام في الجدّ حتى صار جدّا، فقال: إنه كان من رأيي ورأي أبي بكر أن الجدّ أولى من الأخ، وأنه لا بد من

_ [1] باسناده ونصه في المصنف 8/302. [2] المصنف 8/303، الطبقات 6/135. [3] هو إبراهيم بن يزيد النخعي، روى عن عائشة وابن عمر وأبي هريرة وغيرهم، توفي سنة 95 هـ. (الطبقات 6/270، الوفيات 1/25، الميزان 1/74) . [4] المصنف 8/303. [5] باسناده ونصه في المصنف للصنعاني 8/303- 304. [6] عبد الرحمن بن ملجم الحميري: أسلم وهاجر في عهد عمر، وشهد فتح مصر، وكان خارجا على علي بن أبي طالب، قتل سنة 40 هـ. (الطبقات 3/23) . [7] البيت من قصيدة لعمرو بن معديكرب الزبيدي في ديوانه ص 111، ط دمشق 1985 م. [8] باسناده ونصه في المصنف 9/405. [9] باسناده ونصه في المصنف 10/261- 262. [10] المصنف 5/269.

الكلام فيه، فضرب له زيد بن ثابت مثل شجرة نبتت فانشعب منها غصن، فانشعب من الغصن/ غصنان، مما جعل الغصن الأول أولى من الثاني، وقد خرج الغصنان من الغصن الأول، ثم سأل عليا، فضرب له مثل واد سال فيه سيل، وانشعب منه شعبة، ثم انشعبت شعبتان. فقال: أرأيت لو أن ما في هذه الشعبة الوسطى يبس، أكان يرجع إلى الشعبتين جميعا [1] . أخبرنا الثوري عن قيس بن مسلم، عن طارق بن شهاب: أن رجلا كان به جدري، فخرج إلى البادية يطلب دواء، فلقي رجلا، فنعت له الأراك يطبخه بأبوال الإبل، وأخذ عليه أن لا يخبر به أحدا، ففعله فبرأ، فلما رآه الناس سألوه، فأبى أن يخبرهم، فجعلوا يأتونه بالمريض يلقونه على بابه، فسأل ابن مسعود فقال: لقيت رجلا ليس في قلبه رحمة لأحد، أنعته للناس. عن ابن عيينة، عن زكريا بن أبي زائدة، عن الشعبي، قال: أتت امرأة عمر فقالت: يا أمير المؤمنين، زوجي خير الناس، يقوم الليل، ويصوم النهار، فقال كعب بن سور [2] : ما رأيت كاليوم شكوى أشد ولا عدوى أجمل، فقال عم: ما تقول؟ قال: تزعم أنه ليس لها من زوجها نصيب، قال: فاذا فهمت ذلك فاقض بينهما، قال: يا أمير المؤمنين، أحلّ الله له من النساء مثنى وثلاث ورباع، فلها من كل أربعة أيام يوم يفطر ويقيم عندها، ومن كل أربع ليال ليلة يبيت عندها، أخرجه ابن سعد [3] . قال بعضهم [4] : [الوافر] إذا لم تكن ملكا مطاعا ... فكن عبدا لخالقه مطيعا [5] وإن لم تملك الدنيا جميعا ... كما تختار فاتركها جميعا وقال آخر [6] : [الخفيف] إن مدحت الخمول نبّهت أق ... واما عليه فسابقوني إليه هو قد دلني على لذّة العي ... ش فما لي أدلّ غيري عليه [7]

_ [1] المصنف 10/265- 266، وفي ب: الشعبتين معا. [2] كعب بن سور بن بكر الأزدي: قاضي البصرة لعمر بن الخطاب، ليس له صحبة، وهو من كبار التابعين، توفي سنة 36 هـ. (الإصابة 5/645) . [3] الطبقات 7/92، المصنف 7/149، الإصابة 5/646. [4] في الأصل صفحة 66 ب ليست موجودة، مفقودة. [5] في ع: لسيده مطيعا. [6] البيتان لابن الريان الموصلي في الدر الفريد 2/323. [7] في ط: أدل إلا عليه.

أحاديث إعطائه صلى الله عليه وسلم القصاص من نفسه

وقال آخر: [المتقارب] خمولك يدفع عنك الأذى ... فكن أبدا صاحبا للخمول فكم صاعدا في ذرى شاهق ... من المجد يهلك قبل النزول وقال آخر: [الطويل] ومن ترك الدنيا وأصبح زاهدا ... فما للأذى يوما عليه سبيل وقال بعضهم [1] : [الكامل] إنّ العفيف إذا استعان بخائن ... كان العفيف شريكه في المأثم وقال آخر [2] : [الطويل] إذا أنت حملت الخؤون أمانة ... فانّك قد أسندتها شرّ مسند أحاديث إعطائه صلّى الله عليه وسلم القصاص من نفسه أخرج الحاكم، من طريق محمد بن مصعب، حدثنا الأوزاعي، حدثني مكحول، عن زياد بن جارية، عن حبيب بن مسلمة: أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم دعا إلى القصاص من نفسه، في خدشة خدشها أعرابيا لم يقده [3] ، فأتاه جبريل، فقال: يا محمد، إن الله لم يمثك جبارا ولا مستكبرا، فدعا الأعرابي، فقال: (اقتصّ مني) ، فقال الأعرابي: قد أحللتك، بأبي أنت وأمي، ما كنت لأفعل ذلك أبدا، ولو أتيت علي نفسي، فدعا له بخير [4] . قال الحاكم: تفرد به أحمد بن عبيد بن ناصح، عن محمد، قال الذهبي، قال ابن عدي، أحمد بن عدي صدوق، وله مناكير، ومحمد ضعّف، وقال ابن سعد: أخبرنا إسماعيل بن إبراهيم، عن أيوب عن الحسن: أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم رأى سواد بن عمرو [5] متلحفا [6] ، فقال: خطّ خطّ، ورس ورس، ثم طعنه بعود أو بسواك في بطنه، فماد فى بطنه، فأثر في بطنه، فقال: القصاص يا رسول الله، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: (القصاص) ، وكشف عن بطنه، فقالت الأنصار: يا سواد، رسول الله، فقال: ما

_ [1] البيت دون نسبة في الدر الفريد 2/334. [2] البيت لعلي بن مسهر الكاتب في الدر الفريد 1/295. [3] في ب، ط، ل: لم يتعده، وفي ش: لم يتعمد. [4] المصنف للصنعاني 9/465. [5] سواد بن عمرو القارئ الأنصاري: روى عنه الحسن البصري، ومحمد بن سيرين. (الاستيعاب 2/673) . [6] ط: ملتحفا، وكذا في الطبقات 3/391 ط بيروت 1990.

لبشر على بشر من فضل، قال: وكشف له عن بطنه، فقبّله وقال: أتركها لتشفع لي بها يوم القيامة [1] . وأخرجه عبد الرزاق عن معمر عن رجل عن الحسن به نحوه. وقال ابن سعد، أخبرنا يزيد بن هارون، أخبرنا عبد الملك بن أبي سليمان، عن عطاء، قال: قال رجل لعمر بن الخطاب: يا أمير المؤمنين، إن عاملك فلانا ضربني مائة سوط، قال: قم فاقتص منه، فكلمه عمرو/ بن العاص في ذلك، فقال: ألا أقيد، وقد رأيت رسول الله صلّى الله عليه وسلم، يقيد من نفسه، قال: فدعنا فلنرضه، قال: دونكم فارضوه، فافتدى منه بمائتي دينار، عن كل سوط بدينارين. أخرجه عبد الرزاق عن ابن عيينة، عن عمرو بن دينار، نحوه [2] . قال أبو نعيم في المعرفة، حدثنا أبو عمرو بن حمدان، حدثنا الحسن بن سفيان، حدثنا أحمد بن آدم غندر الجرجاني، حدثنا يعقوب بن محمد الزهري، حدثنا سعيد بن أبي جمّان [3] الباهلي، حدثنا شبل بن نعيم الباهلي، حدثنا عبد الله بن أبي مسقيّة الباهلي، قال: أتيت رسول الله صلّى الله عليه وسلم، وهو واقف على بعيره، كأن رجله في غرزه جمّارة، فاحتضنتها، فقرعني بالسوط، فقلت القصاص يا رسول الله، فناولني السوط فقبلت ساقه ورجله. ورواه أبو القاسم البغوي عن هارون الحمال، عن يعقوب بن محمد بأبسط من هذا، وقال عبد الرزاق في المصنف عن معمر عن أبي هارون العبدي، عن أبي سعيد الخدري، قال: خرج رسول الله صلّى الله عليه وسلم من مكة يريد الصلاة، فأخذ رجل بزمام ناقته، فقال: حاجتي يا رسول الله، فقال النبي صلّى الله عليه وسلم: (دعني فستدرك حاجتك) ، ففعل ذلك ثلاث مرات، والرجل يأبي، فرفع النبي صلّى الله عليه وسلم السوط فضربه، وقال: (دعني فستدرك حاجتك، فصلى بالناس، فلما فرغ قال: أين الرجل الذي جلدت آنفا؟ فجاء، فقال له: (أدن فاقتصّ) ، فرمى إليه السوط، فقال: بل أعفو، فقال رسول الله/ صلّى الله عليه وسلم: (والذي نفسي بيده، لا يظلم مؤمن مؤمنا فلا يعطيه مظلمته في الدنيا، إلا انتقم له منه يوم القيامة) [4] . وقال عبد الرزاق، أخبرنا محمد بن مسلم، عن يزيد بن عبد الله بن أسامة، عن سعد بن إبراهيم، عن سعيد بن المسيب: أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم أقاد من نفسه، وأن أبا بكر أقاد رجلا من نفسه، وأن عمر أقاد سعدا من نفسه [5] . وقال عبد الرزاق بن إبراهيم بن عمر، قال حدثني حفص بن ميسرة قال، أسنده لي فنسيت: أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم، خرج يوما عاصبا رأسه

_ [1] الطبقات 3/391، وباسناده مع تغيير في اللفظ في المصنف 9/466. [2] المصنف 9/468. [3] في حاشية ب: بضم الجيم وتشديد الميم، غير منصرف ويجوز صرفه. [4] باسناده وزيادة في المتن في المصنف 9/465- 466. [5] المصنف 9/469.

من قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أكبر مني وأنا أسن منه

بعصابة حمراء، متكئا على الفضل بن عباس [1] ، فقال: (الصلاة جامعة) ، فاجتمع الناس، فصعد المنبر وقال: (أحمد إليكم الله الذي لا إله إلا هو، وقد دنا مني حقوق من بين أظهركم، فمن شتمت له عرضا، فهذا عرضي فليستقد منه، ومن ضربت له ظهرا، فهذا ظهري فليستقد منه، ومن أخذت له مالا، فهذا مالي فليأخذ منه، ولا يقولن أحدكم إني أتخون الشحناء من رسول الله [2] ، ألا إنها ليست من طبيعتي ولا من خلقي، وإن أحبكم إليّ من أخذ حقا إن كان له، أو حلّلني فلقيت ربي وأنا طيب النفس) [3] . وأخرج أبو داود في سننه عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن أسيد بن حضير، أنه بينما هو يحدث القوم، وكان فيه مزاح يضحكهم فطعنه النبي صلّى الله عليه وسلم في خاصرته بعود، فقال: اصطبر، قال: إن عليك قميصا وليس عليّ قميص، فرفع النبي صلّى الله عليه وسلم قميصه، فاحتضه وجعل يقبّل كشحه، قال: إنما أردت هذا يا رسول الله [4] . وقال ابن أبي شيبة في المصنف، حدثنا يحيى بن عبد الملك بن أبي غنيّة، عن أبيه، عن الحكم: أن العباس بن عبد المطلب لطم رجلا فأقاده النبي صلّى الله عليه وسلم من العباس فعفا عنه. حدثنا شبابة عن شعبة، عن يحيى بن الحسن، سمعت طارق بن شهاب يقول: لطم أبو بكر يوما رجلا لطمة، فقيل: ما رأينا كاليوم قط منعه ولطمه، فقال له أبو بكر: اقتص، فعفا الرجل./ من قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم أكبر مني وأنا أسن منه أخرج البيهقي في دلائل النبوة من طريق محمد بن إسحاق، عن المطلب بن عبد الله بن قيس بن مخرمة، عن أبيه وجده قال: ولدت أنا ورسول الله صلّى الله عليه وسلم عام الفيل، قال: وسأل عثمان بن عفان قباث بن أشيم [5] أخا بني معمر بن ليث: أنت أكبر أم رسول الله، قال: رسول الله أكبر مني، وأنا أقدم منه في الميلاد [6] . وأخرج البيهقي [7] من طريق الزبير بن موسى، عن أبي الحويرث قال: سمعت عبد الملك بن مروان يقول لقباث بن أشيم الكناني

_ [1] الفضل بن العباس بن عبد المطلب القرشي: ابن عم الرسول صلّى الله عليه وسلم، كان أسن ولد العباس، ثبت يوم حنين، وأردفه الرسول وراءه في حجة الوداع، خرج مجاهدا إلى الشام فاستشهد في وقعة أجنادين بفلسطين، وقيل مات في ناحية الأردن بطاعون عمواس سنة 13 هـ. (طبقات ابن سعد 4/37، تاريخ الخميس 1/166، الإصابة ت 7005) . [2] في ط: صلّى الله عليه وسلم. وهي من زيادة الناسخ. [3] باسناده مع زيادة في المتن في المصنف 9/469. [4] سنن أبي داود 8/89. [5] قباث بن أشيم الكناني: له صحبة روى عنه أبو سعيد وأبو الحويرث وخالد بن دريك وغيرهم. (الطبقات 7/131، الإصابة 5/307) . [6] رواية في الإصابة 5/407: وأنا أسن منه. [7] في هامش الأصل: أخرجه الحاكم في المستدرك.

ثم الليثي: يا قباث، أنت أكبر أم رسول الله؟ قال: رسول الله أكبر مني، وأنا أسن منه. وقال ابن أبي شيبة في المصنف، حدثنا جرير، عن المغيرة عن ابي رزين قال: قيل للعباس: أنت أكبر أم النبي صلّى الله عليه وسلم، فقال: هو أكبر مني، وأنا ولدت قبله، أخرجه الحاكم في المستدرك. وأخرج ابن عساكر، من طريق أحمد بن إسحاق بن إبراهيم بن نبيط بن شريط الأشجعي، حدثني أبي عن أبيه عن جده قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم للعباس: (يا عماه، أنت أكبر مني؟) فقال العباس: أنا أسن، ورسول الله أكبر [1] . وأخرج البغوي وابن قانع والطبراني والدارقطني [2] وابن عساكر، من طريق زيد بن الحباب قال، حدثنا عمر بن عثمان بن عبد الرحمن بن سعيد الصيرم المخزومي قال، حدثني جدي عن أبيه: أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم قال لي: (أيما أكبر، أنا أو أنت) قال: قلت له: أنت أكبر وخير مني، وأنا أقدم سنا [3] ./ وأخرج ابن سعد عن جعفر بن محمد عن أبيه: أن رجلا قال للنبي صلّى الله عليه وسلم: أنا أكبر منك مولدا، وأنت خير مني وأفضل، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: (شيبتني هود وأخواتها، وما فعل بالأمم قبلي) [4] . وأخرج ابن أبي شيبة، عن سفيان عن أبيه قال، قيل لأبي وائل: أنت أكبر أو ربيع بن أبي خثيم، قال: أنا أكبر منه سنا، وهو أكبر مني عقلا [5] . وأخرج البغوي في معجمه عن أبي عمرو الشيباني قال: سئل جبلة بن حارثة أخو زيد بن حارثة رضي الله عنهما: أنت أكبر أم زيد، قال: هو أكبر مني، وأنا ولدت قبله [6] ./ قال محمد بن القاسم الأنباري، حدثني أبي، حدثني أبو عكرمة الضبي قال: تقدم إلى الشعبي رجل في رجل ضرب عين رجل فاحمرّت، فدمعت فشرقت، فاغرورقت، فقال الشعبي: يحكم فيها ببيت الراعي [7] : [الطويل] لها أمرها حتى إذا ما تبوّأت ... بأخفافها مأوى تبوّأ مضجعا قال أبو عكرمة: ومعناه أن العين ينتظر بها أن تبلغ غاية ما تنتهي إليه، ثم يقضى فيها حينئذ. أخرجه ابن عبد البر في التمهيد.

_ [1] المصنف لابن أبي شيبة 13/287. [2] في الأص: وأخرج البغوي ... والدارقطني. خرجة من الحاشية. [3] المصنف 13/289. [4] طبقات ابن سعد 2/198، دلائل النبوة 1/358، المعجم الكبير للطبراني 17/287، الدر المنثور 3/319. [5] المصنف 13/290. [6] ديوان الراعي النميري ص 164. [7] في ع: مرعى تبوأ.

[في العزلة]

[في العزلة] قال ابن عبد البر في التمهيد: قد فضّل رسول الله صلّى الله عليه وسلم العزلة، وفضّلها جماعة العلماء والحكماء، ولا سيما في زمن الفتن وفساد الناس، وروي من مرسل الحسن وغيره أن النبي صلّى الله عليه وسلم قال: (صوامع المؤمنين بيوتهم) [1] ، ثم أخرج بسنده عن أبي الدرداء قال: (نعم صومعة الرجل المسلم بيته، يكفّ فيها بصره ونفسه وفرجه، وإياكم والمجالس في الأسواق فانها تلغي وتلهي) [2] . وأخرج من طريق ابن لهيعة، عن بشار بن عبد الرحمن قال: قال لي بكير بن الأشج: ما فعل خالد؟ قلت: لزم البيت مذ كذا وكذا، فقال: أما إن رجالا من أهل بدر لزموا بيوتهم بعد قتل عثمان، فلم يخرجوا إلا إلى قبورهم. وأخرج عن عدسة قال: مر بنا ابن مسعود، فأهدي له طير، فقال ابن مسعود: وددت أني حيث صيد هذا الطائر، لا يكلمني أحد ولا أكلمه. وأخرج عن حذيفة قال: لوددت أني وجدت من يقوم بي في مالي، فدخلت بيتي، فأغلقت بابي، فلم يدخل عليّ أحد، ولم أخرج إلى أحد حتى ألحق بالله عز وجل. وكان طاووس يجلس في البيت، فقيل له: لم تكثر الجلوس في البيت، فقال: حيف الأئمة وفساد الناس./ وقال رجل لسفيان الثوري: أوصني، فقال: هذا زمن السكوت ولزوم البيوت. وقال ابن عبد البر: فرّ الناس قديما من الناس، فكيف بالحال اليوم، قال: ورحم الله منصور الفقيه حيث يقول [3] : [مجزوء الكامل] الخير أجمع في السكوت ... وفي ملازمة البيوت فاذا استوى لك ذا وذل ... ك فاقتنع بأقلّ قوت وقال أيضا [4] : [الخفيف] ليس هذا زمان قولك ما الحك ... م على من يقول أنت حرام

_ [1] المصنف 13/292. [2] روى النصف الأول منه الشعراني في الطبقات ص 27. [3] منصور الفقيه: منصور بن اسماعيل بن عمر التميمي، فقيه من الشعراء ضرير أصله من رأس العين بالجزيرة، مدح الخليفة المعتز ثم سكن مصر وتوفي بها، وكان هجّاء خبيث اللسان، نقل عنه كلام في الدين، وشهد عليه بذلك شاهد، فقال القاضي أبو عبيد إن شهد عليه ثان ضربت عنقه، فاستولى عليه الخوف ومات سنة 306 هـ. (وفيات الأعيان 2/125، نكت الهميان 297، معجم الأدباء 7/185- 189 الشذرات 2/249) . [4] الأبيات في بهجة المجالس 2/316، معجم الأدباء 6/2725 ط احسان عباس.

والحقي بائنا لأهلك أو أن ... ت عتيق محرّر يا غلام ومتى تنكح المصابة في العدّ ... ة عن شبهة وكيف الكلام في حرام أصاب سنّ غزال ... فتولّى وللغزال بغام إنما ذا زمان كدّ إلى المو ... ت وقوت مبلّغ والسلام وقال سفيان الثوري: ما رأيت لأحد خيرا من أن يدخل في جحر. وقال سفيان: والله الذي لا إله إلا هو لقد حلت العزلة. وقال سفيان: أنكر من تعرف، ولا تتعرّف إلى من لا تعرف. وقال بعضهم: [الطويل] إذا شئت أن تحظى من الكتب كلها ... بأطيب مرويّ وأحسن مسموع فطالع مجاميع التعاليق إنّها ... تفرّق من همّ الفتى كلّ مجموع وأخرج الحكيم الترمذي في نوادر الأصول، عن الحسن قال: الأكل على الخوان فعل الملوك، وعلى المنديل فعل العجم، وعلى السفرة فعل العرب، وهو السنّة. [قال] الشيخ أبو إسحاق الشيرازي [1] : [الطويل] إذا لم يعنك الله فيما تريده ... فليس لمخلوق إليه سبيل [2] وإن هو لم يدللك في كل مسلك ... ضللت ولو أنّ السماك دليل وإن هو لم ينصرك لم تلف ناصرا ... وإن عزّ أنصار وجلّ قبيل قال المنذري في تاريخ مصر: قرأت على أبي المعالي عبد الرحمن بن علي بن عثمان القرشي، عن أبي محمد عبد الله بن عبد الرحمن بن يحيى، أخبرنا ابن شبيل، يعني أبا بكر يحيى بن إبراهيم، أخبرنا أبو محمد عبد الله بن محمد بن يعيش، وأبو الفتح نصر بن عامر بن أسيل [3] ، قالا حدثنا عبد الرحمن بن عيسى بن مدراج، أخبرنا أحمد بن خالد، حدثنا أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن بارز، حدثني أبو زيد بن أبي الغمر عن المفضل بن فضالة، وذكر أنه وجده مجربا تكتبه في جام الزجاج، وتغسله بالماء ثم ترش به وجه المريض: ربنا الذي في السماء تقدس اسمه، أمرك في السماء والأرض، كما رحمتك في السماء والأرض،

_ [1] أبو إسحاق الشيرازي: إبراهيم بن علي بن يوسف الفيروز آبادي، له مجموعة تصانيف منها (طبقات الفقهاء) ، و (المهذب) ، و (النكت) في الخلان وغيرها، توفي سنة 476 هـ. (طبقات السبكي 3/88، الشذرات 3/349) . والأبيات لأبي فراس الحمداني في الدر الفريد 2/47 مع خلاف في بعض الألفاظ، ولعل الشيرازي تمثل بها. [2] في ع: فيما يريده. [3] الكلمة في الأصل غير واضحة، وفي ش: أيمن، وفي ط أنس.

في حياة الحيوان للكمال الدميري

فاجعل رحمتك في الأرض،/ واغفر لنا ذنوبنا وخطايانا، أنت رب المتطببين، انزل رحمتك وشفاء من شفائك على هذا الوجع. فيبرأ باذن الله، وهو لكل شىء. قال إبراهيم، قال أبو زيد، وأخبرني المفضل أنه كتبه ورشّ في وجه بغل، فاستراح وقام مكانه، وقال إبراهيم، وأخبرنا أبو زيد أن المفضل رفعه إلى النبي صلّى الله عليه وسلم، وذكر المفضل أنه ما كتبه لأحد إلا برأ باذن الله، وهو لكل وجع في الناس والبهائم، وذكر أبو زيد أنه قد جرّبه في جارية له، كتبه ورشه في وجهها وكانت مريضة حين كتبه لها فبرئت باذن الله تعالى، قلت: نعم، وهو حديث مرفوع أخرجه أحمد في مسنده وأبو داود في سننه [1] من حديث أبي الدرداء قال: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلم يقول: (من اشتكى منكم شيئا، أو اشتكاه أخ له، فليقل: ربنا الذي في السماء، تقدس اسمك، أمرك في السماء والأرض، كما رحمتك في السماء، فاجعل رحمتك في الأرض، اغفر لنا حوبنا وخطايانا، أنت رب المتطببين، انزل رحمة من رحمتك، وشفاء من شفائك على هذا الوجع) ، فيبرأ./ وأخرج ابن أبي حاتم في تفسيره، عن معاوية أنه قال: ألستم تعلمون أن كتاب الله حق، قالوا بلى، قال: ما قرأوا هذه الآية: وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنا خَزائِنُهُ، وَما نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ [2] ، ألستم تؤمنون بهذا، وتعلمون أنه حق، قالوا: بلى، قال: فكيف تلوموني بعد هذا؟ فقام الأحنف [3] فقال: يا معاوية، والله لا نلومك على ما في خزائن الله، وإنما نلومك على ما أنزل الله من خزائنه، فجعلته أنت في خزائنك، وأغلقت عليه بابك، فسكت معاوية. في حياة الحيوان للكمال الدميري عبد الله بن يحيى بن أبي الهيثم المصعبي، من أصحاب الشافعي، كان إماما عالما صالحا من أهل اليمن، من أقران صاحب البيان، في تصنيفه احترازات المهذب، مات سنة ثلاث وخمس مائة، روى: أن ناسا ضربوه بالسيف فلم تقطع سيوفهم فيه، فسئل

_ [1] سنن أبي داود 5/365. [2] الحجر 21. [3] الأحنف بن قيس بن معاوية المري السعدي التميمي: أبو بحر سيد تميم، وأحد العظماء الدهاة الفصحاء الشجعان الفاتحين، يضرب به المثل في الحلم، ولد بالبصرة وأدرك النبي صلّى الله عليه وسلم ولم يره، وفد على عمر بن الخطاب فاستبقاه عمر عاما ثم عاد إلى البصرة، شهد الفتوح في خراسان، واعتزل الفتنة يوم الجمل، ثم شهد صفين مع علي بن أبي طالب، وكان يغلظ لمعاوية حين استقام له الأمر، وكان معاوية يقول لمن يلومه على صبره عليه: هذا الذي إذا غضب، غضب له مائة ألف لا يدرون فيم غضب، له أخبار وأقوال وخطب في كتب التاريخ والأدب، توفي سنة 72 هـ. (وفيات الأعيان 1/230، ابن سعد 7/66 تهذيب ابن عساكر 7/10، تاريخ الخميس 2/309، الأعلام 1/276- 277) .

[من تاريخ من دخل مصر للمنذري]

عن ذلك فقال: كنت أقرأ: وَلا يَؤُدُهُ حِفْظُهُما وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ [1] ، فَاللَّهُ خَيْرٌ حافِظاً وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ [2] ، وَحِفْظاً مِنْ كُلِّ شَيْطانٍ مارِدٍ [3] ، وَحِفْظاً ذلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ [4] ، إِنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمَّا عَلَيْها حافِظٌ [5] ، إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ [6] ، إلى آخر السورة. وقال: كنت قد خرجت يوما مع جماعة، فرأينا ذئبا يلاعب شاة عجفاء فلا يضرها بشىء، فلما دنونا منه نفر، فوجدنا في عنق الشاة كتابا مربوطا فيه هذه الآيات./ [من تاريخ من دخل مصر للمنذري] وقفت على المجلد الأول من (تاريخ من دخل مصر من المحدثين) للحافظ زكي الدين عبد العظيم المنذري [7] فنقلت منه نكتا تحسن في المحاضرات، قال: أنبأنا الشيخ أبو عبد الله محمد بن حمّد بن حامد مشافهة في رمضان سنة إحدى وتسعين وخمسمائة، عن أبي الحسن علي بن الحسين الموصلي، عن الحافظ أبي إسحاق إبراهيم بن سعيد، عن أبي محمد عبد الرحمن بن عمر بن محمد بن سعيد البزاز، قال: وجدت على كتاب لعمّي بكر بن محمد بن سعيد النحاس بخط يده، حدثنا يعقوب بن إسحاق بن حجر العسقلاني إملاء، حدثنا إبراهيم بن عقبة العدني، حدثني المسيب بن عبد الكريم الخثعمي قال: حدثتني أمة العزيز امرأة أيوب بن صالح، صاحب مالك بن أنس بالمدينة، قالت: شهدت المحمّة [8] التي تحمّ بها النساء بالمدينة، وقد غسّلت امرأة فضربت امرأة بيدها على عجيزتها، وقالت: ما علمتك إلا زانية، فالتزقت يدها بعجيزة الميتة، فجاءوا إلى مالك بن أنس، فأخبروه، فقال مالك: هذه المرأة تطلب بحدّها، فأتي بالميتة ويد المرأة ملتزقة بها، واجتمع الناس، فأمر بها مالك، فضربت تسعة وسبعين سوطا/ فلم تنتزع اليد، فضربت سوطا واحدا إتمام الثمانين، فانتزعت اليد، ودفنت المرأة.

_ [1] البقرة 255. [2] يونس 64. [3] الصافات 7. [4] فصلت 12. [5] الطارق 4. [6] البروج 12. [7] عبد العظيم بن عبد القوي المنذري: كان رجلا حافظا ثقة، له العديد من الكتب منها: (الترغيب والترهيب) ، و (التكملة لوفيات النقلة) ، توفي سنة 656 هـ. (الشذرات 5/277، البداية والنهاية 13/212، الوفيات 1/296) . [8] المحمّة: الموضع الذي يستحم فيه، والحمّة: كل عين ماء حارة تنبع من الأرض، يستشفى بالاغتسال من مائها، والحميمة: الماء الحار.

وأخرج بسنده عن محمد بن عيسى التميمي قال: قال رجل لأصبغ بن الفرج [1] ، قالت لي امرأتي: يا غوغاء، فحلفت بطلاقها، إني لست غوغاء، فافتني، فقال أصبع: اخبرني عنك، إذا سمعت صيحة في موضع تبادر إليها حتى تقيم فيما هم فيه؟ قال: لا، قال: فاذا مررت في طريق فرأيت هذه الحلق على الطرقات، تقف عليها؟ قال: لا، قال: لست من الغوغاء. وأخرج عن محمد بن المبارك الصوري الزاهد الصوفي، قال: كان لي صديق من العصافير، فأقام يجيئني فأفتّ له لباب الخبز فيأكل، وأصبّ له الماء يشرب ست عشرة سنة، فتحولت من البيت الذي كنت فيه إلى بيت آخر، فانتقل معي إلى البيت الذي تحولت إليه. سمعت الشيخ أبا عبد الله محمد بن موسى القصري يقول: كان عند الشيخ أبي مدين أجزاء من الموطأ في طاق، فاذا ضاق عليهم الرزق أخرجوه من الطاق وقرأوا فيه، يفتح عليهم، ويقول: من طلب العلم تكفل الله له برزقه. وأخرج عن أبي أويس قال: سمعت/ مالكا يقول: إن المسألة إذا سئل الرجل فلم يجب فيها فاندفعت عنه، فإنما هي بلية صرفها الله عنه. وأخرج عن طريق حماد بن زيد عن أبي حنيفة، عن حماد عن إبراهيم قال: بلغني أنه يؤتى بموازين القسط يوم القيامة، فيوزن عمل رجل، فلا يرجح، فيؤتى بشىء فيوضع في ميزانه فيرجح، فيقول: ما هذا؟ فيقال: هذا عملك الذي عملته، فعمل به من بعدك. وأخرج عن عبد الله بن عمر [2] قال: إذا طلبت حاجة بعز، فان الأمور تجري على المقادير. وأخرج عن أبي علي الحسن بن أحمد الزاهد الكاتب الصوفي قال: إذا انقطع العبد إلى الله بالكلية أول ما يفيده الله الاستغناء به عمّن سواه، وكان يقول: قال الله عز وجل: من صبر علينا وصل إلينا. وكان مالك بن أنس الإمام ينشد كثيرا [3] : [الرمل] درّج الأيام تندرج ... وبيوت الهمّ لا تلج ربّ شىء عزّ مطلبه ... قرّبته ساعة الفرج وأنشد القضاعي لمالك بن أنس [4] : [الطويل]

_ [1] أصبغ بن الفرج بن سعيد بن نافع: من كبار الفقهاء المالكية، له العديد من المصنفات، توفي سنة 225 هـ. (الوفيات 1/240) . [2] في ط، ش: رضي الله عنه. [3] البيتان في الدر الفريد 3/272، دون نسبة. [4] البيت الأول دون لصالح بن عبد القدوس في الدر الفريد 5/255، والبيت الثاني لصالح بن عبد القدوس أيضا في الدر الفريد 5/98، وقال: البيتين في كتاب (الأمثال والشواهد من الآيات الشوارد) لعمرو بن رعيل التميمي، ولم أجد البيتين في مجموع شعر ابن عبد القدوس، جمع عبد الله الخطيب، بغداد 1967.

في كتاب البسملة لأبي شامة

وإنّ عناء أن تفهّم جاهلا ... فيحسب جهلا أنه منك أعلم متى يبلغ البنيان يوما تمامه ... إذا كنت تبنيه وآخر يهدم في كتاب البسملة لأبي شامة [1] أنبأنا غير واحد عن الحافظ أبي القاسم علي بن الحسن العساكري، قال: سمعت أبا الحسن علي بن المسلم الفقيه يقول: سمعت الشيخ الإمام الفقيه الزاهد أبا الفتح نصر بن إبراهيم بن نصر المقدسي، يقول: حدثني عبد الله السقا شيخ صالح كان يجاور الجامع ببيت المقدس، قال: كنت أقرأ كل ليلة سورة: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ [2] مائتي مرة، ولا أقرأ بسم الله الرحمن الرحيم، فرأيت في بعض الليالي مائتي شاة مقطعة الرؤوس، وقائل يقول: هذه لك، فقلت: فلم هي مقطعة الرؤوس؟ فقال: لأنك لم تقرأ بسم الله الرحمن الرحيم. قال أبو شامة: ويشبه هذا منام آخر ذكره أبو المحاسن الردياني في كتابه البحر، عن أبي سهل الأبيوردي أن خطيبا ببخارى من جملة العلماء والزهاد، رأى خبرا عن رسول الله صلّى الله عليه وسلم أنه قال: من قرأ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ألف مرة، دفع الله عنه وجع السن، ولا ييجع أبدا، فوجع سنّه فقرأها ألف مرة فلم يزل الوجع، وزاد، فنام فرأى رسول الله صلّى الله عليه وسلم في المنام/ فسأله عن وجع السن وعما فعل، فقال: رأيت خبرا عنك يا رسول الله، كذا، وفعلت كذا، فلم يسكن وجعي، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: لأنك قرأتها بلا تسمية، فاقرأها بالتسمية، فانتبه فقرأها مع التسمية، فرفع الله تعالى عنه وجع السن، ولم يعد. بعضهم: [الطويل] وأكثر من تلقى يسرّك قوله ... ولكن قليلا من يسرّك فعله وقد كان حسن الظنّ بعض مذاهبي ... فأدّبني هذا الزمان وأهله في بعض كتب الهند: ليس من خلّة يمدح بها الغني، إلا ذمّ بها الفقير، فان كان شجاعا، قيل أهوج، وإن كان وقورا، قيل بليد، وإن كان لسنا قيل مهذار، وإن كان زمّيتا، قيل عيي. قيل في التوراة: امدد يدك لباب من العمل، أفتح لك بابا من الرزق. أنشد الطيبي [3] في حاشية الكشاف: [السريع]

_ [1] أبو شامة: عبد الرحمن بن إسماعيل بن إبراهيم المقدسي، توفي سنة 665 هـ. (فوات الوفيات 2/269) . [2] سورة الإخلاص 1. [3] الطيبي: الحسن بن محمد بن عبد الله الطيبي، إمام مشهور وعلامة في العربية والمعاني والبيان، صنف شرح الكشاف، توفي سنة 743 هـ. (بغية الوعاة 1/522، الكنى والألقاب 2/451) .

في التذكرة المسماة كنوز الفوائد ومعادن الفرائد

كم من أديب فهم قلبه ... مستكمل العقل مقل عديم ومن جهول مكثر مآله ... ذلك تقدير العزيز العليم في التذكرة المسماة كنوز الفوائد ومعادن الفرائد للجمال يوسف بن أحمد بن محمود الأسدي الدمشقي المشهور باليغموري [1] ، قدم إلى أبي يوسف [2] مسلم قتل ذميا، فأمر أن يقاد به [3] ، ووعدهم ليوم، فدفعت إليه رقعة، فاذا فيها أبيات شعر: [السريع] يا قاتل المسلم بالكافر ... جرت وما العادل كالجائر يا من ببغداد وأطرافها ... من فقهاء الناس أو شاعر جار على الدين أبو يوسف ... إذ يقتل المسلم بالكافر [4] فاسترجعوا وابكوا على دينكم ... اصطبروا فالأجر للصابر فركب إلى الرشيد، فحدثه بالقصة، وأقرأه الرقعة، فقال له الرشيد: اذهب فاحتل، فلما عاد أبو يوسف إلى داره، وجاءه أولياء القتيل يطالبونه بالقود، قال لهم: ائتوني بشاهدين عدلين أن صاحبكم كان يؤدي الجزية. قال عز الدين أبو الحسن أحمد بن معقل المهلبي [5] في مدورة: [الوافر] فخرت بأنّني أمسي وساده ... لمن فاق الورى فخرا وساده

_ [1] يوسف بن أحمد اليغموري: أبو المحاسن، كان فاضلا أديبا، جمع مجاميع كثيرة مفيدة، وعمل تاريخا، توفي بالمحلة سنة 673 هـ. (وفيات الأعيان 6/250، مجمع اللغة العربية 46/807، الأعلام 8/214) . [2] أبو يوسف: القاضي يعقوب بن إبراهيم بن حبيب الأنصاري الكوفي البغدادي، صاحب الإمام أبي حنيفة وتلميذه، من حفاظ الحديث ولزم أبا حنيفة، فغلب عليه (الرأي) وولي القضاء ببغداد أيام المهدي والهادي والرشيد، وهو أول من دعي (قاضي القضاة) ، كان واسع العلم بالتفسير والمغازي وأيام العرب له كتب منها (الخراج) ، و (آثار) ، و (الأمالي في الفقه) وغيرها، توفي ببغداد سنة 182 هـ. (أخبار القضاة لوكيع 3/254، مفتاح السعادة 2/100- 107، النجوم تالزاهرة 2/107، اريخ بغداد 14/242، وفيات الأعيان 2/303) . [3] في ب، ل، ط، ش: يقاد منه. والقود: القصاص، قتل القاتل بالقتيل. [4] في ع: حاد عن الدين. [5] أحمد بن معقل: أبو العباس عز الدين الأزدي المهلبي، عالم بالأدب من أهل حمص، وبرع في العربية وقال الشعر رحل إلى العراق وتشيع بالحلة، توفي في دمشق سنة 446 هـ. (الوافي بالوفيات 7/239، بغية الوعاة 1/348) .

وهل أنا غير منزلة لبدر ... يقارن فيّ شمسا بالسعاده شرفت بأشرف الأعضاء فوقي ... وسدت بخدمتي لذوي السياده فهالة كلّ بدر في سماء ... ترى من حسن شكلي مستفاده وقال في مروحة: [الطويل] ومروحة أهدت إلي النفس روحها ... لدى القيظ مشبوبا باهداء ريحها روينا عن الريح الشمال حديثها ... على ضعفه مستخرجا من صحيحها [1] وقال فيها ملغزا: [الوافر] وما محمولة من غير جهد ... ولا تعب تريح الحامليها لها نسب علا من أمهات ... إلى هجر به تهتزّ تيها فشهرا ناجر قرّ لدينا ... بما يهدى لنا منها وفيها [2] وقال أيضا فيها: [السريع] ورادة خرقاء معشوقة ... تبدي لنا الحكمة والفهما تهتزّ بالبرد ولكنّها ... هزتها من غير ما حمّى لا تكسب السقم ولكنّها ... تريح من قد كسب السّقما وقال أيضا [3] : [الطويل] إذا رضت أمرا في ذراه صعوبة ... فرفقا تقده مصبحا ممكنا ظهرا [4] ولا تأخذن بالقسر ذا نخوة وذا ... إباء تهج نارا مضرّمة شرّا فلطمة طرف هيّجت حرب داحس ... ولطمة ملك نصّرت أمّة كفرا [5] قال محاسن بن إسماعيل الشوّا [6] في بخيل: [الرمل]

_ [1] في ب، ل، ط، ش، ك من حديثها. [2] ناجر: اسم لشهر صفر في الجاهلية، إذ كان لا يجىء إلا في الحر، وكان التوقيت شمسيا، والناجر: كل شهر في صميم الحر. (المعجم الوسيط: نجر) . [3] ورد للشاعر شعر في الوافي 7/239، وبغية الوعاة 1/348 ولم ترد هذه الأشعار من ضمنها. [4] كلمات عجز البيت مطموسة في نسخة الأصل. [5] في حاشية ب، ل: أي لطمة فرس، وطرف من أسماء الفرس. قلت: يشير في البيت إلي حرب داحس والغبراء التي أثيرت بسسب الخلاف على سباق الفرسين داحس والغبراء، وقوله: لطمة ملك: يريد جبلة بن الأيهم الذي وطأ على ردائه أعرابي فلطمه، فأمر عمر أن يقتص الأعرابي منه بلطمه، فارتد جبلة ولحق بالروم وتنصر. [6] محاسن بن إسماعيل الشوا: الملقب شهاب الدين، الكوفي الأصل، الحلبي المولد والنشأة، كان أديبا شاعرا فاضلا، توفي سنة 635 هـ. (وفيات الأعيان 7/232، شذرات الذهب 5/178) .

لا رعاه الله من برم ... عادل عن مذهب الكرم خلقت مقبوضة يده ... كالمنادى المفرد العلم [1] قالت الحكماء: من استعمل هذه الأبواب العشرة، لم يعتل مدة حياته، لا يأكل طعاما وفي معدته طعام، ولا يأكل ما تضعف أسنانه عن مضغه، فتضعف معدته عن هضمه، ولا يشرب الدواء ما لم تكن له إليه حاجة داعية، ولا تخرج الدم فانه في البدن يحرس النفس، ويستعمل في كل أسبوع قيّه [2] ، ولا يحبس البول إذا حضره، ولو على سرجه، لكي لا يعقره، ويعرض نفسه على الخلاء قبل النوم، ويدخل الحمام في كل يومين مرة، فانه يخرج من الجسد ما لا يدخل إليه الدواء، ولا يستعمل الجماع كثيرا، فانه يقتبس/ نور الحياة، ولا يجامع العجوز فانه يورث الموت فجأة. وقال بعض الحكماء: ثلاث لا يحفظهن إلا حازم، ولا يضيعهن إلا عاجز؛ إياك أن تبلغ بطعامك حد الامتلاء، أو تشرب الماء على غير ظمأ، أو تجامع من غير فضل شهوة. وقال جالينوس [3] : ما دخل الرمان جوفا فاسدة إلا أصلحها، ولا دخل التمر جوفا صالحة إلا أفسدها [4] . وقال بقراط [5] : المريض الذي يشتهي أرجى من الصحيح الذي لا يشتهي [6] . قال فيلسوف: الكرام أصبر نفوسا، واللئام أصبر أبدانا. قال هارون الرشيد للفضيل بن عياض [7] : ما أزهدك؟ قال: أنت أزهد مني، قال: وكيف ذاك؟ قال: لأني أزهد في الدنيا، وأنت تزهد في الآخرة، والدنيا فانية، والآخرة باقية.

_ [1] يريد بالمفرد المنادى العلم: أنه يكون مبنيا على الضم، فيد المهجو مضمومة. [2] قيّه: كذا وردت في جميع النسخ، ولعلعا: قيئه، ولا معنى لها. [3] جالينوس: طبيب يوناني، وهو خاتم الأطباء اليونانيين الكبار المعلمين، وهو الثامن منهم، توفي حوالي سنة 200 قبل الميلاد، وقيل 218. (طبقات الأطباء والحكماء ص 41، عيون الأنباء في طبقات الأطباء 1/71) . [4] قلت: أول العبارة فيما يخص الرمان صحيحجة، وآخرها غير صحيح، لأن التمر له فوائد كثيرة، وكان العرب وما زالوا طعامهم الأساس المفضل هو التمر، وصحتهم جيدة. ولعل كلمة التمر محرفة عن كلمة أخرى. [5] بقراط: ويكتب أيضا بالألف (أبقراط) ويطلق عليه بقراط الكبير والحكيم، وهو السابع من الأطباء اليرنانيين الكبار المذكورين، وهو من أشرف أهل بيته وأعلاهم نسبا تعلم الطب من أبيه إيرا قليدس، عاش خمسا وتسعين سنة وتوفي عام 357 قبل الميلاد. (عيون الأطباء 1/24، طبقات الأطباء ص 21) . [6] العبارة في طبقات الأطباء 1/24 بلفظ: العليل الذي يشتهي. [7] الفضيل بن عياض بن مسعود التميمي: أبو علي، شيخ الحرم المكي، من أكابر العباد الصلحاء، كان ثقة في الحديث، أخذ منه خلق منهم الإمام الشافعي، ولد في سمرقند، ونشأ بأبيورد، ودخل الكوفة وهو كبير، وأصله منها، ثم سكن مكة، من كلامه: من عرف الناس استراح، توفي بمكة سنة 187 هـ. (تذكرة الحفاظ 1/225، طبقات الصوفية ص 6- 14، التهذيب 8/294، وفيات الأعيان 484) .

لما قدم عبد العزيز بن مروان على أخيه عبد الملك/ من ولاية مصر، خرج لاستقباله، فرأى رحله على ألف جمل، فقال لمن يسايره: ما عير أحق بأن يقال لها: أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسارِقُونَ [1] من هذه، فبلغت كلمته عبد العزيز فقال: إِنْ يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَهُ مِنْ قَبْلُ [2] . لما سلّم نجاح بن مسلمة إلى موسى بن عبد الملك ليستأدي [3] ما عليه، تلف من مطالبته، فاجتمع بعض الرؤساء بأبي العيناء [4] فقال: ما عندك من خبر نجاح؟ فقال: فَوَكَزَهُ مُوسى فَقَضى عَلَيْهِ [5] فبلغت كلمته موسى، فلقي أبا العيناء فتهدده، فقال له: أَتُرِيدُ أَنْ تَقْتُلَنِي كَما قَتَلْتَ نَفْساً بِالْأَمْسِ [6] . تنبأ رجل في زمن الرشيد، فأحضره وجرده، وضربه بالسياط، فأخذ يصيح ويستغيث، فقال له المأمون وهو صبي: فَاصْبِرْ كَما صَبَرَ أُولُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ [7] . خلف الرشيد في/ بيت المال ثمانية وأربعين ألف ألف دينار [8] . خطب الحجاج ذات يوم فقال: أيها الناس، إن الصبر عن محارم الله أيسر من الصبر على عذاب الله، فقام إليه رجل فقال: ويحك يا حجاج، ما أصفق وجهك، وأقل حيائك، فأمر به فحبس، فلما نزل عن المنبر، دعا به فقال له: لقد اجترأت عليّ، فقال له: أتجترئ على الله فلا تنكره، ويجترأ عليك فتنكره، فخلى سبيله [9] . سئل جعفر الصادق [10] عن الزهد، فقال:

_ [1] سورة يوسف 70. [2] يوسف 77. [3] يستأدي: يصادره وينتزع منه ما عليه من مال بالقوة. [4] أبو العيناء: محمد بن القاسم بن خلاد بن ياسر الهاشمي بالولاء، أديب فصيح من ظرفاء العالم، ومن أسرع الناس جوابا اشتهر بنوادره ولطائفه، وكان ذكيا جدا له شعر حسن، وكان خبيث اللسان، كف بصره بعد بلوغه الأربعين، توفي سنة 283 هـ (نكت الهميان ص 265، ابن خلكان 2/504، المرزباني ص 448، تاريخ بغداد 3/170) . [5] سورة القصص 15. [6] القصص 19. [7] الأحقاف 19. [8] في ب، ش، ل: أربعين ألف ألف دينار، بسقوط ثمانية. [9] وفيات الأعيان 2/31. [10] جعفر الصادق: جعفر بن محمد الباقر بن علي زين العابدين بن الحسين السبط الهاشمي القرشي، سادس الأئمة الإثني عشر عند الإمامية، من أجلاء التابعين، له منزلة كبيرة في العلم أخذ عنه جماعة منهم الإمام أبو حنيفة والإمام مالك، ولقب بالصادق لأنه لم يعرف عنه الكذب قط، كان جريئا بالحق على الخلفاء العباسيين، مولده ووفاته بالمدينة توفي سنة 148 هـ. (وفيات الأعيان 1/105، صفة الصفوة 2/94، حلية الأولياء 3/192، اليعقوبي 3/115) .

لِكَيْلا تَأْسَوْا عَلى ما فاتَكُمْ وَلا تَفْرَحُوا بِما آتاكُمْ [1] . قال الإمام الشافعي رضي الله عنه [2] : [الكامل] إنّ الذي رزق اليسار ولم يصب ... حمدا ولا أجرا لغير موفق [3] الجدّ يدني كلّ أمر شاسع ... والجدّ يفتح كلّ باب مغلق [4] وإذا سمعت بأنّ مجدودا حوى ... عودا فأثمر في يديه فصدّق وإذا سمعت بأن محدودا أتى ... ماء ليشربه فغاض فحقّق [5] لو كان بالحيل الغنى لوجدتني ... بنجوم أقطار السماء تعلقي لكن من رزق الحجى حرم الغنى ... ضدان مفترقان أيّ تفرّق ومن الدليل على القضاء وكونه ... بؤس اللبيب وطيب عيش الأحمق [6] وقال بعضهم: [الطويل] قناديل دين الله تسعى بحملها ... رجال بهم يحيى حديث محمد محابرهم زهر تضىء كأنّها ... قناديل حبر ناسك وسط مسجد تساق إلى من كان بالفقه عالما ... ومن صنّف الأحكام في كلّ مسند وقال آخر: [الوافر] لمحبرة تجالسني نهاري ... أحبّ إليّ من أنس الصديق ورزمة كاغد في البيت عندي ... أعزّ عليّ من عدل الدقيق ولطمة عالم في الخدّ منّي ... ألذّ لديّ من شرب الرحيق وقال آخر [7] : [الوافر] أنست بوحدتي ولزمت بيتي ... قدام الأنس لي ونما السرور

_ [1] الحديد 23: وَاللَّهُ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتالٍ فَخُورٍ. [2] الإمام الشافعي: محمد بن إدريس بن العباس بن عثمان بن شافع الهاشمي القرشي، أبو عبد الله، أحد الأئمة الأربعة عند أهل السنة، ولد بغزة في فلسطين، وتوفي بمصر سنة 204 هـ. (وفيات الأعيان 4/166، شذرات الذهب 2/11، الكنى والألقاب 2/347) . [3] الأبيات في ديوان الشافعي ص 98 مع خلاف في ترتيب الأبيات وبعض الألفاظ، الديوان جمع محمد عبد المنعم خفاجي ط 1985. [4] الجد الأولى بكسر الجيم: الاجتهاد، والثانية بفتح الجيم: الحظ. [5] في ع: بأن محروما أتى. [6] البيت الأخير ساقط من نسخة ع. [7] الأبيات مع رابع دون نسبة في الدر الفريد 1/306، مع خلاف في بعض الألفاظ.

وأدبني الزمان فلا أبالي ... هجرت فلا أزار ولا أزور [1] ولست بقائل ما دمت حيّا ... أسار الجند أم ركب الأمير [2] وقال آخر: [الوافر] زمان قلّ فيه الناس ... حتى كأنّ الناس في فلك البروج وقالوا قد لزمت البيت جدا ... فقلت لفقد فائدة الخروج قال الحافظ أبو طاهر السلفي، أنشدني أبو عامر محمد بن سعدون بن المرجّى العبدري ببغداد/ أنشدني أبو علي المعافري الأندلسي بالمغرب، أنشدني أبو داود النحوي، أنشدني أستاذي غانم اللغوي المالكي [3] لنفسه [4] : [البسيط] صيّر فؤادك للمحبوب منزلة ... سمّ الخياط مجال للحبيبين ولا تسامح بغيضا في معاشرة ... فقلما تسع الدنيا بغيضين وقال آخر: [الطويل] إذا شئت أن تستقرض المال منفقا ... على شهوات النفس في حالة العسر فسل نفسك الإقراض من كيس صبرها ... عليها وإنظار إلى زمن اليسر فان فعلت كنت الغنيّ وإن أبت ... فكلّ ملوم دونها واسع العذر من أحسن ما يذكر به تابعيان بين وفاتيهما مائة وخمسون سنة، أحدهما معضد بن يزيد [5] توفي سنة ثلاثين من الهجرة، والثاني خلف بن خليفة [6] ، توفي سنة ثمانين ومائة، وقيل إحدى وثمانين ومائة./ لقي أبو العتاهية بشار بن برد، فقال له بشار: ما الذي استحدثت بعدي، فقال [7] : [مجزوء الكامل]

_ [1] في ع: فلا أزور ولا أزار. بعد هذا البيت في الدر الفريد: متى تقنع تعش ملكا عزيزا ... يذلّ لعزك الملك الفخور [2] في ب، ل: أسار الخيل. [3] غانم بن وليد المخزومي المالقي: نحوي فاضل شاعر متصدر ببلده مالقة من ساحل الأندلس، توفي سنة 470 هـ. (بغية الوعاة 2/389، إنباه الرواة 2/389) . [4] البيتان في معجم الأدباء 6/167، وإنباه الرواة 2/389، وبغية الوعاة 2/241، والأول في والدر الفريد 4/36. [5] معضد بن يزيد العجلي: أبو يزيد الكوفي، قيل: إنه أدرك الجاهلية، وهو المتعبد المتهجد الشاهد المستشهد. (الإصابة 3/499، حلية الأولياء 4/159) . [6] خلف بن خليفة الأشجعي الكوفي: تابعي راوية للحديث، توفي سنة 181 هـ. (ميزان الاعتدال 1/659) . [7] في ديوان أبي العتاهية ط بيروت 1997 ص 26 ثلاثة أبيات بنقص

كم من صديق لي أسا ... رقه البكاء من الحياء فاذا رآني راعني ... فأقول ما بي من بكاء لكن ذهبت لأرتدي ... فطرقت عيني بالرداء قالوا فكلتا مقلتي ... ك أصابها طرف الرداء فقال له بشار: ما أشعرك لولا أنك سرقتني، قال: حين تقول ماذا؟ قال، حين أقول [1] : [الوافر] وقالوا قد بكيت فقلت كلا ... وهل يبكي من الطرب الجليد ولكني أصاب سواد عيني ... عويد قذى له طرف حديد فقالوا ما لدمعهما سواء ... أكلتا مقلتيك أصاب عود فقال أبو العتاهية: وأنت فما أشعرك لولا أنك سرقت عمر بن أبي ربيعة، حيث يقول [2] : [الكامل] انهلّ دمعي في الرداء صبابة ... فسترته بالبرد عن أصحابي فرأى سوابق عبرة منهلة ... عمرو فقال بكى أبو الخطاب [3] فمريت نظرته وقلت أصابني ... رمد فهاج الدمع للتسكاب [4] فقال بشار: وما أشعر عمر لولا أنه سرق الحطيئة في قوله [5] : [الوافر] إذا ما العين فاض الدمع منها ... أقول بها قذى وهو البكاء وبيت الحطيئة أشعر مما تقدم لسبقه إلى المعنى واختراعه إياه. لما قدم عمر بن هارون [6] مكة، وهو غلام، أخذ في الاختلاف إلى عبد الملك بن جريج [7] وهو عالمها، فأقام عنده سنين، وبرّعه ابن جريج في العلوم، إلى أن رأى عمر أنه ظفر بما عند ابن جريج من فوائد العلوم، وأنواع الآداب، فأخذ من أهبة الإفاضة من

_ [1] الأبيات في ديوان بشار 4/51 ط عاشور تونس 1976 من قطعة، مع خلاف في رواية بعض الألفاظ. [2] الأبيات في ديوان عمر ص 414 من قصيدة، مع خلاف في بعض الألفاظ. [3] رواية النسخ: عمر فقال، والصواب عمرو، وهي رواية الديوان. [4] مريت نظرته: جحدتها وأنكرتها. [5] البيت في ديوان الحطيئة ص 59 من قصيدة يمدح بها بغيضا. [6] عمر بن هارون بن يزيد بن جابر: الثقفي بالولا البلخي عالم بالقراءات، واسع الرواية للحديث كان شيخ بلخ ومقرئها ومحدثها، توفي سنة 194 هـ. (التهذيب 7/501- 505، غاية النهاية 1/598) . [7] ابن جريج: عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج المكي فقيه الحرم المكي، رومي الأصل، من موالي قريش، كان إمام أهل الحجاز في عصره، وهو أول من صنف التصانيف في العلم بمكة، توفي سنة 150 هـ. (تاريخ بغداد 10/400، تذكرة الحفاظ 1/160، صفة الصفوة 2/122، ابن خلكان 1/286) .

مكة إلى بلخ [1] ، فلما رآه ابن جريج عازما على ذلك، قال له: أخّر يوما حتى أجمع بينك وبين أشراف مكة، فأجاب إلى ذلك، ودعا أشراف مكة [2] ، فلما أخذوا مجالسهم، ومدت الأطعمة، أقام ابن جريج على رأس عمر غلاما بديعا، قد استحكم الأدب، وقال له: إذا رأيت من هذا الخراساني عيبا فاعلمه. فقدم الوضوء إلى عمر، فلما غسل يديه مس عارضه بيده اليمنى، فقال له الغلام: أخطأت يا خراساني من مسّك عارضك بعد غسل يدك، وأمره باعادة الغسل. فلما وضعت المائدة وقدّمت القصاع، بدأ عمر يفتّ الخبز في المرقة، فقال له الغلام، أخطأت يا خراساني، قال: فيم؟ قال: في هشمك الثريد/ قبل ذوقك له، فانك لا تدري ما طعمه، فلعلك تعافه، فتكون قد أفسدته، وإذا بدأت بذوقه ووافقك طعمه، هشمت الثريد على علم منك بموافقته إياك، قال: صدقت، ثم ذوّق فيه فلقة خبز، يتحرى بذلك، فقال له الغلام: أخطأت يا خراساني، قال: فيم؟ قال: من مخالفة حديث النبيّ صلّى الله عليه وسلم حين قال: (ابدأوا بالملح واختموا بالملح ثلاث لقم) [3] ، لم يقل ابدأوا بالذوق، قال: صدقت. فبدأ بالملح، ثم عاد إلى الثريد، فجعل يأكل ويمسح أصابعه بالمنديل في كل لقمة، فقال له الغلام: أخطأت يا خراساني، قال: فيم؟ قال: مسحك الأصابع في كل لقمة بالمنديل، ولعق الأصابع مما ندب النبي صلّى الله عليه وسلم، إليه قال: صدقت، فلما قدم الإرز مزق عمر رقاقة يقي بها أصابعه حرّ الإرز، فقال له الغلام: أخطأت يا خراساني، قال: فيم؟ قال: من رفعك اللقمة الحارة فتضعها في فيك حارة فتحرق، وتستحي من أصحابك أن تلفظها فتبتلعها، فتحرق معدتك، ولا تدري كيف تخلص منها، قال عمر: صدقت، فخجل وأمسك. قال له الغلام: أخطأت يا خراساني./ قال: فيم؟ قال في إمساكك عن الطعام قبل إمساك من على المائدة، أو ما سمعت قول العرب: لا تكن أول من يمسك عن الطعام، فيستحي منك من لم يستوف، فيمسك لإمساكك، ولا تكن آخر من يمسك فتنسب إلى النهم والرغابة، فجعل عمر يساعد من على المائدة إلى أن استوفوا [4] . فلما رفعت المائدة، وقرّب إليه الوضوء، مد عمر يده اليسرى لأخذ الحرض [5] ، فقال

_ [1] بلخ: مدينة مشهورة بخراسان، افتتحها الأحنف بن قيس من قبل عبد الله بن عامر بن كريز، في أيام عثمان بن عفان. (ياقوت: بلخ) . [2] قوله: فأجاب إلى ذلك ودعا أشراف مكة. ساقطة من ب، ط. [3] الحديث بلفظ: (ابدأوا بالملح واختموا بالملح ثلاث لقم) في اتحاف السادة المتقين للزبيدي 5/218. [4] في ب، ط، ش، ل: استوفي. [5] الحرض: الاشنان، ورماد إذا أحرق ورش عليه الماء انعقد وصار كالصابون، تنظف به الأيدي والملابس، وحجر الجير.

له الغلام: أخطأت يا خراساني، قال: فيم؟ قال: في أخذ الشىء النقي بالشمال، وقد نهي عنه، قال: فمد اليمنى باسطا إلى الخادم [1] ليصب عليه الحرض، فقال: أخطأت يا خراساني، قال: فيم، ولا يأخذ الشىء بعد اليسرى إلا باليمنى، قال الغلام: ولكن إذا صبّ الحرض على يمينك، ثم ألقيته على يسارك، تكون عملت عملا واحدا مرتين، ولكن خذ المحرضة باليمنى، وصب الحرض بها على اليسرى، ثم ردّ المحرضة، وقد أخذت الشىء النقي باليمين، ولم يجد العائب عليك عيبا، قال: صدقت. وأخذ الماء فرحض كفيه ظاهر هما وباطنهما فقال له الغلام: أخطأت يا خراساني، قال: فيم؟ قال: في تحريضك ظاهر كفيك بالحرض، قال عمر: وأي بأس في ذلك؟ قال:/ في ذلك خصلتان ذميمتان، قال عمر: ما هما؟ قال: أما الخصلة الأولى فيدل على أنك غمست يديك في المرقة، وذلك من وجهين ذميمين، أما سوء الأدب، وأما الشره والنّهم، وأما الخصلة الثانية، فيدل على أنك تريد بذلك إزالة وسخ عليهما، وكل ذلك وبعضه أقبح من بعض، فقال عمر: ابن كم أنت؟ قال: ابن أب واحد، قال: إنما عنيت سنك، قال: فقل ابن كم سنة أنت، قال: ابن ثمان حجج، فقال: أحيّة أمك؟ فقال الغلام: ما هي بحيّة ولا عقرب، ولكنها امرأة، قال عمر: فكيف أقول؟ قال قل: من الأحياء أمك؟ فقال عمر في نفسه، وتقاصرت إليه نفسه، إني لم أتعلم أدب الأكل والشرب، فلست براجع، ووطن نفسه على المقام عند ابن جريج، فما فارقه إلا بعد سنين، أخرجه الحافظ أبو الفضل محمد بن طاهر المقدسي [2] في كتاب صفوة التصوف بسنده إليه [3] ./ وذكر أبو القاسم يحيى بن علي الحضرمي في تاريخ مصر، المذيل به على كتاب ابن يونس، دعا [4] أحمد بن طولون [5] برجل، فأدخل إليه، فقال لحاجب من حجابه: خذ هذا

_ [1] في ب، ط، ش، ل: إلى الغلام. [2] محمد بن طاهر بن علي بن أحمد المقدسي الشيباني القيسراني: أبو الفضل، رحالة مؤرخ من حفاظ الحديث، مولده ببيت المقدس، له كتب كثيرة منها: (تاريخ أهل الشام ومعرفة الأئمة منهم والأعلام) ، و (معجم البلاد) ، و (صفوة التصوف) ، و (أطراف الكتب الستة) وغيرها، توفي ببغداد سنة 507 هـ. (ميزان الاعتدال 3/75، لسان الميزان 5/207، وفيات الأعيان 1/486) . [3] في الأصل بياض بمقدار أربعة أسطر، بدون نقص في الكلام. [4] في ط، ب، ل: دعي. [5] أحمد بن طولون: أبو العباس، صاحب الديار المصرية والشامية والثغور، تركي مستعرب، كا شجاها جوادا حسن السيرة، شديدا على الخصوم، تفقه وتأدب في سامراء، وحظي عند المتوكل فولاه الثغور وإمرة دمشق ثم مصر، توفي سنة 270 هـ. (النجوم الزاهرة 3/1، بدائع الدهور 1/37، الولاة والقضاة ص 212- 232، ابن الأثير 7/136 ابن خلكان 1/55) .

فاضرب عنقه، وأتني برأسه، فأخذه ومضى به، فأقام طويلا، ثم أتى وليس معه شىء، فقال له أحمد بن طولون: ما قصتك؟ فقال: الأمان، قال: لك الأمان، قال: مضيت بالرجل لأضرب عنقه، فجزت ببيت خال، فقال لي: أئذن لي أدخل هذا البيت، فأصلي فيه ركعتين، فاستحييت من الله أن أمنعه من ذلك، فأذنت له فدخل، فأطال، فدخلت إلى البيت فلم أجد فيه أحدا، وليس في البيت طاق نافذ، فجئت لأخبرك بذلك، قال: فهل سمعته يقول شيئا؟ قال: نعم، سمعته يقول وقد رفع يديه: يا لطيفا لما يشاء، يا فعّالا لما يريد، صلّ على محمد وآله، والطف بي في هذه الساعة، وخلصني من يديه. فدخلت البيت بعد هذا أطلبه فلم أجد فيه أحدا، فقال له أحمد بن طولون: صدقت،/ هذه دعوى مستجابة. وفيه أيضا: قال لي عبد الرحمن بن إسماعيل النحوي العروضي: توفي أبو سعيد عبد الرحمن بن أحمد بن يونس بن عبد الأعلى الصوفي صاحب التاريخ، يوم الأحد، ودفن يوم الاثنين لست وعشرين ليلة مضت من جمادى الآخرة، سنة سبع وأربعين وثلاثمائة، وصلى عليه أبو القاسم بن حجاج فقلت أندبه: [البسيط] بثثت علمك تشريقا وتغريبا ... وعدت بعد لذيذ الأنس مندوبا أبا سعيد وما يألوك أن نشرت ... عنك الدواوين تصديقا وتصويبا ما زلت تلهج بالتاريخ تكتبه ... حتى رأيناك في التاريخ مكتوبا أرّخت موتك في ذكري وفي صحف ... لمن يؤرخني إذ كنت محسوبا نشرت عن مصر من سكانها علما ... مبجلا بجمال القوم منصوبا كشفت عن فخرهم للناس ما سجعت ... ورق الحمام على الأغصان تطريبا أعربت عن عرب نقّبت عن نخب ... سارت مناقبهم في الناس تنقيبا نشرت ميّتهم حيّا بنسبته ... حتى كأن لم يمت إذ كان منسوبا [1] إنّ المكارم للإحسان موجبة ... وفيك قد ركّبت يا عبد تركيبا حجبت عنّا وما الدنيا بمظهرة ... شخصا وإن جلّ إلا عاد محجوبا كذلك الموت لا يبقي على أحد ... مدى الليالي من الأحباب محبوبا أنشد أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن عبد الحكم [2] : [الطويل]

_ [1] في ب، ل: نشرت نسبتهم. [2] محمد بن عبد الله بن عبد الحكم المصري: أبو عبد الله، فقيه عصره، انتهت إليه الرياسة في العلم بمصر، توفي سنة 268 هـ. (وفيات الأعيان 4/194) والأبيات لراشد الكاتب في الدر الفريد 2/27.

لعمرك ما كل التعطل ضائرا ... ولا كل شغل فيه للمرء منفعه إذا كانت الأرزاق في القرب والنوى ... عليك سواء فاغتنم لذة الدّعه وإن ضقت فاصبر يفرج الله ما ترى ... ألا ربّ ضيق في عواقبه سعه وقال الفقيه عمارة اليمني [1] : [البسيط] لولا تقدم ذنب الدهر ما حسنت ... عندي مواقع ما يولي من النعم [2] كصحة الجسم لا يدرى بقيمتها ... ما لم ينبه عليها عارض السقم وقال آخر: [الكامل] ازهد إذا الدنيا أنالتك المنى ... فهناك زهدك من شروط الدين فالزهد في الدنيا إذا ما رمتها ... دأبت عليك كعفة العينين [3] وقال آخر: [الكامل] هجروك فاستوحشت من هجرانهم ... لو كنت أهلا للوصال لواصلوا [4] وقال آخر: [الرمل] أترى تجمعني الدار بهم ... مثل ما كانت قديما جمعت وأنادي بين أكناف الحمى ... هذه دولتنا قد رجعت قال العزّ أبو الحسن أحمد بن معقل: مات صديق لي فرأيته في المنام وهو يقول لي: لم لا رثيتني، وأنت أنشدتني لابن سعادة [5] الشاعر: [مجزوء الكامل] أو ما شعرت أخا النّهى ... أن لا يموت صديق شاعر فأصبحت ورثيته.

_ [1] عمارة اليمني: عمارة بن علي بن زيدان، نجم الدين، مؤرخ ثقة، وشاعر فقيه أديب، من أهل اليمن، ذهب إلى مصر فأكرمه حكامها الفاطميون فمدحهم، فلما دالت دولتهم وانتصر صلاح الدين أتهم بمحاولة قتل صلاح الدين فقتل مع مجموعة من الثائرين، له شعر جيد وجملة تصانيف، قتل سنة 569 هـ. (وفيات الأعيان 1/376، مفرج الكروب 1/212- 216، صبح الأعشى 3/532، السلوك للمقريزي 1/53) [2] الشعر في وفيات الأعيان 3/432- 433. [3] في ع: كغصة العينين. [4] البيت ساقط من ع. [5] ابن سعادة: محمد بن عبد الله بن عبد الرحمن، كان من أهل الخط البارع والمعارف الجمة، جيد الكتابة حسن النظم والنثر، توفي سنة 532 هـ. (بغية الوعاة 1/137) .

دخل أعرابي على معن بن زائدة [1] فأنشده [2] : [البسيط] أصلحك الله قلّ ما بيدي ... فما أطيق العيال إذ كثروا ألحّ دهر رمى بكلكله ... فأرسلوني إليك وانتظروا فقال معن: لا جرم والله لأعجّلنّ أوبتك، ثم قال: ناقتي الفلانية، وألف دينار، فدفعها إليه وهو لا يعرفه [3] . خرج سفيان بن عيينة [4] إلى أصحاب الحديث وهو ضجر، فقال: أليس من الشقاء أن أكون جالست ضمرة بن سعيد، وجالس أبا سعيد الخدري، وجالست عمرو بن دينار، وجالس جابر بن عبد الله، وجالست عبد الله بن دينار، وجالس ابن عمر، وجالست الزهري، وجالس أنس بن مالك، حتى عدد جماعة، ثم أنا أجالسكم، فقال له: حدث في المجلس والله لشقاء من/ جالس أصحاب رسول الله بك أشدّ من شقائك بنا، فأطرق وتمثل بشعر أبي نواس [5] : [مجزوء الرمل] خلّ جنبيك لرام ... وامض عنه بسلام مت بداء الصّمت خير ... لك من داء الكلام فسأل: من الحدث؟ فقالوا: يحيى بن أكثم [6] ، فقال سفيان: هذا الغلام يصلح لصحبة السلطان [7] ، قال: وكان يحيى بن أكثم يحسد حسدا شديدا، وكان مفنّنا، فكان أذا نظر إلى رجل يحفظ الفقه، سأله عن الحديث، وإذا رآه يحفظ الحديث سأله عن النحو، وإذا رآه يعلم النحو سأله عن الكلام، ليقطعه ويخجله، فدخل إليه رجل من أهل خراسان ذكي حافظ، فرآه مفننا، فقال له: نظرت في الحديث؟ قال: نعم، قال: فما تحفظ من الأصول؟ قال: أحفظ شريك عن أبي إسحاق عن الحارث أن عليا رجم لوطيا، فأمسك ولم يكلمه. قال،

_ [1] معن بن زائدة بن عبد الله بن مطر الشيباني: أبو الوليد، من أشهر أجواد العرب، وأحد الشجعان الفصحاء الحلماء، أدرك العصرين الأموي والعباسي، توفي سنة 151 هـ. (وفيات الأعيان 5/248) . [2] البيتان في الفاضل في صفة الأدب الكامل للوشاء ص 174 والممدوح فيه عمر بن هبيرة، وفي الكامل للمبرد 1/190، والعقد الفريد 3/430 وفي الدر الفريد 2/151. [3] الرواية في وفيات الأعيان 5/248، شذرات الذهب 1/232 مع اختلاف يسير. [4] سفيان بن عيينة بن ميمون: العلامة الحافظ شيخ الإسلام أبو محمد الهلالي الكوفي، محدث الحرم، مولى محمد بن مزاحم أخي الضحاك بن مزاحم، توفي سنة 198 هـ. (تذكرة الحفاظ 1/264، وفيات الأعيان 2/391) . [5] ديوان أبي نواس ص 620. [6] يحيى بن أكثم بن محمد بن قطن التميمي: قاض رفيع القدر عالي الشهرة، من نبلاء الفقهاء، توفي بالمدينة سنة 242 هـ. (وفيات الأعيان 6/147، ميزان الاعتدال 4/361) . [7] في ب: لصحبة السلطنة.

في كتاب العشق والعشاق تأليف عبد العزيز بن عبد الرحمن بن مهذب

وقال المأمون ليحيى بن أكثم وهو يعرّض به: من الذي يقول [1] : [البسيط] قاض يرى الحدّ في الزناء ولا ... يرى على من يلوط من باس قال: أو ما يعرف أمير المؤمنين من قاله؟ قال: لا، قال: يقوله الفاجر أحمد بن أبي نعيم الذي يقول [2] : [البسيط] أميرنا يرتشي وحاكمنا ... يلوط والراس شرّ ما راس لا أرى الجور ينقضي عجلا ... وعلى الأمة وال من آل عباس فأفحم المأمون وسكت خجلا. وولي [يحيى بن أكثم] قضاء البصرة وسنّة عشرون سنة أو نحوها، فاستصغره أهل البصرة، فقال له أحدهم: كم سن القاضي؟ فعلم أنه قد استصغره، فقال له: أنا أكبر من عتّاب بن أسيد [3] الذي وجّه به النبي صلّى الله عليه وسلم قاضيا على مكة يوم الفتح، وأنا أكبر من معاذ بن جبل [4] الذي وجه به النبي صلّى الله عليه وسلم قاضيا على أهل اليمن، وأنا أكبر من كعب بن سور [5] الذي وجّه به عمر بن الخطاب قاضيا على أهل البصرة. في كتاب العشق والعشاق تأليف عبد العزيز بن عبد الرحمن بن مهذب كان رجل من بني إسرائيل يقال له عبود، عشق ابنة عم له، فلم يزل بعمّه حتى زوجه بها، فحملها معه، فلما صارت إلى فراشه ماتت فجأة، فلما دفنت، أقام على قبرها لا يأكل ولا يشرب، باكيا منتحبا، فمر به عيسى/ عليه السلام، فقال له: ما خبرك؟ فعرّفه، فقال: إن أجلها قد فرغ، ورزقها انقطع، فان جعلت لها شيئا من عمرك دعوت الله فأحياها، فقال: قد وهبت لها نصف عمري من ذي قبل، فدعا عيسى عليه السلام لها فأحياها، حتى إذا قرب من مدينته، قال لها: يا هذه، لي ثلاث ما طعمت ولا نمت، فدعيني أنام ساعة أستريح، وخذي رأسي في حجرك، ففعلت ونام، فمرّ بها بعض أبناء

_ [1] الرواية في كتاب الكنى والألقاب 2/285، والبيت والبيتين التاليين في الدر الفريد 4/287. [2] البيت الأول في الدر الفريد 2/272. [3] عتاب بن أسيد بن أبي العيص الأموي: أبو عبد الرحمن، أسلم يوم الفتح، واستعمله النبي صلّى الله عليه وسلم على مكة لما سار إلى حنين، وكان صالحا فاضلا، وكان عمره حين استعمله النبي نيفا وعشرين سنة، توفي سنة 13 هـ. (الإصابة 2/451) . [4] معاذ بن جبل بن عمرو بن أوس: أبو عبد الرحمن الأنصاري الخزرجي، الإمام المقدم في علم الحلال والحرام، شهد بدرا، وأمّره النبي صلّى الله عليه وسلم على اليمن وهو ابن إحدى وعشرين سنة، توفي سنة 17 أو 18 هـ، وعمره أربع وثلاثون سنة. (الإصابة 3/427) . [5] كعب بن سور بن بكر بن عبيد الأزدي: قاضي البصرة، شهد موقعة الجمل مع عائشة، فأتاه سهم غرب فقتله سنة 36 هـ. (الإصابة 3/315) .

الملوك فأعجبته، وأعجبها، فأمرها باتباعه، فوضعت رأس عبود على حجر، وانطلقت مع ابن الملك، وانتبه عبود من نومه، فبقي حائرا، فمر به قوم فسألهم، فأخبروه أنهم رأوها مع ابن الملك في هودجه، فسار حتى لحقه وتعلق بدابتها، فقيل له: ما نريد؟ فقال: إن عند هذه المرأة وديعة لي، فلتردها عليّ، ولتذهب حيث شاءت، فقالت: وما هي؟ قال: ما وهبته لك من عمري، فقالت: قد رددته عليك، فعادت ميتة لوقتها. قال السلفي: أنشدنا أبو الحسين بن الطيوري قال: أنشدنا أبو الحسن أحمد بن محمد العتيقي، قال:/ أنشدنا أبو الحسن علي بن محمد بن القاسم المخزومي قال: أنشدنا أبو بكر أحمد بن موسى بن مجاهد قال: أنشدنا محمد بن الجهم السمّري [1] لنفسه: [البسيط] لا تضجرنّ عليلا كنت عائده ... إنّ العيادة يوما إثر يومين وقد روى مندل عن جابر خبرا ... ألا يطيل جلوسا قبل ذي الدين بل سله عن حاله وادع الإله له ... واجلس بقدر فواق بين حلبين من زار غبّا أخا دامت مودته ... وكان ذاك صلاحا للخليلين [2] رفع إسحاق بن الشريح كبير اليهود في بغداد رقعة إلى ابن الدهابي صاحب المخزن، فنظر فيها وكتب على رأس الرقعة: ينظر في حال رافعوها [3] ، فلما قرأها اليهودي قال على البديهة: [البسيط] مذ كان همكم في جبر منكسر ... ورفد مفتقر أو بسط منقبض هذا يراعكم في الفضل حذركم ... فليس ينكر منه رفع منخفض وجدت بخط الحافظ رشيد الدين محمد بن الحافظ زكي الدين عبد العظيم المنذري، سمعت الإمام جمال الدين علي بن إبراهيم القرشي المخزومي يقول: ذكر لي الفقيه الإمام مرتضى الدين بن القسطلاني أنه كان عند الشيخ ابن الحطيئة، وقد أحضر إليه بيضة دجاجة على صفة الخشكنانكة، فتعجب منها الحاضرون، فقال الشيخ:/ [المجتث] سبحان من ألبس البيض ... حلّة الخشكنان [4]

_ [1] محمد بن الجهم السمري: أبو عبد الله الكاتب صاحب الفراء، روى كتابه في معاني القرآن، وهو أحد الثقات من رواة السّند، توفي سنة 277 هـ. (معجم الأدباء 18/109) . [2] في ع: دامت محبته. [3] كذا في الأصول، والصواب: رافعيها، ولعله يريد الإشارة إلى جهل صاحب المخزن إذ رفع المجرور. [4] الخشكنان: قد تكلمت به العرب، قال الراجز: يا حبذا الكعك بلحم مثرود ... وخشكنان وسويق مقنود وفسره داود في التذكرة بأنه دقيق الحنطة، إذا عجن بشيرج، وبسط ومليء بالسكر واللوز والفستق وماء الورد، وجمع وخبز، وأهل الشام تسميه المكفن (المعرب للجواليقي ص 134، وانظر هامش المحقق) .

عن العيان رأينا ... هـ لم نروه عن فلان قال الحافظ رشيد الدين: وأنشدنا جمال الدين المذكور [1] ، قال: أنشدت الفقيه الإمام مرتضى الدين الشيرازي المدرس بالشافعي، للشافعي رضي الله عنه [2] : [المتقارب] لقد قنعت همتي بالخمول ... وصدّت عن الرّتب العاليه وما جهلت طيب طعم العلا ... ولكنّها تؤثر العافيه فأنشدني لنفسه على البديهة [3] : [المتقارب] بقدر الصعود يكون الهبوط ... فإياك والدرج العالية [4] وكن في مكان إذا ما سقطت ... تقوم ورجلاك في عافيه قال: وأنشدنا الجمال المذكور، أنشدني الشيخ الأديب العلامة أبو الفضل عبد المنعم بن عمر بن حسان الغساني الأندلسي الجيّاني في المدرسة النظامية ببغداد، لنفسه: [الطويل] خبرت بني عصري على البسط والقبض ... وكاشفتهم كشف الطبايع بالنبض فأتيح لي فهم قياس تخليا ... عن الكل إذ هم آفة الوقت والعرض [5] ألازم كسر البيت خلوا وإن يكن ... خروج ففردا يلصق الطرف بالأرض أرى الشخص من بعد فأغضي تغافلا ... كمشدوه بال في مهمته يمصي فيحسبني في غفلة وفراستي ... على الفور من لمحي بما قد نوى تقضي أجانبهم سلما ليسلم جانبي ... وليس لحقد في النفوس ولا بغض تخليت عن قومي ولو كان ممكني ... تخليت عن بعض ليسلم لي بعضي قال: وأنشدني عبد المنعم المذكور لنفسه أيضا: [الكامل] قالوا نراك عن الأكابر تعرض ... وسواك زوّار لهم متعرض

_ [1] علي بن إبراهيم بن يوسف بن إبراهيم القرشي المخزومي الشافعي: أبو الحسن توفي سنة 585 هـ. (التكملة لوفيات النقلة 1/189) . [2] ليس البيتان للشافعي، وليسا في ديوانه، وهما لابن وكيع التنيسي في وفيات الأعيان 2/106- 107، وفي الكنى والألقاب 1/445 لابن وكيع أيضا، وجاء الوهم للسيوطي من نقص في العبارة، ففي الوفيات: وقال بعض الفقهاء: أنشدت الشيخ مرتضى الدين أبا الفتح نصر بن محمد بن مقلد القضاعي الشيزري المدرس، كان بتربة الإمام الشافعي رضي الله عنه بالقرافة لابن وكيع المذكور. [3] البيتان في وفيات الأعيان 2/107. [4] في الوفيات: والرتب العاليه. [5] في ب، ل، ش: قياس تخيلا.

ذكر المسبحي [1] في تاريخه

قلت الزيارة للزمان إضاعة ... وإذا مضى وقت فما يتعوض إن كان لي يوما إليهم حاجة ... فبقدر ما ضمن القضاء تقيّض ذكر المسبحي [1] في تاريخه عن أبي بكر المحلي قال: كان كافور الاخشيدي [2] له في كل عيد أضحى عادة [3] ، وهو أن يسلم إليّ بغلا محملا ذهبا وورقا، تتضمن أسماء قوم، ويمضي معي صاحب الشرطة، ونقيب يعرف المنازل، حتى أسلم ذلك إلى من جعل له، فأطرق منزل كلّ إنسان ما بين رجل وامرأة، وأقول: الأستاذ أبو المسك كافور يهنئك بعيدك، ويقول لك: اصرف هذا في منفعتك، فلما كان في عيد، جريت على العادة، وزادني في الجريدة الشيخ أبا عبد الله بن جابار [4] مائة دينار، فصرفت/ المال لأربابه، ولم يبق إلا الصرة فجعلتها في كمّي وسرت مع النقيب حتى أتينا منزله بظاهر القرافة، فطرقت الباب، فنزل وقال: ما حاجتك؟ قلت: الأستاذ أبو المسك كافور يخص الشيخ بالسلام، فقال: والي بلدنا؟ [5] ، قلت: نعم، قال: حفظه الله، الله يعلم أنني أدعو له في الخلوات وأدبار الصلوات، قلت: وقد أنفذ معي هذه الصرّة، وهو يسألك قبولها لتصرف في مؤونة هذا العيد المبارك، فقال: نحن رعيته، ونحبه في الله، وما نأخذ شيئا، فراجعته القول، فتبيّن في وجهه الضجر والقلق، فتركته وانصرفت إلى كافور، فأخبرته بدعاء الناس له، فقال: الحمد لله الذي جعلني سببا [6] لإيصال الراحة إلى عياله، ثم أخبرته بامتناع ابن جابار، فقال: نعم، هو جديد لم تجر بيننا وبينه معاملة قبل اليوم، عد إليه واطرق الباب، فاذا نزل إليك فاستفتح، واقرأ: بسم الله الرحمن الرحيم طه ما أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقى [7] إلى/ قوله: لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَما

_ [1] المسبحي: الأمير المختار عز الملك محمد بن أبي القسيم عبيد الله بن أحمد الكاتب الحراني الأصل، المصري المولد، صاحب التاريخ المشهور وهو: أخبار مصر ومن حلها من الولاة والأمراء والأئمة والخلفاء، توفي سنة 420 هـ. (وفيات الأعيان 4/379) . [2] كافور بن عبد الله الاخشيدي: أبو المسك الأمير المشهور، صاحب المتنبي، كان عبدا حبشيا، اشتراه الاخشيد ملك مصر سنة 312 هـ فنسب إليه، ملك مصر سنة 355 هـ، وكان فطنا ذكيا شجاعا حسن السياسة، توفي سنة 357 هـ. (الولاة والقضاة ص 297 وفيات الأعيان 1/431، النجوم الزاهرة 4/1- 10، دول الإسلام 1/173) . [3] الرواية في وفيات الأعيان 4/379. [4] ابن جابار: الشيخ عبد الله بن جابار، من كبار المشايخ، وهو شيخ صوفي زاهد، شيخ البقاعي (وفيات الأعيان 4/380) . [5] كلمة (بلدنا) في الأصل مطموسة، وفي ب، ل: ساقطة. [6] في ب، ل، ط: الذي كنت سبا. [7] سورة طه آية 2.

بَيْنَهُما وَما تَحْتَ الثَّرى [1] ، يا ابن جابار، يقول لك كافور، ومن كافور، العبد الأسود، ومن مولاه، ومن الخلق بقي لأحد مع الله ملك، تلاشى الخلق كلهم، تدري من معطيك، وعلى من رددت، أنت ما سألت، هو أرسل إليك، يا ابن جابار، ما تفرق بين السبب والمسبب، قال أبو بكر: فركبت وسرت، فطرقت منزله، فنزل إليّ، فقرأت عليه الآية، وقلت ما قال كافور، فبكى ابن جابار، وقال: أين ما حملت؟ فأخرجت له الصرة، فأخذها وقال: علّمنا كافور كيف يكون التصوف، قل له: أحسن الله جزاك، فعدلت إليه فأخبرته، فسرّ بذلك، ثم سجد لله شكرا وقال: الحمد لله الذي جعلني سببا لإيصال الراحة إلى عباده. وبالإسناد عن محمد بن أبي ليلى قال [2] : كنت في مجلس القضاء، وردت عليّ عجوز ومعها شابة، فذهبت العجوز تتكلم فقالت الشابة: أصلح الله القاضي، مرها فلتسكت حتى أتكلم بحجتي وحجتها، وسفرت عن وجه، والله ما ظننت أن يكون مثله إلا في الجنة، قالت: أصلح الله القاضي، هذه عمتي مات أبي وتركني/ يتيمة في حجرها [3] . أنشدني الشيخ الفاضل عماد الدين أبو المناقب حسام بن غزّي بن يونس المحلي، قال: أنشدني رضي الدين أبو الحسين بن سالم بن المفرج بن أبي الفتح بن أبي حصينة لنفسه وقد قصد الإفرنج مدينة النبي صلّى الله عليه وسلم، ليأخذوه، فبعث السلطان حسام الدين لؤلؤ الحاجب في طلبهم فظفر بهم، وضرب رقابهم، من قصيدة يخاطب بها الملك: [البسيط] علومكم لؤلؤ والبحر مسكنه ... والدرّ في البحر لا يخشى من الغير [4] فأمر حسامك أن يحظى بنحرهم ... فالدرّ مذ كان منسوب إلى النحر قال مؤيد الدين محمد بن عبد الكريم بن إبراهيم الأنباري [5] كاتب ديوان الإنشاء في أيام المقتفي [6] : [الكامل]

_ [1] طه 6. وفي ط: إلا تذكرة لمن يخشى. [2] ابن أبي ليلى: محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى يسار، ويقال داود بن بلال بن أحيحة بن الجلاح الأنصاري الكوفي، تولى القضاء بالكوفة، جده أبو ليلى من الصحابة، توفي سنة 148 هـ. (وفيات الأعيان 4/179) . [3] الرواية من قوله: وبالإسناد عن محمد بن أبي ليلى.... إلى قوله: في حجرها. في الأصل فقط ولم ترد في النسخ الأخرى، والرواية ناقصة. [4] في ع: عدوكم لؤلؤ. وهو تحريف. [5] محمد بن عبد الكريم بن إبراهيم الشيباني: سديد الدولة ابن الأنباري، كاتب الإنشاء بديوان الخلافة ببغداد خمسين سنة، كان فاضلا أديبا، بينه وبين الحريري (صاحب المقامات) مراسلات مدونة، وله شعر، توفي سنة 558 هـ. (الوافي بالوفيات 3/278، الميزان 5/263) . [6] المقتفي لأمر الله: محمد بن أحمد ابن المستظهر، من الخلفاء العباسيين، كان حازما انفرد بتدبير الملك بعد أن كانت بأيدي السلاجقة، توفي سنة 555 هـ. (ابن الأثير 11/16، 96، النبراس ص 156، مفرج الكروب 1/131- 133) .

[المختار من تذكرة ابن مكتوم]

لا تيأسنّ إذا حويت فضيلة ... في العلم من نيل المرام الأبعد بينا ترى الإبريز ملقى في الثرى ... إذ صار تاجا فوق مفرق أصيد [1] قال عميد الدين أبو طالب يحيى بن سعيد بن هبة الله بن علي بن زيادة [2] : [الكامل] إن كنت تسعى للسيادة فاستقم ... تنل المراد ولو سموت إلى السما ألف الكتابة وهو بعض حروفها ... لما استقام على الحروف تقدما [3] قال الشيخ الأديب الزاهد أبو عبد الله محمد بن إبراهيم بن ثابت المعروف بابن الكيزاني المصري [4] : [الوافر] إذا سفه السفيه عليك فاجعل ... سكوتك عنه من شرف الخصال فان جازيت ذا جرم بجرم ... فما فضل المصون على المذال وإن كان الدنىء رخيص قدر ... فمقدار الرئيس عليه غال فاغضاء الحليم عن المساوي ... أجلّ لديه من بذل النّوال فما شرف الغنيّ بغير لبّ ... ولا نقص اللبيب بغير مال آخر المنتخب من تذكرة اليغموري. [المختار من تذكرة ابن مكتوم] ومما نقلته من خط الشيخ تاج الدين ابن مكتوم في تذكرته [5] ، قال أبو عبد الله محمد بن إدريس بن علي بن القاسم مرج الكحل [6] من جزيرة شقر [7] شاعر مطبوع له ديوان، مات

_ [1] البيتان في الوافي بالوفيات 3/280. [2] أبو طالب يحيى بن أبي الفرج بن سعيد بن هبة الله الشيباني: الملقب قوام الدين، وقيل عميد الدين، الكاتب المنشئ الواسطي الأصل، البغدادي المولد والدار، توفي سنة 594 هـ. (وفيات الأعيان 6/244) . [3] البيتان في وفيات الأعيان 6/244. [4] ابن الكيزاني: محمد بن إبراهيم بن ثابت الكناني، واعظ شاعر مصري، تصوف ونسبت إليه (الكيزانية) من طوائف المتصوفة بمصر، وكان معتزليا، له ديوان شعر أكثره في الزهد، توفي بالقاهرة سنة 562 هـ. (وفيات الأعيان 4/461- 462، النجوم الزاهرة 5/367- 368، اللباب 3/64) . [5] ابن مكتوم: أحمد بن عبد القادر بن أحمد بن مكتوم القيسي، أبو محمد، تاج الدين، عالم بالتراجم، مصري، له معرفة بالتفسير وفقه الحنفية، وله نظم جيد، ناب في الحكم بالقاهرة، من كتبه (التذكرة) ، و (الجمع المتناه في أخبار النحاة) توفي بالقاهرة سنة 749 هـ. (كشف الظنون ص 226، الأعلام 1/153) . [6] مرج الكحل: محمد بن إدريس بن علي بن إبراهيم، أبو عبد الله المعروف بمرج الكحل، شاعر من أهل جزيرة شقر بالأندلس، مولده في بلنسية، كان لباسه على هيئة أهل البادية، له ديوان شعر تناقله الناس في أيامه، توفي في مدينة شقر سنة 634 هـ. (المحمدون من الشعراء ص 146- 147، الأعلام 6/27) . [7] شقر: جزيرة في شرقي الأندلس، وهي أنزه بلاد الله، وأكثرها روضة وشجرا وماء. (ياقوت: شقر) .

في ربيع الأول سنة أربع وثلاثين وستمائة: [مخلع البسيط] لا تطلبوا الودّ عند وال ... في تركه للأذى كفايه ربّ ضعيف أذاه خاف ... يبدي مع القوة الأذايه [1] ما كان في النفس من خبايا ... تخرجه الخمر والولايه وقال [2] : [الرمل] مثل الرزق الذي تطلبه ... مثل الظل الذي يمشي معك أنت لا تلحقه متبعا ... فاذا ولّيت عنه تبعك أبو بكر محمد بن أحمد بن جوامرد الشيرازي النحوي [3] : [الكامل] وإذا غلا شىء عليّ تركته ... فيكون أرخص ما يكون إذا غلا [4] إلا الدقيق فانه شىء لنا ... فاذا غلا يوما فقد نزل البلا آخر: [البسيط] لم ألق في الحبس محبوسا أسائله ... ما بال حبسك إلا قال مظلوم قال يحيى بن معاذ الرازي [5] : يا من أعطانا خير ما في خزائنه، الأيمان قبل السؤال، لا تحرمنا من عفوك مع السؤال. وقال أيضا: الصبر على البأس أشد من الصبر على الناس. أبو عبد الله بن الحجاج [6] : [البسيط]

_ [1] ب: أذاه خال. [2] البيتان في وفيات الأعيان 2/396، وصدر البيت الثاني فيه: أنت لا تدركه متبعا. [3] ابن جوامرد: محمد بن أحمد بن جوامرد الشيرازي النحوي، أبو بكر، كان معروفا بالأدب والنحو، ويحضر مجلس أبي محمد ابن السراج، قرأ على ابن فضّال، وسمع وروى عنه ابن الخشاب، توفي بعد سنة عشر وخمسمائة هجرية. (معجم الأدباء 17/269- 270، بغية الوعاة 1/22) . [4] البيت الأول في المنتخل للميكالي 2/260 لمحمود الوراق، وكذلك في التمثيل والمحاضرة ص 85، ونهاية الأرب 3/85 والبيت الأول مع ثلاثة أبيات أخرى في الدر الفريد 5/216 لمحمود الوراق، أما البيت الثاني: إلا الدقيق.... فهو لجحظة البرمكي أجاز البيت الأول. [5] يحيى بن معاذ الرازي: أبو زكريا، واعظ زاهد لم يكن له نظير في وقته، من أهل الري، أقام ببلخ ومات بنيسابور، له كلمات سائرة، توفي سنة 258 هـ. (طبقات الصوفية ص 107- 114، صفة الصفوة 4/71- 80، نتاج الأفكار القدسية للعروسي على شرح الرسالة القشيرية 1/119) . [6] أبو عبد الله بن الحجاج: حسين بن أحمد بن محمد بن جعفر النيلي نسبة إلى قرية النيل (على الفرات بين بغداد والكوفة) البغدادي، شاعر من كتاب العصر البويهي، غلب عليه الهزل، في شعره عذوبة وسلامة من التكلف، اتصل بالوزير المهلبي، وعضد الدولة، وابن عباد، وابن العميد، توفي في بغداد سنة 391 هـ. (يتيمة الدهر 2/211- 270، وفيات الأعيان 1/155، تاريخ بغداد 8/14، معاهد التنصيص 3/188) .

في النهاية لابن الأثير

قم نتحامق فالحمق مجدود ... والعقل في الفاضلين محدود [1] آخر: [البسيط] يا من يرى خدمة السلطان عدّته ... هل أرش ذلك إلا الهمّ والهرم [2] فقلبه وجل والنفس خائفة ... وعرضه عرض والدين منثلم هذا إذا كان في أيام دولته ... فكيف بالمرء إن زلّت به القدم روى ابن النجار، عن أبي المعتمر مسلم بن أوس، وجارية بن قدامة السعدي: أنهما حضرا علي بن أبي طالب يخطب، وهو يقول: سلوني قبل أن تفقدوني، فاني لا أسأل عن شىء دون العرش إلا أخبرت عنه [3] . الطبراني في الكبير، عن محيريز قال: صحبت فضالة بن عبيد [4] صاحب رسول الله صلّى الله عليه وسلم، فقلت: أوصني، رحمك الله، فقال: احفظ عني ثلاث خلال، ينفعك الله بهن، إن استطعت أن تعرف ولا تعرف فافعل، وإن استطعت أن تسمع ولا تتكلم فافعل، وإن استطعت أن تجلس ولا يجلس إليك فافعل. في النهاية لابن الأثير جاء بريد من بعض الملوك إلى الزهري يسأله عن رجل معه ما مع المرأة [5] ، كيف يورّث؟ قال: من حيث يخرج الماء الدافق، فقال في ذلك قائلهم: [الكامل] ومهمّة أعيا القضاة عياؤها ... تذر الفقيه يشكّ شكّ الجاهل عجّلت قبل حنيذها بشوائها ... وقطعت محردها بحكم فاضل [6] أراد عجلت فيها ولم تستأن في الجواب.

_ [1] في ع: لا تتحامق. [2] الأرش: دية الجراحة، وما يسترد من ثمن المبيع إذا ظهر فيه عيب، والجمع: أرش. (اللسان: أرش) . [3] نهج البلاغة 1/183، 350. [4] فضالة بن عبيد بن ناقذ بن قيس الأوسي الأنصاري: صحابي ممن بايع تحت الشجرة، شهد أحدا وما بعدها، وشهد فتح الشام ومصر وسكن الشام، ولاه معاوية قضاء دمشق، وتوفي فيها سنة 53 هـ. (التهذيب 8/267- 268) . [5] أي له فرج. (8) الخبر والشعر في النهاية في غريب الحديث والأثر 3/335. [6] الحنيذ: من الشواء النضيج، والمحرد: المقطع، أراد: عجّل للضيف القرى بما قطع من كبد الذبيحة ولحمها.

وفي تذكرة الوداعي

وفي تذكرة الوداعي [1] حدثني إسماعيل بن إبراهيم [2] الحساني، قال: كنت أتعاطى التجارة وأزكي، فجئت يوما إلى ميضأة، ومعي ثلاثمائة وخمسون دينارا في منديل، فوضعتها في طاقة الخلاء، ثم نسيت وخرجت، وتوضأت ودخلت المسجد، فتذكرت وأنا في الصلاة، فهممت بالخروج منها، ثم قلت في نفسي: راح المال ويروح الدين، لا والله، فأتممت الصلاة، وجئت إلى الميضأة، فصادفت رجلا أعجميا خارجا من الخلاء الذي كنت فيه، وهو مشمر الثياب، مشكوف العورة، فدخلت فوجدت المنديل بحاله، فأخذته وخرجت على عقبي، فقال لي العجمي: رأيت الذي رأيت؟ قلت: وما ذاك؟ قال: كان في الطاقة ثعبان عظيم همّ بنهشي، فلأجل ذاك خرجت ولم أغتسل. روى المنهال، عن عبد الله بن الحارث قال: كانت البهائم تتكلم قبل أن يخلق آدم عليه السلام، وكان النسر والحوت يلتقيان، فيخبر النسر الحوت بما حدث في البر، ويخبر الحوت النسر بما حدث في البحر، فلما خلق الله آدم التقيا، فقال النسر للحوت: لقد حدث في البر من يستنزلني من وكري، ويستخرجك من بحرك./ دخل كمال الدين بن يونس [3] على الملك الرحيم بدر الدين لؤلؤ [4] يهنيه بالعافية من مرض، وأنشده: [الطويل] لقد كان وجه العيش مذ كنت شاكيا ... عبوسا فمذ عوفيت عاد تبسّما فديناك مما تتّقيه فانّه ... يهون علينا أن تعافى ونسقما

_ [1] الوداعي: علي بن المظفر بن إبراهيم الكندي الوداعي، علاء الدين، ويقال له ابن عرفة، أديب متفنن شاعر، عارف بالحديث والقراءات، من أهل الاسكندرية، أقام بدمشق وتوفي فيها، له (التذكرة الكندية) خمسون جزءا أدب وأخبار وعلوم، وله وديوان شعر، توفي سنة 776 هـ. (لسان الميزان 4/263، فوات الوفيات 3/98- 103، البداية والنهاية 14/80- 81، الدرر الكامنة 3/130) . [2] في ط: إبراهيم بن إسماعيل. [3] كمال الدين بن يونس: أبو الفتح الموصلي، فيلسوف علّامة بالرياضيات والحكمة والأصول، عارف بالموسيقى والأدب والسير، تعلم بالموصل وبالمدرسة النظامية في بغداد، وقصده العلماء للأخذ عنه، له مجموعة كتب في تفسير القرآن والحكمة والنجوم وغيرها، توفي بالموصل سنة 639 هـ. (البداية والنهاية 13/158، وفيات الأعيان 2/132، شذرات الذهب 5/206، مفتاح السعادة 2/214) . [4] لؤلؤ بن عبد الله الأتابكي: أبو الفضائل، بدر الدين، الملقب بالملك الرحيم، صاحب الموصل، كان من أجل الملوك ومن أعلاهم همّة وأسهرهم على رعاياه طالت أيامه بالموصل، قال عنه ابن تغري بردي: (ما أحوج الناس إلى ملك مثله، يملك الدنيا بأسرها، توفي سنة 657 هـ. (النجوم الزاهرة 7/70) .

مرّ العلم بن الصاحب بن شكر [1] على بعض الأكابر من علماء مصر، ومعه كتاب، فقال له: يا شيخ، أرني أنظر في كتابك هذا، فقال: لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ [2] فضحك وسكت. حكي عن الشيخ زكي الدين عبد العظيم المنذري [3] ، أنه قال يوما في مجلسه: يا ذا الجنب، أما تستحي أن تحضر مجلس سماع حديث رسول الله صلّى الله عليه وسلم، وأنت جنب، فتب إلى الله، وإن عدت الثانية فضحتك [4] . كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه أعسر يسر [5] يخرج الضاد من أي شدقيه شاء [6] . كان في بغداد لا يقال شريف إلا لعباسي، ويقال لذرية عليّ علوي، ولا يقال شريف [7] :/قال الأرّجاني [8] : [الطويل] إذا عرف الإنسان أخبار من مضى ... تخيلته قد عاش من أول الدهر وتحسبه قد عاش آخر دهره ... إلى الحشر إن أبقى الجميل من الذكر فقد عاش كلّ الدهر من كان عالما ... كريما حليما فاغتنم أطول العمر رأى الملك الظاهر بيبرس [9] في النوم أنه ولد ثلاث بنات، فعبّر له بأنّه بفتح ثلاث قلاع،

_ [1] الصاحب: عبد الله بن علي بن الحسين الشيبي الدميري، المعروف بالصاحب ابن شكر، وزير مصري من الدهاة وتفقه في القاهرة وألف كتابا في الفقه على مذهب مالك، واتصل بالملك العادل أبي بكر بن أيوب، فولاه مباشرة ديوانه، ثم استوزره، فعمد إلى سياسة العنف والمصادرة واستبد بالأعمال، فعزله العادل، فخرج إلى آمد، فطلبه الكامل بن العادل، وكان الأمر مضطربا فولي ابن شكر الأمر وقمع الخصوم بالشدة والعنف كعادته، كان صاحب دهاء مع حقد وعنف، ينتقم من خصومه ولا يقبل منهم عذرا، توفي بالقاهرة سنة 622 هـ. (فوات الوفيات 1/219، خطط مبارك 11/57، الأعلام 4/105- 106) . [2] سورة البينة الآية الأولى. [3] سبقت ترجمته. [4] في ب: فضحكت. وهو تحريف. [5] قوله: رضي الله عنه، ساقطة من ب ش. والأعسر: الذي يعمل بيده اليسرى. [6] الرواية في البيان والتبيين 1/36. [7] قلت لعل في قول السيوطي وهم أو تحريف، إذ المعروف أن الأشراف هم من ذرية علي بن أبي طالب رضي الله عنه، ومنهم الشريف الرضي والشريف المرتضى وهما علويان. [8] الأرّجاني: أحمد بن محمد بن الحسين، أبو بكر، شاعر في شعره رقة وحكمة تعلم بالمدرسة النظامية بأصبهان، ولي القضاء بتستر وعسكر مكرم، توفي بتستر سنة 544 هـ. (المنتظم 1/139، وفيات الأعيان 1/47، معاهد التنصيص 1/47) . [9] الظاهر بيبرس: بيبرس العلائي البندقداري الصالحي، الملك الظاهر، مولده بأرض القبجاق، وأسر فبيع في سيواس، ثم انتقل إلى حلب ثم القاهرة، فاشتراه الأمير علاء الدين أيدكين البندقدار، فلما قبض عليه الملك الصالح نجم الدين أيوب، أخذ بيبرس فجعله في خدمه، ثم أعتقه، ولم تزل همته تصعد به حتى كان (أتابك) العساكر بمصر في أيام الملك المظفر قطز، وقاتل معه التتار في فلسطين، ثم اتفق مع أمراء الجيش

ففتح بعد مدة يسيرة قيسارية [1] ، وأرسوف [2] ، ويافا [3] . قيل: ليس في بني هاشم عباسية ولدت خليفة سوى زبيدة [4] . قال ابن هاني [5] : [الطويل] ليهنك أنّ الله أعطاك رتبة ... من العزّ ركناها التّقى والتواضع [6] قال ابن الزبير: ليس الناس في شىء من أقسامهم، أقنع منهم بأوطانهم. طول ذراع الملك وهو سليمان بن داود عليهما السلام ثلاثة أشبار. قيل لأبي يزيد: ما نراك تشتغل بكسب، فمن أين معاشك؟، فقال: مولاي يرزق الكلب والخنزير، تراه لا يرزق أبا يزيد./ قال سهل بن هارون [7] : اللسان البليغ، والشعر الجيد، لا يكادان يجتمعان في أحد، وأعسر من ذلك أن تجتمع بلاغة القلم وبلاغة اللسان [8] . وقال إسماعيل بن غزوان:

_ على قتل قطز فقتلوه، وتولى بيبرس سلطنة مصر والشام، وتلقب بالملك الظاهر، وكان شجاعا باشر الحروب بنفسه وله وقائع مع التتار والإفرنج الصليبيين، توفي بدمشق سنة 676 هـ. (النجوم الزاهرة 7/94، فوات الوفيات 1/85، ابن إياس 1/98، 112، السلوك للمقريزي 1/436- 641) . [1] قيسارية: بلد على ساحل بحر الشام، تعد في أعمال فلسطين، بينها وبين طبرية ثلاثة أيام، وكانت قديما من أعيان أمهات المدن واسعة الرقعة، طيبة البقعة، كثيرة الخير والأهل، وهي بالقرى أشبه منها بالمدن. (ياقوت: قيسارية) . [2] أرسوف: مدينة على ساحل بحر الشام، بين قيسارية ويافا، كان بها خلق من المرابطين. (ياقوت: أرسوف) . [3] يافا: مدينة على ساحل بحر الشام من أعمال فلسطين بين قيسارية وعكا، افتتحها صلاح الدين سنة 583 هـ، ثم استولى عليها الافرنج، ثم استعادها منهم الملك العادل أبو بكر بن أيوب في سنة 593 هـ. (ياقوت: يافا) . [4] زبيدة بنت جعفر بن المنصور الهاشمية: أم جعفر، زوجة هارون الرشيد وبنت عمه، وهي أم الأمين العباسي، من فضليات النساء اسمها (أمة العزيز) ، بنت المصانع والآبار والأقنية والمنازل للحجاج في طريق مكة، توفيت ببغداد سنة 216 هـ. (تاريخ بغداد 14/433، وفيات الأعيان 1/189، النجوم الزاهرة 2/213، الدر المنثور ص 215، أعلام النساء 1/430) . [5] ابن هاني: محمد بن هاني بن محمد الأزدي الأندلسي، يتصل نسبه بالمهلب بن أبي صفرة، أشعر الشعراء المغاربة وهو عندهم كالمتنبي عند أهل المشرق، ولد بأشبيلية، وتنقل بين الأندلس والجزائر ومصر، قتل في برقة سنة 362 هـ. (النجوم الزاهرة 4/67، وفيات الأعيان 2/4، معجم الأدباء 7/126، الإحاطة 2/212- 215) . [6] لم أجد البيت في ديوانه. [7] سهل بن هارون بن راهبون: كاتب بليغ، فارسي الأصل اشتهر في البصرة، واتصل بخدمة هارون الرشيد وارتفعت مكانته عنده، ولاه المأمون رئاسة (خزانة بيت الحكمة) ببغداد، توفي سنة 215 هـ. (فوات الوفيات 1/181، معجم الأدباء 4/258، البيان والتبيين 1/30، 50، أمراء البيان 1/159- 190) . [8] البيان والتبيين 1/243.

ذكر الأصل في المفاخرات

الأصوات الحسنة، والعقول الحسنة كثيرة، والبيان الجيد والجمال البارع قليل [1] . قيل: إذا رسخ الرجل في العلم، رفعت عنه الرؤيا الهائلة. لبعضهم: [مجزوء الخفيف] المودات إن خلت ... من هدايا مكرره كطبيخ خلا من ال ... لحم يدعى مزوّره قال أبو عبد الله بن رزام الكوني: كان عندنا بالكوفة رجل له ابن عاق، قلما جاء يوما في شىء فجرّ برجله حتى أخرجه من بيته، وسحبه في الطريق شيئا كثيرا، حتى بلغ موضعا، فقال له: يا بنيّ حسبك، فالى ههنا [2] جررت برجل أبي من الدار التي جررتني منها. عن جعفر الصادق: أن يوم ثالث عشر المحرم يكون أول رمضان [3] . أنشدني شهاب الدين عبد الحميد بن عبد الرحمن الحلبي، قال: أنشدني شيخي محيي الدين بن عربي [4] لنفسه [5] : [المتقارب] إذا حلّ ذكركم خاطري ... فرشت خدودي مكان التراب وأقعدني الذلّ في بابكم ... قعود الأسارى لضرب الرقاب [6] ذكر الأصل في المفاخرات أخبرنا ابن سعد، أخبرنا ابن محمد بن عمر، حدثني أبو بكر بن عبد الله بن أبي سبرة، عن سليمان بن سحيم قال: تفاخرت الأوس والخزرج فيمن ضرب على يد رسول الله صلّى الله عليه وسلم، ليلة العقبة أول الناس، فقالوا: لا أحد أعلم به من العباس بن عبد المطلب، فسألوا العباس، فقال: ما أحد أعلم بهذا مني، أول من ضرب على يد النبي صلّى الله عليه وسلم تلك الليلة،

_ [1] البيان والتبيين 2/15، وورد ذكر اسماعيل بن غزوان في كتاب البخلاء للجاحظ ص 150. [2] في ب: فاني ههنا. [3] كذا في النسخ جميعها، ولم أتبين لها وجها، ولعل في العبارة نقصا أو تحريفا. [4] في ب، ط، ل، بزيادة: قدس الله روحه لنفسه. [5] محيي الدين بن عربي: محمد بن علي بن محمد ابن عربي، الحاتمي الطائي الأندلسي، الملقب بالشيخ الأكبر، فيلسوف من أئمة المتكلمين في كل علم، ولد في مرسية وانتقل إلى أشبيلية، ثم قام برحلة فزار الشام وبلاد الروم والعراق والحجاز، وأنكر عليه أهل مصر شطحات صدرت عنه فعمل بعضهم على إراقة دمه، كما أريق دم الحلاج وأشباهه، وحبس، فسعى في خلاصه علي بن فتح البجائي، فنجا واستقر في دمشق وتوفي بها، له كتب كثيرة نحو أربعمائة كتاب في التصوف وعلم النفس والأدب وغير ذلك، توفي سنة 638 هـ. (جامع كرامات الأولياء 1/118، مفتاح السعادة 1/187، فوات الوفيات 2/241، نفح الطيب 1/404) . [6] لم أجد البيتين في ديوان ابن عربي، وهما في فوات بالوفيات 3/440.

أسعد بن زرارة، ثم البراء بن معرور، ثم أسيد بن الحضير. وقال ابن سعد، أخبرنا عبد الله بن نمير، ومحمد بن عبيد، قالا: حدثنا زكريا بن أبي زائدة، عن عامر قال: تزوج علي رضي الله عنه أسماء بنت عميس [1] ، فتفاخر ابناها محمد بن جعفر، ومحمد بن أبي بكر، قال كل واحد منهما: أنا كرم منك، وأبي خير من أبيك، فقال لها عليّ اقضي بينهما، فقالت: ما رأيت شابا من العرب كان خيرا من جعفر، ولا رأيت كهلا خيرا من أبي بكر، فقال عليّ: ما تركت لنا شيئا، فقالت: والله إن ثلاثة أنت أحسنهم لخيار، فقال لها: لو قلت غير هذا لمقتك، أخرجه ابن أبي شيبة [2] . وأخرج أحمد في مسنده عن أبي سعيد الخدري قال: افتخر أهل الإبل والغنم عند رسول الله صلّى الله عليه وسلم، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: (الفخر والخيلاء في أهل الإبل، والسكينة والوقار في أهل الغنم) [3] . وقال: (بعث موسى وهو يرعى غنما على أهله، وبعثت أنا، وأنا أرعى غنما لأهلي بجياد) [4] ./ وأخرج الحكيم الترمذي في نوادر الأصول، وأبو يعلي عن أنس قال: افتخر الحيان من الأنصار الأوس والخزرج، فقالت الأوس: منّا غسيل الملائكة حنظلة ابن الراهب، ومنّا من اهتز لموته عرش الرحمن سعد بن معاذ، ومنّا من حمته الدّبر عاصم بن ثابت بن أبي الأقلح، ومنا من أجيزت شهادته بشهادة رجلين، خزيمة بن ثابت، فقالت الخزرج: منّا أربعة جمعوا القرآن، لم يجمعه أحد غيرهم؛ زيد ابن ثابت، وأبو زيد، وأبيّ بن كعب، ومعاذ بن جبل [5] . [6] / وأخرج ابن سعد في الطبقات عن عائشة قالت: فضّلت على نساء النبي صلّى الله عليه وسلم بعشر، قيل: ما هنّ يا أم المؤمنين؟ قالت: لم ينكح بكرا قط غيري، ولم ينكح امرأة أبواها مهاجرين غيري، وأنزل الله تبارك وتعالى براءتي من السماء، وجاءه جبريل عليه السلام

_ [1] أسماء بنت عميس بن معد بن تيم بن الحارث الخثعمي: صحابية كان لها شأن، أسلمت قبل دخول النبي صلّى الله عليه وسلم دار الأرقم بمكة، وهاجرت إلى المدينة مع زوجها، مع جعفر بن أبي طالب، وأنجبت له عبد الله ومحمدا وعوفا، ثم قتل جعفر شهيدا في وقعة مؤتة سنة ثمان للهجرة، فتزوجها أبو بكر الصديق، فأنجبت له محمدا، وتوفي أبو بكر عنها، فتزوجها على بن أبي طالب، فأنجبت له يحيى وعونا، وماتت بعد علي، وصفت بمهاجرة الهجرتين، ومصلية القبلتين، توفيت سنة 40 هـ. (طبقات ابن سعد 8/205، صفة الصفوة 2/33، حلية الأرلياء 2/74، الدر المنثور ص 35) . [2] الرواية في الطبقات 4/41. [3] مسند أحمد بن حنبل 3/42، 96. [4] مسند أحمد بن حنبل 3/96، الموطأ: استئذان 18. جياد أو أجياد: موضع بمكة يلي الصفا. (ياقوت: أجياد) . [5] نوادر الأصول في معرفة أحاديث الرسول ص 165. [6] أكثر من نصف الصفحة السابقة في نسخة الأصل بياض، والكلام موصول وليس فيه نقص.

بصورتي [1] من السماء في حريرة، وقال: تزوجها فانها امرأتك، وكنت أغتسل أنا وهو من إناء واحد، ولم يكن يصنع ذلك بأحد من نسائه غيري، وكان يصلي وأنا معترضة بين يديه، ولم يكن يفعل ذلك بأحد من نسائه غيري، وكان ينزل عليه الوحي وهو معي، ولم يكن ينزل عليه وهو مع أحد من نسائه غيري، وقبض الله نفسه وهو بين سحري ونحري، ومات في الليلة التي كان يدور عليّ فيها، ودفن في بيتي [2] . وأخرج ابن سعد عن عائشة قالت: أعطيت خلالا ما أعطيتها امرأة، ملكني رسول الله صلّى الله عليه وسلم وأنا بنت سبع سنين، وأتاه الملك بصورتي في كفه فنظر إليها، وبنى بي لتسع سنين [3] ورأيت جبريل، ولم تره امرأة غيري، وكنت أحبّ نسائه إليه، وكان أبي أحبّ أصحابه إليه، ومرض رسول الله صلّى الله عليه وسلم في بيتي، فمرّضته، وقبض ولم يشهده غيري والملائكة [4] . وأخرج ابن سعد عن أنس بن مالك قال: نزلت في زينب بنت جحش [5] : فَلَمَّا قَضى زَيْدٌ مِنْها وَطَراً زَوَّجْناكَها [6] ، قال: فكانت تفخر على نساء النبي صلّى الله عليه وسلم، تقول: زوجكن أهلكن، وزوّجني الله من فوق سبع سماوات [7] . وأخرج ابن سعد عن عاصم الأحول، أن رجلا من بني أسد، فاخر رجلا فقال الأسدي: هل منكم امرأة زوجها الله من سبع سماوات؟ [8] يعني زينب بنت جحش. وأخرج ابن سعد عن عائشة قالت: يرحم الله زينب بنت جحش، لقد نالت [9] في هذه الدنيا الشرف الذي لا يبلغه شرف، إنّ الله زوجها نبيه [10] صلّى الله عليه وسلم في الدنيا، ونطق به القرآن، وأن رسول الله صلّى الله عليه وسلم قال لنا ونحن حوله: (أسرعكن بي لحوقا أطولكن باعا) ، فبشّرها رسول الله صلّى الله عليه وسلم بسرعة لحوقها به، وهي زوجته في الجنة [11] .

_ [1] في ب: بصوتي. محرفة من سهو الناسخ. [2] الطبقات الكبرى 8/63 64. والسحر: الرئة، والنحر: أعلى الصدر وهو موضع القلادة منه. [3] قوله: (وأتاه الملك ... لتسع سنين) . ساقطة من نسخة ط. [4] طبقات ابن سعد 8/65. [5] زينب بنت جحش بن رئاب الأسدية: من أسد خزيمة، أم المؤمنين، كانت زوج زيد بن حارثة، واسمها (برّة) ، وطلقها زيد فتزوج بها النبي صلّى الله عليه وسلم، وسماها زينب، وكانت من أجمل النساء، وبسببها نزلت آية الحجاب توفيت سنة 20 هـ. (طبقات ابن سعد 8/71- 82، صفة الصفوة 2/24، حلية الأولياء 2/51، السمط الثمين ص 105، الأعلاق النفيسة ص 193) . [6] سورة الأحزاب آية 37. [7] الطبقات الكبرى 8/103. [8] الطبقات 8/103. [9] قولها: لقد نالت، ساقطة من ب. [10] في ط: نبيه محمدا. [11] طبقات ابن سعد 8/108.

وأخرج ابن سعد عن ابن أبي عون قال: استبّت عائشة وصفية [1] ، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم لصفية: (ألا قلت أبي هارون، وعمي موسى) ، وذلك أن عائشة فخرت عليها [2] . وأخرج ابن سعد في الطبقات، وابن أبي شيبة، وعبد الله بن أحمد في زوائد الزهد، عن مجاهد قال: كنا نفخر على الناس بأربعة؛ بفقيهنا، وقاصّنا ومؤذننا وقارئنا، فأما فقيهنا، فابن عباس، وأما مؤذننا، فأبو محذورة، وأما قارئنا فعبد الله بن السائب، وأما قاصّنا فعبيد بن عمير [3] . وأخرج ابن سعد عن سعيد بن عبد الرحمن عن أبيه قال: تفاخر قوم من قريش، فذكر كل رجل ما فيهم، فقال معاوية للحسن رضي الله عنه: ما يمنعك من القول فما أنت بكليل اللسان، قال: يا أمير المؤمنين، ما ذكروا مكرمة ولا فضيلة إلا ولي محضها ولبابها، ثم قال [4] : [الكامل] فيم الكلام وقد سبقت مبرّزا ... سبق الجياد من المدى المتنفّس وأخرج ابن عساكر، عن أبي الدرداء أنه خرج يريد النبي صلّى الله عليه وسلم، فوجد جماعة من العرب يتفاخرون، قال: فاستأذنت، فأذن لي رسول الله صلّى الله عليه وسلم، فقال لي: (يا أبا الدرداء، ما هذا اللجب الذي أسمع؟، قلت: يا رسول الله، هذه العرب تتفاخر فيما بينها، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: (يا أبا الدرداء، إذا فاخرت، ففاخر بقريش، وإذا كاثرت، فكاثر بتميم، وإذا حاربت، فحارب بقيس) [5] . وأخرج ابن عساكر عن بهز بن حكيم، عن أبيه عن جده، قال: افتخر رجلان عند النبي صلّى الله عليه وسلم، أحدهما من مضر، والآخر من اليمن، فقال اليماني: إني من حمير لا من ربيعة أنا ولا من مضر، فقال له النبي صلّى الله عليه وسلم: (فاشقى لبختك واتعس لجدك، وأبعد لك عن بيتك) [6] ./ [7]

_ [1] صفية بنت حيي بن أخطب: من الخزرج، من أزواج النبي صلّى الله عليه وسلم، توفيت سنة 50 هـ. سبقت ترجمتها. (الإصابة كتاب النساء ت 647، الطبقات 8/85) . [2] طبقات ابن سعد 8/127. [3] الطبقات 5/445. وعبيد بن عمير بن قتادة الليثي، كان ثقة كثير الحديث، وعن عبد الملك بن عطاء قال: دخلت أنا وعبيد بن عمير على عائشة فقالت: من هذا؟ فقال: أنا عبيد بن عمير. قالت: قاصّ أهل مكة؟ قال: نعم، قالت: خفف فإن الذكر ثقيل. (ترجمته في: التهذيب 7/71، الجرح والتعديل 5/409، تهذيب الكمال 895) . [4] لم أجد الرواية في طبقات ابن سعد. [5] الحديث مع خلاف في اللفظ في تهذيب تاريخ ابن عساكر 3/289، 5/23، لسان الميزان 2/205. [6] لم أجده في كتب الحديث. [7] صفحة 49 ب في نسخة الأصل بيضاء.

مفاخرة السيف والقلم

مفاخرة السيف والقلم [1] للإمام زين الدين عمر بن مظفر ابن الوردي الشافعي [2] ، قال: لما كان السيف والقلم عدّتي العمل والقول، وعمدتي الدول، فان عدمتهما دولة فلا حول، وركني إسناد الملك المعرب عن المخفوض والمرفوع، ومقدمتي نتيجة العدل الدال الصادر عنهما المحمول والموضوع، فكّرت أيهما أعظم فخرا، وأعلى قدرا، فجلست لهما مجلس الحكم والفتوى، ومثّلتهما في الفكر حاضري الدعوى، وسوّيت بين الخصمين في الإكرام، واستنطقت لسان حالهما للكلام، فقال القلم: بِسْمِ اللَّهِ مَجْراها وَمُرْساها [3] ، وَالنَّهارِ إِذا جَلَّاها، وَاللَّيْلِ إِذا يَغْشاها [4] ، أما بعد حمد الله بارىء النسم، الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ [5] ، وشرّفه بالقسم، وجعله أول ما خلق وجمّل الورق بغصنه، كما جمّل غصنه بالورق، والصلاة على نبيه القائل: (جفّت الأقلام) [6] ، وعلى آله وصحبه أعلم المعارف، وأعرف الأعلام، فان للقلم قصب السباق [7] ، فالكاتب بسبعة/ أقلام من طبقات الكتاب في السبع الطباق، جرى بالقضاء والقدر، وناب عن اللسان فيما نهى وأمر، طالما أربى على البيض والسمر في ضرابها، وقاتل في البعد والصوارم في القرب نائمة ملء أجفانها، وماذا يشبه القلم في طاعة ناسه، ومشيه لهم على أمّ رأسه. قال السيف: باسم الله الخافض الرافع، وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنافِعُ [8] ، فأما بعد حمد الله الذي أنزل آية السيف [9] ، فعظم بها حرمة الحرم، وآمن ضيفه الحيف،

_ [1] في ب، ل، ط: مفاخرات السيف والقلم. [2] ابن الوردي: عمر بن مظفر بن عمر بن محمد بن أبي الفوارس المعري الكندي، مؤرخ، ولد في معرة النعمان، وولي القضاء بمنبج، وتوفي بحلب، له كتب كثيرة وديوان شعر من كتبه (تتمة المختصر) المعروف بتاريخ ابن الوردي وهو ذيل لتاريخ أبي الفداء وخلاصة له، و (شرح ألفية ابن مالك) ، و (شرح ألفية ابن معطي) و (منطق الطير) منظومة في التصوف، وغيرها، توفي سنة 749 هـ. (بغية الوعاة 365، فوات الوفيات 1/116، النجوم الزاهرة 10/240، الدر الكامنة 3/195، ابن إياس 1/198) . في ب، ط: الشافعي رحمه الله. [3] سورة هود آية 41. [4] الشمس 3، 4. [5] العلق 4. [6] المعجم الكبير للطبراني 12/238. [7] في ب، ط: فانا القلم. [8] الحديد 24. [9] يشير إلى قوله تعالى في سورة التوبة الآية 28- 29: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرامَ بَعْدَ عامِهِمْ هذا، وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ إِنْ شاءَ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ، قاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلا يُحَرِّمُونَ ما حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ، حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صاغِرُونَ.

والصلاة على نبيه محمد الذي نفذ بالسيف سطور الطروس، وأخدمه الأقلام ماشية على الرؤوس، وعلى آله وصحبه الذين أرهفت سيوفهم، وبنيت بها على كسر الأعداء حروفهم، فان السيف عظيم الدولة، شديد الصولة، محيي أسطار البلاغة، وأساغ ممنوع الإساغة، من اعتمد على غيره في قهر الأعداء تعب، وكيف لا وفي حده الحدّ بين الجد واللعب [1] ، وإن كان القلم شاهدا، فالسيف قاضي، وإن اقترنت محاولته بأمر مستقبل قطعه السيف بفعل ماضي [2] ، به ظهر الدين وهو العدة/ لقمع المعتدين، حملته دون القلم يد نبيّنا، فتشرف بذلك في الأمم شرفا بيّنا، الجنة تحت ظلاله [3] ، ولا سيما حين يسلّ، فترى ودق [4] الدم يخرج من خلاله، زيّنت بزينة الكواكب سماء غمده [5] ، وصدق القائل: السيف أصدق إنباء من ضده، لا يعبث به الحامل، ولا يتناوله كالقلم بأطراف الأنامل، ما هو كالقلم المشبه بقوم عرّوا عن لبوسهم، ثم نكّسوا كما قال تعالى عَلى رُؤُسِهِمْ [6] ، فكأن السيف خلق من ماء دافق، أو كوكب راشق، لا يشترى كالقلم بثمن بخس، ولا يبلى كما يبلى القلم بسواد وطمس، كم لقائمه المنتظر من أثر في عين أو عين من أثر، فهو في جراب القوم قوام الحب، ولهذا جاء مطبوع الشكل، داخل الضرب. قال القلم: أَوَمَنْ يُنَشَّؤُا فِي الْحِلْيَةِ وَهُوَ فِي الْخِصامِ غَيْرُ مُبِينٍ [7] يفاخر وهو قائم على الشمال، الجالس عن اليمين، أنا المخصوص بالرأي، وأنت المخصوص بالصّدي [8] ، أنا آلة الحياة، وأنت آلة الردى، ما لنت إلا بعد دخول السعير، وما حددت إلا عن ذنب كبير، أنت تنفع في العمر ساعة، وأنا أفني العمر في الطاعة، أنت للرّهب وأنا للرّغب، وإذا كان/ بصرك حديدا، فبصري ماء ذهب، أين تقليدك من اجتهادي، وأين نجاسة دمك من طهارة مدادي. قال السيف: أأنف في السماء واست في الماء، أم مثلك يعير مثلي بالدماء، فطالما

_ [1] يشير إلى قول أبي تمام: السيف أصدق إنباء من الكتب ... في حده الحد بين الجد واللعب [2] قاضي.... وماضي، كذا جاءت في جميع النسخ، والوجه: قاض وماض، ولعله أثبت الياء لأجل السجعة. [3] إشارة إلى قول النبي صلّى الله عليه وسلم (الجنة تحت ظلال السيوف) صحيح مسلم: الجهاد 20، كنز العمال 10482. [4] الودق: القطرات من المطر وغيره. [5] إشارة إلى قوله تعالى: إِنَّا زَيَّنَّا السَّماءَ الدُّنْيا بِزِينَةٍ الْكَواكِبِ الصافات 6. [6] قوله تعالى: ثُمَّ نُكِسُوا عَلى رُؤُسِهِمْ سورة الأنبياء 65. [7] الزخرف 17. [8] في ب، ط، ل: بالردى. وأراد بالصدى، أي الصدأ، وجعلها ألفا للسجعة مع الكلمة التي بعدها: آلة الردى.

أمرت بعض فراخي وهي السكين [1] ، فأصبحت من النفاثات في عقدك يا مسكين، فأخلت من الحياة جثمانك، وشقت أنفك، وقطعت لسانك، ويك، إن كنت للديوان فحاسب مهموم، أو للإنشاء فخادم لمخدوم، أو للبليغ فساحر مذموم، أو للفقيه، فناقص في العلوم، أو للشاعر، فسائل محروم، أو للشاهد فخائف مسموم، أو للمعلم، فللحي القيوم، وأما أنا، فلي الوجه الأزهر، والحلية والجوهر، والهيبة إذ أشهر، والصعود على المنبر، شكلي الحسن عليّ، ولم لا حملك الخطيب بدلي، ثم إني مملوك كمالك، فاتك كناسك، أسلك الطرائق، وأقطع العلائق. وقال القلم: أما أنا فابن ماء السماء، وأليف الغدير، وحليف الهواء، وأما أنت، فابن النار والدخان، وباتر الأعمار، وخوّ ان الإخوان، تفصل ما لا يفصل، وتقطع ما أمر الله به أن يوصل، لا جرم سمّ السيف وصقل/ قفاه، وسقي ماء حميما، فقطع أمعاءه، يا غراب البين، ويا عدّة الحين، ويا معتل العين [2] ، ويا ذا الوجهين، كم أفنيت وأعدمت [3] وأرملت وأيتمت. قال السيف: يا ابن الطين، ألست ضامرا وأنت بطين، كم جريت بعكس، وتصرفت في مكس [4] ، وزوّرت وحرّمت، ونكّرت وعرّفت، وسطّرت هجوا وشتما، وخلّدت عارا وذمّا، أبشر بفرط روعتك، وشدة ضيقتك، إذا قست بياض صحيفتي بسواد صحيفتك، فألن خطابك فأنت قصير المدة، وأحسن جوابك فعندي حدّة، واقلل من غلظتك وجبهك، واشتغل عن دم في وجهي بمدة في وجهك، وإلا فأدنى ضربة مني تروم أرومتك، فتستأصل أصلك، وتجتث جرثومتك، فسقيا لمن غاب بك عن غابك، ورعيا لمن أهاب لسلخ إهابك. فلما رأى القلم السيف قد احتدّ، ألان له من خطابه ما اشتد، وقال: أما الأدب فيؤخذ عني، وأما اللطف، فيكتسب مني، فان لنت لنت، وإن أحسنت أحسنت، نحن أهل السمع والطاعة، ولهذا تجمع في الدواة الواحدة جماعة، وأما أنتم، فأهل/ الحدة والخلاف، ولهذا لم يجمعوا بين سيفين في غلاف. قال السيف: أمكرا ودعوى عفّة، لأمر ما جدع قصير أنفه [5] ، لو كنت كما زعمت ذا أدب، ما قابلت رأس الكاتب بعقدة الذّنب، أنا ذو الصيت والصوت، وغراراي ليّنا

_ [1] في ب، ط، ل: وهو السكين. والسكين تذكر وتؤنث. [2] يريد أن عين الاسم من كلمة السيف وهي الياء حرف علة. [3] في ب، ط، ل: كم أفنيت وأقنيت. وأقنى: كسب وجمع. [4] المكس: نقص الثمن، والضريبة يأخذها المكّاس ممن يدخل البلد من التجار. [5] هو مثل، ينظر مجمع الأمثال 2/196.

مسّ، فيّ ترتحل غرائب الموت، أنا من مارج من نار والقلم من صلصال كالفخار، وإذا زعم القلم أنه مثلي، أمرت من يدق رأسه بنعلي، قال القلم: صه، فصاحب السيف بلا سعادة كالأعزل، قال السيف صه، فقلم البليغ بغير حظ كمغزل. قال القلم: أنا أزكى وأطهر. قال السيف: أنا أبهى وأبهر. فتلا ذو القلم لقلمه: إِنَّا أَعْطَيْناكَ الْكَوْثَرَ [1] ، فتلا صاحب السيف لسيفه: فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ [2] ، فتلا ذو القلم لقلمه: إِنَّ شانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ [3] ، قال القلم: أما وكتابي المسطور وبيتي المعمور [4] ، والتوراة والإنجيل، والقرآن ذي التبجيل، إن لم تكفّ غربك [5] ، وتبعد مني قربك، لأكتبنّك من الصم البكم، ولأسطرنّ عليك بعلمي سجلا [6] بهذا الحكم. قال السيف: أما ومتني المتين، وفتحي المبين، ولسانيّ الرّطبين، ووجهيّ الصّلبين/ إن لم تغب عن بياضي بسوادك، لأسخّمنّ وجهك بمدادك، ولقد كسبت من الأسد في الغابة توقيح العين والصلابة، مع أني ما ألوتك نصحا: أَفَنَضْرِبُ عَنْكُمُ الذِّكْرَ صَفْحاً [7] . قال القلم: سلّم إليّ مع من سلّم، إن كنت أعلى فأنا أعلم، أو كنت أحلى فأنا أحلم، أو كنت أقوى فأنا أقوم، أو كنت ألوى [8] فأنا ألوم، أو كنت أطرى فأنا أطرب، أو كنت أعتى فأنا أعتب، أو كنت أقضى، فأنا أقضب. قال السيف: كيف لا أفضلك والمقر الفلاني شاد أزري. قال القلم: كيف لا أفضلك وهو عز نصره ولي أمري. قال الحكم بين السيف والقلم: فلما رأيت الحجتين ناهضتين، والبيّنتين متعارضتين، وعلمت أن لكل منهما نسبة صحيحة إلى هذا المقر الكريم، ورواية مسندة عن حديثه القديم، لطّفت الوسيلة، ودقّقت الحيلة، حتى رددت القلم إلى كنّه، وأغمدت السيف فنام ملء جفنه، وأخّرت بينهما الترجيح، وسكتّ عمّا هو عندي الصحيح، إلى أن يحكم المقرّ بينهما بعلمه، ويسكّن سورة غضبهما الوافر،

_ [1] سورة الكوثر الآية الأولى. [2] الكوثر 2. [3] الكوثر 3. [4] إشارة إلى قوله تعالى: وَالطُّورِ وَكِتابٍ مَسْطُورٍ فِي رَقٍّ مَنْشُورٍ وَالْبَيْتِ الْمَعْمُورِ . الطور 1- 3. [5] في حاشية ب، ل: الغرب، الحد، وغرب الشىء حده. [6] في ط: ولأسطرن عليك سجلا. كلمة (بعلمي) ساقطة. [7] الزخرف 4. [8] ألوى الرجل: أكثر من التمني بإكثاره من حرف (لو) في كلامه.

مقامة تسمى الحرقة للخرقة

ولجاجهما المديد [1] /ببسيط حلمه، ويعاملهما بما وقر في صدره من الوقار، وسكن في قلبه من السكينة، وإذا كان في هذه المدينة مالكنا، فلا يفتي العبد ومالك في المدينة [2] ./ مقامة تسمى الحرقة للخرقة إنشاء الإمام زين الدين عمر بن مظفر ابن الوردي [3] قاضي حلب المعروف بالرياحي، وهو أول من ولي قضاء المالكية بحلب. بسم الله الرحمن الرحيم، أما بعد حمد الله الذي لا يحمد على المكاره سواه، والصلاة على سيدنا محمد الذي خاف مقام ربه، وعصم عن اتباع هواه، وعلى آله وصحبه الذين بذل كل منهم في صون الآية قواه، وسلمت صدورهم من فساد النيات، وإنما لكل امرىء ما نوى، فان نصيحة أولياء العزم تلزم، والتنبيه على مصالح العباد قبل عموم الفساد أحزم، والمتكلم لله مأجور، والظالم ممقوت مهجور، وتحسين الكلام لدفع الضر عبادة، والنثر والنظم للذب عن أهل الدين من باب الحسنى وزيادة، وجرحة الحاكم للأعراض بالأغراض صعبة، إذ نص الحديث النبوي أن حرمة المسلم أعظم من حرمة الكعبة، ومخرق حرمته مذموم، ولحم العلماء مسموم. وهذه رسالة أخلصت فيها النية، وقصدت بها النصيحة للرعاة والرعية، أودعتها في جوهر فكر كل ثمين، وناديت بها على مزيل ظلم أبناء جنسي، مناداة/ اللّحم السمين، لكن جنّبتها فحش القول إذ لست من أهله، وخلدتها في ديوان الدهر، شاهدة على المسىء بفعله، ورجوت بها الثواب، وتحريت فيها الصدق والصواب، نصرة للمظلوم، وغيرة على حملة العلوم، وسميتها الحرقة للخرقة، فقلت: اعلموا يا ولاة الأمور، ويا ذوي الكرم الغمر، أبقاكم الله في مصر للأمة، ووفقكم لرفع الإصر، وبراءة الذمة، إن حلب قد نزعت الزبدة ووقعت من ولاية التاجر الرياحي في خسر، وشدة قاض سلب الهجوع، وسكب الدموع، وأخلف السرب، وكدّر الشرب، بجرأته التي طمت وطمّت، وعاميته التي عمّت وغمّت، وفتنته التي بلغت الفراقد،

_ [1] في الأصل في هذه الصفحة سطران وربع فقط وبقية الصفحة بياض خالية من الكتابة، والكلام موصول دون نقص. [2] في ط: فلا يفتى ومالك في المدينة. ومالك: هو الإمام مالك بن أنس إمام دار الهجرة وأحد الأئمة الأربعة. [3] ابن الوردي: عمر بن مظفر بن عمر ابن أبي الفوارس، زين الدين المعرّي الكندي، شاعر أديب مؤرخ، ولد في معرة النعمان، ولي قضاء منبج، له ديوان شعر، ومن كتبه (تتمة المختصر) المعروف بتاريخ ابن الوردي، جعله ذيلا لتاريخ أبي الفداء وخلاصة له، و (اللباب في الإعراب) و (مقامات) و (بهجة الحادي) وغيرها، توفي بحلب سنة 749 هـ. (بغية الوعاة 365، فوات الوفيات 2/116، النجوم الزاهرة 10/240، أعلام النبلاء 5/3، الدرر الكامنة 3/195) .

وأسهرت ألف راقد، ووقاحته التي أذهبت الألباب، وأخافت النّطف في الأصلاب، فكم لطّخ من زاهد، وكم أسقط من شاهد، وكم أرعب بريئا، وكم قرّب جريئا، وكم سعى في تكفير سليم، وكم عاقب بعذاب أليم، وكم [1] توسط بها عند الألباب، حشر النائب على من قيل إنه حضر الخمر، وحمله على أن قرعه بالمقارع، حتى قضي الأمر، وامتنعت الأمراء من الشفاعة، وظنوا هم والنائب أن هذا امتثال لأمر الشرع وطاعة:/ [السريع] يا حامل النائب في حكمه ... أن يقتل النفس التي حرّمت غششته والله في دينه ... بشراك بالنار التي أضرمت أسقط في يوم مشهود تسعة من أعيان الشهود، فو الله لو كانوا من غنم رباح، ما سمح بهذه العدة للذباح، وهذا مقت وأي مقت، ما سمعنا بمثله في وقت، أتسلم أرباب البيوت من هذا الرجل المبهوت، فَلَوْلا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ [2] ، من يذم هذا البزاز الجرىء على تخريق الخرقة: [السريع] سحقا لقاض مالكي سطا ... بتسعة أكبر من فينا وإن أعرناه لها سكتة ... ألحق بالتسعة تسعينا سبب إسقاطه لهؤلاء النفر، أنه أقر عندهم أول مدته من السفر، بأن قرابغا [3] أعطاه ثلاثة عشر ألف دينار، ووكله ليشتري بها ما يرضاه من العقار، فلما مات قرابغا، عاش الوكيل وندم على إقراره عندهم، فبدرهم بالتنكيل، فهيهات هيهات، فهذا المحو عين الإثبات [4] ، لهذا أكبر الحال، وأسفت القلوب أنه أكل المال، أسقط التسعة قهرا، ونادى عليهم جهرا، وشاور على تطويفهم في الأسواق والجامع، لولا منعه من ذلك مانع، هذا من غير إحضار لهم ولا إعذار، ولا تقدم دعوى ولا إنذار، ولا تظلم من متظلم،/ ولا كلمة من متكلم، إلا سطوة وعتوا واستكبارا في الأرض وعلوّا وخوفا على الدرهم والدينار، بل مكر الليل والنهار، ولما ظهر زبدة [5] الذاهبة، التي تنثلم منها فاس [6] ، وتتباعد عنها دانية [7] ، وتنفر من قبحها تونس [8] ، ويحتجب حياء منها

_ [1] في بعض النسخ بياض بقدر ثلاث كلمات. [2] التوبة 123. [3] قرابغا: نائب حلب قرا باشا. (إعلام الورى بمن ولي نائبا من الأتراك بدمشق الشام الكبرى ص 232) . [4] المحو عين الإثبات: أي أنه زوّر فمحا تسعة من 99 فأصبحت 9. [5] زبدة: قال نصر: مدينة بالروم من فتوح أبي عبيدة رضي الله عنه. (ياقوت: زبدة) . [6] فاس: مدينة كبيرة على برّ المغرب من بلاد البربر، وهي حاضرة البحر وأجل مدنه. (ياقوت: فاس) . [7] دانية: مدينة بالأندلس من أعمال بلنسية على ضفة البحر شرقا. (ياقوت: دانية) . [8] تونس: مدينة كبيرة محدثة بأفريقية على ساحل بحر الروم، عمّرت من أنقاض مدينة كبيرة قديمة بالقرب منها يقال لها قرطاجنّة. (ياقوت: تونس) .

ابن الحاجب [1] ، ويستوحشها ابن يونس. عقد مجلس بدار العدل لكشف الظلامة، وطي هذا الجور المنشور بغير علامة، فقلنا له سمّ لنا من شهد على الشهود، فأبى أن يسمّي، وقال قضى الله عليه: قضيت فيهم بمذهبي، وحكمت فيهم بعلمي، فقلنا: يا نائما على السّرى، الجرح لا يقبل إلا مفسّرا، وإن كان لك أن تجرحهم، فليس لك أن تذبحهم وتفضحهم يا قليل الفهم، من يساعدك على هذا الوهم، هذا محرم لم يبحه مبيح، ومحاسن الإسلام تأبى هذا القبيح. قال: إن لم تركنوا إليّ فاستفتوا المالكية في دمشق عليّ، فأخرنا اللوم، وطالعنا كتب القوم، فوجدنا في مشاهير كتبهم نقلا محققا، أن القاضي لا يقضي بعلمه مطلقا، وأنه إذا شهد عنده من يعلم عليه جرحه، رفع الأمر إلى من فوقه، وأبدى له شرحه [2] ، فكابر وتأوّل، واعتمد على الفجور وعوّل، وزاد في المدافعة، وخوّف بالشر والمرافعة، وأطلق لسانه في/ الأعيان ولم يقيّد، وقلّب رأسا لم يكن رأس سيّد، ولما بلغ المالكية بدمشق هذه الواقعة المستعظمة، أصغروا قدره عنها، وقالوا: كَبُرَتْ كَلِمَةً [3] ، واستحلوا سبّه وشتمه، واستقلوا عقله وعلمه، وكتبوا إليه: أن يا مغلوب، لقد بغّضت مذهب مالك إلى القلوب، وقطعت المذاهب الأربعة عليه بالخطأ، وزالت بهجته عند الناس، وانكشف الغطاء، ثم من المفتين من لامه على ذلك وعنّف، ومنهم من علّق على تقبيح ذلك وصنّف، ثم سئلت بدمشق اليهود والنصارى، وإن كانوا عن الحق حيارى، هل يجوز في دينهم المنسوخ مثل هذا التخجيل، أم يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل، فأقسموا بالله جهد أيمانهم، إن ذلك لم يكن في أديانهم، وناهيك بخلل تستقبحه كل الملل، فقبح الله من أصبح بسهام الأغراض إلى مصون الأعراض في الرامين، وقال: من أحوج المسلمين إلى سؤال المغضوب عليهم والضالين: [الكامل] أبرأ إلى الرحمن من بهتانه ... وفجوره وعتوّه المتزايد من ذا يجيز قضاء قاض جاهل ... بالعلم في هذا الزمان الفاسد

_ [1] ابن الحاجب: عثمان بن عمر بن أبي بكر بن يونس، فقيه مالكي من كبار العلماء بالعربية، كردي الأصل، ولد في مصر وسكن دمشق ومات بالاسكندرية، له مجموعة تصانيف منها (الكافية) في النحو و (الشافية) في الصرف، و (الأمالي النحوية) و (المقصد الجليل) قصيدة في العروض، وغيرها، توفي سنة 646 هـ. (وفيات الأعيان 1/314، غاية النهاية 1/508، مفتاح السعادة 1/117، وخطط مبارك 8/62) . [2] في ب: أبدى له في شرحه. في ط: أبدى شرحه. [3] الكهف 5.

وأما قول إمامنا الشافعي في أمه [1] : «لولا قضاة السوء لأجزت للقاضي أن يقضي بعلمه» :/ [المجتث] قلنا له دع أمورا ... مستهجنات لمثلك فقال أقضي بعلمي ... قلنا ستقضي بجهلك ثم فسق مفتيا في الدين، وفضح خطيبا على رؤوس المسلمين، ومن بغضه هذا الخطيب، أمر من لطخ منبره بضد الطيب، الله أكبر آذى حتى الخطيب والمنبر، لقد بالغ في الختل، وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ [2] : [البسيط] من انتهى طيشه في المحرمات إلى ... هذا المقام عليه غضبة الباري [3] ولست عن مالك أرضى نيابته ... عن خازن العلم أو عن خازن النار هذا جزاء المنسلك تحت آراء عبد الملك، ومن البوم دليله، فالخراب مقيله: [السريع] امتلأت من ذهب أكياسه ... وقلبه ممتلىء من دغل ما هو إلا حيّة برقها ... بالسمّ هذا المغربي الزغلي [4] لقد أوقع الناس في الفتنة في بحر عجاج، فدعوا عليه وعلى عبد الملك، ولولا عبد الملك ما استطال [5] هذا الحجاج، قاض يقول القول ثم ينكره، ويذم الشخص في المجلس ويشكره، ويحب آيات الردة والكفر، لحبه في الدنانير الصفر: [مجزوء الرمل] حاكم يصدر منه ... خلف كل الناس حفر يتمنى كفر شخص ... والرضى بالكفر كفر ما أولى أحكامه بالانتقاض، وما أحقه بقول السحرة لفرعون: فَاقْضِ ما أَنْتَ قاضٍ [6] ، ولولا العافية لتوهمت أنّ (ما) ههنا نافية: [الوافر] ولو ولّوا قليل الفقه فيه ... مداراة ودين ما جزعنا

_ [1] في أمه: أي كتابه الأم. الشافعي: محمد بن إدريس بن العباس الهاشمي القرشي، أحد الأئمة الأربعة، وإليه نسبة الشافعية، ولد بغزة بفلسطين، وحمل منها إلى مكة صغيرا، وقصد مصر فتوفي بها، وقبره معروف في القاهرة، من كتبه: كتاب (الأم) في الفقه، و (المسند) في الحديث، و (أحكام القرآن) ، و (السنة) ، و (الرسالة) في أصول الفقه، وغيرها، توفي سنة 204 هـ. (التهذيب 9/25- 31، معجم الأدباء 17/281- 327) . [2] البقرة 190. [3] في ب، ط، ل: طيشه في المخبرات، وفي ش: (في المحرمات) ، ساقطة ومكانها بياض. [4] الزغلي: نسبة إلى الزغل، وهو الغش. [5] في ب، ط، ل: ما استطاع. [6] سورة طه 17.

وكان يهون ما نلقى ولكن ... تعالوا فانظروا مع من وقعنا ثم إنه على عامية نفسه وجهلها، ينتقص العلوم ويضع من أهلها: [البسيط] الله الله لا تبقوه في حلب ... يا أهل مصر وفينا راقبوا الله فدما يذمّ فنون العلم محتقرا ... بها ومن جهل الأشياء عاداها [1] لقد عذب العذبة، وصدّق الكذبة، يستخف الأثقال، ويحكم بما لا يعلم ليقال: [المتقارب] رأى نفسه أخرّت في العلوم ... فرام التقدّم بالجبروت عديم الهبات عظيم الهنات ... قليل الثّبات كثير الثبوت ستر الله هذه المدينة من هؤلاء الأدوان [2] ، ونزّه عنه مذهب مالك برحمة منه ورضوان: [البسيط] قاض عن الناس غير راضي ... مباهت غالط مغالط يكذب عن مالك كثيرا ... ويسقط الناس وهو ساقط عامل أوساط الناس معاملة الأطراف، وأشرف أذاه على العذراء والأشراف، أتلف الأملاك والمكاتيب، بما اعتمده في حق الشهود/ من الأكاذيب، فكم صاحب مكتوب يبكي على حاله، كما أوتي كتابه في شماله: [الكامل] تلفت مكاتيب الأنام بفعله ... وأبان عن طيش وكثرة مخرقه يرمي الأكابر والأصاغر كاذبا ... بالكفر أو بالفسق أو بالزندقه [3] هلّا قرأ هذا القاضي الجديد: وَلا يُضَارَّ كاتِبٌ وَلا شَهِيدٌ [4] : [الوافر] لقد آذى الشهود بغير حق ... فأيّ الناس ما رحم الشهودا أيرضى المسلمون لهم بهذا ... وقد سرّ النصارى واليهودا ولقد بلغنا وهو من العبر، أنّ جيراننا من أهل شيس [5] سرهم مبتدأ هذا الخبر: [مجزوء الرجز] صاحب شيس سرّه ... فعال قاض أرعنا

_ [1] الفدم: الثقيل الفهم العيّي. [2] الأدوان: جمع دون. [3] في ع: يرمي الأصاغر والأكابر. [4] البقرة 282. [5] في الأصل: شيس، وفي ب، ط، ش، ع: سيس. وجاءت في معجم البلدان (شيز) ، وقال: وهي ناحية بأذربيجان من فتوح المغيرة بن شعبة، وهي معربة (جيس) . (ياقوت: شيز) .

فأحزن الله الذي ... أفرح فينا الأرمنا أذهب حبّ الذهب ذهن ذهنه وأفنى، كَلَّا إِنَّ الْإِنْسانَ لَيَطْغى أَنْ رَآهُ اسْتَغْنى [1] : [البسيط] أهل الثنايا أفيكم رجل ... يقول عن نفسه أنا ابن جلا [2] من جور قاض غناه أفسده ... وكثرة المال تفسد الرجلا مطالعته في البيت في عرض جريدة الصابون والزيت: [مخلع البسيط] وتاجر قلّدوه حكما ... كلّ الرعايا عليه لا له له فعال مدوّنات ... قد أغضبت صاحب الرساله احتكر الأقوات في أوقات الغلا، فقال فيه بعض الفضلاء: [البسيط] كيف التخلص من قاض مباحثه ... قطن وقمح وأصناف وصابون قد جاء يحتكر الأقوات في حلب ... على غلا السعر والحكّار ملعون كم نهته زوجته عن اللجاج، فتهددها بالضرب والإخراج: [المتقارب] وقاض لنا لم يلن ... وزوجته لانت فيا ليته لم يكن ... ويا ليتها كانت إذا فرغ من مجلس قضائه، اشتغل بمعاقبة أهل بيته والغلظة على أقربائه، أن ينفد الأزمان، فاذا ارتفع ضجيج الحرم والغلمان، وأخذ الناس في لعنة هذا الميت، ويتذكرون ببلية أهل الدار محنة أهل البيت: [مجزوء الرجز] وما رأيت من بلي ... بظالم لم يعدل إلّا تذكّرت به ... بلوى الحسين بن عليّ فيا ولاة الأمر، من يبسط نفسه للقبض على الجمر: [الرمل] مغربيّ الخلق فظّ سلقط ... أيّ من جاهره أسقطه قامت الحرب على ساق به ... يغفر الله لمن سلّطه أبطل مسائل المعاملة والبيّنة، فبطل بذلك دولاب المدينة وأفسدت/ ذات البين، وسلط

_ [1] العلق الآية 6 و 7. [2] في البيت إشارة إلى بيت سحيم بن وثيل الرياحي المشهور الذي تمثل به الحجاج، وهو: (الحماسة البصرية 1/102) . أنا ابن جلا وطلاع الثنايا ... متى أضع العمامة تعرفوني

المديون يشكو على رب الدين، وصار الطالب المطلوب، وهذا الفقه المقلوب، على أن في مذهب الشافعي الزاهي، إن مسألة العينة ليست من المناهي، وهي قوام العامة والجيش، ولكن لا ذوق لمن غلب عليه الطيش: [مجزوء الرجز] وما قرا وثيقة إلا وقال باطله [1] ... وذا دليل أنّه ليس له معامله ففي عزله عنّا أجر غير ممنون، وأي حاجة بالعقلاء إلى مجنون: [السريع] لا وأخذ الرحمن مصرا ولا ... أزال عنها حسن ديباجه ولّوا علينا قاضيا ثالثا ... ما كان للناس به حاجه هذا مالكي متعصب، قد أسكره الذهب والمنصب، فلا يفرق بين الأرض والسماء، ولا يعرف عموم العامة من خصوص العلماء، حركاته وسكناته مكتوبة عليكم، فلا ندري أنشكوكم إلى الدهر، أم نشكو الدهر إليكم. قاض سمين الأموال، مهزول النوال: [المتقارب] كثير الجنون مسيء الظنون ... عدو الفنون لظى محرق فيصبغ أصبغ من بهته ... وأشهل في عينه أبلق [2] لا يحترم أبا حنيفة، ولا الشافعي، ولا يحمد أحمد ولا الرافعي [3] ، قراد لا يلقط إلا دم الأوراك، وجراد لا يسقط إلا على أموال الأتراك، إذا وقع عنده، فقد وقع بين مخالب الأسود، وأنياب الأفاعي السود/: [الرمل] أدركوا العلم وصونوا أهله ... عن ظلوم حاد عن تبجيله إنما يعرف قدر العلم من ... سهرت عيناه في تحصيله فقابلوا الفعل بفعله، واستعيذوا بالله يا أهل مصر، من شر ولاية مثله، وارموه من كنانة مصر بسهم قلما أخطأه، وعاجلوا إيضاحه بالإبهام، ترضى الفرقتان؛ المسبّحة والسبابة بسيرتكم الوسطى: [الرجز] المالكيّ طائش ذو فوره ... له على أهل العلوم سوره [4] دار على باب الجراح الدوره ... وما قرا في باب ستر العوره

_ [1] في ع: وما رأى وثيقة. [2] أصبغ، ساقطة من نسخة ش، من سهو الناسخ. [3] أحمد: هو أحمد بن حنبل أحد الأئمة الأربعة، سبقت ترجمته. الرافعي: عبد الكريم بن محمد بن عبد الكريم القزويني، فقيه من كبار الشافعية، كان له مجلس للتفسير والحديث بقزوين، توفي سنة 623 هـ (فوات الوفيات 2/3، طبقات الشافعية 5/119) . [4] في ب، ش، ل: طائش ذا فوره. في ب: أهل العلم.

مغربي الاخلاق، مذموم على الإطلاق، عار عن الدين، عدة للمعتدين، سيء الصنائع، ذخيرة سوء في الوقائع: [البسيط] وقاضيا ماضيا في الشرّ مجتنبا ... للخير من سيئات الدهر محسوبا يرى إباحة أعراض محرّمة ... متى ترى شكله المكروه مندوبا غاية علمه إطالة السكوت، وقول الحاضرين له دائم الثبوت، سكناته غير متناهية، وإذا تكلم ففي داهية، الويل له إن لم يتب، ويجهل حتى أسماء الكتب، أذاه شامل، وشره كامل، ومنهاجه عسر. لو كان حاوي الخصائص ما قال بالتذنيب، ما هو العزيز النهاية، وله بداية مدونة، من يحتقر بالمهذّب من أين له تهذيب، مقدام ظلوم، جاهل بجميع العلوم، لا يعرف في الفقه الطلاق من التطليق،/ ولا في النحو الإلغاء من التعليق، ولا في التفسير أسباب النزول، ولا في القرآات حجج، وَإِنْ كانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ [1] ، ولا في اللغة القدح من الكأس، ولا في الأصلين؛ الجوهر الفرد، والجلي القياس، ولا في المنطق الضرب المنتج من العقيم، ولا في الحديث الصحيح من السقيم، ولا في العروض تفاعيل الدوائر، ولا في القوافي المتدارك من المتواتر، ولا في التصريف المثال من الأجوف، ولا في الطب أي الأمراض أخوف، وهو مع الجهل، وكونه غير أهل، يؤذي نجوم العلوم الطالعة والغاربة، ويعامل الناس بأخلاق المغاربة، ويتطاول على كل طائل، بمنصب هو الظل الزائل، حتى كأنه قدّم على جنس الإنس، أو قدم برأس البرنس: [السريع] ومالكيّ جاهل باخل ... لا بارك الرحمن في عمره جفنته أضيق من جفنه ... وقدره أصغر من قدره جهل كثيف، وعقل سخيف، قد أغضب الجمّ الغفير، واجترأ على الإسقاط والتكفير: [الكامل] يا أهل مصر وقاكم الله الأذى ... ولّيتم طرفا على الأوساط صعب على الحرّ الخضوع لناقص ... وتحكّم الأسقاط في الأسفاط فهلا إذا قضى الله حب المالكية، وليتم على المسلمين ذا نفس زكية: [البسيط] والله لو أنّ حماماتكم وقعت ... على الرجال لما ولّيتم هذا ضاري الطباع سرور الناس يحزنه ... ولا انشراح له إلّا إذا آذى

_ [1] من سورة إبراهيم الآية 46، وتمامها: وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ، وَعِنْدَ اللَّهِ مَكْرُهُمْ، وَإِنْ كانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبالُ.

يضرب إذا حكم، ويفتخر له ولم، ويرعد ويضطرب، ويبعد ويقترب، حتى كانه قتل عنترة، أو فتح قلعة مسترة [1] ، يتأوّه على الشرع من بعده، ويزيد في الشريعة سياسات من عنده، الويل له من هذه الأعمال، كيف يحتاج دين الله إلى إكمال، لقد وقع في عار، لا تغسله مياه الأنهار، قل للذي ما تأدب مع العلوم وأهلها، تهير لحظ البرايا عليه والنفرات، عاص يريد الشريعة نورا ويصبغه بالنيل للنهر الأسود ولو حكى ابن فرات [2] ، لما رأى خلو مجلسه، وقلة مؤنسه، وانقطاع الأعيان عن داره، وإهمال الخاصة له لصغر مقداره، قال له رأيه الفاسد إلى متى أنت مهجور كاسد، فازجر وانتهر، وقبّح حتى تشتهر، فآذى ونادى، وجرح وما داوى، فطفر الناس عليه بهذه الطفرة، وما زادهم عنه إلا نفرة، وكشفوا ظلته، وعرفوا علّته: [الكامل] حال النّحاة على العموم تميّزت ... عندي لأنّ القوم أهل خصوص من أجل قاض قد رموه بعلّة ... ودعوه بالمستثقل المنقوص إذا جلس خلت غولة جالسة، وإذا تكلم مطيلسا، قلت جاء البرد والطيالسة [3] ، لا قراءة له ولا قرى [4] ، فليت العيون اكتحلت منه بأميال السرى،/ يحب من القرآن: أَلا فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُوا [5] ، ومن الحديث: (أباهي بكم الأمم) [6] ، حتى بالسقط، ومن الفقه سقوط يد السارق بآفة، ومن النحو سقوط التنوين بأل والإضافة، ومن الشعر [7] : [الوافر] وما للمرء خير في حياة ... إذا ما عدّ من سقط المتاع [و] : [الرجز] يحبّ من كلّ علم ... السين والقاف والطا حاشا الرسالة منه ... ما خلقه بالموطّا يتنفس على الناس الصعداء، ويؤذي الأشقياء والسعداء، لقي بعض الناس منه ما لقي،

_ [1] قلعة مسترة: موضع لم أجده في معجم البلدان. [2] قوله: (قل للذي ما تأدب..... ابن فرات) كأنهما بيتا شعر، ولكنهما غير موزونين. [3] مطيلسا: مبهما، طلس الشىء، طمسه ومحاه. والطيالسة: جمع طيلسان أو الطالسان، ضرب من الأوشحة يلبس على الكتف، أو يحيط بالبدن، فارسي معرب، وهو من لباس العجم، والطيالسة هنا شتم، أي يا عجمي. [4] القرى: طعام الضيف. [5] التوبة 4. وتمام الآية: وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ ائْذَنْ لِي وَلا تَفْتِنِّي، أَلا فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُوا، وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكافِرِينَ. [6] الحديث برواية (مكاثر بكم الأمم) أخرجه ابن حبان في صحيحه. [7] البيت لقطري بن الفجاءة من قطعة في ديوان الخوارج ص 122.

وهو عازم على ما بقي: [الطويل] لقد أصبح الباقون منه على شفا ... متى استنشدوا الشعر القديم يقولوا يهون علينا أن تصاب جسومنا ... وتسلم أعراض لنا وعقول [1] فالله يعصم منه أعراضنا العريضة، ويعجّل قسمة تركته، فقد عالت الفريضة: [السريع] ابن الرباحيّ على جهله ... وجوره في حلب يحكم إن لم يكن في حلب مسلم ... فمصر ما كان بها مسلم المنصب الجديد لا يسده إلا الرجل السديد، لقد آذى مذهب مالك، من توسط لهذا العرّة بذلك: [مخلع البسيط] من كان في علمه دخيلا ... فللولايات لا يليق لا سيما منصب جديد ... فكفؤه عالم عتيق وماذا أقول فيمن حمله جهله على أن قال في ابن السّفاح وابن العديم/ ما هو أهله، أحسن الله إليهما، ورضي عنهما، ولولا حظ نفسه، وظلمه حسه، لاكتسب من رئاستهما، واقتدى بعفّتهما عن الأموال والأعراض، وحسن سياستهما، لكنه أعمى البصر والبصيرة، سيّىء الظن، خبيث السريرة يؤذي الناس ويقول لا تؤذوني، وينادي مال قرابغا [2] في يده بالله خذوني: [مخلع البسيط] بالله يا أولياء مصر ... خذوه من عندنا بستر متى رأيتم وهل سمعتم ... بأن قاضي القضاة جمري [3] يقضي عمره في الأسواق والأسفار، ومرافقة أبي حيّة من التجار، ما أقدره على التنقير، وما أسهل عليه الفسق والتكفير، فلا قوة لنا من جمرته [4] ولا حول، لا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ [5] : [الرجز] يا قومنا إنّ الفساد قد غلب ... وخافت الأعيان سوء المنقلب ومن نشا بين الحمير والجلب ... كيف يكون قاضيا على حلب [6]

_ [1] في ب، ط، ش، ل: يهان علينا. [2] قرابغا: حاكم حلب، سبقت الإشارة إليه. [3] جمري: لعله منسوب إلى جمرة النار، أو الحصاة يستنجى بها، أو من الجمر أي السرعة، أجمرت الدابة، أسرعت وعدت، وكلها من معاني الهجاء. [4] جمرته: غضبه. [5] النساء 148. [6] الجلب: ما جلب من إبل وغنم ومتاع التجارة.

كم دعي إلى بابك فما ارتاح إلى الباب، وتراه حرّان لعدم الرقة، فاذا قيل فلان قد كفر طاب، هو في العينة جسر الحديد، وبالبخل بعدا وليعش للتفاح، ومعارته الحلفة وشر سرمدا، فلا عاش هذا الأقرع الغاوي اللكام المرتب سفرا عن بائس، فان طول هذه القرينة المقام في حلب، فيا ضيعة الترقا [1] :/ [مجزوء الرمل] هو في العلم آخر ... وهو في الظلم سابق فهو للضيف حارم ... وهو في العرض دابق [2] أيولّى على الناس من كان يخضع للحقير والمكّاس [3] ؟ وبعد تلك الخساسة، يرشح للرياسة، لا جرم أنّه كثر تلبيسه [4] ، وطال تعبيسه، فكأنما يفكر في غامض، أو تلمّظ بخل حامض: [مجزوء الرجز] بعدا لقاض تاجر ... إثباتنا في سابه شيخ الحقير بارق ... في عينه وقلبه يحبس على الردة بمجرد الدعوى، ويقوّي شوكته على أهل التقوى، فقد ذلّل الفقهاء والأخيار، وجرّا عليهم السفهاء والأغيار: [مجزوء الرجز] يحبس في الرّدة من ... شاء بغير شاهد لا كان من قاض حكى ... الفقاع حد بارد أراح الله من تعرّضه، وصان الأعراض عن تقرضه، فقد شقّ بحربه على الأكابر، وشق تعديه إلى المقابر: [السريع] في حلب قاض على مالك ... قد افترى ما فيه توفيق ومن تلكّا معه قال قم ... قد قيل لي إنّك زنديق يقصد بذلك أهل الدين، ويلطخ به القراء المجودين، نسي جلوسه في السوق، وأصبح يثبت في الفسوق نقل من الذراع والمقصّ، إلى هذا المنصب الأعز الأخص، والله لقد هزلت، فسحقا للدنيا وما فعلت: [مجزوء الرجز] قاض من السوق أتى ... معتاد بيع الأكسيه ذا للوصايا ما يعي ... كيف يعي في الأقضيه

_ [1] كذا جاءت الأسطر الثلاثة في جميع النسخ، وفيهما اضطراب وغموض. [2] دابق: لا صق. [3] المكاس: الناقص، مكس الشىء مكسا: نقص، والمكاس: الذي يأخذ الضريبة. [4] تلبيسه: تخليطه، وتلبس بالأمر: اختلط، واللبس: الشبهة وعدم الوضوح.

بعد الامتهان في الرحاب، يقال له باسم الله رئيس الاصحاب، وما مر دجنه، وافسد بهذه الكلمة ذهنه، ألا يغيب له طبق، وتعسا لجارح يبلبله الدبق، فو الله لولا كراهة السخافة، لآتينّ هنا بأفانين من حديث خرافة، ثم إنه مع تلك الأباطيل، يدعي العفّة عن أكل البراطيل [1] ، فليته تناول الحطام، وتعفف عن أعراض الأنام: [مجزوء الرمل] طرف قدّمه ... دهره إذ سكرا إن صحا الدهر له ... سترى ما سترا أو ما علم هذا المشلول اليد، المفترق اللسان، أنّ العرض أثمن من المال عند الإنسان: [الكامل] التاجر الخياط قاض عندنا ... ولديه تثبت ردّة وفسوق ومن العجائب أن يخيط قلوبنا ... بكماره ولسانه مفتوق [2] وكيف عادت حلب تسكن، وفيها هذا الألثغ الألكن: [مخلع البسيط] يا ساكني مصر ما عهدنا ... منكم سوى رحمة وألفه فكيف ولّيتموا علينا ... من لا تصحّ الصلاة خلفه راؤه غين، ومنطقه شين، إذا سبّح الربّ، لا تدري أسبّح أم سبّ: [السريع] الألثغ الطاغي تولّى القضا ... عدمت هذا الألثغ الطاغي إن سبّح الباري حكى سبّة ... فقال سبحانك يا باغي لا يفرّق بين المؤنث والمذكر إلا بالفرج، ولا يعرف العربية إلا باللجام والسرج: [مجزوء الهزج] قليل الفقه لّحان ... له في حكمه خبط قبيح الشّكل محتدّ ... فلا شكل ولا ضبط لو عقل لاكتفى ببلغته، وصان المنصب عن عار لثغته: [المجتث] وألثغ يتحرّى ... ويصبغ العرض صبغا إن قيل هل أنت برّا ... يقل نعم أنا بغّا من ألّم بشكله تألم، ولا سيما إذا تكلم، ولايته هتكة، وعزله مثل الحج إلى مكة: [الكامل] أضحى يصول على الفصاح بلثغة ... منهوكة مهتوكة تستعظم

_ [1] البراطيل: الرشاوى. [2] بكماره: الكمار ما يشد على الثوب كالحزام.

عجبي لهم كيف ارتضوه لمثلنا ... حكما أما سمعوه إذ يتكلم سكر بخمر الولاية، إنّ في ذلك لآية، فصل الله اتصاله عنّا، وجعل بارز ضميره مستكنّا: [مخلع البسيط] ولّيتم جاهلا جريّا ... ألثغ بالمسلمين ضاري مقلقلا من بني رباح ... نحن به من بني خسار [1] فقولوا له عنّي يا شرّ الحزبين، كم من حيّ قاض في البين وكم تقدم/ في الناس طرف، وكم [2] جاء مثلك ثم انصرف، هذا وقد أعلمتك أني لو رضيت الولاية لتقدمتك: [السريع] قولوا له عنّي ولا تجزعوا ... من شرّه يا ساخن العين لو كنت أرضى ما تقلدته ... جلست من فوقك باثنين كم جراح بلا اجتراح، لقد جئت بغريب في الصحاح: [الوافر] جرحت الأبرياء فأنت قاض ... على الأعراض بالأغراض ضاري ألم تعلم بأنّ الله عدل ... ويعلم ما جرحتم بالنهار ثم من أعظم ذنوبه، وأكبر عيوبه، أن هذا الفرد الظالم، حوله من المغاربة جمع غير سالم، وهم في السر يتوقعون قيام الحرب، ويطمعون أن مصر سيملكها أهل الغرب: [الكامل] يا أهل مصر أهكذا وليتم ... حلبا لجلف مالكيّ المذهب من دابه مراهنا أصحابه ... ويقول قد ظهرت جيوش المغرب لا تكونوا فيه من الممترين، فقد ران على قلبه بحب بني مرّين [3] : [مخلع البسيط] لقد بلينا بمالكيّ ... يقدح في الترك كلّ حين [4] صلي في السّرّ وهو يدعو ... لصاحب المغرب المريني أخبرني بذلك من لا يذكر، وحلف أنّي إن سمّيته أنكر، فاعزلوا عن أعمالكم هذا القرد، وإن غضب فغضب الأسير على القدّ، فانه يميل إلى الزيدية [5] ، ويتذكر الدولة

_ [1] في ب، ش: مقلقل. وبنو رباح: بالباء الموحدة، يريد بهم القرود. [2] من هنا صفحتان بيضاوان إلا أربعة أسطر في نسخة ش. [3] بنو مرين: أسرة إسلامية حكمت في المغرب الأقصى، يتسم حكمها بالقوة والعظمة والحضارة. [4] البيتان والعبارة قبلهما ساقطان من ع. [5] الزيدية: شيعة تنسب إلى زيد بن علي بن الحسين، وتقابل الإمامية، وهما أكبر فرق الشيعة، وعرفت الزيدية بالاعتدال بعيدة عن التطرف، وهو أقرب إلى أهل السنة. (الموسوعة العربية الميسرة 1/938) .

العبيدية [1] :/ [المجتث] قال الرّباحيّ سرّا ... مصرا إليها إليها كنّا بمصر وإنّا ... لعاملون عليها لا عاش ولا بقي، ولقي من الخيبة ما يتّقي، فهذه الدولة مطاعة، إلى قيام الساعة، على رغم قاض إذا حكم جار، ولو على الجار، وإن غضب أو صال، فرّق الأوصال، عامي طرف، لا شرف له ذكر، ولا ذكر له شرف، يوقع العظيمة، ويعظم الوقيعة، ويشارع الخليفة، ويخالف الشريعة، يدع الإيثار، ويؤثر الدّعة، ويختار المرابع المذهّبة على المذاهب الأربعة، وإن تصعب لمالك، فلحظ نفسه في ذلك: [مجزوء الوافر] لقد ولّيتم رجلا ... بخفض الناس يرتفع ففرّق بيننا سفها ... وعند الله نجتمع ومن أغرب ما يحكي الحاكي، أنه جمع العلماء في يوم باكي، فظنوا جمعهم لوليمة، فاذا هو جمع، فأخرج لهم سوطا مجدولا، يشبه سيفا مسلولا، وشاورهم على إعداده لعقوبة من وقع، فنهوه عن ذلك، وأمروه بالرفق فامتنع، فغادروا من عنده إلى الأوطان، مستعيذين بالله من الشيطان: [الكامل] سوط يقلّ السيف عند عيانه ... وأراه بعض حوادث الأيام ينوي به للمسلمين عقوبة ... وكذا تكون موائد الحكّام فما قولك في طباع، تشبه ضراوة السباع، لا يرضيه إلا الدما، فلولو [2] عنده سما، لولو عارض الكتاب، وهذا يتعرض لجملة الكتّاب، فالحذار الحذار من فعله، والبدار البدار إلى عزله، فكم أرعب وآذى، والقاضي يعزل بدون هذا، نعم يعزل بمجرد الظّنة، فاخرجوا من حلب هذه النار تدخلوا الجنة، لقد غاظني عامي يعلو بنفسه، والعامة عمى، أَتَجْعَلُ فِيها مَنْ يُفْسِدُ فِيها وَيَسْفِكُ الدِّماءَ [3] ، فان شئتم يا نظّام الدولة أن يقوم وزن هذه البلاد، فكونوا في عروض عزله أسبابا [4] تدعو لكم الأوتاد: [المتقارب]

_ [1] الدولة العبيدية: نسبة إلى مؤسسها أبي محمد عبيد الله الملقب بالمهدي، أسس دولة في المغرب بالقيروان، ثم استولوا على مصر، توفي عبيد الله سنة 260 هـ. [2] لولو: اسم رجل، لعله لؤلؤ. [3] البقرة 30، وتمام الآية: وَإِذْ قالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قالُوا أَتَجْعَلُ فِيها مَنْ يُفْسِدُ فِيها وَيَسْفِكُ الدِّماءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قالَ إِنِّي أَعْلَمُ ما لا تَعْلَمُونَ. [4] كلمة (أسبابا) ساقطة من ب، ط.

مديد الرحاب سريع الخلاف ... بسيط الجزاف خفيف طويل [1] على جهله بضروب العروض ... لكل قبيح فعول فعول فاقصدوا البحر ظلمة المديد جسّا وبترا، وأديروا عليه الدوائر بالفاصلة الكبرى، فقد عاد لباس حلب مخشوشنا، واتخذت نهرها سيفا، وجبلها جوشنا [2] فذبوا عن سهوة [3] الشهباء، ولبّوا فيها دعوة الأولياء، قبل أن ينطوي الجل، ويعقر الكل: [الكامل] من قبل أن يمسوا ونصف منهم ... في الفاسقين ونصفهم كفّار حاشاهم من ذا وذا لكنّ من ... عدم الرئاسة قال ما يختار خذوه فاغسلوه، فانّا نخاف أن يقتلوه، واحسموا مادة هذا الكذاب المبين، إِلَّا تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَفَسادٌ كَبِيرٌ [4] /، كم أسقط شاهدا وعدلا ضابط، فالعالم كلهم عليه ساخط، من كثرة ما يسقط خافت حلب أن يكتب جاحظها بالساقط، فاعتماده اعتماد من عدم الحياء، وسيعدم الحياة، وذم محتده ويده، فلا صلة كتاب الطهارة، ولا لكنه باب المياه، فأقدموا في عرضه وإن كان لا يقدح في زناد، وافصلوه عنا فقد ألبس، والفصل في النحو عماد، والغوا فعله المتعدي بفعلكم اللازم، وسكّنوا حركاته العارضة بدخول الجوازم، واسقطوا هذه الفضلة من البين، وانصبوه على التحذير لا على الإغراء، فشتّان بين النّصبين، وعاملوا هذه اللحنة في النحو بالمنع من التصريف، ونكّروا معرفته بنزع الولاية، فالولاية آلة التعريف [5] واخفضوا هذا العلم المنصوب على الذم، وادخلوا أفعاله الناقصة والمقاربة في باب كان وكاد، واحذفوه فما هو عمدة، ولا أحد ركني الإسناد، واصرفوه عنا فما له على معرفته ووزن فعله دليل، وركبوه من حلب تركيب سيبويه، فهي مدينة الخليل./ [تمت مقامة الحرقة للخرقة]

_ [1] إلى هنا ينتهي النقص في نسخة ش. [2] الجوشن: الدرع. [3] السهوة: بيت على الماء يستظلون به، وسترة تكون قدام فناء البيت، وشبه الخزانة الصغيرة يكون فيها المتاع، وحائط صغير بني بين حائطي البيت، ويجعل السقف على الجميع، فما كان وسط البيت فهو سهوة، وما كان داخله فهو المخدع. [4] الأنفال 73. [5] قوله: (ونكروا معرفته.... آلة التعريف) ساقطة من ب، ط، ل.

قال وكيع في الغرر

قال وكيع في الغرر حدثنا محمد بن سنان، وزكريا بن الحارث بن ميمون، أو أحدهما، حدثنا عبيد الله بن ثور بن أبي الحلال العتكي، حدثنا أبي عن جدي قال: سألت عثمان بن عفان عن جوائز السلطان، فقال: لحم ظبي ذكي. حدثنا عباس بن محمد الدوري، حدثنا محاضر بن المورع، حدثنا عاصم الأحول، عن أبي مجلز، عن قيس بن عباد عن علي بن أبي طالب، قال: خذ من السلطان ما أعطاك، فان مالك في ماله من الحلال أكثر. حدثني علي بن الحسين بن عبد الأعلى، حدثنا أبو محلم، حدثنا جرير بن ثعلبة، بن سهيل، قال: ما تداوى من جاوز الأربعين سنة بمثل الحمام. حدثنا محمد بن زكريا بن دينار، حدثنا العباس بن بكار، حدثنا أبو بكر الهذلي قال: دخلت على محمد بن سيرين وقد رجع من جنازة، وقد أعيا، فوضع قدميه في طست، وغمرها في الماء، وهو يقول: [الطويل] إذا خدرت رجلي تذكّرت من لها ... فناديت لبنى باسمها ودعوت [1] دعوت التي لو أنّ نفسي تطيعني ... لألفيت نفسي عندها ومضيت وقال العباس بن ميمون، حدثنا ابن عائشة، عن أبيه: أنّ خزيمة بن ثابت الأنصاري [2] قام إلى علي بن أبي طالب حين بويع له، فقال [3] : [الطويل] إذا نحن بايعنا عليّا فحسبنا ... أبو حسن ممّا نخاف من الفتن وجدناه أولى الناس بالناس إنّه ... أطبّ قريش بالكتاب وبالسّنن وإنّ قريشا لا تشقّ غباره ... إذا ما جرى يوما على الضّمّر البدن ففيه الذي فيهم من الخير كلّه ... وما فيهم كلّ الذي فيه من حسن وأول من صلّى من الناس كلّهم ... سوى خيرة النسوان والله ذو منن وقاتل كبش القوم في كلّ غمرة ... تكون لها نفس الشجاع مع الذقن فذاك الذي تثنى الخناصر باسمه ... إمامهم حتى أغيّب في الكفن أنشدني محمد بن علي بن حمزة، لعلي بن عبد الله بن جعفر بن إبراهيم الجعفري: [الخفيف]

_ [1] في ع: ودعيت. [2] خزيمة بن ثابت بن الفاكه بن ثعلبة الأنصاري: صحابي من أشراف الأوس في الجاهلية والإسلام، عاش إلى خلافة علي بن أبي طالب، وشهد معه صفين، وتوفي سنة 37 هـ. (الاستيعاب 2/448، تهذيب تاريخ ابن عساكر 5/135) . [3] ورد البيتان الأول والرابع في تهذيب ابن عساكر 5/140 في ترجمة خزيمة بن حكيم السلمي البهزي صهر خديجة بنت خويلد، وقتل مع علي بصفين، ولم تنسب الأبيات إلى خزيمة بن ثابت.

قال لي بردخ الطبيب أطعني ... وأقلّ الجماع في تمّوز واشرب الراح كي تصحّ من السّقم ... كفعل المجوس في النيروز قلت لا أشرب الحرام لأنّي ... للذي لا يجوز غير مجيز أنشد الزبير لرقية زوجة السري بن عبد الله الهاشمي: [الطويل] أما والذي لا خلد إلا لوجهه ... ومن ليس في العزّ المنيع له كفو لئن كان طعم الصبر مرّا فعفته ... لقد يجتنى من غبّه الثمر الحلو حدّثنا عباس الدوري، حدثنا جعفر بن عون، أخبرنا أبو عميش، عن القاسم، قال: مدّ الفرات فجاء برمانة مثل البعير، فكان الناس يرون أنها من الجنة./ حدثنا الزبير بن بكار، حدثتني أم كلثوم بنت عثمان بن مصعب بن عروة بن الزبير، عن صفية بنت الزبير بن هشام بن عروة، عن جدها هشام، عن أبيه عن عائشة، قالت: سئل رسول الله صلّى الله عليه وسلم عن الخبز والخميرة نقرضها الجيران، فيردون أكثر أو أقل، فقال: ليس بهذا بأس، إنما هذا منافع بين الناس، لا يراد فيها الفضل [1] . في الطبراني الكبير، عن عمار بن ياسر قال: كنا مع رسول الله صلّى الله عليه وسلم ثلاثة، كلنا أضبط، قيل لأبي شيبة [2] : ما الأضبط؟ قال: الذي يعمل بيديه؛ ذو الشمالين [3] وعمر بن الخطاب، وأبو ليلى. في تاريخ ابن عساكر، قال أبو نعيم، قال أبو محمد عبد الله بن جعفر: قوله صلّى الله عليه وسلم في معاوية: (لا أشبع الله بطنه) [4] ، معناه والله أعلم: لا أشبع الله بطنه في الدنيا حتى لا يكون ممن يجوع يوم القيامة، لأن الخبر عن النبي صلّى الله عليه وسلم: (أطول الناس شبعا في الدنيا أطولهم جوعا يوم القيامة) [5] . أخرج أبو نعيم في الحلية عن ابن عباس قال: من اشترى ما لا يحتاج إليه أوشك أن يبيع ما يحتاج إليه. في تاريخ الخطيب، عن علي بن محمد الدمشقي قال: كان رجل يتتبع شيل القراطيس من الأرض، فيقول: باسم الله إكراما لوجه الله، فوجد في قرطاس أبيض مكتوبا: وأنت أكرم الله وجهك./ في الطبقات الكبرى للسّبكي، قال الحسين بن النعمان: جاءني رجل فسألني عن رؤيا، قال: رأيت كأنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلم توفي، فقلت:

_ [1] تاريخ بغداد للخطيب البغدادي 9/268. [2] في ب، ط: لابن أبي شيبة. [3] ذو الشمالين: عمير بن عبد عمرو بن نضلة من خزاعة، كان يعمل بيديه جميعا، فقيل له ذو الشمالين، توفي في بدر. (طبقات ابن سعد 3/167) . [4] دلائل النبوة للبيهقي 6/243، البداية والنهاية لابن كثير 6/192، 8/119. [5] علل الحديث لابن أبي حاتم الرازي 1861.

في كتاب الأشراف لابن أبي الدنيا

هذه رؤيا الكبار، وإن صدقت رؤياك يموت إمام لا نظير له في زمانه، فان هذا المنام رؤي حالة وفاة الشافعي والثوري، وأحمد بن حنبل. قال: فما أمسينا حتى جاء الخبر بوفاة الحافظ أبي موسى المديني. وعن عبد الله بن محمد الخجندي، قال: لما دفن أبو موسى، لم يكادوا يفرغون، حتى جاء مطر عظيم في الحر الشديد، قال: وكان الحافظ أبو موسى قد ذكر في آخر إملاء أملاه، إنه متى مات في كل أمة من له منزلة عند الله رفيعة، بعث الله له سحابا يوم موته، علامة للمغفرة له، ولمن صلى عليه، فوقع له ذلك عند موته، كما كان حدّث في حياته. في كتاب الأشراف لابن أبي الدنيا بسنده عن فضيل بن عياض [1] ، أنه قال لرجل: لأعلمنّك كلمة هي خير من الدنيا وما فيها، والله لئن علم الله منك إخراج الآدميين من قلبك، حتى لا يكون في قلبك مكان لغيره، لم تسأله شيئا إلا أعطاك [2] ./ قال أبو المظفر ابن الجوزي [3] : سمعت جدي ينشد في مجالس وعظه: [الخفيف] من أراد الهدى يقول ابن إدريس ... هداه وأين كالشافعيّ وشفى العيّ للسؤال وأنّى ... بامام سواه كشّاف عيّ قال الصلاح الصفدي [4] : في تاريخه: من المنسوب للشافعي رضي الله عنه [5] : [الخفيف] رام نفعا فضرّ من غير قصد ... ومن البرّ ما يكون عقوقا قال الصفدي: أنشدني الأديب علي بن مقاتل الحموي يرثي الملك الأفضل صاحب حماة مواليا [6] :

_ [1] الفضيل بن عياض بن مسعود التميمي: من كبار العبّاد الصالحين كان ثقة في الحديث، توفي سنة 187 هـ، سبقت ترجمته. (وانظر فيه حلية الأولياء 8/84، طبقات ابن سعد 5/500) . [2] قوله: (في كتاب الأشراف.... إلا أعطاك) ساقطة من نسخة ش. [3] ابن الجوزي: يوسف بن قزعلي الواعظ المؤرخ، شمس الدين أبو المظفر الجوزي، روى عن جده وطائفة، وألّف كتاب (مرآة الزمان) ، وله تفسير على القرآن الكريم، وشرح الجامع الكبير، توفي بدمشق سنة 654 هـ. (طبقات المفسرين 2/384) . [4] الصفدي: خليل بن أبيك بن عبد الله الصفدي، صلاح الدين، أديب مؤرخ، ولد بصفد بفلسطين، وتعلم بدمشق، وولع بالأدب وتراجم الأعيان، تولى ديوان الإنشاء في صفد ومصر وحلب، له تصانيف كثيرة منها (الوافي بالوفيات) ، و (الشعور بالعور) ، و (نكت الهميان) ، توفي سنة 764 هـ. (الدرر الكامنة 2/87 طبقات الشافعية 6/94، الوافي بالوفيات 1/249 الحاشية، الفهرس التمهيدي 271، 445، 546) . [5] ديوان الشافعي ص 100. [6] هو من الشعر المسمى مواليا، يصف الشطرنج.

صاحب حماة ما عطي في الدست الهامات ... بيدق تفرزن عقد بند وعلى الهامات دارت عليه رخاخ إقبال وهامات ... لعب بنفسو على خيل ركبها مات قال وأنشدني أيضا: محمد المصطفى المختار من منشاه ... من شرّف الكون في سابع سما ممشاه أذاقه الموت من كلّ الورى تخشاه ... من هو ملك مصر أو من هو شاهنشاه محمد بن أمية الشاعر [1] : [الرمل] ربّ وعد منك لا أنساه لي ... واجب الشكر وإن لم تفعل أقطع الدهر بوعد حسن ... وأجلّي كربة ما تنجلي كلما أمّلت يوما صالحا ... عرض المكروه دون الأمل وأرى الأيّام لا تدني الذي ... أرتجي منك وتدني أجلي قال أبو المرجّى محمد بن حرب بن عبد الله الحلبي النحوي: رأيت في النوم إنسانا ينشدني هذا البيت: [الطويل] أروم عطا الأيام والدهر مهلكي ... ممّن لها والدهر وهي عطاها فأجزته بقولي: أيا طالب الدنيا الدنيّة إنّها ... سترديك يوما إن علوت مطاها صن النفس لا تركن إليها فان أبت ... فردّد عليها آي آخر طه ودع روضة الآمال والحرص إنّه ... إذا ردع النفس الهوى بسطاها فلا بدّ يوما أن تلمّ ملمّة ... فتنشط منّا عقدة نشطاها [2] أخرج ابن عساكر في تاريخه، عن الوليد بن هشام القحذمي قال، قال الحجاج يوما لجلسائه: أي شىء أذهب بالإعياء؟ فقال بعضهم: التمريخ، وقال بعضهم: أكل

_ [1] الأبيات في الأغاني 12/144 مع خلاف في بعض الألفاظ. [2] هذا البيت ساقط من ع.

التمر، وقال بعضهم: دخول الحمام، فقال رجل من الدهاقين [1] : ما رأيت شيئا أذهب بالإعياء من الإنجاح، وأنشد: [الطويل] كأنّك لم تنصب ولم تلق نكبة ... إذا أنت لا قيت الذي كنت تطلب وأنشد: [الطويل] إذا ما تعنّى المرء في إثر حاجة ... فأنجح لم يثقل عليه عناؤه وأخرج من طريق أبي بكر الخطيب، أخبرنا أبو الحسن علي بن الحسين بن أحمد بن جميح الغساني بصيدا، أخبرني أبي، حدثنا جدي أحمد بن محمد، حدثنا أبو كريمة عبد العزيز بن محمد بن عبد العزيز الصيداوي المؤذن، حدثنا أبو هاشم عجل بن عبد الله بن مهرجان البغدادي، حدثنا محمد بن حماد المقري، حدثنا محمد بن مصعب القرقساني، عن الوليد بن مسلم، عن الأوزاعي [2] ، قال: أردت بيت المقدس، فرافقت يهوديا، فلما صرنا إلى طبرية [3] ، نزل فاستخرج ضفدعا، فشدّ في عنقه خيطا، فصار خنزيرا، فقال: حتى أذهب أبيعه من هؤلاء النصارى، فذهب فباعه وجاء بطعام، فركبنا، فما سرنا غير بعيد، حتى جاء القوم في الطلب، فقال لي: أحسبه صار في أيديهم ضفدعا، فحانت مني التفاتة،/ فاذا ببدنه ناحية ورأسه ناحية، فلما نظروا إليه، فزعوا ورجعوا، فقال لي الرأس: رجعوا؟ قلت نعم، فالتأم الرأس إلى البدن، وركبنا وركب، فقلت: لا رافقتك أبدا. وأخرج ابن عساكر، عن علي بن الحسن بن علي بن أبي طالب [4] قال: إن للحق دولة [5] على العقل، وللمنكر دولة على المعروف، وللشر دولة على الخير، وللجهل دولة على الحلم، وللجزع دولة على الصبر، وللخرق دولة على الرفق، وللبؤس دولة على الخصب، وللشدة دولة على الرخاء، وللرغبة دولة على الزهد، وللبيوتات الخبيثة دولة على بيوتات الشرف،

_ [1] الدهقان: التاجر، فارسي معرب. [2] الأوزاعي: عبد الرحمن بن عمرو بن يحمد، من قبيلة الأوزاع، إمام الديار الشامية في الفقه والزهد، له كتب، توفي سنة 157 هـ، وقد سبقت ترجمته (ينظر: وفيات الأعيان 2/310، حلية الأولياء 6/135 تهذيب ابن عساكر 6/347) . [3] طبرية: بليدة مطلة على البحيرة المعروفة ببحيرة طبرية، وهي في طرف جبل، وجبل الطور مطل عليها، بينها وبين دمشق ثلاثة أيام. (ياقوت: طبرية) . [4] علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب القرشي الهاشمي: ويعرف بعلي الأكبر تفريقا له عن زين العابدين علي الأصغر ابن الحسن بن أبي طالب من سادات الطالبين وشجعانهم، قتل مع أبيه السبط الشهيد في وقعة الطف بكربلاء سنة 61 هـ. (طبقات ابن سعد 5/211، مقاتل الطالبيين ص 80، 114، نسب قريشص 57، البداية والنهاية 8/185) . [5] الدّولة والدّولة منها الإدالة، أي الغلبة، يقال: اللهم أدلني على فلان وانصرني عليه، فالإدالة الغلبة (اللسان: دول) .

وللأرض السبخة دولة على الأرض العذبة، وما من شىء إلا وله دولة، حتى تنقضي دولته. وقال: أنشدنا أبو الحسن الفقيه الشافعي، قال: أنشدني أبو تراب علي بن الحسين المقري لبعض الشعراء في قاضيين، كان أحدهما يعزل، ويولّى الآخر في كل وقت: [المجتث] عندي حديث طريف ... بمثله يتغنّى في قاضيين يعزّى ... هذا وهذا يهنّى هذا يقول اكرهونا ... وذا يقول استرحنا ويكذبان ونهذي ... فمن يصدّق منّا [1] وأخرج ابن عساكر عن عطاء السليمي [2] قال: مررت ذات يوم في أزقة الكوفة فرأيت عليّان واقفا على طبيب يضحك منه، فقلت: ما يضحكك؟ قال: من هذا العليل السقيم الذي يداوي غيره وهو مسقام، قلت: فهل تعرف له دواء ينجيه مما هو فيه؟ قال: نعم، شربة إن هو شربها رجوت برأه مما هو فيه، قلت: صفها، قال: خذ ورق الفقر، وعرق الصبر، وهليلج التواضع، وبليلج المعرفة، وغاريقون الفكر، فدقها دقا ناعما بهاون الندم، واجعلها في طنجير التّقى، وصبّ عليها ماء الحياة، وأوقد تحتها حطب المحبة، حتى يرغو الزبد، ثم افرغها في جام الرضى، وروّحها بمروحة الجهد، واجعلها في قدح الفكرة، وذقها بملعقة الاستغفار، فلا تعود إلى المعصية أبدا. قال: فشهق الطبيب شهقة خرّ مغشيا عليه، ثم فارق الدنيا. قال عطاء: ثم رأيت عليان بعد حولين في الطواف، فقلت له: وعظت رجلا فقتلته، قال: بل أحييته، فقلت: فكيف؟ قال: رأيته في منامي بعد ثلاث من وفاته/ عليه قميص أخضر ورداء، وبيده قضيب من قضبان الجنة، فقلت له: ما فعل الله بك؟ قال: وردت على رب رحيم غفر ذنبي، وقبل توبتي، وأقالني عثرتي. وأخرج ابن عساكر، عن طريق تمام بن محمد، أخبرني أبي، حدثني أبو الحسن علي بن شيبان الدينوري، أخبرني محمد بن عبد الرحمن الدينوري، عن الربيع بن سليمان، قال، قال الشافعي [3] : سمعت سفيان بن عيينة [4] يقول: إن العالم لا يماري ولا يداري، ينشر حكمة الله،

_ [1] في ش: ويكذبان جميعا. [2] عطاء السليمي: ويقال له عطاء العبدي، قال عنه أبو نعيم: ذو الخوف العظيم، والقلب السليم. (حلية الأولياء 6/215) . [3] في ب، ط، ل: الشافعي رضي الله عنه. [4] سفيان بن عيينة بن ميمون الهلالي الكوفي: محدث الحرم المكي، ولد بالكوفة وسكن مكة، كان حافظا ثقة واسع العلم، كبير القدر، له (الجامع) في الحديث، وكتاب في التفسير، توفي سنة 198 هـ. (حلية الأولياء 7/270، طبقات ابن سعد 5/497) .

فان قبلت حمد الله، وإن ردّت حمد الله [1] . قال اليغموري: أنشدني أبو الحسن علي بن محمد الحلبي، قال: أنشدني محيي الدين المعروف بحافي رأسه المغربي النحوي، بالاسكندرية لنفسه: [الطويل] إذا ما الليالي جاورتك بساقط ... وقدرك مرفوع فعنه تحوّل ألم تر ما لاقاه في جنب جاره ... كبير أناس في بجاد مزمّل [2] قال، وأنشدني أبو الحسن علي بن القاسم الذهبي الأديب لنفسه: [الخفيف] سابق الموت واحذر الفوت وانهض ... للمعالي وجاوز التسويفا لا يكدك الشيطان عن فعل خير ... إنّ كيد الشيطان كان ضعيفا [3] قال: وأنشدني أيضا لنفسه: [البسيط] نعم بنعم له وجد كما يجد ... فليذهب المسعدان الصبر والجلد وليدن من قلبه المضنى لبعدكم ... أحبابنا المضنيان الوجد والكمد يا من تجافوا وما رقّوا لرقّ فتى ... أذابه الخافقان القلب والكبد لبعضهم مواليا: بستان خديك لا يجنى ولا يقطف ... وغصن عطفيك لا يثنى ولا يعطف تأمر وتنهى وتتحكم وتتصرّف ... أنت الخليفة أو الظاهر أو الأشرف قال شمس الدين بن العفيف التلمساني: [مجزوء الرمل] ربّ طبّاخ مليح ... فاتر الطّرف غرير مالكي أصبح لكن ... شغلوه بالقدور وقال أيضا: [البسيط] يا ذا الذي نام عن جفوتي ... ونبّه الوجد والجوى لي جفني خراجيه دموع ... شوقا إلى وجهك الهلالي

_ [1] الرواية مع خلاف في حلية الأولياء 7/280. [2] عجز البيت تضمين لبيت امرئ القيس في معلقته: (الديوان ص 25) . كأن أبانا في أفانين ودقه ... كبير أناس في بجاد مزمّل [3] يضمن في عجز البيت الآية الكريمة من سورة النساء 76: إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطانِ كانَ ضَعِيفاً.

وقال: [مجزوء الكامل] قامت حروب الزهر ما ... بين الرياض السندسيّه وأتت جيوش الآس تغزو ... روضة الورد الجنيّه لكنها كسرت لأن ... ن الورد شوكته قويه [1] أهدى جمال الدين محمد بن عبد الجليل المقدسي، إلى الأمير جمال الدين موسى بن يغمور كتبا وموسى، وكتب مع ذلك: [الطويل] بعثت بكتب نحو مولى قد اغتدت ... كتائبه يزهى بها الغور والنّجد وأهديت موسى نحو موسى ولم يكن ... بتشريكه في اللفظ قد أخطأ العبد فهذا له حدّ ولا فضل عنده ... وذاك له فضل وليس له حدّ قال ابن سكّرة [2] : [مجزوء الرمل] نزلتي بالله زولي ... وانزلي غير لهاتي واتركي حلقي بحقي ... فهو دهليز حياتي وقال أيضا [3] : [مخلع البسيط] تهت علينا ولست فينا ... وليّ عهد ولا خليفه [4] فلا تقل ليس فيّ عيب ... قد تقذف الحرّة العفيفه والشعر نار بلا دخان ... وللقوافي رقى لطيفه كم من ثقيل المحلّ سام ... هوت به أحرف خفيفه لو هجي المسك وهو أهل ... لكلّ مدح لصار جيفه فته وزد ما عليّ جار ... يقطع عنّي ولا وظيفه [5] قال الكمال الأدفوي: حكى لي القاضي شرف الدين محمد بن عبد المحسن الأذمنتي، قال: حكى لي بعض عدول البهنسا [6] ، أن امرأة حضرت مع زوجها للطلاق، قال: فرأينا

_ [1] البيت الأخير ساقط من نسخة ب. [2] البيتان لابن سكرة الهاشمي في يتيمة الدهر 3/32، وصدر البيت الأول فيها: قلت للنزلة حلّي. [3] الأبيات في يتيمة الدهر 3/18، مع خلاف يسير في الرواية. [4] في ع: ولا خلافة. [5] قوله: ما عليّ جار: أي رزق ووظيفة جارية. [6] بهنسا: قلعة حصينة عجيبة بقرب مرعش وسميساط، ورستاقها هو رستاق كيسوم مدينة نصر بن شبث الخارجي في أيام المأمون، وقتله عبد الله بن طاهر وهو على سن جبل عال، وهي اليوم من أعمال حلب (ياقوت: بهنسا) .

الزوج لا يريد ذلك، فكلّمها فلم تقبل، وأنشدت: [الكامل] لمّا غدا لأكيد عهدي ناقضا ... وأراد ثوب الوصل أن يتمزّقا فارقته وخلعت من يده يدي ... وقرأت لي وله وأن يتفرقا قال: وأنشدني شرف الدين المذكور لنفسه: [البسيط] إنّ العبادلة الأخيار أربعة ... مناهج العلم في الإسلام للناس ابن الزبير ونجل العاص وابن أبي ... حفص الخليفة والحبر ابن عبّاس وقد يضاف ابن مسعود لهم بدلا ... عن ابن عمرو لوهم أو لإلباس قال محمد بن عبد الواحد التميمي في الكسوف: [السريع] كأنّما البدر وقد شانه ... كسوفه في ليلة البدر وجه غلام حسن وجهه ... جارت عليه ظلمة الشّعر قال الخطيب شهاب الدين محمد بن عبد الواحد بن حرب: رأيت شيخا في النوم ينشدني: [الطويل] وقد كنت في قربي أملّ من اللقا ... فقد صرت شوقا لا أملّ من الكتب وقال لي: فأجزه، فأجزته في التوّ بديها: فلله قلب يظهر الودّ في النّوى ... على ربّه قسرا ويخفيه في القرب أورده الصلاح الصفدي في تاريخه. قال محمد بن عطية بن حيّان الكاتب: [البسيط] كأنّما الفحم والرماد وما ... تفعله النار فيهما لهبا شيخ من الزنج شاب مفرقه ... عليه درع منسوجة ذهبا قال محمد بن عمران الأصبهاني الشاعر: [الطويل] سأترك هذا الباب ما دام إذنه ... على ما أرى حتى يلين قليلا إذا لم أجد يوما إلى الإذن سلّما ... وجدت إلى ترك المزار سبيلا في تذكرة الشيخ تاج الدين ابن مكتوم [1] : كان بعض أهل الأدب ضنينا بكتبه، فقال شعرا وجعله في رقعة، فكان أذا جاء من يستعير كتابا، دفع إليه الرقعة، فاذا قرأها مضى،

_ [1] ابن مكتوم: أحمد بن عبد القادر بن أحمد بن مكتوم القيسي، تاج الدين، الفقيه النحوي المفسر، توفي سنة 749 هـ. (طبقات المفسرين 1/51، طبقات ابن سعد 4/205) .

أخرج ابن عساكر في تاريخه

والشعر: [المتقارب] ألا أيها المستعير الكتاب ... ألا ارجع بغير الذي تطلب فلمس السماء وأخذ النجوم ... بكفّك من أخذه أقرب فدم ما بقيت على اليأس منه ... فليس يعار ولا يوهب ومن كان يغضب إن لم يعر ... فقل من قريب له يغضب إذا أنا كتبي أعرت الصديق ... ثلاثة أرباعها يذهب فما كلّ يوم أنا واجد ... كتابا ولا كاتبا يكتب أخرج ابن عساكر في تاريخه من طريق موسى بن عبيدة، عن رجل، عن أبي هريرة: أنّ رجلا كان يؤذيه بلسانه، فقيل لأبي هريرة: مات فلان، فقال: ليس في الموت شماتة، لو أخبر تموني أنّه أمّر على إمارة، أصاب مالا وولد له ولد. وأخرج عن ابن عبد ربه، قال: أمرتني أم الدرداء أن أبيع لها جارية، فبعتها من امرأة يقال لها أسماء، فلم تلبث أن أصابها طاعون، فقلت لأم الدرداء إن الجارية أصابها/ طاعون فهلكت، فقالت: لا تأخذ منها شيئا، فلقيتها فأخبرتها فقالت: إن كانت أم الدرداء غنية، تريد أن تكون أولى بالأجر مني، لا أفعل، فما زلت أمشي بينهما حتى أصلحت بينهما على النصف من الثمن. في تاريخ الصلاح الصفدي، قال الكمال الأدفوي في ترجمة شرف الدين محمد بن أحمد بن أبي المنى القناوي: ثبت عند القاضي بقنا أنه كتب بمدة واحدة مائة وعشرين سطرا [1] . قال محمد الخضر التنوخي [2] : [الوافر] حلمت عن السفيه فزاد بغيا ... وعاد فكفّه سفهي عليه وفعل الخير من شيمي ولكن ... أتيت الشرّ مدفوعا إليه لابن شرف القيرواني [3] : [مجزوء الكامل] قالوا تصاهلت الحمي ... ر فقلت إذ عدم السوابق

_ [1] الوافي بالوفيات 2/136 تحقيق هلموت ريتر، ط فيسبادن 1961. [2] فوات الوفيات 2/400. [3] الذخيرة في محاسن أهل الجزيرة، القسم الرابع 1/256 تحقيق إحسان عباس، ط الدار العربية للكتاب 1979.

خلت الدسوت من الرخا ... خ ففرزنت فيها البيادق [1] وله [2] : [البسيط] لا تسأل الناس والأيام عن خبر ... هما يبثّانك الأخبار تطفيلا ولا تعاتب علي نقص الطباع أخا ... فانّ بدر السّما لم يعط تكميلا قال الشيخ أبو حيّان: أنشدني محمد بن محمد بن أحمد الطائي القفصي لنفسه [3] : [المتقارب] سقى قبّة الشافعي الإمام ... من الكوثر الأعين الجاريه له قبّة تحتها سيّد ... وبحر له فوقها جاريه [4] يعني بذلك صورة السفينة التي على القبة. قال أبو حيان: وأنشدني محمد بن سعيد بن حماد البوصيري [5] لنفسه [6] : [الطويل] بقبّة قبر الشافعي سفينة ... رست من بناء محكم فوق جلمود ومذ غاض طوفان العلوم بموته ... استوى الفلك من ذاك الضريح على الجود قال محيي الدين بن قرناص النحوي: [الطويل] سألتك يا عود الأراكة أن تعد ... إلى ثغر من أهوى فقبّله مشفقا ورد من ثنيات العذيب منيهلا ... تسلسل ما بين الأبيرق والنقا [7] وقال آخر مضمنا: [الوافر] وعود أراكة يجلو الثنايا ... من البيض الدّمى جلى المرايا

_ [1] الدسوت: جمع الدست، اللعبة في الشطرنج، والدست: صدر المجلس، فارسي معرب. الرخاخ: قطع الشطرنج، والرخ: طائر خرافي بالغ القدامى في وصفه، وقطعة من قطع الشطرنج، فرزنت: صارت فرازنة، والفرزين: هو الملك في اصطلاح الشطرنج، والبيادق: جمع بيدق وهو الجندي في الشطرنج. (المعجم الوسيط، والمعرب ص 166، 237 وانظر هامشهما) . [2] فوات الوفيات 2/411. [3] الوافي بالوفيات 1/177. [4] في ع: فوقه جارية. [5] البوصيري: محمد بن سعيد بن حماد بن عبد الله الصنهاجي، اشتهر بالبوصيري، كان يعاني صناعة الكتابة والتصوف، وهو صاحب البردة، توفي سنة 695 هـ. (شذرات الذهب 5/432، فوات الوفيات 2/412) . [6] الوافي بالوفيات 1/178. [7] رد: أمر من ورد يرد، منيهلا: تصغير منهل. العذيب: ماء بين القادسية والمغيثة بينة وبين القادسية أربعة أميال. الأبيرق: تصغير الأبرق، مواضع كثيرة في الجزيرة العربية، النقا: الكثيب من الرمل.

يقول مساجل الأغصان فخرا ... أنا ابن جلا وطلّاع الثنايا [1] وقال محمد بن محمد الفرجوطي [2] :/ [السريع] وشاعر يزعم من غرّه ... وفرط جهل أنّه يشعر يصنّف الشعر ولكنّه ... يحدث من فيه ولا يشعر السديد محمد بن فضل الله بن كاتب المرج القوصي [3] : [الطويل] وكم اشتكي البرغوث يا قوم إنه ... أراق دمي ظلما وأرّق أجفاني وما زال بي كالليث في وثباته ... إلى أن رماني كالقتيل وعرّاني إذا هو آذاني صبرت تجلّدا ... ويخرج عقلي حين يدخل آذاني [وقال] أبو نصر محمد بن عمر الأصبهاني، كاتب الوزير نظام الملك [4] : [الطويل] بليت بمملوك إذا ما بعثته ... لأمر أعيرت رجله مشية النمل بليد كأنّ الله خالقنا عنى ... به المثل المضروب في سورة النحل [5] آخر: [المتقارب] ترفّق بدمعك لا تفنه ... فبين يديك بكاء طويل قال مهذب الدين محمد بن نصر القيسراني [6] : [المتقارب] نزلنا على القصب السكّري ... نزول رجال يريدون نهبه بحزّ كحزّ رقاب العدى ... ومصّ كمصّ شفاه الأحبّه محمد بن أبي الهيجا الأصبهاني: [الطويل] إذا لم أنل في دولة المرء غبطة ... ولم يغشني إحسانه ورعايته فسيّان عندي موته وحياته ... وسيّان عندي عزله وولايته

_ [1] في ب، ل: مساجل الأيام. عجز البيت: أنا ابن جلا وطلاع الثنايا، هو صدر بيت لسحيم بن وثيل الرياحي الذي تمثل به الحجاج، وهو في الحماسة البصرية 1/102 وتمامه: متى أضع العمامة تعرفوني. [2] الوافي بالوفيات 1/262. [3] الوافي بالوفيات 4/230. [4] الوافي بالوفيات 4/247. [5] يشير إلى الآية 76 من سورة النحل: ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا رَجُلَيْنِ أَحَدُهُما أَبْكَمُ لا يَقْدِرُ عَلى شَيْءٍ وَهُوَ كَلٌّ عَلى مَوْلاهُ أَيْنَما يُوَجِّهْهُ لا يَأْتِ بِخَيْرٍ، هَلْ يَسْتَوِي هُوَ وَمَنْ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَهُوَ عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ. [6] الوافي بالوفيات 5/121.

محمد بن طاهر السجستاني [1] : [الكامل] الجوع يدفع بالرغيف اليابس ... فعلام أكثر حسرتي ووساوسي والموت أنصف حين ساوى حكمه ... بين الخليفة والفقير البائس أبو الغنائم محمد بن ظبيان المقري [2] : [السريع] من أنا عند الله حتى إذا ... أذنبت لا يغفر لي ذنبي العفو يرجى من بني آدم ... فكيف لا أرجوه من ربّي أبو العز محمد بن محمد بن مواهب الخراساني الشاعر [3] : [مخلع البسيط] إن شئت أن لا تعدّ غمرا ... فخلّ زيدا معا وعمرا [4] واستغن بالله في أمور ... ما زلن طول الزمان إمرا [5] ولا تخالف مدى الليالي ... لله حتى الممات أمرا [6] واقنع بما راج من طعام ... والبس أذا ما عريت طمرا أبو جعفر محمد بن إبراهيم الجرباذقاني عالم عابد [7] : [الطويل] ألا ليت أسباب المنايا أراحت ... وإني أرى في الموت أروح راحة [8] وموت الفتى خير له من حياته ... إذا ظهرت أعلام سوء ولا حت بعضهم [9] : [مجزوء الكامل] وعليّ أن أسعى ولي ... س عليّ إدراك النجاح آخر: [البسيط] وما عليّ إذا ما لم أنل غرضي ... إذا رميت وسهمي فيه تسديد آخر: [مجزوء الكامل] وعليّ أن أشكو الهوى ... وعليك أن لا تسمعي

_ [1] الوافي بالوفيات 3/165. [2] الوافي بالوفيات 3/178. [3] الوافي بالوفيات 1/151، بغية الوعاة 1/236. [4] في ع: إن شئت أن تعز عمرا ... فخلّ زيدا وخلّ عمرا [5] الإمر: بكسر الهمزة، العجيب المنكر. [6] هذا البيت ساقط من نسخة ع. [7] الوافي بالوفيات 1/347. [8] في ب، ط، ل: أيا ليت. [9] البيت من قطعة ليحيى بن أبي منصور المنجم في الدر الفريد 5/287.

في تاريخ الصلاح الصفدي

تاج الدين محمد بن أحمد بن هبة الله بن قدس الأرمنتي المقري [1] : [الكامل] احفظ لسانك لا أقول فان أقل ... فنصيحة تخفى على الجلّاس وأعيذ نفسي من هجائك فالذي ... يهجى يكون معظّما في الناس ضأبو طالب محمد بن الحسن الثقفي القزويني [2] : [الكامل] بؤسا لدنيا أصبحت غدارة ... من صار مغرورا بزينتها هلك من رام فيها العيش غير مكدّر ... فليطلبن سقفا سوى هذا الفلك في تاريخ الصلاح الصفدي لما بنى الشريف أبو الحسن محمد بن عمر الكوفي داره بالكوفة، كان فيها حائط [3] عال، فسقط من الحائط بنّاء وقام سالما، فعجب الناس، وعاد البنّاء ليصلح الحائط، فقال له الشريف: قد بلغ أهلك سقوطك، وهم لا يصدقون بسلامتك، فاذهب إليهم ليطمئنوا، وارجع إلى عملك، فخرج البنّاء إلى أهله مسرعا، فلما بلغ عتبة الباب، عثر فوقع ميتا. مات الشريف المذكور سنة تسعين وثلاثمائة. قال محمد بن عيسى بن طلحة التيمي [4] : [الوافر] ولا تعجل على أحد بظلم ... فانّ الظلم مرتعه وخيم ولا تفحش وإن ملّيت غيظا ... على أحد فانّ الفحش لوم ولا تقطع أخا لك عند ذنب ... فانّ الذّنب يغفره الكريم ولكن داو عواره برقع ... كما قد يرقع الخلق القديم ولا تجزع لريب الدهر واصبر ... فان الصبر في العقبى سليم فما جزع بمغن عنك شيئا ... ولا ما فات ترجعه الهموم قال أبو القاسم ابن ناقيا يرثي الشيخ أبا إسحاق الشيرازي [5] : [الكامل] أجرى المدامع بالدم المهراق ... خطب أقام قيامة الآماق

_ [1] الوافي بالوفيات 2/148. [2] الوافي بالوفيات 2/350. [3] في ب، ل: حائطا. وهو لحن. [4] الأبيات في الوافي بالوفيات 4/296، معجم الشعراء ص 347. [5] البيتان مع ثالث في وفيات الأعيان 1/30.

ما لليالي لا تؤلف شملها ... بعد ابن بجدتها أبي إسحاق [1] قال ابن لنكك [2] : [الكامل] قل للوضيع أبي رياش لا تبل ... إن تاه يوما بالولاية والعمل ما ازددت حين وليت إلا خسّة ... كالكلب أنجس ما يكون إذا اغتسل قال الشهاب القوصي في معجمه [3] : أخبرني صفي الدين أحمد بن أسعد بن كريم الملك، أنه عزم على خدمة الملك المعز فرخشاه، فرأى في النوم هاتفا ينشده هذه الأبيات [4] : [الكامل] يا أحمد اقنع بالذي أوتيته ... إن كنت لا ترضى لنفسك ذلّها ودع التكاثر بالغنى لمعاشر ... أضحوا على جمع الدراهم ولّها واعلم بأنّ الله جلّ جلاله ... لم يخلق الدنيا لأجلك كلّها قال أحمد بن بختيار الماندائي [5] : [الكامل] خلق أرقّ من النسيم إذا سرى ... سحرا على روض الربيع الزاهر لو خالط البحر الأجاج أعاده ... عذبا يروق صفاؤه للناظر قال أبو العباس أحمد بن جعفر البديعي [6] : [الطويل] ومن خدم السلطان أكرم نفسه ... ولكنّه عمّا قليل أهانها ومن عبد النيران لم ينتفع بها ... ولم يلق إلا حرّها ودخانها قال الشيخ جمال الدين أحمد بن عبد الله بن سعيد التميمي الصقلي، يمدح علوم الحديث للشيخ تقي الدين ابن الصلاح، وقد قرأه على مؤلفه [7] : [المتقارب] لقد صنّف الناس علم الحديث ... وصانوه عن صورة الباطل وذبّوا من الزور قول النبيّ ... إمام الهداة الرضى العادل ولم يلحقوا شأو هذا الكتاب ... ولا سيب أفضاله النائل فيمّم دقيق المعاني به ... تجد ما يشقّ على الداخل

_ [1] في ب، ل: أبا إسحاق، وهو لحن، والنسخة ب رغم وضوح خطها فيها لحن وسقط، ونسخة ل منسوخة عنها. [2] قالهما في أبي رياش وقد ولي عملا بالبصرة، بغية الوعاة 1/409، يتيمة الدهر 2/352. [3] هو تاج المعاجم، ويقع في أربع مجلدات. [4] الوافي بالوفيات 6/245. [5] البيتان في الوافي بالوفيات 6/262. [6] الوافي بالوفيات 6/292. [7] الأبيات في الوافي بالوفيات 7/125- 126.

وجاد به للورى عالم ... صريح التّقى ليس بالباخل يفيد العلوم لطلابها ... ويصفح عن زلّة الجاهل فلا مثل لابن الإمام الصلا ... ح لكشف الغوامض للسائل فسقيا له ثم رعيا على ... فوائد كالعارض الهاطل ودام له السعد في نعمة ... دوام الفضائل للفاضل قال أبو مسعود [1] أحمد بن عثمان الخشنامي [2] : [البسيط] وجاهل لجّ في مشاتمتي ... ولم يكن مبقيا على جاهي سكتّ عنه ولم أبال به ... والحلم مما يزين أشباهي وبين فكّيّ صارم ذكر ... أغمده عنه خشية الله وقال أيضا [3] : [الكامل] يا واليا عزّ الولاية عزّه ... فسطا لذاك على الأنام وتاها أقصر فذلّ العزّ يتبع عزّه ... عطر الولاية لا يفي بفساها قال بشر بن المعتمر البصري [4] : [مجزوء الكامل] إن كنت تفعل ما أقول ... وما نقول فأنت عالم أو كنت تجهل ذا وذا ... ك فكن لأهل العلم لازم أهل الرياسة من ينا ... زعهم رياستهم فظالم سهرت عيونهم وأن ... ت عن الذي قاسوه حالم لا تطلبنّ رياسة ... بالجهل أنت لها مخاصم لولا مقامهم رأي ... ت الدين مضطرب العمائم [5] قال بعض الشعراء ملغزا في اسم الظاهر بيبرس [6] : [السريع] ما اسم إذا صحّفته فالطّر ... د في التصحيف كالعكس

_ [1] في ب: أبو سعيد. [2] الأبيات في الوافي بالوفيات 7/180- 181. [3] الوافي بالوفيات 7/181. [4] الأبيات في الوافي بالوفيات 15/155. [5] في ب: الذي يضطرب. [6] بيبرس العلائي البندقداري الصالحي: الملك الظاهر صاحب الفتوحات والأخبار، تولى سلطنة مصر والشام توفي بدمشق سنة 676 هـ، وعلى قبره أقيمت المكتبة الظاهرية، وقد سبقت ترجمته مفصلة.

لا يختفي لما غدا ظاهرا ... حتى على الدينار والفلس [1] قال جعفر بن أحمد العلوي الأديب المصري في طفاءة القناديل: [مجزوء الرجز] طفاءة تنفث في ... وسط القناديل الهبا كأنّها نعامة ... تلقط منها لهبا قال جبريل بن صارم الصعبي [2] : [البسيط] لا غرو إن أضحت الأيام توسعني ... فقرا وغيري بالإثراء موسوم فالحرف في كلّ حال غير منتقص ... ويدخل الاسم تصغير وترخيم وقال أبو سعد بدر بن الخضر السروي الشافعي، وقد قرأ التنبيه على مؤلفه الشيخ أبي إسحاق [3] : [الكامل] يا كوكبا ملأ البصائر نوره ... من ذا رأى لك في الأنام شبيها بغداد تاه على البلاد لكونه ... فيه إمام للعلوم نبيها ذمر إذا ما سلّ سيف لسانه ... يوم الجدال عقولنا يسبيها [4] كانت خواطرنا نياما برهة ... فرزقن من تنبيهه تنبيها روى ابن عساكر في تاريخه: عن بكير بن ماهان، أنه قال: يلي من ولد العباس أكثر من ثلاثين رجلا منهم يسمون باسم واحد، وثلاثة باسم واحد، يفتتح أحد الثلاثة القسطنطينية [5] . قال سبط بن الجوزي في مرآة الزمان: قد ولي من ولد العباس الآن ستة وثلاثون خليفة، اتفقت منهم ستة أسماء كما ذكر بكير، وهم: المستعين، والمعتمد، والمعتضد، والقادر، والمستظهر، والناصر، كل واحد منهم اسمه أحمد، ولم يتفق منهم ثلاثة أسماء، ونرجو أن يتفق ذلك، ويكون فتح القسطنطينية علي يد الثالث، فان الخلافة باقية في بني

_ [1] في نسخة ب: جاء البيت الثاني أولا. [2] البيتان أنشدهما ابن القطيعي لابن صارم الصعبي في شذرات الذهب 5/3. [3] أبو إسحاق الشيرازي: إبراهيم بن علي بن يوسف الفيروزأبادي الشافعي الذي كان ينتسب إليه صاحب القاموس، له كتاب التنبيه، وكتاب المهذب، وطبقات الفقهاء، واللمع، وغيرها، توفي ببغداد سنة 476 هـ. (وفيات الأعيان 1/4، اللباب 2/232، طبقات السبكي 3/88) . والأبيات في الوافي بالوفيات 15/90- 91. [4] ذمر: الذمر الشجاع، والظريف اللبيب المعوان، والداهية، والجمع أذمار. [5] القسطنطينية: عمرها ملك من ملوك الروم يقال له قسطنطين فسميت باسمه، بينها وبين عمورية ستون ميلا، واسمها اسطنبول، بينها وبين بلاد المسلمين البحر المالح، لها خليج من البحر يطيف بها من وجهين مما يلي الشرق والشمال، وجانباها الغربي والجنوبي في البر. (ياقوت: القسطنطينية) .

العباس [1] إلى يوم الدين، بالحديث الثابت، انتهى [2] . قال العماد الكاتب [3] : [الخفيف] هي كتبي فليس تصلح من بعدي ... لغير العطّار والإسكافي هي إمّا مزاود للعقاقير ... وإمّا بطائن للخفاف قال أبو الحسن محمد بن أحمد المغربي [4] راوية المتنبي، أخذت قول المتنبي [5] : [البسيط] كفى بجسمي نحولا أنني رجل ... لولا مخاطبتي إياك لم ترني فلم أدع منه لغيري زيادة، وقلت: [الوافر] ... عدمت من النحول فلا بلمس يكيفني الوجود ولا العياني [6] ... ولولا أنني أذكى البرايا لكنت خفيت عنّي لا أراني قال: واختفائي عني أبدع من اختفائي عن غيري وأبلغ [7] . قال أبو سعد محمد بن أحمد العميدي الأديب [8] : [الوافر] إذا ما ضاق صدري لم أجد لي ... مقرّ عبادة إلا القرافه لئن لم يرحم المولى اجتهادي ... وقلّة ناصري لم ألق رافه قال أبو علي محمد بن أحمد بن الوليد الحنفي [9] : [السريع] أيا رئيسا بالمعالي ارتدى ... واستخدم العيّوق والفرقدا ما لي لا أجري على مقتضى ... مودة طال عليها المدى إن غبت لم أطلب وهذا ... سليمان بن داود نبي الهدى

_ [1] في ب، ط، ل: في يد بني العباس. [2] الرواية كاملة في الوافي 15/273- 274. [3] البيتان في الوافي بالوفيات 1/136. [4] محمد بن أحمد بن محمد المغربي: أبو الحسن، رواية المتنبي، أحد الأئمة الأدباء والأعيان الشعراء، خدم سيف الدولة، له ذكر في مصر والعراق، جالس الصاحب بن عباد وأبا الفرج الأصبهاني، من تصانيفه (الانتصار المنبي على فضل المتنبي) وكتاب (تذكرة النديم) ، و (الرسالة الممتعة) ، و (أشعار الندماء) وله ديوان شعر، توفي سنة 400 هـ. (معجم الأدباء 17/127- 128، يتيمة الدهر 4/18، الوافي بالوفيات 8/156) . [5] ديوان المتنبي شرح العكبري 4/186. [6] في ع: قنعت من النحول. [7] معجم الأدباء 17/128. [8] البيتان في أنباه الرواة 3/46- 47. [9] الأبيات في الوافي بالوفيات 4/484- 85.

تفقّد الطير على ملكه ... فقال مالي لا أرى الهدهدا قال الإمام أبو بكر الشاشي المستظهري الشافعي، صاحب الحلية، أورده الحافظ محب الدين ابن النجار في تاريخ بغداد، بسنده إليه [1] : [الطويل] مدحتكم أرجو فواضل برّكم ... فما نالني منكم نوال ولا برّ وكنت أرجّي كشف ضرّي عندكم ... فقد زاد عندي مذ عرفتكم الضّرّ سأرحل لم أظفر لديكم بطائل ... وكفّاي ممّا كنت آمله صفر لحا الله دهرا سدتم فيه أهله ... وأفضي إليكم فيهم النهي والأمر [2] فلم تسعدوا إلا وقد أنحس الورى ... ولم ترأسوا إلا وقد خرف الدهر إذا لم يكن نفع وضرّ لديكم ... فأنتم سواء والذي ضمّه القبر قال أبو بكر الزبيدي النحوي [3] : [مجزوء البسيط] لا تحسبيني صبرت إلا ... كصبر ميت على النزاع ما خلق الله من عذاب ... أشدّ من وقفة الوداع كان جميل بن محمد البغدادي إذا أراد الركوب في كل يوم يقول: اللهمّ إني أعوذ بك من السبّع، فقيل له: أنت تركب في الكرخ، وأي سبع في الكرخ؟ فقال: لو أردت ذلك لقلت: السّبع، ولكني أستعيذ من سبع خصال وأضمرها، وهي: السعي الخائب، والريح الغائب، والحائط المائل، والميزاب السائل، ومشحمات الروايا، والمطايا التي تحمل البلايا، والتهور [4] في البلاليع والركايا [5] . وكان أبو العيناء [6] يقول إذا خرج من بيته: اللهم إني أعوذ بك الركاب والركب، والآجرّ والحطب، والروايا والقرب [7] .

_ [1] الأبيات في الوافي بالوفيات 2/74. [2] في ع: وأفضى إليهم فهم النهي والأمر. [3] الشعر في الوافي بالوفيات 2/351، من قصيدة كتبها الزبيدي إلى جارية له تدعى سلمى، وذلك حين أراد الرجوع إلى أشبيلية، فلم يأذن له المستنصر، ومطلعها: ويحك يا سلم لا تراعي ... لا بدّ للبين من زماع [4] التهور: السقوط والهلاك. [5] ورد النص كاملا في الوافي بالوفيات 11/186. [6] أبو العيناء: محمد بن القاسم بن خلاد، أديب فصيح من ظرفاء الناس مليح الكتابة خبيث اللسان، كفّ بصره، توفي بالبصرة سنة 283 هـ. وقد سبقت ترجمته مفصلة. [7] وفيات الأعيان 1/504- 505، الوافي بالوفيات 11/186.

قال ناصر الدين الحسن بن شاور بن النقيب، أنشده أبو حيان قال: أنشدنيه لنفسه [1] : [السريع] ما كان عيبا لو تفقدتني ... وقلت هل أتهم أو أنجدا فعادة السادة مثلك في ... مثلي أن يفتقدوا الأعبدا هذا سليمان على ملكه ... وهو بأخبار له يقتدى تفقد الطير وأجناسها ... فقال ما لي لا أرى الهدهدا قال بعضهم في قاض معتزلي بخيل: [المتقارب] وقاض لنا خبزه ربّه ... ومذهبه أنّه لا يرى قال أبو طالب الحسن بن أبي الدلائي [2] : [الخفيف] اجعل العلم يا فتى لك قيدا ... واتق الله لا تخنه رويدا لا تكن مثل معشر فقهاء ... جعلوا العلم للدراهم صيدا طلبوه فصيّروه معاشا ... ثم كادوا به البرية كيدا فلهذا صبّ البلاء علينا ... مستحقّا ومادت الأرض ميدا قال أبو محمد حمد بن حميد [3] بن محمود الدنيسري، أورده ابن النجار [4] : [الطويل] روت لي أحاديث الغرام صبابتي ... باسنادها عن بابه العلم الفرد [5] عن الدمع عن طرفي القريح عن الجوى ... عن الشوق عن قلبي الجريح عن الوجد كتب شرف الدين بن ريان إلى الصلاح الصفدي لغزا في المئذنة: ما اسم، إن قصد تصريفه فهو مصروف، وإن طلب وجد في جملة الظروف، خماسي وليس فيه إلا أربعة حروف، حار النحوي في تصريفه، وعجز عن تأليفه، مفعول وهو مرفوع، محمول وهو موضوع، مبني دخله الإعراب، مرفوع وهو باق/ على الانتصاب، يقبل التصغير والتكبير، وفيه التأنيث والتذكير، لا يصح فيه معنى العطف، ولا يدخله من الحركات إلا الوقف، لا يستعمل إلا في النداء، ولا يعرب إلا وهو باق على البناء، وفيه نوعان من

_ [1] الخبر والشعر في فوات الوفيات 1/233. ورواية البيت الثاني فيه: فعادة السادة من قبل أن ... يفتقدوا الأتباع والأعبدا [2] الخبر والأبيات في الوافي بالوفيات 12/238. [3] في ط: عمر بن حميد. [4] بغية الوعاة 1/546. [5] في ع: عن بانة العلم.

أدوات الشرط والجزاء، له هيئة إلى التبصرة مفتقرة، وشكل خطوط في الهندسيات معتبرة، وأضلاع قامت من البسيطة على كرة، وزوايا قائمة، حدثت على منفرجة، ومعان دقيقة زادت على درجة، والفقيه يرى أنه محرم الابتياع، ويندب إلى المناداة عليه شرط الاتباع، مع أنه عين طاهرة يصح بها الانتفاع، كم صلى خلف إمام، واقتدى به وهو إمام، حينا يوجد في الشام، وحينا في بيت الله الحرام، وحينا تراه قائما في ظلام الليل والناس نيام، والعروضي يعلم أنه بيت برع حسنا، واستقام وزنا، نظم على البسيط وهو طويل، وركّب من سببين خفيف وثقيل، يتزحف بحذف فاصلة صغرى، ويتغير وزنه فترى منه كسرا، خمساه حرف من الحروف، وبعضه في بعضه يطوف، وإن/ حذف أوله فباقيه بلد معروف، ومع ذلك فكل حرف منه ساكن يصح عليه الوقوف، وفيه أعمال اقتصرت عنها، واختصرت منها، خيفة الملل، وتخفيفا في العمل، وقد قصدت بيان الجناب، ورصدت إتيان الجواب. فكتب الصلاح الصفدي [1] : [البسيط] وإنّ صخرا لتأتمّ الهداة به ... كأنّه علم في رأسه نار لحقيق بأن يصفه مولانا وصف الخنساء، ويعد محاسنه التي أربت كثرتها على رملة الوعساء، ويستغرق أوصافه التي استوعب في سردها، ويركض في ميادين البلاغة على مطهمات نعوته وجردها، حتى أبدع في مقاصده التي وقف لها كل سائل، وقال فلم يترك مقالا لقائل، وفتح بابا ليس للناس عليه طاقة، وأصبح في التقدم لعصابة الأدب رأسا، والناس ساقة، لا جرم أن هذا الملغز فيه قال بعض واصفيه: [الخفيف] علم مفرد فان رفعوه ... رفعوه قصدا لأجل البناء [2] أنثوه ومنه قد عرف التذ ... كير فانظر تناقض الأشياء وأما المملوك فيقول فيه: إنه صاحب الرباط والزاوية، والمقام الذي يقال لقاعدته الجبل يا سارية، والقسمة التي هي على صحة الاختلاف متساوية، كم في الزوايا منه خبيّة حنيّة، وكم علق عليه درية من الكواكب الدرّيّة، كم رأى الناس في قيامه في قاعدة، وكم لشهادته من كلمة إلى العرش صاعدة، وكم تليت على الصخر منه آية من المائدة، يكاد من علاه يسامر النجوم في الدجنّة، ويرقى في كل حين، وليس به في الناس جنّة، هلاله لا يزيد ولا ينقص في الطرف، وراقيه يعبد الله فيه على حرف، قد حسن منه عكسه المصحّف، وعظم قدره في البناء فلا يدع إذا تشرّف، عجب العروضي من بسيطه الطويل الوافر،

_ [1] ديوان الخنساء ص 80. [2] في ع: لأجل النداء.

ووقف على ساق واحدة وكم له من حافر، واستقام خطه وفيه الدائرة، وشاهدنا القرنصة فيه وهو غير طائر، وأقام مكانه ونداؤه لسائر المسلمين، يجيب نداءه المملوك والملائك، ويرى من يعلوه وهو متكىء على الأرائك: [الطويل] إذا ما اطمأنّت دونه السحب إنه ... له همّة لم ترض إلا التناهيا وحسبك أنّ القائمين بحقّه ... يحوزون في الدارين منه المعاليا شهادته ما ردّها غير كافر ... ويقبلها من كان بالحقّ قاضيا تقول معاني الطبّ يا عجبا له ... يصحّ وقد ضمّت حشاه المراقيا قال وجيه الدولة ابن حمدان [1] : [البسيط] قالت لطيف خيال زارني ومضى ... بالله صفه ولا تنقص ولا تزد فقال خلفته لو مات من ظمأ ... وقلت قف عن ورود الماء لم يرد قالت صدقت الوفا في الحب شيمته ... يا برد ذاك الذي قالت على كبدي قال مهذب الدين أبو الغنائم سالم بن سعادة الحمصي الشاعر [2] : [مجزوء الكامل] خود كأنّ بنانها ... في خضرة النقش المزرّد سمك من البلّور في ... شبك تكّوّن من زبرجد دخل زيادة الله بن عبد الله التميمي، صاحب القيروان، في طاعة المكتفي، وأهدى إليه هدايا، من جملتها عشرة آلاف درهم، في كل درهم عشرة دراهم، وألف دينار، في كل دينار عشرة دنانير، وكتب على كل درهم في أحد وجهيه [3] :/ [الكامل] يا سائرا نحو الخليفة قل له ... أن قد كفاك الله أمرك كلّه [4] بزيادة الله بن عبد الله سي ... ف الله من دون الخليفة سلّه وفي الوجه الآخر: ما ينبري لك في الشقاق مخالف ... إلا استباح حريمه وأذلّه من لا يرى لك طاعة فالله قد ... أعماه عن سبل الهدى وأضله

_ [1] وجيه الدولة: ذو القرنين بن حمدان بن ناصر الدولة التغلبي، أمير شاعر من أهل دمشق، ولي إمرتها سنة 401 هـ، وعزل عنها فرحل إلى مصر فولاه الظاهر العبيدي الاسكندرية وأعمالها، فأقام بها عاما، وعاد إلى دمشق فاستقر فيها أميرا، له ديوان شعر، توفي بمصر سنة 428 هـ. (معجم الأدباء 4/201، وفيات الأعيان 1/181، النجوم الزاهرة 5/27، مرآة الجنان 3/51) . الأبيات في يتيمة الدهر 1/92. [2] البيتان في الوافي بالوفيات 15/81. [3] الأبيات في الوافي بالوفيات 15/19- 20. [4] في ع: أن قد كفاه الله.

في كتاب الفرق الإسلامية لابن أبي الدم

قال سعود بن العلاء الخباز الشاعر [1] : [مجزوء الرمل] جمع الورد خصالا ... لم تكن في نظرائه حسن لون جعل الزه ... رة من تحت لوائه ونسيما عطل العن ... بر من فرط ذكائه فاذا زاد وولّى ... عوّض الناس بمائه قال أبو الفتح سليمان بن خضر الطائفي [2] : [الرمل] برزت في غلالة زرقاء ... لازورديّة كلون السماء فتبيّنت في الغلالة منها ... قمر الصيف في ليالي الشتاء قال الصاحب ابن العميد [3] في معجم الطبراني [4] : [الخفيف] قد وجدنا في معجم الطبراني ... ما فقدنا في سائر البلدان بأسانيد ليس فيها سناد ... ومتون إذا رفعن متان في كتاب الفرق الإسلامية لابن أبي الدم [5] لما اشترى الخليفة الحجر الأسود من القرامطة بخمسين ألف دينار، وقيل بثلاثين ألف دينار، جهز إليهم عبد الله بن عكيم المحدث وجماعة معه، فقال عبد الله بن عكيم: إن لنا في حجرنا علامتين، لا يسخن بالنار، ولا يغوص في الماء، فأحضر ماء ونار، وألقي الحجر في الماء، فغاص، ثم ألقاه في النار فحمي، وكاد يتشقق، فقال: ليس هذا بحجرنا، ثم أحضر آخر مضمخ بالطيب، مغشى بالديباج، إظهارا لكرامته، ففعل به عبد الله بن عكيم كذلك، ثم قال: ليس هذا بحجرنا، فأحضر الحجر الأسود بعينه، فوضعه في

_ [1] الأبيات في الوافي بالوفيات 515/193. [2] الأبيات في دمية القصر للباخرزي 1/92- 93 تحقيق محمد ألتونجي. [3] ابن العميد: أبو الفضل محمد بن الحسين بن محمد الكاتب، وزير ركن الدولة الحسن بن بويه، كان آية في الترسل والإنشاد، فيلسوفا، وكان الصاحب بن عباد تلميذه وخصيصه وصاحبه، وكان يسمى الجاحظ الثاني، توفي بالري سنة 360 هـ (الوافي بالوفيات 15/354) . [4] البيتان في الوافي بالوفيات 15/345. والطبراني: هو سليمان بن أحمد بن أيوب اللخمي، من أهل طبرية بالشام، له المعجم الكبير على أسماء الصحابة، والمعجم الأوسط، وكتاب الدعاء، وعشرة النساء، توفي سنة 360 هـ. (المصدر السابق) . [5] ابن أبي الدم: شهاب الدين إبراهيم بن عبد الله بن عبد المنعم، كان إماما في مذهب الشافعي، عالما بالتاريخ له نظم ونثر، له تصانيف منها: الفرق الإسلامية، وأدب القاضي، توفي سنة 642 هـ. (شذرات الذهب 5/213) .

الماء، فطفا ولم يغص، ثم وضعه في النار فلم يسخن، فقال: هذا حجرنا، فعجب أبو طاهر القرمطي [1] ، وسأله عن معرفة طريقه، فقال عبد الله بن عكيم: حدثنا فلان عن أبي فلان أن النبي صلّى الله عليه وسلم قال: (الحجر الأسود عين الله في أرضه، خلقه تعالى من درة بيضاء في الجنة، وإنما اسودّ من ذنوب الناس، يحشر يوم القيامة وله عينان ينظر بهما، ولسان يتكلم به، يشهد كل من استلمه أو قبّله بالإيمان، وأنه حجر يطفو/ على الماء ولا يسخن بالنار إذا أوقدت عليه) [2] . فقال أبو طاهر: هذا دين مضبوط بالنقل. قال سلم الخاسر، وهو ابن عمرو بن حماد بن عطاء بن ياسر، مولى أبي بكر الصديق، وسمّي الخاسر لأنه ورث مصحفا فباعه واشترى بثمنه دفاتر شعر، مات في حدود الثمانين ومائة [3] : [المتقارب] إذا أذن الله في حاجة ... أتاك النجاح على رسله يفوز الجواد بحسن الثناء ... ويبقى البخيل على بخله فلا تسأل الناس من فضلهم ... ولكن سل الله من فضله قال تقي الدين شبيب بن حمدان [4] : [الكامل] ومهفهف قسم الملاحة ربّها ... فيه وأبدعها بغير مثال فلخده النعمان روض شقائق ... ولثغره النظّام عقد لآلي ولطرفه الغزّال إحياء الهوى ... وكذلك الإحياء للغزّ الي وقال محيي الدين بن عبد الظاهر [5] : [الكامل] يا من رأى غزلان رامة هل رأى ... بالله فيهم مثل طرف غزال

_ [1] أبو طاهر القرمطي: سليمان بن الحسن بن بهرام الجنّابي نسبة إلى جنابة من بلاد فارس، الهجري، ملك البحرين وزعيم القرامطة، خارجي طاغية جبار، وثب على البصرة فنهبها وسبى نساءها، وكتب إلى المقتدر يطلب ضمها إليه هي والأهواز، فلم يجبه المقتدر، أغار على الكوفة فنهبها، وأغار على مكة يوم التروية سنة 317 هـ والناس محرمون فاقتلع الحجر الأسود وأرسله إلى هجر ونهب أموال الحجاج، وقتل ثلاثين ألفا، مات بالجدري سنة 332 هـ. (النجوم الزاهرة 3/522، فوات الوفيات 1/175، الكامل لابن الأثير الجزء الثامن في صفحات كثيرة) . [2] الحديث بمعناه واختلاف اللفظ في صحيح البخاري، وبرواية: الحجر الأسود يمين الله في الأرض، في كنز العمال 34744. [3] الأبيات في الوافي بالوفيات 15/304، لسلم الخاسر، والبيتان الأول والثالث بنقص الثاني في مجموع شعره ضمن (شعراء عباسيون) ص 112، جمع غوستاف غرونباوم ط بيروت 1959. [4] الأبيات في فوات الوفيات 2/155. [5] فوات الوفيات 2/155.

أحيا علوم العاشقين بلحظه ال ... غزال والإحياء للغزالي روى ابن دريد، عن ابن الكلبي قال: كنت يوما عند شرقي بن القطامي [1] فقال: من يعرف منكم أسد بن عبد مناف بن شيبة بن عمرو بن المغيرة بن زيد، وهو من أشرف الناس بعد رسول الله صلّى الله عليه وسلم، فقالوا: ما نعرفه، قال: هو علي بن أبي طالب، كانت أمه سمته أسدا، وأبوه غائب لما ولدته، واسم أبي طالب عبد مناف، واسم عبد المطلب شيبة، واسم هاشم عمرو، واسم عبد مناف المغيرة، واسم قصي زيد، وقال شرقي: دخلت على المنصور، فقال: يا شرقي، علام يزار المرء، فقلت: يا أمير المؤمنين، على خلال أربع، على معروف سلف، أو مثله يؤتنف، أو قديم شرف، أو علم مستطرف، فما وراء ذلك فولوع وكلف [2] : قال عبادة بن ماء السماء [3] شاعر الأندلس [4] : [مجزوء الكامل] لا تشكونّ إذا عثر ... ت إلى صديق سوء حالك فيريك ألوانا من ال ... إذلال لم تخطر ببالك إياك أن تدري يمي ... نك ما يدور على شمالك ضو اصبر على نوب الزما ن وإن رمت بك في المهالك ... وإلى الذي أغنى وأق نى اضرع وسله صلاح حالك لما استسقى عمر بن الخطاب بالعباس فسقوا، قال حسان بن ثابت، رضي الله عنهم [5] : [الكامل] سأل الإمام وقد تتابع جدبنا ... فسقى الأنام بغرّة العبّاس عمّ النبيّ وصنو والده الذي ... ورث النبيّ بذاك دون الناس أحيا الإله به البلاد فأصبحت ... مخضرّة الأجناب بعد الياس

_ [1] شرقي بن القطامي: الوليد بن حصين (الملقب بالقطامي) بن حبيب الكلبي، عالم بالأدب والنسب، من أهل الكوفة، استقدمه أبو جعفر المنصور إلى بغداد ليعلم ولده المهدي الأدب، وكان صاحب سمر، توفي سنة 155 هـ. (المعارف ص 234، نزهة الألباء ص 42، تاريخ بغداد 9/278، اللباب 2/17) . [2] الرواية في تاريخ بغداد 9/278، ونزهة الألباء ص 34. [3] ابن ماء السماء: عبادة بن عبد الله الأنصاري، رأس الشعراء في الدولة العامرية بالأندلس، وهو الذي أقام عماد الموشحات وهذب ألفاظها وأوضاعها، له كتاب في أخبار شعراء الأندلس، توفي بمالقة سنة 422 هـ. (فوات الوفيات 1/199، جذوة المقتبس ص 274، الذخيرة ق 1 م 1 ص 468، بغية الملتمس 2/396، الوافي بالوفيات 16/623) . [4] الأبيات في فوات الوفيات 2/149- 150، الوافي بالوفيات 16/623. [5] ديوان حسان بن ثابت 1/491 تحقيق وليد عرفات، ط صادر، بيروت 1974.

ذكر الجهشياري في كتاب الوزراء، عن رجاء بن أبي الضحاك، أنه في سنة مائتين، أحصى ولد العباس، فبلغوا ثلاثة وثلاثين ألفا [1] . قال العباس بن طرخان أبو الينبعي، يخاطب بعض الخلفاء: [السريع] لزمت [في] دهليزكم جمعة ... ولم أكن آوي الدهاليزا [2] خبزي من السوق ومدحي لكم ... تلك لعمري قسمة ضيزى ذكر الوزير المغربي في كتاب أدب الخواص أنّ البطيخ العبدلاوي الذي بالديار المصرية، منسوب إلى عبد الله بن طاهر بن الحسين/ الخزاعي أمير مصر، مات سنة 230 هـ[3] . قال أبو عثمان سعيد بن هاشم الخالدي، يصف عبده [4] : [البسيط] ما هو عبد لكنه ولد ... خوّلنيه المهيمن الصمد وشدّ أزري بحسن خدمته ... فهو يدي والذراع والعضد صغير سنّ كبير منفعة ... تمازج الضعف فيه والجلد في سنّ بدر الدّجى وصورته ... فمثله يصطفى ويعتقد معشق الطرف كحله كحل ... مغزل الجيد حليه الجيد وورد خديه والشقائق ... والتفاح والجلنار منتضد رياض حسن زواهر أبدا ... فيهنّ ماء النعيم مطّرد وغصن بان إذا بدا وإذا ... شدا فقمريّ بانه غرد مبارك الوجه مذ حظيت به ... بالي رخيّ وعيشتي رغد [5] أنسي ولهوي وكل مأربتي ... مجتمع فيه لي ومنفرد [6] مسامري إن دجا الظلام عليّ منه ... حديث كأنه الشهد [7] ظريف مزح مليح نادرة ... جوهره حسن شرارة تقد [8]

_ [1] نكت الهميان ص 178. [2] ورد صدر البيت في كل النسخ ناقصا وغير موزون، ولعله يستقيم بإضافة (في) . [3] وفيات الأعيان 2/274. [4] جاءت القصيدة مع التقديم والتأخير في بعض الأبيات في فوات الوفيات 1/347- 348. [5] في ب، ط، ل: مبارك الطرف. [6] في ب، ط، ل: أمسي ويهوى. [7] هذا البيت انفردت به نسخة ع. [8] في ب، ط، ل: ظريف مدح.

خازن ما في يدي وحافظه ... فليس شىء لديّ يفتقد ومنفق مشفق إذا أنا أس ... رفت وبذّرت فهو مقتصد يصون كتبي فكلّها حسن ... يطوي ثيابي فكلها جدد وأبصر الناس بالطبيخ فكال ... مسك القلايا والعنبر الثرد وهو يدير المدام إن جليت ... عروس دنّ نقابها الزّبد يمنح كأسي يدا أناملها ... تنحلّ من لينها وتنعقد ثقّفه كيسه فلا عوج ... في بعض أخلاقه ولا أود وصيرفيّ القريض وزّان ... دينار المعاني الجياد منتقد ويعرف الشعر مثل معرفتي ... وهو على أن يزيد مجتهد وكاتب توجد البلاغة في ... ألفاظه والصواب والرشد وواجد بي من المحبة وال ... رأفة أضعاف ما به أجد إذا ابتسمت فهو مبتهج ... وإن تنمّرت فهو مرتعد [1] ذا بعض أوصافه وقد بقيت ... له صفات لم يحوها أحد وقال الشهاب محمود الكاتب في عكس هذا المعنى [2] : [البسيط] ما هو عبد كلا ولا ولد ... إلا عناء يضنى به الكبد وفرط سقم أعيا الأساة فلا ... جلد عليه تبقى ولا جلد أقبح ما فيه كلّه فلقد ... تساوت الروح فيه والجسد أشبه شىء بالقرد فهو له ... إن كان للقرد في الورى ولد ذو مقلة حشو جفنها عمص ... تسيل دمعا وما بها رمد ووجنته مثل صبغة الورس ... ولكن ذاك صاف ولونها كمد كأنه الخد في نظافته ... قد أكلت فوق صحنه غدد يقطر سمّا فضحكه أبدا ... شرّ بكاء وبشره حرد يجمع كفيه من مهانته ... كأنّه في الهجير مرتعد يطرق لا من حياء ولا خجل ... كأنّه للتراب منتقد

_ [1] في ع: وإن نهرت. [2] القصيدة في فوات الوفيات 1/349، مع التقديم والتأخير في بعض الأبيات.

ألكن إلا في الشتم ينبح كا ... لكلب ولو أن خصمه الأسد يشتمني الناس حين يشتمهم ... إذ ليس يرضى بشتمه أحد كسلان إلا في الأكل فهو إذا ... ما حضر الأكل جمرة تقد كالنار يوم الرياح في الحطب ... اليابس تأتي على الذي تجد يرفل في حلّة منبتة من ... قمله رقم طرزها طرد أجمل أوصافه النميمة والكذب ... ونقل الحديث والحسد كلّ عيوب الورى به اجتمعت ... وهو باضعاف ذاك منفرد إن قلت لم يدر ما أقول وإن ... قال كلانا في الفهم متحد كأنّ مالي إذا تسلمه ... مني ماء وكفّه سرد حملته لي دويّة حسنت ... كنت عليها في الظرف اعتمد [1] كمثل زهر الرياض ما وجدت ... عيني لها شبهها ولا تجد فمرّ يوما بها على رجل ... لديه علم اللصوص يفتقد أودعها عنده ففرّ بها ... وما حواه من بعدها البلد فجاء يبكي فظلت أضحك من ... فعلي وقلبي بالغيظ متّقد وقال لي لا تخف فحليته ... مشهورة الشكل حين يفتقد عليه ثوب وعمّة وله ... ذقن ووجه وساعد ويد وقائل بعه قلت خذه ولا ... وزن تجازي به ولا عدد ففي الذي قد أضاعه عوض ... وهو على أن يزيد مجتهد من الأبيات السائرة [2] : [الطويل] عتبت على عمرو فلما فقدته ... وجرّبت أقواما بكيت على عمرو قال أبو العميثل عبد الله بن خليد في عبد الله بن طاهر [3] : [الكامل] يا من يحاول أن تكون صفاته ... كصفات عبد الله أنصت واسمع فلأنصحنّك في المشورة والذي ... حجّ الحجيج إليه فاسمع أو دع

_ [1] الدوية: أرض فيها أدواء غير موافقة للإقامة. [2] البيت لنهار بن توسعة، أخذه عيسى القاشي في الدر الفريد 4/62 برواية: عتبت على عمرو فلما هجرته ... وواصلت أقواما رجعت إلى عمرو [3] الأبيات في وفيات الأعيان 2/5275 ط عبد الحميد، 3/89 ط إحسان عباس.

أصدق وعفّ وكف واصبر واحتمل ... واصفح وكاف ودار واحلم واشجع والطف ولن وتأنّ وارفق واتّئد ... واحزم وجد وحام واحمل وادفع فلقد محضتك إن قبلت نصيحتي ... وهديت للنّهج الأسدّ المهيع أول من صلى بمكة جماعة بعد الفتح هبيرة بن شبل بن العجلان الثقفي [1] ، أمره رسول الله صلّى الله عليه وسلم، بذلك قال الطبري. ذكر الصلاح الصفدي في ترجمة التاج السبكي أنه سمّى كتاب الطبقات بالورقات، وأنه كتب عليها تقريظا، وقف المملوك على هذه الورقات، وصعد في معارج التأمل إلى هذه الطبقات، وباشر نظرها، وعلم ما لفوائدها في كل وقت من النفقات، فرأى أوراقها المثمرة، وغصونها المزهرة، وراقت له ليالي سطورها التي هي بالمعاني مقمرة، وشهد برق فضائلها اللهاب، وعلم من جمعها أن لكل مذهب عبد الوهاب: [الوافر] لقد أحيى الذين تضمنتهم ... وأجلسهم على سرر السرور فأصحاب التراجم في طباق ... أطلوا من شبابيك السطور [2] فما هي في طبقات، لكن بروج كواكب، وما هي سطور، بل سطور مواكب، لقد أعجبه همة من حررها وأسس قواعدها وقررها، وحصل بهذا الولد النجيب الياس، من فضل/ القاضي إياس، وكونه تقدم في شبابه على كهول أصحابه، فهذا أصغر سنا، وأكبر منا منّا، وقد شهد له العقل والنقل، بأنه فتيّ السنّ، كهل العلم والحلم والعقل، والله يمتع الزمان بفوائده، ويرقيه في الدين والدنيا إلى درجات والده. قلت: ذكر الصلاح الصفدي أن محمد بن داود بن الجراح صنف كتاب الورقة في أخبار الشعراء، وسماه بذلك، لأن ترجمة كل شاعر في ورقة من غير زيادة. وأن الصولي سمى كتابه بالأوراق لأنه بسط ترجمة كل واحد في عدة أوراق، فالظاهر أن ابن السبكي أخذ التسمية بالورقات منه، لأنه بسط التراجم في ورقات وأوسع فيها [3] . قال عبد المنعم بن محمد بن عبد الرحمن بن الفرس الغرناطي المالكي [4] ، مؤلف أحكم

_ [1] هبيرة بن شبل بن عجلان بن عتاب الثقفي: وهو أول من صلى جماعة بعد الفتح، أمره رسول الله صلّى الله عليه وسلم بذلك، وكان إسلامه بالحديبية، استخلفه رسول الله صلّى الله عليه وسلم على مكة إذ صار إلى الطائف فيما ذكر الطبري. (الإصابة 3/616) ، ولم أجد لهبيرة بن شبل ذكرا في تاريخ الطبري ولا في تفسيره. [2] في ب، ل: في طبقات. [3] في الأصل: (قلت ذكر الصلاح..... وأوسع فيها) خرجة طويلة من الحاشية. [4] عبد المنعم بن محمد بن عبد الرحيم الخزرجي: المعروف بابن الفرس، قاض أندلسي من علماء غرناطة، ولي القضاء بجزيرة شقر، وفي وادي آش، وجيان وغرناطة، وجعل له النظر في الحسبة والشرطة، له تآليف منها أحكام القرآن، توفي بالبيرة سنة: 599 هـ. (بغية الوعاة 315، قضاة الأندلس ص 110، الديباج المذهب ص 218، التكملة لابن الأبار ص 651، فوات الوفيات 2/16، نفح الطيب 2/653) .

القرآن، في خسوف القمر [1] : [البسيط] تطلع البدر لم يشعر بناظره ... حتى استوى ورأى النّظّار فاحتجبا كالخود ألقت رواق الخدر ناظرة ... ثم استردت حياء فوقها الطّنبا وقال ابن الأبار فيه [2] : [الوافر] ألم تر للخسوف وكيف أودى ... ببدر التمّ لمّاع الضياء كمرآة جلاها الصّقل حتى ... أنارت ثم ردّت في غشاء قال إبراهيم المرادي ملغزا في القمر [3] : [السريع] دع ذا وقل للناس ما طارق ... يطرقكم جهرا ولا يتّقي ليس له روح على أنه ... يركب ظهر الأدهم الأبلق شيخ يرى آدم في عصره ... وهو إلى الآن بخدّ نقي وهو بوسط السجن مع قومه ... لا ينزوي عن نهجه الضّيّق هذا ويمشي الأرض في ليلة ... أعجب به من موثق مطلق [4] وتارة يوجد في مغرب ... وتارة يوجد في مشرق وتارة تنظره سابحا ... يسري بساط البحر كالزورق [5] وتارة تلقاه في لجّة ... من فوقه الماء ولم يغرق وتارة تحسبه وهو في ... سير به والبعض منه بقي ذبابه من صارم مرهف ... وتارة من جفنه المطبق يرنو إلى عرس له حسنها ... يختطف الأبصار بالرونق حتى إذا جامعها يرتدي ... بحلة سوداء كالمحرق وهو على عادته إنما ... يجامع الأنثى ولا يلتقي [6] ثم يجوب القفر من أجلها ... مشتملا في مطرف أزرق

_ [1] ورد البيتان في تحفة القادم ابن الأبار ص 116. [2] البيتان في ديوان ابن الأبار بعناية عبد السلام الهراس، ط تونس 1985 ص 54، وتحفة القادم ص 116. [3] تنظر القصيدة في نهاية الأرب 1/55. [4] بعد هذا بيت في نهاية الأرب لم يرد في الأصول، وهو: فتارة ينزل تحت الثرى ... وتارة وسط السما يرتقي [5] في ش: يسري بساط الأرض. [6] في ب، ش، ل: وهو على عادته إنما.

حتى إذا قابلها ثانيا ... تشكه بالرمح في المفرق وبعد ذا تلبسه حلّة ... يا حسنه في لونها المونق [1] فجسمه من ذهب جامد ... وجلده صيغ من الزئبق ثم يرى في حين إتمامه ... مثل مجنّ الحرب للمتّقي وهو إذا أبصرته هكذا ... أملح من صاحبة القرطق كأنّه وجه المعزّ الذي ... تاه به الغرب على المشرق قال الإمام أبو بكر عبد الله بن علي بن ضائن بن عبد الجليل الفرغاني، أحد أئمة الحنفية الكبار، في المذهب والخلاف والحديث، والنحو واللغة، وأحد أفراد الدهر، مات سنة 414 هـ: [المتقارب] تخيّر فديتك صدق الحديث ... ولا تحسب الكذب أمرا يسيرا فمن آثر الصدق في قوله ... سيلقى سرورا ويرقى سريرا [2] ومن كان بالكذب مستهترا ... سيدعو ثبورا ويصلى سعيرا استعمل مثل هذا الإمام للاقتباس في الشعر حجة في جوازه. قال أبو محمد عبد الله بن محمد الزوزني [3] : [مخلع البسيط] لما رأيت الزمان نكسا ... وليس في الحكمة انتفاع كلّ رئيس به ملال ... وكلّ رأس به صداع وكلّ نذل به ارتفاع ... وكلّ حر به اتضاع لزمت بيتي وصنت عرضا ... به عن الذلّة امتناع وأجتني من ثمار قوم ... قد أقفرت منهم البقاع قال عبد الله بن موسى الجون بن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب: [الطويل] على زهرة الدنيا السلام من امرىء ... يرى كلّ ما فيها يزول ويذهب قال الشهاب القوصي في معجمه: أنشدني رشيد الدين عبد الله بن نصر القوصي

_ [1] في ع: تلبسه خلعة. [2] في ب، ط، ل: ويلقى سريرا. [3] عبد الله بن محمد بن يوسف الزوزني: أديب مشهور من الشعراء حسن الكلام، غزير العلم، سمع الحديث، كثير النوادر، توفي سنة 431 هـ. (فوات الوفيات 2/495) . الأبيات في فوات الوفيات 2/495، ويتيمة الدهر الجزء الثالث، مع خلاف في رواية بعض الأبيات.

لنفسه: [الرمل] عللونا فالشفا من شوركم ... وكذا جنّتنا من سوركم [1] فارفعوا سجفكم كي نهتدي ... وانظرونا نقتبس من نوركم قال: وأنشدني لنفسه: [مجزوء الرجز] هذا غزال فاتن ... بطرفه وشعره يريد أن يخرجكم ... من أرضكم بسحره قال صفي الدين عبد الله بن يحيى البغدادي [2] ، يمدح المستضىء بالله [3] ، على وزنين وقافيتين [4] : [الكامل] جود الإمام المهتدي غمامة للمجتدي ... تروي بها آماله منح الورى منه بأبلج في الشدائد منجد ... معدومة أمثاله إنّ الخليفة بالخليفة في المكارم تقتدي ... فدليلها أفعاله وبجوده الحيران منها في النوائب يهتدي ... فسراجها أفضاله [5] قال السماح وقد حبا أكرم به من مرفد ... مبذولة أمواله أحيا مناقب جده العباس عمّ محمّد ... فبذاك تمّ جلاله خجل الحيا بسخائه متبرعا بندى ند ... متتابع هطاله جود السحاب بمائه والمستضىء بعسجد ... فاعتاقه إخجاله قال ابن الجوزي في قوله تعالى: أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ [6] ، يفتخر فرعون بنهر ما أجراه ما أجراه، وقال وقد طرب الجمع: فهمتم، فهمتم. لما توفي الإمام أبو سهل محمد بن سليمان الصعلوكي، كتب أبو النضر عبد الجبار إلى

_ [1] شوركم: الشور، جني العسل. [2] الأجل صفي الدين: أبو القاسم عبد الله بن زعيم الدين بن جعفر، مشبوب الذكاء محبوب اللقاء، له شعر يقطر منه ماء السلامة، وينشر به عرف الرياسة. (الخريدة العماد الأصفهاني القسم العراقي 1/198) . [3] المستضىء بالله: الحسن بن يوسف بن محمد بن عبد الله ابن المستنجد، بويع بالخلافة بعد وفاة والده وعمره عشرون سنة، كان رحيما حليما سهل الأخلاق كريما، توفي سنة 575 هـ. (فوات الوفيات 1/270، الكامل- ابن الأثير 11/132) . [4] الشعر في الخريدة 1/198 القسم العراقي. [5] بعد هذا بيت في الخريدة ولم يرد في الأصول، وهو: ورد الرجاء به على أحلى مراشق ورد ... معذوذب سلساله [6] الزخرف 51.

ولده الإمام أبي الطيب سهل [1] يعزيه فيه [2] : [البسيط] من مبلغ شيخ أهل العلم قاطبة ... عني رسالة محزون وأوّاه أولى البرايا بحسن الصبر محتسبا ... من كان في فتيّاه توقيعا عن الله قال الذهبي، حدثنا ابن الدباهي قال: سمعت الشيخ كتيلة عبد الله بن أبي بكر البغدادي يقول: كنت على سطح يوم عرفة ببغداد، وأنا مستلق على ظهري، قال: فما شعرت إلا وأنا واقف بعرفة مع الركب سويعة، ثم لم أشعر إلا وأنا على حالتي الأولى مستلق، قال: فلما جاءني الركب، جاءني إنسان صارخا، فقال: يا سيدي، أنا حلفت بالطلاق أني رأيتك بعرفة العام، وقال لي جماعة أنت واهم، الشيخ لم يحج العام، قال: فقلت له: امض لم يقع عليك حنث. قال الشهاب القوصي في معجمه: أنشدني بليغ الدين عبد الله بن محمد بن عبد الغفار القسنطيني النحوي لنفسه لغزا في الفرزدق وجرير: [الطويل] رأيت جريرا والفرزدق فوقه ... بخيف منى لم يخش عارا ولا إثما فألقيت في النار الفرزدق بعد ما ... لطمت محياه ولم أقترف ظلما ولولا جرير ما ذكت نارنا له ... فلما ذكت أضحى جرير بها فحما الفرزدق قطع العجين، والجرير هو الحبل. قال الوزير أبو المعالي هبة الله بن المطلب الكرماني: رأيت في المنام قائلا يقول: [الطويل] إذا كان لله البقاء وكلّنا ... يصير إلى موت فماذا التنافس قال أبو الفضل عبد المنعم بن عمر الجلياني [3] : [الطويل] وأبخس شىء حكمة عند جاهل ... وأهون شىء فاضل عند عالم فلو زفّت الحسناء للذئب لم يكن ... يرى قربها إلا لأكل المعاصم

_ [1] أبو الطيب سهل بن محمد بن سليمان بن محمد الصعلوكي: الفقيه النيسابوري الشافعي، كان فقيه نيسابور، أخذ الفقه عن أبيه أبي سهل الطيب الصعلوكي، وكان أبو الطيب يقال له الإمام، عديم النظير في علمه وديانته، توفي في المحرم سنة 387 هـ. (وفيات الأعيان 3/342، الوافي بالوفيات 3/124، طبقات الشافعية 2/161) . [2] البيتان في وفيات الأعيان 3/342. [3] عبد المنعم بن عمر بن عبد الله بن أحمد: أبو الفضل، حكيم الزمان الجلياني الغساني الأندلسي، كان أديبا فاضلا طبيبا حاذقا، له معرفة بعلوم الباطن، رحل من الأندلس ودخل بغداد وغيرها، ومدح السلطان صلاح الدين الأيوبي، توفي سنة 602 هـ. (فوات الوفيات 2/37) . والبيتان ساقطان من نسخة ب.

وقال أيضا: [البسيط] قالوا نرى نفرا عند الملوك سموا ... وما لهم همّة تسمو ولا ورع وأنت ذو همّة في الفضل عالية ... فلم ظميت وهم في الجاه قد كرعوا فقلت باعوا نفوسا واشتروا ثمنا ... وصنت نفسي فلم أخضع كما خضعوا قد يكرم القرد إعجابا بخسته ... وقد يهان لفرط النخوة السّبع وقال أيضا [1] : [مخلع البسيط] بذلت وقتا للطبّ كي لا ... ألقى بني الملك بالسؤال وكان وجه الصواب في أن ... أصون نفسي عن ابتذال لا بدّ للجسم من قوام ... فخذه من جانب اعتدال واقرب من العز في اتضاع ... واهرب من الذلّ في المعالي قال أبو بكر عتيق بن محمد الوراق التميمي (وزنه خارج عن أبحر العروض) : أورد قلبي الردى ... لام عذار قد بدا أسود كالغيّ في ... أبيض مثل الهدى قال الصلاح الصفدي: هما بيت واحد من البسيط في أصل الدائرة. قال أبو الحسن علي بن الحسن العبدري [2] : [السريع] لا تسلك الطّرق إذا أخطرت ... لو أنّها تفضي إلى المهلكه قد أنزل الله تعالى: ولا ... تلقوا بأيديكم إلي التّهلكه [3] قال سيف الدين بن قزل المشد [4] : [الطويل] أيا ملكا تأتي الخماص لبابه ... وتغدو بطانا من نوال ومن جاه إذا جاء نصر الله والفتح بعده ... وتبت يدا الأعداء فالحمد لله

_ [1] أبيات عبد المنعم الجلياني هذه وما سبقها في فوات الوفيات 2/37. [2] علي بن الحسن بن إسماعيل بن أحمد العبدري: من أهل البصرة، يعرف بابن المقلة، وهو شيخ فاضل له معرفة بالأدب والعروض، وله كتب وتصانيف في ذلك، ويقول الشعر ويترسل، توفي سنة 599 هـ. (معجم الأدباء 13/89، أنباه الرواة 2/243) . والبيتان في أنباه الرواة 2/243. [3] قوله: (ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة) تضمين للآية 195 من سورة البقرة. [4] سيف الدين المشد: علي بن عمر بن قزل بن جلدك التركماني الياروقي، الأمير سيف الدين المشد، صاحب الديوان المشهور، ولد بمصر، وتوفي بدمشق سنة 656 هـ. (فوات الوفيات 2/128، النجوم الزاهرة 7/64) .

وقال في فقير أعمى: [الخفيف] يقتدي في طريقه بالحريري ... ويبغي مذاهب الصوفيّه أعجميّ اللسان حلو الثنايا ... عنه تروى الحلاوة العجميّه وقال [1] : [الكامل] فصل كأنّ البدر فيه مطرب ... يبدو وهالته لديه طاره والشمس في أفق السماء خريدة ... والجوّ ساق والأصيل عقاره وكأنّ قوس الغيم جنك مذهب ... وكأنّما صوب الحيا أوتاره [2] وقال علاء الدين علي بن مظفر الوداعي: [مجزوء الرجز] يوم يقول بشكله ... قوموا اعبدوا الله الأحد قزح كمحراب بدا ... والبرق قنديل وقد والرعد فيه مسبّح ... حبّات سبحته برد وقال: [الوافر] أرى الكتّاب والحسّاب فيهم ... لصوص يسرقون الناس طرّا فقوم يسرقون اللفظ جهرا ... وقوم يسرقون المال سرّا قال يحيى بن يوسف الصرصري [4] الشاعر المشهور، في عدّ خلفاء بني العباس [5] : [الطويل] لكرب بني العباس سفاحهم جلا ... وجرّ لمنصور ومهدي الولا وهاد وهارون الرشيد تلاهما ... أمين ومأمون ومعتصم الملا وواثقهم من بعده متوكل ... ومنتصر والمستعين بنو العلا وطاب بمعتز جنى مهتد كما ... بمعتمد عيش لمعتضد حلا ومكتفيا فاعدد ومقتدرا وقد ... تلا قاهرا راض كذا المتقي تلا ومستكفيا ثم المطيع وطائعا ... وقادرهم والقائم أعدد محصلا

_ [1] الأبيات في فوات الوفيات 2/128. [2] الجنك: الطنبور، وهو آلة من آلات الطرب. [3] في ب، ش، ل: يوم يقول. [4] الصرصري: يحيى بن يوسف بن يحيى بن منصور: جمال الدين الشيخ العلامة الزاهد الضرير البغدادي الحنبلي اللغوي، صاحب المدائح النبوية، قتله التتار يوم دخلوا بغداد سنة 656 هـ. (نكت الهميان ص 309، البداية والنهاية 13/211، شذرات الذهب 5/285، مرآة الجنان 4/147) . [5] ينظر في تراجم خلفاء بني العباس وسني حكمهم تاريخ الخلفاء للسيوطي ص 111- 195.

وبالمقتدي مستظهر ساد مثلما ... بمسترشد والراشد المقتفي علا بمستنجد والمستضىء وناصر ... وظاهر والمستنصر احتل معقلا [1] ومستعصم لا زال بالنصر قاهرا ... لأعدائه ما حنّت العيس في الفلا ولا زال أعواد المنابر في العلا ... بذكر بني العباس ناضرة العلا قتل الصرصري في فتنة التتار سنة 656 هـ. قال أبو سهل الكسروي: [الوافر] فتبّا للعلوم وحامليها ... وأعلمهم يبيت بلا عشاء ويضحي والكلاب أعزّ منه ... غداة الصيد في طلب الظّباء [2] وقال أبو الحسن العقيلي: [السريع] وقائل ما الملك قلت الغنى ... فقال لا بل راحة القلب وصون ماء الوجه عن بذله ... في نيل ما ينفد عن قرب وقال العماد الكاتب [3] : قرأت في تاريخ ابن السمعاني قال: سمعت أبا الفتح عبد الرحمن بن أبي الغنائم الشيباني [4] المعروف بابن الأخوة الأديب الكاتب يقول: رأيت في منامي منشدا ينشدني هذين البيتين: [الطويل] أعاتب فيك اليعملات على النوى ... وأسأل عنك الريح من حيث هبّت وأطبق أحناء الضلوع على جوى ... جميع وصبر مستحيل مشتّت قال أبو الفتح: فلما انتبهت، جعلت دأبي السؤال عن قائل هذين البيتين مدة، فلم أجد مخبرا عنهما، ومضى على ذلك مدة سنتين، ثم اتفق نزول أبي الحسن علي بن مسهر في ضيافتي، فتجارينا في بعض النكت إلى ذكر المنامات، فذكرت له حال المنام الذي رأيته، وأنشدته البيتين المذكورين، فقال: أقسم بالله إنهما من شعري، من جملة قصيدة، قال: فعجبنا من هذا الاتفاق./

_ [1] إلى هنا تنتهي نسخة ط. [2] عجز البيت والبيت بعده ساقطان من نسخة ع، واختلطا بالبيتين بعدهما. [3] العماد الكاتب: محمد بن بحر صفي الدين ابن نفيس الدين حامد الأصبهاني، مؤرخ وعالم بالأدب، من أكابر الكتاب، له تصانيف منها: خريدة القصر، والفتح القسي في الفتح القدسي، والبرق الشامي، والسيل على الذيل في تاريخ بغداد، توفي سنة 597 هـ. (وفيات الأعيان 2/24، الوافي بالوفيات 1/133) . [4] ابن أبي الغنائم: عبد الرحمن بن أحمد بن علي بن عبد الغفار بن الأخوة، له معرفة بالأدب واللغة، وكان يحفظ أشعارا كثيرة وأحوالا للناس عجيبة من المنامات. (انباه الرواة 2/168) .

وقال أبو الحسن الموسوي في الدينار البرمكي: [الكامل] إنّ البرامكة الذين تقدموا ... عن عصرنا نهبوا بيوت المال ضربوا على شكل الرحى دينارهم ... ليدور ذكرهم على الأحوال وقال البدر يوسف بن لؤلؤ الذهبي وقد جهز إليه دراهم عليها أسود: [المتقارب] رددت الحوادث عني وقد ... دهتني كتائبها والجنود وأنجدتني بالجياد التي ... بعثت بها وعليها الأسود ألف الوزير جمال الدين علي بن يوسف القفطي كتاب نهزة الخاطر ونزهة الناظر في أحاسن ما نقل من ظهور الكتب. قال عمارة بن حمزة الكاتب من ولد عكرمة مولى ابن عباس: [السريع] لا تشكون دهرا صححت به ... إنّ الغنى في صحة الجسم هبك الإمام أكنت منتفعا ... بغضارة الدنيا مع السقم قال أبو الفتح نصر بن سيار الأزدي [1] : [الكامل] وبدا لنا بدر الدجى والليل قد ... شمل الأنام بفاضل الجلباب غطى الكسوف عليه إلا لمعة ... فكأنه حسناء تحت نقاب قال بعضهم: [البسيط] إن كان في العيّ آفات مقدّرة ... ففي البلاغة آفات تساويها بعضهم: [الوافر] ويا عجبا لمن ربّيت طفلا ... ألقّمه بأطراف البنان أعلّمه الرماية كلّ يوم ... فلما اشتدّ ساعده رماني أعلمه الفتوة كلّ يوم ... فلما طرّ شاربه جفاني وكم علمته نظم القوافي ... فلما قال قافية هجاني [2] قال الأبيوردي يرثي الغزالي [3] : [البسيط]

_ [1] نصر بن سيار الأزدي: القاضي أبو الفتح، يقول عنه صاحب الدمية: له شعر بحوافز الإجادة سيار، وبقوادم الإصابة طيار، وولي القضاء والزعامة. (دمية القصر 2/851) . [2] البيتان الثاني والرابع لمعن بن أوس المزني في ديوانه ص 72. [3] الغزالي: محمد بن محمد بن محمد أبو حامد، فيلسوف متصوف له نحو مائتي مصنف منها: إحياء علوم الدين، وتهافت الفلاسفة، ومقاصد الفلاسفة، وفضائح الباطنية، وغيرها، أصله من خراسان، ورحل إلى نيسابور ثم إلى بغداد، فالحجاز فبلاد الشام فمصر، وعاد إلى بلدته، توفي سنة 505 هـ. (طبقات الشافعية 4/101، وفيات الأعيان 1/463، الوافي بالوفيات 1/277، اللباب 2/170) .

بكى على حجة الإسلام حين ثوى ... من كلّ حيّ عظيم القدر أشرفه وما لمن يمتري في الله عبرته ... على أبي حامد لاح يعنّفه تلك الرزيّة تستهوي قوى جلدي ... والطرف يسهره والدمع ينزفه فما له خلّة في الدهر منكرة ... ولا له شبه في الخلق نعرفه مضى وأعظم مفقود فجعت به ... من لا نظير له في الخلق يخلفه لغز في النّدّ الذي يتبخر به، من إنشاء الشهاب محمود: ما اسم مملوك إن عذبته يوم نعيمك ضاع، وإن اتصف به شىء من نعمك ضاع [1] ، وإن حرّفته كان شركا حتما، وإن صحّفته كان إثباته كفرا، واقتناؤه إثما، إن نفيته بعد ذلك كان حكما لازما وأمرا جزما، وهو مركب لا يمتنع صرفه مع التركيب، مثلث لا يتعذر تصنيفه على أديب، إن أسقطت نصفه كان حرفا، وإن عكست مجموعه كان ظرفا، وإن حرّفت معكوسه كان بالنفي أمرا، أو لحصول المكافأة عذرا، بعضه حيوان لا قلب فيه، ذو جناح لا في البر تجده ولا في الجو تلتقيه، وهو رب لأمة ولا ترهبه، وصاحب شوكة ولا تتقيه، مفرد وضعا، مثلث أصلا وفرعا، وهو من أقسام آيات الكتاب، وأقسام آلات الكتّاب، إن بان مفرقا فكالهلال في وصفه، أو مجموعا فكالروض النضير في عرفه، وهو داخل في حدّ أحد الأقسام المحببة إلى النبي عليه أفضل الصلاة والسلام./ أخرج أحمد في مسنده عن أنس أن معاذا قال: يا رسول الله، أرأيت إن كانت علينا أمراء لا يستنون بسنتك، ولا يأخذون بأمرك، فما تأمر في أمرهم؟ فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: (لا طاعة لمن لم يطع الله) [2] . وأخرج ابن أبي شيبة، عن عليّ قال: بعث رسول الله صلّى الله عليه وسلم سرية، واستعمل عليهم رجلا من الأنصار فأمرهم أن يسمعوا له ويطيعوا [3] ، قال: فأغضبوه في شىء، فقال: اجمعوا لي حطبا، فجمعوا له حطبا، قال: أوقدوا نارا، فأوقدوا نارا، قال: ألم يأمركم أن تسمعوا لي وتطيعوا؟ قالوا: بلى، قال: فادخلوها، فأبوا، فلما قدموا على رسول الله صلّى الله عليه وسلم ذكروا ذلك له، فقال: (لو دخلوها ما خرجوا منها، أنما الطاعة في المعروف) [4] . وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن عمر عن النبي صلّى الله عليه وسلم قال: (على المرء المسلم السمع

_ [1] قوله: (وإن اتصف به شىء من نعمك ضاع) ساقط من نسخة ب. [2] مسند أحمد بن حنبل 3/213، مجمع الزوائد 5/225، فتح الباري لابن حجر 13/123. [3] في ب، ل: ويطيعوه. [4] البداية والنهاية لابن كثير 7/143.

من وضعيات شرف بن أسد المصري

والطاعة، إلا أن يؤمر بمعصية، فمن أمر بمعصية، فلا سمع ولا طاعة) [1] وأخرج ابن جرير عن أبي هريرة أن النبي صلّى الله عليه وسلم قال: (سيليكم بعدي ولاة، البرّ ببرّه، والفاجر بفجوره، فاسمعوا لهم وأطيعوا في كل ما وافق الحق) [2] . وأخرج الحاكم عن عبادة ابن الصامت، سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلم يقول: (سيليكم أمراء بعدي يعرفونكم ما تنكرون، وينكرون عليكم ما تعرفون، فمن أدرك ذلك منكم فلا طاعة لمن عصى الله) [3] ./ من وضعيات شرف بن أسد المصري [4] اجتاز بعض النحاة ببعض الأساكفة، فقال له: أبيت اللعن، واللعن يأباك، ورحم الله أمك وأباك، وهذه تحية العرب في الجاهلية قبل الإسلام، ولكن عليك أفضل السلام، والسّلم والسّلم، ومثلك من يعزّ ويكرم ويحتشم، قرأت القرآن والتفسير والعنوان، والمقامات الحريرية، والدرة الألفية، وكشاف الزمخشري، وتاريخ الطبري، وشرحت اللغة مع العربية على سيبويه، ونفطويه، والحسن بن خالويه، والقاسم بن كميل، والنضر بن شميل، وقد دعتني الضرورة إليك، وتمثلت بين يديك، لعلك تتحفني من بعض صنعتك، وحسن رحمتك، بنعل تقيني الحر، وتدفع عني الشر، وأعرب لك عن اسمه حقيقا، لأتخذك رفيقا، ففيه لغات مؤتلفة، على لسان الجمهور مختلفة، ففي الناس من كناه بالمداس، وفي عامة الأمم من لقبه بالقدم، وأهل شهرنوزة [5] سموه بالسارموزة، وإني أخاطبك بلغات هؤلاء القوم، ولا إثم عليّ في ذلك ولا لوم، والثالثة بك أولى، وأسألك أيها المولى، أن تتحفني بسارموزة، أنعم من الموزة، وأقوى من الصوان، وأطول عمرا من الزمان، خالية البواشي، مطبقة الحواشي، لا يتغير عليها وشيها، ولا يروعني مشيها، لا تنفلت إن وطئت بها جروفا، ولا تنفلت إن طحت بها مكانا مخسوفا، لا تلتوق من أجلي، ولا يؤلمها ثقلي، ولا تمترق من رجلي، ولا تتعوج ولا تتلقوج، ولا تنبعج ولا تنفلج، ولا تقبّ تحت الرجل، ولا تلصق بخبز الفجل، ظاهرها كالزعفران، وباطنها كشقائق النعمان، أخف من ريش الطير، شديدة البأس على السير، طويلة

_ [1] بخاري: أحكام 4، ابن ماجة: جهاد 40، ابن حنبل 3/67. [2] مجمع الزوائد للهيثمي 5/218 مع اختلاف في اللفظ، ابن حنبل 1/399، 5/325، 329. [3] مسند ابن حنبل 1/399، 5/325، 329، ابن ماجة: جهاد 40. [4] وصفه ابن شاكر الكتبي بقوله: شيخ ماجن متهتك، يصحب الكتاب، ويعاشر الندماء، ويشبب في المجالس على القيان، كان عاميا مطبوعا، قليل اللحن، يمتدح الأكابر ويستعطي الجوائز، وصنف عدة مصنفات في شاشات الخليج، والزوائد التي للمصريين، والنوادر والأمثال، ويخلط ذلك بأشعاره، توفي رحمه الله سنة 738 هـ (فوات الوفيات 1/383) . [5] شهرنوزة: موضع لم يذكره ياقوت في معجمه.

الكعاب،/ عالية الأجناب، لا يلحق بها التراب، ولا يغرقها ماء السحاب، تصر صرير الباب، وتلمح كالسراب، وأديمها من غير جراب، جلدها من خالص جلود المعز، ما لبسها ذليل إلا افتخر بها وعز، مخروزة كخرز الخردفوش، وهي أخف من المنقوش، مسمّرة بالحديد ممنطقة، ثابتة في الأرض الزلقة، نعلها من جلد الأفيلة، الخمير لا الفطير، وتكون بالنزر الحقير، فلما أمسك النحوي من كلامه، وثب الإسكافي على أقدامه، وتمشى وتبختر، وأطرق ساعة وتفكر، وتشدد وتشمر، وتحرج وتنمر، ودخل حانوته وخرج، وقد داخله الحنق والحرج، فقال له النحوي: جئت بما طلبته؟ قال: لا، بل بجواب ما قلته، فقال: قل وأوجز، وسجّع ورجّز، فقال: أخبرك أيها النحوي: إن الشرسانحروي، شطبطاب المتقرقر والمتقبعقب، لما قرب من قري، فوق الالقر تقنقف، طرق زرقنانشراسيف قصر القشتبتع من جانب الشرشسك، والديوك تصهل كنهيق زقازيق الصولجانات، والخرفوق الفرتاج يبيض القرمنطق، والزعربر جوا جليبسوا، ويا خير من الطير تجنح بجمشدك، بسمرد لو خاط الركبنبر، شاع الجبربر، يحفر الترتاح بن بسوساح، على نوى بن شمندخ، بلسان القرداق، ماز كلوخ انك كاكيت، أرس برام المسلنطح بالسمردلند، والزئبق بحبال الشمس مربوط، فلعل بشعلعل مات الكر كندوس، أدعوك في الوليمة يا تيس، تس يا حمار يا بهيمة، أعيذك بالزحزاح، وأبخرك بحصى لبان المستراح، وأرقيك برقوات مرقاة قرقرات البطون، لتخلص من داء البرسام والجنون. ونزل من دكانه مستغيثا بجيرانه، وقبض لحية النحوي بكفيه، وخنقه باصبعيه/ حتى خر مغشيا عليه، وبربر في وجهه وزمجر، ونأى بجانبه واستكبر، وشخر ونخر، وتقدم وتأخر، فقال النحوي: الله أكبر الله أكبر، أأنت تجننت، فقال له: بل أنت تخرفت، والسلام [1] . قال ابن الأنباري [2] في بامية: [السريع]

_ [1] ورد نص شرف بن أسد في فوات الوفيات 1/383- 384. [2] من عرف بالأنباري وابن الأنباري كثير، منهم محمد بن القاسم المتوفى سنة 304 هـ، وابنه محمد بن القاسم المتوفى 328 هـ، وعبد الله بن أحمد المتوفى سنة 356 هـ، ومحمد بن عمر المتوفى سنة 390 هـ، ومحمد بن عبد الكريم، ومحمد بن محمد المتوفى سنة 575 هـ، وعبد الرحمن بن محمد المتوفى سنة 577، وسلامة بن عبد الباقي المتوفى سنة 590 هـ، ومحمد بن محمد ابن بنان المتوفى 596 هـ. وأرجح أن يكون هذا الأخير محمد بن محمد بن محمد بن بنان الأنباري ثم المصري: كان كاتبا من أعيان عصره، عرّفه ابن قاضي شهبة بالأمير ذي الرياستين، أصله من الأنبار ومولده ووفاته بالقاهرة، تولى ديوان النظر في الدولة المصرية، وكان القاضي الفاضل ممن يغشى بابه ويمدحه، له شعر وكتاب المنظوم والمنثور، وتفسير القرآن المجيد، نكب في آخر عمره وتوفي سنة 695 هـ. (الوافي بالوفيات 1/281، فوات الوفيات 2/155، المختصر المحتاج إليه ص 122) .

وذات جسم خشن لمسه ... تكاد منه راحتي تدمى فضضت عنها ختمها فاغتدت ... تحلو علي النثر والنظما ظلمتها بالنار وهي التي ... لا تشتكي ظلما ولا هضما حتى إذا ما غيرت طعمها ... وأودعتها الطعم والشمّا جاءت ولكن بعد ما كابدت ... جوى يرضّ اللحم والعظما فهات عرّفني إذا ما اسمها ... إن كنت ممن يعرف الاسما حروفها خمس فان تحذف ال ... خمسين ترجع مائة حتما كتب الجمال ابن نباتة [1] في محضر جرائحي: أشهد أن فلانا جرائحي لا جرح [2] عندي في ذكره المقدم، ولا نكر في وصفه الذي ليس بتزويق اللسان وصوغه، ولكنه الذي خالط اللحم والدم، كم اتصف بصفات الكرماء، فجبر كسرا، وخضعت لديه الرقاب قهرا، وشق بسهام رأيه الشّعر،/ ودعي ليوم كريهة وسداد ثغر، كم أجرى على حكمه من دم رئيس، وكم أوقف دما وحبسه، فكان مثابا على ذلك الوقف والتحبيس، لو تقدم عصره لا ستند جادع أنفه إليه، وقام ذو القروح أعني امرأ القيس، مادحا بين يديه، وكيف لا وهو الذي تحمل لقدومه العصايب، ويملأ الفك [3] من شكره بغرائب، وينهض باقباله الأسير، وينشده بلسان حاله الكسير: [الكامل] فلأشكرنّك ما حييت فان أمت ... فلتشكرنّك أعظمي في قبرها وكتب أيضا في محضر سقّاء: أشهد أنّ فلانا السقّاء سريّ العزم سائره، مشكورة في ركب الحجاز الشريف موارده ومصادره، سابغ منهل الإنعام، ملي بما يشكر الناس والأنعام، كم التقى الماء وطلبه قد قدّر، وكم مدح عند سقاية الحاج، غيثه السفاح، وغوثه المقتدر، كم قرئ من تنبيه قصده باب المياه، وكم أدنى من ورود العذب قوما كانوا من العدم غير ناظرين إناه [4] /، كم

_ [1] ابن نباتة: محمد بن محمد بن محمد بن الحسن الجذامي الفارقي المصري، جمال الدين، شاعر عصره وأحد الكتاب المترسلين العلماء بالأدب، له ديوان شعر ومصنفات كثيرة منها (سرح العيون في شرح رسالة ابن زيدون) وفرائد السلوك في مصايد الملوك) و (مطلع الفوائد) وغيرها، توفي سنة 768 هـ. (البداية والنهاية 14/322، حسن المحاضرة 1/329، النجوم الزاهرة 11/95، الدرر الكامنة 4/216) . [2] قوله: لا جرح، ساقطة من نسخة ب. [3] في ب: ويملأ الكف. [4] غير ناظرين إناه: انتظر وتمهل وترفق، وفي القرآن الكريم: غَيْرَ ناظِرِينَ إِناهُ الأحزاب 53.

في تذكرة الوداعي

ظهرت له في كل واد همّة عالية، وكم رقى جبلا في طلب غدير، حتى خاف غدير الفجر من مطالبه الراقية، وكم شعر بفضله المادح، فلا غرو أن كثر عنه حديث الرواية، يمدح آثار الغمام، وإياه نعني ونشاهد، كل حوض من بناه قد امتلأ، وقال قطني، ونرى مجده الأبي أحق بقول اللهبي [1] : [الرمل] من يساجلني يساجل ماجدا ... يملأ الدلو إلى عقد الكرب في تذكرة الوداعي حدثني القاضي شرف الدين عبد الوهاب بن فضل الله [2] بدمشق، وقد جرى ذكر الكيمياء والسيمياء، فقال: حدثني والدي قال، حدثني القاضي بهاء الدين إبراهيم بن أبي اليسر التنوخي، قال: بعثني الملك العادل أبو بكر بن أيوب رسولا إلى السلطان علاء الدين صاحب الروم، فبالغ في إكرامي، وأجلسني معه على التخت، فجرى يوما بين يديه ذكر الكيمياء والسيمياء، فقلت أنا: ما لهما صحة، فقال السلطان/ علاء الدين: لا تقل هكذا، فما أحدثك إلا بما جرى لي: كنت في بعض السنين سائرا فلقيني رجل مغربي في زي الفقراء، فوقف لي وسلم عليّ وقال: خذني إلى عندك أفدك فائدة عظيمة، فغلب على ظني صدقه، فأسكنته معي في هذا المكان، وبالغت في إكرامه، وطلب مني إحضار أصناف عيّنها، أحضرتها له، وشرع في العمل، فعمل لي شيئا كثيرا من الذهب المصري، إلى أن أذهلني، ثم بعد ذلك طلب مني دستورا [3] في السفر، فامتنعت ضنا به، ورغبة فيه، فلما طال طلبه، وطال منعي، غضبت يوما وكدت أقتله، فجذبت السيف وهممت به، فقال: ولابد، ثم صفق بيديه وطار في الهوى، وخرج من هذا الشباك. وفيها: كان أبو نصر محمد بن محمد بن يوسف القاشاني الإمام، يثني على أبي القاسم هبة الله بن عبد الوارث الشيرازي، ويصفه بالحفظ والاتقان، والورع والديانة، وكثرة السماع، وكان يقول، سمعته يقول: كنت أقرأ الحديث على أبي علي الحسن بن عبد الرحمن بن الحسن الشافعي بمكة، فجاء الحديث الذي فيه قول

_ [1] البيت للفضل بن العباس بن عتبة بن أبي لهب، في الدر الفريد 5/152. [2] شرف الدين: عبد الوهاب بن فضل الله القاضي شرف الدين، عين الملوك والسلاطين القرشي المصري، كان كاتبا أديبا مترسلا، كتب المنسوب الفائق، متع بحواسه لم يفقد منها شيئا، ولم تتغير كتابته، ومات وهو جالس ينفذ البريد إلى بعض النواحي، توفي بدمشق سنة 717 هـ عن أربع وتسعين سنة، وقد رثاه شهاب الدين محمود، وجمال الدين ابن نباتة. (فوات الوفيات 2/46، الدرر الكامنة 2/428، النجوم الزاهرة 9/240) . [3] الدستور هنا: الرخصة والاستئذان. وما زال هذا المعنى مستعملا في بعض البلاد العربية والإسلامية.

بلال [1] : [الطويل] ألا ليت شعري هل أبيتن ليلة ... بفخ وحولي أذخر وجليل قال هبة الله الشيرازي: قرأت أنا بالتصحيف (بفح) فقام أبو علي وأخذ بيدي وأخرجني إلى ظاهر مكة، وأشار إلى موضع، وقال لي: يا بني، هذا هو الفخ بالخاء المعجمة من فوق بنقطة، وهو الموضع الذي تمنى بلال أن يكون به [2] . وفيها: لما استخدم تاج الدين أحمد بن سعيد بن الأثير الحلبي في ديوان الدرج بدمشق الأيام الظاهرية، قعد في الديوان، فجاء عز الدين إيدمر الدوادار، فسلم عليه وأنشده- وهو لا يعرف اسمه ولا اسم أبيه- قول أبي تمام [3] : [البسيط] كانت مساءلة الركبان تخبرني ... عن أحمد بن سعيد أطيب الخبر [4] حتى التقينا فلا والله ما سمعت ... أذني بأحسن مما قد رأى بصري فكان ذلك من عجيب الاتفاق. وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه أعسر يسر، يخرج الضاد من أي شدقيه شاء، وإنما هما من الجانب الأيسر [5] . قال سهل بن هارون: اللسان والشعر الجيد لا يكادان يجتمعان في أحد، وأحسن من ذلك أن تجتمع بلاغة القلم وبلاغة اللسان [6] . روى ابن عائشة عن أبيه قال: أنشد النبي صلّى الله عليه وسلم شعر عنترة العبسي [7] : [الكامل] ولقد أبيت على الطوى وأظله ... حتى أنال به كريم المطعم

_ [1] الخبر في صحيح البخاري قوله: كان بلال إذا أقلعت عنه الحمى يرفع عقيرته ويقول: ألا ليت شعري ... البيت. وتهذيب ابن عساكر 3/309 ورواية البيت: بواد وحولي أذخر وجليل. [2] فخ: بفتح أوله وتشديد ثانيه، وهو واد بمكة، وقال السيد عليّ: الفخ وادي الزاهر، ويروي قول بلال: ألا ليت شعري ... البيت، ويوم فخ قتل فيه الحسين بن علي بن الحسن بن أبي طالب، خرج يدعو إلى نفسه، فقتله العباسيون سنة 169 هـ بعد أن بذلوا له الأمان. (ياقوت: فخ) [3] لم أجد البيتين في ديوان أبي تمام، وهما لمحمد بن هاني الأندلسي يمدح فيهما أبا علي جعفر بن فلاح الكتامي، قال ابن خلكان: والناس يروون هذين البيتين لأبي تمام في القاضي أحمد بن أبي داود، وهو غلط، لأن البيتين ليسا لأبي نمام، وهم يروونهما (عن أحمد بن دواد) وهو ليس بابن دواد، بل ابن أبي دواد، ولو قال ذلك لما استقام الوزن. (وفيات الأعيان 1/361 ط عبد الحميد، مصر 1946، وطبعة إحسان عباس ط دار الثقافة بيروت 1/361- 362. [4] في وفيات الأعيان: عن جعفر بن فلاح أطيب الخبر. [5] قوله: (أعسر يسر.... الجانب الأيسر) ساقطة من نسخة ب. [6] أمراء البيان- محمد كرد علي 1/177. [7] الأغاني 8/243 وبلوغ الأرب 3/117، والبيت في ديوانه ص 98 برواية: حتى أنال به كريم المأكل.

فقال النبي صلّى الله عليه وسلم: (ما وصف لي عربي قط فأحببت أن أبصره إلا عنترة) [1] . قال الشيخ أبو إسحاق الفيروز أبادي [2] : [الطويل] إذا لم يعنك الله فيما تريده ... فليس لمخلوق إليه سبيل وإن هو لم يدللك في كل مسلك ... ضللت ولو أن السماك دليل [3] وإن هو لم ينصرك لم تلق ناصرا ... وإن عزّ أنصار وجلّ قبيل وقف بعض النحاة على قصاب فقال: هذا اللحم من الضأن الفتي، أم الماعز/ الثني؟ قال: هو من خيار الضأن، قال: فذبحته لعرض أم لمرض؟ قال: حتى أتبلغ أنا وعيالي منه، قال: أفكان ذكرا ذا خصيتين، أم أنثى ذات حلمتين؟ قال: كان ذكرا ينطح الحائط يرميه، قال: أفكان يمج الماء بشدقيه، أم يمصه بشفتيه؟ قال: كان يدلي زلومه في الماء ويشرب حتى يشبع، قال: أفكان مرعاه الشيح والعيزران، أم العصف والريحان؟ قال: كان يرعى من نبات الأرض أي شىء كان، قال: أسننت شفرتك، وحددت حديدتك؟ قال: جعلتها لو نزلت على رقبة الأبعد لقطعتها، قال: فبدأت بالبسملة وأظهرت الحيعلة التي هي على وزن فيعلة، وقيل فعللة، والصحيح الأول، قال القصاب لغلامه: هات الجلد حتى أقطعه على أكتاف هذا النحس، الذي بطّلنا وقطع رزقنا اليوم، فلما سمع النحوي ذلك شتم وهرب. قال ابن قلاقس [4] يصف السفن والبحر [5] : [البسيط] وقد رأيت به الأشراط قائمة ... لأن أمواجه تجري بأطواد تعلو فلولا كتاب الله صحّ لنا ... إنّ السماوات منها ذات أعماد ونحن في منزل يسري بساكنه ... فاسمع حديث مقيم بيته غاد لبعضهم [6] : [البسيط]

_ [1] الأغاني 8/243 ط الدار. [2] ليست الأبيات للشيرازي، وهي لأبي فراس الحمداني في ديوانه ص 262- 263 ط بيروت، دار الجيل. ولعل الشيرازي إبراهيم بن علي وهو فقيه لم يعرف بالشعر (توفي سنة 476) تمثل بها. ترجمته في وفيات الأعيان 1/29- 31 ط إحسان عباس. [3] في الديوان: وإن هو لم يرشدك. وجاء البيت الثاني ثالثا. [4] ابن قلاقس: نصر بن عبد الله بن عبد القوي اللخمي، أبو الفتوح الاسكندري الأزهري، شاعر نبيل من كبار الكتاب المترسلين توفي سنة 567 هـ. (خريدة القصر، قسم شعراء مصر 1/145، كتاب الروضتين 1/205، معجم الأدباء 7/211، وفيات الأعيان 2/156) . [5] الأبيات في الخريدة قسم شعراء مصر 1/145. [6] البيتان للإمام الشافعي في ديوانه ص 100 ط عبد المنعم خفاجي ط 19852 وهي طبعة غير متقنة.

علمي معي حيثما يممت ينفعني ... صدري وعاء له لا بطن صندوق [1] إن كنت في البيت كان العلم فيه معي ... أو كنت في السوق كان العلم في السوق قال أبو عبد الله أحمد بن عطاء الروذباري [2] بالشام: كتب الحديث ينفي عن صاحبه الجهل، والتصوف ينفي عن صاحبه البخل، فاذا اجتمعا، فناهيك بهما نبلا. قال ابن مفوز: [البسيط] نروي الأحاديث عن كلّ مسامحة ... وإنّما لمعانيها معانيها قال السلفي: [الكامل] واظب على كتب الأمالي جاهدا ... من ألسن الحفّاظ والفضلاء فأجلّ أنواع الحديث بأسرها ... ما يكتب الإنسان في الإملاء قال عبد الله بن المعتز [3] : [الخفيف] ليس تغني العقول والآداب ... والأصول الجياد والأنساب والدواوين والرسائل والشعر ... وخطّ الكتّاب والحسّاب كلّ شىء سوى الدراهم زور ... ومخاريق تزدرى وتعاب فاذا جاءت الدراهم أصبح ... ت كريما يعزّك الأصحاب وأجلّتك أعين وقلوب ... وخطاء الذي يقول صواب قال محمد بن عبد الملك بن صالح بن علي بن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، يصف القلم: [الطويل] وأبيض طاوي الكشح أخرس ناطق ... له ذبلان في بطون المهارق إذا استمطرته الكفّ جاد سحابه ... بلا صوت إرعاد ولا ضوء بارق كأنّ اللآلي والزبرجد نظمه ... ونور الأقاحي في بطون الحدائق كأنّ عليه من دجى الليل حلّة ... إذا ما استهلّت مزنه بالصواعق إذا ما امتطى غرّ القوافي رأيتها ... مجلّلة تمضي أمام السوابق

_ [1] في الديوان: (حيثما يممت) ، بنقص: (ينفعني) ، والبيت فيه مكسور. [2] الروذباري: أحمد بن عطاء بن أحمد بن محمد، شيخ الصوفية في وقته، نشأ ببغداد وأقام بها دهرا طويلا، ثم انتقل إلى بلاد الشام، توفي سنة 369 هـ (تاريخ بغداد 4/338) . [3] لم ترد الأبيات في ديوان ابن المعتز، ولا أظنها تشبه شعره.

قال كشاجم [1] يصف محبرة: [البسيط] محبرة جاد لي بها قمر ... مستحسن الخلق مرتضى الخلق جوهرة خصّني بجوهرة ... ناطت له المكرمات في عنقي بيضاء والحبر في قرارتها ... أسود كالمسك حدّ متفق مثل بياض العيون زيّنه ... مسوّد ما شانه من الحدق كأنّما حبرها إذا انتثرت ... أقلامنا ظلّة على الورق كحل مرته الجفون من مقل ... نجل فأوفت به على يقق خرساء لكنّها تكون لنا ... عونا على أفصح النطق وقال يصف البركار [2] : [البسيط] جد لي ببركارك الذي صنعت ... فيه يدا قينة الأعاجيبا ملتئم الشفرتين معتدل ... ما شين من جانب ولا عيبا شخصان في شكل واحد قدرا ... وركّبا في العقول تركيبا أشبه شيئين في اشتباههما ... بصاحب لا يملّ مصحوبا أوثق مسماره وغيّب عن ... نواظر الناقدين تغييبا فعين من تجتليه تحسبه ... في قالب الاعتدال مصبوبا وضمّ شطريه محكم لهما ... ضمّ محبّ إليه محبوبا [3] يزداد حرصا عليه مبصره ... ما زاده بالبنان تقليبا فقوله كلّما تأمّله ... طوبى لمن كان ذا له طوبى ذو مقلة بصرّته مذهبّة ... لم تأله زينة وتذهيبا ينظر منه إلى الصواب به ... فما يزال الصّواب مطلوبا

_ [1] كشاجم: محمود بن الحسين (أو ابن محمد بن الحسين) ابن السندي بن شاهك، أبو الفتح الرملي، كاتب شاعر أديب متفنن من أهل الرملة بفلسطين، فارسي الأصل، تنقل بين القدس ودمشق وحلب وبغداد ومصر، مدح أبا الهيجاء عبد الله والد سيف الدولة، ثم ابنه سيف الدولة، واسمه (كشاجم) منحوت من علوم كان يتقنها، الكاف للكتابة، والشين للشعر، والألف للإنشاء، والجيم للجدل، والميم للمنطق، له مصنفات منها: ديوان شعره، وأدب النديم، والمصايد والمطارد، وخصائص الطرب، وغيرها، توفي سنة. [2] 360 هـ. (حسن المحاضرة 1/322، شذرات الذهب 3/37، الديارات ص 167- 170) . القصيدة في العمدة لابن رشيق 2/299. [3] عجز البيت وصدر الثاني ساقطان من نسخة ع.

لولاه ما صح شكل دائرة ... ولا وجدنا الحساب محسوبا الحقّ فيه فان عدلت إلى ... سواه كان الحساب تقريبا لو عين إقليدس به بصرت ... خرّ له بالسجود مكبوبا فابعثه واجنبه لي بمسطرة ... تلقى الهوى بالثناء مجنوبا لا زلت تجدي وتجتدي حكما ... مستوهبا للصديق موهوبا سئل أبو العباس ابن الرومي أن يجيز قول الشاعر [1] : [المتقارب] إذا أذن الله في حاجة ... أتاك النجاح بها يركض فقال: [المتقارب] ولا رشد إلا بتوفيقه ... وإنّ محض الرأي من يمحض ومن ذا يدبّرنا غيره ... ومن يبرم الأمر أو ينقض تبارك من لم يزل نوره ... يزيد بياضا ولا يغمض [2] قال الأديب شمس الدين محمد بن الخياط [3] في الفلوس: [الكامل] يا ليت شعري أيّ خير يرتجى ... للمعتفي من هذه الأزمان لو لم يكن عدم الدراهم قد بدا ... ما كان صار الفلس في الميزان قال ابن الرومي [4] : [مجزوء الرمل] طيلسان سابريّ ... يتداعى لا مساسا قد هوى قرنا فقرنا ... وأناسا فأناسا لبس الأيام حتى ... لم يدع فيه لباسا غاب تحت الحسّ حتى ... ما يرى إلا قياسا

_ [1] البيت لسلم الخاسر في الدر الفريد 1/269 برواية: (أتاك النجاح على رسله) . من أبيات، أما هذا البيت برواية: (أتاك النجاح بها يركض) ، فهو لابن الرومي من ضمن الأبيات التي بعده، ديوان ابن الرومي. [2] 4/1416 تحقيق نصار، 2/296 ط بيروت 1994. في الديوان: يزيد بيانا. [3] ابن الخياط: شاعر مشهور من أهل القرن الثامن، يلقب بضفدع، اشتهر بالهجاء، كان كثير المعارضة لابن نباتة، توفي سنة 756 هـ. (الدرر الكامنة 4/300، البدر الطالع 2/286) . [4] ديوان ابن الرومي 3/1229.

لأبي عبد الله محمد بن أحمد بن شرف [1] الجذامي القيرواني [2] : [الخفيف] قل لمن لم ير المعاصر شيئا ... ويرى للأوائل التقديما إنّ ذاك القديم كان جديدا ... وسيغدو هذا الجديد قديما في تذكرة ابن مكتوم [3] ، في ترجمة أبي إسحاق إبراهيم بن عبد الرحمن بن خلف القيسي المعروف بابن النشّاء [4] ، أنه رأى قبل موته هاتفا ينشده في النوم: [مخلع البسيط] يا لهف نفسي على شبابي ... كنت أليفا فعدت لاما [5] فذيله بقوله: قد ذهب الأطيبان منّي ... وانصرمت لذّتي انصراما ورقّ جلدي ودقّ عظمي ... وأشبهت لمّتي الثغاما وقلّ نومي فليت أنّي ... بدّلت من عيشي الحماما [6] فليس لي في الحياة خير ... ولست أرجو له دواما فكيف ألهو بها وسقمي ... قد خالط الجلد والعظاما [7] وناظري ما يحقّ مرأى ... ومسمعي ما يعي كلاما وقوّتي قد وهت فما إن ... أطيق مشيا ولا قياما يبدل من عاش من قوام ... حنا ومن صحة سقاما

_ [1] ابن شرف القيرواني: محمد بن أبي سعيد، ولد في مدينة القيروان، كان شاعرا مجيدا متصرفا في فنون الشعر، وهو أحد شعراء المعز بن باديس، تنقل في مدن الأندلس، له من الكتب: أعلام الكلام، وأبكار الأفكار، وله ديوان مطبوع، وتوفي بطليطلة سنة 460 هـ. (خريدة القصر 2/224، الذخيرة ق 4، م 1، ص 169، فوات الوفيات 3/361، معجم الأدباء 6/2638، الشعور بالعور ص 208) . [2] البيتان في ديوان ابن شرف القيرواني ص 97 تحقيق حسن ذكرى حسن، مكتبة الكليات الأزهرية، القاهرة 1983. [3] ابن مكتوم: أحمد بن عبد القادر بن أحمد بن مكتوم القيسي، عالم بالتراجم، له معرفة بالتفسير وفقه الحنفية، له نظم جيد، من كتبه: التذكرة، والدر اللقيط من البحر المحيط، والجمع المتناه في أخبار النحاه، توفي بالقاهرة سنة 749 هـ. (الدرر الكامنة 1/174، الجواهر المضية 1/75، كشف الظنون 1/226) . [4] في الأصل وب وش: ابن البشاء، والصواب: النشاء كما في بغية الوعاة، وهو من أهل الفقه والأدب والعربية والتاريخ، وله نظم ونثر، اختصر العقد الفريد، وتوفي في حدود السبعمائة وقد بلغ الثمانين، والخبر والقصيدة في بغية الوعاة 1/417. [5] في بغية الوعاة 1/417: يا لهف قلبي. [6] في ب، ل: بدلت من بعد عيشي الحماما. بزيادة (بعد) وبها يختل الوزن. [7] في ش، ل: قد خالط الجسم والعظاما.

في تذكرة ابن مكتوم

وليس ذا منكرا على من ... مرّت عليه سبعون عاما وعن قريب أحلّ قبرا ... أطيل في قفره المقاما [1] فبلغوا من لقيتموه ... بعدي يا إخوتي السلاما قال السلفي [2] في معجم السفر [3] : سمعت أبا عبد الله محمد بن بركات بن هلال النحوي، يقول: قلت للقاضي أبي عبد الله القضاعي عند قراءتي عليه كتاب الشهاب، في قول النبي صلّى الله عليه وسلم، حاكيا عن الله تعالى: يا دنيا مرّي على عبادي ولا تحلولي لهم فتفتنيهم، وكان نسخته بضم الميم، هو من المرور أو من المرارة؟ فقال: من المرارة، أما ترى، ولا تحلولي؟ فقلت: إذن يجب أن يكون بفتح الميم، فقال: صدقت، وأصلحه بكتابه. وقال السلفي أيضا: سمعت أبا عبد الله محمد بن عبد الغني بن الحسن الربعي التونسي يقول: سمعت أبا علي الحسن بن خلف بن علي التميمي بطرابلس، يقول: استشهدت مرة ببيت شعر، فقال لي: من أنشدك إياه؟ ألك فيه رواية؟ فقلت: لا، فقال: كيف تستشهد بشىء لا رواية لك فيه؟ فلم آخذ بعد ذلك علما إلا رواية بإسناد. في تذكرة ابن مكتوم وقع في نظم القاضي أبي الحكم مالك بن عبد الرحمن بن المرحل المالقي [4] : كان ماذا، بتقديم كان على اسم الاستفهام، فأنكر عليه الأستاذ النحوي أبو الحسين عبيد الله بن أبي الربيع [5] جريا على قاعدة النحو في منع تقديم العامل على اسم الاستفهام، فصنف عليه أبو الحكم في جواز ذلك كتابا بيّن أن ذلك مسموع من كلام العرب، وهزأ به، وقال في

_ [1] في ع، وبغية الوعاة: أطيل في قعره المقاما. [2] السلفي: أبو طاهر صدر الدين أحمد بن محمد بن سلفة الأصبهاني، من علماء الحديث المكثرين، كانت له مدرسة بالاسكندرية، من كتبه: معجم السفر، ومعجم شيوخ بغداد، والفضائل الباهرة في مصر والقاهرة، توفي سنة 576 هـ. (طبقات الشافعية 6/32، وفيات الأعيان 1/87، حسن المحاضرة 1/871) . [3] نشر إحسان عباس جزءا من معجم السفر باسم: (أخبار وتراجم أندلسية) ط 2 دار الثقافة، بيروت 1979. [4] مالك بن عبد الرحمن المالقي: شاعر وأديب، نعت بشاعر أهل المغرب، وهو من علماء النحو، ولي القضاء بجهات غرناطة، له ديوان شعر وأرجوزة في النحو، توفي سنة 699 هـ. (بغية الوعاة 2/271) . [5] عبيد الله بن محمد بن أبي الربيع: إمام النحاة في زمانه، قرأ النحو على الدباج والشلويين، ولم يكن في طلبة الشلويين أنجب منه، هاجر إلى سبتة بعد استيلاء الفرنج على أشبيلية، من مؤلفاته: شرح سيبويه، وشرح الجمل، والملخص، توفي سنة 688 هـ. (بغية الوعاة 2/125) .

ذلك [شعرا] [1] أنشدنيه شيخنا أبو حيان [2] : [مجزوء الرمل] عاب قوم كان ماذا؟ ... ليت شعري لم هذا؟ وإذا عابوه جهلا ... دون علم كان ماذا؟ ومن شعر ابن المرحل هذا: [الطويل] وما أنا إلا عالم كل عالم ... ففي الشعر حسان وفي الفقه مالك ومملكة الآداب عندي كلها ... وما تستوي عند الملوك الممالك أنخّل أشعاري بمنخل حكمتي ... وأعجنها بالنظم وهي درامك [3] ويسرقها غيري ويأكل خبزها ... ويرمى به في الأرض وهي مرادك وفي تذكرة ابن مكتوم أيضا: أبو نصر بن مميل الشيرازي، سمع الثلث الأول من تاريخ دمشق متواليا على مؤلفه، وسمع الأربعين الطوال له، وسمع مقامات الحريري من أبي الظفر محمد بن أسعد البغدادي، عن الحريري./ أبو الحسن علي بن منصور بن طالب الحلبي الملقب دوخلة، ويعرف بابن القارح، كان شيخا من أهل الأدب، وهو الذي كتب إلى أبي العلاء المعري، رسالة مشهورة تعرف برسالة ابن القارح، وأجابه المعري برسالة الغفران. الصاحب كمال الدين عمر بن أحمد بن أبي الفضل هبة الله الحلبي المعروف بابن العديم، من مصنفاته: ضوء الصباح في الحث على السماح، والأخبار المستفادة في ذكر بني أبي جرادة، ودفع التجري على أبي العلاء المعري، والإشعار بما للملوك من النوادر والأشعار، توفي سنة ستين وستمائة. قال ابن سينا [4] : واضع النحو والعروض في العربية، يشبه واضع المنطق والموسيقا في اليونانية. قال علاء الدين [5] علي بن المظفر الوداعي [6] : [الطويل] لنا صاحب قد هذّب الطبع شعره ... فأصبح عاصيه على فيه طيّعا

_ [1] زيادة يقتضيها السياق. [2] أبو حيان: محمد بن يوسف بن علي: أشهر علماء النحو في عصره، له البحر المحيط، ونحاة الأندلس، توفي سنة 745 هـ. (بغية الوعاة 1/280) ، والبيتان في بغية الوعاة 2/271، ونفح الطيب 4/145. [3] الدرمك: دقاق كل شىء، والتراب الناعم، والدقيق الأبيض. [4] ابن سينا: الحسين بن عبد الله بن سينا، أبو علي الفيلسوف الرئيس، عالم بالطب والطبيعيات والفلسفات والإلاهيات، من مؤلفاته: القانون، والإشارات، توفي سنة 428 هـ. (وفيات الأعيان 1/419) . [5] الوداعي: علي بن المظفر بن إبراهيم الكندي، أديب شاعر من أهل الاسكندرية، دخل ديوان الإنشاء، وولي مشيخة دار الحديث النفيسية عشرين سنة، له التذكرة الكندية 50 جزءا، وديوان شعر، توفي سنة 716 هـ. (الوافي بالوفيات 2/87، الدرر الكامنة 3/114، النجوم الزاهرة 9/235) . [6] البيتان في فوات الوفيات 3/100.

إذا خمّس الناس القصيد لحسنه ... فحقّ لشعر قاله أن يسبّعا وقال أيضا [1] : [السريع] روّ بمصر وبسكّانها ... شوقي وجدّد عهدي البالي وصف لي القرط وشنّف به ... سمعي وما العاطل كالحالي وارو لنا يا سعد عن نيلها ... حديث صفوان بن عسّال فهو مرادي لا يزيد ولا ... ثورا ولو رقّا وراقا لي [2] وقال: [الهزج] رمتني سود عينيه ... فأصمتني ولم تبطي وما في ذاك من بدع ... سهام الليل ما تخطي وقال [3] : [الطويل] ولا تسألوني عن ليال سهرتها ... أراعي نجوم الأفق فيها إلى الفجر حديثى عال في الشمال لأنّني ... أخذت الأحاديث الطّوال عن الزّهري وقال: [مجزوء الرمل] أيّها الجنديّ كم تج ... بن عن ملقى الخصوم إنّ أكل الخبز بالجب ... ن مضرّ بالجسوم وقال: [المجتث] يا لائمي في هواها ... أفرطت في الحبّ جهلا ما يعلم الشوق إلّا ... ولا الصبابة إلّا وقال: [الرمل] امرؤ القيس بن حجر جدّنا ... كان من أعجب أملاك الزّمان ضلّ لمّا ظلّ يبغي ملكهم ... وهدى الناس إلى طرق المعاني وقال: [المجتث] ما آلة الخطّ إلّا ... كآلة الحرث فعلا ما أدخلت دار قوم ... إلا وصاروا أذلّا

_ [1] الأبيات في فوات الوفيات 3/100، ونفح الطيب 2/405. [2] يزيد: نهر بدمشق ينسب إلى يزيد بن معاوية بن أبي سفيان، مخرجه وبردى واحد. ثورا: في ب، ش، وكذلك في نفح الطيب: ثور، والصواب: ثورا: بالفتح والقصر، اسم نهر بدمشق. (ياقوت: يزيد، ثورا) . [3] البيتان في الدرر الكامنة 3/115.

وقال: [الرمل] أيّتها النفس ثقي من خالقي ... بدوام الرزق ما احتجت إليه يرزق الكلب ولا يرزقني ... أين إكرامي وتفضيلي عليه قال السراج الوراق [1] : [الخفيف] ربّ شعر مستغلق اللفظ والمع ... نى تورات عنه وجوه الفصاحه كلّ بيت وراء ستر إذا كش ... شفت عنه وجدته بيت راحه [2] وقال: [الطويل] وما منّة الخباز عندي قليلة ... لقرضي منه وهو في عسرتي يقضي وقد كنت مثل الليث أكلي فريستي ... فقد صرت مثل الفأر أكلي بالقرض [3] قال الشيخ بهاء الدين السبكي [4] وهو معتكف: [الطويل] حلفت يمينا لا أكلّم واحدا ... مدى الصوم إلا خادمي وغلامي مخافة أن يطغى لساني بغير ما ... يحلّ فيرميني بنقص صيامي فأجابه الشيخ كمال الدين محمد بن موسى الدميري [5] : [الطويل] يمنك يا مولاي برّ وطاعة ... وقولك مقبول بغير علام ولكن إذا خاطبت أهل زماننا ... فلا حنث يلفى عنده لكلام فانّك مولاهم وسيد عصرهم ... وهم لك غلمان أتوا لسلام وأنت الذي تفتي إذا سأل الورى ... وترشد من صلّى بغير إمام فصومك مبرور مثاب مضاعف ... وقصدي يحوي فيك كلّ نظام

_ [1] الوراق: عمر بن محمد بن حسن، سراج الدين الوراق، شاعر مصر في عصره، ابن كاتبا لواليها يوسف بن سباسلار، له ديوان شعر في سبعة مجلدات، وله نظم درة الغواص، توفي سنة 695 هـ (النجوم الزاهرة 8/83، فوات الوفيات 3/140) . [] في ب: إذا ما كشفت، بزيادة (ما) وبها يختل الوزن. [3] في ب، ل: آكل فريستي ... أكلي بالقراض. [4] السبكي: أحمد بن علي بن عبد الكافي، أبو حامد، بهاء الدين، ولي قضاء الشام، وكان كثير الرحلات، له: عروس الأفراح في شرح تلخيص المفتاح، وشرح الحاوي، توفي بمكة سنة 773 هـ. (الدرر الكامنة 1/210، حسن المحاضرة 1/435، البدر الطالع 1/81) . [5] الدميري: محمد بن موسى بن عيسى، أبو البقاء، كمال الدين، أديب من فقهاء الشافعية، عمل بالخياطة، ثم اتجه لطلب العلم، كانت له حلقة بالأزهر، له مؤلفات منها: حياة الحيوان، والديباجة، وأرجوزة في الفقه، توفي بالقاهرة سنة 808 هـ. (الضوء اللامع للسخاوي 10/59، الفوائد البهية ص 203، مفتاح السعادة 1/186) .

وإن فاتنا منك الخطاب فلا تدع ... دعاء لنا في الليل عند قيام لعلي أنجو من ذنوب أتيتها ... ومن قبح فعل زائد وأثام قال الأديب برهان الدين القيراطي [1] ، يرثي الشيخ شمس الدين بن الصائغ الحنفي [2] : [الخفيف] إنّ شمس العلوم والآداب ... قد توارت عن الورى بحجاب غربت واختفت وكم قد أفادت ... من غريب يخفى على الطلّاب صغت يا صائغ المعاني حليّا ... وعقودا في صدر كلّ كتاب ذهب القول صغته أيّ صوغ ... لهف عيني عليك بعد ذهاب [3] فبروج العينين مائية إذ ... سرت يا شمس نحو برج تراب ليت شعري من ذا يفوه بشعر ... بعده أو خطابة في خطاب أظلمت بعده المطالع لّما ... غاب عن أفقهنّ أيّ غياب لبعضهم يمدح الشيخ جمال الدين الإسنوي [4] ، وكتابه المسمى الكوكب الدري: [الطويل] حويت جمال الدين علما ورفعة ... وسدت على الشمس المنيرة والبدر وألّفت كتبا لا عدمتك بعدها ... هدانا إليها ذلك الكوكب الدرّي وقال آخر: [الطويل] لأنت جمال الدين علّامة العصر ... وأنت إمام الناس في سالف الدّهر تفقّه خلق لا يعدّن كثرة ... عليك فصاروا في الأنام ذوي قدر [5]

_ [1] القيراطي: إبراهيم بن عبد الله بن محمد الطائي، القيراطي، نسبة إلى قيراط، وهي من أعمال الشرقية، شاعر من أعيان القاهرة، اشتغل بالفقه والأدب، وله ديوان شعر، جاور مكة وتوفي بها سنة 781 هـ. (الدرر الكامنة 1/31، النجوم الزاهرة 11/198، شذرات الذهب 6/269) . [2] ابن الصائغ: محمد بن عبد الرحمن بن علي بن شمس الدين الحنفي، من علماء مصر باللغة والأدب والنحو والفقه، تولى قضاء العسكر، وإفتاء دار العدل، ودرّس بالجامع الطولوني، له من المصنفات: التذكرة في النحو، ونتائج الأفكار، والمنهج القويم في القرآن الكريم، توفي سنة 776 هـ. (بغية الوعاة 1/155، الدرر الكامنة 3/441) . [3] في ع: ذهب القوم. [4] الإسنوي: جمال الدين عبد الرحيم بن الحسن بن علي الشافعي، ولد باسنا، وقدم القاهرة، وانتهت إليه رياسة الشافعية، وولي الحسبة، ووكالة بيت المال، له من المصنفات: الكوكب الدري، وجواهر البحرين، والأصول، توفي سنة 772 هـ. (الدرر الكامنة 2/354، حسن المحاضرة 1/429، النجوم الزاهرة 11/114) . [5] في ع: ذوو قدر.

أتوك من الأمصار من كلّ وجهة ... لكي يأخذوا عنك العلوم إلى مصر فنالوا بحمد الله ما أمّلوه من ... علومك ذات النفع للناس واليسر وبثّوا لخلق الله تلك العلوم في ... جميع بقاع الأرض في السهل والوعر فلا بلدة فيها من الناس عالم ... يرى غير منسوب إليك بلا نكر وقد أظهرت للعلم منك جواهر ... وما الجوهر المكنون إلا من البحر وألّفت عقدا للعلوم مكمّلا ... وقلّدته الأعناق من أنفس الدرّ ومهّدت طرقا للعلوم مهمّة ... إليها اهتدينا منك بالكوكب الدرّي جزاك إله العرش كلّ مثوبة ... وأبقاك في خير تأيّد بالنصر وقال أبو بكر بن عثمان بن أبي بكر بن العجمي: [الطويل] أزهر الدراري لحن في أفق السّما ... أم الزهر في الروض الأريض تنمنما أم الوشي من صنعاء حاك مطارفا ... موشعة فافتنّ فيها ورقّما [1] أم السحر من هاروت أهدته بابل ... فخامر عقل السامعين وهيّما أم البحر قد أهدى إلينا جواهرا ... على نسق وافت فرادى وتوأما أم النور قد أهداه غبّ قطاره ... إلينا جمال الدين حين تكلما بتمهيده ردّ الفروع لأصلها ... سياسة حبر في العلوم تحكّما وبالكوكب الدريّ كم قد هدى فتى ... نحا نحوه من جهله وشفا العمى بلفظ إذا رام النسيم لحاقه ... تعثر في الأذيال منه وأحجما وكيف يجاريه العليل وقد غدا ... صحيح المعاني متقن الحكم محكما فوائد تتلى بل فرائد تجتلى ... تشنّف أسماع المريد تكرّما فيسكر بالسحر الحلال وإنّه ... حديث ولم يدر العتيق المحرّما ففاضل به الماضين من كلّ مذهب ... تجده على الإطلاق أعلى وأعلما وليس سوى عبد الرحيم بفاضل ... عهدنّاه يدعى قطّ فيمن تقدّما [2]

_ [1] في ب، ل: (موشقة) . موشعة: موشاة، برد موشع: موشى ذو رقوم وطرائق. [2] عبد الرحيم: هو القاضي الفاضل، عبد الرحيم بن علي بن السعيد اللخمي، وزير صلاح الدين، اشتهر بالإنشاء وكثرة الرسائل، له ديوان شعر، والدر النظيم في ترسل عبد الرحيم، وترسل القاضي الفاضل، ومن أقوال صلاح الدين فيه: (لا تظنوا أني ملكت البلاد بسيوفكم بل بقلم القاضي الفاضل) ، توفي سنة 695 هـ. (وفيات الأعيان 1/284، النجوم الزاهرة 6/156، كتاب الروضتين 2/241، خريدة القصر قسم شعراء مصر 1/35) .

فلا زال يهدي للرشاد مريده ... ويهدى إلى الأسماع درّا منظّما [1] وقال آخر: [البسيط] إنّ الإمام جمال الدين ذو شرف ... من العلوم له فضل بتمهيد وكوكب قد سما في المجد غايته ... فالزمهما تنل العليا بتسديد وقال آخر: [الطويل] رعى الله أرضا أطلعت عرصاتها ... جمال جمال الدين قد فاقت المدنا فان فاخرتها في السّنا غير مكة ... وطيبة والقدس الشريف فهي إسنا وقال نجم الدين عبد المحسن الموصلي: [السريع] قد أصبح الشيخ لنا قدوة ... أعني جمال الدين شيخ الأنام وبات محسودا على فضله ... وهل ترى يحسد إلا الكرام وصار نجما من نجوم الهدى ... خليفة للشافعي الإمام فازدحم الناس على بابه ... في طلب العلم ونيل المرام كلّ يروم الشرب من بحره ... والمنهل العذب كثير الزحام [2] وقال آخر: [السريع] في مصر بحر لعلوم الورى ... وما مثل ذاك البحر في مصر كوكبه الدريّ يهدى به ... في ظلمات البرّ والبحر وقال آخر: [السريع] قد أطلع البحر لنا كوكبا ... يهدى به في البرّ والبحر [3] من ضلّ في نحو وفي فقهه ... فليهتد بالكوكب الدّري [4] وقال آخر: [الطويل] لقد غاص هذا الحبر في بحر علمه ... فعادت يداه بالجواهر والدرّ

_ [1] في نسخة ع، وفي هامش الأصل وب: (سمع هذه الأبيات على ناظمها الشرف محمد بن محمد بن أبي بكر القرشي، وابنته أم الفضل هاجر، في رجب سنة 794 هـ، وأجاز لهما، نقلته من خط الناظم في ظهر نسخته من الكوكب) . وفي هامش ب، ل: (قال صاحب الأصل المنسوخ منه هذا: رأيت بخط شيخنا المصنف على الهامش ما نصه: سمع هذه الأبيات على ناظمها الشرف محمد بن محمد بن أبي بكر القرشي وابنته أم الفضل هاجر في رجب سنة 794 هـ، وأجاز لهما، نقلته من خط الناظم في ظهر نسخته من الكوكب) . [2] عجز البيت تضمين لبيت لشاعر سابق ورد في كامل المبرد 1/622 ط الدالي، وهو: يزدحم الناس على بابه ... والمشرب العذب كثير الزحام [3] البيتان ساقطان من نسخة ع. [4] في الأصل، ب، ش، ل: فليهتدي، والصواب الجزم (فليهتد) .

فكم عاطل حلّاه جوهر بحره ... وكم مظلم جلّاه كوكبه الدّري [1] قال الأديب برهان الدين القيراطي [2] يرثي جمال الدين الإسنوي: [البسيط] يا بحر بعدك ماء العين منهمل ... والناس مذ غاب عنهم أنسكم همل [3] إليك تضرب آباط المطيّ كما ... بسيف ذهنك فينا يضرب المثل فيا جليل صفات للتراب مضى ... قد جلّل الأرض هذا الحادث الجلل أبكي مصاب جمال الدين حين بكى ... عليه من بفنون العلم يشتغل سما ففي العلم قد فاقت فوائده ... زهر السما وهي في الآفاق تنتقل خلّى تصانيفه فينا عرائس من ... جمالهنّ يزان الحلي والحلل مكمّل بخلال قد شرفن فما ... في عودها خور يلفى ولا خلل زادت مهمّاته علم الأنام به ... إنّ المهمّات فيها يعرف الرجل [4] سقى ثراك من الغفران منهمر ... وجاده من سحاب العفو منهمل وقال القيراطي يرثي الشيخ بهاء الدين السبكي [5] : [الطويل] ستبكيك عيني أيّها البحر بالبحر ... فيومك قد أبكى الورى من ورا النهر لقد كنت بحرا للشريعة لم تزل ... تجود علينا بالنفيس من الدرّ [6] لقد كنت في كلّ الفضائل أمّة ... مقالة صدق لا تقابل بالنّكر لقد كنت في الدنيا جليلا تعده ... بنوها لتيسير الجليل من العسر إليك يردّ الأمر في كلّ معضل ... إلى أن أتى ما لا يردّ من الأمر تعزّي بك الأمصار مصر لعلمها ... بأنّك ما زلت العزيز على مصر مضيت فما وجه الصباح بمسفر ... وبنت فما ثغر الأقاحي بمفتر

_ [1] قوله: (مظلم جلاه) ساقطة من ب. وفي ش: وكم حائر أهداه، وفي ع: وكم هامل أهداه كوكبه الدري. [2] القيراطي: سبقت ترجمته، وللقيراطي قصيدة أخرى في رثاء الشيخ جمال الدين، ذكرها السيوطي في حسن المحاضرة 1/430، وهي اثنتان وتسعون بيتا، مطلعها: نعم قبضت روح العلا والفضائل ... بموت جمال الدين صدر الأفاضل [3] في ب، ش، ل: ماء العين ينهمل، وفي ب: بعد ماء العين. [4] في ب: علم الإمام. [5] سبقت ترجمة السبكي، وقد ذكر السيوطي واحدا وثلاثين بيتا من هذه القصيدة في حسن المحاضرة، في ترجمة السبكي 1/435. [6] في حاشية ش: قف مرثية غراء.

وزلت فما ودق النّوال بهاطل ... وغبت فما برق المنى باسم الثّغر وأوحش روض العلم منك وأفقه ... فذاك بلا زهر وهذا بلا زهر تكاملت أوصافا وفضلا وسؤددا ... ولا بدّ من نقص فكان من العمر نحاك بهاء الدين ما لا يرده ... إذا ما أتى تدبير زيد ولا عمرو لئن غادرتك الأرض حملا ببطنها ... فانّا حملنا كلّ قاصمة الظهر وأطلقت مني دمع عيني بأسره ... وصيّرت منّي مطلق القلب في أسر بكت عين شمس الأفق للبدر موت من ... مناقبه تزهو على الأنجم الزّهر تبوّأ بالفردوس ممدود ظلّه ... وأصبح من قصر يسير إلى قصر توقّع قلب النيل فقدان ذاته ... ألست تراه في احتراق وفي كسر أضاء بشمس منه مغرب لحده ... وأظلم لما أن مضى مطلع البدر [1] لئن عطّرت أعماله ترب قبره ... سيبعث في يوم اللّقا طيّب النّشر فلا حول لي بالصبر من بعد يوم ... من بكته عيون الناس في الحول والشهر وقد كان شهدي حلو منطقه فقد ... ترحّل لا شهدي أقام ولا صبري ولو أنّ عيني يطرق النوم جفنها ... تعلّلت بالطيف الذي منه لي يسري تطهّر أخلاقا ونفسا وعنصرا ... وصار لجنّات الرضا كامل الطّهر ثوى في الثرى جسما ولكنّ روحه ... سمت نحو علّيين عالية القدر فروّاه تحت التّرب لله درّه ... سحاب من الغفران متّصل الدّرّ ووافاه رضوان برضوان ربّه ... بشيرا ولاقى ما يؤمّل من ذخر [2] وحيّاه ريحان الإله وروحه ... وآنسه بالعفو في وحشة القبر عفا الله عن ذاك المحيّا فانّه ... محلّى بأنواع البشاشة والبشر مع السلف الماضين يذكر فضله ... ويحسب وهو الصدر من ذلك الصدر لقد عطّلت منه الرياسة جيدها ... وقد كان حلّاها بعقد من الفخر وطرف الدواة الأسود ابيضّ بعده ... من الحزن يشكو فقد أقلامه الخضر لقد كان في التفسير للذكر آية ... يفوق إذا قابلته بفتى حبر

_ [1] في الأصل، ب: لما مضى، بسقوط (أن) . [2] في ب: ووفّاه رضوان.

وقد زانه علم الحديث بحلية ... فللذهبي انسبه فيه وللمصري [1] إلى الأمّ أنعي شافعيّ زمانه ... وأنعي لأهل العلم خير أب برّ حكى ابن سريج حين ألجم خصمه ... ببحث يردّ القرن في حصر يزري [2] وينشر فقها عطّر الأرض نشره ... فينسب في الحالين في الخضر والخضر فمن لرياض الفقه يبدي فروعها ... ليجني منها طالب أطيب الثمر ومن لدروس ردّ تحقيقه بها ... لدى البحث عسر المشكلات إلى يسر ومن للفتاوى الغامضات إذا أتت ... ولم تلف من يبدي جوابا ولا يدري أتى في أصول الدين بالحجج التي ... تردّ ذوي الإلحاد والزيغ والكفر غدا في أصول الفقه كالسيف عند ما ... أتى بحثه المشهور كالسيف إذ يفري إذا حرّر الإشكال في علم منطق ... يفوق على الإشكال في صحة الفكر ويجبر في علم الحساب دقائقا ... وينسب في علم الفرائض للخبر روى عن أبي بشر غزارة نحوه ... وتقواه يروي النّسك والدين عن بشر [3] وعلم المعاني والبيان جلا به ... عروسا تحلّى بالبديع من الشذر [4] وفي اللغة العرباء ما ابن قريبها ... يقاربه وانظره يسمو على النّضر [5] وقد كان في علم ابن أحمد أحمدا ... فريدا له التقديم دون بني الدهر [6]

_ [1] الذهبي: محمد بن أحمد بن عثمان، شمس الدين، أبو عبد الله، أخذ علماء الحديث، مؤرخ طاف كثيرا من البلدان لطلب الحديث حتى مهر فيه، من مصنفاته: ميزان الاعتدال، وتاريخ الإسلام الكبير، توفي بدمشق سنة 748 هـ. (الدرر الكامنة 3/279) . [2] ابن سريج: أحمد بن عمر بن سريج البغدادي، فقيه الشافعية في عصره، كان يلقب بالباز الأشهب، قام بنصرة المذهب الشافعي ونشره في الآفاق، له نحو أربعمائة مصنف، منها: الأقسام والخصال، والودائع لمنصوص الشرائع، توفي سنج 306 هـ. (وفيات الأعيات 1/50، طبقات الشافعية 3/21) . [3] أبو بشر: هو سيبويه صاحب الكتاب. (البغية 2/229) . بشر: هو بشر الحافي المروزي، أبو نصر، أحد الزهاد الصالحين في عصره، سكن بغداد وتوفي بها سنة 227 هـ. (حلية لأولياء 8/336، وفيات الأعيان 1/248) . [4] عروس: أراد به كتاب عروس الأفراح، الذي ألفه الشيخ بهاء الدين السبكي. [5] ابن قريب: هو الأصمعي، عبد الملك بن قريب، أبو سعيد اللغوي الراوية، توفي سنة 215 هـ. (بغية الوعاة 2/112) النضر: هو النضر بن شميل بن خرشة، أبو الحسن، أحد العلماء بأيام العرب ولغاتها، ورواية الحديث، وهو أول من أظهر السنة بخراسان ومرو، من مصنفاته: المدخل إلى كتاب العين، وغريب الحديث، والأنواء، وغيرها، توفي سنة 203 هـ. (بغية الوعاة 2/316- 317) . [6] ابن أحمد: هو الخليل بن أحمد الفراهيدي صاحب كتاب العين، توفي سنة 175 هـ. (بغية الوعاة 1/560) ويقصد الشاعر بعلمه علم العروض.

فمذ بان قد غاضت وغارت بحورها ... فها كلّ بيت بعده اليوم في كسر [1] إذا ذكر الآداب فهو إمامها ... وفارسها السبّاق في النظم والنثر له شرعة في نثره فاضلية ... يظل بها ذو المنطق الجزل في حصر [2] ويزهو على بسط الرياض طرازها ... ويأنف يوما أن يقابل بالحصري [3] ففي النثر من هذا يحاكيه ناثرا ... ويا ليت شعري من يدانيه في شعر أتعجب من تحريره لقضيّة ... وفي كلّ علم كان ينعت بالحبر بخطبته يهتزّ منبر ذكره ... وينسى زمانا كان في روضة النّضر محاسن لم يمنع من الصرف جمعها ... ولا كسرت جيش الردى أحرف الجرّ حكى في التّقى المصريّ ذا النون فاغتدى ... يفوق ابن لام بذله الذهب المصري [4] وعن عيبه غاب اللسان ليرتقي ... بحضرة قدس مرتقى عالي القدر إمام له التقديم في العصر إذ سنا ... معاليه كالشمس المنيرة في الظهر تصانيفه في العلم باهرة الضّيا ... بها فاز من يقرا العلوم ومن يقري سرى قمرا في أفق كلّ فضيلة ... فخصّص من عالي المقدّر بالغفر قد استعبد الأحرار إحسان رفده ... وحرّر تدبيج الثناء له فكري فان تبكه بالبيض والحمر أعين ... فقد كان يغني الوفد بالبيض والحمر وإن فاز بالأرباح متجره غدا ... فو العصر إنّ الشامتين لفي خسر وكم ملك فاق المجرّ علوّه ... وضيق أفق الأرض بالعسكر المجري [5] فما هاب منه الموت سهم قسيّه ... ولا نفعته منعة البيض والسّمر

_ [1] في ب، ل: بان عن غاضت، وهو من وهم الناسخ. [2] فاضلية: نسبة إلى القاضي الفاضل المشهور بأسلوبه ورسائله، مرت ترجمته. [3] في ب، ش: بالحصر، من الحصر وهو العجز عن الكلام، وفي الأصل: بالحصرى: ولعله يريد الحصري: علي بن عبد الغني، شاعر من أهل القيروان، كان عالما بالقرآات، وهو صاحب قصيدة يا ليل الصب، له ديوان شعر، والقصيدة الحصرية في القرآات، توفي بطنجة سنة 448 هـ. (وفيات الأعيان 3/19) . [4] ذو النون المصرى: ثوبان بن إبراهيم الإخميمي المصري، أبو الفيض، أحد الزهاد العبّاد المشهورين، نوبي الأصل من الموالي، كانت له فصاحة وحكمة وشعر، وهو أول من تكلم بمصر في ترتيب الأحوال ومقامات أهل الولاية، توفي سنة 245 هـ. (ميزان الاعتدال 1/331، وفيات الأعيان 1/101، حلية الأولياء 9/331، تاريخ بغداد 8/393) . [5] في ب، ش، ل: وضيق وسع الأرض.

أبا حامد كنت الفريد الذي له ... فرائد عزّ من فوائده الغرّ [1] فأقسم ما خلّفت مثلك في الورى ... ويعلم بالتقسيم قولي وبالسّبر ترحلت عن دنياك للجنّة التي ... وجدت بها ما كنت قدّمت من برّ أيعجب من خذلان صبري وقد ثوى ... أبو حامد مثوى أخيه أبي نصر [2] بكته ديار كان روحا لذاتها ... ومذ بان باتت تشتكى ألم الظّرّ وكان لها أنسا فأصبح ربعها ... بوحشته إذ غاب كالطلل القفر معاليه في الأنصار حقّق نصرها ... علا من بني النجار زاكية النّجر لسبك شذى مسك لنسبته لها ... تفوق به طيبا على عنبر الشّحر [3] هو النيل جودا وهو ستر على الورى ... فمصر أصيبت منه بالنيل والستر إذا جاد لا يدري الحساب ونفسه ... يحاسبها خوف المعاد على الذرّ أتى مصر من أرض الحجازين نعيه ... فودّ سميع القوم لو كان ذا وقر أتى خبر عن موته قالت المنى ... - وقد سمعته- ليته كاذب الخبر إلى مكّة سارت ركائب قصده ... ليظفر فيها بالعظيم من الأجر وبالكعبة الغراء كان طوافه ... تلاوته مقرونة فيه بالذكر وبالحجر الأسنى تكرر لثمه ... ولاذ بذاك الحجر إذ كان ذا حجر [4] تعلق أحيانا بسود ستورها ... لينعم في الفردوس بالحلل الخضر وزمزم كم قد فاز منها بشربة ... تقرّب من جنّات عدن ومن نهر وشدّ رحال العيس من بعد قاصدا ... زيارة قبر المصطفى جلّ من قبر فنال ثمار العفو من روضة زهت ... على كلّ روض عاطر النور والزّهر وسافر نحو التّرب في السّفر الذي ... نواه ولم يرجع إلينا مع السّفر غدت فكرتي خنسا الرثا غير أنّني ... على حمل أثقال الأسى لست من صخر [5]

_ [1] أبو حامد: كنية بهاء الدين السبكي. [2] أبو نصر: كنية تاج الدين السبكي، ستأتي ترجمته في القصيدة التالية. [3] سبك: قرية من أعمال المنوفية نسب اليها البهاء السبكي. (حسن المحاضرة 1/321) . الشحر: بطن الوادي، وساحل البحر بين عمان واليمن. (القاموس المحيط: شحر) . [4] الحجر (بكسر الحاء) : العقل، وما حواه الحطيم، وهو جانب الكعبة. [5] خنسا الرثا: يشير إلى الخنساء أشهر شاعرات العرب وقد اشتهرت برثاء أخيها صخر، توفيت سنة 24 هـ. (الشعر والشعراء 1/260) .

على قبره انهلّت مواطر رحمة ... تحلّيه من أقطارها الستّ بالقطر ولا برحت سحب من العفو والرضا ... عليه مدى الأيام واقفة تجري وقال القيراطي أيضا يرثي الشيخ تاج الدين السبكي [1] : [البسيط] سهم المنيّة لا يبقي على أحد ... فيا بني الدهر لا حيّ على الأبد لا يترك الموت روحا ضمّها جسد ... حتى يفرّق بين الروح والجسد إن هزّ في العالم السّفليّ صارمه ... فالدهر للكوكب العلويّ بالرصد كأنّنى بك يا نسر السماء وقد ... أخنى عليك الذي أخنى على لبد [2] وبالثريّا وقد زلّت بها قدم ... من السماء فلم يؤخذ لها بيد لدرهم النجم خصم سوف يأخذه ... إذا دنا يومه من جبهة الأسد لا بلدة الأفق تبقى في مطالعها ... نعم ولا نسر تبقى على بلد وما لسهم الليالي صرفة أبدا ... عن نثرة الأفق أو عن نثرة الزّرد لا يرهب الأسد الضاري لسطوته ... ولا يحابي غزال البيد للغيد ولا اتّقى سوقة يوما ولا ملكا ... سارت مناياه بين الأسد والفند [3] يا ثاني العطف حادي الموت كم هتفت ... أصواته بأخي عزّ فلم تحد أين الألى شيدوا بنيانهم حذرا ... من المنية بالصّفّاح والعمد وأين من دوّخوا عاصي الرؤوس وقد ... هزّوا رؤوس العوالي للوغى بيد والراكنون إلى الدنيا وزينتها ... والراكبون إلى العليا على جدد أبلى الجديدان منهم كلّ ذي ترف ... قد راح يخطر في أثوابه الجدد مضى الملوك الذين استظهروا حذرا ... من الردى بعديد الجيش والعدد [4] زالوا وما ردّ عنهم يومهم حذر ... ولا أفاد خميس الملك عن أحد قس باقي الخلق بالماضين إذ سلفوا ... ولا تقل ذا قياس غير مطّرد

_ [1] السبكي: عبد الوهاب بن علي بن عبد الكافي، تاج الدين، أبو نصر، مؤرخ، فقيه، تولى القضاء في الشام، بعد أن انتقل إليها من مصر، وقد تعرض لمحن وشدائد من فقهاء عصره، من مؤلفاته: طبقات الشافعية الكبرى، والأشباه والنظائر، وجمع الجوامع، وغيرها، توفي بالطاعون بدمشق سنة 771 هـ. (حسن المحاضرة 1/328، الدرر الكامنة 2/425) . [2] لبد: آخر النسور التي عاصرها لقمان. [3] الأسدّ: بالتشديد، وقد خفف لإقامة الوزن، والأسد، صاحب الرأي السديد، الفند: ضعيف الرأي. [4] عجز البيت وصدر الثاني ساقطان من ع.

للموت فينا على رغم الورى عدد ... لا يغمد النّصل أو يأتي على العدد ما اقتصّ منه لإتلاف النفوس ولم ... يبسط إلى قبض أرواح يدا بيد [1] واها له هدّمت كفّاه ركن علا ... لغير أركان هذا الدين لم يشد عمّ المصاب بتاج الدين حين مضى ... ولو نجا بفداء سيّد لفدي وقام ناعيه في ناديه ينعته ... بالصالحات ويبكيه بمستند وهى به من جناب العلم حين نأى ... متن وقالت له العلياء واسندي نال السعادة حيّا والشهادة في ... مماته فهو في الدارين في رغد في طاعة الله أحيا ليله سهرا ... فالسهد في ذوقه أحلى من الشّهد بكى أبا نصر الأفق الذي رحلت ... عنه محاسنه الغرّا فلم تعد أدّى البريد بمصر هول مصرعه ... لقد طوى لعظيم شقّة البرد أعظم بيومك تاج الدين إذ بقيت ... مراتب العزّ عطلا من ذوي الرّشد يا مدرجا طيّ أكفان تسلّل في ... مصابه مرسل الأجفان كالبرد قد فتّ مصرعك الأكباد يا أملي ... وفتّ يا عضد الإسلام في العضد دنياي بعدك سوداء الإهاب فلو ... تبصّرت يدها الزرقاء لم تكد إن غبت يا بدر هالات العلوم فما ... في ليلة الخطب منّا غير مفتقد وإن خلا بيتك المرفوع منك فقد ... سكنت بعدك بيت الحزن والكمد وإن نظمنا المراثي فيك مبكية ... فطالما بمديح في علاك شدي [2] وإن تعطّل جيد المجد منك فكم ... قلّد ته بالحلي يا خير مجتهد أو تمس في اللحد تحت الترب منفردا ... فلست من جارة الباري بمنفرد أسخنت عين ذوي التقوى بموتك إذ ... قرّت به عين من عاداك للحسد لهفي لفقدك تاج الدين إن ظهرت ... أهل الفساد وأبدت سوء معتقد لهفي لفقدك من ثان أعنّته ... عن الهوى وبتقوى الله محتشد لهفي لمصباح علم ليس يطفئه ... هوى ذوي البدع الباغين متّقد فرد مضى في ذوي الأهوال منطقه ... يوم الجدال كسيف الصيقل الفرد

_ [1] في ب: ما اقتص لاتلاف. بسقوط (منه) ، وفي ل: ما اقتص إلا لإتلاف النفوس. [2] في ب، ل: بمدح فيك. ولا يستقيم بها الوزن.

يا ضاحكا حين أرداه الردى فرحا ... مهلا فانّك يا مبدي السرور ردي بكى الحديث أمير المؤمنين هو ال ... مأمون والحافظ المهديّ للرشد أفديه من ناصر للدين معتصم ... بالحقّ مستظهر بالله معتضد مؤيّد السّنّة الغرّاء ناصرها ... بنجدة منه يعليها على نجد مناضل عن حمى الإسلام ما فترت ... منه البحوث ولا قالت له اقتصد [1] وما تصدى لبحث سيف منطقه ... إلا وجرّد حدا منه غير صد كم ملحد فرّ خوفا من حماه فما ... أصاب من ملجأ منه وملتحد وكم أدار على حصن الهدى يزكا ... وقام في مرقب التنزيه كالرصد وسار في نصرة الإسلام مجتهدا ... ما قال للعزم لمّا صمّم اتّئد من خوفه كلّ محلول العقيدة لم ... يدر بفيه لسانا غير منعقد فان تعصّب أهل الزيغ نقّب عن ... دسائس قال فيها فكره اتّقد بنى القواعد فانظر كيف أسّسها ... وشادها عمدا مرفوعة العمد [2] لله حبر دعاه الحقّ بابن جلا ... وبحر علم يروى منه كلّ صد وحاكم عاف دنيا كلّ عفّته ... عنها لخوف الإله الواحد الأحد مطهّر الباب معلوم تعفّفه ... والقول في مثل هذا غير منتقد محقّق للقضايا حين يفصلها ... قد قال للدهر في ظلمائها اتّقد تحاول الشّهب علياه فيسبقها ... سبق الجواد إذا استولى على الأمد ماساد أهل المعالي والفخار سدى ... وإنّما قالت العليا بلغت سد يروي الأصالة أنصاريّ نسبته ... عن سادة نجب أو معشر نجد فيا له بحر علم قال مشرعه ... يا أيّها الطالب الظمآن رده رد يحبوك بالجوهر المكنون منتظما ... وما حبا غيره الطلاب بالزّبد في الشرق والغرب قد سارت فرائده ... مثل الكواكب تهدي من بهنّ هدي [3] تأتي الفتاوى إلى ناديه قاصدة ... من كلّ فجّ بعيد القطر أو بلد

_ [1] في ع: مناصر عن حمى الإسلام. [2] في ب، ل: وشاهدها عمدا. [3] في ب، ش، ل: سارت فوائده.

صاد الشوارد من علم ومن ادب ... ورامها غيره دهرا فلم يصد تدنو إليه فروع الفقه مثمرة ... ما لم يكن في فروع الروضة الملد له التصانيف قد أمضى لياليه في ... جمعها يتجافى ليّن الوسد سل في خوارزم عن جمع الجوامع في ... تلك المدارس تسمع غيظ ذي حسد [1] قال الوفود وقد حلوا بساحته ... لولاك يا عالم الآفاق لم نفد يا حافظ العصر لا ينساك ذو طلب ... يقول من ذا يكون اليوم معتمدي دار الأسانيد والعلياء خالية ... فمن لدارك بالعلياء فالسّند من للأحاديث يمليها مصحّحة ... على الرواة بريئات من الأود ومن يهزّ عواليها مثقّفة ... تردي أسنّتها من كان ذا لدد من للمباحث يجلوها مهذّبة ... يهابها في جلاد البحث ذو جلد [2] من للأصول يرينا من دقائقها ... غوامضا لا تراها عين ذي رمد عن رأسها زال تاج جلّ مرتبة ... عن تاج كسرى ولهفي كيف لم يعد لله منه مقال زان ذروتها ... دهرا بتنزيهه للواحد الصمد أجرى عيون ذوي التقوى به ومضى ... عنه الجرىء بقلب منه مرتعد حلّى وتوّج تاج الدين منبره ... حتى تعجبت منه كيف لم يمد سحبان نطق فحدّث عن فصاحته ... وقسّ وعظ به قاسي القلوب هدي [3] هزّ المنابر حتى أنها نسيت ... عهد الرياض وسجع الطائر الغرد من للدروس فقد عفّا معالمها ... دورسها بعد مثواه إلى الأبد من للقريض يحلّيه وينظمه ... كالدرّ في الّسّلك يزهو زهو منتضد من للمكارم يهديها مهيّأة ... للطالبين بلا منّ ولا نكد هل من معيد لدرس كان يشحنه ... فوائدا جمّة جلّت عن العدد في كلّ علم له يوم الجدال يد ... وكم له من يد يوم النّوى ويد

_ [1] جمع الجوامع: أحد تصانيف السبكي، (حسن المحاضرة 1/328) . [2] في ب، ل: ذو الجلد. [3] سحبان: سحبان بن زفر الوائلي، خطيب يضرب به المثل في البيان، اشتهر في الجاهلية، وأسلم في عهد النبي ولم يجتمع به. (الإصابة 3/250. قس بن ساعدة ك أحد حكماء العرب ومن كبار خطبائهم، كان أسقف نجران، أدرك النبي قبل البعثة ورآه في عكاظ، توفي سنة 600 م. (خزانة الأدب)

كم من مسائل وافته معقّدة ... فردّها ذهنه محلولة العقد راض العلوم بذهن ظلّ يمخضها ... حتى استبدّ بما فيها من الزّبد ولم يزل في أصول الفقه ذا قدم ... رسوخها قصّرت عنه يد العضد للسيف لو سلّ سيفا من مباحثه ... يوما تسلّل يبدي فعل معتمد أفاد سائله علما وفضل ندى ... وغيره في كلا الحالين لم يفد كم قد تطوّل باليمنى لذي أمل ... يوم العطاء وما قالت علاه قد [1] برّ هو البحر لكن غاض زاخره ... من بعد ما كان فينا دائم المدد بدر إذا حلّ في صدر رأيت له ... من كثرة الحلم رجحانا على أحد مضى وباد ولكن علمه أبدا ... على ممرّ ليالي الدهر لم يبد حسوده لا تراه غير منعكس ... وضدّه لا تراه غير منطرد فقلّ في الناس قدر الشامتين به ... فان هم حشدوا كن غير محتشد [2] غربان بين الورى في ربعهم نعبت ... فاصبر تمرّ وما بالرّبع من أحد مصارع القوم تأتي بغتة لهم ... حقا وتأخذهم في أقصر المدد فقل لمن قد غدا يبدي شماتته ... لتدهمنّ بيوم أسود نكد تمضي كأمس وإن لم يأت يومك في ... غد سيإتيك يا مغرور بعد غد إلى افتراق جموع الشامتين به ... ونظم شملهم يهوي إلى بدد [3] بموته الأرض من أطرافها نقصت ... فدع مقالك يا هذا ولا تزد ويا أخا الودّ كابد من تذكّره ... حزنا فقد خلق الإنسان في كبد [4] إن قصّرت في مراثيه قصائدنا ... فقولنا في رثاه غير مقتصد رثاه عنّا وجود زال عنه ولم ... يترك به بعده ركنا لمستند روّى ثراه سحاب العفو منسجما ... فانّ ناديه منّا بالدموع ند وجاد بالسفح منا من عيون رضا ... مثواه وانهلّ يهمي غير متّئد صبرا أبا حامد إذ أنت خير أخ ... وارض المقادير ما يجدي أسى الكبد

_ [1] في ع: وكم تطول. [2] في ب، ل: فضلّ في الناس. [3] في ب، ل: إلى مدد. [4] في ب: من كبد. يشير في عجز البيت إلى الآية 4 من سورة البلد: لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ فِي كَبَدٍ.

وارضى له الخلد في دار النعيم فما ... بهذه الدار دار الخلد في خلدي أعلى الإله بعلم نافع وتقى ... إلى المناصب ما أبقى من الولد قال القيراطي مضمّنا: [البسيط] أجريت دمعي فمذ أفنيت أبحره ... أجريت مني بأسياف الجفون دمي إن ملت عنّي برمح القدّ يا أملي ... لتقرعنّ عليّ السّنّ من ندم [1] وقال أيضا: [السريع] قد صرفوه إذ بدا شحّه ... وجوره وازداد منه السّفه وكيف لا يصرف من ليس ذا ... وزن ولا عدل ولا معرفه وقال أيضا: [السريع] أكرم بها مأذنة لم تزل ... داعية طول المدى للفلاح كأنّ صاريها وقنديله ... في ظلمة الليل عمود الصباح وقال أيضا: [السريع] قل للزغاريّ اتّئد لست في ... عدّة من أهجو له عرضا ولا أكافيه إذا ما هجا ... ومن يعضّ الكلب إن عضّا وقال أيضا: [المجتث] هاجر إليه وهاجر ... قد فاز ذو الهجرتين وإن بدا حاجباه ... فصلّ للقبلتين وقال أيضا: [السريع] في خدّ من همت به شامة ... ما الندّ في نفحته ندّها والعنبر الورد غدا قائلا ... لا تدعني إلا بيا عبدها وقال أيضا: [مجزوء الرجز] كم عالم قد اشتكى ... في الفقر طول مكثه وكلّ ثور سارح ... زيد له في حرثه

_ [1] في الأمثال: قرع سن النادم (المستقصى 2/196) ، وورد في الشعر: ولو أني أطعتك في أمور ... قرعت ندامة من ذاك سني وأنشد بعضهم لعمر بن الخطاب: (اللسان: قرع) متى ألق زنباع بن روح ببلدة ... لي النصف منها يقرع السنّ من ندم

وقال أيضا في حوض: [السريع] لذي الظما سيّلت حوضا طما ... ماء الندى منكم عليه وفاض [1] سقيا لإحسانكم إذ بنى ... حوضا به حسّادكم في حياض وقال أيضا مضمّنا: [السريع] تجمعت من نطف ذاته ... حتى بدا في قالب فاسد وليس لله بمستنكر ... أن يجمع العالم في واحد [2] وقال أيضا: [السريع] الجامع الأزهر في حالة ... عجيبة ينكرها الحسّ إن دام دينار له ناظرا ... لم يبق في حاصله فلس وقال القيراطي في طبقات الشيخ تاج الدين السبكي: [مجزوء الرمل] طبقات التاج منها ... نرتقي للغرفات بالطباق السّبع عوّذ ... منه تلك الطبقات [3] وقال أيضا: [مجزوء الخفيف] يا إماما على الورى ... قد سما بالتقدم أنت في فقه أشهب ... وصلاح ابن أدهم [4] وقال أيضا: [السريع] لا عب شطرنج زها حسنه ... شاع غرامي في هواه وذاع كم قد أرانا وجهه إذ بدا ... بدرا وحسن النّقل ذات الرقاع وقال أيضا: [السريع] لي بغلة قد أتعبت راحتي ... والرجل من فخذي إلى كعبي طباعها خارجة كلّها ... وقطّ ما تمشي على الضّرب وقال أيضا: [الكامل]

_ [1] في ع: علاه وفاض. [2] البيت المضمن لأبي نواس في ديوانه ص 454 ط الغزالي. ويروى صدر البيت: ليس على الله بمستنكر. وانظر البدر الطالع للشوكاني 1/364. [3] في ش: بالطبقات السبع عوذ. ولا يستقيم بها الشعر. [4] أشهب: هو أشهب بن عبد العزيز القيسي، فقيه الديار المصرية، صاحب الإمام مالك، وكان معاصرا للشافعي، توفي سنة 204 هـ. (وفيات الأعيان) . ابن أدهم: هو إبراهيم بن أدهم، كان أبوه من أهل الغنى في خراسان، لكنه زهد واتجه للعلم والفقه، وتنقل بين العراق والشام والحجاز، توفي سنة 161 هـ. (فوات الوفيات 1/13) .

يا طيب نفحة باذهنج لم يزل ... لهواه في ناموسنا تنفيس مغرى بجذب الريح من آفاقها ... فكأنه للريح مغناطيس وقال أيضا: [الكامل] يا حسن شاذروان ماء لم يزل ... يهدي جواهره إلى الأضياف ما أمّه الجلساء يوم سرورهم ... إلا تلقاهم بقلب صاف وقال أيضا: [المتقارب] بروحي بدر رأى حسنه ... عذولي فولّى بخفّي حنين أبو شامة لاح في خدّه ... فرحت أطالع في الروضتين وقال أيضا: [البسيط] لا تدع يا صاح صوفيا سوى رجل ... بما حوى من صفات المدح موصوف صوفي فسماه صوفي كل ذي نظر ... نقلا من الفعل لا عزوا إلى الصوف [1] وقال أيضا أحجية في قمقم [2] : [مجزوء الرجز] يا من بنا علياؤه ... وعلمه ليس ينقض [3] ما مثل قول المحاجي ... لمن يحاجي: انهض انهض وقال أيضا: [مجزوء الرجز] مطاف بيت الله كم ... لعامل فيه عمل يا حبذا من حوله ... دائرة فيها الرمل وقال أيضا: [الوافر] أشيخ الوقت آدابا وعلما ... ومن أقواله أبدا مفيده أجلّك ثعلب أن كنت ليثا ... كذا ابن السّيد أيضا وابن سيده [4]

_ [1] في الأصل، ب، ل: (صوفي فسماه صوفيا كل ذي نظر) . ولا يستقيم به الوزن، ويستقيم بحذف التنوين من (صوفيا) كما في نسخة ش. [2] في ب: في أحجية. وقوله: (في قمقم) ساقطة من ش. [3] في ش: وعلمه لا ينقض. [4] ثعلب: أحمد بن يحيى، أبو العباس، إمام مدرسة الكوفة في النحو واللغة، له: مجالس ثعلب، والفصيح، توفي ببغداد 291 هـ. (بغية الوعاة 1/396) . ابن السيد: عبد الله بن محمد بن السيد البطليوسي، من علماء الأندلس باللغة والأدب، له: شرح أدب الكاتب، وشرح الموطأ، توفي سنة 521 هـ. (بغية الوعاة 2/55، المغرب 3851) ابن سيده: علي بن إسماعيل، أبو الحسن، من علماء الأندلس باللغة والأدب، كان ضريرا، له: المخصص، والمحكم، توفي سنة 458 هـ. (وفيات الأعيان 3/71)

وقال أيضا: [السريع] بدا هلال الجوّ في أفقه ... مقارنا للزهرة المشرقه كأنّه قوس من العاج قد ... صاغوا له من فضة بندقه وقال أيضا: [الخفيف] قد نحا منصب العلا بثبات ... ثم أبدى تصرفات سخيف فاذا قال إنني حسن النح ... وفقولوا سىّء التصريف وقال أيضا في أسماء زمزم [1] : [الرجز] لزمزم اسماء منها زمزم ... طعام طعم وشفا من يسقم سقيا نبيّ الله إسماعيلا ... مرويّة هزمة جبرائيلا مغذية عافية وكافيه ... سالمة وعصمة وصافيه وبرّة بركة مباركه ... نافعة تسرّ نفسا ناسكه مؤنسة حرمية ميمونه ... وظبية طاهرة مصونه سيدة وعونة قد دعيت ... شبّاعة العيال قدما سميت وقال أبو الحسن المطهر بن المفضل التنوخي: [الرمل] ويك يا نفس ذري الدنيا التي ... قرن الحرص بها والشّره [2] واطلبي النسك فما أربحه ... واتركي الغيّ فما أخسره أيّ عذر في اتّصابي لامرىء ... فاقد من عمره أكثره يسمع الوعظ فلا يقبله ... قتل الإنسان ما أكفره [3] قال قيس بن الخطيم [4] : [الوافر]

_ [1] قال ابن بري: لزمزم اثنا عشر اسما: زمزم، مكتومة، مضنونة، شباعة، سقيا، الرواء، ركضة جبريل، هزمة جبريل، شفاء سقم، طعام طعم، حفيرة عبد المطلب. (لسان العرب: زمم) قلت: كذا بالأصل، عدّ أحد عشر وليس اثني عشر. [2] في ب: ويك نفس ذي الدنيا. [3] عجز البيت تضمين للآية الكريمة: قُتِلَ الْإِنْسانُ ما أَكْفَرَهُ (عبس 17) . [4] قيس بن الخطيم: شاعر الأوس وأحد فرسانها في الجاهلية، أدرك الإسلام ولم يسلم، قتل سنة 620 م. (معجم الشعراء ص 196) .

وما بعض الإقامة في ديار ... يهان بها الفتى إلا عناء [1] وبعض خلائق الأقوام داء ... كداء البطن ليس له دواء يريد المرء أن يعطى مناه ... ويأبى الله إلا ما يشاء وكلّ شديدة نزلت بقوم ... سيأتي بعد شدّتها رخاء فلا يعطى الحريص غنى بحرص ... وقد ينمي على الجود الثراء غنيّ النفس ما عمرت غنيّ ... وفقر النفس ما عمرت شقاء وليس بنافع ذا البخل مال ... ولا مزر بصاحبه السّخاء وبعض القول ليس له عياج ... كمحض الماء ليس له إناء [2] وبعض القول ملتمس شفاه ... وداء النّوك ليس له شفاء نقلت من خط التاج ابن مكتوم في تذكرته، قال: أخبرنا شيخنا أبو حيان قال، أخبرنا ضياء الدين أبو الفضل جعفر بن محمد بن عبد الرحيم الحسيني، قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن زكريا البلنسي قال: قرأ بعض فضلاء الأندلس الموطأ على أبي الربيع بن سالم [3] في مجلس واحد، وكان حضره جماعة من أئمة المغرب، فما ردّ عليه أحد حرفا، إلا أنه جعل غير الصفة استثنائية، أو عكس سبق لسانه، فرفع رأسه للشيخ منشدا، وقال [4] : [مخلع البسيط] غيّرت غيرا فصرت عيرا ... وهكذا من يجدّ سيرا فأجابه الشيخ أبو الربيع بديها: ما أنت ممّن يخال فيه ... بذاك جهل فظنّ خيرا واسترسل إلى أن أتمه في مجلس واحد.

_ [1] اضطربت رواية هذه القصيدة في كتب الأدب، وقد وضح ذلك محقق الديوان الأستاذ ناصر الدين الأسد، وقد وردت هذه الأبيات ضمن ثلاث قصائد في الديوان هي: رقم 11، و 12، و 1 فيما ينسب لقيس، وهناك خلاف في رواية الأبيات بين السيوطي والديوان في الالفاظ وترتيب الأبيات. [2] عياج: أي لا يلتفت إليه. [3] سليمان بن موسى بن سالم الحميري الكلاعي: أحد العلماء المبرزين في الأندلس، كان من حفاظ الحديث، له مؤلفات كثيرة منها: مصباح الظلم، والمسلسلات، وديوان شعر، وديوان رسائل، استشهد في معركة أنيشة سنة 634 هـ. (نفح الطيب 4/473، تحفة القادم ص 200، الذيل والتكملة 4/83) . [4] وردت الرواية في نفح الطيب 4/8.

في تاريخ الصلاح الصفدي

في تاريخ الصلاح الصفدي دخل الليث ابن المظفر على علي بن عيسى [1] ، وعنده رجل يقال له حماد، فجاءه رجل فقص رؤيا رآها لعلي بن عيسى، فهمّ حماد أن يعبرها، فقال الليث: كفّ، فلست هناك، فقال علي: يا أبا هشام: وتعبرها؟ قال: نعم، وكانت الرؤيا: كأن علي بن عيسى مات، وحمل على جنازة، وأهل خراسان/ يتبعونه، فانقض غراب من السماء ليحمله، فكسروا رجل الغراب، فقال الليث: أما الموت، فهو بقاء، وأما الجنازة فهي سرير وملك، وأما ما حملوك فهو ما علوتهم، وكنت على رقابهم، وأما الغراب فهو رسول، قال تعالى: فَبَعَثَ اللَّهُ غُراباً [2] يقدم عليك فلا ينفذ أمره، فما مكثوا إلا يومين أو ثلاثة، حتى قدم رسول من عند الخليفة يحمل علي بن عيسى، فاجتمع قواد خراسان، وأثنوا عليه خيرا، ولم يتركوه يحمل وقالوا: نخشى انتقاض البلاد، فبقي. وفي تاريخ الصفدي، قال أبو السعادات مجد الدين المبارك ابن الأثير صاحب جامع الأصول، والنهاية في غريب الحديث، وشرح مسند الشافعي، وغير ذلك [3] : كنت أشتغل بالأدب على ابن الدهان النحوي البغدادي [4] بالموصل، وكان يأمرني بقول الشعر، وأنا أمتنع من ذلك، فبينا أنا ذات ليلة نائم، رأيت الشيخ في نومي وهو يأمرني بقول الشعر، فقلت: ضع لي مثالا أعمل عليه، فقال: [البسيط] جب الفلا مدمنا إن فاتك الظفر ... وخدّ خدّ الثرى والليل معتكر قال: فقلت أنا: [البسيط] فالعزّ في صهوات الخيل مركبه ... والمجد ينتجه الإسراء والسّهر فقال لي: أحسنت، هكذا فقل، فاستيقظت فأتممت عليها نحو العشرين بيتا.

_ [1] علي بن عيسى بن ماهان: من كبار القادة في عصر الرشيد والأمين، ولاه الأمين إمارة الجبل وهمذان وقم، والتقى مع طاهر بن الحسين قائد المأمون، فقتل علي بن عيسى سنة 195 هـ. (الكامل لابن الأثير 6/79، البداية والنهاية 10/226، النجوم الزاهرة 2/149) . [2] المائدة 31. [3] توفي أبو السعادات سنة 606 هـ، ترجمته في: وفيات الأعيان 3/389، طبقات الشافعية 8/366. [4] ابن الدهان: سعيد بن المبارك بن علي الأنصاري، عالم بالأدب واللغة والحديث، انتقل من بغداد إلى الموصل، وقد عمي من أثر دخان بخور يبخره كتبه، له من الكتب: تفسير القرآن، وشرح الإيضاح لأبي علي الفارسي، والقرة في شرح اللمع لابن جني، توفي سنة 569 هـ. (بغية الوعاة 1/587، الوافي بالوفيات 15/250) .

قال كشاجم [1] يخاطب علي بن سليمان الأخفش [2] وقد اعتل: [الرمل] يا عليّ بن سليمان ويا ... معدن العلم وينبوع الأدب بأبي أنت وأمي والذي ... اشتهى من كلّ شىء وأحب أنت لم تعتل لكنّ العلا ... والندى اعتلا وذا شىء عجب كسبت شكواك قلبي لوعة ... ما أراه مثلها قطّ اكتسب ولقد أخطأ قوم زعموا ... أنها من فضل برد في العصب هو داء الذهن أذكى ناره ... والمزاج المفرط الحرّ التهب ولقد قلت لإسحاق وإس ... حاق بالأوجاع طب كيف لا تخبر أعضاء فتى ... كلّ عضو منه فيه ألف قلب وقال أيضا يمدحه: [الهزج] عليّ معدن النطق ... والمجري دبابيجه إذا الأخبار حاجته ... تناهى وهي محجوجه به تغدو من الشكّ ... قلوب القوم مثلوجه ويلقي طرق الحكم ... ة للأفهام منهوجه لكي يفرج عني الخط ... ب لا أسطيع تفريجه وكي يمنحني تأدي ... به المحض وتخريجه ومن أولى بتقريظي ... ممّن كنت خرّيجه قال أبو الحكم مالك بن المرحل، الأديب شاعر المغرب [3] : [البسيط] يا راحلين ولي في قربهم أمل ... لو أغنت الحالتان القول والعمل سرتم فكان اشتياقي بعدكم مثلا ... من دونه السائران الشعر والمثل

_ [1] سبقت ترجمته. [2] الأخفش الأصغر: علي بن سليمان بن الفضل النحوي، أبو الحسن، من نحاة القرن الرابع، كان ابن الرومي يكثر من هجائه، وكان يعيش ضيق الحال حتى أكل نبات الثلجم (السلجم) النىء، فقبض على قلبه فمات، له شرح سيبويه، والمهذب، توفي سنة 315 هـ. (بغية الوعاة 2/167) . [3] مالك بن عبد الرحمن بن علي بن عبد الرحمن بن الفرج: أبو الحكم بن المرحل المالكي النحوي الأديب، شاعر رقيق مطبوع سريع البديهة، أخذ عن الشلوبين والدبّاج، ولي القضاء بجهات غرناطة، توفي سنة 699 هـ. (بغية الوعاة 2/271) .

قد ذقت وصلكم دهرا فلا وأبي ... ما طاب لي الأسمران الخمر والعسل [1] وقد هرمت أسى في حبّكم وجوى ... وشبّ مني اثنتان: الحرص والأمل غدرتم أو مللتم يا ذوي ثقتي ... وبئست الخلتان الغدر والملل عطفا علينا ولا تبغوا بنا بدلا ... فما استوى التابعان العطف والبدل قالوا كبرت ولم تبرح كذا غزلا ... أودى بك الفاضحان الشيب والغزل لم أنس يوم تدانوا للرحيل ضحى ... وقرّب المركبان: الطّرف والجمل وأشرقت بهواديهم هوادجهم ... ولاحت الزينتان: الحلي والحلل كم عفّروا بين أيدي العيس من بطل ... أذابه المضنيان: الغنج والكحل دارت عليهم كؤوس الحبّ مترعة ... وإنما المسكران: الراح والمقل وآخرون اشتفوا منهم بضمّهم ... يا حبذا الشافيان: الضمّ والقبل قال شرف الدين المبارك بن أحمد الإربلي المعروف بابن المستوفي [2] : عملت في نومي بيتين، وهما [3] : [المتقارب] وبتنا جميعا وبات الغيور ... يعضّ يديه علينا حنق [4] نود غراما لو انّا نباع ... سواد الدجى بسواد الحدق ومن شعره، ما كتب به إلى مظفر الدين صاحب إربل [5] : [الكامل] يا أيّها الملك الذي سطواته ... من فعلها يتعجّب المريخ آيات جودك محكم تنزيلها ... لا ناسخ فيها ولا منسوخ ورثاه أبو العز يوسف بن النفيس الإربلي [6] بقوله: [الوافر]

_ [1] في ب: الخل والعسل. [2] ابن المستوفي: كان إماما في الحديث، ماهرا في فنون الأدب من النحو واللغة والعروض وعلم البيان وأشعار العرب وأخبارها وأمثالها، صنف تاريخ إربل، وشرح ديوان المتنبي وأبي تمام، توفي سنة 637 هـ. (بغية الوعاة 2/272، وفيات الأعيان 3/296) . [3] البيتان في وفيات الأعيان 3/296) . [4] في ب: (وتبنا جميعا وتاب الغيور) . وهو تصحيف من الناسخ. [5] مظفر الدين: الملك المعظم أبو سعيد كوكبوري بن أبي الحسن علي بن بكتكيتبن محمد، صاحب إربل، توفي سنة 630 هـ. (وفيات الأعيان 3/270) . البيتان من أربعة أبيات في وفيات الأعيان 3/296. [6] يوسف بن النفيس الإربلي: المعروف بشيطان الشام، ولد بإربل وتوفي بالموصل سنة 638 هـ. (وفيات الأعيان 3/296) . والبيتان فيه في الصفحة نفسها.

أبا البركات لو درت المنايا ... بأنّك فرد عصرك لم تصبكا كفى الإسلام رزءا فقد شخص ... عليه بأعين الثّقلين يبكى قال محارب بن محمد الوادي آشي [1] ، يمدح القاضي عياض [2] : [الوافر] غدا سلس القياد فما يراض ... وعمّ جميع لمّته البياض وأضحى القلب لا تصبيه هند ... ولا سلمى ولا الحدق المراض وإن غنّى الحمام بغصن أيك ... فمن عضّ الزمان به عضاض وقائلة أتكرع في ثماد ... وقد لاحت لرائضها الحياض إلى كم تقول لكلّ خطب ... مقالة من ألمّ به المخاض وتنقبض انقباض العيّ حتى ... أضرّ بك السكون والانقباض ووجد بني عياض بالمعالي ... مدى الدنيا حديث مستفاض إذا قصدوا أثاروا الحرب جودا ... وسالوا بالمكارم ثم فاضوا فقلت لها ومن منهم عياذي ... فقالت ذاك سيدهم عياض إمام زانه حلم وعلم ... له بالخطة العليا انتهاض يقارض من أساء بحسن صبر ... وأمر الدين والدنيا قراض [3] ففي الآداب جدول ماء مزن ... وفي الآراء بحر لا يخاض ويبرم ما يروم فليس يخشى ... على أمر قد ابرمه انتقاض يهيم بكلّ معلوة وفضل ... كما قد هام بالعليا مضاض [4]

_ [1] محارب الوادي آشي: محمد بن محارب، من أهل وادي آش قرب غرناطة، كان فقيها أديبا، توفي بعد سنة 553 هـ. (تحفة القادم ص 44، التكملة 2/736، المقتضب ص 85) . [2] القاضي عياض: عياض بن موسى بن عياض اليحصبي السبتي، كان إماما في الحديث وعلوم اللغة والنحو وأيام العرب وأنسابهم، له تآليف منها: ترتيب المدارك وتعريف المسالك، والشفا في تعريف حقوق المصطفى، تولى القضاء في سبتة وغرناطة، توفي بمراكش سنة 544 هـ. (بغية الملتمس ص 437، تاريخ قضاة الأندلس ص 101، وفيات الأعيان 3/483، وأزهار الرياض 5/83) . والأبيات في: تحفة القادم ص 44- 45، والمقتضب ص 85- 86، وأزهار الرياض 5/83. [3] في ب، ل: يعارض من أساء. والصواب: يقارض من القرض، أي المجازاة، ويعزز ذلك عجز البيت: وأمر الدين والدنيا قراض. [4] مضاض: هو مضاض بن عمرو الجرهمي من ملوك العرب في الجاهلية، كان مقيما في الحجاز، تابعا لليمن، وقيل كان يحكم أعلى مكة ويأخذ العشور ممن يدخلها من تلك الجهة. (التيجان ص 178 و 180، أخبار ابن عبيد ص 315، تاج العروس 5/87، الأعلام 7/249) .

ومن تعلق حبال بني عياض ... يداه فلا يضام ولا يهاض قال الأديب شهاب الدين محاسن بن إسماعيل الحلبي المعروف بالشواء [1] : [مجزوء البسيط] لنا صديق له خلال ... تعرب عن أصله الأخسّ أضحت له مثل حيث كفّ ... وددت لو أنها كأمس وقال [2] : [السريع] هاتيك يا صاح ربا لعلع ... ناشدتك الله فعرّج معي [3] حتى نطيل اليوم وقفا على ... الساكن أو عطفا على الموضع وقال [4] : [الوافر] وكنّا خمس عشرة في التئام ... على رغم الحسود بغير آفه فقد أصبحت تنوينا وأضحى ... حبيبي لا تفارقه الإضافه وقال [5] : [السريع] ناديب وهو الشمس في شهرة ... والجسم للخفية كألفيء يا زاهيا أعرف من مضمر ... صل واهيا أنكر من شيء وقال [6] : [السريع] أرسل فرعا ولوى هاجري ... صدغا فأعيا بهما واصفه فخلت ذا من خلفه حيّة ... تسعى وهذا عقرب واقفه [7] ذا ألف ليست لوصل وذا ... واو ولكن ليست العاطفه وقال في جارية زرقاء [8] : [السريع] جارية قلت لها ألّا ... رعيت في الحبّ لنا إلّا

_ [1] يوسف بن إسماعيل بن علي المعروف بالشواء: كوفي الأصل، حلبي المولد والمنشأ والوفاة، أديب فاضل، متقن لعلم العروض والقوافي، له ديوان شعر، توفي سنة 635 هـ. (وفيات الأعيان 6/230، مرآة الجنان 4/89) . والبيتان في وفيات الأعيان 6/230. [2] البيتان في المصدر السابق، وفيه ثلاثة أبيات. [3] لعلع: جبل، وقال أبو نصر: لعلع ماء في البادية وردته، وقيل: منزل بين البصرة والكوفة، واللعلع في اللغة: السراب. (ياقوت: لعلع) . [4] البيتان في وفيات الأعيان 6/232. [5] البيتان في وفيات الأعيان 6/232. [6] الأبيات في وفيات الأعيان 6/232. [7] في وفيات الأعيان: فخلت ذا في خده حية، وفي ب: وهذا عقربا واقفة.. [8] زرقاء، ساقطة من ب.

وطرفك الأزرق ما باله ... يحدث فينا لحظة القتلا قالت ألا يفتك طرف حكى ... لون سنان الرمح والشكلا قد عملت (إنّ) على أنّها ... حرف لأن أشبهت الفعلا وقال: [الطويل] خليليّ إن أبديت سرّ هواكما ... لواش فلا متّعت منه بطائل وقلت بأنّ العطف في النحو جائز ... على المضمر المخفوض من غير عامل وقال: [المتقارب] أرى الصّفع ورّد منه القذالا ... وأوسع في أخدعيه المجالا وأسلاه عن حبّ ذات اللّمى ... وإن هي راقت وفاقت جمالا لئن كان قد حال ما بينه ... وبين الحبيبة صفع توالى فقد يحدث الظرف بين المضاف ... وبين المضاف إليه انفصالا وقال: وفيه ثمانية عشر فعل أمر: [الطويل] وليت فوليت الغرام على الحشا ... ملالا ووكلت السهاد على الغمض وأضرمت في الأعراض نار حشاشتي ... ويا حسنه إن كان في عشقك المحض برادن اسخط ارض خف أخف ارع خلّ ادم ... ضع اعل اضحك ابك أهو أبد أخف عش اقض قال محمود بن الحسن الوراق [1] ، وهو من مشايخ أبي بكر بن أبي الدنيا، أكثر من الشعر الحسن في المواعظ والحكم، ومات في خلافة المعتصم، في حدود الثلاثين ومائتين: [المجتث] ما إن بكيت زمانا ... إلا بكيت عليه ولا ذممت صديقا ... إلا رجعت إليه وقال [2] : [المتقارب] أليس عجيبا بأنّ الفتى ... يصاب ببعض الذي في يديه

_ [1] محمود بن الحسن الوراق: شاعر أكثر شعره في المواعظ والحكم، روى عنه ابن أبي الدنيا، وفي كامل المبرد نتف من شعره، توفي سنة 225 هـ. (كامل المبرد 4/104، 106، 5/75، 127، 138، حماسة ابن الشجري ص 141، فوات الوفيات 2/285) . [2] الأبيات في كامل المبرد 2/705 تحقيق الدالي، والبيان والتبيين 3/197.

فمن بين باك له موجع ... وبين معزّ مغذّ إليه ويسلبه الشيب شرخ الشباب ... فليس يعزيه خلق عليه وقال [1] : [الكامل] تعصي الإله وأنت تظهر حبّه ... هذا محال في القياس بديع لو كان حبّك صادقا لأطعته ... إنّ المحبّ لمن يحبّ مطيع وقال: [الطويل] تعزّ بحسن الصّبر عن كل هالك ... ففي الصبر مسلاة الهموم اللوازم إذا أنت لم تسل اصطبارا وحسبة ... سلوت على الأيام مثل البهائم وقال: [الطويل] إذا كان شكري نعمة الله نعمة ... عليّ له في مثلها يجب الشكر فكيف وقوع الشكر إلا بفضله ... وإن طالت الأيام واتصل العمر كان الماوردي [2] قد سلك طريقا في توريث ذوي الأرحام، فجاء إليه كبير من الشافعية، فقال له: اتّبع ولا تبتدع، فقال: بل أجتهد ولا أقلد، فانصرف عنه. قال محب الدين بن النجار: قرأت على أبي عبد الله محمد بن أبي سعيد الأديب بأصبهان، عن أبي طاهر بن أبي نصر التاجر، قال: أخبرنا عبد الرحمن بن أبي عبد الله بن مندة إذنا، أخبرنا محمد بن عبد العزيز بن عبد الله اللبّان الشيرازي، قال: سمعت أبا الحسين أحمد بن عبيد الله الهاشمي يقول: سمعت أبا القاسم الجنيد بن محمد الصوفي يقول في بغداد:/ ما زلت أطلب إلى الله في صلاتي خمس عشرة سنة أن يريني إبليس، فلما كان يوم نصف النهار في صيف، وأنا قاعد بين البابين أسبّح، إذ دقّ عليّ الباب، فقلت: من ذا؟ قال: أنا، قلت الثاني: من ذا؟ قال: أنا، قلت الثالث: من أنت؟ قال: أنا، قلت: لا تكون إبليس؟ قال: نعم، فمضيت ففتحت له الباب، فدخل عليّ شيخ عليه برنس من الشعر، وعليه قميص من الصوف، وبيده عكازة، فجئت أقعد مكاني بين البابين، فقال لي: قم من مجلسي، فان بين البابين مجلسي، وخرجت، فقعد، فقلت: بم تستضل الناس؟ فأخرج لي رغيفا من كمّه، وقال لي: بهذا، فقلت: بم تحسّن لهم السيئة؟ فأخرج

_ [1] البيتان في كامل المبرد 2/513، وزهر الآداب ص 98. [2] الماوردي: أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب البصري، الفقيه الشافعي، أخذ الفقه عن أبي القاسم الصيمري، له من التصانيف: الحاوي، وتفسير القرآن الكريم، وأدب الدنيا والدين، والأحكام السلطانية، توفي ببغداد سنة 450 هـ. (وفيات الأعيان 2/444) .

مرآة، فقال: أريهم سيئاتهم حسنات بهذه المرآة، ثم قال لي: قل ما تريد، وأوجز في كلامك، فقلت: حيث أمرك [الله] بالسجود لآدم لم لم تسجد؟ [1] قال: غيرة مني عليه، أسجد لغيره، وغاض مني ولم أره. قال أحمد بن عبيد الله بن يحيى بن خاقان: [الخفيف] إنّ للعنكبوت بيتا ومالي ... برضى الجود والمكارم بيت كيف يبني بشطّ دجلة من لي ... س له للسراج بالليل زيت الصاحب بن عباد [2] : [الطويل] إذا جمعت بين امرأين صناعة ... فأحببت أن تدري الذي هو أحذق فلا تتأمل منهما غير ما جرت ... به لهما الأرزاق حين تفرّق فحيث يكون الجهل فالرزق واسع ... وحيث يكون العلم فالرزق ضيّق وقفت على كتاب (حكايات الصوفية) تأليف أبي عبد الله محمد بن باكويه الشيرازي، مات سنة 428، وهو مروي بالأسانيد، فانتقيت منه ما يصلح للمحاضرة، روي عن يحيى بن معاذ الرازي [3] قال: أهل الجنة يرفع عنهم كل شيء، ما خلا ثلاثة: الحب لله، والحب في الله، والحمد لله. عن أبي عمرو الرقي: أنه سئل عن الفرق بين الفقر والتصوف، فقال: الفقر حال من أحوال التصوف. عن أبي بكر الدقاق قال: عجز العلماء عن الفرق بين المداراة والمداهنة. عن أبي بكر بن يزدانيار [4] ، قال: إن الله تعالى أحب ثلاثة، وأبغض ثلاثة، أحبّ الإيمان، والطاعة، والعلم، وأبغض الكفر، والمعصية، والجهل، فسلط الغزاة على الكفار، وسلط العلماء على الجهال، وسلط الأمراء على العصاة، وإلى القيامة على هذا يكون [5] .

_ [1] في ب، ل: لم لا تسجد. [2] مضت ترجمته. [3] يحيى بن معاذ بن جعفر الرازي: أبو زكريا، واعظ زاهد، لم يكن له نظير في وقته، من أهل الريّ، وله كلمات سائرة: (هان عليك من احتاج إليك) و (من خان الله في السر، هتك الله ستره في العلانية) ، توفي سنة 285 هـ. (شذرات الذهب 2/138) . [4] ابن يزدانيار: الحسين بن علي من الصوفية، وله طريقة في التصوف وأقوال ذكر منها أبو نعيم الأصفهاني في الحلية، لم يذكر وفاته. (حلة الأولياء 10/363) . [5] في ب، ل: وإلى القيامة على ما يكون. في ش: وإلى القيامة هذا يكون.

عن فتح بن شخرف [1] قال: في التوراة، من قنع شبع، وفي الزبور: من اعتزل سلم، وفي الانجيل: من ترك الشهوات استراح، وفي الحديث: من صمت نجا. سئل يحيى بن معاذ عن الشهقة ممّ تكون؟ فقال: الدارج ربما لاح له في الغيب درجة ليست هي له، فيرتاح فيشهق، قيل له: فهل يكون في ذلك صادقا؟ قال: لا، بل يكون سارقا، والصادق يصحّ له ذلك عن طريق الهيبة. عن بشر بن الحارث [2] قال: حادثوا الآمال بقرب الآجال. عن يحيى بن معاذ قال: من أحبّ أن يعرف الزهد فلينظر في الحكمة، ومن أحبّ أن يعرف مكارم الأخلاق، فلينظر في فنون الآداب، ومن أحب أن يستوثق من أسباب المعاش، فليستكثر من الإخوان، ومن أحب أن لا يؤذى فلا يؤذينّ، ومن أحب رفعة الدنيا والآخرة فعليه بالتقوى. عن الفضيل بن عياض [3] قال: من عشق الرئاسة لم يفلح، وطغى وبغى. عن سري السقطي [4] قال: السنة شجرة، والشهور فروعها، والأيام أغصانها، والساعات أوراقها، وأنفس العباد ثمرتها، وشهر رجب أيام توريقها، وشعبان أيام فروعها، ورمضان أيام قطفها، والمؤمنون قطافها. سئل الجنيد [5] عن الفرق بين الصالح والعارف، فقال: كلّ/ عارف صالح، وليس كل صالح عارفا. عن يحيى بن معاذ قال: لكل ملك وزير، والأبمان ملك ووزيره التفويض. عن إبراهيم الخواص [6] قال: الملك المعجّل سكون

_ [1] فتح بن شخرف بن مزاحم: أبو نصر الكسّي، نسبة إلى كس، أحد العباد السياحين، سكن بغداد وحدّث بها عن رجاء بن مرجي المروزي، كثير الحكايات، توفي بالجانب الغربي من بغداد سنة 273 هـ. (تاريخ بغداد 12/384- 388، حلية الأولياء 8/84- 140، شذرات الذهب 1/316) . [2] هو بشر الحافي، سبقت ترجمته. [3] الفضيل بن عياض بن مسعود التميمي اليربوعي: أبو علي، شيخ الحرم المكي، ثقة في الحديث، ولد بسمرقند، ونشأ بأبيورد، ثم سكن مكة وتوفي بها سنة 87 هـ، ومن كلامه: من عرف الناس استراح. (حلية الأولياء 8/84) . [4] سري بن المغلس السقطي: أبو الحسن، من كبار المتصوفة، بغدادي المولد والمنشأ والوفاة، وإمام البغداديين وشيخهم في وقته، وخال الجنيد وأستاذه كما يقول ابن الأهدل، توفي سنة 253 هـ. (تاريخ بغداد 9/187، حلية الأولياء 10/116) . [5] الجنيد بن محمد بن الجنيد البغدادي الخزاز: صوفي من العلماء، مولده ومنشؤه ووفاته ببغداد، عرف بالخزاز لأنه كان يعمل الخز، قال أحد معاصريه: ما رأت عيناي مثله، الكتبة يحضرون مجلسه لألفاظه، والشعراء لفصاحته، والمتكلمون لمعانيه، وهو أول من تكلم في علم التوحيد ببغداد، له رسائل، ومنها رسالة: دواء الأرواح، توفي سنة 297 هـ. (وفيات الأعيان 1/117، حلية الأولياء 10/255، صفة الصفوة 2/235، تاريخ بغداد 7/241) . [6] إبراهيم بن أحمد بن إسماعيل: أبو إسحاق الخواص، صوفي كان أوحد المشايخ في وقته، من أقران الجنيد، ولد في سر من رأى، له كتب مصنفة، والخواص: بائع الخوص توفي في جامع الري سنة 291 هـ. (تاريخ بغداد 6/7، طبقات الشعراني 1/83، طبقات الصوفية، مخطوط، الأعلام 1/28) .

القلب، ودعة الجوارح. عن الفضيل بن عياض قال: إن زهدت في الدنيا كلّ الزهد، لم ينقص رزقك شىء، وإن رغبت فيها كل الرغبة لم يزد في رزقك شىء. عن أبي علي الروزباري، قال: الظرف طهارة الضمائر، والخنا خبث السرائر. عن أبي بكر الكتاني [1] قال: ما من عاقل إلا وله هفوة، وما من مستقيم إلا وله زلة، وما من مجتهد إلا وله عثرة. عن أبي محمد الجريري قال: الجلوس للمناصحة، فتح باب الفائدة، والجلوس للمناظرة غلق باب الفائدة. عن سهل بن عبد الله [2] قال: احتفظوا بالسواد على البياض، فما أحد ترك الظاهر إلا تزندق. عن يحيى بن معاذ، قال: اتفق رأي سبعين صديقا أن حسن الخلق قلة الخلاف على الله تعالى./ عن أبي عبد الله بن خفيف [3] قال: ما سمعت شيئا من سنن النبي صلّى الله عليه وسلم إلا استعملته، حتى الصلاة على أطراف الأصابع. عن سهل بن عبد الله قال: الناس كلهم نيام، إلا العلماء الذين آثروا الله على كل حال. وقال: لا يعرف الحق بالرجال، ولكن من عرف الحق عرف أهله. وقال: الفقر باب خصّ النبي صلّى الله عليه وسلم به، فلما مات فتح باب الغنى، فلا يسدّ ذلك على أقوام خصهم الله به، يجيئون في آخر الزمان. سمعت أبا يعقوب الخراط يقول: أحضر النّوري [4] بين يدي العباس بن الحسن [5] للمناظرة، فقال له العباس [6] : من أين تأكلون؟ فقال: لسنا نعرف الأسباب التي تستجلب

_ [1] أبو بكر الكتاني: محمد بن علي بن جعفر، أصله من بغداد، وصحب الجنيد وأبا سعيد الخزاز، وأبا الحسين النوري، أقام بمكة مجاورا لها، كان أحد الأئمة، حكي عن أبي محمد المرتعش أنه كان يقول: الكتاني سراج الحرم، توفي سنة 322 هـ (حلية الأولياء 12/357، تاريخ بغداد 3/74، شذرات الذهب 2/296) . [2] سهل بن عبد الله بن يونس التستري: أبو محمد، أحد الأئمة الصوفية وعلمائهم، والمتكلمين في علوم الإخلاص والرياضيات وعيوب الأفعال، له كتاب في تفسير القرآن، وكتاب رقائق المحبين، وغير ذلك، توفي سنة 283 هـ. (طبقات الصوفية ص 206، حلية الأولياء 10/189، وفيات الأعيان 1/218) . [3] محمد بن خفيف بن اسفكشاذ الضبي: أبو عبد الله، المقيم بشيراز، أمه نيسابورية، عالم بعلوم الظواهر والحقائق، صحب رويما والجريري وأبا العباس بن عطاء، ولقي الحسين بن منصور، توفي سنة 371 هـ. (حلية الأولياء 10/385- 387، شذرات الذهب 3/76) . [4] النوري: أحمد بن محمد أبو الحسين، بغدادي المولد والمنشأ، خراساني الأصل، عرف بابن البغوي، توفي سنة 295 هـ. (طبقات الصوفية ص 164) . [5] العباس بن الحسن بن أيوب الجرجرائي، من وزراء الدولة العباسية، كان أديبا بليغا، قتل سنة 692 هـ. (الأعلام 3/259) . [6] طبقات الصوفية 4/32.

بها الأرزاق، نحن قوم مدبّرون، ولكن أخرف خرافة يخرج فيها الجواب، هل للسلطان فيلة؟ فقال: نعم، فقال: من أين يأكلون؟ قال: قد أقام لها السلطان الوكلاء، وأجرى عليهم الجرايات، قال: فأيما أكرم على الله، الفيلة أم الأولياء من بني آدم؟ فقال: الأولياء من بني آدم، قال: فالله تعالى أقام لأخس الخلائق وكيلا، ولا يقيم لأوليائه وكيلا./ حدثني أبو الطيب محمد بن الفرّخان، حدثنا عباس بن يوسف الشكلي، حدثني أحمد بن موسى ابن الحكم، حدثني محمد بن أحمد النيسابوري، حدثنا إسماعيل بن يحيى بن عبد الكريم، عن الليث ابن سعد، عن نافع، عن شريح، قال: اشتريت دارا بمائتي دينار، وكتبت كتابا، وأشهدت عدولا، فبلغ ذلك عليّ بن أبي طالب، فقال لي: يا شريح، بلغني أنك اشتريت دارا، وكتبت كتابا، وأشهدت عدولا، قلت: قد كان ذلك يا أمير المؤمنين، فقال: إنه سيأتيك من لا ينظر في كتابك، ولا يسأل عن بيّنتك حتى يخرجك منها شاخصا، ويسلمك إلى قبرك، ولو كنت أتيتني، كتبت لك كتابا على هذه النسخة: بسم الله الرحمن الرحيم، هذا ما اشترى عبد ذليل، من ميت قد أزعج بالرحيل، اشترى منه دارا تعرف بدار الغرور من الجانب الفاني، في عسكر الهالكين، ويجمع هذه الدار ويشتمل عليها حدود أربعة، الحد الأول ينتهي إلى دواعي البينات، والحد الثاني ينتهي إلى دواعي المصيبات، والحد الثالث ينتهي إلى دواعي البليات، والحد الرابع ينتهي إلى دواعي النوى المردي، وإلى الشيطان المغوي، وفيه يشرع/ باب هذه الدار، اشترى هذا المغرور بالأمل، وهذا المزعوج بالأجل جميع هذه الدار، بالخروج من عز القنوع، والدخول في ذل الطمع، فما أدرك هذا المشتري فيما اشتراه من درك، فعلى مبلبل أجسام الملوك، وسالب نفوس الجبابرة، ومزيل ملك الفراعنة، ملك كسرى وتبّع وحمير، ومن بنى وشيّد، وزخرف ونجّد، وجمّع واعتقد، ونظر بزعمه للولد، شحا منهم إلى موقف العرض، إذا وضع الكرسي لفصل القضاء، وخسر هنالك المبطلون، وسمع مناديا ينادي في عرصاتها [1] : [الرجز] ما أبين الحق لذي عينين ... إن الرحيل آخر اليومين تزودوا من صالح الأعمال ... فقد دنا النقلة والزوال [2] عن عبد الله بن سهل الرازي، قال: تآخى [3] نفسان في الله، فكتب يحيى بن معاذ

_ [1] الرواية والشعر في حلية الأولياء 3/101- 102. [2] في ب، ش، ل: تزودوا من صالح الأعمال للآجال، ولا يكون شعرا. [3] في ب، ش، ل: تواخى نفسان.

الرازي: هذا ما اشترى فلان بن فلان، من فلان بن فلان، اشتروا منه المودة الدائمة إلى الممات بكليتها، وبجميع حدودها كلها داخل فيها، وخارج منها بقلبه، وهو الثمن، وباعها منه فلان بن فلان، وسلمها وقبض الثمن/ كله تاما وافيا، وبرىء إليه منه أحد حدود هذه المودة ينتهي إلى الصفاء، والحد الثاني ينتهي إلى الوفاء، والحد الثالث ينتهي إلى المساعدة، والحد الرابع ينتهي إلى المنادمة، وعلى أن لا يقبل كل واحد منهما على صاحبه المبالغة، ولا يأخذه بالتهم والظنون، ولا يستبدل به ولا يخونه، على أن يدفع كل واحد منهما عن صاحبه السعايات، وعن تراض منهما، ورغبة صحيحة، انعقد الأمر بينهما عن تراض منهما، وجواز أمورهما لهما وعليهما طائعين غير مكرهين، شهد على إقرارهما بجميع ما في هذا الكتاب، السخاء بن الكرم، والمساعدة بن الرضا، والمحاطة بن الاتفاق، وحسن الخلق بن الاحتمال، وكتبوا شهادتهم على إقرارهما بجميع ما في هذا الكتاب. حدثنا عبد الواحد بن بكر، حدثني محمد بن يوسف بن إبراهيم، حدثنا سعيد بن عمرو، حدثنا أبو شيبة بن أبي بكر، حدثنا بكر بن أبي عبد الرحمن، حدثنا عيسى بن المختار، عن محمد بن أبي ليلى، عن المنهال بن عمرو، عن ابن عباس قال: كان عندنا رجل يصلي بالليل في بيته، فاذا افتتح الصلاة وكبّر، أتاه رجل عليه ثياب بيض، ويقوم معه يصلي، ويكون ركوعه وسجوده أحسن من ركوعه، وكان يعجبه ذلك، فذكر لبعض أصدقائه/ فجاء الرجل وسألني عن ذلك، هل يجوز أن يكون ذلك؟، فقلت له: قل له حين تقرأ إذا جاء هذا الذي يصلي سورة البقرة، فان ثبت معه فهو ملك وطوباه، وإن هرب فهو شيطان، فأعاد على الرجل فاشتد عليه إفشاء سره، فلما أخذ في الصلاة وجاء الشخص ووقف معه أخذ يقرأ سورة البقرة، فأخذ الشيطان يضرط ويعدو. سمعت أبا العباس الكرخي، قال: سمعت أبا عبد الله بن خفيف يقول: كنت بالبصرة مع جماعة من أصحابنا، فوقف علينا صاحب مرقعة، فقال: من منكم ابن خفيف؟ فأشاروا إليّ، فقال: تأذن لي أن أسألك مسألة؟ فقلت: لا، قال: ولم؟ فقلت: لأن النبي صلّى الله عليه وسلم ما خيّر بين أمرين إلا اختار أيسرهما، وأيسره أن لا تسألني، ولا أحتاج أجيبك، فقال: لابد، فقلت: هذا غير ذلك، فقل الآن ما شئت. أملى عليّ أبو عبد الله محمد بن أحمد بن نظيف شرطا في شراء بستان من خاطره: هذا ما اشترى فلان بن فلان المريد من سكان المحبة، من فلان بن فلان العارف من أهل الصفوة، اشترى منه بستانا موضعه في صحراء الأنس/ محاطا عليه، فيه نخيل الإيمان، يثمر طلع الطاعات، وينضج بالإخلاص، وأشجار المعارف، تثمر الإلهام الصافي، ورياحين البر والتقوى، وورد ورد الذكر، وسواقي العلم في تربة الخلوة، ويسقى هذا البستان من نهر الوفاء، ولهذا البستان حدود أربعة؛ الحد الأول: ينتهي إلى حسن العهد،

والحد الثاني: ينتهي إلى صحراء المنّ وروضة الشكر، والحد الثالث: ينتهي إلى فرضة المتحابين بالجلال، والحد الرابع: ينتهي إلى طريق يؤخذ بها إلى الصدق، وإليه يشرع باب هذا البستان، اشترى منه جميع هذا البستان، بجميع ما سمّي، ووصف في هذا الكتاب ببذل مجهوده من نفسه وماله، والمقام على المحاب، فلا كاره منه عليه، واستفراغ الصدق من لبّه، وأن يحتمل كل واحد منهما عن صاحبه الأذى من نفسه، ومن كل أحد من قبلهما، وعلى أن لا يتذوق هذا المريد علوما من غير هذا العارف، ويعرض عليه جميع ما يخطر له، ويصبر معه على البلاء والفقر، ولا يتحيز منه الحظوظ، ويعوده إذا مرض هو مع مرضه، وإن خطر بباله منه شىء أخرجه من قلبه، ولا يتهمه على نفسه وماله، وما يصلحه/ ولا يقطع أمرا دونه، شهد على إقرارهما بجميع ما في هذا الكتاب في صحة منهما، وجواز أمرهما، شهد على ذلك المصافحة من المباذلة ورفع الحشمة من بينهما، واستعمال الأدب مع رفع الحشمة، وكون الإجلال. أخبرنا أبو الربيع الصفار، أخبرنا أبو جعفر الخلدي، أخبرنا أبو العباس ابن مسروق [1] ، قال: كنا جماعة من الفقراء في بعض الأسفار، فقام أصحابنا وطابوا، فاذا بديراني قد أقبل وقال: بالدين الحنيفية، ألا عرفتموني إن هذا مخصوص في دينكم أو معموم؟ قلنا: مخصوص بشرط الزهد في الدنيا، فقال الديراني: قرأت في الإنجيل: إنّ خواصا من أمة محمد، صلّى الله عليه وسلم، يتحركون عند السماع بشرط الزهد في الدنيا، لباسهم الصوف، يرضون من الدنيا بالبلغة والكسرة، أولئك خواص أمّة محمد، صلّى الله عليه وسلم، فأسلم ومشى معنا. أخبرني أبو الحسن القزويني، أخبرني أبو جعفر الخلدي، قال [2] : رأيت الجنيد في النوم، فقلت له: أليس كلام الأنبياء إشارات عن مشاهدة؟ فتبسم وقال: كلام الأنبياء بناء عن حضور، وكلام الصديقين إشارات عن مشاهدة. أخبرني أبو الطيب ابن الفرّخان، قال: سمعت الجنيد/ يقول: نظرت في سائر العلوم، إلا فيما شجر بين أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلم، ولا نظرت في الكلام، إلا فيما لابد منه. وكان الجنيد لا يجيب عن ست مسائل، أحدها: الاسم والمسمّى، والثاني: اللفظ بالقرآن، مخلوق أم لا، والإيمان مخلوق أم لا. وفي قول مجاهد في جلوس محمد، صلّى الله عليه وسلم، على العرش، وفي القدر. عن أبي يزيد، قال: انتهى الأمر إلى معرفة لا إله إلا الله، وانتهى الفهم إلى معرفة لا إله إلا الله. انتهى ما انتقيته من كتاب حكايات العارفين لابن باكويه.

_ [1] ابن مسروق: أحمد بن محمد بن مسروق، من أهل طوس، سكن بغداد وتوفي فيها سنة 299 هـ. (تاريخ بغداد 5/100، 103) . [2] طبقات الصوفية ص 24.

في شرح البخاري للكرماني [1]

في شرح البخاري للكرماني [1] قدم بعض أولاد قتادة بن النعمان [2] على عمر بن عبد العزيز، فقال له: ممّن الرجل؟ فقال: [الطويل] أنا ابن الذي سالت على الخدّ عينه ... فردت بكفّ المصطفى أحسن الردّ [3] فعادت كما كانت لأول مرّة ... فيا حسن ما عين ويا حسن ما ردّ [4] قال الكرماني في الشرح: من جملة استظهاراتي في الآخرة، أني رأيت رسول الله، صلّى الله عليه وسلم، في الرؤيا، سنة أربع وخمسين وسبعمائة، ببلدة أصفهان، فقلت: يا رسول الله، من رآني في المنام فقد رآني، حديث صحيح؟ فقال: نعم، ونعم الاستظهار. قال أبو عبد الله الحميدي، قال لي أبو محمد ابن حزم: يقال من تختم بالعقيق/ وقرأ لأبي عمرو، وتفقّه للشافعي، وحفظ قصيدة علي بن زريق البغدادي الكاتب [5] فقد استكمل الظرف، والقصيدة المذكورة [6] : [البسيط] لا تعذليه فانّ العذل يوجعه ... قد قلت حقا ولكن ليس يسمعه جاوزت في لومه حدّ المضرّ به ... من حيث قدّرت أنّ اللوم ينفعه [7] فاستعملي الرّفق في تأنيبه بدلا ... من عنفه فهو مضنى القلب موجعه [8]

_ [1] الكرماني: محمد بن يوسف بن علي بن سعيد الكرماني البغدادي، العلامة في الفقه والحديث والتفسير، صاحب شرح البخاري، وشرح المواقف، وشرح الجواهر، وغيرها، توفي في طريق الحج ونقل إلى بغداد ودفن في قبر أعده لنفسه سنة 786 هـ. (بغية الوعاة 1/279- 280) . [2] قتادة بن النعمان بن زيد بن عامر الأنصاري الظفري الأوسي: صحابي بدري من شجعانهم، كان من الرماة المشهورين، شهد المشاهد كلها مع رسول الله صلّى الله عليه وسلم، وكانت معه يوم الفتح راية بني ظفر، وهو أخو أبي سعيد الخدري لأمه، توفي سنة 23 هـ. (صفة الصفوة 1/183، الجرح والتعديل ق 2، 3/132، اللباب 2/100) . [3] عجز البيت وصدر الثاني ساقطان من ع. [4] في الأصل: سقط عجز البيت الأول وصدر البيت الثاني من سهو الناسخ، والتصويب من: ب، ش. [5] ابن زريق البغدادي: أبو الحسن علي (أو عبد الله) بن زريق الكاتب البغدادي، انتقل إلى الأندلس، وقيل توفي بها نحو سنة 420 هـ (الوافي بالوفيات 12/65- 67 مخطوط، كشف الظنون 1329، تاريخ التراث العربي 2/79- 80) . [6] القصيدة في طبقات الشافعية الكبرى للسبكي 1/8، وثمرات الأوراق لابن حجة الحموي ص 5275- 478، تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم، ط الخانجي، مصر 1971. [7] في ع وفي ثمرات الأوراق وطبقات الشافعية: حدا أضرّ به. [8] في ب، ش: من عسفه.

قد كان مضطلعا بالبين يحمله ... فضلّعت بخطوب البين أضلعه يكفيك من لوعة التفنيد أنّ له ... من النّوى كلّ يوم ما يروّعه [1] ما آب من سفر إلا وأزعجه ... رأيّ على سفر بالرغم يجمعه [2] تأبى المطالب إلا أن تجشمه ... للرزق كدحا وكم ممّن يودعه [3] كأنّما هو في حلّ ومرتحل ... موكلّ بفضاء الأرض يذرعه إذا الزماع أراه في الرحيل غنى ... ولو إلى السند أضحى وهو مربعه [4] وما مجاهدة الإنسان واصلة ... رزقا ولا دعة الإنسان تقطعه قد وزّع الله بين الناس رزقهم ... لم يخلق الله من خلق يضيّعه [5] لكنّهم كلّفوا رزقا فلست ترى ... مسترزقا وسوى الغايات تقنعه [6] والحرص في الرزق والأرزاق قد قس ... مت بغي ألا إنّ بغي المرء يصرعه [7] والدهر يعطي الفتى من حيث يمنعه ... إربا ويمنعه من حيث يطمعه [8] أستودع الله في بغداد لي قمرا ... بالكرخ من فلك الأزرار مطلعه ودّعته وبودّي لو يودّعني ... صفو الحياة وأنّي لا أودّعه [9] وكم تشفّع في أن لا أفارقه ... وللضرورة حال لا تشفّعه [10] وكم تشبّث بي خوف الفراق ضحى ... وأدمعي مستهلات وأدمعه [11] لا أكذب الله ثوب العذر منخرق ... عنّي بفرقته لكن أرقّعه

_ [1] الثمرات: يكفيه من لوعة، ب: من روعة التقليد. [2] الثمرات: رأي إلى سفر بالرغم يتبعه. الطبقات: رأي إلى سفر بالعزم يجمعه. [3] في الطبقات والثمرات: تأبى المطامع. الثمرات: للرزق كدا. [4] في الثمرات: أضحى وهو يزمعه. [5] في الثمرات: والله قسم بين الناس رزقهم. في الطبقات: والله قسم بين الخلق رزقهم. الثمرات والطبقات: لم يخلق الله مخلوقا يضيعه. [6] الثمرات والطبقات: لكنهم ملئوا حرصا فلست ترى. الطبقات: سوى الفاقات تقنعه. [7] الطبقات والثمرات: والحرص في المرء. [8] في الطبقات والثمرات: والدهر يعطي الفتى ما ليس يطلبه ... حقا ويطمعه من حيث يمنعه [9] في ب، ش، ل: وبودي أن يودعني. الثمرات: لو يودعني طيب الحياة. [10] في ع والثمرات: كم قد تشفع بي. الطبقات: وكم تشفع بي، في ع: وللضرورات حال. [11] الطبقات والثمرات: وكم تشبث بي يوم الرحيل ضحى.

إنّي أوسّع عذري في جنايته ... بالبين عنّي وجرمي لا يوسّعه [1] رزقت ملكا فلم أحسن سياسته ... وكلّ من لا يسوس الملك يخلعه [2] ومن غدا لا بسا ثوب النعيم بلا ... شكر عليه فانّ الله ينزعه [3] اعتضت من وجه خلّي بعد فرقته ... كأسا تجرّع منها ما أجرّعه [4] كم قائل لي ذقت طعم البين قلت له ... الذنب والله ذنبي لست أدفعه [5] ألا أقمت فكان الرشد أجمعه ... لو أنّني يوم بان الرشد أتبعه إنّي لأقطع أيامي وأنفذها ... بحسرة منه في قلبي تقطّعه بمن إذا هجع النّوّام بتّ له ... بلوعة منه ليلي لست أهجعه لا يطمئنّ لجنبي مضجع وكذا ... لا يطمئنّ له مذ بنت مضجعه ما كنت أحسب ريب الدهر يفجعني ... به ولا أنّ بي الأيام تفجعه [6] حتى جرى البين فيما بيننا بيد ... عسراء تمنعني حظّي وتمنعه فكنت من ريب دهري جازعا فرقا ... فلم أوقّ الذي قد كنت أجزعه [7] بالله يا منزل القصف الذي درست ... آثاره وعفت مذ بنت أربعه [8] هل الزمان معيد فيك لذّتنا ... أم الليالي التي أمضته ترجعه [9] في ذمّة الله من أصبحت منزله ... وجاد غيث على يمناك يمرعه [10] من عنده لي عهد لا يضيّعه ... كما له عهد صدق لا أضيّعه [11] ومن يصدّع قلبي ذكره وإذا ... جرى على قلبه ذكري يصدّعه

_ [1] الطبقات: بالبين عني وقلبي لا يوسعه. الثمرات: بالبين عنه وقلبي لا يوسعه. [2] الثمرات والطبقات: أعطيت ملكا فلم أحسن سياسته كذاك من لا يسوس. [3] الطبقات: شكر عليه فعنه الله ينزعه. [4] الثمرات: اعتفت من وجه خلي.... كأسا أجرع منها. [5] في ب، ل: كم قائل لي ذقت البين. الثمرات: كم قائل لي ذنب البين. [6] في ب: ولا أن بي من الأيام. بزيادة (من) وهما. [7] الثمرات: ولو كنت من ريب. الطبقات: وكنت من ريب. في ع: قد كنت أفزعه. [8] في ع: بالله يا منزل القصر. الثمرات: بالله يا منزل الأنس. الطبقات: بالله يا منزل القصد. [9] الطبقات والثمرات: أم الليالي التي أمضت ترجّعه. [10] في ع، والطبقات والثمرات: وجاد غيث على مغناك يمرعه. [11] الثمرات: من عنده لي عهد لا يضيع كما ... عندي له عهد ود لا أضيعه

لأصبرنّ لدهر لا يمتّعني ... به ولا بي في حال يمتّعه [1] علما بأنّ اصطباري معقب فرجا ... فأضيق الأمر إن فكّرت أوسعه عسى الليالي التي أضنت بفرقتنا ... جسمي ستجمعنا يوما وتجمعه [2] وإن تنل أحدا منّا منيته ... فما الذي في قضاء الله نصنعه [3] قال العلامة عفيف الدين أبو الحسن، علي بن عدلان الموصلي، كتب إليّ العلم السخاوي، قول الحسين بن عبد السلام في المعمّى:/ [الخفيف] ربّما عالج القوافي رجال ... في القوافي فتلتوي وتلين طاوعتهم عين وعين وعين ... وعصته نون ونون ونون فحللتها؛ فالعين الأولى عين العربية، وهي النحو [4] خاصة، والثانية عين العروض، والثالثة إما عين العبارة، وهي الألفاظ المتخيرة، أو العين التي هي الذهب، فانها تعين على نظم الشعر، لرفاهية سر الشاعر، ومعنى البيتين: أن المواد تكون حاصلة، ولا يتأتّى نظم ولا نثر، قال: وقد حمل بعضهم الحسد على أن ذكر البيتين في مؤلف له، ولم يذكر أنّني حللتهما، فسبحان الله، ما هذه الأطباع دغلة وبواطن سيئة، ما الذي كان ينقصه لو ذكر ذلك، بل كان والله يرتفع، وينسب إلى الإنصاف. قال: وقد عملت فيها جزءا مفردا سميته: إظهار السر المكنون في عين وعين وعين ونون ونون ونون/. قال السراج الوراق [5] يرثي الحافظ زكي الدين عبد العظيم المنذري [6] : [الخفيف] ما اقتضى حظّنا بقاءك فينا ... ليتنا فيك ليتنا لو كفينا من يعزّ المخلفين بميت ... فيعزّ بفقدك المسلمينا عمّ فيك المصاب حتى لقينا ... كلّ حيّ أودى به ما لقينا فكأنّا لم ندر قبلك رزءا ... وكأنّا لم ندر من قد رزينا غال صرف الزمان من كان يحيّي ... سنّة الدّين والكتاب المبينا لو أمنّا من القلوب جواها ... لوددناك في القلوب دفينا

_ [1] الطبقات: به كما أنه بي لا يمتعه. [2] الطبقات والثمرات: جسمي ستجمعني يوما. [3] الطبقات: وإن ينل أحد منا منيته. الثمرات: فما الذي بقضاء الله يمنعه. [4] في ب: وهو النحو. والضمير يعود على العين. [5] السراج الوراق: عمر بن محمد بن حسن، أبو حفص، سراج الدين، شاعر مصر، له ديوان، ونظم درة الغواص، توفي سنة 690 هـ. (النجوم الزاهرة 8/83) . [6] سبقت ترجمته.

أو قبلت المجرحين مضى نع ... شك يعلو خدودنا والعيونا مرسلا جاء حديث دمعي وكم قد ... بلّغت منه أربع أربعينا يا إماما على حديث رسول الل ... هـ أضحى في الله حصنا حصينا صنت عبد العظيم منه عظيم ال ... قدر أعزز به لديك حصينا بأبي منك بحر علم روينا ... عنه لكن مضى وما إن روينا وعجبنا من حال أعواد نعش ... لم تعد يوم جاورتك غصونا نضّر الله للزكيّ محيّا ... يستمدّ الصباح منه جبينا وجزاه خيرا إذا أذن الل ... هـ بحسن الجزاء للمحسنينا وقال السراج الورّاق يرثي الحافظ رشيد الدين يحيى بن علي القرشي المالكي المعروف بالرشيد العطار [1] ، وقد انتهت إليه رئاسة الحديث بالديار المصرية: [الكامل] دمعي على الشيخ الرشيد مرسل ... وحزن قلبي أبدا مسلسل بكى دما جفني القريح بعده ... لو بالجريح يفتدى المعلّل أين إمام في الحديث مثله ... تضرب آباطا إليه الأبل ذاد عن السنّة كلّ مفتر ... به جلى الداجي وحلّ المشكل وكان في علم الرجال أوحدا ... بحيث قال العلم هذا الرجل أتقنهم معرفة بقول ذا ... مستعمل وقول ذاك مهمل ومن سوى العطّار يدري سرّهم ... والناس منهم حطب ومندل [2] يا جامع ابن العاص قد أوحشت من ... جارك واستوحش [....] أوّل [3] عهدي بصدر لك منه حاليا ... قد عاد وهو بعده معطّل

_ [1] الرشيد العطار: يحيى بن علي بن عبد الله، رشيد الدين القرشي الأموي، له (المعجم) في تراجم شيوخه و (نزهة الناظر في ذكر من حدّث عن أبي القاسم البغوي) وغيرهما، انتهت إليه رئاسة الحديث بالديار المصرية، ولد وتوفي بالقاهرة سنة 662 هـ. (حسن المحاضرة 1/356، شذرات الذهب 5/311، ذيل مرآة الزمان 2/314) . [2] المندل: العود الطيب الرائحة. [3] عجز البيت ساقط من نسخة ب، ل، وكذلك سقط صدر البيت الذي يليه. والكلمة المحذوفة التي بين معقوفتين، مطموسة وهي في نسخة الأصل (مذ) وفي ش (سف) أو (صف) وفي ع: (صف) ، وأرجحها.

لله ما ضمّ التراب من حجى ... يطيش رضوى عنده ويذبل [1] ومن عفاف وتقى وكيف لا ... والعلم أسّ لهما والعمل إنّ ضجيعي لحده لسنّة ال ... هادي الشفيع والكتاب المنزل لمثل ذا فليعمل القوم إذا ... راموا العلا لمثل ذا فليعملوا سقاك يا يحيى صبا مرتجز ... تحذو قطاريه صبا وشمال قال الجزار [2] في الشيخ عز الدين بن عبد السلام [3] : [الخفيف] سار عبد العزيز في الحكم سيرا ... لم يسره سوى ابن عبد العزيز عمّنا حكمه بعدل بسيط ... شامل للورى ولفظ وجيز غنيت أهل مصر بعد افتقار ... مذ حبتهم علومه بكنوز وقال أيضا يرثي الشيخ عز الدين بن عبد السلام: [السريع] أما الفتاوى فعليها السلام ... مذ فقد الشيخ ابن عبد السلام مات فمن يوضح أشكالها ... ويعرف الحلّ بها والحرام إنّا إلى الله لفقد امرىء ... قام بحقّ الله حقّ القيام ما خصّ فيه بالعزاء امرىء ... ورزؤه عمّ جميع الأنام كلّ أخي علم بكى فقده ... لأنّه في كلّ علم إمام من للتفاسير وتحريرها ... من للإصولين وعلم الكلام [4] كم دعوة منك غنينا بها ... عن ذابل يوم الوغى أو حسام من للذي يطمع في جوده ... بعدك إن ضنّ بغيث غمام

_ [1] رضوى: جبل بالمدينة، وهو من ينبع على مسيرة يوم، ومن المدينة على سبع مراحل. (ياقوت: رضوى) يذبل: جبل في نجد، وهو جبل لباهلة، وقد ذكره الشعراء. (ياقوت: يذبل) [2] الجزار: لعله يحيى بن عبد العظيم بن محمد أبو الحسين الجزار، شاعر مصري ظريف، أقبل على الأدب، وقد كان بينه وبين السراج الوراق مداعبات، له: (العقود الوردية في الأمراء المصرية) توفي سنة 679 هـ. (شذرات الذهب 5/364، النجوم الزاهرة 7/345) . [3] عز الدين بن عبد السلام: عبد العزيز بن عبد السلام بن أبي القاسم بن الحسن السلمي الدمشقي، الملقب بسلطان العلماء، فقيه شافعي بلغ رتبة الاجتهاد، له مصنفات منها: التفسير الكبير، والإلمام في أدلة الأحكام، وقواعد الشريعة وغيرها، توفي بالقاهرة سنة 660 هـ. (فوات الوفيات 1/287، طبقات السبكي 5/80- 107، النجوم الزاهرة 7/208) . [4] في ب: من للأصول. ولا يستقيم بها الوزن.

ومن بقى ينصر إخوانه ... ويحفظ العهد ويرعى الذّمام كم مهجة كادت تفدّيك لو ... أمكن أن يرضى فداها الحمام لا تقدر الأملاك تثنيك عن ... حقّ وكم أغراك منهم ملام زخرفت الجنّة شوقا إلى ... وجه له تشتاق دار السلام والحور في أبوابها قد غدا ... لها على رؤياك أي ازدحام خلقت للأجر وكسب الثنا ... في الدين والدنيا وترك الأثام أئمة الدين للقياك في ال ... فردوس من أمس تراهم قيام حسب ابن إدريس علا شدتها ... ليس لها طول الليالي انهدام يا بحر علم كلّنا بعده ... مستعر القلب شديد الأوام بمن يلوذ الناس في حادث ... لخطبه في كلّ صبح ظلام كم ظلمة في الخطب قد أشرقت ... منك بوجه فاق بدر التمام ومن يرى بعدك في عصرنا ... له بهذا الدين أيّ اهتمام لا يقبل الدنيا على ذرّة ... من دينه في يقظة أو منام وأشجع الناس بنفس له ... بها غنى عن كلّ جيش لهام كم ليلة في الذبّ عن شرعة ال ... إسلام لله هجرت المنام تالله ما الدنيا سوى زورة ال ... طيف ولا العيشة إلا منام وكيف لا يترك ما لم يدم ... ذو يقظة لم يرض إلا الدوام وصلت للراحة بعد العنا ... وفزت بالصحة بعد السقام حتى نكيرا وأخاه إذا ... ما أحجما عنك لفرط احتشام وباسط الحور التي قد غدت ... وكلها مقصورة في الخيام واستخدم الولدان فيما ترى ... فكلهم فيما تراه غلام لا زلت للراحة أهلا ولا ... عدت ثرى قبرك سحب الغمام

في تاريخ ابن عساكر

في تاريخ ابن عساكر عن هند بنت المهلب بن أبي صفرة، قالت: شيئان لا تؤمن المرأة عليهما؛ الرجال والطّيب. وعنها: أنها كانت تسبح بالؤلؤ، فاذا فرغت من تسبيحها ألقته إلى الحاضرات، فقالت: اقتسمنه بينكنّ. وفيه، عن زياد بن عبد الله القرشي [1] ، قال: دخلت على هند بنت المهلب بن أبي صفرة، امرأة الحجاج بن يوسف، فرأيت في يدها مغزلا فقلت: أتغزلين/ وأنت امرأة أمير؟ فقالت: سمعت أبي يقول: قال رسول الله، صلّى الله عليه وسلم: (أطولكنّ طاقة أعظمكنّ أجرا، وهو يطرد الشيطان ويذهب بحديث النفس) [2] . وفيه عن الزبير بن بكار، قال: رأت عاتكة بنت عبد الله بن يزيد بن معاوية في المنام قائلا يقول: [الكامل] أين الشباب وأين عيشتنا التي ... كنّا بها زمنا نسرّ ونجذل ذهبت بشاشته وأصبح ذكره ... حربا يعلّ به الفؤاد وينهل قال: فأوّل الناس ذلك من رؤيا عاتكة زوال ملك بني أمية، فكان كما قالوا. قال بعضهم: [الخفيف] ربّ نهر رأيت في جوف خرج ... يترامى بموجه الزخّار ونهار رأيت منتصف اللي ... ل وليل رأيت نصف النهار يعني بالخرج: الوادي الذي لا منفذ له، والنهار: فرخ الحبارى، والليل: فرخ الكروان. وقال ابن حزم الظاهري [3] : [الوافر] لئن أصبحت مرتحلا بشخصي ... فروحي عندكم أبدا مقيم ولكن للعيان لطيف معنى ... له سأل المعاينة الكليم [4] وقال أيضا [5] : [الوافر] يقول أخي: شجاك نحول جسم ... وروحك ماله عنّا رحيل [6]

_ [1] زياد بن عبد الله القرشي: أبو محمد السفياني، الملقب بالبيطار، لأنه صاحب صيد. (معجم بني أمية صلاح الدين المنجد، دار الكتاب الجديد، بيروت د. ت. ص 42) . [2] مجمع الزوائد للهيثمي 4/13، 93. [3] البيتان في المغرب في حلى المغرب ص 356، ونفح الطيب 2/287. [4] في نسخة ب: وكيف للعيان. [5] المغرب في حلى المغرب ص 356. [6] في ع: ودمعك ما له عنا رحيل.

فقلت له المعاين مطمئنّ ... لذا طلب المعاينة الخليل [1] ومنه قول بعضهم [2] : [الوافر] أقول لذات حسن قد توارت ... مخافة كاشح في الحي فاتن أريني وجهك الوضاح قالت ... ألم تؤمن فقلت بلى ولكن وقال علي بن أحمد الفنجكردي [3] : [مخلع البسيط] زماننا ذا زمان سوء ... لا خير فيه ولا صلاحا هل يبصر المبلسون فيه ... لليل أحزانهم صباحا فكلهم فيه في عناء ... طوبى لمن مات فاستراحا من تاريخ ابن عساكر: قال أبو اليقظان: مات لأنس بن مالك في الجارف [4] ثمانون ابنا [5] ، ويقال: سبعون، سنة تسع وستين. قال أحمد بن صالح العجلي: لم يبتل أحد من أصحاب النبي صلّى الله عليه وسلم، إلا رجلين؛ معيقيب، كان به هذا الداء الجذام، وأنس بن مالك كان به وضح. عن علقمة بن مرثد، قال: انتهى الزهد إلى ثمانية نفر من التابعين؛ عامر بن عبد الله القيسي [6] ، وأويس القرني [7] ، وهرم بن حيان العبدي [8] ، والربيع بن خثيم

_ [1] في ع: لذا سأل المعاينة الخليل. [2] انفردت نسخة ش بهذين البيتين. [3] علي بن أحمد الفنجكردي: من قرى نيسابور، قرأ اللغة على يعقوب بن أحمد الأديب وأحكمها، مات سنة 513 هـ. (بغية الوعاة 2/148) ، والأبيات في المصدر المذكور. [4] الجارف: موضع، وقيل هو ساحل تهامة. (ياقوت: الجارف) . [5] عامر بن عبد الله: المعروف بابن عبد قيس العنبري، تابعي، وأول من عرف بالنسك، ومن العباد المشهورين بالبصرة، أخذ القرآن عن أبي موسى الأشعري حين قدم البصرة، وهو من أقران أويس وأبي مسلم الخولاني، مات ببيت المقدس في خلافة معاوية سنة 55 هـ. (حلية الأولياء 2/87، تهذيب التهذيب 5/77، جامع كرامات الأولياء 2/51، العقد الفريد 3/414) . [6] في تهذيب تاريخ دمشق 3/146- 147، أن أنسا قال: حدثتني ابنتي أنه خرج من صلبي إلى مخرج الحجاج ثلاثة وعشرون ومائة ولد، وقد بلغت من السن مائة سنة وسبع سنين، وما بالبصرة أنصاري أكثر مالا مني. وكان رسول الله صلّى الله عليه وسلم قد دعا له بقوله: (اللهم أكثر ماله وولده) . [7] أويس القرني: أويس بن عامر بن جزء بن مالك القرني، من بني قرن، أحد النساك العبّاد المتقدمين، وسيد من سادات التابعين أصله من اليمن، ثم سكن القفار والرمال، أدرك حياة النبي صلّى الله عليه وسلم ولم يره، وفد على عمر بن الخطاب، ثم سكن الكوفة، وشهد صفين مع علي بن أبي طالب، وقيل قتل في صفين سنة 37 هـ. (طبقات ابن سعد 6/111، ابن عساكر 3/157، حلية الأولياء 2/79، ميزان الاعتدال ص 129، مسالك الأبصار 1/122) . [8] هرم بن حيان العبدي الأزدي: من بني عبد القيس، قائد فاتح، من كبار النساك، من التابعين، وكان من

الثوري [1] ، وأبي مسلم الخولاني [2] ، والأسود بن يزيد [3] ، ومسروق بن الأجدع [4] ، والحسن بن أبي الحسن البصري [5] ./ رأي الطفيل الدوسي [6] يوم مسيلمة، أن امرأة لقيته ففتحت له فرجها فدخله، وطلب ابنه وحبس عنه، فقال: أوّلت رؤياي أن أقتل، وأن المرأة التي أدخلتني في فرجها الأرض، وأن ابني ستصيبه جراحة، ويوشك أن يلحقني، فكان كذلك.

_ سكان البصرة، عده ابن أبي حاتم في الزهاد الثمانية، وسماه الجاحظ في النساك الزهاد من أهل البيان، مات في إحدى غزواته بعد سنة 26 هـ. (أسد الغابة 5/75، طبقات ابن سعد 7/95، تاريخ الإسلام 3/211، صفة الصفوة 3/137، البيان والتبيين 1/363) . [1] الربيع بن خثيم الثوري: من بني ثعلبة بن عامر بن ملكان، يكنى أبا يزيد، من شيوخ الزهد عاش زمن معاوية، وله أقوال كثيرة في الزهد، توفي بالكوفة في ولاية عبيد الله بن زياد. (طبقات ابن سعد 6/219- 227) . [2] أبو مسلم الخولاني: عبد الله بن ثوب الخولاني، تابعي فقيه عابد زاهد، نعته الذهبي بريحانة الشام، أصله من اليمن، أدرك الجاهلية، وأسلم قبل وفاة النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يره، فقدم المدينة في خلافة أبي بكر، وهاجر إلى الشام، وكان يقال: أبو مسلم حكيم هذه الأمة، توفي بدمشق، وقبره بداريا، وفاته سنة 26 هـ. (تهذيب التهذيب 12/235، حلية الأولياء 2/122، تذكرة الحفاظ 1/46، تاريخ داريا ص 103، دول الإسلام 1/32، تهذيب ابن عساكر 7/314) . [3] الأسود بن يزيد بن قيس النخعي: تابعي فقيه من الحفاظ، كان عالم الكوفة في عصره، توفي سنة 75 هـ. (حلية الأولياء 2/102، تذكرة الحفاظ 1/48) . [4] مسروق بن الأجدع بن مالك الهمداني الوداعي: أبو عائشة، تابعي ثقة من أهل اليمن، قدم المدينة في أيام أبي بكر، وسكن الكوفة، وشهد حروب علي، وكان أعلم بالفتيا من شريح، وشريح أبصر منه بالقضاء، توفي سنة 63 هـ. (التهذيب 10/109، الإصابة ت 8408، الإكليل 10/77، طبقات الخواص ص 155) . [5] الحسن بن يسار البصري: أبو سعيد، تابعي، كان إمام أهل البصرة، وحبر الأمة في زمنه، وهو أحد العلماء الفقهاء الفصحاء الشجعان النساك، كان أبوه من أهل ميسان، مولى لبعض الأنصار، وشب الحسن في كنف علي بن أبي طالب، سكن البصرة وعظمت هيبته في القلوب، فكان يدخل على الولاة فيأمرهم وينهاهم، لا يخاف في الحق لومة لائم، وله مع الحجاج مواقف، وقد سلم من أذاه، كان غاية في الفصاحة، له كلمات سائرة، وله كتاب في (فضائل مكة) توفي بالبصرة سنة 110 هـ. (حلية الأولياء 2/131، ميزان الاعتدال 1/254، ذيل المذيل ص 93، أمالي المرتضى 1/106) . [6] الطفيل الدوسي: الطفيل بن عمرو بن طريف بن العاص الدوسي الأزدي، صحابي من الأشراف، في الجاهلية والإسلام، كان شاعرا غنيا، كثير الضيافة، مطاعا في قومه، استشهد في يوم اليمامة سنة 11 هـ. (صفة الصفوة 1/245، حسن الصحابة ص 291، سمط اللآلي ص 251، تلبيس إبليس لابن الجوزي ص 580) .

قال أحمد العجلي: إياس بن معاوية بن قرة [1] بصري ثقة، وكان على قضاء البصرة، وأبوه تابعي، وجده قرّة صحابي [2] ، دخل عليه ثلاث نسوة، فقال: أما هذه فمرضع، والأخرى بكر، والأخرى ثيّب، فقيل له: بم علمت؟ قال: فأما المرضع، فلما قعدت أمسكت ثديها بيدها، وأما البكر، فلما دخلت فلم تلتفت إلى أحد، وأما الثيّب، فلما دخلت نظرت ورمت بعينها. قال حمّاد بن سلمة: سمعت إياس بن معاوية يقول [3] : أذكر الليلة التي ولدت فيها، وضعت أمّي على رأسي جفنة. قال المدائني: قال إياس بن معاوية لأمه [4] : ما شىء سمعته، وأنا صغير، وله جلبة شديدة، قالت: تلك يا بني طست سقطت من فوق الدار إلى أسفل ففزعت، فولدتك تلك الليلة. قال أبو العباس أحمد بن يحيى ثعلب، قال إياس بن معاوية [5] : كنت في مكتب بالشام، وكنت صبيا، فاجتمع النصارى/ يضحكون من المسلمين، وقالوا: إنهم يزعمون أنه لا يكون ثفل الطعام في الجنة، قلت: يا معلم [6] ، أليس تزعم أن أكثر الطعام يذهب في البدن؟ فقال: بلى، قلت: فما تنكر أن يكون الباقي يذهبه الله في البدن كله؟ فقال: أنت شيطان. قال أبو قتيبة سلم بن قتيبة، قال: حدثنا محمد بن عبد الله، قال [7] : قدم إياس بن معاوية الشام، فناظره غيلان [8] في القدر، فقال له إياس: إن شئت أخبرت بقول أهل الجنة وأهل النار والملائكة والشيطان، وقول العرب في أشعارها، قال له غيلان: أخبرني بها، قال، قال أهل الجنة حين دخلوا:

_ [1] إياس بن معاوية بن قرة المزني: أبو واثلة، قاضي البصرة وأحد أعاجيب الدهر في الفطنة والذكاء، يضرب المثل بذكائه، قال الجاحظ: إياس من مفاخر مضر ومن مقدمي القضاة، كان صادق الحدس، نقابا، عجيب الفراسة، ملهما وجيها عند الخلفاء، توفي سنة 122 هـ. (وفيات الأعيان 1/81، البيان والتبيين 1/56، ثمار القلوب ص 72، حلية الأولياء 3/123، ميزان الاعتدال 1/131) . [2] ينظر فيه: تهذيب ابن عساكر 3/176. [3] الخبر في تهذيب تاريخ ابن عساكر 3/176. [4] الخبر في تهذيب ابن عساكر 1/177. [5] مجالس ثعلب 1/15 تحقيق عبد السلام هارون ط دار المعارف، مصر 1948. [6] في ب: يا مسلم. [7] تهذيب تاريخ ابن عساكر 3/177. [8] غيلان بن مسلم الدمشقي: كاتب من البلغاء، تنسب إليه فرقة (الغيلانية) من القدرية، وهو ثاني من تكلم بالقدر ودعا إليه، ولم يسبقه سوى معبد الجهني، قتله هشام بن عبد الملك بدمشق بعد أن ناظره الأوزاعي سنة 105 هـ. (عيون الأخبار 2/345- 346، الملل والنحل 1/227، لسان الميزان 4/424، الحيوان للجاحظ 1/295) .

الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدانا لِهذا، وَما كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلا أَنْ هَدانَا اللَّهُ [1] ، وقال أهل النار حين دخلوها: رَبَّنا غَلَبَتْ عَلَيْنا شِقْوَتُنا [2] ، وقالت الملائكة: لا عِلْمَ لَنا إِلَّا ما عَلَّمْتَنا [3] ، وقال الشيطان: رَبِّ بِما أَغْوَيْتَنِي [4] ، وقالت العرب في أشعارها [5] : [الطويل] لا يمنع عنك الطير شيئا أردته ... فقد خطّ بالأقلام ما أنت لاقيا قال رجل لإياس بن معاوية [6] : حتى متى يتوالد الناس ويموتون؟ فقال: لجلسائه/ أجيبوه، فلم يكن عندهم جواب، فقال إياس: حتى تتكامل العدّتان؛ عدة أهل النار، وعدة أهل الجنة. عن إياس بن معاوية قال [7] : إياك والشاذ من العلم، فان أقلّ ما يصيب صاحبه الذلة. قال روح القيسي [8] : استودع رجل رجلا مالا، وخرج إلى مكة، فلما رجع طلبه فجحده، فأتى إياس بن معاوية، فأخبره، فقال له إياس: أعلم أنّك أتيتني؟ قال: لا، قال: فنازعته عند أحد؟ قال: لا، قال: فانصرف واكتم أمرك، ثم عد إليّ بعد يومين، فمضى الرجل، فدعا إياس ذلك الرجل، قال: قد حضر مال كثير أريد أن أصيّره إليك، أفحصين منزلك؟ قال: نعم، قال: فأعد موضعا للمال، وعاد الرجل إلى إياس، فقال له: انطلق إليه، فاطلب مالك، فان أعطاك فذاك، وإن جحدك فقل له: إني أخبر القاضي، فأتى الرجل صاحبه، فقال: مالي، وإلا أتيت القاضي وشكوت إليه، فدفع إليه ماله، فرجع الرجل إلى إياس، فقال: قد أعطاني المال، وجاء ذلك الرجل إلى إياس لموعده، فزبره وانتهره، وقال: لا تقربني يا خائن. عن عبد الله بن مصعب [9] : استودع رجل رجلا كيسا فيه دنانير، وغاب الرجل، فلما طال الأمر، فتق المستودع/ الكيس من أسفله، وأخذ الدنانير، وجعل في الكيس

_ [1] الأعراف 43. [2] المؤمنون 106. [3] البقرة 32. [4] الحجر 39. [5] تهذيب ابن عساكر 3/177. [6] السابق 3/178. [7] تهذيب ابن عساكر 3/179. [8] روح القيسي: روح بن عبادة بن العلاء القيسي، أبو محمد، محدّث ثقة من أهل البصرة، كثير الحديث، صنّف كتبا في السنن والأحكام، وجمع تفسيرا، روى عنه أئمة منهم أحمد بن حنبل، توفي سنة 205 هـ. (تهذيب التهذيب 3/293، تاريخ بغداد 8/401) ، والرواية في تهذيب ابن عساكر 3/182. [9] عبد الله بن مصعب بن ثابت بن عبد الله بن الزبير: أبو بكر القرشي، من أهل العدل والشعر، ولد بالمدينة وولي اليمامة، وتوفي بالرقة سنة 481 هـ. (تاريخ بغداد 10/173، البداية والنهاية 10/185، مجالس ثعلب 1/81) ، والرواية في تهذيب ابن عساكر 3/182.

دراهم، وخيطه، والخاتم على حاله [1] ، فقدم صاحب المال بعد خمس عشرة سنة، فطلب ماله، فدفع إليه الكيس بخاتمه، فلم يقبله، فقال: هذه دراهم، ومالي دنانير، قال: هذا كيسك بخاتمه، فرفعه إلى عمر بن هبيرة، قال لإياس بن معاوية: انظر في أمر هذين، فقال إياس للطالب: ما تقول؟ قال: أعطيته كيسا فيه دنانير، قال: منذكم؟ قال: منذ خمس عشرة سنة، ففضّوا الخاتم ونثروا الدراهم، فوجدوا ضرب عشر سنين، وخمس سنين، وأقل وأكثر، قال: أقررت أنه عندك منذ خمس عشرة سنة، وفي الكيس ضرب عشر سنين، وخمس سنين، فأقرّ بالدنانير، فألزمه إياها. قيل لإياس لما ولي القضاء [2] : إنك تعجل بالقضاء، قال إياس: كم لكفّك من إصبع؟ قال: خمسة، قال إياس: عجلت بالجواب، قال: لم يعجل من استيقن علما، فقال إياس: هذا جوابي. دخل إياس بن معاوية الشام [3] ، وهو غلام، فقدّم خصما له إلى قاض، وكان/ خصمه شيخا صديقا للقاضي، فقال له القاضي: يا غلام، أما تستحي تقدّم شيخا كبيرا؟ قال إياس: الحق أكبر منه، قال القاضي: اسكت، قال: فمن ينطق بحجتي إذا سكتّ؟ قال: ما أحسبك تقول حقا حتى تقوم من مجلسي، قال: أشهد أن لا إله إلا الله، قال: ما أظنك إلا ظالما، قال: ما على ظن القاضي خرجت من منزلي. قال عثمان بن أبي شيبة في الأوائل: حدثنا محمد بن فضل [4] عن عاصم الأحول عن الشعبي قال: أتاني عامري وأسدي وقد أخذ العامري بيد الأسدي فهو لا يفارقه، قال: فقلت له يا أخا بني عامر، إنه قد كانت لبني أسد ست خصال لا أعلمها كانت لحي من العرب، كانت منهم امرأة زوجها الله عز وجل نبيه صلّى الله عليه وسلم، والسفير بينهما جبريل، أفكانت هذه لقومك؟ وكان أول لواء عقد في الإسلام لواء عبد الله بن جحش الأسدي [5] ، أفكانت هذه لقومك، وكان أول مغنم قسّم في الإسلام، مغنم عبد الله بن جحش، أفكانت هذه لقومك؟ وكان منهم رجل يمشي بين الناس مقنعا

_ [1] قوله: (وجعل في الكيس دراهم، وخيطه والخاتم على حاله) ، ساقطة من نسخة ب. [2] تهذيب ابن عساكر 3/181. [3] الرواية بتفصيل أكثر في تهذيب ابن عساكر 3/176. [4] الرواية في تهذيب ابن عساكر 3/187، والإصابة في ترجمة أبي سنان، باب الكنى. [5] عبد الله بن جحش بن رئاب بن يعمر الأسدي، صحابي قديم الإسلام، هاجر إلى الحبشة، ثم إلى المدينة، وكان من أمراء السرايا، وهو صهر رسول الله صلّى الله عليه وسلم، أخو زينب بنت جحش أم المؤمنين، قتل يوم أحد، فدفن هو وحمزة في قبر واحد سنة 3 هـ. (حلية الأولياء 1/108، 5/120، امتاع الأسماع 1/55، الإصابة ت 4574) .

وهو من أهل الجنة، عكاشة بن محصن الأسدي [1] ، أفكانت هذه لقومك؟ وكان/ أول من بايع بيعة الرضوان أبو سنان عبد الله بن وهب [2] ، فقال: يا رسول الله، ابسط يدك أبايعك، قال: على ماذا؟ قال: على ما في نفسك، قال: وما في نفسي؟ قال: فتح أو شهادة، قال: نعم، فبايعه، قال: فجعل الناس يبايعونه ويقولون: على بيعة أبي سنان، على بيعة أبي سنان، أفكانت هذه لقومك؟ وكانوا سبع المهاجرين. عن الشعبي أن عبد الملك بن مروان [3] قال لأيمن بن خريم [4] : ألا تخرج فتقاتل معنا؟ قال: لا، إن أبي وعمّي شهدا بدرا مع رسول الله صلّى الله عليه وسلم، فعهدا إليّ أن لا أقاتل رجلا يشهد أن لا إله إلا الله، فان أتيتني ببراءة من النار، فأنا معك، قال: اذهب، فلا حاجة لنا فيك، فقال [5] : [الوافر] ولست بقاتل رجلا يصلي ... على سلطان آخر من قريش له سلطانه وعليّ إثمي ... معاذ الله من جهل وطيش أأقتل مسلما من غير شىء ... فلست بنافعي ما عشت عيشي أحمد بن أبي الحواري، حدثنا أيوب بن أبي عائشة، حدثنا أبو هبيرة: أن رجلا ضاف بأعمى فعشاه، فلما كان من الليل، قام فتوضأ، فصلى ما شاء/ الله أن يصلي، ثم دعا فقال: اللهم رب الأرواح الفانية، ورب الأجساد البالية، أسألك بطاعة الأرواح الراجعة إلى أجسادها، وبطاعة الأجساد البالية إلى عروقها، وأسألك بدعوتك الصادقة فيهم وكلمة الحق [6] بينهم، وبشدة سلطانك، ينتظرون قضاءك، ويرجون رحمتك،

_ [1] عكاشة بن محصن الأسدي: يكنى أبا محصن، شهد بدرا وأحدا والخندق والمشاهد كلها مع رسول الله صلّى الله عليه وسلم، وقتل في حرب الردة ببزاخة بأرض نجد، قتله طليحة بن خويلد الأسدي، سنة 12 هـ. (حلية الأولياء 2/12، الروض الأنف 2/73، الإصابة ت 5634، طبقات ابن سعد 3/92) . [2] أبو سنان عبد الله بن وهب: ويقال وهب بن عبيد الله الأسدي، قال الشعبي: كان أول من بايع رسول الله صلّى الله عليه وسلم تحت الشجرة، أبو سنان بن وهب، وقيل توفي بحصار بني قريظة. (الإصابة 7/162- 163 ط دار الكتب العلمية بيروت 1995) وفي الإصابة الرواية المذكورة. [3] في الأصل: عبد الملك بن مروان، وفي ب: أن مروان قال، وفي ش: عن الشعبي قال لأيمن بن خريم. [4] أيمن بن خريم بن فاتك: من بني أسد شاعر، كان من ذوي المكانة عند عبد العزيز بن مروان بمصر، ثم تحول عنه إلى أخيه بشر بن مروان بالعراق، وكان يشارك في الغزو، عرض عليه عبد الملك بن مروان مالا ليذهب إلى الحجاز ويقاتل ابن الزبير، فأبي، توفي سنة 80 هـ. (تهذيب ابن عساكر 3/187، الإصابة 2/109، الشعر والشعراء ص 214، الأغاني 1/30، 328- 331 ط الدار) . [5] الرواية والشعر في الشعر والشعراء ص 346 ط ليدن، وتهذيب ابن عساكر 3/188، والعقد الفريد 5/150 ط بيروت 1997، وفيه بيتان الأول والثاني. [6] في ش: وحكمة الحق.

ويخافون عذابك، أسألك أن تجعل النور في بصري، والإخلاص في عملي، والشكر في قلبي أبدا ما أبقيتني، فحفظ الأعمى هذا الدعاء، فلما كان في القابلة، توضأ وصلى ما شاء الله أن يصلي، ثم رفع يديه فدعا بهذا الدعاء، فلما بلغ: أن تجعل النور في بصري، أبصر، ورد الله إليه بصره [1] . إبراهيم بن جابر الفقيه قال: قيل لبشر الحارث [2] ، يقولون إنك لا تحفظ الحديث، فقال: أنا أحفظ حديثا واحدا، إذا عملت به فقد حفظت الحديث، قال النبي صلّى الله عليه وسلم: (المسلم من سلم المسلمون من يده ولسانه) [3] ، حتى أفعل هذا وأحفظ الحديث. عبد الرحمن بن أبي حاتم، قال: بلغني أن بشر الحافي قال: رأيت النبي صلّى الله عليه وسلم في المنام، فقال لي: يا بشر، تدري لم رفعك الله من بين أقرانك؟ قلت: لا، يا رسول الله، قال: باتباعك لسنتي وخدمتك الصالحين، ونصيحتك لإخوانك،/ ومحبتك لأصحابي وأهل بيتي [4] . محمد بن منصور الطوسي قال: سمعت بشر بن الحارث يقول: لو أن الروم بأسرهم جاءوا إلى باب الأنبار، فخرج إليهم رجل بسيف حتى ردهم إلى الموضع الذي جاءوا منه، ثم تنقّص أحدا من أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلم، مقدار خرم إبرة ما نفعه ذلك [5] . وقال بشر بن الحارث: بادر بادر، فان ساعات الليل والنهار تذهب الأعمار [6] . وقال بشر بن الحارث: العداوة في القرابة، والحسد في الجيران، والمنفعة في الإخوان. عن الجاحظ قال: سأل الحجاج ابن القريّة [7] عن أضيع الأشياء، فقال: سراج في شمس، ومطر في سبخة، وبكر تزف إلى عنين، وطعام يهيأ لشبعان، ومعروف عند غير أهله./

_ [1] تهذيب ابن عساكر 3/208- 209. [2] هو بشر الحافي الزاهد، سبقت ترجمته. [3] صحيح البخاري: كتاب الإيمان 1/9. [4] تهذيب ابن عساكر 3/233. [5] السابق والصفحة. [6] قوله: (وقال بشر بن الحارث: بادر بادر فان ساعات الليل والنهار تذهب الأعمار) ، ساقطة من نسخة ب. [7] ابن القرية: أيوب بن زيد بن قيس بن زرارة الهلالي، أحد البلغاء، خطيب يضرب به المثل، يقال: أبلغ من ابن القرية، والقرية أمه، وقيل: إحدى جداته، كان أعرابيا أميا يتردد إلى عين التمر (غربي الكوفة) فاتصل بالحجاج فأعجب بمنطقه، ولما ثار ابن الأشعث، بعثه الحجاج إليه رسولا، فالتحق به وشهد معه وقعة دير الجماجم، فلما انهزم ابن الأشعث، سيق ابن القرية إلى الحجاج فقتله سنة 84 هـ. (الطبري 8/37، وابن الأثير حوادث سنة 84، تاريخ الإسلام 3/234، ابن خلكان 1/84، الأغاني 1/163، وقد أنكر الأصفهاني وجود ابن القرية ومجنون ليلى وابن أبي العقب) .

قال بشر الحافي: يجب عليكم يا أصحاب الحديث فيها زكاة، كما يجب على أحدكم إذا ملك مائتي درهم، خمسة دراهم، فكذلك يجب على أحدكم إذا سمع مائتي حديث أن يعمل منها بخمسة أحاديث، وإلا فانظروا إيش يكون عليكم هذا غدا. قال البيهقي: لعله أراد من الأحاديث التي وردت في الترغيب في النوافل، وأما في الواجبات فيجب العمل بجميعها. عن محمد بن المثنى السمسار، قال: كنا عند بشر بن الحارث، وعنده العباس بن عبد العظيم العنبري، فقال له: يا أبا نصر، أنت رجل قد قرأت القرآن، وكتبت الحديث، فلم لا تتعلم من العربية ما تعرف به اللحن؟ قال: ومن يعلمني يا أبا الفضل؟ قال: أنا يا أبا نصر، قال: فافعل، قال، قل: ضرب زيد عمرا، فقال له بشر: يا أخي ولم ضربه؟ قال: يا أبا نصر، ما ضربه، وإنما هذا تخيل وضع، فقال بشر: هذا أوله كذب، لا حاجة لي فيه. قال أبو حارث الأولاسي: من علم أنه يعين الله استحى أن يراه يرجو سواه، ومن أيقن بنظر الله إليه أسقط اختيار نفسه، ومن علم أن الله [1] هو الضار النافع، أسقط مخاوف المخلوقين. إبراهيم بن أبي عبلة [2] ، قال: ما رأيت من أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلم، عبد الله بن عمر، وعبد الله بن أم حزام، وواثلة بن الأسقع، وأنس بن مالك، يلبسون البرانس، ويقصون شواربهم، ولا يحفون حتى ترى الجلدة، ولكن قصا حسنا، يكشفون الشفة، ويصفّرون بالورس، ويخضبون بالحناء والكتم. وقال: من حمل شاذّ العلماء، حمل شرا كثيرا. محمد بن زياد أبو مسعود، من أهل دمشق، سمعت إبراهيم بن أبي عبلة يقول لمن جاء من الغزو: قد جئتم من الجهاد الأصغر، فما فعلتم/ في الجهاد الأكبر، قالوا: وما الجهاد الأكبر؟ قال: جهاد القلب. أبو شيبة، عن الحكم بن مقسم، عن ابن عباس، قال: نظر رسول الله صلّى الله عليه وسلم، إلى حنظلة الراهب، وحمزة بن عبد المطلب، تغسلهما الملائكة. محمد بن يحيى بن حمزة الحضرمي، قال: كتب المعتصم إليّ: بسم الله الرحمن الرحيم، من أبي إسحاق ابن أمير المؤمنين الرشيد، إلى محمد بن يحيى بن حمزة، سلام عليك، فاني أحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو، وأسأله أن يصلي على محمد عبده ورسوله، أما بعد، فاني كتبت إلى إسحاق بن يحيى، فيما كتب إليّ به أمير المؤمنين أعزه الله تعالى، يعني المأمون من امتحان القضاة في عملي، عما يقولون في القرآن، فان قالوا إنه مخلوق، أقررتهم على أعمالهم،

_ [1] في ش: أن الله تعالى. [2] إبراهيم بن أبي عبلة: شمر بن يقظان بن عبد الله المرتحل، أبو إسماعيل الرملي، وقيل: الدمشقي، أرسل عن عتبة بن غزوان، وروى عن أبي أبيّ ابن أم حرام ابن امرأة عبادة، وأنس بن مالك، وغيرهم، قال ابن المديني كان أحد الثقات، مات سنة 151 هـ. (تهذيب التهذيب 1/142- 143) .

البخاري في التاريخ

وتقدمت إليهم في امتحان الشهود عن ذلك، فمن أقر منهم سمعت شهادته [1] ، ومن لم يقله، لم تسمع منه، وإن لم يقل أحد من القضاء ذلك، أن أتقدم إليه في اعتزال القضاء، فاكتب إليه باسمه، وما أمر به في ذلك كتابا، وقد نسخته لك في آخر كتابي هذا، فتعمل على/ حسبته [2] ، وتنتهي إلى ما حد أمير المؤمنين، أطال الله بقاءه منه، فاعلم ذلك واعمل به إن شاء الله، والسلام عليك ورحمة الله، وكتب الفضل بن مروان، لست ليال بقين من جمادى الأولى سنة ثمان عشرة ومائتين. الحسن بن محمد بن الصباح الزعفراني، سمعت الشافعي يقول: ما ناظرت أحدا، فأردت بمناظرتي إياه غير الله، ولا أردت الجدال، وذلك أنه بلغني أن من ناظر أخاه في العلم يريد الغلبة، أحبط الله له عمله سبعين سنة. البخاري في التاريخ عن عوف بن مالك، قال: جعل النبي صلّى الله عليه وسلم، المسح على الخفين في غزوة تبوك ثلاثا للمسافر، ويوما للمقيم [3] . إسحق بن خلف قال: الورع في المنطق أشد منه في الذهب والفضة، والزهد في الرئاسة أشد منه في الذهب والفضة، لأنك تبذلهما في طلب الرئاسة. عن عكرمة عن ابن عباس قال: كان رسول الله صلّى الله عليه وسلم، دعابة قليلة، يعني المزاح. عن عطاء بن أبي رباح، أن رجلا سأل ابن عباس: أكان رسول الله صلّى الله عليه وسلم/ يمزح؟ قال: نعم، قال: فما كان مزاحه؟ قال: إنه كسا ذات يوم امرأة من نسائه ثوبا واسعا، فقال لها: البسيه واحمدي الله، وجري منه ذيلا كذيل العروس. عن عائشة قالت: أتيت النبي صلّى الله عليه وسلم بحريرة [4] طبختها، فقلت لسودة: كلي، فأبت، فقلت: لتأكلن أو لألطخن وجهك، فأبت، فوضعت يدي فيها فطليت وجهها، فضحك النبي صلّى الله عليه وسلم، وقال لها: (الطخي وجهها) [5] ، فلطخت وجهي، فضحك النبي صلّى الله عليه وسلم. عن أنس أن النبي صلّى الله عليه وسلم قال لعائشة ذات يوم: (ما أكثر بياض عينيك) [6] . قال الخطابي [7] : سئل بعض

_ [1] في ش: سمعت شهادتهم. [2] كذا في الأصول، ولعلها: تعمل على حبسه. [3] ينظر صحيح مسلم 1/131، وتهذيب ابن عساكر 4/409، 5/132. [4] الحريرة: دقيق يطبخ بلبن أو دسم. [5] مجمع الزوائد 4/316. [6] ميزان الاعتدال ص 390، لسان الميزان لابن حجر 3/870. [7] الخطابي: حمد بن محمد بن إبراهيم البستي، أبو سليمان، فقيه محدث من أهل بست (من بلاد كابل) من نسل زيد بن الخطاب (أخي عمر بن الخطاب) ، له تصانيف منها: معالم السنن، في شرح سنن أبي داود، وبيان إعجاز القرآن، وإصلاح غلط المحدثين، وغريب الحديث، وله شعر منه نتف في يتيمة الدهر، توفي

السلف عن مزح الرسول صلّى الله عليه وسلم، فقال: كانت له مهابة، فكان يبسط الناس بالدعابة، قال: وأنشدها ابن الأعرابي في نحو هذا يمدح رجلا: [الخفيف] يتلقى النّديّ بوجه صبيح ... وصدور القنا بوجه وقاح فبهذا وذا تتمّ المعالي ... طرق الجدّ غير طرق المزاح أبو القاسم الحسن بن محمد بن حبيب المفسر النيسابوري، حدثنا أبو النضر محمد بن محمد بن يوسف، قرأت على الحسن بن يحيى بن نصر بطوس، حدثنا العباس بن عيسى العقيلي، حدثني محمد بن يعقوب، عن عبد الوهاب الزبيري [1] حدثنا محمد بن عبد الرحمن الزهري، عن أبيه عن جده، قال، قال رجل من بني سلول: يا رسول الله أيدالك الرجل امرأته؟ قال: (نعم إذا كان ملفجا) ، فقال له أبو بكر: يا رسول الله، ما قال لك، وما قلت له؟ قال: إنه قال: أيماطل الرجل أهله؟ فقلت له: (نعم إذا كان مفلسا) ، فقال أبو بكر: يا رسول الله، لقد طفت في العرب، وسمعت فصحاء هم، فما سمعت أفصح منك، فمن أدبك، قال: (أدبني ربي، ونشأت في بني سعد) [2] . عن علي بن حسين قال: كنّا نعلّم مغازي النبي صلّى الله عليه وسلم وسراياه، كما نعلّم السورة من القرآن. عن أنس قال: كان لا يشأ العبد الأسود أن يأتي رسول الله صلّى الله عليه وسلم، فيأخذ بيده، فيمضي به حيث يشاء إلا فعل لحاجته. عن ابن عباس قال: أول شيء رأى النبي صلّى الله عليه وسلم من النبوة، أن قيل له: استتر وهو غلام، فما رؤيت عورته منذ يومئذ [3] /. عن السدي عن أنس قال: لو بقي إبراهيم لكان نبيا، ولكن لم يكن ليبقى لأن نبيكم آخر الأنبياء. عن عبد الله بن أوفى قال: مات إبراهيم وهو صغير، ولو قضي أن يكون بعد النبي صلّى الله عليه وسلم نبي لعاش. عن ابن عباس قال: لما مات إبراهيم قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: (إن له مرضعا في الجنة يتم رضاعه، ولو عاش لكان صديقا نبيا) [4] .

_ في بست سنة 388 هـ. (وفيات الأعيان 1/166، إنباه الرواة 1/125، ويتيمة الدهر 4/231، الكنى والألقاب 2/207) . [1] في ش: الوبري. [2] كنز العمال 41942، 32024. [3] قوله: (عورته منذ يومئذ) ساقطة من نسخة ب. [4] تهذيب ابن عساكر 1/395، وفي صحيح البخاري 1/135 قال: حدثنا أبو الوليد، حدثنا شعبة بن عدي بن ثابت، أنه سمع البراء رضي الله عنه، قال: لما توفي إبراهيم عليه السلام: (قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: إن له مرضعا في الجنة) ، وانظر تتمة الحديث في سنن ابن ماجة 1511، والحاوي للفتاوي 2/188، وتهذيب تاريخ دمشق 1/296.

عن جابر بن عبد الله قال، قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: (لو عاش إبراهيم لكان نبيا) [1] . عن علي قال: لما مات إبراهيم دفنه رسول الله صلّى الله عليه وسلم، وأدخل يده في قبره، وقال: (أما والله، إنه لنبي ابن نبي) ، في سنده عيسى بن عبد الله بن محمد بن عمر بن علي بن أبي طالب، قال ابن عساكر: ليس بالقوي، قلت: وبقي من طرقه ما أخرجه الباوردي في معجم الصحابة عن أنس قال، قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: (لو عاش إبراهيم لكان صديقا نبيا) [2] . وهذه طرق عديدة تردّ على من أنكر ورود ذلك. عن عطاء قال: كانت صفية [3] آخر من مات بالمدينة [4] . ابن المبارك عن مصعب بن ثابت بن عبد الله بن الزبير، عن إسماعيل بن محمد عن عامر بن سعد عن أبيه. قال: رأيت رسول الله صلّى الله عليه وسلم،/ سلّم في الصلاة تسليمتين، تسليمة عن يمينه، السلام عليكم ورحمة الله، وتسليمة عن يساره السلام عليكم ورحمة الله، حتى يرى بياض خده من هاهنا ومن هاهنا، قال: فذكرت هذا الحديث عند الزهري فقال: هذا حديث لم أسمعه من حديث رسول الله صلّى الله عليه وسلم، فقال له إسماعيل بن محمد: أكل حديث النبي صلّى الله عليه وسلم سمعته؟ قال: لا، قال: فثلثيه؟ قال: لا، قال: فنصفه؟ قال: أرجو، قال: اجعل هذا الحديث في النصف الذي لم تسمع. عن الزهري، قال: من اغتسل ليلة الجمعة وصلى ركعتين يقرأ فيهما قل هو الله أحد، ألف مرة، رأى النبي صلّى الله عليه وسلم في منامه [5] . الأصمعي، حدثنا ابن أبي الزناد قال: كان رسول الله صلّى الله عليه وسلم، بين شر جارين، عقبة بن أبي معيط، وبين أبي لهب، فكان يصبح على بابه الأرجام والفرث، فيدفعها بسيّة قوسه، ويقول: يا معشر قريش، أي مجاورة هذه/ عن عائشة قالت: إن النبي صلّى الله عليه وسلم كان يرمى بالأرجام والجيف، فقال: يا معشر قريش، أي مجاورة هذه. عن ابن الزبير، عن جابر، قال: بين كتفي آدم مكتوب: محمد رسول الله خاتم النبيين. عن أبي العباس نسيم الكاتب، قال: قيل لأشعب [6] ، حدثنا، فقال: سمعت عكرمة

_ [1] سنن ابن ماجة 1511، الحاوي للفتاوي للسيوطي 2/188، تهذيب ابن عساكر 1/296. [2] سنن ابن ماجة 1511، الحاوي للفتاوي 2/188. [3] هي صفية بنت حيي بن أخطب من أزواج النبي صلّى الله عليه وسلم، أسلمت وتزوجها الرسول، وتوفيت بالمدينة سنة خمسين وقيل سنة اثنتين وخمسين، ودفنت بالبقيع (شذرات الذهب 1/12، تهذيب ابن عساكر 1/307) . [4] تهذيب ابن عساكر 1/307. [5] تهذيب ابن عساكر 3/132. [6] أشعب: هو أشعب بن جبير المعروف بالطامع، ويقال له ابن أم حميد، ظريف من أهل المدينة، كان مولى لعبد الله بن الزبير، تأدب وروى الحديث، وكان يجيد الغناء، كان يضرب المثل بطمعه أخباره كثيرة متفرقة في كتب الأدب، توفي سنة 154 هـ. (فوات الوفيات 1/22، ثمار القلوب ص 118، تاريخ بغداد 7/37، النويري 4/34) .

يقول، سمعت ابن عباس يقول، سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلم يقول: خلتان لا تجتمعان في مؤمن، ثم سكت، فقالوا له، ما الخلتان، فقال: نسي عكرمة الواحدة، ونسيت أنا الأخرى [1] . عن محمد بن عبد الرحمن بن راشد الراجي قال: قيل لأشعب: ما معك من العلم، قال: حدثني عكرمة عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم، على عبده نعمتان، ثم سكت، قيل له: وما النعمتان، قال: نسي عكرمة واحدة، ونسيت أنا الأخرى. أحمد بن معاوية، قال: حدثني المدنيون أن أشعب الطامع كان خال الأصمعي. كتب بكار بن علي الرياحي على ظهر مجموع له: [مجزوء الكامل] هذا الكتاب جمعت في ... هـ جميع أنواع الأدب الشعر والخبر القصي ... ر وما استجدت من الخطب وجعلته مستودعا ... للحفظ أرواح الكتب عن بكير بن ماهان قال: يلي من ولد العباس أكثر من ثلاثين رجلا، ستة منهم يسمون باسم واحد، وثلاثة باسم واحد، يفتح أحد الثلاثة القسطنطينية. قرأت بخط أبي العباس أحمد بن منصور المالكي الفقيه، وأنبأنيه ابنه أبو الحسن علي عنه، حدثنا الفقيه أبو القاسم عبد العزيز بن علي بن الحسن المالكي، حدثنا أبو الحسن علي بن عبد العزيز بن زيت النار، حدثنا أبو محمد الحسن بن عبد الرحمن بن خالد، حدثنا عبد الله بن سعيد بن يحيى الرقي قاضي فارس، قال: كتبت إليّ والدتي مرية ابنة مروان بن يزيد بن عبد الملك بن عياض بن غنم القرشية، من الرقة، وأنا على قضاء تستر تقول، حدثتني والدتي عاتكة ابنة بكار عن أبيها بكار بن محمد، قال: دخلت على هشام بن عبد الملك بالرصافة، وهو جالس في قبته الخضراء، وعنده ابن شهاب الزهري، فحدثنا ابن شهاب الزهري عن سالم بن عبد الله عن عبد الله بن عمر، أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم قال: (ما ترك عبد الله أمرا لا يتركه إلا لله تعالى، إلا عوّضه الله منه ما هو خير له منه في دينه ودنياه) [2] ، قالت العجوز: فآثرني على ما أنت فيه، يعوضك الله/ تعالى ويؤثرك. وكتبت إليّ في أسفل كتابها لنفسها: [الطويل] عجوز بأرض الرّقتين وحيدة ... لنأيك بالأهواز ضاق بها الذّرع وقد ماتت الأعضاء في كلّ جسمها ... سوى دمع عينيها فلم يمت الدمع تراعي الثريّا ما تلذّ بغمضها ... إلى أن يضيء الصبح أنجمه السبع

_ [1] تهذيب ابن عساكر 3/76. [2] قوله: (في دينه ودنياه) ساقطة من نسخة ش. وانظر الحديث في كشف الخفاء للعجلوني 2/208 والدرر المنتثرة في الأحاديث المشتهرة للسيوطي ص 158، وتهذيب تاريخ دمشق 3/287.

وكم في الدجى من ذي هموم مقلقل ... وآخر مسرور يدرّ له الضّرع ومن أضحكته الدار وهي أنيسة ... بكاها إذا ما ناب من حادث قرع قال جعفر السراج: [السريع] يا من إذا رضيته حكما ... جار علينا في حكمه وسطا قد مدح الله أمة جعلت ... في محكم الذكر أمّة وسطا عن أبي عبد الله محمد بن الخضر القاري، قال: رأيت النبي صلّى الله عليه وسلم في النوم، فعلمني هذا الدعاء، وأمرني أن أعلم الناس: (إلهي بثبوت الربوبية، وبعظمة الصمدانية، وبسطوات الإلهية، وبعزة الفردانية، وبقديم الجبروتية، وبقدرة الوحدانية، ألا غفرت لي، يا أرحم الراحمين) . عن الزهري قال: سألت الفقهاء: ممّ ينكر العقل؟ فقالوا: من همّ الدقيق. قال الوزير أبو الفضل جعفر بن الفرات ابن حنزابة [1] ولا يعلم له غيره: [البسيط] من أخمل النفس أحياها وروّحها ... ولم يبت طاويا منها على ضجر إنّ الرياح إذا اشتدت عواصفها ... فليس ترمي سوى العالي من الشجر أخبرنا أبو القاسم الخضر بن الحسين بن عبدان، أخبرنا أبو القاسم بن أبي العلاء، أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد الحياني، سمعت أبا محمد الحسن بن أحمد بن محيميد الحمصي، حدثني بعض شيوخنا عن شيخ له، أنه خرج في نزهة ومعه صاحب له، فبعثه في حاجة، فأبطأ عليه فلم يره إلي الغد، فجاء إليه وهو ذهل العقل، فكلموه فلم يكلمهم إلا بعد وقت، فقالوا له: ما شأنك؟ قال: إني دخلت إلى بعض الخراب أبول فيه، فاذا حيّة فقتلتها، فما هو إلا أن قتلتها حتى أخذني شيء، فأنزلني في الأرض، واحتوشني جماعة، فقالوا: هذا قتل فلانا، فقالوا: نقتله، فقال بعضهم: امضوا به إلى الشيخ، فمضوا بي إليه، فاذا بشيخ حسن الوجه، كبير اللحية أبيضها، فلما وقفنا قدامه، قال: ما قصتكم؟ فقصوا عليه القصة، فقال: في أي صورة ظهر؟ قالوا/: في حيّة، فقال: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلم يقول لنا ليلة الجن: ومن تصور منكم في صورة غير صورته فقتل فلا شيء على قاتله، خلّوه، فخلوني [2] .

_ [1] ابن الفرات: أبو الفضل جعفر بن الفضل بن جعفر بن محمد بن موسى بن الحسن بن الفرات، المعروف بابن حنزابة، من العلماء الباحثين من أهل بغداد، نزل مصر واستوزره بنو الإخشيد مدة إمارة كافور، ثم استقل كافور بملك مصر، واستمر على وزارته، له تآليف منها: أسماء الرجال، والأنساب، توفي سنة 391 هـ. (النجوم الزاهرة 4/203، وفيات الأعيان 1/110، تاريخ بغداد 7/234، حسن المحاضرة 1/199) . [2] الرواية في تهذيب ابن عساكر 4/152.

عن عبد الله بن الزبير [1] قال: رأيت الحسن بن علي يأتي النبي صلّى الله عليه وسلم وهو ساجد فيركب ظهره، فما ينزل حتى يكون هو الذي ينزل، ويأتي وهو راكع فيفرج له بين رجليه، حتى يخرج من الجانب الآخر [2] . عن أبي هريرة قال: رأيت الحسن بن علي في حجر النبي صلّى الله عليه وسلم وهو يدخل أصابعه في لحية النبي صلّى الله عليه وسلم، والنبي صلّى الله عليه وسلم يدخل لسانه في فمه. عن أبي هريرة: رأيت رسول الله صلّى الله عليه وسلم يمص لسان الحسن، كما يمص الرجل التمرة [3] . عن أنس: رأيت رسول الله صلّى الله عليه وسلم يفرج بين رجلي الحسن ويقبل ذكره [4] . عن جابر قال: دخلت على النبي صلّى الله عليه وسلم، وهو يمشي على أربع، وعلى ظهره الحسن والحسين، فقلت: (نعم الجمل جملكما، فقال: ونعم الراكبان هما) [5] . عن أبي الحسن بن راهويه قال: صلى يحيى بن المعلى الكاتب، وكان في مجلس فيه أبو نواس، ووالبة بن الحباب، وعلي بن الخليل، والحسين الخليع، صلاة، فقرأ فيها قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ، فغلط، فلما سلم قال أبو نواس: [الرجز] أكثر يحيى غلطا ... في قل هو الله أحد فقال والبة: قام طويلا ساكتا ... حتى إذا أعيا سجد فقال علي بن الخليل: يزحر في محرابه ... زحير حبلى بولد فقال الخليع: كأنّما لسانه ... شدّ بحبل من مسد عن حماد بن زيد، عن سعيد بن جهمان، أن جبريل أتى النبي صلّى الله عليه وسلم بتراب من تربة القرية التي قتل فيها الحسين، وقيل اسمها كربلاء، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: (كرب وبلاء) [6] . عن محمد بن صالح، أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم حين أخبره جبريل، أن أمته ستقتل الحسين، قال: (يا جبريل، أفلا أراجع فيه، قال: لا، لأنه أمر قد كتبه الله) [7] .

_ [1] في ش: عن عبد الله بن الزبير، ثم شطبت وفي الحاشية: أبي هريرة. [2] قوله: (عن عبد الله بن الزبير..... الجانب الآخر) ساقطة من نسخة ش، وتأتي كلها بعد قوله: كما يمص الرجل التمرة. [3] تهذيب ابن عساكر 4/209. [4] المصدر السابق والصفحة. [5] تهذيب ابن عساكر 4/207، المعجم الكبير للطبراني 3/46، مجمع الزوائد للهيثمي 9/182، الضعفاء للعقيلي 4/247، كنز العمال 31689، 38687. [6] تهذيب ابن عساكر 4/334. [7] تهذيب ابن عساكر 4/51.

عن مكحول الأزدي قال: شهدت الحجاج بمكة فخطب الناس يوم جمعة حتى كاد يذهب وقت الصلاة، فقام ابن عمر فقال: أيها الناس، قوموا إلى صلاتكم، فقال الناس، فنزل الحجاج، فصلى، فلما فرغ، قال: من هذا؟ قالوا: ابن عمر، قال: لولا أن به لمما لعاقبته [1] ./ عن جرير بن عثمان، قال: لا تعاد أحدا حتى تعلم ما بينه وبين الله، فان يكن محسنا فان الله لا يسلمه لعداوتك إياه، وإن يكن مسيئا فأوشك بعمله أن يكفيكه. أخبرنا أبو الفتح نصر الله بن محمد، حدثنا نصر بن إبراهيم إملاء، حدثني أبو القاسم ثابت بن أحمد بن الحسين البغدادي: أنه رأى رجلا بمدينة الرسول صلّى الله عليه وسلم، أذّن الصبح وقال فيه: الصلاة خير من النوم، فجاءه رجل من خدم المسجد، فلطمه حين سمع ذلك، فبكى الرجل، وقال: يا رسول الله، في حضرتك يفعل بي هذا؟ ففلج الخادم في الحال، وحمل إلى داره، فمكث ثلاثة أيام ومات [2] . عن يحيى بن معين، عن جرير عن مغيرة قال: قالت أم سنان بن أبي حارثة: إذا أنا متّ، فشقّوا بطني، فان فيها سيد غطفان، فماتت فشقوا بطنها فأخرجوا سنانا، فعاش وساد، حتى كان له مال وتبع [3] . عن أبي وهب محمد بن مزاحم قال: أول بركة العلم إعارة الكتب. عن أبي محمد الهروي قال: مكتوب في زبور داود عليه السلام، من بلغ السبعين اشتكى من غير علّة./ الوليد بن مسلم عن الأوزاعي قال: خرجنا إلى بيت المقدس، ورافقنا يهودي، حتى جئنا إلى بحيرة طبرية، فأخذ ضفدعا فشد في عنقه خيطا وجرّه، فاذا هو صار خنزيرا، فدخل به إلى طبرية، فباعه، ثم جاء، فاذا النصراني الذي اشترى منه الخنزير، جاء والضفدع قد رجعت إلى حالها، فلما رآه اليهودي ألقى بنفسه إلى الأرض، فسقط رأسه ناحية والجسد ناحية، فذهب النصراني، ورجع الرأس إلى الجسد. قال الأوزاعي، فقلت: والله لا تبعنا هذا في طريق [4] . عن أبي سليمان الداراني قال: ليست أعمال العباد بالتي ترضيه ولا تغضبه، إنما هو رضي عن قوم فاستعملهم بأعمال الرضى، وسخط على قوم فاستعملهم بأعمال الغضب. عن أبي العالية قال: كنت آتي ابن عباس فيرفعني على السرير وقريش أسفل من السرير، فتغامز بي قريش [5] ، وقالوا: يرفع هذا العبد على السرير، ففطن بهم ابن عباس،

_ [1] تهذيب ابن عساكر 4/51. [2] تهذيب ابن عساكر 3/362. [3] تهذيب ابن عساكر 5/128. [4] تهذيب ابن عساكر 4/367. [5] في ش: فتغامزوا بي قريش. وللفعل هنا فاعلان.

فقال: إن هذا العلم يزيد الشريف شرفا، ويجلس الملوك على الأسرّة./ عن خالد بن دينار، قال: قلت لأبي العالية: اعطني كتابك، قال: ما كتبت إلا باب الصلاة وباب الجنة. عن قتادة قال: قلت لشعيب بن الحبحاب، نزل عليك أبو العالية فأقللت عليه الحديث، فقال: السماع في الرجال أرزاق. الزبير بن بكار، حدثني أبو عروبة عن عبد الرحمن بن أبي الزناد، عن هشام بن عروة عن أبيه قال: كان الزبير بن العوام طويلا تخط رجلاه الأرض إذا ركب الدابة، أخرجه الطبراني في الكبير [1] . المدائنى: يقال، كان أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلم صوغا واحدا، وعبد الرحمن [2] من أشفّهم، وسئل سعد بن أبي وقاص عن أصحاب النبي صلّى الله عليه وسلم، فقال: كانوا عقال عام واحد. أبو أحمد العسكري، أخبرنا محمد بن يحيى قال: سمعت من يحكي أن حماد الراوية قرأ يوما: (والغاديات صبحا) [3] ، وأن بشارا الأعمى الشاعر سعى به إلى عقبة بن مسلم، أنه يروي جلّ أشعار العرب، ولا يحسن من القرآن غير أم الكتاب، فامتحنه عقبة بتكليفه القراءة في المصحف فصحف فيه عدة آيات منها (ومن الشجر ومما تغرسون) [4] ، وقوله: (كان وعدها أباه وليكون لهم عدوا وحربا) [5] ، و (وما يجحد بآياتنا إلا كل جبار كفور) [6] ، و (ويل للذين كفروا في غرة وشقاق) [7] ، (وتعزروه وتوفروه) [8] ،/ (وهم أحسن أثاثا وزيا) [9] ، (وعذابي أصيب به من أشاء ويوم يحمى عليها) [10] ، (وبادوا ولات حين مناص) [11] ، (ونتلوا أخباركم) [12] ، (وصنعة الله ومن أحسن

_ [1] تهذيب ابن عساكر 5/357. [2] هو عبد الرحمن بن عوف الزهري القرشي، صحابي من أكابرهم، وهو أحد العشرة المبشرين بالجنة، وأحد الستة أصحاب الشورى الذين جعل عمر الخلافة فيهم، كان من الأجواد الشجعان العقلاء توفي سنة 32 هـ. (حلية الأولياء 1/98، تاريخ الخميس 2/257، صفة الصفوة 1/135، الإصابة ت 5171) . [3] يريد قوله تعالى: وَالْعادِياتِ ضَبْحاً سورة العاديات 1. [4] يريد قوله تعالى: وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ النحل 68. [5] يريد قوله تعالى: فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَناً القصص 8. [6] يريد قوله تعالى: وَما يَجْحَدُ بِآياتِنا إِلَّا كُلُّ خَتَّارٍ كَفُورٍ لقمان 32. [7] يريد قوله تعالى: بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي عِزَّةٍ وَشِقاقٍ سورة ص 2. [8] يريد قوله تعالى: وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا الفتح 9. [9] يريد قوله تعالى: وَكَمْ أَهْلَكْنا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ هُمْ أَحْسَنُ أَثاثاً وَرِءْياً مريم 74. [10] يريد قوله تعالى: قالَ عَذابِي أُصِيبُ بِهِ مَنْ أَشاءُ وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُها لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ الأعراف 156. [11] يريد قوله تعالى: كَمْ أَهْلَكْنا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ قَرْنٍ فَنادَوْا وَلاتَ حِينَ مَناصٍ سورة ص 3. [12] يريد قوله تعالى: وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَا أَخْبارَكُمْ سورة محمد 31، وفي نسخة ش: (ونتلوا خياركم) .

من الله صنعة) [1] ، (واستعانه الذي من شيعته) [2] ، (وسلام عليكم لا تتبع الجاهلين) [3] ، (وأهليكم أو كاسوتهم) [4] ، (وأنا أول العاندين) [5] . عن خالد بن المهاجر قال، قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: من تزوج بنت عشر تسر الناظرين، ومن تزوج بنت عشرين لذة للمعانقين، وبنت ثلاثين تسمن وتلين، وبنت أربعين ذات بنات وبنين، وبنت خمسين عجوز في الغابرين [6] . قال عباس الترفقي: تكلم الناس في حديث: (خيركم في المائتين كل خفيف الحاذ) [7] فرأيت النبي صلّى الله عليه وسلم في المنام، فقلت: يا رسول الله حدثنا رواد بن الجراح، حدثنا سفيان، حدثنا منصور، حدثنا ربعي عن حذيفة عنك أنك قلت: (خيركم في المأتين الخفيف الحاذ) فقال لي النبي صلّى الله عليه وسلم: صدق رواد بن الجراح، وصدق سفيان، وصدق منصور، وصدق ربعي، وصدق حذيفة، أنا قلت: (خيركم في المأتين كل خفيف الحاذ) . عن الشعبي قال: كان القضاة أربعة، والدهاة أربعة، فأما القضاة فعمر، وعلي، وابن مسعود، وزيد بن ثابت، وأما الدهاة: فمعاوية، وعمرو، والمغيرة، وزياد./ عن أبي دوس الأشعري قال: كنا جلوسا عند معاوية إذ أقبل رجل طويل اللحية، فقال معاوية: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلم يقول: (اعتبروا عقل الرجل في طول لحيته، ونقش خاتمه، وكنيته) [8] . قال معاوية: أما اللحية، فلسنا نسأل عنها، فما كنيتك؟ قال: أبو كوكب الدري، قال: فما نقش خاتمك؟ قال: وتفقد الطير، فقال: ما لي لا أرى الهدهد، أم كان من الغائبين؟ [9] فقال معاوية: وجدنا حديث رسول الله صلّى الله عليه وسلم حقا. عن يزيد بن حسان، عن أبيه، أن أبا هاشم بن عقبة بن ربيعة، كان له شارب يعقده خلف قفاه، فقلت: ما بال شاربك؟ وقد جاء عن النبي صلّى الله عليه وسلم في إحفاء الشارب ما جاء، فقال: إني كنت أخذت شاربي فأتيت النبي صلّى الله عليه وسلم فأمّر يده علىّ، فقال: متى أخذت شاربك؟ قلت: الساعة، قال: (فلا تأخذه حتى تلقاني) ، فتوفي رسول الله صلّى الله عليه وسلم قبل أن

_ [1] يريد قوله تعالى: صِبْغَةَ اللَّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ صِبْغَةً وَنَحْنُ لَهُ عابِدُونَ البقرة 138. [2] يريد قوله تعالى: فَاسْتَغاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ القصص 15. [3] يريد قوله تعالى: سَلامٌ عَلَيْكُمْ لا نَبْتَغِي الْجاهِلِينَ القصص 55، وفي نسخة ش: (وسلام عليك) . [4] كذا جاءت في النسخ ولعلها محرفة، ولعله يريد قوله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ ناراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجارَةُ التحريم 6. [5] يريد قوله تعالى: قُلْ إِنْ كانَ لِلرَّحْمنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعابِدِينَ الزخرف 81. [6] تهذيب ابن عساكر 5/91. [7] كنز العمال 31302، الكامل في الضعفاء لابن عدي 3/1037، الجامع الكبير، مسانيد 2/631. [8] تنزيه الشريعة لابن عراق 1/225. [9] يشير إلى سورة النمل 20.

ألقاه، فلن آخذه حتى ألقاه، أخرجه الطبراني [1] . عن أبي الدرداء قال: إن الناس يبعثون من قبورهم على ما ماتوا عليه، فيبعث العالم عالما، والجاهل جاهلا. عن أبي هريرة، أنه صلى الظهر، ثم جلس، واجتمع عليه الناس فقال: إن الله وملائكته يصلون على أبي هريرة، فتغامز القوم، فقالوا: إن هذا ليزكي نفسه، قال: وعلى كل مسلم ما دام في مصلاه، ما لم يحدث حدثا بلسانه أو بطنه. عن يزيد بن المهلب قال: ما رأيت شريفا يهمّ بأمر إلا كان معوّله على لحيته، وفيه حديث النبي صلّى الله عليه وسلم أنه كان إذا حزبه أمر أو كربه، أكثر مسّ لحيته. عن أبي هريرة قال: اشترى عثمان بن عفان من رسول الله صلّى الله عليه وسلم الجنة مرتين، يوم رومة [2] ، ويوم جيش العسرة. عن الحسن قال: إنما سمّي عثمان ذا النورين لأنه لا يعلم أحد أغلق بابه على ابنتي نبي غيره. عن حسن الجعفي قال: لم يجمع بيت ابنتي نبي منذ خلق الله آدم إلى أن تقوم الساعة غير عثمان بن عفان، فلذلك سمّي ذا النورين. عن المهلب بن أبي صفرة قال: سألت أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلم: لم قلتم في عثمان: أعلاها فوقا؟ قالوا: لأنه لم يتزوج رجل من الأولين ولا الآخرين ابنتي نبي غيره. عن الشعبي قال: لم يمت عمر حتى ملّته قريش، وكان عثمان أحب إليهم من عمر. عن ابن شهاب أن رجلا رأى في زمن عثمان في المنام، أنه يقال له عي [3] ما يقال لك: [المتقارب] لعمر أبيك فلا تعجلن ... لقد ذهب الخير إلا قليلا لقد سفه الناس في دينهم ... وخلّى ابن عفّان شرا طويلا فأتي عثمان فذكر له ذلك، وقال: والله ما أنا بشاعر ولا راوية للشعر/ ولقد أتيت الليلة، فألقي على لساني هذان البيتان، فقال له: اسكت عن هذا، فلم يلبث عثمان أن قتل. عن عثمان بن إبراهيم بن محمد بن حاطب، قال: رأيت عبد الله بن عمر قد أحفى شاربه، حتى كأنه نتفه. عن أبي الجماهر عن أبيه قال: أصاب الناس بأرمينية جهد شديد حتى أكلوا البعر، فأمطروا بنادق فيها حب قمح. عن عائشة أنه كان بينها وبين رسول الله صلّى الله عليه وسلم كلام، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم:

_ [1] المعجم الكبير 7/263، مجمع الزوائد 5/166. [2] رومة: أرض بالمدينة بين الجرف وزغابة، نزلها المشركون عام الخندق، وفيها بئر رومة اسم بئر ابتاعها عثمان بن عفان فتصدق بها. (ياقوت بئر رومة) [3] كذا في النسخ، وفي ب: اعي، ولعل الصواب: ع ما يقال لك.

(ترضين أن يكون بيني وبينك عمر؟ فقالت: من عمر؟ قال: عمر بن الخطاب، قالت: لا والله، إني أفرق من عمر، قال النبي صلّى الله عليه وسلم: الشيطان يفرقه) [1] . عن سالم بن عبد الله قال: أبطأ خبر عمر على أبي موسى، فأتى امرأة في بطنها شيطان، فسألها عنه، فقال: حتى يجيء شيطاني، فجاء، فسألته عنه فقال: تركته مؤتزرا بكساء يهنأ إبل الصدقة، وذاك رجل لا يراه شيطان إلا خرّ لمنخريه، الملك بين عينيه، وروح القدس ينطق بلسانه./ عن هشام بن عروة، قال: جاء عمر بن عبد العزيز قبل أن يستخلف إلى أبي عروة بن الزبير، فقال له: رأيت البارحة عجبا، كنت فوق سطحي مستلقيا على فراشي، فسمعت جلبة في الطريق، فأشرفت فظننت عسكر العسس، فاذا الشياطين تجول، حتى اجتمعوا في جوبة [2] خلف منزلي، ثم جاء إبليس، فلما اجتمعوا هتف إبليس بصوت عال، فتفازعوا، فقال: من لي بعروة بن الزبير، فقالت طائفة منهم: نحن، فذهبوا ورجعوا، وقالوا: ما قدرنا منه على شىء، قال: فصاح الثانية أشد من الأولى، فقال: من لي بعروة بن الزبير؟ فقالت طائفة أخرى: نحن، فذهبوا، فلبثوا طويلا، ثم رجعوا وقالوا: ما قدرنا منه على شيء، فصاح الثالثة صيحة ظننت أن الأرض انشقت، فقال: من لي بعروة بن الزبير؟ فقال جماعتهم: نحن، فذهبوا، ثم لبثوا طويلا، ثم رجعوا، فقالوا: ما قدرنا منه على شيء، فذهب إبليس مغضبا واتبعوه. فقال عروة بن الزبير لعمر بن عبد العزيز: حدثني أبي الزبير بن العوام قال: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلم، يقول: (ما من رجل يدعو بهذا الدعاء في أول ليله، وأول نهاره إلا عصمه الله من إبليس وجنوده: بسم الله ذي الشان، عظيم البرهان شديد السلطان، ما شاء الله كان، أعوذ بالله من الشيطان) [3] . عن عروة بن الزبير قال: كنت جالسا في مجلس الرسول ضحوة وحدي، إذ أتاني آت يقول: السلام عليك يا ابن الزبير، فالتفت يمينا وشمالا فلم أر شيئا، غير أني رددت عليه، واقشعرّ جلدي، فقال: لا روع عليك، إنا رجل من أهل الأرض، أتيتك أخبرك عن شيء وأسألك عن شيء، إني شهدت إبليس ثلاثة أيام، يقول لشيطان مسودّ وجهه مزرقّة عيناه، عند المساء: ماذا صنعت بالرجل؟ فيقول له الشيطان: لم أطقه، للكلام الذي يقوله إذا أمسى وإذا أصبح، فلما كان اليوم الثالث قلت للشيطان: عمن يسألك إبليس؟ قال: يسألني عن عروة بن الزبير، أن أغويه، فما استطيع ذلك، لكلام يتكلم به

_ [1] كنز العمال 35841. [2] الجوبة: الأرض الخالية، وكل متسع من الأرض بلا بناء، والفرجة في السحاب والجبال، والفجوة ما بين البيوت. [3] كنز العمال 3862.

إذا أصبح وإذا أمسى، فآتيك أسألك ماذا تقول إذا أصبحت وأمسيت،/ قال عروة أقول: آمنت بالله العظيم، واعتصمت به، وكفرت بالطاغوت، واستمسكت بالعروة الوثقى التي لا انفصام لها، وإن الله هو السميع العليم. عن عبد الله بن شريك، قال: أدركت أصحاب الأردية المعلمة، وأصحاب البرانس من أصحاب السواري، إذا مرّ بهم عمر بن سعد، قالوا: هذا قاتل الحسين، وذا قبل أن يقتله. الزبير بن بكار، حدثني محمد بن محمد بن أبي قدامة، وغيره، قال: كان يقال: ما مات رجل نبيه قط، فسمّي أول من يولد باسمه، إلا نبه، فولدت زوجة عثمان بن عفان بعد قتل عمر بن الخطاب، فقالت للقابلة: أي شيء ولدت؟ قالت: غلاما، قالت: فأسميه عمر، قالت سبقتك زوجة عبيد الله بن معمر التيمي. عن أبي عبد الله النباحي قال: سمعت هاتفا يهتف: عجبا لمن وجد حاجته عند مولاه، فأنزلها بالعبيد. سفيان عن عمرو قال: كان قيس بن سعد رجلا ضخما جسيما، وكان إذا ركب الحمار خطّت رجلاه في الأرض [1] . عن بشر الحافي قال: رأيت على باب ناووس [2] مكتوبا [3] : [المتقارب] همومك بالعيش مقرونة ... فلا تقطع الدهر إلا بهم حلاوة دنياك مسمومة ... فلا تطعم الشّهد إلا بسم إذا تمّ أمر دنا نقصه ... توقّع فناه إذا قيل تم إذا كنت في نعمة فارعها ... فانّ المعاصي تزيل النّعم عن العتبي قال: خطب زياد الناس، فتكلم بشعر وهو لا يريده، فقال: [الطويل] ألا ربّ مسرور بنا لا نسرّه ... وآخر يخشى ضرّنا لا نضرّه عن الشعبي قال: جمع القرآن على عهد رسول الله صلّى الله عليه وسلم، ست من الأنصار؛ معاذ بن جبل، وأبيّ بن كعب، وزيد بن ثابت، وأبو زيد، وأبو الدرداء، وسعد بن عبيد، وكان المجمع بن جارية قد بقي عليه سورة أو سورتان حين قبض رسول الله صلّى الله عليه وسلم. عن سعيد بن جبير قال: كان مقام أبي بكر، وعمر، وعثمان، وعلي، وطلحة،

_ [1] تهذيب ابن عساكر 5/357. [2] الناووس: صندوق من خشب أو نحوه، يضع النصارى فيه جثّة الميت، ومقبرة النصارى. [3] البيت الأول في الدر الفريد 5/377 برواية: (فما تقطع العيش إلا بهم) ، ونسبه لأبي العتاهية، وقيل لغيره، وليس في ديوان أبي العتاهية، والبيت الرابع في الدر الفريد 2/83، ونسبه لأبي العتاهية، وليس في ديوانه، وبعده في الدر الفريد: وداوم عليها بشكر الإله ... فانّ الإله سريع النقم

والزبير، وسعد، وعبد الرحمن بن عوف، وسعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل، كانوا أمام رسول الله صلّى الله عليه وسلم في القتال، وخلفه في الصلاة في الصف، وليس لأحد من المهاجرين والأنصار يقوم مقام أحد منهم، غاب أم شهد. عن سعد بن مسعود، قال: حب الدنيا رأس الخطايا. قال سعد بن أبي وقاص: ما بكيت من الدهر إلا ثلاثة أيام، يوم قبض رسول الله صلّى الله عليه وسلم، ويوم قتل عثمان بن عفان، واليوم أبكي علي الحق، فعلى الحق السلام./ عن أبي إسحاق، قال: كان أشد أصحاب النبي صلّى الله عليه وسلم أربعة؛ عمر، وعلي، والزبير، وسعد بن أبي وقاص. عن علي بن أبي طالب، قال: خمسة من خمسة محال، الأمن من العدو محال، والنصيحة من الحسود محال، والحرية من الفاسق محال، والهيبة من القبر محال، والوفاء من النساء محال. وقال: أربع لا تدرك بأربع؛ لا يدرك الشباب بالخضاب، ولا الغنى بالمنى، ولا البقاء بالدواء، ولا الصحة بالاحتماء. عن موسى بن طلحة قال، سألت سعد بن أبي وقاص: ما أسنانكم معاشر المهاجرين؟ قال: كنا إعذار عام واحد، أي ختان. أخبرنا أبو القاسم السمرقندي، أنبأنا أبو الحسين ابن الطيوري، أنبأنا أبو العباس أحمد بن عمر بن أحمد البرمكي، أنبأنا أبو الحسين محمد بن إسماعيل بن عيسى بن إسماعيل المعروف بابن سمعون، حدثنا أبو على محمد بن محمد بن أبي حذيفة بدمشق، حدثنا أبو معاوية بن سلمون السفياني الدمشقي، حدثنا زهير بن عباد، حدثنا ردع بن عطية، عن إبراهيم بن أبي عبلة، عن شريك بن خماشة، أنه ذهب يستسقي من جب سليمان الذي في مسجد بيت المقدس، فانقطع دلوه، فنزل في الجب، فبينما هو يطلبه/ في نواحي الجب، إذا هو بشجرة، فتناول ورقة من الشجرة، فأخرجها معه، فاذا هي ليست من ورق شجر الدنيا، فأتى بها عمر بن الخطاب، فقال: أشهد أن هذا لهو الحق، سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلم يقول: (يدخل رجل من هذه الأمة الجنة قبل موته) [1] ، فجعلوا الورقة بين دفتي المصحف. قال ابن عساكر: كذا قال له خماشة بالخاء والميم، وإنما الصواب حباشة بالحاء والباء. عن أبي ميسرة، أن غلاما من بني المغيرة شجّ فاطمة بنت رسول الله صلّى الله عليه وسلم، وهي جويرية، فنادت يا آل عبد مناف، فخرج أبو سفيان يشتد أول الناس. عن عبد العزيز بن عمران قال، قيل لأبي سفيان بن حرب: ما بلغ بك من الشرف ما ترى؟ قال: ما خاصمت رجلا إلا وجعلت للصلح بيني وبينه موضعا. عن أحمد بن بديل الكوفي، قال: بعث إليّ المعتز رسولا، فلبست كمّتي، ولبست

_ [1] تاريخ أصبهان لأبي نعيم 2/316.

نعل طاق، فأتيت بابه، فقال الحاجب: يا شيخ نعليك، فلم ألتفت إليه، فدخلت إلى الباب الثاني، فقال الحاجب: يا شيخ نعليك، فقلت: أبالوادي المقدس أنا فأخلع نعلي؟ فدخلت بنعلي، فرفع مجلسي، وجلست على مصلاه، فقال: أتعبناك/ يا أبا جعفر، فقلت: أتعبتني وأذعرتني، فكيف بك إذا سئلت عني؟ فقال: ما أردنا إلا الخير، أردنا أن نسمع العلم، فقلت: وتسمع العلم أيضا؟ ألا جئتني، فان العلم يؤتى ولا يأتي، فأمليت عليه حديثين أسخن الله بهما عينيه، فقلت، قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: (من استرعى رعية فلم يحطها بالنصيحة، حرم الله عليه الجنة) [1] ، والثاني: (ما من أمير عشرة إلا يؤتى به يوم القيامة مغلولا) [2] . عن أبي عقيل قال، قال لي عمر بن عبد العزيز: ألا تسكن الاسكندرية الطيبة الموطأ، التي والله لوددت أن قبري بها. عن أبي هريرة قال: نزل كتاب من السماء على داود عليه السلام مختوما فيه عشر مسائل: أن سل ابنك سليمان، فان هو أخرجهن، فهو الخليفة من بعدك، فدعا داود سبعين قسا، وسبعين حبرا، وأجلس سليمان بين أيديهم، وقال: يا بني، نزل كتاب من السماء فيه عشر مسائل، أمرت أن أسألكهن، فان أخرجتهن فأنت الخليفة من بعدي، قال سليمان: يسأل نبي الله عمّا بدا له، وما توفيقي إلا بالله، قال: أخبرني يا بني، ما أبعد الأشياء، وما أقرب الأشياء، وما آنس الأشياء، وما أوحش الأشياء، وما القائمان وما المختلفان، وما المتباغضان، وما الأمر إذا ركبه الرجل حمد آخره، وما الأمر إذا ركبه الرجل ذم آخره؟ فقال سليمان: أما أقرب الأشياء فالأخوّة، وأما أبعد الأشياء، فما فاتك من الدنيا، وأما آنس الأشياء فجسد فيه روح، وأما أوحش الأشياء فجسد لا روح فيه، وأما القائمان فالسماء والأرض، وأما المختلفان فالليل والنهار، وأما المتباغضان،/ فالموت والحياة، كل يبغض صاحبه، وأما الأمر أذا ركبه الرجل حمد آخره، فالحلم على الغضب، وأما الأمر إذا ركبه الرجل ذم آخره، فالحدّة على الغضب، قال: ففكّ الخاتم، فاذا هو بالمسائل سواء على ما أنزل من السماء، فقال القسيسون والأحبار: لم نرض حتى نسأله عن مسألة، فان هو أخرجها، فهو الخليفة من بعدك، قال: فاسألوه، قال سليمان: سلوني، وما توفيقي إلا بالله، قالوا: ما الشيء إذا صلح، صلح كل شيء منه، وإذا فسد فسد كل شيء منه؟ قال سليمان: هو القلب، قالوا: صدقت، أنت الخليفة بعده، فدفع إليه داود قضيب الملك، ومات من الغد [3] .

_ [1] مسند أحمد بن حنبل 5/27، كنز العمال 147336، إتحاف السادة المتقين للزبيدي 7/71، المغني عن حمل الأسفار للعراقي 2/341. [2] مسند ابن حنبل 5/284، مجمع الزوائد 5/206. [3] الرواية في تهذيب ابن عساكر 6/252- 253.

عن عبد الله بن سلام، ومحمد بن كعب القرظي، وغير هما قالوا: لم يبعث الله عز وجل رسولا إلى قومه حتى وجده أرجحهم عقلا، وما استخلف داود سليمان واختاره على جميع ولده وبني إسرائيل، حتى عرف فضل عقله في حداثة سنه، وإنما كان استخلاف الأنبياء قبل محمد صلّى الله عليه وسلم نبوة ما خلا محمدا صلّى الله عليه وسلم، فانه لا نبي بعده، فأعطى الله سليمان من العقل ما لو وزن عقله بعقل أهل زمانه لرجحهم. عن محمد بن كعب القرظي قال: جاء رجل إلى سليمان عليه السلام، فقال: يا نبي الله إن لي جيرانا يسرقون أوزي، فنادى الصلاة جامعة، ثم خطبهم فقال في خطبته: وأحدكم يسرق أوز جاره/ ثم يدخل المسجد والريش على رأسه، فمسح رجل رأسه، فقال سليمان: خذوه، فانه صاحبه. عن عبد الملك بن حميد بن عبد الملك، قال: كنا مع عبد الملك بن صالح بدمشق، فأصاب كتابا في ديوان دمشق: بسم الله الرحمن الرحيم، من عبد الله بن العباس، إلى معاوية بن أبي سفيان، سلام عليك، فاني أحمد اليك الله الذي لا إله إلا هو، عصمنا الله وإياك بالتقوى، وأما بعد، فقد جاءني كتابك، فلم أسمع منه إلا خيرا، فذكرت شأن المودة بيننا، وإنك لعمر الله لمودود في صدري من أهل المودة الخالصة والخاصة، وإني للخلة التي بيننا لراع، ولصالحها لحافظ، ولا قوة إلا بالله. [فأجابه معاوية] [1] : أما بعد حفظ الله، فانك من ذوي النهى من قريش، وأهل الحلم والخلق الجميل فيها، فليصدر رأيك بما فيه النظر لنفسك، والتقية على دينك، والشفقة على الإسلام وأهله، فانه خير لك وأوفر لحظك في دنياك وآخرتك، وقد سمعتك تذكر شأن عثمان بن عفان، فاعلم أن انبعاثك في الطلب بدمه فرقة، وسفك للدماء، وانتهاك للمحارم، وهذا لعمر الله ضرر على الإسلام وأهله، وإن الله سيكفيك أمر سافكي دم عثمان، فتأنّ في أمرك، واتق [2] الله ربك، فقد يقال إنك تكيد الإمارة، وتقول: إن معك وصية من النبي صلّى الله عليه وسلم بذلك، فقول نبي الله الحق، فتأنّ في أمرك، ولقد سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلم، يقول للعباس/ إن الله يستعمل من ولدك اثني عشر رجلا [3] منهم السفاح، والمنصور، والمهدي، والأمين، والمؤتمن، وأمير العصب، أفتراني استعجل الوقت، أو أنتظر قول رسول الله صلّى الله عليه وسلم، وقوله الحق، وما يرد الله من أمر يكن، ولو كره العالم ذلك، وأيم الله، لو أشاءه لوجدت متقدما وأعوانا وإنصارا، ولكني أكره لنفسي ما نهاك عنه، وراقب الله ربك، واخلف محمدا في أمته خلافة صالحة، فأما شأن ابن عمك علي بن أبي طالب، فقد استقامت له عشيرتك،

_ [1] ما بين العضادتين تتمة يقتضيها السياق. [2] في ب: اتقي، وهو لحن من وهم الناسخ. [3] في ش: اثنا عشر، وهو لحن.

وله سابقته وحقه، ونحن له على الحق أعوان ونصحاء لك وله ولجماعة المسلمين، والسلام عليك، ورحمة الله وبركاته. وكتب عكرمة، ليلة البدر من صفر سنة ست وثلاثين. أخبرنا أبو غالب بن البناء، أخبرنا أبو الحسين بن حسنون النرسي، أخبرنا أبو الحسن علي بن عمر بن محمد بن الحسن الحربي، حدثنا محمد بن محمد بن سليمان، حدثنا هشام بن عمار، حدثنا عبد الرحمن بن أبي الرجال، عن أبيه عن عمرة عن عائشة قالت: ما زلت أصلي بعد العصر ركعتين حتى مات النبي صلّى الله عليه وسلم. عن أبي الفضل عبد المنعم بن حسن، أنه رأى في المنام، كأن شيخا يعرفه، أنشده: [البسيط] مهلا أبا الفضل لا تضرع إلى أحد ... فاقنع فأنت وذو الأكثار أكفاء من ماء وجهك واكفف عن إراقته ... لظاهر اللوم ما في وجهه ماء عن ابن عباس، أن شاعرا أتى النبي صلّى الله عليه وسلم، فقال: (يا بلال، اقطع لسانه عني) [1] ، فأعطاه إربعين درهما وحلّة، فقال: قطع والله لساني. عن سفيان بن عيينة قال: مكتوب في التوراة: استوصوا بالغرباء خيرا. عن محمد بن علي بن عبد الله بن عباس قال: احذر الكريم إن أهنته، واللئيم إن أكرمته، والعاقل إن أحرجته، والأحمق إن مازحته، والفاجر إن عاشرته. عن مجاهد أن عزيز هو النبي الذي أحرق قرية النمل، فعاتبه الله على ذلك [2] . عن حماد بن زيد قال: سمعت داود بن أبي هند، يحدث هشام بن عروة أن عطاء [3] كان يكره جعل الطير في القفص، قال: وما علم عطاء بن أبي رباح، ومن يأخذ عن ابن أبي رباح، وكان عبد الله بن الزبير أمير المؤمنين بمكة تسع حجج، يراها في الأقفاص، وأصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلم يقدمون بها القماري واليعاقيب، لا ينهون عن ذلك.

_ [1] تاريخ جرجان للسهمي ص 281. [2] عزيز هو الذي ورد ذكره في القرآن وقد أماته الله ثم أحياه بعد مائة عام، وذلك في قوله تعالى: أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلى قَرْيَةٍ وَهِيَ خاوِيَةٌ عَلى عُرُوشِها، قالَ أَنَّى يُحْيِي هذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِها، فَأَماتَهُ اللَّهُ مِائَةَ عامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ، قالَ كَمْ لَبِثْتَ، قالَ لَبِثْتُ يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ، قالَ بَلْ لَبِثْتَ مِائَةَ عامٍ، فَانْظُرْ إِلى طَعامِكَ وَشَرابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ، وَانْظُرْ إِلى حِمارِكَ، وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً لِلنَّاسِ وَانْظُرْ إِلَى الْعِظامِ كَيْفَ نُنْشِزُها ثُمَّ نَكْسُوها لَحْماً، فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ قالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ البقرة 259، وثمار القلوب ص 46، وفي سنن النسائي 7/210: أن نبيا أمر بقرية النمل فأحرقت. [3] هو عطاء بن أبي رباح: من أجلاء الفقهاء وتابعي مكة وزهادها، ولد في جند باليمن، ونشأ في مكة فكان مفتي أهلها ومحدثهم توفي سنة 115 هـ وعمره ثمانون سنة. (وفيات الأعيان 1/318، التهذيب 7/199، حلية الأولياء 3/310) .

عن سعيد بن عبد العزيز [1] : إذا كان الله معك فمن تخاف، وإذا كان الله عليك فمن ترجو؟ /. قال أبو الحسن علي بن عبد الله بن جهضم: سألت أبا الوزير الصوفي عن قول النبي صلّى الله عليه وسلم: (الخلق عيال الله، فأحبهم إليه أنفعهم لعياله) [2] ، فقال: هذا مخصوص، وعيال الله خاصته، قلت له: وكيف؟ قال: لأن الناس أربعة أقسام؛ تجارة وبحارة [3] ، وصناع وزراعة، فمن لم يكن من هذه الأقسام، فهو من عيال الله، وأحب الخلق إلى الله وأنفعهم لهؤلاء. عن الزهري قال: تعلّم سنة، أفضل من عبادة مائتي سنة. قال أبو الفتح البستي الكاتب: المزح في الكلام كالملح في الطعام، إذا صح الاعتقاد بطل الانتقاد، الانقباض طليعة الإعراض، بالممالحة تتم المصالحة. قال مسدد بن مسرهد [4] : لم يكن من المهاجرين من أحد أبواه مسلمان غير عمار بن ياسر [5] ، قال ابن عساكر: وكذا أبو بكر، كان أبواه مسلمين، أبو قحافة وأم الخير. عن عبد الغفار بن شعيب قال، قال لي حسان: لقيت الشيطان، فقال لي: كنت ألقى الناس أعلّمهم، فصرت ألقاهم أتعلم منهم. عن أبي الدرداء قال: الولد في بطن أمه يكون وجهه إلى ظهر أمه./ البيهقي في الزهد، من طريق أحمد بن أبي الحواري، سمعت أبا سليمان الداراني يقول: حدثني شيخ بساحل دمشق يقال له علقمة بن يزيد بن سويد، قال أبو سليمان وكان من المريدين، حدثني الحارث قال: سمعت جدي علقمة بن الحارث قال: وفدت على النبي صلّى الله عليه وسلم سابع سبعة من رفقائي، فلما دخلنا عليه وكلمناه، أعجبه ما رأى من سمتنا وزيّنا، فقال:

_ [1] سعيد بن عبد العزيز التنوخي الدمشقي: أبو محمد، فقيه دمشق في عصره، كان حافظا حجة، قال الإمام أحمد بن حنبل: ليس بالشام أصح حديثا منه، توفي سنة 761 هـ. (تهذيب ابن عساكر 6/152، تذكرة الحفاظ 1/23) . [2] لم أجد هذا الحديث في المصادر المعتمدة. [3] في ب: تجارة وتجار. [4] مسدد بن مسرهد بن مسربل الأسدي البصري: أبو الحسن، محدث، هو أول من صنف (المسند) بالبصرة، كان حافظا حجة من الأئمة المصنفين الأثبات، كتب إلى الإمام أحمد بن حنبل، يسأله عما وقع الناس فيه من الفتنة في القدر والرفض والاعتزال وخلق القرآن والإرجاء، فأجابه ابن حنبل برسالة في نحو أربع صفحات جمعت وأوعت، توفي مسدد سنة 228 هـ. (هدية العارفين 2/428، طبقات الحنابلة 1/341- 345، تذكرة الحفاظ 2/8، طبقات ابن سعد 7/307) . [5] عمار بن ياسر الكناني المذحجي: صحابي من السابقين إلى الإسلام والجهر به قتل في معركة صفين سنة 37 هـ، وقد سبقت ترجمته مفصلة.

(ما أنتم؟) قلنا: مؤمنون، فتبسم رسول الله صلّى الله عليه وسلم، وقال: (لكل قوم حقيقة، فما حقيقة قولكم وإيمانكم) ، قال، قلنا: خمس عشرة خصلة، خمس منها أمرتنا رسلك أن نؤمن بها، وخمس أمرتنا رسلك أن نعمل بها، وخمس منها تخلقنا بها في الجاهلية ونحن على ذلك، إلا أن تكره منها شيئا، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: ما الخمس الخصال التي أمرتكم رسلي أن تؤمنوا بها؟) قلنا: أمرتنا رسلك أن نؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله، والبعث بعد الموت، قال: (فما الخمس التي أمرتكم رسلي أن تعملوا بها؟) ، قلنا: أمرتنا أن نشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله، وأن نقيم الصلاة، ونؤتي الزكاة، ونصوم رمضان، ونحج البيت، فنحن على ذلك، قال: (وما الخمس الخصال التي تخلقتم بها في الجاهلية؟) قلنا: الشكر عند الرخاء، والصبر على البلاء، والصدق عند اللقاء، ومناجزة الأعداء، وفي رواية غيره: وترك الشماتة بالمصيبة إذا حلت بالأعداء، والرضا بالقضاء. فتبسم رسول الله صلّى الله عليه وسلم وقال: (أدباء فقهاء عقلاء حلماء، كادوا أن يكونوا أنبياء، من خصال ما أشرفها وأزينها، وأعظم ثوابها) ، ثم قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: (أوصيكم بخمس خصال/ لتكمل عشرون خصلة) قلنا: أوصنا يا رسول الله، قال: إن كنتم كما تقولون، فلا تجمعوا ما لا تأكلون، ولا تبنوا ما لا تسكنون، ولا تنافسوا في شيء غدا عنه تزولون، وارغبوا فيما عليه تقدمون، وفيه تخلدون، واتقوا الله الذي إليه ترجعون، وعليه تعرضون) [1] . قال أبو سليمان: فانصرف القوم من عند رسول الله صلّى الله عليه وسلم، وقد حفظوا وصيته، وعملوا بها، ولا والله يا أبا سليمان، ما بقي من أولئك النفر، ولا من أبنائهم غيري، ثم قال: اللهم اقبضني إليك غير مبدّل، ولا مغيّر، قال أبو سليمان: فمات والله بعد أيام قلائل. أبو نعيم، حدثنا محمد بن أحمد الجرجاني، حدثنا أبو علي الحسن بن مليح الطرائفي بمصر، حدثنا لؤلؤ الخادم، خادم الرشيد قال: جرى بين هارون الرشيد، وبين ابنة عمه زبيدة ملاحاة في شيء، فقال هارون في عرض كلامه: أنت طالق إن لم أكن من أهل الجنة، ثم ندم، واغتمّا جميعا بهذه اليمين، فجمع الفقهاء وسألهم عن هذه اليمين، فلم يجد منها مخرجا، ثم كتب إلى سائر البلدان أن يحمل إليه الفقهاء، فلما اجتمعوا عنده سألهم، فأجابوه بأجوبة مختلفة، وكان فيهم الليث بن سعد [2] ، فلم يتكلم بشيء، فقيل له: ما لك لا تتكلم؟ فقال: قد سمع أمير المؤمنين قول الفقهاء، وفيه مقنع، فقيل له: لو

_ [1] الجامع الكبير 2/414، إتحاف السادة المتقين 9/351. [2] الليث بن سعد بن عبد الرحمن الفهمي: إمام أهل مصر في عصره، أصله من خراسان ومولده في قلقشندة، ووفاته في القاهرة، وكان من الكرماء الأجواد، أخباره كثيرة وله تصانيف، ولابن حجر العسقلاني كتاب (الرحمة الغيثية في الترجمة الليثية) في سيرته، توفي سنة 175 هـ. (تهذيب التهذيب 8/459، تذكرة الحفاظ 1/207، وفيات الأعيان 1/438، النجوم الزاهرة 2/82، تاريخ بغداد 13/3) .

أردنا/ ذلك، سمعنا من فقهائنا، ولم نشخصكم من بلدانكم، فلماذا أحضرت هذا المجلس؟ فقال: يخلي لي أمير المؤمنين مجلسه إن أراد أن يسمع كلامي في ذلك، فانصرف من كان بحضرة أمير المؤمنين، وقيل له: تكلم، قال: يا أمير المؤمنين، أتكلم على الأمان، وعلى طرح التعمل [1] والهيبة، قال: ذلك لك، قال: يدعو أمير المؤمنين بمصحف، فأمر به فأحضره، قال: يأخذه أمير المؤمنين فيتصفحه، حتى يصل إلى سورة الرحمن، فأخذه وتصفحه حتى وصل إلى سورة الرحمن، فقال: يقرأ أمير المؤمنين، فقرأ، فلما بلغ وَلِمَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ جَنَّتانِ [2] ، قال: كف يا أمير المؤمنين ههنا، فوقف، فقال: يقول أمير المؤمنين والله فاشتد على الرشيد وقال له: ما هذا؟ فقال: يا أمير المؤمنين، على هذا وقع الشرط، فنكّس رأسه، ثم قال: والله، قال: الذي لا إله إلا هو الرحمن الرحيم، إلى أن بلغ آخر اليمين، ثم قال: إنك يا أمير المؤمنين تخاف مقام الله؟ قال هارون: إني أخاف مقام الله، فقال: يا أمير المؤمنين، فهي جنتان وليست بجنة واحدة، كما ذكر الله في كتابه، فسمعت التصفيق والفرح من خلف الستر، وقال هارون: أحسنت والله، بارك الله فيك، ثم أمر بالجوائز والخلع لليث بن سعد، وأمرت له زبيدة بضعف ما أمر به الرشيد./ قال فارس بن أحمد، كان محمد بن الخليل، أبو بكر المقري الأخفش الصغير [3] جليلا، وهو أكبر أصحاب ابن الأخرم، قال: وحدثني بعض أصحابه أنه كان يحفظ ثلاثين ألف بيت شعر شاهد في كتاب الله عز وجل. أنشدنا أبو البركات عبد الوهاب بن المبارك، أنشدنا أبو شجاع فارس بن الحسين الذهلي لنفسه في كتاب الشهاب [4] للقضاعي [5] الذي طبق الأرض: [البسيط] إن الشهاب شهاب يستضاء به ... في العلم والحلم والآداب والحكم

_ [1] في ب: طرح التعمد. [2] سورة الرحمن 45. [3] الأخفش الأصغر: علي بن سليمان بن الفضل أبو المحاسن، نحوي من العلماء من أهل بغداد، أقام بمصر ثم خرج إلى حلب، ثم عاد إلى بغداد، له تصانيف منها (شرح سيبويه) و (الأنواء) ، و (المهذب) ، توفي ببغداد سنة 315 وهو ابن ثمانين عاما. (وفيات الأعيان 1/332، بغية الوعاة 338، إنباه الرواة 2/276) . [4] في ش: كتاب الشهادة. [5] القضاعي: محمد بن سلامة بن جعفر، أبو عبد الله، مؤرخ ومفسر، من علماء الشافعية، كان كاتبا للوزير الجرجرائي (علي بن أحمد) بمصر في أيام الفاطميين، أرسل في سفارة إلى الروم فأقام قليلا في القسطنطينية، وتولى القضاء بمصر، من كتبه: الشهاب في المواعظ، وتفسير القرآن، وتواريخ الخلفاء، وخطط مصر، وغيرها، توفي بمصر سنة 454 هـ. (وفيات الأعيان 1/462، حسن المحاضرة 1/76، 227، طبقات السبكي 3/62، الوافي بالوفيات 3/116) .

سقى القضاعيّ غيث كلما لمعت ... هذي المصابيح في الأوراق والظّلم قال أبو علي السوسي: بلغني أن رجلا سأل محمد بن الحنفية، فقال: أجد غمّا لا أعرف له سببا، وقد ضاق قلبي، فقال محمد: غمّ لم تعرف له سببا، عقوبة ذنب لم تفعله، فقال الرجل: ما معنى ذلك؟ فقال: المعنى في ذلك أن القلب يهمّ بالمعصية، فلا تساعده الجوارح، فيعاقب بالغمّ دون الجوارح. بعضهم: [السريع] الموت بحر غالب موجه ... تذهب فيه حيلة السابح يا نفس إني قائل فاسمعي ... مقالة من مشفق ناصح لا يصحب الإنسان في قبره ... غير التّقى والعمل الصالح عن أبي عمران الأنصاري، عن أم الدرداء [1] ، أنها أعطته يوم الفطر ثلاث تمرات، فقالت: يا سليمان، كلهنّ، وخالف أهل الكتاب، فانهم لا يأكلون في أعيادهم حتى يصلوا. عن مخلص بن أبي الجماهر التنوخي، قال: من ختم نهاره بالاستغفار صعد عمله مضيئا، وإن كان مسيئا، ومن لم يختم نهاره بالاستغفار صعد عمله مظلما، وإن كان محسنا. أخبرنا أبو الحسين بن أبي الحديد، أخبرنا جدي أبو عبد الله، أخبرنا أبو المعمر المسدد بن علي الاملوكي الحمصي، أخبرنا أبو حفص عمر بن علي بن الحسين بن إبراهيم العتكي الأنطاكي، حدثنا محمد بن الحسن بن فيل، حدثنا عبد السلام بن العباس بن الزبير الحمصي، حدثنا خلي بن خالد بن أبي خالد بن خلي عن سويد بن عبد العزيز، عن حميد الطويل، عن أنس قال، قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: (ما حلف بالطلاق ولا استحلف به إلا منافق) [2] ، قال ابن عساكر: غريب جدا. عن قتادة قال: سأل عبيد الله بن زياد أبا بكرة: ما أعظم المصيبة؟ قال: مصيبة الرجل في دينه، قال: لست عن هذا أسألك، قال: فموت الأب قاصمة الظهر، وموت الولد صدع في الفؤاد، وموت الأخ قص الجناح، وموت المرأة حزن ساعة./ الخطيب، أخبرنا أبو عبد الله المطهر بن محمد اللحامي، حدثنا أبو العباس أحمد بن محمد بن زكريا النسوي، حدثنا خلف بن محمد الختام، حدثنا سهل بن شادويه، حدثنا

_ [1] أم الدرداء: خبرة بنت أبي حدرد، واسمه سلامة بن عمير بن أبي سلمة الأسلمي، صحابية تعرف بأم الدرداء الكبرى، تمييزا لها عن أم الدرداء الصغرى هجيمة بنت حيي، من فضليات النساء، وذوات الرأي فيهن، حفظت عن النبي صلّى الله عليه وسلم وعن زوجها، وروى عنها جماعة من التابعين، كانت إقامتها بالمدينة، توفيت بالشام في خلافة عثمان بن عفان سنة 30 هـ. (الإصابة 8/73- 74، التاج 2/333، 346) . [2] الموطأ، باب الطلاق ص 72، كشف الخفاء للعجلوني 2/52، 417، الأسرار المرفوعة لعلي القاري ص 240.

نصر بن الحسين، حدثنا عيسى بن موسى عن عبيد الله العتكي، عن أبي الزبير عن جابر قال: نهى رسول الله صلّى الله عليه وسلم عن المواقعة قبل الملاعبة. عن محمد بن المتوكل العسقلاني، قال: رأيت النبي صلّى الله عليه في النوم، فقلت له: يا رسول الله، إن سفيان بن عيينة، حدثني عن الزهري، عن سالم عن أبيه، أنك كنت ترفع يديك إذا افتتحت الصلاة، وإذا ركعت، وإذا رفعت رأسك من الركوع، فقال صلّى الله عليه وسلم: (صدق سفيان، وصدق الزهري، وصدق سالم، وصدق ابن عمر، هكذا كنت أصلي) . عن ابن الأزهر المغيرة بن فروة، أحد التابعين قال: من ركع بعد المغرب ركعتين قبل أن يتكلم، كانتا له عدل عمرة. عن مكحول قال: ما من أمة يكون فيها سبعة وعشرون رجلا، فيستغفرون الله كل يوم سبعة وعشرين مرة، إلا لم يصب الله تلك الأمة بعذاب العامة. عن عثمان بن عطاء عن أبيه قال: ما استسقى كبير قط، فشرب صغير قبله، إلا غارت عين من ماء العيون. عن عائشة قالت: جعل درج الجنة على عدد آي القرآن، فمن قرأ ثلث القرآن ثم دخل الجنة، كان على الثلث من درجها، ومن قرأ نصف القرآن، كان على النصف/ من درجها، ومن قرأه كله، كان في عليين، لم يكن فوقه إلا نبي أو صدّيق أو شهيد [1] . عن عائشة قالت: كسفت الشمس على عهد رسول الله صلّى الله عليه وسلم، فقام المغيرة بن شعبة ينظر إليها فذهبت عينه. عن نافع بن مالك بن أبي سهيل، عم مالك بن أنس، قال: قلت للزهري: أما بلغك أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم، قال: (من طلب شيئا من هذا العلم الذي يراد به وجه الله، ليطلب به شيئا من عرض الدنيا، دخل النار) [2] ، قال الزهري: لا ما بلغني هذا، فقلت له: وكل حديث رسول الله صلّى الله عليه وسلم بلغك؟ قال: لا، قلت: فنصفه؟ قال: عسى، قلت: فهذا في النصف الذي لم يبلغك. آخر المنتقى من تاريخ ابن عساكر

_ [1] في تهذيب ابن عساكر 3/359، عن علي بن أبي طالب، أنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: من قرأ القرآن فحفظه واستظهره، أدخله الله الجنة، وشفّعه الله في عشرة كلهم قد وجبت لهم النار) رواه الحافظ على غير طريقة عاليا. [2] سنن ابن ماجة 1/48، مع خلاف في اللفظ، تاريخ أصفهان 1/255، الترغيب والترهيب للمنذر 2/355.

قال البغوي [1] في معجم الصحابة

قال البغوي [1] في معجم الصحابة حدثنا أحمد بن علي قال: سمعت أحمد عن يونس، يقول: سمعت سفيان الثوري يقول: هذا زمان ينبغي للرجل أن يطلب جحرا يدخل فيه، قال يونس: وهذا زمان ينبغي للرجل أن يطلب قبرا يدخل فيه./ ابن أبي الدنيا في كتاب ذم الغضب، حدثني أبو محمد التميمي، عن شيخ من قريش قال: أتي هشام برجل بلغه عنه أمر، فلما أقيم بين يديه جعل يتكلم بحجته، فقال له هشام: وتكلم أيضا؟ فقال الرجل: يا أمير المؤمنين، قال الله تعالى: يَوْمَ تَأْتِي كُلُّ نَفْسٍ تُجادِلُ عَنْ نَفْسِها [2] ، أفيجادل الله، ولا تكلّم أنت كلاما؟ قال هشام: بلى ويحك فتكلم. وقال البغوي: حدثني عمي، عن أبي عبيد، قال، قال أبو رهم بن مطعم الشاعر: هاجر إلى النبي صلّى الله عليه وسلم وهو ابن مائة وخمسين سنة، وهو من بني أرحب من همدان. قال البغوي: أبو رهم الشاعر وفد إلى النبي صلّى الله عليه وسلم ولم يرو عنه. وقال البغوي، حدثنا الحسن بن عرفة، حدثني هشام عن مغيرة عن الشعبي، حدثني رجل من ثقيف قال: سألنا النبي صلّى الله عليه وسلم ثلاثا فلم يعطنا واحدة منهن، لم يرخص لنا في الزنا طرفة عين قط، وقلنا إن أرضنا باردة فرخص لنا في الطهور، فلم يفعل، وسألناه أن يرد علينا عبدا لنا أبق، فأبى وقال: (هو طليق الله وطليق رسوله) [3] . وقال البغوي: حدثني محمد بن إسحاق، حدثنا يزيد بن عبد ربه، حدثنا بقية عن يحيى بن سعد عن خالد بن معدان عن أبي عائشة: أن نفرا من اليهود أتوا رسول الله صلّى الله عليه وسلم، فسألوه عن ملك الموت، فقال: (هو ابن آدم الذي قتل أخاه) [4] ، قلت: لم أفهم معنى هذا الحديث، وقد كتبته لأنظر فيه.

_ [1] البغوي: عبد الله بن محمد بن عبد العزيز ابن المرزبان، أبو القاسم، حافظ للحديث، من العلماء، أصله من بغشور (بين هراة ومرو الروذ والنسبة إليها بغوي) ، مولده ووفاته ببغداد، كان محدث العراق في عصره، له من الكتب: (معجم الصحابة) ، و (الجعديات) في الحديث، و (حكايات شعبة وعمرو بن مرة) ، توفي سنة 317 هـ. (اللباب 1/133، لسان الميزان 3/338، ميزان الاعتدال 2/72، تاريخ بغداد 10/111، تذكرة الحفاظ 2/247) . [2] النحل 111. [3] طبقات ابن سعد 7/9، شرح معاني الآثار 3/279، مجمع الزوائد للهيثمي 5/245. [4] لم أجده في المصادر المعتمدة.

المقامة اللازوردية في موت الأولاد

المقامة اللازوردية في موت الأولاد إنشاء الفقير عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي الشافعي [1] بسم الله الرحمن الرحيم وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَراتِ، وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ الَّذِينَ إِذا أَصابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ، أُولئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَواتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ [2] ، فسر قوم من العلماء الثمرات بالأولاد [3] ، لأنهم ثمرات الفؤاد وفلذ الأكباد، ومصابهم من أعظم مصاب، ومماتهم يصدع القلوب والأوصال والأعصاب، يا له من صدع لا يشعب، وشعب لا يرأب، يوهي القوى، ويقوي الوهى [4] ، وينهي العافية، ويعفو النّهى [5] ، ويوهن العظم، ويعظم الوهن، ويرهن الأعلاق [6] ، ويغلق الرهن، مر المذاق، وصعب لا يطاق، يضيق عنه النطاق، شديد على الإطلاق: [الوافر] وكيف أطيق أن أنسى حبيبا ... قطّع ذكره برد الشراب ألا لا لست ناسيه ولكن ... سأذكره بصبر واحتساب لا جرم أنّ الله تعالى حثّ على الصبر الجميل، ووعد على ذلك بالأجر الجزيل، قال الله تعالى، فيما ثبت من الأحاديث القدسية في صحيح السّنّة: (ما لعبدي المؤمن عندي جزاء إذا قبضت صفيّه من أهل الدنيا، ثم احتسبه إلا الجنّة) [7] . وثبت في الأحاديث المتواترة عن النبي المختار: (لا يموت لأحد من المسلمين ثلاثة من الولد فتمسّه النار) [8] ، وفي لفظ: (من مات له ثلاثة من الولد، لم يبلغوا الحنث، كانوا له حجابا من النار) [9] ، وفي لفظ: (احتظر من النار بحظار) [10] ، وجاءت رواية أو اثنان أو واحد، بفضل رحمة العزيز الغفار.

_ [1] في نسخة ب: من إنشائي. جاءت المقامة ضمن مقامات السيوطي، تحقيق صديقنا الدكتور سمير الدروبي ص 972- 995، ط مؤسسة الرسالة، بيروت، وقد أفدنا من ملاحظاته وتعليقاته. [2] البقرة 155- 157. [3] منهم الشافعي، ينظر الجامع لأحكام القرآن 2/174. [4] الوهى: الضعف والشق في الشيء. [5] يعفو: يطمس ويمحو، النهى: العقول. [6] الأعلاق: جمع علق، وهو الكريم من المال. (اللسان: علق) [7] مسند أحمد بن حنبل 2/417، سنن الدارمي 2/27، الأحاديث القدسية 1/123. [8] صحيح البخاري 1/125، موطأ مالك 1/235. [9] صحيح البخاري 2/25، مسند أحمد بن حنبل 2/276، 3/306، الجامع الكبير 1/834. [10] صحيح مسلم 4/39، والموطأ 1/524.

أولا تطيب نفس الإنسان بما ورد: (أنّ الولد يتلقّى أباه، فيأخذ بثوبه، فلا ينتهي حتى يدخله الله الجنة وإيّاه) [1] ، هم: (دعاميص الجنة) [2] ، دخّالون في منازلها بغير جنّة، يتلقون آباءهم من أبواب الجنة الثمانية، من أيّها شاء دخل، حيث سلموا من الحنث والإثم والدّخل [3] ، ما أثقل الولد الصالح في الميزان، وما أنفل غنمه [4] الرابح، حيث يفتح لأبيه أبواب الجنان، وما أسرّه إذ يتلقاه بكأس الشراب وهو في الموقف ظمآن، ذلك تخفيف من ربكم لذنوبكم، ورحمة بعباده المؤمنين، إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ [5] . ألا إن الذي لم يقدم من ولده شيئا هو الرقوب [6] ، اذكروا ما ابتلى الله به من فراق ولده ثمانين عاما صفيّه يعقوب [7] ،/من حمد ربه واسترجع عند قبض ولده، بنت الملائكة له بيتا في الجنة، وسمّوه بيت الحمد [8] ، فطوبى لمشهده، وكيف لا يوطن نفسه على فراق الأحباب، ولله كلّ يوم ملك ينادي بباب السماء: يا أيها الناس، لدوا للموت وابنوا للخراب، وأوحى الله ذلك إلى آدم حين أهبطه من الجنان، وصاح به من الطير ورشان [9] ، بحضرة النبي سليمان، قال بعض من تقدم في الزمان [10] : [الطويل] وللموت تغدو الوالدات سخالها ... كما لخراب الدور تبنى المساكن وقال بعض من تأخر [11] : [الوافر] بني الدنيا أقلّوا الهمّ فيها ... فما فيها يؤول إلى الفوات بناء للخراب وجمع مال ... ليفنى والتوالد للممات

_ [1] صحيح مسلم 4/39، الموطأ 1/730. [2] النهاية في غريب الحديث 2/120، وفي المجازات النبوية للشريف الرضي ص 406 يقول: «هذه استعارة، والدعموص: دويبة صغيرة تكون في مياه العيون، يقال: إنها ضفدع، فكأنه عليه الصلاة والسلام شبههم للعبهم في أنهار الجنة ومياهها بالدعاميص التي تعوم في قرارات الغدران وجمامها» . [3] الدخل: العيب والغش والفساد. (اللسان: دخل) [4] ما أنفل غنمه: ما أكثره. [5] يوسف 90. [6] في النهاية في غريب الحديث 2/249 قال: الرقوب في اللغة، الرجل والمرأة إذا لم يعش لهما ولد، فنقله النبي صلّى الله عليه وسلم إلى الذي لم يقدم من الولد شيئا. [7] قصص الأنبياء لابن كثير، قصة يوسف 1/306. [8] ينظر: الجامع للأصول في أحاديث الرسول 1/349، الزهد، لعبد الله بن المبارك ص 28، وعمل اليوم والليلة لابن السني ص 218. [9] الورشان: طائر شبه الحمامة، أكبر قليلا منها. [10] البيت لسابق البربري في العقد الفريد 2/69، وتهذيب ابن عساكر 6/38. [11] البيتان دون عزو في رحلة الشتاء والصيف لابن كبريت ص 119.

وأعظم ما يسلي الوالد عن صفيّه، مصيبته بسيّده وهاديه ونبيّه، قال صلّى الله عليه، مرشدا بالقول الصائب: (من أصيب بمصيبة، فليذكر مصيبته بي، فانّها أعظم المصائب) [1] ، وفي حديث آخر: (من أصيب بمصيبة فليتعزّ بمصيبته بي عن حملها، فانه لن يصاب أحد من أمتي من بعدي بمثلها) [2] . ومن أحسن ما كتب به شاعر إلى أخيه، يعزيه عن ابنه ويسليه [3] : [الكامل] اصبر لكلّ مصيبة وتجلّد ... واعلم بأنّ المرء غير مخلّد وإذا ذكرت محمّدا ومصابه ... فاذكر مصابك بالنبيّ محمّد ومما يجلب الأسى، ويذهب بعض الأسى [4] ، تذكّر ما وقع للخلق من ذلك، فقلّ أحد إلا وقد سلك به هذه المسالك، كتب ذو القرنين [5] لأمه حين حضرته الوفاة مرشدا: أن اصنعي طعاما للنساء، ولا يأكل منهن من أثكلت ولدا، فلما فعلت ودعتهن لم تأكل منهن واحدة، وقلن: ما منّا امرأة إلا وقد أثكلت ما هي له والدة، فقالت: إنّا لله وإنّا إليه راجعون هلك ابني، وما كتب بهذا إلا تعزية لي وتسلية عني [6] . وقالت امرأة من العرب، أفنى الطاعون أهلها واستلب [7] : [الطويل] ولولا الأسى ما عشت في الناس ساعة ... ولكن متى ناديت جاوبني مثلي وقالت الخنساء وهي تتأسى [8] : [الوافر] ولولا كثرة الباكين حولي ... على إخوانهم لقتلت نفسي

_ [1] الجامع الكبير 1/748، كنز العمال 6655. [2] الجامع الكبير 1/956، تهذيب ابن عساكر 4/311، الكامل في الضعفاء لابن عدي 7/2625. [3] البيت الأول لأبي العتاهية في ديوانه ص 117، والثاني في هامشه، ونسب البيتان لإبراهيم بن المهدي في مناقب آل أبي طالب 1/205، وبدون عزو في الحيوان 3/473، والتعازي للمبرد ص 81، وعيون الأخبار 3/58. [4] الأسى بالضم: الصبر، وبالفتح: الحزن. (اللسان: أسا) . [5] ذو القرنين: هو الاسكندر المقدوني، القائد اليوناني المشهور، ترجمته وأخباره في تهذيب ابن عساكر 5/252، ومختار الحكم ومحاسن الكلم لابن فاتك ص 222- 251. [6] ورد الخبر في تهذيب ابن عساكر 5/285، ومحاضرات الراغب الأصفهاني 2/512، ومختار الحكم ص 242. [7] البيت للحريث بن زيد الخيل في التنبيهات لعلي بن حمزة ص 95، وشرح الحماسة للتبريزي 2/325، والشعر والشعراء ص 157، والأغاني 17/269، ونسب للشمردل بن شريك في شرح الحماسة للتبريزي 2/337، وشرح المضنون به للعبيدي ص 4354، ونسب لنهشل بن حري في شرح الحماسة للتبريزي 2/337. [8] ديوان الخنساء ص 84- 85.

وما يبكون مثل أخي ولكن ... أعزّي النفس عنه بالتأسّي يذكّرني طلوع الشمس صخرا ... وأذكره لكلّ غروب شمس وقالت امرأة مرجّعة [1] من بني عامر بن صعصعة: [البسيط] ربّيتهم تسعة حتى إذا اتّسقوا ... أفردت منهم كقرن الأعضب الوحد وكلّ أمّ وإن سرّت بما ولدت ... يوما ستشكل ما ربّت من الولد كان بمكة مقعدان لهما ابن شابّ يقوم بأمرهما، ويسعى في الكسب عليهما وسترهما، فأدركه حمامه، وانقضت مدته وأيامه، فقال صلّى الله عليه وسلم معزّيا لكلّ والدين: (لو ترك أحد لأحد، لترك ابن المقعدين) [2] . أنشد خالد بن صفوان [3] وقد مات ابنه مرددا [4] : [الطويل] وهوّن ما ألقى من الوجد أنّنى ... أجاوره في داره اليوم أو غدا هذا سيد المرسلين، وحبيب رب العالمين، قبض الله أولاده في حياته، ليعظّم له الزّلفى [5] في درجاته، فمات له من الأولاد ستة أو سبعة أو ثمانية نجوم: القاسم، وعبد الله، والطيّب، والطاهر، وإبراهيم، وزينب، ورقيّة، وأم كلثوم، ولم يتأخر بعده من أولاده إلا فاطمة الزهرا، ولم تعش بعده إلا ستة أشهر وليالي زهرا، فكان موتها وموت أبيها وأخيها إبراهيم في تسعة أشهر، أو تنقص شهرا. كتب الشافعي إلى عبد الرحمن بن مهدي [6] ، وأرسل إليه يعزيه في ابنه وقد جزع عليه [7] : [البسيط]

_ [1] في ش: موجعة. ومرجعة: من الترجيع وهو ترديد الصوت في القراءة أو الانشاد أو النواح. [2] ضعيف الجامع الصغير 5/43، ميزان الاعتدال في نقد الرجال للذهبي 2/402، السنن الكبرى للبيهقي 4/66. [3] خالد بن صفوان بن عبد الله بن عمرو بن الأهتم التميمي: من فصحاء العرب المشهورين، كان يجالس عمر بن عبد العزيز وهشام بن عبد الملك، وله معهما أخبار، ولد ونشأ بالبصرة، وكان أيسر أهلها مالا، وكان لفصاحته أقدر الناس على مدح الشيء وذمه، وكان يرمى بالبخل، كف بصره وتوفي سنة 133 هـ. (وفيات الأعيان 1/243، أمالي المرتضى 4/172، نكت الهميان ص 148) . [4] استشهد خالد بن صفوان بهذا البيت وهو لعمر بن حفص، قاله يعزي عبد الله بن علي عم أبي العباس السفاح، والبيت في أمالي الزجاجي ص 9، وبدون عزو في البيان والتبيين 4/97، وحماسة الظرفاء 1/116. [5] الزلفى: الدرجة والمنزلة. [6] عبد الرحمن بن مهدي بن حسان: أبو سعيد البصري، من حفاظ الحديث، قال أبو حاتم: هو ثقة، توفي سنة 198 هـ. (حلية الأولياء 9/3، طبقات الحفاظ ص 139) . [7] دوان الشافعي ص 120.

إني معزيك لا أني على طمع ... من الخلود ولكن سنّة الدين فما المعزّى بباق بعد ميّته ... ولا المعزّي ولو عاشا إلى حين مات لسليمان عليه السلام ابن فاشتدّ عليه وجده، وتعاظم فقده، فنزل عليه ملكان عليهما السلام، وبرزا له في صورة أخصام، فقال أحدهما: إني بذرت بذرا لأحصده، فلما اشتدّ مرّ به هذا فأفسده، فقال الآخر: إنه بذر على الطريق، فأخذت عليه [1] ، ففسد للمضيق، فقال سليمان للأول: أما علمت أنّ مأخذ الناس على الطريق العابرة، فقال: يا سليمان: فلم تحزن على ابنك وأنت تعلم أنّك ميّت وأنّ سبيل الناس على الآخرة، ثم قال: ما كان ابنك يعدل عندك؟ وما قدره هنالك؟ قال: كان أحبّ إليّ من ملء الأرض ذهبا، قال: فانّ لك من الأجر على قدر ذلك [2] . وفي تعزية معاذ [3]- وإن تضمن إسناد الحديث وهنا-: اعلم أن الجزع لا يردّ ميتا، ولا يدفع حزنا [4] . وقال الشافعي في تعزيته: أمضّ المصائب فقد سرور، مع حرمان أجر، فكيف إذا اجتمعا على اكتساب وزر [5] : [الطويل] تصبّر فانّ الأجر أسنى واعظم ... ورأيك أهدى للتي هي أقوم ولو جاز فرط الحزن للمرء لم يفد ... فما بالنا لا نستفيد ونأثم [6] وإني عن ندب الأحبّة ساكت ... وإن كان قلبي بالأسى يتكلّم أعزيك عن غصن ذوى قبل ما ارتوى ... وقامت به ورق الثّنا تترنّم [7] على مثل هذا عاهد الدهر أهله ... وصال وتفريق يسرّ ويؤلم [8] وإن منع الغيّاب أن يقدموا لنا ... فانّا على غيّابنا سوف نقدم مات لأبي بكرة [9] من الأولاد دفعة واحدة أربعون، ولأنس بن مالك ثلاثة وثمانون ولدا، وذلك بالطاعون [10] . وقلّ أن يكون أحد ممن غبر، إلا وذاق طعم هذا الكأس

_ [1] أخذت عليه: أي سرت عليه. [2] إحياء علوم الدين للغزالي 4/489. [3] معاذ بن جبل بن عمرو بن أوس الأنصاري: صحابي إمام مقدم في علم الحلال والحرام، توفي بالطاعون سنة 18 هـ، وقيل 17 هـ. (حلية الأولياء 1/228، الإصابة 6/136) . [4] التعازي والمراثي للمبرد ص 148. [5] الأبيات لجمال الدين بن نباتة المصري في ديوانه ص 463- 464. [6] البيت ساقط من نسخة ب. [7] في نسخة ش: قبل ما ارتدى. [8] في ع: يسر ومغنم. [9] أبو بكرة: عبد الرحمن بن أبي بكرة الثقفي، تابعي من أهل البصرة، توفي سنة 96 هـ. (الإصابة 5/226) . [10] التعازي والمراثي للمبرد ص 209.

الأمّر، من صحابة وأتباع، ورؤوس وأشياع، وعلماء وزهّاد، وقرّاء وعبّاد، كم من خليفة عهد لولده بالخلافة واستخلفه، فجاءه الموت فأخذه من بين يديه واختطفه. وكم من ملك دانت له الرقاب وذلّت، وفرّت منه الأسود وولّت، وأخذ القلاع والحصون، وحاز من الأموال كلّ كنز مصون، جاء الموت فاستلب ولده، والتهب كبده، ولم يقدر أن يفديه بما حوته يده؟ وكم طرق هذا الطارق من أمير ووزير، ومستشار ومشير، وكبير وصغير، وغني وفقير، وطبيب ولبيب، وعدو وحبيب، كلّ قد دارت عليه هذه الكأس، ولم تفرق بين عار وكاس، فلذلك تمنى أن لا يولد له من تمنّى، وتغنى به من تغنّى، لما تعنّى [1] :/ [الوافر] أرى ولد الفتى ضررا عليه ... لقد سعد الذي أضحى عقيما فامّا أن يربيه عدوّا ... وإمّا أن يخلّفه يتيما وإمّا أن يوافيه حمام ... فيبقى حزنه أبدا مقيما وبعضهم استجاد الموت وأجاد إذ قال في الإنشاد [2] : [الطويل] لئن أوحشت ممّن أحبّ منازل ... لقد آنست ممن أحبّ المقابر وكنت عليه أحذر الموت وحده ... فلم يبق لي شيء عليه أحاذر وكيف لا يستحسن في هذا الزمان موت الأولاد، وهو الزمان الذي ظهر فيه الفساد، وكثر فيه العناد، ولا يظفر فيه بواحد من الألف ساد، وهو الذي أخبر عنه سيد بني كنانة بقوله: (لا تقوم الساعة حتى يمرّ الرجل بقبر الرجل فيقول: يا ليتني كنت مكانه) [3] . ولقد أبدع وشنّف [4] ، قول العباس بن الأحنف [5] : [المنسرح] يبكي رجال على الحياة وقد ... أفنى دموعي شوقي إلى الأجل أموت من قبل أن يغيرني الد ... هر فاني منه على وجل وعزّى رجل رجلا بابن له يسليه عنه، فقال: «الله خير له منك، وثوابه خير لك منه» . وعزّى آخر بابنة له، فقيل له: «احمد الله على أمرك، حيث أعزها بوقوفك على

_ [1] البيتان الأول والثاني لأبي العلاء المعري في اللزوميات 2/306 من قطعة. [2] البيتان لأبي نواس في رثاء الأمين، في ديوانه ص 581، ورواية البيت الأول فيه: لئن عمرت دور بمن لا أودّه ... فقد عمرت ممن أحبّ المقابر [3] صحيح البخاري 9/73، مسند أحمد بن حنبل 2/236، كنز العمال 38487 صحيح الجامع الصغير 6/177. [4] شنف: أي أمال الأسماع، والشنف: قرط يلبس في أعلى الأذن (اللسان: شنف) . [5] البيتان في ديوان العباس بن الأحنف ص 221.

قبرها، ولا أذلها بوقوفها على قبرك» ./ ومما يهون أمر الولد في وفاته، حصول الراحة له من حوادث المرض وآفاته، وما يقاسيه من العنا، وما يكابده من شدة الضنى، حتى يقول الولد الرحيم، وليس له غير دمعة من حميم [1] : [البسيط] يا ليت علّته بي غير أنّ له ... أجر العليل وأني غير مأجور وإذا تذكر الإنسان ما تلقاه به مولاه، وأكرمه به سيده وحباه، هان عليه فراقه وعذب عنده مذاقه، وعلم أنّ المولى خير لعبده من أبويه، وأنّه صار إلى ما هو خير له وأحبّ إليه، من ذلك: أنّ ملك الموت يقرئه من ربه السلام، ويتلقّى روحه حين تخرج الملائكة الكرام، وتلفّ في حريرة بيضاء من حرير الجنان، ويضمّ إليها المسك وضبائر الريحان، وتتلقاه أرواح المؤمنين، ويصعد به إلى السماء مع الآمنين، ولا يزال يعرج به من سماء إلى سما، وكلّ من مرّ عليه من الملائكة مسلّما، إلى أن يأتوا به إلى سدرة المنتهى، وإليها كلّ مؤمن وقف وانتهى، فيقف بين يدي مولاه، ويقولون هذا عبدك فلان توفيناه، فيؤمر بالسجود، فتسجد النسمة [2] ، فيا له من موقف ما أشرفه وأعظمه. ثم يأتيه بأمانه من العذاب صكّ مختوم، وكتاب مرقوم، ويوسع له في قبره مد البصر، ويجعل له فيه نور مثل نور الشمس والقمر، وينبذ فيه الريحان،/ ويبسط فيه من الحرير ألوان، وتفتح له الملائكة بابا إلى الجنة عيّا، وينظر إلى مقعده فيها بكرة وعشيّا، ويكفيك ما ثبت في السّنّة: (أن القبر روضة من رياض الجنّة) [3] ، وتطلق الروح مرسلة من سجن الدنيا الذي كانت فيه، فانّ الدنيا سجن المؤمن، وخلاصه من ذلك السجن توفيه، ويعطى في قبره ما شاء من أنواع الإيمان، إن شاء أن يصلي صلّى، وإن شاء قرأ القرآن، ويعطى مصحفا من ذهب يقرأ فيه. وناهيك بمن يحبّه الله من حملة كتابه ويصطفيه، ووردت أحاديث عديدة، إسانيدها مجيدة: (إنّ من حفظ شيئا من القرآن ومات قبل تتميمه، بعث الله إليه ملائكة في قبره يحفظونه ما بقي، ويقومون بتعليمه) [4] ، وكم للمؤمن في قبره من إكرام وامتنان، منها أن يكسى عند وضعه فيه حلّة من الجنان، ويؤذن له في الزيارة والمحادثة لمن في قبورهم من الإخوان، وإذا زاره أحد من معارفه في الدنيا حصل له استئناس، وإذا سلّم

_ [1] البيت لمسلم بن الوليد في ديوانه ص 323، ونسب البيت لأكثر من شاعر في المصادر الأدبية وكتب التراجم. [2] النسمة: نفس الروح. (اللسان: نسم) . [3] شرح صحيح الترمذي للأحوذي 9/284. [4] لم أجده في كتب الحديث المعتمدة.

عليه ردّ كما يردّ الحيّ من الناس [1] . أما مقرّ الروح، وما أدراك ما مقرّ الروح، فمختلف بحسب الصاحب، ومتنوع على قدر المراتب، فأرواح في حواصل طير خضر، تسرح في الجنّة حيث شاءت، وتأوي إلى قناديل من ذهب/ في ظلّ العرش، إذا باتت وباءت [2] ، وأرواح في قبّة خضراء سندسيّة، على بارق نهر بباب الجنة العيّة، يخرج إليهم رزقهم منها غدوة وعشية. وأرواح الأطفال الذين لم يبلغوا الحنث ولم تجرح، عصافير من عصافير الجنّة ترعى وتسرح، وأرواح في السماء الدنيا أيضا، وأرواح في السماء السابعة، في دار يقال لها البيضا، وأرواح في كفالة جبرائيل [3] ، وأرواح في كفالة ميكائيل، وأرواح في خزانة رميائيل، وأرواح في سبب ممدود بين السماء والأرض، وذلك فيما بين المشرق والمغرب في العرض، وأرواح في برزخ من الأرض تذهب حيث شاءت، ولا تلزم، وأرواح تجمع بأريحا [4] ، وتجيء إلى الجابية [5] ، وأرواح ببئر زمزم تتفاوت في المقرّ الأعظم، تفاوتا بحسب مقامها واختلفت على حسب أعمالها وأعظامها [6] . ولكل روح اتصال ببدنها معنويّ، وتعلق بجسدها قوي، بحيث يصحّ أن يسلّم عليها، وتفهم ما يقع من الخطاب لديها، وتسمع الكلام، وتردّ السلام، وهي في الرفيق الأعلى، والفريق الأحلى، لأنّ الروح لها شأن، لا يشابه شأن الأبدان، بحيث تكون في محالّ متعددة في آن واحد، وعلى ذلك تتنزل مسألة تبدّل الوليّ، وأحاديث جمّة الموارد، وأقرب شبه في ذلك/ الشمس المنيرة فانّها في السماء وأشعتها في الأرض كثيرة [7] . وقد صحّ الحديث من طرق غزيرة، وأخرجه أحمد والحاكم والبيهقيّ من رواية أبي هريرة: (أنّ أولاد المؤمن في جبل في الجنّة، له وسامة، يكفلهم إبراهيم وسارة، حتى يردهم إلى آبائهم يوم القيامة) [8] ، فنعم الوالدان الكافلان هما، وهنيئا مريئا لولد فارق أبويه وأمسى عندهما.

_ [1] ينظر: الروح لابن القيّم ص 23، 28. [2] الروح لابن القيم ص 147- 148. [3] في ش: جبريل. ينظر في الملائكة: السيوطي الحبائك في أخبار الملائك ص 15، 26، 69. [4] أريحا: مدينة الجبارين في الغور من أرض الأردن بالشام، بينها وبين القدس يوم للفارس في جبال صعبة المسلك. (ياقوت: أريحا) . [5] الجابية: قرية من أعمال دمشق، ثم من عمل الجيدور من ناحية الجولان، قرب مرج الصفر في شمالي حوران. (ياقوت: الجابية) [6] الروح لابن القيم ص 158- 161. [7] الروح ص 150- 153. [8] الجامع الكبير 1/116، المستدرك على الصحيحين للحاكم 1/384، الفوائد المجموعة للشوكاني 267.

وأما من مات من الأطفال وهو يرضع، فانّ له أن يغذى في الجنة، ويروى ويشبع، ورد في الحديث: (إنّ في الجنة شجرة من خير الشجر، لها ضروع كضروع البقر، فمن مات من الصبيان الذين يرضعون، رضعوا منها أجمعون أكتعون أبصعون) [1] . وورد في الحديث عن سيد بني عبد مناف بن قصيّ: (كلّ مولود ولد في الإسلام فهو في الجنّة، شبعان ريّان، يقول: يا ربّ أورد عليّ أبويّ) [2] . ومما يغبط فيه الأطفال أنهم ينجون في القبر من هول السؤال، وغيرهم من البالغين يسألون ويقلقلون ويتلتلون [3] ، ويكرّر عليهم السؤال سبعة أيام، ولهذا كان السلف يستحبون عنهم فيها الإطعام، فأعظم بالسلامة من هذا الهول من سلامة، وناهيك بالمعافاة من هذه الفتنة من كرامة، وقد قال النسفي [4] ، وهو الإمام الجليل الكبير: «الأنبياء/ وأطفال المؤمنين ليس عليهم حساب، ولا عذاب القبر، ولا سؤال منكر ونكير» [5] . وتمام النعمة والكرامة، أنهم يكونون في ظلّ العرش يوم القيامة، مأذونا لهم في الشفاعة، مجابا قولهم بالقبول والطاعة، ورد في الحديث من طريق الحفّاظ المتضلعين: (ذراري المسلمين يوم القيامة تحت العرش شافعين ومشفّعين) [6] ، وقال تعالى: كُلُّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ رَهِينَةٌ إِلَّا أَصْحابَ الْيَمِينِ [7] ، قال علي بن أبي طالب وعبد الله بن عمر: «هم أطفال المسلمين» [8] . ثم إذا دخلوا الجنة كانوا مع أرفع الأبوين مكانا، وخير الوالدين فضلا وإحسابا. وقد روى ابن أبي الدنيا عن ابن مسعود، وهو كمرفوع السنة: «إن أطفال المسلمين ملوك يخدمون في الجنة» ، وروى ابن حاتم عن خالد بن معدان [9] ذي الجلالة والإمامة:

_ [1] في نسخة ب: أبضعون. الحديث في التمهيد لابن عبد البر 4/208. أكتعون: تأكيد (أجمعون) ، ولا يستعمل مفردا عنه، واحده: أكتع، وهو من قولهم: جبل كتيع: أي تام (النهاية في غريب الحديث 4/149) أبصع: كلمة يؤكد بها، وهو توكيد مرتب لا يقدم على أجمع. (اللسان: بصع) . [2] إتحاف السادة المتقين للزبيدي 10/398. [3] يتلتلون: يصرعون. (اللسان: تلل) [4] النسفي: عمر بن محمد بن أحمد النسفي، نسبة إلى نسف، من فقهاء الحنفية، عالم بالتفسير والفقه والأدب والتاريخ، له مصنفات كثيرة، توفي بسمرقند سنة 537 هـ. (الفوائد البهية ص 149، لسان الميزان 4/327. [5] مجموعة الحواشي البهية على شرح العقائد النسفية 1/161. [6] الجامع الكبير 1/526، كنز العمال 39307، تهذيب تاريخ دمشق 5/329. [7] سورة المدثر 38، 39. [8] تفسير مجاهد 2/706. [9] خالد بن معدان بن أبي كرب الكلاعي: تابعي ثقة، ممن اشتهروا بالعبادة، من فقهاء الشام بعد الصحابة، قال خالد بن معدان: أدركت سبعين رجلا من أصحاب النبي صلّى الله عليه وسلم، كانت إقامته في حمص بالشام، توفي سنة 104 هـ. (تهذيب ابن حجر 3/118- 120، تهذيب ابن عساكر 5/86) .

«إنّ سقط المرأة يكون في نهر من أنهار الجنة، يتقلّب فيه حتى تقوم القيامة» [1] . فيا أيها الوالد الجريح، والواله القريح، ماذا البكاء والصريخ، بعد هذا البر الصريح، وماذا العويل والضجيج بعد ما ثبت في الحديث الصحيح، وماذا التلهف والتأسّف، بعد هذا القضاء المربح المريح؟ [2] :/ [الطويل] فان كنت تبكيه طلابا لنفعه ... فقد نال جنات النعيم مسارعا وإن كنت تبكي أنه فات عوده ... عليك بنفع فهو قد صار شافعا فطب نفسا بهذا الفضل العظيم، وقرّ عينا بنزول ولدك في جوار الربّ البرّ الرحيم، وانشد عن نفسك قول شاعر حكيم [3] : [الكامل] جاورت أعدائي وجاور ربّه ... شتّان بين جواره وجواري وإن تلوت: يا أَسَفى عَلى يُوسُفَ وَابْيَضَّتْ عَيْناهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ [4] ، فاتل تلوها: َّما أَمْوالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ وَاللَّهُ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ [5] ، واكثر من الاسترجاع كلما ذكرته تفز من الأجر بأوفى نصيب، ففي الحديث: (من ذكر مصيبته وإن تقادم عهدها، فاسترجع كتب الله له من الأجر مثله يوم أصيب) [6] ، وورد في آثار حسنة: من استرجع بعد أربعين سنة، وورد في حديث مرفوع على إرساله: (مما يحبط الأجر في المصيبة تصفيق الرجل بيمينه على شماله) [7] . فصبر جميل ورضى بما قضى المولى الجليل، وتسليم لمن هو أرحم بعبده من أبويه ونعم الكفيل، وتفويض إليه في كلّ صباح ومساء، وغدو وأصيل، وإذا نزع من الشيطان والنفس نزغ [8] ، فنعوذ بالله وحَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ [9] . [تمت المقامة اللازوردية في موت الأولاد]

_ [1] الدر المنثور للسيوطي 1/158. [2] البيتان دو عزو في الدر الفريد 4/151. [3] البيت لأبي الحسن التهامي في ديوانه ص 53. [4] يوسف 84. [5] التغابن 15. [6] الجامع الكبير 1/748، وانظر: عمل اليوم والليلة لابن السني ص 208. واسترجع، قال: إنا لله وإنا إليه راجعون. [7] لم أعثر عليه في المصادر المعتمدة. [8] نزغ الشيطان: وساوسه ونخسه في القلب بما يسول للإنسان من المعاصي. (اللسان: نزغ) [9] من سورة آل عمران الآية 173.

المقامة المنبجية للإمام زين الدين عمر بن الوردي

المقامة المنبجية للإمام زين الدين عمر بن الوردي [1] حدث عين إنسان معرة النعمان، قال: دخلت منبج [2] في بعض الأسفار، فرأيت مصرا كأمصار، ولكن قد صغّر [3] تصريف الدهر اسمها، وأبهم على المتكلمين حدها ورسمها، فمساجدها بالدثور [4] ساجدة، ومشاهدها بحزنها على من غاب عنها شاهدة، ورباطاتها محلولة القوى وللأنس فاقدة، ومدارسها دارسة إلا واحدة، فازددت بحديثها القديم حبّا، وغدا قلبي فيها كلفا، ودمعي فيها صبّا، وحسدت غرابها على النواح وسواد الثياب، وتلوت: يا وَيْلَتى أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هذَا الْغُرابِ [5] ، وعجبت لسورها المديد، وقصرها المشيد، ونبهت على قبر ملكها حسان [6] بعد أن دثر، وقرأت البيتين المكتوبين عليه نقرا في الحجر [7] : [الوافر] لقد غفلت صروف الدهر عنّي ... وبتّ من الحوادث في أمان وكدت أنال في الشرف الثّريّا ... وها أنا في التراب كما تراني

_ [1] ابن الوردي: عمر بن مظفر بن عمر بن محمد بن أبي الفوارس، زين الدين المعري الكندي، شاعر أديب مؤرخ، ولد بمعرة النعمان وولي القضاء بمنبج له مؤلفات منها: ديوان شعر، وتاريخ ابن الوردي وهو ذيل لتاريخ أبي الفداء وخلاصة له، واللباب في الإعراب، وشرح ألفية ابن مالك، وشرح ألفية ابن معطي، ومقامات، ومنطق الطير، منظومة في التصوف، وغير ذلك، وكانت بينه وبين صلاح الدين الصفدي مناقضات شعرية طريفة وردت في مخطوطة ألحان السواجع، توفي بحلب سنة 738 هـ. (بغية الوعاة ص 365، النجوم الزاهرة 10/240، فوات الوفيات 2/116، أعلام النبلاء 5/3، الدرر الكامنة 3/195) . وجاءت المقامة المنبجية في ديوان ابن الوردي ص 35- 57، وقد أفدنا من ملاحظات محقق الديوان الدكتور أحمد فوزي الهيب. [2] منبج: بلد قديم قيل إنه رومي، وقيل إن أول من بنى مدينة منبج كسرى لما غلب على الشام، والرشيد أول من أفرد العواصم، وجعل مدينتها منبج، وأسكنها عبد الملك بن صالح بن علي بن عبد الله بن عباس، وهي مدينة كبيرة واسعة، ذات خيرات كثيرة، وأرزاق واسعة في فضاء من الأرض، كان عليها سور مبني بالحجارة محكم، بينها وبين الفرات ثلاثة فراسخ، ومن منبج إلى حلب يومان، ومنها إلى ملطية أربعة أيام، وإلى الفرات يوم واحد، وشربهم من قنيّ تسيح على وجه الأرض، وفي دورهم آبار أكثر شربهم منها لأنها عذبة صحيحة، ومنها البحتري وله فيها أملاك، وهي بلد أبي فراس. (ياقوت: منبج) [3] في ب، ش: قد صفر، بالفاء. [4] في ب، ل: بالمنثور. [5] من سورة المائدة 31. [6] لم أجد ترجمته. [7] البيتان من ديوان ابن الوردي ص 36 بتحقيق أحمد فوزي الهيب، ط دار القلم، الكويت 1986 م، ولم يردا في نسخ المحاضرات لدي.

ورايت قبر البحتري بها، وشهدت بهجة مشهد النور، ودعوت عند المستجاب، وفي سفح المصلى خارج السور [1] ، وزرت بقصور مادحيها، وتمثلت مادحي قصورها، وزرت قبور صالحيها، وتوسلت بصالحي قبورها، وأمسيت نزيلا لنزيلها الجليل، ولي الله الشيخ عقيل [2] الطيار في الهواء، الغواص في الماء، شيخ شيوخ الإسلام، وأول من دخل بالخرقة العمرية إلى الشام، جامع الوحوش في البر والبحر أفواجا، وجاعل النجارة باذن الله ذهبا وهاجا، المتصرف بعد وفاته [3] ، كتصرفه في حال حياته، الذي أعدى عديّا [4] ، في حلبات الرهان، وأرسل رسالة سره إلى رسلان [5] ، وما زال الزولي [6] /له مريدا، ورزق بن مرزوق الرسّي [7] به جدا سعيدا، وسعدا جديدا، وبعد أن فعلت ما فعلت، تذكرت ما كنت قلت: [السريع] خالط أولي العلم تكن عالما ... فربّنا قد رفع الوحيا [8] واقتد بالموتى على أنه ... لا بدّ للحيّ من الأحيا فاخلصت النيّة، وقصدت مدرستها النورية، فاذا مدرسها القاضي، وقد استقبل أمر الدرس بفعل ماض، فاحتقرته لحداثة سنّه، وعزمت على تخجيله بفنّ، لعله غير

_ [1] قوله: (ورأيت قبر البحترب بها ... خارج السور) جاء في ديوان ابن الوردي بيتي شعر، وهو نثر لأنه يخلو من الوزن، وهو من وهم الناسخ. [2] الشيخ عقيل: شيخ شيوخ الشام في وقته، تخرج بصحبته جمع من الأكابر، وسمّي الطيار، لأنه عند ما أراد الانتقال من قريته ببلاد الشرق صعد إلى منازتها، ونادى أهلها، فلما اجتمعوا طار في الهواء والناس ينظرون إليه، فجاؤوا فوجدوه في منبج. (الطبقات الكبرى المسماة: لواقح الأنوار في طبقات الأخيار 1/136 لعبد الوهاب بن أحمد الشعراني، ط البابي الحلبي مصر 1373 هـ) . [3] في نسخة ش: بعد مماته. [4] في ب، ش، ل: أعدى عليا، وفي ديوان ابن الوردي: عديا. وعدي: هو عدي بن مسافر الأموي تلميذ الشيخ عقيل، وأوحد أركان الطريقة، وأعلى العلماء بها، أثنى عليه الشيخ عبد القادر، ربى المريدين، وقصده الناس زائرين، سكن جبل الهكار، واستوطن بالس، على نهر الفرات جانب قلعة جعبر، توفي سنة 558 هـ. (الطبقات الكبرى 1/137) . [5] رسلان: هو رسلان الدمشقي، من أكابر مشايخ الشام وأعيان العارفين، صاحب الكرامات، انتهت إليه تربية المريدين بالشام، واجله العلماء والمشايخ، سكن دمشق وتوفي بها سنة 699 هـ. (الطبقات الكبرى 1/153) . [6] الزولي: هو الشيخ موسى بن ماهين الزولي، من أئمة المتصوفة، له هيبة في القلوب، وأثنى عليه الشيخ عبد القادر، استوطن ماردين، وتوفي بها. (الطبقات الكبرى 1/139) . [7] في الأصل: الرسي، وفي الديوان: القرشي، وفي الطبقات الكبرى 1/150: عثمان بن مرزوق، من أكابر مشايخ مصر، وصدور العارفين، وأعيان العلماء، صاحب الكرامات الظاهرة، انتهت إليه تربية المريدين، وتوفي في مصر سنة 564 هـ. [8] في ع: خاط ذوي العلم.

فنّه [1] ، فانّ المتصدر قبل أوانه سفيه، وربّ فقيه لا أدب فيه، فلما أتم درسه، وبسط لي أنسه، وسألني عن حالتي، فقلت في لجاجتي: نحن عشرة ذوو نسب، وألو علم وأدب، وقد أنشد كلّ منا بيتي شعر، سامهما بأغلى سعر، وأقام وزنهما، وقال: إنهما وإنهما، وأنا رسول أصحابي إليك، لتنصف بيننا فقد دللت عليك، فقال: قل ما أردت أن تقول، وابدأ بنفسك ثم بمن تعول، ثم أصاخ إليّ، فأنشدت بيتيّ، وهما: [السريع] زائرة زارت بلا موعد ... أفدي بما أملكه سيرها فقلت ماذا وقته فارجعي ... وعاوديني ليلة غيرها فقال: هذا سوء الأدب بالأدب، والدليل على ضعف الطلب، أتزورك متفضلة، وترجع خجلة، سأنشدك بيتين لا مطعن عليهما، ولم أسبق إليهما [2] : [السريع] جبرت يا عائدتي بالصله ... فتممي الإحسان تنفي الوله وهذه قد حسبت زورة ... لم أنت يا لعبة مستعجله ثم قال: هكذا المعاني، فأنشدته قول الثاني: [السريع] يا من أعار الليث حسن اللقا ... وكم أعار السحب الهطلا بعضك في الجود ككلّ الورى ... فاعجب لبعض يعدل الكلّا فقال: لقد أشبهك في بيتيك، لا بل أربى في سوء الأدب عليك، فمن أعار الليث لقاه، فبماذا يلقى عداه؟ ومن أعار السحب الهطل، فقد خلت عن الهطل يداه، ولو أبدل أعار ب (علّم) ، واحترز من خطر عموم البيت الثاني، كان أسلم، إذ يلزمه أن يكون بعض هذا الممدوح، مساويا في الجود للورى حتى للكليم والروح، لقد أخطأ وأحال، ويا ليته قال: [مخلع البسيط] علّمت ليث الشرى وثوبا ... والسحب علّمتهنّ هطلا حاشاك ذمّ وكلّ ضدّ ... فصحّ قولي حاشا وكلّا ثم قال: قد أريتك المباحث، فأنشدته قول الثالث: [السريع] لو كنت محتاجا إلى درهم ... لكان بالمدّاح لي أسوه وكان من لا يعطني أهجه ... فالحمد لله على الثروه

_ [1] قوله: (فاحتقرته لحداثة سنه.... غير فنه) ساقطة من نسخة ب. [2] البيتان في فوات الوفيات 3/158 تحقيق إحسان عباس ط بيروت 1968، مع خلاف يسير في الرواية، والبيتان في أعلام النبلاء 5/7، وتتمة المختصر في أخبار البشر لابن الوردي، 1/285، تحقيق رفعة البدراوي، ط بيروت 1950 م.

فقال: هذا نظم على الفتوح، فهو كجسد بلا روح، وتقدير ضمير الشأن، بعد قوله (وكان) يحيا به الميت، وإلا خرب البيت، وشاهد هذه النفيسة: «إن من يدخل الكنيسة» [1] ، فتنبّه إليّ، وانظر كيف أخذت هذا المعنى بكلتا يدي، فقلت: [مجزوء الرمل] أنا لو كنت مقلا ... ما اصطلى الناس بناري خلص العالم جمعا ... من يميني ويساري ثم قال: قد جئتك ببدائع، فأنشدته قول الرابع: [السريع] له قباء خلت تطريزه ... لحسنه تطريز خدّيه ملتفت نحوي كظبي النقا ... لا ما لظبي غنج عينيه [2] فقال: لا معنى بديع، ولا لفظ صنيع، قنع قائله بالوزن والقافية، وجمع بين ثقل (لا) و (ما) النافية، فلو رآه سقراط، أعرض عن حبه بغضا ولم يعرج، وقال: إن لم يكن معلما وإلا فدحرج، فاسمع في المعنى تضميني الثمين الذي أردفت جيش حسنه [3] بكمين، فقلت: [مجزوء الرجز] طرز قباء محنتي ... كخدّه ورقمه ما أعوزت منه الظبا ... إلا طراز كمّه ثم قال: هكذا النفائس، فأنشدته قول الخامس: [الكامل] بأبي مخيّلة إذا رقصت ... رقص الفواد ونقّط الدمع رفعت نقاب الحسن ثم شدت ... فافتنّ فيها الطّرف والسّمع فقال: لقد بالغ في ثلبها ونقصها بقوله: (رقص الفؤاد ونقّط الدمع) لرقصها، فهي إذن معزية لا مهنّئة، ونائحة لا مغنّية، وفي قوله: (رفعت نقاب الحسن) كلام، وفي قوله: (افتن) عسر، والسلام، فدع فساد المخيلة، واسمع ما قلته في مخيّلة: [السريع] جاءتك في طيف خيال حكت ... طيف خيال هزّ أعطافه مصرية في نور شامية ... يا حين ذي الشمعة طوّافه [4]

_ [1] يشير لقول الأخطل: (مغني اللبيب 1/37، خزانة الأدب 1/309، ولم يرد البيت في ديوانه ط بيروت 1994) . إنّ من يدخل الكنيسة يوما ... يلق فيها جآذرا وظباء [2] في ع: ملتفتا نحوي. [3] في ب، ل: جنس حسنه. [4] في ع: يا حسن ذي الشمعة.

ثم قال: كذا من وجهين تجلى العرائس، فأنشدته قول السادس: [المنسرح] لي أغيد لو بذلت نفسي ... في قبلة منه لم أنلها قلت له بين عاشقيه ... أتاجر أنت قال: بالها فقال: هذا رجل صرف (أغيد) ضرورة، وجعل (الهاء) [1] الممدودة مقصورة،/ وكان يقال: الجمع بين ضرتين، ولا الجمع بين ضرورتين، وبالجملة فما وفق لفصيح إعراب، ولا جاء بمعنى ذي إغراب، فاسمع ما قلت في تاجر، فملأت عينه بالجواهر: [السريع] وتاجر شاهدت عشّاقه ... والحرب فيما بينهم ثائر قال علام اقتتلوا هكذا ... قلت: على عينيك يا تاجر ثم قال: هذا البرق اللامع، فأنشدته قول السابع: [مجزوء الرمل] قيل لي: ماذا يحاكي ... قدّ سعدى، قلت صعده [2] قيل لي فالريق منها ... أيّ شيء؟ قلت: شهده فقال: تعمّق هذا القائل، وزعم لطف الشمائل، ووجّه لقدّ سعدى رفعا ونصبا، وجاء في سعدى وصعدة بتجنيس سميناه مليحا غصبا، وخفي عنه أنه لحن حقيقة، بتأخير (أي شيء) عن (الريقة) ، فالخبر إذا تضمن استفهاما وجب تصديره. وسأنشد في المعنى ما يعذب استرقاقه، ويملح تحريره، وهو: [السريع] قال حكت قامتها صعدة ... فقلت لم تجرح تعديلها [3] قال فهل ريقتها شهدة ... فقلت كم تقصد نفسي لها ثم قال في (تعسيلها) ثلاث محاسن، فأنشدته قول الثامن: [السريع] أحسن ما كانت كؤوس الطّلا ... سوادحا يبدو بها الخافي [4] فالنقش نقص ومن الرأي أن ... يرتشف الصافي من الصافي فقال: أحسن هذا بعض الإحسان في شعره، حيث قال: (يبدو بها الخافي) تورية بسره وجهره، وجانس بين النقش والنقص، فغدت كل ربوة تشتهي الرقص، ثم جاء أمرا بدعا، وأساء الأدب شرعا، إذ تسهّل في الأمر، وجعل من الرأي إرتشاف كأس الخمر، إلا أن يريد رأي السقاة [5] ، ولا يريد رأي الثقات، فيحسن إذن له الخلاص، وإلا

_ [1] أي الهاء في آخر البيت في كلمة (بالها) . [2] الصعدة: الرمح. [3] في ب، ش، ل: قد حكت قامتها. [4] في ب، ش، ل: سوادجا، بالجيم المعجمة، والسوادح: السحب الشديدة، واحدتها سادحة. [5] في ش: رأي الشقاة.

ف لاتَ حِينَ مَناصٍ [1] ، ثم قال: اسمع في المعنى أسدّ القولين، وانظر إلى بردتي كيف حوكت على نولين، وأنشد: [مجزوء المتقارب] دع الكأس من نقشها ... فصاف بصاف أحب [2] إذا ذهبت بالطلا ... فقد طليت بالذهب ثم قال: بساط الأدب واسع، فأنشدته قول التاسع: [مخلع البسيط] دعه ونتف العذار إذ ما ... يسّر وصلي حتى تعذّر بالنتف ثم النبات يبقى ... عذاره السّكّر المكرّر فقال قوله: (دعه ونتف العذار) ، يحتمل التوبة عنه والإصرار، وفي قوله: (يسر وصلي حتى تعذر) ثقل، لا يعرف منعه من أهل العروض إلا الأقل، فان هذا القائل غير محيط بخطابه في مخلع البسيط، فان قيل أحسن في تورية تعذّر، ولطافة النبات، وحلاوة المكرر، قلت: على وجه التشنيع، كما قال البديع [3] : [المنسرح] [4] حتى وحتى، حتى ... تنقطع الحا والتا وأيضا فحسن اللفظ مطلوب، ولله قولي على هذا الأسلوب: [السريع] معذّر عشت بتقبيله ... فمتّ من عشقي ومن عاش مات فثغره والشعر في خدّه ... هذا سنينات وهذا نبات ثم قال: ما كل شاعر فقيه، ولا كلّ فقيه شاعر، فأنشدته قول العاشر: [مجزوء الرمل] حبذا وجدي بباد ... ورقيبي فيه حاضر أنا في بحر هواه ... واقع والقلب طائر فقال: شغله البادي والحاضر، والواقع والطائر، فوالى بين أربع دالات، حتى كأنه راهن على هذه الثقالات، وكأنه ما وقف على على ما فعله الوهراني بالكندي في مثله، ولا علم ما جرى على المتنبي من بيتي العظام [5] ، والقلاقل [6] من قبله، فلله اعتمادي في وصف

_ [1] من سورة ص آية 3. [2] في ع: فكأس بكأس أحب. [3] البديع: هو بديع الزمان أحمد بن الحسين الهمذاني صاحب المقامات المتوفى سنة 398 هـ. وجاء قول البديع في نسخة ش، والديوان نثرا، وهو شعر. [4] من العروض الثالثة المنهوكة المكشوفة. [5] يريد بيت المتنبي: (ديوان المتنبي بشرح العكبري 4/109) . وإني لمن قوم كأن نفوسنا بها ... أنف أن تسكن اللحم والدما [6] يريد بيت المتنبي: (الديوان 3/175) . فقلقلت بالهم الذي قلقل الحشا ... قلاقل عيس كلهن قلاقل

مليح بادي، فلقد أفرغت الجبن في قالب الحسن، فقلت [1] : [الرمل] جاءنا ملتثما مكتتما ... فدعوناه لأكل وعجبنا مدّ في السفرة كفّا ترفا ... فحسبنا أنّ في السفرة جبنا قال الحاكي: فلما أتم القاضي قوله، أطلت شكره، وشكرت طوله، وقلت: بان أن مقاطيعنا العشرة خاملة، وإن عشرتك تلك عشرة كاملة/، ثم استغفرت ربي من احتقاري له بقلبي، وعوّذت بالله ذهنه، أن يرضى بمنبج وهي كليلة ودمنة [2] ، فقال: اسمع أيها المتعصب لكبر الفضيلة على صغر المنصب، أنشد: [الكامل] وإذا رأت عيناي عالي رتبة ... بلغ المعالي وهو غير مهذّب قالت لي النفس العزوف بفضلها ... ما كان أولاني بهذا المنصب فأقول يا نفس ارجعي وتأدّبي ... وثقي فما الحسد الذميم بمذهبي هي سنّة الدنيا فكم من فاضل ... في الخاملين وكم ترفّع من غبي وكفاني تأدبا ما قلت في الصّبا: [مجزوء الرمل] قل لمن لام لكوني ... في مكان غير طائل هكذا الفاضل مثلي ... عند قسم الرزق فاضل قال الحاكي، فقلت: أيها القاضي لقد أعجبتني برضاك وأدبك، فلئن يعاب الزمان فيك، خير من أن يعاب بك، ثم سألته الصفح عما قدمت، وودعته للرحلة وآليت بآي الكتاب، أن لا أزري بعدها بشاب، فسبحان من يؤتي الحكم من يشاء صبيا [3] ، ويخص بعض البقاع بمسك ضائع وإن كان ذكيا./ [تمت المقامة المنبجية]

_ [1] البيتان في تتمة المختصر 2/267، وأعلام النبلاء 5/7. [2] كليلة ودمنة: الكتاب المشهور في التهذيب والأخلاق على ألسنة الحيوان، أهله هندي ثم ترجم إلى الفارسية، ثم ترجمه ابن المقفع إلى العربية. (كشف الظنون لحاجي خليفة 2/1507 ط استانبول 1945 م) . [3] هو من قوله تعالى: وَآتَيْناهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا سورة مريم 12.

المقامة الصوفية

المقامة الصوفية له [1] ، حكى إنسان عين معرة النعمان [2] قال: سافرت إلى القدس الشريف، سفر متنكر، بعد التعريف، فاجتزت في الطريق بواد وقانا لفحة الرمضاء [3] ، وقال: حكمت على الوادي الذي يروع حصاه حالية العذارى [4] ، فقلنا: دائم الإمضاء، وإذا فيه عين كعين الخنساء [5] ، تجري على صخر [6] ، ويقول ماؤها: أنا سيد مياه هذا الوادي ولا فخر، فرويت كبد صاد من تلك العين، ولكن نغّص [7] عليّ منظرها الحسن تذكر ظمأ الحسين [8] ، هذا وماؤها يجري على رأسه خدمة للورّاد، ويطوف بنفسه سَواءً الْعاكِفُ فِيهِ وَالْبادِ [9] ، فأسبغت منه وضوئي، إسباغ الدروع، وصليت ركعتين فوّقت فيهما سهام دعاء من قسيّ ركوع،/ وسألت الله سبحانه حسن منقلبي، ورجوت منه أن يعوضني عن تعبي، بصحبة من يدلني به عليه، ورؤية من يقربني منه إليه، فأجيبت دعوتي في الحال، والتفتّ فاذا عشرة رجال، ومن جملتهم شيخ كبير السن والقدر، وقد أحاطوا به إحاطة الهالة بالبدر، فقلت لهم مرحبا بحاضرة جلالتهم بادية، وسقيا لمن تلقيت صحبتهم من عين صافية، يا ذوي الجمال والزين، من أين؟ قالوا: منه وإليه، ثقة به وتوكلا عليه، ثم خاضوا في بحث يسرونه مني، ومناظرة يخفونها عني، بلفظ ألطف من النسيم، ومعنى مِزاجُهُ مِنْ تَسْنِيمٍ [10] ، وأطالوا في الجدال، وأنا لا أعلم حقيقة الحال، فلحظهم الشيخ شزرا، ونظر

_ [1] له: أي لابن الوردي عمر بن المظفر وقد سبقت ترجمته في المقامة المنبجية، وهذه المقامة في ديوان ابن الوردي ص 18- 29. [2] معرة النعمان: مدينة كبيرة قديمة مشهورة، تقع بين حلب وحماة، ينسب إليها كثيرون، أشهرهم أبو العلاء المعري. (ياقوت: معرة النعمان) [3] يشير إلى بيت الشاعرة حمدونة الأندلسية: (نفح الطيب 6/24 تحقيق محمد محيي الدين عبد الحميد ط دار الكتاب العربي، بيروت 1949) . وقانا لفحة الرمضاء واد ... سقاه مضاعف الغيث العميم [4] من قول حمدونة الأندلسية: (نفح الطيب 6/24) . يروع حصاه حالية العذارى ... فتلمس جانب العقد النظيم [5] الخنساء: تماضر بنت عمرو بن الشريد، شاعرة مخضرمة مشهورة، عرفت برثاء أخويها صخر ومعاوية، وقد قتلا في الجاهلية. (الشعر والشعراء 1/343 تحقيق أحمد شاكر ط دار المعار، مصر 1966) . [6] صخر: هو أخو الخنساء المذكور أعلاه. [7] في نسخة ب: نقّص عليّ. [8] الحسين بن علي بن أبي طالب: سبط الرسول صلّى الله عليه وسلم، وقد قتل في كربلاء وهو ظمآن. [9] سورة الحج 25. [10] سورة المطففين 27. تسنيم: عين في الجنة.

إليهم تارة وإليّ أخرى، وقال: إما أن تكفوا عن حثكم، وإما أن تطلعوا أخاكم الآخر على أول بحثكم، فتنبهوا إليّ، وأقبلوا عليّ، وقالوا أيها الأخ، إن بحثنا الدقيق في طريق هي السر المكتوم، وغوصنا العميق، في منهاج هو مفتاح العلوم، وما ظنك بطريق جنيدها [1] أعظم من الملوك، وأدهمهما وابنه [2] غير مصروفين لنظمها في سلوك الحسن، بحسن السلوك، وأهلها هم أهل الكرم الصيّب، وذلها ينبت العز، وكل مكان ينبت العز طيب [3] : [الكامل] ذمّ المنازل بعد منزلة اللّوى ... والعيش بعد أولئك الأقوام [4] فكم منكر صار فيها معروفا بالإيثار، وكم مالك [5] أصبح معروفا بحسنها عن دينار: [السريع] كم أسد روّع بالشّبل ... فيها وحاف فاق ذا نعل وكم سريّ بحره زاخر ... وكم فضيل فاز بالفضل قلت: قد وعيت إلى رمزكم، وانتهيت إلى كنزكم، فزيدوني إيضاحا، زادكم الله صلاحا، قالوا: نحن- أيتها العصبة- لنا في التصوف رغبة، وجدالنا معاشر الرفقة في لفظة التصوف، ممّ هي مشتقة؟ وماذا شرط الصوفي المصافي؟ وإلى الآن ما تحرر لنا في ذلك جواب شاف. قال الشيخ: على الخبير سقطتم، وبجهينة [6] الخبر أحطتم، ولكنكم ما التفتم أولا إليّ، ولا عولتم في ذلك عليّ، قالوا: مثلك لا يبخل بافادتنا، وأنت عودتنا المسامحة في المطارحة، فاصبر لعادتنا، قال: سمعا وطاعة، اعلموا أيتها الجماعة، أنّ اشتقاق التصوف عند أهل

_ [1] الجنيد: هو أبو القاسم الجنيد بن محمد الخزاز القواريري، الزاهد المشهور، أصله من نهاوند، ومولده ومنشؤه في العراق، تفقه على أبي ثور صاحب الإمام الشافعي، توفي سنة 297 هـ. (وفيات الأعيان 1/373 تحقيق إحسان عباس ط بيروت 1968) . [2] أدهم: هو إبراهيم بن أدهم، أحد مشاهير العباد وأكابر الزهاد، أصله من بلخ، ثم سكن الشام ورابط في سبيل الله، وقيل: إنه كان ابن ملك من ملوك خراسان، فترك ملك أبيه وزهد، توفي سنة 162 هـ. (البداية والنهاية لابن كثير 10/135) . [3] عجز بيت للمتنبي، وتمامه: (ديوان المتنبي بشرح العكبري 1/183) . وكل امرىء يولي الجميل محبب ... وكل مكان ينبت العز طيب [4] البيت دون عزو في الدر الفريد 3/290. [5] مالك: هو مالك بن دينار البصري، راو ورع، كان يأكل من كسبه، ويكتب المصاحف بالأجرة، وله مناقب كثيرة، توفي في البصرة سنة 131 هـ. (وفيات الأعيان 4/139) . [6] جهينة: اسم قبيلة يضرب بها المثل، يقال: إن رجلا من جهينة قتل رجلا من بني كلاب اسمه حصين، وقال بعد أن قتله وسمع أخته صخرة تبكيه: (فصل المقال للبكري ص 295، وفرائد الآل في مجمع الأمثال للطرابلسي 2/3) . تسائل عن حصين كل ركب ... وعند جهينة الخبر اليقين

التعريف والتعرف من الصفا والوفا والفنا، هذا من حيث عبارة الناطق، وأما اشتقاقه من حيث الحقائق، فمن أحد أربعة أشياء، تحيي الأسرار، وتسر الأحياء: الأول: من الصوفانة، وهي بقلة قصيرة ذات زغبة. والثاني: من صوفة، وهي قبيلة كانت تجيز الحاج وتخدم الكعبة. الثالث: من صوفة القفا، شعرات في قفا الإنسان./ الرابع: من الصوف الغني عن البيان. وإذ قد أصغيتم لبياني، فسآتي بالبديع في شرح هذه المعاني، إن أخذ التصوف من الصوفانة التي هي البقلة، فلأن القوم اجتزؤوا في الجملة، فاقتصروا على ما يوجد الله تعالى بصنعه من رزقه، ومنّ به على عبّاد عباده من غير تكلف فيه من خلقه، فاكتفوا به عمّا فيه للبشر صنع، فلم يبسطهم إليهم عطاء، ولا قبضهم عنه منع، كما شاع عن المجاهدين من المهاجرين، ونبّه عليه سيد الأولين والآخرين صلّى الله عليه وسلم، وشرّف وكرّم. وإن أخذ من الصوفة، وهي القبيلة المعروفة، فلأنّ الصوفي متزود من القربات والطاعات، محاسب نفسه على الدقائق والساعات، أحد أعلام الهدى، طاب خبره لطيب المبتدا. وإن أخذ من صوفة القفا، فحسبكم بيانا وكفى، إن الصوفي معطوف به إلى الحق، مصروف به عن الخلق، لا يريد به بدلا، ولا يبغي عنه حولا [1] . وإن أخذ من الصوف المعروف، فلأن الصوفي بلبسه موصوف، اختار في الدنيا لبسه، وكسر بذلّته وبذلته نفسه، نداء منه على لابس الحرير بالرعونة والبله، إنما يلبس الحرير في الدنيا من لا خلاق له./ هذا بيان الاشتقاق، وأما شرط الصوفي باستحقاق، فأن يتخلق بأخلاق الرسول، ويفوز من سؤل رياضاته بالشمول، ويتنكب عمّا عنه نكّب [2] ، ويأخذ بما إليه ندب، لا يتخذ محرّمه ربيعه، ولا يجري كالعاصي الذي يزيد إعراضه عن الشريعة، فقد صفا من الكدر، ونحّي عن الفكر، ونجّي من الغير، ومن عدل عن سمته ونهجه، وعوّل على حكم نفسه وهرجه، وسعى لبطنه وفرجه، كان من التصوف خاليا، وفي التجاهل ساعيا، ومن داخله في ذلك مرية، فقد عطّل عما ذكره الحافظ في الحلية [3] . قال الحاكي: فلما سمعت ما قاله هذا الشيخ الجليل، أكبرته وبالغت في التبجيل،

_ [1] هو من قوله تعالى: خالِدِينَ فِيها لا يَبْغُونَ عَنْها حِوَلًا الكهف 108. [2] في ب: عنه تنكّب. [3] يريد كتاب حلية الأولياء وطبقات الأصفياء للحافظ أبي نعيم أحمد بن عبد الله الأصبهاني المتوفى سنة 430 هـ.

وقلت: يا سيدي، لي زمان أحرص على مثلك، فما ظفرت به من قبلك، فتمّم العطا، واكشف لي الغطا، عن أشياء تعانيها متصوفة الوقت، وبيّن لي منها ما يستحق المقة من المقت [1] ، قال: سل عمّا تريد، قلت: أول بيت في القصيد، لم حلقوا الرؤوس وقصروا الثياب؟ فقال: موافقة لما في الكتاب، وهم في ذلك كالمذكرين،/ أن من كان إلى العلى من المخلصين، فليعترف أنه من المقصرين. قلت: فلم تركوا النعال ولبسوا الجماجم؟ [2] قال: شىء إحدثته الأعاجم: [المتقارب] وأقسم ما ذاك منهم سدى ... فأفهامهم فوق أفهامنا ولو قلت ما سرّ ذا أنشدوا ... جماجمنا تحت أقدامنا قلت: فلم تختّموا بالعقيق؟ قال: فيه منافع وخواص هو بها حقيق، فان خاتمه يسكن حدة الغضب، ولمنع النزيف هو سبب، ونحاتته [3] لتآكل الأسنان، ولوجع القلب، وقروح أمعاء الإنسان، ومما ذكر عنه وقيل: إن خاتمه لم يوجد في أصبع قتيل، وما أحسن استخدام بعضهم فيه: [الكامل] عج بالعقيق فمدمعي يحكيه قلت: فلم رقصوا في السماع؟ قال: فيه لذة واجتماع، ولهم فيه أسرار، لا يطلع عليها الأشرار، فهو كالفخيخ [4] ، أو كالشبكة في يد الشيخ المتصنع يصيد به القوت، والصادق يريد به الربوب، والمبادرة إلى تحريمه من الجمود والقصور، وهو رأي من لا له بالشعر شعور، ولا فهم المنظوم، ولا شمّ رائحة المنثور، ولقد رأينا المعتمدين من علماء الدين لا يطلقون القول فيه بمنع ولا جواز، ولا يحملون الفتوي [5] في عراق ولا حجاز،/ بل الفتوى المعتمدة التي القلب إليها ساكن، أن الأمر في السماع يختلف باختلاف الأشخاص والأحوال والأماكن: [البسيط] كانوا معاني المغاني حين ينشدهم ... شاد يجاوبه حسن وإحسان ما إنت حين تغنّي في منازلهم ... إلا نسيم الصبا والقوم أغصان قلت: فلم يجلسون الوارد على باب الرباط، ولا يتلقونه أولا بالرحب والانبساط؟ قال: لأنه بطاري السفر، قد تهجن طبعه ونفر، فأرادوا بذلك رياضة نفسه، ولينسى

_ [1] في نسخة ش: من المقيت. [2] الجمجم: المداس (المعجم الوسيط: جمجم) ، وهو ضرب بسيط من الأحذية. [3] نحاتته: أي مسحوقه. [4] الفخيخ: تصغير فخ، وهو ما يصاد به. [5] في ب، ل: الفنا.

عشرة غير أبناء جنسه، ويبني النفس كهؤلاء على الكسر، وينصره الله على شيطانه، وَمَا النَّصْرُ [1] ، قلت: فلم شرطوا عليه هيئة السفر إلى الدخول؟ قال: لأنها هيئة مذكرة بالوصول: [مجزوء الرجز] فيا لها من هيئة ... تنسي الخلاف والطّرب تفسيرها رياضة ... تعرب عن أصل الأدب [2] على أنها في هذا الوقوف، ينشد من قلب عزوف: [المتقارب] وقوفي على بابهم رفعة ... ويا طول طردي إن لم أقف ولو لم تكن لي فرعيّة ... إليهم بأصل لقالوا انصرف قلت: فما معنى توجيه أباريقهم للقبلة؟ قال: هي صورة عبادة في الجملة، وفي المثل الغريب، أباريق الصوفية محاريب: [الكامل] ساق يسوق إلى السباق محبة ... ويرى شفاء حريقه برحيقه السّكر كلّ السّكر في كاساته ... والسرّ كلّ السّرّ في إبريقه قلت: فلم وضع ساقيهم إبهام رجله اليمنى، على إبهام اليسرى؟ قال: فرقا بين خدمة الخالق والمخلوق وذكرى، ففي الصلاة يصفّ قدميه، وفي خدمة القوم يفعل ما أشرت إليه، وعلى الحقيقة فالصوفي لا إبهام لفضله، ولا سبّابة للوسطى من سيرة مثله. قلت: فلم طوى الخادم للوارد إذا أتاه الطرف الأيسر الأدنى من مصلاه؟ قال: ليدوس المطويّ بيمناه، وينقل إلى جانبها يسراه، ثم ينقل اليمنى نقلا، ويصفّ اليسرى معها في المصلى، فقد كرموا في هذه الهيئة اليمين، وتميز بها عنهم من يمين [3] ، واتقوا بلل الوضوء بالبطانة، تورية إلى أنّ الوجه أحقّ بالصيانة، وسأدلك على قاعدة يحصل بها من أفعالهم كمال الفائدة، كلما فارقوا فيه بقية الناس، من/ العوائد والسمت واللباس [4] ، فليمتازوا به عن سواهم، فتبارك الذي خلقهم فسوّاهم. ثم إن الشيخ سالت عبرته، وتوالت حسرته، وغلبه الحال، فأنشد على الارتجال: [الرمل] ذهب الصّدق وإخلاص العمل ... ما بقي إلا رياء وكسل غرّك التقصير من ثوبي فان ... قصّر الثوب فقد طال الأمل

_ [1] أراد الآية: وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ آل عمران 126، الأنفال 10، ولم يتمها. [2] كلمة (أصل) ساقطة من نسخة ب، في ع: تعرب عن أهل الأدب. [3] من يمين: من المين، أي الكذب. [4] في ب، ل: والصمت واللباس.

إن تأمّلت فقربي منهم ... غير أنّ القلب مغناه طلل إنما الصوفيّ صافي القلب من ... كلّ غشّ فاذا قال فعل رفع الكلّ عن الكلّ ومن ... كلّ في الدنيا تحامى كلّ كل ذلّ لله فعزّت نفسه ... كلّ من عزّ بغير الله ذل فهو إن يعل فبالله علا ... وهو إن ينزل فبالحقّ نزل كسر النفس فصحّت واتّقى ... زخرف الدنيا وخيلا وخول بذل الروح ولولا عزّ ما ... رام ما هان عليه ما بذل عرف المربوب بالربّ فلم ... يخش إلا ربّه عزّ وجل ليتني في جسم هذا شعرة ... صغرت أو طعنة فيما انتعل بل مرامي لحظة أو لفظة ... من وليّ الله من قبل الأجل هؤلاء القوم يا قوم مضوا ... ما تبقى منهم إلا الأقل فالى الله تعالى أشتكي ... ما بقلبي من فتور وخبل لو تثبّتّ أتى رزقي على ... رغمه لكن خلقنا من عجل [1] كم رياء كم مراء كم خطا ... كم عدوّ كم حسود لا يمل ليس يخلو المرء عن ضد ولو ... حاول العزلة في رأس جبل لا أرى الدنيا وإن طابت لمن ... ذاقها إلا كسمّ في عسل [2] أين كسرى وهرقل أين من ... ملك الأرض وولّى وعزل أين من شادوا وسادوا وبنوا ... هلك الكلّ ولم تغن القلل لو سألت الأرض عنهم أنشدت ... أصبح الملعب قفرا والطّلل قال الحاكي: فما زادني ما سمعت من فيه إلا إعظاما له وحبّا فيه، فازداد تألما، وأنشد مترنما:/ [مخلع البسيط] يا صاح حقّ لك التحوّف ... وقلّة السعي والتخوّف لا تقربن بعدها رباطا ... قد خرّقت خرقة التصوف قلت: هيهات هيهات، هذا المحو عين الإثبات، وقد كانت الصوفية أحبّ الخلق إلى الرحمن، والأصل بقاء ما كان، على ما كان، وللعارف هضم نفسه، مخافة طرده وعكسه.

_ [1] تضمين للآية الكريمة: خُلِقَ الْإِنْسانُ مِنْ عَجَلٍ الأنبياء 37. [2] في نسخة ب: وإن طالت لمن.

قال: بالله لقد صدقت في متصوفة العصر، ونصحتك في جمع ألسنتهم، تَرْمِي بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ [1] ، فان الصوفية اليوم، أصحاب أكل وشرب ونوم، يروون الأقوال ولا يتبعون الأفعال، وافقوا القوم ملبسا، وخالفوهم أنفسا، يدعون ما ليسوا من رجاله، ويخيرون الشخص بين عرضه وماله، يحبون الجاه والشهرة، ويؤملون برد النعيم على فترة: [مجزوء الرجز] اعتزل الناس ومل ... عنهم بنفس صادقه صار الرباط كاسمه ... والخانقاه الخانقه [2] والناس قد تصنّعوا ... وليس فيهم بارقه إلا قليلا قال عن ... دنياه أنت طالقه قلت: إلى رؤية هذا القليل أميل، فيهم تبرد النار ويشفي الغليل، فليت طرفي قبل الموت المحتوم، اكتحل بنجومه الزاهرة، فَنَظَرَ نَظْرَةً فِي النُّجُومِ [3] ، قال الشيخ: ندفعك فلا تندفع، ونقطعك فلا تنقطع، الآن أعجبنا صدقك، ووجب علينا حقك: [الخفيف] هكذا كن محبّة واحتفالا ... واعص فينا الوشاة والعذّالا لك منّا تكتّم واستتار ... ولنا منك أن تطيل السؤالا إنّ لله في الوجود وجوها ... تركت حسنها له والجمالا فاعلموا أنّ في الزوايا خبايا ... وافهموا أنّ في السويدا رجالا [4] أقحموا النفس في مهالك زهد ... يفترسن الأرواح والأموالا قصدوا هدم سورها فبنوه ... وأتوا كي يقصروه فطالا [5] أنفس أكرم النفوس على الل ... هـ وأقوى حولا وأقوم حالا فهي تمشي مشي العروس اختيالا ... وتهادى على الزمان دلالا نحن قوم يعيش من مات فينا ... مستهاما ويبلغ الآمالا عش على حبّنا ومت في هوانا ... هكذا هكذا وإلا فلا لا

_ [1] المرسلات 32. [2] الخانقاه: رباط الصوفية، والكلمة فارسية تطلق على المباني التي تقام لإيواء الصوفية الذين يخلون فيها للعبادة، وسميت هذه المباني (تكايا) في العهد العثماني، وخصصت لإيواء الدراويش الذين ينقطعون للعبادة. (الموسوعة العربية الميسرة 1/750) . [3] سورة الصافات 88. [4] السويدا: قرية بحوران من نواحي دمشق. (معجم البلدان: السويداء) . [5] في ش: وأتوا أن يقصروه.

قال الحاكي: فأطربني هذا الكلام الطيب، وما ضمنه من شعر أبي الطيب، ثم صافحوني للوداع بِأَيْدِي سَفَرَةٍ كِرامٍ بَرَرَةٍ [1] ، تلك عشرة كاملة، فسلام الله على العشرة. آخرها [2] . [تمت المقامة الصوفية] في مسند الإمام [3] أحمد، عن عبد الله بن الحارث قال: كان رسول الله صلّى الله عليه وسلم، يصف عبد الله وعبيد الله، وكثيرا من بني العباس، ثم يقول: (من سبق إليّ فله كذا وكذا) [4] فيستبقون إليه، فيقعون على ظهره وصدره، فيقبلهم ويلتزمهم. في المستدرك عن أبي بكر بن شعيب بن الحبحاب، سمعت أشياخنا يقولون: كان نقش خاتم أسامة: (حب رسول الله) . في معجم الصحابة للبغوي عن إبراهيم بن إسماعيل الكهيلي، قال: كان طول جرير بن عبد الله البجلي ستة أذرع. وفيه عن أبي عمرو الشيباني، قال: سئل جبلة بن حارثة، أخو زيد بن حارثة رضي الله عنهما: أنت أكبر أم زيد؟ قال: هو أكبر مني، وأنا ولدت قبله. روى الطبراني عن جرير قال: كان رسول الله صلّى الله عليه وسلم إذا قدمت الوفود عليه، دعاني فباهاهم بي./ في مسند أحمد، عن سفيان قال: حدثني ابن لجرير بن عبد الله، قال: كان نعل جرير بن عبد الله طوله ذراع. روى أبو موسى المديني في معرفة الصحابة، من طريق أسامة بن زيد بن أسلم، عن أبيه، عن عون بن سراقة، عن أخيه جعال بن سراقة الضمري، قال: قلت لرسول الله صلّى الله عليه وسلم، وهو متوجه إى أحد، إنه قيل لي: إنك تقتل [5] غدا، فقال: (أو ليس الدهر كله غدا) [6] . البغوي في معجمه، عن إياد بن لقيط، قال، قال جعدة بن هبيرة لجلسائه: إني قد علمت ما لم تعلموا، وأدركت ما لم تدركوا، إنه سيجيء بعد هذا، يعني معاوية، أمراء ليس من رجاله، ولا من ضربائه، وليس فيهم إلا أصفر [7] أو أبتر حتى تقوم الساعة، هذا السلطان سلطان الله جعله، وليس أنتم تجعلونه.

_ [1] سورة عبس 18. [2] آخرها: أي آخر المقامة الصوفية، والكلمة ساقطة من نسخة ش. [3] الإمام، ساقطة من ش. [4] مسند أحمد 1/214، المعجم الكبير 19/188، مجمع الزوائد 5/163، 9/17، 285. [5] في ش: إنك تقتلني غدا. [6] طبقات ابن سعد 4/1/181 برواية: (أليس الدهر كله غدا) . [7] في ب، ل: أصغر.

قال ابن حجر في الإصابة: مات جعدة في خلافة معاوية، وأمه أم هاني بنت أبي طالب. ابن مندة عن جناب الكلبي: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلم يقول لرجل ربعة إلي جانبه: إن جبريل عن يميني،/ وميكائيل عن يساري، والملائكة قد أظلت عسكري، فخذ في هناتك، فأطرق الرجل شيئا ثم قال: [الكامل] يا ركن معتمد وعصمة لائذ ... وملاذ منتجع وجار مجاور يا من تخيّره الإله لخلقه ... فحباه بالخلق الزكيّ الطاهر أنت النبيّ وخير عصمة آدم ... يا من يجود كفيض بحر زاخر ميكال معك وجبرئيل كلاهما ... مدد لنصرك من عزيز قاهر قلت: فمن الشاعر؟ قالوا حسان بن ثابت [1] . قال ابن دريد، حدثنا السكن بن سعيد، عن محمد بن عبّاد، عن الشرقي، وعن مجاهد، عن الشعبي، قال: كنا عند ابن عباس، وهو في صفّة زمزم يفتي الناس، إذ قام إليه أعرابي، فقال: أفتيتهم، فأفتنا، قال: هات، قال: ما معنى قول الشاعر [2] : [الطويل] لذي الحلم قبل اليوم ما تقرع العصا ... وما علّم الإنسان إلا ليعلما فقال له ابن عباس: ذاك عمرو بن حممة الدوسي، قضى بين العرب ثلاث مائة سنة، فكبر وألزموه السابع أو التاسع من ولده،/ فكان إذا غفل قرع له العصا، فلما حضره الموت، اجتمع إليه قومه، فأوصاهم وصية حسنة، فيها حكم. الخرائطي في مكارم الأخلاق، حدثنا علي بن داود القنطري، حدثنا عبد الله بن صالح، حدثني الليث، حدثني أسامة بن زيد: أنه سمع أبا حازم، وحفص بن عبد الله بن أنس، يقولان: إن رسول الله صلّى الله عليه وسلم، كان يحدث أصحابه عن أمر الآخرة، فاذا رآهم قد كلّوا وعرف ذلك فيهم، أخذ بهم في بعض أحاديث الدنيا، حتى إذا نشطوا وأقبلوا، أخذ بهم في حديث الآخرة. وأخرج فيه عن قتادة قال: الكلام يشبع منه، كما يشبع من الطعام. وأخرج عن علي بن أبي طالب، قال: أجمّوا هذه القلوب، واطلبوا لها طرف الحكمة، فانّها تمل كما تملّ الأبدان. وأخرج عن سليمان التيمي قال: إني لمن جليسي لفي شدة، إما أن يغتاب عندي صديقا، وإما أن يحمل عني شيئا لم أتكلم به. حديث من رواية الجان، قال الخرائطي، حدثنا سعد بن أبي يزيد البزاز حدثنا أبو

_ [1] لم أجد الشعر في ديوان حسان. [2] البيت للمتلمس في البيان والتبيين 3/38.

منتقى من كتاب التدوين في أخبار قزوين

نعيم الفضل بن دكين، حدثنا سفيان الثوري، وحدثنا العباس بن عبد الله الترفقي، حدثنا محمد بن يوسف الفريابي عن ابن حبان،/ عن أبيه، قال: خرج قوم من التيم في بعض الأرضين فعطشوا، فسمعوا مناديا ينادي أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم، حدثنا: (أن المسلم أخو المسلم، وعين المسلم) [1] وأن غديرا في مكان كذا وكذا، فعدلوا إليه فشربوا. وأخرج الخرائطي عن أبي هريرة، قال: بينما يحيى بن زكريا، وعيسى بن مريم عليهما السلام، في البرية، إذ رأيا وحشية ماخضا، قال عيسى ليحيى: ما تلك الكلمات؟ قال يحيى: حنة ولد مريم، مريم ولدت عيسى، الأرض تدعوك يا ولد، اخرج يا ولد اخرج، فوضعت. قال حماد بن زيد: فما منا امرأة تطلق، فقيل هذا عندها، إلا ولدت، حتى الشاة تكون ماخضا، فأقوله وأنا قائم، فما أبرح حتى تضع. وأخرج عن الليث بن سعد، قال: رأيت إسماعيل بن أمية أعمي، ثم رأيته بصيرا، فسألته عن ذلك، فقال: بينا أنا نائم إذ سمعت قائلا يقول: قل [2] ، يا قريب يا مجيب يا سميع يا بصير، ردّ عليّ بصري، فقلته، فأبصرت./ منتقى من كتاب التدوين في أخبار قزوين للإمام أبي القاسم الرافعي [3] ، عن عمر بن عبد العزيز، أنه بطح غلاما ليضربه، فقال له الغلام: يا مولاي، أما عصيت الله قط؟ قال: بلى، قال: فهل عجّل عليك كما عجلت عليّ؟ قال: اذهب فأنت حر لوجه الله. قال القاضي أبو المحاسن عبد الواحد بن إسماعيل الروياني، صاحب البحر، في الأربعين له، أخبرنا السيد أبو طالب حمزة بن محمد الجعفري، حدثنا أبو الحسن علي بن حسن بن إدريس [4] القزويني، حدثنا علي بن إبراهيم بن بحر الفقيه، حدثنا عبيد بن شريك البزاز، حدثنا زيد بن خالد بن موهب الرملي، حدثنا أبو شهاب عن سفيان الثوري، عن أبي الزبير، عن جابر قال: دخلت على رسول الله صلّى الله عليه وسلم، والحسن والحسين على ظهره، وهو يمشي على أربع، ويقول: (نعم الجمل جملكما، ونعم العدلان أنتما) [5] .

_ [1] البخاري: مظالم 3، إكراه 7، مسلم: بر 58، 32. [2] قل، ساقطة من ب، ل. [3] الرافعي: عبد الكريم بن محمد بن عبد الكريم، أبو القاسم القزويني، فقيه من كبار الشافعية، كان له مجلس بقزوين للتفسير والحديث، له مصنفات منها: التدوين في ذكر أخبار قزوين، والإيجاز في أخطار الحجاز، وفتح العزيز في شرح الوجيز للغزالي، وشرح مسند الشافعي، وغيرها، توفي في قزوين سنة 623 هـ. (مفتاح السعادة 1/443، 2/213، فوات الوفيات 2/3، تاريخ ابن الوردي 2/148) . [4] قوله: (علي بن حسن) ساقطة من نسخة ب. [5] المعجم الكبير 3/46، كنز العمال 316689، 38687، مجمع الزوائد 9/182.

قال أبو الحسن القطّان في الطوالات، حدثنا أبو حاتم محمد بن إدريس، حدثنا عبد الرحمن بن الضحاك البعلبكي، حدثنا الوليد بن مسلم، عن عقبة بن ضمرة عن أبيه، قال: فتّان القبر أربعة؛ منكر ونكير وناكور، وسيدهم رومان، قال عبد الرحمن بن الضحاك، فحدثت بهذا رجلا من الجهمية [1] فقال: نحن ننكر اثنين، جئتنا بأربعة./ قال الرافعي: رأيت بخط الشيخ أبي عمرو عثمان بن الحسن القزويني، يكتب للآفة التي تقع في أصول الكرم على كاغد ويدفن فيه: وَإِنَّهُ لَكِتابٌ عَزِيزٌ [2] ، إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمانَ الآية [3] ، اخرجوا أيها الديدان من أمكنتكم، فلا منزل لكم، فان أبيتم فأذنوا [4] بحرب من الله ورسوله، اخرجوا اخرجوا اخرجوا باذن الذي يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ، وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ، وَيُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها وَكَذلِكَ تُخْرَجُونَ [5] . قال أبو إبراهيم عبيد الله بن محمد بن عبد اللطيف الخجندي، قال الرافعي، وهو أحد الصدور الذين لقيناهم، وكان فاضلا كاملا، مختصا بمزيد الورع والاحتياط، وتتبع الحديث وجمعه: [السريع] أشكر ربّي ورضاه أريد ... ينقص شكري ورضاه يزيد وأستزيد العفو من فضله ... فالربّ يعفو عن ذنوب العبيد مؤملا ألطاف أفضاله ... فانه مبدئها والمعيد وأن ينجيني من ناره ... حين تقول النار هل من مزيد [6] وأرتجي نيل مرادي فقد ... قال تعالى في الكتاب المجيد لئن شكرتم لأزيدنّكم ... وإن كفرتم فعذابي شديد [7] عن الربيع بن سليمان، أن رجلا سأل الشافعي عن مسألة، فأجابه، فقال الرجل:

_ [1] فرقة نسبة إلى جهم بن صفوان السمرقندي، كان يقضي في عسكر الحارث بن سريج الخارج على أمراء خراسان، قال مع المرجئة بأن الإيمان محله القلب، ونفى مع المعتزلة عن الله كل وصف يجوز إطلاقه على غيره، كالوجود والحياة والعلم، وكان جبريا يقول إن أعمال الإنسان يخلقها الله، وأسس فرقة الجبرية، قتله نصر بن سيار سنة 128 هـ. (ميزان الاعتدال 1/197، لسان الميزان 2/142، الكامل لابن الأثير حوادث سنة 128، الموسوعة العربية الميسرة 1/654) . [2] فصلت 41. [3] النمل 30: وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ. [4] فأذنوا، ساقطة من ش. [5] الروم 19. [6] في ع: حتى تقول النار. [7] قوله تعالى: وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذابِي لَشَدِيدٌ من سورة إبراهيم 7.

خالفت الفقهاء، فقال له الشافعي: وهل رأيت فقيها قط [1] ، اللهم إلا أن تكون رأيت محمد بن الحسن، فانه يملأ العين والقلب. عن أبي العباس بن عطاء، قال: رأيت الجنيد في النوم، فقلت: ما فعل الله بك؟ فقال: تذكر السنة الفلانية، وقد احتبس على الناس المطر، فقلت: بلى، فقال: قلت مع الناس، ما أحوج الناس إلى المطر، فوبخني الله على ذلك، فقال: يا جنيد، ما يدريك أن الناس يحتاجون إلى المطر، وأنا أدبّر الخليقة بعلمي، إني عليم خبير، اذهب فقد غفرت لك. غرناطة بلد بالأندلس، يقال: إنها بلدة دقيانوس صاحب الكهف. في القرآات لأبي حاتم السجستاني، يروى أنّ لغة النبي صلّى الله عليه وسلم كسر السين من (يحسب) في كلامه وقراءته. عن أبي علي، قال: صنّفت كتابا، وكان يعزّ عليّ ذلك الكتاب، فطلبه مني بعض إخواني، فمنعته، فرأيت في المنام كأنّ العلم يكلمني ويقول: لا تمنعني من الناس، فاني بنفسي ممتنع من غير أهلي./ عن عبد العزيز بن غانم الأندلسي، قال: كان لأبي صديق وراق، فقال له أبي ذات يوم: كيف أنت، قال: بخير، ما دامت معي يدي، قال: فتناثرت أصابعه من الغد. وروى الرافعي بسنده عن ابن عباس، قال: خمس لا تحسن من خمسة؛ الكذب من الأمراء، والبخل من الأغنياء، والسفه من العلماء، والبطش من ذوي المقدرة. قال ميسرة بن علي في مشيخته: سمعت أبا جعفر أحمد بن كثير الدينوري يقول: سمعت إسحاق بن داود الشعراني يقول: سألت أحمد بن حنبل عن شرب الفقاع [2] ، فقال: بلغني عن واثلة بن الأسقع [3] أنه كان يشرب الفقاع، قلت: فان قوما يكرهونه، قال: أحدثك عن واثلة صاحب النبي صلّى الله عليه وسلم، وتقول لي: قوم يكرهونه. قال عبد الرحمن بن أبي حاتم في فوائد العراقيين، حدثنا موهب بن يزيد الرملي، حدثنا ضمرة بن ربيعة، عن زيد بن حسن، نسيب أيوب السختياني، عن العلاء بن يزيد السلمي، عن أنس: سمع النبي صلّى الله عليه وسلم قائلا يقول: يا ذا الجلال، يا ذا البهجة والجمال، يا حسن الفعال، أسألك أن تعينني على ما ينجيني مما خوفتني منه، وأن ترزقني شوق

_ [1] في نسخة ش: فقهاء قط. [2] الفقاع: شراب يتخذ من الشعير، يخمّر حتى تعلوه فقاعاته. [3] واثلة بن الأسقع بن عبد العز بن عبد يا ليل الكناني: صحابي من أهل الصفّة، خدم النبي ثلاث سنين، ثم نزل البصرة، وكانت له بها دار، شهد فتح دمشق وحضر المغازي في البلاد الشامية، وتحول إلى بيت المقدس فأقام، وكان مسكنه في بيت جبرين، وكف بصره، وعاش 105 سنين وقيل 98، وهو آخر الصحابة موتا، توفي سنة 83 هـ. (التهذيب 11/101، أسد الغابة 5/77، الإصابة ت 9089، حلية الأولياء 2/21، صفة الصفوة 1/279) .

ذكر الشيخ أبو منصور الثعالبي في اليتيمة

الصادقين إلى ما شوقتهم إليه،/ فقال: (يا أنس، إئته فقل له: إني رسول رسول الله، وقل له فليستغفر لي، فقال: غفر الله لي ولأخي، أبلغه مني السلام واخبره أن الله قد فضّله على الأنبياء، كما فضّل ليلة القدر على سائر الليالي، ثم قال: يا أنس، تعرفه؟ قلت: لا، قال: ذاك أخي الخضر) [1] . روى الحافظ أبو نعيم، عن سليمان بن أحمد الطبراني، قال: رأيت النبي صلّى الله عليه وسلم في النوم فسألته عن صحة هذا الحديث: (مثل المؤمنين في تراحمهم كمثل رجل اشتكى بعض جسده، يألم سائر جسده) [2] ، فأشار بيده: صحيح صحيح صحيح، ثلاثا. ذكر الشيخ أبو منصور الثعالبي في اليتيمة أنه اجتمع عند ابن العميد [3] يوما أبو محمد بن هندو، وأبو القاسم ابن أبي الحسين بن سعيد، وأبو الحسين بن فارس، وأبو عبد الله الطبري، وأبو الحسن البديهي، فحياه بعض الزائرين بأترجّة حسنة، فقال لهم: تعالوا نتجاذب أهداب وصفها، فقالوا: إن رأى سيدنا أن يبتدئ فعل، فقال [4] :/ [الطويل] وأترجّة فيها طبائع أربع فقال أبو محمد: وفيها فنون اللهو للشرب أجمع فقال أبو القاسم: يشبهها الرائي سبيكة عسجد فقال أبو الحسين: على أنها من فارة المسك أضوع فقال أبو عبد الله: وما اصفرّ منها اللون للعشق والهوى فقال أبو الحسن: ولكن أراها للمحبين تجزع [5]

_ [1] الحديث مع خلاف في الرواية في: السنن الكبرى للبيهقي 1/222، ومشكاة المصابيح للتبريزي 4001. [2] صحيح مسلم، البر والصلة 66، مسند أحمد بن حنبل 4/270، شرح السنة للبغوي 17/46. [3] ابن العميد: محمد بن الحسين بن محمد، وزير من أئمة الكتاب، كان متوسعا في علوم الفلسفة والنجوم، لقب بالجاحظ الثاني في أدبه وترسله، قال الثعالبي: بدئت الكتابة بعبد الحميد وختمت بابن العميد، ولي الوزارة لركن الدولة البويهي، وكان حسن السياسة، خبيرا بتدبير الملك، كريما ممدوحا، مدحه كثير من الشعراء، منهم المتنبي، توفي بهمذان سنة 360 هـ. (يتيمة الدهر 3/2، وفيات الأعيان 2/57، معاهد التنصيص 2/15، الامتاع والمؤآنسة 1/66، أمراء البيان 546- 570) . [4] يتيمة الدهر 3/206- 207 ط بيروت 1983. [5] في اليتيمة: (ولكن أراها للمحبين تجمع) وهي أجود.

ذكر أبو الحسين أحمد بن فارس في رسالة له، قال: حضر أبو محمد القزويني طعاما، وإلى جنبه رجل أكول، فقال أبو محمد: [الرجز] وصاحب لي بطنه كالهاويه ... كأنّ في أمعائه معاويه قال ابن فارس: انظر إلى وجازة هذا اللفظ، وجودة وقوع الأمعاء إلى جنب معاوية. في كتاب النّتف والطرف، للحسين بن أحمد السلامي، قال عبد الله الرقي [1] في وال عزل سريعا، واسمه تبّع: [الخفيف] تبعت تبّعا توابع ما قد ... قدّمته يداه حالا فحالا خلعت خلعة الولاية منه ... وتحلّى من بعدها خلخالا ولقد قلت حين أقبل يمشي ... زاده الله في القيود جمالا لم يكن بين ما تولّى وبين العز ... ل إلا كما يحلّ البعير عقالا [2] قال إبراهيم الخوّاص: من أدب الفقراء أن يكونوا/ مطمئنين بما وعد الله، وأن يكونوا آيسين من الخلق، أوحى الله إلى أرميا [3] : «وعزتي وجلالي، لو أن المعصية كانت في بيت من بيوت الجنة لأوصلت الخراب إلى ذلك البيت» . قال أبو بكر أحمد بن إبراهيم الطبري، في كتاب المصايب والتعازي، أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن محمد الحصري، حدثنا القاضي أبو العباس أحمد بن محمد البصري، حدثنا القاضي أبو العباس أحمد بن محمد البصري، حدثنا القاضي أبو علي الزجاجي، حدثنا علي بن محمد بن مهرويه، حدثنا أحمد بن آزاد مرد القزويني، حدثنا أبو مسعود محمد بن عبيد بن عقيل الهلالي البصري، حدثنا إسماعيل بن أبان عن عمرو بن شمر، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، حدثنا الحارث بن الخزرج، عن أبيه قال: دخلت مع النبي صلّى الله عليه وسلم على رجل من الأنصار نعوده، وهو يجود بنفسه، فقال النبي صلّى الله عليه وسلم: (يا ملك الموت، ارفق بصاحبي) ، فسمعنا الصوت وهو يقول: طب نفسا يا محمد، وقر عينا، فاني بكل مؤمن رفيق، الحديث [4] .

_ [1] في ب، ل: قال أبو عبد الله. [2] في ب، ل: يحل العقالا. بسقوط كلمة: البعير. [3] أرميا: أحد أنبياء إسرائيل الأربعة الكبار، ينتسب إلى قبيلة بنيامين (650- 580، م) قام بتنبؤاته أيام حكم الملك يوشيا، وشهد ظهور سفر تثنية الاشتراع، وعايش السيطرة المصرية أيام الملك يواكيم، والسيطرة البابلية لا حقا، دعا أرميا إلى التقرب إلى الله عن طريق الصميمية في الدين، إلا أن تأثير هذا النبي لم يتبلور إلا بعد وفاته، تروي الأعراف المسيحية القديمة أن أرميا قتل في مصر على أيدي جماعة من اليهود ساءهم لومه لهم. (معجم الحضارات السامية ص 70) . [4] المعجم الكبير للطبراني 4/261، البداية والنهاية 1/47، الدر المنثور للسيوطي 5/173، مجمع الزوائد 2/32.

قال الإمام أبو الخير أحمد بن إسماعيل الطالقاني: التصوف تعفف، وتشوّف، وتنظف، وتلطف، وتطرف، وتشرف، وتوقف عن مسألة الخلق تعفف، وإلى الطاعات تشوف، وعن المناهي تنظف، ومع الخلق تلطف/، ومع أهل الطريقة تطرف، وبمكارم الأخلاق تشرف، وفي المقال والمطعم والملبس توقف. عن كعب الأخبار قال: قرأت في التوراة: «من قال في شعبان ألف مرة لا إله إلا الله، لا نعبد إلا إياه، مخلصين له الدين، ولو كره المشركون» ، كتب صدّيقا. قال الحافظ محمد بن أبي نصير الفتواني في بعض أماليه، في ترجمة الإمام أبي القاسم إسماعيل بن محمد بن الفضل التيمي الأصبهاني، صاحب الترغيب وغيره، شيخنا الحافظ إسماعيل إمام المائة الخامسة، أقام بأصبهان أكثر من ثلاثين سنة، قبل الخمس مائة ونحو ذلك بعد الخمس مائة، يعلم الناس فنون العلم، مات يوم الأضحى سنة خمس وثلاثين وخمس مائة. قلت: ما في المبعوثين على رؤوس المئين من تأخر عن المائة أكثر من هذا. قال رويم: الكلام بين المتفاوضين على ثلاثة أوجه، إما مناظرة، وإما مذاكرة، وإما مكابرة، فالمناظرة للعالمين، والمذاكرة للعارفين، والمكابرة للجاهلين./ أخرج أبو زرعة في كتاب القدر، بسنده عن أم الزاهرية، قالت: كانت امرأة تلد البنات، فقيل لها: إن ولدت جارية فاحمدي الله، قالت: لا أحمده، فولدت قردة. كتب الإمام ملكداد بن علي القزويني إلى القاضي أبي سعد: [الوافر] سلام والسلام أقلّ شيء ... أجهزه إلى أهل السلام صنائع المعروف والإحسان، أطال الله بقاء مولانا من محاسن الإنسان، والعلم رحم متصلة بين العلماء، وتلك فضيلة لا يوفق لها إلا السعداء من الرؤساء، شجرة طيبة، أصلها ثابت وفرعها في السماء، ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء. قال أبو النجم الزنجاني، في كتاب التوسل إلى الترسل: كان الإمام أحمد الغزالي، أخو حجة الإسلام أبي حامد الغزالي، يعلق بعض غلمان شرف الدولة، فصعد المنبر يوما، وأطرق [1] على رسمه، إذ دخل الغلام، فرفع الإمام رأسه، وأنشد: [البسيط] لمّا تأمّلته يفترّ عن برد ... ولاح لي في قميص غير مزرور ودبّ ماء الحيا في صحن وجنته ... مثل العقار بدت في خدّ مخمور أرسلت دمعي على خدّي منهملا ... وقلت وا حربا من هتك مستور ونزل عن المنبر وانفضّ المجلس.

_ [1] في ب: وأطلق.

قال الرافعي، وكانت علاقته كما تليق بمحلّه الشريف من العفّة والنزاهة، قال بعضهم: [الخفيف] إن يكن نابك الزمان ببلوى ... عظمت محنة عليك وجلّت وأتت بعدها مصائب أخرى ... سئمت دونها الحياة وملّت فاصطبر وانتظر بلوغ مداها ... فالرزايا إذا توالت تولّت قال علّك [1] القزويني أحد مشايخ الصوفية: أربعة أشياء في دار الدنيا عزيزة، ولا تزداد إلا عزّة، عالم مستعمل بعلمه، وحكيم ينطق عن فعله، ومتعبد ليست له علاقة، وواعظ ليس له طمع. قال أبو تراب الخشني: من شغل مشغولا بالله عن الله أدركه المقت من الساعة. قال بعضهم: [الخفيف] عذلوني على الحماقة جهلا ... وهي من عقلهم ألذّ وأحلى لو لقوا ما لقيت من حرفة العل ... م لساروا إلى الجهالة رسلا ولقد قلت حين أغروا بلومي ... أيها اللائمون في الحمق مهلا حمقي قائم بقوت عيالي ... ويموتون إن تعاقلت هزلا عن دلهاث بن عكرشة، قال: افتخر الناس على عهد رسول الله صلّى الله عليه وسلم، فقال علي رضي الله عنه [2] : [مجزوء الرمل] أنا للحرب إليها ... وبنفسي أتّقيها [3] لا ترى في حومة الهي ... جاء لي فيها شبيها [4] ولي السبقة في الإس ... لام طفلا ووجيها ولي الفخر على النا ... س بفاطم وأبيها ثم فخري برسول ال ... له إذ زوّجنيها لي وقعات ببدر ... يوم حار الناس فيها

_ [1] في ش: علمك. [2] ديوان علي بن أبي طالب ص 209 جمع نعيم زرزور ط دار الكتب العلمية بيروت 1985. وهي طبعة رديئة كغيرها من طبعات ديوان الإمام علي رضي الله عنه. وقد جعل الجامع هذه القصيدة من مجزوء الخفيف وهما. [3] في الديوان: أنا للحراب. وهو وهم. [4] البيت والذي يليه خرجة من حاشية ع.

وبأحد وحنين ... لي صولات تليها وأنا الحامل للرا ... ية شوقا احتويها [1] وإذا أضرم حربا ... أحمد قدّمنيها وإذا ما قال لي قم ... يا عليّ قلت إيها [2] هبة الله فمن مث ... لي من الناس أتيها عن أبي الحسن الواعظ، قال: قال أبو نصر الواعظ: مرض الأستاذ أبو سهل الصعلوكي [3] ، فرأيت النبي صلّى الله عليه وسلم في المنام، وقد قصد مع الصحابة عيادة أبي سهل، فتبعته ودخلت معه، وقلت: يا رسول الله، هذا إمام أصحاب الحديث، وإن مات أخشى أن يقع الخلل فيهم، فقال: لا تفكر في ذلك [4] ، إن الله لا يضيع عصابة أنا سيدها. قال علي بن حيدر الوزيري، حدثنا حجازي بن شعبويه، أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن محمد المروزي، حدثنا أبو جعفر محمد بن الحسن الليثي، أخبرنا أبو الحسام يوسف بن علي الطبري، حدثنا الشريف ناصر بن الحسين العمري، أخبرنا أبو بكر القفال المروزي، أخبرنا أبو عبد الله الخضري، أخبرنا أبو زيد المروزي، أخبرنا أبو بكر القفال الشاشي، أخبرنا أبو العباس ابن سريح، أخبرنا أبو القاسم الأنماطي،/ أخبرنا أبو إبراهيم المزني الشافعي، عن مالك عن نافع عن ابن عمر، قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: (أسدّ الأعمال ثلاثة، إنصاف الناس من نفسك، ومواساة الأخ من مالك، وذكر الله على كل حال) [5] . قال ابن الجوزي في جامع المسانيد، أخبرنا محمد بن عبد الباقي البزاز، أخبرنا القاضي أبو الحسن علي بن الفرج بن عبد الرحمن، أخبرنا أبو ذر عبد بن أحمد، حدثنا منصور بن عبد الله الخالدي، حدثنا أبو أحمد إسحاق بن محمد بن علي الكوفي، حدثنا علي بن محمد القفلي، حدثنا خضر بن زبان، حدثنا حسن بن علي الرافقي، عن يونس بن إبراهيم، عن

_ [1] في ش، ع: للراية أحتويها. بسقوط كلمة (شوقا) . [2] في ب: ما قلت إيها. [3] في ش: أبو نصر الصعلوكي. الصعلوكي: محمد بن سليمان بن محمد بن هارون من بني حنيفة، أبو سهل، فقيه شافعي من العلماء بالأدب والتفسير، له شعر كثير، مولده بأصبهان، وسكنه ووفاته بنيسابور، درّس بالبصرة بضعة أعوام ورويت عنه فوائد، توفي سنة 369 هـ. (الوافي بالوفيات 3/124، طبقات الشافعية 2/161- 164 وفيات الأعيان 1/460، يتيمة الدهر 4/299) . [4] في ش: لا تفكر فيهم. [5] كنز العمال 43300، 43301، 43267.

محمد بن الحنفية، عن عروة بن عمرو الثقفي، قال: سمعت أبا طالب، قال: سمعت ابن أخي الأمين يقول: (اشكر ترزق، ولا تكفر فتعذب) [1] . في مساوىء الأخلاق للخرائطي، قال بعض الحكماء: «الصدق يزين كل إنسان، إلا الساعي، فانه أخبث ما يكون إذا صدق» . وأخرج الخرائطي في مكارم الأخلاق، عن أبي موسى الأشعري، قال: «إنّ لكل شيء سيدا، حتى إن للنحل سيّدا» . وأخرج عن ابن عباس، قال: «خذ الحكمة ممن سمعتها، فان الرجل ينطق بالحكمة/ وليس من أهلها، فتكون كالرمية خرجت من غير رام» . قال أبو العتاهية [2] : [المتقارب] رأيت ابن آدم من جهله ... ينافس في الكبر والمعلوه يريد يقال له إنه ... ومن هو هل هو إلا هوه إذا ما احتشى كلّ ما يشتهي ... من الأكل قام إلى المخروه وقال آخر: [السريع] يا أيها المختال في عطفه ... هل لك أن تنظر في القبر حتى تراه وترى حاله ... ثم ترى رأيك في الكبر قال الإمام أحمد [3] ، حدثنا محمد بن جعفر، حدثنا شعبة عن قتادة، عن نصر بن عاصم عن رجل منهم: أنه أتى النبي صلّى الله عليه وسلم، فأسلم [4] ، على أنه لا يصلي إلا صلاتين فقبل ذلك منه [5] .

_ [1] في ش: تعذب السنن الكبرى للبيهقي 6/182، المعجم الكبير للطبراني 1/135، جمع الجوامع للسيوطي 3295. [2] ليست الأبيات في ديوا أبي العتاهية. [3] في ش: قال أحمد. [4] قوله: (فأسلم) ساقطة من ش. [5] في ش: فقبل منه. والحديث مع خلاف في اللفظ في: الكامل في الضعفاء لابن عدي 3/1692، 3/1244.

رسالة السكين

رسالة السكين إنشاء الأديب تقي الدين ابن حجة [1] ، يقبل الأرض التي قامت حدود مكارمها، وقطعت عنا مكروه الفقر، بمسنون عزائمها، وينهي وصول السكين التي قطع المملوك بها أوصال الجفا، وأضافها إلي الأدوية،/ فحصل بها البرء والشفا، وبالله ما غابت، إلا وبلغت الأقلام من تعشيرها إلى الحفا زرقا، وكم شاهدت البيض منها ألوان، خرساء من العجب أنها لسان كل عنوان، ما شاهدها موسى إلا شهد في محراب النصاب، وذل بعد ما خضعت له الرؤوس والرقاب، كم أيقظت طرف القلم بعد ما خط، وعلى الحقيقة ما رؤي مثلها قط، وكم وجد بها الصاحب في المضايق نفعا، وحكم بحسن صحتها قطعا، ماضية العزم، قاطعة السن فيها حدة الشباب من وجهين، لأنها بالناب والنصاب معلمة من الطرفين، أنملة صبح تقمعت بسواد الدجى، فعوّذتها بالضحى والليل إذا سجى، ولسان برق امتد في لهوات الليل، فتفكرت أشعة الأنجم، حتى ما عرف منها سهيل، هذا وتقطيعها موزون، إذا لم نتجاوز في عروض ضربها الحد، ومعلوم أن السيف والرمح لم يعرفا غير الجزر والمد: [الكامل] من أجلنا تدخل في مضايق ... ليس لسيف قطّ فيها مدخل وكلّ ما نفعله توجزه ... والرمح في تعقيده يطوّل إن هجعت لجفنها، كانت أمضى من الطيف، وكم لها من خاصة جازت بها الحد على السيف، تنسى حلاوة العسال، فلا يظهر لطوله طائل، وتغني عن آلة الحرب بايقاع ضربها الداخل، إن مرت بشكلها المحلى، تركت المعادن عاطلة، ولم يسمع للحديد في هذه الوقعة مجادلة، شهد الرمح بعدالته أنها أقرب منه إلى الصواب، وحكم بصحة ذلك من قبل أن يتكمل لها النصاب، ما طال في رأس القلم شعرة إلا سرحتها باحسان، ولا طالعت كتابا إلا أزالت غلطه بالكشط من رأس اللسان، تعقد عليها الخناصر، لأنها عدة وعده، وبالله ما وقعت في قبضة إلا أطالت لسانها، وتكلمت بحدّه، إن أدخلت إلى القراب، كانت قد سبكت على الدخول، أو أبرزت من غمدها، كان على طلعتها الهلالية قبول، تطرف بأشعتها الباهرة عين الشمس، وباقامتها الحد حافظة الأقلام على مواظبة

_ [1] ابن حجة الحموي: أبو بكر بن علي بن عبد الله الحموي الإزراري، تقي الدين، إمام أهل الأدب في عصره، كان شاعرا ومنشئا جيد الإنشاء من أهل حماة، زار القاهرة واتصل بعلمائها، سمي الأزراري لصناعته في عمل الحرير وعقد الأزرار في صباه، له من المصنفات: خزانة الأدب، وثمرات الأوراق،، وقهوة الإنشاء، وغيرها، توفي في حماة سنة 837 هـ. (شذرات الذهب 7/219، الضوء اللامع 1153، كشف الظنون 1366) .

قال البغوي في معجم الصحابة

الخمس، وكم لها من عجائب، تركت جدول السيف في بحر الغمد وهو غريق، ولو سمع بها من قبل ضربه ما حمل التطريق، فلو عارضها العماد لعرك من قوسه الأذنين، وقال له جحدت رسالتك يا ذا القرنين، فان جذبت إلى مقاومتها، وكانت لك يد تمتد، وصلت السكين إلى العظم،/ وصار عليك قطع، وانتهى أمرك إلى هذا الحد، وهل يعاند السكين صورة ليس لها من تركيب النظم، إلا ما حملت ظهورها أو الحوايا، أو ما اختلط بعظم، ولو لمحها الفاضل [1] لحقق قوله إن خاطر سكينه كلّ، أو أدركها ابن نباته [2] ، ما أقر برسالة السيف وفلّ، وقال لقلم رسالته أطلق لسانك بشكر مواليك، وأخلص الطاعة لباريك، ولم يقصد المملوك الإيجاز في رسالة هذه السكين ونظمها، إلا لتكون مختصرة كحجمها، لا زالت صدقات مهديها تتحف بما يذبح نحر فقري، وتأتي كل حين بما يشفي من داء الفقر ويسري. [تمت رسالة السكين] قال البغوي في معجم الصحابة حدثني زيد بن أخرم، قال، سمعت ابن داود يقول: شقران [3] وأم أيمن [4] مما ورث النبي صلّى الله عليه وسلم من أبيه. من تاريخ ابن النجار، قال أبو الغنائم محمد بن ظبيان المقري: [السريع]

_ [1] الفاضل: هو القاضي الفاضل، عبد الرحيم بن علي بن السعيد اللخمي، وزير من أئمة الكتاب، ولد بعسقلان (بفلسطين) وانتقل إلى الاسكندرية ثم القاهرة، كان من وزراء السلطان صلاح الدين الأيوبي، كان سريع الخاطر في الإنشاء كثير الرسائل، له رسائل وكتب، توفي سنة 596 هـ. (وفيات الأعيان 1/284، النجوم الزاهرة 6/156، كتاب الروضتين 2/241) . [2] ابن نباتة: هناك أكثر من شاعر باسم ابن نباتة، والمرجح هو: ابن نباتة المصري، محمد بن محمد الجذامي الفارقي، جمال الدين، شاعر، وأحد الكتاب المترسلين العلماء بالأدب، سكن الشام وولي نظارة القمامة بالقدس، ثم رجع إلى القاهرة، فكان بها صاحب سر السلطان حسن، له ديوان شعر، وسرح العيون في شرح رسالة ابن زيدون، وسلوك دول الملوك، وترسل ابن نباتة، وغيرها، توفي سنة 768 هـ. (الدرر الكامنة 4/216، حسن المحاضرة 1/329 البداية والنهاية 14/322، النجوم الزاهرة 11/95) . [3] شقران: مولى رسول الله صلّى الله عليه وسلم، يقال: كان اسمه صالح بن عدي، وكان حبشيا، يقال أهداه عبد الرحمن بن عوف لرسول الله، وقيل اشتراه منه، فأعتقه بعد بدر، ويقال إن النبي صلّى الله عليه وسلم ورثه عن أبيه هو وأم أيمن، شهد بدرا وكان على الأسارى يوم بدر، سكن المدينة، ويقال كانت له دار بالبصرة. (الإصابة ت 3935، أسد الغابة ت 2446، تهذيب التهذيب 4/0310، حلية الأولياء 1/372) . [4] أم أيمن: مولاة النبي صلّى الله عليه وسلم، واسمها بركة بنت ثعلبة بن عمرو، وكانت لأم رسول الله صلّى الله عليه وسلم، وكان زيد بن حارثة مولى لخديجة فوهبته للنبي، فأعتقه وزوجه أم أيمن بعد النبوة فولدت له أسامة بن زيد، توفيت بعد وفاة الرسول بخمسة أشهر. (الإصابة كتاب النساء ت 11902، تهذيب التهذيب 12/459، حلية الأولياء 2/67) .

من أنا عند الله حتى إذا ... أذنبت لا يغفر لي ذنبي العفو يرجى من بني آدم فكيف لا أرجوه من ربّي قال ابن الرومي [1] : [الكامل] يا دهر صافيت اللئام مصادقا ... لهم وعاديت الكرام معاندا فغدوت كالميزان ترفع ناقصا ... من جهله أبدا وتخفض زائدا وأخرج من طريق وكيع عن سفيان، عن منصور، عن إبراهيم، قال: كانوا إذا أرادوا أن يقدموا رجلا، قالوا له: «اذهب فتعلم العلم» . وقال: أنبأنا ابن الجوزي، قال: حدثنا ابن الرومي، أن رجلا من الناس مضى إلى قرية، فلقيهم خطيبهم فضافه، فأقام عنده أياما، فقال له الخطيب: لي مدة أصلي بهؤلاء القوم، وقد أشكل عليّ في القرآن مواضع، قال: سلني عنها، قال: في الحمد لله إياك نعبد وإياك أي شيء؟ تسعين أو سبعين، أشكلت هذه الكلمة عليّ، فأنا أقولها تسعين، آخذا بالاحتياط. وأخرج عن أبي مجلز قال، قال علي بن أبي طالب: ما مات رسول الله صلّى الله عليه وسلم، حتى عرفنا أن أفضلنا بعد رسول الله صلّى الله عليه وسلم أبو بكر، وأن أفضلنا بعد أبي بكر عمر. وأخرج عن الأصبغ بن نباتة، قال: سمعت علي بن أبي طالب يقول في خطبته: «ابن آدم، وما ابن آدم، تؤلمه بقّة وتفتنه عرقة، وتقتله شرقة» . قال الشهاب الحارثي: [الكامل] طفقت تقول تضايق الرزق ... وتعسّرت من دونك الطرق فأجبتها كوني على مهل ... إن كان لي أجل فلي رزق قال ابن النجار: قرأت بخط محمد بن إسماعيل البخاري، أنشدني الشيخ المقري أبو بكر محمد بن عمر البخاري ببغداد، قال: أنشدنا عبد الواحد بن أحمد بن طاهر البخاري، قال: أنشدني بعض أصحابي: [الوافر] وما حالاتنا إلا ثلاث ... شباب ثم شيب ثم موت وآخر ما يسمّى المرء شيخا ... ويتلوه من الأسماء ميت محمد بن فتوح أبو عبد الله بن أبي نصر الحميدي، صاحب الجمع بين الصحيحين، آخر من روى عنه أبو الفتح محمد بن عبد الباقي بن أحمد بن سلمان. وأخرج عن الزهري قال: أوثق عرى الإسلام التجبر على أبناء الدنيا. قال محمد بن داود: الظرف له شروط إذا وجدت حكم به، وإلا فلا يجوز إطلاق اللفظ به، الأول:

_ [1] لم أجد البيتين في ديوان ابن الرومي.

الصدق، لأن الكذب يسوّد وجه المروءة، والثاني: الحياء: لأنّ القحّة تدنس الفتوّة، والثالث: تجنب الكبر، فانّ الكبر يفسد الشرف والأبوّة، والرابع: الوفاء، وذلك من أخلاق النبوّة./ وأخرج عن بكر الخليلي، قال: أنشدني أبو جعفر الخوّاص بعبادان بعد زوال المحنة: [الرمل] ذهبت دولة أصحاب البدع ... ووهى حبلهم ثم انقطع وتداعى بانصراف جمعهم ... حزب إبليس الذي كان جمع هل لهم يا قوم في بدعتهم ... من فقيه وإمام يتّبع [1] مثل سفيان أخي ثور الذي ... علّم الناس دقيقات الورع [2] أو سليمان أخي التيم الذي ... ترك النوم لهول المطّلع أو فقيه الحرمين مالك ... ذلك البحر الغزير المنتجع [3] أو فتى الإسلام أعني أحمدا ... ذاك لو قارعه القرا قرع [4] لم يخف سوطهم إذ خوّفوا ... لا ولا سيفهم حين لمع وأخرج عن الحسين بن الفضل البجلي البغدادي، قال: العجلة من الشيطان، إلا في خمسة أشياء، إطعام الضيف، والتوبة من الذنوب، وتزويج البكر، وتجهيز الميت، وقضاء الدّين. وأخرج من طريق هشام ابن الكلبي، عن أبيه،/ قال: قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: «قيمة كل رجل ما يحسن» . وأخرج عن عبد الله بن بريدة قال: شتم رجل ابن عباس، فقال ابن عباس: «تشتمني وفيّ ثلاث خصال، والله إني لأسمع بالغيث بالبلدة فأفرح به وما لي بها ثاغية ولا راغية [5] ، وإني لأسمع بالحكم العدل بالبلدة فأفرح به، ولعلي لا أقاضي به أبدا، وإني لأمرّ بالآية من كتاب الله عز وجل، فأتمنى أن كلّ من في الأرض يعلم منها مثل ما أعلم» .

_ [1] في ش: هل يرى يا قوم. [2] في ب: علم الإنسان. في ع: جاء عجز البيت مكان عجز البيت الذي يليه. [3] في ب: ذا البحر. [4] والقرا: الظهر أو وسطه، يشير هنا إلى محنة احمد بن حنبل في القول بخلق القرآن وما ضرب على ذلك وعذّب، وصبر حتى انجلت المحنة. راجع كتاب المحن لأبي العرب التميمي ص 438- 444. [5] الثاغية: الشاة، والراغية: الناقة.

وأخرج من طريق أبي حمزة الثمالي، عن علي بن الحسين، أن فاطمة بنت أسد [1] ، ضربها الطّلق وهي تطوف بالبيت، ففتحت لها الكعبة، فولدت عليا في الكعبة. وقال: أخبرني أبو أحمد داود بن علي بن محمد بن هبة الله بن المسلمة، أخبرنا أبو الفرج المبارك بن عبد الله بن محمد بن النقور، قال: حكى لي شيخنا أبو نصر عبد الواحد بن عبد الملك بن محمد بن أبي سعد الصوفي الكرخي، قال: حججت وزرت النبي صلّى الله عليه وسلم، فبينا أنا جالس عند الحجرة، إذ دخل الشيخ أبو بكر الديار بكري، ووقف بازاء وجه النبي صلّى الله عليه وسلم، وقال: السلام عليك يا رسول الله، فسمعت صوتا من داخل الحجرة: وعليك السلام يا أبا بكر، وسمعه من حضر./ وأخرج عن مالك بن أنس رضي الله عنه، قال: بلغني أن العلماء يسألون يوم القيامة، كما تسأل الأنبياء. قال ابن النجار: قرأت في كتاب محمد بن أحمد بن مهدي الشاهد بخطه، روى عن إبراهيم بن المهدي قال: كان الرشيد يحضر جبريل بن بختيشوع [2] المتطبب، ينتظر غداءه [3] ، وأنه أبطأ عليه يوما فتأخر غداؤه، ثم أتاه وهو متغيظ من تأخره، فشتمه وأنكر عليه تخلفه عنه، فذكر أن تأخره لتشاغله بعلة ابن عمه إبراهيم بن صالح بن المنصور [4] ، لأنه في علة يموت منها في ليلته، فجزع الرشيد لذلك وبكى، وامتنع عن الطعام، فقال له جعفر بن يحيى: جبريل أعلم الناس بطب الروم، وابن بهلة [5] أعلم بطب الهند، فابعث به حتى يراه، ويطلع على حاله، ويأتيك بخبره، فأحضر ابن بهلة، وتقدم إليه بذلك، فمضى إلى إبراهيم، وعاد فأخبر الرشيد أنه لا يموت في علته تلك، وحلف على ذلك بالطلاق والعتاق، فأكل الرشيد وسكنت نفسه، فلما كان في الليل كتب إليه بخبر وفاة إبراهيم بن

_ [1] فاطمة بنت أسد بن هاشم بن عبد مناف الهاشمية، والدة علي وإخوته، هاجرت وماتت بالمدينة، قال الشعبي: أسلمت وهاجرت وتوفيت بالمدينة، وكان النبي صلّى الله عليه وسلم قد كفن فاطمة بنت أسد بقميصه، قال ابن سعد: كانت امرأة صالحة، وكان النبي يزورها ويقيل في بيتها. (الإصابة، كتاب النساء ت 11588، الاستيعاب ت 3500، أعلام النساء 3/33) . [2] جبرئيل بن بختيشوع بن جرجس: طبيب هارون الرشيد وجليسه، ولما توفي الرشيد خدم الأمين، فلما ولي المأمون سجنه ثم أطلقه وأعاده إلى مكانته عند أبيه الرشيد، فلم يزل إلى أن توفي ودفن في دير (مار سرجس) بالمدائن، له من الكتب: المدخل إلى صناعة المنطق، ورسالة في المطعم والمشرب، وكتاب في صنعة البخور، وغيرها، توفي سنة 213 هـ. (طبقات الأطباء 1/127- 138) . [3] في ب، ل: كان جبريل بن بختيشوع المتطبب ينتظر غداءه. [4] إبراهيم بن صالح بن علي بن عبد الله بن عباس، أمير هاشمي، عرف بالعقل والدهاء، ولاه المهدي إدارة مصر ثم الجزيرة، ثم إمارة دمشق وما يليها والأردن وما حوله وجزيرة قبرس، توفي سنة 176 هـ. (الولاة والقضاة 123، 135، البداية والنهاية 10/169، ابن عساكر 2/219) . [5] لم أجد له ترجمة.

صالح، فبكى بكاء شديدا، وجعل يقول: ابن عمّي في غمرات الموت، وأنا آكل وأشرب وأتمتع، ثم دعا بماء حار/ فشربه وتقيأ ما أكل وشرب، وبكّر لحضور الجنازة، فلما دخل إلى منزل إبراهيم، وأفضى إلى مجلسه، وجده مفروشا، فأمر بالنمارق فرفعت، وقعد على البساط بغير وطاء ولا تكاء، وهو أول من فعل ذلك، فأتاه ابن بهلة، فلما مثل بين يديه قال: الله الله يا أمير المؤمنين، أن تطلق نسائي وتعتق عليّ رقيقي، وتبوء باثمي، إنّ ابن عمّك والله حيّ، لو شئت أن يكلمك لكلمك، فقام الرشيد معه، فاستدعى ابن بهلة مسلّة، فأتى بها فوضعها بين ظفره ولحمه، وغمزها غمزا شديدا، فثنى إبراهيم يده، فقال للرشيد: أعلمت أنه حي؟ قال: نعم، قال: فمر بنزع الأكفان عنه، وأن تعاد عليه ثيابه، حتى يفتح عينيه ويكلمك، فانه إن رأى نفسه في هذه الصورة، مات جزعا، ففعل ذلك، ثم دعا بمنفخة وكندس [1] ، فنفخ في أنفه، فعطس، ثم فتح عينيه، فبصر بالرشيد، فأخذ بيده فقبلها، فسأله عن حاله، فقال: لقد نمت نومة، ما نمت أطيب منها، إلا أنّ شيئا عض إصبعي فآلمني، ثم برأ من علّته، وعاش زمانا طويلا، وتزوج العباسة [2] بنت المهدي [3] ، وقلده/ الرشيد مصر، فأقام بها سنتين، ثم مات بها، فكان الناس يقولون: رجل مات ببغداد، ودفن بمصر، فمن عرف خبره قال: إبراهيم بن صالح، ومن لم يعرف خبره أنكر ذلك، وعجب منه. منصور بن علي بن حبيش المقرىء، كان من الصالحين، حكى ابنه أبو القاسم، قال: كان يقترض طول الأسبوع، فيحصل عليه المائة والأكثر، فأطالبه فيحلف بالله أنه يوم السبت يقضيني، ففعل ذلك مرات، فسألته: من أين لك، فبكى، وقال: يا بني، أجمع ختماتي، وأختمها ليلة الجمعة، وأجعل ثوابها لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وأقول: يا رسول الله، ديني، فيجيئني من حيث لا أحتسب يوم السبت ما أقضي به ديني. قال أبو بكر الجوهري: مفتاح الشرع بيد العلماء يديرونه على ما تقتضيه مصلحة الدين، ولحومهم مسمومة، والواجب الأخذ بقولهم، وترك التعرض لعتبهم، فهم

_ [1] الكندس: عروق نبات داخله أصفر وخارجه أسود، مقييء مسهل، جلّاء للبهق، وأذا سحق ونفخ في الأنف، عطس، وأنار البصر الكليل، وأزال العشا. (القاموس المحيط: كدس) [2] في ب: العباس، وفي ش: العباسية. [3] العباسة بنت المهدي: قيل اسمها علية، وقيل العباسة وعلية اختان، وهي أخت هارون الرشيد، كانت أديبة شاعرة تحسن صناعة الغناء، ومن أجمل النساء وأظرفهن وأكملهن عقلا وفضلا، كان أخوها إبراهيم بن المهدي يأخذ الغناء عنها، وكان في جبهتها اتساع، فاتخذت عصابة مكللة بالجواهر لتستر جبينها، وكان أخوها الرشيد يبالغ في إكرامها، تزوجها موسى بن عيسى العباسي، توفيت ببغداد سنة 210 هـ. (فوات الوفيات 2/99، النجوم الزاهرة 2/191، الأغاني 9/78، أشعار أولاد الخلفاء 55- 83، العيون والحدائق 3/281، خلاصة الذهب المسبوك للأربلي ص 91) .

المسؤولون يوم القيامة. قال أبو جعفر الأصبهاني: سمعت السمومي بمكة يقول: ما افتقدت شيئا قط فقرأت (والضحى) إلا وجدته./ قال أبو جعفر: جربته فوجدته كذلك. قال أبو الحسين بن فارس اللغوي في أماليه: سمعت أبا الحسن الأنصاري ببغداد يقول: سمعت أبا الحسن بن شجاع يقول: يقال في الأرض أربعة عشر ألف حمار مسرجة ملجمة، ليس معها أصحابها، تنقل الأشكال، تنقل كل شكل إلى شكله. قال أبو الفضل الأندلسي: أشرف الناس ثلاثة؛ فقيه صوفي، وعلوي سني، وغني متواضع. وأخرج من طريق أبي عبد الله الحسين بن محمد بن أحمد بن عبد الله بن موسى بن أنس بن مالك الأنصاري، قال: حدثتني فاطمة بنت الإمام أحمد بن حنبل، قال: حدثتني عارمة بنت الضحاك، عن زينب بنت الزهري، عن أم فروة أم جعفر الصادق، عن فاطمة بنت علي بن الحسين، عن أسماء بنت عميس الخثعمية، قالت: دخلت على نائلة بنت الفرافصة [1] مع نسوان قريش، تعزيها في عثمان بن عفان رضي الله عنه، فقالت: لما دخل القوم يقتلون عثمان، وأنا في المخدع، فاذا هم بهاتف يهتف يقول لهم من تلك الزاوية: [الطويل] فان تكن الدنيا تزول عن الفتى ... ويورث دار الخلد فالخلد أفضل وإن تكن الأحكام ينزل بها القضا ... فما حيلة الإنسان والحكم ينزل فلا تقتلوا عثمان بالظلم جهلة ... فانكم عن قتل عثمان تسألوا فقتلوه، ولم يعبأوا بالهاتف. توفي ياقوت الحموي في رمضان سنة 626 بحلب. أخبرنا أبو القاسم، وأبو شجاع محمد ابنا محمد بن محمود بن الفضل الحداد، قالا: أخبرنا أبو الخير محمد بن محمد الباغبان، أخبرنا إبراهيم بن محمد الطيّان، أخبرنا إبراهيم بن عبد الله التاجر، حدثنا أبو الحسن أحمد بن محمد الديباجي المكفوف، حدثنا عمر بن محمد بن عمر بن حفص الشطوري، حدثنا مسعود بن مسروق، حدثني منصور بن عمّار

_ [1] نائلة بنت الفرافصة بن الأحوص الكلبية: زوجة عثمان بن عفان، كانت خطيبة شاعرة من ذوات الرأى والشجاعة، حملت إلى عثمان من بادية السماوة، فتزوجها وأقامت معه في المدينة، وقفت تدافع عن عثمان حين دخل المصريون وبأيديهم السيوف، فألقت نفسها على عثمان وأمسكت بالسيف الذي غرز في بطنه فحز أصابعها، وقتل الخليفة فخرجت تستغيث، ثم انصرفت إلى المسجد فخطبت في الناس، وكتبت إلى معاوية تصف مصاب عثمان وأرسلت قميصه وأصابعها، ولما هدأت الفتنة خطبها معاوية فأبت. (الأغاني 15/67- 69، المحبر 294، 396، بلاغات النساء 70، طبقات ابن سعد 8/355) .

الأنباري، حدثنا ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب، عن أبي الخير مرثد بن عبد الله اليزني، قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: (لا تمشمشوا مشاش الطير، فانه يورث السل) [1] . حدثني القاضي أبو العباس أحمد بن محمود الواسطي، حدثنا أبو محمد فضل الله بن محمد بن أبي الشريف الشافعي، حدثنا أبو منصور شهردار بن شيرويه بن شهردار الديلمي إملاء، حدثنا الإمام أبو حامد محمد بن محمد بن محمد الغزالي، أخبرنا إمام الحرمين أبو المعالي عبد الملك بن عبد الله بن يوسف الجويني، أخبرنا والدي، أخبرنا أبو عبد الله الحليمي، أخبرنا أبو منصور البغدادي،/ أخبرنا أبو العباس أحمد بن عمر بن سريج، أخبرنا إبراهيم المزني، أخبرنا الإمام أبو عبد الله محمد بن إدريس الشافعي، حدثنا مالك بن أنس عن يحيى بن سعيد الأنصاري، عن سعيد بن المسيب، عن عمر بن الخطاب، قال، قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: (البيعان بالخيار ما لم يتفرقا) [2] . قرأت على أبي محمد المذكر، عن أبي الحسن الخباز، أخبرنا أبو الكرم بن البرداني، أخبرنا أبو الخطاب الكلوذاني، أخبرنا أبو طالب محمد بن علي العشاري، حدثنا أبو القاسم عبد الله ابن إبراهيم البزاز، حدثنا حمزة بن محمد بن العباس أبو أحمد، حدثنا عبد الكريم بن الهيثم الديرعاقولي، حدثنا الحسن بن عبد الله، حدثنا الصبيّ بن أشعث بن سالم السلولي، سمعت عطية العوفي يحدث عن أبي سعيد الخدري، قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: (من قرأ القرآن ثم مات قبل أن يستظهره، أتاه ملك فعلمه في قبره، فلقي الله عز وجل، وقد استظهره) [3] . أنبأنا أبو طاهر العطار، عن أبي علي الهاشمي، أن أبا الحسن أحمد بن محمد العتيقي، أخبرنا أبو محمد سهل بن محمد الديباجي، حدثنا محمد بن يحيى الصولي، حدثنا أبو العيناء محمد بن القاسم، مولى بني هاشم، حدثنا مسلم بن عبد الرحمن بن مسلم أبو القاسم الكاتب، حدثنا أبي وكان يكتب لإبراهيم بن المهدي،/ حدثني محمد بن مسلمة الضبي، سمعت المهدي بن المنصور أمير المؤمنين، يقول: حدثني المبارك بن فضالة، عن الحسن عن أنس، قال، قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: (لا يجامعنّ أحد منكم وبه حقن من خلا، فانه يكون منه البواسير، ولا يجامعن أحد منكم وبه حقن من بول، فان منه يكون البواسير) [4] . من تاريخ الخطيب، أخرج عن المهلب بن أبي صفرة، قال: سألنا أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلم: لم قلتم في عثمان أعلاها فوقا؟ قالوا: لأنه لم يتزوج رجل من الأولين، ولا الآخرين ابنتي نبي غيره.

_ [1] كنز العمال 40889. [2] مسند أحمد بن حنبل 2/311، سنن النسائي، البيوع 9، المنتقى لابن الجارود 617. [3] كنز العمال 2449، الحبائك في الملائك للسيوطي 146. [4] كنز العمال 44902، 45893.

وأخرج عن عبد الله بن معبد، قال: سمعت ابن عباس على منبر البصرة يقول: اللهم أصلح عبدك وخليفتك عليا، أهل الحق، أمير المؤمنين. وقال: حدثنا علي بن محمد بن الحسن الحربي، قال: جاء رجل إلى أبي بكر الأبهري [1] الفقيه المالكي، يشاوره في السفر، فأنشده [2] : [الوافر] متى تحسب صديقك لا يقلوا ... وإن تخبر يقلوا في الحساب وتركك مطلب الحاجات عزّ ... ومطلبها يذلّ عرى الرقاب وقرب الدار في الإقتار خير ... من العيش الموسّع في اغتراب الأبهري اسمه محمد بن عبد الله بن محمد بن صالح، انتهت إليه الرياسة في مذهب مالك، مات في شوال سنة خمس وسبعين وثلاث مائة، ومولده سنة تسع وثمانين ومائتين. وقال: أخبرني عبيد الله بن أبي الفتح، حدثنا أبو الحسين محمد بن أبي عمرو بن المنهال، حدثنا عبد الله بن محمد بن عبد العزيز، حدثنا شريح بن يونس أبو الحارث، حدثنا فرج بن فضالة عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة، قالت: رأيتني [3] أغلف رأس رسول الله صلّى الله عليه وسلم بالغالية، وهو محرم. وأخرج عن ابن عباس قال: إذا أسف الله تعالى على خلق من خلقه، ولم يعجل لهم النقمة، بمثل ما أهلك به الأمم من الريح وغيرها، خلق لهم خلقا من خلقه يعذبهم بهم، لا يعرفون الله عز وجل. وقال: أنشدنا أبو الحسن محمد بن محمد بن أحمد بن محمد بن خلف الشاعر البصري لنفسه: [الوافر] ترى الدنيا وزهرتها فتصبوا ... وما يخلو من الشهوات قلب ولكن في خلائقها نفار ... ومطلبها بغير الحظّ صعب كثيرا ما نلوم الدهر فيما ... يمرّ بنا وما للدهر ذنب ويعتب بعضنا بعضا ولولا ... تعذر حاجة ما كان عتب فضول العيش أكثرها هموما ... وأكثر ما يضرك ما تحبّ فلا يغررك زخرف ما تراه ... وعيش ليّن الأعطاف رطب

_ [1] الأبهري: محمد بن عبد الله بن محمد بن صالح، أبو بكر التميمي الأبهري، شيخ المالكية في العراق، سكن بغداد، وسئل أن يلي القضاء فامتنع، له تصانيف في شرح مذهب مالك والرد على مخالفيه، من كتبه: الأصول، وإجماع أهل المدينة، وفضل المدينة على مكة، والأمالي، وغيرها، توفي سنة 375 هـ. (الوافي بالوفيات 3/308، تاريخ بغداد 5/462، اللباب 1/20) . [2] الأبيات في الدر الفريد 5/94. [3] في ب، ل: لقد رأيتني.

فتحت ثياب قوم أنت منهم ... صحيح الرأي داء لا يطبّ إذا ما بلغة جاءتك عفوا ... فخذها فالغنى مرعى وشرب إذا اتفق القليل وفيه سلم ... فلا ترجو الكثير وفيه حرب وأخرج عن عليّ بن أبي طالب، قال: لا يؤتى الرجل إلا لخصلة من أربع؛ خصال لشرف، أو لشكر معروف سلف، أو لأمر لا يؤتنف، أو لحديث يطرف. وأخرج عن الزهري قال: أول حبّ كان في الإسلام حبّ النبي صلّى الله عليه وسلم عائشة. وأخرج بسند ضعيف عن ابن عباس، قال: النبق شجرة مباركة، وهي أول ثمرة تبلغ أو تؤكل، وما أحبها إلا عاقل. وأخرج عن ابن عباس، قال: ما قيل لقوم طوبى إلا خبّأ لهم الدهر يوم سوء. وأخرج عن الحسن، قال: لما مات رسول الله صلّى الله عليه وسلم، وجدوا في ثيابه نافجة مسك، يطيب بها ثيابه./ وأخرج من طريق حارثة بن مضرب، عن عليّ بن أبي طالب، قال: قيمة كلّ امرئ ما يحسن. أخبرني القاضي أبو بكر محمد بن عمر الداودي، وأبو بشر محمد بن عمر الوكيل، والحسن بن محمد الخلال، قالوا: أخبرنا محمد بن المظفر الحافظ، حدثنا أبو محمد عبد الله بن محمد بن يزيد الدقاق، أخبرنا أحمد بن علي بن فضالة، حدثنا أحمد بن محمويه بن أبي سلمة المدائني، حدثنا منصور بن عمار، حدثني معروف أبو الخطاب، سمعت واثلة بن الأسفع يقول، سمعت أم سلمة تقول: كان رسول الله صلّى الله عليه وسلم، إذا أتى أمرأة من نسائه غمض عينيه، وقنّع رأسه. زاد الخلال: وقال للتي تكون تحته: (عليك بالسكينة والوقار) [1] . قال ابن المنادي في ترجمة عبد الله بن الإمام أحمد بن حنبل [2] : لم يكن في الدنيا أحد أروى عن أبيه منه، لأنه سمع المسند، وهو ثلاثون ألفا، والتفسير وهو مئة ألف وعشرون ألفا، سمع منها ثمانين ألفا، والباقي وجادة، وسمع الناسخ والمنسوخ والتاريخ، وحديث شعبة والمقدم، والمؤخر في كتاب الله تعالى، وجوابات القرآن، والمناسك الكبير والصغير، وغير ذلك من التصانيف./ وأخرج عن قيس بن أبي حازم، قال: رأيت خالد بن الوليد، يرمي بين هدفين، ومعه رجال من أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلم، وقال:، أمرنا أن نعلّم الصبيان الرمي والقرآن. أخبرني الحسن بن محمد الخلال، حدثنا يوسف بن عمر القواس، سمعت أبا محمد

_ [1] طبقات ابن سعد 1/2/58، مجمع الزوائد 4/295، إتحاف السادة المتقين 5/372. [2] عبد الله بن أحمد بن حنبل الشيباني البغدادي: أبو عبد الرحمن، حافظ للحديث، من أهل بغداد، له من التصانيف: (الزوائد) على كتاب الزهد لأبيه أحمد بن حنبل، و (زوائد المسند) زاد على مسند أبيه نحو عشرة آلاف حديث، و (مسند أهل البيت) وغيرها، توفي سنة 290 هـ. (الطبقات لابن أبي يعلي 1/180، تهذيب التهذيب 5/141، المستطرفة ص 16) .

عبد الله بن محمد بن عثمان الحافظ، يقول: الذين وقع عليهم اسم الخلافة ثلاثة، قال الله تعالى لآدم: إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً [1] ، قال ابن عباس: فأخرجه الله تعالى من الجنة قبل أن يدخله فيها، لأنه خلقه للأرض خليفة فيها، وقوله تعالى لداود: إِنَّا جَعَلْناكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ [2] . وأجمع المهاجرون والأنصار على خلافة أبي بكر، وقالوا له: يا خليفة رسول الله، ولم يسمّ أحد بعده خليفة، ويقال إنه قبض النبي صلّى الله عليه وسلم عن ثلاثين ألف مسلم، كلّ قال لأبي بكر: يا خليفة رسول الله، إلى حيث قيل أمير المؤمنين [3] . قال أبو مزاحم موسى بن عبيد الله: كان عمي عبد الرحمن بن يحيى بن خاقان، كثير الجماع، وكان قد رزق من الولد لصلبه مائة وستة./ قال وكيع بن الجراح: زكاة الفطر لشهر رمضان كسجدتي السهو للصلاة، تجبر نقصان الصوم، كما يجبر السهو نقصان الصلاة. عبد الصمد بن علي بن محمد بن مكرم بن حسان، أبو الحسين الوكيل المعروف بالطستي، وهو ابن أخي الحسن بن مكرم، سمع الحارث بن أبي أسامة، وأبا بكر بن أبي الدنيا، روى عنه أبو علي بن شاذان، وأبو الحسين بن بشران، وكان ثقة، ولد سنة 266، ومات في شعبان سنة 346. أخبرنا [4] محمد بن أحمد بن رزق، أخبرنا أبو القاسم موسى بن إبراهيم بن النضر بن مروان المقرئ العطار، حدثنا أبي، حدثنا عباس الترفقي، حدثنا روّاد بن الجراح، حدثنا سفيان، حدثنا منصور، حدثنا ربعي عن حذيفة، قال، قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: (خيركم في المأتين كل خفيف الحاذ) ، قيل يا رسول الله: وما الحاذ؟ قال: (الذي لا أهل له، ولا ولد) [5] ، قال عباس: فتكلم الناس في هذا الحديث، فرأيت النبي صلّى الله عليه وسلم في المنام، فقلت: يا رسول الله،/ حدثنا روّاد بن الجراح، حدثنا سفيان، حدثنا منصور، حدثنا ربعي عن حذيفة عنك، أنك قلت: خيركم في المأتين كل خفيف الحاذ، فقال النبي صلّى الله عليه وسلم: صدق روّاد بن الجراح، وصدق سفيان، وصدق منصور، وصدق ربعي، وصدق حذيفة، أنا قلت: خيركم في المأتين كل خفيف الحاذ.

_ [1] البقرة 30، وتمام الآية: وَإِذْ قالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً. [2] سورة ص 26 وتمام الآية يا داوُدُ إِنَّا جَعَلْناكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِ. [3] في ب، ل: حيث قتل أمير المؤمنين. [4] في ب: أخرج. [5] كنز العمال 31302، 44492، المغني عن حمل الأسفار للعراقي 2/24، تهذيب تاريخ دمشق 5/334.

أخبرنا محمد بن علي المقرئ، أخبرنا أبو حفص عمر بن يوسف بن أبي نعيم، حدثنا أبو محمد عبد الله بن مالك، مؤدب القاسم بن عبيد الله، حدثنا علي بن عمرو الأنصاري، حدثنا سفيان بن عيينة، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة، قالت: ما قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم شعرا قط، وما أتمّ إلا بيتا واحدا [1] : [الطويل] تفاءل بما تهوى تكن فلقلّما ... يقال لشىء كان إلا تحقق ولم يقل (تحققا) ، لئلا يعربه فيصير شعرا. غريب جدا لم أكتبه إلا بهذا الإسناد. وأخرج عن دينار مولى أنس، قال: صنع أنس لأصحابه طعاما، فلما طعموا، قال: يا جارية هاتي المنديل، فجاءت بمنديل درن، فقال: اسجري التنور، واطرحيه فيه، ففعلت، فابيضّ، فسألناه عنه، فقال: إن هذا كان للنبي صلّى الله عليه وسلم، وإن النار لا تحرق شيئا مسّته أيدي الأنبياء. في الألقاب للشيرازي، عن ذي الرمة الشاعر، قال: كل مبذول مملول، وكل ممنوع محروص عليه. أخرج أبو نصر السجزي في الإبانة، عن الأعمش، عن رجل كان يكلم الجن، قال: ليس شيء أثقل على الشيطان ممن يقول السّنّة. وأخرج عن حمّاد بن شعيب قال: رجل كان يكلم الجن، قال: ليس شيء أشد علينا ممن يتبع السّنّة./ وأخرج من طريق عبد المجيد بن وهب عن أبي الجلال، قال: إنه سيأتي على الناس زمان، يقوم الرجل يسأل عن سنّة محمد صلّى الله عليه وسلم، فلا يجد أحدا يخبره عنها. قال الطبراني، حدثنا محمد بن إسحاق بن راهويه، حدثنا أبي، حدثنا النضر بن شميل، حدثنا قرّة بن خالد، عن الحسن، عن عبد الله بن عمرو، أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم، قال: (من شرب الخمر فاجلدوه، ثم إن شرب فاجلدوه، ثم إن شرب فاجلدوه، ثم إن شرب الرابعة فاقتلوه) [2] قال: فكان عبد الله بن عمرو يقول: ايتوني برجل شرب الخمر ثلاث مرات، فلكم عليّ أن أضرب عنقه. وأخرج الطبراني عن عبد الله بن سلام، قال: يمكث الناس بعد الدجال أربعين سنة تعمر الأسواق ويغرس النخل. وقال الديلمي، أخبرنا أبي، أخبرنا أبو طالب الحسيني،/ حدثنا أحمد بن محمد بن أحمد بن أبيّ، حدثنا جدي أبو عمرو، حدثنا أحمد بن إسماعيل العنبري، حدثنا علي بن الحسين الصنعاني، حدثنا يحيى بن محمد بن حسيس الأفريقي، حدثنا إسحاق بن القاسم، حدثني أبي، حدثنا عبد العزيز بن أبي روّاد عن نافع، عن ابن عمر، قال، قال رسول

_ [1] في الدر الفريد 3/155 بيت يرويه عبد الله بن عباس برواية: تفاءل بما تهوى تكن فلقلما ... تفاءلت بالمحبوب إلا تكوّنا [2] مسند ابن حنبل 2/136، 191، سنن الترمذي 1444، المعجم الكبير للطبراني 19/360.

الله صلّى الله عليه وسلم: (يوزن حبر العلماء ودم الشهداء) [1] . قال الذهبي، في فضل العلم، حدثنا الحسن بن مهران الأصبهاني، حدثنا أبو بكر أحمد بن محمد بن القاسم الطرسوسي، حدثنا العباس بن الوليد، وعبد الأعلى بن حماد النرسي، قالا، حدثنا مهدي بن ميمون عن غالب، عن الحسن، عن عمران بن حصين، قال، قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: (يوزن يوم القيامة مداد العلماء ودم الشهداء، فيرجح مداد العلماء على دم الشهداء) [2] ./ وقال الخطيب، أخبرنا الحسن بن أبي طالب، أخبرنا أبو بكر محمد بن جعفر بن العباس، حدثنا محمد بن الحسن العسكري، حدثنا العباس بن يزيد البحراني، حدثنا ابن علية، حدثنا أيوب عن نافع عن ابن عمر، عن النبي صلّى الله عليه وسلم، قال: (وزن حبر العلماء بدم الشهداء، فرجح عليهم) [3] . قال الخطيب: رجاله كلهم ثقات، غير محمد بن الحسن. وقال ابن الجوزي في العلل المتناهية، أخبرنا ابن ناصر، أخبرنا محمد بن إبراهيم، أخبرنا محمد بن الفضل، أخبرنا ابن مردويه، حدثنا عبد الله بن إبراهيم الجرجاني،/ حدثنا إبراهيم بن تومرد، حدثنا أحمد بن بهرام، حدثنا سهل بن عبد الكريم، عن يعقوب القمّي عن هارون بن عنترة عن الشعبي، قال: خطبنا النعمان بن بشير، فقال: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلم، يقول: (يوزن مداد العلماء مع دم الشهداء، فيرجح مداد العلماء على دم الشهداء) [4] . قال: هارون يروي المناكير، ويعقوب ضعيف. وقال ابن النجار، أخبرنا يحيى بن الحسين الأواني، أخبرنا أبو المعالي ابن السمين، أخبرنا أبو الخطاب ابن البطر، أخبرنا أبو الحسن محمد بن أحمد بن رزقويه، حدثنا عثمان بن أحمد الدقاق، حدثنا محمد بن أحمد بن المهدي، حدثنا أبو عبد الرحمن الدرّاع، حدثنا محمد بن يزيد الواسطي، عن عبد الرحمن بن زياد بن أنعم الأفريقي، عن عبد الله بن يزيد الحبلي عن عبد الله بن عمرو/ بن العاص، قال، قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: (لو وزن مداد العلماء، ودم الشهداء، لرجح مداد العلماء على دم الشهداء) [5] ، أخرجه ابن الجوزي في العلل، وقال: عبد الرحمن بن زياد يروي الموضوعات عن الثقات. وقال أبو نعيم، حدثنا بندار، حدثنا أحمد بن الحسين، حدثنا محمد بن هبار بن عجلان، حدثنا إسماعيل بن أبي زياد، عن عبد الله بن عقبة، هو ابن لهيعة، عن أبي قبيل، عن يزيد بن عبد الله بن عمرويه.

_ [1] كنز العمال 28902، العلل المتناهية لابن الجوزي 1/72. [2] جامع بيان العلم لابن عبد البر 1/36، الدر المنثور للسيوطي 3/72، كنز العمال 28901. [3] كنز العمال 128714، الفوائد المجموعة للشوكاني 287، تاريخ بغداد 2/153، 193. [4] كنز العمال 2، 289، العلل المتناهية 1/72، اتحاف السادة المتقين 1/41. [5] العلل المتناهية 1/71.

وقال ابن عبد البر في كتاب العلم

وقال ابن عبد البر في كتاب العلم قرأت على خلف بن القاسم، أن محمد بن إبراهيم بن عطية الحداد، حدثه حدثنا أحمد بن محمد بن موسى بن عيسى، حدثنا محمد بن عبد الله بن المستنير، حدثنا أبو عصمة بن النعمان البلخي، حدثنا إسماعيل بن أبي زياد، عن أبي يونس القشيري، عن سماك بن حرب، عن أبي الدرداء، قال، قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: (يوزن يوم لقيامة مداد العلماء ودم الشهداء) [1] . وقال الشيرازي في الألقاب: سمعت محمد بن عبد الواحد الخزاعي، يقول: سمعت أبا الحسين جراب محمد بن عبد الله بن القاسم الحارثي الرازي النحوي، يقول، حدثنا أبو حاتم الرازي، حدثنا عفان وشاذان وعارم أبو النعمان، قالوا، حدثنا شعبة عن قتادة عن أنس، عن النبي صلّى الله عليه وسلم، قال: (يوزن مداد العلماء ودم الشهداء فيرجح مداد العلماء على دم الشهداء) [2] . قال الشيرازي: جراب كان كذابا. وقال نعيم بن الهيصم في جزئه، سمعت بعض أصحابنا يقول: مداد طالب العلم لله عز وجل عند الله عز وجل كدم الشهداء. وقال ابن النجار: قرأت على أبي عبد الله أحمد بن محمد الخبزي، عن أبي طاهر الخضر بن الفضل بن عبد الواحد الصفّار،/ قال: كتب إليّ إسماعيل بن مسعدة الجرجاني، أخبرنا حمزة بن يوسف السهمي، أخبرنا أبو إسحاق المؤدب الجرجاني، حدثنا أبو شافع الروياني الشاعر، حدثنا مجلل بن سليمان بن هاشم السامري، حدثنا أبو سعيد بن عبد الله الخوارزمي، حدثنا عصام بن الوليد، حدثنا عبد الله بن المبارك، حدثنا هارون بن عبد الله، عن أبي عون، عن سلمة بن وردان، عن أنس بن مالك، عن النبي صلّى الله عليه وسلم، قال: (إذا كان يوم القيامة يوزن دم الشهداء بمداد العلماء، فيرجح مداد العلماء على دم الشهداء) [3] . قال أبو الحسين الجزار [4] : لما وقعت النار بالحرم النبوي: [الكامل]

_ [1] جامع بيان العلم 1/36، كنز العمال 28901، الدر المنثور 3/72. [2] العلل المتناهية لابن الجوزي 1/72، كنز العمال 28902، اتحاف السادة المتقين 1/41. [3] جامع بيان العلم 1/36، الدر المنثور 3/72، كنز العمال 28901. [4] الجزار: يحيى بن عبد العظيم بن يحيى بن محمد، أبو الحسين، جمال الدين، شاعر مصري ظريف، كان جزارا بالفسطاط، وأقبل على الأدب، وأوصله شعره إلى السلاطين والملوك، فمدحهم وعاش بما كان يتلقى من جوائزهم، وكان من أصدقاء (أبي سعيد) صاحب كتاب (المغرب في حلى المغرب) فملأ ابن سعيد خمسين صفحة من كتابه بما انتقى من شعره، للجزار من المصنفات: (العقود الدرية في الأمراء المصرية) منظومة انتهى بها إلى أيام الظاهر بيبرس، و (ديوان شعر) و (فوائد الموائد) ، و (الوسيلة إلى الحبيب في وصف الطيبات والطيب) ، وغيرها، توفي سنة 679 هـ. (المغرب في حلى المغرب قسم مصر 1/296- 348، فوات الوفيات 2/319، النجوم الزاهرة 7/345، البداية والنهاية 13/293) .

شرفا بني العباس إنّ لنبيكم ... مجدا علا عن رتبة التشبيه [1] رتب الخلافة أنتم أولى بها ... ما أجدر العباس بابن أخيه فتداركوا حرم الرسول بهمّة ... عن كلّ صاحب نعمة تغنيه لله في النار التي وقعت به ... سرّ عن العقلاء لا يخفيه إذ ليس يبقى في حماه بقيّة ... ممّا بنته بنو أميّة فيه وقال يمدح الظاهر بيبرس [2] ، ويذكر طواف المحمل والنداء في الناس بالحج سنة أربع وستين وستمائة: [الوافر] دعاك لنصرة البيت العتيق ... فأمكن من يحجّ له الطريق ونادتك المشاعر واثقات ... فتمّ لها بهمّتك الوثوق ومثلك من يغوث إذا استغاثت ... بهمّته وغيرك من يعوق لقد أوسعت بيت الله برّا ... وكان من الملوك له عقوق وقد أدنيت منه كلّ قاص ... يبيت وقلبه قلب مشوق فما وجدت وجى في البيد سوق ... ولا قامت به للظلم سوق وكم سمّوا مظالمه حقوقا ... وليس كذاك تلتمس الحقوق لقد خفّفت فيه عن الرعايا ... وقد حملت به ما لا يطيق وقمت مقام إبراهيم فيه ... فلم يبعد بك الفجّ العميق وفي حرم الرسول فعلت أيضا ... من الحسنات أحسن ما يليق لقد أثلجت صدر الحقّ حتى ... تلاشى وانطفى ذاك الحريق وأمنّت البلاد وساكنيها ... فبعد اليوم لا عقّ العقيق جزاك الله أحسن ما يجازي ... به ملك بمكّته شفيق جميع زمانه أيام حج ... فلا رفث بهنّ ولا فسوق وطاف المحمل البلدين يجلي ... على الأبصار منظره الأنيق فكان به لأفئدة الأعادي ... وللرايات يومئذ حقوق وجيشك للعجاج يثير ليلا ... لوجهك في دجنّته شروق [3]

_ [1] في ش: شرفا أولي العباس. [2] سبقت ترجمة الظاهر بيبرس. [3] في ب، ل، ع: بالعجاج يثير.

وصدرك لا يضيق بما حواه ... وإن كان الفضاء به يضيق لقد نصر الهدى والحقّ ملك ... بأمر الدين والدنيا خليق يفكّر بالمصالح لا صبوح ... له من دونهنّ ولا غبوق وبين الظاهر السلطان فاعلم ... وبين سواه في هذا فروق وفي الملك السعيد شمائل من ... أبيه وحسبك الأصل العريق فداما للرعية ما تغنّي ... حمام وانثنى غصن وريق قال البيهقي في سننه، حدثنا أبو عبد الله الحافظ، حدثنا أبو حفص عمر بن أحمد بن نعيم، وكيل المتقي ببغداد، حدثنا أبو محمد عبد الله بن هلال النحوي الضرير، حدثنا علي بن عمر الأنصاري، حدثنا سفيان بن عيينة، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة، قالت: ما جمع رسول الله صلّى الله عليه وسلم، بيت شعر قط إلا بيتا واحدا [1] : [الطويل] تفاءل بما تهوى تكن فلقلّما ... يقال لشيء كان إلا تحقّق قالت عائشة: ولم يقل (تحققا) لئلا يعربه فيصير شعرا. قال البيهقي: لم أكتبه إلا بهذا الإسناد، وفيهم من جهل حاله. وقال: أخبرنا أبو عبد الله الحافظ،/ أخبرني الحسين بن علي التميمي، حدثنا عبد الرحمن بن أبي حاتم، قال: سمعت محمد بن عبد الله بن عبد الحكم يقول، سمعت الشافعي يقول: اجتمع مالك وأبو يوسف عند أمير المؤمنين، فتكلما في الوقوف وما يحبسه الناس، قال يعقوب: هذا باطل، قال شريح: جاء محمد صلّى الله عليه وسلم باطلاق الحبس، فقال مالك [2] : إنما جاء محمد صلّى الله عليه وسلم، باطلاق ما كانوا يحبسونه لآلهتهم من البحيرة والسائية [3] ، فأما الوقوف فهذا، وقف عمر بن الخطاب حيث استأذن النبي صلّى الله عليه وسلم، فقال: حبّس أصلها، وسبّل ثمرتها، وهذا وقف الزبير، فأعجب الخليفة ذلك. وأخرج البيهقي في سننه، عن سلمان، قال: لم يكن أحد أعظم حرمة من رسول الله صلّى الله عليه وسلم، كان أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلم، إذا كتبوا إليه، يكتبون: «من فلان إلى محمد رسول الله» ./

_ [1] البيت في الدر الفريد 3/155 يرويه عبد الله بن عباس برواية مختلفة لعجز البيت، وقد مر الخبر في ص 18. [2] قوله: (فقال مالك إنما جاء محمد صلّى الله عليه وسلم) ساقطة من نسخة ش. [3] البحيرة: الناقة كانت في الجاهلية إذا ولدت خمسة أبطن، شقوا أذنها، وأعفوها أن ينتفع بها، ولم يمنعوها من مرعى ولا ماء، وقد أبطلها الإسلام، وفي التنزيل العزيز: ما جَعَلَ اللَّهُ مِنْ بَحِيرَةٍ وَلا سائِبَةٍ وَلا وَصِيلَةٍ وَلا حامٍ . السائبة: الناقة المهملة التي كانت تسيب في الجاهلية لنذر ونحوه، والبعير الذي يدرك نتاج نتاجه فيسيّب، يترك ولا يركب ولا يحمل عليه. (المعجم الوسيط: بحر، ساب)

أنشد البيهقي في شعب الإيمان، لبعض أهل الأدب [1] : [البسيط] إني وإن كان جمع المال يعجبني ... فليس يعدل عندي صحّة الجسد المال زين وفي الأولاد مكرمة ... والسّقم ينسيك ذكر المال والولد وقال ابن النجار [2] ، أخبرنا أبو محمد بركات بن أبي غالب البناء، حدثنا إسماعيل بن أحمد بن عمر السمرقندي، أخبرنا أحمد بن الحسن المعدل وغيره، قالوا: أخبرنا الحسن بن أحمد بن إبراهيم بن شاذان، حدثنا أبو الفضل عيسى بن موسى بن أبي محمد بن المتوكل على الله، أخبرني أبو بكر محمد بن خلف بن المرزبان، حدثنا محمد بن عمران بن زياد الضبي، أخبرني محمد بن الحسين الجعفي، حدثنا محمد بن إسماعيل بن جعفر عن ابن شهاب، قال: اجتمع في مسجد رسول الله صلّى الله عليه وسلم، عمر بن الخطاب وعلي وجعفر ابنا أبي طالب، والعباس بن عبد المطلب، فذكروا المعروف، فقال علي: المعروف حصن من الحصون، وكنز من الكنوز، فلا يزهدنّك فيه كفر من كفره، فقد شكرك عليه من لم ينتفع منه بشيء، وقد يدرك بشكر الشاكر، ما أضاع الكفر الجاحد./ وقال جعفر: يا أهل المعروف إلى اصطناعه ما ليس الطالبين إليهم فيه، لأنك إذا اصطنعت معروفا، كان لك أجره وفخره، وسناؤه ومجده، فما بالك بطلب شكر ما أتيت لنفسك [3] من غيره. وقال العباس: المعروف أحصن الحصون، وأعظم الكنوز، ولن يتم إلا بثلاث: تعجيله، وستره، وتصغيره، لأنك إذا عجلته هنأته، وإذا صغرته عظمته، وإذا سترته أتممته. وقال عمر بن الخطاب: لكل شيء أنف، وأنف المعروف سراحه، فخرج رسول الله صلّى الله عليه وسلم عليهم، فقال: فيم أنتم؟ قالوا: كنا نذكر المعروف، فقال: (المعروف كاسمه، وأهل المعروف في الدنيا، أهل المعروف في الآخرة) [4] . وأخرج ابن النجار من طريق محمد بن الحسين عن أبيه، قال: من قال حين يصبح سبع مرات: «حسبي الله، لا إله إلا هو، عليه توكلت وهو رب العرش العظيم» لم يصبه ذلك اليوم، ولا تلك الليلة، ولا سلب ولا غرق. وأخرج من طريق أبي الحسين سمعون، وأبي إسحاق الطبري، قالا: سمعنا جعفر بن محمد الخلدي يقول: كان لي خاتم ورثته عن أبي، فعبرت دجلة، فمددت يدي لأغرف من الماء، فسقط الفص فغمّني [5] ، فذكرت حديثا روي عن رسول الله صلّى الله عليه وسلم، أنه من قرأ هذه الآية على

_ [1] البيتان لبشار بن برد في ديوانه 3/119 تحقيق الطاهر ابن عاشور ط تونس 1976. [2] قوله: (قال ابن النجار) ساقطة من نسخة ب. [3] في ب، ل: إلى نفسك. [4] مجمع الزوائد 7/262، 263، كنز العمال 16096، 16998، حلية الأولياء 9/319، العلل المتناهية 2/16، 17، 18. [5] في ب: فهمّني.

شىء ضاع منه رده الله عليه، فقرأتها ويدي في الماء، فاذا الفص بين أصابعي، والآية: رَبَّنا إِنَّكَ جامِعُ النَّاسِ لِيَوْمٍ لا رَيْبَ فِيهِ، إِنَّ اللَّهَ لا يُخْلِفُ الْمِيعادَ [1] ، اللهم يا جامع الناس ليوم لا ريب فيه، إنك لا تخلف الميعاد، اجمع بيني وبين خاتمي، إنك على كل شيء قدير. وأخرج من طريق عبيد الله بن محمد بن حفص العيشي، سمعت أبي يقول: لما قبض ولد العباس خزائن بني أمية، وجدوا سفطا مختوما ففتحوه، فاذا فيه رقّ مكتوب عليه: «شفاء باذن الله» ففتح فاذا هو: «بسم الله وبالله ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، اسكن أيها الوجع، سكنت بالذي يمسك السماء أن تقع على الأرض إلا باذنه، إن الله بالناس لرؤوف رحيم، باسم الله وبالله، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، اسكن أيها الوجع،/ سكنت بالذي سكن له ما في الليل والنهار، وهو السميع العليم، بسم الله وبالله ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، اسكن أيها الوجع سكنت بالذي إن يشأ يسكن الرياح فيظللن رواكد على ظهره، إن في ذلك لآيات لكلّ صبّار شكور، بسم الله، وبالله ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، اسكن أيها الوجع، سكنت بالذي يمسك السموات والأرض أن تزولا، ولئن زالتا، إن أمسكهما من أحد بعده، إنه كان حليما غفورا» . قال عبيد الله، قال أبي: فما احتجت بعده إلى علاج، ولا دواء، وقال لنا أبي: إن بني أمية أصابوه في ثقل الحسين عليه السلام. في تاريخ ابن النجار، عن أبي نصر بن نباتة، قال: كنت قائلا في دهليز داري يوما، فدقّ عليّ الباب، فقلت: من؟ فقال: رجل من المشرق، فقلت: ما حاجتك؟ فقال: أنت الذي تقول: [الطويل] ومن لم يمت بالسيف مات بغيره ... تنوعت الأسباب والداء واحد فقلت: نعم، فقال: أرويه عنك؟ فقلت: نعم، ومرّ، فلما كان آخر النهار دقّ عليّ الباب، فقلت: من؟ فقال: رجل من تاهرت [2] من المغرب، فقلت: وما حاجتك؟ فقال: أنت الذي تقول: (ومن لم يمت بالسيف) فذكر البيت، فقلت: نعم، فقال: أرويه عنك؟ فقلت: نعم، فتعجبت، كيف وصل المشرق والمغرب./ وأخرج الطبراني عن عامر بن سعد، قال: كان سعد آخر المهاجرين وفاة، قال أحمد بن حنبل: توفي وهو ابن ثلاث وثمانين. وفي تفسير القرطبي في سورة البقرة، قال ابن العربي: حضرت بيت المقدس بمدرسة أبي عقبة الحنفي، والقاضي الريحاني يلقي

_ [1] آل عمران 9. [2] تاهرت: اسم لمدينتين متقابلتين بأقصى المغرب، يقال لأحدهما تاهرت القديمة، وللأخرى تاهرت المحدثة، بينهما وبين المسيلة ست مراحل، وهي بين تلمسان وقلعة بني حماد، وكانت تاهرت قديما تسمى عراق المغرب. (معجم البلدان: تاهرت)

الدرس يوم الجمعة، إذ دخل علينا رجل بهيّ المنظر، على ظهره أطمار، فسلم سلام العلماء، وتصدر في صدر المجلس، فقال له الزنجاني: من السيد؟ فقال: رجل سلبه الشيطان، وكان مقصدي هذا الحرم، وأنا رجل من أهل صاغان من طلبة العلم، فقال الزنجاني: سلوه عن مسألة الكافر إذا التجأ إلى الحرم، هل يقتل أم لا؟ فأفتى بأنه لا يقتل، فسئل عن الدليل، فقال: قوله تعالى: وَلا تُقاتِلُوهُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ حَتَّى يُقاتِلُوكُمْ فِيهِ [1] ، قريء: (ولا تقتلوهم) ، (ولا تقاتلوهم) ، فان قريء: (ولا تقتلوهم) ، فالمسألة نص، وإن قريء: (ولا تقاتلوهم) ، فهو تنبيه، لأنه إذا نهي عن القتال الذي هو أخف من القتل، كان دليلا ظاهرا على النهي عن القتل، فاعترض الزنجاني، فقال: هذه الآية منسوخة بقوله تعالى: فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ [2] ، فقال له الصاغاني: هذا لا يليق بمنصب القاضي وعلمه، فان هذه الآية التي اعترضت بها عامة في الأماكن، والتي احتججت بها خاصة، ولا يجوز لأحد أن يقول: إن العام ينسخ الخاص، فأبهت القاضي الزنجاني، وهذا من بديع الكلام. بعضهم: [الخفيف] زعموا أنّني قصير لعمري ... ما تكال الرجال بالقفزان إنّما المرء باللسان وبالقل ... ب وهذا قلبي وهذا لساني آخر: [المنسرح] في كل يوم يريك فائدة ... أحسن منها ما تستفيد غدا ومن تكن هذه خلائقه ... فأنت في نعمة أبدا [3] أبو عبد الله محمد بن الصفار [4] : [السريع] لا تحسب الناس سواء متى ... ما اشتبهوا فالناس أطوار وانظر إلى الأحجار في بعضها ... ماء وبعض ضمنها نار [5]

_ [1] البقرة 191. في ب، ش: (ولا تقتلوهم) . [2] التوبة 5. وتمام الآية: فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ. [3] في ب، ل: فأنت منه في نعمة أبدا. [4] ابن الصفار: محمد بن عبد الله بن عمر الأنصاري القرطبي، أبو عبد الله، حاسب أديب من بيت كبير في قرطبة، تنقل في البلدان وزار المشرق، وقرأ الأدب، وله شعر، وكان أعمى معطل اليدين والرجلين مشوه الخلقة له جرأة على الملوك، توفي بتونس سنة 639 هـ عن نيف وسبعين سنة. (المغرب في حلى المغرب 1/117، نفح الطيب 1/384، التكملة لابن الأبار 1/353) . [5] في ب، ش: وبعض في ضمنها نار. بزيادة (في) ، ولا يستقيم بها الوزن.

موسى بن سعيد [1] : [الطويل] أيا قاصدا بحرا من الوزن غص على ... جواهره فالبحر فيه الجواهر إذا أنت لم تشعر لمعنى تثيره ... فقل أنا وزّان وما أنا شاعر أبو الحسن علي بن معاوية الطرياني [2] ، ملغزا في النهر: [الطويل] وخلّ صفاء زرته فوددته ... وشخصي منه في الضمير مصوّرا وأودعته سرّا فأبداه للورى ... فيا حسن ما أبدى الغداة وأظهرا سطيح له جسم بغير جوارح ... يباري الرياح الخارقات إذا جرى [3] أبوه حليف للثريّا وأمّه ... به حامل في بطن منخفض الثرى يضمّ عليه الريح ثوبا مفرّكا ... ويكسوه شهب الليل ثوبا مدنّرا [4] في الصاغرة [5] : [المنسرح] يا سيدا لم تزل أوامره ... فرضا على العبد فهي تمتثل [6] هل لك عند المساء في أمة ... بيضاء حمراء ما بها خجل تأبى وصال النساء مذ خلقت ... لكنها بالرجال تتّصل إن يدنها بات وهي صاغرة ... أو يقصها لا يغيظها الملل [7]

_ [1] موسى بن سعيد: موسى بن محمد بن عبد الملك بن سعيد، أبو عمران، أحد الذين شاركوا في تأليف كتاب (المغرب في حلى المغرب) ، كان مولعا بالتاريخ، تجول كثيرا في البلاد، وانتهى به المقام بالاسكندرية، وتوفي سنة 640 هـ عن سبعة وستين عاما. (المغرب في حلى المغرب 2/170، نفح الطيب 2/333) . [2] علي بن معاوية الطرياني: أبو الحسن من أهل طريانة المقابلة لأشبيلية، شاعر وأديب، كانت لعلي بن موسى بن سعيد معه مجالسات كثيرة، لم تذكر وفاته. (اختصار القدح المعلّى في التاريخ المحلى لابن سعيد المغربي ص 17 تحقيق ابراهيم الأبياري، ط بيروت 1980) . [3] سطيح: يشير إلى سطيح الكاهن، ربيع بن ربيعة بن مسعود من بني مازن، كاهن جاهلي كان العرب يحتكمون إليه ويرضون بقضائه، قيل: ما كان فيه عظم سوى رأسه، كان أبدا منبسطا منسطحا على الأرض، لا يقدر على قيام ولا قعود، ويقال: كان يطوى كما تطوى الحصيرة، ويتكلم بكل أعجوبة، وهو من أهل الجابية في مشارف الشام، توفي سنة 52 هـ. (المسعودي 3/364، جمهرة الأنساب ص 453، اليعقوبي 1/206، ثمار القلوب ص 98، الأغاني 4/305) . [4] الثوب المفرك: المدلّك، والمدنّر: فيه تدنير، أي سواد يخالطه شهبة، أو فيه صور الدنانير. [5] لم أجد للصاغرة معنى، ولعلها ضرب من اللباس كان يلبسه الرجال ليلا في المغرب، كما يلمح من سياق الشعر. [6] في ب: تمثيل. [7] في ب، ل: لا يغبطها الملل.

[حديث أم زرع]

تنكحها كلما أردت فلا ... يضجرها منك ذلك العمل تحبل في ليلها فان تركت ... إلى غد زال ذلك الحبل وهي إن فتّشت فلا دبر ... توطأ فيه ولا لها قبل ففسّر الآن ما رمزت ولا ... تطمع بخرعوبة لها كفل [1] في النهر: [مجزوء الكامل] انظر إلى النهر الذي ... زالت بمنظره الهموم والشمس تصقل ثوبه ... لمّا يفرّقه النسيم [2] بعضهم: [الرمل] ادفع الهمّ إذا ما طرقك ... وكل الأمر إلى من خلقك وإذا أمّل قوم أحدا ... فإلى ربّك فامدد عنقك [حديث أم زرع] قال الأستاذ العارف بالله أبو الحسن علي بن وفا الشاذلي [3] ، نفعنا الله به [4] : بسم الله الرحمن الرحيم، والله يقول الحق، وهو يهدي السبيل، وحسبنا الله ونعم الوكيل، جالست ليلة قرّة عين القوم، ومن لا تأخذ جليسه سنة ولا نوم، روح الأمر القرآني، وجامع السبع المثاني، فآنسني في غربة السلوب، بما كشف لي من حقائق الإمكان والوجوب، وسامرني بقصص الأبد والأزل [5] ، فأتاني بالعجب العجاب فيما نقل، وكان فيما تلا من المعاني بلسان بيانه الرحماني، تلويح صاحب الشرع، بما في حديث أم زرع، فقال وهو الثقة فيما ذكر، والمخبر عن العيان لا عن الخبر: إن النفوس الممنوحة بالتمكين، فرش العقول المجردة، عن غلبات التكوين، وهي ست كالجهات لصور التجليات في الحضرات العليات، والنفوس المحجوبات عن رؤية الغيب بحجاب

_ [1] الخرعوبة: الشابة الحسنة القوام، وقيل: هي الجسيمة اللحيمة. (اللسان والصحاح: خرعب) . [2] في ب، ش، ل: لما يفركه النسيم. [3] الشاذلي: لعله محمد (الملقب بوفاء) بن محمد (النجم) بن محمد السكندري أبو الفضل، المعروف بالسيد محمد وفا الشاذلي، رأس (الوفائية) ووالدهم بمصر، مغربي الأصل، ولد ونشأ بالاسكندرية وسلك طريق الشيخ أبي الحسن الشاذلي، ونبغ في النظم، فأنشأ قصائد على طريقة ابن الفارض، كان واعظا، لكلامه تأثير في القلوب، له مؤلفات منها: (ديوان شعر) ، و (نفائس العرفان من أنفاس الرحمن) ، و (الأزل) ، و (شعائر العرفان في ألواح الكتمان) ، و (المقامات السنية المخصوص بها السادة الصوفية) ، وغيرها، توفي سنة 765 هـ. (شذرات الذهب 6/206، الدرر الكامنة 4/279، جامع كرامات الأولياء 1/142) . [4] قوله: (نفعنا الله به) ساقطة من نسخة ش. [5] الأبد: الدهر، والأزل: القدم، وما لا أول له.

التعيّن الموقوفة عن النفوذ، من أقطار الكيان في رحلة التلون، فرش العقول [1] النظرية المعقولة بالقيود الجبرية، والحدود الفكرية، وقد حجبت عن شهود حقائق القدس، بقياس الغيوب على شواهد الحس، وهن على عدد الحواس الخمس، وقد أشار إلى الكل بلسان الشرع، بما في حديث أم زرع [2] ، فهن إحدى عشرة امرأة، امرأة نفسانية، لأرواح العقول الإنسانية، جلسن في حضرة الكشف المطلع على عوالم النور، فتعاهدن بأيدي الظهور، وتعاقدن بكشف الستور، أن لا يكتمن عن بصيرته الناقدة، من أخبار أزواجهن شيئا في ذكره فائدة. الأولى: هي النفس المستكبرة، المصروفة المنكرة، التي غلبت بوهمها/ على همّة قوم، فجاؤوا ظلما وزورا، واستكبروا في أنفسهم، وعتوا عتوّا كبيرا، وهذه أصعب النفوس المتلونة قيادا، وأبعدها حضورا، وأعظمها عنادا، وأشدها نفورا، تصول صولة أهل الدولة والرياش، وتتهافت على الرذائل تهافت الفراش، وتقول بلسان الدعاوي: أنا الشمس والقمر، فاذا بدا ما عندها من المساوئ، عسعس الغيهب واعتكر، فشتان بين سوء المخبر، وحسن الخبر، وتتشبه بزخارف الأقوال لأحوال أهل المشاهد، وريش الطواويس، لا يلتبس بشوك القنافذ، وصاحب هذه النفس، إذا لوحظ بعين الامداد، وجذبته العناية بأزمة السداد، أهزل من أنفتها ما كان سمينا، وحقّر من افتخارها [3] ما كان ثمينا، وأفردها من الرياضة في جبل صعب المسالك، بعيد الذرى والمدارك [4] ، ليس لعشاق الرياسة له من سبيل، ولا للهمم الدنية عليه تعويل، فاذا ذلت نفسه لعزّ الحق ودالت، كان كما أخبرت وقالت: «زوجي لحم جمل غث على رأس جبل وعث» [5] ، قد أهزل حمل أعباء التواضع شحم كبره، وذاب فخ عظم تعاظمه بنور ذكره، وسكن من جبل الرياضة والخمول، في ذروة يصعب إليها الوصول، لا الجبل سهل فيرتقى، ولا اللحم سمين فينتقى. الثانية: هي النفس المدسوسة المتلونة في الأخلاق المعكوسة، وَقَدْ خابَ مَنْ دَسَّاها [6] ، وتركها منقلبة في مهاوي هواها، ولدتها عوائد الأوضاع، في مشئمة الطباع، ووأدتها الأكيان والأشكال، ودسّتها في متربة الوهم والخيال، فلا حياة إلا برضاع ثدي

_ [1] في ب: فرش العقور. [2] حديث أم زرع مع النساء الإحدى عشرة في بلوغ الأرب 2/33- 44، وهن نساء من خثعم من قبائل عرب اليمن في الجاهلية، واتفقن أن تصف كل واحدة زوجها، وكانت الأخيرة هي أم زرع، وكانت أبلغهن وصفا لزوجها، والشاذلي هنا يصوغ بأسلوبه مضمون كلامهن بعيدا عن لفظهن. [3] في ش: من احتقارها. [4] في ب: بعيد الدر والمدارك. [5] بلوغ الأرب 2/36، واسم الأولى مهدد بنت أبي هزومة. [6] من سورة الشمس 10: قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاها، وَقَدْ خابَ مَنْ دَسَّاها.

الذّكر والاعتزال، والعظائم عن خلط أهل المراء، وخبط أهل الجدال، حتى تعود إليها روح الفطرة، وتذهب عنها فترة الغمرة، فحينئذ إن سئلت عن أحوال العامل على نفخ روح الفتح فيها، المانع لها من مسرح دعاويها، المراعي لها في جميع مراعيها،/ فتى رعت في سميّاتها المزهرة، روّعتها أشد الروع وأقهره، قالت: زوجي لا أبثّ بلسان الرياء، والسمعة خبره، إني أخاف من سطوة محاسبته [1] ، وتمكن همّته أن لا أذره، أن أذكره بلسان شكوى التقصير، أذكر عجره وبجره [2] ، فهو بذلك يحبّ أن أذكره. الثالثة [3] : نفس أمّارة، منفعلة للخواطر المارّة، وهي مسقط رأس القرنين، ومجمع جيوش الوصل والبين، إن تغلّب عليها القرين الجاني، وهو الهوى الشهواني، غرس فيها رذائل الأخلاق أشجار الزقوم [4] ، وأجرى لها من نقائص الأعمال بحار اليحموم، وألبسها من المجانسة الخلقية [5] ، تارة جلد كلب، وتارة جلد حمار، وبنى قصور تقصيرها من هاوية الهوى على جرف هار،/ وإن تبوأها القرين الروحاني، وهو نور البيان الإنساني، أرغد غذاء قلبها من طيب ثمر المعاني، وروّق شراب أغصانها من العمل الرضواني، وألبسها من نسج الفضائل الخلقية حللا سندسية وإستبرقية، وجعلها حرما آمنا لمن فزع من جهله وذنوبه، وتجبى إليه ثمرات كل شيء رزقا من لدن علّام غيوبه [6] ، فأشجار كلماته الطيبة لا تخبط ولا تقطع، وطائر وارداته لا ينفّر ولا يروّع، وصاحب هذه إن رحم سلك علوّ منهاج الحذر من غوائلها، وتذرّع باليقظة من سهام دسائسها، أن يقع في مقاتلها [7] ، كلما أحسن رأى أنه مقصر، فكيف إذا وجب عليه أن يستغفر، نفسه تحت طول همّته مقهورة بالتأييد، فخواطرها الخاطفة من سطوة مراقبته لا تبدي معه ولا تعيد، هو العشق الذي طالت قامة استقامته [8] العبدانية، واتسعت أقطار صورته

_ [1] ش: من نطق محاسبته. [2] يقال: ذكر عجره وبجره، أي عيوبه وأمره كله، ما أخفى منه وما أبدى، وفي حديث عليّ: (إلى الله أشكو عجري وبجري) ، وجاء بالعجر والبجر: بكذب أو أمر عظيم. (المعجم الوسيط: عجر) [3] في بلوغ الأرب 2/37: قالت الثالثة وهي كبشة بنت الأرقم: (زوجي العشنق، إن أنطق أطلق، وإن أسكت أعلق) العشنق الطويل المذموم الطول، قال الأصمعي: أرادت أنه ليس عنده أكثر من طوله بغير نفع. [4] الزقوم: شجرة مرة كريهة الرائحة، ثمرها طعام أهل النار، وفي التنزيل العزيز: إِنَّ شَجَرَةَ الزَّقُّومِ طَعامُ الْأَثِيمِ . (اللسان: زقم) . [5] في ب: المجانسة الخليقة. [6] يفيد المؤلف من قوله تعالى: أَوَلَمْ نُمَكِّنْ لَهُمْ حَرَماً آمِناً يُجْبى إِلَيْهِ ثَمَراتُ كُلِّ شَيْءٍ رِزْقاً مِنْ لَدُنَّا (القصص 57) . [7] في ب: في مقالتها. [8] في ب: الذي طالت استقامته.

الروحانية، وإن نطقت ألسن شهوات/ نفسه طلّقها، وإن سكنت نواطق همّتها علّقها، وإذا أنفق ذخائر قوته في العبادة وفرقها، شكى إلى الله شحّ نفسه، فانه ما أنفقها، وهو الذي قالت عنه: «زوجي العشنّق، إن أنطق بلسان الشهوة أطلّق، أو أسكت سكوت فترة أعلّق» . الرابعة [1] : نفس مطمئنة، مؤيدة بالرضا، ممنوحة بالمنة، راسخة القدم في مشاهد القدم، قد رفعت حجاب الكشائف الخلقية، حتى شهدت اللطائف الحفيّة، وعرفت سرائر أسرار الربوبية، في مظاهر أطوار العبودية، فرجعت في كل حال إلى الله، وتلقت كل واقعة من الله فهي راضية في كل مشهد، بالله مرضية في كل حضرة لله، وصاحب هذه هو عارف الوقت، المحفوظ من السلب بالقبول في الوقت، وقد أخمد ببرد الرضا حرارة الانتقام، وبلوغه الشوق نفى قرّ المهابة والإحجام، وبمحض التسليم، أمن قواطع القرب، وبسلامة الذوق فارق الملل من الشرب، فهو كما/ قالت: «زوجي كليل تهامة، لا حرّ ولا قرّ، ولا مخافة ولا سآمة، والغيث غيث غمامة» . الخامسة: نفس مشتراة من المملكة البشرية، محفوفة بالمكنة من المملكة السريّة، قيل في شأنها بلسان المنة: إِنَّ اللَّهَ اشْتَرى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ [2] ، نفس جاهدت فغنمت، شاهدت فنعمت، وقتلت بصفاء الزهد شيطانها، وقبلت بوفاء العهد سلطانها، وصاحب هذه إمام وصل الفتح لواحي سياداته [3] بسوابق إراداته، وقطع العزم علائق الحسيّة بسيف الحزم في مجاهداته، فاستبشر عند محق الخيال من حقائق الجمال بأكمل لذّاته، وأتاه مدد السمع والبصر والروح بانجاز عداته، ووجد ما وعد من صدق الكليم، والحي والشهيد حقا/ في مشاهداته، فهو كما قالت: حظيرة حضراته السنية، زوجي إن دخل حضرة المشاهدة العلمية فهو بتنادم الأنية، وإن خرج لميدان فرسان المجاهدة العملية أسد باخلاص العزم والنية، ولا تسأل عمّا عهد من حسن فعله وقوله، لصدق تبرّيه من قوته وحوله. السادسة: نفس لوّامة متلونة على صور الحظوظ اللامّة، لا يزال شأنها الملل في كل علم وعمل، كلما حصلت على مطلوب نشأ لها حظ وأمل، فهي أبدا في شكاية ووجل، وكآبة أنشأتها الرغبة في الغاية والضجر مما حصل، فصاحب هذه إن وقف على باب مولاه، حتى فتح له وآواه، وأحضرته حضرة مناجاته، أو منحه رؤياه، وأجلسه على موائد/ مدده

_ [1] في بلوغ الأرب 2/38: قالت الرابعة: (زوجي كليل تهامة، لا حر ولا قر، ولا مخافة ولا سآمة، والغيث غيث غمامة) . [2] التوبة 110. [3] في ش: لواحق سياداته. واللواحي: كل ما لمع بشيء وأظهره، ومنه قول الشاعر: (اللسان لوح) : فامّا ترى رأسي تغيّر لونه ... ولاحت لواحي الشيب في كل مفرق

وهواه، وأورده مشاهد رضاه وتقواه، صار كما قالت: «زوجي إن أكل من ثمرات شكره لفّ، وإن شرب من كأس سكره اشتفّ، وإن اضطجع على فراش المؤانسة التفّ، بالحياء والأدب احتفّ، ولا يدخل في جيب نفسه كف الترخص في المعاملات، ليعلم ما عندها من البثّ على فوات الشهوات» [1] . السابعة: النفس السوّالة، ذات الدسائس القتّالة، تزخرف المهالك الفواتك، بحلى الفضائل والمناسك، فتسقي نديمها السمّ في العسل، كما سوّلت للسامري [2] فعله الذي فعل، هي مستدرجة بعلوم النظر، محجوبة عن المؤثر بالأثر، محبوسة السمع والبصر، في سجن القياس والفكر، لا دواء لدائها العياياء، إلا إذلالها بين معظميها من البرايا، وتنقيصها وإن أتت بكل المزايا، فاذا تحلّى صاحبها بحلى المستضعفين حتى كسر قواها، وطبق بقدم الصدق على منافس هواها، ورأى به جميع الأدواء من معايبها وبلاها، فأوسع بذلك تبكيتها وجفاها، وشجّ رأس رياستها بالذل والخمول، وفك مواسك إفكها بالردّ وعدم القبول، تململت منه تململ الملوك في البلوى،/ وقالت في مجالس النجوى، بلسان الخضوع والشكوى: «زوجي عياياء [3] بداء العضال، طباقاء عليّ بكلكل أدواء الأعمال، وكل داء له دواء، فهو يتعاطى أنواع الدواء، ومتى أبيت الشراب، أو سئمت الحمية كعادة المصاب، شجك أو فلّك أو جمع كلالك» . الثامنة: نفس زاكية بمكنة تقواها، قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاها [4] ، قد أشرقت شمس حقيقتها الفعلية، فغدا نور فاعلها ضحاها، وتلألأ قمر قبولها الفطري، فتمّت كلمتها بظهور معناها، وهجم نهار توحيدها على ظلم صور الأسباب فجلاها، وسكنت إلى الله تعالى بخمود حركات الحظوظ، فلم تزل آمنات الإيجاد بمحو المنازعة تغشاها، وصاحب هذه ملهم البصيرة، طاهر الظاهر والسريرة، رفع عن المصور حجاب الصورة، فشهد الله في كل مشهد مولاه ونصيره،/ قد أنعم بالتفويض والسكينة خشونة الطباع والأخلاق، وامتزج مزاجه بنفحات الرحمة، فطابت بأنفاس معارفه وعوارفه جميع الآفات، فلو مسست بيد التأييد ديباجة وسمه الوسيم، وتنشقت نسمات أوراده وداراته، بادراك

_ [1] في بلوغ الأرب 2/39: تقول السادسة: (زوجي إن أكل لفّ، وإن شرب اشتفّ، وإن اضطجع التفّ، ولا يولج الكف، ليعلم البث) . [2] السامري: أحد بني إسرائيل، من قبيلة السامرة، أضل قومه في غياب موسى، صنع العجل وعبده، ودعا قومه إلى عبادته، برغم تحذير هارون لهم، وجاء ذكره في القرآن الكريم: فَأَخْرَجَ لَهُمْ عِجْلًا جَسَداً لَهُ خُوارٌ فَقالُوا هذا إِلهُكُمْ وَإِلهُ مُوسى فَنَسِيَ (سورة طه 88، وانظر تفسير ابن كثير 4/534) . [3] في بلوغ الأرب 2/40، قالت السابعة: (زوجي غياياء طباقاء، كل داء له دواء، شجّك أو فلّك، أو جمع كلا لك) . الغياياء الطباقاء: الأحمق الذي ينطبق عليه أمره. [4] سورة الشمس 9.

القلب السليم، لوجدته كما قالت حليلة وجهه الفهيم: «زوجي المسّ مسّ أرنب، والريح ريح زرنب» [1] . التاسعة: نفس ذاكرة، بلسان شهود المسمّى في معرفة أسمائه الشريفة، ولم تترك مكنة التجلي تنادي صاحبها في كل لطيفة، وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعاً وَخِيفَةً [2] ، فهي من بيوت، أذن الله أن ترفع عن ملابسة الحوادث، ويذكر فيها اسمه، من غير ثان ولا ثالث، ونفس حررت ميزان خوفها ورجاها، وجاوزت الأطراف، ففازت من الوسيطة بمنتهاها، شهدت معناها فرامت بلوغ مناها، وعلمت أن لا حول ولا قوة إلا بمولاها، فخرجت عن تحيل حولها وقواها، وخشعت حوادث نواهيها، فوعت كلام مناجيها، وحميت من هواها، كما حفظت من مهاويها، فنشقت أنفاس الرحمة من جميع نواحيها، وصاحب هذه هو الذاكر على الحقيقة والعيان، المحفوظ من الغفلة والنسيان، الموهوب أفضل ما يعطى السائلون من الأماني والأمان، ظاهره بالجلال في الشرع مضبوط، وباطنه بالجمال في الجمع مبسوط، ثبت أصل شجرته، وطال فرع سدرته، كلما هزت فكرته بيد الرياضة جذع عبرته،/ تساقط من روض الرضا جني ثمرته، واستغرقته لذة ذوقه عن زهارة زهر حضرته، ولم يدع له استقبال قبلة القبول أربا دون محبوبه يرتضيه، ولا طلبا غيره يفرح بتقاضيه، فلا صدق توجهه التوحيدي في كل مقام بلسان الدهش والاصطلام، تَبارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْجَلالِ وَالْإِكْرامِ [3] ، فمتى سئلت حليلته عن نعته قالت بلسان حفظ كمال وقته [4] : «زوجي رفيع عماد التوحيد والعلل، طويل نجاد الهمّة المقدسة عن الملل، عظيم رماد الأحشاء المحترقة بالشوق لمن بين يديه لم يزل، قريب بيت الفتوة من النادي، سَواءً الْعاكِفُ فِيهِ وَالْبادِ » [5] ./ العاشرة: هي نفس مملوكة بأصل الوضع، ذات المكنة في عوالم السمع، هي التي اصطنعت للنفس العلمية، وصنعت على عينها الحكمية، تولدت عن قوة التلقي والإلهام، وعلى صورة ما تجلّى به عليها ذو الجلال والإكرام، فلما شبّت على صورة الأصل، قيل لقوامها من خلف حجاب الوصل، لا تخف نجوت من الفصل، ولما دعيت لكشف القناع من حضرة السماع، فدس من خشاش الشواغل واديها، وخلع قدم صدقها نعل

_ [1] بلوغ الأرب 2/40، وصفته بأنه لين الجسد ناعمه، والأرنب دويبة لينة المس ناعمة الوبر جدا، والزرنب بوزن الأرنب، وهو نبت طيب الريح. [2] الأعراف 502. [3] الرحمن 78. [4] في بلوغ الأرب 2/41: قالت التاسعة وهي كبشة: «زوجي رفيع العماد، طويل النجاد، عظيم الرماد، قريب البيت من الناد، لا يشبع ليلة يضاف، ولا ينام ليلة يخاف» . [5] من سورة الحج 25، وتمام الآية: وَالْمَسْجِدِ الْحَرامِ الَّذِي جَعَلْناهُ لِلنَّاسِ سَواءً الْعاكِفُ فِيهِ وَالْبادِ.

الكيف والأين عند طروق ناديها، تنزيها وإجلالا، لمقعد صدق مناجيها، وسترت ببرقع الصعق والدك وجوه الغيرية وناديها، فقال لها: قد بلغت المنى، إني أنا، وقيل لصاحبها إني اصطفيتك، فخذ ما أتيتك، حين جاهد في الله حقّ جهاده، بخروجه لمراد الله عن مراده، وأناله الله منالا فوق الأمل، وأقامه مقاما لا يبلغ بالعمل،/ فكلّ أيامه طيب وطرب، وسائر لياليه قرب وقرب، وجميع أحواله دنوّ وأدب، متى طلب منه شكران شهوده القدسي، قال بلسان التجريد عن العالم الحسي: رَبِّ إِنِّي لا أَمْلِكُ إِلَّا نَفْسِي [1] ، فهو في عجزه معروف بالقوة الباهرة، وفي فقره موصوف باسباغ النعم الباطنة والظاهرة، كما قالت العاشرة: «زوجي مالك الروحانيات، فما مالك الجسمانيات، من هو مالك للملكات الفواتك، هو خير من ذلك، له إبل ملاحظات تحمل المنقطعين إلى مراتب، ما كان لهم أن يبلغوها ألا بشقّ النفوس، قليلات المسارح في العالم المحسوس، كثيرات المبارك من البصائر النافذة بها إلى الملك القدوس، إذا سمعن صوت مزهر أبي أنا قد اقترب، أيقن أنهن هوالك من الطرب» [2] . الحادية عشرة [3] : النفس العلمية أم زرع الكمالات، وكتاب التفصيل والإجمالات، صحيفة المعاني اللاهوتية، المحمولة على عروش الناسوتية،/ وهي التي تعرّت جلابيب النسب والإضافات، وألبسته خلع أسرار الصفات العلميات، وكشف دونها حجاب حضرة الذات، فتحجبت بنور عزة الوحدة، عن غواشي أعين الشتات، وصاحب هذه في كل زمان، واحد الأعيان، وروح الأكوان، وميسر البيان، عن علم الرحمن، هو الفؤاد الذي رأي ما لا يرى، ليس في ذلك شك ولا مرى، المضروب في الإنجيل مثل ذرية الروحانيين في عالم الطباع، كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوى عَلى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ [4] ، وهذه النفس لا تألف غيره، ولا تعرف سواه، ولا تعشق على كل حال إلا إياه، فهو ريحانة روحها، وحبّة قلبها، وقرّة عينها، ومنبت لبّها، والممنوح منها يصدق حبها، في حين بعدها، وحال قربها، متى استوصفه منها عقل سليم،/ قالت بلسان الخلق العظيم: «زوجي أبو زرع، حبة حبات القلوب، فما أبو زرع إلا

_ [1] المائدة 25، وتمام الآية: قالَ رَبِّ إِنِّي لا أَمْلِكُ إِلَّا نَفْسِي وَأَخِي. [2] في بلوغ الأرب 2/42: قالت العاشرة وهي حبى بنت كعب: (زوجي مالك وما مالك، مالك خير من ذلك، له إبل كثيرات المبارك، قليلات المسارح، وإذا سمعن صوت المزهر أيقن أنهن هوالك) . [3] في بلوغ الأرب 2/43: قالت الحادية عشر وهي عاتكة: (زوجي أبو زرع، فما أبو زرع؟ أناس من حلّي أذنيّ، وملأ من شحم عضدي، وبجحني فبجحت إليّ نفسي، ووجدني في أهل غنيمة بشق، فجعلني في أهل صهيل وأطيط، ودائس ومنق، فعنده أقول فلا أقبح، وأرقد فأتصبح، وأشرب فأتقنّضح،، أم أبي زرع، فما أم أبي زرع ... ) . [4] الفتح 29.

حضرة علام الغيوب، أناس من حلي الوحي الذاتي أذنيّ وهي القوة العلمية، وملأ من شحم التأييد الصفات عضديّ، وهو القوة العملية، ويحجبني بالمحبة، فتحجب به إلى نفسي، وهي صورتي الكلية، وجدني في غنيمة أهل الآثار، بشق الاستدلال، فجعلني في صهيل السبق، وأطيط [1] الاستواء ودايس التلاع، ومنقى الكمال، فعنده أقول بالقول الصادع، فلا أقبح بالرد، وأرقد رقدة الرضا، فأتصبح بالأمان من الصد، وآكل من جنى ثمرات الكمال، فأتمنح [2] لمن تقرب واستعد، وأشرب من رؤية العين بالعين، فأتقمّح [3] عن صور المشاهدة، بما من الغيب أشهد. أم أبي زرع، كلمة ذات العليم الفتاح، فما أم أبي زرع إلا روح الأقلام، وحياة الألواح، عكومها رداح، وهي قوابلها الملآنة بقوت الأرواح، وبيتها فساح، وهو صدر للحقائق ذو انشراح، حيث يسكن لرحمته أهل الصلاح، ويستجير بشفاعته أهل الجناح، ولا جناح، ابن أبي زرع، فما ابن أبي زرع، هو الذوق السليم المتولد عن فكره الواضح الحكيم، وعقله الواسع العليم، مضجعه من الفهم الماضي، كمسلّ شطبه، لرقة حواشيه، بمجالسة الأحبة، وتشبعه ذراع الجفرة، لوجود مطلوبه في كل ذرّة، وترويه فيقة اليعرة [4] ، لرضاه من اتباعه بالتسليم لأول مرة، بنت أبي زرع زوج تحلت بحلاه، فما بنت أبي زرع إلا محل جنابه وولاه، لم تزل بالتسليم والإرشاد، والتغذية من لطائف الأشهاد،/ وحسن النظر في حفظ نضارتها طوع أبيها، وطوع أمها، وملء كسائها، وغيظ جارتها، جارية أبي زرع، فما جارية أبي زرع، وهي القوة البشرية الخادمة للقوة الآمرية، لا تبث حديثنا بالدعاوى تثبيتا، ولا إيتاء الحكمة لغير أهلها، تنقث ميرتنا تنقيثا [5] ، ولا من العوارض الحسية تملأ بيتنا الفكري تعشيشا. خرج أبو زرع من حكم الناسوت ليلة الإسراء، إلى أن كان من كل لاهوت، بحيث يسمع ويرى، وأوطأت المشاهد تمخض بيد البيان، لتخرج له من درّ العلم زبدة العيان، فلقي امرأة، وهي حالة السلوب، الواجبة في حضرة الوجوب، معها ولدان لها كالفهدين، هما الطمأنينة والسكينة، اللذين يلعبان من تحت خصر التوسط، في الحلم والتجريد،

_ [1] الأطيط: صوت الإبل من شدة ثقل أحمالها. (اللسان: أطط) . [2] التمنّح: إطعام الغير من مال أو طعام. (اللسان: منح) . [3] التقمّح: كراهية الشراب، بسبب الإكثار منه، والقامح: الكاره للشيء. (اللسان: قمح) . [4] اليعرة أو اليعر: الشاة أو الجدي أو العناق، يشد ويربط عند زبية الأسد أو الذئب ونحوهما، ويغطى رأسه، فاذا سمع السبع صوته جاء في طلبه، فوقع في الزبية، فأخذ، واليعر: الشاة أو الجدي ربط أم لم يربط (المعجم الوسيط: يعر) . [5] نقث عن الشيء: حفر عنه ليستخرجه، والعظم: استخرج مخه

في التنوير لابن دحية

برمانتين هما: الشهوة والغضب، أعني الحيوانيتين، فطلقني ونكحها، وجعل المهر محو الثبوت، فما كان لنفس أن ترى الله حتى تموت، فتزوجت بعده بالاشراق في صدر مريده، رجلا سريّا، ركب من الصديقية السابقة شريا، واعتقل من حسن التبعية لطعن الخطوط خطيا، وأراح عليّ من فضائله الخلقية نعما ثريا، وأعطاني بصحة إدراك أنفاس الرحمانية، من كل رائحة زوجا عينيا وأثريا، وقال: كلي أم زرع واسرحي من جنان الفهوم حيث تريدي، وميري أهلك العاشقين، وعلى الطالبين جودي، فلو جمعت كلّ شيء أعطانيه، ما بلغ أصغر آنية أبي زرع، لأن قوة الأصل لا تدانيها قوة الفرع./ قال لعائشة رضي الله عنها صاحب الشرع: (كنت لك كأبي زرع لأم زرع) [1] ، صلى الله عليه وعلى آله بلا نهاية أبدا في مظهر، وسبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر. [تم حديث النسوة التي أخبرن عن أحوال أزواجهن] في التنوير لابن دحية [2] شهد أعرابي دفن رسول الله صلّى الله عليه وسلم، فقال [3] : [البسيط] هلّا دفنتم رسول الله في سفط ... من الألوّة ملبسا ذهبا أو في سحيق من المسك الذكيّ ولم ... ترضوا لجنب رسول الله متّربا خير البريّة أتقاها وأكرمها ... عند الإله إذا ما ينسبون أبا فقال له أبو بكر: إني لأرجو أن يغفر الله لك بما قلت، إلا أنّ هذه سنّتنا. قال ابن دحية في التنوير، قال الهمداني [4] في كتاب الإكليل: العرب على سبع

_ [1] صحيح البخاري 4/35، صحيح مسلم، فضائل الصحابة ب 14 رقم 92، مجمع الزوائد 4/318. [2] ابن دحية الكلبي: عمر بن الحسن بن علي بن محمد، أديب مؤرخ، حافظ للحديث، من أهل سبتة بالأندلس، رحل إلى مراكش والشام والعراق وخراسان، واستقر بمصر، وكان كثير الوقيعة في العلماء والأئمة، فأعرض بعض معاصريه عن كلامه، وكذبوه في انتسابه إلى (دحية) ، من تصانيفه: (المطرب من أشعار أهل المغرب) ، و (التنوير في في مولد السراج المنير) ، و (نهاية السول في خصائص الرسول) ، و (النبراس في تاريخ خلفاء بني العباس) ، وغيرها، توفي بالقاهرة سنة 633 هـ. (نفح الطيب 1/368، لسان الميزان 4/292، وفيات الأعيان 1/381، شذرات الذهب 5/160) . [3] البيت الأول في اللسان: ألا، برواية: ألا جعلتم رسول الله. والألوة: العود الذي يتبخر به. ولحسان بن ثابت بهذا المعنى واللفظ (الزينة في الشعر الجاهلي ص 180، وديوان حسان ص 60 ط صادر) : ألا دفنتم رسول الله في سفط ... من الألوة والكافور منضود [4] الهمداني: الحسن بن أحمد بن يعقوب، مؤرخ عالم بالأنساب والفلك والفلسفة والأدب، شاعر مكثر، يعرف بابن الحائك، وبالنسّابة، من مصنفاته: (الإكليل) في أنساب حمير وأيام ملوكها، و (سرائر الحكمة) و (صفة جزيرة العرب) وغيرها، توفي سنة 334 هـ. (معجم الأدباء 3/9، بغية الوعاة 217، الإكليل، مقدمة الناشر ص 8- 10) .

طبقات، شعب، وقبيلة، وعمارة، وبطن، وفخذ، وحبل، وفصيلة، قالوا، مضر: شعب، وكنانة: قبيلة، وقريش: عمارة، وفهر: بطن، وقصي: فخذ، وهاشم: حبل، وآل العباس: فصيلة، والشعب والحي بمعنى. قال أهل النسب: فالشعب الجماهير والجراثيم التي تفرقت منها العرب، ثم تفرقت القبائل من الشعوب، ثم تفرقت العمائر من القبائل، ثم تفرقت البطون من العمائر، ثم تفرقت الأفخاذ من البطون، ثم تفرقت الفصائل من الأفخاذ، وليس دون الفصائل شيء. في بعض المجاميع: اجتمع أبو حامد الغزالي، بأبي الفرج الفقيه الصقلي، وكان قد رد عليه ونسبه إلى الزندقة، قال له: يا هذا، في هذه السنة أتحاكم أنا وأنت بين يدي الله تعالى، فماتا فيها جميعا. بعضهم [1] : [الكامل] وإذا رأيت عجيبة فاصبر لها ... فالدهر قد يأتي بما هو أعجب فلقد أراني والأسود تخافني ... فأخافني من بعد ذاك الثعلب آخر: [الطويل] لعمرك ما يدري الفتى كيف يتقي ... مصائب هذا الدهر أم كيف يحذر نرى الشيء مما نتقي فنخافه ... وما لا نرى مما يقي الله أكثر في بعض المجاميع قال إفلاطون: إن الله تعالى بقدر ما يعطي من الحكمة يمنع من الرزق. قال صاحب المجموع، قال أبو سليمان: لأن العلم والمال كضرتين، قلّما يجتمعان ويصطحبان./ بعضهم: [الطويل] وللناس في الوسطى خلاف وحصره ... بسبعة أقوال يضاف لها عشر فخذ خمسة منها لإفراد عشرها ... وسادس كلّ الخمس قول له ذكر [2] وبالجمعة الغرّاء سبع وثامن ... صلاة جماعات وتاسعها الوتر وعاشرها مكتوبة لا يعينها ... وقيل هي الصبح السنيّة والعصر وقيل هي الصبح السنيّة والعشا ... وقيل هي الأضحى وقيل هي الفطر وخامس عشر جمعة في محلّها ... وفي سائر الأيام أيضا هي الظهر وعدّت صلاة الخوف سادس عشرها ... وإن صحّ منقول الضحى ثبت الحصر

_ [1] البيتان في الدر الفريد 5/212 دو عزو. [2] في ب، ل: لإفراد عدها.

وجمهور أهل العلم نقل محقق ... على العصر قول عنده يجب القصر وأما الإمام الشافعي إمامنا ... فنصّ على صبح وإيصاؤه العصر كذا هو في شرح المهذب وارد ... وناهيك عن نقل أتانا به حبر [1] قال ابن دحية في التنوير، قال أبو محمد بن حزم [2] في كتاب الجماهير [3] ، من تأليفه: وقد جعل الله تعالى جزءا من علم النسب فرضا تعلمه، لا يسع أحدا جهله، وجعل منه جزءا كبيرا فضلا تعلمه، من جهله فهو ناقص الدرجة في الفضل [4] ، وكل علم هذه صفته، فهو علم فاضل ولا ينكر حقه إلا جاهل أو معاند. فأما الفرض من علم النسب، فهو أن يعلم المرء أن محمدا صلّى الله عليه وسلم الذي بعثه الله تعالى إلى الإنس والجن [5] هو محمد بن عبد الله القرشي الهاشمي، فمن شك فيه، أهو قرشي، أم يماني، أم تميمي، أم عجمي، فهو كافر غير عارف بدينه، ويلزم من يحضر به أن يعلمه ذلك. وأن يعرف الإنسان أباه وأمه، وكل من يلقاه بنسب في رحم محرمة، ليتجنب ما يحرم عليه من النكاح فيهم، وأن يعرف كلّ من يتصل به برحم يوجب ميراثا، أو تلزمه صلة أو نفقة، أو معاقلة [6] ، فمن جهل هذا فقد أضاع فرضا واجبا عليه، لازما له من دينه.

_ [1] المهذب: لعله المهذب في الفروع للشيخ الإمام أبي نصر أحمد بن عبد الله بن ثابت البخاري الشافعي المتوفى سنة 476 هـ، وقد شرحه كثيرون. (كشف الظنون 2/1912) . [2] ابن حزم: علي بن أحمد بن سعيد بن حزم الظاهري، أحد أئمة الإسلام في الأندلس، وكان خلق كثير ينتسبون إلى مذهبه، يقال لهم (الحزمية) ، ولد بقرطبة وكانت له ولأبيه من قبله رياسة الوزارة وتدبير المملكة، فزهد بها وانصرف إلى العلم والتأليف، كان فقيها حافظا يستنبط الأحكام من الكتاب والسنة، بعيدا عن المصانعة، وانتقد كثيرا من العلماء والفقهاء، فتمالؤوا على بغضه، وأجمعوا على تضليله، وحذروا سلاطينهم من فتنته، فأقصته الملوك وطاردته، فرحل إلى بادية لبلة (من بلاد الأندلس) فتوفي فيها، له مؤلفات كثيرة منها: (الفصل في الملل والأهواء والنحل) ، و (المحلى) ، و (جمهرة أنساب العرب) ، و (جوامع السيرة) ، و (أمهات الخلفاء) ، و (فضائل الأندلس) ، و (طوق الحمامة) ، وغيرها بالإضافة إلى ديوان شعر، توفي سنة 456 هـ. (أخبار الحكماء ص 156، معجم الأدباء 5/86- 96، نفح الطيب 1/364، لسان الميزان 4/198 الذخيرة لابن بسام 1/1/140، وفيات الأعيان 1/340) . [3] كذا في الأصول، وهو كتاب جمهرة أنساب العرب، المطبوع بتحقيق عبد السلام هارون، ط دار المعارف مصر. [4] جمهرة أنساب العرب ص 2، وفي الرواية خلاف يسير في العبارة. [5] في المطبوعة زيادة: (إلى الجن والإنس بدين الإسلام، هو محمد بن عبد الله القرشي الهاشمي، الذي كان بمكة، ورحل منها إلى المدينة، فمن شك في محمد صلّى الله عليه وسلم، أهو قرشي أم يماني، أم تميمي، أم أعجمي، فهو كافر غير عارف بدينه، إلا أن يعذر بشدة ظلمة الجهل، ويلزمه أن يتعلم ذلك، ويلزم من صحبه تعليمه أيضا) . وقد جاء السيوطي بالنص مختصرا، وكذلك جاء بالنص بعده. [6] في المطبوعة: أو معاقدة أو حكما ما.

المغرب في أخبار المغرب

وأما الذي تكون معرفته من النسب فضلا في الجميع، وفرضا على الكفاية، فمعرفة أمهات المؤمنين [1] المفترض حقهن على جميع المسلمين، ومعرفة أسماء أكابر الصحابة، من المهاجرين والأنصار، الذين حبهم فرض، وأنساب ذراريهم، ومعرفة من يجب له حق في الخمس من ذوي القربى، ومن تحرم عليهم الصدقة من آل محمد صلّى الله عليه وسلم، فكل ذلك جزء من علم النسب، فهذا علم ينفع [2] ، وجهل ضر في الدنيا والآخرة./ وقد أقدم قوم من جهلة الرواة، فنسبوا إلى الرسول صلّى الله عليه وسلم، أنه قال في النسب: (علم لا ينفع، وجهل لا يضر) ، وهذا الحديث باطل. وقال ابن دحية في التنوير: اختلفوا في وقت ولادته صلّى الله عليه وسلم، على ثمانية أقوال: الأول: لليلتين خلتا من شهر ربيع الأول، قاله ابن عبد البر في الاستيعاب [3] . الثاني: لاثنتي عشرة خلت منه. الثالث: لثماني عشرة خلت منه. الرابع: لعشر خلون منه. الخامس: لثمان خلت منه. السادس: لثمان بقين منه. السابع: لسبع عشرة خلت منه. الثامن: لاثنتي عشرة خلت من رمضان. المغرب في أخبار المغرب للأديب علي بن سعيد، اختصره الحافظ جمال الدين يوسف بن أحمد بن محمود بن أحمد الأسدي الدمشقي، المعروف باليغموري [4] ، من كتاب سماه «المعجب» [5] ، وقفت عليه بخطه، وهذا منتقى منه، مما يصلح في المحاضرة. بعضهم: [الطويل] وسار مسير الشمس في كل بلدة ... وهبّ هبوب الريح في البر والبحر

_ [1] في المطبوعة ص 3: (فمعرفة أسماء أمهات المؤمنين، المفترض حقهن على جميع المسلمين، ونكاحهن على جميع المؤمنين حرام، ومعرفة أسماء أكابر الصحابة) . [2] في ب: (لا ينفع) ، وهو من سهو الناسخ. [3] ينظر في ولادة الرسول صلّى الله عليه وسلم: السيرة النبوية لابن هشام 1/158 وطبقات ابن سعد 1/80- 81. [4] اليغموري: يوسف بن أحمد بن محمود، أبو المحاسن، باحث دمشقي يعرف بالحافظ اليغموري، له كتاب: (نو القبس) ، اختصره من (شهاب القبس) المختصر من كتاب (المقتبس) للمرزباني، توفي سنة 673 هـ. (مجلة مجمع اللغة العربية 46: 807، الأعلام 8/214) . [5] المعجب في تلخيص أخبار المغرب، لعبد الواحد المراكشي، طبع في مصر سنة 1949.

آخر: [البسيط] جمال ذي الأرض كانوا في الحياة وهم ... بعد الممات جمال الكتب والسير أبو محمد عبد الله بن العسّال الطليطلي [1] : [مجزوء الرمل] انظر الدنيا فان أب ... صرتها شيئا يدوم فاغد منها في أمان ... إن يساعدك النعيم وإذا أبصرتها من ... ك على كره تهيم فاسل عنها واطّرحها ... وارتحل حيث تقيم آخر: [الكامل] والعزّ محبوب وملتمس ... وألذّه ما نيل في الوطن آخر: [المتقارب] وما زلت أسمع أنّ الملوك ... تبني على قدر أخطارها أبو الحسن بن علي بن خلف بن بطال، المعروف بابن اللحّام، مصنف شرح البخاري، توفي يوم الأربعاء سلخ صفر سنة تسع وأربعين وأربعمئة [2] . جعفر بن عثمان المصحفي [3] : [السريع] يا ذا الذي أودعني سرّه ... لا ترج أن تسمعه مني لم أجره بعدك في خاطري ... كأنه ما مرّ في أذني المستظهر بالله أبو المطرّف عبد الرحمن بن هشام بن عبد الجبار [4] : [مجزوء الرمل]

_ [1] العسال الطليطلي: عبد الله بن محمد بن أحمد، أبو محمد، زاهد طليطلة المشهور بالكرامات كان فصيحا لسنا وشاعرا متفننا، حافظا للحديث، توفي سنة 487 هـ. (أخبار وتراجم أندلسية ص 70، الصلة 1/281، المغرب 2/21، رايات المبرزين ص 81) ، وجاءت الأبيات في نفح الطيب 3/208، 228. [2] كشف الظنون 119، 546، معجم المؤلفين 7/87. [3] المصحفي: جعفر بن عثمان بن نصر، الحاجب المعروف بالمصحفي، وزير أديب أندلس، له شعر جيد استوزره المستنصر الأموي، وولي جزيرة ميورقة في أيام الناصر، وتقلد حجابة هشام المؤيد، وقوي عليه المنصور بن أبي عامر بخدمته لصبح (أم هشام المؤيد) فاعتقله وضيق عليه، وصادره في ماله، ثم قتله وبعث بجسده إلى أهله سنة 372 هـ. (نفح الطيب 1/281- 286، مطمح الأنفس 3- 9، الحلة السراء 141- 147، المغرب 1/200، جذوة المقتبس 175، بغية الملتمس 240) ، والبيتان في مصادر ترجمته. [4] المستظهر الأموي: عبد الرحمن بن هشام بن عبد الجبار بن عبد الرحمن الناصر، أحد من ولي إمارة قرطبة أيام ضعف الدولة الأموية بالأندلس، ثار عليه محمد بن عبد الرحمن بن عبيد الله بن عبد الرحمن الناصر مع طائفة من الغوغاء فقتلوه، بعد سبعة وأربعين يوما من ولايته، كان عفيفا رقيق النفس حسن الفهم والعلم أديبا يجيد الشعر، قتل سنة 414 هـ. (البيان المغرب 3/135، 139، جذوة المقتبس ص 24، المعجب ص 53، الذخيرة 1/1/34، رايات المبرزين ص 66) والبيت في مصادر ترجمته.

ونجوم الليل تحكي ... ذهبا في لازورد أبو عمران موسى بن عمر المرتلي الزاهد [1] : [البسيط] لا تبك ثوبك إن أبليت جدّته ... وابك الذي أبلت الأيام من بدنك ولا تكوننّ مختالا بجدّته ... فربّما كان ذاك الثوب من كفنك الأديب المؤرخ أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن أبي بكر القضاعي البلنسي، المعروف بابن الأبّار [2] : [الوافر] رجوت الله في اللأواء لمّا ... بلوت الناس من ساه ولاه [3] فمن يك سائلا عني فاني ... غنيت بالافتقار إلى إلهي [4] الأديب علي بن موسى بن سعيد في الخسوف [5] : [الكامل] شان الخسوف البدر بعد جماله ... فكأنه ماء عليه غثاء أو مثل مرآة لخود قد قضت ... نظرا بها فعلا الجلاء غشاء موسى بن محمد بن عبد الملك بن سعيد [6] : [السريع] يا منعما قد جاءني برّه ... من غير أن أجري له ذكرا إنّ أحبّ الخير ما جاءني ... عفوا ولم أعمر به فكرا آخر: [الكامل] ما كلّ ما فوق البسيطة كافيا ... فاذا اقتنعت فكلّ شيء كاف

_ [1] الميرتلي: موسى بن حسين بن موسى بن عمران القيسي الزاهد، شاعر أندلسي، له علم بالتفسير والحديث والفقه، وله ديوان شعر أكثره في الزهد والتخويف، توفي سنة 406 هـ. (التكملة 754، المغرب في حلى المغرب 1/406، تحفة القادم ص 132، نفح الطيب 3/225) ، والبيتان في نفح الطيب 3/225. [2] ابن الأبار: محمد بن عبد الله بن أبي بكر القضاعي البلنسي، من أعيان المؤرخين، أديب من أهل بلنسية بالأندلس، له من الكتب: (التكملة لكتاب الصلة) ، و (الحلة السيراء) ، و (أعتاب الكتاب) ، و (الغصون اليانعة في محاسن شعراء المئة السابعة) وغيرها، قتله المستنصر سنة 658 هـ. (نفح الطيب 1/630، أزهار الرياض 3/204، فوات الوفيات 2/226) ، البيتان في ديوان ابن الأبار ص 461 ط تونس 1985. [3] اللأواء: المشقة والشدة. [4] في ش: إلى الإلاهي. [5] ابن سعيد المغربي: علي بن موسى بن محمد بن عبد الملك بن سعيد المدلجي، من ذرية عمار بن ياسر، مؤرخ أندلسي من الشعراء العلماء بالأدب، له تصانيف منها: (المغرب في حلى المغرب) ، و (المرقصات والمطربات) ، و (الغصون اليانعة في محاسن شعراء المئة السابعة) ، و (نشوة الطرب في تاريخ جاهلية العرب) ، وغيرها، توفي سنة 685 هـ. (بغية الوعاة ص 357، نفح الطيب 1/453، فوات الوفيات 2/89، الوافي بالوفيات 22/253) ، والبيتان في فوات الوفيات 2/112، ونفح الطيب 1/453. [6] في ب: محمد بن موسى، وهو علي بن موسى بن سعيد المغربي السابق. والبيتان في نفح الطيب 1/453.

أبو جعفر أحمد بن عبد الملك بن سعيد في شعاع الشمس والقمر على الشمس [1] : [الطويل] ألا حبذا نهر إذا ما لحظته ... أبى أن يردّ اللحظ عن حسنه الأنس ترى القمرين الدهر قد عبثا به ... يفضضه بدر وتذهبه شمس وله [2] : [المجتث] متى سمعت ثناء ... عمّن غدا لك حاسد فكان منك انخداع ... به فرأيك فاسد بصدره منك نار ... لهيبها غير خامد وغلّه لك ما زد ... ت في السعادة زائد وإنّما ذاك منه ... كالحبّ في فخّ صائد وله [3] : [مخلع البسيط] أبصر من قد يلوم فيه ... فقال ذا في الجمال فائق [4] أما ترى ما دهيت منه ... كان عذولا فصار عاشق [5] عبد الله بن شعبة [6] : [الوافر] لزمت قناعتي وقعدت عنهم ... فلست أرى الوزير ولا الأميرا وكنت سمير أشعاري سفاها ... فعدت بها لفلسفتي سميرا وله [7] : [الكامل]

_ [1] أحمد بن عبد الملك بن سعيد، كان أشعر بن سعيد، وأحد مصنفي كتاب (المغرب) ، استوزره عثمان بن عبد المؤمن سلطان غرناطة، وكان يهوى حفصة بنت الحاج الركونية ويتغزل بها، وقد قتله عثمان بن عبد المؤمن سنة 550 هـ لأنه كان منافسه في حبها. (المغرب 2/164، نفح الطيب 4/179، رايات المبرزين ص 92، الإحاطة 1/214) ، والبيتان في نفح الطيب 3/516، 4/189. [2] الأبيات في نفح الطيب 4/189. [3] البيتان في نفح الطيب 4/189. [4] في ب: أبصره من قد يلوم. في ل، ع: أبصره من يلوم فيه. [5] في ب، ل: ما دهيت به. ولا يستقيم به الوزن. [6] محمد بن أحمد بن عثمان القيسي: أبو عبد الله، ابن الحداد، شاعر أندلسي، له ديوان شعر كبير مرتب على حروف المعجم، وكتاب (المستنبط) في العروض، أصله من وادي آش، وسكن المرية، واختص بالمعتصم محمد بن معن بن صمادح وأكثر من مدحه، توفي سنة 480 هـ. (فوات الوفيات 2/167، التكملة لابن الأبار ص 133، الذخيرة 1/2/691) والبيتان في ديوان ابن الحداد، جمع يوسف علي طويل، ط بيروت 1990، والذخيرة ص 692. [7] البيتان في ديوان ابن الحداد ص 220.

سامح أخاك إذا أتاك بزلّة ... فخلوص شيء قلّما يتمكّن في كلّ شيء آفة موجودة ... إنّ السّراج على سناه يدخّن العالم المؤرخ أبو القاسم محمد بن عبد الواحد الملاحي مؤلف التاريخ [1] : [الكامل] أهل الرياء لبستم أثوابكم ... كالذئب يختل في الظلام العاتم فملكتم الدنيا بمذهب مالك ... وقسمتم الأموال بابن القاسم [2] وركبتم شهب البغال بأشهب ... وبأصبغ صبغت لكم في العالم [3] أحمد بن مسعود الأزدي [4] : [الكامل] يا عاذلين على الغرام متيّما ... ألف الصّبابة ما لكم ولعتبه أنّى يفيق عن الهوى من نفسه ... رضيت بضرّ الحبّ مذ ولعت به [5] أبو الحسن علي بن عبد العزيز بن عبد الملك بن شفيع البسطي المقرئ [6] : [الخفيف] لي نفس لو أنّها ترد النّا ... ر لما كلّفت سواها الشفاعه قنعت بالكفاف عن كلّ أمر ... فاستراحت من دهرها بالقناعة عبد الله بن عبد الرحمن ابن الكاتب [7] : [مخلع البسيط] يزيد قد حزت كلّ فضل ... وزانك العلم والذكاء

_ [1] الملاحي: محمد بن عبد الواحد بن إبراهيم الغافقي، مؤرخ من حفاظ الحديث، من أهل ملاحة بالأندلس، من كتبه: (علماء البيرة وأنسابهم وأنباؤهم) ، و (مستدرك على الاستيعاب) ، و (فضائل القرآن) وغيرها، توفي بغرناطة سنة 619 هـ. (تذكرة الحفاظ 4/188، التكملة لابن الأبار 1/325، المغرب 2/126) والأبيات تنسب لأحمد بن محمد الألبيري في نفح الطيب 3/448، وزاد المسافر ص 113، وتنسب إلى أحمد بن البني في المعجب ص 235- 236. [2] ابن القاسم: أبو عبد الله عبد الرحمن بن القاسم تلميذ الإمام مالك، توفي سنة 191 هـ. (تهذيب التهذيب 3/409) . [3] أشهب: هو أشهب بن عبد العزيز بن داود القيسي، فقيه من أصحاب مالك، كان فقيه الديار المصرية في عصره، توفي سنة 204 هـ. (وفيات الأعيان 1/238) . [4] أصبغ: هو أصبغ بن الفرج بن سعيد، فقيه من كبار المالكية بمصر، وكان كاتب ابن وهب، وله تصانيف، توفي سنة 225 هـ. (وفيات الأعيان 1/79) . [5] أحمد بن مسعود الأزدي الشمنتاني: أديب شاعر. (جذوة المقتبس ص 148) والبيتان في جذوة المقتبس ص 148. [6] في ب، ل: قد ولعت به. [7] علي بن عبد العزيز بن شفيع البسطي: أبو الحسن، كان عالم بسطة، وكان متصدرا بالمريّة يقرأ عليه القرآن. (المغرب 2/78) ، والبيتان في كتاب المغرب المذكور.

أذكرتني قوله تعالى يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ ما يَشاءُ [1] أبو الحسن علي بن رجاء [2] : [الخفيف] قل لمن نال عرض من لم ينله ... حسبنا ذو الجلال والإكرام لم يزدني شيئا سوى حسنات ... لا ولا نفسه سوى آثام كان ذا منعة فثقّل ميزا ... ني بهذا فصار من خدّامي إسماعيل بن أحمد القيرواني [3] : [المتقارب] ألا أيّها الغائب المعتدي ... ومن لم يزل مؤذيا اردد مساعيك يكتبها الكاتبون ... فبيّض كتابك أو سوّد أبو جعفر أحمد بن عبد الله بن هريرة القيسي [4] : [الطويل] أبى الله إلا أن يكون لك الفضل ... وأن يتباهى باسمك القول والفعل وأن لا يفيض الناس في ذكر سؤدد ... يعدّونه إلا وأنت له أهل الفقيه أبو محمد عبد الله بن هارون الأصبحي اللاردي [5] : [الطويل] قنعت بما شيّدته بين أسرتي ... وفي موطن كالفرع في موطن الأصل [6] ولم أغد عبدا للعنا طلب الغنى ... وروّحت نفسي من رحيل ومن حلّ وروّحتها من باب كلّ مرفّع ... ولم أكسر النفس العزيزة بالذلّ

_ [1] سورة فاطر 1، وتمام الآية: الْحَمْدُ لِلَّهِ فاطِرِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ، جاعِلِ الْمَلائِكَةِ رُسُلًا أُولِي أَجْنِحَةٍ، مَثْنى وَثُلاثَ وَرُباعَ، يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ ما يَشاءُ، إِنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ. [2] أبو الحسن علي بن رجاء بن مرجّى: صاحب دار السكة والأحباس بقرطبة، فقيه شاعر أديب من أهل بيت جليل، وله حظ موفور في العلم والأدب والسخاء والكرم وحسن الدين، توفي بالجزيرة الخضراء سنة 446 هـ. (نفح الطيب 3/423، جذوة المقتبس ص 313) ، والأبيات في نفح الطيب وجذوة المقتبس المذكورين. [3] البيتان في جذوة المقتبس ص 390، والصلة 2/470، وبغية الملتمس ص 501. [4] أحمد بن عبد الله بن هريرة القيسي: الأعمى التطيلي، كان ضريرا فعرف بالأعمى شاعر وشاح مشهور، له ديوان شعر، توفي سنة 525 هـ. (المغرب 2/451، خريدة القصر 3/511، الذخيرة ق 2 م 2 ص 728، رايات المبرزين ص 224، نكت الهميان ص 110) ، والبيتان في ديوانه ص 105 تحقيق إحسان عباس ط دار الثقافة بيروت 1963. [5] الأصبحي: عبد الله بن هارون الأصبحي اللاردي، أبو محمد، من أهل لاردة من الثغور، فقيه أديب شاعر زاهد من أهل العلم. (المغرب 2/459، الصلة 1/274، بغية الملتمس ص 352، جذوة المقتبس ص 266) . [6] في ش: شيدته بهن أسرتي.

ولما أرم من موطن وهو مقنعي ... كما لم يضق غمد الحسام عن النّصل أبو القاسم ابن الوزير أبي جعفر بن عطية [1] : [المتقارب] تنازعني النفس أعلى الأمور ... وليس من العجز لا أنشط ولكن بمقدار قرب المكان ... تكون سلامة من يسقط ابن الأبار [2] : [المتقارب] نظرت إلى البدر عند الخسوف ... وقد شين منظره الأزين كما سفرت صفحة للحبيب ... يحجّبها برقع أدكن وله [3] : [الوافر] ألم تر للخسوف وكيف أودى ... ببدر التمّ لمّاع الضياء [4] كمرآة جلاها القين حتى ... أنارت ثم ردّت في غشاء أبو مروان عبد الملك بن زيادة الله الطّبني المحدث [5] : [البسيط] إني إذا حضرتني ألف محبرة ... تقول أنشدني هذا وحدّثني صاحت بعقوتي الأقلام ناطقة ... هذي المكارم لا قعبان من لبن [6] عبد الله بن رشيق القرطبي [7] : [مجزوء الخفيف]

_ [1] أبو القاسم ابن الوزير أبي جعفر أحمد بن عطية: أحد شيوخ الموحدين، فقيه متفنن، كان كاتبا للشيخ أبي محمد عبد الواحد بن عمر أحد ولاة الناصر الموحدي على أفريقية. (المعجب ص 270، تراجم مغربية ص 111) . [2] ابن الأبار: محمد بن عبد الله المتوفى سنة 658 هـ، سبقت ترجمته. والبيتان في ديوانه ص 623. [3] البيتان في ديوان ابن الأبار ص 54. [4] في ب، ش، ل، ع: وكيف أبدى، وهو خلاف المقصود، وفي الديوان: أودى. [5] أبو مروان الطبني: عبد الملك بن زيادة الله، أصله من طبنة بأفريقية، وهي قاعدة إقليم الزاب، من أهل الحديث، كان إماما في الفقه والحديث، شاعرا، وقد وصف بالبخل المفرط، قتل بعد سنة 450 هـ. (الذخيرة 1/52، الصلة 2/343، نفح الطيب 7/48، جذوة المقتبس ص 284، مطمح الأنفس ص 268) والبيتان في جذوة المقتبس ص 285، والمغرب 1/93، والصلة 2/343، ومطمح الأنفس ص 269. ونسب البيتان في بغية الملتمس ص 378 إلى أبي بكر الخوارزمي، مع خلاف يسير في الألفاظ. [6] العقوة والعقاة: الساحة، وما حول الدار، والمحلة. القعبان: واحده قعب، قدح ضخم غليظ. (اللسان: عقا، قعب) . [7] عبد الله بن رشيق القرطبي: كان أديبا شاعرا، تفقه بالدين وأتقن علوما كثيرة، اختص بالشيخ أبي عمران الفقيه، وفيه أكثر شعره، أدى فريضة الحج، وتوفي في مصر عند انصرافه من الحج سنة 419 هـ. (الذيل والتكملة 4/225، أنموذج الزمان ص 155، نفح الطيب 2/647، التكملة 2/793) والبيتان في مصادر ترجمته.

خير أعمالك الرضا ... بالمقادير والقضا [1] بينما المرء ناطق ... قيل قد كان وانقضى أبو علي حسين بن خالد الكاتب [2] : [مجزوء الرمل] لا تحاول من يزيد ... فضله واستغن عنه ربّما عضّك كلب ... إن أخذت العظم منه أبو القاسم عبد الرحمن بن أبي بكر السرقوسي [3] : [الكامل] لا تبغ من أهل الزمان تناصفا ... فالغدر من شيم الزمان وأهله وإذا أردت دوام ودّ مصاحب ... فاغضض جفونك جاهدا عن فعله عبد الجبار بن محمد بن حمديس، شاعر صقلية [4] : [الوافر] وكنت إذا مرضت رجوت عيشا ... ليالي كنت في شرخ الشباب فصرت إذا مرضت خشيت موتا ... وقلت قد انقضى عدد الحساب فنفس الشيخ تضعف كلّ حين ... وقوّته على طرف الذّهاب ولست مصدّقا خدع الأماني ... وهل توكى المزاد على الشراب [5] وله [6] : [مجزوء الكامل] حسّن غذاءك واعتمد ... فيه على وقت وحد [7] فالنفس تهزل بالمآ ... كل كلّما سمن الجسد وله [8] : [البسيط] خذ بالأشدّ إذا ما الشرع وافقه ... ولا تمل بك في أهوائك الرّخص

_ [1] في ع: صنو أعمالك الرضا. [2] البيتان في خريدة القصر 1/99، معجم الأدباء والشعراء الصقليين ص 18. [3] البيتان في الدرة الخطيرة ص 80. [4] عبد الجبار بن محمد بن حمديس الصقلي: شاعر ومصنف، ولد في مدينة سرقوسة إحدى مدن صقلية، وانتقل إلى أفريقية، ثم إلى الأندلس، وصار من شعراء المعتمد بن عباد، توفي في بجاية سنة 725 هـ. (خريدة القصر 2/194، الذخيرة 4/1/320، المطرب ص 54، وفيات الأعيان 3/221) والأبيات في ديوان ابن حمديس ص 67 تحقيق إحسان عباس، ط صادر، بيروت 1960. [5] وكى المزادة يكيها وكيا: شدها بالوكاء. (اللسان: وكى) . [6] البيتان في ديوان ابن حمديس ص 116. [7] في ب، ش، ل: وجد، وهو تصحيف، وفي الديوان: وحد، بالحاء المهملة [8] البيتان في ديوان ابن حمديس ص 290.

ولا تكن كبنى الدنيا رأيتهم ... إن أدبرت زهدوا أو أقبلت حرصوا [1] أبو بكر عبد الله بن حجاج الإشبيلي [2] : [السريع] لمّا كتمت الحبّ لا عن قلى ... ولم أجد إلا البكا والعويل ناديت والقلب به مغرم ... يا حسبي الله ونعم الوكيل [3] أبو عمر أحمد بن محمد بن عبد ربه، صاحب العقد [4] : [البسيط] العلم حيث يشاء الله يجعله ... كم مستريح وقد أزرى بمجتهد وليس معتبرا بالسنّ منزلة ... كم والد قاصر عيّا عن الولد [5] أبو الحسن عبد الملك بن عيّاش الإشبيلي الكاتب [6] : [الطويل] عصيت هوى نفسي صغيرا فعندما ... رمتني الليالي بالمشيب وبالكبر أطعت الهوى عكس القضيّة ليتني ... خلقت كبيرا وانتقلت إلى الصّغر الإمام أبو محمد بن حزم في مدحه لنفسه [7] : [الطويل] ولكنّ لي في يوسف خير أسوة ... وليس على من بالنبيّ آئتسى ذنب يقول مقال الحقّ والصّدق إنّني ... حفيظ عليم ما على صادق عتب وله [8] : [الوافر]

_ [1] في ب: وإن أقبلت حرصوا. [2] عبد الله بن حجاج الإشبيلي: أبو بكر، من شعراء المعتضد بن عباد، انتقل إلى الجزيرة الخضراء، ومدح أميرها محمد بن القاسم بن حمّود، في حدود سنة 430 هـ. (نفح الطيب 3/485، بغية الملتمس ص 343، المغرب 2/265، جذوة المقتبس ص 261) والبيتان في مصادر ترجمته. [3] عجز البيت من قوله تعالى: فَزادَهُمْ إِيماناً وَقالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ (آل عمران 173) . [4] ابن عبد ربه: أحمد بن عبد ربه القرطبي، أديب وشاعر، ومتقن لفنون العلم، وهو صاحب العقد الفريد، له ديوان شعر توفي سنة 328 هـ. (تاريخ علماء الأندلس 1/49، مطمح الأنفس ص 270، بغية الملتمس ص 148، وفيات الأعيان 1/110) ، لم أجد البيتين في ديوانه جمع وتحقيق محمد رضوان الداية، ط مؤسسة الرسالة بيروت 1979. [5] عيّ عن الولد: عجز عنه، ولم يطق إحكامه، ولم يهتد لوجهه. (اللسان: عيا) . [6] عبد الملك بن عياش بن فرج بن عبد الملك الأزدي: كان كاتبا وشاعرا بليغا، استكتبه أبو جعفر بن حمدين آخر أيام المرابطين بقرطبة، ثم اتصل ببني عبد المؤمن باشبيلية، ونال منهم دنيا عريضة، توفي سنة 856 هـ. (المعجب ص 218، التكملة 2/618، زاد المسافر ص 135، نفح الطيب 4/327، تحفة القادم ص 73، زاد المسافر ص 135) والبيتان في زاد المسافر ونفح الطيب السابقين. [7] سبقت ترجمة ابن حزم، والبيتان في نفح الطيب 2/82. [8] البيتان لابن حزم في نفح الطيب 2/82، المطرب ص 92، المغرب 1/356، شرح مقامات الحريري 5/377، وغيرها. وقد مر البيتان فيما سبق.

لئن أصبحت مرتحلا بشخصي ... فقلبي عندكم أبدا مقيم ولكن للعيان لطيف معنى ... له سأل المعاينة الكليم أبو بكر يحيى بن سهل اليكّي يهجو [1] : [السريع] أعد الوضوء إذا نطقت به ... مستعجلا من قبل أن تنسى واحفظ ثيابك إن مررت به ... فالظّل منه ينجّس الشمسا أبو بكر محمد بن عبد الملك بن زهر [2] : [الكامل] يا من يذكرني بعهد أحبّتي ... طاب الحديث بذكرهم ويطيب أعد الحديث عليّ من جنباته ... إنّ الحديث عن الحبيب حبيب أبو محمد عبد الله بن سارة الشنتريني، في فروة له [3] : [الكامل] أودت بذات يديّ فروة أرنب ... كفؤاد عروة في الضّنى والرقّة [4] يتجشّم الفرّاء في ترقيعها ... بعد المشقّة في قريب الشّقّة إن قلت باسم الله عند لباسها ... قرأت عليّ: إِذَا السَّماءُ انْشَقَّتْ [5] أورد البطليوسي [6] في شرح سقط الزند، قول الشاعر: [الكامل]

_ [1] يحيى بن سهل اليكّي: أبو بكر أديب شاعر خبيث الهجاء، من أهل يكّة وهي حصن في جوف مدينة مرسية، توفي بعد سنة 506 هـ. (نفح الطيب 3/324، المغرب 2/266، بغية الملتمس ص 488، زاد المسافر ص 119) . البيتان في المغرب 2/267، نفح الطيب 3/345. [2] ابن زهر: محمد بن أبي مروان عبد الملك بن زهر، أبو بكر طبيب بارع، مع حظ وافر بالشعر والموشح والأدب واللغة، والحظوة عند الملوك، توفي سنة 557 هـ. (المغرب 1/271، نفح الطيب 2/247، وفيات الأعيان 4/434، الوافي 4/39) والبيتان في نفح الطيب 3/468، وعيون الأنباء ص 524، وعنوان الدراية ص 81. [3] عبد الله بن محمد بن سارة أو صارة البكري: من أهل شنترين، سكن أشبيلية، واحترف فيها الوراقة، وأكثر التجوال في الأندلس، مدح الوزراء والأمراء، وله شعر جيد. (الذخيرة 2/2/834، قلائد العقيان 2/809، المغرب 1/9419، خريدة القصر 2/315) والأبيات في الحماسة المغربية مع بيت رابع 2/1334، قلائد العقيان 2/824، شرح مقامات الحريري 1/320، نفح الطيب 3/438. [4] عروة: هو عروة بن حزام العذري، صاحب عفراء، من عشاق العرب المشهورين في العصر الأموي. [5] سورة الانشقاق آية 1. [6] البطليوسي: عبد الله بن محمد بن السيد، من علماء اللغة والأدب، ولد ونشأ في بطليوس في الأندلس، وانتقل إلى بلنسية فسكنها، من كتبه: (الاقتضاب في شرح أدب الكتاب) لابن قتيبة، و (شرح سقط الزند) ، و (المسائل والأجوبة) ، و (الحلل في شرح أبيات الجمل) ، وغيرها، توفي في بلنسية سنة 521 هـ. (قلائد العقيان ص 193، الصلة ص 287، بغية الملتمس ص 324، أزهار الرياض 3/101- 149، وفيات الأعيان 1/265) .

في كتاب نزهة المذاكرة وأنس المحاضرة

وأذا الأديب مع الأديب تحادثا ... كانا من الآداب في بستان لا شيء أحسن منهما في مجلس ... يتطاعمان جواهرا بلسان ويهز أنس القول من عطفيهما ... هزّ المدام جوانب النشوان الأستاذ أبو محمد بن سارة، أورده في قلائد العقيان [1] : [البسيط] يا من يصيخ إلى داعي السّقاة وقد ... نادى بك الناعيان الشيب والكبر إن كنت لا تسمع الذّكرى ففيم ثوى ... في رأسك الواعيان: السمع والبصر ليس الأصمّ ولا الأعمى سوى رجل ... لم يهده الهاديان: العين والأثر لا الدهر يبقى ولا الدنيا ولا الفلك ال ... أعلى ولا النيّران: الشمس والقمر ليرحلنّ عن الدنيا وإن كرها ... فراقها الثاويان: البدو والحضر بعضهم: [الطويل] إذا الخمس والخمسين جاوزت فارتقب ... قدوما على الأموات غير بعيد في كتاب نزهة المذاكرة وأنس المحاضرة قال مصعب الزهري: الخط لسان اليد. وقال الرشيد لشرحبيل بن معن بن زائدة: قد أمرنا لك بصلة، فقال: تشبهك يا أمير المؤمنين، أم تشبهني، قال: فوقك، ودوني. قال جالينوس: يحتاج السمع أن يغذّى بالصوت الحسن، كما يحتاج البدن إلى الغذاء بالطعام، وقد ترى أهل الصناعات الذين يكدون برا وبحرا، إذا خافوا الملالة والفتور، ترنموا وشغلوا أنفسهم بذلك عن ألم التعب [2] ، وترى الشجعان أبناء الحروب، قد احتالوا بنفخ أصناف البراعات، وقرعوا الطبول، لتهون عليهم الشدائد، وترى الإبل يحدو بها الحادي، فيمعن في سيرها، ويصفر للدواب، فترد الماء وتشرب على الصفير. قال أبو الدرداء [3] لمعاوية: والذي نفسي بيده لا تنقصون من أرزاق العباد شيئا، إلا نقصت الأرض مثله. أخرج الطبراني في الكبير، عن الحارث: أن عليا رضي الله عنه، سأل ابنه الحسن عن أشياء من أمر المروءة، فقال: يا بني، ما السداد؟ قال: يا أبه، السداد دفع المنكر

_ [1] هذا آخر المختار من كتاب المغرب، والأبيات في قلائد العقيان 2/837- 838، نفح الطيب 4/325، شذرات الذهب 4/156، الحماسة المغربية 2/1439، خريدة القصر 2/325، وفيات الأعيان 2/281. [2] في ش: عن التعب. [3] أبو الدرداء: عويمر بن مالك الخزرجي الحكيم الزاهد، تولى قضاء دمشق لمعاوية في خلافة عثمان بن عفان، توفي سنة 32 هـ. (شذرات الذهب 1/39) .

بالمعروف، قال: فما الشرف؟ قال: اصطناع العشيرة،/ وحمل الجريرة، وموافقة الإخوان بحفظ الجيران، قال: فما المروءة؟ قال: العفاف، وإصلاح المال، قال: فما الدقة؟ قال: النظر في اليسير، ومنع الحقير، قال: فما اللؤم؟ قال: إحراز المرء نفسه، وبذله عرسه، قال: فما السماحة؟ قال: البذل من العسير واليسير، قال: فما الشّح؟ قال: أن ترى ما أنفقته تلفا، قال: فما الإخاء؟ قال: المواساة في الشدة والرخاء، قال: فما الجبن؟ قال: الجرأة على الصديق، والنكول عن العدو، قال: فما الغنيمة؟ قال: الرغبة في التقوى والزهادة في الدنيا هي الغنيمة الباردة، قال: فما الحلم؟ [1] قال: كظم الغيظ وملك النفس، قال: فما الغنى؟ قال: رضى النفس بما قسم الله تعالى لها، وإن قلّ، وإنما الغنى غنى النفس، قال: فما الفقر؟ قال: شره النفس في كل شيء، قال: فما المنعة؟ قال: شدة البأس ومنازعة أعزاء الناس، قال: فما الذل؟ قال: الفزع عند المصدوقة، قال: فما العيّ؟ قال: العبث باللحية وكثرة البزق [2] عند المخاطبة، قال: فما الجرأة؟ قال: مواقعة الأقران، قال: فما الكلفة؟ قال: كلامك فيما لا يعنيك، قال: فما المجد؟ قال: أن تعطي في العزم وتعفو عن الجرم، قال: فما العقل؟ قال: حفظ القلب كلّ ما استودعته، قال: فما الخرق؟ قال: معاقرتك إمامك ورفعك عليه كلامك، قال: فما حسن الثناء؟ قال: إتيان الجميل، وترك القبيح، قال: فما الحزم؟ قال: طول الأناة والرفق بالولاة، قال: فما السّفه؟ قال: اتباع الدناءة ومصاحبة الغواة، قال: فما الغفلة؟ قال: تركك المسجد وطاعتك المفسد، قال: فما الحرمان؟ قال: تركك حظك وقد عرض عليك، قال: فما المفسد؟ قال: الأحمق في ماله المتهاون في عرضه./ قال الطبراني: حدثنا أبو الزنباع روح بن الفرج، حدثنا يحيى بن بكير، حدثني الليث بن سعد، قال: توفي معاوية في رجب، لأربع ليال خلون منه [3] ، وفي سنة إحدى وستين، قتل الحسين بن علي يوم عاشوراء، وقتل معه أخوته؛ العباس بن علي، وجعفر بن علي، وعبد الله بن علي، وعثمان بن علي، وأبو بكر بن علي، وعلي بن الحسين الأكبر، وعبد الله بن الحسين، وأبو بكر بن الحسن، والقاسم بن الحسين، وعون بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب، وجعفر بن عقيل بن أبي طالب، ومسلم بن عقيل بن أبي طالب، وسليمان مولى الحسين، وعبد الله رضيع الحسين [4] .

_ [1] في ب: الحكم. وهو تحريف. [2] في ب، ل: النزق. [3] توفي معاوية سنة 60 هـ. [4] عبد الله: هو عبد الله بن بقطر رضيع الحسين بن علي، وزاد الطبري حوادث سنة 16 من قتل مع الحسين: محمد بن علي، وعبد الله بن الحسن، ومحمد بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب، وعبد الرحمن بن عقيل، وعبد الله بن عقيل، وعبد الله بن مسلم بن عقيل، ومحمد بن أبي سعيد بن عقيل، ومنجح مولى الحسين بن علي. (الطبري 5/468- 469 تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم) .

وروى الطبراني عن الشعبي، قال: رأيت في النوم كأنّ رجالا نزلوا من السماء، معهم حراب يتتبعون قتلة الحسين، فما لبثت أن نزل المختار فقتلهم. وقال الطبراني، حدثنا قيس بن أبي قيس البخاري، حدثنا قتيبة بن سعيد، حدثنا ابن لهيعة، عن ابن قبيل، قال: لما قتل الحسين بن علي انكسفت الشمس كسفة، حتى بدت الكواكب نصف النهار. من التذكرة الحمدونية: صنّف المرتضى كتابا وسمّاه الذخيرة، فاستعاره البصروي لينسخه، فلما أراد الخروج، قال له المرتضى: يا أبا الحسن، الذخيرة عندك؟ فعاد وقال: يا سيدنا، هذا الكتاب، فقال له: لم عدت وأخرجت الكتاب؟ فقال له: يا سيدنا، تقول لي بمحضر من السادة الأولاد، الذخيرة عندك، ما الذي يؤمنني من مطالبتهم بعد أيام، فتبسّم المرتضى./ كان يقال: من تطاول على جاره، حرم بركة داره. ويقال: الصدق أفضل من الكذب، إلا في السعاية، والعزّة أفضل من الذل، إلا في الاعتداء، والأناة أنجح من العجلة، إلا في التقوى، والشجاعة أفضل من الجبن، إلا في أمر الله عز وجل، والأمن أفضل من الخوف، إلا من مكر الله، والراحة أفضل من التعب، إلا في طاعة الله، والحلم أفضل من الغضب، إلا عمّن يعصي الله، والجود أفضل من البخل، إلا في بذل الدين. أخرج الطبراني عن طارق بن شهاب، أن خالد بن الوليد، كان بينه وبين سعد بن أبي وقاص كلام، فذكر خالد عند سعد فقال: مه، فان ما بيننا لم يبلغ ديننا. في شرح لامية العجم للصلاح الصفدي [1] ، قال بعضهم [2] : [مجزوء الكامل] إنّ الأمير هو الذي ... يدعى أميرا يوم عزله [3] إن زال سلطان الولا ... ية فهو في سلطان فضله [4]

_ [1] لامية العجم: لمؤيد الدين أبو إسماعيل الحسين بن علي الطغرائي المتوفى سنة 515 هـ، نظمها ببغداد في وصف حاله، أولها: أصالة الرأي صانتني عن الخطل ... وحلية الفضل زانتني لدى العطل وشرحها صلاح الدين خليل بن أيبك الصفدي المتوفى سنة 764 هـ. (كشف الظنون 2/1537) . [2] الشاعر هو عبيد الله بن عبد الله بن طاهر، والبيتان في المنتخل للميكالي 2/719، تحقيق يحيى الجبوري ط دار الغرب الإسلامي، ط بيروت 2000، وينسبان لابن المعتز في ديوانه 3/339 تحقيق يونس السامرائي، ط بيروت 1997. [3] في ع: يضحي. [4] في ع: لم يزل سلطان فضله.

لما تولى الشيخ كمال الدين الزمكاني [1] قضاء حلب، عامل أهلها بالتشديد، فقال له نائب السلطنة الطبنغا: الطف بنا يا قاضي، لأي شيء تعاملنا كما كان القاضي زين الدين يعاملنا؟ فقال: ذاك كان يخاف على منصبه ليتكثر به، وأنا لو عزلتموني اليوم أصبح على بابي من الطلبة والتلاميذ والمستفتين، مثل ما على بابي اليوم في الحكم، فقال له: صدقت. انتهى./ قال الصلاح الصفدي: [السريع] لزمت بيتي كلزوم البنا ... في الفعل والحرف على الأصل واستوحشت نفسي حتى لقد ... نفرت لو أمكن من ظلي قال الطبراني: حدثنا علي بن عبد العزيز، حدثنا نعيم، حدثنا سفيان عن يونس بن عتبة [2] عن الحسن، قال: كان زياد يتتبع شيعة علي رضي الله عنه [3] فيقتلهم، فبلغ ذلك الحسن بن علي، فقال: «اللهم تفرّد بموته، فانّ الموت كفّارة» . قال أبو العلاء المعري [4] : [الطويل] إلى الله أشكو أنّني كلّ ليلة ... إذا نمت لم أعدم خواطر أوهام فان كان شرّا فهو لا بدّ واقع ... وإن كان خيرا فهو أضغاث أحلام قال الأحنف العكبري [5] : [الوافر] وأحلم في المنام بكلّ خير ... فأصبح لا أراه ولا يراني ولو أبصرت شرّا في منامي ... لقيت الشرّ من قبل الأوان [6] وقال آخر: [الطويل] أرى في منامي كلّ شيء يسوؤني ... ورؤياي بعد النوم أدهى وأقبح فان كان خيرا فهو أضغاث حالم ... وإن كان شرا جاءني قبل أصبح

_ [1] الزملكاني: عبد الواحد بن عبد الكريم بن خلف الأنصاري، أبو المكارم، كمال الدين، يقال له: ابن خطيب زملكا، أديب من القضاة، له شعر حسن ولي قضاء صرخد، ودرّس مدة ببعلبك، له من المصنفات: (التبيان في علم البيان المطلع على إعجاز القرآن) ، ورسالة في (الخصائص النبوية) ، توفي بدمشق سنة 651 هـ. (طبقات الشافعية 5/331، بغية الوعاة 316، شذرات الذهب 5/254) . [2] في ب، ل: يونس بن عبيد. [3] قوله: (رضي الله عنه) ساقطة من ب، ش، ل. [4] البيتان في ديوان سقط الزند ص 266. [5] الأحنف العكبري: عقيل بن محمد، أبو الحسن، شاعر أديب من أهل عكبرا، اشتهر ببغداد، وصفه الثعالبي بشاعر المكدين وظريفهم، وقال الصاحب بن عباد: (هو فرد بني ساسان اليوم بمدينة السلام) له ديوان شعر، توفي سنة 385 هـ. (يتيمة الدهر 2/285، المنتظم 7/185) . [6] في ع: من قبل الأذان.

وقال الشوّاء [1] : [السريع] هاتيك يا صاح ربا لعلع ... ناشدتك الله تعرّج معي [2] وانزل بنا بين بيوت القنا ... فقد غدت آهلة المربع حتى نطيل اليوم وقفا على ... الساكن أو عطفا على الموضع وقال الطغرائي في تقابل الشمس والقمر [3] : [الكامل] وكأنما الشمس المنيرة إذ بدت ... والبدر يجنح للغروب وما غرب متحاربان لذا مجنّ صاغه ... من فضّة ولذا مجنّ من ذهب وقال الحافظ فتح الدين بن سيد الناس [4] : [البسيط] بخمسة شبّه المختار من مضر ... بأحسن ما خولوا من شبهه الحسن بجعفر وابن عمّ المصطفى قثم ... وسايب وأبي سفيان والحسن [5] وقال الحافظ أبو الفضل العراقي [6] : [البسيط] وسبعة شبّهوا بالمصطفى فسما ... لهم بذلك قدر قد زكا ونما [7] سبط النبي أبو سفيان سائبهم ... وجعفر وابنهم ذو الجود مع قثما

_ [1] الشواء: يوسف بن إسماعيل بن علي، أبو المحاسن، شهاب الدين، شاعر من الأدباء كان صديقا لابن خلكان المؤرخ، أصله من الكوفة، ومولده ووفاته بحلب، له ديوان شعر كبير، توفي سنة 635 هـ. (وفيات الأعيان 2/411، أعلام النبلاء 4/397، كشف الظنون 1344) . [2] لعلع: منزل بين البصرة والكوفة. (ياقوت: لعلع) [3] البيتان في ديوان الطغرائي 77- 78، برواية: وكأنما الشمس المنيرة إذ بدت ... والبدر يجنح للمغيب ويغرب متحاربان مجن ذا قد صاغه ... من فضة ولذا مجن مذهب في ش: لخمسة. [4] ابن سيد الناس: محمد بن محمد بن محمد بن أحمد اليعمري، أبو الفتح، فتح الدين، مؤرخ عالم بالأدب من حفاظ الحديث، له شعر رقيق، أصله من أشبيلية، ومولده ووفاته في القاهرة، من كتبه: (عيون الأثر في فنون المغازي والشمائل والسير) ، و (نو العيون) ، و (بشرى اللبيب في ذكرى الحبيب) وغيرها، توفي سنة 734 هـ. (فوات الوفيات 2/169، الوافي بالوفيات 1/289، النجوم الزاهرة 9/303) . [5] في ش: لجعفر. وأبو سفيان: هو ابو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب، ابن عم الرسول صلّى الله عليه وسلم. [6] الحافظ العراقي: عبد الرحيم بن الحسين بن عبد الرحمن أبو الفضل، من كبار حفاظ الحديث، من كتبه: (المغني عن حمل الأسفار في الأسفار) ، و (نظم الدرر السنية) منظومة في السيرة النبوية، و (الألفية) في غريب القرآن، و (القرب في محبة العرب) ، وغيرها، أصله من الكرد من رازنان (من أعمال أربل) ورحل إلى مصر وتوفي بالقاهرة سنة 806 هـ. (الضوء اللامع 4/171، غاية النهاية 1/382، حسن المحاضرة 1/204) . [7] بيتا العراقي ساقطان من نسخة ش.

وقال الحافظ أبو الفضل ابن حجر [1] : [البسيط] شبه النبي له سائب وأبي ... سفيان والحسنين الخال وامهما وجعفر ولديه وابن عامر كابس ... ونجلي عقيل ببّة قثما [2] قال ابن الأعرابي [3] في نوادره: أخبرني رجل عن الهيثم بن عدي، عن ابن عيّاش، عن مكحول، قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: (إذا ركبتم الدواب، فاذكروا اسم الله عليها، فانه أنجى لها وأخف لأحمالها) [4] ، قال، أنجى لها: أسرع لها. قال: لم نسمع سلسبيل في كلام العرب، إلا في القرآن. قال أبو الحسن الحصري [5] في لباس أهل الأندلس البياض عند الحزن على الميت، ويقال إنهم استسنوا ذلك من الأموبين، قصدا لمخالفة بني العباس في لباسهم السواد [6] : [الوافر] إذا كان البياض لباس حزن ... بأندلس فذاك من الصواب ألم ترني لبست بياض شيبي ... لأنّي قد حزنت على الشباب في شرح لامية العجم للصفدي: ذكر ابن سندي في معجمه، في ترجمة أبي طالب محمد بن علي بن الخيمي الكاتب، قال: سمعته يقول: وليت حوران [7] في قديم الزمان،

_ [1] ابن حجر: الحافظ أحمد بن علي بن حجر العسقلاني صاحب الإصابة في تمييز الصحابة، المتوفى سنة 852 هـ. [2] كذا ورد البيتان وفيهما اضطراب. [3] ابن الأعرابي: محمد بن زياد، أبو عبد الله، راوية علامة باللغة من أهل الكوفة، قال ثعلب: شاهدت مجلس ابن الأعرابي وكان يحضره زهاء مئة إنسان، كان يسأل ويقرأ عليه، فيجيب من غير كتاب، وقد أملى على الناس ما يحمل على أجمال، ولم ير أحد في علم الشعر أغزر منه، وهو ربيب المفضل الضبي صاحب المفضليات، له تصانيف، منها: (أسماء الخيل وفرسانها) ، و (النوادر) في الأدب، و (تاريخ القبائل) ، و (معاني الشعر) ، وغيرها، توفي بسامراء سنة 231 هـ. (تاريخ بغداد 5/282، وفيات الأعيان 1/492، نزهة الألباء ص 207، طبقات النحويين واللغويين ص 213، معجم الأدباء 7/5، الوافي بالوفيات 3/79) . [4] مسند أحمد 4/221. [5] الحصري: أبو الحسن علي بن عبد الغني الكفيف، شاعر أديب جيد الشعر شديد الهجو، دخل الأندلس بعد خراب القيروان، وقصد ملوكها، وهو صاحب قصيدة (يا ليل الصب متى غده) ، وهو ابن خالة إبراهيم الحصري صاحب زهر الآداب توفي سنة 488 هـ. (جذوة المقتبس ص 314، الذخيرة 4/1/245، الصلة 2/432، نكت الهميان ص 213، خريدة القصر 2/186) . [6] البيتان في المطرب ص 81، والوسائل في مسامرة الأوائل ص 66، ولم أجد الخبر والبيتين في الغيث المسجم الذي ينقل عنه السيوطي. [7] حوران: كورة واسعة من أعمال دمشق من جهة القبلة، ذات قرى كثيرة ومزارع وحرار، وقصبتها بصرى. (ياقوت: حوران)

وكنت كثير الجواز بقبور بني أيوب، فأصابني ضيق، فرأيت في النوم، كأن من قبورهم قبر شمس الدولة [1] فقصدت إليه، فوجدت قبرا عظيما مفتوح الباب، وهو فيه مسجى بكفنه، ومعي قصيدة أمتدحه بها، فأنشدته إياها، فلما فرغت من إنشادي، استتر عني في زاوية القبر، وأخذ كفنه فرمى به إليّ، وأنشدني [2] : [البسيط] لا تستقلّنّ معروفا سمحت به ... ميتا وأمسيت فيه عاري البدن ولا تظنّن جودي شابه بخل ... من بعد بذلي بملك الشام واليمن إني خرجت من الدنيا وليس معي ... من كلّ ما ملكت كفّي سوى كفني وفيه قال بعضهم: [السريع] أفرط نسياني إلى غاية ... لم يدع النسيان لي حسّا فصرت مهما عرضت حاجة ... مهمّة أودعتها طرسا وصرت أنسى الطرس في راحتي ... وصرت أنسى أنّني أنسى وفيه: نقلت من خط القاضي علاء الدين الوداعي، حدثني شيخنا تاج الدين عبد الرحمن الفزاري، قال: كان شيخنا شيخ الإسلام عز الدين بن عبد العزيز بن عبد السلام [3] ، إذا قرأ عليه القارئ/ من كتاب، وانتهى إلى آخر أي باب كان من أبوابه، لا يقف عليه، بل يأمره أن يقرأ من الباب الذي بعده، ولو سطرا واحدا، ويقول: ما نشتهي أن نكون ممن يقف على الأبواب. في الطيوريات، عن زبيد اليامي [4] قال: خرج من همذان إلى صفين اثنا عشر ألف رجل، فما رجع منهم إلا خمسة أو ستة.

_ [1] شمس الدولة: الملك المعظم توران شاه بن أيوب، إخو صلاح الدين الأيوبي، لقب شمس الدولة، وفخر الدين أيضا، توفي سنة 576 هـ، ودفن بالشام. (وفيات الأعيان 1/306) . [2] الخبر والأبيات في وفيات الأعيان 1/309 تحقيق إحسان عباس، وعجز البيت الأول فيه: ميتا فأمسيت فيه عاريا بدني [3] ابن عبد السلام: عبد العزيز بن عبد السلام بن أبي القاسم بن الحسن السلمي الدمشقي، عز الدين، الملقب بسلطان العلماء، فقيه شافعي بلغ مرتبة الاجتهاد، ولاه الصالح نجم الدين أيوب القضاء والخطابة، ومكنه من الأمر والنهي، ثم اعتزل ولزم بيته، من كتبه: (التفسير الكبير) ، و (الإلمام في أدلة الأحكام) ، و (قواعد الأحكام في إصلاح الأنام) ، وغيرها كثير، توفي بالقاهرة سنة 660 هـ. (طبقات السبكي 5/80- 107، النجوم الزاهرة 7/208، ذيل الروضتين ص 216، فوات الوفيات 1/287) . [4] زبيد اليامي: أبو عبد الرحمن زيد بن الحارث بن عبد الكريم بن عمرو بن كعب اليامي، ثقة ثبت في الأحاديث، كان علويا من أهل الكوفة، توفي سنة 24 هـ. (تهذيب التهذيب 3/310) .

عن داود بن أبي هند [1] ، قال: إنما فشا القدر بالبصرة لما أسلم النصارى واليهود، لأن القدر مقالة اليهود والنصارى. عن الشعبي قال: البس من الثياب ما لا يزدريك فيها السفهاء، ولا يعيبك بها الفقهاء. عن أيوب [2] ، قال: ما طال مجلس قط إلا كان للشيطان فيه نصيب. عن ابن عيينة [3] ، قال: ينبغي للخلق أن يكونوا رجلين من هذه الآية: فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ، أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ [4] . عن خالد الربعي [5] قال: ثلاث احفظوهن عني، وتعلموهن واحدة واحدة؛ ترك الكذب، وترك الغيبة، وترك الحلف [6] . عن سفيان بن عيينة قال: خلقت النار رحمة يخوّف بها العباد لينتهوا. عن أبي سهل/ الرازي، قال: جاء قوم من أعالي النيل [7] إلى فرعون فقالوا: إنّا نحتاج أن نحفر خليجا، لتعمر ضياعنا، فأذن لهم في ذلك، واستعمل عليهم عاملا، فكثر ما حمل من خراج تلك الناحية إلى بيوت أموال فرعون، فلما علم بذلك قال: كم أنفقوا على خليجهم؟ قيل: مئة ألف دينار، فأمر بحملها وتفرقتها عليهم، فامتنعوا من قبولها، فأعلم بامتناعهم، فقال: اطرحوها عليهم، فان الملك إذا استغنى بمال رعيته افتقر وافتقروا، وإن الرعية إذا استغنت بمال ملكها، استغنى واستغنت. عن سفيان بن عيينة، قال: كان يقال، إن المؤمن يجمع الملاحة والمهابة. عن الأوزاعي قال: لهو العلماء خير من حكمة الجهلة. عن الحسن قال: من ذم نفسه فقد مدحها. عن أبي زرعة [8] قال: ما عند الشافعي حديث غلط فيه. عن محمد بن المنكدر،

_ [1] داود بن أبي هند: أبو بكرة من الموالي، أصله من سرجى، كان ثقة كثير الحديث، توفي سنة 139 هـ. (طبقات ابن سعد 7/255) . [2] لعله نبي الله عليه السلام. [3] ابن عيينة: سفيان بن عيينة بن ميمون الهلالي الكوفي، محدث الحرم المكي، توفي بالكوفة سنة 198 هـ. وقد مرت ترجمته كاملة. [4] النور 63. [5] خالد الربعي: خالد بن مالك بن ربعي النهشلي التميمي، أحد وجوه وفود بني تميم على الرسول صلّى الله عليه وسلم. (الاستيعاب 1/415) . [6] في ب، ل: وترك الخلف، بالخاء المعجمة. [7] في حاشية ب وبخط مغاير: (ويروى في بعض الأخبار أن نبي الله موسى عليه الصلاة والسلام، قال في مناجاته لربه: يا رب، إنك آتيت فرعون وقومه زينة وأموالا، وأشياء كثيرة، وقد ادّعى مشاركتك في إلوهيتك، فقال جل وعلا: يا موسى، إن فرعون عمر بلادي، وطمّن بلادي، ولم يزن قط، ولم يلط قط، فكان ذلك هو السبب في تحويله في النعم. انتهى) . [8] أبو زرعة الرازي: عبيد الله بن عبد الكريم بن يزيد بن فروخ المخزومي، أحد الأئمة الحفاظ في الحديث، توفي بالري سنة 264 هـ. (تهذيب التهذيب 7/30- 31) .

قال: ليس لكاتب لبس [1] ولا لعامل دق، أفضل من النظر إلى الخضرة. عن علي بن زيد [2] قال: ما سمعت الحسن يتمثل/ ببيت شعر إلا قوله [3] : [البسيط] الموت باب وكلّ الناس داخله ... يا ليت شعري بعد الباب ما الدار عن أحمد بن حنبل [4] قال: للناس في أسواقهم أحاديث: قال رسول الله، قال رسول الله، ما سمعنا بها [5] . عن الحسن قال: والله إن الناس ليتحدثون بأحاديث، ما هي في كتاب الله، ولا تكلم بها نبي قط. قال الجاحظ، وسئل عن الأخبار والنتف: «هي ثقاف العقل، وجمام النفس، ومستراح القلب، ورائد الفهم، وقائد المروءة، إليها تصغي الأسماع عند المحادثة، وبها تجذب [6] القلوب عند المجاذبة، وبها يكون الإمتاع والمؤانسة، وهي حدائق الأودّاء عند المذاكرة، ورياض الأخلّاء عند المحاورة، تزيد في الأنس والسرور، وتدل على محاسن الأمور، وتدنيك من مجالس العظماء، وتدخلك في صحابة الرؤساء» . يزيد بن هارون، سمعت المسعودي يقول: بلغني أن من قرأ في أول ليلة من رمضان: إِنَّا فَتَحْنا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً [7] ، في التطوع، حفظ ذلك العام./ عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثني أبي، حدثنا إبراهيم بن خالد، حدثنا رباح، عن أبي الجراح، عن قتادة، قال: في القرآن من كل لغة، إلا لغة طيء. انتهى ما نقل من (الطيورات) .

_ [1] في ب، ل: لكاتب ليل. [2] علي بن زيد بن عبد الله بن أبي مليكة: أصله من مكة من أحفاد عبد الله بن جدعان، كثير الحديث، توفي سنة 129 هـ. (التهذيب 7/323) والحسن: هو الحسن البصري الإمام الزاهد. [3] البيت لأبي العتاهية في ديوانه ص 168. [4] الإمام أحمد بن حنبل صاحب المسند، المتوفى سنة 241 هـ. وقد سبقت ترجمته. [5] (قال رسول الله) . مكررة في الأصول مرتين، يريد أن الناس تروي أحاديث موضوعة. [6] في ب، ل: تجلب القلوب. [7] سورة الفتح 1.

في تذكرة الإمام محيي الدين عبد القادر بن محمد القرشي الحنفي

في تذكرة الإمام محيي الدين عبد القادر بن محمد القرشي الحنفي [1] الخطبة التي خطبها رسول الله صلّى الله عليه وسلم في يوم الجمعة، حين أدركته الجمعة في بني سالم بن عوف [2] ، وكان القوم اتخذوا في ذلك الموضع مسجدا، وهي أول خطبة خطبها بالمدينة، نقلتها من تفسير القرطبي [3] : (الحمد لله أحمده وأستعينه، وأستغفره وأستهديه، وأؤمن به ولا أكفره، وأعادي من يكفر به، وأشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، وأشهد أنّ محمدا عبده ورسوله، أرسله بالهدى ودين الحق، والنور والموعظة والحكمة، على فترة من الرسل، وقلة من العلم، وضلالة من الناس، ودنو من الساعة، وقرب من الأجل، من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعص الله ورسوله، فقد غوى، وفرّط وضلّ ضلالا/ بعيدا. أوصيكم بتقوى الله، فانه خير ما أوصى به المسلم المسلم، أن يحضّه على الآخرة، وأن يأمره بتقوى الله، واحذروا ما حذركم الله من نفسه، فانّ تقوى الله، لمن عمل به على وجل ومخافة من ربه، عنوان صدق ما يبتغون من الآخرة، ومن يصلح الذي بينه وبين الله من أمره، في السر والعلانية، لا ينوي به إلا وجه الله، يكن له ذكرا في عاجل أمره، وذخرا فيما [4] بعد الموت، حين يفتقر المرء إلى ما قدم، وما كان مما سوى ذلك: تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَها وَبَيْنَهُ أَمَداً بَعِيداً، وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ، وَاللَّهُ رَؤُفٌ بِالْعِبادِ [5] ، هو الذي صدق قوله، وأنجز وعده، لا خلف لذلك، فانه يقول: ما يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ وَما أَنَا بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ [6] ، فاتقوا الله في عاجل أمركم وآجله، في السرّ والعلانية، فانه: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْراً [7] ، ومن يتق الله، فقد فاز فوزا عظيما، وإن تقوى الله توقي مقته، وتوقي عقوبته، وتوقي سخطه، وإن تقوى الله تبيّض الوجوه، وترضي الربّ، وترفع الدرجة، فخذوا بحظكم [8] ولا تفرطوا/

_ [1] عبد القادر القرشي: عبد القادر بن محمد بن نصر الله أبو محمد، محيي الدين، من حفاظ الحديث، عالم بالتراجم، من فقهاء الحنفية، له مصنفات منها: (شرح معاني الآثار للطحاوي) ، و (البستان في فضائل النعمان) ، و (الجواهر المضية في طبقات الحنفية) ، وغيرها، توفي بالقاهرة سنة 775 هـ. (الدرر الكامنة 2/392، الفوائد البهية ص 99) . [2] بنو سالم بن عوف: بطن من الخزرج، من الأزد من القحطانية، وهم بنو سالم بن عوف بن عمرو بن عوف ابن الخزرج. (معجم قبائل العرب القديمة والحديثة 2/497) . [3] الخطبة في تفسير القرطبي: الجامع لأحكام القرآن 18/98 99. [4] في ش: وذخرا بعد الموت. بدون (فيما) . [5] آل عمران 30. وفي ب: تود لو أن بينه وبينه. وهو سهو من الناسخ. [6] سورة ق 29. [7] الطلاق 5. [8] في ش: فخذوا حظكم.

في جنب الله، فقد علمكم كتابه، ونهج لكم سبيله [1] ، ليعلم الذين صدقوا، ويعلم الكاذبين، فأحسنوا كما أحسن الله إليكم، وعادوا أعداءه: وَجاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهادِهِ هُوَ اجْتَباكُمْ [2] ، وسمّاكم المسلمين، لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَيَحْيى مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ [3] ، ولا حول ولا قوة إلا بالله، فاكثروا ذكر الله واعملوا لما بعد الموت، فانه من يصلح ما بينه وبين الله، يكفه الله ما بينه وبين الناس، ذلك بأن الله يقضي على الناس ولا يقضون عليه، ويملك من الناس، ولا يملكون منه، الله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم) . نادرة: عبد الله بريدة الأسلمي [4] ، وأخوه سليمان بن بريدة، ولدا في يوم واحد، وماتا في يوم واحد، وهما توأم. كان عدد ما صلى أبو بكر رضي الله عنه بالناس في آخر حياة رسول الله صلّى الله عليه وسلم، سبع عشرة صلاة. جاء في بعض الأحاديث:/ (أنّ الله سبحانه أمر جبريل برفع مدينة وبقلبها ليلا ونهارا، فلما رفعها، أوحى إليه أن ردّها، بحيث لا ينزعج نوّامها، ولا يشعر أحد برفعها وردها، فقال: أي ربّي، كيف أمرتني بردّها بعد أن أمرتني بقلبها! فقال: إن شيخا كان نائما فانقلب، فقال في انقلابه: يا من إذا قدر عفا، فأمرتك بردّها) [5] . سئل الشافعي- رضي الله عنه- عن الكيمياء، فقال: أعرف من افتقر به، فأما من استغنى به فلا أعرفه. قال في (السيرة المشهورة) [6] ، للشيخ العارف بالله اليمني، المعروف بالصياد: أنه رأى في بعض الأيام- وهو قاعد- أبواب السماء مفتحة، وإذا بعصبة من الملائكة قد نزلوا إلى الأرض، ومعهم خلع خضر، ودابة من الدواب، فوقعوا [7] على رأس قبر من القبور، وأخرجوا شخصا من قبره، وألبسوه الخلع، وأركبوه على الدابة، وصعدوا به إلى السماء، ثم لم يزالوا يصعدون به من سماء إلى سماء، حتى جاوز السماوات السبع كلها،/ وخرق بعدها سبعين حجابا، قال: فتعجبت من ذلك، وأردت معرفة

_ [1] في ش: ونهجكم سبيله. [2] الحج 78. [3] الأنفال 42. [4] عبد الله بن بريدة بن الحصيب الأسلمي المروزي: قاضي مرو أخو سليمان وكانا توأمين، مات بقرية من قرى مرو، وكان بينه وبين موت أخيه سليمان عشر سنين، ولد سنة 15 هـ، وتوفي سنة 115 هـ، وولد أخوه سليمان بن بريدة سنة 15 هـ وتوفي سنة 105 هـ. (التهذيب 5/157- 158، 4/174) وعلى هذا لا يصح قوله: ماتا في يوم واحد. [5] لم أجد هذا الحديث في كتب الحديث المعتمدة. [6] هي: (السيرة الرضية والشهرة المروية) لأبي العباس المعروف بصياد اليمن. (كشف الظنون 2/1015) . [7] في ب: فرفعوا. في ل: فوقفوا.

ذلك الراكب، فقيل لي هذا الغزالي [1] ، ولا علم لي أين بلغ انتهاؤه. قال أبو عبيد، سمعت الشافعي يقول لمحمد بن الحسن، وقد دفع إليه خمسين دينارا، وقال: لا تحتشم، فقال: لو كنت عندي ممن أحتشمه، ما قبلت برّك. لقد أحسن القائل: [البسيط] لا يعرف الحلم إلا ساعة الغضب الضحاك بن مزاحم [2] : حملت به أمه ستة عشر شهرا، وشعبة [3] حملت به ثلاث سنين، وهرم بن حيان [4] أربع سنين، وكذلك مالك بن أنس، ومحمد بن عجلان [5] أكثر من ثلاث سنين. قال الواقدي: سمعت نساء آل الجحاف من ولد زيد بن الخطاب [6] يقلن: ما حملت منا امرأة أقل من ثلاثين شهرا. أحسن ما مدح به رسول الله صلّى الله عليه وسلم، قول عبد الله بن رواحة [7] : [البسيط] لو لم تكن فيه آيات مبيّنة ... كانت بديهته تنبيك بالخبر انتهى.

_ [1] الغزالي: محمد بن محمد، حجة الإسلام، فيلسوف متصوف له نحو مئتي مصنف، أشهرها إحياء علوم الدين، توفي سنة 505 هـ. وقد مرت ترجمته ترجمة وافية. [2] الضحاك بن مزاحم البلخي الخراساني: أبو القاسم، مفسر، كان يؤدب الأطفال، ويقال: كان في مدرسته ثلاثة آلاف صبي، وكان يطوف عليهم على حمار، وذكره ابن حبيب من (أشراف المعلمين وفقهائهم) ، له كتاب في التفسير، توفي بخراسان سنة 105 هـ. (المحبر ص 475، تاريخ الخميس 2/318، ميزان الاعتدال 1/471) . [3] شعبة بن الحجاج بن الورد العتكي الأزدي، كان محدثا ورأسا في العربية والشعر، توفي سنة 160 هـ. (شذرات الذهب 1/247) . [4] هرم بن حيان العبدي الأزدي: قائد فاتح من كبار النساك من التابعين، توفي سنة 26 هـ. (طبقات ابن سعد 7/95) . [5] محمد بن عجلان المدني القرشي: أحد العلماء العاملين، محدث كثير الحديث، توفي سنة 148 هـ. (تهذيب التهذيب 9/341) . [6] زيد بن الخطاب بن نفيل القرشي: صحابي من شجعان العرب في الجاهلية والإسلام، وهو أخو الخليفة عمر بن الخطاب، وأسلم قبله وكان أسن منه، استشهد يوم اليمامة سنة 12 هـ. (طبقات ابن سعد 3/274) . [7] عبد الله بن رواحة بن ثعلبة الخزرجي الأنصاري: صحابي من الأمراء والشعراء، شهد العقبة مع السبعين من الأنصار، وكان أحد النقباء الاثني عشر، كان أحد الأمراء في وقعة مؤتة، واستشهد فيها سنة 8 هـ. (تهذيب التهذيب 5/212، حلية الأولياء 1/8118، الإصابة ت 4667) ، والبيت وخبره في الإصابة 2/307) .

من كتاب (اللطائف واللطف) [1] لأبي منصور الثعالبي

من كتاب (اللطائف واللطف) [1] لأبي منصور الثعالبي [2] رأى أبو بكر الصديق- رضي الله عنه- رجلا بيده ثوب، فقال له: أهو للبيع؟ قال: لا، أصلحك الله، فقال له: هلّا قلت: لا، وأصلحك الله، لئلا يشتبه الدعاء لي، بالدعاء عليّ [3] . كان عمر يقول: لو كنت تاجرا لما اخترت على العطر [4] ، إن فاتني ربحه لم يفتني ريحه. كان ابن مسعود يقول: الدنيا كلها غموم، فما كان فيها من سرور، فهو ربح [5] . كان ابن عباس كثيرا ما يروي عن النبي صلّى الله عليه وسلم: (الهدية مشتركة) [6] فأهدي إليه من مصر ثياب، فأمر بتسليمها إلى خادمه، فقال له جلساؤه: ألم ترو لنا أن الهدية مشتركة؟ فقال: تلك مما يؤكل ويشرب، فأما ثياب مصر فلا. كان أبو هريرة يقول: ما شممت رائحة أطيب من رائحة الخبز الحار. قال نصر بن سيار والي خراسان [7] : كل شيء يرخص إذا كثر، إلا الأدب، فانه إذا كثر كان أغلى [8] . أبو جعفر المنصور [9] ، شكى إليه رجل بعض عماله في قصة،/ فوقّع: اكفني أمر هذا، وإلا كفيته أمرك. وقال له بعض الهاشميين: إني صرورة [10] ، قال: فاحجج، قال: ليس لي نفقة، قال: ليس عليك حج، قال: يا أمير المؤمنين، إنما جئتك مستمنحا [11] لا مستفتيا. مرض خاقان [12] ، فعاده المعتصم وابنه الفتح إذ ذاك صبي، فقال له المعتصم: داري أحسن أم دار أبيك؟ فقال: ما دام أمير المؤمنين فيها فهي أحسن [13] ، وكان في يده خاتم

_ [1] نشر الكتاب بعنوان (لطائف اللطف) بتحقيق عمر الأسعد، ط دار المسيرة، بيروت 1980. [2] الثعالبي: عبد الملك بن منصور بن إسماعيل النيسابوري، مؤلف وله أشعار كثيرة، وهو صاحب (يتيمة الدهر) ، و (فقه اللغة) ، توفي 924 هـ. (وفيات الأعيان 3/871) . [3] لطائف اللطف ص 27. [4] في لطائف اللطف ص 27: عن العطر شيئا. والخبر في الإعجاز والأيجاز ص 76. [5] لطائف اللطف ص 29، وفيه: (الدنيا غموم فمن كان فيها) . [6] في لطائف اللطف ص 29: الهدايا مشتركة. [7] نصر بن سيار بن رافع، أمير من الدهاة الشجعان، والي خراسان توفي سنة 131 هـ. (الكامل لابن الأثير 5/148) . [8] اللطائف ص 36، والإعجاز والإيجاز ص 76. [9] الخليفة العباسي، وهو ثاني الخلفاء العباسيين، وباني بغداد، المتوفى سنة 158 هـ. [10] الصرورة: الذي لم يحج أو لم يتزوج. (اللسان: صرر) . [11] في اللطف ص 37، والإعجاز والإيجاز ص 78: مستجديا. [12] خاقان: هو خاقان بن أحمد بن غرطوج، وهو أبو الفتح بن خاقان وزير المتوكل، توفي الفتح سنة 247 هـ. (فوات الوفيات 2/132) . [13] الخبر في اللطف ص 43- 44، وأخبار الأذكياء ص 212، وأخبار الظراف والمتماجنين لابن الجوزي ص 105.

ياقوت أحمر في نهاية الحسن، فقال لرجل [1] : أرأيت أحسن من هذا الخاتم؟ قال: نعم، اليد التي هو فيها. قال الفتح بن خاقان لأحد ندمائه: دخلت قصري، فاستقبلتني فلانة، فقبلتها، فوجدت فيها هواء لو رقد المخمور فيه لصحا. وأخذ أبو الفرج الوأواء الدمشقي [2] هذا المعنى فقال [3] : [الطويل] سقى الله ليلا طاب إذ زار وصلها ... فألبسته حتى الصباح عناقا بطيب نسيم منك يستجلب الكرى ... ولو رقد المخمور فيه أفاقا قال المنتصر بالله [4] : والله ما ذل ذو حق، وإن أصفق عليه العالم، ولا عزّ ذو باطل، وإن طلع من جبينه القمران. قال عبيد الله بن عبد الله بن طاهر [5] : [الطويل] يقولون آفات وشتى مصائب ... فقلت مقالا ما عليه غبار إذا سلمت في الناس للمرء نفسه ... وأحبابه فالحادثات جبار قال المعتضد بالله [6] لأحمد بن الطيب: «أرى في لسانك طولا، وفي عقلك قصرا» . قال عبد الله ابن المعتز: الخضاب من شهود الزور [7] . رأى الرشيد يوما رجلا بيده حزمة خيزران، فقال: ما تلك؟ قال: عروق القنا، يا أمير المؤمنين، لموافقته اسم أم الرشيد [8] . قال الحسن بن سهل [9] : لا يصلح للصدر إلا

_ [1] في اللطف ص 44: كلمة (لرجل) ساقطة. وقد مرت الرواية أن المعتصم سأل الفتح بن خاقان. [2] الوأواء: محمد بن أحمد الغساني الدمشقي، شاعر مطبوع، رقيق الألفاظ والمعاني، توفي سنة 385 هـ. (فوات الوفيات 3/240) . [3] الخبر والبيتان في لطائف اللطف ص 44، والإعجاز والإيجاز ص 84، وخاص الخاص ص 395، ويتيمة الدهر 1/273. [4] المنتصر بالله: أبو جعفر محمد بن المتوكل بن المعتصم، الخليفة العباسي الحادي عشر، توفي سنة 248 هـ. (تاريخ الخلفاء ص 375) . [5] في ب، ش، ل: عبد الله بن عبد الله، والصحيح عبيد الله، أبو أحمد الخزاعي، ولي الشرطة ببغداد، وتوفي سنة 300 هـ. (وفيات الأعيان 3/120) ، والبيتان في لطائف اللطف ص 46، والإعجاز والإيجاز ص 252. [6] المعتضد بالله: أبو العباس أحمد بن طلحة بن جعفر الخليفة العباسي السادس عشر، توفي سنة 289 هـ. (تاريخ الخلفاء ص 398) . [7] لطائف اللطف ص 48. [8] لطائف اللطف ص 58، وأخبار الأذكياء ص 51. [9] الحسن بن سهل: أبو محمد السرخسي وزير المأمون ووالد بوران زوجة المأمون، توفي سنة 236 هـ. (وفيات الأعيان 2/120) .

واسع الصدر، وقيل له: لا خير في السّرف، فقال: لا سرف في الخير. فردّ اللفظ، واستوفى المعنى [1] . طلب المأمون من أحمد بن يوسف الكاتب [2] السكين، فناوله إياها وحدها مما يليه، فعلم أنه أخطأ، فاستدركه أن قال: في نحر أعدائك يا أمير المؤمنين [3] ./ قال أبو الفتح البستي [4] : النعمة عروس مهرها الشكر، والرشوة رشاء الحاجة [5] ، والمعاشرة ترك المعاسرة، وعادات السادات، سادات العادات. قال أبو نصر العتيبي [6] : الشباب باكورة الحياة، ولسان التقصير قصير. قال أبو عبد الله محمد بن عبد العزيز الوزير: الصدقة ترد بلاء الآخرة، والهدية ترد بلاء الدنيا [7] . قال أبو الحسن محمد بن محمد المزني: من دخل على السادة فعليه بتخفيف السلام، وتقليل الكلام، وتعجيل القيام [8] . قال أبو عمرو بن العلاء [9] : كل ما تشتهي، والبس ما يشتهي الناس، وقد نظمه من قال [10] : [الكامل] أما الطعام فكل لنفسك ما اشتهت ... والبس ثيابك ما اشتهاه الناس قال الأصمعي: دخلت على الفضل بن الربيع [11] يوما باردا، وعليّ ثياب قطن، فقال لي: يا أبا سعيد، أين الوبر؟ فقلت: في خزانتك أصلحك الله فضحك وأمر لي بدواج سمور [12] . قال أبو بكر الخوارزمي [13] : في قصة الجود بالذهب مثل الجود بالأدب:/ وهذا الخلق النفيس، لا يساعده الكيس، وهذا الطبع الكريم، لا يأخذه الغريم، والأدب لا

_ [1] اللطائف ص 59، والإعجاز ص 100، والأذكياء ص 51. [2] كاتب المأمون على ديوان الرسائل، توفي سنة 213 هـ. (معجم الأدباء 2/160) . [3] اللطائف ص 60. [4] علي بن محمد بن الحسين البستي: نسبة إلى بست بخراسان، شاعر من كتاب الدولة السامانية بخراسان، توفي سنة 400 هـ. (وفيات الأعيان 3/376) . [5] بعدها في اللطائف ص 72: والبشر نور الإيجاب. [6] العتيبي: محمد بن عبد الجبار، مؤرخ من الكتاب الشعراء، توفي سنة 427 هـ. (يتيمة الدهر 4/281) . [7] لطائف ص 72، الإعجاز ص 110 وفيه: منسوب إلى أبي نصر بن أبي زيد، وزير الرضي ناصر الدين. [8] اللطائف ص 72. [9] أبو عمرو بن العلاء: أحد العلماء الرواة توفي سنة 154 هـ. (طبقات النحويين واللغويين ص 35) . [10] الخبر والبيت في لطائف اللطف ص 75. [11] الفضل بن الربيع: أبو العباس، وزير الرشيد، توفي سنة 208 هـ. (وفيات الأعيان 1/412) . [12] الدواج: ضرب من الثياب، والسمور: فراء. [13] الخوارزمي: أبو بكر محمد بن العباس، كاتب من الشعراء العلماء، كان ثقة في اللغة ومعرفة الأنساب، توفي سنة 383 هـ. (وفيات الأعيان 1/523، معجم الأدباء 1/101) .

يمكن ثرده في قصعة، ولا يمكن صرفه في ثمن سلعة، ولو جهدت بالطباخ أن يطبخ من رائية الشماخ لونا لم يقبل [1] ، واحتيج في البيت إلى شيء من الزيت، فأنشدت من شعر الكميت مئتي بيت، فلم يغن، كما لم يغن لو وليت، ولو وقعت أرجوزة العجّاج في توابل السكباج [2] ، لما عدمتها عندي، ولكن ليست تنفع، فما أصنع [3] . أيوب الطبيب: كان الغالب عليّ من الأدعية: «اللهم اسقنا من رحمتك شربة تسهل بها دنوبنا، إنك أنت الغفور الرحيم» [4] . قال ثابت بن قرة الطبيب [5] : ليس أضرّ على الشيخ من أن يكون له طباخ حاذق، وجارية حسناء، لأنه يستكثر من الطعام فيسقم، ومن النكاح فيهرم. وقال: راحة الجسم في قلة الطعام [6] ، وراحة القلب في قلة الاهتمام، وراحة اللسان في قلة الكلام. مرت عمرة بنت زهرة/ فتأملوها [7] ، فقالت: يا بني نمير، لا لقول الله تعالى أطعتم، ولا بقول الشاعر أخذتم، قال الله تعالى: قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصارِهِمْ [8] ، وقال الشاعر [9] : [الوافر] فغضّ الطرف إنّك من نمير ... فلا كعبا بلغت ولا كلابا كتب رجل إلى محبوبة له: طال العهد، واشتد الشوق، فاستدركي رمقي بلبان تمضغينه، وتجعلينه بين دينارين، وتنفذيه إليّ لأستشفي به. فكتبت إليه: قد امتثلت أمرك، فتفضل برد الطبق والمكبّة [10] . سمع مزيد [11] ضجيج الناس في يوم كسوف، وريح عاصف، وغبرة منكرة، وقولهم: القيامة، القيامة، فقال: ويحكم، هذه قيامة على الريق! أين دابة الأرض؟ أين الدجال؟ أين نزول عيسى؟ أين طلوع الشمس من المغرب [12] .

_ [1] في اللطائف ص 82- 83 بعدها قوله: وبالقصاب أن يسمع أدب الكاتب فلم يقبل. [2] السكباج: طعام يعمل من اللحم والخل مع توابل وأفاويه، القطعة منه سكباجة. (المعجم الوسيط: سكبج) . [3] لطائف اللطف ص 82- 83، خاص الخاص ص 8. [4] المصدران السابقان. [5] ثابت بن قرة: أبو الحسن الحراني الصابي، طبيب وفيلسوف ومترجم عن السريانية، نال منزلة رفيعة عند المعتضد العباسي، توفي سنة 288 هـ. (وفيات الأعيان 1/313) . [6] في اللطائف ص 96 زيادة: وراحة الروح في قلة الآثام. [7] قوله: (فتأملوها) ، ساقطة من ب. [8] سورة النور 30. [9] البيت لجرير في ديوانه ص 63 ط صادر، بيروت 1960. [10] في اللطائف ص 99 بعدها: ومن الظرف رد الظرف. [11] في الأصول: مزيد، وفي الوافي مزبّد: أبو إسحاق مزبد المدني، كثير المجون، حلو النادرة، له نوادر طريفة. (فوات الوفيات 4/131) . [12] الخبر في الوافي 4/132، واللطائف ص 117.

قال أبو الحسن الموسوي [1] : من هوان الدنيا على الله تعالى، أنه أخرج نفائسها من خسائسها، وأطايبها [2] من خبائثها، أخرج الذهب والفضة من حجارة، والمسك من فارة، والعنبر من روث دابة، والعسل من ذبابة، والخز من دابة، والديباج من دودة، والإنسان من نطفة، فَتَبارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخالِقِينَ [3] . قال علي بن الجهم [4] : الهدية السحر الأكبر. سئل جحظة البرمكي [5] عن دعوة حضرها، فقال: كان كل شيء فيها باردا [6] إلا الماء. قال دعبل [7] : [البسيط] وإنّ أولى البرايا أن تواسيه ... عند السرور لمن واساك في الحزن [8] إنّ الكرام إذا ما أسهلوا ذكروا ... من كان يألفهم في المنزل الخشن تعرض رجل للحسن بن سهل [9] ، فقال له: من أنت؟ فقال: أنا الذي أحسن إليّ الأمير عام كذا وكذا، فقال: مرحبا بمن توسل إلينا بنا، وقضى حوائجه [10] . دخل أبو العميثل [11] على عبد الله بن طاهر [12] في يوم من أيام الخريف، وعليه قباء خز مبطن بسمور، فقال له: ما أعددت للشتاء؟ فقال: خلع الأمير، فقال: عجّلوها له [13] .

_ [1] أبو الحسن الموسوي: علي بن موسى الكاظم بن جعفر الصادق، الملقب بالرضي، ثامن الأئمة الإثني عشر عند الإمامية، من أجلاء السادة من أهل البيت، توفي بطوس سنة 203 هـ. (وفيات الأعيان 1/321، الطبري وابن الأثير حوادث سنة 203) . [2] في ب: وأطيابها. [3] المؤمنون 14. والخبر في اللطائف ص 120، وخاص الخاص ص 9. [4] علي بن الجهم: شاعر رقيق الشعر من أهل بغداد، كان معاصرا لأبي تمام، اختص بالمتوكل العباسي ثم غضب عليه، توفي سنة 249 هـ. (وفيات الأعيان 1/349) . [5] جحظة البرمكي: أحمد بن جعفر بن موسى بن الوزير يحيى البرمكي، أديب مغن كثير الرواية، لقب بجحظة لنتوء في عينيه، توفي سنة 324 هـ. (معجم الأدباء 1/383، وفيات الأعيان 1/41) . [6] في ب ش: بارد، والصواب باردا بالنصب. [7] دعبل الخزاعي: دعبل بن علي بن رزين، شاعر هجاء أصله من الكوفة، هجا الخلفاء، له شعر جيد، توفي سنة 246 هـ. (وفيات الأعيان 1/178، الشعر والشعراء ص 350) ، والبيتان في ديوانه ص 192 تحقيق محمد يوسف نجم ط بيروت 1962. [8] في ب، ل: واساك بالحزن. [9] مرت ترجمته. [10] في اللطائف ص 59: توسل إلينا بنا، وشكر إحساننا. والخبر أيضا في وفيات الأعيان 2/122. [11] أبو العميثل: عبد الله بن خليد، كاتب وشاعر لطاهر بن الحسين وابنه بخراسان، توفي سنة 240 هـ. (وفيات الأعيان 3/89) . [12] عبد الله بن طاهر بن الحسين الخزاعي: أمير خراسان، كان كريما نبيلا عالي الهمة، مدحه الشعراء، كان المأمون تبناه ورباه، واعتمد عليه، توفي سنة 230 هـ. (وفيات الأعيان 1/260، تاريخ بغداد 9/483، الولاة والقضاة ص 180) . [13] اللطائف ص 76.

وصف أبو بكر الخوارزمي [1] شريفا في أصله، وضيعا في نفسه، فقال: استخراج المساوئ من المحاسن، هو: من الأسد بخره، ومن الدينار صغره، ومن اللجين خبثه، ومن الماء زبده، ومن الطاووس رجله، ومن الورد شوكه، ومن النار دخانها، ومن الخمر خمارها، ومن الدار ميضاؤها. وكان يقول/ في التفضيل: فلان بيت القصيدة، وأول الخريدة، وغرّة الكتيبة، وواسطة القلادة، ودرّة التاج، وإنسان الحدقة، ونقش الفص [2] . كان أبو العباس بن سريج [3] يقول: غبار العمل خير من زعفران العطلة. أنتهى. في (فوائد النجيرمي) [4] ، قال يحيى بن خلاد البرمكي [5] : الدنيا دول، والمال عارية، ولنا بمن قبلنا أسوة، وممن بعدنا عبرة. قال الحجاج بن يوسف [6] : الشيب بريد الآخرة. قال أبو عمرو بن العلاء: قيل لرجل، قد ذهب منه المطعم والمشرب والمنكح: أتحب البقاء؟ قال: نعم، قيل له: فما ترجو من البقاء، وأنت على هذه الحال؟ قال: كي أسمع الأعاجيب. قال الشعبي: قدم عليّ رضي الله عنه من صفّين، وكان رأسه ولحيته قطنة، فقيل له: يا أمير المؤمنين، لو غيّرت، قال: إن الخضاب زينة، ونحن محزونون. قال عمر بن شبّة [7] : ولدت هند بنت أبي عبيدة [8] بن عبد الله بن زمعة، موسى بن عبد الله [9] بن حسن بن حسن بن علي بن أبي طالب،/ ولها ستون سنة، ولا يعلم أن امرأة ولدت لستين إلا قرشية، وموسى هو أخو محمد وإبراهيم ابني عبد الله بن حسن بن حسن،

_ [1] سبقت ترجمته. [2] اللطف ص 81، وخاص الخاص ص 8. [3] ابن سريج: أحمد بن عمر بن سريج، من علماء الشافعية، تولى القضاء بشيراز، وكان يقال له: الباز الأشهب، وتوفي ببغداد سنة 306 هـ. (وفيات الأعيان 1/66) . [4] النجيرمي: لعله يوسف بن يعقوب البصري: لغوي نزيل مصر، من أهل بيت فيه جماعة من الفضلاء الأدباء، كان راوية لأشعار العرب واللغة وأيام العرب، توفي بمصر سنة 520 هـ. (وفيات الأعيان 7/75- 77) ، ولم أقف على كتابه الفوائد، ولم يرد له ذكر في ترجمته. [5] لعله يحيى بن خالد، وليس خلاد، وزير مؤدب الرشيد من البرامكة، مات مسجونا بعد نكبة البرامكة سنة 190 هـ. (معجم الأدباء 7/272، وفيات الأعيان 2/243) . [6] توفي سنة 95 هـ. [7] عمر بن شبة: زيد بن عبيدة بن زيد النميري البصري، صاحب أخبار ونوادر ورواية، توفي بسامراء سنة 263 هـ. (وفيات الأعيان 3/440) . [8] هند بن أبي عبيدة: شاعرة من شواعر العرب في الدولة العباسية. (أعلام النساء 5/239) . [9] موسى بن عبد الله بن الحسن العلوي: من شعراء الطالبيين من سكان المدينة، عاش إلى أيام الرشيد وله خبر معه، توفي سنة 180 هـ. (معجم الشعراء ص 288، مقاتل الطالبيين ص 390- 397) .

وهو الذي يقول [1] : [مجزوء الوافر] تولّت بهجة الدنيا ... فكلّ جديدها خلق وخان الناس كلّهم ... فما أدري بمن أثق رأيت معالم الخيرا ... ت سدّت دونها الطّرق فلا حسب ولا نسب ... ولا دين ولا خلق فلست مصدّق الأقوا ... م في قول وإن صدقوا قال الجاحظ: أهل الكوفة يقولون: لنا ثلاثة فقهاء، لم ير الناس مثلهم: أبو حنيفة [2] ، وأبو يوسف [3] ، ومحمد بن الحسن [4] ، ولنا ثلاثة نحويين كذلك، وهم: الكسائي [5] ، والفرّاء [6] ، وثعلب [7] . من شعر إبراهيم بن المهدي [8] : [البسيط] من قال في الناس قال الناس ما فيه ... وحسبه ذاك من خزي ويكفيه من نمّ في الناس لم تؤمن عقاربه ... على الصديق ولم تؤمن أفاعيه لو فرّ من رزقه عبد إلى جبل ... دون السماء لألفى رزقه فيه قال الحسين بن فهم، لما قال أبو عيسى بن الرشيد [9] : [الطويل] دهاني شهر الصوم لا كان من شهر ... ولا صمت شهرا بعده آخر الدهر

_ [1] الأبيات لموسى بن عبد الله في معجم الشعراء للمرزباني ص 288، وزهر الآداب 1/89. [2] أبو حنيفة: النعمان بن ثابت أمام المذهب الحنفي، توفي سنة 150 هـ. (وفيات الأعيان 5/413) . [3] أبو يوسف: يعقوب بن إبراهيم الأنصاري الكوفي، صاحب أبي حنيفة وناشر مذهبه، توفي سنة 182 هـ. (أخبار القضاة 3/254، الجواهر المضية 2/220) . [4] محمد بن الحسن الشيباني: من موالي بني شيبان، إمام بالفقه والأصول، وهو الذي نشر علم أبي حنيفة، ولد بواسط ونشأ بالكوفة، ولاه الرشيد القضاء بالرقة، وتوفي بالري سنة 189 هـ. (الجواهر المضية 2/42، وفيات الأعيان 1/453) . [5] الكسائي: علي بن حمزة، توفي سنة 189 هـ. (طبقات النحويين واللغويين ص 127) . [6] الفراء: يحيى بن زياد، المتوفى سنة 207 هـ. (طبقات النحويين واللغويين ص 131) . [7] ثعلب: أحمد بن يحيى، المتوفى سنة 291 هـ. (طبقات النحويين واللغويين ص 141) . [8] إبراهيم بن المهدي: أبو إسحاق، أخو هارون الرشيد، تولى الخلافة في وقت الصراع بين الأمين والمأمون، كان أديبا شاعرا، توفي بسامراء سنة 224 هـ. (وفيات الأعيان 1/39) ، والأبيات في كتاب: أشعار أولاد الخلفاء وأخبارهم ص 43- 44. [9] أبو عيسى: أحمد بن هارون الرشيد، شاعر من آل عباس، وهو أخو الأمين والمأمون، كان أجمل الناس وجها، توفي سنة 209 هـ. (وفيات الأعيان 1/53، النجوم الزاهرة 2/116) خبر والبيتان في كتاب أشعار أولاد الخلفاء 3/93.

من كتاب (لطائف المعارف) للقاضي أبي بكر النيسابوري

ولو كان يعديني الإمام بقدرة ... على الشهر لا ستعديت جهدي على الشهر ناله بعقب هذا صرع، فكان يصرع في اليوم مرات، إلى أن مات ولم يبلغ شهرا مثله. انتهى. من كتاب (لطائف المعارف) للقاضي أبي بكر النيسابوري [1] ليلة مات فيها خليفة، وولد فيها خليفة، واستخلف خليفة، هي ليلة السبت لأربع عشرة ليلة بقيت من شهر ربيع الأول سنة سبعين ومئة، مات فيها الهادي، واستخلف الرشيد، وولد المأمون [2] . خليفة سلّم عليه عمه، وعم أبيه، وعم جده، هو: الرشيد، سلّم عليه عمه سليمان بن المنصور، ثم عم أبيه المهدي، وهو العباس بن محمد، ثم عم جده المنصور، وهو: عبد الصمد بن علي. خليفة سلّم عليه سبعة كلهم ابن خليفة، هو: المتوكل، سلم عليه محمد بن الواثق، وأحمد بن المعتصم،/ وموسى بن المأمون، وعبد الله بن الأمين، وأبو أحمد بن الرشيد، والعباس بن الهادي، ومنصور بن المهدي. أربعة أخوة، كل واحد منهم أسن من صاحبه بعشر سنين على الولاء، هم: طالب، وعقيل، وجعفر، وعلي، بنو أبي طالب [3] . أخوان تباعد ما بينهما في السن، تباعدا شديدا: موسى بن عبيدة الربذي [4] الذي يروى عنه الحديث، كان أخوه عبد الله [5] أسن منه بثمانين سنة، ولا يذكر مثاله [6] . أب وابن تقارب ما بينهما في السن تقاربا شديدا: عمرو بن العاص، كان بينه وبين ابنه عبد الله ثلاث عشرة سنة، ولا يذكر مثله [7] . أربعة في الإسلام، ولد من صلب كل واحد منهم مئة مولود: خليفة بن بوّ السعدي، وأنس بن مالك، وعبد الله بن عمير الليثي، وجعفر بن سليمان الهاشمي، ويقال: إن

_ [1] هو الثعالبي: أبو منصور المتوفى سنة 924 هـ، وطبع الكتاب بتحقيق إبراهيم الإبياري وحسن كامل الصيرفي، ط الحلبي مصر. [2] لطائف المعارف ص 141. [3] لطائف المعارف ص 137. [4] موسى بن عبيدة بن نشيط الربذي: أبو عبد العزيز المدني، من رواة الحديث، توفي سنة 153 هـ. (تهذيب التهذيب 10/356) . [5] عبد الله بن عبيدة بن نشيط الربذي، ضعيف الحديث في الرواية، توفي سنة 130 هـ. (تهذيب التهذيب 5/310) . [6] لطائف المعارف ص 137. [7] لطائف المعارف ص 137، والمعارف لابن قتيبة ص 512.

المتوكل مات عن نيّف وخمسين ابنا، ونيّف وعشرين بنتا [1] . قلت: زاد ابن حبيب في المحبر: وأبو بكرة الصحابي [2] ، ويلحق بهم المتوكل الذي كان على رأس ثمان مئة [3] ./ القاضي شريح [4] ، ولي القضاء خمسا وسبعين سنة، وعاش مئة وعشرين [5] . امرأة ولدها النبي صلّى الله عليه وسلم، وأبو بكر، وعمر، وعثمان، وعلي، وطلحة، والزبير، رضي الله عنهم، هي: حفصة بنت محمد بن عبد الله بن عمرو بن عثمان، أمها خديجة بنت عثمان بن عروة بن الزبير، وأم عروة أسماء بنت أبي بكر الصديق، وأم محمد بن عبد الله، فاطمة بنت الحسين بن علي، وأم الحسين فاطمة بنت رسول الله، صلّى الله عليه وسلم، وأم فاطمة بنت الحسين، أم إسحاق بنت طلحة بن عبيد الله، وأم عبد الله بن عمرو، زينب بنت عبد الله بن عمر بن الخطاب. كان عبيد الله بن عبد الله بن طاهر يقول: من عجائب الدنيا، العباس بن عمرو الغنوي [6] أنفذه المعتضد في عشرة آلاف لمحاربة أبي سعيد الجنّابي [7] ، فقبض عليهم أبو سعيد، فنجا العباس وحده، وقتل الباقون. وعمرو بن الليث [8] ، مرّ في خمسين ألفا لمحاربة إسماعيل بن أحمد [9] ،

_ [1] في ش: عن ست وخمسين ابنا، وست وعشرين بنتا. وكلمة (ست) تحريف عن (نيف) ، بدليل أن الصواب أن يقول: ستة وخمسين ابنا. [2] أبو بكرة: نفيع بن الحارث بن كلدة الثقفي، صحابي توفي سنة 52 هـ. (تهذيب التهذيب 10/469) . [3] لطائف المعارف ص 140- 141، المعارف ص 134، المحبر لابن حبيب ص 189. [4] شريح بن الحارث الكندي، تابعي استقضاه عمر على الكوفة، توفي بها سنة 82 هـ. (وفيات الأعيان 2/460) . [5] الخبر في لطائف المعارف ص 140، وجاء فيه: قاض قضى في الإسلام خمسا وسبعين سنة، هو شريح بن الحارث الكندي، استقضاه عمر بن الخطاب رضي الله عنه على الكوفة، فبقي بها على القضاء خمسا وسبعين سنة، لم يتعطل فيها إلا ثلاث سنين امتنع فيها من القضاء، وهي في فتنة ابن الزبير، واستعفى الحجاج من القضاء، فأعفاه، وكان عمره مئة وعشرين سنة. [6] العباس بن عمرو الغنوي: أمير من قادة الجيش العباسي، ولاه المعتضد اليمامة والبحرين وأمره بمحاربة القرامطة، فسار اليهم فلم يظفر، وأسر وأطلق، توفي بالرقة سنة 305 هـ. (وفيات الأعيان 2/115 الكامل لابن الأثير 7/164، 8/34) . [7] الجنّابي القرمطي: الحسن بن بهرام، أبو سعيد، كبير القرامطة ومعلن مذهبهم، من أهل جنابة (بفارس) ، ونفي منها، فأقام بالبحرين تاجرا، وجعل يدعو العرب إلى نحلته، فعظم أمره، استولى على هجر والأحساء والقطيف وسائر بلاد البحرين، كان شجاعا داهية، قتله خادم له صقلبي في الحمام بهجر، سنة 103 هـ. (تاريخ ابن الأثير 8/27، مرآة الجنان 2/238) . [8] عمرو بن الليث الصفار: ثاني أمراء الدولة الصفارية، ولي فارس وخراسان، ثم شرطة بغداد، توفي سنة 289 هـ. (تاريخ ابن الأثير 7/170، تاريخ ابن خلدون 4/326) . [9] إسماعيل بن أحمد الساماني: ثاني أمراء الدولة السامانية في ما وراء النهر، كان موفقا في قمع الثورات، وثق به المعتضد واعتمد عليه المكتفي، توفي في بخارى سنة 295 هـ. (تاريخ ابن الأثير 8/2، تاريخ ابن خلدون 4/334) .

فأخذ هو ونجا الباقون [1] . قال هشام بن الكلبي [2] : كنت يوما عند الشرقي بن القطامي [3] ، فقال: من يعرف/ منكم أسد بن عبد مناف بن شيبة بن عمرو بن المغيرة بن زيد؟ فقالوا: ما نعرفه [4] ، فقال: هو علي بن أبي طالب، واسمه عبد مناف بن عبد المطلب، واسمه شيبة بن هاشم، واسمه عمرو بن عبد مناف، واسمه المغيرة بن قصي، واسمه زيد [5] . من كان عمه وخاله خليفة: يحيى بن عروة بن الزبير، عمه عبد الله بن الزبير، وخاله مروان بن الحكم. وعثمان بن عنبسة بن أبي سفيان، عمه معاوية بن أبي سفيان، وخاله عبد الله بن الزبير. من عهد له بالخلافة، ولقّب بلقبها، ولم يتم له: المرتضى عيسى بن موسى بن علي، المؤتمن القاسم بن الرشيد، الناطق بالحق موسى بن الأمين، الرضي علي بن موسى العلوي، المرتضى منصور بن المهدي، المبارك إبراهيم بن المهدي، المؤيد أبراهيم بن المتوكل، المفوض إلى الله جعفر بن المعتمد، وأخوه الموفق أحمد، المنتصف بالله عبد الله بن المعتز، الغالب بالله أبو الفضل بن القادر، الذخيرة لدين الله ولد القائم بأمر الله./ ذو القرنين [6] : مختلف في نبوته، ذو النورين: عثمان بن عفان [7] ، ذو الشهادتين: خزيمة بن ثابت الأنصاري [8] ، ذو البجادين: عبد الله بن الحارث المزني [9] ، ذو العينين:

_ [1] لطائف المعارف ص 148. [2] ابن الكلبي: هشام بن محمد بن السائب، أبو المنذر، مؤرخ نسّابة، توفي سنة 204 هـ. (وفيات الأعيان 5/133) . [3] شرقي بن القطامي: الوليد (المعروف بشرقي) بن حصين (الملقب بالقطامي) بن حبيب الكلبي، عالم بالأدب والنسب، من أهل الكوفة، استقدمه المنصور إلى بغداد ليعلم ولده المهدي الأدب، وكان صاحب سمر، توفي سنة 155 هـ. (تاريخ بغداد 9/278، نزهة الألبا ص 42، اللباب 2/17) . [4] في ب: فقالوا نعرفه. بسقوط (ما) من سهو الناسخ. [5] الخبر في لطائف المعارف ص 85، والمعارف لابن قتيبة ص 233- 234. [6] ذو القرنين: هو الاسكندر الرومي، لأنه بلغ قطري الأرض، على قول. (الكنى والألقاب للقمي 2/257) . [7] سمي ذا النورين لأنه تزوج بنتي الرسول صلّى الله عليه وسلم، رقيّة، فلما توفيت، زوّجه الرسول أم كلثوم، ولا يعرف أحد تزوج بنتي نبي غيره. (تاريخ الخلفاء السيوطي ص 134 بعناية محمود الحلبي، ط دار المعرفة، بيروت 1997) . [8] خزيمة بن ثابت الأنصاري: صحابي، لقب بذي الشهادتين لأن شهادته جعلت كشهادة رجلين. (الكنى والألقاب 2/255) . [9] ذو البجادين: عبد الله بن سهم، سمي بذلك لأنه حين أراد السير ألى النبي صلّى الله عليه وسلم، قطعت أمه بجادا لها كساء باثنين، فأتزر بواحد وارتدى بآخر. (الكنى والألقاب 2/246) .

قتادة بن النعمان الأنصاري، أصيبت عينه يوم أحد، فردها النبي صلّى الله عليه وسلم، ذو اللسانين: موألة بن كشيف بن جمل بن خالدة [1] ، ذو اليمينين: عمرو بن عبد عمرو بن فضلة بن خزاعة، شهد بدرا، وكان لقبه ذا الشمالين، فسماه النبي صلّى الله عليه وسلم ذا اليمينين، ويقال له أيضا ذو اليدين، لأنه كان يعمل بيديه [2] . قلت: رجّح الحفّاظ أنه غيره، فان ذا الشمالين قتل ببدر، وذو اليدين المذكور في حديث السهو، قصته متأخرة، ويقال إن اسمه الخرباق [3] . وفات صاحب (اللطائف) من هذا النمط من الصحابة: ذو الأذنين: أنس بن مالك، ذو السيفين: أبو الهيثم بن التيهان، ذو العقيصتين: ضمام بن ثعلبة. ثم قال صاحب اللطائف:/ ومن غير الصحابة: ذو الرأسين خشين بن لأي بن شمخ الفزاري، وذو الرئاستين: أمية بن جشم بن قيس [4] ، والفضل بن سهل [5] ، ذو النصلين: عتيبة بن الحارث بن شهاب [6] ، ذو الخليطين: خالد بن عتّاب [7] ، ذو القلبين: جميل بن معمر، ذو الثنيتين: سهل بن عمرو، ذو القرحتين: سعيد بن العاص [8] ، ذو الرمحين: حذيفة المكنى أبا ربيعة، والد عمر بن أبي ربيعة [9] ، ذو القلمين: علي بن أبي سعيد بن

_ [1] قوله: (ذو اللسانين موألة بن كشيف بن جمل بن خالدة) في هامش الأصل. وفي كل الأصول: (كشف) بالشين، وفي أسد الغابة ت 5150: (موألة بن كثيف بن حمل بن خالد، وكان يدعى ذا اللسانين من فصاحته وبلاغته) ، (كثيف) بالثاء، وفي جمهرة أنساب العرب ص 287- 288: (مولة بن كنيف) . مولة، بدون همزة، وكنيف بالنون. [2] استشهد ذو الشمالين يوم بدر. (الكنى والألقاب 2/261) . [3] الخرباق بن عمرو: صحابي من بني سليم. (تهذيب الأسماء واللغات 1/185) . [4] ولم أجد ترجمة للأعلام السابقين. [5] الفضل بن سهل السرخسي: وزير المأمون، جمع بين الوزارة ورئاسة الجند، توفي سنة 202 هـ. (الكنى والألقاب 2/254) . [6] عتيبة بن الحارث بن شهاب التميمي: فارس تميم في الجاهلية، كان يضرب به المثل في الفروسية، لقب بصياد الفوارس. (جمهرة الأمثال 2/111، وجمهرة الأنساب ص 184) . [7] خالد بن عتاب بن ورقاء الرياحي: من أشراف الكوفة، من الأبطال، توفي سنة 77 هـ. (جمهرة الأنساب ص 216، وابن الأثير 4/165- 166) . [8] سعيد بن العاص الأموي القرشي: صحابي من الأمراء الفاتحين، ولي الكوفة لعثمان بن عفان، وولي المدينة لمعاوية بن أبي سفيان. كان قويا فيه تجبر وشدة، توفي سنة 59 هـ. (الإصابة ت 3261، طبقات ابن سعد 5/19) . [9] حذيفة المكنى أبا ربيعة: هو جد عمر بن أبي ربيعة وليس أباه، ففي وفيات الأعيان في ترجمة عمر بن أبي ربيعة 3/439 يقول: «وكان جده أبو ربيعة يلقب ذا الرمحين، واسمه عمرو، وقيل حذيفة، وقيل اسمه كنيته» . قلت: وسمي ذا الرمحين أيضا عامر بن وهب بن مجاشع: من بني محارب، من قيس عيلان، فارس جاهلي، يقال له ذو الرمحين، كان سيد قومه بني محارب، اشتهر بغارة له على بني باهلة، ظفر فيها وأسر جمعا عظيما، وكوى من أسر منهم على ألياتهم، فسمي ذلك اليوم (يوم كية العجب) . (المحبر

كنداحيق لأنه كان يتولى الخراج والجيش [1] ، ذو الحكمين: هرثمة بن أعين [2] ، ذو الوزارتين: صاعد بن مخلد [3] ، يعنون وزارة المعتمد ووزارة الموفق، ذو الكفايتين: أبو الفتح بن أبي الفضل ابن العميد [4] ، لكفايته ركن الدولة أمر الديوانين الخراج والجيش، ذات النطاقين: أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها [5] . أصابع زينب: ضرب من الحلواء، ببغداد، ولأبي طالب المأموني [6] : [الطويل] فما حملت كفّ الفتى متطعما ... ألذّ وأشهى من أصابع زينب مطر مصر: مثل للشيء النافع يتضرر به، لأن مصر إذا مطرت أضرّ بها المطر، وقال بعض الشعراء في مصر [7] : [الطويل] وما خير قوم تجدب الأرض عندهم ... بما فيه خصب العالمين من المطر [8] إذا بشّروا بالغيث ريعت قلوبهم ... كما ريع في الظلماء سرب القطا الكدر انتهى.

_ ص 456- 457، جمهرة الأنساب ص 248) وفي القاموس والتاج مادة (رمح) : ممن لقب بذي الرمحين: أبو ربيعة عمر بن المغيرة المخزومي، قاتل يوم الفجار برمحين، ومالك بن ربيعة بن عمرو، كان يقاتل برمحين في يديه، ويزيد بن مرداس بن أبي عام، أخو العباس بن مرداس الصحاب، وعبد بن قطن بن شمر. [1] علي بن أبي سعيد، أبو سعد، ذو القلمين. (الأغاني 10/75) . [2] هرثمة بن أعين: من الأمراء، قائد تولى مصر في أيام الرشيد، قتل بمرو مسجونا سنة 200 هـ. (الولاة والقضاة ص 136، النجوم الزاهرة 2/88- 90) . [3] صاعد بن مخلد: وزير من أهل بغداد، كان نصرانيا وأسلم على يد الموفق العباسي، لقب بذي الوزارتين، مات مسجونا سنة 276 هـ. (المنتظم 5/66، 101، الديارات ص 54، 175) . [4] ابن العميد: علي بن محمد بن الحسين، أبو الفتح، وهو ابن أبي الفضل (ابن العميد) وزير من الكتاب الشعراء، يلقب بذي الكفايتين (السيف والقلم) ، لقبه بذلك الخليفة الطائع لله، قتله مؤيد الدولة سنة 366 هـ. (معجم الأدباء 5/347- 375، يتيمة الدهر 3/25) . [5] أسماء بنت أبي بكر الصديق: صحابية من الفضليات، آخر المهاجرين والمهاجرات وفاة، وهي أخت عائشة لأبيها، وأم عبد الله بن الزبير، سميت (ذات النطاقين) لأنها صنعت للنبي صلّى الله عليه وسلم طعاما حين هاجر إلى المدينة، فلم تجد ما تشده به، فشقت نطاقها وشدت به الطعام، توفيت سنة 73 هـ. (طبقات ابن سعد 8/182، حلية الأولياء 2/55) . [6] المأموني: عبد السلام بن الحسين، يتصل نسبه بالمأمون العباسي، شاعر، عالم بالأدب، توفي بخراسان سنة 383 هـ. (وفيات الأعيان 3/320) ، والبيت مع آخر في يتيمة الدهر 4/185. [7] البيتان في لطائف المعارف ص 163، ومعجم البلدان (مصر) 5/141. مع خلاف يسير في الرواية. [8] في معجم البلدان: (من القطر) ، وهذه الرواية أجود.

من كتاب (مصباح الظلام في المستغيثين بخير الأنام)

من كتاب (مصباح الظلام في المستغيثين بخير الأنام) [1] للإمام شمس الدين محمد بن موسى بن النعمان [2] ، سمعت الشيخ أبا عبد الله محمد بن أبي الأنام يقول: كنت بمدينة النبي صلّى الله عليه وسلم، خلف محراب فاطمة، وكان الشريف مكثر القاسمي [3] نائما خلف المحراب المذكور، فانتبه فجاء إليه النبي صلّى الله عليه وسلم، فسلّم عليه، وجاء إلينا مبتسما، فقال له صواب خادم الضريح النبوي فيم تبسمت؟ فقال: كانت بي فاقة، فخرجت من بيتي، فأتيت بيت فاطمة، فاستغثت بالنبي صلّى الله عليه وسلم، وقلت: إني جائع، فنمت، فرأيت النبي صلّى الله عليه وسلم وقد أعطاني قدح لبن، فشربت حتى رويت، وها هو فبصق اللبن من فيه./ وقال ابن الجلا [4] : دخلت مدينة النبي صلّى الله عليه وسلم، وبي فاقة، فتقدمت إلى القبر، وقلت: ضيفك، فغفوت، فرأيت النبي صلّى الله عليه وسلم، فأعطاني رغيفا، فأكلت نصفه، وانتبهت وبيدي النصف الآخر. وقال الإمام أبو بكر بن المقري [5] : كنت أنا والطبراني [6] ، وأبو الشيخ [7] في حرم النبي صلّى الله عليه وسلم، وكنا على حالة، وأثر فينا الجوع وواصلنا ذلك اليوم، فلما كان وقت العشاء، حضرت قبر النبي صلّى الله عليه وسلم، فقلت: يا رسول الله، الجوع! الجوع! فقال الطبراني: اجلس، فاما أن يكون الرزق أو الموت، قال أبو بكر: فنمت أنا وأبو الشيخ، والطبراني جالس ينظر في شيء، فحضر الباب علوي، فدق الباب، ففتحنا له، فاذا معه غلامان، مع كل واحد منهما زنبيل، فيه شيء كثير، فجلسنا وأكلنا، وظننا أن الباقي يأخذه الغلام، فولي وترك عندنا الباقي، فلما فرغنا من الطعام، قال العلوي: أشكوتم إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلم؟ فاني رأيت رسول الله صلّى الله عليه وسلم/ في المنام، فأمرني أن أحمل بشيء إليكم.

_ [1] هدية العارفين 2/134. [2] أبو عبد الله المراكشي الفاسي التلمساني الصوفي المالكي، توفي سنة 683 هـ. (هدية العارفين 2/134) . [3] مكثر بن عيسى بن فليتة بن قاسم الهاشمي الحسني: أحد أمراء مكة، توفي سنة 597 هـ. (مرآة الجنان 3/494، خلاصة الكلام ص 121- 23، صبح الأعشى 4/271) . [4] ابن الجلا: محمد بن الحسن بن أحمد الأنصاري الخزرجي، من أعيان غرناطة، توفي سنة 350 هـ. (الذيل والتكملة 6/159) . [5] ابن المقري: محمد بن إبراهيم بن علي بن عاصم الخازن الأصبهاني، أبو بكر عالم بالحديث، له مصنفات منها: (المعجم الكبير) في الحديث، توفي سنة 381 هـ. (شذرات الذهب 3/101، الأعلام 5/295) . [6] الطبراني: سليمان بن أحمد بن أيوب اللخمي، محدث كبير له معاجم في الحديث، توفي سنة 360 هـ. (وفيات الأعيان 1/215، النجوم الزاهرة 4/59) . [7] أبو الشيخ: عبد الله بن محمد بن جعفر الأنصاري، مفسر ومحدث ثقة، توفي سنة 369 هـ. (تاريخ التراث العربي 11/404) .

وقال أبو الخير الأقطع: دخلت مدينة النبي صلّى الله عليه وسلم، وأنا بفاقة، فأقمت خمسة أيام ما ذقت ذواقا، فتقدمت إلى القبر، وسلمت على النبي صلّى الله عليه وسلم، وعلى أبي بكر وعمر، وقلت: أنا ضيفك يا رسول الله، وتنحيت ونمت خلف المنبر، فرأيت في المنام النبي صلّى الله عليه وسلم، وأبو بكر عن يمينه، وعمر عن شماله، وعلي بن أبي طالب بين يديه، فحركني علي وقال: قم، قد جاء رسول الله صلّى الله عليه وسلم، فقمت إليه، وقبلت بين عينيه، فدفع إليّ رغيفا، فأكلت نصفه، وانتبهت، فاذا في يدي نصف رغيف. وقال أحمد بن محمد الصوفي [1] : كنت في البادية ثلاثة أشهر، فانسلخ جلدي، فدخلت المدينة، وجئت إلى قبر النبي صلّى الله عليه وسلم، فسلمت عليه، وعلى صاحبيه، ثم نمت فرأيته [2] صلّى الله عليه وسلم في النوم، فقال: يا أحمد، جئت؟ قلت: نعم، وأنا جائع، وأنا في ضيافتك، فقال لي: افتح كفيك/ ففتحتهما، فملأها دراهم، فانتبهت وهي ملأى، وقمت فاشتريت لي خبزا حواري وفالوذجا [3] ، وأكلت وقمت للوقت ودخلت البادية. لما كانت سنة ثلاث وأربع مئة، أخذ أهل الكوفة جدري، أعمى منهم ألفا وخمس مئة رجل، كلهم من نسل من حضر قتل الحسين رضي الله عنه، وهذا من أعجب ما سمع. حدثنا أبو محمد عبد الله بن محمد الفقيه الحنبلي، قال: اجتمع جماعة قاصدين إلى مكة، وكان أحدهم كثير الصلاة، فمات، وأهمّهم دفنه، فنظروا إلى بيت شعر في الصحراء، فقصدوه، فاذا فيه عجوز، وإذا في البيت قدوم، فسألوها أن تدفع القدوم إليهم، قالت: فعاهدوا الله أنكم تردونه إليّ، فأعطوها ما أرادت، ثم أخذوا القدوم، فحفروا به قبرا، وواروا الرجل، ونسوا القدوم في القبر، وذكروا العهد، ودعتهم الضرورة إلى أن ينبشوا القبر، فاذا هو قد صار غلا في يد الميت إلى عنقه، فردوا عليه التراب، ورجعوا إلى العجوز، وخبروها الخبر، فقالت: لا إله إلا الله، رأيت رسول الله صلّى الله عليه وسلم/ في منامي فقال لي: احتفظي بهذه القدوم، فانها غلّ رجل يسبّ أبا بكر وعمر، رضي الله عنهما. سمعت السيد الشريف الفقيه الإمام العالم تقي الدين عبد الغني بن أبي بكر عبد الله الحسني الشافعي، يقول: بلغني عن بعض المتصدرين في القراءات بالجامع العتيق بمصر، أنه حلف بالطلاق الثلاث، أن لا يجيز أحدا يقرأ عليه مستحقا للإجازة إلا بعشرة دنانير، فاتفق أن جاء رجل فقير، فلما كمّل سأله الإجازة، فأخبره بيمينه، فتألم خاطره، واجتمع بأصحابه، فجمعوا له خمسة دنانير، فأتى بها إليه، فلم يأخذها، فخرج من عنده، فرأى

_ [1] هو أحمد بن محمد دوست دادا النيسابوري الصوفي الزاهد، شيخ الشيوخ، توفي سنة 479 هـ. (الوافي بالوفيات 8/14) . [2] في ب: فرأيت النبي صلّى الله عليه وسلم في النوم. [3] الخبز الحواري: الأبيض، الفالوذج: من الحلواء، وهو الذي يؤكل ويسوى من حب الحنطة.

المحمل يدار به، فقال: والله لا أنفقت هذه إلا في الحج، فاشترى ما يحتاجه، وسار حتى وصل إلى مكة، فلما قضى إربه منها، رجع إلى المدينة، فلما وصل قبر رسول الله صلّى الله عليه وسلم، قال: السلام عليك يا رسول الله، ثم قرأ عشرا جمع فيه الأئمة السبعة، وقال: هذه قراءتي على فلان، عن فلان، عنك، عن جبريل، عن الله تعالى، وقد سألت شيخي الإجازة فأبي إلا أن أعطيه عشرة دنانير [1] ، وقد استعنت بك يا رسول الله في/ تحصيلها، ثم نام، فرأى رسول الله صلّى الله عليه وسلم، فقال له: سلّم على شيخك، وقل له: الرسول يقول لك أجزني بلا شيء، فان لم يصدقك، فقل له بامارة: (زمرا، زمرا) ، فلما وصل الفقير إلى مصر، اجتمع بشيخه، وبلغه الرسالة عريّة عن الإمارة، فلم يصدقه، فقال له: بامارة: (زمرا، زمرا) ، فصاح الشيخ وخرّ مغشيا عليه، فلما أفاق قال له أصحابه: يا سيدنا، ما الخبر؟ فقال: كنت كثيرا ما أتلو القرآن، فمررت يوما على قوله عز وجل: ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنا مِنْ عِبادِنا فَمِنْهُمْ ظالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سابِقٌ بِالْخَيْراتِ بِإِذْنِ اللَّهِ [2] ، فقلت: ليت شعري، من أي الأقسام أنا. ثم قلت: لست من الثاني ولا الثالث بيقين، فتعيّن أن أكون من القسم الأول، فنمت تلك الليلة حزينا، فرأيت رسول الله صلّى الله عليه وسلم، فقال لي: (بشّر قرّاء القرآن، إنهم يدخلون الجنة زمرا زمرا) ، ثم أقبل على الفقير فقبّل وجهه وقال: أشهدكم على أنّي أجزته ليقرأ ويقرىء من شاء أنّى شاء. وسمعت يوسف بن علي الزناتي، يحكي عن امرأة هاشمية كانت مجاورة بالمدينة، وكان بعض الخدام/ يؤذيها، قالت: فاستغثت بالنبي صلّى الله عليه وسلم، فسمعت قائلا من الروضة يقول: أما لك فيّ أسوة؟ اصبري كما صبرت، أو نحو هذا، قالت: فزال عني ما كنت فيه، ومات الخدام الثلاثة الذين كانوا يؤذونني. سمعت الشيخ الصالح أبا زكريا الاسكندراني وكان من أولياء الله يقول: سمعت سيدهم الرشيدي [3] يقول: كنت بحرم رسول الله صلّى الله عليه وسلم، فاذا ظبية قد أقبلت من باب الرحمة، في وسط القائلة، حتى واجهت قبر النبي صلّى الله عليه وسلم، فوقفت من بعيد، وهي تومىء برأسها، كالمسلّمة عليه، وذرفت عيناها بالدموع، ثم تأخرت على عجزها، حتى خرجت ولم تول ظهرها تعظيما وتوقيرا للنبي صلّى الله عليه وسلم، حتى خرجت من الحرم، ونحن نشاهد ذلك، قلت: ترى هذه الظبية من نسل تلك الظبية التي أطلقها رسول الله صلّى الله عليه وسلم؟

_ [1] قوله: (إلا أن أعطيه عشرة دنانير) ساقطة من ب، ل. [2] فاطر 32. [3] الرشيدي: برهان الدين إبراهيم بن لاجين، المعروف بالرشيدي، نسبة والده إلى أمير بالقاهرة يسمى الرشيدي، كان فقيها عالما بالنحو وبالتفسير والقراءات، وطبيبا، تولى خطابة جامع الحسين، توفي بالقاهرة سنة 749 هـ شهيدا بالطاعون. (طبقات الشافعية للأسنوي 1/602- 603) .

في تذكرة المقريزي

قال: وجاءت امرأة بابن لها قد تحرك، فقالت: يا رسول الله، إن ابني هذا لم يتكلم منذ ولد، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: (أدنيه، فأدنته منه، فقال: من أنا؟ فقال: أنت رسول الله) انتهي./ قال الشيخ شهاب الدين أحمد بن الحسين بن رسلان الرملي [1] : [الطويل] عليك بخمس: فتنة القبر تمنع ... وتنجي من التعذيب عنك وتدفع رباط بثغر ليلها ونهارها ... وموت شهيد شاهر السيف يلمع ومن سورة الملك اقترا كل ليلة ... ومن روحه يوم العروبة تنزع [2] كذا شهيد البطن جاء ختامه ... وذو غيبة تعذيبه متنوع [3] في تذكرة المقريزي [4] قال المتكلمون على معاني الحروف: إن يأجوج ومأجوج، يخرجون في سنة ثمان وثمانين وثمانمائة، وقالوا: أخذنا ذلك من قوله تعالى: حَتَّى إِذا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ [5] والسرّ في (فتحت) ، لأن الفاء في حسابهم بثمانين، والتاء بأربعمئة، والحاء بثمانية، والتاء بأربعمئة، فجميع ذلك ثمانمائة وثمانية وثمانون. قلت: قد أكذبهم الله في ذلك. قال عمر بن الخطاب، رضي الله عنه: يعجبني أن يكون الرجل في أهله بمنزلة الصبي، فاذا احتيج إليه، كان رجلا. في مجموع للقاضي أمين الدين بن الزبير [6] : اجتمع أبو حامد الغزالي، بأبي الفرج الفقيه الصقلي، وكان قد ردّ عليه، ونسبه إلى الزندقة، فقال له: يا هذا، في هذه السنة أتحاكم أنا وأنت بين يدي الله تعالى، فماتا فيها جميعا.

_ [1] في الأصل: قال ابن رسلان، وبقية الاسم من: ب، ش. الرملي: أحمد بن أمين الدين حسين بن الحسن بن علي بن يوسف بن علي بن أرسلان، شهاب الدين المقدسي الشافعي، مصنف له مصنفات كثيرة، توفي سنة 844 هـ. (هدية العارفين 1/126) . [2] في الأصل وب: (ومن سورة الملك اقرأ) . ولا يستقيم بها الوزن، والتصويب من بقية النسخ. يوم العروبة: هو يوم الجمعة في الجاهلية. [3] البيت ساقط من نسخة ع. [4] المقريزي: أحمد بن علي بن عبد القادر الحسيني العبيدي، تقي الدين، مؤرخ الديار المصرية، أصله من بعلبك، سكن القاهرة، وولي الحسبة والخطابة والإمامة فيها، له تآليف كثيرة، منها: (المواعظ والاعتبار بذكر الخطط والآثار) ويعرف بخطط المقريزي، و (السلوك في معرفة دول الملوك) ، و (منتخب التذكرة) ، وغيرها، توفي سنة 845 هـ. (التبر المسبوك ص 21، البدر الطالع 1/79، معجم المطبوعات ص 1778) . [5] الأنبياء 96. [6] لم أقف عليه ولا على كتابه فيما تيسر لي من المصادر.

حكاية القاضي واللص

حكاية القاضي واللص أخبرني شيخنا شيخ الإسلام علم الدين البلقيني، إجازة عن أبي اليسر أحمد بن عبد الله بن الصايغ، أخبرنا أبو العباس أحمد بن عبد الرحمن المردادي، أخبرنا أبو عبد الله محمد بن عبد الرحيم بن عبد الواحد المقدسي، أخبرنا أبو المحاسن محمد بن السيد بن فارس الصفار، أخبرنا أبو القاسم الخضر بن الحسين بن عبدان الأزدي، أخبرنا أبو الفرج سهل بن بشر الأسفراييني، أخبرنا مشرف بن المرجى المقدسي، حدثنا أبو عبد الله الحسين بن محبوب المنصوري [1] ، حدثنا أبو العباس أحمد بن الحسين القاضي بنهاوند [2] ، حدثنا محمد بن الحسين الرازي، حدثني أبي عن جدي، عن محمد بن مقاتل الماشغوري قال: كان محمد بن الحسين [3] يكثر الإدلاج إلى بساتينه، فيصلي الصبح، ثم يعود إلى منزله إذا ارتفعت الشمس وعلا النهار، قال محمد بن مقاتل: فسألته عن ذلك فقال: بلغني في حديث عن النبي صلّى الله عليه وسلم أنه قال: (حبّب إليّ الصلاة في الحيطان) [4] ، وذلك أن أهل اليمن يسمون البستان الحائط، قال محمد بن الحسين: فخرجت إلى حائط لي لأصلي فيه صلاة الفجر، رغبة في الثواب والأجر، فعارضني لص جريء القلب/ خفيف الوثب، في يده خنجر كلسان الكلب، ماء المنايا تجول على فرنده، والآجال تلوح في حدّه، فضرب بيده على صدري، ثم مكّن الخنجر من نحري، وقال لي بفصاحة لسان، وجرأة جنان: انزع ثيابك، واحفظ إهابك، ولا تكثر كلامك فتلاقي حمامك، ودع عنك اللوم وكثرة الخطاب، فلا بد لك من نزع هذه الثياب. فقلت له: يا سبحان الله، أنا شيخ من شيوخ البلد، وقاض من قضاة المسلمين، يسمع كلامي ولا تردّ أحكامي، ومع ذلك فاني من نقلة حديث رسول الله صلّى الله عليه وسلم، منذ أربعين سنة، ومن علماء الإسلام بكل فريضة وسنّة، أما تستحي من الله أن يراك حين نهاك؟ فقال لي: بل يا سبحان الله، أنت أيضا، أما تراني شابا ملء بدني، أروق الناظر، وأملأ الخاطر، وآوي الكهوف والغيران [5] ، وأشرب ماء القيعان والغدران، وأسلك

_ [1] في ش: الأنصاري. [2] نهاوند: مدينة عظيمة في قبلة همذان، فتحت في زمن عمر بن الخطاب سنة 21 هـ فتحها النعمان بن مقرّن المزني. (ياقوت: نهاوند) [3] القاضي: محمد بن الحسين بن عبيد الله العلوي النصيبي، قاضي دمشق وخطيبها، ونقيب الأشراف فيها، كان أديبا بليغا له ديوان شعر، توفي سنة 408 هـ. (الوافي بالوفيات 3/7) . [4] مسند أحمد بن حنبل 1/245، 255، صحيح الترمذي، باب الصلاة ص 132. [5] الغيران: جمع الغور، كل منخفض من الأرض، والغور من كل شيء: قعره وعمقه. (اللسان: غور) .

مخوف المسالك، وألقي بيدي إلى المهالك [1] ، ومع ذلك فاني رجل وجل من السلطان، مشرد عن/ الأهل والأوطان، وحتى إني [2] أعثر في الندرة بواحد مثلك، وأتركه يمضي إلى منزل رحب، وعيش رطب، وماء عذب، وأبقى أنا ههنا أكابد التعب، وأناصب النّصب، وأجاهد السّغب [3] ، وأنشد له [4] : [الوافر] تري عينيك ما لم ترأياه ... كلانا عالم بالترّهات قال أبو العباس، قال له القاضي: يا هذا، إني أراك شابا فاضلا، ولصا عاقلا، ذا وجه صبيح، ولسان فصيح، ومنظر وشارة، وبراعة وعبارة. قال له اللص: هو كما تذكر، وفوق ما تنشر. قال له القاضي: فهل لك إلى خصلة تعقبك أجرا، وتكسبك شكرا، وتحقبك ذخرا، ولا تهتك مني سترا، ومع ذلك فاني مسلّم الثياب إليك، ومتوفز [5] بعدها عليك. قال اللص: وما هذه الخصلة؟ قال القاضي: تمضي معي إلى البستان، فأتوارى بالجدران، وأسلم إليك الثياب، وتمضي على المسار والمحاب. قال اللص: يا سبحان الله، تشهد لي بالعقل، وتخاطبني بالجهل،/ ويحك، من أمّنني منك أن يكون لك في البستان غلامان جلدان علجان [6] ، ذوا سواعد شديدة، وقلوب غير رعديدة، يشداني وثاقا، ويسلماني إلى السلطان، فتحكم فيّ آراؤه، ويقضي عليّ ما يشاؤه، فاما أن يوردني الحتف، وإما أن يسومني الخسف. قال له القاضي: لعمري إنه من لم يفكر في العواقب، فليس للدهر بصاحب، وحقيق بالرجل من كان السلطان له مراصدا، وحقيق باعمال الحيل من كان لهذا الشأن قاصدا، وسبيل العاقل أن لا يغتر بعدوه، بل يكون منه على حذر، وإن كان لا حذر من قدر، ولكني أحلف لك أليّة [7] مسلم، وجهد مقسم، أني لا أوقع بك مكرا، ولا أضمر لك غدرا. فقال اللص: لعمري لقد حسّنت عبارتك ونمّقتها، وحسّنت إشارتك وطبّقتها، ونثرت [8] حبّ خبرك على فخ خيرك، وقد قيل في المثل السائر على ألسنة العرب،

_ [1] في ش: في المهالك. [2] في ش: ومتى إني. [3] في ب: وأشاهد الشغب. [4] البيت لسراقة البارقي في ديوانه ص 78 تحقيق حسين نصار، ط لجنة التأليف 7491. ورواية الديوان: أري عينيّ ما لم ترأياه. والقياس أن يقول: ما لم ترياه، ويكون في الشطر زحاف. [5] متوفز: معجل، والوفز: العجلة، وتوفز لكذا: تهيأ له. [6] العلج من الرجال: الشديد الكثير الصّرع لأقرانه، المعالج للأمور، والعلج: كل جاف شديد من الرجال. (اللسان: علج) [7] الألية: اليمين. [8] في ش: ونشرت.

والمستفيض في عرصات الأدب: (أنجز حرّ ما وعد) [1] ، ووفى بما عهد، أدرك الأسد/ قبل أن يلتقي على الفريسة لحياه، ولا يعجبك من عدوّ حسن محياه، وأنشد: [الخفيف] لا تخدشن وجه الحديث فانّا ... قد كشفناه قبل كشفك عنه واطلعنا عليه والمتولي ... قطع أذن العيار أعير منه [2] ثم قال اللص: ألم يزعم القاضي أنه كتب الحديث زمانا، ولقي منه من الشيوخ كهولا وشبانا، حتى فاز ببكره وعونه، وحاز منه فقر متونه وعيونه [3] . قال القاضي: أجل. قال اللص: فأي شيء كتبت في هذا المثل، الذي ضرب لك فيه المثل، وأعملت لك فيه الحيل؟ فقال القاضي: ما يحضرني في هذا المقام الحرج الالتزام، المؤذن صاحبه بالإرغام، حديث أسنده، ولا خبر أورده، فقد قطعت هيبتك كلامي، وصدعت قبضتك عظامي، فلساني كليل، وجناني عليل، وخاطري نافر، ولبي طائر. قال اللص: فليسكن لبّك، وليطمئن قلبك، اسمع هذا ويكون بثيابك، حتى لا تذهب ثيابك إلا بالفوائد. قال القاضي: هات. قال/ اللص: حدثني أبي عن جدي ثابت البناني [4] عن أنس بن مالك، قال، قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: (يمين المكره لا تلزمه، فان حلف وحنث فلا شيء عليه) ، وأنت إن حلفت حلفت مكرها، وإن حنثت فلا شيء عليك، انزع الثياب. قال القاضي: يا هذا أعييتني بمضاء جنانك، وذرابة لسانك، وأخذك عليّ الحجج من كل وجه وجانب، بألفاظ كأنها لسع العقارب، أقم ههنا حتى أمضي إلى البستان، فأتوارى بالجدران، وأدفعها إلى صبي غير بالغ، تأمن مكره، تنتفع أنت بها، ولا أنهتك أنا، ولا يجري على الصبي حكومة لصغر سنه، وضعف متنه. قال اللص: يا إنسان، قد أطلت المناظرة، وأكثرت المحاورة، ونحن على طريق ذي غرر [5] ، ومكان صعب وعر، وهذه المراوغة لا تنتج لك نفعا، ولا تستطيع لما أرومه منك دفعا، ومع هذا فتزعم أنك من أهل العلم والرواية، والفهم/ والدراية، وقد روي عن النبي صلّى الله عليه وسلم، أنه قال: (الشريعة شريعتي، والسنة سنتي، فمن ابتدع في شريعتي وسنتي

_ [1] المثل في مجمع الأمثال للميداني 2/332، والمستقصى في الأمثال 1/384، وفصل المقال ص 85. [2] العيار: جمع العير، وهو حمار الوحش. [3] قوله: (وحاز منه فقر متونه وعيونه) ، ساقطة من نسخة ب، ل. [4] ثابت البناني: ثابت بن أسلم البصري، روى عن أنس وابن الزبير وابن عمر، وغيرهم، له نحو مئتين وخمسين حديثا، وهو ثقة، توفي سنة 127 هـ. (تهذيب التهذيب 2/42) . [5] الغرر: الخطر، والتعريض للهلكة.

فعليه لعنة الله) [1] . قال القاضي: يا رجل، وما ههنا من البدع؟ قال اللص: اللصوصية بنسيئة بدعة، انزع ثيابك، فقد رأيت لك، وأرخيت طولك، وأوسعت مجالك، ولم أشد عقالك، حياء من حسن عبارتك، وقوة بلاغتك، وتقلبك في المناظرة، وصبرك تحت المخاطرة. فنزع القاضي ثيابه، ودفعها إليه، وبقي في السراويل. فقال اللص: انزع السراويل كي تتم الخلعة. قال القاضي: يا هذا دع عنك هذا الاغتنام، وامض بسلام، ففي ما أخذت كفاية، ودع هذا السراويل [2] ، فانه لي ستر ووقاية، لا سيما وهذه صلاة الفجر قد أزف حضورها، وقرب وقوعها، وأخاف أن تفوتني، فأصليها في غير وقتها، وقد تعمدت تركها رجاء أن أفوز بها في مكان يحطّ فيه وزري، ويضاعف فيه أجري، ومتى منعتني/ من ذلك، كنت كما قال الشاعر: [الكامل] إنّ الغراب وكان يمشي مشية ... فيما مضى من سالف الأحوال [3] حسد القطاة فرام يمشي مشيها ... فأصابه ضرب من العقّال فأضلّ مشيته وأخطأ مشيها ... فلذاك كنّوه أبا المرقال فقال اللص: القاضي أيده الله [4] يرجع إلى خلعة غيرها، أحسن منها منظرا، وأجود خطرا، وأنا لا أملك سواها، ومتى لم تكن السراويل في جملتها، ذهب حسنها، وقلّ ثمنها، ولا سيما والتكة مليحة وسيمة، ولها مقدار وقيمة، فدع عنك ضرب الأمثال، واقلع عن ترداد المقال، فاني لست ممن يلهى بالمحال، ما دامت الحاجة ماسة إلى السراويل، ثم أنشأ يقول [5] : [الرجز] دع عنك ضربك سائر الأمثال ... ولتسمعن إن شئت فضل مقال لا تطلبن مني الخلاص فانّني ... أفتي أذا ما جئتني بسؤال ولأنت إن أبصرتني أبصرت ذا ... قول وعلم كامل وفعال جارت عليه يد الليالي فانثنى ... يبغي المعاش بصارم قصّال فالموت في ضنك المواقف دون أن ... ألقى الرجال بذلّة التسآل

_ [1] الدارمي، المقدمة ص 23. [2] السراويل: لباس يذكر ويؤنث، جمعه سراويلات. [3] كلمة (يمشي) ساقطة من نسخة ع، في ش: من سائر الأحوال. [4] في ش: أيده الله تعالى. [5] في ش: يقول الشاعر.

والعلم ليس بنافع أربابه ... أو لا فقوّمه على البقّال ثم قال: ألم يذكر القاضي أنه يتفقّه في الدين، ويتصرّف في فتاوى المسلمين؟ قال القاضي: أجل، قال اللص: فمن صاحبك من أئمة الفقهاء، وصدور العلماء؟ قال القاضي: صاحبني محمد بن إدريس الشافعي، قال اللص: اسمع هذا ويكون بالسراويل، حتى لا يذهب السراويل بالفوائد، قال القاضي: أجل، قال اللص: يا لها من نادرة، ما أغربها، وحكاية ما أعجبها أن يخفى عنك مثل هذا المقدار، وأنت تعتزي إلى الفقهاء والنظّار، إنما أنت محنة على الإسلام، ومعرّة على الحكام، ثم قال: أي شيء قال صاحبك في صلاة الفجر وغيرها وأنت عريان [1] ، قال القاضي: لا أدري. قال اللص: حدثني أبي عن جدي عن محمد بن إدريس الشافعي، يرفعه باسناده عن النبي صلّى الله عليه وسلم، قال:/ (صلاة العريان جائزة ولا إعادة عليه) [2] ، وتأول في غرقى البحر إذا أعطبوا، وسلموا إلى الساحل. فنزع القاضي السراويل، وقال: خذه، فأنت أشبه بالقضاء [3] مني وأنا أشبه باللصوصية منك، يا من درس على أخذ ثيابي موطأ مالك، وكتاب المزني، ومد يده ليدفعه إليه، فرأى الخاتم في أصبعه اليمنى، فقال: انزع الخاتم، فقال: إن هذا اليوم ما رأيت أنحس [4] منه صباحا، ولا أقلّ نجاحا، إذ رماني بهذا الأمر المنكر، وقصدني بأمر حبوكر [5] ، ويحك ما أشرهك، وأرغبك وأشد طلبك وكلبك، دع هذا الخاتم، فانه عارية معي، وإنما خرجت ونسيته في إصبعي، ولا تلزمني غرامته أكثر من قيمته. فقال اللص: يزعم القاضي أنه شافعي المذهب، وهو فيه طويل الباع والمنكب، قال: نعم، قال اللص: فلم تختمت به في اليمين؟ قال القاضي: هو مذهبنا، قال اللص: صدقت، إلا أنه صار التختم في اليمين من شعار المضادين، فحصل فرق بين/ المخالف والموالف، قال القاضي: ومع هذا فاني أعتقد ولاء أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، رضي الله عنه، وتفضيله على كل المسلمين، من غير طعن على السلف الراشدين، ولا عدول [6] عن السنة والدين، وهذا حلية اعتقادي، وعلى مذهب الشافعي في الحكومة اعتمادي، وعليه سائر أهل بلادي.

_ [1] (وأنت) سقطت من نسخة ب. [2] المدونة الكبرى 1/95. [3] في ب: أشبه بالقاضي مني. [4] كلمة (أنحس) ساقطة من الأصل، ب، ل.. [5] الحبوكر: كغضنفر، رمل يضل فيه السالك، والداهية. (القاموس المحيط: حبكر) [6] في ش: ولا عدوان.

قال اللص: نعم ما ذهبت إليه واعتمدت عليه، إن قال لك قائل: بم استحق عليّ أن يكون أفضل الناس بعد رسول الله صلّى الله عليه وسلم؟ قال القاضي: الجواب في ذلك أن عليا إنما استحق الفضل على من سواه من الصحابة والقرابة، لأنه أقربهم منه لحمة، وأدناهم حرمة، وأزكاهم مركبا، وأطيبهم منصبا. قال اللص: ذلك الذي أوجب له الفضل على من سواه من المهاجرين السابقين والأولين الصادقين؟ قال القاضي: نعم، قال اللص: فالعباس إذن أفضل منه لأنه أقرب إلى الرسول صلّى الله عليه وسلم منه، لأن الله تعالى يقول في كتابه: وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللَّهِ [1] ، وقد أجمع المسلمون/ أنه لو أن رجلا هلك وترك عمّا وابن عمّ، لكان المال للعم دون ابن العم، وهذا ما لا خلاف فيه. قال القاضي: فان العباس لا هجرة له، وعليّ له الهجرة، قال اللص: فبطلت [2] علة القرابة، وصار الفضل للهجرة، قال القاضي: نعم، قال اللص: فجعفر بن أبي طالب له هجرة وهو ابن عم رسول الله صلّى الله عليه وسلم، فلو نازعك منازع في أنه أفضل من علي، فما يكون جوابك؟ قال القاضي: فعليّ لم يشرك بالله طرفة عين، ولا علم منه خلف ولا مين [3] ، وهو أقدم إيمانا منه ومن العباس، قال اللص: فبطل إذن الوجه الثاني، وصار الفضل لقدم الإيمان، قال القاضي: نعم، قال اللص: فأبو بكر رضي الله عنه أقدم إيمانا من الكل، قال القاضي: أبو بكر انتقل عن شرك، قال اللص: أليس من لم يشرك، أفضل عندكم ممن أشرك؟ قال القاضي: بلى، قال اللص: فأيما أفضل، عائشة أو خديجة أو غيرها من نساء النبي صلّى الله عليه وسلم، اللواتي لم يشركن بالله؟ قال القاضي: خديجة، قال اللص: فبطل إذن/ قدم الإيمان، قال القاضي: إلا أن عليا مع قدم إيمانه، وحسن إيقانه، وإيضاح برهانه، له اتصال نسب وقوة سبب، قال اللص: أو كل من كان أقرب، كان أفضل؟ قال القاضي: أجل، قال اللص: ففاطمة أقرب إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلم أم عليّ؟ قال القاضي: فاطمة، قال اللص: فبطلت علّيّة القرابة، قال القاضي: فانّ عليا مع تقدم إيمانه، له جهاد، قال اللص: فكذلك أيضا إيمان أبي بكر، تقدم إيمان عليّ، وله جهاد وولاية، ولأنه أول من آمن بالله [4] ، وجاهد وسبق إلى الصدق، ونصر رسول الله صلّى الله عليه وسلم، حين لا معين له من أهل بيته وأقاربه، وأدنى عشيرته وأصحابه، فهو أول من سارع إلى إجابته، ودعا الناس إلى تبعيته، وبذل بين يديه الأموال، ولاقى بمهجته الأهوال، قال القاضي: كيف تقدم أبا بكر على عليّ وهو يعترف أن له شيطانا يعتريه، يقول: ألا إن لي شيطانا يعتريني، فاذا رأيتم ذلك فلا تقربوني،

_ [1] الأنفال 70. [2] في ب: فتطلب علة القرابة. [3] في ب، ل: ميل. [4] في ش: آمن برسول الله.

لا أوثر في أشعاركم وأبشاركم [1] ،/قال اللص: لعمرك لقد قال هذا في ملأ من المهاجرين والأنصار، إلا أنه ليس على وجه الأرض ذو عقل فاصل، ولا لبّ حاصل، يرى أن أبا بكر رضي الله عنه كان مجنونا، ولا مغيرا مأفونا، ولو كان على مثل هذه الحال، لما خفي أمره على الصحابة والقرابة، ولا تركوا بأسرهم دفعه عن الخلافة [2] بالاحتجاج أنه مجنون، يحتاج إلى علاج، دون إمامة الأمة وخلافة رسول الله صلّى الله عليه وسلم، وهذا جهل ممن بلغ إليه، وتكلم عليه، وإنما قال ذلك كقول رسول الله صلّى الله عليه وسلم: (ما من أحد إلا وله شيطان) ، قالوا: ولا أنت يا رسول الله؟ قال: (ولا أنا، إلا أن الله أعانني عليه فأسلم) [3] ، وإنما قال ذلك أبو بكر، ليتوقوا وقت غضبه، قال القاضي: أليس هو القائل: وليتكم ولست بخيركم؟ [4] قال اللص: في هذا وجوه، منها أنه قال ذلك محتجا على الأنصار، لأنه قد وليهم بالصلاة، ورسول الله صلّى الله عليه وسلم حاضر، ولعمري أنه لا يجوز أن يكون/ خير قوم أحدهم رسول الله صلّى الله عليه وسلم، فكأنه قال: لا أليكم مع عدمه، وقد وليتكم في وجوده، ولست بخيركم، ومنها أنه أراد: ولست بخيركم قبيلة، لأن بني هاشم أعلى منه في ذروة النسب، وأقعد في الصيت والمذهب، يدلهم بهذا على أن هذا الأمر لا يستحقّ بعلو النسب، ولا هو مقصور على بني هاشم دون غيرهم من قريش، لقول رسول الله صلّى الله عليه وسلم: (الأئمة من قريش) [5] . قال القاضي: كيف تحقق هذا الأمر، وهو يقول: أقيلوني، أقيلوني. قال اللص: قد قال ذلك لما في إقامة الأمر من تحمل [6] ثقل الإمامة، وذلك لفضله وعقله وورعه وخشيته وثخانة ديانته، لا لما يقعده عن ذلك، ولا ينبغي لفاضل عرضت عليه، أن يظهر المسارعة إليها والوثوب عليها، فان ذلك يلقيه في الظّنّة، ويورطه في التهمة. قال القاضي: كيف تثبتون له هذا الأمر، وعمر بن الخطاب يقول على المنبر، فسمعه الأسود والأحمر: «ألا إن بيعة أبي بكر [7] كانت فلتة/ وقى الله شرها، فمن عاد إلى مثلها فاقتلوه» . قال اللص: مهما شككنا في شيء، فانّا وإياكم لا نشك أن عمر رضي الله عنه، كان عاقلا، ولم يكن مجنونا مختلطا، وهذا الكلام إن حمل على ما قلتم، صار في حكم الجنون من قائله، لأن عمر يحتاج في إثبات إمامته، والدعاء إلى خلافته لعقد عهد أبي بكر

_ [1] في ش: أشعاركم وآثاركم. [2] في ب، ل: على الخلافة. [3] مسند أحمد بن حنبل 4/85، 86، 288، 5/54، 56. [4] الاحتجاج للطبرسي 2/152. [5] مسند أحمد 4/129، 183، 4/421. [6] في ش: من ثقل الإمامة. بدون (تحمل) . [7] قوله: (أبي بكر) ساقطة من ب. في ل: بيعة أبا بكر.

رضي الله عنه إليه، ودعاء الناس إلى إتباعه من بعده، فاذا كانت بيعة أبي بكر باطلة، وجب أن يكون عهده إلى عمر كذلك، ووجب أن تكون بيعة عمر باطلة، ووجب أن يقول له الناس من الصحابة والقرابة والأنصار، فأنت أيضا ممن يجب قتلك، ولا يجب العمل على عهدك في الشورى، والمعنى في هذا القول، أن عمر رضي الله عنه كان يعتقد أن أبا بكر كان أفضل الأمة، وإن كان يستحق أخذ [1] الخلافة بالحجة والمناظرة، وإن من بعده يتفاوتون في الرتبة، ولا يستحقون على ذلك الوجه، وقوله: (كانت فلتة) ، أي تمت على غير إعمال فكر وروية، واستوسعت فجأة،/ وقوله: (وقى الله شرها) أي شر الخلاف عليها، وشق العصا عند تمامها، وقوله: (من عاد إلى مثلها فاقتلوه) ، إنما أراد إلى مثل قول الأنصار: (منا أمير ومنكم أمير) ، وإرادة إخراج الأمر من قريش إلى غيرهم، وهذان الأمران حرام فعلهما في الدين، وفتنة بين المسلمين. قال القاضي: فاذا كنت قد فضلت أبا بكر على عليّ، فقد غضضت من عليّ، قال اللص: من قصد إلى ذلك فهو ضال، غير مرشد ولا موفق مسدد، ولو كان ما تذهب إليه وتظنه وتكنّه [2] ، لكان من فضّل عليا على فاطمة والحسن والحسين، فقد غضّ منهم، وعدل بالفضل عنهم، وهذا ما لا يقوله مسلم، ولا يعتقده مؤمن، فان النبي صلّى الله عليه وسلم قال، وقد حمل الحسن والحسين على عاتقه: (نعم المطي مطيكما، ونعم الراكبان أنتما، وأبو كما خير منكما) [3] ، ولم يرد بذلك غضّا ولا عدولا بالفضل عنهما،/ ولكن تحرّى في ذلك الصدق، وقصد في كلامه الحق. قال القاضي: فان النبي صلّى الله عليه وسلم حمل عليا [4] يوم وقع الأصنام، فأظهر الله الإسلام، قال اللص: هذه فضيلة لعليّ غير مجحودة ولا مردودة، ولكنه قد حمل عائشة وهي صغيرة، وحمل أمامة [5] بنت العاصي بن الربيع على كتفه، وهذا في الرواية مأثور، عن ثقات أهل الحديث مشهور. قال القاضي: فقد قال النبي صلّى الله عليه وسلم: (أنا من عليّ وعليّ مني) [6] ، قال اللص: هذا ما

_ [1] في ش: يستحق الخلافة. [2] في ش: وتظنه وتضمره في نفسك وتكنه. [3] في تهذيب تاريخ ابن عساكر 4/207 جاء عن جابر قوله: (دخلت على رسول الله صلّى الله عليه وسلم، وهو حامل الحسن والحسين على ظهره، وهو يمشي بهما، فقلت: نعم الجمل جملكما، فقال: نعم الراكبان هما) ، أما الجزء الأخير من الحديث فقد ورد في موضع آخر، هو قوله صلّى الله عليه وسلم: (الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة، وأبوهما خير منهما) . (تهذيب تاريخ ابن عساكر 7/365) . [4] في ب: حمل علينا. وهو تحريف. [5] في ب، ل: وحمل بنت العاصي. بحذف (أمامة) . [6] شرح صحيح البخاري 8/27.

لا ندفعه، ولا نمنعه، ولكنه قال أيضا للعباس: (أنا من العباس والعباس مني) [1] ، فأيّ فضل لعلي على العباس، في هذا الاختصاص؟ قال القاضي: فقد قال لعلي: (أنت أخي) [2] ، قال اللص: لعمري لقد قال ذلك مرارا، وأشار إليه سرا وإعلانا وإجهارا، ولكن قال ذلك له على مذهب الفضل له والرفعة لمكانته، أم على طريق الحقيقة؟ قال القاضي: على مذهب المجاز، قال اللص: فنحن وأنتم نروي عن النبي صلّى الله عليه وسلم أنه قال: (واشوقاه إلى إخواني الذين يأتون من بعدي، فيؤمنون بي ولم يروني) [3] ، فسمى المسلمين إخوانا، وقال لأبي بكر/: (أخي ورفيقي وصاحبي) [4] ، وقال: (إن الله أمرني أن أتخذ أبا بكر والدا، وعليا أخا) [5] ، فالوالد في المبالغة في المدح والتقريب والفضل، أفضل من الأخ، كما أنه في الحقيقة كذلك، ثم قال: (وزنت بالأمة فرجحت بها، ووزن أبو بكر بالأمة فرجح بها) [6] . قال القاضي: اسمع هذا، حدثنا حمزة الفوقلي قال، أخبرني عمي، عن أبيه، عن جده، قال، أخبرني الحسن بن علي، قال، أخبرتني فاطمة رضي الله عنها، قالت: قال لي رسول الله صلّى الله عليه وسلم: (أخبرني جبريل عن كاتبي عليّ أنهما قالا: لم نكتب عليه ذنبا منذ صحبناه، فكيف يساويه مساو، ويناويه مناو) [7] ، وهذا قوله صلّى الله عليه وسلم فيه. قال اللص: اسمع هذا، أخبرني أبي عن جدي، عن أبيه، عن مالك بن أنس، عن نافع عن عبد الله بن عمر قال، قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: (إنّ حافظي أبي بكر ليفخران على سائر الحفظة لكينونتهما في صحبة أبي بكر، وذلك أنهما لم يكتبا عليه منذ صحباه ذنبا) [8] ، قال القاضي: فان عليا [9] بات على فراش رسول الله صلّى الله عليه وسلم، ليلة الغار، غير جزوع ولا فزوع، قال اللص: في كلامك هذا إيهام، أن أبا بكر كان مع النبي/ صلّى الله عليه وسلم في الغار جزوعا فزوعا، وهو خلاف ما ذهبت إليه.

_ [1] تهذيب ابن عساكر 7/432. [2] الترمذي، مناقب 20، شرح صحيح البخاري 8/78، مسند أحمد بن حنبل 1/230. [3] النسائي، إيمان 18. [4] عمدة القاري في شرح البخاري 16/177. شرح البخاري 8/18. [5] الفوائد المجموعة للشوكاني 384، كشف الخفا للعجلوني 1/258، 508، الموضوعات لابن الجوزي 1/402. [6] أبو داود، رؤيا 10، مسند أحمد بن حنبل 4/63، 25، 44، 50، 576. [7] لم أجد هذا الحديث في كتب الحديث المعتمدة، وهناك حديث يقرب من معناه في اللآليء المصنوعة للسيوطي 1/189. [8] لم أجد هذا الحديث في كتب الحديث المعتمدة. [9] في ش: فان عليا رضي الله عنه.

قال القاضي: فالله تعالى يقول: ثانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُما فِي الْغارِ، إِذْ يَقُولُ لِصاحِبِهِ لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنا [1] ، قال اللص: الحزن غير الجزع، وإنما حزن أبو بكر [2] أن يصيب رسول الله، صلّى الله عليه وسلم، شيء، فينهدم سور الإسلام، وينحلّ نظامه، ويفرق التئامه، فلا يعبد الله، فلأجل هذا كان حزنه، وكان أكثر حزنه على دين الله سبحانه وتعالى، ولم يكن حزنه جزعا على نفسه، ولا على ماله وولده وعرسه، كيف يكون كذلك، وقد فارق الأهل والولد والمال والبلد، وخرج مع رسول الله صلّى الله عليه وسلم، يدعو القبائل، فأما قوله: ثانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُما فِي الْغارِ إِذْ يَقُولُ لِصاحِبِهِ لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنا ، فوجه الدلالة على فضل أبي بكر [3] في هذه الآية من ستة مواضع: الأول: أن الله تعالى ذكر النبي صلّى الله عليه وسلم، وذكر أبا بكر، فجعله ثانيه في الرتبة، فقال: ثانِيَ اثْنَيْنِ. الثاني: أنه وصفهما بالاجتماع معا في مكان واحد، لتأليفه بينهما، فقال: إِذْ هُما فِي الْغارِ . الثالث: أن الله تعالى أضافه إليه لذكره الصحبة، فجمع بينهما لمقتضى الرتبة، فقال: إِذْ يَقُولُ لِصاحِبِهِ لا تَحْزَنْ ./ الرابع: أنه أخبر عن شفقة النبي صلّى الله عليه وسلم، ورفقه به، ومحله منه، فقال: لا تَحْزَنْ. الخامس: أنه أخبره أن الله تعالى معهما، على حد سواء، ناصر لهما [4] ، فقال: إِنَّ اللَّهَ مَعَنا. السادس: أنه أخبر عن نزول السكينة على أبي بكر، لأن الرسول عليه السلام، لم تفارقه السكينة قط، قال: فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ ، فهذه ستة مواضع، تدل على فضل أبي بكر من آية الغار، ولا يمكنك ولا لغيرك الطعن عليها، ولا النقض لها. قال القاضي: فان الله تعالى يقول: إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ راكِعُونَ [5] ، وعنى في هذه الآية عليّا، قال اللص [6] : فلأبي بكر مثلها، وهو قوله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكافِرِينَ يُجاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ

_ [1] التوبة 40، وتمام الآية: إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُما فِي الْغارِ إِذْ يَقُولُ لِصاحِبِهِ لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنا فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْها وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ. [2] في ش: حزن أبي بكر. [3] في ب، ل: رضي الله عنه. [4] في ش: ناصر لهما معا. [5] المائدة 55. [6] في ب: قال القاضي، وهو من سهو الناسخ.

وَلا يَخافُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ الآية [1] ، فكانت الردة بعد رسول الله صلّى الله عليه وسلم، فنكل عنها أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلم، إلا أبا بكر وحده، فانه لم تأخذه في الله لومة لائم في قتال أهل الردة، فقال له عمر: يا خليفة/ رسول الله، اقبل منهم الصلاة، ودع لهم الزكاة، فالصلاة أفضل قواعد الإسلام، فلم يقبل منه. قال القاضي: فان الله سبحانه وتعالى يقول: الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهارِ سِرًّا وَعَلانِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ [2] ، نزلت هذه الآية في عليّ، وكانت معه أربعة دنانير، فتصدق منها بدينار سرا، ودينار علانية، ودينار ليلا، ودينار نهارا، فأخبر الله تعالى عنه بفعله، إعلاما بشأنه، وتنبيها على مكانه. قال اللص: فلأبي بكر مثلها، فان الله تعالى يقول [3] : وَاللَّيْلِ إِذا يَغْشى وَالنَّهارِ إِذا تَجَلَّى وَما خَلَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنْثى إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى [4] ، فجعل أعمال أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلم شتى، ثم قال: فَأَمَّا مَنْ أَعْطى وَاتَّقى وَصَدَّقَ بِالْحُسْنى [5] ، ثم قال: الَّذِي يُؤْتِي مالَهُ يَتَزَكَّى وَما لِأَحَدٍ عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزى إِلَّا ابْتِغاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلى وَلَسَوْفَ يَرْضى [6] ، نزلت هذه الآية في أبي بكر رضي الله عنه، وما أرى [7] أن يخفى عنك، ولا عن مثلك من ذوي الألباب والعلم، فضل ما بين هاتين الآيتين، أنه لا خلاف بين المسلمين/ أن أبا بكر أنفق أربعين ألف درهم، يريد بها وجه الله ربه الأعلى، حتى تخلل بالعباء، فقرا في طاعة الله وطاعة رسوله. قال القاضي: فان الله تعالى يقول: أَجَعَلْتُمْ سِقايَةَ الْحاجِّ وَعِمارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَجاهَدَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لا يَسْتَوُونَ عِنْدَ اللَّهِ [8] ، نزلت هذه الآية في عليّ، قال اللص: فلأبي بكر مثلها، قال الله سبحانه: لا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقاتَلَ أُولئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقاتَلُوا [9] ، نزلت هذه الآية في أبي بكر، وقد أنفق ماله على رسول الله صلّى الله عليه وسلم، وهو أول من قاتل معه بمكة، وقد اجتمع المشركون على رسول الله صلّى الله عليه وسلم، فجاء أبو بكر، فمانعهم عنه ودافعهم دونه،

_ [1] المائدة 54. [2] البقرة 274. [3] في ش: قال الله تعالى. [4] الليل 1- 4. [5] الليل 5، 6. [6] الليل 18- 21. [7] في ش: وما لدي أن يخفى. [8] التوبة 19. [9] الحديد 10.

فأخبر الله عنه بذلك. قال القاضي: فحبّ عليّ فريضة على أمّة محمد صلّى الله عليه وسلم جميعا، فان كان أبو بكر من أمته، دخل في هذه الفريضة، قال تعالى: قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى [1] ، وقد أجمع أهل البيت أن عليّا أفضلهم منزلة عند الله ورسوله. قال اللص: فلأبي بكر مثلها، قال الله سبحانه: وَالَّذِينَ جاؤُ مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنا وَلِإِخْوانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونا بِالْإِيمانِ [2] ولا خلاف/ بين الأمة أن أبا بكر رضي الله عنه إمام السابقين، وأول الصادقين، وأوجب الله على كل مؤمن أن يستغفر له، ولا يستغفر لأحد إلا لمن يحب، فحبه إذن فرض، كما أخبر الله سبحانه، وبغضه كفر. قال القاضي: فأوجد في ذكر خلافة أبي بكر في التنزيل. قال اللص: نعم، قال الله تعالى: وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلائِفَ الْأَرْضِ وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجاتٍ [3] ، وقال تعالى: وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفاءَ الْأَرْضِ [4] ، فأخبر أن الخلفاء أعظم منزلة، وأرفع درجة عنده من غيرهم، وقال تعالى: وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ [5] ، فذكر خلافته في التوراة والإنجيل والقرآن، ووعدهم بأن يستخلفهم ووفّى لهم بذلك، وأوجب فرض طاعتهم على أهل زمانهم، وفي بعض هذه دلالة كافية، وحجة شافية، وما أراكم توردون فضيلة إلا ولنا أمثالها، ولا تظهرون منقبة إلا وعندنا أشكالها، ولا تختالون في دفع فضل لنا، إلا وعندنا/ في نقضه حجة قاطعة، وبراهين لامعة، وليس كل خبر يورد، ولا حديث يسند، إلا وعندنا من تأويله فنون، ومن علمه متون وعيون، فان جهلتم الفضل على مثل هذه الأخبار، قلنا: فقد قال في عمر بن الخطاب: (لو كان بعدي نبي لكان عمر) [6] ، وإن قلتم: إنما الفضل بالشجاعة، فقد شهد النبي صلّى الله عليه وسلم للزبير بها، وقال في حمزة: (أسد الله) ، وقال في خالد: (سيف الله) ، ثم قال صلّى الله عليه وسلم: (أنا في ميزان عمي العباس) [7] .

_ [1] الشورى 23. [2] الحشر 10. [3] الأنعام 165. [4] النمل 62. [5] النور 55. [6] المعجم الكبير للطبراني 17/310، وفي عمدة القاري قريب من هذا: عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال: قال النبي صلّى الله عليه وسلم: (لقد كان فيمن كان قبلكم من بني إسرائيل رجال يكلّمون من غير أن يكونوا أنبياء، فإن يكن من أمتي منهم أحد فعمر) وفي رواية: (لقد كان فيما قبلكم من الأمم محدثون، فإن يك من أمتي أحد، فإنه عمر) (عمدة القاري في شرح صحيح البخاري، للعيني 16/198) . [7] لم أجد هذا الحديث في كتب الحديث المعتمدة.

فلما سمع القاضي جودة منطقه، وحسن نسقه، وقدرته على الكلام، وثباته في الخصام، وقوته في النظر، ومعرفته بالأثر، وروايته للخبر، علم أنه عود بازل [1] ، وقضاء نازل، وعالم لا يجارى، وفقيه لا يمارى، ومتكلم لا يصطلى بناره، ولا يبصر في غباره، وأنه إنما حمله على ذلك ضرورة القلة والإعدام، والأنفة من الحاجة إلى السفلة واللئام، نزع الخاتم من إصبعه، وقال: هاك يا فقيه، يا متكلم، يا محدث، يا شاعر، يا لص، فأخذه منه، وحلّ عقاله، وأوسع مجاله، ونفس خناقه وأطلق/ وثاقه، ومضى عنه وهو يقول: [البسيط] اعذر أخاك خلاك الذمّ من رجل ... صلب المجسّ له ناب وأظفور لولا تفقدني سلمى لما بكرت ... بي نحو ما كنت تخشاه المقادير [2] قالت وقد رابها عدمي ثكلتك من ... راض ببرض معاش فيه تكدير [3] مهلا سليمى سينفي العار عن هممي ... همّ وعزم وإدلاج وتشمير سأنزع الرزق من أيدي معاشرها ... فيهم كريم له خيم ولا خير [4] قوم إذا أحوج الدهر الخؤون فتى ... إليهم مقلته أعين زور [5] ماذا أوّمل من علم ومن أدب ... مع معشر كلهم حول الندى عور تا الله أطلب من أيديهم أبدا ... رزقا ولي فاتك الحدّين مأثور [6] ثم مضى القاضي إلى منزله، وقد ملأ قلبه ما رأى من شجاعته، وشاهد من براعته، وما راقه من علمه، وشاقه من فهمه، فلبس من فاخر ثيابه، وخرج إلى عدوله وأصحابه، فلما استقر مجلسه، وثاب إليه حسّه وأنسه، حدّث عدوله ما لقي في ليلته من التعب، وقاسى من النّصب، وأخذ في/ وصف اللص فأطنب، ومرّ في مدحه فأسهب، وأراق فأعجب، ثم قال: ولقد قلت فيه أبياتا أنعته فيها، وأذكر مقامه وموقفه [7] ، فقيل له: وما الأبيات أيها القاضي؟ فأنشأ يقول: [البسيط]

_ [1] العود: المسن من الإبل، والبازل: الذي طلع نابه، وبزل الرجل: كملت تجربته، واستحكم رأيه، وأراد هذا المعنى. [2] في ب: لولا تعبدني سلمى. في ل: لولا تفندني سلمى. [3] في ب، ش، ل: برص معاش، بالصاد المهملة، والصواب: برض، بالضاد المعجمة، والبرض القليل. [4] الخيم: الأصل والسجية والطبيعة. [5] مقلته: رمقته ونظرت إليه. [6] في ش: (تا الله لا أطلب) ، و (فاتك الجنبين) ، ولا يستقيم بها الوزن، وتا الله أطلب: أي لا أطلب. والمأثور: ذو الأثر، أي القاطع، والمأثور أيضا: الأثير، أي المفضل. [7] (وموقفه) ساقطة من ش.

لله لص جريء القلب محتنك ... مجرّب العزم قتّال مع السّحر أبصرته فكأنّ الموت صورته ... في كفّه خنجر أمضى من القدر ومدّ نحوي يدا كانت براحتها ... تفيض نفسي من خوف ومن حذر ومكّن النّصل من نحري وقال ألا ... ألق الثياب ولا تقدم على الخطر فقلت دونك عني إنني رجل ... شيخ فقيه وقاض من بني عمر يرى الورى كلّهم فضلي ويرفعني ... علمي ويشهد لي في البدو والحضر [1] أما تخاف أما تخشى الإله بأن ... يراك من حيث لا يرضاك فاقتصر [2] فقال لي بلسان ناطق ذرب ... كأنّما قدّ ما يلقيه من حجر أما تراني فتى لصا تعوّذ بي ... من قد رآني من أنثى ومن ذكر آوي القفار وأحميها ويؤنسني ... سيفي وترسي وقلب محضر المرر تنبو المضاجع عن جنبي لتحملني ... نفسي عن الكرّ بين الورد والصّدر سل إن جهلت مكان الليل عن خبري ... يخبرك إن شئت أو لا فاقتحم أثري أنا الذي أسبق الأقدار في مهل ... مني وأكحل جفن العين بالسّهر ولا أنام على ثأر يؤرقني ... من الملوك ولا ثاري على القسر [3] ما كنت أحسب أني قبل ذاك أرى ... ليثا يحلّ لنا في صورة البشر فلو أبو هاشم والشافعي وأبو ... حنيفة وابن جهم المجبر القدري ومالك مقلتهم عينه لقضى ... على ثيابهم في مجلس النظر أو لو تأبط أو لو أن عروة أو ... عمرو بن معدي أو ذا النابل النمر [4] لقيتهم ولظى الهيجاء مسعرة ... ترمي رحاها حماة البأس بالشرر لأوردتهم ظباه موردا كدرا ... مرا وكيف لهم بالمورد الكدر فمن عذيري ممّا قد بليت به ... في صبح يوم بدا عن حيّة ذكر فقال له القوم: ما يقول القاضي في هذا الرجل؟ فقال: ما أقول في رجل تفصح شمائله عن أبوّته، وتنطق مخايله عن مروء ته، هو من قبلي في أوسع عذر، وأفسح أجر، فاني لا

_ [1] في ب، ل: في العدو والحضر. وهو تحريف. [2] في ب، ل: لا يراك فاقتصر. وهو تحريف. [3] في ب، ل: على القمر. [4] يشير إلى لصوص العرب وفرسانهم وصعاليكهم: تأبط شرا، وعروة بن الورد، وعمرو بن معدي كرب الزبيدي، وغيرهم.

في تاريخ المدينة الشريفة للحافظ جمال الدين المطري [2]

أرى أن يعذب الله عز وجل بالنار [1] رجلا من أهل العلم. [انتهت حكاية القاضي واللص] في تاريخ المدينة الشريفة للحافظ جمال الدين المطري [2] وصل السلطان الملك العادل نور الدين محمود بن زنكي [3] سنة سبع وخمسين وخمسمئة، إلى المدينة الشريفة، بسبب رؤيا رآها، ذكرها بعض الناس، وسمعتها من الفقيه علم الدين يعقوب بن أبي بكر المحترق أبوه ليلة حريق المسجد، عمن حدثه عن أكابر من أدرك أن السلطان محمود المذكور، رأى النبي صلّى الله عليه وسلم، ثلاث مرات في ليلة واحدة، وهو يقول له في كل واحدة منها: يا محمود، أنقذني من هذين الشخصين، فأراه شخصين أشقرين تجاهه [4] ، فاستحضر وزيره قبل الصبح، فذكر ذلك له، فقال له: هذا أمر حدث في مدينة النبي صلّى الله عليه وسلم، ليس له غيرك، فتجهز وخرج على عجل، بمقدار ألف راحلة، وما يتبعها من خيل وغير ذلك، حتى دخل المدينة على حين غفلة من أهلها، والوزير معه، فزار وجلس في المسجد، لا يدري ما يصنع، فقال له الوزير: أتعرف الشخصين إذا رأيتهما؟ قال: نعم/ فطلب الناس عامة للصدقة، وفرق عليهم ذهبا كثيرا وفضة، وقال: لا يبقين أحد بالمدينة إلا جاء، فلم يبق [5] إلا رجلان مجاوران من أهل الأندلس، نازلان في الناحية التي تلي قبلة حجرة النبي صلّى الله عليه وسلم، من خارج المسجد، فطلبهما للصدقة، فامتنعا، وقالا: نحن على كفاية، فجدّ في

_ [1] كلمة: (بالنار) ساقطة من ش. [2] المطري: محمد بن أحمد بن محمد الخزرجي الأنصاري، جمال الدين، أبو عبد الله، من الفضلاء، عارف بالحديث والفقه والتاريخ، نسبته إلى المطرية (بمصر) وهو من أهل المدينة المنورة، ولي نيابة القضاء فيها، وألف لها تاريخا سماه (التعريف بما أنست الهجرة من معالم دار الهجرة، توفي بالمدينة سنة 741 هـ. (الدرر الكامنة 3/315، لحظ الألحاظ لابن فهد ص 110) . [3] نور الدين محمود بن زنكي: عماد الدين الملقب بالملك العادل، ملك الشام وديار الجزيرة ومصر، وهو أعدل ملوك زمانه وأجلهم وأفضلهم، كان من المماليك (جده من موالي السلجوقيين) ولد في حلب، وانتقلت إليه إمارتها بعد وفاة أبيه، وكان ملحقا بالسلاجقة، فاستقل عنهم، واتسعت مملكته فشملت أكثر الممالك الإسلامية، حارب الصليبيين، وأصلح البلاد وبنى المدارس والمساجد، وكان متواضعا مهيبا مكرما للعلماء، ولأبي شامة كتاب (الروضتين في أخبار الدولتين) في سيرته وسيرة صلاح الدين ودولتيهما، توفي سنة 569 هـ. (ابن الأثير 11/151، ابن خلدون 5/253، كتاب الروضتين 1/227- 229، وفيات الأعيان 2/87، مرآة الزمان 8/305) . [4] في ب: من هذين الشخصين الأشقرين تجاهه. في ل: من هذين لشخصين أشقرين تجاهه. [5] (فلم يبق) ساقطة من ب.

طلبهما، فجيء بهما، فلما رآهما، قال للوزير: هما هذان، فسألهما عن حالهما وما جاء بهما، فقالا: لمجاورة النبي صلّى الله عليه وسلم، فقال: أصدقاني، وتكرر السؤال، حتى أفضى إلى معاقبتهما، فأقرا أنهما من النصارى [1] ، أنهما وصلا لكي ينقلا من في هذه الحجرة الشريفة المقدسة، باتفاق من ملوكهم، ووجدهما قد حفرا نقبا تحت الأرض من تحت حائط المسجد القبلي، وهما قاصدان إلى جهة الحجرة الشريفة، ويجعلان التراب في بئر عندهما في البيت الذي هما فيه، فضرب أعناقهما، ثم أحرقا بالنار. وركب متوجها إلى الشام./ وحكى الإمام زين الدين أبو بكر بن الحسين المراغي [2] أيضا هذه الحكاية، في كتابه تاريخ المدينة، ثم قال: وقد اتفق بعد الأربعمئة من الهجرة، ما يقرب من ذلك، وهو ما أخرجه الحافظ محب الدين بن النجار، في تاريخ بغداد، بسنده عن أبي القاسم عبد الحكم بن محمد المغربي، أن بعض الزنادقة أشار على الحاكم العبيدي [3] صاحب مصر، بنقل النبي صلّى الله عليه وسلم وصاحبيه، من المدينة إلى مصر، وزيّن له ذلك، وقال: متى تم ذلك، شدّ الناس رحالهم من أقطار الأرض إلى مصر، وكانت منقبة لسكانها، فاجتهد في ذلك [4] ، وبنى بمصر مكانا، وأنفق عليه مالا جزيلا، وبعث أبا الفتوح لنبش الموضع الشريف وحملهم، فلما وصل إلى المدينة، ماج الناس، وكادوا يقتلونه ومن معه، وأرسل الله ريحا كادت تزلزل الأرض من قوتها، حتى دحرجت الإبل بأقتابها، والخيل بسروجها، كما يدحرج الكرة على وجه الأرض، وهلك أكثرها، وخلق من الناس، فرجع أبو الفتوح عن ذلك./

_ [1] في ش: أنهما نصارى. [2] المراغي: أبو بكر بن الحسين بن عمر القرشي، زين الدين، مؤرخ ولد بالقاهرة وقرأ واشتهر، وتحول إلى المدينة واستوطنها نحو خمسين سنة، وولي قضاءها وخطابتها وإمامتها، له من الكتب: (تحقيق النصرة بتلخيص معالم دار الهجرة) في تاريخ المدينة، و (روائح الزهر) اختصر به الزهر الباسم، في السيرة النبوية، وغيرهما، توفي سنة 816 هـ. (النجوم الزاهرة 14/125، شذرات الذهب 7/120، الضوء اللامع 11/28) . [3] الحاكم بأمر الله: أبو علي المنصور الملقب الحاكم بأمر الله بن العزيز بن المعز بن المنصور بن القائم بن المهدي، صاحب مصر، تولى عهد أبيه في حياته، ثم استقل بالأمر يوم وفاة أبيه، وكان جوادا بالمال سفاكا للدماء قتل عددا كثيرا من أماثل أهل دولته وغيرهم صبرا، وكانت سيرته من أعجب السير، يخترع كل وقت أحكاما يحمل الناس على العمل بها، قتل سنة 411 هـ. (وفيات الأعيان 5/292- 298 ط إحسان عباس) . [4] في ش: منقبة لساكنها، فاجتهد الحاكم في ذلك.

قال القاضي تاج الدين السبكي [1] في الطبقات الكبرى:

قال القاضي تاج الدين السبكي [1] في الطبقات الكبرى: أخذ بعض المتأخرين يعدد أنواع الواقعات من الكرامات، فجعلها عشرا [2] ، وهي أكثر من ذلك، قال: وأنا أذكر ما عندي فيها: النوع الأول: إحياء الموتى، وفيه حكايات كثيرة. الثاني: كلام الموتى، وهو أكثر من النوع الذي قبله. الثالث: انفلاق البحر وجفافه، والمشي على الماء [3] . الرابع: انقلاب الأعيان كما وقع لبعضهم، من انقلاب الخمر سمنا. الخامس: انزواء الأرض. السادس والسابع: كلام الحيوانات والجمادات. الثامن: إبراء العليل. التاسع: طاعة الأسد والحيوان. العاشر: طي الزمان. الحادي عشر: نشر الزمان. الثاني عشر: استجابة الدعاء. الثالث عشر: إمساك اللسان عن الكلام وإطلاقه. الرابع عشر: جذب بعض القلوب في مجلس كانت منه في غاية النفرة. الخامس عشر: الإخبار ببعض المغيبات. السادس عشر: الصبر على عدم الطعام والشراب المدة الطويلة. السابع عشر: مقام التصريف، كما ذكر أن بعضهم كان يتبع المطر [4] . الثامن عشر: القدرة على تناول الكثير من الغذاء. التاسع عشر: الحفظ عن أكل الحرام.

_ [1] تاج الدين السبكي: عبد الوهاب بن عليّ بن عبد الكافي، أبو نصر، قاضي القضاة، المؤرخ الباحث، ولد في القاهرة وانتقل إلى دمشق مع والده، نسبه إلى سبك (من أعمال المنوفية بمصر) ، تعصب عليه شيوخ عصره فاتهموه بالكفر، لقي من المحن والشدائد ما لم يلقه قاض مثله، من تصانيفه: (طبقات الشافعية الكبرى) ، و (معيد النعم ومبيد النقم) ، و (جمع الجوامع) وغيرها، وله نظم جيد أورد الصفدي بعضه في مراسلات دارت بينهما، توفي بالطاعون سنة 771 هـ. (الدرر الكامنة 2/425، حسن المحاضرة 1/182، جلاء العينين ص 16) . [2] ب، ل: عشرة. [3] (الماء) ساقطة من ب. [4] في الطبقات الكبرى: يبيع المطر.

في تاريخ ابن عساكر

العشرون: رؤية المكان البعيد من وراء الحجب [1] ، كما قيل إن الشيخ أبا إسحاق الشيرازي [2] /كان يشاهد الكعبة وهو ببغداد. الحادي والعشرون: الهيبة بحيث مات من يشاهده بمجرد رؤيته. الثاني والعشرون: كفاية الله إياهم شر من يريد بهم سوءا، كما اتفق للإمام الشافعي رضي الله عنه، مع هارون الرشيد. الثالث والعشرون: التطور بأطوار مختلفة، وهذا الذي تسميه الصوفية بعالم المثل. الرابع والعشرون: اطلاع الله إياهم على ذخائر الأرض. الخامس والعشرون: ما سهل للكثير من العلماء في التصانيف في الزمن اليسير، بحيث وزع على زمن حياتهم فوجد لا يفي به نسخا، فضلا عن التصنيف، وهذا من قسم نشر الزمان الذي تقدم. انتهى ملخصا [3] . قال الإمام الرافعي [4] في آخر أماليه: [السريع] عبد الكريم المرتجى رحمة ... بليغة من كل أرجائه أملى ثلاثين حديثا على ... ما وفق الله بنعمائه ليس يزكيها ولكنّه ... يقول قول الحائر التائه فاز أبو القاسم يا رب لو ... قبّلت حرفين من إملائه في تاريخ ابن عساكر عن عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز [5] قال: لما ولي عمر بن عبد العزيز، جعل لا يدع شيئا مما كان في يد أهل بيته من المظالم إلا ردّها مظلمة مظلمة، فبلغ ذلك عمر بن

_ [1] في ش: من وراء الحجاب. [2] أبو إسحاق الشيرازي: إبراهيم بن علي بن يوسف، الملقب جمال الدين، سكن بغداد وتفقه على جماعة من الأعيان، صار إمام وقته ببغداد، له تصانيف منها: (المهذب في المذهب) ، و (اللمع) ، و (النكت) ، كان في غاية الورع، والتشدد في الدين، توفي سنة 476 هـ. (وفيات الأعيان 1/29) . [3] طبقات الشافعية الكبري للسبكي 2/337- 342. [4] الرافعي: عبد الكريم بن محمد بن عبد الكريم القزويني، فقيه من كبار الشافعية، كان له مجلس بقزوين للتفسير والحديث، له من المصنفات: (الأمالي الشارحة لمفردات الفاتحة) ، و (التدوين في ذكر أخبار قزوين) ، و (الإيجاز في أخطار الحجاز) ، و (شرح مسند الشافعي) ، وغيرها، توفي سنة 623 هـ. (فوات الوفيات 2/3، مفتاح السعادة 1/443، 2/213، طبقات الشافعية 5/119) . [5] عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز بن مروان بن الحكم الأموي: أمير من سكان المدينة، ولاه يزيد بن الوليد إمرة مكة والمدينة سنة 126 هـ، وأقره مروان بن محمد ثم عزله، توفي سنة 147 هـ. (تهذيب التهذيب 6/349) .

الوليد بن عبد الملك [1] ، فكتب إليه: «إنك أزريت على من كان قبلك من الخلفاء، وعبت عليهم، وسرت بغير سيرتهم، بغضا وشنآنا لمن بعدهم من أولادهم، فقطعت ما أمر الله به أن يوصل، إذ عمدت إلى أموال قريش ومواريثهم فأدخلتها في بيت المال، جورا وعدوانا، فاتق الله يا ابن عبد العزيز وراقبه، إن شططت لم تطمئن على منبرك، خصصت أولي قرابتك بالظلم والجور، فو الذي خص [2] محمدا صلّى الله عليه وسلم، بما خصه به، لقد ازددت من الله عز وجل بعدا في ولايتك هذه، إن زعمت أنها عليك بلاء، فاقصر ببعض ميلك، واعلم أنك بعين جبّار، وفي قبضته، ولن تترك على هذا، اللهم فسل سليمان بن عبد الملك [3] عمّا صنع بأمّة محمد صلّى الله عليه وسلم» . فلما قرأ عمر بن عبد العزيز كتابه كتب إليه: «بسم الله الرحمن الرحيم، من عبد الله عمر أمير المؤمنين، إلى عمر بن الوليد، السلام على المرسلين، والحمد لله رب العالمين، أما بعد، فقد بلغني كتابك، وسأجيبك بنحو منه، أما أول شأنك يا ابن الوليد، كما تزعم فأمك بنانة أمة للسكون، كانت تطوف في سوق حمص، وتدخل في حوانيتها، ثم الله أعلم بما اشتراها دينار بن دينار من فيء المسلمين، فأهداها لأبيك [4] فحملت بك، فبئس المحمول، وبئس المولود، ثم نشأت، فكنت جبارا عنيدا، تزعم أني من الظالمين أن حرمتك وأهل بيتك فيء الله عز وجل، الذي هو حق القرابة والمساكين والأرامل، وأن أظلم مني وأترك لعهد الله، من استعملك صبيا سفيها على جند المسلمين [5] ، تحكم فيهم برأيك، ولم يكن له من ذلك نية إلا حب/ الوالد لولده، فويل لك وويل لأبيك، ما أكثر خصماؤكما يوم القيامة، وكيف ينجو أبوك [6] من خصمائه، وإنّ أظلم مني، وأترك لعهد الله من استعمل الحجاج بن يوسف على خمس العرب، يسفك الدماء الحرام، ويأخذ المال الحرام، وإنّ أظلم مني، وأترك لعهد الله من استعمل

_ [1] عمر بن الوليد بن عبد الملك بن مروان، كان أميرا لم تحمد سيرته، ولم يل الحكم، ترجمته في: تاريخ خليفة بن خياط ص 399، 417، نسب قريش ص 165، المعارف ص 359، جمهرن أنساب العرب ص 89. [2] في ب، ل: خصص. [3] سليمان بن عبد الملك بن مروان: الخليفة الأموي، ولد في دمشق، وولي الخلافة يوم وفاة أخيه الوليد سنة 96 هـ، فأطلق الأسرى وخلى السجون، وعفا عن المجرمين، وأحسن إلى الناس، وكان عاقلا فصيحا طموحا إلى الفتح، وفي عهده فتحت جرجان وطبرستان، توفي بدابق من أرض قنسرين سنة 99 هـ. (تاريخ الطبري 8/6126، ابن الأثير 5/14، المسعودي 2/127، تاريخ الخميس 2/314، 315) . [4] قوله: (فأهداها لأبيك) ساقطة من ش. [5] في ب: جند المسلم. [6] في ب: (ينجو أبيك) ، وهو لحن.

قرة بن شريك [1] ، أعرابيا جافيا على مصر، أذن له في المعازف واللهو والشرب، وإنّ أظلم مني وأترك لعهد الله، من جعل للعالية البربرية سهما في خمس العرب، فرويدا يا ابن بنانة، فلو التقت حلقتا البطان، وردّ الفيء إلى أهله، لتفرغت لك ولأهل بيتك، فوضعتكم على المحجّة البيضاء، فطالما تركتم الحق، وأخذتم في بنيات الطرق [2] ، وما وراء هذا من الفضل ما أرجو أن أكون رأيته بيع رقبتك، وقسم ثمنك بين اليتامى والمساكين والأرامل، فانّ لكلّ فيك حقا، والسلام علينا، ولا نسأل سلام الله على الظالمين» . فلما بلغ الخوارج سيرة عمر، وما ردّ من المظالم، اجتمعوا، فقالوا: ما ينبغي لنا أن نقاتل هذا الرجل [3] . في تاريخ ابن عساكر، عن أبي بكر أحمد بن القاسم بن معروف، حدثنا أبو زرعة، حدثنا أبي قال: أدركت دارا في هذه المدينة، بيعت بأمداد قمح [4] . قال: وقريء في لوح عند رأس ميت: يقول صاحب هذا القبر: وزنت مدّا من دنانير لو وجدت بها مدا من قمح ما متّ. وفيه أيضا، عن أبي الهبّار القرشي عن أبيه أنه توفي، وكان يختم القرآن في ليلة ونصف، أو في يوم ونصف، فرآه ابنه في النوم، فقال: يا أبه، أما رأيتني في يدي الخرقة، وأنا عند رأسك؟ قال: بلى، وكان عليه سبعمئة دينار، فقلت: يا أبه، ما فعلت في دينك؟ قال: قضاه عني ربي، قلت: كيف؟ قال: أرضى غرمائي [5] ./ [تم كتاب المحاضرات والمحاورات]

_ [1] قرة بن شريك بن مرثد العبسي: إمير ولي نيابة مصر زمن الوليد بن عبد الملك، كان جبارا صلبا مخوفا، تعاقد نحو مئة من الشراة في الاسكندرية على قتله، فعلم بهم فقتلهم جميعا، واستمر في الإمارة بمصر إلى أن مات، والمؤرخون يرمونه بالفسق والظلم، يقول عمر بن عبد العزيز:، الوليد بالشام، والحجاج بالعراق، وعثمان المزني بالحجاز، وقرة بمصر، امتلأت الدنيا والله جورا، مات قرة سنة 96 هـ. (الطبري 8/112، دول الإسلام للذهبي 1/48، الولاة والقضاة ص 63. النجوم الزاهرة 1/69، 217) . [2] بنيات الطرق: طرق صغيرة تتشعب من الجادة. [3] رسالة عمر بن الوليد، ورد عمر بن عبد العزيز في مختصر تاريخ دمشق 19/155- 157، تحقيق إبراهيم صالح، ط دار الفكر، دمشق 1989. [4] أمداد: جمع مدّ، مكيال قديم اختلف الفقهاء في تقديره، فقدره الشافعية بنصف قدح، وقدره المالكية بنحو ذلك، وهو رطل وثلث عند أهل الحجاز، وعند أهل العراق رطلان. (المعجم الوسيط: مدد) . [5] مرت هذه الرواية فيما سبق.

الفهارس

[الفهارس] فهارس الكتاب 1- فهرس الآيات القرآنية الكريمة 2- فهرس الأحاديث النبوية الشريفة 3- فهرس الشعر. 4- فهرس الأعلام. 5- فهرس القبائل والأمم والشعوب والجماعات. 6- فهرس المواضع والبلدان. 7- فهرس موضوعات الكتاب.

1 - فهرس الآيات القرآنية الكريمة

1- فهرس الآيات القرآنية الكريمة الآية/ السورة ورقم الآية/ الصفحة - أ- أَتَجْعَلُ فِيها مَنْ يُفْسِدُ فِيها وَيَسْفِكُ الدِّماءَ : البقرة 30: 204 أَتُرِيدُ أَنْ تَقْتُلَنِي كَما قَتَلْتَ نَفْساً بِالْأَمْسِ : القصص 19: 163 أَفَنَضْرِبُ عَنْكُمُ الذِّكْرَ صَفْحاً : الزخرف 4: 190 إِلَّا تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَفَسادٌ كَبِيرٌ : الأنفال 73: 205 أَلا فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُوا : التوبة 4: 199 الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدانا لِهذا وَما كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلا أَنْ هَدانَا اللَّهُ : الأعراف 43: 299 الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ : العلق 4: 187 أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ : الزخرف 51: 327 إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ : البروج 12: 157 إِنَّ شَجَرَةَ الزَّقُّومِ طَعامُ الْأَثِيمِ القصص 57: 384 إِنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمَّا عَلَيْها حافِظٌ : الطارق 4: 157 إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطانِ كانَ ضَعِيفاً : النساء 76: 212 إِنَّ اللَّهَ اشْتَرى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ : التوبة 110: 385 إِنَّ اللَّهَ مُبْتَلِيكُمْ بِنَهَرٍ : البقرة 249: 54 إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ راكِعُونَ : المائدة 55: 440 إِنْ يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَهُ مِنْ قَبْلُ : يوسف 77: 163 إِنَّا أَعْطَيْناكَ الْكَوْثَرَ فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ إِنَّ شانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ : الكوثر 1- 3: 190 إِنَّا جَعَلْناكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ : ص 26: 372 إِنَّا زَيَّنَّا السَّماءَ الدُّنْيا بِزِينَةٍ الْكَواكِبِ : الصافات 6: 188 إِنَّا فَتَحْنا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً : الفتح 1: 411 َّما أَمْوالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ وَاللَّهُ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ : التغابن 15: 366 إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ : يوسف 90: 328

إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً : البقرة 30: 372 أَوَمَنْ يُنَشَّؤُا فِي الْحِلْيَةِ وَهُوَ فِي الْخِصامِ غَيْرُ مُبِينٍ : الزخرف 17: 188 أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسارِقُونَ : يوسف 70: 163 - ب- بِسْمِ اللَّهِ مَجْراها وَمُرْساها : هود 41: 187 بِأَيْدِي سَفَرَةٍ كِرامٍ بَرَرَةٍ : عبس 18: 351 - ت- تَبارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْجَلالِ وَالْإِكْرامِ : الرحمن 78: 387 تَرْمِي بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ : المرسلات 32: 350 تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَها وَبَيْنَهُ أَمَداً بَعِيداً وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَاللَّهُ رَؤُفٌ بِالْعِبادِ : آل عمران 30: 412 - ث- ثانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُما فِي الْغارِ إِذْ يَقُولُ لِصاحِبِهِ لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنا : التوبة 4: 440 ثُمَّ نُكِسُوا عَلى رُؤُسِهِمْ : الأنبياء 65: 188 - ح- حَتَّى إِذا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ : الأنبياء 96: 430 حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ : آل عمران 173: 336 الْحَمْدُ لِلَّهِ فاطِرِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ جاعِلِ الْمَلائِكَةِ رُسُلًا أُولِي أَجْنِحَةٍ : فاطر 1: 398 - خ- خالِدِينَ فِيها لا يَبْغُونَ عَنْها حِوَلًا : الكهف 108: 346 خُلِقَ الْإِنْسانُ مِنْ عَجَلٍ : الأنبياء 37: 349 - ر- رَبِّ بِما أَغْوَيْتَنِي : الحجر 39: 300

رَبَّنا إِنَّكَ جامِعُ النَّاسِ لِيَوْمٍ لا رَيْبَ فِيهِ إِنَّ اللَّهَ لا يُخْلِفُ الْمِيعادَ : آل عمران 9: 379 رَبَّنا غَلَبَتْ عَلَيْنا شِقْوَتُنا : المؤمنون 106: 300 - س- سَواءً الْعاكِفُ فِيهِ وَالْبادِ : الحج 25: 344 - ش- شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ ما وَصَّى بِهِ نُوحاً : الشورى 13: 57 - ض- ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا رَجُلَيْنِ أَحَدُهُما أَبْكَمُ لا يَقْدِرُ عَلى شَيْءٍ وَهُوَ كَلٌّ عَلى مَوْلاهُ أَيْنَما يُوَجِّهْهُ لا يَأْتِ بِخَيْرٍ هَلْ يَسْتَوِي هُوَ وَمَنْ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَهُوَ عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ : النحل 76: 217 - ط- طه ما أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقى : طه 2: 175 - غ- غَيْرَ ناظِرِينَ : الأحزاب 53: 246 - ف- فَأَخْرَجَ لَهُمْ عِجْلًا جَسَداً لَهُ خُوارٌ فَقالُوا هذا إِلهُكُمْ وَإِلهُ مُوسى فَنَسِيَ : طه 88: 386 فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ : التوبة 5: 380 فَاصْبِرْ كَما صَبَرَ أُولُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ : الأحقاف 19: 163 فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ : التوبة 5: 380 فَاقْضِ ما أَنْتَ قاضٍ : طه 17: 194 فَاللَّهُ خَيْرٌ حافِظاً وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ : يونس 64: 157 فَبَعَثَ اللَّهُ غُراباً : المائدة 31: 276 فَتَبارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخالِقِينَ : المؤمنون 14: 419

فَزادَهُمْ إِيماناً وَقالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ : آل عمران 173: 401 فَلَوْلا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ : التوبة 123: 192 فَلَمَّا قَضى زَيْدٌ مِنْها وَطَراً زَوَّجْناكَها : الأحزاب 37: 185 فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ : النور 63: 410 فَنَظَرَ نَظْرَةً فِي النُّجُومِ : الصافات 88: 350 فَوَكَزَهُ مُوسى فَقَضى عَلَيْهِ : القصص 15: 163 - ق- قالَ رَبِّ إِنِّي لا أَمْلِكُ إِلَّا نَفْسِي وَأَخِي : المائدة 25: 388 قُتِلَ الْإِنْسانُ ما أَكْفَرَهُ : عبس 17: 274 قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاها : الشمس 9: 386 قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصارِهِمْ : النور 30: 480 - ك- كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْواهِهِمْ إِنْ يَقُولُونَ إِلَّا كَذِباً : الكهف 5: 193 كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوى عَلى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ : الفتح 29: 388 كُلُّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ رَهِينَةٌ إِلَّا أَصْحابَ الْيَمِينِ : المدثر 38، 39: 335 كَلَّا إِنَّ الْإِنْسانَ لَيَطْغى أَنْ رَآهُ اسْتَغْنى : العلق 6، 7: 196 - ل- لا عِلْمَ لَنا إِلَّا ما عَلَّمْتَنا : البقرة 32: 300 لا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ : النساء 148: 220 لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ فِي كَبَدٍ : البلد 4: 270 لِكَيْلا تَأْسَوْا عَلى ما فاتَكُمْ وَلا تَفْرَحُوا بِما آتاكُمْ : الحديد 23: 163 لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَما بَيْنَهُما وَما تَحْتَ الثَّرى : طه 6: 175 لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنْفَكِّينَ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ : البينة 1: 181 لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَيَحْيى مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ : الأنفال 42: 314

- م- ما يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ وَما أَنَا بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ : ق 29: 412 مِزاجُهُ مِنْ تَسْنِيمٍ : المطففين 27: 230 - هـ- هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ : الزمر 9: 27 - و وَآتَيْناهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا : مريم 12: 343 وَإِذْ قالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً : البقرة 30: 204 وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذابِي لَشَدِيدٌ : إبراهيم 7: 354 وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعاً وَخِيفَةً : الأعراف 205: 387 وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللَّهِ : الأنفال 70: 436 وَإِنْ كانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبالُ : إبراهيم 46: 198 وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنافِعُ : الحديد 24: 187 وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنا خَزائِنُهُ وَما نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ : الحجر 21: 156 وَإِنَّهُ لَكِتابٌ عَزِيزٌ : النمل 30: 354 وَأُولاتُ الْأَحْمالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَ : الطلاق 4: 142 وَجاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهادِهِ هُوَ اجْتَباكُمْ : الحج 78: 314 وَحِفْظاً ذلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ : فصلت 12: 157 وَحِفْظاً مِنْ كُلِّ شَيْطانٍ مارِدٍ : الصافات 7: 157 وَالطُّورِ وَكِتابٍ مَسْطُورٍ فِي رَقٍّ مَنْشُورٍ وَالْبَيْتِ الْمَعْمُورِ : الطور 1- 3: 190 وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ : البقرة 190: 194 قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاها وَقَدْ خابَ مَنْ دَسَّاها : الشمس 10: 383 وَقُرُوناً بَيْنَ ذلِكَ كَثِيراً : الفرقان 38: 55 وَلا تُقاتِلُوهُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ حَتَّى يُقاتِلُوكُمْ فِيهِ : البقرة 191: 380 وَلا يُضَارَّ كاتِبٌ وَلا شَهِيدٌ : البقرة 282: 195 وَلا يَؤُدُهُ حِفْظُهُما وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ : البقرة 255: 157

وَلِمَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ جَنَّتانِ : الرحمن 45: 323 وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَراتِ : البقرة 155: 327 وَما أَمْرُ السَّاعَةِ إِلَّا كَلَمْحِ الْبَصَرِ أَوْ هُوَ أَقْرَبُ : النحل 77: 123 وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ : آل عمران 126: 348 : الأنفال 10 وَالْمَسْجِدِ الْحَرامِ الَّذِي جَعَلْناهُ لِلنَّاسِ سَواءً الْعاكِفُ فِيهِ وَالْبادِ : الحج 25: 387 وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْراً : الطلاق 5: 412 وَالنَّهارِ إِذا جَلَّاها وَاللَّيْلِ إِذا يَغْشاها : الشمس 3، 4: 187 - ي- يا أَسَفى عَلى يُوسُفَ وَابْيَضَّتْ عَيْناهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ : يوسف 84: 336 يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرامَ : التوبة 28: 187 يا وَيْلَتى أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هذَا الْغُرابِ : المائدة 31: 337 يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَيُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها وَكَذلِكَ تُخْرَجُونَ : الروم 19: 354 يَوْمَ تَأْتِي كُلُّ نَفْسٍ تُجادِلُ عَنْ نَفْسِها : النحل 111: 326.

2 - فهرس الأحاديث النبوية

2- فهرس الأحاديث النبوية الحديث الصفحة - أ- (ابدأوا بالملح واختموا بالملح ثلاث لقم) 167 (أجئت كرامة لرسول الله مع ابنته) 138 (احذروا الدنيا فانها خضرة حلوة) 99 (أحمد إليكم الله لا إله إلا هو وقد دنا مني حقوق من بين أظهركم) 152 (أخبرني جبريل عن كاتبي عليّ أنهما قالا: لم نكتب عليه ذنبا منذ صحبناه، فكيف يساويه مساو ويناويه مناو) 439 (اخرجوه عني هذا شراب المترفين) 98 (أخشيت يا فلان أن يغدو غناك عليه، ويغدو فقره عليك) 97 (أدبني ربي ونشأت في بني سعد) 306 (إذا ركبتم الدواب فاذكروا اسم الله عليها فانه أنجى لها وأخف لأحمالها) 408 (إذا طلبتم المعروف فاطلبوه عند حسان الوجوه) 35 (إذا قصر العبد في العمل ابتلاه الله عز وجل بالهمّ) 99 (إذا مرّ أحدكم بهدف مائل فليسرع المشي وليسأل الله المعافاة) 122 (اذكروا لها جفنة سعد بن عبادة) 95 (أسدّ الأعمال ثلاثة: إنصاف الناس من نفسك، ومواساة الأخ من مالك، وذكر الله على كل حال) 360 (أسرعكن بي لحوقا أطولكن باعا) 185 (اسكتي يا أم أيمن فانك عسراء اللسان) 96 (أطولكن طاقة أعظمكن أجرا، وهو يطرد الشيطان ويذهب بحديث النفس) 296 (أطول الناس شبعا في الدنيا أطولهم جوعا في القيامة) 207 (اعتبروا عقل الرجل في طول لحيته ونقش خاتمه وكنيته) 313 (أعطيت الكفيت) 145 (أعيذ كما بكلمات الله التامة من كل شيطان وهامة ومن كل عين لامة) 106 (اقتص مني) : 150

(ألا قلت أبي هارون وعمي موسى) 186 (اللهم أكثر ولده وماله) 197 (اللهم واقية كواقية الوليد) 99 (أليس الدهر كله غدا) 76 (أما والله إنه لنبي ابن نبي) 307 (إنّا أمة أمية لا نكتب ولا نحسب) 112 (إنّا معشر الأنبياء يعترينا البكاء) 131 (أنا من العباس والعباس مني) 39 (أنا من عليّ وعليّ مني) 438 (الأنبياء وأطفال المؤمنين ليس عليهم حساب ولا عذاب القبر ولا سؤال منكر ونكير) 335 (إن أطفال المسلمين ملوك يخدمون في الجنة) 335 (إن أولاد المؤمن في جبل في الجنة له وسامة يكفلهم إبراهيم وسارة حتى يردهم إلى آبائهم يوم القيامة) 334 (إن الزهد في الدنيا يريح القلب والبدن، وإن الرغبة في الدنيا تطيل الهمّ والحزن) 99 (إن سقط المرأة يكون في نهر من أنهار الجنة يتقلب فيه حتى تقوم الساعة) 336 (إن عيسى لا أب له) 123 (إن شئتم لأحلفن لكم أن التاجر فاجر، وأن الغيرى ما تدري أين أعلى الوادي من أسفله) 140 (إن القبر روضة من رياض لجنة) 333 (إن كنت سائلا لابد فسل الصالحين) 135 (إن في الجنة شجرة من خير الشجر لها ضروع كضروع البقر، فمن مات من الصبيان الذين يرضعون رضعوا منها أجمعون أكتعون أبصعون) 335 (إن كان عبد الرحمن لم تبك عينه فقد بكى قلبه) 101 (إن لله تبارك وتعالى آنية في الأرض، وأحب الآنية إليه ما رقّ منها وصفا، وآنية الله في الأرض قلوب الصالحين) 106 (إن له مرضعا في الجنة يتم رضاعه، ولو عاش لكان صديقا نبيا) 306 (إن الله أمرني أن أتخذ أبا بكر والدا وعليا أخا) 349 (إن لونك يا شقيراء لحسن) 91 (إن المسلم أخو المسلم وعين المسلم) 353

(إن من أمتي من لو أتى باب أحدكم فسأله دينارا لم يعطه إياه.... لو أقسم على الله لأبره) 99 (إن من البيان لسحرا) 88 (إن من حفظ شيئا من القرآن ومات قبل أن يتمه بعث الله إليه ملائكة في قبره يحفظونه ما بقي ويقومون بتعليمه) 333 (إن الولد يتلقى أباه فيأخذ بثوبه فلا ينتهي حتى يدخله الله الجنة وإياه) 328 (إنما الأعمال بالنيات) 111 (إنما أنا عبد آكل كما يأكل العبد وأجلس كما يجلس العبد) 97 (إنكم مقهورون مستضعفون بعدي) 96 (إني لست أرضى لكم ما أسخطه لنفسي) 58 (أو ليس الدهر كله غدا) 351 (أيستطيع أن يحملها من سبع أرضين) 146 - ب- (بعث موسى وهو يرعى غنما على أهله، وبعثت أنا وأنا أرعى غنما لأهلي بجياد) 184 (بل هذه كفارة لما عملت، وتحاسب أنت بعد بما عملت) 143 - ت- (ترضين أن يكون بيني وبينك عمر، فقالت من عمر، قال عمر بن الخطاب، قالت لا والله إني أفرق من عمر، قال النبي صلى الله عليه وسلم الشيطان يفرقه) 315 - ج- (جعلت قرة عيني في الصلاة وحبب إليّ النساء والطيب، الجائع يشيع والظمآن يروى وأنا لا أشبع من حب الصلاة والنساء) 101 (جفت الأقلام) 187 (الجنة تحت ظلال السيوف) 188 - ح- (حبّب إليّ النساء والطيب وجعلت قرة عيني في الصلاة) 100 (حبّب إليّ الصلاة في الحيطان) 431

(الحجر الأسود عين الله في أرضه خلقه تعالى من درة بيضاء في الجنة وإنما اسود من ذنوب الناس ... ولا يسخن بالنار إذا أوقدت عليه) 229 (الحسن والحسين أصابتهما عين) 106 - خ- (الخلق عيال الله فأحبهم إليه أنفعهم لعياله) 132 (خيرا رأيت تلد فاطمة غلاما فترضعينه بلبان ابنك قثم، فولدت الحسن فكفلته أم الفضل) 96 (خيركم في المائتين كل خفيف الحاذ) 313، 372 - د- (دعني فستدرك حاجتك) 151 - ذ- (ذراري المسلمين يوم القيامة تحت العرش شافعين مشفّعين) 335 - ر- (رده من حيث أخذته) 105 - س- (سيد الفوارس أبو موسى) 75 (سيليكم أمراء بعدي يعرّفونكم ما تنكرون، وينكرون عليكم ما تعرفون، فمن أدرك ذلك منكم فلا طاعة لمن عصى الله) 244 (سيليكم بعدي ولاة البر ببره، والفاجر بفجوره، فاسمعوا لهم وأطيعوا في كل ما وافق الحق) 244 - ش- (شيبتني هود وأخواتها، وما فعل بالأمم قبلي) 153 - ص- (صلاة العريان جائزة ولا إعادة عليه) 435 (صلاح أول هذه الأمة بالزهد واليقين، ويهلك آخره بالبخل والأمل) 99 (صوامع المؤمنين بيوتهم) 154

- ع- (عادي الأرض لله ورسوله ثم لكم من بعدي، فمن أحيا من موتان الأرض شيئا فهو له) 147 (على المسلم السمع والطاعة، إلا أن يؤمر بمعصية، فمن أمر بمعصية، فلا سمع ولا طاعة) 243 (عليك بأول السوم، فان الربح مع السماح) 125 (عليك بالسكينة والوقار) 371 (عوذوا أنفسكم ونساءكم وأولادكم بهذا التعويذ، فانه لم يتعوذ المتعوذون بمثله) 106 - ف- (فاستغفر وادع لأخيك) 97 (فأشقى لبختك وأنفس لجدك وأبعد لك عن بيتك) 186 (الفخر والخيلاء في أهل الإبل، والسكينة والوقار في أهل الغنم) 184 - ك- (كأني بك قد وضعت كورك على بعيرك ثم سرت ليلة بعد ليلة) 138 (كرب وبلاء) 310 (كل مولود ولد في الإسلام فهو في الجنة شبعان ريان يقول: يا ربّ أورد عليّ أبويّ) 335 (كنت بك كأبي زرع لأم زرع) 390 - ل- (لا تمشمشوا مشاش الطير فانه يورث السل) 369 (اللهم ارزقني عينين هطالتين تبكيان بذروف الدموع وتشقيان من خشيتك قبل أن يكون الدمع دما والأضراس حجرا) 99 (اللهم آتني بأحب أهلي إليك أو إليّ يأكل معي) 107 (لا أشبع الله بطنه) 207 (لا تقوم الساعة حتى يمر الرجل بقبر الرجل فيقول: يا ليتني كنت مكانه) 332 (لا يجامعن أحد منكم وبه حقن من خلا فانه يكون منه البواسير) 369 (لا يموت لأحد من المسلمين ثلاثة من الولد فتمسه النار) 327 (لكل قوم حقيقة فما حقيقة قولكم وإيمانكم) 322

(لو ترك أحد لأحد لترك ابن المقعدين) 330 (لو دخلوها ما خرجوا منها إنما الطاعة في المعروف) 243 (لو عاش إبراهيم لكان نبيا) 307 (لو عاش إبراهيم لوضعت الجزية عن كل قبطي) 57 (لو عاش ما رقّ له خال) 57 (ليس بهذا بأس إنما هذا منافع بين الناس لا يراد فيها الفضل) 207 - م- (ما أكثر بياض عينيك) 305 (ما ترك عبد الله أمرا لا يتركه إلا لله تعالى إلا عوضه الله منه ما هو خير له منه في دينه ودنياه) 308 (ما لعبدي المؤمن عندي جزاء إذا قبضت صفيّه من أهل الدنيا ثم احتسبه إلا الجنة) 327 (ما من أحد إلا وله شيطان.... ولا أنا إلا أن الله أعانني عليه فأسلم) 437 (ما من أمير عشرة إلا يؤتى به يوم القيامة مغلولا) 318 (ما حلف بالطلاق ولا استحلف به إلا منافق) 324 (ما من رجل يدعو بهذا الدعاء في أول ليله وأول نهاره إلا عصمه الله من إبليس وجنوده) 315 (ما وصف لي أعرابي قط فأحببت أن أبصره إلا عنترة) 249 (مثل المؤمنين في تراحمهم كمثل رجل اشتكى بعض جسده يألم سائر جسده) 356 (المعروف كاسمه وأهل المعروف في الدنيا أهل المعروف في الآخرة) 378 (المسلم من سلم المسلمون من يده ولسانه) 303 (مما يحبط الأجر في المصيبة تصفيق الرجل بيمينه على شماله) 336 (من استرعى رعية فلم يحطها بالنصيحة حرم الله عليه الجنة) 318 (من اشتكى منكم شيئا أو اشتكاه أخ له فليقل: ربنا الذي في السماء تقدس اسمك ... ) 156 (من أصيب بمصيبة فليذكر مصيبته بي فانها أعظم المصائب) 329 (من أصيب بمصيبة فليتعز بمصيبته بي عن حملها فانه لن يصاب أحد من أمتي بعدي بمثلها) 329 (من ذكر مصيبته وإن تقادم عهدها فاسترجع كتب الله له من الأجر مثله يوم أصيب) 336 (من شرب الخمر فاجلدوه، ثم إن شرب فاجلدوه، ثم إن شرب فاجلدوه، ثم إن شرب الرابعة فاقتلوه) 373 (من قال عليّ ما لم أقل فقد تبوّأ مقعده من النار) 70

(من قرأ القرآن ثم مات قبل أن يستظهره أتاه ملك فعلمه في قبره، فلقي الله عز وجل وقد استظهره) 369 (من مات له ثلاثة من الولد لم يبلغوا الحنث كانوا له حجابا من النار) 327 (نعم إن غناك يدعوك إلى النار، وإن فقره يدعوه إلى الجنة) 97 (نعم الجمل جملكما ونعم العدلان أنتما) 353 (نعم صومعة الرجل المسلم بيته.... فانها تلغي وتلهي) 154 (نعم المطي مطيكما ونعم الراكبان أنتما وأبو كما خير منكما) 438 - هـ- (الهدية مشتركة) 415 (هذا شوق الحبيب إلى حبيبه) 70 (هذا مرة وهذا مرة) 134 (هم دعاميص الجنة) 328 (هو ابن آدم الذي قتل أخاه) 326 (هو طليق الله وطليق رسوله) 326 - و (واشوقاه إلى إخواني الذين يأتون من بعدي فيؤمنون بي ولم يروني) 439 (وإن الشهر يكون تسعا وعشرين) 112 (والذي نفسي بيده لا يظلم مؤمن مؤمنا فلا يعطيه مظلمته في الدنيا إلا انتقم منه يوم القيامة) 151 (ونعم الراكبان هما) 118، 310 (وزنت بالأمة فرجحت بها ووزن أبو بكر بالأمة فرجح بها) 439 - ي- (يا أبا الدرداء إذا فاخرت ففاخر بقريش، وإذا كاثرت فكاثر بتميم، وإذا حاربت فحارب بقيس) 186 (يا أبا الدرداء ما هذا اللجب الذي أسمع) 186 (يا أبا الدرداء ما هذا اللجب الذي أسمع) 186 (يا أنس إئته فقل له: إني رسول الله، وقل له فليستغفر لي ... ذلك أخي الخضر) 356 (يا بلال اقطع لسانه عني) 320 (يا جبريل أفلا أراجع فيه، قال لا، لأنه أمر قد كتبه الله) 310

(يا دنيا مرّي على عبادي ولا تحلولي لهم فتفتنيهم) 254 (يا شقيراء كيف رأيت؟ قالت: رأيت يهودية بين يهود) 29 (يا عمّ أعطشت، اشرب يا عمّ) 57 (يا عمّاه أنت أكبر مني) 153 (يا فاطمة كوني له أمة يكن لك عبدا، واعلمي أن أطيب الطيب الماء وأحسن الحسن الكحل) 133 (يا ملك الموت ارفق بصاحبي) 357 (يا نفس مالك تلوذين كل ملاذ) 71 (يدخل رجل من هذه الأمة الجنة قبل موته) 317 (يوزن حبر العلماء بمداد الشهداء) 374 (يوزن يوم القيامة مداد العلماء ودم الشهداء فيرجح مداد العلماء على دم الشهداء) 374.

3 - فهرس الشعر

3- فهرس الشعر المطلع: القافية: البحر: الشاعر: الصفحة - أ- مهلا أبا الفضل: أكفاء: البسيط: شاعر: 320 يزيد قد: الذكاء: مخلع البسيط: عبد الله بن عبد الرحمن: 397 وما بعض: عناء: الوافر: قيس بن الخطيم: 275 إذا ما العين: البكاء: الوافر: الحطيئة: 166 شان الخسوف: غثاء: الكامل: علي بن موسى بن سعيد: 395 إذا ما تعنّى: عناؤه: الطويل: شاعر: 210 فبتنا للعلوم: عشاء: الوافر: أبو سهل الكسروي: 241 إن من يدخل: وظباء: الخفيف: الأخطل: 340 ألم تر للخسوف: الضياء: الوافر: ابن الأبار: 235، 399 واظب على: الفضلاء: الكامل: السلفي: 250 كم من صديق: الحياء: مجزوء الكامل: أبو العتاهية: 166 برزت في: السماء: الرمل: سليمان الطائفي: 228 عين جودي: البكاء: الخفيف: أم أيمن: 69 علم مفرد: البناء: الخفيف: شاعر: 226 ناديت وهو: كالفيء: السريع: الشوّاء: 280 الله الله: راقبوا الله: البسيط: ابن الوردي: 195 جمع الورد: نظرائه: مجزوء الرمل: سود بن العلاء: 228 عبد الكريم: أرجائه: السريع: عبد الكريم الشافعي: 448 أروم عطا: عطاها: الطويل: محمد بن حرب الحلبي: 209 أيا طالب الدنيا: مطاها: الطويل: محمد بن حرب الحلبي: 209 يا واليا: وتاها: الكامل: أحمد الخشنامي: 221

- ب- على زهرة: يذهب: الطويل: عبد الله بن موسى الجون: 236 ويرتاح عند الحمد: شرب: الطويل: أبو بكر بن اللبانة: 128 ولكن لي: ذنب: الطويل: ابن حزم: 401 كأنك لم: تطلب: الطويل: شاعر: 210 قد كان بعدك: الخطب: البسيط: هند بنت أثاثة: 68 ترى الدنيا: قلب: الوافر: محمد بن محمد البصري: 370 وإذا رأيت: أعجب: الكامل: شاعر: 391 أفاطم بكّي: الكوكب: المتقارب: صفية بنت عبد المطلب: 65 ألا أيها: تطلب: المتقارب: شاعر: 215 ليس تغني: الأنساب: الخفيف: عبد الله بن المعتز: 250 وكل امرئ: طيّب: الطويل: المتنبى: 345 أشيبان ما يدريك: حبيب: الطويل: المخبل السعدي: 121 يا من يذكرني: ويطيب: الكامل: ابن زهر: 402 يا عين جودي: فانثعبا: البسيط: هند بنت الحارث: 67 جد لي: الأعاجيبا: البسيط: كشاجم: 251 هلا دفنتم: ذهبا: البسيط: أعرابي: 390 كأنما الفحم: لهبا: البسيط: محمد بن عطية بن حيان: 214 تطلع البدر: فاحتجبا: البسيط: عبد المنعم الغرناطي: 235 وقاضيا: محسوبا: البسيط: ابن الوردي: 198 بثثت علمك: مندوبا: البسيط: عبد الرحمن العروضي: 169 فغض الطرف: كلابا: الوافر: جرير: 418 طفاءة تنفث: الهبا: مجزوء الرجز: جعفر بن أحمد العلوي: 222 فما حملت: زينب: الطويل: أبو طالب المأموني: 426 وقد كنت: الكتب: الطويل: محمد بن عبد الواحد: 214 فلله قلب: العرب: الطويل: محمد بن عبد الواحد: 214 ومستقر على: تعب: البسيط: ابن الرومي: 127 لا يعرف الحلم: الغضب: البسيط: شاعر: 414

السيف أصدق: اللعب: البسيط: أبو تمام: 188 وكنت إذا: الشباب: الوافر: ابن حمديس: 400 متى تحسب: الحساب: الوافر: شاعر: 370 إذا كان البياض: الصواب: الوافر: أبو الحسن الحصري: 408 وكيف أطيق: التراب: الوافر: السيوطي: 327 أرقت فبت: دبيب: الوافر: صفية بنت عبد المطلب: 66 يا أهل مصر: المذهب: الكامل: ابن الوردي: 203 وإذا رأت: مهذب: الكامل: ابن الوردي: 343 ذهب الذين: الأجرب: الكامل: لبيد بن ربيعة العامري: 137 انهل دمعي: أصحابي: الكامل: عمر بن أبي ربيعة: 166 وبدا لنا: الجلباب: الكامل: نصر بن سيار: 242 وقائل: القلب: السريع: أبو الحسن العقيلي: 241 لي بغلة: كعبي: السريع: القيراطي: 272 من أنا عند الله: ذنبي: السريع: محمد بن ظبيان المقري: 218، 364 عين جودي: الأثواب: الخفيف: صفية بنت عبد المطلب: 66 إن شمس: بحجاب: الخفيف: القيراطي: 258 لهف نفسي: المحروب: الخفيف: صفية بنت عبد المطلب: 65 وكأنما الشمس: وما غرب: الكامل: الطغرائي: 407 هذا الكتاب: الأدب: مجزوء الكامل: بكار بن علي الرياحي: 308 من يساجلني: الكرب: الرمل: الفضل بن العباس اللهبي: 247 يا عليّ بن: الأدب: الرمل: كشاجم: 277 يا قومنا: المتقلب: الرجز: ابن الوردي: 200 فيا لها: والطرب: مجزوء الرجز: ابن الوردي: 348 إن حل: التراب: المتقارب: ابن عربي: 183 دع الكأس: أحب: المتقارب: ابن الوردي: 342 يا عاذلين: ولعتبه: الكامل: أحمد بن مسعود الأزدي: 297 بعدا لقاض: سابه: مجزوء الرجز: ابن الوردي: 202 نزلنا على: نهبه: المتقارب: محمد بن نصر القيسراني: 217

- ت- إذا خدرت: ودعوت: الطويل: قيس لبنى: 206 إذا لم أنل: رعايته: الطويل: محمد بن أبي الهيجا: 217 ألا يا عين: هويت: الوافر: هند بنت أثاثة: 68 وما حالاتنا: موت: الوافر: شاعر: 364 إن للعنكبوت: بيت: الخفيف: أحمد بن عبد الله: 283 حتى وحتى: الحا والتا: المنسرح: بديع الزمان الهمذاني: 342 أعاتب فيك: هبّت: الطويل: علي بن مسهر: 241 تري عينيك: بالترهات: الوافر: سراقة البارقي: 432 بني الدنيا: الفوات: الوافر: شاعر: 328 الخير أجمع: البيوت: مجزوء الكامل: منصور الفقيه: 154 نزلتي بالله: لهاتي: مجزوء الرمل: ابن سكرة: 213 طبقات التاج: للغرفات: مجزوء الرمل: القيراطي: 272 إن يكن: وجلت: الخفيف: شاعر: 358 رأى نفسه: الجبروت: المتقارب: ابن الوردي: 195 أودت بذات: الرقة: الكامل: عبد الله الشنتريني: 402 أترى تجمعني: جمعت: الرمل: شاعر: 170 معذر: مات: السريع: ابن الوردي: 342 يا حامل: حرّمت: السريع: شاعر: 192 وقاض لنا: لانت: المتقارب: ابن الوردي: 196 صاحب حماة: الهامات: المواليا: ابن مقاتل الحموي: 209 - ث- عالم: مكثه: مجزوء الرجز: القيراط: 271 - ج- درّج الأيام: لا تلج: الرمل: مالك بن أنس: 158 زمان قل فيه: البروج: الوافر: شاعر: 165 عليّ معدن: دبابيجه: الهزج: كشاجم: 277

لا وأخذ الرحمن: ديباجه: السريع: ابن الوردي: 197 - ح- أرى في منامي: وأقبح: الطويل: شاعر: 406 زماننا ذا: صلاحا: مخلع البسيط: علي بن أحمد: 297 وعليّ أن: النجاح: مجزوء الكامل: يحيى بن المنجم: 248 الموت بحر: السابح: السريع: شاعر: 324 يتلقى الندي: وقاح: الخفيف: شاعر: 306 أكرم بها: الفلاح: السريع: القيراطي: 271 رب شعر: الفصاحه: الخفيف: السراج الوراق: 257 أكرم بها: الفلاح: السريع: القيراطي: 271 ألا ليت: راحه: الطويل: محمد بن إبراهيم: 218 ومروحة: ريحها: الطويل: أحمد بن معقل اللهبي: 161 - خ- يا أيها الملك: المريخ: الكامل: ابن المستوفي: 278 - د- ومن لم يمت: واحد: الطويل: أبو نصر بن نباتة: 379 بعثت بكتب: النجد: الطويل: محمد القدسي: 213 نعم بنعم: والجلد: البسيط: علي بن القاسم الذهبي: 212 ما هو عبد: الكبد: البسيط: الشهاب بن محمود الكاتب: 232 ما هو عبد: الصمد: البسيط: سعيد بن خالد الهاشمي: 231 قم نتحامق: ممدود: البسيط: عبد الله بن الحجاج: 179 وما عليّ إذا: سديد: البسيط: شاعر: 218 وقالوا قد بكيت: الجليد: الوافر: بشار بن برد: 166 رددت الحوادث: والجود: المتقارب: يوسف بن لؤلؤ الذهبي: 242 أشكر ربي: يزيد: السريع: الرافعي: 354 وهوّن ما ألقي: أو غدا: الطويل: خالد بن صفوان: 330 باتت تأوبني: الجسدا: البسيط: أبو بكر الصديق: 59

أورد قلبي: قد بدا: البسيط: عتيق بن محمد الوراق: 239 أشاب ذؤابتي: الفقيدا: الوافر: هند بن أثاثة: 68 لقد آدني: الشهودا: الوافر: ابن الوردي: 195 يا دهر: معاندا: الكامل: ابن الرومي: 364 أيا رئيسا: والفرقدا: السريع: محمد بن أحمد الحنفي: 223 في كل يوم: غدا: المنسرح: شاعر: 380 اجعل العلم: رويدا: الخفيف: الحسن بن أبي الدلائي: 225 إذا أنت: مسند: الطويل: علي بن مسهر الكاتب: 150 قناديل دين: محمد: الطويل: شاعر: 164 أنا ابن الذي: الرد: الطويل: ابن قتادة الأنصاري: 298 روت لي: الفرد: الطويل: حمد بن حميد الدنيسري: 225 ستبدي لك: لم تزود: الطويل: طرفة بن العبد: 133 بقية قبر: جلمود: الطويل: محمد بن سعيد البوصيري: 216 إذا الخمس: بعيد: الطويل: شاعر: 403 ربيتهم تسعة: الوحد: البسيط: امرأة من بني عامر: 330 العلم حيث: بمجتهد: البسيط: ابن عبد ربّه: 401 إني وإن كان: الجسد: البسيط: بشار بن برد: 378 قالت لطيف: ولا تزد: البسيط: وجيه الدولة الحمداني: 227 سهم المنية: الأبد: البسيط: القيراطي: 266 وقد رأيت: بأطواد: البسيط: ابن قلاقس: 249 آليت حلفة: أقتاد: البسيط: حسان بن ثابت: 60 والله ما حملت: الهادي: البسيط: حسان بن ثابت: 60 ألا دفنتم: منضود: البسيط: حسان بن ثابت: 390 إن الإمام: بتمهيد: البسيط: شاعر: 260 أريد حياته: من مراد: الوافر: عمرو بن معديكرب: 148 اصبر على: مخلد: الكامل: إبراهيم بن المهدي أو أبو العتاهية: 329 ما بال عينك: الأرمد: الكامل: حسان بن ثابت: 60

لا تيأسنّ: الأبعد: الكامل: مؤيد الدين الأنباري: 177 يا عين جودي: أحمد: الكامل: عاتكة بنت عبد المطلب: 64 ابرأ إلى الرحمن: المتزايد: الكامل: ابن الوردي: 193 يحبس في الردة: شاهد: مجزوء الرجز: ابن الوردي: 201 تجمعت من: فاسد: السريع: القيراطي: 272 يا حسن المقلتين: بالمواعيد: المنسرح: أبو نواس: 137 آب ليلي: الوساد: الخفيف: صفية بنت عبد المطلب: 67 عين جودي: مفقود: الخفيف: صفية بنت عبد المطلب: 67 ألا أيها: اردد: المتقارب: إسماعيل القيرواني: 398 يا عين فابكي: السيد: المتقارب: أبو بكر الصديق: 58 حسّن غذاءك: وحد: مجزوء الكامل: ابن حمديس: 400 خود كأن: المزرّد: مجزوء الكامل: سالم بن سعادة الحمصي: 227 أكثر يحيى: أحد: الرجز: أبو نواس: 310 كأنما لسانه: مسد: الرجز: الحسين الخليع: 310 يزحر في محرابه: بولد: الرجز: علي بن الخليل: 310 قام طويلا: سجد: الرجز: والبة بن الحباب: 310 يوم يقول: الأحد: مجزوء الرجز: علي بن المظفر الوداعي: 240 متى سمعت: حاسد: المجتث: أحمد بن عبد الملك: 396 شكرناك للمعروف: زائده: الطويل: البحتري: 129 فخرت بانني: وساده: الوافر: أحمد بن معقل المهلبي: 160 أشيخ الوقت: مفيده: الوافر: القيراطي: 273 ألا أيها: الجدّه: الهزج: امرأة: 87 قتلنا سيد: فؤاده: الهزج: شاعر: 75 قيل لي: صعده: مجزوء الرمل: ابن الوردي: 341 في خد من: يدها: السريع: القيراطي: 271 - ذ- والله لو: هذا: البسيط: ابن الوردي: 198 عاب قوم: لم هذا: مجزوء الرمل: أبو الحكم المالقي: 255

- ر- مدحتكم: ولا برّ: الطويل: محب الدين بن النجار: 224 لعمرك ما يدري: يحذر: الطويل: شاعر: 391 إذا كان شكري: الشكر: الطويل: محمود حسن الوراق: 282 وللناس في: عشر: الطويل: شاعر: 391 يقولون آفات: غبار: الطويل: عبيد الله بن عبد الله بن طاهر: 416 من قبل أن: كفّار: الطويل: ابن الوردي: 205 لئن أو حشت: المقابر: الطويل: أبو نواس: 332 أيا قاصدا: الجواهر: الطويل: موسى بن سعيد: 381 يا من يصيخ: والكبر: البسيط: أبو محمد بن سارة: 403 فالغر في: والسهر: البسيط: مجد الدين بن الأثير: 276 جب الفلا: معتكر: البسيط: ابن الدهان: 276 أصلحك الله: إذ كثروا: البسيط: أعرابي: 171 وإن صخرا: نار: البسيط: الخنساء: 226 الموت باب: الدار: البسيط: أبو العتاهية: 411 اعذر أخاك: وأظفور: البسيط: شاعر: 443 أنست بوحدتي: السرور: الوافر: شاعر: 164 لا تطلبن معيشة: المقدور: الكامل: شاعر: 127 لما رأيت نبينا: الدور: الكامل: أبو بكر الصديق: 58 أو ما شعرت: شاعر: مجزوء الكامل: ابن سعادة: 170 حاكم يصدر: حفر: مجزوء الرمل: ابن الوردي: 194 ثمن المعروف: ذخر: مجزوء الرمل: محمد بن غالب الأصبهاني: 128 وشاعر: يشعر: السريع: محمد الفرجوطي: 217 وتاجر شاهدت: ثائر: السريع: ابن الوردي: 341 لا تحسب الناس: أطوار: السريع: محمد بن الصفار: 380 إذا رضت أمرا: ظهرا: الطويل: أحمد بن معقل المهلبي: 161 وخل صفاء: مصوّرا: الطويل: علي بن معاوية الطرياني: 381 انظر إلى الروضة: المطرا: البسيط: محمد الأسعردي: 128

نبّ المساكين: سحرا: البسيط: حسان بن ثابت: 62 ما أنت من: خيرا: مخلع البسيط: أبو الربيع بن سالم: 275 غيرت غيرا: سيرا: مخلع البسيط: شاعر: 275 إن شئت: وعمرا: مخلع البسيط: محمد الخراساني: 218 أرى الكتاب: طرّا: الوافر: علي بن المظفر الوداعي: 240 لزمت قناعتي: الأميرا: الوافر: ابن الحداد: 396 طرف قدمه: سكرا: مجزوء الرمل: ابن الوردي: 202 يا منعما: ذكرا: السريع: موسى بن محمد: 395 يا أيها الناس: منكرا: الرجز: شاعر: 115 وقاض لنا: لا يرى: المتقارب: شاعر: 225 تخيّر فديتك: يسيرا: المتقارب: عبد الله الفرغاني: 236 عصيت الهوى: بالكبر: الطويل: عبد الملك الاشبيلي: 401 وسار مسير: البحر: الطويل: شاعر: 393 ستبكيك عين: النهر: الطويل: القيراطي: 261 عتبت على: عمرو: الطويل: نهار بن توسعة: 233 حويت جمال: البدر: الطويل: شاعر: 258 لأنت جمال: الدهر: الطويل: شاعر: 258 إذا شئت: العسر: الطويل: شاعر: 165 إذا عرف: الدهر: الطويل: الأرجّاني: 181 فيا رب عامله: الحشر: الطويل: السراج الوراق: 126 ويهتز عنه الجود: الخمر: الطويل: أبو حسن الجزار: 128 توافي الجمال: العسر: الطويل: تاج الدين حنا: 126 ولا تسألوني: الفجر: الطويل: الوداعي: 256 وما خير قوم: المطر: الطويل: شاعر: 426 لقد غاص: والدر: الطويل: شاعر: 260 دهاني شهر: الدهر: الطويل: أبو عيسى الرشيد: 421 من أخمل النفس: ضجر: البسيط: ابن حنزابة: 309 جمال ذي: السير: البسيط: شاعر: 394

عينيّ جودا: تعذير: البسيط: عاتكة بنت عبد المطلب: 63 من انتهى: الباري: البسيط: ابن الوردي: 194 لما تأملته: مزرور: البسيط: أحمد الغزالي: 358 كانت مساءلة: الخبر: البسيط: أبو تمام: 248 علومكم لؤلؤ: الغير: البسيط: ابن أبي حصينة: 176 لو لم تكن فيه: بالخبر: البسيط: عبد الله بن رواحة: 414 يا ليت علّته: مأجور: البسيط: مسلم بن الوليد: 333 لله لص: السّحر: البسيط: شاعر: 444 ولّيتم جاهلا: ضاري: مخلع البسيط: ابن الوردي: 203 بالله يا أولياء: بستر: مخلع البسيط: ابن الوردي: 200 جرحت الأبرياء: ضاري: الوافر: ابن الوردي: 203 أطالع كل ديوان: طيري: الوافر: محمد الأسعردي: 128 لقط أحيى: السرور: الوافر: الصلاح الصفدي: 234 خلق أرقّ: الزاهر: الكامل: أحمد الماندائي: 220 يا ركن معتمد: مجاور: الكامل: حسان بن ثابت: 352 جاورت أعدائي: وجواري: الكامل: أبو الحسن التهامي: 336 أنا لو كنت: بناري: مجزوء الرمل: ابن الوردي: 240 رب طباخ: غرير: مجزوء الرمل: شمس الدين التلمساني: 212 في مصر: مصر: السريع: شاعر: 260 كأنما البدر: البدر: السريع: محمد بن عبد الواحد التميمي: 214 قد أطلع: البحر: السريع: شاعر: 260 يا أيها المختال: القبر: السريع: شاعر: 261 يا قاتل المسلم: كالجائر: السريع: شاعر: 160 رب نهر: الزخار: الخفيف: شاعر: 296 دعه ونتف: تعذّر: مخلع البسيط: ابن الوردي: 342 حبذا وجدي: حاضر: مجزوء الرمل: ابن الوردي: 342 هذا الجمال: وأطهر: الرجز: شاعر: 57 ألا رب مسرور: لا نضرّه: الطويل: زياد بن أبيه: 316

وما بكيّ: عمره: السريع: ابن الوردي: 198 فصل كأنّ: طاره: الكامل: سيف الدين المشد: 240 ويك يا نفس: والشره: الرمل: المطهر التنوخي: 274 المالكي طائش: سوره: الرجز: ابن الوردي: 197 هذا غزال: شعره: مجزوء الرجز: عبد الله القوصي: 237 المودات إن: مكرره: مجزوء الخفيف: شاعر: 183 زائرة زارت: سيرها: السريع: ابن الوردي: 339 فلأشكرنّك: قبرها: الكامل: ابن نباتة: 246 وما زلت: أخطارها: المتقارب: شاعر: 394 - ز- كبرت ولم أشعر: عجائز: الطويل: شاعر: 53 قال لي: تموز: الخفيف: علي بن عبد الله الجعفري: 207 لزمت في: الدهاليزا: السريع: العباس بن طرخان: 231 سار عبد العزيز: العزيز: الخفيف: الجزار: 294 - س- إذا كان: التنافس: الطويل: هبة الله الكرماني: 328 يا طيب: تنفيس: الكامل: القيراطي: 273 أما الطعام: الناس: الكامل: شاعر: 417 يحب الخمر: الفلوس: الوافر: شاعر: 76 الجامع الأزهر: الحسّ: السريع: القيراطي: 272 طيلسان: مساسا: مجزوء الرمل: ابن الرومي: 252 اعد ضرارا: العباسا: السريع: قرة بن حجل: 56 أفرط نسياني: حسّا: السريع: شاعر: 409 أعد الوضوء: تنسى: السريع: يحيى بن سهل اليكي: 402 ألا حبذا: الأنس: الطويل: أحمد بن عبد الملك: 396 إن العبادلة: للناس: البسيط: شرف الدين الأذمتي: 214 أميرنا يرتشي: راس: البسيط: أحمد بن أبي نعيم: 172

قاض يرى: باس: البسيط: أحمد بن أبي نعيم: 172 لنا صديق: الأخسّ: مجزوء البسيط: الشوّاء: 280 ولولا كثرة: نفسي: الوافر: الخنساء: 329 احفظ لسانك: الجلاس: الكامل: محمد بن أحمد المقري: 219 فيم الكلام: المتنفس: الكامل: الحسن بن علي بن أبي طالب: 186 سأل الإمام: العباس: الكامل: حسان بن ثابت: 230 الجوع يدفع: وساوسي: الكامل: محمد بن طاهر السجستاني: 218 ما اسم إذا: كالعكس: السريع: شاعر: 221 - ش- من سره العيش: يشا: البسيط: محمد اليعمري: 126 ولست بقائل: قريش: الوافر: أيمن بن خريم: 302 - ص- خذ بالأشدّ: الرخص: البسيط: ابن حمديس: 400 حال النحاة: خصوص: الكامل: ابن الوردي: 199 - ض- غدا سلس: البياض: الوافر: محارب الوادي آشي: 279 قالوا نراك: متعرض: الكامل: عبد المنعم بن عمر الغساني: 174 إذا أذن الله: يركض: المتقارب: سلم الخاسر: 252 ولا رشد إلا: يمحض: المتقارب: ابن الرومي: 252 قل للزغاري: عرضا: السريع: القيراطي: 252 خير أعمالك: القضا: مجزوء الخفيف: عبد الله القرطبي: 400 خبرت بني: بالنبض: الطويل: عبد المنعم الغساني: 174 وليت فوليت: الغمض: الطويل: الشواء: 281 وما منّة الخباز: يقضي: الطويل: السراج الوراق: 257 قد كان همك: منقبض: البسيط: شاعر: 173 لذي الظما: وفاض: السريع: القيراطي: 272 يا من بنا: ينقض: مجزوء الرجز: القيراطي: 273

- ط- قليل الفقه: خبط: مجزوء الهزج: ابن الوردي: 202 تنازعني النفس: أنشط: المتقارب: ابن عطية: 399 يا من إذا: وسطا: السريع: جعفر السراج: 309 بحبّ من: والطا: الرجز: ابن الوردي: 199 يا أهل مصر: الأوساط: الكامل: ابن الوردي: 198 رمتني سود: تبطي: الهزج: علي بن المظفر الوداعي: 256 قاض عن: مغالط: البسيط: ابن الوردي: 195 مغربي الخلق: أسقطه: الرمل: ابن الوردي: 196 - ع- عليك بخمس: وتدفع: الطويل: أحمد بن الحسين الرملي: 430 تطاول ليلي: جامع: الطويل: عبد الله بن أنيس: 59 عجوز بأرض: الذرع: الطويل: عاتكة ابنة بكار: 308 وأترجة فيها: أجمع: الطويل: ابن العميد: 356 ليهنك أن: التواضع: الطويل: ابن هاني: 182 لما رأيت: انتفاع: البسيط: عبد الله الزوزني: 236 قالوا نرى: ولا ورع: البسيط: عبد المنعم الجلياني: 239 لقد وليتم: يرتفع: مجزوء الوافر: ابن الوردي: 204 تعصي الإله: بديع: الكامل: محمود حسن الوراق: 282 بأبي مخيلة: الدمع: الكامل: ابن الوردي: 340 لنا صاحب: طيّعا: الطويل: علي بن المظفر الوداعي: 255 فان كنت: مسارعا: الطويل: شاعر: 336 إذا لم تكن: مطيعا: الوافر: شاعر: 149 لها أم: مضجعا: الطويل: الراعي النميري: 153 إذا شئت أن: مسموع: الطويل: شاعر: 155 لا تحسبيني: النزاع: مجزوء البسيط: أبو بكر الزبيدي: 224 ويحك يا سلم: زماع: مجزوء البسيط: أبو بكر الزبيدي: 224

وما للمرء خير: المتاع: الوافر: قطري بن الفجاءة: 199 يا من يحاول: واسمع: الكامل: أبو العميثل: 233 وعليّ أن أشكو: تسمعي: مجزوء الكامل: شاعر: 218 هاتيك يا: معي: السريع: الشوّاء: 280، 407 من أراد الهدى: كالشافعي: الخفيف: ابن الجوزي: 208 ذهبت دولة: انقطع: الرمل: أبو جعفر الخواص: 365 لاعب شطرنج: وذاع: السريع: القيراطي: 272 لعمرك ما كل: منفعه: الطويل: محمد بن عبد الحكم: 170 لا تعذليه فان: يسمعه: البسيط: ابن زريق البغدادي: 289 لي نفس: الشفاعه: الخفيف: علي البسطي: 397 حدث حديثين: فأربعه: مجزوء الرجز: شريح القاضي: 138 - غ- وألثغ: صبغا: المجتث: ابن الوردي: 202 الألثغ الطاغي: الطاغي: السريع: ابن الوردي: 202 - ف- أما والذي: كفو: الطويل: رقية زوجة السري بن عبد الله: 207 بستان خديك: يقطف: مواليا: شاعر: 212 سابق الموت: التسويفا: الخفيف: علي بن القاسم الذهبي: 212 يا عين فابكي: المصطفى: المتقارب: كعب بن مالك: 62 لا تدع يا صاح: موصوف: البسيط: القيراطي: 273 ولبس عباءة: الشفوف: الوافر: ميسون بنت بحدل: 79 يا حسن: الأضياف: الكامل: القيراطي: 273 ما كل ما: كاف: الكامل: شاعر: 395 أحسن ما: الخافي: السريع: ابن الوردي: 341 قد نحا منصب: سخيف: الخفيف: القيراطي: 274 هي كتبي: الإسكافي: الخفيف: العماد الكاتب: 223 يا صاح حقّ: التخوّف: مخلع البسيط: ابن الوردي: 349

وخوفي على: لم أقف: المتقارب: ابن الوردي: 348 بكى على: أشرفه: البسيط: الأبيوردي: 243 يا ساكني مصر: وألفه: مخلع البسيط: ابن الوردي: 202 تهت علينا: خليفه: مخلع البسيط: ابن سكرة: 213 إذا ما ضاق: القرافه: الوافر: محمد بن أحمد العميدي: 223 وكنا خمس عشرة: آفه: الوافر: الشواء: 280 جاءتك في: أعطافه: السريع: ابن الوردي: 340 قد صرفوه: السفه: السريع: القيراطي: 271 أرسل فرعا: واصفه: السريع: الشواء: 280 - ق- لعمري ما ضاقت: تضيق: الطويل: عمرو بن الأهتم: 88 إذا جمعت: احذق: الطويل: الصاحب بن عباد: 283 من كان في: يليق: مخلع البسيط: ابن الوردي: 200 دعاك لنصرة: الطريق: الوافر: أبو الحسين الجزار: 376 تولت بهجة: خلق: مجزوء الوافر: موسى بن عبد الله: 421 التاجر الخياط: وفسوق: الكامل: ابن الوردي: 202 طفقت تقول: الطرق: الكامل: الشهاب الحارثي: 364 هو في العلم: سابق: مجزوء الرمل: ابن الوردي: 201 في حلب: توفيق: السريع: ابن الوردي: 201 كثير الجنون: محرق: المتقارب: ابن الوردي: 197 سألتك يا عود: مشفقا: الطويل: ابن قرناصي النحوي: 216 سقى الله: عناقا: الطويل: الوأواء الدمشقي: 416 لما غدا: يتمزقا: الكامل: شاعرة: 214 رام نفعا: عقوقا: الخفيف: الشافعي: 208 وذات حليل: لم تطلق: الطويل: الفرزدق: 140 وأبيض طاوي: المهارق: الطويل: محمد بن عبد الملك: 250 فاما تري: مفرق: الطويل: شاعر: 385 محبرة جاد: الخلق: البسيط: كشاجم: 251

علمي معي: صندوق: البسيط: الشافعي: 250 لمحبرة تجالسني: الصديق: الوافر: شاعر: 164 دخلت البيت: الدقيق: الوافر: شاعر: 109 إن الذي رزق: موفق: الكامل: الشافعي: 164 أجرى المدامع: الآماق: الكامل: أبو القاسم بن ناقيا: 219 دع ذا: يتقي: السريع: إبراهيم المرادي: 235 تفاءل بما: تحقق: الطويل: شاعر: 373، 377 أبصر من: فائق: مخلع البسيط: أحمد بن عبد الملك: 396 قالوا تصاهلت: السوابق: مجزوء الكامل: ابن شرف القيرواني: 215 وبتنا جميعا: حنق: المتقارب: ابن المستوفي: 278 ساق يسوق: برحيقه: الكامل: ابن الوردي: 348 تلفت مكاتيب: مخرقه: الكامل: ابن الوردي: 195 بدا هلال: المشرقه: السريع: القيراطي: 274 اعتزل الناس: صادقه: مجزوء الرجز: ابن الوردي: 350 - ك- وما أنا إلا: مالك: الطويل: ابن المرحل المالقي: 255 أبا البركات: تصبكا: الوافر: يوسف الأربلي: 279 لا تبك ثوبك: بدنك: البسيط: موسى بن عمر المرتلي: 395 بؤسا لدنيا: هلك: الكامل: محمد بن الحسن القزويني: 219 لا تشكونّ إذا: حالك: مجزوء الكامل: عبادة بن ماء السماء: 230 مثل الرزق: معك: الرمل: محمد مرج الكحل: 178 ادفع الهمّ: خلقك: الرمل: شاعر: 182 قلنا له: لمثلك: المجتث: ابن الوردي: 194 - ل- فان تكن الدنيا: أفضل: الطويل: شاعر: 368 فقلت يقال: يقال: الطويل: محمد بن رامين: 127 أقول لظبي: يقال: الطويل: مجنون ليلى: 127

فقلت أمن: يقال: الطويل: شاعر: 127 لقد أصبح: يقولوا: الطويل: ابن الوردي: 200 ألا ليت شعري: جليل: الطويل: بلال الحبشي: 248 إذا لم يعنك: سبيل: الطويل: أبو فراس الحمداني: 249 ::: أو أبو إسحاق الشيرازي: 155 ومن ترك الدنيا: سبيل: الطويل: شاعر: 150 يا بحر بعدك: همل: البسيط: برهان الدين القيراطي: 261 يا راحلين: العمل: البسيط: مالك بن المرحل: 277 يقول أخي: رحيل: الوافر: ابن حزم الظاهري: 296 من أجلنا: مدخل: الكامل: ابن حجة الحموي: 362 دمعي على: مسلسل: الكامل: السراج الوراق: 293 ابن الشهاب: ويخذل: الكامل: شاعر: 296 هجروك: لواصلوا: الكامل: شاعر: 170 يا سيدا: تتمثل: المنسرح: علي الطرياني: 381 مديد الرحاب: طويل: المتقارب: ابن الوردي: 205 ترفق بدمعك: طويل المتقارب: شاعر: 217 سأترك هذا: قليلا: الطويل: محمد بن عمران: 214 لكرب بني العباس: الولا: الطويل: يحيى الصرصري: 240 تشفّى ببني: فلا: الطويل: شاعر: 127 لا تسأل الناس: تطفيلا: البسيط: ابن شرف القيرواني: 216 أهل الثنايا: ابن جلا: البسيط: ابن الوردي: 196 علّمت ليث: هطلا: مخلع البسيط: ابن الوردي: 339 وإذا غلا: إذا غلا: الكامل: محمد الشيرازي: 178 جارية قلت: لنا إلا: السريع: الشوّاء: 280 يا من أعار: الهطلا: السريع: ابن الوردي: 339 هكذا كن: العذالا: الخفيف: ابن الوردي: 351 تبعت تبّعا: فحالا: الخفيف: عبد الله الرقي: 357 عذلوني على: وأحلى: الخفيف: شاعر: 359

يا لائمي في: جهلا: المجتث: الوداعي: 256 ما آلة: فعلا: المجتث: الوداعي: 256 لعمر أبيك: قليلا: المتقارب: شاعر: 314 أرى الصفع: المجالا: المتقارب: الشواء: 281 ولولا الأسى: مثلي: الطويل: الحريث بن زيد الخيل: 329 كأن أبانا: مزمّل: الطويل: امرؤ القيس: 212 بليت: النمل: الطويل: محمد بن عمر الأصبهاني: 217 أيجمل بي: مفاصلي: الطويل: شاعر: 52 نعم قبضت: الأفاضل: الطويل: القيراطي: 261 خليليّ إنّ: بطائل: الطويل: الشواء: 281 إذا ما الليالي: تحوّل: الطويل: محيي الدين المغربي: 212 يا ذا الذي: والجوى لي: البسيط: شمس الدين التلمساني: 112 بذلت وقتا: بالسؤال: مخلع البسيط: عبد المنعم الجلياني: 239 أصالة الرأي: العطل: البسيط: الطغرائي: 405 ومهمّة: أعيا: البسيط: شاعر: 179 يا عين جودي: واعوال: البسيط: حسان بن ثابت: 61 إن الفرات: الأحوال: الكامل: شاعر: 434 إن البرامكة: المال: الكامل: أبو الحسن الموسوي: 242 إذا سفه السفيه: الخصال: الوافر: محمد الكيزاني: 177 يا من رأى: غزال: الكامل: محيي الدين عبد الظاهر: 229 ومهفهف: مثال: الكامل: شبيب بن حمدان: 229 رب وعد: لم تفعل: الرمل: محمد بن أمية: 209 قنعت بما: الأصل: الطويل: عبد الله الأصبحي: 398 لزمت بيتي: الأصيل: السريع: الصلاح الصفدي: 406 امتلأت من: دغل: السريع: ابن الوردي: 194 كم أسد: ذا نعل: السريع: شاعر: 345 روّ بمصر: البالي: السريع: علي بن المظفر الوداعي: 256 يبكي رجال: الأجل: المنسرح: العباس بن الأحنف: 332

خمولك يدفع: للخمول: المتقارب: شاعر: 150 لقد صنّف: الباطل: المتقارب: أحمد التميمي: 220 ما ولدت نجيبة: سهل: الرجز: عبد الله الهلالي: 94 دع عنك: مقال: الرجز: شاعر: 434 وما رأيت: يعدل: مجزوء الرجز: ابن الوردي: 196 قل للوضيع: والعمل: الكامل: ابن لنكك: 220 قد فهم: فصل: الرمل: شريح القاضي: 87 ذهب الصدق: وكسل: الرمل: ابن الوردي: 348 لما كتمت: والعويل: السريع: عبد الله الإشبيلي: 401 قل لمن: طائل: مجزوء الرمل: ابن الوردي: 343 مطاف بيت: عمل: مجزوء الرجز: القيراطي: 273 وأكثر ما تلقى: فعله: الطويل: شاعر: 159 وتاجر قلدوه: لا له: مخلع البسيط: ابن الوردي: 196 يا سائرا: كلّه: الكامل: زيادة الله التميمي: 227 جود الإمام: آماله: الكامل: عبد الله البغدادي: 237 لا تبغ من: وأهله: الكامل: عبد الله السرقوسي: 400 إن الأمير: عزله: مجزوء الكامل: عبيد الله بن طاهر: 405 ادرس العلم: تبجيله: الرمل: ابن الوردي: 197 إذا أذن الله: رسله: المتقارب: سلم الخاسر: 229 يروى حديث: حاملوه: السريع: أبو خلدة: 135 لا تسلك الطرق: المهلكة: السريع: علي بن الحسن العبدري: 239 جبرت يا: الوله: السريع: ابن الوردي: 339 وما قرا وثيقة: معامله: مجزوء الرجز: ابن الوردي: 197 يا أحمد: ذلّها: الكامل: شاعر: 220 قال حلت: تعديلها: السريع: ابن الوردي: 341 لي أغيد: لم أنلها: المنسرح: ابن الوردي: 341

- م- وإن عناء: أعلم: الطويل: صالح بن عبد القدوس:::: أو مالك بن أنس: 159 أبى الله: والعقل: الطويل: أحمد بن عبد الله القيسي: 398 تصبّر فان: أقوم: الطويل: جمال الدين ابن نباتة: 331 من كل معنى: والقلم: البسيط: شاعر: 21 يا من يرى: الهرم: البسيط: شاعر: 179 لا غرو إن: موسوم: البسيط: جبريل الصعبي: 222 لم ألق في الحبس: مظلوم: البسيط: شاعر: 178 لئن أصبحت: مقيم: الوافر: ابن حزم الظاهري: 296، 401 ولا تعجل: وخيم: الوافر: محمد بن عيسى التميمي: 219 أضحى يصول: تستعظم: الكامل: ابن الوردي: 202 انظر إلى النهر: الهموم: مجزوء الكامل: علي الطرياني: 382 انظر الدنيا: يدوم: مجزوء الرمل: محمد الطليطلي: 394 ابن الرباحي: يحكم: السريع: ابن الوردي: 200 ليس هذا: حرام: الخفيف: منصور الفقيه: 154 لزمزم أسماء: يسقم: الرجز: القيراطي: 274 وإني لمن: والدما: الطويل: المتنبي: 342 لذي الحلم: ليعلما: الطويل: المتلمس الضبعي: 352 رأيت جريرا: إثما: الطويل: محمد القسنطيني: 238 أزهر الدراري: تنمنما: الطويل: أبو بكر العجمي: 359 لأصدق عبد الله: مريما: الطويل: محمد بن وهيب البديهي: 129 لقد كان: تبسّما: الطويل: كمال الدين بن يونس: 180 وسبعة شبهوا: ونما: البسيط: أبو الفضل العراقي: 407 شبه النبي: وامهما: البسيط: ابن حجر العسقلاني: 408 يا لهف نفسي: لاما: مخلع البسيط: ابن النشّاء: 253 أرى ولد الفتى: عقيما: الوافر: أبو العلاء المعري: 332 إن كنت تسعى: السّما: الكامل: يحيى بن سعيد: 177

ورادة خرقاء: والفهما: السريع: أحمد بن معقل المهلبي: 161 وذات جسم: تدمى: السريع: ابن الأنباري: 246 قل لمن: التقديما: الخفيف: محمد بن أحمد القيرواني: 253 يمنك يا مولاي: علام: الطويل: كمال الدين الدميري: 257 عفا جانب: الغماغم: الطويل: آمنة بنت وهب: 57 تعز بحسن: اللوازم: الطويل: محمود حسن الوراق: 282 وأبخس شىء: عند عالم: الطويل: عبد المنعم الجلياني: 238 أعينيّ جودا: هاشم: الطويل: عاتكة بنت عبد المطلب: 64 إلى الله أشكو: أوهام: الطويل: أبو العلاء المعري: 406 حلفت: غلامي: الطويل: بهاء الدين السبكي: 257 لولا تقدم: النعم: البسيط: عمارة اليمني: 170 إن الشهاب: والحكم: البسيط: فارس بن الحسين: 323 أجريت دمعي: دمي: البسيط: القيراطي: 271 سلام والسلام: السلام: الوافر: ملكداد القزويني: 358 وقانا لفحة: العميم: الوافر: حمدونة الأندلسية: 344 ولقد أبيت: المطعم: الكامل: عنترة العبسي: 248 إن العفيف: المأثم: الكامل: شاعر: 150 سوط يفل: الأيام: الكامل: ابن الوردي: 204 أهل الرياء: العاتم: الكامل: محمد الملاحي: 397 ذم المنازل: الأقوام: الكامل: شاعر: 345 لا رعاه الله: الكرم: الرمل: محاسن بن إسماعيل الشواء: 162 أيها الجندي: الخصوم: مجزوء الرمل: الوداعي: 256 خلّ جنبيك: سلام: مجزوء الرمل: أبو نواس: 171 أنت في الديوان: الإمام: مجزوء الرمل: سعد بن علي الحظيري: 129 لا تشكون: الجسم: السريع: عمارة بن حمزة الكاتب: 242 قل لمن نال: الإكرام: الخفيف: علي بن رجاء: 398 يا إماما: بالتقدم: الخفيف: القيراطي: 272 متى ألق: من ندم: الطويل: شاعر: 271

إن كنت: عالم: مجزوء الكامل: بشر بن المعتمر: 221 عللونا فالشفا: سوركم: الرمل: عبد الله القوصي: 237 أما الفتاوى: عبد السلام: السريع: الجزار: 294 قد أصبح: الأنام: السريع: عبد المحسن الموصلي: 260 يزدهم: الزحام: السريع: شاعر: 260 كم من أديب: عديم: السريع: شاعر: 160 همومك بالعيش: إلا بهم: المتقارب: أبو العتاهية: 316 أعينيّ جودا: متهدم: المتقارب: صفية بنت عبد المطلب: 66 لا تغبطنّ: لعظمه: السريع: محمد الغافقي: 126 طرّز قباء: ورقمه: مجزوء الرجز: ابن الوردي: 340 - ن- وللموت تغدو: المساكن: الطويل: سابق البربري: 328 كانوا معاني: وإحسان: البسيط: ابن الوردي: 347 كيف التخلص: صابون: البسيط: ابن الوردي: 196 تسائل عن: اليقين: الوافر: رجل من جهينة: 345 سامح أخاك: يتمكّن: الكامل: عبد الله بن شعبة: 397 ربما عالج: وتلين: الخفيف: الحسين بن عبد السلام: 292 نظرت إلى البدر: الأزين: المتقارب: ابن الأبار: 399 رعى الله: المدنا: الطويل: شاعر: 260 تفاءل بما تهوى: إلا تكوّنا: الطويل: شاعر: 373 ولو ولّوا: جزعنا: الوافر: ابن الوردي: 194 جاءنا ملتثما: وعجبنا: الرمل: ابن الوردي: 343 إن الذي: أركانا: السريع: محمد بن مناذر: 128 سحقا لقاض: مننا: السريع: ابن الوردي: 192 ما اقتضى حظنا: كفينا: الخفيف: السراج الوراق: 292 عندي حديث: يتغّنى: المجتث: شاعر: 211 وأقسم ما ذاك: أفهامنا: المتقارب: ابن الوردي: 347 صاحب شيس: أرعنا: مجزوء الرجز: ابن الوردي: 195

وكم أشتكي: أجفاني: الطويل: محمد القوصي: 217 لا تستقلنّ: البدن: البسيط: توران شاه: 409 كفى بجسمى: لم ترني: البسيط: المتنبي: 223 بخمسة شبّه: الحسن: البسيط: ابن سيد الناس: 407 إني إذا: وحدّثني: البسيط: عبد الله الطبني: 399 وإن أولى: الحزن: البسيط: دعبل الخزاعي: 419 عدمت من: العيان: البسيط: محمد المغيري: 223 إني معزيك: الدين: البسيط: الشافعي: 331 لا تضجرنّ: يومين: البسيط: محمد بن الجهم السّمري: 173 صيّر فؤادك: للحبيبين: البسيط: غانم المالكي: 165 لقد بلينا: كل حين: مخلع البسيط: ابن الوردي: 203 ولو أني: سني: الوافر: شاعر: 271 ويا عجبا: البنان: الوافر: معن بن أوس: 242 لقد غفلت: أمان: الوافر: ابن الوردي: 337 وأحلم في: ولا يراني: الوافر: الأحنف العكبري: 406 ألا يا عين: طاوعيني: الوافر: أروى بنت عبد المطلب: 62 والعز محبوب: الوطن: الكامل: شاعر: 394 يا ليت شعري: الأزمان: الكامل: محمد بن الخياط: 252 وإذا الأديب: بستان: الكامل: أبو العلاء المعري: 402 إزهد إذا: الدين: الكامل: عمارة اليمني: 170 امرؤ القيس: الزمان: الرمل: الوداعي: 256 قولوا له: العين: السريع: ابن الوردي: 203 يا ذا الذي: مني: السريع: جعفر المصحفي: 394 زعموا أنني: بالقفزان: الحفيف: شاعر: 380 قد وجدنا: البلدان: الخفيف: ابن العميد: 228 سبحان من: الخشكنان: المجتث: ابن الحطيئة: 173 هاجر إليه: الهجرتين: المجتث: القيراطي: 271 ما أبين الحق: اليومين: الرجز: شاعر: 286

إذا نحن بايعنا: الفتن: الطويل: خزيمة بن ثابت: 206 أقول لذات: فاتن: الوافر: شاعر: 297 بروحي بدر: حنين: المتقارب: القيراطي: 273 لا تحاول من: عنه: مجزوء: الرمل: حسين بن خالد الكاتب: 400 ما ضاع من: شانه: السريع: شاعر: 27 لا تحدثنّ: عنه: الخفيف: شاعر: 433 ومن خدم: أهانها: الطويل: أحمد بن جعفر البديعي: 220 أمست مراكبه: زينها: المتقارب: عاتكة بنت زيد بن عمرو: 69 - هـ- وجاهل لج: جاهي: البسيط: أحمد الخشنامي: 221 لو كنت: أسوه: السريع: ابن الوردي: 339 رأيت ابن: المعلوه: المتقارب: أبو العتاهية: 361 - ي- إذا ما اطمأنت: التناهيا: الطويل: الصلاح الصفدي: 227 لا يمنع عنك: لاقيا: الطويل: شاعر: 330 ونحتقر الدنيا: فانيا: الطويل: المتنبي: 127 ألا يا رسول الله: جافيا: الطويل: أروى بن عبد المطلب: 63 حلمت عن: عليه: الوافر: محمد الخضر التنوخي: 212 ما إن بكيت: عليه: المجتث: محمود الوراق: 281 أليس عجيبا: يديه: المتقارب: محمود الوراق: 281 لقد قنعت: العاليه: المتقارب: ابن وكيع التنيسي: 174 بقدر الصعود: العاليه: المتقارب: مرتضى الشيرازي: 174 قاض من: الأكسيه: مجزوء الرجز: ابن الوردي: 201 لا تطلبوا: كفايه: مخلع البسيط: محمد مرج الكحل: 178 من قال: يكفيه: البسيط: إبراهيم بن المهدي: 421 شرفا بين: التشبيه: الكامل: أبو الحسين الجزار: 376 يا أيها النفس: إليه: الرمل: الوداعي: 257

له قباء: خديه: السريع: ابن الوردي: 340 قامت حروب: السندسيه: مجزوء الكامل: شمس الدين التلمساني: 213 أبا أمية: نأتيه: الهزج: شاعرة: 86 سقى قبة: الجاريه: المتقارب: محمد الطائي: 216 إن مدحت: إليه: الخفيف: ابن الريان الموصلي: 149 يقتدي في: الصوفية: الخفيف: سيف الدين المشد: 240 وصاحب لي: معاويه: الرجز: أبو محمد القزويني: 357 إن كان في: تساويها: البسيط: شاعر: 242 تروى الأحاديث: معانيها: البسيط: ابن مفوز: 250 وما محمولة: لحامليها: الوافر: أحمد بن معقل اللهبي: 161 يا كوكبا: شبيها: الكامل: بدر السروي: 222 أنا للحرب: أتّقيها: مجزوء الرمل: علي بن أبي طالب: 359.

4 - فهرس الأعلام

4- فهرس الأعلام - أ- آدم: 180، 328. آمنة بن عفان: 96، 125. آمنة بنت وهب: 56، 60. ابن الأبار (محمد بن عبد الله القضاعي) : 235، 395، 399. أبان بن صالح: 93. أبان بن أبي عياش: 78. إبراهيم بن أحمد بن إسماعيل (أبو إسحاق الخواص) : 284، 357. إبراهيم بن أحمد بن طباطبا: 130. إبراهيم بن أدهم: 245، 272. إبراهيم بن تومرد: 374. إبراهيم التيمي (إبراهيم بن يزيد بن شريك) : 111، 124. إبراهيم بن سبلان: 130. إبراهيم بن جابر الفقيه: 303. إبراهيم الحصري: 13، 408. إبراهيم الخليل (النبي) : 93، 141. إبراهيم الخواص إبراهيم بن أحمد بن إسماعيل. إبراهيم بن سعد: 84. إبراهيم سعدان: 136. إبراهيم سعيد: 157. إبراهيم بن صالح بن علي: 366، 367. إبراهيم بن صالح بن منصور: 366. إبراهيم بن عبد الرحمن بن عبد الله: 71. إبراهيم بن عبد الرحمن القيسي: 253. إبراهيم بن عبد الله بن عبد المنعم (ابن أبي الدم) : 228. إبراهيم بن أبي عبلة: 304. إبراهيم العجلي: 89. إبراهيم بن عقبة العدني: 157. إبراهيم بن علي الشيرازي: 249. إبراهيم بن علي بن يوسف الفيروز آبادي (أبو إسحاق الشيرازي) : 222. إبراهيم المرادي: 235. إبراهيم بن محمد رسول الله صلّى الله عليه وسلم: 57، 146، 306، 330. إبراهيم بن المهدي العباسي: 366، 421. إبراهيم بن ميسرة: 99. إبراهيم بن يزيد النخعي: 84، 88، 89، 112، 118، 148. إبراهيم بن أبي اليسر التنوخي: 247. الأبشيهي (محمد بن أحمد) : 20، 25. الأبهري (محمد بن عبد الله التميمي) : 370. أبيّ بن كعب: 75، 90، 142، 146، 147، 148، 316. الأبيوردي: 242. ابن الأثير (عز الدين الشيباني) : 17، 179. أحمد بن آدم غندر الجرجاني: 151. أحمد بن إبراهيم الطبري: 357. ابن أبي أحمد: 94. أحمد بن إسحاق بن إبراهيم: 153. أحمد بن إسماعيل الطالقاني: 358. أحمد بن أسعد بن كريم الملك: 220.

أحمد بن بختيار الماندائي: 220. أحمد بن بديل الكوفي: 317. أحمد بن جعفر البديعي: 22. أحمد بن الحسين البغدادي: 311. أحمد بن الحسين بن رسلان الرملي: 430. أحمد بن الحسين العليف: 12. أحمد بن حنبل الشيباني: 25، 97، 108، 156، 184، 208، 243، 321، 351، 355، 365، 379، 411. أحمد بن أبي الحواري: 302، 321. أحمد الخازندار: 16. أحمد بن أبي داود: 248. أحمد بن الرشيد: 422. أحمد بن سعيد الحلبي: 248. أحمد بن سليمان: 106. أحمد الشرقاوي إقبال: 16. أحمد بن صالح العجلي: 297. أحمد بن طولون: 169، 198. أحمد بن الطيب: 446. أحمد بن عبد الرحمن المرادي: 431. أحمد بن عبد القادر القيسي (ابن مكتوم) : 253. أحمد بن عبد الله البخاري: 392. أحمد بن عبد الله التيمي الصقلي: 220. أحمد بن عبد الله القيسي: 398. أحمد بن عبد الملك بن سعيد: 396. أحمد بن عبيد الله بن يحيى بن خاقان: 283. أحمد بن عبيد بن ناجح: 150. أحمد بن عثمان الخشنامي: 221. أحمد بن عدي: 150. أحمد بن عطاء الروذباري: 250. أحمد بن علي: 326. أحمد الغراوي الصالحاني: 29. أحمد بن فارس: 357. أحمد بن قاسم بن معروف: 450. أحمد بن كامل: 128. أحمد بن كثير الدينوري: 355. أحمد بن محمد بن دوست النيسابوري: 428. أحمد بن محمد الأصبهاني (السلفي) : 254. أحمد بن محمد بن عبد ربه: 401. أحمد بن محمد العتيقي: 173. أحمد بن محمد القسطلاني: 12. أحمد بن محمد بن الوليد الأزرقي: 92. أحمد بن محمد الصوفي: 428. أحمد بن مروان: 107. أحمد بن مسعود الشمنتاني: 397. أحمد بن المعتصم: 397، 422. أحمد بن معقل المهلبي: 160، 170. أحمد بن منصور المالكي: 308. أحمد بن موسى بن مجاهد: 173. أحمد بن أبي نعيم: 172. أحمد بن هارون الرشيد (أبو عيسى بن الرشيد) : 421. أحمد بن يحيى (أبو العباس ثعلب) : 273، 299. أحمد بن يوسف الكاتب: 417. أحمد بن يونس: 326. الأحنف العكبري (عقيل بن محمد) : 406. الأحنف بن قيس المنقري التميمي: 131، 134، 156، 167. الإخشيد (ملك مصر) : 175. الأخطل التغلبي: 340. الأخفش الأصغر (علي بن سليمان بن الفضل) : 277. ابن الأخوة (عبد الرحمن بن أحمد بن أبي الغنائم) : 421.

الأرجّاني (أحمد بن محمد بن الحسين) : 181. أدد بن الهميسع: 55. أرميا: 357. أروى بنت عبد المطلب: 56، 62، 63. أسامة بن زيد بن حارثة: 56، 94، 95، 132، 141، 351. أبو أسامة: 107. إسحاق الأزرق: 136. إسحاق بن خلف: 305. إسحاق بن الشريح: 173. إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة: 132. إسحاق بن عبد الله بن أبي فروة: 55. أبو إسحاق السبيعي: 116. أبو إسحاق الشيباني: 116. أبو إسحاق الشيرازي (إبراهيم بن علي بن يوسف) : 155، 219، 222، 448. أبو إسحاق الفيروز آبادي: 249. أسد بن عبد مناف بن عمرو بن المغيرة- علي بن أبي طالب أسد الله (حمزة بن عبد المطلب) : 56. أسعد بن زرارة: 94، 184. أسقف نجران: 269. أسماء بنت أبي بكر الصديق: 81، 96، 423. أسماء بنت عميس الخثعمية: 71، 119، 138، 184، 368. أسماء بنت يزيد بن السكن الأنصاري: 98. إسماعيل بن إبراهيم: 55، 150، 180، 274. إسماعيل بن أحمد الساماني: 423. إسماعيل بن أحمد القيرواني: 398. إسماعيل بن أمية: 100، 353. إسماعيل بن أبي أمية: 100، 353. إسماعيل بن أبي حكيم: 81. إسماعيل بن أبي خالد: 124، 148. إسماعيل بن عبد الله بن زرارة: 88، 93. إسماعيل بن عبد الله بن أبي أويس: 93. إسماعيل بن علية: 122. إسماعيل بن عياش: 110. إسماعيل بن غزوان: 182، 183. إسماعيل بن محمد التيمي: 307، 358. إسماعيل بن مسعدة الجرجاني: 375. الأسنوي (عبد الرحيم بن الحسن الشافعي) : 258. أسود بن عامر: 120. أبو الأسود الدؤلي (ظالم بن عمرو بن سفيان) : 55، 117. أبو الأسود (محمد بن عبد الرحمن) : 80. أسيد بن حضير: 152، 184. أسيفع (جهينة) : 146. أشعب بن جبير الطامع: 307. أشعث بن سليم: 86. ابن الأشعث (عبد الرحمن) : 114، 119، 303. أشهب بن عبد القيسي: 272، 397. أبو الأشهب: 97. أصبغ بن الفرج بن سعيد: 158، 397. الأصبغ بن نباتة: 364. الأصمعي (عبد الملك بن قريب) : 263، 307، 384، 417. ابن أبي أصيبعة: 17. أصيرم عبد بني الأشهل (مرو بن ثابت) : 94. ابن الأعرابي: 408. الاعمش: 87، 91، 97، 99، 105، 135. الأعمش التطيلي (أحمد بن عبد الله القيسي) : 398.

أفلاطون: 391. إقليدس: 252. أليزابث ماري سارتين: 7. أبو أمامة (صدي بن عجلان الباهلي) : 100، 106. أمة العزيز (امرأة أيوب بن صالح) : 157. أمة العزيز (زبيدة بنت جعفر زوجة هارون الرشيد) : 182. امرؤ القيس بن حجر: 246، 256. الأمير شيخون: 8. الأمين بن هارون الرشيد: 182، 276، 332. أمين الدين بن الزبير: 430. أمية بنت عبد المطلب: 56. ابن الأنباري: 245. أنس بن سيرين: 90. أنس بن مالك: 58، 73، 78، 86، 88، 105، 109، 110، 119، 132، 171، 185، 297، 304، 324، 331، 355، 373، 433. الأوزاعي (عبد الرحمن بن عمرو) : 125، 150، 210، 299. أويس القرني (أويس بن عامر بن جزء) : 84، 297. إياد خالد الطباع: 16. ابن إياس: 12، 16. إيراقليدس: 162. أيمن بن خريم: 302. أم أيمن (بركة مولاة النبي صلّى الله عليه وسلم) : 56، 69، 95، 141، 363. أيوب بن تميم: 84، 112. أيوب بن الحسن: 150. أيوب بن زيد بن قيس الهلالي (ابن القرية) 303. أيوب بن صالح: 157. أيوب بن كيسان السختياني: 120. أبو أيوب الأنصاري: 70، 105، 130. - ب- الباز الأشهب (ابن سريج) : 263، 420. ابن باكويه: 288. البحتري: 127، 337، 338. البخاري: 289، 305. أبو البختري (سعيد بن فيروز الطائي) : 114، 129. بدر بن الخضر السروي: 222. بدر الدين لؤلؤ: 180. بديع الزمان الهمذاني (أحمد بن الحسين) : 342. بديل بن ميسرة: 93. البراء بن معرور: 80، 184. بردخ الطبيب: 207. برّة بنت عبد المطلب: 56. أبو برزة (نضلة بنت عبيد الأسلمي) : 85. بركة أم أيمن. البرهان الحلبي: 9. البرهان بن الكركي: 12. برهان الدين القيراطي: 258، 261. بسر بن أرطاة: 114. بشار بن برد: 165، 166، 312. بشر بن بكر: 110. بشر الحافي (بشر بن الحارث المروزي) : 99، 263، 284، 303، 304، 316. بشر بن عاصم: 147. بشر بن المعتمر: 221. بشر بن المفضل: 85. أبو بشر (سيبويه) : 263.

البطليوسي (عبد الله بن محمد بن السيد) : 273، 402. البغوي (عبد الله بن محمد المرزباني) : 326، 351، 362. بقراط: 162. بكار بن علي الرياحي: 308. بكر بن عبد الله بن عمرو بن مسعود: 113. بكر بن محمد بن سعيد النحاس: 157. بكر المزني: 90. أبو بكر بن أبي الدنيا: 281. أبو بكر الأبهري: 370. أبو بكر بن أيوب: 247. أبو بكر بن الخطيب: 6106، 210. أبو بكر الخوارزمي: 417، 420. أبو بكر الصديق (عبد الله بن عثمان بن أبي قحافة) : 58، 59، 70، 71، 72، 81، 89، 90، 93، 102، 107، 108، 116، 120، 140، 147، 152، 229، 316، 321، 364، 390، 415، 436، 437، 438، 441. أبو بكر الجوهري: 367. أبو بكر بن حرب: 125. أبو بكر بن الحسين تالقرشي (المراغي) : 51، 404، 446. أبو بكر بن حفص: 102. أبو بكر الدقاق: 283. أبو بكر بن سليمان بن أبي حثمة: 55. أبو بكر الشاشي المستظهري: 224. أبو بكر بن شعيب بن الحبحاب: 351. أبو بكر بن عبد الله بن أبي سبرة: 183. أبو بكر بن عثمان العجمي: 259. أبو بكر بن علي بن أبي طالب: 404. أبو بكر بن عياش: 99، 116. أبو بكر الكتاني (محمد بن علي بن جعفر) : 285. أبو بكر بن اللبانة: 128. أبو بكر المقري (الأخفش الصغير) : 323. أبو بكر المحلي: 175. أبو بكر بن محمد بن عمرو بن حزم: 70، 95. أبو بكر المقري: 427. أبو بكر الهذلي: 206. أبو بكر بن يزدانيار: 283. أبو بكرة (عبد الرحمن بن أبي بكرة الثقفي) : 324، 331. أبو بكرة (نفيع بن الحارث الثقفي) : 423. بكير بن الأشج: 154. بكير بن أبي السمط: 120. بكير بن ماهان: 222، 308. بلال بن أبي بردة: 135. بلال بن رباح الحبشي: 90. بلال بن يحيى: 77. بنانة بنت السكون: 449. بنت شهدة: 133. بنت قرظة: 79. بهاء الدين السبكي (أحمد بن علي بن عبد الكافي) : 257، 261، 263. بهاء الدين العاملي: 25. بهز بن حكيم: 186. ابن بهلة: 366، 367. بوران بنت الحسن بن سهل (زوجة المأمون) : 416. بيان بن الحكم: 99. بيبرس العلائي البندقداري الصالحي: 221. البيطاء (أم حكيم بنت عبد المطلب) : 56. ابن أبي البيضاء: 124.

البيطار (أبو محمد السفياني) : 296. البيهقي: 152، 304، 321، 377. - ت- تأبط شرا: 444. تاج الدين حنا: 126. تاج الدين السبكي (عبد الوهاب بن علي بن عبد الكافي) : 234، 272، 447. تاج الدين ابن مكتوم (أحمد بن عبد القادر القيسي) : 177، 214. تبّع: 357. أبو تراب الخشني: 359. تستر بن نون: 106. ابن تغري بردي: 18. تقي الدين الشبلي الحنفي: 8. تقي الدين الشمني: 11. تقي الدين بن الصلاح: 220. تقي الدين الفارسي: 7. تماضر بنت عمرو بن الشريد الخنساء. تمام بن محمد: 211. أبو تمام الطائي: 82، 248. تميم بن أوس الداري: 93، 101. - ث- ثابت البناني: 433. ثابت ابو سلمة الدوسي: 98. ثابت بن الضحاك: 116. ثابت بن عبيد: 79، 95، 115. ثابت بن قرة (أبو الحسن الحراني الصابي) : 418. الثعالبي (أبو منصور عبد الملك بن منصور النيسابوري) : 415، 422. ثعلب (أبو العباس أحمد بن يحيى) : 273، 299، 421. ثعلبة بن سهيل: 131. ثعلبة بن أبي مالك: 92. ثوبان بن إبراهيم (ذو النون المصري) : 264. الثوري (الربيع بن خثيم) : 145، 298. - ج- جابر بن زيد: 101. جابر بن عبد الله: 77، 141، 171، 307. الجاحظ (أبو عثمان عمرو بن بحر) : 134، 298، 303، 411، 421. الجاحظ الثاني (ابن العميد) : 356. جارية بن قدامة السعدي: 179. جارية بن مجمع: 120. الجالوت (رئيس اليهود) : 80. جالينوس: 162، 403. جبلة بن الأيهم: 161. جبلة بن حارثة: 153، 351. جبريل بن بختيشوع (المتطبب) : 366. جبريل بن صارم الصعبي: 222. جبريل (جبرائيل الملك) : 69، 77، 106، 150، 184، 185، 274، 301، 310، 334، 352. جبير بن نفير: 90. ابن الجحاف: 414. جحظة البرمكي: 178، 419. جداح الأشجعي: 143. ابن جريج: 87، 138، 145، 167، 168. جير بن ثعلبة: 206. جرير بن حارم: 97، 107، 119. جرير بن عبد الله البجلي: 141، 351. جرير بن عثمان: 311. جرير بن عطية بن الخطفي: 238.

الجزار (يحيى بن عبد العظيم) : 294. جعال بن سراقة الضمري: 76، 351. جعدة بن هبيرة: 351. جعفر بن أحمد العلوي: 222. جعفر بن برقان: 75، 83، 117. جعفر السراج: 309. جعفر بن سليمان: 100. جعفر الصادق (جعفر بن محمد الباقر بن علي بن زين العابدين) : 163، 183. جعفر بن أبي طالب: 71، 378، 404، 436. جعفر بن عبد الله بن أبي الحكم: 96. جعفر بن عثمان المصحفي: 394. جعفر بن عقيل بن أبي طالب: 404. جعفر بن عون: 207. جعفر بن الفرات بن حنزابة: 309. جعفر بن فلاح الكتامي: 248. جعفر بن محمد الحسيني: 108، 285. جعفر بن محمد الخلدي: 378. جعفر بن يحيى: 366. أبو جعفر بن أحمد بن عطية: 399. أبو جعفر الأصبهاني: 368. أبو جعفر الخواص: 365. أبو جعفر القاري: 112. أبو جعفر المنصور: 415. جلال الدين المحلي: 11. ابن جماعة: 18. جمال الدين الإسنوي: 258، 261. جمال الدين المطري (محمد بن أحمد الخزرجي) : 445. جميل بن محمد البغدادي: 224. أم جميل الحدباء: 133. الجنيد بن محمد البغدادي الصوفي: 282، 284، 288، 345، 355. الجهشياري: 231. جهم بن صفوان السمرقندي: 354. جوبير بن الضحاك: 143. ابن الجوزي (عبد الرحمن بن علي) : 17، 237، 360، 364. جويرية بنت الحارث بن أبي ضرار (أم المؤمنين) : 143. جويرية (امرأة من قيس) : 97. - ح- ابن الحائك (الحسن بن أحمد الهمذاني) : 390. حاتم العتكي: 125. أبو حاتم السجستاني: 355. ابن الحاجب (عثمان بن عمر بن أبي بكر) : 193. الحارث بن الحكم: 86. الحارث بن الخزرج: 357. الحارث بن سريج: 254. الحارث بن سويد: 88، 92، 103، 111. الحارث بن عبد المطلب: 55. الحارث بن قيس الجعفي: 122. أبو حارث الأرلاسي: 304. حارثة بن مضرب: 75. الحافظ ابن حجر: 9. الحافظ العراقي (عبد الرحيم بن الحسين) : 407. الحاكم بأمر الله العبيدي (المنصور بن العزيز بن المعز) : 446. أبو حامد الغزالي (محمد بن محمد بن محمد) : 358، 369، 391، 430. ابن حبّان: 86، 105.

حبيب بن أبي ثابت: 75. حبيب بن مسلمة: 79، 150. حبّي بنت كعب: 388. حبيبة بنت خارجة بن زيد: 144. أم حبيبة بنت العباس: 94. أبو حثمة: 72. الحجاج بن أرطاة: 141. الحجاج بن الأسود الأزدي: 105. الحجاج بن يوسف الثقفي: 80، 81، 84، 86، 88، 112، 117، 163، 209، 217، 296، 303، 311، 420، 449. ابن حجة الحموي (أبو بكر بن علي) : 362. ابن حجر العسقلاني (أحمد بن علي بن حجر) : 7، 11، 18، 352، 408. حجل بن عبد المطلب (المغيرة) : 56. ابن الحداد (محمد بن أحمد القيسي) : 396. حذيفة بن حسل العبسي: 77. حذيفة بن اليمان: 118، 139، 154. حرملة بن عمران: 55. الحريث بن زيد الخيل: 329. الحريش بن موسى: 134. الحريري: 255. حزام بن هشام بن حبيش: 82. ابن حزم الظاهري: (علي بن أحمد بن سعيد) : 296، 392. حسام بن غزّي بن يونس المحلي: 176. حسام الدين لؤلؤ: 176. حسان بن ثابت: 60، 230. حسان مولى مالك بن عبد الله: 105. حسن إبراهيم: 130. الحسن بن إسماعيل: 107. الحسن بن أبي الحسن البصري: 89، 102، 119، 123، 140، 145، 150، 298، 411. حسن الجعفي: 314. الحسن بن خالويه: 244. الحسن بن خلف بن علي التميمي الطرالبلسي: 254. الحسن بن أبي الدلائي: 225. الحسن بن سهل: 416، 419. الحسن بن سفيان: 151. الحسن بن شاور: 225. الحسن بن عبد الرحمن الربعي: 136. الحسن بن عبد الرحمن الشافعي: 247. الحسن بن علي بن أبي طالب: 79، 94، 95، 106، 114، 118، 186، 310، 353، 403، 438. الحسن القطان: 354. الحسن بن محمد بن حبيب النيسابوري: 306. الحسن بن محمد بن الصباح الزعفراني: 305. الحسن بن مهران الأصبهاني: 374. أبو الحسن البديهي: 356. أبو حسن الجزار: 128. أبو الحسن بن راهويه: 310. أبو الحسن الحصري (علي بن عبد الغني الكفيف) : 408. أبو الحسن بن شجاع: 368. أبو الحسن العقيلي: 241. أبو الحسن- علي بن أبي طالب. أبو الحسن علي بن خلف (اللحام) : 382. أبو الحسن علي بن وفا الشاذلي: 382. أبو الحسن الموسوي (علي بن موسى الكاظم بن جعفر الصادق) : 242، 419. أبو الحسن الواعظ: 360. الحسين بن أحمد السلامي: 357.

الحسين بن أحمد النيلي: 178. حسين بن أحمد الكاتب: 400. الحسين الخليع: 310. الحسين بن عبد السلام: 292. الحسين بن علي بن أبي طالب: 79، 80، 89، 106، 114، 117، 118، 125، 196، 344، 248، 310، 353، 379، 404، 406، 428، 438. الحسين بن الفضل البجلي البغدادي: 365. الحسين بن محبوب المنصوري: 431. حسين بن محمد الأصفهاني (الراغب الأصفهاني) : 20، 135. الحسين بن منصور: 285. الحسين بن النعمان: 207. أبو الحسين بن بشران: 372. أبو الحسين بن سالم بن المفرج: 176. أبو الحسين الطيوري: 173، 317. أبو الحسين بن فارس: 356، 368. الحصري (علي بن عبد الغني) : 264. الحصري القيرواني (إبراهيم بن علي) : 25. الحصين بن عبيد الله بن نوفل: 82. الحطيئة: 166. حفص بن غياث: 97. حفص بن ميسرة: 151. حفصة بنت عمر (أم المؤمنين) : 144. حفصة بنت محمد بن عبد الله: 423. الحظيري (سعد بن علي الأنصاري) : 129. الحكم بن سنان: 105. الحكم بن كيسان: 125. الحكيم الترمذي: 155، 184. حكيم بن حزام: 79، 90. الحكيم بن العاص: 92. أم حكيم بنت عبد المطلب: 56. الحلاج: (الحسين بن منصور) : 381. حماد الراوية: 312. حماد بن زيد: 88، 310، 353. حماد بن سلمة: 98، 114، 120، 122، 299. حماد بن شعيب: 373. حمد بن حميد الدنيسري: 225. ابن حمديس (عبد الجبار بن محمد) : 400. حمزة بن حبيب القاري: 116. حمزة بن عبد المطلب: 56، 301، 304. حمزة بن محمد الجعفري: 353. حميد الطويل: 324. حميد بن عبد الرحمن الزهري: 89. حميد بن عبد الرحمن بن عوف: 109، 113. حميد بن هلال: 120. حنة أبو مريم: 353. حنظلة الراهب (غسيل الملائكة) : 119، 184، 304. ابن الحنيفة (محمد بن علي بن أبي طالب) : 80. أبو حنيفة (النعمان بن ثابت) : 158، 160، 163، 197، 421. أبو الحويرث: 70، 95، 152. أبو حيان التوحيدي: 19، 22، 225. أبو حيان الغرناطي الأندلسي: 18. حيي بن عبد الله: 55. - خ- خارجة بن زيد بن ثابت: 82. خالد بن ثابت الربعي: 104. خالد الحذّاء بن مهران البصري: 85، 139. خالد بن دريك: 152. خالد بن دينار: 312.

خالد بن سعيد بن أبي مريم: 93. خالد بن سمير: 70. خالد بن صفوان التميمي: 131، 330. خالد بن عبد الملك بن الحارث: 86. خالد بن عبد الله القسري: 112. خالد بن القاسم البياضي: 83، 86. خالد الكلاعي: 79. خالد بن مالك بن ربعي النهشلي: 410. خالد بن معدان: 106، 335. خالد بن المهاجر: 313. خالد بن الوليد: 116، 371، 405. أبو خالد الأحمر: 123. أبو خالد الوالبي: 134. خبيب بن عدي بن مالك الأنصاري: 85. خديجة بنت خويلد (أم المؤمنين) : 90، 91، 206، 436. الخرائطي: 325، 361. خزيمة بن ثابت الأنصاري (ذو الشهادتين) : 184، 206، 424. خزيمة بن حكيم السلمي: 206. خضرة (جارية النبي صلّى الله عليه وسلم) : 137. الخضر (النبي) : 356. أبو خلدة: 84، 135. ابن خلدون (عبد الرحمن بن محمد) : 18، 23. خلف بن حوشب: 136. خلف بن خليفة: 165. ابن خلكان (أحمد بن محمد) : 17. الخليل بن أحمد الفراهيدي: 205، 263. الخنساء (تماضر بنت عمرو بن الشريد) : 226، 265، 329، 344. خولة بنت جعفر الحنفية: 131. خيثمة بن عبد الرحمن بن أبي سبرة: 103، 122. خيرة بنت أبي حدرد (أم الدرداء) : 324. أبو الخير الأقطع: 428. أم الخير: 321. داحس والغبراء: 161. داود بن أبي هند (أبو بكرة) : 139، 320، 410. أبو داود النحوي: 165. أبو داود: 156. أم داود الراسبية: 87. ابن الدباهي: 238. الدجال (المسيح الكذاب) : 77، 373. دحية الكلبي: 76، 77، 107. ابن دحية الكلبي (عمر بن الحسن بن علي) : 390، 392، 393. أبو الدرداء (عويمر بن مالك الخزرجي) : 103، 105، 120، 133، 154، 156، 314، 316، 321، 403. أم الدرداء الصغرى (هجيمة بن حبّى) : 324. أم الدرداء الكبرى (خيرة بنت أبي حدرد) : 215، 230، 324. دعبل الخزاعي: 419. دقيانوس (صاحب الكهف) : 355. دلهاث بن عكرشة: 359. ابن أبي الدم (إبراهيم بن عبد الله) : 228. ابن أبي الدنيا: 108، 208، 326، 335. ابن الدهان النحوي البغدادي: 276. دوخلة (علي بن منصور الحلبي) : 255. دينار بن دينار: 449. - ذ- ذات النطاقين (أسماء بنت أبي بكر) : 81، 426. الذخيرة لدين الله بن القائم بأمر الله: 424.

أبو ذر الغفاري (جندب بن جنادة) : 76، 114. الذهبي (محمد بن أحمد بن عثمان) : 18، 238، 263. ذو الرمة: 373. ذو الشمالين (عمير بن عبد عمرو) : 124، 207. ذو القرنين (الاسكندر المقدوني) : 329، 424. ذو القرنين (وجيه الدولة بن حمدان التغلبي) : 227. ذو النون المصري (ثوبان بن إبراهيم) : 264. ابن أبي ذئب: 132. - ر- الراعي النميري: 153. الراغب الأصفهاني: 20، 25. الرافعي (عبد الكريم بن محمد القزويني) : 197، 355، 359، 448. الرباحي: 200. الربيع بن أنس بن مالك: 101. الربيع بن خيثم: 87، 105، 153، 297. الربيع بن برة: 131. الربيع بن سليمان: 211. ابن ربيعة الجرمي: 139. أبو الربيع بن سالم: 275. رجاء بن أبي الضحاك: 231. رجاء بن مرجي المروزي: 284. رزام بن مالك بن عمرو: 132. ربعي بن خراش: 118. رسلان الدمشقي: 338. رسول الله- محمد بن عبد الله، النبي. رشأ بن نظيف: 107. الرشيد- هارون الرشيد. رشيد الدين عبد الله بن نصر القوهي: 236. الرشيد العطار (يحيى بن علي القرشي) : 293. الرشيدي (برهان الدين إبراهيم بن لاجين) : 429. رقية (زوجة السري بن عبد الله الهاشمي) : 207. رقية بن محمد رسول الله صلّى الله عليه وسلم: 303. الرضي (علي بن موسى الكاظم) : 419. ركن الدولة الحسن بن بويه: 228. رميائيل: 334. أبو رهم بن مطعم: 326. رواد بن الجراح: 313، 372. روح بن الفرج أبو الزنباع: 404. روح القيسي (روح بن عباد بن العلاء) : 300. الروذباري (أحمد بن عطاء بن أحمد) : 250. ابن الرومي: 127، 277، 364. رويم: 358. ابن الريان الموصلي: 149. - ز- زادان (محدث) : 73. الزبرقان بن بدر: 88، 133، 136. زبيدة بنت جعفر بن المنصور: 182، 122. الزبير بن بكار: 207، 296، 312. الزبير بن عبد المطلب: 55. الزبير بن عدي: 99. الزبير بن العوام: 69، 111، 115، 118، 312، 317. الزبير بن موسى: 152. الزجاجي (عبد الرحمن بن إسحاق) : 106. أم زرع: 382، 383.

ابن زرعة الرازي (عبيد الله بن عبد الكريم المخزومي) : 410. أبو زرعة: 111، 450. الزركشي: 8. زريق بن ذريح: 89. زكريا بن الحارث بن ميمون: 206. زكريا بن أبي زائدة: 149، 184. زكي الدين عبد العظيم المنذري: 181. الزمخشري: 20، 21، 51. الزملكاني (عبد الواحد بن عبد الكريم الأنصاري) : 406. أبو الزناد (عبد الله بن ذكوان القوشي) : 79، 82، 108، 134، 307. ابن زهر (محمد بن أبي مروان) : 402. الزهري: 57، 70، 79، 83، 84، 86، 95، 122، 179، 321، 371. أبو الزناد اليمني: 142. زياد بن أبيه: 77، 117، 406. زياد بن جارية: 150. زياد بن سعد السلمي: 100. زياد بن عبد الله القرشي: 296. زياد بن لبيد: 113. زيادة الله بن عبد الله التميمي: 227. زيد بن أخرم: 363. زيد بن أسلم: 72، 76، 113، 146. زيد بن ثابت: 90، 95، 115، 316. زيد بن حارثة: 70، 95، 153، 185، 351. زيد بن الحباب: 99، 153. زيد بن الخطاب بن نفيل القرشي: 73، 74، 305، 414. زيد بن أبي الزرقاء: 132. زيد بن علي بن الحسين: 96، 203. زيد بن عمرو بن نفيل: 69. أبو زيد بن أبي الغمر: 155، 316. زيد اليامي (زيد بن الحارث بن عبد الكريم) : 409. زينب بنت جحش (أم المؤمنين) : 38، 92، 185، 301. زينب بنت عبد الرحيم العراقي: 11. زينب بنت عبد الله بن عمر بن الخطاب: 423. زينب بنت محمد رسول الله: 330. - س- سابق البربري: 328. سارة زوجة إبراهيم: 141. سالم بن أبي الجعد: 99، 113، 115، 128. سالم بن سعادة الحمصي: 227. سالم بن عبد الله: 98، 144، 308، 315. سالم بن عوف: 412. سالم مولى زبي حذيفة: 107. السامري (صاحب العجل من بني إسرائيل) : 386. ابن أبي سبرة: 86. سبط ابن الجوزي: 222. السجاد (علي بن عبد الله بن عباس) : 83. السبكي (عبد الوهاب بن علي بن عبد الكافي) : 25، 266. سحبان بن زفر الوائلي: 269. سحيم بن وثيل الرياحي: 196، 217. السخاوي: 11، 12، 18، 292. سراج الدين البلقيني: 9. السراج الوراق (عمر بن محمد بن حسن) : 126، 257، 292، 293.

السري بن عبد الله الهاشمي: 207. سري بن المغلس السقطي: 284. ابن سريج (أحمد بن عمر) : 263، 420. سطيح الكاهن (ربيع بن ربيعة المازني) : 381. سعد بن إبراهيم: 151. سعد بن سعيد: 145. سعد بن عبادة: 70، 75، 95، 108، 145. سعد بن عبيد: 74، 316. سعد بن عبيد الأوسي (سعد القاري) : 74. سعد بن مالك (أبو سعيد الخدري) : 74. سعد بن معاذ: 124، 184. سعد بن مسعود: 317. سعد بن أبي وقاص: 116، 312، 317، 405. سعد بن أبي يزيد البزاز: 352. ابن سعد (أحمد بن سعد بن منيع الهاشمي) : 55، 74، 86. سعيد بن أيمن: 97. سعيد بن جبير: 105، 6316. سعيد بن أبي حمّان الباهلي: 151. سعيد بن جهمان: 98، 310. سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل: 317. سعيد بن عامر بن حذيم الجمحي: 84، 85. سعيد بن عبد الرحمن: 186. سعيد بن عبد العزيز التنوخي: 321. سعيد بن أبي عروبة: 101. سعيد بن عمرو بن الشرع: 112. سعيد بن المسيب: 73، 79، 81، 86، 89، 120، 124، 139، 144، 145، 147، 151، 369. سعيد بن المبارك (وابن الدهان) : 276. سعيد بن محمد بن جبير بن مطعم: 55. سعيد بن محمد بن أبي زيد: 95. سعيد بن هاشم الخالدي: 231. ابن سعيد المغربي (علي بن موسى المدلجي) : 395. أبو سعيد الأسدي: 103. أبو سعيد الخدري: 57، 74، 117، 171، 184، 289، 369. سفيان الثوري (سفيان بن سعيد بن مسروق) : 87، 98، 107، 132، 154، 155، 208، 326، 353. سفيان بن حسين: 134. سفيان بن سعيد: 99. سفيان بن عيينة بن ميمون الهلالي: 108، 128، 131، 171، 211، 320، 373، 410. أبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب: 407. أبو سفيان صخر بن حرب: 317. سفينة مولى النبي: 98. سقراط: 339. السكران بن عمرو: 91. ابن سكرة الهاشمي: 213. سكينة بنت الحسين: 132. سلامة بن عبد الكريم (ابن الأنباري) : 245. السلطان الغوري: 14. السلطان طوماي باي: 13. سلطان العلماء (عز الدين بن عبد السلام) : 294. سلام القاري: 100. السلفي (أحمد بن محمد الأصفهاني) : 254. سلم الخاسر (سلم بن عمرو بن حماد) : 229. سلم بن قتيبة بن مسلم الباهلي: 132، 299. سلمان الفارسي: 73، 75، 105، 133.

سلمة بن كهيل: 123. أبو سلمة: 70، 80، 95. أم سلمة (أسماء بنت يزيد الأنصارية) : 80، 98. أم سلمة (أم المؤمنين) : 86، 92، 371. سليم القاص: 79. سليمان بن أحمد اللخمي (الطبراني) : 427. سليمان بن بريدة: 314. سليمان التيمي: 352. سليمان بن أبي حثمة: 72. سليمان بن الحسن الجنّابي (أبو طاهر القرمطي) : 229. سليمان بن خضر الطائفي: 228. سليمان بن داود: 146، 147، 182، 223، 318، 328، 331. سليمان بن سحيم: 183. سليمان بن سليم: 101. سليمان الشيباني: 138. سليمان بن عبد الملك: 449. سليمان بن علي بن عبد الله بن العباس: 83. سليمان بن منصور: 422. سليمان بن موسى الكلاعي: 275. سليمان مولى الحسين بن علي: 404. سليمان بن يسار: 82. أبو سليمان الداراني: 321. سماك بن حرب: 96. سمرة بن جندب: 102، 116. سمير الدروبي: 6. سميط بن عمير الدوسي: 105. سنان بن أبي حارثة: 311. أبو سنان عبد الله بن وهب: 302. ابن سندي: 408. سهل بن حنيف: 74. سهل بن سوار: 110. سهل بن شادويه: 324. سهل بن ضمرة الليثي: 88. سهل بن عبد الله: 285. سهل بن عبيد بن عمرو الحارثي: 80. سهل بن هارون: 182، 248. سهل بن وهب بن ربيعة: 73. أبو سهل الأبيوردي: 159. أبو سهل الأبيوردي: 159. أبو سهل الرازي: 410. أبو سهل الصعلوكي: 238، 360. أبو سهل الكسروي: 241. سهيل بن بيضاء: 73. سهيل بن عمرو: 91. سواد بن عمرو القاري: 150. سودة بنت زمعة القرشي (أم المؤمنين) : 91. سيار بن حاتم: 100. سيبويه: 205، 244. ابن السيد البطليوسي (عبد الله بن محمد) : 273. ابن سيد الناس (محمد بن محمد اليعمري) : 407. ابن سيده (علي بن إسماعيل) : 283. ابن سيرين: 76، 89، 101، 116، 117، 145. سيف الدين بن قزل المشد: 239. سيف الدولة الحمداني: 223، 251. السيوطي (عبد الرحمن بن أبي بكر) : 5، 6، 7، 10، 11، 12، 13، 14، 15، 16، 17، 18، 21، 22، 24، 25، 26، 27، 28، 327.

- ش- الشافعي (محمد بن إدريس بن العباس بن شافع الهاشمي) : 156، 162، 164، 174، 194، 197، 208، 216، 249، 272، 276، 305، 314، 330، 331، 355، 448. ابن شاكر الكتبي: 18. أبو شامة: 7، 159. ابن شبرمة: 142. شبل بن نعيم الباهلي: 151. شبيب بن حمدان تقي الدين: 229. شرحبيل بن معن بن زائدة: 403. شرف الدين الأذمنتي: 214. شرف الدين بن أسد المصري: 244. شرف الدين بن ريان: 225. شرف الدين المناوي: 8، 11. ابن شرف القيرواني (محمد بن أبي سعيد) : 215، 253. الشريف الرضي: 181. الشريف المرتضى: 181، 405. الشريف مكثر القاسمي الحسني: 227. شرقي بن القطامي (الوليد بن حصين الكلبي) : 230. شريح القاضي (شريح بن الحارث بن قيس الكندي) : 86، 117، 138، 148، 423. شريك بن خماشة: 713. شريك بن أبي نمر: 81. الشعبي (عامر بن شراحيل) : 58، 88، 107، 114، 119، 130، 142، 153، 301، 302، 316، 352، 405. شعبة بن الحجاج: 92، 414. شعيب بن الحبحاب: 312. شعيب (النبي) : 54. الشفاء بنت عبد الله بن عبد شمس: 72. شقران (صالح بن عدي) : 363. شمر بن يقظان المرتحل: 304. الشمردل بن شريك: 329. الشمس الباني: 12. الشمس الجوجري: 12. شمس الدولة توران شاه بن أيوب: 409. شمس الدين بن الصائغ الحنفي: 258. شمس الدين بن العفيف التلمساني: 212. شهاب الدين الشارمساحي: 8، 11. الشهاب القوصي: 220، 236، 238. الشهاب محمود الكاتب: 232، 243. الشهاب المراغي: 15. ابن شهاب الزهري: 84، 308. شهر بن حوشب: 108. الشوّاء (محاسن بن إسماعيل الحلبي) : 280. الشوّاء (يوسف بن إسماعيل بن علي) : 407. ابن شوذب: 134. الشوكاني: 16. ابن أبي شيبة: 111، 152، 184، 243. شيخ التربة (علاء الدين الموستاري) : 22. الشيخ عقيل الطيار: 338. الشيرازي (إبراهيم بن علي: 249. شيطان الشام (يوسف بن النقيب الأربلي) : 278. - ص- ابن صاحب الصلاة: 126. الصاحب ابن عبّاد: 223، 228، 283، 406. الصاحب ابن العميد: 228.

صالح بن عبد القدوس: 158. صالح بن كيسان: 70، 71. صالح بن محمد الليثي: 86. أبو صالح السمان (ذكوان) : 97. ابن صائد (عبد الله بن صائد) : 80. ابن الصائغ (محمد بن عبد الرحمن الحنفي) : 258. صخر بن عمرو بن الشريد: 344. الصرصري (يحيى بن يوسف بن يحيى) : 240، 241. ابن الصفار (محمد بن عبد الله الأنصاري) : 380. صفوان بن سليم: 109. صفوان بن صالح: 109. صفية بنت حيي بن أخطب: 92، 186، 307. صفية بنت الزبير بن هشام: 207. صفية بنت عبد المطلب: 56، 66، 68. صفية مولاة أبي بكر الصديق: 89. ابن أم صداء: 81. صلاح الدين الأيوبي: 128، 170، 182، 238، 259، 363، 445. صلاح الدين الصفدي (خليل بن أيبك) : 18، 126، 127، 208، 214، 219، 225، 226، 234، 239، 276، 337، 405. ابن الصلاح: 9. الصولي: 234. الصياد (العارف بالله صياد اليمن) : 413. - ض- الضحاك بن مزاحم البلخي الخراساني: 106، 414. ضرار بن عبد المطلب: 56. ضفدع (شمس الدين محمد بن الخياط) : 252. ضمرة بن سعيد: 171. أبو مرة: 98، 112. طارق بن شهاب بن عبد شمس البجلي: 92، 116، 141، 149، 152. طاش كبري زادة: 32. أبو طالب بن عبد المطلب: 55، 57. طاهر بن الحسين: 276. طاهر عمران الطير: 6. الطاهر بن محمد رسول الله صلّى الله عليه وسلم: 330. أبو طاهر السلفي: 165. أبو طاهر القرمطي (سليمان بن الحسن الجنّابي) : 229. طاووس: 99، 131، 133، 154. ابن طاووس: 144، 147. الطبراني (سليمان بن أحمد اللخمي) : 125، 228، 403، 405. طرفة بن العبد: 133. الطغرائي (الحسين بن علي مؤيد الدين) : 405، 407. الطفيل بن عمرو الدوسي: 298. ابن الطقطقي (محمد بن علي) : 17. طلحة بن حبيب: 124. طلحة بن عبيد الله بن عثمان القرشي: 115، 117، 118، 120، 316. طليحة بن خويلد الأسدي: 302. ابن طولون: 16. طومان باي: 13. الطيّب بن محمد رسول الله صلّى الله عليه وسلم: 330. الطيّب المطيّب (عمار بن ياسر) : 72. الطيبي (الحسن بن محمد بن عبد الله) : 159.

- ط- الظبّاء بنت ثعلبة بن عمرو: 56. الظاهر بيبرس العلائي: 181، 221، 376. الظاهر العبيدي: 227. - ع- عاتكة ابنة بكار: 308. عاتكة أم زرع: 388. عاتكة بنت زيد بن عمرو بن نفيل: 69. عاتكة بنت عبد الله بن يزيد بن معاوية: 296. عاتكة بنت عبد المطلب: 56، 63. عاصم الأحول: 102، 185، 206، 301. عاصم بن عبد الله بن سعد: 144. عاصم بن ثابت بن الأقلح: 121، 184. عاصم بن عمر: 121. العاضد خليفة مصر: 128. أبو العالية (البراء بن زياد) : 85، 122، 134، 311. عامر بن ربيعة بن كعب الغنوي: 145. عامر بن شبل الجرمي: 109. عامر بن سعد: 307، 379. عامر الشعبي: 72، 76، 95. عامر بن صعصعة: 330. عامر بن عبد الله القيسي: 297. عامر بن عبيد الله الباهلي: 73. عامر بن أبي وقاص: 124. العاملي (محمد بن الحسين الهمداني) : 21. عائشة بنت أبي بكر الصديق (أم المؤمنين) : 11، 58، 71، 77، 86، 90، 91، 93، 98، 100، 106، 112، 117، 119، 124، 133، 136، 137، 172، 184، 206، 248، 307، 371، 373، 377، 390، 436، 438. عبادة بن بشر: 74. عبادة بن الصامت: 244. عبادة بن ماء السماء: 230. عبادة بن عبد الله الأنصاري (ابن ماء السماء) : 230. العباس بن الأحنف: 332. العباس بن بكار: 206. عباس الترفقي: 313. العباس بن الحسن الجرجرائي: 285. العباس بن طرخان أبو الينبعي: 231. العباس بن عبد العظيم العنبري: 304. العباس بن عبد المطلب: 57، 68، 75، 96، 107، 108، 118، 146، 147، 183، 222، 230، 378، 436. العباس بن علي بن أبي طالب: 404. عباس بن محمد الدوري: 206، 207. العباس بن الهادي: 422. العباس بن يزيد البحراني: 374. العباس بن يوسف الشكلي: 286. أبو العباس بن عطاء: 355. العباس بن ميمون: 206. العباسة بنت المهدي: 367. عبد الجبار بن محمد (ابن حمديس) : 400. عبد الباقي بن أحمد النرسي: 110. ابن عبد البر: 25، 375، 393. عبدة بن أيمن: 97. عبدة بن سليمان: 116. عبد الله بن جدعان: 93. عبد الحكم بن محمد المغربي: 446.

عبد الحميد بن عبد الرحمن الحلبي: 183. عبد الحي الكتاني: 16. عبد خير بن يزيد الخيواني: 112. ابن عبد ربه (أحمد بن محمد الأندلسي) : 20، 215، 401. عبد الرحمن بن أحمد الصوفي: 169. عبد الرحمن بن إسماعيل النحوي: 169. عبد الرحمن بن أبي الأسود: 120. عبد الرحمن بن الأعرج: 96. عبد الرحمن بن أبي بكر السرقوسي: 400. عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي. عبد الرحمن بن أبي بكرة: 125. عبد الرحمن بن أبي حاتم: 303. عبد الرحمن بن حاطب: 73. عبد الرحمن بن أبي الرجال: 92، 93، 320. عبد الرحمن بن أبي الزناد: 312. عبد الرحمن بن عباس: 94. عبد الرحمن بن عبيد الله بن عباس: 115. عبد الرحمن بن عراك: 110. عبد الرحمن بن عقيل: 404. عبد الرحمن بن علي بن عثمان القرشي: 155. عبد الرحمن بن عمرو النهدي: 114. عبد الرحمن بن عوف: 101، 317، 363. عبد الرحمن بن أبي ليلي: 74، 139، 152. عبد الرحمن بن أبي الغنائم الشيباني: 241. عبد الرحمن بن محمد (ابن الأنباري) : 245. عبد الرحمن بن ملجم الحميري: 148. عبد الرحمن بن مهدي بن حسان البصري: 97، 330. عبد الرحمن بن هشام بن عبد الجبار: 394. عبد الرحمن بن يحيى بن خاقان: 372. عبد الرحمن بن سليمان: 114. عبد الرحمن بن علي اللخمي (القاضي الفاضل) : 259. عبد الرزاق بن إبراهيم بن عمر: 151. عبد الرزاق بن همام الحميري: 137. عبد السلام بن العباس الحمصي: 324. ابن عبد السلام (عبد العزيز بن عبد السلام الدمشقي) : 40. عبد الصمد بن علي: 422. عبد الصمد بن محمد البخاري: 125. عبد العزى بن عبد المطلب (أبو لهب) : 56، 77. عبد العزى بن قطن: 77. عبد العزيز بن رفيع: 116. عبد العزيز بن عبد الرحمن بن مهذب: 172. عبد العزيز بن عبد السلام (العز بن عبد السلام) : 294. عبد العظيم المنذري: 292. عبد العزيز بن غانم الأندلسي: 355. عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز: 448. عبد العزيز بن مروان: 163. عبد العزيز بن ناصر المانع: 6. عبد الغافر الفارسي: 7. عبد الغفار بن شعيب: 321. عبد القادر بن أبي القاسم الأنصاري: 11. عبد القادرين محمد القرشي: 412. ابن عبد قيس العنبري: 287. عبد الكريم الحسيني: 29. عبد الكريم بن محمد الرافعي: 353. عبد الكريم بن أبي المخارق: 142. عبد الكعبة بن عبد المطلب: 56. عبد الله بن إبراهيم: 130. عبد الله بن أحمد (ابن الأنباري) : 245.

عبد الله بن أحمد بن حنبل الشيباني: 371، 411. عبد الله بن الأمين: 422. عبد الله بن أنيس: 59. عبد الله بن أوفى: 306. عبد الله بن بريدة الأسلمي: 85، 95، 314، 365، 413. عبد الله بن بقطر: 404. عبد الله بن أبي بكر الطبراني: 69، 108. عبد الله بن أبي بكر البغدادي: 238. عبد الله بن جابار: 175. عبد الله بن جحش الأسدي: 301. عبد الله بن جعفر بن أبي طالب: 73، 81، 109، 133، 207. عبد الله بن حجاج الأشبيلي: 401. عبد الله بن الحارث المزني (ذو البجادين) : 180، 351، 424. عبد الله بن أم حزام: 304. عبد الله بن الحسين بن علي: 404. عبد الله بن حنظلة بن أبي عامر الراهب: 109. أبو عبد الله الحميدي: 289. أبو عبد الله بن خفيف: 285، 287. عبد الله بن دينار: 70، 171. عبد الله بن أبي رافع: 140. عبد الله بن رواحة الخزرجي: 181، 414. عبد الله بن أبي ربيعة: 71. عبد الله بن رزام الكوني: 183. عبد الله الرقي: 357. عبد الله بن عبد الرحمن: 155. عبد الله بن الزبير: 81، 102، 124، 131، 307، 310، 320، 424. عبد الله بن زيد الجرمي (أبو قلابة) : 85. عبد الله بن السائب: 186. عبد الله بن سارة الشنتريني: 402. عبد الله بن سعيد الرقي: 308. عبد الله بن سلام: 71، 79، 80، 109، 319، 373. عبد الله بن سهل الرازي: 286. عبد الله بن شريك: 316. عبد الله بن شقيق: 85. عبد الله بن الصامت: 75. عبد الله بن صائد: 80. عبد الله بن طاهر بن الحسين: 213، 231، 233، 419. أبو عبد الله الطبري: 356. عبد الله بن عامر بن كريز: 167. عبد الله بن عباس بن عبد المطلب: 55، 91، 94، 95، 99، 102، 105، 107، 110، 111، 137، 145، 308، 319، 352، 361، 365، 370، 415. عبد الله بن عبد الله بن عتبة: 143. عبد الله بن عبد المطلب (والد النبي صلّى الله عليه وسلم) : 55، 56، 95. عبد الله بن عبيد بن عمير: 91. عبد الله بن عقيل: 404. عبد الله بن عكيم: 228، 229. عبد الله بن علي بن أبي طالب: 404. عبد الله بن علي الفرغاني: 236. عبد الله بن عمر بن الخطاب: 57، 73، 76، 92، 98، 102، 112، 113، 119، 121، 132، 140، 158، 243، 304، 311، 335. عبد الله بن عمرو: 96، 99، 373، 439. عبد الله بن عمرو بن العاص: 107، 425. أبو عبد الله القضاعي: 254.

عبد الله بن المبارك: 375. عبد الله بن الخجندي: 208. عبد الله بن محمد الزوزني: 236. عبد الله بن محمد الأنصاري: 427. عبد الله بن محمد بن سارة البكري: 402. عبد الله بن محمد بن أبي شيبة (أبو شيبة) : 111. عبد الله بن محمد القسنطيني: 238. عبد الله بن أبي مريم: 116. عبد الله بن المراكشي الفاسي: 427. عبد الله بن مسعود: 103، 106، 119، 141، 143، 148. عبد الله بن أبي مسقية الباهلي: 151. عبد الله بن مسلم بن عقيل: 404. عبد الله بن مصعب: 300. عبد الله بن معبد: 370. عبد الله بن المعتز: 250، 405، 416. عبد الله بن موسى الجون: 236. عبد الله بن نمير: 184. عبد الله بن هارون الأصبحي: 398. عبد الله بن هبيرة: 133. عبد الله بن هلال: 136. عبد الله بن وهب: 302. عبد الله بن يزيد: 98، 102. عبد الله بن يزيد الهلالي: 94. عبد الله بن يوسف: 109. عبد الله بن يحيى البغدادي: 237. عبد الله بن يحيى المصعبي: 156. عبد المطلب (شيبة) : 55، 230. عبد الملك بن جريج: 166. عبد الملك بن حميد بن عبد الملك: 319. عبد الله بن زيادة الله (أبو مروان الطبني) : 399. عبد الله بن أبي سليمان: 151. عبد الله بن صالح بن علي: 319، 337. عبد الله بن عبد الله الجويني: 369. عبد الله بن عمير: 108، 113، 118. عبد الله بن عياش الإشبيلي الكاتب: 401. عبد الله بن كردوس: 80. عبد الله بن مروان: 55، 79، 80، 81، 83، 136، 152، 163، 302. عبد الله بن ميسرة: 116. عبد مناف (أبو طالب بن عبد المطلب) : 55، 230، 424. عبد المنعم بن عمر الجلياني: 328. عبد مناف بن قصي: 335. عبد المنعم بن محمد الغرناطي: 234. عبد المنعم بن حسن: 320. عبد المنعم بن عمر الغساني: 174، 238. عبد المنعم بن محمد الخزرجي: 328. عبد الواحد بن أحمد البخاري: 364. عبد الواحد بن إسماعيل الروياني: 353. عبد الواحد بن بكر: 287. عبد الواحد بن عمرو الأسدي: 136. عبد الواحد بن ميمون: 89. عبد الواحد بن واصل: 100. عبد الوهاب الثقفي: 116. عبد الوهاب بن فضل الله شرف الدين: 247. عبد الوهاب بن المبارك: 323. عبيد بن زياد: 85. عبيد بن زيد: 56. أبو عبيدة بن الجراح: 73، 94، 102، 107، 192. عبيدة بن الحارث: 124. أبو عبيدة بن حذيفة: 124. عبيدة بن حميد: 118.

عبيدة السلمان: 148. عبيد بن عمير بن قتادة الليثي: 186. عبيد الله بن ثور العتكي: 206. عبيد الله بن زياد: 80، 324. عبيد الله بن أبي الربيع: 254. عبيد الله بن عبد الرحمن بن السائب: 82. عبيد الله بن عبد الله بن طاهر: 118، 416. عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود: 82. عبيد الله بن عمر: 105. عبيد الله بن محمد بن أبي الربيع: 254. عبيد الله بن معمر التيمي: 316. عتاب بن أسيد: 172. أبو العتاهية: 165، 316، 361. عتبة بن غزوان: 304. عتبة بن فرقد: 103. عتيق بن أبي قحافة (أبو بكر الصديق) : 58. عتيق بن محمد الوراق: 329. عثمان بن إبراهيم بن محمد بن حاطب: 314. عثمان بن أحمد الدقاق: 374. عثمان بن أبي شيبة: 301. عثمان بن عبد المؤمن: 396. عثمان بن عطاء: 107. عثمان بن عفان: 70، 71، 77، 82، 92، 107، 114، 117، 118، 120، 125، 152، 206، 314، 316، 368. عثمان بن علي بن أبي طالب: 404. عثمان بن محمد الأحبشي: 84. عثمان بن مرزوق الرشي: 338. عثمان بن مطر: 145. أبو عثمان النهدي: 89، 103، 111، 114. عدنان بن أدد: 55. عدي بن حاتم: 133. عدي بن مسافر الأموي: 338. ابن العديم (عمر بن أحمد الحلبي) : 255. ابن عربي (محيي الدين محمد بن عربي) : 22، 379. عروة بن حزام العذري: 402. عروة بن الزبير: 55، 74، 79، 315. عروة بن عمرو الثقفي: 361. عروة بن مسعود الثقفي: 76، 77. عروة بن الورد: 444. عز الدين بن إيدمر الدوادار: 248. عز الدين الشيباني (ابن الأثير) : 294. عز الدين بن عبد العزيز بن عبد السلام: 409. ابن عساكر (علي بن الحسن بن هبة الله) : 17، 25، 106، 107، 125، 153، 215، 222، 296، 448، 450. العسال الطليطلي (عبد الله بن محمد بن أحمد) : 394. عطاء بن أبي رباح: 89، 97، 141، 305، 320. عطاء السليمي: 211. عطاء العيدي: 211. عطاء بن يسار: 100. عقبة بن مسلم: 312. عقبة بن أبي معيط: 307. عقيل بن أبي طالب: 75، 338. عقبة بن ضمرة: 354. عكاشة بن محصن الأسدي: 302. عكرمة: 70، 83، 96، 99. العلاء الحضرمي: 98. علاء الدين ايدكين البندقدار: 181. علاء الدين علي دده الموستاري (شيخ التربة) : 22.

علاء الدين الوداعي: 409. أبو العلاء المعري: 255، 332، 344، 406. العلاء بن يزيد السلمي: 355. علّك القزويني: 359. علم الدين البلقيني: 11، 431. العلم بن الصاحب بن شكر: 181. علقمة بن محرز: 146. علقمة بن مرثد: 297. علقمة بن يزيد بن سويد: 321. علي بن إبراهيم المخزومي: 107، 173. علي بن أحمد الجراجرائي: 323. علي بن أحمد الفنجكردي: 297. علي بن إسماعيل (ابن سيده) : 273. علي بن الأقمر: 141. علي الأكبر (علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب) : 210. علي بن الجهم: 419. علي بن حرب: 132. علي بن الحسن العبدري: 239. علي بن الحسن العساكري: 159. علي بن الحسن الموصلي: 157. علي بن الحسن بن هبة الله ابن عساكر. علي بن الحسين بن أحمد الغساني: 210. علي بن الحسين بن عبد الأعلى: 206. علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب: 210، 306. علي بن حسين الفرضي الحلي: 22. علي بن الحسين الأكبر: 404. علي بن الحسين بن المقري: 211. علي بن حيدر الوزيري: 360. علي بن الخليل: 310. علي بن ربيعة: 130. علي بن رجاء: 398. أبو علي الروزباري: 285. علي بن زريق البغدادي: 289. علي بن زيد: 98، 120. علي بن زيد بن جدعان: 144. علي بن زيد بن ابي مليكة: 411. علي بن سعيد: 393. علي بن سليمان (الأخفش الأصغر) : 277، 323. أبو علي السوسي: 324. أبو علي بن شاذان: 372. أبو علي الشلوبين: 277. علي بن شيبان الدينوري: 211. علي بن أبي طالب: 59، 72، 74، 84، 85، 86، 93، 94، 98، 101، 102، 103، 106، 112، 113، 115، 116، 121، 130، 138، 139، 140، 141، 143، 145، 148، 171، 179، 181، 184، 206، 230، 286، 316، 317، 325، 335، 359، 364، 365، 366، 371، 378، 403، 420، 324، 435، 436، 438، 441. علي بن العباس (ابن الرومي) : 127. علي بن عبد العزيز البسطي: 397. علي بن عبد الله الجعفري: 206. علي بن عبد الله بن جهضم: 321. علي بن عبد الله بن عباس: 83. علي بن عبد الله القرشي: 107. علي بن عثام: 11. علي بن عدلان الموصلي: 292. علي بن عمر الأنصاري: 373، 377. علي بن عمر بن قزل التركماني: 239.

علي بن عيسى بن ماهان: 276. أبو علي الفارسي: 276. علي بن فتح البجائي: 183. علي بن القاسم الذهبي: 212. علي بن محمد الحلبي: 212. علي بن محمد بن القاسم المخزومي: 173. علي بن محمد الدمشقي: 207. علي بن مسلم الفقيه: 159. علي بن مسهر الكاتب: 150، 241. علي بن مظفر الوداعي: 255. أبو علي المعافري الأندلسي: 165. علي بن معاوية الطرياني: 381. علي بن مقاتل الحموي: 208. علي بن منصور بن طالب الحموي (دوخلة) : 255. علي بن موسى بن سعيد: 395. علي بن موسى العلوي (الرضي) : 424. علي بن يوسف القفطي: 242. عليان: 11. عليّة بنت المهدي: 367. العماد الكاتب (محمد بن بحر الأصبهاني) : 223، 241. ابن العماد: 15، 16. عمار بن ياسر: 72، 92، 103، 115، 118، 207، 321، 395. عمارة بن حمزة الكاتب: 242. عمارة بن علي بن زيدان (عمارة اليمني) : 170. عمارة بن غزية: 95، 132. عمر بن أحمد الحلبي (ابن العديم) : 255. عمر بن حبيب بن قليع: 81، 144. عمر بن حفص: 330. عمر بن حميد بن محمود: 225. عمر بن الخطاب: 59، 69، 70، 72، 73، 74، 75، 83، 84، 85، 86، 88، 92، 93، 95، 102، 103، 107، 108، 113، 115، 116، 119، 120، 125، 138، 139، 140، 141، 146، 147، 149، 151، 161، 172، 181، 230، 248، 313، 314، 315، 316، 364، 377، 378، 415، 437، 438. عمر بن راشد: 145. عمر بن أبي ربيعة: 166. عمر بن سعد: 117. عمر بن شبة (زيد بن عبيدة البصري) : 420. عمر بن سعد: 316. عمر بن عبد العزيز: 70، 82، 83، 84، 85، 93، 98، 104، 117، 118، 123، 135، 136، 289، 315، 318، 353، 448، 449. عمر بن عثمان المخزومي: 93. عمر بن الفارض: 11. عمر بن مالك الشرعبي: 98. عمر بن محمد حسن الوراق: 257. عمر بن مجاشع: 83. عمر بن مظفر بن الوردي: 25، 187، 191. عمر بن هارون: 166. عمر بن هبيرة: 171، 301. عمر بن الوليد بن عبد الملك: 449. عمرو بن الأهتم: 88. عمرو بن ثابت بن قيس: 94. عمرو بن حممة الدوسي: 352. عمرو بن دينار: 138، 145، 151، 171.

عمرو بن رعيل التميمي: 158. عمرو بن سعيد بن العاص: 57. عمرو بن سلمة: 116. عمرو بن شعيب: 99. عمرو بن العاص: 112، 130، 151، 224. عمرو بن عبيد التيمي: 89، 91. عمرو بن قيس: 124. عمرو بن الليث الصفار: 423. عمرو بن معديكرب الزبيدي: 93، 148، 444. عمرو بن مهاجر: 98. عمرو بن ميمون: 88. عمرو بن وهب بن عبد مناف: 62. عمرو بن يحيى: 95. أبو عمرو بن حمدان: 151. أبو عمرو الرقي: 283. أبو عمرو الشيباني: 153، 351. أبو عمرو بن العلاء: 130، 134، 417، 420. عمران بن حدير: 83. عمران بن حصين: 77، 78، 85، 105، 374. عمران بن عبد الله الخزاعي: 75، 82. عمران بن عبد الله بن طلحة: 79. أبو عمران الأنصاري: 324. أبو عمران- موسى بن عمر المرتلي. عمرة بنت زهرة: 418. عمرة بن عبد الرحمن بن أسعد بن زرارة: 93، 320. عمرة بنت عبد الرحمن بن سعد الأنصارية: 70. ابو العميثل (عبد الله بن خليد) : 233، 419. ابن العميد (محمد بن الحسين الكاتب) : 228، 356، 426. عمير بن إسحاق: 94. عمير بن سعد القاري: 74، 78، 95. أبو عميس: 132. عنترة بن شداد العبسي: 248. عوف بن مالك: 305. عون بن أبي طالب: 184. ابن أبي عون: 73، 77، 92، 186. عون بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب: 100، 404. العيدروسي: 16. عيسى بن طهمان: 107. عيسى القانسي: 273. عيسى بن مريم: 76، 113، 115، 172، 353. عيسى بن المغيرة: 142. عيسى بن موسى بن علي: 424. عيسى بن يونس: 116. أبو العيناء (محمد بن القاسم بن خلاد الهاشمي) : 163، 224، 369. ابن أبي عيينة: 71، 113، 143، 147، 151، 410. عيينة بن حصن الفزاري: 71، 147. - غ- أبو غالب: 78. غانم اللغوي المالكي: 165. غانم بن وليد المخزومي المالقي: 165. الغزالي: 230، 242، 414. الغزي: 15. غسان بن الفضيل (أبو معاوية الغلابي) : 130. الغيداق بن عبد المطلب (مصعب) : 56.

غيلان بن جرير: 122. غيلان بن مسلم الدمشقي: 299. - ف- فاطمة بنت أحمد: 323. فارس بن الحسين الذهلي: 323. ابن الفارض: 382. فاضل بن طاهر: 29. فاطمة بنت أسد (أم علي بن أبي طالب) : 121، 366. فاطمة بنت الحسين بن علي: 423. فاطمة الخزاعية: 91. فاطمة بنت علي بن الحسين: 368. فاطمة بنت عمر بن الخطاب: 144. فاطمة الزهراء بنت محمد رسول الله صلّى الله عليه وسلم: 63، 65، 68، 71، 76، 98، 100، 101، 116، 121، 138، 141، 317، 330، 423، 436، 438. فاطمة بنت مسلم: 91. فاطمة بنت وهب بن مخزوم: 82. أبو الفتح البستي (علي بن محمد بن الحسين) : 321، 417. الفتح بن خاقان: 415، 416. فتح بن شخرف: 284. أبو الفتح بن العميد ابن العميد. أبو الفتوح (من أصحاب الحاكم بأمر الله) : 446. أبو الفداء: 81. الفراء (يحيى بن زياد) : 173، 142. أبو فراس الحمداني: 155، 249، 337. أبو الفرج الأصفهاني: 82، 223. الفرج بن فضالة: 100. أبو الفرج الفقيه الصقلي: 391، 430. الفرزدق (همام بن غالب) : 238. فرعون: 99، 237، 410. فضالة بن عبيد الأنصاري: 179. أبو الفضل الأندلسي: 368. الفضل بن الربيع: 417. الفضل بن العباس بن عتبة بن أبي لهب: 152، 247. الفضل بن العباس بن عبد المطلب: 94، 152. الفضل بن دكين: 94، 123، 353. ابن فضل الله العمري: 18. أم الفضل (زوجة العباس بن عبد المطلب) : 96. أم الفضل لبابة: 94. أم الفضل بنت محمد المقدسي: 11. الفضل بن مروان: 305. الفضيل بن عياض: 87، 162، 208، 284، 285. فطر بن خليفة الثوري: 107. الفيروزآبادي: 18. - ق- القادر الخليفة العباسي: 222. ابن القارح (دوخلة) : 255. القاسم البغوي: 151. القاسم بن الحسين بن علي بن أبي طالب: 404. أبو القاسم بن أبي الحسين: 356. أبو القاسم الرافعي: 353. القاسم بن سلام أبو عبيد: 135. أبو القاسم السمرقندي: 317. القاسم بن كميل: 244. القاسم بن محمد رسول الله صلّى الله عليه وسلم: 330. القاسم بن محمد بن أبي بكر: 71. أبو القاسم بن ناقيا: 219.

القاضي أبو سعد: 358. ابن قاضي شهبة: 245. القاضي عياض (عياض بن موسى بن عياض اليحصبي) : 279. القاضي الفاضل (عبد الرحيم بن علي اللخمي) : 259، 363، 364. ابن قانع: 9. قباث بن أشيم الكناني: 152. قتادة بن دعامة المحدث: 58، 72، 73، 78، 79، 145، 352. قتادة بن النعمان بن زيد الأنصاري: 289، 425. قتيبة بن مسلم: 405. ابن قتيبة: 19. قثم بن عباس: 94. قثم بن عبد المطلب: 56. قثم بن عبيد الله بن عباس: 115. أبو قحافة: 321. أبو قدامة: 135. قرابغا: 192، 200. قرة بن حجل بن عبد المطلب: 56. قرة بن خالد: 132. قرة بن شريك العبسي: 450. ابن القرية: 303. أبو قزعة: 139. قس بن ساعدة: 269. قسامة بن زهير: 132. قصي بن كلاب بن مرة: 55. القضاعي (محمد بن سلامة بن جعفر) : 158، 323. القطامي (الوليد بن حصين الكلبي) : 424. ابن القطيعي: 222. أبو قلاب (عبد الله بن زيد الجرمي) : 85، 109، 116. ابن قلاقس: 249. القلقشندي: 18. القيراطي (إبراهيم بن عبد الله الطائي) : 258، 271. قيصر الروم: 76. ابن قيم الجوزية: 18. قيس بن أبي حازم: 90. قيس بن الخطيم: 274. قيس بن سعد بن عبادة: 145، 316. قيس بن عباد: 206. قيس بن أبي قيس البخاري: 405. قيس بن مسلم: 141، 149. - ك- كافور الخشيدي: 175، 176، 309. كامل بن حبيب: 118. الكامل بن العادل: 181. كثير عزة: 83. كثير بن فائد: 105. كراتشكوفسكي: 16. الكردينال زيمتس: 17. ابن الكركي: 11. الكرماني (محمد بن يوسف بن علي) : 189. كريب مولى ابن عباس: 107. الكسائي (علي بن حمزة) : 421. كسرى أنو شروان: 269، 337، 349. كشاجم (محمود بن الحسين السندي) : 251، 277. كعب الأحبار: 109، 358. كعب بن سود بن بكر الأزدي: 97، 149، 172.

كعب بن عجرة: 97. كعب بن مالك الأنصاري: 62، 134. الكلاعي (سليمان بن موسى الحميري) : 275. ابن الكلبي: 55. كلثوم بن جبر المصري: 124. أم كلثوم بنت أبي بكر الصديق: 91، 144. أم كلثوم بنت عثمان بن مصعب: 207. كلثوم بنت محمد رسول الله صلّى الله عليه وسلم: 330. الكمال الأدفوي: 213، 215. الكمال الدميري (كمال الدين بن محمد بن موسى) : 156، 257. كمال الدين بن الهمام: 10. كمال الدين بن يونس: 180. كوكبوري بن أبي الحسن علي: 278. - ل- لبيد بن ربيعة العامري: 137. ابن اللحام (أبو الحسن بن علي بن خلف) : 394. لسان الدين بن الخطيب: 7. لقمان الحكيم: 134. لقمان بن عامر: 100. ابن لنكك: 220. أبو لهب بن عبد المطلب: 56، 57، 307. ابن لهيعة: 55، 132، 154. ليث بن أبي سليم الكوفي: 131. الليث بن سعد: 22، 130، 322، 323، 353، 404. الليث بن المظفر: 276. لؤلؤ الخادم: 322. - م- ابن ماجة: 8. مارسرجس: 366. مارية القيطية: 57. ماعز بن مالك: 141. مالك بن إسماعيل: 118. مالك بن أنس: 82، 84، 132، 157، 158، 191، 272، 366، 414، 9439. مالك بن دينار البصري: 345. مالك بن عبد الرحمن المالقي: 254. مالك بن عبد الله: 105. مالك بن نافع: 360. مالك بن المرحل: 277. مالك بن نويرة: 73. المأمون بن هارون الرشيد: 97، 172، 182، 276، 417، 422. الماوردي (علي بن محمد بن حبيب البصري) : 282. المبارك بن أحمد الأربلي (ابن المستوفي) : 278. ابن المبارك: 136. المبرد (أبو العباس محمد بن يزيد) : 51. معبد بن عباس: 94. متمم بن نويرة: 73. المتنبي (أحمد بن الحسين) : 127، 175. المتوكل العباسي: 12، 168. المتوكل على الله بن عبد العزيز: 12. مجاهد (ابن جبر المكي المخزومي) : 76، 112. ابن المجحود المصراتي: 11. مجد الدين المبارك بن الأثير: 236. ابن مجلز: 364.

المجمع بن جارية: 316. مجمع بن يعقوب الأنصاري: 108. مجير الدين محمد بن يعقوب الأسعردي: 128. محمد بن إبراهيم الأصبهاني: 427. محمد بن إبراهيم الكيزاني: 177. محمد بن إبراهيم الجرباذقاني: 218. محمد بن إبراهيم الشيباني: 16. محمد بن إبراهيم بن محمد: 29. محمد بن أحمد الأبشيهي: 20. محمد بن أحمد الجرجاني: 320. محمد بن أحمد بن جومرد الشيرازي: 178. محمد بن أحمد بن شرف القيرواني: 253. محمد بن أحمد بن عثمان القيسي (ابن الحداد) : 396. محمد بن أحمد العميدي: 223. محمد بن أحمد الغساني (الوأواء الدمشقي) : 416. محمد بن أحمد القناوي: 215. محمد بن أحمد المغربي: 223. محمد بن أحمد النرسي: 136. محمد بن أحمد بن نظيف: 287. محمد بن أحمد بن الوليد الحنفي: 223. محمد بن أحمد بن هبة الله المقّري: 218. محمد بن إدريس الشافعي: 435. محمد بن إدريس مرج الكحل: 177. محمد بن إسحاق: 152. محمد بن أسعد البغدادي: 255. محمد بن إسماعيل البخاري: 364. محمد بن إسماعيل بن جعفر: 377. محمد بن الأشعث: 134. محمد أمين كوش أغا زاده: 27. محمد أمين المفتي: 27. محمد بن باكويه الشيرازي: 283. محمد بن بركات النحوي: 254. محمد بن أبي بكر: 184. محمد بن أبي بكر المقدمي: 101. محمد بن أبي بكرة: 100. محمد بن جبير: 55. أبو محمد الجرجيري: 385. محمد بن جعفر: 58، 184. محمد بن الجهم السمّري: 173. محمد بن حاتم السمرقندي: 99، 137. محمد بن الحارث: 107. محمد بن حبيب: 423. محمد بن حرب الحلبي: 209. أبو محمد بن حزم: 289، 392، 401. محمد بن الحسن: 355، 414. محمد بن الحسن الأنصاري: 427. محمد بن الحسن الثقفي القزويني: 219. محمد بن الحسن الشيباني: 421. محمد بن الحسن العسكري: 374. محمد بن الحسين بن محمد الكاتب (ابن العميد) : 128. محمد بن الحسين الهمذاني (العاملي) : 21. محمد بن حمد بن حامد: 157. محمد بن زكي الدين عبد العظيم المنذري: 173. محمد بن الحنفية بن علي بن أبي طالب: 131، 134، 324، 361. محمد بن الخضر التنوخي: 215. محمد بن خضر القاري: 309. محمد بن خلف بن حيان (وكيع) : 130. محمد بن الخليل: 323. محمد بن الخياط: 252. محمد بن داود: 364.

محمد بن داود بن الجراح: 234. محمد بن ربيعة الكلابي: 137. محمد بن الزبير: 88. محمد بن زكريا البلنسي: 275. محمد بن زكريا بن دينار: 206. محمد بن زياد (ابن الأعرابي) : 408. محمد بن زياد أبو مسعود: 304. محمد بن زياد اليشكري: 110. أبو محمد بن سارة: 403. أبو محمد بن السراج: 178. محمد بن سعد الكراني: 135. محمد بن سعد العبدري: 165. محمد بن سعيد بن حماد (البوصيري) : 216. محمد بن أبي سعيد الأصبهاني: 282، 404. أبو محمد السفياني: (زياد بن عبد الله القرشي) : 296. محمد بن سلام: 134. محمد بن سليمان الصعلوكي: 237، 360. محمد بن سليم: 136. محمد بن سنان: 206. محمد السنهوري: 27. محمد بن سهل الرازي: 137. محمد بن سيرين: 72، 75، 79، 80، 87، 89، 90، 102، 119، 120، 122، 124، 132، 150، 206. محمد بن صالح: 310. محمد بن الصفار: 380. محمد بن طاهر السجستاني: 218. محمد بن طاهر المقدسي: 168. محمد بن ظبيان المقري (أبو الغنائم) : 218، 263. محمد بن عائشة التيمي: 83. محمد بن عبّاد: 102. محمد بن العباس الخوارزمي: 417. محمد بن عبد الجليل المقدسي: 213. محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى: 176. محمد بن عبد الرحمن الدينوري: 211. محمد بن عبد الرحمن الراجي: 308. محمد بن عبد الرحمن الزهري: 306. محمد بن عبد العزيز الوزير: 417. محمد بن عبد الغني الربعي: 254. محمد بن عبد الكريم (ابن الأنباري) : 176، 245. محمد بن عبد الله بن الحسين: 86. محمد بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب: 404. محمد بن عبد الله بن الحكم: 169. محمد بن عبد الله بن عبد الرحمن (ابن سعادة) : 170. محمد بن عبد الله بن العسال الطليطلي: 394. محمد بن عبد الله القضاعي (ابن الأبار) : 176، 395، 399. محمد بن عبد الله (رسول الله صلّى الله عليه وسلم) : في أكثر الصفحات. محمد بن عبد المحسن الأذمنتي: 213. محمد بن عبد الملك بن زهر: 402. محمد بن عبد الملك بن صالح: 250. محمد بن عبد الواحد التميمي: 214. محمد بن عبد الواحد بن حرب: 214. محمد بن عبد الواحد الملاحي: 397. محمد بن عبيد: 184. محمد بن عبيد الله الحبطي: 106. محمد بن عجلان القرشي: 414. محمد بن عطية بن حيان الكاتب: 214. محمد بن علي: 404. محمد بن علي بن حمزة: 206.

محمد بن علي الخيمي: 408. محمد بن علي بن أبي طالب (ابن الحنفية) : 80، 131. محمد بن علي الشوكاني: 12. محمد بن علي بن عبد الله بن عباس: 83، 320. محمد بن علي العشاري: 369. محمد بن عمر: 86، 91، 93. محمد بن عمر الأصبهاني: 217. محمد بن عمر البخاري: 364. محمد بن عمر بن عمرو بن حزم: 70. محمد بن عمر الكوفي: 219. محمد بن عمران الأصبهاني: 214. محمد بن عيسى التميمي: 158، 219. محمد بن غالب الأصبهاني الكاتب: 128. محمد بن الفرخان: 286. محمد بن فضل: 301. محمد بن فضل الله القوصي: 217. محمد بن القاسم الأنباري: 106، 136، 153، 245. محمد بن القاسم بن خلاد (أبو العيناء) : 224. أبو محمد القزويني: 357. محمد بن قيس: 72. محمد بن كعب القرظي: 57، 80، 319. محمد بن أبي ليلي: 176. محمد بن المبارك الصوري: 158. محمد بن المثني: 304. محمد بن محمد (ابن الأنباري) : 245. محمد بن محمد بن أحمد السنهوري: 28. محمد بن محمد بن أحمد السورتي: 451. محمد بن محمد بن بنان الأنباري: 245. محمد بن محمد الطائي القفصي: 216. محمد بن محمد الفرجوني: 217. محمد بن محمد بن أبي قدامة: 717. محمد بن محمد المزني: 417. محمد بن محمد بن موهب الخراساني: 218. محمد بن محمد بن نوح الغافقي: 126. محمد بن محمد اليعمري الأبذي: 126. محمد بن محمد بن يوسف القاشاني: 247. محمد بن المجذوب الشيخ: 8. محمد بن مرة: 138. محمد بن مزاحم: 171، 311. محمد بن مسلم الطائفي: 99، 130، 151. محمد بن مصعب: 150. محمد بن معن بن صمادح: 396. محمد بن مناذر البصري: 8128. محمد بن منصور الطوسي: 303. محمد بن المنكدر: 134، 410. محمد بن مهاجر: 98. محمد بن موسى البربري: 128. محمد بن موسى بن حماد: 107. محمد بن موسى بن طليق: 98. محمد بن موسى القصري: 158. محمد بن موسى بن عيسى الدميري: 157. محمد بن أبي نصر الفتواني: 358. محمد بن هاني الأندلسي: 248. محمد بن هلال بن أبي هلال: 93. أبو محمد بن هندو: 356. محمد بن أبي الهيجا الأصبهاني: 217. محمد بن الواثق: 422. محمد بن وهيب البديهي: 129. محمد بن يحيى الحضرمي: 304. محمد بن يزيد الواسطي: 97. محمد بن يوسف بن علي (أبو حيان) : 255. المخبل السعدي: 121. المختار الثقفي: 76، 131، 405.

مخلص بن أبي الجماهر التنوخي: 324. المدائني: 107، 135. المراغي (أبو بكر بن الحسين) : 446. مرتضى الدين الشيرازي: 174. مرتضى الدين بن القسطلاني: 173. مرثد بن عبد الله اليزني: 369. ابن المرحل المالقي: 255. مروان بن الحكم: 94، 95، 424. مروان بن محمد: 448. مروان بن يزيد بن عبد الملك: 308. المسبحي (محمد بن أبي القسيم الكاتب) : 175. المستضىء بالله (الحسن بن يوسف) : 237. المستظهر بالله (عبد الرحمن بن هشام الأموي) : 222، 394. المستعين العباسي: 222. المستنصر العباسي: 224. ابن المستوفي (المبارك بن أحمد الأربلي) : 278. مسدد بن مسرهد: 321. مسروق (أحمد بن محمد بن مسروق) : 119، 136، 288. مسروق بن الأجدع الهمداني: 75، 298. مسطح بن أثاثة: 68. مسعود بن العلاء الخباز: 228. ابن مسعود (عبد الله) 80، 105، 114، 119، 335. المسعودي (علي بن الحسين) : 411. أبو المسك (كافور الاخشيدي) : 175. مسلم بن أوس: 179. مسلم بن الخياط: 81. أبو مسلم الخولاني: 108، 297، 298. مسلم بن عقيل بن أبي طالب: 404. مسلم بن يسار: 119. مسلمة بن محارب: 78. ابن المسيب (سعيد) : 72. المسيب بن عبد الكريم الخثعمي: 157. مسيلمة الكذاب (مسيلمة بن ثمامة الحنفي) : 136، 298. المصحفي (جعفر بن عثمان بن نصر) : 394. مصعب بن الزبير: 91. مصعب الزهري: 403. مصعب بن سعد: 99. مصعب بن عبد المطلب (الغيداق) : 56. مصعب بن عروة بن الزبير: 207. مضاض بن عمرو الجرهمي: 279. مطرف بن عبد الله الحرشي العامري: 77، 89، 122. مطلب بن زياد: 118. المطلب بن عبد الله: 125. المطلب بن عبد الله بن قيس بن مخرمة: 152. المطهر بن محمد اللحامي: 324. المطهر بن المفضل التنوخي: 274. أبو المظفر ابن الجوزي (يوسف بن قزغلي) : 208. مظفر الدين صاحب إربل: 278. معاذ بن جبل: 75، 107، 184، 234، 331. معاذ بن أبي أرطاة: 114. معاوية بن أبي سفيان: 76، 79، 86، 103، 114، 117، 118، 156، 186، 313، 319، 351، 352، 403. أبو معاوية بن سلمون السفياني: 317. أبو معاوية الكلابي: 130. معاوية بن عمرو بن الشريد: 344. معبد الجهني: 299.

معبد بن المقداد بن الأسود: 86. معبد بن وهب المغني: 133. المعتز العباسي: 281، 415. المعتضد بالله (أحمد بن طلحة بن جعفر) : 222، 416. المعتمد بن عباد: 400، 401. المعتمد العباسي: 222. معد بن عدنان بن أدد: 55. معاذ بن جبل: 316. معاذ بن عفراء (معاذ بن الحارث) : 142. معاذ بن هشام: 98. المعز فرخشاه: 220. معضد بن يزيد: 165. معقل بن سنان الأشجعي: 143. معمر بن راشد الأزدي: 57، 83. معمر بن ليث: 145، 152. معن بن أوس الأزدي: 242. معن بن زائدة: 171. معن بن عبد الرحمن: 121. معن بن عدي: 74. معيقيب بن أبي فاطمة الدوسي: 197. المغيرة بن شعبة: 195. المفضل بن خليفة: 109. المفضل الضبي: 408. المفضل بن فضالة: 155. المقتدر العباسي: 229. المقتفي لأمر الله (محمد بن أحمد بن المستظهر) : 176. المقّري (أحمد بن محمد) : 16. المعز بن باديس: 253. المقريزي (أحمد بن علي الحسيني) : 18، 430. ابن المقفع (عبد الله) : 135. المقوم بن عبد المطلب: 56. المكتفي العباسي: 227. ابن مكتوم (أحمد بن عبد القادر القيسي) : 253، 275. مكحول الأزدي: 57، 150، 311. الملاحي الغافقي (محمد بن عبد الواحد) : 397. ابن ملجم (عبد الرحمن) : 148. الملك الرحيم (لؤلؤ بن عبد الله الأتابكي) : 180. الملك العادل (نور الدين محمود زنكي) : 445. الملك يواكيم: 358. الملك يوشيا: 357. ابن أبي مليكة التيمي: 58، 116. ملكداد بن علي القزويني: 358. منّة البرمكية: 133. المنتصر بالله (محمد بن المتوكل) : 416. منجح مولى الحسين بن علي: 404. المنذري (عبد العظيم بن عبد القوي) : 157. أبو منصور البغدادي: 369. أبو منصور الثعالبي: 356. منصور بن سلمة: 91. المنصور بن أبي عامر: 129، 394. المنصور العباسي (أبو جعفر عبد الله بن محمد) : 83، 87، 230. منصور بن عبد الرحمن: 115. منصور بن علي المقرىء: 367. منصور الفقيه: 154. منصور بن الهادي: 422. ابن منظور (محمد بن المكرم) : 18. المنهال بن عمرو: 105، 287. مهدد بنت أبي هزومة: 283. المهدي (أبو محمد عبيد الله) : 204. المهدي بن المنصور العباسي: 87، 160 230، 369.

المهلب بن أبي صفرة: 85، 182، 314، 369. مورق العجلي: 90. مؤمل بن إسماعيل: 100. موسى بن المأمون: 422. أبو موسى الأشعري: 75، 105، 117، 119، 297، 325، 361. موسى بن طلحة: 317. موسى بن عبد الله: 77، 421. موسى بن عبد الله بن حسن العلوي: 420. موسى بن عبد الله بن يزيد: 102. موسى بن عبد الملك: 163. موسى بن عبيدة: 215. موسى بن عقبة: 100. موسى بن علي: 115. موسى بن أبي عليّ: 123. موسى بن عيسى: العباسي: 367. موسى بن قيس: 123. موسى بن ماهين الزولي: 338. أبو موسى المديني: 208، 351. موسى بن محمد بن عبد الملك: 381، 395. موسى بن أبي موسى: 147. موسي (النبي ابن عمران) : 54، 99، 386. موسى بن يغمور: 213. ميسرة بن علي: 355. ميسون بنت بحدل الكلبية: 79. ميمون بن مهران: 110. ميمونة (أم المؤمنين) : 82. ميكائيل: 334، 352. الناصر العباسي: 222. ناصر الدين محمد البدراني: 11. نافع بن سرجس: 111. نافع مولى ابن عمر: 76، 144. نائلة بنت الفرافصة: 368. نباتة الحداني: 76. ابن نباتة (محمد بن محمد المصري) : 246، 363. نجاح بن سلمة: 163. ابن النجار: 179، 225. نجم الدين أيوب: 409. نجم الدين عبد المحسن الموصلي: 260. أبو النجم الزنجاني: 358. نجم الدين الخبوشاني الشافعي: 128. نجم الدين المغربي: 14. ابن أبي نجيح: 139. النجيرمي (يوسف بن يعقوب البصري) : 420. النزال بن سبرة الهلالي: 77، 116. النسفي (عمر بن محمد بن أحمد) : 335. ابن النشاء (إبراهيم بن عبد الرحمن القيسي) : 253. نصر بن إبراهيم المقدسي: 159. نصر بن سيار الأزدي: 242، 354، 415. نصر بن شبث الخارجي: 213. نصر بن عاصم: 361. نصر بن عامر بن أسيل: 155. نصر بن عبد الله اللخمي (ابن قلاقس) : 249. أبو نصر العتبي (محمد بن عبد الجبار) : 417. نصر بن علي: 101. أبو نصر بن مميل الشيرازي: 255. أبو نصر بن نباتة: 379. أبو نصر الواعظ: 36. النضر بن شميل: 244، 263. نضرة الأزدية: 79. نظام الملك: 217. النعمان بن بشير الأنصاري: 79، 374.

النعمان بن ثابت (أبو حنيفة) : 221. النعمان بن المغيرة: 115. أبو نعيم الأصفهاني: 71، 283. أبو نعيم الطبري: 135. نعيم بن الهيصم: 375. نعيماء بن أوس: 93. نفطويه: 244. نهار بن توسعة: 233. نهشل بن حري: 329. أبو نواس (الحسن بن هاني) : 136، 171، 272، 310، 332. نور الدين محمود زنكي: 445. النوري (أحمد بن محمد) : 285. النويري (أحمد بن عبد الوهاب) : 18. نيكلسون: 17. - هـ- الهادي العباسي: 160، 422. هارون الجمّال: 151. هارون الرشيد: 160، 162، 163، 182، 276، 322، 323، 366، 386، 403، 416، 422، 448. هارون بن معروف: 106. هاشم بن عبد مناف: 63. هاشم بن القاسم: 100. هاني بن حرام: 115. ابن هاني (محمد بن هاني الأندلسي) : 182. أم هاني بنت أبي طالب: 352. أم هاني بنت الهوريني: 11. أبو الهبّار القرشي: 450. هبة الله بن عبد الوارث الشيرازي: 247، 248. هبة الله بن عبد المطلب الكرماني: 238. هبيرة بن شبل الثقفي: 234. هرقل: 39. هرم بن حيان العبدي: 84، 297، 414. أبو هريرة: 94، 97، 132، 215، 244، 302، 310، 314، 318، 353، 380، 415. هشام بن سعد: 98، 147. هشام بن عبد الملك: 83، 86، 299، 308. هشام بن عروة: 70، 116، 136، 312، 315، 320. هشام بن الفاز: 125. هشام بن محمد الكلبي: 94، 365. أبو هشام الواسطي: 145. هلال بن أشقر: 136. هلال بن أمية: 143. هلال بن مرة: 143. همام الدين السيوطي: 8. الهمذاني (الحسن بن أحمد بن يعقوب) : 390. أم الهنا المصرية: 11. هند بنت أثاثة: 68. هند بنت الحارث بن عبد المطلب: 67. هند بنت الحارث الفراسية: 86. هند بنت سهل (أم سلمة أم المؤمنين) : 80. هند بنت أبي عبيدة: 420. هند بنت المهلب بن أبي صفرة: 296. هود (النبي) : 55. الهيثم بن جميل: 99. أبو الهيجا عبد الله (والد سيف الدولة) : 251. هياج بن أبي سفيان: 140.

- و الوأواء الدمشقي: 416. أبو وائل (شقيق بن سلمة الأزدي) : 77، 113، 135. واثلة بن الأسقع الكناني: 304، 355، 371. أبو واقد الليثي: 101، 111، 143. الواقدي (محمد بن عمر بن واقد) : 56، 58، 73، 81، 93، 111. والبة بن الحباب: 310. الوداعي (علي بن المظفر الكندي) : 180، 247، 255. ابن الوردي (عمر بن مظفر الكندي) : 337، 344. أبو الوزير الصوفي: 321. الوزير المغربي: 231. وكيع (محمد بن خلف بن حيان) : 97، 130، 206. وكيع بن الجراح: 372. ابن وكيع التنيسي: 174. الوليد بن عبد الملك: 449. الوليد بن عتبة الليثي: 84، 112. الوليد بن مسلم: 84، 98، 109، 112، 210. الوليد بن مسلم الأوزاعي: 311. الوليد بن هشام القحذمي: 209. ابن وهب: 55. وهب بن منبه: 104. - ي- ياجوج وماجوج: 430. ياقوت الرومي الحموي: 7، 17، 368. يحيى بن آدم: 107. يحيى بن إبراهيم (ابن شبل) : 155. يحيى بن أكثم بن قطن التميمي: 171، 172. يحيى بن بكير: 404. يحيى بن الحسن: 152. يحيى بن خلاد البرمكي: 420. يحيى بن زكريا: 101، 353. يحيى بن سعد بن خالد بن معدان: 326. يحيى بن سعيد: 82، 102، 136، 145. يحيى بن سعيد الأنصاري: 369. يحيى بن سعيد الزهري: 83. يحيى بن سعيد بن هبة الله: 177. يحيى بن سهل اليكي: 402. يحيى بن أبي طالب: 184. يحيى بن عبد الله بن حسن: 130. يحيى بن عبد الملك بن أبي غنية: 152. يحيى بن عروة بن الزبير: 424. يحيى بن علي الحضرمي: 168. يحيى بن علي القرشي: 293. يحيى القطان: 110. يحيى بن أبي كثير اليماني: 79، 110، 122، 145. يحيى بن محمود بن جنيد: 6. يحيى بن معاذ: 284، 286. يحيى بن معاذ الرازي: 178، 283. يحيى بن المعلى الكاتب: 310. يحيى بن أبي منصور المنجم: 218. يحيى بن يوسف الصرصري: 240. ابن يزدانيار (الحسين بن علي) : 283. يزيد بن حسان: 313. يزيد بن عبد ربه: 326. يزيد بن عبد الله بن أسامة: 151. يزيد بن عبد الله بن قسيط: 68.

يزيد بن عبد الله بن عمرويه: 374. يزيد بن القعقاع (أبو جعفر القارىء) : 211. يزيد بن مالك الجعفي: 103. أبو يزيد المدني: 101. يزيد بن معاوية: 79، 256. يزيد بن المهلب: 314. يزيد بن الوليد: 448. يزيد بن هارون: 120، 151، 411. يعقوب بن أحمد: 297. يعقوب بن إسحاق بن حجر العسقلاني: 157. يعقوب بن أبي بكر: 445. أبو يعقوب الخراط: 285. يعقوب بن داود التغلبي: 78. يعقوب بن يزيد: 95. يعقوب بن محمد الزهري: 151. اليغموري (يوسف بن أحمد الأسدي) : 25، 212، 160، 177، 393. يوسف بن أحمد الأسدي: 160. يوسف بن إسماعيل بن علي (الشواء) : 407. يوسف بن خالد السخني: 88. يوسف بن سباسلار: 257. يوسف بن عطية: 101. يوسف بن عمر: 104. يوسف بن لؤلؤ الذهبي: 242. أبو يوسف القاضي (يعقوب بن إبراهيم الأنصاري) : 160، 420. يوسف بن النفيس الأربلي: 278. يونس بن حسن التربيني: 28، 451. ييبورك بن عبد الله السملالي: 26.

5 - فهرس القبائل والأمم والشعوب والجماعات

5- فهرس القبائل والأمم والشعوب والجماعات - أ- الأئمة الأربعة: 164، 194. بنو أبي طالب: 56. الأتراك: 197. أجواد العرب: 171. الأحبار: 138. أحبار اليهود: 75. بنو الإخشيد: 309. بنو أرحب: 326. الأرمن: 196. الأزارقة: 85. الأزد: 412. أزواج النبي: 89. الأساكفة: 244. بنو أسد: 39، 185. بنو إسرائيل: 104، 124، 145، 172، 319. أشراف مكة: 167. أصحاب الرسول الصحابة. أصحاب الشورى: 101. الافرنج: 182. الإمامية: 203، 419. الأمراء: 119. أمهات المؤمنين: 80، 393. بنو أمية: 296، 376، 379، 408. الأنبياء: 42، 55، 77، 301، 501، 281، 366. الأنصار: 74، 115، 118، 139، 142، 145، 146، 148، 243، 316، 317، 372، 393، 437. أهل الأندلس: 445. أهل بدر: 74، 154. أهل البصرة: 77. أهل البيت: 196، 419. أهل الجنة: 80. أهل الحجاز: 126. أهل الحقيقة: 8. أهل حمص: 79. أهل دمشق: 227. أهل الردة: 148. أهل الرقيم: 82. أهل السنة: 203. أهل الشام: 138، 173. أهل الصفّة: 355. أهل العراق: 125. أهل الكوفة: 230، 421. أهل العلم: 13. أهل الفلسفة: 9. أهل المدينة: 81. أهل المغرب: 254. أهل نجد: 88.

أهل اليمن: 75، 156. الأوزاع: 110، 210. الأوس: 183، 184، 206، 274. الأولياء: 8، 205، 286. بنو أيوب: 109. - ب- باهلة: 294. البرامكة: 242. البربر: 192. - ت- التبابعة: 59. التابعون: 73، 82، 84، 89، 100، 112، 116، 122، 138، 142، 149، 163، 292. التتار: 181، 182، 240. الترك: 203. تميم: 92، 131. تيم بن مرة: 91. - ث- بنو ثعلبة بن عامر: 298. ثقيف: 326. - ج- الجبرية: 354. الجن: 80، 139. الجهمية: 354. جهينة: 345. - ح- بنو الحارث: 56. الحجازيون: 100. الحجيج: 233. الحكماء: 154، 162. حكماء العرب: 269. حمير: 186. الحنفية: 236، 253. - خ- خثعم: 383. خزاعة: 77. الخزرج: 94، 184، 412. الخلفاء: 24، 163. الخلفاء العباسيون: 176، 240. خندف: 58. الخوارج: 450. الخيبريون: 57، 77. - د- الدراويش: 350. الدهاقين: 210. الدولة العبيدية: 204. - ر- ربيعة: 186. الرواهب: 60. الروم: 11، 80، 161، 183، 192، 247، 303، 323، 366. - ز- زبيد: 119. بنو زريق: 120. الزنادقة: 446. الزهاد: 263. الزيدية: 203.

- س- بنو ساسان: 406. بنو سالم بن عوف: 412. السامرة: 386. السعديون: 26. السلاجقة: 176، 445. السلاطين: 14. بنو سلول: 306. السودان: 102. - ش- الشافعية: 263، 282، 323، 353، 448، 450. الشراة: 83، 450. الشيعة: 203، 406. - ص- الصحابة: 24، 70، 73، 74، 77، 95، 97، 99، 103، 107، 113، 118، 120، 136، 142، 297، 303، 312، 360. الصليبيون: 182، 445. الصوفية: 13، 250، 283، 285، 338، 349، 350، 359، 448. - ط- الطالبيون: 210. الطلقاء من قريش: 95. - ظ- بنو ظفر: 289. - ع- عاد: 59، 137. العامة: 197. بنو عامر: 301. العبّاد: 84. العباسيون (بنو العباس) : 94، 172، 223، 240، 248، 351، 376، 391، 408. بنو عبد المطلب: 136. العثمانيون: 17. عدوان: 119. بنو عدي: 69. العرب: 9، 23، 51، 56، 91، 129، 155، 167، 184، 244، 301، 329، 391. العجم: 9، 82، 119، 155، 199. العشرة المبشرون بالجنة: 101. العلماء: 12، 14، 15، 17، 154، 159، 254، 273. - غ- الغزاة: 283. غطفان: 311. بنو غفار: 71، 76. الغيلانية: 299. - ف- الفاطميون: 170، 323. الفرس: 93، 104. الفرنج: 254.

الفقهاء: 117، 119، 128، 129، 158، 160، 171، 201، 309، 223، 355. فقهاء الحنفية: 35. الفقهاء السبعة: 71، 73، 82، 84. فقهاء الشافعية: 8، 257. فهر: 391. - ق- القرامطة: 229. قتلة الحسين: 405. القحطانيون: 412. القدرية: 299. القرّاء: 501. بنو قرن: 84، 297. قريش: 55، 56، 59، 97، 107، 124، 206، 307، 311، 319، 326، 391، 449. بنو قريظة: 302. القسيسون: 318. قصي: 391. القضاة: 12، 110، 117، 228، 313. قضاعة: 59. القيان: 244. - ك- الكتّاب: 24، 204. كتّاب الوحي: 75. الكفّار: 139، 283. كنانة: 76، 332، 391. الكوفيون: 74. - ل- بنو لحيان: 71. - م- المالكية: 158، 191، 193، 198، 370، 450. المبشرون بالجنة: 101، 117، 312. المتكلمون: 183. المجوس: 80، 140، 207. بنو مخزوم: 118، 133. المذاهب الأربعة: 204. مذحج: 112. المرابطون: 182، 400. المرجئة: 354. بنو مرين: 203. المسلمون: 12، 28، 73، 195، 227، 299. مشايخ الأسلام: 12. مشايخ الطرق: 8. المشركون: 58، 85، 441. المصريون: 368. بنو المصطلق: 76، 124، 143. مضر: 186، 391، 407. المعتزلة: 89، 354. المغاربة: 198، 203. المغول: 17. الملائكة: 124. الملوك: 155، 239. المنافقون: 101، 114. المهاجرون: 115، 124، 146، 317، 321، 346، 372، 393، 436، 437، 446. الموحدون: 399. الموسوعيون: 7.

- ن- بنو النجار: 62، 75، 82، 94. النحاة: 199، 244، 249، 254. نساء الرسول: 98. النسابون: 55. النساك: 84، 107، 414. النصارى: 80، 193، 195، 210، 299، 316، 410، 446. النقباء: 118، 418. بنو نمير: 418. - هـ- بنو هاشم (الهاشميون) : 56، 64، 112، 347، 391، 415. همدان: 326. هوازن: 58. - و بنو وبرة: 59. الوفائية: 119. - ي- اليونان: 162. اليهود: 80، 138، 141، 173، 193، 195، 326، 357، 410.

6 - فهرس المواضع والبلدان

6- فهرس المواضع والبلدان - أ- آمد: 181. الأبيرق: 216. أبيورد: 162، 284. أجنادين: 152. أجياد: 113. أحد: 73، 76، 94، 360. الأخشب (جبل) : 65. أذربيجان: 195. إربل: 278. الأردن: 75، 107، 152، 334. أرسوف: 182. أرض الشراة: 83. أرمينية: 79، 314. أريحا: 334. الأزهر: 257. اسطنبول: 222. الاسكندرية: 180، 193، 212، 227، 254، 255، 318، 363. إسنا: 258، 260. أسيوط: 8. أشبيلية: 182، 183، 224، 254، 381، 401. أصبهان: 181، 289. أفريقية: 94، 192، 400. الأنبار: 245، 303. الأندلس: 17، 126، 165، 177، 192، 230، 238، 253، 273، 275، 355. أنيشة: 275. الأهواز: 80، 130، 308. - ب- بابل: 259. باريس: 451. بالس: 338. بجاية: 400. بحر القلزم: 54. البحرين: 83، 98، 229. بخارى: 159. بدر: 72، 73، 74، 77، 85، 112، 115، 124، 154، 172، 302. برقة: 182. بزاخة: 302. بست: 305، 417. بسطة: 397. البصرة: 76، 83، 85، 116، 117، 119، 124، 125، 132، 136، 149، 172، 229، 287، 297، 299، 331، 408، 410. البطحاء: 57. بطليوس: 402. بعلبك: 406، 430.

بغداد: 8، 17، 27، 47، 97، 110، 129، 130، 136، 160، 165، 371، 180، 181، 222، 238، 242، 250، 282، 350، 448، 451. بغشور: 326. البقيع: 51، 94. بلاد الروم: 11. بلاد المغرب: 11. بلخ: 166، 167، 178، 345. البلقاء: 83. بلنسية: 126، 177، 192. بنغازي: 5. البهنسا: 213. بيت جبرين: 355. البيت الحرام: 7، 55، 58، 226. بيت عينون: 93. بيت المقدس: 57، 83، 93، 146، 147، 159، 168، 210، 297، 311، 317، 379. البيرة: 234. بئر زمزم: 334. بيت الحكمة: 182. بيسان: 107. - ت- تاهرت: 379. تبوك: 54، 73، 74، 305. تدمر: 126. تستر: 106، 181، 308. التكايا: 350. التكرور: 9. تلمسان: 379. تهامة: 297. تونس: 192، 380. - ث- ثبير (جبل) : 59. الثغور: 136، 168. ثورا (نهر بدمشق) : 256. - ج- الجابية: 75، 334. الجارف: 217. الجامع الأموي: 11، 15. الجامع الطولوني: 258. جامعة قار يونس: 5. جامعة كمبردج: 7. جامعة الملك سعود: 6. جامعة مؤتة: 6. جبل الطور: 210. الجحفة: 91. جرجان: 449. الجرف: 314. الجزائر: 182. الجزيرة: 130، 154. الجزيرة الخضراء: 398، 401. جزيرة شقر: 177، 234. جعبر: 338. الجعرانة: 58. الجماجم (دير) : 113. جنّابة: 229. جند: 320. جوّ: 136. الجولان: 334. جياد (أجياد) : 113، 184.

الجيدور: 334. جيان: 234. - ح- حبرون: 93. الحبشة: 73، 80، 119، 146، 301. الحجاز: 9، 11، 115، 125، 126، 242، 246، 272. حجر: 136. الحجر الأسود: 228، 229. الحجرة النبوية: 14. الحجون: 90. الحديبية: 58، 102، 234. الحرم: 55. الحرم المكي: 162، 166، 284. الحطيم: 265. حلب: 11، 181، 187، 191، 200، 202، 204، 344، 406. حلوان: 116. حماة: 208، 344. حمص: 79، 85، 95، 107. حنين: 56، 58، 96، 100، 172، 252، 360. حوران: 40، 107، 339، 350، 408. حوش قوصون: 15. الحوض: 85. - خ- الخانقاه: 350. الخانقاه البيبرسية: 11، 13. خراسان: 85، 94، 156، 167، 171، 242، 263، 272، 276، 322، 415. الخضيرية (محلة ببغداد) : 8. الخندق: 73. خوزستان: 106. خيبر: 85، 103، 124. خيف منى: 238. - د- دار الأرقم: 71، 184. داريا: 298. دابق: 449. دار الكتب الظاهرية: 28، 47. دار الكتب المصرية: 27، 47. دجلة: 83، 283. دمشق: 15، 47، 107، 114، 168، 180، 182، 193، 319، 334، 350. الديار المصرية: 11. دير الجماجم: 114. الدينور: 77. - ذ- ذو طوى: 77. ذو قرد: 71. ذو المجاز: 57. - ر- رأس العين: 154. رامة: 229. الرباط: 6، 29، 47. الربذة: 76، 114. الرصافة: 308. رضوى (جبل) : 294. الرقة: 117.

الرقتان: 308. الرقيم: 82. الركن اليماني: 55. الرملة: 94، 251. رومة: 314. الري: 77، 228، 283. - ز- زبدة: 192. زمزم: 9، 265، 274، 352. زغابة: 314. - س- سامراء (سر من رأى) : 168، 284. سبتة: 279، 390. سبك: 265، 447. سدرة المنتهى: 71. سرقوسة: 400. السماوة: 368. سمرقند: 94، 162، 284، 335. سميساط: 213. السويداء: 350. سيس: 195. سيواس: 181. - ش- الشام: 9، 11، 17، 70، 79، 83، 85، 93، 94، 107، 110، 116، 121، 138، 152، 226، 250، 272، 301، 332، 338، 446. الشحر: 265. شقر: 177. شنترين: 402. شهرنوزة: 244. شيراز: 285، 420. شيز: 195. شيس: 195. - ص- صاغان: 380. صرخد: 406. الصفا: 113، 184. الصفّة: 355. صفين: 72، 74، 84، 102، 112، 114، 115، 156، 206، 297، 321، 420. صفد: 208. صقلية: 400. صنعاء: 83، 104، 137. صيدا: 210. - ط- الطائف: 58، 76، 92، 94، 96، 116، 131، 145، 324. طبرية: 182، 210، 228، 311. طبرستان: 449. طبنة: 399. طريانة: 381. طليطلة: 394. طنجة: 264. طوس: 288، 419. طيبة: 260. - ع- عبادان: 265. العذيب: 216.

العراق: 93، 104، 125، 223، 272، 379. عراق المغرب: 379. عرفة: 57، 238. العروض: 136. عسقلان: 363. عسكر مكرم: 181. العقبة: 74، 183. عكا: 182. عكبرا: 406. عمان: 83، 265. عمواس: 94. عمورية: 222. عين التمر: 303. عيوناء: 63، 93. - غ- الغابة: 71. الغار: 439. غرناطة: 17، 234، 254، 255، 277، 279. غزة: 164، 194. الغور: 107، 334. - ف- فارس: 229. فارع: 59. فاس: 192. فخّ: 248. الفرات: 73، 121، 132، 207، 337. فلسطين: 107، 146، 152، 164، 181، 194، 251، 363. - ق- القاحة: 91. القادسية: 74، 93، 216. قار يونس: 6. القاهرة: 181، 245، 258. قباء: 72. القبجاق: 181. القدس: 251، 260، 334، 344. قديد: 71، 82، 91، 124. قرطاجنة: 192. قرطبة: 126، 380. قزوين: 197، 353، 448. القسطنطينية: 222، 308، 323. قصير خالد: 107. قطر: 98. قلعة جعبر: 338. قلعة بني حماد: 379. قلقشندة: 379. قمّ: 276. قنا: 215. قنسرين: 449. قيراط: 258. القيروان: 204، 227، 253، 408. قيسارية: 184. - ك- كابل: 305. كبكب: 57. كربلاء: 125، 210، 310. الكرخ: 224، 290. كسّ: 284. الكعبة: 191، 265، 366، 448.

الكهف: 355. الكوفة: 74، 77، 79، 80، 84، 86، 87، 89، 93، 102، 103، 112، 114، 116، 119، 125، 136، 138، 139، 162، 183، 211، 229، 303. كيسوم: 213. - ل- لاردة: 398. لبلة (في الأندلس) : 392. لعلع: 20، 407. ليبيا: 5. - م- ماء مدين: 54. ماردين: 338. مالقة: 165. ماه سندان: 77. المدائن: 77، 366. المدرسة الشيخونية: 11. المدرسة النظامية: 174، 180. مدين: 54. المدينة: 51، 57، 58، 60، 62، 70، 71، 72، 73، 74، 75، 80، 81، 83، 84، 86، 89، 91، 95، 109، 115، 117، 146، 294، 446. مراكش: 279. مرج الصفر: 334. مرسية: 183، 402. مرعش: 213. مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية: 6، 28، 29، 47، 187، 451. مرو: 263، 413. مرو الروذ: 326. المريّة: 396، 398. مسجد قباء: 72. مسجد النبي صلّى الله عليه وسلم: 81. مسترة: 199. المسيلة: 379. مصر: 17، 74، 123، 128، 130، 148، 154، 157، 163، 164، 169، 181، 191، 200، 242، 267، 415، 426. المطرية: 445. معرة النعمان: 79، 191، 337، 344. المغرب: 9، 11، 26، 165، 192، 254، 275، 277، 279. المغرب الأقصى: 203. المغيثة: 216. مكة: 58، 62، 65، 71، 77، 80، 81، 82، 90، 91، 94، 96، 113، 115، 117، 119، 121، 151، 161، 162، 172، 229، 243، 247، 248، 258، 279، 300، 311، 368. مكتبة الأوقاف ببغداد: 6، 27، 29، 451. المكتبة الظاهرية بدمشق: 29، 47. مكتبة غرناطة: 17. المكتبة المحمودية: 12. المكتبة الوطنية بباريس: 6، 28، 47. ملطية: 337. منى: 59، 113، 328. منبج: 187، 191، 337، 343. المنوفية: 265، 447. مؤتة: 71، 118، 414.

الموصل: 103، 137، 180، 276، 278. الميثب: 66. ميسان: 298. ميورقة: 394. - ن- نابلس: 94. نجد: 88، 294. نجران: 269. نهاوند: 77، 345، 431. النهروان: 85. نيسابور: 7، 178، 238، 242، 297. النيل: 265. - هـ- هجر: 229. هراة: 326. همدان: 77، 112، 276. الهند: 9، 17، 159. - و وادي آش: 234، 279، 396. واسط: 136، 421. - ي- يافا: 182. يثرب: 63. يذبل: 294. اليرموك: 93، 98، 146. يزيد (نهر بدمشق) : 256. يكّة: 402. اليمامة: 74، 298، 414. اليمن: 9، 55، 75، 83، 84، 86، 93، 114، 115، 156، 170، 172، 186، 265، 383. ينبع: 294.

الكتب الصادرة للمحقق اسم الكتاب دار النشر 1- الإسلام والشعر. مكتبة النهضة- بغداد 1964 م. 2- شعر المخضرمين وأثر الإسلام فيه- مكتبة النهضة- بغداد 1964 م. مؤسسة الرسالة بيروت 981، 1983، 1998 م. 3- ديوان العباس بن مرداس السلمي وزارة الإعلام- بغداد 1968 م. مؤسسة الرسالة- بيروت 1992 م. 4- الجاهلية (مقدمة في الحياة العربية لدراسة الشعر الجاهلي) مطبعة المعارف- بغداد 1968 م. 5- شعر النعمان بن بشير الأنصاري مطبعة المعارف- بغداد 1968 م. دار القلم- الكويت 1985 م. 6- شعر عروة بن أذينة. مكتبة الاندلس بغداد، طبع بيروت 1970 م. دار القلم- الكويت 1981، 1983. 7- لبيد بن ربيعة العامري. مكتبة الاندلس- بغداد، طبع بيروت 1970 م. دار القلم- الكويت 1981 م. 8- شعر المتوكل الليثي. مكتبة الأندلس- بغداد طبع بيروت 1971 م. 9- شعر الحارث بن خالد المخزومي. مطبعة النعمان- النجف 1972 م. دار القلم- الكويت 1983 م. 10- الشعر الجاهلي خصائصه وفنونه. دار التربية- بغداد، طبع بيروت 1972 م. مؤسسة الرسالة- بيروت 1979، 1982. 1985، 1986، 1990، 1995، 2000 م. جامعة قار يونس- بنغازي 1993 م. 11- شعر عبدة بن الطبيب. دار التربية- بغداد، طبع بيروت 1972 م. 12- شعر عبد الله بن الزبير الأسدي. وزارة الإعلام- بغداد 1974 م. 13- شعر أبي حية النميري. وزارة الثقافة- دمشق 1975 م. 14- شعر عمرو بن شأس الأسدي. مطبعة الآداب- النجف 1976 م.

دار القلم- الكويت 1983 م. 15- شعر عمر بن لجأ التيمي. مطبعة الحكومة- بغداد 1976 م. دار القلم- الكويت 1981 م. 16- الحيرة ومكة وصلتهما بالقبائل العربية. (ترجمة عن الانجليزية) منشورات جامعة بغداد 1976 م. 17- ديوان الطغرائي (بالاشتراك) . مطبعة الحكومة- بغداد 1976 م. دار القلم- الكويت 1983 م. 18- شعر هدبة بن الخشرم العذري. وزارة الثقافة- دمشق 1976 م. دار القلم- الكويت 1985 م. 19- أصول الشعر العربي- د. س. مرجليوث. (ترجمة عن الانجليزية) . مؤسسة الرسالة- بيروت 1978، 1981، 1988، جامعة قار يونس- بنغازي 1994 م. 20- عبد الله بن الزبعرى حياته وتحقيق شعره معهد المخطوطات العربية- القاهرة 1978 م. مؤسسة الرسالة- بيروت 1981 م. 21- كتاب المحن- لأبي العرب التميمي. (تحقيق) دار الغرب الإسلامي- بيروت، الطبعة الأولى 1983، الطبعة الثانية 1988 م. 22- ديوان أحمد بن يوسف الجابر (دراسة وتحقيق) مركز الوثائق- جامعة قطر 1984 م. 23- الزينة في الشعر الجاهلي. دار القلم- الكويت 1984 م. 24- قصائد جاهلية نادرة. مؤسسة الرسالة- بيروت 1982، 1988 م. 25- شعر خداش بن زهير العامري. مجمع اللغة العربية- دمشق 1976 م. 26- الأقوال الكافية والفصول الشافية (في الخيل) للملك الرسولي (تحقيق) دار الغرب الإسلامي- بيروت 1987 م. 27- الملابس العربية في الشعر الجاهلي. دار الغرب الإسلامي- بيروت 1989 م. 28- كتاب الردة للواقدي. (تحقيق) دار الغرب الإسلامي- بيروت 1990 م.

29- كتاب الفاضل في صفة الأدب الكامل. للوشاء (تحقيق) دار الغرب الإسلامي- بيروت 1991 م. 30- منهج البحث وتحقيق النصوص. دار الغرب الإسلامي- بيروت 1993 م. 31- الخط والكتابة في الحضارة العربية. دار الغرب الإسلامي- بيروت 1993 م. 32- أمالي المرزوقي. (تحقيق) دار الغرب الإسلامي- بيروت 1995 م. 33- المستشرقون والشعر الجاهلي. (بين الشك والتوثيق) دار الغرب الإسلامي- بيروت 1997 م. 34- الكتاب في الحضارة الإسلامية. دار الغرب الإسلامي- بيروت 1998 م. 35- كتاب المنتخل للميكالي. (تحقيق) دار الغرب الإسلامي- بيروت 2000 م. 36- محمد بن عبد الملك الزيات سيرته، أدبه، تحقيق ديوانه. دار البشير- عمان 2002 م. 37- المحاضرات والمحاورات للسيوطي. (تحقيق) دار الغرب الإسلامي- بيروت 2003 م. 38- محن الشعراء والأدباء. دار الغرب الإسلامي- بيروت 2003 م.

فهرس الموضوعات

فهرس الموضوعات بين يدي الكتاب 5 جلال الدين السيوطي 7 حياته 7 مؤلفات السيوطي 15 من ألف في المحاضرات والمحاورات وما أشبهها: 18 معنى المحاضرة 22 كتاب المحاضرات والمحاورات 23 نسخ الكتاب المخطوطة 27 رموز النسخ 47 نص كتاب المحاضرات والمحاورات 49 من إنشاء الشهاب المراغي في ذكر العلم 51 ذكر مستحسنات انتقيتها من طبقات ابن سعد 55 ذكر مراثي النبي صلّى الله عليه وسلم 58 ذكر مستحسنات انتقيتها من كتاب الزهد للإمام أحمد بن حنبل رضي الله عنه 97 في تاريخ ابن عساكر 106 منتقى من المصنف لابن أبي شيبة مما يحسن في المحاضرات 111 في تاريخ الصلاح الصفدي 126 ذكر مستحسنات انتقيتها من كتاب الغرر من الأخبار 130 ذكر مستحسنات انتقيتها من مصنف عبد الرزاق 137 أحاديث إعطائه صلّى الله عليه وسلم القصاص من نفسه 150 من قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم أكبر مني وأنا أسن منه 152 [في العزلة] 154 في حياة الحيوان للكمال الدميري 156 [من تاريخ من دخل مصر للمنذري] 157 في كتاب البسملة لأبي شامة 159 في التذكرة المسماة كنوز الفوائد ومعادن الفرائد 160

في كتاب العشق والعشاق تأليف عبد العزيز بن عبد الرحمن بن مهذب 172 ذكر المسبحي في تاريخه 175 [المختار من تذكرة ابن مكتوم] 177 في النهاية لابن الأثير 179 وفي تذكرة الوداعي 180 ذكر الأصل في المفاخرات 183 مفاخرة السيف والقلم 187 مقامة تسمى الحرقة للخرقة 191 قال وكيع في الغرر 206 في كتاب الأشراف لابن أبي الدنيا 208 أخرج ابن عساكر في تاريخه 215 في تاريخ الصلاح الصفدي 219 في كتاب الفرق الإسلامية لابن أبي الدم 228 من وضعيات شرف بن أسد المصري 244 في تذكرة الوداعي 247 في تذكرة ابن مكتوم 254 في تاريخ الصلاح الصفدي 276 في شرح البخاري للكرماني 289 في تاريخ ابن عساكر 296 البخاري في التاريخ 305 قال البغوي في معجم الصحابة 326 المقامة اللازوردية في موت الأولاد 327 المقامة الصوفية 344 منتقى من كتاب التدوين في أخبار قزوين 353 ذكر الشيخ أبو منصور الثعالبي في اليتيمة 356 رسالة السكين 362 قال البغوي في معجم الصحابة 363 وقال ابن عبد البر في كتاب العلم 375 [حديث أم زرع] 382

في التنوير لابن دحية 390 المغرب في أخبار المغرب 393 في كتاب نزهة المذاكرة وأنس المحاضرة 403 في تذكرة الإمام محيي الدين عبد القادر بن محمد القرشي الحنفي 412 من كتاب (اللطائف واللطف) لأبي منصور الثعالبي 415 من كتاب (لطائف المعارف) للقاضي أبي بكر النيسابوري 422 من كتاب (مصباح الظلام في المستغيثين بخير الأنام) 427 في تذكرة المقريزي 430 حكاية القاضي واللص 431 في تاريخ المدينة الشريفة للحافظ جمال الدين المطري 445 في تاريخ ابن عساكر 448 خواتيم النسخ 451 مصادر التحقيق ومراجعه 453. (فهارس الكتاب) 475 1- فهرس الآيات القرآنية الكريمة 477 2- فهرس الأحاديث النبوية 483 3- فهرس الشعر 491 4- فهرس الأعلام 516 5- فهرس القبائل والأمم والشعوب والجماعات 552 6- فهرس المواضع والبلدان 557 الكتب الصادرة للمحقق 565

§1/1